الكتاب: شرح التصريح على التوضيح أو التصريح بمضمون التوضيح في النحو المؤلف: خالد بن عبد الله بن أبي بكر بن محمد الجرجاويّ الأزهري، زين الدين المصري، وكان يعرف بالوقاد (المتوفى: 905هـ) الناشر: دار الكتب العلمية -بيروت-لبنان الطبعة: الأولى 1421هـ- 2000م عدد الأجزاء: 2   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بالحواشي] ---------- شرح التصريح على التوضيح أو التصريح بمضمون التوضيح في النحو خالد الأَزْهَري الكتاب: شرح التصريح على التوضيح أو التصريح بمضمون التوضيح في النحو المؤلف: خالد بن عبد الله بن أبي بكر بن محمد الجرجاويّ الأزهري، زين الدين المصري، وكان يعرف بالوقاد (المتوفى: 905هـ) الناشر: دار الكتب العلمية -بيروت-لبنان الطبعة: الأولى 1421هـ- 2000م عدد الأجزاء: 2   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بالحواشي] المجلد الأول المقدمات مقدمة المحقق ... المقدمات: مقدمة المحقق: الحمد لله وحده لا شريك له، أستعينه وأستغفره وأتوب إليه، والصلاة والسلام على سيد المرسلين المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين. وبعد: فإن الألفية "الخلاصة" لابن مالك "هي منظومة تعليمية للنحو في حوالي ألف بيت، قلد فيها ألفية ابن معط، وألفها لابنه محمد الأسد"1. وقد حظيت الألفية باهتمام العلماء وعنايتهم ما لم يحظ به كتاب آخر، فقد أحصى بروكلمان في تاريخ الأدب العربي2 تسعا وأربعين كتابا شرحت فيه الألفية. ولعل أقدم هذه الشروح هو شرح ابن الناظم الذي قال فيه الصفدي: "وهو شرح فاضل منقى منقح. وخطأ والده في بعض المواضع، ولم تشرح الخلاصة بأحسن ولا أسد ولا أجزل على كثرة شروحها، وأراها في الشروح كالشرح الذي لابن يونس للتنبيه"3. ولقي هذا الشرح الجليل اهتمام العلماء أيضا، فوضعوا له تعليقات وشروحات4. وجاء ابن هشام بعد ابن الناظم، وشرح الألفية في كتابه التوضيح "أوضح المسالك".   1 تاريخ الأدب العربي لبروكلمان 5/ 277، والوافي بالوفيات 1/ 206 سطر 11. 2 تاريخ الأدب العربي لبروكلمان 5/ 278-291. 3 الوافي بالوفيات 1/ 205. 4 ذكر بروكلمان في تاريخه 5/ 278-279 أسماء خمسة كتب قامت على شرح ابن الناظم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 3 ولقي هذا الكتاب من علماء العربية فتصدوا لشرحه والتعليق عليه، ولعل من أهم هذه الشروح الكتاب الذي بين يدينا، أي: "شرح التصريح بمضمون التوضيح" للشيخ خالد الأزهري. وقد عرف لهذا الكتاب طبعتان خلتا من الضبط. وكنت أرغب أن يوفقني الله تعالى إلى تحقيق هذا السفر العظيم من التراث، فأخذت على عاتقي خدمة الكتاب بما يليق به من تحقيق وضبط وشرح وفهرسة. وقد بدأت الكتاب بمقدمة تضمنت ترجمة للمؤلف ذكرت فيها اسمه ونسبه وحياته العلمية والثقافية، ثم تحدثت عن منهجه في هذا الشرح وعن أهمية هذا الشرح. ثم ذكرت منهج التحقيق الذي اتبعته، وهو منهج اتبعته في الكتب التي قمت بتحقيقها مثل "الاقتضاب، والدرر اللوامع، وأساس البلاغة، وشرح ابن الناظم ... ". ولا أدعي الكمال في عملي هذا، وحسبي أني أخلصت في العمل، وبذلت جهدا تشي به صفحات هذا الشرح، وينم عنه ما أودعته في الحواشي. وأرجو من الله أن يكون التوفيق حالفني في إخراج هذا الكتاب على نحو يرضى به العلماء. والله أسأل أن يهدينا إلى الحق وإلى ما فيه مرضاته. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. محمد باسل عيون السود دمشق 11/ 2/ 2000 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 4 المبحث الأول: حياته أ- اسمه ونسبه وكنيته1: هو زين الذين خالد بن عبد الله بن أبي بكر بن محمد الجرجاوي الأزهري الشافعي، النحوي، المصري، المعروف بالوقاد، وبصاحب كتاب التراكيب. ب- مولده ونشأته: ولد الأزهري في جرجة بصعيد مصر 838هـ. وكان طفلا حين رحل مع أبويه إلى القاهرة التي قرأ فيها القرآن، ومختصر أبي شجاع، ثم تحول إلى جامع الأزهر ليعمل وقادا، فعرف بذلك، وأثناء قيامه بهذه المهنة سقطت منه فتيلة على كراس أحد الطلبة، فشتمه وعيره بالجهل، فترك الوقادة، وأكب على طلب العلم، فبرع وأشغل الناس، وكان عمره حينذاك ستا وثلاثين سنة. جـ- وفاته: توفي الأزهري في اليوم الرابع عشر من شهر محرم سنة 905هـ، بعد أن حج، ووصل إلى بركة الحاج خارج القاهرة، وله من العمر سبعة وستون عاما. المبحث الثاني: شيوخه وتلاميذه أ- شيوخه2: 1- إبراهيم العجلوني. 2- الزين الأبناسي3. 3- أحمد بن محمد الشمني4: من علماء التفسير والحديث والنحو، توفي سنة 872هـ. 4- التقي الحصيني5: تلقى منه علوم البيان والمعاني.   1 انظر ترجمته في: الأعلام 2/ 297. بدائع الزهور 3/ 425. الخطط الجديدة لعلي مبارك 10/ 53. دائرة المعارف الإسلامية 2/ 75. روضات الجنات 3/ 266-267. شذرات الذهب 8/ 26. الكواكب السائرة 1/ 188. المدارس النحوية لشوقي ضيف ص359. معجم المؤلفين 4/ 96. هدية العارفين 1/ 343. 2 الضوء اللامع 3/ 171-172. 3 ترجمته في الأعلام 1/ 75. 4 الضوء اللامع 2/ 174. 5 ترجمته في الأعلام 2/ 96. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 5 5- تغري بردي القادري: لازمه الأزهري، فقرره تغري بردي في الجامع الذي بناه الدوادار بخان الخليلي. 6- داود المالكي. 7- الشهاب السجيني. 8- السيد علي تلميذ ابن المجدي: تلقى منه علم الفرائض والحساب. 9- عبد الدائم الأزهري: تلقى منه المقدمة الجزرية. 10- عثمان بن عبد الله بن عثمان بن عفان، فخر الدين المقسي1 توفي سنة 877هـ. 11- علي بن عبد الله السنهوري: عالم اللغة والقراءات والأصول2، توفي سنة 889هـ. 12- الزين المارداني. 13- محمد بن أحمد العبادي3. 14- محمد بن عبد الرحمن السخاوي4: من علماء التاريخ والحديث، توفي سنة 902هـ. 15- محمد بن عبد المنعم الجوجري5: من فقهاء مصر. 16- يحيى بن محمد بن إبراهيم الأمين الأقصرائي6: شيخ الحنفية في زمانه، توفي سنة 880هـ. 17- يعيش المغربي. ب- تلاميذه7: 1- أحمد بن يونس بن محمد بن الشلبي8.   1 الضوء اللامع 5/ 249. 2 الضوء اللامع 5/ 249. 3 بغية الوعاة 2/ 75-76. 4 الضوء اللامع 8/ 2. 5 الضوء اللامع 8/ 123. 6 الضوء اللامع 10/ 240. 7 الضوء اللامع 3/ 171، والكواكب السائرة 1/ 68. 8 الأعلام 1/ 276، والكواكب السائرة 1/ 68. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 6 2- خضر المالكي1. 3- عطية الضرير. 4- نور الدين اللقاني. 5- ابن هلال النحوي2. المبحث الثالث: مؤلفاته أ- مؤلفاته المطبوعة: - إعراب ألفية ابن مالك = تمرين الطلاب في صناعة الإعراب. 1- الألغاز النحوية: ذكر الزركلي في الأعلام 2/ 297 أنه مطبوع، وورد اسمه في إيضاح المكنون 1/ 118، وهدية العارفين 1/ 344. 2- التصريح بمضمون التوضيح: وهو موضوع التحقيق والدراسة وسأفرد له فصلا خاصا. 3- تمرين الطلاب في صناعة الإعراب: اشتهر هذا الكتاب باسم "التركيب"، وهو إعراب لألفية ابن مالك في النحو، طبع في القاهرة سنة 1289هـ، كما طبعه الهوريني سنة 1294هـ في أربع مجلدات، وطبع أيضا في مصر سنة 1370هـ. 4- الزبدة في شرح البردة: طبع ببغداد، وهو شرح لبردة البوصيري. وورد اسمه في إيضاح المكنون 2/ 299، وهدية العارفين 1/ 344. 5- شرح الآجرومية: وهو شرح لمقدمة ابن آجروم، ذكر الزركلي في الأعلام 2/ 297 أنه مطبوع، وله عدة طبعات، منها طبعة امستردام سنة 1756م، وطبعة بولاق سنة 1259هـ، وطبعة تونس سنة 1290هـ. 6- شرح المقدمة الأزهرية في علم العربية: طبع ببولاق سنة 1252هـ. 7- المقدمة الأزهرية في علم العربية: طبع ببولاق سنة 1252هـ. 8- موصل الطلاب إلى قواعد الإعراب: وهو شرح لكتاب الإعراب عن قواعد الإعراب لابن هشام، طبع بمصر سنة 1370هـ على هامش كتابه "تمرين الطلاب"، كما حققه عبد الكريم مجاهد وسعيد عبد الهادي، وطبع بمؤسسة الشرق للنشر والترجمة سنة 1985م.   1 الكواكب السائرة 1/ 68. 2 الضوء اللامع 3/ 171، والكواكب السائرة 3/ 194. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 7 ب- مؤلفاته المخطوطة: 1- إعراب الآجرومية: ورد اسمه في كشف الظنون 1797، وفهرس مخطوطات دار الكتب الظاهرية ص18. 2- إعراب الكفاية: وهو إعراب لكافية ابن الحاجب: ورد اسمه في فهرس مخطوطات دار الكتب الظاهرية ص44. 3- تفسير آية: {لا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ} : ورد اسمه في هدية العارفين 1/ 344. 4- الحواشي الأزهرية في حل ألفاظ المقدمة الجزرية: وهو في علم التجويد. ورد اسمه في إيضاح المكنون 2/ 542، وهدية العارفين 2/ 297. 5- القول السامي على كلام منلا عبد الرحمن الجامي: وهو رسالة نحوية ألفها على الفوائد الضيائية لعبد الرحمن الجامي، وورد اسمه في كشف الظنون 2/ 1372، وهدية العارفين 1/ 344. 6- مختصر الزبدة في شرح البردة: ورد اسمه في كشف الظنون 2/ 1333. سبب تأليف شرح التصريح: ذكر الأزهري سبب تأليفه للتصريح فقال في مقدمته1: إن الشرح المشهور بـ"التوضيح على ألفية ابن مالك في علم النحو" للشيخ الإمام العلامة الرباني جمال الدين أبي محمد عبد الله بن يوسف بن هشام الأنصاري؛ تغمده الله بالرحمة والرضوان؛ في غاية حسن الموقع عند جميع الإخوان؛ لم يأت أحد بمثاله؛ ولم ينسج ناسج على منواله، ولم يوضع في ترتيب الأقسام مثله، ولم يبرز للوجود في هذا النحو شكله. غير أنه يحتاج إلى شرح يسفر عن وجوه مخدراته النقاب، ويبرز من خفي مكنوناته ما وراء الحجاب، وقد ذكرت ذلك لمصنفه في المنام، فاعترف بهذا الكلام، ووعد بأنه سيكتب عليه ما يبين مراده، ويظهر مفاده، فقصصت هذه الرؤيا على بعض الإخوان، فقال: هذا إذن لك يا فلان، فإن إسناد الشيخ الكتابة إلى نفسه مجاز، كقولهم: بنى الأمير المجاز؛ وليس هو الباني بنفسه، وإنما يأمر العملة من أبناء جنسه، وكنت أنت المشار إليه لما تمثلت بين يديه، وخاطبك بهذا الخطاب، فانهض وبادر للأجر والثواب. فاستخرت رب العباد، وشمرت ساعد الاجتهاد، وشرحته شرحا كشف خفاياه، وأبرز أسراره وخباياه، وباح بسره المكتوم، وجمع شمله بأصله المنظوم، وسميته "التصريح بمضمون التوضيح".   1 شرح التصريح 1/ 3. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 8 شرح الأزهري مواد كتابه مستشهدا بآراء النحويين واللغويين مما تضمنته مصنفاتهم، وكان كثيرا يذكر اسم الكتاب الذي نقل منه، ونادرا ما كان يغفل المصدر الذي نقل منه بعض المسائل. وفيما يأتي أسماء المصادر التي صرح بها: أدب الكاتب: ابن قتيبة. أحكام لو وحتى: ابن هشام. الأذكار: النووي. الارتشاف. أسرار البلاغة: الجرجاني. اشتقاق البلدان: أبو الفتح الهمداني. الأصول: ابن السراج. أغلاط الزمخشري: ابن معزوز. الإفصاح: ابن هشام الخضراوي. الأفعال: ابن طريف. الأفعال: ابن القطاع. إقامة الدليل: ابن هشام. الإقناع: السيرافي. الألفية: ابن معط. أمالي ابن الحاجب. أمالي السهيلي. أمالي ابن الشجري. الأمثال السائرة. انتصاب لغة: ابن هشام. الإنصاف: ابن الأنباري. الأنموذج في النحو: الزمخشري. الأوسط: الأخفش. الإيضاح: ابن الحاجب. الإيضاح: الخصاف. الإيضاح: أبو علي الفارسي. البحر المحيط: أبو حيان. البديع في النحو: ابن الزكي. البسيط: ابن العلج. البسيط: الواحدي. البغداديات: الفارسي. تاج اللغة: الجوهري. تحشية التسهيل: ابن مالك. تحفة العروس: التجاني. التحفة: ابن مالك. التذكرة: أبو حيان. التذكرة: أبو علي الفارسي. التذكرة: ابن هشام. الترشيح: خطاب الماردي. الترقيص: محمد بن المعلى الأزدي. التسهيل: ابن مالك. تصريف العزي. تفسير البيضاوي. التقريب "؟ ". التكملة: الفارسي. التلخيص البياني: الجرجاني. تلخيص شرح أبي حيان: المرادي. التلخيص: القزويني. تهذيب الأسماء: النووي. التوضيح على ألفية ابن مالك: ابن هشام. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 9 التوضيح على الجامع الصحيح: ابن مالك. التوطئة: الشلوبين. الجامع: الخطيب البغدادي. الجامع الصغير: ابن هشام. الجمل: الزجاجي. حاشية على التوضيح: عبد القادر المكي. حاشية على توضيح الألفية: أحمد بن عبد الرحمن. الحجة: أبو علي الفارسي. الحلبيات: أبو علي الفارسي. حلية الأولياء: أبو نعيم. حماسة أبي تمام. حواشي التسهيل: ابن هشام. حواشي سنن أبي داود: المنذري. حواشي الصحاح: ابن بري. حواشي على الألفية: ابن هشام. حواشي على كتاب سيبويه: الأخفش. حواشي على كتاب سيبويه: مبرمان. حواشي ابن مبرمان. حواشي العضد: الأبهري. حواشي الزجاج على ديوان الأدب: الزجاج. حواشي ابن هشام. الخاطريات: ابن جني. الخصائص: ابن جني. الخلاصة: ابن مالك. الخلاصة: ابن هشام. درة الغواص: الحريري. ديوان الأدب. رسالة الغفران: المعري. رفع الخصاصة عن قراء الخلاصة: ابن هشام. الروض الأنف: السهيلي. سبك المنظوم. سفر السعادة: السخاوي. سنن النسائي الكبرى. شذور الذهب. شراح الشافية. شرح أبيات الجمل: البطليوسي. شرح أبيات كتاب سيبويه: الأعلم الشنتمري شرح الآجرومية: الشهاب البجائي. شرح إصلاح المنطق: ابن سيده. شرح إيساغوجي في المنطق: الكاتي. شرح الإيضاح: ابن عصفور. شرح بانت سعاد: ابن هشام. شرح البحرين. شرح البردة: ابن هشام. شرح التسهيل.: أبو حيان. شرح التسهيل: خالد الأزهري. شرح التسهيل: ابن عقيل. شرح التسهيل: ابن مالك. شرح التسهيل: المرادي. شرح التسهيل: ابن هشام. شرح التلخيص: التفتازاني. شرح الجزولية: الأبدي. شرح الجزولية: ابن الخباز. شرح الجزولية: أبو عبد الله محمد النفزي. شرح الجمل: ابن عصفور. شرح الجمل: ابن الفخار. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 10 شرح الجمل الصغير: ابن عصفور. شرح الحماسة: ابن جني. شرح الحماسة: ابن ملكون. شرح الخضراوي. شرح الدماميني. شرح ديوان كثير: ابن السكيت. شرح السراجية "؟ ". شرح الشافية: الجاربردي. شرح الشافية: السيد. شرح شافية ابن الحاجب: ابن الناظم. شرح الشذور. شرح شذور الذهب: ابن هشام. شرح شواهد ابن الناظم: ابن هشام. شرح الشواهد: ابن هشام. شرح الشواهد الصغرى: ابن هشام. شرح الشواهد الكبرى: ابن هشام. شرح العمدة: ابن مالك. شرح غريب تصريف المازني: ابن جني. شرح الفصول: ابن إياز. شرح الفصيح: البطليوسي. شرح القصارى: حسن شاه البقالي. شرح القطر: ابن هشام. شرح قطر الندى. شرح الكافية: ابن مالك. شرح كتاب سيبويه: ابن خروف. شرح كتاب سيبويه: السيرافي. شرح كتاب سيبويه: الصفار. شرح الكتاب: السيرافي. شرح الكتاب: النحاس. شرح الكشاف: اليمني. شرح اللب: جمال الدين النقركارا. شرح اللباب. شرح اللمحة: ابن هشام. شرح لمع ابن جني: أبو البقاء العكبري. شرح المختصر: الجرجاني. شرح المعلقات: أبو جعفر النحاس. شرح المفتاح: السيد الجرجاني. شرح المفصل: ابن يعيش. شرح المفصل: ابن الحاجب. شرح المفصل: الفخر الرازي. شرح المفصل: الكمال الأنصاري. شرح المقامات: ابن ظفر. شرح المنظومة: ابن الحاجب. شرح موجز ابن السراج: أبو الحسن بن الأهوازي. شرح المواقف. شرح النظم: المرادي. شرح النظم "شرح الخلاصة": ابن الناظم. شرح الهادي: ابن بابشاذ. شروح المفصل. الشيرازيات: الفارسي. الصحاح. الصحاح: الجوهري. صحيح البخاري. الضياء. الطارقية: ابن خالويه. طبقات الشعراء: ابن قتيبة. عمدة الطالب: ابن هشام. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 11 العين: الخليل. الغرة: ابن الدهان. الفردوس: "؟ ". الفصيح: ثعلب. القاموس المحيط: الفيروزآبادي. القد: ابن جني. قطر الندى. القواعد الصغرى: ابن هشام. الكافي في النحو: أبو جعفر النحاس. الكافية: ابن مالك. الكتاب: سيبويه. كتاب أبي الحسن الهيثم. الكشاف: الزمخشري. الكفاية: ابن الخباز. الكفاية: المبرد. اللباب: الإسفرائيني. اللمحة: أبو حيان الأندلسي. لغات القرآن: الفراء. اللمع الكاملية: عبد اللطيف. المبهج: ابن جني. المتوسط: الأستراباذي. المحتسب: ابن جني. المحكم: ابن سيده. المدخل: المبرد. مختصر الأنساب: ابن السيد. مسائل الزجاجي. مسند الشافعي. المستوفي: أبو سعيد علي بن مسعود. المصباح في النحو: المطرزي. المطول: التفتازاني. معاني الحروف: الزجاجي. معاني القرآن: الأخفش. معجم الطبراني. المغني: ابن هشام. المفتاح: الأمين المحلي. المفصل: الزمخشري. مقامات الحريري. المقتضب: المبرد. المقرب: ابن عصفور. المكمل في عبارة المفصل: مظهر الدين الشريف الرضي محمد. المنصف: ابن جني. المنقد. منية الألباب: ابن أفلج. الموطأ: ابن مالك. نتائج الفكر: السهيلي. نتيجة القواعد: ابن أباز. نتيجة المطارحة: ابن أياز. نقد المقرب: أبو إسحاق الجزري. نقد المقرب: ابن الحاج. نكت الحاجبية: ابن الناظم. النكت الحسان: أبو حيان الأندلسي. النهاية: ابن الخباز. النوادر: أبو علي القالي. الهمزتين: أبو زيد الأنصاري. الوقف والابتداء: ابن الأنباري. اليواقيت: أبو عمر الزاهد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 12 أهمية كتاب التصريح: يعد كتاب التصريح ذو أهمية كبيرة، ويتضح ذلك من خلال ما يلي: 1- أنه يضم ألفية ابن مالك إلى جانب كتاب أوضح المسالك "التوضيح" لابن هشام. 2- أنه نقل بعض آراء النحويين واللغويين عن كتب مفقودة لم تصل إلينا، مثل: أغلاط الزمخشري لابن معزوز، والبسيط لابن العلج، والترقيص للأزدي، وشرح المفصل للكمال الأنصاري، وشرح لمع ابن جني للعكبري، ومختصر الأنساب لابن السيد البطليوسي، ونقد ابن الحاج على مقرب ابن عصفور، وغير ذلك من الكتب التي عفت عليها يد الزمان. 3- أنه يعد متمما لكتاب أوضح المسالك "التوضيح" فقد ذكر فيه ما أهمله ابن هشام من شرح بعض القضايا النحوية. 4- استطراده الواسع في شرح القضايا النحوية. 5- استطراده في شرح قصة مَثَل، ومن ذلك تعليقه على المثل: "الصيف ضيعت اللبن"1، والمثل: "أشغل من ذات النحيين"2، والمثل: "أصبح ليل"3، وغيرها من الأمثال التي ساقها في متن كتابه. 6- أنه كان يشرح كلام الموضح ابن هشام بما جاء في كتبه الأخرى، فحفل الكتاب بالوقوف على كتب ابن هشام شرحا وإيضاحا، مثل: حواشي ابن هشام، وشرح شذور الذهب، وشرح قطر الندى، ومغني اللبيب. 7- وقوفه عند آراء الكثير من النحاة، مثل: الأخفش والزمخشري وسيبويه وابن مالك وابن الناظم. 8- انتصاره لابن مالك على ابنه بدر الدين الذي خالف أباه في بعض المسائل النحوية. تلك الأمور وغيرها جعلت شرح التصريح من الكتب الأكثر تداولا بين النحاة الذين أخذوا عنه، ووضعوا له شروحا وحواشي. فممن أخذ عنه: الصبان والخضري، وممن وضع حاشية على الكتاب الشيخ ياسين، وقد طبع الكتاب بهامش شرح التصريح.   1 انظر شرح التصريح 2/ 90. 2 انظر شرح التصريح 2/ 94. 3 انظر شرح التصريح 2/ 209. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 13 لقد ترك شرح التصريح أثرا واضحا في النحو العربي، امتد منذ تأليفه وحتى عصرنا الحاضر، ولا يكاد باحث في النحو يغرب عنه هذا الكتاب، ولا يمكنه تجاهله إذا كان يبحث في علم النحو العربي. منهج الأزهري: تعددت أساليب شراح التوضيح "أوضح المسالك" في تناول مادته1، كما اختلفت مناهجهم. ويتلخص منهج الأزهري في النقاط العشر الآتية التي حددها هو نفسه في مقدمة كتابه حيث قال: وشحته بعشرة أمور مهمة، مشتملة على فوائد جمة: أحدها: أني مزجت شرحي بشرحه، حتى صارا كالشيء الواحد، لا يميز بينهما إلا صاحب بصر أو بصيرة. ومن فوائد ذلك حل تراكيبه العسيرة. ثانيها: أنني تتبعت أصوله التي أخذ منها، وربما شرحت كلامه بكلامه. ومن فوائد ذلك بيان قصده ومرامه. ثالثها: أنني ذكرت ما أهمله من الشروط في بعض المسائل المطلقة، ومن فوائد ذلك تقييد ما أطلقه. رابعها: أنني كملت بيت كل شاهد مما اقتصر على شطره؛ وعزوته إلى قائله، إلى قليلا لم أظفر بذكره، وشرحت منه الغريب. ومن فوائد ذلك معرفة كونه غريبا، حتى يتم به التقريب. وهو سوق الدليل على طبق المدعي. خامسها: أنني ضبطت الألفاظ الغريبة بالحرف، وبينت جميع معانيها. ومن فوائد ذلك الأمن من التحريف، وحفظ مبانيها. سادسها: أنني طبقت الشرح على النظم، وقد كان أغفله. ومن فوائد ذلك معرفة شرح كل مسألة. سابعها: أنني ذكرت حجج جميع المخالفين وقوة الترجيح. ومن فوائد ذلك العلم بما يفتي به على الصحيح. ثامنها: أنني ذكرت غالبا علل الأحكام وأدلتها. ومن فوائد ذلك تمكينها في الأذهان، والجزم بمعرفتها. تاسعها: أنني بينت المعتمد من المواضع التي تَناقَض كلامُه فيها وما خالف فيه التسهيل. ومن فوائد ذلك معرفة ما عليه التعويل. عاشرها: أنني بينت المواضع التي اعتمدها مع أنها من أبحاثه. ومن فوائد ذلك معرفة كونها من عندياته.   1 ذكر بروكلمان في تاريخ الأدب العربي 5/ 279-281 أحد عشر كتابا في شرح أوضح المسالك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 14 النسخ المعتمدة في تحقيق شرح التصريح: تعددت النسخ الخطية لشرح التصريح وتوزعت في كثير من مكتبات العالم، وقد وجدت في مكتبة الأسد الوطنية بدمشق عشر نسخ خطية لهذا الكتاب، فاخترت منها نسختين هما: 1- النسخة "أ": تقع في مجلدين، يضم الأول 365 ورقة، والثاني 350 ورقة ورقمها 6931، كتبت هذه النسخة بخط معجم مع بعض الشكل، وكتب المتن والفواصل باللون الأحمر، وعدد الأسطر في الصفحة الواحدة حوالي عشرين سطرا، في كل سطر حوالي عشر كلمات، ولهذه النسخة هامش بعرض 4سم، والنسخة مصححة من قبل محمد أمين عابدين سنة 1218هـ، واسم ناسخها محمد بن خضير بن خضر الوليلي الذي انتهى من نسخها سنة 1048هـ، وعلى خلاف النسخة قيود تملك باسم إسماعيل بن مصطفى الميداني ومحمد أمين عابدين وعبد الرزاق الحموي ومحمد العمري ومحمد راغب القتابي. واتخذت هذه النسخة أصلا أقمت عليه النص المحقق, ورمزت لها بالحرف "أ". 2- النسخة "ب": تضم 351 ورقة، ورقمها 9872، كتبت بخط نسخي متفاوت خالية من الضبط، وكتب اللون والفواصل باللون الأحمر، وعدد الأسطر في الصفحة الواحدة حوالي خمس وعشرون سطرا، في كل سطر حوالي تسع عشرة كلمة، ولهذه النسخة هامش بعرض 3سم، واسم ناسخها أحمد بن يحيى بن محمد الأكرم الحنفي الذي انتهى من نسخها سنة 1046هـ. 3- النسخة "ط": والمقصود بها النسخة المطبوعة، وتقع في جزأين، وهي طبعة مصورة في دار الفكر ببيروت عن طبعة مصرية قديمة، وبهامشها حاشية للشيخ ياسين على شرح التصريح، وهي نسخة لم تسلم من التصحيف والتحريف والسقط، وخالية من الضبط والشكل. وقد عارضت النسخة الأصل "أ" مع النسختين "ب"، "ط"؛ وذكرت فروقات النسخ في الحواشي. وقد استفدت منهما أو من إحداهما في تقويم نص النسخة "أ"، وحصرت ما أضفته منهما بين قوسين معكوفتين [] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 15 منهج التحقيق: حاولت جاهدا أن أخرج هذا الكتاب إخراجا علميا، متحريا الدقة فيما أكتبه أو أعرض له من تخريج، وأوجز هذا المنهج في النقاط التالية: 1- أثبت فروق النسخ، وإن كان بعضها ضئيلا، لاختلاف روايات الكتاب، ولما في ذلك من فائدة يعرفها أهل العلم. 2- أثبت أرقام مطبوعة بيروت بين معكوفتين تسهيلا للباحث والمراجع. 3- خرجت الآيات القرآنية والقراءات التي وردت في بعض الآي، والأحاديث النبوية الشريفة، والأشعار، والأمثال، والأخبار، ومقالات العلماء من كتبهم أو من مظانها. وفي تخريج الشعر أحلت على الديوان إن كان للشاعر ديوان مطبوع، ثم أحلت على كتب العربية إن كان من شواهدها، ثم أحلت على أمهات المصادر، واستقصيت التخريج. 4- رقمت الشواهد الشعرية المشروحة والتي استشهد بها الأزهري، واستثنيت من الترقيم أبيات الشعر التي كان يسوقها الأزهري تتمة لشاهد استشهد به. 5- رقمت أبيات الألفية، مثلما فعلت في تحقيقي لشرح ابن الناظم. ولم أتمم أبيات الألفية في الحواشي؛ لأني ذكرت الألفية كاملة في الفهارس؛ وإن كان الأزهري أسقط بعض أبياتها؛ ليستفيد منها الباحثون. 6- ميزت قول ابن هشام الذي شرحه الأزهري بتحبيره وجعله بحرف مختلف أسود غامق, وبين قوسين "". 7- ضبط الكلمات التي تحتاج إلى ضبط، وعنيت بشكل خاص بضبط الآيات القرآنية، وكلمات شواهد الشعر. 8- زدت في مواضع قليلة ما رأيت أن النص لا يقوم إلا به، وجعلته بين معكوفتين [] . والله الموفق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 16 "والمراد بالمفيد" هنا "ما" أي: لفف "دل على معنى يحسن السكوت" من المتكلم "عليه" أي: على ذلك اللفظ، بحيث لا يصير السامع منتظرًا لشيء آخر، وعلم من تفسير المفيد بما ذكر لا يحتاج إلى قولهم المركب؛ لأن المفيد الفائدة المذكورة يستلزم التركيب، ولا إلى قولهم المقصود؛ لأن حسن سكوت المتكلم يستدعي أن يكون قاصدًا لما تكلم به، وبين اللفظ والإفادة عموم وخصوص من وجه فيجتمعان في مثل: زيد قائم. ويوجه اللفظ بدون الإفادة، كما في المفرد. وتوجد الإفادة بدون اللفظ، كما في الإشارة، وكل شيئين كان كل واحد منهما أعم من الآخر. من وجه يجعل أحدهما جنسًا والآخر فصلًا، فيحترز بكل عما يشارك الآخر من غيره، فيحترز باللفظ عن الدوال الأربع؛ وهي الإشارة والكتابة والعقد والنصب، إذ كل منها مفيد وليس بلفظ، ويحترز بالمفيد عن المفرد والمركب غير المفيد كالإضافي نحو: غلام، والمزجي كبعلبك، والإسنادي المسمى به كبرق نحره، والمعلوم للمخاطب كالسماء فوقنا والأرض تحتنا، إذ كل منهما لفظ وليس بمفيد، ولعل هذا هو الحاصل له على التعبير بالاجتماع، ولا يحتاج إلى ذكر الوضع؛ لأن الأصح أن دلالة الكلام عقلية لا وضعية، فإن من عرف مسمى زيد، وعرف مسمى قائم، وسمع زيد قائم بإعرابه المخصوص فهم بالضرورة معنى هذا الكلام، وهو نسبة القيام إلى زيد. وصور تأليف الكلام ستة: اسمان فعل واسم، فعل واسمان، فعل وثلاثة أسماء، فعل وأربعة أسماء، جملة القسم وجوابه؛ أو الشرط وجوابه. "وأقل ما يتألف الكلام" خبرًا كان أو إنشاء "من اسمين"، حقيقة كهيهات العقيق، أو حكمًا "كزيد قائم". فإن الوصف مع مرفوعه المستتر في حكم الاسم المفرد, بدليل أن الضمير المستتر فيه لا يبرز مع التثنية, والجمع بخلاف الفعل مع مرفوعه المستتر فيه، فسقط ما قيل إن زيدًا قائم ثلاثة أسماء لا اسمان فقط، "ومن فعل واسم كقام زيد"، ونعم العبد. "ومنه" أي: من التأليف من فعل واسم "استقم، فإنه" أي: فإن استقم مع مرفوعه المستتر فيه كلام مؤلف "من فعل الأمر المنطوق به"، وهو استقم "ومن ضمير" المفرد "المخاطب" المستتر فيه "المقدر بأنت"، ولا يجوز التلفظ به وإنما فصله بقوله: "ومنه" لأمور: أحدها: التنبيه على أنه مثال لا من تتميم الحد خلافًا للشارح والمكودي. ثانيها: أنه لا فرق في التأليف بين أن يكون الجزآن مذكورين أو أحدهما. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 16 ثالثها: أنه لا فرق في الكلام بين الإخبار والإنشاء. رابعها: أن شرط حصول الفائدة مع الفعل والضمير المنوي أن يكون الضمير واجب الاستتار، فقام على تقدير أن يكون فيه ضمير لا يسمى كلاما على الأصح. خامسها: الرد على أبي حيان حيث قال: إن مقتضى تمثيله؛ يعني الناظم؛ باستقم أنه بسيط؛ لأن التركيب من عوارض الألفاظ ويستدعي تقدير وجود ولا وجود، ورد بأن المراد بالألفاظ ما يكون بالقوة أو بالفعل، والضمائر المستترة ألفاظ بالقوة، ألا ترى أنها مستحضرة عند النطق بما يلابسها من الأفعال استحضارا لا خفاء معه ولا لبس، قاله الموضح في شرح اللمحة. "والكلم" الذي يتألف الكلام منه "اسم جنس"؛ لأنه يدل على الماهية من حيث هي هي، وليس بجمع، خلافا لما وقع في شرح الشذور؛ لأنه يجوز تذكير ضميره، والجمع يغلب عليه التأنيث، ولا اسم جمع خلافا لبعضهم؛ لأن له واحدا من لفظه، والغالب على اسم الجمع خلاف ذلك "جمعي"، لدلالته على أكثر من اثنين، وليس بإفرادي لعدم صدقه على القليل والكثير، واستفيد كونه اسم جنس للأنواع الثلاثة من قول الناظم: 8- ..................... ... واسم وفعل ثم حرف الكلم وكونه جميعا من قوله: 9- واحده كلمة .......... ... ........................... وظاهر النظم أن الكلم مبتدأ، وما قبله خبر عنه، فتتوقف ماهية الكلم على الأنواع الثلاثة. ونحن نجد الكلم قد يوجد من نوعين منها؛ بل من نوع واحد فقط، فلا جرم عدل الموضح عن ذلك، وجعل الأقسام الثلاثة خبرا لمبتدأ محذوف، وجعل جملة قوله: 9- "واحده كلمة" ............... ... .................................. خبرا ثانيا عن الكلم. وقال: "واحده" بتذكير الضمير تبعا للناظم، ولو قال "واحدها" تبعا لابن معط لجاز، فإن اسم الجنس الجمعي يجوز في الوجهان. وقد ورد القرآن بهما قال الله تعالى: {كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ} [الحاقة: 7] ، و {نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ} [القمر: 20] "وهي" أي: الكلمة جنس تحته ثلاثة أنواع؛ "الاسم والفعل والحرف". ونقل عن الفراء أن "كلا" ليست واحدا من هذه الثلاثة، بل هي بين الأسماء والأفعال1.   1 من تأمل كلام الفراء ظهر له أنه لم يحكم عليها بأنها غير الثلاثة، وإنما توقف فيها؛ هل هي اسم أو فعل؟ لتعارض الأدلة. والقول بأنها أحدهما ليس حكما بأنها غيرهما. "حاشية يس 1/ 25". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 17 وقال الفخر الرازي: "لا يصح أن تكون الكلمة جنسا لهذه الأنواع الثلاثة؛ لأنها لو كانت جنسا لها لكان امتياز كل واحد من هذه الثلاثة بفصل وجودي، مع أن الحرف يمتاز عن الاسم والفعل بقيد عدمي، وهو كون مفهومه غير مستقل بالمفهومية، والاسم أيضا يمتاز عن الفعل بقيد عدمي، وهو كونه غير دال على زمانه المعين". ا. هـ. وحاصل كلامه أن الماهيات لا تتقوم بالعدم، لكنه قال قبل هذا الكلام: "اللهم إلا إذا عنى بالجنس مجرد القدر المشترك بين هذه الثلاثة، فحينئذ يستقيم". ا. هـ. وينقسم اسم الجنس الجمعي إلى ثلاثة أقسام: ما يفرق بينه وبين مفرده بالتاء، والتاء في مفرده كرُطَب ورَطْبة، وما يفرق بينه وبين مفرده بالتاء، والتاء في الجمع ككمأة وكمء. وما يفرق بينه وبين مفرده بياء النسب، وهي في المفرد نحو: روم ورومي وزنج وزنجي. فأطلق الموضح اسم الجنس؛ وأراد الأول لغلبته، ويدل على ذلك قوله: "ومعنى كونه اسم جنس جمعي أنه يدل على جماعة" من الكلمات أقلها ثلاثة ولم يغلب عليه التأنيث، "و" أنه "إذا زيد على لفظ تاء التأنيث فقيل" فيه "كلمة نقص معناه" عن الجمع، "وصار" مع زيادة التاء "دالا على الواحد" فقط، "ونظيره" من أسماء الأجناس الجمعية من المصنوعات وهي غير مطردة، نحو "لَبِن ولَبِنة"، وهي الطوبة النيئة، "و" من المخلوقات وهي مطردة، نحو: "نَبْق ونبْقة"، وليس نظيره نحو كمء وكمأة، مما يدل على الجمع بالتاء، وعلى الواحد بتركها، ولا نحو: زنج وزنجي، مما يدل على الواحد بياء النسب، وعلى الجمع بتركها، فتبين أن الضابط المذكور للقسم الأول فقط، فسقط ما قيل إن هذا الضابط غير جامع لخروج نحو كمء وكمأة، وغير مانع لدخول نحو تخم وتخمة، من الجموع الغالب عليها التأنيث. "وقد تبين بما ذكرناه" من قبل "في تفسير" ماهية "الكلام من أن شرطه" أن يجتمع فيه اللفظ و"الإفادة"، وبهذا التقدير سقط ما قيل إنه جعل الإفادة أولا شطرا وهنا شرطا، "و" من "أنه" قد يتألف "من كلمتين، و" تبين "بما هو" قول "مشهور" عندهم "من أن أقل الجمع ثلاثة" من الآحاد، أي: من مجموع هذين الأمرين تبين "أن بين الكلام والكلم" من النسب الأربع "عموما" من وجه، "وخصوصا من وجه". "فالكلم أعم من جهة المعنى لانطلاقه على المفيد"، كضربت زيدا "و" على "غيره" أي: غير المفيد، كان قام زيد "وأخص من جهة اللفظ لكونه لا ينطلق على المركب من كلمتين"، كقام زيد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 18 والكلام أعم من جهة اللفظ، لانطلاقه على المركب من كلمتين فأكثر، وأخص من جهة المعنى لكونه لا ينطلق على غير المفيد، "فنحو: "زيد قام أبوه" كلام لوجود الفائدة، وكلم لوجود" الأفراد "الثلاثة"؛ التي هي زيد وقام وأب بدون الهاء، "بل الأربعة" بالهاء من أبوه، و"بل" هنا انتقالية لا إبطالية، ولم يقل ابتداء، لوجود الأربعة لقوله أولا: أقل الجمع ثلاثة، "و: قام زيد: كلام" لوجود الفائدة, "لا كلم" لعدم التركيب من الثلاثة، "وإن قام زيد بالعكس" أي: كلهم لوجود الثلاثة، لا كلام لعدم الفائدة. وفي كلامه ثلاث مناقشات: إحداها: أن ذكر هذه النسبة ههنا: قال الحلواني؛ يعد من فضول الكلام. قال تلميذه الشيخ عز الدين ابن جماعة: لا بد في اللذين بينهما في عموم وخصوص من وجه من معرفة أمور معروضين وعارضين1، وثلاث ما صدقات2، ومادة3، ومتعلق4، وهذا البحث بمعزل عن موضوع الفن. ا. هـ. الثانية: أنه جعل جهة العموم في الكلم راجعة إلى المعنى، وجهة الخصوص فيه راجعة إلى اللفظ، وهذا مما لا يليق؛ لأن النسبة بين اللفظين إنما هي بحسب المعنى لا بحسب اللفظ، فكان ينبغي أن يقول: الكلم أعم اعتبار انطلاقه على اللفظ المفيد وغيره، وأخص باعتبار عدم انطلاقه على اللفظ المركب من كلمتين، قاله بعض المتأخرين. الثالثة: أن ما صدق الاجتماع يفسد حد كل منهما، لدخول كل منهما في حد الآخر، والمتغايران في المفهوم ينبغي أن يتغايرا في الما صدق، ويمكن أن يدفع بأن الحيثية في التعريفات مرعية. "والقول" على الأصح "عبارة5 عن اللفظ" المفرد والمركب "الدال على معنى" يصح السكوت عليه أو لا، ولهذا قال في النظم: 9- ...................... والقول عم ... .....................................   1 المعروضان هما: ماهية الكلام والكلم، والعارضان: الإفادة وجمع الكلمات الثلاثة فأكثر، فالإفادة عارض الكلام، والجمع المذكور؛ عارض الكلم. "حاشية يس 1/ 27". 2 الما صدقات ثلاث صور: قد أفلح المؤمنون، قام زيدان، قام زيد. "حاشية يس 1/ 27". 3 المادة: الكلمات الثلاث: الاسم والفعل والحرف، أو الأسماء والأفعال والحروف. "حاشية يس 1/ 27". 4 الصورة هي المتعلق، والمراد بها الصورة الحاصلة من اجتماع كلمتين، أو كلمات، والنسبة الحكمية حالة في هذه الصور. "حاشية يس 1/ 27". 5 كذا في "ط"، وفي الأصل: "والقول عبارة على الأصح". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 19 "فهو أعم من الكلام"؛ لانطلاقه على المفيد وغيره، "و" أعم "من الكلم"؛ لانطلاقه على المركب من كلمتين فأكثر، "و" من "الكلمة"؛ لانطلاقه على المفرد المركب "عموما مطلقا"؛ لصدقه على الكلام والكلم والكلمة، وانفراده في مثل: "غلام زيد"، فإنه ليس كلاما لعدم الفائدة، ولا كلما لعدم الثلاثة، ولا كلمة؛ لأنه ثنتان، "لا عموما من وجه" دون وجه، إذ لا يوجد شيء من الكلام والكلم والكلمة بدون القول، فكلما وجد واحد منهما وجد القول، ولا عكس، وفيه إيماء إلى أن "عم" في قول الناظم: "والقول عم" أفعل تفضيل، أصله "أعم" حذفت الهمزة ضرورة كما حذفت تخفيفا من خير وشر. ولي هنا تشكيك، وهو أن يقال: دلالة اللفظ على المعنى تنقسم إلى وضعية، كما في المفردات الحقيقية، وإلى عقلية في المركبات والمفردات المجازية، وإلى طبيعية كأخ، فإنه يدل على ألم الصدر دلالة طبيعية، فإن أراد الأول، كما هو ظاهر قوله في شرح القطر1، والقول خاص بالموضوع، خرج عنه المركبات والمفردات المجازية. وإن أراد الثاني خرج عنه المفردات الحقيقية. وقد يقال: إن القول أعم من الكلام والكلم والكلمة، وإن أراد مطلق الدلالة دخل نحو: أخ، واللفظ المصحف إذا فهم معناه، والمهمل كزيد، فإنه يدل على حياة الناطق به، وجميع ذلك لا يسمى كلمة، كما قاله المرادي في شرح التسهيل، فضلا عن أن يسمى قولا. ويطلق القول لغة ويراد به الرأي والاعتقاد نحو: قال الشافعي يحل كذا، أي: رأى ذلك واعتقده. ويطلق الكلام لغة ويراد به المفرد نحو: زيد في نحو قولهم: من أنت؟ زيد عند سيبويه، قاله ابن الناظم في نكت الحاجبية، ونقله أيضا عن أبي الحسين البصري الأصوليون. ويطلق الكلم لغة ويراد به الكلام، نحو: {الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} [فاطر: 10] "وتطلق الكلمة لغة ويراد بها الكلام"، مجازا من تسمية الشيء باسم جزئه، "نحو" قوله تعالى: {كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ" هُوَ قَائِلُهَا} [المؤمنون: 100] أي: إن مقالة من قال: {رَبِّ ارْجِعُونِ، لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ} [المؤمنون: 99, 100] كلمة، ونحو قوله   1 شرح قطر الندى ص13. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 20 صلى الله عليه وسلم: "أصدق كلمة" قالها شاعر كلمة لبيد: [من الطويل] 4- ألا كل شيء ما خلا الله باطل ... ................................. وقولهم: "كلمة الشهادة" يريدون: لا إله إلا الله محمد رسول الله1، "وذلك كثير" في الورود "لا قليل"، كما يفهم من قول الناظم: 9- ................. ... وكلمة بها كلام قد يؤم لأن "قد" تشعر بالتقليل في عرف المصنفين، كما ذكره الموضح في باب الإمالة. ولك أن تقول: إطلاق الكلمة على الكلام وإن كان كثيرا في نفسه، لكنه قليل بالنسبة إلى إطلاقها على المفردات.   4- عجز البيت: "وكل نعيم لا محالة زائل"، والبيت للبيد بن ربيعة في ديوانه 256، وجواهر الأدب ص382، وخزانة الأدب 2/ 255-257، والدرر 1/ 5، وديوان المعاني 1/ 118، وسمط اللآلي ص253، وشرح ابن الناظم ص7، وشرح الأشموني 1/ 11، وشرح شذور الذهب ص261، وشرح شواهد المغني 1/ 150، 153، 154، 392، وشرح المفصل 2/ 78، والعقد الفريد 5/ 273، ولسان العرب 5/ 351 "رجز"، والمقاصد النحوية 1/ 5، 7، 291، ومغني اللبيب 1/ 133، وهمع الهوامع 1/ 3، وبلا نسبة في أسرار العربية ص221، وأوضح المسالك 2/ 289، والدرر 1/ 491، 501، ورصف المباني 269، وشرح شواهد المغني 2/ 531، وشرح عمدة الحافظ ص263، وشرح قطر الندى ص248، واللمع ص154، وهمع الهوامع 1/ 226. 1 شرح ابن الناظم ص7. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 21 [ خطبة المؤلف ] : بسم الله الرحمن الرحيم [2] الحمد لله الملهم لتحميده حمدا موافيا لنعمه ومكافئا لمزيده. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. [3] شهادة مخلص في توحيده. وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، أشرف خلقه وأعظم عبيده، صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وجنوده. وبعد؛ فيقول العبد الفقير إلى مولاه الغني؛ خالد بن عبد الله الأزهري؛ عامله الله بلطفه الخفي وأجراه على عوائد بره الحفي: إن الشرح المشهور بـ"التوضيح على ألفية ابن مالك في علم النحو" للشيخ الإمام العلامة الرباني جمال الدين أبي محمد عبد الله بن يوسف بن هشام الأنصاري؛ تغمده الله بالرحمة والرضوان؛ في غاية حسن الموقع عند جميع الإخوان، لم يأت أحد بمثاله؛ ولم ينسج ناسج على منواله، ولم يوضع في ترتيب الأقسام مثله، ولم يبرز للوجود في هذا النحو شكله. غير أنه يحتاج إلى شرح يسفر عن وجوه مخدراته النقاب، ويبرز من خفي مكنوناته ما وراء الحجاب، وقد ذكرت ذلك لمصنفه في المنام، فاعترف بهذا الكلام، ووعد بأنه سيكتب عليه ما يبين مراده، ويظهر مفاده، فقصصت هذه الرؤيا على بعض الإخوان، فقال: هذا إذن لك يا فلان، فإن إسناد الشيخ الكتابة إلى نفسه مجاز، كقولهم: بني الأمير المجاز؛ وليس هو الباني بنفسه، وإنما يأمر العَمَلَة من أبناء جنسه، وكنت أنت المشار إليه لما تمثلت بين يديه، وخاطبك بهذا الخطاب، فانهض وبادر للأجر والثواب. فاستخرت رب العباد، وشمرت ساعد الاجتهاد، وشرحته شرحا كشف خفاياه، وأبرز أسراره وخباياه، وباح بسره المكتوم، وجمع شمله بأصله المنظوم، وسميته "التصريح بمضمون التوضيح"، ووشحته بعشرة أمور مهمة، مشتملة على فوائد جمة: أحدها: أني مزجت شرحي بشرحه، حتى صارا كالشيء الواحد، لا يميز بينهما إلا صاحب بصر أو بصيرة. ومن فوائد ذلك حَلُّ تراكيبه العسيرة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 3 ثانيها: أنني تتبعت أصوله التي أخذ منها، وربما شرحت [4] كلامه بكلامه. ومن فوائد ذلك بيان قصده ومرامه. ثالثها: أنني ذكرت ما أهمله من الشروط في بعض المسائل المطلقة، ومن فوائد ذلك تقييد ما أطلقه. رابعها: أنني كمّلت بيت كل شاهد مما اقتصر على شطره؛ وعزوته إلى قائله، إلا قليلا لم أظفر بذكره، وشرحت منه الغريب. ومن فوائد ذلك معرفة كونه غريبا، حتى يتم به التقريب, وهو سوق الدليل على طبق المدعي. خامسها: أنني ضبطت الألفاظ الغريبة بالحرف، وبينت جميع معانيها, ومن فوائد ذلك الأمن من التحريف، وحفظ مبانيها. سادسها: أنني طبقت الشرح على النظم، وقد كان أغفله, ومن فوائد ذلك معرفة شرح كل مسألة. سابعها: أنني ذكرت حجج جميع المخالفين وقوة الترجيح. ومن فوائد ذلك العلم بما يفتى به على الصحيح. ثامنها: أنني ذكرت غالبا علل الأحكام وأدلتها. ومن فوائد ذلك تمكينها في الأذهان، والجزم بمعرفتها. تاسعها: أنني بينت المعتمد من المواضع التي تناقض كلامه فيها وما خالف فيه التسهيل. ومن فوائد ذلك معرفة ما عليه التعويل. عاشرها: أنني بينت المواضع التي اعتمدها مع أنها من أبحاثه. ومن فوائد ذلك معرفة كونها من عندياته. أقول قولي هذا وأستغر الله مما يقع لي من الخلل في بعض المسائل المسطورة، وأعوذ بالله من شر الحاسدين، الذين {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ} [التوبة: 32] ، وأسأل فضل من حسن خِيْمُه1؛ وسلم من داء الحسد أديمه، إذا عثر على شيء مما طغى به القلم؛ أو زلت به القدم، أن يدرأ بالحسنة السيئة، ويحضر قلبه؛ إن الإنسان محل النسيان، وإن الصفح عن عثرات الضعاف من شيم الأشراف، وإن الحسنات يذهبن السيئات. وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت، وإليه أنيب.   1 الخيم: السجية والخلق والأصل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 4 وينحصر في علمي النحو والتصريف، وقد تضافرت الروايات على أن أول من وضع النحو أبو الأسود، وأنه أخذه أولا عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وكان أبو الأسود كوفي الدار، بصري المنشأ، ومات وقد أسن, واتفقوا على أن أول من وضع التصريف معاذ بن مسلم الهراء؛ بفتح الهاء وتشديد الراء، نسبة إلى بيع الثياب الهروية؛ وكان تخرج بأبي الأسود؛ وأدب عبد الملك بن مروان، ثم خلف أبا الأسود خمسة نفر؛ أولهم عنبسة الفيل، كان اسم أبيه معدان، قتل فيلا لعبد الله بن عامر بن كريز فسمي معدان الفيل؛ وسمي ابنه عنبسة الفيل. وثانيهم ميمون الأقرن, وثالثهم يحيى بن يعمر العدواني، والرابع والخامس ولدا أبي الأسود عطاء وأبو الحارث, ثم خلف هؤلاء عبد الله بن إسحاق الحضرمي؛ وعيسى بن عمر الثقفي؛ وأبو عمرو بن العلاء؛ ثم الخليل بن أحمد الفراهيدي؛ ثم سيبويه؛ والكسائي، ثم صار الناس بعد ذلك فريقين، كوفيا وبصريا، ثم خلف سيبويه أبو الحسن الأخفش الأوسط سعيد بن مسعدة، وخلف الكسائي الفراء. ثم جاء بعد ذلك صالح بن إسحاق الجرمي، وبكر بن عثمان المازني، ثم جاء بعدهما محمد بن يزيد المبرد، وجاء بعد إسحاق الزجاج؛ وأبو بكر بن السراج؛ وابن درستويه؛ وأبو بكر محمد بن مبرمان، ثم جاء بعد هؤلاء أبو علي الحسن بن عبد الغفار الفارسي؛ وأبو سعيد الحسن بن عبد الله السيرافي؛ وعلي بن عيسى الرماني؛ ثم أبو الفتح بن جني؛ ثم الشيخ عبد القاهر الجرجاني؛ ثم الزمخشري؛ ثم ابن الحاجب؛ ثم ابن مالك؛ ثم ابن هشام مصنف هذا الكتاب. ولد رحمه الله بالقاهرة المحروسة يوم السبت خامس ذي القعدة الحرام سنة ثمان وسبعمائة، ووافق بوفاته خامس ذي القعدة أيضا سنة إحدى وستين وسبعمائة. وله من المصنفات المغني؛ والتوضيح؛ وعمدة الطالب في تحقيق تصريف ابن الحاجب في مجلدين؛ ورفع الخصاصة عن قراء الخلاصة في أربعة مجلدات؛ وشرح التسهيل في عدة مجلدات؛ قيل: ولم يكمل، وشرح الشواهد الكبرى؛ والصغرى؛ والشذور؛ والقطر وشرحاهما؛ وشرح لمحة أبي حيان؛ وأحكام لو وحتى؛ وانتصاب لغة؛ وفضلا وجرا في قولهم: الدليل لغة؛ وفضلا عن أن يكون كذا، وهلم جرا؛ كل منها في جزء لطيف، وشرح بانت سعاد، وشرح البردة، وإقامة الدليل على صحة التحليل، والتذكرة في خمسة عشر جزءا؛ والجامع الصغير؛ وحواشي التسهيل في مجلدين، وغير ذلك. وكان شافعي المذهب ثم تقلد للإمام أحمد بن حنبل قبل وفاته بخمس سنين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 5 [ شرح خطبة الكتاب ] : قال الشيخ رحمه الله تعالى: "بسم الله الرحمن الرحيم" اقتداء بالقرآن العظيم، وعملًا بقول النبي الكريم: "كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم فهو أبتر؛ وذاهب البركة". رواه الخطيب بهذا اللفظ في كتابه الجامع والحافظ عبد القادر الرهاوي، والتوفيق بينه وبين حديث: "لا يبدأ فيه بالحمد لله فهو أجذم" أي: مقطوع البركة، ممكن بأن يراد بكل منهما الذكر؛ لأن كلا منهما ذكر. وقد جاء في بعض الروايات: "لا يبدأ فيه بذكر الله" وهو حديث حسن, أو يحمل حديث البسملة على الابتداء الحقيقي؛ بحيث لا يسبقه شيء. وحديث الحمدلة على الابتداء الإضافي، وهو ما بعد البسملة ولم يعكس؛ لأن حديث البسملة أقوى بكتاب الله الوارد على هذا المنوال، وإضافة اسم إلى الله قيل من إضافة العام إلى الخاص، كخاتم حديد1. وقيل: المضاف هنا مقحم؛ جيء به لإرشاد حسن الأداء, وقيل: الاسم هنا بمعنى التسمية, وقيل: في الكلام حذف مضاف؛ تقديره باسم مسمى الله. ومنشأ ذلك أنهم اختلفوا في الاسم والمسمى؛ هل هما متغايران أم لا؟ والأول رأي المعتزلة، والثاني قول الأشعري. وقيل لا ولا2، وهو مذهب أهل النقل، ويعزى لمالك رضي الله تعالى عنه. والتحقيق أن الخلاف لفظي، وذلك أن الاسم إذا أريد به اللفظ فغير المسمى، وإن أريد به   1 قوله: "كخاتم حديد" أي: بناء على أنها إضافة بيانية، أي: خاتم هو حديد، فالمراد بـ"الله" لفظه لا ذاته العلمية. "حاشية يس 1/ 5". 2 أي: لا متغايران، ولا غير متغايرين. "حاشية يس 1/ 7". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 6 ذات الشيء فهو عينه، لكنه لم يشتهر بهذا المعنى, قال الإمام الرازي: إنا لم نجد شيئا معتدا به في النزاع أن الاسم هل هو عين المسمى أو غيره هو. والله: علم على الذات المعبود بالحق. وقيل: وهو وصف مشتق من الإله1. وقيل: أصله لاها بالسريانية، فعرب بحذف الألف الأخيرة؛ وإدخال الألف واللام عليه، وتفخيم لامه إذا انفتح ما قبله وانضم. و"الرحمن": فعلان من رحم؛ بالكسر؛ كغضبان من غضب؛ صفة مشبهة؛ لكن بعد النقل إلى فعل بضم العين؛ أو بعد تنزيل الفعل المتعدي منزلة الفعل اللازم، كما في قولك: فلان يعطي؛ لأن الصفة المشبهة لا تصاغ من متعد، وقيل علم، و"الرحيم": فعيل من رحم أيضا، كمريض من مرض، لكن في الرحمن من المبالغة ما ليست في الرحيم، واشتقاقهما من الرحمة، وهي هنا مجاز عن الإنعام. قال الإمام الرازي: إذا وصف الله تعالى بأمر ولم يصح وصفه به يحمل على غاية ذلك وملاءمته، وهذه قاعدة في كل مقام. "الحمد لله": الحمد لغة: الوصف بالجميل الاختياري على قصد التعظيم، والوصف لا يكون إلا باللسان، فيكون مورده خاصا، وهذا الوصف يجوز أن يكون بإزاء نعمة وغيرها، فيكون متلقه عاما. والشكر على العكس؛ لكونه لغة فعلا ينبئ عن تعظيم المنعم من حيث إنه منعم على الشاكر، فيكون مورده اللسان والجنان، ومتعلقه النعمة الواصلة إلى الشاكر، فكل منهما أعم وأخص من الآخر بوجه، ففي الفضائل حمد فقط، وفي أفعال القلب والجوارح شكر فقط، وفي فعل اللسان بإزاء الإنعام حمد وشكر، والحمد؛ عرفا؛ فعل يشعر بتعظيم المنعم من حيث إنه منعم على الحامد أو غيره، والشكر؛ عرفا؛ صرف العبد جميع ما أنعم الله به عليه من السمع وغيره إلى ما خلق لأجله له. فالشكر أخص مطلقا لاختصاص تعلقه بالباري تعالى ولتقييده بكون المنعم منعما على الشاكر فقط، ولوجوب شمول الآلات فيه بخلاف الحمد. واعلم أن صرف العبد الجميع واحد اعتبارا كالشكر؛ وإن كان أفعالا حقيقة فيصدق عليه الحمد العرفي، فحصل من ذلك ستة أقسام، حمدان لغوي وعرفي، وشكران كذلك، وحمد وشكر لغويان، وحمد وشكر عرفيان، وحمد لغوي وشكر عرفي، وحمد عرفي وشكر لغوي، ويتبين لك بأدنى توجه أن النسبة بين الحمدين وبين الحمد اللغوي والشكر اللغوي عموم وخصوص من وجه، وبين الشكرين وبين الحمد والشكر العرفيين، وبين الحمد اللغوي والشكر العرفي عموم مطلق، وبين الحمد العرفي والشكر اللغوي تساو.   1 أي: من التحير، مصدر ألِهَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 7 واختار لفظ الحمد لله بالجملة الاسمية موافقة لكتاب الله؛ ودلالة على الدوام والثبات، وتقديم الحمد باعتبار أنه أهم نظرا إلى كون المقام مقام الحمد، كما ذهب إليه صاحب الكشاف في تقديم الفعل في: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} 1 [العلق: 1] ، وإن كان ذكر الله أهم نظرا إلى ذاته و"أل" في الحمد: للاستغراق، وقيل للجنس، وقيل للعهد، واللام في "الله" للملك أو للاستحقاق، وقيل للتعليل، والمعنى على الأول: جميع المحامد مملوكة لله أو مستحقة له، وعلى الثاني: جميع المحامد ثابتة لأجل الله. فإن قيل: ما معنى كون حمد العباد لله تعالى، مع أن حمدهم حادث والله تعالى قديم، ولا يجوز قيام الحادث بالقديم؟ فالجواب: أن المراد منه تعلق الحمد لله، ولا يلزم من التعلق القيام كتعلق العلم بالمعلومات. "رب": معناه مالك، صفة من رَبَّه يَرُبُّه فهو رَبّ. وقيل هو في الأصل مصدر بمعنى التربية؛ وهي تبليغ الشيء إلى كماله شيئا فشيئا، ثم وصف به للمبالغة كما وصف بالعدل، وهو من أسماء الله تعالى، ولا يطلق على غيره تعالى إلا مقيدا، كرب الدار، ومنه {ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ} [يوسف: 50] وقد استعمل في المالك؛ لأنه يحفظ ما يملكه. "العالمين": جمع عالم بفتح اللام، وهو اسم عام لجميع المخلوقات. سمي عالما لكونه علما على حدوثه، وافتقاره إلى موجد قديم. وإنما جمع باعتبار أنواع كل جنس مما سمي به، أو لأنه يتوجه إلى عالم كل زمان، وجمع بالواو أو الياء والنون؛ لأن الأصل فيه العقلاء، وغيرهم تطفل عليهم، قاله شارح السراجية. وقال ابن مالك: "التحقيق أنه اسم جمع محمول على الجمع؛ لأنه لو كان جمعا لعالم لزم أن يكون المفرد أوسع دلالة من الجمع؛ لأن العالم اسم لما سوى الله تعالى، والعالمين خاص بالعقلاء". ا. هـ. "والصلاة": فَعْلَة من صلى إذا دعا بخير, والمراد بها هنا الاعتناء بشأن المصلَّى عليه وإرادة الخير له. "والسلام": التحية، وجمع بينهما امتثالا لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56] ، حذرا من كراهة إفراد أحدهما عن الآخر؛ ولو خطأ. "الأتمّان الأكملان": نعتان للصلاة والسلام. "على سيدنا": من ساد قومه يسودهم سيادة فهو سيد، ووزنه فَيْعِل؛ وأصله سَيْوِد، قلبت الواو ياء وأدغمت في الياء، ويطلق على الذي يفوق قومه، ويرتفع قدره عليهم، وعلى الحليم الذي لا يستفزه غضبه، وعلى الكريم، وعلى المالك، قاله النووي في أذكاره. "محمد": علم منقول من اسم مفعول حمد بالتشديد سمي صلى الله عليه وسلم بذلك لكثرة خصاله   1 الكشاف 4/ 271، تفسير سورة العلق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 8 المحمودة، قال حسان رضي الله عنه: [من الطويل] 1- وشق له من اسمه ليحله ... فذو العرش محمود وهذا محمد "خاتم": أي: آخر النبيين، جمع نبي بغير همز، مأخوذة من النبوة، بفتح النون وسكون الباء الموحدة وتخفيف الواو المفتوحة؛ بمعنى الارتفاع، وبالهمز من النبأ وهو الخبر. "وإمام المتقين": جمع متق؛ وهو الخائف من الله تعالى؛ والإمام المقتدى به والمتبع. "وقائد": أي: دليل. "الغر": جمع أغر من الغُرّة, وهي في الأصل بياض في وجه الفرس فوق الدرهم. "المحجَّلِين": جمع مُحَجّل من الحجيل، وهو بياض في قوائم الفرس. والمراد: الموصوفون ببياض مواضع الوضوء؛ من الوجوه والأيدي والأقدام على طريق الاستعارة. "وعلى آله": هو اسم جمع لا واحد له من لفظه، واختلف في ألفه، أمنقلبة عن هاء أو عن واو؟ قال بالأول سيبويه، وأصله عنده: أهل. وقال بالثاني الكسائي، وأصله عنده أول؛ من آل إليه في الدين يئول. ويظهر أثر القولين في التصغير، فمن قال أصله "أهل" قال في تصغيره: "أهيل". ومن قال أصله "أَوَل" قال في تصغيره: "أُوَيْل"، وكلاهما مسموع، ولكن الأول أشهر وأكثر، ثم اختلف في معناه، فقال الإمام الشافعي: أقاربه المؤمنون من بني هاشم والمطلب ابني عبد مناف؛ لأنهم أهلوه أو آل أمر دينهم إليه، وقيل غير ذلك. "وصَحْبِه": اسم جمع صاحب كَرَكْب وراكِب. وعطف الصَّحْب على الآل الشامل لبعضهم لتشمل الصلاة باقيهم. "أجمعين": توكيد معنوي مفيد للإحاطة والشمول. "صلاة وسلاما": اسما مصدرين منصوبان على المفعولية المطلقة، مفيدان لتقوية عاملهما وتقرير معناه. "دائمين": نعت "صلاة وسلاما". "بدوام": أي: ببقاء. "السماوات": جمع سماء على غير قياس. "والأرضين": بفتح الراء ولا يجوز إسكانها إلا في الشعر، كقوله: [من الطويل] 2- لقد ضجت الأرضون إذ قام من بني ... هذاذ خطيب فوق أعواد منبر وجمعت أرض جمع المذكر السالم شذوذا. "أما": بفتح الهمزة وتشديد الميم قال الدماميني: "حرف فيه معنى الشرط، صرح به جماعة من النحويين، لا حرف شرط". ا. هـ. وهي هنا مجردة عن التفصيل،   1 البيت لحسان بن ثابت في ديوانه ص338، وخزانة الأدب 1/ 223. 2 البيت لكعب بن معدان في المحتسب 1/ 218، وبلا نسبة في الدرر 1/ 50، وشرح شذور الذهب ص57، وهمع الهوامع 1/ 46. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 9 كما نص عليه في المغني في: "أما زيد فمنطلق"، وقول العلامة عبد القادر المكي في حاشيته على هذا الكتاب: "أما؛ هذه؛ حرف شرط وتفصيل" مخالف لما ذكرنا من النقلين معا. "بعد": ظرف زمان كثيرا، ومكان قليلا، تقول في الزمان: "جاء زيد بعد عمرو"، وفي المكان: "دار زيد بعد دار عمرو". وهي هنا صالحة للزمان باعتبار اللفظ، وللمكان باعتبار الرقم. واختلف في ناصبها إذا وقعت بعد "أما"، فقيل: فعل الشرط المقدر، وقيل: إما لنيابتها عن الفعل المقدر؛ وهو مذهب سيبويه، فعلى الأول "أما" نائبة عن الفعل معنى لا عملا، وعلى الثاني نائبة معنى وعملا. والأصل: مهما يكن من شيء بعد "حمد الله"، فـ"مهما" هنا مبتدأ والاسمية لازمة للمبتدأ، و"يكن": شرط، و"الفاء": لازمة له غالبا. فحين تضمنت "أما" معنى الابتداء أو الشرط لزمتها "الفاء" ولصوق الاسم إقامة للازم وهو الفاء، ولصوق الاسم مقام الملزوم وهو الابتداء والشرط وإبقاء لأثره في الجملة. "مستحق الحمد وملهمه": نعتان لله لمجرد المدح، وصح نعت المعرفة بهما؛ لأنهما للدوام والاستمرار، فإضافتهما محضة أو بدلان، ويمتنع جعلهما عطفي بيان على الله؛ لأن عطف البيان للتوضيح المستدعي إيهاما، أو للتخصيص المستدعي عموما، وكلاهما منتف هنا. والاستحقاق: الاختصاص، والإلهام: ما يلقى في الروع؛ بضم الراء؛ وهو القلب. "ومنشيء الخلق ومعدمه" فيهما الإعراب المتقدم. والإنشاء هنا الإيجاد. قال الله تعالى: {إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً} [الواقعة: 35] أي: أوجدناهن إيجادا. الخلق بمعنى المخلوق، والإعدام: الإفناء والإنفاد، ولا يخفى ما في مقابلة الإنشاء بالإعدام من الطباق. "والصلاة والسلام": مجروران بالعطف على حمد الله، وتقدم تفسيرهما. "على أشرف الخلق": متعلق بالسلام لقربه، وهو مطلوب أيضا للصلاة من جهة المعنى على سبيل التنازع. "وأكرمه" معطوف على أشرف. "المنعوت": بالنون من النعت، بمعنى الصفة، "بأحسن": متعلق بالمنعوت، "الخلق": بضم الخاء مع ضم اللام وسكونها والضم أشهر. والخَلْق والخُلُق؛ بفتح الخاء في الأول وضمها في الثاني؛ في الأصل واحد، كالشَّرب والشُّرب، لكن خص المفتوح بالهيئات والأشكال والصورة المدركة بالبصر، وخص المضموم بالقوى والسجايا المدركة البصيرة. والمراد هنا السجية والطبيعة، وبينهما من البديع الجناس المحرف1، "وأعظمه": معطوف على "أحسن"، وهو مقتبس من قوله تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: 4] . "محمد": بدل من "أشرف"، ويجوز   1 الجناس المحرف: هو اختلاف اللفظين في الهيئة، نحو: جبة البرد جنة البرد. "حاشية يس 1/ 13". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 10 كونه عطف بيان عليه، فإن إضافة اسم التفضيل إلى المعرفة معنوية، خلافا لأبي البقاء العكبري حيث ذهب إلى أنها لفظية، "نبيه وخليله وصفيه": نعوت لمحمد. والخليل: الذي خلصت محبته، والصفي: المختار. "وعلى آله وأصحابه وأحزابه وأحبابه": معطوف على "أشرف"، وأعاد الجار مع آله لطول الفصل. والأصحاب: جمع صاحب، خلاف للجوهري. ونظيره: شاهد وأشهاد. وفي التنزيل: {وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} [غافر: 51] ، قال بعض أهل التفسير: جمع شاهد. والأحزاب: جمع حزب، وحزب الرجل: جنده وأصحابه. وقال الراغب1: "الحزب جماعة فيها غلظة"، ويطلق على الأنصار. وكلا المعنيين جائز هنا. أما الثاني فظاهر، وأما الأول فلقوله تعالى: {وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً} [التوبة: 123] وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ} [الفتح: 29] . والأحباب: جمع حبيب. وبين الأحزاب والأحباب نوع من الجناس اللاحق2. "فإن كتاب الخلاصة": جواب "أما" ولذلك قرن بالفاء، وصح ذلك على ضرب من المجاز3. وذلك لأن جواب الشرط مستقبل، وكون الخلاصة بالصفات المذكورة ليس مستقبلا فيدعي أن الجواب محذوف, والمذكور معموله أقيم مقامه عند حذفه, والتقدير: فإني قائل لك إن كتاب الخلاصة كذا وكذا إلخ. وإضافة كتاب إلى الخلاصة من قبيل إضافة الأعم إلى الأخص، كشجر أراك، أو من قبيل إضافة المسمى إلى اسمه، أي: الكتاب المخصوص بهذا الاسم، كما في قوله: سرنا ذات مرة، أي: مرة مختصة بهذا الاسم "الألفية": بالنصب بدل من كتاب، وبالجر بدل من خلاصة، منسوبة إلى ألف، بناء على أشهر القولين أن البيت اسم للصدر والعجز عند العروضيين. وقيل: كل منهما بيت على حدة "في علم العربية" حال من "كتاب"، والمراد بعلم العربية هنا علم النحو المشتمل على علم التصريف، وله حد وموضوع وغاية وفائدة. فحده علم بأصول يعرف   1 في كتابه مفردات ألفاظ القرآن ص231 "حزب"، وفيه "غلظ" مكان "غلظة". 2 الجناس اللاحق: هو المختلف من أنواع الحروف، ويشترط فيه أن لا يقع الاختلاف في أكثر من حرف ثم إن كان الحرفان المختلفان متقاربين في المخرج كان الجناس مضارعا كـ"ينهون" و"ينأون"، وإن لم يكونا متقاربين فيه كان لاحقا، ومن المضارع: الخيل معقود بنواصيها الخير. "حاشية يس 1/ 15". 3 أي: مجاز الحذف، وبهذا المجاز يتوصل إلى دفع إشكال آخر؛ وهو أن مضمون الجزاء هنا وهو كون كتاب الخلاصة بالأوصاف الآتية ثابت؛ حمد أو لم يحمد، فما المراد بكونه بعد الحمد؟ الجواب: أن الذي جعل بعد الحمد القول والأخبار والأعلام والقيود قد تتعلق بذلك، كما نص ابن الحاجب. "حاشية يس 1/ 15". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 11 بها أحوال أبنية الكلم إعرابا وبناء، وموضوعه الكلمات العربية؛ لأنه يبحث فيه عن عوارضها الذاتية من حيث الإعراب والبناء، وغايته الاستعانة على فهم كلام الله تعالى ورسوله، وفائدته معرفة صواب الكلام من خطئه "نَظْم": بمعنى منظوم، نعت لكتاب إن نصب؛ وللخلاصة إن خفض، "الإمام": مجرور بإضافة نظم إليه. "العلامة": صيغة مبالغة في عالم؛ والتاء فيه لتأكيد المبالغة؛ "جمال الدين" لقب "أبي عبد الله" كنية "محمد" اسم "ابن مالك" نعت أول "الطائي" نعت ثان "رحمه الله" جملة دعائية لا محل لها من الإعراب. وفي كلامه مخالفة لأصلين: أحدهما: أن "الإمام العلامة" نعتان لجمال الدين وما ذكره بعده، فقدمهما؛ والنعت لا يتقدم على المنعوت. والثاني: أنه متى اجتمع الاسم واللقب وجب على الأفصح تأخير اللقب عن الاسم، كما سيصرح به، وهنا قدم اللقب على الاسم. والجواب على الأول: أن النعت إذا قدم وكان صالحا لمباشرة العامل فإنه يعرب بحسب ما يقتضيه العامل، ويجعل المنعوت بدلا، ويصير المتبوع تابعا، واضمحلت النعتية، كقوله تعالى: {إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ، اللَّهِ} [إبراهيم: 1، 2] في قراءة الخفض1. والجواب عن الثاني: أن هنا اللقب مسوق للمدح، فإذا جرى لفظ المدح أولا تشوقت النفس إلى الممدوح، فإذا ذكر الممدوح بعد ذلك كان أوقع في النفس، على أن ذلك لغة كما سيأتي. "كتاب": خبر "إن"، وصح الإخبار بكتاب عن كتاب وإن تساويا لفظا لتخالفهما إضافة ونعتا، "صغر حجما وغزر علما": بضم عين الفعلين، وفاعلهما ضمير مستتر فيهما يرجع إلى كتاب، والجملتان نعت لكتاب، والمنصوب بعدهما تمييز محول عن الفاعل، والأصل: كتاب صغير حجمه وغزر علمه، هذا إن كانا باقيين على أصلهما من إفادة الإخبار، وإن كانا حولا إلى معنى المدح على حد قوله تعالى: {وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا} [الكهف: 31] ، فهما خبر ثان لا نعت لكتاب؛ لأن الجمل الإنشائية يخبر بها ولا ينعت، والصغر: القلة، والحجم: النتوء. يقال: ليس لمرفقه حجم؛ أي: نتوء. والغزارة: الكثرة، وبين الصغر والغزارة نوع من الطباق. "غير": بالنصب على الاستثناء المنقطع المخرج   1 كذا في الرسم المصحفي، وقرأ "الله" بالرفع: نافع وابن عامر وأبو جعفر والحسن. الإتحاف ص271، والنشر 2/ 298. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 12 عما دخل في حكم دلالة المفهوم. واختلف في نصبها في الاستثناء، فقال ابن عصفور: "عن تمام الكلام"، وقال الفارسي: "على الحالية"، وقال ابن الباذش: "على التشبيه بظرف المكان". ويجوز أن تكون فتحة "غير" هنا بنائية؛ لأن "غير" إذا أضيفت لمبنى جاز بناؤها على الفتح، كقوله: [من البسيط] 3- لم يمنع الشرب منها غير أن نطقت ... حمامة في غصون ذات أَوْقَال قاله في المغني1. "أنه" بفتح الهمزة، والضمير لكتاب "لإفراط": أي: مجاوزة الحد "الإيجاز": الاختصار "قد كاد يعد" أي: قارب أن يعد "من جملة الألغاز" جمع لُغَز؛ بضم اللام وفتح الغين المعجمة؛ مثل رطب وأرطاب، يقال: ألغز في كلامه إذا عَمّى مراده، والاسم: اللُّغَز؛ كالرطب؛ واللُّغُز؛ كالعُنُق؛ واللُّغْز؛ كالقفْل؛ حكاها الدماميني فقال: "وعينه" تفتح وتضم وتسكن". "وقد أسعفت طالبيه" أي: ساعدتهم، يقال: أسعفت الرجل بحاجته إذا قضيتها له، والمساعفة: الموافاة والمساعدة "بمختصر" صفة لمحذوف، أي: بشرح مختصر "يدانيه" أي: يقاربه في مسائله التي هي فيه، وليس المراد يقاربه في حجمه؛ لأن الحس يخالفه، "وتوضيح" أي: مبين وكاشف، وبه اشتهر، "يسايره" أي: يحاذيه، وقيل: يمشي مشيه "ويباريه" أي: يعارضه ويفعل مثل فعله "أحل به ألفاظه" أي: أبين به مفردات ألفاظه "وأوضح معانية" بفتح الياء أي: أكشفها وأبينها "وأحلل" أي: أفكك "به تراكيبه" أي: مركباته "وأنقح" أي: أهذب " مبانيه" بفتح الياء المثناة تحت، جمع مبنى، ومباني الكتاب ما تنبني عليه مسائله "وأعذب" بالذال المعجمة أي: أحلى، ومنه الماء العذب، "به موارده" جمع موردة بالهاء؛ وهي في الأصل طرق الماء؛ بالطاء المهملة؛ "وأعقل" أي: أمنع؛ من العقل وهو المنع، "به شوارده" جمع شاردة، أي: نافرة. وفيه استعارة حيث شبه ما تضمنته الألفية بالإبل الشاردة، ورشحها بذكر صفة ملائمة للمستعار   3- البيت لأبي قيس بن الأسلت في ديوانه ص85، وجمهرة اللغة ص1316، وخزانة الأدب 3/ 406، 407، والدرر 1/ 477، ولأبي قيس بن رفاعة في شرح أبيات سيبويه 2/ 180، وشرح شواهد المغني 1/ 458، وشرح المفصل 3/ 80، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 4/ 65، 214، 5/ 296، والإنصاف 1/ 287، وخزانة الأدب 6/ 532، 552، 553، وسر صناعة الإعراب 2/ 507، وشرح المفصل 3/ 81, 8/ 135، والكتاب 2/ 329، ولسان العرب 10/ 354 "نطق"، 11/ 734 "وقل"، ومغني اللبيب 1/ 159، وهمع الهوامع 1/ 219. 1 مغني اللبيب 1/ 159. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 13 منه وهو العقل، "ولا أخلي" أي: أترك "منه مسألة" مفعلة من السؤال، وهي ما يبرهن عليه في العلم "من شاهد" أي: دليل، وهو ما يذكر لإثبات قاعدة كلية من كتاب أو سنة، أو من كلام عربي فصيح "أو تمثيل" أي: مثال، وهو جزئي من جزئيات قاعدة يذكر إيضاحا لتلك القاعدة، فكل شاهد مثال ولا عكس. "وربما أشير" أنا "فيه إلى خلاف" في بعض المسائل، أي: مخالفا للناظم وغيره، كقوله في باب الجوازم خلافا لابن مالك "أو نقد" بالدال، أي: انتقاد على للناظم وغيره، كقوله في باب الوقف في مسألة تأتي. وهذا مردود بإجماع المسلمين على الوقف على كذا، "أو تعليل" لحكم "ولم آل"؛ بمد الهمزة؛ من الألو، يحتمل أن يكون بمعنى أمنع، فيتعدى إلى اثنين، حذف أحدهما لعدم تعلق الغرض بذكره، والتقدير: ولم أمنع أحدا "جهدا" ويحتمل أن يكون بمعنى أقصر، فيكون قاصرا. وإنما يتعدى بإسقاط الجار، والتقدير: ولم أقصر في جهد، ثم حذف الجار فانتصب. وهو بفتح الجيم وضمها، وفصل القراءة فقال: الجهد؛ بالضم: الطاقة، وبالفتح: المشقة، "في توضيحه"؛ أي: تبيينه؛ "وتهذيبه" بالذال المعجمة: أي: تنقيته وتصفيته. "وربما خالفته في تفصيله"، كما فعل في الاسم والفعل والحرف؛ حيث جعلها أقساما للكلمة لا للتكلم، "وترتيبه" وهو كثير، ومنه ما فعل في باب نائب الفاعل، حيث أخر الكلام على الفعل وقدم الكلام على النائب، "وسميته أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك" ليطابق اسمه معناه. والمسالك: جمع مسلك، وهو طريق السلوك، "وبالله أعتصم" أي: أمتنع، "وأسأله العصمة" أي: المنع، "مما يَصِم"، بفتح الياء وكسر الصاد المهملة، من الوَصْم، بسكون الصاد، وهو العيب والعار، "لا رب غيره، ولا مأمول إلا خيره، عليه توكلت وإليه أنيب" أي: أرجع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 14 الكلام وما يتألف منه مدخل ... الكلام وما يتألف منه: قال الناظم: الكلام وما يتألف منه. هذه الترجمة فيها حذف، وأصلها: "هذا باب شرح" ماهية "الكلام، وشرح" ماهية "ما يتألف الكلام منه"، وهو الكلم الثلاث. والتألُّف والتأليف: وقوع الألفة والتناسب بين الجزأين. وهو أخص من التركيب، إذ التركيب ضم كلمة إلى أخرى فأكثر، فكل مؤلف مركب من غير عكس. "والكلام في" اصطلاح اللغويين: عبارة عن القول، وما كان مكتفيا بنفسه، كما ذكره في القاموس. وفي اصطلاح المتكلمين: عبارة عن المعنى القائم بالنفس. و"اصطلاح النحويين عبارة عما" أي: مؤلف "اجتمع في أمران: اللفظ والإفادة" والظرفية هنا مجازية كقوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} {الأحزاب: 21] أي: إنه صلى الله عليه وسلم في نفسه أسوة حسنة، كما قاله في الكشاف1. والمعنى: الكلام في نفسه اللفظ والإفادة، لا أن هناك ظرفا ومظروفا حقيقة، ولو قال: عبارة عن اللفظ والإفادة، كما قال الناظم: 8- .......... لفظ مفيد ....... ... ............................... كان أجود، واللفظ في الأصل: مصدر لَفَظت الرَّحَى الدقيق، إذا رمته إلى خارج. "والمراد باللفظ" هنا الملفوظ به، وهو "الصوت" من الفم "المشتمل على بعض الحروف" الهجائية، "تحقيقا" كزيد، "أو تقديرا" كألفاظ الضمائر المستترة. وسمي الصوت لفظا لكونه يحدث سبب رمي الهواء من داخل الرئة إلى خارجها، إطلاقا لاسم السبب على المسبب، قاله الفخر الرازي. والإفادة: مصدر أفاد بمعنى دل دلالة مطلقة. والمفيد الدال على معنى مطلقا.   1 الكشاف 2/ 196. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 15 "فصل": "يتميز الاسم عن" قسيميه "الفعل والحرف بخمس علامات"، وهي المشار إليها في النظم بقوله: 10- بالجر والتنوين والندا وأل ... ومسند للاسم ................ "إحداها الجر": وهو في الأصل مصدر جر "وليس المراد به" في النظم "حرف الجر"، أي: دخول حرف الجر كما قدره صاحب المكمل1 في عبارة المفصل حيث قال: وأراد بالجر دخول حرف الجر. ا. هـ. وكما قال الموضح في النداء، وليس المراد به دخول حرف النداء، كما سيأتي فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه، بدليل قوله "لأنه"، أي: حرف جر، "قد يدخل في اللفظ على ما ليس باسم" على التقديم والتأخير، والأصل قد يدخل على ما ليس باسم في اللفظ؛ لأن الغرض نفي الاسمية في اللفظ؛ وإن كانت ثابتة في التقدير، لا الدخول في اللفظ فليتأمل "نحو: عجبت من أن قمت" فدخل حرف الجر وهو "من" على "أن قمت" وهو ليس باسم في اللفظ، وإن كان اسما بالتأويل، أي: من قيامك، "بل المراد به" أي: بالجر "الكسرة التي يحدثها عامل الجر"، أو نائبها. ونسبة الأحداث إلى العامل استعارة؛ لأنه مجاز مبني على التشبيه، كنسبة الإرادة إلى الجدار في قوله تعالى: {جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ} [الكهف: 77] "سواء كان" ذلك "العامل" للجر "حرفا"، نحو: مررت بزيد، "أم إضافة" نحو: غلام زيد، "أم تبعية" نحو: مررت بزيد الفاضل، "و" هذه العوامل الثلاثة "قد اجتمعت في البسملة"، فـ"اسم": مجرور بالحرف، و"الله": مجرور بالإضافة، و"الرحمن الرحيم": مجروران بالتبعية للموصوف. هذا هو الجاري على الألسنة، والتحقيق خلافه. قال الموضح في باب الإضافة من هذا الكتاب2: "ويجر المضاف إليه بالمضاف وفاقا لسيبويه". وقال في شرح الشذور3: "وإنما لم أذكر الجر بالتبعية كما فعل جماعة؛ لأن التبعية ليست عندنا العامل4   1 كتاب المكمل هو لمظهر الدين الشريف الرضي محمد، أكمله سنة 659هـ/ 1261م. انظر تاريخ الأدب العربي لبروكلمان 5/ 226. 2 أوضح المسالك 3/ 84، وسيشرح الأزهري هذا القول فيما سيأتي 2/ 24 من المطبوع. 3 شرح شذور الذهب ص317. 4 في شرح شذور الذهب ص317: "ليست عندنا هي العاملة". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 22 وإنما العامل عامل المبتوع، وذلك في غير البدل". وقال في شرح اللمحة في باب المجرورات: "كان ينبغي للمؤلف؛ يعني أبا حيان؛ أن لا يذكر الجر بالتبعية، كما لم يذكر في باب المرفوعات والمنصوبات الرفع والنصب بها، يعني بالتبعية كـ"جاء زيد الفاضل" و"رأيت زيدا الفاضل". ا. هـ. ولم يذكر الجر بالمجاورة وبالتوهم؛ لأنهما يرجعان عند التحقيق إلى الجر بالمضاف؛ والجر بالحرف، كما قاله في شرح اللمحة. لكن قال في شرح الشذور1: "وقسمتها؛ يعني المجرورات؛ إلى ثلاثة أقسام: مجرور بالحرف؛ ومجرور بالإضافة؛ ومجرور بالمجاورة2"، فجعله قسما برأسه [حينئذ] 3 مجازا. العلامة "الثانية: التنوين، وهو" في الأصل مصدر نونت الكلمة، أي: أدخلت نونا، وفي الاصطلاح "نون ساكنة" أصالة "تلحق الآخر"، أي: تتبعه "لفظا لا خطا لغير توكيد، فخرج بقيد السكون" وبقيد عدم الخط أيضا "النون" الأولى "في ضيفن للطفيلي" وهو الذي يجيء مع الضيف متطفلا. قاله في القاموس4. "و" النون الأولى في "رعشن للمرتعش"، لتحركهما وصلا وثبوتهما خطا وهاتان النونان المتحركتان زائدتان فيهما للإلحاق بجعفر، وما بعدهما تنوين، وقيدت السكون بالأصالة لئلا يخرج بعض أفراد التنوين إذا حرك لالتقاء الساكنين، نحو: محظورا انظر. "و" خرج "بقيد" لحوق "الآخر"، وبقيد عدم الخط أيضا "النون في: انكسر ومنكسر"؛ لأنها لا تلحق الآخر، وتثبت في الخط، لا يقال: يخرج بقيد الآخر قول بعضهم: "شربت ما" بالقصر والتنوين، فإن الميم أول الاسم لا آخره، وقد لحقها التنوين؛ لأنا نقول: إن التنوين لحق الألف وهي آخر، ثم حذفت لالتقاء الساكنين، قاله الموضح في الحواشي. والمراد بالآخر ما كان آخرا في اللفظ، حقيقة كزيد أو حكما كيد، "و" خرج "بقولي لفظا لا خطا النون اللاحقة لآخر القوافي، وستأتي" قريبا، والنون الخفيفة اللاحقة لآخر الأفعال توكيدا لها المصورة نونا، والنون اللاحقة لآخر الكلمة من كلمة أخرى، نحو "أحمد انطلق" لثبوتها في الخط، فلا حاجة إلى زيادة الحديثي في حد التنوين، ولا يكون جزء غيرها، ولا إلى اعتذار الدماميني عنه بأن المراد باللحوق التبعية.   1 شرح شذور الذهب ص317. 2 في المصدر السابق: "ومجرور بمجاورة مجرور". 3 "حينئذ"؛ سقطت من الأصل، وأثبتها من "ط". 4 القاموس المحيط "ضيف". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 23 "و" خرج "بقولي لغير توكيد نون نحو: {لَنَسْفَعًا} [العلق: 15] خاصة على تقدير رسمها في الخط ألفا، لوقوعها بعد الفتحة، بخلاف الواقعة بعد الضمة والكسرة، فإنها تصور نونا، فتثبت في الخط. فتخرج بقوله: "لا خطا". ومن ثم قيل إن الموضح ضرب بالقلم على قوله "لتضربن يا قوم ولتضربن يا هند" بضم الباء الأول وكسرها في الثاني من نسخة تلميذه الزيلعي عند القراءة عليه. ولهذا لم يجد في بعض النسخ المعتمدة ولا عرج عليهما في المغني وغيره. "وأنواع التنوين" الخاصة بالاسم "أربعة: أحدها: تنوين التمكين" والأَوْلى التمكن مصدر تمكن لقوله بعد لتمكنه والوصف متمكن لا ممكن، ويسمى تنوين الأمكنية وتنوين الصرف، وهو اللاحق لفظا لغالب الأسماء المعربة المنصرفة معرفة "كزيد، و" نكرة؛ نحو: "رجل" ورجال، والذي يدل على أن تنوين نحو: "رَجُل" للتمكين لا للتنكير بقاء مع العلمية بعد النقل، قاله ابن الحاجب وغيره، ورُدّ1. "وفائدته الدلالة" بتثليث الدال "على خفة الاسم" بكونه معربا منصرفا، "و" على "تمكنه في باب الاسمية؛ لكونه لم يشبه الحرف" شبها قويا "، فيبنى، ولا" يشبه "الفعل" في فرعيتين؛ "فيمنع من الصرف"، وهو التنوين. النوع "الثاني: تنوين التنكير، وهو اللاحق لبعض" الأسماء "المبنيات للدلالة على التنكير"، قياسا في باب العلم المختوم بـ"وَيْه" وسماعا في باب اسم الفعل المختوم بالهاء أو غيرها، وفي اسم الصوت، "تقول: سيبويه"، بلا تنوين، "إذا أردت شخصا معينا اسمه ذلك" أي: اسمه سيبويه. "و" تقول "إيه"، بكسر الهمزة وسكون الياء المثناة تحت وكسر الهاء، بلا تنوين، "إذا استزدت مخاطبك"، أي: طلبت منه زيادة "من حديث معين، فإذا أردت شخصا ما" أي: شخص كان "اسمه سيبويه، أو" أردت "استزادة من حديث ما" أي: حديث كان، "نونتهما" فقلت: "سيبويه" و"إيه" بالتنوين فيهما، فـ"سيبويه" بلا تنوين معرفة بالعلمية، و"إيه" بلا تنوين معرفة من قبيل المعرف بـ"أل" العهدية، أي: الحديث المعهود، كذا قالوا، وهو مبني على أن مدلول اسم الفعل المصدر، وأما على القول بأن مدلوله الفعل، فلا؛ لأن جميع الأفعال نكرات، وتقول: "صاح الغراب غاق غاق"، فإذا لم تنونها كانت معرفة؛ ودلت على معنى مخصوص، وإذا نونتها كانت نكرة مبهمة، ودلت على معنى مبهم قاله الثمانيني.   1 وجه الرد أن التنوين مع العلمية هو ما كان قبلها. "حاشية يس 1/ 32". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 24 النوع "الثالث: تنوين المقابلة، وهو اللاحق لنحو: مسلمات" مما جمع بألف وتاء مزيدتين، سمي بذلك؛ لأن العرب جعلوه في مقابلة النون، "في نحو: مسلمين"، مما جمع بالواو والنون أو الياء والنون. قال الرضي1: "معناه أنه قائم مقام التنوين الذي في الواحد، في المعنى الجامع لأقسام التنوين فقط، وهو كونه علامة لتمام الاسم، [كما أن النون قائمة مقام التنوين الذي في الواحد في ذلك] 2". ا. هـ. والذي يدل على أنه لتمام الاسم ليس غير أنه ليس بتمكين خلافا للربعي3، لثبوته فيما فيه فرعيتان كـ"عرفات"، ولا تنكير لثبوته مع المعربات، ولا عوض عن شيء، والقول بأنه عوض عن الفتحة نصبا مردود بأن الكسرة عوضت منها. وقال الشارح اللباب في توجيه المقابلة: أن جمع المذكر السالم زيد فيه حرفان، وفي المؤنث لم يزد فيه إلا حرف واحد؛ لأن التاء موجودة في مفرده، فزيد التنوين فيه ليوازي النون في جمع المذكر، كما أن الحركة في "مسلمات" موازية لحرف العلة في "مسلمين". ا. هـ. وفيه نظر؛ لأن التاء التي في المفرد ليست هي التاء التي في الجمع، بل غيرها، ولو سلم؛ فهذا الجمع لا يختص بما في مفرده التاء لفظا، بل يكون فيه وفيما فيه التاء تقديرا كـ"هندات"، بل قد يكون لمذكر كـ"اصطبلات"، والحكم واحد في الجميع. وقال آخر: إن الألف والتاء في مقابلة الواو لدلالتهما على الجمع، وإن التنوين في مقابلة النون. ولا يخفى ضعفه. النوع "الرابع: تنوين التعويض": وهو تفعيل من العوض، والتعويض فعل الفاعل، وليس هو عوضا عن شيء، فأولى التعبير بالعوض كما عبر به في المغني4، ولكنه قصد هنا المناسبة لقوله: "التمكين والتنكير مع المقصود حاصل والخطب سهل". "وهو اللاحق لنحو: غواش وجوار"، من الجموع المعتلة الآتية على وزن فواعل، حال كونه "عوضا"، أو لأجل العوض "عن الياء" المحذوفة اعتباطا رفعا وجرا؛ وفاقا لسيبويه والجمهور4، لا عن ضمة الياء وفتحها النائبة عن الكسرة. خلافا للمبرد، ولا هو تنوين صرف لصيرورته بعد الحذف، وكلام عند قطع النظر عن المحذوف خلافا للأخفش. وينتظم في سلك تنوين العوض عن الياء التنوين اللاحق لمثل: أُعَيْم ويُعَيْل، مصغَّرَيْ:   1 شرح الرضي 1/ 46. 2 ما بين المعقوفتين لم يرد في شرح الرضي، وورد مكانه: "وليس في النون شيء من معاني الأقسام الخمسة المذكورة". 3 قال الربعي: إن التنوين في نحو "مسلمات" للصرف. "شرح الرضي 1/ 46". 4 الكتاب 3/ 310. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 25 أعمى ويَعْلى، فإنهما ممنوعان من الصرف للوصف، ولكونهما يشبهان الفعل في زينة، نحو: أَبْيَطِرّ ويَبْيَطِرّ وتنوينهما عوض عن الياء المحذوفة، وسيأتي بيانهما في باب ما لا ينصرف "و" اللاحق "لـ: إذ، في نحو: {وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ} [الروم: 4] عوضًا عن الجملة التي تضاف "إذ" إليها"، والأصل والله أعلم: ويوم إذ غلبت الروم يفرح المؤمنون. فحذفت جملة: "غلبت الروم"، وجيء بالتنوين عوضًا عن الجملة المحذوفة إيجازًا وتحسينًا، فالتقى ساكنان؛ ذال "إذ" والتنوين، فكسرت الذال على أصل التقاء الساكنين، وليست هذه الكسرة كسرة إعراب بإضافة "يوم" إليها خلافًا للأخفش؛ لأن "إذ" ملازمة للبناء لشبهها بالحرف في الافتقار إلى جملة؛ وفي الموضع على حرفين، وليست الإضافة في "يومئذ" ونحوها من إضافة أحد المترادفين للآخر، خلافًا لابن مالك، بل من إضافة الأعم إلى الأخص، كـ"شجر أراك" وفاقًا للدماميني، ولم يذكر العوض عن مفرد؛ وهو اللاحق لـ"كل وبعض" إذا قطعا عن الإضافة مع أنه ذكره في المغني؛ لأن التحقيق أن تنوينهما تنوين تمكين يذهب مع الإضافة، ويثبت مع عدمها، ولا العوض عن ألف، كـ"جندل" أصله: جنادل، بغير تنوين، حذفت منه الألف، وعُوّض عنه التنوين. كذا قال ابن مالك واختار في المغني أنه للصرف. "وهذه الأنواع الأربعة" فقط "مختصة بالاسم"، فلا تدخل على غيره لدلالتها على معانٍ لا توجد في غيره. ولو قال: يختص الاسم بهذه الأربعة لنا في ذلك كون الاسم يلحقه تنوين الحكاية، وتنوين الضرورة، وتنوين الشذوذ. "وزاد جماعة" من النحويين منهم الموضح في المغني على هذه الأربعة "تنوين الترنم"1، أي: المحصل للترنم، كما صرح به ابن يعيش2 مدعيًا أن الترنم يحصل بالنون نفسها؛ لأنها حرف أَغَنّ. وكذا قال شارح اللباب، إنما جيء به لوجود الترنم، وذلك لأن حرف العلة مدة في الحلق، فإذا أبدل منها التنوين حصل الترنم؛ لأن التنوين غُنّة في الخيشوم. ا. هـ. وقال جماعة: هو بدل من الترنم. ثم اختلفوا في التعبير عنه، فقيل: الصواب أن يقال تنوين ترك الترنم، واختاره عبد اللطيف من شيوخ الموضح في اللمع الكاملية. وقيل: يجوز أن يقال: "تنوين الترنم" على حذف مضاف. وهو اختيار ابن مالك   1 منهم ابن الناظم الذي قال في شرح الألفية ص8: "تنوين الترنم: وهو المبدل من حرف الإطلاق". وانظر الكتاب 4/ 207. 2 شرح المفصل 1/ 64، 9/ 33. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 26 في شرح الكافية، "وهو اللاحق للقوافي". جمع قافية، وهي من آخر متحرك في اليبت إلى أول ساكن يليه مع المتحرك الذي قبل الساكن، هذا مذهب الخليل1؛ وعند غيره2: آخر كلمة في البيت "المطلقة، أي: التي آخرها حرف مد"، وهو الألف والواو والياء المولدات من إشباع الحركة. وتسمى أحرف الإطلاق، وقد تلحق الأعاريض المصرعة، وهي التي غيرت لتوازي ضروبها عند حذف حرف الإطلاق، "كقوله"؛ وهو جرير: [من الوافر] 5- "أقلي اللوم عاذل والعتابن ... وقولي إن أصبت لقد أصابن" فلحق العروض والقافية وهما "العتابن وأصابن" "الأصل: "العتابا وأصابا"، فجيء بالتنوين بدلا من الألف"، والأول اسم، والثاني فعل، و"أقلي": أمر من الإقلال، و"اللوم" بفتح اللام، العذل، و"عاذل": بفتح اللام، ترخيم عاذلة، و"لقد أصابن": مقول: "قولي"، وجواب الشرط محذوف، تقديره: إن أصبت أنا أو إن كنت نطقت بالصواب فلا تعذلي، وقولي لقد أصاب. وقد يدخل الحرف كقوله النابغة: [من الكامل] 6- أفد الترحل غير أن ركابنا ... لما تزل برحالنا وكأن قد   1 الكافي في العروض والقوافي ص149. 2 هو الأخفش، كما في المصدر السابق ص149. 5- البيت لجرير في ديوانه ص813، وخزانة الأدب 1/ 69، 338، 3/ 151، والخصائص 2/ 96، والدرر 2/ 253، 2/ 515، 2/ 569، وشرح أبيات سيبويه 2/ 349، وسر صناعة الإعراب ص471، 479، 780، 481، 493، 501، 503، 513، 677، 726، وشرح الأشموني 1/ 12، وشرح شواهد المغني 2/ 762، وشرح المفصل 9/ 29، والكتاب 4/ 205، 208، والمقاصد النحوية 1/ 91، وهمع الهوامع 2/ 80، 212، وبلا نسبة في الإنصاف ص655، وجواهر الأدب ص139، 141 وأوضح المسالك 1/ 16، وخزانة الأدب 7/ 432، 11/ 374، ورصف المباني ص29، 353، وشرح ابن عقيل 1/ 18، وشرح عمدة الحافظ ص98، وشرح المفصل 4/ 15، 145، 7/ 9، 9/ 33، ولسان العرب 14/ 244 "خنا"، والمنصف 1/ 224، 2/ 70، ونوادر أبي زيد ص127. 6- البيت للنابغة الذبياني في ديوانه ص89، والأزهية ص211، الأغاني 11/ 8، والجنى الداني ص146، 260، وخزانة الأدب 7/ 197، 198، 10/ 407، والدرر اللوامع 1/ 305، 2/ 179، 254، وشرح شواهد المغني ص490، 764، وشرح المفصل 8/ 148، 9/ 18، 52، ولسان العرب 3/ 346 "قدد"، ومغني اللبيب ص171، والمقاصد النحوية 1/ 80، 2/ 314، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 56، 356، وأمالي ابن الحاجب 1/ 455، وخزانة الأدب 9/ 8، 11/ 260، ورصف المباني ص72، 125، 448، وسر صناعة الإعراب ص334، 490، 777، وشرح ابن عقيل 1/ 19، وشرح قطر الندى ص160، وشرح المفصل 10/ 110، ومغني اللبيب 1/ 342، والمقتضب 1/ 42، وهمع الهوامع 1/ 143، 2/ 80. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 27 الأصل "قَدِي" فجيء بالتنوين بدلا من الياء "لترك الترنم"، على ما صرح به سيبويه1 وغيره من المحققين من أن الترنم؛ وهو التغني؛ إنما يحصل بأحرف الإطلاق لقبولها لمد الصوت بها، فإذا أنشدوا ولم يترنموا جاءوا بالنون في مكانها، في لغة تميم، أكثرهم أو جميعهم، وكثير من قيس، وأما الحجازيون فلا؛ لأنهم يَدَعون القوافي على حالها في الترنم، فعبر أولا بتنوين الترنم موافقة لابن مالك في شرح العمدة؛ نظرا إلى توجيه ابن يعيش2 ومن وافقه، وثانيا بترك الترنم موافقة للتسهيل؛ نظرا إلى ما صرح به سيبويه3 وأصحابه. وقد يبدل التنوين من حرف الإطلاق في غير القوافي، كقراءة بعضهم: "وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرٍ" [الفجر: 4] بالتنوين4 كما ذكره في المغني5 في حرف الكاف. "وزاد بعضهم" وهو الأخفش والعروضيون، كما قاله في المغني، "التنوين الغالي، وهو اللاحق للقوافي المقيدة6"، أي: التي يكون حرف رويها ساكنا ليس حرف مد، والأعاريض المصرعة "زيادة على الوزن"، فهو في آخر البيت كالخزم7؛ بمعجمتين، في أوله، "ومن ثم سمي غاليا"، وسمى الأخفش الحركة التي قبل لحاقه غلوا8، وزعم ابن الحاجب أنه إنما سمي غاليا لقلته، ونفاه السيرافي والزجاج وزعما أن الشاعر زاد "أن" في آخر البيت إيذانا بتمامه، فضعف صوته بالهمزة. واختاره ابن مالك. قال الموضح: وفي هذا توهيم الأخفش والعروضيين وغيرهم بمجرد الظن، والمشهور تحريك ما قبله بالكسرة كما في "صه ويومئذ". واختار ابن الحاجب الفتح حملا على حركة ما قبل نون التوكيد، كـ"اضْرِبا"، وقال هو أشبه قياسا على ما له أصل في المعنى، ثم قال الموضح: وسمعت بعض العصريين يسكن ما قبله، ويقول: الساكنان يجتمعان في الوقف، وهذا خلاف ما أجمعوا عليه. وقد مضى أن الحركة قبله تسمى غلوا، واختلف مثبتوه تنوينا في فائدته، فقال   1 الكتاب 4/ 206، 207. 2 شرح المفصل 9/ 33. 3 الكتاب 4/ 206. 4 هي قراءة أبي الدينار الأعرابي، انظر البحر المحيط 8/ 467، والكشاف 4/ 249. 5 مغني اللبيب 1/ 162. 6 نسب التنوين الغالي إلى الأخفش في شرح ابن الناظم ص11، والكافي في العروض ص159، وشرح المفصل 9/ 34. 7 الخزم: زيادة في أول البيت لا يعتد بها في التقطيع. انظر الكافي في العروض ص143. 8 في الكافي ص160: "الغلو: حركة ما قبل الغالي، كحركة القاف في: المخترقن"، أي: في قول رؤبة: "وقاتم الأعماق خاوي المخترقن" الجزء: 1 ¦ الصفحة: 28 ابن يعيش1: فائدته الترنم أيضا. ورد على من جعله قسيم تنوين الترنم. وقال الجرجاني: لحق أمارة على الوقف، إذ لا يعلم في الشعر المسكن الآخر: أواصل أنت أم واقف؟ قال: وهو نظير فصلهم بينهما بالحذف في نحو: قام زيد. ووقع في شرح اللب2 أن هذا التنوين إنما يلحق الكَلِم إذا أريد به ترك الوقف، ووصل آخر البيت الأول بأول البيت الثاني. ا. هـ. والتحرير هو الأول. 7- وهذا التنوين يدخل الاسم كقول رؤبة: [من الرجز] وقاتم الأعماق خاوي المخترقن 8- والفعل كقول العجاج: [من الرجز] من طلل كالأتحمي أنهجن   1 شرح المفصل 9/ 33. 2 يقصد أنه رد قول الزمخشري في المفصل ص328، 329، وانظر شرح ابن يعيش 9/ 34. 7- الرجز لرؤبة في ديوانه ص104، والأشباه والنظائر 2/ 35، والأغاني 10/ 158، وجمهرة اللغة ص408، 614، 941، وخزانة الأدب 10/ 25، والخصائص 2/ 228، وشرح ابن الناظم ص9، وشرح أبيات سيبويه 2/ 353، وشرح شواهد الإيضاح ص223، وشرح شواهد المغني 2/ 764، 782، ولسان العرب 10/ 80 "خفق"، 10/ 271 "عمق"، 15/ 133 "غلا"، ومغني اللبيب 1/ 342، والمقاصد النحوية 1/ 38، والمنصف ص312، 308، وبلا نسبة في الخصائص 2/ 260، 320، ورصف المباني ص355، وسر صناعة الإعراب 2/ 493، 502، 639، وشرح الأشموني 1/ 12، وشرح ابن عقيل 1/ 20، وشرح المفصل 2/ 118، والعقد الفريد 5/ 506، والكتاب 4/ 210، ولسان العرب 1/ 487 "هرجس"، 3/ 373 "قيد"، 12/ 461 "قتم"، 13/ 559 "وجه"، والتاج "غلا". القاتم: الذي تعلوه القتمة؛ وهي لون فيه غبرة وحمرة. أعماق: جمع عمق، وهو ما بعد من أطراف الصحراء. الخاوي: الخالي. المخترق: مهب الرياح. 8- الرجز للعجاج في ديوانه 2/ 13، وتخليص الشواهد ص47، والخصائص 1/ 171، وسر صناعة الإعراب 2/ 154، وشرح أبيات سيبويه 2/ 351، وشرح شواهد المغني 2/ 793، وشرح المفصل 1/ 64، والكتاب 4/ 207، والمقاصد النحوية 1/ 26، وتاج العروس "بلل"، ولرؤبة في معاهد التنصيص 1/ 14، وليس في ديوانه، وبلا نسبة في رصف المباني ص354، ولسان العرب 8/ 27 "بيع"، وكتاب العين 3/ 393. الأتحمي: موضع باليمن تعمل فيه البرود، والأتحمي ينسب إليه، وهي برود من اليمن عصب غير وشي. أنهج: أخلق وبلى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 29 والحرف "كقوله" وهو رؤبة على ما قيل: [من الرجز] 9- "قالت بنات العم يا سلمى وانن ... كان فقيرا معدما قالت وانن" فلحق العروض والقافية زيادة على حد الوزن، والمعنى: قالت بنات العم: يا سلمى؛ أترضين به وإن كان هذا البعل فقيرا معدما؟ قالت: رضيت به وإن كان فقيرا معدما. واختلف في هذين التنوينين المسميين بالترنم والغالي على أقوال: أحدها: أنهما تنوينان لهما خصوصيات، منها مجامعة "أل" والاتصال بغير الاسم. والثاني: أن الترنم نون مبدلة من حرف العلة، كما يبدل منه في نحو: رأيت زيدا. قاله ابن معزوز، وزعم أنه ظاهر قول سيبويه. وأن الغالي نون "إن" حذفت منه الهمزة. والثالث: "و" هو "الحق" كما قاله ابن مالك في التحفة، وتبعه ابنه في نكت الحاجبية: "أنهما" ليسا بتنوين، بل هما "نونان زيدتا في الوقف". وتقدم حكاية ما في شرح اللب "كما زيدت نون ضيفن"، للطفيلي، "في الوصل والوقف"، وجه التشبيه الزيادة في الوقف خاصة، "وليسا من أنواع التنوين" حقيقة "في شيء، لثبوتهما مع: أل"، كـ"العتابن والمخترقن"، "وفي الفعل"، كـ"أصابن وأنهجن" "وفي الحرف" كـ"قدن وإنن"، أول الأمثلة للترنم, وثانيهما للغالي, "وفي الخط والوقف, ولحذفهما في الوصل", وليس شيء من أقسام التنوين كذلك، "وعلى هذا" التقرير "فلا يردان على من أطلق" من النحويين كالناظم "أن الاسم يعرف بالتنوين إلا من جهة أنه يسميهما تنوينين، أما باعتبار ما في نفس الأمر فلا" يردان عليه. وزاد بعضهم سابعا وثامنا، وهما تنوين الضرورة فيما لا ينصرف، كقوله: [من الطويل] 10- ويود دخلت الخدر خدر عنيزة ... ...................................   9- الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص186، وخزانة الأدب 9/ 14، 16، 11/ 216، والدرر 2/ 192، وشرح شواهد المغني 2/ 936، والمقاصد النحوية 1/ 104، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 18، والدرر 2/ 256، ورصف المباني ص106، وشرح ابن الناظم ص502، وشرح الأشموني 3/ 592، وشرح عمدة الحافظ ص370، ومغنى اللبيب 2/ 649، والمقاصد النحوية 4/ 436، وهمع الهوامع 2/ 62، 80. 10- عجز البيت: "فقالت لك الويلات إنك مرجلي"، وهو لامرئ القيس في ديوانه ص11، وخزانة الأدب 9/ 345، وشرح شواهد المغني 2/ 766، ولسان العرب 5/ 384 "عنز"، والمقاصد النحوية 4/ 374، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 136، وشرح الأشموني 2/ 541، ومغني اللبيب 2/ 343، وكتاب العين 6/ 104. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 30 وفي المنادى المضموم كقوله: [من الوافر] 11- سلام الله يا مطر عليها ... .......................... وتاسعا: وهو التنوين الشاذ، كقول بعضهم: "هؤلاء قومك"، حكاه أبو زيد. وعاشرا: وهو تنوين الحكاية، مثل أن تسمي رجلا بعاقلة لبيبة، فإنك تحكي اللفظ المسمى به، قاله ابن الخباز، وقد جمعها بعضهم في قوله: [من البسيط] مكن وقابل وعوض والمنكر زد ... ورنم اضطر غال واحك ما همزا العلامة "الثالثة" من علامات الاسم "النداء"، بالمد مع كسر النون وضمها، "وليس المراد به"، أي: بالنداء، "دخول حرف النداء"، كما يوهمه قول ابن مالك في شرح العمدة؛ لأن النداء قد يباشر الفعل والحرف حين يحذف المنادى. ا. هـ. "لأن يا"، خاصة، "قد تدخل في اللفظ على ما ليس باسم"، حرفا كان أو فعلا، فالأول "نحو: {يَا لَيْتَ قَوْمِي} [يس: 26] ، والثاني نحو: ""أَلَّا يَا اسْجُدُوا"1 لِلَّهِ" [النمل: 25] "في قراءة الكسائي" رحمه الله، فإنه يقف على "يا" ويبتدئ "اسجدوا"، واختلف في توجيه ذلك فقيل: "يا" فيهما حرف تنبيه لا للنداء، وقيل: للنداء والمنادى محذوف تقديره: يا قوم ليت قومي، ويا هؤلاء اسجدوا، وهو مقيس في الأمر كالآية. والدعاء كقوله: [من الطويل] 12- ألا يا اسلمي ..................... ... .......................................   11- عجز البيت: "وليس عليك يا مطر السلام" ، وهو للأحوص في ديوانه 189، والكتاب 2/ 202، والأغاني 15/ 234، وخزانة الأدب 2/ 150، 152، 6/ 507، والدرر 1/ 376، وشرح أبيات سيبويه 2/ 25، 605، وشرح شواهد المغني 2/ 766، وبلا نسبة في الأزهية 164، والأشباه والنظائر 3/ 213، والإنصاف 1/ 311، وأوضح المسالك 4/ 28، والجنى الداني ص149، والدرر 2/ 257، ورصف المباني ص177، 355، وشرح ابن الناظم ص405، وشرح الأشموني 2/ 448، وشرح شذور الذهب ص113، وشرح ابن عقيل 2/ 262، ومجالس ثعلب ص92، 542، والمحتسب 2/ 93. 1 والرسم المصحفي: {أَلَّا يَسْجُدُوا} ، والقراءة المستشهد بها قرأها: الكسائي ورويس وأبو جعفر والحسن والمطوعي وابن عباس. انظر الإتحاف ص336، ومعاني القرآن للفراء 2/ 290، والنشر 2/ 337، وشرح شذور الذهب ص18. 12- تمام البيت: ألا يا اسلمي يا دار مي على البلى ... ولا زال منهلا بجرعائك القطر وهو لذي الرمة في ديوانه ص559، والإنصاف 1/ 100، وتخليص الشواهد 231، 232، والخصائص 2/ 278، والدرر 1/ 206، 2/ 6، 212، وشرح شواهد المغني 2/ 617، والصاحبي في فقه اللغة ص232، واللامات ص37، ولسان العرب 15/ 494 "يا"، ومجالس ثعلب 1/ 42، والمقاصد النحوية 2/ 6، 4/ 285، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 235، وجواهر الأدب ص290، وشرح ابن الناظم ص93، وشرح الأشموني 1/ 178، وشرح ابن عقيل 1/ 266 وشرح عمدة الحافظ ص199، وشرح قطر الندى ص128، ولسان العرب 15/ 434 "ألد"، ومغني اللبيب 1/ 243، 111، 2/ 4، 70. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 31 "بل المراد" بالنداء "كون الكلمة مناداة"، أي: مطلوبا إقبالها بحرف مخصوص، "نحو: يا أيها الرجل"، ويا أيتها المرأة، "ويا فُلُ" بضم الفاء واللام، ويا فُلَة، بمعنى يا رجل، ويا امرأة. وقول ابن مالك: "بمعنى يا زيد ويا هند"، قال الموضح وهم، "ويا مكرمان"، بفتح الراء، الكريم الواسع الخلق، حكاه سيبويه والأخفش وصاحبا الصحاص والقاموس، ويا ملأمان، للئيم الدنيء الأصل، الشحيح النفس، وإنما خص هذه الأسماء بالذكر لملازمتها للنداء، فلم تقبل من علامات الاسم المذكورة إلا كونها مناداة. العلامة "الرابعة: أل"، بجميع أقسامها "غير الموصولة" والاستفهامية، "كالفرس" من غير العقلاء، "والغلام" من العقلاء. "فأما" "أل" "الموصولة فقد تدخل على" الفعل "المضارع" اختيارا عند الناظم وبعض الكوفيين، واضطرارا عند الجمهور، حتى قال الشيخ عبد القاهر: إنه من أقبح الضرورات كما نقله الموضح عنه في شرح الشذور1، "كقوله" وهو الفرزدق يخاطب رجلا من بني عذرة هجاه بحضرة عبد الملك بن مروان: [من البسيط] 13- "ما أنت بالحكم الترضي حكومته" ... ولا الأصيل ولا ذي الرأي والجدل فأدخل "أل" على "ترضى" وهو فعل مضارع. و"الحكم" بفتحتين: المحكم يحكمه الخصمان في الأمر. و"الترضى" بإدغام اللام في التاء والبناء للمفعول؛   1 في شرح شذور الذهب ص17: "قال الجرجاني ما معناه: إن استعمال مثل ذلك في النثر خطأ بإجماع، أي: إنه لا يقاس عليه". 13- البيت للفرزدق في الإنصاف 2/ 521، وجواهر الأدب ص319، وخزانة الأدب 1/ 32 والدرر 1/ 157، وشرح شذور الذهب ص17، ولسان العرب 6/ 9 "أمس"، 12/ 565 "لوم"، والمقاصد النحوية 1/ 111، وتاج العروس "لوم"، وليس في ديوانه، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 20، وتخليص الشواهد ص154، والجنى الداني ص202 ورصف المباني ص75، 148، وشرح ابن الناظم ص63، وشرح الأشموني 1/ 71، وشرح ابن عقيل 1/ 157، وشرح عمدة الحافظ ص99، والمقرب 1/ 60، وهمع الهوامع 1/ 85، وتهذيب اللغة 3/ 119، 15/ 462. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 32 و"حكومته": مرفوع به على النيابة عن الفاعل. والذي سوغ دخول "أل" على "ترضى"؛ وهو فعل مضارع؛ كونه يشبه الوصف، نحو: مرضي. حجة الناظم ومن وافقه أن الشاعر متمكن من أن يقول المرضي1. قيل: وقد سبقه إلى هذا التوجيه سيبويه، ثم ابن السراج. وأما "أل" الاستفهامية فقد تدخل على الفعل الماضي نحو: "أل فعلت" بمعنى: هل فعلت، حكاه قطرب. العلامة "الخامسة: الإسناد إليه"، أي: إلى الاسم من قوله: "يتميز الاسم"، "و" معنى الإسناد إلى الاسم "هو أن تنسب إليه ما"، أي: حكما "يحصل به الفائدة" التامة، "وذلك" الإسناد "كما في" نسبة القيام إلى تاء "قمت, و" كما في نسبة الإيمان إلى ""أنا" في قولك: أنا مؤمن"، واستفيد من هذين المثلين أنه لا فرق بين تأخر المسند إليه وتقدمه، ولا بين أن يكون المسند إليه فاعلا أو مبتدأ، ولا بين أن يكون المسند فعلا أو وصفا، ثم لا فرق بين الإسناد المعنوي، كما مر؛ واللفظي، في نحو: زيد: ثلاثي، وضرب: فعل ماض، ومن: حرف جر، إذ لا يسند إلا الفعل والحرف إلا محكوما باسميتهما قال في الكافية: [من الرجز] وإن نسبت لأداة حكما ... فاحك أو اعرب واجعلنها اسما فعلى الحكاية تبقيها على ما كانت عليه من حركة أو سكون، وعلى الإعراب ترفعها على الابتداء.   1 انظر هذا الرأي في الدرر اللوامع 1/ 157. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 33 "فصل": "ينجلي الفعل" ويتضح عن قسيميه الاسم والحرف "بأربع علامات"، ذكرها في النظم بقوله: 11- بتا فعلت وأتت ويا افعلي ... ونون أقبلن ................... "إحداها تاء" ضمير "الفاعل" في المعنى، فالدور مدفوع والإيراد ممنوع. أما الدور؛ فلأنه أخذ الفاعل في علامات الفعل، وأخذ الفعل في تعريف الفاعل. وأما الإيراد فلأنه يصدق على أن من قولك: "ما قام إلا أنت" أنها فعل؛ لأنها منسوبة إلى الفاعل، مع أن "أن" هي الفاعل، وهي اسم على الأصح، اتصل بها تاء العلامة، "متكلما كان" الفاعل، "كقمت" بضم التاء "أو مخاطبا نحو: تباركت" بفتح التاء؛ وأحسنت، بكسر التاء. العلامة "الثانية تاء التأنيث الساكنة" في الأصل. "كقامت وقعدت"، ولا الالتفات إلى عروض الحركة، نحو: {قَالَتْ أُمَّةٌ} [الأعراف: 164] ، بنقل حركة الهمزة إلى التاء، و: {قَالَتِ امْرَأَة الْعَزِيزِ} [يوسف: 51] و {قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} [فصلت: 11] بكسر التاء في الأولى وفتحها في الثانية لالتقاء الساكنين فيهما. "فأما المتحركة" بحركة الإعراب "فتخفض بالاسم كقائمة" وقاعدة، والمتحركة بحركة البناء فقد تتصل بالحرف نحو: لات وثمت وربت، وبالاسم نحو: لا قوة، "وبهاتين العلامتين"، وهما تاء الفاعل وتاء التأنيث الساكنة. "رد على من زعم" من البصريين "حرفية ليس"، كالفارسي ومن تابعه كأبي بكر بن شقير، قياسا على "ما" النافية بجامع النفي. "و" رد على من زعم حرفية "عسى" من الكوفيين قياسا على لعل بجامع الترجي، والصحيح أن "ليس وعسى" فعلان لقبولهما التاءين المذكورتين، تقول: لست وليست، وعسيت وعست، "وبالعلامة الثانية" فقط وهي تاء التأنيث الساكنة "رد على من زعم" من الكوفيين كالفراء "اسمية نعم وبئس"، لدخول حرف الجر عليهما في بعض المواضع، كقول الجزء: 1 ¦ الصفحة: 34 بعضهم وقد بشر ببنت: والله ما هي بنعم الولد، وقول آخر وقد سار إلى محبوبته على حمار بطيء السير: نعم السير على بئس العَيْر، وتأولهما المانعون على حذف الموصوف وصفته، ودخول حرف الجر على معمول الصفة. والأصل: ما هي بولد مقول فيه نعم الولد، ونعم السير على غير مقول فيه بئس، فحرف الجر في الحقيقة إنما دخل على الاسم، وإنما لم يقل: وبالعلامتين كالتي قبلها؛ لأن تاء الفاعل لا تدخل على "نعم وبئس" بخلاف "ليس، وعسى" فإنهما يقبلان العلامتين كما مر. العلامة "الثالثة: ياء" ضمير المؤنثة "المخاطبة، كقومي" يا هند، "وبهذه" العلامة "رد على من قال" كالزمخشري "أن هات" بكسر التاء "وتعال" بفتح اللام "اسما فعلين" للأمر، فهات بمعنى ناوِل1. وتعال بمعنى أقبل، والصحيح أنهما فعلا أمر للمذكر، لدلالتهما على الطلب؛ وقبولهما ياء المخاطبة، تقول هاتي بكسر التاء، وتعالي بفتح اللام، وهما مبنيان على حذف حرف العلة من آخرهما، فالمحذوف من "هات" الياء كما في "ارم" والمحذوف من "تعال" الألف كما في "اخش". العلامة "الرابعة: نون التوكيد شديدة" كانت نحو: {لَيُنْبَذَنَّ} [الهمزة: 4] ، "أو خفيفة" نحو: {لَنَسْفَعًا} [العلق: 15] ، ويجمعهما " {لَيُسْجَنَنَّ} " [يوسف: 32] بالتشديد، " {وَلِيَكُونًا} " [يوسف: 32] بالتخفيف. "وأما قوله" وهو رؤبة: [من الرجز] 14- أريت إن جاءت به أملودا ... مرجلا ويلبس البرودا "أقائلن أحضروا الشهودا" فضرورة نادرة، أي: دخول نون التوكيد على "قائلن" مع أنه اسم. والذي سوغ ذلك شبه الوصف الواقع بعد الاستفهام بالفعل المضارع، نحو: أتقولن، وأريت: أصله: أرأيت، حذفت منه الهمزة الثانية تخفيفا. والأملود؛ بضم الهمزة؛ الغصن الناعم. والمرجل؛ بالجيم؛   1 المفصل ص151، وفي شرح المفصل لابن يعيش 9/ 30: "هات: اسم لـ"أعطني وناولني". وقال بعضهم: هو من آتى يؤاتي، والهاء فيه بدل من الهمزة، ويعزى هذا القول إلى الخليل". 14- الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه 173، والمقاصد النحوية 1/ 118 3/ 648، 4/ 334، ولرجل من هذيل في حاشية يس 1/ 42، وخزانة الأدب 6/ 5، والدرر 2/ 247، وشرح شواهد المغني 2/ 758، ولرؤبة أو لرجل من هذيل في خزانة الأدب 11/ 420، 422، وبلا نسبة في اللسان 14/ 293 "رأي"، والأشباه والنظائر 3/ 242، وأوضح المسالك 1/ 24، والجنى الداني ص141، والخصائص 1/ 136، وسر صناعة الإعراب 2/ 447، وشرح ابن الناظم ص327، 444 وشرح الأشموني 1/ 16، والمحتسب 1/ 193، ومغني اللبيب 1/ 336، وهمع الهوامع 2/ 79. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 35 الذي شعره بين الجعودة والسبوطة. يقول: أخبرني إن جاءت هذه بشاب يتزوجها مرجل الشعر حسن الملبس كالغصن الناعم؛ أآمر أنت بإحضار الشهود لعقد نكاحها عليه، ينكر وقوع ذلك منه. ولقائل أن يقول: لا نسلم أن في قوله: "أقائلن" توكيدًا بالنون، لاحتمال أن يكون أصله: أقائل أنا، فحذفت الهمزة اعتباطًا، ثم أدغم التنوين في نون "أنا" على حد قوله تعالى: {لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي} [الكهف: 38] ، قاله الدماميني. وقال غيره: نقلت حركة الهمزة إلى التنوين قبلها، ثم حذفت الهمزة، ثم أدغم التنوين في نون "أنا". والأول قصر المسافة، وعليهما اعتراض من وجهين: أحدهما: أنه يعتبر في المقيس أن يكون على وِزانِ المقيس عليه. وهنا ليس كذلك؛ لأن الألف الثانية في المقيس عليه مذكورة، وفي المقيس محذوفة. والثاني: أن هذا الاحتمال إنما يتمشى حيث كان المعنى: أقائل أنا، على التكلم. أما إذا كان المعنى على الخطاب، كما تعطيه السوابق واللواحق فلا. على أن العيني قال: "والمعنى هل أنتم قائلون، فأجراه مجرى: أتقولون1". ا. هـ. ويؤخذ منه أن الوصف هنا مسند إلى ضمير جماعة الذكور، بناء على أنه يسلك بالوصف مع نون التوكيد مسلك الفعل من البناء على الفتح مع المفرد، وعلى الضم مع جماعة الذكور، ولم أقف على نص في ذلك.   1 شرح الشواهد للعيني 1/ 42، وانظر الدرر اللوامع 2/ 247-249. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 36 "فصل": "ويعرف الحرف بأنه لا يحسن فيه شيء من العلامات التسع" المذكورة للاسم والفعل، ولا غيرها، وإليه أشار الناظم بقوله: 12- سواهما الحرف "كَهَلْ" ........ ... ................................... من حروف الاستفهام، "وفي" من حروف الجر، "ولم" من حروف الجزم، "وقد أشير" في النظم "بهذه المثل" الثلاثة. وتعبيره بالمثل مجاز عن استعمال بناء الكثرة للقلة، ولو عبر بالأمثلة كان حقيقة "إلى" بيان "أنواع الحروف" بالنسبة إلى الاختصاص وعدمه، "فإن منها ما لا يختص بالأسماء ولا بالأفعال، فلا يعمل شيئا كـ: هل"، حيث لم يكن في حيزها فعل، فإنها تدخل على الاسم، "تقول: هل زيد أخوك"، بخلاف ما إذا كان في حيزها فعل فتختص به إما صريحا، نحو: هل قام زيد، "وهو يقوم"، وإما تقديرا نحو: هل زيد قام؟ فزيد فاعل بفعل محذوف يفسره المذكور على حد: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ} [النساء: 128] عند جمهور البصريين، وبالفعل المذكور عند الأخفش والكوفيين، ولاختصاص "هل" بالفعل إذا كان في حيزها وجب نصب الاسم بعدها في باب الاشتغال، نحو: هل زيدا ضربته؟ ومنها ما لا يختص بالأسماء ولا بالأفعال، ويعمل كـ"ما ولا ولات وإن" المشبهات بـ"ليس". "ومنها ما يختص بالأسماء، فيعمل فيها" الجر "كـ "في" نحو: {وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ" لِلْمُوقِنِينَ} [الذاريات: 20] ، " {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ} [الذاريات: 22] ، أو يعمل النصب والرفع كـ"إن" وأخواتها. ومنها ما يختص بالأسماء ولا يعمل فيها، كـ"لام التعريف". "ومنها ما يختص بالأفعال فيعمل فيها" الجزم، "كـ"لم" نحو: {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} " [الإخلاص: 3] ، أو يعمل فيها النصب كـ "لن" نحو: {لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا} [الحج: 37] ، ومنها ما يختص بالأفعال ولا يعمل فيها، كـ"قد والسين وسوف". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 37 "فصل": "والفعل" بكسر الفاء من حيث هو فعل "جنس تحته ثلاثة أنواع" عند جمهور البصريين، ونوعان عند الكوفيين، والأخفش بإسقاط الأمر، بناء على أن أصله مضارع، وانتصر لهم الموضح في المغني، وقواه، وسيأتي تقريره. "أحدها" الفعل "المضارع"، أي: المشابه، وسيأتي وجه الشبه، "وعلامته أن يصلح لأن يلي: لم"، بأن يقع بعدها من غير فصل، "نحو: لم يَقُم، ولم يَشَم"، وهذه العلامة أنفع علامات المضارع، فلذلك اقتصر عليها في النظم بقوله: 12- ................. ... فعل مضارع يلي لم كيشم "والأفصح فيه" أي: في "يشم" "فتح الشين" مضارع شَمِم، بكسر الميم "لا ضمها" مضارع شمم، بفتح الميم، "والأفصح في الماضي" منه: "شممت، بكسر الميم لا فتحها"، والحاصل أنه جاء من بابي فرح يفرح ونصر ينصر، والأول أفصح من الثاني، وفيه رد على ابن درستويه حيث أنكر مجيئه من باب نَصَرَ يَنْصر، وقال إنه خطأ. ا. هـ. والصواب وروده. وممن حكاه الفراء وابن الأعرابي وغيرهما كما قال المرادي، "وإنما سُمّي" هذا الفعل "مضارعا لمشابهته للاسم" المصوغ للفاعل من جهتي اللفظ والمعنى، أما من جهة اللفظ فلجريانه عليه في الحركات والسكنات وعدد الحروف مطلقا، وفي تعيين الحروف الأصول والزوائد، وتعيين محالها، ما عدا الزيادة الأولى، وأما من جهة المعنى فلأن كل واحد منهما يأتي بمعنى الحال والاستقبال. قال الشاطبي: "وهذا التوجيه أحسن ما سمعت". ا. هـ. فلهذا اقتصرت عليه دون غيره من التوجيهات لعدم سلامتها من الطعن فيها، و"لهذا" الشبه "أعرب" المضارع "واستحق التقديم في الذكر على أخويه" الماضي والأمر، فينبغي للشخص أن يتحلى بالأوصاف الجميلة، ليحصل له التقديم على أقرانه، "ومتى دلت كلمة" من الكلمات "على معنى" الفعل "المضارع"، وهو الحدث المقترن بأحد الزمانين الحال والاستقبال، "ولم تقبل" تلك الكلمة ""لم" فهي اسم"، إما لوصف، كـ"ضارب الآن أو غدا"، وإما لفعل "كـ"أَوْهٍ وأُفّ"، بمعنى أتوجع وأتضجر"، فـ"أواه" اسم لأتوجع، و"أف" اسم لأتضجر، وفي أف أربعون لغة ذكرها في الارتشاف. وحاصلها أن الهمزة إما أن تكون مشمومة أو مكسورة أو مفتوحة، فإن كانت مضمومة فاثنتان وعشرون لغة، وحاصل ضبطها أنها إما مجردة عن اللواحق، أو ملحقة بزائد، والمجردة إما أن يكون آخرها ساكنا أو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 38 متحركا، والمتحركة الآخر إما مشددة أو مخففة، وكل منهما مثلث الآخر مع التنوين وعدمه، فهذه اثنتا عشرة في المتحركة. والساكنة إما مشددة أو مخففة، فهذه أربع عشرة، واللواحق لها من الزوائد إما هاء السكت أو حرف المد، فإن كان هاء السكت فالفاء مثلثة مشددة، فهذه سبع عشرة. وإن كان حرف مد فهو إما واو أو ياء أو ألف، والفاء فيهن مشددة، والألف إما مفخمة أو بالإمالة المحضة أو بين بين، فهذه خمس أخرى مع السبع عشرة، وإن كانت مكسورة فإحدى عشرة مثلثة الفاء مخففة مع التنوين وعدمه، فهذه ست، وفتح الفاء وكسرها بالتشديد فيها مع التنوين وعدمه، فهذه أربع لغات، والحادية عشرة "أفي" بالإمالة، وإن كانت مفتوحة فالفاء مشددة مع الفتح والكسر؛ والتنوين وعدمه، والخامسة "أف" بالسكون، والسادسة "أفي" بالإمالة، والسابعة "إفاه" بهاء السكت، فهذه السبع مكملة للأربعين. النوع "الثاني": الفعل "الماضي؛ ويتميز" عن أخويه المضارع والأمر "بقبول تاء الفاعل، كتبارك وعسى وليس"، تقول: تباركت يا الله، وعسيت أنا ولست، "أو تاء التأنيث الساكنة كنعم وبئس وعسى وليس"، تقول: نعمت وبئست وعسيت وليست، فنبه بتكرير عسى وليس على اشتراك التاءين فيهما كما أومأ إليه سابقا بقوله: وبهاتين العلامتين؛ وبعدم تكرير تبارك ونعم وبئس، على انفراد تبارك بتاء الفاعل؛ وانفراد نعم وبئس بتاء التأنيث؛ كما أومأ إليه أيضا بقوله: وبالعلامة الثانية. وهو في ذلك تابع لابن مالك في شرح الكافية حيث قال: "وقد انفردت؛ يعني تاء التأنيث؛ بلحاقها نعم وبئس، كما انفردت تاء الفاعل بلحاقها تبارك". وفي شرح الآجرومية للشهاب البجائي: أن "تبارك" يقبل التاءين تقول تباركت يا ألله وتبارت أسماء الله. ا. هـ. وهذا إن كان مسموعا فذاك، وإلا فاللغة لا تثبت بالقياس. واستفدنا من تعبير الموضح بالتاءين أن "أل" في التاء في قول الناظم: 13- وماضي الأفعال بالتا مز ........... ... ......................................... للعهد المتقدم في قوله: 11- بتا فعلت وأتت ............ ... ................................. "ومتى دلت كلمة على معنى" الفعل "الماضي"، وهو الحدث المقترن بالزمن الماضي، "ولم تقبل" تلك الكلمة "إحدى التاءين" المتقدمين، وهما تاء الفاعل وتاء التأنيث الساكنة "فهي اسم". أما الوصف كضارب أمس، أو لفعل "كهيهات وشتان، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 39 بمعنى بعد وافترق"، فهيهات بمعنى بعد، وشتان بمعنى افترق، وفي هيهات أربعون لغة ذكرتها في باب اسم الفعل من هذا الكتاب. لا يقال يشكل عليه "أفعل" في التعجب، و"ما عدا وما خلا وحاشا" في الاستثناء، و"حبذا" في المدح، فإنها أفعال ماضية ولا تقبل إحدى التاءين، فليزم أن تكون أسماء؛ لأنا نقول: عدم قبولها لإحدى التاءين عارض، نشأ من استعمالها في التعجب والاستثناء والمدح والعبرة بالأصل. النوع "الثالث": الفعل "الأمر، وعلامته أن يقبل نون التوكيد؛ مع دلالته على الأمر"، أي: الطلب بصيغته. فالدور مدفوع، وإيراد الأمر باللام ممنوع، فإن دلالته على الطلب نشأت من اللام لا من الصيغة، بخلاف "نحو: قومن"، فإنه دل على الطلب، وقبل نون التوكيد. وهذا معنى قول الناظم: 13- ............... وسم ... بالنون فعل الأمر إن أمر فهم "فإن قبلت كلمة النون" المذكورة، "ولم تدل" تلك الكلمة "على الأمر" الذي هو الطلب، "فهي فعل مضارع نحو: {لَيُسْجَنَنَّ وَلِيَكُونًا} [يوسف: 32] ، أو فعل تعجب نحو: أحسنن بزيد، فإنه ليس أمرا على الأصح، بل على صورته، "وإن دلت" كلمة "على الأمر" الذي هو الطلب، "ولم تقبل النون" المذكورة "فهي اسم" إما لمصدر نحو: [من الرجز] 15- صبرا بني عبد الدار بمعنى اصبروا. أو اسم لفعل "كنزال ودراك، بمعنى انزل وأدرك"، أو هي حرف نحو: "كلا" بمعنى انته، "وهذا" التمثيل بنزال ودراك، "أولى من التمثيل بـ: صه، و: حيهل" في قول الناظم: 14- والأمر إن لم يك للنون محل ... فيه هو اسم نحو صه وحيهل قال "اسميتهما"، أي: اسمية صه وحيهل "معلومة مما تقدم" في علامات الاسم، "لأنهما يقبلان التنوين" تقول: صه وحيهلا، بالتنوين، وعلى هذا كان ينبغي للموضح أن لا يمثل فيما تقدم بأف؛ لأنها تقبل التنوين، فاسميتها معلومة مما تقدم أيضا، ثم النظر في "هات وتعال" هل يقبلان نون التوكيد؛ فيدخلان في علامة الأمر؛ أو لا، فيخالف ما اختاره أولا فيهما. ولله دره حيث تمم أقسام اسم الفاعل من الماضي والمضارع ومفهومي علامة الأمر التي أغفلها الناظم.   15- الرجز بلا نسبة في لسان العرب 5/ 352 "رجز"، 14/ 83 "بكا"، وتهذيب اللغة 10/ 610. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 40 باب شرح المعرب والمبني مدخل ... باب شرح المعرب والمبني: "هذا باب شرح المعرب و" شرح "المبني" المشتقين من الإعراب والبناء. وإنما قدم على أصله، وإن كان معرفة المشتق متوقفة على معرفة المشتق منه، لطول الكلام على الإعراب والنباء، تأصيلا وتفريعا. "الاسم" بعد التركيب "ضربان"، أشار به إلى أن في كلام الناظم حذفا، والتقدير: والاسم منه معرب ومنه مبني على حد: {فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ} [هود: 105] ، فاندفع الاعتراض بأن عبارة النظم تقتضي بظاهرها أن من الاسم هذين الشيئين، ومن شيء آخر وهو لم يذكره، ضرب "معرب، وهو الأصل" في الأسماء، وهو ما تغير آخره بسبب العوامل الداخلة عليه، "ويسمى" الاسم المعرب "متمكنا"، لتمكنه في باب الاسمية. ثم إن كان منصرفا فسمي أمكن، وإلا سمي غير أمكن. وإنما يعرب الاسم إذا لم يشبه الحرف، وإنما كان في الأصل فيه الإعراب، لاختصاصه بتعاقب معان عليه، كالفاعلية والمفعولية، والإضافة تفتقر في التمييز بينها إلى الإعراب. "و" ضرب "مبني". وذهب قوم إلى أن الإضافة لياء المتكلم لا معرب ولا مبني، وسموه خصيا، وليس بشيء، "و" المبني: "هو الفرع، ويسمى" لعدم إعرابه "غير متمكن" في الاسمية. "وإنما يبنى الاسم إذا أشبه الحرف" لا الفعل عند الناظم، شبها قويا يدنيه منه، أي: يقرب الشبه المذكور الاسم من الحرف، وهذا معنى قول الناظم: 15- ................ ... لشبه من الحروف مدني الجزء: 1 ¦ الصفحة: 41 "وأنواع" هذا "الشبه ثلاثة" هنا، "أحدها الشبه الوضعي"، أي: المنسوب إلى الوضع الأصلي، وهو المشار إليه بقوله في النظم: 16- كالشبه الوضعي في اسمي جئتنا ... ................................... "وضابطه" المنطبق على جزئياته؛ "أن يكون الاسم" موضوعا "على حرف" واحد؛ "أو" على "حرفين" فقط، سواء كان ثانيهما حرف لين أم لا. "فالأول" وهو الموضوع على حرف واحد "كتاء: قمت" أي: كالتاء من "قمت"، "فإنها" حال الكسر "شبيهة بنحو باء الجر" مطلقا، "ولامه" مع الظاهر غير المستغاث، "و" في حال الفتح شبيهة بنحو "واو العطف وفائه"، وفي حال الضم شبيهة بنحو: "الله" في القسم، في لغة من ضم الميم، إذا لم تسكن محذوفة من ايمن. ذكرها في شرح الشذور في الحروف المبنية على الضم. "والثاني" وهو الموضوع على حرفين، "كـ"نا" من "قمنا" فإنها"، أي: فإن "نا" "شبيهة بنحو: قد وبل" وما ولا، وقال الشاطبي: "نا" في قوله "جئتنا" على هذا الوضع غير موجود. نص عليه سيبويه والنحويون، بخلاف ما هو على حرفين، وليس ثانيهما حرف لين، فليس ذلك من وضع الحرف المختص به. ثم قال: وبهذا بعينه اعترض ابن جني على من اعتل لبناء "كم ومن" بأنهما موضوعان على حرفين، فأشبها "هل وبل". ثم قال: فعلى الجملة وضع الحرف المختص به، إنما هو إذا كان ثاني الحرفين حرف لين على حد ما مثل به الناظم، فما أشار إليه الناظم هو التحقيق، ومن أطلق القول في الوضع على حرفين، وأثبت به شبه الحرف، فليس إطلاقه بسديد. ا. هـ. ثم استشعر اعتراضا بأن نحو: "أب وأخ" على حرفين، مع أنهما معربان، فأجاب بقوله: "وإنما أعرب نحو أب وأخ لضعف الشبه بكونه عارضا"، بعد حذف لامهما، "فإن أصلهما" قبل الحذف "أبو وأخو، بدليل" قولهم في التثنية: "أبوان وأخوان"، برد المحذوف، والتثنية ترد الأشياء إلى أصولها، فثبت أنهما موضوعان على ثلاثة أحرف، وأما "أبان وأخان" من غير رد فتثنية "أبا وأخا" بالقسر، كما سيأتي. فإن قيل لم لم يبنيا لشبههما بالحروف الموضوعة على ثلاثة أحرف، كـ"نعم وبلى"؟ فالجواب: أن هذا الشبه مهجور؛ لأن أكثر الأسماء موضوع على ثلاثة أحرف، فيلزم أن يكون غالب الأسماء مبنيا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 42 فإن قيل: نحن نجد بعض الأسماء الثلاثية مبنيا كـ"نحن"، فالجواب: أن بناء نحو "نحن" ليس لهذا الشبه، بل لشبه آخر يأتي في بناء المضمرات. النوع "الثاني: الشبه المعنوي"، وهو المشار إليه بقول الناظم: 16- ................ ... والمعنوي في متى وفي هنا "وضابطه" المنطبق على جزئياته "أن يتضمن الاسم معنى من معاني الحروف" أي: من المعاني التي تؤدى بالحروف، "سواء أوضع لذلك المعنى" الذي تضمنه ذلك الاسم "حرف، أم لا" يوضع له حرف أصلا. "فالأول" وهو الذي تضمن معنى وضع له حرف "كـ"متى" فإنها تستعمل شرطا"، فتجرم فعلين، "نحو: متى تقم أقم، وهي حينئذ"، أي: حين إذا استعملت شرطا "شبيهة في" تأدية "المعنى"، وهو تعليق الجواب على الشرط "بـ "أن" الشرطية"، نحو: إنن تقم أقم. "وتستعمل أيضا استفهاما"؛ فلا تعمل شيئا "نحو: {مَتَى نَصْرُ اللَّهِ} [البقرة: 214] ، هي حنيئذ"، أي: حين، إذا استعملت استفهاما، "شبيهة في" تأدية "المعنى"، وهو طلب الفهم "بهمزة الاستفهام" في طلب التصور، ولما كان هنا مظنة سؤال، وهو أن يقال: أي الشرطية وأي الاستفهامية أشبها الحرف، ومع ذلك فهما معربان، فأشار إلى جوابه بقوله: "وإنما أعربت أي الشرطية في نحو: {أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ" فَلا عُدْوَانَ عَلَيَّ} [القصص: 28] فـ"أي" اسم شرط جازم منصوب على المفعولية بـ"قضيت" وقدمت لأن لها الصدر، و"ما" صلة، و"الأجلين" مضاف إليهما، وجملة "فلا عدوان علي" جوابها. "و" أي "الاستفهامية نحو: {فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ" بِالْأَمْنِ} [الأنعام: 81] فـ"أي" اسم استفهام مبتدأ، و"الفريقين" مضاف إليهما و"أحق" خبر المبتدأ، "لضعف الشبه" فيهما؛ "بما عارضه من ملازمتهما للإضافة" إلى المفرد. وفي بعض النسخ: لملازمتها بالإفراد، والمراد الملازمة، أي: في الشرط والاستفهام للإضافة "التي هي من خصائص الأسماء". "والثاني" وهو الاسم الذي تضمن معنى ولم يوضع له حرف، "نحو: هنا" من أسماء الإشارة للمكان، "فإنها متضمنة لمعنى الإشارة"، أي: لمعنى هو الإشارة، فالإضافة بيانية، كشجر أراك، "وهذا المعنى" الذي هو الإشارة؛ "لم تضع العرب له حرفا" يدل عليه، "ولكنه من المعاني التي من حقها أن تؤدّى بالحروف؛ لأنه"، أي: معنى الإشارة، "كالخطاب" الموضوع له الكاف المسماة بكاف الخطاب؛ "و" مثل "التنبيه" الجزء: 1 ¦ الصفحة: 43 الموضوع له "ها" المسماة بها التنبيه بالقصر، "فهنا" لتضمنها معنى الإشارة "مستحقة للبناء، لتضمنه"، أي لفظ هنا "لمعنى الحرف الذي كان يستحق الوضع"، لتؤدى به الإشارة. وعدل عن قول أكثرهم؛ لأنه كالتمني والترجي، إلى الخطاب والتنبيه، لكونهما يكتنفان الإشارة في بعض المواضع، نحو: "هذاك"، فوضعوا للتنبيه "ها"، وللخطاب "الكاف"، وتركوا الإشارة بلا حرف، فكانت تستحق أن يوضع لها حرف، كما وضع لما قبلها ولما بعدها. "وإنما أعرب: هذان وهاتان"؛ من أسماء الإشارة "مع تضمنها لمعنى الإشارة لضعف الشبه بما عارضه من مجيئهما على صورة المثنى، والتثنية من خصائص الأسماء" وهذا القول ملفق من قولين، فإن من قال بأنهما معربان قال بتثنيتهما حقيقة، ومن قال بأنهما مبنيان، قال: جيء بهما على صورة المثنى، وليسا مثنيين حقيقة، وهو الأصح؛ لأن من شرط التثنية قبول التنكير، وأسماء الإشارة ملازمة للتعريف، كما ذكره في شرح الشذور1 ففي حالة الرفع وضعا على صيغة المثنى المرفوع، وفي حالتي الجر والنصب وضعا على صيغة المثنى المجرور والمنصوب، فقوله: أولا، وإنما أعرب هذان وهاتان، يقتضي أنهما مثنيان حقيقة كالقول الأول، وقوله: ثانيا، لمجيئهما على صورة المثنى، يقتضي أنهما ليسا بمثنيين حقيقة كالقول الثاني، وإذا جمع بين طرفي كلامه أنتج كونهما معربين مع عدم تثنيتهما، وهذا قول ثالث لم أقف عليه. النوع "الثالث: الشبه الاستعمالي"، وهو أن يستعمل الاسم استعمال الحروف، وهو المراد بقول الناظم: 17- وكنيابة عن الفعل بلا ... تأثر وكافتقار أصلا "وضابطه" المنطبق على جزئياته "أن يلزم الاسم طريقة من طرائق الحروف" الدالة على المعاني، "كأن ينوب" الاسم "عن الفعل" في معناه وعمله، "ولا يدخل عليه عامل" من العوامل، "فيؤثر فيه" لفظا أو محلا، فأما قول زهير: [من الكامل] 16- ولنعم حشو الدرع أنت إذا ... دعيت نزال ولج في الذعر   1 شرح شذور الذهب ص140. 16- البيت لزهير بن أبي سلمى في ديوانه 89، وإصلاح المنطق ص336، والإنصاف 2/ 535، وخزانة الأدب 6/ 317، 318، 319، والدرر 2/ 339، وشرح أبيات سيبويه 2/ 231، وشرح شواهد الشافية ص230، وشرح المفصل 4/ 26، والكتاب 3/ 271، ولسان العرب 11/ 657، 658 "نزل"، 12/ 18 "اسم"، وما ينصرف وما لا ينصرف ص75، والمقتضب 3/ 370، وهمع الهوامع 2/ 105، وبلا نسبة في خزانة الأدب 4/ 247، ورصف المباني ص232، وشرح المفصل 4/ 50، 53. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 44 فمن الإسناد إلى اللفظ، أي: إذا دعيت هذه الكلمة، وقوله: "فيؤثر بالنصب جواب النفي المنصب على الدخول الناشئ عنه التأثير" يفهم منه أن العامل قد يدخل ولا يؤثر، مع أن العوامل اللفظية لا تدخل على أسماء الأفعال باتفاق، كما صرح الموضح به في باب الإضافة. فلو اقتصر على نفي الدخول؛ كما فعل في المشبه به الآتي؛ لكفاه، ولكنه حاول شرح قول الناظم: 17- ........................... بلا ... تأثر ................................ الذي لو حذف، وجعل الألف في قوله: 17- .............................. ... ................................ أصلا ضمير تثنية عائدا على النيابة والافتقار، أو للإطلاق والحذف من الأول، لدلالة الثاني عليه، والأصل: كنيابة أصلت وافتقار أصل، لسلم مما نقله الشاطبي عن بعض الشيوخ حيث قال: "وهذا يعني بلا تأثر لا محصول له، فإن تقديره من شرط بناء اسم الفعل أن لا يكون العامل مؤثرا في لفظه، وهذا هو نتيجة وجوب البناء لا شرطه ولا سببه، فحاصل المعنى على هذا، من شرط بناء اسم الفعل، أن لا يكون معربا وهذا محال". ا. هـ. ولما ورد المصدر النائب عن فعله؛ لأن نيابته عن الفعل عارضة في بعض التراكيب كما صرحوا به بخلاف اسم الفعل، فإن نيابته عن الفعل متأصلة في المرتجلات، ومنزلة منزلة المتأصلة في المنقولات، وهذا هو السر في بناء اسم الفعل وإعراب المصدر النائب عن فعله، مع أن كلا منهما نائب عن الفعل، وإلا فما الفرق؟ فليتأمل! "وكان يفتقر" الاسم "افتقار متأصلا إلى جملة" اسمية أو فعلية. "فالأول" وهو الذي ينوب عن الفعل ولا يدخل عليه عامل، "كـ: هيهات، وصه، وأوه" من أسماء الأفعال، "فإنها"، أي: فإن هيهات وصه وأوه "نائبة عن بعد"، بضم العين "واسكت وأتوجع" على طريق اللف والنشر على الترتيب، فـ"هيهات" نائبة عن فعل ماض، وهو بعد، و"صه": نائبة عن فعل أمر وهو اسكت، و"أوه": نائبة عن فعل مضارع وهو أتوجع، "ولا يصح أن يدخل عليها شيء من العوامل" اللفظية والمعنوية، "فتتأثر به"، على القول الصحيح من أنها لا محل لها من الإعراب، وقد بسطت الخلاف في ذلك في باب اسم الفعل، "فأشبهت" من الحرف "ليت ولعل مثلا، ألا ترى أنهما نائبتان" عن الفعل، فـ"ليت" نائبة "عن أتمنى، و" "لعل": الجزء: 1 ¦ الصفحة: 45 نائبة عن "أترجى، ولا يدخل عليهما عامل" أصلًا، فضلًا عن أن يتأثرًا به "واحترز" الناظم "بانتفاء التأثر من المصدر النائب عن فعله نحو ضربًا، وفي قولك: ضربًا زيد، فإنه"، أي: ضربًا، "نائب عن اضرب، وهو مع هذا" أي: مع كونه نائبًا عن الفعل "معرب، وذلك لأنه" منصوب بالفعل المحذوف وجوبًا، والتقدير: اضرب ضربًا، كما أنه إذا ناب عن "أن" والفعل "تدخل عليه العوامل" اللفظية، "فتؤثر فيه، تقول" في الرفع: "أعجبني ضرب زيد، و" في النصب: "كرهت ضرب عمرو، و" في الخفض: "عجبت من ضربه"، وبهذا التقدير يندفع ما قيل إن التمثيل غير مطابق للحكم. "والثاني" وهو الذي يفتقر افتقارًا متأصلًا إلى جملة "كإذ وإذا" من ظروف الزمان، "وحيث" خاصة من ظروف المكان و: [من الطويل] 17- ............................... ... ........................ حيث لي العمائم نادرًا. "و" كالذي والتي من "الموصلات"، ألا ترى أنك تقول: جئتك إذ، فلا يتم معنى "إذ" حتى تقول: جاء زيد، ونحوه" من الجمل "وكذلك الباقي" من الظروف والموصلات, فإنها أشبهت الحروف بأسرها، في افتقارها في إفادة معناها إلى ذكر متعلقها افتقارًا متأصلًا إلى جملة؛ لأنها إنما وضعت لنسبة معاني الأفعال إلى الأسماء. "واحترز بذكر الأصالة" المستفادة من قول الناظم: 17- .............................. ... ............................... أصلًا "من نحو" يوم في: " {هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ} " [المائدة: 119] "فـ: يوم" في قراءة الرفع خبر هذا، وهو "مضاف" بدليل حذف تنوينه "إلى الجملة" بعده، وهي الفعل ومفعوله وفاعله، "والمضاف" أبدا "مفتقر إلى" ذكر "المضاف إليه" في إفادة معناه، " ولكن هذا الافتقار عارض في بعض التراكيب"، ويزول في بعضها. "ألا ترى أنك تقول: صمت يوما" إذا أخبرت عن الترك، "وسرت يوما" إذا أخبرت   17- تمام البيت: ونطعنهم تحت الحبا بعد ضربهم ... ببيض المواضي حيث لي العمائم وهو للفرزدق في شرح شواهد المغني 1/ 389، والمقاصد النحوية 3/ 387، وليس في ديوانه، وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 125، وخزانة الأدب 6/ 553، 557، 558، 7/ 4، والدرر 1/ 455، وشرح ابن الناظم ص279، وشرح الأشموني 2/ 314، وشرح المفصل 4/ 92، ومغني اللبيب 1/ 132، وهمع الهوامع 1/ 212. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 46 عن الإيجاد، "فلا يحتاج" في تمام معنى يوم "إلى شيء" آخر. "واحترز بذكر الجملة من نحو: سبحان" من أسماء المصادر " وعند" من الظروف، "فإنهما مفتقران بالأصالة، لكن" افتقارهما "إلى مفرد" لا إلى جملة، "تقول: سبحان الله، وجلست عند زيد"، فلذلك أعربا نصبا على المصدرية، والناصب لـ"سبحان" فعل محذوف تقديره: "أُسبِّح"، والناصب لـ"عند" جلست، وما ذكره من أن "سبحان" ملازم للإضافة هو المشهور. وقال الفخر الرازي: "سبحان" مصدر لا فعل له، فيستعمل مضافا وغير مضاف، وإذا لم يضف ترك تنوينه، فقيل: سبحان من زيد، أي: براءة منه، كقوله: [من السريع] 18- ................. ... سبحان من علقمة الفاخر وإنما منع صرفه؛ لأنه معرفة، وفي آخره ألف ونون. انتهى بحروفه. وأما استعمال "عند" غير مضافة كقوله: [من م. الرمل] 19- كل عند لك عندي ... لا يساوي نصف عندي فمن كلام المولدين؛ وليس بلحن، خلافا للحريري. بل كل كلمة ذكرت مرادا بها لفظها فسائغ أن تتصرف تصرف الأسماء، وأن تعرب ويحكى أصلها. قاله في المغني1. ثم استشعر اعتراضا بأن: "اللذين واللتين وأيا" من الموصولات معربة، مع أنها مفتقرة بالأصالة إلى جملة، فأجاب بقوله: "وإنما أعرب "اللذان واللتان وأي الموصولة" في نحو: اضرب أيهم أساء"، بنصب "أي"، لأن جملة "أساء" صلة تامة، فسقط القول بأن "أيا" هنا مبنية على الضم، لإضافتها وحذف صدر صلتها، وهذا سهو عن شرط المسألة؛ لأن حذف صدر الصلة مشروط فيه أن يكون خبرة مفردا، ومتى كان خبره جملة امتنع حذفه كما سيأتي، "لضعف الشبه" متعلق بقوله: "أعرب"، "بما   18- صدر البيت: "أقول لما جاءني فخره" وهو للأعشى في ديوانه 193، وأساس البلاغة "سبح"، والأشباه والنظائر 2/ 109، وجمهرة اللغة ص278، وخزانة الأدب 1/ 185، 2/ 234، 235، 238، والخصائص 2/ 435، والدرر 1/ 415، وشرح أبيات سيبويه 1/ 157، وشرح شواهد المغني 2/ 905، وشرح المفصل 1/ 37، 120، والكتاب 1/ 234، ولسان العرب 2/ 471 "سبح"، وتاج العروس 4/ 578 "شتت"، وبلا نسبة في خزانة الأدب 3/ 388، 6/ 286، والخصائص 2/ 197، 3/ 23, والدرر 2/ 159, ومجالس ثعلب 1/ 261, والمقتضب3/ 218, والمقرب 1/ 149, وهمع الهوامع 1/ 190، 2/ 52، سبحان من علقمة الفاخر : براءة من فخره وتكبره. 19- البيت لبعض المولدين في مغني اللبيب 1/ 156. 1 مغني اللبيب 1/ 156. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 47 عارضه" متعلق بضفع، "من المجيء" بيان لما متعلق بعارضه، "على صورة التثنية" متعلق بالمجيء، وهو راجع إلى "اللذين واللتين"، وفي البحث السابق في "هذين وهاتين"، "و" بما عارضه "من لزوم الإضافة" إلى مفرد راجع إلى "أي". وأهمل الشبه الإهمالي، وضابطه أن يشبه الاسم الحرف المهمل، في كونه غير عامل ولا معمول، كأسماء الأصوات، والأعداد المسرودة قبل التركيب، وفواتح السور. وأدخله ابن مالك في بعض كتبه في الشبه المعنوي، وأدخله غيره في الاستعمالي، وأدخل الشاطبي أسماء الأصوات في قول الناظم: 17- وكنيابة عن الفعل بلا ... تأثر .................... فقال: "لأنها تعطي من المقصود في الزجر والاستدعاء، ما يعطيه الفعل لو كان للزجر أو الاستدعاء لمن يخاطب، وحمل حكاية الأصوات كـ"غاق" و"قب" على أسماء الأصوات". ذكره في باب اسم الفعل، هذا حكم ما أشبه الحرف من الاسم. "و" أما "ما سلم" منه "من مشابهة الحرف فمعرب، وهو"؛ أي: المعرب؛ "نوعان: ما يظهر إعرابه، كـ: أرض، تقول: هذه أرض" بالرفع؛ "ورأيت أرضا" بالنصب، "ومررت بأرض" بالخفض. "وما لا يظهر إعرابه، كـ: الفتى" من المقصور، "تقول: جاء الفتى" بضمة مقدرة على الألف، "ورأيت الفتى" بفتحة مقدرة عليها، "ومررت بالفتى" بكسرة مقدرة عليها. "ونظير الفتى" في تقدير الحركات في آخره "سما" بضم أوله وفتح ثانيه والقصر، "كـ: هدى، وهي" أي: سما "لغة في الاسم" من ست1، ثانيها: سما؛ بكسر السين والقصر، كـ: "رضى"، وثالثها ورابعها: سم بضم السين وكسرها من غير قصر، وخامسها وسادسها: اسم، بضم الهمزة وكسرها، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 18- ومعرب الأسماء ما قد سلما ... من شبه الحرف كأرض وسما بضم السين والقصر لغة في الاسم، "بدليل قول بعضهم" وقد سئل عن اسم شخص: "ما سماك؟ " أي: ما اسمك؟ "حكاه صاحب الإفصاح" فيه وجه الدلالة منه أنه أثبت الألف مع الإضافة، وذلك يفيد كونه مقصورا. وأما أنه يفيد ضم السين فلا، إذ يحتمل كسرها، وبعضهم استدل على ثبوت هذه اللغة بقول ابن خالد القناني، نسبة إلى   1 ذكر غير في حاشية يس 1/ 54، في الاسم ثمان عشرة لغة جمعها الدنوشري بقوله: سما سم واسم سماة كذا سما ... وزد سمة واثلث أوائل كلها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 48 القنان1، بفتح القاف، جبل لبني أسد: [من الرجز] والله أسماك سما مباركا وهو ليس بنص في المقصود، فلأجل ذلك قال: "وأما قوله": 20- "والله أسماك سما مباركا" ... آثرك الله به إيثاركا "فلا دليل فيه؛ لأنه" أي: "سما" "منصوب منون، فيحتمل أن الأصل: سم" من غير قصر، "ثم دخل عليه الناصب" وهو: "أسماك" "ففتح"، أي: نصب على أنه مفعول ثان لـ"أسماك"، لأنه بمعنى "سماك"، وقد روي به أيضا، "كما تقول في: يد" إذا دخل عليها ناصب: "رأيت يدا". ومعنى: "آثرك الله به إيثاركا" اختصك بهذا الاسم المبارك، كإيثاره إياك بالفضل، فأضاف المصدر إلى مفعوله، وطوى ذكر الفاعل.   1 القنان: جبل بأعلى نجد فيه ماء يدعى العسيلة. "معجم البلدان 4/ 401". 20- الرجز لابن خالد القناني في إصلاح المنطق ص134، والمقاصد النحوية 1/ 154، وبلا نسبة في أسرار العربية ص9، والإنصاف 1/ 15، وأوضح المسالك 1/ 34، وشرح المفصل 1/ 24، ولسان العرب 14/ 401، 402 "سما"، وتاج العروس "سمو". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 49 "فصل": "والفعل" أيضا "ضربان": ضرب "مبني، وهو الأصل" في الأفعال، إذا لم تعتورها معان تفتقر في تمييزها إلى إعراب، "و" ضرب "معرب، وهو بخلافه"، أي: بخلاف المبني، وهو الفرع. "فالمبني" من الأفعال "نوعان: أحدهما: الفعل "الماضي"، مبني باتفاق "وبناؤه على الفتح". للخفة، ثلاثيا كان "كـ: ضرب", أو رباعيا كـ: دحرج, أو خماسيا كـ: انطلق, أو سداسيا كـ: استخرج. ولا يزيد على ذلك وإنما بني على حركة لمشابهته المضارع في الجملة، لوقوعه صفة وصلة وخبرا وحالا وشرطا, ولثقل الضم والكسر وثقل الفعل عدلوا إلى الفتح لخفته، "وأما ضربت ونحوه" مما اتصل ضمير رفع متحرك بارز، "فالسكون" فيه "عارض أوجبه كراهتهم" أي: العرب "توالي أربع متحركات"، وهي أحرف الفعل الثلاثة وتاء الفاعل، "فيما هو كالكلمة" الواحدة؛ لأن تاء الفاعل لشدة اتصالها بالفعل نزلت منه منزلة الجزء، "وكذلك ضمة" الباء من "ضربوا عارضة لمناسبة الواو" بإضافة المصدر إلى مفعوله، وحذف فاعله، والأصل لمناسبتها الواو. "و" النوع "الثاني: الأمر"، مبني على الأصح عند جمهور البصريين، وإلى هذين الإشارة بقوله: 19- وفعل أمر ومضى بنيا ... .......................... وبناؤهما مختلف، فالماضي بناؤه على الفتح كما تقدم، "و" الأمر "بناؤه على ما يجزم به مضارعه" المبدوء بتاء الخطاب، "فنحو "اضرب": مبني على السكون"، فإن مضارعه يجزم بالسكون، نحو: لم تضرب، "ونحو: اضربا"، واضربوا، واضربي: "مبني على حذف النون" لأن مضارعها يجزم بحذف النون، نحو: لم تضربا ولم تضربوا ولم تضربي، "ونحو: اغز"، اخش، وارم "مبني على حذف آخر الفعل", لأن مضارعها يجزم بحذف آخره، نحو: لم تغز، ولم تخش، ولم ترم. فـ"اغز" مبني على الجزء: 1 ¦ الصفحة: 50 حذف الواو، و"اخش": مبني على حذف الألف، و"ارم" مبني على حذف الياء، وذهب الأخفش والكوفيون إلى أن الأمر معرب مجزوم بلام الأمر، وإنها حذفت حذفا مستمرا في نحو: قم واقعد، والأصل: لِتَقُم ولِتَقْعد، فحذفت اللام للتخفيف؛ وتبعها حرف المضارعة. قال الموضح في المغني1: "وبقولهم أقول؛ لأن الأمر معني، فحقه أن يؤدى بالحرف؛ ولأنه أخو النهي". ا. هـ. وقد دل عليه بالحرف؛ ولأن الفعل إنما وضع لتقييد الحدث بالزمان المحصل، وكونه أمرا أو خبرا خارج عن مقصوده؛ ولأنهم قد نطقوا بذلك الأصل كقوله: [من الخفيف] 21- لتقم أنت يابن خير قريش ... كي لتقضي حوائج المسلمينا وكقراءة بعضهم: "فَبِذَلِكَ فَلْتَفْرَحُوا" [يونس: 58] بالتاء الفوقية2، وفي الحديث: "لتأخذوا مصافكم"؛ ولأنك تقول: اغز، واخش، وارم، واضربا، واضربوا، كما تقول في الجزم؛ ولأن البناء لم يعهد كونه بالحذف؛ ولأن المحققين على أن أفعال الإنشاء مجردة عن الزمان؛ كـ"بعت"، و"أقسمت"، و"قبلت"، وأجابوا عن كونها مع ذلك أفعالا بأن تجردها عارض لها عند نقلها عن الخبر، ولا يمكنهم ادعاء ذلك في: "قم"؛ لأنه ليس له حالة غير هذه، وحينئذ فتشكل فعليته. وإذا ادعى أن أصله: "لتقم"، كان الدال على الإنشاء اللام لا الفعل3. انتهى كلامه في المغني4. وهذا ما وعدناه به عند تقسيم الأفعال. "والمعرب" من الأفعال "المضارع، نحو: يقوم" زيد، "لكن" لا مطلقا على الأصح، بل "بشرط سلامته من نون الإناث5، و" من "نون التوكيد المباشرة".   1 مغني اللبيب 1/ 221. 21- البيت بلا نسبة في الإنصاف 2/ 525، وتذكرة النحاة ص666، وخزانة الأدب 9/ 14، 106، وشرح شواهد المغني 2/ 602، ومغني اللبيب 1/ 221، 2/ 552. 2 الرسم المصحفي: {فَلْيَفْرَحُوا} بالياء، وقرأها "فلتفرحوا" ابن عامر وأبي وأنس وابن سيرين وقتادة وابن عباس وغيرهم. انظر الإتحاف 252، والمحتسب 1/ 313، والنشر 2/ 285. والقراءة من شواهد مغني اللبيب 1/ 186، وشرح التصريح 1/ 55، 2/ 246، وأوضح المسالك 4/ 201. 3 أي: وإذا لم يثبت له دلالة على الطلب كان مضارعا، وإذا ثبت كونه كونه مضارعا ثبت أيضا أن الفعل ينقسم عند الكوفيين ومن وافقهم إلى قسمين فقط، كما صرح بذلك الشارح سابقا. 4 مغني اللبيب 1/ 221. 5 أي: نون الإناث الموضوعة أصالة للإناث وإن استعملت للذكور مجازا. "حاشية يس 1/ 56". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 51 وإلى ذلك الإشارة بقوله: 19- ................ ... وأعربوا مضارعا إن عريا 20- من نون توكيد مباشر ومن ... نون إناث ..................... "فإنه من نون الإناث مبني على" الأصح "على السكون" كالماضي "نحو: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ} [البقرة: 228] ، وذهب السهيلي إلى أنه مع نون الإناث معرب تقديرا، "ومع نون التوكيد المباشر مبني" على الأصح. وقيل: لا تشترط المباشرة، فنحو: {لَتُبْلَوُنَّ} [آل عمران: 186] مبني أيضا. وقيل: الجمع معرب تقديرا، والمختار أنه مع المباشرة مبني "على الفتح، نحو: {لَيُنْبَذَنَّ} [الهمزة: 4] لتركيبه مع النون تركيب "خَمْسَة عَشَر"، ولهذا لو فصل بين الفعل والنون ألف اثنين أو واو جمع أو ياء مخاطبة، لم يحكم على الأصح ببنائه؛ لأنهم لا يركبون ثلاثة أشياء. "وأما" نون التوكيد "غير المباشرة" لفظا وتقديرا، "فإنه": أي: المضارع "معرب معها تقديرا نحو: {لَتُبْلَوُنَّ} [آل عمران: 186] مضارع بلا يبلو مبني للمجهول؛ مسند لجماعة الذكور؛ من البلاء وهو التجربة، أصله قبل التوكيد: "لتبلوون" كـ"تنصرون"؛ بواوين؛ الأول لام الفعل، والثانية واو الجماعة، فإما أن تقول: استثقلت الضمة على لام الفعل؛ فحذفت لاستثقالها، أو تقول: تحركت وانفتح ما قبلها؛ فقلبت ألفا. وعلى التقديرين التقى ساكنان؛ الواوان على التقدير الأول، والألف والواو على التقدير الثاني، فحذف أول الساكنين، فصار: "لتبلون" بوزن تفعون، ثم أكد بالثقيلة فصار: "لتبلونن" بثلاث نونات، فحذفت نون الرفع لفظا لتوالي النونات، فالتقى ساكنان واو الجمع ونون التوكيد المدغمة، وتعذر حذف إحداهما؛ فحركت الواو بحركة تجانسها، وهي الضمة؛ ولم تحرك النون محافظة على الأصل، ولعروض الضمة لم تنقلب الواو ألفا لتحركها؛ وانفتاح ما قبلها، وحيث حذفت نون الرفع لتوالي الأمثال فهي مقدرة الثبوت؛ لأنها علامة الرفع، بخلاف ما إذا حذفت للجازم؛ فإن المضارع معرب مع نون توكيد لفظا نحو: " {فَإِمَّا تَرَيِنّ} " [مريم: 26] أصله قبل التوكيد: "ترأيين" كـ"تمنعين"، نقلت حركة الهمزة إلى الراء قبلها، ثم حذفت الهمزة؛ فصار: "تريين" بفتح الراء وكسر الياء الأولى وسكون الثانية، وإما أن تقول: حذفت الكسرة لاستثقالها أو تحركت الياء وانفتح ما قبلها؛ فقلبت ألفا، وعلى التقديرين التقى ساكنان؛ حذف أولهما كما مر، فصار: "ترين" بفتح الراء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 52 وسكون الياء، ثم دخل الجازم وهو إن الشرطية المتصلة بما الزائدة، فحذفت نون الرفع فصار: "فإما تري" بسكون الياء المفتوح ما قبلها، ثم أكد بالنون، فالتقى ساكنان؛ ياء المخاطبة ونون التوكيد، وتعذر حذف أحدهما، فحركت الياء بحركة تجانسها؛ وهي الكسرة؛ إلى آخر ما مر في "لتبلون". "و" نحو: " {وَلا تَتَّبِعَانِّ} " [يونس: 89] أصله قبل التوكيد والنهي: "تتبعان" بتخفيف النون لرفع، فدخل عليه "لا" الناهية، فحذفت نون الرفع، فصار: "لا تتبعا" ثم أكد بالثقيلة، فالتقى ساكنان؛ الألف ونون التوكيد المدغمة، ولم يجز حذف الألف لئلا يلتبس بالواحد، ولا تحريكها لأنها لا تقبل الحركة، ولم يجز حذف النون لفوات المقصود منها، فحركت النون بالكسر تشبيها بنون التثنية الواقعة بعد الألف. هذه أمثلة غير المباشرة لفظا، وأما غير المباشرة تقديرا فنحو: {وَلا يَصُدُّنَّكَ} [القصص: 87] بضم الدال، أصله قبل التوكيد والنهي: "يصدونك"، حذفت النون للجازم وهو "لا" الناهية، فصار: "يصدوك"، ثم أكد بالثقيلة؛ فالتقى ساكنان؛ حذفت الواو لدلالة الضمة عليها، فصار: "لا يصدنك". فنون التوكيد وإن باشرت الفعل لفظا، إلا أنها لم تباشره في الأصل؛ لأن الواو المحذوفة فاصلة بينهما تقديرا، والضابط أن الفعل المضارع إن كان يرفع بالضمة، فإنه إذا أكد بالنون يبنى، وإن كان يرفع بثبات النون، فإنه إذا أكد بالنون يبقى على إعرابه لفظا أو تقديرا، لوجود الفاصل لفظا أو تقديرا. وقد تبين بما قررنا أن الإعراب التقديري في: {لَتُبْلَوُنَّ} [آل عمران: 186] خاصة بخلاف: {فَإِمَّا تَرَيِنَّ} [مريم: 26] {وَلا تَتَّبِعَانِّ} [يونس: 89] فإنه فيهما لفظي وذلك خلاف سياق كلامه. "والحروف كلها مبنية" لأنها لا تتصرف ولا يعتقب عليها من المعاني ما تحتاج معه إلى إعراب، وهذه العبارة أحسن من قول الناظم: 21- وكل حرف مستحق للبنا ... ............................. إذ لا يلزم من استحقاق البناء الاتصاف به، والبناء لغة: وضع شيء على شيء على صفة يراد بها الثبوت. وفي الاصطلاح: لزوم آخر الكلمة حالة واحدة على القول بأنه معنوي، وعلى القول بأنه لفظي، فقال ابن مالك: ما جيء به لا لبيان مقتضى العامل من شبه الإعراب، وليس حكاية أو اتباعا أو نقلا أو تخلصا من سكونين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 53 "فصل": وأنواع "البناء أربعة" لا زائد عليها: "أحدها: السكون، وهو الأصل"؛ وإليه أشار بقوله: 21- ................... ... والأصل في المبني أن يسكنا وإنما كان الأصل في البناء السكون لخفته واستصحابا للأصل، وهو عدم الحركة، فلا ينبني عليها إلا لسبب، كالتقاء الساكنين في نحو: "أمس"، وكون الكلمة على حرف واحد كتاء "قمت" وكونها عرضة للابتداء بها كـ"لام الابتداء"، وكونها لها أصل في التمكن كـ"أول"، وكشبهها بالمعرب كـ"ضرب". "ويسمى" عدم الحركة "أيضا وقفا"، كما يسمى سكونا، والسكون خفيف، "ولخفته دخل في الكلم الثلاث" الحرف والفعل والاسم. ففي الحرف "نحو: "هل"، و" في الفعل نحو: "قم، و" في الاسم نحو: "كم"، بدأ بالحرف لتوغله، وثنى بالفعل لأنه الأغلب فيه. "و" النوع "الثاني: الفتح، وهو أقرب الحركات إلى السكون"، لحصوله بأدنى فتح الفم، بخلاف الضم والكسر، فإن الأول إنما يحصل بإعمال العضلتين معا الواصلتين إلى طرفي الشفة، والثاني إنما يحصل بالعضلة الواحدة الجاذبة إلى أسفل "فلهذا" القرب "دخل" الفتح "أيضا في الكلم الثلاث": في الحرف "نحو: سوف، و" في الفعل نحو: "قام، و" في الاسم نحو: "أين. والنوعان الآخران وهما الكسر والضم" ثقيلان، "ولثقلهما" لكونهما يحتاجان إلى إعمال إحدى العضلتين أو كلتيهما، "وثقل الفعل" لدلالته على الحدث والزمان مطابقة، والفاعل التزاما "لم يدخلا فيه"، لئلا يجمع بين ثقيلين، "ودخلا في الحرف والاسم" لخفتهما، بدلالتهما على شيء واحد، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 54 فالكسر في الحرف "نحو: لام الجر" الداخلة على ظاهر غير مستغاث، "و" الكسر في الاسم نحو: "أمس" عند الحجازيين بشرطه الآتي، "و" الضم في الحرف والاسم "نحو: "منذ" في لغة من جر بها أو رفع، فإن الجارة" للاسم "حرف، والرافعة" له "اسم"، وسيأتي إيضاح ذلك في باب حروف الجر. وإلى أنواع البناء الأربعة الإشارة بقوله في النظم: 22- ومنه ذو فتح وذو كسر وضم ... كأين أمس حيث والساكن كم وأقوى الحركات الضم، ويليه الكسر، ثم الفتح. وسمي الأول ضما؛ لأنه ينشأ من ضم الشفتين أولا ثم رفعهما ثانيا، وسمي الثاني كسرا؛ لأنه ينشأ من انجرار اللحى الأسفل إلى أسفل انجرارا قويا، وسمي الثالث فتحا؛ لأنه يتولد من مجرد فتح الفم. وهذه الحركات تكون ظاهرة كما مر، ومقدرة كتقدير الضم في: "يا سيبويه"، والفتح في نحو: "لا فتى إلا علي"، والكسر في نحو: "هؤلاء" حال الوقف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 55 "فصل": "الإعراب" لغة: البيان، واصطلاحًا: تغيير أواخر الكلم لاختلاف العوامل الداخلة عليها لفظًا، أو تقديرًا، على القول بأنه معنوي، وعلى القول بأنه لفظي، "أثر ظاهر" في اللفظ، "أو مقدر" فيه "يجلبه العامل" المقتضي له "في آخر الكلمة" التي هي اسم لم يشبه الحرف، أو فعل مضارع لم تتصل به نون الإناث، ولم تباشره نون التوكيد، والمراد بالأثر الظاهر أو المقدر: نفس الحركات الثلاث والسكون وما ناب عنها، والمراد بالظاهر: ما تلفظ به من حركة أو حرف أو سكون أو حذف. والمراد بالمقدر: ما ينوى من ذلك، كما تنوى الضمة والفتحة والكسرة في نحو: "الفتى"، وكما تنوى الواو في نحو: "مسلمي" رفعًا، وكما تنوى النون في نحو: {لَتُبْلَوُنَّ} [آل عمران: 186] وكما ينوى حذف الحركة في نحو: "لم يقرأ"، إذا كان الإبدال قبل دخول الجازم ولم يعتد به، والمراد بالعامل: ما به يحدث المعنى المحوج للإعراب، والمراد بآخر الكلمة: ما كان آخرًا حقيقة كـ"دل: زيد"، أو مجازًا كـ"دال: يد"، والمراد بالكلمة هنا: الاسم والفعل المعربان. والإعراب جنس، "وأنواعه" الداخلة تحته "أربعة: رفع ونصب" يشتركان "في اسم وفعل"، فالرفع "نحو: زيد يقوم"، فـ"زيد": مرفوع بالابتداء، و"يقوم": مرفوع بالتجرد، "و" النصب نحو: "إن زيدًا لن يقوم"، فـ"زيدًا": منصوب بـ"إن"، و"يقوم" منصوب بـ"لن". "وجر" مختص بمعنى "في اسم، نحو": مررت "بزيد"، فـ"زيد": اسم مجرور بالياء. "وجزم" مختص بمعنى "في فعل نحو: لم يقم"، فـ"يقم": فعل مجزوم بـ"لم"، وإلى هذه العلامات الأربع أشار بقوله: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 56 23- والرفع والنصب اجعلن إعرابا ... لاسم وفعل نحو لن أهابا 24- والاسم قد خصص بالجر كما ... قد خصص الفعل بأن ينجزما "ولهذه الأنواع الأربعة" التي هي الرفع والنصب والجر والجزم "علامات"، جمع علامة، بمعنى علم، أو جمع علم، كاصطبلات جمع اصطبل، فالضمة علم ومسماه الرفع، وكذا الباقي، وبهذا يندفع ما يقال: إن في كلامه تناقضًا، وذلك أنه جعل الإعراب أولًا نفس الحركات، وما ناب عنها بقوله: "أثر" إلخ. وجعلها ثانيًا علامات للإعراب بقوله: "و" لهذه الأنواع الأربعة علامات "أصول، وهي الضمة للرفع" نحو: جاء زيد، "والفتحة للنصب" نحو: رأيت زيدًا، "والكسرة للخفض" نحو: مررت بزيد "وحذف الحركة للجزم" نحو: لم يقم، وذلك مستفاد من قوله في النظم: 25- فارفع بضم وانصبن فتحًا وجر ... كسر كذكر الله عبده يسر 26- واجزم بتسكين ............ ... .................................. "وعلامات فروع" نائبة "عن هذه العلامات" أصول وهي عشرة: ثلاثة تنوب عن الضمة، وهي: الواو والألف والنون، وأربعة تنوب عن الفتحة، وهي: الكسرة والألف والياء وحذف النون، واثنان ينوبان عن الكسرة، وهما الفتحة والياء، وواحدة تنوب عن حذف الحركة، وهي حذف حرف العلة، أو حذف النون، وإليها أشار بقوله: 26- ..................... وغير ما ذكر ... ينوب ................................. "وهي"، أي: هذه العشرة، "واقعة في سبعة أبواب متفرقة" "الباب الأول": المشار إليه بقول الناظم: 27- وارفع بواو وانصبن بالألف ... واجر بياء ما من الأسما أصف 28- من ذاك ذو إن صحبة أبانا ... والفم حيث الميم منه بانا 29- أب أخ حم كذاك وهن ... ............................. وهو "باب الأسماء الستة" المعتلة المضافة، "فإنها ترفع الواو" نيابة عن الضمة، "وتنصب بالألف" نيابة عن الفتحة، "وتخفض بالياء" نيابة عن الكسرة، "وهي: ذو، بمعنى صاحب" لا بمعنى الذي، "والفم إذا فارقته الميم" لا المتصل بها، "والأب، والأخ" بالتخفيف، "والحم" بغير همز، "والهن". قال ابن مالك في شرح الجزء: 1 ¦ الصفحة: 57 العمدة: "جعل أولها "ذو" لأنه مختص بملازمة الإعراب بالحروف، وجعل "فو" قرين "ذو" في الذكر، لتساويهما في لزوم الإضافة والإعراب بالحروف. إلا أن "ذو" لا تضاف لياء المتكلم، و"فو" تضاف إليها، فلهذا انحط عن درجة "ذو"، وأخر عنه، و"الأب والأخ والحم" مستوية في الإعراب بالحروف؛ إذا أضيفت لغير ياء المتكلم، فقرن بينها في الذكر قبل "الهن"، وأخر "الهن" لأن إعرابه بالحروف قليل". ا. هـ. ملخصا. "ويشترط" لإعراب هذه الأسماء بالحروف "في غير "ذو"، أن تكون مضافة لا مفردة" عن الإضافة، "فإن أفردت" عنها، "أعربت بالحركات" الثلاث ظاهرة، فالرفع "نحو: {وَلَهُ أَخٌ} [النساء: 12] ، فـ"أخ": مرفوع على الابتداء وخبره في الجار والمجرو قبله، "و" النصب نحو: " {إِنَّ لَهُ أَبًا} [يوسف: 78] ، فـ"أبا": اسم إن وخبرها الجار والمجرور المقدم على اسمها، والجر نحو: " {وَبَنَاتُ الْأَخِ} [النساء: 23] قد "الأخ": مجرور بإضافة بنات إليه. ثم استشعر اعتراضا بأن: "فا" جاء معربا بالحروف مع أنه مفرد، فأجاب بقوله: "فأما قوله؛ يعني العجاج: [من الرجز] 22- "خالط من سلمى خياشيم وفا" "فشاذ"؛ لأنه منصوب بالألف بالعطف على "خياشيم" المنصوب بـ"خالط" على المفعولية، مع أنه غير مضاف. وخرجه أبو الحسن وتابعه ابن مالك على أنه حذف المضاف إليه ونوى ثبوت لفظه "لإضافة منوية" في المعطوف والمعطوف عليه، "أي: خياشيمها وفاها"، فأبقاه على حاله غير مضاف إضافة صريحة. وقال ابن كيسان: إنما جاز ذلك؛ لأنه موضع لا يلحقه التنوين، فحذف؛ يعني التنوين؛ وبقي مفردا على حرفين، إذ الألف هي المنقلبة عن عين الكلمة، فلم يلزم من ذلك أن يبقى على حرف واحد. فعلى قول ابن مالك، لا يشترط في الإضافة أن تكون ملفوظة بل الملفوظة والمنوية في ذلك سواء، "ويشترط في الإضافة أن تكون لغير الياء" الدالة على التكلم، سواء في ذلك الظاهر، وضمير المتكلم مع غيره، وضمير المخاطب، وضمير الغائب وفروعها. "فإن كانت" الإضافة "للياء" المذكورة، "أعربت" هذه الأسماء "بالحركات المقدرة" في الأحوال الثلاث على الأصح، فالرفع "نحو: {وَأَخِي هَارُونُ} [القصص: 34] فـ"أخي":   22- الرجز للعجاج في ديوانه 2/ 225، ولسان العرب 12/ 459 "فمم"، 15/ 345 "نهى"، 456 "ذو"، وإصلاح المنطق ص84، وخزانة الأدب 3/ 442، 444، والدرر 1/ 36، وشرح أبيات سيبويه 1/ 204، والمقاصد النحوية 1/ 152، والمقتضب 1/ 240، والممتع في التصريف ص408، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 50، والمسائل العضديات ص228-229. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 58 مرفوع على الابتداء وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الخاء منع ظهورها اشتغال المحل بحركته المناسبة، و"هارون": بدل منه أو عطف بيان عليه، وجملة "هو أفصح مني لسانا": خبره. ومما يحتمل الرفع والنصب: {إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً} [ص: 23] فـ"أخي": يحتمل أن يكون منصوبا على البدلية من هذا، ويحتمل أن يكون مرفوعا على أنه خبر أول لـ"إن"، وجملة: "له تسع وتسعون": خبر ثان. ومما يحتمل الأوجه الثلاثة " {إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي} [المائدة: 25] فـ"أخي": يحتمل أن يكون مرفوعا، وأن يكون منصوبا، وأن يكون مجرورا، فرفعه من ثلاثة أوجه: أحدها: أن يكون عطفا على الضمير المستتر في "أملك"، ذكره الزمخشري، واعترضه الموضح بأن "أملك" لا يرفع الظاهر، فلا يعطف على مرفوعه ظاهر، وجوابه أنه يغتفر في التابع ما لا يغتفر في المتبوع، والذي حسن العطف على الضمير المرفوع المتصل؛ الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه بالمستثنى. الوجه الثاني: أن يكون معطوفا على "إن" واسمها: الوجه الثالث: أن يكون مبتدأ حذف خبره، والتقدير: وأخي لا يملك إلا نفسه، فهو على هذا من عطف الجمل، وعلى الأولين من عطف المفردات. ونصبه من وجهين أحدهما: أن يكون معطوفا على اسم "إن"، الثاني: أن يكون معطوفا على "نفس". وجزء من وجه واحد؛ وهو أن يكون معطوفا على الياء المجرورة بإضافة "نفس" إليها. وهذا الوجه لا يجيزه جمهور البصريين لعدم إعادة الجار، واستغنى عن اشتراط التكبير والإفراد المقابل للتثنية والجمع تبعا لأصله حيث اقتصر على قوله: 31- وشرط ذا الإعراب أن يضفن لا ... لليا ................................. لكونه ذكرها كذلك، "وذو"؛ حالة إفرادها؛ "ملازمة للإضافة لغير الياء" من أسماء الأجناس الظاهرة غير الصفات، "فلا حاجة إلى اشتراط الإضافة فيها"؛ لأنها حاصلة، والاشتراط تحصيل ما ليس بحاصل. "وإذا كانت "ذو" موصولة" بمعنى الذي وأخواته، "لزمتها الواو" في الأحوال الثلاثة غالبا، والبناء على السكون. "وقد تعرب بالحروف" الجزء: 1 ¦ الصفحة: 59 الثلاثة رفعا ونصبا وجرا "كقوله"، وهو منظور بن سحيم الفقعسي: [من الطويل] 23- فإما كرام موسرون رأيتهم ... "فحسبي من ذي عندهم ما كفانيا" هكذا رواه أبو الفتح ابن جني بالياء معربا1، ورواه غيره بالواو على البناء، وإذا ثبت إعرابها في الجر قلنا به في الرفع والنصب. وقيد ابن الضائع ذلك بحالة الجر؛ لأنه محل السماع، "وإذا لم تفارق الميم "القم" أعرب بالحركات الثلاث"، سواء أفرد أو أضيف، ولا يختص بثبوت الميم في "الفم" حالة الإضافة للضرورة نحو: [من الرجز] 24- يصبح ظمآن وفي البحر فمه خلافا للفارسي2، ويرده قوله صلى الله عليه وسلم: "لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك" 3.   23- البيت لمنظور بن سحيم الفقعسي في الدرر 1/ 152، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي 1158، وشرح شواهد المغني 2/ 830، وشرح المفصل 3/ 148، والمقرب 1/ 59، والمقاصد النحوية 1/ 127، وللطائي "؟ " في مغني اللبيب 2/ 410، وشرح الأشموني 1/ 72، وشرح ابن عقيل 1/ 45، وشرح عمدة الحافظ ص122، وهمع الهوامع 1/ 84، وبلا نسبة في شرح ابن الناظم ص20، 60. 1 نص على ذلك ابن الناظم في شرحه ص60، وانظر الدرر اللوامع 1/ 152. 24- الرجز لرؤبة في ديوانه 159، والحيوان 3/ 265، وخزانة الأدب 4/ 451، 454، 460، والدرر 1/ 37، وشرح شواهد المغني 1/ 467، والمقاصد النحوية 1/ 139، ومحاضرات الأدباء 2/ 365، وبلا نسبة في جمهرة الأمثال 2/ 531، والدرة الفاخرة 1/ 296، وشرح الأشموني 1/ 31، ومجمع الأمثال 1/ 447 والمخصص 1/ 136، والمسائل العضديات ص228، وهمع الهوامع 1/ 40. 2 في المسائل العضديات ص228، وهي المسألة رقم 91 بعنوان: حروف فم واللغات فيها. 3 أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب فضل الصوم، برقم 1795، وأخرجه مسلم في الصيام، باب حفظ اللسان للصائم، برقم 1151. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 60 "فصل": "والأفصح في: الْهَنِ" إذا استعمل مضافا "النقص، أي: حذف اللام" منه، وهي الواو، وإلى ذلك الإشارة بقوله: 29- ....................... ... والنقص في هذا الأخير أحسن "فيعرب بالحركات" الثلاث على العين وهي النون، فتقول: هذا هَنُك، ورأيت هَنَك، ونظرت إلى هَنِك، "ومنه"؛ أي: من النقص في الهن؛ "الحديث"، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: "من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن أبيه ولا تكنوا" 1 قال الموضح في شرح شواهد ابن الناظم: "تعزى"، بمثناة مفتوحة؛ فعين مهملة مفتوحة؛ فزاي مشددة، أي: من انتسب وانتمى، وهو الذي يقول: "يا لفلان"، لتخرج الناس معه إلى القتال في الباطل، "فأعضوه": بهمزة مفتوحة؛ وعين مهملة مكسورة؛ وضاد مشددة معجمة، أي: قولا له: اعضض على هَنِ أبيك، أي: على ذكر أبيك، أي: قولوا له ذلك استهزاء به ولا تجيبوه إلى القتال الذي أراده. أي: تمسك بذكر أبيك الذي انتسبت إليه؛ عساه أن ينفعك، فأما نحن فلا نجيبك. و"لا تكنوا": أي: لا تذكروا كناية الذكر، وهو الهَنُ، بل اذكروا له صريح اسم الذكر، وهو الأير، و"تكنوا": بفتح التاء؛ وسكون الكاف بعدها نون، والشاهد في قوله: "بهن أبيه" إذا استعمله منقوصا. ا. هـ. وإذا استعمل "الهن" غير مضاف كان بالإجماع منقوصا، تقول: هذا هن، ورأيت هنا، ومررت بهن، وهو "اسم يكنى به عن أسماء الأجناس، كرجل وفرس وغيرهما، وقيل: عما يستقبح التصريح بذكره، وقيل: عن الفرج خاصة". قاله الموضح في شرح القطر.   1 الحديث في مسند أحمد 5/ 156، والنهاية في غريب الحديث 3/ 333 "عزا"، 252 "عضض"، وهو من شواهد شرح ابن الناظم ص19. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 61 "ويجوز النقص" بضعف، وهو حذف اللام والإعراب بالحركات "في الأب والأخ والحم" وهو المراد بقول الناظم: 30- وفي أب وتالييه يندر ... .......................... فتقول: هذا أبك وأخك وحمك، ورأيت أبك وأخك وحمك، ومررت بأبك وأخك وحمك، "ومنه"، أي: من النقص، "قوله"، وهو رؤبة، يمدح عدي بن حاتم الطائي: [من الرجز] 25- بأبه اقتدى عدي في الكرم ... ومن يشابه أبه فما ظلم فـ"أبه" الأول: مجرور بالكسرة، و"أبه": الثاني منصوب بالفتحة. وهذا البيت مقتبس من المثل السائر: "من أشبه أباه فما ظلم"1، واختلف في معنى نفي الظلم في المثل, فقيل: "فما ظلم" في وضع الشبه في موضعه, وقيل فما ظلم أبوه حين وضع زرعه حيث أدى إليه الشبه، وقيل: الصواب فما ظلمت، أي: أمه، حيث لم تزن، بدليل مجيء الولد على مشابهة أبيه. قاله اللحياني. "و" من مطلق النقص من غير نظر إلى الإعراب بالحركات، "قول بعضهم" أي: العرب؛ "في التثنية" أي: تثنية الأب والأخ المنقوصين: "أبان وأخان"، وقال الفراء: "أبان": جاء على لغة من قال: هذا أبك. قال الموضح في الحواشي: وكذا قياس "أخان". ا. هـ. فظهر أن المسموع "أبان" فقط، و"أخان" مقيس عليه. وإذا جاز "أخان" قياسا؛ فينبغي أن يكون "حمان" كذلك، ولم أقف عليه. ونقل عن ثعلب أحمد بن يحيى أنه قال2: "يقال: هذا أبوك وأباك وأبك". فمن قال: "هذا أبوك وأباك". قال في التثنية: "أبوان"، ومن قال: "هذا أبك"، قال في التثنية: "أبان"، "و" الأب والأخ والحم "قصرهن أولى من نقصهن" وهو المراد بقول الناظم: 30- ................... ... وقصرها من نقصهن أشهر   25- الرجز لرؤبة في ديوانه 182، والدرر 1/ 31، وشرح ابن الناظم ص20، والمقاصد النحوية 1/ 129، وكتاب الأمثال لابن سلام 145، 260، وجمهرة الأمثال 2/ 255، وفصل المقال 185، والفاخر 103، 227، والمستقصى 2/ 353، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 44، وتخليص الشواهد 57، وشرح الأشموني 1/ 29، وشرح ابن عقيل 1/ 50، وهمع الهوامع 1/ 39. 1 كتاب الأمثال لابن سلام 145، 260، وجمهرة الأمثال 2/ 255، وفصل المقال 185، والفاخر 103، 227، والمستقصى 2/ 353. 2 مجالس ثعلب ص400. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 62 وعدل الموضح عن "ها" إلى "هن"؛ لأن الأكثر في "هن" أن يعود إلى جمع القلة، و"ها" بعكس ذلك، والمراد بـ"قصرهن" أن يلزم آخرهن الألف المنقلبة عن لامهن في الأحوال الثلاثة، فيعربن بحركات مقدرة عليها، "كقوله"؛ وهو أبو النجم فيما قال الجوهري، وقيل رؤبة: [من الرجز] 26- "إن أباها وأبا أباها" ... قد بلغا في المجد غايتاها أنشده ابن جني وغيره. و"أبا" الأول وما عطف عليه لا شاهد فيه؛ لأن كل واحد منهما يحتمل أن يكون منصوبا بالألف نيابة عن الفتحة، ويحتمل أن يكون مقصورا منصوبا بفتحة مقدرة على الألف، والشاهد في "أباها" الثالث، إذ هو نص في القصر؛ لأنه مضاف إليه، فهو مجرور بكسرة مقدرة على الألف، وإلا لجر بالياء، "وقول بعضهم" وهو أبو حنش حين قال له خاله، وقد بلغه أن ناسا من أشجع في غار يشربون، وهم قاتلون إخوته: هل لك في غار فيه ظباء لعلنا نصيب منها؟ وانطلق به حتى أقامه على فم الغار، ثم دفعه في الغار فقال: ضر يا أبا حنش. فقال بعضهم: إن أبا حنش لبطل، فقال أبو حنش: "مكره أخاك لا بطل"1. فصار هذا مثلا يضرب لمن يحمل على ما ليس من شأنه. وقيل: إن أول من قاله عمرو بن العاص، لما عزم عليه معاوية ليخرجن إلى مبارزة على رضي الله عنهم، فلما التقيا قال عمرو: مكره أخاك لا بطل، فأعرض عنه. وذكر "الأخ" للاستعطاف، فـ"أخاك": مبتدأ مؤخر مرفوع بضمة مقدرة على الألف، و"بطل": معطوف بـ"لا" على مكره، و"مكره": اسم مفعول خبر مقدم، ولا يجوز أن يكون "مكره" مبتدأ، أو "أخاك" نائب عن الفاعل سد مسد الخبر؛ لعدم اعتماده على النفي أو الاستفهام عند جمهور البصريين، وأجازه الأخفش والكوفيون كما سيأتي2.   26- الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه 168، ولأبي النجم العجلي في ديوانه 227، ولهما معا في شرح ابن الناظم ص20، وشرح شواهد المغني 1/ 127، والمقاصد النحوية 1/ 133، 3/ 636، والدرر 1/ 32، ولرؤبة أو لرجل من بني الحارث في الخزانة 7/ 455، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 46، وأسرار العربية 46، والإنصاف 18، وتخليص الشواهد ص58، والخزانة 4/ 105، 7/ 453، ورصف المباني 24، 236، وسر صناعة الإعراب 2/ 705 وشرح الأشموني 1/ 29، وشرح شذور الذهب 62، وشرح شواهد المغني 2/ 585، وشرح ابن عقيل 1/ 51، وشرح المفصل 1/ 53، ومغني اللبيب 1/ 38. 1 الشاهد من الأمثال؛ وهو في الدرر 1/ 32، وهمع الهوامع 1/ 39، ومجمع الأمثال 2/ 318، 1/ 153، والفاخر 62، وجمهرة الأمثال 2/ 242، والمستقصى 2/ 347، وكتاب الأمثال لابن سلام 271، والبيان والتبيين 1/ 162، 4/ 17. يضرب المثل لمن يحمل على من ليس من شأنه. 2 لأنهم لا يشترطون في الوصف اعتماده على نفي أو شبهه. انظر الدرر 1/ 32. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 63 "قولهم" بالجر، وهم العرب " للمرأة حماة" فإنه يستدعي أن يقولوا للرجل حما؛ لأن صيغة المؤنث هي صيغة المذكر بزيادة تاء التأنيث، فلما اتصلت التاء نقل الإعراب من الألف إليها، وظهر؛ لأنها حرف صحيح، والمذكر على أصله، فيقدر الإعراب فيه، ونظير ذلك: فتى وفتاة. وحاصل ما ذكره تبعا لأصله: أن الأسماء على ثلاثة أقسام: ما فيه لغة واحدة، وهو "ذو" بمعنى صاحب، و"الفم" بغير الميم. وما فيه لغتان، وهو "الهن"، فإنه فيه النقص والإتمام. وما فيه ثلاث لغات، وهو "الأب والأخ والحم"، فإنه فيهن الإتمام والنقص والقصر. "الباب الثاني" من أبواب النيابة "المثنى": وهو في الأصل المعطوف، من ثنيت العود: إذا عطفته، وفي الاصطلاح: "ما وضع لاثنين وأغنى عن المتعاطفين" فـ"ما وضع": جنس، و"لاثنين": فصل أول مخرج لما وضع لأقل، كرجلان للماشي، أو أكثر كصنوان، و"أغنى عن المتعاطفين": فصل ثان مخرج لنحو: كلا وكلتا، واثنان واثنتان، وشفع وزوج، وزكًا بالتنوين: اسم للشيئين، ودخل فيه نحو: القمران للشمس والقمر. قال الموضح في شرح اللمحة: "والذي أراه أن النحويين يسمون هذا النوع مثنى لعدم ذكرهم له فيما حمل على المثنى، وغايته أن هذا مثنى في أصله تجوز". ا. هـ. وصرح المرادي بأنه ملحق بالمثنى، ودخل فيه أيضا تثنية المفرد المذكر اسما كان أو صفة "كالزيدان" المسلمان, "و" المؤنث كذلك نحو: "الهندان" المسلمتان، وتثنية الجمع المكسر كالجمالان، وتثنية اسم الجمع كالركبان، وتسمية اسم الجنس كالغنمان، وثبوت الألف مع الجار في هذه الأمثلة من استعمال الشيء في أول أحواله؛ وهو الرفع، واقترانها بـ"أل" المعرفة عوض عن تعريف العلمية الذاهب عند إرادة التثنية فيما أصله العلمية، وجميع ذلك معرب على الأصح، "فإنه يرفع بالألف، ويجر وينصب بالياء المفتوح ما قبلها المكسور ما بعدها"، وإلى ذلك الإشارة بقوله: 32- بالألف ارفع المثنى ............ ... ..................................... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 64 مع قوله: 34- وتخلف اليا في جميعها الألف ... جرا ونصبا بعد فتح قد ألف وقدم الجر على النصب؛ لأن الجر أصله؛ والنصب هنا محمول عليه، وذهب الزجاج إلى أن المثنى مبني. ويشترط في كل ما يثنى عند الأكثرين ثمانية شروط: أحدها: الإفراد، فلا يثنى المثنى، ولا المجموع على حده، ولا الجمع الذي لا نظير له في الآحاد. الثاني: الإعراب، فلا يثنى المبني، وأما نحو: ذان وتان واللذان واللتان، فصيغ موضوعة للمثنى، وليست مثناة حقيقة على الأصح، عند جمهور البصريين. الثالث: عدم التركيب، فلا يثنى المركب تركيب إسناد اتفاقا، ولا مزج على الأصح، وأما المركب تركيب إضافة مع الإعلام فيستغنى بتثنية المضاف عن تثنية المضاف إليه. الرابع: التنكير، فلا يثنى العلم باقيا على علميته، بل ينكر ثم يثنى. الخامس: اتفاق اللفظ، وأما نحو: الأبوان للأب والأم؛ فمن باب التغليب. السادس: اتفاق المعنى، فلا يثنى المشترك، ولا حقيقة والمجاز، وأما قولهم: "القلم أحد اللسانين" فشاذ. السابع: أن لا يستغنى بتثنية غيره عن تثنيته، فلا يثنى "سواء" لأنهم استغنوا بتثنية "سي" عن تثنيته، فقالوا: "سيان"، ولم يقولوا: "سواءان". وأن لا يستغنى بملحق بالمثنى عن تثنيته، فلا يثنى "أجمع وجمعاء"، استغناء بـ"كلا وكلتا". الثامن: أن يكون له ثان في الوجود. فلا يثنى الشمس ولا القمر، وأما قولهم: "القمران" للشمس والقمر فمن باب المجاز. فما استوفى هذه الشروط فهو مثنى حقيقة؛ يعرب بالألف رفعا، وبالياء جرا ونصبا على اللغة المشهورة. ومن العرب من يلزم الألف في الأحوال الثلاثة؛ ويعربه بحركات مقدرة على الألف، ومنهم من يلزمه الألف دائما، ويعربه بحركات ظاهرة على النون؛ إجراء للمثنى مجرى المفرد، قاله المرادي في شرح التسهيل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 65 "و" المثنى الحقيقي "حملوا عليه" في الإعراب بالحروف "أربعة ألفاظ" اقتصر عليها في النظم "اثنين واثنتين" في لغة الحجازيين، و"ثنتين" في لغة التميميين "مطلقا"، سواء أفردا أو ركبا مع العشرة، أو أضيفا إلى ظاهر أو مضمر. ويمتنع إضافتهما إلى ضمير تثنية، فلا يقال: جاء الرجلان اثناهما والمرأتان اثنتاهما؛ لأن ضمير التثنية نص في "الاثنين" فإضافة الاثنين إليه من إضافة الشيء إلى نفسه قاله الموضح في شرح اللمحة. "وكلا وكلتا" بشرط أن يكونا "مضافين لمضمر"، تقول: جاءني الرجلان كلاهما والمرأتان كلتاهما، ورأيت الرجلين كليهما والمرأتين كلتيهما، ومررت بالرجلين كليهما والمرأتين كلتيهما، "فإن أضيفا إلى ظاهر لزمتهما الألف" في الأحوال الثلاثة، وكانا معربين بحركات مقدرة على الألف إعراب المقصور، تقول: جاءني كلا الرجلين وكلتا المرأتين، ورأيت كلا الرجلين وكلتا المرأتين، ومررت بكلا الرجلين وكلتا المرأتين، فعلى هذا ألف "كلا" كألف "عصا"، وألف "كلتا" كألف "حبلى" ووزن "كلا" فعل كـ"مِعًى"، وألفها قيل: عن واو، لقلبها تاء في "كلتا"، وقيل: عن ياء لقلبها ياء في التثنية عند سيبويه1؛ إذا سمي بها. ووزن "كلتا" فِعْلَى كـ"ذكرى" وألفها للتأنيث، والتاء بدل عن لام الكلمة، وهي إما واو وهو اختيار ابن جني، أو ياء وهو اختيار أبي علي، والتفرقة بين الإضافة إلى ظاهر والإضافة إلى مضمر هي اللغة المشهورة، وهي من إعطاء الأصل للأصل والفرع للفرع2. ووراء هذه التفرقة إطلاقان: أحدهما الإعراب بالحروف مطلقا، وهي لغة كنانة، والثاني: الإعراب بالحركات مطلقا، وهي لغة بلحارث، حكاها الفراء. ويلتحق أيضا بالمثنى ما سمى به منه، كـ"زيدان" علما، فيرفع بالألف، ويجر وينصب بالياء، ويجوز في هذا النوع أن يُجرى مجرى سلمان، فيعرب إعراب ما لا ينصرف للعلمية وزيادة الألف والنون، وإذا دخل عليه "أل" جر بالكسرة كقوله: [من الطويل] 27- ألا يا ديار الحي بالسبعان ... .............................. وهو اسم موضع نقل من تثنية سبع.   1 الكتاب 3/ 364. 2 انظر الإنصاف 2/ 450، المسألة رقم 62، والدرر 1/ 42-44. 27- عجز البيت: "أمل عليها بالبلى الملوان" ، وهو لابن مقبل في الاقتضاب ص787. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 66 "الباب الثالث": من أبواب النيابة "باب جمع المذكر السالم": وهو الجمع الذي على هجاءين1، "كالزيدون" من الأسماء، "والمسلمون" من الصفات. وأتى بالمثال مع الجار مرفوعًا؛ لأنه أول أحواله، وهو معرب خلافًا للزجاج2، "فإنه يرفع بالواو المضموم ما قبلها" لفظًا، نحو: جاء الزيدون، أو تقديرًا نحو: {وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ} [آل عمران: 139] "ويجر وينصب بالياء المكسور ما قبلها" لفظًا، نحو: رأيت الزيدين، ومررت بالزيدين، أو تقديرًا، نحو: رأيت المصطفين، {وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَار} [ص: 47] ، وإلى هذا أشار الناظم بقوله: 35- وارفع بواو وبيا اجرر وانصب ... سالم جمع عامر ومذنب وإنما فتح ما قبل ياء المثنى وكسر ما قبل ياء الجمع لوجهين: أحدهما: أن المثنى أكثر من الجمع، فخص بالفتحة؛ لأنها أخف من الكسرة؛ بخلاف الجمع. والثاني: أن نون المثنى كسرت على أصل التقاء الساكنين، فلم يجمع بين كسرتها وكسر ما قبل الياء؛ فرارًا من ثقل الكسرتين؛ وبينهما ياء، ثم عكسوا ذلك في الجمع ليحصل الفرق بين المثنى والجمع، ليعتدل اللفظ، فيصير في كل واحد منهما ياء بين فتحة وكسرة. قاله أبو البقاء في شرح لمع ابن جني. "ويشترط في كل ما يجمع هذا الجمع" من اسم أو صفة "ثلاثة شروط: أحدها: الخلو من تاء التأنيث، فلا يجمع" هذا الجمع من الأسماء، "نحو: طلحة، و" لا من الصفات، نحو: "علامة" بتشديد اللام لئلا يجتمع فيهما علامتا التأنيث والتذكير، ولو حذفت التاء التبس بالمجرد منها: وقيد التأنيث بالتاء احترازًا من التأنيث بالألف، كحبلى وحمراء علمين لرجلين، فإنهما يجمعان هذا الجمع بحذف المقصورة وقلب الممدودة واوًا، فيقال الحبلون والحمراوون. الشرط "الثاني: أن يكون لمذكر" مناسبة بينهما، "فلا يجمع" هذا الجمع علم المؤنث، "نحو: زينب، و" لا صفة المؤنث، نحو: "حائض"، لئلا يلتبس جمع   1 أي: على حرفين؛ وهما: الواو رفعًا، والياء في غيره، وقد يقال: الهجاءان الواو والنون رفعًا؛ والياء والنون نصبًا وجرًّا. "حاشية يس 1/ 69". 2 في حاشية يس 1/ 69: "قال الزرقاني: أي: فإنه عنده مبني، وبناؤه على الواو في: جاء الزيدون، وعلى الياء في: رأيت الزيدين ومررت بالزيدين". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 67 المذكر يجمع المؤنث، فلو كان نحو زينب علما لمذكر جاز أن يجمع هذا الجمع لعدم اللبس، فلو كان نحو زيد علما لامرأة امتنع أن يجمع هذا الجمع لما تقدم. الشرط "الثالث: أن يكون لعاقل" مناسبة بينهما؛ لأن هذا الجمع مخصوص بالعقلاء، "فلا يجمع" هذا الجمع، "نحو: "واشق"، علما لكلب، و"سابق": صفة الفرس"، لعدم العقل فلو كان "واشق": علما لرجل، و"سابق": صفة له جمع هذا الجمع، وجميع هذه الشروط جارية في الاسم والصفة. "ثم يشترط" لانفراد كل منهما عن الآخر "أن يكون إما علما"؛ لأن هذا الجمع يجبر العلمية الزائلة لأجلة، وأن يكون العلم "غير مركب تركيبا إسناديا ولا مزجيا، فلا يجمع" المركب الإسنادي، "نحو: بَرَقَ نَحْرُهُ" علما اتفاقا؛ لأن المحكي لا يغير، "و" لا المزجي نحو: "معديكرب" ونحو: سيبويه على الأصح فيهما، تشبيها بالمحكي في التركيب. وقيل: يجوز مطلقا، وقيل: إن خُتِم بـ"ويه" جاز، وإلا فلا. وعلى الجواز في المختوم بـ"ويه"، فمنهم من يلحق العلامة بآخره فيقول: سيبويهون، ومنهم من يحذف "ويه" ويقول: سيبون، وسكت عن المركب الإضافي فإنه يجمع أول المتضايفين ويضاف للثاني، فيقول في غلام زيد علما: غلامو زيد؛ وغلامي زيد، وعن الكوفيين إجازة جمعها معا، فيقال: غلامو الزيدين، وغلامي الزيدين؛ بكسر الدال فيهما، ودخل في قوله: "علما" ما كان علما على التوكيد نحو: "أجمع" فإنه يقال في جمعه: أجمعون. "وإما صفة" يصح جمعها بالألف والتاء، وهي التي "تقبل التاء" المقصود بها معنى التأنيث، فلا يجمع هذا الجمع، نحو: علامة ونسابة؛ لأن التاء فيهما لتأكيد المبالغة لا لقصد معنى التأنيث، "أو" صفة لا تقبل التاء ولكنها "تدل على التفضيل"، فالصفة التي تقبل التاء المذكورة، "نحو: قائم"؛ من المجرد، "ومذنب"؛ من المزيد، تقول: قائمة ومذنبة، "و" الصفة التي تدل على التفضيل، نحو: "أفضل"، فهذه الصفات الثلاث تجمع هذا الجمع، كما تجمع بالألف والتاء فيقال: قائمون ومذنبون وأفضلون، كما يقال: قائمات ومذنبات وفضليات، "فلا يجمع" هذا الجمع، "نحو: جريح" بمعنى مجروح، "وصبور" بمعنى صابر، "وسكران وأحمر"؛ لأنها لا تقبل التاء، ولا تدل على تفضيل؛ لأن جريحا وصبورا مما يستوي فيه المذكر والمؤنث، وسكران مؤنثه سكرى، وأحمر مؤنثه حمراء، فلا يقال: جريحون وصبورون وسكرانون وأحمرون، كما لا يقال: جريحات وصبورات وسكرانات وحمراوات، فلو جعلت أعلاما جاز الجمعان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 68 "فصل": "وحملوا على هذا الجمع" السالم للمذكر "أربعة أنواع" أعربت بالحروف، وليست جمع تصحيح نبه عليها في النظم بقوله: 36- ... وبه عشرونا ... وبابه ألحق والأهلونا 37- أولو وعالمون عليونا ... وأرضون شذ والسنونا 38- وبابه .............. ... .......................... فهذه كلها ترجع إلى أربعة أنواع: "أحدها: أسماء جموع وهي: أولو" بمعنى أصحاب، اسم جمع "ذو" بمعنى صاحب، وقيل: جمع "ذو" على غير لفظه، "وعالمون": اسم جمع "عالم" بفتح اللام، وليس جمعا له لأن العالم عام في العقلاء وغيرهم، والعالمون مختص بالعقلاء، والخاص لا يكون جمعا لما هو أعم منه. قاله ابن مالك، وتبعه الموضح هنا. وذهب كثير إلى أنه جمع عالم على حقيقة الجمع، ثم اختلفوا في تفسير العالم الذي جمع هذا الجمع، فذهب أبو الحسن إلى أنه أصناف الخلق العقلاء وغيرهم، وهو ظاهر كلام الجوهري، وذهب أبو عبيدة إلى أنه أصناف العقلاء فقط، وهم الإنس والجن والملائكة. "وعشرون، وبابه" وهو سائر العقود "إلى التسعين" وكلها في التنزيل؛ قال الله تعالى: {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ} [الأنفال: 65] ، {وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً} [الأعراف: 142] {فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا} [العنكبوت: 14] {فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا} [المجادلة: 4] {ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا} [الحاقة: 32] {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} [النور: 4] {إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً} [ص: 23] . "و" النوع "الثاني جموع التكسير" تغير فيها بناء الواحد، وأعربت بالحروف "وهي بنون" جمع ابن، وقياس جمعه جمع السلامة ابنون، كما يقال في تثنيته ابنان، ولكن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 69 خالف تصحيحه تثنيته لعلة تصريفية أدت إلى حذف الهمزة. "وإحرون" بكسر الهمزة، وحكى يونس فتحها1، وبفتح الهاء المهملة وتشديد الراء جمع حَرَّة، بفتح الحاء: أرض ذات حجارة سود نخرة كأنها أحرقت بالنار، وأصلها أحرة كما يفهم من قول الجوهري، كأنه جمع أحرة، وعلى هذا يشكل المثالان؛ لأن "بنون" جمع باعتبار أصله وهو: "بنو"، و"أحرون" جمع باعتبار أصله وهو "أحرة"، فصار من جمع السلامة بلا تكسير، ويجاب بأن ذلك الأصل قد ترك وصار نسيا منسيا. "وأرضون" بفتح الراء: جمع أرض؛ بسكونها؛ وجمع هذا الجمع لأنه ربما يورد في مقام الاستعظام، كقوله: [من الطويل] 28- لقد ضجت الأرضون إذ قام من بني ... سدوس خطيب فوق أعواد منبر إلا أنه سكن الراء للضرورة، "وسنون" بكسر السين جمع سنة بفتحها، اسم للعام، ولامها واو أو هاء، لقولهم: سنوات وسنهات، "وبابه" الجاري على سننه، وضابطه مستفاد من قوله: "فإن هذا الجمع مطرد في كل" اسم "ثلاثي حذفت لامه، وعوض عنها التأنيث، ولم يكسر" تكسيرا يعرب بالحركات، "نحو: عضة وعضين" وأصل عضة: عضة؛ بالهاء، من العَضْه، وهو الكذب والبهتان، وفي الحديث: "لا يعضه بعضكم بعضا" 2، وقيل أصله: عضو، من قولهم: عضيته تعضية؛ إذا فرقته، ومنه قول رؤبة: [من الرجز] 29- وليس دين الله بالمعضي أي: المفرق. فعلى الأول لامها هاء. ويدل له تصغيرها على عضيهة، وعلى الثاني واو ويدل له جمعها على عضوات، فكل من التصغير والجمع يردان الشيء إلى أصله، "وعزة وعزين"، فالعزة، بكسر العين المهملة وفتح الزاي، أصلها: "عزي"، فلامها ياء، وهو الفرقة من الناس، و"العزين": الفرق المختلفة؛ لأن كل فرقة تعتزي إلى غير من تعتزي إليه الأخرى، "وثبة وثبين"، والثبة، بضم الثاء المثلثة وفتح الموحدة:   1 في الكتاب 3/ 600 "وزعم يونس أنهم يقولون أيضا: حرة وإحرون" بكسر الهمزة؛ وليس بفتحها. 28- تقدم تخريج البيت برقم "2". 2 النهاية 3/ 254، وهو من حديث البيعة، واستشهد به ابن هشام في شرح شذور الذهب ص61. 29- الرجز لرؤبة في ديوانه ص81، وشرح شذور الذهب ص60، ومقاييس اللغة 4/ 347، ولذي الرمة في شرح الأشموني 1/ 36، وليس في ديوانه، وبلا نسبة في لسان العرب 15/ 68 "عضا"، وكتاب العين 2/ 193. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 70 الجماعة، وأصلها: ثَبْو، وقيل: ثَبْي، من ثبيت أي: جمعت، فلامها على الأول واو، وعلى الثاني ياء، وأما الثبة التي هي وسط الحوض، فليست مما نحن فيه على الصحيح؛ لأنها محذوفة العين لا اللام، من ثاب يثوب إذا رجع، وقيل: بل هي محذوفة اللام أيضا، من ثبيت، فعلى الأول لا تجمع بالواو والنون؛ وتجمع على الثاني بهما. وحاصل ما ذكره من محذوف اللام، ثلاثة أنواع: مفتوح الفاء، نحو: سنة، ومكسورها، نحو: عِضة وعِزة، ومضمومها، نحو: ثبة، فما كان مفتوح الفاء كسرت فاؤه في الجمع، نحو: سنين، وما كان مكسور الفاء لم يغير في الجمع، نحو: عِضين وعِزين، وما كان مضموم الفاء ففيه في الجمع وجهان: الضم والكسر، نحو: ثبين بضم الثاء وكسرها. وهو الأكثر، ووقع جمع سنة وعضة وعزة في التنزيل "قال الله تعالى: {كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ} [المؤمنون: 112] ، فـ"سنين": مجرور بإضافة عدد إليه وعلامة جره الياء، " {الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ} [الحجر: 91] فـ"عضين": مفعول ثان لـ"جعلوا" وعلامة نصبه الياء، {فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ، عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ} [المعارج: 36، 37] فـ"عزين": صفة لـ"مهطعين"، و"مهطعين": حال من "الذين كفروا"، وهو منصوب وعلامة نصبه الياء، ولم يقع جمع ثبة في التنزيل إلا بالألف والتاء نحو: {فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ} [النساء: 71] ، "ولا يجوز ذلك" الجمع المعرب بالحروف "في نحو: "تمرة" لعدم الحذف، ولا في نحو: عِدَة1 وزنة" غير علمين، "لأن المحذوف" منهما "الفاء" لا اللام، وأصلهما: وعد ووزن؛ بكسر أولهما وسكون ثانيهما، فاستثقلت الكسرة على الواو، فنقلت إلى ما بعدها، ثم حذفت الواو وعوض منها الهاء. وشذ "لِدُون" جمع "لِدَة"، وأصلها ولد، وهي المساوي في السن، فإن كان علمين لمذكر جمعا هذا الجمع، فيقال: عِدون وزِنون, "ولا" يجوز ذلك "في نحو: يد ودم" لعد التعويض من لامهما المحذوفة، وأصلهما: يَدْي ودَمْي؛ بسكون الدال والميم. وذهب الكوفيون إلى فتح الدال، واختاره ابن طاهر. وذهب المبرد إلى فتح الميم2، وضعفه الجاربردي. وحذفت لامهما على غير قياس، وجعل الإعراب على عينهما، "وشذ أبون وأخون" وهنون، فإنها جمعت هذا الجمع مع عدم التعويض، وأصلها: أبو وأخو وهنو،   1 في ط: "نحو قاعدة" تصحيف واضح. 2 المقتضب 1/ 231، وانظر المسائل العضديات، المسألة رقم 111، ص269-272. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 71 فحذفت لاماتها كما مر، ولم يعوض منها شيء. "ولا" يجوز ذلك "في اسم وأخت وبنت؛ لأن العوض" فيهن عن لامهن المحذوفة "غير الهاء". أما "اسم" فأصله سمو عند البصريين1، فحذفت لامه، وعوض منها الهمزة في أوله، وأما "أخت وبنت"، فظاهر كلامه هنا أن أصلهما أخو وبنو، حذفت لامهما، وعوض منها تاء التأنيث؛ لا هاء التأنيث والفرق أن تاء التأنيث فيهما لا تبدل في الوقف هاء، وتكتب مجرورة، وهاء التأنيث، يوقف عليها بالهاء، وتكتب مربوطة. وذهب يونس إلى أن تاء "أخت وبنت" ليست للتأنيث؛ لأن ما قبلها ساكن صحيح؛ ولأنها لا تبدل في الوقف هاء2، ونقل ذلك الموضح عنه في باب النسب وسلمه، وادعى أن الصيغة كلها للتأنيث، وسيأتي قول إن التاء فيهما للإلحاق بجذع وقفل إلحاقا للثنائي بالثلاثي. "وشذ بنون" جمع ابن؛ لأن المعوض فيه همزة الوصل، وأصله "بنو"؛ لأن مؤنثه بنت، ولم نر هذه التاء تلحق مؤنثا إلا ومذكره محذوف الواو، قاله الجوهري. "ولا" يجوز ذلك "في نحو: شاة وشفة" وإن كانا محذوفي اللام، معوضا عنها هاء التأنيث؛ "لأنهما كسرا" تكسيرا يعرب بالحركات، وذلك أن "شاة" كسرت "على شياه، و" "شفة" كسرت على "شفاه" بالهاء فيهما، وأصل "شاة": شوهة؛ بسكون الواو؛ كصفحة، فلما ألقيت الواو والهاء لزم انفتاحها، فانقلبت ألفا فصار شاهة، فحذفت لامها وهي الهاء، وعوض منها هاء التأنيث، وأصل "شياه": شواه، قبلت الواو ياء لانكسار ما قبلها. وأصل "شفة": شفهة، حذفت لامها وهي الهاء أيضا، وعوض منها هاء التأنيث، والدليل على أن لامهما هاء؛ تصغيرهما على شويهة وشفيهة، وتكسيرهما على شياه وشفاه، والتصغير والتكسير يردان الأشياء إلى أصولها. وزعم قوم أن لام "شفة" واو، لقولهم في الجمع: شفوات، قال الجوهري: ولا دليل على صحته، إنما لم يجمعا بالحروف؛ لأن العرب استغنت بتكسيرهما عن تصحيحهما. وشذ "ظبون" جمع "ظبة"، فإنهم كسروها على ظُبا ولامها واو محذوفة، والهاء عوض منها، والظبة؛ بكسر الظاء المعجمة وفتح الموحد: طرف السيف والسهم، وأصلها: ظبو، لقولهم: ظبوته إذا أصبته بالظبة. "و" النوع "الثالث" مما حمل على هذا الجمع: "جموع تصحيح لم تستوف الشروط" المتقدمة في الاسم والصفة، "كأهلون" جمع أهل، وهم العشيرة، "ووابلون"   1 الإنصاف 1/ 6، المسألة رقم1: "الاختلاف في أصل اشتقاق الاسم". 2 في الكتاب 3/ 361: "وأما يونس فيقول: أختي؛ وليس بقياس". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 72 جمع وابل، وهو المطر الغزير، "لأن أهلا ووابلا ليسا علمين ولا صفتين؛ ولأن وابلا لغير عاقل". وتقدم أن شرط هذا الجمع أن يكون لعلم من يعقل أو صفته، ووقع جمع "أهل" في التنزيل دون "وابل"، قال الله تعالى: {شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا} [الفتح: 11] {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} [المائدة: 89] {إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا} [الفتح: 12] . "و" النوع "الرابع: ما سمي به من هذا الجمع" المستوفي للشروط، "و" من "ما ألحق به". فالثاني "كعليون" فإنه ملحق بهذا الجمع، ومسمى به أعلى الجنة1، قال الله تعالى: {إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ، وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ} [المطففين: 18، 19] وهو في الأصل جمع "عِلِّىٍّ" بكسر العين واللام مع تشديد اللام والياء، ووزنه فعيل، من العلو. ونقل الغزنوي عن يونس أن واحد عليين: عِلِّي وعِلّية، وهي الغرفة. "و" الأول نحو: "زيدون، مسمى به" شخص، فيعربان بالحروف إجراء لهما على ما كانا عليه قبل التسمية بهما، وإن كانا مفردين حينئذ. "ويجوز في هذا النوع" المسمى به، "أن يجرى" في الإعراب "مجرى غسلين"، وهو ما يسيل من جلود أهل النار، "في لزوم الياء" في الأحوال الثلاثة، "والإعراب بالحركات" الثلاثة ظاهرة على النون، حال كونها "منونة" إن لم يكن أعجميا، فتقول: هذا زيدين وعليين، ورأيت زيدينا وعليينا، ومررت بزيدين وعليين، فإن كانا أعجميا امتنع التنوين، وأعرب إعراب ما لا ينصرف، فتقول: هذه قنسرين، وسكنت قنسرين، ومررت بقنسرين، وإطلاقه تبعا للناظم في قوله: 38- ........................ ومثل حين قد يرد ... ذا الباب ........................................ محمول على المنصرف بقرينة التشبيه، وعدل عن التشبيه بـ"حين" إلى التشبيه بـ"غسلين"، لأنه يشبه الجمع في كونه ذا زيادتين، الياء والنون. "ودون هذا" المجرى من لزوم الياء والإعراب بالحركات على النون منونة "أن يجرى مجرى" هارون، في لزوم الواو والإعراب على النون غير منونة للعلمية وشبه العجمة، كحمدون،   1 كذا قال ابن عقيل في شرحه 1/ 63، وذكر الصبان في حاشيته على الأشموني 1/ 83، نقلا عن الكشاف للزمخشري أنه اسم لديوان الخبر الذي دون فيه كل ما عملته الملائكة وصلحاء الثقلين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 73 قالوا: هذا ياسمون بضم النون من غير تنوين، أو يجرى مجرى "عَرَبون" بفتح العين والراء المهملتين وبالموحدة "في لزوم الواو، والإعراب بالحركات" الثلاث "على النون" حال كونها "منونة"، فتقول: هذا زيدون، ورأيت زيدونا، ومررت بزيدون، "كقوله": [من الخفيف] 30- طال ليلي وبت كالمجنون ... " واعترتني الهموم بالماطرون" بكسر النون، وعدم التنوين لوجود "أل"، ويحتمل أن يكون من باب "هارون"، وهذا البيت قال ابن بري في حواشي الصحاح: إنه لأبي ذهل الخزاعي1، ردا على الجوهري حيث زعم أن لعبد الرحمن بن حسان بن ثابت الأنصاري2. و"الماطرون"؛ بالميم والطاء المهملة: موضع بناحية الشام، قاله صاحب القاموس3، وهو جمع ماطر مسمى به. "ودون هذه" اللغة "أن تلزمه الواو وفتح النون" مطلقا، ذكره السيرافي وزعم أن ذلك صحيح من كلام العرب، ونظير هذه من يلزم المثنى بالألف مطلقا وكسر النون، ويقدر الإعراب، كقوله، وهو يزيد بن معاوية في نصرانية كانت قد ترهبت في دير خراب عن الماطرون: [من المديد] 31- "ولها بالماطرون إذا ... أكل النمل الذي جمعا" الرواية بفتح النون في الماطرون، وتقدم أنه اسم موضع، وأورده في الصحاح في فصل النون من باب الراء بالنون في أوله وكسر النون في آخره، فغير أوله بالنون بدل الميم، وآخره بالكسر بدل الفتح، قاله الموضح في الحواشي، والهاء من "لها" تعود على   30- البيت لأبي دهبل الجمحي في ديوانه ص68، والأغاني 7/ 122، وخزانة الأدب 7/ 314، 315، ولسان العرب 4/ 242 "خصر"، 13/ 224 "سنن"، ومعجم ما استعجم ص409، والمقاصد النحوية 1/ 141، ولعبد الرحمن بن حسان في ديوانه ص59، والأغاني 15/ 109، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 53، وجواهر الأدب ص158، والخصائص 3/ 216، والممتع في التصريف 1/ 157. 1 كذا في جميع النسخ، والصواب: "لأبي دهبل الجمحي". 2 ديوانه ص59. 3 القاموس 2/ 135 "مطر"، وفي معجم البلدان 5/ 43: "الماطرون: موضع بالشام قرب دمشق". 31- البيت ليزيد بن معاوية في ديوانه ص22، والمقاصد النحوية 1/ 48، ومعجم البلدان 5/ 43 "الماطرون"، وله أو للأحوص في خزانة الأدب 7/ 309، 310، 311، 312، والكامل ص498، وللأحوص الأنصاري في ديوانه ص221، ولأبي دهبل الجمحي في ديوانه ص85، والحيوان 4/ 10، والمستقصى 1/ 51، وللأخطل في لسان العرب 13/ 409 "مطرن"، وبلا نسبة في سر صناعة الإعراب 2/ 626، ولسان العرب 5/ 180 "مطر"، والممتع في التصريف 1/ 158. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 74 النصرانية، والجار والمجرور في موضع الخبر، لقوله: "خِرْفَة" في البيت بعده1، و"الباء" للظرفية، والمعنى: لهذه النصرانية خرفة وقت أكل النمل الذي جمعه، وأراد به أيام الشتاء، فإن النمل يحزن ما يجمعه تحت الأرض ليأكله أيام الشتاء. والخرفة؛ بكسر الخاء المعجمة: ما يخترف من النمر؛ أي: يجتني. "وبعضهم" أي: العرب "يجري بنين وباب سنين" وإن لم يكن علما "مجرى غسلين" في لزوم الياء والحركات على النون منونة غالبا، على لغة بني عامر، وغير منونة على لغة بني تميم، حكاه عنهم الفراء، ولا تسقط النون للإضافة "قال" أحد أولاد علي بن طالب رضي الله عنه: [من الوافر] 32- "وكان لنا أبو حسن علي ... أبا برا ونحن له بنين" الرواية "بنين" بالياء، والإعراب على النون، "قال" الصمة بن عبد الله بن الطفيل: [من الطويل] 33- "دعاني من نجد فإن سنينه" ... لعبن بنا شيبا وشيبننا مردا الرواية "سنينه" بإثبات النون، ولم تسقط للإضافة، وعلامة نصبه الفتحة لا الياء، وإلا لقال: فإن سنيه؛ بحذف النون للإضافة، وهذه لغة بني عامر، فإنهم يعربون المعتل اللام بالحركات الثلاث على النون مع لزوم الياء؛ لأنها أخف عليهم؛ ولأن النون قامت مقام الذاهب من الكلمة، ولو كان الذاهب موجودا لكان الإعراب فيه كسائر المفردات، فكذلك يكون ما قام مقامه. وقوله: "دعاني": أمر، ومعناه: اتركاني من نجد، وهو من خطاب الواحد بلفظ الاثنين على عادتهم، و"شيبا"؛ بكسر الشين: جمع أشيب، وهو حال من المجرور بالباء، و"مردا": حال من مفعول شيبننا، "وبعضهم"؛ أي: النحاة؛   1 تمام البيت: "خرفة حتى إذا ارتبعت ... سكنت من جلق بيعا". 32- البيت لأحد أولاد علي بن أبي طالب رضي الله عنه في المقاصد النحوية 1/ 156، ولسعيد بن قيس الهمداني في خزانة الأدب 8/ 75، 76، 78، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 55، وخزانة الأدب 8/ 60. 33- البيت للصمة بن عبد الله القشيري في ديوانه ص60، وتخليص الشواهد ص71، وخزانة الأدب 8/ 58، 59، 61، 62، 76، وشرح شواهد الإيضاح ص597، وشرح المفصل 5/ 11، 12، والمقاصد النحوية 1/ 169، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 57، والاقتضاب ص69، 645، وجواهر الأدب ص157، وشرح ابن الناظم ص27، وشرح الأشموني 1/ 37، وشرح ابن عقيل 1/ 65، ولسان العرب 3/ 13 "نجد"، 13/ 501 "سنه"، ومجالس ثعلب ص177، 320، وعمدة الحفاظ 2/ 228 "سنن"، ومعاني القرآن للفراء 2/ 92، والمسائل العضديات 125. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 75 "يطرد هذه اللغة"، وهي لزوم الياء والإعراب على النون منونة "في جمع المذكر السالم، و" في "كل ما حمل عليه"؛ لأن باب الياء أوسع من باب الواو، وهذا أعم من قول الناظم وهو يعني باب سنين: 38- ......................... ... ................ عند قوم يطرد "ويخرج عليها قوله": [من الخفيف] 34- رب حي عرندس ذي طلال ... "لا يزالون ضاربين القباب" الرواية: "ضاربين" بإثبات النون مع الإضافة إلى "القباب"، فدل على أن "ضاربين" معرب بالفتحة على النون كمساكين؛ لا بالياء، وإلا لحذفت النون للإضافة، وقيل: "ضاربي"، ورد بأنه يحتمل أن يكون الأصل: ضاربين ضاربي القباب، فحذف البدل الذي هو "ضاربي" لدلالة المبدل منه وهو ضاربين عليه، قاله في المغني1. ويحتمل أن يكون الأصل: ضاربين نفس القباب، فحذف المضاف وبقي المضاف إليه على حاله، ويحتمل أن يكون "القباب" منصوبا بـ"ضاربين"، والأصل: القبابي؛ بياء النسب في الجمع، ثم حذف إحدى الياءين، وأسكن الياء الباقية، و"عرندس"؛ بفتح العين والراء المهملتين وسكون النون وفتح الدال وفي آخره سين مهملة: الشديد القوي، و"الطلال"؛ بفتح الطاء المهملة وتخفيف اللام، الحالة الحسنة والهيئة الجميلة، و"القباب"؛ بكسر القاف: جمع قبة، وهي التي تتخذ من الأديم والخشب واللبد ونحوها، وقد تطلق على ما يتخذ من البناء، و"قوله" وهو سحيم: [من الوافر] 35- وماذا تبتغي الشعراء مني ... "وقد جاوزت حد الأربعين"   34- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 59، وتخليص الشواهد ص75، وخزانة الأدب 8/ 61، والدرر 1/ 53، وشرح الأشموني 1/ 37، ومغني اللبيب ص643، والمقاصد النحوية 1/ 176، وهمع الهوامع 1/ 47. 1 مغني اللبيب ص643، وانظر الدرر 1/ 53. 35- البيت لسحيم بن وثيل في الأصمعيات ص19، وإصلاح المنطق ص156، وتخليص الشواهد ص74، وتذكرة النحاة ص480، وخزانة الأدب 8/ 61، 62، 65، 67، 68، وحماسة البحتري ص13، والدرر 1/ 56، وسر صناعة الإعراب 2/ 627، وشرح ابن عقيل 1/ 68، وشرح المفصل 5/ 11، ولسان العرب 3/ 513 "نجذ"، 8/ 99 "ربع"، 14/ 255 "دري"، والمقاصد النحوية 1/ 191، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 7/ 248 وأوضح المسالك 1/ 61، وجواهر الأدب ص155، وشرح ابن الناظم ص28، وشرح الأشموني 1/ 38، 39 والمقتضب 3/ 332، وهمع الهوامع 1/ 49. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 76 الرواية بكسر النون، على أنها كسرة إعراب، وبه قال الأخفش الأصغر علي بن سليمان، ولم يفرق بين العقود وغيرها، وجعله بمنزلة الجمع المكسر، وجعل إعرابه في آخره، كما يفعل في فتيان، وقال الأعلم يوسف الشنتمري: هو في السنين والعقود أمثل منه في المسلمين ونحوه؛ لأنه لفظ مخترع للعقود، فهو أشبه بالواحد الذي إعرابه بحركة آخره من المسلمين ونحوه، ولا دليل لهما في هذا البيت لجواز أن تكون كسرة النون فيه كسرة بناء ضرورة، كما سيأتي، وبذلك صرح ابن جني1.   1 سر صناعة الإعراب 2/ 627. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 77 "فصل": في حكم حركة نون الجمع والمثنى وما ألحق بهما المشار إليها في النظم بقوله: 39- ونون مجموع وما به التحق ... فافتح وقل من بكسره نطق 40- ونون ما ثني والملحق به ... بعكس ذاك استعملوه فانتبه ولما كان المثنى سابقا على الجمع قدمه الموضح عليه فقال: "نون المثنى وما حمل عليه مكسورة" بعد الألف والياء، على أصل التقاء الساكنين، وضمها بعد الألف لغة كقوله: [من الرجز] 36- يا أبتا أرقني القذّان ... فالنوم لا تألفه العينان بضم النون، والقِذّان، بكسر القاف وإعجام الذال المشددة: جمع قذذ، وهو البرغوث. "وفتحها بعد الياء لغة" لبني أسد حكاهما الفراء1، "كقوله" وهو حميد بن ثور، وقيل: أبو خالد؛ يصف قطاة: [من الطويل] 37- "على أحوذيين استقلت عشية" ... فما هي إلا لمحة وتغيب الرواية بفتح النون من أحوذيين تثنية أحوذي، بفتح الهمزة وسكون الحاء المهملة وفتح الواو وكسر الذال المعجمة وتشديد الياء آخر الحروف: وهو الخفيف في المشي لحذقه. وفي ديوان الأدب: الأحوذي الراعي المتشمر للرعاية الضابط لما ولي، وأراد بالأحوذيين هنا: جناحي قطاة يصفهما بالخفة. وفاعل "استقلت": ضمير القطاة، و"عشية": نصب على الظرفية الزمانية، والمعنى: أن القطاة ارتفعت في الجو عنه على جناحين؛ فما يشاهدها الرائي إلا لمحة وتغيب عنه. "وقيل: لا يختص" فتح النون "بالياء"، بل يكون   36- الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص186، وخزانة الأدب 1/ 92، وذكر محقق تاج العروس 9/ 456 "قذذ" أن "الرجز في المؤتلف والمختلف ص176 منسوب لرؤبة بن العجاج بن شدقم، وهو غير رؤبة بن العجاج التميمي المشهور"، والرجز بلا نسبة في الدرر 1/ 57، وشرح الأشموني 1/ 39، وهمع الهوامع 1/ 49، وتاج العروس 9/ 456 "قذذ". 1 الدرر 1/ 54. 37- البيت لحميد بن ثور في ديوانه ص55، وخزانة الأدب 7/ 458، والدرر 1/ 54، وشرح المفصل 4/ 141، والمقاصد النحوية 1/ 177، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 63، وتخليص الشواهد 1/ 79، وجواهر الأدب ص154، وسر صناعة الإعراب 2/ 488، وشرح الأشموني 1/ 39، وشرح ابن عقيل ص1/ 69، ولسان العرب 3/ 486 "هوذ"، والمقرب 3/ 136، وهمع الهوامع 1/ 49. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 78 بعدها وبعد الألف في لغة من يلزم المثنى الألف في كل حال، قاله ابن عصفور1، "كقوله": [من الرجز] 38- "أعرف منها الجيد والعينانا" ... ومنخرين أشبها ظبيانا أنشده ابن عصفور والسيرافي وغيرهما بفتح النون في "العينانا" تثنية عين، وأما "ظبيانا"؛ بفتح الظاء المعجمة وسكون الموحدة وبالياء آخر الحروف: فهو اسم رجل بعينه، لا تثنية ظبي، خلافا للهروي، "وقيل" هذا "البيت مصنوع" لا دليل فيه، وقال أبو زيد2: هو لرجل من بني ضبة هلك منذ أكثر من مائة سنة. وظاهر كلام الموضح أن الفتح يجري بعد الألف إذا كانت علامة للرفع، وفي اثنين واثنين فإنهما محمولان على المثنى، ولم أقف على نص صريح في ذلك أعتمد عليه، ولا شاهد علي أستند إليه. "ونون الجمع" السالم للمذكر وما حمل عليه، مفتوحة بعد الواو والياء للخفة؛ لأن الجمع أثقل من المثنى، "وكسرها جائز في الشعر بعد الياء كقوله" وهو جرير، لا سحيم؛ خلافا للجوهري: [من الوافر] 39- عرفنا جعفرا وبني أبيه ... "وأنكرنا زعانف آخرين" الرواية بكسر النون من "آخرين"، وهو جمع آخر؛ بفتح الخاء، بمعنى مغاير، وجعفر وبنو أبيه: أولاد ثعلبة بن يربوع، والزعانف؛ بفتح الزاي وبالعين المهملة وبالنون قبل الفاء: جمع زعنفة؛ بكسر الزاي والنون: وهو القصير, وأراد به الأدعياء الذين ليس أصلهم واحدا، "وقوله" وهو سحيم: [من الوافر] 40- وماذا تبتغي الشعراء مني ... "وقد جاوزت حد الأربعين"   1 المقرب 3/ 163. 38- الرجز لرجل من بني ضبة أو لرؤبة في الدرر 1/ 55، والمقاصد النحوية 1/ 184، ولرؤبة في ملحق ديوانه ص187، ولرجل في نوادر أبي زيد ص15، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 65، وتخليص الشواهد ص80، وخزانة الأدب 4/ 453، 456، 457، ورصف المباني ص24، وسر صناعة الإعراب ص489، 705، وشرح الأشموني 1/ 39، وشرح ابن عقيل 1/ 71، وشرح المفصل 3/ 129، 4/ 64، 67، 143، وهمع الهوامع 1/ 49. 2 نوادر أبي زيد ص15. 39- البيت لجرير في ديوانه ص429، والاشتقاق ص538، وتخليص الشواهد ص72، وتذكرة النحاة ص480، والدرر 1/ 56، والمقاصد النحوية 1/ 187، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 67، وشرح الأشموني 1/ 39 وشرح ابن عقيل 1/ 67, وهمع الهمع 1/ 49. 40- تقدم تخريج الشاهد برقم 35. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 79 بكسر النون، وتقدم ما فيه، واختلف رأي ابن مالك، فتارة حكم عليه بأنه مجرور بالكسرة، وتارة بأنه مجرور بالياء وكسر النون على لغة، وتابعه الموضح هنا؛ فاستشهد أولا على الإعراب بالكسرة؛ وثانيا على كسر النون في الشعر، ولم تكسر النون بعد الواو في نثر ولا شعر لعدم التجانس. "الباب الرابع": من أبواب النيابة "الجمع بألف وتاء مزيدتين". ولا فرق بين أن يكون مسمى هذا الجمع مؤنثا بالمعنى فقط "كهندات" ودَعْدات، أو التاء والمعنى جميعا كفاطمات "ومسلما"، أو بالتاء دون المعنى كطلاحات وحمزات، أو بالألف المقصورة كحبليات، أو الممدودة كصحراوات، أو يكون مسماه مذكرا كاصطبلات، ولا فرق بين أن تكون سلمت فيه بنية واحدة كضخمة وضخمات، أو تغيرت كسجدة وسجدات، وحبلى وحبليات، وصحراء وصحراوات، فالأول حرك وسطه، والثاني قلبت ألفه ياء، والثالث قلبت همزته واوا، ولهذا عدل الموضح عن قول أكثرهم جمع المؤنث السالم إلى أن قال: "الجمع بألف وتاء مزيدتين" ليعم جمع المؤنث وجمع المذكر؛ وما سلم فيه المفرد وما تغير، "فإن" في جميع ذلك "نصبه" بالكسرة نيابة عن الفتحة، حملا للنصب على الجر، كما في جمع المذكر السالم، إجراء للفرع على وتيرة الأصل، وإنما تخلف الفرع عن الأصل في الإعراب بالحروف لعلة مفقودة في الفرع، وهي أنه ليس في آخره حروف تصلح للإعراب "نحو: {خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ} " [العنكبوت: 44] فـ"السماوات": منصوب بالكسرة على أنه مفعول به عند الجمهور، ومفعول مطلق لبيان النوع عند الشيخ عبد القاهر الجرجاني ومحمود الزمخشري وأبي عمرو بن الحاجب، وصوبه الموضح في المغني ووضحه بأن قال: "المفعول به: ما كان موجودا قبل الفعل الذي عمل فيه ثم أوقع الفاعل به فعلا، والمفعول المطلق: ما كان الفعل العامل فيه هو فعل إيجاده وإن كان ذاتا؛ لأن الله تعالى موجد للأفعال وللذوات جميعا". ا. هـ. وسبقه إلى هذا الإيضاح الشيخ عبد القاهر، فقال في أسرار البلاغة: "إذا قلنا خلق الله العالم، فالعالم ليس مفعولا به، بل هو مفعول مطلق؛ لأن المفعول به هو الذي كان موجودا فأوجد الفاعل شيئا آخر، كقولك ضربت زيدا فإن زيدا كان موجودا، وأنت فعلت به الضرب، والمفعول المطلق هو الذي لم يكن موجودا، فحصل بك والعالم لم يكن موجودا، بل كان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 80 عدما محضا، والله أوجده وخلصه من العدم، فكان العالم المفعول المطلق وهو المصدر، ولم يكن مفعولا به. ا. هـ. واحتج الجمهور والذاهبون إلى أن العالم مفعول به لا مفعول مطلق بأمور: أولها: أنا قد نعلم العالم، وإن كنا لا نعلم أنه مخلوق لله تعالى إلا بدليل منفصل، والمعلوم مغاير للمجهول، فإذن كون الله خالقا للعالم غير ذات العالم. وثانيها: أنا نصف الله بالخالقية, فلو كان خلق العالم نفس العالم لزم أن يكون الله تعالى موصوفا بالعالم, كما أنه موصوف بخالقية العالم. وثالثها: أنا نقول العالم ممكن، فلا يوجد إلا؛ لأن الله أوجده وأحدثه وأبدعه، فلو كان إيجاد العالم وإحداثه نفس للعالم لكان قولنا: العالم وجد؛ لأن الله أوجده، جاريا مجرى قولنا: العالم وجد؛ لأنه وجد، فيكون ذلك تعليلا للشيء بنفسه، ويرجع حاصله إلى أن العالم وجد بنفسه، وذلك نفي نصب للصانع، قاله الفخر الرازي في شرح المفصل. ونصب الجمع بالألف والتاء المزيدتين بالكسرة مطلقا وهو الغالب، "وربما نصب بالفتحة" على لغة كما قال أحمد بن يحيى، "إن كان محذوف اللام" ولم ترد إليه في الجمع، "كسمعت لغاتهم" بفتح التاء، حكاه الكسائي، ورأيت بناتك، بفتح التاء كما حكاه ابن سيده، وكقوله: [من الطويل] 41- فلما جلاها بالأيام تحيرت ... ثباتا عليها ذلها واكتئابها والأيام: الدخان، وثباتا، بضم الثاء: الجماعات المتفرقة، منصوبة على الحالية بالفتحة، والكثير أن ينصب بالكسرة كقوله تعالى: {فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ} [النساء: 71] والضمائر المؤنثة للنحل، بالحاء المهملة، والمراد بيان حالها حين يؤخذ عسلها، وإنما نصب هذا النوع بالفتحة تشبيها لهذه التاء التي تبدل في الوقف هاء أو جبرا لما فاته من حذف لامه، كما أعرب نحو سنين بالحروف جبرا لما فاته من حذف لامه، وليس الوارد من ذلك مفردا مردود اللام، خلافا لأبي علي في زعمه أن نحو: "سمعت لغاتهم" بالفتح مفرد ردت لامه، وأصله: لغة أو لغوة، تحرك حرف العلة وانفتح ما قبله، فقلب ألفا، فصار لغات، ورد بأنه يلزم الجمع بين العوض والمعوض، فإن ردت اللام في الجمع كسنوات أو   41- البيت لأبي ذويب الهذلي في أدب الكاتب 468، والاقتضاب ص644، وشرح أشعار الهذليين 1/ 53، وشرح الجواليقي 311، وجمهرة اللغة 248، 1334، وشرح المفصل 5/ 8، ولسان العرب 12/ 41، "أيم"، 14/ 149 "رجلا"، والمحتسب 1/ 118، والمنصف 3/ 63، وبلا نسبة في الخصائص 3/ 304، ورصف المباني 165، وشرح المفصل 5/ 4، والمنصف 1/ 262. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 81 سنهات على اللغتين نصب بالكسرة اتفاقا، نحو: اعتكفت سنوات أو سنهات، بكسر التاء، هذا إذا كانت الألف والتاء زائدتين، "فإن كانت التاء أصلية" والألف زائدة "كأبيات" جمع بيت، "وأموات" جمع ميت، "أو" كانت "الألف أصلية" والتاء زائدة "كقضاة" جمع قاض، "وغزاة" جمع غاز، وأصل قضاة وغزاة قضية وغزوة، تحركت الياء والواو وانفتح ما قبلهما قلبتا ألفين، فالألف فيهما أصلية لكونها منقلبة عن أصل، والتاء زائدة للتأنيث، "فالنصب بالفتحة" على الأصل نحو: وليت قضاة وجهزت غزاة, والمطرد من الجمع بالألف والتاء المزيدتين ما كان علما لمؤنث مطلقا, أو صفة له مقرونة بالتاء، أو دالة على التفصيل نحو فضليات، أو علما لمذكر مقرونا بالتاء، أو صفة لمذكر غير عاقل كجبال راسيات، أو مصغرة كدريهمات، "وحمل على هذا الجمع شيئان": أحدهما: "أولات" وهو اسم جمع بمعنى ذوات؛ لا واحد له من لفظه، وواحده في المعنى ذات، بمعنى صاحبة، وأصله ألى؛ بضم الهمزة وفتح اللام؛ قلبت الياء ألفا ثم حذفت لاجتماعها مع الألف والتاء المزيدتين، ووزنه فعات: "نحو {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ} [الطلاق: 6] فأولات خبر "كان" وهو منصوب بالكسرة، واسمها ضمير النسوة، وهو النون المدغمة في نونها، وأصل "كُنّ" كون بضم الواو بعد النقل إلى باب "فعل" بضم العين، فاستثقلت الضمة على الواو، فنقلت منها إلى ما قبلها بعد سلب حركة ما قبلها، ثم حذفت الواو لالتقاء الساكنين. "و" الثاني: "ما سمي به من ذلك" الجمع ومما ألحق به "نحو: رأيت عرفات" وهو علم لموضع الوقوف، واستدل سيبويه على علميته بقولهم1: "هذه عرفات مباركا فيها"، بنصب "مباركا" على الحال، ولو كان نكرة لجرى عليه صفة، وبأنه لو كان نكرة لدخلت عليه الألف واللام2, وهي لا تدخل عليه, "وسكنت أذرعات" بكسر الراء، قاله في الصحاح. وزاد في القاموس: "وقد تفتح" وفيه وفي تهذيب الأسماء واللغات: "النسبة إليها أذرعي" بالفتح، وهي جمع أذرعة، وأذرعة جمع ذراع في لغة من ذكره، قاله أبو الفتح الهمداني في اشتقاق البلدان. "و" أذرعات "هي قرية من قرى الشام"، وقال الجوهري: "موضع بالشام"، ولا منافاة بينهما. واختلف العرب في كيفية   1 الكتاب 3/ 233. 2 في الكتاب 3/ 233: "ويدلك أيضا على معرفتها، أنك لا تدخل فيها ألفا ولا لاما". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 82 إعراب هذا النوع المسمى به على ثلاث فرق: "فبعضهم يعربه على ما كان عليه قبل التسمية" ولم يحذف تنوينه؛ لأنه في الأصل للمقابلة، فاستصحب بعد التسمية. "وبعضهم" يعربه على ما كان عليه قبل التسمية مراعاة للجمع، "ويترك تنوين ذلك" مراعاة للعلمية والتأنيث. "وبعضهم يعربه إعراب ما لا ينصرف"، فيترك تنوينه ويجره بالفتحة مراعاة للتسمية. فالأول راعى الجمعية فقط، والأخير راعى التسمية فقط، والمتوسط توسط بين الأمرين، فراعى الجمعية، فجعل نصبه بالكسرة، وراعى اجتماع العلمية والتأنيث فترك تنوينه. وهذا المسلك يشبه تداخل اللغتين، فإنه أخذ من الأول النصب بالكسرة، ومن الأخير حذف التنوين، فتحصل في المسألة ثلاثة أوجه. "ورووا بالأوجه الثلاثة قوله" وهو امرؤ القيس الكندي في محبوبته: [من الطويل] 42- "تنورتها من أذرعات وأهلها ... بيثرب أدنى دارها نظر عالي" الرواية بجر "أذرعات"، بالكسرة من التنوين وتركه، وبالفتحة بلا تنوين، ومعنى "تنورتها": نظرت إلى نارها بقلبي من أذرعات وأنا بالشام وأهلها بيثرب مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم، سميت باسم الذي نزلها من العماليق، وهو يثرب بن عبيد، وفي السنة: منع إطلاق هذا الاسم عليها؛ لأنه من مادة التثريب، وأما قوله تعالى: {يَا أَهْلَ يَثْرِبَ} [الأحزاب: 13] فحكاية عمن قاله من المنافقين، وإلى هذا الباب الإشارة بقول الناظم: 41- وما بتاء وألف قد جمعا ... يكسر في الجر وفي النصب معا 42- كذا أولات والذي اسما قد جعل ... كأذرعات فيه ذا أيضا قبل   42- البيت لامرئ القيس في ديوانه 31، والاقتضاب ص86، وخزانة الأدب 1/ 156، والدرر 1/ 13، ورصف المباني ص345، وسر صناعة الإعراب ص497، وشرح أبيات سيبويه 2/ 219، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص1359، وشرح المفصل 1/ 47، والكتاب 3/ 233 وعمدة الحفاظ 4/ 231 "نور" والمقاصد النحوية 1/ 196، والمقتضب 3/ 33، 4/ 38، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 69، وشرح ابن عقيل ص1/ 76، وشرح المفصل 9/ 34. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 83 "الباب الخامس": من أبواب النيابة "ما لا ينصرف" أي: ما لا يدخله تنوين الصرف، "وهو ما فيه علتان" فرعيتان "من" علل "تسع" جمعها ابن النحاس في قوله: [من البسيط] اجمع وزن عادلا أنث بمعرفة ... ركب وزد عجمه فالوصف قد كملا1 وسيأتي شرح ذلك في باب معقود له، والذي يخصه هنا أنه متى اجتمع في اسم علتان منها "كأحسن" فإن فيه الصفة ووزن الفعل، "أو واحدة منها تقوم مقامهما" في منع الصرف "كمساجد وصحراء" فإن صيغة منتهى الجموع بمنزلة جمعين، والتأنيث بالألف بمنزلة تاء التأنيث، فكل من صيغة منتهى الجموع وألف التأنيث قائم مقام علتين، "فإن جره بالفتحة" نيابة عن الكسرة "نحو: {فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا} [النساء: 86] ، ونحو: اعتكفت في مساجد "إلا إن أضيف" لفظا "نحو: {فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} [التين: 4] ، وفي مساجد عائشة، "أو" تقديرا نحو: "ابدأ بذل من أول"، في رواية من جر بالكسرة بلا تنوين، على نية لفظ المضاف إليه، و"دخلته "أل" معرفة" كانت "نحو": {وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ "فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187] ، "أو موصولة" نحو قوله: [من الطويل] 43- ............................... ... ................ وهن الشافيات الحوائم بخفض "الحوائم" بالكسرة، لدخول "أل" الموصولة عليه، وهي جمع حائمة، وأما الداخلة على الصفة المشبهة {كَالْأَعْمَى وَالْأَصَمِّ} [هود: 24] واليقظان، فإنها حرف تعريف على الأصح، كما في المغني وغيره، لا موصولة أو زائدة كقوله: [من الطويل] 44- رأيت الوليد بن اليزيد مباركا ... شديدا بأعباء الخلافة كاهله   1 البيت في شرح شذور الذهب 450، وشرح قصر الندى 238، وسيأتي في المجلد الثاني ص316. 43- تمام البيت: "أبأنا بها قتلى وما في دمائهم ... شفاء وهن الشافيات الحمائم". وهو للفرزدق في ديوانه 2/ 310، وخزانة الأدب 7/ 373، وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 92، وشرح الأشموني 2/ 308. 44- البيت لابن ميادة في ديوانه 192، وخزانة الأدب 2/ 226، والدرر 1/ 17، وسر صناعة الإعراب 2/ 451، وشرح شواهد الشافية ص12، وشرح شواهد المغني 1/ 164، ولسان العرب 3/ 200 "زيد"، والمقاصد النحوية 1/ 218، 509، ولجرير في لسان العرب 8/ 393 "وسع"، وليس في ديوانه، وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب 1/ 322، والأشباه والنظائر 1/ 23، 8/ 306، والإنصاف 1/ 317، وأوضح المسالك 1/ 73، وخزانة الأدب 7/ 247، 9/ 442، وشرح الأشموني 1/ 85، وشرح شافية ابن الحاجب 1/ 36، وشرح قطر الندى 53، ومغني اللبيب 1/ 52، وهمع الهوامع 1/ 24. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 84 بخفض "اليزيد" لدخول "أل" الزائدة عليه، بناء على أنه باق على علميته، ويحتمل أن يكون قدر فيه الشيوع فصار نكرة ثم أدخل عليه "أل" للتعريف كما قال الموضح في شرح القطر وعلى هذا لا شاهد فيه. وهذا البيت لابن ميادة الرماح يمدح به الوليد بن يزيد بن عبد الملك بن مروان من بني أمية. والأعباء: جمع عبء، بكسر العين المهملة وسكون الموحدة وفي آخره همزة: كل ثقل، بكسر المثلثة وسكون القاف، وأراد به أمور الخلافة الشاقة، والكاهل، ما بين الكتفين، والمعنى: أبصرته شديدا كاهله بحمل أثقال الخلافة. وإلى هذا الباب أشار الناظم بقوله: 43- وجر بالفتحة ما لا ينصرف ... ما لم يضف أو يك بعد أل ردف وإذا دخله "أل"، أو أضيف وجر بالكسرة؛ هل يعود منصرفا أو لا؟ أقول؛ ثالثها إن كانت العلتان باقيتين فيه فهو باق على منع صرفه، وإلا صرف وهو المختار. "الباب السادس": من أبواب النيابة "الأمثلة الخمسة". سميت بذلك؛ لأنها ليست أفعالا بأعيانها، كما أن الأسماء أسماء بأعيانها، وإنما هي أمثلة يكنى بها عن كل فعل كان بمنزلتها وسميت خمسة على إدراج المخاطبتين تحت المخاطبين، والأحسن أن تعد ستة، قاله الموضح في شرح اللمحة. "وهي كل فعل مضارع اتصل به ألف اثنين" بالتاء للمخاطبين: "نحو: تفعلان" يا زيدان، أو للخاطبتين نحو: تفعلان يا هندان، أو للغائبتين نحو: الهندان تفعلان، "و" بالياء للغائبين نحو: الزيدان "يفعلان، أو واو جمع" بالتاء للمخاطبين "نحو": أنتم" تفعلون، و" بالياء للغائبين نحو: هم "يفعلون أو ياء مخاطبة نحو": أنت "تفعلين". ولا فرق بين أن تكون الألف والواو ضميرين كما تقدم، أو علامتين كيفعلان ويفعلون الزيدون، في لغة طيئ، "فإن رفعها بثبوت النون وجزمها ونصبها بحذفها نحو: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا} [البقرة: 24] الأول جازم ومجزوم، والثاني ناصب ومنصوب، وقدم الجزم على النصب؛ لأن النصب محمول على الجزم، كما حمل النصب على الجر في المثنى، والمجموع على حده؛ لأن الجزم نظير الجر في الاختصاص، فيفعلان كالزيدان، ويفعلون كالزيدون، وتفعلين كالزيدين، في مطلق الحركات والسكنات. وقد جعلوا علامة الرفع في الجزء: 1 ¦ الصفحة: 85 "الزيدون" الواو، ولا يمكنهم ذلك في "يفعلون" لأنه يؤدي إلى اجتماع واوين، فجعلوا النون علامة للرفع؛ لأنها شبيهة بالواو من حيث الغنة، ثم حذفوها لأجل الجازم، ثم حملوا النصب عليه، كما فعلوا ذلك في نظيره من الأسماء، وحملوا "تفعلان وتفعلين" على "يفعلون، ولما كان ههنا مظنة سؤال وهو أن يقال: إنك قلت إن المضارع المتصل به واو الجماعة ينصب بحذف النون ويعفون من قوله تعالى: {إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ} [البقرة: 237] منصوب بأن، والنون لم تحذف، فأشار إلى جوابه بقوله "وأما: {إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ} فالواو لام الكلمة" لا ضمير الجماعة وهي واو عفا يعفو، "والنون ضمير النسوة" عائد على "المطلقات" لا نون الرفع، "والفعل" معها "مبني" على السكون لاتصاله بنون النسوة، "مثل: {يَتَرَبَّصْنَ} [البقرة: 228] لا معرب "ووزنه يفعلن" فالعين فاؤه، والفاء عينه، والواو لامه، وهذا "بخلاف قولك: "الرجال يعفون" فالواو" فيه "ضمير" الجماعة "المذكرين" كالواو في قولك "يقومون"، وواو الفعل محذوفة، "والنون علامة رفع" ووزنه يفعون، "فتحذف" النون للجازم والناصب "نحو": لم تعفو، وفي التنزيل: " {وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [البقرة: 237] ووزنه تفعوا وأصله تعفووا" بواوين، الأولى لام الكلمة، والثانية واو الجماعة، استثقلت الضمة على الواو؛ فحذفت؛ فالتقى ساكنان، فحذفت الواو الأولى لالتقاء الساكنين، وخصت بالحذف لكونها جزء كلمة، وإلى هذا الباب أشار الناظم بقوله: 44- واجعل لنحو يفعلان النونا ... رفعا وتدعين وتسألونا 45- وحذفها للجزم والنصب سمه ... ................................ "الباب السابع": من أبواب النيابة وهي خاتمتها "الفعل المضارع المعتل الآخر". "وهو: ما آخره" حرف علة "ألف كـ: يخشى، أو ياء كـ: يرمي، أو واو كـ: يدعو، فإن جزمهن بحذف الآخر" نيابة عن السكون، نحو: لم يخش، ولم يرم، ولم يدع، فالمحذوف من "يخش" الألف، والفتحة قبلها دليل عليها، ومن "يرم" الياء والكسرة قبلها دليل عليها، ومن "يدع" الواو، والضمة قبلها دليل عليها. ثم القول بأن علامة الجزم فيها حذف حرف العلة إنما يتمشى على قول ابن السراج ومن تابعه بأن هذه الأفعال لا يقدر فيها الإعراب بالضمة في حالة الرفع، والفتحة في الألف في حالة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 86 النصب، وعلل ذلك بأن الإعراب في الفعل فرع، فلا حاجة لتقديره فيه، بخلاف الاسم، وجعل الجازم كالدواء المسهل إن وجد فضلة أزالها، وإلا أخذ من قوى البدن، وذهب سيبويه إلى تقدير الإعراب فيها، فعلى سيبويه لما دخل الجازم حذف الحركة المقدرة، واكتفى بها، ثم لما صارت صورة المجزوم والمرفوع واحدة فرقوا بينهما بحذف حرف العلة، فحرف العلة محذوف عند الجازم لا به، وعلى قول ابن السراج: الجازم حذف نفس حرف العلة وقول الناظم: 51- .............. واحذف جازمًا ... ثلاثُهنّ ............................ يحتمل المذهبين، ثم استشعر اعتراضًا بأن أحرف العلة قد ثبتت مع الجازم، فأشار إلى جوابه بقوله: "فأما قوله: [من الرجز] 45- إذا العجوز غضبت فطلق ... ولا ترضاها ولا تملق وقوله: [من البسيط] 46- هجوت زبان ثم جئت معتذرًا ... من هجو زبان لم تهجو ولم تدع وقوله وهو قيس بن زهير: [من الوافر] 47- ألم يأتيك والأنباء تنمي ... بما لاقت لبون بني زياد   45- الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص179، وخزانة الأدب 8/ 359، 360، والدرر 1/ 71، والمقاصد النحوية 1/ 236، وبلا نسبة في تاج العروس "رضي"، ولسان العرب 14/ 324 "رضي"، والأشباه والنظائر 2/ 129، والإنصاف ص26، والخصائص 1/ 307، وسر صناعة الإعراب ص78، وشرح شافية ابن الحاجب 3/ 185، وشرح شواهد الشافية ص409، وشرح المفصل 10/ 106، والمخصص 13/ 258، 14/ 9، والممتع في التصريف 2/ 538، والمنصف 2/ 78، 115، وهمع الهوامع 1/ 52. 46- البيت لزبان بن العلاء في معجم الأدباء 11/ 158، وبلا نسبة في تاج العروس 3/ 9 "زبب" "زبن"، والإنصاف 1/ 24، وخزانة الأدب 8/ 359، والدرر 1/ 72، وسر صناعة الإعراب 2/ 630، وشرح شافية ابن الحاجب 3/ 184، وشرح شواهد الشافية ص406، وشرح المفصل 10/ 104، ولسان العرب 15/ 492 "يا"، والمقاصد النحوية 1/ 234، والممتع في التصريف 2/ 537، والمنصف 2/ 115، وهمع الهوامع 1/ 52. 47- البيت لقيس بن زهير في الأغاني 17/ 198، والاقتضاب ص362، وخزانة الأدب 8/ 359، 361، 362، والدرر 1/ 72، وشرح أبيات سيبويه 1/ 340، وشرح شواهد الشافية 408، وشرح شواهد المغني 328، 808، والمقاصد النحوية 1/ 230، واللسان 14/ 14 "أتى"، وبلا نسبة في أسرار العربية 103، والأشباه والنظائر 5/ 280، والإنصاف 1/ 30، وأوضح المسالك 1/ 76، والجنى الداني 50، وخزانة الأدب 9/ 524، والخصائص 1/ 333، 337، ورصف المباني 149، وسر صناعة الإعراب 1/ 87، 2/ 631، وشرح الأشموني 1/ 168، وشرح شافية ابن الحاجب 3/ 184، وشرح المفصل 8/ 24، 10/ 104، والكتاب 3/ 316، واللسان 5/ 75، "قدر"، 14/ 324 "رضي"، 14/ 434 "شظي"، 15/ 492 "يا"، والمحتسب 1/ 67، 215، ومغني اللبيب 1/ 108، 2/ 387، والمقرب 1/ 50، 203، والممتع في التصريف 2/ 537، والمنصف 2/ 81، 114، 115، وهمع الهوامع 1/ 52. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 87 فضرورة" فيهن، حيث أثبت أحرف العلة الثلاثة مع الجازم، وقيل: هذه الأحرف إشباع، والحروف الأصلية محذوفة للجازم، وقيل: هذه الأحرف أصلية بناء على قول من يجزم المعتل بحذف الحركة المقدرة ويقر حرف العلة على حاله، والأنباء: جمع نبأ؛ وهو الخبر، وتنمي: بفتح التاء المثناة من فوق؛ من نميت الحديث، يقال بالتخفيف إذا بلغه على وجه الإصلاح، وبالتشديد إذا كان على وجه الإفساد، واللبون: الناقة ذات اللبن، ويروى: قلوص، بفتح القاف وضم اللام: الناقة الشابة بدل لبون، وبنو زياد: الربيع بن زياد وإخوته، وفاعل "يأتيك": مضمر، و"بما لاقت": متعلق بـ"تنمي" لقربه، ويجوز أن يكون "ما لاقت" فاعل "يأتيك"، والباء زائدة في الفاعل مثلها في: {وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} [الفتح: 28] "وأما قوله تعالى: {إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِي وَيَصْبِرْ} [يوسف: 90] بإثبات الياء من "يتقي" وتسكين "يصبر" "في قراءة قنبل" عن ابن كثير. فاختلف فيه تخريجه، "فقيل: "من" موصولة" لا شرطية، و"يتقي": مرفوع لا مجزوم، "وتسكين: يصبر" مع أنه معطوف على مرفوع "إما لتوالي حركات الباء" الموحدة. "والراء" من يصبر "والفاء والهمزة" من "فإن" كما في "يأمر" بإسكان الراء تنزيلا للكلمتين، بل الثلاث منزلة الكلمة الواحدة، وهم يكرهون توالي أربع متحركات فيما هو كالكلمة الواحدة، وإما على تنزيل "برف" من "يصبر فإن" منزلة بناء على فعل بكسر الفاء وضم العين، فسكن لأنه بناء مهمل، وهم يخففون مضموم العين إذا كان مستعملا، فما بالك بالمهمل. ويجرون المنفصل مجرى المتصل قال امرؤ القيس: [من السريع] 48- فاليوم أشرب غير مستحقب ... إثما من الله ولا واغل   48- البيت لامرئ القيس في ديوانه ص122، وإصلاح المنطق ص245، 322، وجمهرة اللغة ص962، وحماسة البحتري ص36، وخزانة الأدب 4/ 106، 8/ 350، 354، 355، والدرر 1/ 82، ورصف المباني ص327، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص612، 1176، وشرح شذور الذهب ص212، وشرح شواهد الإيضاح ص256، وشرح المفصل 1/ 48، والشعر والشعراء 1/ 122، والكتاب 4/ 204، ولسان العرب 1/ 325 "حقب"، 10/ 426 "دلك"، 11/ 732 "وغل"، والمحتسب 1/ 15، 110، وتاج العروس "وغل"، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 1/ 66، والاشتقاق ص337، وخزانة الأدب 1/ 152، 3/ 463، 4/ 484، 8/ 339، والخصائص 1/ 74، 2/ 317، 340، 3/ 96، والمقرب 2/ 205، وهمع الهوامع 1/ 54. الواغل: هو الداخل على القوم في شرابهم، فيشرب معهم من غير أن يدعى إلى الشراب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 88 فنزل "رب غ" من "أشرب غير" منزلة عضد، وسكن الباء كما سكن عضد، "وأما على أنه" أي: قنبلا "وصل بنية الوقف" كقراءة الحسن البصري: "وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرْ" [المدثر: 6] بتسكين "تستكثر"1، مع أنه مرفوع بإجماع السبعة، وكقراءة نافع: "وَمَحْيَايْ وَمَمَاتِي" [الأنعام: 162] بسكون ياء "محياي"2 وصلا، "وأما على العطف على المعنى؛ لأن "من" الموصولة بمعنى" من "الشرطية؛ لعمومها وإبهامها" ولكون مدخولها مستقبلا سببا لما بعده، ولهذا دخلت "الفاء" في الخبر كما تدخل في الجواب، قاله الفارسي، فلذلك صح العطف بالجزم على الصلة، كما يعطف على الشرط، وقيل: "من" شرطية، و"الياء" في "يتقي" إما إشباع، فلام الفعل حذفت للجازم، وإما على إجراء المعتل مجرى الصحيح، فجزم بحذف الحركة المقدرة؛ ولم يستتبع حذفها حذف حرف العلة. "تنبيه": ما مر من حذف حرف العلة للجازم فهو ما إذا كان أصليا، فإما "إذا كان حرف العلة" عارضا؛ بأن كان "بدلا من همزة" مفتوح ما قبلها، "كيقرأ" مضارع قرأ، "و" مكسور ما قبلها نحو: "يقر" مضارع أقرأ، "و" مضموم ما قبلها نحو: "يوضؤ" مضارع وضؤ، بضم الضاد: بمعنى حسن وجمل، "فإن كان الإبدال" للهمزة "بعد دخول الجازم" على المضارع "فهو إبدال قياسي"، لكون الهمزة ساكنة؛ لحذف حركتها بالجازم؛ وإبدال الهمز الساكن من جنس حركة ما قبله قياسي، "ويمتنع حينئذ"؛ أي: حين إذا بدل بعد دخول الجازم "الحذف" للحرف المبدل من الهمزة "لاستيفاء الجازم مقتضاه"، وهو حذف الحركة التي كانت موجودة قبل الإبدال، فلا يحذف شيئا آخر، "وإن كان" الإبدال "قبله"؛ أي: قبل دخول الجازم "فهو إبدال شاذ"، لكون الهمزة متحركة، فهي متعاصية بالحركة عن الإبدال، وإبدال الهمزة المتحركة من جنس حركة ما قبله شاذ، "ويجوز" حينئذ "مع" دخول "الجازم الإثبات" للحرف المبدل، "والحذف" له، "بناء على قول الاعتداد بالعارض"، وله الإبدال هنا "وعدمه"، أي: عدم   1 انظر هذه القراءة في الإتحاف ص427، ومعاني القرآن للفراء 3/ 201. 2 انظر هذه القراءة في الإتحاف ص221، والنشر 2/ 267، وهي من شواهد الخصائص 1/ 92. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 89 الاعتداد بعروض الإبدال، فعلى القول بالاعتداد بعروض الإبدال بحذف حرف العلة للجازم؛ لأن حرف العلة على هذا القول معتد به، ومنزل منزلة الحرف الأصلي، وعلى القول بعدم الاعتداد بعروض الإبدال يثبت حرف العلة؛ لأنه لا يحذف للجازم إلا الحرف الأصلي لا العارض، "و" عدم الاعتداد بالعارض "هو الأكثر" في كلامهم؛ وعليه الأكثرون، ففي كلامه لف ونشر1 غير مرتب؛ لأن الاعتداد بالعارض علة للحذف، وعدمه علة الإثبات، وما ذكره من جواز الإثبات والحذف هو ما ذكره ابن عصفور2، وذهب غيره إلى أن الإبدال إذا كان قبل دخول الجازم فالحذف لذلك الحرف المبدل ممتنع؛ لأن تسهيل الهمزة كتحقيقها.   1 اللف والنشر: أن يذكر الناظم في أول البيت أسماء متعددة غير تامة المعنى، ثم يقابلها بأشياء يعددها من غير الأضداد تتم معناها؛ إما بالجمل، وإما بالألفاظ المفردة، كقول ابن حيوس: فعل المدام ولونها ومذاقها ... في مقلتيه ووجنتيه وريقه انظر شرح الكافية البديعية لصفي الدين الحلي، ص76. 2 انظر المقرب 2/ 205. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 90 "فصل": تقدر الواو رفعا في جمع المذكر السالم، إذا أضيف إلى ياء المتكلم، نحو: جاء مسلمي، والنون رفعا في المضارع المعتل إذا أسند إلى واو الجماعة، أو ألف الاثنين، أو ياء المخاطبة، وأكد بالنون الثقيلة نحو: لتبلونَّ لتبلوانِّ لَتُبْلَينَّ، "وتقدر الحركات الثلاث" تعذرا "في الاسم المعرب الذي آخره ألف لازمه" غير مهموزة "نحو: الفتى"، مما ألفه منقلبة عن ياء، "والمصطفى" مما ألفه منقلبة عن واو، وإن صورت فيهما الألف ياء نظرا إلى أصلها في الأول، ومجاوزتها الثلاثة في الثاني. "ويسمى" الاسم المعرب الذي آخره ألف لازمة "معتلا" لكون آخره حرف علة، و"مقصورا" لكونه قصر عن ظهور الحركات فيه، والقصر: المنع، أو لكونه منع المد، والمقصور يقابله الممدود، فعلى هذا لا يسمى نحو: "يَسْعَى" مقصورا، وإن كان ممنوعا من ظهور الحركات فيه؛ لأنه ليس في الأفعال ممدود، تقول: جاء الفتى والمصطفى، ورأيت الفتى والمصطفى، ومررت بالفتى والمصطفى، بلفظ واحد في الأحوال الثلاثة، والتقدير مختلف؛ فتقدر في الرفع الضمة، وفي النصب الفتحة، وفي الجر الكسرة في الألف، وإن قلنا بمقارنة الإعراب لآخر المعرب، وهو الأصح؛ وإلا فبعدها، وموجب هذا التقدير أن ذات الألف لا تقبل الحركة. "و" تقدر "الضمة والكسرة" فقط في الاسم المعرب الذي آخره "ياء لازمة" في الأحوال الثلاثة؛ "مكسور ما قبلها نحو المرتقي" من مزيد الثلاثي، "والقاضي" من الثلاثي، ويسمى الاسم المذكور "معتلا" لكون آخره حرف علة، و"منقوصا" لأنه نقص منه بعض الحركات؛ وظهر فيه بعضها؛ أو لأنه تحذف لامه لأجل التنوين، نحو: مرتق وقاض، والحذف نقص، وكلا التعليلين لا يخلو عن نظر، أما الأول فلأن نحو: يدعو ويرمي، نقص منه بعض الحركات، وهو يسمى منقوصا، وأما الثاني فلأن نحو: الفتى، حذف لامه لأجل التنوين، ولا يسمى منقوصا. "وخرج بذكر الاسم" في حد المقصور الفعل "نحو: يخشى"، والحرف نحو: "على" مما في آخره ألف لازمة، "و" في حد المنقوص الفعل نحو: "يرمي"، والحرف نحو: "في" مما آخره ياء لازمة، وخرج المعرب في حديهما المبني، نحو: ذا وتا والذي والتي، "و" خرج "بذكر اللزوم" في الألف "نحو: رأيت أخاك، و" الياء نحو: "مررت بأخيك"، فإنهما يتغيران بحسب الإعراب. "و" خرج "باشتراط الكسرة" الجزء: 1 ¦ الصفحة: 91 قبل الياء في حد المنقوص "نحو: ظبي"، مما آخره ياء قبلها ساكن صحيح، "وكرسي" مما آخره ياء قبلها ساكن معتل. وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 46- وسم معتلا من الأسماء ما ... كالمصطفى والمرتقي مكارما 47- فالأول الإعراب فيه قدرا ... جميعه وهو الذي قد نصرا 48- والثاني منقوص ......... ... .............................. ثم قال: 48- .................... ... ورفعه ينوى كذا أيضا يجر "وتقدر الضمة والفتحة في الفعل" المضارع "المعتل بالألف نحو: هو يخشاها، ولن يخشاها" فـ"يخشى" في الأول: مرفوع، وفي الثاني: منصوب تقديرا فيهما، ومثلهما متصلين بهاء الضمير؛ ليوافق اللفظ بالألف الخط. "و" تقدر " الضمة فقط في الفعل" المضارع " المعتل بالواو أو الياء نحو: هو يدعو، وهو يرمي"، فـ"يدعو"، و"يرمي": مرفوعان بضمة مقدرة على الواو والياء، وما ذكره من تقدير الحركات في المعتل هو قول سيبويه1 ومتابعيه، وقال ابن السراج ومن تابعه: لا تقدير؛ لأنا إنما قدرنا في الاسم؛ لأن الإعراب فيه أصل، فيجب المحافظة عليه، وفي الفعل فرع، فلا حاجة لتقديره والمعتمد الأول، وعليه جرى في النظم فقال: 49- وأي فعل آخر منه ألف ... أو واو أو ياء فمعتلا عرف 50- فالألف انو فيه غير الجزم ... ............................... ثم قال: 51- والرفع فيهما انو ............. ... ................................... "وتظهر الفتحة" لخفتها "في الواو والياء" في الفعل وهو المنبه عليه في النظم بقوله: 50- ............................. ... وأبد نصب ما كيدعو يرمي وفي الياء في الاسم؛ وهو المنبه عليه في النظم بقوله: 48- ....................... ونصبه ظهر ... ........................................ "نحو: إن القاضي لن يرمي ولن يغزو"، وليس في العربية اسم مرتجل معرب في آخره واو لازمة وقبلها ضمة.   1 الكتاب 3/ 312. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 92 باب النكرة والمعرفة مدخل ... باب النكرة والمعرفة: وهما في الأصل اسما مصدرين لنكرته ومعرفته؛ فنقلا؛ وسمي بهما الاسم المنكر والاسم المعرف. "الاسم ضربان" على الأصح، "نكرة؛ وهي الأصل"؛ لأنها لا تحتاج في دلالتها إلى قرينة، بخلاف المعرفة، وما يحتاج فرع عما لا يحتاج، "وهي" بالحد عبارة عما شاع في جنس موجوده مقدر، فالأولى: كـ"رجل" فإنه موضوع لما كان حيوانا ناطقا، ذكرا بالغا، فكل ما وجد من هذا الجنس واحد، فهذا الاسم صادق عليه. والثاني: كـ"شمس" فإنها موضوعة لما كان كوكبا نهاريا، ينسخ ظهوره وجود الليل، فحقها أن تصدق على متعدد كما أن رجلا كذلك، وإنما تخلف ذلك من جهة عدم وجود أفراد له في الخارج، ولو وجدت لكان اللفظ صالحا لها، فإنه لم يوضع على أن يكون خاصا كزيد وعمرو، وإنما وضع وضع أسماء الأجناس، وكذلك "قمر"، فأما قوله: [من الكامل] 49- ..................... فكأنه ... لمعان برق أو شعاع شموس وقوله: [من الرجز] وجوههم كأنها أقمار فإن العرب تنسب إليهما التعدد باعتبار الأيام والليالي، وإن كانت حقيقتهما واحدة، يقولون: شمس هذا اليوم أحر من شمس أمس؛ وقمر هذه الليلة أكثر نورا من قمر ليلة أول ذلك الشهر، وبالخاصة "عبارة عن نوعين":   49- تمام صدر البيت: "حمي الحديد فكأنه" ، وهو للأشتر النخعي في لسان العرب 6/ 113 "شمس"، والتنبيه والإيضاح 2/ 283، وأساس البلاغة "ومض"، وتاج العروس 16/ 171 "شمس"، 19/ 110 "ومض". 50- الرجز ضمن ستة أبيات وردت بلا نسبة في أساس البلاغة "درق". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 93 "أحدهما: ما يقابل "أل" المؤثرة للتعريف، كرجل" لحيوان مذكر عاقل، "وفرس" لحيوان مذكر غير عاقل، "ودار" لمؤنث غير حيوان، "وكتاب" لمذكر غير حيوان. وهذه الأمثلة الأربعة تقبل "أل" المؤثرة للتعريف، فتقول: الرجل والفرس والدار والكتاب. "و" النوع "الثاني: ما" لا يقبل "أل" المؤثرة للتعريف؛ ولكنه "يقع موقع ما يقبل "أل" المؤثرة للتعريف، نحو: ذي" بمعنى صاحب "ومن" بفتح الميم معنى إنسان، "وما" بمعنى شيء "في قولك: مررت برجل ذي مال، و" مررت "بمن معجب لك، و" مررت "بما معجبا لك"، فـ"ذو" و"من" و"ما": نكرات لأن "ذي" نعت لنكرة، و"من" و"ما" نُعتا بنكرة، ونعت النكرة والمنعوب بالنكرة نكرة، وهي لا تقبل "أل"، ولكنها واقعة موقع ما يقبلها. أما "ذو" "فإنها واقعة موقع صاحب"، وصاحب يقبل "أل" المؤثرة للتعريف، فتقول: "الصاحب" وليست "أل" فيه موصولة؛ لأنه قد تنوسي فيه معناه الأصلي بحسب الاستعمال، وصار من قبيل الجوامد، ولذلك لا يعمل، لا تقول مررت برجل صاحب أخوه عمرا. قال الشاطبي في باب المبتدأ: "و" أما "من" فإنها نكرة موصوفة واقعة موقع "إنسان"، وإنسان يقبل "أل"، فتقول: "الإنسان"، "و" أما "ما" فإنها نكرة موصوفة أيضا واقعة موقع "شيء"، وشيء يقبل "أل" فتقول: "الشيء"، فـ"من" للعاقل، و"ما" لغيره، وكذلك إذا استعملا في الشرط والاستفهام فمعناهما في الشرط: كل إنسان، وكل شيء، وفي الاستفهام، أي إنسان وأي شيء فـ"إنسان" و"شيء" يقبلان "أل". قال الشاطبي: "ثم قال: وكذلك "أين وكيف" فإنهما واقعان موقع قولك: في أي مكان، وعلى أي حال، و"مكان" و"حال" يقبلان "أل". ا. هـ. وذهب ابن كسيان إلى أن "من" و"ما" الاستفهاميتين معرفتان، "وكذلك نحو: صه" حال كونه "منونا، فإنه" نكرة، ولا يقبل "أل"، ولكنه "واقع موقع قولك: سكوتا"، و"سكوتا" يقبل "أل" لأنه مصدر، فتقول: "السكوت" بناء على أن التنكير والتعريف في اسم الفعل راجعان إلى المعنى المصدري بواسطة أو بلا واسطة، وإلا فمذهب الجمهور أن أسماء الأفعال واقعة موقع الأفعال، وكذا نحو: "أحد وديار وعريب وكتيع" من الأسماء الملازمة للنفي، فإنها نكرات ولا تقبل "أل". ولكنها واقعة موقع ما يقبل "أل" وهو مثلا رجل؛ أو حي؛ أو ساكن؛ أو نحو ذلك. قال الجزء: 1 ¦ الصفحة: 94 الشاطبي: وأنكر النكرات شيء، ثم موجود، ثم محدث، ثم جسم، ثم نام، ثم حيوان، ثم إنسان، ثم بالغ، ثم ذكر، ثم رجل، فهذه عشرة يقابل كلا منها ما هو في مرتبته. "و" الضرب الثاني "معرفة"، وإلى هذين الضربين أشار الناظم بقوله: 52- نكرة قابل أل مؤثرا ... أو واقع موقع ما قد ذكرا وغيره معرفة "وهي الفرع"؛ لأنها تحتاج في دلالتها إلى قرينة، وما يحتاج فرع عما لا يحتاج كما تقدم، "وهو عبارة عن نوعين أحدهما: ما لا يقبل: أل" المؤثرة "ألبتة" يقطع الهمزة، سماعا، قاله شارح اللباب، والقياس وصلها، "ولا يقع موقع ما يقبلها، نحو: زيد وعمرو"، فأما قوله: [من الرجز] 51- باعد أم العمر من أسيرها ... .............................. فضرورة. "و" النوع "الثاني: ما يقبل "أل" ولكنها غير مؤثرة للتعريف، نحو: حارث، وعباس، وضحاك، فإن "أل" الداخلة عليها" غير مؤثرة للتعريف؛ لأنها معارف بالعلمية، وإنما دخلت عليها "أل" "للمح الأصل" بها" وهو التنكير، وفي بعض النسخ: "للمح الوصف"، والأول أولى؛ لأن مدخولها قد يكون غير وصف، كالنعمان؛ فإنه في الأصل اسم عين للدم؛ بالدال المهملة وتخفيف الميم، وظاهر كلامه أن "أل" في هذه الأمثلة دخلت عليها وهي أعلام، وقال الشاطبي: لم تدخل عليها وهي أعلام، بل على تقدير تنكيرها، لتكون "أل" مشعرة بأصلها من الصفة، فدخولها عليها كدخولها على القائم والقاعد وبابه، وهذا معنى ما ذكر سيبويه1، ثم قال: فإذا ثبت أنها   51- الرجز لأبي النجم العجلي، وبعده: "حراس أبواب على قصورها"، وهو في ديوانه ص110، وشرح المفصل 1/ 44، والمخصص 13/ 215، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 1/ 137، والإنصاف 1/ 317، والجنى الداني ص189، والدرر 1/ 137، ورصف المباني ص77، وسر صناعة الإعراب 1/ 366، وشرح شواهد المغني 1/ 17، 163، وشرح شواهد الشافية ص506، وشرح المفصل 1/ 132، 6/ 60، ولسان العرب 5/ 272 "وبر"، ومغني اللبيب 1/ 52، والمقتضب 4/ 49، والمنصف 3/ 134، وهمع الهوامع 1/ 80. 1 في الكتاب 2/ 7: "فأما الألف واللام فتوصف بالألف واللام، وبما أضيف إلى الألف واللام؛ لأن ما أضيف إلى الألف واللام بمنزلة الألف واللام، فصار نعتا، كما صار المضاف إلى غير الألف واللام صفة ما ليس فيه الألف واللام". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 95 قد أثرت معنى التعريف تقديرا، ولمح الصفة؛ صار التعريف مشكلا، وأجاب عنه بما حاصله: أنها لم تؤثر تعريفا، فيما لم يكن فيه تعريف، وفيه نظر يظهر بالتأمل. "وأقسام المعارف سبعة": أحدها: "المضمر"، بضم الميم الأولى وفتح الثانية، لحاضر أو غائب، "كأنا وهم. و" الثاني: "العلم" لمذكر أو مؤنث، "كزيد، وهند. و" الثالث: "الإشارة كـ: ذا" للمذكر، "وذي" للمؤنث. "و" الرابع: "الموصول" بناء على أن تعريفه بالعهد الذي في الصلة لا بـ"أل" ملفوظة كـ"الذي"، أو مقدرة كـ"من" أو بالإضافة كـ"أي" "كالذي" للمذكر، "والتي" للمؤنث. "و" الخامس: "ذو الأداة" للمذكر والمؤنث، "كالغلام والمرأة. و" السادس: "المضاف" إضافة محضة، "الواحد منها"؛ أي: من هذه الخمسة معتلا كان أو صحيحا "كابني وغلامي. و" السابع: المزيد على قول الناظم: 53- ........ كهم وذي ... وهند وابني والغلام والذي "المنادى" المنكر المقصود، "نحو: يا رجل؛ لمعين"، بناء على أن تعريفه بالقصد لا بحرف تعريف منوي. قال في التسهيل: أعرفها ضمير المتكلم، ثم ضمير المخاطب، ثم العلم، ثم ضمير الغائب السالم عن إبهام. يعني بأن يتقدمه اسم واحد معرفة أو نكرة، ثم المشار به، والمنادى، يعني أنهما في مرتبة واحدة؛ لأن التعريف فيهما بالقصد عنده، ثم الموصول وذو الأداة، يعني أنهما في مرتبة واحدة؛ لأن تعريفهما بالعهد. وفي بعض نسخه: "ثم ذو الأداة"، فجعله بعد الموصول والمضاف بحسب المضاف إليه، فجعل المضاف إلى الضمير، في مرتبة الضمير، والصحيح ما نسب إلى سيبويه أن المضاف في رتبة المضاف إليه، إلا المضاف إلى المضمر فإنه في رتبة العلم. وذهب المبرد إلى أن المضاف دون المضاف إليه مطلقا، فتحصل ثلاثة أقوال. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 96 " فصل في المضمر ": بفتح الميم الثانية "المضمر": اسم مفعول من أضمرته، إذا أخفيته وسترته، وإطلاقه على البارز توسع. "والضمير" بمعنى المضمر على حد قولهم: عقدت العسل فهو عقيد، أي: معقود، وهو اصطلاح بصري، والكوفية يسمونه كناية ومكنيًّا؛ لأنه ليس باسم صريح، والكناية تقابل الصريح، قال ابن هانئ: [من الطويل] فصرح بمن تهوى ودعني من الكنى ... فلا خير في اللذات من دونها ستر1 فالضمير والكناية بالاصطلاحين "اسْمًا لما وضع" لتعيين مسماه، وهو إما "لمتكلم، كـ: أنا"، بزيادة الألف عند البصريين، وبأصالتها عند الكوفيين، "أو المخاطب كـ: أنت"، بزيادة التاء عند البصريين، وبأصالتها عند بعض الكوفيين، "أو الغائب كـ: هو"، بتمامها عند البصريين، والهاء وحدها عند الكوفيين، وإليه أشار في النظم بقوله: 54- فما لذي غيبة أو حضور ... كأنت وهو سم بالضمير "أو لمخاطب تارة ولغائب أخرى، وهو" ثلاثة "الألف والواو والنون"، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 59- وألف والواو والنون لما ... غاب وغيره ............... وأراد بغيره المخاطب "كقوما" للمخاطبين، "وقاما" للغائبين، "وقوموا وقاموا، وقمن" يا هندات، والهندات قمن. "وينقسم" الضمير "إلى بارز؛ وهو ما له صورة في اللفظ" به كتاء: قمت"، وكاف "أكرمك"، وهاء "غلامه"، فكل من التاء والكاف والهاء يلفظ بصورته. "وإلى مستتر وهو بخلافه"، أي: بخلاف البارز، وهو ما ليس له صورة في اللفظ، بل ينوى "كا" لضمير "لمقدر في" أقوم، و"قم"، فيقدر في "أقوم" أنا، وفي "قم" أنت. ولم تضع العرب لهما لفظًا يعبر به عنهما، ولكن لضيق العبارة عبر عنهما بلفظ الضمير المنفصل، تعليمًا للمبتدئين، وليس هما إياهما على الحقيقة.   1 البيت لأبي نواس من خمرية في ديوانه ص28، وبلا نسبة في تزيين الأسواق ص409. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 97 "وينقسم البارز إلى: متصل" بعامله، "وهو ما لا يفتتح به النطق، ولا يقع بعد: إلا كياء: ابني، وكاف: أكرمك، وهاء: سليه ويائه"، وهذا معنى قول الناظم: 55- وذو اتصال منه ما لا يبتدا ... ولا يلي إلا اختيارا أبدا 56- كالياء والكاف من ابني أكرمك ... والياء والهاء من سليه ما ملك وشملت هذه الأمثلة أنواع الضمير الثلاثة؛ من المتكلم والمخاطب والغائب، ومحاله الثلاثة؛ من الرفع والنصب والجر، فالياء من ابني للمتكلم، ومحلها جر، والكاف من أكرمك للمخاطب، ومحلها نصب، والياء من سليه للمخاطبة، ومحلها رفع على الفاعلية. والهاء من سلنيه للغائب، ومحلها نصب على المفعولية، والحاصل أن الياء والكاف والهاء لا يبتدأ بشيء من منها، ولا تقع بعد إلا، "وأما قوله": [من البسيط] 52- وما نبالي إذا ما كنت جارتنا ... "أن لا يجاورنا إلاك ديار" "فضرورة"، والقياس: إلا إياك، ولكنه اضطر فحذف "إيا" وأبقى "الكاف"، أو أوقع المتصل موقع المنفصل، و"ما" الأولى نافية، و"ما" الثانية زائدة؛ لا مصدرية؛ لأن "إذا" الشرطية مختصة بالجمل الفعلية، و"نبالي": من المبالاة؛ بمعنى الاكتراث، و"جارتنا": خبر "كان"، من الجوار، و"أن": مصدرية، و"ديار": بمعنى أحد، فاعل "يجاورنا"، وأن وصلتها: مفعول "نبالي"، وهي مفرد لا جملة، و"إلا": حرف إيجابي، والكاف في موضع نصب على الاستثناء لتقدمه على المستثنى منه وهو ديار، والمعنى: إذا كنت جارتنا فلا نكترث بعدم مجاورة أحد غيرك. وأجاز ابن الأنباري وقوع المتصل بعد "إلا" مطلقا، ومنعه المبرد مطلقا؛ وأنشد مكان "إلاك" "سواك"، ويحتاج إلى الجواب عن قول الشاعر: [من الطويل] 53- أعوذ برب العرش من فئة بغت ... علي فما لي عوض إلاه ناصر فأوقع الهاء المتصلة موقع "إياه".   52- البيت بلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 129، وأمالي ابن الحاجب ص385، وأوضح المسالك 1/ 83، وتخليص الشواهد ص100، وخزانة الأدب 5/ 278، 279، 325، والخصائص 1/ 307، 2/ 195، والدرر 1/ 84، وشرح الأشموني 1/ 48، وشرح شواهد المغني 884، وشرح ابن عقيل 1/ 90، وشرح المفصل 3/ 101، ومغني اللبيب 2/ 441، والمقاصد النحوية 1/ 253، وهمع الهوامع 1/ 57، وشرح ابن الناظم ص34. 53- البيت بلا نسبة في الدرر 1/ 84، وشرح ابن عقيل 1/ 89، والمقاصد النحوية 1/ 255. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 98 "وإلى منفصل" عن عامله، "وهو" أي: المنفصل، "ما يبتدأ به" في النطق، "ويقع بعد: إلا" وذلك "نحو: أنا، تقول" في ابتداء النطق به: "أنا مؤمن، و" في وقوعه بعد "إلا" "ما قام إلا أنا"، وتقسيمه هنا البارز إلى متصل ومنفصل، لا ينافي تقسيمه المتصل إلى مستتر وبارز في باب العطف، لاختلاف المدركين، فإنه هنا ناظر إلى مواقعه من الإعراب، وهناك ناظر إلى صحة العطف على الضمير المرفوع، وظاهر صنعه أن كلا من المتصل والمنفصل أصل برأسه، وذهب بعضهم إلى أن المتصل أصل للمنفصل؛ محتجا بأن مبنى الضمائر على الاختصار، والمتصل أخصر من المنفصل. "وينقسم" الضمير "المتصل بحسب مواقع الإعراب" من رفع ونصب وجر "إلى ثلاثة أقسام": الأول: "ما يختص بمحل الرفع" فقط، "وهو خمسة": أحدها: "التاء" مضمومة كانت أو مفتوحة أو مكسورة "كقمت" بالحركات الثلاث. "و" ثانيها: "الألف" الدالة على اثنين أو اثنتين "كقاما" وقامتا. "و" ثالثها: "الواو" الدالة على جمع المذكر "كقاموا. و" رابعها: "النون" الدالة على جمع الإناث "كقمن. و" خامسها: "ياء المخاطبة" بناء على أنها ضمير، وهو قول سيبويه1، وخالفه الأخفش والمازني وزعما أنها حرف تأنيث2، والفاعل ضمير مستتر، وتقع في الأمر "كقومي"، والمضارع كتقومين، وخرج بقيد المخاطبة ياء المتكلم، فإنها لا تكون في محل رفع أصلا. "و" القسم الثاني من الأقسام الثلاثة: "ما هو مشترك بين محل النصب والجر فقط، وهو ثلاثة": أحدها: "ياء المتكلم نحو: {رَبِّي أَكْرَمَنِ} [الفجر: 15] ، فالياء من "ربي" في محل جر بإضافة "رب" إليها، وفي "أكرمني" في محل نصب على المفعولية بـ"أكرم". "و" ثانيها: "كاف المخاطب" بفتح الطاء "نحو: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ} [الضحى: 3] فالكاف من "ودعك" في محل نصب على المفعولية، ومن "ربك"   1 الكتاب 4/ 155. 2 قال السيوطي: إن النون والألف والواو والياء؛ حروف علامات؛ كتاء التأنيث في "قامت"، لا ضمائر، والفاعل ضمير مستكن في الفعل، وعليه المازني؛ ووافقه الأخفش في الياء، وشبهة المازني أن الضمير لما استكن في فعل وفعلة؛ استكن في التثنية والجمع، وجيء بعلامات للفرق؛ كما جيء بالتاء. وشبهة الأخفش أن فاعل المضارع المفرد لا يبرز؛ بل يفرق بين المؤنث والمذكر بالتاء أول الفعل في الغيبة، ولما كان الخطاب بالتاء في الحالين احتيج إلى الفرق، فجعلت الياء علامة للمؤنث. انظر حاشية يس 1/ 99. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 99 في محل جر بإضافة "رب" إليها. "و" ثالثها: "هاء الغائب نحو: {قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ} [الكهف: 37] فالهاء من "له" و"صاحبه" في محل جر؛ في الأول باللام، وفي الثاني بالإضافة، وفي "يحاوره" في محل نصب على المفعولية بـ"يحاوره" وذلك داخل تحت قول الناظم: 57- .................... ... ولفط ما جر كلفظ ما نصب "و" القسم الثالث من الأقسام الثلاثة: "ما هو مشترك بين" المحال "الثلاثة"، محل الرفع ومحل النصب ومحل الجر، "وهو "نا" خاصة" بشرطين: اتحاد المعنى والاتصال "نحو: {رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا} [آل عمران: 193] فـ"نا" في "ربنا" في محل جر، بإضافة "رب" إليها، وفي "إننا" في محل نصب بـ"إن"، وفي "سمعنا" في محل رفع على الفاعلية بـ"سمع", ونظير ذلك قول الناظم: 58- ................. ... كاعرف بنا فإننا نلنا "وقال بعضهم" وهو أبو حيان معترضا على الناظم في وقوله: 58- للرفع والنصب وجر نا صلح ... ................................. "لا يختص ذلك بكلمة "نا" بل "الياء" وكلمة "هم" كذلك"، فإنهما يقعان في المحال الثلاثة، "لأنك تقول" في الياء في الرفع: "قومي، و" في النصب: "أكرمني، و" في الجر: "غلامي، و" تقول في "هم" في الرفع: "هم فعلوا، و" في النصب: "أنهم، و" في الجر: "لهم مال. و" رده المتأخرون فقالوا: "هذا" النقص "غير سديد" بالسين المهملة؛ لأن المدعى أن يكون الضمير في الأحوال الثلاثة متحد المعنى ومتصلا، وما أورده ليس كذلك، "لأن ياء المخاطبة غير ياء المتكلم"، بدليلين: أحدهما: أن "ياء المخاطبة" مختلف في اسميتها، و"ياء المتكلم" لم يختلف فيها, والمختلف فيه غير المتفق عليه. والثاني: أن "ياء المخاطبة" موضوعة للمؤنث, و"ياء المتكلم" موضوعة للمذكر، و"ما" للمؤنث غير "ما" للمذكر، "و" لأن الضمير "المنفصل غير" الضمير "المتصل" ضرورة، فانتفى الإيراد وثبت المراد. "وألفاظ الضمائر كلها مبنية" وجوبا، وذلك مفهوم من قول الناظم: 57- وكل مضمر له البنا يجب ... .............................. واختلف في سبب بنائها، فقيل: شبه الحرف في المعنى؛ لأن كل مضمر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 100 مضمن معنى التكلم أو الخطاب أو الغيبة، وهي من معاني الحروف، وقيل: شبه الحرف في الوضع؛ لأن أكثر المضمرات على حرف واحد أو حرفين، وحمل الأقل على الأكثر، وقيل: شبه الحرف في الافتقار؛ لأن المضمر لا تتم دلالته على مسماه إلا بضميمة مشاهدة أو غيرها، وقيل: شبه الحرف في الجمود، وقيل: اختلاف صيغه لاختلاف معانيه، وقيل غير ذلك. ولا يختص الإبراز بضمير بعينه بل يكون في ضمير الرفع والنصب والجر، "ويختص الاستتار بضمير الرفع" فقط. "وينقسم المستتر إلى قسمين: مستتر وجوبا، وهو" المقتصر عليه في النظم بقوله: 60- ومن ضمير الرفع ما يستتر ... ................................ بقرينة تمثيله بقوله: 60- ........................... ... كأفعل أو افق نغتبط إذ تشكر وضابط واجب الاستتار "ما لا يخلفه" في مكانه اسم ظاهر، ولا "ضمير منفصل، وهو المرفوع بأمر الواحد" المذكر "كـ: قم"، واستخرج بخلاف المرفوع بأمر الواحدة والمثنى والجمع، فإنه يبرز في الجميع نحو: قومي وقوما وقوموا وقمن، "أو" المرفوع "بمضارع مبدوء بتاء خطاب الواحد كـ: تقوم"، وتستخرج بخلاف المبدوء بتاء الغائبة، نحو: هند تقوم، فإن استتاره جائز لا واجب، وبخلاف المبدوء بتاء خطاب الواحدة والتثنية والجمع، فإنه يبرز في الجميع، نحو: تقومين وتقومان وتقومون وتقمن، "أو" المرفوع "بمضارع مبدوء بالهمزة كـ"أقوم" وأستخرج، "أو" المرفوع بمضارع مبدوء "بالنون كـ: تقوم" ونستخرج، "أو" المرفوع "بفعل استثناء كـ: خلا، وعدا" وليس، "ولا يكون، في نحو قولك": القوم "قاموا ما خلا زيدا، وما عدا عمرا"، وليس بكرا، "ولا يكون زيدا"، ففي خلا وعدا وليس ولا يكون ضمير مستتر وجوبا مرفوع عائد على البعض المفهوم من كله السابق، أو على اسم الفاعل المفهوم من الفعل السابق، "أو" المرفوع "بأفعل في التعجب، أو بأفعل" في "التفضيل"، فالأول "كـ: ما أحسن الزيدين"، بفتح الدال وكسرها، "و" الثاني نحو: " {هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا} [مريم: 74] ففي "أحسن" فيهما ضمير مرفوع على الفاعلية مستتر وجوبا، و"أثاثا" تمييز، "أو" المرفوع "باسم فعل غير ماض كـ: أوه" بمعنى أتوجع، "ونزال" بمعنى انزل، أو المرفوع بالمصدر النائب عن فعله نحو: {فَضَرْبَ الرِّقَابِ} [محمد: 4] فجميع هذه الأمثلة لا ترفع الاسم الظاهر، ولا الضمير البارز، إلا "أفعل" التفضيل، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 101 فإنه قد يرفع الظاهر في مسألة "الكحل" عند جميع العرب" ويرفع الضمير البارز على لغة، نحو: "مررت برجل أفضل منه أنت" إذا لم يعرب "أنت" مبتدأ، وعلى هذا فعد "أفعل" التفضيل من أمثلة ما يستتر فيه الضمير وجوبا يشكل على الضابط المذكور. "و" ينقسم "إلى مستتر جوازا، وهو ما يخلفه ذلك" الظاهر أو الضمير المنفصل، "وهو" الضمير "المرفوع بفعل الغائب، أو" بفعل "الغائبة، أو الصفات المحضة"، وهي الخالصة من شائبة الاسمية، "أو اسم الفعل الماضي"، فالمرفوع بفعل الغائب "نحو: زيد قام، و" بفعل الغائبة نحو: "هند قامت" أو تقوم، "و" بالصفات المحضة، وهي: إما اسم فاعل نحو: "زيد قائم، أو" اسم مفعول نحو: زيد "مضروب، أو" صفة مشبهة نحو: زيد "حسن"، أو أمثلة المبالغة نحو: زيد ضراب أو مضراب أو مضروب أو ضريب أو ضرب، "و" باسم الفعل الماضي نحو: زيد "هيهات"، أي: بعد. فالضمير في هذه الأمثلة وما أشبهها مستتر جوازا، وإذا برز انفصل، تقول: "زيد قام هو" وكذا الباقي، والدليل على جواز ذلك أنه يخلفه الظاهر أو الضمير المنفصل، "ألا ترى أنه يجوز" في الفصيح: "زيد قام أبوه"، فيخلفه الظاهر وهو "أبوه"، "أو: ما قام إلا هو"، فيخلفه الضمير المنفصل الواقع بعد "إلا"، "وكذا الباقي" من الأمثلة المذكورة بلا فرق. وهذا الحكم جار في الضمير المنتقل إلى الظرف. وعديله، إذا وقعا صفة أو صلة أو خبرا أو حالا، نحو: "مررت برجل أمامك" وفي مجلسك"، و"جاء الذي عندك، أو في الدار"، و"زيد خلفك، أو في المسجد" و"جاء زيد فوق فرس، أو على حمار"، وقد يجب إبراز الضمير المستتر إذا جرى رافعه على غير من هو له، نحو: غلام زيد ضاربه هو. "تنبيه: هذا التقسيم" للضمير إلى مستتر وجوبا وجوازا "تقسيم ابن مالك" في التسهيل1 وغيره، "وابن يعيش" في شرح المفصل2، "وغيرهما" من النحويين، ووافقهما الموضح في شرح القطر3، وخالفهم هنا فقال: "و" هذا التقسيم "فيه نظر الاستتار" للضمير "في" "قام" من "نحو: زيد قام" واجب"، لا يجوز إبرازه متصلا، "فإنه" لو برز وجب انفصاله فيقال: "قام هو" و"لا يقال: "قام هو" على الفاعلية"، بل على التوكيد لذلك المستتر، "وأما" خلف الظاهر له أو الضمير المنفصل،   1 شرح التسهيل 1/ 166. 2 شرح المفصل 3/ 108-109. 3 شرح قطر الندى ص94. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 102 ففي غير تركيبه، فـ"زيد قام": تركيب أسند فيه القيام إلى ضمير "زيد" من غير حصر، وأما "زيد قام أبوه، أو: ما قام إلا هو، فتركيب آخر" أسند فيه القيام إلى سببي زيد، وإلى ضميره المحصور بـ"إلا". هذا تقرير كلامه وفيه أمران: أحدهما: أن قوله: "فتركيب آخر" يوهم أن ابن مالك وابن يعيش وغيرهما قائلون بأن نحو: "زيد قام هو" و"زيد قام أبوه" تركيب واحد مع اختلاف المسند إليه، ولا يظن بهم ذلك، إلا أن يقع النظر عن خصوصية المسند إليه. والثاني: أنه نفى أن يقال: "قام هو" على الفاعلية، والمنقول عن سيبويه أنه أجاز في "هو" من نحو قوله تعالى: {أَنْ يُمِلَّ هُوَ} [البقرة: 282] أن يكون فاعلا، وأن يكون توكيدا، ونقل المرادي عنه أيضا في شرح التسهيل أنه أجاز في "هو" من نحو: "مررت برجل مكرمك هو" أن يكون فاعلا، وأن يكون توكيدا. وكذلك إذا جرى الوصف على غير من هو له، وأبرز الضمير يكون فاعلا بالاتفاق عند البصريين والكوفيين، والنظر الجيد أن يقال: ما ذهب إليه ابن مالك وابن يعيش وغيرهما مشكل؛ لأنه لا يخلو إما أن يريدوا بجواز الاستتار أنه يجوز إبراز الضمير متصلا أو منفصلا، والأول متعذر، والثاني مخالف لما أصلوه من القواعد، وهو أنه إذا أمكن الاتصال لا يعدل عنه إلى الانفصال، إلا فيما يستثنى، وليس هذا منه، "والتحقيق" في التقسيم "أن يقال: ينقسم العامل إلى ما لا يرفع، إلا الضمير المستتر كـ"أقوم" وقم، "وإلى ما يرفعه، وغيره"، أي: الظاهر "كـ: قام" وهيهات، "وينقسم" الضمير "المنفصل بحسب مواقع الإعراب" الثلاثة "إلى قسمين": أحدهما: "ما يختص بمحل الرفع" لا يتجاوزه إلى غيره، "وهو: أنا" للمتكلم، "وأنت" بفتح التاء للمخاطب، "وهو" للغائب وفروعهن، "ففرع أنا" واحد فقط، وهو "نحن"؛ لأن المتعدد فرع المفرد، "وفرع أنت" بفتح التاء أربعة وهي: "أنت" بكسر التاء، "وأنتما، وأنتم، وأنتن"؛ لأن المؤنث فرع المذكر، والمثنى والجمع فرع المفرد، "وفرع هو" أربعة أيضا وهي: "هي وهما وهم وهن"، وتعليله ما تقدم. تنبيه: المختار في "أنا" أن الضمير هو الهمزة والنون فقط، والألف زائدة لبيان الحركة. ومذهب الكوفيين أنه الأحرف الثلاثة1، واختاره ابن مالك2، وفي   1 انظر شرح المفصل 3/ 93. 2 شرح التسهيل 1/ 134. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 103 "أنت" وفروعه أن الضمير نفس "أن" عند البصريين، واللواحق لها حروف خطاب1. وذهب الفراء إلى أن "أنت" بكماله هو الضمير، وذهب ابن كيسان إلى أن "التاء" هي الضمير، وهي التي في: "فعلت" وكسرت بـ"أن". وفي "هو وهي" الجميع ضمير، وهو مذهب البصريين، وذهب الكوفيون إلى أن الضمير هو الهاء فقط، والواو والياء إشباع، وفي "هما وهم" الضمير "الهاء" وحدها2. وحكي عن الفارسي أنه المجموع، وفي "هن" الهاء وحدها، والنون الأولى كالميم في "هم"، والثانية كالواو في "هو". "و" القسم الثاني "ما يختص بمحل النصب لا يتجاوزه إلى غيره، "وهو إيا" بتشديد الياء المثناة، تحت حال كونه "مردفا بما يدل على المعنى المراد" من تكلم وخطاب وغيبة وتذكير وتأنيث وإفراد وتثنية وجمع، "نحو: "إياي" للمتكلم" وحده، "و: إياك، للمخاطب" المذكر, "و: إياه, للغائب" المذكور, هذه الثلاثة هي الأصول, "وفروعها" تسعة، ففرع إياي: "إيانا" لا غير، "و" فرع "إياك" بفتح الكاف؛ أربعة: "إياك" بكسر الكاف، "وإياكما، وإياكم، وإياكن. و" فرع إياه أربعة أيضا: "إياها، وإياهما، وإياهم، وإياهن"، على ما تقدم من التعليل، وفي بعض النسخ بإسقاط العاطف. "تنبيه: المختار" من الخلاف "أن الضمير نفس: إيا" فقط، "وأن اللواحق لها حروف تكلم وخطاب وغيبة"، وهو مذهب سيبويه3. واستشكل بأن الضمير ما دل على متكلم أو مخاطب أو غائب، و"إيا" على حدتها لا تدل على ذلك، وأجيب بأنها وضعت مشتركة بين المعاني الثلاثة، فعند الاحتياج إلى التمييز أردفت بحروف تدل على المعنى المراد، كما أردف الفعل المسند إلى المؤنث بناء التأنيث ومقابل المختار مذاهب: أحدها: ما ذهب إليه بعض البصريين وجمع من الكوفيين واختاره أبو حيان، أن اللواحق هي الضمائر، وكلمة "إيا" عماد4، أي: زيادة يعتمد عليها لواحقها، ليتميز الضمير المنفصل من المتصل.   1 شرح المفصل 3/ 93، 95. 2 ذكر الأنباري آراء الكوفيين والبصريين في الإنصاف 2/ 677، المسألة رقم 96: " الحروف التي وضع عليها الاسم في هو وهي". وانظر شرح المفصل 3/ 95-97. 3 الكتاب 2/ 355، وانظر شرح المفصل 3/ 98-99. 4 الإنصاف 2/ 695، المسألة رقم 97: "الضمير في إياك وأخواتها". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 104 والثاني: ما ذهب إليه الخليل وجمع، واختاره ابن مالك، أن "إيا" ضمير إلى ما بعده، وأن ما بعده ضمير أيضا في محل خفض بإضافة "إيا" إليه1. والثالث: ما ذهب إليه الزجاج أن "إيا" اسم ظاهر لا ضمير، واللواحق له ضمائر، أضيف "إيا" إليها، فهي في محل خفض بالإضافة. وهذه الضمائر الأربعة والعشرون ضميرا من المرفوعة والمنصوبة المنفصلة مستفادة من قول الناظم: 61- وذو ارتفاع وانفصال أنا هو ... وأنت والفروع لا تشتبه 62- وذو انتصاب في انفصال جعلا ... إياي والتفريع ليس مشكلا وجملة الضمائر البارزة ستون ضميرا؛ وذلك لأن البارز إما متصل أو منفصل، مرفوع ومنصوب ومجرور، والمنفصل مرفوع ومنصوب فقط، فهذه خمسة أقسام، ثلاثة للمتصل واثنان للمنفصل، ولكل من هذه الخمسة اثنتا عشرة لفظة: واحدة للمتكلم وحده، وواحدة له ولمن معه، وخمس للمخاطب: واحدة للمذكر، وواحدة للمؤنث، وواحدة لمثنييهما، وواحدة لجمع المذكر، وواحدة لجمع المؤنث، وخمس للغائب كذلك، وإذا ضربنا خمسا في اثني عشر خرج منها ستون. أمثلة المرفوع المتصل: قُمْتُ؛ قُمنا؛ قُمتِ؛ قُمتما؛ قُمتم؛ قُمتُنّ؛ قامَ؛ قامَتْ؛ قامَا؛ قاموا؛ قُمْنَ. أمثلة المنصوب المتصل: أكْرَمَنِي؛ أكْرَمَنا؛ أكْرَمَكَ؛ أكْرَمَكِ؛ أكْرَمَكُما؛ أكرمَكُم؛ أكرَمَكُنّ؛ أكرَمَهُ؛ أكرَمَهَا؛ أكْرَمَهُما؛ أكْرَمَهُم؛ أكرَمَهُنّ. أمثلة المخفوض؛ ولا يكون إلا متصلا؛ غلامي لي؛ غلامنا لنا؛ غلامكَ لكَ؛ غلامكِ لكِ؛ غلامكما لكما؛ غلامكم لكم؛ غلامكنَ لكنَ؛ غلامه له؛ غلامها لها؛ غلامهما لهما؛ غلامهم لهم؛ غلامهنّ لهنّ. وتقدمت أمثلة المرفوع المنفصل والمنصوب المنفصل في كلام الموضح، فلم أحتج لسردها مرة ثانية. فهذه الستون متفق عليها، وزاد سيبويه في ضمائر الرفع المتصلة: ياء المخاطبة في: تقومين وقومي، وخالف الأخفش والمازني ذاهبين إلى أنها حرف تأنيث، والفاعل مستتر، كما يستتر ضمير المفرد في: تقوم وقم، وقد تقدم ما فيه.   1 انظر رأي الخليل في الإنصاف 2/ 695: والكتاب 1/ 279، واستشهد الخليل بقولهم: "إذا بلغ الرجل الستين فإياه وإيا الشواب". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 105 "فصل": القاعدة لغة: الأساس، واصطللاحا: حكم كلي منطبق على جميع جزئياته لتتعرف أحكامها منه. وهي هنا "أنه متى تأتي" وأمكن "اتصال الضمير لم يعدل إلى انفصاله"؛ لأن وضع الضمير على الاختصار؛ والمتصل أخصر من المنفصل "فنحو: قمت" بضم التاء "وأكرمتك، لا يقال فيهما: قام أنا؛ ولا أكرمتك إياك"؛ لأن التاء أخصر من "أنا" والكاف أخصر من "إياك"، وإلى هذا أشار الناظم بقوله: 63- وفي اختيار لا يجيء المنفصل ... إذا تأتى أن يجيء المتصل "فأما قوله" وهو زياد بن حمل التميمي: [من البسيط] 54- وما أصاحب من قوم فأذكرهم ... .................................. أي: قومي. 54- .......................... ... "إلا يزيدهم حبا إلي هم" فأوقع الضمير المرفوع المنفصل مكان المرفوع المتصل، "وقوله" وهو الفرزدق: [من البسيط] 55- بالباعث الوارث الأموات قد ضمنت ... "إياهم الأرض في دهر الدهارير" فأوقع الضمير المنصوب المنفصل مكان المنصوب المتصل، "فضرورة" فيهما، ومعنى البيت الأول على ما قاله ابن كيسان: ما صحبت قوما بعد قومي؛ فذكرت لهم   54- البيت لزياد بن منقذ في خزانة الأدب 5/ 250، 255، وسر صناعة الإعراب 1/ 271، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي 1392، وشرح شواهد المغني 1/ 135، 137، 428، وشرح المفصل 7/ 26، والشعر والشعراء 2/ 701 ومعجم الشعراء ص409، والمقاصد النحوية 1/ 256، ولبدر بن سعيد أخي زياد "أو المرار" في الأغاني 10/ 330، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 90، وتخليص الشواهد ص83، وشرح ابن الناظم ص38، وشرح الأشموني 1/ 51، ومغني اللبيب 1/ 146. 55- البيت للفرزدق في ديوانه 1/ 214، وخزانة الأدب 5/ 288، 290، والدرر 1/ 98، والمقاصد النحوية 1/ 274، ولأمية بن أبي الصلت في الخصائص 1/ 307، 2/ 195، ولم أقع عليه في ديوانه، ولأمية أو للفرزدق في تخليص الشواهد ص87، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 129، والأغاني 10/ 323، والإنصاف 2/ 698، وأوضح المسالك 1/ 92، وتذكرة النحاة 43، وشرح ابن عقيل 1/ 101، 108 وشرح ابن الناظم ص38، وهمع الهوامع 1/ 62. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 106 قومي؛ إلا بالغوا في الثناء عليهم، حتى يزيدوا قومي حبًّا إلَيّ، ويدل عليه أنه وجد في أصل قصيدته: لم ألق بعدهم حيًّا فأخبرهم ... إلا ..................... إلى آخره. و"هم" الأولى مفعول أول ليزيد، و"حبًّا" مفعوله الثاني، و"هم" الثانية، آخر البيت: فاعل يزيد، والأصل: يزيدون، فعدل عن الواو إلى هم للضرورة. وقال ابن مالك: "الأصل: إلا يزيدون أنفسهم، فحذف المضاف، وفصل ضمير الفاعل". قال الموضح في المعنى: وحامله على ذلك ظنه أن الضميرين لمسمى واحد، وليس كذلك، فإن مسمى "الواو" المصاحبون ثانيًا، ومسمى "هم" المصاحبون أولًا. ومراده: أنه ما يصاحب قومًا بعد قومه فيذكر قومه لهم، إلا ويزيد هؤلاء القوم قومه حبًّا إليه؛ لما يسمعه من ثنائهم عليهم. ويجوز في: "فأذكرهم" النصب في جواب النفي، والرفع بالعطف على "أصاحب". قاله الموضح في شرح الشواهد. و"الباء" في قول الفرزدق: "بالباعث" متعلقة بـ"حلفت" في بيت قبله1. والباعث: هو الذي يبعث الأموات ويحييهم. والوارث: هو الذي ترجع إليه الأملاك؛ بعد فناء الملاك. والأموات: إما مجرور بإضافة الباعث والوارث إليه، على حد قولهم2: [من المنسرح] .............................. ... بين ذراعي وجبهة الأسد أو منصوب "بالوارث"، على أن الوصفين تنازعاه، وأعمل الثاني. وضمنت؛ بكسر الميم مخففة: بمعنى تضمنت، أي: اشتملت عليهم، أو بمعنى تكلفت بأبدانهم. والأرض: فاعل "ضمنت"، و"إياهم": مفعوله، والقياس اتصاله، ولكنه فصل للضرورة. والدهر: الزمان، و"الدهارير"، بمعنى الشدائد: مضاف إليه.   1 وهو قوله: "إني حلفت ولم أحلف على فند ... فناء بيت من الساعين معمور". انظر ديوان الفرزدق 1/ 214، والدرر 1/ 99. 2 صدر البيت: "يا من رأى عارضا أُسَرُّ به" ، وهو الفرزدق في ديوانه ص215 "طبعة الصاوي"، وخزانة الأدب 2/ 319، 4/ 404، 5/ 289، وشرح شواهد المغني 2/ 799، وشرح المفصل 3/ 21، والكتاب 1/ 180، والمقاصد النحوية 3/ 451، والمقتضب 4/ 229، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 1/ 100، 2/ 264، 390، وتخليص الشواهد ص87، وخزانة الأدب 10/ 187، والخصائص 2/ 407، والدرر 1/ 99، ورصف المباني ص341، وسر صناعة الإعراب ص297، وشرح الأشموني 2/ 366، وشرح عمدة الحافظ ص502، ومغني اللبيب 2/ 380، 621. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 107 "و" إذا لم يتأتّ الاتصال وجب الانفصال، "مثال ما لم يتأت فيه الاتصال أن" يرفع الضمير بمصدر مضاف إلى المنصوب نحو قوله: [من البسيط] 56- بنصركم نحن كنتم ظافرين ..... ... ...................................... أو ينصب بمصدر مضاف إلى المرفوع نحو: " عجبت من ضرب الأمير إياك". فإن قالوا: يجوز: "ضربك الأمير"، قلنا: ويجوز: "بنصرنا إياكم" فما كان جوابهم فهو جوابنا1. أو أن يرفع بصفة جرت على غير من هي له مطلقا عند البصريين، وبشرط خوف اللبس عند الكوفيين، نحو: "زيد عمرو ضاربه هو"، أو أن يحذف عامله؛ كقوله: [من الطويل] 57- فإن أنت لم ينفعك علمك فانتسب ... لعلك تهديك القرون الأوائل أي: فإن ضللت لم ينفعك علمك. وأن يكون عامله حرف نفي نحو: {مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ} [المجادلة: 2] وأن يقع بعد واو المصاحبة كقوله: [من الطويل] 58- فآليت لا أنفك أحدو قصيدة ... تكون وإياهم بها مثلا بعدي أو أن يفصله متبوع نحو: {يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ} [الممتحنة: 1] . أو أن يلي "إما" المكسورة الهمزة المشددة الميم، نحو: إما أنا وإما أنت. أو يلي اللام الفارقة2، كقوله: [من الخفيف]   56- تتمة البيت: " ............................. وقد ... أغرى العدى بكم استسلامكم فشلا" ،وهو بلا نسبة في الدرر 1/ 100، والمقاصد النحوية 1/ 289، وهمع الهوامع 1/ 63. 1 في حاشية يس 1/ 105: "قال الزرقاني: والجواب من الجهتين أن الكلام في ضمير الرفع الخاص بذلك، لا فيما يقع في محل رفع، ولا في المشترك" 57- البيت للبيد بن ربيعة في ديوانه ص255، وخزانة الأدب 3/ 34، والدرر 1/ 102، وشرح الأشموني 1/ 188، وشرح شواهد المغني 1/ 151، والمعاني الكبير ص1211، والمقاصد النحوية 1/ 8، 291، وهمع الهوامع 2/ 114، وبلا نسبة في همع الهوامع 1/ 63. 58- البيت لأبي ذؤيب الهذلي في شرح أشعار الهذليين 1/ 219، وخزانة الأدب 8/ 15، 519، والدرر 1/ 103، 480، وشرح شواهد الإيضاح ص180، والمقاصد النحوية 1/ 295، وبلا نسبة في تذكرة النحاة ص44، وهمع الهوامع 1/ 63، 220. 2 أي: بين "أن" المخففة من الثقيلة والنافية. انظر الدرر 1/ 104. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 108 59- إن وجدت الصديق حقا لإيا ... ك فمرني فلن أزال مطيعا أو أن يكون منادى، نحو: يا إياك، ويا أنت. أو أن ينصبه عامل في مضمر قبله غير مرفوع أن أتحدث رتبته، نحو: "ظننتني إياي"، وسيأتي. أو أن "يتقدم الضمير على عامله، نحو {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} [الفاتحة: 4] ، أو" يتأخر عن عامله "يلي إلا" لفظا، نحو: {أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} [يوسف: 40] . أو معنى، نحو: إنما قام أنا، "ومنه قوله" وهو الفرزدق: [من الطويل] 60- أنا الذائد الحامي الذمار "وإنما ... يدافع عن أحسابهم أنا أو مثلي" "لأن" "أنا" ولي "إلا" في المعنى؛ لأن "المعنى: ما يدافع عن أحسابهم إلا أنا"، أو مماثلي في إحراز الكمالات. ولما كان غرضه أن يحصر المدافع لا المدافع عنه؛ فصل الضمير وأخره، ولو وصله وقال: وإنما أدافع عن أحسابهم، لصار المعنى: أنه يدافع عن أحسابهم؛ لا عن أحساب غيرهم. وذلك غير مقصود، ولا يصح حمله على الضرورة؛ لأنه كان يصح أن يقال: إنما أدافع عن أحسابهم أنا، على أن يكون "أنا" توكيدا، وليست "ما" موصولة، و"أنا" خبر إن، إذ لا ضرورة في العدول عن لفظ "من" إلى لفظ "ما"، وما نقل عن سيبويه من امتناع فصل الضمير بعد "إنما"؛ محمول على أنه لا يرى الحصر بـ"إنما"، وخولف في ذلك. والذائد؛ بذال معجمة أوله؛ ومهملة آخره: من ذاد يذود: إذا منع، أو من الذود وهو الطرد. يقال: رجل ذائد أي: حامي الحقيقة, والحامي هنا تفسير للذائد، وهو اسم فاعل من الحماية، وهي الدفع، والذمار؛ بكسر الذال المعجمة وتخفيف الميم: وهو ما لزم الشخص حفظه مما وراءه ويتعلق به. والأحساب: جمع حسب؛ بفتح السين. "قال شَمَر: الحسب: الفعل الحسن للرجل ولآبائه؛ مأخوذ من الحساب، كأنهم يحسبون مناقبهم   59- البيت بلا نسبة في الدرر 1/ 103، والمقاصد النحوية 1/ 301، وهمع الهوامع 1/ 63. 60- البيت للفرزدق في ديوانه 2/ 153، وتذكرة النحاة ص85، والجنى الداني ص397، وخزانة الأدب 4/ 465، والدرر 1/ 99، وشرح شواهد المغني 2/ 718، ولسان العرب 15/ 200 "فلا"، والمحتسب 2/ 195، ومعاهد التنصيص 1/ 260، ومغني اللبيب 1/ 309، والمقاصد النحوية 1/ 277، ولأمية بن أبي الصلت في ديوانه ص48، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 111، 114، 7/ 242، وأوضح المسالك 1/ 95، ولسان العرب 13/ 31 "أنن"، وهمع الهوامع 1/ 62، وتاج العروس "ما". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 109 ويعدونها عند المفاخرة، فالحسب؛ بالسكون: العدد، وبالتحريك: الشيء المعدود على القياس في مثله". ا. هـ. قاله التجاني في تحفة العروس1. "ويستثنى من هذه القاعدة" المذكورة، وهي أنه إذا تأتى اتصال الضمير لا يعدل إلى انفصاله "مسألتان"، ويجوز فيهما الانفصال مع تأتي الاتصال، وهما المشار إليهما في النظم بقوله: 64- وصل أو افصل هاء سلنيه وما ... أشبهه في كنته الخلف انتمى 65- كذاك خلتنيه ........ ... ............................ "إحداهما"؛ وهي الأولى في النظم: "أن يكون عامل الضمير" الجائز فيه الاتصال والانفصال، "عاملا في ضمير آخر أعرف منه مقدم عليه"، وهو مراد الناظم بقوله: 66- وقدم الأخص في اتصال ... .............................. "وليس" المقدم "مرفوعا"، بأن كان منصوبا أو مجرورا، "فيجوز" حينئذ في الضمير الثاني "الوجهان" المتقدمان، وهما: الاتصال نظرا إلى الأصل؛ والانفصال هربا من توالي اتصالين في فضلتين. "ثم إن كان العامل" في الضميرين المذكورين "فعلا غير ناسخ"، كما في باب "أعطى"، "فالوصل أرجح" لكونه الأصل، ولا مرجح لغيره، ولذلك اقتصر عليه سيبويه2 "كالهاء من" قولك لشخص في عبد: "سلنيه" أو ملكنيه، وكالكاف من قولك لعبدك: "زيد سألنيك"، ويجوز على مرجوح: سَلْني إياه ومَلِّكني إياه وسَأَلَني إياك ولكون الموصل أرجح لم يأت التنزيل إلا به، قال الله تعالى: {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ} [البقرة: 137] ، {أَنُلْزِمُكُمُوهَا} [هود: 28] ، {إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا} [محمد: 37] ، كل ذلك من الوصل. "ومن الفصل" قوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله ملككم إياهم" 3، ولو وصل لقال: "مَلَّكَكُمُوهم"، ولكنه فر من الثقل الحاصل من اجتماع الواو مع ثلاث ضمات، "وإن كان" العامل في الضميرين "اسما"، وكان أول الضميرين مجرورا، "فالفصل أرجح"، لاختلاف محلي الضميرين، سواء أكان الاسم العامل مصدرا، "نحو: عجبت من حبي إياه"، فـ"حب": مصدر مضاف إلى فاعله؛   1 تحفة العروس ص57، باب تخير الرجل لنطفته. 2 الكتاب 2/ 363. 3 من شواهد شرح ابن الناظم ص39. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 110 وهو ياء المتكلم، و"إياه": مفعوله. هذا من الفصل، "ومن الوصل قوله" في الحماسة: [من المتقارب] 61- لئن كان حبك لي كاذبا ... "لقد كان حبيك حقا يقينا" اللام في "لئن": موطئة للقسم، وفي "لقد": جواب القسم؛ هذا هو المعتمد؛ ولا التفات لغيره، وفي "لي" تقوية العمل المصدر في مفعوله؛ لكونه فرعا عن الفعل في العمل، و"حبك" الأول، بغير ياء، و"الكاف": مضاف إليها من إضافة المصدر إلى فاعله، و"حبيك" الثاني، بالياء، وفيه الشاهد، فإنه أتى معه الضمير الثاني، وهو "الكاف" متصلا، ولو فصله لقال: "حبي إياك"، أو كان الاسم العامل اسم فاعل، نحو: "عجبت من الموليك إياه"، ومن الوصل قوله: [من البسيط] 62- لا ترج أو تخش غير الله إن أذى ... واقيكه الله لا ينفك مأمونا فأتى بالضمير الثاني متصلا، ولو فصله لقال: واقيك الله إياه. "وإن كان" العامل في الضميرين "فعلا ناسخا" من باب ظن "نحو: خلتنيه، فالأرجح عند الجمهور الفصل"؛ لأنه خبر في الأصل، وحق الفصل قبل وجود الناسخ، فيترجح بعده، وهو المراد بقول الناظم: 65- ................................. ... .................. غيري اختار الانفصالا "كقوله": [من البسيط] 63- "أخي حسبتك إياه" وقد ملئت ... أرجاء صدرك بالأضغان والإحن أخي: مفعول بفعل محذوف يفسره حسبتك، أو مبتدأ وما بعده خبره، على الوجهين في الاشتغال، لا منادى سقط منه حرف النداء، لفساد المعنى. والأرجاء: النواحي، جمع رجا كعصا، والأضغان: جمع ضغن؛ بكسر الضاد المعجمة؛ وهو: الحقد. والإحن؛ بكسر الهمزة وفتح الحاء المهملة؛ جمع إحنة؛ بكسر الهمزة وسكون الحاء؛ وهو:   61- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 97، وشرح الأشموني 1/ 52، المقاصد النحوية 1/ 283، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص962، وقيل البيت المستشهد به قوله: لئن كنت أوطأتني عشوة ... لقد كنت أصفيتك الود حينا وما كنت إلا كذي نهزة ... تبدل غثا وأعطى سمينا 62- البيت بلا نسبة في المقاصد النحوية 1/ 308. 63- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 99، وشرح ابن الناظم ص41, وشرح الأشموني 1/ 53، والمقاصد النحوية 1/ 286. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 111 الحقد أيضا؛ فهو من باب عطف أحد المترادفين على الآخر. والشاهد في "حسبتك إياه"، حيث فصل الضمير الثاني، "و" الأرجح "عند الناظم والرماني وابن الطراوة الوصل"، وقد صرح بذلك الناظم فقال: 65- ......................... واتصالا ... أختار ................................ وحجته أن الأصل الاتصال، وقد أمكن، وجاء به التنزيل، قال الله تعالى: {إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ} [الأنفال: 43] ، وورد به الشعر "كقوله": [من البسيط] 64- "بلغت صنع امرئ بر إخالكه" ... إذ لم تزل لاكتساب الحمد مبتدرا المسألة "الثانية" من المسألتين المستثناتين من القاعدة المذكورة "أن يكون" الضمير "منصوبا بكان أو إحدى أخواتها"، سواء أكان قبله ضمير أم لا1، وبذلك فارقت المسألة الأولى، "نحو: الصديق كنته، أو كأنه زيد"، فيجوز في الهاء الوجهان، الاتصال والانفصال، "وفي الأرجح من الوجهين الخلاف المذكور" في الترجيح في نحو: "خلتنيه" فالأرجح عند الجمهور الفصل، وعند الناظم والرماني وابن الطراوة الوصل2، وتوجيههما مع سبق، وكلاهما ورد، "ومن ورود الوصل الحديث"، وهو قوله صلى الله عليه وسلم لعمر رضي الله عنه لما طلب أن يقتل ابن صياد حين أخبر بأنه الدجال: "إن يكنه فلن تسلط عليه" وأن لا يكنه فلا خبر لك في قتله"3. "ومن ورود الفصل قوله" وهو عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي: [من الطويل] 65- "لئن كان إياه لقد حال بعدنا ... عن العهد" والإنسان قد يتغير ثم شرع في محترزات القيود المتقدمة في المسألة الأولى، فقال: "ولو كان الضمير السابق في المسألة الأولى مرفوعا وجب الوصل نحو: ضربته"، ولا يجوز: ضربت إياه   64- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 100، وشرح الأشموني 1/ 53، والمقاصد النحوية 1/ 287. 1 يشترط لجواز الوجهين أن يكون المتقدم أعرف، وإلا فيجب الفصل؛ كما يفهم من قول الناظم: وقدم الأخص .................... ... ............................... 2 انظر المقتضب 3/ 98، وشرح التسهيل 1/ 154، وشرح ابن الناظم ص39. 3 أخرجه البخاري في الجنائز، باب 78: إذا أسلم الصبي فمات ... برقم 1289، وأخرجه مسلم في الفتن وأشراط الساعة، باب: ذكر ابن صياد، رقم 2930، 2931، وهو من شواهد شرح ابن الناظم ص39، وشرح الأشموني 1/ 53. 65- البيت لعمر بن أبي ربيعة في ديوانه ص94، وتخليص الشواهد ص93، وخزانة الأدب 5/ 312، 313، وشرح المفصل 3/ 107، والمقاصد النحوية 1/ 314 وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 102، وشرح ابن الناظم ص40، وشرح الأشموني 1/ 53، والمقرب 1/ 95. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 112 لما تقدم، "ولو كان الضمير المتقدم" على الضمير الثاني "غير أعرف"، أي: غير أخص، "وجب الفصل"؛ لأنه مع الاتصال يجب تقديم الأخص، فمع تقديم غير الأخص يجب الانفصال، وهذا معنى قول الناظم: 66- وقدمن ما شئت في انفصال ... ................................. "نحو: أعطاه إياك، أو" أعطاه "إياي"، فإن كلا من ضميري المخاطب والمتكلم أخص من ضمير الغائب، "أو أعطاك إياي"؛ لأن ضمير المتكلم أخص من ضمير الغائب، وأما قول عثمان رضي الله عنه: "أراهمني الباطل شيطانا"1 فنادر، والأصل: أراهم الباطل إياي شيطانا، والمعنى: أرى الباطل القوم أني شيطان. وأجاز المبرد2 وكثير من القدماء تقديم غير الأخص مع الاتصال نحو: أعطيتهموك، ولكن الانفصال عندهم راجح، "ومن ثم" بفتح التاء المثلثة، أي: من هنا، أي: من أجل أنه يجب الفصل إذا تقدم غير الأعرف "وجب الفصل إذا اتحدت الرتبة"؛ بأن يكونا لمتكلم أو مخاطب أو غائب؛ لأنه يصدق أن المتقدم منهما غير أعرف، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 67- وفي اتحاد الرتبة الزم فصلا ... .................................. وذلك "نحو" قول العبد لسيده: "مَلَّكتني إياي، و" قول السيد لعبده: "مَلَّكتُكَ إياك، و" قول السيد إذا أخبر شخصا أنه مَلَّك عبده نفسه: "مَلَّكتَه إياه"، أن شرط جواز الاتصال تقدم الأخص، "وقد يباح الوصل؛ إن كان الاتحاد في" ضميري "الغيبة، واختلف لفظ الضميرين" تذكيرا وتأنيثا، وإفرادا وتثنية وجمعا، وهو مراد الناظم بقوله: 67- ..................... ... وقد يبيح الغيب فيه وصلا وفي بعض النسخ مع اختلاف ما "كقوله": [من الطويل] 66- لوجهك في الإحسان بسط وبهجة ... "أنالهماه قفو أكرم والد"3 بسط، بمعنى بشاشة وطلاقة وجه مبتدأ تقدم خبره في المجرور باللام قبله. وبهجة؛ بمعنى   1 من شواهد شرح ابن عقيل 1/ 106. 2 انظر رأي المبرد في شرح المفصل 3/ 105. 66- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 105، وتخليص الشواهد ص97، وتذكرة النحاة ص50، والدرر 1/ 104، وشرح ابن الناظم ص42، وشرح الأشموني 1/ 54، والمقاصد النحوية 1/ 342، وهمع الهوامع 1/ 63. 3 في ط: "وارد" مكان "والد". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 113 حسن وسرور: معطوف على بسط. وأنال: فعل ماض متعد لاثنين؛ أولهما: ضمير التثنية الراجع إلى بسط وبهجة؛ وثانيهما: ضمير المفرد الراجع إلى الوجه، وأتى به متصلا، والأكثر: "أنالهما إياه" بالانفصال وقفو؛ بمعنى اتباع: فاعل "أنال". وأكرم: مضاف إليه. واحترز بالغيبة من ضميري المتكلم؛ وضميري المخاطب، فإنه لا يكاد يصح فيهما الاختلاف المذكور؛ لاتحاد مدلولي الضميرين، فلا يقال: علمتناني، ولا: علمتنينا، ولا: ظننتكماك، وصح الاختلاف في ضميري الغيبية لصحة تعدد مدلوليهما، نحو: جارية زيد أعطيتهاه وأعطيتهوها، واحترز باختلاف لفظ الضميرين من أن لا يختلف لفظهما، فلا بد من الفصل، نحو: مال زيد أعطيته إياه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 114 "فصل": قد مضى في تقسيم الضمير بحسب مواقع الإعراب "أن ياء المتكلم من الضمائر المشتركة بين محل النصب والخفض"، فتنصب بواحد من ثلاثة: فعل واسم فعل وحرف، وتخفض بواحد من اثنين: حرف واسم، وهذه العوامل على قسمين: ما تمتنع معه نون الوقاية، وما تلحقه، فالذي تلحقه نون الوقاية على أربعة أحوال: وجوب وجواز بتساوي رجحان الثبوت ورجحان الترك، "فإن نصبها فعل أو اسم فعل أو ليت، وجب قبلها نون الوقاية"؛ لنفي الفعل أو شبهه من نظير ما لا يدخله، وهو الكسر الشبيه بالجر، ولتقي ما بني على الأصل وهو السكون من الخروج عن ذلك الأصل. "فأما الفعل فنحو: دعاني" في الماضي، "و: يكرمني" في المضارع، "و: أعطني" في الأمر، وهذه الثلاثة ملازمة للفعلية، "وتقول" فيما تردد بين الفعلية والحرفية: "قام القوم ما خلاني وما عداني وحاشاني"، بنون الوقاية "إن قدرتهن أفعالا"، فإن قدرتهن أحرف جر و"ما" زائدة؛ أسقطت النون، وتقدير الفعلية هو الراجح، فتثبت النون. "قال": [من الطويل] 67- "تمل الندامي ما عداني فإنني" ... بكل الذي يهوي نديمي مولع والندامي: جمع ندمان، وهو نديم الرجل في الشرب، مرفوع على النيابة عن الفاعل بـ"تمل"، ومولع؛ بفتح اللام؛ بمعنى: بمعنى: مغرَّى، خبر "إن"، والمعنى: تمل الندامى مللا مجاوزا إلى غيري، وأما أنا فلا أمل؛ فإنني مغرى بكل ما يهواه نديمي. "وتقول" في المختلف فيه بين الاسمية والفعلية والأصح الفعلية، "ما أفقرني إلى عفو الله، وما أحسنني إن اتقيت الله"، وجواب الشرط محذوف لدلالة ما قبله عليه، والمثال الأول شاذ، والثاني منقاس. "و" تقول في المختلف فيه بين الفعلية والحرفية، والأصح الفعلية: قام القوم ليسني، "قال بعضهم" وقد بلغه أن إنسانا يهدده: "عليه رجلا ليسني"، حكاه سيبويه عن بعض العرب1. فـ"عليه": اسم فعل بمعنى الأمر، و"رجلا": مفعول به،   67- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 107، والجنى الداني ص566، وجواهر الأدب ص382، والدرر 1/ 501، وشرح الأشموني 1/ 230، وشرح شذور الذهب ص262، وشرح التسهيل 2/ 307، والمقاصد النحوية 1/ 363، و3/ 134، وهمع الهوامع 1/ 233. 1 الكتاب 2/ 395، واستشهد به ابن الناظم في شرحه ص39. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 115 و"ليس": فعل ماض؛ واسمه مستتر فيه عائد على رجل، وياء المتكلم خبره، "أي: ليلزم رجلا غيري"، وهذا مبني على جواز إغراء الغائب، وهو شاذ؛ لأنه ليس أمره بفعل وضع للأمر، بل بفعل مقرون بلام الأمر، كما أن النهي بفعل مقرون بـ"لا"، فكما أن أسماء الأفعال لا تكون نائبة عن فعل مقرون بحرف النهي؛ لا تكون نائبة عن فعل مقرون بحرف الأمر؛ لأن الفعل والحرف مختلفا الجنس، فلا ينبغي أن ينوب عنهما الاسم، وما ذكره من لزوم النون في نحو: "ما أحسنني" هو قول البصري، وهو مبني على أن "أفعل" في التعجب فعل ماض، "وأما تجويز الكوفي: ما أحسني" بحذف نون الوقاية سماعا؛ كما في شرح الكافية1 "فمبني على قوله: أن أحسن، ونحوه" في الوزن من أفعال التعجب "اسم"، بدليل تصغيره، سمع ما أحيسنه، ورد بأن التصغير فيه شاذ، وأما تجويز بعضهم "ليس" بحذف نون الوقاية من "ليس" لجموده، فلا يعول عليه، "وأما قوله" وهو رؤبة: [من الرجز] 68- عددت قومي كعديد الطيس ... "إذ ذهب القوم الكرام ليسي" بغير نون؛ "فضرورة أشار لها الناظم بقوله: 68- ....................... ... ............ "وليسي قد نظم" والعديد: كالعدد، يقال: هم عديد الثرى، أي: عدد الثرى، والطيس؛ بفتح الطاء المهملة وسكون الياء المثناة تحت وفي آخره سين مهملة: الرمل الكثير، وليس: فعل ماض؛ واسمه مستتر فيه وجوبا عائد على البعض المفهوم من القوم، وياء المتكلم المتصلة به: خبره، وما ذكره من لزوم نون الوقاية في الفعل مطلقا، هو ما أشار إليه الناظم بقوله: 68- وقبل يا النفس مع الفعل التزم ... نون وقاية ..........................   1 شرح الكافية لابن جماعة ص242. 68- الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص175، واللسان 6/ 128 "طيس"، وخزانة الأدب 5/ 324، 325، والدرر 1/ 105، 503، وشرح التسهيل 1/ 136، وشرح شواهد المغني 2/ 488، 769، والمقاصد النحوية 1/ 344، وتهذيب اللغة 13/ 28، 74، وتاج العروس 16/ 219 "طيس"، وكتاب العين 7/ 280، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 108، وتخليص الشواهد ص99، والجنى الداني ص150، وجواهر الأدب ص15، وخزانة الأدب 5/ 396، 9/ 266، وسر صناعة الإعراب 2/ 32، وشرح ابن الناظم ص40، وشرح الأشموني 1/ 55، وشرح ابن عقيل 1/ 109، وشرح المفصل 3/ 108، ولسان العرب 6/ 211 "ليس"، ومغني اللبيب 1/ 171، 2/ 344، وهمع الهوامع 1/ 64، 233 وجمهرة اللغة ص839، 861، ومقاييس اللغة 3/ 436، وأساس البلاغة "ليس". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 116 "وأما نحو: "تَأْمُرُوني" [الزمر: 64] ، و: "أَتُحَاجُّوني" [الأنعام: 80] بتخفيف النون في قراءة نافع1، "فالصحيح" عند سيبويه "أن المحذوف نون الرفع"، والمذكور نون الوقاية2، واختاره ابن مالك3؛، لأن نون الرفع عهد حذفها للجازم والناصب ولتوالي الأمثال في نحو: {لَتُبْلَوُنَّ} [آل عمران: 186] ، ولغير ذلك نحو قوله: [من الرجز] 69- أبيت أسري وتبيتي تدلكي ولا نون الرفع نائبة عن الضمة، والضمة تحذف تخفيفًا في قراءة أبي عمرو4 نحو: "يَأْمُرْكُمْ" [البقرة: 67] ، فحذف النون ليس من تفضيل الفرع على الأصل، وقيل: المحذوف نون الوقاية، وجزم به الموضح في شذوره، وأسقطه من شرحه، وهو مذهب الأخفش والمبرد وأبي علي وابن جني وأكثر المتأخرين5، واستدلوا له بأوجه: أحدها: أن نون الوقاية حصل بها التكرار والاستثقال، فكانت أولى بالحذف. وثانيها: أن نون الرفع علامة الإعراب، فالمحافظة عليها أولى. وثالثها: أن نون الرفع لعامل، فلو حذفت لزم وجود مؤثر بلا أثر مع إمكانه. "وأما اسم الفعل" المزيد على النظم "فنحو دراكني وتراكني" بكسر الكاف فيهما، "وعليكني" بفتحها، الأول "بمعنى: أدْرِكْني" بقطع الهمزة، "و" الثاني "بمعنى: اتركني، و" الثالث بمعنى: "الزمني" بوصل الهمزة فيهما، "وأما: ليت" المشار إليه بقول الناظم:   1 انظر قراءة ابن نافع في الإتحاف ص212، 376، والنشر 2/ 259، 363. 2 في الكتاب 3/ 519: "بلغنا أن بعض القراء قرأ: "أتحاجّوِني"". 3 شرح التسهيل 1/ 137. 69- الرجز بلا نسبة في الارتشاف 1/ 420، والأشباه والنظائر 1/ 82، 3/ 95، وخزانة الأدب 8/ 339، 340، 425، والخصائص 1/ 388، والدرر 1/ 70، ورصف المباني ص361، وشرح التسهيل 1/ 52, 53، ولسان العرب 10/ 426 "دلك"، 12/ 237 "ردم"، والمحتسب 2/ 22، وهمع الهوامع 1/ 51. 4 الرسم المصحفي: {يَأْمُرُكُمْ} ، وقرأها أبو عمرو بتسكين الراء. انظر الإتحاف ص136. 5 قال أبو حيان في الارتشاف 1/ 420: "إذا اجتمعت "نون الرفع" مع نون الوقاية، نحو: هل تضربانني، وهل تضربونني، وهل تضربينني؛ فيجوز إثباتها، وإدغام نون الرفع في نون الوقاية وحذف إحداهما، فمذهب سيبويه أن المحذوفة نون الرفع؛ وإليه ذهب أكثر المتأخرين، وذهب الأخفش والمبرد وعلي بن سليمان وأبو علي وابن جني إلى أن المحذوفة نون الوقاية". وانظر الكتاب 3/ 519. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 117 69- وليتني فشا .............. ... ............................... "فنحو: {يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي} [الفجر: 24] . وإنما وجبت النون مع "ليت" لقوة شبهها بالفعل، لكونها تغير معنى الابتداء ولا تعلق ما بعدها بما قبلها. "وأما قوله" وهو ورقة بن نوفل ابن عم خديجة رضي الله عنها لما ذكرت له خديجة عن غلامها ميسرة ما رأى من رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفره، وما قاله بحيرا الراهب في شأنه: [من الوافر] 70- "فيا ليتني إذا ما كان ذاكم" ... ولجت وكنت أولهم ولوجا بإسقاط نون الوقاية من "ليتني"، "فضرورة عند سيبويه"؛ لأنه يوجب "ليتني" بإثبات نون الوقاية. "وقال الفراء: يجوز" اختيار "ليتني" بإثبات النون، "وليتي" بحذفها، "وإن نصبها لعل" المشار إليه في النظم بقوله: 69- .................................. ... ومع لعل اعكس ....................... "فالحذف" لنون الوقاية "نحو: {لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ} [غافر: 36] أكثر من الإثبات" لها، "كقوله" وهو حاتم بن عي الطائي، وقيل حطائط بن يعفر أخو الأسود النهشلي يخاطب امرأة عذلته على إنفاقه ماله: [من الطويل] 71- "أريني جوادا مات هزلا لعلني" ... أرى ما ترين أو بخيلا مخلدا والمعنى: أريني جوادا مات لأجل الهزل، أو بخيلا مخلدا لم يمت لعلني أرى ما ترين، وحاصله أن إنفاق المال لا يميت الكريم لهزاله، ولا إمساكه يخلد البخيل في الدنيا. "و" إثبات النون في "لعلني" "هو أكثر من" حذفها في "ليتي، وغلط ابن الناظم"   70- البيت لورقة بن نوفل في المقاصد النحوية 1/ 365، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 110، وتخليص الشواهد ص100. 71- البيت لحاتم الطائي في ديوانه ص218، ولحطائط بن يعفر في خزانة الأدب 1/ 406، وسمط اللآلي ص714، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص1733، وشرح المفصل 8/ 78، والشعر والشعراء 1/ 254، ولحاتم أو لحطائط في المقاصد النحوية 1/ 369، ولهما أو لدريد في لسان العرب 11/ 474 "علل"، ولهم أو لمعن بن أوس في لسان العرب 13/ 34 "أنن"، ولمعن بن أوس في ديوانه ص39، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 112، وتخليص الشواهد ص105، وسر صناعة الإعراب 1/ 236. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 118 في شرح النظم في النقل، "فجعل ليتني نادرا"1، مع أنه ضرورة عند سيبويه2 كما تقدم، "و" وجعل "لعلني، ضرورة" مع أنه نادر3، بل كثير، كما تقدم. وهو في الأولى تابع لأبيه في قوله: 69- ................. وليتي ندرا ... ................................. ومخالف له في الثانية؛ وفي قوله: 69- .......................... ... ومع لعل اعكس ................ وإنما كان الأكثر، وفي "لعل" التجرد؛ لأنها سبيهة بحروف الجر في تعليق ما بعدها بما قبلها، كما في قولك: "تب لعلك تفلح"4، بخلاف "ليت" فإنها شبيهة بالفعل في تغيير معنى الابتداء؛ وعدم تعلق ما بعدها بما قبلها "وإن نصبها بقية أخوات ليت ولعل"، وإليها أشار الناظم بقوله: 69- ........................... ... ....................... وكن مخيرا 70- في الباقيات ................. ... ................................... "وهي إن" المكسورة، "وأن" المفتوحة، "ولكن، وكأن، فالوجهان" على السواء، فالإثبات نظرا إلى شبهها بالأفعال المتعدية في عمل النصب والرفع والحذف؛ نظرا إلى كراهية اجتماع الأمثال، فلما تعارض التوجيهان تساقطا واستوى الأمران؛ "كقوله" وهو قيس بن الملوح: [من الطويل] 72- "وإني على ليلى لزار وإنني" ... على ذاك فيما بيننا مستديمها   1 قال ابن الناظم في شرح الألفية ص43, 44: "إذا نصب "الياء" الحرف، أعني "إن" أو إحدى أخواتها ففيه تفصيل، فإن الناصب إن كان "ليت" وجب إلحاق النون، نحو: {يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ} [النساء: 73] ولم تترك إلا فيما ندر من نحو قوله: [من الوافر] كمنية جابر إذ قال ليتي ... أصادفه وأفقد بعض مالي ...... واستأثرت "ليت" بلزومها في الغالب إلحاق النون قبل ياء المتكلم تنبيها على مزيتها على أخواتها في الشبه بالفعل". 2 في الكتاب 2/ 369, 370: "قد قال الشعراء: "ليتي" إذا اضطروا، كأنهم شبهوه بالاسم حيث قالوا الضاربي والمضمر منصوب". 3 شرح ابن الناظم ص43. 4 هذا القول ذكره ابن الناظم في شرحه ص44. 72- البيت لمجنون ليلى في ديوانه ص198، ولسان العرب 12/ 213 "دوم"، والمقاصد النحوية 1/ 374، وبلا نسبة في لسان العرب 14/ 356 "زري". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 119 فأتى مع "إن" بنون الوقاية؛ وجردها منها أولا. و"زار" خبر "إن" وهو بزاي ثم راء: منقوص من زَرَيْت عليه زراية إذا عتبت عليه. والمعنى: وإني لعاتب على ليلى، وإني مستديمها على ذلك العتب، وكقول امرئ القيس: [من الطويل] 73- كأني لم أركب جوادا للذة ... .............................. ويجوز "كأنني" وكقوله تعالى: {وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ} [هود: 29] وكقول الشاعر: [من الطويل] 74- ....................... ... ولكنني عن حبها لعميد "وإن خفضها حرف: فإن كان" ذلك الحرف "من، أو عن، وجبت النون" قبل ياء المتكلم، محافظة على بقاء السكون؛ لأنه الأصل في البناء، "إلا في الضرورة"، فلا تلحقها النون، وإلى ذلك أشار بقوله في النظم: 70- .............. واضطرارا خففا ... مني وعني بعض من قد سلفا "كقوله": [من المديد] 75- "أيها السائل عنهم وعني ... لست من قيس ولا قيس مني" بتخفيف نون "من" و"عن". وقيس هو ابن عيلان؛ بالعين المهملة واسمه النَّأس؛ بفتح النون وسكون الهمزة وبالسين المهملة؛ ابن مضر بن نزار، واسم أخيه اليأس؛ بالياء المثناة تحت.   73- عجز البيت: "ولم أتبطن كاعبا ذات خلخال" ، وهو لامرئ القيس في ديوانه 35، ولسان العرب 13/ 57 "بطن"، وتهذيب اللغة 13/ 376، وتاج العروس "خلل" "بطن"، وأساس البلاغة "بطن". 74- صدر البيت: "يلومونني في حب ليلى عواذلي" ، وهو بلا نسبة في الأشباه والنظائر 4/ 38، والإنصاف 1/ 209، وتخليص الشواهد ص357، والجنى الداني ص132، 618، وجواهر الأدب ص87، وخزانة الأدب 1/ 16، 10/ 361، 363، والدرر 1/ 295، ورصف المباني ص235، وسر صناعة الإعراب 1/ 380، وشرح ابن الناظم ص123، وشرح الأشموني 1/ 141، وشرح شواهد المغني 2/ 605، وشرح ابن عقيل 1/ 363، وشرح المفصل 8/ 62، 64، وكتاب اللامات ص158، ولسان العرب 13/ 391 "لكن"، ومغني اللبيب 1/ 233، 292، والمقاصد النحوية 2/ 247، وهمع الهوامع 1/ 140. 75- البيت بلا نسبة في الأشباه والنظائر 1/ 90، وأوضح المسالك 1/ 118، وتخليص الشواهد 106، والجنى الداني 151، وجواهر الأدب 152، وخزانة الأدب 5/ 380، 381، ورصف المباني 361، والدرر 1/ 109، وشرح ابن الناظم ص44، وشرح الأشموني 1/ 56، وشرح ابن عقيل 1/ 114، وشرح التسهيل 1/ 138، وشرح المفصل 3/ 125، والمقاصد النحوية 1/ 352، وهمع الهوامع 1/ 64. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 120 "وإن كان" الخافض لياء المتكلم "غيرهما"، أي: غير "من" و"عن"، "امتنعت" نون الوقاية "نحو: لي، و: بي" مما هو على حرف واحد، "وفي" بتشديد الياء، مما هو على حرفين، وعلى مما هو على ثلاثة أحرف، "وخلاي وعداي وحاشاي" بفتح الياء فيهن، وإنما امتنعت النون في "لي" و"بي" لأنهما مبنيان على الكسر، وأما "في" فلأنه وإن كان مبنيا على السكون فإن سكونه الأصلي لا يزول عند اتصاله بياء المتكلم، بل تدغم الياء في الياء، وأما "خلاي وعداي وحاشاي" فإن الألف لا تقبل التحريك، ومقتضى هذا التعليل: أن لا تلحقهن نون الوقاية إذا قدرن أفعالا، ولكنهم أجروا باب الفعل مجرى واحدا، وحملوا المعتل على الصحيح، بخلاف الحروف فإنها لا حظ لها في ذلك، بل تفتح ياء المتكلم بعد الألف، "قال" الأقيشر واسمه المغيرة بن الأسود، لقب بالأقيشر؛ لأنه كان أحمر الوجه أقشر: [من الكامل] 76- "في فتية جعلوا الصليب إلههم ... حاشاي إني مسلم معذور" بعين مهملة وذال معجمة، أي: مقطوع العذرة وهي قلفة الذكر، ويقال فيه: مختون؛ من الختان؛ وهو قطع قلفة الذكر. "وإن خفضها مضاف، فإن كان" المضاف "لدن، أو قط، أو قد" مما آخره ساكن، "فالغالب الإثبات" لنون الوقاية محافظة على السكون، "ويجوز الحذف فيه قليلا"؛ لأن "لدن" بمعنى: "عند"، و"قط" و"قد": بمعنى حسب، و"عند" و"حسب" لا يلحقهما النون، فكذلك ما كان بمعناهما عند التحقيق، "ولا يختص" الحذف "بالضرورة" كما قال ابن مالك؛ "خلافا لسيبويه"1 لما سيأتي، "وغلط ابن الناظم" في شرح النظم2، "فجعل الحذف في "قد" و"قط" أعرف من الإثبات"، والصواب العكس كما مر، "ومثالهما" أي: الحذف والإثبات في: لدن وقط وقد: " {قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا} [الكهف: 76] قرئ مشددا" على الإثبات، "ومخففا" على الحذف والتشديد وهو الأكثر، وقرأ به من السبعة من عدا نافعا وعاصما من رواية أبي بكر   76- البيت للأقيشر الأسدي في ديوانه ص41، والدرر 1/ 500، ولسان العرب 14/ 182 "حشا"، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 119، والجنى الداني ص566، وجواهر الأدب ص426، ولسان العرب 4/ 551 "عذر"، وهمع الهوامع 1/ 232. 1 إثبات النون هو الأشهر عند سيبويه، والحذف ضرورة لا يكون إلا في الشعر. انظر الكتاب 2/ 371، وشرح المفصل 3/ 124. 2 في شرح ابن الناظم ص44: "قدي وقطي في كلامهم أشهر من قدني وقطني". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 121 عنه، والتخفيف هو القليل، وقرأ به نافع وأبو بكر1، "و" روي "في حديث النار" بالإضافة: "قطني قطني" بنون الوقاية، "وقَطِي قَطِي" بحذفها2، والنون أشهر حفظا للبناء على السكون، "وقال" حميد بن مالك الأرقط: [من الرجز] "قدني من نصر الخبيبين قدي" بإثبات نون الوقاية في الأول؛ وحذفها في الثاني؛ ولك أن تقول: لا شاهد فيه على ترك النون، ويكون أصله "قد" بإسكان الدال، ثم ألحق ياء القافية لا ياء الإضافة؛ وكسر الدال لالتقاء الساكنين؛ لا لمناسبة الياء، قاله الموضح في شرح الشواهد. والخبيبين: تثنية خبيب، بضم الخاء المعجمة وفتح الباء الموحدة وسكون الياء آخر الحروف؛ وهو من باب التغليب كالقمرين، وأراد بهما عبد الله بن الزبير وأخاه مصعبا، وكان عبد الله يكنى بأبي خبيب، وقيل: هما عبد الله وولده خبيب الذي كان يكنى به، ويروى: الخبيبين؛ بكسر الباء؛ على إرادة الجمع، وأراد بالثلاثة عبد الله وأخاه مصعبا وابنه خبيبا، وذلك مستفاد من قول الناظم: 71- وفي لدني لدني قد وفي ... قدني وقطني الحذف أيضا قد يفي وعلم منه أن "قد" و"قط" بمعنى: حسب؛ لأنهما لو كانا اسمي فعلين بمعنى يكفي لكانت ياء المتكلم معهما منصوبة لا مخفوضة، وكانت نون الوقاية واجبة لا جائزة، ولو كانت "قد" حرفا و"قط" ظرفا لم تتصل بهما ياء المتكلم أصلا. "وإن كان" المضاف "غيرهن"، أي: غير "لدن وقط وقد" "امتنعت" نون الوقاية، "نحو: أني وأخي" لعدم السكون.   1 الإتحاف ص293. 2 أخرجه البخاري في التوحيد برقم 6949، واستشهد به ابن الناظم ص46، وقال: "يروى بسكون الطاء وكسرها، مع ياء ودونها، ويروى: قطني قطني، وقط قط". 77- الرجز لحميد بن مالك الأرقط في خزانة الأدب 5/ 382، 383، 385، 389، 391، 392، والدرر 1/ 107، وشرح شواهد المغني 1/ 487، ولسان العرب 1/ 344 "خبب"، والمقاصد النحوية 1/ 357، والتنبيه والإيضاح 2/ 47، 53، وتاج العروس 2/ 333 "خبب"، 8/ 37 "حكد"، ولحميد بن ثور في لسان العرب 3/ 389 "لحد"، وليس في ديوانه، ولأبي بجدلة في شرح المفصل 3/ 124، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 4/ 241، وأوضح المسالك 1/ 120، وتخليص الشواهد ص108، ورصف المباني ص362، وشرح ابن عقيل 1/ 115، وشرح ابن الناظم ص45، والكتاب 2/ 371، ولسان العرب 3/ 155 "حكد"، ومغني اللبيب 1/ 170، ونوادر أبي زيد ص205، والتنبيه والإيضاح 2/ 46، وتهذيب اللغة 14/ 124، والإنصاف 131، وسفر السعادة 770، وعمدة الحفاظ 3/ 275 "قدد" وإصلاح المنطق 342، 401، وأمالي ابن الشجري 1/ 14، 2/ 142، والكامل 1/ 144. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 122 باب العلم مدخل ... باب العَلَم: بفتح العين واللام، "وهو نوعان: جنسي؛ وسيأتي" آخر الباب، "وشخصي، وهو اسم يعين مسماه تعيينا مطلقا" من غير قيد زائد عليه، بل بمجرد الوضع والغلبة، وإليه أشار الناظم بقوله: 72- اسم يعين المسمى مطلقا ... ............................. "فخرج بذكر التعيين النكرات" كرجل، فإنها لا تعين مسمياتها، وكشمس وقمر، فإن لفظهما لا يعين مدلولهما من حيث الوضع، وإنما حصل التعيين بعد الوضع لأمر عرض في المسمى، وهو الانفراد في الوجود الخارجي، "و" خرج "بذكر الإطلاق ما عدا العَلَم من المعارف، فإن تعيينها لمسمياتها" ليس تعيينا مطلقا بل هو "تعيين مقيد"، إما بقرينة لفظية أو معنوية، "ألا ترى أن ذا الألف واللام مثلا إنما يعين مسماه مما دامت فيه "أل"، فإذا فارقته فارقه التعيين"، ونحو: "الذي"، إنما يعين مسماه بالصلة، ونحو: "أنا وأنت وهو" إنما يعين مسماه بالتكلم والخطاب والغيبة، فإن "أنت" مثلا موضوع للمخاطب المعين من حيث هو مخاطب، فإذا جعل صالحا لكل شخص من المخاطبين، فهو غير معرفة مجازا، قاله الشاطبي. "ونحو "هذا" إنما يعين مسماه ما دام حاضرا"، فإذا فارقه الحضور فارقه التعيين. قال الشاطبي: فإن "ذا" مثلا وضع لشخص مفرد قريب، فهو باعتبار الحال والمحل معرفة، وباعتبار صلاحية لفظه لكل من اتصف بتلك الحال، وحل ذلك المحل غير معرفة. ا. هـ. "وكذا الباقي" من المعارف، فنحو "يا رجل" لمعين إنما يعين مسماه بالقصد والإقبال، ونحو: غلامي، وغلام زيد، وغلام هذا، وغلام الذي قام أبوه، وغلام الرجل، إنما يعين مسماه بالمضاف إليه، فإذا فارقه فارقه التعيين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 123 "فصل": "و" العلم الشخصي "مسماه نوعان": أحدهما: "أولو العلم من المذكرين كـ: جعفر"، وهو علم منقول عن اسم النهر الصغير لرجل، وهو أيضا: أبو قبيلة من عامر، وهو جعفر بن كلاب من ربيعة بن عامر، وهم الجعافرة، "والمؤنثات كـ: خِرْنِق"، بكسر الخاء المعجمة والنون: وهو علم منقول عن ولد الأرنب لامرأة شاعرة، وهي أخت طرفة بن العبد لأمه، قال أبو عبيدة: وهي خرنق بنت هفان من بني سعد بن ضبيعة؛ رهط الأعشى1 ا. هـ. "و" الثاني: "ما يؤلف كالقبائل": جمع قبيلة، والأحياء: جمع حي، "كـ: قرن" بفتح القاف والراء: وهو اسم قبيلة من مراد، أبوهم قَرَن بن ردمان بن ناجية بن مراد، وإليه ينسب أويس القرني2 رضي الله عنه، ومن قال إنه منسوب إلى قرن المنازل؛ بسكون الراء؛ كالجوهري فقد سها3. "والبلاد": جمع بلد، "كعدن" بفتح العين والدال المهملتين: علم بلدة بساحل اليمن، "والخيل": اسم جمع لا واحد له من لفظه، وإنما له واحد من معناه وهو فرس، "كلاحق": علم فرس كان لمعاوية بن أبي سفيان4 رضي الله عنه، والبغال: كدلدل، والحمير: كيعفور، وكلاهما5 كان للنبي صلى الله عليه وسلم، "والإبل": اسم جمع "كشذقم": علم فحل من فحولة الإبل6، كان للنعمان بن المنذر،   1 نقل هذا القول الزبيدي في تاج العروس 25/ 235 "خرنق". 2 جمهرة أنساب العرب ص407. 3 في معجم البلدان 4/ 331 مادة: قرن: "قال الجوهري: قرن، بالتحريك، ميقات أهل نجد، ومنه أويس القرني، وقال الغوري: هو منسوب إلى بني قرن، وغير الجوهري يقول بسكون الراء". 4 كذا في شرح الم فصل 1 / 34، وفي الأغاني 17/ 246 أنه اسم فرس لزيد الخيل، وفي أنساب الخيل ص22، 33 أنه اسم فرس لغني بن أعصر، وفي معجم الخيل العربية المنسوبة ص186 أنه اسم فرس للحسين بن علي بن أبي طالب، وللحازوق الخارجي، ولعتيبة بن الحارث، ولسعد بن زيد. 5 أنساب الأشراف ص511، والمعارف ص149، ورسائل الجاحظ 2/ 220. 6 شرح المفصل 1/ 34. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 124 وإليه تنسب الإبل الشذقمية، "والبقر": اسم جنس "كعرار" بفتح العين والراء المهملتين وكسر الراء الأخيرة: علم بقرة، وفي المثل: "باءت عرار بكحل"1 بفتح الكاف وسكون الحاء المهملة: علم بقرة أيضا، وأصل هذا المثل أن عرار وكحل اصطدمتا فماتتا جميعا، فباءت كل منهما بالأخرى، فصار مثلا يضرب لكل مستويين، "والغنم": اسم جمع "كهيلة": علم لعنز لبعض نساء العرب، "والكلاب": جمع كلب "كواشق": علم لكلب. وذكر في النظم سبعة أعلام، وثامنهم علم الكلب، فقال: 72- ................................... ... .......................... كجعفر وخرنقا 73- وقرن وعدن ولاحق ... وشذقم وهيلة وواشق وفي ذلك موازاة لقوله تعالى: {وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ} [الكهف: 22] .   1 المثل في مجمع الأمثال 1/ 91، وجمهرة الأمثال 1/ 203، 226، والمستقصى 2/ 2، وشرح المفصل 4/ 62، 63. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 125 "فصل": وينقسم العلم بحسب الوضع "إلى" قسمين: أحدهما: "مرتجل" من الارتجال؛ بمعنى الابتكار؛ قيل: كأنه مأخوذ من قولهم: ارتجل الشيء: إذا فعله قائما على رجليه من غير أن يقعد ويتروى، "وهو" في كلام سيبويه على وجهين: أحدهما: مات لم تقع له مادة مستعملة في الكلام العربي، قالوا: ولم يأت من ذلك إلا فقعس، وهو أبو قبيلة من بني أسد، وهو فقعس بن طريف بن عمرو [بن قعين] 1 بن الحارث بن ثعلبة بن دودان بن أسد، ولم يستعملوا مادة "ف ق ع س" في غير هذا الموضع. والثاني: "ما" استعملت مادته؛ لكن لم تستعمل تلك الصيغة بخصوصها في غير العلمية، بل "استعمل من أول الأمر علما"، وهذا الثاني هو الكثير، ولذلك اقتصر عليه، "كأدد": علما "لرجل"، وهو أبو قبيلة من اليمن، وهو: أدد بن زيد بن كهلان بن سبأ بن حمير2. وذكر سيبويه أنه من الود، من مادة "ودد"، فأصل همزته الواو3، واستعملت هذه المادة في الود والودود وغيرهما، "وسعاد": علما "لامرأة"، لم تستعمل هذه البنية في النكرات، واستعملت مادة "س ع د" في السعد والساعد والسعدان، وغير ذلك. ثم المرتجل قسمان: قياسي وشاذ، فالقياسي: ما له نظير في أبنية الأسماء، والشاذ ما لا نظير له فالأول، نحو: غطفان وعمران وحمدان وفقعس وحنتف، فإن نظيرها نزوان وسرحان وندمان وجعفر وعنبس، والثاني، نحو: محبب وموهب وموظب ومكوزة وحيوة.   1 إضافة من جمهرة أنساب العرب ص195، 446. 2 جمهرة أنساب العرب ص397. 3 نسب هذا القول إلى ابن دريد في لسان العرب 2/ 71 "أدد". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 126 "و" إلى "منقول، وهو الغالب" في الأعلام، "وهو ما استعمل قبل العلمية لغيرها، ونقله" إما أن يكون "من اسم" جامد، والاسم الجامد "إما" أن يكون "لحدث" أي: مصدر "كزيد"، فإنه في الأصل مصدر: زاد يزيد زيدا وزيادة، "وفضل": وهو في الأصل مصدر فضل يفضل فضلا, "أو" يكون "لعين" أي: ذات, "كأسد", فإنه في الأصل اسم جنس للحيوان المفترس، "وثور" بالمثلثة، فإنه في الأصل الفحل من البقر، "وإما" أن يكون "من وصف"، وذلك الوصف "أما الفاعل كحارث"، فإنه في الأصل اسم فاعل من حرث يحرث، "وحسن" بفتح المهملتين؛ فإنه في الأصل صفة مشبهة من حسن، "أو لمفعول كمنصور"، فإنه في الأصل اسم مفعول من نصر الثلاثي المجرد، "ومحمد": فإنه في الأصل اسم مفعول من "حمد" بتشديد الميم الثلاثي المزيد، "وإما" أن يكون "من فعل" مجرد عن الفاعل، وذلك الفعل "إما ماض، كشمر" بتشديد الميم: لفرس، "أو مضارع، كيشكر": لرجل، وهو نوح عليه الصلاة والسلام، أو أمر كاصمت: لبرية. قال الرضي: وكسر الميم منه؛ والمسموع في الأمر الضم؛ لأن الأعلام كثيرًا ما يغير لفظها عند النقل. ا. هـ. وإما أن يكون نقله من حرف، كما لو سميت رجلًا بواحد من صيغ الحروف، قاله الفخر الرازي في شرح المفصل، "وإما" أن يكون "من جملة"، وتلك الجملة "إما فعلية" فاعلها ظاهر، "كشاب قرناها"، أي: ذؤابتا شعرها، أو فاعلها مضمر بارز كـ"أطرقا"1 أو مستتر كيزيد من قوله: [من الرجز] 78- .................. بني يزيد ... ............................... بضم الدال، "أو اسمية؛ كزيد منطلق؛ وليس" النقل من الجملة الاسمية "بمسموع" من العرب كما قاله في شرح التسهيل2، "ولكنهم" أي: النحاة "قاسوه" على ما سمع من النقل من الجمل الفعلية، وجعلوه قسيما له؛ على تقدير التسمية بها، وما ذكره من   1 الشاهد على ذلك قوله: [من المتقارب] "على أطرقا باليات الخيا ... م إلا الثمام وإلا العصي" وهو لأبي ذؤيب الهذلي في خزانة الأدب 2/ 317، 7/ 342، وشرح أشعار الهذليين 1/ 100، وشرح المفصل 1/ 31، والمقاصد النحوية 1/ 397، وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب ص333، وشرح الأشموني 1/ 60. 78- تمام البيت: "نبئت أخوالي بني يزيد" ، وسيأتي الشاهد بتمامه برقم 80. 2 شرح التسهيل 1/ 117. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 127 تقسيم العلم إلى مرتجل ومنقول هو المشهور1، وهو في ذلك تابع للناظم في قوله: 76- ومنه منقول كفضل وأسد ... وذو ارتجال كسعاد وأدد "وعن سيبويه: الأعلام كلها منقولة"؛ لأن الأصل في الأسماء التنكير2، "وعن الزجاج: كلها مرتجلة"؛ لأن الأصل عدم النقل، وما وافق وصفا أو غيره؛ فهو اتفاقي لا مقصود.   1 جعل بعضهم العلم بالغلبة قسما ثالثا؛ ليس بمنقول ولا مرتجل، وقال: المنقسم إليهما إنما هو العلم الوضعي، وقد يدعى أن تعريفهم المنقول بأنه ما استعمل قبل العلمية في غيرها يشمل هذا القسم. حاشية يس 1/ 114. 2 الكتاب 2/ 97. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 128 "فصل": "وينقسم" العلم باعتبار ذاته "أيضا إلى مفرد" عن التركيب، "كزيد" وأدد "وهند" وسعاد، "وإلى مركب، وهو ثلاثة أنواع"، وذلك أنه: إما "مركب إسنادي"، وهو كل كلمتين أسندت إحداهما إلى الأخرى، "كبرق نحره"، وشاب قرناها، وهذا" النوع مبني، و"حكمه الحكاية" على ما كان عليه قبل التسمية به، قال: [من الطويل] 79- كذبتم وبيت الله لا تنكحونها ... بني شاب قرناها تصر وتحلب "وقال" رؤبة في حكاية الفعل المسند إلى الضمير المستتر: [من الرجز] 80- "نبئت أخوالي بني يزيد" ... ظلما علينا لهم فديد والقوافي مرفوعة، فلولا أن في "يزيد" ضميرا مرفوعا على الفاعلية لما رفع "يزيد" على الحكاية، ولجر بالفتحة نيابة عن الكسرة؛ لأنه مفرد غير منصرف، ومانعه من الصرف العلمية ووزن الفعل. و"نبئت": بمعنى أخبرت، متعد لثلاثة، أولها ضمير المتكلم المرفوع على النيابة عن الفاعل، وأخوالي: مفعوله الثاني، وبني يزيد: عطف بيان عليه، وجملة "لهم   79- البيت للأسدي في لسان العرب 13/ 333 "قرن"، وبلا نسبة في أمالي المرتضى 2/ 273، والخصائص 2/ 367، وشرح المفصل 1/ 28، والكتاب 2/ 85، 3/ 207، 326، ولسان العرب 12/ 596 "نوم"، والكامل ص497، وما ينصرف وما لا ينصرف ص20، 123، والمقاصد النحوية 4/ 3، والمقتضب 4/ 9، 226. 80- الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص172، وخزانة الأدب 1/ 270، والمقاصد النحوية 1/ 388، 4/ 370، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 124، وشرح ابن الناظم ص49، وشرح المفصل 1/ 28، ولسان العرب 3/ 200 "زيد" 329 "فدد" 4/ 75 "بقر"، ومجالس ثعلب 212 ومغني اللبيب 2/ 626، وتهذيب اللغة 14/ 74، ومجمل اللغة 4/ 55، ومقاييس اللغة 4/ 438. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 129 فديد" بالفاء: بمعنى صياح، في موضع المفعول الثالث، أي: فادين، و"ظلمنا": مفعول لأجله؛ وناصبه محذوف تقديره: يصيحون، و"علينا": متعلق بذلك المحذوف، لا بفديد؛ لأن صلة المصدر لا تتقدم عليه، ولم يقل: "عليهم" لأن المتكلم يغلب على غيره في إعادة الضمير، تقول: أنا وزيد فعلنا، ولا تقول: فعلا، والجاري على الألسنة: "بني يزيد" بالياء؛ آخر الحروف أوله، وقال ابن يعيش: صوابه بالتاء المثناة فوق، وهو اسم رجل وإليه تنسب الثياب التزيدية1 ا. هـ. قيل: ولا يتعين ذلك في البيت إلا أن يريد تزيد بن جشم بن الخزرج، أو بن حلوان بن عمران بن قضاعة2، فإن كلا من هذين أبو قبيلة، وهما بالتاء الفوقانية. "و" إما "مركب مزجي، وهو كل كلمتين نزلت ثانيتهما منزلة تاء التأنيث مما قبلها" في أن ما قبله مفتوح الآخر ما لم يكن ياء، ولكل من جزأيه حكم يخصه فحكم الجزء "الأول أن يفتح آخره"، كما يفتح ما قبل تاء التأنيث، وينتقل عن الإعراب إلى الجزء الثاني، لصيرورته كالجزء مما قبله، كما نقل الإعراب مما قبل تاء التأنيث إليها، لما صارت كالجزء مما قبلها، "كبعلبك وحضرموت" لبلدين، والأصل قبل التركيب بعل وبك، وحضر وموت، فامتزجا وصارا كالكلمة الواحدة، وحكمهما أن يفتح آخر أولهما، "إلا إن كان ياء فيسكن"، للثقل بالتركيب والإعلال، "كمعدي كرب"، لرجل "وقالي قلا" لمكان، وكسر الدال من "معدي" شاذ، والقياس فتحها، كمرمى ومسعى، و"حكم" الجزء "الثاني" منهما "أن يعرب بالضمة" رفعا، "والفتحة" نصبا وجرا إعراب ما لا ينصرف للتركيب والعلمية، "إلا إن كان" الجزء الثاني "كلمة "ويه" فيبنى على الكسر" في الأشهر عند سيبويه3، أما البناء فلأنه اسم صوت4، وأما الكسر فعلى أصل التقاء الساكنين وذلك "كسيبويه وعمرويه"، واختار الجرمي أن يعرب إعراب ما لا ينصرف، فلا يدخله خفض ولا تنوين. قال أبو حيان: وهو مشكل، إلا أن يستند إلى سماع، وإلا لم يقبل؛ لأن القياس البناء، لاختلاط الاسم بالصوت، وصيرورتهما اسما واحدا: ا. هـ. وإلى هذا التفصيل الإشارة بقول الناظم:   1 في شرح المفصل 1/ 28: "وهو تزيد بن حلوان أبو قبيلة معروفة؛ إليه تنسب البرود التزيدية". 2 في تاج العروس 8/ 162 "زيد": "قيل: وصوابه تزيد بن حيان، كما نبه عليه العسكري في التصحيف في لحن الخاصة". وانظر جمهرة أنساب العرب ص440. 3 في الكتاب 3/ 301: "جعلوه في النكرة بمنزلة غاق، منونة مكسورة في كل موضع". 4 في شرح ابن الناظم ص50: "لأن الأصوات لا حظ لها في الإعراب". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 130 77- ........................................ ... ذا إن بغير ويه تم أعربا "وإما" مركب "إضافي وهو الغالب" في الأعلام المركبة؛ لأن الأكثر فيها الكنى، وهي مضافة، "وهو كل اسمين نزل ثانيهما منزلة التنوين مما قبله"، في أن الجزء الأول جار بوجوه الإعراب، والجزء الثاني ملازم لحالة واحدة، إلا أن التنوين ملازم للسكون، والمضاف إليه ملازم للجر، وما قبلهما يختلف بوجوه الإعراب، "كعبد الله"، مما المضاف إليه مجرور بالكسرة، والمضاف معرب بالحركات، "وأبي قحافة" مما المضاف إليه مجرور بالفتحة, والمضاف معرب بالحروف, "وحكمه أن يجري" الجزء "الأول" وهو المضاف "بحسب العوامل الثلاثة" رفعا ونصبا وجرا، "ويجر" بالبناء للمفعول، بمعنى يخفض الجزء "الثاني" وهو المضاف إليه "بالإضافة" دائما، وإلى هذه الأقسام الثلاثة أشار الناظم بقوله: 77- وجملة وما بمزج ركبا ... ذا إن بغير ويه تم أعربا 78- وشاع في الأعلام ذو الإضافة ... .................................. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 131 "فصل": "وينقسم" العلم "أيضا إلى اسم وكنية ولقب"، وهو المشار إليه في النظم بقوله: 74- واسما أتى وكنية ولقبا ... ........................... "فالكنية: كل مركب إضافي في صدره أب أو أم، كأبي بكر" بن أبي قحافة رضي الله عنهما، "وأم كلثوم" بنت النبي صلى الله عليه وسلم، زاد الإمام الفخر الرازي في العلم الجنسي: وابن أو بنت، كابن دأية للغراب، وبنت الأرض للحصاة. ا. هـ. "واللقب كل ما أشعر برفعة المسمى أو ضعته"، بفتح الضاد المعجمة، والقياس كسرها، وإنما فتحت تبعا للمضارع، والهاء عوض من الواو، والوضيع: الدنيء من الناس، فالرفعة "كزين العابدين": لقب علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم. "و" الضعة، نحو: "أنف الناقة": لقب جعفر بن قريع، تصغير قرع، بفتح القاف وسكون الراء بالعين المهملة، وهو: أبو بطن من سعد بن زيد مناة، وسبب جريان هذا اللقب عليه أن أباه ذبح ناقة وقسمها بين نسائه، فبعثته أمه إلى أبيه، ولم يبق إلا رأس الناقة، فقال له أبوه: شأنك به، فأدخل يده في أنف الناقة وجعل يجره، فلقب به، وكانوا يغضبون من هذا اللقب، فلما مدحهم الحطيئة بقوله: [من البسيط] قوم هم الأنف والأذناب غيرهم ... ومن يسوي بأنف الناقة الذنبا1 صار اللقب مدحا، والنسبة إليه أنفي، فمرجع الكنية إلى اللفظ، وإن أشعرت   1 البيت للحطيئة في ديوانه ص17، وديوان المعاني 1/ 27، 78، والاقتضاب ص531، ولسان العرب 1/ 389 "ذنب"، 9/ 16 "أنف"، ومحاضرات الأدباء 3/ 286، ومقاييس اللغة 1/ 147، وتهذيب اللغة 14/ 438، 15/ 284، وتاج العروس 2/ 437 "ذنب"، 4/ 134 "كرب"، 23/ 42 "أنف"، وأساس البلاغة "أنف"، والمعاني الكبير ص1106، وبلا نسبة في محاضرات الأدباء 1/ 298، 3/ 339. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 132 بالتعظيم، ومرجع اللقب إلى المعنى، "والاسم ما عداهما وهو الغالب، كزيد وعمرو"، وفرق الأبهري في حواشي العضد بين الاسم واللقب، فقال: الاسم يقصد بدلالته الذات المعينة، واللقب يقصد به الذات مع الوصف، ولذلك يختار اللقب عند إرادة التعظيم أو الإهانة، "و" إذا اجتمع الاسم واللقب "يؤخر اللقب عن الاسم" غالبا؛ لأن الغالب في اللقب أن يكون منقولا من اسم غير إنسان كـ"بطة" فلو قدم لتوهم السامع أن المراد مسماه الأصلي، وذلك مأمون بتأخره؛، ولأن اللقب يشبه النعت في إشعاره بالمدح والذم، والنعت لا يقدم على المنعوت، فكذلك ما أشبهه "كزيد زين العابدين"، أو أنف الناقة، وهذا مراد الناظم بقوله: 74- ......................... ... وأخرن ذا إن سواه صحبا "وربما يقدم" اللقب على الاسم، "كقوله" وهو أوس بن الصامت أخو عبادة بن الصامت رضي الله عنهما: [من الوافر] 81- "أنا ابن مزيقيا عمرو وجدي" ... أبوه منذر ماء السماء فقدم اللقب وهو "مزيقيا" على الاسم وهو "عمرو"، ومزيقيا: بضم الميم وفتح الزاي وسكون الياء المثناة التحتانية وكسر القاف وتخفيف الياء آخر الحروف: لقب عمرو، وعمرو: بالجر، عطف بيان على مزيقيا، أو بدل منه، وسبب جريان هذا اللقب على عمرو أنه كان من ملوك اليمن، وكان يلبس كل يوم حلتين، فإذا أمسى مزقهما، كراهية أن يلبسهما ثانيا، وأن يلبسهما غيره، ومنذر: أحد أجداده لأمه، وهو: منذر بن امرئ القيس بن النعمان، أحد ملوك الحيرة، وماء السماء: لقب منذر، واختلف في سبب جريانه عليه، فقيل: لحسن وجهه، وقيل: إن أمه كان يقال لها ماء السماء لحسنها، واشتهر المنذر بلقب أمه، واسمها ماوية بنت عوف بن جشم بن الخزرج. وأراد أوس بذلك أنه كريم الطرفين نسيب الجهتين، "ولا ترتيب بين الكنية وغيرها" من اسم أو لقب، فيجوز تقديم الكنية على الاسم واللقب وتأخيرها عنهما، "قال" أعرابي إخبارا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: [من الرجز]   81- البيت لأوس بن الصامت في المقاصد النحوية 1/ 391، ولحسان بن ثابت في المستقصى 1/ 249، والدرة الفاخرة 1/ 313، ولبعض الأنصار في خزانة الأدب 4/ 365، ولسان العرب 13/ 545 "موه"، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 127، وتخليص الشواهد ص118، وشرح الأشموني 1/ 58، ولسان العرب 10/ 343 "مزق"، 15/ 208 "قوا"، وتاج العروس "مزق". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 133 82- "أقسم بالله أبو حفص عمر" ... ما مسها من نقب ولا دبر فاغفر له اللهم إن كان فجر فقدم الكنية وهي "أبو حفص" على الاسم وهو "عمر"، وسبب إنشاء ذلك أن قائلها قال لعمر رضي الله عنه: إن ناقتي قد نقبت فاحملني، فقال له عمر: كذبت، وأبى أن يحمله، وحلف على ذلك، فأنشده ذلك. يقال: نقب البعير ينقب؛ بكسر القاف في الماضي وفتحها في المضارع؛ إذا رق خفه، ودبر العير: إذا حفي، فكأنه تفسير له، ويقال: فجر، إذا حنث في يمينه، "وقال حسان" بن ثابت يرثي سعد بن معاذ رضي الله عنه: [من الطويل] 83- "وما اهتز عرش الله من أجل هالك ... سمعنا به إلا لسعد أبي عمرو" فقدم الاسم وهو "سعد" على الكنية وهو "أبو عمرو". وأصل هذا البيت أن السيد سعد بن معاذ أصيب يوم الخندق بسهم في أكحله، فتألم قليلا ومات منه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اهتز العرش لموت سعد بن معاذ" 1، فنظمه حسان رضي الله عنه. وتقول: جاءني أبو عبد الله بطة، وبطة أبو عبد الله. "وفي نسخة من الخلاصة ما" أي شيء، وهو قوله: 74- ......................................... ... وأخرن ذا إن سواه صحبا وذلك "يقتضي أن اللقب يجب تأخيره عن الكنية كأبي عبد الله أنف الناقة" لأن سوى اللقب يشمل الاسم والكنية، فكأنه قال: وأخر اللقب إن صحب الاسم أو للكنية فالأمر بوجوب تأخير اللقب عن الاسم صحيح. "وليس" الحكم مع الكنية "كذلك"، بل يجوز تقديم اللقب على الكنية وتأخيره عنها؛ كما تقدم. وفي نسخة أخرى من الخلاصة: ............................................. ... وذا اجعل إذا اسما صحبا فالإشارة بـ"ذا" إلى اللقب وهي أصرح في المراد. ولكن قال المرادي: وما سبق   82- الرجز لرؤبة في شرح المفصل 3/ 71، ولعبد الله بن كيسبة أو الأعرابي في خزانة الأدب 5/ 154، 156، وربيع الأبرار 1/ 269، ولأعرابي في المقاصد النحوية 4/ 115، ولسان العرب 1/ 766 "نقب"، 5/ 47، 48 "فجر"، وتاج العروس 4/ 301 "نقب"، 13/ 301 "فجر"، وتهذيب اللغة 11/ 50، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 128، وشرح الأشموني 1/ 59، وشرح شذور الذهب ص435، ومعاهد التنصيص 1/ 279، وأساس البلاغة "نقب"، وديوان الأدب 2/ 111، وكتاب العين 8/ 307. 83- البيت لحسان في أوضح المسالك 1/ 129، والمقاصد النحوية 1/ 393، وليس في ديوانه، وبلا نسبة في شرح الأشموني 1/ 59. 1 أخرجه البخاري في فضائل الصحابة برقم 3592. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 134 أولى؛ لأن هذه النسخة لا يفهم منها حكم اللقب مع الكنية. ا. هـ. ولك أن تقول: أما كونها لا يفهم منها حكم اللقب مع الكنية فمسلم باعتبار المنطوق، وغير مسلم باعتبار المفهوم، وأما كونها أولى فممنوع؛ لأنها تفهم غير الصواب. "ثم إن كان اللقب وما قبله" من الاسم "مضافين كعبد الله زين العابدين"، أو أنف الناقة، "أو كان الأول مفردا" عن الإضافة، "والثاني مضافا كزيد زين العابدين" أو أنف الناقة، "أو كانا بالعكس" بأن كان الأول مضافا والثاني مفردا "كعبد الله كرز"، بضم الكاف وسكون الراء المهملة وفي آخره زاي، وهو في الأصل، خرج الراعي، فالأقسام ثلاثة، فإن شئت "أتبعت الثاني للأول" في إعرابه؛ "إما بدلا" من الأول؛ بدل كل من كل، "أو عطف بيان" على الأول، "أو قطعته عن التبعية؛ إما برفعه خبرا لمبتدأ محذوف أو بنصبه مفعولا" به "لفعل محذوف"، فتقول على الاتباع: جاءني عبد الله زين العابدين؛ برفعهما؛ ورأيت عبد الله زين العابدين؛ بنصبهما؛ ومررت بعبد الله زين العابدين؛ بجرهما؛ وإن شئت قطعت من الرفع إلى النصب، ومن النصب إلى الرفع، ومن الجر إلى الرفع والنصب، فالرفع بتقدير: هو، والنصب بتقدير: أعني، ولو أظهر لجاز. وهكذا حكم الكنية وما قبلها من الاسم واللقب اتباعا وقطعا، إلا أن الكنية لا تكون إلا مضافة، واللقب والاسم يكونان مضافين ومفردين، فإن كانا مضافين أو أحدهما مضافا والآخر مفردا فحكمهما ما سبق. "وإن كانا مفردين كسعيد كرز، جاز ذلك" المتقدم، وهو جواز الاتباع والقطع، "و" جاز "وجه آخر؛ وهو إضافة الأول إلى الثاني"، إن لم يمنع مانع، كما إذا كان الاسم مقرونا بـ"أل" كالحارث قفة، أو كان اللقب وصفا في الأصل مقرونا بـ"أل" كهارون الرشيد ومحمد المهدي، فلا يضاف الأول إلى الثاني، نص على ذلك ابن خروف. وجواز الإضافة مع انتفاء المانع هو قول الكوفيين والزجاج، وهو الصحيح، والاتباع أقيس، والإضافة أكثر، "وجمهور البصريين يوجب هذا الوجه" وهو الإضافة، "و" وجوب الإضافة "يرده النظر" من جهتي الصناعة والسماع، أما الصناعة فلأنا لو أضفنا الأول إلى الثاني لزم إضافة الشيء إلى نفسه، بيان الملازمة أن الاسم واللقب اسمان مسماهما واحد، فإضافة أحدهما إلى الآخر إضافة الشيء إلى نفسه، واللازم باطل، فالملزوم مثله لوجوب مغايرة المتضايفين، "و" أما السماع من العرب فهو "قولهم" لرجل ضخم العينين اسمه يحيى، ولقبه عينان: "هذا يحيى عينان"، بغير إضافة، وإلا لقالوا: عينين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 135 بالياء، وأجيب عن الأول بأنه من إضافة المسمى إلى الاسم، فمعنى "جاءني سعيد كرز" بالإضافة: جاءني مسمى هذا الاسم، وإنما أول الأول بالمسمى، والثاني بالاسم؛ لأن الأول هو المعرض للإسناد إليه، والمسند إليه إنما هو المسمى، فلزم أن يقصد بالثاني مجرد اللفظ. وأجيب عن الثاني بأنه يحتمل أن يكون جاء على لغة من يلزم المثنى الألف مطلقا، وإلى وجوب الإضافة في المفردين، وجواز الاتباع في غيرهما أشار الناظم بقوله: 75- وإن يكونا مفردين فأضف ... حتما وإلا أتبع الذي ردف وما ذكروه من النظر على القول بوجوب الإضافة يأتي مثله في حال الإضافة على القول بالجواز، فهو مشترك الإلزام فما كان جواز المجيز فهو جواب الموجب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 136 "فصل": "والعلم الجنسي" الموعود بذكره أول الباب: "اسم يعين مسماه بغير قيد تعيين ذي الأداة الجنسية، أو" ذي الأداة "الحضورية"، وبذلك يفارق العلم الشخصي. "تقول" في تعيينه ذي الأداة الجنسية: "أسامة أجرأ"، من الجراءة وهي الشدة، "من ثعالة، فيكون" في تعين الجنس "بمنزلة قولك: الأسد أجرأ من الثعلب، و"أل" في" الأسد والثعلب "هذين، للجنس" لا للعهد، إذ كل منها اسم جنس. "وتقول" في تعيينه تعين ذي الأداة الحضورية: "هذا أسامة مقبلا، فيكون" في تعيين الحضور المستفاد من الإشارة "بمنزلة قولك: هذا الأسد مقبلا، و"أل" في" الأسد "هذا، لتعريف الحضور" المستفاد من الإشارة إلى الجنس. فإن قيل: كيف يقول: "هذا الأسد" مشيرا إلى واحد بعينه؛ وأنت تعني الجنس؟ فالجواب: أن أصل الاسم الوضع على جملة الجنس، فإذا أشرت إليه فإنما تعني به ذلك الفرد من حيث هو معروف معلوم الأشياء، لا أسد بعينه، قال سيبويه1: إذا قلت هذا أبو الحارث إنما2 تريد هذا الأسد، أي: هو الذي سميت باسمه3 أو [هذا الذي قد] 4 عرفت أشباهه، ولا تريد أن تشير إلى شيء قد عرفته بعينه كزيد5، ولكنك أردت هذا الذي كل واحد من أمته له هذا الاسم. ا. هـ.   1 الكتاب 2/ 94. 2 في الكتاب: "فأنت" مكان "إنما". 3 في الكتاب: "أي: هذا الذي سمعت باسمه". 4 إضافة من الكتاب. 5 في الكتاب: " ... أن تشير إلى شيء قد عرفه بعينه قبل ذلك، كمعرفته زيدا". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 137 "وهذا العلم" الجنسي "يشبه علم الشخص من جهة الأحكام اللفظية، فإنه يمتنع من" دخول "أل" عليه فلا يقال: الأسامة، كما لا يقال، الزيد، "و" يمتنع "من الإضافة" فلا يقال: أسامتكم، كما لا يقال: زيدكم، إلا إن قصد فيهما الشياع في المسألتين؛ لأن المانع من ذلك اجتماع معرفين مختلفين على معرف واحد، وذلك مأمون بالشياع، "و" يمتنع "من الصرف"، وهو التنوين فلا يجر بالكسرة ولا ينون "إن كان ذا سبب آخر" مع العلمية، "كالتأنيث" اللفظي "في: أسامة وثعالة"، وكزيادة الألف والنون في حمار قبان، "وكوزن الفعل في: بنات أَوْبَر" علما على ضرب من الكمأة، "وابن آوى" بالمد، وهو حيوان كريه الرائحة، فوق الثعلب ودون الكلب، وفيه شبه من الذئب وشبه من الثعلب، طويل المخالب والأظفار، صياحه يشبه صياح الصبيان. قاله الكمال الدميري1. فإن قلت وزن الفعل في المضاف إليه فقط، والعلم هو مجموع المضاف والمضاف إليه قلت: أجيب عنه بأن الأعلام الجنسية الإضافية يجري على جزئها الثاني حكم ما لو كان علما وحده، قال الدماميني. ويمتنع وصفه بالنكرة، فلا يقال: أسامة مفترس، بل: المفترس، "ويبتدأ به، ويأتي الحال منه" بلا مسوغ فيهما "كما تقدم في المثالين" السابقين وهما: أسامة أجرأ من ثعالة، وهذا أسامة مقبلا، "ويشبه النكرة من جهة المعنى؛ لأنه شائع في أمته" وجماعته، "لا يختص به واحد دون آخر"، كما أن النكرة، نحو: "رجل" كذلك، فظهر من كلامه أولا أن علم الجنس مرادف في المعنى لاسم الجنس بـ"أل" الجنسية، وآخر: أنه لا فرق بين علم الجنس واسمه النكرة من حيث المعنى، وإنما الفرق بينهما من جهة التعريف وعدمه، وقد يقال لما عاملوا "أسد" معاملة النكرة، و"أسامة" معاملة المعرفة، دل ذلك على افتراق مدلوليهما، وإلا لزم التحكم، فبالأثر يستدل على المؤثر، والفرق أن الصورة الذهنية لها حضور من حيث استحضارها في الذهن؛ ليطابق بها شخص ما، وعموم "من" حيث هي كلية مجردة عن اللواحق، فاللفظ الموضوع لها من حيث خصوصها علم الجنس كأسامة، والموضوع لها من حيث عمومها اسم جنس كأسد، وهي من حيث خصوصها وعمومها تنطبق على كل فرد من أفرادها، والحاصل: أن "أسدا" موضوع للحقيقة الذهنية؛ من حيث هي هي؛ من غير اعتبار قيد معها أصلا، و"أسامة" موضوع للحقيقة باعتبار   1 حياة الحيوان الكبرى 1/ 152 "ابن آوى". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 138 حضورها الذهني الذي هو نوع تشخص لها، مع قطع النظر عن أفرادها، وينقسم على الجنس إلى اسم وكنية ولقب، وذلك مستفاد من قول الناظم: 79- ووضعوا لبعض الأجناس علم ... كعلم الأشخاص لفظا وهو عم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 139 "فصل": "ومسمى علم الجنس ثلاثة أنواع: أحدها، وهو الغالب: أعيان لا تؤلف" للواضع "كالسباع" جمع سبع، وهو ما له ناب، "والحشرات" جمع حشرة، وهو صغار دواب الأرض، فالسباع "كأسامة" للأسد، وكنيته أبو الحارث، "وثعالة" للثعلب، وكنيته أبو الحصين، "وأبي جعدة" كنية "للذئب"، واسمه ذؤالة، "و" الحشرات، نحو: "أم عريط" كنية "للعقرب"، واسمها شبوة، وإلى هذا النوع أشار الناظم بقوله: 80- من ذاك أم عريط للعقرب ... وهكذا ثعالة للثعلب "و" النوع "الثاني: أعيان تؤلف، كهيان بن بيان"، بفتح أولهما وتشديد الياء المثناة تحت، "للمجهول العين" وهي الذات، "والنسب" من بني آدم كـ"طامر بن طامر" لمن لا يعرف ولا يعرف أبوه، وفي المحكم لابن سيده: ما أدري أي هي بن بي هو، معناه أي: الخلق هو1، وهو من أسماء الأضداد؛ لأن المجهولات مستصعبة خفية، لا هينة بينة، وقيل هيان بن بيان اسمان لولدين لآدم عليه الصلاة والسلام، ويقال أيضا للذي لا يعرف: صلمعة بن قلمعة، وضل بن ضل، "وأبي المضاء" بفتح الميم والضاد المعجمة والمد: "للفرس، وأبي الدغفاء" بفتح الدال المهملة وسكون الغين المعجمة وفتح الفاء ممدودا: "للأحمق"؛ لأن العرب إذا حمقوا إنسانا قالوا له: يا أبا الدغفاء ولِّدها فقارا2، أي: شيئا لا رأس له ولا ذنب، والمعنى كلفها ما لا تطيق، ولا يكون. قال الموضح في حواشي التسهيل: كأن العرب جعلت "هيان بن بيان" لعدم الشعور بحقيقته، و"أبا الدغفاء" لنفرتهم عنه لحمقه، بمنزلة ما لا يؤلف. "و" النوع الثالث: أمور معنوية "كسبحان "علما" للتسبيح"، بمعنى التنزيه، ينصب كما ينصب مسماه، ثم استعملوه مكان "يسبح" وصار بدلا من اللفظ   1 لسان العرب 14/ 101 "بيي"، 15/ 375 "هيي". 2 ومنه قول ابن أحمر في ديوانه ص74، ولسان العرب 9/ 103 "دعف"، 104 "دغف": "يدنس عرضه لينال عرضي ... أنا دغفاء ولدها فقارا" الجزء: 1 ¦ الصفحة: 140 بالفعل، والمعنى: براءة الله من السوء، قاله ابن إياز، ورد جعله علما لملازمته للإضافة، قاله الموضح في الجامع الصغير1. "وكيسان" بفتح الكاف وسكون الياء آخر الحروف وبالسين المهملة: علما "للغدر"، بفتح الغين المعجمة، وعليه قوله: [من الطويل] 84- إذا ما دعوا كيسان كانت كهولهم ... إلى الغدر أسعى من شبابهم المرد وقال ابن جني في المنهج: والدليل على أنهم سموا التسبيح بسبحان، والغدر بكيسان، أنهما غير منصرفين، والسبب الواحد؛ وهو الألف والنون حاصل، فلا بد من حصول العلمية، "ويسار" بفتح الياء المثناة تحت والسين المهملة وكسر الراء: علما "للميسرة" بمعنى اليسر، كقوله: [من الطويل] 85- فقلت امكثي حتى يسار لعلنا ... نجح معا قالت وعاما وقابله "وفجار" بفتح الفاء والجيم وكسر الراء: علما "للفجرة" بسكون الجيم، بمعنى الفجور، "وبرة" بفتح الموحدة وتشديد الراء: علما "للمبرة"، بمعنى البر، وقد اجتمع في قول النابغة: [من الكامل] 86- إنا اقتسمنا خطتينا بيننا ... فحملت برة واحتملت فجار وإلى هذا النوع الإشارة بقول الناظم: 81- ومثله برة للمبره ... كذا فجار علما للفجره   1 الجامع الصغير ص11. 84- البيت للنمر بن تولب في ديوانه ص339، وأساس البلاغة "كيس"، والأغاني 14/ 87، والحماسة البصرية 2/ 288، ومجمع الأمثال 2/ 65، وله أو لضمرة بن ضمرة في شرح المفصل 1/ 37، 38، ولسان العرب 6/ 201 "كيس"، وتاج العروس "كيس"، وبلا نسبة في شرح الأشموني 1/ 62، ومقاييس اللغة 5/ 150. 85- البيت لحميد بن ثور في ديوانه ص117 "الحاشية"، وخزانة الأدب 6/ 338، وشرح أبيات سيبويه 2/ 317، وبلا نسبة في الدرر 1/ 24، وشرح المفصل 4/ 55، والكتاب 3/ 274، ولسان العرب 5/ 296 "يسر"، وهمع الهوامع 1/ 29. 86- البيت للنابغة الذبياني في ديوانه ص55، وإصلاح المنطق ص336، وخزانة الأدب 6/ 327، 330، 333، والدرر 1/ 24، وشرح أبيات سيبويه 2/ 216، وشرح المفصل 4/ 53، والكتاب 3/ 274، ولسان العرب 4/ 52 "برر"، 5/ 48 "فجر"، 11/ 174 "حمل"، والمقاصد النحوية 1/ 405، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 1/ 349، وجمهرة اللغة ص463، وخزانة الأدب 6/ 287، والخصائص 2/ 198، 3/ 261، 265، وشرح الأشموني 1/ 62، وشرح عمدة الحافظ ص141، وشرح المفصل 1/ 38، ولسان العرب 13/ 37 "أنن"، ومجالس ثعلب 2/ 464، وهمع الهوامع 1/ 29. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 141 باب أسماء الإشارة مدخل ... باب أسماء الإشارة: وهي كل اسم دل على مسمى وإشارة إليه، "المشار إليه إما واحد، أو اثنان، أو جماعة" فهذه ثلاثة، "وكل واحد منها إما مذكر أو مؤنث"، فهذه ستة تحصلت من ضرب اثنين في ثلاثة وكل واحد من هذه الستة إما قريب المسافة أو بعيدها، فهذه اثنا عشر تحصلت من ضرب اثنين في ستة، وعلى اعتبار المتوسط تصير ثمانية عشر قامت من ضرب ثلاثة في ستة. والمخاطب بالإشارة يكون واحدا مذكرا أو مؤنثا، أو اثنين مذكرين أو مؤنثين، أو جماعة ذكورا وإناثا، فهذه ستة تتنوع الثمانية عشر المذكورة في المشار إليه بحسب هذه الستة تصير ثمانية عشر في ستة فالمجموع مائة وثمانية. "فللمفرد المذكر" في القرب أربعة "ذا" بألف ساكنة، و"ذاء" بهمزة مكسورة بعد الألف، و"ذائه" بهاء مكسورة بعد الهمزة المكسورة، و"ذاؤه" بهاء مضمومة بعد همزة مضمومة، قال: [من الرجز] 87- هذاؤه الدفتر خير دفتر ... في كف قرم ماجد مصور يروى بكسر الهاء وضمها، وفي كتاب أبو الحسن الهيثم إنما حركت الهاء فيهما للضرورة، والأصل فيهما ذاء؛ وألفه أصليه عند البصريين لا زائدة؛ خلافا للكوفيين، وهو ثلاثي الأصل، حذفت لامه على الأصح لا عينه، وعينه مفتوحة لا ساكنة على الأصح. "وللمفرد المؤنث" في القرب "عشرة"، خمسة مبدوءة بالذال، وخمسة مبدوءة بالتاء؛ "وهي: ذي وتي" بكسر أولهما وسكون ثانيهما، "وذه وته" بإشباع الكسرة، "وذه وته باختلاس" وهو اختطاف الحركة من الهاء والإسراع بها لا ترك الإشباع، "وذه وته" بالإسكان للهاء، "وذات وتا" بضم التاء من ذات، قال الموضح في الحواشي التسهيلية1: الإشارة "ذا" والتاء للتأنيث، وهي التاء في "امرأة" ونحوه مما فيه تاء الفرق، وليس بصفة، ا. هـ. و"تا" بألف.   87- الرجز بلا نسبة في الدرر 1/ 126، وهمع الهوامع 1/ 75. 1 انظر شرح التسهيل 1/ 241. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 142 "وللمثنى" القريبة: "ذان" في التذكير، "وتان" في التأنيث بالألف فيهما "رفعا، وذَيْن وتَيْن" بالياء فيهما "جرا ونصبا، ونحو: {إِنْ هَذَانِ} " [طه: 63] بالألف وتشديد ونون إن {لَسَاحِرَانِ} [طه: 63] مؤول"، وتأويله: إما على حذف اسم "إن" ضمير شأن؛ على حد: إن يك زيدا مأخوذ، واللام داخلة على مبتدأ محذوف، والأصل: إنه هذان لهما ساحران، أو على أن "إن" بمعنى نعم، وهي لا تعمل شيئا؛ لأنها حرف تصديق، فلا اسم لها ولا خبر، أو على أنه جاء على لغة خثعم، فإنهم لا يقلبون ألف المثنى في حالتي النصب والجر، أو على أن الألف الموجودة ألف المفرد، وألف التثنية حذفت لاجتماع الألفين، وألف المفرد لا تقلب ياء، أو على أنه جيء به على أول أحواله وهو الرفع، كما في "اثنان" قبل التركيب، أو على أن "إن" نافية بمعنى "ما"، واللام بمعنى "إلا" الإيجابية، كما يقول به الكوفيون، أو على أنه مبني لدلالته على معنى الإشارة، واختاره ابن الحاجب1. "ولجمعهما" في التذكير والتأنيث: "أولاء" حال كونه "ممدودا عند الحجازيين" نحو: هؤلاء القوم، وهؤلاء بناتي، "مقصورا عند" أهل نجد من بني "تميم" وقيس وربيعة وأسد، ذكر ذلك الفراء في لغات القرآن، ولم يخصه بتميم، كما قاله الموضح في حواشي التسهيل2، ومن خطه نقلت، والأكثر مجيئه للعقلاء، "ويقل مجيئه لغير العقلاء، كقوله" وهو جرير بن عطية: [من الكامل] 88- ذم المنازل بعد منزلة اللوى ... "والعيش بعد أولئك الأيام" فأشار بـ"أولئك" للأيام، وهي ما لا يعقل، وذم: أمر من ذم يذم، ويجوز في ميمه الكسر على أصل التقاء الساكنين، والفتح للتخفيف؛ والضم للاتباع، والمنازل: مفعول به، وبعد متعلق بمحذوف حال من المنازل؛ على تقدير مضاف بين الظرف ومجروره، والتقدير:   1 انظر الموشح على كافية ابن الحاجب ص183. 2 في شرح التسهيل 1/ 241: "حكى الفراء أن المد في أولاء وأولئك لغة الحارثيين؛ وأن القصر لغة الحجازيين". وفي شرح ابن عقيل 1/ 133 أن المد لغة الحجازيين، والقصر لغة بني تميم. 88- البيت لجرير في ديوانه ص990، وفيه "الأقوام" مكان "الأيام"، وتخليص الشواهد ص123، وخزانة الأدب 5/ 430، وشرح شواهد الشافية ص167، وشرح المفصل 9/ 129، ولسان العرب 15/ 437 "أولى"، والمقاصد النحوية 1/ 408، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 134، وشرح ابن الناظم ص51، وشرح الأشموني 1/ 63، وشرح ابن عقيل 1/ 132، المقتضب 1/ 185. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 143 كائنة بعد مفارقة منزلة اللواء، واللواء: ممدود وقصر للضرورة، والعيش: منصوب بالعطف على المنازل، والأيام: عطف بيان على أولئك؛ أو نعت له؛ والمخاطب بالإشارة مذكر، ولا يخفى ما في ذلك من الزيادة على قول الناظم: 82- بذا لمفرد مذكر أشر ... بذي وذه تي تا على الأنثى اقتصر 83- وذان تان للمثنى المرتفع ... وفي سواه ذين تين اذكر تطع 84- وبأولى أشر لجمع مطلقا ... والمد أولى .................. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 144 "فصل": ما تقدم في المشار إليه إذا كان قريبا، " وإذا كان المشار إليه بعيدا لحقته كاف حرفية"؛ لأن أسماء الإشارة لا تضاف، وهذه الكاف "تنصرف تصرف الكاف الاسمية غالبا"، ليتبين بها أحوال المخاطب من الإفراد والتثنية، والجمع والتذكير والتأنيث، كما يتبين بها لو كانت اسما؛ فتفتح للمخاطب؛ وتكسر للمخاطبة؛ وتتصل بها علامة التثنية والجمعين، فتقول: ذاك وذاك وذاكما وذاكم وذاكن، "ومن غير الغالب" أن تفتح في التذكير وتكسر في التأنيث، ولا يلحقها دليل تثنية ولا جمع، ودون هذا أن تفتح مطلقا، ولا تلحقها علامة تثنية ولا جمع، ويحتملهما قوله تعالى: {ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ} في البقرة1، وقوله تعالى: " {ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ} "2 في المجادلة، "ولك" مع إلحاق الكاف "أن تزيد قبلها لاما" مبالغة في البعد، وهذه اللام أصلها السكون، كما في "تلك"، وكسرت في ذلك لالتقاء الساكنين، أو فرقا بينها وبين لام الجر من نحو: "ذا لك" بفتح اللام، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 84- ........................... ... .............. ولدى البعد انطقا 85- بالكاف حرفا دون لام أو معه ... ................................... "إلا في التثنية مطلقا" من غير تقييد، بلغة دون أخرى، وسواء في ذلك تثنية المذكر والمؤنث، "و" إلا "في الجمع في لغة من مده"، وهم الحجازيون. وفي لغة بعض من قصره، وهم التميميون. "و" إلا "فيما سبقته ها" التنبيه بألف غير مهموزة، وإلى الاستثناء الأخير أشار الناظم بقوله: 85- ........................ ... واللام إن قدمت ها ممتنعه   1 البقرة: 232. 2 المجادلة: 12. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 145 "وبنو تميم لا يأتون باللام مطلقا" لا في مفرد ولا في مثنى ولا في جمع، حكاه الفراء عنهم، وتقييد الجمع بلغة من مده احترازا من لغة من يقصره غير التميميين، كقيس وربيعة وأسد، فإنهم يأتون باللام، قال شاعرهم: [من الطويل] 89- أُولالك قومي لم يكونوا أشابة ... وهل يعظ الضليل إلا أولالكا و"الأشابة" بضم الهمزة؛ وبالشين المعجمة والباء الموحدة: واحدة الأشائب، وهم الأخلاط من الناس، و"الضليل" بكسر الضاد المعجمة وتشديد اللام: الكثير الضلال، وما ذهب إليه من أن اسم الإشارة له مرتبتان قربى وبعدى لا غير؛ تبع فيه الناظم؛ وخالفه في شرح اللمحة فقال: والمشار إليه إما قريب المسافة أو متوسطها أو بعيدها، فللمفرد المذكر: "ذا": للقريب، و"ذاك": للمتوسط، و"ذلك": للبعيد، ولمثناه: "ذان": للقريب، و"ذانك": للمتوسط، و"ذانك" بتشديدها: للبعيد، ولجمعه: "أولا": لقريب؛ يمد ويقصر، و"أولاك" بالقصر: للمتوسط، و"أولئك" بالمد: للبعيد، وللمفرد المؤنث: "ذي وتي": للقريب، و"تيك": للمتوسط، و"تلك": للبعيد، ولمثناه: "تان": للقريب، و"تانك" بالتخفيف: للمتوسط، و"تانك" بالتشديد: للبعيد، ولجمعه: "أولا": للقريب، و"أولاك": للمتوسط، و"أولئك" للبعيد. ا. هـ. وقد يتجوز في اسم الإشارة بالنسبة إلى المرتبة وبالنسبة إلى المسمى، فالأول: نيابة ذي البعد عن ذي القرب، نحو: {ذَلِكَ الْكِتَابُ} [البقرة: 2] ، والثاني: نيابة ما للواحد عما للاثنين وعما للجمع، فالأول: {عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ} [البقرة: 68] أي: بين ذلك، أي: بين الفارض والبكر، كقول لبيد: [من الكامل] 90- ولقد سئمت من الحياة وطولها ... وسؤال هذا الناس كيف لبيد ولا ينوب ما للاثنين أو للجماعة عما للواحد.   89- البيت للأعشى في شرح المفصل 10/ 6، ولأخي الكلحبة في خزانة الأدب 1/ 394، ونوادر أبي زيد ص154، وبلا نسبة في إصلاح المنطق ص382، والدرر 1/ 128، وسر صناعة الإعراب 1/ 322، والصاحبي في فقه اللغة ص84، واللامات ص132، ولسان العرب 15/ 437 "أولى"، والمنصف 1/ 166، 3/ 26، وهمع الهوامع 1/ 76. 90- البيت للبيد في ديوانه ص35، وخزانة الأدب 2/ 251، وشرح التسهيل 1/ 249، ولسان العرب 1/ 759، "نصب" والمحتسب 1/ 189. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 146 "فصل": "ويشار إلى المكان القريب" بالفظتين "هنا" مجردة عن "ها" التنبيه، "أو ههنا" مقرونة بـ"ها" التنبيه، "نحو: {إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} [المائدة: 24] ، و" يشار "للبعيد" بألفاظ: "بـ: هناك" مجردة عن "ها" التنبيه، "أو: ههناك" مقرونة بـ"ها" التنبيه من غير لام، "أو: هنالك" بضم الهاء وتخفيف النون وباللام المكسورة، "أو: هنا" بفتح الهاء وتشديد النون، وأصلها: "هنن" بثلاث نونات، أبدلت الثالثة ألفا لكثرة الاستعمال، "أو: هِنّا" بكسر الهاء وتشديد النون، والكلام فيها كالتي قبلها، وكسر الهاء أردأ من فتحها، قاله السيرافي، وأنشد لذي الرمة: [من البسيط] 91- هَنَّا وهِنَّا ومن هُنّا لهُنّ بها ... ذات الشمائل والأيمان هينوم "أو: هنّت" بفتح الهاء والنون المشددة وسكون التاء، وهي "هنا" المفتوحة الهاء؛ زيدت عليها التاء الساكنة، فالتقى ساكنان حذفت ألفها لالتقاء الساكنين، وقد تكسر هاؤها، "أو: ثَمّ" بفتح المثلثة وتشديد الميم، وبنيت على الفتح للتخفيف، ولم تكسر على أصل التقاء الساكنين لاستثقال الكسرة مع التضعيف "نحو: {وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ} [الشعراء: 64] وهي ملازمة للظرفية، فلا تخرج عنها إلا إلى حالة شبيهة بها، نحو: "جئت من ثم" لأن الظرف والجار والمجرور أخوان، وأما قوله تعالى: {وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ} [الإنسان: 20] فـ"ثَمّ" ظرف مكان لـ"رأيت" المتقدمة عليه. لا مفعول مطلق على الصواب، وإذا قلنا بمذهب الجمهور إن المراتب ثلاث، فيشار إلى المكان القريب بـ"هنا"، وإلى المتوسط بـ"هناك"، وإلى البعيد بـ"هنالك" وأخواته، وعند الناظم مرتبتان أشار إليهما بقوله: 86- وبهنا أو ههنا أشر إلى ... داني المكان وبه الكاف صلا 87- في البعد أو بثم فه أو هَنّا ... أو بهنالك انطقن أو هنا   91- البيت لذي الرمة في ديوانه ص409، وتخليص الشواهد ص133، وجمهرة اللغة ص1204، وشرح شواهد الإيضاح ص435، وشرح المفصل 3/ 137، ولسان العرب 12/ 623 "هنم"، 15/ 484 "هنا"، والمقاصد النحوية 1/ 412، وبلا نسبة في الخصائص 3/ 38، وشرح ابن الناظم ص53، وشرح الأشموني 1/ 66. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 147 باب الموصول مدخل ... باب الموصول: وهو في الأصل اسم مفعول من وَصَلَ الشيء بغيره: إذا جعله من تمامه، وفي الاصطلاح "ضربان": موصول "حرفي، و" موصول "اسمي، فـ" الموصول "الحرفي كل حرف أول مع صلته بالمصدر"، ولم يحتج إلى عائد، "وهو ستة: أن" المفتوحة الهمزة المشددة النون، وتوصل بجملة اسمية، وتؤول مع معموليها بمصدر، فإن كان خبرها مشتقا فالمصدر المؤول من لفظه، وإن كان جامدا أُوّل بالكون، وإن كان ظرفا أو مجرورا أُوّل بالاستقراء. وحكم الفعل في التصرف والجمود حكم الاسم فيهما، قاله في المغني1. وحكم المخففة من الثقيلة حكم المشددة في ذلك. "وأنْ" بفتح الهمزة وسكون النون، وهي الناصبة للمضارع: وتوصل بفعل متصرف ماضيا كان أو مضارعا، اتفاقا وأمرا على الأصح. "وما" المصدرية: وتوصل بفعل متصرف غير أمر وبجملة اسمية لم تصدر بحرف قاله الموضح في الحواشي. "وكي" المصدرية: وتوصل بمضارع مقرونة بلام التعليل لفظا أو تقديرا. "ولو" المصدرية: وتوصل بفعل متصرف غير أمر. "والذي" على وجه حكاه الفارسي في الشيرازيات عن يونس، وأنه جعل منه، {ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ} [الشورى: 23] قاله الموضح في الحواشي. ومن أوضح الدلالة على ذلك قول أبي دهبل الجمحي: [من البسيط] 92- يا ليت من يمنع المعروف يمنعه ... حتى يذوق رجال مر ما صنعوا وليت رزق رجال مثل نائلهم ... قوت كقوت ووسع كالذي وسعوا وعلى القول به، فقال الرضي: لا خلاف في اسمية "الذي" المصدرية وصنيع الموضح يأباه2.   1 مغني اللبيب 1/ 193. 92- البيتان لأبي دهبل الجمحي في ديوانه ص91، وأمالي المرتضى 1/ 117، والمؤتلف والمختلف 117. 2 في حاشية يس 1/ 130: "مراد الفاضل الرضي بكونها اسمين أن المحل لها، ومراد الموضح بكونها موصلا حرفيا أنها تؤول بمصدر، فلا منافاة". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 148 مثال "أنّ" بالتشديد "نحو: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا} [العنكبوت: 51] ، أي: أنزلنا. ومثال "أنْ" بالتخفيف: " {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة: 184] ، أي: صومكم خير لكم. ومثال "ما": " {بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ} " [ص: 26] ، أي: بنسيانهم إياه. ومثال "كي": {لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ} [الأحزاب: 37] ، أي: لعدم كون على المؤمنين حرج. ومثال "لو": {يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ} [البقرة: 96] ، أي: التعمير. ومثال "الذي" المصدرية: " {وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا} [التوبة: 69] ، أي: كخوضهم. والمانع يدعي أن الأصل كـ"الذين"، حذفت النون على لغة، أو أن الأصل: كالخوض الذي خاضوه، فحذف الموصوف والعائد، أو أن الأصل: كالجمع الذي خاضوا، فقال "الذي" باعتبار لفظ الجمع، وقال "خاضوا" باعتبار معناه، أو أنه أوقع "الذي" على الجمع، كقوله: [من الطويل] 93- وإن الذي حانت بفلج دماؤهم ... هم القوم كل القوم يا أم خالد أو أن "الذي" مشترك بين المفرد والجمع على قول الأخفش، كما قاله الموضح في شرح اللمحة. "و" الموصول "الاسمي" كل اسم افتقر إلى الوصل بجملة خبرية، أو ظرف، أو جار ومجرور تامين، أو وصف صريح، وإلى عائد أو خلفه، قاله الموضح في شذوره1.   93- البيت للأشهب بن رميلة في خزانة الأدب 6/ 7، 25-28، وشرح شواهد المغني 2/ 517، والكتاب 1/ 187، واللسان 2/ 349 "فلج"، 15/ 246 "لذا"، والمؤتلف والمختلف ص33، والمحتسب 1/ 185، ومعجم ما استعجم ص1028، والمقاصد النحوية 1/ 482، والمقتضب 4/ 146، والمنصف 1/ 67، وللأشهب أو لحريث بن مخفض في الدرر 1/ 62، وبلا نسبة في الأزهية 299، وخزانة الأدب 2/ 315، 6/ 133، 8/ 210، والدرر 2/ 221، ورصف المباني ص342، وسر صناعة الإعراب 2/ 537، وشرح المفصل 3/ 155، ومغني اللبيب 1/ 194، 2/ 552، وهمع الهوامع 1/ 49، 2/ 73. حانت: من الحَيْن؛ وهو الهلاك. فلج: موضع. ومعنى "هم القوم كل القوم يا أم خالد": أن الذين هلكوا بهذا الموضع هم القوم والرجال الكاملون، فاعلمي ذلك، وابكي عليهم يا أم خالد. 1 شرح شذور الذهب ص141. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 149 "وهو ضربان: نص" في معناه لا يتجاوزه إلى غيره، "ومشترك" بين معان مختلفة بلفظ واحد. "فالنص ثمانية" هنا، "منها للمفرد المذكر "الذي" للعالم" بكسر اللام: وهو من يقوم به العَلَم "وغيره" بالجر، فالعالم المنزه عن الذكورة والأنوثة، "نحو: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ} [الزمر: 74] ، والعالم المذكر نحو: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ} [الزمر: 33] ، وغير العالم نحو: " {هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ} [الأنبياء: 103] ، وللمفرد المؤنث التي للعاقلة وغيرها" فالأول "نحو: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} [المجادلة: 1] ، والثاني "نحو: {مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا} " [البقرة: 142] فأوقع "التي" على القبلة وهي غير عاقلة. ولك في ياءي "الذي والتي" وجهان: الإثبات والحذف، فعلى الإثبات تكون إما خفيفة فتكون ساكنة، وأما شديدة فتكون إما مكسورة أو جارية بوجوه الإعراب، وعلى الحذف فيكون الحرف الذي قبلها إما مكسورا؛ كما كان قبل الحذف وإما ساكنا، فهذه الخمس لغات في "الذي والتي"، "ولتثنيتهما: اللذان واللتان" بالألف "رفعا، واللذين واللتين" بالياء المفتوح ما قبلها "جرا ونصبا"، تقول: "جاءني اللذان قاما واللتان قامتا"، و"رأيت اللذين قاما واللتين قامتا"، و"مررت باللذين قاما واللتين قامتا"، وتثنيتهما بحذف الياء على غير القياس، "وكان القياس في تثنيتهما و" في "تثنية: ذا، و: تا" السابقين في بحث الإشارة "أن يقال" في تثنية "الذي": "اللذيان" بإثبات الياء مخففة، "و" في تثنية "التي": "اللتيان" بإثبات الياء مخففة، "و" في تثنية "ذا" "ذيان" بقلب الألف ياء، "و" في تثنية "تا": "تيان" بقلب الألف ياء "كما يقال" في تثنية "القاضي" من المعرب المنقوص: "القاضيان؛ بإثبات الياء، و" كما يقال في تثنية "فتى" من المعرب المقصور: "فتيان؛ بقلب الألف ياء، ولكنهم فرقوا بين تثنية المبني" كالذي وذا، "و" تثنية "المعرب" كالقاضي وفتى، "فحذفوا" الحرف "الآخر" وهو الياء من "الذي والتي"، والألف من "ذا وتا"، وأثبتوه في القاضي وفتى، ففرقوا بين المعرب والمبني في التثنية، "كما فرقوا" بينهما "في التصغير، إذ قالوا" في تصغير "الذي والتي وذا وتا": "اللَّذَيَّا واللَّتَيَّا وذَيَّا وتَيَّا، فأبقوا" الحرف "الأول" هو اللام الأولى من "اللذيا واللتيا"، والذال من "ذيا"، والتاء من "تيا"، "على فتحة" الذي كان قبل التصغير، "وزادوا ألفا في الآخر" في الألفاظ الأربعة "عوضا عن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 150 ضمة التصغير" التي تكون في أول المصغر ومن العرب من يقول "اللُّذَيَّا واللُّّتَيَّا" بضم اللام، فيجمع في التصغير بين الضمة الألف، وما ذكره الموضح هنا تبعا للنظم من أن "اللذان واللتان" تثنية: "الذي والتي" مخالف لقول الناظم في شرح التسهيل1: إن العرب استغنت بتثنية "اللَّذ" دون الياء، و"اللَّت" كذلك عن تثنية "الذي والتي" بالياء، فإن العرب لم تثنهما. ا. هـ. وعلى تقدير تسليم ما هنا، فلا يختص حذف الآخر بتثنية المبني، بل قد يحذف الآخر في تثنية المعرب، نحو: "عاشوران وخنفسان" تثنية: "عاشوراء وخنفساء"، حكاه الفراء عن العرب، وحيث ثُنِّي الموصول واسم الإشارة فجمهور العرب يخفف النون فيهما، "وتميم وقيس تشدد النون فيهما تعويضا من المحذوف" منهما وهو الياء في "الذي والتي" والألف في "ذا" و"تا", "أو تأكيدا للفرق" بين تثنية المبني والمعرب الحاصل بحذف الياء والألف، وإلى التشديد والتعويض أشار الناظم بقوله: 89- ................................ ... والنون إن تشدد فلا ملامه 90- والنون من ذين وتين شددا ... أيضا وتعويض بذاك قصدا "ولا يختص ذلك" التشديد "بحالة الرفع" عند الكوفيين، بل يكون فيها وفي حالتي الجر والنصب، "خلافا للبصريين" في زعمهم أن التشديد مختص بحالة الرفع2؛ "لأنه قد قرئ في السبع: "رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِّ"3 [فصلت: 29] ، "إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِّ"4 [القصص: 27] ، بالتشديد" فيهما في حالتي النصب في "اللذين" والجر في "هاتين"، "كما قرئ" في حالة الرفع: ""وَالَّذَانِّ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ"5 [النساء: 16] ، "فَذَانِّكَ بُرْهَانَانِ"6" [القصص: 32] بالتشديد فيهما، فتجويز إحداهما ومنع الأخرى تحكم، "وبلحارث بن كعب" أجمعون "وبعض ربيعة يحذفون نون اللذان واللتان" في حالة الرفع، تقصيرا للموصول لطوله بالصلة، لكونهما كالشيء الواحد، "قال" الفرزدق: [من الكامل]   1 شرح التسهيل 1/ 204. 2 الإنصاف 2/ 669، المسألة رقم 95: الحروف التي وضع عليها الاسم في "ذا" و"الذي". 3 هي قراءة ابن كثير. انظر الإتحاف ص381، والنشر 2/ 248. 4 هي قراءة ابن كثير. انظر الإتحاف ص342، والنشر 1/ 312. 5 هي قراءة ابن كثير. انظر الإتحاف ص187، والنشر 2/ 248. 6 هي قراءة ابن كثير وأبي عمرو ورويس. انظر الإتحاف ص342، والنشر 2/ 341. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 151 94- "أبني كليب إن عمّيّ اللّذا" ... قتلا الملوك وفكّكا الأغلالا أراد: "اللذان" فحذف النون، وهو مرفوع على الخبرية؛ لأن "بني": منادى بالهمزة، و"كليب" بالتصغير: أبو قبيلة، وهو كليب بن يربوع، و"عمّيّ" بالتثنية: هما هذيل بن هبيرة الثعلبي، وهذيل بن عمران الأصغر، كان أخاه لأمه، و"الأغلال": جمع غل؛ وهو حديد يجعل في العنق من الأسارى وغيرهم. وأراد الفرزدق بذلك الافتخار على جرير، فإنه من بني كليب بأن عميه قتلا الملوك وخلصا الأسارى من أغلالهم، "وقال" الأخطل: [من الرجز] 95- "هما اللتا لو ولدت تميم" ... لقيل فخر لهم صميم أراد: "اللتان" فحذف النون، وهو مرفوع على الخبرية للمبتدأ وهو "هما"، و"تميم": قبيلة، و"صميم": بمعنى خالص. والمعنى: هنا المرأتان اللتان لو ولدتهما تميم لقيل فخر لهم خالص. ولقب هذا الشاعر بالأخطل لكبر أذنه، واسمه غياث بن غوث الثعلبي وكان نصرانيا. وجاز حذف النون في "اللذان واللتان" لعدم الإلباس، "ولا يجوز ذلك" الحذف "في" نون "ذان، وتان، للإلباس" بالمفرد، ولعدم الطول. "وتلخص أن في نون الموصول ثلاث لغات": الإثبات والحذف والتشديد، "وفي نون الإشارة لغتان": الإثبات والتشديد، "ولجمع المذكر العاقل كثيرا أو لغيره" أي: لغير العاقل "قليلا: الألى" على وزن العلى، ويكتب بغير واو. قاله الموضح في   94- البيت للأخطل في ديوانه ص387، والأزهية ص296، والاشتقاق ص338، وأمالي ابن الشجري 2/ 306، وخزانة الأدب 3/ 185، 6/ 6، والدرر 1/ 59، وسر صناعة الإعراب 2/ 536، وسمط اللآلي 1/ 35، وشرح المفصل 3/ 154، والكتاب 1/ 186، ولسان العرب 2/ 349 "فلج"، 14/ 233 "حظا"، 15/ 245 "لذي"، والمقتضب 4/ 146، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 362، وأوضح المسالك 1/ 140، وخزانة الأدب 8/ 210، ورصف المباني ص341، 406، وشرح التسهيل 1/ 192، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص79، وما ينصرف وما لا ينصرف ص84، والمحتسب 1/ 185، والمسائل العسكريات ص218، ومعاني الأخفش ص256، والمنصف 1/ 67، وهمع الهوامع 1/ 49. 95- الرجز للأخطل في خزانة الأدب 6/ 14، والدرر 1/ 60، والمقاصد النحوية 1/ 425، وليس في ديوانه، وبلا نسبة في الأزهية ص303، وأمالي ابن الشجري ص308، وأوضح المسالك 1/ 141، وهمع الهوامع 1/ 49. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 152 شرح اللمحة "مقصورا" على الأشهر كقوله: [من الطويل] 96- رأيت بني عمي الألى يخذلونني ... على حدثان الدهر إذ يتقلب "وقد يمد" كقوله: [من الطويل] 97- أبى الله للشم الألاء كأنهم ... سيوف أجاد القين يوما صقالها وهو في هذين البيتين للعاقل. ومن وقوعها لغير العاقل قوله: [من الطويل] 98- تهيجني للوصل أيامنا الألى ... مررن علينا والزمان وريق "والذين: بالياء مطلقا" في الأحوال الثلاثة، وهي مبنية، وإن كان الجمع من خصائص الأسماء؛ لأن "الذين" مخصوص بـ"أولي العلم"، و"الذي" عام، فلم يجر على سنن الجموع المتمكنة، بخلاف المثنى فإنه جار على سنن المثناة المتمكنة لفظا ومعنى، "وقد يقال": جاء اللذون "بالواو رفعا"، ورأيت الذين ومررت بالذين بالياء جرا ونصبا، وهي حينئذ معربة؛ لأن شبه الحرف عارضه الجمع، وهو من خصائص الأسماء "وهي لغة هذيل أو عقيل" بالتصغير فيهما، و"أو" للشك، قال شاعرهم: [من الرجز] 99- "نحن اللذون صبحوا الصباحا" ... يوم النخيل غارة ملحاحا فـ"نحن": مبتدأ، و"اللذون": خبره، و"النخيل": تصغير نخل؛ بالنون والخاء المعجمة؛ موضع بالشام، و"غارة": مفعول لأجله؛ وهو اسم مصدر إغار، والقياس   96- البيت لعمرو بن أسد الفقعسي في الحماسة البصرية 1/ 75، ولبعض بني فقعس أو لمرة بن عداء الفقعسي في الدرر 1/ 147، ولبعض بني فقعس في خزانة الأدب 3/ 30، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص213، بلا نسبة في همع الهوامع 1/ 83. 97- البيت لكثير عزة في ديوانه ص87، وشرح التسهيل 1/ 195، والمقاصد النحوية 1/ 459، وبلا نسبة في شرح الأشموني 1/ 68، وشرح شذور الذهب ص122، وهمع الهوامع 1/ 83. 98- البيت لمجنون ليلى في ديوانه ص163، ولمضرس بن قرط المازني في أمالي القالي 2/ 258. 99- الرجز لرؤبة في محلق ديوانه ص172، ولليلى الأخيلية في ديوانها ص61، ولليلى أو لرؤبة أو لأبي حرب الأعلم في الدرر 1/ 92، 146، وشرح شواهد المغني 2/ 832، والمقاصد النحوية 1/ 426، ولأبي حرب الأعلم أو لليلى في خزانة الأدب 6/ 23، ولأبي الحرب بن الأعلم في نوادر أبي زيد ص47، وللعقيلي في مغني اللبيب 2/ 410، وبلا نسبة في الأزهية ص298، وأوضح المسالك 1/ 143، تخليص الشواهد ص135، وشرح ابن الناظم ص56، وشرح الأشموني 1/ 68، وشرح ابن عقيل 1/ 144، وهمع الهوامع 1/ 60، 83. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 153 إغارة، و"الملحاح" بكسر الميم؛ من ألح السحاب: دام مطره، "ولجمع المؤنث اللاتي واللائي" بإثبات الياء فيهما، "قد تحذف ياؤهما" اجتزاء بالكسرة، فيقال: اللات واللاء، وإلى هذه الثمانية أشار الناظم بقوله: 88- موصولة الأسماء الذي الأنثى التي ... واليا إذا ما ثنيا لا تثبت 89- بل ما تليه أوله العلامه ... .............................. 91- جمع الذي الألى الذين مطلقا ... وبعضهم بالواو رفعا نطقا 92- باللات واللاء التي قد جمعا ... .................................. "وقد يتقارض الألى واللائي" فيقع كل منهما مكان الآخر "قال" مجنون ليلى قيس بن الملوح: [من الطويل] 100- "محا حبها حب الألى كن قبلها" ... وحلت مكانا لم يكن حل من قبل فأوقع "الألى" مكان "اللائي" "أي: حب اللائي"، بدليل عود ضمير المؤنث عليها، "قال" رجل من بني سليم: [من الوافر] 101- "فما آباؤنا بأمن منه ... علينا اللاء قد مهدوا الحجورا" فأوقع "اللاء" مكان "الألى" بدليل عود ضمير جمع الذكور عليها، و"الألى": بمعنى الذين، و"الذين" أشهر منها، فلذلك عدل الموضح فقال: "أي: الذين"، إذ لا فرق بينهما. والمعنى: ليس آباؤنا الذين أصلحوا شأننا وجعلوا حجورهم لنا كالمهد، بأكثر امتنانا علينا من هذا الممدوح. وإلى تقارضهما أشار الناظم بقوله: 92- .............................. ... واللاء كالذين نزرا وقعا "و" الموصول "المشترك ستة: من"؛ بفتح الميم؛ "وما، وأي"؛ بفتح الهمزة وتشديد الياء؛ "وأل، وذو، وذا"، وذكرها الناظم على غير هذا الترتيب فقال: 93- ومن وما وأل تساوي ما ذكر ... وهكذا ذو ...................... 95- ومثل ماذا ................. ... .................................. 99- أي كما ..................... ... ..................................   100- البيت لمجنون ليلى في ديوانه ص170، والمقاصد النحوية 1/ 430، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 144، وشرح الأشموني 1/ 68. 101- البيت لرجل من بني سليم في تخليص الشواهد ص137، والدرر 1/ 148، والمقاصد النحوية 1/ 429، وبلا نسبة في الأزهية ص301، وأوضح المسالك 1/ 146، وشرح ابن الناظم ص56، وشرح الأشموني 1/ 69، وشرح ابن عقيل 1/ 145، وهمع الهوامع 1/ 83. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 154 ولكل منها كلام يخصها، "فأما "من" فإنها تكون" في أصل الوضع "للعالم" بكسر اللام، "نحو: {وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ} [الوعد: 43] ، و" تكون "لغيره"، أي: غير العالم؛ على سبيل التطفل "في ثلاث مسائل: إحداها أن ينزل" ما وقعت عليه "مَن" مِن غير العالم "منزلته"، أي: منزلة العالم، "نحو" قوله تعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ "مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ} [الأحقاف: 5] ، وقوله، وهو العباس بن أحنف: [من الطويل] 102- أسرب القطا هل مَن يعير جناحه ... لعلي إلى من قد هويت أطير فاوقع "من" على سرب القطا؛ وهو غير عاقل، "وقوله" وهو امرؤ القيس بن حجر الكندي: [من الطويل] 103- "ألا عم صباحا أيها الطلل البالي ... وهل يعمن من كان في العصر الخالي" فأوقع "من" على الطلل وهو غير عاقل. وعم: فعل أمر معناه الدعاء، أصله أنعم، حذفت منه الألف والنون تخفيفا. وصباحا: منصوب على الظرفية، ومن عادة تحيات العرب في الصباح: عم صباحا، وفي المساء: عم مساء، فكأنهم قالوا: أنعم الله في صباحك ومسائك. ويَعِمَن: أصله يَنْعِمن، حذفت منه النون الأولى، والنون الساكنة في آخره للتوكيد. ومن: فاعل يَعِمْن. والعصر؛ بضمتين؛ بمعنى: العصر؛ بفتح العين وسكون الصاد: الزمان ويجمع في القلة على أعصر؛ وفي الكثرة على عصور، والخالي: نعته. "فدعاء الأصنام" في قوله تعالى: {يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ} [الأحقاف: 5] "ونداء القطا" في قوله: [من الطويل] أسرب القطا هل من يعير جناحه ... ...............................   102- البيت للمجنون في ديوانه ص106، وللعباس بن الأحنف في ديوانه ص168، وتخليص الشواهد ص141، وللعباس أو للمجنون في الدرر 1/ 175، والمقاصد النحوية 1/ 431، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 147، وشرح ابن الناظم ص57، وشرح الأشموني 1/ 69، وشرح ابن عقيل 1/ 148. 103- البيت لامرئ القيس في ديوانه ص27، وجمهرة اللغة ص1319، وخزانة الأدب 1/ 60، 328، 332، 2/ 371، 10/ 44، والدرر 2/ 264، وشرح شواهد المغني 1/ 340، والكتاب 4/ 39، وتاج العروس "طول"، وبلا نسبة في الاقتضاب ص560، وأوضح المسالك 1/ 148، وخزانة الأدب 7/ 105، وشرح الأشموني 1/ 69، 2/ 292، وشرح شواهد المغني 1/ 485، ومغني اللبيب 1/ 169، وهمع الهوامع 2/ 83، والحيوان 1/ 328. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 155 "و" نداء "الطلل" في قوله: ............... أيها الطلل البالي ... ............................... "سوغ ذلك"، وهو وقوع "من" على الأصنام لما كانت عندهم مدعوة، وعلى السرب والطلل لما كانا مناديين، ولا يدعى إلا العاقل. المسألة "الثانية" من وقوع "من" على غير العالم "أن يجتمع" غير العاقل "مع العاقل فيما وقعت عليه من" الموصولة، "نحو: {كَمَنْ لا يَخْلُقُ} [النحل: 17] فإنه عام في العاقل وغيره، "لشموله الآدميين والملائكة والأصنام"، فإن الجميع لا يخلقون شيئا، "ونحو: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ} [الحج: 18] فإنه يشمل الملائكة والشمس والقمر والنجوم وغيرها " {وَمَنْ فِي الْأَرْضِ} " [الحج: 18] فإنه الأدميين والجبال والشجر والدواب وغيرها، وأفرد الشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب بالذكر في الآية لشهرتها؛ واستبعاد السجود منها، "ونحو: {مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ} [النور: 45] فإنه يشمل الآدمي والطائر"، ولا فرق في هذه المسألة بين أن يكون العاقل أكثر من غيره كالمثال الأول، أو أقل منه كالمثال الثاني، أو مساويا له كالمثال الثالث، ولذلك أعاد لفظه نحو في الأمثلة الثلاثة. المسألة "الثالثة" من وقوع "من" على غير العالم "أن يقترن" غير العاقل "به" أي: بالعاقل "في عموم فُصّل بـ: من" الموصولة "نحو: {مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ} و {مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ} [النور: 45] لاقترانها بالعاقل في" عموم "كل دابة" من قوله تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ} [النور: 45] ، فأوقع "من" على غير العاقل لما اختلط بالعاقل، ولكن الاختلاط فيها على ضربين: اختلاط فيما وقعت عليه "من" وهو من يمشي على رجلين، فإنه يشمل الآدمي والطائر كما تقدم. واختلاط في عموم فصل بـ"من" وهو من يمشي على بطنه، ومن يمشي على أربع، فإنهما اختلط بالعاقل في عموم كل دابة؛ لأن الدابة لغة: اسم لما يدب على الأرض عاقلا كان أو غيره، بدليل: {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا} [الأنفال: 55] {إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ} [سبأ: 14] ، ويحتمل عندي أن تكون "من" فيهن نكرة موصوفة بالجملة بعدها، والتقدير: فمنهم نوع يمشي على بطنه، ومنهم نوع يمشي على الجزء: 1 ¦ الصفحة: 156 رجليه، ومنهم نوع يمشي على أربع، على حد: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ} [الحج: 11] قال الموضح في شرح الشذور1: ويجوز في "من" أن تكون نكرة موصوفة بالجملة بعدها، والتقدير: ومن الناس ناس يعبدون الله. ا. هـ. "وأما ما" الموصولة "فإنها" في أصل وضعها "لما يعقل وحده نحو: {مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ} [النحل: 96] أي: الذي عندكم ينفد، "و" قد تكون "له" أي: لما لا يعقل "مع العاقل نحو: {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} [الحشر: 1] فإنه يشمل العاقل وغيره، "و" تكون "لأنواع من يعقل". هذه عبارة ابن عصفور، وعبارة ابن مالك تبعا للفارسي: ولصفات من يعقل، ومثالها عند ابن عصفور وابن مالك "نحو: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 3] كلا التعبيرين متكلم فيه، أما الأول فرده ابن الحاج بأن النوع لا يعقل، فهذا مستغنى عنه بقوله: "لما لا يعقل"، وأما الثاني فلأنه لا يصح أن يقال: أنكحوا الطيب أو الطيبة؛ لأن النكاح إنما هو للذوات لا للصفات، نقله الموضح في الحواشي. وتكون ما "للمبهم أمره" من الأشخاص "كقولك وقد رأيت شبحا" بفتح الموحدة وبالحاء المهملة، لا تدري أبشر هو أم مُدَّر: "انظر إلى ما ظهر"، كذا لو علمت إنسانيته، ولم تدر أذكر هو أم أنثى، قاله ابن مالك في شرح التسهيل2 أخذا من قوله تعالى: {إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي} [آل عمران: 35] وللبحث فيه مجال. "والأربعة الباقية" من الستة تكون "للعاقل وغيره" وفيها تفصيل: "فأما: أي" بفتح الهمزة وتشديد الياء "فخالف في موصوليتها ثعلب" أبو العباس أحمد بن يحيى محتجا بأنه لم يسمع: أيهم هو فاضل جاءني، بتقدير: الذي هو فاضل جاءني، "ويرده قوله" وهو غسان: [من المتقارب] 104- إذا ما لقيت بني مالك ... "فسلم على أيهم أفضل"   1 لم أجد هذا القول في شرح شذور الذهب. 2 شرح التسهيل 1/ 197. 104- البيت لغسان بن وعلة في الدرر 1/ 155، والمقاصد النحوية 1/ 436، وله أو لرجل من غسان في شرح شواهد المغني 1/ 236، ولغسان في الإنصاف 2/ 715، ولغسان أو لرجل من غسان في خزانة الأدب 6/ 61 وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 150، وتخليص الشواهد 158، وجواهر الأدب 210، ورصف المباني 197، وشرح الأشموني 1/ 77، وشرح ابن عقيل 1/ 162، وشرح ابن الناظم ص65، وشرح المفصل 3/ 147، 4/ 21، 7/ 87، ولسان العرب 14/ 59 "أيا"، ومغني اللبيب 1/ 78، وهمع الهوامع 1/ 84. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 157 وجه الرد منه أن "أيهم" مبنية على الضم، وغير الموصولة لا تبنى ولا يصلح هنا، وإذا انتفى غير الموصولة تعينت الموصولة وهو المدعى، وهي الملازمة للإضافة لفظا أو تقديرا إلى معرفة، "ولا تضاف لنكرة لتكون خلافا لابن عصفور" وابن الضائع، بالضاد المعجمة والعين المهملة، فإنهما أجازا إضافتها إلى نكرة وجعلا من ذلك: {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} [الشعراء: 227] ، فـ"أي" عندهما موصولة، و"يعلم" بمعنى: يعرف، والتقدير: وسيعرف الذين ظلموا المنقلب الذي ينقلبونه، ومذهب الجمهور أن "أيا" هنا استفهامية منصوبة ينقلبون على أنها مفعول مطلق، و"يعلم" على بابه، وهو معلق عن العمل فيما بعده لأجل الاستفهام بـ"أي"، والتقدير: وسيعلم الذين ظلموا ينقلبون أي: انقلاب. "و" أي الموصولة "لا يعمل فيها إلا" عامل "مستقبل متقدم" عليها "نحو: {لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ1 أَشَدُّ} [مريم: 69] خلافا للبصريين" في الاستقبال والتقديم2 قال في التسهيل: ولا يلزم استقبال عامله ولا تقديمه، خلافا للكوفيين3. وقال أبو حيان في شرح التسهيل: "وسأل الكسائي" في حلقة يونس: "لم لا يجوز: أعجبني أيهم قام"؟ فمنع من ذلك، فقيل له: لمه؟ فلم يلح له وجه المنع، "فقال: أي كذا خلقت" ا. هـ. أي: كذا وضعت. قال ابن السراج موجها قول الكسائي بالمنع ما معناه إن "أيا" وضعت على العموم والإبهام، فإذا قلت: يعجبني أيهم يقوم، فكأنك قلت: يعجبني الشخص الذي يقع منه القيام كائنا من كان، ولو قلت: أعجبني أيهم قام لم يقع إلا على الشخص الذي قام؛ فأخرجها ذلك عما وضعت له من العموم، وإنما اشترط كون العامل فيها متقدما مع كونه مستقبلا لأجل الفرق بين الشرطية والاستفهامية، وبين الموصولة؛ لأن الشرطية والاستفهامية لا يعمل فيهما إلا متأخر، والمشهور عند الجمهور إفرادها وتذكيرها، "وقد تؤنث وتثنى وتجمع" عند بعضهم، فتقول: أية وأيان وأيتان وأيون وأيات، "و" على الحالين "هي معربة، فقيل مطلقا"، سواء أضيفت أم لم تضف، ذكر صدر   1 الرسم المصحفي {أَيُّهُمْ} بالرفع، وقرأها بالنصب: هارون ومعاذ وطلحة والأعرج والأعمش. انظر البحر المحيط 6/ 209، ومغني اللبيب 1/ 77، والإنصاف 2/ 711، وشرح ابن عقيل 1/ 165، والكتاب 2/ 399. 2 الإنصاف 2/ 711. 3 الإنصاف 2/ 709, 710. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 158 صلتها أو حذف، وهو قول الخليل ويونس والأخفش والزجاج والكوفيين1، وإليه أشار الناظم بقوله: 100- وبعضهم أعرب مطلقا ...... ... ..................................... "وقال سيبويه: تبنى على الضم إذا أضيفت لفظا وكان صدر صلتها ضميرا محذوفا2" وهو مراد الناظم بقوله: 99- ............... وأعربت ما لم تضف ... وصدر وصلها ضمير انحذف "نحو: {أَيُّهُمْ أَشَدُّ} [مريم: 69] ، وقوله: 105- ............................... ... ....................... على أيهم أفضل" بالبناء على الضم فيهما تشبيها بالغايات، إذ كان بناؤها بسبب حذف شيء. وخولف في ذلك، قال الزجاج: ما تبين لي أن سيبويه غلط إلا في موضعين3، هذا أحدهما، فإنه يسلم أنها تعرب إذا أفردت، فكيف يقول ببنائها إذا أضيفت. ا. هـ. وزعم المانعون أن "أيا" في الآية استفهامية، وأنها مبتدأ، و"أشد" خبره. ثم اختلفوا في مفعول ننزع. فقال الخليل: محذوف والتقدير: لننزعن الذين يقال فيهم أيهم أشد4. وقال يونس: المفعول الجملة، وعلقت "ننزع" عن العمل فيها5. وقال الكسائي والأخفش: المفعول: "كل شيعة"، و"من" زائدة6. ورد الموضح ذلك في المغني7 بما يطول ذكره وبالبيت السابق. "وقد تعرب حينئذ" أي: حين إذ أضيفت، وكان صدر صلتها ضميرا محذوفا   1 الإنصاف 2/ 711، والكتاب 2/ 399، وشرح الرضي 3/ 62. 2 هذا القول مستنتج من رأي سيبويه حيث قال في الكتاب 2/ 400: "وأرى قولهم: اضرب أيهم أفضل، على أنهم جعلوا هذه الضمة بمنزلة الفتحة في خمسة عشر، وبمنزلة الفتحة في الآن ... وجاز إسقاط هو في أيهم تخفيفا". وانظر شرح الرضي 3/ 60. 105- تقدم تخريج البيت بتمامه برقم 104. 3 في حاشية يس 1/ 136: "لا وجه للتغليط مع دلالة ظواهر الشواهد لما قال سيبويه كما في الآية والبيت المشهورين". قلت: يقصد الآية: 69 من سورة مريم, والبيت الذي تقدم برقم 104، 105. 4 انظر قول الخليل في الإنصاف 1/ 711, 712، وشرح الرضي 3/ 62. 5 انظر قول يونس في شرح الرضي 3/ 63، والكتاب 2/ 400. 6 انظر قول الكسائي والأخفش في شرح الرضي 3/ 63. 7 مغني اللبيب 1/ 78. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 159 "كما رويت الآية" وهي: {أَيُّهُمْ أَشَدُّ} [مريم: 69] "بالنصب"1 وهي قراءة هارون ومعاذ ويعقوب، "والبيت"؛ وهو: "على أيهم أفضل" "بالجر". قال سيبويه: وهي لغة جيدة2. وبذلك احتج من قال بإعرابها مطلقا. "وأما "أل" فنحو: {إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ} " [الحديد: 18] مما صلته اسم فاعل، "ونحو: {وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ، وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ} " [الطور: 65] مما صلته اسم مفعول. وسكت عن الصفة المشبهة نحو: الحسن؛ لأن "أل" الداخلة عليها حرف تعريف، على ما صححه في المغني. "وليست" "أل" الداخلة على اسم الفاعل والمفعول "موصولا حرفيا خلافا للمازني" في أحد قوليه "ومن وافقه". ويرده أنها لا تؤول بالمصدر، وأن الضمير يعود عليها في نحو قولهم: "قد أفلح المتقي ربه"، والضمير لا يعود إلا على الأسماء، وأجاب المازني عن الثاني بأن الضمير يعود على موصوف محذوف، ورد بأن الحذف الموصوف مظان لا يحذف في غيرها إلا لضرورة، وهذا ليس منها، "ولا حرف تعريف، خلافا لأبي الحسن" الأخفش، وهو ثاني قول المازني، وحجتهما أن العامل يتخطاها نحو: جاء الضارب، كما يتخطاها مع الجامد نحو: جاء الرجل، وهي مع الجامد معرفة اتفاقا، فتكون مع المشتق كذلك. ويجاب بالفرق بأنها مع المشتق داخلة على الفعل تقديرا؛ لأن المشتق في تقدير الفعل، فيعود عليها ضمير، و"أل" المعرفة لا يعود عليها ضمير، وإنما نقل الإعراب إلى ما بعدها لكونها على صورة الحرف، ويدل على كونها اسما أن الوصف يعمل معها بلا شرط، ولو كانت معرفة لكانت مبعدة من شبه الفعل، فلا يكون الوصف معها عاملا. وأجاب الأخفش بالتزامه، فذهب إلى أن اسم الفاعل لا يعمل مع "أل"3. "وأما "ذو" فخاصة بطيء"4، وذلك مستفاد من قول الناظم: 93- ................................. ... وهكذا ذو عند طيئ شهر "والمشهور" عنهم بناؤها على سكون الواو، "وقد تعرب" بالحروف الثلاثة إعراب "ذو" بمعنى صاحب، وخص ابن الضائع ذلك بحالة الجر؛ لأنه المسموع، "كقوله"   1 انظر البحر المحيط 6/ 209، والإنصاف 2/ 711، والكتاب 2/ 399. 2 أي: نصب "أيهم" في الآية السابقة. انظر الكتاب 2/ 399. 3 انظر هذه الأقوال في شرح الرضي 3/ 29-48: الإخبار بالذي أو بالألف واللام، وشرح التسهيل 3/ 200. 4 انظر شرح الرضي 3/ 22، وشرح ابن الناظم ص59. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 160 وهو منظور بن سحيم الفقعسي: [الطويل] 106- فإما كرام موسرون لقيتهم ... "فحسبي من ذي عندهم ما كفانيا" "فيمن رواه بالياء"، وهو أبو الفتح بن جني في كتابه المحتسب، وهو مشكل، فإن سبب البقاء قائم ولم يعارضه معارض، "والمشهور" عنهم "أيضا إفرادها" وإن وقعت على مثنى أو جمع "وتذكيرها" وإن وقعت على مؤنث "كقوله" وهو سنان بن الفحل الطائي: [من الوافر] 107- فإن الماء ماء أبي وجدي ... "وبئري ذو حفرت وذو طويت" فأتى بـ"ذو" مفردة مذكرة، مع أنها واقعة على "البئر" وهو مؤنثة. ويحتمل أنه راعى معنى القليب1 وهو مذكر، والحفر: معروف. والطي: من طويت البئر إذا بنيتها بالحجارة. "وقد تؤنث وتثنى وتجمع" عند بعض بني طيئ، فتقول في المذكر: "ذو قام"، وفي المؤنث: "ذات قامت"، وفي مثنى المذكر: "ذوا قاما"، وفي مثنى المؤنث: "ذواتا قامتا"، وفي جمع المذكر: "ذوو قاموا"، وفي جمع المؤنث: "ذوات قمن"، "حكاه ابن السراج" في الأصول عن جميع لغة طيئ على الإطلاق، وتبعه ابن عصفور في المقرب2. "ونازع في ثبوت ذلك" المحكي على الإطلاق "ابن مالك" في شرح التسهيل فقال: وأطلق ابن عصفور القول بتثنيتها وجمعها3. قال الشاطبي: والمردود عليه إنما هو الإطلاق في جميع لغة طيئ، وأما كون "ذو" تثنى وتجمع وتؤنث عند بعض طيء فهو ثابت. ا. هـ. قال الفراء في لغات القرآن: وربما قالوا: هذان ذوا تعرف، وهؤلاء ذوو تعرف، ويجعلون مكان "التي" ذات، ويرفعون التاء على كل حال، وفي تثنيتها: هاتان   106- تقدم تخريج البيت برقم 23. 107- البيت لسنان بن الفحل في الإنصاف ص384، وخزانة الأدب 6/ 34، 35، والدرر 1/ 151، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص591، والمقاصد النحوية 1/ 436، وبلا نسبة في الأزهية 295، وأوضح المسالك 1/ 154، وتخليص الشواهد 143، وشرح ابن الناظم ص60، وشرح التسهيل 1/ 199، وشرح الرضي 3/ 22، وشرح قطر الندى ص102، وشرح الأشموني 1/ 72، وشرح المفصل 3/ 147، 8/ 45، ولسان العرب 15/ 460 "ذوا"، وهمع الهوامع 1/ 84. 1 القليب: البئر قبل أن تطوى فإذا طويت فهي الطوي. وقال شمر: القليب من أسماء البئر، وسميت قليبا؛ لأن حافرها قلب ترابها. معجم البلدان 4/ 386 "قليب". 2 المقرب 1/ 59. 3 شرح التسهيل 1/ 199. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 161 ذواتا تعرف، وفي جمعها: هؤلاء ذوات تعرف. ا. هـ. "و" ابن السراج وابن عصفور وابن مالك1 "كلهم حكى" عن بعض طيئ "ذات للمفردة، وذوات لجمعها مضمومتين"، على أنهما موصولان مستقلان مرادفان لـ"اللتي واللاتي"، قال في التسهيل: وقد ترادف "اللتي واللاتي" ذات وذوات مضمومتين مطلقا، وقال في النظم: 94- وكالتي أيضا لديهم ذات ... وموضع اللاتي أتى ذوات "كقوله" وهو رجل من بني طيئ كما قال الفراء في لغات القرآن: سمعنا أعرابيا من طيئ يسأل ويقول: "بالفضل ذو فضلكم الله به، والكرامة ذات أكرمكم الله به"2 فبنى "ذات" على الضم، ونقل حركة الهاء الأخيرة إلى ما قبلها، وحذف الألف فسكنت الهاء. وبالفضل: متعلق بمحذوف، أي: أسألكم بالفضل أو نحوه، والكرامة: بالخفض. معطوفة على الفضل، وكأنه يشير إلى قوله تعالى: {وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ} [النحل: 71] قاله الموضح في الحواشي. "وقوله" وهو رؤبة: [من الرجز] 108- جمعتها من أينق موارق ... "ذوات ينهضن بغير سائق" فبنى "ذوات" على الضم، والهاء في "جمعتها" للنوق المذكورة في بيت قبله، والأينق؛ بتقديم الياء المثناة تحت الساكنة على النون المضمومة: جمع ناقة، وأصل ناقة نوقة، تحركت الواو وانفتح ما قبلها فقلبت ألفا، وتجمع في القلة على أنوق، قدمت الواو على النون فصار أونق، ثم قلبت الواو ياء أينق، ويجمع أينق على أيانق، والموارق: جمع مارقة، من مرق السهم، شبه النوق بالسهام في سرعة مشيها، وسائق: من السوق؛ بفتح السين. و"حكي" في ذوات وذوات "إعرابهما" بالحركات "إعراب ذات وذوات بمعنى صاحبة وصاحبات"، حكى الأول أبو حيان في الارتشاف، وحكى الثاني أبو جعفر بن النحاس الحلبي، وإذا أعربا نونا لعدم الإضافة، فنقول: جاءني ذات قامت، ورأيت ذاتا قامت، ومررت بذات قامت، بالحركات الثلاث مع التنوين. وتقول: جاءني ذوات قمن،   1 المقرب 1/ 59، وشرح التسهيل 1/ 199. 2 ورد هذا القول في شرح ابن الناظم ص60. 108- الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص180، والدرر 1/ 151، وبلا نسبة في الأزهية ص295، وأوضح المسالك 1/ 156، وتخليص الشواهد ص144، وتهذيب اللغة 15/ 44، وتاج العروس "ذو"، وشرح ابن الناظم ص60، وهمع الهوامع 1/ 83. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 162 بالرفع والتنوين؛ ورأيت ذوات قُمْن، ومررت بذوات قُمْن، بالكسر مع التنوين جرا ونصبا، قاله الموضح في الحواشي. "وأما "ذا" فشرط موصوليتها ثلاثة أمور: أحدها: أن لا تكون للإشارة"؛ لأنها إذا كانت للإشارة تدخل على المفرد، "نحو: من ذا الذاهب وماذا التواني"، والمفرد لا يصلح أن يكون صلة لغير "أل". "و" الأمر "الثاني: أن لا تكون" ذا "ملغاة"، وإلغاؤها على وجهين، أحدهما حكمي، والآخر حقيقي، فالحكمي ما ذكره بقوله "وذلك" الإلغاء "بتقديرها مركبة مع "ما" في نحو: ماذا صنعت"، فيصيران اسما واحدا من أسماء الاستفهام في محل نصب على المفعولية المقدمة بـ"صنعت"، والتقدير: أي شيء صنعت "كما قدرها كذلك"، أي: مركبة مع "ما"، إلا أنهما في محل جر "من قال" لسائل عن شيء: "عما ذا تسأل"، والتقدير: عن أي شيء تسأل، "فأثبت الألف" من ما "لتوسطهما" في اسم الاستفهام بالتركيب، ولولا ذلك لحذفت الألف؛ لأن "ما" الاستفهامية إذا دخل عليها جار حذفت ألفها لتطرفها نحو: {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ} [النبأ: 1] فرقا بين "ما" الاستفهامية والموصولة نحو قوله تعالى: {سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ} [الإسراء: 43] وخصت الاستفهامية بحذف الألف للتطرف، وصينت الموصولة عن الحذف لتوسط الألف؛ لأن الصلة والموصول بمنزلة الاسم الواحد، والإلغاء الحقيقي ما ذكره بقوله: "ويجوز الإلغاء عند الكوفيين وابن مالك على وجه آخر، وهو تقديرها زائدة" بين "ما" ومدخولها، فكأنك قلت: ما صنعت؟ والبصريون لا يجيزون زيادة شيء من الأسماء، وسكنت عن إلغاء "ذا" مع "من" لمنع أبي البقاء وثعلب وغيرهما أن تكون "من وذا" مركبتين، وخصوا جواز ذلك بـ"ما وذا" لأن "ما" أكثر إبهاما، فحسن أن تجعل مع غيرها كشيء واحد ليكون ذلك أظهر لمعناها، ويجوز على قول الكوفيين بزيادة الأسماء كون "ذا" زائدة و"من" مفعولا في نحو: من ذا ضربت، وظاهر كلام جماعة أنه يجوز أن يكون "من وذا" مركبتين، قاله في المغني وهو ظاهر قول الناظم: 95- ومثل ماذا بعد ما استفهام ... أو من إذا لم تلغ في الكلام "و" الأمر "الثالث أن يتقدمها استفهام بما باتفاق" من البصريين "أو بمن على الأصح" عندهم؛ لأن كلا منهما للاستفهام، وأجاب المانع بالفرق بأن "ما" تجانس "ذا" لما فيها من الإبهام، بخلاف "من"، فإنها لا إبهام فيها لاختصاصها بمن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 163 يعقل، فلا مجانسة بينهما، وكلا التعليلين ضعيف، أما الأول فلأن بقية أدوات الاستفهام كما في الإبهام، فلا خصوصية لإلحاق من دونها. وأما الثاني فلأن "ما" مختصة بما لا يعقل، كما أن "من" مختصة بمن يعقل، إلا أن يقال إن ما لا يعقل أوسع دائرة ممن يعقل، والمرجع في ذلك إلى السماع، وكلاهما مسموع، فالأول "كقول لبيد" ابن ربيعة العامري: [من الطويل] 109- "ألا تسألون المرء ماذا يحاول" ... أنحب فيقضي أم ضلال وباطل أنشده سيبويه1. فـ"ما" مبتدأ و"ذا" اسم موصول خبر، وجملة "يحاول"، صلته والعائد محذوف، و"يحاول": يطلب، و"النحب" بفتح النون وسكون الحاء المهملة: أصله المدة والوقت، يقال: قضى فلان نحبه، إذا مات، والمراد به هنا النذر، والمعنى: ألا تسألان المرء ما الذي يطلبه ويحاوله باجتهاده في الدنيا، وأنذر أوجبه على نفسه، فهو يسعى في وفائه، أم هو في ضلال وباطل. "و" الثاني نحو "قوله" وهو أمية بن أبي عائد الهذلي، كما قال ابن مالك2، أو أمية بن الصلت، كما قال العيني3: [من المتقارب] 110- ألا إن قلبي لدى الظاعنينا ... حزين "فمن ذا يعزي الحزينا" أنشده ابن مالك. فـ"من" مبتدأ، و"ذا" اسم موصول خبر، وجملة "يعزي الحزينا" صلته، و"الظاعنين" جمع ظاعن؛ من ظعن: إذا سار. "والكوفي لا يشترط" في موصولية "ذا" تقدم "من" ولا "ما" الاستفهاميتين، "واحتج بقوله" وهو يزيد بن مفرغ الحميري: [من الطويل]   109- البيت للبيد بن ربيعة في ديوانه ص254، والأزهية ص20، والجنى الداني ص239، وخزانة الأدب 2/ 252، 253، 6/ 145، 147، وديوان المعاني 1/ 119، وشرح أبيات سيبويه 2/ 40، وشرح شواهد المغني 1/ 150، 2/ 711، والكتاب 2/ 417، ولسان العرب 1/ 751 "نحب"، 11/ 187 "حول"، 15/ 459 "ذو"، والمعاني الكبير ص1201، ومغني اللبيب ص300، وتاج العروس 4/ 243 "نحب"، "ما"، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 159، ورصف المباني ص188، وشرح ابن الناظم ص62، وشرح الأشموني 1/ 73، وشرح التسهيل 1/ 197، وشرح الرضي 3/ 65، وشرح المفصل 3/ 149، 150، 4/ 23، وكتاب اللامات ص64، ومجالس ثعلب ص530. 1 الكتاب 2/ 417. 2 شرح التسهيل 1/ 199. 3 المقاصد النحوية 1/ 441. 110- البيت لأمية بن أبي عائذ الهذلي في ديوانه ص63، وخزانة الأدب 2/ 436، وشرح التسهيل 1/ 199، ولأمية بن أبي الصلت في المقاصد النحوية 1/ 441، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 161. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 164 111- عَدَس ما لعباد عليك إمارة ... "أمنت وهذا تحملين طليق" وتقرير الحجة منه أن "هذا" اسم موصول مبتدأ، ولم يتقدم عليه "ما" ولا "من"، وتحملين: صلته والعائد محذوف، وطليق: بمعنى مطلق خبر المبتدأ، "أي: والذي تحملينه طليق، وعندنا" معشر البصريين1 "أن "هذا" اسم إشارة" على أصله، لا موصول2؛ لأن "ها" التنبيه لا تدخل على الموصولات وهو مبتدأ، "وطليق": خبره، وهي "جملة اسمية، وتحملين: حال" من فاعل طليق المستتر فيه متقدمة على عاملها، "أي: وهذا طليق محمول لك"، وعدس؛ بفتح العين والدال والسين المهملات: اسم صوت لزجر البغل، وعباد: هو ابن زياد بن أبي سفيان، وكان يزيد يكثر من هجوه، حتى كتبه على الحيطان، فلما ظفر به ألزمه محوه بأظفاره، ففسدت أنامله، ثم أطال سجنه، فكلموا فيه معاوية فأمر بإخراجه، فلما خرج قدمت بغلة فركبها فنفرت فقال3: عدس ما لعباد عليك إمارة ... ......................... البيت. و"إمارة" بكسر الهمزة: أي: أمر. ولا تختص "ذا" الإشارية بذلك عند الكوفيين، بل جميع أسماء الإشارة يجوز أن تستعمل عندهم موصولات4 نحو: {وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى} [طه: 17] قالوا5: إن "تلك" موصول و"بيمينك" صلة, أي: وما التي بيمينك, وعندنا أن "بيمينك" حال   111- البيت ليزيد بن مفرغ في ديوانه ص170، وأدب الكاتب ص417، والاقتضاب 627، والأغاني 18/ 270، والحماسة البصرية 1/ 173، والإنصاف 2/ 717، وتخليص الشواهد ص150، وتذكرة النحاة ص20، وجمهرة اللغة ص645، وخزانة الأدب 6/ 41، 42، 48، والدرر 1/ 153، وشرح ابن الناظم ص61، ولسان العرب 6/ 47، "حدس"، 133، "عدس"، والمقاصد النحوية 1/ 442، 3/ 216، وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب ص362، 447، وأوضح المسالك 1/ 162، وخزانة الأدب 4/ 333، 6/ 388، وشرح الأشموني 1/ 74، وشرح الرضي 3/ 23، 122، وشرح شذور الذهب ص147، وشرح قطر الندى ص106، وشرح المفصل 2/ 16، 4/ 23، واللسان 15/ 460 "ذوا"، والمحتسب 2/ 94، ومغني اللبيب 2/ 462، وهمع الهوامع 1/ 84. وتاج العروس "ذا". 1 الإنصاف 2/ 719. 2 يرى الكوفيون أن "هذا" بمنزلة "الذي" ويستعملونها موصولة. انظر الدرر 1/ 153، والإنصاف 2/ 719. 3 الأغاني 18/ 270. 4 الإنصاف 2/ 717، وشرح الرضي 3/ 23. 5 الإنصاف 2/ 717، والاقتضاب ص627. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 165 من المشار إليه1، ومن الموصولات عندهم الاسم المحلى بالألف واللام، نحو قوله: [من الطويل] 112- لعمرك لأنت الليث أكرم أهله ... وأقعد من أفنائه بالأصائل كأنه قال لأنت الذي أكرم أهله، فأكرم: صلة الليث. ومنها الاسم المضاف، نحو قوله: [من البسيط] 113- يا درا مية بالعلياء فالسند ... ............................... فـ"بالعلياء": صلة لـ"دار مية". ومنها النكرة الواقعة بعها جملة، نحو: هذا رجل ضربته، فـ"ضربته" عندهم صلة لـ"رجل"، ولم يثبت البصريون شيئا من ذلك، قال أبو حيان في النكت الحسان على غاية الإحسان.   1 الإنصاف 2/ 721، كأنه قال: أي شيء هذه كائنة بيمينك، وهو رأي البصريين. 112- البيت لأبي ذؤيب الهذلي في شرح أشعار الهذليين 1/ 142، وإصلاح المنطق ص320، والاقتضاب ص603، وخزانة الأدب 5/ 484، 485، 491، 497، والدرر 1/ 156، ولسان العرب 11/ 16 "أصل"، وتاج العروس "أصل"، وبلا نسبة في الأزمنة والأمكنة 2/ 259، وأساس البلاغة "فيء"، والإنصاف 2/ 723، وخزانة الأدب 6/ 166، ولسان العرب 1/ 124، "فيأ"، وهمع الهوامع 1/ 85. 113- عجز البيت: "أقوت وطال عليها سالف الأمد" ، وهو للنابغة الذبياني في ديوانه ص14، وتهذيب اللغة 8/ 353، 12/ 266، 15/ 668، وبلا نسبة في شرح الرضي 4/ 387. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 166 "فصل": "وتفتقر كل الموصولات" الاسمية مختصة كانت أو مشتركة "إلى صلة" تتصل بها؛ لأنها نواقص لا يتم معناها إلا بصلة "متأخرة عنها" لزوما؛ لأن الصلة من كمال الموصول ومنزلة منزلة جزئه المتأخر، وكما لا تتقدم الصلة على الموصول؛ لا يتقدم معمولها عليه؛ لأنه جزؤها، وأما نحو: {وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ} [يوسف: 20] ففيه متعلق بمحذوف دل عليه صلة "أل" والتقدير: وكانوا زاهدين فيه من الزاهدين. وتتميز الموصولات الاسمية عن الموصولات الحرفية بأن الاسمية لا بد لها من صلة "مشتملة على ضمير مطابق لها" في الإفراد والتذكير وفروعهما، بخلاف الحرفية فإن صلتها لا ضمير فيها، فسقط ما قيل إن قول الناظم: 96- وكلها يلزم بعده صله ... على ضمير لائق مشتمله يعم الموصولات الاسمية والحرفية. وهذا الضمير "يسمى العائد"؛ لعوده إلى الموصول، ثم الموصول إن طابق لفظه معناه؛ فلا إشكال في مطابقة العائد لفظا ومعنى، وإن خالف لفظه معناه بأن يكون مفرد اللفظ مذكرا؛ وأريد به غير ذلك نحو: "من وما"، ففي العائد وجهان: مراعاة اللفظ، وهو الأكثر نحو: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ} [الأنعام: 25] ومراعاة المعنى نحو: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ} [يونس: 42] ما لم يحصل من مطابقة اللفظ لبس نحو: أعط من سألتك، ولا تقل: من سألك، أو قبح1 نحو: من هي حمراء أمك، فيجب مراعاة المعنى، ولم يعضد المعنى سابق، فيختار مراعاة المعنى كقوله: [من الطويل] 114- وإن من النسوان من هي روضة ... تهيج الرياض قبلها وتصوح   1 وجه القبح أنه لو روعي اللفظ لزم الإخبار بمؤنث عن مذكر؛ فروعي المعنى بكسر كاف "أمك". 114- البيت لجران العود في ديوانه ص44، ولسان العرب 2/ 512 "صرقح"، والمقاصد النحوية 1/ 492. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 167 وقد يخلف الضمير في الربط الاسم الظاهر نحو: [من الطويل] 115- ........................ ... وأنت الذي في رحمة الله أطمع الأصل في رحمته. و: [من الطويل] 116- سعاد التي أضناك حب سعادا ... .................................... أي: حبها. "والصلة إما جملة" تامة، اسمية أو فعلية. " وشرطها أن تكون خبرية"، وهي المحتملة للتصديق والتكذيب في نفسها؛ من غير نظر إلى قائلها؛ لأن الموصول وضع وصلة إلى وصف المعارف بالجمل نحو: جاء الرجل الذي قام أبوه. ومن شرط الجملة المنعوت بها أن تكون خبرية "معهودة" للمخاطب؛ لأنك إنما تأتي بالصلة لتعرف المخاطب الموصول المبهم بما كان يعرفه قبل ذكر الموصول من اتصافه بمضمون الصلة، "إلا في مقام التهويل والتفخيم" وهو التعظيم؛ "فيحسن إبهامها" لذلك، "فالمعهودة كجاء الذي قام أبوه" إذا كان بينك وبين مخاطبك عهد في شخص قام أبوه، "والمبهمة نحو: {فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ} أي: البحر {مَا غَشِيَهُمْ} [طه: 78] أي: الذي غشيهم أمر عظيم، والمرجع في ذلك إلى الموصول، فإنه أريد به معهود فصلته معهودة نحو: {كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ} [البقرة: 171] ، وإن أريد به التعظيم أبهمت صلته نحو: {فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى} [النجم: 10] . "ولا يجوز" في الصلة "أن تكون" جملة "إنشائية"، وهي ما قارن لفظها معناها "كـ: بِعْتُكَه"، فلا تقل: جاء العبد الذي بعتكه، قاصدا إنشاء البيع، "ولا" جملة "طلبية", وهي ما تأخر وجود معناها عن وجود لفظها أمرا كانت أو نهيا، "كاضربه ولا تضربه" فلا تقل: جاء الذي اضربه، أو لا تضربه؛ لأن كلا من الإنشاء والطلب لا خارجي له، فضلا عن أن يكون معهودا، فلا يصلح لبيان الموصول، ومن ثم امتنع الوصل بالتعجبية، وإن كانت خبرية فلا يقال: جاء الذي ما أحسنه، لما في التعجب من الإبهام المنافي للبيان، فتكون مستثناة من الخبرية، كما أن جملة القسم مستثناة من   115- صدر البيت: "فيا رب ليلى أنت في كل موطن" ، وهو لمجنون ليلى في الدرر 1/ 165، وشرح شواهد المغني 2/ 559، والمقاصد النحوية 1/ 497، وبلا نسبة في شرح الأشموني 1/ 67، ومغني اللبيب 1/ 210، وهمع الهوامع 1/ 87. 116- عجز البيت: "وإعراضها عنك استمر وزادا" ، وهو بلا نسبة في شرح الأشموني 1/ 67، وشرح شذور الذهب ص142. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 168 الإنشائية، فيجوز الوصل بها نحو: {وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ} [النساء: 72] وقيل لا استثناء فيهما، أما التعجبية فلأنها إنشائية نظرا إلى حالة الاستعمال، وأما القسمية فلأن الوصل إنما هو بجملة الجواب وهو خبري، وجملة القسم إنما جيء بها لمجرد التأكيد. ولا يجوز الوصل بجملة مستدعية كلاما قبلها، فلا يقال: جاء الذي لكنه قائم، أو: حتى أبوه قائم؛ لأن فيه استعمال "لكن" من غير تقدم مستدرك، واستعمال "حتى" من غير تقدم مغيا، وأجاز الكسائي الوصل بالأمر والنهي، والمازني بالدعاء بما لفظه الخبر نحو: جاء الذي يغفر الله له، وصاحب الإفصاح: بـ"نعم وبئس، وهشام: بـ"ليت ولعل وعسى"، هذا حكم الجملة. "وأما شبهها" في حصول الفائدة "فهو ثلاثة": الأول والثاني "الظرف المكاني والجار والمجرور التامان"، والمراد بالتام فيهما ما يفهم بمجرد ذكره ما يتعلق هو به، "نحو": جاء "الذي عندك، و" جاء الذي في الدار، وتعلقهما بـ"استقر" "محذوفا" وجوبا، وبذلك أشبها الجملة، بخلاف الناقصين، نحو: جاء الذي مكانا والذي بك، إذ لا يتم معناهما إلا بذكر متعلق خاص جائز الذكر، نحو: جاء الذي سكن مكانا والذي مر بك، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 97- وجملة أو شبهها الذي وصل ... به .............................. "و" الثالث: "الصفة الصريحة، أي: الخالصة للوصفية"، وهي التي لم يغلب عليها الاسمية؛ لأن فيها معنى الفعل، ولذلك عملت عمله، وصح عطف الفعل عليها، وعطفها عليه نحو: {إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا} [الحديد: 18] ، ونحو: [من الرجز] 117- أم صبي قد حبا أو دارج وبذلك أشبهت الجملة. "وتختص الصريحة "بالألف واللام"، وإلى ذلك يشير قول الناظم: 98- وصفة صريحة صلة أل ... .............................   117- الرجز لجندب بن عمرو في خزانة الأدب 4/ 238، وبلا نسبة في لسان العرب 2/ 266 "درج"، وأوضح المسالك 3/ 394، وسر صناعة الإعراب 2/ 641، وشرح ابن الناظم ص391، وشرح الأشموني 2/ 433، والمقاصد النحوية 4/ 173، وتهذيب اللغة 10/ 643، وتاج العروس 5/ 553 "درج"، وكتاب العين 3/ 76. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 169 "كضارب ومضروب" اتفاقا. "وحسن" على قول ابن مالك ونصه1: وعنيت بالصفة المحضة أسماء الفاعلين، واسم المفعول، والصفات المشبهة بأسماء الفاعلين، ا. هـ. وصحح الموضح في المغني أن "أل" الداخلة على الصفة المشبهة حرف تعريف، "بخلاف ما غلبت عليها الاسمية" من الصفات "كأبطح": مذكر بطحاء، فإنه في الأصل وصف لكل مكان منبطح من الوادي، ثم غلب على الأرض المتسعة، "وأجرع": مذكر جرعاء، فإنه في الأصل وصف لكل مكان مستو، ثم غلب عليه الاسمية، فصار مختصا بالأرض المستوية ذات الرمل التي لا تنبت شيئا، "وصاحب": فإنه في الأصل وصف للفاعل ثم غلب على صاحب الملك، "وراكب": فإنه في الأصل وصف للفاعل، ثم غلب على راكب الإبل دون غيره، وعلى رأس الجبل. قال الشاطبي: الدليل على أن هذه الأسماء انسلخ منها الوصفية أنها لا تجري صفات على موصوف، ولا تعمل على الصفات، ولا تتحمل ضميرا، ا. هـ. فلا توصل بها "أل" لعدم شبهها بالفعل، "وقد توصل" أل "بمضارع" اختيارا، "كقوله" وهو الفرزدق خطابا لرجل من بني عذرة، هجاه بحضره عبد الملك بن مروان: [من البسيط] 118- "ما أنت بالحكم الترضى حكومته" ... ولا الأصيل ولا ذي الرأي والجدل فأدخل "أل" على "ترضى" وهو فعل مضارع مبني للمفعول، وحكومته: نائب فاعل به، "ولا يختص" ذلك "عند ابن مالك بالضرورة"، بل أشار إلى قلته بقوله في النظم: 98- ................................ ... وكونها بمعرب الأفعال قل وهو اختيار ثالث في المسألة، فإن بعض الكوفيين يجيزونه اختيارا، والجمهور يمنعونه ويخصونه بالضرورة، فالقول بالجواز على قلة قول ثالث، والمدرك مختلف، فابن مالك يرى أن الضرورة ما يضطر إليه الشاعر، ولم يجد عنه مخلصا، ولهذا قال2: لتمكنه من أن يقول المرضي. والجمهور يرون أن الضرورة ما جاء في الشعر، ولم يجئ في الكلام، سواء اضطر إليه الشاعر أم لا، فلم يتواردا على محل واحد. والحكم؛ بفتحتين: المحكم بين الخصمين للفصل بينهما، والأصيل: الحسيب، والجدل؛ بفتحتين: شدة الخصومة.   1 شرح التسهيل 1/ 201. 118- تقدم تخريج البيت برقم "13". 2 شرح التسهيل 1/ 201، وانظر الدرر 1/ 157. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 170 "فصل": يجوز حذف الصلة إذا دل عليها دليل، أو قصد الإبهام، ولم تكن صلة "أل" كقوله: [من م. الكامل] 119- نحن الألى فاجمع جمو ... عك ثم وجههم إلينا أي: نحن الألى عرفوا بالشجاعة. والثاني كقولهم: بعد اللتيا والتي؛ أي: بعد الخطة التي من فظاعة شأنها كَيْت وكَيْت. وإنما حذفوا ليوهموا أنها بلغت من الشدة مبلغا تقاصرت العبارة عن كنهه. "ويجوز حذف العائد المرفوع" بشرطين، "إذا كان مبتدأ" غير منسوخ، وكان مخبرا عنه بمفرده، فلا يحذف في "نحو جاء اللذان قاما أو ضربا" بالبناء للمفعول، أو كانا قائمين "لأنه غير مبتدأ"، فإنه في الأول فاعل، وفي الثاني نائب عن فاعل، وفي الثالث منسوخ، فهو فاعل مجازا، والفاعل ونائبه لا يحذفان، "ولا" يحذف "في نحو: جاء الذي هو يقوم، أو: هو في الدار؛ لأن الخبر غير مفرد"، لأنه في الأول جملة فعلية، وفي الثاني جار ومجرور، "فإذا حذف الضمير" المنفصل المفيد للاختصاص "لم يدل دليل على حذفه، إذ الباقي بعد الحذف" للضمير جملة أو شببها، وكل منهما "صالح لأن يكون صلة كاملة"، لاشتماله على ضمير مستتر في الفعل وفي الجار والمجرور، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 101- ............................. ... ................... وأبوا أن يختزل 102- إن صلح الباقي لوصل مكمل ... .....................................   119- البيت لعبيد بن الأبرص في ديوانه 142، وخزانة الأدب 2/ 289، والدرر 1/ 173، وشرح شواهد المغني 1/ 258، ولسان العرب 15/ 437، "أولى وأولاء"، والمقاصد النحوية 1/ 490، وبلا نسبة في خزانة الأدب 6/ 542، وشرح الأشموني 1/ 74، 82، ومغني اللبيب 1/ 86، وهمع الهوامع 1/ 89. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 171 "بخلاف الخبر المفرد"، فإنه لا يصلح للوصل على حدته، ولا فرق في ذلك بين صلة "أي" وغيرها، فـ"أي" "نحو: {أَيُّهُمْ أَشَدُّ} " [مريم: 69] ، فأشد: خبر مبتدأ محذوف تقديره هو أشد، وذلك المبتدأ هو العائد، وخبره مفرد وهو أشد. "و" غير "أي" نحو: " {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ} " [الزخرف: 84] ، فإله: خبر مبتدأ محذوف تقديره هو إله، وذلك المبتدأ هو العائد؛ وخبره مفرد وهو إله، وفي السماء: متعلق بإله؛ لأنه بمعنى معبود. "أي: هو إله في السماء، أي: معبود فيها"، ولا يجوز تقدير إله مبتدأ مخبرا عنه بالظرف. أو فاعلا بالظرف؛ لأن الصلة حينئذ خالية من العائد، ولا يحسن تقدير الظرف صلة، وإله بدل من الضمير المستتر فيه، وتقدير: {وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ} [الزخرف: 84] معطوفا كذلك، لتضمنه الإبدال من ضمير العائد مرتين، وفيه بعد، حتى قيل بامتناعه، قال في المغني. "ولا يكثر الحذف" للضمير المرفوع "في صلة غير أي" عند البصريين، "إلا إن طالت الصلة"، إما بمعمول الخبر أو بغيره، سواء تقدم المعمول على الخبر نحو: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ} [الزخرف: 84] ، أو تأخر نحو قولهم: "ما أنا بالذي قائل لك سوءا" حكاه الخليل1. ويستثنى من اشتراط الطول: "لا سيما زيد" فإنهم جوزوا في "زيد" إذا رفع أن تكون "ما" موصولة، و"زيد" خبر مبتدأ محذوف وجوبا، والتقدير: لا سي الذي هو زيد، فحذف العائد وجوبا2، ولم تطل الصلة، وهو مقيس وليس بشاذ3، وذلك لأنهم نزلوا "لا سيما" منزلة "إلا" استثنائية، فناسب أن لا يصرح بعدها بجملة، فإن قلت: "لا سيما زيد الصالح" فلا استثناء لطول الصلة بالنعت، كقوله: [من الطويل] 120- ..................... ... ولا سيما يوم بدارة جلجل فيمن رفع "يوم" والتقدير: ولا سي الذي هو يوم، وحسن حذف العائد طول الصلة بصفة   1 ورد هذا القول في الكتاب 2/ 108، 404، وشرح ابن عقيل 1/ 165، وشرح ابن الناظم ص65. 2 هو قولك: "هو" من قوله: "لا سيما الذي هو زيد". 3 كذا قال ابن عقيل في شرحه 1/ 166. 120- صدر البيت: "ألا رب يوم لك منهن صالح" ، وهو لامرئ القيس في ديوانه ص10، والجنى الداني ص334، 443، وخزانة الأدب 3/ 444، 451، والدرر 1/ 504، وشرح شواهد المغني 1/ 412، 2/ 558، وشرح المفصل 2/ 86، والصاحبي في فقه اللغة ص155، واللسان 14/ 411 "سوا"، وتاج العروس "سوى"، وبلا نسبة في رصف المباني ص193، وشرح الأشموني 1/ 241، وشرح الرضي 2/ 135، ومغني اللبيب 1/ 140، 313، 421، وهمع الهوامع 1/ 234. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 172 "يوم"، وهو: "بدارة" قاله الموضح في المغني1، وإلى اشتراط الطول أشار الناظم بقوله: 100- ....................... وفي ... ذا الحذف أيا غير أي يقتفي 101- إن يستطل وصل ........... ... .................................... "وشذت قراءة بعضهم" وهو يحيى وابن يعمر بن أبي إسحاق "تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنُ" [الأنعام: 154] بالرفع2، وشذت قراءة ابن أبي عبلة والضحاك ورؤبة بن العجاج: "مَثَلًا مَا بَعُوضَةٌ" [البقرة: 26] برفع بعوضة3، أي: الذي هو أحسن، والذي هو بعوضة، "و" شذ "قوله": [من البسيط] 121- "من يعن بالحمد لم ينطق بما سفه" ... ولا يحد عن سبيل الحلم والكرم أي: بما هو سفه، و"يعن"؛ بالبناء للمفعول؛ من قولهم: عنيت بحاجتك أعني بها بضم أولهما، و"يحد" بفتح الياء المثناة تحت وكسر الحاء المهملة، بمعنى يعدل، والمعنى: من يعتن بحصول الحمد ويرغب في حمد الناس له فلا يتكلم بالكلام الفاحش الذي هو سفه؛ ولا يعدل عن طريق الحلم والكرم. "والكوفيون" لا يشترطون في حذف العائد المرفوع استطالة الصلة4، و"يقيسون على ذلك" المسموع من الآية والبيت ونحوهما، وتبعهم الناظم إلا أنه جعله قليلا فقال: 101- ...................... وإن لم يستطل ... فالحذف نزر .............................. "ويجوز حذف" العائد "المنصوب إن كان متصلا، وناصبه فعل أو وصف غير صلة الألف واللام".   1 مغني اللبيب 1/ 313. 2 الرسم المصحفي: "أحسن" بالنصب، وقرأها بالرفع الحسن والأعمش ويحيى بن يعمر وابن أبي إسحاق. انظر الإتحاف 220، ومعاني القرآن للفراء 1/ 365، والكتاب لسيبويه 2/ 108، وشرح ابن الناظم ص66، وشرح المفصل 2/ 85، وأوضح المسالك 1/ 168، والأمالي الشجرية 2/ 235، وشرح ابن عقيل 1/ 165. 3 الرسم المصحفي: {بَعُوضَةً} بالنصب، وانظر القراءة المستشهد بها في البحر المحيط 1/ 123، والمحتسب 1/ 64. 121- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 168، وتخليص الشواهد ص160، والدرر 1/ 175، وشرح ابن الناظم ص66، وشرح الأشموني 1/ 78، وشرح التسهيل 1/ 208، والمقاصد النحوية 1/ 446، وهمع الهوامع 1/ 90. 4 شرح التسهيل 1/ 207، وهمع الهوامع 1/ 90. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 173 فالفعل "نحو: {يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ} [البقرة: 77] أي: يسرونه ويعلنونه، ولا يتعين في "ما" هذه أن تكون موصولا اسميا، لجواز أن تكون موصولا حرفيا، والتقدير: يعلم سركم وعلانيتكم، بدليل أنه قد جاء مصرحا به في مكان آخر هو: {يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ} [الأنعام: 3] قيل: وشرط جواز حذف العائد المنصوب أن يكون متعينا للربط كما مثل، فلو كان غير متعين لم يجز حذفه نحو: "جاء الذي أكرمته في داره" فإن العائد أحدهما لا بعينه، قاله ابن عصفور وغيره، قال الموضح في الحواشي: وفيه نظر، فإنه متى كان العائد أحدهما لا بعينه لا يسمى منصوبا ولا مجرورا، ا. هـ. وشرط الفعل أن يكون تاما، فلا يحذف في نحو: "جاء الذي كأنه زيد" على الأصح. "و" الوصف نحو "قوله": [من البسيط] 122- "ما الله موليك فضل فاحمدنه به" ... فما لدى غيره نفع ولا ضرر فـ"ما": موصول اسمي في موضع رفع على الابتداء, و"فضل": خبره، و"الله موليك": صلة "ما" والعائد محذوف منصوب بالوصف، والتقدير: الذي الله موليكه فضل، "بخلاف: جاء الذي إياه أكرمت"؛ لأنه منفصل، وحذفه يوقع في إلباسه بالمتصل، ومفوت لما قصد به من التخصيص عند البيانيين، والاهتمام عند النحويين، وإنما حذف منفصلا من قوله سبحانه وتعالى: {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} [البقرة: 3] والأصل: رزقناهم إياه؛ لأن تقديره متصلا يلزم منه اتصال الضميرين المتحدي الرتبة في ضميري الغيبة، وهو قليل، "و" بخلاف: جاء "الذي إنه فاضل أو كأنه أسد"؛ لأن اسم "إن" و"كأن" المشددتين لا يحذف إلا شذوذا، وأتى بمثالين أحدهما ما لا يغير معنى الجملة وهو إن، الثاني ما يغيرها وهو كأن، "أو" الذي "أنا الضاربه"؛ لأن الوصف صلة الألف واللام، واسمية "أل" خفية، والضمير إذا كان مذكورا يدل على اسميتها نصا، فإذا حذف فات هذا المعنى، وهم بصدد التنصيص على اسميتها، قاله قريب الموضح في حاشية هذا الكتاب، وهو سهو؛ لأن العائد المنصوب ليس عائدا على "أل" في هذا المثال؛ حتى يدل على اسميتها نصا، وإنما هو عائد على "الذي"، كما يفيده العطف بأو، والعائد إلى "أل" إنما هو الضمير المرفوع المستتر في الوصف والتحرير أن العائد المنصوب بالوصف المقرون بـ"أل" إن كان عائدا على غير "أل"   122- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 169، وتخليص الشواهد ص161، وشرح الأشموني 1/ 79، وشرح ابن عقيل 1/ 169، والمقاصد النحوية 1/ 447. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 174 كالمثال المذكور جاز حذفه، وإن كان عائدا على "أل" نحو: "جاءني الضاربه زيد" امتنع حذفه لما تقدم من التعليل، "وشذ قوله": [من البسيط] 123- "ما المستفز الهوى محمود عاقبة" ... ولو أتيح له صفو بلا كدر فحذف العائد إلى "أل" المنصوب بالوصف و"ما": نافية، والمستفز؛ بالسين المهملة والفاء والزاي؛ بمعنى: المستخف، اسم "ما" و"المحمود" خبرها إن كانت حجازية، وأتيح؛ بالبناء للمفعول بتاء مثناة فوق فياء مثناة تحت فحاء مهملة بمعنى قدر؛ والمعنى: ليس المستفز الهوى محمود عاقبة ولو قدر له صفو خالص من الكدر. "وحذف منصوب الفعل كثير"؛ لأن الأصل في العمل للفعل، فكثر تصرفهم في معموله بالحذف، "و" حذف "منصوب الوصف قليل" جدا، بل قال الفارسي: لا يكاد يسمع من العرب، قال ابن السراج: أجازوه على قبح، وقال المبرد: رديء جدا، وعلى هذا فيشكل قول الناظم: 102- ............................. ... والحذف عندهم كثير منجلي 103- في عائد متصل إن انتصب ... بفعل أو وصف .................. فسوى بين منصوب الفعل والوصف في كثرة الحذف، "ويجوز حذف" العائد "المجرور بالإضافة، إن كان المضاف" الجار للعائد "وصفا" ناصبا للعائد تقديرا بأن كان اسم فاعل بمعنى الحال أو الاستقبال "غير ماض"، خلافا للكسائي "نحو: {فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ} [طه: 72] والأصل: فاقض الذي أنت قاضيه، فحذف العائد على ما موصول اسمي. قال الموضح في الحواشي: و"ما" هذه تحتمل أن تكون مصدرية، أي: اقض قضاءك أو مدة قضائك، بدليل: {إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} [طه: 72] ا. هـ. ولكنه حاول شرح قول الناظم: 104- كذاك حذف ما بوصف خفضا ... كأنت قاض بعد أمر من قضى "بخلاف: جاء الذي قام أبوه" لأن المضاف الجار للعائد ليس بوصف، "أو": جاء الذي "أنا أمس ضاربه" لأن المضاف وصف ماض، وهو لا يعمل على الأصح، وبخلاف: جاء الذي أنا مضروبه؛ لأن الوصف اسم مفعول، وإنما لم يجز حذفه فيهن؛ لأنه ليس منصوبا تقديرا، "و" يجوز حذف العائد "المجرور بالحرف إن كان" في   123- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 171، وتخليص الشواهد ص161، والدرر 1/ 173، وشرح الأشموني 1/ 79، وشرح التسهيل 1/ 207، والمقاصد النحوية 1/ 447، وهمع الهوامع 1/ 89. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 175 موضع نصب، وكان "الموصول أو" الاسم "الموصوف بالموصول مجرورا بمثل ذلك الحرف لفظا" ومعنى، "أو معنى" فقط، "و" اتفقا فيهما "متعلقا"، سواء اتفق المتعلقان لفظا ومعنى، أو معنى فقط، أم اختلفا نوعا واتحدا مادة؛ لأن الضمير عبارة عن الموصول أو الموصوف به، فلا بد أن يكون الجار لهما متحدا من جهة المعنى والمتعلق، فإذا حذف الجار والمجرور كان في الكلام ما يدل عليهما، وذلك معنى قول الناظم: 105- كذا الذي جر بما الموصول جر ... ...................................... "نحو: {وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ} [المؤمنون: 33] فالموصول وهو "ما" مجرور بـ"من" التبعيضية، وهي متعلقة بـ"يشرب" قبلها، والعائد المحذوف مجرور بـ"من" التبعيضية وهي متعلقة بـ"تشربون" والتقدير: ويشرب من الذي يشربون منه فاتفق الحرفان لفظا أو معنى ومتعلقا، "و" نحو قوله، وهو كعب بن زهير: [من البسيط] 124- "لا تركنن إلى الأمر الذي ركنت" ... أبناء يعصر حين اضطرها القدر فالموصوف بالموصول وهو الأمر مجرور بـ"إلى" المعدية، وهي متعلقة بـ"تركنن"، والعائد المحذوف مجرور بـ"إلى" المعدية، وهي متعلقة بـ"ركنت"، والتقدير: لا تركن إلى الأمر الذي ركنت إليه، فاتفق الحرفان لفظا ومعنى ومتعلقا، وأقيم الموصوف بالموصول مقام الموصول؛ لأنه نفسه في المعنى. ويعصر: بمهملات بوزن ينصر لا ينصرف؛ للعلمية ووزن الفعل؛ وهو أبو قبيلة من باهلة، وحكم المضاف للموصول كذلك، نحو: "مررت بغلام الذي مررت" أي: به. ومثال اتفافقهما معنى فقط: "حللت به في الذي حللت"، فيجوز حذف الضمير المجرور بالباء؛ لأنها بمعنى: في كذا، قالوا: وفيه نظر؛ لأنه لا يعلم نوع المحذوف. ومثال اختلاف المتعلقين لفظا واتحادهما معنى نحو: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ} [الحجر: 94] أي: به؛ لأن اصدع في معنى مر، على خلاف في هذه والتي قبلها. ومثال اختلاف المتعلقين نوعا واتحادهما مادة قوله: [من الطويل] 125- وقد كنت تخفي حب سمراء حقبة ... فبح لان منها بالذي أنت بائح   124- البيت لكعب بن زهير في المقاصد النحوية 1/ 449، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 174، وشرح الأشموني 1/ 81. 125- البيت لعنترة في ديوانه ص298، والمقاصد النحوية 1/ 478، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 1/ 56، 5/ 67، وتذكرة النحاة 31، والخصائص 3/ 35، وشرح الأشموني 1/ 81، وشرح التسهيل 1/ 206، وشرح ابن عقيل 1/ 174، ولسان العرب 13/ 42 "أين". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 176 أي: به، أنشده أبو الفتح1، "وشذ قوله" وهو حاتم بن عدي الطائي: [من الوافر] 126- ومن حسد يجوز علي قومي ... "وأي الدهر ذو لم يحسدوني" فـ"أي" استفهامية مبتدأ، و"ذو": خبره وهي موصولة عند الطائيين واقعة على الدهر، وجملة "لم يحسدوني": صلتها والعائد محذوف، "أي: فيه"، والذي سهل حذفه كون مدلول الموصول زمانا، وقد عاد عليه الضمير المجرور بـ"في" كما تقول: أعجبني اليوم الذي جئت، تريد فيه، وجعله بعضهم منقاسا بخلاف غير الزمان، فإنه لا يتعين فيه الجار، وهذا ظاهر إن قلنا بأن الحذف ليس على التدريج، كما يقول به الإمام سيبويه. أما إذا قلنا إنه على التدريج كما يقول به الأخفش فلا يكون شاذا؛ لأنه لما حذف في أولا صار الضمير منصوبا على المفعول به توسعا، فكأنه قال: وأي الدهر ذو لم يحسدونيه، ثم حذفت الهاء. وحذف الضمير المنصوب بالفعل كثير كما تقدم, ويمكن أن يخرج عليه قوله تعالى: {ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ} [الشورى: 23] أي: به، فحذف الجار أولا والضمير ثانيا من نصب لا من جر. وذهب يونس وابن الزكي في البديع إلى أن الذي في الآية الشريفة موصول حرفي ولا حذف. "و" شذا أيضا "قوله" وهو رجل من بني همدان: [من الطويل] 127- وإن لساني شهدة يشتفي بها ... "وهو على من صبه الله علقم" أي: عليه. أنشده الفارسي. و"شهدة" بضم الشين المعجمة: العسل بشمعه، و"هو" بتشديد الواو المفتوحة على لغة فيها: مبتدأ و"علقم" خبره، و"على من" متعلق بـ"علقم"؛ لأنه بمعنى مر. و"العلقم": الحنظل، وجملة "صبه الله" صلة من المجرورة بـ"على" والعائد على "من" محذوف مجرور بـ"على"، وهي متعلقة بـ"صب"، والتقدير: وهو علقم على من صبه الله عليه، والمعنى: وإن لساني مثل العسل والشهد   1 الخصائص 3/ 35. 126- البيت لحاتم الطائي في ديوانه ص276، وتخليص الشواهد ص164، وشرح التسهيل 1/ 199، 206، والمقاصد النحوية 1/ 451، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 175، وشرح الأشموني 1/ 81. 127- البيت لرجل من همدان في المقاصد النحوية 1/ 451، وبلا نسبة في الارتشاف 3/ 273، وأوضح المسالك 1/ 177، وتخليص الشواهد ص165، والجنى الداني ص474، وخزانة الأدب 5/ 266، والدرر 1/ 97، 2/ 519، وشرح ابن الناظم ص68، وشرح الأشموني 1/ 81، وشرح التسهيل 1/ 144، وشرح شواهد المغني 2/ 842، وشرح المفصل 3/ 96، ولسان العرب 15/ 478 "ها"، ومغني اللبيب 2/ 434، وهمع الهوامع 1/ 61، 2/ 157. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 177 يشتفي به الناس، وإنه مثل الحنظل في المرارة على من سلطه الله عليه، "فحذف" حاتم الطائي "العائد" المجرور بـ"في" مع انتفاء خفض "الموصول"، وهو ذو "في" البيت "الأول"، وهو قوله: "ومن حسد" إلخ ... "و" حذف الهمداني العائد المجرور بعلى "مع اختلاف المتعلق" في البيت "الثاني"، وهو قوله: "وإن لساني شهدة" إلى آخره.. "و" المتعلقان بفتح اللام "هما: صب وعلقم". ويمتنع الحذف إذا كان العائد المجرور محصورا نحو: مررت بالذي ما مررت إلا به، إذ إنما مررت به، أو كان نائبا عن الفاعل نحو: مررت بالذي مر به، أو كان لا يتعين للربط نحو: مررت بالذي مررت به في داره، أو كان حذفه ملبسا نحو: رغبت فيما رغبت فيه؛ لأنه لا يعلم أن الأصل فيه أو عنه وقيل: يجوز لأن الحذف يدل على اتفاق الحرفين، ولو كانا متباينين لم يجر الحذف؛ لأنه مشروط فيه اتفاق الحرفين وهذا أوفق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 178 باب المعرف بالأداة مدخل ... باب المعرف بالأداة: قال في التسهيل: "هي "أل" لا "اللام" وحدها وفاقا للخليل وسيبويه1، وليست الهمزة زائدة، خلافا لسيبويه" ا. هـ. وقال الموضح في شرح القطر: والمشهور بين النحويين أن المعرف "أل" عند الخليل، و"اللام" وحدها عند سيبويه. ونقل ابن عصفور الأول عن ابن كيسان، والثاني عن بقية النحويين، ونقله بعضهم عن الأخفش. وزعم ابن مالك أنه لا خلاف بين سيبويه والخليل في أن المعرف "أل"، وقال: وإنما الخلاف بينهما في الهمزة؛ أزائدة هي أم أصلية، واستدل على ذلك بمواضع أوردها من كلام سيبويه. وتلخص في المسألة ثلاثة مذاهب: أحدها: أن المعرف "أل" والألف أصل. والثاني: أن المعرف "أل"، والألف زائدة. والثالث: أن المعرف اللام وحدها2. ا. هـ. وأسقط مذهبا رابعا وهو أن المعرف الهمزة وحدها، واللام زائدة للفرق بينها وبين همزة الاستفهام، وهو مذهب المبرد، ولكل منهم حجة تعضده. فحجة الأول فتح الهمزة، وأنهم يقولون "الأحمر" بنقل حركة همزة أحمر إلى "اللام" قبلها، فيثبونها مع تحرك ما بعدها3، ويثبتونها في القسم والنداء4 والتذكر5،   1 الكتاب 3/ 325، 4/ 147، وانظر شرح ابن الناظم ص69، وشرح ابن عقيل 1/ 177. 2 شرح قطر الندى ص112. 3 أي: ولو كانت الهمزة زائدة للتوصل للنطق بالساكن لم يثبتوها لعدم الحاجة إليها. قال ابن الناظم: المشهور من قراءة ورش أنه يبدأ بالهمزة في نحو: "الآخرة، الأولى"، وحاصله أن ورشا لا يسقط همزة الوصل في الابتداء فيما ذكره إلا شذوذا. انظر حاشية يس 1/ 149، وشرح ابن الناظم ص69. 4 أي: جوازا؛ بدليل ما قالوه في بابي النداء والقسم من أنه يجوز وصل ألف "الله" فيهما، وحذف ألفها في القسم. انظر حاشية يس 1/ 149. 5 هو أن يلحق المتكلم آخر كلامه مدة تشعر باسترساله في الكلام. حاشية يس 1/ 149. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 179 يقولون: "ألى" كما يقولون: "فدى" ويثبتونها مسهلة في نحو: {آلذَّكَرَيْنِ} [الأنعام: 143] . وحجة الثاني سقوطها في الدرج، أما فتحها فلمخالفتها القياس بدخولها على الحرف، وأما ثبوتها مع الحركة عارضة فلا يعتد بها، وأما ثبوتها في القسم والنداء، نحو: ها الله لأفعلن، ويا ألله، فلأن "أل" صارت عوضا عن همزة إله، وأما قولهم في التذكر ألى، فلما كثرت مصاحبة الهمزة للام نزلا منزلة قد، وأما: "آلذكرين" فلالتباس الاستفهام بالخبر. وحجة الثالث أنها ضد التنوين الدال على التنكير، وهي حرف واحد ساكن، فكانت كذلك تشبه أمثالها ولا تقوم بنفسها، وإنما خالفت التنوين ودخلت أولا؛ لأن الآخر يدخله الحذف كثير، فحصنت من الحذف بذلك، وإنما كانت لاما؛ لأن اللام تدغم في ثلاثة عشر حرفا، وإذا أظهرت جاز. وحجة الرابع أنها جاءت لمعنى، وأولى الحروف بذلك حرف العلة، وحركت لتعذر الابتداء بالساكن، فصارت همزة كهمزة التكلم والاستفهام، وأن "اللام" تغير عن صورتها في لغة حمير، قال الزجاج في حواشيه على ديوان الأدب: حمير يقلبون "اللام" ميما إذا كانت مظهرة كالحديث المروي، إلا أن المحدثين أبدلوا في الصوم والسفر، وإنما الإبدال في البر فقط، وربما وقع في أشعارهم قلب اللام المدغمة كقوله: [من المنسرح] 128- .............................. ... ........................... وامسلمه ا. هـ. وأراد بالحديث المروي قوله صلى الله عليه وسلم: "ليس من البر الصيام في السفر" 1. والناظم في النظم اقتصر على قولين فقال: 106- أل حرف تعريف أو اللام فقط ... .................................... "وهي" على كل قول "قسمان: إما جنسية" وأنواعها ثلاثة، وجه الحصر فيها   128- تمام البيت: ذاك خليلي وذو يواصلني ... يرمي ورائي بامسهم وامسلمه وهو لبجير بن غنمة في الدرر 1/ 137، وشرح شواهد الشافية ص451، 452، وشرح شواهد المغني 1/ 159، واللسان 12/ 297 "سلم"، 15/ 459 "ذو"، والمؤتلف والمختلف 59، والمقاصد النحوية 1/ 464، وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص143، والجنى الداني 140، وشرح ابن الناظم ص59، وشرح الأشموني 1/ 72، وشرح عمدة الحافظ ص121، وشرح قطر الندى ص114، وشرح المفصل 9/ 17، 20، ولسان العرب 12/ 36 "أمم"، ومغني اللبيب 1/ 48، وهمع الهوامع 1/ 79. 1 أخرجه البخاري في الصوم برقم 1844. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 180 أن يقال: لا يخلو إما أن تخلفها "كل" حقيقة أو مجازا أو لا تخلفها أصلا "فإن لم تخلفها: كل" لا حقيقة ولا مجازا "فهي لبيان الحقيقة" الماهية من حيث هي "نحو: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ} أي: من حقيقة الماء المعروف، وقيل المني. " {كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} " [الأنبياء: 30] . والفرق بين المعرف بـ"أل" هذه واسم الجنس النكرة هو الفرق بين المقيد والمطلق، وذلك أن ذا "الألف واللام" يدل على الحقيقة بقيد حضورها في الذهي واسم الجنس النكرة يدل على مطلق الحقيقة، لا باعتبار قيد، قاله الموضح في المغني. "وإن خلفتها" كل "حقيقة فهي لشمول أفراد الجنس نحو: {وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا} [النساء: 28] فإنه لو قيل: وخلق كل إنسان ضعيفا، لكان صحيحا على جهة الحقيقة. "وإن خلفتها" كل "مجازا" فهي "لشمول خصائص الجنس مبالغة، نحو: أنت الرجل علما" فإنه لو قيل: أنت كل رجل علما لصح على جهة المجاز؛ على معنى أنك اجتمع فيك ما افترق في غيرك من الرجال من جهة كمالك في العلم، ولا اعتداد بعلم غيرك لقصوره عن رتبة الكمال. وفي الحديث: "كل الصيد في جوف الفرا" 1، وقال ابن هانئ: [من السريع] 129- وليس على الله بمستنكر ... أن يجمع العالم في واحد فإن قيل: هذا الضابط يصدق على "أل" في الاستغراق العرفي، نحو: جمع الأمير الصاغة؛ أي: صاغة بلده أو مملكته؛ فإن "كلا" تخلف الأداة فيه مجازا وليست فيه لشمول الخصائص، بل لشمول بعض ما يصلح له اللفظ، وهو صاغة بلد الأمير؛ أو صاغة مملكته؛ دون من عداهم، أجيب بأن الكلام في "أل" المعرفة و"أل" في الصاغة موصول على الأصح. "وإما عهدية" وهي ثلاثة أنواع أيضا "و" وجه الحصر أن يقال: "العهد: إما ذكرى" بكسر الذال المعجمة وهي التي يتقدم لمصحوبها ذكر "نحو": {كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا، "فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ} " [المزمل: 15, 16] وفائدتها التنبيه على   1 الحديث قاله الرسول صلى الله عليه وسلم في أبي سفيان، وهو في مجمع الأمثال 2/ 136، وجمهرة الأمثال 1/ 165، 2/ 136، 162، والمستقصى 2/ 224، وفصل المقال ص10، وأمثال ابن سلام ص35، والبيان والتبيين 2/ 16. 129- البيت لأبي نواس في ديوانه ص454، والاقتضاب ص95، وزهر الآداب ص1035، والوساطة ص254، وبلا نسبة في شرح قطر الندى ص114. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 181 أن الرسول الثاني هو الرسول الأول، إذ لو جيء به منكرا لتوهم أنه غيره، ولذلك لا يجوز نعته، والذكر باللسان ضد الإنصات وذاله مكسورة، وبالقلب ضد النسيان وذاله مضمومة، قال الكسائي، وقال غيره: هما لغتان بمعنى، حكاه الماوردي في تفسير سورة البقرة. "أو علمي" وهو أن يتقدم لمصحوبها علم "نحو: {بِالْوَادِي الْمُقَدَّسِ} " [طه: 12] ، {تَحْتَ الشَّجَرَةِ} [الفتح: 18] ، {إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ} [التوبة: 40] لأن ذلك معلوم عندهم. "أو حضوري" وهو أن يكون مصحوبها حاضرا "نحو: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: 3] أي: اليوم الحاضر، وهو يوم عرفة، وفي بعض النسخ: إسقاط "حضوري" وإثبات "علمي" مكانه، ومثله بـ"اليوم أكملت". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 182 "فصل": "وقد ترد أل زائدة أي: غير معرفة" وغير موصولة "وهي" ثلاثة أنواع، وذلك لأنها "إما" زائدة "لازمة كالتي في علم قارنت وضعه" سواء قارنت ارتجاله أو نقله. فالأول "كالسموءل" بفتح السين المهملة والميم وسكون الواو وفتح الهمزة وفي آخره لام: علم لرجل من اليهود؛ شاعر. وفي القاموس: السموءل بالهمز: طير يكنى أبا براء، "واليسع" بفتح الياء المثناة تحت والسين المهملة: علم على نبي، وهو أعجمي معرب، لفظه لفظ المضارع، وليس بمضارع، قاله الفارسي. "و" الثاني "نحو اللات والعزى": علمين مؤنثين لصنمين، فاللات كانت لثقيف بالطائف. وعن مجاهد: كان رجلا يلت السويق بالطائف وكانوا يعكفون على قبره، فجعلوه وثنا، وكانت تاؤه مشددة فخففت. والعزى: كانت لغطفان وهي شجرة، وأصلها تأنيث الأعز، وبعث إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد فقطعها، فخرجت منها شيطانة ناشرة شعرها داعية ويلها، واضعة يدها على رأسها، وجعل يضربها بالسيف حتى قتلها وهو يقول1: [من الرجز] يا عز كفرانك لا سبحانك ... إني رأيت الله قد أهانك ورجع فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تلك العزى ولن تعبد أبدا". "أو" كالتي "في" اسم "إشارة، وهو الآن"، فإنه علم على الزمان الحاضر مبني لتضمنه معنى حرف الإشارة الذي كان يستحق الوضع، قاله ابن مالك. وقال الفارسي: لتضمنه حرف التعريف و"أل" فيه زائدة، "وفاقا للزجاج والناظم" في قوله: 107- وقد تزاد لازما كاللات ... والآن والذين ثم اللاتي   1 الرجز بلا نسبة في تاج العروس 15/ 224 "عزز"، وثمار القلوب ص75، والحيوان 4/ 484، ولسان العرب 5/ 379 "عزز"، والمخصص 15/ 190. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 183 "أو" كالتي "في موصول، وهو الذي والتي وفروعهما" من التثنية والجمع، فـ"أل" في جميع هذه الأمثلة زائدة لا معرفة؛ "لأنه لا يجتمع تعريفان"، وهما تعريف "أل" وغيرها من العلمية والإشارة والصلة على معرف واحد، "وهذه" الأمثلة "معارف بالعلمية" كما في الأربعة الأول. واعترض الدماميني القول بزيادة "أل" فيها فقال: العلم هو مجموع لفظ "أل" وما بعدها، فهي جزء من العلم كالجيم من جعفر، ومثل هذا لا يقال بأنه زائد. ا. هـ. "والإشارة" كما في "الآن" خاصة، "والصلة" كما في الموصول، "وإما" زائدة "عارضة" وهي نوعان؛ وذلك لأنها "إما خاصة بالضرورة كقوله": [من الكامل] 130- ولقد جنيتك أكمؤا وعساقلا ... "ولقد نهيتك عن بنات الأوبر" أنشده ابن جني1. وأصل "جنيتك": جنيت لك، من جنيت الثمرة أجنيها، فحذف الجار توسعا، وأكمؤا؛ بفتح الهمزة وسكون الكاف وضم الميم وفي آخره همزة: جمع كمء كفأس، وهو أيضا واحد كمأة كجبهة. وعساقلا: جمع عسقول؛ بضم العين وسكون المهملتين، وهو الكمأة الكبار البيض التي يقال لها شحمة الأرض، وأصله: عساقيلا، فحذفت المدة ضرورة. وبنات أوبر: جمع ابن أوبر، كما يقال في جمع ابن عرس بنات عرس، ولا يقال بنو أوبر ولا بنو عرس؛ لأنها لا تعقل، وبنات أوبر: كمأة صغار مزغبة رديئة الطعم، وهي أول الكمأة، وقيل مثل الكمأة وليست كمأة. "وقوله" وهو رشيد بن شهاب اليشكري يخاطب قيس بن مسعود بن خالد اليشكري: [من الطويل] 131- رأيتك لما أن عرفت وجوهنا ... صددت "وطبت النفس يا قيس بن عمرو"   130- البيت بلا نسبة في الاشتقاق 402، والإنصاف 1/ 319، وأوضح المسالك 1/ 180 وتخليص الشواهد 167، وجمهرة اللغة 331، والخصائص 3/ 58، ورصف المباني 78، وسر صناعة الإعراب 366، وشرح ابن الناظم ص71، وشرح الأشموني 1/ 58، وشرح شواهد المغني 1/ 166، وشرح ابن عقيل 1/ 181، ولسان العرب 2/ 21 "جوت"، 4/ 170 "حجر"، 4/ 385 "سور"، 4/ 622 "عير"، 5/ 271 "وبر"، 6/ 271 "جحش"، 11/ 7 "أبل"، 11/ 159 "حفل"، 11/ 448 "عقل"، 12/ 18 "اسم"، 14/ 155 "جني"، 15/ 309 "نجا"، والمحتسب 2/ 224، ومغني اللبيب 1/ 52، 220، والمقاصد النحوية 1/ 498، والمقتضب 4/ 48، والمنصف 3/ 134. 1 أنشده ابن جني في سر صناعة الإعراب ص366، والمحتسب 2/ 224. 131- البيت لرشيد بن شهاب في الدرر 1/ 138، 1/ 532، وشرح اختيارات المفضل ص1325، والمقاصد النحوية 1/ 502، 3/ 225، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 181، وتخليص الشواهد ص168، والجنى الداني ص198، وجواهر الأدب ص319، وشرح ابن الناظم ص71، وشرح الأشموني 1/ 85، وشرح ابن عقيل 1/ 182، وشرح عمدة الحافظ ص153، 479، وهمع الهوامع 1/ 80، 252. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 184 وأراد بالوجوه أعيان القوم. والمعنى: أبصرتك حين عرفت أعياننا صددت عنا، وطابت نفسك عن قتلنا صديقك عمرا. والشاهد في زيادة "أل" الداخلة على "بنات أوبر" في البيت الأول، وعلى "النفس" في البيت الثاني. وهي لا تدخل عليهما "لأن بنات أوبر علم" لضرب من الكمأة، "والنفس تمييز" واجب التنكير عند البصريين، فلا يقبلان التعريف" فـ"أل" الداخلة عليهما زائدة للضرورة، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 108- ولاضطرار كبنات الأوبر ... كذا وطبت النفس يا قيس السري "ويلتحق بذلك ما زيد" في النثر "شذوذا، نحو" قولهم: "ادخلوا الأول فالأول", فالسابق منهما حال واللاحق معطوف، و"أل" فيهما زائدة؛ لأن الحال واجبة التنكير، والأصل: أدخلوا أول فأول، وفائدة العطف بالفاء الدلالة على الترتيب التعقبي، والمعنى: ادخلوا مترتبين الأسبق فالأسبق. وأصل "أول" على الأصح "أوأل" على وزن أفعل، قلبت الهمزة الثانية واوا، ثم أدغمت الواو في الواو لاجتماع المثلين، وله استعمالان: أحدهما: أن يكون اسما بمعنى قبل، فحينئذ يكون منصرفا منونا، ومنه قولهم: أولا وآخرا. والثاني: أن يكون صفة، فيكون أفعل تفضيل، ومعناه: الأسبق، فيكون غير منصرف لوزن الفعل والوصف. "وإما مجوزة للمح الأصل" المنقول عنه، "وذلك أن العلم المنقول مما"، أي: من شيء "يقبل "أل" قد يلمح أصله" وهو التنكير، "فتدخل عليه: أل" للمح الأصل به. "وأكثر وقوع ذلك في المنقول عن صفة كحارث وقاسم" من أسماء الفاعلين، "وحسن وحسين" من الصفات المشبهة مكبرة أو مصغرة، "وعباس وضحاك" من أمثلة المبالغة، "وقد يقع" ذلك "في المنقول عن مصدر كفضل" فإنه في الأصل مصدر فضل الرجل يفضل فضلا إذا صار ذا فضل، "أو" عن "اسم عين كنعمان" بضم النون، "فإنه في الأصل اسم للدم" بتخفيف الميم، ومنه سميت شقائق النعمان لشبه لونها في حمرته بالدم. فإن قلت في كلام الموضح مخالفتان لكلام ابن مالك في شرح التسهيل: الأولى: أنه جعل المنقول عن مصدر، والمنقول عن اسم عين في مرتبة واحدة، وجعلهما ابن مالك في مرتبتين، فقال ما حاصله: وأكثر وقوعها على منقول من صفة، ويليه دخولها على منقول من مصدر، ويليه دخولها على منقول من اسم عين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 185 والثانية: أنه مثل بالنعمان لما فيه "أل" للمح الصفة، تبعا للناظم في قوله: 109- وبعض الأعلام عليه دخلا ... للمح ما قد كان عنه نقلا 110- كالفضل والحارث والنعمان ... فذكر ذا وحذفه سيان فتكون "أل" فيه غير لازمه، ومثل به ابن مالك في شرح التسهيل لما قارنت الأداة نقله فتكون لازمة، فالجواب عن الأولى بأنها من اختيارات ابن مالك، بل قبل إنها من عندياته فلا يتابع عليها، وعن الثانية بأنه يمكن أن يكون سمي بنعمان مجردا من "أل" كقوله: [من الطويل] 132- أيا جبلي نعمان بالله خليا ... نسيم الصبا يخلص إلى نسيمها ومقرونا بها فلا مخالفة. "والباب كله سماعي" يقتصر فيه على الوارد، "فلا يجوز في نحو: محمد وصالح ومعروف" أن يقال فيهما المحمد والصالح والمعروف حال العلمية؛ لأنه لم يسمع، واللغة لا تثبت بالقياس، "ولم يقع" دخول "أل" "في نحو: يزيد ويشكر" علمين، "لأن أصله الفعل، وهو لا يقبل: أل" غير الموصولة له، فأما قوله: [من الطويل] 133- "رأيت الوليد بن اليزيد مباركا" ... شديدا بأعباء الخلافة كاهله "فضرورة" دخول "أل" على اليزيد "سهلها تقدم ذكر الوليد"، و"أل" في "الوليد" للمح الصفة، وقيل "أل" في "اليزيد" للتعريف، وأنه نكر، ثم دخلت عليه "أل"، كما ينكر العلم إذا أضيف كقوله: [من الطويل] 134- علا زيدنا يوم النقا رأس زيدكم ... بأبيض ماضي الشفرتين يمان حكاه في المغني1 ولم يتعقبه، وعندي فيه نظر؛ لأنه وإن نكر لا يقبل "أل"، نظرا إلى أصله، وهو الفعل، والفعل لا يقبل "أل"، نظرا إلى أصله، وهو الفعل، والفعل لا يقبل "أل" بخلاف زيد إذا نكر.   132- البيت لمجنون ليلى في ديوانه ص196، وشرح شواهد المغني 1/ 60، وبلا نسبة في الحماسة الشجرية 2/ 580، ومغني اللبيب 1/ 20. 133- البيت لابن ميادة في ديوانه ص192، وتقدم مع تخريج واف برقم 44. 134- البيت لرجل من طيئ في شرح شواهد المغني 1/ 165، والمقاصد النحوية 3/ 371، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 3/ 189، 191، وجواهر الأدب ص315، وخزانة الأدب 2/ 224، وسر صناعة الإعراب 2/ 452، 456، وشرح الأشموني 1/ 186، 2/ 442، وشرح المفصل 1/ 44، ولسان العرب 3/ 200 "زيد"، ومغني اللبيب 1/ 52. 1 مغني اللبيب 1/ 52. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 186 "فصل": "من المعرف بالإضافة أو الأداة ما غلب على بعض من يستحقه حتى التحق بالأعلام" الشخصية في أحكامها، وصار علما اتفاقيا. "فالأول" وهو المعرف بالإضافة، "كابن عباس وابن عمر بن الخطاب وابن عمرو بن العاص وابن مسعود"، قيل: والصواب ذكر ابن الزبير مكان ابن مسعود؛ لأن ابن مسعود مات قبل إطلاق اسم العبادلة، وهو من الطبقة الأولى، قيل: وهذه إنما يرد على من قال: غلبت عليهم العبادلة، دون من قال "غلب على العبادلة دون من عداهم من إخوتهم"، فليتأمل. "والثاني" وهو المقرون بالأداة "كالنجم"، فإنه في الأصل يتناول كل نجم، ثم صار علما "للثريا" فقط، وأصلها قبل التصغير ثروى من الثروة، أي: كثرة الكواكب؛ لأن كواكبها سبعة، فصغرت فصارت ثُرَيْوَى فقلبت الواو ياء وأدغمت الياء في الياء فصارت ثريا، قاله الفخر الرازي، "والعقبة"، فإنها في الأصل اسم لكل طريق صاعد في الجبل، ثم اختص بعقبة منى التي تضاف إليها الجمرة، فيقال: جمرة العقبة، قاله الشاطبي. وقيل: عقبة أيلة، "والبيت"، فإنه في الأصل يتناول كل بيت، ثم اختص بالبيت الحرام، "والمدينة" لطيبة مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، "والأعشى"، فإنه في الأصل لكل من لا يبصر ليلا، ثم غلب على أعشى همدان ونحوه، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 111- وقد يصير علما بالغلبه ... مضافا أو مصحوب أل كالعقبه "وأل هذه لازمة" دائما، "إلا في نداء أو إضافة فيجب حذفها"؛ لأن حرف النداء والإضافة لا يجامعان أل هذه، كما أشار إليه الناظم بقوله: 112- وحذف أل ذي إن تناد أو تضف ... أوجب ................................ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 187 "نحو: يا أعشى باهلة"، بموحدة: قبيلة من قيس بن عيلان؛ بعين مهملة، "و" يا "أعشى تغلب"، بفتح التاء المثناة الفوقانية وسكون الغين المعجمة وكسر اللام وفي آخره باء موحدة: قبيلة سميت باسم أبيها تغلب بن وائل. "وقد تحذف" "أل" هذه "في غير ذلك" المذكور من النداء أو الإضافة، هذا معنى قول الناظم: 112- ...................................... ... وفي غيرهما قد تنحذف "سمع" من كلامهم "هذا عيوق طالعا" حكاه ابن الأعرابي. وعيوق: فيعول بمعنى فاعل، كقيوم بمعنى قائم، واشتقاقه من عاق يعوق، كأنه عاق كواكب وراءه من المجاوزة. ويجوز أن يكون سموه بذلك؛ لأنهم يقولون الدبران يخطب الثريا والعيوق يعوقه عنها؛ لكونه بينهما، قاله الفخر الرازي. "و" سمع من كلامهم أيضا "هذا يوم اثنين مباركا فيه" حكاه سيبويه. ومجيء الحال منه في الفصيح يوضح فساد قول المبرد في جعله "أل" في الاثنين وسائر الأيام للتعريف، فإذا زالت صارت نكرات. والصحيح عند الجمهور أن أسماء الأيام أعلام توهمت فيها الصفة فدخلت عليها "أل" كالحارث، ثم غلبت فصارت كالدبران. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 188 باب المبتدأ والخبر مدخل ... هذا باب المبتدأ والخبر: ولم يحد1 الناظم المبتدأ؛ بل اكتفى فيه بالمثال فقال: 113- مبتدأ زيد وعاذر خبر ... ............................ وحده الموضح بقوله: "المبتدأ اسم" صريح2، "أو بمنزلته، مجرد عن العوامل اللفظية، أو بمنزلته" أي: بمنزلة المجرد، "مخبر عنه، أو وصف رافع لمكتفى به" عن الخبر، أو بمنزلة الوصف. "فالاسم" الصريح "نحو" قول من يعتقد السامع عدم إيمانه "الله ربنا ومحمد نبينا". وقيل: المراد بهذا الإسناد التعظيم والإقرار، لا الإخبار، وهذان الوجهان نقلهما أبو البقاء. "والذي بمنزلته"، أي: بمنزلة الاسم الصريح، هو المصدر المنسبك من "أن" والفعل نحو: " {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} " [البقرة: 184] فـ"أن تصوموا" مبتدأ، وهو بمنزلة الاسم الصريح؛ لأنه في تأويل صومكم، وخبره "خير لكم". "و" المصدر المتصيد من الفعل نحو: " {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ} " [البقرة: 6] ، [يس: 10] ، فـ"أنذرتهم" مبتدأ، وهو في تأويل مصدر، و"أم لم تنذرهم" معطوف عليه، و"سواء" خبر مقدم، والتقدير: إنذارك وعدمه سواء عليهم وصح الإخبار به عن الاثنين؛ لأنه في الأصل مصدر بمعنى الاستواء، والمصدر يقع على القليل والكثير.   1 في ط: "يجد" مكان "يحد". 2 قال ابن الناظم في شرحه ص74: الاسم جنس للمبتدأ يعم الصريح والمؤول. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 189 ومنع الفارسي في الحجة1، وتبعه ابن عمرون كون "أأنذرتهم"2 وتاليه مبتدأ، و"سواء" خبرا؛ لأن ما في حيز الاستفهام لا يتقدم عليه. وأجيب بأن الاستفهام هنا ليس على حقيقته؛ بل هو خبر من حيث المعنى، "و" المصدر المنسبك من الفعل المقدر معه "أن" نحو: "تسمع بالمعيدي خير من أن تراه"3 فـ"تسمع" مبتدأ، وهو في تأويل "سماعك"، وقبله "أن" مقدرة، والذي حسن حذف "أن" من "تسمع" ثبوتها في "أن تراه"، قاله الموضح في شرح الشذور4. والفرق بين هذا والذي قبله أن السبك في هذا شاذ، وفي الذي قبله مطرد؛ لأن السبك بدون وجود حرف مصدري مطرد في باب التسوية، شاذ في غيرها5. "والمجرد" عن العوامل اللفظية "كما مثلنا" للصريح المؤول به، "والذي بمنزلة المجرد" عن العوامل اللفظية ما دخل عليه حرف زائد أو شبهه، فالأول "نحو6: {هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ} [فاطر: 3] ، "و" نحو: "بحسبك درهم" لا فرق في ذلك بين الوصف وغيره، فـ"خالق"، و"حسبك" مبتدآن، وإن كانا مجرورين بـ"من"، والباء الزائدتين "لأن وجود" الحرف "الزائد كلا وجود. ومنه" أي: من المبتدأ المجرور بحرف زائد "عند سيبويه" قوله تعالى: " {بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ} " [القلم: 6] فـ"أيكم" مبتدأ، والباء زائدة فيه، و"المفتون" خبره، ولم يعكس؛ لأن صيغة مفعول لا تكون عنده بمعنى المصدر. وعند الأخفش بالعكس7، فـ"المفتون" بمعنى الفتنة مبتدأ مؤخر، وبـ"أيِّكُم"   1 الحجة للقراء السبعة 1/ 269، وانظر حاشية يس 1/ 155. 2 في "ب"، "ط": "أنذرتهم". 3 المثل في مجمع الأمثال 1/ 129، 2/ 420، وكتاب الأمثال لابن سلام ص97، 98، والفاخر ص56، وجمهرة الأمثال 1/ 266، والمستقصى 1/ 370، وفصل المقال ص135. 4 شرح شذور الذهب ص19. 5 في حاشية يس 1/ 155, 156: "قال الدماميني في شرح التسهيل في باب القسم: لا نسلم أن السبك بدوم حرف مصدري شاذ في غيرها على الإطلاق، وإنما يكون شاذا إذا لم يطرد في باب، أما إذا اطرد في باب واستمر فيه فإنه لا يكون شاذا، كالجملة التي يضاف إليها اسم الزمان، نحو: جئتك حين ركب الأمير، أي: حين ركوبه، و {هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ} ، أي: يوم نفع الصادقين. فهذا مطرد .... ". 6 سقط من "ب". 7 معاني القرآن للأخفش 2/ 712. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 190 خبر مقدم، والباء بمعنى "في" لا زائدة. والمعنى على الأول: أيكم المفتون؛ أي: المجنون. وعلى الثاني: الفتنة بأيكم، أي: الجنون في أيكم. "و" منه "عند بعضهم" وهو ابن عصفور قوله صلى الله عليه وسلم: "ومن لم يستطع فعليه بالصوم" 1، فـ "الصوم" مبتدأ مؤخر، و"عليه" خبر مقدم، والباء زائدة في المبتدأ. وقيل: "عليه" اسم فعل، وفاعله مستتر فيه، و"الصوم" مفعول به، والباء زائدة في المفعول. وحجة الأول أن إغراء الغائب شاذ، فإن "عليه" إذا كان اسم فعل يكون نائبا عن "ليلزم"، والشيء الواحد لا يقوم مقام شيئين مختلفي الجنس وهما لام الأمر والفعل. ورد بأن ذلك إذا كان المراد به الغائب، والمراد هنا المخاطب، وإنما جيء بالضمير غائبا على لفظ "من"، وإلا فهو مخاطب في المعنى، قاله أبو إسحاق الجزري في نقده على مقرب ابن عصفور. والثاني: وهو الذي يشبه الزائد، نحو: [من الطويل] 135- ................................ ... لعل أبي المغوار منك قريب ونحو: رب رجل صالح لقيته، فمجرور "لعل" و"رب" في موضع رفع بالابتداء؛ لأن "لعل" و"رب" في موضع رفع بالابتداء؛ لأن "لعل" و"رب" أشبها الحرف الزائد2 في كونهما لا يتعلقان بشيء. "والوصف" يتناول اسم الفاعل، والمفعول، الصفة المشبهة، واسم التفضيل، والمنسوب، "نحو: أقائم هذان"3، وما مضروب العمران، وهل حسن الوجهان، وهل   1 أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب: الصوم لمن خاف على نفسه العزوبة، برقم 1806، وهو في كشف المشكلات ص115، وانظر تخريج المحقق فيه. 135- صدر البيت: "فقلت ادع أخرى وارفع الصوت جهرة" ، وهو لكعب بن سعد الغنوي في الأصمعيات ص96، والاقتضاب ص761، وخزانة الأدب 10/ 426، 428، 430، 436، والدرر 2/ 80، 348، وديوان المعاني 2/ 179، وسر صناعة الإعراب 1/ 407، وشرح أبيات سيبويه 2/ 269، وشرح شواهد المغني ص691، ولسان العرب 1/ 283 "جوب"، 11/ 473 "علل"، والمقاصد النحوية 3/ 247، وبلا نسبة في رصف المباني ص375، وشرح الأشموني 1/ 56، وشرح ابن عقيل 2/ 4، وكتاب اللامات ص136، ولسان العرب 12/ 550 "لمم"، ومغني اللبيب 377، "1/ 286"، وهمع الهوامع 2/ 33، 108، وشرح الجواليقي ص382. 2 في "رب": "الزيدان". 3 قال الشنقيطي في الدرر 2/ 81: "اعتبار زيادتها من هذه الجهة أولى من عدم اعتبار زيادتها من جهة إفادتها لمعنى تأسيسي وهو الترجي؛ كغيرها من الحروف التي هي غير زائدة". وانظر حاشية الصبان 1/ 189، ومصادر تخريج البيت. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 191 أحسن في عين زيد الكحل منه في عين غيره، وما قرشي أبواك. والذي بمنزلة الوصف نحو قولهم: لا نولك أن تفعل، فـ"نولك" مبتدأ، وهو بمنزلة الوصف في كونه قائما مقام الفعل، وهو "ينبغي" و"أن تفعل" فاعل بـ"نولك" سد مسد الخبر1، وسيأتي في باب "لا". "وخرج" بقوله: مخبر عنه أو وصف "نحو: نزال"، [فإنه] 2 من أسماء الأفعال؛ "لأنه لا مخبر عنه ولا وصف"، فلا يكون مبتدأ، بناء على أن اسم الفعل لا محل له من الإعراب، وهو الأصح. "و" خرج بقوله: رافع لمكتفى به "نحو: أقائم أبواه زيد، فإن المرفوع بالوصف" وهو "أبواه" "غير مكتفى به"4 في حصول الفائدة مع قطع النظر عن "زيد" "فـ"زيد" مبتدأ" مؤخر، "والوصف خبر" مقدم و"أبواه" فاعله. "ولا بد للوصف المذكور" وما هو بمنزلته "من" اشتراط "تقدم نفي أو استفهام" عليهما، وهل ذلك شرط في العمل، أو في الاكتفاء بالفاعل عن الخبر قولان، أرجحهما الثاني، قاله في المغني5. والنفي يشمل النفي بالحرف، وبالفعل، وبالاسم. فالنفي بالحرف، "نحو" قوله: [من الطويل] 136- "خليلي ما واف بعهدي أنتما" ... إذا لم تكونا لي على من أقاطع   1 في حاشية الصبان 1/ 189: ""نول" وإن كان مصدرا بمعنى التناول إلا أنه هنا بمعنى المفعول، أي: ليس متناولك هذا الفعل، أي: لا ينبغي لك تناوله، فنولك: مبتدأ، وأن تفعل: نائب فاعله. وقول المصرح ومن تبعه: "أن تفعل" فاعله غير صحيح". 2 إضافة من "أ". 3 في "أ"، "ط": "فإنه". 4 في حاشية يس 1/ 157: "أي: فلا يحسن السكون عليه، وهذا واضح إذا لم يعلم مرجع الضمير، أما إذا علم كما إذا جرى ذكر زيد فقيل: أقائم أبوه، فإنه يكتفى به ويحسن السكون عليه؛ لأنه بمنزلة: أقائم أبو زيد". 5 مغني اللبيب "723" 2/ 556. 136- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 189، وتخليص الشواهد ص181، والدرر 1/ 182، وشرح ابن الناظم ص75، وشرح الأشموني 1/ 89، وشرح التسهيل 1/ 269، وشرح شذور الذهب ص180، وشرح شواهد المغني 2/ 898، وشرح قطر الندى ص121، ومغني اللبيب "723" 2/ 556، والمقاصد النحوية 1/ 516، وهمع الهوامع 1/ 94. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 192 فـ "ما" نافية، و"واف" مبتدأ، و"أنتما" فاعل سد مسد الخبر. وفيه رد على الزمخشري وابن الحاجب1 حيث شرطا أن يكون المرفوع اسما ظاهرا، قاله الموضح في شرح الشذور2. وجوابه أن المراد بالظهور ضد الاستتار. والنفي بالفعل، نحو: ليس قائم الزيدان، فـ"قائم" اسم "ليس"، و"الزيدان" فاعل بـ"قائم" سد مسد خبر "ليس" قاله ابن عقيل3. والنفي بالاسم، نحو: غير قائم الزيدان، فـ"غير" مبتدأ، و"قائم" مضاف إليه و"الزيدان" فاعل بـ"قائم" سد مسد خبر "غير"؛ لأن المعنى ما قائم الزيدان، فعومل "غير قائم" معاملة "ما قائم" قاله ابن عقيل أيضا4. والنفي في المعنى كالنفي الصريح، نحو: إنما قائم الزيدان؛ لأنه في قوة قولك: ما قائم إلا الزيدان. والاستفهام يشمل الاستفهام بالحرف والاسم. فالاستفهام بالحرف "نحو" قوله: [من الطويل] 137- "أقاطن قوم سلمى أم نووا ظعنا" ... إن يظعنوا فعجيب عيش من قطنا فـ"قاطن" مبتدأ، من: قطن بالمكان إذا أقام به، و"قوم سلمى" فاعل سد مسد الخبر، و"الظعن": السير. والاستفهام بالاسم، نحو: كيف جالس العمران، وإنما لم يجعل المرفوع بالوصف خيرا فيهن؛ لأن الوصف قائم مقام الفعل، والفعل لا يخبر عنه، فكذا ما قام مقامه، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 114- وأول مبتدأ والثاني ... فاعل اغنى في أسار ذان   1 انظر قوله في كتاب الموشح على كافية ابن الحاجب للخبيصي ص48. 2 شرح شذور الذهب ص182، وفي همع الهوامع 1/ 94: "ومنع الكوفيون الضمير؛ فلا يجيزون إلا "أقائمان أنتما" بالمطابقة، بجعل الضمير مبتدأ مؤخرا، قالوا: لأن الوصف إذا رفع الفاعل الساد مسد الخبر جرى مجرى الفعل، والفعل لا ينفصل منه الضمير، ورد بالسماع". 3 شرح ابن عقيل 1/ 190. 4 شرح ابن عقيل 1/ 190. 137- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 190، وتخليص الشواهد ص181، وجواهر الأدب 295، وشرح ابن الناظم ص75، وشرح الأشموني 1/ 89، وشرح التسهيل 1/ 269، وشرح شذور الذهب ص181، وشرح قطر الندى ص122، والمقاصد النحوية 1/ 512. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 193 115- وقس وكاستفهام النفي ..... 1 ... .................................... وإذا لم يتقدم على الوصف نفي ولا استفهام لا يكون مبتدأ2 "خلافا للأخفش والكوفيين"3 في إجازتهم وقوعه مبتدأ من غير أن يتقدمه نفي أو استفهام، "ولا حجة لهم في نحو" قول بعض الطائيين: [من الطويل] 138- "خبير بنو لهب فلا تك ملغيا ... مقالة" لهبي إذا الطير مرت "خلافا للناظم" في شرح التسهيل4 "وابنه" في شرح النظم5 "لجواز كون الوصف" وهو "خبير" "خبرا مقدما" و"بنو لهب"، مبتدأ مؤخرا، "وإنما صح الإخبار به"، أي: بـ"خبير" مع كونه مفردا "عن الجمع"، وهو: "بنو لهب"؛ "لأنه" أي: "خبير" "على" وزن "فعيل" و"فعيل" على وزن المصدر كـ"صهيل"، والمصدر يخبر به عن المفرد والمثنى والجمع، فأعطي حكم ما هو على زنته، "فهو على حد: {وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ} [التحريم: 4] . و"لهب" بكسر اللام وسكون الهاء: حتى من الأزد. فإن قلت: إذا جوز الأخفش كون الوصف مبتدأ من غير أن يعتمد على نفي أو استفهام، فما سوغ الابتداء به وهو نكرة؟. قلت: عمله في المرفوع بعده، وسيأتي   1 يعني أن النفي مسوغ لاستعمال الوصف المذكور كالاستفهام، نحو: ما قائم الزيدان، وأطلق الاستفهام ليتناول جميع أدواته، كـ"هل، ومن، وما"، وأطلق في النفي ليتناول كل ناف يصلح لمباشرة الاسم حرفا وهو "ما، ولا، وإن"، واسما وهو "غير"، وفعلا وهو "ليس". انظر توضيح المقاصد 1/ 269، وشرح التسهيل لابن مالك 1/ 274. 2 في شرح ابن الناظم ص75: "أما إذا لم يعتمد على الاستفهام أو النفي؛ كان الابتداء به قبيحا، وهو جائز على قبحه". 3 انظر الارتشاف 2/ 27، وحاشية الصبان 1/ 192، وشرح ابن عقيل 1/ 192، وشرح التسهيل لابن مالك 1/ 273. 138- البيت لرجل من الطائيين في تخليص الشواهد ص182، وشرح ابن الناظم ص75، وشرح التسهيل 1/ 273، 2/ 17، والمقاصد النحوية 1/ 518، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 191، والدرر 1/ 183، وشرح الأشموني 1/ 90، وشرح ابن عقيل 1/ 195، وشرح عمدة الحافظ ص157، وشرح قطر الندى ص272، وهمع الهوامع 1/ 94. 4 شرح التسهيل 1/ 273, 274. 5 شرح ابن الناظم ص75. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 194 أن العمل من جملة المسوغات. فإن قلت العمل مشروط بالاعتماد، وقد تخلف هنا؟. قلت: الأخفش لا يشترط في عمل الوصف اعتماده على شيء كما حكاه المسيلي عنه. وإلى موافقة الأخفش والكوفيين1 أشار الناظم بقوله: 115- ..................... وقد ... يجوز نحو فائز أولو الرشد "وإذا" رفع الوصف ما بعده فله ثلاثة أحوال. وجوب الابتدائية، ووجوب الخبرية، وجواز الأمرين. وذلك أنه إن "لم يطابق الوصف ما بعده تعينت ابتدائيته، نحو: أقائم أخواك" فـ"قائم" مبتدأ، و"أخوك" فاعله سد مسد خبره، ولا يجوز أن يكون "أخواك" مبتدأ مؤخرا و"قائم" خبر مقدما؛ لأنه لا يخبر عن المثنى بالمفرد "وإن طابقه"، أي: طابق الوصف ما بعده "في غير الإفراد" وهو التثنية والجمع "تعينت خبريته، نحو: أقائمان أخواك، وأقائمون أخوتك" بالتاء الفوقانية، وأقائم2 الزيدون، فالوصف فيهن خبر مقدم، والمرفوع بعده مبتدأ مؤخر، ولا يجوز أن يكون الوصف فيهن مبتدأ، والمرفوع فاعلا سد مسد الخبر؛ لأن الوصف إذا رفع ظاهرا كان حكمه حكم الفعل في لزوم الإفراد على اللغة الفصحى3، ويجوز ذلك على غيرها، ومسألة جمع التكسير نص عليها الشاطبي. "وإن طابقه" أي: الوصف ما بعده "في الإفراد" تذكيرا وتأنيثا "احتملهما" أي: الابتدائية والخبرية على السواء، "نحو: أقائم أخوك"، وأقائمة أختك، فيجوز أن يجعل الوصف مبتدأ، وما بعده فاعلا سد مسد الخبر. ويجوز أن يجعل المرفوع مبتدأ مؤخرا، والوصف خبرا مقدما، فإن رجح الأول بأن الأصل في المقدم الابتداء عورض بأن الأصل في الوصف الخبرية، فلما تعارض الأصلان تساقطا، وإلى هذا التفصيل أشار الناظم بقوله: 116- والثاني مبتدأ وذا الوصف خبر ... إن في سوى الإفراد طبقا استقر "وارتفاع المبتدأ بالابتداء، وهو التجرد" عن العوامل اللفظية "للإسناد،   1 انظر حاشية الصبان 1/ 192، وحاشية يس 1/ 158. 2 في "ب": "أقيام"، وفي "ط": "أقام". 3 انظر الارتشاف 2/ 26، وتوضيح المقاصد 1/ 272، وشرح التسهيل لابن مالك 1/ 272، وفي شرح ابن عقيل 1/ 199: "ويجوز على لغة "أكلوني البراغيث" أن يكون الوصف مبتدأ، وما بعده فاعل أغنى عن الخبر". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 195 وارتفاع الخبر بالمبتدأ" عند سيبويه1، وإليه ذهب الناظم فقال: 117- ورفعوا مبتدأ بالابتدا ... كذاك رفع خبر بالمبتدا فإذا قلت: زيد أخوك، فـ"زيد" مرفوع بالابتداء، و"أخوك" مرفوع بـ"زيد"، وصح رفعه به وإن كان جامدا؛ لأن أصل العمل للطالب2، والمبتدأ طالب للخبر من حيث كونه محكوما به له طلبا لازما، كما أن فعل الشرط لما كان طالبا للجواب عمل فيه عند طائفة، وإن كان الفعل لا يعمل في الفعل. واعترض بأن المبتدأ قد يرفع الفاعل نحو: القائم أبوه ضاحك3، فلو كان رافعا للخبر لأدى إلى رفع شيئين لم يكن أحدهما تابعا للآخر. وأجيب بأن الجهة مختلفة؛ لأن طلبه للفاعل من حيث كون الفاعل محكوما عليه. وطلبه للخبر من حيث كون الخبر محكوما به له "لا" ارتفاعه "بالابتداء" وهو قول ابن السراج4، وصححه أبو البقاء. وحجة من قال به5 أن الابتداء رفع المبتدأ، فيجب أن يرفع الخبر؛ لأنه مقتض لهما، فهو كالفعل لما عمل في الفاعل عمل في المفعول، "ولا" ارتفاعه "بهما"، أي: بالابتداء والمبتدأ. وحجة من قال به أن الابتداء عامل ضعيف، فقوي بالمبتدأ كما قوي حرف الشرط بفعله حين عملا جميعا في الجزاء عند طائفة، وهذه الأقوال الثلاثة عن البصريين. "وعن الكوفيين6 أنهما"، أي: المبتدأ والخبر "ترافعا"، فرفع كل منهما الآخر. وحجتهم أن كل واحد منهما مفتقر إلى الآخر، فكان كل واحد منهما عاملا في صاحبه، كما أن "أيا" الشرطية عامله في الفعل بعدها، وهو عامل فيها في نحو: {أَيًّا مَا تَدْعُوا} [الإسراء: 110] وهذه الأقوال كلها ضعيفة. أما الأول: فلأن الخبر قد يكون نفس المبتدأ في المعنى، نحو: زيد أخوك، فلو رفع "الأخ" بـ"زيد" كان رافعا لنفسه بنفسه.   1 الكتاب 2/ 127، وانظر الارتشاف 2/ 28, 29، والإنصاف 1/ 44، وشرح التسهيل لابن مالك 1/ 269-272، وشرح ابن عقيل 1/ 200, 201، وحاشية يس 1/ 158, 159، وحاشية الصبان 1/ 193. 2 في "ب"، "ط": "للطلب". 3 في "ط": "صاحبك"، تحريف. 4 انظر كتابه الأصول 1/ 58. 5 يقصد المبرد. انظر شرح ابن الناظم ص76، وشرح التسهيل لابن مالك 1/ 272، والمقتضب 4/ 126، وحاشية الصبان 1/ 194. 6 انظر الإنصاف 1/ 44. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 196 وأما الثاني: فلأن الابتداء عامل ضعيف لا يرفع شيئين. وأما الثالث فلأن اجتماع عاملين معنوي ولفظي لا يعهد. وأما الرابع: فلأن العمل تأثير والمؤثِّر أقوى من المؤثَّر فيه، فليزم أن يكون الشيء الواحد قويا ضعيفا من وجه واحد إذا كان مؤثرا فيما أثر فيه من ذلك الوجه، وهو الرفع. واحترز بقوله: للإسناد عن الأعداد المسرودة، نحو: اثنان ثلاثة، فإنها وإن تجردت فلا إسناد معها، فليست مبتدآت. وإثبات الألف في اثنان من استعمال الشيء في أول أحواله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 197 "فصل": "والخبر" هو "الجزء الذي حصلت به" أو بمتعلقه "الفائدة" التامة "مع مبتدأ غير الوصف المذكور" في قوله: أو وصف رافع لمكتفى به، "فخرج" بذكر المبتدأ "فاعل الفعل"، نحو: "زيد" من قولك: قام زيد، "فإنه" وإن حصلت به الفائدة؛ لكنه "ليس مع المبتدأ" بل مع الفعل، ومثله فاعل اسم الفعل، نحو: [من الطويل] 139- ..... هيهات العقيق ......... ... ...................................... "و" خرج بقوله: غير الوصف المذكور "فاعل الوصف" المذكور، نحو: "الزيدان" من قولك: أقائم الزيدان، فإنه وإن حصلت به الفائدة، لكنه ليس مع مبتدأ غير الوصف المذكور؛ بل مع مبتدأ هو الوصف المذكور، فلا يكون "الزيدان" خبرا، بل فاعلا سد مسد الخبر، وسلم الحد بعد ذلك للخبر، بخلاف قول الناظم: 118- والخبر الجزء المتم الفائده ... ................................ فإنه يرد عليه فاعل الفعل، وفاعل الوصف، "وهو إما مفرد"1، وهو ما ليس جملة، فيشمل المثنى والمجموع، "وإما جملة" اسمية وفعلية. وذكر ابن خروف في شرح الكتاب2 أن الخبر ينقسم إلى نيف وسبعين قسما، كل منها يخالف صاحبه في حكم ما، وكلها ترجع إلى المفرد والجملة، ولذلك اقتصر الناظم   139- تمام البيت: "وهيهات هيهات العقيق وأهله ... وهيهات خل بالعقيق نواصله" والبيت لجرير في ديوانه ص965، والأشباه والنظائر 8/ 133، والخصائص 3/ 42، والدرر 2/ 355، وشرح شواهد الإيضاح ص143، وشرح المفصل 4/ 35، ولسان العرب 13/ 553 "هيه"، والمقاصد النحوية 3/ 7، 4/ 311، وكتاب العين 1/ 64، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 193، 4/ 87، وسمط اللآلي ص369، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص1001، وشرح شذور الذهب ص516، وشرح قطر الندى ص256، والمقرب 1/ 134، وهمع الهوامع 2/ 111. 1 في شرح ابن الناظم ص77: "والأصل في الخبر أن يكون اسما مفردا". وفي توضيح المقاصد 1/ 174: "خلافا لابن السراج في إثباته لا مفردا ولا جملة، وهو الظرف والجار والمجرور". 2 اسم كتابه: "تنقيح الألباب في شرح غوامض الكتاب". كشف الظنون ص1427. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 198 عليهما فقال: 119- ومفردا يأتي ويأتي جمله ... ......................... "والمفرد إما جامد"، وهو ما لم يشعر بمعنى الفعل الموافق له في المادة بالنظر إلى القياس الاستعمالي، كـ"زيد" فإنه لا يدل على معنى: زاد المال زيادة، وكـ"أسد" إذا أراد به شجاع على رأي، فإنه وإن كان في الاستعمال مشعرا بمعنى الفعل؛ ولكن بمعنى فعل غير موافق له في المادة، وهو "شَجُع" وكـ"صاحب" فإنه وإن كان مشعرا بمعنى "صحب" لكن لا بحسب الاستعمال، فكل من "زيد" و"أسد" و"صاحب" عندهم من قبيل الجوامد، "فلا يتحمل ضميرا المبتدأ، نحو: هذا زيد"، وهذا أسد، وهذا صاحب، فليس في شيء منها ضمير يعود على المبتدأ، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 121- والمفرد الجامد فارغ ... .............................. "إلا إن أول" الجامد "بالمشتق" فيتحمل ضمير المبتدأ، "نحو: زيد أسد، إذا أريد به شجاع" عند جمهور البصريين1، فإن أريد به التشبيه على إضمار الكاف، أو أنه نفس الأسد مبالغة، لا يتحمل ضمير المبتدأ عندهم. وذهب الكسائي من الكوفيين، والرماني من البصريين ومن وافقهما إلى أن الجامد يتحمل ضمير المبتدأ مطلقا2، سواء أول بمشتق أم لا. "وإما مشتق"، وهو ما أشعر بمعنى الفعل الموافق له في المادة بالنظر إلى القياس الاستعمالي، كـ"قائم" فإنه دل على معنى "قام"، إذا أخبر به عن مبتدأ "فيتحمل ضميره"، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 121- ........................ وإن ... يشتق فهو ذو ضمير مستكن "نحو: زيد قائم"، والزيدان قائمان، والزيدون قائمون، وهند قائمة، والهندان قائمتان، والهندات قائمات، فالخبر في ذلك كله متحمل لضمير مستتر عائد على المبتدأ، والألف في "قائمان" والواو في "قائمون" حرفان دالان على التثنية والجمع، كما في "الرجلان" و"الزيدون"، "إلا إن رفع" المشتق الاسم "الظاهر نحو: زيد قائم   1 شرح ابن عقيل 1/ 205. 2 كذا ذكر ابن عقيل في شرحه 1/ 205، وقال: "والتقدير عندهم: زيد أخوك هو". وانظر الإنصاف 1/ 55، وشرح المفصل 1/ 88. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 199 "أبوه"، أو رفع الضمير البارز نحو: زيد قائم أنت إليه. فإنه لا يحتمل ضمير المبتدأ؛ لأنه لا يرفع فاعلين، "ويبرز الضمير المتحمل"، بفتح الميم، وينفصل "إذا جرى الوصف" الواقع خبرا "على" مبتدأ "غير من هو له" في المعنى، "سواء ألبس" الحال، "نحو: غلام زيد ضاربه هو"، فـ"ضاربه" وصف في المعنى لـ"زيد"؛ لأنه هو الضارب. للغلام، وذلك "إذا كانت الهاء" المفعولة "لـ"الغلام""؛ لأنه المضروب وقد جرى الوصف وهو "ضاربه" على "الغلام" لفظا؛ لأنه خبر عنه، فلو لم يبرز الضمير المستتر في "ضاربه" لتوهم السامع أن "الغلام" بحسب ظاهر الإسناد إليه هو "الضارب لزيد"، وانقلب المعنى فوجب إبراز ضمير الفاعل دفعا لهذا اللبس، فإن كانت الهاء لـ"زيد" فقد جرى الوصف على من هو له لفظا ومعنى، واستغنى عن إبراز الضمير، "أم لم يلبس" الحال، "نحو: غلام هند ضاربته هي"، فتاء التأنيث في "ضاربته"، خارجة تدل على أن الوصف في المعنى لـ"هند"، وكان ينبغي أن لا يبرز ضميرها إلا أن البصري التزم الإبراز مطلقا طردا للبس، وجرى على ذلك الناظم فقال: 122- وأبرزته مطلقا حيث تلا ... ما ليس معناه له محصلا "والكوفي إنما يلزم الإبراز عند الإلباس" خاصة "تمسكا بنحو قوله: [من البسيط] 140- قومي ذرا المجد بانوها" وقد علمت ... بكنه ذلك عدنان وقحطان وجه التمسك1 به أن "قومي" مبتدأ أول، و"ذرا المجد" مبتدأ ثان، و"بانوها" خبر "ذرا المجد"، و"ذرا المجد" وخبره خبر "قومي" والهاء عائدة على "ذرا المجد" والضمير العائد على "قومي" مستتر في "بانوها"، فقد جرى الوصف وهو "بانوها" على "ذرا المجد" وهو في المعنى لـ"قومي" لأنهم "البانون"، ولم يبرز الضمير المستتر في "بانوها" لأن اللبس مأمون، فإن "الذرا" مبنية لا بانية، ولو برز لقيل على اللغة الفصحى: بانيهاهم؛ لأن حكم ضمير الجمع المنفصل كحكم جمعه الظاهر، فيكون الوصف مفردا كالفعل إذا أسند إلى جمع، وعلى لغة أكلوني البراغيث: بانوهاهم2،   140- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 196، وتخليص الشواهد 186، والدرر 1/ 184، وشرح ابن الناظم ص78، وشرح الأشموني 1/ 93، وشرح التسهيل 1/ 308، وشرح ابن عقيل 1/ 208، وهمع الهوامع 1/ 96. 1 هذا التعليق على البيت نقله الشنقيطي بتمامه في الدرر 1/ 184,185. 2 هي لغة طيئ وأزد شنوءة، انظر شرح ابن عقيل 2/ 468. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 200 ولا حجة لهم في ذلك لاحتمال أن يكون "ذرا المجد" منصوبا بوصف محذوف يفسره الوصف المذكور، والتقدير: بانو ذرا المجد بانوها. و"الذرا": جمع ذروة، وذروة الشيء أعلاه، و"المجد": الكرم، و"بانون": جمع بان؛ اسم فاعل من بني يبني، والأصل: بانيون، أعل إعلال قاضون، وحذفت النون للإضافة. وقال العيني1: من "البون" بضم الباء وهو: الفضل والمزية، يقال: بانه يبونه ويبنه، قاله الجوهري2. ا. هـ. فإن أراد أنه3 جملة فعلية ماضوية [ولو كان كذلك لاستدعى إثبات الألف في الخط بعد الواو كما في نظائره] 4، فالضمير هو الواو في "بانوها"، إذ ليس ثم فاعل غيره حتى يبرز، وإن أراد الوصف من: بان يبون أو يبين؛ فقياسه: بائن بهمزة بعد الألف بدلا من عين الفعل، والجمع بائنون لا بانون. "والجملة إما نفس المبتدأ في المعنى فلا تحتاج لرابط" يربطها بالمبتدأ5، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 120- وإن تكن إياه معنى اكتفى ... بها .............................. "نحو: {هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] إذا قدر "هو" ضمير شأن" فـ"هو" مبتدأ، و"الله أحد" جملة خبره، وهي عينه في المعنى؛ لأنها مفسرة له، والمفسر عين المفسر, أي: الشأن الله أحد, [ولا يكون ضمير الشأن الحاضر, وإنما يكون ضمير غيبة مفسرا بجملة بعده خبرية مصرح بجزأيها، فإن كان بلفظ التذكير سمي ضمير الشأن، وإن كان بلفظ التأنيث سمي قصة، وقد يسمى بهما، وأما] 6 إذا قدر "هو" ضمير المسئول عنه فخبره مفرد وهو "الله" و"أحد" خبر بعد خبر أو بدل، "ونحو: {فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [الأنبياء: 97] إذا قدر "هي" ضمير قصة، فـ"هي" مبتدأ، و"شاخصة" خبر مقدم، و"أبصار الذين كفروا" مبتدأ مؤخر، وجملة "أبصار   1 شرح الشواهد للعيني 1/ 199. 2 الصحاح 5/ 2082 "بين". 3 في "ب": "به". 4 ما بين المعقوفتين سقط من "ب"، "ط"، والدرر 1/ 185. 5 في حاشية يس 1/ 162: "يفهم أن الرابط إذا وجد لا يضر، وهو كذلك، ولو قال: فلا يكون لها رابط كان صوابا" وانظر حاشية الصبان 1/ 197، وتوضيح المقاصد 1/ 309. 6 ما بين المعقوفتين سقط من "ب". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 201 الذين كفروا شاخصة" في موضع رفع خبر "هي"، وهي عينها في المعنى، أي: فإذا القصة أبصار الذين كفروا شاخصة، فلا تحتاج إلى رابط، وأما إذا قدر "هي" ضمير الأبصار كما قال الفراء1، أو عماد أو تقدم مع الخبر على المبتدأ، والأصل: فإذا أبصار الذين كفروا هي شاخصة؛ كما قال الكسائي، فالخبر مفرد، "ومنه" قول الناظم: 120- ............................. ... ....... "كنطقي الله حسبي" ....... فـ"نطقي" مبتدأ، و"الله حسبي" مبتدأ وخبر، والجملة خبر "نطقي"، وهي نفسه في المعنى؛ "لأن المراد بالنطق المنطوق به"، والمنطوق به هو "الله حسبي"، فلا يحتاج إلى رابط. والتحقيق أن مثل هذا ليس من الإخبار بالجملة؛ بل المفرد على إرادة اللفظ كما في عكسه، نحو: $"لا حول ولا قوة إلا بالله كنز من كنوز الجنة"2، قاله الدماميني والمرادي3. "وإما غيره"، أي: غير المبتدأ في المعنى "فلا بد من احتوائها على معنى المبتدأ الذي هي مسوقة له"، وإلى ذلك الإشارة بقول الناظم: 119- ........................ ويأتي جمله ... حاوية معنى الذي سيقت له "وذلك بأن تشتمل على اسم بمعناه"، أي بمعنى المبتدأ، "وهو" أي: الاسم المشتملة عليه بالجملة. "إما ضميره"، أي: ضمير المبتدأ حال كون الضمير "مذكورا"، وهو الأصل، "نحو: زيد قام أبوه". فجملة "قام أبوه" خبر عن "زيد"، والرابط بينهما الهاء. "أو مقدرا"، وهو إما مجرور أو منصوب. فالأول: "نحو: السمن منوان بدرهم"، فـ"السمن" مبتدأ أول، و"منوان" مبتدأ ثان، وسوغ الابتداء به الوصف المحذوف، "أي" منوان "منه" و"بدرهم" خبر المبتدأ الثاني، وهو وخبره خبر المبتدأ الأول، والرابط بينهما الضمير المجرور بـ"من" المقدرة. "و" الثاني: نحو: "قراءة ابن عامر "وَكُلٌّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى""   1 معاني القرآن للفراء 2/ 212. 2 الحديث في النهاية لابن الأثير 4/ 203 "كنز"، ولسان العرب "كنز". أي: أجرهما مدخر لقائلها والمتصف بها، كما يدخر الكنز. 3 توضيح المقاصد 1/ 277، وذكره ابن هشام في مغني اللبيب في بحث الجمل التي لا محل لها من الإعراب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 202 [الحديد: 10] برفع "كل" في سورة الحديد1، فـ"كل" مبتدأ، وجملة "وعد الله الحسنى" من الفعل والفاعل والمفعول خبر المبتدأ، والرابط بينهما الضمير المقدر المنصوب بـ"وعد" على أنه مفعوله الأول، "أي: وعده" الله. "أو إشارة إليه"، أي: إلى المبتدأ، "نحو: {وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ} [الأعراف: 26] إذا قدر "ذلك" مبتدأ ثانيا لا تابعا لـ"لباس""، فـ"لباس" مبتدأ، و"التقوى" مضاف إليها، و"ذلك" مبتدأ ثان، و"خير" خبره، وهو وخبره خبر الأول، والرابط بينهما الإشارة إلى المبتدأ. وخص ابن الحاج المسألة بكون المبتدأ موصولا أو موصوفا والإشارة للبعيد2. ورد بقوله سبحانه وتعالى: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ} الآية .... [الإسراء: 36] . إما إذا قدر "ذلك" تابعا لـ"اللباس" على أنه بدل منه أو عطف بيان عليه لا نعت عليه خلافا للفارسي ومن تبعه3؛ لأن النعت لا يكون أعرف من المنعوت4 كما قال الحوفي فالخبر حينئذ مفرد. "قال الأخفش5: أو غيرهما"، أي: غير الضمير والإشارة وهو إعادة المبتدأ بمعناه، "نحو: {وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ} الآية"، وتمامها {وَأَقَامُوا الصَّلاةَ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ} [الأعراف: 170] ، فـ"الذين" مبتدأ، وجملة "يمسكون الكتاب" صلة "الذين"، وجملة "وأقاموا الصلاة" معطوفة على الصلة، وجملة "إنا لا نضيع أجر المصلحين" خبر المبتدأ، والرابط بينهما إعادة المبتدأ بمعناه، فإن "المصلحين" هم "الذين يمسكون بالكتاب" في المعنى. ورد بمنع كون "اللذين" مبتدأ؛ بل هو مجرور بالعطف على "الذين يتقون" [من قوله: {وَالدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ} [الأعراف: 169]] 6، ولئن سلط فالرابط   1 الرسم المصحفي {كلَّا} بالنصب، وانظر الإتحاف ص409، والنشر 2/ 384، وفي حاشية يس 1/ 165: "أما في سورة النساء فقرأ بالنصب كالجماعة؛ لأن قبله جملة فعلية وهي "فضل الله المجاهدين" فساوى بين الجملتين في الفعلية، بل بين الجمل؛ لأن بعده "وفضل الله المجاهدين" وهذا مما أغفلوه؛ أعني الترجيح؛ باعتبار ما يعطف على الجملة، قاله في المغني". 2 انظر قوله في الارتشاف 2/ 50. 3 في حاشية الصبان 1/ 196: "وتبعه أبو البقاء وجماعة". 4 في حاشية الصبان 1/ 196: "بناء على أن النعت قد يكون أعرف من المنعوت". 5 في همع الهوامع 1/ 98: "ووافق ابن عصفور الأخفش، كما جاء ذلك في الأصول". 6 سقط ما بين المعقوفتين من الأصل و"ب"، وهو ثابت في "ط". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 203 العموم؛ لأن "المصلحين" أعم من المذكورين، أو ضمير محذوف، أي: منهم، أو الخبر محذوف، والجملة قبله دليله، والتقدير: مأجورون، قاله في المغني1. "أو" تشتمل الجملة "على اسم بلفظه"، أي: بلفظ المبتدأ، "ومعناه نحو: {الْحَاقَّةُ، مَا الْحَاقَّةُ} [الحاقة: 1, 2] فـ"الحاقة" الأولى مبتدأ، و"ما" اسم استفهام مبتدأ ثان, و"الحاقة" الأخيرة خبر "ما" الاستفهامية, و"ما" وخبرها خبر "الحاقة" الأولى، والرابط بينهما إعادة المبتدأ بلفظه ومعناه. "أو" تشتمل الجملة "على اسم أعم منه"، أي: من المبتدأ، "نحو: زيد نعم الرجل"2، فـ"زيد" مبتدأ، و"نعم الرجل" خبره، والرابط بينهما العموم الذي في "الرجل" الشامل لـ"زيد". "و" نحو "قوله" وهو الرماح ابن ميادة: [من الطويل] 141- ألا ليت شعري هل إلى أم معمر ... سبيل "فأما الصبر عنها فلا صبررا" فـ"الصبر" مبتدأ، و"عنها" متعلق به، و"لا" نافية، و"صبرا" اسمها مبني معها على الفتح، والخبر محذوف تقديره "لي"، وجملة "لا صبر لي" خبر المبتدأ، والرابط بينهما العموم الذي في اسم "لا" لأن النكرة المنفية تفيد العموم، والمطرد من هذه الروابط هو الضمير لا غير. أما الإشارة فلأنه لا يقال: زيد قام هذا، والزيدون خرج أولئك. وأما إعادة المبتدأ بمعناه فقد تقدم رده. وأما إعادة المبتدأ بلفظه ومعناه فقد نص سيبويه على ضعفه3، وهو مخصوص بموضعين، أحدهما: أما العبيد فذو عبيد، وثانيهما: حيث قصد التهويل والتعظيم نحو: {الْحَاقَّةُ، مَا الْحَاقَّةُ} [الحاقة: 1, 2] قاله   1 مغني اللبيب "650"، وانظر حاشية يس 1/ 165. 2 في حاشية يس 1/ 165: "قال الدنوشري: ظاهره أن العموم جاء من قبل أن الألف واللام للاستغراق. قال ابن الحاجب: وهذا غلط؛ لأنا نقطع أن المتكلم بقوله: "نعم العبد صهيب" لم يقصد مدح جميع من في العالم، وإنما قصد مدح هذا الفاعل المذكور، فجعله للعموم غلط. وفي اللباب: أن خبر المبتدأ إذا كان جملة يشتمل على جنس يندرج فيه هو لم يحتج إلى ضمير نحو: زيد نعم الرجل". 141- البيت لابن ميادة في ديوانه ص134، والأغاني 2/ 237، والحماسة البصرية 2/ 111، وخزانة الأدب 1/ 452، والدرر 1/ 189، وشرح أبيات سيبويه 1/ 269، وشرح شواهد المغني 2/ 876، والمقاصد النحوية 1/ 523، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 8/ 28، وأوضح المسالك 1/ 199، والكتاب 1/ 386، ومغني اللبيب 2/ 501، "651"، وهمع الهوامع 1/ 98. 3 الكتاب 1/ 62. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 204 الشاطبي وأما العموم فلأنه لا يجوز: زيد مات الناس، وزيد نعم الرجال، وهند نعمت النساء، وأما: .................................. ... ........ فأما الصبر عنها فلا صبرا فمن باب: أما العبيد فذو عبيد، فهو من تكرار المبتدأ بلفظه ومعناه، وليس العموم فيه مرادا، إذ المراد أنه: لا صبر له عنها، لا أنه لا صبر له عن كل شيء، قاله في المغني1.   1 مغني اللبيب 2/ 501 "651". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 205 "فصل": "ويقع الخبر ظرفا، نحو {وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ} [الأنفال: 42] ، ومجرورا نحو: {الْحَمْدُ لِلَّهِ} [الفاتحة: 2] . وشرطهما أن يكونا تامين كما مثل، فلا يجوز: زيد مكانا، ولا زيد بك، لعدم الفائدة، ويتعلقان بمحذوف وجوبا، ثم قيل: الخبر نفس الظرف والمجرور وحدهما، والمصحح لذلك تضمنها معنى صادقا على المبتدأ، وقيل: هما ومتعلقهما والمتعلق جزء من الخبر، واختاره الرضي1 والسيد عبد الله. "والصحيح" عند الموضح تبعا لطائفة "أن الخبر في الحقيقة متعلقهما المحذوف"، لا هما، ولا مع متعلقهما. واختلف في تقديره. فقال الأخفش والفارسي والزمخشري تقديره: كان أو استقر. وحجتهم أن المحذوف عامل النصب في لفظ الظرف ومحل المجرور، والأصل في العامل أن يكون فعلا. "و" الصحيح عند جمهور البصريين2 "أن تقديره: كائن أو مستقر، لا كان أو استقر". وحجتهم أن المحذوف هو الخبر في الحقيقة، والأصل في الخبر أن يكون اسما مفردا، فكل من الفريقين استند إلى أصل صحيح3، ورجح الاسم بوقوع الظرف والمجرور في موضع لا يصلح للفعل، نحو: أما في الدار فزيد، {إِذَا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آيَاتِنَا} [يونس: 21] لأن "أما" لا تنفصل من الفاء إلا باسم مفرد أو جملة شرط دون جوابه؛ ولأن "إذا" الفجائية لا يليها الأفعال على الأصح. وقال الموضح في المغني4: والحق عندي أنه لا يترجح تقديره اسما ولا فعلا؛ بل بحسب المعنى. ا. هـ. وإليه يرشد قول الناظم:   1 شرح الرضي 1/ 243. 2 انظر الإنصاف 1/ 245. 3 شرح ابن عقيل 1/ 211. 4 مغني اللبيب 2/ 445 "584". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 206 123- وأخبروا بظرف أو بحرف جر ... ناوين معنى كائن أو استقر وذهب الكوفيون وابنا طاهر وخروف إلى أنه لا تقدير. ثم اختلفوا فقال ابنا طاهر وخروف: الناصب لهما المبتدأ، وزعما أنه يرفع الخبر إذا كان عينه نحو: زيد أخوك، وينصبه إذا كان غيره، نحو: زيد عندك. وقال الكوفيون: الناصب لهما معنوي وهو كونهما مخالفين للمبتدأ1. قال في المغني2: ولا معمول على هذين القولين. "و" على القول بأن لهما متعلقا محذوفا فالصحيح "أن الضمير الذي كان فيه انتقل" منه "إلى الظرف والمجرور"، وسكن فيهما "كقوله" وهو جميل بن عبد الله: [من الطويل] 142- فإن يك جثماني بأرض سواكم ... "فإن فؤادي عندك الدهر أجمع" وجه الدلالة منه أن "أجمع" مرفوع لا يصلح أن يكون توكيد لـ"فؤادي" ولا لـ"الدهر"؛ لأنهما منصوبان، ولا للضمير المحذوف مع الاستقرار؛ لأن التوكيد والحذف متنافيان، ولا لاسم "إن" على محله من الرفع على الابتداء؛ لأن الطالب للمحل قد زال بدخول الناسخ، وإذا بطلت هذه الأقسام تعين أن يكون توكيدا للضمير المنتقل إلى الظرف وهو المطلوب، ولا يشكل بالفصل بالأجنبي وهو "الدهر" فإنه جائز في الضرورة3. وقيل: لا ضمير في الظرف والمجرور مطلقا تقدم أو تأخر، وإن الضمير حذف مع المتعلق، وزعم ابن خروف أن الخبر إذا كان ظرفا أو مجرورا لا ضمير فيه عند سيبويه4 والفراء إلا إذا تأخر عن المبتدأ، أما إذا تقدم عليه فلا ضمير فيه؛ واستدل على ذلك بأنه لو كان فيه ضمير إذا تقدم لجاز أن يؤكد، وأن يعطف عليه، وأن يبدل منه، كما يفعل ذلك مع المتأخر، ا. هـ.   1 شرح التسهيل 1/ 314. 2 مغني اللبيب 2/ 446 "585". 142- البيت لجميل بثينة في ديوانه ص111، وخزانة الأدب 1/ 359، والدرر 1/ 190، والسمط ص505، وشرح شواهد المغني 2/ 846، والمقاصد النحوية 1/ 525، ولكثير عزة ديوانه ص404، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 201، وشرح الأشموني 1/ 93، ومغني اللبيب 2/ 442 "579"، وهمع الهوامع 1/ 98. 3 هذا التعليق على البيت نقله الصبان بتصرف في حاشيته 1/ 200. 4 الكتاب 2/ 145. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 207 ولك أن تقول: إنما امتنع جواز الاتباع للفصل بالأجنبي، ولا يلزم منه عدم وجود المتبوع، فلا يتم التقريب. "ويخبر" بالمكان عن أسماء الذوات والمعاني، نحو: زيد خلفك، والخير أمامك، ولا يخبر "بالزمان" إلا "عن أسماء المعاني" إذا كان الحديث غير مستمر، "نحو: الصوم اليوم والسفر غدا"، فإن كان الحدث مستمرا امتنع الإخبار به عنه، فلا يقال: طلوع الشمس يوم الجمعة، لعدم الفائدة. "ولا" يخبر بالزمان "عن أسماء الذوات، نحو: زيد اليوم", والفرق أن الأحداث أفعال وحركات وغيرهما فلا بد لكل حدث من زمان يختص به، بخلاف الذوات فإن نسبتها إلى جميع الأزمنة على السواء فلا فائدة في الإخبار بالزمان عنها، "فإن حصلت فائدة جاز" الإخبار بالزمان عن أسماء الذوات، وتحصل الفائدة "كأن يكون المبتدأ عاما، والزمان خاصا" إما بالإضافة، "نحو: نحن في شهر كذا"، فـ"نحن" مبتدأ، وهو عام لصلاحيته في نفسه لكل متكلم، إذ لا يختص بمتكلم دون آخر، و"في شهر كذا" خبره. وهو خاص بالمضاف إليه. وإما بالوصف نحو: نحن في زمان طيب. "وأما نحو: الورد في أيار"، بفتح الهمزة وتشديد الياء آخر الحروف، والمنع من الصرف للعلمية والعجمة؛ لأنه شهر رومي، "واليوم خمر والليلة الهلال"، بنصب "اليوم" و"الليلة"، "فـ" التأويل فيها واجب بتقدير مضاف كما قاله الفارسي، و"الأصل: خروج الورد" في أيار، "و" اليوم "شرب خمر و" الليلة "رؤية الهلال"، فالإخبار في الحقيقة إنما هو عن اسم المعنى، لا عن اسم الذات، والتفصيل بين حصول الفائدة وعدمها هو اختيار ابن الطراوة وجماعة1، ووافقهم الناظم2 فقال: 124- ولا يكون اسم زمان خبرا ... عن جثة وإن يفد فأخبرا والصحيح المنع مطلقا، وما ورد من ذلك فيؤول.   1 هذا مذهب جمهور البصريين. انظر شرح ابن عقيل 1/ 214. 2 انظر التسهيل ص46، وتوضيح المقاصد 1/ 281. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 208 "فصل": "ولا يبتدأ بنكرة" لأنها مجهولة، والحكم على المجهول لا يفيد غالبا "إلا إن حصلت" به "فائدة، كأن يخبر عنها بمختص" بما يصلح للإخبار عنه، "مقدم" نعت لمختص "ظرف أو مجرور" بدل من مختص أو عطف بيان عليه، وظاهر كلامه أن التقديم له دخل في التسويغ. والتحقيق أن المسوغ للابتداء بالنكرة أن يخبر عنها بظرف مختص، والتقديم إنما هو لرفع إلباس الخبر بالصفة، وصرح بذلك في المغني1. فالظرف "نحو: {وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ} " [ق: 35] ، والمجرور نحو: " {وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ} [البقرة: 7] ، فـ"مزيد" و"غشاوة" مبتدآن، وهما نكرتان، وسوغ الابتداء بهما الإخبار عنهما بظرف ومجرور مختص بإضافتهما إلى ما يصلح للإخبار عنه وهو الضمير، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 125- ولا يجوز الابتداء بالنكره ... ما لم تفد كعند زيد نمره وهو مثال لما يجوز، "ولا يجوز: رجل في الدار" لفوات الاختصاص والتقدم معا، "ولا" يجوز: "عند رجل مال"2 لعدم الاختصاص بما يصلح للإخبار عنه3، "أو" كانت "تتلو نفيا، نحو: ما رجل قائم"، مثله في النظم بقوله: 126- ................. فما خل لنا ... ................................... فـ"رجل" و"خل" مبتدآن، وسوغ الابتداء بهما تقدم النفي عليهما، وبذلك تحصل الفائدة؛ لأن النكرة في سياق النفي تعم، وإذا عمت كان مدلول النكرة جميع أفراد الجنس، فأشبهت المعرف بـ"أل" الاستغراقية.   1 مغني اللبيب "611". 2 في "ط": "ماله"، تحريف. 3 في حاشية الصبان 1/ 204: "المراد بالاختصاص هنا أن يكون المجرور في الخبر الجار والمجرور والمضاف إليه في الظرف، والمسند إليه في الجملة صالحا للإخبار عنه، قاله الشمني". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 209 "أو" تتلو "استفهاما، نحو: {أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ} [النمل: 60, 64] ، ومثله في النظم بقوله: 126- وهل فتى فيكم .......... ... ................................. فـ"إله" و"فتى" مبتدآن، وسوغ الابتداء بهما وقوعهما في حيز الاستفهام, وبذلك تحصل الفائدة؛ لأن الاستفهام سؤال عن غير معين يطلب تعيينه في الجواب، فأشبه العموم الخاص. وفيه رد على ابن الحاجب حيث قال في شرح منظومته: إن الاستفهام المسوغ للابتداء هو الهمزة المعادلة بـ"أم"، نحو: أرجل في الدار أم امرأة، "أو تكون موصوفة سواء ذكرا"، أي: الموصوف والصفة، "نحو: {وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ" خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ} [البقرة: 221] ، فـ"عبد" مبتدأ وهو نكرة، وسوغ الابتداء به وصفه بـ"مؤمن" لأن النكرة إذا وصفت قربت من المعرفة. وقال ابن الحاجب: المسوغ للابتداء بالنكرة في هذه الآية إنما هو معنى العموم1، و"خير" خبر المبتدأ، ومثله الناظم بقوله: 126- .................................... ... ورجل من الكرام عندنا "أو حذفت الصفة" وذكر الموصوف، "نحو: السمن منوان بدرهم، ونحو: {وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ} [آل عمران: 154] ، فـ"منوان" و"طائفة" مبتدآن، وسوغ الابتداء بهما كون كل منهما موصوفا بصفة محذوفة، "أي: منوان منه، وطائفة من غيركم"، بدليل: {يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ} [آل عمران: 154] ، وفيه رد على ابن مالك حيث مثل بالآية للتسويغ بواو الحال، كما قاله في المغني2. "أو" حذف "الموصوف"، وذكرت الصفة "كالحديث: سوآء ولود خير من حسناء عقيم"3، فـ"سوآء" بالمد، مبتدأ، وسوغ الابتداء بها كونها صفة لموصوف، "أي: امرأة سوآء"، فحذف الموصوف، وأقيمت صفته مقامه، و"ولود" صفة ثانية لـ"امرأة" و"خير" خبر المبتدأ.   1 الإيضاح في شرح المفصل 1/ 184, 185. 2 مغني اللبيب "613". 3 ذكره السيوطي في الجامع الصغير، وقال: رواه الطبراني، وأشار إليه بالضعف، فيض القدير 4/ 114. وقال ابن الأثير في النهاية 2/ 416 "سوأ": "أخرجه الأزهري عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأخرجه غيره من عمر". وفي حاشية يس 1/ 169: "قال الدنوشري: ذكره في الإحياء بلفظ: سوداء ولود خير من حسناء لا تلد. قال العراقي في تخريجه: أخرجه في الضعفاء من رواية شهر بن حكيم عن أبيه عن جده". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 210 "أو" كانت النكرة "عاملة [عمل الفعل] 1، كالحديث: "أمر بمعروف صدقة، ونهي عن منكر صدقة" 2، فـ"أمر" و"نهي" مبتدآن، وسوغ الابتداء بهما كونهما عاملين في محل المجرور بعدهما؛ لأنهما مصدران، والمصدر يعمل عمل فعله، ومثله الناظم بقوله: 127- ورغبة في الخير خير ............ ... ........................................ "ومن" النكرة "العاملة" النكرة "المضافة"؛ لأن المضاف عامل في المضاف إليه الجر، "كالحديث: "خمس صلوات كتبهن الله" " على العباد في [اليوم والليلة] 3، فـ"خمس" مبتدأ، وسوغ الابتداء به كونه عاملا في المضاف إليه، ومثله الناظم بقوله: 127- ...................... وعمل ... بر يزين ........................... ولا بد في هذه المسوغات من مراعاة معنى صحيح مقصود، وإلا ورد على الظرف والمجرور: عند الناس درهم، وفي الدنيا رجل، وعلى النفي: ما حمار ناطق، وعلى الاستفهام: هل امرأة في الأرض، وعلى الموصوف: رجل ذكر واضح، وعلى العمل: شرب للماء نافع، وغلام إنسان موجود، فهذه كلها لا تصلح لأن تكون أمثلة لحصول الفائدة، مع أنها مشتملة على المسوغات المذكورة. "ويقاس على هذه المواضع" المذكورة في كلام الموضح "ما أشبهها" في المعنى، فيقاس على {لَدَيْنَا " مَزِيدٌ "} [ق: 35] ، {وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ} [البقرة: 6] "نحو: قصدك غلامه رجل، و" على: {أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ} [النمل: 60, 64] نحو: "كم رجلا في الدار و" على: ما رجل في الدار، نحو "قوله: [من البسيط] 143- لولا اصطبار لأودي كل ذي مقة" ... لما استقلت مطاياهن للظعن "و" على {وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ} [البقرة: 221] نحو: "رجيل في الدار"، بالتصغير. وعلى العاملة النصب أو الجر العاملة الرفع، نحو: قائم الزيدان، عند من لا يشترط الاعتماد، وإنما قيست عليها "لشبه الجملة"، وهي: قصدك غلامه   1 ما بين المعقوفتين إضافة من "ط". 2 صحيح مسلم 1/ 499، وكتاب صلاة المسافرين وقصرها "6"، باب 13: استحباب صلاة الضحى. 3 ما بين المعقوفتين إضافة من "ط". وانظر الموطأ 1/ 123. 143- البيت بلا نسبة في الأشباه والنظائر 3/ 112، وأوضح المسالك 1/ 204، والدرر 1/ 193، وشرح الأشموني 1/ 98، وشرح ابن عقيل 1/ 224، والمقاصد النحوية 1/ 532، وهمع الهوامع 1/ 101. أودى: هلك. كل ذي مقة: كل ذي محبة. استقلت: نهضت. الظعن: الرحيل والسفر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 211 رجل "بالظرف والمجرور"، في التقديم والاختصاص بالمعمول، "و" لشبه "اسم الاستفهام" وهو: "كم" "بالاسم المقرون بحرفه" وهو: "أإله". "و" لشبه "تالي لولا" وهو: "اصطبار" "بتالي النفي" وهو: "رجل" في: ما رجل، "و" لشبه "المصغر" وهو: "رجيل" "بـ" الاسم "الموصوف" وهو: "لعبد مؤمن"،؛ لأن التصغير وصف في المعنى بالصغر، هكذا ثبت في بعض النسخ، وفيه لف ونشر مرتب وهو [أخص من قول الناظم: 127- ............................. ... ........... وليقس ما لم يقل] 1 ولم يذكر مسوغ الإخبار بالنكرة غير المفيدة تبعا للنظم، ومن ذلك التسويغ بالنعت نحو قوله سبحانه وتعالى: {بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ} [النمل: 47] . ذكره الموضح في شرح بانت سعاد2.   1 سقط ما بين المعقوفتين من "ب". 2 قال الموضح في شرح بانت سعاد ص124: "ونظيرها الجملة التي بعد "قوم"، في قوله تعالى: {بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} ، {بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ} ، وعلم بذلك أن الفائدة كما تحصل من الخبر كذلك تحصل من صفته". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 212 "فصل": "وللخبر ثلاث حالات: إحداها: التأخر، وهو الأصل". وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 128- والأصل في الأخبار أن تؤخرا ... .................................... لأن المبتدأ محكوم عليه، فحقه التقديم ليتحقق تعقله، فيكون حق الخبر التأخير؛ لأن محكوم به "كـ"زيد قائم" ويجب" تأخير الخبر "في أربع مسائل: إحداها: أن يخاف التباسه بالمبتدأ، وذلك إذا كانا معرفتين، أو" نكرتين "متساويين" في التخصيص، "ولا قرينة" تمييز أحدهما عن الآخر، فالمعرفتان "نحو: زيد أخوك"، فإن كلا من هذين الجزأين صالح لأن يخبر عنه بالآخر، ويختلف المعنى باختلاف الغرض، فإذا عرف السامع زيدا بعينه واسمه ولا يعرف المخاطب اتصافه بأنه أخو المخاطب، وأردت أن تعرفه ذلك قلت: زيد أخوك: ولا يصح لك أن تقول: أخوك زيد، وإذا عرف أخا له ولا يعرفه على التعيين باسمه، وأردت أن تعينه عنده قلت: أخوك زيد، ولا يصح لك أن تقول: زيد أخوك. هذا هو المشهور. وقيل: يجوز تقدير كل منهما مبتدأ وخبرا مطلقا. وقيل: إن كان أحدهما مشتقا فهو الخبر وإن تقدم، نحو: القائم زيد، وقيل: إن كان أحدهما أعرف فهو المبتدأ، نحو: هذا زيد، وإن استويا في الرتبة وجب الحكم بابتدائية المتقدم، نحو: {اللَّهُ رَبُّنَا} [الشورى: 15] ، قاله في المغني1. "و" النكرتان المتساويتان، نحو: "أفضل منك، أفضل مني"، فإن كل واحد من هذين الوصفين صالح لأن يخبر عنه بالآخر لعمله في المجرور بعده، فإذا جعلت "أفضل منك" مبتدأ، و"أفضل مني" خبره امتنع تقديم الخبر لئلا يتوهم ابتدائيته، فينعكس المعنى لعدم القرينة2، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 129- فامنعه حين يستوي الجزآن ... عرفا ونكرا عادمي بيان   1 مغني اللبيب 2/ 452 "588, 589". 2 هذا على مذهب الجمهور. انظر حاشية الصبان 1/ 209. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 213 "بخلاف" ما إذا كان معه قرينة لفظية أو معنوية. فالأول نحو: "رجل صالح حاضر"، فإن القرينة اللفظية وهي الصفة قاضية على النكرة الموصوفة بالابتدائية تقدمت أو تأخرت. والثاني نحو: "أبو يوسف أبو حنيفة"، فإن القرينة المعنوية وهي التشبيه الحقيقي قاضية بأن "أبو يوسف" مبتدأ؛ لأنه مشبه، و"أبو حنيفة" خبره؛ لأنه مشبه به تقدم أو تأخر، "وقوله: [من الطويل] 144- بنونا بنو أبنائنا" وبناتنا ... بنوهن أبناء الرجال الأباعد فإن قرينة التشببيه الحقيقي قاضية بأن بني الأبناء مشبهون بالأبناء، فـ"بنو أبنائنا" مبتدأ مؤخر، و"بنونا" خبر مقدم، "والمعنى: بنو أبنائنا مثل بنينا"، هذا على حقيقة التشبيه، ويضعف أن يكون على عكس التشبيه للمبالغة؛ لأن ذلك نادر الوقوع، ومخالف للأصول، اللهم إلا أن يقتضي المقام المبالغة فلا شاهد فيه حينئذ. و"بناتنا" مبتدأ أول، و"بنوهن" مبتدأ ثان، و"أبناء الرجال" خبر الثاني1، وهو وخبره خبر الأول، و"الأباعد" نعت "الرجال". المسألة "الثانية": مما يجب فيه تأخير الخبر "أن يخاف التباس المبتدأ بالفاعل" إذا تقدم الخبر وكان فعلا مسندا إلى ضمير المبتدأ المستتر، "نحو: زيد قام"، أو يقوم، فلو قدم والحالة هذه، وقيل: "قام أو يقوم زيد" لالتبس المبتدأ بالفاعل، "بخلاف" ما إذا كان الخبر صفة، نحو: "زيد قائم، أو" كان فعلا رافعا لظاهر أو لضمير بارز، فالأول نحو: زيد "قام أبوه"، والثاني نحو: "أخواك قاما" على اللغة الفصحى، فلا لبس فيهن، فيجوز تقديمه2، فتقول: قائم زيد، وقام أبوه زيد، وقاما أخواك، وهذا التقييد لا بد منه في قول الناظم: 130- كذا إذا ما الفعل كان الخبرا ... ...................................   144- البيت للفرزدق في خزانة الأدب 1/ 444، وبلا نسبة في ارتشاف الضرب 2/ 41، والإنصاف 1/ 66، وأوضح المسالك 1/ 106، وتخليص الشواهد 198، والحيوان 1/ 230، والدرر 1/ 193، وشرح ابن الناظم ص82، وشرح الأشموني 1/ 99، وشرح التسهيل 1/ 206، وشرح شواهد المغني 2/ 848، وشرح ابن عقيل 1/ 233، وشرح المفصل 1/ 99، 9/ 132، ومغني اللبيب 2/ 452، وهمع الهوامع 1/ 102. 1 في "ط": "خبر المبتدأ الثاني". 2 في الارتشاف 2/ 41: "الإجازة مذهب الأخفش والمبرد، أما من منع فهم باقي البصريين". وانظر شرح ابن عقيل 1/ 235، وشرح ابن الناظم ص82. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 214 المسألة "الثالثة: أن يقترن" الخبر "بـ"إلا" معنى نحو: {إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ} " [هود: 12] ، فلا يجوز تقديم الخبر؛ لأنه محصور فيه بـ"إلا" معنى، إذ1 التقدير: ما أنت إلا نذير، "أو" يقترن بـ"إلا" "لفظا نحو: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ} [آل عمران: 144] ، فلا يجوز تقديم الخبر لما مر، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 130- .............................. ... أو قصد استعماله منحصرا "فأما قوله"، وهو الكميت بن زيد: [من الطويل] 145- فيا رب هل إلا بك النصر يرتجى ... عليهم "وهل إلا عليك المعول فضرورة"؛ لأنه قدم الخبر المقرون بـ"إلا" لفظا، والأصل: وهل المعول إلا عليك2، ولا يجوز أن يكون "المعول" مرفوعا على الفاعلية بالجار والمجرور قبله لاعتماده على الاستفهام؛ لأن "إلا" مانعة من ذلك، فكما يقال: هل إلا قام زيد، لا يقال: هل إلا في الدار زيد، من باب أولى. المسألة "الرابعة": مما يجب فيه تأخير الخبر "أن يكون المبتدأ مستحقا للتصدير، إما بنفسه"، بأن يكون له صدر الكلام، "نحو: ما أحسن زيدا"، فـ"ما" مبتدأ، وسوغ الاتبداء بها ما فيها من معنى التعجب، و"أحسن زيدا" خبره، "و: من في الدار"، فـ"من" اسم استفهام مبتدأ، و"في الدار" خبره، "و: من يقم أقم معه"، فـ"من" اسم شرط، وهو مبتدأ، و"يقم" خبره على الأصح، وقيل: الجواب، وقيل هما، "و: كم عبيد لزيد" فـ"كم" مبتدأ، وهي خبرية، و"عبيد" مضاف إليه، و"لزيد" خبر "كم"، فالخبر في هذه الأمثلة واجب التأخير، وهو في الأول فعل ماض، وفي الثاني جار ومجرور، وفي الثالث فعل مضارع، وفي الرابع جار ومجرور، والمبتدأ فيها لازم الصدر، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 131- ............................... ... أو لازم الصدر .........................   1 في "ب": "والتقدير". 145- البيت للكميت في تخليص الشواهد 192، والدرر 1/ 195، وسر صناعة الإعراب 1/ 139، والمقاصد النحوية 1/ 534، وليس في ديوانه، وبلا نسبة في ارتشاف الضرب 2/ 42، وأوضح المسالك 1/ 209، وشرح ابن الناظم ص83، وشرح الأشموني 1/ 99، وشرح ابن عقيل 1/ 235، وشرح التسهيل 1/ 298، وهمع الهوامع 1/ 102. 2 في المقاصد النحوية 1/ 534: "الاستشهاد به على جواز تقديم الخبر المحصور بـ"إلا" للضرورة، وإنما كان حقه أن يقول: وهل النصر يرتجى إلا بك، و: هل العول إلا إليك". وانظر الدرر 1/ 195 حيث نقل ذلك القول. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 215 "أو مشبها به"، أي: بما يستحق التصدير، "نحو: الذي يأتيني فله درهم"، فـ"الذي" مبتدأ، وهو اسم موصول، و"يأتيني" صلته، وجملة "فله درهم" خبره، وهو واجب التأخير، "فإن المبتدأ هنا" وهو "الذي" "مشبه باسم الشرط لعمومه" وإبهامه، "واستقبال الفعل الذي بعده" وهو "يأتيني"، "وكونه" أي: الفعل الذي بعده "سببا" لما بعده، وهو جملة الخبر كما أن الشرط سبب للجواب، "ولهذا" الشبه "دخلت الفاء في الخبر كما تدخل في الجواب" لتفيد التنصيص على أن استحقاق "الدرهم" مسبب عن الإتيان، فلو لم تذكر الفاء احتمل ذلك، واحتمل الإقرار. "أو" يكون مستحقا للتصدير "بغيره"، وذلك الغير الذي له الصدر "إما" أن يكون "متقدما عليه" أي: على المبتدأ، "نحو: لزيد قائم"، فـ"زيد" مبتدأ، و"قائم" خبره1، وهو واجب التأخير؛ لأن المبتدأ تقدم عليه لام الابتداء، وهي مانعة من تأخيره، فإن لام الابتداء ملازمة لصدر الكلام، وما اقترن بلازم الصدر وجب تقديمه، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 131- أو كان مسندا لذي لام ابتدا ... .................................... "فأما قوله" وهو رؤبة: [من الرجز] 146- "أم الحليس لعجوز شهربه" ... ترضى من اللحم بعظم الرقبه "فا" للام داخلة على مبتدأ محذوف، وا "التقدير: لهي2 عجوز"، والجملة خبر "أم الحليس"، ولا يمتنع دخول اللام في الخبر إذا كان جملة، بخلاف المفرد، "أو" لا حذف "واللام زائدة، لا لام الابتداء" كقوله: [من الكامل]   1 في الأصل: "زيد قائم، مبتدأ خبره". 146- الرجز لرؤبة في ديوانه ص170، وشرح المفصل 3/ 130، 8/ 23، وله أو لعنترة بن عروس في خزانة الأدب 10/ 323، والدرر 1/ 295، وشرح شواهد المغني 2/ 604، والمقاصد النحوية 1/ 535، 2/ 251، وبلا نسبة في لسان العرب 1/ 510 "شهرب" وجمهرة اللغة ص1121، وتاج العروس 3/ 169 "شهرب"، "لوم"، والارتشاف 2/ 147، وأوضح المسالك 1/ 210، وتخليص الشواهد ص358، والجنى الداني 128، ورصف المباني ص336، وسر صناعة الإعراب 1/ 378، 381، 1/ 229، 2/ 30، وشرح المفصل 7/ 57، ومغني اللبيب 1/ 230، 233، وهمع الهوامع 1/ 140. 2 في الأصل: "كل"، تحريف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 216 147- خالي لأنت ومن جرير خاله ... ينل العلاء ويكرم الأخوالا ويضعف التقدير الأول أن الجمع بين لام التوكيد وحذف المبتدأ كالجمع بين متنافيين، ويضعف التقدير الثاني1 أن زيادة اللام في الخبر خاصة بالشعر، قاله في المغني2. وإذا دار الأمر بين التقديرين فدعوى الزيادة أولى من دعوى الحذف، لئلا يجتمع التوكيد والحذف، وهو ممتنع عند الجمهور، "أو" يكون ذلك الغير الذي في الصدر "متأخرا عنه"، أي: عن المبتدأ بأن يكون ما في الصدر مضافا إليه مبتدأ، "نحو: غلام من في الدار"، فـ"غلام" مبتدأ، و"من" اسم استفهام مضاف إليه، و"في الدار" خبر المبتدأ، "وغلام من يقم أقم معه"، فـ"غلام" مبتدأ، و"من" اسم شرط مضاف إليه، و"يقم" خبر المبتدأ، و"أقم معه" جواب الشرط، "و: مال كم رجل عندك"، فـ"مال" مبتدأ، و"كم" خبرية مضاف إليها، و"رجل" تمييزها مخفوض بإضافته إليها، و"عندك" خبر مقدم. وحاصل ما أتى به [من أمثلة] 3 ما يستحق التصدير سبعة أضرب4: ما التعجبية، ومن الاستفهامية والشرطية، وكم الخبرية، والموصول الذي في خبره الفاء، ولام الابتداء، والمضاف إلى ما في الصدر وبقي عليه ضمير الشأن نحو: [ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ] 5 [الإخلاص: 1] فإنه يلزم صدر الكلام، والإخبار بالجمل وإذا أخبر عنه بجملة لا يجوز أن تتقدم عليه6.   147- البيت بلا نسبة في خزانة الأدب 10/ 323، وسر صناعة الإعراب ص378، وشرح الأشموني 1/ 100، وشرح ابن عقيل 1/ 237، وشرح التسهيل 1/ 258، ولسان العرب 1/ 510 "شهرب"، والمقاصد النحوية 1/ 556. 1 في الأصل: "الأول". 2 مغني اللبيب 1/ 238. 3 سقط ما بينهما من الأصل. 4 انظر الارتشاف 2/ 42, 43. 5 سقط من "أ"، "ب"، وهو ثابت في "ط". 6 في الإنصاف 1/ 65: "ذهب الكوفيون إلى أنه لا يجوز تقديم خبر المبتدأ عليه، مفردا كان أو جملة، فالمفرد نحو: قائم زيد، وذاهب عمرو، والجملة نحو: أبوه قائم زيد، وأخوه ذاهب عمرو. وذهب البصريون إلى أنه يجوز تقديم خبر المبتدأ عليه، المفرد والجملة"، وانظر شرح ابن عقيل 1/ 227, 228. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 217 "الحالة الثانية: التقدم: ويجب في أربع مسائل" أيضا. وفي غالب النسخ إسقاط الحالة الثانية التقدم، وإثبات1: ويمتنع: يعني تأخير الخبر في أربع مسائل: "إحداها: أن يوقع تأخيره في لبس ظاهر، نحو: في الدار رجل"، فـ"في الدار" خير مقدم، و"رجل" مبتدأ مؤخر وجوبا، "و: عندك مال"، فـ"عندك" خبر مقدم، و"مال" مبتدأ مؤخر وجوبا، "وقصدك غلامه رجل"، فجملة "قصدك غلامه" خبر مقدم، و"رجل" مبتدأ مؤخر2. قال أبو حيان3: ولا أعلم لابن مالك سلفا في هذه الأخيرة، "وعندي أنك فاضل"، فـ"عندي" خبر مقدم، و"أنك فاضل" بفتح "أن" مبتدأ مؤخر، ولا يجوز تأخير الخبر في شيء من ذلك، "فإن تاخير الخبر في مثل هذا المثال" الأخير، وهو "عندي أنك فاضل" "يوقع في إلباس "أن" المفتوحة بـ"إن" المكسورة" لفظا، "و" إلباس ""أن" المؤكدة" المفتوحة "بـ"أن"" المفتوحة "التي بمعنى "لعل"" يعني: فإذا قدم المبتدا وأخر الخبر يصير: أنك فاضل عندي، فيحتمل أن تكون "أن" مفتوحة, وهي وصلتها مبتدأ, والظرف خبره, ويحتمل أن تكون مكسورة لكونها وقعت في ابتداء الجملة، والظرف متعلق بـ"فاضل"، وعلى الفتح يحتمل كونها مؤكدة بمعنى "لعل" لأنها أحد لغاتها، والمعنى: لعلك فاضل عندي، وهذا الإلباس لا يتأتى مع تقدم الظرف لأن "إن" المؤكدة المكسورة و"أن" التي بمعنى "لعل" لا يتقدم معمول خبرهما عليهما، "ولهذا يجوز تأخره"، أي: الخبر عن المبتدأ، "بعد: أما" الشرطية المفتوحة الهمزة المشددة الميم، كقوله: [من البسيط] 148- عندي اصطبار "وأما أنني جزع ... يوم النوى فلوجد كاد يبريني" فـ"أما أنني جزع" بكسر الزاي، مبتدأ، و"يوم النوى" بالنون بمعنى: البعد والفراق، يتعلق بـ"جزع" لأنه صفة مشبهة من "الجزع" بفتحتين، وهو نقيض الصبر، و"فلوجد" جار ومجرور خبر "أنني جزع" على حد: أما زيد ففي الدار، و"يبريني" من:   1 في "ط": "والإثبات". 2 في شرح التسهيل 1/ 301: "فلولا "الكاف" من "قصدك" لم يفد الإخبار بالجملة، كما أنه لولا اختصاص الظرف والمجرور لم يفد الإخبار بهما". 3 الارتشاف 2/ 43. 148- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 213، والدرر 1/ 195، وحاشية يس 2/ 259، وشرح الأشموني 1/ 101، 3/ 602، وشرح شواهد المغني 2/ 661، ومغني اللبيب 1/ 270، والمقاصد النحوية 1/ 536، وهمع الهوامع 1/ 103. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 218 بربت القلم: إذا نحته، وأصل البري: القطع، والمعنى: وأما جزعي يوم الفراق فلأجل وجد قارب أن ينحلني. وإنما جاز تأخير الخبر عن المبتدأ1 هنا "لأن "إن" المكسورة، و"أن" التي بمعنى "لعل" لا يدخلان هنا"؛ لأن كلا منهما مع معموليهما جملة تامة مستقلة، و"أما" لا تفصل من الفاء بجملة تامة، وإنما تفصل باسم مفرد أو جملة شرط دون جوابه، نحو: {فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ، فَرَوْحٌ} [الواقعة: 88, 89] ، و"تأخره"، أي: الخبر عن المبتدأ "في الأمثلة" الثلاثة "الأول"، بضم الهمزة، وهي: في الدار رجل، و: عندك مال، و: قصدك غلامه رجل، "يوقع في إلباس الخبر بالصفة"؛ لأن النكرة تطلب الظرف والجار والمجرور والجملة لتختص بها طلبا حثيثا، فلو تأخر الخبر لتوهم أنه صفة؛ لأن الجملة وشببها بعد النكرات صفات، فالتزم التقديم دفعا لهذا الإلباس، وإليه أشار الناظم بقوله: 132- ونحو عندي درهم ولي وطر ... ملتزم فيه تقدم الخبر "وإنما لم يجب تقديم الخبر في نحو: {وَأَجَلٌ مُسَمّىً عِنْدَهُ} [الأنعام: 2] لأن النكرة" وهي "أجل" "قد وصفت بمسمى"، فضعف طلبها للظرف، "فكان الظاهر في الظرف" وهو "عنده" "أنه خبر" لـ"أجل"، "لا صفة" ثانية له2. وفي الكشاف 3: أن تقديم المبتدأ هنا واجب؛ لأن المعنى: وأي أجل مسمى عنده، تعظيما لشأن الساعة، فلما جرى فيه هذا المعنى وجب التقديم. المسألة "الثانية" مما يجب فيه تقديم الخبر "أن يقترن المبتدأ بـ"إلا" لفظا نحو: 135- .................................... ... ........... ما لنا إلا اتباع أحمدا" صلى الله عليه وسلم، فـ"لنا" خبر مقدم، و"اتباع أحمدا" مبتدأ مؤخر، "أو" يقترن بـ"إلا" "معنى" نحو: إنما عندك زيد، فـ"عندك" خبر مقدم، و"زيد" مبتدأ مؤخر، وهو محصور فيه، والمعنى: ما عندك إلا زيد، وشمل ذلك قول الناظم: 135- وخبر المحصور قدم أبدا ... ............................... المسألة "الثالثة: أن يكون" الخبر "لازم الصدرية" بنفسه4 "نحو: أين زيد"، أو بغيره، إما مقدما عليه نحو: لقائم زيد، "أو" متأخرا عنه، وذلك إذا كان   1 سقطت من الأصل. 2 سقطت من "ط". 3 الكشاف 1/ 353. 4 خلافا للأخفش والمازني، فإنهما أجازا: زيد كيف؟ وعمرو أين؟. انظر الارتشاف 2/ 43. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 219 الخبر "مضافا إلى لازمها" أي: الصدرية "نحو: صبيحة أي يوم سفرك" فـ"صبيحة" خبر مقدم، و"أي" اسم استفهام مضاف إليه، و"سفرك" مبتدأ مؤخر، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 134- كذا إذا يستوجب التصديرا ... ................................... المسألة "الرابعة: أن يعود ضمير متصل بالمبتدأ على بعض" متعلق "الخبر1، كقوله تعالى: {أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد: 24] ، فـ"أقفالها" مبتدأ مؤخر، و"على قلوب" خبر مقدم، ولا يجوز تأخيره لئلا تعود الهاء المتصلة بـ"أقفالها" على "قلوب" وهي متأخرة في الرتبة؛ لأنها بعض متعلق الخبر؛ لأن الخبر على الصحيح المتقدم هو الاستقرار، والجار والمجرور متعلق به، ومتعلق الخبر رتبته التأخير، فيعود الضمير على متأخر لفظا ورتبة، "و" كذا إذا عاد على مضاف إليه الخبر، نحو "قول الشاعر" وهو نصيب بالتصغير الأكبر ابن رباح، وهو عبد أسود لبني مروان لا نصيب الأصغر مولى المهدي، يخاطب امرأة: [من الطويل] 149- أهابك إجلالا وما بك قدرة ... علي "ولكن ملء عين حبيبها" فـ"ملء" خبر مقدم، و"حبيبها" مبتدأ مؤخر، ولا يجوز تقديمه على الخبر2 لئلا يعود الضمير على "عين"، وقد أضيف إليها الخبر وهو متأخر في الرتبة، وتسميتها بعض الخبر مجاز، وإنما الخبر المضاف لا غير، وقول الخطيب التبريزي إن الضمير المضاف إليه المبتدأ يجوز أن يرجع إلى المرأة بعيد3، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 133- كذا إذا عاد عليه مضمر ... مما به عنه مبينا يخبر ويوجد في بعض النسخ الحالة الثالثة جواز التقديم والتأخير، وذلك فيما فقد فيه موجبهما كقولك: زيد قائم فيترجح تأخيره على الأصل، ويجوز تقديمه لعدم المانع. وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 128- ........................................ ... وجوزوا التقديم إذ لا ضررا   1 انظر حول هذه المسألة ما جاء في شرح ابن عقيل 1/ 240, 241، وشرح ابن الناظم ص84. 149- البيت للمجنون في ديوانه ص71، وديوان المعاني 1/ 144، ولنصيب بن رباح في ديوانه ص68، وتخليص الشواهد ص201، وسمط اللآلي ص401، وشرح التسهيل 1/ 302، والمقاصد النحوية 1/ 537، وبلا نسبة في الارتشاف 2/ 44، وأوضح المسالك 1/ 215، وشرح ابن الناظم ص84، وشرح الأشموني 1/ 101، وشرح ابن عقيل 1/ 241، وشرح عمدة الحافظ ص173. 2 في شرح ابن الناظم ص84: "وتأخير المبتدأ واجب؛ لأنه لو قدم لعاد الضمير معه إلى متأخر في اللفظ والرتبة". وانظر شرح ابن عقيل 1/ 242. 3 في شرح الحماسة للتبريزي 3/ 170: "والضمير من "حبيبها" للعين، وإن جعلته للمرأة جاز". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 220 "فصل": وما علم من مبتدأ أو خبر جاز حذفه، وإلى ذلك أشار النظم بقوله: 136- وحذف ما يعلم جائز ....... ... ..................................... " وقد يجب" حذف المعلوم منهما1، "فأما حذف المبتدأ جوازا2 فنحو: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا} [فصلت: 46] ، [الجاثية: 15] ، "ويقال: كيف زيد؟ فتقول" في الجواب: "دنف"، بكسر النون، فـ"لنفسه" و"عليها" و"دنف" أخبار لمبتدآت محذوفة جوازا للعلم بها، "والتقدير: فعمله لنفسه، وإساءته عليها، وهو دنف"، أي: مريض من العشق، وطريق العلم بها أن عمله وإساءته مصدران مأخوذان من فعلهما السابق، ودخول الفاء على ما لا يصلح أن يكون مبتدأ قرينة دالة على حذفه، وأن الضمير معلوم من العائد عليه في السؤال، وذلك أشار الناظم بقوله: 137- وفي جواب كيف زيد قل دنفن ... فزيد استغنى عنه إذ عرف "وأما حذفه"، أي: المبتدأ "وجوبا فإذا أخبر عنه بنعت مقطوع" عن متبوعه "لمجرد مدح، نحو: الحمد لله الحميد، أو ذم، نحو: أعوذ بالله من إبليس عدو المؤمنين، أو ترحم، نحو: مررت بعبدك المسكين"، برفع "الحميد" و"عدو" و"المسكين"، على أنها أخبار لمبتدآت محذوفة وجوبا، والتقدير: هو الحميد، هو عدو المؤمنين، هو المسكين، وإنما وجب حذفه لأنهم لما [قطعوا هذه النعوت إلى النصب التزموا إضمار الناصب أمارة على أنهم] 3 قصدوا إنشاء المدح أو الذم أو الترحم، كما فعلوا في النداء؛ إذ لو أظهروا الناصب لأوهم الإخبار، وأجروا الرفع في وجوب الحذف   1 شرح ابن الناظم ص86, 87، وشرح ابن عقيل 1/ 246. 2 في شرح التسهيل 1/ 214: "ومن حذفه عند شم طيب، أو سمع صوت، أو رؤية شبح، فيقال: مسك، وقراءة، وإنسان، بإضمار "هذا" ونحوه". 3 سقط ما بينهما من "ط". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 221 مجرى النصب، واحترز بقوله: "لمجرد مدح ...... إلخ"؛ من أن يكون النعت للإيضاح أو التخصيص، فإنه إذا قطع إلى الرفع جاز ذكر المبتدأ وحذفه، كإظهار الناصب وإضماره، "أو" أخبر عنه "بمصدر جيء به" أي: بالمصدر "بدلا"، أي: عوضا "من اللفظ بفعله" أي: بفعل المصدر، والمراد أنهم تلفظوا بالمصدر عوضا عن تلفظهم بالفعل، "نحو: سمع وطاعة1، وقوله: [من الطويل] 150- فقالت حنان ما أتى بك ههنا" ... أذو نسب أم أنت بالحي عارف فـ"سمع" و"حنان" خبران لمبتدأين محذوفين وجوبا، "والتقدير: أمري حنان، وأمري سمع وطاعة"، وأصل هذه المصادر النصب بفعل محذوف وجوبا؛ لأنها من المصادر التي جيء بها بدلا من اللفظ بأفعالها2، ولكنهم قصدوا الثبوت والدوام، فرفعوها وجعلوها أخبارا عن مبتدآت محذوفة وجوبا حملا للرفع على النصب، وفاعل "قالت" مستتر عائد على المرأة المعهودة، والمعنى: إني أحن عليك أي شيء جاء بك ههنا، ألك قرابة، أم معرفة بالحي، وإنما قالت له ذلك خوفا من إنكار أهل الحي فيقتلونه3، "أو" أخبر عنه "بمخصوص بمعنى "نعم"" في إفادة المدح، "أو بئس" في إفادة الذم "مؤخر" المخصوص "عنهما"، أي: عن "نعم" و"بئس"، "نحو: نعم الرجل زيد، وبئس الرجل عمرو، إذا قدرا"، أي: زيد وعمرو "خبرين" لمبتدأين محذوفين وجوبا، كأن سامعا سمع: نعم الرجل، أو بئس الرجل، فسأل عن المخصوص بالمدح أو الذم من هو؟ فقيل له: هو زيد، وهو عمرو، أما إذا قدرا مبتدأين وخبرهما الجملة قبلهما، أو محذوف   1 أي: أمري سمع وطاعة، انظر شرح ابن الناظم ص86. 150- البيت لمنذر بن درهم الكلبي في خزانة الأدب 2/ 112، وشرح أبيات سيبويه 1/ 235، وبلا نسبة في الارتشاف 2/ 29، 208، وأمالي الزجاج ص131، وأوضح المسالك 1/ 217، والدرر اللوامع 1/ 412، وشرح ابن الناظم ص86، وشرح الأشموني 1/ 106، وشرح التسهيل 1/ 287، وشرح عمدة الحافظ ص190، وشرح المفصل 1/ 118، والصاحبي في فقه اللغة ص255، والكتاب 1/ 320، 349، واللسان 13/ 129 "حنن"، والمقاصد النحوية 1/ 539، والمقتضب 3/ 225، وهمع الهوامع 1/ 189. 2 في شرح ابن الناظم ص86: "قال سيبويه: وسمعت ممن يوثق بعربيته يقال له: كيف أصبحت؟ فقال: حمد الله وثناء عليه. أي: حالي حمد الله". وانظر الكتاب 1/ 319, 320، وشرح التسهيل 1/ 288. 3 في "ب": "فيغتالوه". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 222 على رأي عصفور1 فليسا مما نحن فيه، "فإن كان" المخصوص "مقدما" عنهما، أي: نعم أو بئس، "نحو: زيد نعم الرجل"، وعمرو بئس الرجل، "فمبتدأ"، أي: فهو مبتدأ "لا غير"، والجملة بعده خبره، والرابط بينهما العموم الذي في "الرجل". "ومن ذلك"، أي: من حذف المبتدأ وجوبا "قولهم: من أنت زيد" بالرفع، فـ"زيد" خبر لمبتدأ محذوف وجوبا، "أي: مذكورك زيد، وهذا" التقدير "أولى من تقدير سيبويه: كلامك زيد"2؛ لأن المعاني لا يخبر عنها بالذوات؛ ولأن "زيدا" ليس بكلام لعدم تركيبه. وأجيب بأنه من باب إطلاق الكلام على المفرد، وهو جائز لغة، كما جاء عكسه وهو إطلاق الكلمة على الكلام، والمعنى على التقديرين: أن شخصا ذكر زيدا وهو ليس أهلا لذكره، فقيل له: من أنت زيد، برفع "زيد" ونصبه، فالرفع على ما مر، والنصب بفعل محذوف وجوبا، والتقدير: من أنت تذكر زيدا، ومن ثم قال ابن طاهر في الرفع والتقدير: مذكورك زيد، فيكون المقدر في الرفع من لفظ المقدر في النصب، والتزم حذف الرافع، كما التزم الناصب، نص عليه سيبويه2، وأفاد ذلك تعظيم زيد وإجلاله، وتحقير المخاطب وإذلاله. "و" من حذف المبتدأ وجوبا "وقولهم: في ذمتي" لأفعلن"، فـ"في ذمتي" خبر لمبتدأ محذوف وجوبا لسد جواب القسم مسده، "أي: في ذمتي ميثاق أو عهد"، ذكره أبو علي3. "وأما حذف الخبر جوازا فنحو: خرجت فإذا الأسد" فـ"الأسد" مبتدأ وخبره محذوف جوازا، "أي: حاضر"؛ لأن "إذا" الفجائية تشعر بالحضور، "ونحو: {أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا} [الرعد: 35] ، فـ"ظلها" مبتدأ، وخبره محذوف جوازا لدلالة ما قبله عليه، "أي: كذلك"، أي: دائم، "ويقال: من عندك؟ فتقول زيد"، فـ"زيد" مبتدأ، وخبره محذوف جوازا لدلالة "من" عليه، "أي: عندي"، وإليه أشار الناظم بقوله: 136- ..................... كما ... تقول زيد بعد من عندكما   1 في مغني اللبيب "785": "وجوّز ابن عصفور في المخصوص المؤخر أن يكون مبتدأ حذف خبره، ويرده أن الخبر لا يحذف وجوبا إلا إن سد شيء مسده"، وانظر شرح ابن الناظم ص89. 2 الكتاب 1/ 321. 3 شرح التسهيل 1/ 88. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 223 ويقال: ما عندك؟ فتقول: درهم، أي: عندي درهم، فيقدر الخبر متأخرا. قال ابن مالك1: "ولا يجوز أن يكون التقدير: عندي درهم إلا على ضعف؛ لأن الجواب ينبغي أن يسلك به مسلك السؤال، والمقدم في السؤال هو المبتدأ، فيكون هو المقدم في الجواب؛ ولأن الأصل تأخير الخبر، فترك في مثل: عندي درهم؛ لأن التأخير يوهم الوصفية، وذلك مأمون فيما هو جواب، فلم يعدل عن الأصل بلا سبب" ا. هـ. فإن قلت: إذا قدر الخبر متأخرا فما سوغ الابتداء بدرهم؟. قلت: كونه جوابا للاستفهام. "وأما حذفه"، أي: الخبر "وجوبا، ففي أربع مسائل: إحداها: أن يكون" الخبر "كونه مطلقا، والمبتدأ" واقع "بعد: لولا" الامتناعية، والمراد بالكون الوجود، وبالإطلاق عدم التقييد بأمر زائد على الوجود، وإيضاح ذلك أن يقال: إن كان امتناع الجواب لمجرد وجود المبتدأ فالخبر كون مطلق، "نحو: لولا زيد لأكرمتك"، فـ"الإكرام" ممتنع لوجود "زيد"، فـ"زيد" مبتدأ، وخبره محذوف وجوبا، وهو كون مطلق، "أي: لولا زيد موجود"، وإن كان امتناع الجواب لمعنى زائد على وجود المبتدأ؛ فالخبر كون مقيد، كما إذا قيل: هل زيد محسن إليك؟ فتقول: لولا زيد لهلكت، تريد: لولا إحسان زيد إلي لهلكت، فـ"الهلاك" ممتنع لـ"إحسان زيد"، فالخبر كون مقيد بـ"الإحسان"، وإنما حذف الخبر بعد "لولا" إذا كان كونا مطلقا؛ لأنه معلوم بمقتضى "لولا" إذ هي دالة على امتناع لوجود، والمدلول على امتناعه هو الجواب، والمدلول على وجوده هو المبتدأ، فإذا قيل: لولا زيد لأكرمتك، لم يشك في أن وجود "زيد" منع من "الإكرام"، فصح الحذف لتعيين المحذوف، وإنما وجب لسد الجواب مسده وحلوله محله، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 138- وبعد لولا غالبا حذف الخبر ... حتم .............................. "فلو كان" الخبر "كونا مقيدا"، بمعنى زائد على الوجود "وجب ذكره إن فقد دليله، كقولك: لولا زيد سالمنا ما سلم" من القتل، فـ"زيد" مبتدأ، وجملة "سالمنا" خبره، وهو كون مقيد؛ لأن وجود "زيد" مقيد بـ"المسألة"، ولا دليل يدل على خصوصيتها، فلذلك وجب ذكره، "وفي الحديث" خطابا لعائشة رضي الله عنها "لولا قومك حديثو عهد بكفر لبنيت الكعبة على قواعد إبراهيم" 2، وحكاه في المغني3   1 شرح التسهيل 1/ 295. 2 أخرجه البخاري في العلم برقم 126، وأعاده في الحج برقم 1506، 1509، وأخرجه مسلم في الحج باب نقض الكعبة برقم 1333، والحديث من شواهد أوضح المسالك 1/ 221، ومغني اللبيب 1/ 272، وهو في النهاية في غريب الحديث 1/ 350 "حدث". 3 مغني اللبيب 1/ 272 "360". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 224 بلفظ: "لولا قومك حديثو عهد بالإسلام لهدمت الكعبة" فـ"قومك" مبتدأ، و"حديثو" خبره، وهو كون مقيد بـ"الحداثة"، "وجاز الوجهان" وهما: ذكر الخبر وحذفه، "إن وجد الدليل" الدال عليه، "نحو: لولا أنصار زيد حموه ما سلم"، فـ"حموه" خبر "أنصار" وهو كون مقيد بـ"الحماية"، والمبتدأ دال عليها، إذ من شأن الناصر أن يحمي من ينصره، "ومنه قول أبي العلاء" أحمد بن عبد الله بن سليمان التنوخي "المعري" في وصف السيف: [من الوافر] 151- يذيب الرعب منه كل عضب ... "فلولا الغمد يمسكه لسالا" فـ"يمسكه" خبر "الغمد"، وهو كون مقيد بـ"الإمساك"، والمبتدأ دال عليه، إذ من شأن غمد السيف إمساكه، و"يذيب" نقيض "يجمد" ومعناه: يسيل، و"الرعب" بضم الراء وسكون العين المهملة: الخوف، فاعل "يذيب" و"كل عضب" مفعوله، وهو بعين مهملة فضاد معجمة ساكنة فموحدة وهو: السيف القاطع، و"الغمد" بكسر الغين المعجمة: غلاف السيف، و"الإسالة": إيجاد السيلان، والهاء في "يمسكه" عائدة على "كل عضب"1. قال الموضح في شرح الشواهد2: والمعنى أن هذا السيف تفزع منه السيوف، فلولا أن أغمادها تمسكها لسالت لذوبانها من فزعها منه. ا. هـ. وهذا التفصيل مذهب الرماني وابن الشجري والشلوبين وابن مالك، وإليه أشار في النظم بقوله: غالبا. "وقال الجمهور: لا يذكر الخبر بعد "لولا"" أصلا، بناء عندهم على أنه لا يكون إلا كونا مطلقا. "وأوجبوا جعل الكون الخاص"، أي: المقيد "مبتدأ فيقال" في: لولا زيد سالمنا ما سلم: "لولا مسالمة زيد إيانا، أي: موجودة"، ويقال في: لولا أنصار زيد حموه ما سلم: لولا حماية أنصار زيد إياه، أي: موجودة. "ولحنوا المعري" في قوله: فلولا الغمد يمسكه3. قال الموضح في المغني4: وليس؛ يعني التلحين؛   151- البيت لأبي العلاء المعري في الارتشاف 2/ 31، وأوضح المسالك 1/ 221، والجنى الداني ص600، والدرر 1/ 196، ورصف المباني 295، وشرح ابن الناظم ص87، وشرح التسهيل 1/ 276، وبلا نسبة في شرح الأشموني 1/ 102، وشرح ابن عقيل 1/ 251، ومغني اللبيب 1/ 273، والمقرب 1/ 84. 1 في شرح ابن الناظم ص88: "ولو قيل في الكلام: "لولا الغمد لسال" لصح، ولكنه آثر ذكر الخبر، رفعا لإيهام تعليق الامتناع على نفس الغمد بطريق المجاز". 2 أي: في كتابه تخليص الشواهد ص209. 3 في حاشية يس 1/ 179: "ظاهر قوله: لحنوا، أن الجمهور جميعهم وقع منهم ذلك". 4 مغني اللبيب 1/ 273. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 225 بجيد، لاحتمال تقدير "يمسكه" بدل اشتمال [من "الغمد"] 1 على أن الأصل: أن يمسكه، ثم حذفت "أن" فارتفع الفعل، أو تقدير "يمسكه" جملة معترضة، [أي: بين المبتدأ والخبر المحذوف] 1. ا. هـ. وفي الاحتمال الأول نظر، فقد قال الموضح نفسه في شرح شواهد ابن الناظم في: [من الرجز] 152- من لد شولا .................... قدره سيبويه: من لد أن كانت2. واعترض عليه في تقديره "أن" أنه يلزم منه حذف بعض الاسم، وبقاء بعضه، هذا كلامه، ومن خطه نقلت. وبهذا يعترض أيضا على الدماميني في قوله: ويحتمل أن يخرج على حذف "أن" الناصبة للاسم، الرافعة للخبر، والأصل: فلولا أن الغمد يمسكه، فحذفت، وارتفع الاسم بعدها. ا. هـ. [وهذا أقعد في الرد من قول الشمني، ردا لتخريج الدماميني، وهذا التخريج غير متأت في بيت المعري لكونه من المولدين، فيقال له: لا خصوصية بهذا لتخريج الدماميني، بل يقال ذلك في تخريج الموضح أيضا] 3. ولا يجوز أن يكون "يمسكه" حالا من الخبر المحذوف؛ لأنهم لا يذكرون الحال بعد "لولا" لأنها خبر في المعنى، نقله الموضح في المغني4 عن الأخفش، وأقره5. "وقالوا: الحديث المتقدم مروي بالمعنى"، لا باللفظ، قال ابن أبي الربيع6: لم أر هذه الرواية؛ يعني بهذا اللفظ؛ من طريق صحيح. والروايات المشهورة في ذلك: لولا حدثان قومك، لولا حداثة قومك، لولا أن قومك حديثو عهد بجاهلية، ونحو ذلك، نقله المرادي في شرح النظم7.   1 ما بين المعقوفتين زيادة من "ط". 152- تمام الرجز: "من لد شولا فإلى إتلائها"، وهو بلا نسبة في ارتشاف الضرب 2/ 266، وشرح ابن الناظم ص101، وشرح التسهيل 1/ 365، 3/ 130، وشرح المفصل 4/ 101، 8/ 35، والكتاب 1/ 264، واللسان 13/ 384 "لدن"، ومغني اللبيب 2/ 422، والمقاصد النحوية 2/ 51، وهمع الهوامع 1/ 122. 2 الكتاب 1/ 265. 3 سقط بين المعقوفتين من الأصل، وهو إضافة من "ب" و"ط". 4 مغني اللبيب 1/ 273. 5 في الارتشاف 2/ 31, 32: "وزعم الأخفش أنه إن ورد خبر لمبتدأ بعد "لولا" كان شاذا أو ضرورة، وهو منبه على الأصل". 6 في كتابه البسيط في شرح الجمل 1/ 594, 595. 7 شرح المرادي 1/ 289. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 226 وما ذكره الموضح من أن الاسم المرفوع بعد "لولا" مبتدأ؛ هو الصحيح عند البصريين. وذهب الكوفيون إلى أنه فاعل بفعل محذوف، وقيل: هو مرفوع بـ"لولا"1، وسيأتي. المسألة "الثانية: أن يكون المبتدأ صريحا في القسم"، بمعنى: أنه لا يستعمل إلا في القسم قبل ذكر المقسم عليه، "نحو: لعمرك"، بفتح العين، من عمر الرجل، بكسر الميم، إذا عاش زمنا طويلا، ثم استعمل في القسم مرادا به الحياة، أي: وحياتك، "لأفعلن، وأيمن الله"، بفتح الهمزة وضم الميم، من اليمن، وهو البركة، أي: وبركة الله لأفعلن، فـ"عمرك" و"أيمن الله" مبتدآن، حذف خبراهما وجوبا، "أي: لعمرك قسمي، وأيمن الله يميني"، وإنما وجب حذفه لسد جواب القسم مسده، "فإن قلت" عهد الله لأفعلن، جاز إثبات الخبر" وحذفه "لعدم الصراحة في القسم" به؛ لأن "عهد الله" غير ملازم للقسم، إذ يستعمل في غيره، نحو: عهد الله يجب الوفاء به، ولا يفهم منه القسم إلا بذكر المقسم عليه. "وزعم ابن عصفور أنه يجوز في نحو: لعمرك لأفعلن، أن يقدر: لقسمي عمرك، فيكون من حذف المبتدأ2". والأول أولى؛ لأنه إذا دار الحذف بين أن يكون من الصدور الأوائل أو من الأعجاز الأواخر فالحمل على الأواخر أولى؛ لأنها هي محل التغيير غالبا؛ ولأن دخول اللام على شيء واحد لفظا وتقديرا أولى من جعلها داخلة في اللفظ على شيء وفي التقدير على شيء آخر، وإلى هذه المسألة أشار الناظم بقوله: 138- .................................... ... ........... وفي نص يمين ذا استقر المسألة "الثالثة: أن يكون المبتدأ معطوفا عليه اسم بواو وهي نص في المعية، نحو: كل رجل وضيعته" بالضاد المعجمة، وهي الحرفة، سميت بذلك لأن صاحبها يضيع بتركها، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 139- وبعد واو عينت مفهوم مع ... كمثل "كل صانع وما صنع" فـ"كل" مبتدأ، و"صانع" مضاف إليه، و"ما صنع" معطوف على المبتدأ،   1 انظر الإنصاف 1/ 70. 2 في الارتشاف 2/ 32: "وأجاز ابن عصفور في نحو: يمين الله، أن يكون مبتدأ محذوف الخبر، وأن يكون خبرا محذوف المبتدأ، وقدره: قسمي يمين الله، فإن كان القسم به قد يستعمل لغير القسم كان حذف الخبر جائز، نحو: علي عهد الله لأفعلن". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 227 والخبر محذوف وجوبا، أي: مقرونان، وإنما حذف لدلالة الواو وما بعدها على المصاحبة والاقتران، وإنما وجب الحذف لقيام الواو مقام "مع" ولو جيء بـ"مع" [مكان الواو] 1 كان كلاما تاما، "ولو قلت: زيد وعمرو، وأردت الإخبار باقترانهما جاز حذفه"، أي: الخبر اعتمادا على أن السامع يفهم من اقتصارك على ذكر المتعاطفين معنى الاقتران والاصطحاب، "و" جاز "ذكره" لعدم التنصيص على المعية2، "قال" الفرزدق: [من الطويل] 153- تمنوا لي الموت الذي يشعب الفتى ... "وكل امرئ والموت يلتقيان" فآثر ذكر الخبر وهو "يلتقيان" و"يشعب" بفتح العين المهملة: يفرق، وما ذكره الموضح هو قول جمهور البصريين. "وزعم الكوفيون والأخفش أن نحو: كل رجل وضيعته، مستغن عن تقدير الخبر؛ لأن معناه مع ضيعته"، وذلك كلام تام لا يحتاج إلى شيء آخر3، والبيت ضرورة. المسألة "الرابعة: أن يكون المبتدأ إما مصدرا" صريحا "عاملا في اسم مفسر"، بكسر السين، "لضمير" بالتنوين، متعلق بمفسر "ذي حال"، نعت لضمير "لا يصح كونها"، أي: الحال "خبرا عن المبتدأ المذكور، نحو: ضربي زيدا قائما"، فـ"ضربي" مبتدأ، وهو مصدر مضاف إلى فاعله، و"زيدا" مفعوله، و"قائما" حال من ضمير يفسره "زيد"، وهذه الحال لا يصح جعلها خبرا عن "ضربي" لأن الخبر وصف في المعنى، و"الضرب" لا يوصف بالقيام. فلا يقال: ضربي قائم: وإما مصدرا مؤولا، نحو: أن ضربت، أو: أن تضرب زيدا قائما، على رأي بعض الكوفيين. "أو" يكون المبتدأ اسم تفضيل "مضافا إلى المصدر المذكور، نحو: أكثر شربي السويق ملتوتا"، فـ"أكثر" اسم تفضيل مبتدأ، مضاف إلى مصدر عامل في اسم مفسر لضمير ذي حال لا يصح كونها خبر عنه. "أو" مضافا "إلى" شيء "مؤول بالمصدر المذكور، نحو: أخطب ما يكون   1 إضافة من "ط". 2 انظر شرح ابن عقيل 1/ 253، وشرح التسهيل 1/ 277، وشرح ابن الناظم ص88. 153- البيت للفرزدق في المقاصد النحوية 1/ 543، وليس في ديوانه، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 224، وتخليص الشواهد ص211، وخزانة الأدب 6/ 283، وشرح ابن الناظم ص88، وشرح الأشموني 1/ 145. 3 في شرح ابن عقيل 1/ 253: "واختار هذا المذهب ابن عصفور في شرح الإيضاح". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 228 الأمير قائما"، فـ"أخطب" اسم تفضيل مبتدأ مضاف إلى مؤول بالمصدر، وهو "ما" والفعل، أي: أخطب كون الأمير قائما. "وخبر ذلك" كله في الأمثلة السابقة "مقدر بـ"إذ كان"" إن أريد الماضي، "أو "إذا كان" إن أريد المستقبل "عند" سيبويه وجمهور "البصريين"1، فيكون الخبر ظرف زمان متعلقا بمحذوف، والتقدير: حاصل إذ كان، أو إذا كان، فـ"حاصل" خبر، و"إذ" أو "إذا" ظرف للخبر مضاف إلى "كان" التامة، وفاعلها مستتر فيها عائد على مفعول المصدر، و"قائما" و"ملتوتا" حالان من الضمير المستتر في "كان"، وإنما لم تجعل "كان" ناقصة، والمنصوب خبرها لوجهين: أحدهما: التزام تنكيره، فإنهم لا يقولون: ضربي زيدا القائم. والثاني: وقوع الجملة الاسمية مقرونة بالواو موقعه، كالحديث: "أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد" 2، قاله ابن الناظم3. "و" مقدر "بمصدر مضاف إلى صاحب الحال عند الأخفش، واختاره الناظم" في التسهيل4 لقلة الحذف مع صحة المعنى، "فيقدر" الخبر "في: ضربي زيدا قائما: ضربه قائما"، وفي: أكثر شربي السويق ملتوتا: شربه ملتوتا، وفي: أخطب ما يكون الأمير قائما: كونه قائما، فالمصدر الثاني هو الخبر، وفاعله محذوف، والهاء المضاف إليها مفعوله، وهي صاحبة الحال، وهذا وإن كان أقل حذفا من الأول غير مرضي عند سيبويه وجمهور البصريين لما فيه من حذف المصدر وإبقاء معموله، وهو لا يجوز عندهم؛ ولأن تقدير الظرف يناسب الحال5. قال ابن عصفور6: وإنما صح للحال أن تسد مسد الخبر؛ لأنها بمنزلة الظرف في المعنى، ألا ترى أنه لا فرق بين: ضربي زيدا قائما، و: ضربي زيدا وقت قيامه، فكل منهما سد مسد الخبر، وكل منهما على معنى "في" والظرف يسد مسد الخبر، فكذا الحال. ا. هـ.   1 انظر الارتشاف 2/ 35، والكتاب 1/ 402. 2 أخرجه النسائي 1/ 245، كتاب الصلاة، باب أقرب ما يكون العبد من الله. 3 شرح ابن الناظم ص89. 4 التسهيل ص45، وشرح التسهيل 1/ 278. 5 انظر الارتشاف 2/ 35، والكتاب 1/ 402. 6 المقرب 1/ 85. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 229 وقيل: الخبر نفس الحال، كما قيل به في الظرف، وقيل: الحال أغنت عنه، كما أغنى مرفوع الوصف عن الخبر، والصحيح أن الخبر محذوف وجوبا لسد الحال مسده؛ كما نبه عليه الناظم بقوله: 140- وقبل حال لا يكون خبرا ... عن الذي خبره قد أضمرا واحترز الموضح بقوله: عاملا في اسم مفسر لضمير ذي حال من أن يكون المصدر عاملا في صاحب الحال نفسه، فإن الحال لا يسد مسد الخبر حينئذ، نحو: ضربي زيدا قائما شديد، فإن "قائما" حال من "زيد"، والعامل فيها هو العامل في "زيد" وهو "ضربي"، فلا يغني عن الخبر؛ لأنها من صلة المصدر، وشمل قوله: عاملا في اسم مفسر، كون المفسر مفعولا، كما مثل، وكونه فاعلا في المعنى، نحو: قيام زيد ضاحكا، قاله المرادي في شرح التسهيل. واحترز بقوله: لا يصح كونها خبرا عن المبتدأ عما إذا صحت فإنه "لا يجوز: ضربي زيدا شديدا"، بالنصب "لصلاحية الحال للخبرية، فالرفع" لـ"شديد" "واجب"؛ لأنه وصف لـ"الضرب" لا لـ"زيد"، وقيل: إنما وجب الرفع لعدم احتياجه إلى إضمار، وهو مشكل غايته أن يكون راجحا، كما في: زيد ضربته، "وشذ قولهم" لرجل حكموه عليهم، وأجازوا حكمه: "حكمك مسمطا"، بضم الميم وفتح السين المهملة وتشديد الميم وفي آخره طاء مهملة، أي: مثبتا، وكان القياس رفعه لصلاحيته للخبرية، ولكنه نصب على الحالية، والخبر محذوف، "أي: حكمك لك مثبتا"، أي: نافذا، وشذوذه من وجهين: أحدهما: النصب مع صلاحية الحال للخبرية. والثاني: أن الحال ليست من ضمير معمول المصدر، وإنما صاحب الحال ضمير المصدر المستتر في الخبر، ولا يصح أن يكون الحال من الكاف المضاف إليها في: "حكمك" لأن الذوات لا توصف بالنفوذ، وأشذ منه قراءة علي كرم الله وجهه "وَنَحْنُ عُصْبَةً" [يوسف: 14] بالنصب1، مع انتفاء المصدرية بالكلية، فـ"عصبة" حال من ضمير الخبر، والتقدير: ونحن نجتمع عصبة.   1 انفرد الإمام علي بهذه القراءة. انظر البحر المحيط 5/ 283، ومختصر ابن خالويه ص62، وشرح ابن الناظم ص89. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 230 "فصل": "والأصح جواز تعدد الخبر" لفظا ومعنى لمبتدأ واحد؛ لأن الخبر كالنعت، فيجوز تعدده، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 142- وأخبروا باثنين أو بأكثرا ... عن واحد .......... سواء اتفقا إفرادا، أو جملة أو اختلفا. فالأول "نحو: زيد شاعر"، أي: ناظم، "كاتب" أي: ناثر؛ يعني أنه ينظم الكلام وينثره. والثاني نحو: زيد قام ضحك. والثالث: زيد قاعد ضحك وعكسه. "والمانع" لجواز التعدد كابن عصفور "يدعي تقدير "هو" للثاني" من الخبرين، "أو" يدعي "أنه"، أي: المبتدأ "جامع للصفتين"، الشعر والكتابة، "لا الإخبار بكل منهما" على انفراده لوجود التعدد لفظا ومعنى، نص على ذلك ابن عصفور في المقرب1 وشرحي الجمل، "وليس من تعدد الخبر" لواحد "ما ذكره ابن الناظم" في شرح النظم2 "من قوله" وهو طرفة، على ما قيل: [من المتقارب] 154- "يداك يد خيرها يرتجى ... وأخرى لأعدائها غائظه" بل من تعدد الخبر لمبتدأ متعدد في نفسه حقيقة؛ "لأن "يداك" في قوة مبتدأين لكل منهما خبر"، على حدته؛ لأن التحقيق أن العطف ليس من التعدد، وقول أبيه في التسهيل3: بعطف وغير عطف، منتقد عليه. وليس من تعدد الخبر لفظا ومعنى ما ذكره ابن الناظم أيضا، "من نحو قولهم4: الرمان حلو حامض"، بل من تعدد الخبر لفظا لا   1 المقرب ص86. 2 شرح ابن الناظم ص91. 154- البيت لطرفة بن العبد في ملحق ديوانه ص155، والمقاصد النحوية 1/ 572، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 7/ 17، 18، وأوضح المسالك 1/ 228، وتخليص الشواهد ص212، وخزانة الأدب 1/ 133، وشرح ابن الناظم ص90، وشرح الأشموني 1/ 106، وشرح التسهيل 1/ 140، 326، ولسان العرب 7/ 454 "غيظ". 3 التسهيل ص50. 4 شرح ابن الناظم ص90. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 231 معنى؛ "لأنهما بمعنى خبر واحد، أي: مز"، وضابطه أن يكون المخبر عنه مشتملا على طرف من كل من الخبرين، لا عليهما معا، ألا ترى أن "المز" ليس تام الحلاوة، ولا تام الحموضة، ولكنها بينهما، "ولهذا"، أي: ولأجل كونهما في معنى خبر واحد "يمتنع العطف" للثاني "على" الأول على "الأصح"؛ لأن العطف يقتضي المغايرة، فلا يقال: الرمان حلو وحامض، خلافا للفارسي في أحد قوليه1. "و" يمتنع أيضا "أن يتوسط المبتدأ بينهما"، وأن يتقدما على المبتدأ على الأصح فيهما عند الأكثرين، قاله في البديع. فلا يقال: حلو الرمان حامض، ولا حلو حامض الرمان، وليس الثاني بدلا؛ لأنه ليس المراد أحدهما، بل كلاهما، ولا صفة لامتناع وصف الشيء بمناقضه، ونقل عن الأخفش جواز كونه وصفا للأول على معنى: حلو فيه حموضة، والصفة توصف إذا نزلت منزلة الجامد، نحو: مررت بالضارب العاقل. ورد بأن الصفة كالفعل، وهو لا يوصف، ولو صح هذا؛ أي: الرد؛ لم يصح التصغير، وهو جائز بلا خلاف. قاله الموضح في شرح بانت سعاد2. ولا خبر مبتدأ محذوف؛ لأن المراد أنه جمع الطعمين، وهل في كل منهما ضمير أو لا ضمير فيهما، أو في الثاني فقط أقوال، اختار أبو حيان أولها3، وصاحب البديع ثانيها، والفارسي ثالثها، ونظير ثمرة الخلاف في تحملهما، أو تحمل أحدهما في نحو: هذا البستان حلو حامض رمانه، فإن قلنا: لا يتحمل الأول ضميرا، تعين رفع "رمانه" بالثاني، وإن قلنا: إنه يتحمل فيجوز أن يكون من باب التنازع في السببي المرفوع على القول به، وليس من تعدد الخبر ما ذكره ابن الناظم4 أيضا "من نحو: {وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ" فِي الظُّلُمَاتِ} [الأنعام: 39] ؛ "لأن الثاني تابع" بالعطف بالواو علة ما قبله، والأصل: والذين كذبوا بآياتنا بعضهم صم وبعضهم بكم، فحذف المبتدآن، وبقي خبراهما، فعطف أحدهما على الآخر.   1 في شرح ابن الناظم ص90: "أجاز فيه أبو علي الفارسي، العطف". 2 شرح بانت سعاد ص53. 3 الارتشاف 2/ 64. 4 شرح ابن الناظم ص90. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 232 باب الأفعال الداخلة على المبتدأ مدخل ... باب الأفعال الداخلة على المبتدأ: إذا لم يلزم التصدير ولا الحذف، ولا عدم التصرف، ولا الابتدائية بنفسه، أو بغيره، فالأول: كاسم الشرط، والثاني: كالمخبر عنه بنعت مقطوع. والثالث: نحو طوبى للمؤمن، والرابع: نحو: أقل رجل يقول ذلك إلا زيدًا، والخامس: كمصحوب إذا الفجائية، والخبر إذا لم يكن طلبًا ولا إنشاء، "فترفع المبتدأ تشبيهًا بالفاعل، ويسمى اسمها" حقيقة، وفاعلها مجازًا، "وتنصب خبره تشبيهًا بالمفعول، ويسمى خبرها" حقيقة، ومفعولها مجازًا؛ لأنها أشبهت بالفعل التام المتعدي لواحد، كـ: ضرب زيد عمرًا، هذا مذهب البصريين، وذهب جمهور الكوفيين إلى أنها لا تعمل في المرفوع شيئًا، وإنما هو مرفوع بما كان مرفوعًا به قبل دخولها، وخالفهم الفراء فذهب إلى أنها عملت فيه الرفع تشبيهًا بالفاعل، واتفقوا على نصبها الجزء الثاني. ثم اختلفوا في نصبه، فقال الفراء: تشبيهًا بالحال؛ لأنها شبيهة بـ "قام". وقال بقية الكوفيين: منصوب على الحال. والصحيح مذهب البصريين لوروده مضمرًا ومعرفة وجامدً1، ولكونه لا يستغنى عنه، وليس ذلك من شأن الحال. وعورض بوقوعه جملة وشبهها، ولا يقع المفعول به كذلك. وأجيب بأن الجملة تقع موقع المفعول به، كالمحكية بالقول، نحو: {قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ} [مريم: 30] ، وكذلك شبهها، كمررت بزيد، ودخلت الدار، وإلى اختيار مذهب البصريين أشار الناظم بقوله: 143- ترفع كان المبتدأ اسمًا والخبر ... تنصبه ...........................   انظر الإنصاف 2/ 821. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 233 وهذه الأفعال هنا ثلاثة عشر فعلًا. "وهي ثلاثة أقسام:" "أحدها: ما يعمل هذا العمل"، وهو رفع الاسم ونصب الخبر "مطلقًا" من غير شرط، سواء كانت مثبتة أو منفية صلة لـ "ما" الظرفية أو "لا"، "وهو ثمانية، كان، وهي أم الباب" لاختصاصها بأمور لا تكون لأخواتها كما سيأتي: "وأمسى، وأصبح، وأضحى، وظل، وبات, وصار، وليس، نحو: {وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا} " [الفرقان: 54] ، و: [من البسيط] 155- أمست خلاء ............ ... ...................... و: {فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا} [آل عمران: 103] ، و: [من البسيط] 156- أضحى يمزق أثوابي ......... ... ............................... و: {ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا} [النحل: 85] , [الزخرف: 17] ، و: [من البسيط] 157- أبيت ريان الجفون .... ... ............................ و: صار السعر رخيصًا: و: {لَيْسَ مَصْرُوفًا} [هود: 8] . والقسم "الثاني: ما يعمله"، أي: هذا العمل، "بشرط أن يتقدمه نفي" بحرف أو اسم أو فعل موضوع للنفي أو عارض فيه بنقل أو استلزام، "أو نهي، أو دعاء" بـ "لا" خاصة، كما في الارتشاف1. "وهو أربعة: زال ماضي يزال، وبرح،   155- تمام البيت: "أمست خلاء وأمسى أهلها احتملوا ... أخنى عليها الذي أخنى على لبد" وهو للنابغة الذبياني في ديوانه ص16، وجمهرة اللغة ص1057، والحيوان 6/ 325، 7/ 51، وخزانة الأدب 4/ 5، والدرر 1/ 213، ولسان العرب 3/ 386، "لبد"، 14/ 245 "خنا"، وبلا نسبة في الارتشاف 2/ 78، وشرح الأشموني 1/ 111، وشرح التسهيل 1/ 344، وشرح عمدة الحافظ ص210، وشرح قطر الندى ص134، وهمع الهوامع 1/ 114، وثمار القلوب ص694، وعمدة الحفاظ "لبد": "مسي". 156- تمام البيت: "أضحى يمزق أثوابي ويضربني ... أبعد شيبي يبغي عندي الأدبا" ،وهو لأم ثواب الهزانية في الحماسة البصرية 2/ 305 وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص756، والعققة والبررة 2/ 364، "ضمن نوادر المخطوطات"، وبلا نسبة في الارتشاف 2/ 78، وشرح قطر الندى ص135. 157- تمام البيت: "أتبيت ريان الجفون من الكرى ... وأبيت منك بليلة الملسوع" وهو للشريف الرضي في ديوانه 1/ 652، وحاشية يس 1/ 184، وللشريف المرتضى في مغني اللبيب 2/ 668، وبلا نسبة في الدرر 2/ 23، 294، وشرح الأشموني 3/ 566، وهمع الهوامع 2/ 13، 90. 1 الارتشاف 2/ 72. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 234 وفتئ، وانفك"، وإنما اشترطوا فيها ذلك؛ لأنها بمعنى النفي، فإذا دخل عليها النفي إثباتًا، فمعنى: ما زال زيد قائمًا، وهو قائم فيما مضى، والدليل على انقلابه أنه لا يجوز: ما زال زيد إلا قائمًا، كما يجوز: ما كان زيد إلا قائمًا، هذا قول البصريين، وصححه أبو البقاء، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 145- ....... وهذي الأربعه ... لشبه نفي أو لنفي متبعه "مثالها بعد النفي" بالحرف: {وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ} [هود: 118] , فـ "يزال" فعل مضارع، والواو اسمه، و"مختلفين" خبره، " {لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ} " [طه: 91] ، فـ "نبرح" مضارع برح، واسمه مستتر فيه وجوبًا، و"عاكفين" خبره. ولو اقتصر على المثال الثاني كفاه، ولكنه حاول التنصيص على أن ذلك يسوغ مع ذكر "لا" وحذفها، "ومنه: {تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ} [يوسف: 85] "وقوله" وهو امرؤ القيس الكندي: [من الطويل] 158- "فقلت يمين الله أبرح قاعدًا ... ولو قطعوا رأسي لديك وأوصالي "إذ الأصل: لا تفتؤ، ولا أبرح" ولا ينقاس حذف النافي إلا بثلاثة شروط: كون الفعل مضارعًا، وكونه جواب قسم، وكون النافي "لا"، وهذه الشروط مستفادة من الآية والبيت، و"يمين" يروى بالرفع على أنه مبتدأ حذف خبره، أي: يمين الله قسمي، وبالنصب على أن أصله: أقسم بيمين الله فحذف حرف الجر أولًا، فوصل الفعل بنفسه، ثم حذف الفعل، وبقي النصب بحاله، "ولا أبرح" جواب القسم، وجواب "لو" محذوف لدلالة ما قبله عليه، والتقدير: ولو قطعوا رأسي لا أبرح، ومثالها بعد النفي بالاسم قوله: [من المديد] 159- غير منفك أسير هوى ... كل فان ليس يعتبر ومثالها بالفعل الموضوع للنفي قوله: [من الخفيف]   158- البيت لامرئ القيس في ديوانه ص32، وخزانة الأدب 9/ 238، 239, 10/ 43، 44، 45، والخصائص 2/ 248، والدرر 2/ 106، وشرح أبيات سيبويه 2/ 220، وشرح الجواليقي ص380، وشرح شواهد المغني 1/ 341، وشرح المفصل 7/ 110، 8/ 37، 9/ 104، والكتاب 3/ 504، ولسان العرب 13/ 463، "يمن", واللمع ص259، والمقاصد النحوية 2/ 13، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 232، وخزانة الأدب 10/ 93، 94، وشرح الأشموني 1/ 110، ومغني اللبيب 2/ 637، والمقتضب 2/ 362، وهمع الهوامع 2/ 38. 159- البيت بلا نسبة في الدرر 1/ 205، وهمع الهوامع 1/ 111، والارتشاف 2/ 81. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 235 160- ليس ينفك ذا غنى واعتزاز ... كل ذي عفة مقل قنوع ومثالها بالفعل العارض للنفي قوله: [من الخفيف] 161- قلما يبرح اللبيب إلى ما ... يورث الحمد داعيًا أو مجيبًا فإن "قلما" خلع منه معنى التقليل، وصير بمعنى "ما" النافية، ومثالها بالفعل المستلزم للنفي: أبيت أزال أستغر الله، أي: لا أزال، قاله الفراء، ووجهه أن من أبى شيئًا لم يفعله، والإباء مستلزم للنفي؛ ولهذا ساغ بعد أبي تغريغ الاستثناء، قاله الموضح في الحواشي. "ومثالها بعد النهي قوله": [من الخفيف] 162- "صاح شمر ولا تزل ذاكر المو ... ت" فنسيانه ضلال مبين "صاح" مرخم صاحب على غير القياس. و"شمر" بكسر الميم أمر لا نهي، واسم "تزل" مستتر فيها وجوبًا تقديره: أنت. و"ذاكر الموت" خبرها. "ومثالها بعد الدعاء قوله" وهو ذو الرمة: [من الطويل] 163- ألا يا اسلمي يا دار مي على البلى ... "ولا زال منهلًا بجرعائك القطر" فـ "القطر": اسم "زال" مؤخر، و"منهلًا": خبرها مقدم، والأصل: ولا زال القطر منهالًا بجرعائك، و"ألا": حرف استفتاح، و"يا": حرف نداء, والمنادى محذوف، أي: يا هذه، أو حرف تنبيه مؤكد لـ "ألا" الاستفتاحية لما فيها من معنى التنبيه، و"اسلمي" فعل أمر من السلامة وهي: البراءة من العيوب، ومعناه الدعاء لدار مي بالسلامة، و"مي": اسم امرأة وليس ترخيم مية كما قد يتوهم، و"على": للمصاحبة، أي: اسلمي مع بلائك، و"المنهل": السائل بشدة، و"الجرعاء": تأنيث الأجرع رملة مستوية لا تنبت شيئًا و"القطر": جمع قطرة المطر. وهذا البيت خاتمة كتاب الصحاح1 لما   160- البيت بلا نسبة في تخليص الشواهد ص230، والدرر 1/ 205، وشرح الأشموني 1/ 109، والمقاصد النحوية 2/ 73، وهمع الهوامع 1/ 111، وشرح التسهيل 1/ 334. 161- البيت بلا نسبة في تذكرة النحاة ص304، وشرح شواهد المغني 306، والنكت الحسان ص66. 162- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 334، وتخليص الشواهد ص230، والدرر 1/ 205، وشرح ابن الناظم ص94، وشرح الأشموني 1/ 110، وشرح التسهيل 1/ 334، وشرح ابن عقيل 1/ 265، وشرح عمدة الحافظ ص199، وشرح قطر الندى ص127، والمقاصد النحوية 2/ 14، وهمع الهوامع 1/ 111. 163- تقدم تخريج البيت برقم 12. 1 الصحاح 6/ 2563 "يا". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 236 فيه من الدعاء بالسلامة من العيوب، وباستمرار النفع به1، وإنما قام النهي والدعاء بـ"لا" مقام النفي لأن المطلوب بهما ترك الفعل؛ وترك الفعل نفي. "وقيدت "زال" بماضي "يزال" احترازًا من "زال" ماضي "يزيل" بفتح الياء "فإنه فعل تام متعد إلى مفعول" واحد، وزنه "فعل" بفتح العين "ومعناه: "ماز" بمعنى "ميز" "تقول: زل ضأنك من معزك" أي: ميز بعضها من بعض "ومصدره" الزيل" بفتح الزاي؛ لأنه من باب ضرب يضرب ضربًا" "و" احترازًا من "زال" "ماضي "يزول" فإنه فعل تام قاصر"، ووزنه "فعل" بفتح العين أيضًا؛ لأنه من باب: نصر ينصر، "ومعناه الانتقال"، تقول1: زل عن مكانك؛ أي: انتقل عنه "ومنه: {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا} " أي: تنتقلا. {وَلَئِنْ زَالَتَا} [فاطر: 41] ، أي: انتقلتا، "ومصدره "الزوال"، أي: الانتقال بخلاف "زال" ماضي "يزال" فإنه وزنه "فعل" بكسر العين؛ لأنه من باب: علم يعمل، ولا يوصف بتعد ولا قصور، وليس له مصدر. وحكى الكسائي والفراء2 لـ "زال" الناقصة مضارعًا آخر وهو "يزيل" فيكون مشتركًا بين التام والناقص، بل قال الفراء3: غيرت "زال" الناقصة من "زال" التامة بتحويلها إلى "فعل" بكسر العين، بعد أن كانت "فعل" بفتح العين، فرقًا بين التام والناقص. وقال ابن خروف4: يجوز كون الناقصة منقولة من: "زال يزيل" فعلى هذا عينهما ياء و"زال يزول" عينه واو. والقسم "الثالث: ما يعمل" هذا العمل "بشرط تقدم "ما" المصدرية الظرفية، وهو "دام" خاصة "نحو": {وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ " مَا دُمْتُ حَيًّا "} [مريم: 31] فـ "ما" مصدرية ظرفية، و"دمت"، دام واسمها، و"حيا" خبرها، والدليل على مصدرية "ما" وظرفيتها أنها تؤول بمصدر مضاف إليه الزمان، "أي: مدة دوامي حيا، وسميت "ما" هذه مصدرية؛ لأنها تقدر بالمصدر. وهو: الدوام، وسميت ظرفية لنيابتها عن الظرف؛ وهو: المدة" فأصل "ما دمت حيا" مدة ما دمت حيا, فحذف المضاف وهو "المدة" وناب المضاف إليه وهو: "ما" وصلتها عنها في   1 سقطت من "ب". 2 حاشية الصبان 1/ 237. 3 الارتشاف 2/ 79. 4 الارتشاف 2/ 79. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 237 الانتصاب على الظرفية، كما ناب المصدر الصريح عن ظروف الزمان، كجئتك صلاة العصر، أي: وقت صلاة العصر، قاله في المغني، وأطلق الناظم "ما" واعتمد على المثال فقال: 146- ومثل كان دام مسبوقًا بما ... كاعط ما دمت مصيبًا درهما فلو كانت "ما" مصدرية غير ظرفية لم تعمل عمل "دام" بعدها العمل المذكور، فإن ولي مرفوعها منصوب فهو حال، نحو: يعجبني ما دمت صحيحًا، أي: يعجبني دوامك صحيحًا، ولو لم تذكر "ما" أصلًا فأحرى بعدم العمل، نحو: دام زيد صحيحًا، فـ "دام" فعل ماض تام بمعنى "بقي" و"زيد" فاعله، و"صحيحًا" حال من "زيد"، ولا يلزم من وجود "ما" المصدرية الظرفية العمل المذكور، بدليل {مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ} [هود: 107] إذ لا يلزم من وجود الشرط وجود المشروط، ولا توجد الظرفية بدون المصدرية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 238 "فصل": "وهذه الأفعال" الثلاثة عشر "في التصرف" وعدمه. "ثلاثة أقسام: ما لا يتصرف بحال، وهو "ليس" باتفاق" لأنها وضعت وضع الحروف في أنها لا يفهم معناها، إلا بذكر متعلقها. "و "دام" عند الفراء وكثير من المتأخرين"1؛ لأنها صلة لـ"ما" الظرفية، وكل فعل وقع صلة لـ"ما" التزم مضيه، قال أبو حيان في النكت الحسان2. وأما: يدوم ودم ودائم ودوام، فمن تصرفات التامة. "وما يتصرف تصرفًا ناقصًا، وهو "زال" وأخواتها" الثلاثة، "فتئ" و"برح"، و"انفك"، "فإنها لا يستعمل منها أمر"؛ لأن من شرط عملها النفي، وهو لا يدخل الأمر، "ولا مصدر" لعدم دلالتها على الحدث عند جمهور البصريين. "و "دام" عند الأقدمين" وقليل من المتأخرين "فإنهم أثبتوا لها مضارعًا" وهو يدوم". "وما يتصرف تصرفًا تاما وهو الباقي". بناء على أن لها مصادر، فمصدر كان: الكون والكينونة، ومصدر أضحى، وأمسى، وأصبح: الإضحاء، والإمساء، والإصباح، ومصدر صار: الصير والصيرورة، ومصدر بات: البيات والبيتوتة، ومصدر ظل الظلول؛ قاله أبو حيان3. "وللتصاريف في هذين القسمين" وهما: المتصرف التصرف التام والناقص، "ما للماضي من العمل" بشرط وغيره، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 147- وغير ماض مثله قد عملا ... إن كان غير الماضي منه استعملا   1 في همع الهوامع 1/ 114: "قال ابن الخباز: لا تنصرف "ما دام" لأنها للتوقيت وللتأبيد، فتفيد المستقبل. قال أبو حيان: وما ذكر عدم تصرفها لم يذكره البصريون". 2 النكت الحسان ص69. 3 انظر الارتشاف 2/ 75، وهمع الهوامع 1/ 114. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 239 فالمضارع؛ نحو: {وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا} "، [مريم: 20] فـ"أك" مضارع "كان" وأصله: كون، حذفت الضمة للجازم، والواو لالتقاء الساكنين، والنون للتخفيف، واسمه مستتر فيه وجوبًا، و"بغيًا" خبره، وأصله: بغويا، اجتمع فيه الواو والياء، وسبقت إحداهما بالسكون، فقلبت الواو ياء، وأدغمت الياء في الياء، وقلبت الضمة كسرة. "والأمر نحو: {كُونُوا حِجَارَةً} [الإسراء: 50] ، أصله قبل اتصال الواو: كون، فحذفت الواو لالتقاء الساكنين، فصار: كن، فلما اتصل به واو الجماعة حركت النون بالضم لمناسبة الواو, فرجعت الواو المحذوفة لزوال التقاء الساكنين والواو اسمه، و"حجارة" خبره، ومثله: {كُونُوا رَبَّانِيِّينَ} [آل عمران: 79] ولو مثل به لكان حسنًا. "والمصدر كقوله": [من الطويل] 164- ببذل وحلم ساد في قومه الفتى ... "وكونك إياه عليك يسير" "كونك" مبتدأ، وهو مصدر مضاف إلى اسمه, وهو كاف المخاطب، و"إياه" خبره، من جهة نقصانه، والأصل: وكونك فاعله، فحذف المضاف، وانفصل الضمير، وفيه رد على أبي البقاء في زعمه: أن المنصوب بعد مصدر "كان" حالًا؛ لأن الضمير لا ينتصب على الحال، و"يسير" خبره من جهة ابتدائيته، و"البذل" بالذال المعجمة: العطاء "والباء" متعلقة بـ"ساد" و"عليك" متعلق بـ"يسير" مقدم من تأخير. "واسم الفاعل كقوله": [من الطويل] 165- "ومات كل من يبدي البشاشة كائنا ... أخاك" إذا لم تلفه لك منجدا فـ "كائنا" خبر "ما" الحجازية، واسمه مستتر فيه جوازًا تقديره: هو، و"أخاك" خبره، و"البشاشة" بفتح الباء الموحدة وشينين معجمتين: طلاقه الوجه، "وتلفه" بالفاء بمعنى: تجده متعد لاثنين. وفي التنزيل: {أَلْفَوْا آبَاءَهُمْ ضَالِّينَ} [الصافات: 69] ، و"منجدًا" بالجيم: مفعوله الثاني لا حال، خلافًا للعيني1. واسم المفعول كقول سيبويه2 في الظرف:   164- البيت بلا نسبة في ارتشاف الضرب 2/ 75، وأوضح المسالك 1/ 239، وتخليص الشواهد ص233، والدرر 1/ 213، وشرح ابن الناظم ص95، وشرح الأشموني 1/ 112، وشرح التسهيل 1/ 339، وشرح ابن عقيل 1/ 270، والمقاصد النحوية 2/ 15، وهمع الهوامع 1/ 114. 165- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 239، وتخليص الشواهد ص234، والدرر 1/ 214، وشرح ابن الناظم ص95، وشرح الأشموني 1/ 112، وشرح ابن عقيل 1/ 270، والمقاصد النحوية 2/ 17، وهمع الهوامع 1/ 114. 1 المقاصد النحوية 2/ 18. 2 الكتاب 1/ 46. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 240 مكون فيه، قاله أبو حيان1. "وقوله" وهو الحسين بن مطير الأسدي: [من الطويل] 166- "قضى الله يا أسماء أن لست زائلًا ... أحبك" حتى يغمض العين مغمض فـ"زائلًا" اسم فاعل "زال" الناقصة، واسمه مستتر فيه تقديره: أنا، وجملة "أحبك" خبره.   1 النكت الحسان ص69. 166- البيت للحسين بن مطير في ديوانه 170, والدرر 1/ 215، وشرح التسهيل 1/ 340، ولسان العرب 7/ 199، "غمض" ومجالس ثعلب 1/ 265، والمقاصد النحوية 2/ 18، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 240، وتخليص الشواهد ص234، وشرح ابن الناظم ص95، وشرح عمدة الحافظ ص197، وهمع الهوامع 1/ 114. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 241 "فصل": "وتوسط أخبارهن" بينهن وبين أسمائهن. "جائز خلافًا لابن درستويه1 في "ليس" ولابن معط2 في "دام" نص عليه في ألفيته. قيل: ولم يعرف لغيره. والصحيح الجواز من غير استثناء وعليه قول الناظم: 148- وفي جميعها توسط الخبر ... أجز ......................... "قال الله تعالى: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} [الروم: 47] ، فـ"حقا" خبر "كان" مقدم، و"نصر المؤمنين" اسمها مؤخر، ومن لازم تقديم خبرها على اسمها توسطه بينها وبين اسمها، إذا لم يتقدم عليها، "وقرأ حمزة وحفص {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ} [البقرة: 177] بنصب: البر3" على أنه خبر "ليس" مقدم، و"أن تولوا" اسمها مؤخر، فقد توسط خبر "ليس" بينها وبين اسمها، وهو خلاف ما منعه ابن درستويه. ويؤخذ من كلام المغني4 أن رفع "البر" ضعيف كضعف الإخبار بالضمير عما هو دونه في التعريف، فإنه قال: واعلم أنهم حكموا لـ"أن" و"أنّ" المقدرتين بمصدر معرف بحكم الضمير؛ [لأنه لا يوصف كما أن الضمير كذلك] 5، فلهذا قرأت   1 في الارتشاف 2/ 86: "وأما توسيط "ليس" فثابت من كلام العرب، فلا التفات لمن منع ذلك ........... ودعوى الفارسي وابن الدهان وابن عصفور وابن مالك الإجماع على جواز توسيط خبر "ليس" ليست بصحيحة، بل ذكر الخلاف فيها ابن درستويه تشبيهًا بـ"ما". 2 في شرح التسهيل 1/ 349: "وقد وقع في ذلك ابن معط رحمه الله فضمن ألفيته منع توسيط خبر "ليس وما دام" وليس له في ذلك متبوع، بل هو مخالف للمقيس والمسموع". 3 هي قراءة نافع وابن كثير وابن عامر والكسائي وابن مسعود وغيرهم. انظر البحر المحيط 2/ 2، والنشر 2/ 226. 4 مغني اللبيب ص590. 5 إضافة من المصدر السابق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 242 السبعة: {مَا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا} [الجاثية: 25] ، بالنصب، والرفع ضعيف. "وقال الشاعر": [من البسيط] 167- "لا طيب للعيش ما دامت منغصة لذاته" بادكار الموت والهرم فـ "منغصة" خبر "دام" مقدم، "ولذاته" اسمها مؤخر، فقد توسط خبر "دام" بينها وبين اسمها، وهو خلاف ما منعه ابن معط، وله أن يقول: "لذّاته" مرفوع على النيابة عن الفاعل بـ" منغصة"، واسم "دام" مستتر فيها على طريق التنازع في السببي المرفوع، إلا أن يكون لا يراه. وأولى منه قول الآخر: [من البسيط] 168- ما دام حافظ سري من وثقت به ... فهو الذي لست عنه راغبًا أبدًا فقدم الخبر على الاسم. "إلا أن يمنع" من جواز التوسط "مانع"، كحصر الخبر، "نحو: {وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً} " [الأنفال: 35] أي: صفير، أو كخفاء إعرابهما، نحو: كان موسى فتاك، وقد يكون التوسط واجبًا، نحو: كان في الدار ساكنها، فتحصل ثلاثة أقسام: قسم يجوز، وقسم يمتنع، وقسم يجب1.   167- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 242، وتخليص الشواهد 241، والدرر 1/ 221، وشرح ابن الناظم ص96، وشرح الأشموني 1/ 112، وشرح ابن عقيل 1/ 274، وشرح عمدة الحافظ 204، وشرح قطر الندى ص131، والمقاصد النحوية 2/ 20، وهمع الهوامع 1/ 177. 168- البيت بلا نسبة في تخليص الشواهد ص240. 1 انظر الارتشاف 2/ 85، 86، وشرح عمدة الحافظ ص205، 206. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 243 "فصل": "وتقديم أخبارهن" عليهن "جائز" عند البصريين1، إذا عريت مما يوجب التقديم أو التوسط أو التأخير، "بدليل" نحو: {أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ} [سبأ: 40] , " {وَأَنْفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ} " [الأعراف: 177] ، فـ"إياكم" و"أنفسكم" معمولان لخبر "كان"، وقد تقدما عليها، وتقديم المعمول يؤدن بجواز تقديم العامل، قاله ابن مالك في شرح التسهيل2، وسبقه إلى ذلك الفارسي، وابن جني3، وغيرهما من البصريين، وهو غير لازم، فإن البصريين أجازوا: زيدًا عمرو ضرب، مع قولهم: لا يتقدم الخبر إذا كان فعلًا، فأجازوا تقديم المعمول، ولم يجيزوا تقديم العامل، وفي التنزيل: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ} [الضحى: 9] فتقدم معمول الفعل مع أن الفعل لا يجوز تقديمه؛ لأن "أما" لا يليها فعل، قاله الموضح في الحواشي. "إلا خبر "دام" فلا يجوز تقديمه على "ما دام" "اتفاقًا" لأن معمول صلة الحرف المصدري. لا يتقدم عليه، ولا يجوز توسطه بين "ما" و"دام" على الصواب إن قلنا إن الموصول الحرفي لا يفصل من صلته بمعمولها، وإن قلنا يفصل إذا لم يكن عاملًا، وهو اختيار ابن عصفور4، فإن قلنا بعدم تصرف "دام" فينبغي أن يجري فيه الخلاف الذي في "ليس"، وإن قلنا بتصرفها فينبغي أن يجوز قطعًا، قاله الموضح في حواشيه. وحكى الناظم الاتفاق على المنع فقال: 148- ................. ... ............. وكل سبقه دام حظر   1 انظر الارتشاف 2/ 86. 2 شرح التسهيل 1/ 354. 3 الخصائص 2/ 382. 4 المقرب 1/ 96. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 244 "وإلا" خبر "ليس" فلا يجوز أن يتقدم عليها "عند جمهور البصريين" من متأخريهم، وجمهور الكوفيين1، وهو المختار، وإليه أشار الناظم بقوله: 150- ومنع سبق خبر ليس اصطفي ... ................................... وحجتهم أنهم "قاسوها على "عسى" وخبر "عسى" لا يتقدم عليها اتفاقًا، والجامع بينهما الجمود "واحتج المجيز" من قدماء البصريين، والفراء، وابن برهان، والزمخشري، والشلوبين، وابن عصفور من المتأخرين "بنحو قوله تعالى: {أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ} [هود: 8] ، وتقدير الحجة منه أن "يوم يأتيهم" معمولًا لـ"مصروفًا" وقد تقدم على "ليس"، واسمها ضمير مستتر فيها يعود على العذاب، "ومصروفًا" خبرها، وتقديم المعمول لا يصح إلا حيث يصح تقديم عامله، فلولا أن الخبر؛ وهو "مصروفًا" يجوز تقديمه على "ليس"، لما جاز تقديم معموله عليها، "وأجيب" بالمنع وسنده ما تقدم، وعلى تقدير تسليمه يجاب "بأن المعمول ظرف، فيتسع فيه" ما لا يتسع في غيره. أو بأن "يوم" معمول لمحذوف تقديره: يعرفون يوم يأتيهم، و"ليس مصروفًا" جملة حالية مؤكدة أو مستأنفة، أو بأن "يوم" في محل رفع على الابتدء، وبني على الفتح لإضافته إلى جملة "يأتيهم" و"ليس مصروفًا" خبره. "وإذا نفي الفعل بـ"ما" النافية "جاز توسط الخبر بين النافي" وهو "ما" "و" الفعل "المنفي مطلقًا"، سواء كان النفي شرطًا في العمل أم لا، "نحو: ما قائمًا كان زيد". ونحو: ما قائمًا زال زيد، "ويمتنع التقديم على" نفس "ما عند البصريين، والفراء" من الكوفيين2؛ لأنها من ذوات الصدور، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 149- كذاك سبق خبر ما النافيه ... .............................. "وأجازه بقية الكوفيين" بناء على أنها لا تستحق التصدير، قياسًا على أخواتها "وخص ابن كيسان" من الكوفيين "المنع بغير "زال" وأخواتها؛ لأن نفيها إيجاب"، بدليل أنه لا يجوز: ما زال زيد إلا قائمًا، كما لا يجوز: كان زيد إلا قائمًا، ورد بأن ذلك لا يخرجها عما ثبت لها من التصدير اعتبارًا بأصل الوضع3. "وعمم الفراء المنع في جميع حروف النفي4، ويرده قوله" وهو المعلوط   1 الإنصاف 1/ 160، وشرح التسهيل 1/ 351. 2 انظر التسهيل ص54. 3 الارتشاف 2/ 87، وشرح ابن عقيل 1/ 276. 4 الارتشاف 2/ 87، وشرح التسهيل 1/ 355. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 245 القريعي: [من الطويل] 169- ورج الفتى للخير ما إن رأيته ... "على السن خيرًا لا يزال يزيد" فقدم معمول الخبر على "لا" النافية؛ والأصل: لا يزال يزيد خيرًا، ورج: أمر من الرجاء, والفتى: الشاب؛ يقال: فتي فهو فتى بالقصر، والسن: هو العمر، "وخيرًا" مفعول "يزيد" يعني: أنك إذا رأيت الشاب يزيد خيرًا كلما زاد عمره فرجه للخير. و"ما" يحتمل أن تكون مصدرية ظرفية، وزيدت "أن" بعدها لشبهها في اللفظ بـ"ما" النافية، وجزم به في المغني1. ويحتمل أن تكون زائدة و"أن" شرطية وجوابها محذوف.   169- البيت للمعلوط القريعي في شرح شواهد المغني ص85، 716، ولسان العرب 13/ 35 "أنن"، والمقاصد النحوية 2/ 22، وبلا نسبة في الأزهية ص52، 96، والأشباه والنظائر 2/ 187، وأوضح المسالك 2/ 22، والجنى الداني ص211 وجواهر الأدب ص208 وخزانة الأدب 8/ 443، والخصائص 1/ 110، والدرر 1/ 274 وسر صناعة الإعراب 1/ 378، وشرح المفصل 8/ 130، والكتاب 4/ 222، ومغني اللبيب 1/ 25، والمقرب 1/ 97، وهمع الهوامع 1/ 125، وشرح التسهيل 1/ 371، والارتشاف 3/ 283. 1 مغني اللبيب 1/ 25. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 246 "فصل": "ويجوز باتفاق أن يلي هذه الأفعال معمول خبرها، إن كان" المعمول "ظرفًا أو" جارا و"مجرورًا" للتوسع، "نحو: كان عندك أو في المسجد زيد معتكفًا"، والأصل: كان زيد معتكفًا عندك؛ أو في المسجد، فقدم معمول خبر "كان" على اسمها, فوليها، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 152- ولا يلي العامل معمول الخبر ... إلا إذا ظرفا أتى أو حرف جر "فإن لم يكن" المعمول "أحدهما: فجمهور البصريين يمنعون مطلقًا"، لما في ذلك من الفصل بينها وبين اسمها بأجنبي منهما، "والكوفيون يجيزون مطلقًا"؛ لأن معمول معمولها في معنى معمولها1. "وفصل ابن السراج2 والفارسي3" من البصريين "وابن عصفور4" من المتأخرين، "فأجازوه إن تقدم الخبر معه، نحو: كان طعامك آكلًا زيد" لأن المعمول من كمال الخبر، وكالجزء منه، "ومنعوه إن تقدم وحده، نحو: كان طعامك زيد آكلًا"، إذ لا يفصل بين الفعل ومرفوعه بأجنبي. ويتحصل من هذه المسألة أربع وعشرون صورة ذكرها المرادي في شرح التسهيل. "واحتج الكوفيون" القائلون بالجواز مطلقًا" "بنحو قوله" وهو الفرزدق: [من الطويل] 170- قنافذ هداجون حول بيوتهم ... "بما كان إياهم عطية عودا"   1 التسهيل ص54, وحاشية الصبان 1/ 237. 2 في كتابه الأصول 1/ 86-89. 3 في كتابه المسائل البصريات 1/ 434. 4 المقرب 1/ 97. 170- البيت للفرزدق في ديوانه 1/ 181، وتخليص الشواهد ص245، وخزانة الأدب 9/ 268، 269، والدرر 1/ 222، وشرح التسهيل 1/ 367، والمقاصد النحوية 2/ 24، والمقتضب 4/ 101، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 248، وشرح ابن الناظم ص99، وشرح ابن عقيل 1/ 281، ومغني اللبيب 2/ 610، وهمع الهوامع 1/ 118. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 247 وجه الحجة منه أن "إياهم" معمول "عود" و"عود" خبر "كان"، فقد ولي "كان" معمول خبرها، وليس ظرفًا، ولا جارا ومجرورًا، و"قنافذ" بالذال المعجمة: جمع قنفذ بضم الفاء وفتحها، خبر مبتدأ محذوف، أي: هم قنافذ، و"هداجون" جمع هداج بتشديد الدال وفي آخره جيم؛ من الهدجان، وهو: مشية الشيخ، "وعطية": أبو جرير، وأراد الفرزدق بهذا البيت هجو رهط جرير، وشبههم بالقنافذ في مشيهم بالليل، وطوى ذكر المشبه، فهو من الاستعارة بالكناية، "وخرج" هذا البيت "على زيادة "كان"" بين الموصول وصلته، "أو" على "إضمار اسم" في "كان" حال كونه "مرادًا به الشأن1"، وعلى ذلك اقتصر الناظم فقال: 153- ومضمر الشأن اسما انو إن وقع ... موهم ما استبان أنه امتنع "أو راجعًا إلى "ما" الموصولة "وعليهن فـ"عطية" مبتدأ" و"عود" خبره، و"إياهم" معمول الخبر مقدم على المبتدأ، وتقديم معمول الخبر الفعلي على المبتدأ جائز عند البصريين2، "وقيل": التقديم "ضرورة، وهذا" التخريج الأخير، وهو دعوى الضرورة. "متعين في قوله": [من البسيط] 171- "باتت فؤادي ذات الخال سالبة" ... فالعيش إن حم لي عيش من العجب فلا يجوز دعوى زيادة "بات"، ولا إضمار اسمها مرادًا به الشأن "لظهور نصب الخبر" وهو "سالبة" لأن ضمير الشأن لا يخبر عنه بمفرد، و"حم" بالبناء للمفعول بمعنى: قدر، ولا يتعين دعوى الضرورة, لجواز أن يكون "فؤادي" منادى سقط منه حرف النداء، ومعمول الخبر محذوف أي: سالبة لك.   1 انظر شرح ابن عقيل 1/ 281، وشرح ابن الناظم ص99. 2 انظر خزانة الأدب 9/ 268، 269. 171- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 251، وتخليص الشواهد ص248، وخزانة الأدب 9/ 269، وشرح الأشموني 1/ 116، والمقاصد النحوية 2/ 28. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 248 "فصل": "قد تستعمل هذه الأفعال تامة، أي: مستغنية بمرفوعها" عن منصوبها، وهذا هو الصحيح عند ابن مالك، وإليه أشار بقوله في النظم: 150- .................. ... وذو تمام ما برفع يكتفي وتبعه الموضح وهو مخالف لمذهب سيبويه وأكثر البصريين، من أن معنى تمامها دلالتها على الحدث والزمان، وكذا الخلاف في تسمية ما ينصب الخبر ناقصًا، لم سمي ناقصًا؟ فعلى الأول: لكونه لم يكتف بمرفوعه، وعلى قول الأكثرين: لكونه سلب الدلالة على الحدث، وتجرد للدلالة على الزمان، واستدل ابن مالك على بطلان مذهب الأكثرين بعشرة أوجه مذكورة في شرحه على التسهيل1. وإذا استعملت تامة كانت بمعنى فعل لازم. فـ"كان" بمعنى: حصل "نحو: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ} [البقرة: 280] أي: وإن حصل ذو عسرة" و"أمسى" بمعنى: دخل في المساء، و"أصبح" بمعنى: دخل في الصباح، نحو: {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ} [الروم: 17] أي: حين تدخلون في المساء، وحين تدخلون في الصباح". و"دام" بمعنى: بقي نحو: " {خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ} [هود: 107] أي: ما بقيت". و"بات" بمعنى: عرس؛ وهو النزول ليلًا، نحو قول عمر رضي الله عنه: "أما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد بات بمنى" أي: عرس بها، "وقوله" وهو امرؤ القيس بن عانس؛ بالنون؛ وفاقًا لابن دريد2، لا ابن حجر الكندي خلافًا لمن زعمه: [من المتقارب]   1 انظر شرح شواهد ابن الناظم ص248. 2 في الاشتقاق 370: "امرؤ القيس بن عابس -بالباء- بن المنذر الشاعر، أدرك الإسلام ولم يرتد". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 249 172- "وبات وباتت له ليلة" ... كليلة ذي العائر الأرمد أي: وعرس، و"العائر" بالعين المهملة اسم فاعل من العور، وهو القذى في العين تدمع له، وقيل: الرمد والأرمد صفة له مخصصة على الأول، وكاشفة على الثاني، "وقالوا: بات بالقوم؛ أي: نزل بهم" ليلًا. و"ظل" بمعنى: دام واستمر، نحو: "ظل اليوم" بالرفع، "أي: دام ظله. و" "أضحى" بمعنى: دخل في الضحى، نحم: "أضحينا؛ أي: دخلنا في الضحى". و"صار" بمعنى: انتقل، نحو: صار الأمر إليك، أي: انتقل، وبمعنى: رجع نحو: {أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ} [الشورى: 53] أي: ترجع. "وبرح" بمعنى: "ذهب، نحو: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ} [الكهف: 60] أي: لا أذهب. و"أنفك" بمعنى: انفصل، نحو: فككت الخاتم فانفك، أي: انفصل. وتكون هذه الأفعال التامة لمعان أخر عنه ما ذكر1. وجميع أفعال هذا الباب استعملت تامة وناقصة. "إلا ثلاثة أفعال فإنها ألزمت النقص" ولم تستعمل تامة أصلًا، "وهي: فتئ، وزال، وليس" وما أوهم خلاف ذلك يؤول، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 151- ........... والنقص في ... فتئ ليس زال دائمًا قفي وذهب أبو حيان في نكته إلى أن "فتئ" تكون تامة بمعنى: سكن. وذهب أبو علي في الحلبيات إلى أن "زال" تكون تامة، نحو: ما زال زيد عن مكانه، أي: لم ينتقل عنه. وذهب الكوفيون إلى أن "ليس" تكون عاطفة لا اسم ولا خبر، نحو: [من الرمل] 173- .................. ... إنما يجزي الفتى ليس الجمل   172- البيت لامرئ القيس في ديوانه ص185، وتخليص الشواهد ص243، وشرح قطر الندى ص136، ولعمرو بن معد يكرب في ديوانه ص200، ولعمرو أو لامرئ القيس في سمط اللآلي ص531، ولامرئ القيس بن عابس في المقاصد النحوية 2/ 30، وله أو لامرئ القيس الكندي أو لعمرو بن معد يكرب في شرح شواهد المغني 2/ 732، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 254، وجمهرة اللغة ص775، وشرح ابن الناظم ص98، وشرح الأشموني 1/ 115. 1 انظر الارتشاف 2/ 77، 78، وحاشية الصبان 1/ 326، وهمع الهوامع 1/ 115. 173- صدر البيت: "وإذا أقرضت قرضًا فاجزه" والبيت للبيد في ديوانه ص179، ولسان العرب 6/ 211 "ليس", 7/ 217 "قرض"، 15/ 469 "إما لا"، وتهذيب اللغة 8/ 34، 13/ 72، 73، وأساس البلاغة "جزي"، وتاج العروس 19/ 17 "قرض"، وجمهرة الأمثال 1/ 57، والأزهية ص182، 196، وخزانة الأدب 9/ 296، 297، 300، 11/ 190، 191، وشرح أبيات سيبويه 2/ 40، والكتاب 2/ 323، ومجالس ثعلب ص169، 515، والمقاصد النحوية 4/ 176، وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 354، والمقتضب 4/ 410 والارتشاف 2/ 96. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 250 "فصل": "تختص "كان" بأمور. منها: جواز زيادتها بشرطين: أحدهما: كونها بلفظ الماضي"، لتعيين الزمان فيه دون المضارع. "وشذ قول أم عقيل" بن أبي طالب وهي ترقصه: [من الرجز] 174- "أنت تكون ماجد نبيل" ... إذا تهب شمأل بليل أنشده ابن مالك شاهدًا على ذلك1. فـ"أنت" مبتدأ، و"ماجد" خبره، و"تكون" زائدة بين المبتدأ والخبر، ونبيل" فعيل من النبالة، بمعنى: الفضل، خبر بعد خبر، و"شمأل" كجعفر: ريح تهب من ناحية القطب، و"بليل" كقتيل، بمعنى: مبلولة. "و" الشرط "الثاني: كونها بين شيئين متلازمين، ليسا جارا ومجرورًا"، وليس المراد بزيادتها أنها لا تدل على معنى البتة، بل أنها لم يؤت بها للإسناد، وإلا فهي دالة على المضي، ولذلك كثرت زيادتها بين "ما" التعجبية وفعل التعجب، لكونه سلب الدلالة على المضي2، "نحو: ما كان أحسن زيدًا" فـ"كان" زائدة بين المبتدأ وخبره. "و" قد تزاد بين الفعل ومرفوعه، نحو: "قول بعضهم: لم يوجد كان مثلهم". فزاد "كان" بين الفعل ونائب الفاعل تأكيدًا للمضي. "وشذ" زيادتها بين الجار والمجرور، ومنه "قوله": [من الوافر]   174- الرجز لأم عقيل في أوضح المسالك 1/ 255، وتخليص الشواهد ص252، وخزانة الأدب 9/ 225، 226، والدرر 1/ 226، وشرح ابن الناظم ص100، وشرح الأشموني 1/ 118، وشرم ابن عقيل 1/ 292، والمقاصد النحوية 2/ 39، وبلا نسبة في همع الهوامع 1/ 120. 1 شرح التسهيل 1/ 362. 2 أجاز الفراء ذلك. انظر الارتشاف 2/ 96. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 251 175- جياد بني أبي بكر تسامى ... "على كان المسومة العراب" أنشده الفراء، فزاد "كان" بين الجار والمجرور، وهما كالشيء الواحد، و"الجياد": جمع جيد، و"تسامى" أصله: تتسامى، حذفت إحدى التاءين، من السمو، وهو: العلو، و"المسومة": اسم مفعول من السومة1، وهي: العلامة، و"العراب" بكسر العين المهملة نعت "المسومة" وهي: الخيل العربية التي جعلت عليها علامة، وتركت في المرعى، وأطلق الناظم المسألة اعتمادًا على المثال فقال: 154- وقد تزاد كان في حشو كما ... كان أصح علم من تقدما "وليس في زيادتها قوله" وهو الفرزدق: [من الوافر] 176- فكيف إذا مررت بدار قوم ... "وجيران لنا كانوا كرام" "لرفعها الضمير" وهو الواو، والزائد لا يعمل شيئًا عند الجمهور، وهذا مذهب أبي العباس المبرد2، وأكثر النحويين، حيذ ذهبوا إلى أن "كان" في هذا البيت ليست بزائدة، بل هي الناقصة، و"الواو" اسمها، و"لنا" خبرها، والجملة في موضع الصفة لـ"جيران" و"كرام" صفة بعد صفة3، فهو نظير قوله تعالى: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ} [الأنعام: 92، 155] "خلافًا لسيبويه" والخليل4، حيث ذهبا إلى أنها في   175- البيت بلا نسبة في الارتشاف 2/ 96، والأزهية ص187، وأسرار العربية ص136، والأشباه والنظائر 4/ 303، وأوضح المسالك 1/ 257، وتخليص الشواهد ص252، وخزانة الأدب 9/ 207، 210، 10/ 187، والدرر 1/ 227، ورصف المباني ص140، 141، 217، 255، وشرح ابن الناظم ص100، وشرح الأشموني 1/ 118، وشرح ابن عقيل 1/ 291، وشرح التسهيل 1/ 361، وشرح المفصل 7/ 98، ولسان العرب 13/ 370 "كون"، واللمع في اللغة العربية ص122، والمقاصد النحوية 2/ 41، وهمع الهوامع 1/ 120. 1 في "ب": "الوسم", وفي "ط": "السمة". 176- البيت للفرزدق في ديوانه 2/ 290، والارتشاف 3/ 290، والأزهية ص188، وتخليص الشواهد ص252، وخزانة الأدب 9/ 217، 221، 222، وشرح الأشموني 1/ 117، وشرح شواهد المغني 2/ 693، والكتاب 2/ 153، ولسان العرب 13/ 370 "كنن" والمقاصد النحوية 2/ 42، والمقتضب 4/ 116، وبلا نسبة في أسرار العربية ص136، والأشباه والنظائر 1/ 165، وأوضح المسالك 1/ 258، وشرح ابن عقيل ص146، والصاحبي في فقه اللغة ص161، ولسان العرب 13/ 367 "كون" ومغني اللبيب 1/ 287. 2 المقتضب 4/ 116. 3 انظر خزانة الأدب 9/ 217، والمقتضب 4/ 116. 4 الكتاتب 2/ 153، وانظر شرح التسهيل 1/ 361. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 252 البيت زائدة، واختلف في إطلاقهما الزيادة فيها. والذي فهمه النحويون أنهما أرادا حقيقة الزيادة, واختلفوا في تخريج ذلك، فقال ابن مالك: لا يمنع من زيادتها إسنادها إلى الضمير، كما لم يمنع من إلغاء "ظن" إسنادها إلى الفاعل في نحو: زيد ظننت قائم، وقال الفارسي في التذكرة: فإن قلت: كيف تلغى وقد عملت في الضمير؟ قلت: تكون لغوًا، والضمير الذي فيها توكيد لما في "لنا"؛ لأنه مرتفع بالفاعل، ألا ترى أنه لا خبر له1. وقال أبو الفتح محتجا للخليل: وجه زيادتها في هذا البيت: أن يعتقد أن الضمير المتصل وقع موقع المنفصل، والضمير مبتدأ، و"لنا" الخبر، ولكنك لما وصلت أعطيت اللفظ حقه، ولم يعتقد أن الواو مرفوعة بـ"كان". وقال ابن عصفور: أصل المسألة: وجيران لنا هم، فـ"لنا" في موضع الصفة، و"هم" فاعل بـ"لنا"، على حد: مررت برجل معه صقر، ثم زيدت "كان" بين "لنا" و"هم" لأنها تزاد بين العامل والمعمول، فصار: لنا كان هم، ثم اتصل الضمير بـ"كان" وإن كانت غير عاملة فيه؛ لأن الضمير قد يتصل بغير عامله في الضرورة، نحو قوله: [من البسيط] 177- ................ ... أن لا يجاورنا إلاك ديار والأص: إلا إياك، وإذا كان يتصل بالحرف فأحرى أن يتصل بالفعل، ا. هـ. قال المرادي في شرح التسهيل: وهذه تخريجات متكلفة، ثم قال: وقال بعضهم: لا يعني الخليل وسيبويه ما فهمه النحويون، إنما أراد بالزيادة أنه لو لم تدخل هذه الجملة بين "جيران" و"كرام" لفهم أن هؤلاء القوم كانوا جيرانه فيما مضى، وأنه فارقهم، فالجيرة كانت في الزمن الماضي، فجيء بقوله: كانوا لنا، لتأكيد ما فهم من المضي، قبل دخولها، فأطلق الخليل الزيادة بهذا المعنى، ويدل على أنه يصف حالًا ماضية قوله قبل هذا: [من الوافر] هل أنتم عائجون بنا لعنا ... نرى العرصات أو أثر الخيام2   1 انظر قوله في خزانة الأدب 9/ 219. 177- تقدم تخريج البيت برقم 52. 2 البيت للفرزدق في ديوانه 2/ 260، وخزانة الأدب 9/ 222، وسمط اللآلي ص758، وشرح شواهد الشافية ص46، واللامات ص136، ولسان العرب 13/ 390 "لعن" ولجرير في ملحق ديوانه ص1039، ولسان العرب 13/ 34 "أنن"، وبلا نسبة في الإنصاف ص251، وجواهر الأدب ص402، وخزانة الأدب 10/ 422. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 253 ولا يمتنع أيضًا في البيت أن تكون "كان" تامة على حذف مضاف تقديره: "وجدت جيرتهم" ثم حذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه فقال: "كانوا" والجملة صفة. ا. هـ. كلام المرادي. والحاصل على القول بزيادة "كان" في البيت قولان في الإعمال والإهمال، وفي كل واحد منهما قولان. فعلى الإهمال قيل: الأصل: هم لنا، ثم وصل الضمير بـ"كان" الزائدة إصلاحًا للفظ، لئلا يقع الضمير المرفوع المنفصل إلى جانب الفعل. وقيل: بل الضمير توكيد للمستتر في "لنا" على أن "لنا" صفة لـ"جيران"، ثم وصل لما ذكر. وعلى الإعمال قيل: إن الضمير معمول لـ"كان" بالحقيقة على أنها ناقصة، و"لنا" خبرها. وقيل: تامة, وإنها تعمل في الفاعل، كما يعمل فيه العامل الملغى نحو: زيد ظننت عالم، هذا ما في المغني مرتبًا1. "ومنها"، أي: من الأمور المختصة بها "كان" "أنها تحذف ويقع ذلك" الحذف "على أربعة أوجه: أحدها؛ وهو الأكثر؛ أن تحذف مع اسمها" ضميرًا كان أو ظاهرًا، "ويبقى الخير" دالا عليهما، ويكثر "ويكثر، "وكثر ذلك بعد "إن" و"لو" الشرطيتين"؛ لأنهما من الأدوات الطالبة لفعلين، فيطول الكلام، فيخفف بالحذف. وخص ذلك بـ"إن" و"لو" دون بقية أدوات الشرط؛ لأن "إن" أم أدوات الشرط الجازمة. و"لو" أم أدوات الشرط غير الجازمة، كما أن "كان" أم بابها، وهم يتسعون في الأمهات ما لا يتسعون في غيرها، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 155- ويحذفونها ويبقون الخبر ... وبعد إن ولو كثيرًا ذا اشتهر "مثال "إن"" والغالب فيها أن تكون تنويعية. "قولك: سر مسرعًا إن راكبًا وإن ماشيًا" أي: إن كانت راكبًا وإن كنت ماشيًا، "وقوله": [من الكامل] 178- لا تقربن الدهر آل مطرف ... "إن ظالمًا أبدًا وإن مظلومًا" أي: إن كنت ظالمًا وإن كنت مظلوما، وقال أبو حيان: يمكن أن لا يكونا من إضمار "كان" وإنما انتصبا على الحال، و"إن" بقية "أما". وهذا البيت قالته ليلى الأخيلية. "وقولهم: الناس مجزيون بأعمالهم إن خيرًا فخير وأن شرا فشر2"،   1 مغني اللبيب 1/ 288. 178- البيت لليلى الأخيلية في ديوانها ص109، وشرح أبيات سيبويه 1/ 345، ولليلى أو لحميد بن ثور في الدرر 1/ 131، ولحميد بن ثوب في ديوانه ص130. 2 ورد هذا القول في الكتاب 1/ 258، وأوضح المسالك 1/ 261، والدرر 1/ 229. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 254 بنصب الأول على الخبرية لـ"كان" المحذوفة مع اسمها, ورفع الثاني على الخبرية لمبتدأ محذوف، "أي: إن كان عملهم خيرًا فجزاؤهم خير"، وإن كان عملهم شرا فجزاؤهم شر. وفيه رد على التسهيل، حيث قيد اسم "كان" بكونه ضميرًا، وهو معدود من مفرداته1. "ويجوز: إن خير فخيرًا" وإن شر فشرا، برفع الأول على أنه اسم لـ"كان" المحذوفة مع خبرها، ونصب الثاني على أنه مفعول ثان لفعل محذوف أي: "إن كان في عملهم خير فيجزون خيرًا، ويجوز نصبهما" معًا بتقدير: إن كان عملهم خيرا فيجزون خيرا, ورفعهما معا بتقدير: إن كان في عملهم خير فجزاؤهم خير، "و" الوجه "الأول" من الأوجه الأربعة "أرجحها"؛ لأن فيه إضمار "كان" واسمها بعد "إن" وإضمار المبتدأ بعد فاء الجزاء، وكلاهما2 كثير مطرد. "و" الوجه "الثاني أضعفها"؛ لأن فيه حذف "كان" وخبرها بعد "إن" وحذف فعل ناصب بعد الفاء، وكلاهما قليل غير مطرد, ولذلك لم يذكره سيبويه3، "و" الوجهان "الأخيران متوسطان" بين القوة والضعف. ثم قال الشلوبين: هما متكافئان، يعني على حد سواء4. قال تلميذه ابن الضائع: لأن في كل منهما الأقوى والأضعف، ففي نصبهما قوة نصب الأول، وضعف نصب الثاني، وفي رفعهما قوة رفع الثاني، وضعف رفع الأول، فتساويا. وقال ابن عصفور: رفعهما أحسن من نصبهما4. ومثال "إن" غير التنويعية قولهم: [من البسيط] 179- انطق بحق وإن مستخرجًا إحنا ... .................................... أي: وإن كنت مستخرجًا، "ومثال "لو"" قوله صلى الله عليه وسلم لبعض أصحابه: "التمس   1 التسهيل ص56. 2 سقطت من "ب". 3 انظر الكتاب 1/ 258. 4 الارتشاف 2/ 89. 179- عجز البيت: "#فإن ذا الحق غلاب وإن غلبا"#، والبيت بلا نسبة في الدرر 1/ 232، وهمع الهوامع 1/ 121، وشرح التسهيل 1/ 363. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 255 ولو خاتمًا من حديد1" أي: التمس شيئًا ولو كان ما تلتمسه خاتمًا من حديد. "وقوله": [من البسيط] 180- "لا يأمن الدهر ذو بغي ولو ملكا" ... جنوده ضاف عنها السهل والجبل أي: ولو كان صاحب البغي ملكًا ذا جنود كثيرة. وقولهم: الأحشف ولو تمرًا، وفيهما رد على أبي حيان، حيث شرط أن لا يكون ما بعد "لو" أعلى مما قبلها، ولا أعم، فإن الملك أعلى مما قبله، والتمر أعم من الحشف. "وتقول" فيما إذا كان ما بعد "لو " مندرجًا فيما قبلها، ولا أعم ولا أعلى على ما مثل به سيبويه من قولهم2: "ألا طعام ولو تمرًا"، فإن الطعام أعم من التمر. "وجوز سيبويه" فيه "الرفع بتقدير: ولو يكون عندنا تمر" فحذف "يكون" وخبرها وبقي اسمها. و"يقل الحذف المذكور" وهو حزف "كان" واسمها "بدون "إن" و"لو"" الشرطيتين "كقوله: [من الرجز] 181- من لد شولًا فإلى إتلائها "قدره سيبويه3: من لد أن كانت شولًا" بفتح الشين المعجمة وسكون الواو والقصر والتنوين، جمع شائلة على غير قياس, وهي النوق التي جف لبنها, وارتفع ضرعها, وأتى عليها من نتاجها سبعة أشهر أو ثمانية. وأما الشائل: بلا هاء فهي الناقة التي تشول بذنبها للقاح، ولا لبن لها أصلًا، وجمعها: شول، بتشديد الواو؛ كراكع وركع، والإتلاء: مصدر أتلت الناقة إذا تلاها ولدها، أي: من زمن كونها شولًا إلى زمن كونها متلوة بأولادها، وإنما قدره "سيبويه: من لد أن كانت شولًا، ولم يقدره: من لد كانت؛ لأنه لا يرى إضافة "لدن" إلى الجمل، نقله في المغني عن الغرة لابن الدهان، واعترض على سيبويه في تقديره "أن" إذ يلزم منه حذف بعض الاسم، وبقاء بعضه، بل نص سيبويه في باب الاستثناء4 على أن الموصول الحرفي لا يجوز حذفه، وإن حمل على أنه تقدير معنى لا تقدير إعراب لزم منه أن ما فر منه وقع فيه.   1 أخرجه البخاري في كتاب النكاح برقم 4741. 180- البيت للعين المنقري في خزانة الأدب 1/ 257، والدرر 2/ 85، وبلا نسبة في الارتشاف 2/ 97، وأوضح المسالك 1/ 262، وتخليص الشواهد ص260، وشرح ابن الناظم ص101، وشرح الأشموني 1/ 119، وشرح التسهيل 1/ 363، وشرح شواهد المغني 2/ 658، وشرح قطر الندى ص142، ومغني اللبيب 1/ 268، والمقاصد النحوية 2/ 50. 2 الكتاب 1/ 269. 181- تقدم تخريج الرجز برقم 152. 3 الكتاب 1/ 265. 4 الكتاب 2/ 335. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 256 الوجه "الثاني: أن تحذف "كان" مع خبرها، ويبقى الاسم، وهو ضعيف، ولهذا ضعف: ولو تمر, وإن خير" برفعهما. الوجه "الثالث: أن تحذف وحدها" ويبقى اسمها وخبرها، "وكثر ذلك بعد "أن" المصدرية" الواقعة في موضع المفعول لأجله في كل موضع أريد فيه تعليل فعل بفعل، "في مثل" قولهم: "أما أنت منطلقًا انطلقت"، فـ"انطلقت" معلول، وما قبله علة له مقدمة عليه، "وأصل انطلقت: لأن كنت منطلقًا، ثم قدمت اللام" التعليلية "وما بعدها"، المجرور بها، "على انطلقت للاختصاص" عند النحويين، أو الاهتمام بالفعل عند البيانيين1، فصار: لأن كنت منطلقًا انطلقت، "ثم حذفت: "كان": لذلك" الاختصار "فانفصل الضمير" الذي هو اسم "كان" فصار: أن أنت منطلقًا، "ثم زيد "ما" للتعويض" من "كان" فصار: أن ما أنت، "ثم أدغمت النون" من "أن" "في الميم" من "ما" "للتقارب" في المخرج، فصار: أما أنت. وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 156- وبعد أن تعويض ما عنها ارتكب ... ............................. وقد يحذف متعلق الجار إذا فهم من المقام، "وعليه قوله" وهو عباس بن مرداس: [من البسيط] 182- "أبا خراشة أما أنت ذا نفر" ... فإن قومي لم تأكلهم الضبع "أي: لأن كانت ذا نفر فخرت، ثم حذف" فخرت، وهو "متعلق الجار"   1 في "ب"، "ط": للاختصاص عند البيانيين، أو للاهتمام بالفعل عند النحويين. 182- البيت لعباس بن مرداس في ديوانه ص128، والأشباه والنظائر 2/ 113، والاشتقاق 313، وخزانة الأدب 4/ 13، 14، 17، 200، 5/ 445، 6/ 532، 11/ 62، والدرر 1/ 235، وشرح شذور الذهب 242، وشرح شواهد الإيضاح 479، وشرح شواهد المغني 1/ 116، 179، وشرح قطر الندى 140، ولجرير في ديوانه 1/ 349، والخصائص 2/ 381، وشرح المفصل 2/ 99، 8/ 132، والشعر والشعراء 1/ 341، والكتاب 1/ 293, واللسان 6/ 294 "خرش"، 8/ 217، "ضبع" والمقاصد النحوية 2/ 55، وبلا نسبة في الأزهية 147، وأمالي ابن الحاجب 1/ 411، 442، والإنصاف 1/ 71، وأوضح المسالك 1/ 265، وتاج العروس "ما" وتخليص الشواهد ص260، والجنى الداني ص528، وجواهر الأدب ص198، 416، 421، ورصف المباني ص99، 101، وشرح ابن الناظم ص102، وشرح الأشموني 1/ 119، وشرح ابن عقيل 1/ 297، ولسان العرب 14/ 47 "أما" ومغني اللبيب 1/ 35، والمنصف 3/ 116، وهمع الهوامع 1/ 23. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 257 لـ"أن" وما بعدها، و"أبا خراشة" منادى سقط منه حرف النداء، وهو بضم الخاء المعجمة، وحكي كسرها، وبراء مهملة وشين معجمة: كنية شاعر مشهور اسمه خفاف، بخاء معجمة مضمومة، وفاءين خفيفتين بينهما ألف. والنفر بفتح النون والفاء: الرهط هنا، والضبع؛ على وزن العضد: السنين المجدبة، وفيه تورية؛ لأنه أوهم أنه يريد الحيوان المعروف، ورشح بقوله: لم تأكلهم، وهو مجاز عن الشدة التي تحصل من جدب السنة، شبهها بالأكل، فهو استعارة تبعية، ودخلت الفاء في "فإن قومي" لأن الثاني مستحق بالأول، فهو مسبب عنه، والأول سبب فيه، فأشبه الشرط والجزاء، هذا قول البصريين. وذهب الكوفيون إلى أن "أن" المفتوحة هنا شرطية، ولذلك دخلت الفاء في جوابها1: ومعنى المثال المذكور عندهم: إن كنت منطلقًا انطلقت معك، والأول أشهر. ونقل أبو الفتح عن أبي علي أن "ما" الخالفة عن "كان" عاملة في الجزأين عمل ما خلفته. وحجته أن "ما" لما نابت في اللفظ نابت في العمل. وزعم أنه مذهب سيبويه2. "وقل" حذف "كان" وحدها "بدونها" أي: بدون "أن" المصدرية "كقوله" وهو عبيد بن حصين الراعي: [من الكامل] 183- "أزمان قومي والجماعة كالذي" ... لزم الرحالة أن تميل مميلًا "قال سيبويه3: أراد أزمان كان قومي" مع الجماعة، فحذف "كان" التامة، وأبقى فاعلها وهو "قومي"، و"الجماعة" مفعول معه، والناصب له "كان" المحذوفة. والرحالة: بكسر الراء وبالحاء المهملة: سرج من جلود ليس فيها خشب، يتخذ للركض الشديد، وتميل؛ بفتح التاء؛ منصوب بـ"أن" وهي ومنصوبها في موضع التعليل، "ومميلًا" بفتح الميم الأولى بمعنى: ميل، مفعول مطلق.   1 في الارتشاف 2/ 100: "وزعم الكوفيون أن "أن" هذه المفتوحة الهمزة أداة شرط كـ"إن" المكسورة، وجاز حذف الفعل في المذهبين للعلم بأن "أن" لا يقع بعدها إلا الأفعال، واتفقوا على أنه إذا حذفت "ما" وأتي بالفعل كانت "إن" مكسورة، وهي عند البصريين غير "أن" المفتوحة". 2 انظر قول أبي الفتح في الخصائص 2/ 381. 183- البيت للراعي النميري في ديوانه ص234، والأزهية ص71، وخزانة الأدب 3/ 145، 148، والدرر 1/ 234، 2/ 505، وشرح التسهيل 1/ 195، والكتاب 1/ 365, 2/ 259، 3/ 253، والمقاصد النحوية 2/ 99، وبلا نسبة في الارتشاف 2/ 99، وأوضح المسالك 1/ 266، وشرح ابن الناظم ص207، وشرح الأشموني 1/ 225، وشرح عمدة الحافظ ص405، والمقرب 1/ 160، وهمع الهوامع 1/ 122،/ 2/ 156. 3 الكتاب 1/ 305. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 258 الوجه "الرابع" أن تحذف" كان "مع معموليها" جميعا، "وذلك بعد: إن" الشرطية "في قولهم: افعل هذا إما لا، أي: إن كنت لا تفعل غيره فـ"ما" عوض" عن "كان" واسمها، وأدغمت نون "إن" فيها لتقارب مخرجيهما، "ولا" هي "النافية للخبر" وهو "تفعل"، وجواب الشرط محذوف لدلالة ما قبله عليه تقديره: فافعله. قال الجاربردي1: تقول: اخرج، فإذا امتنع تقول: إما لا فتكلم، أي: إن كنت لا تفعل الخروج فتلكم، هكذا ذكر في بعض شروح المفصل، وهو يدل على أن الهمزة من "إما" مكسورة. وقال بعض شراح الشافية: أما لا بفتح الهمزة، قال: معنى أما لا هو: أن كنت لا تفعل ذلك افعل هذا، أي: لأن كنت، فحذف اللام، ثم حذف "كان" فصار الضمير المتصل منفصلًا، وزيد "ما" عوضًا من الفعل المحذوف وقلبت النون ميمًا، وأدغمت في الميم. ا. هـ. كلام الجاربردي في باب الإمالة. وهو عجيب، فإن صيرورة الضمير المتصل منفصلًا إنما هو في أما أنت، لا في إما لا، والحذف في هذا الوجه والذي قبله واجب، وفيما قبلهما جائز، قاله الخضراوي. وحكى الكوفيون أنه يقال: لا تأت الأمير فإنه جائر، فتقول: أنا آتيه وإن، أي: وإن كان جائزًا، فتحذف "كان" مع معموليها من غير تعويض، وعليه قوله: [من الرجز] 184- قالت بنات العم يا سلمى وإن ... كان فقيرًا معدمًا قالت وإن أي: وإن كان فقيرًا معدما، ولا يجوز هذا الحذف مع غير "كان" عند البصريين. "ومنها" أي: من الأمور المختصة بها "كان" "أن لام مضارعها" وهي النون "يجوز حذفها" تخفيفًا وصلًا لا وقفًا. نص على ذلك ابن خروف. وإلى الجواز أشار الناظم بقوله: 157- ومن مضارع لكان منجزم ... تحذف نون وهو حذف ما التزم "وذلك بشرط كونه مجزوما بالسكون"، حال كونه "غير متصل بضمير نصب، ولا" متصل "بساكن، نحو: {وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا} [مريم: 20] ، {وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا} [النساء: 40] أصلهما: أكون وتكون، بالرفع فحذفت الضمة للجازم، والواو لالتقاء الساكنين، والنون للتخفيف، ووقع ذلك في التنزيل في ثمانية عشر موضعًا "بخلاف: {مَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ} [الأنعام: 135] {وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاءُ} [يونس: 78] لانتفاء الجزم" فيهما؛ لأن الأول مرفوع. والثاني منصوب، وبخلاف نحو: " {وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِين} [يوسف: 9] لأن جزمه بحذف النون" بالعطف على "يخل" المجزوم في جواب الأمر، وإنما لم تحذف نون تكون فيهن؛ لأنها محركة في الأولين   1 في كتابه شرح الشافية ص384، مع اختلاف يسير عما ورد هنا. 184- تقدم تخريج الرجز برقم 9. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 259 بحركة الإعراب، وفي الثالث بحركة المناسبة، فتعاصت عن الحذف بخلاف ما إذا كانت ساكنة فإنها شبيهة بأحرف المد واللين في سكونها وامتداد الصوت بها، فتحذف كما يحذفن بجامع أنها تكون إعرابًا مثلهن، وتحذف للجازم كما يحذفن. "و" بخلاف "نحو: إن يكنه فلن تسلط عليه"، فلا يحذف أيضًا "لاتصاله بالضمير" المنصوب. والضمائر ترد الأشياء إلى أصولها، فلا يحذف معها بعض الأصول، وبخلاف "نحو: {لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ} " [النساء: 137] ، فلا يحذف أيضًا "لاتصاله بالساكن"، وهو لام التعريف، فالنون مكسورة لأجله، فهي متعاصية على الحذف لقوتها بالحركة قلله الموضح في شرح القطر1. "وخالف في هذا" الأخير "يونس" بن حبيب "فأجاز الحذف" ولم يعتد بالحركة العارضة لالتقاء الساكنين2 " تمسكا بنحو قوله" وهو الخنجر بن صخر الأسدي: [من الطويل] 185- "فإن لم تك المرآة أبدت وسامة" ... فقد أبدت المرآة جبهة ضيغم فحذف النون مع ملاقاة الساكن، والمرآة، بكسر الميم ومد الهمزة: آلة الرؤية، فكأنه نظر وجهه فيها فلم يره حسنًا، فتسلى بأنه يشبه الضيغم وهو: الأسد، والوسامة بفتح الواو: الحسن والجمال. "و" هذا البيت "حمله الجماعة" المعتدون في المنع بمطلق الحركة "على الضرورة. كقوله" وهو النجاشي: [من الطويل] 186- فلست بآتيه ولا أستطيعه ... "ولاك اسقني إن كان ماؤك ذا فضل" فحذف نون "لكن" ضرورة3، واستدل به الفراء على أن "لكن" المشددة مركبة، وأصلها: لكن أن فطرحت الهمزة للتخفيف، ونون "لكن" للساكنين قاله في المغني4. وقيل: هذه أبيات تتضمن أن النجاشي عرض له ذئب في سفره فحكى أنه دعا الذئب إلى الطعام، وقال له: له لك من أخ؟ يعني نفسه، يواسيك بطعامه بغير من ولا بخل، فقال له الذئب، دعوتني إلى شيء لم تفعله السباع قبلي من مؤاكلة بني آدم، ولست بآتيه ولا أستطيعه ولكن إن كان في مائك الذي معك فضل عما تحتاج إليه فاسقني منه.   1 شرح قطر الندى ص138. 2 شبرح التسهيل 1/ 366، والارتشافغ 1/ 31، وشرح ابن عقيل 1/ 229. 185- البيت للخنجر بن صخر الأسدي في خزانة الأدب 9/ 304، والدرر 1/ 237،/ وسر صناعة الإعراب 2/ 542، ولسان العرب 13/ 364 "كون" والمقاصد النحوية 2/ 63، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 269، وتخليص الشواهد ص 268، وشرح ابن الناظم ص102، وشرح الأشموني 1/ 120. 186- البيت للنجاشي الحارثي في ديوانه 111، والأزهية 296، وخزانة الأدب 10/ 418، 419، وشرح أبيات سيبويه 1/ 195، وشرح شواهد المغني 2/ 701، والكتاب 1/ 27، والمنصف 2/ 229، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 133، 361، والإنصاف 2/ 684، وأوضح المسالك 1/ 671، وتخليص الشواهد 269، والجنى الداني 592، وخزانة الأدب 5/ 265، ورصف المباني ص277، 310. 3 انظر الخصائص 1/ 310. 4 مغني اللبيب 1/ 291. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 260 "فصل": " في ما ولا ولات وإن المعملات عمل ليس تشبيهًا بها" في النفي "أما "ما" فأعملها الحجازيون، وبلغتهم جاء التنزيل، قال الله تعالى: {مَا هَذَا بَشَرًا} [يوسف: 31] ، {مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ} [المجادلة: 2] ، ثم اختلف النحاة، فقال البصريون: عملت في الجزأين، وقال الكوفيون: عملت في الأول فقط، وأما نصب الثاني فعلى إسقاط الخافض، كذا قاله الشاطبي، وفيه نظر، فإن المنقول عنهم أن المرفوع بعدها مبتدأ والمنصوب خبره. ونصب بإسقاط الخافض، وأهملها التميميون، قال سيبويه1: وهو القياس. كما أهملوا ليس حملًا عليها، فقالوا: ليس الطيب إلا المسك بالرفع، قاله في المغني2. "و" لا يعملها الحجازيون مطلقًا، بل "لإعمالهم إياها" عندهم "أربعة شروط: أحدها: أن لا يقترن اسمها بـ"إن" الزائدة"، فإن اقترن بها بطل عملها وجوبا عند البصريين3 "كقوله": [من البسيط] 187- "بني غدانة ما إن أنتم ذهب" ... ولا صريف ولكن أنتم خزف   1 الكاب 1/ 57. 2 مغني اللبيب 1/ 291. 3 انظر شرح التسهيل 1/ 369. 187- البيت بلا نسبة في الأشباه والنظائر 3/ 340، وأوضح المسالك 1/ 274، وتخليص الشواهد 277؛ والجنى الداني ص328، وجواهر الأدب 207، 208، وخزانة الأدب 4/ 119، والدرر 1/ 24، وشرح ابن الناظم ص103، وشرح الأشموني 1/ 121، وشرح التسهيل 1/ 370، وشرح شذور الذهب ص252، وشرح شواهد المغني 1/ 84، وشرح عمدة الحافظ ص214، وشرح قطر الندى ص143، ولسان العرب 9/ 190، "صرف" ومغني اللبيب 1/ 25، والمقاصد النحوية 2/ 91، وهمع الهوامع 1/ 13، وتاج العروس 24/ 15 "صرف". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 261 برفع "ذهب" على الإهمال، وإنما لم تعمل حينئذ؛ لأنها محمولة على "ليس" في العمل، و"ليس" لا يقترن اسمها بـ"إن". "وأما رواية يعقوب" بن السكيت "ذهبًا؛ بالنصب فتخرج على أن "إن" نافية مؤكدة لـ: ما" لا مؤسسة؛ لأن نفي النفي إيجاب. و"لا زائدة" كافة لـ"ما"، وهذا التخريج إنما يتمشى على قول الكوفيين إن "إن" المقرونة بـ"ما" هي النافية، جيء بها بعد "ما" توكيدًا، وهو مردود، فإن العرب قد استعملت "إن" الزائدة بعد:ما" الموصولة الاسمية والحرفية لشبهها في اللفظ بـ"ما" النافية، فلو لم تكن "إن" المقترنة بـ"ما" النافية زائدة لم يكن لزيادتها بعد الموصولتين مسوغ، قاله المرادي. وغدانة: بضم الغين المعجمة وبالدال المهملة والنون قبل هاء التأنيث: حي من يربوع، والصريف بالصاد المهملة: الفضة الخالصة، والخزف، بفتح الخاء والزاي المعجمتين وبالفاء قال الجوهري1: هو الجر. زاد في القاموس2: وكل ما عمل من طين وشوي بالنار حتى يكون فخارًا. الشرط "الثاني: أن لا ينتقض نفي خبرها بـ"إلا"، فإن انتقض بطل عملها، كبطلان معنى "ليس" "فلذلك وجب الرفع في" "واحدة" من قوله تعالى: {وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ} [القمر: 50] وفي "رسول" من قوله تعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ} [آل عمران: 144] ، "فأما قوله: [من الطويل] 188- وما الدهر إلا منجنونا بأهله ... وما صاحب الحاجات إلا معذبًا   1 الصحاح 4/ 1349 "خزف". 2 القاموس المحيط "خزف". 188- البيت لأحد بني سعد في شرح شواهد المغني ص219، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 276، وتخليص الشواهد ص271، والجنى الداني 325، وخزانة الأدب 4/ 130، 9/ 249، والدرر 1/ 239، 459، ورصف المباني ص311، وشرح ابن الناظم ص104، وشرح الأشموني 1/ 121، وشرح التسهيل 1/ 374/ وشرح المفصل 8/ 75، ومغني اللبيب ص73، والمقاصد النحوية 2/ 92، وهمع الهوامع 1/ 123، 230. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 262 فمن باب" المفعول المطلق الواقع عامله المحذوف خبرا عن اسم مبتدأ على حد: "ما زيد إلا سيرًا، أي:" ما زيد "إلا يسير سيرًا، والتقدير:" وما الدهر "إلا يدور دوران منجنون"، فـ"الدهر" مبتدأ و"يدور" خبره، و"دوران مفعول مطلق، وعامله "يدور" فحذف وأقيم المضاف إليه "دوران" مقامه، والباعث على نصب "منجنون" على هذا التقدير أمران: كونه لا يصح أن يكون خبرًا عن "الدهر" وكونه واقعًا بعد الإيجاب، والباعث على تقدير "دوران" أن "منجنونا" لا يصح كونه مفعولًا مطلقا؛ لأنه اسم للدواب الذي يسقى عليها الماء, فتارة يجعل السافل عاليا, وتارة يعكس, وأسماء الذوات لا تنصب إلى المفعولية المطلقة، إلا أن تكون آلة لها نحو: ضربته سوطًا. "و" كذا القول في: ............................. ... وما صاحب الحاجات إلا معذبًا فإنه في تقدير "إلا يعذب معذبًا، أي: تعذيبًا"، والباعث على نصبه وقوعه بعد الإيجاب، والباعث على تأويله بالمصدر ما تقدم؛ لأن "معذب" اسم مفعول، وهو لا يقبل النصب على المفعولية المطلقة، وهذا ظاهر على مذهب الأخفش، وأما مذهب سيبويه فلا؛ لأنه لا يرى أن صيغة المفعول تكون بمعنى المصدر. وأجاز يونس النصب بعد الإيجاب1، وهذا البيت يشهد له، والأصل عدم التأويل وأنشده ابن مالك: أرى الدهر إلا منجنوبًا .......... ... ................................ وحكم بزيادة "إلا". واعترضه في المغني2، وما ذكره من وجوب الرفع مطلقًا في الخبر المنتقض نفيه هو قول الجمهور3. والثاني: جواز النصب مطلقًا وهو قول يونس4. والثالث: جواز النصب بشرط كون الخبر وصفًا، وهو قول الفراء5. والرابع: جواز النصب بشرط كون الخبر مشبهًا به، وهو قول بقية الكوفيين6.   1 شرح التسهيل 1/ 373، 374. 2 مغني اللبيب 1/ 73. 3 الارتشاف 2/ 104. 4 وكذلك رأي الشلوبين، انظر همع الهوامع 1/ 123. 5 معاني القرآن للفراء 3/ 111. 6 انظر الارتشاف 2/ 105. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 263 "ولأجل هذا الشرط أيضًا" وهو: أن لا ينتقض نفي الخبر "وجب الرفع بعد "بل" و"لكن" في نحو: ما زيد قائمًا بل قاعد، ولكن قاعد، على أنه خبر لمبتدأ محذوف" أي: بل هو قاعد، أو لكن هو قاعد، "ولم يجز" في "قاعد" "نصبه بالعطف" على "قائمًا" لأنه" واقع بعد "بل" أو "لكن" والواقع بعدهما "موجب" بفتح الجيم: أي مثبت، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 160- ورفع معطوف بلكن أو ببل ... من بعد منصوب بما الزم حيث حل وأجاز المبرد كون "بل" ناقلة معنى النفي إلى ما بعدها، فيجوز على قوله: ما زيد قائمًا بل قاعدًا بالنصب على معنى: بل ما هو قاعدًا، نقله الموضح عنه في باب العطف من هذا الكتاب. الشرط "الثالث: أن لا يتقدم الخبر" على الاسم، خلافًا للفراء، وإن كان ظرفًا أو جارا ومجرورًا على الأصح، خلافًا لابن عصفور1، فإن تقدم بطل العمل، "كقولهم: ما مسيء من أعتب" فـ"مسيء" خبر مقدم. و"من أعتب" مبتدأ مؤخر. وحكى الجرمي: ما مسيئا من أعتب. على الإعمال، وقال: إنه لغة2. والمعتب: الذي عاد إلى مسرتك بعد ما ساءك. "وقوله": [من الطويل] 189- "وما خذل قومي فأخضع للعدى" ... ولكن إذا أدعوهم فهم هم فـ"خذل" بتشديد الذال المعجمة، جمع خاذل، خبر مقدم و"قومي" مبتدأ مؤخر، "فأما قوله" وهو الفرزدق: [من البسيط] 190- فأصبحوا قد أعاد الله نعمتهم ... "إذ هم قريش وإذ ما مثلهم بشر"   1 المقرب 1/ 102. 2 الارتشاف 2/ 103. 189- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 279، وشرح الأشموني 1/ 122، والمقاصد النحوية 2/ 94. 190- البيت للفرزدق في ديوانه 1/ 185، والأشباه والنظائر 2/ 209، 3/ 122، وتخليص الشواهد ص281، والجنى الداني ص189، 324، 446، وخزانة الأدب 4/ 133، 138، والدرر 1/ 242، 477، وشرح ابن الناظم ص104، وشرح أبيات سيبويه 1/ 162، وشرح التسهيل 1/ 373، وشرح شواهد المغني 1/ 237، 2/ 782، والكتاب 1/ 60، ومغني اللبيب ص363، 517، 600، والمقاصد النحوية 2/ 96، والمقتضب 4/ 191, والهمع 1/ 124، وبلا نسبة في الارتشاف 2/ 235، وأوضح المسالك 1/ 280، ورصف المباني ص312، وشرح الأشموني 1/ 122، ومغني اللبيب ص82، والمقرب 1/ 102. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 264 بنصب "مثلهم" مع تقدمه، "فقال" سيبويه1: شاذ" ولا يكاد يعرف. "وقيل: غلط، وإن الفرزدق" تميمي "لم يعرف شرطها عند الحجازيين"، فقصد أن يتكلم بلغة الحجازيين، فغلط فيها، وفيه نظر, فإن العربي لا يطاوعه لسانه أن ينطق بغير لغته كما قاله سيبويه، "وقيل" بشر: خبر، "ومثلهم: مبتدأ2، ولكن بني" على الفتح "لإبهامه مع إضافته للمبني"، هو الضمير، والمبهم المضاف المبني يجوز بناؤه وإعرابه، "ونظيره" في البناء على الفتح: {إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ} 3 [الذاريات: 23] ، {لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ} 4 [الأنعام: 94] ، في قراءة من فتحهما" مع أنهما يستحقان الرفع على التبعية لـ"حق" في الأول. والفاعلية في الثاني، وأتى بنظيرين لئلا يتوهم أن ذلك خاص بلفظة "مثل"، "وقيل": مثلهم" حال"؛ لأن إضافة "مثل" لا تفيد التعريف، وهو في الأصل نعت لـ"بشر" ونعت النكرة إذا تقدم عليها انتصب على الحال، و"بشر" مبتدأ "والخبر محذوف" مقدم على المبتدأ لئلا يلزم تقديم الحال على عاملها الظرف، وهو ممتنع أو نادر، "أي: ما في الوجود بشر مثلهم"، أي: مماثلًا لهم. قاله المبرد5، ورد بأن حذف عامل الحال إذا كان معنويا ممتنع، قاله في المغني6. وقيل: "مثلهم" ظرف زمان تقديره: وإذ هم في زمان ما في مثل حالهم بشر قاله أبو البقاء. وقيل: ظرف مكان، والتقدير: وإذ ما مكانهم بشر، أي: في مثل حالهم. واسم الفرزدق: همام بن غالب، وقال ابن قتيبة، هميم بن غالب. ويكنى أبا فراس7. واختلف كلام ابن قتيبة في سبب تلقيبه بالفرزدق، فقال في أدب الكاتب8: الفرزدق قطع العجين، واحدتها فرزدقة؟   1 الكتاب 1/ 60. 2 في "ب": "مبتدأ مؤخر". 3 الرسم المصحفي: {مثلَ} ، بالنصب وقرأها بالرفع: حمزة والكسائي وعاصم الأعمش، انظر الاتحاف ص399. 4 الرسم المصحفي: {بينَكم} ، بالنصب وقرأها بالرفع: ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وحمزة وعاصم. انظر الإتحاف ص213. 5 المقتضب 4/ 191، 192. 6 مغني اللبيب ص475. 7 كذا نقل عنه ابن السيد في الاقتضاب 633، وفي الشعر والشعراء 1/ 471: "هو همام بن غالب". قلت: أما "هميم" فهو اسم أخيه، كما في الأغاني 21/ 276. 8 أدب الكاتب ص78. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 265 ولقب به لأنه كان جهم الوجه. وقال في كتاب طبقات الشعراء1: إنما لقب بالقرزدق لغلظه وقصره. وقال أبو محمد بن السيد2: والأول أصح لأنه كان أصابه جدري في وجهه ثم برئ منه، فبقي وجهه جهمًا. وهذه الشروط الثلاثة مستفادة من قول الناظم: 158- إعمال ليس أعملت ما دون إن ... مع بقا النفي وترتيب زكن أي: علم. الشرط "الرابع: أن لا يتقدم معمول خبرها على اسمها"، فإن تقدم بطل عملها، "كقوله" وهو: مزاحم بن الحارث العقيلي: [من الطويل] 191- وقالوا تعرفها المنازل من منى ... "وما كل من وافى منى أنا عارف" والأصل: ما أنا عارف كل من وافى منى، فـ"كل" منصوبة على المعفولية بـ"عارف"، يقال: تعرفت ما عند فلان، بتشديد الراء، تطلبت حتى عرفت، و"المنازل" مفعول فيه. وذلك أن مزاحمًا لما اجتمع بمحبوبته في الحج ثم فقدها. فسأل عنها، فقالوا له: تعرفها في منازل الحج من منى، فقال أنا لا أعرف كل من وافى منى حتى أسأله عنها. "إلا إن كان المعمول ظرفًا أو" جارا و"مجرورًا، فيجوز" العمل للتوسع فيهما، "كقوله": [من الطويل] 192- بأهبة حزم لذ وإن كنت آمنا ... "فما كل حين من توالي مواليا والأصل: فما من توالي مواليًا كل حين، فـ"ما" نافية، و"من توالي" اسمها و"مواليا" خبرها، و"كل حين" ظرف زمان منصوب بـ"مواليًا". وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 159- وسبق حرف جر أو ظرف كما ... بي أنت معنيا أجاز العلما   1 الشعر والشعراء 1/ 472. 2 الاقتضاب ص633. 191- البيت لمزاحم بن الحارث العقيلي في ديوانه ص28، وخزانة الأدب 6/ 268، وشرح أبيات سيبويه 1/ 43، وشرح شواهد الإيضاح ص154، وشرح شواهد المغني 2/ 970، والكتاب 1/ 72، 146، والمقاصد النحوية 2/ 98، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 233، وأوضح المسالك 1/ 282، والخصائص 2/ 354، 376، وشرح ابن الناظم ص105، وشرح الأشموني 1/ 122، ولسان العرب 9/ 237 "عرف"، ومغني اللبيب 2/ 694. 192- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 283، وشرح الأشموني 1/ 122، والمقاصد النحوية 2/ 101، وشرح التسهيل 1/ 370. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 266 والأصل: ما أنت معنيا بي. وفهم منه أن المعمول إذا لم يكن أحدهما أنهم لا يجيزون العمل وهو الشرط الرابع. "وأما "لا" فإعمالها ليس قليل" جدا عند الحجازيين، وإليه ذهب سيبويه1 وطائفة من البصريين، وذهب الأخفش والمبرد إلى منعه2, وعلى الإعمال "يشترط له الشروط السابقة" في عمل "ما" "ما عدا الشرط الأول"، وهو أن لا يقترن اسم "لا" بـ"إن" الزائدة، "و" يشترط "أن يكون المعمولان نكرتين"، نحو: لا أحد أفضل منك، وإلى هذا أشار الناظم بقوله: 162- في النكرات أعملت كليس لا ... ................................... وأما قول النابغة: [من الطويل] 193- .......... لا أنا باغيا ... سواها ولا في حبها متراخيا وقول المتنبي: [من الطويل] 194- ...................... ... فلا الحمد مكسوبًا ولا المال باقيا فمن النوادر. فإن قلت: كيف جعلته نادرًا وفي مثل سيبويه3: ما زيد ذاهبا ولا أخوه قاعدًا. قلت: لا عمل للا بل هي زائدة، والاسمان تابعان لمعمولي "ما" "والغالب" في "لا" "أن يكون خبرها محذوفًا حتى قيل بلزوم ذلك كقوله"، وهو سعد بن مالك، جد طرفة بن العبد: [من م. الكامل]   1 الكتاب 2/ 295. 2 المقتضب 4/ 360. 193- تمام صدر البيت: "وحلت سواد القلب لا أنا باغيًا" ، وهو للنابغة الجعدي في ديوانه ص171، والأشباه والنظائر 8/ 110، وتخليص الشواهد ص294، والجنى الداني ص293، وخزانة الأدب 3/ 337، والدرر 1/ 249، وشرح الأشموني 1/ 125، وشرح شواهد المغني 2/ 613، ومغني اللبيب 1/ 340، والمقاصد النحوية 2/ 141، وبلا نسبة في جواهر الأدب ص247، وشرح ابن عقيل 1/ 315، وهمع الهوامع 1/ 125. 194- صدر البيت: " "إذا الجواد لم يرزق خلاصًا من الأذى" ، وهو للمتنبي في ديوانه 4/ 419، وتخليص الشواهد ص299، والجنى الداني ص294، وشرح شذور الذهب ص257، وشرح قطر الندى ص145، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 8/ 108، ومغني اللبيب 1/ 240. 3 الكتاب 1/ 60. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 267 195- من صد عن نيرانها ... "فأنا ابن قيس لا براح" فـ"براح" اسم "لا" وخبرها محذوف، أي: لا براح لي، "والصحيح جواز ذكره"، أي: الخبر، "كقوله: [من الطويل] 196- تعز فلا شيء على الأرض باقيا ... ولا وزر مما قضى الله واقيا فـ"تعز" فعل أمر من التعزية، وهي: التسلية، ومعناه: تصبر، و"لا" نافية للجنس هنا، وهي عاملة عمل "ليس" وربما ظن كثير أن "لا" العاملة عمل "ليس" لا تكون إلا نافية للوحدة، وليس كذلك نبه عليه في المغني1. و"شيء" اسمها و"على الأرض" ظرف مستقر صفة لـ"شيء"، أو لغو متعلق بـ"باقيًا" و"باقيًا" خبر "لا" والأول أولى، وكذا القول فيما بقي، والوزر: الملجأ، والواقي: الحافظ. "وإنما لم يشترط الشرط الأول"، وهو أن لا يقترن اسمها بـ"إن"؛ "لأن "إن" لا تزداد بعد "لا" "أصلًا" فلا حاجة لاشتراط ذلك فيها. "وأما "لات" فأصلها "لا" النافية. "ثم زيدت" عليها "التاء" لتأنيث اللفظ أو للمبالغة في معناه أو لهما وخصت بنفي الأحيان، وزيادة التاء هنا أحسن منها في ثمت وربت؛ لأن "لا" محمولة على ليس وليس تتصل بها التاء، ومن ثم لم تتصل بـ"لا" المحمولة على "إن". قال صاحب الكافي2:" "لات" فرع "لا" و"لا"   195- البيت لسعد بن مالك في شرح المفصل 1/ 109، والكتاب 1/ 85، والأشباه والنظائر 8/ 109، 130، وخزانة الأدب 1/ 467، والدرر 1/ 248، وشرح أبيات سيبويه 2/ 8، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص509، وشرح شواهد المغني ص582، 612، ولسان العرب 2/ 409 "برح"، والمؤتلف والمختلف ص135، والمقاصد النحوية 2/ 150، وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب ص326، والإنصاف 367، وأوضح المسالك 1/ 285، وتخليص الشواهد 293، ورصف المباني 266، وشرح ابن الناظم ص107، وشرح الأشموني 125، وشرح التسهيل 1/ 376، وشرح المفصل 1/ 108، وكتاب اللامات ص105، ومغني اللبيب ص239، 631، والمقتضب 4/ 360. 196- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 286، وتخليص الشواهد ص294، والجنى الداني ص292، وجواهر الأدب ص238، والدرر 1/ 247، وشرح ابن الناظم ص107، وشرح الأشموني 1/ 247، وشرح شذور الذهب ص256، وشرح شواهد المغني 2/ 621، وشرح ابن عقيل 1/ 313، وشرح عمدة الحافظ ص216، وشرح قطر الندى ص114، ومغني اللبيب 1/ 239، والمقاصد النحوية 2/ 102، وهمع الهوامع 1/ 125. 1 مغني اللبيب 1/ 240. 2 الكافي في النحو لأبي جعفر النحاس. انظر كشف الظنون ص1379. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 268 فرع ليس، وليس فرغ ضرب، فهي في المرتبة الرابعة. وهي كلمتان عند الجمهور "لا" النافية وتاء التأنيث. وحركت لالتقاء الساكنين. وقال أبو عبيدة وابن الطراوة: كلمة وبعض كلمة وذلك أنها "لا" النافية والتاء الزائدة في أول الحين1، وقيل: كلمة واحدة، وهي فعل ماض، وعلى هذا هل هي ماضي: يليت، بمعنى ينقص. استعملت للنفي2 أو هي ليس بكسر الياء قلبت الياء ألفًا، وأبدلت السين تاء، كما قاله ابن أبي الربيع3، قولان حكاهما في المغني. "وعملها إجماع من العرب"، وفيه خلاف عند النحاة، فنمهم من ذهب إلى أنها لا تعمل شيئًا وإن وليها مرفوع، فمبتدأ حذف خبره أو منصوب فمفعول لفعل محذوف، وهذا أحد قولي الأخفش4، وعنه أيضًا أنها تعمل عمل "إن" فتنصب الاسم وترفع الخبر, ومذهب الجمهور أنها تعمل عمل ليس فترفع الاسم وتنصب الخبر. "وله" عندهم "شرطان: كون معموليهما اسمي زمان وحذف أحدهما، والغالب" في المحذوف "كونه المرفوع، نحو: {وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ} [ص: 3] بنصب "حين" على أنه خبرها واسمها محذوف، وهي بمعنى: ليس، و"مناص" بمعنى: فرار، "أي: ليس الحين حين فرار. ومن القليل قراءة بعضهم" وهو عيسى بن عمر في الشواذ5: "ولات حينُ مناص" "برفع الحين" على أنه اسمها وخبرها محذوف، أي: ليس حين فرار حينا لهم6، وكان القياس أن يكون هذا هو الغالب، بل كان ينبغي أن حذف المرفوع لا يجوز البتة؛ لأن مرفوعها محمول على مرفوع ليس، ومرفوع ليس لا يحذف، فهذا فرع تصرفوا فيه ما لم يتصرفوا في أصله، وقرئ أيضًا: "ولات حينِ مناص" بخفض "حين" فزعم الفراء أن "لات" تستعمل حرفًا جارا لاسم الزمان خاصة، كما أن منذ ومذ كذلك, فتحصل في "حين" ثلاث قراءات: الرفع والنصب والخفض، وفي الواقع ثلاثة أقوال. إما على الابتداء أو على الاسمية لـ"لات" إن كانت عاملة عمل ليس، وعلى الخبرية لها إن كانت عاملة عمل إن. وفي النصب ثلاثة أقوال أيضًا: إما على الاسمية لـ"لات" إن   1 انظر الارتشاف 2/ 111. 2 انظر الارتشاف 2/ 111. 3 البسيط في شرح الجمل 2/ 753. 4 معاني القرآن للأخفش 2/ 670. 5 مختصر الشواذ ص129. 6 انظر الكتاب 1/ 58، ومعاني القرآن للأخفش 2/ 670. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 269 كانت عاملة عمل إن، أو على الخبرية لها إن كانت عاملة عمل ليس، أو على أنه مفعول لفعل محذوف تقديره: لا أرى حين مناص. وفي الخفض وجه واحد، وعلى كل حال لا تعمل إلا في أسماء الزمان، كما يؤخذ من قول الناظم: 162- وما للات في سوى حين عمل ... ................................... "فأما قوله" وهو شمردل الليثي: [من الكامل] 197- لهفي عليك للهفة من خائف ... "يبغي جوارك حين لات مجير" "فارتفاع "مجير" على الابتداء"، وسوغ الابتداء به تقدم خبره في المجرور قلبه تقديرًا "أو على الفاعلية" بفعل محذوف. "والتقدير: حين لات له مجير"، على الابتدائية "أو يحصل له مجير"، على الفاعلية، "و "لات" مهملة، لعدم دخولها على الزمان"، و"مجير" بالجيم، اسم فاعل من أجار. "ومثله" في إهمال "لات" "قوله"، وهو الأعشى ميمون: [من الخفيف] 198- "لات هنا ذكرى جبيرة" أو ... جاء منها بطائف الأهوال "إذ المبتدأ" ههنا "ذكرى" بفتح الراء مصدر: ذكر، "وليس" هو "بزمان" وخبره "هنّا" بفتح الهاء وتشديد النون، وهي ههنا محتملة للمكان والزمان، أي: ليس في هذا المكان أو الزمان ذكرى جبيرة بضم الجيم وفتح الموحدة والراء مصغر جبيرة، وقيل مكبر، هي: بنت عمرو بن حزم بن بكر بن وائل. قيل: هي امرأة قائل هذا البيت وأو من عطف على مقدر، أي: الجبيرة تذكر أو من جاء منها بطائف الأهوال، والطائف: الذي يطرق بالليل، وأراد به هنا: الخيال الذي رآه في النون، فكأنه رآها وهي غضبي ففزع من ذلك، والأهوال، جمع هول، وهو الخوف. "وأما "إن"" النافية. "فإعمالها نادر" عند ابن مالك1، وقال غيره: إنه أكثر   197- البيت للشمردل بن عبد الله الليثي في شرح شواهد المغني 2/ 927، والمقاصد النحوية 2/ 103، وللتميمي الحماسي في الدرر 1/ 217، وللتميمي في شرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص950، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 6/ 82، وأوضح المسالك 1/ 287، وجواهر الأدب ص205، وشرح الأشموني 1/ 126، ومغني اللبيب 2/ 631، وهمع الهوامع 1/ 116. 198- البيت للأعشى في ديوانه ص53، وخزانة الأدب 4/ 196، 198، والخصائص 2/ 474، والدرر 1/ 252، وشرح ابن الناظم ص399 وشرح المفصل 3/ 17، والمحتسب 2/ 39، والمقاصد النحوية 2/ 106، 4/ 198. 1 شرح التسهيل 1/ 375. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 270 أكثر من عمل "لا" "وهو لغة أهل العالية"1، بالعين المهملة والياء المثناة تحت، وهي ما فوق نجد إلى أرض تهامة وإلى ما وراء مكة وما والاها والنسبة إليهما عالي وعلوي على غير قياس كذا في الصحاح2. واختلف في جواز إعمالها فذهب الكسائي وأكثر الكوفيين وأبو بكر3 وأبو علي4 وأبو الفتح إلى الجواز1، وذهب الفراء5، وطائفة وأكثر أهل البصرة إلى المنع، واختلف النقل عن سيبويه والمبرد، فنقل السهيلي الإجازة عن سيبويه والمنع عن المبرد وعكس ذلك النحاس، ونقل ابن مالك عنهما الإجازة6، وسمع ذلك من أهل العالية7، "كقول بعضهم: إن أحد خيرًا من أحد إلا بالعافية"، وإن ذلك نافعك ولا ضارك، وإن قائمًا أي: إن أنا قائمًا. "وكقراءة سعيد" بن جبير: "إِنْ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادًا أَمْثَالُكُمْ" [الأعراف: 194] بسكون نون "إن" ونصب "عبادًا"8 وخرجها بعضهم على أنها المخففة من الثقلية، وأنها تنصب الجزأين مثل: [من الطويل] 199- ................ ... ........ إن حراستا أسدًا وجعله أحسن لتتوافق القراءتان إثباتا، وهو تخريج على شاذ. "وقول الشاعر": [من المنسرح] 200- "إن هو مستوليا على أحد" ... إلا على أضعف المجانين أنشده الكسائي شاهدًا على عمل "إن" عمل "ليس".   1 الارتشاف 2/ 109. 2 الصحاح 6/ 2436 "علا". 3 الأصول 1/ 109، 110. 4 المسائل البصريات 1/ 446-648. 5 معاني القرآن للفراء 2/ 144. 6 شرح التسهيل 1/ 375. 7 الارتشاف 2/ 109. 8 الرسم المصحفي: "إنَّ .... عبادٌ"، انظر قراءة ابن جبير في المحتسب 1/ 270، وشرح ابن الناظم 109. 199- تمام البيت: "إذا التف جنح الليل فلتأت ولتكن ... خطاك خفافًا إن حراستا أسدا" وهو لعمر بن أبي ربيعة في الجنى الداني ص394، والدرر 1/ 282، وشرح شواهد المغني 122، ولم أقع عليه في ديوانه، وهو بلا نسبة في خزانة الأدب 4/ 167، 10/ 242، وشرح الأشموني 1/ 135، ومغني اللبيب ص37. 200- البيت بلا نسبة في الأزهية 46، وأوضح المسالك 1/ 291، وتخليص الشواهد 306، والجنى الداني 209، وجواهر الأدب ص206، وخزانة الأدب 4/ 166، والدرر 1/ 102، 425، ورصف المباني ص108، وشرح ابن الناظم ص109، وشرح الأشموني 1/ 126، وشرح شذور الذهب ص360، وشرح عمدة الحافظ ص216، والمقاصد النحوية 2/ 113، والمقرب 1/ 105، وهمع الهوامع 1/ 125. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 271 "فصل": "وتزاد الباء بكثرة في خبر: ليس" غير الاستثنائية، "و" في خبر ""ما" نحو: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} [الزمر: 36] {وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ} [البقرة: 74] ، وذلك عند البصريين لرفع توهم الإثبات، فإن السامع قد لا يسمع أول الكلام، وعند الكوفيين لتأكيد النفي. قالوا: ليس زيد بقائم، رد لأن زيدًا لقائم، فالباء بمنزلة اللام. وخرج بقولنا: غير الاستثنائية: قاموا ليس زيدًا، فإن الباء لا تدخل هنا لأن مصحوب [ليس] 1 الاستثنائية كمصحوب "إلا" فكما لا تقول: ما زيد إلا بقائم, لا تقول: قاموا ليس بزيد، وكما تزاد الباء في خبر "ليس" تزاد في اسمها إذا تأخر إلى موضع الخبر، كقراءة بعضهم: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ} [البقرة: 177] بنصب "البر2"، وقوله: [من المتقارب] 201- أليس عجيبًا بأن الفتى ... يصاب ببعض الذي في يديه وهذا من الغريب، كما قاله في المغني3. "و" تزاد الباء "بقلة في خبر "لا"، و" الجزء الثاني من معمولي "كل ناسخ منفي، كقوله" وهو سواد بن قارب يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم: [من الطويل]   1 إضافة من "ط". 2 هي قراءة نافع وابن كثير وابن عامر والكسائي وابن مسعود وغيرهم. انظر البحر المحيط 2/ 2، والنشر 2/ 226. 201- البيت لمحمود الوراق في البيان والتبيين 3/ 197، وأمالي القالي 1/ 108، وأمالي المرتضى 1/ 608، وفوات الوفيات 4/ 80، وشرح شواهد المغني 1/ 338، والكامل ص705، ولمحمد بن حازم الباهلي في ديوانه ص107، وبلا نسبة في مغني اللبيب 1/ 110. 3 مغني اللبيب 1/ 110. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 272 202- "وكن لي شفيعًا يوم لا ذو شفاعة ... بمغن فتيلا عن سواد بن قارب" فأدخل الباء في "مغن" وهو خبر "لا" و"فتيلًا" بفتح الفاء: هو الخيط الذي يكون في شق النواة وهو مفعول مطلق، أي: بمغن إغناء ما، كأحد الوجهين في: {وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا} [النساء: 77] والمعنى: يوم لا صاحب شفاعة مغنيًا عني شيئًا، فأقام الظاهر مقام المضمر، وكقول بعض العرب: لا خير بخير بعده النار. فزاد الباء في خبر "لا" التبرئة، إذا لم تجعل الباء بمعنى "في" قاله ابن مالك1. "وقوله"، وهو عمرو بن براق الأزدي: [من الطويل] 203- "وإن مدت الأيدي إلى الزاد لم أكن ... بأعجلهم" إذ أجشع القوم أعجل فزاد الباء في "أعجلهم" وهو خبر "أكن" و"أجشع" بتقديم الجيم على الشين المعجمة: الفائق في الجشع، وهو شدة الحرص على الأكل، و"أعجل" بمعنى: عجل، لا للتفضيل، "وقوله"، وهو دريد بن الصمة: [من الطويل] 204- دعاني أخي والخيل بيني وبينه ... "فلما دعاني لم يجدني بقعدد" فزاد الباء في "قعدد" وهو المفعول الثاني لـ"وجد" والقُعْدُد، بضم القاف وسكون العين المهملة وضم الدال الأولى وفتحها: الضيف.   202- البيت لسواد بن قارب في الجنى الداني ص54، والدرر 1/ 257، 475، وشرح ابن الناظم ص105، وشرح التسهيل 1/ 376، وشرح عمدة الحافظ 215، والمقاصد النحوية 2/ 114، 3/ 417، وبلا نسبة في الارتشاف 2/ 522، والأشباه والنظائر 3/ 125، وأوضح المسالك 1/ 294، وشرح الأشموني 1/ 123، وشرح شواهد المغني 835، وشرح ابن عقيل 1/ 310، ومغني اللبيب ص419، وهمع الهوامع 1/ 127، 218. 1 شرح التسهيل 1/ 383. 203- البيت للشنفرى في ديوانه ص59، وتخليص الشواهد ص258، وخزانة الأدب 3/ 340، والدرر 1/ 256، وشرح شواهد المغني 2/ 899، والمقاصد النحوية 2/ 117، 4/ 51، وبلا نسبة في الارتشاف 2/ 114، والأشباه والنظائر 3/ 124، وأوضح المسالك 1/ 295، والجني الداني 54، وجواهر الأدب ص54، وشرح ابن الناظم ص106، وشرح الأشموني 1/ 123، وشرح التسهيل 1/ 382، 2/ 126، وشرح قطر الندى ص188، ومغني اللبيب 2/ 560، وهمع الهوامع 1/ 127. 204- البيت لدريد بن الصمة في ديوانه ص48، وتخليص الشواهد ص268، وجمهرة أشعار العرب 1/ 590، والدرر 1/ 256، ولسان العرب 3/ 362 "قعد"؛ والمقاصد النحوية 2/ 212، وبلا نسبة في الارتشاف 2/ 114، وأوضح المسالك 1/ 296، وجواهر الأدب ص55، وشرح ابن الناظم ص106، وهمع الهوامع 1/ 127. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 273 "وتزاد الباء بندور في غير ذلك كخبر: إن" المكسورة "ولكن و"ليت" في قوله"، وهو امرؤ القيس الكندي: [من الطويل] 205- فإن تنأ عنها حقبة لا تلاقها ... "فإنك مما أحدثت بالمجرب" فزاد الباء في "المجرب" وهو خبر "إن"، وتنأ، من النأي وهو: البعد، والهاء في "عنها" عائدة على أم جندب المذكورة في قوله أولًا: [من الطويل] خليلي مرا بي على أم جندب ... لتقضي حاجات الفؤاد المعذب1 و"حقبة" بكسر الحاء المهملة، نصب على الظرفية بمعنى السنة وجمعها حقب. و"تلاقها" مجزوم؛ لأنه بدل من تنأ، قاله الموضح في شرح الشواهد. والمجرب بكسر الراء من التجربة: الاختبار. "و" في "قوله": [من الطويل] 206- "ولكن أجرا لو فعلت بهين" ... وهل ينكر المعروف في الناس والأجر فزاد الباء في "هين" وهو خبر "لكن" المشددة و"لو فعلت" شرط معترض بين اسم "لكن" وخبرها، وجوابه محذوف، كما حذف مفعول "فعلت" والأصل: ولكن أجرًا هين لو فعلته أصبت. "و" في "قوله"، وهو الفرزدق يهجو جريرًا وكليبًا رهطه، ويرميهم بإتيان الأتن بالمثناة: إناث الحمير، كما أن بني فزارة يرمون بإتيان الإبل: [من الطويل] 207- يقول إذا اقلولى عليها وأقردت ... "ألا ليت ذا العيش اللذيذ بدائم"   205- البيت لامرئ القيس في ديوانه 42، وتخليص الشواهد 286، والدرر 1/ 170، 258،وشرح ابن الناظم 107، وشرح التسهيل 1/ 385، والارتشاف 2/ 116، والصاحبي في فقه اللغة 107، والمقاصد النحوية 2/ 126، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 3/ 125، وأوضح المسالك 1/ 297، وجواهر الأدب ص54، ورصف المباني ص257، وشرح الأشموني 1/ 123، وهمع الهوامع 1/ 88، 127. 1 ديوانه ص41، والأشباه والنظائر 8/ 85، وأساس البلاغة "قضى". 206- البيت بلا نسبة في الأشباه والنظائر 3/ 126، وأوضح المسالك 1/ 298، وخزانة الأدب 9/ 523، والدرر 1/ 257، وسر صناعة الإعراب 1/ 142، وشرح الأشموني 1/ 124، وشرح المفصل 8/ 23، 139، ولسان العرب 15/ 226 "كفي" والمقاصد النحوية 2/ 134، وهمع الهوامع 1/ 127، والارتشاف 2/ 116. 207- البيت للفرزدق في ديوانه ص863، والأزهية ص210، وتخليص الشواهد ص286، وجمهرة اللغة ص336، وخزانة الأدب 4/ 142، والدرر 1/ 257، 258، وشرح شواهد المغني 2/ 772، واللسان 15/ 200 "فلا" والمقاصد النحوية 2/ 135، 149، وبلا نسبة في الارتشاف 2/ 115، وأساس البلاغة ص361 "قرد" والأشباه والنظائر 3/ 126، وأوضح المسالك 1/ 299، والجنى الداني ص55، وجواهر الأدب ص52، وخزانة الأدب 5/ 14، والدرر 1/ 257، وشرح ابن الناظم ص106، وشرح التسهيل 1/ 272، 383، وشرح الأشموني 1/ 124، واللسان 3/ 350 "قرد" 11/ 707، "هلل"، والمنصف 3/ 67، وهمع الهوامع 1/ 127، 2/ 77، وتاج العروس "هلل". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 274 فزاد الباء في "دائم" وهو خبر "ليت" و"ذا" اسمها و"العيش" عطف بيان على "ذا" أو نعت له، و"اللذيذ" نعت العيش و"اقلولى" بالقاف، ارتفع و"أقردت" بالقاف والراء: سكنت وذلت. وفي اليواقيت للزاهد: المقلولي المجافي المستوفز، وفي أثر ابن عمر كان إذا سجد اقلولى1، قال الفراء: هو أن يرفع مقعدته ويتجافى قليلًا، وأنشد: [من الرجز] 208- لما رأتني خلقًا مقلوليا أي: متجافيًا عن النساء، والمقلولي أيضًا: الراكب على الشيء العالي عليه ومنه هذا. ومعنى البيت يقول الكلبي: إذا ارتفع على الأتان وسكنت له قال ألا ليت هذا العيش اللذيذ بدائم ويروى: ألا هل أخو عيش لذيذ بدائم2 وعليه تكون الباء زائدة في خبر المبتدأ الداخلة عليه "هل" وهي هنا جحد، وعليه شراح التسهيل3. قال الكسائي: تأتي "هل" استفهامًا وجحدًا وشرطًا وأمرًا وتوبيخًا وتقريرًا وبمعنى "قد". واقتصر الناظم في زيادة الباء على خبر ليس وما ولا وكان المنفية فقال: 161- وبعد ما وليس جر البا الخبر ... وبعد لا ونفي كان قد يجر "وإنما دخلت في خبر "أن" المفتوحة "في: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ} [الأحقاف: 33] ، لما كان:   1 في النهاية 3/ 309: "يروى: لو رأيت ابن عمر ساجدًا لرأيته مقلوليًا". 208- الرجز للفرزدق في الدرر 1/ 28، وشرح ابن الناظم ص470، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 139، والخصائص 1/ 6، وشرح الأشموني 2/ 541، والكتاب 3/ 315، ولسان العرب 15/ 94 "علا" 15/ 200 "قلا"، وما ينصرف وما لا ينصرف ص114، والمقتضب 1/ 142، والممتع في التصريف 2/ 557، والمنصف 2/ 68، 79، 3/ 67، وهمع الهوامع 1/ 36، وتهذيب اللغة 9/ 297، وكتاب العين 5/ 212، وتاج العروس "علا" "قلا". 2 وردت هذه الرواية في المقاصد النحوية 2/ 135، 149. 3 شرح التسهيل 1/ 383. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 275 "أولم يروا أنّ الله" في معنى: أوليس الله" بقادر، بدليل أنه جاء مصرحًا به في موضع آخر. كقوله تعالى: {أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ} [يس: 81] ، فالنفي متناول لها مع ما في حيزها، فليست حينئذ من النوادر، وهي نظير ما أجازه الزجاج من قولك: ما ظننت أن أحدًا بقائم، لما كان في معنى: ليس في ظني أحد بقائم1.   1 معاني القرآن وإعرابه للزجاج 4/ 447. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 276 باب أفعال المقاربة مدخل ... باب أفعال المقاربة: "وهذا" مجاز مرسل. "من باب تسمية الكل باسم الجزء، كتسميتهم الكلام كلمة"، وكتسميتهم ربيئة القوم عينًا. "وحقيقة الأمر" في ذلك "أن أفعال" هذا "الباب ثلاثة أنواع": أحدها: "ما وضع للدلالة": بتثليث الدال "على قرب الخبر" للمسمى باسمها، "وهو ثلاثة: كاد وكرب" بفتح الراء وكسرها. "وأوشك". "و" الثاني: "ما وضع للدلالة على رجائه"، أي: رجاء المتكلم الخبر في الاستقبال، فهو من إضافة المصدر إلى مفعوله وحذف فاعله. "وهو ثلاثة" أيضًا: "عسى وحرى" بفتح الحاء والراء المهملتين، نص عليها ابن طريف في كتاب الأفعال. وأنكرها أبو حيان مع أنه ذكرها في لمحته. "واخلولق" بخاء معجمة وقاف. "و" النوع الثالث: "ما وضع للدلالة على الشروع فيه"، أي: على شروع المسمى باسمها في خبرها. "وهو "كثير"، وأنهاه بعضهم إلى نيف وعشرين فعلًا1، "ومنه: أنشأ" وأنشى "وطفق" بفتح الفاء وكسرها. وطبق بكسر الباء الموحدة2، "وجعل وهب "وعلق" وهلهل "وأخذ وقام. "و" جميع أفعال هذا الباب "تعمل عمل كان" من رفع الاسم ونصب الخبر، "إلا أن خبرهن يجب كونه جملة" ليتوجه3 الحكم إلى مضمونها، "وشذ مجيئه مفردًا" عن "الجملة:"بعد: كاد4 وعسى" وأوشك، "كقوله"، وهو تأبط شرا، واسمه   1 في "ب": "موضعًا. 2 في الارتشاف 2/ 118: "وكسر الفاء لغة القرآن، وقالوا: طبق، بالباء المكسورة بدلًا من الفاء". 3 في "ط": "لتوجه". 4 في "ط": "كان". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 277 ثابت بن جابر: [من الطويل] 209- "فأبت إلى فهم وما كدت آيبا ... وكم مثلها فارقتها وهي تصفر فأتى بخبر "كاد" مفردًا، وهو "آيبا" اسم فاعل من "آب" إذا رجع، ويروى: ................ وما كنت آيبا ... .............................. و"أبت" بضم الهمزة وسكون الموحدة، بمعنى: رجعت، و"فهم" بفتح الفاء وسكون الهاء: أبو قبيلة وهو فهم بن عمرو بن قيس بن عيلان. و"كم" خبرية، و"مثلها" تمييز مجرور، بإضافة، والهاء المضاف إليها ترجع إلى القبيلة. و"تصفر" من صفر الطائر. والمعنى: فرجعت إلى القبيلة المسماة بفهم، وما كدت راجعًا، وكم مثل هذه القبيلة فارقتها وهي تصفر. "وقولهم" في المثل: "عسى الغوير أبؤسا1 فـ "أبؤسا" جمع بؤس ومعناه: العذاب أو الشدة خبر "عسى" وهو مفرد؛ لأنه ليس جملة. هذا قول سيبويه2 وأبي علي3 من البصريين، وقال الكوفيون: خبر يكون محذوفة، والتقدير: أن يكون أبؤسًا4. وقال الأصمعي: خبر "يصير" محذوفة. وقيل: مفعول به، والتقدير عسى الغوير يأتي بأبؤس، فحذف الناصب والجار توسعًا، وتلخص أن "أبؤسًا" خبر لعسى أو لكان أو لصار أو مفعولًا به. قال الموضح في شرح الشواهد: والأحسن من ذلك كله. أن يقدر يبأس أبؤسًا، فيكون مفعولًا مطلقًا، على حد: {فَطَفِقَ مَسْحًا} [ص: 33] أي: يمسح مسحًا ا. هـ. وقال في المغني5: الصواب أنه مما حذف فيه "كان" أي: يكون أبؤسًا،   209- البيت لتأبط شرا في ديوانه ص91، والأغاني 21/ 159، وتخليص الشواهد ص309، وخزانة الأدب 8/ 374، 375، 376، والخصائص 1/ 391، والدرر 1/ 272، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص83، وشرح شواهد الإيضاح ص629، ولسان العرب 3/ 383 "كيد" والمقاصد النحوية 2/ 165، وبلا نسبة في الارتشاف 2/ 120، والإنصاف 2/ 544، وأوضح المسالك 1/ 302، وخزانة الأدب 9/ 347، ورصف المباني 190، وشرح ابن عقيل 1/ 325، وشرح ابن الناظم 111، وشرح التسهيل 1/ 393، وشرح عمدة الحافظ 822، وشرح المفصل 7/ 13، وهمع الهوامع 1/ 130. 1 المثل في مجمع الأمثال 2/ 17، وجمهرة الأمثال 2/ 50، والمستقصى 2/ 161، وفصل المقال 424. 2 الكتاب 3/ 158. 3 المسائل الحلبيات ص250. 4 المقتضب 3/ 70، وإليه ذهب المبرد فيه. 5 مغني اللبيب ص203. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 278 لأن في ذلك إبقاء لها على الاستعمال الأصلي ا. هـ. وسبقه إلى ذلك ابن جني، فقال في البيت1: التقدير: وما كدت أكون آيبًا ا. هـ. والغوير: تصغير غار بالغين المعجمة. وأصل هذا المثل فيما قيل: أن الزباء قالت لقومها عند رجوع قصير من الغزو إليها ومعه الرجال، وكان الغوير وهو ماء لكلب على طريقه: عسى الغوير أبؤسًا. تريد: لعل الشرك يأتيكم من قبل الغوير، فصار مثلًا يضرب للرجل يتوقع الشر من جهة يعينها، وكقول حسان رضي الله عنه: [من السريع] 210- من خمر بيسان تخيرتها ... ترياقة توشك فقر العظام أنشد محمد بن بري في حواشي الصحاح، وقد يقال: إنه على حذف كان، أي: توشك أن تكون فقر العظام، "وأما: {فَطَفِقَ مَسْحًا} ، فالخبر" فعل "محذوف" لدلالة مصدره عليه، و"مسحًا" مفعول مطلق، لا خبر "أي": فطفق "يمسح مسحًا"، وفيه رد على الناظم في قوله: 113- وحذف عامل المؤكد امتنع ... ................................. كما سأيتي في بابه. وفي قوله: وشذ مجيئه مفردًا بعد كاد وعسى تقييد لقول الناظم: 164- ككان كاد وعسى لكن ندر ... غير مضارع لهذبن خبر "وشرط الجملة" الواقعة خبرًا لهذه الأفعال. "أن تكون فعلية" لتدل على الحدث، "وشذ مجيئ" الجملة "الاسمية" خبرًا "بعد "جعل" في قوله" في الحماسة: [من الوافر] 211- "وقد جعلت قولص بني سهيل ... من الأكوار مرتعها قريب" فـ "قلوص" بفتح القاف: الشابة من النوق، اسم "جعل"، و"مرتعها قريب" جملة اسمية خبر "جعل" وأصله: يقرب مرتعها، فأقام الجملة الاسمية مقام الفعلية، قاله الموضح في شرح الشواهد. ويروى ابني سهيل بالتثنية، و"من الأكوار"   1 في الخصائص 3/ 391: " ..... ألا ترى أن معناه: فأبت وما كدت أؤوب". 210- البيت لحسان بن ثابت في ديوانه ص186، ولسان العرب 6/ 32 "بيس"، 10/ 513، "وشك". 211- البيت بلا نسبة في تخليص الشواهد ص320، وخزانة الأدب 5/ 120، 9/ 352، والدرر 1/ 273، وشرح ابن الناظم ص111، وشرح الأشموني 1/ 128، وشرح التسهيل 1/ 393، والارتشاف 2/ 121، وشرح ديوان الحماسة للمزروقي ص310، وشرح شواهد المغني ص606، ومغني اللبيب ص235، والمقاصد النحوية 2/ 170، وهمع الهوامع 1/ 130. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 279 متعلق بـ"قريب"، هي إما جمع كور، بضم الكاف، وهو: الرجل بأداته، أو جمع كور بفتحها، وهو: الجماعة الكثيرة من الإبل: والمرتع: مكان الرتوع. والمعنى: أن هذه القلوص حصل لها إعياء وتعب وكلال، فلم تبعد من الأكوار، بل رتعت بالقرب منها. قال ابن ملكون فيما له على الحماسة: وقيل: "جعل" بمعنى: صير، ثم اختلف، فقيل ألغيت على حد إجازة الأخفش: ظننت زيد قائم: وقيل الأصل جعلته، أي: جعلت القلوص الأمر والشأن، كما قالوا: إن بك زيد مأخوذ ا. هـ. واعترضه الموضح في الحواشي بأن أفعال التصير لا تلغى. "وشرط الفعل" المشتمل عليه الجملة "ثلاثة أمور: أحدها: أن يكون رافعًا لضمير الاسم" الذي لهذه لأفعال. نحو: {وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ} [البقرة: 71] ، وذلك لأن أفعال هذا الباب إنما جاءت لتدل على أن مرفوعها هو الذي قد تلبس بالفعل. أو شرع فيه لا غيره. فلا بد في الفعل من ضمير يعود على المرفوع. ليتحقق ذلك. "فأما قوله"، وهو أبو حية النميري: [من البسيط] 212- "وقد جعلت إذا ما قمت يثقلني ... ثوبي" فأنهض نهض الشارب الثمل "وقوله"، وهو ذو الرمة: [من الطويل] 213- "وأسقيه حتى كاد مما أبثه ... تكلمني أحجاره وملاعبه" "فـ ثوبي" في البيت الأول. "وأحجاره" في البيت الثاني "بدل من اسمي "جعل" في الأول، "و "كاد" في الثاني بدل اشتمال، لا فاعلان بـ"يثقلني" و"تكلمني" بل فاعلهما ضمير مستتر فيهما، والتقدير: جعل ثوبي يثقلني، وكادت أحجاره تكلمني، فعاد الضمير على البدل دون المبدل منه؛ لأنه المقصود بالحكم، والمعتمد   212- البيت لعمرو بن أحمر في ملحق ديوانه ص182، وخزانة الأدب 9/ 359، 362، ولأبي حية النميري في ملحق ديوانه ص186، والحيوان 6/ 483، وشرح شواهد الإيضاح ص74، والمقاصد النحوية 2/ 173، ولأحدهما في الدرر 1/ 261، ولأبي حية أو للحكم بن عبدل في شرح شواهد المغني 2/ 911، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 305، وشرح الأشموني 1/ 130، ومغني اللبيب 2/ 579، والمقرب 1/ 101، ويروى البيت بقافية "السكر" مكان "الثمل". 213- البيت لذي الرمة في ديوانه ص821، وأدب الكاتب ص462، والدرر 1/ 275، والاقتضاب ص657، وشرح أبيات سيبويه 2/ 364، وشرح شافية ابن الحاجب 1/ 91، 92، وشرح شواهد الشافية ص41، والكتاب 4/ 59، والمقاصد النحوية 2/ 176، والممتع في التصريف ص187، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 307، وشرح الأشموني 1/ 130، وهمع الهوامع 1/ 131. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 280 عليه في الإخبار غالبًا، وأغنى ذلك عن عوده إلى المبدل منه فسقط ما قيل إنه ليس في الفعل ضمير يعود إلى اسمي "جعل" و"كاد"، وتقدم أن ذلك شرط. وفي البيت الأول تأويلات آخران ذكرهما الموضح في الحواشي. وفي البيت الثاني ستة تآويل أخر ذكرها الخضراوي، وتركت الجميع خوف الإطالة. "ويجوز في" خبر ""عسى" خاصة أن يرفع السببي"، وهو الاسم الظاهر المضاف إلى ضمير يعود على اسمها، "كقوله"، وهو الفرزدق، حين هرب من الحجاج لما توعده بالقتل: [من الطويل] 214- "وماذا عسى الحجاج يبلغ جهده" ... إذا نحن جاوزنا حفير زياد "ويروى بنصب "جهده"" على المفعولية بـ"يبلغ", "ورفعه" على الفاعلية به، وهو محل الاستشهاد، فإنه متصل بضمير يعود على "الحجاج" الذي هو اسم "عسى"، وفيه رد على أبي حيان حيث منع من ذلك في النكت الحسان1. و"حفير زياد" موضع بين الشام والعراق، وزياد: هو ابن أبي سفيان، أخو معاوية، كان أميرًا بالعراق. نيابة عن معاوية. والأمر "الثاني: أن يكون" الفعل "مضارعًا"، ليدل على الحال أو الاستقبال، "وشذ في "جعل" قول ابن عباس رضي الله عنهما: فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولًا2" فـ "أرسل" خبر "جعل" وهو فعل ماض. قال الموضح في شرح الشواهد: وهذا لم أر من يحسن تقريره. ووجهه أن "إذا" منصوبة بجوابها على الصحيح، والمعمول مؤخر في التقدير عن عامله، فأول الجملة في الحقيقة "أرسل"، فافهموه3، ا. هـ. وفيه رد على ابن مالك, حيث قال في التسهيل4: أو فعلية مصدرة   214- البيت للفرزدق في ديوانه 1/ 160، والدرر 1/ 274، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص677، والمقاصد النحوية 2/ 180، ولمالك بن الريب في ملحق ديوانه ص51، وخزانة الأدب 2/ 211، والشعر والشعرء 1/ 361, وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 308، وشرح الأشموني 1/ 130، وهمع الهوامع 1/ 131. 1 النكت لحسان ص72، 73. 2 النهاية 4/ 194. 3 لم أجد قوله في شرح الشواهد، وهو في حاشية الصبان 1/ 260. 4 التسهيل ص59. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 281 بـ"إذا" قال الموضح في الحواشي: الصواب أن يقال أو جملة فعلية فعلها ماض، فإن هذا هو محط الشذوذ. وأما نفس "إذا" فلا وجه لكونها مرجعا للشذوذ, ولهذا لم يقل أحد فيما علمنا إن قوله: 215- وقد جعلت إذا ما قمت يثقلني ... ثوبي ............................... شاذ من جهة التصدير بـ"إذا"، وإنما جعلوا شذوذه من جهة رفع السببي، خاصة فافهمه، ا. هـ. والأمر "الثالث: أن يكون" المضارع "مقرونًا بـ"أن" المصدرية وجوبا، "إن كان الفعل" الدال على الترجي، "حرى واخلولق"؛ لأن الفعل المرجى1 وقوعه قد يتراخى حصوله، فاحتيج إلى "أن" المشعرة بالاستقبال. "نحو: حرى زيد أن يأتي، و: اخلولقت السماء أن تمطر"، واستشكل الاقتران بـ"أن" لأنه يؤدي إلى جعل الحديث خبرًا عن الذات، وهو غير جائز. وأجيب بأنه من باب: زيد عدل، أو على تقدير مضاف. إما قبل الاسم، أو قبل الخبر، والتقدير: حرى أمر زيد الإتيان، واخلولق أمر السماء الإمطار، أو حرى زيد صاحب الإتيان، واخلولقت السماء صاحبة الإمطار، بكسر الهمزة وكذا البواقي. "وأن يكون الفعل مجردا منها"، أي: من "أن" وجوبًا، "إن كان الفعل دالا على الشروع، نحو: {وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ} [الأعراف: 22] لأنه للأخذ في الفعل والشروع فيه، وذلك ينافي الاستقبال، "والغالب في خبر "عسى" و" "أوشك الاقتران بها"، أي: بـ"أن" لأن "عسى" من أفعال الترجي، وكان القياس وجوب اقتران خبرها بـ"أن" حتى ذهب جمهور البصريين إلى أن التجريد من "أن" خاص بالشعر2. وأما "أوشك" فإنما يغلب معها الاقتران بـ"أن" حيث جعلت للترجي أختًا لـ"عسى". قال الشاطبي: والصحيح ما ذكره الشلوبيين وتلاميذه ابن الضائع والأبذي وابن أبي الربيع أن "أوشك" من قسم "عسى" الذي هو الرجاء، قال ابن   215- تقدم تخريج البيت برقم "212". 1 في "ب"، "ط": "المترجى". 2 في الارتشاف 2/ 120: "فجمهور البصريين على أن حذف "أن" من خبرها لا يكون إلا في الضرورة، قاله الفارسي، وأجاز حذفها في التذكرة في الكلام، وهو ظاهر قول سيبويه". وانظر الكتاب 3/ 158. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 282 الضائع: والدليل على ذلك أنك تقول: عسى زيد أن ينجح، ويوشك زيد أن يحج ولم يخرج من بلده، ولا تقول: كاد زيد يحج، إلا وقد أشرف عليه، ولا يقال ذلك وهو في بلد، انتهى كلام الشاطبي؟ وأما إذا جعلت للمقاربة كما ذهبت إليه الموضح1 هنا تبعًا للناظم وابنه2، فيشكل كون الغالب معها الاقتران كالاقتران الغالب في "عسى"، نحو: {عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ} [الإسراء: 8] ، "و" نحو "قوله: [من الطويل] 216- "ولو سئل الناس التراب لأوشكوا ... إذ قيل هاتوا أن يملوا ويمنعوا" فإن "يملوا" خبر "أوشك"، وهو مقرون بـ"أن" وفيه رد على الأصمعي إذ قال3: لم يستعمل ماض لـ"يوشك"، والمعنى: أن من طبع الناس الحرص على أنهم لو سئلوا4 في إعطاء التراب بالموحدة لقاربوا الامتناع من ذلك والملل إذا قيل لهم هاتوه. "و" التجرد من "أن" قليل، كقوله، وهو هدبة بن خشرم العذري: [من الوافر] 217- "عسى الكرب الذي أمسيت فيه ... يكون وراءه فرج قريب" "فيكون" خبر "عسى" وهو مجردًا من "أن"، و"الكرب" بفتح الكاف، وسكون الراء: الحزن بالنفس، و"أمسيت" قال الموضح تبعًا لليمني: الرواية بفتح التاء على الخطاب. و"فرج" بالجيم: كشف الغم، وهو مبتدأ تقدم خبره في الطرف قبله،   1 شرح التسهيل 1/ 389. 2 شرح ابن الناظم ص113. 216- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 311، وتخليص الشواهد ص322، والدرر 1/ 268، وشرح ابن الناظم ص113، وشرح الأشموني 1/ 129، وشرح شذور الذهب ص350، وشرح ابن عقيل 1/ 332، وشرح عمدة الحافظ ص817، ولسان العرب 10/ 513، "وشك"، والمقاصد النحوية 2/ 182، وهمع الهوامع 1/ 130، وتاج العروس "وشك". 3 الارتشاف 2/ 119. 4 في "ط": "حتى لو أنهم سئلوا". 217- البيت لهدبة بن خشرم في ديوانه ص54، والكتاب 3/ 159، وخزانة الأدب 9/ 328، 330، وشرح أبيات سيبويه 1/ 142، والدرر 1/ 268، وشرح شواهد الإيضاح 97، وشرح شواهد المغني 443، واللمع 225، والمقاصد النحوية 2/ 184، وبلا نسبة في شرح ابن الناظم ص111، وشرح المفصل 7/ 117، 121، وأسرار العربية 128، وأوضح المسالك 1/ 312، وتخليص الشواهد 326، وخزانة الأدب 9/ 316، والجنى الداني 462، وشرح ابن عقيل 1/ 327، وشرح عمدة الحافظ 816؛ والمقرب 1/ 98، ومغني اللبيب 152، والمقتضب 3/ 70، وهمع الهوامع 1/ 130. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 283 والجملة في محل نصب خبر "يكون"، واسمها مستتر فيها عائد على "الكرب"، و"قريب" نعت لـ"فرج"، وفي نتيجة القواعد لابن أياز "يكون" تامة و"وراءه" متعلق بها، ويجوز أن يكون "وراءه" في الأصل صفة لـ"قريب" ثم قدم عليه فانتصب حالًا، فيتعلق بمحذوف، وفيه ضمير وأجاز بعض المغاربة أن يكون حالًا من ضمير "قريب"، وفيه نظر، ا. هـ. ووجه النظر تقديم معمول الصفة على الموصوف، ولا يجوز أن يكون "فرج" مرفوعًا بـ"يكون" لا على التمام، ولا على النقصان؛ لأن ذلك يخلي "يكون من ضمير يعود على اسمها، وتقدم أن شرط خبر "عسى" أن يرفع الضمير أو السببي. "وقوله" وهو أمية بن أبي الصلت الثقفي: [من المنسرح] 218- "يوشك من فر من منيته ... في بعض غراتها يوافقها" فـ"يوافقها" بالفاء فالقاف من الموافقة خبر "يوشك"، وهو مجرد من "أن" و"من فر" بمعنى: هرب، اسم "يوشك"، والمنية: الموت، والغرات بكسر الغين المعجمة، وتشديد الراء، جمع غرة، وهي الغفلة، والمعنى: أن من هرب من الموت في الحرب، يوشك أن يوافقه الموت في بعض غفلاته. "وكاد وكرب بالعكس"، فيكون الغالب في خبرهما التجرد من "أن"؛ لأنهما يدلان على شدة مقاربة الفعل ومداومته، وذلك يقرب من الشروع في الفعل والأخذ فيه، فلم يناسب خبرهما أن يقترن بـ"أن" غالبًا، ويقل اقترانه بـ"أن" نظرًا إلى أصلهما، "فمن الغالب قوله تعالى: {وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ} [البقرة: 71] ، وقول الشاعر"، وهو كلحبة اليربوعي، وقيل رجل من طيئ: [من الخفيف] 219- "كرب القلب من جواه يذوب" ... حين قال الوشاة هند غصوب   218- البيت لأمية بن أبي الصلت في ديوانه، 42، وشرح أبيات سيبويه 2/ 167، 207، وشرح المفصل 7/ 126، والعقد الفريد 3/ 187، والكتاب 3/ 161، ولسان العرب 6/ 32، ولسان العرب 6/ "بيس"، 188 "كأس" والمقاصد النحوية 2/ 187، ولعمران بن حطان في ديوانه 123، ولأمية أو لرجل من الخوارج في تخليص الشواهد ص323، والدرر 1/ 263، 270، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 313، وشرح ابن الناظم 114، وشرح الأشموني 1/ 129، وشرح التسهيل 1/ 392، وشرح شذور الذهب ص271، وشرح ابن عقيل 1/ 333، وشرح عمدة الحافظ ص818، والمقرب 1/ 98، وهمع الهوامع 1/ 129، 130. 219- البيت للكلحبة اليربوعي أو لرجل من طيئ في الدرر 1/ 166، والمقاصد النحوية 2/ 189، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 314، وتخليص الشواهد ص330، وشرح ابن الناظم ص112، وشرح الأشموني 1/ 130، وشرح التسهيل 1/ 392، وشرح شذور الذهب ص272، وشرح ابن عقيل 1/ 335، وشرح عمدة الحافظ ص814، وهمع الهوامع 1/ 130. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 284 فـ"يذوب" خبر "كرب" مجرد من "أن"، و"القلب" اسمها، والجوى: شدة الوجه، والوشاة جمع واش من وشى به إذا نم عليه، وعضوب: فعول بمعنى فاعل، كصبور، يستوي فيه المذكر والمؤنث. والمعنى: كاد القلب يذوب ويضمحل من شدة وجده وشوقه حين قال الواشون: محبوبتك هند غضوب عليك. "ومن القليل قوله" يرثي ميتًا: [من الخفيف] 220- "كادت النفس أن تفيض عليه" ... إذ غدا حشو ريطة وبرود فـ"أن تفيض" خبر "كاد" وهو مقرون بـ"أن"، وأوله فاء، وثانيه ياء مثناة تحت، وثالثه ضاد معجمة على لغة تميم، ومشالة على لغة قيس، قاله أبو زيد، وأبو عبيدة. يقال: فاظ الميت يفيظ فيظًا إذا قضى، قاله أبو الفرج بن سهيل. "وغدا" بمعنى صار، واسمه مستتر فيه، يعود إلى ما عاد عليه ضمير "عليه" قبله، وهو الميت المرثي، "وحشو" خبر "غدا"، والريطة بفتح الراء وسكون الياء المثناة تحت وبالطاء المهملة: الملاءة إذا كانت شقة واحدة، والبرود بضم الموحدة جمع برد، نوع من الثياب، والمراد بهما: الكفن، ويروى: مذ ثوى، بالمثلثة، بمعنى: أقام. "وقوله" وهو أبو زيد الأسلمي: [من الطويل] 221- سقاها ذوو الأحلام سجلًا على الظما ... "وقد كربت أعناقها أن تقطعا" فـ"أن تقطعا" خبر "كربت" وهو مقرون بـ"أن"، وفيه رد على سيبويه حيث زعم أن خبر كرب لا يقترن بـ"أن" قاله الموضح في شرح الشواهد. وأصل "تقطع" تقطع بتاءين، حذفت إحداهما، وسقى يتعدى إلى اثنين، أولهما الهاء المتصلة به،   220- البيت لأبي زبيد الطائي في الاقتضاب ص614، ونسبه الدسوقي في حاشيته على المغني 2/ 287، والأمير 2/ 183، لمحمد بن مناذر، وهو بلا نسبة في أدب الكاتب ص406، والاقتضاب ص307، وأوضح المسالك 1/ 315، وخزانة الأدب 9/ 348، وشرح الأشموني 1/ 129، وشرح شواهد المغني 2/ 948، وشرح شذور الذهب 273، وشرح ابن عقيل 1/ 330، ولسان العرب 6/ 234 "نفس"، 7/ 454، "فيظ"، ومغني اللبيب 2/ 662. 221- البيت لأبي زيد الأسلمي في تخليص الشواهد 330، والدرر 1/ 267، وشرح عمدة الحافظ 815، والمقاصد النحوية 2/ 193، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 316، وشرح ابن الناظم 113، وشرح الأشموني 1/ 123، وشرح التسهيل 1/ 392، وشرح شذور الذهب ص274، وشرح شواهد المغني ص355، وشرح ابن عقيل 1/ 335، والكامل ص244، والمقرب 1/ 99، وهمع الهوامع 1/ 130. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 285 وهي عائدة على العروق المذكورة في قوله قبل1: مدحت عروقًا .... ... .................. وسجلا، بفتح السين المهملة, وسكون الجيم مفعوله الثاني، وهو: الدلو المشغول بالماء، والأحلام بالحاء المهملة: العقول. والظما، بالمشالة: العطش. "ولم يذكر سيبويه في خبر "كرب" إلأا التجرد من: أن2". وفي نسخة: وهو مردود بالسماع. والحاصل أن خبر هذه الأفعال بالنسبة إلى اقترانه بـ"أن"، وتجرده منها أربعة أرقام. ما يجب فيه الاقتران. هو: حرى واخلولق، وإليه الإشارة بقول الناظم: 166- وكعسى حرى ولكن جعلا ... خبرها حتمًا بأن متصلًا 167- والزموا اخلولق أن مثل حرى ... ..................................... وما يجب تجرده من "أن" وهو أفعال الشروع المشار إليها بقول الناظم: 168- ..................... ... وترك أن مع ذي الشروع وجبًا وما يجوز فيه الأمران، والغالب الاقتران، وعسى وأوشك وهو المشار إليه بقول الناظم أولًا: 165- وكونه بدون أن بعد عسى ... نزر .............................. وثانيًا بقوله: 167- ................ ... وبعد أوشك انتفا أن نزرا وما يجوز فيه الأمران، والغالب التجرد، وهو: كاد وكرب، وهو المشار إليه بقول الناظم أولًا: 165- ...................... ... ........... فكاد الأمر فيه عكسًا وبقوله ثانيًا: 168- ومثل كاد في الأصح كربا ... ..................................   1 تمام البيت: "مدحت عروقًا للندى مصت الثرى ... حديثًا فلم تهمم بأن تتزعزعا" وهو له في الكامل ص243. 2 في الكتاب 3/ 159: "وأما كاد فإنهم لا يذكرون فيها أن، وكذلك كرب يفعل، ومعناهما واحد". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 286 "فصل": "وهذه الأفعال ملازمة لصيغة الماضي إلا أربعة استعمل لها مضارع، وهي: كاد" وعينها واو، وجاءت من باب: خاف يخاف، ومن باب: قال يقول، كدت بكسر الكاف، كخفت، وبضمها كقلت، حكاهما سيبويه، فعلى الأول مضارعها: يكاد، كيخاف، "نحو: {يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ} [النور: 35] ، وعلى الثاني مضارعها: يكود، كيقول حكاه ابن أفلح في منية الألباب. قال الموضح في الحواشي: فإن احتج على أنها يائية العين بقولهم: لا أفعله ولا كيدًا، قلنا: معارض بقولهم: ولا كودًا، وجعل الواو أصلًا، وسيلة إلى مجيء الياء للتخفيف، ا. هـ. "وأوشك، كقوله: [من المنسرح] 222- يوشك من فر من منيته" ... ............................... أنشده سيبويه1، وتقدم الكلام عليه قريبًا، "وهو أكثر استعمالًا" من ماضيها، حتى إن الأصمعي وأبا علي أنكرا مجيء ماضيها2، وهما محجوجان بما تقدم، ولقلته يمثل أكثر النحويين لها بالمضارع. "وطفق، حكى" أبو الحسن "الأخفش3: طفق يطفق"، بفتح العين في الماضي وكسرها في المضارع، "كضرب يضرب، وطفق يطفق"، بالعكس، "كعلم يعلم"، وفرح يفرح"، "وجعل، حكى الكسائي: إن البعير ليهرم حتى يجعل" بالرفع، "إذا شرب الماء مجه"، وفيه شذوذ وقوع الماضي خبرًا كما تقدم توجيهه في: أرسل رسولًا، وكرب يكرب كنصر ينصر. قاله ابن أفلح في منية   222- تقدم تمام البيت مع تخريجه برقم 218. 1 الكتاب 3/ 161. 2 في الارتشاف 2/ 119: "وأنكر الأصمعي "أوشك"، وقد نقله الخليل وغيره، وهو مسموع في كلامهم". 3 معاني القرآن للأخفش 2/ 515. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 287 الألباب، وعسى أعسى، حكاه ابن ظفر في شرح المقامات. وزعم غيره أنه يقال: عسى يعسو، وعسى يعسي1، فيكون مما اعتقبت الواو والياء على لامه، قاله قريب الموضح في حاشيته على هذا الكتاب. واقتصر الناظم على اثنين منها، فقال: 170- واستعملوا مضارعًا لأوشكا ... وكاد لا غير ...................... "واستعمل اسم فاعل لثلاثة وهي: كاد، قاله الناظم" في شرح الكافية2، "وأنشد عليه" قول كبير3؛ بالباء الموحدة والتكبير؛ ابن عبد الرحمن: [من الطويل] 223- أموت أسى يوم الرجام "وإنني ... يقينا لرهن بالذي أنا كائد" فـ"كائد" بصورة الياء المثناة بعد الألف اسم فاعل من: كاد، والأسى، بالقصر: الحزن، والرجام بكسر الراء المهملة وبالجيم، اسم موضع، ويقينا، مفعول مطلق، ورهن بمعنى مرهون خبر "إن"، "وكرب، قاله جماعة، وأنشدوا عليه" قول عبد قيس بن خفاف: [من الكامل] 224- "أبني إن أباك كارب يومه" ... فإذا دعيت إلى المكارم فاعجل فـ"كارب" اسم فاعل من: كرب الناقصة، واسمه مستتر فيه، وخبره محذوف. "و "أوشك"" وعليه اقتصر الناظم فقال: 170- ................. ... ........... وزادوا موشكا   1 في شرح ابن عقيل 1/ 340، 341: "فحكى صاحب الإنصاف استعمال المضارع واسم الفاعل من "عسى" قالوا: عسى يعسي فهو عاس". 2 شرح الكافية 1/ 459. 3 في حاشية الصبان 1/ 265: "إن تسميته كبير لا ينافيه قول الشارح بعد: "في شرح ديوان كثير" أي: بالمثلثة والتصغير، لاحتمال أن تكلمه على هذا البيت استطرادي، لا لكونه في الديوان، لكن نقل شيخنا عن شرح التوضيح للشارح أنه قول كثير عزة". 223- البيت لكثير عزة في شرح الشافية 1/ 1459، والارتشاف 2/ 126، وأوضح المسالك 1/ 318، وشرح ابن عقيل 1/ 339، والمقاصد النحوية 2/ 198، والهمع 1/ 129، وشرح الأشموني 1/ 131، وتخليص الشواهد ص336، وشرح عمدة الحافظ ص824، والدرر 1/ 265. 224- البيت لعبد قيس بن خفاف في الأصمعيات ص229، والحماسة الشجرية 1/ 469، وسمط اللآلي ص937، وشرح اختيارات المفصل ص1555، وشرح شواهد المغني 1/ 271، ولسان العرب 1/ 712، "كرب" والمقاصد النحوية 2/ 202، ونوادر أبي زيد ص114، ولعبد الله بن خفاف في تخليص الشواهد ص336، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 319، وجمهرة اللغة ص328، وشرح الأشموني 1/ 131. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 288 "كقوله" وهو كبير بن عبد الرحمن: [من الوافر] 225- "فإنك موشك أن لا تراها" ... وتعدو دون غاضرة العوادي فـ"موشك" اسم فاعل أوشك، و"تعدو" مضارع عدا: إذا جاوز، و"غاضرة" بغين فضاد معجمتين جارية أم البنين بنت عبد العزيز بن مروان أخت عمر بن عبد العزيز, و"العوادي" بالعين المهملة: عوائق الدهر فاعل "تعدو"، "والصواب أن الذي في البيت الأول كابد بالباء الموحدة من المكابدة والعمل، وهو" اسم "للفاعل غير جار على الفعل"؛ لأن فعله كابد وقياس اسم فاعله الجاري عليه "مكابد"، "كابد" وبهذا جزم1 يعقوب" بن السكيت "في شرح ديوان كثير"، عزة، فلا دليل للناظم فيه، وقد ثبت عن الموضح أنه رجع لقول الناظم أخيرًا فقال في شرح الشواهد الكبرى: والظاهر ما أنشده الناظم، وقد كنت أقمت مدة على مخالفته، وذكرت ذلك في توضيح الخلاصة، ثم اتضح لي أن الحق معه ا. هـ. "و" الصواب "أن "كاربا" في البيت الثاني اسم فاعل "كرب" التامة، في نحو قولهم: "كرب الشتاء"، إذا قرب، وبهذا جزم الجوهري" في الصحاح2، وأصله: كارب يومه، برفع يوم، أي: قريب، وفي كرب استعمالان: ناقصة، وتامة، والتامة قاصرة ومتعدية، فالقاصرة نحو: كرب الشتاء، وقولهم: كل دان قريب فهو كارب، والمتعدية نحو: كربت القيد إذا ضيقته على المقيد. "واستعمل مصدرًا لاثنين وهما: طفق وكاد، حكى الأخفش: طفوقًا" كقعودًا "عمن قال: طفق بالفتح3" فإن قياسه الفعول، {وَطَفِقَا} [الأعراف: 22] بفتحتين1، كفرحا، "عمن قال: طفق، بالكسر4" فإن قياسه الفعل بفتحتين "وقالوا: كاد كودا"، كقال قولًا، "ومكادا" كمقالًا، "ومكادة" كمقالة، كيدًا بقلب الواو ياء، وفي حواشي سنن أبي داود للمنذري حكاية إيشاك، مصدر "أوشك" قاله الموضح في الحواشي.   225- البيت لكثير عزة في ديوانه ص220، والارتشاف 2/ 126، والدرر 1/ 264، وشرح عمدة الحافظ ص823، والمقاصد النحوية 2/ 205، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 321، وتخليص الشواهد ص336، وشرح الأشموني 1/ 131، وهمع الهوامع 1/ 129، وشرح الكافية الشافية 1/ 460. 1 سقطت من "ب". 2 الصحاح 1/ 211 "كرب". 3 في المساعد 1/ 292: "قال الأخفش: وبعضهم يقول طفق بالفتح، يطفق طفوقًا". 4 في معاني القرآن للأخفش 2/ 514: "قال: طفقا، وقال بعضهم، طَفَقَ، وهذه قراءة أبي السمال". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 289 "فصل": "وتختص عسى واخلولق وأوشك" من بين أفعال هذا الباب "بجواز إسنادهن إلى "أن يَفْعَلَ" حال كون "أن يفعل" "مستغنى به عن الخبر"، فتكون تامة، وهذا معنى قول الناظم: 171- بعد عسى اخلولق أوشك قد يرد ... غنى بأن يفعل غن ثان فقد "نحو: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ} [البقرة: 216] "وينبني على هذا الأصل فرعان: أحدهما: أنه إذا تقدم على إحداهن اسم هو المسند إليه" الفعل "في المعنى، وتأخر عنها "أن" والفعل, نحو: زيد عسى أن يقوم, جاز تقديرها خالية من ضمير ذلك الاسم" المتقدم عليها، "فتكون" "عسى" "مسندة إلى "أن" والفعل مستغنى بهما عن الخبر"، فتكون تامة, وهذه لغة أهل الحجاز، "وجاز تقديرها مسندة إلى الضمير" العائد إلى الاسم المتقدم عليها، فيكون الضمير اسمها، "وتكون "أن" والفعل في موضع نصب على الخبر"، فتكون ناقصة، وهذه لغة بني تميم، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 172- وجردن عسى أو ارفع مضمرًا ... بها إذا اسم قبلها قد ذكرا "ويظهر أثر" هذين "التقديرين" في حال "التأنيث والتثنية والجمع" المذكر والمؤنث، "فتقول على تقدير الإضمار" في "عسى": "هند عست أن تفلح"، فـ"هند" مبتدأ، و"عسى" فعل ماض ناقص، واسمها ضمير مستتر فيها يعود على "هند"، و"أن تفلح" في موضع نصب على أنه خبر "عسى"، و"عسى" ومعمولاها في موضع رفع على أنه خبر المبتدأ. "والزيدان عسيا أن يقوما"، فـ"الزيدان" مبتدأ، و"عسى" فعل ماض ناقص، والألف المتصلة بها اسمها، و"أن يقوما" خبرها، وجملة "عسى" ومعمولاها خبر المبتدأ، "والزيدون عسوا أن يقوموا" كذلك، "والهندات عسين أن يقمن" كذلك، "وتقول على تقدير الخلو من المضمر" في "عسى": هند الجزء: 1 ¦ الصفحة: 290 "عسى" أن تفلح، والزيدان عسى أن يقوما، والزيدون عسى أن يقوموا، والهندات عسى أن يقمن، فتقدر عسى خالية من الضمير "في" الأمثلة "الجميع"، وهي تامة. وأن والفعل بعدها في موضع رفع على الفاعلية بها, وهي ومرفوعها في موضع رفع على الخبرية للمبتدأ قبلها، "و" الخلو من الضمير "هو الأفصح"، وبه جاء التنزيل، "قال الله تعالى: {لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ} [الحجرات: 11] . "و" الفرع "الثاني أنه إذا ولي إحداهن أن والفعل، وتأخر عنها اسم هو المسند إليه في المعنى، نحو عسى أن يقوم زيد، جاز" الوجهان السابقات فيما إذا تقدم المسند إليه في المعنى، وعلى هذا يكون المبتدأ مؤخرًا لا غيره وجاز إيضًا وجهان آخران. أحدهما: أنه يجوز "في ذلك الفعل" المقرون بـ"أن" "أن يقدر خاليًا من الضمير" العائد إلى الاسم المتأخر، "فيكون" الفعل "مسندًا إلى ذلك الاسم" المتأخر، "و" تكون ""عسى" مسندة إلى "أن"، والفعل مستغنى بهما عن الخبر"، فتكون تامة. "و" الثاني: أنه يجوز "أن يقدر" ذلك الفعل "متحملًا لضمير ذلك الاسم" المتأخر. "فيكون الاسم" المتأخر "مرفوعًا، بـ"عسى" وتكون "أن" والفعل في موضع نصب على الخبرية" لـ"عسى" مقدمًا على اسمها، فتكون ناقصة. "ومنع الشلوبين هذا الوجه" الثاني "لضعف هذه الأفعال عن توسط الخبر1، وأجازه" أبو العباس "المبرد2، و" أبو سعيد "السيرافي، و" أبو علي "الفارسي3، ويظهر أثر الاحتمالين أيضًا في" حال "التأنيث والتثنية والجمع" المذكر والمؤنث، "فتقول على وجه الإضمار" في الفعل المقرون بأن: "عسى أن يقوما أخواك"، فـ"أخواك" اسم "عسى" مؤخر، و"أن يقوما" في موضع نصب خبر "عسى" متقدم على اسمها "وعسى أن يقوموا إخوتك" فـ"إخوتك" اسم "عسى"، و"أن يقوموا" خبرها، "و: عسى أن يقمن نسوتك"، فـ" نسوتك"، اسم "عسى"، و"أن يقمن" خبرها، "و: عسى أن تطلع الشمس، بالتأنيث، لا غير" فـ"الشمس" اسم "عسى"، و"أن تطلع" خرها، وإنما وجب تأنيث الفعل؛ لأنه إذا   1 في شرح ابن عقيل 1/ 341، "ذهب الأستاذ أبو علي الشلوبين إلى أنه يجب أن يكون الظاهر مرفوعًا بالفعل الذي بعد "أن"، فـ"أن" وما بعدها فاعل لـ"عسى" وهي تامة ولا خبر لها". 2 المقتضب 3/ 70. 3 شرح ابن عقيل 1/ 342. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 291 أسند إلى ضمير متصل وجب تأنيثه لئلا يلتبس بالإسناد إلى الظاهر. كما سيجيء في باب الفاعل. "و" تقول "على الوجه الآخر" وهو عدم الإضمار في الفعل: عسى أن يقوم أخواك، وعسى أن يقوم إخوتك، وعسى أن تقوم نسوتك، وعسى أن تطلع الشمس، فالاسم المتأخر في هذه الأمثلة فاعل، "يقوم"، و"تطلع" مسندة إلى "أن"، والفعل مستغنى بهما عن الخبر، ففي الأمثلة الثلاثة، الأول "توحد "يقوم"؛ لأنه مسند إلى الظاهر، وسيأتي أن الأفصح توحيده، "و" في المثال الأخير "تؤنث "تطلع" أو تذكره"؛ لأنه أسند إلى ظاهر مجازي التأنيث، وسيأتي أنه يجوز تذكيره وتأنيثه، لا يقال إذا تأخر المسند إليه في المعنى يكون مطلوبًا لكل من الفعلين فلا يتأتى فيه ما تقدم؛ لأنا نقول دعوى التنازع فيه ممنوعة؛ لأن أحد الفعلين جامد، وسيأتي أن التنازع لا يكون بين جامدين ولا بين جامد وغيره. مسألة: يجوز كسر سين: عسى" في لغة من قال: هو عس بكذا، مثل: شج، من شجى، "خلافًا لأبي عبيدة" في منعه الكسر، "وليس ذلك" الجواز "مطلقًا"، سواء أسندته إلى ظاهر أو مضمر، "خلافًا للفارسي" في إجازته الكسر مطلقًا1، فيجيز: عسي زيد، بكسر السين، كرضي زيد، "بل يتقيد بأن يسند إلى" ضمير يسكن معه آخر الفعل. فيشمل ما إذا كان مسندا إلى "التاء أو النون أو نا، نحو:" عسيت بالحركات الثلاث في التاء، وعسيتما وعسيتم وعسيتن وعسين وعسينا، بفتح السين وكسرها في الجميع2، وبهما قرئ في السبع: قال الله تعالى: {هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ} [البقرة: 246] ، {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ} [محمد: 22] ، قرأهما نافع بالكسر لمناسبة الياء3، وغيره بالفتح وهو المختار لجريانه على القياس، وهو عدم اختلافه مع الظاهر والمضمر، بخلاف الكسر؛ ولأنه اللغة الشائعة، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 173- والفتح والكسر أجز في السين من ... نحو عسيت وانتقا الفتح زكن   1 انظر الحجة 2/ 350. 2 انظر الارتشاف 2/ 142. 3 وقرأها كذلك: الحسن وطلحة، انظر البحر المحيط 2/ 255. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 292 باب الأحرف الثمانية مدخل ... باب الأحرف الثمانية: عبر بالأحرف نظرًا إلى أن هذا العدد للقلة، وبالثمانية لإدخال "أن" المفتوحة "وعسى"، و"لا" التبرئة، وعبر سيبويه1 بالحروف الخمسة؛ لأن المفتوحة فرع المكسورة، عنده. "الداخلة على المبتدأ والخبر فتنصب المبتدأ" اتفاقًا، بشرط أن يكون مذكورًا غير واجب الابتداء، أو التصدير. "ويسمى اسمًا، وترفع خبره"، على الأصح عند البصريين2، بشرط أن لا يكون طلبيا، "ويسمى خبرها"، فلو كان محذوفًا، نحو: الحمد لله الحميد، برفع "الحميد" على أنه خبر لمبتدأ محذوف، أو واجب الابتداء كأيمن، أو واجب التصدير غير ضمير الشأن، كـ"أي" و"كم" لم تنصبه هذه الأحرف، ولو كان الخبر طلبيًا، نحو: زيد اضربه، وأين زيد، لم ترفعه هذه الأحرف، إلا أن يكون الاستفهام جوابًا، حكي من كلامهم: أن أين الماء والعشب، جوابًا لمن قال: أن في موضع كذا الماء والعشب، قاله أبو حيان3. وذهب لكوفيون إلى أن هذه الأحرف لا تعمل في الخبر، وإنما هو مرفوع بما كان مرفوعًا به قبل دخولهن وهو المبتدأ، ولكل من الفريقين حجة. فحجة البصريين أن لهذه الأحرف شبهًا بـ"كان" الناقصة في لزوم دخولهن على المبتدأ والخبر، والاستغناء بهما، فعملهن عملها معكوسًا، ليكون المبتدأ والخبر معهن كمفعول قدم، وفاعل أخر، تنبيهًا على الفرعية، وحجة الكوفيين أنه لا يجوز: إن قائم زيدًا، ولو كان الخبر معمولها لجاز أن يليها. وينبني على هذا الخلاف خلاف في جواز العطف بالرفع قبل مجيء الخبر، وسيأتي.   1 الكتاب 2/ 131. 2 الإنصاف 1/ 176. 3 الإنصاف 1/ 176، المسألة رقم 22. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 293 فالحرف "الأول والثاني "إن"" المكسورة، "و"أن"" المفتوحة، "وهما لتوكيد النسبة" بين الجزأين، "ونفي الشك عنها، و" نفي "الإنكار لها"، بحسب العلم بالنسبة والتردد فيها، والإنكار لها، فإن كان المخاطب عالمًا بالنسبة، فهما لمجرد توكيد النسبة. وإذا كان مترددًا فيها، فهما لنفي الشك عنها وإن كان منكرًا لها، فهما لنفي الإنكار لها، فالتوكيد لنفي الشك عنها مستحسن، ولنفي الإنكار واجب، ولغيرهما لا. "و" الحرف "الثالث: "لكن"، وهو للاستدراك"، وهو تعقيب الكلام برفع ما يتوهم ثبوته أو نفيه من الكلام السابق، "والتوكيد" قاله جماعة, منهم صاحب البسيط. "فالأول:" وهو الاستدراك، كقولك: "زيد شجاع"، فيوهم ذلك أنه كريم؛ لأن من شيمة الشجاع الكرم، فتقول "لكنه بخيل"، وتقول: ما زيد شجاع، فيوهم أنه ليس بكريم، فتقول: لكنه كريم، ولكونها للاستدراك لا بد أن يتقدم عليها كلام، ثم لا يخلو ما بعدها، إما أن يكون نقيضًا لما قبلها، نحو: هذا متحرك، لكن هذا ساكن، أو ضدا له، نحو: ما هذا أسود، لكنه أبيض، أو خلافًا له، نحو: ما قام زيد لكن عمرًا يشرب، أو مثلًا له، نحو: ما زيد قائم لكن عمرًا قائم، فالأول والثاني جائزان باتفاق، والثالث جائز على الأصح، والرابع ممتنع بالاتفاق، قاله أبو حيان في النكت الحسان1. "والثاني" وهو التوكيد، "نحو" قولك: "لو جاءني" زيدًا زيد أكرمته، فهذا يدل على امتناع المجيء؛ لأن "لو" إذا أدخلت على مثبت نفته، فإذا أردت توكيده قلت: "لكنه لم يجئ" فأكدت بـ"لكن" من أفادته "لو" من الامتناع بـ"لكن". وهي بسيطة على الأصح. وذهب الكوفيون إلى أنها مركبة من "لا" و"أن" والكاف زائدة بينهما لا للتنبيه، وحذفت الهمزة تخفيفًا. "و" الحرف "الرابع "كأن"" بتشديد النون، "وهو للتشبيه المؤكد"، بفتح الكاف، نعت للتشبيه، نحو: كأن زيدًا أسد، أو حمار، مما الخبر فيه أرفع من الاسم أو أخفض منه، ففيه تشبيه مؤكد بـ"كأن"، "لأنه مركب من الكاف" المفيدة للتشبيه، "و "أن" المفيدة للتوكيد، والأصل: إن زيدًا كالأسد، أو كالحمار، فقدمت الكاف على "أن" ليدل أول الكلام على التشبيه من أول وهلة، وفتحت همزة "أن" وصارا كلمة واحدة, ولهذا لا تتعلق الكاف بشيء، وقبل التقديم والتركيب كانت متعلقة بمحذوف على الأصح.   1 النكت الحسان ص79. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 294 "وكأن" ملازمة للتشبيه، ولا تكون للتحقيق، خلافًا للكوفيين1، ولا حجة لهم في قوله: [من الوافر] 226- فأصبح بطن مكة مقشعرا ... كأن الأرض ليس بها هشام لأنه محمول على التشبيه، فإن الأرض ليس بها هشام حقيقة، بل هو فيها مدفون، ولا للظن فيما إذا كان خبرها فعلًا أو ظرفًا، أو صفة من صفة أسمائها، نحو: كأن زيدًا قعد، أو يقعد. أو في الدار أو عندك، أو قاعد، خلافًا لابن السيد2، ولا للتقريب، نحو: كأنك بالدنيا لم تكن، خلافًا لأبي الحسين الأنصاري، ولا للنفي نحو: كأنك دال عليها, أي: ما أنت دال عليها، خلافًا للفارسي. "و" الحرف "الخامس: ليت"، وهي للتمني وهو طلب ما لا طمع فيه، أو ما فيه عسر." فالأول "نحو" قول الطاعن في السن: "ليت الشباب عائد" فإن عود الشباب لا طمع فيه، لاستحالته عادة. و" الثاني نحو "قول منقطع الرجاء" من مال يحج به، "ليت لي مالًا فأحج منه"، فإن حصول المال ممكن، ولكن فيه عسر ويمتنع: ليت غدا يجيء، فإن غدًا واجب المجيء، والحاصل أن التمني يكون في الممتنع والممكن، ولا يكون في الواجب. "و" الحرف "السادس: "لعل"، وهي للتوقع، وعبر عنه قوم بالترجي في" الشيء "المحبوب، نحو:" لعل الحبيب قادم، ومنه عند البصريين: {لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} [الطلاق: 1] ، "والإشفاق في" الشيء "المكروه، نحو: {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ} [الكهف: 6] ، أي: قاتل نفسك، والمعنى: أشفق على نفسك أن تقتلها حسرة على ما فاتك من إسلام قومك، قاله في الكشاف3. فتوقع المحبوب يمسى ترجيًا، وتوقع المكروه ويسمى إشفاقًا، ولا يمكن التوقع إلا في الممكن، وأما قول فرعون: {لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ، أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ} [غافر: 36، 37]   1 في الارتشاف 2/ 129: "زعم الكوفيون والزجاجي أن "كأن" تكون للتحقيق". 226- البيت للحارث بن خالد في ديوانه ص93، والاشتقاق ص101، 147، وبلا نسبة في الجنى الداني ص571، وجواهر الأدب ص93، والدرر 1/ 280، وشرح شواهد المغني 2/ 515، ولسان العرب 12/ 461 "قثم" ومغني اللبيب 1/ 192، وهمع الهوامع 1/ 133. 2 في الارتشاف 2/ 192: "وزعم الكوفيون والزجاجي وتبعهم ابن الطراوة وابن السيد أنه إذا كان الخبر صفة أو فعلًا أو جملة أو ظرفًا كانت "كأن" للشك، نحو: ظننت وتوهمت. 3 الكشاف 2/ 473. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 295 فجهل منه، أو إفك، قاله في المغني1. والإشفاق لغة الخوف، يقال: أشفقت عليه بمعنى: خفت عليه، وأشفقت منه بمعنى: خفت منه وحذرته. "قال الأخفش" والكسائي: "و" تأتي "لعل" "للتعليل، نحو" ما قال الأخفش: يقول الرجل لصاحبه: "أفرغ عملك لعلنا نتغدى"، واعمل عملك لعلك تأخذ أجرك، أي: لنتغدى ولتأخذ2 ا. هـ. "ومنه": أي: من التعليل: {لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ} . [طه: 44] ، أي: ليتذكر. قال في المغني3: ومن لم يثبت ذلك يحمله على الرجاء، ويصرفه للمخاطبين، أي: اذهبا على رجائكما، ا. هـ. "قال الكوفيون4": وتأتي "لعل" "للاستفهام". قال في المغني5: ولهذا علق بها الفعل, "نحو": {لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} [الطلاق: 1] {وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى} [عبس: 3] ا. هـ. وعلى هذا فالتقدير: لا تدري أألله يحدث بعد ذلك أمرًا، وما يدريك أيزكى، والمعنى: لا تدري جواب أألله يحدث، وما يدريك جواب أيزكى، قاله قريب الموضح في حاشيته: وهذان المعنيان لا يثبتهما البصريون. "وعقيل" بالتصغير "تجيز جر اسمها، وكسر لامها الأخيرة"، وحذف لامها الأولى وإثباتها، قال شاعرهم: [من الطويل] 227- ................. ... لعل أبي المغوار منك قريب وظاهر كلامه هنا أنها في حال الجر عاملة عمل "إن" وأن اسمها في موضع نصب، وخالف ذلك في المغني6، فقال له نصه: واعلم أن مجرور "لعل" في موضع رفع بالابتداء لتنزيل "لعل" منزلة الجار الزائد، نحو: بحسبك درهم بجامع ما بينهما من عدم التعلق بعامل، وقوله "قريب" خبر ذلك المبتدأ ا. هـ.   1 مغني اللبيب ص379. 2 معاني القرآن للأخفش 2/ 631. 3 مغني اللبيب ص379. 4 الارتشاف 2/ 130، ومغني اللبيب ص379. 5 معني اللبيب ص379. 227- تقدم تخريج البيت برقم 135. 6 مغني اللبيب ص377. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 296 "و" الحرف "السابع "عسى" في لغية" بالتصغير، "وهو بمعنى: لعل" في الترجي والإشفاق، فحملت في العمل عليها، كما حملت "لعل" على "عسى" في إدخال أن في خبرها، كالحديث1: "لعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض". "وشرط اسمها أن يكون ضميرًا" لغائب أو متكلم أو مخاطب، "كقوله" وهو صخر بن الجعد الخضري، وكان ترجى أن محبوبته يصيبها مرض، ليكون ذلك وسيلة إلى عيادته إياها: [من الطويل] 228- فقلت عساها نار كأس وعلها ... تشكى فآتي نحوها فأعودها فالهاء المتصلة بـ"عسى" اسمه، و"نار كأس" خبره، "وقوله" هو عمران بن حطان الخارجي، وكان سنيا فتزوج امرأة من الخوارج، فقيل له فيها، فقال: أردها عن مذهبها، فغلبت هي عليه وأضلته عن مذهب أهل السنة: [من الوافر] 229- ولي نفس تنازعي إذا ما ... "أقول لها لعلي أو عساني" فياء المتلكم اسم "عسى"، وخبره محذوف، وقول آخر: [من الرجز] 230- يا أبتا علك أو عساكا   1 أخرجه البخاري في كتاب المظالم برقم 2534. 228- البيت لضخر بن جعد الخضري في الدرر اللوامع 1/ 278، وشرح شواهد المغني ص446، والمقاصد النحوية 2/ 227، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 329، والجنى الداني 469، وخزانة الأدب 5/ 350، ومغني اللبيب ص153، وهمع الهوامع 1/ 132. 229- البيت لعمران بن حطان في الارتشاف 2/ 125، وتذكرة النحاة 440، وخزانة الأدب 5/ 337، 349، وشرح أبيات سيبويه 1/ 524، وشرح المفصل 3/ 120، 7/ 123، والكتاب 2/ 375، والمقاصد النحوية 2/ 229، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 330، وتذكرة النحاة ص495، والجنى الداني ص466، والخزانة 5/ 363، والخصائص 3/ 5، ورصف المباني ص249، وشرح المفصل 3/ 10، 118، والمقتضب 3/ 72، والمقرب 1/ 101، وشرح التسهيل 1/ 397. 230- الرجز لرؤبة في ملحقات ديوانه ص181، وخزانة الأدب 5/ 362، 367، 368، وشرح أبيات سيبويه 2/ 164، وشرح شواهد المغني 1/ 433، وشرح المفصل 7/ 123، 2/ 90، والكتاب 2/ 375، والمقاصد النحوية 4/ 252، وللعجاج في ملحق ديوانه 2/ 310، وتهذيب اللغة 1/ 106، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 1/ 336، والإنصاف 1/ 222، والجنى الداني ص446، 470، والخصائص 2/ 96، والدرر 1/ 277، ورصف المباني ص29، 249، 355، وسر صناعة الإعراب 1/ 406، 2/ 493، 502، وشرح الأشموني 1/ 133، 2/ 458، وشرح المفصل 2/ 12، 3/ 118، 120، 8/ 87، 9/ 33، واللامات ص 135، ولسان العرب 14/ 349 "روي" وما ينصرف وما لا ينصرف 130، والمقتضب 3/ 71، ومغني اللبيب 1/ 151، 2/ 699، وهمع الهوامع 1/ 132، وتاج العروس "الياء". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 297 فالكاف اسمه، وخبره محذوف. وما ذكره الموضح من أن الضمير المتصل بـ"عسى" هو اسمه وهو في موضع نصب، وما بعده خبره هو مذهب سيبويه1. وذهب المبرد2 والفارسي3 إلى أن الضمير خبر "عسى" مقدمًا، وما بعده اسمها مؤخرًا. ورُدّ قولهما بأمرين: أحدهما: أداؤه إلى كون خبر "عسى"اسمًا مفردًا، وهو ضرورة، أو شاذ جدا. والثاني: إن من قال "أو عساها" فقط، اقتصر على فعل ومنصوبه دون مرفوعه، ولا نظير لذلك، ولا يرد هذا على سيبويه؛ لأنه يرى أن "عسى" الذي ينصب الاسم حرف، فهو نظير، إن مالًا وإن ولدًا4. وذهب الأخفش إلى أن الضمير المنصوب في موضع رفع على أنه اسمها، وما بعده خبرها، وأنه وضع المنصوب موضوع المرفوع. 231- فقلت عساها نار كأس ..... ... .................................... برفع "نار"، "وهو" أي: "عسى" "حينئذ"، أي: حين إذ نصب الاسم، ورفع الخبر "حرف" كـ"لعل" لئلا يلزم حمل الفعل على الحرف. "وفاقًا للسيرافي"، بكسر السين، "ونقله"، أي: نقل السيرافي القول بحرفيته "عن سيبويه5, خلافًا للجمهور في إطلاق القول بفعليته"، سواء أكان بمعنى "لعل" أم لا. "و" خلافًا "لابن السراج6" وثعلب "في إطلاق القول بحرفيته". والحاصل في "عسى" ثلاثة أقوال. فعل مطلقًا، حرف مطلقًا, التفصيل, إن عمل عمل "لعل" فحرف، وإلا ففعل. ومحل الخلاف في "عسى" الجامدة. أما "عسى" المتصرفة فإنها فعل باتفاق ومعناها اشتد، قال عدي: [من الكامل]   1 الكتاب 2/ 374، 375. 2 المقتضب 3/ 71. 3 الجنى الداني ص470. 4 الكتاب 2/ 141. 231- تقدم تخريج البيت برقم 228. 5 الكتاب 2/ 375. 6 الأصول 1/ 229. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 298 232- لولا الحياء وأن رأسي قد عسى ... فيه المشيب لزرت أم القاسم أي: قد اشتد. "و" الحرف "الثامن "لا" النافية للجنس، وستأتي" في باب معقود لها بعد بهذا. "و" هذه الأحرف الثمانية "لا يتقدم خبرهن" عليهن "مطلقًا" من غير استثناء، ولو كان ظرفًا، أو جارا ومجرورًا لعدم تصرفهن. "ولا يتوسط" خبرهن بينهن وبين أسمائهن؛ لأن التوسط يذهب صورة ما أراد: من تقديم المنصوب، وتأخير المرفوع، ومن عادتهم أنهم إذا تركوا شيئًا لا يعودون إليه، قال: [من الطويل] 232- إذا انصرفت نفسي عن الشي لم تكن ... عليه بوجه آخر الدهر تقبل "إلا إن كان الحرف" العامل "غير: عسى، و: لا"؛ لأن شرط عملهما اتصال اسمهما بهما، "و" إلا إن كان "الخبر ظرفًا أو مجرورًا" فيجوز توسطه فالظرف "نحو: {إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا} [المزمل: 12] فـ"لدينا" خبر مقدم، و"أنكالًا" اسمها مؤخر، والمجرور، نحو: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَة} [آل عمران: 13] فالمجرور خبر مقدم، و"عبرة" اسمها مؤخر، وقد يجب التوسط، نحو: إن عند هند عبدها، وإن في الدار مالكها، واغتفروا التوسط بالظرف والمجرور فيهما لكثرتهما، ولا يلزم من تجويزهم التوسط تجويزهم التقدم على هذه الأحرف؛ لأنه لا يلزم من تجويز الأسهل تجويز غيره، بخلاف العكس، وإلى جواز التوسط بالظرف وعديله أشار الناظم بقوله: 176- وراع ذا الترتيب إلا في الذي ... كليت فيها أو هنا غير البذي ولا يلي هذه الأحرف معمول خبرها، إلا إن كان ظرفًا أو مجرورًا، ويجوز توسطه بين الاسم والخبر مطلقًا.   232- البيت لعدي بن الرقاع ص99، والأغاني 3/ 374، 9/ 304، 307، وأمالي المرتضى 1/ 511، وسمط اللآلي ص521، وشرح شواهد المغني 1/ 492، والشعر والشعراء 2/ 624، ولسان العرب 12/ 100 "جسم"، 15/ 28 "عتا" ومعجم البلدان 2/ 94 "جاسم" ومغني اللبيب 1/ 173، وبلا نسبة في اللامات ص129. 233- لم أجد البيت في مصادر أخرى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 299 "فصل": "تتعين "إن" المكسورة" وهي الأصل عند الجمهور: "حيث لا يجوز أن يسد المصدر مسدها ومسد معموليها، و" تتعين "أن: المفتوحة"، وهي الفرع1، "حيث يجب ذلك"، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 177- وهمز إن افتح لسد مصدر ... مسدها وفي سوى ذاك اكسر "ويجوزان" بألف التثنية، أي: ويجوز "إن" المكسورة والمفتوحة "إن صح الاعتباران" وهما سد المصدر مسدها، ومسد معموليها، وعدمه. "فالأول" وهو تعيين "إن" المكسورة في مواضع "عشرة"، لا يجوز فيها أن يسد المصدر مسدها ومسد معموليها"، "وهي أن تقع في الابتداء" حقيقة. "نحو: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ} [الدخان: 3] ، [القدر: 1] ، إذ لو فتحت لصارت مبتدأ بلا خبر؛ لأن المفتوحة في تأويل مفرد, والمفرد لا يستقل به الكلام، و"في ليلة" متعلق بـ"أنزلنا" لا بالاستقرار. أو حكمًا، "ومنه"، أي: من الابتداء الحكمي: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ} [يونس: 62] لأن "إن" الواقعة بعد "ألا" الاستفتاحية واقعة في الابتداء حكمًا. "أو" تقع "تالية لـ"حيث"، نحو: جلست حيث إن زيدًا جالس", أو لـ"إذ"، كـ: جئتك إذ إن زيدًا أمي؛ لأن "حيث وإذ" لا يضافان إلا إلى الجمل. وفتح "إن" يؤدي إلى إضافتها إلى المفرد. "أو" تالية "لموصول" اسمي، أو حرفي، "نحو": {وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ} [القصص: 76] فـ"ما" موصول اسمي, ووجب كسر "إن" بعدها لوقوعها في صدر الصلة، وصلة الموصول غير "أل" يجب أن تكون جملة، "بخلاف الواقعة في حشو الصلة نحو: جاء الذي عندي أنه فاضل"، فإنه يجب فتحها فإنها مع   1 في همع الهوامع 1/ 138: "قال قوم: المفتوحة أصل المكسورة، وقال آخرون، كل واحدة أصل برأسها". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 300 معموليها مبتدأ تقدم خبره في الظرف قبله، والمبتدأ وخبره صلة "الذي"، وإنما وجب كسرها في نحو: أعجبني الذي أبوه إنه منطلق مع أنها واقعة في حشو الصلة؛ لأنها خبر اسم عين, فإطلاقه هنا محمول على تقييده بعد، "و" بخلاف "قولهم: لا أفعله ما أن حراء مكانه" بفتح "أن" لوقوعها في حشو الصلة تقديرًا "إذ التقدير: ما ثبت ذلك" أي: ما ثبت أن حراء مكانه، "فليست في التقدير تالية للموصول" لأنها فاعل بفعل محذوف، والجملة الفعلية صلة "ما" الموصول الحرفي الظرفي، والمعنى: لا أفعله مدة ثبوت حراء مكانه, وحراء بكسر الحاء المهملة، وبالراء جبل على ثلاثة أميال من مكة على يسار الذاهب إلى منى. قال القاضي عياض: يمد ويقصر، ويؤنث ويذكر، فعلى التذكير يصرف، وعلى التأنيث يمنع والتذكير بإرادة الموضع، والتأنيث بإرادة البقعة. "أو تقع جوابًا لقسم" لم يذكر فعله أو ذكر، وجاءت اللام، فالأول "نحو: {حم، وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ، إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ} [الدخان: 1-3] والثاني: نحو أقسمت إن زيدا لقائم؛ لأن جواب القسم يجب أن يكون جملة. "أو" تقع "محكية بالقول، نحو: {قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ} [مريم: 30] ؛ لأن المحكي بالقول لا يكون إلا جملة. أو ما يؤدي معناها، فإن وقعت بعد القول غير محكية فتحت، نحو: أخصك بالقول أنك فاضل، ونحو: أتقول أن زيدًا عاقل، فإنها في الأول للتعليل، أي: لأنك فاضل، وفي الثاني للقول بمعنى الظن. "أو" تقع "حالًا" مقرونة بالواو، أولًا، فالأول "نحو: {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ} [الأنفال: 5] ، فجملة "إن" ومعموليها في موضع نصب على الحال, والثاني نحو: جاء زيد إنه فاضل ولم تفتح "إن" فيهما, وإن كان الأصل في الحال الإفراد؛ لأن "أن" المفتوحة مؤولة بمصدر معرفة، وشرط الحال التنكير1. وأما: {وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ} [الفرقان: 20] فإنما كسرت "إن" لأجل اللام لا لوقعها حالًا، على أن ابن الخباز قال في الكفاية: يجب كسر "إن" بعد "إلا"، نحو: ما يعجبني فيه إلا إنه يقرأ القرآن ا. هـ. "أو" تقع "صفة" لاسم عين، "نحو: مررت برجل إنه فاضل"؛ لأن الفتح يؤدي إلى وصف أسماء الأعيان بالمصادر، وهي لا توصف بها إلا بتأويل، وذلك مفقود مع   1 في "ب": "النكرة". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 301 "إن" بخلاف الواقع في حشو الصفة فإنها تفتح، نحو: مررت برجل عندي أنه فاضل، فإن الوصف بالجملة لا بالمصدر. "أو تقع بعد عامل علق" عن عمله فيها "باللام" الابتدائية، "نحو: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} [المنافقون: 1] لأنها لو فتحت لزم تسليط العامل عليها، ولام الابتداء لها صدر الكلام، وما له صدر الكلام يمنع ما قبله أن يعمل فيما بعده وهذه اللام وإن كانت متأخرة في اللفظ فرتبتها التقديم على "إنّ", وإنما أخرت لئلا يدخل حرف توكيد على مثله، ولم تؤخر "إن" لقوتها بالعمل، وإنما فتحت في نحو: علمت أن زيدًا لقعد؛ لأن اللام ليست للابتداء لدخولها على الفعل الماضي، وسيأتي أنها لا تدخل عليه إلا مع "قد" ظاهرة أو مقدرة. "أو" تقع "خبرًا عن اسم ذات" غير منسوخ، "نحو: زيد إنه فاضل"؛ لأن المصدر لا يخبر به عن أسماء الذوات، إلا بتأويل، وذلك ممتنع مع "أن"، أو منسوخ، "ومنه": {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا " إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ} " [الحج: 17] ، فجملة إن ومعموليها خبر "إن الذين أمنوا" وما عطف عليه وهي أسماء ذوات. قيل: وبقي عليه الواقعة بعد "كلا" نحو: {كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى} [العلق: 6] ، والمقرون خبرها باللام من غير تعليق، نحو: {إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ} [الأعراف: 167] . والواقعة بعد "حتى" الابتدائية، نحو: مرض زيدًا حتى إنهم لا يرجونه، والتابعة لشيء من ذلك، نحو: إن زيدا فاضل، وإن عمرًا جاهل؛ فإن في ذلك كله واجبة الكسر، والحق أن "إن" في ذلك كله ابتدائية، فهي داخلة في قوله، أولًا أن تقع في الابتداء واقتصر الناظم على ستة مواضع فقال: 178- فاكسر في الابتدا وفي بدء صله وحيث إن ليمين مكمله 179- أو حكيت بالقول أو حلت محل حال كزرته وإني ذو أمل 180- وكسروا من بعد فعل علقا ... باللام ..................... "والثاني:" وهو تعين "أن" المفتوحة "في" مواضع "ثمانية" يجب فيها أن يسد المصدر مسد "أن"1 وسد معموليها، "وهي أن تقع فاعلة، نحو: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا} [العنكبوت: 51] , أو تقع مفعولة غير محكية" بالقول, "نحو: {وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ} " [ألأنعام: 81] أي: إشراككم، بخلاف المحكية بالقول فإنها واجبة الكسر كما تقدم.   1 في "ط": "مسدها" مكان "مسد أنّ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 302 "أو" تقع "نائبة عن الفاعل نحم: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ} [الجن: 1] , أي: استماع نفر. "أو" تقع "مبتدأ" في الحال، أو في الأصل. فالأول نحو: " {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ} " [فصلت: 39] أي: رؤيتك الأرض من آياته، هذا مذهب الخليل. وقال المطرزي: اسم الحدث المرفوع بعد الظرف فاعل عند سيبويه، وإن لم يعتمد الظرف على1 شيء، ومنه: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ} ا. هـ. والثاني نحو: كان عندي أنك فاضل، والفرق بين قوله أولًا أن تقع في الابتداء، وقوله هنا أن تقع مبتدأ أنها إذا وقعت في الابتداء تكون داخلة في أول جملة مستقلة، وإذا وقعت مبتدأ تكون مع معموليها في تأويل مرفوع على الابتداء محتاج إلى خبر، ومنه عند سيبويه2: " {فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ} " [الصافات: 143] ثم قيل لا يحتاج لخبر لاشتمال صلتها على المسند إليه، وقيل: له خبر محذوف، والتقدير: لولا كونه من المسبحين موجود. وذهب المبرد والزجاج والكوفيون إلى أنه فاعل بفعل محذوف، والتقدير: فلولا ثبت أنه كان من المسبحين، على الخلاف في: {وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا} [الحجرات: 5] وقاله في المغني3. "أو" تقع "خبرًا عن اسم معنى غير قول ولا صادق عليه" أي: على اسم المعنى "خبرها" أي: خبر "أن"، "نحو: اعتقادي أنه فاضل" فيجب فتحها؛ لأنها خبر "اعتقادي"، وهو اسم معنى غير قول ولا صادق على اعتقادي خبرها؛ لأن "فاضل" لا يصدق على الاعتقاد، وإنما فتحت لسد المصدر مسدها ومسد معموليها، والتقدير: اعتقادي فضله، أي: معتقدي ذلك، ولم يجز كسرها على أن تكون مع معموليها جملة مخبرًا بها عن "اعتقادي" لعدم الرابط؛ لأن اسم "إن" لا يعود على المبتدأ الذي هو "اعتقادي"؛ لأن خبرها غير صادق عليه، فهو يعود على غيره، فتبقى الجملة بلا رابط، "بخلاف قولي: إنه فاضل" فيجب كسرها؛ لأنها وقعت خبرًا عن "قولي"، ولا تحتاج إلى رابط؛ لأن الجملة إذا قصد حكاية لفظها كانت نفس المبتدأ في المعنى، والتقدير: قولي هذا اللفظ لا غيره، أما إذا أريد أن جملة "أن" منصوبة بـ"قولي" كانت من   1 الكتاب 3/ 119، 120. 2 الكتاب 3/ 139، 140. 3 مغني اللبيب ص356. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 303 تتمة المبتدأ، فتحتاج إلى خبر ولا يصح فتحها لفساد المعنى؛ لأن القول لا يخبر عن بالفضل، "وبخلاف: اعتقاد زيد إنه حق" فيجب كسرها أيضًا؛ لأن خبرها وهو "حق" صاقد على "الاعتقاد"، ولا مانع من وقوع جملة "أن" ومعموليها خبرًا عن المبتدأ؛ لأن اسم "أن" رابط بينهما، ولا يصح فتحها؛ لأنه يصير اعتقاد زيد كون اعتقاده حقا, وذلك لا يفيد؛ لأن الخبر لا بد أن يستفاد ما لا يستفاد من المبتدأ وسكت عن القسم الرابع. وهو أن تقع خبرًا عن قول، وخبرها صادق عليه نحم: قولي إنه حق، لظهور أنها إذا كانت تكسر مع أحدهما فمعهما أولى. أو تقع "مجرورة بالحرف، نحو {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ} [الحج: 6] ؛ لأن المجرور بالحرف لا يكون إلا مفردًا. أو تقع "مجرورة بالإضافة" إلى غير ظرف، "نحو: {إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ} [الذاريات: 23] ، فـ" مثل" مضاف إلى "أنكم تنطقون"، و"ما" صلة، أي: مثل نطقكم؛ لأن المجرور بالمضاف حقه الإفراد إذا لم يكن المضاف ظرفًا يقتضي الجملة، فإن كان كذلك كسرت كما تقدم في "حيث و"إذ". أو تقع تابعة لشيء من ذلك، وهي إما أن تكون "معطوفة على شيء من ذلك نحو: {اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ} [البقرة: 122] ، فـ" أني فضلتكم" معطوف على "نعمتي"، وهو مفعول به، والمعنى: اذكروا نعمتي وتفضيلي. "أو مبدلة من شيء من ذلك، نحو: {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ} " [الأنفال: 7] فـ"أنها لكم" بدل اشتمال من "إحدى" والتقدير: إحدى الطائفتين كونها لكم. فهذه الأماكن الثمانية يجب فتح "أن" فيها؛ لأنها أماكن المفردات، لا أماكن الجمل. والثالث:" ما يجوز فيه الأمران، كسر "إن" وفتحها، باعتبارين مختلفين، وذلك "في" مواضع "تسع: أحدها: أن تقع بعد فاء الجزاء، نحو:" {فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} من قوله تعالى: {مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ} الآية" [الأنعام: 54] قرئ بكسر "إن" وفتحها1، "فالكسر" على جعل ما بعد فاء الجزاء جملة تامة "على معنى: فهو غفور رحيم، والفتح"، على تقدير أن ومعموليها مبتدأ، خبره محذوف، أو خبر مبتدأ محذوف،   1 قرأها عاصم وابن عامر بالفتح "فأنه"، وقرأها الباقون بالكسر. انظر النشر 2/ 258. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 304 "على معنى: فالغفران والرحمة، أي: حاصلان، أو فالحاصل الغفران والرحمة"، وإذا دار الأمر بين حذف أحد الجزأين فحذف المبتدأ أولى؛ لأنه المعهود في الجملة الجزائية "كما قال تعالى: {وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ} [فصلت: 49] ، أي: فهو يئوس". الموضع "الثاني: أن تقع بعد "إذا" الفجائية" نسبة إلى الفجاءة، بضم الفاء والمد، والمراد بها: الهجوم والبغتة، تقول: فاجأني كذا، إذا هجم عليك بغتة، والغرض من الإتيان بها الدلالة على أن ما بعدها يحصل بعد وجود ما قبلها، على سبيل المفاجأة "كقوله": [من الطويل] 234- وكنت أرى زيدًا كما قيل سيدا ... "إذ أنه عبد القفا واللهازم" أنشده سبيويه، ولم يعزه إلى أحد، وأرى بضم الهمزة بمعنى: أظن يتعدى إلى اثنين، وهما زيدًا وسيدًا، وما بينهما اعتراض، "فإذا أنه" يروى بكسر "إن" وفتحها، "فالكسر على معنى" الجملة، أي: "فإذا هو عبد القفا"، فالجملة مذكورة بتمامها، "والفتح على معنى" الإفراد، "فإذا العبودية، أي: حاصلة" على جعلها مبتدأ، حذف خبره1, "كما تقول: خرجت فإذا الأ سد" أي: حاضر، وذهب قوم إلى أن "إذا" هي الخبر، فعلى هذا لا حذف، واللهازم جمع لهزمة، بكسر اللام وبالزاي، وهو: طرف الحلقوم، وقيل: مضغة تحت الأذن، والمعنى: كنت أظن سيادته، فلما نظرت إلى قفاه ولهازمه تبين لي عبوديته وقيل المعنى: كنت أظنه سيدًا كما قيل فإذا هو ذليل خسيس عبد البطن، وخص هذين بالذكر؛ لأن القفا موضع الصفع، واللهازم موضع اللكز. الموضع "الثالث: أن تقع في موضع التعليل نحو:" {إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ} ، من قوله تعالى: {إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ} [الطور: 28] ، قرأ نافع والكسائي بالفتح على تقدير لام العلة" أي: لأنه2 وحرف الجر إذا دخل على "أن" لفظًا أو تقديرًا فتح همزتها، فهو تعليل إفرادي، "و" قرأ "الباقون" من السبعة   234- البيت بلا نسبة في الارتشاف 2/ 240، وأوضح المسالك 1/ 338، وتخليص الشواهد 348، والجنى الداني 378، 411، وجواهر الأدب 352، وخزانة الأدب 10/ 265، والخصائص 2/ 399، والدرر 1/ 291، وشرح ابن الناظم 119، وشرح الأشموني 1/ 138، وشرح التسهيل 2/ 22، وشرح شذور الذهب 207، وشرح ابن عقيل 1/ 356، وشرح عمدة الحافظ 828، وشرح المفصل 4/ 97، 8/ 61، والكتاب 3/ 144، والمقاصد النحوية 2/ 224، والمقتضب 2/ 351، وهمع الهوامع 1/ 138. 1 في شرح التسهيل 2/ 22: "والكسر أولى لأنه لا يحوج إلى تقدير محذوف". 2 انظر النشر 2/ 378. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 305 "بالكسر على أنه تعليل مستأنف" بياني، فهو في المعنى جواب سؤال مقدر تضمنه ما قبله، فكأنهم لما قالوا: {إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ} قيل لهم لم فعلتم ذلك، فقالوا: {إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ} فهو تعليل جملي، "مثل: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} " [التوبة: 103] بكسر "إن" على أنه تعليل مستأنف، "ومثله" في جواز الوجهين: "لبيك إن الحمد والنعمة لك" يروى بكسر "إن" وفتحها1 فالفتح على تقدير لام العلة، والكسر على أنه تعليل مستأنف، وهو أرجح؛ لأن الكلام حينئذ جملتان، لا جملة واحدة، وتكثير الجمل في مقام التعظيم مطلوب، قاله الموضح في شرح بانت سعاد2. والكسر اختيار أبي حنفية، والفتح اختيار الشافعي، قاله في الكشاف3. الموضع "الرابع: أن تقع بعد فعل قسم ولا لام بعدها، كقوله" وهو رؤبة: [من الرجز] 235- "أو تحلفي بربك العلي ... إني أبو ذيالك الصبي" يروى بكسر "إن" وفتحها "فالكسر على الجواب" للقسم "والبصريون يوجبونه4"، واختاره الزجاجي5، "والفتح" عند الكسائي والبغداديين وأوجبه أبو عبد الله الطوال "بتقدير "على"" و"أن" مؤولة بمصدر معمول لفعل القسم، وهو "تحلفي"، بإسقاط الخافض، وعلى هذا ليست جوابًا للقسم؛ لأنها مفرد وجواب القسم لا يكون إلا جملة، وإذا امتنع أن يكون جوابًا للقسم كان الفعل إخبارًا بمعنى الطلب للقسم، لا قسما، إذ الأصل في الجواب أن يكون مذكورًا، لا محذوفًا، "ولو أضمر الفعل"، أي: فعل القسم، وذكرت اللام، أو لم تذكر، "أو ذكرت اللام" وذكر فعل القسم "تعين الكسر إجماعًا" من العرب "نحو: والله إن زيدًا" لقائم أو "قائم، وحلفت إن زيدًا لقائم" وحكى   1 انظر الكتاب 3/ 128. 2 شرح بانت سعاد ص145، 146. 3 الكشاف 2/ 212. 235- الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص188، والمقاصد النحوية 2/ 232، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 340، وتخليص الشواهد ص348، وشرح ابن الناظم ص120 وشرح الأشموني 1/ 138، وشر التسهيل 2/ 52، والجنى الداني ص413، وشرح ابن عقيل 1/ 358، وشرح عمدة الحافظ 231، ولسان العرب 15/ 450 "ذا" واللمع في العربية ص304، وتاج العروس "ذا". 4 انظر همع الهوامع 1/ 137، والارتشاف 2/ 139. 5 في الجمل ص58: "والكسر أجود وأكثر في كلام العرب، والفتح جائز قياسًا". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 306 ابن كيسان عن الكوفيين جواز الوجهين إذا أضمر الفعل، ولم تذكر اللام1، نحو: والله إن زيدًا قائم، وأنهم يفضلون الفتح في هذا المثال على الكسر، وأن أبا عبد الله الطوال منهم يوجبه، وهذا لا يقدح في دعوى الإجماع السابقة عن العرب، فإن الكوفيين، ومنهم الطوال لم يثبت لهم سماع بذلك. الموضع "الخامس: أن تقع خبرًا عن قول ومخبرًا عنها بقول والقائل" للقولين شخص "واحد، نحو: قولي إني أحمد الله"، بفتح "إن" وكسرها، فإذا فتحت فالقول على حقيقته من المصدرية. أي: قولي حمد الله، وإذا كسرت فهو بمعنى المقول، أي: مقولي إني أحمد الله، قاله الموضح في حواشيه على التسهيل، ومن خطه نقلت. فالخبر على الأول مفرد، وعلى الثاني جملة، وهي مستغنية عن العائد؛ لأنها نفس المبتدأ في المعنى، على حد قوله تعالى: {دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ} [يونس: 10] قاله الموضح في شرح الشذور2. "ولو انتفى القول الأول فتحت وجوبًا، نحو: عملي أني أحمد الله" لأنها خبر عن اسم معنى غير قول، والتقدير: عملي حمد الله، وهذا مبني على انحصار العمل في الحمد، إذ لا يخبر بالخاص عن العام إلا إذا ادعي انحصاره فيه، نحو: صديقي زيد؛ لأن المحمول لا يكون أخص من الموضوع، ولا يقال: الحيوان إنسان، وإنما يكون أعم منه كالإنسان حيوان، أو مساويًا كالإنسان الناطق، ولا يجوز كسرها لعدم العائد على المبتدأ، وبذلك فارقت: اعتقاد زيد إنه حق، والجامع بينهما أن خبر "أن" فيهما يصدق على المبتدأ، إلا أن يقال باستغنائها عن العائد لكونها نفس المبتدأ في المعنى فيشكل الفرق، "ولو انتفى القول الثاني، أو" وجد القولان، ولكن "اختلف القائل" لهما "كسرت" وجوبًا فيهما، فالأول "نحو: قولي إني مؤمن"، فالقول بمعنى المقول مبتدأ وجملة "إني مؤمن" خبره، وهي نفسه في المعنى، فلا تحتاج لرابط، ولا يصح الفتح؛ لأن الإيمان لا يخبر به عن القول لاختلاف مورديهما، فإن الإيمان مورده الجنان، والقول مورده اللسان. "و" الثاني نحو: "قولي إن زيدًا يحمد الله"، فالكسر على ما مر قبله، ولا يصح الفتح لفساد المعنى، إذ لا يصح أن يقال: حمد زيد الله؛ لأن "حمد زيد" غير قائم بالمتكلم، فكيف يسنده المتكلم إلى نفسه.   1 انظر الارتشاف 2/ 139. 2 شرح شذور الذهب ص208. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 307 الموضع "السادس: "أن تقع بعد واو مسبوقة بمفرد صالح للعطف عليه نحو: {إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى، وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى} [طه: 118، 119] قرأ نافع وأبو بكر بالكسر1" في {وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ} . "أما على الاستئناف" فتكون جملة منقطعة عما قبلها، "أو بالعطف على جملة "إن" الأولى"، وهي: إن لك أن لا تجوع، وعليهما فلا محل لها من الإعراب. "و" قرأ "الباقون" من السبعة "بالفتح، بالعطف على أن لا تجوع"، من عطف المفرد على مثله، والتقدير: أن لك عدم الجوع، وعدم الظمأ. واحترز بقوله: صالح للعطف عليه من نحو قولك: إن لي مالًا وإن عمرًا فاضل، فإن مالًا مفرد غير صالح للعطف عليه، إذ لا يصح أن يقال: أن لي مالًا وفضل عمرو، فيجب كسر "إن". الموضع "السابع: أن تقع بعد حتى"، من حيث هي، ثم تارة يجب كسرها، وتارة يجب فتحها، وليس المراد جواز الفتح والكسر في محل واحد، كما مر قبله، "بل يختص الكسر بالابتدائية، نحو: مرض زيد حتى إنهم لا يرجونه"؛ لأن "حتى" الابتدائية منزلة منزلة "ألا" الاستفتاحية، فتكسر "إن" بعدها "و" يختص "الفتح بالجارة والعاطفة2، نحو عرفت أمورك حتى أنك فاضل"، فـ"حتى" في هذا المثال تصلح لأن تكون جارة، ولأن تكون عاطفة، و"أن" فيهما مفتوحة، فإن قدرت "حتى" جارة فـ"أن" في موضع جر بها، وإن قدرتها عاطفة فـ"أن" في موضع نصب، والتقدير على الجر: عرفت أمورك إلى فضلك، وعلى النصب: عرفت أمورك وفضلك، أما فتحتها في الجر فلدخول الجار عليها، وأما فتحها في النصب فلعطفها على المفعول. الموضع "الثامن: أن تقع بعد "أما"" بفتح الهمزة، وتخفيف الميم، "نحو: أما إنك فاضل، فالكسر على أنها" أي: "أما" "حرف استفتاح"، فتكون حرفًا واحدًا، "بمنزلة: ألا" الاستفتاحية، وتلك تكسر "إن" بعدها، "والفتح على أنها" مركبة من همزة الاستفهام، و"ما" العامة بمعنى شيء، وصارا بعد التركيب "بمعنى "حقا"" بتقديم الهمزة على "حقا" على الصواب، لا بإسقاطها، كما قال الموضح في الحواشي، وهو قليل، فالهمزة للاستفهام، و"ما" في محل نصب على الظرفية كما   1 انظر قراءتها بالكسر في الإتحاف ص308، والنشر 2/ 322. 2 انظر الكتاب 3/ 143. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 308 انتصب عليها "حقا" في قوله: [من الوافر] 236- أحقا أن جيرتنا استقلوا ... فنيتنا ونيتهم فريق تقديره: أفي حق، وقد جاء مصرحًا بـ"في"، كقوله: [من الوافر] 237- أفي حق مواساتي أخاكم ... .............................. و"أن" وصلتها في موضع رفع على الابتداء عند سيبويه1 والجمهور، فهي بمنزلتها في: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ} [فصلت: 39] ، وعلى الفاعلية عند المبرد وابن مالك2، فهمي بمنزلتها في {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا} [العنكبوت: 51] وأصل ذلك أن "حقا" عند سيبويه ظرف مجازي بمنزلة "كيف1". ومصدر بدل من اللفظ بفعله عند المبرد3، وابن مالك4، ورده أبو حيان5. الموضع "التاسع: أن تقع بعد "لا جرم"، والغالب الفتح، نحو: {لَا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ} [النحل: 23] فالفتح عند سيبويه6 على أن "جرم: فعل ماض" معناه وجب، "و "أن" وصلتها فاعل، أي: وجب أن الله يعلم، و"لا" صلة" زائدة للتوكيد، ورده الفراء بأن "لا" لا تزاد في أول الكلام، وعلله في المغني7 بأن زيادة الشيء   236- البيت للمفضل النكري، في الأصمعيات ص200، وشرح أبيات سيبويه 2/ 208، وله أو لعامر بن أسحم بن عدي في الدرر 2/ 214، وشرح شواهد المغني 1/ 170، ولرجل من عبد القيس أو للمفضل بن معشر البكري في تخليص الشواهد ص351، والمقاصد النحوية 2/ 235، وللعبدي في خزانة الأدب 10/ 277، والكتاب 3/ 136، وبلا نسبة في الجنى الداني 391، وشرح ابن الناظم ص121، وشرح الأشموني 1/ 92، وشرح التسهيل 1/ 23، ولسان العرب 10/ 301، "فرق" ومغني اللبيب 1/ 54، 68، وهمع الهوامع 2/ 71. 237- عجز البيت: "بما لي ثم يظلمني السريس" ، والبيت لأبي زبيد الطائي في ديوانه ص636، والأغاني 12/ 129، وخزانة الأدب 10/ 280، 281، 282، ولسان العرب 6/ 106 "سرس"، وبلا نسبة في جواهر الأدب ص353، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص983. 1 الكتاب 3/ 137. 2 شرح التسهيل 2/ 23، 24. 3 على تقدير: أحلف بالله أنك ذاهب، انظر الارتشاف 2/ 142. 4 شرح التسهيل 2/ 23. 5 الارتشاف 2/ 142. 6 الكتاب 3/ 138. 7 مغني اللبيب ص329. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 309 تفيد اطراحه، وكونه أول الكلام تفيد الاعتناء به، وجوابه ما أجاب به الفارسي عن القول بزيادة "لا" في "لا أقسم" من أن القرآن كالسورة الواحدة، وقال المرادي في شرح التسهيل: و"جرم" عند سيبويه بمعنى "حق"1 و"لا" رد لما قبلها، والوقف على "لا" و"أن" وما بعدها في موضع الفاعل. ا. هـ. وما نقله المرادي عن سيبويه حكاه في المغني2 عن قطرب، "و" الفتح "عند الفراء على أن "لا جرم" مركبة من حرف واسم3، "بمنزلة: لا رجل"، في التركيب، "ومعناهما" بعد التركيب:"لا بد"، أو: لا محالة، "و "من"" أو "في" "بعدهما مقدرة"، أي: لا بد من أن الله يعلم، أو: لا محالة في أن الله يعلم. ونقل ابن مالك4 عن الفراء5 أن "لا جرم" بمنزلة "حقا" وأصل جرم من الجرم بمعنى الكسب، "والكسر على ما حكاه الفراء" عن العرب "من أن بعضهم ينزلها منزلة اليمين فيقول: ولا جرم لآتينك"، ولا جرم لقد أحسنت، ولا جرم إنك ذاهب، بكسر "إن"، واقتصر الناظم من ذلك على قوله: 181- بعد إذا فجاءة أو قسم ... لا لام بعده بوجهين نمي 182- مع تلو فا الجزا وذا يطرد ... في نحو خير القول إني أحمد   1 الكتاب 3/ 138. 2 مغني اللبيب ص314. 3 معاني القرآن 2/ 8. 4 شرح التسهيل 2/ 24. 5 معاني القرآن 2/ 9. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 310 "فصل": "وتدخل لام الابتداء بعد "إن" المكسورة"، نحو: إن زيدًا لقائم، وتسمى اللام المزحلقة، والمزحلفة، بالقاف والفاء، وبنو تميم يقولون: زحلوقة، بالقاف، وأهل العالية: زحلوقة، بالفاء، سميت بذلك لأن أصل: إن زيدًا لقائم؛ لأن زيدًا قائم، فكرهوا افتتاح الكلام بحرفين مؤكدين، فزحلقوا اللام دون "إن" لئلا يتقدم معمولها عليها، وإنما لم ندع أن الأصل إن لزيدًا قائم لئلا يحول ما له صدر الكلام بين العامل والمعمول، قاله في المغني1. وإنما دخلت اللام بعد "إن" لأنها شبيهة بالقسم في التأكيد، قاله سيبويه2. وسميت لام الابتداء؛ لأنها لا تدخل على المبتدأ، وتدخل على غيره بعد "إن" المكسورة "على أربعة أشياء: أحدها الخبر، وذلك بثلاثة شروط: كونه مؤخرا" عن الاسم، "و" كونه "مثبتًا، و" كونه "غير ماض" فيشمل المفرد، "نحو: {إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ} [إبراهيم: 39] ، والجملة المصدرة بالمضارع، نحو: {وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ} [النمل: 74] ، والجار والمجرور والظرف إذا لم يقدر متعلقهما، نحو: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: 4] ، وإن زيدًا لعندك أما إذا قدرا متعلقين بـ"استقر" لم تدخل عليهما اللام؛ لأن معمول الفعل الماضي لا تدخل اللام عليه، خلافًا للأخفش، كما سيأتي، والجملة الاسمية على قلة، نحو: " {وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ} [الحجر: 23] ، وليس "نحن" ضمير فصل، خلافًا للجرجاني، "بخلاف" نحو: {إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا} [المزمل: 12] لتقدم الخبر "و" بخلاف "نحو: {إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا} [يونس: 44] ، لنفي الخبر، وشذ قوله وهو أبو حرام بن غالب بن حارث   1 مغني اللبيب ص304. 2 الكتاب 3/ 146، 147. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 311 العكلي: [من الوافر] 238- "وأعلم إن تسليمًا وتركا ... للا متشابهان ولا سواء" من وجهين، دخول اللام على الخبر المنفي، وتعليق الفعل عن العمل، حيث كسرت "إن"، وكان القياس أن لا يعلق؛ لأن الخبر المنفي ليس صالحًا للام، وسوغ ذلك كما قيل إنه شبه "لا" بـ "غير" فأدخل عليها اللام، والمعنى: أن التسليم على الناس وتركه ليسا متساويين، ولا قريبين من السواء، وكان حقه أن يقول: للا سواء ولا متشابهان، ولكنه اضطر فقد وأخر. و"سواء" في الأصل مصدر بمعنى المساواة. فلذلك صح وقوعه خبرًا عن اثنين. "وبخلاف نحو: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى} [البقرة: 132] , [آل عمران: 33] لأن الخبر ماض، وإنما دخلت اللام على الخبر المفرد؛ لأنه أشبه المبتدأ، وعلى الفعل المضارع لشبهه بالاسم وعلى الظرف وعديله؛ لأنهما في حكم الاسم، وعلى الجملة الاسمية؛ لأنها مبتدأ وخبر، ولم تدخل على الخبر إذا تقدم لئلا يتوالى حرفا توكيد؛ ولا إذا كان منفيا لئلا يجمع بين متماثلين في نحو: لم ولن ولما ولا، وحمل الباقي عليه، ولم تدخل على الماضي لعدم شبهه بالاسم. "وأجاز الأخفش1 والفراء وتبعهما ابن مالك2: إن زيدًا لنعم الرجل"، مما سلب الدلالة على الحدث والزمان، "و:" إن زيدًا "لعسى أن يقوم" مما دل على الزمان، وانتقل إلى الإنشاء؛ "لأن الفعل الجامد كالاسم"، ووافق الشاطبي على الأول دون الثاني، والفرق لائح. "وأجاز الجمهور: إن زيد لقد قام، لشبه الماضي المقرون بـ"قد" بالمضارع لقرب زمانه من الحال"، والمضارع شبيه بالاسم. ومشابه المشابه مشابه، "وليس جواز ذلك مخصوصًا، بتقدير اللام للقسم لا للابتداء خلافًا لصاحب الترشيح"، بالراء، وهو خطاب الماردي، حيث ذهب إلى منع دخول لام الابتداء على "قد" وادعى أن هذه اللام الداخلة عليها لام جواب القسم، والتقدير: إن زيدًا والله لقد قام، ووافقه على ذلك محمد بن مسعود الغزني. بغين معجمة مفتوحة وزاي ساكنة فنون مكسورة، "وأما   238- البيت لأبي حزام العكلي في خزانة الأدب. 10/ 330، 331، والدرر 1/ 294، وسر صناعة الإعراب ص377، وشرح التسهيل 2/ 27، والمقاصد النحوية 2/ 244، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 345، وجواهر الأدب 85، وتخليص الشواهد ص356، وشرح ابن الناظم ص123، وشرح الأشموني 1/ 141، وشرح ابن عقيل 1/ 368، والمحتسب 1/ 34، وهمع الهوامع 1/ 140. 1 انظر الارتشاف 2/ 144. 2 شرح التسهيل 2/ 28. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 312 نحو: إن زيد لقادم"، بدون "قد" ظاهرة "ففي الغُرّة" بضم العين المعجمة لابن الدهان "أن البصري والكوفي" اتفقا "على منعها إن قدرت" اللام "للابتداء"، لا للقسم، "والذي نحفظه" نحن وهو المنقول في المغني "أن الأخفش" من البصريين، "وهشامًا" الضرير من الكوفيين "أجازاها على إضمار "قد""، ومنعها الجمهور، وقالوا: إنما هي لام القسم، فمتى تقدم فعل القلب فتحت همزة "إن"، كـ: علمت أن زيدًا لقائم، والصواب عند الكسائي وهشام الكسر. ا. هـ. كلام المغني1, إلا أنه لم يذكر فيه الأخفش، بل ذكر بدله الكسائي. ويشترط في الخبر أيضًا أن لا يكون جملة شرطية؛ لأن اللام لا تدخل على الشرط اتقافًا، ولا على الجواب خلافًا لابن الأنباري2. "الثاني" مما يدخل عليه اللام "معمول الخبر"؛ لأنه من تتمة الخبر، "وذلك بثلاثة شروط أيضًا، تقدمه على الخبر، وكونه غير حال، وكون الخبر صالحًا للام، نحو: إن زيدًا لعمرًا ضارب"، وقد تدخل على الخبر والحالة هذه دون معموله، نحو: {إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ} [العاديات: 11] وقد تدخل عليهما معًا حكى الكسائي والفراء من كلام العرب: إني لبحمد الله لصالح3، وذلك قليل أجازه المبرد، ومنعه الزجاج، وهو الصحيح4، كما امتنع دخولها على الخبر إذا دخلت على الاسم المتأخر، أو على ضمير الفصل، "بخلاف: إن زيدًا جالس في الدار" لتأخر المعمول، ولام الابتداء تطلب الصدر ما أمكن، "و" بخلاف: "إن زيدًا راكبًا منطلق"؛ لأن المعمول حال، ولم يسمع دخول اللام عليه، ونص الأئمة على منعه، ومقتضى قياس دخولها على المفعول والظرف جوازه، وفرق ابن ولاد بينه وبين الظرف بأن لحال لا تكون خبرًا وهو حال، بخلاف الظرف فإنه يكون خبرًا وهو ظرف، ا. هـ. والفرق بينه وبين المفعول أن المفعول قد ينوب على الفاعل، فيصير عمدة، وإذا تقدم على عامله صار مبتدأ، واللام تدخل على المبتدأ، نحو: إن زيدًا لطعامه مأكول، "و" بخلاف: "إن زيدًا عمرًا ضرب"؛ لأن الخبر غير صالح للام لكونه فعلًا ماضيًا، "خلافًا للأخفش" من البصريين، والفراء من الكوفيين "في هذه" المسألة الأخيرة، وحجتهما أن   1 مغني اللبيب ص301، 302. 2 انظر قوله في همع الهوامع 1/ 139، والتسهيل ص64. 3 شرح التسهيل 2/ 31، وفي شرح ابن الناظم ص123؛ أن هذا القول لابن الجراح. 4 شرح التسهيل 2/ 31. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 313 المانع إنما قام بالخبر لكونه فعلًا ماضيًا، فأما المعمول فاسم، وحجة المانعين أن دخول اللام على المعمول فرع دخولها على العامل، فكيف يتفرع فرع من غير أصل1. قال الموضح في الحواشي: وينبغي أن يجرى خلاف في: إن زيدًا طعامك قد أكل، فإن خطابًا يمنع دخول اللام على "قد"، وبعد فالقول عندي قول الأخفش والفراء بدليل إجازة البصريين: زيدًا عمرو ضرب، وزيدًا أجله أحرز، مع قولهم: لا يتقدم الخبر إذا كان فعلًا، فأجازوا تقديم المعمول، وإن لم يجيزوا تقديم العامل؛ لأن المانع من تقديم العامل الالتباس. وذلك معنى خاص به دون المعمول، فكذا هنا، ا. هـ. "الثالث" مما تدخل عليه اللام بعد "إن" "الاسم، بشرط واحد وهو أن يتأخر"، إما "عن الخبر، نحو: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً} [آل عمران: 13] ، "أو عن معموله"، أي: الخبر إذا كان المعمول ظرفًا، نحو: إن عندك لزيدًا مقيم، أو جار ومجرورًا، "نحو: إن في الدار لزيدًا جالس"، وما اختاره هنا من جواز تقديم معمول خبر "إن" على اسمها إذا كان ظرفًا أو جارا ومجرورًا منعه ابن عقيل في أول باب "إن" فقال2: لا يجوز أن يقال: إن بك زيدًا واثق، وإن عندك زيدًا جالس، ثم قال: وأجازه بعضهم. "الرابع" مما تدخل عليه اللام "الفصل"، وهو المسمى عند الكوفيين عمادًا؛ لأنه يعتمد عليه في تأدية المعنى، وضمير فعل عند البصريين؛ لأنه يفصل به بين الخبر والنعت3، وإنما دخله اللام؛ لأنه مقو للخبر لرفعه توهم السامع كون الخبر تابعًا له، فنزل منزلة الجزء الأول من الخبر. وقال ابن عصفور: لأنه اسم "إن" في المعنى، "وذلك بلا شرط" ولا التفات لمن يجيز تقديمه مع الخبر: هو القائم زيد، على أن الأصل: زيد هو القائم، فلذلك قال ابن عقيل4:" وشرط ضمير الفصل أن يتوسط بين المبتدأ والخبر، أو ما أصله المبتدأ والخبر "نحو: {إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ} " [آل عمران: 62] وهذا "إذا لم يعرب: هو" الداخلة عليه اللام مبتدأ، فإن أعرب "مبتدأ" وما بعده خبر، والجملة خبر "إن" فلا يكون ضمير فصل؛ لأن ضمير الفصل لا محل له من الإعراب على الصحيح.   1 انظر شرح التسهيل 2/ 28. 2 شرح ابن عقيل 1/ 349. 3 انظر الإنصاف 2/ 706. 4 شرح ابن عقيل 1/ 372. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 314 والحاصل أن لام الابتداء تدخل بعد "إن" المكسورة على أربعة أشياء اثنين مؤخرين، واثنين متوسطين، فالمتأخران أحدهما الخبر إذا لم يكن منفيا ولا ماضيًا متصرفًا مجردًا من "قد"، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 183- وبعد ذات الكسر تصحب الخبر ... لام ابتداء نحو إني لوزر 184- ولا يلي ذي اللام ما قد نفيا ... ولا من الأفعال ما كرضيا 185- وقد يليها مع قد كإن ذا ... لقد سما على العدا مستحوذا والثاني الاسم، وإليه أشار بقوله: 186- ................. ... ...... واسما حل قبله الخبر وأما المتوسطان فهما معمول الخبر، وضمير الفصل، وإليهما أشار بقوله: 186- وتصحب الواسط معمول الخبر ... والفصل ............................. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 315 "فصل": "وتتصل "ما" الحرفية "الزائدة بهذه الأحرف" المتقدمة، "إلا "عسى" و"لا""، فإن "ما" لا تتصل بهما، وتتصل بـ"أن" و"إنّ" و"كأن" و"لكن" و"ليت" و"لعل" فتكفها عن العمل"، فيما دخلت عليه من الجمل الاسمية، "وتهيئها للدخول على الجمل" الفعلية، قال في المغني: وتسمى "ما" الكافة لعمل النصب والرفع. المتلوة بفعل مهيئة، فمثال "إن" و"أن"، "نحو: {قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} " [الأنبياء: 108] فـ"إن" في الأولى مكسورة، ومدخولها جملة فعلية، وفي الثانية مفتوحة، ومدخولها جملة اسمية، "و" مثال "كأن" نحو: " {كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ} [الأنفال: 6] ، ومثال "لعل" قوله: [من الطويل] 239 ............... لعلما ... أضاءت لك النار الحمار المقيدا ومثال "لكن" قوله: [من الطويل] 240- ولكنما أسعى لمجد مؤثل ... .............................. "بخلاف قوله": [من الطويل] 241- فوالله ما فارقتكم قاليا لكم ... "ولكن ما يقضى فسوف يكون"   269- صدر البيت: "أعد نظرًا يا عبد قيس لعلما" ، والبيت للفرزدق في ديوانه 1/ 180، والأزهية ص88، والدرر 1/ 309، وشرح شواهد الإيضاح ص116، وشرح شواهد المغني ص693، وشرح المفصل 8/ 57، وبلا نسبة في رصف المباني ص319، وشرح شذور الذهب ص279، وشرح قطر الندى ص151، وشرح المفصل 8/ 54، ومغني اللبيب ص287، 288، والهوامع 1/ 143. 240- عجز البيت: "وقد يدرك المجد المؤثل أمثالي" ، والبيت لامرئ القيس في ديوانه ص39، وإصلاح المنطق ص21، "والإنصاف 1/ 84، وشرح أبيات سيبويه 1/ 38، وشرح شواهد الإيضاح ص92، وشرح شواهد المغني 1/ 342، 2/ 642، ولسان العرب 11/ 9 "أثر"، وتاج العروس "أثل" "لو"، وبلا نسبة في تذكرة النحاة ص340، ومغني اللبيب 1/ 256، وهمع الهوامع 1/ 143. 241- البيت لذي القرنين أبي المطاع بن حمدان في تاج العروس 7/ 420 "برد" ومعجم البلدان 1/ 379، "بردى" وللأفوه الأودي في الدرر 1/ 203، وليس في ديوانه، وبلا نسبة في أمال القالي 1/ 99، وأوضح المسالك 1/ 348، وشرح الأشموني 1/ 108، وشرح قطر الندى ص149، ومعجم البلدان 2/ 220 "الحجاز" والمقاصد النحوية 2/ 315، وهمع الهوامع 1/ 110، وشرح التسهيل 1/ 332. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 316 فـ"ما" اسم مصول، لا زائدة، في موضع نصب على أنها اسم "لكن"، و"يقضى" صلتها، وجملة "فسوف" يكون" خبرها، ودخلت الفاء في خبرها؛ لأن "ما" الموصولة شبيهة باسم الشرط في الإبهام والعموم، فلذلك دخلت الفاء في الخبر كما تدخل في الجواب، نص عليه ابن مالك1، ويوجد في غالب النسخ إسقاط لفظة "بخلاف" وليس بجيد، والمعتمد إثباتها، وإنما أهملت هذه الأحرف لزوال اختصاصها، "إلا" "ليت"، فتبقى على اختصاصها" بالجمل الاسمية على الاصح، خلافًا لابن أبي الربيع وطاهر القزويني، فإنهما أجازا: ليتما قام زيد2، "ويجوز إعمالها" استصحابًا للأصل حتى قيل بوجوبه، ويجوز إهمالها حملًا على أخواتها. "وقد روي بهما قوله"، وهو النابغة الذبياني: [من البسيط] 242- "قالت ألا ليتما هذا الحمام لنا" ... إلى حمامتنا أو نصفه فقد يروى برفع "الحمام" ونصبه، فالرفع على الإهمال، والنصب على الإعمال، وليس فيه رد على القائل بوجوب الإعمال؛ لأن سيبويه أجاز في رواية الرفع أن تكون "ما" موصولة اسم "ليت"، و"هذا" خبر مبتدأ محذوف، و"الحمام" نعت "هذا" و"لنا" خبر "ليت"، والتقدير: ليت الذي هو هذا الحمام لنا، وحذف صدر الصلة لطولها بالنعت، وقبل هذا البيت3: واحكم كحكم فتاة الحي إذ نظرت ... إلى حمام شراع وارد الثمد   1 شرح التسهيل 1/ 331. 2 في همع الهوامع 1/ 143: "قال أبو حيان: ووقفت على كتاب تأليف طاهر القزويني في النحو، ذكر فيه أن "ليتما" تليها الجملة الفعلية، بل نقله أبو جعفر الصفار عن البصريين". 242- البيت للنابغة الذبياني في ديوانه ص24، والأزهية ص89، 114، والأغاني 11/ 13، والإنصاف 2/ 479, وتخليص الشواهد ص362, تذكرة النحاة 353, وخزانة الأدب 10/ 251, 253 والخصائص 2/ 460، والدرر 1/ 113، 306، ورصف المباني ص229، 316، 318، وشرح شذور الذهب ص280، وشرح شواهد المغني 1/ 75، 200، 2/ 690، وشرح عمدة الحافظ ص233، وشرح المفصل 8/ 58، والكتاب 2/ 137، واللمع ص320، ومغني اللبيب 1/ 63، 286, 308, والمقاصد النحوية 2/ 254, وبلا نسبة في الارتشاف 1/ 450, وأوضح المسالك 1/ 349، وخزانة الأدب 6/ 157، وشرح ابن الناظم ص125، وشرح الأشموني 1/ 143، وشرح التسهيل 2/ 38، وشرح قطر الندى 151، ولسان العرب 3/ 347، "قدد" والمقرب 1/ 110، وهمع الهوامع 1/ 65. 3 ديوان النابغة الذيباني ص24. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 317 وبعده: فحسبوه فألفوه كما ذكرت ... تسعًا وتسعين لم ينقص ولم يزد فكملت مائة فيها حمامتها ... وأسرعت حسبة في ذلك العدد والمعنى: كن حكيمًا كفتاة الحي، وهي زرقاء اليمامة، قيل: وكانت تبصر مسيرة ثلاثة أيام، وقصتها أنها كانت لها قطاة، ثم مر بها سرب من القطا بين جبلين، فقالت1: [من الرجز] ليت الحمام ليه ... إلى حمامتيه ونصفه قديه ... تم الحمام ميه فنظر فإذا القطا قد وقع في شبكة الصياد، فعده فإذا هو ست وستون قطاة ونصفها ثلاثة وثلاثون قطاة، فإذا ضم ذلك إلى قطاتها كان مئة. ووصف "الحمام" بصفة الجمع، وهو شراع، وشراع يحتمل أوله الإعجام والإهمال، وبصفة الإفراد وهو وارد، والثمد بفتح المثلثة والميم: الماء القليل، وحسبوه من الحساب، وهو العد. "وندر الإعمال في "إنما""، نحو: إنما زيدًا قائم، بنصب "زيد"، رواه الأخفش والكسائي عن العرب سماعًا2، "وهل يمتنع قياس ذلك" المسموع "في الباقي3 مطلقا" أي: في بقية أخوات "إن" الأربعة، وهي: "أن" المفتوحة، و"كأن" و"لعل" و"لكن" وقوفًا مع السماع، ذهب إلى ذلك سيبويه والأخفش4، "أو يسوغ" القياس على ما سمع في "إنما" "مطلقًا" في بقية أخواتها الأربعة إذ لا فرق، ذهب إلى ذلك الزجاج5 وابن السراج6 والزمخشري7 وابن مالك8، أو يسوغ القياس "في "لعل"   1 الرجز في ديوان النابغة الذبياني ص24، والدرر 1/ 308، ولسان العرب 12/ 159 "حمم"، وخزانة الأدب 10/ 257. 2 في شرح ابن الناظم ص125، "وذكر ابن برهان أن الأخفش روى: إنما زيدًا قائم، وعزا مثل ذلك إلى الكسائي، وهو غريب" وانظر شرح التسهيل 2/ 38، والارتشاف 2/ 158. 3 في "ط": "البواقي". 4 انظر الكتاب 2/ 138، 3/ 138 والارتشاف 2/ 157. 5 الارتشاف 2/ 157. 6 الأصول 1/ 232. 7 المفصل ص293. 8 شرح التسهيل 2/ 38. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 318 فقط"،؛ لأنها أقرب إلى "ليت" حتى قال بعضهم في قراءة من قرأ: "فَأَطَّلِعَ"1 إن "لعل" ضمنت معنى "ليت" ذهب إلى ذلك الفراء2، "أو" يسوغ "فيها"، أي: في "لعل"، "وفي: كأن" لقربهما من "ليت"؛ لأن الكلام معهما صار غير خبر، ذهب إلى ذلك ابن أبي الربيع3، فهذه أقوال أربعة، وإلى هذه المسألة أشار الناظم بقوله: 187- ووصل ما بذي الحروف مبطل ... إعمالها وقد يبقى العمل   1 انظر القراءة في النشر 2/ 365. 2 معاني القرآن للفراء 3/ 9. 3 في الارتشاف 2/ 157: "عزاه البسيط إلى الأخفش، واختاره ابن أبي الربيع". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 319 "فصل": "يعطف على أسماء هذه الأحرف بالنصب قبل مجيء الخبر، وبعده، كقوله" وهو رؤبة: [من الرجز] 243- "إن الربيع الجود والخريفا ... يد أبي العباس والصيوفا" فعطف "الخريف" بالنصب على "الربيع" قبل مجيء الخبر، وهو "يدا أبي العباس"، وعطف "الصيوف" جمع "صيف" على "الربيع" بالنصب، بعد مجيء الخبر، والجود: بفتح الجيم، وسكون الواو وبالدال: المطر الغزير، ويروى: الجون، بالنون، بلد الدال، والمراد به السحاب الأسود، والمراد بالربيع والخريف والصيوف: أمطارهن، والمراد بأبي العباس: السفاح أول الخلفاء من بني العباس، وهذا من عكس التشبيه، مبالغة لأن الغرض تشبيه يديه بالأمطار الواقعة في الربيع والخريف والصيف، وحقيقة التشبيه أن تقول: إن يدي أبي العباس الربيع والخريف والصيوف. "ويعطف بالرفع" على محل أسماء هذه الأحرف "بشرطين، استكمال الخبر، وكون العامل "إن" أو"أن" أو "لكن"" مما لا يغير معنى الجملة، "نحو: {أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ} " [التوبة: 3] فعطف "رسوله" على محل الجلالة بعد استكمال الخبر وهو "بريء" و"قوله: [من الطويل] 244- فمن يك لم ينحب أبوه وأمه ... "فإن لنا الأم النجيبة والأب" فعطف الأب على محل الأم؛ بعد استكمال الخبر وهو "لنا"، "وقوله": [من الطويل] 245- وما قصرت بي في التسامي خئولة ... "ولكن عَمِّي الطيب الأصل والخال"   243- الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص179، وتخليص الشواهد 368، وشرح التسهيل 2/ 48، والكتاب 2/ 145، والمقاصد النحوية 2/ 261، وللعجاج في الدرر 2/ 480، وليس في ديوانه، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 351، وشرح ابن الناظم ص125، والمقتضب 4/ 111، وهمع الهوامع 2/ 144. 244- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 353، وتخليص الشواهد. 370، والدرر 2/ 479، وشرح ابن الناظم ص126 وشرح الأشموني 1/ 143، والمقاصد النحوية 2/ 265، وهمع الهوامع 2/ 144. 245- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 355، وتخليص الشواهد ص370، والدرر 2/ 484، وشرح الأشموني 1/ 144، والمقاصد النحوية 2/ 316، وهمع الهوامع 2/ 144. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 320 فعطف "الخال" على محل "عمي" بعد استكمال الخبر وهو: "الطيب"، هذا معنى قول الناظم: 188- وجائز رفعك معطوفا على ... منصوب إن بعد أن تستكملا 189- وألحقت بإن لكن وأن ... ............................. وكون الرفع بالعطف على محل الاسم هو قول بعض البصريين الذين لا يشترطون وجود المحرز، أي: الطالب لذلك المحل، "والمحققون" من البصريين وهم الذين يشترطون ذلك مجمعون "على أن رفع ذلك ونحوه" ليس بالعطف على محل الاسم؛ "بل على أنه مبتدأ حذف خبره" لدلالة خبر الناسخ عليه فهو من عطف جملة على جملة، والتقدير: ورسوله بريء، ولنا الأب النجيب، والخال الطيب الأصل، "أو" على أنه مرفوع "بالعطف على ضمير الخبر" المستتر فيه، "وذلك إذا كان بينهما فاصل"، فهو من عطف مفرد على مفرد، فـ"رسوله" معطوف على الضمير المستتر في "بريء" أي: بريء هو ورسوله، لوجود الفصل بالجار والمجرور، وهو "من المشركين"، و"الأب" معطوف على الضمير المستتر في "لنا"، لوجود الفصل بالصفة والموصوف. و"الخال" معطوف على الضمير المستتر في "الطيب"، لوجود الفصل بالمضاف إليه، "لا" إن رفع ذلك ونحوه "بالعطف على محل الاسم مثل" عطف "امرأة" على محل "رجل" في قولك: "ما جاءني من رجل ولا امرأة، بالرفع،؛ لأن الرفع" لمحل "رجل" الفعل، وهو "جاءني" وهو باق ولا يمنعه عن العمل في محل "رجل" الحرف الزائد؛ لأن الزائد وجوده كلا وجود، والرفع لمحل الاسم "في مسألتنا" التي نحن فيها "الابتداء وقد زال بدخول الناسخ"، وهو "إن" و"أن" و"لكن" والعامل اللفظي يبطل عمل العامل المعنوي، فإن قيل: إذا كان هذا من عطف الجمل أو من العطف على الضمير عند المحققين فما وجه اشتراط استكمال الخبر، وكون العامل "إن و"أن" أو "لكن" عندهم، قلت: أما اشتراطهم الأول إذا كان من عطف الجمل فلئلا يلزم العطف قبل تمام المعطوف عليه، وإذا كان من العطف على الضمير فلئلا يلزم تقديم المعطوف على المعطوف عليه، وأما اشتراطهم الثاني إذا كان من عطف الجمل فلئلا يلزم عطف الخبر على الإنشاء، وإن كان من العطف على الضمير فلم يحضرني عنه جواب شاف. "ولم يشترط الكسائي و" تلميذه "الفراء الشرط الأول"، وهو استكمال الخبر "تمسكًا، بنحو: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ} " [المائدة: 69] الجزء: 1 ¦ الصفحة: 321 فعطف "الصابئون" بالرفع على محل "الذين آمنوا" قبل استكمال الخبر، وهو: {مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [المائدة: 69] وبقراءة بعضهم1 "إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتُهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ" [الأحزاب: 56] فعطف "وملائكته" بالرفع على محل الجلالة قبل استكمال الخبر وهو "يصلون"، "وبقوله" وهو ضابئ بالضاد المعجمة، وبعد الألف باء موحدة، فهمزة، ابن الحارث البرجمي، بضم الموحدة والجيم [من الطويل] 246- فمن يك أمسى بالمدينة رحله ... "فإني وقيار بها لغريب" فعطف "قيار" بالرفع على محل ياء المتكلم قبل استكمال الخبر، وهو "لغريب"، وقيار؛ بقاف مفتوحة "وياء مثناة تحتية مشددة: اسم فرس عند الخليل، واسم جمل عند أبي زيد، وضمير "بها" لـ"المدينة"، و"قوله" وهو بشر بن أبي خازم، بالخاء والزاي المعجمتين: [من الوافر] 247- "وإلا فاعلموا أنا وأنتم ... بغاة" ما بقينا في شقاق فعطف "أنتم" وهو ضمير مرفوع على محل ضمير المتكلم المعظم نفسه، أو المشارك لغيره قبل استكمال الخبر، ولما كان ظاهر الاستدلال للكسائي، والفراء جميعًا والفراء لا يوافق على نحو: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ} [الأحزاب: 56] استدرك ذلك بقوله: "ولكن اشترط الفراء إذا لم يتقدم الخبر" على المعطوف بالرفع "خفاء إعراب الاسم2، برفع الخبر، ونصب خفاء على المفعولية لاشتراط، والظرف مقدر من تأخير   1 هي قراءة أبي عمرو وابن عباس وعبد الوارث. انظر البحر المحيط 248، والكشاف 3/ 272. 246- البيت لضابئ بن الحارث البرجمي في الأصمعيات ص184، والإنصاف ص94، وتخليص الشواهد ص385، وخزانة الأدب 9/ 326، 10/ 312، 313، 320، والدرر 2/ 481، 2/ 483، وشرح أبيات سيبويه 1/ 369 وشرح شواهد المغني ص867، وشرح المفصل 8/ 68، والشعر والشعراء ص358, والكتاب 1/ 75, ولسان العرب 5/ 125, "قير", ومعاهد التنصيص 1/ 186, والمقاصد النحوية 2/ 318، ونوادر أبي زيد ص20، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 1/ 103، وأوضح المسالك 1/ 358، ورصف المباني ص267، وسر صناعة الإعراب ص372، وشرح الأشموني 1/ 144، ومجالس ثعلب ص316، 598, وهمع الهوامع 2/ 144. 247- البيت لبشر بن أبي خازم في ديوانه ص165، والإنصاف 1/ 190، وتخليص الشواهد 373، وخزانة الأدب 10/ 293، 297، وشرح أبيات سيبويه 2/ 14، والكتاب 2/ 156، والمقاصد النحوية 2/ 271، وبلا نسبة في أسرار العربية 154، وشرح ابن الناظم ص127، وشرح المفصل 8/ 69. 2 معاني القرآن للفراء 1/ 310. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 322 تأخير، والأصل ولكن اشتراط الفراء خفاء إعراب الاسم إذا لم يتقدم الخبر، والتعبير بخفاء الإعراب أخذه من التسهيل1، واعترضه في حواشيه فقال: المعروف عن الفراء أنه يشترط بناء الاسم فلا يدخل في ذلك الاسم المقصور والمضاف للياء، ويدخلان في نقل المؤلف ا. هـ. فيجيز إن كان الاسم مبنيا. "كما في بعض هذه الأدلة" المتقدمة، وهي: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا} [المائدة: 69] الآية، والبيتان، ويمنع إن كان الاسم معربًا، كما في نحو: "إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتُهُ" [الأحزاب: 56] بالرفع، لما فيه من تخالف المتعاطفين في الحركة اللفظية، ومقتضى هذه العلة أنه يجيز: إن الفتى وزيد ذاهبان، برفع "زيد"، لعدم اجتماع عاملين على المعمول واحد عملًا واحدًا؛ لأن الناسخ عامل في الخبر والمعطوف مبتدأ، وهو أيضًا عامل في الخبر فيجتمع على الخبر الواحد عاملان عملًا واحدًا، وذلك ممتنع، ولا يتأتى ذلك على مذهب الكسائي والفراء؛ لأن الرافع للخبر عندهما في باب "إن" هو رافعه في باب المبتدأ، إلا أنه مشكل، أما على القول بالترافع وهو المشهور عن الكوفيين؛ فلأن المبتدأ قد زال بدخول الناسخ، وأما على القول بأن رافعه الابتداء في باب "إن" كما نقله الشاطبي عنهم؛ فلأنه يلزم أن يكون الخبر في مسألتنا توارد عليه عاملان من جهة واحدة، وهما: الابتداء والمبتدأ، فما هربا منه وقعا فيه، "و" ما تمسكا به من الأدلة المتقدمة "خرجها المانعون" من البصريين "على التقديم والتأخير"، فيكون "من آمن" خبر "إن"، وخبر "الصابئون" محذوفًا، "أي: والصابئون" والنصارى "كذلك"، والأصل والله أعلم: إن الذين آمنوا والذين هادوا من آمن بالله واليوم الآخر والصابئون والنصارى من آمن بالله واليوم الآخر، "أو على" تقدير "الحذف من الأول" لدلالة الثاني عليه، فيكون "من آمن" خبر "الصابئون" وخبر "إن" محذوفًا، "أي لدلالة خبر المبتدأ عليه، "كقوله:" [من الطويل] 248- خليلي هل طب "فإني وأنتما ... وإن لم تبوحا بالهوى دنفان" فحذف خبر "إن" لدلالة خبر المبتدأ عليه، والتقدير: فإني دنف، أي: مريض   1 التسهيل ص66. 248- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 362، وتخليص الشواهد ص374، وشرح ابن الناظم ص127، وشرح الأشموني 1/ 144، وشرح التسهيل 2/ 50، وشرح شواهد المغني 2/ 866، ومغني اللبيب 2/ 475، والمقاصد النحوية 2/ 274. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 323 وأنتما دنفان، والتوجيه الأول أجود؛ لأن الحذف من الثاني لدلالة الأول أولى من العكس، قاله الموضح في شرح الشذور1. "ويتعين التوجيه الأول" وهو التقديم والتأخير "في قوله:" [من الطويل] 249- .............. ... "فإني وقيار بها لغريب" والأصل: فإني لغريب وقيار غريب، "ولا يتأتى فيه" التوجيه "الثاني" وهو الحذف من الأول "لأجل اللام" لأنها لا تدخل في خبر المبتدأ "إلا إن قدرت زائدة مثلها في قوله:" [من الرجز] 250- ................. ... "أم الحليس لعجوز شهربه" على الوجهين المتقدمين، فيصبح حينئذ التخريج الثاني، ويصير التقدير، فإني غريب، وقيار لغريب، "و" يتعين التوجيه "الثاني" وهو الحذف من الأول "في قوله تعالى": "إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتُهُ" [الأحزاب: 56] بالرفع، والتقدير: إن الله يصلي وملائكته يصلون "ولا يتأتى فيه" التوجيه "الأول" وهو التقديم والتأخير "لأجل الواو في "يصلون" لأنها للجماعة المشتركة، والله واحد لا شريك له "إلا إن قدرت" الواو "للتعظيم" للواحد "مثلها في: {قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ} [المؤمنون: 99] فإنها لتعظيم المخاطب على أحد الوجهين، فيتأتى الوجه الأول أيضا، ويصير التقدير: إن الله يصلي وملائكته يصلون. فإن قلت: كلا الوجهين مشكل، فإن شرط الدليل اللفظي أن يكون طبق المحذوف معنى، أما على التوجيه الأول؛ فلأن الصلاة المذكورة بمعنى: الرحمة، والمحذوفة بمعنى الاستغفار، فلم ينطابقا، وأما على التوجيه الثاني فعلى العكس؛ لأن الصلاة المذكورة بمعنى: الاستغفار، والمحذوفة بمعنى: الرحمة، فلم يتطابقا أيضًا، قلت: أجاب عنه في المغني فقال: الصواب عندي أن الصلاة لغة بمعنى واحد وهو: العطف، ثم العطف بالنسبة إلى الله سبحانه وتعالى: الرحمة، وإلى الملائكة: الاستغفار، وإلى الآدميين: دعاء بعضهم لبعض. ا. هـ2.   1 لم أجده في شرح شذور الذهب، بل في مغني اللبيب 2/ 475. 249- تقدم تخريج البيت برقم 246. 250- تقدم تخريج البيت برقم 146. 2 مغني اللبيب ص791. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 324 وموضع الخلاف حيث يتعين كون الخبر للاسمين جميعًا، إنك وزيد زاهبان، وأما نحو: إن زيدًا وعمرو في الدار، فجائز باتفاق، قاله الموضح في شرح بانت سعاد1، وهو مخالف لما أطلقه هنا. "ولم يشترط الفراء الشرط الثاني2" وهو كون العامل "إن" أو "أن" أو "لكن" "تمسكًا بنحو قوله"، وهو العجاج: [من الرجز] 251- "يا ليتني وأنت يا لميس ... في بلد ليس بها أنيس" فعطف "أنت" بكسر التاء، على اسم "ليت" وهو ياء المتكلم. "لميس" علم امرأة، و"أنيس" بمعنى: مؤنس. "وخرج" بتشديد الراء والبناء للمفعول "على أن" "أنت" مبتدأ، حذف خبره، وأن "الأصل: وأنت معي، والجملة" من المبتدأ والخبر "حالية" متوسطة بين اسم "ليت" وخبرها، فالاسم ياء المتكلم، "والخبر قوله: "في بلد""، هذا تخريج ابن مالك3، وهو على ندور أو قلة، فإن أكثر النحويين على امتناع تقديم الحال المنتصبة بالظرف, وهو ممن نص على ذلك، فقال في باب الحال: 346- ............ وندر ... نحو سعيد مستقرا في هجر وشرحه الموضح بقوله4: يجوز توسط الحال بين المخبر عنه والمخبر به، ا. هـ. والنادر والقليل لا يقاس عليهما، وأبعد منه قول بعضهم إن الأصل: أنا وأنت، "فأنا" مبتدأ، "وأنت" معطوف عليه، وخبر المبتدأ وما عطف عليه قوله: "في بلد"، فحذف "أنا"، ا. هـ.   1 شرح بانت سعاد ص146، 147. 2 انظر شرح ابن عقيل 1/ 377. 251- الرجز للعجاج في الدرر 1/ 484، وليس في ديوانه، ولرؤبة في ملحق ديوانه ص176، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 364، ومجالس ثعلب 1/ 316، وهمع الهوامع 2/ 144. 3 شرح التسهيل 2/ 52. 4 أوضح المسالك 2/ 331. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 325 "فصل": "تخفف "إن" المكسورة لثقلها" بالتضعيف، "فيكثر إهمالها لزوال اختصاصها" بالأسماء، "نحو: "وَإِنْ كُلٌّ لَمَا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ" [يس: 32] في قراءة من خفف "لما"1، فـ"كل" مبتدأ، واللام لام الابتداء، و"ما" زائدة و"جميع" خبر المبتدأ، و"محضرون" نعته، وجمع على المعنى "ويجوز إعمالها" على قلة "استصحابًا للأصل" وإليه يشير قول الناظم: 190- وخففت إن فقل العمل ... ............................. "نحو: "وَإِنَ كُلًّا لَمَا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ" [هود: 111] في قراءة نافع وابن كثير، بتخفيف "إن" و"لما"2، فـ"إن" مخففة من الثقيلة، و"كلا" اسمها، واللام في "لما" لام الابتداء، و"ما" موصولة خبر "إن"، وليوفينهم" جواب لقسم محذوف، وجملة القسم وجوابه صلة "ما"، والتقدير: وإن كلا للذين والله ليوفينهم، وقيل: "ما" نكرة موصوفة، وجملة القسم وجوابه سدت مسد الصفة، والتقدير: وإن كلا لخلق موفي عمله. "وتلزم لام الابتداء بعد" "إن" المكسورة المخففة "المهملة"، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 190- ................ ... وتلزم اللام إذا ما تهمل حال كون اللام "فارقة بين الإثبات والنفي" في نحو: إن زيد لقائم، بتخفيف "إن" ورفع زيد، فلولا اللام لتوهم "إن" نافية، وأن المعنى: ما زيد قائم، فلما جيء باللام ارتفع التوهم.   1 هي قراءة نافع وابن كثير والكسائي. انظر الإتحاف ص364، والنشر 2/ 291. 2 وقرأها كذلك عاصم وشعبة وابن محيصن، انظر الإتحاف ص260، والنشر 2/ 290. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 326 "و" هذه اللام "قد تغني عنها قرينة لفظية" بأن يكون الخبر منفيا، "نحو: إن زيد لن يقوم"، فيجب حينئذ ترك اللام كما في المغني1؛ لأن الخبر المنفي لا تدخل عليه لام الابتداء كما تقدم، "أو" قرينة "معنوية"، كأن يكون الكلام سيق للإثبات والمدح، "كقوله"، وهو الطرماح، واسمه الحكيم بن حكيم: [من الطويل] 252- أنا ابن أباة الضيم من آل مالك ... "وإن مالك كانت كرام المعادن" ولو قال: لكانت باللام لجاز، ولكن استغنى عنها لكونه في مقام المدح، وتوهم النفي هنا ممتنع، وأباة جمع آب، كقضاة جمع قاض، من: أبى إذا امتنع، والضيم: الظلم، ومالك: اسم قبيلة، ولذلك قال: كانت، وصرفها مراعاة للحي، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 191- وربما استغني عنها إن بدا ... ما ناطق أراده معتمدًا "وإن ولي "إن" المكسورة المخففة" من الثقلية "فعل" فشرطه أن يكون ناسخًا، وربما تخلف، وشرط الناسخ كونه غير ناف، فخرج بذلك "ليس" وغير منفي، فخرج بذلك "زال" وأخواتها، ونحو: ما كان، وغير صلة، وغير صلة، فخرج بذلك "ما دام" ولا فرق في الناسخ بين الماضي والمضارع. إلا أنه "كثر كونه مضارعًا ناسخا نحو: " {وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ " بِأَبْصَارِهِمْ} [القلم: 51] ، " {وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ} [الشعراء:186] وأكثر منه" أي: من المضارع "كونه ماضيًا ناسخا، نحو: {وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً} [البقرة: 143] {إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ} [الصافات: 56] ، {وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ} [الأعراف: 102] وتدخل اللام حينئذ على الجزء الثاني من معمولي الناسخ، أما دخول "إن" على الناسخ؛ فلأنها كانت مختصة بالدخول على المبتدأن والخبر في الأصل, فلما خففت وضعت شبهها بالفعل جاز دخولها على الفعل، وكان من النواسخ لئلا تفارق محلها بالكلية، ألا ترى أنها إذا دخلت على الناسخ كان مقتضاها موفرًا عليها إذ الجزآن مذكوران بعد مدخولها، وأما دخول اللام في الجزء الثاني من معمولي الناسخ فكما تدخل على خبرها؛ لأنك إذا قلت: إن كان زيد لقائمًا فمعناه: إن زيد   1 مغني اللبيب ص306. 252- البيت للطرماح في ديوانه ص512، والدر 1/ 299، والمقاصد النحوية 2/ 276، وبلا نسبة في الارتشاف 2/ 150، وأوضح المسالك 1/ 367، وتخليص الشواهد ص378، وتذكرة النحاة 43، والجنى الداني ص134، وشرح ابن الناظم ص128، وشرح الأشموني 1/ 145، وشرح ابن عقيل 1/ 379، وشرح عمدة الحافظ ص237، وشرح قطر الندى ص165، وهمع الهوامع 1/ 141. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 327 لقائم، وأما كون الماضي أكثر من المضارع فلأن "إن" المشددة شبيهة به لفظًا ومعنى، فقصدوا بعد تخفيفها أن يدخلوها على مشابهها، ويقاس على النوعين اتفاقًا، ولا يجيز جمهور البصريين دخولها على غير الناسخ، "وندر" عند غيرهم "كونه ماضيًا غير ناسخ، كقوله" وهي الشخص المسمى عاتكة بنت زيد العدوية ابنة عم عمر بن الخطاب رضي الله عنه تخاطب عمرو بن شرموز قاتل الزبير بن العوام1: [من الكامل] 253- "شلت يمينك إن قتلت لمسلما" ... حلت عليك عقوبة المتعمد فأدخلت "إن" المخففة على "قتلت" وهو فعل ماض غير ناسخ، وشلت بفتح الشين المعجمة أفصح من ضمها إخبار ومعناه: الدعاء وحلت: وجبت، "ولا يقاس عليه"، أي: على "إن قتلت لمسلمًا": "إن قام لأنا، وإن قعد لزيد، خلافًا للأخفش" فإنه أجازه، كما قاله في المغني2، وزاد هنا: "والكوفيين" وهو يوهم أنهم يجيزون "إن" المكسورة، ويدخلونها على: نحو قام وقعد، وذلك مخالف لقاعدتهم، فإنهم لا يجيزون تخفيف "إن" المكسورة، ويحملون على ما ورد من ذلك على أن "إن" نافية بمنزلة "ما"، واللام إيجابية بمنزلة "إلا"، قال في المغني في بحث اللام: وزعم الكوفيون أن اللام في ذلك كله بمعنى: "إلا" وأن "إن" قبلها نافية، ا. هـ. ومما ورد من ذلك قراءة ابن مسعود: "قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ لَقَلِيلًا" [المؤمنون: 114] حكاها الأخفش في معانيه3، وقول امرأة من العرب: والذي يحلف به إن جاء لخاطبًا, فدخلت على الماضي غير الناسخ.   1 بعده في "ط": "يوم الجمل". 253- البيت لعاتكة بنت زيد في الأغاني 18/ 11، وخزانة الأدب 10/ 373، 374، 376، 378، والدرر 1/ 300، وشرح شواهد المغني 1/ 71، والمقاصد النحوية 2/ 278، ولأسماء بنت أبي بكر في العقد الفريد 3/ 277، وبلا نسبة في الارتشاف 2/ 150، والأزهية ص49، والإنصاف 2/ 641، وأوضح المسالك 1/ 368، وتخليص الشواهد ص379، والجنى الداني ص208، ورصف المباني ص109، وسر صناعة الإعراب 2/ 548، 550, وشرح الأشموني 1/ 145، وشرح ابن عقيل 1/ 382، وشرح عمدة الحافظ ص236، وشرح المفصل 8/ 71، 9/ 27، واللامات ص116، ومجالس ثعلب ص368، والمحتسب 2/ 255، ومغني اللبيب 1/ 24، والمقرب 1/ 112، والمنصف 3/ 127، وهمع الهوامع 1/ 142. 2 مغني اللبيب 1/ 24. 3 معاني القرآن 2/ 640. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 328 "وأندر منه كونه لا ماضيًا ولا ناسخًا"، بأن يكون مضارعًا غير ناسخ، إذ لا مشابهة بينهما "كقوله: إن يزينك لنفسك وإن يشينك لهيه1" ولا يقاس عليه اتفاقًا. والحاصل أن للام بعد "إن" المخففة ثلاث حالات، وجوب ذكرها, ووجوب تركها، وجواز الأمرين. فالأول نحو: إن زيد لقائم، بالإهمال، حيث لا قرينة، والثاني نحو: إن زيد لن يقوم. والثالث نحو: إن زيدًا قائم, بالإعمال، وما ذكره من أنها لام الابتداء قال به سيبويه2 والأخفشان3، وأكثر البغداديين4، وذهب الفارسي5 وابن جني6 وابن أبي العافية وابن أبي الربيع7 إلى أنها غيرها اجتلبت للفرق، وحجتهم أنها دختل على ما ليس مبتدأ ولا خبرًا في الأصل ولا راجعًا إلى الخبر كالمفعول في نحو: إن قتلت لمسلمًا، وأجيب بأن الفعل والفاعل بمنزلة الشيء الواحد، وهما حالّان محل الجزء الأول الذي يلي "إن" والمفعول كالجزء الثاني، فإن قتلت لمسلمًا بمنزلة إن قتيلك لمسلم، ثم إن كان الفعل ناسخًا دخلت على الخبر الذي كان خبرًا في الأصل، كما مر، وإن كان غير ناسخ، دخلت على معموله فاعلًا كان أو مفعولًا، ظاهرًا كان أو ضميرًا متصلًا، فإن تقدم عليها فعل من أفعال القلوب، نحو: قد علمنا إن كنت لموقنا، فإن قلنا اللام للابتداء كسرت "إن"، وإن قلنا لام أخرى اجتلبت للفرق فتحت، وإلى دخلوها على الفعل مطلقًا أشار الناظم بقوله: 192- والفعل إن لم يك ناسخًا فلا ... تلفيه غالبًا بإن ذي موصلًا   1 انظر هذا القول في أوضح المسالك 1/ 369، وشرح ابن عقيل 1/ 382، وشرح المفصل 8/ 86، وشرح ابن الناظم ص129. 2 الكتاب 2/ 140. 3 انظر شرح التسهيل 2/ 35. 4 انظر همع الهوامع 2/ 142. 5 البغداديات ص39. 6 المحتسب 2/ 255. 7 همع الهوامع 1/ 142. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 329 "فصل": "وتخفف "أن" المفتوحة، فيبقى العمل" وجوبًا لتحقق مقتضاها وهو إفادة معناها في الجملة الاسمية؛ لأنها أكثر مشابهة للفعل من المكسورة، "ولكن يجب في اسمها كونه مضمرًا" لا مظهرًا "محذوفًا" لا مذكورًا، سواء كان للشأن أم لا عند ابن مالك1؛ لأن "إن" المكسورة ثبت إعمالها في الظاهر دون المفتوحة، فقدروا عملها في المضمر لئلا ينحط الأقرب عن الأضعف. وذهب ابن الحاجب إلى أنه لا يكون إلا للشأن، "فأما قوله" وهو الشخص المسمى جنوب أخت عمرو ذي الكلب: [من المتقارب] 254- "بأنك ربيع وغيث مريع ... وأنك هناك تكون الثمالا" "فضرورة" من وجهين عند ابن الحاجب، كونه غير ضمير الشأن، وكونه مذكورًا، وعند ابن مالك من وجه واحد، وهو كونه مذكورًا. والربيع ربيعان، ربيع الشهور، وربيع الأزمنة، فربيع الشهور بعد صفر، وربيع الأزمنة ربيعان، أولهما: ما يأتي فيه النور والكمأة، والثاني: ما تدرك فيه لثمار، والمراد هنا ربيع الأزمنة، والغيث: الكلأ أو المطر، والمريع: إما بفتح الميم إن جعل الغيث اسمًا للكلأ، أي: خصيب، وإما بضمها إن جعل اسمًا للمطر، يقال: مرع الوادي وأمرعه المطر، والثمال، بكسر الثاء المثلثة: الغياث خبر "تكون".   1 شرح التسهيل 2/ 41. 254- البيت لكعب بن زهير في الأزهية ص62، وتخليص الشواهد ص380، وليس في ديوانه، وهو لجنوب بنت عجلان في الحماسة الشجرية 1/ 309، وخزانة الأدب 10/ 384، وشرح أشعار الهذليين 2/ 585، والمقاصد النحوية 2/ 282، ولعمرة بنت عجلان أو لجنوب بنت عجلان في شرح شواهد المغني 1/ 106، وبلا نسبة في الإنصاف 1/ 207، وأوضح المسالك 1/ 370، وخزانة الأدب 5/ 427، وشرح الأشموني 1/ 146، وشرح قطر الندى ص156، وشرح المفصل 8/ 75، ولسان العرب 13/ 30 "أنن"، ومغني اللبيب 1/ 31، وتاج العروس "أنن". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 330 "ويجب في خبرها أن يكون جملة" لاشتمالها على المسند والمسند إليه محافظة على الأصل حيث لا يذكر الاسم. "ثم إن كانت" الجملة "اسمية أو فعلية فعلها جامد أو دعاء لم تحتج لفاصل" من الفواصل الآتية، أما مع الاسمية؛ فلأنه جيء بعد "أن" باسم وخبر، كما جيء بهما بعد المثقلة العاملة، وأما الفعل الجامد فهو كالاسم، والاسم غير محتاج إلى فصل. فكذلك ما أشبهه. وأما الدعاء فشبيه بالجامد في عدم التصرف، قاله الشاطبي فالاسمية "نحو: {وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} " [يونس: 1] ، والفعلية، التي فعلها جامد. نحو: " {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} " [النجم: 39] والفعلية التي فعلها دعاء إما بخبر نحو: {أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا} [النمل: 8] ، أو بشر نحو: " {وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا} " [النور: 9] في قراءة من خفف "أن"1 وكسر الضاد في غير السبع، وهذا مبني على جواز تفسير ضمير الشأن بالجملة الإنشائية وهو الصحيح، ويجوز الفصل فيهن، "ويجب الفصل في غيرهن"، ليكون عوضًا مما حذفوا من أنه وهو أحد النونين والاسم، أو لئلا يلتبس بـ"أن"، المصدرية، ولما كان التغيير مع الفعل أكثر مما هو مع الاسم وما أشبهه عوض مع الفعل المتصرف ولم يعوض مع الاسم وما أشبهه، والفصل إما "بـ"قد"" لأنها تقرب الماضي من الحال، "نحو: {وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا} [المائدة: 113] ، أو تنفيس نحم: {عَلِمَ أَنْ سَيَكُونَ} [المزمل: 20] ، أو نفي بـ"لا" أو "لن" أو "لم"" فقط، مثال "لا" "نحو: {وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ} " [المائدة: 71] ، في قراءة من ضم نون "تكون"2، و: حسبت أن لا قام زيد، ومثال "لن": " {أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ} " [البلد: 5] ومثال "لم"، " {أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ} [البلد: 7] ، أو "لو" نحو:" {وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا} [الجن: 16] " {أَنْ لَوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُمْ} " [الأعراف: 100] ، وهو كثير. والحاصل أن الفعل إما مثبت أو منفي، وكل منهما إما ماض، أو مضارع فالمثبت إن كان ماضيًا ففاصله "قد"، وإن كان مضارعًا ففاصله حرف التنفيس، والمنفي إن كان ماضيًا ففاصله "لا" فقط، وإن كان مضارعًا ففاصله "لن" أو "لم" أو "لا"، وأما "لو"   1 هي قراءة نافع كما في شرح ابن الناظم ص130، وانظر الإتحاف ص322، والنشر 2/ 330، وهي من شواهد شرح المفصل 6/ 104، وشرح ابن عقيل 1/ 386. 2 قرأها بالرفع: أبو عمرو والكسائي وحمزة ويعقوب والأعمش، انظر الإتحاف ص202، والنشر 2/ 255. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 331 فإنها في الامتناع شبيهة بالنافي فتدخل على الماضي والمضارع كما مثلنا، "ويندر تركه"، أي: الفصل بواحد منها، "كقوله": [من الخفيف] . 255- "علموا أن يؤملون فجادوا" ... قبل أن يسألوا بأعظم سؤل والقياس: عملوا أن سيؤملون، وسؤل: بمعنى مسئول كقوله تعالى: {قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ [يَا مُوسَى} [طه: 36] أي: قد أوتيت مسئولك] 1، "ولم يذكر "لو" في الفواصل إلا قليل من النحويين"، هذا شرح قول الناظم: 193- وإن تخفف أن فاسمها استكن ... والخبر اجعل جملة من بعد أن 194- وإن يكن فعلًا ولم يكن دعا ... ولم يكن تصريفه ممتنعا 195- فالأحسن الفصل بقد أو نفي أو ... تنفيس أو لو وقيل ذكر لو "وقول ابن الناظم: إن الفصل بها"، أي: بـ"لو" "قليل، وهم" بفتح الهاء، أي: غلط "منه على أبيه" كأن الموضح وقع له النسخة التي فيها: وربما فصلت بـ"لو" فاعترض عليها؛ وإلا فالذي قاله ابن الناظم في غالب النسخ ما نصه2: وأكثر النحويين لم يذكروا الفصل بين "أن" المخففة وبين الفعل بـ"لو" وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 195- ................ ... ........... وقليل ذكر لو انتهى، وهو مساو لنص الموضح، فلينظر.   255- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 373، وتخليص الشواهد ص383، والجنى الداني ص219، والدرر 1/ 302، وشرح ابن عقيل 1/ 388، وشرح ابن الناظم ص131، وشرح قطر الندى ص155، والمقاصد النحوية 2/ 294، وهمع الهوامع 1/ 143. 1 ما بينهما إضافة من "ط". 2 شرح ابن الناظم ص131. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 332 "فصل": "وتخفف "كأن" فيبقى أيضًا إعمالها" استصحابًا للأصل، "لكن يجوز ثبوت اسمها وإفراد خبرها" وإلى ثبوت اسمها وحذفه أشار الناظم بقوله: 196- وخففت كأن أيضًا فنوي ... منصوبها وثابتًا أيضًا روي "كقوله" وهو رؤبة: [من الرجز] 256- "كأن وريديه رشاء خلب" فـ "وريديه" وهما عرقان في الرقبة اسم "كأن"، و"رشاء" بكسر الراء والمد: خبرها، وهو مفرد لا مثنى، وصحح الصغاني أنه مثنى بالغين المعجمة، والرشاء: الحبل، والخلب: بضم الخاء المعجمة: الليف، قاله أبو إسحاق، وقال غيره الخلب: البئر البعيدة القعر. "وقوله" وهو باغث، بالموحدة فالمعجمة فالمثلثة، ابن صريم، بالتصغير اليشكري، قاله النحاس1، وقال السيرافي2: هو أرقم بن علباء، وقال صاحب المنقد هو علباء بن أرقم اليشكري يذكر امرأته ويمدحها: [من الطويل] 257- ويومًا توافينا بوجه مقسم ... "كأن ظبية تعطو إلى وارق السلم"   256- الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص169، والمقاصد النحوية 2/ 299، وبلا نسبة في لسان العرب 1/ 365، "خلب"، 13/ 32 "أنن"، والإنصاف 1/ 198، وأوضح لمسالك 1/ 375، وتخليص الشواهد ص390، والجنى الداني ص575، وخزانة الأدب 10/ 391، 393، 395، 396، 397، 400، 412، ورصف المباني 211، وشرح أبيات سيبويه 2/ 75، وشرح المفصل 8/ 83، والكتاب 3/ 164، 165، والمقرب 1/ 110، وتاج العروس 2/ 380 "خلب". 1 خزانة الأدب 10/ 413. 2 شرح أبيات سيبويه 1/ 525. 257- البيت لعباء بن أرقم في الأصمعيات ص157، والدرر 1/ 304، والمقاصد النحوية 4/ 384، ولأرقم بن علباء في شرح أبيات سيبويه 1 525، ولزيد بن أرقم في الإنصاف 1/ 202، ولكعب بن أرقم في اللسان 12/ 482 "قسم" ولباغت بن صريم اليشكري في تخليص الشواهد ص390،= الجزء: 1 ¦ الصفحة: 333 يروى بالرفع" لـ"ظبية" على أنها خبر "كأن" "على حذف الاسم، أي: كأنها" ظبية، ويروى بالنصب لظبية على أنها اسم "كأن" "على حذف الخبر، أي: كأن مكانها" ظبية، "و" يروى "بالجر" لظبية "على أن الأصل كظبية، وزيد "أن" بينهما"، أي: بين الكاف ومجرورها، وعليهن فجملة "تعطو" صفة لـ"ظبية"، والموافاة الإتيان، والمقسم بضم الميم وفتح القال والسين المهملة مع التشديد: المحسن من القسنام وهو الحسن، يقال: فلان قسيم الوجه، ومقسم الوجه، أي: حسنه، وتعطو: أي تتناول، وعداه بـ"إلى" لتضمنه معنى: تميل، والوارق: اسم فاعل من ورق الشجر: يرق، مثل: أورق، أي: صار ذا ورق، ويرى ناضر السلم، والنضرة الحسن والبهجة، والسلم بفتحتين شجر العضاه له شوك. "وإذا حذف الاسم وكان الخبر جملة اسمية لم يحتج لفاصل" كما تقدم تعليله في "أن" المخففة "كقوله:" [من الهزج] 258- ووجه مشرق اللون ... "كأن ثدياه حقان" فـ "ثدياه حقان" مبتدأ وخبر في موضع رفع خبر "كأن"، واسمها ضمير شأن محذوف، أي: كأنه. وهذا البيت رواه سيبويه هكذا1 ورواه غيره: وصدر مشرق اللون ... ...................   = وشرح المفصل 8/ 83، والكتاب 2/ 134، وله أو لعلباء بن أرقم في المقاصد النحوية 2/ 301، ولأحدهما أو لأرقم بن علباء في شرح شواهد المغني 1/ 111، ولأحدهما أو لراشد بن شهاب اليشكري، أو لابن أصرم اليشكري في خزانة الأدب 10/ 411، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 377، وجواهر الأدب ص197، والجنى الداني ص222، ورصف المباني ص117، 211، وسر صناعة الإعراب 2/ 683، وسمط اللآلي ص829، وشرح ابن الناظم ص132، وشرح الأشموني 1/ 147، وشرح عمدة الحافظ 1/ 331، 341، وشرح قطر الندى ص157، والكتاب 3/ 165، والمحتسب 1/ 308، ومغني اللبيب 1/ 33، والمقرب 1/ 111، 2/ 204، والمنصف 3/ 128، وهمه الهوامع 1/ 413. 258- البيت بلا نسبة في الإنصاف 1/ 197، وأوضح المسالك 1/ 378، وتخليص الشواهد ص389، والجنى الداني ص575، وخزانة الأدب 10/ 392، 394، 398، 399، 400، 440، والدرر 1/ 303، 305، وشرح ابن الناظم ص132، وشرح الأشموني 1/ 147، وشرح شذور الذهب ص285، وشرح ابن عقيل 1/ 391، وشرح قطر الندى ص158، وشرح المفصل 8/ 82، والكتاب 2/ 135، 140، ولسان العرب 13/ 30، 32 "أنن"، والمقاصد النحوية 2/ 305، والمنصف 3/ 128، وهمع الهوامع 1/ 143. 1 الكتاب 2/ 135. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 334 والمعنى على الأول: رب وجه يلوح لونه، وثديا صاحبه كحقين في الاستدارة. "وإن كانت الجملة فعلية فصلت بـ"لم"" في المضارع المنفي. "أو "قد"" في الماضي المثبت، فالأول "نحو: {كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ} " [يونس: 24] ، "و" الثاني "نحو قوله": [من الخفيف] 259- "لا يهولنك اصطلاء لظى الحر ... ب فمحذورها كأن قد ألما" ففصل بين "كأن" و"ألما" بـ"قد" والهول: الفزع، يقال: هاله الأمر يهوله إذا أفزعه، ولظى الحرب: نارها، والاصطلاء، من اصطليت بالنار: تدفأت بها، والمحذور: من الحذر، وهو: ما يخاف منه، وألم: ماض من الإلمام، وهو النزول: ألم به أمر إذا نزل به. "مسألة: وتخفف "لكن" فتهمل وجوبًا" لزوال اختصاصها بالجملة الاسمية، وليباين لفظها لفظ الفعل، "نحو:" {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ "وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ} [الأنفال: 17] ، وعن يونس والأخفش جواز الإعمال" قياسًا على "أن" ولم يسمع من العرب: ما قام زيد لكن عمرًا قائم، بنصب عمرو، وما ورد عن يونس أنه حكى فيها العمل فهي رواية لا تعرف والفرق بينها وبين "إن" زوال الاختصاص.   259- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 379، وسر صناعة الإعراب ص419، 430، وشرح الأشموني 1/ 148، وشرح شذور الذهب ص286، والمقاصد النحوية 2/ 306. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 335 باب "لا" العاملة عمل "إن" المشددة مدخل ... باب "لا" العاملة عمل "إن" المشددة: وتسمى "لا"1 التبرئة دون غيرها من أحرف النفي، وحق "لا" التبرئة أن تصدق على "لا" النافية كائنة ما كانت؛ لأن كل من برأته فقد نفيت عنه شيئًا، ولكنهم خصوها بالعاملة عمل "إن" فإن التبرئة فيها أمكن منها في غيرها، لعمومها بالتنصيص، وتسمى النافية للجنس، وأفردت بباب لطول الكلام عليها. قال أبو البقاء وإنما عملت "لا"1 عمل "إن" لمشابهتها لها من أربعة أوجه. أحدها: أن كلا منهما يدخل على الجملة الاسمية. الثاني: أن كلا منهما للتأكيد، فـ"لا" لتأكيد النفي، و"إن" لتأكيد الإثبات. والثالث: أن "لا" نقيضة "إن"، والشيء يحمل على نقيضه، كما يحمل على نظيره. والرابع: أن كلا منهما له صدر الكلام، ولكون "لا" محمولة على "إن" في العمل انحطت درجتها عن "إن" في أمور: منها أن اسم "لا" لا يكون إلا مظهرًا، واسم "إن" يكون مظهرًا ومضمرًا. ومنها أن اسم "لا" لا يكون إلا نكرة، واسم "إن" يكون نكرة ومعرفة. ومنها أن "لا" لا يجوز أن يتقدم خبرها على اسمها إذا كان ظرفًا أو مجرورًا ويجوز في "إن". ومنها أن اسم "لا" لا ينون، واسم "إن" ينون. ومنها أن اسم "لا" المفرد مختلف في إعرابه وبنائه، واسم "إن" لا خلاف في إعرابه، ا. هـ.   1 سقطت من "ب". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 336 ومنها أن "إن" تعمل بلا شرط، و"لا" لا تعمل إلا بشرط، "وشرطها أن تكون نافية" لا زائدة. "وأن يكون المنفي" بها "الجنس" بأسره، "وأن يكون نفيه نصا" وذلك إذا دخلت على نكرة، وأريد بها النفي العام، وقدر فيه "من" الاستغراقية؛ لأن "من" هي الموضوعة للجنس، فإذا قلت: لا رجل في الدار، وأنت تريد نفي الجنس كله لم يصح إلا بتقدير "من"، ولو لم ترد "من" لكنت نافيًا رجلًا واحدا, وجاز أن يكون في الدار اثنان فأكثر, ومن هنا قال النحويون إن "لا رجل" جواب لمن قال: هل من رجل في الدار؟، فهو سائل عن كل الجنس، قاله أبو البقاء في شرح لمع ابن جني "وأن لا يدخل عليها جار"، وهو المراد بقولهم أن لا تقع بين عامل ومعمول، "وأن يكون اسمها نكرة" لأنه على تقدير "من" كما تقدم، و"من" الاستغراقية مختصة بالنكرات، وأن تكون النكرة "متصلة بها"، خلافًا لأبي عثمان فإنه أجاز فيها أن تعمل مع فصلها، ولكنه لا يبنى، فقد جاء في السعة، لا منها بد، بالبناء مع الفصل، وليس مما يعول عليه، قاله الموضح في الحواشي، "وأن يكون خبرها نكرة" على الأصل، فجملة الشروط سبعة, أربعة راجعة إلى "لا" واثنان إلى اسمها، وواحد إلى خبرها، وستأتي محترزاتها. وإذا اجتمعت هذه الشروط عملت "لا" عمل "إن" من نصب الاسم ورفع الخبر، "نحو: لا غلام سفر حاضر"، فـ"غلام سفر" اسمها، وهو منصوب، و"حاضر" خبرها، وهو مرفوعًا بها اتفاقًا؛ لأنها غير مركبة، وأما إذا ركبت فعن سيبويه أنها لا تعمل في الخبر، بل النكرة مع "لا" في موضع رفع بالابتداء والخبر خبر المبتدأ، مرفوع بما كان مرفوعًا به قبل دخول "لا"، والأصح عند الناظم أنه مرفوع بها أيضًا، وهو مذهب الأخفش والمازني والمبرد1، "فإن كانت غير نافية لم تعمل" في الأسماء شيء "وشذ إعمال" "لا" "الزائدة في قوله" وهو الفرزدق يهجو عمر بن هبيرة الفزاري: [من البسيط] 260- "لو لم تكن غطفان لا ذنوب بها ... إذن للام ذوو أحسابها عمرا" فأعمل "لا" الزائدة، "وذنوب" اسمها: و"لها" خبرها، وإنما عملت مع   1 انظر الارتشاف 2/ 165، والمقتضب 4/ 357. 260- البيت للفرزدق في ديوانه 1/ 230، وخزانة الأدب 4/ 30، 32، 50، والدرر 1/ 320، والارتشاف 2/ 168، وشرح التسهيل 2/ 59، والمقاصد النحوية 2/ 322، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 3، والخصائص 2/ 36، ولسان العرب 6/ 269، "غطف"، وهمع الهوامع 1/ 147. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 337 الزيادة؛ لأنها أشبهت النافية لفظًا وصورة، فلوحظ فيها جانب اللفظ دون جانب المعنى، والدليل على زيادتها أن المعنى المستفاد مستفاد من "لو" لأن "لو" شرطها ممتنع، والغرض أنه منفي بـ"لم"، وامتناع النفي إثبات، فدل على إثبات الذنوب لغطفان، لا نفيها عنها، وإذا ثبتت الذنوب امتنع اللوم؛ لأن جواب "لو" إذا كان مثبتًا في نفسه يكون منفيا بعد دخول "لو"، وإنما شذ عمل الزائدة؛ لأنها غير مختصة، وشرط العمل الاختصاص، فإن قيل: "لا" النافية غير مختصة مع أنها عاملة، فالجواب ما قاله المرادي أن "لا" إذا قصد به النفي العام اختصت بالاسم فليست إذن الداخلة على الفعل "ولو كانت" "لا" لغير نفي الجنس بل "لنفي الوحدة عملت عمل "ليس""، فترفع الاسم وتنصب الخبر "نحو: لا رجل قائمًا"، فالمنفي هنا الواحد دون الجنس إذا قلت عقبه: "بل رجلان"، فيكون المنفي واحدًا، والمثبت اثنان، "وكذا" تعمل عمل "ليس" "أن أريد بها نفي الجنس لا على سبيل التنصيص" بل على سبيل الظهور، نحو: لا رجل قائمًا، ويمتنع أن يقال بعده: بل رجلان. والحاصل أن "لا" إذا عملت عمل "ليس" احتمل نفي الواحد ونفي الجنس، وهو الظاهر؛ لأن النكرة في سياق النفي تعم، فإذا أردت نفي الواحد ميزته بقولك عقبه: بل رجلان، وإذا أردت نفي الجنس لم تعقبه بشيء، بل لا يجوز أن تقول بعده: بل رجلان، هذا حاصل كلام ابن عقيل1. "وإن" وقعت2 "لا" بين عامل ومعمول كما إذا "دخل علها الخافض" فإنها لا تعمل شيئًا، "وخفض" الخافض "النكرة" لقوته؛ ولأن "لا" لا تحول بين العامل ومعموله "نحو: جئت بلا زاد، وغضبت من لا شيء" بالجر فيهما بحرف الجر. وعن الكوفيين أن "لا" هنا اسم بمعنى غير، وأن الخافض دخل عليها نفسها، وأن ما بعدها خفض بالإضافة، وغيرهم يراها حرفًا، ويسميها زائدة، ويعنون بذلك أنها معترضة بين شيئين مطالبين، وإن لم يصح أصل المعنى بإسقاطها، "وشذ: جئت بلا شيء, بالفتح" على الإعمال والتركيب، ووجهه أن الجار دخل بعد التركيب نحو: لا خمسة عشر، وليس حرف الجر معلقًا، بل "لا" وما ركب معها في موضع جر؛ لأنهما جريا مجرى الاسم الواحد، قاله ابن جني في كتاب القد. وقال في الخاطريات إن "لا" نصبت   1 شرح ابن عقيل 1/ 393. 2 سقطت من "ب". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 338 "شيء"، ولا خبر لها؛ لأنها صارت فضلة نقله عن أبي علي وأقره1، "وإن كان الاسم معرفة أو منفصلًا منها أهملت" وجوبًا "ووجب عند غير المبرد وابن كيسان تكرارها" في الصورتين مع العاطف ليكون تكرارها عوضًا من مصاحبة ذي العموم2، أو لأن العرب جعلتها في جواب من سأل بالهمزة، وأم، والسؤال بهما لا بد فيه من العطف. فكذلك الجواب، "نحو: لا زيد في الدار ولا عمرو، ونحو: {لَا فِيهَا غَوْلٌ" وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ} [الصافات: 47] . "وإنما لم تتكرر" مع المعرفة "في قولهم: لا نولك أن تفعل، و" في "قوله": [من البسيط] 261- "أشاء ما شئت حتى لا أزال لما ... لا أنت شائية من شأننا شاني" "للضرورة في هذا" البيت، واللام في الضرورة للتعليل متعلقة بـ"لم" تتكرر، والمعنى: وإنما لم تتكرر في "لا أنت" للضرورة، و"أشاء" مضارع شاء مسند للمتكلم، و"ما" موصول في موضع نصب على المفعولية بـ"أشاء"، وشئت بكسر التاء صلة "ما"، والعائد محذوف، "وحتى" بمعنى: إلى، و"أزال" مضارع زال، منصوب بـ"أن" مضمرة بعد حتى وجوبًا، واسم "أزال" مستتر فيه وجوبًا، وخبره "شاني" آخر البيت بنون من الشنآن، وهو: البغض، وقف عليه بحذف الألف على لغة ربيعة، و"لما" متعلق به، و"ما" موصول اسمي، و"لا" نافية، و"أنت" مبتدأ، و"شائية" من المشيئة خبره، و"من شأننا" متعلق به، والجملة صلة "ما"، والعائد محذوف، والمعنى: أن أشاء الذي شئته حتى لا أزال شانيًا للذي لا أنت شائيته من شاننا، أي: أمرنا، "ولتأول" معطوف على الضرورة "لا نولك" بلا ينبغي لك"، "ولا" إذا دخلت على الفعل لا يجب تكرارها؛ لأنه في معنى النكرة، "ونولك" بتفح النون وسكون الواو من التنويل والنوال وهو: العطية مبتدأ، وأن تفعل سد مسد خبره كما في الوصف مع مرفوعه قاله الخضراوي. وقال أبو حيان: والذي أذهبت إليه أنه خبر لا فاعل؛ لأن "نولك" ليس بوصف. وقال الموضح: لا أدري كيف يتأتى أن يقول هذا مع قوله: إن "لا نولك" مؤول بلا ينبغي لك، ولم ينزل كتاب بأن المرفوع الساد مسد الخبر لا يرفع إلا بالوصف ا. هـ.   1 المسائل البصريات 2/ 906-908، والمسائل المنثورة ص85. 2 انظر الارتشاف 2/ 172، والتسهيل ص68. 261- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 7، والدرر 1/ 325، وشرح الأشموني 1/ 149، والمقاصد النحوية 2/ 325، وهمع الهوامع 1/ 148. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 339 وإذا قلنا بالأول فالظاهر أن المرفوع هنا نائب عن الفاعل. قال الرضي: والنول مصدر بمعنى: التناول وهو هنا بمعنى المفعول، أي: ليس متناولك هذا الفعل، أي: لا ينبغي لك أن تتناوله ا. هـ. فسقط بالتأويل في المثال ودعوى الضرورة في البيت ما احتج به المبرد1 وابن كيسان على عدم وجوب تكرار "لا" إذا دخلت على معرفة، وإلى إعمال "لا" عمل "إن" أشار الناظم بقوله: 197- عمل إن اجعل للا في نكره ... مفردة جاءتك أو مكرره   1 المقتضب 4/ 359. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 340 "فصل": "وإذا كان اسمها مفردًا، أي: غير مضاف ولا شبيه به بني على الفتح إن كان مفردًا" لفظًا ومعنى أو لفظًا لا معنى. "أو جمع تكسير" لمذكر أو مؤنث، فالأول "نحو: لا رجل"، والثاني نحو: لا قوم ولا شجر. "و" الثالث نحو: "لا رجال" ولا هنود، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 199- وركب المفرد فاتحًا ........ ... ................................... "و" بني "عليه" أي: على الفتح "أو على الكسر إن كان جمعًا بألف وتاء" مزيدتين، "كقوله" هو سلامة بن جندل يبكي على فراق الشباب، لا ابن مقبل، خلافًا لابن عصفور: [من البسيط] 262- "إن الشباب الذي مجد عواقبه ... فيه نلذ ولا لذات للشيب" بكسر التاء وفتحها، "روى بهما" في "لذات" جمع لذة، وهو اسم "لا" و"للشيب" بفتح الشين خبرها، وفي الجمع بالألف والتاء إذا كان اسم "لا" أربعة أقوال: أحدها: أنه يجعل في البناء كما هو في الإعراب، فكما أن فتحته في الإعراب كسرة، فكذلك في البناء قاله بان عذرة، وهو قول الأكثيرين. "و" قال أبو الفتح ابن جني "في الخصائص1" ما حاصله "أنه لا يجيز فتحه بصري إلا أبو عثمان" المازني، وعبارة الخصائص: لم يجز أصحابنا الفتح إلا شيئًا قياسه أبو عثمان، والصواب الكسر بغير تنوين، ا. هـ.   262- البيت لسلامة بن جندل في ديوانه ص91، وتخليص الشواهد ص400، وخزانة الأدب 4/ 27، والدرر 1/ 319، والشعر والشعراء ص278، والمقاصد النحوية 2/ 326، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 9، وشرح شذور الذهب ص85، وشرح ابن عقيل 1/ 397، وهمع الهوامع 1/ 146. 1 الخصائص 3/ 305. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 341 الثاني: كالأول إلا أنه ينون؛ لأن تنوينه كون "مسلمين"، لا كتنوين "زيد" فلا ينافي البناء، جزم به ابن مالك في سبك المنظوم، ونقله ابن الدهان عن قوم، وتابعه ابن خروف. الثالث: أنه يفتح؛ لأن الحركة ليست له، بل لمجموع المركب، وهو "لا" والاسم، قاله المازني والفارسي1، وهو حسن في القياس، ورجحه الموضح في المغني وشرح الشواهد. الرابع: أنه يجوز الفتح والكسر بغير تنوين، وهو الصحيح، واقتصر عليه هنا، وقال بعض المغاربة: جواز الأمرين مبني على الخلاف في اسم "لا". فمن قال هي إعراب وحذف تنوينه للتخفيف كالزجاج، والجرمي والرماني والكوفيين كسر2، ومن قال هي بناء كجمهور البصريين فتح3، "و" بني "على الياء إن كان مثنى أو مجموعًا على حده"، أي: على حد المثنى وطريقته في إعرابه بالحروف وسلامة واحده واختتامه بنون زائدة تحذف للإضافة "كقوله: [من الطويل] 263- "تعز فلا إلفين بالعيش متعا" ... ولكن لوراد المنون تتابع فـ"إلفين" بكسر الهمزة تثنية: إلف، اسم "لا" مبني على الياء، "ومتعا" بالبناء للمفعول خبرها، و"تعز" أمر من التعزية، وهي الحمل على الصبر عند المصيبة، و"المنون": الموت، و"وراده" الذين يردونه، وهو جمع وارد، "وقوله: [من الخفيف] 264- "يحشر الناس لا بنين ولا آ ... باء إلا وقد عنتهم شئون" فـ"بنين" بكسر النون الأولى جمع ابن، اسم "لا" مبني على الياء، ولا آباء جمع أب، عطف على ما قبله "إلا" حرف إيجاب، وقد عنتهم بفتح العين المهملة والنون   1 الارتشاف 2/ 165. 2 انظر الارتشاف 2/ 164، وشرح التسهيل 2/ 58, 59. 3 انظر الإنصاف 1/ 366. 263- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 10، وتخليص الشواهد 395، والدرر 1/ 317، وشرح ابن الناظم 134، وشرح الأشموني 1/ 145، وشرح شذور الذهب ص83، والمقاصد النحوية 2/ 333، وهمع الهوامع 1/ 146. 264- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 11، وتخليص الشواهد ص396، 1/ 318، وشرح ابن الناظم ص134، وشرح الأشموني 1/ 150، وشرح التسهيل 2/ 55، وشرح شذور الذهب ص84، والمقاصد النحوية 2/ 334، وهمع الهوامع 1/ 146. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 342 وسكون التاء المثناة فوق بمعنى: أهمتهم، وشئون: جمع شأن وهو الخطب فاعل "عنتهم"، والجملة في موضع رفع خبر "لا"، ولا يضر اقترانه بالواو؛ ولأن خبر الناسخ يجوز اقترانه بالواو، كقول الحماسي: [من الهزج] 265- ................. ... فأمسى وهو عريان وقولهم: ما أحد إلا وله نفس أمارة1, وليست حالا خلافا للعيني2؛ لأن واو الحال لا تدخل على الماضي التالي "إلا" كما قال في الموضح في باب الحال3، وذهب المبرد4 إلى أن المثنى والمجموع على حده في باب "لا" معربان بناء على أن التثنية والجمع عارضا التضمن أو التركيب في علة البناء، ولو صح ذلك لزم الإعراب في: يا زيدان ويا زيدون ولا قائل به والقول بالبناء في اسم "لا" المفرد اختلف في علته. "قيل: وعلة البناء" فيه "تضمن معنى "من"" الاستغراقية "بدليل ظهورها في قوله:" [من الطويل] 266- فقام يذود الناس عنها بسيفه ... "وقال ألا لا من سبيل إلى هند" واختار هذا القول ابن عصفور، وعلله بأن تركيب الاسم مع الحرف قليل، والبناء للتضمن كثير، واعترضه ابن الضائع بأن المتضمن لمعنى "من" هو "لا" نفسها، لا الاسم بعدها، "وقيل"، علة البناء "تركيب الاسم مع الحرف" كما في تركيب الاسمين، "كخمسة عشر"، هذا قول سيبويه والجماعة5، ويؤيده أنهم إذا فصلوا   265- صدر البيت: "فلما صرح الشر" وهو للفند الزماني "شهل بن شيبان" في أمالي القالي 1/ 260، وحماسة البحتري ص56، والحيوان 6/ 416، وخزانة الأدب 3/ 431، وسمط اللآلي ص578، 490، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص34، والمقاصد النحوية 3/ 122. 1 شرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص34. 2 المقاصد النحوية 3/ 122. 3 أوضح المسالك 2/ 353. 4 المقتضب 4/ 366. 266- البيت بلا نسبة في كتاب العين 8/ 352، وأوضح المسالك 2/ 13، وتهذيب اللغة 15/ 423، وتاج العروس "ألا"، "لا" وأوضح المسالك 2/ 13، وتخليص الشواهد ص396، والجنى الداني ص292، والدرر 1/ 317، وشرح ابن الناظم ص134، وشرح الأشموني 1/ 148، ولسان العرب 15/ 434، "ألا"، 15/ 468 "لا"، ومجالس ثعلب ص176، والمقاصد النحوية 2/ 332، وهمع الهوامع 1/ 146. 5 الكتاب 2/ 474. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 343 أعربوا، فقالوا: لا فيها رجل ولا امرأة، وقد جاء تركيب الاسم مع الحرف المؤخر كقوله: [من الرجز] 726- أثور ما أصيدكم أم ثورين ودليل التركيب والبناء ترك تنوينه وهو مفعول مقدم لـ"أصيد"، وأما "كم" فعلى التوسع بإسقاط اللام، والمعنى: أصيد لكم ثورًا أم ثورين. "وأما المضاف وشبهه فمعربان" اتفاقًا، نحو: لا غلام سفر حاضر، ولا طالبًا علما ممقوت، وأما: لا أبا لك، فاللام زائدة، لتأكيد معنى الإضافة، وهي معتد بها من وجه دون وجه، وأما وجه الاعتداد فلأن اسم "لا" لا يضاف لمعرفة، فاللام مزيلة لصورة الإضافة، وأما وجه عدم الاعتداد فهو أن ما قبلها معرب بالألف، وإنما يعرب إذا كان مضافًا أو شبهه، هذا مذهب سيبويه والجمهور1، ويشكل عليه2: لا أبا لي، بالألف مع الإضافة إلى ياء المتكلم، "والمراد بشبهه" أي: شبه المضاف "ما اتصل به شيء من تمام معناه" مرفوع أو منصوب أو مجرور، "نحو: لا قبيحًا فعله محمود، ولا طالعًا جبلًا حاضر، ولا خيرًا من زيد عندنا" فـ"لا" في الجميع نافية، وما بعدها اسمها وهو منصوب بها، والمتأخر خبرها، وفعله في الأول فاعل "قبيحًا"؛ لأنه صفة مشبهة، "وجبلًا" في الثاني مفعول "طالعًا"؛ لأنه اسم فاعل، "ومن زيد" في الثالث متعلق بـ"خيرًا" لأنه اسم تفضيل، وما ذكره من نصب الشبيه بالمضاف وتنوينه هو مذهب البصريين، وأجاز البغداديون: لا طالعا جبلا، بلا تنوين أجروه في ذلك مجرى المضاف، كما أجري مجراه في الإعراب، وعليه يتخرج الحديث: "لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت" 3، قاله في المغني4.   267- الرجز بلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 140، والخصائص 2/ 180، ورصف المباني ص336، ولسان العرب 4/ 111 "ثور" 13/ 333 "قرن" وتهذيب اللغة 9/ 90. 1 الكتاب 2/ 287. 2 في "ط": "عليهم". 3 انظر الكلم الطيب ص37. 4 مغني اللبيب ص313. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 344 "فصل": "ولك في نحو: "لا حول ولا قوة إلا بالله"، خمسة أوجه: أحدها: فتحهما", أي: فتح ما بعد "لا" الأولى وما بعد "لا" الثانية, "وهو الأصل، نحو: {لَا بَيْعَ فِيهِ وَلَا ُلَّةَ} [البقرة: 254] ، بفتحهما "في قراءة ابن كثير وأبي عمرو" بن العلاء1. "والثاني: رفعهما إما بالابتداء، أو على إعمال "لا" عمل "ليس"، كالآية" المتقدمة "في قراءة الباقين من سبعة، وقوله" وهو عبيد الراعي بن حصين: [من البسيط] 268- وما هجرتك حتى قلت معلنة ... "لا ناقة لي في هذا ولا جمل" برفع "ناقة" و"جمل"، والمعنى: وما تركتك حتى تبرأت مني وقلت صريحًا: لا ناقة لي ولا جمل، وهو مثل، ضربه لبراءتهما منه2. و"الثالث: فتح الأول، ورفع الثاني، كقوله:" [من الكامل] 269- هذا لعمركم الصغار بعينه ... "لا أم لي إن كان ذاك ولا أب"   1 الرسم المصحفي: {لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ} ، بالرفع. وقرأها بالنصب: ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب وابن محصين والحسن واليزيدي، انظر الإتحاف ص135، والنشر 2/ 211. 268- البيت للراعي النميري في ديوانه ص198، وتخليص الشواهد ص405، وشرح المفصل 2/ 111، 113، والكتاب 2/ 295، ولسان العرب 15/ 254 "لقا"، ومجالس ثعلب ص35، والمقاصد النحوية 2/ 336، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 15، وشرح الأشموني 1/ 152، واللمع ص128. 2 المثل في المستقصى 2/ 267، وفصل المقال ص388، ويروى: "لا ناقتي في هذا ولا جملي" في مجمع الأمثال 2/ 220، وكتاب الأمثال لابن سلام ص275، وجمهور الأمثال 2/ 391. 269- البيت لضمرة بن جابر في خزانة الأدب 2/ 38، 40، وهو لرجل من مذحج أو لضمرة بن ضمرة، أو لهمام أخي جساس ابني مرة في تخليص الشواهد ص405، وهو لرجل من بني عبد مناة في الدرر 2/ 476، وهو لهني بن أحمر أو لزرافة الباهلي في لسان العرب 6/ 61 "حيس"، وتاج العروس 15/ 569 "حيس"، وهو لابن أحمر في المؤتلف والمختلف 38، والمقاصد النحوية 2/ 339، ولرجل= الجزء: 1 ¦ الصفحة: 345 "الخامس: فتح الأول ونصب الثاني: كقوله" وهو أنس بن العباس السلمي جد العباس بن مرداس، وقيل: أبو عامر جد العباس: [من السريع] 272- "لا نسب اليوم ولا خلة" ... اتسع الخرق على الراقع وهذه الأوجه الخمسة الجارية في نحو: لا حول ولا قوة إلا بالله مستفادة من قول الناظم: 199- وركب المفرد فاتحًا كلا ... حول ولا قوة والثاني اجعلا 200- مرفوعًا أو منصوبًا أو مركبا ... وإن رفعت أولًا لا تنصبا ولكل منها توجيه يخصه، أما فتحهما فوجهه أن تجعل "لا" فيهما مركبة مع اسمها كما لو انفردت. فعلى مذهب سيبويه1 يجوز أن يقدر بعدهما خبرًا لهما معًا، أي: لا حول ولا قوة لنا، أي: موجودان لنا؛ لأن مذهبه أن "لا" المفتوح اسمها لا تعمل في الخبر فهما في موضع رفع "ولا قوة" مبتدأ معطوف على مبتدأ، والمقدر مرفوع بأنه خبر عنهما جميعًا، فيكون الكلام جملة واحدة، نحو: زيد وعمرو قائمان، ويجوز أيضًا عنده أن يقدر لكل واحدة منهما خبر، أي: لا حول موجود لنا، ولا قوة موجودة لنا، فيكون الكلام جملتين. وعلى مذهب غير سيبويه القائل بأن "لا" المفتوح اسمها عاملة في الخبر، كما عملت فيه "لا" الناصبة اسمها، فيجوز أيضًا أن يقدر لهما معًا خبر واحد، وذلك الخبر يكون مرفوعًا بـ"لا" الأولى والثانية، وإن كانت عاملتين إلا أنهما متماثلان فيجوز أن يعملا في اسم واحد عملًا واحدًا، كما في: إن زيدًا وإن عمرًا قائمان؛ لأنهما شيء واحد، ويجوز أيضًا عند هؤلاء أن يقدر لكل منهما خبر على حياله، وأما رفعهما فوجهه أن تجعل   272- البيت لأنس بن العباس بن مرداس في تخليص الشواهد ص405، والدرر 2/ 476، 2/ 573، وشرح شواهد المغني 2/ 601، والكتاب 2/ 285، 309، ولسان العرب 5/ 511 "قمر" 10/ 238، "عتق"، والمقاصد النحوية 2/ 351، وله أو لسلامان بن قضاعة في شرح أبيات سيبويه 1/ 583، 587، ولأبي عامر جد العباس بن مرداس في ذيل سمط اللآلي 37، وبلا نسبة في الارتشاف 2/ 172، وأمالي ابن الحاجب 1/ 421، وأوضح المسالك 2/ 20، وشرح ابن الناظم ص135، وشرح الأشموني 1/ 151، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص75، 967، وشرح شذور الذهب ص87، وشرح ابن عقيل 1/ 400، وشرح المفصل 2/ 101، 135، 9/ 138، واللمع في العربية ص128، ومغني اللبيب 1/ 226، وهمع الهوامع 2/ 144، 211. 1 الكتاب 2/ 284، 285. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 347 "لا" الأولى ملغاة لتكرارها، فما بعدها مرفوع بالابتداء، أو عاملة عمل "ليس"، فيكون ما بعدها مرفوعًا بها, وعلى الوجهين فـ"لنا" خبر عن الاسمين إن قدرت "لا" الثانية تكرار للأولى وما بعدها معطوف فإن قدرت الأولى مهملة، والثانية عاملة عمل "ليس" أو بالعكس، فـ"لنا" خبر عن إحداهما، وخبر الأخرى محذوف، كما في: زيد وعمرو قائم، ولا يكون خبرًا عنهما لئلا يلزم محذوران: أحدهما: كون الواحد مرفوعًا منصوبًا. والثاني: توارد عاملين على معمول واحد، قاله في المغني1 في مسألة: لا رجل ولا امرأة، برفعهما، وأما فتح الأول ورفع الثاني، فوجهه أن "لا" الأولى عاملة عمل "إن" ولا الثانية زائدة، وما بعدها معطوف على محل "لا" الأولى مع اسمها، فعند سيبويه2 يجوز أن يقدر لهما معًا خبر واحد؛ لأنه خبر مبتدأ، وما عطف عليه، وعند غيره لا بد لكل واحد من خبر لئلا تجتمع "لا" والابتداء في رفع الخبر الواحد، ويجوز أن نجعل "لا" الثانية غير زائدة، وهي ملغاة، أو عاملة عمل "ليس". وأما رفع الأول وفتح الثاني فوجهه أن "لا" الأولى ملغاة. أو عاملة عمل "ليس" و"لا" الثانية عاملة عمل "إن"، وتقدير الخبر في هذا الوجه كالوجه الذي قبله، سواء على المذهبين. وأما فتح الأول ونصب الثاني فوجهه أن "لا" الأولى عاملة عمل "إن"، و"لا" الثانية زائدة، وما بعدها منصوب منون، "وهو أضعفها"؛ لأن نصب الاسم مع وجود "لا" ضعيف والقياس فتحه بلا تنوين، "حتى" قال ابن الدهان في الغرة: "خصه يونس وجماعة" من النحويين "بالضرورة، كتنوين المنادى" المفرد المعرفة3، وجعله الزمخشري منصوبًا على إضمار فعل أي: ولا أرى قوة4، "وهو عند غيرهم على تقدير "لا" زائدة مؤكدة، وأن الاسم" بعدها "منتصب بالعطف" على محل اسم "لا" الأولى عند ابن مالك5، وعند غيره على لفظ اسم "لا" لأنه لما اطرد في "لا" بناء اسمها معها على الفتح نزلت منزلة العامل المحدث للفتحة الإعرابية، وأما الخبر فلا يجوز عند سيبويه6 أن يقدر لهما خبر واحد بعدهما؛ لأن خبر ما بعد "لا" الأولى مرفوع بما كان مرفوعًا، قبل دخول "لا" عنده، وخبر ما بعد "لا" الثانية مرفوع بـ"لا" الأولى؛ لأن الناصب لاسمها عاملة في الخبر عنده، كما يقول غيره، فيلزم ارتفاع الخبر بعاملين   1 مغني اللبيب 1/ 242. 2 الكتاب 2/ 285، 286. 3 الارتشاف 2/ 173. 4 المفصل ص75. 5 شرح التسهيل 2/ 68. 6 الكتاب 2/ 285. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 348 مختلفين، وهو لا يجوز، فيجب أن يقدر لكل منهم خبر [على حياله وعند غيره يقدر لهما خبر واحد؛ لأن العامل عندهم "لا" وحدها، ويجوز أن يقدر لكل خبر] 1. وهذه الأوجه الخمسة مأخوذة من اثني عشر وجهًا، وذلك لأن ما بعد "لا" الأولى يجوز فيه البناء على الفتح والرفع على الإلغاء، والرفع على إعمالها عمل "ليس"، فهذه ثلاثة، وما بعد "لا" الثانية يجوز فيه ذلك، ووجه رابع وهو النصب، وإذا ضربت هذه الأربعة في الثلاثة الأول بلغت اثني عشر وجها، وكلها جائزة إلا اثنين، وهما رفع الأول على الإلغاء أو على الإعمال عمل "ليس"، ونصب الثاني، وأنهاها ابن الفخار في شرح الجمل إلى مائة وأحد وثلاثين وجهًا، هذا إذا عطفت وكررت "لا"، "فإن عطفت ولم تكرر "لا" وجب فتح الأول" على إعمال "لا" عمل "إن"، وجاز في الثاني النصب" عطفًا على محل الأول، "والرفع" عطفًا على محل "لا" مع اسمها, وامتنع الفتح لعدم ذكر "لا" "كقوله"، وهو رجل من بني عبد مناة يمدح مروان بن الحكم وابنه عبد الملك: [من الطويل] 273- "فلا أب وابنًا مروان وابنه" ... إذا هو بالمجد ارتدى وتأزرا يروى "وابنًا" بالنصب، "ويجوز "وابن" بالرفع"، ولا يجوز "وابن" بالفتح، "وأما حكاية الأخفش": لا رجل وامرأة، بالفتح، بلا تنوين "فشاذة"2، والأصل: ولا امرأة فحذفت "لا" وبقي البناء بحاله على نية "لا"، كما قالوا: ولا بيضاء شحمة3، على نية "كل"، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 203- والعطف إن لم تتكرر لا احكما ... له بما للنعت ذي الفصل انتمى   1 سقطت ما بين المعقوفين من الأصل، وتم استدراكه من "ب"، "ط". 273- البيت لرجل من عبد مناة بن كنانة في تخليص الشواهد ص413، 414، وخزانة الأدب 4/ 67، 86، وشرح شواهد الإيضاح ص207، والمقاصد النحوية 2/ 355، وله أو للفرزدق في الدرر 2/ 474، وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب 1/ 419، 2/ 593، 847، وأوضح المسالك 2/ 22، وجواهر الأدب ص241، وشرح ابن الناظم ص138، وشرح الأشموني 1/ 153، وشرح قطر الندى ص168، وشرح المفصل 2/ 101، 110، والكتاب 2/ 285، واللامات ص105، واللمع 130، والمقتضب 4/ 372، وهمع الهوامع 2/ 143. 2 شرح ابن الناظم ص138، وشرح التسهيل 2/ 68. 3 في الكتاب 1/ 65: "ما كل سوداء تمرة ولا بيضاء شحمة، وإن شئت نصبت "شحمة" و"بيضاء": في موضع جر، كأنك أظهرت "كل" فقلت: "ولا كل بيضاء"، ومن الأمثال قولهم: "ما كل سوداء تمرة ولا كل بيضاء شحمة" والمثل في الفاخر ص195، وجمهرة الأمثال 2/ 226، 287، والمستقصى 2/ 328، ومجمع الأمثال 2/ 281. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 349 واختلف في قائله: فنسبه سيبويه في الكتاب1 إلى رجل من بني مذحج، ونسبه أبو رياش إلى همام بن مرة، ونسبه ابن الأعرابي إلى رجل من بني عبد مناة، ونسبه الحاتمي إلى ابن الأحمر، ونسبه الأصفهاني إلى ضمرة. والصغار بفتح الصاد: الذل، و"بعينه" توكيد له، والباء زائدة "وقوله" وهو جرير يهجو نمير بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن وهو أبو قبيلة من قيس: [من الطويل] 270- بأي بلاء يا نمير بن عامر ... "وأنتم ذنابي لا يدين ولا صدر" بأي متعلق بمحذوف، والتقدير: بأي بلاء تفتخرون، وذنابي: بضم الذال المعجمة وتخفيف النون، وبعد الألف باء موحدة مفتوحة، أي: أتباع، وجملة "لا يدين" و"لا صدر" تفسير للذنابي، والمعنى: لستم برءوس بل أتباع لا يدين ولا صدر. "الرابع: عكس الثالث"، وهو رفع الأول، وفتح الثاني، "كقوله" وهو أمية بن أبي الصلت في أحوال الجنة: [من الوافر] 271- "فلا لغو ولا تأثيم فيها" ... وما فاهوا به أبدًا مقيم واللغو: الباطل، والتأثيم: من أثمته، إذا قلت له أثمت، وفاهوا تلفظوا، والمعنى: ليس في الجنة قول باطل ولا تأثيم أحد، وما تلفظوا به من طلب شهوة حاصل مقيم على التأبيد.   = من مذحج أو لهمام أخي حسان بن مرة أو لضمر بن ضمرة أو لابن أحمر في شرح شواهد المغني 921، ولهمام بن مرة في الحماسة الشجرية 1/ 256، ولعامر بن جوين الطائي أو منقذ بن مرة الكناني في حماسة البحتري 78، ولرجل من بني عبد مناة بن كنانة في سمط اللآلي 288، ولعمرو بن طيئ في معجم البلدان 1/ 98 "أجأ"، وبلا نسبة في شرح ابن الناظم ص136، وشرح الم فصل 2 / 110، 292، وجواهر الأدب ص241، 245، والأشباه والنظائر 4/ 162، وأمالي ابن الحاجب ص593، 847، وأوضح المسالك 2/ 16، ورصف المباني ص276، وشرح الأشموني 1/ 151، وكتاب اللامات ص106، واللمع في العربية ص129، ومغني اللبيب ص593، والمقتضب 4/ 371. 1 الكتاب 2/ 292. 270- البيت لجرير في ديوانه 1/ 179، والمقاصد النحوية 2/ 343، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 17. 271- البيت لأمية بن أبي الصلت في ديوانه ص54، وتخليص الشواهد 406، 411، والدرر 2/ 478، واللسان "12/ 6 "أثم"، والمقاصد النحوية 2/ 346، وبلا نسبة في الارتشاف 2/ 165، وأوضح المسالك 2/ 19، وجواهر الأدب ص93، 245، وخزانة الأدب 4/ 494، وسر صناعة الإعراب 1/ 415، وشرح ابن الناظم ص136، وشرح الأشموني 1/ 152، وشرح شذور الذهب ص88، وشرح ابن عقيل 1/ 403، ولسان العرب 13/ 526، "فوه" واللمع ص129، وهمع الهوامع 2/ 144. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 246 "فصل": "وإذا وصفت النكرة المبنية بمفرد" متعلق بوصفت "متصل" نعت مفرد جاز في الوصف المفرد "فتحه على أنه ركب معها" أي: مع النكرة "قبل مجيء "لا"" وصار الوصف والموصوف كالشيء الواحد، ثم دخل عليهما "لا" "مثل": لا "خمسة عشر" عندنا، وقيل: علة النباء كون الوصف ما تمام اسم "لا" واسم "لا" وجب له البناء لتضمنه معنى "من" فصارا كأنهما معًا تضمنا معنى "من" وقيل: إنه أجري على لفظ الموصوف؛ لأنه أشبه المعرب، وقيل: فتحته فتحة إعراب، وحذف تنوينه للمشاكلة. وجاز نصبه مراعاة لمحل النكرة الموصوفة؛ لأنها في محل نصب "بلا"، وقال الشاطبي: النصب بالحمل على لفظ النكرة، وإن كان مبنيا؛ لأن حركة البناء هناء شبيهة بحركة الإعراب بل الإعراب أصلها ا. هـ. "و" جاز "رفعه مراعاة لمحلها مع "لا"" لأنهما في محل رفع بالابتداء لصيرورتها بالتركيب كشيء واحد، فحكموا على محلهما بالرفع، وجعلوا النعت للمجموع كما عكسوا في النعت المقرون بـ"لا"، نحو: مررت برجل لا ظريف ولا كريم. قال الرضي1: جعل حرف النفي مع الاسم الذي بعده صفة لـ"رجل" ا. هـ. "نحو: لا رجل ظريف فيها" هذا من أمثلة الخليل, فيجوز فيه: لا رجل ظريف, بفتح "ظريف"، ولا رجل ظريفًا، بنصبه، ولا رجل ظريف، برفعه ومثله: "لا رجلين ظريفين، وظريفان، ولا رجال ظريقين, وظريفون، يستوي فيهما لفظ المفتوح والمنصوب ولا هندات ظريفات؛ لأن اسم "لا" في ذلك كله مبني، ولا فرق في النعت بين المشتق، كما مر، والجامد المنعوت بمشتق، "ومنه2 ألا ماء ماء باردًا عندنا" فيجوز في "ماء" الثاني الفتح على أنه مركب مع الأول، والنصب والرفع على ما مر، وضعف الكمال الأنصاري   1 شرح الرضي 1/ 291. 2 الكتاب 2/ 289. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 350 في شرح المفصل كون "ماء" الثاني صفة "لماء" الأول، وقال: كيف يوصف الشيء بنفسه مع أنه جامد، وإنما هو من قبيل التوكيد اللفظي، أو البدل، ا.هـ. وجوابه أنه لا بعد في جعله صفة؛ لأنه لما وصف بـ"باردًا" صار مغايرًا للأول تغاير المطلق والمقيد، "ولأنه يوصف بالاسم" الجامد "إذا وصف" كـ: مررت برجل رجل عاقل، "والقول بأنه توكيد" لفظي أو بدل "خطأ"؛ لأن "الماء" الثاني لما وصف وتقيد بقيد خرج عن كونه مرادفًا للأول، فلا يصح كونه توكيدًا له، ولا بد منه لعدم مساواته للأول، وإن جعلنا "باردًا" نعتًا "لماء" الأول، "وماء" الثاني بدلًا من الأول لزم مع ذلك تقديم البدل على النعت وهو ممتنع. وقال أبو حيان1: وتكرير النكرة هنا توطئة للنعت كما جاءت توطئة للحال في قوله تعالى: {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ، أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا} [الدخان: 4، 5] واعترضه الموضح في الحواشي بأنه إنما جيء بالجامد توطئة للحال ليجرى على منعوته إذا كان ذلك حق المشتقات [ومن ثم قال ابن عصفور وغيره في: جاء زيد ضاحكًا، كما أنه على حذف الموصوف] 2، وهنا لو لم يذكر التابع لجرى قولك: "باردًا" نعتًا على "ماء" الأول، فما فائدة هذه التوطئة ا. هـ. قلت: هذا كلام مخالف لقول سيبويه لا بد من تنوين "بارد" لأنه وصف ثان، "فإن فقد الإفراد" في النعت "نحو: لا رجل قبيحًا فعله عندنا، أو" فقد الإفراد في المنعوت، نحو: "لا غلام سفر ظريفًا عندنا، أو" فقد "الاتصال" بأن كان بين النعت والمنعوت فاصل، "نحو: لا رجل في الدار ظريف، أو: لا ماء عندنا ماء باردًا امتنع الفتح" فيهن؛ لأنه يستدعي التركيب وهم لا يركبون ما زاد على كلمتين "وجاز الرفع" بالنظر إلى المحل، "والنصب" بالنظر إلى لفظ المنعوت إن كان معربًا، وإلى محله إن كان مبنيا. قال ابن خروف: الحمل على الموضع في هذا الباب حسن في المعرب والمبني؛ لأن الموضع للابتداء ا. هـ. وإلى هذه المسألة أشار الناظم بقوله: 201- ومفردًا نعتا لمبني يلي ... فافتح أو انصبن أو ارفع تعدل 202- وغير ما يلي وغير المفرد ... لا تبن وانصبه أو الرفع اقصد   1 الارتشاف 2/ 175. 2 إضافة من "ط". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 351 "كما" تقدم "في المعطوف بدون تكرار: لا" فشبه النعت المفصول في جواز الرفع والنصب بالمعطوف بدون تكرار "لا" والناظم عكس ذلك، فشبه المعطوف بدون تكرار "لا" بالنعت المفصول فقال: 203- والعطف إن لم تتكرر لا احكما ... له بما للنعت ذي الفصل انتمى وصنيع الموضح أقعد من جهة التقسيم وأنسب لقوله: "وكما في البدل الصالح لعمل "لا"" وهو المنكر "فالعطف" بدون تكرار "لا" "نحو: لا رجل وامرأة فيها" بنصب امرأة ورفعها، "والبدل" الصالح لعمل "لا" "نحو: لا أحد رجل وامرأة فيها"، بنصب "رجل وامرأة" ورفعهما، ولا يجوز الفتح في المعطوف والبدل لوجود الفاصل في العطف بحرفه، وفي البدل بعامله؛ لأن البدل على نية تكرار العامل "فإن لم يصلح" البدل "له" أي: لعمل "لا" بأن كان معرفة، "فالرفع" واجب بالنظر إلى محل "لا" مع اسمها ويمتنع النصب بالنظر إلى محل اسم "لا"؛ لأنها لا تعمل في معرفة، "نحو: لا أحد زيد وعمرو فيها" فـ"زيد وعمرو" بدل تفصيل من "أحد"، و"كذا" يجب الرفع مع تكرار "لا" "في المعطوف الذي لا يصلح لعمل "لا"، نحو: لا امرأة فيها ولا زيد" لأن "لا" الجنسية لا تعمل في معرفة. قال أبو حيان1: ومن قال: رب شاة وسخلتها، قال، لا غلام ولا العباس ولا رجل عندنا ولا أخاه، قاله صاحب البسيط، ووجهه أنهم يغتفرون في الثواني ما لا يغتفرون في الأوائل، وسكت الموضح عن البيان والتوكيد المعنوي بناءًا على أنهما لا يتبعان نكرة، وسيأتي الخلاف فيهما.   1 الارتشاف 2/ 175. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 352 "فصل": "وإذا دخلت همزة الاستفهام على "لا"" النافية للجنس "لم يتغير الحكم"، بل يكون حكمها مع الهمزة كحكمها بدونها من عمل في اللفظ1، نحو: ألا غلام سفر حاضر، بنصب "غلام" لا غير، ومن تركيب نحو: ألا رجل في الدار بفتح "رجل" لا غير، وتكرار نحو: ألا رجوع وألا حباء، بالأوجه الخمسة، "ثم تارة يكون الحرفان باقيين على معنييهما" من الاستفهام والنفي، وذلك إذا كان الاستفهام عن النفي، "كقوله"، وهو قيس بن الملوح على ما قيل: [من البسيط] 274- "ألا اصطبار لسلمى أم لها جلد" ... إذا ألاقي الذي لاقاه أمثالي والمعنى: ليت شعري إذا لاقيت ما لاقاه أمثالي من الموت، هل عدم الاصطبار ثابت لسلمى أم لها تجلد، وكنى عن الموت بما ذكر تسلية لها، وأدخل "إذا" الظرفية على المضارع بدل الماضي وهو نادر وبقاء الحرفين على معنييهما "قليل، حتى توهم" أبو علي "الشلوبين أنه غير واقع" في كلام العرب2، ورد على الجزولي إجازته إياه3، وألحق وقوعه في كلامهم على قلة، كقولهم في المثل: أفلا قماص بالعير4،   1 انظر الكتاب 2/ 306، والمسائل المنثورة ص105. 274- البيت لقيس بن الملوح في ديوانه ص178، وجواهر الأدب 245، والدرر 1/ 322، وشرح شواهد المغني 1/ 42، 213، والمقاصد النحوية 2/ 358، وبلا نسبة في الارتشاف 2/ 176، وأوضح المسالك 2/ 24، وتخليص الشواهد ص415، والجنى الداني ص384، وخزانة الأدب 4/ 70، وشرح ابن الناظم ص139، وشرح الأشموني 1/ 153، وشرح ابن عقيل 1/ 410، وشرح عمدة الحافظ ص320، 384، ومغني اللبيب 1/ 15، وهمع الهوامع 1/ 147، وتاج العروس "ألا". 2 الارتشاف 2/ 176. 3 الجزولية ص219. 4 من شواهد الكتاب 2/ 306، ويروى: "ما بالعير من قماص" في مجمع الأمثال 2/ 268، وجمهرة الأمثال 2/ 237، والمستقصى 2/ 317. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 353 والقماص بكسر القاف وبالصاد المهملة، والعير بفتح العين المهملة: الحمار، والشلوبين لفظ أعجمي ينطق بالحرف الذي بعد واوه بين الباء الموحدة والفاء ولامه مضمومة وقد تفتح، قاله الدماميني. "وتارة يراد بهما" أي: بالهمزة و"لا" "التوبيخ" والإنكار، "كقوله": [من البسيط] 275- "ألا ارعواء لمن ولت شبيته" ... وآذنت بمشيت بعده هرم فـ"ألا" حرف توبيخ، و"ارعواء" مصدر ارعوى، أي: انكف عن الشيء، يستعمل كثيرًا في ترك ما يستهجن، يقال: ارعوى فلان عن القبيح، أي: انكف عنه، و"ولت": أدبرت وذهبت و"الشبيبة": الشباب قال في المطول1: والشباب في الحقيقة عبارة عن كون الحيوان في زمان تكون حرارته الغريزية مشبوبة، أي: قوية مشتعلة ا. هـ. وهو مأخوذ من كلام الأطباء، و"آذنت" أعلمت، والمشيب والشيب واحد. وقال الأصمعي: المشيب دخول الرجل في حد الشيب من الرجال. والشيب بغير ميم: بياض الشعر، والهرم: كبر السن. "و" كون الحرفين يراد بهما التوبيخ "هو الغالب" في الاستعمال، واعترضه الدماميني فقال: اعلم أن المفيد للإنكار التوبيخي هو الهمزة وحدها لا مجموع "ألا" والنفي المفاد بـ"لا" باق على حاله، ففي البيت عدم الارعواء أمر ثابت، والتوبيخ تسلط2 على ذلك، وحينئذ لهما حرفان، كل منهما يفيد ما اختص به. وأجاب الشمني3 بأن المراد أن الهمزة تفيد الإنكار التوبيخي، وكلمة "لا" تفيد النفي فمجموع "ألا" يفيد الإنكار التوبيخي على النفي. "وتارة يراد بهما التمني، كقوله": [من الطويل] 276- "ألا عمر ولى مستطاع رجوعه" ... فيرأب ما أثأت يد الغفلات   275- البيت بلا نسبة في الارتشاف 2/ 177، وأوضح المسالك 2/ 25، وتخليص الشواهد ص414، والدرر 1/ 324/ وشرح ابن الناظم ص139، وشرح الأشموني 1/ 153، وشرح التسهيل 2/ 70، وشرح شواهد المغني 1/ 212، وشرح ابن عقيل 1/ 409، وشرح عمدة الحافظ ص319، ومغني اللبيب 1/ 68، والمقاصد النحوية 2/ 360، وهمع الهوامع 1/ 147. 1 المطول "شرح التلخيص" 1/ 250. 2 في "ط": "مسلط". 3 حاشية الصبان 2/ 16. 276- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 26، وتخليص الشواهد ص415، والجنى الداني ص384، وخزانة الأدب 4/ 70، وشرح الأشموني 1/ 153، وشرح شواهد المغني ص800، وشرح ابن عقيل 1/ 411، وشرح عمدة الحافظ ص318، ومغني اللبيب ص69، 381، والمقاصد النحوية 2/ 361. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 354 والعمر: المدة، ويرأب: بفتح الياء المثناة تحت وسكون الراء وفي آخره باء موحدة قبلها همزة بمعنى: يصلح، منصوب في جواب التمني، وفاعله ضمير العمر، وأثأت: بمثلثة بعد الهمزة الأولى: أي: أفسدت، ويد الغفلات فيه استعارة بالكناية، واستعارة تخييلية، استعار للغفلات يدا تشبيها بمن يكسب أشياء بيده. "وهو" أي كون الحرفين يراد بهما التمني "كثير"، واختلف في "ألا" هذه في رفعها الخبر ومراعاة محلها مع اسمها وإلغائها، "و" المعتمد "عند سيبويه1 والخليل أن "ألا" هذه" ملاحظ فيها معنى الفعل والحرف، فهي "بمنزلة: أتمنى، فلا خبر لها" كما أن أتمنى لا خبر له، "وبمنزلة: "ليت" فلا يجوز مراعاة محلها مع اسمها ولا إلغائها إذا تكررت" كما أن "ليت" كذلك؛ لأن "ليت" تركب مع اسمها، ولا تكرر فتلغى، فلا تعمل "ألا" عندهما إلا في الاسم خاصة فينبني إن كان مفردا، ويعرب نصبًا إن كان مضافًا أو شبهه، "وخالفهما المازني2 والمبرد3" فجعلاها كالمجردة من همزة الاستفهام، فلها عندهما مركبة ما لها مجردة من تركيب ونصب وخبر وإلغاء وإتباع للفظ اسمها أو محله، واستدلا بالبيت السابق ووجه الدلالة منه أن "مستطاع" إما خبر لـ"ألا"، وإما صفة لاسمها مراعاة لمحلها مع اسمها لا لمحل اسمها فقط، وإلا نصب، وعليهما فـ"رجوعه" مرفوف بـ"مستطاع" على النيابة عن الفاعل، فاللازم أحد الأمرين، إما ثبوت الخبر، أو مراعاة لمحلها مع اسمها، وأيا ما كان فهو المدعى، "و" رد بأنه "لا دليل لهما في البيت"، أي: الذي استدلا به، "إذ لا يتعين كون "مستطاعًا" خبرًا" لـ"ألا"، "أو صفة" لاسمها، "و "رجوعه" فاعلًا" على حذف مضاف، أي: نائب فاعل لـ"مستطاع" "بل يجوز كان "مستطاع" خبرًا مقدمًا، "و "رجوعه" مبتدأ مؤخرًا، والجملة" من المبتدأ والخبر "صفة ثانية" لـ"عمر" وصفته الأولى جملة "ولى"، وإذا طرقه هذا الاحتمال سقط منه الاستدلال. ولما فرغ من الكلام على "ألا" المركبة اتفاقًا، وهي المشار إليها في النظم بقوله: 204- وأعط لا مع همزة استفهام ... ما تستحق دون الاستفهام شرع في "ألا" البسيطة على الأصح تكملة للأقسام فغير الأسلوب وقال: "وترد "ألا" للتنبيه" والاستفتاح "فتدخل على الجملتين" الاسمية والفعلية، ولا تعمل شيئًا، فالاسمية "نحو: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ} [يونس: 62] ،   1 الكتاب 2/ 308، وانظر الارتشاف 2/ 177. 2 الأصول 1/ 397، وشرح التسهيل 2/ 71. 3 المقتضب 4/ 382. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 355 والفعلية نحو: " {أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ} " [هود: 8] فـ"ألا" داخلة على "ليس" تقديرًا؛ لأن "يوم" منصوب بـ"مصروفًا " مقدم من تأخير، والأصل: ألا ليس مصروفًا عنهم يوم يأتيهم. "و" ترد "ألا" "عرضية"، بسكون الراء "وتحضيضية"، بحاء مهملة وضادين معجمتين، "فتنختصان" بالجملة "الفعلية" الخبرية، ولا تعملان شيئا، فالعرضية "نحو: {أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ} [النور: 22] والتحضيضية نحو: " {أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ} [التوبة: 13] ، وإنما اختصا بالفعلية؛ لأنهما للطلب لأن العرض طلب بلين ورفق، والتحضيض طلب بحث وإزعاج، ومضمون الفعلية، أمر حادث متجدد، فيتعلق الطلب به بخلاف الاسمية فإنها للثبوت وعدم الحدوث. قال ابن الحاجب في شرح المفصل: حروف التحضيض معناها الأمر إذا وقع بعدها المضارع، والتوبيخ إذا وقع بعدها الماضي. "مسألة: وإذا جهل الخبر" سواء قلنا: إنه خبر "لا" أم خبر المبتدأ "وجب ذكره" للجهل به، "نحو: "لا أحد أغير من الله عز وجل" 1، وإذا علم" من سياق أو غيره فحذفه كثير، نحو: {فَلَا فَوْتَ} [سبأ: 51] ، أي: لهم، " {قَالُوا لَا ضَيْرَ} "، [الشعراء: 50] أي: علينا، ولو ذكر لجاز عند الحجازيين2، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 205- وشاع في ذا الباب إسقاط الخبر ... إذا المراد مع سقوطه ظهر "و" حذف الخبر المعلوم "يلتزمه التميميون والطائيون" هذا نقل ابن مالك3، ونقل ابن خروف عن بني تميم4 أنهم لا يظهرون خبرًا مرفوعًا، ويظهرون المجرور والظرف، وهو ظاهر كلام سيبويه5، وقال أبو حيان6: وأكثر ما يحذفه الحجازيون مع "إلا"، نحو: لا إله إلا الله، أي: لنا، أو في الوجود، أو نحو ذلك. قال الزمخشري في جزء لطيف على كلمة الشهادة، هكذا قالوا، والصواب أنه كلام تام، ولا   1 أخرجه البخاري في النكاح برقم 4358، 4924. 2 انظر الارتشاف 2/ 166، وشرح التسهيل 2/ 56. 3 شرح التسهيل 2/ 56، وشرح الكافية الشافية 1/ 535. 4 انظر الارتشاف 2/ 167. 5 الكتاب 2/ 267. 6 الارتشاف 2/ 166، 167. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 356 حذف، وان الأصل: الله إله مبتدأ وخبر, كما تقول: زيد منطلق، ثم جيء بأداة الحصر، وقدم الخبر على الاسم وركب مع "لا"، كما ركب المبتدأ معها في نحو: لا رجل في الدار، ويكون "الله" مبتدأ مؤخرًا، و"إله" خبر مقدمًا، وعلى هذا تخريج نظائره، نحو: "لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي"1. نقله الموضح منه، وذلك على قول الجمهور، ومن الإخبار عن النكرة بالمعرفة، وعن العام بالخاص، وذلك على قول من يجعل المرفوع خبرًا، ا. هـ.   1 شرح المفصل 1/ 107. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 357 باب الأفعال الداخلة بعد استيفاء فاعلها على المبتدأ والخبر فتنصبهما مفعولين مدخل ... هذا باب الأفعال الداخلة بعد استيفاء فاعلها على المبتدأ والخبر فتنصبهما مفعولين: هذا قول الجمهور1، وذهب السيهلي إلى أن المفعولين في باب "ظن" ليس أصلهما المبتدأ والخبر، بل هما كمفعولي "أعطى" واستدل بـ: ظننت زيدًا عمرًا، فإنه لا يقال: زيد عمرو، إلا على جهة التشبيه وأنت لم ترد ذلك مع ظننت2. وأجيب بالمنع، وأن المراد: ظننت زيدًا عمرا، فتبين خلافه. وذهب الفراء3 إلى أن الثاني منصوب على التشبيه بالحال، مستدلًا بوقوعه جملة وظرفًا وجارا ومجرورًا. وعورض بوقوعه معرفة وضميرًا وجامدًا، وبأنه لا يتم الكلام بدونه. "أفعال هذا الباب نوعان: أحدهما: أفعال القلوب، وإنما قيل لها ذلك؛ لأن معانيها قائمة بالقلب وليس كل قلبي ينصب مفعولين، بل القلبي ثلاثة أقسام: ما لا يتعدى بنفسه، نحو: فكر" في كذا، "وتفكر" فيه، "وما يتعدى لواحد" بنفسه، "نحو: عرف" زيد الحق، "وفهم" المسألة، "وما يتعدى لاثنين" بنفسه، "وهو المراد هنا"، وإليه أشار الناظم بقوله: 206- انصب بفعل القلب جزأي ابتدا ... أعني رأى خال علمت وجدا 207- ظن حسبت وزعمت مع عد ... حجا درى وجعل اللذ كاعتقد 208- وهب تعلم ....... ... ..........................   1 انظر المساعد 1/ 352. 2 انظر المساعد 1/ 352، والارتشاف 3/ 56. 3 الارتشاف 3/ 56. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 358 "وينقسم" هذا القسم المتعدي لاثنين "أربعة أقسام: أحدها: ما يفيد في الخبر يقينًا، وهو أربعة: وجد وألفى وتعلم بمعنى: اعلم، ودرى، قال الله تعالى: {تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا} " [المزمل: 20] فالهاء المتصلة به مفعوله الأول، و"خيرًا" مفعوله الثاني، و"هو" ضمير فصل لا محل له من الإعراب، وإنما ساغ مجيء "وجد" للعلم؛ لأن من وجد الشيء على حقيقته فقد علمه، وقال الله تعالى: " {إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءَهُمْ ضَالِّينَ} " [الصافات: 69] ، فـ"آباءهم" مفعول أول، و"ضالين" مفعول ثان، "وقال الشاعر"، وهو زياد بن سيار: [من الطويل] 277- "تعلم شفاء النفس قهر عدوها" ... فبالغ بلطف في التحيل والمكر فـ"تعلم" أمر بمعنى، اعلم، و"شفاء النفس" مفعوله الأول، و"قهر عدوها" مفعوله الثاني، "والأكثر وقوع" "تعلم" "هذا على "أن"" المشددة "وصلتها"، فتسد مسد المفعولين لاشتمال صلتها على المسند والمسند إليه، "كقوله" وهو زهير بن أبي سلمى، بضم السين: [من الطويل] 278- "فقلت تعلم أن للصيد غرة" ... وإلا تضيعها فإنك قاتله فـ"أن" بفتح الهمزة، وتشديد النون حرف موصول، "وللصيد" خبرها مقدم، و"غرة" بكسر الغين المعجمة، وتشديد الراء المهملة اسمها مؤخر، و"أن" وصلتها سدت مسد مفعولي "تعلم"، و"إلا" إلى آخره جملة شرطية، والهاء في "تضيعها" عائدة على "الوصية" فيما قبله، والهاء في "قاتله" عائدة على "الصيد"، وقد تكون "تعلم" بمعنى الماضي، قال يعقوب: تقول: تعلمت أن زيدًا خارج، بمعنى: علمت، "وقال الآخر: [من الطويل] 279- دريت الوفي العهد يا عرو فاغتبط" ... فإن اغتباطًا بالوفاء حميد   277- البيت لزياد بن سيار وهو تصحيف زبان بن سيار في خزانة الأدب 9/ 129، والدرر 1/ 334، وشرح شواهد المغني 2/ 923، والمقاصد النحوية 2/ 374، وبلا نسبة في الارتشاف 3/ 13، وأوضح المسالك 2/ 31، وشرح ابن الناظم ص142، وشرح الأشموني 1/ 158، وشرح ابن عقيل 1/ 420، وشرح الكافية الشافية 2/ 456، وهمع الهوامع 1/ 149. 278- البيت لزهير بن أبي سلمى في ديوانه ص134، ولسان العرب 13/ 13 "أذن" والمقاصد النحوية 2/ 374، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 32، وشرح الأشموني 1/ 158. 279- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 33، والدرر 1/ 333، وشرح ابن الناظم ص142، وشرح الأشموني 1/ 157، وشرح التسهيل 2/ 79، وشرح ابن عقيل 1/ 419، وشرح قطر الندى ص171، وشرح الكافية الشافية 2/ 545، والمقاصد النحوية 2/ 372، وهمع الهوامع 1/ 149. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 359 و"دريت" مبني للمفعول، والتاء مفعوله الأول في موضع رفع على النيابة عن الفاعل، و"الوفي" مفعوله الثاني، وهو صفة مشبهة، و"العهد" بالرفع على الفاعلية، وبالنصب على التشبيه بالمفعول به، وبالجر على الإضافة، "وعرو" مرخم بحذف التاء، و"فاغتبط" جواب شرط مقدر، أي: إن دريته فاغتبط من الغبطة، وهو أن يتمنى مثل حال المغبوط من غير أن يريد زوالها عنه، فإن أراد زوالها كان حسدًا، "والأكثر في" "درى" "هذا أن يتعد بالباء"، نحو: دريت بزيد، "فإذا دخلت عليه الهمزة تعدى لآخر بنفسه، نحو: {وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ} " [يونس: 16] فضمير المخاطبين مفعوله الأول، والمجرور بالباء مفعوله الثاني. "و" القسم "الثاني: ما يفيد في الخبر رجحانًا وهو خمسة: جَعَلَ وحجا وعدّ ووهب وزعم، نحو: {وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا} [الزخرف: 1] ، فـ"الملائكة" مفعوله الأول، و"إناثًا" مفعوله الثاني "و" نحو "قوله" وهو تميم بن مقبل، وقيل: أبو شبل الأعرابي: [من البسيط] 280- "قد كنت أحجوا أبا عمرو أخا ثقة" ... حتى ألمت بنا يومًا ملمات فـ"أبا عمرو" مفعوله الأول، و"أخا ثقة" مفعوله الثاني، و"الملمات" جمع ملمة، بمعنى النازلة، فاعل "ألمت" بمعنى نزلت، "و" نحو "قوله" وهو النعمان بن بشير الأنصاري رضي الله عنه: [من الطويل] 281- "فلا تعدد المولى شريكك في الغنى" ... ولكنما المولى شريكك في العدم فـ"المولى" بمعنى الصاحب، هنا مفعوله الأول، و"شريكك" مفعوله الثاني، و"العدم" بضم العين: الفقر، "و" نحو "قوله" وهو ابن همام السلولي: [من المتقارب]   280- البيت لتميم بن مقبل في تخليص الشواهد ص440, والمقاصد النحوية 2/ 376، ولم أقع عليه في ديوانه، وله أو لأبي شبل الأعرابي في الدرر 1/ 328، وللأزهري في شرح ابن الناظم ص143، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 35، وشرح التسهيل 2/ 77، وشرح شذور الذهب ص357، وشرح ابن عقيل1/ 426، وشرح الكافية الشافية 2/ 543، ولسان العرب 2/ 315، "ضربج"، 14/ 167، "حجا"، وهمع الهوامع 1/ 148. 281- البيت للنعمان بن بشير في ديوانه ص29، وتخليص الشواهد ص431، والدرر 1/ 329، والمقاصد النحوية 2/ 377، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 36, وخزانة الأدب 3/ 57, وشرح ابن الناظم ص143, وشرح الأشموني 1/ 157، وشرح التسهيل 2/ 77، وشرح ابن عقيل 1/ 425، وشرح الكافية الشافية 2/ 545، وهمع الهوامع 1/ 148. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 360 282- فقلت أجرني أبا خالد ... "وإلا فهبني امرأ هالكا" فياء المتكلم: مفعوله الأول، و"امرأ" مفعوله الثاني، و"هالكًا" نعت "امرأ". والأقل في "هب" هذا وقوعه على "أن" وصلتها، كما في المسألة الحمارية في الفرائض: هب أن أبانا كان حمارًا1، "و" نحو "قوله" وهو أبو أمية الحنفي، واسمه أوسن: [من الخفيف] 283- "زعمتني شيخًا ولست بشيخ" ... إنما الشيخ من يدب دبيبًا فياء المتكلم مفعوله الأول، و"شيخا" مفعوله الثاني، "ويدب دبيبًا": يدرج في المشي درجًا رويدًا، "والأكثر في" "زعم" "هذا وقوعه على "أن" بتخفيف النون، "أو: أن" بتشديدها [أي: مع فتح الهمزة فيهما] 2 "وصلتهما"، وإفراد الضمير في مثل هذا أفصح من تثنيته [لأن العطف فيه بـ"أو" وهو رأي البصريين، والتثنية رأي الكوفيين] 2، فالأول "نحو: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا} " [التغابن: 7] ، "و" الثاني نحو "قوله" وهو كثير عزة: [من الطويل] 284- "وقد زعمت أني تغيرت بعدها" ... ومن ذا الذي يا عز لا يتغير و"عز" منادى مرخم.   282- البيت لعبد الله بن همام السلولي في تخليص الشواهد ص442، وخزانة الأدب 9/ 36، والدرر 1/ 332، وشرح شواهد المغني 2/ 923، ولسان العرب 1/ 804، "وهب"، ومعاهد التنصيص 1/ 285، والمقاصد لنحوية 2/ 378، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 37، وشرح ابن الناظم ص144، وشرح الأشموني 1/ 248، وشرح التسهيل 2/ 78، وشرح شذور الذهب ص361، وشرح ابن عقيل 216، وشرح الكافية الشافية 2/ 456، ومغني اللبيب 2/ 594، وهمع الهوامع 1/ 149. 1 تقوم هذه المسألة على إرث زوج وأم وأخوين لأم وأخوين لأب وأم، وحكم عمر بن الخطاب رضي الله عنه فيها بالنصف للزوج، والسدس للأم، والثلث للأخوين للأم، وترك الأخوين لأب وأم، فقالا له: هب أن أبانا كان حمارًا، فأشركنا بقرابة أمنا، ففعل. انظر الجامع لأحكام القرآن 5/ 79. 283- البيت لأبي أمية أوس الحنفي في الدرر 1/ 331، وشرح شواهد المغني ص922، والمقاصد النحوية 2/ 397، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 38، وتخليص الشواهد ص428، وشرح الأشموني 1/ 156، وشرح قطر الندى ص172، ومغني اللبيب ص594. 2 إضافة من "ط". 284- البيت لكثير عزة في ديوانه ص328، والأغاني 9/ 26، وتخليص الشواهد ص428، وخزانة الأدب 5/ 222، 314، والمقاصد النحوية 2/ 380، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 40، وشرح الأشموني 1/ 157، وشرح شذور الذهب ص359. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 361 "و" القسم "الثالث: ما يرد بالوجهين، والغالب كونه لليقين، وهو اثنان: رأي وعلم، كقوله جل ثناؤه: {إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا، وَنَرَاهُ قَرِيبًا} [المعارج: 7] الأول للرجحان، والثاني لليقين، "وقوله تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} [محمد: 19] وقوله تعالى: {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ} [الممتحنة: 10] الأولى لليقين والثانية للرجحان. "و" القسم "الرابع: ما يراد بهما"، أي: بالوجهين، "والغالب كونه للرجحان، وهو ثلاثة: ظن، وحسب، وخال" فالرجحان كقوله: [من الطويل] 285- "ظننتك إن شبت لظى الحرب صاليا" ... فعردت فيمن كان عنها معردًا فالكاف مفعوله الأول، و"صاليًا" مفعوله الثاني، و"إن شبت" بالبناء للمفعول شرط, و"لظى الحرب" نائب الفاعل، وجواب الشرط محذوف، والتعريد بالعين المهملة، الانهزام والجبن، يقال: عرد في الحرب إذا جبن. وقال الخليل: عرد وعرج في الحرب واحد، والمعنى: ظننتك صاليًا الحرب إذا أوقدت نارها فانهزمت فيمن كان منهزمًا، "و" اليقين، "نحو قوله تعالى: {يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ} " [البقرة: 46] ، أي: يتيقنون ذلك، "و" الرجحان في حسب، "كقول الشاعر" وهو زفر بن الحارث الكلابي: [من الطويل] 286- فـ"كل" مفعوله الأول، و"شحمة" مفعوله الثاني، و"عشية" منصوب على الظرفية، و"جذام وحمير" قبيلتان لم ينصرفا للعملية والتأنيث. "و" اليقين فيها نحو "قوله" وهو لبيد العامري: [من الطويل] 287- "حسبت التقى والوجود خير تجارة" ... رباحًا إذا ما المرء أصبح ثاقلًا   285- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 42، وشرح الأشموني 1/ 156، وشرح التسهيل 2/ 80، والمقاصد النحوية 2/ 381. 286- البيت لزفر بن الحارث الكلابي في تخليص الشواهد ص435، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص155، وشرح شواهد المغني 2/ 930، والمقاصد النحوية 2/ 382، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 43، وشرح ابن الناظم ص143، وشرح التسهيل 1/ 344، ومغني اللبيب 2/ 636. 287- البيت للبيد بن ربيعة في ديوانه ص246، وأساس البلاغة ص46 "ثقل"، والدرر 1/ 334، ولسان العرب 11/ 88، "ثقل" والمقاصد النحوية 2/ 384، وتاج العروس "ثقل"، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 44، وتخليص الشواهد ص435، وشرح ابن الناظم ص144، وشرح الأشموني 1/ 156، وشرح ابن عقيل 1/ 422، وشرح قطر الندى 274، وهمع الهوامع 1/ 149. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 362 فـ"التقى" مفعول أول، و"الوجود" معطوف عليه، و"خير" مفعوله الثاني، ولم يثن لأنه اسم تفضيل، واسم التفضيل إذا أضيف إلى نكرة لزمه الإفراد والتذكير، و"رباحًا" بالباء الموحدة، والحاء المهملة تمييز، و"إذا" شرطية، و"ما" زائدة، و"المرء" مرفوع بفعل محذوف يفسره "أصبح"، و"ثاقلًا" بمعنى: ثقيلًا1، خبر أصبح المحذوف، والمعنى: تيقنت التقى والجود خير تجارة رباحًا2 إذا أصبح المرء ثقيلًا بسب الموت، ووصف الميت بالثقل؛ لأن الأبدان تخف بالأرواح، فإذا مات صاحبها تصير ثقيلة كالجمادات. "و" الرجحان في "خال" "كقوله": [من الطويل] 288- "إخالك إن لم تغضض الطرف ذا هوى" ... يسومك ما لا يستطاع من الوجد إخالك بكسر الهمزة والقياس فتحها3, والكاف مفعوله الأول, و"ذا الهوى" مفعوله الثاني، و"إن لم تغضض الطرف" شرط، وجوابه محذوف، وجملة "يسومك" بمعنى: يكلفك نعت "هوى"، وفاعله ضمير مستتر يعود على "هوى"، وهو العائد من الصفة إلى الموصوف، و"ما لا يستطاع" في موضع المفعول الثاني لـ"يسومك"، و"من الوجد" بيان لـ"ما"، "و" اليقين فيها، نحو "قوله": [من المنسرح] 289- "ما خلتني زلت بعدكم ضمنا" ... أشكو إليكم حموة الألم أنشده خلف الأحمر من الكوفيين، وياء المتكلم مفعوله الأول، و"ضمنا" مفعوله الثاني، وهو بفتح الضاد المعجمة، وكسر الميم وبالنون: الزمن المبتلي, وفي نسخة: ظمئا بالظاء المشالة, والهمزة, وهو بمعنى مشتاق4، قاله5 في الصحاح6، وظمئت إلى لقائكم: اشتقت، و"زلت بعدكم" معترض بين المفعولين و"خلتني" معترض بين النافي وهو "ما" والمنفي وهو "زلت"، و"ضمنا" معترض بين اسم "زال" وهو التاء وخبرها   1 في "ب": "ثقيل". 2 سقطت من "ب". 288- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 45، والدرر 1/ 335، وشرح التسهيل 2/ 80، وشرح الأشموني 1/ 155، وهمع الهوامع 1/ 150. 3 في خزانة الأدب 9/ 152 أن فتح الهمزة في "أخال" هي لغة بني أسد. 289- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 47، واللسان 13/ 260 "ضمن"، 14/ 201 "حما"، والمقاصد النحوية 2/ 386، وشرح التسهيل 1/ 335، 2/ 81. 4 في "أ"، "ط": "مشفق". 5 في "ب"، "ط": "قال". 6 الصحاح 1/ 61 "ظمأ" 6/ 2156، "ضمن". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 363 وهو "أشكو"، و"بعدكم" متعلق بـ"ضمنا" وجاز تقدمه على الصفة المشبهة؛ لأنه ظرف و"حموة" بضم الحاء المهملة والميم، وتشديد الواو: الشدة، والتقدير: خلت نفسي ضمنا بعدكم ما زلت أشكو شدة الفراق. "تنبيهان" اثنان: "الأول: ترد "علم" بمعنى: عرف، و" ترد "ظن؛ بمعنى: اتهم" وإليهما أشار الناظم بقوله: 214- لعلم عرفان وظن تهمه ... تعديه لواحد ملتزمه "و" ترد ""رأى" بمعنى:" ذهب، من "الرأي، أي: المذهب، و" ترد ""حجا" بمعنى: قصد، فيتعدين" هذه الأفعال الأربعة "إلى" مفعول "واحد" فقط: فأولها "نحو: {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا} [النحل: 78] أي: لا تعرفون شيئًا. "و" ثانيها نحو: ""وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِظَنِينٍ1"" [التكوير: 24] بالظاء المشالة، أي: بمتهم. "و" ثالثها: "تقول: رأى أبو حنيفة حل كذا، ورأى: الشافعي حرمته"، أي: ذهب أبو حنيفة إلى حل كذا، وذهب الشافعي إلى حرمته. "و" رابعها: نحو: "حجوت بيت الله" أي: نويته وقصدته. "وترد "وجد" بمعنى: حزن أو حقد، فلا يتعديان"، يقال: وجد زيد إذا حزن، أو حقد، ويختلفان في المصدر، فمصدر وجد بمعنى: حزن وجد، ومصدر وجد بمعنى: حقد موجدة. "وتأتي هذه الأفعال" الخمسة "وبقية أفعال الباب لمعان أخر غير قلبية، فلا تتعدى لمفعولين"، فتأتي "علم" العلمية بضم العين، كعلم الرجل إذا كان مشقوق الشفة العليا، وتأتي "رأى" بمعنى: أبصر، نحو: رأيت زيدًا، أي: أبصرته، وبمعنى: أشار، نحو: رأى زيدٌ كذا، أي: أشار به، وبمعنى: ضرب، نحو: رأيت الصيد، أي: ضربت رئته، وتأتي "حجا" بمعنى: غلب في المحاجة، نحو: حجا زيد عمرًا، أي: غلبه في المحاجة، وبمعنى: رد، نحو: حجيت السائل إذا رددته، وبمعنى: ساق، نحو حجوت الإبل، أي: سقتها وبمعنى: كتم، وبمعنى: حفظ، نحو: حجوت الحديث، أي: كتمته أو حفظته، وبمعنى: أقام، نحو: حجا بمكة، أي: أقام بها، وبمعنى بخل يقال: حجا بماله أي: بخل به، وبمعنى: وقف، كقوله: [من الرجز]   1 الآية من شواهد شرح ابن الناظم ص151، وشرح ابن عقيل 1/ 440، وشرح المفصل 7/ 81، والرسم المصحفي: {بِضَنِيْنٍ} ، بها قرأ بها ابن كثير وأبو عمرو والكسائي وابن عباس، وغيرهم. انظر الإتحاف ص434، والنشر 2/ 398، 399. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 364 290- فهن يعكفن به إذا حجا أي: إذا وقف، وتأتي "وجد" بمعنى: أصاب، نحو: وجد زيد ضالته، أي: أصابها، وبمعنى: استغنى، يقال: وجد فلان، أي: استغنى، وتأتي "عد" بمعنى: حسب، بفتح السين نحو عددت المال، أي: حسبته أحسبه، وفي التنزيل: {وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} [يوسف: 72] وفي الحديث: $"الزعيم غارم"1، وبمعنى: رأس، بالهمزة وتركه، نحو: زعم زيد إذا رأس، ومنه: زعيم القوم هو فلان، أي: رئيسهم، وبمعنى: قال، كقول أبي زبيد الطائي: [من البسيط] 291- يا لهف نفسي إن كان الذي زعموا ... حقا وماذا يرد القوم تلهيفي أي: إن كان الذي قالوه حقا، نص عليه ابن بري2، وبمعنى: سمن وهزل، يقال: زعمت الشاة بمعنى: سمنت وهزلت، وبمعنى: طمع، قاله في الصحاح3. وفي حواشيه لابن بري قال ابن خالويه4: يقال: زعم في غير مَزْعَم، أي: طمع في غير مطمع، وتأتي درى: بمعنى: خدع، نحو: درى الذئب الصيد إذا خدعه واستخفى له ليفترسه. وتأتي "حسب" بمعنى: احمر لونه وابيض، يقال: حسب الرجل إذا احمر لونه وابيض كالبرص. وتأتي "خال" للعجب، يقال: خال الرجل تكبر وأعجب بنفسه، وبمعنى: ظلع، بالظاء المشالة، يقال: خال الفرس، أي: غمز في مشيه، وغير ذلك. قال الموضح: "وإنما لم نحترز عنها؛ لأنها لم يشملها قولنا أفعال القلوب". التنبيه "الثاني" من التنبيهين: العرب "ألحقوا "رأى" الحلمية بـ"رأى" العلمية في التعدي لاثنين" بجامع إدراك الحس الباطن، كقوله تعالى: {إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا} [يوسف: 36] ، فـ"أرى" عملت في ضميرين متصلين لمسمى   290- الرجز للعجاج في ديوانه 2/ 24، 25، ولسان العرب 14/ 166 "حجا"، وتاج العروس 24/ 179، "عكف"، "حجا". 1 أخرجه ابن ماجه في كتاب الصدقات برقم 2398، وأحمد في المسند 5/ 276. 291- البيت لأبي زبيد الطائي في ديوانه ص120، وخزانة الأدب 9/ 131، ولسان العرب 4/ 32، "أمر"، 9/ 324 "نجف"، وتاج العروس "زعم". 2 انظر لسان العرب "غرم". 3 الصحاح 5/ 1942 "غزم". 4 لسان العرب "زعم". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 365 واحد، وأحدهما فاعل، وثانيهما مفعول أول، وجملة "أعصر خمرًا" المفعول الثاني1، "وكقوله" وهو عمرو بن أحمر الباهلي يذكر جماعة من قومه لحقوا بالشام، فرآهم في منامه: [من الوافر] 292- "أراهم رفقتي حتى إذا ما" ... تجافى الليل وانخزل انخزالا فالهاء والميم مفعول أول، و"رفقتي" بضم الراء وكسرها مفعول ثان، والرفقة: الجماعة ينزلون جملة ويرتحلون جملة، وسموا رفقة لاتفاق بعضهم ببعض، والرؤيا هنا حلمية بدليل قوله: حتى إذا ما تجافى الليل وانخزل، أي: انطوى وانقطع، وإلى هذا أشار الناظم بقوله: 215- ولرأي الرؤيا انم ما لعلما ... طالب مفعولين من قبل انتمى وذهب بعضهم إلى أن "رأى" الحلمية لا تنصب مفعولين، وأن ثاني المنصوبين حال. ورد بوقوعه كما هنا. واعترض بأن الرفقة الرفقاء، وهم: المخالطون والمرافقون، فهو بمعنى اسم الفاعل. فالإضافة فيه غير محضة، قاله الموضح في الحواشي، وفيه نوع مخالفة لما هنا. و"رأى" الحلمية لا يدخلها إلغاء ولا تعليق، خلافًا للشاطبي. "ومصدرها الرؤيا، نحو" قوله تعالى: {هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ} [يوسف: 100] "ولا تختص الرؤيا بمصدر الحلمية، بل قد تقع مصدرا للبصرية، خلافًا للحريري وابن مالك، بدليل: {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ} [الإسراء: 60] ، "قال ابن عباس" رضي الله عنهما: "هي رؤيا عين"، ولكن المشهور استعمالها في الحلمية. "النوع الثاني" من أنواع هذا الباب الناصبة للمبتدأ والخبر مفعولين "أفعال التصيير"، وإنما قيل لها ذلك لدلالتها على التحويل والانتقال من حالة إلى أخرى، "كجعل ورد وترك واتخذ وتخذ وصير وهب"، وإليهما الإشارة بقول الناظم: 208- ........... والتي كصيرا ... أيض بها انصب مبتدأ وخبرا   1 انظر شرح التسهيل 2/ 92، وهمع الهوامع 1/ 156. 292- البيت لابن أحمر في ديوانه ص129، والحماسة البصرية 1/ 262، وشرح أبيات سيبويه 1/ 487، والكتاب 2/ 270، ولسان العرب 6/ 689 "حنش" والمقاصد النحوية 2/ 421، وبلا نسبة في الأزمنة والامكنة 1/ 240، والإنصاف 1/ 354، وتخليص الشواهد ص455، والخصائص 2/ 378، وشرح ابن الناظم ص151، وشرح الأشموني 1/ 163، وشرح ابن عقيل 1/ 441. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 366 "قال الله تعالى: {فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} [الفرقان: 23] ، فالهاء مفعوله الأول، و"هباء" مفعوله الثاني، و"منثورًا" نعت "هباء" وقال تعالى: " {لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا " حَسَدًا} [البقرة: 109] فالكاف والميم مفعول أول، و"كفارًا" مفعول ثان، "وحسدًا" مفعول لأجله، وقال تعالى: " {وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ} " [الكهف: 99] فـ"بعضهم" مفعول أول، وجملة "يموج في بعض" في موضع المفعول الثاني، وقال الله تعالى: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} [النساء: 125] فـ"إبراهيم" مفعول أول، و"خليلًا" مفعول ثان، "وقال الشاعر" وهو أبو جندب ابن مرة الهذلي: [من الوافر] 293- تخذت غراز إثرهم دليلًا" ... وفروا في الحجاز ليعجزوني فـ"غراز" بضم الغين المعجمة وتخفيف الراء وفي آخره زاي اسم واد، قاله العيني، وأنشده الموضح مختومًا بنون، وقال: إنه اسم جبل، وهو مفعول أول لا ينصرف على إرادة البقعة، و"دليلًا" مفعول ثان، و"إثرهم" منصوب على الظرفية، والضمير المضاف إليه فاعل، و"فروا" و"يعجزوني" راجع إلى بني لحيان في البيت قبله، "وفي" بمعنى: إلى، واللام في "ليعجزوني" للتعليل، "وقال" رؤبة: [من السريع] 294- ولعبت طير بهم أبابيل ... "فصيروا مثل كعصف مأكول" وهو من السريع مستفعلن مفعولات، مرتين، والواو في "صيروا" نائب الفاعل، وهو المفعول الأول، و"مثل" المفعول الثاني، و"كعصف" مضاف إليه على زيادة الكاف بين المتضايفين.   293- البيت لأبي جندب الهذلي في شرح أشعار الهذليين 1/ 354، والارتشاف 3/ 61، ولسان العرب 5/ 370 "عجز" والمقاصد النحوية 2/ 400، وتاج العروس 15/ 95، "حجز"، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 51، وشرح الأشموني 1/ 158، ولسان العرب 15/ 331 "حجز"، وشرح التسهيل 2/ 82، وشرح الكافية الشافية 2/ 459. 294- الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص181، وخزانة الأدب 10/ 168، 175، 184، 189، وشرح شواهد المغني 1/ 53، والمقاصد النحوية 2/ 402، ولحميد الأرقط في الدرر 1/ 336، والكتاب 1/ 408، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 52، والجنى الداني ص90, وخزانة الأدب 7/ 73, ورصف المباني ص201, وسر صناعة الإعراب ص296، وشرح الأشموني 1/ 158، ولسان العرب 9/ 247 "عصف"، ومغني اللبيب 1/ 180، والمقتضب 4/ 141، 350، وهمع الهوامع 1/ 150، وتاج العروس 24/ 161 "عصف". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 367 وقال الدماميني: فينبغي أن تكون الكاف اسمًا أضيف إليه "مثل"، فيكون عمل كل من الكلمتين موفرًا عليها, أما إذا جعلت حرفًا زائدًا، وجعل "مثل" مضافًا إلى "عصف" لزم قطع الحرف الجار عن عمله بلا كاف له، اللهم إلا أن يقال نزل منزلة الجزء من المجرور1. ا. هـ. وقيل: الكاف اسم بمعنى، "مثل"، و"مثل" الثانية توكيد لها، قاله في المغني في حرف الكاف2. والعصف: قال الحسن3: زرع أكل حبه، وبقي تبنه، وقال الفراء4 ورق الزرع. "وقالوا" في الدعاء: "وهبني الله فداءك"، أي: صيرني، حكاه ابن الأعرابي5 عن العرب وهو قليل. فياء المتكلم مفعوله الأول، و"فداءك" مفعوله الثاني، "و" وهب "هذا ملازم للمضي"؛ لأنه إنما سمع في مثل، والأمثال لا ينصرف فيها.   1 نقله الصبان في حاشيته 2/ 25 ولم ينسبه. 2 مغني اللبيب ص328. 3 لسان العرب "عصف". 4 في معاني القرآن 3/ 113، 292: "العصف: أطراف الزرع قبل أن يدرك ويسنبل". 5 انظر الارتشاف 3/ 61، ولسان العرب "وهب". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 368 "فصل": "لهذه الأفعال ثلاثة أحكام، أحدها: الإعمال، وهو الأصل، وهو واقع في" أفعال هذا الباب "الجميع"، الجامد منها والمتصرف والقلبي والتصييري ويختص الحكمان الباقيان بالقلبي المتصرف، "و" الحكم "الثاني: الإلغاء وهو إبطال العمل لفظًا ومحلا لضعف العامل بتوسطه" بين المبتدأ والخبر، "أو تأخره" عنهما، فالمتوسط "كـ: زيد ضننت قائم، و" المتأخر نحو: "زيد قائم ظننت، قال" منازل بن زمعة المنقري: [من البسيط] 295- أبالأراجيز يابن اللوم توعدني ... "وفي الأراجيز خلت اللؤم والخور" فوسط "خلت"، بين المبتدأ المؤخر وهو "اللؤم" والخبر المقدم وهو "في الأراجيز" جمع أرجوزة بمعنى: الرجز، وأراد: القصائد المرجزة الجارية على بحر الرجز، و" اللؤم" بضم اللام اجتماع الشح ومهانة النفس، ودناءة الآباء فهو من أذم ما يهجا به، وقد بالغ هذا الشاعر في هجو رؤبة، أو العجاج على ما قيل، حيث جعله ابنا للؤوم إشارة إلى أن ذلك غريزة فيه، و"الخور" بفتح الخاء المعجمة والواو، وفي آخره راء مهملة: الضعف، والمعنى: أتوعدني يابن اللؤم بالأراجيز وفيها اللؤم والخور. "وقال" أبو أسيدة الدبيري: [من الطويل] 296- وإن لنا شيخين لا ينفعاننا ... غنيين لا يجدي علينا غناهما "هما سيدانا يزعمان وإنما" ... يسوداننا إن أيسرت غنماهما   295- البيت لجرير في ملحق ديوانه ص1028، وشرح أبيات سيبويه 1/ 407، ولسان العرب 11/ 226، "خيل"، وللعين المنقري في الدرر 1/ 340، وتخليص الشواهد ص445, وخزانة الأدب 1/ 257، وشرح شواهد الإيضاح ص120، وشرح المفصل 7/ 84، 85، والكتاب 1/ 120، والمقاصد النحوية 2/ 404، وبلا نسبة في أمالي المرتضى 2/ 184، وأوضح المسالك 2/ 85، وشرح ابن الناظم ص147، وشرح قطر الندى ص174، واللمع ص137. 296- البيتان لأبي أسيدة الدبيري في لسان العرب 5/ 296 "يسر"، وتاج العروس 14/ 457 "يسر"، وبلا نسبة في الحيوان 6/ 65، والبيت الثاني له في تخليص الشواهد 446، والدرر 1/ 340، والمقاصد النحوية 2/ 403، ومعاني القرآن للفراء 3/ 271، وشرح التسهيل 2/ 86، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 59، وشرح ابن الناظم ص147، ولسان العرب 12/ 445، "غنم" وهمع الهوامع 1/ 153. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 369 فأخر "يزعم" عن المبتدأ والخبر, و"إن" حرف شرط، حذف جوابها، والمعنى: هذان الشيخان يزعمان أنهما سيدانا، وإنما يكون كذلك إذا أيسرت غنماهما بأن كثرت ألبانها ونسلها، وأجرى علينا من ذلك، "وإلغاء" العامل "المتأخر" عن المبتدأ والخبر "أقوى من إعماله" بلا خلاف لضعفه بالتأخر،"و" العامل "المتوسط بالعكس" فالإعمال فيه أقوى من أهماله؛ لأن العمل اللفظي أقوى من الابتداء، "وقيل: هما"، أي: الإلغاء والإعمال "في المتوسط بين المفعولين سواء" لأن ضعف العامل بالتوسط سوغ مقاومة الابتداء له، فلكل منهما مرجح، قاله أبو حيان1. "تنبيه": هذا الإلغاء بالنسبة إلى المفعولين، وأما بالنسبة إلى الفعل ومرفوعه، نحو: قام ظننت زيد، فإنه يجوز عند البصريين، ويجب عند الكوفيين, ووجهه أنه إنما ينصب بـ"ظننت" ما كان مبتدأ قبل مجيئها، ولا يبتدأ بالاسم إذا تقدمه الفعل، قاله الخضراوي وأبو حيان2، وشاهد الجواز قوله: [من الوافر] 297- شجاك أظن ربع الظاعنينا ... ................................ يروى برفع "ربع" على الفاعلية، وبنصبه على أنه مفعول أول، و"شجاك" مفعوله الثاني، وفيه ضمير مستتر راجع إلى "ربع"، قاله في المغني3، واعترض بأنا لا نسلم أن "شجاك" فعل ومفعول، بل مضاف ومضاف إليه، و"ربع الظاعنين" خبر عنه على تقدير رفعه، ومفعول أول مقدم و"ربع الظاعنين" مفعول ثان، و"أظن" عامل على تقدير نصبه. والحكم "الثالث: التعليق، وهو إبطال العمل لفظًا لا محلا لمجيء ما له صدر الكلام بعده" وسمي تعليقًا؛ لأنه إبطال في اللفظ مع تعلق العامل بالمحل، وتقديره إعماله والمانع من إعماله في اللفظ اعتراض ما له صدر الكلام، "وهو لام الابتداء نحو: {وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ} الآية؛ وتمامها {مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ} [البقرة: 102] ،   1 الارتشاف 3/ 63، 64. 2 الارتشاف 3/ 66. 297- عجز البيت: "فلم تعبأ بعذل العاذلينا" ، والبيت بلا نسبة في تخليص الشواهد ص446، والدرر 1/ 343، وشرح ابن الناظم ص148، وشرح الأشموني 1/ 160، وشرح شواهد المغني 2/ 807، ومغني اللبيب 1/ 378، والمقاصد النحوية 2/ 419، وهمع الهوامع 1/ 153. 3 مغني اللبيب ص506. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 370 فـ"من" مبتدأ، وهو موصول اسمي، وجملة "اشتراه" صلة "من"، وعائدها فاعل "اشتراه" المستتر فيه، و"ما" نافية، و"له" و"في" متعلقان بالاستقرار خبر "خلاق" و"من" زائدة، وجملة "ما له في الآخرة من خلاق" خبر "من"، والرابط بينهما الضمير المجرور باللام، وجملة "من" وخبره في محل نصب معلق عنها العامل بلام الابتداء؛ لأن لها الصدر فلا يتخطاها عامل، وإنما تخطاها في باب "إن" فرفع الخبر؛ لأنها مؤخرة من تقديم لإصلاح اللفظ، وأصلها التقديم على "إن". "ولام القسم، كقوله" وهو لبيد على ما قيل: [من الكامل] 298- "ولقد علمت لتأتين منيتي" ... إن المنايا لا تطيش سهامها فاللام في "لتأتين" لام القسم وتسمى لام جواب القسم، والقسم وجوابه جملة1 في محل نصب معلق عنها2 فاللام في "لتأتين" لام القسم وتسمى لام جواب القسم، والقسم وجوابه جملة في محل نصب معلق عنها العامل بلام القسم لا جملة الجواب فقط، فسقط ما قيل: إن جملة جواب القسم لا محل لها، وإن الجملة المعلق عنها العامل لها محل، فيتنافيان، ولهذا قال أبو حيان3 وأكثر أصحابنا لا يذكرون لام القسم في المعلقات، وفي الغزة: ولام القسم لا تعلق، كقوله: [من المتقارب] 299- لقد علمت أسد أننا ... لهم يوم نصر لنعم النصر بفتح "أن" فهذه لام القسم ولم تعلق، وتقول: علمت أن زيدًا ليقومن، ففتح "أن"، ا. هـ. وفي المغني4: أن أفعال القلوب لإفادتها التحقيق تجاب بما يجاب به القسم، كقوله: [من الكامل]   298- البيت للبيد بن ربيعة في ديوانه ص308، وتخليص الشواهد ص453، وخزانة الأدب 9/ 159، 161، والدرر 1/ 344، وشرح شواهد المغني 2/ 828، والكتاب 3/ 110، والمقاصد النحوية 2/ 405، وبلا نسبة في الارتشاف 3/ 69، وأوضح المسالك 2/ 61، وخزانة الأدب 10/ 334، وسر صناعة الإعراب ص400، وشرح ابن الناظم ص149، وشرح الأشموني 1/ 161، وشرح التسهيل 2/ 88، وشرح قطر الندى ص176، ومغني اللبيب 2/ 401، 407, وهمع الهوامع 1/ 154. 1 سقطت من "ب"، "ط". 2 في "ب": "عنهما". 3 الارتشاف 3/ 69. 299- البيت لأوس بن حجر في ديوانه ص29، ولسان العرب 8/ 428 "رغغ" وتهذيب اللغة 16/ 66. 4 مغني اللبيب 1/ 407. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 371 300- ولقد علمت لتأتين منيتي ... ............................... ا. هـ. فأخرج لام "لتأتين" عن كونها للقسم، "و "ما" النافية، نحو: {لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ} [الأنبياء: 65] فـ"ما" نافية، و"هؤلاء" مبتدأ، و"ينطقون" خبره، والجملة الاسمية في موضع نصب بـ"علمت"، وهي معلق عنها العامل في اللفظ بـ"ما" النافية. "و "لا" و"إن" النافيتان" الواقعتان "في جواب قسم ملفوظ به"، أي: بالقسم، "أو" قسم "مقدر" بالقسم الملفوظ به، "نحو: علمت والله لا زيد في الدار ولا عمرو" وعلمت والله إن زيد قائم، والقسم المقدر نحو: علمت لا زيد في الدار ولا عمرو، "وعلمت إن زيد قائم"، فهذه أربعة أمثلة لكل واحد من الحرفين مثالان، وجملة القسم وجوابه في الأمثلة الأربعة معلق عنها العامل فهي في محل نصب على المفعولية بـ"علمت". "والاستفهام، وله صورتان: إحداهما: أن يعترض حرف الاستفهام بين العامل والجملة" بعده، "نحو: {وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ مَا تُوعَدُونَ} [الأنبياء: 109] ، فـ"قريب" مبتدأ، و"أم بعيد" معطوف عليه، و"ما" موصول اسمي في محل رفع خبر المبتدأ، وما عطف عليه، وجملة "توعدون" صلة الموصول، والعائد محذوف، وجملة المبتدأ وخبره في موضع نصب بـ"أدري" المعلق بالهمزة. والصورة "الثانية: أن يكون في الجملة اسم استفهام عمدة كان، نحو: {لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى} [الكهف: 12] فـ"أي" اسم استفهام مبتدأ، و"أحصى" خبره، وهو فعل ماض, وقيل: اسم تفضيل من الإحصاء بحذف الزوائد، وجملة المبتدأ والخبر معلق عنها "نعلم"؛ لأن الاستفهام لا يعمل فيه ما قبله، ولا فرق في العمدة بين المبتدأ، كما مر، والخبر، نحو: علمت متى السفر، والمضاف إليه المبتدأ، نحو: علمت أبو من زيد، أو الخبر، نحو: علمت صبيحة أي يوم سفرك، "أو فضلة" بالنصب عطفًا على عمدة "نحو: {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} [الشعراء: 227] ، فـ"أي منقلب" مفعول مطلق منصبو بـ"ينقلبون" مقدم من تأخير، والأصل: ينقلبون أي انقلاب، وليست "أي" مفعولًا به لـ"يعلم"، كما قد يتوهم؛ لأن الاستفهام لا يعمل فيه ما قبله، وجملة "ينقلبون" معلق عنها العامل، فهي   300- تقدم تخريج البيت برقم 298. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 372 في محل نصب، وإلى ذكر المعلقات أشار الناظم بقوله: 212- ................ ... والتزم التعليق قبل نفي ما 213- وإن ولى لام ابتداء أو قسم ... كذا والاستفهام ذا له انحتم "ولا يدخل الإلغاء ولا التعليق في شيء من أفعال التصيير" لقوتها، "ولا في قلبي جامد" لعدم تصرفه "وهو اثنان، هب وتعلّم، فإنهما يلزمان الأمر"، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 209- وخص بالتعليق والإلغاء ما ... من قبل هب والأمر هب قد ألزما 210- كذا تعلّم ......... ... ........................... واعترض بأن "تعلّم" قد يكون بمعنى الماضي كما تقدم، "وما عداهما من أفعال" هذا "الباب متصرف إلا "وهب"" من أفعال التصيير فإنه ملازم للمضي, "كما مر" في آخر النوع الثاني. "ولتصاريفهن ما لهن" من الإعمال والتعليق، "تقول في الإعمال" للمضارع: "أظن زيدًا قائمًا، و" لاسم الفاعل، "أنا ظان زيدًا قائمًا، و" تقول "في الإلغاء للمضارع" مع التوسط: "زيد أظن قائم، و" مع التأخر له "زيد قائم أظن، و" مع التوسط للوصف: "زيد أنا ظان قائم"، فـ"زيد" مبتدأ, و"قائم" خبره, وجملة "أنا ظان" متوسطة بينهما, "و" مع المتأخر له: "زيد قائم أنا ظان"، فألغي الوصف فيهما مع اعتماده على المبتدأ, "و" تقول "في التعليق" بـ"ما": "أظن ما زيد قائم، وأنا ظان ما زيد قائم"، وقس على ذلك بقية التصاريف. والمصدر في ذلك كالفعل فيما ذكر من الإعمال والإلغاء والتعليق، قاله أبو موسى الجزولي1، وذلك مأخوذ من قول الناظم: 210- ................. ولغير الماض من ... سواهما .................................. يعني "هب" و "تعلم". 210- ................................. ... .................... اجعل كل ما له زكن أي: علم. "وقد تبين بما قدمناه" في حكمي الإلغاء والتعليق "أن الفرق بين الإلغاء والتعليق من وجهين: أحدهما: أن العامل الملغى لا عمل له البتة"، لا في اللفظ، ولا في المحل، "و" أن "العامل" المعلق له عمل في المحل"، لا في اللفظ، "فيجوز" على   1 انظر الجزولية ص81، 82. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 373 اعتبار المحل: "علمت لزيد قائم، وغير ذلك من أموره بالنصب" لـ"غير" "عطفًا على المحل"، أي: محل جملة: زيد قائم، فإنها في محل نصب على المفعولية لـ"علمت"، ولولا ذلك لامتنع العطف على محلها بالنصب وفي هذ المثال فائدتان: إحداهما: أنه من محل الخلاف، قال أبو حيان: "في الجملة المقرونة بمعلق غير الاستفهام ثلاثة مذاهب: أحدها لسيبويه والبصريين وابن كيسان: أنها في موضع نصب. الثاني للكوفيين: لا موضع لها وأنه أضمر بين العامل والمعلق قسم، والجملة جواب له. والثالث للمغاربة: لا موضع لها أيضًا، إلا أن الأفعال أنفسها ضمنت معنى فعل القسم، فصارت قاصرة لا تتعدى، وصارت الجملة جوابًا له، وصححه ابن عصفور في شرح الجمل". ا. هـ. الفائدة الثانية: أنه إنما يعطف محل على الجملة المعلق عنها العامل مفرد فيه معنى الجملة، فتقول: علمت لزيد قائم، وغير ذلك: من أموره: ولا تقول: علمت لزيد قائم وعمرو؛ لأن مطلوب هذه الأفعال إنما هو مضمون الجمل فإن كان في الكلام مفرد يؤدي معنى الجملة صح أن تتعلق به، وإلا فلا، "قال" كثير عزة: [من الطويل] 301- "وما كنت أدري قبل عزة ما البكا ... ولا موجعات القلب حتى تولت" فعطف "موجعات" بالنصب بالكسرة على محل قوله: "ما البكا" الذي علق عن العمل فيه قوله: "أدري" هذا مراده هنا، وصرح بذلك في شرح القطر1، وقال في المغني2: هكذا استدل به ابن عصفور، ولك أن تدعي أن "البكا" مفعول، وأن "ما" زائدة، وأن الأصل: ولا أدري موجعات القلب، فيكون من عطف الجمل، أو أن الواو للحال، و"موجعات" اسم "لا"، أي: وما كنت أدري قبل عزة والحال أنه لا موجعات للقلب موجودة ما البكا، ا. هـ. وعلى الأول فالمعنى: وما كنت أدري أي شيء البكا، وصح عطف "موجعات" على محل الجملة؛ لأنه يؤدي معنى الجملة؛ لأن معنى: ولا موجعات القلب ولا موجعات قلبي، هو في معنى: قلبي له موجعات.   301- البيت لكثير عزة في ديوانه ص95، وخزانة الأدب 9/ 144، وشرح شذور الذهب ص368، وشرح شواهد المغني ص813، 824، وشرح قطر الندى ص178، ومغني اللبيب 1/ 419، والمقاصد النحوية 2/ 408، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 64، وشرح الأشموني ص162. 1 شرح قطر الندى ص197. 2 مغني اللبيب 1/ 419. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 374 "و" الوجه "الثاني": من وجهي الفرق بين الإلغاء والتعليق "أن سبب التعليق موجب" للإهمال لفظًا "فلا يجوز" معه الإعمال نحو: "ظننت ما زيدًا قائمًا"، بنصبهما، "وسبب الإلغاء مجوز" للإعمال، والإهمال، "فيجوز: زيدًا ظننت قائمًا" بنصبهما مع المتوسط، و"زيدًا قائمًا ظننت"، بنصبهما مع المتأخر، "ولا يجوز إلغاء العامل المتقدم"، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 211- وجوز الإلغاء لا في الابتدا ... ................................. "خلافًا للكوفيين والأخفش"، فإنهم أجازوا الإلغاء مع التقدم1، نحو: ظننت زيدًا قائم برفعهما، "واستدلوا" على ذلك "بقوله" وهو بعض بني فزارة: [من البسيط] 302- كذلك أدبت حتى صار من خلقي ... "أني وجدت ملاك الشيمة الأدب" برفع "ملاك" على الابتداء, و"الأدب" على الخبرية مع تقدم "وجدت" عليهما، وفي الحماسة2، بنصبهما على الإعمال. "وقوله" وهو كعب بن زهير: [من البسيط] 303- أرجو وآمل أن تدنوا مودتها ... "وما إخال لدينا منك تنويل" برفع "تنويل" على الابتدائية، وخبره المجرور قبله، مع تقدم "إخال" بكسر الهمزة، والقياس فتحها، كما مر محكي عن بني أسد خاصة. ووجه الدليل من هذين البيتين أن العامل ألغي فيهما مع تقدمه على المبتدأ والخبر. "وأجيب" عنهما "بأن ذلك محتمل لثلاثة أوجه:   1 انظر الكتاب 1/ 119، ومعاني القرآن للأخفش 2/ 685، والارتشاف 3/ 64. 302- البيت لبعض الفزاريين في خزانة الأدب 9/ 139، 10/ 335، والدرر 1/ 341، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 3/ 133، وأوضح المسالك 2/ 65، وتخليص الشواهد ص449، وشرح ابن الناظم ص148، وشرح الأشموني 1/ 160، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص146، وشرح عمدة الحافظ ص249، وشرح ابن عقيل 1/ 437، والمقاصد النحوية 2/ 411، 3/ 89، والمقرب 1/ 117، وهمع الهوامع 1/ 153. 2 شرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص1146. 303- البيت لكعب بن زهير في ديوانه ص62، وخزانة الأدب 11/ 311، والدرر 1/ 801، 342، وشرح عمدة الحافظ ص248، والمقاصد النحوية 2/ 412، وبلا نسبة في الارتشاف 1/ 422، وأوضح المسالك 2/ 67، وشرح ابن الناظم ص148، وشرح الأشموني 1/ 160، وشرح التسهيل 1/ 75، وهمع الهوامع 1/ 53، 153. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 375 أحدها: أن يكون من التعليق بلام الابتداء المقدرة، والأصل: لملاك وللدنيا، ثم حذف اللام وبقي التعليق" بحاله كما كان مع وجود المعلق، وهذا مما نسخ لفظه، وبقي حكمه، قاله في المغني، وعلى هذا حمل سيبويه، قوله: [من الكامل] 304- .................. ... وإخال إني لاحق مستتبع بكسر "إن" على تقدير إني للاحق. "و" الوجه "الثاني: أن يكون من الإلغاء؛ لأن التوسط المبيح للإلغاء ليس هو التوسط بين المعمولين فقط بل توسط العامل في الكلام مقتض أيضًا" للإلغاء، "نعم الإلغاء للتوسط بين المعمولين أقوى" من الإلغاء مع التقدم عليهما "والعامل هنا" وهو "وجدت" في البيت الأول، و"إخال" في البيت الثاني "قد سبق بـ"إني"، و" أما "إخال" فقد سبق "بـ"ما" النافية" فجاز إلغاؤهما لكونهما لم يتصدرا "ونظيره" في المسبوقية بالغير: "متى ظننت زيدًا قائمًا، فيجوز فيه الإلغاء" لعدم تصدره، والإعمال لتقدمه على المعمولين. "و" الوجه "الثالث: أن يكون من الإعمال على أن المفعول الأول محذوف، وهو ضمير الشأن، والأصل:" إني "وجدته، و" ما "إخاله" فحذف ضمير الشأن منهما "كما حذف في قولهم"، أي: العرب: "إن بك زيد مأخوذ"، والأصل: إنه، وإلى الوجه الأول والثالث أشار الناظم بقوله: 211- ..................... ... وانو ضمير الشأن أو لام ابتدا 212- في موهم إلغاء ما تقدما ... ............................. والوجه الأول أولى؛ لأن حذف اللام قد عهد في الجملة، كقوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا} [الشمس: 9] والأصل: لقد أفلح، والوجهان الآخران ضعيفان، أما ضعف الإلغاء المذكور؛ فلأنهم نزلوا تقديم المسند إليه في الجملة، وهو الياء من "إني" بمنزلة تقديم المبتدأ المطلوب للعامل، ونزلوا تقديم النفي والاستفهام لكونهما داخلين على الخبر تقديرًا منزلة تقديم الخبر، أما إذا قدرا داخلين على العامل بطل الإلغاء، وأما ضعف الحذف فمن وجهين، ضعف حذف أحد المفعولين دون الآخر، وسيأتي بيانه، وضعف حذف ضمير الشأن؛ لأنه لا يستعمل في مواطن التفخيم، والحذف مناف لذلك.   304- صدر البيت: "فغبرت بعدهم بعيش ناصب" ، والبيت لأبي ذؤيب الهذلي في تخليص الشواهد ص448، والدرر وشرح أشعار الهذليين 1/ 8، وشرح شواهد المغني 1/ 262، والمقاصد النحوية 3/ 494، والمنصف 1/ 322، ولسان العرب 1/ 758، "نصب" وللهذلي في مغني اللبيب 1/ 231، وبلا نسبة في شرح شواهد المغني 2/ 604، وهمع الهوامع 1/ 153. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 376 "فصل": "ويجوز بالإجماع حذف المفعولين" لأفعال القلوب. "اختصارًا، أي: لدليل" يدل عليهما، "نحو: {أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ} [القصص: 62] ، "وقوله" وهو الكميت يمدح أهل البيت: [من الطويل] 305- "بأي كتاب أم بأية سنة ... ترى حبهم عارًا علي وتحسب" فحذف في الآية مفعولًا "تزعمون" وفي البيت مفعولًا "تحسب" لدليل ما قبلهما عليهما، "أي: تزعمونهم شركاء, وتحسبـ" ـه، أي: "حبهم عارًا علي"، وعدل عن تقدير تزعمون أنهم شركاء] 1 لأن الكلام في حذف المفعولين معًا لا في حذف ما يسد مسدهما. "وأما حذفهما اقتصارًا، أي: لغير دليل، فعن سيبويه2" فيما نقل ابن مالك3 "و" عن "الأخفش" والجرمي وابن خروف وشيخه ابن طاهر والشلوبين "المنع مطلقًا"، سواء في ذلك أفعال الظن والعلم. "واختاره الناظم" وحجتهم في ذلك أن العرب تجري هذه الأفعال مجرى القسم، فتلقاها بما يتلقى به القسم، نحو: {وَظَنُّوا مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ} [فصلت: 48] ، [من الكامل] 306- ولقد علمت لتأتين منيتي ... ...............................   305- البيت للكميت في خزانة الأدب 9/ 137، والدرر 1/ 338، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص692، والمحتسب 1/ 183، والمقاصد النحوية 2/ 413، 3/ 112، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 69، وشرح الأشموني ص164, وشرح ابن عقيل 1/ 443، وشرح التسهيل 2/ 73، وهمع الهوامع 1/ 152. 1 سقط من "أ" وهو ثابت في "ب"، "ط". 2 الكتاب 1/ 40. 3 شرح الكافية الشافية 2/ 553. 306- تقدم تخريج البيت برقم 298. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 377 والجواب لا يحذف، فكذلك ما هو بمنزلته، ورد بأن تضمنها معنى القسم ليس بلازم. "وعن الأكثرين الإجازة مطلقًا" لمجيء ذلك في أفعال العلم؛ "كقوله تعالى: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} " [البقرة: 232] ، {أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ " فَهُوَ يَرَى} " [النجم: 35] أي: يعلم، والأصل؛ والله أعلم1؛ يعلم الأشياء كائنة ويرى ما نعتقده حقا، أو نحو ذلك مما يعطيه معنى الكلام. وفي أفعال الظن، نحو: " {وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ} " [الفتح: 12] فـ"ظن السوء"، مفعول مطلق مفيد للنوع، "وقولهم" في المثل: "من يسمع يخل2"، أي: يقع منه خيلة، قاله الموضح3، وصاحب التقريب4، والمعنى من يسمع خبرًا يحدث له ظن، ومن قاله معناه: يخل مسموعه صادقًا فقد جعله من الحذف الاقتصاري، وليس الكلام فيه. "وعن الأعلم" يوسف الشنتمري تفصيل، فقال5: "يجوز في أفعال الظن" لكثرة السماع فيها "دون أفعال العلم". وعن أبي العلاء إدريس يجوز في "ظن وخال وخسب"؛ لأنه سمع فيها، ويمتنع في الباقي، ونسبه لسيبويه6. "ويمتنع بالإجماع حذف أحدهما اقتصارًا"، أي: لغير دليل؛ لأن المفعولين هنا أصلهما المبتدأ والخبر فكما لا يجوز أن يؤتى بمبتدأ دون خبر، ولا بخبر دون مبتدأ قبل دخول الناسخ فكذلك بعده، وإلى امتناع حذف المفعولين أو أحدهما اقتصارًا أشار بقوله: 216- ولا تجز هنا بلا دليل ... سقوط مفعولين أو مفعول "وأما" حذف أحدهما "اختصارًا"، أي: لدليل "فمنعه" أبو إسحاق "بن ملكون" من المغاربة وطائفة، وحجتهم أن المفعول في هذا الباب مطلوب من جهتين، من جهة العامل فيه، ومن جهة كونه أحد جزأي الجملة، فلما تكرر طلبه امتنع حذفه، كذا قالوا. وما قالوه منتقض بخبر "كان"، فإنه مطلوب من جهتين، ولا خلاف في جواز حذفه إذا دل عليه دليل، "وأجازه الجمهور7"، كقوله تعالى: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِين   1 سقطت من "ب". 2 المثل في المستقصى 2/ 262، وفصل المقال ص412، ومجمع الأمثال 2/ 300، وجمهرة الأمثال 2/ 263. 3 مغني اللبيب ص797. 4 المقرب 1/ 116. 5 الارتشاف 2/ 56. 6 الارتشاف 2/ 56. 7 انظر الارتشاف 2/ 56، والمقرب 1/ 116. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 378 يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ} [آل عمران: 180] ، تقديره: ولا يحسبن الذين يبلخون ما يبخلون به هو خيرًا لهم، فحذف المفعول الأول للدلالة عليه، "كقوله" وهو عنترة العبسي: [من الطويل] 307- "ولقد نزلت فلا تظني غيره ... مني بمنزلة المحب المكرم" تقديره: فلا تظني غيره مني واقعًا، فحذف المفعول الثاني، والتاء في "نزلت" مكسورة والحاء والراء من "المحب المكرم" مفتوحتان. "فرع1": إذا قلت: زيدًا ظننته قائمًا، فالتقدير عند الجمهور: ظننت زيدًا قائمًا، وعند ابن ملكون وموافقيه: اتهمت زيدًا ظننته قائمًا، أو لابست، قاله الموضح في الحواشي. فائدة: هذا الخلاف في الحذف وعدمه مجرد اصطلاح عند النحويين، وليس من الحذف في شيء عند البيانيين؛ لأن غرض المتكلم في إفادة المخاطب؛ لأنه تارة يقصد مجرد وقوع الحدث من غير تعلق بفاعل، فيسند الفعل إلى المصدر، فيقول: وقع ظن أو علم، وتارة يقصد نسبته إلى فاعله من غير تعلق بمفعول، فيقول2: فلان يظن أو يعلم, فينزل الفعل في هاتين الحالتين منزلة القاصر، وحينئذ فلا يقال: إنه حذف منه شيء، كما يقال في القاصر: إنه حذف منه شيء، وأما إذا لم ينزل منزلة القاصر فلا بد من ذكرهما؛ لأن الغرض تعلق بإفادتهما.   307- البيت لعنترة في ديوانه ص191، وأدب الكاتب ص603، والأشباه والنظائر 2/ 405، والاشتقاق ص38، والأغاني 9/ 212، وجمهرة اللغة ص591، وخزانة الأدب 3/ 227، 9/ 136، والخصائص 2/ 216، والدرر 1/ 339، وشرح شواهد المغني 1/ 480، ولسان العرب 1/ 289، "حبب"، والمقاصد النحوية 2/ 414، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 70، وشرح الأشموني 1/ 164، وشرح ابن عقيل 1/ 444، والمقرب 1/ 117، وهمع الهوامع 1/ 152. 1 في "ط": "فائدة". 2 في "ب": "فيقع". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 379 "فصل": "تحكى الجملة الفعلية بعد القول" عند جميع العرب، "وكذا الاسمية" عند بعضهم فلا يعمل القول في جزأيها شيئًا، كما يعمل لظن؛ لأن الظن يقتضي الجملة من جهة معناها، فجزآها معه كالمفعولين في باب "أعطيت" فصح أن ينصبهما، وأما القول فيقتضي الجملة من جهة لفظها، فلم يصح أن ينصب جزأيها مفعولين؛ لأنه لم يقتضها من جهة معناها فلم يشبه باب "أعطيت" ولا أن ينصبها مفعولًا واحدًا؛ لأن الجملة لا إعراب لها، فلم يبق إلا الحكاية، قاله ابن الناظم1. "وسليم" بالتصغير قبيلة من قيس عيلان، وهو سليم بن منصور بن عكرمة بن حفصة بن قيس بن عيلان، وسليم أيضًا قبيلة من جذام من اليمن، يجرون بالقول مجرى الظن، "ويعملونه فيها"، أي: في الجملة الاسمية "عمل "ظن"" فينصبون المبتدأ والخبر "مطلقًا" من غير شرط من الشروط الآتية، "وعليه يروى قوله" وهو امرؤ القيس بن حجر الكندي يصف فرسًا: [من الطويل] 308- إذا ما جرى شأوين وابتل عطفه ... "تقول هزيز الريح مرت بأثأب" "بالنصب لـ"هزيز" على أنه مفعول أول لـ"تقول"، وجملة "مرت بأثأب" مفعول ثان، و"شأوين" تثنية شأو، بسكون الهمزة وهو: السبق، ونصبه على المفعولية المطلقة نيابة عن المصدر، "والعطف": "ألجانب، و"هزيز الريح": دويها عند هبوبها، و"الأثأب" بفتح الهمزتين وسكون التاء المثلثة وفي آخره باء موحدة جمع أثأبة وهي نوع من الشجر، "وقوله" وهو الحطيئة يصف جملا: [من الطويل]   1 شرح ابن الناظم ص150. 308- البيت لامرئ القيس في ديوانه ص49، ولسان العرب 5/ 424 "هزز"، والمقاصد النحوية 2/ 431، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 5/ 220، وأوضح المسالك 2/ 71، وشرح التسهيل 2/ 95. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 380 309- "إذا قلت أني آيب أهل بلدة" ... وضعت بها عنه الولية بالهجر "بالفتح" لـ"أني" على أنها مع معموليها سدت مسد مفعولي "قلت"، وآيب"، أي: راجع، و"أهل بلدة" مفعول "آيب"، والضمير في "عنه" يعود إلى "الجمل"، و"الولية" بفتح الواو وكسر اللام وتشديد الياء آخر الحروف: البرذعة التي توضع تحت الرحل، و"الهجر" بفتح الهاء وسكون الجيم ضرورة والأصل فتحها: نصف النهار عند اشتداد الحر، وإلى رأي سليم أشار الناظم بقوله: 219- وأجري القول كظن مطلقًا ... عند سليم ........................ "وغيرهم يشترط" في إعمال لفظ القول عمل "ظن" "شروطًا" ثلاثة، "وهي كونه" فعلا "مضارعًا"، فخرج المصدر والوصف والماضي والأمر، فلا يعمل شيء من ذلك عمل "ظن" لأنها لم تقو قوة المضارع في هذا الباب. "وسوى به السيرافي" بكسر السين. "قلت بالخطاب، و" سوى به "الكوفي قل"، فيجوز على قولهما إعمال الماضي المسند إلى تاء المخاطب، وفعل الأمر، نحو: أقلت زيدًا منطلقًا، بجامع الإسناد إلى ضمير المخاطب. "و" يشترط في المضارع "إسناده للمخاطب" لأن الإعمال إنما يكون مع فعل المخاطب إذا استفهمته عن ظن نفسه، فلا يجوز إعمال المضارع المسند إلى ضمير متكلم، ولا غائب، فلا تقل: أقول زيدًا منطلقًا، ولا: يقول زيد عمرًا منطلقًا لما مر، ولو قال: وإسناده للمخاطب، وسوى به السيرافي إلخ ...... كان أبين للتسوية، "و" يشترط في زمن المضارع "كونه حالًا، قاله الناظم" في شرح التسهيل1، "ورد بقوله" وهو عمر بن أبي ربيعة: [من الطويل] 310- أما الرحيل فدون بعد غد ... "فمتى تقول الدار تجمعنا" أنشده سيبويه بنصب "الدار" على أنها مفعول أول و"تجمعنا" مفعول ثان2   309- البيت للحطيئة في ديوانه ص225، وتخليص الشواهد ص459، وخزانة الأدب 2/ 440، والمقاصد النحوية 2/ 432، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 72، وشرح الأشموني 1/ 165. 1 شرح التسهيل 2/ 95. 310- البيت لعمرو بن أبي ربيعة في ديوانه ص402، وخزانة الأدب 2/ 439، 9/ 185، وشرح أبيات سيبويه 1/ 179، وشرح المفصل 7/ 78، 80، والكتاب 1/ 124، ولسان العرب 11/ 575 "قول"، والمقاصد النحوية 2/ 434، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 74، وتخليص الشواهد ص457، ورصف المباني ص89، ولسان العرب 11/ 279 "رحل"، 12/ 226 "زعم"، والمقتضب 2/ 349. 2 الكتاب 1/ 124. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 381 قال أبو حيان1: وفيه رد على من اشترط الحال؛ لأنه لم يستفهمه عن ظنه في الحال أن الدار تجمعه وأحبابه، بل استفهمه عن وقوع ظنه في الحال. ا. هـ. وهذا مبني على أن "متى" ظرف لـ"تقول"، "والحق أن "متى" ظرف لـ"تجمعنا" لا لتقول"، وفيه نظر؛ لأن "تقول" على هذا غير مستفهم عنه فلا يكون عاملا لعدم اعتماده على استفهام إلا على قول من لم يشترط الاعتماد عليه، ويشترط كونه مضارعًا لمخاطب فقط على ما حكاه ابن الخباز في شرح الجزولية، وليس التفريع عليه. "و" يشترط في المضارع المسند إلى ضمير المخاطب "كونه" واقعًا "بعد استفهام بحرف، أو باسم، سمع الكسائي" من العرب "أتقول للعميان عقلا"، فـ"عقلا" مفعول أول، و"للعميان" مفعول ثان على التقدير والتأخير. "وقال" عمرو بن معد يكرب المذحجي:" [من الطويل] 311- "علام تقول الرمح يثقل عاتقي" ... إذا أنا لم أطعن إذا الخيل كرت فـ"علام" جار ومجرور، والجار والمجرور "ما" الاستفهامية، ولكن حذفت ألفها لدخول الجار عليها، و" الرمح" بالنصب مفعول أول، وجملة "يثقل عاتقي" في موضوع المفعول الثاني، و"أطعن" بضم العين، يقال: طعن يطعن، بالضم إذا كان بالرمح وغيره، وطعن يطعن بالفتح إذا كان في النسب، و"إذا" في الموضوعين داخلة على فعل محذوف يفسره المذكور، على حد {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} [الانشقاق: 1] والتقدير: إذا لم أطعن أنا لم أطعن، وإذا كرت الخيل كرت. "قال سيبويه والأخفش"3 من البصريين "و" يشترط في الاستفهام والمضارع عند جمهور العرب "كونهما متصلين" من غير حاجز بينهما، "فلو قلت: أأنت تقول" زيد منطلق، "فالحكاية" واجبة، "وخولفا"، قال أبو حيان وخالفهما   1 الارتشاف 3/ 78. 311- البيت لعمرو بن معد يكرب في ديوانه ص72، وخزانة الأدب 2/ 436، والدرر 1/ 351، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص159، وشرح شواهد المغني ص418، واللسان 11/ 575 "قول"، والمقاصد النحوية 2/ 436، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 76، وشرح الأشموني 1/ 164، ومغني اللبيب ص143، وهمع الهوامع 1/ 157. 2 في الكتاب 1/ 123: "فإن قلت: أأنت تقول زيد منطلق، رفعت؛ لأنه فصل بينه وبين حرف الاستفهام، كما فصل في قولك: أأنت زيد مررت به فصارت بمنزلة أخواتها، وصارت على الأصل". 3 انظر همع الهوامع 1/ 157. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 382 وخالفهما الكوفيون وسائر البصريين، فأجازوا النصب، ولم يعتدوا بالضمير فاصلا1، ووجه قولهم بأن الاستفهام يطلب الفعل، و"أنت" فاعل فعل مضمر، وذلك الفعل واقع على الاسمين فينصبهما. ورد بأن الحكم إنما هو للمذكور، وأما المضمر فلا عمل له إلا في الاسم المشتغل عنه خاصة، والعمل فيما عداه لهذا الظاهر وهو لم يتصل بالاستفهام، نقله الموضح في حواشي التسهيل، ولم يتعقبه، ومن خطه نقلت. وعلى هذا يشكل قوله هنا: "فإن قدرت الضمير" وهو "أنت" "فاعلا بمحذوف والنصب" للمفعولين "بذلك المحذوف جاز اتفاقا"، فليتأمل، "واغتفر الجميع الفصل" بين الاستفهام والفعل "بظرف زماني" أو مكاني "أو مجرور، أو معمول القول"، مفعولا كان أو حالا، أو غيرهما، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 217- وكتظن اجعل تقول إن ولي ... مستفهمًا به ولم ينفصل 218- بغير ظرف أو كظرف أو عمل ... وإن ببعض ذي فصلت يحتمل فالفصل بالظرف الزماني، "كقوله": [من البسيط] 312- "أبعد بُعد تقول الدار جامعة" ... شملي بهم أم تقول البعد محتوما فالهمزة للاستفهام، و"بعد" بفتح الباء ظرف زمان، و"بعد" بضم الباء مضاف إليه، وبينهما جناس محرف، و"الدار" مفعول أول لـ"تقول"، و"جامعة" مفعوله الثاني، و"شملي" مفعول "جامعة" و"البعد" مفعول أول لـ"تقول"، و"محتومًا" مفعوله الآخر، فأعمل "تقول" مرتين، والأول منهما مفصول من الاستفهام بالظرف، والثاني متصل بالاستفهام بـ"أم"، والفصل بالظرف المكاني كقولك: أعندك تقول زيدًا جالسًا والفصل بالمجرور كقولك: أفي الدار تقول زيدًا مقيمًا. "و" الفصل بالمعمول نحو "قوله" وهو الكميت بن زيد الأسدي: [من الوافر]   1 انظر الارتشاف 3/ 79. 312- البيت بلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 232، وأوضح المسالك 2/ 77، وتخليص الشواهد 457، والدرر 1/ 351، وشرح الأشموني 1/ 164، وشرح شواهد المغني 2/ 969، ومغني اللبيب 2/ 692، والمقاصد النحوية 2/ 438، وهمع الهوامع 1/ 157. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 383 313- "أجهالا تقول بني لؤي" ... لعمر أبيك أم متجاهلينا ففصل بين الاستفهام والمضارع بمفعوله الثاني، والأصل: أتقول بني لؤي جهالا، و"بني لؤي" مفعوله الأول، والمراد بهم قريش، و"الجهال" جمع جاهل، و"المتجاهل" هو الذي يظهر الجهل من نفسه، وليس بجاهل، والمعنى، أتظن بني لؤي جهالا، أم مظهرين الجهل بين استعملوا أهل اليمن على أعمالهم وقدموهم على بني مضر، مع فضلهم عليهم. والفصل بالحال كقولك: أمسرعا تقول زيدًا منطلقًا؛ لأن المعمول المتقدم في نية التأخير. "قال السهيلي: و" يشترط أيضًا في المضارع "أن لا يتعدى باللام، كـ: تقول لزيد عمرو منطلق"، برفعهما قال: لأنك إذا عديته باللام بعد عن معنى الظن، ولم يكن إلا قولا مسموعًا؛ لأن الظن من أفعال القلب، وذكر أنه يدل عليه أصول النحاة مع استقراء كلام العرب، نقله المرادي بتعليله في شرح التسهيل وأقره. "وتجوز الحكاية مع استيفاء الشروط، نحو: {أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ} ، [البقرة: 140] بالتاء المثناة فوق, وكسر "إن" "في قراءة الخطاب" للأخوين وابن عامر وحفص، "وروي": 314- "علام تقول الربح" ....... ... ................................... "بالرفع"، على الحكاية. وإذا أعمل القول عمل "ظن" فهل يجرى مجراه في العمل خاصة، أم في العمل والمعنى معًا، مذهب الجمهور أنه لا يعمل عمل "ظن" حتى يتضمن معنى الظن في اللغة السليمية1، وغيرها. وزعم بعضهم أنه قد يجرى مجرى الظن في العمل ولا يتضمن معناه كقوله: [من الرجز]   313- البيت للكميت بن زيد في خزانة الأدب 9/ 183، 184، والدرر 1/ 352، وشرح أبيات سيبويه 1/ 132، وشرح المفصل 7/ 79، 87، والكتاب 1/ 123، والمقاصد النحوية 2/ 429، وليس في ديوانه، وهو لابن أبي ربيعة في شرح ابن الناظم ص153، وبلا نسبة في أمالي المرتضى 1/ 363، وأوضح المسالك 2/ 78، وتخليص الشواهد ص457، وخزانة الأدب 2/ 439، وشرح الأشموني 1/ 164، وشرح ابن عقيل 1/ 448، والمقتضب 2/ 349، وهمع الهوامع 1/ 157. 314- تقدم تخريج البيت برقم 311. 1 في حاشية الصبان 2/ 37: "وممن اختار هذا المذهب ابن جني". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 384 315- قالت وكنت رجلًا فطينا ... هاذا لعمر الله إسرائينا فليس المعنى على "ظننت"؛ لأن هذه المرأة رأت عند هذا الشاعر ضبا فقالت، هذا إسرائين؛ لأنها تعتقد في الضباب أنها من مسخ بني إسرائيل، وإلى هذا ذهب الأعلم وابن خروف، واختاره صاحب البسيط1. قال ابن عصفور: ولا حجة فيه لاحتمال أن يكون "هذا" مبتدأ، و"إسرائين" على تقدير مضاف، أي: مسخ بني إسرائيل، فحذف المضاف الذي هو الخبر، وبقي المضاف إليه على جره؛ لأنه غير منصرف للعلمية والعجمة؛ لأنه لغة في "إسرائيل". وإذا أجري القول مجرى الظن هل يجوز فيه ما جاز في الظن من الإلغاء والتعليق، وكون الفاعل والمفعول لمسمى واحد، قال في النهاية: نعم، وبحث الشاطبي المنع، ولا يبعد تخريجه على القولين السابقين، فمن قال: إنه يجري مجراه في المعنى والعمل قال بالجواز، ومن قال بالعمل فقط قال بالمنع قلته تفقهًا، ولم أره نصا.   315- الرجز لأعرابي في المقاصد النحوية 2/ 425، وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص456، والدرر 1/ 350، وسمط اللآلي ص681، وشرح ابن الناظم ص152، وشرح الأشموني 1/ 156، وشرح ابن عقيل 1/ 450، وشرح التسهيل 2/ 95، ولسان العرب 13/ 323 "فطن"، 459، 460 "يمن"، والمعاني الكبير 646، وهمع الهوامع 1/ 157، وجمهرة اللغة ص293، وتاج العروس "فطن"، "بمن" "سرو" والمخصص 13/ 282. 1 انظر حاشية الصبان 2/ 37. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 385 باب ما ينصب مفاعيل ثلاثة : ثلاثة، بالنصب، بدلا من مفاعيل، ولم يقل "ثلاثة مفاعيل" بالإضافة؛ لأن إضافة العدد للصفة قليلة، أو ضرورة، قاله أبو حيان نقلًا عن شيخه ابن النحاس. ولا يجوز "ثلاثة مفعولين"، بجمع السلامة؛ لأن مفعولا اسم للفظ، وهو غير عاقل، قاله الموضح في الحواشي. "وهي: أعلم وأرى، اللذان" كان "أصلهما" قبل دخول همزة النقل عليهما: "علم ورأى المتعديان لاثنين"، وإنما اقتصر عليهما وقوفًا مع السماع، وأما بقية أخواتهما وهي: ظننت وأخواتها فمنع من نقلها بالهمزة كثير من البصريين، وقصروا ذلك على السماع، ومنعوا أن يقال: أظننت زيدًا عمرًا قائمًا؛ لأنه لم ينقل عن العرب، فالزيادة عليه ابتداء لغة، وأجازه قوم منهم طردًا للباب، قاله أبو البقاء في شرح لمع ابن جني. "وما ضمن معناهما من "نبأ""، بتشديد الموحدة، "وأنبأ، وخبر" بتشديد الموحدة، "وأخبر وحدث" بتشديد الدال، "نحو: {كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ} [البقرة: 167] . "فيرى" بضم الياء مضارع أرى، والهاء والميم مفعول أول، و"الله" فاعل، و"أعمالهم" مفعول ثان، و"حسرات" مفعول ثالث، قاله الزمخشري1. وهو مبني على أن الأعمال لا تجسم فلا تدرك بحاسة البصر. قال الموضح في حواشيه: وهذا قول المعتزلة وأما أهل السنة فيعتقدون أن الأعمال تجسم وتوزن حقيقة، "فيرى" على هذا بصرية، و"حسرات" حال. والمعتزلة يقولون علمية، و"حسرات" مفعول ثالث، والذي أجازوه ممكن عندنا فإنهم إذا أبصروها حسرات فقد علموها كذلك. والذي نقوله نحن ممتنع، ا. هـ. وألحق بذلك رأي الحلمية سماعًا, "نحو: {إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلًا وَلَوْ أَرَاكَهُمْ" كَثِيرًا لَفَشِلْتُمْ} [الأنفال: 43] ، فالكاف فيهما مفعول أول، والهاء والميم مفعول ثان و"قليلا" في الأول، وكثيرا في الثاني مفعول ثالث وفي هذه الأمثلة رد على ابن الخباز حيث   1 الكشاف 1/ 327. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 386 قال: لم أظفر بفعل متعد لثلاثة إلا وهو مبني للمفعول، كما في قول النابغة: [من الكامل] 316- نبئت زرعة والسفاهة كاسمها ... تهدى إلى غرائب الأشعار فالتاء نائب الفاعل، وهو المفعول الأول، و"زرعة" مفعول ثان، وجملة "تهدى إلي" مفعول ثالث، وما بينهما اعتراض، وقول الأعشى ميمون بن قيس: [من المتقارب] 317- وأنبئت قيسًا ولم أبله ... كما زعموا خيرا أهل اليمن فالتاء مفعوله الأول، و"قيسًا" الثاني، "وخير" الثالث، ومعنى أبله: أجربه، وقول العوام بن عقبة بن كعب بن زهير: [من الطويل] 318- وخبرت سوداء الغميم مريضة ... فأقبلت من أهلي بمصر أعودها فالتاء المفعول الأول، و"سوداء" الثاني، و"مريضة" الثالث، و"الغميم" بالغين المعجمة موضع من بلاد غطفان, وقول رجل من بني كلاب: [من البسيط] 319- وما عليك إذا أخبرتني دنفا ... وغاب بعلك يومًا أن تعوديني فالتاء المكسورة مفعول أول، وياء المتكلم الثاني، و"دنفا" الثالث، والدنف المريض، وقول الحارث بن حلزة اليشكري: [من الخفيف] 320- أومنعتم ما تسألون فمن حـ ... ـدثتموه له علينا العلاء   316- البيت للنابغة الذبياني في ديوانه ص54، وتخليص الشواهد ص467، وخزانة الأدب 6/ 315، 333، 334، وشرح ابن الناظم ص155، وشرح التسهيل 2/ 101، والمقاصد النحوية 2/ 439، وأساس البلاغة "أبد"، وبلا نسبة في شرح عمدة الحافظ ص252. 317- البيت للأعشى في ديوانه ص75، وتخليص الشواهد ص467، والدرر 1/ 353، ومجالس ثعلب 2/ 414، والمقاصد النحوية 2/ 440، وبلا نسبة في شرح ابن الناظم ص155، وشرح الأشموني 1/ 167، وشرح ابن عقيل 1/ 459، وشرح التسهيل 2/ 102، وشرح عمدة الحافظ 251، وهمع الهوامع 1/ 159. 318- البيت للعوام بن عقبة "أو عتبة" في الدرر 1/ 353, والمقاصد النحوية 2/ 442, وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص467, وخزانة الأدب 11/ 369، وشرح ابن الناظم ص156، وشرح الأشموني 1/ 167، وشرح التسهيل 2/ 101، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي 1414 وشرح ابن عقيل 1/ 459، وشرح عمدة الحافظ ص252، وهمع الهوامع 1/ 159. 319- البيت لرجل من بني كلاب في الدرر 1/ 354، والمقاصد النحوية 2/ 443، وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص468، وشرح ابن الناظم ص156، وشرح الأشموني 1/ 167، وشرح التسهيل 2/ 101، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص1423، وشرح ابن عقيل 1/ 457. 320- البيت للحارث بن حلزة في ديوانه ص27، وتخليص الشواهد 468، والدرر 1/ 354، وشرح ابن الناظم ص156، وشرح القصائد السبع ص469، وشرح القصائد العشر ص387، وشرح المعلقات السبع ص225، وشرح المعلقات العشر ص122، وشرح المفصل 7/ 66، والمعاني الكبير 2/ 1011، والمقاصد النحوية 2/ 445، وبلا نسبة في تذكرة النحاة ص686، وشرح ابن عقيل 1/ 458، وشرح عمدة الحافظ ص253، وهمع الهوامع 1/ 159. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 387 فالضمير المرفوع مفعول أول، والمنصوب مفعول ثان، والجملة بعده مفعول ثالث، والفعل في الجميع مبني للمفعول، [وإلى نصب هذه الأفعال مفاعيل ثلاثة] 1 أشار الناظم بقوله: 220- إلى ثلاثة رأى وعلما ... عدوا إذا صارا أرى وأعلما ثم قال: 224- وكأرى السابق نبا أخبرا ... حدث أنبا كذلك خبرا وقال الناظم في شرح التسهيل: إن أولى من ذلك، يعني من نصب نبأ وأخواته أن يحمل الثاني منها على نزع الخافض، كما في آية التحريم2، وكما في قول بعض العرب، نبئت زيدًا مقتصرًا عليه، وكما قال سيبويه3 في: [من الطويل] 321- نبئت عبد الله ......... ... ............................... والثالث حال، ويرجح ذلك كونه حملا على ما ثبت، وهو التوسع، وأن في سلامة من التضمين الذي هو خلاف الأصل4, ا. هـ. "ويجوز عند الأكثرين حذف" المفعول "الأول" استغناء عنه، "كأعلمت كبشك سمينًا"، ولا تذكر من أعلمته، "و" يجوز "الاقتصار عليه كأعلمت زيدًا"، ولا تذكر من أعلمت به؛ لأن الفائدة لا تنعدم في الاستغناء عن الأول، ولا في الاقتصار عليه إذ يراد الإخبار بمجرد العلم به، أو بمجرد إعلام الشخص المذكور، هذا قول أبي العباس5 وأبي بكر وابن كيسان وخطاب وابن أبي الربيع6 وابن مالك7 والأكثرين. وذهب سيبويه8 وابن الباذش وابن طاهر وابن خروف وابن عصفور9 إلى أنه لا يجوز حذفه ولا الاقتصار عليه، كفاعل "علم" وهو قياس الأخفش لا بد من الثلاثة10.   1 سقط ما بينهما من "ب". 2 وهي الآية رقم3 من سورة التحريم: {مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا} . 3 الكتاب 1/ 39. 321- البيت للفرزدق وتمامه: "نبئت عبد الله بالجو أصبحت ... كرامًا مواليها لئيما صميمها" وهو في الكتاب 1/ 39، والمقاصد النحوية 2/ 522، وليس في ديوانه، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 153، وشرح أبيات سيبويه 1/ 426، وشرح الأشموني 1/ 186. 4 شرح التسهيل 2/ 101. 5 المقتضب 3/ 122. 6 البسيط 1/ 450. 7 شرح الكافية الشافية 2/ 574. 8 الكتاب 1/ 41. 9 المقرب 1/ 122. 10 الارتشاف 3/ 84. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 388 زعم الشلوبين أنه يجوز الاقتصار عليهما، [ومنع الاقتصار عليه] 1، وأما حذف الثلاثة جميعًا فقال ابن مالك2: الصواب جواز حذف الثلاثة لدليل وغيره، وإن لم يجز في باب الظن الحذف لغير دليل، وذلك لأن قولك: علمت وظننت لا فائدة له؛ لأن الإنسان لا يخلو غالبًا عن علم أو ظن، وأما الإعلام فإنه يخلو منه. ا. هـ. "وللثاني والثالث" من المفاعيل الثلاثة بعد النقل "من جواز حذف أحدهما اختصارًا"، أي: لدليل "ومنعه اقتصارًا"، أي: لغير دليل، "ومن الإلغاء والتعليق ما كان لهما" قبل النقل، وإلى ذلك الإشارة بقول الناظم: 221- وما لمفعولي علمت مطلقًا ... للثان والثالث أيضًا حققا "خلافًا لمن منع الإلغاء والتعليق مطلقًا3"، أي: سواء أكان مبنيا للفاعل أم للمفعول، وهو أبو علي الشلوبين ونسبه إلى المحققين، "و" خلافًا "لمن منعهما في المبني للفاعل" وهو أبو موسى الجزولي4، فإن فرق بين البناء للمفعول والبناء للفاعل، فقال يجوز في المبني للمفعول لمساواته في الحكم لباب علم لصيرورته بالبناء للمفعول، ورفع نائب الفاعل، كصورته في المتعدي لاثنين، ولا يجوز في المبني للفاعل؛ لأن الفعل إذ ذاك يكون معملا ملغى في حالة واحدة، وذلك تناقض. وقال خطاب في الترشيح: لا تلغى أعلم وأخواتها؛ لأن منصوباتها لا ينعقد منها حينئذ مبتدأ وخبر، لبقاء الأول غير مرتبط فإن بنيتها للمفعول ووسطتها أو أخرتها جاز ذلك, إذ ليس لنا حينئذ إلا منصوبان ينعقد منهما مبتدأ وخبر، ولم يؤثر فيهما شيء. "ولنا" من الأدلة "على الإلغاء" في المبني للفاعل من النثر "قول بعضهم: البركة أعلمنا الله مع الأكابر"، "فالبركة" مبتدأ، "ومع الأكابر" خبره "وأعلم" ملغاة لتوسطها مبنية للفاعل بين المبتدأ وخبره. "و" من النظم "قوله:" [من الطويل] 322- "وأنت أراني الله أمنع عاصم" ... وأرأف مستكفى وأسمح واهب فـ"فأنت" مبتدأ، "وأمنع" خبره، "وأرى" ملغاة لتوسطها مبنية للفاعل بين المبتدأ وخبره.   1 سقط ما بينهما من "ب". 2 حاشية الصبان 2/ 39. 3 في همع الهوامع 1/ 158: "ومنع قوم الإلغاء والتعليق هنا سواء ثبت للفاعل أم للمفعول، وعليه ابن النحاس وابن أبي الربيع؛ لأن مبنى الكلام عليهما". 4 همع الهوامع 1/ 158، والجزولية ص83. 322- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 80، والدرر 1/ 352، وشرح الأشموني 1/ 166، وشرح شواهد المغني ص679، والمقاصد النحوية 2/ 446، وهمع الهوامع 1/ 158. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 389 "و" لنا "على التعليق" من النثر الفصيح قوله تعالى: " {يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ} " [سبأ: 7] فالكاف والميم مفعول أول، وجملة "إنكم لفي خلق جديد" في محل نصب، سدت مسد المفعول الثاني والثالث، والفعل معلق عن الجملة بأسرها باللام، ولذلك كسرت "إن" و"إذا" شرطية، وجوابها محذوف مدلول عليه بـ"جديد" والتقدير: إذا مزقتم تجددون، وجملة الشرط وجوابه معترضة بين المفعول الأول، وما سد مسد المفعولين ولا يصح أن تكون جملة "إن" وما بعدها جواب الشرط؛ لأن الحرف الناسخ لا يكون في أول الجواب إلا وهو مقرون بالفاء نحو: {وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ} [البقرة: 215] ، "و" من النظم "قوله": [من الطويل] 323- "حذار فقد نبئت إنك للذي ... ستجزى بما تسعى فتسعد أو تشقى" فـ"حذار" بكسر الراء اسم فعل بمعنى: احذره: و"نبئت" بالبناء للمفعول فعل ماض, والتاء نائب الفاعل، وهو المفعول الأول، وجملة "إنك للذي" في موضع نصب سدت مسد المفعولين، والفعل معلق عنها باللام، ولذلك كسرت "إن". "قال ابن مالك" في النظم وغيره1: "وإذا كانت: أرى، و: أعلم منقولتين من" "رأى" البصرية و"علم" العرفانية "المتعدي" كل منهما "لواحد تعديًا" بالهمزة "لاثنين، نحو:" أرأيتت زيدًا الهلال، أي: أبصرته إياه، وأعلمت زيدًا الخبر، أي: عرفته إياه، قال تعالى: {مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ} [الأنفال: 44] ، فالكاف والميم مفعول أول، و "ما تحبون" مفعول ثان، وأما: {وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا} [الأنفال: 44] فـ"قليلا" حال لا مفعول ثالث، "و" هذان المفعولان "حكمهما حكم مفعولي "كسا" في الحذف"، لهما أو لأحدهما، "لدليل وغيره"، وفي كون الثاني منهما لا يكون جملة. وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 222- وإن تعديا لواحد بلا ... همز فلاثنين به توصلًا 223- والثاني منهما كثاني اثني كسا ... .................................... ووجه الشبه بينهما أن الثاني منهما غير الأول، ألا ترى أن "الحكم" غير "زيد"، في قولك: أعلمت زيدًا الحكم، كما أن "الثوب" غير "زيد" في قولك: كسوت زيدًا ثوبًا، فتقول في حذف الأول: أعلمت الخبر ورأيت الهلال، كما تقول: كسوت   323- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 81، والدرر1/ 353، والمقاصد النحوية 2/ 447، وهمع الهوامع 1/ 157. 1 شرح التسهيل 2/ 100، وشرح الكافية الشافية 2/ 569. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 390 ثوبًا، وفي حذف الثاني: أعلمت زيدًا، كما تقول: كسوت زيدًا، وفي حذفهما معًا أعلمت ورأيت كما تقول: كسوت. "وفي منع الإلغاء والتعليق" في المفعولين معًا؛ لأنهما ليس أصلهما المبتدأ والخبر "قيل: وفيه نظر في موضعين. أحدهما أن "علم" بمعنى: عرف، إنما حفظ نقلها" إلى اثنين: "بالتضعيف لا بالهمزة"، نحو: {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا} [البقرة: 31] . "و" الموضع "الثاني أن "أرى" البصرية سمع تعليقها بالاستفهام" عن المفعول الثاني, "نحو: {رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى} [البقرة: 260] فـ"أرني" فعل دعاء، وياء المتكلم مفعوله الأول، و"كيف تحيي الموتى" جملة استفهامية في موضع نصب على أنها مفعوله الثاني، معلق عن لفظها بالاستفهام بـ"كيف"، وهذا النظر لأبي حيان1. "وقد يجاب" عن الأول "بالتزام جواز نقل المتعدي لواحد بالهمزة قياسا" على المتعدي لاثنين كما قيس في "نحو: ألبست زيدًا جبة"، على: كسوته جبة، وظاهر كلام الشاطبي أنه سمع في "علم" نقلها بالهمزة إلى اثنين فإنه قال: وأما السماع في المتعدي فكثير، وذكر أمثلة منها: علم الشيء وأعلمته إياي، أي: عرفته إياه، هذا نصه، فسقط القول بأنه إنما حفظ نقلها بالتضعيف لا بالهمزة، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ، ولا حاجة إلى دعوى القياس مع وجود السماع. "و" قد يجاب عن النظر الثاني "بادعاء أن الرؤية هنا"، أي: في2: {أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى} [البقرة: 260] "علمية" لا بصرية، كما قال الحوفي في: {أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ} [الفرقان: 45] الرؤية رؤية القلب في هذا، ومخرجها مخرج رؤية العين، ويجوز في مثل هذا مع الرؤية، ولا يجوز مع العلم ا. هـ. ذكره في سورة النساء، ولك أن تقول ليس هذا من التعليق في شيء، بل جملة "كيف تحيي" في تأويل مصدر منصوب على المفعولية، والتقدير: أرني كيفي إحيائك الموتى، كما قال الكوفيون وابن مالك في {وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ} [إبراهيم: 45] أن التقدير: وتبين لكم كيفية فعلنا بهم، على أنا لا نسلم امتناع التعليق عن المفعول الثاني في باب "كسا" لجواز أن يقول: اكسني كيف شئت، كما تقول: أرني كيف تفعل؛ لأنه سؤال عن مفعول به. قلته بحثًا، ولم أره مسطورًا، فإن صح سقط النظر الثاني، وصح عموم قول الناظم: 223- والثان منهما كثاني اثني كسا ... فهو به في كل حكم ذو ائتسا   1 البحر المحيط 2/ 297. 2 سقطت من "ط". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 391 باب الفاعل : "الفاعل" لغة من أوجد الفعل، واصطلاحًا "اسم" صريح ظاهر أو مضمر بارز أو مستتر "أو ما في تأويله" أي: الاسم "أسند إليه فعل" تام متصرف أو جامد، "أو ما في تأويله"، أي: الفعل، "مقدم"، أي: الفعل، وما في تأويله على المسند إليه، "أصلي المحل" في التقديم، "و" أصلي "الصيغة. فالاسم" الصريح الظاهر، "نحو: {تَبَارَكَ اللَّهُ} [الأعراف: 54] ، والمضمر نحو: تباركت يا الله، والمستتر نحو: أقوم وقم، "والمؤول به"، أي: بالاسم ما اقترن بسابك لفظًا أو تقديرًا، والسابك هنا أنّ وأنْ، وما دون لو وكي، "نحو: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا} [العنكبوت: 51] ، أي: إنزالنا، {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ} [الحديد: 16] ، و: [من الوافر] 324- يسر المرء ما ذهب الليالي ... ............................... أي: ذهابها، ولا يقدر من هذه الأحرف إلا "أنْ" خاصة, نحو: وما راعني إلا يسير، ولا تقدر "أنّ" المشددة، ولا "ما" لعدم ثبوته، ولا يقدر فاعل مؤول بالاسم من غير سابك من هذه الأحرف الثلاثة عند البصريين، خلافًا للكوفيين، ولا حجة لهم في نحو: {ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ} [يوسف: 35] ، حيث أولوا "ليسجننه" بالسجن، بفتح السين على أنه فاعل "بدا" لاحتمال أن يكون فاعل "بدا"   324- عجز البيت: "وكان ذهابهن له ذهابا" ، وهو بلا نسبة في الأشباه والنظائر 3/ 37، والجنى الداني ص331، والدرر 1/ 142، وشرح التسهيل 1/ 225، 2/ 105، وشرح قطر الندى ص41، وشرح المفصل 8/ 142، 143، وهمع الهوامع 1/ 81. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 392 ضميرًا مستترًا فيه راجعًا إلى المصدر المفهوم منه، والتقدير: ثم بدا لهم بداء، كما جاء مصرحًا به في نحو قول الشاعر: [من الطويل] 325- ................... ... بدا لي من تلك القلوص بداء وإليه ذهب المبرد ومن وافقه. "والفعل كما مثلنا" من نحو: {تَبَارَكَ اللَّهُ} [الأعراف: 54] ، {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا} [العنكبوت: 51] ، "ومنه" أي: من الفعل نحو: "أتى زيد ونعم الفتى، ولا فرق في ذلك بين المتصرف" كـ"أتى" "والجامد" كـ"نعم"، "والمؤول بالفعل" يشمل اسم الفاعل، "نحو: {مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ} [النحل: 69] ، فـ"مختلف" في تأويل يختلف، و"ألوانه" فاعل، وصح إعماله لاعتماده على موصوف محذوف، والتقدير: صنف مختلف ألوانه، ولا فرق في اسم الفاعل بين السالم كما مثل، "و" غير السالم، "نحو: منيرًا وجهه، في قولك: أتى زيد منيرًا وجهه"، وهو المشار إليه في النظم بقوله: 225- الفاعل الذي كمرفوعي أتى ... زيد منيرًا وجهه نعم الفتى فـ"أتى" فعل ماض، و"زيد" فاعل، و"منيرًا" حال من "زيد"، و"وجهه" فاعل "منيرًا", وصح عمله فيه لاعتماده على صاحب الحال وهو "زيد"، وأمثلة المبالغة نحو، ضراب أو ضروب أو مضراب أو ضريب أو ضرب زيد. والصفة المشبهة نحو: زيد حسن الوجه. واسم التفضيل نحو قوله: [من الخفيف] 326- ما رأيت امرأ أحب إليه الـ ... ـبذل منه إليك يابن سنان والمصدر نحو قوله: [من الطويل] 327- ألا إن ظلم نفسه المرء بين ... ...............................   325- صدر البيت: "لعلك والموعود حق لقاؤه" والبيت لمحمد بن بشير في ديوانه ص29، والأغاني 16/ 77، وخزانة الأدب 9/ 213، 215، والدرر 1/ 519، وشرح شواهد المغني ص810، وللشماخ بن ضرار في ملحق ديوانه ص427، ولسان العرب 14/ 66 "بدا" وبلا نسبة في الخصائص 1/ 340، وسمط اللآلي ص705، وشرح شذور الذهب ص167، ومغني اللبيب ص388، والهوامع 1/ 247. 326- البيت بلا نسبة في الدرر 2/ 336، وشرح شذور الذهب ص416، وشرح عمدة الحافظ ص773، وشرح قطر الندى ص282، وهمع الهوامع 2/ 102. 327- عجز البيت: "إذ لم يصنها عن هوى يغلب العقلا" وهو بلا نسبة في شرح قطر الندى ص267. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 393 واسم المصدر نحو: عجبت من عطاء الدنانير زيد، واسم الفعل نحو: [من الطويل] 328- فهيهات هيهات العقيق ....... ... ................................... والظرف وعديله المعتمدين، نحو: "وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابُ" [الرعد: 43] ، و {أَفِي اللَّهِ شَكٌّ} [إبراهيم: 10] قاله أبو حيان. أو اسم موضوع موضع الفعل نحو: إياك أنت وزيد أن تخرجا، ففي إياك ضمير مستتر مرفوع على الفاعلية، ولذلك أكد بالمنفصل المرفوع وعطف عليه المرفوع، فـ"إياك" وضع موضع "احذر" ا. هـ. وقولنا: تام مخرج للفعل الناقص، نحو: كان زيد قائمًا فإن "زيد" لا يسمى فاعلًا حقيقة في الاصطلاح. "وقوله: مقدم رافع لتوهم دخول" "زيد" من "نحو: زيد قام"، في حد الفاعل، خلافًا للكوفيين بل "زيد" مبتدأ، "وقام" متحمل لضميره، والجملة خبره، وينبغي أن يقيد ذلك بالاختيار، فقد حكى ابن مالك عن الأعلم وابن عصفور أنهما قالا في: [من الطويل] 329- ................. وقلما ... وصال على طول الصدود يدوم إن "وصال" فاعل "يدوم" المذكور، لا محذوف، وإن الذي سوغ ذلك الضرورة1، ا. هـ. "و" قوله "أصلي المحل" قيد "مخرج لنحو: قائم زيد, فإن" "زيد" فاعلا؛ لأن المسند و"هو "قائم"" مقدم اللفظ. و"أصله التأخير؛ لأنه خبر"، و"زيد" مبتدأ، هذا قول جمهور البصريين، وذهب الأخفش والكوفيون إلى جواز كون "قائم" مبتدأ، وإن لم يعتمد على نفي أو استفهام، و"زيد" فاعل سد مسد الخبر، فعلى قولهم يجب إدخاله في الحد، ولا يحتاج إلى قوله: أصلي المحل، "وذكر" أصالة "الصيغة" قيد "مخرج لنحو: ضرب زيد، بضم أول الفعل وكسر ثانيه، فإنها" صيغة غير أصلية،   328- تقدم تخريج البيت برقم 139. 329- صدر البيت: "صددت وأطولت الصدود وقلما" والبيت للمرار الفقعسي في ديوانه ص480، والأزهية ص91، وخزانة الأدب 10/ 226، 227، 229, 231، والدرر 2/ 263، 579، وشرح أبيات سيبويه 1/ 105، وشرح شواهد المغني 2/ 717، ومغني اللبيب 1/ 307، 2/ 582، 590, وبلا نسبة في الإنصاف 1/ 144، وخزانة الأدب 1/ 145، والخصائص 1/ 143، 257، وشرح المفصل 7/ 116، 8/ 132، 10/ 76، وضرائر الشعر ص201، والكتاب 1/ 31، 3/ 115، والتصريف ولسان العرب 11/ 412 "طول"، 564 "قلل"؛ والمحتسب 1/ 96، والمقتضب 1/ 84، والممتع في التصريف 2/ 482، والمنصف 1/ 191، 2/ 69، وهمع الهوامع 2/ 83، 224. 1 انظر ضرائر الشعر ص201، وشرح التسهيل 2/ 109. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 394 لأنها "مفرعة عن "ضرب"، بفتحهما" على الصحيح عند جمهور البصريين، فـ"زيد" ليس فاعلا بل نائب عن الفاعل, وعلى القول بأنها صيغة أصلية تحتاج إلى قيد لإخراج نائب الفاعل، ومخرج لنحو: مضروب زيد، فإنها مفرعة عن ضارب، ومخرج لنحو: أعجبني قراءة في الجامع القرآن. فالمصدر هنا بمعنى المفعول1؛ لأنه واقع موقع فعل مبني للمفعول، فصيغته مفرعة عن صيغة المبني للفاعل تقديرًا، والقرآن نائب الفاعل به، والتقدير: يعجبني أن يقرأ في الجامع القرآن، وسم الحد بعد ذلك للفاعل. "وله أحكام" سبعة: "أحدها: الرفع"؛ لأنه عمدة إذ لا يستغني الكلام عنه، ورافعه المسند وفاقًا لسيبويه2 لا الإسناد خلافًا لخلف الأحمر3، وقد ينصب شذوذا إذا فهم المعنى، سمع من كلامهم: خرق الثوب المسمار، وكسر الزجاج الحجر، برفع أولهما، ونصب ثانيهما، وجعله ابن الطراوة قياسًا مطردًا، واستأنس له بعضهم بقراءة عبد الله بن كثير: "فَتَلَقَّى آدَمَ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٌ" [البقرة: 37] ، بنصب "آدم"، ورفع "كلمات4"، وفيه نظر، لإمكان حمله على الأصل؛ لأن من تلقى شيئًا فقد تلقاه الآخر. "وقد يجر لفظًا بإضافة المصدر نحو: {لَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ} [البقرة: 251] فـ"الله" فاعل، و"الناس" مفعول، والتقدير: ولولا أن يدفع الله الناس، "أو" يجر بإضافة "اسمه"، أي: المصدر، "نحو" قول عائشة رضي الله عنها: "من قبلة الرجل امرأته الوضوء"5 فـ"الوضوء" مبتدأ مؤخر، و"من قبلة الرجل" خبر مقدم و"قبلة" بضم القاف اسم مصدر قبل، و"الرجل" فاعله، "وامرأته" مفعول، وسيأتي أن اسم المصدر غير العلم والميمي إنما يعمل عند الكوفيين والبغداديين، "أو" يجر "بـ"من" أو الباء الزائدتين". فالأول "نحو: {أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ} [المائدة: 19] ، أي: ما جاءنا بشير. والثاني نحو: {كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} [النساء: 79] أي: كفى الله. والثالث نحو: {هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ} [المؤمنون: 36] ، أي: هيهات ما توعدون.   1 في "ب": "مبني". 2 الكتاب 1/ 33، 34. 3 الارتشاف 2/ 180، والمساعد 1/ 386. 4 وقرأها كذلك: ابن عباس ومجاهد، والرسم المصحفي برفع "آدم" ونصب "كلمات"، انظر الإتحاف ص134، والنشر 2/ 211. 5 الموطأ ص40. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 395 الحكم "الثاني: وقوعه بعد المسند" وهذا مستفاد من قوله في الحد مقدم، أي: على الفاعل، ولكن ذكره توطئه لقوله: "فإن وجد" في اللفظ "ما ظاهره أنه فاعل تقدم" على المسند" "وجب تقدير الفاعل ضمير مستترًا" في المسند، "وكون" المسند إليه "المقدم إما مبتدأ في نحو: زيد قام" ففي "قام" ضمير مستتر مرفوع على الفاعلية عائد على "زيد" و"زيد" مبتدأ, و"قام" وفاعله خبر "زيد"، "وإما فاعلًا" حال كونه "محذوف الفعل في نحو: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ} [التوبة: 6] ، فـ"أحد" مبتدأ، و"استجارك" خبره من غير حذف؛ "لأن أداة الشرط" موضوعة لتعليق فعل بفعل فهي "مختصة بالجمل الفعلية" على الأصح عند جمهور البصريين خلافًا للأخفش1 والكوفيين فيجوز عندهم أن يكون "أحد" مبتدأ، وسوغ الابتداء به تقدم الشرط عليه أو نعته بالمجرور بعده، و"استجارك" خبره "وجاز الأمران" الابتدائية والفاعلية "في نحو: {أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا} " [التغابن: 6] فـ"بشر" يجوز أن يكون مبتدأ, وسوغ الابتداء به تقدم الاستفهام عليه, وجملة "يهدوننا" خبره, ويجوز أن يكون فاعلًا بفعل محذوف يفسره "يهدوننا" والتقدير: أيهدينا بشر يهدوننا، والأرجح الفاعلية؛ لأن الغالب في الهمزة دخولها على الأفعال، "و" جاز الأمران في: " {أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ} " [الواقعة: 59] ، فـ"أنتم" يجوز أن يكون مبتدأ، و"تخلقونه" خبره، ويجوز أن يكون فاعل فعل محذوف يفسره المذكور، والأصل: أتخلقون تخلقونه، فحذف الفعل احترازًا عن العبث لوجود المفسر، ثم أبدل من الضمير المتصل به ضميرًا منفصلا على ما هو القانون عند حذف العامل، "والأرجح الفاعلية"؛ لأن الاستفهام بالفعل أولى منه بالاسم، وعورض بأن في الفعلية تخالفًا في عطف جملة2 {أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ} [الواقعة: 59] عليه، وفي الابتدائية تناسبًا، والتناسب أولى من التخالف، ومن ثم قال الموضح2، في المغنى3: وتقدير الاسمية في "أأنتم تخلقونه" أرجح منه في "أبشر يهدوننا" لمعادلتها الاسمية وهي "أم نحن الخالقون". وهذه الأرجحية وإن كانت بالنسبة إلى شيء خاص مطلوبة في الجملة لأجل المعادلة، وإذا تعارض المرجحان تساقطا، وبقي الوجهان على السواء، وما ذكره من   1 انظر معاني القرآن للأخفش 2/ 550، وشرح التسهيل 2/ 110. 2 سقطت من "ب". 3 مغني اللبيب ص495. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 396 وجوب تأخير الفاعل عن المسند وهو مذهب البصري "وعن الكوفي جواز تقديم الفاعل" عن المسند "تمسكًا بنحو قول الزباء" بفتح الزاي والباء الموحدة المشددتين والمد، ملكة الجزيرة، وتعد من ملوك الطوائف: [من الرجز] 330- "ما للجمال مشيها وئيدا" ... أجندلا يحملن أم حديدًا وجه التمسك أن "مشيها" روي مرفوعًا، ولا جائز أن يكون مبتدأ إذ لا خبر له في اللفظ إلا "وئيدًا" وهو منصوب على الحال فتعين أن يكون فاعلًا بـ"وئيدًا" مقدمًا عليه فقد تقدم الفاعل على المسند وهو المدعي، و"وئيدًا" بفتح الواو وكسر الهمزة وبعدها ياء مثناة تحت فدال مهملة التؤدة، قاله الجوهري1 وفي القاموس2: الوئيد الرزانة والتأني. "وهو عندنا" معشر البصريين "ضرورة" تبيح تقديم الفاعل على المسند كما تقدم، "أو "مشيها" مبتدأ حذف خبره" لسد الحال مسده, "أي: يظهر "وئيدًا"، كقولهم: حكمك مسمطًا3" فـ"حكمك" مبتدأ حذف خبره لسد الحال مسده، "أي: حكمك لك مثبتًا قبل أو "مشيها" بدل من ضمير الظرف" المنتقل إليه بعد حذف الاستقرار. وذلك أن "ما" الاستفهامية في محل رفع على الابتداء، و"للجمال" خبره، وهو جار ومجرور، وفيه ضمير مستتر مرفوع على الفاعلية عائد على "ما"، وهذه التخريجات ضعيفة، أما الضرورة فلا داعي إليها لتمكنها من النصب على المصدرية، أو الجر على البدلية من "الجمال" بدل شتمال، وأما الابتدائية فتخريج على شاذ، كما مر في بابه, وأما الإبدال من الضمير؛ فلأنه إما بدل أو اشتمال، وكلاهما لا بد فيه من ضمير يعود على المبدل منه لفظًا أو تقديرًا، وعلى تقدير تكلفه ففيه ضعف من وجه آخر، وهو أن الضمير المستتر في الظرف ضمير "ما" الاستفهامية، وإذا أبدل "مشيها"   330- الرجز للزباء في لسان العرب 3/ 443، "وأد" 3/ 193، "صرف" 100/ 148، "زهق" وأدب الكاتب ص222، والأغاني 15/ 256، وأوضح المسالك 2/ 86، وجمهرة اللغة ص742، 1237، وخزانة الأدب 7/ 295، والدرر 1/ 355، وشرح الأشموني 1/ 169، وشرح شواهد المغني 2/ 912، وتاج العروس 9/ 248، "وأد"، 24/ 17 "صرف"، وشرح عمدة الحافظ ص179، ومغني اللبيب 2/ 581، وللزباء أو للخنساء في المقاصد النحوية 2/ 448، وبلا نسبة في همع الهوامع 1/ 159، ومقاييس اللغة 6/ 78، وكتاب العين 7/ 111، وأساس البلاغة "وأد". 1 الصحاح "وأد". 2 القاموس المحيط "وأد". 3 المثل في مجمع الأمثال 1/ 212، وجمهرة الأمثال 1/ 341، 374. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 397 منه وجب أن يقترن بهمزة الاستفهام؛ لأن حكم ضمير الاستفهام حكم ظاهر كما صرح به في المغني1. فإن قلت: ما فائدة الخلاف بين أهل البلدين؟ قلت: فائدته تظهر في التثنية والجمع, فتقول على رأي الكوفيين الزيدان قام, والزيدون قام, بالإفراد فيهما، ولا يجوز ذلك على رأي البصريين، بل لا بد من الضمير المطابق في "قام"2. الحكم "الثالث" من أحكام الفاعل: "أنه" عمدة "لا بد منه" لأن المسند حكم، ولا بد للحكم من محكوم عليه "فإن ظهر" الفاعل "في اللفظ" بأن نطق به ظاهرًا كان أو مضمرًا "نحو: قام زيد والزيدان قاما، فذاك" واضح "وإلا" يظهر في اللفظ "فهو ضمير مستتر راجع إما لمذكور" متقدم على المسند "كزيد قام، كما مر" في الحكم الثاني، ففي "قام" ضمير مستتر مرفوع على الفاعلية راجع إلى "زيد" المذكور قبله "أو" راجع "لما دل عليه الفعل" المسند المستتر فيه الضمير، "كالحديث: "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن" 3. ففي "يشرب" ضمير مستتر مرفوع على الفاعلية راجع إلى "الشارب" الدال عليه "يشرب" بالالتزام، "أي: ولا يشرب هو، أي: الشارب"؛ لأن "يشرب" يستلزم شاربًا، بالإلتزام، "أي: ولا يشرب هو، أي: الشارب"؛ لأن "يشرب" يستلزم شاربًا، وحسن ذلك تقدم نظيره وهو "لا يزني الزاني"، وليس براجع إلى "الزاني" لفساد المعنى، "أو" راجع "لما دل عليه الكلام، أو" دل عليه "الحال المشاهدة"، فالأول "نحو: {كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِي} [القيامة: 26] ، ففي "بلغت" ضمير مستتر مرفوع على الفاعلية راجع إلى "الروح" الدال عليها سياق الكلام، "أي: إذا بلغت" هي، أي: "الروح"، و"التراقي" أعالي الصدر. "و" الثاني: "نحو قولهم" أي: العرب "إذا كان غدا فأتني"، بنصب "غدًا"، و"قوله" وهو سوار بن المضرب حين هرب من الحجاج خوفا على نفسه: [من الطويل] 331- "فإن كان لا يرضيك حتى تردني" ... إلى قطري لا إخالك راضيا   1 مغني اللبيب ص758. 2 انظر شرح ابن عقيل 1/ 456. 3 أخرجه البخاري في كتاب الحدود برقم 6400. 331- البيت لسوار بن المضرب في المقاصد النحوية 2/ 451، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 90، وخزانة الأدب 10/ 479، والخصائص 2/ 433، وشرح الأشموني 1/ 169، وشرح المفصل 1/ 80، والمحتسب 2/ 192، وشرح التسهيل 2/ 123، 3/ 264. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 398 ففي "كان" فيهما ضمير مستتر مرفوع بـ"كان" مدلول عليه بالحال المشاهدة فيهما، "أي: إذا كان هو، أي: ما نحن الآن عليه من سلامة" في غد، هذا في المثال، "و" في البيت، "فإن كان هو، أي: ما تشاهده مني" ففيه لف ونشر على الترتيب، ويجوز في "كان" فيهما أن تكون تامة، وأن تكون ناقصة، فإن جعلتها ناقصة كان "غدًا" في المثال و"لا يرضيك" في البيت في موضع خبرها، وإن جعلتها تامة كان "غدًا" منصوبا على الظرفية متعلقًا بـ"كان"، و"لا يرضيك" في موضع الحال من فاعل "كان"، وحكى سيبويه1: إذا كان غد، بالرفع على أنه فاعل "كان" وقد قيل: إن النصب لغة تميم، والرفع لغة غيرهم، وقطري، بفتح القاف والطاء المهملة وكسر الراء وتشديد الياء آخر الحروف هو قطري بن الفجاءة الخارجي، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 226- وبعد فعل فاعل فإن ظهر ... فهو وإلا فضمير استتر ففهم منه أنه لا يجوز حذف الفاعل. "وعن الكسائي إجازة حذفه2" وتبعه السهيلي "تمسكًا بنحو ما أولناه" من الآية والحديث والمثال والبيت. ويطرد حذف الفاعل في أربعة مواضع في باب النائب عن الفاعل، نحو: {قُضِيَ الْأَمْرُ} [يوسف: 41] ، وفي الاستثناء المفرغ نحو: ما قام إلا هند، وفي "أفعل" بكسر العين في التعجب إذ دل عليه متقدم مثله، نحو: {أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ} [مريم: 38] ، وفي المصدر نحو: {أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ، يَتِيمًا} [البلد: 14، 15] . الحكم "الرابع: أنه يصح حذف فعله" جوازًا "إن أجيب به نفي كقولك: بلى زيد" جوابًا "لمن قال: ما قام أحد"، فـ"زيد" فاعل فعل محذوف دل عليه مدخول النفي, والجملة فعلية, "أي: بلى قام زيد" ليطابق الجواب مدخول النفي في الفعلية، ولو جعل مبتدأ حذف خبره لم يطابق، "ومنه قوله:" [من الطويل] 332- "تجلدت حتى قيل لم يعر قلبه ... من الوجد شيء قلت بل أعظم الوجد" فـ"أعظم الوجد" فاعل فعل محذوف، دل عليه مدخول النفي، والتقدير: بل عراه أعظم الوجد، و"تجلدت" من التجلد، وهو التصبر على الهموم ونحوها، "ولم يعر"   1 الكتاب 1/ 224. 2 في شرح الكافية الشافية 2/ 600: "أجاز الكسائي وحده حذف الفاعل إذ دل عليه دليل". 332- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 92، وتخليص الشواهد ص478، وشرح الأشموني 1/ 172، والمقاصد النحوية 2/ 453، وشرح التسهيل 2/ 120. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 399 بالعين والراء المهملتين، من: عراه الأمر: إذا غشيه، و"قلبه" مفعول "يعر" و"شيء" فاعله، و"بل" للإضراب، و"أعظم الوجد" شدة الشوق. "أو" أجيب به "استفهام محقق"، أي: ملفوظ به، "نحو: نعم زيد، جوابًا لمن قال: هل جاءك أحد؟ " فـ"زيد" فاعل فعل محذوف دل عليه مدخول الاستفهام، ولم يجعله مبتدأ حذف خبره لفوات مطابقة الجواب للسؤال، "ومنه: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} " [الزخرف: 87] ، فـ"الله" فاعل بفعل محذوف دل عليه مدخول الاستفهام، والتقدير: خلقنا الله؛ لأن مثل هذا الكلام عند تحقق ما فرض من الشرط والجزاء يكون جوابًا عن سؤال محقق, قاله التفتازاني1، وهو متعين لأن القضية الشرطية لا تستدعي الوقوع ولا عدمه، ثم قال: والدليل على أن المرفوع فاعل فعل محذوف لا مبتدأ أنه جاء عند عدم الحذف كذلك قوله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ} [الزخرف: 9] ا. هـ. وهو معارض بالمثل، فيقال: والدليل على أنه مبتدأ أنه قد جاء كذلك كقوله تعالى: {قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} [الأنعام: 63] ، إلى قوله: {قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا} [الأنعام: 64] وما يقال: إنه قدم لإفادة الاختصاص ممنوع؛ لأن الفاعل لا يجوز تقديمه على عامله على الأصح، والأحسن أن يقال إن الجملة الفعلية في هذا الباب أكثر فالحمل عليها أولى وإن كانت لا تطابق جملة السؤال في الاسمية. "أو" أجيب به استفهام "مقدر" يدل على تقديره لفظ الفعل المبني للمفعول، قاله السيد عبد الله، "كقراءة الشامي وأبي بكر2: "يُسَبَّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ، رِجَالٌ" [النور: 36، 37] ، فـ"يسبح" مضارع مبني للمفعول، و"له" نائب الفاعل، وأوجبه الخفاف لخفاء الإعراب، وعدم القرينة. وقال الموضح في الحواشي لا يجب، بل هو أولى مما بعده. و"الآصال" جمع أصل، بضمتين، و"أصل" جمع أصيل، ويجمع آصال على أصائل، و"رجال" فاعل فعل محذوف دل عليه مدخول الاستفهام المقدر، وكأنه لما قيل: يسبح له فيها بالغدو والآصال، قيل: من يسبحه، فقيل، يسبحه رجال، ثم حذف الفعل لإشعار "يسبح" المبني للمفعول به، ولا يصح إسناد "رجال" إلى الفعل المذكور المبني للمفعول لفساد المعنى؛ لأن الرجال ليسوا مسبحين، بفتح الباء، بل مسبحين بكسرها، فالوقف دونهم.   1 انظر المطول "شرح التلخيص" 2/ 14. 2 انظر القراءة في النشر 2/ 332. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 400 "وقوله": وهو ضرار بن نهشل يرثي أخاه يزيد بن نهشل، كما قال التفتازاني1 والنيلي، وقال أبو عبيدة: وهو مهلهل، وقال العيني2: هو نهشل، وقال بعضهم3: هو الحارث بن نهيك النهشلي: [من الطويل] 333- "ليبك يزيد ضارع لخصومة" ... ومختبط مما تطيح الطوائح فـ"ضارع" فاعل فعل محذوف دل عليه مدخول الاستفهام المقدر، كأنه قيل: من يبكيه: فقيل: ضارع، أي: يبكيه ضارع، ثم حذف الفعل. كما قيل: إن "رجال" فاعل فعل محذوف، "أي: يسبحه رجال، ويبكيه ضارع"، و"يزيد" نائب فاعل "يبك" المجزوم بلام الأمر، والضارع الفقير الذليل، والمختبط: الذي يأتي إليك للمعروف من غير وسيلة، وتطيح من الإطاحة، وهي: الإذهاب والإهلاك، والطوائح: جمع مطيحة على غير قياس، كلواقح جمع ملقحة، والقياس المطاوح والملاقح، و"من" تعليلية متعلقة بـ"مختبط"، و"ما" مصدرية، والمعنى: ليبك يزيد رجلان ذليل ومتوقع معروف لأجل إذهاب المنايا بيزيد، ويروى: ليبك: ببناء الفعل للفاعل، و"يزيد" مفعوله، و"ضارع" فاعله، وفي كل من الروايتين وجه حسن. أما الأولى فمن جهة جعل "يزيد" الذي هو ملاذ الضعفاء في صورة العمدة وأما الثانية فمن جهة عدم الحذف. "وهو" أي: حذف فعل الفاعل كما في الآية والبيت "قياسي، وفاقًا للجرمي4" بفتح الجيم، نسبة إلى بني جرم قبيلة مشهورة، واسمه صالح بن إسحاق، وكنيته أبو عمرو، "وابن جني5"، بكسر الجيم وإسكان الياء ليس منسوبًا، وإنما هو معرب،   1 انظر المطول 2/ 14. 2 المقاصد النحوية 2/ 454. 3 خزانة الأدب 1/ 303. 333- البيت للحارث بن نهيك في خزانة الأدب 1/ 303، وشرح شواهد الإيضاح ص94، وشرح المفصل 1/ 80، والكتاب 1/ 288، وللبيد بن ربيعة في ملحق ديوانه ص362، ولنهشل بن حري في خزانة الأدب 1/ 303، ولضرار بن نهشل في الدرر 1/ 358، ومعاهد التنصيص 1/ 202، وللحارث بن ضرار في شرح أبيات سيبويه 1/ 110، ولنهشل أو للحارث أو لضرار أو لمزرد بن ضرار أو للمهلهل في المقاصد النحوية 2/ 454، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 345، 7/ 24، وشرح ابن الناظم ص161, وأمالي ابن الحاجب ص447, 789, وأوضح المسالك 2/ 93, وتخليص الشواهد ص478، وخزانة الأدب 8/ 139، والخصائص 2/ 353، 424. 4 الارتشاف 2/ 181. 5 الخصائص 2/ 424، وانظر الارتشاف 2/ 181، 182. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 401 كني، واسمه أبو الفتح، وهما من البصريين أجاز: أُكل الطعام زيد، وشرب الماء عمرو، بالبناء للمفعول فيهما، ومذهب الجمهور أنه لا ينقاس1، والمرفوع في الآية والبيت خبر مبتدأ محذوف، والتقدير: المسبح له رجال، والباكي ضارع صرح بالتقدير الأول أبو حيان2، وبالثاني صاحب البسيط. "و" على القياس "لا يجوز في نحو: يوعظ" بالبناء للمفعول "في المسجد رجل" أن يجعل "رجل" فاعل فعل محذوف، "لاحتماله للمفعولية"، والرفع بالنيابة عن الفاعل، فيقع اللبس، فيجب أن يكون مرفوعًا على النيابة عن الفاعل، "بخلاف: يوعظ في المسجد رجال زيد"، فإنه يجوز أن يجعل "زيد" فاعل فعل محذوف لعدم احتماله للمفعولية؛ لأن الفعل المبني للمفعول رفع "رجال" على النيابة عن الفاعل ونائب الفاعل لا يكون إلا واحدا, كالفاعل، وكأنه لما قيل: من يعظهم قيل: زيد، أي: يعظهم زيد، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 229- ويرفع الفاعل فعل أضمرا ... كمثل زيد في جواب من قرا "واستلزمه"، أي: استلزم الفعل الرافع للفاعل "ما" ذكر "قبله" من فعل "كقوله" وهو الفرزدق: [من الطويل] 334- "غداة أحلت لابن أصرح طعنة حصين عبيطات السدائف والخمر" فـ"الخمر" مرفوع بفعل محذوف يستلزمه "أحلت"، "أي: وحلت له الخمر؛ لأن: أحلت" المزيد "يستلزم: حلت" المجرد، وحكي أن الكسائي سئل بحضرة يونس بن حبيب عن توجيه رفع "الخمر" في هذا البيت فقال: بإضمار فعل, أي: وحلت الخمر, فقال يونس: ما أحسن والله ما وجهته غير أني سمعت الفرزدق: ينشده بنصب "طعنة"، ورفع "عبيطات" على جعل الفاعل مفعولًا، نقله محمد بن سلام، و"غداة" نصب على الظرفية، و"طعنة" فاعل "أحلت" و"حصين" بالجر بدل من "ابن أصرم"، أو عطف بيان عليه، "وعبيطات" مفعول "أحلت", والعبيط، بالعين المهملة: الطري من اللحم، و"السدائف" بالسين المهملة والفاء آخره: سقف السنام، وغيره مما غلب   1 الارتشاف 2/ 181. 2 الارتشاف 2/ 182. 334- البيت للفرزدق في ديوانه 1/ 254، وسمط اللآلي ص367، والمقاصد النحوية 2/ 456، وبلا نسبة في الإنصاف 1/ 187، وأوضح المسالك 2/ 96، وشرح المفصل 1/ 32، 8/ 70, وشرح التسهيل 2/ 119، 3/ 254. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 402 عليه السمن، وكان حصين بن أصرم قد قتل له قريب فحرم على نفسه شرب الخمر, وأكل اللحم الطري حتى يقتل قاتل قريبه، فلما طعنه وقتله أحلت له الطعنة شرب الخمر وأكل اللحم الطري. "أو فسره" أي: فسر الفعل الرافع للفاعل "ما بعده" من فعل نحو: " {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ} [التوبة: 6] فـ"أحد" فاعل فعل محذوف يفسره "استجارك" والتقدير: وإن استجارك أحد استجارك. "والحذف في هذه" الصورة الآخيرة "واجب"؛ لأن "استجارك" المذكور كالعوض من "استجارك" المحذوف ولا يجمع بين العوض والمعوض. وتقدم الخلاف فيهما. والحكم "الخامس" من أحكام الفاعل "أن فعله" وما هو بمنزلته "يوحد مع تثنيته وجمعه، كما يوحد مع إفراده، فكما تقول: قام أخوك" وأقائم أخوك، "كذلك تقول: قام أخواك" وأقائم أخواك. "وقام إخوتك"، وأقائم إخوتك. "وقام نسوتك" وأقائم نسوتك، بتوحيد المسند في الجميع؛ لأنه لو قيل: قاما أخواك وقاموا إخوتك، وقمن نسوتك, لتوهم أن الاسم الظاهر مبتدأ مؤخر، وما قبله فعل وفاعل خبر مقدم، وكذا في تثنية الوصف وجمعه، فالتزم توحيد المسند دفعًا لهذا الإيهام، وهذا هو الفرق بين التثنية والجمع، وبين التأنيث حيث ألحقوا علامة للتأنيث دون علامتي التثنية والجمع؛ لأن علامة التأنيث ليست بعلامة إضمار فلا تلتبس بعلامة الإضمار، ولغة التوحيد هي الفصحى، وبها جاء التنزيل: "قال تعالى: {قَالَ رَجُلَانِ} [المائدة: 23] {وَقَالَ الظَّالِمُونَ} [الفرقان: 8] ، {وَقَالَ نِسْوَةٌ} [يوسف: 30] وإليها أشار الناظم بقوله: 227- وجرد الفعل إذا ما أسندا ... لاثنين أو جمع كفاز الشهدا "وحكى البصريون عن طيئ، و" حكى "بعضهم عن أزد شنوءة"، بفتح الهمزة وسكون الزاي أو السين، قال في الصحاح1: أزد: أبو حي من اليمن، وهو بالسين أفصح، يقال: أزد شنوءة وأزد عمان وأزد السراة. واختلف في تسميته أزدا وأسدا، فقيل: لأنه كثير العطاء، فقيل له ذلك لكثرة من يقول: أسدي إلى كذا، أو أزدي إلى كذا. وقيل: لأنه كان كثير النكاح، والأزد والأسد: النكاح، وشنوءة بفتح الشين المعجمة وضم النون وفتح الهمزة، "نحو: ضربوني قومك وضربنني نسوتك وضرباني أخواك"، وفي   1 الصحاح "أزد". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 403 الحديث "أو مخرجي هم" 1 قاله -صلى الله عليه وسلم- لما قال له ورقة بن نوفل: "وددت أن أكون معك إذ يخرجك قومك"، والأصل: أومخرجوي هم، فقلبت الواو ياء وأدغمت الياء في الياء، "وقال" عمرو بن ملقط الجاهلي: [من السريع] 335- "ألفيتا عيناك عند القفا" ... أولى فأولى لك ذا واقيه فـ"ألفيتا" بالبناء للمفعول فعل ماض، و"عيناك" نائب الفاعل، فألحق الفعل علامة التثنية مع إسناده إلى الظاهر، ونائب الفاعل كالفاعل، و"عند" ظرف بمعنى: قرب، متعلق بـ"ألفيتا" و"ذا واقيه" حال من مضاف إليه، وهو الكاف، و"واقيه" مصدر معناه الواقية كالكاذبة مصدر معناه الكذب: "وأولى فأولى لك" دعاء، أي: قاربك، وهذ البيت يصف به رجلا يهرب إذا اشتد الوطيس فهو يلتفت إلى ورائه مخافة يتبع فتلفى عيناه عند قفاه من شدة الالتفات، "وقال" أمية: [من المتقارب] 336- "يلومونني في اشتراء النخيـ ... ـل أهلي فكلهم ألوم" فـ"أهلي" فاعل "يلومونني" فألحق الفعل علامة الجمع مع أنه مسند إلى الظاهر, و"اشتراء" مصدر مضاف إلى مفعوله، وحذف فاعله، ويروى: اشترائي النخيل بإضافة المصدر إلى فاعله، ونصب مفعوله، و"كلهم" مبتدأ، و"ألوم" بفتح الواو غير مهموز خبره، وهو اسم تفضيل من ليم، بالبناء للمفعول، كقيل، أي: وكلهم أكثر ملومية، واللوم: العذل، ويروى: وكلهم يعذل، وبعده2: وأهل الذي باع يلحونه ... كما لحي البائع الأول   1 أخرجه البخاري في بدء الوحي برقم 3. 335- البيت لعمرو بن ملقط في تخليص الشواهد ص474، وخزانة الأدب 9/ 21، وشرح شواهد المغني 1/ 331, والمقاصد النحوية 2/ 458، ونوادر أبي زيد ص62، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 98، ورصف المباني ص19، وسر صناعة الإعراب 2/ 718، وشرح المفصل 3/ 88، والصاحبي في فقه اللغة ص177، ومغني اللبيب 2/ 371. 336- البيت لأمية بن أبي الصلت في ديوانه ص48، والدرر 1/ 356، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 363, وأوضح المسالك 2/ 100, وسر صناعة الإعراب 2/ 629, وشرح الأشموني 1/ 70, وشرح شواهد المغني 2/ 783، وشرح ابن عقيل 1/ 470، وشرح المفصل 3/ 87، 7/ 7, ومغني اللبيب 2/ 356، والمقاصد النحوية 2/ 460، وهمع الهوامع 1/ 160. 2 ورد هذا البيت في الدرر 1/ 357. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 404 "وقال" آخر: [من الكامل] 337- "نتج الربيع محاسنًا ... ألقحنها غير السحائب" فـ"غر" جمع غراء، ومؤنث أغر، بمعنى أبيض، فاعل ألقح، وألقحه علامة جمع المؤنث وهي النون، و"السحائب" جمع سحابة، والفعل والفاعل نعت "محاسنًا"، و"محاسن" جمع محسن كـ: مساوئ جمع مسوأ على غير قياس، والوصف في ذلك كالفعل، إلا أن الوصف إذا أسند إلى جماعة الإناث لحقه الألف والتاء دون النون، نحو: أقائمات الهندات. "والصحيح" عند سيبويه1 ومتابعيه "أن الألف والواو والنون في ذلك" المسموع "أحرف"، وأن طيئًا وأزد شنوءة "دلوا بها على التثنية والجمع" تذكيرا وتأنيثًا، "كما دل الجميع" من العرب "بالتاء في "قامت" على التأنيث" بجامع الفرعية عن الغير، فالمثنى والجمع فرع الإفراد، كما أن المؤنث فرع المذكر. قال سيبويه2: واعلم أن من العرب من يقول: ضربوني قومك، فشبهوا هذا بالتاء التي يظهرونها في: قالت فلانة، فكأنهم أرادوا أن يجعلوا للجمع علامة كما جعلوا للمؤنث علامة، ثم قال: وهي لغة قليلة. وإلى ذلك يشير قول الناظم: 228- وقد يقال سعدا وسعدوا ... والفعل للظاهر بعد مسند "لا أنها ضمائر للفاعلين، وما بعدها" من الظواهر مبتدأ وهي ما قبلها خبر "على التقديم" للخبر، "والتأخير" للمبتدأ "أو" ما بعدها "تابع" لها "على الإبدال من الضمير" بدل كل من كل. "و" الصحيح أيضًا "أن هذه اللغة" وهي إلحاق العلامات "لا تمتنع من المفردين أو المفردات المتعاطفة" بغير "أو" خلافًا لزاعمي ذلك"، بكسر ميم الجمع، أي: خلافًا لمن زعم أن الظواهر مبتدآت، ولمن زعم أنها إبدال، ولمن زعم امتناع هذه اللغة مع المتعاطفات، وإنما كان الصحيح أنها أحرف لا ضمائر "لقول الأئمة" من أهل اللغة "إن ذلك لغة لقوم معينين، وتقديم الخبر" كما يقول به الأول "والإبدال" من الضمير كما يقول به الثاني يجيزهما جميع العرب "ولا يختصان بلغة قوم بأعيانهم"، قاله ابن مالك في شرح التسهيل3، وإنما كان الصحيح أن هذه اللغة لا تمتنع   337- البيت لأبي فراس الحمداني في ديوانه ص28، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 102، والدرر 1/ 357، والمقاصد النحوية 2/ 460، وهمع الهوامع 1/ 160. 1 الكتاب 2/ 36. 2 الكتاب 2/ 40. 3 شرح التسهيل 2/ 117، وشرح الكافية الشافية 2/ 581. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 405 مع المتعاطفات "لمجيء قوله" وهو عبيد الله بن قيس الرقيات يرثي مصعب بن الزبير بن العوام رضي الله عنهما: [من الطويل] 338- تولى قتال المارقين بنفسه ... "وقد أسلماه مبعد وحميم" فألحق علامة التثنية وهي الألف في "أسلماه" مع المتعاطفين وهما "مبعد وحميم" و"المارقين"، الخوارج، من: مرق السهم مروقًا إذا خرج من الجانب الآخر، و"أسلماه": خذلاه، يقال: أسلمت فلانًا إذا لم تعنه ولم تنصره على عدوه، و"المبعد": اسم مفعول من الإبعاد، والمراد به الأجنبي من النسب، و"الحميم": القريب. "وقوله" وهو عروة بن الورد يمدح الغنى ويذم الفقر: [من الوافر] 339- ذريني للغنى أسعى فإني ... رأيت الناس شرهم الفقير وأحقرهم وأهونهم عليه ... "وإن كانا له نسب وخير" فألحق علامة التثنية وهي الألف في "كانا" مع المتعاطفين وهما "نسب وخير" بكسر الخاء المعجمة أي: الكرم، والمعنى: وإن كان للفقير نسب وكرم فهو أحقر الناس وأهونهم لأجل فقره، وبهذين البيتين رد أبو حيان على الخضراوي حيث قال: لا نعلم أحدًا يجيز: قاما زيد وعمرو، ولا قاموا زيد وعمرو وبكر، وقال الموضح في المغني1: وليس الرد بشيء؛ لأنه يمنع التخريج لا التركيب ا. هـ. والحكم "السادس" من أحكام الفاعل: "أنه إن كان مؤنثًا أنث فعله بتاء ساكنة في آخر الماضي"، جامدًا كان أو متصرفًا، تاما كان أو ناقصًا، وذلك مستفاد من قول الناظم: 230- وتاء تأنيث تلي الماضي إذا ... كان لأنثى ....................... "وبتاء المضارعة في أول المضارع" ولم يتعرض له في النظم، "ويجب ذلك" التأنيث "في مسألتين: أحدهما: أن يكون" الفاعل "ضميرًا متصلًا" لغائية حقيقية التأنيث أو مجازيته، ونعني بحقيقي التأنيث ما له فرج، والمجازي خلافه فالحقيقة:   338- البيت لعبيد الله بن قيس الرقيات في ديوانه ص196، وتخليص الشواهد 473، والدرر 1/ 356، وشرح شواهد المغني 2/ 784، 790، والمقاصد النحوية 2/ 461، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 106، والجنى الداني ص175، وجواهر الأدب ص109، وشرح ابن الناظم ص159، وشرح الأشموني 1/ 170، وشرح ابن عقيل 1/ 469، ومغني اللبيب 2/ 367، 371، وهمع الهوامع 1/ 160. 339- البيتان لعروة بن الورد في ديوانه ص91، والمقاصد النحوية 2/ 462. 1 مغني اللبيب ص481. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 406 "كـ: هند قامت أو تقوم، و" المجازية نحو: " الشمس طلعت أو تطلع"، وإنما وجب تأنيث الفعل في ذلك لئلا يتوهم أن ثم فاعلًا مذكرًا منتظرًا إذ يجوز أن يقال، هند قام أبوها، والشمس طلع قرنها، "بخلاف" الضمير "المنفصل، نحو:" هند "ما قام" إلا هي، "أو ما يقوم إلا هي"، والشمس ما طلع إلا هي، أو ما يطلع إلا هي، فالتذكير واجب في النثر لعدم التوهم المذكور؛ لأن الفعل لا يكون له فاعلان، وبخلاف قول المرأة الحاضرة: قمت أو أقوم، فإنه لا يمكن تأنيثه، وإن كان ضميرًا متصلًا لمؤنث "و" تاء التأنيث "يجوز تركها في الشعر" مع اتصال الضمير:"إن كان التأنيث مجازيا"، وإليه أشار الناظم بقوله: 234- ............... ومع ... ضمير ذي المجاز في شعر وقع "كقوله" وهو عامر بن جوين الطائي يصف سحابة وأرضا نافعتين1: [من المتقارب] 340- فلا مزنة ودقت ودقها ... "ولا أرض أبقل إبقالها" وكان القياس "أبقلت"؛ لأن الفاعل ضمير مؤنث متصل، ولكنه حذف التاء للضرورة، وقال ابن كيسان: يجوز ترك التاء في الكلام النثر، يقال: الشمس طلع، كما يقال: طلع الشمس؛ لأن التأنيث مجازي ولا فرق بين المضمر والظاهر، واستدل على ذلك بأن الشاعر كان يمكنه أن يقول: أبقلت إبقالها، بالنقل، فلما عدل عن ذلك مع تمكنه منه دل على أنه مختار لا مضطر: وأجيب بأنه إنما يثبت ما ذكره بعد ثبوت أن هذ الشاعر ممن يخفف الهمز بالنقل وغيره، فإن من العرب من لا يجيز في الهمز إلا التحقيق، وقد يعارض بالمثل، فيقال: إنما تثبت دعوى الضرورة بعد ثبوت كونه ممن لا يخفف الهمز بالنقل, ويؤيد ما قاله ابن كيسان أن الأعلم حكى في شرح أبيات كتاب سيبويه أنه روى2: أبقلت إبقالها   1 سقطت من "ب". 340- البيت لعامر بن جوين في تخليص الشواهد ص483، وخزانة الأدب 1/ 45، 49، 50، والدرر 2/ 540، وشرح شواهد الإيضاح ص339، 460، وشرح شواهد المغني 2/ 943، والكتاب 2/ 46، ولسان العرب 7/ 111 "أرض"، 11/ 60 "بقل"، والمقاصد النحوية 2/ 464، وتاج العروس "ودق" "بقل"، وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب 1/ 352، وأوضح المسالك 2/ 108، وشرح ابن الناظم ص163، وشرح أبيات سيبويه 1/ 57، وشرح ابن عقيل 1/ 480، ومغني اللبيب 2/ 656، وشرح المفصل 5/ 94، وهمع الهوامع 2/ 171. 2 شرح أبيات سيبويه 1/ 240. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 407 بتخفيف الهمزة، قال: ولا ضرورة فيه على هذا، إذ هذا دليل على أن قائله يجيز النقل، قال وعلى رواية تحقيق الهمزة إنما هو لتأويل الأرض بالمكان، فلا ضرورة ا. هـ. وفي هذا التأويل نظر؛ لأن الهاء في "إبقالها" يأباه. "وقوله" وهو الأعشى ميمون بن قيس في قصيدة يمدح بها رهط قيس بن معد يكرب ويزيد بن عبد الدار الحارثي: [من المتقارب] 341- فإما تريني ولي لمة ... "فإن الحوادث أودى بها" وكان القياس "أودت"؛ لأن الفاعل ضمير متصل، ولكنه حذف التاء ضرورة، و"اللمة" بكسر اللام، وتشديد الميم: شعر الرأس دون الجمة، و"الحوادث" جمع حادثة، والجمع في معنى الجماعة والجماعة مؤنث مجازي، وقيل: المراد الحدثان الليل والنهار، و"أودى" بمعنى: هلك يتعدى بالباء. "و" المسألة "الثانية" من وجوب التأنيث "أن يكون" الفاعل ظاهرًا "متصلا" بالفعل، "حقيقي التأنيث نحو: {إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ} [آل عمران: 35] وإلى هاتين المسألتين أشار الناظم بقوله: 231- وإنما تلزم فعل مضمر ... متصل أو مفهم ذات جر "وشذ قول بعضهم: قال فلانة"، حكاه سيبويه عن بعض العرب1، "وهو رديء لا ينقاس"، فيقتصر فيه على السماع، وظاهر قول الناظم: 234- والحذف قد يأتي بلا فصل ..... ... ..................................... أنه ينقاس على قلة، "وإنما جاز في" الكلام "الفصيح، نحو: نعم المرأة" في المدح، "وبئس المرأة" في الذم بترك التاء فيهما؛ "لأن المراد" بالمرأة فيهما "الجنس" وهو مؤنث مجازي، "وسيأتي أن الجنس" فيه معنى الجماعة، والجماعة مؤنث مجازي، فلذلك "يجوز فيه ذلك" الترك، وإليه أشار الناظم قوله: 236- والحذف في نعم الفتاة استحسنوا ... لأن قصد الجنس فيه بين   341- البيت للأعشى في ديوانه ص221، وخزانة الأدب 11/ 431، 432، 433, وشرح أبيات سيبويه 1/ 477، وشرح شواهد الإيضاح ص346، وشرح المفصل 5/ 95، 9/ 41، والكتاب 2/ 46، ولسان العرب 2/ 132 "حدث"، 15/ 385 "ودي" والمقاصد النحوية 2/ 466، وبلا نسبة في الإنصاف 2/ 764، وأوضح المسالك 2/ 110، ورصف المباني 103، 316، وشرح ابن الناظم ص540، وشرح الأشموني 1/ 175، وشرح المفصل 9/ 6، وأمالي ابن الشجرى 2/ 345. 1 الكتاب 2/ 38. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 408 "ويجوز الوجهان" التأنيث والتذكير "في مسألتين: إحداهما:" المؤنث الحقيقي الظاهر "المنفصل" من الفعل بفاصل، "كقوله" وهو جرير بن الخطفى يهجو الأخطل: [من الوافر] 342- "لقد ولد الأخيطل أم سوء" ... على باب استها صلب وشام فترك التاء من "ولدت" جائز لوجود الفصل بالمفعول وهو الأخيطل بالتصغير، والصلب: بضم الصاد المهملة واللام جمع صليب النصارى، والشام جمع شامة، "وقولهم" أي: العرب: "حضر القاضي اليوم امراة"، فامرأة فاعل "حضر" وترك التاء للفصل بالمفعول وذكر الظرف قصدًا لحكاية الشاهد بتمامه. وإنما لم يجب التأنيث مع الفصل؛ لأن الفعل بعد عن الفاعل المؤنث، وضعفت العناية به، وصار الفصل كالعوض من تاء التأنيث، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 232- وقد يبيح الفصل ترك التاء في ... نحو أتى القاضي بنت الواقف "والتأنيث أكثر" من التذكير لقوة جانبه، "إلا إن كان الفاصل" بين الفعل وفاعله المؤنث "إلا" الاستثنائية الإيجابية، "فالتأنيث خاص بالشعر، نص عليه الأخفش" وأوجب التذكير في الكلام، نحو: ما قام إلا هند؛ لأن ما بعد "إلا" ليس هو الفاعل في الحقيقة، وإنما هو بدل من فاعل مقدر قبل "إلا"، وذلك المقدر هو المستثنى منه وهو مذكر، ولذلك ذكر الفعل، والتقدير: ما قام أحد إلا هند، "وأنشد" الأخفش "على التأنيث" في الشعر: [من الرجز] 343- "ما برئت من ريبة وذم ... في حربنا إلا بنات العم" فـ"بنات العم" فاعل "برئت" وأنثه مع وجود الفصل بـ"إلا"، وجوزه ابن مالك في النثر" على قلة فقال1: 233- والحذف مع فصل بإلا فضلا ... كما زكا إلا فتاة ابن العلا   342- البيت لجرير في ديوانه ص283، وشرح شواهد الإيضاح ص338، 405، وشرح المفصل 5/ 92، ولسان العرب 1/ 529، "صلب" والمقاصد النحوية 2/ 468، وبلا نسبة في الإنصاف 1/ 175، وأوضح المسالك 2/ 112، وجواهر الأدب ص113، والخصائص 2/ 414، وشرح الأشموني 1/ 173، والمقتضب 2/ 148، 3/ 349، والممتع في التصريف 1/ 218. 343- الرجز بلا نسبة في الدرر 2/ 543، وشرح الأشموني 1/ 174، وشرح شذور الذهب ص176، والمقاصد النحوية 2/ 471، وهمع الهوامع 2/ 171. 1 شرح التسهيل 2/ 114. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 409 "وقرئ: "إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةٌ" [يس: 29] بالرفع1، وقرأ مالك بن دينار والحسن وأبو رجاء وعاصم الجحدري بخلاف عنه، وجماعة من التابعين: "فَأَصْبَحُوا لَا تُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ" [الأحقاف: 25] بضم التاء من "ترى" ورفع "مساكنهم" على النيابة عن الفاعل، وقال ابن جني2: إنها ضعيفة في العربية. المسألة "الثانية" من جواز الوجهين: "المجازي التأنيث، نحو: {وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ} " [القيامة: 9] ، ولو ورد: "وجمعت"، بالتاء، لم يمتنع، "ومنه" أي: من مجازي التأنيث "اسم الجنس" كشجر، "واسم الجمع" المعرب: كقوم ونسوة، "والجمع" المكسر "كإعراب، وهنود" "لأنهن في معنى الجماعة، والجماعة مؤنث مجازي، فلذلك جاز التأنيث" في الفعل مع اسم الجمع، "نحو: {كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ} " [ق: 12] ، "و" مع الجمع المكسر نحو: " {قَالَتِ الْأَعْرَابُ} " [الحجرات: 14] "و" مع اسم الجنس نحو: "أورقت الشجر، و" جاز "التذكير" في الفعل مع اسم الجنس "نحو: أورق الشجر، و" مع اسم الجمع المذكر نحو: " {وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ} " [الأنعام: 66] "و" مع اسم جمع مؤنث نحو: " {وَقَالَ نِسْوَةٌ} [يوسف: 30] ، "و" مع الجمع المكسر المذكر نحو: "قال الرجال، و" مع جمع التكسير المؤنث نحو: "جاء الهنود"، فأتى في جانب التذكير بالنشر مرتبًا على ترتيب اللف، وفي جانب التأنيث مختلطًا، كقوله: هو شمس وأسد وبحر جود وبهاء وشجاعة، وقيدنا اسم الجمع بالمعرب احترازًا من اسم الجمع المبني نحو: الذين، فإنه لا يقال فيه قالت الذين آمنوا، بالتأنيث، وإن قيل إنه جمع "الذي"، وإنما لم يجب التأنيث مع المؤنث المجازي لأمرين: أحدهما: أن التأنيث غير حقيقي، فتضعف العناية به. والثاني: أن هذا المؤنث في معنى المذكر فيحمل عليه كما حمل المذكر على المؤنث في: جاءتني كتاب زيد، أي: صحيفته، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 335- والتاء مع جمع سوى السالم من ... لتاء مع إحدى اللبن إلا أن سلامة نظم الواحد في جمعي التصحيح" المذكر والمؤنث "أوجبت التذكير" في الفعل "في نحو: قام الزيدون"، وفي التنزيل: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} [المؤمنون: 1] ، "و" أوجبت "التأنيث في" الفعل، "نحو: قامت الهندات" هذا مذهب سيبويه3 وجمهور البصريين، "خلافًا للكوفيين فيهما"، فإنهم أجازوا في   1 قرأها بالرفع: أبو جعفر وشيبة ومعاذ والحارث، انظر الإتحاف ص364، والنشر 2/ 353. 2 المحتسب 2/ 266. 3 الكتاب 2/ 38. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 410 الفعل مع كل من جمعي التصحيح التذكير والتأنيث، "و" خلافًا "للفارسي" من البصريين "في" جمع تصحيح "المؤنث" فإنه انفرد عن أصحابه بجواز الأمرين، ووافق أصحابه في وجوب تذكير الفعل مع تصحيح المذكر، وتبعه الناظم فلم يستثنه، "واحتجوا بنحو: {إِلا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ} " [يونس: 90] فأنث الفعل مع جمع تصحيح المذكر، "و" بنحو: " {إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ} " [الممتحنة: 12] فذكر الفعل مع جمع تصحيح المؤنث، "و" بنحو "قوله": [من الكامل] 344- "فبكى بناتي شجوهن وزوجتي" ... والطامعون إلي ثم تصدعوا فذكر الفعل مع إسناده إلى جمع تصحيح المؤنث، و"شجوهن" بمعنى: حزنهن مفعول لأجله، و"تصدعوا": انصرفوا. "وأجيب بأن "البنين"" في قوله: "بنو إسرائيل" "و"البنات"" في قوله: "بناتي" "لم يسلم فيهما لفظ الواحد"، إذ الأصل، بنو، فحذفت لامه، وزيد عليه واو ونون في التذكير وألف وتاء في التأنيث، فلما لم يسلم فيه بناء الواحد عومل معاملة جمع التكسير، وليس الكلام فيه. قال الشاطبي1: ومحل الخلاف في تصحيح الجمعين إذا لم يحصل تغيير فيهما، أما ما تغير منهما: كبنين وبنات فيجوز فيه الوجهان اتفاقًا ا. هـ. "وبأن التذكير في "جاءك" المؤمنات" "للفصل" بالمفعول وهو الكاف على حد قولهم: حضر القاضي امرأة، "أو لأن الأصل النساء المؤمنات" والنساء: اسم جمع، فحذف الموصوف وخلفته صفته، فعوملت معاملته "أو لأن: أل" في "المؤمنات" اسم موصول "مقدرة باللاتي، وهي" أي: اللاتي "اسم جمع" وتقدم أنه يجوز مع الفصل واسم الجمع التذكير والتأنيث، قيل: وفي هذه الأجوبة الثلاثة الأخيرة نظر. أما الأول فلان الفصل بغير "إلا " الأرجح فيه التأنيث وتركه مرجوح، وقد أجمعت السبعة هنا على تركه، فيلزم أن يكونوا قد أجمعوا على وجه مرجوح، وأما الثاني فلأنه يلزم منه حذف الفاعل، والبصري لا يقول به فلا يحسن منه ارتكابه، وفيه نظر؛ لأن الصفة قامت مقام الموصوف, وأما الثالث فلأن "أل" في نحو: المؤمن والكافر معرفة لكون الوصف للثبوت والدوام، لا للحدوث، والتجدد، وسكت الموضح تبعًا للناظم عن إسناد الفعل إلى المثنى، وحكمه حكم مفرده، فإن كان لمذكر وجب   344- البيت لعبدة بن الطبيب في ديوانه ص50، وشرح اختيارات المفضل ص701، ونوادر أبي زيد ص23، ولأبي ذؤيب في المقاصد النحوية 2/ 472، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 116، والخصائص 3/ 295، وشرح الأشموني 1/ 175. 1 حاشية الصبان 2/ 54. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 411 تذكير الفعل نحو: {قَالَ رَجُلَانِ} [المائدة: 23] وإن كان لمؤنث وجب تأنيث فعله، نحو قالت الهندات. والحكم "السابع" من أحكام الفاعل: "أن الأصل فيه أن يتصل بفعله"؛ لأنه منزل منه منزلة جزئه, "ثم يجيء المفعول" بعدهما، "وقد يعكس" ذلك فيتصل المفعول بالفعل. ثم يجيء الفاعل بعدهما، "وقد" يتأخر الفعل والفاعل، و"يتقدمهما المفعول، وكل من ذلك" المذكور من تقديم الفاعل على المفعول وعكسه، وتقديم المفعول على الفعل والفاعل جميعًا "جائز وواجب" فهذه ست مسائل داخلة تحت قول الناظم: 237- والأصل في الفاعل أن يتصلا ... والأصل في المفعول أن ينفصلا 238- وقد يجاء بخلاف الأصل ... وقد يجيء المفعول قبل الفعل "فأما جواز الأصل" وهو تقديم الفاعل على المفعول "فتحو: {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ} " [النمل: 16] ، فـ"سليمان" فاعل و"داود" مفعول. "وأما وجوبه"، أي: الأصل "ففي مسألتين: إحداهما أن يخشى اللبس" في الفاعل ولا قرينة تميز الفاعل من المفعول، "كـ: ضرب موسى عيسى" فـ"موسى" فاعل، و"عيسى" مفعول، ويمتنع هنا تقديم المفعول على الفاعل خشية التباس أحدهما بالآخر، وصور ذلك ست عشرة صورة، قامت من ضرب أربع في مثلها، وذلك بأن يكونا مقصورين أو إشارتين أو موصولين أو مضافين لياء المتكلم، وكلها داخلة تحت قول الناظم: 239- وأخر المفعول إن لبس حذر ... .................................. فيتعين في هذه الصورة أن يكون الأول منهما فاعلًا، والثاني مفعولًا، "قاله أبو بكر" بن السراج1 "والمتأخرون كالجزولي2 وابن عصفور3 وابن مالك" في النظم وغيره4، "وخالفهم" في ذلك "ابن الحاج" في نقده على المقرب لابن عصفور، فقال5: لا يوجد في كتاب سيبويه شيء من هذه الأغراض الواهية، "محتجا بأن العرب تجيز تصغير عمرو وعمر" على عمير، مع وجود اللبس، "وبأن الإجمال من مقاصد   1 انظر الأصول 2/ 245. 2 الجزولية 50، 51. 3 المقرب 1/ 53. 4 شرح الكافية الشافية 2/ 589. 5 انظر الارتشاف 2/ 199. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 412 العقلاء" فإن لهم غرضًا في الإجمال، كما أن لهم غرضًا في البيان، "وبأنه يجوز" أن يقال: زيد وعمرو "ضرب أحدهما الآخر"، إذ لا يبعد أن يقصد قاصد ضرب أحدهما من غير تعيين، فيأتي باللفظ المحتمل، "وبأن تأخير البيان لوقت الحاجة جائز عقلا باتفاق" عند الأصوليين، ولغة عند النحويين، فلا يمتنع أن يتكلم بالمجمل ويتأخر البيان إلى وقت الحاجة، كـ: مختار ومنقاد، فإنهما مجملان لترددهما بين الفعل والمفعول بقلب عينهما المكسورة أو المفتوحة ألفًا، "و" جائز "شرعًا على الأصح" خلافًا للمعتزلة وكثير من أصحاب أبي حنيفة وأصحاب الظاهر، وأبي إسحاق المروزي وأبي بكر الصيرفي؛ لأن المراد بالبيان حصول تمكن المكلف من امتثال الأمر، ولا حاجة لذلك إلا عند تعيين الامتثال، فأما قبل ذلك فلا، "وبأن الزجاج نقل" في معانيه "أنه لا خلاف" بين النحويين "في أنه يجوز في نحو: {فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ} [الأنبياء: 15] كون "تلك" اسمها"، أي: اسم "زال"، "و"دعواهم" الخبر، وبالعكس"، انتهى كلام ابن الحاج. قال المرادي1: ولا يلزم من إجازة الزجاج الوجهين في الآية جواز مثل ذلك في ضرب موسى عيسى؛ لأن التباس الفاعل بالمفعول ليس كالتباس اسم "زال" بخبرها، وذلك واضح ا. هـ. وكذا يقال في الباقي, فلو زال الالتباس بقرينة لفظية نحو: ضربت موسى سعدى، أو معنوية كأكلت الكمثرى الحبلى جاز التقديم بلا خلاف. المسألة "الثانية" من مسائل وجوب تقديم الفاعل على المفعول "أن يحصر المفعول بـ"إنما"، نحو: إنما ضرب زيد عمرا"، فيجب تقديم الفاعل على المفعول اتفاقًا؛ لأنه لو أخر انقلب المعنى؛ وذلك لأن معنى قولنا: إنما ضرب زيد عمرًا انحصار ضرب زيد في عمرو، مع جواز أن يكون عمرو مضروبًا لشخص آخر، فإذا أخر وقيل إنما ضرب عمرًا زيد جاز أن يكون زيد ضاربًا لشخص آخر، ولم يجز أن يكون عمرو مضروبًا لشخص آخر، "وكذا الحصر بـ"إلا" عند" أبي موسى "الجزولي2 وجماعة" من المتأخرين فإنهم أوجبوا تأخير المفعول المحصور بـ"إلا" نحو: ما ضرب زيد إلا عمرًا، "وأجاز البصريون والكسائي والفراء وابن الأنباري" من الكوفيين " تقديمه"، أي: المفعول مع "إلا" "على الفاعل3 كقوله" وهو دعبل بن علي الخزاعي: [من الطويل]   1 شرح المرادي 2/ 17. 2 الجزولية ص51. 3 انظر شرح التسهيل 2/ 134. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 413 345- "ولما أبى إلا جماحًا فؤاده" ... ولم يسل عن ليلى بمال ولا أهل فقدم المفعول المحصور بـ"إلا" وهو "جماحا" على الفاعل وهو "فؤاده"، والجماح هنا الإسراع, والجموح من الرجال الذي يركب هواه فلا يرده شيء، وقوله وهو مجنون بني عامر: [من الطويل] 346- تزودت من ليلى بتكليم ساعة ... "فما زاد إلا ضعف ما بي كلامها" فقدم المفعول المحصور بـ"إلا" وهو "ضعيف" على الفاعل وهو كلامها، و"قوله" وهو زهير بن أبي سلمى بضم السين: [من الطويل] 347- وهل ينبت الخطي إلا وشيجه ... "ويغرس إلا في منابتها النخل" فقدم الجار والمجرور وهو بمثابة المفعول المحصور بـ"إلا" على نائب الفاعل، وهو "النخل" لأنه بمثابة الفاعل، "وينبت" بضم الياء مضارع أنبت، و"الخطي" بفتح الخاء المعجمة وتشديد الطاء الرمح المنسوب إلى الخط، وهو سيف البحر عند عمان، بتخفيف الميم والبحرين مفعول مقدم، و"وشيجه"، بالشين المعجمة والجيم جمع وشيجة وهي عروق شجر الرماح فاعل مؤخر، "ويغرس" بالبناء للمفعول و"النخل" نائب الفاعل، والمانع لتقديم المفعول المحصور مع "إلا" على الفاعل يدعي تقدير عامل للمرفوع: قال في التسهيل1 وتبعه في المغني2: ولا يعمل ما قبل "إلا" فيما بعدها إلا   345- البيت لدعبل بن علي الجزاعي في ملحق ديوانه ص349، والدرر 1/ 360، والمقاصد النحوية 2/ 480، وللحسن بن مطير في ديوانه ص182، وسمط اللآلي ص502، ولابن الدمينة في ديوانه ص94، وللمجنون في ديوانه ص181، وبلا نسبة في أمالي القالي 1/ 223، وأوضح المسالك 2/ 121، وتذكر النحاة ص334، والحماسة البصرية 2/ 173، والزهرة ص87، وشرح الأشموني 1/ 177، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص1292، وهمع الهوامع 1/ 161. 346- البيت للمجنون في ديوانه ص194، والدرر 1/ 259، وشرح ابن الناظم ص165، والمقاصد النحوية 2/ 481، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 122، وتخليص الشواهد ص486، والدرر 1/ 496، وشرح الأشموني 1/ 177، وشرح ابن عقيل 1/ 491، وشرح التسهيل 2/ 134، وشرح الكافية الشافية 2/ 591، وهمع الهوامع 1/ 161، 230. 347- البيت لزهير بن أبي سلمى في ديوانه ص115، والمقاصد النحوية 2/ 482، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 123، وتذكرة النحاة 334، ولسان العرب 7/ 290، "خطط" وشرح التسهيل 2/ 134، 305. 1 التسهيل ص75. 2 مغني اللبيب ص98. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 414 أن يكون مستثنى نحو: ما قام إلا زيد، أو مستثنى منه، نحو: ما قام إلا زيدًا أحد، أو تابعًا له نحو: ما قام أحد إلا زيدًا فاضل، وما ظن من غير هذه الثلاثة معمولا لما قبلها قدر له عامل، ا. هـ. ولو قيل المرفوع في هذه الأبيات ليس واقعًا في مركزه الأصلي؛ لأنه مؤخر من تقديم فهو واقع قبل "إلا" تقديرًا لا بعدها لم يبعد, ولكنهم لم ينظروا إلى ذلك محتجين بأن الشيء إذا حل في موضعه لا ينوى مع غيره؛ وإلا لجاز ضرب غلامه زيدًا وإلى هذه المسألة أشار الناظم بقوله: 240- وما بإلا أو بإنما انحصر ... أخر وقد يسبق إن قصد ظهر "وأما توسط المفعول" بين الفعل والفاعل "جوازًا، فنحو: {وَلَقَدْ جَاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ} " [القمر: 41] فـ"النذر" فاعل "جاء" و"آل فرعون" مفعول به متوسط بين الفعل والفاعل، "و" نحو "قولك: خاف ربه عمر"، فـ"عمر" فاعل و"ربه" مفعول. "قال" جرير يمدح عمر بن عبد العزيز: [من البسيط] 348- جاء الخلافة إذ كانت له قدرًا ... "كما أتى ربه موسى على قدر" فـ"موسى" فاعل و"ربه" مفعول متوسط بين الفعل وفاعله، ولا يضر اتصاله بضمير الفاعل المتأخر لتقدمه في الرتبة، وإليه أشار الناظم بقوله: 241- وشاعه نحو خاف ربه عمر ... ................................. والمراد عمر بن الخطاب رضي الله عنه. "وأما وجوبه" أي: وجوب توسط المفعول بين الفعل وفاعله "ففي مسألتين: إحداهما أن يتصل بالفاعل ضمير المفعول نحو: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ} " [البقرة: 124] ، فـ"إبراهيم" مفعول مقدم، و"ربه" فاعل مؤخر وجوبًا، "و" نحو: {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ} [غافر: 52] فـ"معذرتهم" فاعل مؤخر، و"الظالمين" مفعول مقدم وجوبًا، وإنما وجب تقديم المفعول فيهما لئلا يعود ضمير على المفعول، وهو متأخر لفظا ورتبة، "و" لأجل ذلك "لا يجيز أكثر النحويين نحو: زان نوره الشجر" بتقديم الفاعل على المفعول، "لا في نثر ولا في شعر، وأجازه فيهما   348- البيت لجرير في ديوانه 416، والأزهية 114، وخزانة الأدب 11/ 69، والدرر 2/ 439، وشرح شواهد المغني 1/ 196، ومغني اللبيب 1/ 62، 70، والمقاصد النحوية 2/ 485، 4/ 145، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 124، والجنى الداني 230، وشرح ابن الناظم ص479، وشرح الأشموني 1/ 178، وشرح قطر الندى 184، وهمع الهوامع 2/ 134. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 415 الأخفش وابن جني1" من البصريين "و" أبو عبد الله "الطوال"، بضم الطاء، وتخفيف الواو من الكوفيين "وابن مالك" في التسهيل2 في باب الضمير "احتجاجًا" في النثر بقولهم: ضربوني وضربت قومك، بإعمال الثاني، حكاه سيبويه3، وأجازه البصريون، وضربته زيدًا، بإبدال "زيد" من الهاء بإجماع، حكاه ابن كيسان، وكلاهما فيه ما في: ضرب غلامه زيدًا من تقديم ضمير على مفسر مؤخر الرتبة وفي الشعر، "بنحو قوله" وهو النابغة أو أبو الأسود أو عبد الله بن همارق على اختلاف فيه: [من الطويل] 349- "جزى ربه عني عدي بن حاتم" ... جزاء الكلاب العاويات وقد فعل فـ"ربه" فاعل، وهو متصل بضمير عائد إلى "عدي" وهو مفعول، ورتبته التأخير، و"جزاء الكلاب" مفعول مطلق. واختلف في معنى "جزاء الكلاب" فقيل هو الضرب والرمي بالحجارة. وقال الأعلم ليس بشيء، وإنما هو دعاء عليه بالابنة إذ الكلاب تتعاوى عند طلب السفاد، وهذا من ألطف الهجو4. "والصحيح جوازه في الشعر فقط" للضرورة، وهو الإنصاف؛ لأن ذلك إنما ورد في الشعر، فلا يقاس عليه، وأما الإعمال، والبدل فمستثنيان لمجيئهما على خلاف الأصل، إذ الأصل والكثير الشائع تقدم مفسر ضمير الغائب باعتراف ابن مالك وغيره، فمتى جاء ما يخالفه فلا يعول عليه في قياس ما ليس من بابه عليه، كما استثنى بيع العرايا بخرصها تمرًا إلى الجذاذ مما خارج عن القواعد، وإلى ذلك أشار الناظم فقال: 241- ................... ... وشذ نحو زان نوره الشجر "و" المسألة "الثانية" من مسألتي وجوب توسط المفعول بين الفعل وفاعله   1 الخصائص 1/ 293، 294. 2 التسهيل ص28. 3 الكتاب 2/ 40. 349- البيت للنابغة الذبياني في ديوانه ص191، والخصائص 1/ 294، وله أو لأبي الدؤلي في خزانة الأدب 1/ 277، 278، 281, 287, والدرر 1/ 114، وللنابغة أو لأبي الأسود أو لعبد الله بن همارق في المقاصد النحوية 2/ 487، ولأبي الأسود الدؤلي في ملحق ديوانه ص401، وتخليص الشواهد ص490، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 125، وشرح الأشموني 2/ 59، وشرح شذور الذهب ص137، وشرح ابن عقيل 1/ 496، ولسان العرب 15/ 108، "عوي" وهمع الهوامع 1/ 66. 4 ورد قول الأعلم في شرح الشواهد للعيني 2/ 59. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 416 "أن يحصر الفاعل بـ"إنما"" باتفاق، "نحو {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} " [فاطر: 28] ، فـ"العلماء" فاعل محصور فيه الخشية، فوجب تأخيره فلزم توسط المفعول، والمعنى، ما يخشى الله من عباده إلا العلماء، "وكذا الحصر بـ"إلا" عند غير الكسائي" فإنه يجب تأخير الفاعل المحصور بـ"إلا" نحو: ما ضرب عمرًا إلا زيد، "واحتج" الكسائي على عدم وجوب تأخير الفاعل المحصور بـ"إلا" "بقوله" [من البسيط] 350- "ما عاب إلا لئيم فعل ذي كرم ... ولا جفا قط إلا جبأ بطلا" فقدم الفاعل المحصور بـ"إلا" في الموضعين، والأصل: ما عاب فعل ذي كرم إلا لئيم، ولا جفا بطلًا إلا جبأ، وعاب بالعين المهملة من العيب، واللئيم هنا البخيل، مقابل الكريم، والجبأ بضم الجيم وتشديد الباء الموحدة وفي آخره همزة غير ممدود: الجبان، ومقابله البطل وهو الشجاع، "وقوله": [من البسيط] 351- نبئتهم عذبوا بالنار جارهم ... "وهل يعذب إلا الله بالنار" فقدم الفاعل المحصور بـ"إلا" على المجرور بالباء، وطوى ذكر المفعول، و"هل" بمعنى "ما"، والأصل ما يعذب أحد أحدًا بالنار إلا الله، و"نبئتهم" مبني للمفعول، وضمير المتكلم مفعوله الأول قائم مقام الفاعل، وضمير الغائبين مفعوله الثاني، وجملة "عذبوا" في موضع المفعول الثالث، "وجارهم" مفعول "عذبوا" لا المفعول الثالث خلافًا للعيني "وقوله": [من الطويل] 352- "فلم يدر إلا الله ما هيجت لنا" ... عشية إنآء الديار وشامها فقدم الفاعل المحصور بـ"إلا" على المفعول وهو "ما هيجت"، والأصل: فلم يدر ما هيجت لنا إلا الله و"عشية" منصوب على الظرفية، والإنآء بكسر الهمزة وسكون النون وفتح الهمزة الممدودة كالإبعاد وزنا ومعنى، والوشام، بكسر الواو جمع وشيمة: الكلام الشر والعداوة، والوشام أيضًا من الوشم. يقال وشم يده وشمًا إذا غرزها بالإبرة ثم ذر عليها النيلة، مرفوع على الفاعلية بـ"هيجت"، وغير الكسائي قدر   350- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 129، وتخليص الشواهد ص487، وتذكرة النحاة ص335، والدرر 1/ 361، وشرح الأشموني 1/ 177، والمقاصد النحوية 2/ 490، وهمع الهوامع 1/ 161. 351- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 130، وتذكرة النحاة 335، والمقاصد النحوية 2/ 492. 352- البيت لذي الرمة في ديوانه ص999، والدرر 1/ 360، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 131، وتخليص الشواهد ص487، وشرح الأشموني 1/ 177، وشرح ابن عقيل 1/ 489، والمقاصد النحوية 2/ 493، والمقرب 1/ 55، وهمع الهوامع 1/ 161. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 417 للمنصوب والمجرور غير المحصورين في هذه الأبيات ونحوها عاملا، فقدر قبل: "فِعَلَ" ذي كرم عاب، وقيل: "بطلا" جفأ، وقبل "بالنار" يعذب، وقبل "ما هيجت" درى، بناء على أن ما قبل "إلا" لا يعمل فيما بعدها إلا في مستثنى أو مستثنى منه، أو تابع له، كما تقدم تمثيله وتقريره عليه جرى في التسهيل1، وخالف هنا فقال: 240- وما بإلا أو بإنما انحصر ... أخر وقد يسبق إن قصد ظهر "وأما تقديم المفعول" على الفعل والفاعل "جوازا فنحو: {فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ} " [البقرة: 87] ، فـ"فريقًا" فيهما مفعول مقدم للفعل الذي بعده، ويجوز في غير القرآن تأخيره. "وأما وجوبًا" أي: وجوب تقديم المفعول على الفعل، والفاعل جميعًا "ففي مسألتين: إحداهما أن يكون" المفعول "مما له الصدر" كأن يكون اسم استفهام، "نحو: {فَأَيَّ آيَاتِ اللَّهِ تُنْكِرُونَ} " [غافر: 81] ، "فأي" مفعول مقدم لـ"تنكرون"، أو اسم شرط، نحو: " {أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} " [الإسراء: 110] فـ"أيا" اسم شرط مفعول مقدم لـ"تدعوا"، و"ما" صلة، و"تدعوا" مجزوم بـ"أيا"، فكل منهما عامل في عامله من جهتين مختلفتين. المسألة "الثانية:" من [مسألتي] 2 وجوب تقديم المفعول على عامله "أن يقع عامله بعد الفاء" الجزائية في جواب "أما" ظاهرة أو مقدرة، "وليس له"، أي: العامل المفعول "منصوب غيره" أي: غير المفعول "مقدم" نعت منصوب "عليها" أي: على الفاء، مثال "أما" المقدرة: "نحو: {وَرَبَّكَ فَكَبِّر} " [المدثر: 3] فتقديره: وأما ربك فكبر، "و" مثال "أما" الظاهرة "نحو: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ} " [الضحى: 9] وإنما وجب تقديم المفعول فيهما حذارًا من أن تلي الفاء "أما" الملفوظة أو المقدرة ففصل بينهما بالمفعول، فإن قيل ما بعد فاء الجزاء لا يعمل فيما قبلها، فكيف عمل ههنا في المفعول؟ فالجواب أنها إنما تمنع ما بعدها أن يعمل فيما قبلها إذا كانت في مركزها الأصلي، وهي ههنا ليست فيه؛ لأنها مؤخرة من تقديم، وكان حقها أن تدخل على المفعول المتقدم لطلبها المصدر ما أمكن، ولكنها زحلقت إلى الفعل حذرًا من إيلائها أما " بخلاف" ما إذا كان للفعل منصوب غير المفعول به مقدم على الفاء فإنه يكتفي بالفصل بذلك   1 التسهيل ص75. 2 إضافة من "ب". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 418 المنصوب فلا يجب تقديم المفعول نحو: "أما اليوم فاضرب زيدًا"، فالعامل، وهو فعل الأمر له منصوبان وهما الظرف والمفعول به، وتقدم الظرف وحصل الفصل به فاستغني عن تقديم المفعول. "تنبيه": يدرك بالتأمل فيما تقدم "إذا كان الفاعل والمفعول" به "ضميرين" متصلين "ولا حصر في أحدهما وجب تقديم الفاعل" على المفعول كما هو الأصل فيهما، "كضربته"، فالتاء فاعل، والهاء مفعول إذ لو قدم المفعول على الفاعل هنا تعذر الاتصال في الفاعل. "وإذا كان المضمر" المتصل "أحدهما فإن كان" المضمر "مفعولا" والظاهر فاعلا "وجب" في المضمر "وصله" بالفعل "وتأخير الفاعل" الظاهر عن المفعول "كـ: ضربني" زيد"؛ لأنه لو قدم الفاعل والحالة هذه وجب أن يؤتى بالضمير مفصولا مع إمكان اتصاله. "وإن كان" المضمر "فاعلا" والظاهر مفعولا "وجب" في المضمر "وصله" بالفعل "و" وجب إما "تأخير المفعول" الظاهر عن الفاعل "أو تقديمه" عليه "وعلى الفعل" معًا، "كـ: ضربت زيدًا وزيدًا ضربت" حذرًا من ارتكاب الانفصال مع التمكن من الاتصال. "وكلام الناظم" في النظم "يوهم امتناع التقديم" للمفعول على الفعل كزيدًا ضربت؛ "لأنه سوى" في النظم "بين هذه المسألة" وهي مسألة: ضربت زيدًا "ومسألة: ضرب موسى عيسى"، في وجوب تأخير المفعول فيهما عن الفاعل فقال: 239- وأخر المفعول إن لبس حذر ... أو أضمر الفاعل غير منحصر فاقتضى أنه لا يجوز: زيدًا ضربت، كما لا يجوز: عيسى ضرب موسى بتقديم المفعول على الفعل، "والصواب ما ذكرنا" من جواز نحو: زيدًا ضربت، إذ لا لبس، وامتناع نحو: عيسى ضرب موسى. لئلا يتوهم أن عيسى مبتدأ، وأن الفعل متحمل لضميره، وأن موسى مفعول. وحاصل ما ذكره الموضح من أول الحكم السابع إلى هنا من أحكام الوجوب أنه يجب تقديم الفاعل على المفعول في ثلاثة مسائل: أن يخشى اللبس، وأن يكون المفعول محصورًا فيه، وأن يكون الفاعل والمفعول ضميرين متصلين، وأنه يجب توسط الجزء: 1 ¦ الصفحة: 419 المفعول في مسألتين: أن يكون الفاعل ملتبسًا بضمير المفعول، وأن يكون الفاعل محصورًا فيه، وأنه يجب تقديم المفعول على عامله في مسألتين: أن يكون له صدر الكلام، وأن يكون معمولا لما بعد الفاء بشرطه, وأنه يجب تأخير الفاعل في مسألة واحدة، وهي ما إذا كان المفعول ضميرًا متصلا والفاعل اسمًا ظاهرًا، وأنه يجب اتصال الفاعل بالفعل، ويخير في المفعول بين تقديمه على الفعل وتأخيره عن الفاعل في مسألة واحدة، وهي ما إذا كان الفاعل ضميرًا متصلا والمفعول اسما ظاهرًا، والجواز فيما عدا ذلك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 420 باب النائب عن الفاعل مدخل ... باب النائب عن الفاعل: "هذا باب النائب عن الفاعل": قال أبو حيان1: لم أر مثل هذه الترجمة لغير ابن مالك2، والمعروف باب المفعول الذي لم يسم فاعله. "قد يحذف الفاعل للجهل به كـ: سرق المتاع"، إذا لم يعلم السارق من هو، "أو لغرض لفظي" كالإيجاز، نحو: قوله تعالى: {بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} [النحل: 126] ، وكإصلاح السجع، كقولهم: من طابت سريرته حمدت سيرته, فإنه لو قال: حمد الناس سيرته لاختلفت السجعة، قاله الموضح في شرح القطر3 وغيره "وكتصحيح النظم" كما وقع للأعشى ميمون بن قيس في قوله في قنة كانت لرجل من آل عمرو بن مرثد: [من البسيط] 353- "علقتها عرضا وعلقت رجلا ... غيري وعلق أخرى ذلك الرجل" فبنى "علق" في المواطن الثلاثة للمفعول، وحذف الفاعل للعلم به وهو الله تعالى لتصحيح النظم إذ لو قال: علقني الله إياها، وعلقها الله رجلا غيري، وعلق الله أخرى ذلك الرجل لاختل النظم، والتعليق هنا المحبة، و"عرضًا" بالعين المهملة وفتح   1 الارتشاف 2/ 184. 2 شرح التسهيل 2/ 124، والتسهيل ص77. 3 شرح قطر الندى ص187. 353- البيت للأعشى في ديوانه ص107، والأشباه والنظائر 5/ 152، ولسان العرب 7/ 185 "عرض"، 10/ 262، "علق"، وتاج العروس "علق" والمقاصد النحوية 2/ 504، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 136. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 421 الراء مفعول مطلق، أي: تعليقًا عرضًا من غير قصد. قال في الصحاح1: وقولهم علقها عرضًا إذا هوى امرأة، أي: اعترضت لي فعلقتها من غير قصد ا. هـ. واسم هذه القينة هريرة، كما صرح به في بيت أول القصيدة في قوله2: [من البسيط] ودع هريرة إن الركب مرتحل ... وهل تطيق وداعا أيها الرجل وهريرة هذه عشقت رجلا غيره، وذلك الذي عشقته هريرة عشق امرأة غيرها. "أو" لغرض "معنوي كأن لا يتعلق بذكرة غرض" أي: قصد "نحو: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ} " [البقرة: 196] " {وَإِذَا حُيِّيتُمْ} " [النساء: 86] " {إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا} " [المجادلة: 11] ، إذ ليس من الغرض من هذه الأفعال إسنادها إلى فاعل مخصوص بل إلى أي فاعل كان. وحيث حذف الفاعل "فينوب عنه في رفعه وعمديته ووجوب التأخير عن فعله واستحقاقه للاتصال به" وصيرورته كالجزء منه وعدم حذفه "وتأنيث الفعل لتأنيثه" إن كان مؤنثًا غير مجرور "واحد" فاعل ينوب "من أربعة" بيان لواحد. "الأول" منها: "المفعول به" لأنه كالفاعل في كون الفعل حديثًا عنه وفي جواز إضافة المصدر إليه، ولا فرق في الفعل بين الصحيح كـ: ضرب زيد، والمعتل العين أو اللام "نحو: {وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ} [هود: 44] ، والأصل: غاض الله الماء وقضى الله الأمر، فحذف الفاعل للعلم به، وأنيب المفعول به منابه فصار مرفوعًا بعد أن كان منصوبًا، وعمدة بعد أن كان فضلة، وواجب التأخير [عن الفعل] 3 بعد أن كان جائز التقديم عليه، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 242- ينوب مفعول به عن فاعل ... فيما له ......................... "الثاني: المجرور" كما عبر عنه البصريون سواء أكان الفعل لازما للبناء للمفعول أم لا. فالأول "نحو: {وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ} " [الأعراف: 149] "و" الثاني نحو: "قولك، سير بزيد"؛ لأن المجرور بالحرف مفعول به معنى فصح نيابته عن الفاعل، هذا مذهب الجمهور. "وقال ابن درستويه والسهيلي وتلميذه" أبي علي "الرندي" بالراء المهملة والنون: "النائب ضمير المصدر" المفهوم من الفعل المستتر فيه، والتقدير: ولما سقط هو،   1 الصحاح "عرض". 2 البيت للأعشى في ديوانه ص105، ولسان العرب 12/ 112 "جهنم" ومقاييس اللغة 4/ 126، وتاج العروس 22/ 296 "ودع". 3 إضافة من "ط". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 422 أي: السقوط، وسير هو، أي: السير، "لا المجرور" بالحرف المعدى؛ "لأنه لا يتبع على المحل"، أي: محل المجرور إذا ناب عن الفاعل، "بالرفع" فلا يقال: مر بزيد الظريف، ولا ذهب إلى زيد وعمرو، برفع التابع فيهما ولو كان المجرور نائبًا عن الفاعل لجاز في تابعه الرفع كما جاز في تابع الفاعل المجرور بالمصدر الرفع، كقولهك [من الكامل] 354- .................. ... طلب المعقب حقه المظلوم برفع "المظلوم" على محل "المعقب" فلما لم يتبع على المحل علمنا أنه ليس هو النائب "ولأنه" أي: المجرور قد "يتقدم" على عامله "نحو: {كَانَ عَنْهُ مَسْئُولا} " [الإسراء: 36] ، فلو كان "عنه" هو النائب لما تقدم على عامله وهو "مسئولا"، والفاعل لا يتقدم على عامله، فنائبه كذلك إذ لا يتقدم الفرع إلا حيث يتقدم الأصل؛ "ولأنه" أي: المجرور، "إذا تقدم لم يكن مبتدأ، وكل شيء ينوب عن الفاعل فإنه إذا تقدم كان مبتدأ" نحو: الزيت كيل، ورمضان صيم، وضرب شديد ضرب، كما أن الفاعل إذا تقدم كان مبتدأ، نحو: زيد قام، وأجاز الكوفيون تقديم الفاعل ونائبه باقيين على حالهما؛ "ولأن الفعل لا يؤنث له" أي: للمجرور المؤنث إذا ناب عن الفاعل "في نحو: مر بهند" وكل مؤنث ينوب عن الفاعل فإن الفعل يؤنث له نحو: ضربت هند، فثبت بهذه العلل الربع أن المجرور لا ينوب عن الفاعل. "و" قال الجمهور: "لنا" من الأدلة على نيابة المجرور في لسان العرب "قولهم: سير بزيد سيرًا" بالنصب، فأنابوا المجرور، ولم ينيبوا المصدر لإبهامه، بل أبقوه منصوبًا، ولو أنابوه لرفعوه، وإذا لم ينب المصدر الظاهر فضميره أولى بالمنع لكونه أشد إبهامًا منه, وأما كونه يرجع إلى معهود فالأصل عدمه، ولنا من الأجوبة "أنه إنما يراعى محل يظهر" إعرابه "في الفصيح" من الكلام وهو المجرور بحرف زائد أو غير زائد ومدخوله ظرف، فالأول "نحو: لست بقائم ولا قاعدًا" بالنصب اتباعًا لمحل "قائم" فإنه يظهر إعراب محله في فصيح الكلام، فيقال: لست قائمًا، والثاني نحو قوله: [من الطويل]   354- صدر البيت: "حتى تهجر في الرواح وهاجها" والبيت للبيد بن ربيعة في ديوانه ص128، والإنصاف 1/ 232، وخزانة الأدب 2/ 242، 345، 8/ 134، والدرر 2/ 485، وشرح شواهد الإيضاح ص133، وشرح المفصل 6/ 66، ولسان العرب 1/ 714، "عقب"، والمقاصد النحوية 3/ 512، وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 214، وخزانة الأدب 8/ 134، وشرح ابن الناظم ص299، وشرح الأشموني 2/ 337، وشرح ابن عقيل 2/ 104، وشرح المفصل 2/ 42، 46، وهمع الهوامع 2/ 145. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 423 55- فإن لم تجد من دون عدنان والدًا ... ودون معد فلتزعك العواذل بنصب "دون" الثانية اتباعًا لمحل "دون" الأولى، فإن إعرابها النصب بـ"تجد"، ويظهر في الفصيح نصبه، فيقال: فإن لم تجد دون عدنان، "بخلاف" المجرور بحرف أصلي معد، "نحو: مررت بزيد الفاضل" بالنصب، اتباعًا لمحل المجرور المنصوب على المفعولية، أو: مر بزيد الفاضل، بالرفع، اتباعًا لمحل المجرور المرفوع على النيابة عن الفاعل "فلا يجوزان" خلافًا لابن جني1؛ "لأنه لا يجوز" في الفصيح حذف الجار وتعدية الفعل إليه بنفسه مع دون أنّ وأنْ وكي, إلا شذوذا, فلا تقل: "مررت بزيد" بالنصب على المفعولية "ولا: مر زيد" بالرفع على النيابة عن الفاعل، وإذا لم يكن فصيحًا فلا يجوز مراعاته، وأما قوله: [من الرجز] 356- يسلكن في نجد وغورًا غائرًا بالنصب فالفصيح أنه منصوب بفعل محذوف، أي: ويسلكن غورًا، لا بالعطف على محل "نجد" فسقط قولهم؛ لأنه لا يتبع على المحل بالرفع، وأما قولهم؛ ولأنه يتقدم نحو: {كَانَ عَنْهُ مَسْئُولا} [الإسراء: 36] ، فـ"عنه" ليس هو النائب عن الفاعل، خلافًا لصاحب الكشاف2، ولا ضمير المصدر كما قالوا "و" إنما "النائب في" هذه "الآية ضمير راجع إلى ما رجع إليه اسم "كان" وهو المكلف" المدلول عليه بالمعنى، والتقدير: مسئولا هو، أي: المكلف، وإنما لم يقدر ضمير "كان" راجعًا "لكل"، لئلا يخلو "مسئولا" عن ضمير، فيكون مسندًا إلى "عنه" وذلك لا يجوز كما تقدم، وأما قولهم ولأنه إذا تقدم لم   355- البيت للبيد بن ربيعة في ديوانه ص255، وأمالي المرتضى 1/ 171، وخزانة الأدب 2/ 252، 9/ 113، وسر صناعة الإعراب 1/ 131، وشرح أبيات سيبويه 1/ 22، وشرح شواهد المغني 1/ 151، 2/ 866، والكتاب 1/ 681، والمعاني الكبير ص1211، ورصف المباني ص82، والمحتسب 2/ 43، ومغني اللبيب 2/ 472. 1 في المحتسب 2/ 43، بعد إنشاد البيت: "عطف "دون" الثانية على موضع "من دون" الاولى، ونظائره كثيرة جدا". 356- الرجز لرؤبة في ملحق ص190، وأساس البلاغة "فسق" وللعجاج في ملحق ديوانه 2/ 288، والكتاب 1/ 94، وبلا نسبة في لسان العرب 10/ 308، "فسق" والخصائص 2/ 432، وشرح شذور الذهب ص332، والمحتسب 2/ 43. 2 في الكشاف 2/ 449: "و"عنه" في موضع الرفع بالفاعلية، أي: كل واحد منها كان مسئولا عنها، فمسئول: مسند إلى الجار والمجرور، كالمغضوب في قوله: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 424 يكن مبتدأ فذاك حيث لم يمنع مانع "وامتناع الابتداء" في المجرور بحرف أصلي "لعدم التجرد" من العوامل اللفظة غير المزيدة وشبهها، هكذا أجاب ابن عصفور، وأجاب الخفاف بأنه قد يتفق في بعض الفاعلين أنه لا يجوز أن يتقدم مبتدأ، فالنائب أحق وأجدر وذلك نحو: نعم امراة هند إذ لو قيل: هي نعم امرأة لم يجز؛ لأن المبتدأ حينئذ يصير عائدًا على شيء من الخبر مؤخر. ا. هـ. "وقد" يتفق لبعض ما ينوب عن الفاعل أنه لا يجوز أن يتقدم بالكلية فضلًا عن أن يكون مبتدأ وذلك أنهم "أجازوا النيابة في: لم يضرب من أحد" اتفاقًا؛ لأن الجر بالحرف الزائد كلا جر "مع امتناع: من أحد لم يضرب" لأن "من" لا تزاد في الإيجاب لا لوقوع "أحد" في الإثبات لأن نفي ضميره مسوغ لذلك كقوله: [من الطويل] 357- إذا أحد لم يعنه شأن طارق ... ................................. نص عليه ابن مالك في التسهيل1 في باب العدد، وحيث امتنع التقديم امتنع الابتداء، وأما قولهم ولأن الفعل لا يؤنث له في نحو: مر بهند؛ فلأنه لما لم يظهر تأثيره في رفعه لشغله بحرف الجر نزل منزلة الفضلة، فلم يؤنث الفعل له، فأما قوله تعالى: {إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ} [التوبة: 66] ، بالتاء المثناة فوق في قراءة مجاهد2، فقال ابن جني3: محمولة على معنى: إن تسامح طائفة، بدليل {نُعَذِّبْ طَائِفَة} [التوبة: 66] ولئن سلمنا ذلك فلا نسلم وجوب التأنيث في الفعل المسند إلى المؤنث المجرور، بالحرف فقد4 "قالوا في {فَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} [النساء: 79] إن المجرور فاعل مع امتناع: كفت بهند" بتأنيث الفعل مع أن الفاعل مجرور بحرف زائد، فما بالك إذا كان مجرورًا بحرف أصلي، هذا تقدير كلام الموضح، وهو معارض بنحو: {وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ} [الأنعام: 59] ، {وَمَا تَخْرُجُ مِنْ ثَمَرَاتٍ مِنْ أَكْمَامِهَا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى} [فصلت: 47] بتأنيث الفعل مع أن فاعله مجرور بحرف زائد، واختلف في سبب امتناع كفت بهند، فقال الزجاج5: لأنه كفى مضمن معنى اكتف، وفعل الأمر لا يؤنث لتأنيث فاعله. وقال ابن السراج: إن   357- شطر بيت بلا نسبة في التسهيل ص118، وحاشية الصبان 3/ 67. 1 التسهيل ص118. 2 انظر هذه القراءة في النشر 2/ 280. 3 المحتسب 1/ 298. 4 سقطت من "ب". 5 معاني القرآن وإعرابه 2/ 27. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 425 فاعل كفى ضمير مستتر يعود على الاكتفاء، والباء متعلقة بالمضمر، أي: كفى الاكتفاء بهند، ورد بأن ضمير المصدر لا يعمل عند البصريين، وهو منهم، خلافًا للكوفيين. "الثالث" مما ينون عن الفاعل: "مصدر" متصرف "مختص" بصفة أو غيرها "نحو: {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةً وَاحِدَةً} " [الحاقة: 13] ، فـ"نفخة" نائب الفاعل وهو مصدر1 متصرف لكنه مرفوعا، ومختص لكونه موصوفًا بـ"واحدة" وغير المتصرف من المصادر ما لزم النصب على المصدرية، نحو: {سُبْحَانَ اللَّهِ} [المؤمنون: 91] وغير المختص المبهم، نحو: سير فيمتنع سبحانه الله بالضم، على أن يكون نائب فاعل فعله المقدر على أن الأصل: يسبح سبحان الله لعدم تصرفه، "ويمتنع نحو: سير سير لعدم الفائدة" إذ المصدر المبهم مستفاد من الفعل فيتحد معنى المسند المسند إليه ولا بد من تغايرهما، بخلاف ما إذا كان مختصا فإن الفعل مطلق، ومدلول المصدر مقيد فيتغايران فتحصل الفائدة، وإذا امتنع سِيْرَ سَيْرٌ مع إظهار المصدر "فامتناع سير", بالبناء للمفعول على "إضمار ضمير" المصدر " [السير] 2 أحق" بالمنع؛ لأن ضمير المصدر المؤكد أكثر إبهامًا من ظاهره "خلافًا لمن أجازه" كالكسائي وهشام فيما نقل ابن السيد أنهما أجازا: جلس، بالبناء للمفعول، وفيه ضمير مجهول، قال ثعلب: أراد أن فيه ضمير المصدر، وتبعهما أبو حيان في النكت الحسان، فقال3: ومضمر المصدر يجري مجرى مظهره فيجوز أن تقول: قيم وقعد، فتضمر المصدر كأنك قلت: قيم القيام، وقعد القعود، ا. هـ. والصحيح المنع، "وأما قوله" وهو امرؤ القيس الكندي: [من الطويل] 358- "وقالت متى يبخل عليك ويعتلل ... يسؤك وإن يكشف غرامك تدرب "فـ" النائب عن الفاعل بـ"يعتلل" ضمير مصدر مختص بلام العهد، أو بصفة محذوفة، و"المعنى: ويعتلل" هو، أي: "الاعتلال المعهود، أو اعتلال، ثم خصصه بـ"عليك" أخرى" في موضع الحال من الضمير ليقيد بها فيفيد ما لم يفده الفعل؛ لأنه إنما يدل على مصدر نكرة محضة وهي حال "محذوفة للدليل" الدال عليهما   1 سقطت من "ب". 2 زيادة من "ب". 3 النكت الحسان ص53. 358- البيت لامرئ القيس في ديوانه ص42، وشرح شواهد المغني ص92، 883، ولعلقمة في ديوانه ص83، ولأحدهما في المقاصد النحوية 2/ 506، وشرح الأشموني 1/ 182، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 142، ومغني اللبيب 2/ 516. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 426 وهو "عليك" المذكورة قبل الفعل، وحذفت "كما تحذف الصفات المخصصة" للموصوفات للدليل، كقوله تعالى: {فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا} [الكهف: 105] أي: نافعًا؛ لأن أعمالهم توزن بدليل، {وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ} [الأعراف: 9] الآية، قاله في المغني. وإضمار ضمير المصدر النوعي أجازه سيبويه1؛ لأن الفعل لا يدل عليه قاله ابن خروف في شرح كتاب سيبويه. و"يسؤك" من الإساءة جواب الشرط الأول، و"تدرب" بالدال المهملة من الدربة، وهي العادة جواب الشرط الثاني والاعتلال: الاعتذار، يقال: اعتل عليه بعلة اعتذر له عن قضاء غرضه بعذر، "وبذلك" التوجيه "يوجه: {وَحِيلَ بَيْنَهُمْ} " [سبأ: 54] ، بالنصب، فيكون المعنى: وحيل هو، أي: الحول المعهود، أو حول بينهم إلا أن الصفة هنا مذكورة، "و" بذلك يوجه أيضًا "قوله" وهو طرفة بن العبد: [من الطويل] 359- "فيا لك من ذي حاجة حيل دونها" ... وما كل ما يهوى امرؤ هو نائله فيكون المعنى: حيل هو، أي: الحول المعهود، أوحول دونها، وليس النائب الظرف فيهما؛ لأنه غير متصرف عند جمهور البصريين، وعن الأخفش أنه أجاز في: {لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ} [الأنعام: 94] ، {وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ} [الجن: 11] أن يكون الظرف في موضع رفع مع فتحه، ثم قال أبو علي2 وتلميذه ابن جني3 فتحة إعراب، واستشكل، وقال غيرهما فتحة بناء، وهو المشهور، ولو قرئ: "وَحِيلَ بَيْنُهُمْ" [سبأ: 54] ، أو روي حيل دونها، بالرفع فيهما كما قرئ: "لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنُكُمْ"، بالرفع4، وكما روي: [من الطويل] 360- ..................... ... وباشرت حد الموت والموت دونها   1 الكتاب 1/ 229. 359- البيت لطرفة بن العبد في ديوانه ص78، والمقاصد النحوية 2/ 510، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 144، وشرح الأشموني 1/ 183. 2 انظر الحجة 3/ 360. 3 المحتسب 2/ 190. 4 كذا قرأها ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وحمزة وعاصم ومجاهد، انظر الإتحاف ص213، والنشر 2/ 260. 360- صدر البيت: "ألم تريا أني حميت حقيقتي" ، وهو لموسى بن جابر في الدرر 1/ 461، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص371، وبلا نسبة في شرح شذور الذهب ص81، والارتشاف 2/ 262، وعمدة الحافظ "دون"، وهمع الهوامع 1/ 213. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 427 بالرفع أيضًا لجاز، ولم يحتج إلى هذا التوجيه، "و" بذلك أيضًا "قوله" وهو الفرزدق يمدح زين العابدين علي بن الحسين بن علي رضي الله عنهم أجمعين: [من البسيط] 361- "يغضي حياء ويغضى من مهابته" ... فما يكلم إلا حين يبتسم فيكون المعنى: يغضي الإغضاء المعهود، أو إغضاء من مهابته، "ولا يقال النائب المجرور" بـ"من" وهو "مهابته" "لكونه مفعولا له"، قاله ابن جني فيما كتب على الحماسة، وتبعه أبو البقاء في شرح لمع ابن جني فقال: والجمهور على نيابة المفعول له، خلافًا للأخفش وضعفه، قال الخفاف: وعلة المنع أن المفعول له مبني على سؤال مقدر، فكأنه من جملة أخرى ا. هـ. وبهذا يعلل منع نيابة الحال؛ لأنه مبني على سؤال مقدر ولا ينوب التمييز خلافًا للكسائي وهشام، ولا المفعول معه, ولا خبر "كان"، فلا يقال كين قائم، خلافًا للفراء. "الرابع" مما ينوب عن الفاعل "ظرف" زماني أو مكاني "متصرف مختص" فالزماني "نحو: صيم رمضان، و" المكان نحو: "جلس أمام الأمير"، فـ"رمضان وأمام" ظرفان متصرفان؛ لأنهما يخرجان عن الظرفية إلى الفاعلية والمفعولية والإضافة وغيرها، ومختصان بالعلمية في الأول والإضافة في الثاني، "ويمتنع نيابة نحو عندك ومعك وثم" بفتح المثلثة، فلا يقال: جلس عندك ولا معك ولا ثم، "لامتناع رفعهن" وخصهن بالذكر؛ لأنهن لا يتصرفن تصرفًا كاملا؛ لأن "من" تدخل عليهن فما لا يتصرف بحال كـ"قط وعوض" أولى بالمنع، ويمتنع نيابة "نحو: مكانا وزمانًا إذا لم يقيدا" بقيد يخصصهما، فلا يقال: جلس مكان، ولا صيم زمان لعدم الفائدة؛ لأن الفعل يدل على مطلق المكان والزمان التزامًا في الأول ووضعًا في الثاني، فإن قيدا بوصف مثلا جاز نيابتهما نحو: جلس مكان حسن، وصيم زمان طويل، لحصول الفائدة بالاختصاص بالوصف؛ لأن الفعل لا يدل على خصوصية الوصف، وإلى جواز نيابة المجرور والمصدر، والظرف أشار الناظم بقوله: 250- وقابل من ظرف أو من مصدر ... أو حرف جر بنيابة حري   361- البيت للحزين الكناني "عمرو بن عبد وهيب" في الأغاني 15/ 263، ولسان العرب 13/ 114، "حزن" والمؤتلف والمختلف ص89، وللفرزدق في ديوانه 2/ 179، وأمالي المرتضى 1/ 68، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص1622، وشرح شواهد المغني 2/ 732، ومغني اللبيب 1/ 320، والمقاصد النحوية 2/ 513، 3/ 273، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 146، وشرح ابن الناظم ص260، وشرح الأشموني 1/ 183، وشرح المفصل 2/ 53. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 428 "و" حيث وجد المفعول به وغيره من مصدر وظرف ومجرور "لا ينوب غير المفعول به مع وجوده" وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 251- ولا ينوب بعض هذي إن وجد ... في اللفظ مفعول به .................. لأن غير المفعول به إنما ينوب بعد أن يقدر مفعولا به مجازا، فإذا وجد المفعول به حقيقة لم يقدم عليه غيره؛ لأن تقديم غيره عليه من تقديم الفرع على الأصل لغير موجب، "وأجازه الكوفي1" أي: أجاز الكوفيون2، أن ينوب غير المفعول به مع وجوده "مطلقًا" أي: من غير شرط سواء تأخر النائب عن المفعول به أو تقدم عليه. فالأول "كقراءة أبي جعفر: "لِيَجْزَى قَوْمًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ"" [الجاثية: 14] ، فبنى "يجزى" للمفعول وأناب المجرور بالباء عن الفاعل مع وجود المفعول به وهو "قومًا" مقدمًا على النائب3. والثاني كضرب في الدار زيدًا، "و" أجازه "الأخفش بشرط تقديم النائب" على المفعول به4 كالمثال الثاني، "وكقوله": [من الرجز] 362- وإنما يرضي المنيب ربه ... "ما دام معنيا بذكر قلبه" فـ"معنيا" اسم مفعول من "عني بحاجتك"، أصله معنوي، كمضروب، أعل بقلب الواو ياء وإدغامها في الياء وقلب الضمة كسرة، ونائب فاعله هو المجرور بالباء وهو "ذكر" مع وجود المفعول به مؤخرًا وهو "قلبه"، "و" نحو "قوله" وهو رؤبة: [من الرجز]   1 انظر الكتاب 1/ 223، وشرح ابن الناظم ص170، 171. 2 في "ب": "الكوفي". 3 الآية من شواهد ابن الناظم ص170، وشرح ابن عقيل 1/ 509، وأوضح المسالك 2/ 149، وشرح المفصل 7/ 75، والقراءة المستشهد بها قرأها عاصم وشيبة والأعرج، انظر الإتحاف ص390، والنشر 2/ 372. 4 في شرح ابن الناظم ص170: "مذهب سيبويه أنه لا يجوز نيابة غير المفعول به مع وجوده، وأجازه الأخفش والكوفيون". وانظر شرح الكافية الشافية 2/ 609، والخصائص 1/ 397. 3621- الرجز بلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 149، وشرح ابن الناظم ص170، وشرح التسهيل 2/ 128، وشرح الأشموني 1/ 184، وشرح قطر الندى ص189، وشرح الكافية الشافية 2/ 610، والمقاصد النحوية 2/ 519. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 429 363- "لم يعن بالعلياء إلا سيدًا" ... ولا شفى ذا الغي إلا ذو هدى فـ"يعن" مضارع مبني للمفعول من "عني بكذا"، و"بالعلياء" نائب: الفاعل، "وسيدا" مفعول به مؤخر، واختاره الناظم في التسهيل1، وظاهر قول الناظم: 250- .................. ... ................. وقد يرد يشمل مذهب الكوفيين والأخفش. وأجاب جمهور البصريين عن البيتين بأنهما ضرورة، وعن القراءة بأنها شاذة. قال الموضح في شرح القطر2، ويحتمل أن يكون النائب عن الفاعل في الآية ضميرًا مستترًا في الفعل عائدا على "الغفران" المفهوم من قوله "يغفروا" أي: ليجزى الغفران قومًا، وإنما أقيم المفعول به غاية ما فيه أنه المفعول الثاني، وذلك جائز. ا. هـ. وإن لم يوجد المفعول به فقال الجزولي3: تساوت البقية. واختار ابن عصفور4 إقامة المصدر، وأبو حيان 5 ظرف المكان، وابن معط المجرور6. مسألة: وغير النائب مما معناه متعلق بالرافع" للنائب عن الفاعل "واجب نصبه لفظًا إن كان غير جار ومجرور، كضرب زيد يوم الخميس أمامك ضربًا شديدًا" برفع "زيد" على النيابة عن الفاعل ونصب الظرفين والمصدر "ومن ثم" أي: من أجل أنه يجب نصب ما عدا النائب "نصب المفعول الذي لم ينب" عن الفاعل سواء كان الأول أم الثاني "في نحو: أعطي زيد دينارًا، وأعطي دينار زيدًا" ويسمى المفعول المنصوب من المفعولين خبر ما لم يسم فاعله. "أو" واجب نصبه "محلا إن كان" غير النائب "جارا ومجرورًا، نحو: "فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةً وَاحِدَةً"" [الحاقة: 13] فرفع "نفخة"   363- الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص173، والدرر 1/ 363، والمقاصد النحوية 2/ 521، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 150، وتخليص الشواهد ص497، وشرح ابن الناظم ص170، وشرح الأشموني 1/ 184، وشرح ابن عقيل 1/ 510، وشرح التسهيل 2/ 128، وشرح الكافية الشافية 2/ 609، وهمع الهوامع 1/ 162. 1 التسهيل ص77. 2 شرح قطر الندى ص190. 3 الجزولية ص142. 4 المقرب 1/ 81. 5 النكت الحسان ص55. 6 في المصدر السابق: "واختار ابن معط إقامة المجرور". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 430 على النيابة عن الفاعل، ونصب محل الجار والمجرور، وهو في "الصور"، "وعلة ذلك" النصب الواجب لفظا أو محلا لما عدا النائب "أن الفاعل لا يكون إلا واحدًا، فكذلك نائبه" لا يكون إلا واحدًا فينصب ما عداه، وإلى هذا أشار الناظم بقوله: 254- وما سوى النائب مما علقا ... بالرافع النصب له محققا هل نصبه بالرافع للنائب فيكون متجددًا، أو برافع الفاعل المحذوف فيكون مستصحبًا فيه مذهبان، أصحهما الأول، ويغزى لسيبويه1.   1 الكتاب 1/ 228. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 431 "فصل": "وإذا تعدى الفعل لأكثر من مفعول" واحد "فنيابة الأول جائزة اتفاقًا ونيابة الثالث ممتنعة اتفاقًا، نقله" ابن هشام "الخضراوي1" وابن أبي الربيع "وابن الناظم" في شرح النظم2، "والصواب أن بعضهم أجازه إن لم يلتبس" بغيره "نحو: أعلمت زيدًا كبشك سمينًا" فتقول: أعلم زيدا كبشك سمين، قاله أبو حيان في النكت الحسان3. وقال الشاطبي: أجاز بعض المتأخرين إقامة الثالث لكن مع حذف الأول، وأجرى فيه الخلاف في الثاني، وألزم ابن الحاج من قال بإقامة الثاني أن يقول بإقامة الثالث إذ لا فرق بينهما. قال الشاطبي: وهو إلزام صحيح ا. هـ. وإنما لم يذكر الناظم حكم الثالث؛ لأنه داخل في حكم الثاني، فيأتي فيه الخلاف الآتي فيه، ويكون الصحيح فيه الجواز إن لم يلبس، وهو قضية كلام التسهيل4. "وأما الثاني ففي باب "كسا"" وهو ما ليس خبرًا في الأصل عن الأول "إن ألبس، نحو: أعطيت زيدًا عمرًا، امتنع" نيابته "اتفاقًا" للإلباس تقدم أو تأخر؛ لأن كلا منهما يصلح أن يكون معطى، ولا يتبين المأخوذ من الآخذ إلا بالإعراب، فلو قيل: أعطي عمرو زيدً، أو أعطي زيدًا عمرو، لتوهم أن "عمرًا" آخذ، و"زيدًا" مأخوذ والغرض بالعكس. وقال بعض المتأخرين ينبغي أن يستظهر على اللبس بحفظ الرتبة كما في: ضرب موسى عيسى، فيكون المقدم هو المسند إليه، "وإن لم يلبس نحو: أعطيت زيدًا درهمًا، جاز" نيابته "مطلقًا" أي: سواء اعتقد القلب أم لا، وسواء كان الثاني نكرة والأول معرفة أم لا؛ لأن "زيدا" آخذ أبدا, و"درهما" مأخوذ أبدا. "وقيل: يمتنع مطلقا" طردًا للبس، فيتعين نيابة الأول؛ لأنه فاعل معنى.   1 انظر المقرب 1/ 81، والارتشاف 2/ 188. 2 شرح ابن الناظم ص56. 3 النكت الحسان ص56. 4 انظر التسهيل ص77، والارتشاف 2/ 186-188. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 432 "وقيل" يمتنع نيابة الثاني "إن لم يعتقد القلب" في الإعراب وهو كون المرفوع منصوبا والمنصوب مرفوعًا، فإن اعتقد القلب جاز، والنائب في الحقيقة هو الأول؛ لأن نيابة الثاني مع اعتقاده القلب مجاز صوري، ورفعه مجاز، كما أن نصب الأول مجاز، فهو من إعطاء المرفوع إعراب المنصوب، وعكسه عند أمن اللبس كقولهم: خرق الثوب المسمار، وكسر الزجاج الحجر، وهو من ملح كلامهم. "وقيل:" يمتنع نيابة الثاني "إن كان نكرة والأول معرفة" قاله الفارسي، فلا يقال: أعطي درهم زيدًا، ويتعين: "أعطي زيد درهمًا"1؛ لأن المعرفة أحق بالإسناد إليها من النكرة "وحيث قيل بالجواز" في الثاني "فقال البصريون إقامة الأول أولى" لأنه فاعل معنى. "وقيل" عن الكوفيين أنهم قالوا: "إن كان" الثاني "نكرة" والأول معرفة "فإقامته قبيحة، وإن كان معرفتين استويا في الحسن قاله" المرادي نقلًا عن الكوفيين في شرح التسهيل. وقال أبو حيان2: محل الخلاف أنه إذا كان "درهمًا" منصوبًا بـ"أعطى"، أما من جعله منصوبًا بغير "أعطى" وقدر له فعلًا آخر تقديره: يأخذ درهمًا، فلا يصح على مذهبه إقامة "الدرهم" معمولا" لـ"أعطى" لأنه معمول لغيره. ا. هـ. "و" المفعول الثاني "في باب "ظن"" وهو ما كان خبرًا في الأصل عن الأول. "قال قوم" كثيرون "يمتنع" نيابته" مطلقًا" سواء ألبس أم لم يلبس، وسواء كان جملة أم لا، وسواء كان نكرة والأصل معرفة أم لا "للإلباس في النكرتين" نحو: ظن أفضل منك أفضل من زيد، إذا كان أفضل من زيد هو الأول، "و" في "المعرفتين" نحو: ظن صديقك زيدًا، إذا كان زيد هو الأول، "ولعود الضمير على المؤخر" من المفعولين "إن كان الثاني نكرة" والأول معرفة؛ "لأن الغالب" في الثاني "كونه مشتقا، وهو حينئذ" أي: حين إذ ناب عن الفاعل "شبيه بالفاعل؛ لأنه مسند إليه" الفعل المبني للمفعول، "فرتبته التقديم" نحو: ظن قائم زيدًا، ففي "قائم" ضمير مستتر يعود على "زيدًا" وهو متأخر لفظًا ورتبة؛ لأنه مفعول غير نائب عن الفاعل، "وقائم" متقدم الرتبة؛ لأنه نائب الفاعل، ولا يصح أن يعود من المرفوع ضمير على المنصوب إلا في الشعر، "و" هذا القول "اختاره" أبو موسى "الجزولي3" وابن هشام "الخضراوي.   1 في "ب": "أعطي زيدًا درهم". 2 النكت الحسان ص56. 3 الجزولية ص143. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 433 وقيل يجوز" نيابة الثاني في باب "ظن" "إن لم يلبس" نحو: ظن قائم زيدًا، ويمتنع إن ألبس، نحو: ظن عمرو زيدًا، إذا كان مفعولًا ثانيًا، "ولم يكن جملة" اسمية أو فعلية؛ لأن الفاعل ونائبه لا يكونان جملة على الأصح، "و" هذا القول "اختاره ابن طلحة" والسيرافي في الإقناع "وابن عصفور1 وابن مالك2" وجماعة من المتأخرين. "وقيل: يشترط" في إقامة الثاني "أن لا يكون نكرة والأول معرفة، فيمتنع: ظن قائم زيدًا" برفع "قائم" لأنه يؤدي إلى الإخبار بالمعرفة عن النكرة وذلك مرفوض في الكثير، وما سمع منه حمله جماعة على القلب، وقد نص على هذا المعنى سيبويه3 في: كان رجل زيدًا، والبابان واحد، قاله الشاطبي. "و" المفعول الثاني "في باب "أعلم" أجازه قوم" منهم الجزولي4، والشلوبين في التوطئة، وتلميذه ابن الحاج في الرد على ابن عصفور في المقرب "إذا لم يلبس فيمتنع" أعلم زيد عمرو قائمًا، "ومنعه قوم ومنهم الخضراوي والأبدي" بضهم الهمزة وتشديد الموحدة، نسبة إلى أبدة بلد بالأندلس، "وابن عصفور5 لأن" المفعول "الأول" واقع عليه الإعلام فهو "مفعول صحيح" لصحة إطلاق المفعولية عليه حقيقة؛ ولأن أصله الفاعلية فهو أحق بما كان ملتبسًا به، "و" أما المفعولان "الأخيران" "فأصلهما مبتدأ وخبر شبها" في نصبهما "بمفعولي "أعطى"" فإطلاق المفعولية عليهما مجاز؛ "ولأن السماع إنما جاء بإقامة الأول، قال" الفرزدق: [من الطويل] 364- "ونبئت عبد الله بالجو أصبحت ... كرامًا مواليها لئيما صميمها فالتاء هي المفعول الأول نائبة عن الفاعل, و"عبد الله" علم قبيلة المفعول الثاني، وجملة "أصبحت" المفعول الثالث، واسم "أصبحت" ضمير مستتر فيها يعود إلى "عبد الله" وأنثها باعتبار القبيلة, و"كراما" خبر أصبحت، و"مواليها" فاعل "كراما" و"لئيمًا" خبر بعد خبر "وصميمها" فاعل "لئيمًا" و"الجو" بفتح الجيم، وتشديد الواو اليمامة، كانت تسمى جوا، و"الكريم": الشريف، و"اللئيم"   1 المقرب 1/ 41. 2 التسهيل ص77، وشرح الكافية الشافية 2/ 610. 3 الكتاب 1/ 47. 4 الجزولية ص143. 5 المقرب 1/ 81. 364- تقديم تخريج البيت برقم 321. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 434 ضده "وصميم الشيء" خالصه، والمراد أعيان القبيلة ورؤساؤها، والمعنى: أخبرت أن القبيلة المدعوة بعبد الله الكائنة باليمامة مواليها كرام، ورؤساؤها لئام. "وقد تبين" مما ذكر من جريان الخلاف في ثاني [مفعولي] 1 كسا، واشتراط كون الثاني في باب "ظن" ليس جملة، وجريان الخلاف في الثالث في باب "أعلم" "أن في النظم أمورًا" غير مناسبة، "وهي حكاية الإجماع على جواز إقامة الثاني من باب "كسا"، حيث لا لبس" فإنه2 قال: 252- وباتفاق قد ينوب الثان من ... باب كسا فيما التباسه أمن "وعدم اشتراط كون الثاني من باب "ظن" ليس جملة" حيث قال: 253- في باب ظن وأرى المنع اشتهر ... ولا أرى منعا إذا القصد ظهر "وإيهام أن إقامة الثالث" من باب "أعلم" "غير جائزة بالاتفاق، إذ لم يذكره مع المتفق عليه" وهو إقامة الأول "ولا مع المختلف فيه" وهو إقامة الثاني "ولعل هذا" الصنيع الموهم "هو الذي غلط ولده" في شرح النظم3، "حتى حكى الإجماع على الامتناع"، فهذه ثلاثة أمور، والأولان مسلمان، والثالث منظور فيه من وجهين. أحدهما: أن الناظم وإن لم يتعرض للثالث صريحًا فقد تعرض له التزامًا، وذلك لأن الثالث في باب "أعلم" هو الثاني في باب "علم، وقد ذكر الثاني، فلو ذكر الثالث لكان تصريحًا بما علم التزامًا ففيه شائبة تكرار, والثاني أن ابن الناظم مسبوق بحكاية الاتفاق على الامتناع وهي ثابتة كما نقله الموضح أول الفصل عن الخضراوي, فلا ينسب حاكيها إلى غلط، غاية ما في الباب أن حاكي الاتفاق لم يقف على الاختلاف.   1 إضافة من "ب". 2 سقطت من "ب". 3 شرح ابن الناظم ص171. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 435 "فصل": "يضم أول فعل المفعول" الذي لم يسم فاعله "مطلقًا" سواء كان ماضيًا أم مضارعًا، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 243- فأول الفعل اضممن ..... ... ................................. و"يشركه" في الضم "ثاني الماضي المبدوء بتاء زائدة" معادة سواء أكانت للمطاوعة، أم لا، فالثاني "كتضارب، و" الأول نحو: "تعلم" وتدحرج، وقيدنا الزيادة بالمعتادة احترازًا من التاء في نحو قولهم: ترمس الشيء، بمعنى رمسه، فإنها زائدة، ولا يضم ثاني فعلها لكون زيادتها غير معتادة، قاله المرادي1، وإلى تاء المطاوعة، أشار الناظم بقوله: 245- والثاني التالي تا المطاوعه ... كالأول اجعله بلا منازعه ويشركه "ثالث المبدوء بهمز الوصل" كان متعديًا أم لازمًا، فالثاني "كـ: انطلق، و" الأول نحو: "استخرج واستحلى" وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 246- وثالث الذي بهمز الوصل ... كالأول اجعلنه كاستحلي وفي جمل الزجاجي2 لا يجوز أن يبنى الفعل اللازم للمفعول عند أكثر النحويين ا. هـ. وخصه أبو البقاء بما لا يتعدى بحرف جر، ومثله بـ"قام" و"جلس" وعلله بأنه لو بني للمفعول لبقي الفعل خبرًا بغير مخبر عنه، وذلك محال، "ويكسر ما قبل الآخر من الماضي" وإليه أشار الناظم بقوله: 243- ........... والمتصل ... بالآخر اكسر في مضي كوصل ومن العرب من يسكنه كقوله: [من الرجز] 365- لو عصر بها البان والمسك انعصر   1 شرح المرادي 2/ 23، 24. 2 الجمل ص77. 365- الرجز لأبي النجم العجلي في ديوانه ص103، وأدب الكاتب ص538، وإصلاح المنطق ص36، واللكتاب 4/ 114، واللسان 3/ 336 "قصد"، 4/ 581 "عصر" والمنصف 1/ 24، والارتشاف 2/ 195، وبلا نسبة في الإنصاف 1/ 124، واللامات 36، والمنصف 2/ 124، والمخصص 147/ 220. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 436 واختاره قطرب، قال الخضراوي: وهي لغة بكر بن وائل وكثير من بني تميم، ومن العرب من يقلب الكسرة فتحة في المعتل اللام، فنقلب الياء ألفًا، فيقول في رؤي زيد: رؤى زيد، بفتح الهمزة، وهي لغة طيئ، فتحصل في معتل اللام ثلاث لغات، كسر ما قبل آخره وتسكينه، وفتحه "ويفتح" ما قبل الآخر "من المضارع" وإليه أشار الناظم بقوله: 244- واجعله من مضارع منفتحا ... .................................. هذا كله في صحيح العين السالم من التضعيف. "و" أما "إذا اعتلت عين الماضي وهو ثلاثي كـ"قام"" من الواوي، "و "باع"" من اليائي. "أو" كان "على" وزن "افتعل وانفعل، كـ"اختار"" من البائي، "و "انقاد"" من الواوي "فلك" في العين "كسر ما قبلها بإخلاص أو إشمام الضم فتقلب" الألف "ياء فيهما" وإخلاص الكسر لغة قريش ومن جاورهم، وإشمام الكسر الضم لغة كثير من قيس، وأكثر بني أسد. قال الشاطبي: وفي كيفية الإشمام ثلاثة مذاهب: أحدها ضم الشفتين مع النطق بالفاء فتكون حركتها بين حركتي الضم والكسر، هذا هو المعروف المشهور المقروء به. والثاني ضم الشفتين مع إخلاص كسرة الفاء. والثالث ضم الشفتين قبيل النطق بها؛ لأن أول الكلمة مقابل لآخرها، فكما أن الإشمام في الأواخر بعد الفراغ من إسكان الحرف فكذلك يكون الإشمام في أولها قبيل النطق بكسر الحرف ا. هـ. وقال المرادي1: الأقرب ما حرره بعض المتأخرين فقال: كيفية النطق به أن يلفظ على فاء الكلمة بحركة تامة مركبة من حركتين إفرادًا لا شيوعًا جزء الضمة مقدم وهو الأقل يليه جزء الكسرة وهو الأكثر، ومن ثم تمخضت الياء ا. هـ. "ولك إخلاص الضم فتقلب" الألف "واوًا" وإلى فاء الثلاثي المعتل العين أشار الناظم بقوله: 247- واكسر أو اشمم فا ثلاثي أعل ... عينا وضم جا كبوع فاحتمل وأشار إلى ما كان على وزن افتعل وانفعل بقوله:   1 شرح المرادي 2/ 25. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 437 249- وما لفا باع لما العين تلي ... في اختار وانقاد وشبه ينجلي "قال" رؤبة في الضم الخالص: [من الرجز] 366- "ليت وهل ينفع شيئًا ليت ... ليت شبابًا بوع فاشتريت" فـ"بوع" مبني للمفعول وهو خبر "ليت" الأولى، و"شبابًا" اسمها، و"ليت" الأخيرة توكيد للأولى فلا اسم لها ولا خبر، وليت الوسطى فاعل "ينفع"، و"شيئًَا" مفعول مطلق، أي: نفعًا وفاقًا للموضح لا مفعول به خلافًا للعيني1، والجملة من الفعل والفاعل معترضة بين المؤكد والمؤكد، و"هل" للنفي بدليل أنه روى وما ينفع شيئًا ليت، والواو للاعتراض، "وقال" آخر: [من الرجز] 367- "حوكت على نيرين إذ تحاك" ... تختبط الشوك ولا تشاك فـ"حوكت" من الحياكة وهي النسج، مبني للمفعول، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه يرجع إلى الحلة، و"نيرين" تثنية نير بكسر النون وسكون الياء المثناة تحت، وفي آخره راء علم الثوب ولحمته أيضًا فإذا نسج على نيرين كان أصفق ولصفاقتها تختبط الشوك ولا يؤثر فيها شيئ، وهذه اللغة "وهي" الضم الخالص لغة "قليلة" موجودة في كلام هذيل "وتعزى لفقعس ودبير" الجميع، وهما من فصحاء بني أسد، قاله المرادي في شرح التسهيل. وقال الشاطبي: حكيت عن بني ضبة، وقال الموضح2: حكيت عن بعض تميم، "وادعى ابن عذرة" وطائفة من متأخري المغاربة "امتناعها في افتعل" كـ"اختار" "وانفعل" كـ"انقاد" مما زاد على الثلاثة، فلا يقال: اختور ولا انقود، "و" المشهور   366- الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص171، والدرر 1/ 524، 2/ 534، وشرح شواهد المغني 2/ 819، والمقاصد النحوية 2/ 524، وبلا نسبة في أسرار العربية ص92، وأوضح المسالك 2/ 155، وتخليص الشواهد ص594، وشرح ابن الناظم ص169، وشرح الأشموني 1/ 181، وشرح ابن عقيل 1/ 503، وشرح التسهيل 2/ 131، 3/ 304، وشرح الكافية الشافية 2/ 605، ومغني اللبيب 2/ 632، وهمع الهوامع 1/ 248، 2/ 165، وتهذيب اللغة 14/ 320، وديوان الأدب 3/ 402. 1 المقاصد النحوية 2/ 525. 367- الرجز بلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 156، وتخليص الشواهد ص495، والدرر 2/ 535، وشرح ابن الناظم ص168، وشرح الأشموني 1/ 181، وشرح ابن عقيل 1/ 502، وشرح التسهيل 2/ 131، وشرح الكافية الشافية 2/ 605، والمقاصد النحوية 2/ 536، والمنصف 1/ 250، وهمع الهوامع 2/ 165، وتاج العروس 19/ 237 "خبط". 2 شرح بانت سعاد ص126. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 438 "الأول" وهو "قول ابن عصفور والأبدي وابن مالك" وينطق بالهمزة في نحو: اختار وانقد على حسب ما ينطق بالحرف الثالث، قاله ابن مالك1. "وأدعى ابن مالك امتناع ماألبس من كسر كـ"خفت وبعت" أو ضم كـ"عقت"" مبنيات للمفعول، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 248- وإن بشكل خيف لبس يجتنب ... .................................... "وأصل المسألة" قبل بنائهن للمفعول "خافني زيد، وباعني لعمرو، وعاقني عن كذا"، فحذفت الفاعل، "ثم بنيتهن للمفعول" وأبدلت من ياء المتكلم تاء فوقانية لاشتراكهما في الدلالة على المتكلم، "فلو قلت: خفت وبعت فبالكسر" في الخاء والباء، "وعقت بالضم" في أوله "لتوهم أنهن فعل وفاعل وانعكس المعنى" المراد "فتعين أنه لا يجوز إلا الإشمام أو الضم في" خفت وبعت "الأولين، والكسر في" عقت "الثالث، و" تعين "أن يمتنع الوجه الملبس" وهو الكسر في الأولين والضم في الثالث، "وجعلته المغاربة مرجوحًا لا ممنوعا" فقالوا: إن العرب تختار الكسر في الفاء إذا كانت فيما سمي فاعله مضمومة، وتختار الضم في الفاء إذا كانت فيما سمي فاعله مكسورة فرقًا بينهما وهو ظاهر2، "و" لهذا "لم يلتفت سيبويه" في ذلك "للإلباس3" بل أجاز الأوجه الثلاثة مطلقًا اكتفاء بالفرق التقديري؛ لأن الإلباس غير مانع "لحصوله في" الاسم والفعل، فالاسم "نحو: مختار"، إذ يحتمل أن يكون وصفًا للفاعل أو المفعول، ومع ذلك أعلوه بقلب الياء ألفًا، واكتفوا فيه بالفرق التقديري فعلى تقدير كونه وصفًا للفاعل تكون الياء مكسورة، وعلى تقدير المفعول تكون مفتوحة، "و" الفعل نحو: " {تُضَارَّ} " [البقرة: 233] إذ يحتمل أن يكون مبنيا للفاعل وأن يكون مبنيا للمفعول ومع ذلك أدغم، فعلى تقدير البناء للفاعل تكون الراء الأولى مكسورة، وعلى تقدير البناء للمفعول تكون مفتوحة، "وأوجب4 الجمهور ضم فاء الثلاثي المضعف" وهو ما كان عينه ولامه من جنس واحد، "نحو: شد ومد" بضم الفاء وتشديد الدال فيهما، "والحق قول بعض الكوفيين إن الكسر" في الفاء "جائز" ونص سيبويه على اطراده. فقال5:   1 انظر شرح الكافية الشافية 2/ 605. 2 انظر الارتشاف 2/ 196. 3 الكتاب 4/ 421. 4 في "ب": "وأوجبه". 5 الكتاب 4/ 422، 423. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 439 واعلم أن لغة مطردة للعرب يجري فيها فعل من المضاعف الثلاثي مجرى فعل من المعتل فيكسر أوله، فيقال: رِدّ، كما يقال: قِيل، نقله الموضح عنه في الحواشي، ومن خطه نقلت. "و" الكسر "هو لغة بني ضبة" بضاد معجمة مفتوحة فموحدة مشددة، فهاء تأنيث وهو ابن أد عم تميم بني مرة، قاله الدماميني1. وقال أبو محمد بن السيد البطليوسي2: ضنة، بالضاد المعجمة والنون لا بالباء، وهو بطن من قضاعة ينسب إليها جماعة، كذا في مختصر الأنساب ا. هـ. ويمكن أن يكونا قبيلتين ضبط كل منهما واحدة، "و" لغة "بعض تميم، وقرأ علقمة" ويحيى بن وثاب: ""رِدَّتْ إِلَيْنَا""3 [يوسف: 65] و: ""وَلَوْ رِدُّوا""4 [الأنعام: 28] ، "بالكسر" فيهما بنقل كسرة العين إلى الفاء حملًا له على المعتل، "وجواز ابن مالك الإشمام أيضًا" فقال في التسهيل5: وقد تشم فاء المدغم، "وقال المهاباذي: من أشم" من العرب "في قيل وبيع" من المعتل "أشم هنا" يعني في المضعف فتحصل في فاء المضاعف ما ثبت في فاء المعتل من الكسر الخالص والإشمام والضم الخالص، كما أشار إليه الناظم بقوله: 248- ................... ... وما لباع قد يرى لنحو حب وعلى الكسر يلغز، فيقال: ما وجه رفع الماء في قولهم: إن الماء؛ بكسر الهمزة، ورفع الماء، وجوابه أن أصله إن زيد الماء في الحوض إذا صبه فحذف الفاعل، وأنيب عنه المفعول، وكسر الهمزة على حد "رِدَّتْ إِلَيْنَا" [يوسف: 65] بكسر الراء، واستفدنا من تغيير الفعل إذا بني للمفعول أن صيغته مفرعة عن صيغة المبني للفاعل، وبه قال جمهور البصريين، وذهب الكوفيون والمبرد إلى أنها صيغة أصلية مستقلة بنفسها غير مغيرة عن شيء، وسيأتي في التصريف توجيه كل من القولين.   1 شرح التسهيل للدماميني 4/ 267. 2 الكتاب مفقود، ورد قوله في شرح شواهد ابن الناظم ص260. 3 انظر القراءة في الإتحاف ص266، والمحتسب 1/ 345. 4 انظر القراءة في الإتحاف ص207، والبحر المحيط 4/ 104. 5 التسهيل ص77. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 440 باب الاشتغال : "هذا باب الاشتغال": وحده أن يتقدم اسم، ويتأخر عنه فعل متصرف، أو اسم يشبهه ناصب لضميره، أو لملابس ضميره بواسطة أو غيرها، ويكون ذلك العامل بحيث لو فرّغ من ذلك المعمول، وسلط على الاسم المتقدم لنصبه، إذا تقرر ذلك فنقول: "إذا اشتغل فعل متأخر بنصبه محل ضمير اسم متقدم عن نصبه للفظ ذلك الاسم" المتقدم "كـ"زيدًا ضربته""، أو لمحله" أي: لمحل ذلك الاسم المتقدم؛ "كـ: هذا ضربته" وإلى هذا أشار الناظم بقوله: 255- إن مضمر اسم سابق فعلا شغل ... عنه بنصب لفظه أو المحل وذهب جمهور الشارحين إلى أن نصب اللفظ أو المحل إنما هو للضمير المشتغل به العامل مدعين أن العامل إذا وصل إلى الضمير بنفسه ينصب لفظه، وإذا وصل إليه بحرف جر ينصب محله. والتحقيق أن نصب اللفظ أو المحل إنما هو للاسم المتقدم كما شرح الموضح، وأن الضمير لا ينصب له لفظ "فالأصل" جواب إذا "أن ذلك الاسم" المتقدم "يجوز فيه وجهان: أحدهما راجع لسلامته من التقدير" للعامل، "وهو الرفع بالابتداء، فما بعده" من الجملة الفعلية "في موضع رفع على الخبرية" للمبتدأ، والرابط، بينهما الهاء المتصلة بالفعل، "وجملة الكلام" من المبتدأ والخبر "حينئذ" أي: حين إذ جعل الاسم المتقدم مبتدأ؛ جملة "اسمية" لتصديرها بالاسم. "و" الوجه "الثاني" من الوجهين "مرجوح لاحتياجه إلى التقدير" للعامل، "وهو النصب فإنه بفعل موافق للفعل المذكور" فيما يلائمه "محذوف وجوبًا" لأن الفعل المذكور مفسر له، ولا يجمع بينهما، وأما قوله تعالى: {إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ} [يوسف: 4] فتوكيد، خلافًا لمن أجاز الجمع بين المفسِّر والمفسَّر، "فما بعده" أي: الاسم المتقدم "لا محل له؛ لأنه مفسِّر" للفعل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 441 المحذوف، والجملة المفسرة لا محل لها على الأصح، وقال في المغني1: إن جملة الاشتغال ليست من الجمل التي تسمى في الاصطلاح جملة تفسيرية، وإن حصل بها تفسير، ا. هـ. "وجملة الكلام" من الفعل المحذوف وما بعده "حينئذ" أي: حين إذ جعل الاسم المتقدم منصوبًا بفعل محذوف جملة "فعلية" لتصديرها بالفعل المحذوف. وهذا الوجه المرجوح مراتبه متخالفة، فالنصب في نحو: "زيدا ضربته" أقوى من النصب في نحو: "زيدًا ضربت أخاه" والنصب في "زيدًا ضربت أخاه" أحسن من النصب في "زيدًا مررت به" والنصب في "زيدًا مررت به" أحسن من النصب في "زيدا مررت بأخيه"، قاله المرادي في تلخيص شرح أبي حيان على التسهيل، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 256- فالسابق انصبه بفعل أضمرا ... حتما مواق لما قد أظهرا وزعم الكسائي أن نصب الاسم المتقدم بالفعل المتأخر, وألغى الضمير وزعم تلميذه الفراء أنهما منصوبان بالفعل المذكور؛ لأنهما في المعنى لشيء واحد2. ويرد عليهما "أزيدًا مررت به؟ " و"أزيدًا هدمت داره؟ ". "ثم قد يعرض لهذا الاسم" المتقدم "ما يوجب نصبه، وما يرجحه، وما يسوى" فيه "بين الرفع والنصب، ولم نذكر" نحن "من الأقسام ما يجب رفعه، كما ذكر الناظم" في النظم بقوله: 258- وإن تلا السابق ما بالابتدا ... يختص فالرفع التزمه أبدا 259- كذا إذا الفعل تلا ما لم يرد ... ما قبل معمولا لما بعد وجد "لأن حد الاشتغال السابق" أو الباب "لا يصدق عليه"؛ لأنه يعتبر فيه أن يكون الاسم المتقدم بحيث لو فرغ الفعل من الضمير وسلط عليه لنصبه، وما يجب رفعه ليس بهذه الحيثية، "وسيتضح ذلك" في التنبيه الأول الآتي. "فيجب النصب إذا وقع الاسم بعد ما يختص بالفعل كأدوات التحضيض" بحاء مهملة وضادين معجمتين "نحو: هلا زيدًا أكرمته" وأهمله في الارتشاف. "وأدوات الاستفهام غير الهمزة، نحو: هل زيدًا رأيته" فيجب نصب "زيد" بفعل محذوف يفسره المذكور، وهو "رأيت" ولا يجوز رفعه؛ لأن "هل" إذا جاء بعدها   1 مغني اللبيب ص526. 2 الارتشاف 3/ 110، وهمع الهوامع 2/ 114. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 442 اسم وفعل لم يجز تقديم الاسم على الفعل، فلا يجوز "هل زيدًا رأيت" إلا في الشعر، هذا مذهب سيبويه1، وخالفه الكسائي في ذلك، فأجاز أن يليها الاسم الذي بعد فعل، ولم يخص ذلك بالشعر2، فعلى قوله يجوز الاشتغال في النثر، ولا يجب النصب بل يترجح، وما تقدم في صدر الكتاب3 من أن "هل" مشتركة بين الأسماء والأفعال مقيد عند غير الكسائي بما إذا لم يكن في حيزها فعل، نحو: "هل زيد أخوك" فإنها إذا لم يكن في حيزها فعل تسلت عنه، بخلاف ما إذا كان الفعل في حيزها، فلا تدخل إلا عليه، ولم ترض بافتراق الاسم بينهما، قاله التفتازاني4 وغيره. "و: متى عمرًا لقيته" فيجب النصب لما ذكر، وسيأتي الكلام على الهمزة في المسألة الثالثة. "وأدوات الشرط، نحو: حيثما زيدًا لقيته فأكرمه" فيجب النصب، لما ذكر من الاختصاص بالفعل. "إلا أن هذين النوعين" وهما أدوات الاستفهام غير الهمزة وأدوات الشرط "لا يقع الاشتغال بعدهما إلا في الشعر" عن سيبويه5، "وأما في" نثر "الكلام فلا يليهما إلا صريح الفعل"، فلا يجوز في الكلام "متى عمرًا لقيته" و"حيثما زيدًا لقيته فأكرمه" "إلا إن كانت أداة الشرط "إذا" مطلقًا، سواء أكان الفعل ماضيًا أم لا "أو: إن" بكسر الهمزة وسكون النون "والفعل ماض" لفظًا أو معنى "إذا زيدًا "تلقاه فأكرمه""، لا فرق في ذلك بين الماضي والمضارع مع "إذا" "و" تقول في "إن" والفعل ماض لفظًا: "إن زيدًا لقيته فأكرمه" أو معنى فقط "إن زيدًا لم تلقه فانتظره". "ويمتنع" الاشتغال "في" نثر "الكلام" بعد "إن" الجازمة لفعل التفسير لفظًا نحو: "إن زيدًا تلقه" بحذف الألف "فأكرمه"؛ لأن "إن" لما جزمت الفعل قوي طلبها له، فلا يليها غيره، بخلاف ما إذا لم تجزمه لفظًا، إما لمضيه، وإما لجزمه بغيرها كما تقدم، فيضعف طلبها للفعل، فيليها غيره. "ويجوز" الاشتغال "في الشعر" بعد "إن" الجازمة لفعل التفسير، نحو "إن" زيدًا تلقه فأكرمه". "وتسوية الناظم" في الناظم "بين "إن" و "حيثمًا" مردودة"،   1 الكتاب 3/ 99. 2 انظر الكشاف 3/ 107. 3 انظر ما تقدم ص37. 4 مختصر التفتازاني 2/ 260، 361. 5 الكتاب 1/ 101. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 443 لأن الاشتغال بعد "حيثما" لا يقع إلا في الشعر، وأما بعد "إن" فإنه إن كان الفعل المشتغل ماضيًا لفظًا أو معنى يقع الاشتغال بعدها في الكلام والشعر، وإن كان مضارعًا مجزومًا بها فالاشتغال بعدها مختص بالشعر. وجوابه إن الغرض من التسوية بينهما إنما هو في وجوب النصب حيث وقع الاشتغال بعدهما، وأما التسوية بينهما في جميع الوجود فليست بلازمة، وعبارة الناظم ناطقة بذلك، ونصبها: 257- والنصب حتم إن تلا السابق ما ... يختص بالفعل كإن وحيثما "ويترجح النصب في ست مسائل: إحداها أن يكون الفعل" المشتغل "طلبًا1، وهو الأمر والدعاء" بخير أو شر، "ولو" كان الدعاء "بصيغة الخبر" المقابل للإنشاء، "فالأمر نحو: زيدًا اضربه، و" الدعاء بصيغة الطلب، نحو: "اللهم عبدك ارحمه، و" الدعاء بصيغة الخبر، نحو: "زيدًا غفر الله له". فالنصب فيهن بفعل محذوف من لفظ الأولين، ومن معنى الثالث لقصوره، والتقدير: اضرب زيدًا وارحم عبدك، وارحم زيدًا غفر الله له، وإنما ترجح النصب فيهن على الرفع؛ لأن الطلب إنما يكون بالفعل، فكان حمل الكلام عليه أولى؛ ولأن في الرفع الإخبار بالطلب، وحق الخبر أن يكون محتملا للصدق والكذب، قاله ابن الشجرى2 ونوقش فيه3. وقال أبو علي4: كنت أستبعد إجازة سيبويه الإخبار بجملتي الأمر والنهي5 حتى مر بي قوله: [من البسيط] 368- إن الذين قتلتم أمس سيدهم ... لا تحسبوا ليلهم عن ليلكم ناما   1 انظر الكتاب 1/ 137، 138، 142، وشرح ابن الناظم ص173، والارتشاف 3/ 107. 2 أمالي ابن الشجري 1/ 331. 3 انظر الدرر اللوامع 1/ 183، 184، وهمع الهوامع 1/ 96. 4 أمالي ابن الشجري 1/ 331، 332. 5 الكتاب 1/ 138. 368- البيت لأبي مكعت أخي بني سعد بن مالك في خزانة الأدب 1/ 247، 249، 250، والدرر 1/ 285، وبلا نسبة في شرح شواهد المغني 2/ 914، ومغني اللبيب 2/ 585، وهمع الهوامع 1/ 135، وأمالي ابن الشجري 1/ 332، وشرح التسهيل 2/ 11. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 444 "وإنما وجب الرفع في نحو: "زيدًا أحسن به" لأن الضمير" المجرور بالباء "في محل رفع" على الفالية عند سيبويه، وزيدت الباء لإصلاح اللفظ، فليس من الاشتغال في شيء، وكذا إن قلنا: الضمير في محل نصب، لأن فعل التعجب جامد لا يعمل فيما قبله، وما لا يعمل لا يفسر عاملًا. "وإنما اتفق السبعة عليه" أي على الرفع "في نحو: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا" كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ} [النور: 2] "لأن" الفاء مانعة من حملة على الاشتغال، فإن "تقديره عند سيبويه1: مما يتلى عليكم حكم الزانية والزاني"، فحذف المضاف الذي هو "حكم"، وأقيم المضاف إليه مقامه وهو "الزانية والزاني"، وحذف الخبر وهو المجرور، "ثم" بعد تمام الجملة "استؤنف الحكم" وهو "فاجلدوا" فصارت جملة الطلب مستأنفة، فلم يزلم الإخبار بالجملة الطلبية وهي "فاجلدوا" عن المبتدأ وهو "الزانية والزاني"، ولم يستقم عمل فعل من جمل مستأنفة في مبتدأن مخبر عنه بغير ذلك الفعل من جملة أخرى، وهذا التقدير متعين عند سيبويه2، "وذلك لأن الفاء لا تدخل عنده في الخبر في نحو هذا"ن المثال، فإنه يمنع زيادة الفاء في خبر المبتدأ، ما لم يكن المبتدأ موصولًا بفعل أو ظرف، وصلة "أل" غير ذلك، "ولذا" أي ولأجل منع سيبويه زيادة الفاء في خبر المبتدأ إذا لم يكن موصولًا بفعل أو ظرف "قال في قوله: [من الطويل] 369- وقائلة خولان فانكح فتاتهم" ... وأكرومة الحيين خلو كما هيا "إن التقدير: هذه خولان"، هذا مقول قول سيبويه3، فجعل "خولان" خبر مبتدأ محذوف، وجملة "فانكح فتانهم" مستأنفة هربًا من زياة الفاء في خبر المبتدأ غير   1 الكتاب 142، 143. 2 الكتاب 1/ 139، 140. 369- البيت بلا نسبة في الأزهية ص243، وأوضح المسالك 2/ 163، والجني الداني ص71، وخزانة الأدب 1/ 315، 455، 4/ 369، 8/ 19، 11/ 367، والدرر 1/ 201، والرد على النحاة ص104، ورصف المباني ص386، وشرح أبيات سيبويه 1/ 413، وشرح الأبيات المشكلة الإعراب 1/ 279، 294، وشرح الأشموني 1/ 189، وشرح التسهيل 1/ 331، وشرح شواهد الإيضاح ص86، وشرح شواهد المغني 1/ 468، و2/ 873، وشرح المفصل 1/ 100، 8/ 95، والكتاب 1/ 139، 143، ومغني اللبي 1/ 165، والمقاصد النحوية 2/ 529، وهمع الهوامع 1/ 110، ومعاني القرآن للأخفش 1/ 247/ ومعاني القرآن وإعرابه للزجاج 2/ 407. 3 الكتاب 1/ 138، 139. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 445 الموصول وأجاز الأخفش زيادتها مطلقًا1، ونقله ابن إياز في نتيجة المطارحة أيضًا عن الفارسي2 وابن جني3 وغيرهما من البصريين. وقيد الفراء والأعلم وجماعة الجواز بكون الخبر أمرًا أو نهيًا4، و"خولان" بفتح الخاء المعجمة: قبيلة من اليمن، "والنكاح": التزويج، و"الفتاة": الشابة، و"أكرومة" بضم الهمزة: من الكرم، كالأعجوبة من العجب، مبتدأ، و"الحيين": تثنية حي، والمراد حي أبيها، وحي أمها، يعني أن كرمها من جهتي نسبها، و"الخلو" بكسر الخاء المعجمة وسكون اللام: الخالية من الأزواج، خبر "أكرومة"، و"كما": جار ومجرور، خبر بعد خبر "وما" المجرورة بالكاف: اسم موصول، وكلمة "هي" مبتدأ محذوف الخبر، والجملة صلة "ما" والعائدة محذوف، بمعنى "على"، والتقدير: على ما هي عليه. "وقال المبرد5: الفاء" في {فَاجْلِدُوا} [النور: 2] "لمعنى الشرط"؛ لأن الموصول فيه معنى الشرط، فتدخل الفاء في خبره كما تدخل في جواب الشرط، والمعنى: إن زنيا فاجلدوهما، "ولا يعمل الجواب في الشرط، فكذلك ما أشبههما" مما هو منزل منزلة الشرط والجواب. فكما لا يعمل الجواب في الشرط لا يعمل الخبر المشبه للجواب في المبتدأ المشبه للشرط، "وما لا يعمل لا يفسر عاملا". فعلى قولي سيبويه والمبرد ليست الآية من الاشتغال"، "فالرفع" على الابتداء "عندهما واجب" والخبر على قول سيبويه محذوف, وعلى قول المبرد مذكور وهو "فاجلدوا". وقال أبو علي الفارسي6: من جعل الفاء زائدة أجاز النصب في "زيد فاضربه" وأنشد ثعلب أحمد بن يحيى: [من الرجز] 370- يا رب موسى أظلمي وأظلمه ... فاصبب عليه ملكًا لا يرحمه   1 معاني القرآن للأخفش 1/ 247، وانظر الدر 1/ 201. 2 شرح الأبيات المشكلة الإعراب 1/ 279، 280، 294, وفي الدرر 1/ 201: "قال أبو علي: من جعل الفاء زائدة أجاز في "خولان" الرفع والنصب". 3 سر صناعة الإعراب 1/ 260. 4 الارتشاف 2/ 66، 70. 5 الكامل ص822. 6 الدرر اللوامع 1/ 201، وشرح الأبيات المشكلة الإعراب 1/ 280. 370- الرجز بلا نسبة في الارتشاف 2/ 69، وخزانة الأدب 4/ 369، 370، والدرر 1/ 202، وشرح الأبيات المشكلة الإعراب 1/ 294، وشرح عمدة الحافظ ص653، وهمع الهوامع 1/ 110. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 446 المعنى: أظلمنا1. وقرأ عيسى بن عمر وابن أبي عبلة "وَالسَّارِقَ وَالسَّارِقَةَ" [المائدة: 38] بالنصب2، و"قال" أبو محمد، عبد الله بن محمد "ابن السيد"؛ بكسر السين، وسكون الياء آخر الحروف؛ البطليوسي، "و" أبو الحسن، طاهر بن أحمد "ابن بابشاذ"، بالتركيب، كلمة أعجمية يتضمن معناها الفرح والسرور "يختار الرفع في" الاسم المنظور فيه "إلى العموم" بالأمر، "كالآية" ونحوها كـ: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا} [المائدة: 38] لشبهه بالشرط في العموم والإبهام، "و" يختار "النصب في" الاسم المنظور فيه إلى الخصوص" بالأمر، "كـ: زيدًا اضربه" لعدم مشابهته للشرط3. المسألة "الثانية:" مما يترجح فيه النصب "أن يكون الفعل" المشتغل "مقرونا باللام أو بلا الطلبيتين، نحو: "عمرًا ليضربه بكر" و"خالدًا لا تهنه"". فإن قيل: كيف جاز ذلك، وقد فسر العامل ما لا يعمل؛ لأن "اللام" و"لا" الطلبيتين لا يعمل ما بعدهما فيما قبلهما قياسًا؟. قلت: أجاب ابن عصفور بأنهم أجروا الأمر بـ"اللام" مجرى الأمر بغيرها، وأجروا النهي بـ"لا" مجرى النفي بها. ويشمل الطلب ما لفظه لفظ الخبر، "ومنه: زيدًا لا يعذبه الله" برفع "يعذب"؛ "لأنه نفي بمعنى الطلب"، فـ"زيدًا" منصوب بفعل محذوف، تقديره: رحم الله زيدًا؛ لأن عدم التعذيب رحمة. "ويجمع المسألتين" هذه والتي قبلها "قول الناظم": 260- واختير نصب "قبل ذي طلب" ... ..................................... "فإن ذلك" الفعل المصاحب للطلب "صادق" على شيئين: "على الفعل الذي هو طلب" كالأمر والدعاء، "وعلى الفعل المقرون بأداة طلب"، كالمقرون "باللام" و"لا" الطلبيتين. المسألة "الثالثة: أن يكون الاسم" المشتغل عنه "واقعًا بعد شيء، الغالب" في ذلك الشيء "أن يليه فعل"، وإليه أشار الناظم بقوله: 260- .................... ... وبعد ما إيلاؤه الفعل غلب   1 شرح الأبيات المشكلة الإعراب 1/ 294. 2 انظر هذه القراءة في البحر المحيط 3/ 476، والكشاف 1/ 377، ومعاني القرآن وإعرابه 2/ 172. 3 انظر رأي البطليوسي في كتابه الحلل ص154، ورأي ابن بابشاذ في همع الهوامع 2/ 113، وانظر الارتشاف 3/ 107. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 447 "ولذلك أمثلة، منها همزة الاستفهام، نحو: {أَبَشَرًا مِنَّا وَاحِدًا نَتَّبِعُهُ} " [القمر: 24] فيترجح نصب، "بشرا" بفعل محذوف يفسره المذكور؛ لأن الغالب في الهمزة أن تدخل على الأفعال، وإنما لم يجب دخولها على الأفعال كباقي أخواتها؛ لأنها أم الباب، وهم يتوسعون في أمهات الأبواب ما لم يتوسعوا في غيرها. "فإن فصلت الهمزة" من الاسم المشتغل عنه "فالمختار الرفع نحو: أأنت زيد تضربه"؛ لأن الاستفهام حينئذ داخل على الاسم، لا على الفعل، هذا إن جعلت "أنت" مبتدأ, كما هو رأي سيبويه1, وإن جعلته فاعلا بفعل مقدر, وانفصل بعد حذفه كما هو رأي الأخفش فالمختار النصب2؛ لأن الهمزة داخلة في التقدير، "إلا في نحو: أكل يوم زيدًا تضربه"، فيترجح النصب؛ "لأن الفصل بالظرف" وهو "كل يوم" بنصب "كل" "كلا فصل" وحرف الاستفهام داخل في الحكم على الفعل. "وقال ابن الطراوة3: إن كان الاستفهام عن الاسم فالرفع" واجب، "نحو: أزيد ضربته أم عمرو" لأن الضرب محقق، وإنما الشك في المفعول، فالاستفهام عن تعيينه "وحكم" ابن الطراوة "بشذوذ النصب في قوله" وهو جرير يمدح ثعلبة ورياحًا، ويذم طهية والخشاب: [من الوافر] 371- أثعلبة الفوارس أم رياحا ... عدلت بهم طهية والخشابا بنصب "ثعلبة" بفعل محذوف تقديره: أحقرت ثعلبة، ولا يجوز إضمار "عدلت" لتعديه بالياء، قاله الموضح في الحواشي. و"ثعلبة" بتاء مثلثة وعين مهملة وباء موحدة و"الفوارس" نعته، وإن كان جمعًا، نظر إلى معنى أهل القبيلة، و"رياحًا" بمثناة من تحت، وحاء مهملة، "وطهية" بضم الطاء المهملة، وفتح الهاء وتشديد الياء آخر الحروف، و"الخشاب" بكسر الخاء المعجمة وبالشين المعجمة: كلها قبائل، قاله الموضح في الحواشي.   1 الكتاب 1/ 104، وانظر الارتشاف 3/ 106. 2 شرح التسهيل 2/ 144، والارتشاف 3/ 112. 3 الارتشاف 3/ 108. 371- البيت لجرير في ديوانه ص814، والأزهية ص114، وأمالي المرتضى 2/ 57، وجمهرة اللغة ص290، وخزانة الأدب 11/ 69، وشرح أبيات سيبويه 1/ 288، والكتاب 1/ 102، 3/ 183، ولسان العرب 1/ 355، "خشب" 15/ 17 "طها" والمقاصد النحوية 2/ 533، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 166، والرد على النحاة ص105، وشرح الأشموني 1/ 190. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 448 وفي مثل الزجاجي1، قال المازني: سأل مروان الأخفش عن "أزيدًا ضربته أم عمرًا" فقال الأخفش: المختار النصب لأجل الألف. فقال: إنما المستفهم عنه هنا الاسم لا الفعل. وإنما ينبغي أن يختار الرفع. فقال: هذا هو القياس. قال المازني: وكذا القياس عندي، ولكن النحاة أجمعوا على اختيار النصب لما كان معه حرف الاستفهام الذي هو في الأصل للفعل. فظهر بهذا أن ما قاله ابن الطراوة شاذ، بدليل قول العرب: "أزيدًا ضربته أم عمرًا" بالنصب، ا. هـ. "وقال الأخفش2: أخوات الهمزة" في ترجيح النصب "كالهمزة" في ذلك "نحو: أيهم زيدًا ضربه"، فـ"أيهم": مبتدأ، و"زيدًا" منصوب بفعل محذوف يفسره "ضربه" والجملة خبر "أيهم" والتقدير: "أيهم ضرب زيدًا"، "ومن أمة الله ضربها" فـ"من" بفتح الميم: مبتدأ، و"أمة الله": منصوب بفعل محذوف، خبر "من" والتقدير: من ضرب أمة الله؟. "ومنها" أي: من الأمثلة "النفي بـ"ما" أو "لا" أو "إن" نحو: ما زيدًا رأيته" أو: لا زيدًا رأيته، أو: إن زيدًا رأيته، فيترجح النصب؛ لأنهم شبهوا أحرف النفي بأحرف الاستفهام في أن الكلام معها غير موجب. "وقيل: ظاهر مذهب سيبويه اختيار الرفع" في الاسم بعدها3. "وقال" أبو عبد الله4 "ابن الباذش"؛ بباء موحدة وألف فذال وشين معجمتين، والذال مكسورة؛ "وابن خروف": لا يترجح النصب مع هذه الأحرف، وإنما الرفع والنصب "يستويان" معها لدخولها على الأسماء والأفعال، بخلاف غيرها من أحرف النفي وهي: "لم" و"لما" و"لن" فإنها مختصة بالأفعال، فحكها حكم "إن" الشرطية في وجوب النصب إن اضطر شاعر إلى ذلك. قاله ابن مالك في شرح الكافية5. "ومنها "حيث" نحو: حيث زيدًا تلقاه فأكرمه، قاله الناظم" في شرح الكافية ونصه6: ومن مرجحات النصب تقدم" حيث" مجردة من "ما" نحو: حيث   1 أي: في مجالس العلماء ص61. 2 انظر الارتشاف 3/ 108. 3 الكتاب 1/ 145، 146، وانظر الارتشاف 3/ 108. 4 كذا في "أ"، "ب", "ط" والصواب: أبو الحسن، انظر بغية الوعاة 2/ 142. 5 شرح الكافية الشافية 2/ 619، 620. 6 شرح الكافية الشافية 2/ 620. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 449 زيدًا تلقاه فأكرمه؛ لأنها تشبه أدوات الشرط فلا يليها في الغالب إلا فعل، فإن اقترنت بـ"ما" صارت أداة شرط، واختصت بالفعل. ا. هـ. وهو في ذلك تابع لسيبويه، فإنه قال1: "إذا" و"حيث" مما يقبح بعده ابتداء الأسماء، وإذا أوقعت الفعل على شيء من سببه نصب في القياس، تقول: "إذا عبد الله تلقاه فأكرمه" و"حيث زيدًا تجده فأكرمه". ونوزع سيبويه في "إذا" لأنها عنده مختصة بالأفعال، ولم ينازع في "حيث" فظن الموضح أن المنازعة في "حيث" فقال: "وفيه نظر"، والعجب منه أنه وافق النتاظم في المغني فقال2: وإضافة "حيث" إلى الفعلية أكثر ومن ثم ترجح النصب في نحو: جلست حيث زيدًا أراه. ا. هـ. ولعل وجه النظر في قوله: "فأكرمه"، فإنه يوهم أنه جواب "حيث"، و"حيث" المجردة من "ما" لا جواب لها عند البصريين, ومن جازى بها من الكوفيين أوجب النصب بعدها، فلا يكون راجحًا. المسألة "الرابعة:" مما يترجح فيه النصب "أن يقع الاسم" المشتغل عنه "بعد عاطف غير مفصول" ذلك العاطف من الاسم "بـ: أما" المفتوحة الهمزة، المشددة الميم، "مسبوق" العاطف "بفعل غير مبني" ذلك الفعل "على اسم" قبله، والمراد ببنائه عليه أن يجعل الفعل خبرًا عن ذلك الاسم، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 261- وبعد عاطف بلا فصل على معمول فعل مستقر أولًا ولا فرق في الفعل بين أن تكون رافعًا للفاعل أو ناصبًا للمفعول، فالأول "كـ: قام زيد وعمرا أكرمته"، "و" الثاني "نحو: {وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ} [النحل: 5] بعد" قوله: " {خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ} " [النحل: 4] وإنما ترجح نصب المعطوف فيهما؛ لأن المتكلم به عاطف جملة فعلية على جملة فعلية، والرافع عاطف جملة اسمية على جملة فعلية، وتشاكل الجملتين المعطوفة إحداهما على الأخرى أحسن من تخالفهما، قاله في شرح الكافية3. ما إذا فصل بين العاطف والاسم بـ"أما" "نحو: ضربت زيدًا وأما عمرو فأهنته، فالمختار الرفع"؛ لأنه لا يحتاج إلى تقدير. وحكم الاسم الواقع بعد "أما" في الأحوال الخمسة حكم الاسم الواقع في ابتداء الكلام،   1 الكتاب 1/ 106، 107. 2 مغني اللبيب ص177. 3 شرح الكافية الشافية 2/ 620، 621. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 450 "لأن "أما" تقطع ما بعدها عما قبلها" لكونها من الحروف التي يبتدأ بها الكلام، قاله الشاطبي: "وقرئ "وَأَمَّا ثَمُودًا فَهَدَيْنَاهُمْ" [فصلت: 17] بالنصب لـ"ثمود" منونا وغير منون، قاله الزمخشري في كشافه1، والبيضاوي في تفسيره2، والتنوين باعتبار الحي، وعدمه باعتبار القبيلة، والنصب بلا تنوين قراءة الحسن البصري، وبالتنوين3 قراءة ابن عباس، والنصب بفعل محذوف يفسره ما بعده، "على حد: زيدًا ضربته"، إلا أن الفعل المحذوف لا يقدر قبل "ثمود" كما يقدر قبل "زيد" في "زيدًا ضربته" لئلا يلزم الفصل بين "أما" و"الفاء" بجملة تامة، وذلك لا يجوز، فلا يقال: وأما هدينا ثمود فهديناهم، وإنما يقدر بعد الفاء من لفظ المذكور، والأصل: وأما ثمود فهدينا هديناهم، فلما حذف الفعل المفسر بالفتح؛ دخلت الفاء على مفسره فصار "وأما ثمود فهديناهم"، فإن قلت: ما بعد فاء الجزاء لا يعلم فيما قبله، وما لا يعمل لا يفسر عاملا، قلت: الفاء ليست هنا في مركزها الأصلي فلا تكون مانعة من العمل. وشمل قوله: العاطف "الواو" و"الفاء" و"ثم" و"أو"، قاله الشاطبي. "و "حتى" و"لكن" و"بل" كالعطف نحو: ضربت القوم حتى زيدًا ضربته" و"ما رأيت زيدًا لكن عمرًا رأيت أباه" و"ما أكرمت زيدًا بل عمرًا أكرمته" وإنما قال: كالعاطف؛ لأن المعطوف بهذه الثلاثة يشترط كونه مفردًا، وهو هنا جملة، فجعلت هذه الأحرف منزلة منزلة العاطف في إعطاء حكمه. المسألة "الخامسة": مما يترجح فيه النصب "أن يتوهم في الرفع أن الفعل المشتغل بالضمير "صفة" لما قبله، "نحو: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ " بِقَدَر} [القمر: 49] ؛ لأنه إذا رفع "كل"4 احتمل "خلقنا" أن يكون خبرا له، فيكون المعنى على عموم خلق كل الممكنات الموجودة بقدر خيرًا كانت أو شرا كما هو مذهب أهل السنة والجماعة. واحتمل أن يكون "خلقنا" صفة لشيء، و"بقدر" خبر "كل"، والتخصيص باللغة يفهم أن ما لا يكون موصوفًا بها لا يكون بقدر، والصفة هي المخلوقية المنسوبة له، فالمخلوقية التي لا تكون منسوبة له لا تكون بقدر، فيوهم أن ثم مخلوقًا لغيره تعالى، وهو مذهب المعتزلة.   1 الكشاف 3/ 388. 2 أي: في كتابه أنوار التنزيل 4/ 116. 3 في "ب": "بالنصب". 4 هي قراءة أبي السمال، انظر الكشاف 4/ 41، والمحتسب 2/ 300. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 451 "وإنما لم يتوهم ذلك مع النصب" لـ"كل" على أنه مفعول بفعل محذوف، يفسره "خلقنا"، ويمتنع جعله صفة لـ"كل شيء"؛ "لأن الصفة لا تعمل بالموصوف، وما لا يعمل لا يفسر عاملا". "ومن ثم" بفتح المثلثة، أي: من أجل أن الصفة لا تعمل في الموصوف "وجب الرفع" لـ"كل" "إن كان الفعل" المتصل بالضمير "صفة" لـ"كل شيء" "نحو: {وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُر} " [القمر: 52] أي: الكتب، ولا يصح نصب "كل" لأن تقدير تسليط الفعل عليها إنما يكون على حسب المعنى المراد، وليس المعنى هنا أنهم فعلوا كل شيء في الزبر، حتى يصح تسليط "فعلوا" على "كل شيء" وإنما المعنى: وكل شيء مفعول لهم، ثابت في الزبر، وهو مخالف لذلك المعنى، فرفع "كل" واجب على الابتدائية، والفعل المتأخر صفة له أو لـ"شيء" و"في الزبر" خبر "كل". "أو" إن كان الفعل "صلة" لموصول "نحو: زيد الذي ضربته، أو" إن كان الفعل "مضافًا إليه نحو: زيد يوم تراه تفرح" فـ"زيد" فيهما واجب الرفع بالابتدائية، ولا يجوز نصبه بفعل يفسره "ضربته" في الأول, و"تراه" في الثاني؛ لأن كلا منهما لا يعمل فيما قبله، أما الأول فلأنه صلة؛ والصلة لا تعمل فيما قبل الموصول؛ وأما الثاني فلأنه مضاف إليه "يوم" وهو شبيه الصلة في تتميم ما قبله، والمضاف إليه لا يعمل فيما قبل المضاف، وما لا يعمل لا يفسر عاملا. "أو" إن "وقع الاسم بعد ما يختص بالابتداء، كـ"إذا" الفجائية على الأصح" متعلق بـ"يختص" وفي المسألة ثلاثة أقوال، أصحها هذا مطلقًا والثاني: جواز دخولها على الفعلية مطلقًا، والثالث: التفرقة بين أن يقترن الفعل بـ"قد" فيحوز دخولها عليه, وألا يقترن فيمتنع حكاها في المغني1, وعلى الأصح فيجب الرفع "نحو: خرجت فإذا زيد يضربه عمرو"، ويجوز النصب على الثاني، ويمتنع على الثالث لفقدان "قد" وإليها أشار الناظم بقوله: 262- وإن تلا السابق ما بالابتدا ... يختص فالرفع التزمه أبدا "أو" إن وقع الاسم "قبل ما لا يرد قبله معمولًا لما بعده" وإليها أشار الناظم بقوله: 259- كذا إن الفعل تلا ما لم يرد ... ما قبل معمولا لما بعد وجد   1 مغني اللبيب ص132، 233. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 452 "نحو: زيد ما أحسنه، أو" زيد "إن رأيته فأكرمه، أو" زيد "هل رأيته، أو" زيد "هلا رأيته" أو ما زيد إلا يضربه عمرو، فيجب رفع "زيد" في هذه الأمثلة؛ لأن ما بعد "ما" التعجبية و"إن" الشرطية و"هل" الاستفهامية و"هلا" التخضيضية و"إلا" الاستثنائية، لا يعمل فيما قبلها، وما لا يعمل لا يفسر عاملًا، ويقاس على ذلك سائر أدوات الصدور. "تنبيهان" اثنان: "الأول: ليس من أقسام مسائل الباب ما يجب فيه الرفع كما في مسألة "إذا" الفجائية" المتقدمة "لعدم صدق الضابط عليها" لأن من جملة الضابط المذكور أن يكون الفعل بحيث لو فرغ من الضمير لنصب الاسم السابق، وذلك ممتنع مع "إذا" الفجائية وما ذكر معها، "وكلام الناظم" في البيتين السابقين "يوهم ذلك"؛ لأنه جعله من جملة أقسام الباب، لكن ضرورة تتميم الأقسام ألجأته إلى ذلك. وهذا التنبيه تقدم التنبيه عليه فلا حاجة إلى ذكره. التنبيه "الثاني: لم يعتبر سيبويه إيهام الصفة مرجحًا للنصب" كما فعل الناظم في شرح التسهيل حيث قال: ومن المرجحات للنصب أن يكون مخلصًا من إيهام غير الصواب، والرفع بخلاف ذلك كقوله تعالى: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: 49] ثم علله بأخصر مما قدمناه. "بل جعل" سيبويه "النصب في الآية" المذكورة مرجوحًا "مثله في زيدًا ضربته" فإنه "قال" في أثناء كلام: فأما قوله تعالى: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} فإنما جاء على حد قوله: "زيدًا ضربته" "وهو عربي كثير". انتهى كلام سيبويه1. فيكون الرفع أحسن من النصب. قال ابن الشجري2: أجمع البصريون في هذه الآية على أن الرفع أرجح لعدم تقدم ما يقتضي النصب. وقال الكوفيون: النصب فيها أجود؛ لأنه تقدم على كل عامل ينصب وهو "إن" فاقتضى ذلك إضمار "خلقنا" ا. هـ. المسألة "السادسة:" مما يترجح نصبه "أن يكون الاسم" المشتغل عنه "جوابًا لاستفهام منصوب" لفظًا أو محلا بما يليه "كـ"زيدًا ضربته" جوابًا لمن قال: "أيهم ضربت" أو "من ضربت" فـ"زيدًا" يترجح نصبه لكونه جوابًا لاستفهام منصوب لفظًا في الأول، ومحلا في الثاني، ليطابق الجواب السؤال في الجملة الفعلية.   1 الكتاب 1/ 148. 2 أمالي ابن الشجري 1/ 338، 339. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 453 أما إذا كان الاستفهام مرفوعا نحو: "أيهم ضربته" برفع "أيهم" فإنك تجيب بالرفع فتقول: "زيد ضربته" برفع "زيد" راجحًا، ليطابب الجواب السؤال في الجملة الاسمية. وجوز الأخفش مراعاة الصغرى والكبرى بعد "أيهم ضربته" كما يجيز الوجهين في "زيد ضربته وعمرًا أكرمته"، وأجرى الجواب مجرى العطف1، وإنما يجيز سيبويه ذلك في النصب على حده في "زيدا ضربته"2. ويقال: "هل رأيت زيدًا" فتقول: "لا، ولكن عبد الله لقيته"، ينزل ذلك منزلة الجواب، وإن لم يكن جوابًا، عن المسئول عنه، وكذا لو عطفته فقلت: "لا، بل عمرًا لقيته"، أو: "وعمرًا لقيته"، قاله الموضوح في الحواشي، ومن خطه نقلت. "و" الرفع والنصب "يستويان في مثل الصورة الرابعة"، على أن يقع الاسم بعد عاطف غير مفصول بـ"أما"، مسبوق بفعل "إذا بني الفعل" السابق "على اسم" بأن أخبر بالفعل عن اسم "غير "ما" التعجبية، وتضمنت الجملة الثانية" المعطوفة على الجملة المبني فعلها على مبتدئها "ضميره، أو كانت" الجملة الثانية "معطوفة بالفاء" المفيدة للسببية "لحصول المشاكلة" متعلق بيستويان وعلى أنه علة له "رفعت أو نصبت" الاسم المشتغل عنه بالضمير في الجملة الثانية، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 262- وإن تلا المعطوف فعلا مخبرا ... به عن اسم فاعطفن مخيرا "وذلك نحو: "زيد قام وعمرو أكرمته لأجله" أو "فعمرو أكرمته"" فيجوز في "عمرو" الرفع والنصب على السواء؛ وذلك لأن "زيد قام" جملة كبرى ذات وجهين، ومعنى قولنا: كبرى، أنها جملة في ضمنها جملة مبنية على مبتدئها. ومعنى قولنا: أنها ذات وجهين، أنها اسمية الصدر بالنظر إلى مبتدئها، فعلية العجز بالنظر إلى خبرها، فإن راعيت صدرها رفعت "عمرًا" وكنت قد عطفت جملة اسمية على جملة اسمية، وكلاهما لا محل له من الإعراب، وإن راعيت عجزها نصبته، وكنت قد عطفت جملة فعلية على جملة فعلية محلها الرفع على الخبرية، والرابط بين الجملة المعطوفة والمعطوف عليها إما الضمير من "لأجله" العائد على صدر الجملة الأولى، أو "الفاء" فالمناسبة حاصلة على كلا التقديرين، فاستوى الوجهان.   1 انظر الارتشاف 3/ 109. 2 الكتاب 1/ 93. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 454 وقال في البسيط: إن أبا علي رجح افرفع، ا. هـ. وهو مقتضى قول ابن الشجري1: إن اعتبار الاسم الذي ضمنه فعل أولى من اعتبار الفعل. وقال أبو حيان2: قال بعض معاصرينا: لم يصرح سيبويه بأنهما على حد سواء، وإنما ذلك قول الجزولي3. والأظهر ترجيح النصب؛ لأن الحمل على الصغرى أقرب وهم يراعون الجوار ما أمكن نحو: "هذا جحر ضب خرب"4 وعورض بأن الرفع ترجح بعدم الإضمار، فلكل منهما مرجح، فتساويا "بخلاف" ما إذا بني الفعل على "ما" التعجبية نحو: "ما أحسن زيدًا، وعمرو أكرمته عنده، فلا أثر للعطف" على الجملة الفعلية، فرفع "عمرو" في هذا هو المختار، وذكر ذلك سيبويه5؛ لأن فعل التعجب قد جرى مجرى الأسماء لجموده، ولذلك صغر6. واعتقد الكوفيون اسميته، فكأنه ليس في الكلام فعل مبني على اسم، فيترجح الرفع لعدم الإضمار. "فإن لم يكن في" الجملة "الثانية ضمير الأول، ولم يعطف بالفاء فالأخفش والسيرافي" بكسر السين "يمنعان النصب" بناء على العطف على الصغرى، "وهو المختار7"؛ لأن المعطوف على الخبر خبر، ولا بد فيه من رابط، وهو مفقود، فالرفع عندهما واجب، وإن ورد النصب فهو على حده في "زيدًا ضربته" ابتداء، ويكون من عطف جملة فعلية على جملة اسمية، وهو جائز بلا خلاف، قال المرادي في التلخيص. "والفارسي وجماعة" كثيرة من المتقدمين "يجيزونه" أي: النصب، وهو ظاهر كلام سيبويه، فإنه قال8: وقد ذكر المسألة: وذلك قولك: "عمرو لقيته وزيد كلمته" إن حملت الكلام على الأول، وإن حملته على الآخر قلت: "عمرو لقيته وزيدًا كلمته" ا. هـ. يعني بالنصب، فصرح بأنك إن حملت على الآخر، نصبت، وليس في هذا المثال الذي ذكره ما يقتضي كون ما بعد العطف خبرًا.   1 أمالي ابن الشجري 1/ 337. 2 الارتشاف 3/ 110. 3 الجزولية ص101. 4 انظر الكتاب 1/ 436، 437، والاقتضاب ص247 "طبعة دار الجيل". 5 الكتاب 1/ 96. 6 الكتاب 3/ 478. 7 الارتشاف 3/ 110. 8 الكتاب 1/ 91. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 455 ونقل ابن عصفور1 إن سيبويه وغيره لم يشترطوا ضميرا2، واستدلوا لذلك بإجماع القراء على نصب: {وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا} [الرحمن: 7] وهي معطوفة على "يسجدان" في قوله تعالى: "وَالنَّجْمَ وَالشَّجَرَ يَسْجُدَانِ" [الرحمن: 6] وليس فيها ضمير يعود على "النجم والشجر". "وقال هشام" الضرير من الكوفيين3: "الواو كالفاء" في حصول الربط؛ لأن الواو فيها معنى الجمعية، كما أن الفاء فيها معنى السببية، بدليل "هذان زيد وعمرو"، ورد بأن الواو إنما تكون للجمع في المفردات، ولهذا لا يجوز "هذان يقوم ويقعد"، وقال ابن خروف تبعًا لطائفة من المتقدمين: جميع حروف العطف يحصل بها الربط، واحتجوا ببيت أنشده ثعلب: [من الطويل] 272- فذرني أجول في البلاد لعلني ... أسر صديقا أو يساء حسود وخرج على التقدير: أو يساء بي حسود. "وهذه أمور متممات لما تقدم"، وفي بعض النسخ تنبيهات. "أحدها: أن" العامل "المشتغل عن الاسم السابق كما يكون فعلًا كذلك يكون اسمًا لكن بشروط ثلاثة: أحدها: أن يكون واصفا", فلا يكون اسم فعل ولا مصدرا. "الثاني: أن يكون" الوصف "عاملًا" عمل الفعل، فلا يكون وصفًا غير عامل. والشرط "الثالث: أن يكون" الوصف العامل "صالحًا للعمل فيما قبله"، فلا يكون وصفًا مقرونًا بـ"أل"، ولا صفة مشبهة، ولا اسم تفضيل، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 265- وسو في ذا الباب وصفا ذا عمل ... بالفعل إن لم يك مانع حصل "وذلك" الاسم المستوفي للشروط الثلاثة يشمل اسم الفاعل واسم المفعول وأمثلة المبالغة.   1 شرح الجمل 1/ 367، 368. 2 شرح التسهيل 2/ 144. 3 الارتشاف 3/ 110. 372- البيت بلا نسبة في أمالي القالي 2/ 136. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 456 فالأول "نحو: زيدًا أنا ضاربه"، والثاني نحو: "الدرهم أنت معطاه". والثالث1 نحو: "العسل أنت شرّابه، و"النِّعم أنت مِنحارها". و"العبد أنت ضروبه" أو "ضربيه" و"القدر أنت حذره" "الآن، أو: غدًا" في الجميع، فالاسم السابق فيهن منصوب بوصف محذوف يفسره الوصف المذكور، والتقدير: أنا ضارب زيدًا، وأنت معطًى الدرهم، وأنت شراب العسل، وأنت منحار النعم، وأنت ضروب أو ضريب العبد، وأنت حذر القدر، "بخلاف "زيد عليكه" و"زيد ضربا إياه"" بالياء المثناة تحت، فلا يجوز نصب "زيد" فيهما "لأنهما" أي: "عليك" و"ضربًا" "غير صفة"؛ لأن الأول اسم فعل، والثاني مصدر، واسم الفعل والمصدر لا يعملان فيما قبلهما، وما لا يعمل لا يفسر عاملًا، فـ"زيد" في المثالين واجب الرفع على الابتدائية، وخبره ما بعده من الفعل النائب عنه اسم الفعل والمصدر. "نعم يجوز النصب" فيه "عند من جوز تقديم معمول اسم الفعل، وهو الكسائي2، و" عند من جوز تقديم "معمول المصدر الذي لا ينحل بحرف مصدري" كـ"ضربًا" النائب عن فعله الطلبي، "وهو المبرد3، والسيرافي"، وعند من جوز عمل اسم الفعل والمصدر محذوفين. "وبخلاف "زيد أنا ضاربه أمس" لأنه غير عامل على الأصح"؛ لأنه بمعنى الماضي4، نعم يجوز النصب عند من جوز عمل الوصف إذا كان بمعنى الماضي، وهو الكسائي5. "و "زيد أنا الضاربه" و"وجه الأب زيد حسنه"" فـ"زيد" في المثال الأول، و"وجه الأب" في المثال الثاني فرفعهما واجب على الابتدائية، وما بعدهما من الجملة الاسمية خبرهما، ولا يجوز نصبهما؛ "لأن الصلة" وهي "ضارب" "والصفة المشبهة" وهي "حسن" "لا يعملان فيما قبلهما"، وما لا يعمل لا يفسر عاملًا، وبخلاف "زيد عمرو أكرم منه"؛ لأن اسم التفضيل لا يعمل في مفعول به اتفاقًا لا تقديمًا ولا تأخيرًا.   1 سقطت من "ب". 2 الارتشاف 3/ 104، 107. 3 المقتضب 1/ 13، والارتشاف 3/ 103. 4 شرح ابن عقيل 1/ 274. 5 شرح التسهيل 3/ 75. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 457 الأمر "الثاني: لا بد في صحة الاشتغال من علقة" رابطة "بين العامل والاسم السابق"؛ لأن الأصل في ذلك المبتدأ والخبر، ودخل حكم الاشتغال عليه فهو فرعه، "وكما تحصل العلقة" الرابطة "بضميره" أي: ضمير الاسم السابق "المتصل بالعامل كـ"زيدًا ضربته"" فالعلقة الرابطة بين العامل وهو "ضربت" وبين الاسم وهو "زيد" الهاء المتصلة بـ"ضربت" "كذلك تحصل" العلقة "بضميره المنفصل من العامل بحرف جر" متعلق بالمنفصل "نحو: "زيدا مررت به""، فالهاء المجرورة بالباء هي الرابطة بين العامل والاسم السابق، وهي منفصلة من العامل بحرف جر وهو الباء. "أو" المنفصل من العامل "باسم مضاف نحو: زيدا ضربت أخاه" فالهاء المجرورة بإضافة "الأخ" إليها هي الرابطة بين العامل والاسم السابق، وهي منفصلة من العامل بالاسم المضاف الذي هو "الأخ"1 وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 264- وفصل مشغول بحرف جر ... أو بإضافة كوصل يجري "أو" المنفصل من العامل "باسم أجنبي"، أتبع بتابع مشتمل" ذلك التابع "على ضمير الاسم" السابق، "بشرط أن يكون التابع" للأجنبي "نعتًا له" لأن النعت والمنعوت كالشيء الواحد. قاله في المغني "نحو: زيدا ضربت رجلًا يحبه" فالهاء من "يحبه" هي الرابطة بين العامل والاسم السابق، وهي منفصلة من العامل بالأجنبي وهو "رجلًا"، وجملة "يحبه" نعت "رجلًا" وهو أجنبي من "زيد" لأنه ليس سببًا له. "أو" يكون التابع "عطفًا" على الأجنبي "بالواو" خاصة، لما فيها من معنى الجمع، فالاثنان معها أو الجمع بمنزلة اسم مثنى أو مجموع فيه ضمير، قاله الموضح في الحواشي، "نحو: زيدًا ضربت عمرًا وأخاه، أو" يكون التابع "عطف بيان" على الأجنبي؛ لأن عطف البيان كالنعت في الإيضاح والتخصيص "كـ: زيدا ضربت عمرًا أخاه" فالهاء في "أخاه" فيهما هي الرابطة بين العامل والاسم السابق، وهي منفصلة من العامل بالمعطوف، وذلك مستفاد من قول الناظم: 266- وعلقة حاصلة بتابع ... كعلقة بنفس الاسم الواقع مسألة عطف البيان زائدة على التسهيل، "فإن قدرت" الأخ" فيها "بدلًا" من "عمرًا" "بطلت" هذه "المسألة، نصبت الاسم" السابق "أو رفعت" لأن "الأخ" يصير من جملة ثانية؛ لأن البدل على نية تكرار العامل فتخلوا الجملة   1 انظر الارتشاف 3/ 104، وشرح ابن عقيل 1/ 273، وشرح ابن الناظم ص176. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 458 الأولى من ضمير يعود على المبتدأ إن رفعت، وعلى المشتغل عنه إن نصبت. قاله ابن عصفور1. اللهم "إلا إذا قلنا: عامل البدل والمبدل منه واحد صح الوجهان"، النصب والرفع لوجود الرابط فيهما، فإن قلت: ويمكن أن يصح الوجهان على القول الأول أيضًا، بأن يجعل العامل في "الأخ" خبرًا في الرفع، ومفسرًا في النصب، وجملة "ضربت عمرًا" معترضة بينهما، قلت: عامل البدل ليس كالملفوظ به من كل وجه حتى يصلح أن يكون خبرًا أو مفسِّرًا لغيره، وإنما هو على تقدير معنوي، وإلا لم يكن من بدل المفرد من المفرد بل هو من بدل الجملة من الجملة، وذلك باطل بالاتفاق، وبقي من التوابع التوكيد2، ولا يصح مجيئه هنا؛ لأن الضمير المتصل به عائد على المؤكد أبدًا، فلا يصح عوده على الاسم السابق، قاله الشاطبي. الأمر "الثالث: يجب كون المقدر في نحو: "زيدًا ضربته" من معنى العامل المذكور ولفظه" فيقدر: ضربت زيدًا ضربته. "وفي بقية الصور من معناه" أو لازمه، "دون لفظه، فيقدر" في نحو: "زيدًا مررت به" "جاوزت زيدًا مررت به"، ولا يقدر "مررت"؛ لأنه لا يصل إلى الاسم بنفسه، ويقدر في نحو: "زيدًا لست مثله": خالفت زيدًا لست مثله؛ لأن "خالفت" هو معنى "لست مثله"، قاله أبو البقاء. "و" يقدر في نحو: "زيدا ضربت أخاه" "أهنت زيدا ضربت أخاه", ولا يقدر "ضربت" لأنك لم تضرب زيدًا، وإنما ضربت أخاه، ومن لازمه إهانة. "زيد" لأن من ضرب أخا شخص فقد أهان ذلك الشخص3. وجميع ما يقدر في هذا الباب يقدر متقدمًا على الاسم المنصوب إلا أن يمنع مانع من حصر أو غيره، فيقدر متأخرًا عنه. الأمر "الرابع": ما تقدم من الأوجه الخمسة فيما إذا نصب فعل ضمير اسم سابق أو ملابسًا لضميره يجري "إذا رفع فعل ضمير اسم سابق" لفظًا "نحو: زيد قام، أو" تقديرًا نحو: "زيد "غضب عليه""، فالهاء المجرورة بـ"على" في محل رفع على النيابة عن الفاعل بـ"غضب" "أو" رفع "ملابسًا لضميره نحو: "زيد قام أبوه"". "فقد يكون ذلك الاسم" السابق "واجب الرفع بالابتداء كـ: خرجت فإذا زيد" قد "قام" لأن "إذا" الفجائية لا تدخل على الأفعال على الأصح السابق4،   1 شرح الجمل 1/ 362. 2 بعده في "ط": "نحو: زيدًا ضربت عمرا نفسه". 3 انظر شرح ابن الناظم ص274، 276، وشرح المفصل 2/ 30، 31. 4 انظر شرح الكافية الشافية 2/ 615، والارتشاف 3/ 105. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 459 "و "ليتما عمرو قعد"، إذا قدرت "ما" كافة" لـ"ليت" عن العمل، فـ"عمرو": مبتدأ، و"قعد"، خبره، ولا يجوز أن يكون "عمرو" فاعلًا لمحذوف؛ لأنه لم يسمع "ليتما قعد عمرو" فإن قدرت "ما" زائدة غير كافة لم يكن الرفع واجبًا بل جائزًا، لما تقدم من أنها إذا اتصل بها "ما" الزائدة جاز إعمالها وإلغاؤها لعدم زوال اختصاصها بالجمل الاسمية، وإن قدرت "ما" مصدرية كان الرفع واجبًا، لكن على الفاعلية؛ لأن "ما" المصدرية يجب أن يليها فعل ظاهر أو مقدر. "أو" واجب الرفع "بالفاعلية نحو: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ} [التوبة: 6] ، و: هلا زيد قام" لأن أدوات الشرط والتحضيض بالأنفال خلافًا للكوفيين1 فيهما، قاله ابن عصفور2 في شرح الإيضاح. "وقد يكون" الاسم السابق" "راجح الابتدائية على الفاعلية نحو: "زيد قام" عند المبرد ومتابعيه"، فإنهم أجازوا رفعه بفعل محذوف من باب الاشتغال. ذكر ذلك الفارسي في التذكرة ونقله ابن الحاج عنه في النقد على مقرب ابن عصفور، فسقط ما قيل: إنه لا يعلم من أجاز رفعه على الفاعلية. وعكس ابن العريف الترجيح، فرجح الفاعلية على الابتدائية، "وغيرهم" من البصريين "يوجبون ابتدائيته لعدم تقدم طالب الفعل" من نفي أو استفهام. وتقدم عن الكوفيين إجازة تقديم الفاعل في بابه. "وقد يكون" الاسم السابق "راجح الفاعلية على الابتدائية نحو: زيد ليقم" لأن الرفع على الابتدائية يستلزم الإخبار بالجملة الطلبية عن المبتدأ، وهو خلاف القياس؛ لأنها لا تحتمل الصدق والكذب، والفاعلية سالمة من ذلك فترجحت، هذا تقرير كلامه، وفيه نظر؛ لأن رفع "زيد" على الفاعلية يستلزم أن يكون بفعل محذوف مقرون بلام الأمر كمفسره، وقد قال في باب التحذير من هذا الكتاب3: إن اجتماع حذف الفعل ولام الأمر شاذ، فكيف يكون راجحًا مع كونه شاذا؟ "ونحو: قام زيد وعمرو قعد" فيترجح رفع "عمرو" على الفاعلية بفعل محذوف يفسره "قعد" لتناسب العطف على الجملة الفعلية. "ونحو {أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا} [التغابن: 6] و {أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ} " [الواقعة: 59] فيرتجح رفع "بشر" و"أنتم" على الفاعلية بفعل محذوف؛ لأن الغالب في الهمزة دخولها   1 ومنهم الأخفش، انظر همع الهوامع 2/ 114. 2 انظر المقرب 1/ 260. 3 أوضح المسالك 2/ 86. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 460 على الأفعال، وتقدم في باب الفاعل ما يغني هنا عن إعادته. نعم الرفع على الفاعلية في "أبشر يهدوننا" أرجح في الرفع على الفاعلية في "أأنتم تخلقونه" وتقدير الاسمية في "أأنتم تخلقونه" أرجح منه في "أبشر يهدوننا" لمعادلتها الاسمية، وهي: {أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ} [الواقعة: 59] صرح بذلك في المغني1. "و" الابتدائية والفاعلية "قد يستويان" في "نحو: زيد قام وعمرو قعد عنده" ففي الفاعلية مراعاة الصغرى، ففيه عطف فعلية على فعلية. وفي الابتدائية مراعاة الكبرى، ففيه عطف اسمية على مثلها، فالتناسب حاصل على كلا التقديرين.   1 مغني اللبيب ص62. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 461 باب التعدي واللزوم مدخل ... باب التعدي واللزوم: "هذا باب التعدي واللزوم": في الأفعال "الفعل ثلاثة أنواع: أحدها: ما لا يوصف بتعد ولا لزوم، وهو "كان" وأخواتها" في حال نقصانها1، فإن منصوبها خبر لها على قول البصريين، وحال أو شبيه به على قول الكوفيين، "وقد تقدمت" عقب باب المبتدأ. "والثاني: المتعدي، وله علامتان، إحداهما: أن يصح أن تتصل به هاء ضمير غير المصدر" على وجه لا يكون خبرًا، وعلى هذه العلامة اقتصر الناظم بقوله: 267- علامة الفعل المعدى أن تصل ... ها غير مصدر به .................... العلامة "الثانية": أن يصح "أن يبنى منه اسم مفعول تام"، بأن يستغنى عن حرف جر كما قال في شرح الكافية2. وزاد في التسهيل3: باطراد، "وذلك كـ: ضرب" بفتح الراء "ألا ترى أنك تقول "زيد ضربه عمرو" فتصل به" أي: بضرب "هاء ضمير غير المصدر وهو: زيد"، وخرج بقولنا: على وجه لا يكون خبرًا نحو: "الصديق كنته"، فإنه يصدق على "كان" أنه اتصل به هاء ضمير غير المصدر، ومع ذلك لا يكون متعديًا كما مر، "و" ألا ترى أنك "تقول: هو مضروب، فيكون" "مضروب" تاما غير مفتقر إلى حرف جر واحترز بالاطراد من نحو: [من الوافر]   1 في "ط": "نقصها". 2 شرح الكافية الشافية 2/ 629، وانظر شرح ابن الناظم ص177. 3 التسهيل ص83. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 462 373- تمرون الديار ....... ... ............................ فإنه يصح أن يبنى منه اسم مفعول تام، فتقول: الديار ممرورة، ولكنه ليس بمطرد، فلا يكون "مر" متعديًا. "و" المتعدي "حكمه أن ينصب المفعول به كـ: ضربت زيدًا، وتدبرت الكتب" أي: تأملتها "إلا إن ناب" المفعول به "عن الفاعل" فإنه يرفع على النيابة عن الفاعل "كـ: ضربت زيد، وتدبرت الكتب" برفعهما، وبناء الفعلين للمفعول، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 268- فانصب به مفعوله إن لم ينب ... عن فاعل ........................... وما ذكر من أن المفعول به منصوب بالفعل وحده هو قول البصريين، واختلف قول الكوفيين1 فقال هشام: الناصب له الفاعل، وقال الفراء: كلاهما. وقال خلف الأحمر: معنى المفعولية، ولكل حجة، فحجة البصريين أن أصل العمل للأفعال، وحجة هشام أن نصبه يدور مع الفاعل وجودًا وعدما، والدوران يفيد العلية، وحجة الفراء أن الفعل والفاعل كالشيء الواحد، ولا يعمل بعض الكلمة دون بعضها الآخر. وحجة خلف أن المفعولية صفة قائمة بذات المفعول، ولفظ الفعل غير قائم به، وإسناد الحكم إلى العلة القائمة بذات الشيء أولى من غيرها، ورد البصريون هذه الحجج بما يطول ذكره2، وعلم من تخصيص الفعل المتعدي بنصب المفعول به، أن بقية المفاعيل ينصبها المتعدي واللازم، بخلاف المفعول به فإنه لا ينصبه إلا المتعدي. النوع "الثالث: اللازم وله اثنتا عشرة علامة" اثنتان عدميتان، وعشر3 وجودية، "وهي" مطردة.   373- تمام البيت: "تمرون الديار ولم تعوجوا ... كلامكم علي إذن حرام" وهو لجرير في ديوانه ص278، والاقتضاب ص370، وتخليص الشواهد ص503، وخزانة الأدب 9/ 118، 119، 121، والدرر2/ 262، وشرح شواهد المغني 1/ 311، ولسان العرب 5/ 165، "مرر" والمقاصد النحوية 2/ 560، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 6/ 145، 8/ 252، وخزانة الأدب 7/ 158، ورصف المباني ص247، وشرح ابن عقيل 1/ 278، وشرح المفصل 8/ 8، 9/ 103، ومغني اللبيب 1/ 100، والمقرب 1/ 115، وهمع الهوامع، 2/ 83. 1 سقط من "ب": "واختلف قول الكوفيين". 2 انظر آراء البصريين والكوفيين في الإنصاف 1/ 78-80، المسألة رقم 11. 3 في "أ", "ب": "عشرة". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 463 فالأولى والثانية: "ألا يتصل به هاء ضمير غير المصدر، وألا يبنى منه اسم مفعول تام، وذلك كـ"خرج"، ألا ترى أنه لا يقال: زيد خرجه عمرو" فيتصل بـ"خرج" ضمير غير المصدر وهو "زيد", "ولا: هو مخروج" فيبنى منه اسم مفعول تام، "وإنما يقال: الخروج خرجه عمرو" فيتصل به هاء ضمير المصدر، وهو الخروج. "وهو مخروج به أو إليه" بحسب المعنى، فيكون اسم المفعول ناقصًا لاحتياجه إلى حرف الجر. "و" الثالثة: "أن يدل على سجية" بالسين المهملة؛ أي: الطبيعة والسليقة، "وهي" أي: السجية "ما ليس حركة جسم، من وصف ملازم" للذات غير منفك عنها، "نحو: "جَبُن" و"شَجُع" من الأفعال اللازمة الصادرة عن الطبيعة التي لا شعور لها بما يصدر منها، وضم عين الفعل لمناسبة انضمام الطبيعة إلى الذات، عند صدور هذه الأفعال منها، قاله شارح القصارى1، وإليه الإشارة بقوله: 269- ................ وحتم ... لزوم أفعال السجايا ............ العلامة الرابعة: المذكورة في قوله: "أو" أن يدل "على عرض" بفتح العين والراء المهملتين "وهو" أي: العرض "ما ليس حركة جسم من وصف غير ثابت" دائمًا "كـ: مَرِض، و: كَسِل، و: نَهِم، إذا شبع" بكسر العين فيهن، بخلاف "نهم" إذا صار أكولًا، فليس لازمًا، وإليها الإشارة بقوله: 271- أو عرضًا ........... ... ............................. والخامسة المذكورة في قوله، "أو" أن يدل "على نظافة كـ: نَظُف، وطهُر، وَضُؤ" بضم العين فيهن، ويجوز في "طهر" فتح العين. السادسة المذكورة في قوله: "أو" أن يدل "على دنس نحو: بَخُس، وقذر" بالذال المعجمة كسرًا وضما فيهما، وإليهما الإشارة بقوله: 270- ................. ... وما اقتضى نظافة أو دنسا السابعة: المذكورة في قوله: "أو" أن يدل "على مطاوعة فاعله لفاعل فعل متعد لواحد نحو: كسرته فانكسر، و: مددته فامتد" وإليها الإشارة بقوله: 271- ...... أو طاوع المعدّى ... لواحد ........................   1 هو حسن شاه بن شرف الدين البقالي العجمي المتوفى 905، والقصارى، متن في التصريف لعلاء الدين أحمد الخجندي البرهاني، انظر كشف الظنون 1327، وهدية العارفين 1/ 288. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 464 والمطاوعة قبول الأثر، ففاعل الفعل اللازم قبل الأثر من فاعل الفعل المتعدي، "فلو طاوع ما يتعدى فعلة لاثنين تعدى" المطاوع بكسر الواو "لواحد كـ: علمته الحساب فتعلمه" ففاعل "تعلم" قبل التعليم من فاعل "علم". الثامنة: المذكورة في قوله: "أو" أن "يكون موازنا للافْعَلَلّ" بفتح اللام الأولى وتشديد الثانية "كـ: "اقشعر" و"اشمأز" بمعجمتين؛ وهو بناء مقتضب، وقيل: ملحق بـ"احرنجم" وأصلهما "اقشعرر" و"اشمأزز" بسكون العين والهمزة، فكرهوا اجتماع مثلين متحركين فأسكنوا الأول، ونقلوا حركته إلى ما قبله، ثم أدغموا أحد المثلين في الآخر، قاله أبو البقاء. واعترض بأن حكم الملحق ألا يدغم، لئلا تفوت الموازنة، ولهذا وجب الفك في "اقعنسس" والاستناد إلى اتحاد المصدرين ممنوع. والتاسعة المذكورة في قوله: "أو" يكون موازنًا "لما ألحق به" أي: بـ"افعلَلّ" "وهو افوَعَلّ" بسكون الفاء، وفتح الواو والعين، وتشديد اللام "كـ: اكوهد الفرخ إذا ارتعد". والعاشرة المذكورة في قوله: "أو" يكون موازنًا "لـ: افعنلل" بسكون الفاء وفتح العين وسكون النون وفتح اللام الأولى، وهو ما كانت فيه النون زائدة بين حرفين قبلها، وحرفين بعدها أصليين "كـ: احرنجَمَ". الحادية عشرة والثانية عشرة المذكورتان في قوله: "أو" أن يكون موازنا "لما ألحق به" أي: بـ"افْعَنْلَلَ"، بأصالة اللامين "وهو" ما كان فيه بعد النون الزائدة حرفان أحدهما زائد بالتضعيف، أو من حروف "سألتمونيها" فالأول نحو: "افْعَنْلَلَ؛ بزيادة ينقاد، و" الثاني نحو: "افْعَنْلَى" بفتح العين، وسكون النون، وزيادة الألف في آخره، وهي من حروف "سألتمونيها" "كـ: احرنبى الديك" بسكون الحاء المهملة، وفتح الراء، وسكون النون، وفتح الموحدة "إذا انتفش للقتال" فإن قلت: زعم ابن جني1 وأبو عبيدة أن "افْعَنْلَى" يتعدى، ولا يتعدى، ومن تعديه قول الراجز: [من الرجز] 374- قد جعل النعاس يغرنديني ... أدفعه عني ويسرنديني   1 المنصف 1/ 86. 374- الرجز بلا نسبة في جمهرة اللغة ص1215، والخصائص 2/ 258، وسر صناعة الإعراب 2/ 290، وشرح الأشموني 1/ 196، وشرح شافية ابن الحاجب 1/ 113، وشرح شواهد الشافية ص47، وشرح شواهد المغني 2/ 885، ومغني اللبيب 2/ 520، والممتع في التصريف 1/ 185، والمنصف 1/ 86, 3/ 11, ولسان العرب 3/ 212 "سرد"، 325 "غرند" وديوان الأدب 2/ 492، وتهذيب اللغة 2/ 240، 13/ 150، وكتاب العين 7/ 341، ومقاييس اللغة 4/ 432، ومجمل اللغة 4/ 49. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 465 قال أبو عبيدة المغرندي والمسرندي: الذي يغلبك ويعلوك، قلت: أجيب عنه بأنه شاذ، والمعتمد إطلاق سيبويه بأنه غير متعد1، واقتصر الناظم على "افعَلَلّ" و"افْعَنْلَلَ" بقوله: 270- كذا افعلل والمضاهي اقعنسسا ... .................................... "وحكم" الفعل "اللازم أن يتعدى بالجار" وذلك مستفاد من قول الناظم: 272- وعد لازمًا بحرف جر ... ......................... ويختلف الجار باختلاف المعنى "كـ: "عجبت منه" و"مررت به" و"غضبت عليه" وقد يحذف" الجار "ويبقى الجر" بحاله "شذوذًا" لأن حرف الجر لا يعمل محذوفًا، "كقوله" وهو الفرزدق: [من الطويل] 375- إذا قيل أي الناس شر قبيلة ... "أشارت كليب بالأكف الأصابع" فحذف الجار من "كليب" وأبقى عمله، والأصل: "إلى كليب" وهو كليب بن يربوع بن حنظلة2 أبو قبيلة جرير، و"الأصابع": فاعل "أشارت"، و"بالأكف": حال منها، و"الباء" بمعنى "مع" أي: أشارت الأصابع في حال كونها مصاحبة للأكف، فالإشارة وقعت بالمجموع، وقيل: هذا مقلوب، والأصل أشارت الأكف بالأصابع. "وقد يحذف" الجار فيتعدى الفعل بنفسه "وينصب المجرور" إن كان في موضع نصب "وهو ثلاثة أقسام":   1 الكتاب 4/ 76، 77. 375- البيت للفرزدق في ديوانه ص1/ 420، وتخليص الشواهد ص504، وخزانة الأدب 9/ 113، 115، والدرر 2/ 92، وشرح شواهد الغني 1/ 12، والمقاصد النحوية 2/ 542، وبلا نسبة في الارتشاف 2/ 472، 3/ 53، وأوضح المسالك 2/ 178، وخزانة الأدب 10/ 41، والدرر 2/ 259، وشرح ابن الناظم ص180، وشرح الأشموني 1/ 196، وشرح ابن عقيل 2/ 39، وشرح التسهيل 2/ 151، 244، 3/ 193، وشرح الكافية الشافية 2/ 635، ومغني اللبيب 1/ 61، 2/ 634، وهمع الهوامع 2/ 36، 81. 2 في "أ"، "ب", "ط": "خطفة" وهو تحريف، والتصويب من جمهرة أنساب العرب 224. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 466 أحدها "سماعي جائز في الكلام المنثور نحو: نصحته، و: شكرته" و: كلته، و: وزنته، "والأكثر ذكر اللام" الجار "نحو: {وَنَصَحْتُ لَكُمْ} [الأعراف: 97] ، {أَنِ اشْكُرْ لِي} [لقمان: 14] ، و"كلت له"، و"وزنت له"؛، وقال التفتازاني: اللام زائدة؛ لأن معنى نصحت زيدًا، ونصحت له، مستويان. ا. هـ. وفي التنزيل: {وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ} [المطففين: 3] بغير ذكر اللام. "و" الثاني "سماع خاص بالشعر، كقوله" وهو ساعدة بن جؤية: [من الكامل] 376- لدن بهز الكفن يعسل متنه ... فيه "كما عسل الطريق الثعلب" فـ"لدن"؛ بفتح اللام، وسكون الدال المهملة؛ خبر مبتدأ محذوف، أي: هو لدن، أي: لين، و"بهز" متعلق بـ"يعسل"؛ بالعين والسين المهملتين؛ أي: يضطرب بهز الكف، و"متنه": فاعل "يعسل" والمتن: الصدر، وضمير "فيه" يعود إلى الهز، و"في" للمصاحبة، يقول: هذا الرمح يضطرب صدره بسبب الهز معه، وذلك دليل على كثرة لينه: و"الثعلب": فاعل "عسل"، "وقوله" وهو المتلمس جرير بن عبد المسيح: [من البسيط] 377- "آليت حب العراق الدهر أطعمه" ... والحب يأكله في القرية السوس "آليت": حلقت: يحتمل أن يكون إخبارًا عن نفسه، فتكون التاء مضمومة، وأن يكون خطابا لملك الحيرة، فتكون مفتوحة، وذلك أن شخصًا هجا ملك الحيرة، فبلغه   376- البيت لساعدة بن جؤية الهذلي في الكتابخ 1/ 36، 214، وتخليص الشواهد 503، وخزانة الأدب 3/ 83، 86، والدرر 3/ 86، وشرح أشعار الهذليين، 1120، وشرح شواهد الإيضاح 155، وشرح شواهد المغني 885، ولسان العرب 7/ 428 "وسط"، 11/ 446 "عسل" والمقاصد النحوية 2/ 544، ونوادر أبي زيد 15 وبلا نسبة في أسرار العربية 180، وأمالي ابن الشجري 1/ 42, 2/ 248, وشرح التسهيل 2/ 227, والارتشاف 2/ 254, وأوضح المسالك 2/ 179, وجمهرة اللغة 842, والخصائص 3/ 319, وشرح ابن الناظم ص179, وشرح الأشموني 1/ 197، ومغني اللبيب ص11، وهمع الهوامع 1/ 200. 377- البيت للمتلمس في ديوانه ص95، وتخليص الشواهد ص507، والجنى الداني ص473، وخزانة الأدب 6/ 351، وشرح شواهد المغني 1/ 294، والكتاب 1/ 38، والمقاصد النحوية 2/ 548، وبلا نسبة في أمالي ابن الشجري 1/ 365، وأوضح المسالك 2/ 180، وشرح ابن الناظم ص179، وشرح الأشموني 1/ 197، ومغني اللبيب 1/ 99. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 467 ذلك، فحلف الملك أن لا يطعمه حب العراق، وهو القمح1. و"أطعمه" على تقدير: لا أطعمه؛ لأنه جواب القسم، ولذلك امتنع أن يكون "حب" منصوبًا على شريطة التفسير؛ لأن "لا" النافية في جواب القسم لا يعمل ما بعدها فيما قبلها، وما لا يعمل لا يفسر عاملًا. و"السوس": بمهملتين؛ قمل القمح ونحوه، والشاهد في البيت الأول في حذف "في"، ونصب "الطريق"، والأصل ذكر "في"؛ لأن "الطريق" اسم مكان مختص كالبيت والدار "أي: في الطريق" وقول ابن الطراوة؛ إن الطريق ظرف، مردود بأنه غير مبهم، وقله إنه اسم لكل ما يقبل الاستطراق فهو مبهم لصلاحيته لكل موضع منازعن فيه، بل هو اسم لما هو مستطرق. قاله في المغني2. "و" الشاهد في البيت الثاني في حذفه "على" ونصب "حب" أي: "على حب العراق". وإلى هذين القسمين أشار الناظم بقول: 272- ................. ... وإن حذف فالنصب للمنجر 273- نقلا ........... ... ........................ "و" الثالث "قياسي وذلك في "أنّ" و"أنْ"" بفتح الهمزة فيهما، وتشديد النون في الأولى، وسكونها في الثانية: "و: كي" لطولهن بالصلة "نحو: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} [آل عمران: 18] ونحو: {أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ} [الأعراف: 63] ونحو: {كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً} [الحشر: 7] أي: بأنه" لا إله إلا هو "ومن أن جاءكم، ولكيلا، وذلك إن قدرت "كي" مصدرية" لدخول اللام عليها تقديرًا، "وأهمل النحويين هنا ذكر: كي" مع تجويزهم في نحو: "جئت كي تكرمني" أن تكون "كي" مصدرية، واللام مقدرة قبلها، والمعنى: لكي تكرمني. قاله في المغني3. "واشترط ابن مالك في" النظم وغيره4, في حذف الجار من ""أنّ" و"أنْ" أمن اللبس" فقال في النظم: 273- ..... وفي أن وأن يطرد ... مع أمن لبس .................. "فمنع الحذف في نحو: رغبت في أن تفعل, أو "عن أن تفعل" لإشكال المراد بعد الحذف", هل هو على معنى "في", أو "عن"؟ لأن "رغب" يتعدى بكل   1 المقاصد النحوية 2/ 495-550. 2 مغني اللبيب ص681. 3 مغني اللبيب ص681، 682. 4 شرح التسهيل ص2/ 150. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 468 منهما، ومعناهما مختلف، "ويشكل عليه" قوله تعالى: " {وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} [النساء: 127] فحذف الحرف" الجار "مع" أن اللبس موجود، بدليل "أن المفسرين اختلفوا في المراد" فبعضهم قدر "في أن"، وبعضهم قدر "عن أن"، واستدل كل على ما ذهب إليه، وأجيب عنه بجوابين، ذكرهما المرادي في شرح النظم: أحدهما: أن يكون حذف الحرف اعتمادا على القرينة الرافعة للبس، وقد أشار إلى هذا في منهج السالك. والآخر: أن يكون حذف لقصد الإبهام، ليرتدع بذلك من يرغب فيهن لجمالهن ومالهن، ومن يرغب عنهن لدمامتهن وفقرهن، وقد أجاز بعض المفسرين التقديرين. ا. هـ. وفي الكشاف1: "يحتمل في أن تنكحوهن لجمالهن، وعن أن تنكحوهن لدمامتهن"، وتبعه البيضاوي2، والجواب الأول موافق لقول الموضح في المغني3، وإنما حذف الجار في "أن تنكحوهن" لقرينة، وإنما اختلف العلماء في المقدر من الحرفين الآية, لاختلافهم في سبب نزولها، فالخلاف في الحقيقة في القرينة. ا. هـ. وما ذهب إليه الموضح من أن محل "أنّ" و"أنْ" نصب بعد الحذف هو مذهب الخليل، وأما سيبويه فقال4 بعدما أورد أمثلة من الحذف: ولو قال قائل: إن الموضع جر لكان قولًا قويا، وله نظائر نحو قولهم: "لاه أبوك". ثم نقل النصب عن الخليل، فظهر بهذا أن ما قاله ابن مالك5 تبعًا لابن العلج من أن الخليل يقول: بالجر، سهو. ولا يقاس على "أنّ" و"أنْ" غيرهما، فلا يقال: "بريت السكين القلم"، والأصل: بالسكين، خلافًا للأخفش الأصغر علي بن سليمان البغدادي، تلميذ ثعلب والمبرد، نشأ بعد الأخفش الصغير أبي الحسن سعيد بن مسعدة، تلميذ سيبويه، والأخفش الأكبر غيرهما، وهو أبو الخطاب شيخ سيبويه، والأخافشة أحد عشرة نحويًا6 والسيبويهون أربعة7.   1 الكشاف 1/ 301. 2 أنوار التنزيل 1/ 120. 3 مغني اللبيب ص788. 4 الكتاب 3/ 128. 5 شرح التسهيل 2/ 150. 6 بغية الرعاة 2/ 389. 7 بغية الوعاة 2/ 390. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 469 "فصل": "لبعض المفاعيل الأصالية في التقديم على بعض" آخر، وأصالة المفعول "إما بكونه مبتدأ في الأصل" والآخر خبر, كما في باب "ظن", "أو" بكونه "فاعلا في المعنى", والآخر مفعول معنى، كما في باب "أعطى"، "أو" بكونه "مسرحًا" أي: مطلقًا، لم يتقيد بجار "لفظًا أو تقديرًا، والآخر مقيد" بحرف جر "لفظًا أو تقديرًا"، كما في باب "اختار" فيتقدم كل من المبتدأ في الأصل والفاعل معنى والمسرح على غيره، و"ذلك كـ: "زيدًا" في "ظننت زيدًا قائمًا""، فتقدم "زيدًا" على "قائمًا" لأن "زيدًا" مبتدأ في الأصل، و"قائمًا" خبره، والمبتدأ مقدم على الخبر، "وأعطيت زيدًا درهمًا" فتقدم "زيدًا" على "درهما"؛ لأن "زيدًا" فاعل معنى؛ لأنه الآخذ والقابل للدرهم، ومن ثم جاز "أعطيت درهمه زيدًا"، فاعل معنى؛ لأنه الآخذ والقابل للدرهم، ومن ثم جاز "أعطيت درهمه زيدًا"، وامتنع "أعطيت صاحبه الدرهم" إلا على قول من أجاز "ضرب غلامه زيدًا" قاله ابن مالك في شرح التسهيل1. "و: اخترت زيدًا القوم، أو: من القوم" فتقدم "زيدًا" لأنه مسرح غير مقيد بجار لفظًا وتقديرًا، و"القوم" مقيد تقديرًا، و"من القوم" مقيد لفظًا، والمسرح مقدم على المقيد "لأنه مسرح غير مقيد بجار لفظًا وتقديرًا"، و"القوم" مقيد تقديرًا، و"من القوم مقيد لفظًا، والمسرح مقدم على المقيد؛ لأن علقة ما يتعدى إليه العامل بنفسه أقوى من علقة ما قد يتعدى إليه بواسطة، ومن ثم يقال: "اخترت قومه عمرًا" ولا يقال: "اخترت أحدهم القوم" إلا على لغة من أجاز "ضرب غلامه زيدًا"، قاله ابن مالك في شرح التسهيل1 أيضًا، والتقديم في ذلك كله جائز، وإليه يشير قول الناظم: 274- والأصل سبق فاعل معنى ........ ... ........................................ "ثم قد يجب الأصل" فيجب التقديم، كما أشار إليه الناظم بقوله:   1 شرح التسهيل 2/ 152. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 470 275- ويلزم الأصل لموجب عرى ... .................................. "كما إذا خيف اللبس" كـ"ظننت زيدًا عمرا"، و"كـ: أعطيتن زيدًا عمرًا"، وكـ: "اخترت الشجعان الجند"، ويأتي فيه البحث المتقدم في باب الفاعل عن ابن الحاج. "أو كان الثاني محصورًا" كـ"ما ظننت زيدًا إلا قائمًا"، أو "كـ: ما أعطيت زيدًا إلا درهما" و"ما اخترت زيدًا إلا القوم"، ويأتي فيه الخلاف المتقدم في باب الفاعل، "أو" كان المفعول الثاني اسمًا "ظاهرًا، و"، المفعول "الأول ضمير نحو": "العالم ظننته مجتهدًا"، أو " {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} [الكوثر: 1] ، و"الفرسان اخترتهم القوم"، ويأتي فيه ما ذكر من المناقشة مع ابن مالك في آخر باب الفاعل من أن الضمير يجب وصله بالفعل، وأنت بالخيار في الظاهر، إن شئت قدمته على الفعل والضمير، وإن شئت أخرته عنهما. "وقد يمتنع" الأصل فيجب التأخير، وإليه أشار الناظم بقوله: 275- ....................... ... وترك ذاك الأصل حتما قد يرى "كما إذا اتصل" المفعول "الأول بضمير" المفعول "الثاني" كـ: "ظننت زيدًا غلامه" و "كـ"أعطيت المال مالكه"" و"اخترت قومه عمرًا". "أو كان" الأول "محصورًا" كـ"ما ظننت قائمًا إلا عمرًا"، و"كـ: ما أعطيت الدرهم إلا زيدًا", و"ما اخترت القوم إلا بكرًا". "أو" كان الثاني "مضمرًا والأول ظاهرًا" كـ"الفاضل ظننته زيدًا"، و"كـ: "الدرهم أعطيته زيدًا""، و"القوم اخترتهم عمرًا". أما الامتناع في الأولى فلئلا يعود ضمير على متأخر لفظًا ورتبة، وأما في الثانية؛ فلأن المحصور فيه واجب التأخير، وأما في الثالث فلأنه إذا أمكن الاتصال, لا يعدل عنه إلا الانفصال، إلا فيما يستثنى، وليس هذا منه1.   1 انظر الارتشاف 2/ 274. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 471 "فصل": "يجوز حذف المفعول لغرض إما لفظي، كتناسب الفواصل" جمع فاصلة، والمراد بها رءوس الآي، وذلك "في نحو:: {إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى} [طه:.3] والأصل: يخشاه؛ أي: القرآن؛ ويحتمل أن لا حذف، ومفعول "يخشى" هو قوله تعالى: {تَنْزِيْلًا} [طه: 4] ، والمعنى: لمن يخشى تنزيل الله. قال في الكشاف1: وهو معنى حسن وإعراب بين. ا. هـ. "وكالإيجاز" والاختصار، وذلك "في نحو: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا" وَلَنْ تَفْعَلُوا} [البقرة: 24] ، والأصل: فإن لم تفعلوه، ولن تفعلوه، أي: الإتيان بسورة من مثله. "وإما معنوي كاحتقاره نحو: {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ} [المجادلة: 21] أي: الكافرين"، فحذف المفعول لاحتقاره. "أو لاستهجانه" أي: لاستقباح التصريح بذكره، "كقول عائشة رضي الله عنها: ما رأى مني ولا رأيت منه2" تعني عورة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحذفت المفعول لاستقباح ذكره، "أي: العورة3. وقد يمتنع حذفه" أي: المفعول "كأن يكون محصورًا" فيه "نحو: "إنما ضربت زيدًا"؛ لأن الحذف ينافي الحصر، "أو" يكون "جوابًا" لسؤال "كـ: "ضربت زيدًا" جوابًا لمن قال: من ضربت؟ "؛ لأن المطلوب تعيينه لا يجوز حذفه، وذلك كله مستفاد من قول الناظم: 276- وحذف فضلة أجز إن لم يضر ... كحذف ما سيق جوابًا أو حصر   1 الكشاف 2/ 472. 2 رواية الحديث في الكامل في ضعفاء الرجال 2/ 479: "ما رأيت عورة رسول الله صلى الله عليه وسلم قط", وهذه الرواية لا شاهد فيها. 3 انظر شرح التسهيل 2/ 161، والارتشاف 2/ 283، وشرح ابن عقيل 1/ 281. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 472 "فصل": "وقد يحذف ناصبه" أي: ناصب المفعول المعبر عنه في النظم بقوله: 277- ويحذف الناصبها "إن علما" ... ............................... "كقولك لمن سدد" بالمهملة "سهمًا: "القرطاس"، ولمن تأهب لسفر: "مكة"، ولمن قال: من أضرب؟ " بالمضارع "شر الناس". فالقرطاس: منصوب "بإضمار "تصيب""، ودل عليه المشاهدة، "و" "مكة": منصوب بإضمار "تريد"، ودل عليه قرينة الحال، "و" "شر الناس": منصوب بإضمار "اضرب"، ودل عليه قرينة المقال، "وقد يجب ذلك" الحذف، كما أشار إليه الناظم بقوله: 277- .............. ... وقد يكون حذفه ملتزمًا وذلك "كما" تقدم "في" باب "الاشتغال كـ: "زيدا ضربته""؛ لأنه لا يجمع بين المفسِّر والمفسَّر، "و" باب "النداء" فيما سيأتي "كـ: يا عبد الله"؛ لأن "يا" عوض عن الناصب، ولا يجمع بين العوض والمعوض. "وفي الأمثال" العربية؛ وهي كل كلام مركب مشهور شبه مضربه بمورده "نحو: الكلاب على البقر1" فـ"الكلاب": منصوب بفعل محذوف وجوبًا "أي: أرسل"، ولا يجوز ذكره؛ لأن ذكره يغير المثل، والأمثال لا تغير؛ لأنا لما شبه مضربها بموردها، لزم أن يلتزم فيها أصلها كقولهم: "الصيف ضيعت اللبن"2، يقال بكسر التاء لكل مخاطب، والمراد بالبقر في المثل المتقدم: بقر الوحش. "وفيما جرى مجرى الأمثال" في كثرة الاستعمال، وهو كل كلام اشتهر، فبسبب شهرته جرى مجرى المثل، فأعطي حكمه في أنه لا يغير، "نحو: {انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ} " [النساء: 171] فـ"خيرًا" مفعول بفعل محذوف وجوبًا "أي: وائتوا" خيرًا، ولا يجوز ذكره لما تقدم، وذهب بعضهم3، إلى أن "خيرًا" خبر لـ"كان" محذوفة، والتقدير:   1 مجمع الأمثال 2/ 142، وجمهرة الأمثال 2/ 169، والمستقصى 1/ 341، وفصل المقال ص400، وكتاب الأمثال لابن سلام 284. 2 جمهرة الأمثال 1/ 575، وكتاب الأمثال لابن سلام ص247. 3 مثل أبي عبيدة، انظر الارتشاف 2/ 279. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 473 "انتهوا يكن خيرًا لكم" وهو تخريج على قلة؛ لأن "كان" لا تحذف مع اسمها ويبقى خبرها كثيرًا إلا بعد "إن" و"لو" الشرطيتين "وفي التحذير بـ"إياك" وأخواتها" من ضمائر الخطاب المنفصلة، "نحو: إياك والأسد"، فـ"إياك" منصوب المحل بفعل محذوف وجوبًا، ويقدر متأخرًا عن "إياك" "أي: "إياك باعد" على أحد التقديرين الآتيين في باب التحذير، و"الأسد" منصوب بفعل محذوف وجوبًا، ويقدر متقدمًا على "الأسد" أي: "واحذر الأسد، والفرق أن "إياك" ضمير منفصل، فلو قدر العامل قبله لزم اتصاله، بخلاف "الأسد"، "وفي التحذير بغيرها" أي: بغير إياك وأخواتها "بشر عطف أو تكرار"، فالعطف "نحو: رأسك والسيف". فـ"رأسك" و"السيف" منصوبان بفعلين محذوفين وجوبًا، "أي: باعد" رأسك"، "واحذر" السيف. "و" التكرار "نحو: الأسد الأسد" بتقدير "احذر". "وفي الإغراء بشرط أحدهما" وهو العطف أو التكرار، فالعطف "نحو: المروءة والنجدة، و" التكرار "نحو: السلاح السلاح بتقدير "الزم"" في المثالين، وإنما وجب حذف الفعل فيهما؛ لأن كلا من العطف والتكرار قائم مقام العمل، فالتزم حذفه لذلك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 474 باب التنازع في العمل مدخل ... باب التنازع في العمل: "هذا باب التنازع في العمل": "ويسمى أيضًا باب الإعمال" بكسر الهمزة عند الكوفيين1، "وحقيقته: أن يتقدم فعلان" مذكوران "متصرفان، أو اسمان يشبهانهما" في التصرف، "أو فعل متصرف واسم يشبهه" في التصرف، ويتأخر عنهما؛ أي عن العاملين "معمول غير سببي مرفوع" وغير مرفوع، واقع بعد إلا، على الأصح فيهما، "وهو" أي: المعمول المتأخر عن العاملين "مطلوب لكل منهما من حيث المعنى" والطلب إما على جهة التوافق في الفاعلية أو المفعولية، أو مع التخالف فيهما، والعاملان إما فعلان أو اسمان أو مختلفان، وأمثلتها اثنا عشر مثالًا، مثال الفعلين في طلب المرفوع: "قام وقعد زيد"، ومثالهما في طلب المنصوب: "ضربت وأكرمت زيدًا"، ومثالهما في طلب أحدهما المرفوع والآخر المنصوب: "قام وضربت زيدًا" ومثالهما في طلب العكس: "ضربت وقام زيد"، ومثال الاسمين في طلب المرفوع: "أقائم وقاعد الزيدان"، ومثالهما في طلب المنصوب: "زيد ضارب وقائم عمرًا" ومثال اختلافهما في الصورتين: "زيد قائم وضارب أبويه"، وعكسه: "زيد ضارب وقائم أبواه"، ومثال الاسم والفعل في طلب المرفوع: "أقائم وقعد زيد" ومثالهما في طلب المنصوب: "زيد ضارب ويكرم عمرًا" ومثال اختلافهما مع تقدم طالب المرفوع: "أقائم ويضرب عمرًا" وعكسه: "ضربت وأقائم زيد". والناظم اقتصر في التمثيل على طلب الفعلين المرفوع فقال: 281- كيحسنان ويسيء ابناكا ... وقد بغى واعتديا عبداكا والموضح اقتصر في الأنواع الثلاثة في التمثيل على طلب المنصوب فقال: "مثال   1 كذلك قال ابن عصفور في المقرب 1/ 250. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 475 الفعلين {آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا} [الكهف: 96] فـ"آتوني" يطلب "قطرًا" على أنه مفعول ثان له، و"أفرغ" يطلبه على أنه مفعوله، وعمل الثاني وهو "أفرغ": في "قطرًا", وأعمل "آتوني" في ضميره، وحذفه؛ لأنه فضلة، والأصل: آتونيه، ولو أعمل الأول لقيل: أفرغه. "ومثال الاسمين قوله:" [من الطويل] 378- "عهدت مغيثًا مغنيا من أجرته" ... فلم اتخذ إلا فناءك موئلا فـ"مغنيا" من الإغانة بالمثلثة، و"مغنيًا": من الإغناء ضد الإفقار، تنازعا "من" الموصولة، فكل منهما يطلبها من جهة المعنى على المفعولية، وأعمل الثاني لقربه، وأعمل الأول في ضميره، وحذفه، فالأصل: "مغيثه "وعهدت", مبني للمفعول مسند إلى تاء المخاطب، و"مغيثًا" و"مغنيًا" حالان منهما، و"الفناء" الجوار والقرب، و"الموئل": الملجأ. "ومثال المختلفين {هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ} [الحاقة: 109] فـ"ها" اسم فعل بمعنى "خذ" والميم حرف يدل على الجمع، و"اقرءوا" فعل أمر، تنازعا "كتابيه". وأعمل الثاني لقربه، وحذف من الأول ضمير المفعول، والأصل: هاؤموه، وأصل "هاؤم": هاكم، أبدل من الكاف الواو ثم أبدلت الواو همزة، وفي الجزاء الأول من شرح البحرين عن صفوان بن عسال أن النبي صلى الله عليه وسلم ناداه رجل، قال صلى الله عليه وسلم: "هاؤم". فقال: الرجل يحب القوم، ولما يلحق بهم، فقال: "المرء مع من أحب" حديث حسن، صحيح، رواه الشافعي في مسنده1، ومالك2, وسفيان، وشعبة بن الحجاج، والحمادان، ومعنى "هاؤم": تعالوا. ا. هـ. قال الموضح في الحواشي: فإن صح أنه يرد "قاصرًا" تعني "تعالوا" كما قيل في الحديث، فلا تنازع في الآية، ويخرج حينئذ عن استدلال البصريين، وهذا المعنى متعين، وظاهر في الآية، ولكن لا أستحضر الآن أحدًا قال به غير هذا الرجل في هذا الحديث ا. هـ. قلت: قال به الحوفي في الآية نفسها.   378- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 189، وتخليص الشواهد ص513، وشرح ابن الناظم ص184، وشرح الأشموني 1/ 202، وشرح الكافية الشافية 2/ 642، والمقاصد النحوية 3/ 2. 1 انظر مسند الشافعي المجلد الأول 1/ 41، 42، حديث رقم 122، أورده ابن قدامة في كتابه "المتحابين في الله" ص88. 2 لم أجد الحديث في الموطأ، ولا في المدونة الكبرى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 476 وظاهر كلام الموضح أن التنازع يكون في جميع المعمولات، وفي النهاية لابن الخباز: لا يقع التنازع في المفعول له، ولا الحال، ولا التمييز، ويجوز في المفعول معه، تقول:"قمت وسرت زيدًا"، إن أعملت الثاني، و"قمت وسرت وإياه وزيدًا"، إن أعملت الأول. ا. هـ. وسيأتي الكلام في الواقع بعد "إلا". واستفدنا من أمثلة الموضح أنه لا يشترط في التنازع أن يكون أحد العاملين معطوفًا على الآخر، خلافًا للجرمي. وأصل التنازع أن يكون بين عاملين في معمول واحد، "وقد يتنازع ثلاثة. وقد يكون المتنازع فيه متعددًا، وفي الحديث "تسبحون وتكبرون وتحمدون دبر كل صلاة ثلاثًا وثلاثين" 1 فتنازع ثلاثة" وهي "تسبحون" و"تكبرون" و"تحمدون" "في اثنين: ظرف" وهو "دبر"، "و" نائب "مصدر" وهو "ثلاثة"، فأعمل الأخير لقربه، فنصب "دبر" على الظرفية، و"ثلاثًا" على المفعولية المطلقة، لنيابته عن المصدر، وأعمل الأولين في ضميريهما، وحذفهما لأنهما فضلتان، والأصل: تسبحون الله فيه إياه، وتكبرون الله فيه إياه، وما ذكره من جواز إعمال الأول والثاني والثالث حكى بعضهم فيه الإجماع، قال ابن خروف في شرح كتاب سيبويه: استقرأت كلام العرب، فوجدت إعمال الثالث، وإلغاء ما عداه. قال ابن مالك2: وهو كما قال. واعترض بأنه سمع من كلامهم إعمال الأول من الثلاثة، كقول أبي الأسود: [من الطويل] 379- كساك وإن لم تكسه فاشكرن له ... أخ لك يعطيك الجزيل وناصر قال المرادي: فدل على أن استقراءه غير تام، ولا يحفظ من كلامهم إعمال الثاني. ا. هـ. "وقد علم مما ذكرته" في حقيقة التنازع، من أن المتنازعين لا بد أن يكونا فعلين، أو اسمين، أو مختلفي الاسمية والفعلية "أن التنازع لا يقع بين حرفين"؛ لأن الحروف لا دلالة لها على الحدث حتى تطلب المعمولات، وأجاز ابن العلج التنازع بين   1 أخرجه البخاري في كتاب الدعوات برقم 5970. 2 شرح التسهيل 2/ 176، 177. 379- البيت لأبي الأسود الدؤلي في ديوانه ص166، 309، وإنباه الرواة 1/ 58، والارتشاف 3/ 93، ودرة الغواص ص157، وحماسة البحتري ص149، وسمط اللآلي ص166، وبلا نسبة في شرح الأشموني 1/ 203. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 477 حرفين، مستدلا بقوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا} [البقرة: 24] فقال: تنازع "إن" و"لم" في "تفعلوا". ورد بأن "إن" تطلبن مثبتًا، و"لم" تطلب منفيا، وشرط التنازع الاتحاد في المعنى، ونقل الشاطبي عن الفارسي أنه أجاز في التذكرة التنازع في قوله: [من الرجز] 380- حتى تراها فكأن وكأن ... أعناقها مشددات بقرن ومنع التوكيد للعطف بالواو، ا. هـ. وسيأتي الكلام عليه في باب التوكيد. "ولا" يقع التنازع "بين حرف وغيره" من فعل واسم، ومن أجاز التنازع بين حرفين أجازه بين حرف وغيره، كما نقل ابن عمرون عن بعضهم أنه جوز تنازع "لعل" و"عسى"، نحو: "لعل وعسى زيد أن يخرج" على إعمال الثاني، و"لعل وعسى زيدًا خارج" على إعمال الأول، ورد بأن منصوب "عسى" لا يحذف1. "و" علم من تقييد العاملين بالتصرف أنه "لا" يقع التنازع "بين" عاملين "جامدين" فعلين، أو اسمين، أو مختلفين؛ لأن التنازع يقع فيه الفصل بين العامل ومعموله، قال أحمد بن الخباز في النهاية. فإذا قلت: "سرني إكرامك وزيارتك عمرا" وجب نصب عمرا بالثاني، لا بالأول، للفصل بين المصدر ومعموله2، ا. هـ. "ولا" يقع التنازع "بين جامد وغيره" من فعل، أو اسم متصرف. "وعن المبرد" في كتابه المدخل "إجازته في فعلي التعجب" مع جمودهما، سواء كانا بلفظ الماضي، أو بلفظ الأمر، فالأول "نحو: ما أحسن وأجمل زيدًا" فتعمل الثاني في الاسم الظاهر، وتعمل الأول في ضميره، وتحذفه لأنه فضلة. "و"الثاني نحو: "أحسن وأجمل بعمرو" فتعمل الثاني في الظاهر المجرور، وتعمل الأول في ضميره المجرور، ولا تحذفه لأنه فاعل، والفاعل لا يحذف عنده؛ لأنه بصري3، ويحذف على القول بأن المجرور في محل نصب على المفعولية عند الفراء. والجمهور على المنع فرارًا من الفصل بينه وبين معموله إذا أعمل الأول، وإذا لم يصح إعمال الأول بطل التنازع، إذ من شرطه جواز إعمال كل منهما4.   380- الرجز لخطام المجاشعي أو للأغلب العجلي في الدرر 2/ 394، والمقاصد النحوية 4/ 100، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 7/ 253، وأوضح المسالك 3/ 342، وشرح ابن الناظم ص364، وشرح الأشموني 2/ 41، وهمع الهوامع 2/ 125. 1 ورد قول ابن عمرون في التذكرة لأبي حيان ص361. 2 ورد قول ابن الخباز في الارتشاف 3/ 98. 3 المقتضب 4/ 184، والارتشاف 3/ 98. 4 شرح التسهيل 2/ 177. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 478 "و" علم من تقييد المعمول بالتأخير أنه "لا" يقع التنازع في "معمول مقدم، نحو: أيهم ضربت وأكرمت، أو: شتمته"؛ لأن الثاني لم يأت إلا بعد أن أخذ الأول معموله المتقدم عليه، وقوله: "شتمته" عديل مدخول الاستفهام. "خلافًا لبعضهم" في إجازة التنازع في المتقدم كما قال به بعض المغاربة1 مستدلا بقوله تعالى: {بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة: 128] ، ولا حجة له؛ لأن الثاني لم يجئ حتى استوفاه الأول، ومعمول الثاني محذوف لدلالة معمول الأول عليه، وما قاله بعض المغاربة قال به الرضي، وعبارته2: "قد يتنازع العاملان ما قبلهما إذا كان منصوبًا نحو: زيدا ضربت وقتلت، و: بك قمت وقعدت"، وتعقبه البدر الدماميني، فقال يلزم عليه عند إعمال الثاني تقدم ما في حيز حرف العطف عليه, وهو ممتنع، ثم اعترض على نفسه بأن الجمهور قد ارتكبوه في نحو: {أَفَلَمْ يَسِيْرُوا} [يوسف: 109] ، فجعلوا الهمزة واقعة في الأصل بعد العاطف، ولكنها قدمت عليه لفظًا، وأجاب بأن هذ الحكم ليس بمتعد إلى غير الهمزة، بل مقصور عليها عندهم. ا. هـ. "ولا" يقع التنازع "في معمول متوسط نحو: ضربت زيدًا وأكرمت"؛ لأن الأول استقل به مجيء الثاني "خلافًا للفارسي" فإنه أجاز في قوله: [من البسيط] 381- ..................... ... متى تصب أفقا من بارق تشم أن تكون "من" زائدة، و"بارق" في موضع نصب بـ"تشم"، ومفعول "تصب" محذوف، وهو ضمير عائد على بارق. ومال المرادي في شرح التسهيل إلى جواز التنازع في المتوسط والمتقدم، فقال3: وأقول الذي يظهر أن تأخير المعمول ليس بشرط في التنازع، بل حيث تقدم المعمول، أو توسط ، جاز عمل كل من العاملين فيه. ا. هـ.   1 همع الهوامع 2/ 110. 2 شرح الرضي 1/ 201. 381- صدر البيت: "قد أوبيت كل ماء فهي طاوية" ، وهو لساعدة بن جؤية في خزانة الأدب 8/ 163، 166، والدرر 2/ 179، وشرح أشعار الهذليين 3/ 1128، وشرح شواهد الإيضاح ص150، وشرح شواهد المغني 1/ 157، 2/ 743، ولسان العرب 14/ 4 "أبي"، 473، "صوي"، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 7/ 262، وخزانة الأدب 9/ 26، ومغني اللبيب 1/ 330، وهمع الهوامع 2/ 57، والمسائل العضديات ص157. 3 انظر شرح المرادي 2/ 64. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 479 "و" علم من اشتراط كون المعمول مطلوبًا لكل من العاملين من جهة المعنى أن التنازع "لا" يقع "في نحو" قول جرير: [من الطويل] 382- "فهيهات هيهات العقيق ومن به" ... وهيهات خل بالعقيق نواصله "خلافًا له" أي: الفارسي1 "وللجرجاني2؛ لأن الطالب للمعمول" وهو العقيق "إنما هو" هيهات "الأول، وأما" "هيهات" "الثاني فلم يؤت به للإسناد" إلى العقيق، "بل لمجرد التقوية" والتوكيد لـ"هيهات" الأول، "فلا فاعل له" أصلًا، "ولهذا قال" الشاعر: [من الطويل] 383- فأين إلى أين النجاة ببغلتي ... "أتاك أتاك اللاحقون احبس احبس" فـ"اللاحقون" فاعل "أتاك" الأول، و"أتاك" الثاني لمجرد التقوية فلا فاعل له؛ لأنه ليس في التنازع، "ولو كان من التنازع لقال: أتاك أتوك" على إعمال الأول، "أو: أتوك أتاك" على إعمال الثاني، وليس بمتعين لجواز أن يضمر مفردًا في المهمل منهما ويستتر كما حكى سيبويه3: "ضربني وضربت قومك" بالنصب، وقيل: المرفوع في البيتين فاعل بالعاملين؛ لأنهما بلفظ واحد ومعنى واحد، فكأنهما عامل واحد، فهذه الثلاثة أقوال أصحها عن ابن مالك4 ما ذكره الموضح. "و" علم من تقييد المعمول بكونه غير سببي مرفوع أنه "لا" تنازع "في نحو" قول كثير عزة: [من الطويل] 384- قضى كل ذي دين فوفى غريمه ... "وعزة ممطول معنى غريمها"   383- تقدم تخريج البيت برقم 139. 1 المسائل الحلبيات ص241، والمسائل العضديات ص172. 3 انظر الارتشاف 3/ 87. 383- البيت بلا نسبة في الارتشاف 2/ 616، والأشباه والنظائر 7/ 267، وأمالي ابن الشجري 1/ 243، وأوضح المسالك 2/ 194، وخزانة الأدب 5/ 158، والخصائص 3/ 103، 109، والدرر 2/ 255, 2/ 390، وشرح ابن الناظم ص184، وشرح الأشموني 1/ 201، وشرح التسهيل 2/ 165، 3/ 302، وشرح قطر الندى ص290، وشرح الكافية الشافية 2/ 642، والمقاصد النحوية 3/ 9، وهمع الهوامع 2/ 111، 125. 3 الكتاب 1/ 79, 80. 4 شرح الكافية الشافية 2/ 643. 384- البيت لكثير عزة في ديوانه ص143، وخزانة الأدب 5/ 223، وشرح شواهد الإيضاح 90، وشرح المفصل 1/ 8، والمقاصد النحوية 3/ 3، وهمع الهوامع 2/ 111، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 5/ 282، 7/ 255، والإنصاف 1/ 90، وأوضح المسالك 2/ 195، وشرح الأشموني 1/ 203، وشرح شذور الذهب ص421، ولسان العرب 14/ 334 "ركا"، ومغني اللبيب 2/ 417، وشرح التسهيل 2/ 166، والارتشاف 3/ 88، وشرح الكافية الشافية 3/ 642. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 480 لأنه لو قصد فيه التنازع، لأسند أحدهما إلى السبي والآخر إلى ضميره، فيلزم عدم ارتباط رافع الضمير بالمبتدأ؛ لأنه لم يرفع ضميره، ولا ما التبس بضميره. قاله المرادي1 تبعًا لابن مالك في شرح التسهيل2. قال بعضهم: وفيه نظر؛ لأن هذا يأتي فيما لو كان السبي منصوبًا نحو: "زيدًا ضربت وأكرمت أخاه"؛ لأن أحد العاملين يعمل في السببي، والآخر يعمل في ضميره، فيلزم عدم ارتباط ناصب الضمير بالمبتدأ، فلا معنى لتقييد السببي بالمرفوع، قال: ولعل الوجه ما ذكره أبو محمد بن السيد البطليوسي، من أن "غريمها" إن رفع بـ"معنى" يكون "ممطول" قد جرى على غير من هو له، فيلزم ظهور الضمير، وإن رفع بـ"ممطول" فهو خطأ؛ لأنه قد وصف بـ"معنى" والاسم الذي يعمل عمل الفعل، إذا وصف لا يعمل شيئًا، فلا يجوز: "مررت بضارب ظريف زيدًا". ا. هـ. وأقول: ما ذكره أبو محمد، يقال بمثله فيما إذا كان السببي منصوبًا، نحو: "غلام زيد ضارب مهين أخاه"، إذا كان الضارب والمهين زيدًا، فإن كان الناصب للسببي الثاني وجب إبراز الضمير الأول؛ لكونه جرى على غير من هو له. وإن كان الناصب له الأول فهو خطأ؛ لأنه قد وصف بمهين، والوصف إذا وصفا لا يعمل. إذا تقرر هذا فتقول: "عزة" مبتدأ، وليس "ممطول" و"معنى" خبرين لها، "بل "غريمها" مبتدأ" ثان مؤخر عن خبره، "و"ممطول" و"معنى" خبران" لغريمها، خبر بعد خبر3. "أو "ممطول "خبر" وحده، "و "معنى" صفة4 له"؛ لأن الوصف يجوز وصفه على الأصح، وحجة المانع أن الوصف كالفعل، وهو لا يوصف. "أو حال من ضميره" المستتر فيه، المرفوع على النيابة عن الفاعل العائد إلى "غريمها" و"غريمها" وخبره خبر "عزة". والرابط بينهما الضمير المضاف إليه غريم. "و" علم من تقييد السببي بالمرفوع أنه "لا يمتنع التنازع في" السببي المنصوب. "نحو: زيد ضرب وأكرم أخاه؛ لأن السببي" وهو "أخاه" "منصوب" بأحد العاملين، والرابط موجود بالضمير المستتر، أو بالمضاف إليه السببي.   1 شرح المرادي 2/ 64. 2 شرح التسهيل 2/ 166. 3 هذا الرأي لابن مالك، انظر شرح التسهيل 2/ 166. 4 هذا الرأي للبطليوسي، انظر الارتشاف 3/ 88. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 481 ومنع الشاطبي التنازع في السببي المنصوب، وعلله بأنه لو أعملت الأول أو الثاني فلا بد من ضمير يعود على السببي، وضمير السببي لا يتقدم عندهم عليه. قال ابن خروف: لأنه لو تقدم كان عوضًا من اسمين مضاف ومضاف إليه، وهذا مما لا سبيل إليه. ا. هـ. فالوجه امتناع التنازع في السببي مطلقًا، ولا يقع التنازع في الاسم المرفوع الواقع بعد "إلا" على الصحيح كقوله: [من البسيط] 385- ما صاب قلبي وأضناه وتيمه ... إلا كواعب من ذهل بن شيبانا والمانع من كونه من التنازع، أنه لو كان منه لزم إخلاء الفعل الملغى من الإيجاب، ولزم في نحو: "ما قام وقعد إلا أنا" إعادة ضمير غائب على حاضر. قاله المرادي في شرح التسهيل. ا. هـ. وحمله في التسهيل1 على الحذف، وقال في شرحه2: على تأويل: ما قام أحد وقعد إلا أنا، فحذف "أحد" لفظًا، واكتفى بقصده، ودلالة المعنى، والاستثناء عليه. وعلم من قولنا "مذكوران" أنه لا تنازع بين محذوفين، ولا بين محذوف ومذكور.   385- البيت بلا نسبة في الجنى الداني ص287، والدرر 2/ 353، وشرح التسهيل 2/ 176، وهمع الهوامع 2/ 110. 1 التسهيل ص86. 2 شرح التسهيل 2/ 175. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 482 "فصل": "إذا تنازع العاملان جاز إعمال أيهما شئت باتفاق" من البصريين والكوفيين1؛ لأن إعمال كل منهما مسموع من العرب، "و" الخلاف بينهم في المختار، هل هو من الأول، أو الثاني, أو هما على حد سواء أقوال: "اختار الكوفيون" منها "الأول لسبقه، واختار البصريون الأخير لقربه"، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 278- إن عاملان اقتضيا في اسم عمل ... قبل فللواحد منهما العمل 279- والثاني أولى عند أهل البصره ... واختار عكسا غيرهم ذا أسره وقيل: هما سيان؛ لأن لكل منهما مرجحًا، حكاه ابن العلج في البسيط. إذا تنازع ثلاثة فالحكم كذلك بالنسبة إلى الأول والثالث، قاله المرادي2. وسكتوا عن المتوسط، فهل يلتحق بالأول لسبقه على الثاني3، أو بالثاني لقربه من المعمول بالنسبة إلى الأول، أو يستوي فيه الأمران؟ لم أر في ذلك نقلًا. "فإن" تنازع اثنان، و"أعملنا الأول في المتنازع فيه" على اختيار الكوفيين، "أعملنا الأخير في ضميره" مرفوعًا كان أو منصوبا أو مجرورًا، "نحو: "قام وقعدا" أخواك"، "أو" قام "وضربتهما" أخواك، "أو" قام "ومررت بهما أخواك, وبعضهم" كالسيرافي "يحيز حذف غير المرفوع" وهو المنصوب والمجرور "لأنه فضلة" وهو الذي يفهم من كلام التسهيل4، "كقوله" وهو الشخص المسمى بعاتكة بنت عبد المطلب. [من م. الكامل]   1 الإنصاف 1/ 83-96، المسألة رقم 13. 2 شرح المرادي 2/ 65. 3 في "ب"، "ط": "الثالث"، وانظر الارتشاف 3/ 93. 4 التسهيل ص86. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 483 386- "بعكاظ يعشي الناظريـ ... ـن إذا هم لمحوا شعاعه" فأعملت الأول وهو "يعشى"، فرفعت "شعاعه"، وأعملت "لمحوا" في ضميره، وحذفته، والتقدير: لمحوه و"عكاظ" بضم العين المهملة، وتخفيف الكاف وبالظاء المشالة: موضع بقرب مكة كان سوقًا في الجاهلية، و"يعشي" مضارع "أعشى" بالعين المهملة، وقيل بالمعجمة، و"شعاعه" بالشين المعجمة: ضوؤه، والضمير المضاف إليه للسلاح فيما قبله. "ولنا" من الأدلة على امتناع حذف غير المرفوع "أن في حذفه تهيئة العامل"، وهو "لمحوا" "للعمل" في "شعاعه" "وقطعه عنه" برفعه بـ"يعشي" بغير معارض، قاله بعض المغاربة. "و" هذا "البيت ضرورة" عند الجمهور. "وإن أعملنا الثاني" على اختيار البصريين "فإن احتاج الأول لمرفوع فالبصريون يضمرونه" ولا يحذفونه "لامتنع حذف العمدة" عندهم. "و" إن لزم منه الإضمار قبل الذكر، وهو عود الضمير على متأخر في اللفظ والرتبة؛ "لأن الإضمار قبل الذكر قد جاء" مصرحًا به "في غير هذا الباب، نحو: ربه رجلًا و: نعم رجلا" فـ"رجلا" فيهما تمييز للضمير المجرور بـ"رب" والمرفوع على الفاعلية بـ"نعم"، ورتبة التمييز التأخير، فقد عاد الضمير على التمييز، وهو متأخر لفظًا ورتبة، "و" جاء الإضمار قبل الذكر "في" هذا "الباب" الذي نحن فيه، وهو باب التنازع نثرًا وشعرًا "نحو" قول بعض العرب: ضربوني وضربت قومك" بالنصب "حكاه سيبويه1", فقد أعمل الثاني. وأضمر في الأول ضمير الفاعل، وهو الواو العائدة على المتنازع فيه، وهو "قومك" المنصوب على المفعولية، والمفعول رتبته التأخير، فعد الضمير على متأخر لفظًا، ورتبة "وقال الشاعر": [من الطويل] 387- "جفوني ولم أجف الأخلاء إنني" ... لغير جميل من خليلي مهمل   386- البيت لعاتكة بنت عبد المطلب في الدرر 2/ 350، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص743، والمقاصد النحوية 3/ 11، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 5/ 384، وأوضح المسالك 2/ 199، وشرح الأشموني 1/ 206، وشرح شذور الذهب ص424، وشرح ابن عقيل 1/ 285، ومغني اللبيب 2/ 611، والمقرب 1/ 251، وهمع الهوامع 2/ 109. 1 الكتاب 1/ 79. 387- البيت بلا نسبة في الارتشاف 1/ 484، والأشباه والنظائر 3/ 77، 5/ 282، وأوضح المسالك 2/ 200، وتخليص الشواهد 515، وتذكرة النحاة ص359، والدرر 1/ 115، 2/ 352، وشرح ابن الناظم ص187، وشرح الأشموني 1/ 179، 204، وشرح التسهيل 1/ 163، 2/ 170، وشرح قطر الندى ص197، ومغني اللبيب 2/ 489، والمقاصد النحوية 3/ 14، وهمع الهوامع 1/ 66، 2/ 109. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 484 فأعمل الثاني، ونصب "الأخلاء" المنصوب على المفعولية، و"الأخلاء": جمع خليل و"الجميل": الشيء الحسن، و"مهمل": اسم الفاعل من الإهمال، وهو الترك. "والكسائي وهشام" الضرير "والسهيلي" والكوفيون "يوجبون الحذف" للضمير المرفوع على الفاعلية هربًا من الإضمار قبل الذكر1، "وتمسكًا بظاهر قوله"، وهو علقمة بن عبدة يمدح الحارث بن جبلة الغساني: [من الطويل] 388- "تعفق بالأرطى لها وأرادها ... رجال" فبذت نبلهم وكليب "إذ لم يقل: تعفقوا" على تقدير إعمال الثاني، "ولا: أرادوه" على تقدير إعمال الأول، ويمكن أن يجاب عنه بأنه أعمل الثاني، ولم يقل "تعفقوا" على لفظ الجمع؛ لأنه يجوز أن ينوي مفردًا على مذهب البصريين باعتبار تأويله بالمذكور، ولهذا قال الموضح2: "بظاهر قوله"، ولم يقل: "بقوله"، و"تعفق" بفتح العين المهملة وتشديد الفاء وبالقاف أي: استتر، و"الأرطى": شجر، و"بذت" بالباء الموحدة، والذال المعجمة المشددة أي: غلبت، و"نبلهم" بسكون الموحدة: سهامهم، فاعل "بذت"، و"كليب" بفتح الكاف وكسر اللام: جمع كلب، كعبيد جمع عبد. والحاصل أن العمل لأحد العاملين في المتنازع فيه، وتعمل المهمل في ضميره سواء اتفق مطلوبهما أم اختلف. "والفراء يقول: إن استوى العاملان في طلب المرفوع" وكان العطف بالواو؛ كما في المغني "فالعمل لهما" لأنهما لما كان مطلوبهما واحدًا كان كالعامل الواحد، "نحو: قام وقعد أخواك" فـ"أخواك" مرفوع عنده بـ"قام" و"قعد"، فيكون الاسم الواحد فاعلا لفعلين مختلفين لفظًا ومعنى، وهو مشكل، فإن النحويون يجعلون العوامل كالمؤثرات الحقيقية، واجتماع مؤثرين على أثر واحد ممنوع عند أهل الأصول. قاله الرضي، ثم قال: وجاز عند الفراء وجه آخر، وهو أن يأتي بفاعل الأول ضميرًا منفصلًا بعد المتنازع فيه، لتعذر المتصل بلزوم الإضمار قبل الذكر، هذا هو النقل الصحيح عن الفراء. ا. هـ. "وإن اختلفا" أي: العاملان؛ في طلب المعمول فإن كان أولهما يطلب مرفوعًا   1 ذكر السيوطي في همع الهوامع 2/ 109 أن هذا مذهب هشام والسهيلي وابن مضاء. 388- البيت لعلقمة الفحل في ديوانه ص38، والرد على النحاة ص95، واللسان 10/ 254 "عفق" 14/ 353 "زبي" والمقاصد النحوية 3/ 15، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 201، وتذكرة النحاة ص357، وجمهرة اللغة ص936، والمقرب 1/ 251، وشرح التسهيل 1/ 127، 2/ 174. 2 مغني اللبيب ص635, 636، وانظر شرح التسهيل 2/ 166. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 485 "أضمرته مؤخرًا" وجوبًا "كـ: ضربني وضربت زيدًا هو"، انتهت مقالة الفراء1. فهو فاعل "ضربني" وإنما أخر عن الظاهر هربا من الإضمار قبل الذكر، ولم يحذفه هربًا من حذف الفاعل، هذا كله إذا احتاج الأول لمرفوع من إعمال الثاني. "وإن" أعملنا الثاني، و"احتاج الأول لمنصوب لفظًا" وهو ما يصل إليه العامل بنفسه "أو محلا" وهو ما يصل إليه العامل بواسطة حرف جر "فإن أوقع حذفه" أي: المنصوب "في لبس" ظاهر، "أو" لم يوقع في لبس، ولكن "كان العامل من باب "كان" أو من باب "ظن" وجب إضمار المعمول موخرا" عن المتنازع عنه في المسائل الثلاث: فالأولى: "نحو: استعنت واستعان علي زيد به2"، فالأول يطلب "زيدًا" مجرورًا بالباء، والثاني يطلبه فاعلا؛ لأنه استوفى معمول المجرور بـ"على"، فأعملنا الثاني، وأضمرنا ضمير "زيد" مجرورًا بالباء مؤخرًا وقلنا به، والذي حملنا على ذلك أنا لو أضمرناه مقدما قبل "استعان" لزم الإضمار قبل الذكر، ولو حذفناه أوقع في لبس، فلا يعلم هل "زيد" مستعان به أو عليه. "و" الثانية: نحو: "كنت وكان زيد صديقًا إياه"، فـ"كنت"، و"كان" تنازعا "صديقا" على الخبرية لهما، فأعملنا الثاني فيه، وأعملنا الأول في ضميره مؤخرًا. "و" الثالثة: "نحو: "ظنني وظننت زيدًا قائمًا إياه"، فـ"ظنني" يطلب "زيدًا قائمًا" فاعلًا ومفعولا ثانيا، "وظننت" يطلبهما مفعولين، فأعملنا الثاني، ونصبنا "زيدًا قائمًا" وبقي الأول يحتاج إلى فاعل ومفعول ثان، فأضمرنا الفاعل مقدمًا مستترًا, وأضمرنا المفعول الثاني مؤخرًا، وقلنا: "إياه"3. ولم نحذف المنصوب في المسألة الثانية والثالثة؛ لأنه عمدة في الأصل؛ لأنه خبر مبتدأ. "وقيل في باب "ظن" و"كان" يضمر مقدمًا" كالمرفوع؛ لأنه مرفوع في الأصل فيقال: "ظنني إياه، وظننت زيدًا قائمًا" هكذا مثل أبو حيان في النكت الحسان4 بالضمير منفصلًا، ولا يتعين، بل يجوز اتصاله نحو: "ظننيه" على ما تقدم من اختلاف الترجيح.   1 انظر شرح التسهيل 2/ 174. 2 شرح التسهيل 2/ 173. 3 المقتضب 2/ 113. 4 النكت الحسان ص94. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 486 وقول الشارح1 تبعًا لأبيه في شرح الكافية2: "ولا يجوز تقديمه عند الجميع" مخالف لظاهر التسهيل3، ولتصريح ابن عصفور4، وابن خروف بذلك. "وقيل": لا يضمر، ولا يحذف، بل "يظهر" كما في المسألة الآتية في تخالف صاحب الضمير ومفسره، فيقال: "ظنني قائمًا وظننت زيدًا قائمًا"، "وقيل": لا يضمر، ولا يظهر، بل "يحذف، وهو الصحيح؛ لأنه حذف لدليل"، فإن المفسر يدل عليه، قال ابن عصفور5: وهذا المذهب أسد6 المذاهب؛ لأن الإضمار قبل الذكر، والفصل بين العامل والمعمول، لم تدع ضرورة إليه، وحذف الاختصار في باب "ظن"، قد تقدم الدليل على جوازه ا. هـ. وشرط الحذف أن يكون المحذوف مثل المثبت إفرادًا وتذكيرًا، وفروعهما فإن لم يكن مثله لم يجز حذفه، نحو: "علمني وعلمت الزيدين قائمين" فلا بد أن يقول: "إياه" متقدمًا أو متأخرًا، ولا يجوز حذفه. قاله أبو حيان في النكت الحسان7. "وإن كان العامل من غير بابي، كان، و: ظن" ولم يلبس "وجب حذف المنصوب" لفظًا أو محلا؛ لأنه فضلة مستغنى عنه، فلا حاجة لإضماره قبل الذكر "كـ: ضربت وضربني زيد"، و: مررت ومر بي زيد، "وقيل: يجوز إضماره كقوله": [من الطويل] 389- "إذا كنت ترضيه ويرضيك صاحب" ... جهارًا فكن في الغيب أحفظ للود فأعمل الثاني، وأضمر في الأول ضمير المفعول، "وهذا" البيت "ضرورة عند الجمهور"،   1 أي: ابن الناظم في شرحه على الألفية ص188. 2 شرح الكافية الشافية 2/ 649. 3 التسهيل ص86. 4 شرح الجمل 1/ 616. 5 شرح الجمل 1/ 617. 6 في "ط": "أحد". 7 النكت الحسان ص94. 389- البيت بلا نسبة في الأشباه والنظائر 5/ 281، وأوضح المسالك 2/ 203، وتخليص الشواهد ص514، والدرر 2/ 352، وشرح ابن الناظم ص186، وشرح الأشموني 1/ 25، وشرح شذور الذهب ص423، وشرح شواهد المغني 2/ 745، وشرح ابن عقيل 1/ 551، ومغني اللبيب 1/ 333، والمقاصد النحوية 273، وهمع الهوامع 2/ 110. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 487 ولم يوجب في التسهيل حذفه بل جعله أولى1. وإلى ما تقدم أشار الناظم بقوله: 280- وأعمل المهمل في ضمير ما ... تنازعاه والتزم ما التزما ثم قال: 282- ولا تجئ مع أول قد أهملا ... بمضمر لغير رفع أوهلا 283- بل حذفه الزم إن يكن غير خبر ... وأخرنه إن يكن هو الخبر "مسألة: إذا" اختلف المخبر عنه، ومفسر الضمير، و"احتاج العامل المهمل إلى ضمير، وكان ذلك الضمير" المحتاج إليه "خبرًا عن اسم، وكان ذلك الاسم" المخبر عنه "مخالفًا في الإفراد والتذكير أو غيرهما" من التأنيث والتثنية والجمع "للاسم المفسر له؛ وهو" الاسم "المتنازع فيه؛ وجب العدول" من الإضمار "إلى الإظهار"، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 284- وأظهر إن يكن ضمير خبرًا ... لغير ما يطابق المفسرا "نحو: "أظن ويظناني أخا الزيدين أخوين"، وذلك لأن الأصل" قبل الإعمال "أظن ويظنني الزيدين أخوين" بالتثنية فيهما "فـ"أظن" يطلب "الزيدين أخوين" مفعولين، و"يظنني" يطلب "الزيدين" فاعلًا، و"أخوين" مفعولًا" ثانيًا؛ لأنه أخذ مفعوله الأول، وهو ياء المتكلم المتصلة به، "فأعملنا الأول" وهو "أظن"، "فنصبنا الاسمين، وهما "الزيدين أخوين" على أنهما مفعولان لـ"أظن"، و"أضمرنا في الثاني "وهو "يظنني" "ضمير "الزيدين" وهو الألف" في "يظناني"، فاستوفى فاعله ومفعوله الأول، "وبقي علينا المفعول الثاني" لـ"يظناني" "يحتاج إلى إضماره، وهو خبر" في الأصل "عن ياء المتكلم" المتصلة به التي هي الآن المفعول الأول بعد دخول "يظن"، "والياء المخالفة لـ"أخوين" الذي هو مفسر الضمير الذي يؤتى به، فإن الياء مفرد، و "الأخوين" تثنية، فدار الأمر بين إضماره مفردًا ليوافق المخبر عنه" وهو الياء، "وبين إضماره مثنى ليوافق المفسر" وهو "الأخوين"، "وفي كل منهما محذور" لا محيص منه " فوجب العدول إلى الإظهار، فقلنا: "أخا" فاتفق المخبر عنه" وهو الياء في الإفراد "ولم يضره مخالفته لـ"أخوين" لأنه" أي: "أخا" "اسم ظاهر لا يحتاج إلى ما يفسره، هذا تقرير ما قالوا" في هذه المسألة2.   1 التسهيل ص86. 2 انظر هذه المسألة في شرح ابن الناظم ص188-189، وشرح ابن عقيل 1/ 386, 287، وشرح الكافية الشافية 2/ 651. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 488 قال الموضح تبعًا لجماعة على سبيل البحث: "و" الذي "يظهر لي فساد دعوى التنازع في "الأخوين" لأن "يظنني" لا يطلبه؛ لكونه مثنى، والمفعول الأول مفرد". وجوابه أن المتنازع فيه مطلق الأخوة من غير نظر كونه مفردًا أو مثنى، قال صاحب المتوسط بمعناه، وفيه نظر؛ لأن التنازع لا يكون في مبهم "وعن الكوفيين أنهم أجازوا فيه وجهين: حذفه وإضماره" مقدمًا "على وفق المخبر عنه"، فيقولون على الحذف: "أظن ويظناني الزيدين أخوين"، ويحذفون "أخا" لدلالة أخوين عليه، ويقولون: على الإضمار: "أظن ويظناني إياه الزيدين أخوين"، كذا مثله في شرح الكافية1 مقدمًا؛ لأن العلة المقتضية لتأخيره؛ وهي تأخير المفسر: مفقودة هنا. وإن أعملنا الثاني فالحكم فيه كما سبق من وجوب الإظهار، ومن إجراء الوجهين المحكيين عن الكوفيين، ولكن يضمر مؤخرا, قاله المرادي في شرح التسهيل، وفيه البحث السابق.   1 شرح الكافية الشافية 2/ 651, 652. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 489 باب المفعول المطلق مدخل ... باب المفعول المطلق: "هذا باب المفعول المطلق": "أي: الذي يصدق عليه قولنا: مفعول" بغير صلة "صدقا" منصوب بيصدق "غير مقيد" صفة "صدقًا" "بالجار" حرف أو اسم، متعلق بمقيد؛ بخلاف بقية المفاعيل فإن صدق المفعولية عليها مقيد بالجار كالمفعول به، والمفعول له، والمفعول فيه، والمفعول معه، وهذه التسمية للبصريين1. وأما غيرهم2 فلا يسمى مفعولًا إلا المفعول به خاصة، ويقول في غيره: مشبه بالمفعول، قال الموضح في الحواشي3. "و" المفعول المطلق: "هو اسم يؤكد عامله"، فيفيد ما أفاده العامل من الحدث من غير زيادة على ذلك. "أو يبين نوعه"، أي: نوع العامل، فيفيده زيادة على التوكيد "أو" يبين "عدده" أي: عدد العامل، فيفيد عدد مرات العامل زيادة على التوكيد، "وليس" هو "خبرا" عن مبتدأ "ولا حالا" من غيره "نحو: ضربت ضربًا، أو" ضربت "ضرب الأمير، أو" ضربت "ضربتين"، فالأول مثال لما يؤكد عامله، والثاني مثال لما يبين نوعه، والثالث مثال لما يبين عدده "بخلاف نحو": "ضربك ضربتان" و"ضربك ضرب أليم" فإه وإن بين العدد في الأول، والنوع في الثاني لوصفه بـ"أليم" فهو خبر عن "ضربك" فلا يكون مفعولًا مطلقًا، "و" بخلاف "نحو: {وَلَّى مُدْبِرًا} [النمل: 10] فإنه وإن كان توكيدًا لعامله فهو حال من الضمير المستتر في عامله فلا يكون مفعولًا مطلقًا. وإلى أن المفعول المطلق يفيد المعاني الثلاثة أشار الناظم بقوله: 288- توكيدا أو نوعا يبين أو عدد ... ...................................   1 همع الهوامع 1/ 165. 2 أي: الكوفيون، كما في همع الهوامع 1/ 165. 3 انظر شرح شذور الذهب ص266. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 490 "وأكثر ما يكون المفعول المطلق مصدرًا" كما تقدم من الأمثلة، "والمصدر" كما قال الناظم: 286- .... اسم ما سوى الزمان من ... مدلولي الفعل ...................... وهو "اسم الحدث الجاري على الفعل"، وليس علمًا ولا مبدوءًا بميم زائدة لغير المفاعلة كما قاله الموضح في باب إعمال المصدر1. "وخرج بهذا القيد" وهو الجريان على الفعل "نحو" "غسلا" و"وضوءًا" و"عطاء" من قولك: ""اغتسل غسلًا" و"توضأ وضوءًا" و"أعطى عطاء" فإن هذه" الثلاثة "أسماء مصادر" وليست مصادر لعدم جريانها على أفعالها؛ لأن "اغتسل" قياس مصدره الجاري عليه "الاغتسال"، و"توضأ" قياس مصدره الجاري "التوضؤ"، و"أعطي" قياس مصدره الجاري عليه "الإعطاء". وخرج بقولنا: وليس علما، نحو "حماد" علمًا للمحمدة، وبقولنا: ليس مبدوءًا بميم زائدة لغير المفاعلة نحو: "مقتل" بمعنى القتل فإنها من أسماء المصادر، والفرق بين المصدر واسمه أن المصدر يدل على الحدث بنفسه واسم المصدر يدل على الحدث بواسطة المصدر، فمدلول المصدر معنى، ومدلول اسم المصدر لفظ المصدر. وسمي المصدر مصدرًا؛ لأن فعله صدر عنه؛ أي: أخذ منه، كمصدر الإبل للمكان الذي ترده ثم تصدر عنه2. "و" المصدر المنصوب على المفعولية المطلقة "عامله إما مصدر مثله" لفظًا ومعنى "نحو: {فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا} " [الإسراء: 63] ، فـ"جزاء" مفعول مطلق، وعامله "جزاؤكم"، وهو مصدر مثله، أو لا معنى لا لفظًا نحو: "أعجبني إيمانك تصديقًا"، وقول الجرمي: لا يعمل المصدر في المصدر مردود بالآية ونحوها. "أو ما اشتق" لفظه "منه من فعل" غير تعجبي ولا ناقص ولا ملغى عن العمل "نحو: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} " [النساء: 164] ، وخرج عنه فعل التعجب، فلا يقال: "ما أحسن زيدًا حسنًا"، والأفعال الناقصة فلا يقال: "كان زيد قائمًا كونا"، والأفعال الملغاة فلا يقال: "زيد قائم ظننت ظنا". "أو" من "وصف" اسم فاعل أو مفعول أو للمبالغة دون اسم التفضيل والصفة المشبهة، فاسم الفاعل "نحو: {وَالصَّافَّاتِ صَفًّا} [الصافات: 1] ، واسم المفعول   1 أوضح المسالك 3/ 200, 201. 2 انظر الإنصاف 1/ 235، المسألة رقم 28. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 491 نحو: "الخبز مأكول أكلا" وأمثله المبالغة نحو: "زيدًا ضراب ضربًا"، ولا يجوز: "زيد حسن وجهه حسنًا"، ولا "أقوم منك قياما"، وأما قوله: [من البسيط] 390- أما الملوك فأنت اليوم ألأمهم ... لؤما وأبيضهم سربال طباخ فـ"لؤما" منصوب محذوف، قاله صاحب البديع، وإلى ناصب المفعول المطلق أشار الناظم بقوله: 287- بمثله أو فعل أو وصف نصب ... .................................... وما ذكره من أن الفعل والوصف مشتقان من المصدر هو الصحيح من مذهب البصريين، وإليه يرشد قوله الناظم: 287- .................. ... وكونه أصلًا لهذين انتخب "وزعم بعض البصريين" كالفارسي، واختاره الشيخ عبد القاهر "أن الفعل أصل للوصف" فيكون فرع الفرع. "وزعم الكوفيون أن الفعل أصل لهما" أي: للمصدر والوصف. وزعم ابن طلحة أن الفعل والمصدر أصلان، وليس أحدهما مشتقا من الآخر1. والصحيح الأول؛ لأن الفرع لا بد فيه من معنى الأصل وزيادة، والفعل يدل على الحدث والزمان، والصفة تدل على الحدث والموصوف ولا دلالة لهما على الزمان المعين2.   390- البيت لصدره روايات مختلفة، وهو لطرفة بن العبد في ديوانه ص18، ولسان العرب 7/ 124، "بيض"، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 8/ 139، وأمالي المرتضى 1/ 92، والإنصاف 1/ 149، وخزانة الأدب 8/ 230، وشرح المفصل 6/ 93، واللسان 7/ 123 "بيض"، 15/ 96، "عمى"، والمقرب 1/ 73، وأساس البلاغة "طبخ". 1 ورد هذا الرأي والذي قبله دون نسبة إلى قائل في الارتشاف 2/ 202، وهمع الهوامع 1/ 186. 2 انظر الإنصاف 1/ 235، المسألة رقم 28. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 492 "فصل": "ينوب عن المصدر في الانتصاب على المفعول المطلق ما يدل على المصدر من صفة" له "كـ: سرت أحسن السير" والأصل سرت السير أحسن السير، فحذف الموصوف لدلالة إضافة صفته إلى مثله عليه، ونابت صفته منابه، وانتصبت انتصابه. "و: اشتمل الصماء"، والأصل الشملة الصماء، فحذف الموصوف ونابت صفته منابه. "و: ضربته1 ضرب الأمير اللص، إذ الأصل: ضربا مثل ضرب الأمير اللص، فحذف الموصوف" وهو "ضربًا" "ثم المضاف" وهو "مثل" وصح وقوعه نعتًا للنكرة وإن أضيف لمعرفة؛ لأنه لم يكتسب التعريف بالمضاف إليه لتوغله في الإبهام. وقيد أبو البقاء المسألة بقوله: وكذلك صفة المصدر إذا أضيفت إليه نحو: "سرت أشد السير"؛ لأن الصفة هي الموصوف في المعنى وإنما قدمت لتدل على المبالغة. ا. هـ. وما ذكره الموضح من إقامة الصفة مقام الموصوف في الانتصاب على المفعول المطلق تبع فيه ابن مالك في شرح التسهيل2، وخالف ذلك في شرح القطر3، فقال: وليس مما ينوب عن المصدر صفته نحو: {وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا} [البقرة: 35] خلافًا للمعربين. زعموا أن الأصل: أكلا رغدا، وأنه حذف الموصوف، ونابت صفته منابه، وانتصبت انتصابه4. ومذهب سيبويه5 أن ذلك إنما هو حال من مصدر الفعل المفهوم منه، والتقدير: "فكلا" حال كون الأكل رغدًا، ويدل ذلك على أنهم يقولون: "سِيْرَ عليه طويلًا" فيقيمون الجار والمجرور مقام الفاعل، ولا يقولون: "طويل" بالرفع، فدل على أنه حال لا مصدر، وإلا جازت إقامته مقام الفاعل؛ لأن المصدر يقوم مقام الفاعل باتفاق6. ا. هـ.   1 في "ط": "ضربت". 2 شرح التسهيل 2/ 182. 3 شرح قطر الندى ص226. 4 منهم البيضاوي، انظر أنوار التنزيل 1/ 142. 5 الكتاب 1/ 228. 6 شرح قطر الندى ص226. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 493 "أو" من "ضميره" أي: ضمير المصدر "نحو: عبد الله" بالنصب "أظنه جالسًا" فـ"عبد الله" مفعول أول لـ"أظن"، و"جالسًا" مفعوله الثاني، و"الها" في "أظنه" ضمير المصدر نائبة عنه في الانتصاب على المفعولية المطلقة. وهل هي نائبة عن مصدر مؤكد فيكون التقدير: أظن ظنا، أو عن نوعي، فيكون التقدير: أظن ظني، كما قدره الشارح1 تبعًا للمفصل2، فيه بحث. قال الموضح في الحواشي: والذي يظهر أن الضمير إنما يقوم مقام المؤكد خاصة، وذلك كقوله: [من م. الكامل] 391- من كل ما نال الفتى ... قد نلته إلا التحيه وقوله: [من البسيط] 392- هذا سراقة للقرآن يدرسه ... والمرء عند الرشا إن يلقها ذيب أي: يدرس الدرس، وقد نلت النيل، ولو صرح بالظاهر لم يفد إلا التوكيد فكذلك ضميره. "و" أما "نحو" {فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا " لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا "} [المائدة: 115] فتقديره: لا أعذب هذا التعذيب الخاص، فالضمير هنا نائب عن المصدر النوعي فصار له حالتان. انتهى كلامه في الحواشي، ومن خطه نقلت. وينبغي أن يكون3 "أل" في "النيل" و"الدرس" للجنس لا للعهد، وإلا لكان نوعيّا أيضًا. "أو" من "إشارة إليه" أي: إلى المصدر؛ سواء أكان اسم الإشارة متبوعا بالمصدر أم لا. فالأول "كـ: ضربته ذلك الضرب" بالنصب، والثاني كـ"ضربته ذلك"،   1 أي: ابن الناظم في شرح الألفية ص192. 2 المفصل ص47. 391- البيت لزهير بن جناب في إصلاح المنطق ص316، والأغاني 18/ 307, والشعر والشعراء 1/ 386، ولسان العرب 11/ 46 "بجل" 14/ 216، "حيا" والمؤتلف والمختلف ص130، وبلا نسبة في خزانة الأدب 5/ 299، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص100، ولسان العرب 14/ 217 "حيا". 392- البيت بلا نسبة في خزانة الأدب 2/ 3، 5/ 226, 9/ 48، 61، 547، والدرر 2/ 78، ورصف المباني ص247، 315، وشرح شواهد المغني ص587 والكتاب 3/ 67، ولسان العرب 10/ 157، "سرق" والمقرب 1/ 115، وهمع الهوامع 2/ 33. 3 في "ب"، "ط": "تكون". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 494 فـ"ذلك" في المثالين مفعول مطلق نائب عن المصدر. وذهب ابن مالك في شرح التسهيل1 إلى أنه لا بد من جعل المصدر تابعًا لاسم الإشارة المقصود به المصدرية. وذهب سيبويه2 والجمهور إلى أن ذلك لا يشترط، ومن كلام العرب: "ظننت ذلك"، يشيرون به إلى الظن قاله المرادي في التلخيص. "أو" من "مرادف له" معنى "نحو: شنئته بغضًا" فـ"بغضًا": مفعول مطلق نائب عن "شنء" فإن "الشنء" مصدر "شنئ"؛ بكسر النون مرادف للبغض، "و: أحببه مقة"، فـ"مقة" مفعول مطلق نائب عن المحبة, فإن المقة؛ بكسر الميم؛ مصدر "ومق" مرادف للمحبة، "و: فرحت جذلًا"، فـ"جذلا" مفعول مطلق نائب عن "فرحًا" فإن الجذل؛ بفتحتين "وهو بالذال المعجمة مصدر "جذِل" بالكسر" مرادف للفرح. وظاهر كلام الموضح تبعًا لابن مالك3 أن المرادف منصوب بالفعل المذكور، وهو مذهب المازني، والمنقول عن الجمهور أن ناصبه فعل مقدر من لفظه، والتقدير عندهم في الأمثلة المذكورة: شنئته وبغضته بغضًا، وأحببته ومقته مقة، وفرحت وجذلت جذلا. "أو" من "مشارك له" أي: للمصدر المحذوف "في مادته" وحروفه "وهو أقسام ثلاثة: اسم مصدر" غير علم "كما تقدم" من نحو: "اعتسل غسلا" و"توضأ وضوءًا" و"أعطى عطاء". وفي شرح التسهيل4: أن [اسم] 5 المصدر العلم لا يستعمل مؤكدًا ولا مبينا. "واسم عين ومصدر لفعل آخر"، فاسم العين "نحو: {وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا} " [نوح: 17] فـ"نباتا": اسم عين للنبات، وهو ما ينبت من زرع أو غيره، ومنه زكاة النبات، وعن سيبويه6: أان "نباتًا" في الآية مصدر جار على غير الفعل، وكأنه نائب عن "إنباتًا"، قاله الشاطبي، فعلى هذا "يكون من القسم الثالث؛ وهو ما كان مصدرًا لفعل آخر نحو: {وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا} [المزمل: 8] فـ"نباتًا" نائب   1شرح التسهيل 2/ 181. 2 الكتاب 1/ 125. 3 شرح التسهيل 2/ 182. 4 شرح التسهيل 2/ 180. 5 إضافة من المصدر السابق. 6 الكتاب 4/ 81. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 495 عن "إنباتا" و"تبتيلا" نائب عن "تبتلا"، "والأصل" في مصدر "أنبت" و"تبتل" "إنباتًا وتبتلا"؛ لأن قياس مصدر "أنبت" الإنبات لا النبات؛ لأنه مصدر "نبت". قال ابن القطاع: نبت البقل نباتًا، وقياس مصدر "تبتل" التبتل لا تبتيلا؛ لأن التبتيل مصدر "بتل" بالتشديد. "أو" من لفظ "دال على نوع منه" أي: من المصدر "كـ: قعد القرفصاء" بالمد والقصر، "و: "رجع القهقرى" بالقصر فقط، فإن "القرفصاء" نوع من القعود، و"القهقرى" نوع من الرجوع، والأصل: قعد القعدة القرفصاء, ورجع الرجوع القهقرى، فحذف المصدر وأنيب عنه لفظ دال على نوع منه. فإن قلت: القرفصاء والقهقرى مصدران، فكيف يقال: نابا عن المصدر؟ قلت: أجيب بأنهما نابا عن المصدر الأصلي المحتمل للقليل والكثير. وفي هذا الجواب نظر؛ لأنه يقتضي أن انتصاب النوعي فرع عن انتصاب المؤكد، ولا قائل به. قاله الموضح في الحواشي. "أو" من لفظ ""دال على عدده" أي: المصدر "كـ: ضربته عشر ضربات" فـ"عشر" نائب عن المصدر، والأصل: ضربته ضربًا عشر ضربات، فحذف المصدر، وأنيب عنه عدده، ومثله: " {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} " [النور: 4] ، والأصل: فاجلدوهم جلدًا ثمانين، فحذف المصدر وأنيب عنه "ثمانين، و"جلدة" تمييز. "أو" من لفظ دال "على آلته" أي: المصدر "كـ: ضربته سوطًا، أو عصا" والأصل: ضربته ضربًا بسوط أو عصا، ثم توسع في الكلام. فحذف المصدر، وأقيمت الآلة مقامه، وأعطيت ما له فمن إعراب وإفراد أو تثنية أو جمع، تقول: "ضربته سوطين" و"أسواطًا" والأصل: ضربتين بسوط، وضربات بسوط، قاله الشارح1. وقال المرادي في التلخيص: أصل ضربته سوطًان ضربته ضربة2 سوط، فحذف المضاف، وأقيم المضاف إليه مقامه وذلك يطرد فلي كل آلة معهودة للفعل، فلو قلت: ضربته خشبة، لم يجز3 لأنه لا4 يعهد كون ذلك آلة لهذا الفعل. ا. هـ. "أو" من "كل" وما معناها مضاف إلى المصدر "نحو: {فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ} [النساء: 129] فـ"كل": مفعول مطلق نائب عن مصدر محذوف، والأصل: فلا   1 أي: ابن الناظم في شرح الألفية ص192. 2 في "ط: "ضرب". 3 في "ب": "يصح". 4 في "ط": "لم". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 496 تميلوا ميلا كل الميل، "و" نحو "قوله" وهو قيس بن الملوح: [من الطويل] 393- وقد يجمع اله الشتيتين بعدما ... "يظنان كل الظن ألا تلاقيا" والأصل: يظنان ظنا كل الظن، ونحو: ضربته جميع الضرب أو عامة1 الضرب. "أو" من "بعض" وما في معناها مضافة إلى المصدر "كـ: ضربته بعض الضرب"، فـ"بعض": مفعول مطلق نائب عن مصدر محذوف، والأصل: ضربته بعض الضرب، وفي التنزيل: {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ} [الحاقة: 44] ، ونحو: "ضربته يسير الضرب"، وفي التنزيل: {وَلَا تَضُرُّونَهُ شَيْئًا} [هود: 57] وحاصل ما ذكره الموضح أن النائب عن المصدر نوعان: نائب عن مؤكد، ونائب عن مبين. فالنائب عن المؤكد: المرادف والمشارك له في المادة بأقسامه الثلاثة، والنائب عن المبين: ما بقي وهو الوصف والضمير والإشارة والعدد والآلة وكل وبعض وذلك يدخل في قول الناظم: 289- وقد ينوب عنه ما عليه دل ... ................................ "مسألة: المصدر المؤكد" لعامله "لا يثنى ولا يجمع باتفاق" فلا يقال:" ضربت "ضربين" بالتثنية، "ولا:" ضربت "ضروبًا" بالجمع؛ "لأنه" اسم جنس مبهم يحتمل القليل والكثير "كـ"ماء" و"عسل"" و"دقيق"؛ ولأنه بمنزلة تكرير الفعل، والفعل لا يثنى ولا يجمع باتفاق، فكذلك ما كان بمنزلته. "و" المصدر العددي، وهو "المختوم بتاء الوحدة كـ"ضربة" بعكسه" فيثنى ويجمع "باتفاق، فيقال:" ضربت "ضربتين، وضربات؛ لأنه" فرد لجنس "كـ"تمرة" و "كلمة". واختلف في" المصدر "النوعي، فالمشهور" من الخلاف في تثنيته وجمعه "الجواز" قياسًا. فيقال: "ضربت ضربتين ضربا عنيفًا وضربًا رقيقًا"، و"ضربت ضروبًا مختلفة" "وظاهر مذهب سيبويه المنع" وأنه لا يقال منه إلا ما سمع 2، "واختاره" أي: المنع "الشلوبيين3" واحتج المجيز بمجيئه في الفصيح كقوله تعالى: {وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا} [الأحزاب: 10] والألف مزيدة تشبيهًا للفواصل بالقوافي، وإلى المنع في المؤكد والجواز في غيره أشار الناظم بقوله: 290- وما لتوكيد فوحد أبدًا ... وثن واجمع غيره وأفردا   393- البيت للمجنون في ديوانه ص243، والمقاصد النحوية 3/ 42، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 213، والخصائص 2/ 448، وشرح الأشموني 1/ 210 ولسان العرب 2/ 48، "شتت". 1 في "أ": "غاية". 2 الكتاب 1/ 35. 3 انظر الارتشاف 2/ 205، وهمع الهوامع 1/ 186. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 497 "فصل": النحاة "اتفقوا على أنه يجوز لدليل مقالي أو حالي حذف عامل المصدر غير المؤكد" وهو المبين للنوع أو العدد. والدليل المقالي: ما مرجعه إلى القول، "كأن يقال: "ما جلست". فيقال: "بلى جلوسًا طويلًا"، أو "بلى جلستين"" فـ"جلوسًا": مصدر نوعي لوصفه بالطول، حذف عامله جوازا لدليل مقالي، وهو قول القائل: ما جلست، والتقدير: بلى جلست طويلًا، و"جلستين": مصدر عددي حذف عامله لذلك، والتقدير: بلى جلست جلستين. "و" الدليل الحالي: ما مرجعه إلى الحال من مشاهدة أو غيرها, "كقولك لمن قدم من سفر: قدومًا مباركًا"، ولمن تكرر منه إصابة الغرض: "إصابتين"، فـ"قدومًا": مصدر نوعي، و"إصابتين" مصدر عددي، حذف عاملهما جوازا لدليل حالي، وهو الحال المشاهدة، والتقدير: قدمت قدومًا مباركًا، وأصبت إصابتين. "وأما" المصدر "المؤكد فزعم ابن مالك" في شرح الكافية1: "أنه لا يحذف عامله؛ لأنه إنما جيء به لتقويته وتقرير معناه والحذف مناف لهما"، فلم يجز حذفه، بخلاف المصدر المبين نوعًا أو عددًا، فإنه يدل على معنى زائد على معنى الفعل فأشبه المفعول به. فجاز حذف عامله كما جاز عامل المفعول به. انتهى كلامه في شرح الكافية وصرح بذلك في النظم فقال: 291- وحذف عامل المؤكد امتنع ... وفي سواه لدليل متسع "ورده ابنه2" بأنه إن أراد أن المصدر المؤكد قد يقصد به تقوية عامله, وتقرير معناه دائما, فلا شك أن حذفه مناف لذلك القصد, ولكنه ممنوع, ولا دليل عليه, وإن أراد أن المصدر المؤكد قد يقصد به التقوية والتقرير, وقد يقصد به مجرد التقرير فمسلم،   1 شرح الكافية الشافية 2/ 657, 658. 2 بعده في "ب": "في شرح النظم"، وفي "ط": "في شرحه". وانظر شرح ابن الناظم 193. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 498 ولكن لا نسلم أن الحذف مناف لذلك القصد؛ لأنه إذا جاز أن يقرر معنى العامل المذكور بتوكيده بالمصدر؛ فلأن يجوز أن يقرر معنى العامل المحذوف لدلالة القرينة عليه أحق وأولى. "وبأنه قد حذف جوازًا" إذا كان خبر اسم عين في غير تكرير ولا حصر "في نحو: "أنت سيرًا" ووجوبًا" مع التكرير أو الحصر في "أنت سَيْرًا سَيْرًا" و"ما أنت إلا سيرًا". "و" في غير ذلك "نحو: سقيا ورعيا" وحمدا وشكرًا لا كفرا، فمنع مثل هذا إما للسهو1 عن وروده، وإما للبناء على أن المسوغ لحذف العامل فيه نية التخصيص، وهو دعوى على خلاف الأصل، ولا يقتضيها فحوى الكلام، انتهى كلام ابنه في شرحه2. وأجاب الشاطبي بأن ما قاله ابن الناظم غير لازم؛ لأنه إذا أريد تقرير معنى العامل فقد قصد الإتيان بلفظ آخر يقرر معنى اللفظ الآخر ويؤكده, فحذفه مع هذا القصد نقض للغرض، وأما ما استدل به فلا دليل فيه؛ لأن تلك المصادر لم تأت للتأكيد أصلًا، وإنما هي مصادر جعلت بدلًا من أفعالها، وعوضت منها، ففائدتها النيابة عن أفعالها، وإعطاء معانيها، لا تأكيدها فلو كانت مؤكدة لها لكانت مؤكدة لنفسها، والشيء لا يؤكد نفسه. انتهى ملخصًا مع اعترافه بأن "أنت سيرًا" للتوكيد. حيث قال في شرح قول الناظم: 294- كذا مكرر ...... ... ........................ وتقول في المؤكد: "أنت تسير سيرًا" فيظهر أيضًا؛ يعني العامل؛ ولهذا لم يتعقب الموضح كلام ابن الناظم بل أقره عليه، لكن إقراره على نحو: "سقيا" و"رعيا" مشكل، بل قال ابن عقيل3: إن ما قاله ابن الناظم ليس بصحيح، فإن جمع ما أتى به من الأمثلة ليست من المصدر المؤكد في شيء، وإنما هي من المصادر النائبة عن أفعالها. ا. هـ. والحق أن المصدر النائب عن فعله من قسم المصدر المؤكد، وهو في معنى الاستثناء من قوله: 291- وحذف عامل المؤكد امتنع ... .................................. قاله الموضح في بعض حواشيه على الخلاصة. "وقد يقام المصدر" المؤكد "مقام فعله" المستعمل أو المهمل "فيمتنع ذكره معه" أي: فيمتنع ذكر الفعل مع المصدر؛ لقيامه مقامه.   1 في "أ", "ب": "لسهو". 2 شرح ابن الناظم ص193. 3 شرح ابن عقيل 1/ 291, 292. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 499 "وهو نوعان، ما لا فعل له" أصلًا من لفظه "نحو: ويل زيد وويحه؛ و: [من الكامل] 394- ................... ... بله الأكف" ................ بالإضافة إلى المفعول، "فيقدر له عامل من معناه، على حد: "قعدت جلوسًا"، بناء على قول المازني: إن جلوسًا منصوب بـ"قعدت"، فيقدر في نحو: "ويل زيد ويحه": أحزن الله زيدًا ويله، وأحزن الله زيدًا ويحه؛ لأن الويل والويح بمعنى الحزن، قاله أبو البقاء، وقيل: يقدر: "أهلك" لأنهما بمعنى الهلاك، وقيل: يقدر قبل "ويح" و"رحم" لأنها كلمة ترحم، وقبل1 "ويل" عذب لأنها كلمة عذاب. وذهب بعض البغداديين إلى أن "ويحه" و"يله" و"يسه" منصوبة بأفعال من لفظها وأنشد: [من الهزج] 395- فما مال ولا واح ... ولا واس أبو هند قال المرادي في شرح التسهيل: وهو مصنوع2. ا. هـ. ويقدر في "بله الأكف": اترك؛ لأن بله الشيء بمعنى تركه، و"الأكف": جمع كف. "وما له فعل" مستعمل من لفظه، "وهو نوعان": نوع "واقع في الطلب وهو الوارد دعاء" بخير أو ضده، فالأول: "كـ: سقيا، ورعيا"، والثاني كـ: كيًّا "و: جدعا" والأصل: سقاك الله سقيا، ورعاك الله رعيا, وكواه الله كيًّا، وجدعه جدعا والجدع: قطع طرف الأنف أو الشفة أو الأذن أو غير ذلك. "أو" الوارد "أمرًا أو نهيًا نحو: قيامًا لا قعودًا" أي: قم قياما لا تقعد قعودا،   394- تمام البيت: "تذر الجماجم ضاحيا هاماتها ... بله الأكف كانها لم تخلق" وهو لكعب بن مالك في ديوانه ص245، وحزانة الأدب 6/ 211، 214، 217، والدرر 1/ 508، وشرح شواهد المغني ص353، ولسان العرب 3/ 478، "بله" وتاج العروس "بله"، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 217، وتذكرة النحاة ص500، والجنى الداني 425، وخزانة الأدب6/ 232، وشرح ابن الناظم ص196، وشرح الأشموني 1/ 251، وشرح المفصل 4/ 48، ومغني اللبيب ص115، وهمع الهوامع 1/ 236. 1 في "ب": "قيل". 395- البيت بلا نسبة في الممتع في التصريف 2/ 567، والمنصف 2/ 198. 2 الارتشاف 1/ 90. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 500 "و" كذلك النوعي "نحو: {فَضَرْبَ الرِّقَابِ} [محمد: 4] أي: فاضربوا ضرب الرقاب1، "و" نحو "قوله": [من الطويل] 396- على حين ألهى الناس جل أمورهم ... "فندلا زريق المال ندل الثعالب أي: اندل يا زريق المال ندل الثعالب، أي: اختطفه بسرعة كاختطاف الثعالب. و"زريق"؛ بزاي فراء؛ مصغر علم رجل، و"المال": مفعول به، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 292- والحذف حتم مع آت بدلًا ... من فعله كندلا اللذ كاندلا "كذا أطلق ابن مالك" القول بأن المصدر القائم مقام فعله في الطلب يجب معه الحذف، لم يقيده بالتكرار. "وخص ابن عصفور الوجوب" للحذف "بالتكرار2، كقوله" وهو قطري بن الفجاءة الخارجي: [من الوافر] 397- "فصبرا في مجال الموت صبرًا" ... فما نيل الخلود بمستطاع أي: اصبر صبرًا، ووجهه أنه جعل تكرار المصدر قائما مقام العامل، وبذلك قال ابن الضائع: ونصه: واعلم أنه يجري مجرى هذا في التزام الإضمار3 المصادر في الأمر المثناة كقولهم: الحذر الحذر، والنجاء النجاء، وضربا ضربًا. ا. هـ.   1 بعده في "ط": "ولا فرق في ذلك بين المفرد والمضاف، ولذلك فصله بقوله"، وفي "ب": "هذا من النوعي، ولذلك فصله بقوله". 396- البيت للأعشى همدان في الحماسة البصرية 2/ 262، 263, ولشاعر من همدان في شرح أبيات سيبويه 1/ 371، 372، ولأعشى همدان أو للأحوص أو لجرير في المقاصد النحوية 3/ 46، وهو في ملحق ديوان الأحوص ص215، وملحق ديوان جرير ص1021، وبلا نسبة في الإنصاف ص293، وأوضح المسالك 2/ 218، وجمهرة اللغة ص682، والخصائص 1/ 120، وسر صناعة الإعراب ص507 وشرح ابن الناظم ص194، وشرح الأشموني 1/ 204، وشرح ابن عقيل 1/ 566، والكتاب 1/ 115، ولسان العرب 11/ 653 "ندل". 2 شرح الجمل 2/ 407. 397- البيت لقطري بن الفجاءة في تخليص الشواهد ص298، والمقاصد النحوية 3/ 51، وشرح التسهيل 2/ 187، وشرح الكافية الشافية 2/ 662، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 220، وشرح الأشموني 2/ 212. 3 في "ط": "إضمار". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 501 قال الموضح في حاشية التسهيل: وأشار بقوله هذا إلى التحذير بغير "إيا"، وبمثل قوله قال ابن عصفور1، وكلاهما مخالف لإطلاق ابن مالك القول بأن المصدر الذي أقيم مقام عامله في الطلب يلتزم معه الحذف. انتهى كلام الموضح. "أو" الوارد "مقرونا باستفهام توبيخي" وهو ثلاثة أقسام: توبيخ متكلم لنفسه كقول عامر بن الطفيل يخاطب نفسه: أغدة كغدة البعير وموتا في بيت امرأة سلولية2. وتوبيخ لمخاطب "نحو: "أتوانيا وقد جد قرناؤك""، أي: أتتوانى توانيًا، "وقوله"؛ وهو جرير يهجو خالد بن يزيد الكندي: [من الوافر] 398- أعبدا حل في شعبى غريبًا ... "ألؤما لا أبا لك واغترابا" أي: أتلؤم لؤما وتغترب اغترابًا، و"عبدًا": منادى بالهمزة: و"شعبى": بضم الشين المعجمة3 وفتح العين والباء الموحدة؛ موضع. والتوبيخ لغائب في حكم حاضر، كقولك لشيخ غائب وقعد أبلغك أنه يلعب: "ألعبا وقد علاك المشيب"، أي: أتلعب لعبًا. "و" نوع "واقع في الخبر، وذلك في" خمس "مسائل: إحداها: مصادر مسموعة كثر استعمالها، ودلت القرائن على عاملها" المحذوف "كقولهم عند تذكر نعمة وشدة: حمدًا وشكرا لا كفرًا،" وهي من أمثلة سيبويه4، وقدره:" أحمد الله حمدًا، وأشكره شكرًا لا أكفره كفرًا، كذا يتكلم بهذه الأمثلة مجتمعة.   1 شرح الجمل 2/ 407. 2 من الأمثال في مجمع الأمثال 2/ 57، وفصل المقال ص374، والمستقصى 1/ 258، وجمهرة الأمثال 1/ 102. 398- البيت لجرير في ديوانه ص650، وإصلاح المنطق 221، والأغاني 8/ 21، وجمهرة اللغة ص1181، وخزانة الأدب 2/ 183، وشرح أبيات سيبويه 1/ 98، والكتاب 1/ 339، 344 ولسان العرب 1/ 503 "شعب"، ومعجم ما استعجم ص799، 861، والمقاصد النحوية 3/ 49، 4/ 506، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 221، ورصف المباني ص52، وشرح ابن الناظم ص195، وشرح الأشموني 1/ 212. 3 في "ط": "المهملة". 4 الكتاب 1/ 318, 319. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 502 قال ابن عصفور1: لا يستعمل كفرًا إلا مع حمدا وشكرًا، ولا يقال: "حمدًا" وحده أو "شكرًا" إلا أن يظهر على الجواز ولا يلزم الإضمار إلا مع "لا2 كفرًا"، فهذه الأمور جرت مجرى المثل، ينبغي أن يلتزم فيها ما التزمت العرب. ا. هـ. "و: صبرًا لا جزعًا"، والتقدير: أصبر صبرًا، لا أجزع جزعًا، ولا يخفى ما في كلامه من اللف والنشر3 المرتب، "و" كقولهم "عند ظهور أمر معجب: عجبًا" أي: أعجب عجبا، "وعند خطاب" شخص "مرضي عنه أو مغضوب عليه: أفعله" أنا "وكرامة ومسرة" أي: أفعل4 ما تريد وأكرمك كرامة وأسرك مسرة، ولا تستعمل "مسرة" إلا بعد "كرامة" و"كرامة": اسم مصدر "أكرم"، "ولا أفعله ولا كيدًا ولا هما" أي: أكاد كيدًا، ولا أهم هما، هذا تقدير5 سيبويه6، واختلف في تقديره: "أكاد" فقال الأعلم: هي الناقصة، وقال ابن طاهر: هي التامة، والمعنى: ولا مقاربة7، وقال ابن خروف: يحتمل الوجهين. "وهما" من هممت بالشيء. ولا يخفى ما في كلام الموضح من اللف والنشر المرتب، فالمثبت للمرضي عنه، والمنفي للمغضوب عليه. المسألة "الثانية: أن يكون" المصدر "تفصيلًا لعاقبة ما قبله" من طلب أو خبر، فالأول "نحو: {فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} " [محمد: 4] فـ"منا" و"فداء" ذكرا تفصيلًا لعاقبة الأمر بشد الوثاق، والتقدير: فإما أن تمنوا منا، وإما أن تفادوا فداء. والثاني كقوله: [من البسيط] 399- لأجهدن فإما درء واقعة ... تخشى وإما بلوغ السؤل والأمل   1 شرح الجمل 2/ 421. 2 سقطت "لا" من "أ". 3 اللف والنشر: أن يذكر الناظم في أول البيت أسماء متعددة غير تامة المعنى، ثم يقابلها بأشياء يعددها على ترتيبها من غير الأضداد تتمم معناها؛ إما بالجمل، وإما بالألفاظ المفردة، كقول ابن حيوس: فعل المدام ولونها ومذاقها ... في مقلتيه ووجنتيه وريقه 4 بعده في "ب": "أنا". 5 بعده في "ط": "كلام". 6 الكتاب 1/ 319. 7 الارتشاف 2/ 212، وهمع الهوامع 1/ 191. 339- البيت بلا نسبة في الدرر 1/ 418، وهمع الهوامع 1/ 192، وشرح التسهيل 2/ 188. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 503 فـ"درء" و"بلوغ" ذكر تفصيلًا لعاقبة الجهد أي: إما أدرأ وإما أبلغ. وإلى هذه المسألة أشار الناظم بقوله: 293- وما لتفصيل كإما منا ... عامله يحذف حيث عنا المسألة "الثالثة: أن يكون" المصدر "مكررًا أو محصورًا أو مستفهمًا عنه، وعامله خبر عن اسم عين" في الأنواع الثلاثة: وشروطها أربعة أمور: أحدها: التكرير أو الحصر أو العطف عليه أو الاستفهام عنه. والثاني: كون المصدر مستمرا للحال لا منقطعًا عنه ولا مستقبلا، نص على ذلك سيبويه1. والثالث: كون عامل المصدر خبرًا. والرابع: كونت المخبر عنه اسم عين. فالمكرر "نحو: "أنت سيرًا سيرًا""، والتقدير: أنت تسير سيرًا، فحذف "تسير" وجوبا لقيام التكرير مقامه2. "و" المحصور بـ"إلا" أو "إنما" نحو: ""ما أنت إلا سيرًا"، و "إنما أنت سير البريد""، والتقدير: ما أنت إلا تسير سيرًا, وإنما أنت تسير سير البريد، فحذف "تسير" لما في الحصر من التأكيد القائم مقام التكرير. والمعطوف عليه نحو: "أنت أكلا وشربًا"، والتقدير: أنت تأكل أكلًا، وتشرب شربًا؛ لأن العطف كالتكرار، نصوا عليه هنا وفي باب الإغراء والتحذير، ولكن يقدر هنا عاملان بخلاف ذلك الباب، والفرق أن العامل هنا يجب أن يكون من معنى المعمول, والمتعاطفان مختلفان في المعنى فلا ينصبهما عامل واحد، والعامل الثاني معطوف على الأول، وكلاهما خبر عن "أنت"، قاله الموضح في الحواشي. "و" المستفهم عنه نحو: ""أأنت سيرًا"" والتقدير: أأنت تسير سيرًا، نص عليه سيبويه3، ووجهه أن الفعل شديد المطلوبية للاستفهام، ومعنى الاستفهام الطالب للفعل قائم مقام التكرير، وجوز في المعنى أن يكون العامل المحذوف وصفًا وهو غير مناسب هنا؛ لأن الكلام في قيام المصدر مقام فعله، فليتأمل. واقتصر الناظم على المكر والمحصور فقال:   1 الكتاب 1/ 336. 2 شرح ابن الناظم ص195، والارتشاف 2/ 214، والكتاب 1/ 335-340. 3 الكتاب 1/ 399. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 504 294- كذا مكرر وذو حصر ورد ... نائب فعل لاسم عين استند فإن لم يكن المصدر مكررًا ولا محصورًا ولا مستفهما عنه ولا معطوفًا عليه لم يجب إضمار عامله نحو: "أنت تسير سيرًا" وإن شئت حذفته، فقلت: "أنت سيرًا", ولو كان العامل خبرًا عن اسم معنى لم يحتج إلى إضمار فعل، بل يتعين رفع المصدر على الخبرية، نحو "إنما سيرك سير البريد" بخلاف كونه خبرا عن اسم عين كما تقدم فإن ذلك يؤمن معه اعتقاد الخبرية، إذ المعنى لا يخبر به عن العين إلا مجازًا كقوله: [من البسيط] 400- .............. ... فإنما هي إقبال وإدبار أي: ذات إقبال وإدبار، قاله في شرح الكافية1. المسألة "الرابعة: أن يكون المصدر مؤكدًا لنفسه"، "أو" مؤكدا "لغيره، فالأول"؛ وهو المؤكد لنفسه، هو "الواقع" بعد جملة هي نص في معناه، نحو: 296- ......... له علي ألف عرفا ... ................................ أي: اعترافًا" فجملة "له علي ألف" نص في الاعتراف؛ لأنها لا تحتمل غيره: وسمي مؤكدا لنفسه؛ لأنه بمنزلة إعادة ما قبله، فكأن الذي قبله نفسه. "والثاني"؛ وهو المؤكد لغيره؛ هو "الواقع بعد جملة تحتمل معناه وغيره"، ويقع منكرًا ومعرفًا، فالأول نحو: "زيد ابني حقا"، فجملة "زيد ابني" تحتمل الحقيقة والمجاز، ولكنها صارت نصا بالمصدر؛ لأن قولك: "حقا" يرفع المجاز ويثبت الحقيقة، وسمي مؤكدًا لغيره؛ لأنه يجعل ما قبله نصا بعد أن كان محتملًا، فهو مؤثر، والمؤكد به متأثر، والمؤثر غير المتأثر. "و" الثاني قسمان: ما هو جائز التعريف، وما هو واجبه، فالأول نحو: "هذا زيد الحق لا الباطل" فجملة "هذا زيد" تحتمل الصدق والكذب، فإذا قلت: "الحق"، فقد حققت أحد الاحتمالين، فرفعت الاحتمال الآخر، وكأنك قلت: أحق ذلك الحق أو حقا، فإن كان المخاطب يعتقد خلاف ما ذكرت، وأردت قصر القلب   400- صدر البيت: "ترتع ما رتعت حتى إذا ادكرت" وهو للخنساء في ديوانها ص383، والأشباه والنظائر 1/ 198، وخزانة الأدب 1/ 431، 2/ 34، وشرح أبيات سيبويه 1/ 282، والشعر والشعراء 1/ 354، والكتاب 1/ 337، ولسان العرب 7/ 305، "رهط" 11/ 538 "قبل" 14/ 410 "سوا"، والمقتضب 4/ 305 والمنصف 1/ 197، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 387، 4/ 68، وشرح الأشموني 1/ 213، وشرح المفصل 1/ 115، والمحتسب 2/ 43، وشرح التسهيل 1/ 324. 1 شرح الكافية الشافية 2/ 665, 666. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 505 قلت: "لا الباطل" بالنصب عطفًا على "الحق". "و" الثاني: "لا أفعل كذا البتة"، فجملة "لا أفعل كذا" تحتمل استمرار النفي وانقطاعه، فإذا قلت: "البتة" حققت استمرار النفي، ورفعت انقطاعه. و"البت": القطع، يقال: "لا أفعله البتة" لكل أمر لا رجعة فيه، قاله في الصحاح، و"أل" في "البتة" لازمة الذكر، قاله الموضح في الحواشي. وفي حاشية العلامة عبد القادر المكي على هذا الكتاب يقال: لا أفعله بتة والبتة أي: بتتة بتة والبتة. وفي الباب1: لم يسمع في "ألبتة" إلا قطع الهمزة، والقياس وصلها، وإلى هذه المسألة أشار الناظم بقوله: 295- ومنه ما يدعونه مؤكدا ... لنفسه أو غيره فالمبتدا 296- نحو له علي ألف عرفا ... والثاني كابني أنت حقا صرفا المسألة "الخامسة: أن يكون" المصدر "فعلًا علاجيا تشبيهيا" واقعا "بعد جملة مشتملة عليه" أي: على اسم بمعناه؛ "و" مشتملة "على صاحبه" أي: المصدر؛ فهذه أربعة شروط، زاد المرادي شرطًا خامسًا، وهو: أن يكون ما اشتملت عليه الجملة غير صالح للعمل، "كـ: مررت فإذا له صوت صوت حمار2"، و: إذا له "بكاء بكاء ذات داهية"، فالمصدر الثاني فيهما فعل علاجي3، واقع بعد جملة، وهي: "له صوت" و"له بكاء", وتلك الجملة مشتملة على اسم بمعناه، وهو المصدر الأول، ومشتملة أيضًا على صاحب المصدر، وهو: "الها" في "له" ولا صلاحية للمصدر الأول للعمل في المصدر الثاني؛ لأنه لا يحل محله فعل، لا مع حرف مصدري، ولا بدونه؛ لأن المعنى يأبى ذلك؛ لأن المراد: أنك مررت به في حال تصويت وبكاء, لا أنه أحدث التصويت والبكاء عند مرورك به، وإذا لم يصلح للعمل فيه تعين أن يكون منصوبًا بفعل محذوف وجوبًا، لتضمن الكلام معنى الفعل؛ لأن معنى "إذا له صوت": هو يصوت، فاتجه انتصاب ما بعده لصحة تقدير الفعل مكانه. قال سيبويه4: وإنما انتصب هذا؛ لأنك مررت به في حال تصويت، ولم ترد أن تجعل الآخر صفة للأول ولا بدلًا منه، ولكنك لما قلت: "له صوت" علم أن ثم مصوتًا، فصار قولك: "له صوت"، بمنزلة قولك: "فإذا هو يصوت" فحمل المصدر الثاني على المعنى. ا. هـ.   1 اللباب في علم الإعراب للإسفرائيني ص78. 2 شرح ابن الناظم ص196. 3 بعده في "ب": "لأنه من أفعال الجوارح". 4 الكتاب 1/ 356. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 506 ويجوز الرفع مع استيفاء الشروط على البدلية والصفة إن كان نكرة، ذكرهما سيبويه1، ويجوز أن يكون خبر المحذوف، وتمتنع الصفة إن كان معرفة، ولا يجوز إلا في الضرورة، قاله سيبويه1. وقال الخليل2: تجوز الصفة أيضًا على تقدير: "مثل"، وهل3 الرفع والنصب متكافئان أو لا؟ فذهب ابن خروف إلى أن الرفع مرجوح؛ لأن الثاني ليس هو الأول، والنصب سالم من هذا المجاز، وذهب ابن عصفور إلى أنهما متكافئان؛ لأن في النصب التقدير، والأصل عدمه. "ويجب الرفع في نحو" قولك: ""له ذكاء ذكاء الحكماء؛ لأنه"؛ أي: الذكاء؛ "فعل معنوي لا علاجي"، والمراد بالعلاجي: ما يحتاج في إحداثه إلى علاج بتحريك عضو من الأعضاء، كالضرب والشتم، والمعنوي بخلافه، كالعلم والذكاء وإنما وجب الرفع من غير العلاجي؛ لأنك إذا قلت: "له ذكاء"، فلست تريد أنه فعل شيئًا، بل أنه ذو ذكاء، فكان بمنزلة "له يد يد أسد"، فكما لا ينتصب "يد" فكذلك هذا. ويجب الرفع أيضًا في نحو: "له صوت صوت حسن"؛ لأنه غير تشبيهي، "وفي نحو "صوته صوت حمار" لعدم تقدم الجملة"؛ لأن "صوته" مبتدأ، و"صوت حمار" خبره "وفي نحو: فإذا في الدار صوت صوت حمار، ونحو: فإذا عليه نوح نوح لحمام، لعدم تقدم صاحبه" فيهما، أما الأول؛ فلأن الضمير المنتقل إلى الجار والمجرور للمصدر لا لصاحبه؛ وأما لثاني فلأن الضمير المجرور بـ"على" عليس عائدًا على صاحب النوح وإنما هو للمنوح عليه لا للنائح، فلم يتحقق فاعل الفعل المقدر الذي ينصب المصدر، "وربما نصب نحو هذين" المثالين، "لكن على الحال" من الضمير لا على المفعول المطلق؛ لأنه ليس منه. "تنبيه: مثل: له صوت صوت حمار" في النصب على المفعول المطلق، "قوله"؛ وهو أبو كبير بالباء الموحدة المكسورة، واسمه عامر بن الحليس الهذلي يصف فرسًا: [من الكامل]   1 الكتاب 1/ 361. 2 الكتاب 1/ 361، والارتشاف 2/ 217. 3 في "ب": "هذا". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 507 401- "ما إن يمس الأرض إلا منكب ... منه وحرف الساق طي المحمل" فـ"طي" مفعول مطلق، وناصبه محذوف تقديره: يطوي؛ "لأن ما قبله" هو: ما إن يمس الأرض إلا منكب ... ......................... "بمنزلة: له طي" فهي جملة مشتملة على المصدر وعلى صاحبه، "قال سيبويه" بمعناه، ونصه1: صار "ما إن يمس الأرض" بمنزلة "له طي"، ا. هـ. و"ما": نافية و"إن": زائدة، و"حرف الساق"، مرفوع بالعطف على "منكب"، والمعنى: أن هذا الفرس مضمر، قد بلغ في التضمير إلى حد لا تصل بطنه الأرض إذا اضطجع، وإنما يمس الأرض منه منكب وحرف الساق، وأراد بـ"طي المحمل" أنه مدمج الخلق كطي المحمل، وأن له تجافيًا كتجافي المحمل؛ بكسر الميم الأولى وفتح الثانية وهو علاقة السيف. واقتصر في النظم على بعض شروط المسألة، وأحال بقية الشروط على المثال فقال: 297- كذاك ذو التشبيه بعد جمله ... كلي بكا بكاء ذات عضله   401- البيت لأبي كبير الهذلي في شرح أشعار الهذليين 3/ 1074، والاقتضاب 340، وخزانة الأدب 8/ 194، وشرح أبيات سيبويه 1/ 324، وشرح التسهيل 2/ 191، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص90، وشرح شواهد الإيضاح ص147، وشرح شواهد المغني 1/ 227، والشعر والشعراء 2/ 676، والكتاب 1/ 359، والمقاصد النحوية 3/ 54، وللهذلي في الخصائص 2/ 309، وبلا نسبة في الارتشاف 2/ 217، والأشباه والنظائر 1/ 246، والإنصاف 1/ 230، وأوضح المسالك 2/ 224، والمقتضب 3/ 203، 232. 1 الكتاب 1/ 360. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 508 باب المفعول له : "هذا باب المعفول له": "ويسمى المفعول لأجله و" المفعول "من أجله"، وهو ما فعل لأجله فعل، "مثاله: جئت رغبة فيك"، فـ"رغبة": اسم، فعل لأجله فعل وهو المجيء، وحكمه النصب بشروط، "وجميع ما اشترطوا له خمسة أمور": الأول: "كونه مصدرًا"؛ لأن النصب1 يشعر بالعلية، والذات لا تكون عللًا فلأفعال غالبًا؛ لأن العلل أحداث، والمصدر اسم للحدث، "فلا يجوز: جئتك السمن والعسل" بالنصب؛ لأنه اسم عين لا مصدر، وهذا الشرط "قاله الجمهور. وأجاز يونس" بن حبيب2: " أما العبيد" بالنصب "فذو عبيد" زاعما أن قومًا من العرب يقولون ذلك إذا وصف عندهم شخص شخصًا بعبيد وغيرهم, كالمنكرين عليه وصفه بغير العبيد، وتأول نصب "العبيد" على أنه مفعول له، وإن كان غير مصدر "بمعنى: مهما يذكر شخص لأجل العبيد فالمذكور ذو عبيد" لا غير، فـ"العبيد" علة للذكر "و" هذا النصب "أنكره سيبويه" وقبحه، وقال3: إنه لغة خبيثة قليلة، وإنما يجوز على ضعفه، إذا لم يرد عبيدا بأعيانهم، وأوله الزجاج على تقدير: أما تملك العبيد، أي: مهما يذكر شخص من أجل تملك العبيد فذو عبيد، وهذا كله مراعاة للمصدر. "و" الشرط الثاني: "كونه قلبيا" أي: من أفعال النفس الباطنة "كالرغبة"؛ لأن العلة هي الحاملة على إيجاد الفعل، والحامل على الشيء متقدم عليه، وأفعال الجوارح   1 في "ط": "المصدر". 2 انظر الكتاب 1/ 389، والارتشاف 2/ 221. 3 الكتاب 1/ 389, 390، وانظر الارتشاف 2/ 221. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 509 ليست كذلك. "فلا يجوز: جئتك قراءة للعلم" من أفعال اللسان، "ولا: قتلًا للكافر" من أفعال اليد، وهذا الشرط "قاله ابن الخباز وغيره" كالرندي، ويجوز "إرادة قراءة العلم"، و"ابتغاء قتل الكافر"، وهذا الشرط مستغنى عنه بشرط اتحاد الزمان؛ لأن أفعال الجوارح لا تجتمع في الزمان مع الفعل المعلل1 قاله الشاطبي، "وأجاز الفارسي "جئتك ضرب زيد" أي: لتضرب زيدًا"، ويؤخذ منه أن الفارسي لا يشترط الاتحاد في الفاعل أيضًا؛ لأن فاعل المجيء غير فاعل الضرب، وهو مذهب ابن خروف كما سيأتي. "و" الشرط الثالث: "كونه علة" لأنه الباعث على الفعل. واستشكل جعل العلية شرطًا؛ لأنها محل الشروط، ومحل الشروط لا يجعل شرطًا، وجوابه بأن هذه شروط لنصبه، لا لتحقيق ماهيته "عرضًا كان"؛ بفتح العين والراء المهملتين؛ وهو ما ليس حركة جسم من وصف غير ثابت، كما تقدم في باب التعدي واللزوم، فسقط ما قيل: إن الغرض؛ بالغين المعجمة؛ ما كان باعثًا على الفعل، ووجوده متأخرًا عنه، فلا يصح تمثيله بقوله: "كـ"رغبة"" بفتح الراء وسكون الغين المعجمة، وفتح الموحدة "أو غير عرض"، وهو ما كان جبليا من الأوصاف اللازمة. "كـ: قعد عن الحرب جبنا"، فإن الجبن وصف جبلي لازم. "و" الشرط الرابع: "اتحاده بالمعلل به وقتا"، بأن يكون وقت الفعل المعلل؛ بفتح اللام الأولى؛ والمصدر المعلل؛ بكسرها واحدًا، وذلك صادق بأن يقع الحدث في بعض زمن المصدر كـ"جئتك رغبة" و"قعدت عن الحرب جبنًا" أو يكون أول زمان الحدث آخر زمان المصدر نحو: "جئتك2 خوفًا من فرارك" أو بالعكس نحو "جئتك إصلاحًا لحالك"، فإن لم يتحدا وقتا امتنع النصب "فلا يجوز: تأهبت" اليوم "السفر" غدًا؛ لأن زمن التأهب غير زمن السفر. وهذا الشرط "قاله الأعلم" يوسف الشنتمري، "والمتأخرون" كالشلوبين، وقال تلميذه ابن الضائع؛ بإعجام الضاد وإهمال العين: لم يشترطه سيبويه، ولا أحد من المتقدمين، فعلى هذا يجوز "جئتك أمس طمعًا في معروفك الآن"3.   1 في "ط": "المطلق". 2 في "ب", "ط": "حبستك". 3 انظر الارتشاف 2/ 221. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 510 "و" الشرط الخامس: "اتحاده بالمعلل به فاعلا"، بأن يكون فاعل الفعل وفاعل المصدر واحدًا، كقوله تعالى: {يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ} [البقر: 19] فـ"الحذر" مصدر، ذكر علة لجعل الأصابع في الآذان، وفاعل "الجعل" و"الحذر" واحد، وهم الكفار، فإن اختلف الفاعلان امتنع النصب "فلا يجوز: جئتك محبتك إياي"؛ لأن فاعل "المجيء" المتكلم، وفاعل "المحبة" المخاطب، وهذا الشرط "قاله المتأخرون أيضًا، وخالفهم ابن خروف" فأجاز النصب مع اختلاف الفاعل محتجا بنحو قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا} [الرعد: 12] . ففاعل "الإراءة" هو الله تعالى، وفاعل "الخوف" و"الطمع" المخاطبون، وأجاب عنه ابن مالك في شرح التسهيل فقال: معنى يريكم يجعلكم ترون، ففاعل الرؤية على هذا هو فاعل الخوف والطمع، وقيل هو على حذف مضاف، أي: إراءة الخوف والطمع. وجعل الزمخشري الخوف والطمع حالين1، واقتصر في النظم على بعض الشروط، ووكل الباقي إلى المثال فقال: 298- ينصب مفعولًا له المصدر إن ... أبان تعليلًا كجد شكرا ودن 299- وهو بما يعمل فيه متحد ... وقتا وفاعلا ................ وبقي عليه شروط ماهية المفعول له، وقد ذكرها أبو البقاء في شرح اللمع لابن جني فقال: وللمفعول له شروط: أحدها: أن يصلح في جواب "لِمَ". الثاني: أن يصلح جعله خبرًا عن الفعل العامل فيه، كقولك: "زرتك طمعا في برك"، أي: الذي حملني على زيارتك الطمع، أو مبتدأ، كقولك: "الطمع حملني على زيارتي إياك". الثالث: أن يصح تقديره باللام. الرابع: أن يكون العامل فيه من غير لفظه، فلا يجوز أن تجعل زيارة في قولك: "زرتك زيارة" مفعولًا له؛ لأن المصدر هو الفعل في المعنى، والشيء لا يكون علة لوجود نفسه. ا. هـ. "ومتى فقد المعلل" بكسر اللام الأولى؛ من شروط جواز النصب "شرطًا منها وجب عند من اعتبر ذلك الشرط أن يجره بحرف التعليل" وهو أربعة: "اللام، والباء   1 الكشاف 2/ 282. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 511 وفي، ومن" واقتصر في النظم على "اللام"؛ لأنها الأصل، فقال: 299- .................. ... ............ وإن شرط فقد 300- فاجرره بالحرف .......... ... .................................. "ففاقد" الشرط "الأول" وهو المصدرية "نحو: {وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَام} " [الرحمن: 10] فـ"الأنام" علة "للوضع"، وليس مصدرًا، فلذلك جر باللام. "و" فاقد الشرط "الثاني" وهو القلبية "نحو: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ} [الأنعام: 151] فـ"إملاق" وهو الفقر علة للقتل، وهو ليس قلبيا، فلذلك خفض بـ"من" التعليلية، "بخلاف" {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ " خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ "} [الإسراء: 31] فـ"الخشية" مصدر قلبي, فلذلك جاء منصوبًا. وفاقد الشرط الثالث وهو كونه علة نحو: "قتلته صبرًا" فيمتنع جره؛ لأن الجر بحرف التعليل يفيد العلية، والغرض عدمها, فلذلك أسقطه. "و" فاقد الشرط "الرابع" وهو الاتحاد في الوقت "نحو" قول امرئ القيس الكندي: [من الطويل] 402- "فجئت وقد نضت لنوم ثيابها" ... لدى الستر إلا لبسة المتفضل فالنوم وإن كان علة لخلع الثياب لكن وقت الخلع سابق على وقت النوم، فلما اختلفا في الوقت جر باللام، و"نضت" بتخفيف الضاد المعجمة من النضو، وهو الخلع، و"لبسة" بكسر اللام: هيئة من اللبس، و"المتفضل": هو الذي يبقى في ثوب واحد. والمعنى: جئت إليها في حال خلع ثيابها لأجل النوم، ولم يبق عليها إلا ثوب واحد تتوشح به. "و" فاقد الشرط "الخامس" وهو الاتحاد في الفاعل، "نحو" قول أبي صخر الهذلي: [من الطويل] 403- "وإني لتعروني لذكراك هزة" ... كما انتفض العصفور بلله القطر   402- البيت لامرئ القيس في ديوانه ص14، والارتشاف 2/ 223، 369، والدرر 1/ 421، وشرح شذور الذهب ص228، وشرح التسهيل 2/ 196، 374، وشرح عمدة الحافظ ص453، ولسان العرب 15/ 329 "نضا" وتاج العروس "فضل"، "نضا" وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 226، والدرر 1/ 518، ورصف المباني ص223، وشرح الأشموني 1/ 206، وشرح قطر الندى ص227، والمقرب 1/ 161، وهمع الهوامع 1/ 194، 247. 403- البيت لأبي صخر الهذلي في الأغاني 5/ 169, 170، والإنصاف 1/ 253، وخزانة الأدب 3/ 254، 257، 260، والدرر 1/ 422، وشرح أشعار الهذليين 2/ 957، واللسان 2/ 155، "رمث" والمقاصد النحوية 3/ 67، وبلا نسبة في الارتشاف 2/ 222، والأشباه والنظائر 7/ 29، وأمالي ابن الحاجب 2/ 646، 648، وأوضح المسالك 2/ 227، وشرح ابن الناظم ص262، وشرح الأشموني 1/ 216 وشرح التسهيل 2/ 196، 372، وشرح شذور الذهب ص229، وشرح ابن عقيل 2/ 20، وشرح قطر الندى ص228، وشرح الكافية الشافية 2/ 803، وشرح المفصل 2/ 67، والمقرب 1/ 162، وهمع الهوامع 1/ 194. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 512 فالذكرى علة عرو الهزة، وفاعلها مختلف ففاعل العرو الهزة، وفاعل الذكرى هو المتكلم؛ لأن المعنى لذكري إياك، فلذلك جر باللام. و"الهزة" بالكسر: النشاط والارتياح. "وقد انتفى الاتحادان" معا وهما اتحاد الوقت واتحاد الفاعل "في: {أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} " [الإسراء: 78] ففاعل القيام المخاطب، وفاعل الدلوك هو الشمس، وزمنهما مختلف فزمن الإقامة متأخر عن زمن الدلوك فلذلك جر بلام التعليل. وقال في المغني1: اللام في "لدلوك" بمعنى "بعد" فظاهره التخالف، والدلوك: الميل، يقال دلكت الشمس دلوكا إذا مالت عن وسط السماء. "ويجوز جر المستوفي للشروط" وإلى ذلك يشير قول الناظم: 300- .............. وليس يمتنع ... مع الشروط ...................... "بكثرة إن كان" مقرونا "بـ"أل" وبقلة إن كان مجردًا" منها، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 301- وقل أن يصحبها المجرد ... والعكس في مصحوب أل ...... "وشاهد القليل فيهما" أي: في المقرون بـ"أل" والمجرد منها "قوله": [من الرجز] 404- "لا أقعد الجبن عن الهيجاء" ... ولو توالت زمر الأعداء فـ"الجبن" مفعول له، وهو مقرون بـ"أل"، وجاء منصوبًا على قلة، والأكثر فيه أن يكون مجرورًا. "وقوله": [من الرجز] 405- "من أمكم لرغبة فيكم جبر" ... ومن تكونوا ناصريه ينتصر فـ"رغبة" مفعول له وهو مجرد من "أل" وجاء مجرورًا، وفيه رد على الجزولي في منعه   1 مغني اللبيب ص281. 404- الرجز بلا نسبة في الارتشاف 2/ 224، والدرر 1/ 422، وشرح الأشموني 1/ 217، وشرح التسهيل 2/ 198، وشرح ابن عقيل 1/ 298، 299، وشرح عمدة الحافظ ص398، وشرح الكافية الشافية 2/ 672، وعمدة الحافظ "هيج"، والمقاصد النحوية 3/ 67، وهمع الهوامع 1/ 195. 405- الرجز بلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 229، وشرح الأشموني 1/ 217، وشرح عمدة الحافظ ص399، والمقاصد النحوية 3/ 70. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 513 الجر، والأكثر فيه أن يكون منصوبًا، وإنما كان جرا لمجرد قليلا بخلاف المقرون بـ"أل"؛ لأنه أشبه الحال لما فيه من البيان وكونه نكرة، وشاهد الكثير قوله تعالى: {وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا} [الأعراف: 56] . "و" النصب والجر "يستويان في المضاف"، فالنصب "نحو: {يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ} [البقرة: 265] فـ"ابتغاء": مفعول له، هو مضاف منصوب "و" الجر "نحو: {وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} [البقرة: 74] أي: لأجل خشية الله، فـ"خشية" مفعول له، وهو مضاف مجرور. "قيل ومثله" في جر المفعول له المضاف " {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ} " [قريش: 1] فـ"إيلاف" مفعول له مضاف مجرور باللام وهي متعلقة بـ"يعبدوا" "أي: {فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ} [قريش: 3] لإيلافهم الرحلتين" رحلة الشتاء إلى اليمن، ورحلة الصيف إلى الشام، ودخلت "الفاء" لما في الكلام من معنى الشرط، إذ المعنى: أن نعم الله عليهم لا تحصى، فإن لم يعبدوه لسائر نعمه فليعبدوه لأجل إيلافهم رحلة الشتاء والصيف اللتين كانوا محترمين فيهما؛ لأنهم خدمة بيت الله، بخلاف غيرهم فإنهم يخاف عليهم من القطاع والمنتهبين. "والحرف" الجار "في هذه الآية واجب عند من اشترط" في نصب المفعول له "اتحاد الزمان" وهو الأعلم والمتأخرون؛ لأن زمن الإيلاف1 سابق على زمن الأمر بالعبادة؛ ولأن زمن العبادة مستقبل، وزمن الإيلاف ثابت في الحال. وقال الكسائي والأخفش2: "اللام" في "لإيلاف" متعلقة بـ"اعجبوا" مقدرًا، وقال الزجاج3: متعلقة بقوله تعالى: {فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ} [الفيل: 5] فتكون السورتان سورة واحدة، ويرجحه أنهما في مصحف أبي سورة واحدة، ويضعفه أن جعلهم كعصف إنما كان لكفرهم أو جرأتهم على البيت، والله أعلم بكتابه. واختلف في ناصب المفعول له، فقال جمهور البصريين: منصوب بالفعل على تقدير لام العلة، وخالفهم الزجاج والكوفيون فزعموا أنه مفعول مطلق، ثم اختلفوا فقال الزجاج: ناصبه فعل مقدر من لفظه، والتقدير: جئتك أكرمك إكراما، وقال الكوفيون: ناصبه الفعل المقدم عليه؛ لأنه ملاق له في المعنى، وإن خالفه في الاشتقاق، مثل "قعدت جلوسًا"4.   1 في "أ"، "ب": "لائتلاف". 2 البحر المحيط 8/ 514. 3 معاني القرآن وإعرابه 5/ 365. 4 انظر رأي البصريين والكوفيين في الارتشاف 2/ 221، وهمع الهوامع 1/ 194, 195. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 514 باب المفعول فيه مدخل ... باب المفعول فيه: "هذا باب المفعول فيه": "وهو المسمى" عند البصريين "ظرفًا" دون الكوفيين؛ لأن الظرف في اللغة الوعاء، وهو متناهي الأقطار، كالجراب والعدل، والذي يسمونه ظرفًا من المكان ليس كذلك، وسماه الفراء محلا، والكسائي وأصحابه يسمون الظروف صفات، ولا مشاحة في الاصطلاح. "الظرف ما ضمن معنى "في"" الظرفية "باطراد، من اسم وقت، أو" من "اسم مكان، أو" من "اسم عرضت دلالته على أحدهما، أو" من اسم "جار مجراه"، أي: مجرى أحدهما. "فالمكان والزمان كـ"امكث هنا أزمنا""، فـ"هنا" اسم إشارة من أسماء المكان، و"أزمنا" جمع "زمن" من أسماء الزمان. "و" الاسم "الذي عرضت دلالته على أحدهما" أي: الزمان أو المكان "أربعة": أحدها: "أسماء العدد المميزة بهما" أي: بالزمان والمكان "كـ: سرت عشرين يوما ثلاثين فرسخا"، فـ"عشرين": مفعول فيه منصوب نصب ظرف الزمان؛ لأنه لما ميز بـ"يوما" وهو من أسماء الزمان؛ عرضت له اسمية الزمان، و"ثلاثين": مفعول فيه منصوب نصب ظرف المكان؛ لأنه لما ميز بـ"فرسخا" وهو من أسماء المكان؛ عرضت له اسمية المكان. "و" الثاني: "ما أفيد به كلية أحدهما" أي: الزمان والمكان "أو جزئيته كـ: سرت جميع اليوم جميع الفرسخ، أو: كل اليوم كل الفرسخ"، فـ"جميع" و"كل" مفعول فيهما منصوبان نصب ظرف الزمان وظرف المكان؛ لأنهما لما أضيفا إلى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 515 الزمان والمكان عرضت لهما اسمية الزمان والمكان، وصارا دالين على كليتهما؛ لأنهما من الألفاظ الدالة على العموم والإحاطة. "أو: بعض اليوم بعض الفرسخ، أو: نصف اليوم نصب الفرسخ"، فـ"بعض" و"نصف" مفعول فيهما منصوبان نصب ظرف الزمان وظرف المكان؛ لأنهما لما أضيفا إلى الزمان والمكان عرضت لهما اسمية الزمان والمكان، فصار دالين على جزئيتي الزمان والمكان؛ لأنهما من الألفاظ الدالة على الجزئية إلا أن "بعض" يدل على جزء مبهم, و"نصف" يدل على جزء معين من جهة المقدار. "و" الثالث: "ما كان صفة لأحدهما" أي: الزمان والمكان "كـ: جلست طويلًا من الدهر شرقي الدار"، فـ"طويلًا" و"شرقي" مفعول فيهما منصوبان نصب ظرف الزمان والمكان؛ لأنهما لما وصف بهما الزمان والمكان عرضت لهما اسمية الزمان والمكان. فـ"طويلا": صفة للزمان، و"من الدهر": بيان له، و"شرقي": صفة للمكان، وذكر "الدار" معين له، والأصل: زمنا طويلًا، ومكانا شرقيا. "و" الرابع: "ما كان مخفوضا بإضافة أحدهما" أي: الزمان والمكان "ثم" حذف المضاف, "وأنيب عنه" المضاف إليه "بعد حذفه" أي: المضاف, "والغالب في هذا" المضاف إليه "النائب" عن المضاف المحذوف "أن يكون مصدرًا و" الغالب "في" المضاف المحذوف "المنوب عنه أن يكون زمانًا، ولا بد من كونه معينا لوقت أو لمقدار"، فالمعين للوقت نحو: "جئتك صلاة العصر" أو "قدوم الحاج" فـ"صلاة" و"قدوم": مفعول فيهما منصوبان نصب ظرف الزمان؛ لأنهما لما نابا عن الزمان عرضت لهما اسمية الزمان فانتصبا انتصابه. والأصل: وقت صلاة العصر، ووقت قدوم الحاج، فحذف المضاف؛ وهو وقت؛ المعين لوقت "المجيء" وأنيبت عنه المصدر وهو "صلاة" و"قدوم"، "و" المعين للمقدار نحو: "انتظرتك حلب ناقة، أو: نحر جزور" فـ"حلب" و"نحر" مفعول فيهما، والأصل: مقدار حلب ناقة، ومقدار نحر جزور، ففعل فيهما ما تقدم. "وقد يكون النائب" عن الزمان "اسم عين، نحو" قولهم في المثل: "لا أكلمه القارظين1" بالتثنية، "والأصل: مدة غيبة القارظين" فحذف "مدة" وأنيب عنها "غيبة" ثم "غيبة" وأنيب عنها "القارظين" وهو تثنية "قارظ" بالقاف والظاء المشالة: وهو الذي يجني القرظ؛ بفتح القاف والراء؛ وهو يدفع به.   1 المثل في مجمع الأمثال 1/ 211، والمستقصى 2/ 58، وكتاب الأمثال لمجهول ص55. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 516 قال الجوهري1: "لا آتيك أو يئوب القارظ العنزي، وهما قارظان كلاهما من عنزة، خرجا في طلب القرظ فلم يرجعا" وطالت غيبتهما. "وقد يكون المنوب عنه مكانًا نحو: جلست قرب زيد، أي: مكان قربه"، فحذف المضاف وهو "مكان" وأنيب عنه المصدر وهو "قرب"، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 310- وقد ينوب عن مكان مصدر ... وذاك في ظرف الزمان يكثر وإنما كان ذلك كثيرًا في ظروف الزمان، وقليلًا في ظروف المكان، لقرب ظروف الزمان من المصدر، وبعد ظروف المكان منه، ألا ترى أن الزمان يشارك المصدر في دلالة الفعل عليهما؛ لأن الفعل يدل على المصدر بحروفه، وعلى الزمان بصيغته، بخلاف ظرف المكان، فإن دلالة الفعل عليه بالالتزام الخارجي، إذ كل فعل لا بد له من مكان يقع فيه، فلم يقو في ذلك قوة ظرف الزمان، ولم يبلغ رتبته، فكانت إقامة المصدر مقام الزمان كثيرة، ومقام المكان قليلة. "والجاري مجرى أحدهما" أي: الزمان والمكان "ألفاظ مسموعة، توسعوا فيها، فنصبوها على تضمين معنى "في" كقولهم: "أحقا أنك ذاهب"، فـ"أحقا" منصوبة على الظرفية المتعلقة بالاستقرار على أنها خبر مقدم، و"أنك ذاهب" في تأويل مصدر مرفوع بالابتداء عند سيبويه2 والجمهور على حد: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ} [فصلت: 39] "والأصل: أفي حق" ذهابك فحذفت "في" وانتصب "حقا" على الظرفية، "وقد نطقوا بذلك" الحرف الجار في قوله: [من الوافر] 406- أفي حق مواساتي أخاكم ... ............................... و"قال" فائد؛ بالفاء؛ ابن المنذر القشيري: [من الطويل] 407- "أفي الحق أني مغرم بك هائم" ... وأنك لا خل هواك ولا خمر   1 الصحاح "قرظ". 2 الكتاب 3/ 134, 135. 406- عجز البيت: "بما لي ثم يظلمني السريس" وتقدم تخريجه برقم 237. 407- البيت لفائد بن المنذر في المقاصد النحوية 3/ 81 والحماسة البصرية 2/ 208، ولعابد بن المنذر في شرح شواهد المغني 1/ 172، ولمجنون ليلى في ديوانه ص127، ولأبي الطمحان القيني في محاضرات الأدباء 3/ 52، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 232، وتخليص الشواهد ص177، والتمثيل والمحاضرة ص281، وخزانة الأدب 1/ 401، 10/ 274، والحماسة المغربية ص962، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص1267، ومغني اللبيب 1/ 55. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 517 فصرح بـ"في" وشبه هوى من هو مغرم بها؛ في كونه غير ثابت ولا مستقر على حاله؛ بماء العنب المتردد بين الخلية والخمرية، فلا هو خل صرف حتى يستعمل خلا، ولا هو خمر صرف حتى يستعمل خمرًا، فمن كان حال هواه بهذه المثابة، كيف يكون غرام من أغرم بها حقا؟ ولما كان قول الموضح: "والجاري مجرى أحدهما" شاملًا للزمان والمكان خصصه بقوله: "وهي جارية مجرى ظرف الزمان دون ظرف المكان، ولهذا يقع خبرًا عن المصادر" كما تقدم في "أحقا أنك ذاهب" "دون الجثث" فلا يقال: "أحقا زيد". وذهب المبرد وتبعه ابن مالك1 إلى أن "حقا" مصدر بدل من اللفظ بفعله، وأن ما بعدها من أن ومعمولها في تأويل مصدر مرفوع على الفاعلية على حد: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا} [العنكبوت: 51] ورده أبو حيان2. ومثله؛ أي: مثل "أحقا أنك ذاهب"؛ في الانتصاب على الظرفية المجازية" غير شك" أنك قائم، أو "جهد رأيي" أنك قائم، أو "ظنا مني أنك قائم"، فـ"غير شك" و"جهد رأيي"، و"ظنا مني" منصوبات على الظرفية الزمانية توسعا على إسقاط، "في"، والأصل: في غير شك، وفي جهد رأيي، وفي ظن مني، على وزان "أحقا"3. "وخرج عن الحد" المذكور في النظم بقوله: 303- الظرف وقت أو مكان ضمنا ... في باطراد ........................... وتبعه الموضح "ثلاثة أمور: أحدها: {وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} [النساء: 127] إذا قدر بـ"في"", فإنه يصدق عليه أنه اسم ضمن معنى "في", إذ التقدير: وترغبون في نكاحهن، وهو ليس بظرف، "فإن النكاح ليس بواحد مما ذكرنا"؛ لأنه ليس باسم زمان ولا مكان، أما إذا قدر بـ"عن" فليس مما نحن فيه. "و" الأمر "الثاني: نحو: {يَخَافُوْنَ يَوْمًا} [النور: 37] من أسماء الزمان، "ونحو: {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} " [الأنعام: 124] من أسماء المكان، فإن "يومًا" و"حيث" وإن كانا من أسماء الزمان والمكان فليسا ظرفين, "فإنهما ليس على معنى: في"   1 شرح التسهيل 2/ 23, 24. 2 الارتشاف 2/ 226. 3 الارتشاف 2/ 225, 226. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 518 إذ ليس المراد أن الخوف واقع في ذلك اليوم، والعلم واقع في ذلك المكان، وإنما المراد أنهم يخافون نفس اليوم، وأن الله تعالى يعلم نفس المكان المستحق لوضع الرسالة، "فانتصابهما على المفعول به"؛ لأن الفعل واقع عليهما لا فيهما، وناصب لفظ "يوما": "يخافون"، "وناصب" محل "حيث" فعل مضارع منتزع من لفظ "أعلم" تقديره "يعلم" حال كونه "محذوفًا" لدلالة "أعلم" عليه لا "أعلم" المذكور الذي هو اسم تفضيل؛ "لأن اسم التفضيل لا ينصب المفعول به إجماعًا"، هذا وقد قال الموضح في الحواشي ومن خطه نقلت: قال محمد بن مسعود بن الزكي في كتاب البديع: غلط من قال إن اسم التفضيل لا يعمل في المفعول به، لورود السماع بذلك، كقوله تعالى: {هُوَ أَهْدَى سَبِيلًا} [الإسراء: 84] وليس تمييزًا؛ لأنه ليس فاعلًا في المعنى كما هو في "زيد أحسن وجها" وقول العباس بن مرداس: [من الطويل] 408- ..................... ... وأضرب منا بالسيوف القوانسا ا. هـ. وفي الارتشاف لأبي حيان1: وقال محمد بن مسعود الغزني: أفعل التفضيل ينصب المفعول به قال الله تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ} [الأنعام: 117] . ا. هـ. وفي جعل "حيث" مفعولًا بها نظر؛ لأن هذا ضرب من التصرف. وفي التسهيل2: إن تصرف "حيث" نادر. وشرحه المرادي بقوله: لم تجئ حيث فاعلا، ولا مفعولا بها، ولا مبتدأ، ا. هـ. ولهذا قال الدماميني 3: ولو قيل: إن المراد: يعلم الفضل الذي هو في محل الرسالة لم يبعد، وفيه إبقاء "حيث" على ما عهد لها من ظرفيتها والمعنى: أن الله تعالى لن يؤتيكم مثل ما أوتي رسله من الآيات؛ لأنه يعلم ما فيهم من الذكاء، والطهارة، والفضل، والصلاحية للإرسال، ولستم كذلك. ا. هـ.   408- صدر البيت: "أكر وأحمى للحقيقة منهم" ، وهو للعباس بن مرداس في ديوانه ص93، والأصمعيات ص205، وحماسة البحتري ص48، وخزانة الأدب 8/ 319، 321، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص441، 1700، ولسان العرب 6/ 184، "قنس"، ونوادر أبي زيد ص59، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 1/ 344، 4/ 79، وخزانة الأدب 7/ 10، وشرح الأشموني 1/ 291، ومغني اللبيب 2/ 618. 1 الارتشاف 3/ 225. 2 التسهيل ص96. 3 انظر قول الدماميني في حاشية الصبان 2/ 126. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 519 "و" الأمر "الثالث: نحو: دخلت الدار، و: سكنت البيت، فانتصابهما" أي: "الدار"، و"البيت" "إنما هو على التوسع بإسقاط الخافض" وهو في الأصل: دخلت في الدار، وسكنت في البيت، فلما حذف الخافض نصبا على المفعول به توسعًا، كما حذف1 الجار ونصب2 ما بعده كقوله: [من الوافر] 409- تمرون الديار ........ ... ............................ "لا" انتصابهما "على الظرفية، فإنه لا يطرد تعدي" سائر "الأفعال إلى: الدار، و: البيت، على معنى: في، لا تقول: صليت الدار، ولا: نمت البيت" لأن "الدار" و"البيت" من أسماء المكان3 المختصة4؛ لأن لها صورة وحدود محصورة، ولا يقبل النصب على الظرفية من أسماء المكان إلا المبهم، أو ما اتحدت مادته، ومادة عامله كما سيجيء.   1 في "ب", "ط": "يحذف". 2 في "ب", "ط": ينتصب". 409- تمام البيت: "تمرون الديار ولم تعوجوا ... كلامكم علي إذا حرام" 3 في "ب": "الظروف"، بدل "أسماء المكان". 4 انظر الكتاب 1/ 159، وشرح التسهيل 2/ 200. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 520 "فصل": والظرف الزماني والمكاني "حكمه النصب، وناصبه اللفظ الدال على المعنى الواقع فيه"، سواء أكان اللفظ الدال فعلًا أم اسم فعل أم وصفًا أم مصدرًا، وهذا أشمل من قول الناظم: 304- فانصبه بالواقع فيه ........ ... ................................ "ولهذا اللفظ ثلاث حالات: إحداها: أن يكون مذكورًا" وإليه أشار الناظم بقوله: 304- ....................... ... ............. "كامكث هنا أزمنا" 305- ............. مظهرًا ... ......................... "وهذا هو الأصل"؛ لأن الأصل في العامل أن يكون مذكورًا. "و" الحالة "الثانية: أن يكون محذوفًا، جوازًا" لدليل مقالي، "وذلك كقولك: "فرسخين، أو يوم الجمعة" بنصب "فرسخين" من ظروف المكان و"يوم الجمعة" من ظروف الزمان, "جوابًا لمن قال: كم سرت؟ أو متى صمت؟ " أي: سرت فرسخين، وصمت يوم الجمعة، والفرق بين "كم" و"متى" في الاستفهام أن "كم" يطلب بها تعيين المعدود مطلقًا زمان أو مكانا أو نحوهما، و"متى" يطلب بها تعيين الزمان خاصة. "و" الحالة "الثالثة: أن يكون محذوفًا وجوبًا، وذلك في ست مسائل: وهي أن يقع صفة كـ: مررت بطائر فوق غصن" فـ"فوق" صفة لـ"طائر". "أو صلة كـ: رأيت الذي عندك" فـ"عندك" صلة "الذي". أو حالًا كـ: رأيت الهلال بين السحاب" فـ"بين" حال من "الهلال". "أو خبرًا كـ: زيد عندك" فـ"عندك" خبر "زيد" والناصب في الجميع محذوف وجوبًا تقديره: "استقر" أو "مستقر" إلا في الصلة فيتعين "استقر"، وهذه الأمثلة الأربعة ظروف مكان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 521 ويستثنى من الظروف ما قطع عن الإضافة، ويبنى على الضم، فإنه لا يقع صفة، ولا صلة، ولا حالًا، ولا خبرًا، لا يقال: "مررت برجل أمام"، ولا "جاء الذي أمام"، ولا "رأيت الهلال أمام"، ولا "زيد أمام"؛ لئلا يجتمع عليها ثلاثة أشياء القطع والبناء ووقوعها موقع شيء آخر. ومثل للزمان بمثالين، أحدهما قياسي، والآخر سماعي، فقال: "أو مشتغلًا عنه" العامل بنصبه لمحل ضميره، "كـ: يوم الخميس صمت فيه" فـ"يوم الخميس" منصوب بفعل محذوف وجوبًا يفسره "صمت" المذكور، والتقدير: صمت يوم الخميس فيه، ولم يقل: "صمته"؛ لأن ضمير الظرف لا ينصب على الظرفية، بل يجب جره بـ"في" كما مثل. "أو مسموعًا بالحذف لا غير كقولهم" في المثل لمن ذكر أمرًا قد تقادم عهده: "حينئذ، الآن"1، فـ"حين" منصوبة لفظًا بفعل محذوف، وأضيفت إلى "إذ" إضافة بيان، أو إضافة أعم إلى أخص، و"الآن" منصوب محلا، وفتحته فتحة بناء؛ لأنه مبني لتضمنه معنى "أل"، و"أل" الموجودة فيه زائدة؛ لأنه علم على الزمان الحاضر كما تقدم, وناصبه فعل محذوف، "أي: كان ذلك حينئذ، واسمع الآن"، فهما جملتان، وأصلهما أن يقول المتكلم لمن يقول: كذا وكذا: "حينئذ الآن"، أي: كان ما تقول واقعًا حين إذ كان كذا، واسمع الآن ما أقول لك، فـ"حينئذ" مقتطع من جملة، و"الآن" مقتطع من جملة أخرى2. وكان ينبغي للموضح أن يقول: ليس غير؛ لأنه يرى أن قولهم: "لا غير" لحنا، كما صرح به في المغني3، وبالغ في إنكاره في شرح شذوره4، والحق جوازه لورود السماع به، كما أوضحته في باب الإضافة. ويستثنى من حذف الناصب ما لا يعمل محذوفًا كالمصدر واسم الفعل، وما جرى مجراهما، وشمل مسألتي الحذف قول الناظم: 304- ......................... ... ................ وإلا فانوه مقدرًا فإن ذلك يعم الجائز والواجب.   1 المثل في شرح ابن الناظم ص201، والكتاب 1/ 224، 274، 2/ 129، وشرح المفصل 2/ 47. 2 انظر شرح ابن الناظم ص201، وشرح المفصل 2/ 47، وشرح المرادي 2/ 91. 3 مغني اللبيب ص209. 4 شرح شذور الذهب ص103. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 522 "فصل": "أسماء الزمان كلها صالحة للانتصاب على الظرفية، سواء في ذلك مبهمها كـ: حين، و: مدة. ومختصها كـ: يوم الخميس، ومعدودها كـ: يومين، أو: أسبوع"، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 305- وكل وقت قابل ذاك ....... ... ................................... والمراد بالمختص ما يقع جوابًا لـ"متى" كـ: "يوم الخميس" كما مثل. وبالمعدود ما يقع جوابًا لـ"كم" كـ: "يومين" و"أسبوع" كما مثل. والمبهم ما لا يقع جوابًا لشيء منهما كـ: "حين" و"مدة" كما مثل. تقول: "صمت مدة"، أو "يوم الخميس" أو "يومين". وبقي عليه ظرف الزمان المشتق نحو: "قعدت مقعد زيد"، تريد الزمان كما تفعل ذلك إذا أردت المكان، إذ لا فرق بينهما في صحة تقدير "في"، ونصبه على الظرفية1 قاله الشاطبي. "والصالح لذلك" النصب على الظرفية "من أسماء المكان نوعان: أحدهما: المبهم: وهو ما افتقر إلى غيره في بيان صورة مسماه، كأسماء الجهات" الست، فإنها مفتقرة في بيان صورة مسماها إلى غيرها، وهو ذكر المضاف إليها، وهذه العبارة أخذها من الشارح2، والإضافة فيها بيانية؛ أي: صورة في مسماه؛ والمراد ما افتقر إلى غيره في بيان حقيقته. وينحل إلى قولنا: "ما لا تعرف حقيقته بنفسه بل بما يضاف إليه" كـ: "مكان" فإنه لا تعرف حقيقته إلا بذكر المضاف إليه. قال أبو البقاء في شرح لمع ابن جني: الإبهام يحصل في المكان من وجهين: أحدهما: ألا يلزم مسماه، ألا ترى أن خلفك قدام لغيرك، وقد تتحول عن تلك الجهة، فيصير ما كان خلفك جهة أخرى لك؛ لأن الجهات تختلف باختلاف الكائن في المكان، فهي جهات له، وليس لكل واحدة منها3 حقيقة منفردة بنفسها.   1 انظر حاشية الصبان 2/ 128. 2 أي: في شرح ابن الناظم ص201. 3 في "أ": "منهما". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 523 والوجه الثاني: أن هذه الجهات لا أمد لها معلوم، فـ"خلفك" اسم لما وراء ظهرك إلى آخر الدنيا. ا. هـ. والجهات الست "نحو: أمام، ووراء، ويمين، وشمال، وفوق، وتحت"، تقول: "جلست أمامك، ووراءك، ويمينك، وشمالك، وفوقك، وتحتك"، وسميت الجهات الست باعتبار الكائن في المكان فإنه له ست جهات. "وشبهها في الشياع كـ: ناحية وجانب، ومكان"، تقول: "جلست ناحية عمرو، وجانب زيد، ومكان بكر". واعترض "جانب" بأنه مما يتعين التصريح معه بـ"في". "وكأسماء المقادير كـ: ميل، وفرسخ، وبريد"، تقول "سرت ميلًا، وفرسخًا، وبريدًا"1. النوع "الثاني: ما" اشتق من اسم الحدث الذي اشتق منه العامل, "واتحدت مادته ومادة عامله، كـ: ذهبت مذهب زيد، و: رميت مرمى عمرو"، لا فرق في ذلك بين الصحيح والمعتل، ولا بين المفرد؛ كما مثل؛ والجمع "نحو قوله تعالى: {وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ} " [الجن: 9] فـ"مذهب" و"مرمى" و"مقاعد" منصوبة على الظرفية، ومادتها ومادة عاملها متحدة، فإن عامل "مذهب" ذهب، "وعامل "مرمى" رمى، وعامل "مقاعد" نقعد، وقس على ذلك فعل الأمر نحو: "قم مقام زيد"، والوصف نحو: "أنا قائم مقامك"، والمصدر نحو: "عجبت من قيام زيد مقامك"2. وإلى هذين النوعين أشار الناظم بقوله: 305- ........... وما ... يقبله المكان إلا مبهما وأشار إلى مثاله بقوله: 306- نحو الجهات والمقادير وما ... صيغ من الفعل ............ وأشار إلى شرطه بقوله: 307- وشرط كون ذا مقيسا أن يقع ... ظرفا لما في أصله معه اجتمع فلو اختلفت مادته ومادة عامله نحو: "رميت مذهب زيد" و"ذهبت مرمى عمرو" لم يجز في القياس أن يجعل ظرفًا بل يجب التصريح معه بـ"في" "وأما قولهم: هو مني مقعد القابلة، و: مزجر الكلب، و: مناط الثريا فشاذ" نصبه لمخالفة مادته مادة2 عامله، "إذ التقدير: هو مني مستقر في مقعد القابلة"، وفي مزجر   1 انظر شرح ابن الناظم ص201، وشرح ابن عقيل 1/ 583. 2 في "ب"، "ط": "لمادة". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 524 الكلب، وفي مناط الثريا، "فعامله الاستقرار" المتعلق به "مني" الواقع خبرًا عن "هو" ومادة الاستقرار مخالفة لمادة "مقعد، ومزجر، ومناط"، والمعنى: هو مني في القرب مقعد القابلة من النفساء، وفي البعد مناط الثريا من الدبران، وفي التوسط مزجر الكلب من الزاجر، فـ"من" الأولى متعلقة بالاستقرار كما مر، و"من" الثانية الداخلة على النفساء والدبران والزاجر متعلقة باسم المكان نفسه؛ لأنه مشتق، "ولو أعمل في المقعد "قعد" وفي المزجر "زجر" وفي المناط "ناط" لم يكن شاذا"، لاتحاد المادة، ويصير المعنى هو مستقر مني قعد مقعد القابلة، وزجر مزجر الكلب، وناط مناط الثريا1. وإنما استأثرت أسماء الزمان بصلاحية المبهم منها والمختص للظرفية عن أسماء المكان؛ لأن أصل العوامل الفعل ودلالته على الزمان أقوى من دلالته على المكان؛ لأنه يدل على الزمان تضمنا، وعلى المكان التزامًا.   1 انظر شرح ابن الناظم ص202، وشرح ابن عقيل 1/ 583. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 525 "فصل": "الظرف" الزماني والمكاني "نوعان: متصرف وهو ما يفارق الظرفية إلى حالة لا تشبهها، كأن يستعمل مبتدأ، أو خبرًا، أو فاعلًا، أو مفعولًا" به، "أو مضافًا إليه، كـ: اليوم" فإنه يستعمل مبتدأ وخبرًا، "تقول: اليوم يوم مبارك" برفعهما1، وفاعلا تقول: "أعجبني اليوم، و" مفعولًا، به تقول: "أحببت يوم قدومك"، ومضافًا إليه تقول: "سرت نصف اليوم1" وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 308- وما يرى ظرفًا وغير ظرف ... فذاك ذو تصرف في العرف "وغير متصرف وهو نوعان: ما لا يفارق الظرفية أصلًا كـ: قط" في استغراق الماضي، "و: عوض" في استغراق المستقبل لا يستعملان إلا بعد نفي. "تقول: ما فعلته قط، و: لا أفعله عوض"، والمعنى ما فعلته في الزمن الماضي، ولا أفعله في الزمن المستقبل، و"قط" مشتقة من قططت الشيء أي: قطعته، فمعنى "ما فعلته قط" ما فعلته فيما انقضى من عمري؛ لأن الماضي ينقطع عن الحال والاستقبال، وهي مبنية، وعلة بنائها تضمنها معنى حرفي ابتداء الغاية وانتهائها، إذ المعنى: ما فعلته مذ خلقني الله تعالى إلى الآن، وبنيت على حركة فرارًا من التقاء الساكنين، وكانت ضمة في بعض لغاتها حملًا على "قبل، وبعد". و"عوض" مشتقة من العوض، وسمي الزمان "عوض" لأن الدهر كلما مضى منه جزء خلفه آخر، فكان عوضًا منه، ويبنى على الحركات الثالث إذا لم يكن مضافًا. والنوع الثاني "ما لا يخرج عنها" أي: الظرفية "إلا بعد دخول الجار عليه"، وهو "من" خاصة، قال في درة الغواص2: واختصت "من" بذلك لكونها أم الباب ولكن باب أم تمتاز بخاصة دون أخواتها "نحو: قبل، و: بعد" من أسماء الزمان،   1 سقط ما بين الرقمين من "ب". 2 درة الغواص ص14. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 526 "و: لدن، و: عند" من أسماء المكان " فيحكم عليهن بعدم التصرف مع أن "من" تدخل عليهن" نحو: {لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ} [الروم: 4] ، {آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا} [الكهف: 65] "إذ لم يخرجن عن الظرفية إلا إلى حالة شبيهة بها" أي: الظرفية "لأن الظرف والجار والمجرور أخوان" في التوسع فيهما، والتعلق بالاستقرار إذا وقعا صفة، أو صلة، أو خبرًا، أو حالًا، فإن جر شيء من الظروف بغير "من" كان متصرفًا نحو: {عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ} [المعارج: 37] والفرق أن "من" لكونها أم الباب كثرت زيادتها فلم يعتد بها. قال ابن مالك1: إن "من" الداخلة على "قبل، وبعد" وأخواتها زائدة. وإلى هذين النوعين أشار الناظم بقوله: 309- وغير ذي التصرف الذي لزم ... ظرفية أو شبهها من الكلم   1 شرح التسهيل 2/ 202. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 527 المفعول معه مدخل ... باب المفعول معه: "هذا باب المفعول معه": "وهو اسم فضلة، تال لواو بمعنى مع، تالية لجملة ذات فعل، أو" ذات "اسم فيه معنى الفعل وحروفه" بالرفع، فذات الفعل "كـ: سرت والنيل" وذات الاسم الذي فيه معنى الفعل "و" حروفه نحو: "أنا سائر والنيل" فيصدق على "النيل" في المثالين أنه اسم لدخول "أل" عليه وأنه فضلة؛ لأنه منصوب، وأنه تال لـ"واو" بمعنى "مع"، والواو تالية لجملة ذات فعل، وهو "سرت" في المثال الأول، وذات اسم فيه معنى الفعل وحروفه وهو "سائر" في المثال الثاني, فإن معنى الفعل، وهو "أسير"، وفيه حروفه، وهي السين والياء والراء. وسمي "النيل" مفعولًا معه؛ لأنه فعل معه فعل، وهو "السير" الصادر من الفاعل. "فخرج باللفظ الأول" وهو قوله: "اسم" "نحو: لا تأكل السمك وتشرب اللبن" بنصب "تشرب" كما قيده الموضح بذلك في شرح اللمحة، "ونحو: سرت والشمس طالعة"، برفعهما "فإن الواو" وإن كانت بمعنى "مع" فيهما كما صرح به في شرح القطر1 إلا أنها "داخلة في" المثال "الأول" في اللفظ "على فعل"، وهو "تشرب" "و" داخلة "في" المثال "الثاني على جملة"، وهي "الشمس طالعة"، فليسا مفعولًا معه بناء على المؤول من أن والفعل لا يسمى مفعولًا معه. خلافًا لبعضهم وعلى أن جملة "الشمس طالعة" ليست مفعولًا معه خلافًا لصدر الأفاضل تلميذ الزمخشري، وكما نقله عنه في المغني2.   1 شرح قطر الندى ص231. 2 مغني اللبيب ص606. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 528 "و" خرج "بـ" اللفظ "الثاني" وهو قوله: "فضلة" "نحو: اشترك زيد وعمرو"، فإنه عمدة. "و" خرج "بـ" اللفظ. "الثالث" وهو في قوله: "تال لواو"، "نحو: جئت مع زيد" فإنه تال لنفس "مع" لا للواو التي بمعناها. "و" خرج "بـ" اللفظ "الرابع" وهو قوله: "بمعنى: مع" "نحو: جاء زيد وعمرو قبله أو بعده" فإن التقييد بالقبلية أو البعدية ينافي المعية, ولو قال بدل جاء "رأيت" حتى يكون "عمرًا" منصوبًا كان أولى؛ لأن الرفع يخرج بقوله فضلة، ويمكن أن يقال خرج بقيدين. "و" خرج "بـ"اللفظ "الخامس" وهو قوله: "تالية لجملة" "نحو: كل رجل وضيعته" بالرفع؛ عطفًا على "كل" "فلا يجوز فيه النصب" على المفعول معه، لعدم تقدم الجملة، "خلافًا للصيمري" بفتح الميم وضمها؛ فإنه يجيز نصب المفعول معه عن تمام الاسم كالتمييز1. "و" خرج "بـ" اللفظ "السادس" وهو قوله: "ذات فعل أو اسم فيه معنى الفعل وحروفه" "نحو: هذا لك وأباك" بالموحدة "فلا يتكلم به". قال سيبويه2: وأما "هذا لك وأباك" فقبيح؛ لأنك لم تذكر فعلًا ولا اسما فيه معنى فعل. قال ابن مالك3: أرادج بالقبيح الممتنع، وقد كثر في كلامه التعبير بالقبيح عن عدم الجواز، وعلم من هذا أن اسم الإشارة، وحرف الجر المتضمن معنى الاستقرار4، لا يعملان في المفعول معه، "خلافًا لأبي علي" الفارسي5 فإنه أجاز في قوله: [من البسيط] 410- ................... ... هذا ردائي مطويا وسربالا إعمال الإشارة وأجاز بعضهم إعمال الظرف وحرف الجر، انتهى كلام ابن مالك.   1 انظر الارتشاف 2/ 285، 287، وشرح التسهيل 2/ 260، وشرح قطر الندى ص232. 2 الكتاب 1/ 310. 3 شرح التسهيل 2/ 262, 263. 4 في "ط": "الإقرار". 5 انظر شرح الكافية الشافية 2/ 689، والارتشاف 2/ 285، وشرح ابن الناظم ص205. 410- صدر البيت: "لا تحسبنك أثوابي فقد جمعت" ، وهو بلا نسبة في الأشباه والنظائر 7/ 76، والدرر 1/ 481، وشرح ابن الناظم ص239، وشرح الأشموني 1/ 224، والمقاصد النحوية 3/ 86. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 529 ولم يستوف جميع الشروط في النظم اعتمادًا على المثال فقال: 311- ينصب تالي الواو مفعولا معه ... في نحو سيري والطريق مسرعة "فإن قلت: فقد قالوا: ما أن وزيدًا؟ و: كيف أنت وزيدًا؟ " بنصب "زيدا" فيهما ولم يتقدم فعل ولا اسم فيه معنى الفعل وحروفه. "قلت: أكثرهم يرفع بالعطف على" "أنت" ولا إشكال فيه، "والذين نصبوا قدروا الضمير" وهو "أنت" "فاعلان بمحذوف لا مبتدأ"، واسم الاستفهام قبله خبره ويتعين ذلك في الثاني دون الأول "والأصل: ما تكون؟ وكيف تصنع؟ " ففي "تكون" و"تصنع" ضمير مستتر وجوبًا مرفوع على الفاعلية "فلما حذف الفعل وحده" وهو "تكون" و"تصنع" "برز ضميره وانفصل" لتعذر اتصاله. وقدره سيبويه1 من لفظ الكون في المثالين وقدره بالمضارع مع "كيف" وبالماضي مع "ما"، فقال الأصل: كيف تكون وزيدًا؟ وما كنت وزيدًا؟. واختلف في تقديره ذلك هل هو مقصود له أم غير مقصود؟. فزعم السيرافي أنه غير مقصود ولو عكس لجاز2. وزعم ابن ولاد أنه لا يجوز إلا ما قدره سيبويه3 قال: وذلك أن "ما" دخلها معنى التحقير والإنكار، وليست سؤالا عن مسألة مجهولة، ولو كانت لمجرد الاستفهام لجاز فيها الماضي والمضارع، واختلف في "كان" المقدرة، فنص الفارسي وغيره4 على أنها التامة، وعلى هذا فتكون "كيف" في موضع نصب على الحال، وأما "ما" فلا تكون حالًا. وزعم بعضهم أنها مخرجة عن أصلها للسؤال عن الحال. والصحيح "أن "كان" ناقصة، "وكيف" و"ما" في محل نصب خبرها، والتقدير: على أي حال تكون، أو كنت مع زيد؟ وهو مذهب ابن خروف. وإلى هذه المسألة أشار الناظم بقوله: 313- وبعد ما استفهام أو كيف نصب ... بفعل كون مضمر بعض العرب "والناصب للمفعول معه ما سبقه من فعل أو شبهه"، وبه قال جمهور البصريين5   1 الكتاب 1/ 303. 2 الارتشاف 2/ 289. 3 الارتشاف 2/ 289، وهمع الهوامع 1/ 221. 3 انظر المصدرين السابقين. 5 انظر الإنصاف 1/ 1248، المسألة رقم30. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 530 وطائفة من الكوفيين، ثم اختلفوا فقال سيبويه1 والفارسي2 وجماعة 3: إنه كالمفعول به في المعنى، فمعنى "سرت والنيل": سرت بالنيل. وزعم الأخفش، وجماعة من الكوفيين أنه نصب على الظرفية، والواو مهيئة للظرفية، ونظروه بمسألة النصب بعد "إلا" فانتصب الاسم بعد الواو، كما انتصب بعد "إلا"4. "لا" النصاب له "الواو، خلافًا للجرجاني" عبد القاهر5، ورد بأن الواو لو كانت عاملة لاتصل بها إذا كان ضميرًا، كما في سائر الحروف الناصبة6. وإلى هذين المذهبين أشار الناظم بقوله: 312- بما من الفعل وشبهه سبق ... ذا النصب لا بالواو في القول الأحق "ولا" الناصب له "الخلاف" أي: المخالفة "خلافًا للكوفيين7" أي: أكثرهم، كما صرح به الموضح في شرح اللمحة، فإنهم ذهبوا إلى أن الناصب للمفعول معه معنوي، وهو مخالفة ما بعد الواو لما قبلها، كما ذهبوا إليه في نصب الظرف إذا وقع خبرًا عن المبتدأ، نحو "زيد عندك"؛ لأن ما بعد الواو لم يصلح أن يجري على ما قبله كـ"قام زيد وعمرو"، فمخالفته له في المعنى انتصب على الخلاف، ورد بأن الخلاف لو كان يقتضي النصب لجاز "ما قام زيد بل عمرًا" بنصب "عمرو"، وذلك لا يجوز "ولا" الناصب له فعل "محذوف" بعد الواو، "والتقدير" في "سرت والنيل" "سرت ولابست النيل، فيكون حينئذ مفعولًا به خلافًا للزجاج8" ورده السيرافي بما يطول ذكره، وإنما قدر فعل الملابسة؛ لأنها أعم الأفعال، إذ لا يتحقق بدونها9، ويؤخذ من قوله: والناصب للمفعول معه ما سبقه من فعل، أو شبهه، أن المفعول معه لا يتقدم على عامله، لا يقال: "والنيل سرت"10، ولا يتوسط نحو: "سار والنيل زيد"؛ لأن الواو عندهم   1 الكتاب 1/ 297. 2 الإيضاح العضدي 1/ 193. 3 منهم ابن السراج، انظر كتابه الأصول 1/ 209. 4 انظر الارتشاف 2/ 286، وشرح المفصل 2/ 49. 5 انظر شرح ابن الناظم ص206، والتسهيل ص99. 6 انظر المصدرين السابقين. 7 انظر شرح المفصل 2/ 49، والارتشاف 2/ 286، وهمع الهوامع 2/ 220. 8 نظر شرح التسهيل 2/ 249، والارتشاف 2/ 286، وهمع الهوامع 1/ 220. 9 انظر الإنصاف 1/ 248، المسألة رقم 30. 10 انظر الأصول 1/ 211، وشرح التسهيل 2/ 252. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 531 أصلها أن تكون عاطفة، فكما لا يجوز تقديم المعطوف، ولا توسطه بين العامل والمعطوف عليه فكذلك هذا، والأولى متفق عليها، والثانية طرقها خلاف أبي الفتح، ذهب في الخصائص1 إلى جواز التوسط مستدلا بنحو قوله: [من الطويل] 411- جمعت وفحشا غيبة ونميمة ... خصالا ثلاثا لست عنها بمرعوي وهذا مخرج على أن "فحشا" معطوف على "غيبة" وقدم عليه للضرورة، كقوله: [من الوافر] 412- ألا يا نخلة من ذات عرق ... عليك ورحمة الله السلام والأصل: عليك السلام، ورحمة الله.   1 الخصائص 2/ 383، وشرح ابن الناظم ص205. 411- البيت ليزيد بن الحكم في خزانة الأدب 3/ 130، 134، والدرر 1/ 482، وشرح شواهد المغني 2/ 697، وشرح عمدة الحافظ ص637، والمقاصد النحوية 2/ 86، 262 وبلا نسبة في خزانة الأدب 9/ 141، والخصائص 2/ 383، وشرح ابن الناظم ص205، وشرح الأشموني 1/ 224، وهمع الهوامع 1/ 220. 412- البيت للأحوص في ديوانه ص190 "الهامش"، وخزانة الأدب 2/ 192، 3/ 131، والدرر 1/ 375، وشرح شواهد المغني 2/ 777، ولسان العرب 8/ 191، "شيع"، ومجالس ثعلب ص239، والمقاصد النحوية 1/ 527، وبلا نسبة في الخصائص 2/ 386، والدرر 2/ 412، 464، وشرح ديون الحماسة للمرزوقي ص805، ومغني اللبيب 2/ 356، 659، وهمع الهوامع 1/ 173، 230، 2/ 130، 140. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 532 "فصل": "للاسم" الواقع "بعد الواو خمس حالات:" إحداها: "وجوب العطف كما في" نحو: "كل رجل وضيعته، ونحو: اشترك زيد وعمرو، ونحو: جاء زيد وعمرو قبله أو بعده، لما بينا" من عدم تقدم جملة في الأول، ومن عدم الفضلية في الثاني؛ لأن الفعل لا يستغنى عنه؛ لأن الاشتراك لا يتأتى إلا بين اثنين، ومن عدم المصاحبة في الثالث. "و" ثانيها: "رجحانه" أي: العطف؛ على المفعول معه "كـ: جاء زيد وعمرو"، فيترجح العطف؛ "لأنه الأصل وقد أمكن بلا ضعف"، وإليه أشار الناظم بقوله: 314- والعطف إن يمكن بلا ضعف أحق ... .................................. ويجوز النصب على المفعول معه. "و" ثالثها: "وجوب المفعول معه، وذلك في نحو: ما لك وزيدًا, و: مات زيد وطلوع الشمس، لامتناع العطف في" المثال "الأول"، وهو "ما لك وزيدًا" "من جهة الصناعة"؛ لأنه لا يجوز العطف على الضمير المجرور، وهو الكاف في "لك" إلا بعد إعادة الجار، نحو: {وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ} [غافر: 80] وأجاز الكسائي فيه الجر1. قال الموضح في الحواشي: وبه أقول، لا على العطف بل على إضمار الجار لتقدم ذكره. ا. هـ. وفيه نظر؛ لأن الجار في الأمر العام المطرد إذا حذف زال عمله. فإن قلت: كما ينبغي أن يمتنع "ما لك2 وزيدًا"، كما امتنع "هذا لك وأباك" على الصحيح لعدم تقدم فعل، أو اسم فيه معنى الفعل وحروفه، قلت: لما اشتمل "ما لك وزيدًا" على ما يشتد طلبه للفعل، وهو "ما" الاستفهامية الإنكارية، وقدروا عاملًا بعدها، لشدة طلبها للفعل، والتقدير: ما كان لك وزيدًا، وهو أحد الوجهين في التسهيل3، وإلى هذا   1 انظر الارتشاف 2/ 288. 2 في "ط": "كان"، مكان "لك". 3 التسهيل ص99. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 533 أشار الناظم بقوله: 315- والنصب إن لم يجز العطف يجب ... ..................................... "و" لامتناع العطف "في" المثال "الثاني" وهو: مات زيد وطلوع الشمس، "من جهة المعنى"؛ لأن العطف يقتضي التشريك في المعنى وطلوع الشمس لا يقوم به الموت. "و" رابعها: "رجحانه" أي: المفعول معه "وذلك في نحو قوله:" [من الوافر] 413- "فكونوا أنتم وبني أبيكم" ... مكان الكليتين من الطحال و"الكليتان" بضم الكاف: لحمتان حمراوان لازقتان بعظم القلب عند الخاصرتين، عليهما لحم محيط بهما كالغلاف لهما، و"الطحال" بكسر الطاء1، "ونحو: قمت زيدا، لضعف العطف في الأول"، وهو: فكونوا أنتم وبني أبيكم، "من جهة المعنى"؛ لأنك إذا قلت: "كن أنت وزيد كالأخ" وعطفت "زيدًا" على الضمير في "كن" لزم أن يكون "زيد" مأمورًا، وأنت لا تريد أن تأمره، وإنما تريد أن تأمر مخاطبك بأن يكون معه كالأخ، قاله الموضح في شرح القطر2، وهو معنى قول ابن مالك3: لأن المراد: كونوا لبني أبيكم، فالمخاطبون هم المأمورون بذلك، وإذا عطفت كان التقدير: كونوا لهم وليكونوا لكم، وذلك خلاف المقصود. ا. هـ. وقال أبو البقاء: كان ينبغي أن النصب يجب، إذ ليس المعنى أنه أمر بني أبيهم بشيء, بل أمرهم بموافقة بني أبيهم، ويدل على ذلك أنه أكد الضمير بقوله: "أنتم"، ولو كان المانع من الرفع كون المعطوف عليه مضمرًا لجاز هنا. ا. هـ. وبقوله أقول. "و" لضعف العطف "في الثاني" وهو: قمت وزيدًا، "من جهة الصناعة"؛ لأنه لا يحسن العطف على الضمير المرفوع المتصل إلا بعد توكيده بضمير منفصل أو بأي   413- البيت لشعبة بن قمير في نوادر أبي زيد ص141، وللأقرع بن معاذ في سمط اللآلي ص914، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 243، والدرر 1/ 480، وسر صناعة الإعراب 1/ 126، 2/ 640، وشرح أبيات سيبويه 1/ 429، وشرح الأشموني 1/ 225، وشرح التسهيل 2/ 260، وشرح قطر الندى ص233، وشرح المفصل 2/ 48، والكتاب 1/ 198، واللمع ص143، ومجالس ثعلب ص125، والمقاصد النحوية 3/ 102، وهمع الهوامع 1/ 220. 1 بعده في "ط": "الذي عليه مركز القلب، وهو الصلب". 2 شرح قطر الندى ص232, 233. 3 شرح التسهيل 2/ 260. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 534 فاصل كان، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 314- ........................ ... والنصب مختار لدى ضعف النسق "و" خامسها: "امتناعهما" أي: العطف والمفعول معه "كقوله": [من الرجز] 414- "علفتها تبنا وماء باردًا" ... حتى شتت همالة عيناها "وقوله:" [من الوافر] 415- إذا ما الغانيات برزن يومًا ... "وزججن الحواجب والعيونا" "أما امتناع العطف" فيهما "فلانتفاء المشاركعة"؛ لأن الماء لا يشارك التبن في العلف، والعيون لا تشارك الحواجب في التزجيج؛ لأن تزجيج الحواجب تدقيقها وتطويلها، يقال: رجل أزج، وامرأة زجاء، إذا كان حاجباهما دقيقين طويلين. "وأما امتناع المفعول معه" فيهما "فلانتفاء المعية في "البيت الأول؛ لأن الماء لا يصاحب التبن في العلف، "وانتفاء فائدة الإعلام بها" أي: بمصاحبة العيون للحواجب "في" البيت "الثاني"، إذ من المعلوم أن العيون مصاحبة للحواجب، فلا فائدة في الإعلام بذلك. ويجب في ذلك إضمار فعل ناصب للاسم الواقع بعد الواو، وهو "ماء" في البيت الأول، و"العيون" في البيت الثاني "على أنه مفعول به"، والفعل المحذوف معطوف على الفعل المذكور، "أي" علفتها تبنا، و"سقيتها ماء"، وزججن الحواجب   414- الرجز بلا نسبة في لسان العرب 2/ 287، "زجج"، 3/ 367، "قلد" 9/ 255 "علف"، والأشباه والنظائر 2/ 108، 7/ 233، وأمالي المرتضى 2/ 259، والإنصاف 2/ 612، وأوضح المسالك 2/ 245، والخصائص 2/ 431، والدرر 2/ 413، وشرح الأشموني 1/ 226، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص1147، وشرح شذور الذهب ص240، وشرح شواهد المغني 1/ 58، 2/ 929، وشرح ابن عقيل 1/ 308، ومغني اللبيب 2/ 632، والمقاصد النحوية 3/ 101، وهمع الهوامع 2/ 130، وتاج العروس 24/ 182 "علف". 415- البيت للراعي النميري في ديوانه ص269، والدرر 1/ 483، وشرح شواهد المغني 2/ 775، ولسان العرب 2/ 278 "زجج" والمقاصد النحوية 3/ 91، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 3/ 212، 7/ 233، والإنصاف 2/ 610، وأوضح المسالك 2/ 432، وتذكرة النحاة ص617، وحاشية يس 1/ 432، والخصائص 2/ 432, والدرر 2/ 413, وشرح ابن الناظم ص206, وشرح الأشموني 1/ 226, وشرح عمدة الحافظ ص635، وكتاب الصناعتين ص182، ولسان العرب 1/ 422، "رغب"، ومغني اللبيب 1/ 357، وهمع الهوامع 1/ 222، 2/ 130. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 535 "وكحلن العيون، هذا قول الفارسي والفراء ومن تبعهما1"، وإليه أشار الناظم بقوله: 315- .................... ... أو اعتقد إضمار عامل تصب "وذهب الجرمي" بفتح الجيم، نسبة إلى بني جزم، ويلقب بالصياح2؛ لكثرة مناظرته في النحو، وصياحه، قاله ابن درستويه. "والمازني" بكسر الزاي؛ نسبة إلى بني مازن "والمبرد" بفتح الراء، قال ابن جني: وسبب تسميته بذلك أن المازني سأله عن مسائل. فأجاب عنها وأحسن، فقال: أنت المبرد؛ بكسر الراء؛ أي: أنت المثبت للحق. قال المبرد: فغير الكوفيون اسمي فجعلوه بفتح الراء، "وأبو عبيدة" بضم العين "والأصمعي" بفتح الميم؛ نسبة إلى جده أصمع، "و" أبو محمد "اليزيدي" بفتح الياء المثناة تحت وكسر الزاي "إلى أنه لا حذف، وأن ما بعد الواو" في البيتين "معطوف" على ما قبله "وذلك على تأويل العامل المذكور" قبلهما "بعامل يصح انصبابه عليهما" معًا انصبابة3 واحدة4، "فيؤول: زججن بـ: حسن" بتشديد السين؛ لأن التحسين يصح تسليطه على العيون والحواجب، فيقال: حسن العيون والحواجب. "و" يؤول "علفتها بـ: أنلتها" لأن الإنالة يصح تسليطها على التبن والماء، فيقال: أنلتها تبنًا وماء, فهو من باب التضمين واحتج الأولون القائلون بالحذف أنه لو كان التضمين لجاز علفتها ماء وتبنًا، كما ساغ علفتها تبنًا وماء، وقالوا: وهو غير سائغ. وأجيب بأن ما منعوه مسموع من العرب، كقول طرفة: [من الطويل] 416- ...................... ... لها سبب ترعى به الماء والشجر واختلف في التضمين أهو قياسي أم سماعي؟ والأكثرون على أنه قياسي، وضابطه أن يكون الأول والثاني يجتمعان في معنى عام، قاله المرادي في تلخيصه.   1 انظر قول الفارسي والفراء في الارتشاف 2/ 290. 2 في "ب", "ط": "النباح" كما في المزهر 2/ 428، عن ابن درستويه في شرح الفصيح. 3 في "ب": "انتصابه". 4 انظر ما قيل عن هؤلاء النحاة في الارتشاف 2/ 290، والمزهر 2/ 426-428. 416- صدر البيت: "أعمر بن هند ما ترى رأي صرمة" ، وهو لطرفة بن العبد في ديوانه ص47، وخزانة الأدب 3/ 140، وشرح شواهد المغني 2/ 929، ومغني اللبيب 2/ 632، والمقاصد النحوية 4/ 181. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 536 باب المستثنى مدخل ... باب المستشنى: "هذا باب المستثنى": وهو المخرج تحقيقًا أو تقديرا من مذكور أو متروك بـ"إلا" أو ما في معناها بشرط الفائدة، قاله في التسهيل1. فقوله: "المخرج" جنس يشمل المخرج بالبدل، نحو: "أكلت الرغيف ثلثه" وبالصفة نحو: "أعتق رقبة مؤمنة" وبالشرط نحو: "اقتل الذمي إن حارب"، وبالغاية نحو: {أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: 187] وبالاستثناء نحو: {فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ} [البقرة: 249] . وقوله: "تحقيقًا أو تقديرا" إشارة إلى قسمي المتصل والمنقطع. وقوله: "من مذكور أو متروك" إشارة إلى قسمي التام والمفرغ. وقوله: "بإلا" متعلق بالمخرج، وهو فصل يخرج به ما عدا المستثنى مما تقدم. وقوله: "أو ما في معناها" يشمل جميع أدوات الاستثناء. وقوله: "بشرط الفائدة" احتراز عن نحو: "جاءني ناس إلا زيدًا"، و"جاءني القوم إلا رجلًا" فإنه لا يفيد2. قال3 الشاطبي: ومعنى إخراجه ذكره بعد "إلا" مبين أنه لم يرد دخوله فيما تقدم، فبين ذلك للسامع بتلك القرينة، لا أنه كان مرادًا للمتكلم، ثم أخرجه، هذا حقيقة الإخراج عند أئمة اللسان سيبويه4 وغيره، وهو الذي لا يصح غيره. ا. هـ. وبه يتضح الحال، ويزول الإشكال. "للاستثناء أدوات ثمان"، وهي أربعة أقسام:   1 التسهيل ص101. 2 سقطت من "ط". 3 في "أ", "ط": "قاله". 4 الكتاب 2/ 310، 330. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 537 الأول: "حرفان، وهما "إلا" عند الجميع" من النحويين، "وحاشا؛ عند سيبويه1" وأكثر البصريين2. وذهب الجرمي والمازني والمبرد3 والزجاج والأخفش وأبو زيد والفراء وأبو عمرو الشيباني إلى أنها تستعمل كثيرًا حرفًا جارا، وقليلًا فعلا متعديا جامدا لتضمنه معنى "إلا"4. وذهب جمهور الكوفيين5 إلى أنها فعل دائما "ويقال فيها: حاش" بحذف الألف الأخيرة "و: حشا" بحذف الألف الأولى، وإليهما أشار الناظم بقوله: 331- ................... ... وقيل حاش وحشا فاحفظهما واعترض بأن "حاشا" الحرفية الاستثنائية لا يتصرف فيها بالحذف، وإنما ذلك في "حاشا" التنزيهية نحو: {حَاشَ لِلَّهِ} [يوسف: 31] وهذه عند المبرد وابن جني والكوفيين فعل، قالوا6: لتصرفهم فيها بالحذف، ولإدخالهم إياها على الحرف، وهذان الدليلان ينفيان الحرفية. قاله في المغني7. "و" الثاني "فعلان وهما: ليس" عند الجمهور، وذهب الفارسي8 وتبعه أبو بكر بن شقير إلى حرفيتها مطلقًا9، وذهب بعضهم10 إلى أنها في باب الاستثناء تكون حرفا ناصبًا للمستثنى بمعنى "إلا" "و: لا يكون" واعترض بأن المركب من حرف وفعل لا يكون فعلا، ويجاب بأنهما لما ركبا غلب الفعل الحرف لشرف الفعل، فسمي الجميع فعلًا. "و" الثالث "مترددان بين الحرفية والفعلية" تستعملان تارة حرفين وتارة فعلين، "وهما "خلا" عند الجميع" من النحويين، "و "عدا" عند غير سيبويه"، فإنه لم يحفظ فيها إلا الفعلية11.   1 الكتاب 2/ 309، 349. 2 الارتشاف 2/ 317، وهمع الهوامع 1/ 232. 3 المقتضب 4/ 391، 426. 4 انظر شرح ابن عقيل 1/ 323, 324. 5 همع الهوامع 1/ 232. 6 الإنصاف 1/ 278، المسألة رقم 37. 7 مغني اللبيب ص164, 165. 8 شرح الأبيات المشكلة الإعراب 1/ 9، والإيضاح العضدي 1/ 210. 9 انظر الجنى الداني ص494. 10 منهم المرادي، انظر الجنى الداني ص495. 11 الكتاب 2/ 348, 349. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 538 "و" الرابع "اسمان وهما "غير" و "سوى" بلغاتها، فإنه يقال" فيها: "سوى" بكسر السين والقصر "كـ: رضي، و: سوى" بضم السين والقصر، كـ"هدى، و: سواء" بفتح السين والمد، كـ"سَمَاء، و: سِواء" بكسر السين والمد, كـ"بناء، و" هذه الأخيرة "هي أغربها" وقل من ذكرها، وممن نص عليها الفارسي في الحجة1، وتبعه ابن الخباز في النهاية، ومنه أخذ ابن إياز، والحاصل أنها تمد مع الفتح، وتقصر مع الضم، ويجوز الكسر مع الوجهان، قاله في المغني2. "فإذا استثني بـ"إلا" وكان الكلام" قبلها "غير تام؛ وهو الذي لم يذكر معه المستثنى منه؛ فلا عمل لـ"إلا"، بل يكون الحكم عند وجودها" بالنسبة إلى العمل "مثله عند فقدها"، فإن كان ما قبلها يطلب مرفوعًا رفع ما بعدها، وإن كان يطلب منصوبًا لفظًا نصب، وإن كان يطلب منصوبًا محلا جر بجار يتعلق به، نحو: "ما قام إلا زيد، وما رأيت إلا زيد، وما مررت إلا بزيد"، ويسمى استثناء مفرغًا" لأن ما قبل "إلا" تفرغ لطلب ما بعدها، ولم يشتغل عنه بالعمل في غيره، والاستثناء في الحقيقة من عام محذوف، وما بعد "إلا" بدل من ذلك المحذوف، والتقدير: ما قام أحد إلا زيدًا, وما رأيت أحدا إلا زيدًا، وما مررت بأحد إلا بزيد، إلا أنهم حذفوا المستثنى منه، وأشغلوا العامل بالمستثنى، وسموه استثناء مفرغًا، "وشرطه" عندهم "كون الكلام غير إيجاب" وهو أن يتقدم عليه ما يخرجه عن الإيجاب. "وهو النفي نحو: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ} [آل عمران: 144] فما قبل "إلا" وهو "محمد" مبتدأ. والمبتدأ يطلب الخبر، فرفع ما بعد "إلا" وهو "رسول" على الخبرية. "والنهي نحو: {وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ} [النساء: 171] فما قبل "إلا" وهو "تقولوا" يطلب مفعولًا صريحًا فنصب ما بعد "إلا" وهو "الحق" على المفعولية، وتقدير المستثنى منه: ولا تقولوا على الله شيئًا إلا الحق. {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [العنكبوت: 46] فما قبل "إلا" وهو "تجادلوا" يطلب مجرورًا بالباء فجر بها ما بعد "إلا" وهو "التي" وتقدير المستثنى منه: ولا تجادلوا أهل الكتاب بشيء إلا بالتي هي أحسن. "والاستفهام الإنكاري" لما فيه من معنى النفي "نحو: {فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ} " [الأحقاف: 35] فما قبل "إلا" وهو "يهلك" المبني للمفعول يطلب مرفوعًا نائبًا عن   1 الحجة 1/ 248. 2 مغني اللبيب ص188. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 539 الفاعل، فرفع ما بعد "إلا" وهو "القوم" على النيابة عن الفاعل، وتقدير المستثنى منه: فهل يهلك أحد إلا القوم الفاسقون، والمعنى: ما يهلك إلا القوم الفاسقون. ولا يتأتى التفريغ في الإيجاب؛ لأنه يؤدي إلى الاستبعاد، لا نقول: رأيت إلا زيدًا؛ لأنه يلزم منك أنك رأيت جميع الناس إلا زيدًا، وذلك محال عادة، "فأما قوله تعالى: {وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ} [التوبة: 32] فحمل "يأبى"" في إفادة النفي "على "لا يريد" لأنهما" أي: لأن "يأبى" و"لا يريد" معناهما النفي فهما "بمعنى" واحد، والمعنى: لا يريد الله إلا إتمام نوره، فلا فرق في النفي بين أن يكون في اللفظ أو في المعنى. وإلى مسألة التفريغ أشار الناظم بقوله: 319- وإن يفرغ سابق إلا لما ... بعد يكن كما لو إلا عدما "وإن كان الكلام تاما"، وهو الذي يذكر فيه المستثنى منه، ففيه تفصيل، "فإن كان الكلام موجبًا" بفتح الجيم، وهو الذي لم يتقدم عليه نفي ولا شبهه "وجب نصب المستثنى" بـ"إلا" وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 316- ما استثنت إلا مع تمام ينتصب ... ................................... "نحو: {فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا} [البقرة: 249] فما قبل "إلا" وهو "شربوا" كلام تام؛ لأن المستثنى منه مذكور، وهو الواو في "شربوا"، وموجب لأنه لم يتقدم عليه نفي ولا شبهه، وما بعد "إلا" وهو "قليلا" واجب النصب على الاستثناء، ولا يجوز رفعه إلا بتأويل كما سيجيء، فأما قوله تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ} [الأنبياء: 22] بالرفع؛ فـ"إلا" فيه ليست للاستثناء، وإنما هي بمعنى "غير" فهي صفة لـ"آلهة"، ولكن نقل الإعراب منها لما بعدها لكونها على صورة الحرف، "وأما قوله" وهو الأخطل: [من البسيط] 417- وبالصريمة منهم منزل خلق ... "عاف تغير إلا النؤي والوتد" برفع "النؤي" و"الوتد" على الإبدال من الضمير المستتر في "تغير"، والقياس نصبهما؛ لأن الكلام موجب. "فحمل "تغير"" في إفادة النفي "على "لم يبق على حاله"؛ لأنهما" أي: لأن تغير ولم يبق معناهما النفي فهما "بمعنى" واحد. و"الصريمة"   417- البيت للأخطل في ديوانه ص114، وشرح شواهد المغني 2/ 670، وشرح عمدة الحافظ ص380، والمقاصد النحوية 3/ 103، وبلا نسبة في الارتشاف 2/ 313، وأوضح المسالك 2/ 255، وشرح ابن الناظم ص217، وشرح الأشموني 1/ 228، وشرح التسهيل 2/ 281، وشرح الكافية الشافية 2/ 709، ومغني اللبيب 1/ 276. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 540 بالصاد والراء المهملتين: كل رملة انصرمت من معظم الجبل. و"خلق" بفتحتين: بمعنى بال. و"عاف" بمعنى دارس، يقال: عفا المنزل إذا درس، وعفته الريح: درسته، يتعدى ولا يتعدى. و"النؤي" بنون مضمومة فهمزة ساكنة بوزن "قفل": حفيرة حول الخباء، تصنع لئلا يدخله المطر. و"الوتد" بكسر التاء: الخازوق، يدق في الأرض. واختلف في ناصب المستثنى بـ"إلا" على ثمانية أقوال1: أحدها: أنه نفس "إلا" وحدها، وإليه ذهب ابن مالك2، وزعم أنه مذهب سيبويه3 والمبرد4. والثاني: تمام الكلام، كما انتصب درهما بعد عشرين5. والثالث: الفعل المتقدم بواسطة "إلا"، وإليه ذهب السيرافي6 والفارسي7 وابن الباذش8. والرابع: الفعل المتقدم بغير واسطة "إلا"، وإليه ذهب ابن خروف9. والخامس: فعل محذوف من معنى "إلا" تقديره أستثني زيدا، وإليه ذهب الزجاج10. والسادس: المخالفة، وحكي عن الكسائي11. والسابع: "أن" بفتح الهمزة وتشديد النون محذوفة هي وخبرها، والتقدير: إلا زيدًا لم يقم، حكاه السيرافي عن الكسائي12.   1 الإنصاف 1/ 260، المسألة رقم 34، وهمع الهوامع 1/ 224. 2 شرح التسهيل 2/ 271-277. 3 الكتاب 2/ 310، 319. 4 المقتضب 4/ 390. 5 الارتشاف 2/ 322. 6 شرح التسهيل 2/ 277، وهمع الهوامع 1/ 224. 7 الإيضاح العضدي 1/ 205. 8 همع الهوامع 1/ 224. 9 شرح التسهيل 2/ 277، والارتشاف 2/ 300. 10 شرح التسهيل 2/ 278، وهمع الهوامع 1/ 224. 11 الارتشاف 2/ 300. 12 شرح التسهيل 2/ 279. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 541 والثامن: أن "إلا" مركبة من "إن" و"لا" ثم خففت "إن"، وأدغمت في اللام؛ حكاه السيرافي عن الفراء1. وزاد ابن عصفور2: فإذا انتصب ما بعدها فعلى تغليب حكم "إن" وإذا لم ينتصب فعلى تغليب حكم "لا"؛ لأنها عاطفة. "وإن كان الكلام" التام "غير موجب" ففيه تفصيل، "فإن كان الاستثناء متصلًا"، وهو ما يكون فيه المستثنى بعض المستثنى منه، وكان غير مردود به كلام تضمن معنى الاستثناء، وهو غير متراخ المستثنى من المستثنى منه، ولا متقدم عليه "فالأرجح اتباع المستثنى للمستثنى منه" في إعرابه للمشاكلة "بدل بعض" من كل "عند البصريين، وعطف نسق عند الكوفيين"؛ لأن "إلا" عندهم من حروف العطف في باب الاستثناء خاصة. قاله أبو حيان3. وهي عندهم بمنزلة "لا" العاطفة في أن ما بعدها مخالف لما قبلها. قاله في المغني4. ورد ثعلب كلا الوجهين من المذهبين. فقال5 في الرد على البصريين: كيف يكون بدلًا وهو موجب ومتبوعه منفي، والبدل لا بد أن يكون على وفق المبدل منه في المعنى. وأجاب الأبدي: بأن بدل البعض يكون الثاني فيه مخالفًا للأول في المعنى6، ألا ترى أنك إذا قلت: "رأيت القوم بعضهم" فيكون قولك أولا: "رأيت القوم" مجازا ثم بينت بعد ذلك من رأيت منهم، وكما جاز في النعت المخالفة نحو: "مررت برجل لا كريم ولا شجاع" جاز في البدل. وقال في الرد على الكوفيين: بأن "إلا" لو كانت عاطفة لم تباشر العامل في نحو: "ما قام إلا زيد" وليس شيء من أحرف العطف يباشر العوامل. قال في المغني7: وقد يجاب بأنه ليس تاليها في التقدير، إذ الأصل: ما قام أحد إلا زيد، ا. هـ. وإلى ترجيح الاتباع أشار الناظم بقوله: 316- ................. ... وبعد نفي أو كنفي انتخب   1 شرح التسهيل 2/ 279. 2 شرح الجمل 2/ 253, 254. 3 الارتشاف 2/ 294, 295، والنكت الحسان ص106, 107. 4 مغني اللبيب ص98. 5 شرح التسهيل 2/ 282، وشرح ابن الناظم ص216. 6 كذلك يرى السيرافي، انظر شرح ابن الناظم ص216. 7 مغني اللبيب ص99. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 542 317- إتباع ما اتصل ......... ... ................................ مثال النفي "نحو: {مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ} " [النساء: 66] بالرفع في قراءة السبعة غير ابن عامر1، فـ"قليل"2 بدل من الواو في "فعلوه" بدل بعض من كل عند البصريين، وهو في نية تكرير العامل، والتقدير: ما فعلوه إلا قليل منهم، وعطف نسق عند الكوفيين. وشبه النفي النهي والاستفهام، مثال النهي ""وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتُكَ"" [هود: 81] بالرفع3 في قراءة أبي عمرو وابن كثير، فـ"امرأتك" بدل من "أحد"، بدل بعض من كل، ولم يصرح معه بضمير؛ لأن قوة تعلق المستثنى بالمستثنى منه تغني عن الضمير غالبًا، ومثال الاستفهام " {وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ} " [الحجر: 56] بالرفع في قراءة الجميع، فـ"الضالون" بدل من الضمير المستتر في "يقنط" بدل بعض من كل، ولم يؤت معه بضمير لما قلنا. "والنصب عربي جيد وقد قرئ به في السبع في: قليل" من قوله تعالى: {مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ} [النساء: 66] "وفي: امرأتك" من قوله تعالى: {وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ} [هود: 81] ولا يتأتى الإتباع في الموجب. فأما قراءة بعضهم: "فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ" [البقرة: 249] بالرفع محمولة على أن "شربوا" في معنى: لم يكونوا4 منه، بدليل {فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي} [البقرة: 249] قاله في المغني5. وخرج بالمتصل المنقطع وسيأتي، وبغير المردود نحو: "ما قام القوم إلا زيدًا" بالنصب وجوبًا؛ ردا على من قال: "قام القوم إلا زيدًا" قصدًا للتطابق بين الكلامين، ولم يجز الإبدال، نقله المرادي عن السراج6، ورده ابن عصفور: وخرج بغير المتراخي "ما جاءني أحد حين كنت جالسًا هنا إلا زيدا" فإن البدل فيه غير مختار؛ لأن البدل إنما كان مختارًا لقصد التطابق بينه وبين المستثنى منه، ومع التراخي لا يظهر التطابق   1 قرأها ابن عامر "قليلا" بالنصب، وكذلك قرأ عيسى بن عمر وابن أبي إسحاق وأبي وأنس. انظر الإتحاف ص192، والنشر 2/ 250، وشرح ابن الناظم ص117. 2 في "ط": "فقيل". 3 الرسم المصحفي: {امْرَأَتَكَ} بالنصب، وقرأها بالرفع أبو عمرو وابن كثير، انظر الإتحاف ص259، والنشر 2/ 290. 4 بعده في "ط": "شربوا". 5 مغني اللبيب ص887. 6 الأصول 1/ 283. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 543 قاله الرضي1 وغيره2. وخرج بقيد التقدم "ما جاء إلا زيدًا القوم" فإنه لا يجوز الإبدال كما سيجيء. "وإذا تعذر الإبدال على اللفظ" لمانع "أبدل على الموضع، نحو: {لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} [الصافات: 35] ، ونحو: "ما فيها من أحد إلا زيد" برفعهما، و"ليس زيد بشيء إلا شيئًا لا يعبأ به" بالنصب". قال ابن مالك في شرح التسهيل3: رفعت4 البدل يعني الجلالة من اسم "لا"؛ لأنه في موضع رفع بالابتداء، ولم تحمله على اللفظ فتنصبه؛ "لأن "لا"، الجنسية لا تعمل في معرفة ولا في موجب". وتبعه على ذلك أبو حيان والمرادي وناظر الجيش والسمين، وهو مشكل، فإن اعتبار محل اسم "لا" على أنه مبتدأ قبل دخول "لا" قد زال بدخول الناسخ، كما قال الموضح في باب "إن"5 واعتبار محل "لا" مع اسمها على أنهما في محل مبتدأ عند سيبويه6 لا يتوجه عليه تقدير دخول "لا" على الجلالة. والمختار عند أبي حيان7 أن الجلالة بدل من الضمير المستتر في الخبر المحذوف العائد على اسم "لا"، و"زيد" في المثال الثاني مرفوع على البدلية من محل "أحد"؛ لأنه في موضع رفع بالابتداء، و"شيئًا" في المثال الثالث منصوب على البدلية من محل "شيء"؛ لأنه في موضع نصب على الخبرية لـ"ليس". ولم يجز خفضهما حملًا على اللفظ؛ لأنهما موجبان بدخول "إلا" عليهما، "و" لأن ""من" و"الباء" الزائدتين" بعد نفي أو شبهه لا يعملان في موجب "كذلك". فإن قلت: مقتضى قوله: "فالأرجح الاتباع" أن النصب على الاستثناء في هذه الأمثلة، مرجوح. قلت أما الأخيران فواضح ذلك فيهما، ويجوز فيهما الجر على الصفة، أنشد الكسائي: [من الكامل]   1 شرح الرضي 2/ 96. 2 منهم ابن مالك في شرح التسهيل 2/ 282، وسيبويه في الكتاب 2/ 319، وابن الناظم في شرحه 216. 3 شرح التسهيل 2/ 285. 4 بعده في "ب": "على". 5 أوضح المسالك 1/ 358. 6 الكتاب 2/ 317. 7 الارتشاف 2/ 302. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 544 418- أبني لبينى لستما بيد ... إلا يد ليست لها عضد بالخفض, وأما الأول فقد قال أبو القاسم السهيلي في أماليه. لا يجوز في نحو: {لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} [الصافات: 35] من نصب المستثنى ما جاز في نحو: {مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ} [النساء: 66] ، كما لم يجز في: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ} [النور: 6] إلا بالرفع، وذلك لنكتة بديعة لم ينبه عليها من حذاق النحويين إلا القليل, وهو أن النصب إنما حقه الإيجاب، فإذا دخل النفي على كلام قائم1، بنفسه جاز لك من النصب ما جاز قبل دخول النافي، وإذا دخل على كلام لا يستقيم تقديره عريا عنه تعين اعتبار حكم النفي، وامتنع اعتبار حكم الإيجاب. ا. هـ. "فإن قلت: "لا إله إلا الله واحد" فالرفع أيضًا" في "إله واحد" على البدل من المحل، ولا يجوز النصب حملًا على اللفظ، وإن كان البدل نكرة موصوفة "لأنها" موجبة لوقوعها بعد "إلا" و"لا" الجنسية "لا تعمل في موجب". "ولا يترجح النصب على الاتباع لتأخر صفة المستثنى منه عن المستثنى نحو: "ما فيها رجل إلا أخوك صالح" خلافًا للمازني" فإنه قال2: إذا تأخرت صفة المستثنى منه عن المستثنى فإنه يختار النصب. فتقول "ما فيها رجل إلا أخاك صالح"، فـ"رجل" مبتدأ تقدم خبره في المجرور قبله، و"صالح" نعت رجل المستثنى منه، و"أخاك" منصوب على الاستثناء، مقدم على صفة المستثنى منه، والأصل: ما فيها رجل صالح إلا أخاك. ونقل عن ابن الخباز في النهاية عن المازني أنه يوجب النصب، وأنه ينزل التقديم على الصفة منزلة التقديم على الموصوف؛ لأن المبدل منه يلغى في بعض الوجوه، والموصوف مرعي الجانب فتدافعا. والصواب ما نقله الموضح عنه، فقد قال أبو حيان3: إن ما نقله صاحب النهاية عن المازني غلط. وقال ابن مالك في شرح الكافية4: إذا تقدم المستثنى على صفة المستثنى منه ففيه مذهبان:   418- البيت لأوس بن حجر في ديوانه ص21، وشرح أبيات سيبويه 2/ 68، ولطرفة بن العبد في ديوانه ص45، وشرح المفصل 2/ 90، وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب ص441، والكتاب 2/ 317، والمقتضب 4/ 421، وشرح التسهيل 2/ 285، والارتشاف 2/ 303، 619. 1 في "ب", "ط": "تام ". 2 المقتضب 4/ 399، وشرح التسهيل 2/ 284. 3 الارتشاف 2/ 302. 4 شرح الكافية الشافية 2/ 706, 707. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 545 أحدهما: ألا يكترث بالصفة، بل يكون البدل كما يكون إذا لم تذكر الصفة، وذلك كقولك: "ما فيها رجل إلا أبوك صالح" كأنك لم تذكر صالحًا، هذا رأي سيبويه1. والثاني: ألا يكترث بتقديم الموصوف. بل يقدر المستثنى مقدما بالكلية على المستثنى منه، فيكون نصبه راجحًا، وهذا اختيار المبرد2. وعندي أن النصب والبدل عند ذلك مستويان؛ لأن لكل واحد منهم مرجحًا فتكافآ. ا. هـ. فلو أوقعت المستثنى بين صفتي المستثنى منه، نحو: "ما مررت بأحد خير من زيد3 إلا ابنك بر بوالديه" فظاهر4 أن الخلاف قائم فليتأمل5. "وإن كان الاستثناء منقطعا" وهو ما لا يكون المستثنى بعض المستثنى منه بشرط ألا يكون ما قبل "إلا" دالا على ما يستثنى، فيجوز: "قام القوم إلا حمارًا"، ويمتنع: "قام القوم إلا ثعبانًا"، وفي ذلك تفصيل؛ فإنه تارة يمكن تسليط العامل على المستثنى، وتارة لا يمكن، "فإن لم يكن تسليط العامل على المستثنى وجب النصب" في المستثنى "اتفاقًا" من الحجازيين والتميميين6، "نحو: ما زاد هذا المال إلا ما نقص"، فـ"ما" مصدرية، و"نقص" صلتها، وموضعهما نصب على الاستثناء. ولا يجوز رفعه على الإبدال من الفاعل؛ لأنه لا يصح تسليط العامل عليه. "إذ لا يقال: زاد النقص، ومثله" في القياس "ما نفع زيد إلا ما ضر، إذ لا يقال: نفع الضر". وزعم السيرافي ومبرمان في حواشيه أن المصدر المنسبك من "ما" والفعل هنا في موضع رفع على الابتداء وخبره محذوف، تقديره: ما زاد هذا المال لكن النقصان شأنه، وما نفع زيد ولكن الضر شأنه. وزعم الشلوبين أن المصدر هنا مفعول به حقيقة تقديره: ما زاد المال شيئا إلا النقصان، ثم فرغه له، وجعله متصلًا. ورد بأنه لا نسبة بين النقصان والزيادة. وزعم ابن الطراوة أن "ما" زائدة واستغني عن الواو، كما في قولك: "ما قام زيد إلا وقعد عمرو"7.   1 الكتاب 2/ 336. 2 في المقتضب 4/ 400: "والقياس عندي قول سيبويه" وهذا الرأي يخالف ما نسبه المؤلف هنا. 3 سقطت من "ب". 4 في "ب"، "ط": "فالظاهر". 5 بعده في "ط": "قاله الموضح في الحواشي". 6 انظر الارتشاف 2/ 303, 304. 7 انظر ما زعمه السيرافي ومبرمان والشلوبين وابن الطراوة في الارتشاف 2/ 304. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 546 "وأن أمكن تسليطه" أي: العامل؛ على المستثنى نحو: "ما قام القوم إلا حمارًا" إذ يصح أن يقال: "قام حمار" فالحجازيون يوجبون النصب1" لأنه لا يصح فيه الإبدال حقيقة من جهة أن المستثنى ليس من جنس المستثنى منه، "و" النصب "عليه قراءة السبعة: {مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ} " [النساء: 157] بنصب "اتباع"، "وتميم ترجحه، وتجيز الاتباع" ويقرءون: "إِلَّا اتِّبَاعُ الظَّنِّ" بالرفع2 على أنه بدل من العلم باعتبار الموضع، ولا يجوز أن يقرأ بالخفض على الإبدال منه باعتبار اللفظ؛ لما تقدم من أنه معرفة موجبة، و"من" الزائدة التي لا تعمل فيها، وإلى هذه المسألة أشار الناظم بقوله: 317- ........... وانصب ما انقطع ... وعن تميم فيه إبدال وقع "كقوله" وهو جران العود عامر بن الحارث: [من الرجز] 419- "وبلدة ليس بها أنيس" ... إلا اليعافير وإلا العيس فأبدل اليعافير والعيس من أنيس، و"إلا" الثانية مؤكدة للأولى، "واليعافير" جمع يعفور، وهو ولد البقرة الوحشية و"العيس" بكسر العين: جمع عيساء، كـ"البيض": جمع بيضاء، وهي الإبل البيض يخالط بياضها شيء من الشقرة، وذكر سيبويه في توجيه الرفع وجهين3:   1 الكتاب 2/ 323، وشرح التسهيل 2/ 287. 2 انظر شرح ابن الناظم ص216، وشرح التسهيل 2/ 286، وشرح الكافية الشافية 2/ 703، والكتاب 2/ 323، والمقتضب 4/ 413. 419- الرجز لجران العود في ديوانه ص97، وخزانة الأدب 10/ 15، 18, والدرر 1/ 487، وشرح أبيات سيبويه 2/ 140، وشرح المفصل 2/ 117، 3/ 27، 7/ 21, والمقاصد النحوية 3/ 107، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 91، والإنصاف 1/ 281، وأوضح المسالك 2/ 261، والجنى الداني ص164، وجواهر الأدب ص165، وخزانة الأدب 4/ 121، 123، 124، 7/ 363، 9/ 258، 314، ورصف المباني ص417، وشرح ابن الناظم ص217، وشرح الأشموني 1/ 229، وشرح التسهيل 2/ 286، وشرح شذور الذهب ص265، وشرح الكافية الشافية 1/ 514، وشرح المفصل 2/ 80، والكتاب 1/ 263، 2/ 322، ولسان العرب 6/ 198, "كنس", 15/ 433 "ألا", ومجالس ثعلب ص452, وهمع الهوامع 1/ 225, وتهذيب اللغة 15/ 426، وتاج العروس 16/ 455، "كنس"، "ألا"، و"الواو". 3 الكتاب 2/ 319, 320. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 547 أحدهما: أنهم حملوا ذلك على المعنى؛ لأن المقصود هو المستثنى، فالقائل: "ما في الدار أحد إلا حمار" المعنى فيه: ما في الدار إلا حمار، وصار ذكر "أحد" توكيدًا، ليعلم أنه ليس ثم آدمي، ثم أبدل من "أحد" ما كان مقصوده من ذكر الحمار. والوجه الثاني: أنه جعل الحمار إنسان الدار، أي: الذي يقوم مقامه في الأنس، كقوله: [من الوافر] 420- .................. ... تحية بينهم ضرب وجيع جعلوا الضرب تحيتهم؛ لأنه الذي يقوم مقام التحية عندهم. "وحمل عليه" أي: على اتباع المنقطع "الزمخشري1" قوله تعالى: {قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاّ اللَّهُ} [النمل: 65] فـ"من" في محل رفع على الفاعلية بـ"يعلم"، و"الغيب": مفعول به، و"الله" مرفوع على البدلية من "من" على لغة تميم، وهو استثناء منقطع؛ لعدم اندراجه في مدلول لفظه2 "من" لأنه تعالى لا يحويه مكان. وجوز السفاقسي3 أن يكون متصلًا، والظرفية في حقه تعالى مجازية، وفيه جمع بين الحقيقة والمجاز في الظرفية، وعلى هذا فيرتفع على البدل أو عطف البيان. وكلاهما ضعيف، قال ابن مالك4: والمخلص من هذين المحذورين أن يقدر: قل لا يعمل من يذكر في السموات والأرض. ا. هـ. وفي الآية وجه آخر ذكره في المغني5 وهو: أن يقدر "من" مفعولًا به، و"الغيب" بدل اشتمال، و"الله" فاعل، والاستثناء مفرغ. ا. هـ.   420- صدر البيت: "وخيل قد دلفت لها بخيل" ، وهو لعمرو بن معد يكرب في ديوانه ص149، وخزانة الأدب 9/ 252، 257، 258، 261، 262، 263، وشرح أبيات سيبويه 2/ 200، والكتاب 3/ 50، ونوادر أبي زيد ص150، وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب 1/ 345، والخصائص 1/ 368، وشرح المفصل 2/ 80، والكتاب 2/ 323، والمقتضب 2/ 20، 4/ 413. 1 الكشاف 3/ 149. 2 في "ب"، "ط": "لفظ". 3 انظر كتابه: غيث النفع في القراءات السبع ص314. 4 شرح التسهيل 2/ 288. 5 مغني اللبيب ص587. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 548 "فصل": "وإذا تقدم المستثنى على المستثنى منه وجب نصبه" عند البصريين "مطلقًا"، سواء أكان متصلًا أو منقطعا، وامتنع اتباعه؛ لأن التابع لا يتقدم على المتبوع، "كقوله" وهو الكميت يمدح بني هاشم: [من الطويل] 421- "وما لي إلا آل أحمد شيعة ... وما لي إلا مشعب الحق مشعب". والأصل: ما لي شيعة إلا آلا أحمد، وما لي مشعب إلا مشعب الحق، فلما قدم المستثنى على المستثنى منه وجب نصبه، وأراد بـ"أحمد" النبي صلى الله عليه وسلم, "وبعضهم" وهم الكوفيون والبغداديون "يجيز" في المستثنى إذا تقدم على المستثنى منه "غير النصب"، وهو الاتباع "في المسبوق بالنفي, فتقول: ما قام إلا زيد أحد". قال سيبويه1: "سمع يونس" بعض العرب الموثوق بهم يقول: "ما لي إلا أبوك ناصر"، بالرفع "وقال" حسان رضي الله عنه: [من الطويل] 422- لأنهم يرجون منه شفاعة ... "إذا لم يكن إلا النبيون شافع" بالرفع، "ووجهه أن العامل" وهو الابتداء في المثال، و"يكن" التامة في البيت "فرغ لما بعد "إلا"" وهو "أبوك" في المثال، و"النبيون" في البيت "وأن المؤخر" وهو "ناصر" في المثال، و"شافع" في البيت "عام" لوقوعه في سياق النفي "أريد به خاص،   421- البيت للكميت في شرح هاشميات الكميت ص50، والإنصاف ص275، وتخليص الشواهد ص82، وخزانة الأدب 4/ 314، 319، 9/ 138، وشرح أبيات سيبويه 2/ 135، وشرح قطر الندى ص246، ولسان العرب 1/ 502 "شعب"، واللمع في العربية ص152، والمقاصد النحوية 3/ 111، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 266، وشرح الأشموني 1/ 230، وشرح ابن عقيل 1/ 311، ومجالس ثعلب ص62، والمقتضب 4/ 398. 1 الكتاب 2/ 337، وانظر شرح ابن الناظم ص216. 422- البيت لحسان بن ثابت في ديوانه ص241، والدرر 1/ 488، وشرح ابن الناظم ص218، وشرح التسهيل 2/ 290، والمقاصد النحوية 3/ 114، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 268، وشرح الأشموني 1/ 299، وشرح ابن عقيل 1/ 602، وشرح الكافية الشافية 2/ 405، وهمع الهوامع 1/ 225. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 549 فصح إبداله من المستثنى" منه، "لكنه بدل كل" من كل لا بدل بعض. "ونظيره في أن المتبوع أخر" من تقديم، "وصار تابعًا" بعدما كان متبوعًا: "ما مررت بمثلك أحد" بالجر، والأصل: ما مررت بأحد مثلك، فـ"مثلك" تابع لـ"أحد" على أنه نعت له، فما قدم النعت على المنعوت أعرب النعت بحسب العامل، وأعرب المنعوت بدلًا من النعت، كقوله تعالى: {إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ، اللَّهِ} [إبراهيم: 1، 2] في قراءة الجر1، وإنما ألجأهم إلى دعوى أن المؤخر عام أريد به خاص، ولم يبقوه على عمومه؛ لأن الأعم لا يبدل من الأخص. قال ابن الضائع2: الوجه أن يقال هو بدل من الاسم مع "إلا" مجموعين، فيكون بدل شيء من شيء لعين واحدة، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 318- وغير نصب سابق في النفي قد ... يأتي ولكن نصبه اختر إن ورد   1 كما في الرسم المصحفي، وقرأها "الله" بالرفع: نافع وابن عامر وأبو جعفر والحسن، انظر الإتحاف ص271، والكشاف 2/ 365، والنشر 2/ 398. 2 في "ط": "الصائغ"، وانظر قول ابن الضائع في الارتشاف 2/ 307. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 550 "فصل": "وإذا تكررت "إلا" فإن كان التكرار للتوكيد، وذلك إذا تلت" واوً "عاطفًا، أو تلاها اسم مماثل لما قبلها". أو بعضه، أو مشتمل عليه، أو مضرب إليه عنه "ألغيت" جواب الشرط الثاني؛ وهو جوابه جواب الشرط الأول؛ ويشملها قول الناظم: 320- وألغ إلا ذات توكيد ......... ... .................................. "فالأول": وهو العطف، "نحوم: ما جاءني إلا زيد وإلا عمرو، فما بعد "إلا" الثانية" وهو "عمرو" "معطوف بالواو على ما قبلها" وهو "زيد" عطف نسق، "و"إلا" الثانية زائدة للتوكيد"، والأصل: ما جاءني إلا زيد وعمرو. "والثاني": هو البدل بأقسامه الأربعة: فبدل المماثل؛ وهو بدل الكل من الكل؛ "كقوله" أي الناظم: 320- ............... لا ... "تمرر بهم إلا الفتى إلا العلا" "بالمد، "فـ"الفتى" مستثنى من الضمير المجرور بالباء" وهو الهاء والميم "فالأرجح" في "الفتى" "كونه تابعًا له في جره"، وعلامة جره كسرة مقدرة على الألف. "ويجوز" على مرجوح "كونه" أي: الفتى "منصوبًا" بـ"إلا" "على الاستثناء". وعلامة نصبه فتحة مقدرة على الألف. "و"العلا" بدل من "الفتى" بدل كل من كل؛ لأنهما لمسمى واحد. و"إلا" الثانية" زائدة "مؤكدة" لـ"إلا" الأولى. وبدل البعض من كله نحو: "ما أعجبني أحد إلا زيد إلا وجهه"، فـ"زيد" مستثنى من "أحد" فالأرجح في كونه تابعًا له، ويجوز نصبه على الاستثناء. و"وجهه": بدل من "زيد" بدل بعض من كل. وبدل الاشتمال نحو: "ما أعجبني شيء إلا زيد إلا علمه"، فـ"زيد" مستثنى من "شيء" ففيه الوجهان. و"علمه" بدل من "زيد" بدل اشتمال. وبدل الإضراب نحو: "ما أعجبني أحد إلا زيد إلا عمرو"، فـ"زيد" الجزء: 1 ¦ الصفحة: 551 مستثنى من "أحد"، و"عمرو" بدل من "زيد" بدل الإضراب، والمعنى: بل عمرو. "وقد اجتمع العطف والبدل في قوله": [من الرجز] 423- "ما لك من شيخك إلا عمله ... إلا رسيمه وإلا رمله" فـ"رسيمه" بفتح الراء وكسر السين المهملتين "بدل" من "عمله" بدل بعض من كل عند السيرافي1. "و "رمله"" بفتح الراء والميم "معطوف" على "رسيمه". وذهب ابن خروف2 إلى أن "رسيمه" و"رمله" بدل تفصيل من "عمله"، وهما كل العمل، "و"إلا" المقترنة بكل منهما" زائدة مؤكدة. و"الرسيم" و" الرمل": ضربان من السير، والرسيم في السعي: الركض، والرمل في الطواف: الإسراع. "وإن كان التكرار لغير توكيد" وهو التأسيس "وذلك في غير بابي العطف والبدل؛ فإن كان العامل الذي قبل "إلا" مفرغًا" بأن لم يشتغل بمعمول قبل "إلا" "تركته يؤثر في واحد من المستثنيات" على ما يقتضيه من رفع أو نصب أو جر، "ونصبت" وجوبًا على الاستثناء "ما عدا ذلك الواحد" الذي أثر فيه العامل، "نحو: ما قام إلا زيد إلا عمرًا إلا بكرًا، رفعت الأول" وهو زيد3 "بالفعل" وهو قام "على أنه فاعل" له، "ونصبت الباقي" من المستثنيات؛ وهو "عمرو" و"بكر"؛ على الاستثناء. "ولا يتعين" المستثنى "الأول لتأثير العامل" فيه، "بل يترجح"، لقربه من العامل. "وتقول: "ما رأيت إلا زيدًا إلا عمرا إلا بكرًا" فتنصب واحدا منها بالفعل على أنه مفعول به، وتنصب الباقي" من المستثنيات "بـ"إلا" على الاستثناء"، ولا يتعين المستثنى الأول لتأثير العامل، بل يترجح، فما كان منصوبًا بالفعل لا يطرقه الخلاف المتقدم في ناصب المستثنى، وما كان منصوبًا على الاستثناء يطرقه الخلاف المتقدم، وتقول: "ما مررت إلا بزيد إلا عمرًا إلا بكرًا"، فتخفض واحدا منها بـ"الباء" وتعلقها بالفعل، وتنصب الباقي، ولا يتعين الأول للجر، بل يترجح4، وذلك مستفاد من قول الناظم:   423- الرجز بلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 272، والدرر 1/ 492، ورصف المباني ص89، وشرح الأشموني 1/ 232، وشرح ابن عقيل 1/ 606، وشرح التسهيل 2/ 296، وشرح الكافية الشافية 2/ 712، والكتاب 2/ 341، والمقاصد النحوية 3/ 117، وهمع الهوامع 1/ 227. 1 انظر حاشية الصبان 2/ 151. 2 شرح التسهيل 2/ 295, 296, وشرح ابن عقيل 1/ 314. 3 بعده في "أ": "على الاستثناء". 4 الكتاب 2/ 338، والارتشاف 2/ 310. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 552 321- وإن تكرر لا لتوكيد فمع ... تفريغ التأثير بالعامل دع 322- في واحد مما بإلا استثني ... وليس عن نصب سواه مغني وإن "كان العامل غير مفرغ" بأن اشتغل بما يقتضيه قبل "إلا" فإن تقدمت المستثنيات" كلها "على المستثنى منه نصبت كلها" على الاستثناء وجوبًا، "نحو: ما قام إلا زيدا إلا عمرًا إلا بكرًا أحد"، فـ"أحد" فاعل" قام"، وهو المستثنى منه. وتقدم عليه جميع المستثنيات، ولا يجوز في شيء منها الاتباع، لما مر من أن التابع لا يتقدم على المتبوع, وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 323- ودون تفريغ مع التقدم ... نصب الجميع احكم به والتزم "وإن تأخرت" المستثنيات كلها عن المستثنى منه "فإن كان الكلام إيجابًا نصبت أيضًا كلها" وجوبًا "نحو: قاموا إلا زيدا إلا عمرًا إلا بكرًا"، لما مر من أن جواز الاتباع مختص بغير الإيجاب، "وإن كان" الكلام "غير إيجاب أعطي واحد منها" أي: من المستثنيات "ما يعطاه لو انفرد" من نصب واتباع، "ونصب ما عداه" وجوبًا "نحو: "ما قاموا إلا زيد1 إلا عمرًا إلا بكرًا"، لك في واحد منها الرفع راجحًا والنصب مرجوحًا، ويتعين في الباقي" من المستثنيات "النصب، ولا يتعين الأول لجواز الوجهين بل يترجح"، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 324- وانصب لتأخير وجئ بواحد ... منها كما لو كان دون زائد وأجاز الأبدي رفع الجميع على الإبدال2. "هذا حكم المستثنيات المكررة بالنظر إلى اللفظ" من حيث الإعراب. "وأما بالنظر إلى المعنى" من حيث المفهوم "فهي نوعان: ما لا يمكن استثناء بعضه من بعض كـ: زيد، و: عمرو، و: بكر" في الأمثلة السابقة، فإن كل واحد منها لا يدخل فيه غيره، فلا يستثنى منه شيء، "وما يمكن" استثناء بعضه من بعض كالأعداد، "نحو: له عندي عشرة إلا أربعة إلا اثنين إلا واحدًا" فإن كل واحد من هذه الأعداد يدخل فيه غيره، فيستثنى منه. "ففي النوع الأول" وهو ما لا يمكن استثناء بعضه من بعض "إن كان المستثنى الأول داخلًا" في الحكم "وذلك إذا كان مستثنى من غير موجب فما بعده"   1 في "ب", "ط": "زيدًا". 2 الارتشاف 2/ 311، وهمع الهوامع 1/ 228. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 553 من المستثنيات "داخل" في الحكم كذلك، نحو: "ما قام أحدا إلا زيدا إلا عمرًا إلا بكرًا" فـ"زيد" هو المستثنى الأول، وهو داخل في إثبات القيام له؛ لأن الاستثناء من النفي إثبات، و"عمرو" و"بكر" داخلان كذلك. "وإن كان" المستثنى الأول "خارجًا" عن الحكم "وذلك إذا كان مستثنى من موجب؛ فما بعده خارج" نحو: "قام القوم إلا زيدًا إلا عمرًا إلا بكرًا" فـ"زيد" هو المستثنى الأول، وهو خارج عن الحكم؛ لأن القيام منفي عنه؛ لأن الاستثناء من الإثبات نفي "وعمرو" و"بكر" خارجان كذلك، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 325- ...................... ... وحكمها في القصد حكم الأول "وفي النوع الثاني": وهو ما يمكن استثناء بعضه من بعض، النحاة "اختلفوا" على ثلاثة أقوال: "فقيل: الحكم كذلك" وهو إن كان الأول داخلًا فما بعده داخل، وإن كان خارجًا فما بعده خارج "وإن الجميع" من المستثنيات" "مستثنى من أصل العدد"، وهو قول الصيمري، وتبعه القاضي أبو يوسف، ويمكن إدراجه في قول الناظم: 325- ....................... ... وحكمها في القصد حكم الأول "وقال البصريون والكسائي1: كل من الأعداد" المستثنيات "مستثنى مما يليه"، أي: من الذي قبله، والذي قبله مستثنى من الذي قبله، وهكذا حتى ينتهي الأول، "و" هذا القول "هو الصحيح؛ لأن الحمل على الأقرب متعين على التردد". "وقيل: المذهبان" المتقدمان "محتملان" أي: يحتمل عود المستثنيات كلها إلى الأول، وأن الجميع مستثنى من أصل العدد. ويحتمل عود كل منهما إلى ما يليه حتى تنتهي إلى الأول، وصححه بعض المغاربة، وقال: إلا أن الأظهر فيه أن يكون استثناء من استثناء "وعلى هذا" الخلاف "فالمقر به في المثال" المذكور؛ وهو "له عني عشرة إلا أربعة إلا اثنين إلا واحدا" "ثلاثة على القول الأول" وهو أن الجميع مستثنى من أصل العدد؛ فتكون الأربعة والاثنان والواحد؛ ومجموعها سبعة مخرجة من أصل العدد، وهو عشرة، يبقى ثلاثة. "وسبعة على القول الثاني" وهو أن كلا من الأعداد مستثنى مما يليه؛ فإذا استثني واحد من اثنين يبقى واحد، وإذا استثني الباقي من الأربعة يبقى ثلاثة، وإذا استثني الثلاثة الباقية من العشرة يبقى سبعة. "ومحتمل لهما" أي: للثلاثة، والسبعة "على" القول "الثالث"، وتوجيهه يعرف مما تقدم. "ولك في معرفة   1 انظر الارتشاف 2/ 312، وهمع الهوامع 1/ 228، وشرح ابن الناظم ص221. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 554 المتحصل على القول الثاني" للبصريين والكسائي "طريقتان1: إحداهما: أن تسقط" المستثنى "الأول، وتجبر الباقي" بالمستثنى "الثاني" أي: تزيده عليه "وتسقط" المستثنى "الثالث، وإن كان معك" مستثنى "رابع فإنك تجبر به" الثالث، "وهكذا" تفعل إلى أن تنتهي "إلى" المستثنى "الأخير". فالمستثنى الأول في المثال المذكور "أربعة" فأسقطها من العشرة يبقى ستة، فأجبرها بالمستثنى الثاني؛ وهو اثنان؛ تصير ثمانية، فأسقط منها الثالث؛ وهو واحد؛ يبقى سبعة. "و" الطريق "الثانية" من الطريقتين "أن تَحُطّ" المستثنى "الآخر مما يليه ثم باقيه مما يليه، وهكذا" تفعل حتى تنتهي "إلى الأول" فما تحصل فهو الباقي، ففي المثال المذكور تحط واحدا من اثنين, يبقى واحد, تحطه من الأربعة, يبقى ثلاثة تحطها من العشرة, يبقى سبعة. وبقي طريق ثالث, وهو أن تجعل كل وتر خارجا وكل شفع داخلا, وما اجتمع فهو الحاصل, ففي المثال المتقدم أخرج أبعة وواحدًا، وأدخل اثنين، يبقى سبعة، وإيضاحه أن تقول له: عندي مائة إلا خمسين إلا عشرين إلا خمسة، أخرج المستثنى الأول والثالث وما أشبههما في الوترية، وأدخل الثاني والرابع وما أشبههما في الشفعية، فالباقي بعد الاستثناء بالعمل المذكور خمسة وستون, وذلك لأنا أخرجنا من المائة "خمسين"؛ لأنها أول المستثنيات، فهي إذن وتر، وأدخلنا "العشرين" لأنها ثاني المستثيات، فهي إذن وتر، فصار الباقي ستين، ثم أدخلنا خمسة؛ لأنها رابع المستثنيات، فهي إذن شفع، فصار الباقي خمسة وستين، وما زاد من المستثنيات عومل بهذه المعاملة. قاله ابن مالك في شرح التسهيل2.   1 شرح ابن الناظم ص221. 2 شرح التسهيل 2/ 296, 297. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 555 "فصل": "وأصل "غير" أن يوصف بها" لما فيها من معنى اسم الفاعل ألا ترى أن قولك: "زيد غير عمرو"، معناه: "مغاير لـ"عمرو"، والموصوف بها "إما نكرة" محضة "نحو: {صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ} " [فاطر: 37] فـ"غير" وصف "صالحًا"، ولا أثر لإضافتها إلى الموصول؛ لأنها لا تتعرف بالإضافة. "أو" يوصف بها "معرفة" لفظًا "كالنكرة" معنى "نحو": {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ " غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ "} [الفاتحة: 7] على القول: بأن "غير المغضوب" صفة لـ"الذين أنعمت عليهم"، "فإن موصوفها "الذين" وهم جنس" مبهم "لا قوم بأعيانهم". وذهب السيرافي إلى أن "غير" تتعرف بالإضافة إذا وقعت بين شيئين متضادين، كما في قولهم: "الحركة غير السكون"، فعلى قوله "غير" في الآيتين بدل لا صفة. "وقد تخرج" "غير" "عن الصفة، وتتضمن معنى "إلا" فيستثنى بها اسم مجرور بإضافتها إليه"، كما تخرج "إلا" من الاستثناء، وتتضمن معنى "غير" فيوصف بها جمع منكر قبلها، نحو: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ} [الأنبياء: 22] أي: غير الله، فلما حملت "إلا" على "غير" انتقل إعراب "غير" إلى الاسم الذي بعد "إلا"، كما انتقل إعراب الاسم الذي بعد "إلا" إلى "غير" في الاستثناء، فيعرب الاسم الذي بعد "إلا" بما يستحقه، "وتعرب هي" أي: "غير" نفسها "بما يستحقه المستثنى بـ"إلا" في ذلك الكلام فيجب نصبها" في أربع مسائل: الأولى: إذا كان الكلام تاما موجبًا كما "في نحو: قاموا غير زيد". "و" الثانية: إذا كان الاستثناء منقطعًا ولم يمكن1 تسليط العامل على المستثنى كما في نحو: ""ما نفع هذا المال غير الضرر"، عند الجميع" في المسألتين.   1 في "ب": "أمكن". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 556 "و" الثالثة: إذا كان الاستثناء منقطعًا، وأمكن تسليط العامل على المستثنى كما "في نحو: "ما فيها أحد غير حمار"، عند الحجازيين". "و" الرابعة: إذا تقدم المستثنى على المستثنى منه "عند الأكثر في نحو: ما فيها غير زيد أحد". "ويترجح" نصبها في مسألتين: إحداهما: "عند قوم" من الكوفيين والبغداديين "في نحو هذا المثال" المتقدم، وهو "ما فيها غير زيد أحد". "و" الثانية: "عند تميم" في الاستثناء المنقطع الذي يمكن فيه تسليط العامل على المستثنى، "نحو: ما فيها أحد غير حمار". "ويضعف" نصبها "في" مسألة واحدة، وهي ما إذا كان الكلام تاما غير موجب، "نحو: ما قاموا غير زيد". وحيث نصبت فناصبها ما قبلها من العوامل على الحال، وفيها معنى الاستثناء، وهو ظاهر مذهب سيبويه1، وإليه ذهب الفارسي في التذكرة2. "ويمتنع" نصبها "في" مسألة واحدة، وهي إذا ما كان العامل3 مفرغًا، "نحو: ما قام غير زيد". وفي الصحاح4: قال الفراء: بعض بني أسد وقضاعة ينصبون "غيرا" إذا كانت في معنى "إلا" تم الكلام قبلها أم لم يتم، يقولون: "ما جاءني غيرك"، و"ما جاءني أحد غيرك". انتهى بلفظه. وإذا كان الفراء نقل ذلك عن العرب فكيف يسوغ منعه؟ قاله الموضح في الحواشي. وأقول: لا شاهد في تمثيله، لجواز أن تكن الفتحة في "غيرك" فتحة بناء لإضافتها إلى المبني، وإلى مسألة "غير" أشار الناظم بقوله: 326- واستثن مجرورًا بغير معربا ... بما لمستثنى بإلا نسبا وتفارق "غير" "إلا" في خمس مسائل إحداها: أن "إلا" تقع بعدها الجمل دون "غير".   1 الكتاب 2/ 343. 2 وهو رأي ابن مالك أيضًا، انظر شرح التسهيل 2/ 278. 3 في "ب": "الكلام". 4 الصحاح "غير". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 557 الثانية: أنه يجوز أن يقال: "عندي درهم غير جيد" على الصفة، ويمتنع "عندي درهم إلا جيد". الثالثة: أنه يجوز أن يقال: "قام غير زيد" ولا يجوز "قام إلا زيد". الرابعة: أنه يجوز أن يقال: "ما قام القوم غير زيد وعمرو"، بجر "عمرو" على لفظ "زيد"، ورفعه حملًا على المعنى؛ لأن المعنى: ما قام إلا زيد وعمرو، ومع "إلا" لا يجوز إلا مراعاة اللفظ. الخامسة: أنه يجوز "ما جئتك إلا ابتغاء معروفك" بالنصب، ولا يجوز مع "غير" إلا بالجر نحو: "ما جئتك لغير ابتغاء معروفك". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 558 "فصل": "والمستثنى بـ"سوى"" بلغاتها "كالمستثنى بـ"غير" في وجوب الخفض"، ولم يذكر سيبويه الاستثناء بها، قاله1 أبو حيان2، "ثم قال" أبو القاسم "الزجاجي3" في الجمل4، "وابن مالك5: سوى كـ"غير" معنى وإعرابًا"، وإليه أشار الناظم بقوله: 327- ولسوى سوى سواء اجعلا ... على الأصح ما لغير جعلا "ويؤيدهما حكاية الفراء6: أتاني سواك", وقوله: [من الكامل] 424- ................ ... فسواك بائعها وأنت المشتري "وقال سيبويه7 والجمهور: هي ظرف" للمكان بمعنى "وسط"، غير متصرف "بدليل وصل الموصول بها كـ: جاء الذي سواك" فليست هنا بمعنى "غير"؛   1 في "ط": "قال". 2 النكت الحسان ص105. 3 في جميع النسخ "الزجاج" وهو تحريف. 4 الجمل ص230-232. 5 شرح التسهيل 2/ 314، وشرح الكافية الشافية 2/ 716. 6 شرح ابن الناظم ص223، وشرح التسهيل 2/ 315. 424- صدر البيت: "وإذا تباع كريمة أو تشترى" ، وهو لابن المولى محمد بن عبد الله في الدرر 1/ 432، والحماسة البصرية 1/ 184، والحماسة المغربية ص319، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي 1761، ومعجم الشعراء ص342، والمقاصد النحوية 3/ 125، وبلا نسبة في الأغاني 10/ 145، وشرح ابن الناظم ص223، وشرح ابن عقيل 1/ 613، وشرح التسهيل 2/ 315، وشرح الكافية الشافية 2/ 718، وهمع الهوامع 1/ 202. 7 الكتاب 1/ 407، 2/ 350. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 559 لأن "غيرًا" لا تدخل ههنا إلا والضمير قبلها، يقولون: "جاء الذي هو غيرك"، فلما وصلوا "سوى" بغير ضمير ادعى أنها ظرف، والتقدير: جاء الذي استقر مكانك. "قالوا: ولا تخرج عن النصب على الظرفية إلا في الشعر، كقوله" وهو شهل؛ بالمعجمة؛ ابن سنان: [من الهزج] 425- "ولم يبق سوى العدوا ... ن دناهم كما دانوا" فجعلها فاعلا في الشعر. "والعدوان" بضم العين المهلة: الظلم الصريح. و"دناهم" بكسر الدال: جازيناهم. و"دانوا": جازوا. ومنه: "كما تدين تدان1". وقال الكوفيون: تستعمل "سوى" اسمًا وظرفا، فيجيزون في السعة: "أتاني سواك"، قاله المطرزي. "وقال الرماني و" أبو البقاء "العكبري: تسعمل ظرفًا غالبا، وكـ"غير" قليلا2". قال الموضح: وإلى هذا المذهب أذهب؛ لأنه أخلص3.   425- البيت للفند الزماني "شهل بن شيبان" في أمالي القالي 1/ 260، وحماسة البحتري ص56، وخزانة الأدب 3/ 431، والدرر 1/ 433، وسمط اللآلي ص940، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي 35، وشرح شواهد المغني 2/ 945، والمقاصد النحوية 3/ 122، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 281، وشرح ابن الناظم ص223، وشرح الأشموني 1/ 236، وشرح ابن عقيل 1/ 613، وشرح التسهيل 2/ 315، 3/ 285، وشرح الكافية الشافية 2/ 719، وهمع الهوامع 1/ 202. 1 مجمع الأمثال 2/ 155، 162، وجمهرة الأمثال 2/ 136، 168، والمستقصى 2/ 231. 2 الارتشاف 2/ 326. 3 الإنصاف 1/ 294 المسألة رقم 39. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 560 "فصل": "والمستثنى بـ"ليس" و"لا يكون" واجب النصب؛ لأنه خبرهما، وفي الحديث: "ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوا"؛ أي: كلوا ما ذكر اسم الله عليه "ليس السن والظفر" 1" بنصبهما؛ لأنهما مستثنيان من فاعل "أنهر" المستتر فيه، وما بينهما اعتراض، و"الإنهار": الإسالة، شبه خروج الدم يجري الماء في النهر. "وتقول: أتوني لا يكون زيدًا" بالنصب، فـ"السن" في الحديث، و"زيدًا" في المثال خبران لـ"ليس" و"لا يكون"، "واسمهمها ضمير مستتر" فيهما "عائد على اسم الفاعل المفهوم من الفعل السابق" عند سيبويه2، كا قاله الموضح في الحواشي. "أو" عائد على "البعض المدلول عليه بكله السابق" عند جمهور البصريين3، أو عائد على المصدر المدلول عليه بالفعل تضمنا عند الكوفيين4 "فتقدير: قاموا ليس زيدًا": ليس هو، أي: "ليس القائم" زيدًا على القول الأول، ورد بأنه غير مطرد لتخلفه في نحو: "القوم إخوتك ليس زيدا"،"أو" ليس هو، أي: "ليس بعضهم" زيدًا على القول الثاني، وفيه بعد لإطلاقهم حينئذ البعض على الجميع إلا واحدًا، قال الموضح في شرح اللمحة على الكلام على "عدا" و"خلا". أو ليس هون أي: ليس قيامهم قيام زيد، فحذف المضاف، وأقيم المضاف إليه مقامه على القول الثالث، ورد بما5 رد به الأول. وبأن فيه تقدير محذوف لم يلفظ به قط. "وعلى" القول "الثاني" وهو كونه ضميرًا يعود على بعض المدلول عليه بالكل "فهو نظير {فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً} [النساء: 11] بعد تقدم ذكر الأولاد" الشامل للذكور والإناث، فالنون في "كن" اسمها وهو عائد على الإناث   1 أخرجه البخاري في كتاب الشركة برقم 2356. 2 الكتاب 2/ 347. 3 منهم سيبويه في الكتاب 2/ 347، والمبرد في المقتضب 4/ 428. 4 الارتشاف 2/ 320. 5 في "ط": "ربما" مكان "رد بما". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 561 اللاتي هن بعض الاولاد المتقدم ذكرهم في قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} [النساء: 11] فإنه في قوة أولادكم الذكور والإناث. و"نساء" خبر "كن". فإن قلت: لا فائدة في قول القائل: فإن كن الإناث نساء. قلت: الفائدة حصلت بوصفه بالظرف بعده. فإن قلت: إذا كان محط الفائدة هو الظرف فما فائدة ذكر نساء؟ قلت: فائدته التوطئة للوصف بعده، وباب التوطئة يجري في الصفة والخبر والحال. "وجملتا الاستثناء" من "ليس زيدا" و"لا يكون زيدًا" "في موضع نصب على الحال من" المستثنى منه. فإن قلت: كيف حكم على جملة "ليس" بأنها حال، والفعل الماضي لا يقع حالًا إلا مع "قد" ظاهرة أو مقدرة؟ قلت هذه مستثناة كما قال أبو حيان في النكت الحسان1 بحثًا. "أو مستأنفتان فلا موضع لهما" من الإعراب، فإن قلت: دعوى الاستئناف تخل بالمقصود، قلت: لا يعنون بالاستئناف عدم تعلقها بما قبلها في المعنى بل في الإعراب فقط؛ وذلك لأن هذه الجملة وقعت موقع "إلا زيدًا" فكما أن "إلا زيدًا" لا موضع له من الإعراب مع تعلقه بما قبله فكذلك هذه، وإليهما أشار الناظم بقوله: 328- واستثن ناصبًا بليس ......... ... ..................................... ثم قال: 328- ..................... ... ....... ويبكون بعد لا   1 النكت الحسان ص104. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 562 "فصل": "وفي المستثنى بـ"خلا" و"عدا" وجهان: أحدهما: الجر على أنهما حرفا جر"، وإليهما الإشارة بقول الناظم: 329- واجرر بسابقي يكون إن ترد ... .................................... "وهو قليل، و" لقلته "لم يحفظه في سيبويه في "عدا" ومن شواهده قوله": [من الوافر] 426- تركنا في الحضيض بنات عوج ... عواكف قد خضعن إلى النسور "أبحنا حيهم قتلا وأسرا ... عدا الشمطاء والطفل الصغير" والقوافي مجرورة، فـ"الشمطاء" مجرورة بـ"عدا"،وهي أنثى الأشمط: وهو الذي يخالط سواد شعره بياض. و"حيهم" بالياء المثناة تحت: مفعول "أبحنا" من الإباحة، و"قتلا" تمييز محول عن المفعول. وقول الآخر: [من الطويل] 427- خلا الله لا أرجو سواك وإنما ... أعد عيالي شعبة من عيالكا بجر الجلالة، و"خلا" و"عدا" موضعهما" جارين "نصب"، ثم اختلف "فقيل: هو نصب عن تمام الكلام"، فيكون الناصب لموضعها هو الجملة المتقدمة عليهما التي انتصبا عن تمامها، كما قيل به في التمييز الرافع لإبهام النسبة "إن العامل فيه هو الجملة   426- البيتان بلا نسبة في أوضح لمسالك 2/ 285، والدرر 1/ 500، وشرح ابن عقيل 1/ 619، وشرح ابن الناظم ص226، وشرح التسهيل 2/ 310، والمقاصد النحوية 3/ 132، وهمع الهوامع 1/ 232، وعمدة الحافظ "حشي". 427- البيت للأعشى في خزانة الأدب 3/ 314، ولم أقع عليه في ديوانه، وبلا نسبة في جواهر الأدب ص382، وحاشية يس 1/ 355، والدرر 1/ 490، 500، وشرح التسهيل 2/ 291، 310، وشرح الأشموني 1/ 237، وشرح ابن عقيل 1/ 321، ولسان العرب 14/ 242، "خلا" والمقاصد النحوية 3/ 137، وهمع الهوامع 1/ 226، 232. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 563 التي انتصب عن تمامها" حكاه المرادي في باب التمييز عن قوم1. "وقيل: لأنهما متعلقان بالفعل" أو شبهه "المذكور" قبلهما2 على قاعدة أحرف الجر، فيكونان في موضع المفعول به، كـ"مررت بزيد" إلا أن تعديتهما على جهة السلب، قاله الجرجاني. قال الموضح في المغني3: والصواب عندي الأول، وعلله بأمرين. ورد. "و" الوجه "الثاني: النصب على أنهما فعلان" ماضيان "جامدان، لوقوعهما موقع "إلا""؛ لأن الفعل إذا وقع موقع الحرف يصير جامدا، كما أن الاسم إذا وقع موقع الحرف يصير مبنيا، قال الموضح في شرح اللمحة: هذا يعني انصب إن صح في "عدا" لكونها كانت متعدية قبل الاستثناء، كقولك: "عدا فلان طوره"، أي: تجاوزه، ولم يصح في "خلا" لكونها قاصرة، فكيف تنصب المفعول به؟ قلت: ضمنوها في الاستثناء معنى "جاوز"، وحسن ذلك؛ لأن كل من خلا من شيء قد جاوزه. ا. هـ. "وفاعلهما ضمير مستتر" فيهما. "وفي مفسره وفي موضع الجملة" منهما "البحث السابق" في "ليس" و"لا يكون"، فيكون فاعلهما المضمر إما عائدًا على اسم الفاعل المفهوم من الفعل السابق, فإذا قلت: "قاموا عدا زيدً" فالتقدير: عدا هو، أي4: القائم زيدًا، وإما على مصدر الفعل، أي: عدا القيام زيدًا، وإما على البعض المدلول عليه بكله السابق، أي: عدا هو، أي: بعضهم زيدًا، وفيه نظرًا؛ لأن المقصود من قولك: "قام القوم عدا زيدًا" أن زيدا لم يكون معهم أصلا، ولا يلزم من خلو بعض القوم منه، ومجاوزة بعضهم إياه خلو الكل، ولا مجاوزة الكل، بخلاف قولك: "قاموا ليس زيدًا"؛ لأن البعض هنا في سياق النفي, فيشمل كل بعض من القوم, فحصل المقصود من الاستثناء بخلافه، وجملتا الاستثناء في موضع نصب على الحال أو مستأنفتان، فلا موضع لهما. "وتدخل عليهما" أي: على "خلا" و"عدا" ""ما" المصدرية"، وهو مشكل على ما تقدم من أن "خلا" و"عدا" جامدان، و"ما" المصدرية لا توصل بفعل   1 شرح المرادي 2/ 176. 2 بعده في "ب": "شبهه". 3 مغني اللبيب ص178. 4 سقطت من "ب". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 564 جامد، كما نص عليه في التسهيل1. وعلى القول بجواز دخول "ما" عليهما "فيتعين النصب" في المستثنى عند الجمهور2، "لتعين الفعلية حينئذ". وإليه الإشارة بقوله: 329- .......................... ... وبعد ما انصب ................... "كقوله" وهو لبيد: [من الطويل] 428- "ألا كل شيء ما خلا الله باطل" ... ...................................... أي: ذاهب وفان، أخذا من قوله تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [القصص: 88] جملة "ما خلا الله" استثنائية، ويحتمل أن تكون صفة للمضاف أو المضاف إليه، و"ما" زائدة، والتقدير: كل شيء غير الله باطل، وعلى هذا فلا استثناء، قاله الشيخ طاهر. "وقوله": [من الطويل] 429- "تمل الندامى ما عداني فإنني" ... بكل الذي يهوى نديمي مولع فـ"عدا" فعل ماض، "ولهذا دخلت" عليه "نون الوقاية"، و"ما" موصول حرفي، و"عدا" صلته، "وموضوع الموصول وصلته نصب" بلا خلاف، "إما على الظرفية" الزمانية "على حذف مضاف أو على الحالية على التأويل باسم الفاعل"، وتلك الحال فيها معنى الاستثناء، "فمعنى "قاموا ما عدا زيدًا": قاموا وقت مجاوزتهم زيدًا" على الأول، "أو مجاوزين زيدًا" على الثاني وبه قال السيرافي، أوعلى الاستثناء كانتصاب "غير" في "قاموا غير زيدًا"، وإليه ذهب ابن خروف3. والذي ينبغي أن يعتمد عليه هو الأول، فإن كثيرًا ما يحذف اسم الزمان، وينوب عنه المصدر كما تقدم في بابه. "وقد يجران على تقدير "ما" زائدة"، وبه قال الجرمي والربعي والكسائي والفارسي وابن جني4، وأشار الناظم إليه بقوله:   1 التسهيل ص37. 2 شرح المرادي 2/ 123. 428- تقدم تخريج البيت برقم 4. 429- تقدم تخريج البيت برقم 67. 3 انظر ما ذهب إليه ابن السيرافي وابن خروف في الارتشاف 2/ 318، وشرح التسهيل 2/ 278. 4 انظر ما ذهبوا إليه في همع الهوامع 1/ 233. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 565 329- ................. ... ........... وانحرار قد يرد قال في المغني1: فإن قالوا بالزيادة قياسًا ففاسد؛ لأن "ما" لا تزاد قبل الجار والمجرور بل بعده نحو: {عَمَّا قَلِيْلٍ} [المؤمنون: 40] ، وإن قالوا ذلك سماعًا فهو من الشذوذ بحيث لا يقاس عليه انتهى. وهو مخالف لما هنا.   1 مغني اللبيب ص179. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 566 "فصل": "والمستثنى بـ"حاشا" عند سيبويه مجرور1 لا غير" بالبناء على الضم مع لا، وفي المغني أن ذلك لحن، وأن صوابه: ليس غير, واختار ابن مالك عدم التفرقة، ونقله عن العرب، وأنشد عليه: [من الطويل] 430- ............................ ... ............... لا غير ............... "وسمع غيره" أي: غير سيبويه "النصب" رواه الأخفش وغيره2 "كقوله: اللهم اغفر لي ولمن يسمع حاشا الشيطان وأبا الأصبغ3" بنصب "الشيطان"، و"أبا الأصبغ" بفتح الهمزة وإهمال الصاد وإعجام الغين وليس بمنظوم كما قد يتوهم، فإن قلت: المغفرة أمر حسن لا يتنزه أحد عنه فلم استثنى "حاشا"؟ قلت: تنبيها على أن الشيطان لشدة حساسته وإفراطه في قبح الحال وسوء الصنيع تنزه المفغرة عنه، ويعظم شأنها أن تتعلق به. وجعل "أبا الأصبغ" قرينا للشيطان تنبيها على التحاقه به في خساسة القدر وقبح الفعل مبالغة في الذم، قاله الدماميني، وقد ثبت النصب بنقل أبي زيد والفراء، والأخفش، والشيباني وابن خروف، وأجازه الجرمي والمازني والمبرد والزجاج والناظم4 حيث قال: 331- وكخلا حاشا ............ ... ..................................   1 الكتاب 2/ 349. 430- تمام البيت: "جوابا به تنجو اعتمد فوربنا ... لعن عمل اسلفت لا غير تسأل" وهو بلا نسبة في الدرر 1/ 450، وشرح الأشموني 2/ 321، وشرح التسهيل 3/ 209، وهمع الهوامع 1/ 210. 2 انظر شرح التسهيل 2/ 306, 307، وشرح المفصل 2/ 85، وفيهما أن المازني وأبا عمرو الشيباني روياه بالنصب. 3 أوضح المسالك 2/ 293، وشرح ابن عقيل 1/ 621، وشرح ابن الناظم ص226. 4 انظر آراءهم في شرح المرادي 2/ 127. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 567 "والكلام في موضعها"؛ حال كونها "جارة وناصبة؛ وفي فاعلها كالكلام في أختيها" "عدا" و"خلا" وتقدم مشروحًا. "ولا يجوز دخول "ما" عليها" كما أفاده الناظم بقوله: 331- ............ ولا تصحب ما ... ................................... "خلافًا لبعضهم"، واستدل له ابن مالك بقوله صلى الله عليه وسلم: "أسامة أحب الناس إلي ما حاشا فاطمة" 1 بناء على أن "ما حاشا فاطمة" من الحديث2، وليس بمدرج، ورده في المغني3 بأن:"ما نافية لا مصدرية، والمعنى أنه صلى الله عليه وسلم لم يستثن فاطمة" وأن "ما حاشا فاطمة" مدرج من كلام الراوي، ويؤيده في معجم الطبراني4 "ما حاشا فاطمة ولا غيرها". وأما قول الأخطل: [من الوافر] 431- رأيت الناس ما حاشا قريشا ... فإنا نحن أفضلهم فعالًا فنادر. قال الموضح في شرح اللمحة: ويحتمل أن يكون "حاشا" فيه فعلا متعديا متصرفا من حاشيته بمعنى استثنيته, واشتقاقه من الحاشية، كأن المراد أنك أخرجته منه، وعزلته عنه5. ا. هـ. "ولا" يجوز "دخول "إلا"" على "حاشا" "خلافًا للكسائي" في إجازته ذلك إذا جرت نحو: "قام القوم إلا حاشا زيد"، ومنعه إذا نصبت، وحكاه أيضًا أبو الحسن عن العرب، ومنعه البصريون مطلقًا، وحملوا ما ورد من ذلك على الشذوذ، قاله المرادي في شرح التسهيل، ووجه بعضهم قول الكسائي بأن "حاشا" ضعفت في الاستثناء فقويت بـ"إلا" كما قويت "لكن" العاطفة بـ"الواو" لوقوعها غير عاطفة، وكما قويت "هل" بـ"أم" في الاستفهام نحو: أم هل؟.   1 أخرجه أحمد في المسند 8/ 81, 82 برقم 5707، وهو من شواهد شرح ابن الناظم ص225، وشرح ابن عقيل 1/ 622. 2 شرح التسهيل 2/ 308. 3 مغني اللبيب ص164. 4 في معجم الطبراني الكبير 1/ 159، حديث رقم 372: "أسامة أحب الناس إلي". 431- البيت للأخطل في خزانة الأدب 3/ 387، والدر 1/ 502، وشرح شواهد المغني 1/ 368، والمقاصد النحوية 3/ 136، وبلا نسبة في الجنى الداني ص565، وشرح الأشموني 1/ 239، وشرح ابن عقيل 1/ 324، وشرح المرادي 2/ 128، ومغني اللبيب 1/ 121، وهمع الهوامع 1/ 233. 5 نقله الشنقيطي في الدرر 1/ 502. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 568 باب الحال مدخل ... باب الحال: "هذا باب الحال": وألفها منقلبة عن واو، لقولهم في جمعها أحوال، وفي تصغيرها حويلة، واشتقاقها من التحول وهو التنقل، ويجوز فيها التذكير والتأنيث لفظًا ومعنى, والمذكور في هذا الباب حدها ثم صفاتها ثم تخصيص صاحبها ثم الترتيب بينها وبين صاحبها ثم بينها وبين عاملها ثم تعددها ثم توكيدها ثم انقسامها إلى مفرد وظرف وجملة ثم حذف حاملها. "الحال نوعان: مؤكدة" هي التي يستفاد معناها بدون ذكر ما، "وستأتي ومؤسسة"، ويقال لها: المبينة، "وهي" التي لا يستفاد معناها بدون ذكرها، وحدها: "وصف، فضلة، مذكورة لبيان الهيئة" للفاعل أو المفعول أو لهما معًا، فالأول: "كـ"جئت راكبًا"" فـ"راكبًا" مبين لهيئة الفاعل، وهو التاء. "و" الثاني: نحو: "زيد "ضربته مكتوفًا"" فـ"مكتوفًا" مبين لهيئة المفعول، وهو الهاء، "و" الثالث: نحو: "زيد "لقيته راكبين"" فـ"راكبين" مبين لهيئة الفاعل، وهو تاء المتكلم، ولهيئة المفعول، وهو هاء الغائب، ولا يكون لغير الفاعل والمفعول، وما خالف ذلك يؤول بهما نحو: "زيد في الدار جالسًا"، فـ"جالسًا" حال من ضمير الظرف المستتر فيه وهو فاعل معنى لا من المبتدأ على الأصح، و: {هَذَا بَعْلِي شَيْخًا} [هود: 72] فـ"شيخا" حال من "بعلي"، وهو مفعول معنى تقديره: أنبه على بعلي أو أشير إلى بعلي، قاله في المتوسط1.   1 المتوسط ص153. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 569 "وخرج بذكر الوصف نحو: "القهقرى" في "رجعت القهقرى""، فإنه وإن كان مبينًا لهيئة الفاعل إلا أنه مصدر لا وصف، والمراد بالوصف ما كان صريحًا أو مؤولا به لتدخل الجملة وشبهها من الظرف والجار والمجرور إذا وقعت حالًا فإنها في تأويل الوصف. "و" خرج "بذكر الفضلة الخبر في نحو: "زيد ضاحك" فإن "ضاحك" وإن كان مبينا للهيئة فهو عمدة لا فضلة، والمراد بالفضلة هنا ما يأتي بعد تمام الجملة، لا ما يستغني الكلام عنه، ليدخل نحو: "كسالى" من قوله تعالى: {قَامُوا كُسَالَى} [النساء: 142] ، فإن "كسالى" حال، ولا يستغني الكلام عنه. "و" خرج "بالباقي" وهو قوله: مذكورة لبيان الهيئة "التمييز في نحو: "لله دره فارسًا" والنعت في نحو: "جاءني رجل راكب"، فإن" "فارسًا" و"راكب" وإن حصل بهما بيان الهيئة فليسا مذكورين لذلك؛ لأن "ذكر التمييز لبيان جنس المتعجب منه" وهو الفروسية "وذكر النعت لتخصيص المنعوت" وهو رجل؛ بالنعت "وإنما وقع بيان الهيئة بهما ضمنا لا قصدًا"، ورب شيء يقصد لمعنى خاص وإن لزم منه معنى آخر، "وقال الناظم" في النظم: 332- "الحال وصف فضلة منتصب ... مفهم في حال كذا" ......... بزيادة: "كذا" لبيان المراد. "فالوصف جنس يشمل الخبر والنعت والحال، وفضلة" فصل أول "مخرج للخبر" في نحو: "زيد ضاحك"، فإنه عمدة. "ومنتصب" فصل ثان "مخرج لنعتي المرفوع والمجرور، كـ: "جاء رجل راكب" و"مررت برجل راكب"" فإنهما وإن قيدا المنعوت فليسا بمنصوبين. "ومفهم في حال كذا" فصل ثالث "مخرج لنعت المنصوب كـ: "رأيت رجلًا راكبًا" فإنه" أي: النعت "إنما سيق" بكسر السين وسكون الياء المثناة تحت "لتقييد المنعوت" به "فهو لا يفهم في حال كذا بطريق القصد، وإنما أفهمه بطريق اللزوم"؛ لأن المقصود بالذات التقييد بالنعت، وإن لزم منه بيان الهيئة بالعرض. "وفي هذا الحد" الذي ذكره الناظم "نظر؛ لأن" المقصود من الحد تصور ماهية المحدود، وهي لا تتصور إلا بجميع أجزاء الحد، وقد جعل "النصب" جزءًا من الحد مع أنه "حكم" من أحكام المحدود. "والحكم فرع التصور" إذ لا يحكم على شيء إلا بعد تصوره. "والتصور" لماهية المحدود "موقوف على" جميع أجزاء "الحد". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 570 ومن جملتها النصب وهو حكم، "فجاء الدور" وهو توقف الشيء على ما يوقف عليه، إما بمرتبة كتوقف "أ" على "ب" و"ب" على "أ"، أو بمراتب كتوقف "أ" على "ب" و"ب" على "ج" و"ج" على "أ" والدور مبطل للحد، وأجيب باختلاف الجهة، فإن الحكم ليس موقوفًا على التصور بكنه الحقيقة المتوقفة على الحد حى يلزم البطلان. وإنما هو متوقف على التصور بوجه ما، وذلك لا يتوقف على الحد، فلا يلزم البطلان. وفيه نظر؛ لأن الغرض من الحد معرفة المحدود بكنه حقيقته ليحكم عليه، والتصور: وجه ما لا يكفي في ذلك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 571 "فصل": "للحال" من حيث هي "أربعة أوصاف: أحدها: أن تكون متنقلة"، وهو الأصل فيها؛ لأنها مأخوذة من التحول، وهو التنقل، قاله أبو البقاء لا ثابتة دائمًا، والمراد أنها تنقسم باعتبار انتقال معناها ولزومه إلى قسمين: منتقلة: "وذلك" الانتقال "غالب" فيها "لا لازم كـ: جاء زيد ضاحكًا"، ألا ترى أن الضحك يزايل زيدًا ويفارقه. وثابتة: وذلك قليل، فلذلك قال: "وتقع وصفًا ثابتًا في ثلاث مسائل: إحداها: أن تكون مؤكدة" لمضمون جملة قبلها "نحو: زيد أبوك عطوفًا" أو لعاملها نحو: " {وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا} " [مريم: 33] ، أو لصاحبها نحو: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا} [يونس: 99] فإن الأبوة من شأنها العطف، والبعث من لازمه الحياة، والعموم من مقتضياته الجمعية1. المسألة "الثانية: أن يدل عاملها على تجدد" ذات "صاحبها" وحدوثه، أو تجدد صفة له، فالأول "نحو: خلق الله الزرافة" بفتح الزاي أفصح من ضمها "يديها أطول من رجليها فـ: يديها" بدل من "الزرافة" "بدل بعض" من كل، "وأطول: حال ملازمة" من "يديها"، و"من رجليها" متعلق بـ"أطول"؛ لأنه اسم تفضيل، وعامل الحال "خلق"، وهو يدل على تجدد المخلوق. قال أبو البقاء: وبعضهم يقول: "يداها أطول" بالرفع، فـ"يداها": مبتدأ، و"أطول" خبره، والجملة حالية، ا. هـ. ولا تتعين الحالية لجواز الوصفية؛ لأن الزرافة معرفة2 بـ"أل" الجنسية. والثاني نحو: {وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا} [الأنعام: 114] فـ"الكتاب" قديم، والإنزال حادث، وهو أحد ما فسر به الحدوث في قوله تعالى:   1 شرح ابن الناظم ص228. 2 في "أ": "معرف". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 572 {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ} [الأنبياء: 2] قاله الموضح في شرح اللمحة، فجعله مما له ضابط، وسيأتي له ما يخالفه. المسألة "الثالثة": أن يكون مرجعها إلى السماع "نحو: {قَائِمًا بِالْقِسْطِ} " من قوله تعالى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ} [آل عمران: 18] إذا أعرب "قائمًا" حالًا من فاعل "شهد"، وهو الله تعالى. واعتذر الزمخشري عن إفراده بالحال دون المعطوفين عليه؛ وإن كان مثل "جاء زيد وعمرو راكبًا" لا يجوز؛ بأن هذا إنما جاء لعدم الإلباس. وسكت عن بيان جهة تأخيره عن المعطوفين1. قال التفتازاني2: كأنها للدلالة على علو مرتبتهما. "ونحو: {أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا} " [الأنعام: 114] ، أي: مبينا فيه الحق والباطل، بحيث نفى التخليط والإلباس، "ولا ضابط لذلك بل هو موقوف على السماع"، فلا يقاس عليه. "ووهم ابن الناظم" في شرح النظم، "فمثل بـ"مفصلًا" في الآية" المذكورة "للحال التي تجدد صاحبها3". قال في المغني4: وهذا سهو منه، فإن القرآن قديم. ا. هـ. وقال الدماميني في شرحه5: والسهو إنما هو منه؛ أي: من لموضح؛ فإن الإنزال يقتضي الانتقال، والقديم لا يقبله ا. هـ. وقال الشمني: الجواب عن هذا أن "أنزل"؛ الذي هو عامل في الحال؛ يدل على تجد مفعوله الذي هو صاحب الحال، ولا يلزم من دلالته على تجددِه تجددُه، لقيام الدليل القاطع على قدمه، وعلى صرف هذه الدلالة عن ظاهرها، على أن الذي يمتنع تجدده هو الكلام القائم بذاته تعالى. لا العبارة الدالة عليه، والمتصف بالنزول هو الثاني لا الأول، ا. هـ. والوصف "الثاني: أن تكون مشتقة" من المصدر "لا جامدة، وذلك أيضًا غالب لا لازم" كـ: "جاء زيد ضاحكًا" فإن "ضاحكًا" مشتق من الضحك، وإلى هذين الوصفين أشار الناظم بقوله: 333- وكونه منتقلا مشتقا ... يغلب ..................... "وتقع جامدة مؤولة بالمشتق في ثلاث مسائل:   1 الكتاب 1/ 179. 2 حاشية الصبان 2/ 170. 3 شرح ابن الناظم ص228. 4 مغني اللبيب ص605. 5 في "ب", "ط": "شرحيه". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 573 إحداها: أن تدل على تشبيه نحو: كر زيد أسدًا، و: بدت الجارية قمرًا وتثنت غصنا" فـ"أسدا": حال من "زيد"، و"قمرًا": حال من الجارية،"وغصنا": حال من فاعل "تثنت" المستتر فيه، وهي أحوال جامدة مؤولة بمشتق، فـ"أسدا": مؤول بشجاعة، و"قمرًا": مؤول بمضيئة، و"غصنا": مؤول بمعتدلة، "أي: شجاعًا ومضيئة ومعتدلة". والمعنى فيهن على التشبيه. "وقالوا" في المثل: "وقع المصطرعان عدلي عير1" فـ"عدلي" بالتثنية: حال جامدة من "المصطرعان"، و"عير" بفتح العين المهملة: الحمار وحشيا كان أم أهليا، مضاف إليه، "وعدلي": مؤول بمصطحبين على تقدير مضاف "أي: مصطحبين اصطحاب عدلي حمار حين سقوطهما"، وقيل هذه الأمثلة ونحوها على حذف مضاف، والتقدير: مثل أسد، ومثل قمر، ومثل غصن، ومثل عدلي عير، وإليه يرشد قوله في النظم: 335- ................ ... وكر زيد أسدًا أي كأسد أي: مثل أسد، وصرح بذلك في التسهيل فقال2: أو تقدير مضاف قبله، وهو أصرح في الدلالة على التشبيه؛ لأنها إذا أولت بالمشتق خفي فيها الدلالة على التشبيه. المسألة "الثانية" من الثلاث: "أن يدل على مفاعلة" من الجانبين "نحو:" "البر "بعته" زيدًا "يدا بيد"، فـ"زيدًا": حال من الفاعل والمفعول، و"بيد": بيان. قال سيبويه3: كما كان لك في "سقيا لك" بيانًا أيضًا، فيتعلق بمحذوف استؤنف للتبيين. قال في المغني4: وفيه معنى المفاعلة، "أي: متقابضين". "و" "زيد "كلمته فاه إلى في"" بالتشديد، فـ"فاه": حال من الفاعل والمفعول، و"إلى في": بيان وفيه معنى المفاعلة. "أي: متشافهين" وما ذهب إليه الموضح من أن "فاه" منصوب على الحال لكونه، واقعًا موقع مشافها ومؤديا معناه هو مذهب سيبويه5، وجرى عليه في التسهيل6.   1 المثل من شواهد أوضح المسالك 2/ 298، وشرح ابن الناظم ص229، وهو برواية: "وقعا كعكمي عير" في مجمع الأمثال 2/ 364، وفصل المقال ص198، وجمهرة الأمثال 2/ 328، 336. 2 التسهيل ص108. 3 الكتاب 1/ 394. 4 مغني اللبيب ص604. 5 الكتاب 1/ 391. 6 التسهيل ص108. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 574 وزعم الفارسي أن "فاه" حال نائبة مناب جاعل، ثم حذف وصار العامل كلمته. وذهب السيرافي إلى أنه اسم موضوع موضع المصدر الموضوع موضع الحال، والأصل: كلمته متشافهة، فوضع "فاه" موضع مشافهة، ومشافهة موضع مشافها. وذهب الأخفش إلى أن الأصل: من فيه إلى في، فحذف حرف الجر، وانتصب "فاه" ورده المبرد بأنه تقدير لا يعقل؛ لأن الإنسان لا يتكلم من في غيره، وأجاب أبو علي بأنه إنما يقال ذلك في معنى كلمني وكلمته فهو من المفاعلة. وذهب الكوفيون إلى أن أصله: جاعلًا فاه إلى في، فهو مفعول به، ورده السيرافي بامتناع كلمته وجهه إلى وجهي، وعينه إلى عيني، وهذا المثال لا يقاس عليه؛ لأن فيه إيقاع جامد موقع مشتق، ومعرفة موقع نكرة، ومركب موقع مفرد، والوارد منه قليل1. المسألة "الثالثة" من الثلاث:"أن تدل على ترتيب كـ"ادخلوا رجلًا رجلًا" ورجلين رجلين2 ورجالًا رجالًا". وضابطه أن يأتي التفصيل بعد ذكر المجموع بجزئه مكررًا. قاله الرضي3. وفي النصب الجزء الثاني خلاف، ذهب الزجاج4 إلى أنه توكيد، وهذ ابن جني إلى أنه صفة للأول، وذهب الفارسي إلى أنه منصوب بالأول؛ لأنه لما وقع موقع الحال جاز أن يعمل. قال المرادي: والمختار أنه وما قبله منصوبان بالعامل الأول؛ لأن مجموعهما هو الحال، ونظيره في الخبر "هذا حلو حامض" ولو ذهب إلى أن نصبه بالعطف على تقدير حذف الفاء والمعنى: رجلًا فرجلًا لكان مذهبا حسنا، ونص أبو الحسن على أنه لا يجوز أن يدخل حرف عطف في شيء من المكررات إلا الفاء خاصة. ا. هـ. قال الرضي: أو "ثم" نحو: "مضوا كبكبة ثم كبكبة" "أي: مترتبين5". "وتقع" لحال "جامدة غير مؤولة بالمشتق في سبع مسائل، وهي أن تكون موصوفة" بمشتق أو شبهه.   1 انظر الآراء السابقة والردود عليها في الارتشاف 2/ 325، وشرح التسهيل 2/ 324. 2 سقطت من "ط". 3 شرح الرضي 2/ 34. 4 انظر همع الهوامع 1/ 238، وفي "أ": "الزجاجي". 5 شرح الرضي 2/ 34، أي: مترتبين هذا الترتيب المعين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 575 فالأول "نحو: {قُرْآَنًا عَرَبِيًّا} " [الزمر: 28] ، فـ"قرآنا" حال من القرآن في قوله تعالى: {وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ} [الزمر: 28] والاعتماد فيها على الصفة, وهي "عربيا" " {فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا} " [مريم: 17] فـ"بشرًا" حال من فاعل تمثل، وهو الملك، والاعتماد فيه على الصفة، وهي "سويا". والثاني نحو: {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ، أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا} [الدخان: 4، 5] قاله1 أبو حيان2. "وتسمى3" الحال الجامدة الموصوفة "حالًا موطئة" بكسر الطاء؛ لأنها ذكرت توطئة للنعت بالمشتق أو شبهه هذا مقتضى كلامه، وبه صرح في المغني، فقال4: فإنما ذكر "بشرًا" توطئة لذكر سويا". ا. هـ. وقال ابن بابشاذ5 في: {وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَانًا عَرَبِيًّا} [الأحقاف: 12] "لسان": حال؛ لأنه لما نعت اللسان بعربي؛ والصفة والموصوف كالشيء الواحد؛ صارت الحال شبيهة بالمشتق، وصار "عربيا" هو الموطئة لكون اللسان حالًا، وليس حقيقة اللسان أن يكون [حالًا لكونه] 6 جامدًا لولا ما ذكر من الصفة. ا. هـ. فمقتضاه أن الموطئة هي الصفة الحال لا الحال الموصوفة، والموطئة لغة: المهيئة. "أو دالة على سعر" بكسر السين المهملة "نحو:" "هذا البر "بعته مدا بكذار"" فـ"مدا": حال من الهاء فـ"بكذا": بيان لـ"مدا". "أو" دالة على "عدد نحو: {فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً} " [الأعراف: 142] فـ"أربعين": حال من "ميقات"، و"ليلة": تمييز. "أو" دالة على "طور" بفتح الطاء المهملة وسكون الواو؛ أي: حال، قاله ابن الأنباري؛ "واقع فيه تفضيل" بالضاد المعجمة "نحو: هذا بسرًا" بضم الموحدة وسكون المهملة "أطيب منه رطبًا" بضم الراء وفتح الطاء؛ فـ"بسرًا" حال من فاعل "أطيب"، المستتر فيه، و"رطبًا": حال من الضمير المجرور بـ"من"، والمعنى: هذا في حال كونه بسرًا أطيب من نفسه في حال كونه رطبًا، وسيأتي بأوسع من هذا.   1 في "ط": "قال". 2 الارتشاف2/ 334. 3 في "أ": "سمي". 4 مغني اللبيب ص605. 5 شرح المقدمة المحسبة 2/ 311. 6 إضافة ضرورية من المصدر السابق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 576 "أو تكون نوعًا لصاحبها نحو: هذا مالك ذهبًا"، فـ"ذهبًا": حال من "مالك"، وهو نوع منه، فإن الذهب نوع من المال. "أو فرعًا" له أي: لصاحبها "نحو: هذا حديدك خاتمًا"، فـ"خاتمًا": حال من حديدك، وهو فرع له، فإن الخاتم فرع الحديد، "و: {وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا} " [الأعراف: 74] فـ"بيوتًا": حال من "الجبال"، والبيوت فرع للجبال، وفي غالب النسخ: من الجبال بيوتًا، وهو سهو فإن "بيوتًا" على هذا مفعول به لا حال. "أو أصلًا له" أي: لصاحبها "نحو: هذا خاتمك حديدًا"، فـ"حديدًا" حال من "خاتمك"، وهو أصل له، فإن الحديد أصل للخاتم، "و: {أأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا} " [الإسراء: 61] فـ"طينًا": حال، إما من الضمير المحذوف العائد على الموصول بناء على جواز حذف صاحب الحال، أو من الموصول1 المجرور باللام، وعلى التقديرين فالطين أصل للمخلوق، وهذا أحسن من جعل "طينًا" منصوبا بنزع الخافض، فإنه موقوف على السماع في غير "أن" و"إن" و"كي". وهذه المسائل العشر2؛ غير مسألة العدد؛ مأخوذة من التسهيل، ونصه3: ويغني عن اشتقاقه وصفه، أو تقدير مضاف قبله، أو دلالته على مفاعلة، أو سعر، أو ترتيب، أو أصالة، أو تفريع، أو تنويع، أو طور واقع فيه تفضيل. "تنبيه: أكثر هذه الأنواع" العشرة "وقوعًا مسألة السعر، والمسائل الثلاث الأول" جمع أولى، وهي ما دل على تشبيه أو مفاعلة أو ترتيب، "وإلى ذلك يشير قوله" في النظم: 334- "ويكثر الجمود في سعر وفي ... مبدي تأول بلا تكلف" "ويفهم منه أنها تقع جامدة بقلة في مواضع أخر، وأنها لا تؤول بالمشتق4، كما لا تؤول الواقعة في التسعير. وقد بينتها كلها" بقولي أولًا: وتقع جامدة مؤولة بالمشتق في ثلاث مسائل، وبقولي ثانيًا: وتقع جامدة غير مؤولة بالمشتق في سبع مسائل إلى قولي5 في التنبيه: وإلى ذلك يشير.   1 في "ط": "الوصوف". 2 في "أ", "ب": "العشرة". 3 التسهيل ص108. 4 في "ط": "بالمستثنى". 5 في "ب": "قوله". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 577 "وزعم" بدر الدين "ابنه" أي: ابن الناظم في شرح النظم1 "أن" المسائل العشر "الجميع تؤول بالمشتق، وهذا تكلف" منه، "وإنما قلنا" نحن "به" أي: بالتأويل "في" المسائل "الثلاث الأول" وهي ما دل على تشبيه أو مفاعلة أو ترتيب "لأن اللفظ فيها مراد به غير معناه الحقيقي، فالتأويل فيها واجب"، وقد تقدم كيفيته وأما2 كيفية تأويل السبع الباقية على القول به فإن الأولى على معنى سويا في صفة البشر، والثانية على معنى مسعرًا، والثالثة على معنى معدودًا، والرابعة على معنى مطورًا، والخامسة على معنى منوعًا، والسادسة على معنى مفرعًا3 والسابعة على معنى متأصلًا4 أو مصنوعًا. الوصف "الثالث" من أوصاف الحال: "أن تكون نكرة لا معرفة، وذلك لازم"؛ لأن الغالب كونها مشتقة، وصاحبها معرفة، فالتزم تنكيرها لئلا يتوهم كونها نعتًا إذا كان صاحبها منصوبًا وحمل غيره عليه، "فإن وردت بلفظ المعرفة أولت بنكرة" محافظة على ما استقر لها من لزوم التنكير. وعدل عن قول التسهيل5: "وقد يجيء معرفًا" إلى قوله: "بلفظ المعرفة"؛ لأنه ليس بمعرفة عند الجمهور، وإنما هو على صورة المعرفة، وإلى ذلك يشير قول الناظم: 336- والحال إن عرف لفظًا فاعتقد ... تنكيره معنى ........................ وذلك أن العرب "قالوا: جاء وحده": فـ"وحده" حال من فاعل "جاء" المستتر فيه، وهو معرفة بالإضافة إلى الضمير، فيؤول بنكرة من لفظه أو من معناه "أي" متوحدًا أو "منفردًا6. و" قالوا: "رجع عوده على بدئه7" فـ"عوده" بفتح العين: حال من فاعل "رجع" المستتر وهو معرفة بالإضافة إلى الضمير، فيؤول بنكرة من لفظه أو من معناه "أي: عائدًا" أو راجعا، و"على بدئه": بيان، والمعنى: رجع آخره على أوله، قاله الجرمي، وقال أبو البقاء، معناه: رجع عائدًا في الحال. وقال الشاطبي: معناه راجعًا على   1 شرح ابن الناظم ص229, 230. 2 سقطت من "أ". 3 في "ب", "ط": "مصوغا". 4 في "ب": "مفاضلا". 5 التسهيل ص108. 6 شرح ابن الناظم ص231، وشرح التسهيل 2/ 326. 7 مجمع الأمثال 1/ 162. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 578 طريقه. "و" قالوا "ادخلوا الأول فالأول" فـ"الأول" المبتدأ به: حالًا من الواو في "ادخلوا"، و"الأول" الثاني: معطوف بالفاء، وهما بلفظ المعرف بـ"أل" فيؤولان بنكرة، "أي: مترتبين" واحدًا فواحدًا. "و" قالوا "جاءوا1 الجماء الغفير2" فـ"الجماء": حال من الواو في "جاءوا"، وهي بلفظ المعرف بـ"أل" فتؤول بنكرة "أي: جميعًا"، و"الغفير" بفتح الغين المعجمة وكسر الفاء: من الغفر بمعنى الستر والتغطية، فعيل بمعنى فاعل نعت الجماء، "والجماء" بالجيم والمد: تأنيث الجم، وهو الكثير، ومنه قوله تعالى: {وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا} [الفجر: 20] وكان القياس أن يقولوا: الجم الغفير أو الجماء الغفيرة، ولكنهم أنثوا الموصوف على معنى الجماعة، وذكروا الوصف حملًا للفعيل3 بمعنى الفاعل على الفعيل بمعنى المفعول، أي: الجماعة الكثيرة الساترة لوجه الأرض لكثرتها. "و" قالوا في الإبل: "أرسلها العراك" فـ"العراك" بكسر العين المهملة: حال من الهاء في "أرسلها"، هي بلفظ العرف بـ"أل" فيؤول بنكرة، "أي: معتركة"، قال لبيد: [من الوافر] 432- فأرسلها العراك ولم يذدها ... ولم يشفق على نغص الدخال "والنغص" بفتح النون والغين المعجمة وبالصاد المهملة: مصدر، نغص الرجل إذا لم يتم مراده، "والدخال" بكسر الدال المهملة والخاء المعجمة: من المداخلة، و"العراك: مصدر عارك معاركة وعراكًا، أي: ازدحم، وصف إبلًا أوردها الماء مزدحمة. وخرجها والتي قبلها في شرح الشذور4 على زيادة "أل"، وما هنا أولى، ليكون التأويل في الجميع على نسق واحد الوصف. "الرابع" من أوصاف الحال: "أن تكون نفس صاحبها في المعنى"؛ لأنها وصف له وخبر عنه، والوصف نفس الموصوف، والخبر نفس المخبر عنه، "فلذلك"   1 في "ب", "ط": "جاء". 2 شرح ابن الناظم ص230، وشرح التسهيل 2/ 326. 3 في "ط": "الفعل". 432- البيت للبيد في ديوانه ص86، وأساس البلاغة "نغص" وخزانة الأدب 3/ 192، وشرح أبيات سيبويه 1/ 20، وشرح المفصل 2/ 62، وشرح ابن عقيل 1/ 360، والكتاب 1/ 372، ولسان العرب 7/ 99، "نغص" 10/ 465، "عرك" 11/ 243، "دخل" والمقاصد النحوية 3/ 219، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 6/ 85، والإنصاف 2/ 822، وشرح ابن الناظم ص230، والمقتضب 3/ 237، وأوضح المسالك 2/ 304. 4 شرح شذور الذهب ص250. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 579 الاتحاد "جاز: جاء زيد ضاحكًا"؛ لأن الضاحك هو "زيد" في المعنى، "وامتنع" أن يقال: "جاء زيد ضحكا"؛ لأن الضحك مصدر وزيد ذات، والمصدر يباين1 الذات، "وقد جاءت مصادر أحوالًا بقلة في المعارف كـ: جاء وحده، و: أرسلها العراك". وفيها شذوذان: المصدرية والتعريف بالإضافة في الأول والأداة2 في الثاني. وزعم سيبويه3 أن الذي جوز تعريفها أنها شبهت بالمصادر المنتصبة بأفعالها كـ: "الحمد لله"، و"العجب لزيد"، حيث كانت مصادر مثلها، وكانت غير الأول، وغير ما هي له صفات. ا. هـ. وقال ابن الشجري4: الأصل: تعترك العراك، ثم أقيم المصدر مقام فعله المنتصب على الحال، وكذا التقدير في "جاء وحده" فهذه واقعة موقع الأحوال لا أحوال. ا. هـ. وحكى الأصمعي5: "وحد يحد" كـ: "وعد يعد" فعلى هذا يقال: "وحد وحدة" مصدران لفعل مستعمل وهو "وحد" كما يقال: "وعدة وعدة" مصدران لـ"وعد". وأجاز يونس والبغداديون أن يأتي الحال معرفة، وقاسوا على ذلك نحو: "ادخلوا الأول فالأول"6. وأجاز الكوفيون مجيئها على صورة المعرفة إذا كان فيها معنى الشرط نحو: "عبد الله المحسن أفضل منه المسيء", فـ: المحسن" و"المسيء" حالان، وصح مجيئهما بلفظ المعرفة لتأويلهما بالشرط، والتقدير: عبد الله إذا أحسن أحسن منه إذا أساء، فإن لم يتقدر بالشرط لم يصح تعريفها لفظًا، فلا يقال عندهم: "جاء عبد الله المحسن"، إذ لا يصح: جاء عبد الله إن أحسن6. "و" جاءت مصادر أحوالًا "بكثرة في النكرات"، وفيها شذوذ واحد وهو المصدرية، وكان الأصل ألا تقع أحوالًا؛ لأنها غير صاحبها في المعنى، لكنهم لما كانوا   1 في "أ": "بيان". 2 في "ب": "الأدوات". 3 الكتاب 1/ 372. 4 أمالي ابن الشجري 2/ 284. 5 الارتشاف 340. 6 الارتشاف 2/ 377، وشرح ابن عقيل 1/ 388، وهمع الهوامع 1/ 239. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 580 يخبرون بالمصادر عن الذوات كثيرًا واتساعًا نحو: "زيد عدل" فعلوا مثل ذلك في الحال1؛ لأنها خبر من الأخبار، وإلى ذلك الإشارة بقول الناظم: 337- ومصدر منكر حالًا يقع ... بكثرة ........................ "كـ: "طلع" زيد "بغته"": حال من فاعل "طلع"، "وجاء ركضًا"، فـ"ركضًا" حال من فاعل "جاء"، و"قتلته صبرًا" وهو [أن يحبس حيا ثم يرمى حتى يقتل] 2؛ فـ"صبرًا": حال من مفعول "قتلته" "وذلك" كله مع كثرته "على التأويل بالوصف"، فيؤول "بغتة" بوصف من "باغت"3، "أي: مباغتًا"، وقدره ابن عقيل4 "باغتًا" من بغت، يقال: بغته, أي: فجأه، والبغت: الفجأة، قال الشاعر5: [من الطويل] ولكنهم كانوا ولم أدر بغتة ... وأعظم شيء حين يفجؤك البغت "و" يؤول "ركضًا" بوصف الفاعل من ركض، أي: "راكضًا"، والركض في الأصل: تحريك الرجل، ومنه {ارْكُضْ بِرِجْلِكَ} [ص: 42] ، ثم كثر حتى قيل: "ركض الفرس" إذا عدا، وليس بالأصل. "و" يؤول "صبرًا" بوصف المفعول من صبر، أي: "مصبورًا، أي: محبوسًا". ووقوع المصدر النكرة حالًا كثير. "ومع كثرة ذلك فقال" سيبويه و"الجمهور6: لا ينقاس مطلقًا" سواء أكان نوعًا من العالم أم لا، كما لا ينقاس المصدر الواقع نعتًا أو خبرًا بجامع الصفة المعنوية. "وقاسه المبرد فيما كان نوعا من العامل" فيه؛ لأنه حينئذ يدل على الهيئة، بنفسه "فأجاز" قياسًا "جاء زيد سرعة"؛ لأن السرعة نوع من المجيء، "ومنع جاء ضحكًا"؛ لأن الضحك ليس نوعًا من المجيء, قال الموضح في الحواشي: وإنما قاسه المبرد، ولم يقسه سيبويه؛ لأن سيبويه يرى أنه حال على التأويل، ووضع المصدر موضع الوصف لا ينقاس، كما أن عكسه لا ينقاس، والمبرد يرى   1 سقط من "ط". 2 ما بين المعقوفين سقط من "ب". 3 بعده في "ط": "لأنها بمعنى مفاجأة". 4 شرح ابن عقيل 1/ 328. 5 البيت ليزيد بن ضبة الثقفي في لسان العرب 2/ 11 "بغت" والتنبيه والإيضاح 1/ 157، وتاج العروس 4/ 445، "بغت" وبلا نسبة في تهذيب اللغة 8/ 82، وجمهرة اللغة ص255، 1043 ومجمل اللغة 1/ 279، ومقاييس اللغة 1/ 272. 6 الكتاب 1/ 370، وشرح التسهيل 2/ 328. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 581 أنه مفعول مطلق حذف عامله لدليل، فهو عنده مقيس كما يحذف عامل سائر المفاعيل لدليل، فهذا الخلاف مبني على الخلاف في أنه حال مفعول مطلق. ا. هـ. ومن خطه نقلت. وظاهر كلامه هنا أنه عند المبرد حال، وهو لا يقول بذلك "وقاسه الناظم" في التسهيل1، "وابنه" في شرح النظم2 "بعد "أما"" بفتح الهمزة وتشديد الميم "نحو: أما علما فعالم"، والأصل في هذا: أن رجلا وصف عنده شخص بعلم وغيره فقال للواصف: "أما علما فعالم"، "أي: مهما يذكر شخص في حال علم، فالمذكور عالم"، كأنه منكر ما وصف به من غير العلم، فصاحب الحال على هذا التقدير نائب الفاعل، "ويذكر" ناصب الحال، لما تقرر أن العام في صاحب الحال هو العامل في الحال، ويجوز أن يكون ناصب الحال ما بعد الفاء إذا كان صالحًا للعمل فيما قبلها وصاحبها ما فيه من ضمير، والحال على هذا مؤكدة، والتقدير: مهما يكن من شيء فالمذكور عالم في حال علم، فلو كان ما بعد الفاء لا يعمل فيما قبلها تعين أن يكون منصوبًا بفعل الشرط المقدر بعد "أما" نحو: "أما علمًا فلا علم له"، و"أما علمًا فإن له علمًا"، و"أما علمًا فهو ذو علم"؛ لأن المصدر لا يعمل في متقدم، فلو كان المصدر التالي "أما" معرفًا بـ"أل" فهو عند سيبويه مفعول له3, وذهب الأخفش إلى أن المعرف بـ"أل" والمنكر كليهما بعد "أما" مفعول مطلق4. وذهب الكوفيون إلى أنهما مفعول به بفعل مقدر، والتقدير: مهما تذكر علمًا فالذي وصفت عالم5. قال ابن مالك في شرح التسهيل6: وهذا القول عندي أولى بالصواب، وأحق ما اعتمد عليه في الجواب. "و" قاساه7 أيضًا "بعد خبر شبه به مبتدؤه كـ: زيد زهير شعرًا" فـ"زهير" بالتصغير: خبر شبه به مبتدؤه، وهو "زيد" والتقدير: زيد مثل زهير في الشعر، وإنما حذف "مثل" ليزول لفظ التشبيه، فيكون الكلام أبلغ، "وشعرًا": حال في تقدير   1 التسهيل ص109. 2 شرح ابن الناظم ص232. 3 الكتاب 1/ 385، وشرح ابن الناظم ص232. 4 شرح ابن الناظم ص232، والارتشاف 2/ 329. 5 الارتشاف 2/ 344. 6 شرح التسهيل 2/ 330. 7 أي: ابن مالك في شرح التسهيل 2/ 328, 329، وابن الناظم في شرحه ص232. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 582 الصفة، أي: شاعرًا، والعامل فيها ما في "زهير" من معنى الفعل، إذ معناه: مجيد، وصاحب الحال ضمير مستتر في "زهير"، لما تقرر من أن الجامد المؤول بالمشتق يتحمل الضمير، ويجوز أن يكون "شعرًا" تمييزًا لما انبهم في "مثل" المحذوفة، وهي العاملة فيه، قاله الخصاف في الإيضاح، واستظهره أبو حيان في الارتشاف1، والموضح في المغني2. "أو قرن هو" أي: الخبر "بـ"أل" الدالة على الكمال نحو: أنت الرجل علمًا"، فـ"علمًا": حال، والعامل فيها ما في "الرجل" من معنى الفعل، إذ معناه الكامل، وفي الخاطريات لابن جني: "أنت الرجل فهمًا وأدبًا"، ويحتمل وجهين: أحدهما: أن يكون في قولك: "أنت الرجل" معنى الفعل، أي: أنت الكامل فهمًا وأدبًا. والثاني: أن يكون على معنى: تفهم فهمًا، وتأدب أدبًا. ا. هـ. قال في الارتشاف3: يحتمل عندي أن يكون تمييزًا، كأنه قال: أنت الكامل أدبًا، أي: أدبه، فهو محول عن الفاعل. ا. هـ. فيتحصل فيه ثلاثة آراء، حال، مفعول مطلق، تمييز. ويتحصل من الخلاف في المصدر المنصوب أقوال: مذهب سيبويه أن المصدر هو الحال4. ومذهب المبرد والأخفش أنه مفعول مطلق غير منصوب بالفعل قبله5، وإنما عامله محذوف من لفظه، وذلك المحذوف هو الحال، ومذهب الكوفيين أنه مفعول مطلق6، وعامله الفعل المذكور، وليس في موضع الحال، وذهب جماعة إلى أنه مصدر على حذف مضاف، وتقديره "جاء ركضًا": جاء ذا ركضٍ، وكذا باقيها. وعلى القول بالحالية فمذهب سيبويه عدم القياس، وذهب المبرد إلى قياسه فيما كان نوعًا من عامله، وقاسه الناظم وابنه7 في ثلاث مسائل بعد "أما"، وبعد خبر شبه به مبتدؤه، وفيما إذا كان الخبر مقرونًا بـ"أل" الدالة على الكمال.   1 الارتشاف 2/ 344. 2 مغني اللبيب ص574. 3 الارتشاف 2/ 343. 4 الكتاب 1/ 370. 5 شرح التسهيل 2/ 328، والارتشاف 2/ 342، وشرح ابن الناظم 232. 6 الارتشاف 2/ 342، وهمع الهوامع 1/ 238. 7 شرح ابن الناظم ص232. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 583 "فصل": "وأصل صاحب الحال التعريف"؛ لأنه محكوم عليه بالحال، وحق المحكوم عليه أن يكون معرفة؛ لأن الحكم على مجهول لا يفيد غالبًا، "ويقع" صاحب الحال "نكرة بمسوغ" يقربه من المعرفة، "كأن يتقدم عليه الحال نحو: "في الدار جالسًا رجل"، وقوله" وهو كثير عزة: [من م. الوافر] 433- "لمية موحشًا طلل" ... ......................... وتمامه عند الأعلم: ............. ... يلوح كأنه خلل وروي1: [من الوافر] لمية موحشًا طلل قديم ... عفاه كل أسحم مستديم فـ"جالسًا" في المثال: حال من "رجل"، و"موحشًا" في البيت: حال من "طلل" وسوغ مجيء الحال من النكرة تقدم الحال على صاحبها. وفي المغني2 أن تقديم النكرة عليها ليس لأجل تسويغ مجيء الحال منها، بل لئلا يلتبس الحال بالصفة حال كون صاحبها منصوبًا، وفي الرضي3 ما يوافقه، وعلى هذا   433- البيت لكثير عزة في ديوانه ص506، وخزانة الأدب 3/ 211، وشرح التسهيل 2/ 355، وشرح شواهد المغني 1/ 249، والكتاب 2/ 123، ولسان العرب 6/ 386، "وحش"، والمقاصد النحوية 3/ 163، وبلا نسبة في أسرار العربية ص147، وأوضح المسالك 2/ 310، وخزانة الأدب 6/ 43، والخصائص 2/ 492، وشرح الأشموني 1/ 247، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص1664، 1825، وشرح شذور الذهب ص24، 253، وشرح قطر الندى ص236، ولسان العرب 11/ 220 "خلل"، ومغني اللبيب 1/ 85، 2/ 436، 659. 1 البيت لكثير عزة في ملحق ديوانه ص536، وشرح الم فصل 2 / 62، 564، وله أو لذي الرمة في خزانة الأدب 3/ 209، وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب 1/ 300. 2 مغني اللبيب ص477. 3 شرح الرضي 2/ 23. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 584 فالمسوغ في المثال تقديم الخبر، وفي البيت هو أو الوصف، وما ذكر من أنه حال من النكرة هو ظاهر كلام سيبويه1، وقيل2: من الضمير المستكن في الظرف، وهذان القولان مبنيان على جواز الاختلاف بين عاملي الحال وصاحبها، والصحيح المنع؛ لأنه يجب أن يكون عاملهما واحدًا, وصحح ابن مالك في شرح التسهيل3 قول سيبويه، وعلله بأن الحال خبر، فجعلها لأظهر الاسمين أولى من جعلها لأغمضهما، قلنا: نعم لو تساويا، ولكن التعريف أولى بالترجيح به، وزعم ابن خروف4 أن الخبر إذا كان ظرفًا أو مجرورًا لا ضمير فيه عند سيبويه والفراء إلا إذا تأخر، ولا ضمير فيه إذا تقدم، ولهذا لا يؤكد، ولا يعطف عليه ولا يبدل منه، وتعقب منع العطف بقول ابن جني5 في: [من الوافر] 434- ................ ... عليك ورحمة الله السلام إن العطف على الضمير في الظرف، "والطلل" بفتح الطاء المهملة واللام الأولى: ما شخص من آثار الديار، و"الموحش": هو القفر الذي لا أنيس فيه، و"خلل" بكسر الخاء المعجمة: جمع خلة؛ بكسر الخاء؛ وهي بطانة يغشى بها أجفان السيوف منقوشة بالذهب. "أو يكون" صاحبها "مخصوصا إما بوصف كقراءة بعضهم"، وهو إبراهيم بن أبي عبلة: ""وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقًا""6 [البقرة: 89] فـ"مصدقًا" حال من "كتاب" لتخصيصه بالوصف بالجار والمجرور بعده، وهذا لا دليل فيه لجواز كون "مصدقًا" حال من الضمير في الجار والمجرور الذي انتقل إليه بعد حذف الاستقرار على ما صححه في باب المبتدأ، "وقول الشاعر": [من البسيط] 435- "نجيت يا رب نوحًا واستجبت له ... في فلك ماخر في اليم مشحونًا"   1 الكتاب 2/ 122-124. 2 شرح التسهيل 2/ 333، والارتشاف 2/ 347. 3 شرح التسهيل 2/ 332. 4 الارتشاف 2/ 347، وشرح التسهيل 2/ 332. 5 الخصائص 2/ 386. 434- صدر البيت: "ألا يا نخلة من ذات عرق" وهو للأحوص، وتقدم برقم 412. 6 في الرسم المصحقي: {مُصَدِّقٌ} بالرفع، وانظر قراءة ابن أبي عبلة في البحر المحيط 1/ 303 ومختصر ابن خالويه ص8. 435- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 312، وشرح ابن الناظم ص233، وشرح الأشموني 1/ 247، وشرح ابن عقيل 1/ 636، وشرح التسهيل 2/ 331، والمقاصد النحوية 3/ 149. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 585 فـ"مشحونا": حال من "فلك" بوصفه بـ"ماخر"، ويحتمل أن يكون حالًا من الضمير المستتر في "ماخر"، وهو؛ بالخاء المعجمة؛ الذي يشق الماء شقا، و"الميم" بفتح الياء المثناة تحت وتشديد الميم: البحر، و"المشحون" بالشين المعجمة والحاء المهملة: المملوء. "وليس منه" أي: من المختص بالوصف قوله تعالى: {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ، أَمْرًا} [الدخان: 4، 5] "خلافًا للناظم" في شرح التسهيل1، "وابنه" في شرح النظم2، فإنهما أعربا "أمرًا" المنصوب حالًا من "أمر" المجرور بالإضافة، لكونه مختصا بالوصف بـ"حكيم" مع قولهما: إنه لا تأتي لحال من المضاف إليه إلا بشرط أن يكون المضاف بعض المضاف إليه، أو كبعضه، أو عاملًا في الحال، وذلك مفقود هنا، وخالف الناظم ذلك في شرح الكافية3، فجعله من التخصيص بالإضافة. وفي نصب "أمرًا" أوجه: أحدها: أنه على الاختصاص. الثاني: على المفعول له. الثالث: على المصدر من معنى "يفرق". الرابع: على الحال من "كل" أو من ضمير الفاعل في "أنزلنا"، أي: آمرين، أو من ضمير المفعول، وهو الهاء في {أَنْزَلْنَاهُ} [الدخان: 3] ، أو من الضمير المستتر في "حكيم". الخامس: أنه مفعول "منذرين". "أو" مخصوصًا "بإضافة نحو: {فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً" لِلسَّائِلِينَ} [فصلت: 10] فـ"سواء" حال من "أربعة"، لاختصاصها بالإضافة إلى "أيام". "أو" مخصوصًا "بمعمول" غير مضاف إليه "نحو: عجبت من ضرب أخوك شديدًا"، فـ"شديدًا" حال من "ضرب" لاختصاصه بالعمل في الفاعل، وهو "أخوك". أو مخصوصًا بعطف نحو: "هؤلاء ناس وعبد الله منطلقين"، قاله الناظم في شرح العمدة4.   1 شرح التسهيل 2/ 331. 2 شرح ابن الناظم ص233. 3 شرح الكافية الشافية 2/ 737. 4 شرح العمدة 1/ 307. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 586 "أو مسبوقًا بنفي نحو: {وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ} " [الحجر: 4] فجملة: "ولها كتاب معلوم" حال من "قرية"، لكونها مسبوقة بالنفي، وزعم الزمخشري أنها صفة لقرية، وإنما توسطت الواو بينهما لتأكيد لصوق الصفة بالموصوف، وتابعه صاحب البديع وابن هشام الخضراوي، ورده ابن مالك من خمسة أوجه يطول ذكرها1. فإن قلت: فقد ذكر المرادي أن من المسوغات كون الحال جملة مقترنة بواو الحال2 قلت: إنما يحتاج إلى ذلك في الإيجاب نحو: {أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا} [البقرة: 259] أما في النفي فلا؛ [لأن الواو رفعت توهم كون الجملة نعتًا، قلت: لا يمتنع أن يكون للشيء مسوغات] 3. "أو بنهي نحو" قول الناظم: 339- ................. "لا ... يبغ امرؤ على امرئ مستسهلًا". فـ"مستسهلًا" حال من "امرئ" الأول لكونه مسبوقًا بالنهي، والبغي: التعدي، والاستسهال: الاستخفاف، والمعنى: لا يتعد امرؤ4 على امرئ مستخفا به، "وقوله" وهو قطري بن الفجاءة الخارجي كما قال ابن مالك في شرح العمدة5، لا الطرماح خلافًا لابن الناظم6: [من الكامل] 436- "لا يركنن أحد إلى الإحجام ... يوم الوغى متخوفا لحمام" فـ"متخوفًا" حال من "أحد"، لكونه مسبوقًا بالنهي، و"الإحجام" بكسر الهمزة وسكون الحاء المهملة وبالجيم: النكوص والتأخر، و"الوغى" بالمعجمة: الحرب، و"الحمام" بكسر الحاء المهملة وتخفيف الميم: الموت.   1 شرح التسهيل 2/ 302, 303. 2 شرح المرادي 2/ 146. 3 سقط ما بين المعقوفين من "ط". 4 في "أ": "لا يتعدى امرئ". 5 شرح العمدة ص423. 6 شرح ابن الناظم ص234. 436- البيت لقطري بن الفجاءة في ديوانه 171، وخزانة الأدب 10/ 163، والدرر 1/ 510، وشرح التسهيل 2/ 92، 303، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي 136، وشرح عمدة الحافظ 423، وشرح ابن عقيل 1/ 333 وشرح الكافية الشافية 2/ 739، والمقاصد النحوية 3/ 150، وللطرماح في شرح ابن الناظم 234، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 314، وشرح الأشموني 1/ 247، وهمع الهوامع 1/ 240. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 587 "أو استفهام، كقوله" وهو رجل من بني طيئ كما قال ابن مالك1: [من البسيط] 437- "يا صاح هل حم عيش باقيا فترى" ... لنفسك العذر في إبعادها الأملا فـ"باقيًا" حال من "عيش" لكونه مسبوقًا بالاستفهام بـ"هل"، و"صاح": مرخم صاحب على غير قياس، "وحم" بضم الحاء المهملة: بمعنى قدر، "والإبعاد" بكسر الهمزة: مصدر أبعد، والأمل: مفعوله. وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 338- ولم ينكر غالبًا ذو الحال إن ... لم يتأخر أو يخصص أو يبن 339- من بعد نفي أو مضاهيه ... ... .................................. "وقد يقع" صاحب الحال "نكرة بلا مسوغ، كقولهم: عليه مائة بيضًا"، فـ"بيضًا" بلفظ الجمع: حال من "مائة"، وليس تمييزًا خلافًا لأبي العباس؛ لأن تمييز المائة لا يكون جمعًا منصوبا ولا مجرورًا، وهو من أمثلة سيبويه2 والدليل على أنه حال أنه لو رفع كان صفة للمائة، والمائة مبهمة الوصف. "وفي الحديث": صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعدًا "وصلى وراءه رجال قيامًا" رواه مالك في الموطأ3، فـ"قيامًا" حال من رجال. وهو نكرة بلا مسوغ، لا يقال: التخصيص بالحكم كاف؛ لأنا نقول: لو كان كذلك لما احتيج إلى مسوغ أصلًا، وذهب بعضهم إلى عدم الاستدلال بالحديث لاحتمال كونه مرويا بالمعنى. وإذا ثبت مجيء الحال من النكرة بلا مسوغ هل يقاس أو لا؟ ذهب سيبويه4 إلى الجواز والخليل ويونس إلى المنع5.   1 شرح التسهيل 2/ 332. 437- البيت لرجل من طيئ في الدرر اللوامع 1/ 511، وشرح عمدة الحافظ ص423، والمقاصد النحوية 3/ 153، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 316، وشرح ابن الناظم ص234، وشرح الأشموني 1/ 247، وشرح ابن عقيل 1/ 638، وشرح التسهيل 2/ 332، وهمع الهوامع 1/ 240. 2 الكتاب 2/ 112. 3 الموطأ 1/ 134، رقم 340، وأخرجه البخاري في الجماعة والإمامة برقم 656، وهو من شواهد أوضح المسالك 2/ 318، وشرح ابن عقيل 1/ 640، وشرح ابن الناظم ص234. 4 الكتاب 2/ 112-114. 5 الارتشاف 2/ 346. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 588 "فصل": "وللحال" المؤسسة "مع صاحبها ثلاث حالات"، كما أن للخبر مع المبتدأ ثلاث حالات: "إحداها وهي الأصل: أن يجوز فيها أن تتأخر عنه، وأن تتقدم عليه" فاعلًا كان، أو مفعولًا كـ: ""جاء زيد ضاحكا"، و"ضربت اللص مكتوفًا"، فلك في "ضاحكًا" و"مكتوفًا" أن تقدمهما على المرفوع" في الأول وهو "زيد"، "و" على "المنصوب" في الثاني وهو "اللص" فتقول: "جاء ضاحكًا زيد" و"ضربت مكتوفًا اللص"، هذا مذهب البصريين، ومنع الكوفيون تقديمها على المرفوع الظاهر: ثم قيل: عنهم مطلقًا، وقيل: إن تقدمت على رافعه، ومنعوا تقديمها على المنصوب الظاهر أيضًا، ثم قيل: عنهم مطلقًا، وقيل: إن لم يكن فعلًا. الحالة "الثانية: أن تتأخر عنه وجوبًا، وذلك كأن تكون محصورة نحو: {وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ} " [الأنعام: 48] فـ"مبشرين، و"منذرين"، حالان من "المرسلين"، ولا يجوز تقديمهما على "المرسلين" لكونها محصورة، والمحصور يجب تأخيره، ويمكن أن يجيء فيه خلاف الكسائي السابق فيما إذا تقدم المحصور مع "إلا". "أو يكون صاحبها مجرورًا إما بحرف غير زائد كـ: مررت بهند جالسة". فـ"جالسة" حال من "هند"، ولا يجوز تقديمها عليها. لا تقول: مررت جالسة بهند، هذا مذهب الجمهور، وعللوا منع ذلك بأن تعلق العامل بالحال ثان لتعلقه بصاحبه، فحقه إذا تعدى لصاحبه بواسطة أن يتعدى إليه بتلك الواسطة، لكن منع من ذلك أن الفعل لا يتعدى بحرف واحد إلى شيئين، فجعلوا عوضًا عن الاشتراك في الواسطة التزام التأخير، وإليه الإشارة بقول الناظم: 340- وسبق حال ما بحرف جر قد ... أبوا ............................... "وخالف في هذه" المسألة الأخيرة "الفارسي وابن جني وابن كيسان" وابن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 589 برهان وابن ملكون وبعض الكوفيين1، "فأجازوا التقديم"، لضعف دليل المنع، "قال الناظم" في النظم: 340- ................... ... ...... "ولا أمنعه فقد ورد" وقال في شرح التسهيل2: "و" التقديم "هو الصحيح، لوروده" في الفصيح "كقوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ} " [سبأ: 28] فـ"كافة" حال من المجرور، وهو "الناس"، وقد تقدم على صاحبه المجرور باللام "و" نحو "قول الشاعر": [من الطويل] 438- "تسليت طرا عنكم بعد بينكم" ... بذكراكم حتى كأنكم عندي فـ"طرا" بمعنى جميعًا، حال من الكاف والميم، وقد تقدم على صاحبه المجرور بـ"عن". "والحق أن" هذا "البيت" ونحوه "ضرورة"، أو "طرًّا" حال من "عنكم" محذوفة مدلولا عليها بـ"عنكم" المذكورة، "وأن: كافة" في الآية "حال من الكاف" في "أرسلناك"، "و" أن "التاء للمبالغة لا للتأنيث" قاله الزجاج3، ورده ابن مالك4 بأن إلحاق التاء للمبالغة مقصور على السماع، ولا يتأتى غالبًا إلا في أبنية المبالغة كـ: "علامة"، و"كافة" بخلاف ذلك، فإن حمل على "راوية" فهو حمل على شاذ، نقله الموضح عنه في الحواشي ولم يتعقبه. وقول الزمخشري: "إلا رسالة كافة" مصادم لنقل ابن برهان أن "كافة" لا تستعمل إلا حالًا. وأن الصفة لا تنوب عن الموصوف إلا إذا كان معتادًا ذكرها معه. "و" قول ابن مالك وغيره إن "كافة" حال من "الناس"، "يلزمه تقديم الحال المحصورة" بـ"إلا" على صاحبها "و" يلزمه "تعدي "أرسل" باللام"، والأكثر تعديه بـ"إلى"، "والأول" وهو تقديم الحال"المحصورة" على صاحبها "ممتنع كما تقدم، "والثاني" وهو تعدي" أرسل" باللام "خلاف الأكثر" ويدفع الأول بأن   1 انظر شرح التسهيل 2/ 337، والارتشاف 2/ 348، وهمع الهوامع 1/ 241. 2 شرح التسهيل 2/ 336. 438- البيت بلا نسبة في المسالك 2/ 321، وشرح ابن الناظم ص236، وشرح الأشموني 1/ 248، وشرح التسهيل 2/ 328، وشرح عمدة الحافظ ص426، والمقاصد النحوية 3/ 160. 3 معاني القرآن وإعرابه 4/ 254. 4 شرح التسهيل 2/ 337. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 590 تقديم المحصور بـ"إلا" ليس ممتنعًا عند الجميع، كيف وقد قال الموضح في باب الفاعل في المحصور بـ"إلا": وأجاز البصريون والكسائي والفراء وابن الأنباري تقديمه على الفاعل، وأي فرق بين الحال والمفعول؛ لأن الاقتران بـ"إلا" يدل على المقصود، ويدفع الثاني بأن مخالفة الأكثر لا تضر، فإن تعدي "أرسل" باللام كثير، فصيح، واقع في التنزيل كقوله تعالى: {وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا} [النساء: 79] وفصل الكوفيون فأجازوا تقديم الحال على صاحبها المجرور بالحرف إن كان مضمرًا كـ"مررت ضاحكة بك" أو اسمين أحدهما مجرور نحو: "مررت مسرعين بزيد وعمرو"، أو كان الحال فعلًا نحو: "مررت تضحك بهند"، ومنعوه إذا لم يكن كذلك. واحترز بقوله أولًا: "بحرف غير زائد" من الزائد، فإنه يجوز تقديم الحال على صاحبها المجرور به اتفاقًا، كما يجوز التقديم على الفاعل والمفعول نحو: "ما جاءني راكبًا من أحد"، و"ما رأيت راكبًا من أحد". "وإما" مجرورًا "بإضافة" بمعنى مضاف، من إطلاق المصدر على اسم المفعول "كـ: أعجبني وجهها مسفرة", و" هذا شارب السويق ملتوتا", فلا يجوز تقديم الحال على صاحبها واقعة بعد المضاف لئلا يلزم الفصل بين المضاف والمضاف إليه، ولا قبله؛ لأن نسبة المضاف إليه من المضاف كنسبة الصلة من الموصول، فكما لا يتقدم ما يتعلق بالصلة على الموصول كذلك لا يتقدم ما يتعلق بالصلة على الموصول كذلك لا يتقدم ما يتعلق بالمضاف إليه على المضاف. قاله ابن الناظم1، وفصل والده في شرح التسهيل فقال2: إن كانت الإضافة غير محضة جاز التقديم على المضاف نحو: "هذا ملتوتًا شارب3 السويق" بالخفض؛ لأن الإضافة فيه في نية الانفصال، فلا يعتد بها، وإن كانت محضة لم تجز بإجماع، ونازعه أبو حيان في القسمين4، ورد عليه الموضح ذلك في الحواشي، والاشتغال بذلك خروج عن المقصود. "وإنما يجيء الحال من المضاف إليه إذا كان المضاف بعضه كهذا5 المثال" المتقدم وهو: أعجبني وجهها مسفرة. "وكقوله تعالى: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا} " [الحجر: 47] فـ"إخوانا": حال من المضاف إليه، وهو الهاء والميم، والصدور: بعضه وكقوله تعالى: " {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا} " [الحجرات: 12] فـ"ميتًا":   1 شرح ابن الناظم ص237. 2 شرح التسهيل 2/ 335. 3 في جميع النسخ: "شارب ملتوتًا" والتصويب من الارتشاف 2/ 348. 4 الارتشاف 2/ 348. 5 في جميع النسخ: "هكذا"، والتصويب من أوضح المسالك 2/ 324. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 591 حال من الأخ المضاف إليه اللحم، واللحم بعض الأخ "أو كبعضه نحو": {أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} " [النحل: 123] فـ"حنيفا" حال من إبراهيم، المضاف إليه الملة، والملة: كبعضه في حصة حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه، كما يصح ذلك في البعض الحقيقي، ألا ترى أنه لو قيل: "ونزعنا ما فيهم من غل"، و"يأكل أخاه"، و"اتبع إبراهيم" لكان صحيحًا1. "أو" كان المضاف "عاملًا في الحال" كأن يكون مصدرًا أو وصفًا، فالأول "نحو: {إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا} [يونس: 4] فـ"جميعًا": حال من الكاف والميم المضاف إليه "مرجع"، و"مرجع": مصدر ميمي عامل في لحال النصب. "و" نحو: "أعجبني انطلاقك منفردًا"، فـ"منفردًا": حال من الكاف المضاف إليها "انطلاق"، و"انطلاق":مصدر غير ميمي عامل في الحال النصب. "و" الثاني: نحو: "هذا شارب السويق ملتوتًا" الآن أو غدًا، فـ"ملتوتًا" حال من "السويق" المضاف إليه شارب، و"شارب": اسم فاعل عامل في الحال النصب؛ لأنه بمعنى الحال أو الاستقبال، واعتماده على المخبر عنه. وإلى ذلك الإشارة بقول الناظم: 341- ولا تجز حالًا من المضاف له ... إلا إذا اقتضى المضاف عمله 342- أو كان جزء ما له أضيفا ... أو مثل جزئه فلا تحيفا وإنما اشترطوا أحد هذه الشروط الثلاثة لئلا تنخرم قاعدته، وهي أن العامل في الحال هو العامل في صاحبها، وصاحبها إذا كان مضافًا إليه يكون معمولًا للمضاف، والمضاف لا يعمل في الحال إذا لم يشبه الفعل، فإذا كان المضاف مصدرًا أو صفة فالقاعدة موفاة؛ لأن الحال وصاحبها معمولان لشيء واحد، وإذا كان المضاف كأنه جزءًا من المضاف إليه أو كجزئه فلشدة اتصال الجزء بكله أو بما نزل منزلته صار المضاف كأنه صاحب الحال، فيكون العامل فيه هو العامل في الحال، بخلاف ما إذا لم يكن كذلك، فإنه لا سبيل إلى جعله صاحب حال. إذ لو قلت: "ضربت غلام هند جالسة"، أو نحو ذلك لم يجز، قال ابن مالك2: بلا خلاف. ونقل غيره عن بعض البصريين إجازة ذلك3، قال أبو حيان4: والذي تختاره أن المجرور بالإضافة إذا لم يكن في موضع رفع ولا نصب لا يجوز ورود الحال منه   1 في "أ": "في صدورهم" مكان "فيهم". 2 شرح التسهيل 2/ 342. 3 نقل ذلك ابن الشجري في أماليه 1/ 157، 2/ 327، 328. 4 الارتشاف 2/ 348. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 592 سواء أكان المضاف1 جزأه أو كجزئه أو لم يكن، لما تقرر من أنه لا بد من اتحاد الحال وصاحبها في العامل، وأما "ميتًا" فيحتمل أن يكون حالًا من "لحم" و"إخوانًا" يحتمل أن يكون منصوبًا على المدح، "وحنيفًا" يحتمل أن يكن حالًا من "الملة" وذكر لأن الملة والدين بمعنى، أو من الضمير في اتبع:" انتهى بمعناه. الحالة "الثالثة" من الحالات الثلاث: "أن تتقدم" الحال "عليه" أي: على صاحبها "وجوبًا، كما إذا كان صاحبها محصورًا" فيه "نحو: ما جاء راكبًا إلا زيد"، وفيه البحث السابق.   1 بعده في "أ", "ط": "إليه". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 593 "فصل": "وللحال مع عاملها ثلاث حالات أيضًا: إحداها وهي الأصل: أنه يجوز فيها أن تتأخر عنه"، كـ: "جاء زيد راكبا"، "وأن تتقدم عليه" كـ: "راكبًا جاء زيد"، "وإنما يكون ذلك إذا كان العامل" فيها "فعلًا متصرفًا"، وتصرفه يكون بتنقله في الأزمنة الثلاثة1، أي: يكون ماضيًا ومستقبلًا وحالًا، قاله أبو البقاء, فالماضي "كـ: جاء زيد راكبًا"، والمستقبل كـ: "قم مسرعًا" والحال كـ: "يوم زيد مسرعًا الآن". "أو صفة تشبه الفعل المتصرف" في تضمن معنى الفعل وحروفه وقبول علاماته الفرعية، وهي علامة التأنيث والتثنية والجمع، وسواء في ذلك اسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبهة "كـ: "زيد منطلق مسرعًا"، فـ"مسرعًا" حال من فاعل "منطلق" المستتر فيه، "فلك في "راكبًا"" في "جاء زيد راكبًا" في المثال الأول، "و" في "مسرعًا" في "زيد منطلق مسرعًا" في المثال الثاني "أن تقدمهما على "جاء" وعلى "منطلق""، فتقول: راكبًا جاء زيد، ومسرعًا زيد منطلق أو زيد مسرعًا منطلق، هذا مذهب البصريين إلا الجرمي، فإنه لا يجيز تقديم الحال على عاملها، والأخفش فإنه لا يجيز تقديمها على الفعل في نحو: راكبًا زيد جاء، لبعدها عن العامل. ورد جمهور البصريين على الأخفش والجرمي بالسماع في الفصيح "كما قال الله تعالى: {خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ} [القمر: 7] فـ"خاشعًا" حال من الواو في "يخرجون"، وقد تقدم على عامله الفعل، وأجيب بأن هذا لا يتعين لجواز أن يكون "خاشعًا" صفة مفعول محذوف، والتقدير: {يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ} [القمر: 6] قومًا خاشعا أبصارهم، وقد صرح به غير واحد من المعربين، ويجاب بأن الأصل عدم الحذف، "وقالت العرب: شتى تئوب الحلبة2"، فـ"شتى": جمع شتيت، حال من الحلبة، وهم اسم   1 في "ط": "الثلاث". 2 المثل في مجمع الأمثال 1/ 358، وجمهرة الأمثال 1/ 541، والمستقصى 2/ 127، وكتاب الأمثال لابن سلام ص133، وهو من شواهد أوضح المسالك 2/ 372، وشرح ابن الناظم ص238. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 594 ظاهر، وتقدمت فيه على عاملها، و"الحلبة": جمع حالب، و"تئوب": معنى ترجع "أي: متفرقين يرجع الحالبون"، وفيه رد على الكوفيين في منعهم تقديم حال الاسم الظاهر على عامله، وحكي أن ثعلبًا نوظر في هذه المسألة، وأنه انقطع بقولهم: "شتى تئوب الحرب"، أي: متفرقة1، ترجع الحرب، أي: إلى تفرق الكلمة ترجع الحرب. "وقال الشاعر" وهو يزيد بن مفرغ الحميري يخاطب بغلته: [من الطويل] 439- عدس ما لعباد عليك إمارة ... "أمنت وهذا تحملين طليق" "فـ: تحملين": جملة "في موضع نصب على الحال" من فاعل "طليق" المستتر فيه، "وعاملها "طليق"، وهو صفة مشبهة"، وقد قدمت عليه. فإن قلت: معمول الصفة المشبهة لا يكون سببيا مؤخرًا، فكيف جاز تقديمه وكونه غير سببي؟ قلت: المراد بالمعمول المذكور ما عملها فيه بحق الشبه، وأما عملها في الحال فبما فيها من معنى الفعل، كما صرح به الموضح في بابها2، واستفدنا من تمثيله أنه لا فرق في ذلك بين كون الحال مفردًا أو جملة، ومنع الفراء وبعض المغاربة تقديم الجملة الحالية المصدرة بالواو فلا يقال: "والشمس طالعة جاء زيد"، والجمهور على الجواز. والحق أن هذا البيت لا ينهض في الرد على الكوفيين3؛ لأنهم يقولون: بأن "هذا" اسم موصول، و"تحملين" صلته وعائده محذوف، والتقدير: والذي تحملينه طليق، كما مر في باب الموصول، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 343- والحال إن ينصب بفعل صرفا ... أو صفة أشبهت المصرفا فجائز تقديمه. الحالة "الثانية: أن تتقدم" الحال "عليه" أي: على عاملها "وجوبًا، كما إذا كان لها صدر الكلام نحو: كيف جاء زيد؟ " فـ"كيف" في موضع الحال من "زيد"، وهل هي ظرف أو اسم؟ قولان: أحدهما: إنها ظرف شبيهة باسم المكان، كما أن "سواك" كذلك، ويعزى إلى سيبويه4.   1 في "ط": "متفرقين". 439- تقدم تخريج البيت برقم 111. 2 أوضح المسالك 3/ 249. 3 في "ب": "على رأي" مكان "في الرد على". 4 الكتاب 2/ 350. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 595 والثاني أنها ليست ظرفًا، وإنما هي اسم، ويعزى إلى الأخفش. وعلى القولين يستفهم بها عن الأحوال، فعلى الأول يكون معناها في المثال المذكور، في أي حال جاء زيد؟ وعلى الثني: على أي حال جاء زيد؟ وعلى القول بالظرفية لا يفتقر إلى الاستقرار، بخلاف "أين" و"متى"، قاله أحمد بن الخباز في النهاية. الحالة "الثالثة: أن تتأخر" الحال "عنه" أي: عن عاملها "وجوبا، وذلك في ست مسائل، وهي أن يكون العامل فعلًا جامدًا نحو: ما أحسنه مقبلًا"، فـ"مقبلا" حال من "الها"، وهي واجبة التأخير عن عاملها، لكونه فعلًا جامدًا لا يتصرف في نفسه فلا يتصرف في معموله بالتقديم عليه. "أو" يكون العامل "صفة تشبه الفعل الجامد" في عدم قبول العلامات الفرعية، "وهو اسم التفضيل" فإنه لما لم يقبل علامة التأنيث والتثنية والجمع انحط عن درجة اسمي الفاعل والمفعول والصفة المشبهة فجعل موافقًا للجامد "نحو: هذا أفصح الناس خطيبًا"، فـ"خطيبًا" حال من فاعل "أفصح" المستتر فيه، ولا يجوز أن يتقدم على "أفصح"، لما تقدم. "أو" يكون العامل "مصدرًا مقدرًا بالفعل وحرف مصدري نحو: يعجبني اعتكاف أخيك1 صائمًا"، فـ"صائمًا" حال من "أخيك"1, والعامل فيه المصدر المقدر بـ"أن" والفعل, ومعمول المصدر المقدر من "أن" والفعل لا يتقدم عليه. "أو" يكون العامل "اسم فعل نحو: نزال مسرعا" فـ"مسرعا" حال من فاعل "نزال" المستتر فيه, ومعمول اسم الفعل لا يتقدم عليه. "أو" يكون العامل "لفظًا مضمنا معنى الفعل" دون حروفه كاسم الإشارة "نحو: {فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً} " [النمل: 52] فـ"خاوية": حال من "بيوتهم"، والعامل فيه اسم الإشارة, وهو "تلك", وفيها معنى الفعل, وهو "أشير" دون حروفه, فإن قلت: العامل في الحال وصاحبها يجب أن يكون واحدًا عند الجمهور، وهنا قد اختلف, فإن العامل في الحال معنى الإشارة، والعالم في صاحبها المبتدأ، قلت: العامل في الحال حقيقة إنما هو الفعل المدلول عليه باسم الإشارة تقديره: أشير إليها خاوية، والضمير المجرور هو صاحب الحال، والعالم فيه وفي الحال واحد. وذهب السهيلي إلى أن اسم الإشارة لا يعمل، وإنما العامل فعل محذوف تقديره: انظر إليها خاوية.   1 في "ط": "أخوك". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 596 "و" حرف التشبيه نحو "قوله" وهو امرؤ القيس: [من الطويل] 440- "كأن قلوب الطير رطبا ويابسًا" ... لدى وكرها العناب والحشف البالي فـ"رطبًا" و"يابسًا" حالان من "قلوب"، والعامل فيهما "كأن" لما فيه من معنى "أشبه"، وليس فيه حروفه. فإن قلت: كيف يصح أن يكون "رطبًا" و"يابسًا" حالين من قلوب؟ قلت: على معنى قسمًا رطبًا، وقسمًا يابسًا وليس المراد بالرطب ولا باليابس الفرد، قاله الدماميني والضمير في "وكرها" يعود على العقاب، وصفها بأنها لا تأكل قلوب الطير، وشبه الرطب بالعناب، واليابس بالحشف البالي، وهو أرذل التمر اليابس، وهو تشبيه ملفوف، وهو أن يأتي بالمشبهين ثم بالمشبه بهما. "و" حرف التمني نحو: "ليت هندًا مقيمة عندنا"، فـ"مقيمة" حال من "هند"، والعامل فيها "ليت"، لما فيها من معنى "أتمنى" دون حروفه، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 345- وعامل ضمن معنى الفعل لا ... حروفه مؤخرًا لن يعملا 346- كتلك ليت وكأن ....... ... ................................ "أو" يكون العامل "عاملا آخر" غير ما تقدم "عرض له مانع" يمنع ما بعده أن يعمل فيما قبله، "نحو: لأصبر محتسبًا"، فـ"محتسبًا": حال من فاعل "أصبر" المستتر فيه، "و: لأعتكفن صائمًا"، فـ"صائما": حال من فاعل "أعتكف" المستتر فيه، ولا يجوز في "محتسبًا" و"صائمًا" أن يتقدما على عاملهما، "فإن ما في حيز لام الابتداء"، وهو "محتسبًا"، "و" ما في حيز "لام القسم"، وهو "صائمًا" "لا يتقدم عليهما"، أي: على لام الابتداء ولام القسم؛ لأنهما من أدوات الصدور1 فلو فصلت اللام جاز التقديم نحو: "لعن زيد محتسبًا أصبر". "ويستثنى من "أفعل" التفضيل ما" إذا كان عاملًا في حالين لاسمين متحدي المعنى أو مختلفيه، وإحداهما مفضلة على الأخرى، فإنه يجب تقديم الحال الفاضلة" خوف اللبس، فالأول: كـ: "هذا بسرًا أطيب منه رطبًا". قال ابن خروف:   440- البيت لامرئ القيس في ديوانه ص38، وشرح شواهد المغني 1/ 342، 2/ 595، 819، والصاحبي في فقه اللغة ص244، ولسان العرب 1/ 206، "أدب" والمقاصد النحوية 3/ 216، والمنصف 2/ 117، وتاج العروس "بال" وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 7/ 64، وأوضح المسالك 2/ 329، ومغني اللبيب 1/ 218، 2/ 392، 439. 1 الارتشاف 2/ 350. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 597 انتصب "بسرًا" عند سيبويه1 على الحال من الضمير في "أطيب"، وانتصب "رطبًا" على الحال أيضًا من الضمير المجرور بـ"من" والعامل فيهما "أطيب" بما تضمنته من معنى المفاضلة بين شيئين، كأنه قال: هذا في حال كونه بسرًا أطيب من نفسه في حال كونه رطبًا، يريد أن يفضل البسر على الرطب، قال: و"أطيب" ناب مناب عاملين؛ لأن التقدير: يزيد طيبه في حال كونه بسرًا على طيبه في حال كونه رطبًا، وأشار بذلك إلى التمر، والمعنى: بسره أطيب من رطبه. ا. هـ. وفي ذلك تصريح بأن اسم التفضيل عامل في حالين معًا وبه قال المازني في أظهر قوليه، والفارسي في تذكرته، وابن كيسان وابن جني2. وزعم المبرد3 والزجاج وابن السراج4 والسيرافي5 والفارسي في حلبياته6 أن الناصب "كان" محذوفة تامة صلة لـ"إذ" أو "إذا"، فإن قلت ذلك وهو بلح فالمقدر "إذا"، أو هو تمر فالمقدر "إذ"، والصاحبان المضمران في "كان". لا المضمر في "أطيب" والمجرور بـ"من" وقدم الظرف على "أطيب" لاتساعهم في الظروف، ولهذا جاز "أكل يوم لك ثوب" بالاتفاق، ولم يجز "زيد جالسًا في الدار" عند الجمهور: وحكى أبو حيان عن بعض أصحابه: أنه يجوز تقدير "كان" ناقصة بدليل "زيد المحسن أفضل من المسيء". فجاءا معرفتين، وإنما تتعدد الحال مع "أفعل" إذا كانتا فاضلتين، فإن كان الفاضل واحدًا رفعًا نحو: "هذا بسر أطيب منه عنب"، قاله الموضح في الحواشي. ونقل صاحب المتوسط7 عن الفارسي أن العامل في "بسرًا" هو "هذا"، أي: اسم الإشارة أو حرف التنبيه8. "و" الثاني نحو: "قولك: زيد مفردًا أنفع من عمرو معانًا" فـ"مفردًا": حال من الضمير المستتر في "أنفع" الراجع إلى "زيد" و"معانًا": حال من عمرو, والعامل في الحالين "أنفع" أو "كان" المحذوفة على القولين السابقين، وفي هذا المثال رد   1 الكتاب 1/ 400. 2 الارتشاف 2/ 353، وشرح التسهيل 2/ 345، وشرح ابن الناظم ص241. 3 المقتضب 3/ 250, 251. 4 الأصول 2/ 359. 5 شرح التسهيل 3/ 344، وشرح ابن الناظم ص241. 6 المسائل الحلبيات ص179, 180، وانظر رأي المبرد والزجاج وابن السراج والسيرافي والفارسي في الارتشاف 2/ 353. 7 المتوسط ص158. 8 نقله ابن يعيش في شرح المفصل 2/ 60. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 598 على من زعم أن العامل في المثال الأول إما "ها" التنبيه أو اسم الإشارة، لتخلفه هنا, وكان القياس وجوب تأخير الحالين في المثالين عن "أفعل" كما في الحال الواحدة، ولكن اغتفر تقدم الحال الفاضل1 فرقًا بين المفضل والمفضل عليه، إذ لو أخرا لالتبسا2، فإن قيل: اجعل أحدهما تاليًا لـ"أفعل" ولا لبس، قلنا: يؤدي إلى فصل "أفعل" من "من" ومجرورها، وهما كالموصول والصلة. فإن قيل: قد فصل بالظرف وعديله والتمييز. قلنا: ذاك فصل جائز، وهذا فصل واجب في نوع خاص إذا لم يجز تقديمه، قاله في الحواشي، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 347- ونحو زيد مفردًا أنفع من ... عمرو معانا مستجاز لن يهن "ويستثنى من المضمن معنى الفعل دون حروفه أن يكون" العامل "ظرفًا أو مجرورًا مخبرًا بهما" متأخرين عن المخبر عنه، "فيجوز بقلة توسط الحال بين المخبر عنه والمخبر به كقوله": [من الطويل] 441- "بنا عاذ عوف وهو بادئ ذلة ... لديكم" فلم يعدم ولاء ولا نصرًا فوسط الحال؛ وهو: بادئ ذلة؛ بين المخبر عنه؛ وهو: الضمير المنفصل؛ والمخبر به، وهو لديكم، والأصل: وهو لديكم بادئ ذلة؛ وصاحب الحال الضمير المنتقل إلى الظرف، و"عوف": فاعل "عاذ" بالذال المعجمة، وقيدنا الظرف والمجرور بالتأخير لبيان محل الخلاف إذ لو تقدما على المخبر عنه نحو: "في الدار، أو عندك جالسًا زيد" جاز التوسط بلا خلاف؛ لأن الحال لم تتقدم على عاملها المضمن معنى الفعل دون حروفه، وذلك ظاهر. والخلاف المتقدم جار في الحال المفردة، والجملة المصدرة بالواو وغيرها، والظرف، والجار والمجرور ولا فرق في المفردة بين المضافة؛ كما تقدم في البيت؛ "و" غير المضافة "كقراءة بعضهم: "مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الْأَنْعَامِ خَالِصَةً لِذُكُورِنَا"" [الأنعام: 139] بنصب "خالصة"3 على الحال المتوسطة بين المخبر عنه؛ وهو "ما" الموصولة؛ والمخبر به، وهو "لذكورنا"، والأصل؛ والله أعلم: ما في بطون هذه الأنعام لذكورنا خالصة، و"ما"   1 في "ط": "الفاضلة". 2 في "أ": "النساء". 441- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 332، وشرح ابن الناظم ص240، وشرح الأشموني 1/ 252، والمقاصد النحوية 3/ 172. 3 الرسح المصحفي: {خَالِصَةٌ} بالرفع، وقرأها بالنصب ابن عباس والأعرج وقتادة وابن جبير، وانظر البحر المحيط 4/ 231، والمحتسب 1/ 232، ومعاني القرآن للفراء 1/ 358. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 599 واقعة على الأجنة. وصاحب الحال الضمير المنتقل إلى الجار والمجرور بعد حذف الاستقرار، "وكقراءة الحسن" البصري ""وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٍ بِيَمِينِهِ"" [الزمر: 67] ، بنصب "مطويات"1 على الحال المتوسطة بين المخبر عنه وهو "السماوات" والمخبر به وهو "بيمينه" والأصل؛ والله أعلم: والسماوات بيمينه مطويات، وصاحب الحال الضمير المنتقل إلى الجار والمجرور، ففي هذه الأدلة على جواز تقديم الحال على عاملها الظرف والجار والمجرور. "وهو قول الأخفش2"وسبقه إلى ذلك الفراء3، "وتبعه الناظم" في التسهيل وشرحه4. وأشار إليه في النظم بقوله: 346- .......... وندر ... نحو سعيد مستقرا في هجر "والحق" المنع، وهو قول جمهور البصريين5، "وأن البيت" المتقدم "ضرورة وأن: خالصة" في الآية الأولى، "ومطويات" في الثانية "معمولان لصلة: ما"، وهي في "بطون"، "ولـ: قبضته"، فـ"خالصة" معمولة للجار والمجرور قبلها على أنها حال من الضمير الذي في الصلة: و"مطويات"، معمولة لـ"قبضته" على أنها حال من الضمير المستتر فيها والتاء في "خالصة" للتأنيث باعتبار ما وقعت عليه من الأجنة. وقول البيضاوي6: التاء فيها للمبالغة كما في رواية 7, أو مصدر كـ: "العاقبة" وقع موقع الخالص؛ فيه نظر؛ لأن تاء المبالغة في غير أبنية المبالغة، والمصدر الآتي على وزن فاعلة موقوفان على السماع، "فلا يقاس عليهما، "و" الحق "أن السماوات عطف على ضمير مستتر في "قبضته"" لتأويلها بالمشتق "لأنها بمعنى مقبوضة"، والمصدر إذا كان بمعنى المشتق يتحمل الضمير،"لا" "السماوات" "مبتدأ، و"بيمينه"" خبره، كما قال الأخفش، بل "بيمينه" "معمول الحال" لتعلقه بها، "لا عاملها"، أي: لا عامل الحال.   1 الرسم المصحفي {مَطْوِيَّاتٌ} بالرفع، وقرأها بالنصب عيسى والجحدري: انظر البحر المحيط 7/ 440، ومعاني القرآن للفراء 2/ 425. 2 شرح التسهيل 2/ 346، والارتشاف 2/ 355، وشرح ابن الناظم ص240. 3 الارتشاف 2/ 356. 4 التسهيل ص111، وشرح التسهيل 2/ 346. 5 الارتشاف 2/ 355. 6 أنوار التنزيل 2/ 210. 7 في "ط": "رواية". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 600 "فصل": "ولشبه الحال بالخبر" في المعنى "والنعت" في التقيد "جاز أن يتعدد لمفرد وغيره"، كما يتعدد الخبر والنعت، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 348- والحال قد يجيء ذا تعدد ... لمفرد فاعلم وغير مفرد "فالأول" وهو أن تتعدد للمفرد "كقوله": [من الطويل] 442- "علي إذا ما جئت ليلى بخفية ... زيادة بيت الله رجلان حافيا" فـ"رجلان حافيًا" حالان من فاعل "الزيارة" المحذوفة، والتقدير: علي زيارتي بيت الله حال كون رجلًا حافيًا، أي: ماشيا غير منتعل، ويحتمل أن يكونا حالين من ياء المتكلم المجرورة بـ"علي"، و"رجلان": بسكون الجيم وفي آخره نون، وقد صحفه بعض الأعجميين، فقرأه رجلاي بالإضافة إلى ياء المتكلم، وأعربه فاعلًا بـ"زيارة"، و"حافيًا" حالًا من ضمير المتكلم في رجلاي، نبه عليه الموضح في الحواشي. وهو موافق لما في شرح المفتاح للسيد الجرجاني، فإنه قال فيه: وقد صحف جماعة "رجلان" برجلاي إلى آخره. "وليس منه" أي: من تعدد الحال لمفرد "نحو: {أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا} [آل عمران: 39] لأن من شروط التعدد عدم الاقتران بالعاطف عند الموضح. "والثاني" وهو أن يتعدد لمتعدد، وفيه تفصيل، فينظر في الحال المتعدد "إن اتحد لفظه ومعناه ثني أو جمع"، فالتثنية "نحو: {وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ} " [إبراهيم: 33] فـ"دائبين" حال مؤسسة بمعنى: دائمين "والأصل: دائبة ودائبًا"، فلما اتفقا لفظًا ومعنى ثنيا، ولا يضر اختلافهما في التذكير والتأنيث، وأصل   442- البيت لمجنون ليلى في ديوانه ص233، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 335، وشرح الأشموني 1/ 254، وشرح المغني 2/ 859، ولسان العرب 11/ 268، "رجل"، ومغني اللبيب 2/ 461. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 601 الدءوب: مرور الشيء في العمل على عادة جارية فيه. "و" الجمع "نحو: {وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ " بِأَمْرِهِ} [النحل: 12] فـ"مسخرات" حال مؤكدة لعاملها لفظًا ومعنى، صرح بذلك ابن مالك في شرح العمدة1، وولده في شرح النظم2، والأصل: مسخرًا ومسخرا ومسخرة ومسخرًا ومسخرة، فلما اتحدت لفظًا ومعنى جمعت. "وإذا اختلف" لفظه ومعناه "فرق بغير عطف كـ: "لقيته مصعدًا منحدرًا" ويقدر" الحال "الأول" من الحالين "للثاني" من الاسمين، "وبالعكس" فيقدر الثاني من الحالين للأول من الاسمين، ليتصل أحد الحالين بصاحبه، ولا يعدل عنه إلا لقرينة. فإن قلت: فما بال علماء البيان جوزوا في اللف والنشر جعل الأول من أوصاف النشر راجعًا إلى الأول من الأمور الملفوفة، والثاني للثاني، وهو أحسن عندهم من عدم الترتيب؟ قلت: أجيب بأنه إنما يجوز النشر عند الوثوق بفهم المعنى، وأن السامع يرد كل واحد من الأمور المتعددة إليه، فإذا اتصل أحد الحالين بصاحبه كان أعون على ذلك، فـ"مصعدًا" حال من "الها"، و"منحدرًا" حال من "التاء" على غير الترتيب "قال": [من الوافر] 443- "عهدت سعاد ذات هوى معنى" ... فزدت وعاد سلوانا هواها فـ"ذات هوى": حال من "سعاد"، و"معنى": حال من "التاء" في "عهدت"، وقرينة التذكير والتأنيث أرشدت إلى ذلك، والمعنى: إني كنت أنا وسعاد متحابين، فأما أنا فصرت إلى ازدياد المحبة، وأما هي فاد هواها سلوانا. "وقد تأتي" الحال المتعددة "على الترتيب"، فيقدر الأول للأول، والثاني للثاني "إن أمن اللبس، كقوله" وهو امرؤ القيس: [من الطويل] 444- "خرجت بها أمشي تجر وراءنا" ... على أثرينا ذيل مرط مرحل   1 شرح عمدة الحافظ 1/ 327. 2 شرح ابن الناظم ص242. 443- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 337، وشرح ابن الناظم ص242، وشرح التسهيل 2/ 350، وشرح شواهد المغني 1/ 901، ومغني اللبيب 2/ 565، والمقاصد النحوية 3/ 180. 444- البيت لامرئ القيس في ديوانه ص14، وخزانة الأدب 11/ 427، والدرر 1/ 513، والارتشاف 2/ 359، وشرح التسهيل 2/ 350، وشرح شواهد الشافية ص286، وشرح شواهد المغني 2/ 652، 901، وشرح عمدة الحافظ ص462، ولسان العرب 5/ 246 "نير" وتاج العروس "رجل" "رحل"، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 339، ورصف المباني ص330، وشرح شافية ابن الحاجب 2/ 338، ومغني اللبيب 2/ 564، وهمع الهوامع 1/ 244. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 602 فجملة "أمشي" حال من "التاء" في "خرجت"، وجملة "تجر" حال من "الها" المجرورة بالباء، والمعنى: أخرجتها من خدرها حال كوني ماشيًا، وحال كونها جارة على أثري قدمي وقدمها ذيل مرطها لتخفي الأثر عن القافة قصدًا للستر، "والمرط" بكسر الميم وسكون الراء: كساء من خز أو صوف، و"المرحل" بالحاء المهملة: ما فيه علم. "ومنع الفارسي1 وجماعة2 النوع الأول" وهو تعدد الحال لمفرد؛ قائلين بأن صحاب الحال إذا كان واحدًا فلا يقتضي العامل إلا حالًا واحدة. "فقدروا نحو قوله: حافيًا" في البيت "صفة" لـ"رجلان"، "أو حالًا من ضمير: رجلان"، فتكون حالًا متداخلة لا مترادفة، "وسلموا الجواز إذا كان العامل اسم التفضيل3"، واتحد صاحب الحال "نحو: هذا بسرًا أطيب منه رطبًا"، وتقدم الكلام فيه.   1 انظر الارتشاف 2/ 358، وهمع الهوامع 1/ 244. 2 منهم ابن عصفور، انظر شرح ابن الناظم ص242، وشرح التسهيل 2/ 349، وهمع الهوامع 1/ 244. 3 في "ط": "تفضيل". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 603 "فصل": الحال بالنسبة إلى الزمان ثلاثة أقسام: مقارنة: وهو الغالب نحو: {وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا} [هود: 72] . ومقدرة: وهي المستقبلية نحو: {فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ} [الزمر: 73] ومحكية: وهي الماضية نحو: "جاء زيد أمس راكبًا"1.   1 انظر همع الهوامع 1/ 245. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 604 "فصل": "الحال ضربان: مؤسسة": وتسمى مبينة أيضًا؛ لأنها تبين هيئة صاحبها، "وهي التي لا يستفاد معناها بدونها" أي: بدون ذكرها "كـ: جاء زيد راكبًا"، فلا يستفاد معنى الركوب إلا بذكر راكبًا، "وقد مضت" أول الباب. ومؤكدة: وهو التي يستفاد معناها بدون ذكرها، وذهب الفراء1 والمبرد2 والسهيلي3 إلى إنكار المؤكدة، وما ورد من ذلك ردوه إلى المبينة، والصحيح الأول وهو قول الجمهور. "والمؤكدة" ثلاثة أقسم؛ لأنها "إما" مؤكدة4 "لعاملها لفظًا ومعنى نحو: {وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا} " [النساء: 79] فـ"رسولًا" حال من الكاف وهي مؤكدة لعاملها، وهو "أرسلنا" لفظًا ومعنى لتوافقهما في اللفظ والمعنى، "وقوله": [من البسيط] 445- "أصخ مصيخا لمن أبدى نصيحته" ... والزم توقي خلط الجد باللعب فـ"مصيخًا" حال من فاعل "أصخ" المستتر فيه، وهي مؤكدة لعاملها لفظًا ومعنى لتوافقهما في اللفظ5 وأصخ6؛ بالصاد المهملة والخاء المعجمة؛ من الإصخاء وهو   1 انظر الارتشاف 2/ 337، 362. 2 المقتضب 4/ 310, 311. 3 انظر الارتشاف 2/ 337، 362. 4 سقطت من "ب". 445- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 342، وشرح ابن الناظم ص244، وشرح الأشموني 1/ 255، وشرح التسهيل 2/ 357، وشرح عمدة الحافظ ص440، والمقاصد النحوية 3/ 185. 5 بعده في "ط": والمعنى: وذلك لأن الحدث المستفاد من الوصف مؤكد للحدث المستفاد من الفعل. 6 سقطت من "ب". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 605 الإصغاء والاستماع، والمعنى أصخ حال كونك مصغيًا لمن أظهر نصيحته، وتحفظ من خلط الجد بالهزل. "أو" مؤكدة لعاملها "معنى فقط" واللفظ مختلف نحو: " {فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا} " [النمل: 19] فـ"ضاحكًا" حال من فاعل "تبسم" وهي مؤكدة لعاملها معنى فقط؛ لأن التبسم نوع من الضحك، ولفظها مختلف، ومثله " {وَلَّى مُدْبِرًا} " [القصص: 31] ، فإن الإدبار نوع من التولي، ويجمع هذين النوعين قول الناظم: 349- وعامل الحال بها قد أكدا ... .............................. "وإما" مؤكدة "لصاحبها نحو: {لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا} [يونس: 99] فـ"جميعًا" حال من فاعل "آمن"، وهو "من" الموصولة مؤكدة لها1، وهذا القسم من استدراكات الموضح قال في المغني2 وغيره3: وأهمل النحويون4 ذكر المؤكدة لصاحبها. "وإما" مؤكدة "لمضمون جملة" قبلها" معقودة" ومركبة "من اسمين معرفتين جامدين"، والتوكيد بها إما لبيان يقين: كـ: "هو زيد معلومًا"، أو فخر: كـ: "أنا فلان بطلًا"، أو تعظيم: كـ: "هو فلان جليلًا مهابًا"، أو تحقير: كـ: "هو فلان مأخوذًا مقهورًا"، أو تصاغر كـ: "أنا عبدك5 فقيرًا إليك"، أو وعيدًا كـ: "أنا فلان متمكنًا منك"، أو لمعنى غير ذلك: "كـ: زيد أبوك عطوفًا" قاله ابن الناظم في شرح النظم6. زاد أبوه في التسهيل7: "جمودًا محضًا" احترازًا من أن يكون أحد الاسمين8 في حكم المشتق، فإن الحال لا تكون حينئذ مؤكدة للجملة، ولا يحتاج إلى تقدير عامل، ولذلك جعل ابن مالك "زيد أبوك عطوفًا" من المؤكدة لعاملها على تأويل "الأب" بمشتق، فالعامل "الأب" لما فيه من معنى الاشتقاق، وخالفه الموضح9 في هذا تبعًا للشارح.   1 بعده في "ط": "لأن جميعًا يدل على الإحاطة، فهي مؤكدة للعموم الذي في من الموصولة". 2 مغني اللبيب ص606. 3 شرح شذور الذهب ص247. 4 منهم ابن الناظم في شرحه ص243، وابن مالك في شرح التسهيل 2/ 355. 5 في "ب": "عبيدك". 6 شرح ابن الناظم ص246. 7 التسهيل ص112. 8 بعده في "ب": "مشتقا أو". 9 مغني اللبيب ص606. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 606 "وهذه الحال" المؤكدة1 لمضمون جملة قبلها "واجبة التأخير عن الجملة المؤكدة1"؛ لأنها مؤكدة لها، وحق المؤكد أن يتأخر عن المؤكد، "وهي معمولة" عند سيبويه2 "لمحذوف وجوبًا" مقدر بعد الخبر، "تقديره: أحقه، ونحوه" كـ: "اعرفه" إن كان المبتدأ غير "أنا"، وإن كان "أنا" فالتقدير: أحقني أو اعرفني. وقال الزجاج3: العامل هو الخبر لتأويله بمسمى، وقال ابن خروف4: العامل هو المبتدأ لتضمنه معنى "تنبه5".وكلا القولين ضعيف، لاستلزام الأول المجاز، والثاني جواز تقديم الحال على الخبر، وهو ممتنع لعدم تمام الجملة، فالعامل إذن محذوف وجوبًا. لتنزل الجملة المذكورة منزلة البدل من اللفظ، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 350- وإن تؤكد جملة فمضمر ... عاملها ولفظها يؤخر   1 في "ب": "المذدور". 2 الكتاب 2/ 78, 79. 3 انظر قول الزجاج في شرح ابن الناظم ص244، وشرح التسهيل 2/ 358، والارتشاف 2/ 263. 4 انظر قول ابن خروف في شرح ابن الناظم 244، وشرح التسهيل 2/ 358، والارتشاف 2/ 263. 5 في "ب", "ط": "انتبه". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 607 "فصل": "تقع الحال اسمًا مفردًا" عن الجملة وشبهها "كما مضى" من نحو: "جئت راكبًا"، و"ضربت اللص مكتوفًا". "و" تقع "ظرفًا كـ: رأيت الهلال بين السحاب"، فـ"بين": ظرف مكان من موضع الحال من "الهلال". "وجارا ومجرورًا نحو: {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ} " [القصص: 79] فـ"في زينته" جار ومجرور في موضع الحال من فاعل "خرج" المستتر فيه، العائد إلى "قارون"، "و" إذا وقع الظرف وعديله حالا فإنهما "يتعلقان بمستقر" إن قدرا في موضع المفرد، "أو استقر" إن قدرا في موضع الجملة، وعليه الأكثرون حال كون مستقرا أو استقر "محذوفين وجوبًا" لكونهما كونًا مطلقًا، وأما قوله تعالى: {فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ} [النمل: 40] فمحمول على عدم التزلزل والانتقال. لا أنه1 كون مطلق. وشرط الظرف والمجرور أن يكونا تامين كما تقدم، فلو كانا ناقصين لم يجز أن يكون حالين، فلا يقال: هذا زيد اليوم، ولا فيك، قاله أبو حيان2. "و" تقع الحال" جملة" اسمية أو فعلية، وذلك مفهوم من إطلاق قول الناظم: 351- "و" موضع الحال يجيء "جملة" ... .................................... "بثلاثة شروط: أحدها: كونها خبرية"، وهي المحتملة للصدق والكذب، وهذا الشرط مجمع عليه؛ لأن الحال بمثابة النعت، وهو لا يكون بجملة إنشائية، فإن قلت: قد تقدم أن الحال لها شبه بالخبر والنعت، والخبر يكون بالإنشائية، فلم غلبتم شبه النعت على شبه الخبر؟   1 في "ب": "لأنه" مكان "لا أنه". 2 الارتشاف 2/ 357. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 608 قلنا: الحال وإن كان كخبر المبتدأ في المعنى إلا أنها قيد. والقيود تكون ثابتة مع ما قيد بها، والإنشاء لا1 خارج له بل يظهر مع اللفظ، ويزول بزواله، فلا يصلح للقيد، ولهذا لم يقع الإنشاء شرطًا ولا نعتًا، هذا حاصل جواب الحديثي. "وغلط من قال" وهو الأمين المحلي في كتابه المفتاح ومن خطه نقلت "في قوله" وهو بعض المولدين: [من السريع] 446- "اطلب ولا تضجر من مطلب" ... فآفة الطالب أن يضجرا أما ترى الحبل بتكراره ... في الصخرة الصماء قد أثرا "إن "لا" ناهية، و" إن "الواو للحال"، قال في المغني2: وهذا خطأ، "والصواب" في الواو "أنها عاطفة" إما مصدرًا يسبك من "أن" والفعل على مصدر متوهم من الأمر السابق، أي: ليكن منكم طلب وعدم ضجر. أو جملة على جملة، وعلى الأول ففتحة "تضجر" إعراب و"لا" نافية، والعطف مثل قولك: "ائتني ولا أجفوك" بالنصب. وعلى الثاني فالفتحة بناء للتركيب، والأصل: ولا تضجرن بنون التوكيد الخفيفة فحذفت للضرورة، و"لا" ناهية، والعطف "مثل {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} " [النساء: 36] . انتهى كلامه في المغني قبيل الجملة المفسرة ثم أعاد المسألة في النوع الثامن من الجهة السادسة فقال: ثم الأصح أن الفتحة؛ يعني فتحة "تضجر"؛ إعراب مثلها في "لا تأكل السمك وتشرب اللبن" لا بناء لأجل نون توكيد محذوفة. ا. هـ. الشرط "الثاني: أن تكون" الجملة "غير مصدرة بدليل استقبال"؛ لأن الغرض من الحال تخصيص وقوع مضمون عاملها بوقت حصول مضمون الحال, وذلك ينافي الاستقبال, واعترض بأن الحال بالمعنى الذي نحن بصدده تجامع كلا من الأزمنة الثلاثة على السواء، ولا يناسب الحال معنى الزمان الحاضر المقابل للاستقبال إلا في إطلاق لفظ الحال على كل منهما اشتراكًا لفظيا، وذلك لأن يقتضي امتناع تصدير الحال بعلم الاستقبال. وأجيب بأن الأفعال إذا وقعت قيودًا لما له اختصاص بأحد الأزمنة فهم منها استقباليتها وحاليتها وماضويتها بالنظر إلى ذلك المقيد، لا بالنظر إلى زمن التكلم كما في معانيها الحقيقية، وحينئذ يظهر صحة كلامهم في اشتراط التجريد من علامة الاستقبال. إذ   1 سقطت من "ب". 446- البيتان لبعض المولدين في الدرر 1/ 515، والبيت الأول في المقاصد النحوية 3/ 217، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 347، وشرح الأشموني 1/ 256، ومغني اللبيب 2/ 398، وهمع الهوامع 1/ 246. 2 مغني اللبيب 2/ 398. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 609 لو صدرت بها لفهم كونها مستقبلة بالنظر إلى عاملها. "وغَلِطَ من أعرب"، كالحوفي، "سيهدين؛ من قوله تعالى: {إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ} [الصافات: 99] حالًا1" مفعول أعرب، وبيان غلطه من جهة الصناعة ظاهر، وأما من جهة المعنى؛ فلأنه صير معنى الآية: سأذهب مهديا2، فصرف التنفيس إلى الذهاب، وهو في الآية للهداية، وأجيب بأن "مهديا" وقع بعد الذهاب الذي فيه تنفيس، فيلزم أن يكون أيضًا فيه تنفيس كالمقيد قاله الدماميني. وأما قولهم: "لأضربنه إن ذهب وإن مكث"، فإنما جاز وقوع الشرطية فيه حالًا وإن كانت مصدرة بدليل استقبال وهو "إن"؛ لأن المعنى لأضربنه على كل حال، إذ لا يصح اشتراط وجود الشيء وعدمه لشيء واحد. قاله في المغني3. وقال المطرزي4: طريق جعل الشرطية حالًا أن تجعلها خبرًا لمن الحال له تقول في: "جاء زيد إن تسأله يعطك": جاء زيد وهو إن تسأله يعطك، وتكون الحال حينئذ هي الجملة الاسمية. الشرط "الثالث: أن تكون" الجملة "مرتبطة إما بالواو والضمير" معًا لتقوية الربط "نحو:" {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ "خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ" حَذَرَ الْمَوْتِ} [البقرة: 243] فجملة "هم ألوف" حال من الواو في "خرجوا" وهي مرتبطة بالواو والضمير وهو "هم"، "أو بالضمير فقط" دون الواو، و"نحو: {اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ} " [البقرة: 36] فـ"بعضكم": مبتدأ, و"عدو": خبره، و"لبعض" يتعلق بـ"عدو" والجملة حال من الواو في "اهبطوا"، "أي: متعادين" يضل بعضكم بعضًا، وهي مرتبطة بالضمير فقط، وهو الكاف والميم، والخطاب لآدم وحواء بدليل: {اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا} [طه: 123] وجمع ضميرهما؛ لأنهما أصل البشر فكأنهما جمع الجنس، وقيل الضمير لهما ولإبليس والحية، وصحح الزمخشري الأول5. "أو" مرتبطة "بالواو فقط" دون الضمير "نحو: {لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ} " [يوسف: 14] فجملة "ونحن عصبة" حال من "الذئب" مرتبطة بالواو فقط، ولا دخل لـ"نحن" في الربط؛ لأنها لم ترجع إلى صاحب الحال، وإنما جعلت الواو في باب الحال   1 مغني اللبيب 2/ 398. 2 في "ب": "مذهبا". 3 مغني اللبيب 2/ 399. 4 انظر قول المطرزي في الارتشاف 2/ 363، وهمع الهوامع 1/ 246. 5 الكشاف 1/ 63. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 610 رابطة؛ لأنها تدل على الجمع1، والغرض اجتماع جملة الحال مع عامل صاحبها. "وتجب الواو" في موضعين: أحدهما: أن يفقد الضمير نحو: "جاء زيد وما طلعت الشمس". والثاني: "قبل "قد"" حال كونها "داخلة على مضارع" مثبت "نحو: {لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ" أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ} [الصف: 5] فجملة "تعلمون" حال من الواو في تؤذونني، وهي حال مقررة2 للإنكار، فإن "قد" لتحقيق العلم، والعلم بنبوته يوجب تعظيمه، ويمنع من إيذائه قاله البيضاوي3. "وتمتنع" الواو "في سبع صور: إحداها: الواقعة بعد عاطف" حالًا على حال كما قاله4 المرادي5 "نحو: {فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ} " [الأعراف: 4] فجملة "هم قائلون" من القيلولة؛ حال معطوفة على "بياتًا" وهو مصدر في موضع الحال، والمعنى: جاءها عذابنا حال كونهم بائتين أو قائلين نصف النهار، ولا يقال: أو وهم قائلون، كراهة اجتماع حرفي عطف6. الصورة "الثانية": الحال "المؤكدة لمضمون الجملة" قبلها "نحو: هو الحق لا شك فيه، و: {ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ} [البقرة: 2] فكل من جملتي "لا شك فيه" و"لا ريب فيه" حال مؤكدة لمضمون الجملة قبلها، وكما لا تدخل الواو في التوكيد في نحو: جاء زيد نفسه لا تدخل هنا؛ لأن المؤكد نفس المؤكد في المعنى، فلو دخلت الواو في التوكيد في صورة عطف الشيء على نفسه. الصورة "الثالثة: الماضي التالي "إلا"" الإيجابية "نحو:" {وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ " إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ "} [الحجر: 11] فجملة "كانوا به يسهزئون" حال من الهاء والميم في "يأتيهم"، ولا تقترن بالواو عند ابن مالك7، وصرح شارح اللب8 بجواز   1 في "ط": "الجملة". 2 في "أ", "ب": "مقدرة". 3 أنوار التنزيل 4/ 102. 4 في "ب", "ط": "قال". 5 انظر شرح المرادي 2/ 167. 6 بعده في "ط": "صورة". 7 شرح التسهيل 2/ 361. 8 العباب في شرح اللباب لعبد الله العجمي 2/ 84. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 611 الواو وتركها فيما إذا كان الماضي تاليًا "إلا" كقوله: [من البسيط] 447- نعم امرأ هرم لم تعر نائبة ... إلا وكان لمرتاع بها وزرا الصورة "الرابعة: الماضي المتلو بـ"أو"، نحو: لأضربنه ذهب أو مكث"، فجملة "ذهب" حال من الهاء، وهي متلوة بـ"أو" فلا تقترن بالواو؛ لأنها في تقدير شرط، أي: إن ذهب وإن مكث، وفعل الشرط لا يقترن بالواو، فكذلك ما كان في تقديره. الصورة "الخامسة: المضارع المنفي بـ"لا" نحو: {وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ} " [المائدة: 84] فجملة "نؤمن بالله" حال من الضمير المجرور باللام. ولم تقترن بالواو؛ لأن المضارع المنفي بـ"لا" بمنزلة اسم الفاعل المضاف إليه "غير"، فجرى مجراه في الاستغناء عن الواو، ألا ترى أن معناه: ما لنا غير مؤمنين، فكما لا يقال: ما لنا وغير مؤمنين لا يقال: ما لنا ولا نؤمن. قاله ابن مالك في شرح الكافية. وجعل ابن الناظم ترك الواو قبل "لا" أكثريا، وأنشد على مجيء الواو قول مالك بن رقية: [من الوافر] 448- ................. ... وكنت ولا ينهنهني الوعيد وقول مسكين الدارمي: [من الرمل] 449- أكسبته الورق البيض أبا ... ولقد كان ولا يدعى لأب الصورة "السادسة: المضارع المنفي بـ"ما" كقوله": [من الطويل] 450- "عهدتك ما تصبو وفيك شبيبة" ... فما لك بعد الشيب صبا متيما أنشده ابن مالك في شرح التسهيل1، فجملة "تصبو": حال من الكاف في "عهدتك"، ولم تقترن بالواو لما تقدم في "لا" و"صبا" حال، والمعنى: كنت حالة الصبا غير لاه، وصرت في حال الشيخوخة لاهيا، وكان مقتضى الحال عكس ذلك.   447- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 375، وشرح الأشموني 2/ 374، وشرح التسهيل 1/ 163، 2/ 169. 448- صدر البيت: "تفانى مصعب وبنو أبيه" ، وهو لمالك بن رقية في أمالي القالي 3/ 127، والمقاصد النحوية 3/ 192، وبلا نسبة في شرح ابن الناظم ص246، وشرح الأشموني 1/ 257. 449- البيت لمسكين الدارمي في ديوانه ص22، وسمط اللآلي ص352، والمقاصد النحوية 3/ 193، وبلا نسبة في شرح ابن الناظم ص246، وشرح الأشموني 1/ 257. 450- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 354، والدرر 1/ 516، وشرح الأشموني 1/ 257، وشرح التسهيل 2/ 360، وهمع الهوامع 1/ 246. 1 شرح التسهيل 2/ 360. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 612 الصورة "السابعة: المضارع المثبت" المجرد من "قد" "كقوله تعالى: {وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ} " [المدثر: 6] فجملة "تستكثر" حال من فاعل "تمنن" المستتر فيه، ولم تقترن بالواو؛ لأنه يشبه اسم الفاعل في الزنة والمعنى، والواو لا تدخل اسم الفاعل فكذلك ما أشبهه، وإليه أشار الناظم بقوله: 352- وذات بدء بمضارع ثبت ... حوت ضميرا ومن الواو خلت "وأما نحو قوله" وهو عنترة العبسي: [من الكامل] 451- "علقتها عرضًا وأقتل قومها" ... زعما لعمر أبيك ليس بمزعم فجملة "وأقتل قومها" حال من "التاء" في "علقتها"، وهي مقترنة بالواو مع المضارع المثبت، واختلف في تخريجها "فقيل: ضرورة. وقيل: الواو عاطفة" لا واو الحال، "والمضارع مؤول بالماضي"، والتقدير: وقتلت قومها، فعدل عن لفظ الماضي إلى لفظ المضارع قصدًا لحكاية الحال الماضية، ومعناها أن يفرض ما كان في الزمان الماضي واقعًا في هذا الزمان، فيعبر عنه بلفظ المضارع، وهذا القول منسوب في التلخيص البياني واقعًا في هذا الزمان، فيعبر عنه بلفظ المضارع، وهذا القول منسوب في التلخيص البياني إلى الشيخ عبد القاهر. "وقيل:" هي "واو الحال، والمضارع خبر لمبتدأ محذوف، أي: وأنا أقتل" قومها، والجملة من المبتدأ والخبر هي الحال، وعليه اقتصر في الناظم فقال: 353- وذات واو بعدها انو مبتدا ... له المضارع اجعلن مسندًا و"علقتها": مبني للمفعول، "وعرضًا" بفتح العين المهملة والراء، و"زعمًا" بفتح الزاي والعين المهملة: مصدر زعم؛ بكسر العين: يزعم؛ بفتحها: زعمًا؛ بفتحتين: أي: طمع يطمع طمعًا كـ: فرح يفرح فرحًا، والمزعم: المطمع.   451- البيت لعنترة في ديوانه ص191، وجمهرة اللغة ص816، وخزانة الأدب 6/ 131، ولسان العرب 12/ 267 "زعم"، والمقاصد النحوية 3/ 188، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 356، وشرح ابن الناظم ص245، وشرح الأشموني 1/ 256، وشرح التسهيل 2/ 367، ومجالس ثعلب 1/ 241. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 613 "فصل": "وقد يحذف عامل الحال" إذا كان فعلًا "جوازًا لدليل حالي كقولك لقاصد السفر: "راشدًا"، و" قولك "للقادم من حج: "مأجورًا". أو" لدليل "مقالي"، كأن تقع في جواب استفهام كقولك: "راكبًا"، لمن قال لك كيف جئت؟ أو جواب نفي "نحو: {بَلَى قَادِرِينَ} [القيامة: 4] ، أو جواب شرط نحو: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالا أَوْ رُكْبَانًا} [البقرة: 239] فهذه أحوال منصوبة بعامل محذوف جوازًا، فـ"راشدًا": منصوب "بإضمار "تسافر"، و" "مأجورًا": منصوب بإضمار "رجعت، و" "قادرين" منصوب بإضمار "نجمعها، و" "رجالًا": منصوب بإضمار "صلوا"، ولو قيل: تسافر راشدًا1، ورجعت مأجورًا، ونجمعها2 قادرين، وصلوا رجالا، لجاز، ولكن القراءة سنة متبعة. "و" يحذف3 "وجوبًا قياسًا في أربع" صور: إحداها: السادة مسد الخبر "نحو: ضربني زيدًا قائمًا". والأصل: حاصل إذا كان قائمًا. أو ضربه قائمًا على الخلاف في تقديره، ولا يجوز ذكره لما فيه من الجمع بين العوض والمعوض. "و" الثانية: الحال المؤكدة لمضمون جملة قبلها "نحو: زيد أبوك عطوفًا"، والأصل: أحقه، ولا يجوز ذكره لتنزل الجملة قبله4 منزلة البدل من اللفظ، "و" هاتان الصورتان "قد مضتا"، فالأولى في باب المبتدأ، والثانية قريبًا هنا.   1 في "ط": "راشد". 2 في "ط": "نجمعهما". 3 سقطت من "ط". 4 في "ب": "فيه". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 614 "و" الصورة الثالثة: هي "التي يبين بها ازدياد" في المقدار "أو نقص" فيه "بتدريج" فيهما، فالأول "كـ: تصدق بدينار فصاعدًا، و" الثاني نحو: "اشتره بدينار فسافلا"، فـ"صاعدًا" و"سافلًا" حالان، والفاء الداخلة عليهما عطفت عاملًا قد حذف وبقي معموله من عطف الإخبار عن الإنشاء، والأصل: تصدق بدينار فذهب المتصدق به صاعدًا، واشتره بدينار فانحط المشترى به سافلًا، قال أبو البقاء: ولا يجوز هنا من حروف العطف إلا الفاء. "و" الصورة الرابعة: "ما ذكر" بدلا من اللفظ بالفعل "لتوبيخ نحو: أقائمًا وقد قعد الناس، و" لمن لا يثبت على حال: "أتميميا مرة وقيسيا أخرى"، فـ"قائمًا": حال منصوبة بفعل محذوف وجوبًا "أي: أتوجد"، و"تميميا، وقيسيا": حالان منصوبان بفعل محذوف وجوبًا أي: "أتتحول. و" يحذف "سماعًا في غير ذلك نحو: هنيئا لك"، فـ"هنيئًا لك" حال محتملة للتأسيس والتأكيد، منصوبة بفعل محذوف. "أي: ثبت لك الخبر هنيئًا"، على التأسيس. "أو هنأك" ذلك "هنيئًا"، على التأكيد، وهذا التقدير مأخوذ من قول سيبويه1: وإنما نصب "هنيئًا" لأنه ذكر أن خبرًا أصابه إنسان. فقلت: "هنيئًَا" كأنك قلت: ثبت لك هنيئًا أو هنأك ذلك هنيئًا. ا. هـ. فحذف الفعل وقامت الحال مقامه قاله ابن الشجري. "وهنأ" بتخفيف النون وبالهمز، يقال: هنئ يهنأن كـ: "علم يعلم" وهنؤ يهنؤ، كـ: "ظرف يظرف". وإلى حذف عامل الحال أشار الناظم بقوله: 355- والحال قد يحذف ما فيها عمل وبعض ما يحذف ذكره حظل أي: منع.   1 الكتاب 1/ 317. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 615 باب التمييز مدخل ... باب التمييز: "هذا باب التمييز": وهو في الأصل مصدر "ميز": إذا خلص شيئًا من شيء، وفرق بين متشابهين. وقولهم في الاسم المميز: "تمييز" مجاز من إطلاق المصدر على اسم الفاعل كـ: "الطلع" و"النجم"، بمعنى الطالع والناجم، قاله أبو البقاء. و"التمييز" في الاصطلاح "اسم نكرة، بمعنى "من"، مبين لإبهام اسم أو" إبهام "نسبة"، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 356- اسم بمعنى من مبين نكره ... .............................. "فخرد بال فصل الأول" وهو نكرة، المشبه بالمفعول به "نحو: زيد حسن وجهه" بالنصب، فإن فيه ما في "حسن وجهًا" إلا التنكير، فلا يكون تمييزًا لعدم تنكيره، "وقد مضى" في باب المعرف بالأداة "أن قوله" وهو رشيد اليشكري: [من الطويل] 452- رأيتك لما أن عرفت وجوهنا ... "صددت وطبت النفس يا قيس عن عمرو" "محمول على زيادة: أل" عند البصريين1 كما زيدت في: [من الرجز] 453- باعد أم العمرو عن أسيرها خالف في ذلك الكوفيون وابن الطراوة2، فأجازوا تعريف التمييز متمكسين بنحو ما أولناه. "و" خرج بالفصل "الثاني" وهو بمعنى "من" "الحال" نحو: "جاء زيد راكبًا" "فإنه بمعنى: في حال كذا، لا بمعنى: من3".   452- تقدم تخريج البيت برقم 131. 1 انظر الارتشاف 2/ 384. 453- تقدم تخريج الرجز برقم 51. 2 الارتشاف 2/ 384، وهمع الهوامع 1/ 252. 3 شرح التسهيل 2/ 379. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 616 "و" خرج بالفصل "الثالث" وهو مبين لإبهام اسم أو نسبة اسم "لا" التبرئة "نحو: "لا رجل"، و" ثاني مفعولي "أستغفر" "نحو:" [من البسيط] 454- "أستغفر الله ذنبا لست محصيه" ... رب العباد إليه الوجه والعمل "فإنهما" أي: "رجل" و"ذنبا" "وإن كانا على معنى: من" بدليل صحة اقترانهما بها نحو: "لا من رجل"، و"أستغفر الله من ذنب" "لكنها" أي: "من" "ليست" فيهما "للبيان" فلا يكونان مبينين، "بل هي في الأول" وهو "لا رجل" "للاستغراق" للجنس، ولذلك بني اسم "لا" معها، "وفي الثاني" وهو أستغفر الله ذنبًا "للابتداء"، كأنه لما أراد الاستغفار ابتدأ منه بالجانب المتناهي، وهو الأول, وترك الجانب الأعلى الذي لا يتناهى، لكونه غير محدود، فكأنه قال: أستغفر الله مبتدئًا من أول الذنوب إلى ما لا يتناهى. قال الموضح في الحواشي: وليس المراد بقولهم في التمييز: بمعنى "من" أن تكون "من" مقدرة قبله، لئلا يخرج عنه المحول عن الفاعل والمفعول والمبتدأ وتمييز العدد، وإنما المراد أن الاسم جيء به لتبيين الجنس كما يجاء بـ"من" المبينة للجنس، لا أن ثم "من" مقدرة. ا. هـ. "وحكم التمييز النصب"؛ لأنه من الفضلات. "والناصب لمبين الاسم هو ذلك الاسم المبهم"، واختلف في صحة إعماله مع أنه جامد، فقيل: شبهه باسم الفاعل؛ لأنه طالب له في المعنى "كـ: عشرين درهمًا"، فإنه شبيه بـ"ضاربين زيدًا"، و"رطل زيتًا"، فإنه شبيه بـ"ضارب عمرًا" في الاسمية والطلب المعنوي ووجود ما به التمام وهو التنوين والنون. وقيل: شبهه بـ"أفعل من"، وذلك في خامس مرتبة، فإن الفعل أصل لاسم الفاعل؛ لأنه يعمل معتمدًا وغير معتمد, واسم الفاعل لا يعمل إلا معتمدًا، وهو أصل للصفة المشبهة؛ لأنه يعمل في السببي والأجنبي، وهي لا تعمل إلا في السببي دون الأجنبي   454- البيت بلا نسبة في أدب الكاتب ص524، والأشباه والنظائر 4/ 16، والأصول 1/ 178، وأوضح المسالك 2/ 283، وتخليص الشواهد ص405، وخزانة الأدب 3/ 11، 9/ 124، والدرر 2/ 260، وشرح ابن الناظم ص250، وشرح أبيات سيبويه 1/ 420، وشرح التسهيل 2/ 379، وشرح شذور الذهب ص371، وشرح المرادي 2/ 174، وشرح المفصل 7/ 63، 8/ 51، والصاحبي في فقه اللغة ص181، والكتاب 1/ 37، ولسان العرب 5/ 26 "غفر"، والمقاصد النحوية 3/ 226، والمتقضب 2/ 321، وهمع الهوامع 2/ 82. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 617 وهو أصل لـ"أفعل من"؛ لأنها ترفع الظاهر، وهو لا يرفعه إلا في مسألة واحدة، وهو أصل المقادير؛ لأنه يتحمل الضمير، وهي لا تتحمله، وصحح هذا القول؛ لأن حمل الشيء على ما هو به أشبه أولى. "والناصب لمبين النسبة" عند سيبويه والمازني والمبرد ومتابعيهم1 "المسند من فعل أو شبهه"، فالفعل "كـ: طاب" زيد "نفسًا" فـ"نفسا" منصوب بـ"طاب"، "و" شبه الفعل نحو: "هو طيب أبوة"، فـ"أبوة" منصوب بـ"طيب"، هو صفة مشبهة "وعلم بهذا" التقدير والتفصيل "بطلان عموم قوله" في النظم: 356- ................... ... "ينصب تمييزًا بما قد فسره" فإنه يقتضي أن التمييز ينضب بما قد فسره، سواء أكان مفسرًا لإبهام اسم أو لنسبة، وليس كذلك، وأجاب عنه المرادي: بأن التمييز لما رفع إبهام نسبة الفعل إلى فاعله أو مفعوله فكأنه رفع الإبهام عنه، فاندرج بهذا الاعتبار تحت قوله: "بما قد فسره"، وذهب قوم إلى أن العامل في مميز النسبة هو الجملة التي انتصب عن تمامها لا الفعل ولا ما أشبهه، واختاره ابن عصفور2،ونسبه إلى المحققين، ولولا أن الناظم صرح في غير هذا الموضع وفي آخر الباب بأن ناصبه الفعل لحملت كلامه هنا على ما اختاره ابن عصفور.   1 مثل الفارسي، انظر الإيضاح 1/ 203، والارتشاف 2/ 377، وشرح المرادي 2/ 175. 2 الارتشاف 2/ 377. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 618 "فصل": "والاسم المبهم أربعة أنواع: أحدها: العدد"، وهو قسمان: صريح وكناية: فالصريح "كـ: {أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا} [يوسف: 4] ، والكناية كـ: "كم" الاستفهامية، نحو: "كم عبدًا ملكت؟ " وقدم الاسم على النسبة؛ لأن المفرد مقدم على المركب، وقدم العدد؛ لأنه أولى بالتمييز لوجهين: أحدهما: أنه يميز بالمقادير، نحو: أحد عشرًا رطلا أو شبرا أو قفيزًا، ولا يعكس. والثاني: أنه واجب النصب، ذكرهما في شرح الكافية1، وأفرد العدد عن المقادير بناء على أنه ليس من جملتها، وهو قول المحققين؛ لأن المراد بالمقدار ما لم ترد حقيقته بل مقداره، حتى إنه يصح إضافة المقدار إليه، والعدد ليس كذلك، ألا ترى أنك تقول: "عندي مقدار رطل زيتًا" ولا تقول "عندي مقدار عشرين رجلًا" قاله الموضح في شرح القطر2. "و" النوع "الثاني: المقدار، وهو" ما يعرف به قدر الشيء، وينقسم ثلاثة أقسام؛ لأنه "إما مساحة كـ: شبر أرضا" و"ذراع نسيجا" "أو كيل كـ: قفيز برا"، ووقع في شرح لمع ابن جني لأبي البقاء: ومن الممسوح عندي "قفيزان شعيرا"؛ لأن القفيز عبارة عن ضرب قصبة في عشر قصبات في عرف الحساب، وهو عشر الجريب. ا. هـ. ولم أراه لغيره "أو وزن كـ: منوين عسلًا" وتمرًا، "وهو تثنية: منا" بتخفيف النون والقصر، كـ: "عصا"، والمنا: آلة الوزن، يعرف بها مقادير الموزونات، فيقال في تثنيته: "منوان"، كما يقال في تثنية "عصا": "عصوان"، "ويقال فيه "من" بالتشديد" كـ: "ضب"، "وتثنيته: منان" بالتشديد، كما يقال في تثنية "ضب": "ضبان".   1 شرح الكافية الشافية 2/ 769. 2 شرح قطر الندى ص329. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 619 "و" النوع "الثالث: ما يشبه المقدار" في الوزن والكيل والمساحة، فالأول "نحو: {مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا} [الزلزلة: 7] فـ"مثقال الذرة" شبيه بما يوزن به، وليس اسمًا لشيء يوزن به عرفًا. "و" الثاني: نحو: "نحي سمنا" فـ"النحي" بكسر النون وإسكان الحاء المهملة وبعدها ياء: اسم لوعاء السمن, وهو مما يشبه الكيل, وليس بكيل حقيقة, ويكون كبيرا وصغيرا. "و" الثالث نحو: " {وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا} " [الكهف: 109] فـ"مثل" شبيه بالمساحة، وليست مساحة حقيقية، وإنما هو دال على المماثلة من غير ضبط بحد، "وحمل على هذا" في الدلالة على المماثلة ما يفيد المغايرة، نحو: "إن لنا غيرها إبلًا" ووجه حمله عليه أنه غيره، وهم يحملون الغير على المثل ما يحملون المثل على المثل، ولم يحمل على غيره؛ لأنه لا وجه لإلحاقه بالمقدار إلا بأن يحمل على ما ألحق به، وهو المثل. "و" النوع "الرابع: ما كان فرعًا للتمييز نحو": هذا "خاتم حديدًا، فإن "الخاتم" فرع "الحديد"" من جهة أنه مصنوع منه، فيكون الحديد هو الأصل، والخاتم مشتق منه، فهو فرعه بهذا الاعتبار، وضابطه: كل فرع حصل له بالتفريع اسم خاص يليه أصله، ويكون مما يصح إطلاق الاسم عليه. "ومثله" أي: مثل "خاتم حديدًا" في ذلك "باب ساجا"، فإن "الباب" فرع "الساج" والساج نوع من الخشب، "و: جبة خزا" فإن الجبة فرع الخز، والخز نوع من الحرير، "وقيل" في المنصوب بعد "الخاتم" وبعد "الباب" وبعد "الجبة": "إنه حال". وينبني عليهما الخلاف في الاتباع، فمن خرج النصب على التمييز قال: إن التابع عطف بيان1. ومن خرجه على الحال، قال: إنه نعت2. والأول أولى؛ لأنه جامد جمودًا محضًا، فلا يحسن كونه حالًا ولا نعتًا. "والنسبة المبهمة نوعان: نسبة الفعل للفاعل نحو: {وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا} " [مريم: 4] فإن نسبة "اشتعل" إلى "الرأس" مبهمة، و"شيبًا" مبين لذلك الإبهام، وهذا التمييز محول عن الفاعل، والأصل: واشتعل شيب الرأس, فحول الإسناد من المضاف؛ وهو شيب؛ إلى المضاف إليه؛ وهو الرأس؛ فارتفع، ثم جيء بذلك المضاف الذي حول عنه الإسناد فضلة وتمييزًا.   1 قال بذلك المبرد، انظر المقتضب 3/ 259. 2 قال بذلك سيبويه، انظر الكتاب 2/ 117, 118. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 620 "ونسبته للمفعول نحو: {وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا} " [القمر: 12] فإن نسبة "فجرنا" إلى "الأرض" مبهمة، و"عيونًا" مبين لذلك الإبهام، والأصل: وفجرنا عيون الأرض. فحول المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه، وجيء بالمضاف تمييزًا، هذا مذهب الجزولي1 وابن عصفور2 وابن مالك3 وأكثر المتأخرين4، وأنكره الشلوبين5، وحجته أن سيبويه لم يمثل بالمنقول عن المفعول، وتبعه تلميذه الأبدي6 وابن أبي الربيع7، وتأول الشلوبين "عيونا" في الآية على أنها حال مقدرة؛ لأنها حال التفجر لم تكن عيونًا، وإنما صارت عيونًا بعد ذلك. وأولها ابن أبي الربيع على وجهين: أحدهما: أن يكون بدل بعض من كل، على حذف الضمير، أي: عيونها، مثل: أكلت الرغيف ثلثًا، أي: ثلثه. والثاني أن يكون مفعولًا على إسقاط الجار، أي: بعيون. ورده الموضح في شرح اللمحة. "ولك في مميز الاسم" المفرد "أن تجره بإضافة الاسم" إليه إن حذف ما به تمامه من تنوين ظاهر أو مقدر أو نون تشبهه8 "كـ: شبر أرض" من الممسوحات "و: قفيز بر" من المكيلات، "و: منوي عسل" من الموزونات، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 358- وبعد ذي وشبهها اجرره إذا ... أضفتها كمد حنطة غذا "إلا إذا كان الاسم عددًا" من أحد عشر إلى تسعة وتسعين، فإن تمييزه واجب النصب لما سيأتي، بخلاف ثلاثة عشرة وما بينها، ومائة وما فوقها، فتمييزه واجب الجر بالإضافة إلا ما شذ كـ: "خمسة أثوابًا" و"مائتين عامًا"، فلا يدخل الجواز شيئًا من واجب النصب وواجب الجر، فلا اعتراض عليه في الإطلاق، وإنما وجب النصب فيما كان "كـ: عشرين درهمًا" وامتنع جره؛ لأنه يضاف إلى غير التمييز نحو: "عشري رجل"، فلو أضيف إلى التمييز لزم الالتباس، فلا يعلم هل هو تمييز أو لا؟ ولم يعكس الأمر دفعًا   1 الجزولية ص222. 2 شرح الجمل 2/ 284. 3 شرح التسهيل 2/ 384. 4 منهم ابن عقيل في شرحه 1/ 347. 5 الارتشاف 2/ 378. 6 همع الهوامع 1/ 251، والارتشاف 2/ 378. 7 الارتشاف 2/ 378. 8 في "ب": "تثنية". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 621 لإضافة الشيء إلى نفسه؛ لأن العدد هو التمييز في المعنى، قاله في المتوسط، وزعم أنه الصواب. "أو مضافًا نحو:" {وَلَوْ جِئْنَا "بِمِثْلِهِ مَدَدًا} " [الكهف: 109] "و {مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا} " [آل عمران: 91] فـ"مددًا تمييز لـ"مثل"، و"ذهبًا" تمييز لـ"ملء"، ولا يجوز جرهما بالإضافة؛ لأن "مثل" و"ملء" مضافان مرة فامتنع إضافتهما مرة أخرى، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 359- والنصب بد ما أضيف وجبا ... إن كان مثل ملء الارض ذهبا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 622 "فصل": "مم مميز النسبة" التمييز "الواقع بعد ما يفيد التعجب" إما بصيغته الموضوعة له أو لا، فالأول "نحو:" أبو بكر "أكرم به أبًا وما أشجعه رجلًا. و" الثاني نحو: "لله دره فارسًا"، فـ"أبا" و"رجلا" و"فارسًا" تمييز لبيان جنس المتعجب منه المبهم في النسبة، والدر؛ بفتح الدال المهملة وتشديد الراء؛ في الأصل مصدر در اللبن يدر ويدر؛ بكسر الدال وضمها؛ درا ودرورًا كثر، ويسمى اللبن نفسه درا، وهو هنا كناية عن فعل الممدوح الصادر عنه، وإنما أضيف1 فعله إلى الله تعالى قصدًا لإظهار التعجب منه؛ لأنه تعالى منشئ العجائب. فمعنى قولهم: "لله دره فارسًا" ما أعجب فعله، ويحتمل أن يكون التعجب من لبنه الذي ارتضعه من ثدي أمه، أي: ما أعجب هذا اللبن الذي نزل به مثل هذا الولد الكامل في هذه الصفة، وكون "فارسًا من مميز النسبة إنما يتمشى إذا كان الضمير المضاف إليه "الدر" معلوم المرجع، أما إذا كان مجهوله كان من مميز الاسم لا من مميز النسبة؛ لأن الضمير مبهم، فيحتاج إلى ما يميزه، قاله في الحواشي، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 361- وبد كل ما اقتضى تعجبا ... ميز ........................... "و" من مميز النسبة التمييز "الواقع بعد اسم التفضيل"، وله حالتان: تارة يكون منصوبًا، وتارة يكون مجرورًا، "وشرط نصب هذا" الواقع بعد اسم التفضيل "كونه" سببيا، وذلك إذا كان "فاعلا معنى، نحو: زيد أكثر مالًا" وعلامة ذلك أن تجعل مكان اسم التفضيل فعلا من لفظه ومعناه، ويرفع التمييز به مع صحة المعنى، فتقول في مثالنا: "زيد كثر ماله"، وإلى هذه المسألة أشار الناظم بقوله: 360- والفاعل المعنى انصبن بأفعلا ... مفضلا ...........................   1 في "ب"، "ط" "أضاف". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 623 "بخلاف" ما إذا لم يكن فاعلًا معنى، وهو ما كان اسم الفضيل بعضه "نحو: "مال زيد أكثر مال"، بالخفض، وعلامة أن يحسن وضع "بعض" موضع اسم التفضيل، ويضاف إلى جمع قائم مقام النكرة، فنقول في مثالنا: "مال زيد بعض الأموال"، ولا يستقيم في هذا المثال أن يكون "مال" فاعلًا معنى لفساد المعنى، فلا يقال: "مال زيد كثر ماله"؛ لأنه يؤدي إلى أن المال له مال. وإنما وجب نصبه في الأولى وجره في الثانية؛ لأن اسم التفضيل مضاف إلى ما هو بعضه دون الأولى، "وإنما جاز: هو أكرم الناس رجلًا" بالنصب مع تخلف شرطه؛ وهو أن "رجلًا" لا يصح أن يكون فاعلًا في المعنى: إذ لا يقال:"هو كرم رجل" فتخبر عن "هو" بقولك: "كرم رجل" وإذا بطل شرط النصب كان حقه الجر, وإنما نصب "لتعذر إضافة "أفعل" مرتين"؛ لأنه أضيف أولًا إلى "الناس"، فلو أضيف ثانيًا إلى "رجل" لزم إضافته مرتين، وذلك ممتنع؛ لأن المضاف إلى شيء يمتنع إضافته إلى غيره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 624 "فصل": "ويجوز جر التمييز بـ"من" كـ: "رطل من زيت"". واختلف في معنى "من" التي يصرح بها مع التمييز، فقيل: للتبعيض، ولذلك لم تدخل في "طاب نفسًا" لأن "نفسا" ليست أعم من المبهم الذي انطوت عليه الجملة. وقال الشلوبين1: زائدة عند سيبويه2 لمعنى التبعيض. قال في الارتشاف3: ويدل على صحته أنه عطف على موضعها نصبًا، قال الحطيئة: [من البسيط] 455- طافت أمامة بالركبان آونة ... يا حسنه من قوام ما ومنتقبا وبحث الموضح في الحواشي أنها لبيان الجنس، وهو ظاهر؛ لأن المشهور من مذاهب النحويين ما عد الأخفش أن "من" لا تزاد إلا في غير الإيجاب. ولا4 يمتنع جر التمييز بـ"من" "إلا5 في ثلاث مسائل: إحداها: تمييز العدد. كـ: عشرين درهمًا" لما سيأتي. "الثانية: التمييز المحول عن المفعول، كـ: غرست الأرض شجرًا، ومنه" أي: من المحول عن المفعول "ما أحسن زيدًا أدبًا" فإنه محول عن المفعول، وأصله: ما أحسن أدب زيدٍ، "بخلاف: ما أحسنه" أي: زيدًا" "رجُلا" فإنه ليس محولًا عن المفعول، إذ لا يصح "ما أحسن رجل زيد" مع أن المراد بالرجل نفس زيد.   1 الارتشاف 2/ 384. 2 الكتاب 4/ 225. 3 الارتشاف 2/ 384. 455- البيت للحطيئة في ديوانه ص11، والارتشاف 2/ 384، وأمالي ابن الشجري 1/ 276، وخزانة الأدب 3/ 270، 289، والدرر 1/ 530، والمقاصد النحوية 3/ 242، وبلا نسبة في الخصائص 2/ 432، وشرح الأشموني 1/ 265، وهمع الهوامع 1/ 251. 4 سقط من "ط". 5 سقط من "ط". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 625 و"الثالثة: ما كان فاعلا في المعنى إن كان محولًا عن الفاعل صناعة كـ: طاب زيد نفسًا"، إذ أصله: طابت نفس زيد، "أو" محولا "عن مضاف غيره"، كأن يكون مبتدأ، "نحو: زيد أكثر مالًا"، فـ"مالا" محول عن مبتدأ، "إذ أصله: مال زيد أكثر"، فحول المضاف، وجعل تمييزًا، وأقيم المضاف إليه مقامه، فارتفع على الابتداء مكانه، "بخلاف" ما كان فاعلًا في المعنى، ولم يكن محولًا "نحو: لله دره فارسًا، و: أبرحت جارًا" بكسر التاء خطابًا للمؤنثة، أخذا من قول الأعشى: [من المتقارب] 456- أقول لها حين جد الرحيـ ... ـل أبرحت ربا وأبرحت جارًا "فإنهما" أي: فارسًا وجارًا "وإن كانا فاعلين معنى؛ إذ المعنى عظمت فارسا وعظمت جارًا، إلا أنهما غير محولين" عن الفاعل صناعة، "فيجوز دخول "من" عليهما"، فتقول: "من فارس" و"من جار" كقوله: [من السريع] 457- يا سيدا ما أنت من سيد ... موطأ الأكناف رحب الذراع "ومن ذلك" الفاعل في المعنى الغير محول: "نعم رجلًا زيد1"، فـ"رجلًا" وإن كان فاعلًا معنى؛ إذ المعنى نعم الرجل زيد؛ إلا أنه غير محول، فلذلك "يجوز" دخول "من" عليه، فتقول: "نعم من رجل، قال" أبو بكر بن الأسود: [من الوافر] 458- تخيره فلم يعدل سواه ... "فنعم المرء من رجل تهامي" بفتح التاء كـ: "يمان". واقتصر في النظم على استثناء مسألتين فقال: 362- واجرر بمن إن شئت غير ذي العدد ... والفاعل المعنى ...........................   456- البيت للأعشى في ديوانه ص99، والارتشاف 2/ 382، وجمهرة اللغة ص56، 275، وخزانة الأدب 2/ 302، 305، 306، وسمط اللآلي ص338، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي 1263، والكتاب 2/ 175، ولسان العرب 2/ 411 "برح"، ونوادر أبي زيد ص55، وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب 1/ 367، 404، وأوضح المسلك 2/ 367، والفاخر ص280. 457- البيت للسفاح بن بكير في خزانة الأدب 6/ 95، 96، 98، والدرر 1/ 378، وشرح اختيارات المفضل ص1363، وشرح شواهد الإيضاح ص195، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 3/ 185، وخزانة الأدب 2/ 308، والدرر 2/ 292، وشرح شذور الذهب ص258، وشرح قطر الندى ص320 والمقرب 1/ 165، وهمع الهوامع 1/ 173، 2/ 90. 1 في "أ"، "ب": "زيدًا". 458- البيت لأبي بكر بن الأسود المعروف بابن شعوب الليثي في الدرر 2/ 276، وشرح المفصل 7/ 133، والمقاصد النحوية 3/ 227، 4/ 14، وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 369، وخزانة الأدب 9/ 395، وشرح ابن الناظم ص253، وشرح الأشموني 1/ 265، والمقرب 1/ 69، وهمع الهوامع 2/ 86. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 626 وإنما امتنع دخول "من" في المسائل الثلاث المتقدمة؛ لأن وضع "من" المبينة أن يفسر بها وبمصحوبها اسم جنس سابق صالح لحمل ما بعدها عليه، نحو: {أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ} [الكهف: 31] . وامتنع ذلك في العدد لعدم صحة الحمل، لكون العدد دالا على متعدد. والتمييز مفرد، وفي المحول عن الفاعل والمفعول؛ لأن التمييز مفسر للنسبة لا للفظ المذكور، وجاز دخولها في غير ذلك؛ لأن التمييز نفس المميز في المعنى. وفي كلامه هنا أمور منها: أنه قيد الفاعل المعنوي بأن يكون محولًا صناعة، ولم أقف عليه لغيره. ومنها أنه تبع الشارح1 في جعل "لله دره فارسًا" و"نعم المرء من رجل" من تمييز الجملة، واعترضه المرادي بأنه تمييز مفرد لا تمييز جملة2. ومنها أنه حكم على "أبرحت جارًا" أنه غير3 محول، والمنقول عن الأعلم أنه مما انتصب عن تمام الكلام، وأنه منقول عن فاعل، وتقديره: أبرح جارك، فأسند الفعل إلى غيره ثم نصبه تفسيرًا، وذهب ابن خروف4 إلى أنه مما انتصب عن تمام الاسم، فالقول بأنه تمييز عن تمام الجملة وليس محولًا قول ثالث. ومنها أنه خالف كلامه في "نعم رجلًا زيد". فقال هنا: يجوز "نعم من رجل"، ومنع ذلك في شرح اللمحة فقال5: ولا تدخل "من" على ما كان منقولا أو مشبها بالمنقول أو بعد عدد, وقدم قبل ذلك أن المشبه بالمنقول قولهم: "نعم رجلًا زيد"، ووجه شبهه بالمنقول أن المعنى: نعم الرجل زيد، فكان هذا هو الأصل، ثم حول الإسناد عن الظاهر إلى المضمر، وجعل المرفوع تمييزًا لذلك الضمير. ا. هـ. فجعله محولًا، ومنع دخول "من" عليه. ومنها أن قوله: إذ المعنى عظمت فارسًا وعظمت جارًا، ليس فيه بيان أن "فارسًا" و"جارًا" فاعلان معنى، وكان حقه أن يرفعهما، ويقول: إذ المعنى عظمت فروسيتك وعظم جوارك، فيسند الفعل إلى أصل التمييز أو إلى التمييز، فتقول: عظم فارس وعظم جار.   1 شرح ابن الناظم ص252. 2 شرح المرادي 2/ 183. 3 سقطت من "ب". 4 الارتشاف 2/ 381. 5 انظر قوله في همع الهوامع 1/ 251. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 627 "فصل": "لا يتقدم التمييز على عامله إذا كان اسمًا" جامدًا "كـ: رطل زيتًا، أو فعلًا جامدًا نحو: ما أحسنه رجلًا"؛ لأن الجامد لا يتصرف في نفسه فلا يتصرف في معموله بتقديمه عليه. "وندر تقدمه على" الفعل "المتصرف كقوله" وهو رجل من بني طيئ: [من المتقارب] 459- "أنفسنا تطيب بنيل المنى" ... وداعي المنون ينادي جهارًا فـ"نفسًا" تمييز مقدم على عامله؛ وهو تطيب؛ لأنه فعل متصرف "وقاس على ذلك المازني والمبرد والكسائي1"، قال الناظم في شرح العمدة2: بقولهم أقول قياسًا على سائر الفضلات المنصوبة بفعل متصرف، وجعله في النظم قليلًا فقال: 363- وعامل التمييز قدم مطلقًا ... والفعل ذو التصريف نزرًا سبقا ولم يجز سيبويه3 والجمهور ذلك؛ لأن الغالب في التمييز المنصوب بفعل متصرف أن يكون فاعلًا في الأصل، وقد حول الإسناد عنه إلى غيره لقصد المبالغة، فلا يغير عما كان مستحقه4 من وجوب التأخير لما فيه من الإخلال بالأصل.   459- البيت لرجل من طيئ في شرح عمدة الحافظ ص477، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 372، وشرح الأشموني 1/ 296، وشرح شواهد المغني 2/ 862، وشرح التسهيل 2/ 389، وشرح المرادي 2/ 186، ومغني اللبيب 2/ 463، والمقاصد النحوية 3/ 241. 1 انظر هذه الآراء في التسهيل ص115، وشرح التسهيل 2/ 389، وشرح ابن الناظم ص253، والارتشاف 2/ 385. 2 شرح عمدة الحافظ 1/ 359. 3 الكتاب 1/ 205. 4 في "ب"، "ط": "يستحقه". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 628 وقيل لأن التمييز كالنعت في الإيضاح، والنعت لا يتقدم على عامله، فكذلك ما أشبهه، قاله الفارسي، واستحسنه ابن خروف، والبيت ونحوه ضرورة. كما قال في المغني1، ويحتمل أن يكون "نفسًا" منصوبة بفعل محذوف دل عليه المذكور، فالتقدير: أتطيب نفسًا تطيب. وأما إذا كان العامل وصفًا فقياس من أجاز التقديم في الفعل أن يجيزه مع الوصف إلا مع اسم التفضيل، واتفق الجميع على جواز تقديم التمييز على المميز إذا كان العامل متقدمًا نحو: "طاب نفسا زيد"، قاله ابن الضائع، وهذا يرد قول الفارسي: إن التمييز كالنعت؛ لأن النعت لا يتقدم على المنعوت. قاله ابن عصفور2.   1 مغني اللبيب ص603. 2 شرح الجمل 2/ 284. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 629 باب حروف الجر مدخل ... باب حروف الجر: "هذا باب حروف الجر": ويسميها الكوفيون حروف الإضافة؛ لأنها تضيف الفعل إلى الاسم، أي: تربط بينهما، وحروف الصفات؛ لأنها تحدث صفة في الاسم من ظرفية أو غيرها. "وهي عشرون حرفًا" كما في النظم "ثلاث مضت في" باب "الاستثناء، وهي: خلا وعدا وحاشا" الجارات فلا حاجة لإعادتها، "وثلاثة شاذة" في عمل الجر: "أحدها: "متى" في لغة هذيل" بالتصغير "وهي" عندهم "بمعنى "من" الابتدائية"، حكى يعقوب ذلك عنهم، و"سمع من بعضهم1: أخرجها متى كمه" أي: من كمه، "وقال" شاعرهم أبو ذؤيب الهذلي في وصفه السحاب: [من الطويل] 460- شربن بماء البحر ثم ترفعت ... "متى لجج خضر لهن نئيج أي: من لجج، واللجج: جمع لجة؛ بضم اللام؛ وهي معظم الماء، والنئيج، بفتح النون وكسر   1 شرح ابن الناظم ص257، وشرح التسهيل 3/ 186، وشرح ابن عقيل 2/ 4. 460- البيت لأبي ذؤيب الهذلي ص201، والأشباه والنظائر 4/ 287، وجواهر الأدب ص99، وخزانة الأدب 7/ 97, 99, والخصائص 2/ 85, والدرر 2/ 33, وسر صناعة الإعراب ص135, وشرح أشعار الهذليين 1/ 129، وشرح شواهد المغني ص218، ولسان العرب 1/ 487، "شرب" 5/ 162 "مخر"، 15/ 474 "متى"، والمحتسب 2/ 114، والمقاصد النحوية 3/ 249، وبلا نسبة في أدب الكاتب ص515، والأزهية ص284، وأوضح المسالك 3/ 6، والجنى الداني ص43, 505, وجواهر الأدب ص47, 378, ورصف المباني ص151, وشرح ابن الناظم ص257، وشرح الأشموني ص284، وشرح ابن عقيل 2/ 6، وشرح التسهيل /153, 186، وشرح عمدة الحافظ ص268، وشرح قطر الندى ص250، وشرح الكافية الشافية 2/ 784، 807، والصاحبي في فقه اللغة ص157، ومغني اللبيب ص105، وهمع الهوامع 2/ 34. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 630 الهمزة وسكون الياء آخر الحروف وبالجيم: المر السريع مع الصوت، يقال: إن السحاب في بعض الأماكن يدنو من البحر الملح، فيمتد منها خراطيم عظيمة تشرب من مائه، فيكون لها صوت عظيم مزعج، ثم تذهب صاعدة إلى الجو، فيلطف ذلك الماء ويعذب بإذن الله تعالى في زمن صعودها وترفعها. ثم يمطر حيث يشاء الله تعالى. "والثاني: "لعل" في لغة عقيل" بالتصغير "قال" شاعرهم: [من الوافر] 461- "لعل الله فضلكم علينا" ... بشيء أن أمكم شريم بجر الجلالة بـ"لعل"، وشريم: بفتح الشين المعجمة: المرأة المفضاة، "ولهم في لامها الأولى الإثبات" كما مر، "والحذف" كقوله: [من الرجز] 462- عل صروف الدهر أو دولاتها أنشده الفراء بجر صروف، "و" لهم "في" لامها "الثانية الفتح والكسر". وأنشدوا عليهما: [من الوافر] 463- لعل الله يمكنني عليها ... جهارًا من زهير أو أسيد فهذه أربع لغات، ولا يجوز الجر في بقية لغات "لعل". "والثالث: "كي"" ولا تجر معربًا ولا اسمًا صريحًا. "وإنما تجر ثلاثة" لا رابع لها، "أحدها: "ما" الاستفهامية، يقول إذا سألوا عن علة الشيء: "كيمه""، والأصل: "كيما" فحذفت ألف "ما" وجوبا، وجيء بهاء السكت وقفًا حفظًا للفتحة   461- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 7، والجنى الداني ص584، وجواهر الأدب ص403، وخزانة الأدب 10/ 422، 423، 430، ورصف المباني ص375، وشرح الأشموني 2/ 284، وشرح ابن عقيل 2/ 5، وشرح ابن الناظم ص256، وشرح قطر الندى ص249، وشرح الكافية الشافية 2/ 783، والمقاصد النحوية 3/ 247، والمقرب 1/ 193. 462- الرجز بلا نسبة في لسان العرب 4/ 325، "زفر"، 11/ 473 "علل"، 12/ 550 "لمم", والخصائص 1/ 316، وشرح الأشموني 3/ 570، 668، وشرح ابن الناظم ص488، 545، وشرح التسهيل 4/ 34، وشرح شواهد الشافية 128، وشرح شواهد المغني 1/ 454، وشرح عمدة الحافظ 399، والإنصاف 1/ 220، والجنى الداني 584، ورصف المباني ص249، وسر صناعة الإعراب 1/ 407، واللامات ص135، والمقاصد النحوية 4/ 396، وتاج العروس "لمم". 463- البيت لخالد بن جعفر في الأغاني 11/ 79، وأمالي المرتضى 1/ 212، وخزانة الأدب 10/ 426، 438، 439، 441، وبلا نسبة في الجنى الداني ص583، وسر صناعة الإعراب ص407، وشرح عمدة الحافظ ص269، ولسان العرب 11/ 473 "علل"، وشرح التسهيل 2/ 47، 3/ 186، وشرح الكافية الشافية 2/ 783. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 631 الدالة على الألف المحذوفة، "والأكثر" عندهم "أن يقولوا: "لِمَهْ"" باللام؛ والمعنى: لأي شيء كان كذا؟ "الثاني "ما" المصدرية وصلتها"، فإنهما في تأويل الاسم، "كقوله" وهو النابغة: [من الطويل] 464- إذا أنت لم تنفع فضر فإنما ... "يراد الفتى كيما يضر وينفع" فـ"كي" جارة لمصدر مؤول من "ما" وصلتها، وهي حرف النفع بمنزلة اللام، "أي" إنما يراد الفتى "للضر والنفع"، أي: لضر من يستحق الضر ونفع من يستحق النفع، ويروى: "يرجى الفتى"، وكون "ما"1 فيه مصدرية، "قاله الأخفش2"، وهو قليل, "وقيل "ما"" فيه "كافة" لـ "كي" عن عمل الجر مثلها في "ربما"، وقول قريب الموضح في حاشيته: وأن المصدرية مضمرة بعدها، سهو. "الثالث: "أن" المصدرية" المضمرة "وصلتها نحو: "جئت كي تكرمني" إذا قدرت "أن" بعدها"، والأصل: كي أن تكرمني، فحذفت "أن" استغناء عنها بنيتها "بدليل ظهورها في الضرورة كقوله:" وهو جميل بن عبد الله: [من الطويل] 465- فقالت أكل الناس أصبحت مانحا ... "لسانك كيما أن تغر وتخدعا" فـ"تغر" و"تخدعا" مبنيان للفاعل، و"المنح": الإعطاء متعد لاثنين أولهما "أكل   464- البيت للنابعة الجعدي في ملحق ديوانه ص246، وله أو للنابغة الذبياني في شرح شواهد المغني 1/ 507، وللنابغة الجعدي أو للنابغة الذبياني أو لقيس بن الخطيم في خزانة الأدب 8/ 498، والمقاصد النحوية 4/ 245، ولقيس بن الخطيم في ملحق ديوانه ص235، وكتاب الصناعتين ص315، والمقاصد النحوية 4/ 379، وبلا نسبة في الارتشاف 2/ 394، وأوضح المسالك 3/ 10، وتذكرة النحاة ص609، والجنى الداني ص262، والحيوان 3/ 76، وخزانة الأدب 7/ 105،وشرح ابن الناظم ص256، وشرح الأشموني 2/ 283، وشرح التسهيل 3/ 149، 4/ 16، وشرح عمدة الحافظ ص266، وشرح الكافية الشافية 2/ 782، 3/ 1532، ومغني اللبيب 1/ 182، وهمع الهوامع 1/ 5، 31. 1 في "أ": "لما". 2 معاني القرآن للأخفش 1/ 306. 465- البيت لجميل بثينة في ديوانه ص108، وخزانة الأدب 8/ 481، 482، 483، 488، والدرر 2/ 9، وشرح المفصل 9/ 14، 16، وله أو لحسان بن ثابت في شرح شواهد المغني 1/ 508، وبلا نسبة في الارتشاف 3/ 282، وأوضح المسالك 3/ 11، وخزانة الأدب ص125، والجنى الداني ص262، ورصف المباني ص217، وشرح ابن الناظم ص256، وشرح الأشموني 2/ 283، وشرح التسهيل 1/ 244، 3/ 148، 4/ 16، وشرح شذور الذهب ص289، وشرح عمدة الحافظ ص267، وشرح الكافية الشافية 2/ 782، ومغني اللبيب 1/ 183، وهمع الهوامع 2/ 5. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 632 الناس" وثانيهما "لسانك" على حذف مضاف، والمعنى: أصبحت مانحًا كل الناس حلاوة لسانك، والغرور: الخداع، فهو عطف تفسيري، وهو إرادة المكروه بالإنسان من حيث لا يعلم. وجعل ابن مالك في التسهيل1 إظهار "أن" بعد "كي" قليلًا، ولم يجعله ضرورة كما فعل الموضح، "والأولى" فيما إذا لم يذكر "أن" بعد "كي" "أن تقدر "كي" مصدرية"، ناصبة للمضارع بنفسها، "فتقدر اللام قبلها" استغناء عنها بنيتها "بدليل كثرة ظهورها معها نحو: {لِكَيْ لَا تَأْسَوْا} [الحديد: 23] . فهذه ستة أحرف. "والأربعة عشر الباقية" من العشرين "قسمان: سبعة تجر الظاهر والمضمر، وهي: من، وإلى، وعن، وعلى، وفي والباء، واللام" وهي بالنسبة إلى الوضع ثلاثة أقسام: ما هو موضوع على حرف واحد، وهو اثنان: "الباء" و"اللام". وما هو موضوع على حرفين وهو ثلاثة: "من" و"عن" و"في". وما هو موضوع على ثلاثة أحرف وهو اثنان: "إلى" و"على". وبدأ منها بـ"من"؛ لأنها أم حروف الجر، قاله صاحب درة الغواص وغيره. مثال: جرها المضمر والظاهر "نحو: {وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ} " [الأحزاب: 7] . ومثال "إلى": " {إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ} [المائدة: 48] {إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ} " [الأنعام: 60] . ومثال "عن": " {طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ} [الانشقاق: 19] {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ} [المائدة: 119] . ومثال "على": " {وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ} " [غافر: 80] . ومثال "في": " {وَفِي الْأَرْضِ آيَات " لِلْمُوقِنِينَ} [الذاريات: 20] {وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ} [الزخرف: 71] . ومثال "الباء": " {آمَنُوا بِاللَّهِ} [النساء: 175] {آمَنُوا بِهِ} " [الأعراف: 157] . ومثال اللام: " {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ} [البقرة: 284] {لَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ " وَمَا فِي الْأَرْضِ} [يونس: 68] . "وسبعة تختص بالظاهر" وهي المشار إليها بقوله في النظم: 366- بالظاهر اخصص منذ مذ وحتى ... والكاف والواو ورب والتا وهي بالنسبة إلى الوضع أربعة أقسام: ما وضع على حرف واحد، وهو ثلاثة: الكاف   1 التسهيل ص229. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 633 والواو والتاء. وما وضع على حرفين وهو "مذ" خاصة. وما وضع على ثلاثة أحرف وهو: "منذ" و"رب" وما وضع على أربعة أحرف وهو: "حتى" خاصة. "وتنقسم" بالنسبة إلى عملها في الظاهر "أربعة أقسام" أيضًا: "ما لا يختص بظاهر بعينه" وهو" ثلاثة: "حتى" و"الكاف" و"الواو", نحو: {حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} [القدر: 5] . {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11] ، {وَالطُّورِ} [الطور: 1] . "وقد تدخل "حتى" و"الكاف في الضرورة على الضمير"، فالأول كقوله: [من؟؟؟؟] 466- أتت حتاك تقصد كل فج ... ترجي منك أنها لا تخيب والكوفيون والفراء لا يخصون ذلك بالضرورة قاله في المغني1. والثاني "كقول العجاج" يصف حمارًا وحشيا: [من الرجز] 467- خلى الذنابات شمالًا كثبا ... "وأم أوعال كها أو أقربا" فأدخل الكاف على الهاء العائدة على الذنابات؛ بفتح الذال المعجمة والنون وبعد الألف باء موحدة؛ جمع ذنابي، وهي في الأصل شبه المخاط يقع من أنوف الأبل، وهنا اسم موضع بعينه، وأم أوعال: اسم هضبة بعينها, وهي في الأصل جبل منبسط على وجه الأرض. وشمالا: ظرف، وكثبًا؛ بفتح الكاف والثاء المثلثة؛ صفته، ومعناه: قريبًا و"أو": حرف عطف، والمعنى: أن هذا الحمار الوحشي ترك الذنابات ناحية شماله قريبًا منه، وترك أم أوعال كالذنابات أو أقرب منها. "وقول الآخر" وهو رؤبة يصف حمارًا وحشيا وأتنا وحشيات: [من الرجز] 468- فلا ترى بعلا ولا حلائلا ... "كه ولا كهن إلا حاظلا"   466- البيت بلا نسبة في الدرر 2/ 39، وشرح الأشموني 2/ 287، وشرح شواهد المغني ص370، ومغني اللبيب 1/ 123، وهمع الهوامع 2/ 23. 1 مغني اللبيب 1/ 123. 467- البيت للعجاج في ملحق ديوانه 2/ 269، وأوضح المسالك 3/ 16، وتاج العروس "وعل"، وجمهرة اللغة ص61، وخزانة الأدب 10/ 195، 196, وشرح أبيات سيبويه 2/ 95، وشرح شواهد الشافية ص345، والكتاب 2/ 384، ومعجم ما استعجم ص212، والمقاصد النحوية 3/ 253، وبلا نسبة في الارتشاف 2/ 436, وشرح ابن الناظم ص257, وشرح الأشموني 2/ 286, وشرح ابن عقيل 2/ 13, وشرح الكافية الشافية 2/ 793، وشرح المفصل 8/ 16، 42، 44. 468- الرجز لرؤبة في ديوانه ص128، وخزانة الأدب 10/ 195، 196، والدرر 2/ 65، وشرح أبيات سيبويه 2/ 163، والمقاصد النحوية 3/ 256، وللعجاج في الكتاب 2/ 384، وليس في ديوانه, وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 18، وجواهر الأدب ص124، ورصف المباني ص204، وشرح ابن الناظم ص258، وشرح الأشموني 2/ 286، وشرح ابن عقيل 2/ 14، وشرح التسهيل 3/ 169، وشرح عمدة الحافظ ص269، وشرح الكافية الشافية 2/ 791، 793، وهمع الهوامع 2/ 30. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 634 فأدخل الكاف في الأول على ضمير الحمار الوحشي، وفي الثاني على ضمير الإناث الوحشيات، والبعل: الزوج، والحلائل: جمع حليلة الرجل، وهي امرأته، الحاظل؛ بالحاء المهملة والظاء المشالة: المانع من التزويج كالعاضل، والمعنى: لا ترى بعلا مثل الحمار الوحشي، ولا زوجات مثل الأتن الوحشيات إلا مانعا. "وما يختص بالزمان وهو "مذ" و"منذ"" وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 367- واخصص بمذ ومنذ وقتا .... ... .................................. "فأما قولهم: ما رأيته مذ أن الله خلقه" بفتح الهمزة على أنها مصدرية، وهي وصلتها في تأويل مصدر مجرور بـ"مذ" في الصورة الظاهرة "فتقديره: مذ زمن أن الله خلقه"، فـ"مذ" في الحقيقة إنما جرت زمانًا محذوفًا مضافا إلى المصدر لا المصدر، "أي: مذ زمن خلق الله إياه"، فاندفع بهذا التقدير السؤال، وأما على رواية من كسر الهمزة فـ"مذ" فيه اسم لدخولها على الجملة. "وما يختص بالنكرات وهو: رب" بضم الراء، وإليه الإشارة بقول الناظم: 367- ................. وبرب ... منكرًا .......................... نحو: "رب جل كريم لقيته"، "وقد تدخل في الكلام" النثر "على ضمير غيبة ملازم للإفراد والتذكير، والتفسير بتمييز بعده مطابق للمعنى" من إفراد وتذكير وفروعهما كقولك: "ربه رجلا"، و"ربه رجلين"، و"ربه رجلالا1"، و"ربه امرأة"، و"ربه امرأتين"، و"ربه نساء"، كل ذلك بإفراد الضمير استغناء بمطابقة التمييز للمعنى المراد، "قال" الشاعر: [من الخفيف] 469- "ربه فتية دعوت إلى ما" ... يورث الحمد دائبًا فأجابوا فأتي بالضمير مفردًا، مفسرا بتمييز مجموع مطابق للمعنى، وهو فتية، هذا مذهب البصريين2.   1 سقطت الجملة من "أ". 469- البيت بلا نسبة في الارتشاف 2/ 463، وأوضح المسالك 3/ 19، والدرر 2/ 50، وشرح الأشموني 1/ 187، وشرح التسهيل 3/ 184، وشرح شذور الذهب ص133، وشرح شواهد المغني ص874، ومغني اللبيب ص491، والمقاصد النحوية 3/ 259، وهمع الهوامع 2/ 27. 2 انظر مذهب البصريين في الارتشاف 2/ 462، والأزهية ص261. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 635 وحكى الكوفيون1 جواز مطابقته لفظًا2 نحو: "ربها امرأة"، و"ربهما رجلين"، و"ربهم رجالا"، و"ربهن نساء". واختلف في الضمير المجرور بـ"رب" فقيل معرفة، وإليه ذهب الفارسي3 وكثيرون. وقيل نكرة، واختاره الزمخشري4 وابن عصفور5؛ لأنه عائد على واجب التنكير، وجعل الناظم دخول "رب" والكاف على الضمير نادرًا فقال: 368- وما رووا من نحو ربه فتى ... نزر كذاكها ونحوه أتى "وما يختص بالله ورب" بفتح الراء، حال كونه "مضافًا للكعبة أو لياء المتكلم وهو التاء" في القسم، وإليه أشار الناظم بقوله: 367- ................ ... ........ والتاء لله، ورب "نحو: {تَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ} [الأنبياء: 57] ، "و: "ترب الكعبة". و"تربي لأفعلن""، حكاه الأخفش6، وندر "تالرحمن" و"تحياتك" حكاه سيبويه7.   1 انظر مذهب الكوفيين في الارتشاف 2/ 463، والأزهية ص261. 2 سقطت من "ط". 3 الإيضاح العضدي 1/ 253. 4 الارتشاف 2/ 462. 5 المقرب 1/ 200. 6 شرح ابن الناظم ص259. 7 الكتاب 1/ 59. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 636 "فصل": "في ذكر معاني الحروف" الجارة: والصحيح عند البصريين أن حروف الجر لا ينوب بعضها عن بعض بقياس كما لا تنوب أحرف الجزم وأحرف النصب، وما أوهم ذلك فهو عندهم إما مؤول تأويلًا يقبله اللفظ. وإما على تضمين الفعل معنى فعل يتعدى بذلك الحرف. وإما على شذوذ إنابة كلمة عن أخرى، وهذا الأخير هو مجمل الباب كله عند الكوفيين وبعض المتأخرين، ولا يجعلون ذلك شاذا، ومذهبهم أقل تعسفًا. قاله في المغني1. "لـ"من" سبعة معان: "أحدها: التبعيض" عند الفارسي2 والجمهور, وصححه ابن عصفور3، وعلامته جواز الاستغناء عنها بـ"بعض" "نحو: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ " حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ "} [آل عمران: 92] ، أي: بعض ما تحبون، "ولهذا قرئ: بعض ما تحبون" قرأ ذلك ابن مسعود4. "و" المعنى "الثاني: بيان الجنس" عند جماعة من المتقدمين والمتأخرين وعلامتها صحة وقوع موصول موضعها إذا بينت معرفة نحو: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ} [الحج: 30] أي: الذي هو الأوثان، فإن بينت نكرة فهي ومجرورها في موضع جملة "نحو:" {يُحَلَّوْنَ فِيهَا " مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ "} [الكهف: 31] فـ"من ذهب" بيان لـ"أساور" أي: هي ذهب، و"من" الأولى للابتداء عند الجمهور، أو زائدة على رأي الأخفش5 ويدل له قوله تعالى: {وَحُلُّوا أَسَاوِرَ} [الإنسان: 21] .   1 مغني اللبيب ص150, 151. 2 الإيضاح العضدي 1/ 251. 3 المقرب 1/ 198. 4 انظر هذه القراءة في البحر المحيط 2/ 524، والكشاف 1/ 202، وتفسير الرازي 2/ 501. 5 معاني القرآن للأخفش 1/ 272, 273. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 637 "و" المعنى "الثالث: ابتداء الغاية المكانية باتفاق" من البصريين والكوفيين بدليل انتهاء الغاية بعدها "نحو": {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا " مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ " إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى} [الإسراء: 1] . "و" ابتداء الغاية "الزمانية" وفاقًا للكوفيين والأخفش والمبرد وابن درستويه، و"خلافًا لأكثر البصريين" في منعهم ذلك، "و" يدل "لنا" الكتاب العزيز وهو "قوله تعالى: {مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ" أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ} [التوبة: 108] ، "والحديث" وهو قول أنس رضي الله عنه: "فمطرنا من الجمعة إلى الجمعة" رواه البخاري1 من حديث شريك بن عبد الله بن أبي نمر عن أنس رضي لله عنه، وقول بعض العرب: "من الآن إلى الغد"، كما حكاه الأخفش في المعاني2، "وقول الشاعر" النابغة الذبياني يصف السيوف: [من الطويل] 470- "تخيرن من أزمان يوم حليمة" ... إلى اليوم قد جربن كل التجارب فـ"من أزمان" لابتداء الغاية الزمانية، وتخيرن وجربن: مبنيان للمفعول، والنون المتصلة بهما نائب الفاعل، وهي راجعة إلى السيوف المحدث عنها في بيت قبله3، وتخيرن4: اصطفين: وجربن: اختبرن، ويوم حليمة، يوم مشهور من أيام العرب، وهو اليوم الذي سار فيه المنذر بن المنذر لقتال الأعرج الغساني، وحليمة هي بنت الحارث5 بن أبي شمر، والتجارب: جمع تجربة. وحمل المانعون هذه الأدلة على حذف مضاف، والتقدير: في الآية: من تأسيس أول يوم، وفي الحديث من صلاة الجمعة، وفي البيت: من استمرار أزمان، وكذلك ما أشبهها، وأجيب بأن الأصل عدم الحذف. وقد يكون ابتداء الغاية في غير المكان والزمان نحو: "من محمد رسول الله هرقل عظيم الروم"6.   1 أخرجه البخاري في الاستسقاء برقم 971. 2 معاني القرآن للأخفش 1/ 158. 470- البيت للنابغة الذبياني في ديوانه ص45، وخزانة الأدب 3/ 331، وشرح شواهد المغني ص349، 731، ولسان العرب 1/ 261، "جرب"، 12/ 149، "حلم" ومغني اللبيب ص319، والمقاصد النحوية 3/ 270، وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 22، وشرح ابن الناظم ص259، وشرح الأشموني 2/ 287، وشرح ابن عقيل 2/ 16. 3 وهو قوله: "ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم ... بهن فلول من قراع الكتائب" 4 في "أ": "خيرن". 5 في "ط": " الحرب". 6 أخرجه البخاري في بدء الوحي برقم 7. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 638 "و" المعنى "الرابع: التنصيص على العموم أو لتوكيد1 التنصيص عليه، وهي الزائدة"، فالأول الداخلة على نكرة لا تختص بالنفي نحو: "ما جاءني من رجل"، فهي للتنصيص على العموم، ألا ترى أنه قبل دخول "من" يحتمل نفي الواحد2 ونفي الجنس على سبيل العموم، ولهذا يصح أن يقال: "بل رجلان"، وبعد دخولها يصير نصا في نفي الجنس على سبيل العموم، فيمتنع أن يقال: "بل رجلان". والثاني الداخلة على نكرة مختصة بالنفي وشبهه نحو: "ما جاءني من أحد" فهي لتأكيد التنصيص على العموم؛ لأن النكرة الملازمة للنفي تدل على العموم أيضًا، فزيادة "من" إنما أفادت مجرد التوكيد؛ "لأن "ما جاء أحد" و "ما جاء من أحد" سيان في إفهام العموم دون احتمال. فإن قلت: إذا كانت "من" تفيد التنصيص فكيف تكون زائدة؟ أجيب بأن المراد من زيادتها كونها تأتي في موضع يطلبه العامل بدونها، فتصير مقحمة بين طالب ومطلوب، وإن كان سقوطها3 مخلا بالمعنى المراد، كما قالوا في "لا": إنها زائدة في قولهم: "جئت بلا زاد" مع أن سقوطها يخل بالمعنى. "و" "من" الزائدة "لها ثلاثة شروط" عند الجمهور: أحدها: "أن يسبقها نفي" بأي أداة كانت، "أو نهي" بـ"لا"، "أو استفهام بـ"هل"" خاصة، وفي إلحاق الهمزة بها نظر، وفي الارتشاف4: لو قلت كيف تضرب من رجل؟ أو متى تضرب من رجل؟ لم يجز. ا. هـ. ولعل الفرق أن "هل" لطلب التصديق دائمًا. "و" الثاني: "أن يكون مجرورها نكرة" كما مر. "و" الثالث: "أن يكون" مجرورها المنكر "إما فاعلا نحو: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْر} " [الأنبياء: 2] فذكر فاعل "يأتيهم"، "أو مفعولًا" به "نحو: {هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ} " [مريم: 98] فـ"أحد" مفعول "تحس"، "أو مبتدأ نحو: {هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ} " [فاطر: 3] فـ"خالق" مبتدأ، و "غير الله" نعته على المحل، والخبر محذوف، تقديره: لكم، وليس "يرزقكم" الخبر؛ لأن "هل" لا تدخل على مبتدأ مخبر عنه بفعل على الأصح.   1 في "ط": "توكيد". 2 في "أ", "ط": "الوحدة". 3 في "ب": "استعمالها". 4 الارتشاف 2/ 445. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 639 وأجاز بعضهم1 زيادتها بشرط تنكير مجرورها فقط نحو: "قد كان من مطر"، وأجازها الأخفش والكسائي وهشام بلا شرط2، ووافقهم الناظم في التسهيل3، وعلله في "شرحه4 بثبوت السماع بذلك نثرًا ونظمًا. "الخامس معنى البدل نحو: {أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ} " [التوبة: 38] أي: بدل الآخرة، وأنكر قوم مجيء "من" للبدل، وقالوا: التقدير: أرضيتم بالحياة الدنيا بدلا من الآخرة، فالمفيد للبدلية متعلقها المحذوف وأما هي فللابتداء، نقله في المغني5 وأقره. المعنى "السادس: الظرفية" عند الكوفيين مكانية أو زمانية، فالأول "نحو: {مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ} " [فاطر: 40] أي: في الأرض، والظاهر أنها لبيان الجنس مثلها في {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ} [البقرة: 106] قاله في المغني6. "و" الثاني نحو: " {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ} " [الجمعة: 9] أي: في يوم الجمعة. "السابع: التعليل" عند جماعة "كقوله تعالى: {مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا} " [نوح: 25] أي: أغرقوا لأجل خطاياهم، فقدمت العلة على المعلول للاختصاص. "وقال الفرزدق" يمدح زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم: [من البسيط] 471- "يغضي حياء ويغضي من مهابته" ... فما يكلم إلا حين يبتسم أي: يغضي منه لأجل مهابته. والإغضاء: بالغين والضد المعجمتين: إرخاء الجفون. واقتصر   1 منهم ابن جني، انظر الخصائص 3/ 106. 2 معاني القرآن للأخفش 1/ 272، وشرح التسهيل 3/ 138، وشرح ابن الناظم ص260. 3 التسهيل ص144. 4 شرح التسهيل 3/ 138, 139. 5 مغني اللبيب ص423. 6 مغني اللبيب ص424. 471- البيت للحزين الكناني "عمرو بن عبد وهيب" في الأغاني 15/ 263، ولسان العرب 13/ 114 "حزن" والمؤتلف والمختلف ص89، وللفرزدق في ديوانه 2/ 179، وأمالي المرتضى 1/ 68، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص1622، وشرح شواهد المغني 2/ 732، ومغني اللبيب 1/ 320، والمقاصد النحوية 2/ 513، 3/ 273، وبلا نسبة في الارتشاف 3/ 193، وأوضح المسالك 2/ 146، وشرح ابن الناظم ص260، وشرح الأشموني 1/ 183، وشرح المفصل 2/ 53. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 640 في النظم على قوله: 369- بعِّض وبيّن وابتدئ في الأمكنه ... بمن وقد تأتي لبدء الأزمنه 370- وزيد في نفي وشبهه فجر ... نكرة ........................... وزاد في المغني1 ثامنًا: وهو المجاوزة نحو: {فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ} [الزمر: 22] أي: عن ذكر الله. وتاسعًا: هو الانتهاء كقولك: "قربت منه" فإنه مساو لقولك: "قربت إليه"، قاله ابن مالك2. وعاشرًا: وهو الاستعلاء عند الأخفش3 والكوفيين نحو: {وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ} [الأنبياء: 77] أي: عليهم، وخرجها المانعون على التضمين، أي: منعناه بالنصر من القوم. وحادي عشر: وهو الفصل؛ بالصاد المهملة؛ وهي الداخلة على ثاني المتضادين ونحوهما، نحو: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ} [البقرة: 220] ، {حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} [آل عمران: 179] ، ونحو: "لا تعرف زيدًا من عمرو". وثاني عشر: موافقة الباء عند بعض البصريين، وقيل بعض الكوفيين، نحو: {يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ} [الشورى: 45] أي: بطرف، نقله الأخفش عن يونس4. وثالث عشر: موافقة "عند" نحو: {لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا} [آل عمران: 10] قاله أبو عبيدة5. ورابع عشر: مرادفة "ربما" كقوله: [من الطويل] 472- وإنا لمما نضرب الكبش ضربة ... .....................................   1 مغني اللبيب ص423. 2 شرح التسهيل 3/ 136. 3 معاني القرآن للأخفش 1/ 205. 4 معاني القرآن للأخفش 2/ 687، وشرح التسهيل 3/ 137. 5 مغني اللبيب ص424. 472- عجز البيت: "على رأسه تلقى اللسان من الفم" وهو لأبي حية النميري في ديوانه ص174، والأزهية ص91، وخزانة الأدب 10/ 215، 216، 217، والدرر 2/ 85، وشرح شواهد المغني ص72, 738، والكتاب 3/ 156، ومغني اللبيب ص311، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 3/ 260، والجنى الداني ص315، وشرح شواهد الإيضاح ص219، ومغني اللبيب ص322، 513، والمقتضب 4/ 174، وهمع الهوامع 2/ 35، 38. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 641 قاله السيرافي وابن خروف وابن طاهر والأعلم1. والخامس عشر: الغاية، قاله سيبويه2: تقول: "رأيته من ذلك الموضع" فجعلته غاية لرؤيتك، وأسقطها هنا لما في بعضها من الرد له. "وللام اثنا عشر معنى أحدها: الملك نحو: {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ} [لقمان: 26] . المعنى "الثاني: شبه الملك، ويعبر عنه بالاختصاص" والاستحقاق، فالأول "نحو: السرج للدابة"، والثاني نحو: "العمارة للدار" لأن "الدابة" و"الدار" لا يتصور منهما الملك، والفرق بينهما أن التي للاستحقاق هي الواقعة بين معنى وذات، والتي للاختصاص بخلاف ذلك. "و" المعنى "الثالث: التعدية" إلى المفعول به "نحو: ما أضرب زيدًا لعمرو" لأن ضرب متعد في الأصل، ولكن لما بني منه فعل التعجب نقل إلى فعل؛ بضم العين؛ فصار قاصرًا، فتعدى بالهمزة إلى زيد، وباللام إلى عمرو، هذا مذهب البصريين. وذهب الكوفيون إلى3 أن الفعل باق على تعديته ولم ينقل، وأن اللام ليست للتعدية، وإنما هي مقوية للعامل لما ضعف باستعماله في التعجب. وهذا الخلاف مبني على أن فعل التعجب إذا صيغ من متعد هل يبقى على تعديته، أو لا؟ ذهب الكوفيون إلى الأول والبصريون إلى الثاني. ومثل الناظم للتعدية في شرح الكافية4 بقوله تعالى: {فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا} [مريم: 5] . وتبعه ابنه5. قال الموضح في المغني6: والأولى عندي أن يمثل للتعدية بنحو: "ما أضرب زيدًا لعمرو" كما مثل هنا، ووجه الأولوية أن ابن مالك مثل بالآية لشبه التمليك في شرح التسهيل7 فصار المثال محتملا, وقد علمت أم مثال الموضح ليس متفقًا عليه فكيف يكون أولى؟ ولم أقف لهذا المعنى على مثال سالم من الطعن، فالأولى إسقاطه كما أسقطه في التسهيل وشرحه.   1 مغني اللبيب ص424. 2 الكتاب 4/ 225. 3 سقطت من "ط". 4 شرح الكافية الشافية 2/ 802. 5 شرح ابن الناظم ص262. 6 مغني اللبيب ص284. 7 شرح التسهيل 3/ 144، ولم يذكر الآية التي وردت في المتن، بل بقوله تعالى: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً} [النحل: 72] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 642 المعنى "الرابع: التعليل، كقوله" وهو أبو صخر الهذلي: [من الطويل] 473- "وإني لتعروني لذكراك هزة" ... كما انتفض العصفور بلله القطر أي: لأجل ذكري إياك. المعنى "الخامس: التوكيد، وهي الزائد"، وهي أنواع منها المعترضة بين الفعل المتعدي ومفعوله، "نحو قوله" وهو ابن ميادة الرماح يمدح عبد الواحد بن سليمان بن عبد الملك بن مروان: [من الكامل] 474- وملكت ما بين العراق ويثرب ... "ملكًا أجار لمسلم ومعاهد" أي: أجار مسلمًا، وهم بالجيم. قال الدماميني: لا تتعين الزيادة فيه لاحتمال أن يكون "أجار" بمعنى: فعل الإجارة، واللام صلة له. ا. هـ. "وأما: {رَدِفَ لَكُمْ} [النمل: 72] فالظاهر أنه"؛ أي: ردف؛ "ضمن معنى "اقترب"" فاللام صلة له لا زائدة، وبه جزم في المغني فقال1: وليس منه "ردف لكم" خلافًا للمبرد2 ومن وافقه3، بل ضمن ردف معنى "اقترب", "فهو مثل {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ} " [الأنبياء: 1] ا. هـ. ومنها المعترضة بين المتضايفتين كقولهم: [من م. الكامل] 475- يا بؤس للحرب ......... ... ................................. والأصل يا بؤس الحرب، فأقحمت اللام تقوية للاختصاص. وهل انجرار ما بعدها بها أو   473- تقدم تخريج البيت برقم 403. 474- البيت لابن ميادة في الارتشاف 3/ 285، والدرر 2/ 78، 527، وشرح شواهد المغني 2/ 580، والمقاصد النحوية 3/ 278، وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 29، والجنى الداني ص107 وشرح الأشموني 2/ 291، ومغني اللبيب 1/ 251، وهمع الهوامع 2/ 32، 157. 1 مغني اللبيب 1/ 215. 2 المقتضب 2/ 37. 3 منهم ابن مالك في شرح التسهيل 3/ 148. 475- تمام البيت: "يا بؤس للحرب للتي ... وضعت أراهط فاستراحوا". وهو لسعد بن مالك في خزانة الأدب 1/ 468، 473، وشرح شواهد المغني ص582، 657، والكتاب 2/ 207، والمؤتلف والمختلف ص134، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 4/ 307، وأمالي ابن الحاجب ص326، والجنى الداني ص107، وجواهر الأدب ص243، والخصائص 3/ 102، ورصف المباني ص244, وشرح المفصل 2/ 10، 105، 4/ 36، 5/ 72، وكتاب اللامات ص108، ولسان العرب 7/ 305 "رهط"، والمحتسب 2/ 93، ومغني اللبيب 1/ 216. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 643 بالمضاف؟ قولان، قال في المغني: أرجحهما الأول؛ لأن اللام أقرب؛ ولأن الجار لا يعلق1. ا. هـ. وهو مشكل؛ لأن من شأن المضاف أن يجر المضاف إليه، وإلا فلا إضافة. ومنها لام المستغاث، فإنها زائدة عند المبرد, واختاره ابن خروف بدليل صحة إسقاطها2. المعنى "السادس: تقوية العامل الذي ضعف إما بكونه فرعًا في العمل" كالمصدر واسمي الفاعل والمفعول وأمثلة المبالغة نحو: "عجبت من ضرب زيد لعمرو"، و"نحو: {مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ} " [البقرة: 91] ، ونحو: "زيد معط3 للدراهم"، "و" نحو: " {فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} " [هود: 107] . ومنع ابن مالك4 زيادتها مع عامل يتعدى لمفعولين، ورد بقوله: [من الطويل] 476- ................. ... ولا الله يعطي للعصاة مناها "وإما بتأخره عن المعمول" مع أصالته في العمل "نحو: {إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُون} " [يوسف: 43] والأصل، والله أعلم: إن كنتم تعبرون الرؤيا, فلما أخر الفعل وتقدم5 معموله عليه ضعف عمله فقوي باللام، "وليست" اللام "المقوية زائدة محضة" لما تخيل في العامل من الضعف الذي نزله منزلة اللازم، "ولا معدية" محضة لاطراد صحة إسقاطها، "بل هي بينهما" فلها منزلة بين منزلتين، وهو مشكل، فإن الزائدة المحضة لا تتعلق بشيء، وغير الزائدة تتعلق بالعامل الذي قوته عند الموضح، فتكون متعلقة غير متعلقة في آن واحد، وهو ممتنع لأدائه إلى الجمع بين متنافيين. المعنى "السابع: انتهاء الغاية، نحو: {كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى} " [الرعد: 2] أي: إلى أجل. المعنى "الثامن: القسم" ويختض بالجلالة؛ لأنها خلف عن التاء "نحو: لله ما يؤخر الأجل"، أي: تالله. المعنى "التاسع: التعجب، نحو: لله درك" أي: ما أكثر درك، بالدال المهملة.   1 مغني اللبيب 1/ 215. 2 مغني اللبيب 1/ 217. 3 في "ط": "معطي". 4 شرح التسهيل 3/ 148، وشرح الكافية الشافية 2/ 803. 476- صدر البيت: "أحجاج لا تعط العصاة مناهم" وهو لليلى الأخيلية في ديوانها ص122، والدرر 2/ 80، وشرح شواهد المغني 2/ 588، ومغني اللبيب 1/ 218، وهمع الهوامع 2/ 33. 5 في "ط": "قدم". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 644 المعنى "العاشر: الصيرورة" عند الأخفش، وتسمى أيضًا لام العاقبة ولام المآل "نحو:" [من الوافر] 477- "لدوا للموت وابنوا للخراب" ... فكلكم يصير إلى ذهاب فإن الموت ليس علة الولد، والخراب ليس علة للبناء، ولكن صار عاقبتهما ومآلهما إلى ذلك. ومن منع الصيرورة في اللام ردها إلى التعليل بحذف السبب وإقامة المسبب مقامه. المعنى "الحادي عشر: البعدية" بالباء الموحدة؛ فتكون مرادفة لـ"بعد" "نحو: {أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسراء: 78] أي: بعده" وجعلها في باب المفعول له لام التعليل. وتقدم فيه معنى الدلوك. المعنى "الثاني عشر: الاستعلاء" حقيقة "نحو: {وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ} " [الإسراء: 109] جمع ذقن، "أي: عليها". ومجازًا نحو: {وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} [الإسراء: 7] أي: عليها، قاله في المغني1. وتأتي للنسب نحو: "لزيد عم هو لعمرو خال". وللتبليغ نحو: {قُلْ لِعِبَادِي} [إبراهيم: 31] قاله ابن مالك2. وللتبيين نحو: "سقيا لك"، قاله سيبويه3. وللظرفية نحو: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} [الأنبياء: 47] أي: فيه. وبمعنى "عند" كقراءة الجحدري: {بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ} [ق: 5] بكسر اللام وتخفيف الميم: أي "عند مجيئه إياهم" قاله أبو الفتح4. وبمعنى "من" نحو: [من الطويل] 478- .................. ... ونحن لكم يوم القيامة أفضل أي: نحن أفضل منكم يوم القيامة. وبمعى "عن" إذا استعملت مع القول نحو: {وَقَالَ الَّذِينَ   477- البيت لأبي العتاهية في ديوانه ص33، وللإمام علي بن أبي طالب في خزانة الأدب 9/ 529، 531، والدرر 2/ 75، وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 33 والجنى الداني ص98. 1 مغني اللبيب ص280. 2 شرح التسهيل 3/ 145. 3 الكتاب 1/ 318. 4 المحتسب 2/ 282. 478- صدر البيت: "لنا الفضل في الدنيا وأنفك راغم" وهو لجرير في ديوانه ص143، والجنى الداني ص102، وجواهر الأدب ص75، وخزانة الأدب 9/ 480، والدرر 2/ 77، وشرح شواهد المغني 1/ 377، ولسان العرب 2/ 24، "حتت" ومغني اللبيب 1/ 213، وبلا نسبة في جواهر الأدب ص75، وشرح الاشموني 2/ 291. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 645 كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا} [العنكبوت: 12] أي: عن الذين آمنوا قاله ابن الحاجب1. وللتمليك وشبهه نحو: "وهبت لزيد دينارًا" ونحو: {جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا} [النحل: 72] قاله ابن مالك في التسهيل2، وتبعه الموضح في المغني3، واقتصر في النظم على قوله: 372- واللام للملك وشبهه وفي ... تعدية أيضًا وتعليل قفي 373- وزيد ............. ... ........................... "وللباء" الموحدة "اثنا عشر معنى أيضًا: أحدها: الاستعانة" وهي الداخلة على آلة الفعل حقيقة "نحو: كتبت بالقلم"، و"نجرت بالقدوم". أو مجازًا نحو: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [النمل: 30] ؛ لأن الفعل لا يتأتى على هذ الوجه الأكمل إلا بها. حكاه في المغني4. وهو أحد قولي الزمخشري5 في البسملة، والقول الثاني: إنها للمصاحبة، وهو الأظهر عنده. المعنى "الثاني: التعدية" بالتاء المثناة فوق؛ وتسمى باء النقل، وهي المعاقبة للهمزة في تصيير الفاعل مفعولًا، وأكثر ما تعدى الفعل القاصر "نحو: {ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ} [البقرة: 17] أي: أذهبه"، وقرئ "أذهب الله نورهم"6، وبهذه الآية رد على المبرد والسهيلي حيث زعما أن بين التعديتين فرقًا، وأنك إذا قلت: "ذهبت بزيد"، كنت مصاحبًا له في الذهاب. قاله في المغني7. المعنى "الثالث: التعويض"، ويسمى بالمقابلة، وهي الداخلة على الأعواض والأثمان حسا "كـ: "بعتك هذا" الثوب "بهذا" العبد" فمدخول الباء هو الثمن. أو معنى نحو: "كأفات إحسانه بضعف" فمدخول الباء هو العوض. قال في المغني8: ومنه {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [النحل: 32] وإنما لم نقدرها9 باء السببية كما قال   1 الكافية ص19، وانظر همع الهوامع 2/ 32. 2 شرح التسهيل 3/ 144. 3 مغني اللبيب ص275. 4 مغني اللبيب ص139. 5 الكشاف 1/ 4. 6 هي قراءة اليماني، انظر البحر المحيط 1/ 80، والكشاف 1/ 39. 7 مغني اللبيب ص138. 8 مغني اللبيب ص141. 9 في "أ", "ب": "يقدرها" والتصويب من المصدر السابق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 646 المعتزلة وكما قال الجميع؛ يعني من أهل السنة، في: $"لن يدخل أحدكم الجنة بعمله"1؛ لأن المعطى بعوض قد يعطى مجانًا، وأما المسبب فلا يوجد بدون السبب. وبهذا تبين أنه لا تعارض بين الحديث والآية لاختلاف محملي الباءين جمعًا بين الأدلة. ا. هـ. المعنى "الرابع: الإلصاق"، هو أصل معانيها قال سيبويه2: وإنما هي للإلصاق والاختلاط، ثم قال: وما اتسع من هذا في الكلام فهذا أصله. قال في المغني3: ثم الإلصاق حقيقي "نحو: أمسكت بزيد"، أي: قبضت على شيء من جسمه أوعلى ما يحبسه من ثوب أو نحوه، ولو قلت: "أمسكته" احتمل ذلك، وأن تكون منعته من التصرف. ومجازي نحو: "مررت بزيد"، أي: ألصقت مروري بمكان يقرب من زيد. ا. هـ. فجعل الالتصاق بما يقرب منه كالالتصاق به. ثم الحقيقي نوعان: ما لا يصل الفعل إلا بحرفه كـ: "سطوت4 بزيد". وما يصل الفعل بدونه نحو: "أمسكت بزيد", فإن الباء أفادت أن إمساكك لزيد كان بمباشرة منك له بخلاف "أمسكت زيدًا" فإنما يفيد منعه من التصرف بوجه ما. المعنى "الخامس: التبعيض"، أثبته الأصمعي والفارسي والقتيبي وابن مالك5، قيل: والكوفيون، وجعلوا منه "نحو: {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ} [الإنسان: 6] أي: منها"، {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} [المائدة: 6] وعليه بنى الشافعي مذهبه في مسح بعض الرأس في الوضوء لما قام عنده من الأدلة. المعنى "السادس: المصاحبة"، وهي التي يصلح في موضعها "مع" أو يغني عنها وعن مصحوبها الحال "نحو: {وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ} [المائدة: 61] أي: معه" أو كافرين. المعنى "السابع: المجاوزة"، وهي التي يحسن في مكانها "عن"، قيل: وتختص بالسؤال "نحو: {فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا} [الفرقان: 59] أي: عنه" بدليل {يَسْأَلُونَ عَنْ أَنْبَائِكُمْ} [الأحزاب: 20] وقيل: لا يختص بالسؤال بدليل {وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ} [الفرقان: 25] أي: عنه، وزعم البصريون أنها لا تكون بمعنى "عن" أصلًا، وتأولوا ما ورد من ذلك.   1 أخرجه البخاري في المرضى برقم 5349، وأعاده في الرقاق برقم 6099. 2 الكتاب 4/ 217. 3 مغني اللبيب ص137. 4 في "ط": "كسوط". 5 شرح التسهيل 3/ 152, 153. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 647 المعنى "الثامن: الظرفية"، وهي التي يحسن في مكانها "في"، ثم الظرفية مكانية وزمانية، فالمكانية، "نحو: {وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ} [القصص: 44] أي: فيه"، "و" الزمانية " {نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ} " [القمر: 34] أي: فيه. المعنى "التاسع: البدل"، وهي التي يحسن في مكانها "بدل" "كقول بعضهم:" وهو رافع بن خديج الصحابي رضي الله عنه: "ما يسرني أني شهدت بدرًا بالعقبة1. أي: بدلها". المعنى "العاشر: الاستعلاء"، وهي التي يحسن في موضعها "على" "نحو": {وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ " مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ} [آل عمران: 75] أي: على قنطار"، قاله الأخفش2، ويدل له: {هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَمَا أَمِنْتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ} [يوسف: 64] ونحو: {وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ} [المطففين: 30] أي: مروا عليهم بدليل {وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ} [الصافات: 137] . المعنى "الحادي عشر: السببية"، وهي الداخلة على سبب الفعل "نحو: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ} [المائدة: 13] أي: لعناهم بسبب نقضهم ميثاقهم، كما أن باء الاستعانة هي الداخلة على آلة الفعل، كما تقدم، فلا يندرج أحدهما في الآخر خلافًا لابن مالك3، فإنه أدرج باء الاستعانة في باء السببية، وعد من مفرداته. المعنى "الثاني عشر: التوكيد وهي الزائدة"، وتزاد مع الفاعل "نحو: {كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} " [الرعد: 43] ، "و" مع المفعول "نحو: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} " [البقرة: 195] ، "و" مع المبتدأ "نحو: بحسبك درهم، و" مع خبر "ليس" "نحو: ليس زيد بقائم". وتأتي الباء للقسم، وهي أصل أحرفه، وتستعمل في القسم الاستعطافي، هو المؤكد لجملة طلبية نحو: "بالله هل قام زيد" أي: أسألك بالله مستخلفًا، وغير الاستعطافي، وهو المؤكد لجملة خبرية نحو: "بالله لتفعلن". وللغاية نحو: {وَقَدْ أَحْسَنَ بِي} [يوسف: 100] أي: إلي، وقيل ضمن أحسن معنى لطف.   1 شرح التسهيل 3/ 151. 2 معاني القرآن للأخفش 1/ 205. 3 شرح التسهيل 3/ 150. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 648 وللتفدية1 نحو: "بأبي أنت وأمي" أي: فداؤك أبي وأمي. واقتصر الناظم على قوله: 373- ............ والظرفية استبن ببا ... وفي وقد يبينان السببا 374- بالباء استعن وعد عوض ألصق ... ومثل مع ومن وعن بها انطق "ولـ"في" ستة2 معان:" أحدها: "الظرفية حقيقة مكانية أو زمانية"، فالأولى "نحو: {فِي أَدْنَى الْأَرْضِ} " [الروم: 3] ، "و" الثانية "نحو: {فِي بِضْعِ سِنِينَ} " [الروم: 4] فـ"أدنى"، و"بضع" اكتسبا الظرفية من المضاف إليهما، فإن "أدنى" اسم تفضيل من الدنو، و"بضع" اسم لما بين الثلاث إلى التسع. "أو مجازية" إما بكون الظرف والمظروف معنيين نحو: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} [البقرة: 179] أو الظرف معنى، والمظروف ذاتا نحو: "أصحاب الجنة في رحمة الله"، أو بالعكس "نحو: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ" حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21] ، وفي بعض النسخ: {لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ} [يوسف: 7] الآية. "و" الثاني: "للسببية نحو: {لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} " [النور: 14] أي: لمسكم عذاب عظيم بسبب ما أفضتم، أي: خضتم فيه. "و" الثالث: "المصاحبة" عند الكوفيين والقتيبي3 وهي التي يحسن موضعها "مع" "نحو: {قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ} " [الأعراف: 38] أي: مع أمم. "و" الرابع: "الاستعلاء" عند الكوفيين والقتيبي، وهي التي يحسن موضعها "على" "نحو: {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} " [طه: 71] أي: عليها، وقيل: إن "في" هنا ليست بمعنى "على"، ولكن شبه المصلوب لتمكنه من الجذع بالحال في الشيء كالقبر للمقبور. "و" الخامس: "المقايسة"، وهي الداخلة بين مفضول سابق وفاضل لاحق، "نحو: {فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ} " [التوبة: 38] ، أي: بالقياس إلى الآخرة.   1 في "ب", "ط": "للتعدية". 2 في "أ": "ست". 3 سقطت "والقتبي" من "ط، ب، ج". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 649 "و" السادس: "بمعنى الباء" عند الكوفيين والقتيبي "كقوله": [من الطويل] 479- ويركب يوم الروع منا فوارس ... "بصيرون في طعن الأباهر والكلى" أي بصيرون بطعن، وهو؛ بالباء الموحدة وكسر الضاد المهملة؛ جمع بصير، نعت فوارس و"الأباهر": جمع الأبهر، وهو عرق إذا قطع مات صاحبه، و"الكلى": جمع كلوة. وتأتي "في" بمعنى "من" نحو: {فِي تِسْعِ آيَاتٍ} [النمل: 12] أي: منها قاله الحوفي. وللتعويض وهي الزائدة عوضًا من أخرى محذوفة كقولك: "ضربت فيمن رغبت"، أصله: ضربت من رغبت فيه، أجاره ابن مالك وحده1، وفيه نظر للموضح في المغني2. وللتوكيد وهي الزائدة لغير تعويض، وأجازه الفارسي في الضرورة3، وأجازه بعضهم في الكلام، وجعل منه {وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا} [هود: 41] أي: اركبوها. واقتصر الناظم على الظرفية والسببية كما يؤخذ من قوله: 373- ......... والظرفية استبن ببا ... وفي وقد يبينان السببا "ولـ"على" أربعة معان: أحدها: الاستعلاء" على مجرورها،، وهو الغالب "نحو: {وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ} [المؤمنون: 22] ، أو على ما يقرب منه نحو: {أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى} [طه: 10] . "والثاني: الظرفية" كـ: "في" قاله الكوفيون "نحو": {وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ "عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ} [القصص: 15] أي: في حين غفلة". "والثالث: المجاوزة" كـ: "عن" "كقوله" وهو قحيف العامري: [من الوافر]   479- البيت لزيد الخيل في لسان العرب 15/ 167 "فيا" والمخصص 14/ 66، وتاج العروس "فيا"، وشرح التسهيل 3/ 158، والارتشاف 2/ 446، 3/ 325، والجنى الداني ص251، وشرح شواهد المغني 1/ 484، 485، وخزانة الأدب 6/ 254، 9/ 393. 1 شرح التسهيل 3/ 162. 2 مغني اللبيب ص225، والعبارة في "أ", "ط": "قال في المغني: وفيه نظر". 3 همع الهوامع 2/ 30. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 650 480- "إذا رضيت علي بنو قشير" ... لعمر الله أعجبني رضاها "أي": إذا رضيت "عني"، وبنو قشير؛ بضم القاف وفتح الشين المعجمة؛ اسم قبيلة. ولذلك أعاد الضمير عليها مؤنثًا، ويحتمل أن يكون "رضي" ضمن معنى عطف. قاله في المغني1. وقال الكسائي. حمل على نقيضه وهو سخط. وقال أبو عبيدة: إنما ساغ هذا؛ لأن معناه: أقبلت علي. "الرابع: المصاحبة" كـ: "مع" عند الكوفيين "نحو: {وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ} [الرعد: 6] أي: مع ظلمهم"، وتأتي بمعنى اللام نحو: {وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} [البقرة: 185] أي: لهدايته إياكم. وبمعنى "عند" نحو: {وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ} [الشعراء: 14] أي: عندي. وموافقة الباء نحو: {حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لَا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ} [الأعراف: 105] أي: بألا أقول، وبذلك قرأ أبي2. وزائدة للتعويض وغيره، فالأول: [من الرجز] 481- إن الكريم وأبيك يعتمل ... إن لم يجد يومًا على من يتكل   480- البيت للقحيف العقيلي في أدب الكاتب ص507، وأمالي ابن الشجري 3/ 269، والاقتضاب ص432، وشرح الجواليقي ص353، والأزهية ص277، وخزانة الأدب 10/ 132، والدرر 2/ 54، وشرح شواهد المغني 1/ 416، ولسان العرب 14/ 323 "رضي" والمقاصد النحوية 3/ 282، ونوادر أبي زيد ص176، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 118، والإنصاف 2/ 630، وأوضح المسالك 3/ 41، وجمهرة اللغة ص1314، والجنى الداني ص47, والخصائص 2/ 311, 389, وشرح ابن الناظم ص264, وشرح التسهيل 3/ 160، وشرح الكافية الشافية 2/ 809، وشرح شواهد المغني 2/ 954، وشرح المفصل 1/ 120، ولسان العرب 15/ 444 "يا" والمحتسب 1/ 52، 348، ومغني اللبيب 2/ 143، والمقتضب 2/ 320، وهمع الهوامع 2/ 28، والكامل 1001. 1 مغني اللبيب ص191. 2 انظر القراءة في البحر المحيط 4/ 356, والكشاف 2/ 79، ومعاني القرآن للفراء 1/ 386. 481- الرجز بلا نسبة في لسان العرب 11/ 475، "عمل" والارتشاف 2/ 454، والأشباه والنظائر 1/ 292، والجنى الداني ص478، وخزانة الأدب 10/ 146، والخصائص 2/ 305، والدرر 2/ 37، وشرح أبيات سيبويه 2/ 205، وشرح الأشموني 2/ 294، وشرح التسهيل 3/ 161، وشرح شواهد المغني ص419، والكتاب 3/ 81، والمحتسب 1/ 281، وهمع الهوامع 2/ 22، وكتاب العين 2/ 153، ومقاييس اللغة 1/ 145، وديوان الأدب 2/ 416، وأساس البلاغة "عمل" "وجد" وتاج العروس "عمل" "علا". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 651 أي: عليه. فحذف "عليه" وزاد "على" قبل الموصول تعويضًا. قاله ابن مالك1. والثاني: كقول حميد بن ثور: [من الطويل] 482- أبى الله إلا أن سرحة مالك ... لى كل أفنان العضاة تروق "زاد "على" لأن راق متعدية بنفسها، تقول: راقني حسن الجارية. ونص سيبويه على أن "على" لا تزاد2، ولا حجة في البيت لاحتمال تضمين "تروق" تشرق. وللاستدراك كقولك: "فلان لا يدخل الجنة لسوء صنيعه على أنه لا ييأس من رحمة الله"، أي: ولكنه. واقتصر الناظم على قوله: 375- على للاستعلاء ومعنى في وعن ... ..................................... "ولـ"عن" أربعة معان أيضا: أحدها: المجاوزة" ولم يذكر البصريون سواه. "نحو: سرت عن البلد، ورميت عن القوس"، والمثال الأول متفق عليه، والثاني مختلف فيه. فقال ابن مالك3: هي فيه للاستعانة بمعنى الباء؛ لأنهم يقولون: رميت بالقوس وعن القوس، حكاه الفراء. وفيه رد على الحريري في إنكاره أن يقال ذلك إلا إذا كانت القوس هي المرمية، وحكى أيضًا: "رميت على القوس"، قاله في المغني4. "الثاني: البعدية" بالباء الموحدة "نحو": {لَتَرْكَبُنَّ "طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ} [الانشقاق: 19] أي: حالًا بعد حال"، ويحتمل أن تكون "عن"، على بابها، والتقدير: طبقًا متباعدًا في الشدة عن طبق آخر دونه، فيكون كل طبق أعظم في الشدة مما قبله، قاله الدماميني. "الثالث: الاستعلاء كقوله تعالى: {وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ} [محمد: 38] أي: عليها" ويحتمل التضمين، والمعنى: فإنما يبعد الخير عن نفسه بالبخل، قاله   1 شرح التسهيل 3/ 161. 482- البيت لحميد بن ثور في ديوانه ص41، وأدب الكاتب ص523، وأساس البلاغة "روق" والجنى الداني 479، والدرر 2/ 56، وشرح شواهد المغني 1/ 420، ولسان العرب 2/ 479 "سرح"، ومغني اللبيب 1/ 144، وبلا نسبة في جواهر الأدب ص377، وخزانة الأدب 2/ 194، 10/ 144، 145، وشرح الأشموني 2/ 294، وشرح التسهيل 3/ 165، والارتشاف 2/ 454، وهمع الهوامع 2/ 29. 2 الكتاب 3/ 81، 82. 3 شرح التسهيل 3/ 160. 4 مغني اللبيب ص198. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 652 الدماميني، "وكقول الشاعر" وهو ذو الأصبع العدواني واسمه الحرثان بن الحارث بن مجرب: [من البسيط] 483- "لاه ابن عمك لا أفضلت في حسب ... عني" ولا أنت دياني فتخزوني أي: علي؛ لأن المعروف أن يقال أفضلت عليه. قاله في المغني1، و"لاه" أصله: لله، فحذفت اللامان الجارة والأخرى شذوذًا، والحسب؛ بفتح السين؛ الدين وما يعده الإنسان من مفاخر آبائه، والديان: الملك، وتخزوني: تسوسني، والمعنى: لله در ابن عمك لا أفضلت في حسب علي ولا أنت مالكي فتسوسني. "الرابع: التعليل نحو: {وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ} [هود: 53] أي: لأجله"، قال في المغني2: ويجوز أن يكون حالًا من ضمير "تاركي" أي: ما نتركها صادرين عن قولك، وهذا رأي الزمخشري. ا. هـ. وتكون "عن" مرادفة "من" نحو: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ} [الشورى: 25] أي: منهم. ومرادفة الباء نحو: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} [النجم: 3] أي: به. وللاستعانة نحو: "رميت عن القوس" أي: به كما تقدم عن ابن مالك. والبدل نحو: {لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا} [البقرة: 48] أي: بدل نفس، وفي الحديث "صومي عن أمك" أي: بدل أمك3. والظرفية كقوله: [من الطويل]   483- البيت لذي الأصبع العدواني في أدب الكاتب ص513، والأزهية ص279، والاقتضاب ص249، 441، وإصلاح المنطق ص373، وخزانة الأدب 7/ 173، 177، 184، 186، والدرر 2/ 59، وشرح شواهد المغني 1/ 430, ولسان العرب 11/ 525، "فضل" 13/ 167 "دين"، 295، 296، "عنن"، 539 "لوه" 14/ 226 "خزي"، ومغني اللبيب 1/ 147، والمقاصد النحوية 3/ 286، ولكعب الغنوي في الأزهية ص97، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 1/ 263، 2/ 121، 303، والإنصاف 1/ 394، وأوضح المسالك 3/ 43، والجنى الداني ص246، والخصائص 2/ 288، شرح ابن الناظم ص264، وشرح ابن عقيل 2/ 23، وشرح المفصل 8/ 53، وهمع الهوامع 2/ 29. 1 مغني اللبيب ص196. 2 مغني اللبيب ص197. 3 أخرجه الترمذي في سننه 3/ 28، حديث رقم 667. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 653 484- ................... ... ولا تك عن حمل الرباعة وانيا أي: في حمل، بدليل {وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي} [طه: 42] . وزائدة للتعويض من أخرى محذوفة كقوله: [من الطويل] 485- أتجزع إن نفس أتاها حمامها ... فهلا التي عن بين جنبيك تدفع قال ابن جني: أراد فهلا تدفع عن التي بين جنبيك، فحذف "عن" من أول الموصول، وزيدت بعده، واقتصر في النظم على قوله: 375- ............. بعن ... تجاوزا عنى من قد فطن 376- وقد تجي موضع بعد وعلى ... ................................. "وللكاف أربعة معان أيضًا: أحدها: التشبيه نحو" قوله تعالى: {فَكَانَتْ "وَرْدَةً كَالدِّهَانِ} " [الرحمن: 37] . "والثاني: التعليل" أثبته قوم ونفاه الأكثرون "نحو: {وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ} " [البقرة: 198] فالكاف تعليلية و"ما" مصدرية "أي: لهدايته إياكم". وأجاب الأكثرون بأنه من وضع الخاص موضع العام إذا الذكر والهداية يشتركان في أمر وهو الإحسان. فهذا في الأصل بمنزلة: "وأحسن كما أحسن الله إليك"، والكاف للتشبيه ثم عدل عن ذلك للإعلام بخصوصية المطلوب. "والثالث: الاستعلاء" ذكره الأخفش والكوفيون1، "قيل لبعضهم" وهو رؤبة: "كيف أصبحت؟ قال: كخير. أي: على خير" وقيل المعنى: بخير، ولم يثبت مجيء الكاف بمعنى الباء وقيل هي للتشبيه على حذف مضاف أي: كصاحب خير. "وجعل منه" أي: من الاستعلاء "الاخفش قولهم: "كن كما أنت" أي: على ما أنت عليه"،   484- صدر البيت: "وآسى سراة الحي حيث لقيتهم" وهو للأعشى في ديوانه ص379، والارتشاف 2/ 448، والدرر 2/ 61, وشرح شواهد المغني 1/ 434، وبلا نسبة في الجنى الداني ص247، وجواهر الأدب ص324، وشرح الأشموني 2/ 295، ومغني اللبيب 1/ 148، وهمع الهوامع 2/ 30. وتاج العروس "عنن"، وشرح التسهيل 3/ 161. 485- البيت لزيد بن رزين في جواهر الأدب ص325، والارتشاف 2/ 448, 3/ 318، وشرح شواهد المغني 1/ 436، وله أو لرجل من محارب في ذيل أمالي القالي ص105، وذيل سمط اللآلي ص49، وبلا نسبة في الجني الداني ص248، وخزانة الأدب 10/ 144، وتاج العروس "عنن"، والدرر 2/ 37، وشرح الأشموني 2/ 295، وشرح التسهيل 2/ 140، 3/ 161، وشرح الكافية الشافية 1/ 313، والمحتسب 1/ 281، ومغني اللبيب 1/ 149، وهمع الهوامع 2/ 22. 1 الارتشاف 2/ 437، وشرح التسهيل 3/ 170. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 654 فالكاف بمعنى "على"، و"ما" موصولة1، و"أنت": مبتدأ حذف خبره، هذا أحد الأعاريب. والثاني: أن "ما" موصولة، و"أنت": خبر حذف مبتدؤه أي: كالذي2 هو أنت. والثالث: أن "ما" زائدة ملغاة، والكاف جارة، "وأنت": ضمير مرفوع أنيب عن المجرور. والمعنى: كن فيما يستقبل مماثلًا لنفسك فيما مضى. الرابع: أن "ما" كافة، و"أنت": مبتدأ حذف خبره، أي: عليه أو كائن. والخامس: أن "ما" كافة أيضًا، و"أنت": فاعل. والأصل: كما كنت ثم حذف "كان" فانفصل الضمير، والسادس: أن "ما" زائدة وشبه الشيء بنفسه في حالتين. المعنى "الرابع" من معاني الكاف "التوكيد، وهي الزائدة نحو: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11] أي: ليس شيء مثه"، كذا قدره الأكثرون، إذ لو لم يقدروه كذلك صار المعنى: ليس شيء مثل مثله. فيلزم المحال، وهو إثبات المثل، وإنما زيدت الكاف لتوكيد نفي المثل؛ لأن زيادة الحرف بمنزلة إعادة الجملة ثانيًا، قاله ابن جني. وقيل: الكاف هنا غير زائدة ثم اختلفوا، فقيل: الزائد "مثل"، كما زيدت في: {فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ} [البقرة: 137] قالوا: وإنما زيدت هنا لتفصل الكاف من الضمير. قال في المغني3: والقول بزيادة الحرف أولى من القول بزيادة الاسم، بل زيادة الاسم لم تثبت. وقيل: الكاف و"مثل" لا زائد منهما، ثم اختلف فقيل: "مثل" بمعنى الذات، والمعنى ليس كذاته شيء، وقيل بمعنى الصفة؛ لأن المثل والمثيل بمعنى كالشبه والشبيه. والمعنى: ليس كصفته شيء. وقيل: الكاف اسم مؤكد "مثل"، كما عكس ذلك من قال: [من الرجز] 486- فصيروا مثل كعصف مأكول زاد في المغني4 في معاني الكاف المبادرة، وذلك إذا اتصلت بـ"ما" في نحو: "سلم كما تدخل"، و"صل كما يدخل الوقت"، ذكره ابن الخباز في النهاية وأبو سعيد السيرافي وغيرهما، وهو غريب جدا. ا. هـ. واقتصر الناظم على قوله: 377- شبه بكاف وبه التعليل قد ... يعنى وزائدا لتوكيد ورد   1 في "ب": "مصدرية". 2 في "ب": "فالذي". 3 مغني اللبيب ص238. 486- تقدم تخريج البيت برقم 294. 4 مغني اللبيب ص237. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 655 "ومعنى "إلى" و"حتى" انتهاء الغاية مكانية أو زمانية"، مثال "إلى" في المكان "نحو: {مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى} " [الإسراء: 1] ، "و" مثالها في الزمان "نحو": {ثُمَّ "أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} " [البقرة: 187] . "و" مثال "حتى" في المكان "نحو: أكلت السمكة حتى رأسها، و" مثالها في الزمان، "نحو: {سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} " [القدر: 5] وتقدم أن معاني اللام الانتهاء. ولذلك جمعها الناظم بقوله: 371- للانتها حتى ولام وإلى ... ............................. "وإنما يجر بـ"حتى" في الغالب آخر" نحو: "حتى رأسها"، "أو متصل بآخر"، نحو: {حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} [القدر: 5] "كما مثلنا"، وإذا ثبت أنها لا تجر إلا آخرًا أو متصلًا به "فلا يقال: سهرت البارحة حتى نصفها"؛ لأن النصف ليس آخرا ولا متصلًا بالآخر, قالته المغاربة. قال في المغني1: وتوهم ابن مالك أن ذلك لم يقل به إلا الزمخشري وحده, واعترض عليه بقوله: [من الخفيف] 487- عينت ليلة فما زلت حتى ... نصفها راجيا فعدت يئوسًا وهذا ليس محل الاشتراط إذ لم يقل: "فما زلت في تلك الليلة حتى نصفها"، وإن كان المعنى عليه، ولكنه لم يصرح به. ا. هـ. وناقشه الدماميني بأنها في حكم الملفوظ بها، ولا أثر لخصوصية النطق بها في ذلك. "ومعنى "كي" التعليل" نحو: "جئت كي أقرأ" أي: للقراءة. "ومعنى الواو والتاء" المثناة فوق "القسم" نحو: والله، وتالله. "ومعنى مذ ومنذ ابتداء الغاية" في الزمان، فيكونان بمعنى "من" "إن كان الزمان ماضيًا كقوله" وهو زهير بن أبي سلمى، بضم السين: [من الكامل] 488- لمن الديار بقنة الحجر ... "أقوين مذ حجج ومذ دهر"   1 مغني اللبيب ص167. 487- البيت بلا نسبة في الجنى الداني ص544، والارتشاف 2/ 468، والدرر 2/ 38، وشرح شواهد المغني 1/ 370، ومغني اللبيب 1/ 123، والمقاصد النحوية 3/ 267، وهمع الهوامع 2/ 23، وشرح التسهيل 3/ 168، وشرح المرادي 2/ 205. 488- البيت لزهير بن أبي سلمى في ديوانه ص86، والأزهية ص283، وأسرار العربية ص273، والأغاني 6/ 86، والإنصاف 1/ 371، وخزانة الأدب 9/ 439، 440، والدرر 1/ 471، وشرح شواهد المغني 2/ 750، وشرح عمدة الحافظ ص264، وشرح المفصل 4/ 93، 8/ 11، والشعر والشعر 1/ 145، ولسان العرب 4/ 170، "حجر" 13/ 421 "قنن"، والمقاصد النحوية 3/ 312، وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 48، وجواهر الأدب ص270، ورصف المباني ص320، وشرح الأشموني 2/ 297، ومغني اللبيب 1/ 335، وهمع الهوامع 1/ 217. 489- البيت لامرئ القيس في ديوانه 89، والدرر 1/ 470، وشرح شواهد المغني 1/ 374، 2/ 750، وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 49، وشرح الأشموني 2/ 297، ومغني اللبيب 1/ 335، وهمع الهوامع 1/ 217. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 656 أي: من حجج ومن دهر، "والحجج" بكسر الحاء: جمع حجة؛ بكسرها أيضًا؛ وهي السنة. و"الدهر": الزمان"، و"الديار": مبتدأ، تقدم خبره في الجار والمجرور قبله "وقنة": بضم القاف وتشديد النون: أعلى الجبل، و"الحجر" بكسر الحاء المهملة وسكون الجيم: حجر ثمود، ومنازلهم بناحية الشام عند وادي القرى. و"أقوين" بسكون القاف وفتح الواو: خلون من سكانهن. "وقوله" وهو امرؤ القيس الكندي: [من الطويل] 489- قفا نبك من ذكرى حبيب وعرفان ... "وربع عفت آثاره منذ أزمان" أي: من أزمان. وقفا: أمر للواحد لفظ الاثنين على حد {أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ} [ق: 23] أو بلفظ الواحد والألف بدل من نون التوكيد الخفيفة إجراء للوصل مجرى الوقف، وأصله: قفن. وعرفان: بكسر العين: مصدر عرف معرفة وعرفانا. والربع: المنزل. وعفت: درست وانمحت. وآثاره: جمع أثر. "و" معنى "مذ" و"منذ" "الظرفية" فيكونان بمعنى "في" "إن كان" الزمان "حاضرًا نحو": ما رأيته مذ أو "منذ يومنا" أي: في يومنا، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 380- وإن يجرا في مضي فكمن ... هما وفي الحضور معنى في استبن "و" يكونان "بمعنى: "من" و"إلى" معًا" فيدلان على ابتداء الغاية وانتهائها معًا، فيدخلان على الزمان الذي وقع فيه ابتداء الفعل وانتهاؤه. "إن كان" الزمان معدودًا نكرة "نحو": ما رأيته "مذ" أو منذ "يومين" أي: من ابتداء هذه المدة إلى انتهائها. "ورب" ليست للتقليل دائمًا خلافًا للأكثرين ولا للتكثير دائمًا خلافًا لابن درستويه وجماعة. بل ترد "للتكثير كثيرًا، وللتقليل قليلًا". قاله في المغني1. "فالأول": كقوله تعالى: {رُبَمَا 2 يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ} [الحجر: 2] و"كقوله صلى الله عليه وسلم: "يا رُبّ كاسية في الدنيا عارية يوم القيامة" 3، وقول بعض   1 مغني اللبيب 1/ 135. 2 الرسم المصحفي: "ربما". 3 أخرجه البخاري في كتاب العلم برقم 115. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 657 العرب عند انقضاء رمضان: "يا رب صائمه لن يصومه, وقائمه لن يقومه"" بإضافة صائم وقائم إلى ضمير رمضان: وهو مما تمسك به الكسائي على إعمال اسم الفاعل المجرد بمعنى الماضي، وقول الشاعر: [من الطويل] 490- ويا رب يوم قد لهوت وليلة ... بآنسة كأنها خط تمثال ووجه الدليل أن الآية والحديث والمثال مسوقات للتخويف، والبيت مسوق للافتخار، ولا يناسب واحدًا منهما التقليل. قاله في المغني1. "والثاني": وهو التقليل "كقوله" وهو رجل من أزد السراة: [من الطويل] 491- "ألا رب مولود وليس له أب ... وذي ولد لم يلده أبوان" وذي شامة سوداء في حر وجهه ... مجللة لا تنجلي لزمان ويكمل في تسع وخمس شبابه ... ويهرم في سبع مضت وثمان وعن الفارسي أن عمر الجنبي2 سأل امرأ القيس عن مراد الشاعر فقال: "يريد بذلك عيسى وآدم عليهما الصلاة والسلام" والقمر، ويلده بسكون اللام وفتح الدال أو ضمها، وأصله: لم يلده بكسر اللام وسكون الدال, فسكن اللام تشبيهًا لها بتاء "كتف" فالتقى ساكنان، فحركت الدال بالفح اتباعًا لفتحة الياء أو بالضم اتباعًا لضمة الهاء. والشامة: الخال، وهي النكتة السوداء في الجسم المخالف للونها. وفي رواية "شامة غراء" وهو ضمير مناسب للشامة إذا الغراء البيضاء. والشامة سوداء. والحر من الوجه: ما بدا من الوجنة وهو ما ارتفع من الخد، قاله الدماميني. ومجللة: أي: ذات عز وجلال، وروي "مجلحة" بتقديم الجيم على الخاء: أي: منكسة، ويهرم أي: يشيب، قاله الحلبي.   490- البيت لامرئ القيس في ديوانه 29، وخزانة الأدب 1/ 64، والدرر 2/ 44، وشرح شواهد الإيضاح 216، وشرح شواهد المغني 1/ 341، 393, وبلا نسبة في مغني اللبيب 1/ 135، والمقرب 1/ 199. 1 مغني اللبيب 1/ 135. 491- الأبيات لرجل من أزد السراة في شرح شواهد الإيضاح ص257، وشرح شواهد الشافية ص22، والكتاب 2/ 226، 4/ 115، وله أو لعمرو الجنبي في خزانة الأدب 2/ 381، والدرر 1/ 81، وشرح شواهد المغني 1/ 398، والمقاصد النحوية 3/ 354، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 1/ 19، وأوضح المسالك 3/ 51، والجنى الداني ص441، والخصائص 2/ 333، والدرر 2/ 45، ورصف المباني ص189، وشرح الأشموني 2/ 298، وشرح المفصل 4/ 48، 9/ 126, والمقرب 1/ 199، ومغني اللبيب 1/ 135، وهمع الهوامع 1/ 54، 2/ 26. 2 في "ط": "الخشني". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 658 "فصل": "من هذه الحروف ما لفظه مشترك بين الحرفية والاسمية وهو خمسة: "أحدها: الكاف"، وهل اسميتها في النثر والشعر معًا أو في الشعر فقط؟ قولان، "والأصح" منهما "أن اسميتها مخصوصة بالشعر كقوله" وهو العجاج يصف نسوة: [من الرجز] 492- بيض ثلاث كنعاج جم ... "يضحكن عن كالبرد المنهم" فالكاف هنا اسم بمعنى "مثل"؛ لأن حروف الجر مختصة بالأسماء، وبيض: جمع بيضاء، والنعاج: جمع نعجة، وهي هنا البقرة الوحشية. ولا يقال لغير البقر من الوحش نعاج. والجم؛ بضم الجيم: جمع جماء. وهي التي لا قرن لها، وبالفتح الكثير. ويضحكن: خبر بيض. والبرد؛ بفتحتين: مطر منعقد. المنهم؛ بضم الميم الأولى وتشديد الثانية وسكون النون: الذائب يعني أن النسوة يضحكن عن أسنان مثل البرد الذائب لطافة ونظافة. ومقابل الأصح أنه لا يختص بالشعر وهو ظاهر إطلاق قول الناظم: 378- واستعمل اسمًا ......... ... ............................... "والثاني والثالث "عن" و"على"" يستعملان اسمين "وذلك إذا دخلت عليهما "من"" فتكون "عن" بمعنى "جانب" و"على" بمعنى "فوق" فالأول "كقوله" وهو قطري الخارجي: [من الكامل]   492- الرجز للعجاج في ملحق ديوانه 2/ 328، وخزانة الأدب 10/ 166، 168، والدرر 2/ 68، وشرح شواهد المغني 2/ 503، والمقاصد النحوية 3/ 294، وبلا نسبة في أسرار العربية 258، وأوضح المسالك 3/ 54، والجنى الداني 79، وشرح ابن الناظم ص266، وشرح الأشموني 2/ 296، وشرح المفصل 8/ 42، 44، ومغني اللبيب 1/ 180، وهمع الهوامع 2/ 31، ولسان العرب 12/ 620، "همم"، وتاج العروس 24/ 345 "كوف"، "همم"، والمخصص 9/ 119، وكتاب العين 4/ 461. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 659 493- فلقد أراني للرماح دريئة ... "من عن يميني مرة وأمامي" فـ"عن" هنا اسم بمعنى "جانب"؛ لأن حروف الجر مختصة بالأسماء، ودريئة،؛ بفتح الدال المهملة وكسر الراء وفتح الهمزة: وهي الحلقة التي يتعلم فيها الطعن، والرمي. ومرة: مصدر مر. "و" الثاني كـ: "قوله" وهو مزاحم بن الحارث العقيلي يصف القطا: [من الطويل] 494- "غدت من عليه بعد ما تم ظمؤها" ... تصل وعن قيض بزيزاء مجهل فـ"على" هنا اسم بمعنى "فوق" لدخول "من" عليها، وكونها بمعنى "فوق" هو قول الأصمعي، وقال أبو عبيدة: بمعنى "عند"، والضمير المجرور بها يعود إلى فرخها. وغدت؛ بالمعجمة: من أخوات كان، واسمها مستتر فيها يعود إلى القطا. وتصل: خبرها، وهو بفتح حرف المضارعة وكسر الصاد المهملة، أي: تصوت1 من جوفها من شدة العطش. قال أبو حاتم: قلت للأصمعي كيف قال: "غدت"، والقطا إنما تذهب إلى الماء ليلًا؟ فقال لم يرد الغدوة وإنما هذا مثل للتعجيل. والعرب تقول: "بكر إلى العشية"، ولا بكور هناك. قاله ابن السيد2.   493- البيت لقطري بن الفجاءة في ديوانه ص171، وخزانة الأدب 10/ 158، 160، والدرر 1/ 348، 2/ 88، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص136، وشرح شواهد المغني 1/ 438، والمقاصد النحوية 3/ 150، 305، وبلا نسبة في أسرار العربية ص255، والأشباه والنظائر 3/ 13، وأوضح المسالك 3/ 57، وجواهر الأدب ص322، وشرح الأشموني 2/ 296، وشرح ابن عقيل 2/ 20، وشرح التسهيل 2/ 93، وشرح المفصل 8/ 40، ومغني اللبيب 1/ 149، وهمع الهوامع 1/ 156، 2/ 36. 494- البيت لمزاحم في ديوانه ص11، وأدب الكاتب ص504، والاقتضاب ص428، والأزهية 194، وخزانة الأدب 10/ 147، 150، والدرر 2/ 89، وشرح شواهد الإيضاح ص230، وشرح شواهد المغني 1/ 425، وشرح المفصل 8/ 38، ولسان العرب 11/ 383 "صلل" 15/ 88 "علا" والمقاصد النحوية 3/ 103، وبلا نسبة في الارتشاف 2/ 444، 3/ 337، والأشباه والنظائر 3/ 12، وأوضح المسالك 3/ 58، وشرح ابن الناظم ص266، وشرح الأشموني 2/ 296، وشرح ابن عقيل 2/ 28, وشرح التسهيل 3/ 140، والكتاب 4/ 231، ومغني اللبيب 1/ 146، والمقتضب 3/ 53، وهمع الهوامع 2/ 36. 1 في "ب": "تصورت". 2 الاقتضاب ص697. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 660 وتم بفتح المثناة فوق أي: كمل، وظمؤها؛ بكسر الظاء المشالة وسكون الميم وبهمزة بعدها؛ قال الدماميني: ما بين الوردين، تستعمل في الإبل، ولكنه استعاره للقطا، وقال ابن السيد1: مدة صبرها عن الماء، وهو ما بين الشرب إلى الشرب، ولا تنافي بينهما. والقيض؛ بفتح القاف وسكون الياء آخر الحروف وبالضاد المعجمة؛ قال الدماميني: القشر الأعلى من البيض، وقال العيني2: أراد به الفرخ ههنا، وزيزاء؛ بزاءين معجمتين مكسور أولهما بينهما ياء مثناة تحت وبالمد: الغليظة من الأرض، ويروى: "بيداء" بالمد، المهلكة "والمجهل": القفر الذي ليس فيه أعلام يهتدى بها، وهو مجرور بإضافة زيزاء إليه، ولا يجوز أن يكون نعتًا لـ"زيزاء" عند البصريين، قاله ابن السيد في شرح أبيات الجمل. وإلى استعمال "عن" و"على" اسمين أشار الناظم بقوله: 378- .......... وكذا عن وعلى ... من أجل ذا عليهما من دخلا وقد تكون "على" فعلًا ماضيًا، تقول: علا يعلوا علوا، وعلى يعلي علاء، قاله ابن خالويه في الطارقية، وقد تكون "إلى" اسمًا واحد آلاء الله، وهي نعمه، تقول: "إلى" و"آلاء"، قاله أبو البقاء في شرح لمع ابن جني. "والرابع والخامس" مما يستعمل اسمًا "مذ، و: منذ، وذلك في موضعين" أشار إليهما الناظم بقوله: 379- ومذ ومنذ اسمان حيث رفعا ... أو أوليا الفعل ..................... "أحدهما: أن يدخلا على اسم مرفوع" نكرة أو معرفة معدودًا أو لا "نحو: ما رأيته منذ يومان"، فـ"يومان" منكر معدود "أو: منذ يوم الجمعة"، فـ"يوم الجمعة" معرف غير معدود، "وهما حينئذ" أي: حين إذ رفع ما بعدهما "مبتدآن وما بعدهما خبر" عنهما واجب التأخير إجراء للرفع مجرى الجر وهو مذهب المبرد وابن السراج والفارسي من البصريين وطائفة من الكوفيين، واختاره ابن الحاجب، ومعناهما: الأمد إن كان الزمان حاضرًا أو معدودًا، وأول المدة إن كان ماضيًا، قاله في المغني3. "وقيل بالعكس" فيكونان ظرفين خبرين مقدمين وما بعدهما مبتدأ، وهو مذهب الأخفش وأبي إسحاق الزجاج وأبي القاسم الزجاجي، ومعناهما "بين وبين"   1 الاقتضاب ص697. 2 المقاصد النحوية 3/ 303. 3 مغني اللبيب ص442. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 661 مضافين، فمعنى "ما لقيته مذ يومان": بيني وبين لقائه يومان، قاله في المغني1، ولا يخلى ما فيه من التعسف، "وقيل: ظرفان وما بعدهما فاعل بـ"كان" تامة محذوفة"، والتقدير: مذ كان يومان أو يوم الجمعة، وهذا مذهب جمهور الكوفيين، واختاره ابن مالك وابن مضاء والسهيلي2. وقيل ظرفان ما بعدهما خبر لمبتدأ محذوف، والتقدير: من الزمان الذي هو يومان، وهو قول لبعض الكوفيين، وهو مبني على أن "منذ" مركبة من "من" الجارة و"ذو" الطائية أو منها ومن "إذ"، وذكر ابن الخباز في النهاية ذلك بعبارة مختصرة فقال: في نحو "ما لقيته منذ يومان" أربعة أقوال، فللبصريين قولان، قال الفارسي: التقدير: أمد ذلك يومان، فـ"منذ"3 مبتدأ، و"يومان" خبره، وقال ابن جني4 "بين وبين لقائه يومان"، فـ"منذ"3، خبر، "ويومان": مبتدأ، وللكوفيين قولان أحدهما: أن "من" حرف و"ذو" موصولة و"هو يومان": مبتدأ وخبر، والجملة صلة، فحذفت الواو والمبتدأ، وضمت الميم اتباعًا، والثاني: أن الأصل: من إذ مضى يومان، فـ"يومان" فاعل بفعل محذوف، ا. هـ. "و" الموضع "الثاني: أن يدخلا على الجملة فعلية كانت؛ وهو الغالب؛ كقوله" وهو الفرزدق يرثي يزيد بن المهلب: [من الكامل] 495- "ما زال مذ عقدت يداه إزاره" ... فسما فأدرك خمسة الأشبار فأدخل "مذ" على الجملة الفعلية، وهي "عقدت"، وخبر "زال": يدني في البيت بعده5.   1 مغني اللبيب ص442. 2 الارتشاف 2/ 243. 3 في "أ"، "ب": "مذ". 4 اللمع ص120. 495- البيت للفرزدق في ديوانه 1/ 305، والأشباه والنظائر 5/ 123، وخزانة الأدب 1/ 212، والدرر 1/ 469، وشرح ابن الناظم ص267، وشرح شواهد الإيضاح ص310، وشرح شواهد المغني 2/ 755، وشرح المفصل 2/ 121، 6/ 33، والمقاصد النحوية 3/ 321، والمقتضب 2/ 176، وبلا نسبة في الارتشاف 2/ 242، وأوضح المسالك 3/ 61، والدرر 2/ 495، وشرح الأشموني 1/ 87، وشرح التسهيل 2/ 217، وشرح الكافية الشافية 2/ 815، ولسان العرب 6/ 67، "خمس"، ومغني اللبيب 1/ 336، وهمع الهوامع 1/ 216، 2/ 150. 3 هو قوله: "يدني خوافق من خوافق تلتقي في كل معتبط الغبار مثار". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 662 "وسما" ارتفع, و"أدرك": لحق, والمراد بخمسة الأشبار: ارتفاع قامته أو موضع قبره، قاله الدماميني, "أو اسمية كقوله" وهو ميمون الأعشى: [من الطويل] 496- "وما زلت أبغي المال مذ أنا يافع" ... وليدا وكهلًا حين شبت وأمردا فأدخل "مذ": على الجملة الاسمية، واليافع؛ بالياء التحتية: الغلام الذي راهق العشرين سنة، يقال: يفع وأيفع يافع، ولا يقال: موفع، قاله في القاموس1. والوليد: الصبي, والكهل: ما بعد الثلاثين، وقيل: بعد الأربعين إلى الخمسين أو الستين. والأمرد: الذي ليس على وجهه شيء من الشعر، ولم يجاوز حد الإنبات, فإن جاوزه ولم ينبت فهو الثط بالمثلثة والمهملة المشددة، قاله الزركشي. "وهما حينئذ" أي: حين إذ دخلا على الجملتين "ظرفان باتفاق" مضافان، فقيل: إلى الجملة, وقيل: إلى زمن مضاف إلى الجملة, وقيل: مبتدآن، فيجب تقدير زمن مضاف إلى الجملة يكون هو الخبر, قاله في المغني2، وهو مصرح بخلاف في المسألة فلا تحسن دعوى الاتفاق السابقة منه. وأصل "مذ" "منذ" فحذفت النون بدليل رجوعهم إلى ضم الذال عند ملاقاة الساكن نحو: "مذ اليوم" ولولا أن الأصل الضم لكسروا، ولو قيل بالعكس وزيدت النون كان مذهبًا كما قالوا في "ابنم" أصله "ابن" فزيدت الميم, وقال ابن ملكون: هما أصلان؛ لأنه لا تصرف في الحرف ولا شبهه, ويرده تخفيفهم "إنّ" و"كأنّ", قاله في المغني3. وقال المالقي4: إذا كانت "مذ" اسمًا فأصلها "منذ"، وإذا كانت حرفًا فهي أصل نظرًا إلى أن الحرف لا يتصرف فيه, وفيه الرد السابق, وقد تكسر ميمها عند عكل. وسكون ذال "مذ" قبل متحرك أعرف من ضمها, وضمها قبل ساكن أعرف من كسرها؛ لأن القريب أولى من الغريب, والمألوف خير من المنكور, وضم ذال "مذ" لقغة بني غني.   496- البيت للأعشى في ديوانه ص185، وتذكرة النحاة ص589، 632، والدرر 1/ 468، وشرح شواهد المغني 2/ 577، 757، والمقاصد النحوية 3/ 60. 1 القاموس المحيط "يفع". 2 مغني اللبيب ص442. 3 مغني اللبيب ص442, 443. 4 رصف المباني ص387. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 663 وبنو غني حي من غطفان، قاله في الصحاح1، ووجه الضم أنهم قدروا النون محذوفة لفظًا لا نية على حد قوله: [من الطويل] 497- ومن قبل نادى ...... ... ............................. وبالكسر بلا تنوين.   1 الصحاح "غني". 497- تمام البيت: "ومن قبل نادى كل مولى قرابة فما عطفت مولى عليه العواطف" وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 154، والدرر 1/ 488، وشرح ابن الناظم ص285، 288، وشرح الأشموني 2/ 322، وشرح التسهيل 3/ 248، وشرح قطر الندى ص20 وشرح الكافية الشافية 2/ 963، والمقاصد النحوية 3/ 434، وهمع الهوامع 1/ 210. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 664 "فصل": "تزاد كلمة "ما" بعد "من" و"عن" و"الباء" كثيرًا، وبعد "اللام" قليلًا، "فلا تكفهن عن عمل الجر"، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 381- وبعد من وعن وباء زيد ما ... فلم تعق عن عمل قد علما فـ"من"، "نحو: {مِمَّا " خَطَايَاهُمْ} [نوح: 25] وقرئ "خطيئاتهم"1 وهو أظهر في الاستشهاد لظهور الإعراب فيه. وبه مثل في المغني2. "و" عن، نحو: " {عَمَّا قَلِيلٍ} " [المؤمنون: 40] . "و" الباء نحو: " {فَبِمَا نَقْضِهِمْ} " [النساء: 155] . واللام. كقول الأعشى: [من المتقارب] 498- إلى ملك خير أربابه ... فإن لما كل شيء قرارا يريد فإن لكل شيء. وإذا دخل شيء من هذه الأحرف المقترنة بـ"ما" على فعل أو جملة اسمية أولت "ما" بأنها موصول حرفي، والجملة صلتها. "و" تزاد "ما" "بعد "رب" و"الكاف" فيبقى العمل قليلًا"، وتكفهما كثيرًا، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 382- وزيد بعد رب والكاف فكف ... وقد يليهما وجر لم يكف فالعمل "كقوله" وهو عدي بن الرعلاء3 الغساني: [من الخفيف]   1 كذا في الرسم المصحفي، وقد قرئت "خطاياهم" وهي قراءة أبي عمرو والحسن والأعرج. انظر الإتحاف ص425، والنشر 2/ 391، وقرأ أبو رجاء: "خطياتهم"، انظر الكشاف 4/ 165. 2 مغني اللبيب ص411. 498- البيت للأعشى في ديوانه ص101. 3 في "أ": "الدغفاء"، وفي "ب": "الرعناء". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 665 499- "ربما ضربة بسيف صقيل" ... بين بصرى وطعنة نجلاء فجر بـ"رب" ضربة، مع اقترانها بـ"ما"، و"طعنة"، مجرور بالعطف على "ضربة، ونجلاء" بالجيم والمد: الواسعة، البينة الاتساع، صفة طعنة، وأضيفت "بين" إلى "بصرى" لاشتمالها على "أماكن" أو على تقدير مضاف أي: أماكن بصرى، وهي؛ بضم الباء؛ بلدة بالشام كرسي حوران، "وقوله" وهو عمرو بن البراقة النهمي بكسر النون: [من الطويل] 500- وننصر مولانا ونعلم أنه ... "كما الناس مجروم عليه وجارم" فجر الناس بالكاف المقترنة بـ"ما" الزائدة، والمجروم؛ بالجيم: من الجرم، ويروى: "مظلوم عليه وظالم". "والغالب" في "ما" إذا زيدت بعد "رب" و "الكاف" "أن تكفهما عن العمل فيدخلان حينئذ على الجمل"، قال سيبويه1: جعلوهما مع "ما" بمنزلة كلمة واحدة "كقوله" وهو نهشل بن حري يرثي أخاه: [من الطويل] 501- أخ ماجد لم يخزني يوم مشهد ... "كما سيف عمرو لم تخنه مضاربه" فـ"سيف": مبتدأ، و"لم تخنه": خبره، والكاف مكفوفة بـ"ما" الزائدة، وأراد بـ"يوم مشهد" يوم صفين لما قتل أخوه مالك بها مع علي رضي الله عنه، وأراد بـ"عمرو"   499- البيت لعدي بن الرعلاء في الأزهية ص82، 94، والارتشاف 2/ 463، والاشتقاق 486، والأصمعيات ص152، والحماسة الشجرية 1/ 194، وخزانة الأدب 9/ 582، 585، والدرر 2/ 102، وشرح شواهد المغني ص725، ومعجم الشعراء ص252، والمقاصد النحوية 3/ 342، وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص492، وجوهر الأدب 369، وأوضح المسالك 3/ 65، والجنى الداني ص456، ورصف المباني ص194، 316، وشرح الأشموني 2/ 299، ومغني اللبيب ص137، وهمع الهوامع 2/ 38. 500- البيت لعمرو بن براقة في أمالي القالي 2/ 122، والدرر 2/ 105، وشرح شواهد المغني 1/ 202، 500، 2/ 725، 778، والمقاصد النحوية 3/ 332، وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 13، وخزانة الأدب 10/ 207، والدرر 2/ 414، وشرح ابن عقيل 2/ 35، وشرح ابن الناظم ص269، وشرح التسهيل 3/ 171، وشرح الكافية الشافية 2/ 817، ومغني اللبيب 1/ 65، وهمع الهوامع 2/ 38، 130. 1 الكتاب 3/ 115, 116. 501- البيت لنهشل بن حري في الدرر 2/ 104، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص872، وشرح شواهد المغني ص502، 720، والمقاصد النحوية 3/ 334، وبلا نسبة أوضح المسالك 3/ 68، وشرح ابن الناظم ص268، وهمع الهوامع 2/ 38. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 666 عمرو بن معدي كرب، وسيفه هو الصمصامة، و"المشهد": مصدر ميمي، و"مضاربه": جمع مضرب بكسر الراء، ومضرب السيف نحو شبر من طرفه، وجمعه على حد "شابت مفارقة".وإنما للإنسان مفرق واحد، والعرب يقدرون تسمية الجزء باسم الكل، فيوقعون الجمع موقع الواحد، "وقوله" وهو جذيمة الأبرش: [من المدير] 502- "ربما أوفيت في علم" ... ترفعن ثوبي شمالات فكف "رب" عن الجر، وأدخلها على الجملة الفعلية وهي "أوفيت" أي: نزلت، و"علم" أي: جبل، و"شمالات" بفتح الشين: جمع شمال، ريح تهب من ناحية القطب، فاعل "ترفعن". "والغالب على "رب" المكفوفة أن تدخل على فعل ماض كهذا البيت" لأن التكثير والتقليل إنما يكونان فيما عرف حده، والمستقبل مجهول، "وقد تدخل على مضارع منزل منزلة الماضي لتحقق وقوعه نحو: {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا " لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ} [الحجر: 2] قال الرماني: إنما جاز ذلك لأن المستقبل معلوم عند الله كالماضي, وقيل: هو على حكاية حال ماضية مجازا, وقيل التقدير: ربما كان يود، و"كان" شأنية. ورده في المغني1. "وندر دخولها على الجملة الاسمية" خلافًا للفارسي في المنع من الدخول "كقوله" وهو أبو داود الإيادي بدالين مهملتين أولهما مضمومة بعدها واو فألف: [من الخفيف] 503- "ربما الجامل المؤبل فيهم" ... وعناجيج بينهن المهار   502- البيت لجذيمة الأبرش في الأزهية 94، 265، والأغاني 15/ 275، وخزانة الأدب 11/ 404، والدرر 2/ 101، وشرح أبيات سيبويه 2/ 281، وشرح شواهد الإيضاح 219، وشرح شواهد المغني 393، والكتاب 3/ 518، ولسان العرب 3/ 32، "شيخ"، 11/ 366، "شمل"، والمقاصد النحوية 3/ 344، 4/ 328، وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 70، والدرر 2/ 243، ورصف المباني ص335، وشرح ابن الناظم ص542، وشرح الأشموني 2/ 299، وشرح المفصل 9/ 40، وكتاب اللامات ص111، ومغني اللبيب 135، 137، 309، والمقتضب 3/ 15، والمقرب 2/ 74، وهمع الهوامع 2/ 38، 78. 1 مغني اللبيب ص408. 503- البيت لأبي دؤاد الإيادي في ديوانه ص316، والأزهية 94، 266، وخزانة الأدب 9/ 586، 588، والدرر 2/ 48، وشرح شواهد المغني 1/ 405، وشرح المفصل 8/ 29، 30، ومغني اللبيب 1/ 137، والمقاصد النحوية 3/ 328، وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 71، والجنى الداني ص448، 455، والدرر 2/ 102، وشرح ابن عقيل 2/ 33، وشرح ابن الناظم ص268، وشرح التسهيل3/ 172، 174، وشرح الكافية الشافية 2/ 819، وهمع الهوامع 2/ 26. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 667 فأدخل "رب" المكفوفة بـ"ما" على الجملة الاسمية، فإن "الجامل": مبتدأ، و"المؤبل": نعته، و"فيهم": خبره، و"الجامل" بالجيم: القطيع من الإبل مع راعيها، وقيل: اسم جمع الإبل لا واحد له من لفظه، و"المؤبل" بضم الميم وفتح الهمزة والباء الموحدة المشددة: المعد للقنية، و"العناجيج" بعين مهملة فنون فألف فجيمين بينهما مثناة تحتية: جياد الخيل واحدها عنجوج كـ"عصفور "، وهي الخيل الطويلة الأعناق، و"المهار" بكسر الميم: جمع مهر؛ بضمها؛ وهو ولد الفرس، والأنثى مهرة. ودخول "رب" المكفوفة بـ"ما" على الجملة الاسمية نادر جدا "حتى قال" أبو علي "الفارسي: يجب أن تقدر "ما" اسمًا" نكرة "مجرورة بـ"رب" بمعنى شيء" "و" يقدر "الجامل خبرًا لضمير محذوف، والجملة صفة لـ: ما"، و "فيهم" متعلق بحال محذوفة، "أي: رب شيء هو الجامل المؤبل" كائنا فيهم، وإنما قدر الفارسي ضميرا محذوفًا ولم يجعل الجملة على حالها صفة لـ"ما" ليحصل الربط بين الصفة والموصوف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 668 "فصل": "تحذف "رب" ويبقى عملها بعد الفاء كثيرًا كقوله": وهو امرؤ القيس الكندي: [من الطويل] 504- "فمثلك حبلى قد طرقت ومرضع" ... فألهيتها عن ذي تمائم محول فجر مثل بـ"رب" المحذوفة بعد الفاء، ومعنى "طرقت": أتيتها ليلًا، و"ألهيتها": شغلتها، و"التمائم": التعاويذ واحدها تميمة، وهي العوذة التي تعلق على الصبي وقاية من العين أو السحر، و"محول" من أحول الصبي فهو محول إذا تم له حول أو سنة, وإنما خص الحبلى والمرضع بذلك؛ لأنهما أزهد النساء في الرجال، وأقلهن شغفا بهم. "وبعد الواو أكثر" لأن لعرب تبدل من رب الواو، وتبدل من الواو الفاء لاشتراكهما في العطف "كقوله" وهو امرؤ القيس أيضًا: [من الطويل] 505- "وليل كموج البحر أرخى سدوله" ... علي بأنواع الهموم ليبتلي فجر ليل بـ"رب" المحذوفة بعد الواو، وشبه ظلام الليل في هوله وصعوبته ونكادة أمره بموج البحر، واستعار له سدولًا وهي الستور واحدها سدل لما يحول منه بين البصر وبين   504- البيت لامرئ القيس في ديوانه ص12، والأزهية ص244، وخزانة الأدب 1/ 334، والدرر 2/ 93، وشرح أبيات سيبويه 1/ 450، وشرح شذور الذهب ص322، وشرح شواهد المغني ص402، 463، والكتاب 2/ 163، واللسان 8/ 126 "رضع"، 11/ 511، "غيل" والمقاصد النحوية 3/ 336، وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 73، ورصف المباني 387، وشرح الأشموني 2/ 299، وشرح ابن عقيل 2/ 36، وشرح ابن الناظم ص269، وشرح التسهيل 3/ 188، وشرح الكافية الشافية 2/ 821، ومغني اللبيب 1/ 136، 161، وهمع الهوامع 2/ 36. 505- البيت لامرئ القيس في ديوانه ص18، وخزانة الأدب 2/ 262، 3/ 271، وشرح شواهد المغني 2/ 574، 782، وشرحج عمدة الحافظ ص272، والمقاصد النحوية 3/ 338، وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 75، وشرح ابن الناظم ص270، وشرح الأشموني 2/ 300، وشرح التسهيل 3/ 187، وشرح شذور الذهب ص321، وشرح الكافية الشافية 2/ 821. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 669 إدراك المبصرات، و"علي": متعلق بـ"أرخى"، والباء في "بأنواع" للمصاحبة. "ويبتلي": يختبر، يقول: رب ليل بهذه الصفة أرخى علي ستور ظلامه مع أنواع الأحزان ليختبرني أأصبر على الشدائد أم أجزع منها، "وبعد "بل" قليلًا" من الواو "كقوله" وهو رؤبة أو العجاج: [من الرجز] . 506- "بل مهمه قطعت بعد مهمه" فجر "مهمه" بـ"رب" المحذوفة بعد "بل"، و"المهمه": المفازة البعيدة الأطراف. وإلى حذف "رب" وإبقاء جرها بعد هذه الأحرف الثلاثة أشار الناظم بقوله: 383- وحذفت رب فجرت بعد بل ... والفاء وبعد الواو شاع ذا عمل "وبدونهن أقل كقوله" وهو جميل بن معمر: [من الخفيف] 507- "رسم دار وقفت في طلله" ... كدت أقضي الحياة من جلله فـ"رسم" مجرور بـ"رب" محذوفة، و"رسم الدار": ما كان لاصقًا من آثارها بالأرض كالرماد ونحوه، و"الطلل": ما شخص من آثار الدار، و"أقضي": أموت، ويروى بدل الحياة "الغداة" وقيل: وهي ما بين صلاة الفجر وطلوع الشمس، و"من جلله" بفتح الجيم؛ فقيل: من أجله, وقيل: من عظم أمره في عيني، و"الجليل": العظيم. "وقد يحذف" حرف الجر "غير "رب" ويبقى عمله"، وإليه الإشارة بقول الناظم: 384- وقد يجر بسوى رب لدى ... حذف .......................... "وهو ضربان: سماعي كقول رؤبة" بضم الراء وسكون الهمزة؛ ابن العجاج بن رؤبة: "خير"   506- الرجز لرؤبة في ديوانه ص166، ولسان العرب 11/ 70 "بلل" 13/ 519 "عمه"، وخزانة الأدب 7/ 549، وشرح شواهد الإيضاح ص398، وتهذيب اللغة 1/ 150، وديوان الأدب 2/ 254، وتاج العروس "عمه"، وشرح شواهد الشافية ص202، وله أو للعجاج في المقاصد النحوية 3/ 345، وبلا نسبة في لسان العرب 14/ 88، "بلا"، وأوضح المسالك 3/ 77، وتاج العروس "بلل". 507- البيت لجميل بثينة في ديوانه ص189، وخزانة الأدب 10/ 20، والدرر 1/ 539، 2/ 97، 217، وشرح شواهد المغني 1/ 395، 403، ومغني اللبيب ص121، والمقاصد النحوية 3/ 339، وبلا نسبة في الإنصاف 1/ 378، وأوضح المسالك 3/ 77، والخصائص 1/ 285، 3/ 150، وشرح ابن الناظم ص270، وشرح الأشموني، 2/ 300، وشرح ابن عقيل 2/ 38، وشرح التسهيل 3/ 189، وشرح الكافية الشافية 2/ 822، وشرح المفصل 3/ 82، 8/ 52, وهمع الهوامع 2/ 37. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 670 بالجر "والحمد لله. جوابًا لمن قال له: كيف أصبحت1؟ " والأصل: بخير أو على خير، فحذف الجار وأبقى عمله. ورؤبة هذا من فصحاء العرب. قال الزمخشري: وهو من أمضغ العرب للشيح والقيصوم، يريد بذلك تحقيق أنه بدوي لا حقيقة المضغ؛ لأن هذين النبتين لا يمضغهما الآدميون، ومن قراءته: "إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةٌ" [البقرة: 26] . برفع بعوضة. "وقياسي" وإليه أشار الناظم بقوله: 384- ............................ ... .................. وبعضه يرى مطردًا "كقولك: بكم درهم اشتريت ثوبك؟ " فـ"درهم" مجرور بـ"من" مقدرة عند الجمهور أي: "بكم من درهم، خلافًا للزجاج في تقديره الجر بالإضافة2". واحتج بوجهين أحدهما: أن "كم" الاستفهامية لا يصلح أن تعمل الجر؛ لأنها قائمة مقام عدد مركب، والعدد المركب لا يعمل الجر فكذا ما قام مقامه. والثاني: أن الجر بعد "كم" الاستفهامية لو كان بالإضافة لم يشترط دخول حرف الجر على "كم"، فاشتراط ذلك دليل على أن الجر بـ"من" مضمرة لكون حرف الجر الداخل على "كم" عوضًا من اللفظ بـ"من" بخلاف "كم" الخبرية فإنه لما لم يشترط دخول حرف الجر عليها كان تمييزها مجرورًا بالإضافة لا بـ"من" مضمرة خلافًا للفراء3. "وكقولهم: إن في الدار زيد والحجرة عمرًا"، فـ"الحجرة": مجرورة بحرف جر محذوف "أي: وفي الحجرة" عمرًا، إذ لو عطفت على المجرور بـ"في" لزم العطف على معمولي عاملين مختلفين وذلك ممتنع عند سيبويه4 ومتابعيه، لضعف العاطف عن أن يقوم مقام عاملين مختلفين "خلافًا للأخفش5 إذ قدر العطف على معمولي عاملين"، فجعل "الحجرة" معطوفة على "الدار" و"عمرًا" معطوفًا على "زيد"، و"زيد" معمولان لعاملين مختلفين. فإن العامل في الدار حرف الجر، والعامل في زيد "إن". "و" كـ: "قولهم: مررت برجل صالح إلا صالح فطالح، حكاه يونس6".   1 شرح ابن الناظم ص270، وشرح ابن عقيل 2/ 39، وشرح المفصل 8/ 52، 53. 2 شرح ابن الناظم ص271، وشرح التسهيل 2/ 419، وشرح ابن عقيل 2/ 39. 3 شرح التسهيل 2/ 420. 4 الكتاب 1/ 63. 5 مغني اللبيب ص632. 6 الكتاب 1/ 262، وشرح ابن الناظم ص271، وشرح التسهيل 3/ 192. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 671 بجر "صالح" و"طالح" بحرف جر محذوف. "وتقديره: إلا أمر" أنا "بصالح فقد مررت بطالح"، هذا تقدير ابن مالك1. وقدره سيبويه: إلا أكن مررت بصالح فبطالح. قيل: وتقدير سيبويه2 هو الصواب. قال البطليوسي في شرح كتاب سيبويه: إذا قلت: "إلا أمر" نقضت المعنى، فإنك قد قلت: "مررت بصالح"، ثم تقول: "إلا أمر بصالح" فيما يستقبل، وإنما المرور واقع فلا بد من إضمار الكون، فتقول: "إلا أكن فيما يستقبل موصوفًا يكون مررت بصالح فأنا قد مررت بطالح"، نقله المرادي في شرح التسهيل عنه في باب "كان" وأقره.   1 شرح التسهيل 3/ 192. 2 الكتاب 1/ 262. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 672 باب الإضافة مدخل ... باب الإضافة: هي لغة مطلق الإسناد، قال امرؤ القيس: [من الطويل] 508- فلما دخلناه أضفنا ظهورنا ... إلى كل حاري جديد مشطب يريد لما دخلنا هذا البيت أسندنا ظهورنا إلى كل رجل منسوب إلى الحيرة، مخطط فيه طرائق. واصطلاحًا إسناد اسم إلى غيره على تنزيل الثاني من الأول منزلة تنوينه أو يقوم مقام تنوينه. قاله الموضح في شرح الشذور1. "تحذف" أنت "من الاسم الذي تريد إضافته ما فيه من تنوين ظاهر". كتنوين "ثوب" أو تنوين مقدر كتنوين "دراهم"؛ لأن غير المنصرف فيه تنوين مقدر، منع من ظهوره مشابهة الفعل. والذي يدل على أن فيه تنوينًا مقدرًا نصب التمييز في نحو: "هو أحسن وجهًا"، إذ لا ينصب نحو هذا إلا عن تمام الاسم بالتنوين "كقولك في ثوب ودراهم: ثوب زيد ودراهمه". فتحذف من "ثوب" تنوينه الظهر ومن "دراهم": تنوينه المقدر؛ لأن التنوين يدل على الانفصال. والإضافة تدل على الاتصال. فلا يجمع بينهما. "و" تحذف ما فيه "من نون تلي علامة الإعراب وهي" أربعة: الأول والثاني: "نون التثنية وشبهها". فالأول "نحو: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} " [المسد: 1] فـ"يدا" تثنية. يد، والأصل: يدان فحذفت نون التثنية للإضافة؛ لأنها   508- البيت لامرئ القيس في ديوانه ص53، وجمهرة اللغة ص909، وخزانة الأدب 7/ 418، ولسان العرب 9/ 210 "ضيف"، وبلا نسبة في لسان العرب 4/ 225 "حير". 1 شرح شذور الذهب ص325. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 673 تلي علامة الإعراب وهي الألف. "و" الثاني نحو: "هذان اثنا زيد" فـ"اثنا" شبيه بالتثنية في الإعراب بالحروف. وليست تثنية حقيقة إذ لا يقال في مفردها: اثن، والأصل: اثنان فحذفت النون للإضافة لما ذكرنا. "و" الثالث والرابع: "نون جمع المذكر السالم وشبهه"، فالأول: "نحو: {وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ} " [الحج: 35] فـ"المقيمي" جمع مقيم جمع مذكر سالم، والأصل: والمقيمين فحذفت نون الجمع للإضافة؛ لأنها تلي علامة الإعراب وهي الياء. "و" الثاني: نحو: "عشرو عمرو" فـ"عشرو" شبيه بجمع المذكر السالم في إعرابه بالحروف وليس بجمع حقيقة؛ لأنه لا مفرد له، وإنما حذفت نون التثنية والجمع وشبههما؛ لأنها أشبهت التنوين في كونها تلي علامة الإعراب كما أن التنوين يلي علامة الإعراب، "و" لهذا "لا تحذف النون التي تليها علامة الإعراب نحو: "بساتين زيش" و {شَيَاطِينَ الْإِنْسِ} " [الأنعام: 112] ؛ لأنها لا تشبه التنوين فيما ذكر؛ لأن النون في هذين المثالين تليها علامة الإعراب وهي الحركة بناء على أن الإعراب واقع بعد آخر الكلمة من غير فاصل فتكون الحركة فيهما بعد النون. وهذا أحد قولين في المسألة. والقول الثاني: إن الإعراب مقارن لآخر المعرب لا بعده، وإلى حذف النون والتنوين من المضاف أشار الناظم بقوله: 385- نونًا تلي الإعراب أو تنوينًا ... مما تضيف احذف ................. "ويجر المضاف إليه بالمضاف وفاقًا لسيبويه1"، وهو الأصح لاتصال الضمير به، والضمير لا يتصل إلا بعامله. "لا بمعنى اللام خلافًا للزجاج2"، ولا بالإضافة خلافًا للسهيلي3 وأبي حيان في النكت الحسان4، ولا بحرف مقدر ناب عنه المضاف خلافًا لابن الباذش.   1 الكتاب 1/ 419، 420. 2 الارتشاف 2/ 501. 3 أمال السهيلي ص20. 4 النكت الحسان ص117. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 674 "فصل": "وتكون الإضافة على معنى "اللام" بأكثرية"؛ لأنها الأصل ولذلك اقتصر عليها الزجاج. "وعلى معنى "بمن" بكثرة، وعلى معنى "في" بقلة". ولهذا لم يذكره إلا ابن مالك1 تبعًا لطائفة قليلة. "وضابط" الإضافة "التي" تكون "بمعنى "في" أن يكون الثاني" وهو المضاف إليه "ظرفًا للأول" وهو المضاف سواء أكان زمانًا أو مكانا، فالزمان "نحو: {مَكْرُ اللَّيْلِ} " [سبأ: 33] و {تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} [البقرة: 226] . "و" المكان نحو: " {يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ} " [يوسف: 41] و"شهيد الدار" فالليل ظرف للمكر، والسجن ظرف للصاحبين، والتقدير: مكر في الليل، ويا صاحبان في السجن. "و" ضابط الإضافة "التي" تكون "بمعنى "من" أن يكون" الأول؛ وهو المضاف؛ بعض" الثاني؛ وهو "المضاف إليه؛ و" أن يكون المضاف إليه "صالحًا للإخبار به عنه" أي: عن المضاف "كـ: "خاتم فضة"، ألا ترى أن الخاتم" الذي هو المضاف "بعض جنس الفضة" المضاف إليها، وأنه" يصح الإخبار بالمضاف إليه عن المضاف. فإنه "يقال: هذا الخاتم فضة"، فتخبر بالفضة عن الخاتم؛ لأن الإخبار عن الموصوف إخبار عن صفته. "فإن انتفى" شرط القسم الأول "والشرطان معًا" في القسم الثاني نحو: ثوب زيد، و: غلامه" مما الإضافة فيه تفيد الملك، "و: حصير المسجد، وقنديله" مما الإضافة فيه تفيد الاختصاص فإن المضاف في هذه الأمثلة الأربعة ليس بعض المضاف إليه، ولا يصح الإخبار فيها بالمضاف إليه عن المضاف، ولا المضاف إليه2 فيها ظرف للمضاف.   1 شرح التسهيل 3/ 221-223. 2 في "ط": "إليها". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 675 "أو انتفى" الشرط "الأول" من شرطي القسم الثاني" فقط نحو: يوم الخميس"، فإن اليوم وإن كان يصح أن يخبر عنه بالخميس فيقال: "هذا يوم الخميس"1 لكن اليوم ليس بعض الخميس، فإضافته من إضافة المسمى إلى الاسم "أو" انتفى الشرط "الثاني" من الشرطين "فقط نحو: يد زيد"، فإن اليد وإن كانت بعض زيد لكنها لا يصح أن يخبر عنها بزيد، فلا يقال: "هذه اليد زيد"، وإضافتها من إضافة الجزء إلى كله. وإذا انتفى أن تكون الإضافة بمعنى "من" أو "في" "فالإضافة بمعنى: لام الملك" كما في "ثوب زيد" و"غلامه"، "أو" لام "الاختصاص" كما في بقية الأمثلة، ويدخل في ذلك الإضافة اللفظية كـ: "ضارب زيد"، فإنها بمعنى اللام كما صرح به ابن جني2 والشلوبين. وإلى ذلك يشير قول الناظم: 386- والثاني اجرر وانو من أو في إذا ... لم يصلح إلا ذاك واللام خذا 387- لما سوى ذينك .......... ... ................................ فعلم منه أن كل إضافة امتنع فيها أن تكون بمعنى "من" أو "في" فهي بمعنى "اللام" تحقيقًا حيث يمكن النطق بها كـ: "غلام زيد"، أو تقديرا حيث لا يمكن النطق بها نحو: "ذي مال" و"عند زيد" و"مع عمرو"، وامتحان هذا بأن تأتي مكان المضاف بما يرادفه أو يقاربه نحو: "صاحب"، و"مكان" و"مصاحب". وذهب الجمهور إلى أن الإضافة قسمان: بمعنى "اللام" وبمعنى "من" ولا ثالث لهما، وما أوهم معنى "في" فهو على معنى اللام مجازًا، قاله الشارح3. وذهب أبو الحسن بن الضائع4 إلى أن الإضافة لا تكون إلا بمعنى "اللام" على كل حال. وكان يقدر في "ثوب خز" ونحوه ويقول: الثوب مستحق للخز بما هو أصله. وذهب أبو حيان إلى أن الإضافة ليست على تقدير حرف مما ذكروه ولا على نيته.   1 في "ط": "اليوم". 2 الخصائص 3/ 26. 3 شرح ابن الناظم ص272. 4 في "ط": "الصائغ". انظر مذهبه في الارتشاف 2/ 502. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 676 "فصل": "والإضافة على ثلاثة أنواع: نوع يفيد تعريف المضاف بالمضاف إليه إن كان" المضاف إليه "معرفة كـ: غلام زيد"، فغلام قبل الإضافة نكرة فلما أضيف إلى المعرفة اكتسب التعريف منها، "وتخصيصه به" أي: تخصيص المضاف بالمضاف إليه "إن كان" المضاف إليه "نكرة كـ: غلام امرأة"، فغلام قبل الإضافة نكرة خالية عن التخصيص فما أضيف إلى النكرة تخصص بها. والمراد بالتخصيص ما لا يبلغ درجة التعريف فإن غلام امرأة أخص من "غلام"، ولكنه لم يتميز بعينه كما تميز "غلام زيد" به. قاله في المغني1. وإلى ذلك يشير قول الناظم: 387- ....... واخصص أولًا ... أو أعطه التعريف بالذي تلا "وهذا النوع هو الغالب" ولذلك صدر به الكلام، فكل من المتضايفين مؤثر في الآخر، فالأول يؤثر في الثاني الجر2، والثاني يؤثر في الأول التعريف أو التخصيص. "ونوع: يفيد تخصيص المضاف دون تعريفه"، وذلك قسمان: قسم يقبل التعريف ولكن يجب تأويله بنكرة، وقسم لا يقبله أصلًا، فالأول ضابطه أن يقع موقع ما لا يكون معرفة كقوله: [من الوافر] 509- أبا لموت الذي لا بد أني ... ملاق لا أباك تخوفيني   1 مغني اللبيب ص663. 2 سقط من بداية باب الإضافة إلى هنا من "ب". 509- البيت لأبي حية النميري في ديوانه ص177، وخزانة الأدب 4/ 100، 105، 107، والدرر 1/ 316، وشرح شواهد الإيضاح ص211، ولسان العرب 11/ 210 "خعل" 14/ 12 "أبي"، 15/ 63، "فلا" وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 3/ 132، والخصائص 1/ 345، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص501، وشرح شذور الذهب ص328، والهوامع 1/ 145، وشرح التسهيل 2/ 60، 63، 3/ 226 وشرح الكافية الشافية 1/ 528. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 677 ونحو: "رب رجل وأخيه" و"كم ناقة وفصيلها" و"جاء وحده" فهذه المضافات إلى المعرفة يجب تأويلها؛ لأن "لا" لا تعمل في المعارف، و"رب" و"كم" لا يجران المعارف، والحال لا يكون معرفة، فالإضافة هذه ونحوها تفيد التخصيص دون التعريف. "و" الثاني "ضابطه أن يكون المضاف متوغلا" أي: شديد الدخول "في الإبهام"، يقال: وغل في الشيء إذا دخل فيه دخولًا بينا، "كـ: "غير" و"مثل" إذا أريد بهما مطلق المماثلة والمغايرة لا كمالهما" من كل وجه، قال أبو البقاء1: إذا أريد بـ"غير" المغايرة من كل وجه تعرفت بالإضافة كقولك: "هذه الحركة غير السكون"، وإن أريد بها غير ذلك لم تتعرف؛ لأن المغايرة بين الشيئين لا تخص وجهًا بعينه، ا. هـ. فجعل المقتضي للتعريف وقوعًا بين متضادين، وبه قال السيرافي، وجعل المانع من التعريف شدة الإبهام، وبه قال ابن السراج2، وراتضاه الشلوبين3، وبيان الإبهام فيها أنك إذا قلت: "غير زيد" فكل شيء إلا زيدًا غيره، وكل ما صدق وصفه بالمغايرة صدق وصفة بالمماثلة إذا كان الجنس واحد، واشتركا في وصف من الأوصاف، ولا تكاد جهات المماثلة تنحصر، وذهب سيبويه4 والمبرد5 إلى أن سبب تنكيرها أن إضافتهما للتخفيف لمشابهتهما اسم الفاعل بمعنى الحال ألا ترى أن "غيرك" و"مثلك" بمنزلة "مغايرك" و"مماثلك"، واختاره أبو حيان في النكت الحسان6، وهذا النوع مرجعه السماع ومنه "شبهك" وخدنك" وضربك" و"تربك" و"نحوك" و"ندك" و"حسبك" و"شرعك"، وأمها7 "مثلك" و"غيرك" فإذا أريد بها مطلق المماثلة والمغايرة لا يتعرفان بالإضافة، "ولذلك صح وصف النكرة بهما في نحو: مررت برجل مثلك، أو غيرك"، والنكرة لا توصف بالمعرفة "وتسمى الإضافة في هذين النوعين" وهما ما يفيد تعريف المضاف أو تخصيصه، وما يفيد تخصيص المضاف دون تعريفه؛ "معنوية؛ لأنها أفادت أمرًا معنويا"، وهو تعريف المضاف أو تخصيصه، "و" تسمى   1 التبيان في إعراب القرآن 1/ 10. 2 الأصول 2/ 5. 3 شرح التسهيل 3/ 227. 4 الكتاب 2/ 110، 111. 5 المقتضب 4/ 289. 6 النكت الحسان ص118. 7 في "ط": "وأما". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 678 أيضًا "محضة أي: خالصة من تقدير الانفصال"، إذ ليس قولنا: "غلام زيد مثلك" في تقدير "غلام لزيد مثل لك". "ونوع لا يفيد شيئًا من ذلك" التعريف أو التخصيص، "وضابطه أن يكون المضاف صفة تشبه المضارع في كونها مرادا بها الحال أو الاستقبال"، وإليه أشار الناظم بقوله: 388- وإن يشابه المضاف يفعل ... وصفا فعن تنكيره لا يعزل فخرج بالصفة المصدر المقدر بـ"أن" والفعل، فإن إضافته محضة خلافًا لابن طاهر وابن برهان وابن الطراوة1 بدليل نعته بالمعرفة نحو قوله: [من الخفيف] 510- إن وجدي بك الشديد أراني ... عاذرًا فيك من عهدت عذولًا فوصف وجدي؛ وهو مصدر مضاف إلى ياء المتكلم؛ بالتشديد، ومثله المصدر الواقع مفعولًا له نحو: "جئت إكرامك"، فإن إضافته محضة خلافًا للرياشي2، وخرج بتشبيه المضارع إلى آخره اسم التفضيل نحو: "أفضل القوم" فإن إضافته محضة عند الأكثرين خلافًا لابن السراج3 والفارسي4 وأبي البقاء والكوفيين وجماعة من المتأخرين كالجزولي5 وابن أبي الربيع6 وابن عصفور ونسبه إلى سيبويه7 وقال: إنه الصحيح بدليل قولهم: "مررت برجل أفضل القوم"، ولو كانت إضافته محضة لزم وصف النكرة بالمعرفة، وإن المخالف خرج ذلك على البد، فيكون من بدل المعرفة من النكرة، قال: وذلك باطل؛ لأن البدل بالمشتق يقل. انتهى كلام ابن عصفور في شرح الجمل8، وهذا الذي حكاه سيبويه واختاره إنما حكاه ابن مالك عن الفارسي، واختار خلافه، وزعم أن ذلك قول   1 الارتشاف 2/ 505، وشرح المرادي 2/ 245. 510- البيت بلا نسبة في الدرر 2/ 138، 303، وشرح الأشموني 2/ 306، وشرح قطر الندى ص264، والمقاصد النحوية 3/ 336، وهمع الهوامع 2/ 48، 93. 2 النكت الحسان ص119. 3 الأصول 2/ 8، والارتشاف 2/ 505. 4 الإيضاح العضدي 1/ 269، والارتشاف 2/ 505. 5 المقدمة الجزولية ص131. 6 البسيط 1/ 312. 7 الكتاب 1/ 204. 8 شرح الجمل 2/ 71. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 679 سيبويه1، وخرج أيضًا الصفة التي بمعنى الماضي نحو: "ضارب زيد أمس"، فإن إضافته محضة على الصحيح خلافًا للكسائي، وخرج أيضًا الصفة التي لم تعمل نحو: "كاتب القاضي"، و"كاسب عياله"، فإن إضافتها محضة. "وهذه الصفة" الشبيهة للمضارع في إرادة الحال أو الاستقبال "ثلاثة أنواع" كما يؤخذ من أمثلة الناظم: "اسم الفاعل": المضاف لمعموله الظاهر أو المضمر، فالأول "كـ: ضارب زيد" الآن أو غدًا، "و" الثاني نحو: "راجينا" الآن أو غدًا، ومنه أمثلة المبالغة كـ: "شراب العسل". "واسم المفعول" المضاف لمعموله سواء أكان من ثلاثي أم لا، فالأول "كـ: مضروب العبد" الآن أو غدًا، "و" الثاني نحو: "مروع القلب" بفتح الواو المشددة. "والصفة المشبهة" باسم الفاعل المضافة لمعمولها مجردة كانت أو لا، فالأول "كـ: حسن الوجه"، الآن، "و: عظيم الأمل" الآن، "و: قليل الحيل" الآن، والثاني: كـ: "مستقيم القامة" و"معتدل الطبيعة الآن"2. فاسم الفاعل مضاف إلى منصوبه معنى، واسم المفعول والصفة المشبهة مضافان إلى مرفوعهما معنى، فإضافة هذه الصفات إلى معمولها المعرفة لا تفيدها تعريفًا، "والدليل على أن هذه الإضافة لا تفيد المضاف تعريفًا وصف النكرة به" أي: بالوصف المضاف "في نحو: {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} " [المائدة: 95] فـ"هديا" نكرة منصوبة على الحال، و"بالغ الكعبة": نعتها، ولا توصف النكرة بالمعرفة، "ووقوعه حالًا في نحو: {ثَانِيَ عِطْفِهِ} [الحج: 9] فـ"ثاني" حال من الضمير المستتر في "يجادل" من قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الحج: 8] ، والحال واجب التنكير، والأصل عدم التأويل، وقوله" وهو أبو كبير الهذلي يمدح تأبط شرا وكان زوج أمه: [من الكامل] 511- "فأنت به حوش الفؤاد مبطنا" ... سهدًا إذا ما نام ليل الهوجل   1 شرح التسهيل 3/ 228. 2 سقطت من "ب"، "ط". 511- البيت لأبي كبير الهذلي في جمهرة اللغة ص360، وخزانة الأدب 8/ 194، 203، وشرح أشعار الهذليين 3/ 1073، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص88، وشرح شواهد المغني 1/ 227، والشعر والشعراء 2/ 675، ولسان العرب 3/ 224 "سهد"، 6/ 290 "حوش" 11/ 690 "هجل" ومغني اللبيب 2/ 511، وتاج العروس "هجل" وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 89، وجمهرة اللغة 1176، وشرح شواهد المغني 2/ 880، واللسان 14/ 214، "جيا"، وشرح الكافية الشافية 2/ 912. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 680 فـ"حوش" بضم الحاء المهملة وسكون الواو وبالشين المعجمة: صفة مشبهة حال من الهاء المجرورة بالباء العائدة إلى تأبط شرا، ومعناه: حديد الفؤاد، و"المبطن": الضامر البطن، وهو وصف محمود في الذكور، و"السهد" بضم السين المهملة والهاء: القليل النوم، و"الهوجل" الأحمق، "ودخول "رب" عليه في قوله"؛ وهو جرير يهجو الأخطل: [من البسيط] 512- "يا رب غابطنا لو كان يطلبكم" ... لاقى مباعدة منكم وحرمانا فأدخل "رب" على غابطنا، ولو كان معرفة لما صح ذلك، وهو من الغبطة وهي1 أن يتمنى مثل حال المغبوط من غير إرادة زوالها عنه، عكس الحسد، "والدليل على أنها"؛ أي: هذه الإضافة وهي إضافة الصفة لمعمولها؛ "لا تفيد تخصيصًا أن أصل قولك: ضارب زيد" بالخفض "ضارب زيدًا" بالنصب "فالاختصاص" بالمعمول "موجود قبل الإضافة"، فلم تحدث الإضافة تخصيصًا، وفي ذلك رد على ابن مالك حيث رد على ابن الحاجب في قوله2: "ولا تفيد إلا تخفيفًا" فقال "بل تفيد أيضًا التخصيص فإن ضارب زيد أخص من ضارب" قال في المغني3: وهذا سهو فإن " ضارب زيد" أصله: "ضارب زيدًا" بالنصب، وليس أصله "ضاربًا" فقط، فالتخصيص حاصل بالمعمول قبل أن يأتي بالإضافة، ا. هـ. وما قاله ابن مالك تبع فيه ابن الضائع في اعتراضه على ابن عصفور حيث قال4: "وأما قوله: "ولا تخصيص" فغير صحيح؛ لأنك إذا قلت: "هذا ضارب امرأة" فقد خصصت المضاف بالمضاف إليه مع كون الإضافة غير محضة، ا. هـ. "وإنما تفيد هذه الإضافة التخفيف"؛ لأن الأصل في الصفة أن تعمل النصب،   512- البيت لجرير في ديوانه 163، والدرر 2/ 137، وسر صناعة الإعراب 2/ 457، وشرح أبيات سيبويه 1/ 540؛ وشرح شواهد المغني 2/ 712، 880، والكتاب 1/ 427، ومغني اللبيب 1/ 511، والمقاصد النحوية 3/ 364، والمقتضب 4/ 150، وهمع الهوامع 2/ 47، وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 90، وشرح ابن الناظم ص275، وشرح الأشموني 2/ 305، وشرح التسهيل 3/ 179، 228، وشرح الكافية الشافية 2/ 911، والمقتضب 3/ 227، 4/ 289. 1 في "ب"، "ط": "هو". 2 الكافية ص9. 3 مغني اللبيب ص664. 4 المقرب 1/ 209، وشرح الجمل 2/ 70. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 681 ولكن الخفض أخف منه إذ لا تنوين معه ولا نون، قاله في المغني1، "أو" تفيد "رفع القبح"، "أما التخفيف فبحذف التنوين الظاهر" من المضاف "كما في: ضارب زيد، و: ضاربات عمرو" و"مضروب العبد" "و: حسن الوجه"، ففي هذه الصفات تنوين ظاهر حذف للإضافة، "أو" بحذف التنوين "المقدر كما في: ضوارب زيد، و: حواج بيت الله"، ففي "ضوارب" و"حواج" تنوين مقدر حذف للإضافة بدليل نصبهما المفعول، قاله الموضح في الحواشي، "أو" بحذف "نون التثنية كما في: ضاربًا زيد، أو" نون "الجمع" السالم "كما في: ضاربو زيد" ففي التثنية والجمع نون حذفت للإضافة، "وأما رفع القبح ففي نحو: مررت بالرجل الحسن الوجه" بالجر، "فإن في رفع "الوجه"" على الفاعلية "قبح خلو الصفة" المشبهة "عن ضمير يعود على الموصوف" لفظًا كما في المغني2، "وفي نصبه" على التثنية بالمفعول به "قبح إجراء وصف" الفعل "القاصر"؛ وهو حسن؛ "مجرى" بضم الميم؛ "وصف" الفعل "المتعدي" في نصبه المفعول به، ففي رفع "الوجه" قبح، وفي نصبه قبح، "وفي الجر تخلص منهما" معًا؛ لأن الصفة لا تضاف لمرفوعها حتى يقدر تحويل إسنادها عنه إلى ضمير موصوفها، فيصير في الصفة ضمير يعود على الموصوف، "ومن ثم امتنع: الحسن وجهه" بالجر "لانتفاء قبح الرفع" على الفاعلية لوجود الضمير المضاف إليه "الوجه" لفظًا، فإنه يعود على الموصوف، "و" امتنع "نحو: الحسن وجه" بالجر أيضًا "لانتفاء قبح النصب؛ لأن النكرة تنصب على التمييز" بخلاف المعرفة، وسيأتي أن الصفة المفردة المقرونة بـ"أل" لا تضاف إلى الخالي منها ومن الإضافة إلى تاليها "وتسمى الإضافة في هذا النوع" وهو إضافة الوصف لمعموله "لفظية؛ لأنها أفادت أمرًا لفظيا"، وهو حذف التنوين ونون التثنية والجمع، ورفع القبح، ومرجعها إلى اللفظ، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 390- وذي الإضافة اسمها لفظيه ... ................................ "و" تسمى أيضًا "غير محضة؛ لأنها في تقدير الانفصال"؛ لأن نحو: "ضارب زيد" مثلا في تقدير: ضارب هو زيد3، فالضمير المستتر في الصفة فاصل بينها وبين مجرورها تقديرًا.   1 مغني اللبيب ص663. 2 مغني اللبيب ص665 3 في "أ": "زيدا". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 682 "فصل": "تختص الإضافة اللفظية" لكونها غير محضة "بجواز دخول "أل" على المضاف في خمس مسائل: إحداها: أن يكون المضاف إليه" مقرونًا "بـ: أل" وإليه1 أشار الناظم بقوله: 391- ووصل أل بذا المضاف مغتفر ... إن وصلت بالثان كالجعد الشعر فـ"الجعد": صفة مشبهة من جعد شعره جعودة ضد سبط سبوطة، والشعر؛ بفتح العين؛ مضاف إليه، "وقوله" وهو الفرزدق: [من الطويل] 513- أبأنا بها قتلى وما في دمائها ... "شفاء وهن الشافيات الحوائم" بجر "الحوائم" بإضافة الشافيات، و"أبأنا" بفتح الهمزة الأولى والموحدة وسكون الهمزة الثانية: قتلنا، والضمير في "بها" و"هن" للسيوف، وفي "دمائها" للقتلى، و"الحوائم": العطاش التي تحوم حول الماء جمع حائمة؛ بالحاء المهملة؛ من الحوم وهو الطواف حول الماء وغيره، و"الشافيات": جمع شافية اسم فاعل من الشفاء، والمعنى: قتلنا بالسيوف وليس في دماء القتلى التي تهريقها السيوف شفاء، وإنما السيوف هي الشافيات؛ لأنها آلة السفك، ولولاها ما حصل السفك. المسألة "الثانية: أن يكون" المضاف إليه "مضافا لما فيه "أل""، وإليه أشار الناظم بقوله: 392- أو بالذي له أضيف الثاني ... "كـ" زيد "الضارب رأس الجاني" فـ"الضارب" صفة مقرونة بـ"أل" مضافة إلى "رأس" و"رأس"، مضاف إلى "الجاني" المقرون بـ"أل" "و" نحو "قوله": [من الطويل]   1 في "ب"، "ط": "إليها". 513- تقدم تخريج البيت برقم 43. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 683 514- "لقد ظفر الزوار أقفية العدى" ... بما جاوز الآمال ملأسر والقتل فـ"الزوار" جمع زائر صفة مقرونة بـ"أل" مضاف إلى "أقفية": جمع قفا، و"أقفية" مضاف إلى "العدى" المقرونة بـ"أل" و"الآمال" بالمد: جمع أمل، وهو الرجاء. و"ملأسر": أصله: من الأسر فحذفت نون "من" على لغة زبيد وبني خثعم من قبائل اليمن. المسألة "الثالثة: أن يكون" المضاف إليه "مضافًا إلى ضمير ما فيه "أل" كقوله": [من الكامل] 515- "الود أنت المستحقة صفوه" ... مني وإن لم أرج منك نوالا فـ"المستحقة": صفة مفردة مقرونة بـ"أل" مضافة إلى "صفو"، و"صفو": مضاف إلى ضمير ما فيه "أل" وهو الود بضم الواو، و"النوال": العطاء، ومنع المبرد هذه الأخيرة لما سيأتي، ولم يتعرض لها في النظم. المسألة: "الرابعة: أن يكون" الوصف "المضاف مثنى كقوله": [من البسيط] 516- "إن يغنيا عني المستوطنا عدن" ... فإنني لست يومًا عنهما بغني فـ"المستوطنا": صفة مثناة مضافة إلى "عدن" ولذلك حذفت النون منها. و"يغنيا": مضارع غني بكسر النون في الماضي، وفتحها في المضارع، والألف فيه علامة التثنية على لغة أكلوني البراغيث، و" المستوطنا": فاعله، وهي جملة شرطية، وجوابها "فإنني لست"، والمعنى إن يستغن عني المستوطنا عدن فإني لست غنيا عنهما يومًا من الأيام. المسألة "الخامسة: أن يكون" الوصف المضاف "جمعًا اتبع سبيل المثنى" وطريقه "وهو جمع المذكر السالم، فإنه يعرب بحرفين، ويسلم فيه بناء الواحد" من تغيير الحركات، "ويختم بنون زائدة" بعد علامة الإعراب "تحذف للإضافة كما أن المثنى كذلك كقوله": [من البسيط]   514- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 93، وشرح الأشموني 2/ 308، والمقاصد النحوية 3/ 391. 515- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 95، والدرر 2/ 139، وشرح الأشموني 1/ 308، والمقاصد النحوية 3/ 392، وهمع الهوامع 2/ 48، وشرح التسهيل 3/ 86. 516- البيت بلا نسبة أوضح المسالك 3/ 96، والدرر 2/ 139، وشرح الأشموني 2/ 309، وشرح التسهيل 3/ 85، والمقاصد النحوية 3/ 393، وهمع الهوامع 2/ 48. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 684 517- "ليس الأخلاء بالمصغي مسامعهم" ... إلى الوشاة ولو كانوا ذوي رحم فـ"المصغي": صفة مجموعة جمع المذكر السالم مضافة إلى مسامعهم، ولذلك حذفت النون منها، و"الأخلاء": الأصدقاء، و"الوشاة"، جمع واش، وهو النمام بين الأخلاء، و"الرحم": القرابة. وإلى مسألتي المثنى والمجموع أشار الناظم بقوله: 393- وكونها في الوصف كاف وإن وقع ... مثنى أو جمعًا سبيله اتبع فهذه المسائل الخمس يجوز فيها الجمع بين "أل" والإضافة. أما المسألة الأولى؛ وهي مسألة الصفة المشبهة؛ فإنها الأصل في ذلك، وذلك لأن التخفيف فيها بحذف الضمير أو حذف الجار والمجرور؛ لأن الأصل في "الجعد الشعر": الجعد شعره أو شعره منه، فلما أضيفت حذف الجار والمجرور بالإضافة1 أو بالحرف2 فحصل التخفيف بذلك إذ لا تنوين مع وجود "أل"، وقرن المضاف إليه بـ"أل" عوضًا عما فاته من الضمير أو من التنوين؛ لأن التنوين و"أل" يتعاقبان على الاسم، فولي المضاف "أل" كما يليه التنوين، وحمل على الصفة المشبهة نحو:"الضارب الرجل" لمشابهته لها من حيث إن المضاف في الصورتين صفة مقرونة بـ"أل" والمضاف إليه مقرون بها. وأما المسألة الثانية فلأن "أل" إذا كانت في المضاف إليه الثاني كانت قريبة من كونها في المضاف؛ لأن المضاف والمضاف إليه كشيء واحد، ولذلك يمتنع إذا كان بينهما أكثر من مضاف واحد، فلا يجوز: "الضارب ابن أخت القوم" كما جاز: "نعم ابن أخت القوم". وأما الثالثة: فاختلف فيها، ومدرك الخلاف هل ينزل الضمير العائد إلى ما فيه "أل" منزلة الاسم المقرون بـ"أل" أم لا؟ فالجمهور على الجواز، والمبرد على المنع. وأما الرابعة والخامسة فلأن النون فيهما لم تحذف للإضافة بل لطول الصلة، كما حذفت من الصلة لغير إضافة، كقوله: [من المنسرح]   517- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 97، والدرر 2/ 139، وشرح التسهيل 3/ 85، والمقاصد النحوية 3/ 394، وهمع الهوامع 2/ 48. 1 بعده في "ط": "على الأول". 2 بعده في "ط": "على الثاني". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 685 518- الحافظو عورة العشيرة ... .............................. في رواية من نصب "عورة"، فلذلك لم يشترط في المضاف إليه شيء مما تقدم، قاله الشاطبي بمعناه، وحكم جمع التكسير وجمع المؤنث1 حكم المفرد. "وجوز الفراء2 إضافة الوصف المحلى بـ"أل" إلى المعارف كلها" سواء كان تعريفها بالعلمية أم بالإشارة أم غيرهما، "كـ: الضارب زيد، و: الضارب هذا" و"الضارب الذي" و"الضاربك" و"الضارب غلامك" إجراء لسائر المعارف مجرى المعرف بـ"أل" "بخلاف" المضاف إلى المنكر نحو: "الضارب رجل" لامتناع إضافة إلى النكرة. "وقال المبرد3 والرماني في "الضاربك" و"ضاربك"" مما الوصف فيه مقرون بـ"أل" أو مجرد منها: "موضع الضمير خفض"؛ لأن الضمير نائب عن الظاهر، وإذا حذفت التنوين من الوصف كان الظاهر مخفوضًا بالوصف فكذلك نائبه. "وقال الأخفش" وهشام4: موضع الضمير "نصب"؛ لأن موجب النصب المفعولية، وهي محققة، وموجب الخفض الإضافة وهي غير محققة، ولا دليل عليها إلا حذف التنوين، ولحذفه سبب آخر غير الإضافة، وهو صون الضمير المتصل عن وقوعه منفصلًا، وضعفه ابن مالك5.   518- تمام البيت: "الحافظو عورة العشيرة لا ... يأتيهم من ورائنا وكف" وهو لعمرو بن امرئ القيس في خزانة الأدب 4/ 272، 274، 276، والدرر 1/ 60، وشرح التسهيل 1/ 73، وشرح شواهد الإيضاح ص127، ولقيس بن الخطيم في ديوانه ص115، 238، والاقتضاب ص578، ولعمرو بن امرئ القيس أو لقيس بن الخطيم في اللسان 9/ 363 "وكف"، ولشريح بن عمران أو لمالك بن عجلان في شرح أبيات سيبويه 1/ 205، ولرجل من الأنصار في خزانة الأدب 6/ 6، والكتاب 1/ 186، وبلا نسبة في أدب الكاتب ص324، وإصلاح المنطق ص63، وجواهر الأدب ص155، وخزنة الأدب 5/ 122، 469، 8/ 29، 209، ورصف المباني 341، وسر صناعة الإعراب 2/ 538، والكتاب 1/ 202، والمحتسب 2/ 80، والمقتضب 4/ 145، والمنصف 1/ 67، وهمع الهوامع 1/ 49، وعمدة الحفاظ "عور". 1 بعده في "ط": "السالم". 2 شرح ابن الناظم ص296. 3 بعده في "ط": "والمازني"، مع أنها لم ترد في أوضح المسالك 3/ 99، وانظر قول المبرد في المقتضب 4/ 152، وشرح ابن الناظم ص276. 4 شرح التسهيل 3/ 83. 5 شرح التسهيل 3/ 83، 84. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 686 "وقال سيبويه1: الضمير كـ" الاسم "الظاهر، فهو منصوب في: الضاربك"؛ لأن الوصف المقرون بـ"أل" لا يضاف عنده إلا لما فيه "أل"، أو إلى مضاف لما فيه "أل"، أو إلى مضاف إلى ضمير ما فيه "أل" والضمير ليس واحدا منها، "مخفوض في: ضاربك"؛ لأن "حذف التنوين دليل الإضافة ولا مانع منها إلا اقتران2 الوصف بـ"أل" وهو مجرد عنها، "ويجوز في "الضاربك" و"الضاربوك" الوجهان" الخفض والنصب؛ لأنه يحتمل أن يكون حذف النون للإضافة، فيكون الضمير في محل خفض، وأن يكون للتخفيف وتقصير الصلة، فيكون في محل نصب، وذهب الجرمي والمازني والمبرد وغيرهم إلى أن الضمير فيهما في محل خفض لا غير؛ لأن حذف النون للإضافة هو الأصل، وحذفها للطول لا ضرورة تدعو إليه مع الضمير بخلاف الظاهر فإن ما ظهر فيه النصب أحوج إلى ذلك، قاله المرادي في التلخيص في باب اسم الفاعل، وفيه ورد على ابن مالك حيث قال3" وأما الضمير في نحو: "جاء الزائراك والمكرموك" فجائز فيه الوجهان بإجماع؛ لأنهما جائزان في الظاهر الواقع موقعه، ا. هـ. "مسألة: قد يكتسب المضاف المذكر من المضاف إليه المؤنث تأنيثه، وبالعكس" فيكتسب المضاف المؤنث من المضاف إليه المذكر تذكيره، "وشرط ذلك في الصورتين صلاحية المضاف للاستغناء عنه" عند سقوطه "بالمضاف إليه" مع صحة المعنى في الجملة. "فمن" التصوير "الأول قولهم: قطعت بعض أصابعه"، فـ"بعض": نائب فاعل قطعت، وأنث الفعل المسند إليه لكونه اكتسب التأنيث من المضاف إليه وهي "الأصابع" لصلاحية الاستغناء عنه بالمضاف إليه، فيقال: "قطعت أصابعه" تعبيرًا عن الجزء بالكل مجازًا، "وقراءة بعضهم" وهو الحسن البصري ""تَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ"" [يوسف: 10] بتأنيث "تلتقطه"4 بالتاء المثناة فوق، "وقوله" وهو الأغلب العجلي وهو من المعمرين: [من الرجز]   1 الكتاب 1/ 193. 2 في "ط": "لاقتران" مكان "إلا اقتران". 3 شرح التسهيل 3/ 86. 4 الرسم المصحفي {يَلْتَقِطْهُ} بالياء، وانظر القراءة المستشهد بها في الإتحاف ص262، ومعاني القرآن للفراء 2/ 36. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 687 519- "طول الليالي أسرعت في نقضي" ... نقضن كلي ونقضن بعضي فأنث "أسرعت" مع أنه خبر عن مذكر، وهو "طول" لأنه اكتسب التأنيث من "الليالي"، و"نقضي" و"نقضن" في الموضعين بقاف وضاد معجمة. وحاصل ما ذكره الموضح ثلاثة أنواع، الأول: ما كان المضاف بعضًا وهو مؤنث. والثاني: ما كان بعضًا وهو مذكر، والثالث: ما كان وصفًا للمؤنث، وبقي عليه ما كان كلا كقوله تعالى: {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ} [آل عمران: 30] {وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ} [آل عمران: 25] ، وما لم يكن شيئًا من ذلك كقولهم: "اجتمعت أهل اليمامة" ومن الغريب أن المضاف إليه قد يكتسب التأنيث من المضاف كقوله: [من الكامل] 520- فإلى ابن أم أناس أرحل ناقتي ... .................................... فمنع صرف "أناس" لكونه سرى إليه معنى التأنيث من الأم، ولا يبعد حمله على الضرورة، قاله في الحواشي، "ومن" التصوير "الثاني" وهو أن يكتسب المضاف المؤنث من المضاف إليه المذكر تذكيره، "قوله": [من البسيط] 521- رإنارة العقل مكسوف بطوع هوى" ... وعقل عاصي الهوى يزداد تنويرًا فذكر "مكسوف" مع أنه خبر عن مؤنث وهو "إنارة" إلا أنها اكتسبت التذكير من إضافتها إلى "العقل" "ويحتمله: {إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [الأعراف: 56] ويبعده: {لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ} [الشورى: 17] فذكر "قريب" حيث لا إضافة،   519- الرجز للأغلب العجلي في الأغاني 21/ 30، وخزانة الأدب 4/ 224، 225، 226، وشرح أبيات سيبويه 1/ 366، والمقاصد النحوية 3/ 395، وله أو للعجاج في شرح شواهد المغني 2/ 881، وللعجاج في الكتاب 1/ 53، ولم أقع عليه في ديوانه، والمخصص 17/ 78، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 106، وأوضح المسالك 3/ 103، والخصائص 2/ 418، وشرح الأشموني 2/ 310، والصاحبي في فقه اللغة ص252، ومغني اللبيب 2/ 512، والمقتضب 4/ 199، 200. 520- عجز البيت: "عمرو ستنجع حاجتي أو تزحف" ، وهو لبشر بن أبي خازم في ديوانه ص155، وشرح أبيات سيبويه 2/ 14 ولسان العرب 9/ 130، "زحف"، وبلا نسبة في الإنصاف 2/ 496، والدرر 2/ 405، والكتاب 2/ 9، وهمع الهوامع 2/ 127. 521- البيت لبعض المولدين في المقاصد النحوية 3/ 396، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 5/ 263، وأوضح لمسالك 3/ 105، وخزانة الأدب 4/ 227، 5/ 106، وشرح الأشموني 2/ 310، ومغني اللبيب 2/ 512، وشرح التسهيل 3/ 238. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 688 وذكر الفراء1 أنهم التزموا تذكير "قريب" إذا لم يرد قرب النسب قصدًا للفرق، هذا نقله في المغني2، ونقل غيره عن الفراء: إذا كان القرب في النسب كان التأنيث واجبًا بلا خلاف، تقول "هذه قريبة فلان"، ولا تقول "هذه قريب فلان"، وإذا كان القرب في المسافة التذكير والتأنيث، وقيل التذكير في الآية على المعنى؛ لأن الرحمة بمعنى الغفران والعفو، واختاره الزجاج3، وقيل بمعنى المطر قاله الأخفش4، وإياك أن تظن أن التذكير لكون التأنيث مجازيا؛ لأن ذلك وهم لوجوب التأنيث في نحو: "الشمس طالعة" وإنما يفترق حكم المجازي والحقيقي الظاهري لا المضمرين، قاله في المغني5 ردًا على الجوهري. "ولا يجوز: قامت غلام هند" بتأنيث الفعل، "ولا: قام امرأة زيد" بتذكيره "لعدم صلاحية المضاف فيهما للاستغناء عنه بالمضاف إليه"، فلا يقال: "قامت هند" إذا كان القائم غلامها، ولا "قام زيد" إذا كان القائم امرأته، ومن ثم رد ابن مالك في التوضيح على الجامع الصحيح قول أبي الفتح6 في توجيهه قراءة أبي العالية: "لَا تَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا" [الأنعام: 158] بتأنيث الفعل: إنه من باب "قطعت بعض أصابعه"؛ لأن المضاف لو سقط هنا لقيل: "نفسًا لا تنفع" بتقديم المفعول ليرجع إليه الضمير المستتر المرفوع الذي ناب عن الإيمان في الفاعلية، ويلزم من ذلك تعدي فعل المضمر المتصل إلى ظاهره نحو قولك: "زيدًا ظلم"7، تريد أنه ظلم نفسه، وذلك لا يجوز، واقتصر الناظم على التصوير الأول فقال: 394- وربما أكسب ثان أولًا ... تأنيثا إن كان لحذف موهلا مسألة: ذهب البصريون إلى أنه "لا يضاف اسم لمرادفه كـ: ليث أسد، ولا" يضاف "موصوف إلى صفته كـ: رجل فاضل، ولا" تضاف "صفة لموصوفها كـ: فاضل رجل"، وشمل ذلك قول الناظم: 395- ولا يضاف اسم لما به اتحد ... معنى .............................   1 معاني القرآن 1/ 380. 2 مغني اللبيب ص666. 3 معاني القرآن وإعرابه 2/ 344. 4 معاني القرآن للأخفش 2/ 519. 5 مغني اللبيب ص666. 6 المحتسب 1/ 236. 7 في "ط": "أظلم". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 689 لأن الغرض من الإضافة التعريف أو التخصيص، والشيء لا يتعرف بنفسه، ولا يتخصص بها، "فإن سمع ما يوهم شيئًا من ذلك يؤول"، هذا معنى قول الناظم: 395- ......................... ... ............ وأول موهما إذا ورد "فمن" ورود "الأول" وهو إضافة الاسم لمرادفه "قولهم: جاءني سعيد كرز"، فـ"سعيد" و"كرز" مترادفان لكونهما لمسمى واحد، وأضيف أحدهما إلى الآخر، "وتأويله أن يراد بالأول" وهو المضاف "المسمى، وبالثاني" وهو المضاف إليه "الاسم"، أي: اللفظ الدال على المسمى، "أي: جاءني مسمى هذا الاسم"، وتوجيهه أن الاسم قبل اللقب في الوضع، فقدم عليه في اللفظ، وقصد بالمقدم المسمى لتعرضه إلى ما لا يليق بمجرد اللفظ من نداء أو إسناد، فلزم أن يقصد بالثاني مجرد اللفظ لتحصل بذلك مغايرة ما، حتى كأن قائل: "جاءني سعيد كرز" قال: جاءني مسمى كرز، هذا إذا نسب إلى الأول ما ينسب إلى الذوات، أما إذا نسب إليه ما ينسب إلى الألفاظ فإنه يجب تأويل الثاني بالمسمى، والأول بالاسم كما إذا قلت: "كتبت: سعد كرز" فإنه يتعين أن تقول: كتبت اسم هذا المسمى، قاله قريب المرضح. "ومن" ورود "الثاني" وهو إضافة الموصوف إلى صفته "قولهم: حبة الحمقاء" بالمد، وإنما وصفوها بالحمق؛ لأنها تنبت في مجاري السيول فيمر السيل بها فيقطعها فتطؤها الأقدام، قاله الرضي1. "و" قولهم: "صلاة الأولى، و" قولهم: "مسجد الجامع، وتأويله أن يقدر موصوف" أضيف إليه المضاف المذكور، فيقدر في الأول اسم عين، وفي الثاني اسم زمان، وفي الثالث اسم مكان، "أي: حبة البقلة الحمقاء، وصلاة الساعة الأولى، ومسجد المكان الجامع"، وعدل عن تقدير الرضي: مسجد الوقت الجامع لما ذكرنا. "ومن" ورود "الثالث" وهو إضافة الصفة إلى موصوفها "قولهم: جرد قطيفة" بفتح الجيم وسكون الراء وفتح القاف وكسر الطاء، "وسحق عمامة" بفتح السين وسكون الحاء المهملتين، وكسر العين، "وتأويله أن يقدر موصوف أيضًا، و" يقدر "إضافة الصفة إلى جنسها"، ويجر جنسها بـ"من"؛ لأن الإضافة فيهما بمعنى "من" لأن المضاف إليه جنس للمضاف لا موصوف به إذ الموصوف محذوف، "أي: شيء جرد من جنس القطفية، وشيء سحق من جنس العمامة"، و"شيء" موصوف،   1 شرح الرضي 2/ 244. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 690 و"جرد" أو "سحق" صفته، والصفة فيهما مضافة إلى جنسها معنى، وصرح بـ"من" معها لبيان معنى الإضافة. وذهب الكوفيون1 إلى جواز الإضافة في جميع ذلك إذا اختلف اللفظان من غير تأويل محتجين بنحو قوله تعالى: {حَقُّ الْيَقِينِ} [الواقعة: 95] ، {وَلَدَارُ الْآخِرَةِ} [يوسف: 109] ، {بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ} [القص: 44] وغير ذلك.   1 الإنصاف 2/ 438، المسألة رقم 61. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 691 "فصل": "الغالب على الأسماء أن تكون صالحة للإضافة والإفراد" عنها "كـ: غلام" من العقلاء "و: ثوب" من غيرهم، فتارة يضافان إلى الظاهر والمضمر فتقول: "غلام زيد وثوبه"، وتارة لا يضافان فيقال: "غلام وثوب" "ومنها ما يمتنع إضافته" لملازمته التعريف "كالمضمرات" خلافا للخليل في نحو: "أياك" فإنه يقول: إنهما ضميران أضيف أحدهما إلى الآخر، وتبعه الناظم1، "والإشارات" وأما "ذلك" وأخواته فالكاف حرف خطاب لا اسم مضاف إليه، "وكغير "أي" من الموصولات" النصة والمشتركة، "و" "كغير "أي" "من أسماء الشرط"، وكغير "أي" من أسماء "الاستفهام"، وإنما لم تضف هذه المذكورات لشبهها بالحرف، والحرف لا يضاف، وإنما أضيفت " أي" في الجميع لضعف الشبه بما عارضه من شدة افتقارها إلى مفرد تضاف إليه. "ومنها ما هو واجب الإضافة إلى المفرد، وهو نوعان": الأول: "ما يجوز قطعه عن الإضافة في اللفظ" فينون وهو المشار إليه في النظم بقوله: 396- ..................... ... وبعض ذا قد يأتي لفظًا مفردًا "نحو: كل" إذا لم يقع نعتًا ولا توكيدًا، "وبعض، وأي، قال الله تعالى: {وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} [يس: 40] و: {فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} " [البقرة: 253] وهل هما والحالة هذه معرفتان أو نكرتان؟ ذهب سيبويه والجمهور إلى أنهما معرفتان بنية الإضافة، ولذلك يأتي الحال منهما كقولهم: مررت بكل قائما وببعض جالسًا، وأصل صاحب الحال: التعريف، وذهب الفارسي إلى أنهما نكرتان، وألزم من قال بتعريفهما أن يقول: إن نصفا وسدسا وثلثًا وربعًا ونحوها معارف؛ لأنها في المعنى مضافات، هي نكرات بإجماع. ورد بأن العرب تحذف المضاف إليه وتريده، وقد لا تريده، ودل مجيء الحال بعد "كل"   1 شرح التسهيل 1/ 144. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 692 و "بعض" على إرادته: " {أَيًّا مَا تَدْعُو} " [الإسراء: 110] فـ"أيا": اسم شرط مفعول مقدم، و"ما" صلة. "و" النوع الثاني: "ما يلزم الإضافة لفظًا"، وهو المشار إليه بقول الناظم: 396- وبعض الأسماء يضاف أبدًا ... ................................. "وهو ثلاثة أنواع": الأول: "ما يضاف للظاهر"، مرة "وللمضمر" أخرى، "نحو: كلا" الرجلين وكلاهما، "وكلتا" المرأتين وكلتاهما، "وعند" زيد وعندك، "ولدى" الباب ولديك، "وقصارى" الأمر وقصاراه؛ بضم القاف؛ أي: غايته، "وسوى" زيد وسواك. "و" الثاني: "ما يختص بالظاهر" دون المضمر "كـ: أولي" بمعنى "أصحاب"، "و: أولات" بمعنى "صاحبات"، "و: ذي" بمعنى "صاحب"، "و: ذات" بمعنى صاحبة، "قال الله تعالى: {نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ} " [النمل: 33] أي: أصحاب قوة, "و: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ} " [الطلاق: 4] أي: صاحبات الأحمال، "و {وَذَا النُّونِ} " [الأنبياء: 87] أي: صاحب الحوت، "و {ذَاتَ بَهْجَةٍ} " [النمل: 60] أي صاحبة بهجة. "و" الثالث: "ما يختص بالمضمر" دون الظاهر، وإليه أشار الناظم بقوله: 397- وبعض ما يضاف حتمًا امتنع ... إيلاؤه اسمًا ظاهرًا حيث وقع "وهو نوعان": أحدهما: "ما يضاف لكل مضمر" متكلم أو مخاطب أو غائب، مفردًا كان أو مثنى أو مجموعًا، مذكرًا أو مؤنثًا، "وهو: وحد" وهو مصدر ملازم للإفراد والتذكير على المشهور، فمن إضافته إلى ضمير الغيبة "نحو: {إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ} " [غافر: 12] . "و" من إضافته إلى ضمير الخطاب نحو "قوله" وهو عبد الله بن عبد الأعلى القرشي: [من الرجز] 522- "وكنت إذ كنت إلهي وحدكا" ... لم يك شيء يا إلهي قبلكا   522- الرجز لعبد الله بن عبد الأعلى القرشي في الدرر 2/ 147، وشرح أبيات سيبويه 2/ 39، وشرح التسهيل 4/ 64، وشرح شواهد المغني 2/ 681، وشرح المفصل 2/ 11، والكتاب 2/ 210، والمقاصد النحوية 3/ 397، وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 112، وسر صناعة الإعراب 2/ 541، ومغني اللبيب 1/ 179، والمقتضب 4/ 274، والمنصف 2/ 232، وهمع الهوامع 2/ 50، وشرح الكافية الشافية 1/ 409، و3/ 1573. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 693 و"إلهي" الأول: منادى سقط منه حرف النداء لدلالة الثاني عليه، "و" من إضافته إلى ضمير المتكلم نحو "قوله" وهو الربيع بن ضبع الفزاري: [من المنسرح] 523- أصبحت لا أحمل السلاح ولا ... أملك رأس البعير إن نفرًا "والذئب أخشاه إن مررت به ... وحدي" وأخشى الرياح والمطرا قال ذلك لكبر سنه، وقد عاش ثلاثمائة وأربعين سنة على ما قيل. "و" النوع الثاني من النوعين: "ما يختص بضمير المخاطب، وهو مصادر مثناة لفظًا، ومعناها التكرار"؛ لأنهم لما قصدوا بها التكثير1 جعلوا التثنية علمًا على ذلك؛ لأنها أول تضعيف العدد وتكثيره، "وهي: لبيك" بفتح اللام وتشديد الموحدة "بمعنى: إقامة على إجابتك بعد إقامة، و"سعديك" بمعنى: إسعادًا لك بعد إسعاد، ولا تستعمل" "سعديك" "إلا بعد: لبيك"؛ لأن "لبيك" هي الأصل في الإجابة. و"سعديك" كالتوكيد لها2، قال المرادي3: أراد سيبويه بقوله: "لبيك" و"سعديك" إجابة بعد إجابة، ا. هـ. "و: حنانيك" بفتح المهملة والنون "بمعنى: تحننا عليك بعد تحنن"، قاله طرفة بن العبد: [من الطويل] 524- ........................ ... حناني بعض الشر أهون من بعض أنشده سيبويه4. "و: دواليك" بفتح الدال المهملة "بمعنى: تداولًا بعد تداول"، وهذا أنسب من قول ابن الناظم5: إدالة بعد إدالة؛ لأن الإدالة الغلبة، يقال: اللهم أدلني على   523- البيتان للربيع بن ضبع الفزاري في أمالي المرتضى 1/ 256، والارتشاف 2/ 340، وحماسة البحتري ص201، وخزانة الأدب 7/ 384، والدرر 2/ 146، والكتاب 1/ 90، ولسان العرب 13/ 259، "ضمن"، والمقاصد النحوية 3/ 397، ونوادر أبي زيد ص159، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 7/ 137، وأوضح المسالك 3/ 114، والرد على النحاة ص115، والمحتسب 2/ 99. 1 في "ب": "التكرير". 2 سقطت من "ط". 3 شرح المرادي 2/ 259. 524- صدر البيت: "أبا منذر أفنيت فاستبق بعضنا" ، وهو لطرفة بن العبد في ديوانه ص66، والدرر 1/ 412، والكتاب 1/ 348، ولسان العرب 13/ 130 "حنن"، وهمع الهوامع 1/ 190، وتاج العروس "حنن"، وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص1273، وشرح المفصل 1/ 118، والمقتضب 3/ 224. 4 الكتاب 1/ 348. 5 شرح ابن الناظم ص278. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 694 فلان وانصرني عليه، "و: هذاذيك؛ بذالين معجمتين بمعنى: إسراعًا لك بعد إسراع، قال" العجاج: [من الرجز] 525- "ضربا هذاذيك وطعنا وخضا" والمعنى: أضرب ضربًا يهذ هذّا1 بعد هذ على التكرير، وأطعن طعنا جائفًا، و"الهذ": السرعة في القطع وغيره، و"الوخض" بالخاء والضاد المعجمتين: الطعن الجائف، وهو؛ بفتح الواو وسكون الخاء؛ نعت للطعن. "وعامله" أي: هذاذيك "وعامل لبيك من معناهما" على حد "قعدت جلوسًا"، والتقدير: أسرع وأجيب، "و" عامل "البواقي" من الأمثلة "من لفظها"، والتقدير: أسعد وأتحنن وأتداول. "وتجويز سيبويه2" مبتدأ ومضاف إليه "في "هذاذيك" في البيت" السابق للعجاج "وفي: دواليك، من قوله" وهو سحيم بن الحسحاس: [من الطويل] 526- إذا شق برد شق بالبرد مثله ... "دواليك حتى كلنا غير لابس" "الحالية" مفعول تجويز "بتقدير: نفعله متداولين وهاذين أي: مسرعين، ضعيف" خبر تجويز "للتعريف" بالإضافة إلى الضمير، والحال واجبة التنكير، وجوابه أنه مؤول بنكرة كما في "جاء زيد وحده"3 "ولأن المصدر الموضوع للتكثير4 لم يثبت فيه غير كونه   525- الرجز للعجاج في ديوانه 1/ 140، وخزانة الأدب 2/ 106، والدرر 1/ 411، وشرح أبيات سيبويه 1/ 315، وشرح المفصل 1/ 119، والمحتسب 2/ 279، والمقاصد النحوية 3/ 399، وتهذيب اللغة 5/ 360، وأساس البلاغة "هذذ"، وبلا نسبة في إصلاح المنطق ص158، وأوضح المسالك 3/ 117، وشرح الأشموني 2/ 313، والكتاب 1/ 350، ولسان العرب 3/ 517، "هذذ" ومجالس ثعلب 1/ 157، وهمع الهوامع 1/ 189، وجمهرة اللغة ص615، 1273. 1 سقط من "ب": "بعد "هذ". 2 الكتاب 1/ 350، 351. 526- البيت لسحيم عبد بني الحسحاس في ديوانه ص16، وجمهرة اللغة ص438، وخزانة الأدب 2/ 99، والدرر 1/ 41، وشرح المفصل 1/ 119، والكتاب 1/ 350، ولسان العرب 3/ 517، "هذذ" 11/ 253، "دلول" والمقاصد النحوية 3/ 401، وتاج العروس "دول"، وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 118، وجمهرة اللغة ص1272، والخصائص 3/ 45، ورصف المباني ص181، وشرح الأشموني 2/ 313، ومجالس ثعلب 1/ 157، والمحتسب 2/ 279، وهمع الهوامع 1/ 189. 3 في "ط": "جاء في" مكان "في جاء". 4 في "ط": "للتنكير". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 695 مفعولًا مطلقًا" لا حالًا، وجوابه أن ذلك يحتاج إلى استقراء تام، وفيه عسر، و"سحيم" بالتصغير وبمهملتين، و"الحسحاس" بمهملات أربع. قال أبو عبيدة: كان الرجل إذا أراد تأكيد المودة بينه وبين من يحبه شق كل منهما برد صاحبه يرى أن ذلك أبقى للمودة بينهما1. "وتجويز الأعلم" وهو يوسف الشنتمري، لقب بالأعلم؛ لأنه كان مشقوق الشفة العليا "في "هذاذيك" في البيت" السابق للعجاج "الوصفية" لـ"ضربًا"2 "مردود" خبر تجويز "لذلك"، وهو التعريف؛ لأن "ضربًا" نكرة فلا توصف بمعرفة، ولأن المصدر الموضوع للتكثير لم يثبت فيه غير كونه مفعولًا مطلقًا، والجواب عن التعريف أن الأعلم لا يقول: بأن الكاف اسم مضاف إليه بل حرف خطاب كما سيصرح به. والجواب عن الثاني يعرف مما تقدم. "وقوله" أي: الأعلم؛ مبتدأ ومضاف إليه "فيه" أي: في "هذاذيك" "وفي أخواته" وهو "لبيك" و"سعديك" و"حنانيك" و"دواليك": "إن الكاف" المتصلة بها حرف "لمجرد الخطاب مثلها" أي: الكاف "في "ذلك" مردود" خبر قوله "أيضًا لقولهم": بلام التعليل متعلق بمردود "حنانيه" بإضافته إلى ضمير الغيبة "و: "لبى زيد" بإضافته إلى الظاهر، فتعين أن تكون الكاف في "لبيك" وأخواته اسمًا لقيام الاسم مقامها؛ لأن الاسم إنما يقوم مقامه مثله، "ولحذفهم النون لأجلها، ولم يحذفوها في: ذانك" و"تانك" ففي ذلك دليل على أنها اسم مضاف إليه "وبأنها" أي: الكاف الحرفية "لا تلحق الأسماء التي لا تشبه الحرف"، وكل ما لا يشبه الحرف لا تلحقه الكاف الحرفية، فالكاف الحرفية لا تلحق "لبيك"، وأخواته؛ لأنها لا تشبه الحرف، فهذه ثلاث علل للرد على الأعلم، علتان وجوديتان، وعلة عدمية، فاستعمل مع الوجودي اللام لأنها الأصل في التعليل، واستعمل مع العدمي الباء تغايرًا بينهما وتفننا في التعبير. والجواب عن الأولى أن "حنانيه" و"لبى زيد" شاذان وخارجان عن القياس كما سيأتي فلا يصلحان للرد، وقول أبي حيان في الارتشاف: ودعوى الشذوذ فيهما باطلة؛ ضعيف.   1 نقل الصبان هذا القول من شرح التصريح منسوبًا إلى أبي عبيدة "2/ 252"، وورد هذا القول بلا نسبة في خزانة الأدب 2/ 100، والدرر 1/ 411، وشرح الأعلم 1/ 271، وفي خزانة الأدب أن أبا عبيدة قال: "كان من شأن العرب إذا تجالسوا مع الفتيات للتغزل أن يتعابثوا بشق الثياب لشدة المعالجة عن إبداء المحاسن". 2 شرح الأعلم 1/ 271. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 696 وعن الثانية أن النون يجوز حذفها لشبه الإضافة كما صرح به الأعلم في نفس المسألة، وكما في "اثني عشر"، وإنما لم تحذف في "ذانك و"تانك" للإلباس بالمفرد. "وشذت إضافة "لبى" إلى ضمير الغائب في نحو قوله": [من الرجز] 527- إنك لو دعوتني ودوني ... زوراء ذات مترع بيون "لقلت لبيه لمن يدعوني" فـ"دوني زوراء" بالزي ثم الراء: جملة حالية من ياء المتكلم، والزوراء: الأرض البعيدة و"ذات مترع" صفتها، والمترع من قولهم: "حوض ترع" بفتح التاء المثناة فوق والراء أي: ممتلئ، و"بيون" بفتح الباء الموحدة وضم الياء المثناة تحت أي: واسعة بعيدة الأطراف، وكان مقتضى الظاهر أن يقول: "لبيك" ولكنه التفت من الخطاب إلى الغيبة مثل: {حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ} [يونس: 22] . "و" شذت إضافة لبى "إلى الظاهر في قوله" وهو أعرابي من بني أسد: [من المتقارب] 528- دعوت لما نابني مسورا ... "فلبى فلبى يدي مسور" وإليه أشار الناظم بقوله: 398- ............... ... وشذ إيلاء يدي للبى وفي شرح المواقف أن "يدي" في البيت زائدة، ا. هـ.   527- الرجز بلا نسبة في لسان العرب 1/ 731 "لبب"، 13/ 64 "بين"، وأوضح المسالك 3/ 122، وخزانة الأدب 2/ 93، والدرر 1/ 413، وسر صناعة الإعراب 2/ 746، وشرح الأشموني 2/ 313، وشرح شواهد المغني 2/ 910، وشرح ابن عقيل 2/ 53، ومغني اللبيب 2/ 578، والمقاصد النحوية 2/ 383، وهمع الهوامع 1/ 190، وتاج العروس 4/ 184، "لبب"، "بين"، والمخصص 10/ 36، 16/ 147، وأساس البلاغة "بين"، وتهذيب اللغة 15/ 501، وشرح التسهيل 2/ 186، وشرح المرادي 2/ 261. 528- البيت لرجل من بني أسد في الدرر 1/ 413، وشرح شواهد المغني 2/ 910، ولسان العرب 15/ 239، "لبى"، والمقاصد النحوية 3/ 381، وبلا نسبة في أساس البلاغة "لبى"، وأوضح المسالك 3/ 123، وخزانة الأدب 2/ 92، 93، وشرح ابن الناظم ص278، وشرح أبيات سيبويه 1/ 379، وشرح الأشموني 2/ 312، وشرح ابن عقيل 2/ 53، وشرح التسهيل 1/ 147، وشرح الكافية الشافية 2/ 932، وشرح المرادي 2/ 260، والكتاب 1/ 352، والمحتسب 1/ 78، 2/ 23، ومغني اللبيب 2/ 578، وهمع الهوامع 1/ 190. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 697 "ومسورًا": علم منصوب على المفعولية بـ"دعوت"، و"لما" بكسر اللام وتخفيف الميم متعلق بـ"دعوت"، و"نابني" بمعنى أصابني صلة "ما"، وجملة "فلبى" معطوفة على جملة "دعوت"، والأصل فلباني، أي: قال لي: لبيك، فحذف المفعول، والمعنى: دعوت مسورًا للأمر الذي نابني من نوائب الدنيا فلباني، وأصل هذا أن رجلًا دعا رجلا اسمه مسور ليغرم عنه دية لزمته فأجابه إلى ذلك، وخص يديه بالذكر؛ لأنهما اللتان أعطتاه المال حتى تخلص من نائبته، وقيل: كانت عادة العرب ذلك مطلقًا، فجاء النهي عن ذلك، روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إذا دعا أحدكم أخاه فقال: لبيك، فلا يقولن: لبى يديك 1، وليقل: أجابك الله بما تحب" قاله الشاطبي. "و" قال سيبويه2: هذا البيت "فيه رد على يونس في زعمه أنه" أي: لبى "مفرد وأصله: لبى" بألف بعد الموحدة3 على وزن فعلى بسكون العين، "فقلت ألفه ياء لأجل الضمير كما" قلبت "في" "لدى" و"على" لاتصال الضمير بهما إذ يقال فيهما: "لديك، و: عليك"، ووجه الرد من البيت أن الياء قد وجدت مع الظاهر، ولو كانت ألفه كألف "لدى" و"على" لاتصال الضمير بهما إذ يقال فيهما: "لديك، و: عليك"، ووجه الرد من البيت أن الياء قد وجدت مع الظاهر، ولو كانت ألفه كألف "لدى" و"على" لم تقلب من الظاهر إذ يقال: "لدى لباب"، و"على زيد" ببقاء الألف على حالها. "وقول ابن الناظم" في شرح النظم4: "إن خلاف يونس" جار "في: لبيك وأخواته وهم" بفتح الهاء أي: غلط، وإنما هو خاص بـ"لبيك"، "ومنها ما هو واجب الإضافة إلى الجمل" مطلقًا "اسمية كانت أو فعلية وهو: إذ" من أسماء الزمان "و: حيث" خاصة من أسماء المكان، وإليهما أشار الناظم بقوله: 399- وألزموا إضافة إلى الجمل ... حيث وإذ ...................... "فأما: إذ، فنحو: {وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ} " [الأنفال: 26] بإضافة5 "إذ" إلى الجملة الاسمية، "و {وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا} " [الأعراف: 86] بإضافة "إذ" إلى الجملة الفعلية، و"إذ" في هذين المثالين مفعول به لـ"اذكر"، وزعم الجمهور أنها ظرف   1 في النهاية 4/ 222 "لبب": "وقال الزمخشري: فمعنى لبي يديك: أي: أطيعك، وأتصرف بإرادتك، وأكون كالشيء الذي تصرفه بيديك كيفن شئت". 2 الكتاب 1/ 351، 352. 3 في "ب": "بفتح الموحدة" مكان "بألف بعد الموحدة". 4 شرح ابن الناظم ص278. 5 في "ب": "فأضاف". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 698 لمفعول محذوف، أي: واذكروا نعمة الله عليكم إذ أنتم قليل وإذ كنتم قليلًا. وشرط الاسمية ألا يكون خبر المبتدأ فيها فعلًا ماضيًا، نص على ذلك سيبويه1. وشرط الفعلية أن يكون فعلها ماضيًا لفظًا كما مثل، ومعنى لا لفظًا نحو: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ} [البقرة: 127] ، وقد اجتمع إضافتها للاسمية والفعلية بقسميها في قوله تعالى: {إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ} [التوبة: 40] . "وقد يحذف ما أضيفت" "إذ" "إليه" من الجملة بأسرها "للعلم به، فيجاء بالتنوين عوضًا منه" أي: من المضاف إليه "كقوله تعالى: {وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ"، بِنَصْرِ اللَّهِ} [الروم: 4، 5] أي: يوم إذ غلبت الروم يفرح المؤمنون، فحذف2 جملة {غُلِبَتِ الرُّومُ} [الروم: 2] وعوض منها التنوين، وكسرت الذال لالتقاء الساكنين، و"إذ" باقية على بنائها على الأصح، وإليه أشار الناظم بقوله: 399- ..................... ... ............ وإن ينون يحتمل 400- إفراد إذ ............. ... .............................. "وأما: حيث، فنحو: جلست3 حيث جلس زيد" بإضافة "حيث" إلى الجملة الفعلية "و: حيث زيد جالس" بإضافة "حيث" إلى الجملة الاسمية، ولما كان إضافتها إلى الجملة الفعلية أكثر قدم مثال الفعلية على الاسمية، وشرط الاسمية ألا يكون الخبر فيها فعلًا، نص على ذلك سيبويه4، "وربما أضيفت" "حيث" "إلى المفرد" كـ"عند" "كقوله": [من الطويل] 529- ونطعنهم تحت الحبا بعد ضربهم ... "ببيض المواضي حيث لي العمائم" فأضاف "حيث" إلى "لي" وهو مصدر مفرد، "ولا يقاس عليه خلافًا للكسائي". فإنه قاس عليه، و"نطعنهم" بضم العين، يقال: طعنه بالرمح يطعنه بالضم، وطعن في نسبه يطعن بالفتح هذا هو الصواب، و"الحبا" بضم لحاء المهملة وتخفيف الموحدة: جمع حبوة بكسر الحاء، والمراد أوساطهم، و"بيض المواضي": السيوف القواطع، و"لي   1 الكتاب 1/ 107. 2 في "ط": "فحذفت". 3 سقط من "ط": "حيث فنحو: جلست". 4 الكتاب 1/ 107. 529- تقدم تخريج البيت برقم 17. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 699 العمائم": شدها على الرءوس. "ومنها ما يختص بالجمل الفعلية وهو: لما" الوجودية "عند من قال باسميتها" كابن السراج1 وتبعه الفارسي2 وتبعهما ابن جني3 وتبعهم الشيخ عبد القاهر وجماعة فقال: إنها اسم وهي ظرف بمعنى "حين"، وقال ابن مالك: بمعنى "إذ"، واستحسنه في المغني4؛ لأنها مختصة بالماضي "نحو: لما جاءني أكرمته"، والصحيح عند سيبويه أنها حرف وجود لوجود5، واستدل له الموضح في شرح القطر6 بقوله تعالى: {فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ} [سبأ: 14] ، وجه الدليل منه أنها لو كانت ظرفًا لاحتاجت إلى عامل يعمل في محلها النصب، وذلك العامل إما "قضينا" أو "دلهم" إذ ليس معنا سواهما، وكون العامل "قضينا" مردود بأن القائلين بأنها اسم يزعمون أنها مضافة إلى ما يليها، والمضاف إليه لا يعمل في المضاف، وكون العامل "دلهم" مردود بأن "ما" النافية لا ما بعدها فيما قبلها، وإذا بطل أن يكون لها هنا7 عامل تعين أنه لا موضع لها من الإعراب، وذلك يقتضي الحرفية، ا. هـ. ويجاب بأن العامل "قضينا" وكونه مضافًا إليه ممنوع بأن القائلين باسميتها لا يقولون بإضافتها إلى ما بعدها، وقد صرح في المغني بذلك في "إذ" على قول المحققين: إن العامل فيها شرطها، فقال8: لأن "إذا" عند هؤلاء غير مضافة كما يقول9 الجميع فيها إذا جزمت، ا. هـ. "و "إذا" عند غير10 الأخفش والكوفيين11" فإنها تختص بالجملة12 الفعلية،   1 الأصول 2/ 157. 2 الإيضاح العضدي 1/ 319. 3 الارتشاف 2/ 570. 4 مغني اللبيب ص369. 5 الكتاب 4/ 234. 6 شرح قطر الندى ص43. 7 سقطت من "ط". 8 مغني اللبيب ص130. 9 في "ب": "يقولون". 10 سقطت من "ط". 11 انظر رأيه في الارتشاف 2/ 239، وشرح ابن الناظم ص282. 12 في "ب"، "ط": "بالجمل". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 700 وإليها1 أشار الناظم بقوله: 403- وألزموا إذا إضافة إلى ... جمل الأفعال ................ ويقع شرطها وجوابها ماضيين نحو: {وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ} [الإسراء: 83] ومضارعين نحو: {إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ} [الإسراء: 107] ، ومختلفين نحو: {وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ} [المائدة: 83] الآية، {إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا} [مريم: 58] ، وماضيًا وأمرًا، "نحو: {إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ " فَطَلِّقُوهُنَّ} [الطلاق: 1] . "وأما نحو: {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} [الانشقاق: 1] مما استند إليه الأخفش والكوفيون من جواز2 دخول "إذا" على الجملة الاسمية "فمثل: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ} " [التوبة: 6] في التأويل، فـ"السماء": فاعل بفعل محذوف يفسره المذكور، والأصل: إذا انشقت السماء انشقت، كما أن "أحد" فاعل بفعل محذوف يفسره "استجارك"، والأصل: وإن استجارك أحد لا أن3 "السماء" مبتدأ والفعل الذي بعدها خبره، وفي هذا القياس نظر؛ لأن شرط المقيس عليه أن يكون متفقًا عليه عند الخصمين، وليس هو هنا كذلك؛ لأن الأخفش والكوفيين لم يوافقوا على أن "أحد" في الآية يتعين أن يكون فاعلًا بفعل محذوف بل يجيزون ابتدائيته؛ لأن "إن" الشرطية لا تختص عندهم بالأفعال، كما قاله الموضح4 وغيره، فلا فرق عندهم بين "إذا" و"إن"5 في عدم الاختصاص بالجمل الفعلية، "وأما قوله" وهو الفررذق: [من الطويل] 530- "إذا باهلي تحته حنظلية" ... له ولد منها فذاك المدرع مما ليس بعد المرفوع فعل يصلح للتفسير "فعلى إضمار: كان" و"باهلي" مرفوع بها،   1 في "ط": "إليهما". 2 سقطت من "ب". 3 في "ب": "لأن". 4 مغني اللبيب ص757. 5 في "ب": "إن وإذ". 530- البيت للفرزدق في ديوانه ص416، والدرر 1/ 441، وشرح شواهد المغني ص270، والمقاصد النحوية 3/ 414، وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 127، وشرح ابن الناظم ص282، وشرح الأشموني 2/ 316، وشرح التسهيل 2/ 213، ولسان العرب 8/ 93، "ذرع" ومغني اللبيب ص97، وهمع الهوامع 1/ 207. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 701 والجملة بعده خبرها، والتقدير: إذا كان باهلي تحته حنظلية، وقيل: "حنظلية" فاعل بـ"استقر" محذوفًا، و"باهلي": فاعل بمحذوف يفسره العامل في "حنظلية"، ورد بأن فيه حذف المفسر ومفسره جميعًا، ويسهله أن الظرف يدل على المفسر فكأنه لم يحذف، و"الباهلي": منسوب إلى باهلة قبيلة من قيس عيلان بالعين المهملة. و"الحنظلية": منسوبة إلى حنظلة، وهي أكرم قبيلة من تميم، و"المدرع": الذي يكسي الدرع بالدال المهملة، ويعني أنه إذا ولد للرجل الباهلي من امرأة حنظلية ولد فلذلك الولد النجيب الشجاع الذي يتأهل للبس الدرع لشرف أبويه، وقال الدماميني: والظاهر أنه المذرع بالذال المعجمة، وهو الذي أمه أشر من أبيه، وقد اشتهر أن حنظلة أشرف من باهلة، ا. هـ. والقول بإضمار "كان" معهود "كما أضمرت هي وضمير الشأن في قوله" وهو قيس بن الملوح أو الصمة القشيري أو ابن الدمينة: [من الطويل] 531- ونبئت ليلى أرسلت بشفاعة ... إلي "فهلا نفس ليلى شفيعها" فـ"نفس ليلى"، خبر مقدم، و"شفيعها": مبتدأ مؤخر على حد: [من الطويل] 532- .................... ... ....... ولكن ملء عين حبيبها والخبر هنا واجب التقديم لئلا يعود ضمير من المبتدأ على الخبر المؤخر لفظًا ورتبة، والجملة خبر "كان" المحذوفة هي واسمها ضمير الشأن، والتقدير: فهلا كان هو أي: الشأن، وقيل: التقدير: فهلا شفعت نفس ليلى؛ لأن الإضمار من جنس المذكور أقيس، و"شفيعها" على هذا: خبر لمبتدأ محذوف، أي: هي شفيعها، قلت: ويرجح من وجه آخر، وهو أن ضمير الشأن موضوع لتقوية الكلام فلا يناسبه الحذف، ويجاب عنه بأنه حذف تبعًا للفعل فاغتفر.   531- البيت للمجنون في ديوانه 154، ولإبراهيم الصولي في ديوانه 185، ولابن الدمينة في ملحق ديوانه 206، وللمجنون أو لابن الدمينة أو للصمة بن عبد الله القشيري في شرح شواهد المغني 1/ 221، والمقاصد النحوية 3/ 416، ولأحد هؤلاء أو لإبراهيم الصولي في خزانة الأدب 3/ 60، وللمجنون أو للصمة القشيري في الدرر 2/ 204، وللمجنون أو لغيره في المقاصد النحوية 4/ 457، وبلا نسبة في الأغاني 114/ 314، وأوضح المسالك 3/ 129، وتخليص الشواهد 320، وجواهر الأدب ص394، والجنى الداني 509، 613، وخزانة الأدب 8/ 315، 10/ 229، 11/ 245، 313، ورصف المباني 408، والزهرة 193، وشرح ابن الناظم ص505، وشرح الأشموني 2/ 316، 263، وشرح التسهيل 4/ 114, وشرح الكافية الشافية 3/ 1654, ومغني اللبيب 1/ 74, وهمع الهوامع 2/ 67. 532- صدر البيت: "إجلالًا وما بك ودرة" وتقدم تخريجه برقم 149. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 702 "فصل": "وما كان" من أسماء الزمان "بمنزلة "إذ" أو "إذا" في كونه اسم زمان مبهم لما مضى" كما أن "إذ" كذلك، "أو لما يأتي" كما أن "إذا" كذلك، "فإنه بمنزلتهما فيما يضافان إليه"، فما كان بمنزلة "إذ" جاز أن يضاف للجملتين الاسمية والفعلية، وإليه أشار الناظم بقوله: 400- ... وما كإذ معنى كإذ ... أضف جوازًا ................. "فلذلك تقول: جئتك1 زمن الحجاج أمير" بالرفع على الابتداء والخبر، "أو: زمن كان الحجاج أميرا؛ لأنه" أي: لأن زمن "بمنزلة: إذ" في إفادة معنى المضي، والناصب له "جئت"؛ لأنه بمعنى الماضي، فلا يعمل فيه إلا ماض، "و" ما كان بمنزلة "إذا" جاز أن يضاف إلى الجملة2 الفعلية دون الاسمية، فلذلك تقول: "آتيك زمن يقدم الحاج3"، فـ"زمن" مضاف إلى الجملة الفعلية، والناصب له "آتيك"؛ لأنه مستقبل ولا يعمل في المستقبل إلا مستقبل، "ويمتنع" آتيك "زمن الحاج4 قادم" على الابتدا والخبر، "لأنه" أي: لأن زمن "بمنزلة: إذا"، و"إذا" لا تضاف إلى الجملة الاسمية5، فكذا6 ما كان معناها، "هذا قول سيبويه" في مشبه "إذ" و"إذا"7، "ووافقه الناظم في مشبه: إذ" واقتصر عليه في النظم "دون مشبه: "إذا" محتجا بقوله تعالى: {يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ} " [الذاريات: 13] فأضيف "يوم"؛ وهو مشبه "إذا في   1 في "ط": "جئت". 2 في "ط": "الجمل". 3 في "أ"، "ب"، "ط": "الحجاج". 4 في "ب": "الحجاج". 5 في "ط": "الجمل". 6 في "ب"، "ط" "فكذلك". 7 الكتاب 3/ 119. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 703 الاستقبال إلى الجملة الاسمية، و"إذا" لا تضاف إليها. "وقوله" وهو سواد بن قارب: [من الطويل] 533- "وكن لي شفيعا يولم لا ذو شفاعة" ... بمغن فتيلا عن سواد بن قارب فأضاف "يوم" وهو مستقبل إلى الجملة الاسمية، و"إذا" لا تضاف إليها، و"هذا" المذكور من الآية والبيت "ونحوه" عند سيبويه1 "مما نزل فيه المستقبل لتحقق وقوعه بمنزلة2 ما قد وقع ومضى"، فـ"يوم" فيه مشبه "إذ" لا مشبه "إذا" فلذلك أضيف إلى الجملة الاسمية، ولو كان الزمان محدودًا كأسبوع ويومين وشهر لم يضف إلى الجمل3 خلافًا لبعض المغاربة.   533- تقدم تخريج البيت برقم 203. 1 الكتاب 3/ 119. 2 في "ط": "منزلة". 3 في "ب": "الجملة". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 704 "فصل": "ويجوز في الزمان المحمول على: إذ، أو: إذا" إذا أضيف إلى جملة "الإعراب على الأصل" في الأسماء، "والبناء" على الفتح، "حملًا عليهما"، أي: على "إذ" و"إذا"؛ لأنهما مبنيان لشبه الحرف في الافتقار المتأصل إلى جملة، واقتصر في النظم على مشبه "إذ" فقال: 401- وابن أو أعرب ما كإذ قد أجريا ... ...................................... "فإن كان ما وليه فعلًا مبنيا" بناء أصليا أو عارضًا "فالبناء أرجح"، وإليه أشار الناظم بقوله: 401- .............. ... واختر بنا متلو فعل بنيا واختلف في علته، فقال البصريون: "للتناسب". وقال ابن مالك1 بل لشبه الظرف حينئذ بحرف الشرط في جعل الجملة التي تليه مفتقرة إليه وإلى غيره، وذلك أن "قمت" من قولك: "حين قمت قمت" كان كلامًا تاما قبل دخول "حين" عليه، وبعد دخولها حدث له افتقار شبه "حين" وأمثاله بـ"إن"، فالبناء الأصلي "كقوله" وهو النابغة الذبياني: [من الطويل] 534- "على حين عاتبت المشيب على الصبا" ... وقلت ألما أصح والشيب وازع   1 شرح التسهيل 3/ 257. 534- البيت للنابغة الذبياني في ديوانه ص32، والأضداد ص151، وجمهرة اللغة ص1315، وخزانة الأدب 2/ 456، 3/ 407، 6/ 550، 553، والدرر 1/ 472، وسر صناعة الإعراب 2/ 506، وشرح أبيات سيبويه 2/ 53.، وشرح شواهد المغني 2/ 816، 883، والكتاب 2/ 330، ولسان العرب 8/ 390 "وزع" 9/ 70، "خشف" والمقاصد النحوية 3/ 406، 4/ 357، وبلا نسبة في الارتشاف 2/ 520، 2/ 522، والأشباه والنظائر 2/ 111، والإنصاف 1/ 292، وأوضح المسالك 3/ 133، ورصف المباني ص349، وشرح ابن الناظم ص281، 467، وشرح الأشموني 2/ 315, 3/ 578, وشرح شذور الذهب ص78, وشرح ابن عقيل 2/ 59, وشرح التسهيل 3/ 255، وشرح الكافية الشافية 3/ 1480، وشرح المفصل 3/ 16, 4/ 591، 8/ 137، ومغني اللبيب ص571، والمقرب 1/ 290، 2/ 516، والمنصف 1/ 58، وهمع الهوامع 1/ 218، وأمالي ابن الشجري 1/ 46، 2/ 132. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 705 يروى "على حين" بالخفض على الإعراب، و"على حين" بالفتح على البناء، وهو الأرجح لكونه مضاف إلى مبني أصالة، وهو "عاتبت". "و" البناء العارض نحو "قوله": [من الطويل] 535- لأجتذبن منهن قلبي تحلما ... "على حين يستصبين كل حليم" يروى بخفض "حين" على الإعراب له، وفتحه على البناء لكونه مضافًا إلى مبني, وهو "يستصبين"، فإنه مبني على السكون لاتصاله بنون الإناث، وماضيه "استصبيت فلانًا" إذ عددته صبيا أي: جعلته في عداد الصبيان. "وإن كان" ما وليه "فعلًا" مضارعًا "معربًا أو جملة اسمية فالإعراب أرجح" من البناء "عند الكوفيين" والأخفش "وواجب عند" جمهور "البصريين" لعدم التناسب، "واعترض عليهم" في دعوى الوجوب "بقراءة نافع: "هَذَا يَوْمَ يَنْفَعُ" [المائدة: 119] بالفتح1" على البناء لا على الإعراب؛ لأن الإشارة إلى "اليوم" كما في قراءة الرفع، فلا يكون ظرفًا، والتوفيق بين القراءتين أليق، وأجاب جمهور البصريين بأن الفتحة فيه إعراب مثلها في "صمت يوم الخميس"، والتزموا لأجل ذلك أن تكون الإشارة ليست لليوم، وإلا لزم كون الشيء ظرفًا لنفسه "و" اعترض عليهم أيضًا بنحو "قوله": [من الوافر] 536- تذكر ما تذكر من سليمى ... "على حين التواصل غير دان" يروى بفتح "حين" على البناء، والكسر على الإعراب أرجح عند الكوفيين، ومال إلى مذهبهم أبو علي الفارسي من البصريين، وتبعه ابن مالك فقال بعد قوله في الظلم. 402- وقبل فعل معرب أو مبتدا ... أعرب ومن بني فلن يفندا أي: لن يغلط.   535- البيت بلا نسبة في الارتشاف 2/ 522، وأوضح المسلك 3/ 135، وخزانة الأدب 3/ 307، والدرر 1/ 473، وشرح الأشموني 2/ 315، وشرح التسهيل 3/ 255، وشرح شواهد المغني 2/ 833، ومغني اللبيب 2/ 518، والمقاصد النحوية 3/ 410، وهمع الهوامع 1/ 218. 1 الرسم المصحفي: {يَوْمُ} بالرفع، والقراءة المستشهد بها هي لنافع وابن محيصن، انظر البحر المحيط 4/ 63, والنشر 2/ 256, والآية مع القراءة المستشهد بها من شواهد أوضح المسالك 3/ 136، وشرح ابن الناظم ص281، والأمالي الشجرية 1/ 44، ومغني اللبيب 2/ 115، وحاشية يس 1/ 52. 536- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 136، والارتشاف 2/ 521، والدرر 1/ 475، وشرج التسهيل 3/ 256، وشرح الأشموني 2/ 315، وشرح شذور الذهب ص80، والمقاصد النحوية 3/ 411، وهمع الهوامع 1/ 218. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 706 "فصل": "مما يلزم الإضافة" لفظًا ومعنى "كلا، و: كلتا"، فإنهما يضافان للظاهر والمضمر كما تقدم، "ولا يضافان إلا لما استكمل ثلاثة شروط: أحدهما: التعريف"، فلا يضافان لنكرة مطلقًا، "فلا يجوز: كلا رجلين، ولا: كلتا امرأتين" عند البصريين، "خلافًا للكوفيين" فإنهم أجازوا إضافتهما إلى النكرة المختصة نحو: "كلا رجلين عندك محسنان" فإن "رجلين" قد تخصصا بوصفهما بالظرف، وحكوا: "كلتا جاريتين عندك مقطوعة يدها"، أي: تاركة للغزل، قاله في المغني1، وهو مقيد لما أطلقه هنا: "و" الشرط "الثاني: الدلالة على اثنين إما بالنص" مضمرًا كان أو مظهرًا، فالأول "نحو: كلاهما" و"كلتاهما"، والثاني نحو: "كلا البستانين" "و {كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ} [الكهف: 33] ، أو بالاشتراك" بين المثنى الجمع "نحو قوله": [من الطويل] 537- "كلانا غني عن أخيه حياته" ... ونحن إذا متنا أشد تغانيا "فإن كلمة "نا": مشتركة بين الاثنين والجماعة"، فلذلك صح إضافة "كلا" إليها، "وإنما صح قوله": [من الرمل] 538- "إن للخير وللشر مدى ... وكلا ذلك وجه وقبل"   1 مغني اللبيب ص269. 534- البيت للأبيرد الرياحي في الأغاني 13/ 127، ولعبد الله بن معاوية بن جعفر في ديوانه 90، والحماسة الشجرية 1/ 253، وللمغيرة بن حبناء التيمي في اللسان 15/ 137 "غنا"، ولعبد الله بن معاوية أو للأبيرد الرياحي في شرح شواهد المغني 2/ 555، وبلا نسبة في أمالي المرتضى 1/ 31، وأوضح المسالك 3/ 138، وتخليص الشواهد ص65، وشرح الأشموني 2/ 316، ومغني اللبيب 1/ 204، وهمع الهوامع 2/ 50. 538- البيت لعبد الله بن الزبعرى في ديوانه ص41، والمقاصد النحوية 3/ 418، وبلا نسبة في الارتشاف 2/ 511، وأوضح المسالك 3/ 139، وشرح ابن الناظم ص282، وشرح الأشموني 2/ 317، وشرح ابن عقيل 2/ 62، وشرح الكافية الشافية 2/ 930، ومغني اللبيب 1/ 203، وهمع الهوامع 2/ 50. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 707 "لأن: ذا" وإن كانت حقيقة في الواحد إلا أنها "مثناة في المعنى"، لأنها مشار بها إلى اثنين، وهما الخير والشرن "مثلها في قوله تعالى: {لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ} [البقرة: 68] أي: بين الفارض والبكر، فالإشارة بـ "إذا" في الموضعين تعود إلى ما ذكر، "أي: وكلا ما ذكر" من الخير والشر، "وبين ما ذكر" من الفارض والبكر. والبيت قاله عبد الله بن الزبعري يوم أحد قبل إسلامه. و"المدى" بفتح الميم وبالدال المهملة: الغاية. و"الوجه" بفتح الواو وسكون الجيم: مستقبل كل شيء. و"القبل" بفتح القاف والباء الموحدة: يطلق1 على أمور منها المحجة2 الواضحة، ذكر ذلك بمعناه في القاموس3. يقول إن للخير وللشر غاية ينتهيان إليها، ويقفان عندها، وكلاهما أمر يستقبله الإنسان ويعرفه. وضبط بعضهم القبل في البيت بكسر القاف وفتح الباء على أنه جمع قبلة، بمعنى أن كليهما بمثابة القبلة التي يتوجه إليها المصلي. "و" الشرط "الثالث: أن يكون" المضاف إليه "كلا" و"كلتا" "كلمة واحدة"، فلا يضافان إلى كلمتين متفرقتين، "فلا يجوز: كلا زيد وعمرو". وإلى هذه الشروط الثلاثة أشار الناظم بقوله: 404- لمفهم اثنين معرف بلا ... تفرق أضيف كلتا وكلا "فأما قوله": [من البسيط] 539- "كلا أخي وخليلي واجدي عضدا" ... في النائبات وإلمام الملمات بإضافة "كلا" إلى متفرق، وهما "أخي" و"خليلي" فمن نوادر الضرورات"4. و"الخليل" من الخلة، وهي كما قال أبو بكر بن فورك: صفاء المودة التي توجب الاختصاص بتخلل5 الأسرار. وقال غيره: أصل الخلة المحبة. و"العضد" والساعد بمعنى،   1 في "ب": "مطلق". 2 في "أ": "الجهة"، وفي "ب": "الحجة"، وفي "ط": "الجملة"، والتصويب من القاموس المحيط "قبل"، ولسان العرب 11/ 542 "قبل". 3 القاموس المحيط "قبل". 539- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 140، والدرر 2/ 149, وشرح ابن الناظم ص283، وشرح الأشموني 2/ 317، وشرح شواهد المغني 2/ 552. وشرح ابن عقيل 2/ 63، ومغني اللبيب ص203، والمقاصد النحوية 3/ 419، وهمع الهوامع 2/ 50. 4 في "ب": "الضرورة". 5 في "ب": "بتخليل". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 708 وهو من المرفق إلى الكتف، وكنى به عن الإعانة والتقوية، فإن العضد قوام اليد وبشدتها تشتد1. و"النائبات": المصائب: و"الإلمام". و"الملمات": جمع ملمة، وهي نوازل الدهر. و"كلا": مبتدأ، و"اجدي" بكسر الدال: مفرد مضاف إلى مفعوله الأول2، وهو ياء المتكلم، خير المبتدأ. و"عضدًا": مفعوله الثاني. وأجاز ابن الأنباري إضافتها إلى المفرد بشرط تكررها نحو: "كلاي وكلك محسنان". ويجوز مراعاة لفظ "كلا" و"كلتا" في الإفرد نحو: {كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ} [الكهف: 33] ، ومراعاة معناهما وهو قليل, وقد اجتمعا في قول الفرزدق: [من البسيط] 540- كلاهما حين جد الجري بينهما ... قد أقلعا وكلا أنفيهما رابي فألحق "أقلعا" ضمير التثنية مراعاة للمعنى، وأفرد "رابي"، مراعاة للفظ. "ومنها أي:" بفتح الهمزة وتشديد الياء، و"تضاف للنكرة مطلقًا" سواء أكانت النكرة مفردة أم مثناة أم مجموعة "نحو: أي رجل؟ و: أي رجلين؟ و: أي رجال؟، و" تضاف "للمعرفة إذا كانت" المعرفة "مثناة نحو: {فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ} [الأنعام: 81] أو" كانت المعرفة "مجموعة نحو: {أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا} [هود: 7] ولا تضاف" "أي" "إليها" أي: إلى المعرفة؛ حال كونها "مفردة" عن التثنية والجمع. "إلا إن3 كان بينهما" أي: بين "أي" والمعرفة المفردة "جمع مقدر، نحو: أي زيد أحسن؟ إذ المعنى": أي أجزاء زيد أحسن". فبين "أي" و"زيد" لفظ مقدر يدل على الجمع، وهو "أجزاء". "أو عطفت4 مثلها عليها بالواو كقوله": [من الكامل]   1 في "ب": "تشد". 2 سقطت من "ب". 540- البيت للفرزدق في أسرار العربية ص287، والارتشاف 2/ 512، وتخليص الشواهد ص66، والخصائص 3/ 314، والدرر 1/ 42، وشرح شواهد المغني ص552، ونوادر أبي زيد ص162، ولم أقع عليه في ديوانه، وهو للفرزدق أو لجرير في لسان العرب 9/ 156 "سكف", وبلا نسبة في الإنصاف ص447, وخزانة الأدب 1/ 131، 4/ 299، والخصائص 2/ 421، وشرح الأشموني 1/ 33، وشرح شواهد الإيضاح ص171، وشرح المفصل 1/ 54، ومغني اللبيب ص204، وهمع الهوامع 1/ 41، وشرح التسهيل 1/ 67، 3/ 245. 3 في "ب": "إذا". 4 في "ب", "ط": "عطف". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 709 541- فلئن لقيتك خاليين لتعلمن ... "أيي وأيك فارس الأحزاب" "إذ المعنى: أينا" فارس الأجزاب، وإلى هذين الشرطين أشار الناظم بقوله: 405- ولا تضف لمفرد معرف ... أيا وإن كررتها فأضف 406- أو تنو الأجزاء ....... ... .............................. والسر في ذلك كله1 أن "أيا" الاستفهامية2 اسم عام لجميع الأوصاف، فلا يخلو إما أن يراد بها تعميم أوصاف بعض الأجناس أو تعميم أوصاف بعض ما هو مشخص بأحد طرق التعريف، فإن كان المراد بها الأول أضيفت إلى منكر، وطابقته في المعنى، وكانت معه بمنزلة "كل" لصحة دلالة المنكر على العموم مفردًا أو مثنى أو مجموعا بحسب ما يراد من العموم، فيقال: "أي رجل؟ " و"أي رجلين؟ " و"أي رجال؟ " على معنى واحد من الرجال، وأي اثنين منهم، وأي جماعة منهم، وإن كان الثاني أضيفت إلى معرف، وامتنع أن تطابقه في المعنى، وكانت معه بمنزلة "بعض" لعدم صحة دلالة المعرف على العموم، ولذلك وجب كونه إما مثنى أو مجموعًا وإما مكررًا مع "أي" بالواو؛ لأن المفردين مع الواو في حكم المثنى لكونها لمطلق الجمع، وأما على تقدير مضاف دال على الجمع. "ولا تضاف "أي" الموصولة إلا لمعرفة نحو: {أَيُّهُمْ أَشَدُّ} " [مريم: 69] لأن معناها معنى "الذي" وهو معرفة، ولا يجوز أن تضاف إلى نكرة، لا تقول3: "اضرب أي رجل هو أفضل"، "خلافًا لابن عصفور" في إجازته ذلك4. "ولا" تضاف "أي: المنعوت بها والواقعة حالًا إلا لنكرة"، فالأولى، "كـ: مررت بفارس أي فارس" بخفض "أي" نعتًا لـ"فارس" "و" الثانية: كـ: مررت "بزيد أي فارس" بنصب "أي" على الحالية من "زيد"، وإنما وجب إضافتها إلى النكرة فيهما؛ لأن نعت النكرة والحال يجب أن يكونا أن نكرتين، ومعنى "أي فارس"، كامل في الفروسية، وإليهما أشار الناظم بقوله: 406- .... واخصص بالمعرفه ... موصولة أيا وبالعكس الصفه   541- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 142، والمحتسب 1/ 254، ومغني اللبيب ص141. 1 سقطت من "ب". 2 سقطت من "ب". 3 في "ب": "يقال". 4 شرح المرادي 2/ 373. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 710 "وأما" "أي" "الاستفهامية والشرطية فيضافان إليهما" أي: إلى المعرفة والنكرة، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 407- وإن تكن شرطًا أو استفهامًا ... فمطلقا كمل بها الكلاما لأن معنى الاستفهام والشرط يؤدي بالمعرفة والنكرة، ولهما أربعة أمثلة، مثال الاستفهامية المضافة إلى معرفة: "نحو: {أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا} " [النمل: 38] "و" مثال الشرطية المضافة إلى المعرفة: " {أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ " فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ} [القصص: 28] ، "و" مثال الاستفهامية المضافة إلى نكرة: " {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ} " [الأعراف: 185] ، "و" مثال الشرطية المضافة إلى نكرة "قولك: أي رجل جاءك فأكرمه". والحاصل أن أقسام "أي" خمسة، وهي: ضربان: ما لا يجوز قطعه عن الإضافة في اللفظ، وهو اثنان المنعوت بها، والواقعة حالًا، وما يجوز، وهو ثلاثة الموصولة والاستفهامية والشرطية، فالأولى1 نحو: "اضرب أيا أفضل"، والثانية نحو2: قلت: ثم أي؟ والثالثة نحو3: {أَيًّا مَا تَدْعُوا} [الإسراء: 110] . "ومنها: لَدُن" وهي "بمعنى: عند"، فتكون اسمًا لمكان الحضور، وزمانه كما أن "عند" كذلك، وإليها أشار الناظم بقوله: 408- وألزموا إضافة لدن فجر ... ............................... "إلا أنها" أي: "لدن" "تختص" عن "عند" "بستة أمور: أحدها: أنها ملازمة لمبدأ الغايات" الزمانية والمكانية؛ جمع غاية وهي المسافة؛ و"عند" غير ملازمة لمبدأ الغايات، "فمن ثم" أي: من أجل أن "لدن" وعند يكونان لمبدأ الغايات وإن اختلفا في اللزوم وعدمه "يتعاقبان" أي: يتداولان؛ على شيء واحد "في نحو: جئت من عنده ومن لدنه، و" قد اجتمعا "في التنزيل"، قال الله تعالى في حق الخضر: " {آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا} " [الكهف: 65] ، فلو جيء بـ"عند" فيهما أو بـ"لدن" لصح ذلك، ولكن ترك دفعًا لتكرار اللفظ "بخلاف نحو: "جلست عنده" فلا يجوز فيه "جلست لدنه" لعدم معنى الابتداء هنا"؛ لأن حرف الابتداء وهو "من" غير موجود هنا.   1 سقطت من "ب". 2 سقط من "ب": "والثانية نحو". 3 سقط من "ب": "أي: والثالثة نحو". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 711 "و" الأمر "الثاني أن الغالب" في "لدن" "استعمالها مجرورة بـ: من"، ونصبها قليل حتى إنها لم تأت في التنزيل منصوبة، وجر "عند" بـ"من" دون جر "لدن" في الكثرة. والأمر "الثالث أنها مبنية" على السكون، وعلة بنائها شبهها بالحرف في لزوم استعمال واحد وهو الظرفية، وعدم التصرف "إلا في لغة قيس"، فإنها معربة عندهم تشبيها1 بـ"عند"، و"بلغتهم قرئ": "لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا "مِنْ لَدنْهِ"" [الكهف: 2] بإسكان الدال وإشمامها الضم وكسر النون والهاء ووصلها بياء في الوصل، وهي قراءة أبي بكر بن عاصم2، وفي أمالي ابن الشجري3: "قال أبو علي: فأما ما روي عن عاصم من قراءته "من4 لدنه"؛ بكسر النون؛ فإن ذلك لالتقاء الساكنين من5 حيث سكنت الدال إسكان الباء من سبع، وليست كسرة إعراب"، ا. هـ. فظهر بهذا أن "لدن" مبنية دائمًا بخلاف "عند" فإنها معربة دائمًا. والأمر "الرابع: جواز إضافتها إلى الجمل كقوله" وهو القطامي: [من الطويل] 542- صريع غوان راقهن ورقنه ... "لدن شب حتى شاب سود الذوائب" فأضاف "لدن" إلى جملة "شب"، و"الصريع": المصروع، وهو المطروح على الأرض غلبة، و"غوان"؛ بغين عجمة مفتوحة: جمع غانية، وهي الجارية التي غنيت، أي: استغنت   1 في "ب": "لشبهها". 2 الرسم المصحفي: {لَدُنْهُ} وقرأ عاصم وشعبة: "لدنهي" بإسكان الدال مع إشمامها الضم وكسر النون والهاء مع وصلها بياء، انظر الإتحاف ص288، والبحر المحيط 6/ 96، والنشر 2/ 310، وشرح ابن الناظم ص284، وحاشية يس 1/ 49. 3 أمالي ابن الشجري 1/ 223. 4 سقطت من "ط". 5 سقطت من "ب". 542- البيت للقطامي في ديوانه ص44، وأمالي ابن الشجري 1/ 223، والارتشاف 2/ 266، وخزانة الأدب 7/ 67، والدرر 1/ 466، وسمط اللآلي ص132، وشرح شواهد المغني ص455، ومعاهد التنصيص 1/ 181، والمقاصد النحوية 3/ 427، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 4/ 47، وأوضح المسالك 3/ 145، وتخليص الشواهد ص263، وشرح الأشموني 2/ 318، وشرح التسهيل 2/ 237، ومغني اللبيب ص157 وهمع الهوامع 1/ 215. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 712 بحسنها عن الحلي، و"راقهن ورقنه": أعجبهن وأعجبنه، و"الذوائب": جمع ذؤابة من الشعر، بهمزة بعد الذال المعجمة في المفرد، وكان حقها أن تثبت في الجمع، لكنهم استثقلوا وقوع ألف بين همزتين فأبدلت الأولى واوًا، وهذا البيت لا دليل فيه، إذ يحتمل أن يكون على إضمار "أن" بدليل أنها تظهر بعدها أحيانًا، قاله ابن الشجري1، ويؤيده تقدير سيبويه2 في "لَدُ شَولًا"3: أن كانت شولًا، ورد بأن فيه حذف الموصول الحرفي وبقاء صلته. الأمر "الخامس جواز إفرادها" عن الإضافة "قبل: غدوة" كقوله: [من الطويل] 543- وما زال مهري مزجر الكلب فيهم ... لدن غدوة حتى دنت لغروب بنصب "غدوة"، "فتنصبها" "لدن"4، "على التميز"؛ لأن "لدن" في آخرها نون ساكنة وقبلها دال تفتح وتضم وتكسر كما هو معروف في لغاته العشر، وقد تحذف نونها فشابهت حركات الدال حركات الإعراب من جهة تبدلها، وشابهت النون التنوين من جهة جواز حذفها، فصارت "لدن غدوة" في اللفظ كـ: "راقود خلا"، فنصب "غدوة" على التمييز بـ"لدن" كنصب "خلا" بـ"راقود"، "أو على التشبيه بالمفعول به" في نحو: "ضارب زيدًا"، فإن نونها تثبت تارة وتحذف أخرى كما في اسم الفاعل، فعملت عمله، بل قال أبو علي5: النون في "لدن" زائدة, نقل ذلك عنه ابن الشجري6، وبه يتضح تشبيه "لدن" بـ"ضارب" منونًا حتى نصبت بعدها "غدوة" وإليهما يشير قول الناظم: 408- .................... ... ونصب غدوة بها ............   1 أمالي ابن الشجري 1/ 223. 2 الكتاب 1/ 265. 3 تمام الشاهد: "من لد شولًا فإلى إتلائها" ، وتقدم برقم 152، 181. 543- البيت لأبي سفيان بن حرب في الحيوان 1/ 318، والدرر 1/ 467, وبلا نسبة في جواهر الأدب ص128, وشرح الأشموني 2/ 318, وشرح التسهيل 2/ 238، ولسان العرب 13/ 384، "لدن", والمقاصد النحوية 3/ 429, وهمع الهوامع 1/ 215. 4 بعده في "ط": "إما". 5 المسائل الحلبيات ص223. 6 أمالي ابن الشجري 1/ 223. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 713 "أو" تنصبها أنت "على إضمار "كان" واسمها" وإبقاء خبرها، والأصل: لدن كان الوقت غدوة، والذي دل على الوقت كلمة "لدن"، قاله ابن مالك، وقال1: هذا حسن؛ لأن فيه إبقاء "لدن" على ما ثبت لها من الإضافة، ويؤيده "من لد شولًا"، فالنصب على هذا ليس بـ"لدن"، وإنما هو بـ"كان" المحذوفة، فلا يصح عطفه على ما قبله بدون تقدير، "وحكى الكوفيون" في "غدوة": رفعها" بعدها؛ أي: بعد "لدن"؛ "على إضمار "كان" تامة"، أي: لدن كانت غدوة، وقال ابن جني: لشبهه بالفاعل فرفع، قال المرادي2: وظاهره أنها مرفوعة بـ"لدن"، و"الجر القياس" كما تجر سائر الظروف، "و" هو "الغالب في الاستعمال"، ولا تكون "غدوة" بعد "لدن" إلا منونة وإن كانت معرفة، ولا تنصب "غدوة" إلا مع وجود في النون في "لدن" دون حذفها، و"عند" لا ينصب شيء من المفردات بعدها. الأمر "السادس: أنها" أي: "لدن" "لا تقع إلا فضلة" بخلاف "عند فإنها قد تكون عمدة، "تقول: السفر من عند الصرة"، فتجعل "عند" خبرًا عن السفر، والخبر عمدة، وهذا مخالف لتصحيحه في باب المبتدأ: أن الخبر متعلقها المحذوف إلا أن يقال: لما سد مسده أعطي ما له من العمدية، "ولا تقول": السفر "من لدن البصرة"؛ لأن ذلك يخرجها عما استقر لها من ملازمة الفضلية. "ومنها: مع" والغالب استعمالها مضافة، فتكون ظرفًا، "وهي" حينئذ "اسم لمكان الاجتماع"، ولهذا يخبر بها عن الذوات نحو: "زيد معك" ولزمان الاجتماع نحو: "جئتك مع العصر"، ولمرادفة "عند"3 فتجر بـ"من" كقراءة بعضهم: "هَذَا ذِكْرُ مِنْ مَعِيَ" [الأنبياء: 24] بكسر ميم "من"، وحكاية4 سيبويه5: "ذهبت من معه" بالجرن وهي اسم بدليل جرها بـ"من"، وتنوينها عند إفرادها6 عن الإضافة نحو: "جاءا معًا" "معرب" لأنه ثلاثي الأصل "إلا في لغة ربيعة" بن نزار بن معد بن عدنان أبو قبيلة، "وغنم"، بفتح الغين المعجمة وسكون النون؛ ابن ثعلب بن   1 شرح التسهيل 2/ 238. 2 شرح المرادي 2/ 276. 3 في "أ": "مرادفة لعند"، وفي "ب": "مرادفة عند". 4 في "ط": "وحكى"، وفي "ب": "وحكاه". 5 الكتاب 1/ 420. 6 في "ط": "تجردها". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 714 وائل أبو حي، "فتبنى على السكون" لتضمنها معنى حرف المصاحبة وضع أم لم يوضع، قاله الشاطبي، "كقوله" وهو الراعي كما قال الشاطبي أو جرير كما قال العيني: [من الوافر] 543- "فريشي منكم وهواي معكم" ... وإن كانت زيارتكم لماما الرواية بتسكين عين "معكم"، ولم يثبت سيبويه ذلك لغة بل حكم عليه بالضرورة1، وخالفه المتأخرون2 محتجين بأن ذلك ورد في الكلام، ونقل عن الكسائي أن ربيعة تقول:"ذهبت مع أخيك" و"جئت مع أبيك" بالسكون، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ، و"الريش": اللباس الفاخر أو المال ونحوه، و"لمامًا"؛ بكسر اللام وتخفيف الميم؛ وقتًا بعد وقت, "وإذا لقي" "مع" "الساكنة" العين "ساكن" آخر "جاز كسرها" على أصل التقاء الساكنين، "وفتحا" استصحابًا للأصل أو اتباعًا "نحو: مع القوم" بكسر العين وفتحها، وعبارة التسهيل3: وتسكين عينها قبل حركة وكسرها قبل سكون لغة ربيعة، فأفاد ما لم يفده الموضح، وهو أن عينها تسكن قبل حركة نحو: "جئت معك"، وتكسر قبل سكون نحو: "جئت مع الرجل"، ولكن الموضح حاول شرح قول الناظم: 409- ومعه مع فيها قليل ونقل ... فتح وكسر لسكون يتصل "وقد تفرد" "مع" عن الإضافة فتنون وتصير "بمعنى: "جميعًا"، فتنصب على الحال" من الاثنين "نحو: جاءا معًا" قال: [من الطويل] 544- فلما تفرقنا كأني ومالكا ... لطول اشتياق لم نبت ليلة معا   543- البيت للراعي النميري في الكتاب 2/ 287، وملحق ديوانه ص331، ولجرير في ديوانه ص225، وشرح أبيات سيبويه 2/ 291، وأساس البلاغة "ريش"، والمقاصد النحوية 3/ 432، وبلا نسبة في الارتشاف 2/ 267، وأمالي ابن الشجري 1/ 245، وأوضح المسالك 3/ 149، وشرح ابن الناظم ص285، وشرح الأشموني 2/ 320، وشرح ابن عقيل 2/ 70، وشرح التسهيل 2/ 241، وشرح الكافية الشافية 2/ 951، وشرح المفصل 2/ 128، 5/ 138. 1 الكتاب 3/ 287، وانظر الارتشاف 2/ 267، حيث نقل أبو حيان مذهب سيبويه. 2 منهم ابن مالك في شرح التسهيل 2/ 241. 3 التسهيل ص98. 544- البيت لمتمم بن نويرة في ديوانه ص122، وتاج العروس "فرق"، وأدب الكاتب ص519، والأزهية ص289، والأغاني 15/ 238، وجمهرة اللغة ص1316، وخزانة الأدب 8/ 272، والدرر 2/ 77، وشرح اختيارات المفضل ص1177، وشرح شواهد المغني 2/ 565، والشعر والشعراء 1/ 345، وبلا نسبة في الجنى الداني ص102، ورصف المباني ص223، وشرح الأشموني 2/ 219، ولسان العرب 12/ 564 "لوم"، ومغني اللبيب 1/ 212، وهمع الهوامع 2/ 32، وتاج العروس "لوم". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 715 أو من الجماعة المذكرين والمؤنثات، فالاول الخنساء: [من المتقارب] 545- وأفنى رجالي فبادوا معا ... فأصبح قلبي بهم مستفزا بفتح الفاء وبالزاي اسم مفعول من استفزه الخوف إذا أزعجه، والثاني كقول متمم بن نويرة: [من الطويل] 546- .................... ... إذا حنت الأولى سجعن لها معا أي: إذا صوتت الحمامة الأولى هدرن جميعًا لأجل تصويتها. واخلتف في حركة "معًا" إذا نونت فذهب الخليل وسيبويه1 إلى أنها فتحة إعراب، والكلمة ثنائية في حال الإفراد كما كانت في حال الإضافة، وذهب يونس والأخفش2 إلى أن الفتحة فيها كفتحة تاء "فتى"، تاما في الإفراد، ولكن حذفت ألفها في الوصل للساكنين الألف والتنوين كما حذفت ألف "فتى" لذلك، قال ابن مالك3: وهذا هو الصحيح، لقولهم: "الزيدان معًا" و"الزيدون معًا"، فيوقعون "معًا" في موضع رفع كما توقع الأسماء المقصورة نحو: "هم عدى"، ولو كان باقيًا على النقص لقيل: "الزيدون مع" كما قيل: "هم يد واحدة على من سواهم". واعترض بأن "معًا" ظرف في موضع الخبر فلا يلزم ما قاله. "ومنها "غير" وهو اسم دال على مخالفة ما قبله لحقيقة ما بعده" إما بالذت   545- البيت للخنساء في ديوانها ص274، وشرح شواهد المغني 1/ 252، 2/ 748، ومغني اللبيب 1/ 334، وبلا نسبة في شرح الأشموني 2/ 320. 546- صدر البيت: "يذكرن ذا البث الحزين ببثه" ، وهو لمتمم بن نويرة في ديوانه ص117، وشرح شواهد المغني 2/ 567، 747، والشعر والشعراء، 1/ 345، وبلا نسبة في جواهر الأدب ص74، 75، وشرح الأشموني 2/ 320، والمحتسب 1/ 151، ومغني اللبيب 1/ 334. 1 الكتاب 3/ 286، وانظر شرح التسهيل 2/ 239. 2 انظر شرح التسهيل 2/ 239. 3 شرح التسهيل 2/ 239، 240. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 716 نحو: "مررت برجل غيرك"، أو بالصفات كقولك لشخص: "دخلت بوجه غير الذي خرجت به"، وليس المراد بالحقيقة هنا الماهية وإلا لانتقض بنحو: "زيد غير عمرو"، فإن ماهيتهما واحدة، وهي الحيوان الناطق، والتركيب صحيح، "وإذا وقع" "غير" "بعد "ليس" وعلم المضاف إليه جاز ذكره كـ: قبضت عشرة ليس غيرها"1 برفع "غير" على أنها اسم "ليس" وخبرها محذوف، والتقدير: "ليس غيرها مقبوضًا"، وبنصبها على أنها خبر "ليس"، واسمها محذوف، والتقدير: ليس المقبوض غيرها، "وجاز حذفه لفظًا فيضم" "غير" بالتنوين2 "بغير تنوين، ثم اختلف" في ضمته "فقال المبرد3" والجرمي وأكثر المتأخرين: "ضمة بناء؛ لأنها" أي: "غيرًا" "كـ: قبل" و"بعد" "في الإبهام" والقطع عن الإضافة ونية المضاف إليه، ونسب إلى سيبويه4، "فهي اسم" لـ"ليس" "أو خبر" لهاء، والجزء الآخر محذوف، فعلى تقدير الاسمية فهي في محل رفع، وعلامة رفعها ضمة مقدرة في محلها إلا هذه الضمة الموجودة؛ لأنها ضمة بناء، وعلى الخبرية فهي في موضع نصب، والتقدير على الرفع: ليس غيرها مقبوضًا، وعلى النصب: ليس المقبوض غيرها، فحذف من الأول الخبر ومن الثاني الاسم، وإلى بناء "غير" على الضم أشار الناظم بقوله: 410- واضمم بناء غيرا إن عدمت ما ... له أضيف ناويًا ما عدما "وقال الأخفش": ضمة "غير" ضمة "إعراب5"، وحذف التنوين للإضافة تقديرًا؛ لأن المضاف إليه ثابت في التقدير عنده، "لأنها اسم كـ: كل و: بعض" في جواز القطع عن الإضافة لفظًا، "لا ظرف" للزمان "كـ: قبل و: بعد"، ولا للمكان كـ"فوق" و"تحت", وعلى هذا "فهي اسم" لـ"ليس"، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة، "لا خبر" لأن خبر "ليس" لا يرفع، "و" هذان القولان في الضمة "جوزهما ابن خروف6"، فعلى البناء هي اسم أو خبر، وعلى الإعراب هي اسم لا خبر7.   1 في "ط": "غير". 2 سقطت من "ط". 3 المقتضب 4/ 329. 4 الكتاب 2/ 344،345. 5 شرح الكافية الشافية 2/ 977، ومغني اللبيب ص209. 6 مغني اللبيب ص210. 7 في "أ": "غير". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 717 "ويجوز قليلًا الفتح مع التنوين" لقطعها عن الإضافة لفظًا ومعنى، "ودونه" لنية لفظ المضاف إليه، "فهي خبر" لأنه منصوب، واسم "ليس" محذوف، والتقدير: ليس المقبوض غيرًا أو غير، "والحركة" على هذا "إعراب باتفاق"، واعترض بأن "غيرًا" يجوز بناؤها على الفتح1 إذا أضيفت إلى مبني، فيحتمل أنها بنيت حال الإضافة ثم حذفت المضاف إليه وبقي البناء على حاله، وعلى هذا فيحتمل أن يكون اسمًا، وأن يكون خبرًا، نعم الفتح مع التنوين "كالضم مع التنوين" فالحركة إعراب باتفاق؛ لأن التنوين إما للتمكين فهو خاص بالمعرب، أو للتعويض فكأن المضاف إليه مذكور, وقيد حذف ما يضاف إليه "غير" بقوله: "بعد ليس"، بناء على أنه لا يجوز بعد "لا" النافية، كما صرح في المغني، وقال: إنه لحن، وبالغ في الإنكار على مرتكبه في شرح الشذور، ورد بأن أبا العباس كان يقول: "لا غير" بالبناء على الضم كـ: "قبل" و"بعد"، وكذا قال الزمخشري وابن الحاجب وابن مالك وأنشد عليه في باب القسم من شرح التسهيل2: [من الطويل] 547- جوابًا به تنجو اعتمد فوربنا ... لعن عمل أسلفت لا غير تسأل وتبعهم صاحب القاموس3. "ومنها "قبل" و"بعد"، ويجب إعرابهما" نصبًا على الظرفية أو خفضًا بـ"من" فقط "في ثلاث صور: إحداها: أن يصرح بالمضاف إليه كـ: جئتك بعد الظهور وقبل العصر، و: من قبله ومن بعده"، ولا يختصان بالزمان، فقد يكونان للمكان كقولك: "داري قبل دارك أو بعدها" ولهذا سهل دخول "من" عليهما عند البصريين، قاله الدماميني. الصورة "الثانية: أن يحذف المضاف إليه، وينوى ثبوت لفظه، فيبقى الإعراب وترك التنوين" على حالهما "كما لو ذكر المضاف إليه كقوله": [من الطويل] 548- "ومن قبل نادى كل مولى قرابة" ... فما عطفت مولى عليه العواطف   1 في "ط": "الضم". 2 شرح التسهيل 3/ 209. 547- تقدم تخريج البيت برقم 430. 3 القاموس المحيط "غير". 548- تقدم تخريج البيت برقم 497. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 718 بخفض "قبل" بلا تنوين على نية لفظ المضاف إليه، "أي: ومن قبل ذلك"، فحذف "ذلك" من اللفظ وقدره ثابتًا، "وقرئ" في الشواذ: ""لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلِ وَمِنْ بَعْدِ" [الروم: 4] بالخفض من غير تنوين1، أي: من قبل الغلب ومن بعده"، وهي قراءة الجحدري والعقيلي. الصورة "الثالثة: أن يحذف" المضاف إليه "ولا ينوى شيء" لا لفظه ولا معناه، "فيبقى الإعراب" المذكور بحاله من النصب على الظرفية أو الخفض بـ"من"، "ولكن يرجع التنوين" الذي كان حذف للإضافة "لزوال ما يعارضه" من الإضافة "في اللفظ والتقدير, كقراءة بعضهم": "لِلَّهِ الْأَمْرُ "مِنْ قَبْلٍ وَمِنْ بَعْدٍ"" [الروم: 4] "بالجبر والتنوين2، وقوله" وهو عبد لله بن يعرب: [من الوافر] 549- "فساغ لي الشراب وكنت قبلًا" ... أكاد أغص بالماء الفرات بنصب "قبلًا" على الظرفية، والرواية المشهورة "بالماء الحميم"، والذي رواه الثعالبي "بالماء الفرات"3، قال الموضح: وهو الأنسب؛ لأنه العذب، والحميم: الحار، ومنه اشتقاق الحمام، وقيل: الحميم: البارد، فهو من الأضداد، "وقوله": [من الطويل] 550- ونحن قتلنا الأسد أسد خفية ... "فما شربوا بعدًا على لذة خمرًا"   1 انظر هذه القراءة في أوضح المسالك 3/ 156، وشرح ابن الناظم ص285، ومعاني القرآن للفراء 2/ 320، ومغني اللبيب 1/ 136، وشرح ابن عقيل 2/ 72. 2 قرأها بالتنوين: أبو السمال والجحدري وعون، انظر البحر المحيط 7/ 162، ومعاني القرآن للفراء 2/ 320. 549- البيت ليزيد بن الصعق في خزانة الأدب 1/ 426، 429، ولعبد الله بن يعرب في الدرر 1/ 447، والمقاصد النحوية 3/ 435، وبلا نسبة في أوضح المسلك 3/ 156، وتذكرة النحاة ص527، وخزانة الأدب 6/ 505، 510، وشرح ابن الناظم ص286، وشرح الأشموني 2/ 322، وشرح ابن عقيل 2/ 73، وشرح التسهيل 3/ 247، والارتشاف 2/ 514، وشرح المرادي 2/ 578، وشرح قطر الندى ص21، وشرح المفصل 4/ 88، ولسان العرب 12/ 154، "حمم"، وهمع الهوامع 1/ 210. 3 انظر شرح شذور الذهب ص104، وخزانة الأدب 1/ 429. 550- البيت بلا نسبة في إصلاح المنطق ص146، وأوضح المسالك 3/ 158، وخزانة الأدب 6/ 501، والدرر 1/ 446، وشرح ابن الناظم ص286، وشرح الأشموني 2/ 322، وشرح شذور الذهب ص105، وشرح الكافية الشافية 2/ 965، ولسان العرب 3/ 93 "بعد"، 14/ 237 "خفا" والمقاصد النحوية 3/ 436، وهمع الهوامع 1/ 209، 210. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 719 بنصب "بعد" على الظرفية، ويحتمل أن يكون التنوين فيه وفي البيت قبله للضرورة، وهي المسألة المشهورة، قال المرادي: مسألة: إذا نونت الغايات للاضطرار فمختار سيبويه وأصحابه تنوينه مرفوعًا وعلى قوله: ............................ ... فما شربوا بعد على لذة خمرًا ومختار الخليل وأصحابه تنوينه منصوبًا كقوله: فساغ لي الشراب وكنت قبلًا ... ............................ ا. هـ. "وهما نكرتان في هذا الوجه لعدم الإضافة لفظًا وتقديرًا، ولذلك نونا" كما تنون سائر الأسماء النكرات تنوين التمكين، وقال بعضهم: هما معرفتان بنية الإضافة وتنوينهما تنوين عوض، قال ابن مالك في شرح الكافية1: وهذا القول عندي حسن. "وهما معرفتان في الوجهين قبله "بالإضافة لفظًا في الأول، وتقديرًا في الثاني، "فإن نوي معنى المضاف إليه دون لفظه بنيا" لافتقارهما إلى المضاف إليهما2 معنى كافتقار الحروف لغيرها، وبنيا على حركة3 فرارًا من التقاء الساكنين، "وعلى الضم" لتخالف حركة البناء حركة الإعراب "نحو: {لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ} " [الروم: 4] "في قراءة الجماعة" السبعة بالضم بغير تنوين، وهما في هذه الحالة معرفتان بالإضافة إلى معرفة منوية، والأصل؛ والله أعلم "لله الأمر من قبل الغلب ومن بعده"، وقال الحوفي: إنما يبنيان على الضم إذا كان المضاف إليه معرفة، وأما إذا كان نكرة فإنهما معربان4 سواء نويت معناه أو لا، ا. هـ. وإذا بنيت الظروف على الضم تسمى غايات؛ لأن الأصل فيها أن تكون مضافة، وغاية الكلمة المضافة ونهايتها آخر المضاف إليه؛ لأنه تتمته إذا به تعريفه، فإذا حذف المضاف إليه وتضمنه المضاف صار آخر المضاف5 غايته، قاله الدماميني. "ومنها: أول" مقابل "آخر" "و: دون، وأسماء الجهات" الست "كـ: يمين، و: شمال، و: وراء، و: أمام، و: فوق، و: تحت، وهي على6 التفصيل المذكور   1 شرح الكافية الشافية 2/ 966. 2 في "أ": "إليه". 3 في جميع النسخ: "حركتي". 4 في "ط": "يعربان". 5 بعده "في "ب": "إليه". 6 سقطت من "ب". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 720 في: قبل، و: بعد" من أنها إذا أضيفت لفظًا أعربت نصبًا على الظرفية أو خفضًا بـ"من"، وإذا لم تضف لا لفظًا ولا تقديرًا أعربت الإعراب المذكور ونونت، وإذا حذف1 المضاف إليها2 فإن نوي لفظه أعرب الإعراب المذكور ولم تنون، وإن نوي معناه بنيت على الضم، "تقول: جاء القوم وأخوك خلف أو أمام" بالضم فيهما، "تريد خلفهم أو أمامهم"، ولكنك حذفت المضاف إليهما3، ونويت معناه: وبنيتهما على الضم، "قال" رجل من بني تميم: [من الكامل] 551- لعن الإله تعلة بن مسافر ... "لعنا يشن عليه من قدام" بالضم، والأصل: من قدامه، فحذف المضاف إليه، ونوى معناه، فبناه4 على الضم. و"تعلة" بفتح التاء المثناة فوق وكسر العين المهملة وتشديد اللام؛ علم رجل، ويروى ابن مزاحم، و"يشن"؛ بضم الياء المثناة تحت وفتح الشين المعجمة؛ يصب، "وقال" معن بن أوس: [من الطويل] 552- لعمرك ما أدري وإني لأوجل ... "على أينا تعدو المنية أول" بالضم، والأصل: أول الوقتين، وذلك لأن لكل منهما وقتا يموت فيه، ويقدر أحدهما سابقًا، ولا يعرف عدو المنية في أول الوقتين لهما على أي الرجلين، و"المنية": الموت، "وحكى أبو علي" الفارسي: "أبدأ بذا من أول؛ بالضم على نية معنى المضاف إليه"، والأصل: من أول الأمر، "وبالخفض على نية لفظه، وبالفتح على نية تركهما، ومنعه   1 في "ط": "حذفت". 2 في "أ": "إليه". 3 في "ط": "إليه". 551- البيت لرجل من بني تميم في الدرر 1/ 449، والمقاصد النحوية 3/ 437، وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 160، وتذكرة النحاة ص279، وشرح الأشموني 2/ 322، وهمع الهوامع 1/ 210، وأمالي ابن الشجري 1/ 329، 2/ 264. 4 في "ط": "فبناؤه". 552- البيت لمعن بن أوس في ديوانه 39، وخزانة الأدب 8/ 244، 245، 289، 294، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي 1126، ولسان العرب 5/ 127، "كبر"، 11/ 722 "وجل" والمقاصد النحوية 3/ 493، وتاج العروس "وجل"، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 8/ 140، وأوضح المسالك 3/ 161، وجمهرة اللغة ص493، وخزانة الأدب 6/ 505، وشرح الأشموني 2/ 322، وشرح شذور الذهب ص103، وشرح قطر الندى ص23، وشرح المفصل 4/ 87، 6/ 98، واللسان 9/ 261 "عنف"، 13/ 438 "هون" والمقتضب 3/ 246، والمنصف 3/ 35، وتاج العروس 24/ 90 "عنف" "هون". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 721 من الصرف للوزن والوصف"؛ لأنه اسم تفضيل بمعنى الأسبق، واستفيد من حكاية أبي علي أن "أول" له استعمالان: أحدهما: أن يكون ظرفًا1 كـ: "قبل" والثاني: أن يكون صفة كـ: " الأسبق" وقال آخر: [من الطويل] 553- إذا أنا لم أومن عليك ولم يكن ... لقاؤك إلا من وراء وراء بالضم، وأنشد سيبويه: [من الرجز] 554- لا يحمل الفارس إلا الملبون ... المحض من أمامه ومن دون بالسكون، والقافية ههنا2 لو كانت مطلقة الروي لكان مبنيا على الضم؛ لأنه في نية الإضافة، قاله الشاطبي، وتقول: "جلست يمين وشمال وفوق وتحت" بالضم فيهن، والأصل: يمينك وشمالك وفوقك وتحتك. "ومنها: حسب" بسكون السين، "ولها" في العربية "استعمالان: أحدهما: أن تكون بمعنى كاف" اسم فاعل كفى "فتستعمل" مضافة "استعمال الصفات" المشتقة "فتكون نعتًا لنكرة"؛ لأنها لم تتعرف بالإضافة حملًا على ما هي بمعناه، "كـ: مررت برجل حسبك من رجل، أي: كاف لك من غيره وحالًا لمعرفة كـ: هذا عبد الله حسبك من رجل"، بنصب "حسب" على الحال من عبد الله، أي: كافيا لك من غيره، "و" تستعمل "استعمال الأسماء" الجامدة فترتفع على الابتداء "نحو: {حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ} [المجادلة: 8] فـ"حسبهم": مبتدأ، وسوغ الابتداء به الاختصاص بالإضافة، و"جهنم": خبره، ويجوز العكس، وهو أولى لأن "جهنم" معرفة بالعلمية، "وحسب" نكرة، "و" تنصب اسمًا لـ"إن" نحو: " {فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ} " [الأنفال: 62] فـ"حسبك": اسم "إن" و"الله" خبرها، وهذا يؤيد الإعراب3 الأول. "و" يجر بالحرف نحو "بحسبك درهم" فـ"حسبك": مبتدأ، و"درهم" خبره، ولا يجوز   1 في "ط": "اسمًا". 553- البيت لعتي بن مالك في لسان العرب 15/ 390 "ورى"، وبلا نسبة في خزانة الأدب 6/ 504، والدرر 1/ 448، وشرح شذور الذهب ص103، وشرح المفصل 4/ 87، ولسان العرب 3/ 92، "بعد"، وهمع الهوامع 1/ 210. 554- الرجز بلا نسبة في الكتاب 3/ 290، ولسان العرب 3/ 164، "دون" 374، "لبن" وتهذيب اللغة 15/ 364، وتاج العروس "دون"، "لبن". 2 في "ب"، "ط": "هنا". 3 سقطت من "ب". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 722 العكس لأن "حسبك" نكرة مختصة، و"درهم" غير مختص "وبهذا" الاستعمال الثاني "يرد على من زعم أنها اسم فعل" بمعنى يكفي، "فإن العوامل اللفظية" نحو: "إن" و"الباء" في المثالين الأخيرين1 "لا تدخل على أسماء الأفعال باتفاق"، ولا العوامل المعنوية على الأصح. "و" الاستعمال "الثاني" من أصل التقسيم: "أن تكون" حسب" "بمنزلة "لا غير" في المعنى، فتستعمل مفردة" عن الإضافة في اللفظ وينوى لفظ المضاف إليه، "و" "حسب" "هذه هي "حسب" المتقدمة" في الاستعمالين السابقين "ولكنها عند قطعها عن الإضافة لها إشرابها هذا المعنى" الدال على النفي، "و" تجدد لها "ملازمتها للوصفية أو الحالية أو الابتداء وبناؤها على الضم" بعد أن كانت معربة2 بحسب العوامل، "تقول" في الوصفية: "رأيت رجلًا حسب، و" في3 الحالية: "رأيت زيدًا حسب"، فحذف المضاف إليه منهما4 ونوى معناه فبنيت على الضم. "قال الجوهري5: كأنك قلت: حسبي أو حسبك فأضمرت ذلك ولم تنون، ا. هـ"، وعنى بالإضمار الحذف فكأنه قال: فحذفت المضاف إليه منهما وأضمرته في نفسك ولم تنون؛ لأنك نويت معنى المضاف إليه فبنيتهما على الضم كـ: "قبل" و"بعد"، "وتقول" في الابتداء: "قبضت عشرة فحسب"، فحسب: مبتدأ حذف خبره، "أي: فحسبي ذلك"، والمعنى: رأيت رجلًا لا غير، ورأيت زيدًا لا غير، وقبضت عشرة لا غير، ودخلت الفاء في الأخير تزيينا للفظ كما تدخل على "قط" في قولك "قبضت عشرة فقط"، "واقتضى كلام ابن مالك" في قوله في النظم: 411- قبل كغير بعد حسب أول ... ودون والجهات أيضًا وعل 412- وأعربوا نصبا إذا ما نكرا ... قبلًا وما من بعده قد ذكرا "إنها" أي: حسب "تعرب نصبا إذا نكرت كـ: "قبل" و"بعد"، قال أبو حيان6: ولا وجه لنصبها؛ لأنها غير ظرف"، وقد ذكرها مع الظروف "إلا أن نقل عنهم7 نصبها   1 في "ط": "الآخرين". 2 في "ب": "معرفة". 3 سقطت من "ب". 4 سقطت من "ب". 5 الصحاح "حسب". 6 انظر الارتشاف 2/ 503. 7 في "ب": "عندهم". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 723 حالًا إذا كانت نكرة، انتهى" كلامه، "فإن أرد" أبو حيان "بكونها نكرة قطعها عن الإضافة" لفظًا "اقتضى أن استعمالها حينئذ" أي: حين إذا قطعت عن الإضافة "منصوبة شائع" في كلامهم، "و" اقتضى "أنها كانت مع الإضافة معرفة" بالإضافة، "و" هذان الاقتضاءان "كلاهما ممنوع"، أما الأول فلأنها إذا قطعت عن الإضافة وجب بناؤها على الضم، وأما الثاني فلأنها نكرة دائمًا أضيفت أو1 لم تضف، "وإن أراد" أبو حيان "تنكيرها مع الإضافة2 فلا وجه لاشتراط التنكير حينئذ" أي: حين إذ كانت مضافة "لأنها لم ترد" في كلامهم "إلا" نكرة "كذلك" لأن إضافتها لا تفيد التعريف، وإنما هي في تقدير الانفصال كما صرح به ابن مالك في شرح العمدة3، "وأيضًا فلا وجه لتوقفه" أي: لتوقف أبي حيان "في تجويز انتصابها على الحال حينئذ" أي: حين إذ كانت مضافة "فإنه" أي: فإن نصبها على الحال "مشهور" في غالب الكتب "حتى إنه مذكور في كتاب الصحاح" للجوهري مع كثرة تداول الأيدي له قديمًا وحديثًا، "قال" صاحب الصحاح4 فيه: "تقول: هذا رجل حسبك من رجل، وتقول في المعرفة، هذا عبد الله حسبك من رجل، فتنصب "حسبك" على الحال، انتهى" نصه. فـ"حسبك" في الأول وقعت بعد نكرة فرفعت على أنها نعت لها، وفي الثاني وقعت بعد معرفة فنصبت على أنها حال منها، وهي في الصورتين نكرة وإن كانت مضافة لمعرفة لما تقدم من أن إضافتها لا تفيد التعريف، "وأيضًا فلا وجه للاعتذار عن ابن مالك بذلك"؛ أي: بنصبها على الحال؛ إذا تنزلنا وقلنا: إن لها حالة تعريف وحالة تنكير؛ "لأن مراده" بقوله: 412- وأعربوا نصبًا إذا ما نكرا ... ................................ "التنكير الذي ذكره في "قبل" و"بعد"، وهو أن يقطع عن الإضافة لفظًا وتقديرًا" وينصب على الظرفية بحيث يقال: "رأيت زيدًا حسبًا" أو "فحسبًا" ولم يسمع ذلك؟ لا مطلق التنكير كما توهمه أبو حيان، وما ذكره الموضح من أن مراد الناظم5 ذلك لا يدفع الانتقاد6, فالصواب أن يحمل عموم قوله:   1 في "ب"، "ط": "وأم". 2 انظر الارتشاف 2/ 503. 3 شرح عمدة الحافظ 1/ 372. 4 الصحاح "حسب". 5 في "ب"، "ط": "ابن مالك". 6 في "ب": "الإيراد". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 724 412- ......................... ... ............ وما من بعده قد ذكرا على المجموع لا على كل فرد فرد حتى لا يرد عليه "حسب" و"عل" الآتية. "وأما "عل" فإنها توافق "فوق" في" إفادة "معناها" وهو العلو، "وفي بنائها على الضم إذا كانت معرفة" فيما إذا أريد بها علو معين كقولك: "أخذت الشيء الفلاني من أسفل الدار والشيء الفلاني من عل"، أي: من فوق الدار و"كقوله"؛ وهو الفرزدق يهجو جريرًا: [من الكامل] 555- ولقد سددت عليك كل ثنية ... "وأتيت نحو بني كليب من عل" "أي: من فوقهم"، و"الثنية": طريق1 العقبة، "و" توافق "فوق" أيضًا "في إعرابها إذا كانت نكرة" فيما إذا أريد بها علو مجهول "كقوله"؛ وهو امرؤ القيس الكندي يصف فرسًا: [من الطويل] 556- مكر مفر مقبل مدبر معا ... "كجلمود صخر حطه السيل من عل" بكسر اللام، "أي: من شيء عال وتخالفها" أي: وتخالف "عل، فوق" "في أمرين": أحدهما: "أنها"؛ أي: عل؛ "لا تستعمل إلا مجرورة بـ: من" دائمًا، "و" الثاني "أنها لا تستعمل مضافة" بخلاف "فوق"، فيهما، "كذا قال جماعة منهم ابن أبي الربيع، وهو الحق، وظاهر ذكر ابن مالك لها في عداد هذه الألفاظ أنها2 تجوز إضافتها وقد صرح الجوهري بذلك" في الصحاح "فقال3 يقال: أتيته من عل الدار؛ بكسر اللام؛   555- البيت للفرزدق في ديوانه 2/ 161، وتذكرة النحاة ص85، والدرر 1/ 449، وبلا نسبة في شرح شذور الذهب ص107، وشرح المفصل 4/ 89، وهمع الهوامع 1/ 210. 556- البيت لامرئ القيس في ديوانه ص19، ولسان العرب 15/ 84 "علا"، وجمهرة اللغة ص126، وتاج العروس 13/ 318، "فرر"، "علا", وكتاب العين 7/ 174، وإصلاح المنطق ص25، وخزانة الأدب 2/ 397، 3/ 242، 243، والدرر 1/ 450، وشرح أبيات سيبويه 2/ 339، وشرح شواهد المغني 1/ 451، والشعر والشعراء 1/ 116، والكتاب 4/ 228، والمقاصد النحوية 3/ 449، وبلا نسبة في لسان العرب 7/ 274 "حطط"، وتهذيب اللغة 14/ 25، والمخصص 13/ 202، وتاج العروس 19/ 198 "حطط"، وأوضح المسالك 3/ 165، ورصف المباني ص328، وشرح الأشموني 2/ 323، وشرح شذور الذهب ص107، ومغني اللبيب 1/ 154، والمقرب 1/ 215، وهمع الهوامع 1/ 210. 1 في "أ"، "ب": "طريقة". 2 في "ط": "أنه". 3 الصحاح "علا". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 725 أي: من عال"، وهو سهو، قاله في شرح الشذور1، "ومقتضى قوله" في النظم: 412- "وأعربوا نصبًا إذا ما نكرا ... قبلًا وما من بعده قد ذكرا" "أنها يجوز انتصابها على الظرفية أو غيرها" كالحالية، "وما أظن شيئًا من" هذين "الأمرين" وهما جواز إضافتها وجواز نصبها على الظرفية أو غيرها "موجودًا" في كلامهم، "وإنما بسطت القول قليلًا في شرح هاتين اللفظتين" وهما "حسب" و"عل" "لأني لم أر أحدًا" من الشراح "وفّاهما حقهما من الشرح وفيما ذكرته كفاية" لمن تدبره. "والحمد لله" على تيسير ذلك.   1 شرح شذور الذهب ص107. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 726 "فصل": "يجوز أن يحذف ما علم من مضاف ومضاف إليه، فإن كان المحذوف" هو "المضاف فالغالب أن يخلفه في إعرابه المضاف إليه"، وهو في ذلك على قسمين، سماعي وقياسي. فالسماعي: ما يصح استبداد القائم مقام المضاف بالإعراب في المعنى كقول عمر بن أبي ربيعة: [من الخفيف] 557- لا تلمني عتيق حسبي الذي بي ... إن بي يا عتيق ما قد كفاني أراد يابن أبي عتيق. والقياسي ما لا يصح1 فيه ذلك، وهو إما فاعل "نحو: {وَجَاءَ رَبُّكَ} " [الفجر: 22] "أي: أمر ربك"، أو نائب عن الفاعل نحو: {وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنْزِيلًا} [الفرقان: 25] أي: نزول الملائكة، قاله ابن جني، وفيه نظر، أو مبتدأ نحو: {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ} [البقرة: 177] أي: بر من آمن بالله، قاله الشاطبي، وفيه نظر، أو خبر عن المبتدأ نحو: [من الطويل] 558- شر المنايا ميت بين أهله ... ............................... أي: منية ميت، أو مفعول به نحو: {وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ} [البقرة: 93] أي: حب العجل، أو مفعول مطلق كقول الأعشى ميمون: [من الطويل] 559- ألم تغتمض عيناك ليلة أرمدًا ... ..................................   557- البيت لعمر بن أبي ربيعة في ديوانه ص291، والارتشاف 2/ 529، وشرح التسهيل 3/ 267. 1 في "ط": "يصلح". 558- عجز البيت: "كهلك الفتاة أيقظ الحي حاضره" ، وهو للحطيئة في أمالي المرتضى 1/ 49، وشرح أبيات سيبويه 1/ 386، والكتاب 1/ 215، وبلا نسبة في الإنصاف 1/ 61. 559- عجز البيت: "وعادك ما عاد السليم المسهدا" ، وهو للأعشى في ديوانه ص185، وخزانة الأدب 6/ 163، والخصائص 3/ 322، والدرر 1/ 408، وشرح المفصل 10/ 102، وشرح شواهد المغني 2/ 576، والمحتسب 2/ 121، ومغني اللبيب 2/ 624، والمقاصد النحوية 3/ 57، والمنصف 3/ 8، وبلا نسبة في شرح الأشموني 1/ 211، وشرح التسهيل 2/ 182، 3/ 268، وهمع الهوامع 1/ 188. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 727 أي: اغتماض ليلة أرمد، أو مفعول فيه نحو قولهم: "أتينا طلوع الشمس"، أي: وقت طلوع الشمس، أو مفعول له نحو: "جئت زيدا فضله"، أي: ابتغاء فضله، قاله ابن الخباز أو مفعول معه نحو: "جاء زيد والشمس"، أي: وطلوع الشمس، أو حال نحو: "تفرقوا أيادي سبأ"1، أي: مثل أيادي سبأ، أو مجرور بالحرف نحو: {كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ} [الأحزاب: 19] أي: كدوران عين الذي يغشى عليه من الموت، أو بالإضافة نحو: [من البسيط] 560- ..................... ... ولا يحول عطاء اليوم دون غد أي: دون عطاء غد. ثم تارة يكون المحذوف مطرحًا وهو الأكثر، وتارة يكون ملتفتا إليه، ويعرف ذلك بعود الضمير ونحوه، فالأول: "نحو: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَة" الَّتِي كُنَّا فِيهَا} [يوسف: 82] "أي: أهل القرية"، فأهل مطرح، ولو التفت إليه هنا لقيل: الذي كنا فيه. والثاني نحو: {أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ} [النور: 40] أي: كذي ظلمات بالإفراد، فحذف والتفت إليه فذكر الضمير في "يغشاه"، ولو كان مطرحًا لقيل2: يغشاها، وشمل ذلك في قول الناظم: 413- وما يلي المضاف يأتي خلفا ... عنه في الإعراب إذا ما حذفا "و" من غير الغالب أن المضاف إليه لا يخلف المضاف في إعراب بل "قد يبقى على جره، وشرط ذلك في الغالب أن يكون" المضاف "المحذوف معطوفًا على مضاف بمعناه كقولهم: ما مثل عبد الله ولا أخيه يقولان ذلك"، فأبقوا "أخيه" على جره مع أنه مضاف إليه "مثل" محذوفًا, و"مثل" المحذوف معطوف على "مثل" المذكور، "أي: ولا مثل أخيه بدليل قولهم: يقولان؛ بالتثنية" نظرًا إلى المذكور والمحذوف، ولو كان "أخيه" معطوفًا على "عبد الله" لكان العامل فيهما واحدًا وهو "مثل"، وكان يجب أن يقولوا: "يقول"؛ بالإفراد؛ لأنه خبر اسم "ما" وهو مفرد.   1 مجمع الأمثال 1/ 275، والمستقصى 2/ 88. 560- صدر البيت: "يومًا بأطيب منه سيب نافلة" ، وهو للنابغة الذبياني في ديوانه 27، ولسان العرب 4/ 529، "عبر"، 11/ 188 "حول"، وتهذيب اللغة 5/ 242، وتاج العروس 12/ 502 "عير". 2 في "ط": "لقال". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 728 "وقوله" وهو أبو دؤاد حارثة بن الحجاج: [من المتقارب] 561- "أكل امرئ تحسبين امرأ ... ونار توقد في الليل نارا" فأبقى "نار"على جره مع أنه مضاف إليه "كل" محذوفة معطوفة على "كل"1 المذكورة2، "أي: وكل نار"، وإنما قدرناه مجرورًا بـ"كل" محذوفة ولم نجعله مجرورًا بالعطف على "امرئ" المجرور بإضافة "كل" إليه "لئلا يلزم العطف" على معمولي عاطفين مختلفين؛ لأن "امرئ" المجرور معمول لـ"كل"، و"امرأ" المنصوب معمول لـ"تحسبين" على أنه مفعول ثان له، ومفعوله الأول "كل امرئ" مقدم عليه, فلو عطفنا "نار"3 المجرورة على "امرئ" المضاف إليه "كل"، و"عطفنا "نارًا" المنصوبة على "امرأ" المنصوب لزم أن نعطف بحرف واحد شيئين "على معمولي عاملين" مختلفين، وذلك ممتنع لأن العاطف نائب عن العامل, وعامل واحد لا يعمل جرا ونصبا ولا يقوى أن ينوب مناب عاملين، هذا مذهب سيبويه والمبرد وابن السراج وهشام4، وذهب الأخفش والكسائي والفراء والزجاج إلى الجواز5، والتقدير: أتحسبين كل امرئ امرأ، وكل نار نارًا، فحذف المضاف وأبقى المضاف إليه على جره، واختير الحذف دون العطف؛ لأن حذف ما دل6 عليه دليل مجمع على جوازه، والعطف على معمولي عاملين مختلف فيه كما قدمنا7، والحمل على المتفق عليه أولى من الحمل على المختلف فيه، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 414- وربما جروا الذي أبقوا كما ... قد كان قبل حذف ما تقدما   561- البيت بلا نسبة في إصلاح المنطق ص146، وأوضح المسالك 3/ 158، وخزانة الأدب 6/ 501، والدرر 1/ 446، وشرح ابن الناظم ص287، وشرح الأشموني 2/ 322، وشرح التسهيل 1/ 388، وشرح شذور الذهب ص137، وشرح الكافية الشافية 2/ 974، ولسان العرب 3/ 93 "بعد"، 147/ 237 "خفا" والمقاصد النحوية 3/ 436، وهمع الهوامع 1/ 209، 210. 1 سقطت من "أ". 2 في "أ": "المذكور". 3 في "ط": "نارا". 4 انظر مغني اللبيب ص632. 5 انظر ما ذهب إليه الأخفش والكسائي والفراء والزجاج في مغني اللبيب ص632. 6 في "ط": "يدل". 7 في "ط": "قدمناه". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 729 415- لكن بشرط أن يكون ما حذف ... مماثلا لما عليه قد عطف وهذا الشرط أغلبي كما تقدم. "ومن غير الغالب قراءة ابن جماز" بالجيم والزاي: "تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا "وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةِ" [الأنفال: 67] بجر "الآخرة" على حذف مضاف، "أي: عمل الآخرة، فإن المضاف" المحذوف وهو "عمل" "ليس معطوفًا" على حدته "بل المعطوف جملة" من مبتدأ وخبر "فيها المضاف" وهو "عمل" على جملة فعلية فيها مضاف غير مماثل للمحذوف، والأصل والله أعلم؛ تريدون عرض الدنيا والله يريد عمل الآخرة، ومن قدر "عرض الآخرة" فقد تجوز1. "وإن كان المحذوف المضاف إليه" وهو الجزء الثاني "فهو على ثلاثة أقسام؛ لأنه تارة يزال من المضاف" وهو الجزء الأول "ما يستحقه من إعراب وتنوين ويبنى على الضم نحو": قبضت عشرة "ليس غير" مما هو شبيه بالغايات، "ونحو: {مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ} " [الروم: 4] مما هو غايات "كما مر" في الفصل قبله، "وتارة يبقى إعرابه ويرد إليه تنوينه وهو الغالب نحو: {وَكُلًّا ضَرَبْنَا لَهُ الْأَمْثَالَ} " [الفرقان: 39] من ألفاظ الإحاطة، "و" نحو: {أَيًّا مَا تَدْعُوا} " [الإسراء: 110] من أسماء الشرط، "وتارة يبقى إعرابه ويترك تنوينه كما كان في الإضافة، وشرط ذلك في الغالب أن يعطف عليه" أي: على المضاف "اسم عامل في مثل" المضاف إليه "المحذوف، وهذا العامل إما مضاف كقولهم: خذ ربع ونصف ما حصل"، والأصل: خذ ربع ما حصل ونصف ما حصل2، فحذفوا "ما حصل" الأول المضاف إليه "ربع" لدلالة "ما حصل" الثاني المضاف إليه "نصف"، وأبقوا المضاف الأول وهو "ربع"، على حاله فلم ينون؛ لأن المضاف إليه منوي لفظه، وعطف عليه "نصف"، وهو اسم مضاف عامل في "ما حصل" الجر بالإضافة إليه، و"ما حصل" المذكور مثل "ما حصل"، المحذوف لفظًا ومعنى، وهذه المسألة لها شبه بباب التنازع، فإن ربع "ونصف" يتنازعان "ما حصل"، فأعمل الثاني لقربه، وحذف معمول الأول لأنه فضلة3، وذهب سيبويه إلى أنها من باب الفصل بين المضاف والمضاف إليه [والأصل: خذ ربع ما حصل ونصفه ثم أقحم "ونصفه" بين المضاف والمضاف إليه] 4، فصار: ربع ونصفه ما حصل ثم حذفت الهاء إصلاحًا للفظ   1 منهم ابن مالك في شرح التسهيل 3/ 271. 2 سقط من "ط": "ما حصل". 3 سقط من "ب": "لأنه فضلة". 4 سقط ما بين المعقوفين من "ب". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 730 فصار: ربع ونصف ما حصل، ومثل هذا عند سيبويه والجمهور لا يجوز إلا في الشعر1، واختار الناظم أنه من الحذف من الأول لدلالة الثاني، فلا فصل فهي عنده جائزة قياسًا وسماعًا2، وإليها أشار بقوله في النظم: 416- ويحذف الثاني ويبقى الأول ... كحاله إذا به يتصل 417- بشرط عطف وإضافة إلى ... مثل الذي له أضفت الأولا "أو غيره" بالرفع؛ أي: غير مضاف، وهو عامل في "مثل" المحذوف "كقوله": [من الرجز] 562- علقت آمالي فعمت النعم ... "بمثل أو أنفع من وبل الديم" فـ"مثل" مضاف إلى محذوف دل عليه المذكور، والأصل: بمثل وبل الديم3 فحذف "وبل الديم" من الأول لدلالة الثاني عليه، والعامل "أنفع" وهو غير مضاف، وهو مجرور بالعطف على "مثل" المجرور بالباء المتعلقة بـ"علقت" و"الوبل" بسكون الباء الموحدة: المطر الشديد، و"الديم" بكسر الدال: جمع ديمة، وهي المطر الذي ليس فيه رعد ولا برق. "ومن غير الغالب قولهم" فيما حكاه أبو علي: "ابدأ بذا من أول، بالخفض من غير تنوين" على نية لفظ المضاف إليه، أي: من أول الأمر، "وقراءة بعضهم" وهو ابن محيصن: ""فَلَا خَوْفُ عَلَيْهِم"" [البقرة: 38] بالرفع من غير تنوين على الإهمال، "أي: فلا خوف شيء عليهم"، وأما قراءة يعقوب "لا خوفَ" بالفتح من غير تنوين فعلى الإعمال4.   1 الكتاب 1/ 176، 2/ 280. 2 شرخ التسهيل 3/ 265، ومغني اللبيب ص811. 562- الرجز بلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 172، والمقاصد النحوية 3/ 451، والارتشاف 2/ 715. 3 بعدها في "ب": "أو أنفع من وبل الديم". 4 انظر هذه القراءة في الإتحاف ص134، والنشر 2/ 211. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 731 "فصل": "زعم كثير من النحويين أنه لا يفصل بين المتضايفين إلا في الشعر1"؛ لأن المضاف إليه منزل من المضاف منزلة جزئية؛ لأنه واقع موقع تنوينه، فكما لا يفصل بين أجزاء الاسم لا يفصل بينه وبين ما نزل منزلة الجزء منه، وهو قول البصريين، "والحق" عند الكوفيين "أن مسائل الفصل سبع منها ثلاث جائزة في السعة" بفتح السين؛ وهي النثر، وضابطها أن يكون المضاف إما اسما يشبه الفعل، وأن يكون الفاصل بينهما معمولًا للمضاف، وأن يكون منصوبًا أو اسما لا يشبه الفعل، والفاصل القسم. "إحداها: أن يكون المضاف مصدرًا، والمضاف إليه فاعله، والفاعل إما مفعول كقراءة ابن عامر2": "وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ "قَتْلُ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَائِهِمْ" [الأنعام: 137] برفع "قتل" على النيابة عن الفاعل بـ"زين" المبني للمفعول، ونصب "أولادهم"، وجر "شركائهم"، فـ"قتل" مصدر مضاف، و"شركائهم" مضاف إليه3 من إضافة المصدر إلى فاعله، و"أولادهم" مفعوله، وفصل به4 بين المضاف والمضاف إليه، وحسن ذلك ثلاثة أمور: كون الفاصل فضلة، فإن ذلك مسوغ لعدم الاعتداد به, وكونه غير أجنبي لتعلقه بالمضاف، وكونه مقدر التأخير من أجل أن المضاف إليه مقدر التقديم بمقتضى الفاعلية المعنوية، فسقط بذلك قول الزمخشري في الكشاف5: وأما قراءة ابن عامر فشيء لو كان في مكان الضرورات وهو الشعر لكان6 سمجًا مردودًا فكيف به في الكلام المنثور، فكيف به في القرآن المعجز بحسن نظمه وجزالته. ا. هـ. "وقول الشاعر": [من الطويل]   1 بعده في "ب", "ط": "خاصة". 2 انظر قراءته في الإتحاف ص217، 2/ 263، وهي من شواهد شرح ابن الناظم ص289. 3 في "أ": "إليهم". 4 سقطت من "ط". 5 الكشاف 2/ 42. 6 في جميع النسخ: "كان"، والتصويب من الكشاف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 732 563- عتوا إذ أجبناهم إلى السلم رأفة ... "فسقناهم سوق البغاث الأجادل" فـ"سوق" مصدر مضاف، و"الأجادل" مضاف إليه من إضافة المصدر إلى فاعله، و"البغاث" مفعوله، وفصل به بين المضاف والمضاف إليه، والأصل: سوق الأجادل البغاث، و"السلم" بكسر السين: الصلح، و"البغاث"؛ بتثليث الموحدة أوله1 وبثاء مثلثة آخره، فأوله مثلث الضبط، وآخره مثلث النقط2، وبينهما غين معجمة: طائر ضعيف يصاد ولا يصطاد، و"الأجادل": جمع الأجدل وهو الصقر. "وإما ظرفه" عطف على قوله وإما مفعوله؛ أي: والفاصل إما مفعول المضاف كما تقدم، وإما ظرفه؛ "كقول بعضهم: ترك يومًا نفسك وهواها" سعي لها في رداها، فـ"ترك" مصدر مضاف، و"نفسك" مضاف إليه من إضافة المصدر إلى فاعله، ومفعوله محذوف، و"يومًا" ظرف للمصدر بمعنى أنه متعلق به، وفصل به بين المضاف والمضاف إليه، و"هواها" مفعول معه، والتقدير: ترك نفسك شأنها يومًا مع هواها سعي في رداها، ويحتمل أن يكون الأصل: تركك نفسك، فيكون من الإضافة إلى المفعول بعد حذف الفاعل. المسألة "الثانية" من الثلاث: "أن يكون المضاف وصفًا" بمعنى الحال أو الاستقبال، "والمضاف إليه إما مفعوله الأول والفاصل مفعوله الثاني كقراءة بعضهم: "فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدَهُ رُسُلِهَ"" [إبراهيم: 47] بنصب "وعده" وجر "رسله"3 فـ"مخلف" اسم فاعل متعد لاثنين وهو مضاف، و"رسله" مضاف إليه من إضافة الوصف إلى مفعوله الأول، و"وعده" مفعوله الثاني، وفصل به بين المضاف والمضاف إليه، والأصل: ولا تحسبن الله مخلف رسله وعده، "وقول الشاعر": [من الكامل] 564- ما زال يوقن من يؤمك بالغنى ... "وسواك مانع فضله المحتاج"   563- البيت لبعض الطائيين في شرح عمدة الحافظ ص491، وبلا نسبة في أوضح المسلك 3/ 180، وشرح ابن الناظم ص290، وشرح الأشموني 2/ 327. 1 سقطت من "ب". 2 سقطت من "ط". 3 لم تنسب هذه القراءة إلى أحد، وهي في البحر المحيط 5/ 439، ومعاني القرآن للفراء. 564- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 182، وشرح الأشموني 2/ 327، وشرح عمدة الحافظ ص493، والمقاصد النحوية 3/ 496. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 733 فـ"سواك" مبتدأ، و"مانع" خبره، وهو اسم فاعل مضاف إلى مفعوله الأول وهو "المحتاج"، و"فضله" مفعوله الثاني، وفصل به1 بين المضاف والمضاف إليه، والأصل: وسواك1 مانع المحتاج فضله. "أو ظرفه" عطف على مفعوله الأول أي والفاصل إما مفعوله الأول كما تقدم أو ظرفه؛ وذلك صادق بالجار والمجرور "كقوله صلى الله عليه وسلم: "هل أنتم تاركو لي صاحبي" 2فـ"تاركو" جمع تارك اسم فاعل ترك مضاف إلى مفعوله وهو "صاحبي" بدليل حذف النون، و"لي" جار ومجرور ظرف "تاركو"، وفصل به بين المضاف والمضاف إليه، والأصل: هل أنتم تاركو صحابي لي، "وقول الشاعر": [من الطويل] 565- فرشني بخير لا أكونن ومدحتي ... "كناحت يومًا صخرة بعسيل" فـ"ناحت" اسم فاعل مضاف، و"صخرة"، مضاف إليه من إضافة الوصف إلى مفعوله، و"يومًا" ظرف "ناحت" بمعنى أنه متعلق به، وفصل به بين المضاف والمضاف إليه و"رشني": أمر من رشت السهم إذا ألزقت عليه الريش، والمعنى: أصلح حالي بخير، و"مدحتي" مفعول معه، و"بعسيل" متعلق بـ"ناحت"، وهو؛ بفتح العين والسين المهملتين؛ مكنسة العطار التي يجمع بها العطر، وهو3 كناية عن كون سعيه مما لا فائدة فيه مع حصول التعب والكد. المسألة "الثالثة": أن يكون المضاف لا يشبه الفعل، و"أن يكون الفاصل قسمًا كقولهم: هذا غلام؛ والله, زيد4" بحر "زيد" بإضافة الغلام إليه، وفصل بينهما بالقسم، حكاه الكسائي، وحكى ابن الأنباري "هذا غلام؛ إن شاء الله؛ ابن5 أخيك" بجر "ابن" بإضافة الغلام إليه، والفصل بينهما بالشرط، وهو "إن شاء الله" وزاد ابن مالك الفصل بـ"إما"6 كقول تأبط شرا: [من الطويل]   1 سقطت من "ب". 2 أخرجه البخاري في كتاب فضائل الصحابة برقم 3461. 565- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 184، وتاج العروس "عسل"، والدرر 2/ 160، وشرح الأشموني 2/ 328، وشرح التسهيل 3/ 273، وشرح عمدة الحافظ ص328، ولسان العرب 11/ 447،"عسل" والمقاصد النحوية 3/ 481، وهمع الهوامع 2/ 52. 3 في "ط": "هي". 4 شرح ابن الناظم ص291، والإنصاف 2/ 435، المسألة رقم 60، والارتشاف 2/ 535. 5 سقطت من "ط". 6 شرح الكافية الشافية 2/ 944. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 734 566- هما خطتا إما إسار ومنة ... وإما دم والقتل بالحر أجدر في رواية الجر، و"الإسار" بكسر الهمزة: الأسر. "و" المسائل "الأربع الباقية" مع السبع1 "تختص بالشعر" لفقد الضابط المذكور. "إحداها: الفصل2 بالأجنبي ونعني به معمول غير المضاف" وإن كان عاملهما3، واحدًا "فاعلًا كان" الأجنبي "كقوله" وهو الأعشى ميمون بن قيس: [من المنسرح] 567- "أنجب أيام والداه به ... إذ نجلاه فنعم ما نجلا" فـ"أنجب" فعل ماض، و"والداه" فاعله، و"به" متعلق بـ"أنجب"، و"أيام" ظرف زمان متعلق بـ"أنجب" وهو مضاف، و"إذ" مضاف إليه، و"والداه" فاصل بين المضاف والمضاف إليه، وهو أجنبي من المضاف؛ لأنه معمول لغيره، أي: أنجب والداه به أيام إذ نجلاه، يقال: أنجب الرجل إذا ولد نجيبًا، و"نجلاه" بالنون والجيم: نسلاه، أو مفعولًا معطوف على فاعلًا، أي: فاعلًا كان؛ كما مر؛ "أو مفعولًا، كقوله" وهو جرير [من البسيط] 568- "تسقي امتياحا ندى المسواك ريقتها" ... كما تضمن ماء المزنة الرصف   566- البيت لتأبط شرا في ديوانه ص89، وجواهر الأدب ص154، وخزانة الأدب 7/ 499، 500، 503، والدرر 1/ 58، 2/ 162، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص79، وشرح شواهد المغني 2/ 975، ولسان العرب 7/ 289 "خطط" والمقاصد النحوية 3/ 486، وبلا نسبة في الخصائص 2/ 405، ورصف المباني ص342، وشرح الأشموني 2/ 468، وشرح الكافية الشافية 2/ 944، ومغني اللبيب 2/ 643، والممتع في التصريف 2/ 526، وهمع الهوامع 1/ 49، 2/ 52. 1 في "ط": "السبعة". 2 في "أ": "الفاصل". 3 في "ط": "عاملها". 567- البيت للأعشى في ديوانه ص285، والدرر 2/ 164، ولسان العرب 11/ 646 "نجل"، والمحتسب 1/ 152، والمقاصد النحوية 3/ 477، وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 186، وشرح ابن الناظم ص292، وشرح الأشموني 1/ 328، وشرح التسهيل 3/ 274، وشرح عمدة الحافظ ص494، وشرح الكافية الشافية 2/ 991، وهمع الهوامع 2/ 53. 568- البيت لجرير في ديوانه ص1/ 171، والدرر 2/ 160، والمقاصد النحوية 3/ 474، وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 187، وشرح ابن الناظم ص292، وشرح الأشموني 2/ 328، وشرح التسهيل 3/ 274، وشرح الكافية الشافية 2/ 989، وهمع الهوامع 2/ 52. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 735 فـ"تسقي" مضارع سقى متعد لاثنين، وفاعله ضمير يرجع إلى "أم عمرو" في البيت قبله1، و"ندى" مفعوله الأول وهو مضاف، و"ريقتها" مضاف إليه، و"المسواك"، مفعوله الثاني، فصل به بين المضاف والمضاف إليه، "أي: تسقي ندى ريقتها المسواك", والمسواك أجنبي من "ندى"؛ لأنه ليس معمولًا له وإن كان عاملهما واحدًا وهو "تسقي"، والامتياح:؛ بمثناة فوقية فتحتانية فحاء مهملة؛ الاستياك، و"المزنة": السحابة، "والرصف" بفتحتين: جمع رصفة، وهي حجارة مرصوف بعضها إلى بعض، وماء الرصف أرق وأصفى، "أو ظرفًا كقوله" وهو أبو حية النميري: [من الوافر] 569- "كما خط الكتاب بكف يومًا ... يهودي يقارب أو يزيل" فأضاف "كف" إلى "يهودي"، وفصل بينهما بالظرف، وهو أجنبي من المضاف؛ لأنه ليس معمولًا له، و"خط" مبني للمفعول، و"بكف" متعلق به، ويقارب أو تزيل: نعتان ليهودي. المسألة: "الثانية" من الأربع: "الفصل بفاعل المضاف كقوله": [من الرجز] 570- ما إن وجدنا للهوى من طب ... "ولا عدمنا قهر وجد صب" فأضاف "قهر" إلى مفعوله، وهو "صب"، وفصل بينهما بفاعل المصدر، وهو "وجد"، والأصل: ما وجدنا للهوى طبا، ولا عدمنا قهر صب وجد، و"الصب": العاشق. "ويحتمل أن يكون منه"؛ أي: من الفصل بالفاعل "أو من الفصل بالمفعول؛ قوله" وهو الأحوص: [من الوافر]   1 البيت المقصود هو: "ما استوصف الناس عن شيء يروقهم ... إلا أرى أم عمرو فوق ما وصفوا". 569- البيت لأبي حية النميري في ديوانه ص163، والإنصاف2/ 432, وخزانة الأدب 4/ 219، والدرر 2/ 161، والكتاب 1/ 179، ولسان العرب 12/ 390 "عجم" والمقاصد النحوية 3/ 470، وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 189، والخصائص 2/ 405، وشرح ابن الناظم ص291، وشرح الأشموني 2/ 328، وشرح ابن عقيل 2/ 83، وشرح التسهيل 1/ 368، 3/ 273، وشرح المفصل 1/ 103، وشرح الكافية الشافية 2/ 979، وهمع الهوامع 2/ 52، والوساطة ص464. 570- الرجز بلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 190، وشرح الأشموني 2/ 329، وشرح التسهيل 3/ 274، والدرر 2/ 164، وشرح عمدة الحافظ ص493، وشرح الكافية الشافية 2/ 993، والمقاصد النحوية 3/ 483، وهمع الهوامع 2/ 53. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 736 571- لئن كان النكاح أحل شيء ... "فإن نكاحها مطر حرام" في رواية الخفض لـ"مطر" بإضافة النكاح إليه والفصل بالهاء، وهي محتملة للفاعلية والمفعولية بدليل أنه يروى بنصب "مطر"، وبرفعه، فإن كان بالرفع فالتقدير: فإن نكاح مطر إياها، فهو من الفصل بالمفعول وإن كان بالنصب فالتقدير: فإن نكاح مطر هي، فهو من الفصل بالفاعل، والحاصل أن الهاء المتصلة بالنكاح إما أن تكون مفعولة فتكون في تقدير: "إياها" أو فاعلة فتكون في تقدير "هي"، فعلى الأول فاعل النكاح "مطر"، وعلى الثاني المرأة، فإنه يقال نَكَحَتْهُ ونَكَحَهَا، قال الله تعالى: {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230] وعلى التقديرين فالهاء مجرورة بإضافة المصدر إليها، وعلى هذا فيشكل خفض "مطر" بإضافة المصدر إليه؛ لأن المضاف1 لا يضاف لشيئين، وسبب قول الأحوص ذلك أن مطرًا كان أقبح الناس منظرًا2، وكان تحته امرأة من أجمل النساء، وكانت تريد فراقه، وهو يأبى ذلك. "و" المسألة "الثالثة: الفصل بنعت المضاف كقوله" وهو معاوية بن أبي سفيان لما اتفق ثلاثة من الخوارج أن يقتل كل واحد منهم واحدًا من علي بن أبي طالب وعمرو بن العاص ومعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهم، فقتل علي وسلم عمرو ومعاوية: [من الطويل] 572- نجوت وقد بل المرادي سيفه ... "من ابن أبي شيخ الأباطح طالب" ففصل بين المتضايفين؛ وهما أبي وطالب؛ بنعت المضاف وهو شيخ الأباطح، أي: من أبي طالب شيخ الأباطح، وتجوز في جعل "شيخ الأباطح" نعتًا للمضاف وهو "أبي" دون المضاف إليه، وإنما هو نعت للمضاف والمضاف إليه معًا، والمرادي هو عبد الرحمن ابن عمرو، الشهير بابن ملجم؛ بضم الميم وفتح الجيم على صيغة اسم المفعول، كما في   571- البيت للأحوص في ديوانه ص189، وأمالي الزجاجي ص81، وخزانة الأدب 2/ 151، وشرح شواهد المغني 2/ 767، 952، والعقد الفريد 6/ 81، والمقاصد النحوية 1/ 109، وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 192، وشرح ابن الناظم ص290، وشرح الأشموني 2/ 329، وشرح التسهيل 3/ 93، 278، وشرح الكافية الشافية 2/ 986، ومغني اللبيب 2/ 672. 1 في "ب": "المصدر". 2 سقطت من "ب". 572- البيت لمعاوية بن أبي سفيان في الدرر 2/ 162، وشرح ابن الناظم ص292، والمقاصد النحوية 3/ 478، وبلا نسبة في شرح الأشموني 1/ 258، وشرح ابن عقيل 2/ 84، وشرح التسهيل 3/ 275، وشرح الكافية الشافية 2/ 990، وهمع الهوامع 2/ 52. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 737 تهذيب الأسماء، وهو قاتل علي بن أبي طالب رضي الله عنه، "والأباطح": جمع بطحاء، والمراد بها مكة؛ لأن أبا طالب1 كان شيخ مكة ومن أعيان أهلها وأشرافها. المسألة "الرابعة: الفصل بالنداء" بمعنى المنادى "كقوله": [من الرجز] 573- "كأن برذون أبا عصام ... زيد حمار دق باللجام" فأضاف برذون إلى زيد، وفصل بينهما بالمنادى الساقط حرفه، و"حمار" خبر "كأن"، "أي: كأن برذون زيد" حمار "يا أبا عصام". وبقيت خامسة: وهي الفصل بفعل ملغى كقوله: [من الوافر] 574- بأي تراهم الأرضين حلوا ... ................................ أراد: بأي الأرضين تراهم. وسادسة: وهي الفصل بالمفعول لأجله كقوله: [من الوافر] 575- معاود جرأة وقت الهوادي ... ................................. أراد: معاود وقت الهوادي جرأة، وإلى هذا الفصل أشار الناظم بقوله: 418- فصل مضاف شبه فعل ما نصب ... مفعولًا أو ظرفًا أجز ولم يعب 419- فصل يمين واضطرارًا وجدا ... بأجنبي أو بنعت أو ندا   1 سقط من "ط". 573- الرجز بلا نسبة في الخصائص 2/ 404، والدرر 2/ 163، وشرح ابن الناظم ص293، وشرح الأشموني 2/ 329، وشرح ابن عقيل 2/ 86، وشرح التسهيل 3/ 275، وشرح عمدة الحافظ ص495، وشرح الكافية الشافية 2/ 993، والمقاصد النحوية 3/ 480، وهمع الهوامع 2/ 53. 574- عجز البيت: "أألدبران أم عسفوا الكفارا" وهو بلا نسبة في الدرر2/ 164، وشرح الأشموني 2/ 328، والمقاصد النحوية 3/ 490، وهمع الهوامع 2/ 53. 575- عجز البيت: "أشم كأنه رجل عبوس" وهو بلا نسبة في المقاصد النحوية 3/ 492، والمقتضب 4/ 377، وهمع الهوامع 2/ 53. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 738 "فصل": "في أحكام المضاف للياء" الدالة على المتكلم: "يجب كسر آخره"؛ أي: المضاف، لمناسبة الياء سواء أكان صحيحًا "كـ: غلامي" و"عبدي" أو شبيهًا بالصحيح كـ"دلوي" و"ظبيي"، "ويجوز فتح الياء وإسكانها"، واختلف في أيهما أصل، فقيل: الفتح، وقيل: الإسكان، ويجمع بينهما بأن الإسكان هو الأصل الأول؛ لأنه أصل كل مبني والياء مبنية، والفتح أصل ثان؛ لأنه أصل ما يبنى وهو على حرف واحد، وعلى القولين الإسكان أكثر. "ويستثنى من هذه الحكمين" وهو وجوب كسر آخر المضاف، وجواز فتح الياء وإسكانها "أربع مسائل" لا يأتي فيها ذلك "وهي المقصور كـ: فتى، وقذى" بالذال المعجمة "والمنقوص كـ: رام، و: قاض، والمثنى" وشبهه "كـ: ابنين" بالموحدة1 "و: غلامين"، و"اثنين" بالمثلثة، "وجمع المذكر السالم" وشبهه "كـ: زيدين، و: مسلمين" و"عشرين"، "فهذه الأربعة آخرها واجب السكون"؛ لأن آخر المقصور والمثنى المرفوع ألف، وآخر المنقوص والمثنى المجرور والمنصوب وجمع المذكر السالم مطلقًا ياء مدغمة في ياء المتكلم، وليس شيء من الألف والحرف المدغم قابلًا للتحرك، "والياء معها واجبة الفتح" للخفة والتحرك لالتقاء الساكنين، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 420- آخر ما يضاف لليا اكسر إذا ... لم يك معتلا كرام وقذى 421- أو يك كابنين وزيدين فذي ... جميعها اليا بعد فتحها احتذي "وندر إسكانها بعد الألف في قراءة "وَمَحْيَايْ" وَمَمَاتِي" [الأنعام: 162] في الوصل بسكون ياء "محياي"2، ولبيان أن ذلك في الوصل عطف عليه "ومماتي" وإلا فلا   1 في "ط": "الموحدة". 2 وكذلك قرأها ورش وقالون وأبو جعفر، انظر الإتحاف 221، والنشر 2/ 267، والبحر المحيط 4/ 262. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 739 حاجة لذكره، "و" ندر "كسرها بعدها" أي: بعد الألف "في قراءة الأعمش والحسن" البصري "قَالَ "هِيَ عَصَايِ"" [طه: 18] بكسر الياء1 على أصل التقاء الساكنين، "وهو" أي: الكسر "مطرد في لغة بني يربوع في الياء المضاف إليها جمع المذكر السالم وعليه قراءة حمزة" والأعمش ويحيى بن وثاب: "وَمَا أَنْتُمْ "بِمُصْرِخِيِّ إِنِّي"" [إبراهيم: 22] بكسر الياء في الوصل2، ولذلك عقبه بـ"إني"، وهذه اللغة حكاها الفراء3 وقطرب، فأجازها أبو عمرو بن العلاء، قاله الشاطبي، وبذلك سقط ما قاله المعري في رسالته4: أجمع أصحاب العربية على كراهة قراءة حمزة: "وما أنتم بمصرخيِّ" بالكسر. قال الموضح في الحواشي: والمعري له قصد في الطعن على علماء الإسلام، ولعل الذين كسروا لغتهم إسكان ياء الإضافة فالتقى معهم ساكنان، ونظيره الكسر في "شد" وفي "مع القوم" وإن كان الكسر في الياء أثقل، ا. هـ. "وتدغم ياء المنقوص والمثنى" في حالتي الجر والنصب "و" ياء "المجموع" جمع السلامة "في ياء الإضافة" لاجتماع المثلين "كـ: قاضي" رفعًا ونصبًا وجرا، "و: رأيت ابني" بفتح النون؛ "وزيدي" بكسر الدال و"مررت بابني وزيدي". "وتقلب واو الجمع" السالم في حالة الرفع "ياء"؛ لأن الواو والياء إذا اجتمعتا وسبقت إحداهما بالسكون قلبت الواو ياء تقدمت أو تأخرت "ثم تدغم" الياء المنقلبة عن الواو في ياء المتكلم لاجتماع المثلين "كقوله" وهو أبو ذؤيب يرثي بنيه الخمسة حين هلكوا جميعًا في طاعون واحد: [من الكامل] 576- "أودى بني وأعقبوني حسرة" ... عند الرقاد وعبرة لا تقلع فـ"أودى": معناه هلك، "وبني" فاعله, وهو جمع "ابن" مضاف إلي ياء المتكلم، وأصله: "بَنَوْيَ" عمل فيه ما تقدم.   1 هي قراءة أبي عمرو والحسن وابن أبي إسحاق، انظر البحر المحيط 6/ 234، والمحتسب 2/ 48. 2 انظر هذه القراءة في الإتحاف ص272، والنشر 2/ 298. 3 معاني القرآن 2/ 75. 4 انظر رسالة الغفران ص447. 576- البيت لأبي ذؤيب الهذلي في خزانة الأدب 1/ 420، وشرح شواهد المغني 1/ 262، ولسان العرب 1/ 613، "عقب"، والمقاصد النحوية 3/ 498، وبلا نسبة في المسالك 3/ 197، وشرح الأشموني 2/ 331، وشرح التسهيل 1/ 23. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 740 "وإن كان" الواو "قبلها ضمة قلبت" الضمة "كسرة كما في" أودى "بني" وجاء "مسلمي" و"عشري"، وظاهر سياقه أنه يبدأ بقلب الواو على قلب الضمة كسرة، وهو في ذلك تابع للترتيب الذكري في قول الناظم: 422- وتدغم اليا فيه والواو وإن ... ما قبل واو ضم فاكسره يهن واختار ابن جني أن يبدأ بقلب الضمة على قلب الواو كما في "أجر" جمع "جرو"، وأصله: أجرو فإنهم قلبوا الضمة كسرة أولًا؛ لأنها أضعف، ثم تدرجوا إلى قلب الواو ياء لأجلها، فلم يقدموا على الحرف الأقوى إلا بعد أن أقدموا1 على الحركة الضعيفة، ولو عكسوا لكان إقدامًا على الأقوى من غير تدرج، قلت: لا يمكنهم العكس في "أجر": لأنه يؤدي إلى قلب الواو ياء2 لغير موجب بخلافه في "مسلمي"، فإن موجب قلب الواو ياء اجتماع الواو والياء وسبق إحداها بالسكون، وإنما قدم قلب الضمة كسرة3 في "أجر" والواو ياء3 في "مسلمي" ناشئ عن قلب الواو ياء. "أو" كان قبل الواو "فتحة أبقيت" لتدل على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين "كـ: مصطفى" بفتح الفاء: جمع "مصطفى" بالقصر، وأما "مصطفِي" بكسر الفاء: فإنه جمع "مصطف" بالنقص، "وتسلم ألف التثنية" من القلب ياء اتفاقًا كـ"مسلماي" إذ لا موجب لقلبها ياء، وأطلق الناظم فقال: 423- وألفا سلم ........... ... ............................. "وأجازت هذيل في ألف المقصور قلبها ياء" عوضًا عن كسرة الحرف التي يستحقها ما قبل الياء، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 423- ........... عن ... هذيل انقلابها ياء حسن "كقوله" وهو أبو ذؤيب الهذلي: [من الكامل] 577- "سبقوا هوي وأعتقوا لهواهم" ... فتخرموا ولكل جنب مصرع   1 في "ط": "قدموا". 2 سقطت من "ب". 3 سقطت من "ط"، "ب". 577- البيت لأبي ذؤيب الهذلي في شرح أشعار الهذليين 1/ 7، وإنباه الرواة 1/ 52، والدرر 2/ 165، وسر صناعة الإعراب 2/ 700، وشرح شواهد المغني 1/ 262، وشرح قطر الندى ص191، وشرح المفصل 3/ 33، وكتاب اللامات ص98، ولسان العرب 15/ 372، "هوا" والمحتسب 1/ 76، والمقاصد النحوية 3/ 493، وهمع الهوامع 2/ 53، وتاج العروس "هوي"، وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 199، وشرح ابن الناظم ص295, وشرح الأشموني 2/ 331، وشرح ابن عقيل 2/ 90، وشرح التسهيل 3/ 283، وشرح الكافية الشافية 2/ 1004. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 741 فـ"هَوِيَّ" أصله "هَواي" فقلب الألف ياء وأدغمها في ياء المتكلم، والواو في "سبقوا" تعود إلى بنيه الخمسة في قوله: "أودى بني"، و"أعتقوا": تبع بعضهم بعضًا في الموت، و"تخرموا" بالخاء المعجمة والراء؛ مبني للمفعول، أي: خرمتهم المنية واحدًا بعد واحد. وهذيل بالتصغير، قال ابن السيد: يجوز أن يكون تصغير "هذلول"، وهو المرتفع من الأرض ويجوز أن يكون تصغير "مهذول" وهو المضطرب، من تصغير الترخيم فيهما. ا. هـ. وهذيل حي من مضر وهو هذيل بن مدركة بن إلياس بن مضر أخو خزيمة بن مدركة1 أمهما هند بنت وبرة أخت كلب بن وبرة. ولا يختص قلب ألف المقصور ياء بلغة هذيل بل حكاها عيسى بن عمرو بن قريش وحكاها الواحدي في البسيط عن طيئ في قوله تعالى: {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ} [طه: 123] وبها قرأ أبو عاصم الجحدري وابن [أبي] 2 إسحاق وعيسى بن عمر "هدي" و"هي عصيّ" ورويت3 عن النبي صلى الله عليه وسلم قاله الشاطبي. "واتفق الجميع" من العرب "على ذلك" وهو قلب الألف ياء مع ياء المتكلم "في: علي، و: لدي" الظرفيتين كما قيده المرادي وهو ظاهر، فإن الكلام في المضاف إلى ياء المتكلم وعلى الحرفية لا تضاف، وفي دعواه الاتفاق نظر، فإن بعض العرب لا يقلب فيقول: "لداي" و"علاي" قاله المرادي في شرح التسهيل. "ولا يختص" قلب الألف ياء "بياء المتكلم بل هو عام في كل ضمير نحو: "عليه" و"لديه" و"علينا" و"لدينا" وكذا الحكم في" "إلى" نحو: "إلي"، وظاهر كلام المرادي السابق أن من يقول "لداي" يقول: إلاي، فإنه قال؛ بعد أن قال ذلك: وكذلك "إلي"، ا. هـ. وأفرد "إلى" عن أخواتها؛ لأنها تستعمل ظرفًا وإن كانت تقع اسمًا لواحد الآلاء وهي النعم، والله أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب، والحمد لله وحده، وصلى الله على من لا نبي بعده، وهذا آخر النصف الأول من شرح التوضيح للشيخ خالد رحمه الله ونفعنا ببركاته في الدنيا والآخرة آمين، تم.   1 جمهرة أنساب العرب ص11. 2 سقطت من جميع النسخ، والتصويب من مختصر ابن خالويه ص5، ومعجم القراءات 3/ 240. 3 مختصر ابن خالويه ص5. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 742 فهرس المحتويات : 3 مقدمة المحقق 3 مقدمة المؤلف 6 شرح خطبة الكتاب 15 باب الكلام وما يتألف منه 41 باب شرح المعرب والمبني 93 باب النكرة والمعرفة 123 باب العلم 142 باب أسماء الإشارة 148 باب الموصول 179 باب المعرف بالأداة 189 باب المبتدأ والخبر 233 باب الأفعال الداخلة على المبتدأ 277 باب أفعال المقاربة 293 باب الأحرف الثمانية 336 باب لا العاملة عمل إن المشددة 358 باب الأفعال الداخلة على المبتدأ والخبر بعد استيفاء فاعلها 385 باب ما ينصب مفاعيل ثلاثة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 743 392 باب الفاعل 421 باب النائب عن الفاعل 441 باب الاشتغال 462 باب التعدي واللزوم 475 باب التنازع في العمل 490 باب المفعول المطلق 509 باب المفعول له 515 باب المفعول فيه 528 باب المفعول معه 537 باب المستثنى 569 باب الحال 616 باب التمييز 630 باب حروف الجر 673 باب الإضافة 743 فهرس المحتويات الجزء: 1 ¦ الصفحة: 744 المجلد الثاني باب إعمال المصدر وإعمال اسمه ... بسم الله الرحمن الرحيم 1 وصلى الله على سيدنا محمد وسلم "هذا باب إعمال المصدر و" إعمال "اسمه": ومدلوهما مختلف؛ فمدلول المصدر الحديث. ومدلول اسم المصدر لفظ المصدر الدال على الحديث. فدلالة اسم المصدر على الحدث إنما هي بواسطة دلالته على المصدر. وتحقيق ماهيتهما أن يقال: "الاسم الدال على مجرد الحدث" من غير تعرض لزمان؛ "إن كان علمًا" موضوعًا على معنى، "كـ: فجار وحماد"، علمين "لـ: الفجرة", بسكون الجيم، "والمحمدة"، بفتح الميم الأولى وكسر الثانية، "أو" كان "مبدوءًا بميم زائدة لغير المفاعلة، كـ: مضرب ومقتل"، بفتح أولهما وثالثهما، "أو" كان "متجاوزًا فعله الثلاثة، وهو بزنة اسم حدث الثلاثي كـ: غسل ووضوء", بضم أولهما "في قولك: اعتسل غسلا، وتوضأ وضوءًا؛ فإنهما"، أي: فإن الغسل "بزنة القرب، و" الوضوء بزنة "الدخول في" قولك: قرب قربًا ودخل دخولا، فهو اسم مصدر"، جواب الشرط، وهو "إن كان" والشرط وجوابه خبر المبتدأ. وهو قوله أولا: "الاسم الدال".   1 البسملة وما بعدها سقطت من "ب"، و"ط". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 3 والأجود في مثل هذا التركيب؛ كما قال الموضح في الحواشي؛ حذف الفاء وجعل ما بعدها خبر المبتدأ، والشرط معترض بينهما، وجوابه محذوف على حد قول الناظم: 14- والأمر إن لم يك للنون محل ... فيه هو اسم ......................... وما ذكره هنا من أن المبدوء بميم زائدة لغير المفاعلة اسم مصدر تبع فيه ابن الناظم1. وقال في شرح الشذور2: إنه مصدر: يسمى المصدر اليممي، وإنما سموه أحيانًا اسم مصدر تجوزًا. انتهى. "وإلا" يكن3 كذلك "فمصدر". "ويعمل المصدر عمل فعله" في التعدي واللزوم "إن كان يحل محله فعل، إما مع: أن" المصدرية والزمان ماض أو مستقبل؛ فالأول: "كـ: عجبت من ضربك زيدًا أمس، و" الثاني نحو: "يعجبني ضربك زيدًا غدًا"، فالمصدر في هذين المثالين يحل محله "أن" وفعل ماض في الأول؛ "أي: أن ضربته" أمس، "و" "أن" وفعل مضارع في الثاني؛ أي: "أن تضربه" غدًا. "وإما مع: ما" المصدرية والزمان حال فقط، "كـ: يعجبني ضربك زيدًا الآن؛ أي: ما تضربه" الآن، "ولا يجوز في نحو: ضربت ضربًا زيدًا"، من المصدر المؤكد لعامله، "كون "زيدًا" منصوبًا بالمصدر؛ لانتفاء هذا الشرط"؛ لأنه لا يحل محله فعل مع "أن" أو "ما" وإنما هو منصوب بـ: ضربت، اتفاقًا؛ لأن المصدر المؤكد لا يعمل. وأما المصدر النائب عن فعله نحو: ضربًا زيدًا، ففيه خلاف، فذهب ابن مالك؛ في التسهيل4؛ إلى جواز إعماله، وصحح الموضح؛ في شرح القطر5؛ المنع، وعلله: بأن المصدر هنا إنما يحل الفعل وحده بدون "أن" و"ما". انتهى. فـ: زيدًا، في المثال منصوب بالمصدر عند ابن مالك، وبالفعل المحذوف النائب عنه المصدر عند الموضح. وإلى إعمال المصدر عمل فعله أشار الناظم بقوله: 424- بفعله المصدر الحق في العمل ... .......................................   1 شرح ابن الناظم ص296. 2 شرح شذور الذهب ص410-411. 3 في "ب": "يك". 4 التهسيل ص88. 5 شرح قطر الندى ص261. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 4 425- إن كان فعل مع أن أو ما يحل ... محله .............................. وبقي من شروط إعمال المصدر شروطه العدمية1، فهي أن لا يكون مصغرًا، فلا يجوز: أعجبني ضريبك زيدًا، ولا مضمرًا؛ فلا يجوز: ضربي زيدًا حسن وهو عمرًا قبيح، خلافًا للكوفيين، ولا محدودًا؛ فلا يجوز: أعجبتني ضربتك زيدًا، ولا موصوفًا، قبل العمل؛ فلا يجوز: أعجبني ضربك الشديد زيدًا، ولا محذوفًا؛ فلا يقال: إن باء البسملة متعلقة بمصدر محذوف تقديره: ابتدائي2، خلافًا لقوم. ولا مفصولا من معموله بأجنبي فلا يقال: {يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ} [الطارق: 9] معمول لـ: {رَجْعِهِ} [الطارق: 8] لأنه قد فصل بينهما بالخبر، ولا مؤخرًا عن معموله؛ فلا يجوز: أعجبني زيدًا ضربك، قاله في شرح القطر3 أحدًا من التسهيل4. "وعمل المصدر مضافًا أكثر" من عمله غير مضاف، وهو متفق عليه5، ويضاف إلى الفاعل تارة وإلى المفعول أخرى؛ فالأول "نحو: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ} " [البقرة: 251] ، والثاني كقوله: [من الطويل] . 578- ألا إن ظلم نفسه المرء بين ... إذا لم يصنها عن هوى يغلب العقلا "و" عمله "منونًا أقيس" من عمله مضافًا؛ لأن يشبه الفعل بالتنكير6 "نحو: {أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ، يَتِيمًا} [البلد: 14، 15] فـ: إطعام، مصدر وفاعله محذوف, ويتيمًا مفعوله، والتقدير: أو إطعامه يتيمًا. والمسغبة: المجاعة، من سغب: إذا جاع. ومنع الكوفيون إعمال المصدر المنون، وحملوا ما بعده من مرفوع ومنصوب على إضمار فعل. "و" عمله معرفًا "بـ"أل" قليل" في السماع, "ضعيف" في القياس؛ لبعده   1 سقط من "ب": "شروطه العدمية". 2 في "ب": "ابتداء". 3 شرح قطر الندى ص266. 4 التسهيل ص142. 5 في شرح الناظم ص297: "وإذا كان في المصدر شرط العمل فأكثر ما يعمل مضافًا"، وانظر الارتشاف 3/ 177، وهمع الهوامع 2/ 93. 578- البيت بلا نسبة في شرح قطر الندى ص267، وتقدم برقم 327. 6 في شرح ابن الناظم ص297: "وإعمال المصدر مضافًا أكثر، ومنونًا أقيس، وقد يعمل مع الألف واللام"، وانظر الارتشاف 3/ 177، وهمع الهوامع 2/ 93. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 5 من مشابهة الفعل بدخول "أل" عليه "كقوله": [من المتقارب] 579- ضعيف النكاية أعداءه ... يخال الفرار يراخي الأجل فـ: النكاية: مصدر مقرون بـ"أل" وفاعله محذوف، وأعداءه: مفعوله. والمعنى: ضعيف نكايته أعداءه، يظن أن الفرار من الموت يباعد الأجل. وفي التنزيل: {قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ} [الجمعة: 8] . واختلف في المصدر المقرون بـ"أل" على أربعة أقوال؛ فسيبويه يعمله1، والكوفي لا يعمله، كما لا يعمل المنون2 وجوزه الفارسي على قبح3، وابن طلحة إن كانت "أل" فيه معاقبة للضمير، كما في البيت، ومنع: عجبت من الضرب زيد عمرًا، ووافقه أبو حيان4، ويرد عليهما قوله: [من الطويل] 580- عجبت من الرزق المسيء إلهه ... وللترك بعض الصالحيين فقيرا أي: عجبت من أن رزق المسيء إلهه، ومن أن ترك بعض الصاحلين فقيرًا. وإلى إعمال المصدر في أحوال الثلاثة أشار الناظم بقوله: 424- ............................ ... مضافًا أو مجردًا أو مع أل "واسم المصدر إن كان علمًا لم يعمل اتفاقًا" لتعريفه5 بالعلمية، والأعلام لا تعمل، "وإن كان ميميًّا فكالمصدر" في العمل "اتفاقًا" لأنه مصدر حقيقة، كما "64" تقدم عن شرح الشذور6 "كقوله"؛ وهو الحارث بن خالد المخزومي، ونسبه   579- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 208؛ وخزانة الأدب 8/ 127، والدرر 2/ 304، وشرح ابن الناظم ص297؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 394، وشرح الأشموني 1/ 333، وشرح التسهيل 3/ 116، وشرح شذور الذهب ص384، وشرح شواهد الإيضاح ص136؛ وابن عقيل 2/ 95، وشرح الكافية الشافية 2/ 1013"؛ وشرح المفصل 6/ 59، 64، والكتاب 1/ 192، والمقرب 1/ 131، والمنصف 3/ 71، وهمع الهوامع 2/ 93. 1 الكتاب 1/ 319، وانظر الدرر 2/ 305. 2 الدرر 2/ 305. 3 الإيضاح العضدي 3/ 160. 4 الارتشاف 3/ 177. 580- البيت بلا نسبة في شرح قطر الندى ص269. 5 في "أ": "لتعرفه". 6 شرح شذور الذهب ص410-411. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 6 الموضح في المغني1 للعرجي تبعًا للحريري: [من الكامل] 581- أظلوم إن مصابكم رجلا ... أهدى السلام تحية ظلم فـ"مصاب" مصدر ميمي مضاف إلى فاعله، ورجلا: مفعول، وجملة "أهدى السلام": نعت رجلا, وتحية: مفعول مطلق، على حد: قعدت جلوسًا، وظلم: خبر "إن"، وظلوم: منادى بالهمزة. "وإن كان" اسم المصدر "غيرهما" أي غير العلم والميمي، وهو ما جاوز فعله الثلاثة وهو بزنة حدث2 الثلاثي، "لم يعمل عند البصريين"؛ لأن أصل وضعه لغير المصدر؛ فـ: الغسل موضوع لما يغتسل به، والوضوء لما يتوضأ به، ثم استعمل في الحدث، "ويعمل عند الكوفيين والبغداديين"؛ لأنه الآن دال على الحدث، "وعليه قوله"؛ وهو القطامي: [من الوافر] 582- أكفرًا بعد رد الموت عني ... وبعد عطائك المائة الرتاعا فـ"عطائك" اسم مصدر مضاف إلى فاعله، والمائة: مفعوله الثاني، وحذف الأول؛ أي عطائك إياي المائة، على حد: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ} [التوبة: 29] أي: يعطوكم الجزية.   1 مغني اللبيب 2/ 538. 581- البيت للحارث بن خالد المخزومي في ديوانه ص91، والاشتقاق ص51، 99، وخزانة الأدب 1/ 454، والدرر 2/ 309، ومعجم ما استعجم ص504 "الخطم"، وللعرجي في ديوانه ص193، ودرة الغواص ص96، ومغني اللبيب 2/ 538، وللحارث أو للعرجي في إنباه الرواة 1/ 284، وشرح شواهد المغني 2/ 892، والمقاصد النحوية 3/ 502، ولأبي دهبل الجمحي في ديوانه ص66، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 6/ 226، وأوضح المسالك 3/ 210، وشرح الأشموني 2/ 336، وشرح شذور الذهب ص411، وشرح عمدة الحافظ ص731، ومجالس ثعلب ص270، ومراتب النحويين ص127، وهمع الهوامع 2/ 94. 2 في "ب": "حد". 582- البيت للقطامي في ديوانه ص37، وتذكرة النحاة ص456، وخزانة الأدب 8/ 136، 137، والدرر 1/ 408، وشرح شواهد المغني 2/ 849، وشرح عمدة الحافظ ص695، ولسان العرب 9/ 141 "رهف"، 15/ 69 "عطا"، ومعاهد التنصيص 1/ 179، والمقاصد النحوية 3/ 505، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 411، وأوضح المسالك 3/ 211، والدرر 2/ 213، وشرح ابن الناظم ص298، وشرح الأشموني 2/ 336، وشرح شذور الذهب ص412، وشرح ابن عقيل 2/ 99، ولسان العرب 8/ 163 "سمع"، 15/ 138 "غنا"، وهمع الهوامع 1/ 188، 2/ 95. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 7 والرتاع، بكسر الراء: جمع راتعة، وهي الإبل التي ترتع1: نعت "مائة". والخطاب لزفر بن الحارث الكلابي، وكان من خبره أن القطامي أسر، فخلصه؛ زفر ورد عليه ماله، وأعطاه مائة بعير من غنائم القوم الذين أسروه. وما ذكره الموضح من التفصيل والخلاف في عمل اسم المصدر لا ينافيه قول الناظم: 425- ........................... ... ... ولاسم مصدر عمل بالتنكير؛ لأن ذلك صادق عليه. "ويكثر أن يضاف إلى فاعله" لشدة اتصاله به. "ثم يأتي مفعوله" منصوبًا "نحو: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ} [البقرة: 251] فـ"دفع" مصدر مضاف إلى فاعله وهو "الله" و"الناس" مفعوله، والمعنى: ولولا أن دفع الله الناس بعضهم ببعض لغلب المفسدون، وتعطلت المصالح. "ويقل عكسه"، وهو أن يضاف إلى المصدر إلى مفعوله، ثم يأتي فاعله مرفوعًا، "كقوله" وهو الأقيشر الأسدي: [من البسيط] 583- أفنى بلادي وما جمعت من نشب ... قرع القواقيز أفواه الأباريق فـ"قرع"، بالقاف والعين المهملة، مرفوع على الفاعلية بـ"أفنى"، وهو مصدر مضاف إلى مفعوله، وهو"القواقيز"؛ بقافين وزاي معجمة2: أقداح يشرب بها الخمر، واحدتها قاقوزة، وأما قازوزة؛ بزاءين معجمتين؛ فجمعها "قوازيز" كـ: قوارير، بمهملتين، جمع "قارورة", وأفواه: فاعل المصدر، وهو جمع "فم" وأصله: فوه؛ فلذلك ردت في الجمع. والأباريق: جمع إبريق، وروي بنصب الأفواه، فيكون من القسم الأول. وتلادي، بكسر التاء المثناة فوق: المال القديم، من تراث وغيره، "وجمعت" بتشديد الميم، و"النشب" بفتح النون والشين المعجمة: اسم يقع على الضياع والدور والأمول الثابتة التي لا يقدر الإنسان أن يرتحل بها.   1 في "ب"، "ط": "ترتعي". 583- البيت للأقيشر الأسدي في ديوانه ص60، والأغاني 11/ 259، وخزانة الأدب 4/ 491، والدرر 2/ 307، وشرح شواهد المغني 2/ 891، والشعر والشعراء ص565، واللسان 5/ 396 "قفز"، والمؤتلف والمختلف 56، والمقاصد النحوية 3/ 508، وبلا نسبة في إصلاح المنطق 338، والإنصاف 1/ 233، وأوضح المسالك 3/ 212، وشرح الأشموني 2/ 337، وشرح شذور الذهب ص383، واللمع 271، ومغني اللبيب 2/ 536، والمقتضب 1/ 21، والمقرب 1/ 130، وهمع الهوامع 2/ 94. 2 سقطت من "ب". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 8 وقيل: "تختص" إضافة المصدر إلى مفعوله "بالشعر"، كهذا البيت، ورد بالحديث وهو قوله -صلى الله عليه وسلم: "وحج البيت من استطاع إليه سبيلا" 1 فـ"حج"، مصدر يحل محله "أن" والفعل، وهو مضاف إلى مفعوله، وهو "البيت" و"من" الموصولة: فاعله، "أي: وأن يحج البيت المستطيع". وللمانع أن يجيب بأن الحديث يحتمل أن يكون مرويًا بالمعنى فلا دليل فيه. "وأما إضافته إلى الفاعل ثم لا يذكر المفعول" في اللفظ، "وبالعكس" وهو أن يضاف إلى المفعول ثم لا يذكر الفاعل في اللفظ، "فكثير فيهما "فالأول: {رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ} " [إبراهيم: 40] . "و" الثاني "نحو: {لَا يَسْأَمُ الْإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ} " [فصلت: 49] فـ"دعائي" مصدر مضاف إلى الفاعل، وهو ياء المتكلم، و"دعاء الخير" مصدر مضاف إلى المفعول وهو "الخير" فحذف من الأول المفعول، ومن الثاني الفاعل. "ولو ذكر1 لقيل: دعائي إياك، ومن دعائه الخير". وهو أحد المواطن الأربعة التي يطرد فيها حذف الفاعل، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 426- وبعد جره الذي أضيف له ... كمل بنصب أو برفع عمله "وتابع المجرور" فاعلا كان المجرور أو مفعولا "يجر على اللفط، أو يحمل على المحل، فيرفع" إن كان المجرور فاعلا، "كقوله"؛ وهو لبيد العامري؛ يصف حمارًا وأتانًا وحشيين: [من الكامل] 584- حتى تهجر في الرواح وهاجها ... طلب المعقب حقه المظلوم فـ"طلب" بالنصب: مصدر مفعول مطلق نوعي مضاف إلى فاعله، وهو "المعقب" بكسر القاف: وهو الغريم، لأنه يأتي عقب غريمه، و"حقه" مفعول المصدر، و"المظلوم" بالرفع، نعت لـ"المعقب"،على محله؛ أي: كما يطلب المعقب المظلوم حقه. "وينصب" إن كان المجرور مفعولا، "كقوله" وهو زياد العنبري3 لا رؤبة:   1 أخرجه البخاري في المسند 2/ 26، 93, 4/ 363. 2 في "ب"، "ط": "ذكرًا". 584- تقدم تخريج البيت برقم 354. 3 في "ط": "العنتري". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 9 [من الرجز] 585- قد كنت دانيت بها حسانا ... مخافة الإفلاس والليانا فـ"مخافة" مفعول لأجله، وهو مصدر مضاف إلى مفعوله، والفاعل محذوف، أي: مخافتي الإفلاس، و"الليان" بكسر السلام وفتحها، وهو الأكثر: المطل بالدين؛ معطوف بالنصب على محل الإفلاس، وإلى ذلك إشار الناظم بقوله: 427- وجر ما يتبع ما جر ومن ... راعي في الإتباع المحل فحسن هذا مذهب الكوفيين وبعض البصرين، ومذهب سيبويه1 والجمهور منع الإتباع على المحل وما جاء من ذلك مؤول. قال المرادي2: والظاهر الجواز لكثرة الشواهد على ذلك، والتأويل على خلاف الظاهر.   585- الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص187، والكتاب 1/ 191، 192، ولزياد العنبري في شرح المفصل 6/ 65، وله أو لرؤبة في الدرر 2/ 486، وشرح شواهد الإيضاح ص131، وشرح شواهد المغني 2/ 869، والمقاصد النحوية 3/ 520، وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 215، وخزانة الأدب 5/ 102، وشرح ابن عقيل 2/ 105، وشرح الناظم ص300، وشرح المفصل 6/ 69، ومغني اللبيب 2/ 476، وهمع الهوامع 2/ 145. 1 الكتاب 1/ 191. 2 شرح المرادي 3/ 13. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 10 باب إعمال اسم الفاعل مدخل ... باب إعمال اسم الفاعل: عمل فعله في التعدي واللزوم: "وهو ما دل على الحدث والحدوث1 وفاعله", فالدال على الحدث بمنزلة الجنس يشمل جميع الأوصاف والأفعال. "فخرج بـ" ذكر2 "الحدوث3" اسم التفضيل "نحو: أفضل و" الصفة المشبهة "نحو: حسن، فإنهما" لا يدلان على الحدوث، "وإنما يدلان على الثبوت، وخرج بذكر: فاعله" اسم مفعول "نحو: "مضروب، و" الفعل نحو: "قام" فإن اسم المفعول إنما يدل على المفعول لا على الفاعل، والفعل إنما يدل على الحدث والزمان بالوضع، لا على الفاعل، وإنما دل عليه بالالتزام. وفي غالب النسخ تقديم الحدوث على الحدث، والصواب خلافه؛ لأن ال فصل لا يتقدم على الجنس في اصطلاح أهل الميزان "فإن كان" اسم الفاعل "صلة لـ"أل" عمل" عمل فعله "مطلقًا"، ماضيًا كان أو غيره، معتمدًا أو غير معتمد، تقول: جاء الضارب زيدًا أمس أو الآن أو غدًا، وذلك لأن "أل" هذه موصولة "وضارب" حال محل "ضرب" إن أريد المضي، أو "يضرب" إن أريد غيره، والفعل في جميع الحالات، فكذا ما حل محله، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 431- وإن يكن صلة أل ففي المضي ... وغيره إعماله قد ارتضي   1 سقطت من "ب". 2 سقطت من "ب". 3 في "ب": "بالحدث". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 11 "وإن لم يكن " اسم الفاعل صلة لـ"أل" "عمل" عمل فعله "بشرطين" عدميين، وبشرطين وجوديين: فالعدميان: أحدهما: أن لا يوصف، والثاني: أن لا يصغر، خلافًا للكسائي فيهما. والوجوديان: "أحدهما: كونه للحال أو للاستقبال"؛ لأنه إنما عمل حملا على المضارع؛ لما بينهما من الشبه اللفظي والمعنوي؛ "لا للماضي"؛ لأنه لم يشبه لفظ الفعل الذي هو بمعناه، "خلافًا للكسائي" في إجازة عمله بمعنى الماضي، وتبعه على ذلك هشام وأبو جعفر وجماعة، واستدلوا بقوله تعالى: {وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ} [الكهف: 18] وجه الدلالة منه أن "باسط" بمعنى الماضي وعمل في "ذراعيه" النصب. "وقال" المانعون: "لا حجة له ولهم في "باسط ذراعيه" لأنه على" إرادة "حكاية الحال" الماضية، "فالمعنى: يبسط ذراعيه", فيصح وقوع المضارع موقعه "بدليل" أن الواو في "وكلبهم" واو الحال؛ إذ يحسن أن يقال: جاء زيد وأبوه يضحك، ولا يحسن: وأبوه ضحك؛ "و" لذا قال سبحانه وتعالى: {وَنُقَلِّبُهُم} [الكهف: 18] بالمضارع الدال على الحال. "ولم يقل: وقلبناهم"، بالماضي، ومحل الخلاف في رفعه الظاهر ونصبه المفعول به، أما رفع الوصف الماضي الضمير المستتر فجائز اتفاقًا. "و" الشرط الثاني: "اعتماده على استفهام أو نفي أو مخبر عنه أو موصوف" أو ذي حال؛ فالاستفهام والنفي "نحو: أضارب زيد عمرًا، وما ضارب زيد عمرًا، و" المخبر عنه نحو: "زيد ضارب أبوه عمرًا، و" الموصوف نحو: "مررت برجل ضارب أبوه عمرا" وذي الحال نحو: جاء زيد راكبا أبوه فرسًا. "والاعتماد على المقدر" من الاستفهام والنفي والمخبر عنه والموصوف وذي الحال. "كالاعتماد على الملفوظ به" من ذلك "نحو: مهين زيد عمر أم مكرمه" فـ"مهين" رفع زيدا ونصب عما اعتمادًا على الاستفهام المقدر "أي: أمهين، ونحو: {مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ} [النحل: 69] فـ"مختلف" رفع "ألوانه" اعتمادا على الموصوف المقدر "أي: صنف مختلف ألوانه، وقوله"؛ وهو الأعشى ميمون: "من البسيط" 586- كناطح صخرة يومًا ليوهنها ... فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل   586- البيت للأعشى في ديوانه ص111، وتاج العروس "وعل"، وشرح ابن الناظم ص302، والمقاصد النحوية 3/ 529، وبلا نسبة في الأغاني 9/ 149، وأوضح المسالك 3/ 218، والرد على النحاة، 74، وشرح الأشموني 2/ 341، وشرح شذور الذهب ص390، وشرح ابن عقيل 2/ 109، وشرح الكافية الشافية 2/ 1030. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 12 فـ"ناطح" نصب "صخرة" اعتمادًا على الموصوف المقدر؛ أي: كوعل ناطح. والوعل، بفتح الواو مع فتح العين المهملة أو كسرها، كـ: فرس أو كتف، وقد يقال بضم الواو وكسر العين، كـ: دئل، وهو نادر، والمراد به هنا: تيس الجبل، بجيم وموحدة مفتوحتين، ويقال له الأيل، بفتح الهمزة وتشديد الياء المثناة آخر الحروف المكسورة. ويوهنها: يزعزعها. "ومنه" أي: من الاعتماد على الموصوف المقدر: "يا طالعًا جبلا" فـ"طالعًا" نصب "جبلا" لاعتماده على الموصوف المقدر أي: يا رجلا طالعًا، وقول ابن مالك في النظم: 429- ............... او حرف ندا ... أو نفيًا او جا صفه أو مسندا تصريح منه "أنه اعتمد على حرف النداء"، وذلك "سهو" لأن المعتمد عليه ما يقرب الوصف من الفعل، وحرف النداء لا يصلح لذلك "لأنه مختص بالاسم" لكونه من علاماته، فكيف يكون مقربًا من الفعل؟ " قاله ابن الناظم بمعناه1، وإلى هذين الشرطين أشار الناظم بقوله: 428- كفعله اسم فاعل في العمل ... إن كان عن مضيه بمعزل 429- وولي استفهامًا او حرف ندا ... أو نفيًا او جا صفه أو مسندا وأشار إلى الاعتماد على المقدر بقوله: وفي المغني2: أن اشتراط الاعتماد وكون الوصف بمعنى الحال أو الاستقبال إنما هو للعمل في المنصوب لا لمطلق العمل بدليلين: أحدهما: أنه يصح: زيد قائم أبوه أمس، والثاني: إنهم لم يشترطوا لصحة نحو: أقائم الزيدان، كون الوصف بمعنى الحال أو الاستقبال، انتهى. وذهب الأخفش إلى أنه يعمل وإن لم يعتمد على شيء من ذلك، واستدل بنحو قوله: [من الطويل] . 587- خبير بنو لهب ................. ... ................................. البيت ... وتقدم في باب المبتدأ أنه محمول على التقديم والتأخير.   1 شرح ابن الناظم ص301. 2 مغني اللبيب 2/ 470. 587- تقدم تخريجه برقم 138 وتمامه: خبير بنو لهب فلا تك ملغيًا ... مقالة اللهبي إذا الطير مرت الجزء: 2 ¦ الصفحة: 13 فصل: "تحول1 صيغة فاعل للمبالغة" في الفعل "والتكثير" فيه "إلى" خمسة أوزان: "فعال"، بفتح الفاء وتشديد العين، كـ: ضراب، "أو فعول"، بفتح الفاء، كـ: ضروب، "أو: مفعال"، بكسر الميم، كـ: مضراب، "بكثرة"، وإليها أشار الناظم بقوله: 432- فعال أو مفعال أو فعول ... في كثرة عن فاعل بديل "وإلى: فعيل" بفتح الفاء وكسر العين وبعدها ياء كـ: ضريب، "أو: فعل" بفتح الفاء وكسر العين من غير ياء، كـ: ضرب، "بقلة"، وإليهما أشار الناظم بقوله: 433- .......................... ... وفي فعيل قل ذا وفعل وتسمى هذه الخمسة أمثلة المبالغة، "فيعملن عمله بشروطه" المتقدمة، وإلى ذلك يشير قول الناظم. 433- فيستحق ما له من عمل ... ............................... "قال" القلاخ بالقاف المضمومة وبالخاء المعجمة: [من الطويل] 588- أخا الحرب لباسا إليها جلالها ... وليس بولاج الخوالف أعقلا فنصب "جلالها" بـ: لباس، لاعتماده على صاحب الحال، وذلك لأن "أخا الحرب" و"لباس" حالان تقدم صاحبهما في البيت قبله2، وأراد بـ: الجلال؛ بالجيم؛ ما   1 في "ب": "تحويل". 588- البيت للقلاخ بن حزن في خزانة الأدب 8/ 157، والدرر 2/ 318، وشرح أبيات سيبويه 1/ 363، وشرح المفصل 6/ 79، 80، والكتاب 1/ 111، ولسان العرب 11/ 83 "ثعل"، والمقاصد النحوية 3/ 535، وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب 1/ 319، وأوضح المسالك 3/ 220، وشرح ابن الناظم ص303، وشرح الأشموني 1/ 342، وشرح التسهيل 3/ 79، وشرح شذور الذهب ص392، وشرح ابن عقيل 2/ 112، وشرح الكافية الشافية 2/ 1032، والمقتضب 2/ 113، وهمع الهوامع 2/ 96. 2 البيت هو: فإن تك فاتتك السماء فإنني ... بأرفع ما حولي من الأرض أطولا انظر المقاصد النحوية 3/ 535. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 14 يلبس في الحرب من الدروع والجواشن، والولاج: مبالغة في "والج" من الولوج: وهو الدخول، والخوالف؛ بالخاء المعجمة: جمع خالفة، وهي في الأصل عماد البيت، وأراد بها البيت نفسه. وأعقلا؛ بالعين المهملة وبالقاف: من العقل، يقال: أعقل الرجل، إذا اضطربت رجلاه من الفزع، ونصبه على الحال أو على الخيرية لـ: ليس، إن لم يمنع تعداد خبرها. والمراد أنه ثابت القدم في الحرب. وبينه وبينها مؤاخاة؛ وإذا قامت الحرب لا يلج البيت ولا يستتر فيه، بل يظهر ويحارب. "وقال" أبو طالب عم النبي -صلى الله عليه وسلم- في مرثية ختنه أبي أمية بن المغيرة المخزومي: [من الطويل] . 589- ضروب بنصل السيف سوق سمانها ... إذا عدموا زادا فإنك عاقر فنصب "سوق" جمع "ساق" بـ: ضروب؛ لاعتماده على ذي خبر محذوف؛ أي: هو ضروب، أو: أنت ضروب. ونصل السيف: شفرته؛ ولذلك أضافه إلى السيف، وقد يسمى السيف كله نصلا. والمراد: أنه كان يعرقب الإبل السمان للضيفان عند عدم الزاد. "وحكى سيبويه" بمعناه: "إنه لمنحار بوائكها1"، فنصب "بوائكها" جمع "بائكة" وهي السمينة الحسناء من النوق؛ بـ: منحار؛ بالحاء المهملة، مبالغة في "ناحر" لاعتماده على مخبر عنه وهو اسم "إن". "وقال" عبيد الله بن قيس الرقيات: [من الطويل] 590- فتاتان أما منهما فشبيهة هلالا ... وأخرى منهما تشبه البدرا فنصب "هلالا" بـ: شبيهة، مبالغة في "مشبهة" لاعتمادها على ذي خبر محذوف، تقديره: أما فتاة منهما فشبيهة هلالا. "وقال" زيد الخيل؛ سمي بذلك لأنه كان له   589- البيت لأبي طالب بن عبد المطلب في خزانة الأدب 4/ 242، 245، 8/ 146، 147، 157، والدرر 2/ 319، وشرح أبيات سيبويه 1/ 70، وشرح شذور الذهب ص393، وشرح المفصل 6/ 70، والكتاب 1/ 111، والمقاصد النحوية 3/ 539، وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 221، وشرح الأشموني 2/ 342، وشرح قطر الندى ص275، والمقتضب 2/ 114، وهمع الهوامع 2/ 97. 1 الكتاب 1/ 112، وهو من شواهد شرح ابن الناظم ص303، وشرح ابن عقيل 2/ 113. 590- البيت لعبيد الله بن قيس الرقيات في ديوانه ص34، وفيه: "الشمسا" مكان "البدرا" وشرح التسهيل 3/ 81، وشرح الكافية الشافية 2/ 1037، وشرح ابن الناظم ص304، وشرح عمدة الحافظ ص680، والمقاصد النحوية 3/ 542. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 15 خمسة أفراس مشهورة فأضيف إليها، وسماه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زيد الخير؛ بالراء: [من الوافر] 591- أتاني أنهم مزقون عرضي ... جحاش الكرملين لها فديد فنصب "عرضي" بـ: مزقون، جمع "مزق" بالزاي، مبالغة في "مازق" لاعتماده على اسم "أن المفتوحة على الفاعلية لـ: أتاني. وعرض الرجل: جانبه الذي يصونه من نفسه وحسبه ويحامي عنه، والجحاش، بجيم ثم حاء مهملة وآخره شين معجمة، جمع جحش؛ وهو الصغير من الحمير؛ خبر مبتدأ محذوف؛ أي: هم جحاش، والكرملين؛ بكسر الكاف وفتح اللام: اسم ماء في جبل طيئ، والفديد؛ بالفاء، الصياح والتصويت. يقول: إن هؤلاء القوم عندي بمنزلة جحوش هذا الموضع الذي يصوت عنده. وإعمال أمثلة المبالغة قول سيبويه وأصحابه، وحجتهم في ذلك السماع والحمل على أصلها، وهو اسم الفاعل؛ لأنها متحولة عنه لقصد المبالغة، ولم يجز الكوفيون إعمال شيء منها لمخالفتها لأوزان المضارع ولمعناه، وحملوا المنصوب بعدها على تقدير فعل، ومنعوا تقديمه عليها، ويرد عليهم قول العرب: أما العسل فأنا شراب1. ولم يجز بعض البصريين إعمال فعيل وفعل، وأجاز الجرمي إعمال فعل دون فعيل؛ لأنه على وزن الفعل، كـ: علم وفهم وفطن.   591- البيت لزيد الخيل في ديوانه ص176، وخزانة الأدب 8/ 169، والدرر 2/ 319، وشرح ابن الناظم ص305، وشرح شذور الذهب ص394، وشرح عمدة الحافظ ص680، وشرح المفصل 6/ 73، والمقاصد النحوية 3/ 545، وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 224، وشرح الأشموني 2/ 342، وشرح ابن عقيل 2/ 115، وشرح قطر الندى ص275، والمقرب 1/ 128. 1 الكتاب 1/ 111، وشرح ابن عقيل 2/ 111، وشرح ابن الناظم ص303. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 16 فصل: "تثنية اسم الفاعل وجمعه" تصحيحًا وتكسيرًا وتذكيرًا وتأنيثًا، "وتثنية أمثلة المبالغة وجمعها كمفردهن في العمل والشروط"، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 434- وما سوى المفرد مثله جعل ... في الحكم والشروط حيثما عمل "قال الله تعالى: {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ} " [الأحزاب: 35] فـ: الذاكرين: جمع ذاكر، وفاعله مستتر فيه، والجلالة: منصوبة به، ولا يحتاج إلى شرط لاقترانه بـ"أل". "وقال الله تعالى: {هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ} " [الزمر: 38] فـ: كاشفات: جمع كاشفة، وفاعلها مستتر فيها، وضره: مفعولها، وهي معتمدة على المخبر عنه وهو: هن. "وقال" تعالى: " {خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ} " [القمر: 7] فـ: خشعًا؛ جمع خاشع؛ جمع تكسير في قراءة غير أبي عمرو وحمزة والكسائي1، وأبصارهم: فاعل به لاعتماده على صاحب الحال. "وقال" عنترة العبسي: [من الكامل] 592- الشاتمي عرضي ولم أشتمهما ... والناذرين إلا لم القهما دمي فـ"دمي": منصوب بـ: الناذرين، هما تثنية "ناذر" بالذال المعجمة، وأراد بهما ابني ضمضم؛ حصينا ومرة، وأراد بـ"دمي": قتلي. والمعنى أنهما ينذران على أنفسهما في الخلاء أنهما إذا لقياه قتلاه، فإذا لقياه أمسكا عنه هيبة له وجبنا منهما. "وقال" طرفة بن العبد: [من الرمل]   1 هي قراءة الأعرج وقتادة والجمهور، أما أبو عمرو وحمزة والكسائي فقرءوا: "خاشعًا" بالإفراد. انظر المحيط 8/ 175، والنشر 2/ 380. 592- البيت لعنترة في ديوانه 222، والأغاني 9/ 212، والشعر والشعراء 1/ 259، ومعاني القرآن للأخفش 1/ 388، والمقاصد النحوية 3/ 551، وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 225، وشرح الأشموني 2/ 309. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 17 593- ثم زادوا أنهم في قومهم ... غفر ذنبهم غير فخر "غفر1" بضم الغين والفاء: "جمع: غفور" من أمثلة المبالغة، وفاعله مستتر فيه، "وذنبهم: مفعوله"، واعتماده على اسم "أن" المفتوحة على تقدير الباء، وفخر؛ بالخاء المعجمة: جمع "فخور" من الافتخار. ومعناه: أنهم زادوا على غيرهم بأنهم لا يفخرون بشرفهم، ولا يعجبون بنفوسهم، ولكنهم يتواضعون للناس. ويروى "فجر" بالجيم، جمع "فجور" من الفجور، وهو الكثير الفسق، ويقع على القليل والكثير يقال: فجر الرجل: إذا كذب. ومعناه: أنهم لا يفسقون ولا يكذبون. قاله ابن السيد في شرح أبيات الجمل.   593- البيت لطرفة بن العبد في ديوانه ص55، وخزانة الأدب 8/ 188، والدرر 2/ 321، وشرح ابن الناظم ص305، وشرح أبيات سيبويه 1/ 68، وشرح التسهيل 3/ 80، وشرح عمدة الحافظ ص682، وشرح الكافية الشافية 2/ 1041، وشرح المفصل 6/ 74، 75، والكتاب 1/ 113، والمقاصد النحوية 3/ 548، ونوادر أبي زيد ص10، وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب ص357، وأوضح المسالك 3/ 227، وشرح الأشموني 2/ 343، وشرح ابن عقيل "2/ 117، وهمع الهوامع 2/ 97. 1 سقطت من "ب". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 18 فصل: "يجوز في الاسم الفضلة الذي يتلو الوصف العامل أن ينتصب به" أي: بالوصف، "وأن ينخفض بإضافته إليه" للتخفيف، مفردًا كان الوصف أو جمعًا، "وقد قرئ" في السبع: " {إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ} [الطلاق: 3] و: {هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ} [الزمر: 38] ؛ بالوجهين" النصب والخفض؛ فالنصب على المفعولية، والخفض بالإضافة، فالآية الأولى قرأها حفص بالخفض1، والباقون بالنصب2، والثانية قرأها غير أبي عمرو بالخفض1، وأبو عمرو وحده بالنصب3، وإليه أشار الناظم بقوله: 435- وانصب بذي الإعمال تلوا واخفض ... ........................................... "وأما ما عد التالي" للوصف "فيجب نصبه" لتعذر الإضافة بالفصل بالتالي, وإليه يشير قول الناظم: 543- .................................. ... وهو لنصب ما سواه مقتضي "نحو: خليفة، من قوله تعالى: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} " [البقرة: 30] وفي بعض النسخ: "وسكنا" من: {وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا} [الأنعام: 96] والصواب حذفها؛ لأن الوصف فيها غير عامل كما يأتي على الأثر، وإذا أتبع المجرور بالوصف بأحد التوابع الخمسة "فالوجه جر التابع على اللفظ، فتقول: هذا ضارب زيد وعمرو"، بالخفض عطفًا على لفظ زيد، "ويجوز نصبه بإضمار وصف منون، أو فعل اتفاقًا" أي: وضارب عمرًا، أو يضرب عمرًا، "و" يجوز نصبه "بالعطف على المحل عند بعضهم"، وهم الكوفيون   1 أي كما في الرسم المصحفي. 2 قرأها بالنصب: نافع وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وحمزة والكسائي وأبو جعفر ويعقوب وخلف. انظر الإتحاف ص418، ومعاني القرآن للفراء 3/ 163، والنشر 2/ 288. 3 ليس أبو عمرو وحده قرأها بالنصب، فقد قرأها مثله: عاصم والكسائي والحسن وابن محيصن وشيبة وشعبة ويعقوب والأعرج ويحيى بن وثاب. انظر الإتحاف ص376، والبحر 7/، ومعاني القرآن للفراء 2/ 420، والنشر 2/ 363. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 19 وطائفة من البصريين، خلافًا لسيبويه وجمهور البصريين، ويحتمل المذهبين قول الناظم: 436- واجرر أو انصب تابع الذي انخفض ... كمبتغي جاه ومالا من نهض "ويتعين إضمار الفعل إن كان الوصف غير عامل" بأن1 كان بمعنى الماضي، "فينصب: الشمس في: {وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ} [الأنعام: 96] بإضمار: جعل" أي: بإضمار فعل مناسب لمعنى الوصف "لا غير"؛ أي: لا غير الفعل يجوز إضماره، فليس لك أن تجعلها منصوبة بإضمار وصف منون، ولا بالعطف على المحل؛ لأن الوصف المذكور غير عامل؛ لكونه بمعنى الماضي، "إلا إن قدر "جاعل" على حكاية الحال"، فيجوز نصبها بإضمار وصف منون، أو بالعطف على محل "الليل" لأن "جاعل" على هذا عامل لكونه بمعنى "يجعل". وأما إذا كان اسم الفاعل بمعنى الاستمرار في جميع الأزمنة ففي إضافته اعتباران: أحدهما: أنها محضة، باعتبار معنى المضي فيه، وبهذا الاعتبار يقع صفة للمعرفة ولا يعمل. وثانيهما: أنها غير محضة باعتبار معنى الحال أو الاستقبال، وبهذا الاعتبار يقع صفة للنكرة، ويعمل فيما أضيف إليه. قال اليمني في شرح الكشاف2. فعلى هذا يجوز أن تكون "الشمس" معطوفة على محل "الليل" باعتبار عمل "جاعل" فيه لصدقه على الحال والاستقبال، وأن تكون منصوبة بإضمار فعل ماض، باعتبار عدم عمله فيه، لصدقه على الماضي، وعلى هذا يحمل تجويز الزمخشري كون "الشمس" معطوفة على محل "الليل". تنبيه: إذا قصد باسم الفاعل معنى الثبوت عومل معاملة الصفة المشبهة في رفع السببي؛ ونصبه على التشبيه بالمفعول به، إذا كان معرفة، وعلى التمييز إن كان نكرة، وجره بالإضافة، وهو في ذلك على ثلاثة أنواع: أحدها: ما يجوز ذلك فيه اتفاقًا، وهو ما أخذ من فعل قاصر كـ: طاهر القلب. والثاني: ما يمتنع ذلك فيه اتفاقًا، وهو ما يتعدى لأكثر من واحد. والثالث: ما اختلف فيه، وهو ما يتعدى لواحد؛ فقال الأخفش بالجواز مطلقًا، وبعضهم بالمنع مطلقًا، وقال ابن عصفور وابن أبي الربيع: إن حذف مفعوله   1 سقطت من "ب". 2 كشف غوامض الكشاف ص140. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 20 اقتصارًا جاز، وإلا امتنع، وهو الصحيح الذي يشهد به القياس والاستعمال. وشرط ابن مالك فيه أمن اللبس1، كقولك: فلان ظالم العبيد، أي أن عبيده ظالمون، وذلك إذا قتله مثلا بعد قول القائل: ليس عبيد فلان ظالمين، فحينئذ يجوز: ظالم العبيد، بالرفع، وظالم العبيد، بالنصب، وظالم العبيد، بالجر، كما في: الحسن الوجه، برفع الوجه ونصبه وخفضه، وشاهده من اللازم قول عبد الله بن رواحة: [من الطويل] 594- تباركت أني من عذابك خائف ... وأني إليك تائب النفس باخع وشاهده من المتعدي لواحد قول الآخر: [من البسيط] 595- ما الراحم القلب ظلامًا وإن ظلما ... ولا الكريم بمناع وإن حرما   1 التسهيل ص141. 594- البيت لعبد الله بن رواحة في شرح التسهيل 3/ 91، 104، وبلا نسبة في الدرر 2/ 334، وهمع الهوامع 2/ 99، 101. 595- البيت بلا نسبة في الدرر 2/ 335، وشرح الأشموني 2/ 346، وشرح التسهيل 3/ 104، والمقاصد النحوية 3/ 618، وهمع الهوامع 2/ 101. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 21 باب إعمال اسم المفعول : "وهو ما دل على حدث ومفعوله"، فخرج بقوله: "ومفعوله" ما عدا اسم المفعول من الصفات والمصادر والأفعال الدالة على الأحداث، ويكون من الثلاثي المجرد، "كـ: مضروب، و" من المزيد فيه نحو: "مكرم"، بفتح الراء، ومن الرباعي المجرد كـ: مدحرج، ومن المزيد فيه: كـ: متدحرج. "ويعمل عمل فعل المفعول" أي: الفعل المبني للمفعول، [وهو كاسم الفاعل في أنه إن كان" مقرونًا "بـ"أل" عمل مطلقًا"، لما تقدم من أنه واقع موقع الفعل لكونه صلة "أل"1 والفعل يعمل مطلقًا] 2. "وإن كان مجردًا" من "أل" عمل "بشرط الاعتماد" على الاستفهام أو النفي أو المميز عنه أو الموصوف أو ذي الحال، "و" بشرط "كونه للحال أو للاستقبال"، لا للماضي، كما مر في اسم الفاعل حرفًا بحرف، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 437- وكل ما قرر لاسم فاعل ... يعطى اسم مفعول بلا تفاضل 438- فهو كفعل صيغ للمفعول في ... معناه ............................. "تقول" في المجرد من "أل" المعتمد على المخبر عنه: "زيد معطى أبوه درهما الآن أو غدًا". فـ: زيد: مبتدأ، ومعطى: خبره، وهو اسم مفعول متعد لاثنين، وأبوه: نائب الفاعل به، وهو مفعوله الأول، ودرهمًا: مفعوله الثاني، "كما تقول" في الفعل المبني للمفعول: "زيد يعطى أبوه درهمًا"، بلا فرق.   1 سقطت من "أ". 2 ما بين المعكوفين سقط من "ب". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 22 "و" تقول في المقرون بـ"أل": 438- ............................... ... المعطى كفافًا يكتفي كما مثل الناظم، وهو يحتمل الأزمنة الثلاثة، "كما تقول: الذي يعطى"، إن أردت الحال أو الاستقبال, "أو: أعطي"، إن أردت الماضي، "فـ: المعطى: مبتدأ"، وهو متعد لاثنين، "ومفعوله الأول" القائم مقام الفاعل ضمير "مستتر" فيه "عائد إلى: إل" الموصولة به، "وكفافًا: مفعول ثان، و" جملة "يكتفي" من الفعل والفاعل: "خبر" المبتدأ. "وينفرد اسم المفعول" المتعدي إلى واحد إذا أريد به معنى الثبوت عن اسم المفعول. المراد به الحدوث، كما انفرد به1 اسم الفاعل المراد به الثبوت "عن اسم الفاعل" المراد به الحدوث2 "بجواز" معاملته معاملة الصفة المشبهة. قال في التسهيل3 في آخر باب الصفة المشبهة: وإن قصد ثبوت معنى4 اسم الفاعل عومل معاملة الصفة المشبهة. والأصح أن يجعل اسم مفعول المتعدي إلى واحد من هذا الباب. انتهى. يعني: باب الصفة المشبهة، وتقدم الكلام على اسم الفاعل مستوفى قبيل هذا الباب. وأما اسم المفعول إذا جرى مجرى الصفة المشبهة فإنه يرفع السببي على الفاعلية على ما يقتضيه حال الصفة المشبهة، لا على النيابة عن الفاعل، كما يقتضيه حال اسم المفعول. قال الموضح في الحواشي، ومن خطه نقلت، وعقبه بقوله: ويسأل هنا فيقال: هلا قيل: إن الرفع ليس على أن الصفة مشبهة، بل على ما يقتضيه حال اسم المفعول؟ انتهى. ويجاب بأن حال اسم المفعول إنما يراعى إذا أريد به معنى الحدوث، أما إذا أريد به معنى الثبوت فإنه يرفع السببي على الفاعلية، وينصبه5 على التشبيه بالمفعول به إن كان معرفة، وعلى التمييز إن كان نكرة، ويجره بالإضافة، وعلى ذلك جاءت الشواهد؛ فمن شواهد الرفع قوله: [من الطويل]   1 سقطت من "ب". 2 سقط من "ط" قوله: "عن اسم الفاعل المراد به الحدوث". 3 التسهيل ص141. 4 سقطت من "ب". 5 في "ب": "وينصب السببي". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 23 596- بثوب ودينار وشاة ودرهم ... فهل أنت مرفوع بما ههنا راس ومن شواهد النصب قوله: [من الكامل] 597- لو صنت طرفك لم ترع بصفاتها ... لما بدت مجلوة وجناتها ومن شواهد الجر: [من الطويل] . 598- تمنى لقائي الجون مغرور نفسه ... فلما رآني ارتاع ثمت عردا "فجواز إضافته إلى ما هو مرفوع به في المعنى" مسبوق بالنصب، "ذلك بعد تحويل الإسناد عنه إلى ضمير راجع للموصوف" باسم المفعول1، ونصب الاسم المرفوع به "على التشبيه" بالمفعول به، إذا لا يصح إضافة الوصف لمرفوعه؛ لأنه عينه في المعنى، فيلزم إضافة الشيء إلى نفسه، ولا يصح حذفه لعدم الاستغناء عنه2، فلم يبق طريق إلى إضافته لمرفوعه3 إلا بأن يحول الإسناد عنه إلى ضمير يعود إلى صاحب الوصف، ثم ينصب المرفوع المحول عنه الإسناد؛ لأنه بعد تحويل الإسناد عنه أشبه الفضلة لاستغناء الوصف عنه بضمير الموصوف، فينصب انتصابها، ثم يجر بالإضافة فرارًا من قبح إجراء وصف المتعدي لواحد مجرى وصف المتعدي لاثنين، وإلى ذلك يشير قول الناظم: 439- وقد يضاف ذا إلى اسم مرتفع ... معنى كمحمود المقاصد الورع والأصل أنك "تقول: الورع محمودة مقاصده" بالرفع "ثم" تحول الإسناد عن المرفوع إلى الضمير المضاف إليه وهو الهاء، فيستتر في "محمود" ويعوض منه "أل" على رأي الكوفيين، فتنصبه و"تقول: الورع محمود المقاصد، بالنصب، ثم" بعد أن تنصب "المقاصد" تجرها و"تقول: الورع محمود المقاصد" بالجر، بعد ثلاثة أعمال، وقد تبين أن هذه الأوجه4 أصلها الرفع وهو دونها في المعنى، ويتفرع عنه النصب، ويتفرع عن النصب الجر.   596- البيت بلا نسبة في الدرر 2/ 328، 329, وشرح التسهيل 3/ 105، وهمع الهوامع 2/ 99، 101. 579- البيت لعمر بن لحاء التميمي في الدرر 2/ 330، وبلا نسبة في شرح التسهيل 3/ 105، وهمع الهوامع 2/ 101. 598- البيت بلا نسبة في الدرر 2/ 332، وهمع الهوامع 2/ 101. 1 في "ب": "للموصوف به اسم المفعول". 2 في "ب": "به". 3 في "ب": "لإضافته إلى مرفوعه". 4 في "ب": "أن أوجه المعمول الثلاثة". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 24 هذا باب أبنية مصادر الفعل "الثلاثي" المجرد: "اعلم أن للفعل الثلاثي" المجرد1 "ثلاثة أوزان"، لا رابع لها: "فَعَلَ، بالفتح" في عينه "ويكون متعديًا كـ: ضربه", فإنه متعد إلى الهاء المتصلة به1، "وقاصرًا كـ: قعد. وفَعِلَ، بالكسر" في عينه "ويكون قاصرًا كـ: سَلِمَ"، بكسر اللام، "ومتعديًا كـ: علمه"، فإنه متعد إلى الهاء، ولو مثل بـ: فَهِمَه، كان أولى، لما سيأتي، وقدم الغالب في المفتوح والمكسور على غير الغالب فيهما، "وفعُل، بالضم" في عينه، "ولا يكون إلا قاصرًا"، ولا يتعدى إلا بتضمين أو تحويل، "كـ: ظرُف"، بضم الراء. "فأما فعَل" المفتوح العين، "وفعِل" المكسور العين "المتعديان فقياس مصدرهما الفَعْل" بفتح الفاء وسكون العين، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 440- فعل قياس مصدر المعدي ... من ذي ثلاثة ............... والمراد بـ"القياس" هنا أنه إذا ورد شيء ولم تعلم كيف تكلموا بمصدره فإنك تقيسه على هذا، إلا أنك تقيس مع وجود السماع. قال ذلك سيبويه والأخفش والجمهور2.   1 سقطت من "ب". 2 في شرح ابن عقيل 2/ 123: "الفعل الثلاثي المتعدي يجيء مصدره على "فعل" قياسًا مطردًا، نص على ذلك سيبويه في مواضع؛ فتقول: رد ردًا، وضرب ضربًا، وفهم فهمًا، وزعم بعضهم أنه لا يقاس، وهو غير سديد". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 25 "فالأول" وهو فعل المفتوح العين المتعدي يشمل الصحيح والمعتل بالفاء أو العين أو اللام والمضاعف والمهموز "كـ: الأكل"، مصدر "أكل" "و" الصحيح نحو: "الضرب" مصدر "ضرب" "و" المضاعف نحو: "الرد"، مصدر "رد" ومعتل الفاء كـ: الوعد مصدر وعد، ومعتل العين كـ: البيع، مصدر "باع"، ومعتل اللام كـ: الرمي، مصدر "رمى". "والثاني": وهو "فعل" المكسور العين المتعدي كذلك؛ فالصحيح "كـ: الفهم"، مصدر فهم، واللثم: مصدر "لثم" "و" مهموز الفاء نحو: "الأمن"، مصدر "أمن"، والمضاعف نحو: المس، ومعتل الفاء كـ: الوطء، ومعتل العين نحو: الخوف، ومعتل اللام نحو: الفني، يقال: فني حياءه فنيا: لزمه، وأطلق ذلك تبعًا لسيبويه والأخفش، وقيده ابن مالك في التسهيل1 بأن يفهم عملا بالفم نحو: شرب شربًا، ولقم لقمًا. "وأما فعل" المكسور العين "القاصر فقياس مصدره: الفعل" بفتح الفاء والعين، وإليه أشار الناظم بقوله: 441- وفعِل اللازم بابه فعلْ ... ............................ ويكون في الصحيح والمهموز والمعتل بأنواعه والمضاعف. فالصحيح "كـ: الفرح"، مصدر "فرح" "و" المهموز نحو: "الأشر2"، مصدر "أشر"3 ومعتل الفاء كـ: الوجع، ومعتل العين كـ: العور، "و" معتل اللام نحو: "الجوى، و" المضاعف نحو: "الشلل"، مصدر "شلل" "إلا أن دل" "فعل" القاصر "على حرفة أو ولاية فقياسه الفعالة"، بكسر الفاء "كـ: ولي عليهم ولاية"، وعداه بـ"على" لتصحيح التمثيل، أما إذا تعدى بنفسه نحو: ولي أمرهم، فلا؛ لأن الكلام في القاصم لا في المتعدي4. ولم يمثل للحرفة استغناء بتمثيل "الولاية" لأن الولايات في معنى الحرف لكنه لم يكتف بذلك في "فعل" المفتوح بل مثل لها، كما سيأتي.   1 التسهيل ص205. 2 في "ب": "الأسر". 3 في "ب": "أسر". 4 في "ب": "فلأن كان الكلام في القاصر لا في المتعدي". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 26 وبقي عليه أن يقول: وإلا إن دل على لون فقياسه "فُعْلة" كـ: الحمرة والسمرة والأدمة. وقال ابن الحاج1: إن كان علاجًا2 ووصفه على فاعل فقياس مصدره الفعول نحو: القدوم والأزوف والعسول والصعود، مصادر: قدم من السفر وأزف الشيء، وعسل بالشيء: أي: لزمه ولصق به، وصعد في الجبل. قال: وهذا مقتضى قول سيبويه3، وقد غفل عنه أكثرهم. انتهى. "وأما فَعَل" المفتوح العين القاصر "فقياس مصدره: الفعول" بضم الفاء والعين، "كـ: القعود والجلوس والخروج" والدخول، وفي انقياسه ثلاثة مذاهب، ثالثها: أنه ينقاس فيما لم يسمع، وهو الصحيح، وإليه يشير قول الناظم: 442- وفعل اللازم مثل قعدا ... له فعول باطراد ........ وقال بن الحاج: "يقل في معتل العين كـ: غار وسار وغاب وآب، وإنما يفرون من ذلك إلى "الفَعْل" كـ: الصوم والعود والأوب والخيم، وهو الجبن4، والحيض والغيم"5. انتهى. "إلا إن دل على امتناع فقياس مصدره: الفعال" بكسر الفاء "كـ: الإباء": مصدر "أبى" و"النفار": مصدر "نفر" "والجماح": مصدر "جمح" "والإباق" مصدر: "أبق". واعترض الإباء بأنه متعد، أبيت الشيء: إذا كرهته، والكلام في اللازم. "أو" دل "على تقلب" واهتزاز "فقياس مصدره: الفعلان" بفتح الفاء والعين، "كـ: الجولان": مصدر "جال" و"الغليان": مصدر "غلى". "أو" دل "على سير فقياسه: الفعيل" بفتح الفاء، "كـ: الرحيل": مصدر "رحل" و"الذميل": مصدر "ذمل".   1 في "ب": "ابن الحجاج". 2 في "ب": "علاجيًّا". 3 الكتاب 4/ 50. 4 في "ب": "الحس". 5 انظر قول ابن الحجاج في الارتشاف 1/ 224. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 27 "أو" دل "على صوت فقياسه: الفُعَال" بضم الفاء، "أو: الفعيل" بفتح الفاء؛ فالأول "كـ: الصراخ": مصدر "صرخ" "والعواء" بالمد: مصدر "عوى". "و" الثاني نحو: "الصهيل": مصدر "صهل الفرس" "والنهيق": مصدر "نهق الحمار" "والزئير1" بزاي فهمزة مكسورة مصدر "زار الأسد" وإلى هذه المستثنيات أشار الناظم بقوله: 443- ما لم يكن مستوجبا فعالا ... .................................. الأبيات الثلاثة2. "أو" دل "على حرفة أو ولاية فقياسه: الفعالة" بكسر الفاء؛ فالحرفة "كـ: تجر" في المال "تجارة" بالمثناة الفوقانية أوله، وليس منه: نجر الخشب بالقدوم، نجارة، بكسر النون، "وخاط" الثوب "خياطة" لأنهما متعديان، والكلام في القاصر والولاية نحو: أمر عليهم إمارة: إذا حكم، "وسفر بينهم سفارة: إذا أصلح"، وعرف على القوم عرافة: إذا تكلم عليهم، وأبل إبالة: إذا قام بمصالح الإبل، وذكر ابن عصفور أن "فعالة" مقيس في الولايات والصنائع. والحاصل أن "فعل" القاصر يطرد في مصدره "فعول" إلا في هذه المعاني السبعة وهي: الامتناع والتقلب والداء والصوت والسير والحرفة والولاية. والغالب في الامتناع أن "فَعَال" وفي التقلب "فَعَلان" وفي الداء "فَعَال" وفي الصوت "فُعَال" أو "فَعِيل" وقد يجتمعان نحو: نعق نعاقًا ونعيقًا، وقد ينفرد "فُعَال" نحو: بغم بغامًا، وقد ينفرد "فعيل" نحو: صهل صهيلا، واطراد انفراد "فُعَال" في الرغاء3، و"فعيل" في السير, واطرد في الولايات والحرف "فِعَالة". "وأما "فَعُلَ" بالضم" في عينه "فقياس مصدره: الفُعُولة" بضم الفاء ["كـ: الصهوبة": مصدر "صهُب الشعر يصهُبُ" إذا احمر حمرة صافية، والصعوبة: مصدر "صعُبَ" ضد "سهُلَ"] 4 "والسهولة": مصدر "سهُل الأمر" "والعُذُوبة":   1 وفي "ب": "والأزير". 2 الأبيات الثلاثة هي: 443- ........................ ... أو فعلانا فادْرِ أو فُعَالا 444- فأول لذي امتناع كأبى ... والثاني للذي اقتضى تقلُّبَا 445- للِدّا فُعَال أو لصوت وشملْ ... سيرًا وصوتًا الفَعِيلُ كصَهَلْ 3 في "ب": "رعاء". 4 ما بين المعكوفين سقط من "ب"، "ط". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 28 مصدر "عذُبَ الماء" و"الملوحة": مصدر "مَلُح". "والفَعَالة" بفتح الفاء "كـ: البلاغة": مصدر "بَلَغ" "والفصاحة": مصدر "فصح" "والصراحة" بمهملتين: مصدر "صرح"، وإلى ذلك يشير قول الناظم: 446- فُعُولة فَعَالة لِفَعُلا ... ...................... وما جاء مخالفًا لما ذكرناه من المصادر القياسية فبابه السماع، وهو معنى قول الناظم: 447- وما أتى مخالفًا لما مضى ... فبابه النقل .................. وأراد بذلك أنه ينقل ولا يقاس عليه، "كقولهم في: فَعَل" المفتوح العين "المتعدي: جحده جحودًا وشكره شكورًا1 وشكرانًا"، والقياس: جحدا وشكرًا، "وقالوا: جحدًا على القياس" ولم يقولوا: شكرًا2. "و" كقولهم "في: فَعَلَ" المفتوح العين "القاصر: مات موتًا، وفاز فوزًا، وحكم حكمًا، وشاخ شيخوخة، ونم نميمة، وذهب ذَهابًا"، بفتح الذال المعجمة، والقياس فيها "فُعُول". "و" كقولهم "في: فَعِل" المكسور العين المتعدي: عَلِم عِلما، بكسر العين والقياس فتحها، وكقولهم في "فَعِل" المكسور العين "القاصر: رَغِب رَغَبُوتًا3"، بزيادة الواو والتاء والقياس "رَغَبًا" بفتحتين4، "ورضِيَ رِضًا"، بكسر الراء، "وبخل بخلا، وسخط سخطًا، بضم أولهما ويكون ثانيهما"، والقياس فيهن5 فتح الأول والثاني، "وأما البخل والسخط؛ بفتحتين؛ فعلى القياس، كـ: الرَّغَب"، بفتح الراء والغين المعجمة. "و" كقولهم "في: فَعُلَ" المضموم العين "نحو: حسُنَ حُسْنًا وقبُح قُبْحًا" بضم أولهما وسكون ثانيهما، وقياسهما الفُعُولة أو الفَعَالة6.   1 في "ب": "شكرًا". 2 سقط من "ب"، "ط": "ولم يقولوا شكرًا". 3 في "أ": "رغوبًا"، وفي "ط" وأوضح المسالك 3/ 237، "رغوبة"، وكلاهما تصحيف، انظر لسان العرب 1/ 422، "رغب". 4 سقطت من "ب"، "ط". 5 في "ب": "فيهما". 6 سقطت من "ط". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 29 "وذكر الزجاجي وابن عصفور أن: الفُعْل1" بضم الفاء وسكون العين "قياس في مصدر: فَعُلَ" المضموم، "وهو خلاف ما قاله سيبويه2". فهذه نُبذة من المصادر وهي كثيرة لا تكاد تنضبط، وذكر في التسهيل3 منها تسعة وتسعين مصدرًا، منها أحد وعشرون4، تنقسم ثلاث، كل ثلاثة متوازية فيما عدا حركة الفاء، وقد ذكرتُ أمثلتها في شرحي على التسهيل، فلينظر ثمة4.   1 في "ط": "الفعلة". 2 قال سيبويه في الكتاب 4/ 28: "وأما الفُعْل من هذه المصادر فنحو: الحسن والقبح، والفعالة أكثر". 3 التسهيل ص204-205. 4 في "ب": "تركت ذلك خوف الإطالة" مكان "فلينظر ثمة". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 30 باب مصادر غير الثلاثي : وهي مصادر الرباعي المجرد والمزيد فيه والمزيد من الثلاثي. اعلم أنه "لا بد لكل فعل" ماض "غير ثلاثي من مصدر مقيس؛ فقياس" مصدر "فَعَّلَ؛ بالتشديد" من مزيد الثلاثي "إذا كان صحيح اللام "التَّفْعِيل" كـ: "التسليم": مصدر "سَلَّم" "والتكليم": مصدر "كلم" "والتطهير": مصدر "طهر" والتوحيد والتيسير والتحويل والتصيير، وإليه أشار الناظم بقوله: 448- وغير ذي ثلاثة مقيس ... مصدره كقدس التقديس "ومعتلها" أي: معتل اللام، فقياسه "التفعيل" "كذلك" أي كقياس صحيح اللام في التقدير، "ولكن تحذف ياء التفعيل" التي بعد العين وجوبًا، "وتعوض منها التاء" الدالة على التأنيث لكونها أقوى على قبول الحركات من حروف العلة1، "فيصير" بعد الحذف والتعويض "وزنه: التفْعِلة: كـ: التوصية" بالصاد المهملة: مصدر "وصى على أولاده" والتسمية": مصدر "سمى" والتزكية": مصدر "زكى ماله" وإليه الإشارة بقول الناظم: 449- وزكه تزكية .............. ... ........................... وقد يُفعل مثل ذلك في صحيح اللام نحو: ذكر تذكرة وجرب تجربة. وقد يستغنون غالبًا من التفعيل بـ: تفعِلَة، فيما لامه همزة نحو: خطأ تخطئة، وهنأ تهنئة، وجزأ تجزئة، ووجهوه بأن مثل "تخطيئًا" يجوز فيه إبدال الهمزة ياء قياسًا مطردًا، لأنها همزة محركة2 بعد ياء زائدة كـ: خطيئة، فلما اطرد الإبدال المذكور صارت   1 سقطت من "ب". 2 في "ط": "متحركة". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 31 اللام كأنها وضعت ياء، فالتحق بباب التعزية، ومن غير الغالب: تخطيئًَا وتهنيئًَا وتجزيئًا. حكاه غير سيبويه. وحكى سيبويه: نبأ تنبيئًا. وزعم أبو زيد أن "التفعيل" فيه أكثر من "التفعلة" في كلام العرب، وظاهر كلام سيبويه أنه لا يجوز فيه إلا ما سُمِع، وبهذا أخذ الشلوبين فيما حكى ابن عصفور. "وقياس: أفْعَلَ؛ إذا كان صحيح العين؛ الإِفْعَال" بكسر الهمزة "كـ: الإكرام": مصدر "أكرم"، "والإحسان": مصدر "أحسن"، والإيعاد: مصدر "أوعد"، والإيلاء: مصدر "آلى من زوجته"، وإليه أشار الناظم بقوله: 449- .................... وأجملا ... إجمال .................... "ومعتلها" أي: ومعتل العين قياسه "الإفعال" "كذلك" أي: كقياس صحيح العين، "ولكن تنقل حركتها" أي: حركة العين إلى الفاء الساكنة قبلها، "فتقلب" العين "ألفًا" لتحركها في الأصل وانفتاح ما قبلها الآن، فيلتقي ساكنان، وهما الألف المنقلبة عن العين وألف المصدر، "ثم تحذف الألف الثانية" عند الخليل وسيبويه1. وذهب الأخفش والفراء إلى أن المحذوف إنما هي الألف الأولى2؛ لأنها بمنزلة: {وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ} [النمل: 15] ومذهب سيبويه أولى لزيادتها وقربها من الطرف. "و" على القولين: "تعوض عنها التاء كـ: أقام إقامة، وأعان إعانة"،, وأصلها، إقوامًا وإعوانًا، فأُعِلا بالنقل والحذف والتعويض، وإليه الإشارة بقول الناظم: 450- ................... ثم أقم ... إقامة وغالبًا ذا التام لزم "وقد تحذف التاء" للإضافة عند ابن مالك: "نحو: {وَإِقَامِ الصَّلَاةِ} [النور: 37] وفي الحديث: "كاستنار البدر" والأصل: وإقامة الصلاة، واستنارة البدر، فحذف التاء لسد المضاف إليه مسدها، وقد تحذف في غير الإضافة، حكى الأخفش: أجاب إجابًا3. "وقياس ما أوله همزة وصل" من الفعل الماضي الخماسي والسداسي "أن تكسر" أنت "ثالثه، وتزيد قبل آخره ألفا فينقلب مصدرًا، نحو: اقتدر اقتدارًا   1 الكتاب 4/ 354. 2 انظر الممتع في التصريف 1/ 479-480. 3 في شرح ابن الناظم ص311: "ومنه ما حكاه الأخفش من قول بعضهم: أراه إراءً". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 32 واصطفى اصطفاء1"، وهما من باب الافتعال، سلمت التاء في الأول وقلبت طاء في الثاني، لما سيجيء، "وانطلق انطلاقًا"، وهو من باب الانفعال2، "واستخرج استخراجًا"، وهو من باب الاستفعال، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 451- وما يلي الآخر مد وافتحا ... مع كسر تلو الثان مما افتتحا بهمزة وصل. ولا بد من تقييد ما أوله همزة وصل، بأن لا يكون أصله تَفَاعل كـ: تطاير، ولا "تَفعَّل" كـ: تطير، إذا أدغم التاء في الطاء، واجتلبت همزة وصل، فإن مصدر ذلك لا يكسر ثالثه، ولا تزاد ألف قبل آخره، بل يضم الحرف التالية الأخير نظيرًا إلى الأصل3، نحو: اطَّايَرَ يُطَّايَرُ اطَّايُرًا، واطَّيَّرَ يَطَيَّرُ4 اطَّيُّرًا. وجملة الأفعال الماضية التي أولهما همزة وصل؛ وفاقًا وخلافًا؛ خمسة وعشرون بناء، ولا تكون إلا خماسية أو سداسية، "فإن كان استفعل معتل العين عمل فيه ما" عمل "في مصدر أفعل المعتل العين" من نقل حركة العين إلى الفاء الساكنة قبلها، وقلب العين ألفًا، وحذفها لالتقاء الساكنين، وتعويض تاء التأنيث عنها، "فتقول: استقام استقامة، واستعاذ استعاذة"، والأصل، استقوامًا واستعواذًا، ففُعِلَ فيهما ما قررنا، وإليه أشار الناظم بقوله: 450- واستعذ استعاذة .............. ... .................................. وجاء تنبيها على الأصل: أغيمت السماء إغيامًا، واستحوذ الشيطان استحواذًا، بالتصحيح. "وقياس: تَفَعْلَلَ" مما أوله التاء "وما كان على وزنه5" في الحركات والسكنات وعدد الأحرف، وإن لم يكن من بابه، "أن يضم رابعه، فيصير مصدرًا"، وإليه أشار النظام بقوله: 452- .................. وضم ما ... يَرْبَعُ في أمثال قد تلملما   1 انظر شرح ابن عقيل 2/ 130. 2 انظر الكتاب 4/ 79. 3 في "ب" "إلى أن الأصل" بزيادة "أن". 4 سقطت من "رب". 5 في "ب": "وزانه". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 33 ومجموع ذلك عشرة أبنية: تفَعْلَلَ وتَفَعَّلَ وتَفَيْعَلَ وتَمَفْعَلَ وتَفَعْلَيَ وتَفَاعَلَ وتُفُوعِلَ وَتفَعْنَلَ وتَفَعْوَلَ وتَفَعْلَتَ. "كـ: تدحرج تدحرجا، وتجمل تجملا، وتشيطن تشيطنا، وتمسكن تمسكنا"، وتَقَلْسَيَ تقلسيًا، وتغافل تغافلا، وتجورب تجوربًا، وتقلنس تقلنسا، وترهوك ترهوكا، وتعفرت تعفرتا. "ويجب إبدال الضمة كسرة إن كانت اللام ياء نحو: التواني والتوالي"، والأصل: التوانُيْ والتوالُيْ، بضم ما قبل الياء، فقلبت الضمة كسرة لتسلم الياء من قبلها واوًا، فيؤدي إلى وقوع واو قبلها ضمة في آخر اسم معرب، وذلك مرفوض في الأسماء؛ لأن الأسماء عرضة لأن تضاف لياء المتكلم، وياء المتكلم إذا أضيف إليها اسم في آخره واو قبلها ضمة، وجب قلب الضمة كسرة والواو ياء، وإدغامُها في ياء المتكلم، كـ: مسلمي، رفعًا. "وقياس" مصدر "فَعْلَلَ1؛ وما الحق به فَعْلَلَة؛ كـ: دحرج دحرجة، وزلزل زلزلة". والملحق بـ: فعلل، ستة أبنية "وهي: بيطر بيطرة، وحوقل حوقلة"، وجلبب جلببة، وجهور جهورة، وسلقي سلقية، وقلنس قلنسة، وزاد بعضهم: سنبل، وشريف الزرع: طال ورقه، وعذيط، وتأبل، ويرنأ لحيته، خضبها باليرناء، وهو الحناء. "وفِعْلال، بالكسر" للفاء "إن كان1 مضاعفًا" وهو ما كان فاؤه ولامه الأولى من جنس واحد, وعينه ولامه الثانية من جنس واحد2، "كـ: زلزال ووسواس"، بسينين مهملتين، ووشواش، بشينين معجمتين: وهو كلام فيه اختلاط. "وهو" أي: فِعْلال "في غير المضاعف سماعي، كـ: سَرْهَفَ سرهافًا"، يقال: سرهفت الصبي: إذا أحسنت غذاءه، ولم يسمع في دحرج دحراجًا، نص على ذلك الصيمري وغيره، ولا في الملحق بـ: فعلل, إلا حِيقَال: مصدر "حَوْقل" وبذلك يقيد قول الناظم: 453- فعلال او فعللة لفعللا ... واجعل مقيسا ثانيا لا أولا "ويجوز فتح أول المضاعف" تخفيفًا للثقل الحاصل بالتضعيف، "والأكثر أن يعنى بالمفتوح" أوله "اسم الفاعل" لا المصدر "نحو: {مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ} " [الناس: 4] أي: الموسوس: ولهذا وصف بالخناس، وما بعده, وهما من صفات الذوات.   1 بعده في "ب": "فَعْلل". 2 سقط من "ب": "وعينه ولامه الثانية من جنس واحد". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 34 "وقياس: فاعَلَ" بفتح العين، "كـ: ضَارَبَ وخاصَمَ وقاتَلَ: الفِعَال" بكسر الفاء، "والمفاعلة" نحو: الضراب والمضاربة، والخصام والمخاصمة، والقتال والمقاتلة، ولا فرق بين أن يكون فاعل للمشاركة، كما تقدم، أو لا، نحو: نادى نداء ومناداة، وإلى ذلك الإشارة بقول الناظم: 454- لِفَاعَلَ الفَعَال والمفَاعَلَه ... .......................... واللازم عند سيبويه "المفاعلة"1 لأنهم قد يتركون "الفِعَال" ولا يتركون "المفاعلة" قالوا: جالس مجالسة، ولم يقولوا: جِلاسًا. وأصل "الفِعَال" هنا "الفِيْعَال" وقد نطقوا بذلك فقالوا: ضارب ضيرابًا وقاتل قيتالا. "ويمتنع "الفعال" فيما فاؤه ياء نحو: ياسَرَ ويامَنَ"، فلا يقال: ياسره يِسَارًا، ولا يامنه يِمَانًا، لاستثقال الكسرة على الياء حتى قال بعضهم: إنه لم يوجد منه إلا اليِسَار2 لغة في اليَسَار، وإلا اليِعَار3: جمع يَعْرٍ، وهو الجدي، وإنما يقال: مياسرة وميامنة، "وشذ: ياومه يِوَامًا". حكاه ابن سيده، وحكى: مياومة على القياس4، "وما خرج عما ذكرناه فشاذ"، وإليه الإشارة بقول الناظم: 454- .......................... ... وغير ما مر السماع عادله "كقولهم: كذب كِذابًا"، بالتشديد والتخفيف5 فيهما، والقياس: تكذيبًا، "وقوله": [من الرجز] 599- وهي تنزي دلوها تنزيا ... كما تنزي شهلة صبيا والقياس: تنزيه، ولكنه حمله على ما هو بمعناه، أي: تحرك دلوها تحريكًا. والشهلة، بفتح المعجمة: العجوز، شبه يديها إذا أخذت الدلو بهما لتخرجه من البئر بيدي امرأة ترقص صبيًّا، وخص الشهلة بالذكر لأنها أضعف من الشابة.   1 الكتاب 4/ 80. 2 في "ط": "الييسار". 3 في "ط": "الييعار". 4 لم أجد قول ابن سيده في كتبه، غير أن ابن الناظم ذكره في شرحه ص312. 5 سقطت من "ط". 559- الرجز بلا نسبة في الأشباه والنظائر 1/ 288، وأوضح المسالك 3/ 240، والخصائص 2/ 302، وشرح ابن الناظم ص312، وشرح الكافية الشافية 4/ 2238، وشرح المفصل 6/ 58، والمقاصد النحوية 3/ 571، والمنصف 2/ 195، وديوان الأدب 2/ 380. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 35 "وقولهم: تحمل تِحِمَّالا" بكسر التاء والحاء المهملة وتشديد الميم، والقياس: تحملا، "وترامى القوم رِمِّيًّا" بكسر الراء والميم المشددة، والقياس: تراميًا، "وحوقل حيقالا": وهو الفتور عن الجماع للكبر. والقياس: حوقلة وأشذ منه: حوقالا، بالفتح، لأنه مخصوص بالمضاعف. "واقشعر" جلده "قشعريرة". بضم القاف وفتح الشين، "والقياس" في مصدر "فَعَّل" بالتشديد، إذا كان صحيح اللام نحو: كَذَّبَ "تكذيبًا، و" في مصدر معتلها: "تنزيه، و" في مصدر "تفعل" نحو: تحمل تحملاً، وفي مصدر "تفاعل" المعتل اللام نحو: ترامى "تراميًا، و" في مصدر "فوعل" نحو: حوقل "حوقلة، و" في مصدر "فعلل" نحو: اقشعر "اقشعرارا". ولا يخفى ما في كلامه من اللف والنشر على الترتيب1.   1 في شرح الكافية البديعية للحلي ص76: واللف والنشر: أن يذكر الناظم في أول البيت أسماء متعددة غير تامة المعنى، ثم يقابلها بأشياء على ترتيبها من غير الأضداد تتمم معناها؛ إما بالجمل، وإما بالألفاظ المفردة، كقول ابن حيوس: فعل المدام ولونها ومذاقها ... في مقلتيه ووجنتيه وريقه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 36 فصل: "ويدل على المرة من مصدر الفعل الثلاثي" المتصرف التام "بـ: فَعْلَة، بالفتح" في الفاء، كما في فعلها "كـ: جلس جلسة ولبس لبسة". ونبه بهذين المثالثين على أنه لا فرق في ذلك بين أن يكون1 في مصدره زيادة على حروف الفعل كـ: جلس جلوسًا، أو لا، كـ: لبس لبسًا، فإن لم يكن زيادة فواضح أنك تقتصر على زيادة التاء مع فتح أوله، وإن كان ثم زيادة فإنك تطرحها فرقًا بين مصدر الثلاثي وغيره، وشذ: لقيته لقاءة واحدة، وأتيته إتيانة واحدة، حكاهما سيبويه2. وإذا طرحت الزيادة فإنك تبني "فَعْلَة" من الباقي وتختمها بالتاء فرقا3 بين الواحد والجنس، لأن منزلة الجلسة من الجلوس منزلة التمرة من التمر، والأصل في4 الجنس وواحده أن يفرق بينهما بالتاء. "إلا إذا كان بناء المصدر العام" أي المطلق الصادق على القليل والكثير "عليها" أي على فَعْلَة بالتاء، "فيدل على المرة منه" أي من المصدر العام المبني على فَعْلَة، "بالوصف" بالوحدة وشبهها "كـ: رحم رحمة واحدة"، أو فردة. "ويدل على الهيئة" وهي الحالة التي يكون عليها الفاعل عند الفعل "بـ: فِعْلَة: بالكسر" في الفاء، فرقًا بينها وبين المرة، "كـ: الجلسة والركبة والقتلة بكسر أولها، وفيها العمل المتقدم. "إلا إن كان بناء المصدر العام عليها" أي على فِعْلَة؛ بكسر الفاء؛ "فيدل5 على الهيئة" منه "بالصفة ونحوها كـ: نشد الضالة نشدة عظيمة"، أو نشدة الملهوف.   1 في "ب": "ما" مكان "أن يكون". 2 الكتاب 4/ 45. 3 في "ب": "بينها بين". 4 في "ط": "من". 5 في "ب": "فإنه يدل". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 37 "و" يدل على المرة "من غير الثلاثي"، رباعيًّا كان أو غيره، "بزيادة التاء على مصدره القياسي كـ: انطلاقة واستخراجة، فإن كان بناء المصدر العام" أي المطلق "على التاء دل على المرة منه بالوصف" بالوحدة "كـ: إقامة واحدة، واستقامة واحدة" ودحرجة واحدة، ولا يقال: لأنه غير قياسي، بل قيل: غير مسموع، كما تقدم عن الصيمري. والحاصل أن الفعل إذا كان له مصدران: قياسي وسماعي، لحقت القياسي دون السماعي، فإن كان له مصدران قياسيان أو سماعيان لحقت الأغلب منهما. قاله الشاطبي. ["ولا يبنى من غير الثلاثي مصدر للهيئة"، لأن الفِعْلَة لا يتأتى فيه، إذ يلزم من ذلك هدم بنية الكلمة بحذف ما قصد إثباته فيها] 1، فاجتنب ذلك، واستغني عنه بنفس المصدر الأصلي، "إلا ما شذ من قولهم: واختمرت" المرأة "خمرة" بالمعجمة والراء: غطت رأسها بالخمار، "وانتقبت نقبة" أي2: غطت وجهها بالنقاب، "وتعمم" الرجل "عمة" غطى رأسه بالعمامة، "وتقمص قمصة": غطى جسده بالقميص، وكان القياس عدم الحذف إلا أنهم هدموا بنية3 المصدر وبنوا الفِعْلَة حرصًا على البيان، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 455- وفعلة لمرة كجلسه ... وفعلة لهيئة كجلسه 456- في غير ذي الثلاث بالتا المره ... وشذ فيه هيئة كالخمره   1 ما بين المعكوفين سقط من "ب". 2 سقطت من "ب". 3 في "ب": "أبنية". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 38 باب كيفية أبنية أسماء الفاعلين : تقدم أن هذا الجمع غير سائغ "والصفات المشبهة بها يأتي وصف الفاعل من" مضارع1 "الفعل الثلاثي" المجرد من الزوائد "على" وزن "فاعل" بكسر العين وزيادة ألف بعد الفاء بعد إسقاط حرف المضارعة "بكثرة2 في "فَعَلَ" بالفتح"، حال كونه "متعديًا" إلى المفعول "كـ: ضربه" فهو ضارب، "وقتله" فهو قاتل، "أو لازمًا" للفاعل "كـ: ذهب" فهو ذاهب، "وغذا؛ بالغين والذال المعجمتين، بمعنى سال" فهو غاذ، يقال: غذا الماء، إذا سال، وغذا العرق، إذا سال دمًا، وغذا البول: إذا انقطع وغذا الشيب: إذا أسرع، ويستعمل متعديًا، يقال: غذا الطعام الصبي وغذوته أنا باللبن، فيكون من قسم المتعدي. "وفي "فَعِل" بالكسر"، حال كونه "متعديًا" إلى المفعول "كـ: أمنه" فهو آمن، "وشربه" فهو شارب، "وركبه" فهو راكب، وذلك مستفاد من قول الناظم: 457- كفاعل صغ اسم فاعل إذا ... من ذي ثلاثة يكون ............ "ويقل" فاعل3 "في" فَعِل" بالكسر "القاصر" على الفاعل "كـ: سلم" فهو سالم، "وفي: فعل؛ بالضم؛ كـ: فره" بمعنى، حذق، فهو فاره أي حاذق، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 458- وهو قليل في فعلت وفعل ... غير معدّى .....................   1 سقطت من "ب". 2 في "ط": "بكسرة". 3 سقطت من "ط". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 39 "وإنما قياس الوصف من: فَعِلَ" المكسور العين "اللازم: فَعِلٌُ" بفتح الفاء وكسر العين "في الأعراض": جمع عرض، بفتح العين المهملة والراء، "كـ: فرح وأشر"، بالتنوين فيهما، والأشر: الذي لا يحمد النعمة والعافية. "و: أفعَلُ؛ في الألوان والخِلَق"، فاللون "كـ: أخضر وأسود وأكحل"، أي: أسود العينين من غير اكتحال، "وألمى": أي أسود حمرة الشفتين، "و" الخلقة، نحو: "أعور وأعمى" وأجهر: وهو الذي لا يبصر في الشمس. "وفَعْلان" بفتح الفاء وسكون العين، "فيما دل على الامتلاء وحرارة الباطن"، فالأول "كـ: شبعان وريان، و" الثاني نحو: "عطشان" وصديان بمعنى عطشان، وإلى ذلك يشير قول الناظم: 458- ................................. ... ............... بل قياسه فعل 459- وأفعل فعلان نحو أشر ... ونحو صديان ونحو الأجهر "وقياس الوصف من "فعُل" بالضم: فَعِيل كـ: ظريف وشريف، ودونه" أي: دون فعيل "فعْلٌ" بفتح الفاء وسكون العين "كـ: شهم" بالشين المعجمة من الشهامة بمعنى الضخامة، "وضخم" بالضاد والخاء المعجمتين، من ضخم الشيء إذا غلظ. "ودونهما" أي: دون فعيل وفَعْل "أفعل كـ: أخظب" بالخاء والظاء المعجمتين، يقال: أخظب اللون: "إذا كان أحمر إلى الكدرة، وفَعَل" بفتحتين، "كـ: بطل وحسن، وفَعَال، بالفتح" في الفاء "كـ: جبان1، وفُعَال، بالضم كـ: شجاع، وفُعُل" بضمتين "كـ: جنب" بضم الجيم والنون، "وفِعْل" بكسر الفاء وسكون العين "كـ: عفر" بالعين المهملة والفاء "أي: شجاع ما كر"، وفي القاموس: أنه الخبيث الماكر2، وإلى ذلك يشير قول الناظم: 460- وفعل اولى وفعيل بفعل ... ................................ 461- وافعل فيه قليل وفعل ... كالضخم والجميل والفعل جمل "وقد يستغنون عن صيغة فاعل من "فَعَل" بالفتح بغيرها3 من الصيغ فيتركون القياس المطرد ويستعملون غيره "كـ: شيخ وأشيب وطيب وعفيف"،   1 في "ط": "جبال". 2 القاموس المحيط "عفر". 3 في "ط": "بغيرهما". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 40 ولم يقولوا: شائخ وشائب1 وطائب وعاف، بالتشديد، كما استغنوا بـ: ترك وتارك عن وذر وواذر وودع ووادع، وإليه يشير قول الناظم: 461- .................................. ... وبسوى الفاعل قد يغنى فعل ومحل الاستغناء ما لم يستعمل له قياس، أما ما استعمل له قياس2 وسمع غيره فليس موضع الاستغناء نحو: مال يميل فهو مائل وأميل، قاله الشاطبي. "تنبيه: جميع هذه الصفات" المتقدمة الدالة على الثبوت "صفات مشبهة" باسم الفاعل إلا إذا قصد بها الحدوث فهي أسماء فاعلين، "إلا فاعلا كـ: ضارب"، من المتعدي، "وقائم" من اللازم، "فإنه" في الاصطلاح "اسم فاعل، إلا إذا أضيف فاعل "إلى مرفوعه" في المعنى، "وذلك فيما دل على الثبوت كـ: طاهر القلب، وشاحط الدار"، بالشين المعجمة والحاء والطاء المهملتين، "أي: بعيدِها"، والأصل3: طاهر قلبه وشاحطة4 داره، "فصفة مشبهة أيضًا"، وقد أشبعنا الكلام فيه في باب إعماله، وكان ينبغي أن يؤخر هذا التنبيه إلى آخر الباب لئلا يوهم5 أن وصف الفاعل من غير الثلاثي المجرد لا يكون صفة مشبهة وليس كذلك، من أمثلة الموضح في باب الصفة المشبهة: مستقيم الرأين ومعتدل القامة.   1 في "ب": "وشاب". 2 سقط من "ب": "أما ما استعمل له قياس". 3 في "أ": "وأصل". 4 في "ب": "وشاحط". 5 في "ط": "يتوهم". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 41 فصل: "ويأتي وصف الفاعل من غير" الفعل "الثلاثي المجرد بلفظ" حروف "مضارعه، بشرط الإتيان بميم مضمومة مكان حرف1 المضارعة"، وشذ كسرها في "مِعِين" من أعان، و"مِغِير" من أغار، و"مِبِين" من أبان، بكسر الميم فيهن إتباعًا لحركة ما بعدها، "و" بشرط "كسر ما قبل الآخر" تشبيهًا باسم الفاعل من الثلاثي2، وشذ "مُسْهَب" من أسهب3، و"مُحْصَن" من أحصن، و"ملقح" من ألقح، بفتح ما قبل الآخر فيهن "مطلقًا، سواء كان مكسورًا في المضارع كـ: منطلق ومستخرج"، فكسره حال كونه اسم فاعل غير كسره حال كونه مضارعًا، أو مفتوحًا في المضارع "كـ: متعلم ومتدحرج". وأما نحو: مختار ومنقاد ومتحاب، بالإدغام، فكسر ما قبل الآخر فيهن مقدر إذا كن اسم فاعل، وإلى بناء اسم الفاعل من غير الثلاثي أشار الناظم بقوله: 462- وزنة المضارع اسم فاعل ... من غير ذي الثلاث كالمواصل 463- مع كسر متلو الأخير مطلقا ... وضم ميم زائد قد سبقا واختيرت الميم للزيادة زيادة أحرف العلة، لأن الواو لا تزاد أولا، والياء والألف يوقعان في التباس اسم الفاعل بالمضارع، ولكون مخرج الميم قريبًا من مخرج الواو لأنهما من الشفتين، وحركت بالضم دون الفتح والكسر لأن الفتح يؤدي إلى التباسه باسم الموضوع من الثلاثي ولو في بعض الصور نحو: مكرم4، والكسر يؤدي إلى التباسه باسم الموضع من الثلاثي ولو في الصور نحو: مكرم4، والكسر يؤدي إلى الالتباس باسم الآلة منه.   1 في "ب": "حروف". 2 في "ب": "فاعل الثلاثي". 3 في "ب": "مشهب من أشهب". 4 سقط من "ب": "ولو في بعض الصور نحو: مكرم". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 42 باب كيفية أبنية أسماء المفعولين : تقدم أن هذا الجمع غير سائغ. "يأتي وصف المفعول من" مضارع الفعل "الثلاثي المجرد" التام المتصرف "على زنة مفعول" من المتعدي "كـ: مضروب، ومقصود", ومعلوم، "و" من اللازم كـ: مدخول عليه، و"ممرور به"، زيدت1 الميم لما في اسم الفاعل، وفتحت للخفة وضم ما قبل الآخر خوفًا من المكان2، ثم أشبعت الضمة، فتولد منها الواو، لئلا يلزم وقوع مفعل في كلامهم3. "ومنه"4 أي: من اسم المفعول الثلاثي الآتي على زنة مفعول: "مبيع ومقول ومرمي" ومدعو، "إلا أنها غيرت" عن صيغة مفعول في اللفظ، فأصل "مبيع" مبيوع، نقلت حركة الياء إلى الساكن قبلها ثم قلبت الضمة كسرة لتسليم الياء ثم حذفت الواو لالتقاء الساكنين, وخصت بالحذف لزيادتها وقربها من الطرف. [وأصل مقول: مقوول بواوين، نقلت حركة الواو الأولى إلى الساكن قبلها ثم حذفت الواو الثانية لالتقاء الساكنين، وخصت بالحذف لزيادتها وقربها من الطرف] 5، هذا مذهب سيبويه في مبيع ومقول6.   1 في "ب": "زدت". 2 بعده في "ب": "والآلة". 3 في حاشية يس 2/ 79-80: وقال بعضهم: إنه جاء من ذلك خمسة ألفاظ: مكرم ومعون ومالك بمعنى رسالة، وميسر، كما قرئ: {فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} ، قال: ولا دليل في ذلك كله لاحتمال أن يكون أصل هذه الألفاظ "مفعلة"؛ وقد سمع فيها ضم العين ثم حذفت التاء، وذلك ظاهر في قراءة: ميسرة. 4 في "ط": "ومنه من أي". 5 ما بين المعكوفين سقط من "ب". 6 الكتاب 4/ 348. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 43 وذهب الأخفش إلى أن المحذوف منهما عين الفعل، وأن الضمة في "مبيع" قلبت كسرة لتنقلب الواو ياء لئلا يلتبس بالواوي1. وأصل مرمي: مرموي، اجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو، ياء والضمة التي قبلها كسرة، وأدغمت الياء في الياء. وأصل مدعو: مدعوو بواوين، أدغمت الأولى في الثانية لاجتماع المثلين. وإلى بناء اسم المفعول من الثلاثي أشار الناظم بقوله: 465- وفي اسم مفعول الثلاثي اطرد ... زنة مفعول كآت من قصد "و" يأتي وصف المفعول من غيره، أي: "من غير الثلاثي" المجرد "بلفظ مضارعه بشرط الإتيان بميم مضمومة مكان حرف المضارعة"، لما مر في اسم الفاعل، وفتح ما قبل آخره2، "وإن شئت قلت3: بلفظ اسم فاعله بشرط فتح ما قبل الآخر"، وذلك مستفاد من قول الناظم: 464- وإن فتحت منه ما كان انكسر ... صار اسم مفعول كمثل المنتظر ويأتي من المتعدي فلا يحتاج إلى صلة "نحو: المال مستخرج، و" من اللازم فيحتاج إلى صلة نحو: "زيد منطلق به". "وقد ينوب فَعِيل عن مفعول كـ: دهين": بمعنى مدهون، "وكحيل" بمعنى مكحول، "وجريح" بمعنى مجروح، "وطريح" بمعنى مطروح. قال ابن مالك: "ومرجعه السماع" وإن كان كثيرًا، وإليه أشار الناظم4 بقوله: 466- وناب نقلا عنه ذو فعيل ... ........................... وقيل: ينقاس فيما ليس له فعيل بمعنى فاعل، كـ: قتيل, لا فيما له فعيل بمعنى فاعل، نحو قدر، بفتح الدال، ورحم بكسر الحاء، كقولهم: قدير ورحيم بمعنى قادر وراحم. وقد ينوب فعيل عن مفعل نحو: عقدت العسل فهو عقيد، وأعله المرض فهو عليل، أي: معقد ومعل.   1 انظر المنصف 1/ 287. 2 سقط حرف الهاء من الأصل. 3 سقط من "ب". 4 في "ب": "أشار في النظم". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 44 باب إعمال الصفة المشبهة باسم الفاعل المتعدي إلى واحد مدخل ... باب إعمال الصفة المشبهة باسم الفاعل المتعدي إلى واحد: ووجه الشبه بينهما أنها تؤنث وتثنى وتجمع، في "حسن": حسنة وحسنان وحسنتان وحسنون وحسنات، كما تقول في "ضارب": ضاربة وضاربان وضاربتان وضاربون وضاربات، فلذلك عملت النصب كما يعمله اسم الفاعل، واقتصرت على واحد، لأنه أقل درجات المتعدي، وكان أصلها أن لا تعمل النصب، لمباينتها الفعل بدلالتها على الثبوت، ولكونها مأخوذة من فعل قاصر، ولكنها لما أشبهت اسم الفاعل المتعدي لواحد عملت عمله. "وهي الصفة" المصوغة1 لغير تفضيل، لإفادة نسبة الحدث إلى موصوفها دون إفادة الحدوث. وخاصيتها أنها "التي استحسن فيها أن تضاف لما هو فاعل" بها "في المعنى". سواء أكانت وصفًا لازمًا لا يمكن انفكاكه، كـ: طويل الأنف، وعريض الحواجب، وواسع الفم، أم يكن انفكاكه "كـ: حسن الوجه ونقي الثغر، وطاهر العرض"، فإن الحسن والنقاية والطهارة مما يوجد ويفقد. "فخرج" باستحسان الإضافة إلى الفاعل في المعنى اسم الفاعل المتعدي "نحو: زيد2 ضارب أبوه، فإن إضافة الوصف" وهو "ضارب" فيه، أي في هذا التركيب "إلى الفاعل" وهو "أبوه" ممتنعة، إذ لا يقال: ضارب أبيه، "لئلا توهم" الإضافة فيه2 "الإضافة إلى المفعول"، وأن الأصل: زيد ضارب أباه.   1 في "ب": "الموضوعة". 2 سقطت من "ب". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 45 "و" خرج باسم الفاعل القاصر "نحو: زيد كاتب أبوه، فإن إضافة الوصف" وهو "كاتب" "فيه" إلى الفاعل وهو "أبوه" "وإن كانت لا تمتنع" على قلة، "لعدم اللبس" بالإضافة إلى المفعول، لكون الكتابة لا تقع على الذوات، "لكنها" على قلتها "لا تحسن، لأن الصفة" الدالة على الثبوت "لا تضاف لمرفوعها حتى يقدر تحويل إسنادها عنه" أي عن مرفوعها "إلى ضمير موصوفها" فيستتر في الصفة "بدليلين: أحدهما: أنه لم يقدر" الأمر "كذلك لزم إضافة الشيء إلى نفسه"، لأن الصفة نفس مرفوعها في المعنى، واللازم باطل، فالملزوم مثله. "و" الدليل "الثاني: أنهم يؤنثون الصفة1" بالتاء "في نحو: هند حسنة الوجه"، فلو لم تكن الصفة مسندة إلى ضمير هند لذكرت كما تذكر مع المرفوع. قاله ابن عصفور: "فلهذا" التحويل "حسن أن يقال" في "زيد حسن وجهه" بالرفع: "زيد حسن الوجه" بالإضافة، فالحسن مسند إلى ضمير زيد، فيكون مسندًا إلى جملته بعد أن كان مسندًا إلى وجهه، وذلك حسن، "لأن من حسن وجهه حسن أن يسند الحسن إلى" جميع "جملتها مجازًا"، عن الإسناد إلى الجزء منه، فهو من الإسناد إلى الكل وإرادة البعض، فهو مجاز قريب، والباعث على ارتكابه غرض التخفيف. قال ابن أبي الربيع2: إذا قلت: مررت برجل حسن وجهه، حصل عدة أمور، كل اثنين منها بمنزلة شيء واحد، لأن الجار والمجرور كالشيء الواحد، وكذلك الصفة والموصوف، والفاعل والفعل، والمضاف والمضاف إليه، فلما أرادوا التخفيف لم يمكنهم أن يزيلوا من اللفظ إلا الضمير، فنقلوه وجعلوه فاعلا بالصفة فاستتر فيها، لأن الصفة حينئذ كأنها جارية على من هي له حيث رفعت ضميره، فحسن أن يقال ذلك "وقبح أن يقال" في "زيدٌ كاتبٌ أبوه": "زيدٌ كاتبُ الأب، لأن من كتب أبوه لا يحسن أن تسند الكتابة إليه إلا بمجاز بعيد" سرى من المضاف، إليه إرادة المضاف. ووجه قرب الأول ويعد هذا أن الجزء بعض الكل، فيصح إطلاق كل منهما وإرادة الآخر، بخلاف الأبوة والبنوة، "وقد تبين" مما شرحناه "أن العلم بحسن3 الإضافة" في4   1 في "أ": "يؤنثون للصفة"، والتصويب من "ب", "ط". 2 البسيط 2/ 1078. 3 في "أ": "يحسن" والتصويب من "ب"، "ط"، وأوضح المسالك 3/ 247. 4 في "ب": "من". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 46 الصفة إلى مرفوعها "موقوف على النظر في معناها"، وهو نسبة الحدث إلى موصوفها على سبيل الثبوت، فما جاز من الصفات أن يسند إلى ضمير موصوفه فإضافته إلى مرفوعه حسنة1، وما لا فلا، "لا" موقوف2 "على معرفة كونها صفة مشبهة، وحينئذ فلا دور في التعريف المذكور" في قول الناظم: 467- صفة استحسن جر فاعل ... معنى بها المشبهة اسم الفاعل "كما توهمه3 ابن الناظم" حين قال في الشرح4: "وهذه الخاصة لا تصلح لتعريف الصفة المشبهة وتمييزها عما عداها، لأن العلم باستحسان الإضافة إلى الفاعل موقوف على العلم بكون الصفة مشبهة، فهو متأخر عنه، وأنت تعلم أن العلم بالمعرف يجب تقديمه على العلم بالمعرف" انتهى. وتقرير الدور منه أن العلم بالصفة المشبهة متوقف على استحسان إضافتها إلى الفاعل، واستحسان إضافتها إلى الفاعل موقوف على العلم بكونها صفة مشبهة فجاء الدور5. ودفعه الموضح بانفكاك الجهة، وتقريره أن الصفة المشبهة وإن كانت موقوفة على استحسان الإضافة إلى الفاعل، لكن استحسان الإضافة إلى الفاعل ليس موقوفًا على معرفة كونها صفة مشبهة، وإنما هو موقوف على النظر في معناها الثابت لفاعلها بحيث لو حول إسنادها عنه إلى ضميره لا يكون فيه لبس ولا قبح، فيحسن حينئذ الإضافة إلى الفاعل.   1 في "أ": "حسنًا"، والتصويب من "ب"، "ط". 2 في "ب": "موقوفة". 3 ف "أ": توهمه، وأثبت ما في "ب"، "ط": وأوضح المسالك 3/ 247. 4 شرح ابن الناظم ص318. 5 في "ب": "في الدرر". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 47 فصل: وتشارك الصفة المشبهة اسم الفاعل في الدلالة على الحدث وفاعله، والتذكير والتأنيث والتثنية والجمع، وشرط1 الاعتماد إذا تجرد3 من "أل". "وتختص هذه الصفة" المشبهة "عن اسم الفاعل بخمسة أمور" على ما هنا: "أحدهما: أنها تصاغ من" الفعل "اللازم" وضعًا أو قصدًا "دون" الفعل المتعدي" الذي لم يرد بالوصف منه الثبوت، فالمصوغة من اللازم وضعًا "كـ: حسن وجميل"، فإنها مصوغان من حسن وجمل، وهما لازمان وضعًا، والمصوغة من اللازم قصدًا كـ: ضارب الأب ومضروب العبد، فإن اسمي الفاعل والمفعول إذا قصد بهما الثبوت جَرَيَا مجرى الصفة المشبهة، كما قال: في "التسهيل" في آخر هذا الباب3. "وهو" أي اسم الفاعل المراد به الحدوث "يصاغ منهما" أي: من اللازم والمتعدي، فمن اللازم "كـ: قائم، و" من المتعدي نحو: "ضارب". الأمر "الثاني: أنها" تكون "للزمن" الماضي المتصل بالزمن "الحاضر الدائم" كـ: حسن الوجه الآن، "دون الماضي المنقطع والمستقبل"، فلا يقال: حسن الوجه أمس ولا غدًا، "وهو" أي اسم الفاعل "يكون لأحد الأزمنة الثلاثة"، نحو: حاسن أمس أو الآن أو غدًا، والحاصل من هذه المادة أنك إذا أردت ثبوت الوصف قلت: حسن ولا تقول: حاسن، وإن أردت حدوثه قلت: حاسن، ولا تقول: حسن. قاله الشاطبي وغيره، وإلى هذين الأمرين أشار الناظم بقوله: 468- ... وصوغها من لازم لحاضر كطاهر القلب جميل الظاهر   1 في "ب": "وبشرط". 2 في "ب": "تجردا". 3 في التسهيل ص142: "وإن قصد ثبوت معنى اسم الفاعل عومل معاملة الصفة المشبهة، ولو كان من متعد، إن أمن اللبس، وفاقًا للفارسي، والأصح أن يجعل اسم المفعول المتعدي إلى واحد من هذا الباب مطلقًا". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 48 الأمر "الثالث: أنها تكون مجارية للمضارع في تحركه وسكونه"، والمراد تقابل حركة بحركة، وسكون بسكون، لا تقابل حركة بعينها، إذا لا يشترط التوافق في أعيان الحركات، ولهذا قال ابن الخشاب1: وهو وزن عروضي لا تصريفي، سواء أكانت مصوغة من ثلاثي أو من2 غيره، فالثلاثي "كـ: طاهر القلب، وضامر البطن"، وغير الثلاثي [نحو: مدحرج الحجر، "و] 3 مستقيم الرأي، ومعتدل القامة"، فإنها مجارية لـ: "يطهر ويضمر [ويدحرج] 3 ويستقيم ويعتدل، "وغير مجارية له"، أي للمضارع "وهو الغالب في المبنية من الثلاثي كـ: حسن وجميل وضخم وملآن"، فإنها ليست مجارية لـ: يحسن ويضخم ويملأ. وقول الزمخشري وابن الحاجب وابن العلج وجماعة: إنها لا تكون إلا غير مجارية، مردود باتفاقهم على أن منها قوله: [من المديد] 600- من صديق أو أخي ثقة ... أو عدو شاحط دارا بالشين المعجمة والحاء والطاء المهملتين، بمعنى بعيد، صفة مشبهة، وهي مجارية لـ: يشحط، وجوابه ممكن، إذ لهم أن يقولوا: ما ورد من ذلك اسم فاعل أجري مجرى الصفة المشبهة في الحكم، لا أنه صفة مشبهة حقيقة. ولا يكون اسم الفاعل إلا مجاريًا له، أي للمضارع، كـ: ضارب ويضرب، ومنه: قائم ويقوم، لأن الأصل: يقْوُمُ، يسكون القاف وضم الواو، ثم نقلوا، وداخل يدخل، لأن توافق أعيان الحركات غير معتبر كما تقدم. الأمر "الرابع: أن منصوبها لا يتقدم عليها" لأنها فرع اسم الفاعل في العمل، فلا يجوز: زيد وجهه حسن، "بخلاف منصوبه"، فإن يجوز تقديمه عليه، تقول: زيدٌ عمرًا ضاربٌ، "ومن ثم" بفتح المثلثة، أي: ومن أجل جواز تقديم منصوب اسم الفاعل عليه، "صح النصب": أي نصب الاسم المتقدم على اسم الفاعل المشتغل عنه بضميره، باسم فاعل محذوف "في نحو: زيدًا أنا ضاربه"، لأن ما يعمل في المتقدم عليه يصح أن يفسر عاملا فيه.   1 ورد قوله في مغني اللبيب 2/ 458. 2 سقطت من "ب"، "ط". 3 إضافة ضرورية من "ب" فقط. 600- البيت لعدي بن زيد في ديوانه ص101، وشرح أبيات سيبويه 1/ 131، 217، وشرح المغني 2/ 858، والكتاب 1/ 198، والمقاصد النحوية 3/ 621، وبلا نسبة في مغني اللبيب 2/ 459. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 49 "وامتنع" نصب السبي المتقدم على الصفة المشبهة المشتغلة عنه بنصب سببه1، بصفة مشبهة محذوفة "في نحو: زيد أبوه حسن وجهه"، [فلا يجوز نصب الأب بصفة محذوفة معتمدة على زيد، تفسرها الصفة المذكورة المشتغلة عنه بنصب وجهه، لأن الصفة المشبهة لا تعمل في متقدم، وما لا يعمل لا يفسر عاملا، فوجب رفعه على أنه مبتدأ ثان، وحسن: خبره والجملة خبر "زيد" كما امتنع أن يقال: وجه2 الأب زيد حسنة بنصب الوجه. الأمر "الخامس: أنه يلزم كون معمولها سببيا، أي" اسمًا ظاهرًا "متصلا بضمير موصوفها إما لفظًا نحو: زيد حسن وجهه"] 3، فـ: وجهه: معمول "حسن" وهو سببي لأنه اسم ظاهر متصل بضمير الموصوف وهو زيد: "وإما متصل بضمير موصوفها "معنى نحو: زيد حسن الوجه". فـ: الوجه معمول "حسن" وهو سببي لأنه اسم ظاهر متصل بضمير الموصوف معنى، أي: الوجه "منه"، أي: من زيد، هذا رأي البصريين، "وقيل": لا حذف، و"إن: أل" في الوجه "خلف عن" الضمير "المضاف إليه"، وهو رأي الكوفيين، ويرده4 التصريح بالضمير مع "أل" كقوله: [من الطويل] 601- رحيب قطاب الجيب منها رقيقة ... بجس الندامى بضة المتجرد "وقول ابن الناظم" في شرح النظم5؛ ما معناه: "إن جاز نحو: زيد بك فرح"، بتقديم المعمول وهو "بك" مع أنه غير سببي، على أن الصفة وهي "فرح" "مبطل لعموم قوله" يعني الناظم6: "إن المعمول" للصفة المشبهة "لا يكون إلا سببيًا" ولا يكون إلا "مؤخرًا، مردود" خبر قول ابن الناظم، "لأن المراد بالمعمول" في قول الناظم:   1 في "أ", "ط": "سببيه"، والتصويب من "ب". 2 في "أ": "وجهه"، والتصويب من "ب"، "ط". 3 ما بين المعكوفين سقط من "ب". 4 في "ب": "ويؤيده". 601- البيت لطرفة في ديوانه ص30، وخزانة الأدب 4/ 303، 8/ 228، والمحتسب 1/ 183، وشرح التسهيل 1/ 263. 5 شرح ابن الناظم ص319. 6 التسهيل ص141. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 50 470- وسبق ما تعمل فيه مجتنب ... وكونه ذا سببية وجب "ما عملها فيه بحق الشبه" باسم الفاعل، كما أفهمه قول الناظم: 469- وعمل اسم فاعل المعدى ... لها على الحد الذي قد حدا "وإنما عملها في الظرف" [وعديله] 1 وهو "بك" "مما فيها من معنى الفعل"، لأن الظرف [وعديله] 1 مما يكتفي برائحة الفعل، كما قاله التفتازاني، "وكذا عملها في الحال"، نحو: زيد حسن وجهه طلعة، "و" في "التمييز" نحو: زيد حسن وجهًا، "ونحو ذلك" من الفضلات التي ينصبها القاصر، والمتعدي، "بخلاف اسم الفاعل" فإنه قوي الشبه بالفعل، فيعمل في متأخذر ومتقدم، وفي سببي وأجنبي. وتختص أيضًا بأمور منها: أنه لا يراعى لمعمولها محل بالعطف وغيره، ومنها: أن لا تعمل محذوفة، ومنها، أنها تؤنث بالألف، ومنها: أن تخالف فعلها فتنصب مع قصوره، ومنها: دلالتها على الثبوت الاستمراري من غير تخلل، كـ: حسن الوجه، ومع التخلل نحو: متقلب الخاطر، ومنها: استحسان إضافتها إلى فاعلها معنى من غير ضعف ولا قلة في الكلام، ومنها: إنه يقبح حذف موصوفها وإضافتها إلى مضاف إلى ضمير موصوفها، نحو: مررت بحسن وجهه. ومنها: أنه لا يجوز أن يفصل بينها وبين معمولها بظرف أو عديله عند الجمهور، ويجوز في اسم الفاعل بالاتفاق، ومنها: أنها لا تتعرف بالإضافة مطلقًا بخلاف اسم الفاعل، فإنه يتعرف بالإضافة إذا كان بمعنى الماضي، أو أريد به الاستمرار، ومنها: أن منصوبها2 [المعرفة] 3 مشبه بالمفعول به، ومنصوب4 اسم الفاعل مفعول به، ومنها: أن "أل" الداخلة عليها حرف تعريف، والداخلة عليه اسم موصول على الأصح فيهما.   1 إضافة ضرورية من "ب". 2 في "ب": "معمولها". 3 سقطت من "ب". 4 في "ب": "ومفعول". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 51 فصل: "لمعمول هذه الصفة" المشبهة "ثلاث حالات: الرفع على الفاعلية" للصفة. "قال الفارسي1: أو على الإبدال من ضمير مستتر في الصفة" بدل بعض من كل. ويرده حكاية الفراء: مررت بامرأة حسن الوجه، إذ لو كان الوجه بدلا من الصفة لوجب تأنيثها؛ لأن الصفة إذا رفعت ضميرًا وجب تأنيثها، وحكاية الكوفيين: بامرأة قويم الأنف، وأنه يجوز: برجل مضروب الأب، بالرفع، وليس هذا البدل كلا ولا بعضا ولا اشتمالا. "والخفض بالأضافة" أي بإضافة الصفة إليه، "والنصب على التشبيه بالمفعول به إن كان معرفة" كـ: الوجه، وعليه، "أو على التمييز إن كان نكرة"، كـ: وجهًا. "والصفة مع كل من الثلاثة" وهي: الرفع والنصب والخفض، "إما نكرة أو معرفة" مقرونة بـ"أل"، "وكل من هذه الستة" الحاصلة من ضرب وجوه الإعراب الثلاثة في حالتي تنكير الصفة وتعريفها "للمعمول معه ست حالات، لأنه"؛ أي المعمول؛ "إما بـ: أل، كـ: الوجه، أو مضاف لما فيه "أل" كـ: وجه الأب، أو مضاف للضمير، كـ: وجهه، أو مضاف لمضاف للضمير كـ: وجه أبيه، أو مجرد" من "أل" والإضافة كـ: وجه، "أو مضاف إلى المجرد" من "أل" والإضافة "كـ: وجه أب، فالصور ست وثلاثون" صورة حاصلة من ضرب ست في مثلها. وهي ضربان: جائز وممتنع، فالجائز اثنان وثلاثون صورة، "الممتنع منها أربع وهي: أن تكون الصفة بـ" أل" والمعمول مجردًا منها ومن الإضافة إلى تاليها، وهو" أي المعمول: "مخفوض، كـ: الحسن وجهه، أو" الحسن "وجه أبيه، أو" الحسن "وجه، أو" الحسن "وجه أب", لأن الإضافة في هذه الصور الأربع لم تفد تعريفًا، كما في نحو غلام زيد، ولا تخصيصًا في نحو: غلام رجل، ولا تخفيفًا كما في: نحو حسن الوجه، ولا تخلصا من قبح حذف الرابط أو التجوز في العمل، كما في الحسن الوجه.   1 الإيضاح العضدي 1/ 153. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 52 وينقسم الجائز إلى قبيح وضعيف وحسن، فأما القبيح فهو رفع الصفة مجردة كانت، أو مع "أل" المجرد1 منها، ومن الضمير والمضاف إلى المجرد، وذلك أربع صور، وهو: حسن وجه، وحسن وجه أب، والحسن وجه، والحسن وجه أب. ووجه قبحها خلو الصفة من ضمير يعود على الموصوف لفظًا، وعلى قبحها فهي جائزة في الاستعمال لوجود الضمير تقديرًا. وأما الضعيف فهو نصب الصفة المجردة2 من "أل" المعرف بـ"أل" والمضاف إلى المعرف بها، أو إلى ضمير الموصوف، أو إلى المضاف إلى ضميره، ووجه ضعفه3 أنه من إجراء وصف القاصر مجرى وصف المتعدي. وجر الصفة المضاف إلى ضمير الموصوف أو إلى المضاف إلى ضميره، وذلك ست صور وهي: حسن الوجه، وحسن وجه الأب، وحسن وجهه وحسن وجه أبيه، بالنصب فيهن، وحسن وجهه وحسن وجه أبيه، بالجر فيهما. وهو؛ أي الجر؛ عند سيبويه من الضرورات4، وأجازه الكوفيون في السعة5، وهو الصحيح لوروده في الحديث كقوله في وصف النبي -صلى الله عليه وسلم: "شثن أصابعه"6، وفي حديث أم زرع: "صفر وشاحها"7، وفي حديث الدجال: "أعور عينه اليمنى"8. ومع جوازه ففيه ضعف، لأنه يشبه إضافة الشيء إلى نفسه. وأما الحسن فهو رفع الصفة المجردة من "أل" المعرف بها والمضاف إلى المعرف بها، أو إلى ضمير الموصوف، أو إلى المضاف إلى ضميره، ونصب الصفة المجرد من   1 في "ب": "المجردة". 2 في "ب": "المتجردة". 3 أي: ضعف النسب، كما في "ب". 4 في "ب": "وعند سيبويه أنه من الضرورة". 5 انظر شرح التسهيل 3/ 96، والارتشاف 3/ 246. 6 أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب الجعد، برقم 5568: "عن أنس: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- شثن القدمين والكفين". 7 من حديث أم زرع، أخرجه مسلم في فضائل الصحابة برقم 2448، وانظره في فتح الباري 9/ 254، والنهاية 3/ 36، وفيه: "أي أنها ضامرة البطن، فكأن رداءها صفر: أي خال، والرداء ينتهي إلى البطن فيقع عليه". 8 أخرجه البخاري في كتاب الأنبياء برقم 3257، ومسلم في الإيمان، باب ذكر الدجال برقم 169. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 53 "أل" والإضافة والمضاف إلى المجرد منهما، وجر الصفة المعرفة بـ"أل" والمضاف إلى المعرف بها، والمجرد من "أل" والإضافة، والمضاف إلى المجرد منهما، ورفع الصفة مع "أل" المعرف بها، والمضاف إلى المعرف بها أو إلى الضمير الموصوف، أو إلى المضاف إلى ضميره، ونصب الصفة المعرف بـ"أل"والمضاف إلى المعرف بها، أو إلى ضمير الموصوف، أو إلى المضاف إلى ضميره، والمجرد من "أل" والإضافة، والمضاف إلى المجرد منهما، وجر الصفة المعرف بـ"أل" والمضاف إل المعرف بـ"أل". فهذه اثنتان وعشرون صورة وهي: حسنٌ الوجهُ, وحسنٌ وجهُ الأبِ، وحسنٌ وجهُهُ، وحسنٌ وجهُ أبيه، وحسنٌ وجهًا، وحسنٌ وجهَ أبٍ، وحسنٌ الوجهَ، وحسنٌ وجهَ الأبِ، وحسنُ وجهٍ، وحسنُ وجهِ أبٍ، والحسنُ الوجهِ، والحسنُ وجهِ الأبِ، والحسنُ وجهُهُ، والحسنُ وجهُ أبيهِ، والحسنُ الوجهُ، والحسنُ وجهُ الأبِ، والحسنُ وجهَهُ، والحسنُ وجهَ أبيهِ، والحسنُ وجهًا، والحسنُ وجهَ أبٍ، والحسنُ الوجهِ، والحسنُ وجهِ الأبِ، وذلك كله مستفاد من قول الناظم: 471- فارفع بها وانصب وجر مع أل ... ودون أل مصحوب أل وما اتصل 472- بها مضافًا أو مجردًا ولا ... تجرر بها مع أل سُمًا من أل خلا 473- ومن إضافة لتاليها وما ... لم يخل فهو بالجواز وسما وأوصل1 بعض المتأخرين الصور الحاصلة من الصفة ومعمولها إلى أربع عشرة ألف صورة ومائتين وست وخمسين صورة، وذلك أنه جعل الصفة إما بـ"أل" أو لا، فهذه حالتان، ومعمولها إما بـ"أل" أو مضاف أو مجرد. والمقرون بـ"أل" نوع واحد كـ: الحسنِ الوجهِ2، والمضاف3 ثمانية أنواع: الأول: مضاف إلى ضمير الموصوف نحو: حسنُ وجههِ. والثاني: مضاف إلى مضاف إلى ضميره نحو: حسنُ وجهِ أبيهِ. والثالث: مضاف إلى المعرف بـ: أل، نحو: حسنُ وجهُ الأبِ. والرابع: مضاف إلى مجرد نحو: وجهُ أبٍ. والخامس: مضاف إلى ضمير مضاف إلى مضاف إلى ضمير الموصوف نحو: جميلة أنفه، من قولك: مررت بامرأةٍ حسنِ وجهِ جاريَتِهَا جميلةِ أنفِهِ.   1 في "ب": "واصل". 2 سقط من "ب": "والمقرون ... حسن الوجه". 3 في "ب": "وجعل المضاف". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 54 والسادس: مضاف إلى ضمير معمول صفة أخرى نحو: جميل خالها، من قولك: مررت برجل حسن الوجنة جميل خالها. والسابع: مضاف إلى موصول نحو: "الطيبي كل ما التاثت به الأزر" من قوله: [من البسيط] 602- فعج بها قبل الأخيار منزلة ... والطيبي كل ما التاثت به الأزر والثامن: مضاف إلى موصوف بجملة، نحو: رأيت رجلا حديد سنان رمح يطعن به. والمجرد من الإضافة و"أل" يشمل ثلاثة أنواع: الموصول نحو قوله: [من الطويل] 603- أسيلات أبدان رقاق خصورها ... وثيرات ما التفت عليها لمآزر والموصوف نحو: "جما نوال أعده" من قوله: [من الطويل] 604- تزور امرأ جما نواعل أعده ... لمن أمه مستكفيًا أزمة الدهر وغيرهما نحو: مررت برجلٍ حسنِ وجهٍ. هذه اثنتا عشرة صورة مضروبة في حالتي تنكير الصفة وتعريفها، تصير أربعًا وعشرين، وكل من هذه الأربع والعشرين مضروبة في ثلاثة أحوال الإعراب تبلغ اثنتين وسبعين صورة، ويُضم إليها صور ما إذا كان معمول الصفة ضميرًا، وهي1 ثلاثة: الأولى: أن يكون مجرورًا، وذلك إذا باشرته الصفة المجردة من "أل" نحو قولك: مررت برجل حسنِ الوجهِ جميلِهِ. الثانية: أن تُفصل الصفة من الضمير وهي مجردة من "أل" نحو: قريش نجباء الناس ذريةً وكِرَامُهُمُوهَا.   602- البيت للفرزدق في ديوانه 1/ 183، والارتشاف 3/ 245، وشرح التسهيل 3/ 91، والمقاصد النحوية 3/ 625, وبلا نسبة في شرح الأشموني 2/ 357. 603- البيت لعمر بن أبي ربيعة في المقاصد النحوية 3/ 629، ولم أقع عليه في ديوانه، وبلا نسبة في شرح الأشموني 2/ 357، وشرح التسهيل 3/ 91. 604- البيت بلا نسبة في شرح الأشموني 2/ 357، والمقاصد النحوية 3/ 631، وشرح التسهيل 3/ 91، وشرح المرادي 3/ 51. 1 في "ب": "وهو". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 55 الثالثة: أن تتصل به ولكن تكون الصفة بـ"أل" نحو: زيدٌ الحسنُ الوجهَ الجميلَهُ. والضمير في هاتين الصورتين منصوب, فصارت خمسة وسبعين. والصفة إما أن تكون لمفرد مذكر أو لمثناه أو لمجموعه1 جمع سلامة أو جمع تكسير، أو لمفرد مؤنث أو لمثناه أو لمجموعه2 جمع سلامة أو جمع تكسير، وهذا ثمان في خمس وسبعين تصير ستمائة. وإذا نوعت نفس الصفة إلى مرفوعة ومنصوب ومجرورة, وضربتها في الستمائة تصير ألفًا وثمانمائة، وإذا نوعت نفس الصفة أيضًا من وجه آخر إلى مفرد مذكر ومثناه ومجموعه، إلى مفرد مؤنث ومجموعه، كانت ثمانيًا، فلا ضربت فيها الألف والثمانمائة تصير أربع عشرة ألفًا وأربعمائة. قال: ويستثنى من هذه الصور الضمير، فإنه لا يكون مجموعًا جمع تكسير ولا جمع سلامة، وجملة صوره مائة وأربع وأربعون، فالباقي أربع عشرة ألفًا ومائتان وست وخمسون، بعضها جائز وبعضها ممتنع، فيخرج منها الممتنع على ما تقدم. انتهى.   1 في "ب": "أو لمجموع". 2 في "ط": "أو لمجموع". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 56 باب التعجب مدخل ... باب التعجب: وهو استعظام زيادة في وصف الفاعل خفي سببها، وخرج بها المتعجب منه عن نظائره، أو قل نظيره، قاله ابن عصفور1. فخرج بـ: "وصف الفاعل" وصف المفعول، فلا يقال: ما أضرب زيدًا، تعجبًا من الضرب الواقع على زيد، وبـ: "خفي سببها" الأمور الظاهرة الأسباب، فلا يتعجب في شيء منها لقولهم: "إذا ظهر السبب بطل العجب" وبـ: "قلة النظائر والخروج عنها" ما تكثر نظائره في2 الوجود ولا يستعظم، فلا يتعجب منه3. "و" التعجب4 "له عبارات" كثيرة واردة في الكتاب والسنة ولسان العرب، فمن الكتاب "نحو" قوله تعالى: " {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ} " [البقرة: 28] "و" من السنة قوله -صلى الله عليه وسلم- لأبي هريرة -رضي الله عنه: $"سبحان الله، إن المؤمن لا ينجس"5. "و" من كلام العرب قولهم6: "لله دره فارسًا". وإنما لم يبوب لها في النحو لأنها لم تدل على التعجب بالوضع بل بالقرينة. "والمبوب له منها6 في النحو" صيغتان "اثنتان" موضوعتان له:   1 المقرب 1/ 71. 2 في "أ": "من"، والتصويب من "ب"، "ط". 3 انظر المقرب 1/ 71. 4 سقطت من "ب". 5 أخرجه البخاري في كتاب الغسل برقم 281، ومسلم في الحيض برقم 371. 6 سقطت من "ب". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 57 "إحداهما: ما أفعله، نحو: ما أحسن زيدًا"، وإليها أشار الناظم بقوله: 474- بأفعل انطق بعد ما تعجبا ... ............................... والكلام فيها في شيئين، في "ما"1 و"أفْعَلَ"، "فأما: ما" التعجبية "فأجمعوا على اسميتها، لأن في "أحسن" ضميرًا يعود عليها" اتفاقًا، والضمير لا يعود إلا على الأسماء، و"أجمعوا" أيضًا "على أنها مبتدأ لأنها مجردة" عن العوامل اللفظية "للإسناد إليها"، وأما ما روي عن الكسائي أنها لا موضع لها من الإعراب، فشاذ لا يقدح في الإجماع. "ثم" بعد الاتفاق على أنها سم مبتدأ، اختلفوا في معناها، "قال سيبويه" وجمهور البصريين: "هي نكرة تامة بمعنى شيء، وابتدئ بها لتضمنها معنى التعجب2"، كما قالوا في قول1 الشاعر: [من الكامل] 605- عجب لتلك قضية وإقامتي ... فيكم على تلك القضية أعجب "وما بعدها" من الجملة الفعلية "خبر، فموضعه رفع3. وقال الأخفش4: هي" أي: ما "معرفة ناقصة" أي موصولة "بمعنى "الذي" وما بعدها" من الجملة الفعلية "صلة" لها فلا موضوع له" من الإعراب. "أو نكرة ناقصة"؛ أي نكرة موصوفة بمعنى "شيء" "وما بعدها" من الجملة الفعلية "صفة" لها، "فمحله رفع" تبعًا لمحل "ما". "وعليهما" أي على قول الأخفش من التعريف والتنكير الناقصين؛ "فالخبر" أي خبر المبتدأ الذي هو "ما" التعجبية "محذوف وجوبًا، أي": الذي، أو شيء أحسن زيدًا "شيء عظيم"، ورد بأنه يستلزم مخالفة النظائر من وجهين: أحدهما: تقديم الإفهام بالصلة أو الصفة وتأخير الإبهام بالتزام حذف الخبر، والمعتاد فيما تضمن من الكلام إفهامًا وإبهامًا تقدم الإبهام5.   1 سقطت من "ب". 2 انظر الكتاب 1/ 328-329، وشرح ابن الناظم ص326، وشرح قطر الندى ص321. 605- البيت لضمرة بن جابر في الدرر 1/ 416، ولهني بن أحمر في الكتاب 1/ 319، ولسان العرب 6/ 61 "حيس"، ولهمام بن مرة في الحماسة الشجرية 1/ 256، ولرؤبة في شرح المفصل 1/ 14، وبلا نسبة في سمط اللآلي ص288، وشرح الأشموني 1/ 97، وشرح قطر الندى ص321، وهمع الهوامع 1/ 191. 3 انظر شرح المفصل 7/ 49، والكتاب 1/ 72. 4 انظر المفصل 7/ 149، والارتشاف 3/ 33. 5 في "أ": "ما تقدم"؛ بزيادة "ما". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 58 والثاني: التزام حذف الخبر دون شيء يسد مسده. وروي عن الأخفش قول ثالث موافق لقول سيبويه والجمهور، وذهب الفراء وابن درستويه إلى أن "ما" استفهامية، ونقله في شرح التسهيل1 عن الكوفيين، وهو موافق لقولهم باسمية "أفْعَلَ" فإن الاستفهام المشوب بالتعجب لا يليه إلا الأسماء نحو: {مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ} [الواقعة: 27] . والأصح ما ذهب إليه سيبويه وأصحابه، لأن قصد المتعجب الإعلام بأن المتعجب منه ذو مزية إدراكها جلي2، وسبب الاختصاص بها خفي فاستحقت الجملة المعبر بها عن ذلك أن تفتتح بنكرة غير مختصة ليحصل بذلك إبهام متلو بإفهام، ولا شك أن الإفهام حاصل بإيقاع "أفعل" على المتعجب منه، إذ لا يكن إلا مختصًا، فتعين كون الباقي وهو "ما" مقتضيًا للإبهام. "وأما: أفْعَلَ" بفتح العين "كـ: أحْسَنَ" ففيه خلاف، "فقال البصريون والكسائي" وهشام: "فعل" ماض "للزومه مع ياء المتكلم نون الوقاية، نحو: ما أفقرني إلى رحمه الله"، وما أحسنني إن اتقيت الله، "ففتحته" التي في آخره "بناء" لا إعراب، "كالفتحة في "ضرب" من" قولك: "زيد ضرب عمرًا، وما بعده" من الاسم المنصوب "مفعول به"، كما أن بعد "ضرب" من الاسم المنصوب مفعول به، فإعراب: ما أحسن زيدًا، مثل3 إعراب: زيد ضرب عمرًا، حرفًا بحرف. "وقال بقية الكوفيين" غير الكسائي وهشام: "أفْعَلَ" "اسم لقولهم" أي العرب "ما أحيسنه" وما أميلحه، بالتصغير، ولم يصغروا غيرهما، والتصغير من خصائص4 الأسماء، "ففتحته" التي في آخره "إعراب" لا بناء "كالفتحة في" "عندك" من قولك: "زيد عندك، وذلك لأن مخالفة الخبر للمبتدأ" في المعنى "تقتضي عندهم نصبه" أي: نصب الخبر، بخلاف ما إذا كان الخبر هو المبتدأ في المعنى كـ: {اللَّهِ رَبِّنَا} [الشورى: 15] أو مشبهًا به نحو: {وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} [الأحزاب: 6] فإنه يرتفع ارتفاعه. ولما كان مخالفًا له بحيث لا يحمل عليه حقيقة ولا حكمًا خالفه في الإعراب.   1 شرح التسهيل 3/ 32. 2 بعدها في "أ": "خبر". 3 سقطت من "ب". 4 في "أ"، "ب": "خواص"، وأثبت ما في "ط". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 59 والناصب له عندهم معنوي، وهو معنى المخالفة التي اتصف بها، ولا يحتاج إلى شيء يتعلق به الخبر، "و: أحْسَنَ؛ إنما هو في المعنَى وصف لـ: زيد، لا لضمير: ما" فلذلك نَصَبَ. "و: زيدًا؛ عندهم مشبه بالمفعول به"، لأن ناصبه وصف قاصر1، فأشبه نصبَ الوجهِ في قولك: "زيدٌ حسنٌ الوجه". وأجيب بأن التصغير في "أفعل" شاذ، ووجه تصغيره أنه أشبه الأسماء عمومًا لجموده، وأنه لا مصدر له. أو أنهم2 ذهبوا بتصغيره إلى معنى المصدر حيث لزم صيغة واحدة. قاله أبو البقاء3. وأشبه أفعل التفضيل خصوصًا بكونه على وزنه، وبدلالته على الزيادة، وبكونهما لا يبنيان إلا مما استكمل شروطًا، يأتي ذكرها. وندر حذف همزة "أفعل" سمع: ما خيره وما شره، بمعنى: ما أخيره وأما أشره، ولما حذفوا همزة "أخير" حركوا الخاء بحركة الياء، ومنهم من لم يحركها ويحذف ألف "ما" ويقول: مخيره، وسمع الكسائي: مخبثه. "الصيغة الثانية" من صيغتي التعجب: "أفعل به" بكسر العين، "نحو أحسن بزيد" وإليها الإشارة بقول الناظم: 474- .................................... ... أو جيء بأفعل قبل مجرور ببا "وأجمعوا على فعلية: أفعل" لأنه على صيغة لا تكون إلا للفعل، فأما أصبع بفتح الهمزة، لغة في إصبع فنادر، وفي كلام ابن الأنباري ما يدل على أن "أفعل" اسم. قال المرادي4: ولا وجه له. "ثم" بعد اتفاقهم على فعليته اختلفوا في حقيقه، "قال البصريون"؛ جمهورهم: "لفظه لفظ الأمر ومعناه الخبر" فمدلوله ومدلول "أحسن" في: ما أحسن زيدًا من حيث التعجب واحد، "وهو في الأصل فعل ماض" صيغته "على صيغة: أفْعَلَ" بفتح العين، وهمزته للصيرورة "بمعنى صار ذا كذا"، فأصل: "أحسن يزيد" أحسن زيد، أي صار ذا حسن، "كـ: أغد البعير، أي صار ذا غدة"، وأبقلت الأرض: أي صارت ذات بقل، "ثم غيرت الصيغة" الماضوية, إلى الصيغة الأمرية، فصار: أحسن زيد، بالرفع، "فقبح إسناد" لفظ "صيغة الأمر إلى الاسم الظاهر"، لأن صيغة   1 في "ب": "فعل". 2 في "ب": "أو لأنهم". 3 ورد قوله في كتابه التبيين ص290-291. 4 شرح المرادي 3/ 63. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 60 الأمر لا ترفع الاسم الظاهر، "فزيدت الباء في الفاعل ليصير على صورة المفعول به" المجرور بالباء. "كـ: امرر بزيد: ولذلك" القبح "التزمت" زيادتها صونًا للفظ عن الاستقباح، "بخلافها" أي: بخلاف زيادة الباء "في" فاعل الفعل الماضي نحو: " {كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} " [الرعد: 43] "فيجوز تركها" المجرور لعدم الاستقباح "كقوله"؛ وهو سحيم؛ بمهملتين؛ عبد بني الحسحاس؛ بمهملات أربع: [من الطويل] 606- عميرة ودع إن تجهزت غاديًا ... كفى الشيب والإسلام للمرء ناهيًا فحذف الباء من فاعل "كفى". "وقال الفراء والزجاج والزمخشري وابن كيسان وابن خروف": أفعل؛ بكسر العين في التعجب: "لفظه ومعناه الأمر" حقيقة، "وفيه ضمير" مستتر مرفوع على الفاعلية، "والباء للتعدية" داخلة على المفعول به لا زائدة1. "ثم" اختلفوا في مرجع الضمير المستتر في "أفعل"، "قال ابن كيسان" من الكوفيين: "الضمير" المستتر في أفعل2 للحسن المدلول عليه بـ: أحسن، كأنه قيل: أحسن يا حسن بزيد، أي: دم به والزمه، ولذلك كان الضمير مفردًا على كل حال، لأن ضمير المصدر كالمصدر لا يثنى ولا يجمع، واستحسنه ابن طلحة. "وقال غيره" أي غير ابن كيسان من المتقدم ذكرهم، وهم: الفراء من الكوفيين، والزجاج من البصريين، وابن خروف والزمخشري من المتأخرين: الضمير المستتر في "أفعل" "للمخاطب" المستدعي منه التعجب، وكان القياس أن يقال في التأنيث: أحسني، وفي التثنية: أحسنا. وفي الجمع: أحسنوا أو أحسنَّ، "وإنما التزم إفراده" وتذكيره واستتاره، "لأنه" أي: أفعل المستتر فيه الضمير "كلام جرى مجرى المثل"، والأمثال لا تغير عن حالها.   606- البيت لسحيم عبد بني الحسحاس في الإنصاف 1/ 168، وخزانة الأدب 1/ 267، 2/ 102، 103، وسر صناعة الإعراب 1/ 141, وشرح شواهد المغني 1/ 325، والكتاب 2/ 26، 4/ 225، ولسان العرب 15/ 226 "كفى"، ومغني اللبيب 1/ 106، والمقاصد النحوية 3/ 665، وبلا نسبة في أسرار العربية ص144، وأوضح المسالك 3/ 253، وشرح الأشموني 2/ 364، وشرح عمدة الحافظ ص425، وشرح قطر الندى ص1323، وشرح المفصل 2/ 115، 7/ 84، 148، 8/ 24، 93، 138، ولسان العرب 15/ 344، "نهى"، وشرح التسهيل 3/ 24. 1 انظر الارتشاف 3/ 35، وشرح الكافية الشافية 2/ 1078. 2 سقط من "ب": "المستتر في أفعل". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 61 وضعف مذهب جمهور البصريين بثلاثة أوجه: أحدها: استعمال الأمر بمعنى الماضين وهو ما لم يعهد والمعهود عكسه. والثاني: استعمال أفعل بمعنى "صار" وهو قليل، والثالث: زيادة الباء في الفاعل. ورد ابن مالك قول الفراء وموافقيه بأربعة أوجه1: أحدها: أنه لو كان أمرًا لزم إبراز ضميره. الثاني: أنه لو كان أمرًا لم يكن الناطق به متعجبًا، كما لا يكون الأمر بالخلف ونحوه حالفًا، ولا خلاف في كونه متعجبًا. الثالث: أنه لو كان مسندًا إلى ضمير المخاطب لم يلِهِ ضمير المخاطب في نحو: أحسن بك. الرابع: أنه لو كان أمرًا لوجب له من الإعلال ما وجب لـ: أقم وأبن. ويجوز حذف الباء إذا كان المتعجب منه "أن" المصدرية وصلتها كقوله "من الطويل" 607- ..................................... ... وأحبب إلينا أن يكون المقدما أي: بأن يكون، دون "أن" المشددة وصلتها لعدم السماع، فهذا حكم اختصت2 به "أن" عن "أن" ونظيره: عسى أن يقوم. قاله الموضح في الحواشي3. وزاد بعضهم في التعجب صيغة ثالثة، وهي "فعل" بضم العين، نحو: {كَبُرَتْ كَلِمَةً} [الكهف: 5] ، وزاد الكوفيون رابعة وهي: أفعل بغير "ما" فأجازوا تحويل الثلاثي إلى صيغة أفعل، وقالوا: أحسنت رجلا، وأكرمت رجلا بمعنى4: ما أحسنك وما أكرمك. وزاد بعضهم اسم التفضيل متمسكًا بقول سيبويه5: إن أفعل وما أفعله وأفعل به في معنى واحد.   1 شرح التسهيل 3/ 33-34. 607- صدر البيت: "وقال نبي المسلمين تقدموا"، وهو لعباس بن مرادس في ديوانه ص102، والدرر 2/ 292، 297، والمقاصد النحوية 3/ 656، وبلا نسبة في الارتشاف 3/ 34، والجنب الداني ص49، والدرر 2/ 580، وشرح ابن الناظم ص332، وشرح الأشموني 2/ 364، وشرح ابن عقيل 2/ 157، وشرح التسهيل 3/ 35، ولسان العرب 1/ 292 "حبب"، والمقاصد النحوية 4/ 593، وهمع الهوامع 2/ 90، 91، 227. 2 في "ب": "اختص". 3 انظر التسهيل ص130. 4 في "ب": "يعني". 5 الكتاب 4/ 97. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 62 "مسألة": لا يتعجب إلا من معرفة أو نكرة مختصة1 نحو: ما أحسن زيدًا، وما أسعد رجلا اتقى الله، لأن المتعجب منه مخبر عنه في المعنى، فلا يقال: ما أسعد رجلا من الناس، لأنه لا فائدة في ذلك. "ويجوز حذف المتعجب منه" إذا كان ضميرًا، كما "في مثل: ما أحسنه"، و"إن دل عليه دليل"، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 476- وحذف ما منه تعجبت استبح ... إن كان عند الحذف معناه يضح "كقوله"؛ وهو علي بن أبي طالب كرم الله وجهه: [من الطويل] 608- جزى الله عني والجزاء بفضله ... ربيعة خيرًا ما أعف وأكرما أي: ما أعفها وأكرمها. "وفي" مثل "أفعل به؛ إن كان؛ أفعل"؛ بكسر العين؛ "معطوفًا على آخر مذكور معه مثل ذلك المحذوف نحو: {أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ} [مريم: 38] أي: بهم وقوله: [من الرجز] 609- أعزز بنا واكتف إن دعينا ... يوما إلى نصرة من يلينا أي: واكتف بنا. وإنما حذف للدليل مع كونه فاعلا، لأن لزومه للجر كساه صورة الفضلية، خلافًا للفارسي وجماعة ذهبوا إلى أنه لم يحذف، ولكنه استتر في الفعل حين حذفت الباء، كما في قولك: زيد كفى به كاتبًا. زيد كفى كاتبًا. ورده ابن مالك بوجهين2: أحدهما: لزوم إبرازه حينئذ في التثنية والجمع، والثاني: أن من الضمائر ما لا يقبل الاستتار، كـ:"نا" من: أكرم بنا، فإن لم يدل عليه دليل لم يجز حذفه. أما في "ما أفعله" فلعروه إذا ذاك عن الفائدة، فإنك لو قلت: ما أحسن أو ما أجمل، لم يكن كلامًا، لأن معناه أن3 شيئًا صير الحسن واقعًا على مجهول، وهذا مما لا   1 سقطت من "ب". 608- البيت للإمام علي بن أبي طالب في ديوانه ص491، والدرر 2/ 296، وشرح ابن الناظم ص328، والعقد الفريد 5/ 283، والمقاصد النحوية 3/ 649، وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 259، وشرح الأشموني 2/ 364، وهمع الهوامع 2/ 91. 609- الرجز بلا نسبة في الدرر 2/ 328، وشرح التسهيل 3/ 37. 2 شرح التسهيل 3/ 37. 3 في "ب": "ما". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 63 ينكر وجوده، ولا يفيد التحدث به. وأما نحو "أفعل به" فلا يحذف منه المتعجب منه لغير دليل؛ لأنه فاعل، "وأما قوله" وهو عروة بن الورد: [من الطويل] 610- فذلك إن يلق المنية يلقها ... حميدًا وإن يستغن يومًا فأجدر فحذف المتعجب منه، ولم يكن معطوفًا على مثله، "أي": فأجدر "به" حميدًا، "فشاذ" أو قليل. "مسألة: وكل من هذين الفعلين وهم: ما أفعله وأفعل به، ممنوع التصرف" اتفاقًا. قاله ابن مالك1، وإليه أشار الناظم بقوله: 477- وفي كلا الفعلين قدمًا لزما ... منع تصرف بحكم حتما وأجاز هشام أن يؤتى بمضارع "ما أفعله" فتقول: ما يحسن زيدًا، وهو قياس، ولم يسمع، فلا يقدح في الإجماع. وليس "أفعل" أمرًا من "أفعل" لاختلاف مدلولي2 الهمزة عند الجمهور، لأنها في التعجب للصيرورة، وفي غيره للنقل، "فالأول" وهو: ما أفعله "نظير: تبارك وعسى وليس" في الجمود وفي ملازمة المضي. "والثاني" وهو أفعل به "نظير "هب" بمعنى: اعتقد، و"تعلم" بمعنى: اعلم" في الجمود وفي ملازمة صيغة الأمر. "وعلة جمودها تضمنهما معنى حرف التعجب الذي كان يستحق الوضع" ولم يوضع. "مسألة: ولعدم تصرف هذين الفعلين" الدالين على التعجب "امتنع أن يتقدم عليهما معمولهما، و" امتنع "أن يفصل بينهما" وبين معموليهما3 "بغير ظرف أو مجرور، لا تقول: ما زيدًا أحسن"، بتقدم معمول "أحسن" عليه "ولا" تقول:   610- البيت لعروة بن الورد في ديوانه ص15، والأصمعيات ص46، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص424، وشرح عمدة الحافظ ص755، والمقاصد النحوية 3/ 650، وله أو لحاتم الطائي في الأغاني 6/ 303، وخزانة الأدب 1/ 9، 10/ 13، ولحاتم الطائي في الدرر 2/ 103، وليس في ديوانه، وبلا نسبة في الأغاني 6/ 296، وأوضح المسالك 3/ 260، وشرح ابن الناظم ص329، وشرح الأشموني 2/ 364، وشرح ابن عقيل 2/ 152، وشرح التسهيل 3/ 37، وشرح الكافية الشافية 2/ 1079، وهمع الهوامع 2/ 38. 1 شرح الكافية الشافية 2/ 1080. 2 في "ب": "مدلول". 3 في "ب": "ومعمولهما". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 64 "يزيد أحسن"، بتقديم معمول "أحسن" عليه، "وإن قيل: إن "بزيد" مفعول" به، كما يقول به الفراء وأصحابه، لعدم التصرف، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 483- وفعل هذا الباب لن يقدما ... معموله ...................... "وكذلك لا تقول: ما أحسن؛ يا عبد الله؛ زيدًا". بالفصل بالمنادى بين "أحسن" ومعموله، بلا خلاف، كما يؤخذ من كلام الشارح1، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 483- .................................... ... .............. ووصله بما الزما وفي الكلام الفصيح ما يدل على جوازه، كقول على -رضي الله عنه- لما رأى عمار بن ياسر مقتولا: "أعزز علي؛ أبا اليقظان؛ أن أراك صريعًا مجدلا" أي مرميا على الجدالة، بفتح الجيم، وهي الأرض. قال ابن مالك2: وهذا مصحح للفصل بالمنادى. "ولا" تقول "أحسن؛ لولا بخله؛ بزيد"، بالفصل بـ"لولا" الامتناعية ومصحوبها، وأجاز ذلك ابن كيسان3، قال المرادي4: ولا حجة له على ذلك. وأجاز الجرمي الفصل بالمصدر نحو: ما أحسن؛ إحسانًا؛ زيدًا، ومنعه الجمهور لمنعهم أن يكون له مصدر، وأجاز الجرمي وهشام الفصل بالحال نحو: ما أحسن؛ راكبًا؛ زيدًا، وأحسن؛ راكبًا؛ بزيد5. "واختلفوا في الفصل بظرف أو مجرور" حال كونهما "متعلقين بالفعل" الدال على التعجب، "والصحيح الجواز" للتوسع فيهما، وإليه أشار الناظم بقوله: 484- وفصله بظرف أو بحرف جر ... مستعمل والخلف في ذاك استقر فذهب الأخفش والمبرد وأكثر البصريين إلى المنع6، وذهب الفراء والجرمي   1 في شرح ابن الناظم ص331: "لا خلاف في امتناع تقديم معمول فعل التعجب عليه، ولا في امتناع الفصل بينه وبين المتعجب منه بغير الظرف، والجار والمجرور، كالحال والمنادى". 2 شرح التسهيل 3/ 41. 3 الارتشاف 3/ 41. 4 شرح المرادي 3/ 72. 5 انظر الارتشاف 3/ 37، وشرح ابن الناظم ص332. 6 شرح ابن الناظم ص332، وشرح المفصل 7/ 150. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 65 والمازني والزجاج والفارسي وابن خروف والشلوبين إلى الجواز1، "كقولهم: ما أحسن بالرجل أن يصدق، وما أقبح به أن يكذب، وقوله"؛ وهو أوس بن حجر: [من الطويل] 611- أقيم بدار الحزم ما دام حزمها ... وأحر إذا حالت بأن أتحولا ففصل بـ"إذا" الظرفية بين "أحر" ومعموله، وهو "أن" وصلتها، وليس لسيبويه في ذلك نص2. "ولو تعلق الظرف والمجرور بمعمول فعل التعجب لم يجز الفصل به اتفاقًا"، كما قال ابن مالك في شرح التسهيل3 "نحو: ما أحسن معتكفًا في المسجد، وأحسن بجالس عندك"، فلا يقال فيهما: ما أحسن في المسجد معتكفا، وأحسن عندك بجالس، لئلا يلزم الفصل بين العامل ومعموله بمعمول معموله.   1 شرح ابن الناظم ص331. 611- البيت لأوس بن حجر في ديوانه ص83، وتذكرة النحاة ص292، وحماسة البحتري ص120، وشرح عمدة الحافظ ص748، والمقاصد النحوية 3/ 659، وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 263، وشرح ابن الناظم ص332، وشرح الأشموني 2/ 369، وشرح التسهيل 3/ 41، وشرح الشافية 2/ 1096. 2 انظر شرح الكافية الشافية 2/ 1089، وفي شرح ابن الناظم 331: "حكى الصيمري أن مذهب سيبويه منع الفصل بالظرف بين فعل التعجب ومعموله، والصواب أن ذلك جائز، وهو المشهور والمتصور". 3 شرح التسهيل 3/ 40. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 66 فصل: "وإنما يبنى هذا الفعلان مما اجتمعت1 في ثمانية شروط: أحدها: أن يكون فعلا، فلا يبنيان من" الاسم، نحو "الجلف" بالجيم، وهو في الأصل الدن الفارغ، "و" في القاموس2: "الجلف" بالكسر: الرجل الجافي، وقد جلف جلف: كـ"فرح" جلفا وجلافة. انتهى. فأثبت له فعلا، فيبنى من فعله. "والحمار": وهو الحيوان المعروف، "فلا يقال: ما أجلفه" أي: أجفاه، وفيه ما تقدم عن القاموس. "ولا" يقال: "ما أحمره" أي: أبلده، "وشذ: ما أذرع المرأة، أي: ما أخف يدها في الغزل، بنوه من قولهم: امرأة ذراع"، بفتح أوله. قال في القاموس3: والذراع: كسحاب: الخفيفة اليدين بالغزل، ويكسر، واقتصر في "الضياء" على الفتح. وقال ابن القطاع في الأفعال4: ذرعت المرأة: خفت يدها في العمل، فهي ذراع. وعلى هذا لا شذوذ في قولهم: ما أذرع المرأة. "ومثله" في الشذوذ: "ما أقمنه" بكذا، "وما أجدره بكذا"، فالأول بنوه من قولهم: هو قمن بكذا، والثاني من قولهم: هو جدير بكذا، والمعنى فيهما: ما أحقه بكذا، ولا فعل لهما5. الشرط "الثاني: أن يكون" الفعل "ثلاثيًّا فلا يبنيان من" رباعي مجرد ولا من مزيد فيه، ولا ثلاثي مزيد حرفًا أو حرفين أو ثلاثة، نحو: "دحرج" وتدحرج،   1 في "ب": "اجتمع". 2 القاموس المحيط "جلف". 3 القاموس المحيط "ذرع". 4 كتاب الأفعال 1/ 386 5 انظر شرح ابن الناظم ص331. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 67 "وضارب" وانطلق "واستخرج"، لأن بناءهما من ذلك يفوت الدلالة على المعنى المتعجب منه. أما ما أصوله أربعة فلأنه يؤدي إلى حذف بعض الأصول، ولا خفاء في إخلاله بالدلالة، وأما المزيد يؤدي إلى حذف الزيادة الدالة على معنى مقصود، ألا ترى أنك لو بنيت "أفعَلَ" من ضارب وانطلق واستخرج، فقلت: ما أضربه وأطلقه وأخرجه، لفاتت الدلالة على معنى المشاركة والمطاوعة والطلب، "إلا "أفْعَلَ" فقيل: يجوز" بناؤهما منه قياسًا "مطلقًا", سواء كانت الهمزة فيه للنقل أم لا، وهو مذهب سيبويه والمحققين من أصحابه1، واختاره في التسهيل وشرحه2. "وقيل: يمتنع مطلقًا" إلا أن يشذ منه شيء فيحفظ ولا يقاس عليه، وهو مذهب المازني والأخفش والمبرد وابن السراج والفارسي، ومن وافقهم3. "وقيل: يجوز إن كانت الهمزة لغير النقل، نحو: ما أظلم الليل، وما أقفر هذا" المكان، ويمتنع إن كانت للنقل، نحو: ما أذهب نوره، وإليه ذهب ابن عصفور4. قال الشاطبي: وهذه التفرقة لم يقل بها أحد، ولا ذهب إليها نحوي، ويكفيه في الرد مخالفته للإجماع بناء على أن إحداث قول خرق للإجماع، ثم أطال في الرد عليه. "وشذ على هذين القولين" وهما: المنع مطلقًا والمنع في أحد شقي التفصيل: "ما أعطاه للدراهم5 وما أولاه للمعروف"، مما الهمزة فيه للنقل من المتعدي لواحد إلى المتعدي إلى اثنين قبل التعجب، فإذا تعجبت كان لك ثلاثة أوجه: أحدهما: الاقتصار على الذي كان فاعلا، فتقول: ما أعطى زيدًا وما أولاه. والثاني: أن تزيد عليه أحد المفعولين مجرورًا باللام، فتقول: ما أعطاه للدراهم. وما أولاه للمعروف. والثالث: أن تزيد عليهما المفعول الآخر منصوبًا بمحذوف عند البصريين وبالمذكور عند الكوفيين6، فتقول: ما أعطى زيدًا للفقراء الدراهم. وما أولاه للفقراء   1 انظر الارتشاف 3/ 42. 2 التسهيل ص132، وشرح التسهيل 3/ 46. 3 الارتشاف 3/ 42، والإيضاح العضدي 1/ 93. 4 المقرب 1/ 73. 5 في "ب": "للدرهم". 6 انظر شرح الكافية الشافية 2/ 1095. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 68 المعروف، وإن شئت نصبت الثلاثة إذا لم يكن لبس، فتقول: ما أعطى زيدًا الفقراء الدراهم وما أولاه الفقراء المعروف. وتقدير المحذوف1 عند البصريين: أعطاهم الدراهم وأولاهم المعروف. واختلف في بناء فعلي2 التعجب من الثلاثي المزيد إذا أجرى مجرى الثلاثي، نحو: اتقى وامتلأ وافتقر واستغنى، فذهب ابن السراج وطائفة إلى الجواز3، لأنهم أجروه مجرى الثلاثي المجرد من الزوائد لا مجرى المزيد، بدليل قولهم في الوصف منه: تقي ومليء وفقير وغني. وذهب ابن خروف وجماعة إلى المنع، لأن العلة التي من أجلها امتنع بناؤهما من المزيد غير الجاري مجرى المجرد موجودة هنا، وهي هدم4 البنية وحذف زوائدها لغير موجب مع وجود الغنى عن ذلك بـ: أشد وأشدد، ونحوهما. "و" شذ "على كل قول" من أقوال المانعين: "ما أتقاه" لله5 "وما أملأ القربة، لأنهما من اتقى" بتشديد التاء، "وامتلأت"، وما أفقرني إلى عفو الله، وما أغناني عن الناس إن قنعت، لأنهما من افتقر واستغنى، وإن كان قد سمع تقي بمعنى خاف، وملؤ بمعنى امتلأ، وفقر، بضم القاف وكسرها، بمعنى افتقر، وغني بمعنى استغنى لندوره. "و" شذ "ما أخصره لأنه من اختصر، وفيه شذوذ آخر، سيأتي"، وهو أنه مبني للمفعول. الشرط "الثالث: أن يكون" الفعل "متصرفا"، لأن التصرف فيما لا6 يتصرف نقض لوضعه، وعدم التصرف على وجهين. أحدهما: يكون بخروج الفعل عن طريقة الأفعال من الدلالة على الحدث والزمان كـ: نعم وبئس.   1 في "ب": "والتقدير" مكان "وتقدير المحذوف". 2 في "ب": "فعل". 3 انظر المقتضب 4/ 179، والأصول 1/ 99-100. 4 في "ب": "عدم". 5 في "ب": "له". 6 في "أ": "لم". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 69 والثاني: يكون بمجرد الاستغناء عن تصرفه غيره، وإن كان باقيًا على أصله من الدلالة على الحدث والزمان، كـ: يذر ويدع، حيث استغني عن ماضيهما بماضي "يترك". وكلا القسمين مراد هنا، فلا يبنيان من: نعم وبئس ويذر ويدع، فلا يقال: ما أنعمه وأبأسه، وأنعم به وأبئس به، وهما باقيان على معناهما من إنشاء المدح والذم، ولا ما أوذره، ولا ما أودعه، وشذ ما أعساه أو أعس به1. الشرط "الرابع: أن يكون معناه قابلا للتفاضل" في الصفات الإضافية التي تختلف بها أحوال الناس، سواء كانت بالنسبة إلى شخص واحد في حالين، كـ: العلم الجهل، أو شخصين، كـ: الحسن والقبح، فتقول: ما أعلمه يوم الخميس، وما أجهله يوم الأربعاء، وما أحسنه وما أقبحه، بخلاف ما لا يقبل التفاضل ويشترك فيه الجميع "فلا يبنيان من نحو: فني ومات" لأنه لا مزية فيه لبعض فاعليه على بعض حتى يتعجب منه. الشرط "الخامس: أن لا يكون" الفعل "مبنيًّا للمفعول" تحويلا أو تأصيلا، "فلا يبنيان من نحو: ضرب" زيد بضم أوله وكسر ما قبل آخره، فلا يقال: ما أضرب زيدًا، وأنت تريد التعجب من الضرب الذي وقع على زيد، لئلا يلتبس التعجب منه بالتعجب من فعل الفاعل، "وشذ: ما أخصره، من وجهين": الزيادة على الثلاثة والبناء للمفعول2، "وبعضهم يستثني" من الفعل المبني للمفعول "ما كان ملازمًا لصيغة: فُعِلَ" بضم أوله وكسر ثانيه، "نحو: عُنِيتُ بحاجتك، وزُهِيَ علينا" بمعنى تكبر "بضم أولهما وكسر ما قبل آخرهما"3 فيجيز التعجب منه لعدم اللبس، فتقول: "ما أعناه بحاجتك، وما أزهاه علينا"، وجرى على ذلك ابن مالك4 وولده5 بناء على أن علة المنع خوف الالتباس، وأما من جعل علة المنع التشبيه بأفعال الخلق بجامع أن كلا منهما لا كسب للمفعول فيه، فينبغي أن لا يستثني شيئًا، ويؤول ما ورد من ذلك، على أن التعجب فيه من فعل مفعول في معنى فعل فاعل لم ينطق به6.   1 انظر شرح ابن الناظم ص33، وشرح الكافية الشافية 2/ 1082. 2 شرح ابن الناظم ص331، وشرح الكافية الشافية 2/ 1082. 3 إضافة من "ب". 4 شرح الكافية الشافية 2/ 1086. 5 شرح ابن الناظم ص331. 6 سقطت من "ب". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 70 الشرط "السادس: أن يكون" للفعل "تامًّا، فلا يبنيان من نحو: كان وظل وبات وصار وكاد"، لأنهن نواقص، فلا يقال: من أكون زيدًا قائمًا، بنصب الخبر، ولا يجره باللام لتغير المعنى. هذا مذهب البصريين. وذهب الكوفيون إلى جواز: ما أكون زيدًا لأخيك، دون: ما أكون زيدًا لقائم، وحكى ابن السراج والزجاج عنهم: ما أكون زيدًا قائمًا، وهو مبني على أصلهم من أن المنصوب بعد كان حال1، فسهل الأمر عليهم، ولم يأت بذلك سماع. الشرط "السابع: أن يكون" الفعل "مثبتًا، فلا يبنيان من" فعل "منفي، سواء كان ملازمًا للنفي نحو: ما عاج بالدواء، أي: ما انتفع به" ومضارعه "يعيج" ملازم للنفي أيضًا. قاله ابن مالك في شرح التسهيل2، واعترض بأنه قد جاء في الإثبات، قال أبو علي القالي في نوادره3: أنشدنا ثعلب عن ابن الأعرابي: [من الطويل] 612- ولم أر شيئًا بعد ليلى ألده ... ولا مشربا أروى به فأعيج أي: أنتفع به. وأما "عاج يعوج" بمعنى "مال يميل" فإن العرب استعملته مثبتًاومنفيًّا. "أم غير ملازم" للنفي. "كـ: ما قام زيد"، وما عاج، أي: مال، فلا يقال: ما أقومه وما أعوجه، لئلا يلتبس المنفي بالمثبت. الشرط "الثامن: أن لا يكون اسم فاعله على" وزن "أفعل فعلاء، فلا يبنيان من نحو: عرج" فهو أعرج، من العيوب، "وشهل" فهو أشهل، من المحاسن، وهو بالشين المعجمة، "وخضر الزرع" فهو أخضر، من الألوان، ولمي فهو ألمى من الحلى. واختلف في المنع من ذلك فقيل4: لأن حق صيغة التعجب أن تبنى من الثلاثي المحض، وأكثر أفعال الألوان والخلق إنما تجيء على "افْعَلَّ" بتسكين الفاء وبزيادة مثل اللام نحو: اخضر، فلم يبين فعلا التعجب في الغالب مما كان منها ثلاثيًّا إجراء للأقل مجرى الأكثر.   1 في "ب": "يكون منصوبًا على الحال" مكان "بعد كان حال". 2 شرح التسهيل 3/ 44. 3 أمالي القالي 2/ 168. 612- البيت بلا نسبة في لسان العرب 2/ 336 "عيج"، وأمالي القالي 2/ 168، والمقاصد النحوية 3/ 671، وشرح المرادي 3/ 68. 4 هذا مذهب البصريين، انظر الإنصاف 1/ 151، المسألة رقم 16، وشرح ابن يعيش 7/ 144. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 71 وقيل1: لأن الألوان والعيون الظاهرة جرت مجرى الخلق الثابتة التي لا تزيد ولا تنقص كـ: اليد والرجل وسائر الأعضاء في عدم التعجب منها. وقيل: لأن بناء الوصف من2 هذا النوع على أفعل، ولم يُبْنَ منه أفعل تفضيل لئلا يلتبس أحدهما بالآخر، ولما امتنع صوغ أفعل التفضيل منه امتنع صوغ فعلي التعجب منه لجريانهما مجرى واحدًا في أمور كثيرة، وتساويهما في الوزن والمعنى، وهذا الشرط مستفادة من قول الناظم: 478- وصغهما من ذي ثلاث صرفا ... قابل فضل ثم غير ذي انتفا 479- وغير ذي وصف يضاهي أشهلا ... وغير سالك سبيل فعلا فهذه سبعة شروط، ويؤخذ الثامن من قوله: 478- ............. ذي ثلاث ...... ... ................................ وبقي شرط تاسع لم يذكراه، وهو أن لا يستغنى عنه بالمصوغ من غيره، نحو قال من القائلة3، فإنهم لا يقولون: ما أقيله، استغناء بقولهم: ما أكثر قائلته. ذكره سيبويه4. ونحو: سكر وقعد وجلس، ضد "أقام" فإنهم لا يقولون: ما أسكره وأقعده وأجلسه، استغناء بقولهم: ما أشد سكره، وأكثر قعوده وجلوسه. وذكره ابن برهان، وزاد ابن عصفور5: "قام وغضب ونام" وفي عد "نام" منها نظر، فقد حكى سيبويه6: ما أنومه، وقد قالت العرب: هو أنوم من فهد7.   1 هذا رأي الخليل كما في الكتاب 4/ 98، وانظر المقتضب 4/ 181. 2 سقط من "ب": "الوصف من". 3 في "ب": "المقايلة". 4 الكتاب 4/ 99. 5 المقرب 1/ 74. 6 الكتاب 4/ 99. 7 المثل في مجمع الأمثال 1/ 158، 2/ 355، والدرر الفاخرة 2/ 400، وجمهرة الأمثال 2/ 318، والمستقصى 1/ 426، وكتاب الأمثال لابن سلام ص361. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 72 فصل: "ويتوصل إلى التعجب من الزائد على ثلاثة، ومما وصفه على أفعل فعلاء بـ: ما أشد، ونحوه" كـ: ما أقوى وما أضعف, وما أكثر وما أقل، وما أعظم, وما أحقر، وما أكبر، وما أصغر، وما أحسن، وما أشبه ذلك. "وينصب مصدرهما" أي مصدر ما زاد على الثلاثة ما وصفه على أفعل فعلاء "بعده" أي بعد أشد ونحوه "وبأشدد ونحوه" كـ: أضعف وأكثر وأكبر وأقلل وأعظم وأكبر وأصغر وأحسن وأقبح، وما أشبه ذلك. "ويجر مصدرهما بعده" أي بعد أشدد ونحوه "بالباء" لزومًا، "فتقول" على الأول: "ما أشد أو أعظم دحرجته أو انطلاقه" في الزائد على الثلاث، "أو حمرته" أو عرجه، مما الوصف منه على أفعل فعلاء. "و" تقول على الثاني: "أشدد أو أعظم بهما"1 أي: بدحرجته وانطلاقه وحمرته وعرجه، وذلك مستفاد من قول الناظم: 480- وأشدد او أشد أو شبههما ... يخلف ما بعض الشروط عدما 481- ومصدر العادم بعد ينتصب ... وبعد أفعل جره بالبا يجب "وكذا المنفي والمبني للمفعول" يتوصل إلى التعجب منهما بـ: أشد ونحوه2، أو بـ: أشدد ونحوه، "إلا أن مصدرهما"؛ أي مصدر الفعل المنفي والفعل المبني للمفعول "يكون مؤولا" بـ"أن" والفعل المنفي، و"ما" والفعل المبني للمفعول، "لا صريحا نحو: ما أكثر أن لا يقوم، وما أعظم ما ضرب" بالنباء للمفعول، "وأشدد بهما" أي: بأن لا يقوم، وبـ: ما ضرب, فتأتي بالمصدر المؤول دون المصدر3 الصريح، أما في المنفي فليتمكن من أن يستعمل معه النفي، وأن يعمل فيه الفعل الذي يتعجب بسببه، وأما   1 في "ب"، "ط": "بها". 2 في "ب": "منها". 3 سقطت من "ب". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 73 المبني للمفعول فليبقى لفظ النفي1 ولفظ الفعل المبني للمفعول، لئلا يلتبس مصدره بمصدر المبني للفاعل "ولو أمن اللبس جاز إيلاؤه المصدر الصريح، نحو: ما أسرع نفاس هند، وأسرع بنفاسها" قاله الشارح2. "وأما الفعل الناقص فإن قلنا: له مصدر"؛ وهو الصحيح؛ "فمن النوع الأول"، فيؤتى له بمصدر صريح، "وإلا" نقل: له مصدر، "فمن" النوع "الثاني"، فيؤتى له بمصدر مؤول، "تقول" على الأول: "ما أشد كونه جميلا، أو" تقول على الثاني: "ما أكثر ما كان محسنًا، وأشدد وأكثر بذلك" أي: بكونه جميلا، وبما كان محسنًا. "وأما الجامد" نحو: نعم وبئس ويدع ويذر، "والذي لا يتفاوت معناه" نحو: مات وفني، "فلا يتعجب منهما البتة"، فلا يتوصل إلى التعجب منهما بشيء، أما الجامد فلأنه لا مصدر له فينصب أو يجر، وأما الذي لا يتفاوت معناه فإنه وإن كان له مصدر فليس قابلا للتفاضل إلا إذا أريد3 وصف زائد عليه، فيقال في نحو: مات زيد: ما أفجع موته، وأفجع بموته، كما يرشد إليه كلام الشارح4. ولا يختص التوصل بـ: أشد، مما فقد بعض الشروط، بل يجوز فيما استوفى الشروط، فتقول: ما أشد ضرب زيد لعمرو، وما ورد من بناء فعلي التعجب من غير استيفاء الشروط فنادر لا يقاس عليه، وتقدمت أمثلته في كلام الموضح وحكم عليها بالشذوذ، ونبه عليها في النظم بقوله: 482- وبالندور احكم لغير ما ذكر ... ولا تقس على الذي منه أثر   1 في "ب": "المنفي". 2 شرح ابن الناظم ص331. 3 في "ب"، "ط": "إن". 4 شرح ابن الناظم ص330. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 74 باب نعم وبئس مدخل ... باب نعم وبئس: "وهما" لإنشاء المدح والذم على سبيل المبالغة، وهي كيفية حكاية الخلاف في حقيقتها طريقان: إحداهما1: أنهما "فعلان عند" جميع "البصريين والكسائي" من الكوفيين "بدليل" اتصال تاء التأنيث الساكنة بهما عند جميع العرب، وفي الحديث: "من توضأ يوم الجمعة " فبها ونعمت"، ومن اغتسل فالغسل أفضل"2، وتقول: بئست المرأة حمالة الحطب، "واسمان عند باقي الكوفيين بدليل" دخول حرف الجر عليهما في قول بعض العرب وقد بشر ببنت: "والله "ما هي بنعم الولد"، نصرها بكاء وبرها سرقة"3. وقول آخر وقد سار إلى محبوبته على حمار بطيء السير: "نعم السير على بئس العير"4. وأجيب5: بأن الأصل: ما هي بولد مقول فيه نعم الولد، ونعم السير على عير مقول فيه بئس العير6، فحذف الموصوف وصفته، وأقيم معمول الصفة مقامهما7، فحرف الجر في الحقيقة إنما دخل على اسم محذوف.   1 انظر الإنصاف 1/ 97، المسألة رقم 14. 2 أخرجه البخاري في سننه 1/ 522، وابن ماجه في سننه 1/ 180، والدرامي في سننه 1/ 362. 3 هذا القول من شواهد شرح ابن عقيل 2/ 161، وشرح ابن الناظم 333، والإنصاف 1/ 99، 112. 4 هذا القول من شواهد شرح ابن عقيل 2/ 160، وشرح ابن الناظم 333، والإنصاف 1/ 99، 112. 5 انظر الإنصاف 1/ 112-113. 6 سقط من "ب" قوله: "وأجيب ... بئس العير". 7 في "ط": "مقامها". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 75 الطريقة الثانية: وهي التي حررها ابن عصفور في تصانيفه المتأخرة، فقال1: لم يختلف أحد من البصريين والكوفيين أن نعم وبئس فعلان، وإنما الخلاف بين البصريين والكوفيين فيهما بعد إسنادهما إلى الفاعل، فذهب البصريون إلى أن "نعم الرجل" جملة فعلية، وكذلك "بئس الرجل" وذهب الكسائي إلى أن قولك: نعم الرجل وبئس الرجل، اسمان محكيان بمنزلة "تأبط شرًّا" فـ: نعم الرجل، عنده اسم للمدوح، وبئس الرجل: اسم للمذموم، وهما في الأصل جملتان محكيتان2 نقلتا عن أصلهما، وسمي بهما. وذهب الفراء إلى أن الأصل في "نعم الرجل زيد وبئس الرجل عمرو": رجل نعم الرجل زيد، ورجل بئس الرجل عمرو، فحذف الموصوف الذي هو "رجل" فأقيمت الصفة التي3 هي الجملة من "نعم وبئس" وفاعلهما مقامه، فحكم لها بحكمه، فـ: نعم الرجل وبئس الرجل، عندهما رافعان لـ: زيد وعمرو، كما لو قلت: ممدوح زيد ومذموم عمرو. ويرد قول الكسائي والفراء أنهم لا يقولون: إن نعم الرجل قائم، ولا: ظننت نعم الرجل قائمًا. والطريق الأولى هي المشهورة وأصحها أن نعم وبئس فعلان جامدان، وعلى ذلك جرى الناظم فقال: 485- فعلان غير متصرفين ... نعم وبئس رافعان اسمين وإنما لم يتصرفا للزومهما إنشاء المدح والذم على سبيل المبالغة، فنقلتا عما وضعتا له من الدلالة على المضي وصارتا للإنشاء، فـ"نعم" منقولة من قولك: نعم الرجل، إذا أصاب نعمة، و"بئس" منقولة من قولك: بئس الرجال، إذا أصاب بؤسًا. ويجوز فيهما أربع لغات: فتح الأول وكسر الثاني على الأصل المنقول عنه، وفتح الأوصل أو كسره مع سكون الثاني وكسرهما عند بني تميم، ولا يجيز الحجازيون فيهما إلا2 الأصل. قال الخضراوي في أول شرح الإيضاح: "رافعان لفاعلين" عند البصريين   1 لم أجد ابن عصفور فيما عدت إليه من كتبه، وقد ذكره المرادي في شرحه 3/ 79. 2 سقطت من "ب". 3 في "ب": "الذي". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 76 والكسائي، وأما عند جمهور الكوفيين القائلين باسمتيهما فقال [ابن العلج] 1 في البسيط: ينبغي أن يكون المرفوع بعدهما تابعًا عندهم لـ: نعم، إما بدلا أو عطف بيان، ونعم اسم يراد به الممدوح، فكأنك قلت: الممدوح الرجل زيد، [هذا على الطريق الأولى أما على الثانية فواضح] 1. "معرفين بـ"أل" الجنسية" على أحد القولين، أو العهدية على القول الآخر، ثم اختلف القائلون بالجنسية على قولين: أحدهما: أنها للجنس حقيقة، فالجنس كله ممدوح أو مذموم، والمخصوص مندرج تحته، لأنه فرد من أفراده، ثم نص عليه الخاص بعد العام الشامل له ولغيره، ونسب إلى سيبويه2، ورد بأدائه إلى التكاذب في نحو قولك: نعم الرجل زيد وبئس الرجل عمرو. والثاني أنها للجنس مجازًا لأنك لم تقصد إلا مدح معين، ولكنك جعلته جميع الجنس مبالغة. واختلف القائلون بالعهد على قولين أيضًا: أحدهما: أنها لمعهود ذهني, فهي مشار بها إلى ما في الأذهان من حقيقة رجل، كما تقول: اشتر اللحم، ولا تريد الجنس ولا معهودًا تقدم. والثاني: أنها للعهد في الشخص الممدوح، كأنك قلت: زيد نعم هو: قاله ابن ملكون والجواليقي، ومثالهما3 نحو: {نِعْمَ الْعَبْدُ} [ص: 44] "و: {بِئْسَ الشَّرَابُ} [الكهف: 30] . "أو" معرفين "بالإضافة إلى ما قارنها" أي "أل" "نحو: {وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ} [النحل: 30] "و: {فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ} [النحل: 29] . "أو" معرفين بالإضافة "إلى مضاف لما قارنها، كقوله" وهو أبو طالب عم النبي -صلى الله عليه وسلم: [من الطويل] 613- فنعم ابن أخت القوم غير مكذب ... زهير حسام مفرد من حمائل   1 إضافة من "ب". 2 شرح التسهيل 3/ 121. 3 سقطت من "ب". 613- البيت لأبي طالب في خزانة الأدب 2/ 72، والدرر 2/ 269، والمقاصد النحوية 4/ 5، وبلا نسبة في الارتشاف 3/ 16، وأوضح المسالك 3/ 272، وشرح ابن الناظم ص35، وشرح الأشموني 2/ 371، وشرح التسهيل 3/ 9، وشرح الكافية الشافية 2/ 1105، وهمع الهوامع 2/ 85. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 77 فـ:غير:حال، وزهير: مخصوص بالمدح مرفوع على الابتداء، وخبره ما قبله، أو خبر لمبتدأ محذوف، وحسام مفرد: خبر إن لمبتدأ محذوف؛ أي: هو حسام مفرد، لا نعتان لـ"زهير" لأن المعرفة لا تنعت بالنكرة، واقتصر الناظم على قوله: 485- ................................. ... .............. رافعان اسمين 486- مقارني أل أو مضافين لما ... قارنها .......................... "أو" رافعان لفاعلين "مضمرين مستترين" وجوبًا في نعم وبئس "مفسرين بتمييز" لكل منهما، مطابق لهما في المعنى، قابل "أل" مذكور غالبًا، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 487- ويرفعان مضمرًا يفسره ... مميز ....................... "نحو: {بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا} " [الكهف: 50] ففي "بئس" ضمير مستتر فيها، مرفوع على الفاعلية، بدلا: تمييز مفسر [له] 1، والتقدير: بئس هو، أي: البدل. "وقوله" في مدح هرم بن سنان: [من البسيط] 614- نعم امرأ هرم لم تعر نائبة ... إلا وكان لمرتاع لها وزرًا ففي "نعم ضمير مستتر فيها مرفوع على الفاعلية، وامرأ: تمييز مفسر له، والتقدير: نعم هو، أي: المراد، وهرم: مخصوص بالمدح. ومن غير الغالب قولهم: إن فعلتَ كذا فبها ونعمت. قال ابن عصفور2: "التقدير: نعمت فعلة فعلتك، فحذف التمييز والمخصوص". وقال في تفسير الحديث3: فبالرخصة أخذ ونعمت رخصة الوضوء. وفي البسيط: لا يحذف التمييز لبقاء الإبهام، ولعدم مفسر الضمير حينئذ، ولأنه كالعوض من الفاعل: إلا أن يعوض منه شيء كالتاء في الحديث. انتهى. وأراد بالحديث قوله صلى الله عليه وسلم: "من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت" ويدل على أن التمييز كالعوض من الفاعل الظاهر أنه لا بد أن يكون مما يقبل "أل" فلا يكون "مثلا" و"غيرًا" و"أفعل من" ولا كلمة "ما" خلافًا للفراء والزمخشري ومن وافقهما.   1 غضافة من "ب"، "ط". 614- تقدم تخريج البيت برقم 447. 2 المقرب 1/ 66-67. 3 هو قوله -صلى الله عليه وسلم: "من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 78 ولا يكاد يجمع بينهما، "وأجاز المبرد وابن السراج والفارسي أن يجمع بين التمييز والفاعل الظاهر" توكيدًا "كقوله": [من البسيط] 615- نعم الفتاة فتاة هند لو بذلت ... رد التحية نطقا أو بإيماء "ومنعه سيبويه والسيرافي مطلقًا"، سواء أفاد معنى زائدًا على الفاعل أم لا، وحجتهما أن التمييز لرفع الإبهام ولا إبهام مع ظهور الفاعل، ونقضه ابن مالك بأمرين1: الإجماع على جواز: له من الدراهم عشرون درهمًا, وفي التنزيل: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا} [التوبة: 36] . وقال أبو طالب: [من الكامل] 616- ولقد علمت بأن دين محمد ... من خير أديان البرية دينا والثاني: أنه قد جاء في الباب، كقول جرير يهجو الأخطل: [من البسيط] 617- والتغلبيون بئس الفحل فحلهم ... فحلا وأمهم زلاء منطيق وما قاله سيبويه متعين، ولا حجة فيما أورده عليه في الوجه الأول، لأنه من التمييز المؤكد، وليس الكلام فيه2، وما جاء في الباب من التمييز بل من الحال المؤكدة. "وقيل: إن أفاد" التمييز "معنى زائدًا" على الفاعل الظاهر "جاز" الجمع بينهما، "وإلا فلا" يجوز، وصححه ابن عصفور3، فالأول "كقوله"وهو أبو بكر بن   615- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 277، والارتشاف 3/ 22، وخزانة الأدب 9/ 398، والدرر 2/ 375، وشرح الأشموني 1/ 267، وشرح شواهد المغني ص862، وشرح المرادي 3/ 93، ومغني اللبيب ص464، والمقاصد النحوية 4/ 32، وهمع الهوامع 2/ 86. 1 شرح التسهيل 3/ 14-15. 616- البيت لأبي طالب في خزانة الأدب 2/ 76، 9/ 397، وشرح شواهد المغني 2/ 687، وشرح عمدة الحافظ ص788، وشرح قطر الندى ص242، ولسان العرب 5/ 144 "كفر"، والمقاصد النحوية 4/ 8، وبلا نسبة في شرح ابن الناظم ص336، وشرح الأشموني 2/ 376، وشرح التسهيل 3/ 15، وشرح الكافية الشافية 2/ 1107، وشرح المرادي 3/ 90. 617- البيت لجرير في ديوانه ص192، والدرر 2/ 275، وشرح عمدة الحافظ ص787، ولسان العرب 10/ 355 "نطق"، والمقاصد النحوية 4/ 7، وتاج العروس "نطق"، وبلا نسبة في شرح ابن الناظم ص336، وشرح الأشموني 2/ 386، وشرح ابن عقيل 2/ 164، وشرح التسهيل 3/ 14-15، وشرح الكافية الشافية 2/ 1107، وشرح المرادي 3/ 92، وهمع الهوامع 2/ 86. 2 سقط من "ب": قوله: "لأنه من التمييز المؤكد وليس الكلام فيه". 3 المقرب 1/ 68. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 79 الأسود المعروف بابن شعوب: [من الوافر] 618- تخيره فلم يعدل سوها ... فنعم المرء من رجل تهامي فجمع بين الفاعل والظاهر وهو "المرء" والتمييز وهو "رجل" المجرور بـ"من" وقد أفاد التمييز معنى زائدًا على الفاعل، تهاميًّا، نسبة إلى "تهامة" بكسر التاء، وهي اسم لكل ما نزل عن نجد من بلاد الحجاز، وفي النسبة إليها لغتان: تهامي، بكسر التاء، وتهامي، بفتحها، فإن كسرت شددت ياء النسب، وإن فتحت لم تشددها. والثاني كقوله: [من البسيط] 519- نعم الفتاة فتاة .......... ... ............................. وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 488- وجميع تمييز وفاعل ظهر ... فيه خلاف عنهم قد اشتهر "واختلف في كلمة" "ما" بعد: "نعم وبئس" إذا وقع بعدها جملة فعلية أو اسم مفرد على قولين: "فقيل" هي "فاعل" فيهما1، فإن وقع بعدها جملة فعلية "فهي معرفة ناقصة، أي موصولة" والفعل بعدها صلتها، والمخصوص محذوف كما "في نحو: {نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ} [النساء: 58] أي: نعم الذي يعظكم به، وهو منقول عن الفارسي2. "و" إن وقع بعدها مفرد "فهي معرفة" تامة كما "في نحو: {فَنِعِمَّا هِيَ} [البقرة: 271] ، أي: فنعم الشيء هي"، فكلمة "هي" هي المخصوص، وهو منقول عن سيبويه3، والأصل: فنعم الشيء إبداؤها، لأن الكلام في الإبداء لا في الصدقات، ثم حذف المضاف وأنيب عنه المضاف إليه، فانفصل وارتفع. "وقيل": هي "تمييز" فيهما، "فهي نكرة موصوفة" بالجملة الفعلية "في" المثال "الأول"، وهو مذهب الأخفش، "و" نكرة "تامة في" المثال "الثاني"، وهو: {فَنِعِمَّا هِيَ} [البقرة: 271] لعدم الجملة، وإلى الخلاف في المتلوة بجملة فعلية أشار الناظم بقوله:   618- تقدم تخريج البيت برقم 458. 619- تقدم تخريج البيت برقم 615. 1 في "ب": "منهما". 2 شرح المرادي 3/ 97. 3 النقل عن سيبويه زعمه ابن خروف، انظر شرح ابن الناظم ص336، والكتاب 1/ 73. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 80 489- وما مميز وقيل فاعل ... في نحو نعم ما يقول الفاضل وبسط القول في ذلك أن يقال: اعلم أن "ما" هذه على ثلاثة أقسام: مفردة، أي غير متلوة بشيء، ومتلوة بمفرد، ومتلوة بجملة فعلية، فالأولى: نحو: دققته دقا نعما، وفيها قولان: معرفة تامة فاعل، نكرة تامة تمييز، وعليهما، فالخصوص محذوف، أي: نعم الشيء الدق، أو نعم شيئًا الدق. والثانية: المتلوة بمفرد، نحو: {فَنِعِمَّا هِيَ} [البقرة: 271] و"بئسما تزويج ولا مهر" وفيهما ثلاثة أقوال: معرفة1 تامة فاعل، نكرة تامة تمييز، مركبة مع الفعل قبلها تركيب "ذا" مع "حب" فلا موضع لها وما بعدها فاعل، وهو قول الفراء2 وموافقيه. والثالثة: المتلوة بجملة فعلية نحو: {نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ} [النساء: 58] ، {بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِه} [البقرة: 90] ، وفيها عشرة أقوال، ومرجعها إلى أربعة: أحدها: أنها3 نكرة في موضع نصب على التمييز. والثانية: أنها في موضع رفع على الفاعلية. وإليهما أشار الناظم بقوله: 489- وما مميز وقيل فاعل ... في نحو نعم ما يقول الفاضل4 والثالث: أنها المخصوص. والرابع: أنها الكافة. فأما القائلون: إنها في موضع نصب على التمييز، فاختلفوا على ثلاثة أقوال: الأول: أنها نكرة موصوفة بالفعل بعدها، والمخصوص محذوف، وهو مذهب الأخفش والزجاج والفارسي في أحد قوليه والزمخشري، وكثير من المتأخرين. والثاني: أنها نكرة غير موصوفة، والفعل بعدها صفة لمخصوص محذوف. والثالث: أنها تمييز والمخصوص "ما" أخرى موصولة، والفعل صلة لـ"ما" الموصولة المحذوفة، وهو قول الفراء5. قال المرادي6: "ونقل عن الكسائي". وأما القائلون: إنها في موضوع رفع على الفاعلية، فاختلفوا على خمسة أقوال:   1 في "ب": "مفردة". 2 معاني القرآن للفراء 1/ 58. 3 سقطت من "ب". 4 سقط من "ب"، "ط": "وإليهما أشار الناظم بقوله" مع بيت الألفية. 5 معاني القرآن 1/ 57. 6 شرح المرادي 3/ 97. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 81 الأول: أنها اسم معرفة تام، أي غير مفتقر إلى صلة، والفعل بعدها صفة لموصوف محذوف، نقله في التسهيل1 عن سيبويه، وقال به ابن خروف2. والثاني: أنها موصولة، والفعل صلتها والمخصوص محذوف، ونقل عن الفارسي3. والثالث: أنها موصولة، والفعل صلتها مكتف بها وبصلتها عن المخصوص، نقله ابن مالك في شرح التسهيل4 عن الفراء والفارسي. والرابع: أنها مصدرية سادة بصلتها؛ لاشتمالها على المسند والمسند إليه؛ مسد الفاعل والاسم المخصوص جميعًا. والخامس: أنها نكرة موصوفة والمخصوص محذوف. وأما القائل: أنها المخصوص فقال: إنها موصولة والفاعل مستتر، و"ما" أخرى محذوفة هي التمييز، وهو قول الكسائي، ونقله المرادي عن الفراء5. وأما القائل: إنها كافة، فقال6: إن "ما" كفت "نعم" عن العمل7، كما كفت قال وطال عنه، فصارت تدخل على الجملة الفعلية.   1 التسهيل ص126، وشرح التسهيل 3/ 9. 2 شرح ابن الناظم ص336. 3 الارتشاف 3/ 18. 4 شرح التسهيل 3/ 9. 5 شرح المرادي 3/ 98، ومعاني القرآن 1/ 75. 6 شرح المرادي 3/ 98. 7 في "ب": "الفاعل". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 82 فصل: "ويذكر المخصوص" وهو المقصود "بالمدح أو الذم، بعد فاعل نعم وبئس" الظاهر، أو بعد التمييز، "فيقال: نعم الرجل"؛ أو رجلا؛ "أبو بكر، وبئس الرجل"؛ أو رجلا؛ "أبو لهب". هذا هو الغالب، وسره أنه لما كان نعم وبئس للمدح العام والذم العام الشائعين في كل خصلة محمودة أو مذمومة، المستبعد تحقيقها، سلكوا بهما في الأمر العام طريقي الإجمال والتفصيل لقصد مزيد، التقرير، فجاءوا بعد الفعل1 بما يدل على المخصوص بالمدح أو الذم حتى يتوجه المدح والذم إلى المخصوص2 به أولا3 على سبيل التفصيل، فيحصل من تقوي الحكم ومزيد التقرير ما يزيل ذلك الاستبعاد. "و" اختلف في رفع المخصوص فقيل: "هو مبتدأ والجملة قبله خبره"، ولا يجوز غير ذلك عند سيبويه وابن خروف وابن الباذش4، وقيل: يجوز هذا ويجوز أن يكون خبرًا لمبتدأ واجب الحذف، "أي: الممدوح وأبو بكر والمذموم أبو لهب"، وهو مذهب الجمهور، ومنهم الجرمي المبرد وابن السراج والفارسي وابن جني وغيرهم5. وقيل: يتعين الثاني، وقيل: مبتدأ حذف خبره، وإليه ذهب ابن عصفور6. وقيل: بدل من الفاعل، وإليه ذهب ابن كيسان7، واقتصر في النظم على القولين الأولين فقال:   1 في "أ": "الفاعل"، والتصويب من "ب"، "ط". 2 في "ب": "والمخصص". 3 في "ب": "أولى". 4 شرح التسهيل 3/ 116. 5 انظر شرح التسهيل 3/ 116-117، وشرح ابن يعيش 7/ 137. 6 المقرب 1/ 69. 7 شرح المرادي 3/ 100-101. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 83 490- ويذكر المخصوص بعد مبتدا ... أو خبر اسم ليس يبدو أبدا "و" من غير الغالب أنه "قد يتقدم المخصوص" على نعم وبئس، "فيتعين كونه مبتدأ" على القول بفعليتهما، والجملة بعده خبره، "نحو: زيد نعم الرجل"، وعمرو بئس الرجل، وجوزوا على القول باسميتهما أن يكونا مبتدأين، والمخصوص الخبر، وبالعكس. "وقد يتقدم" في الكلام "ما" أي شيء "يشعر به" أي المخصوص بالمدح أو الذم، "فيحذف" المخصوص جوازًا للعلم به "نحو: {إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ} [ص: 44] أي هو1 أيوب فحذف المخصوص بالمدح وهو ضمير "أيوب" لتقدم ذكر "أيوب" في قوله [تعالى] 2: {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ} [ص: 41] ، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 491- وإن يقدم مشعر به .......... ... .................................. "وليس منه" أي: من حذف المخصوص؛ قول الناظم: 491- ........................................ ... العلم نعم المقتنى والمقتفى "وإنما ذلك من التقديم" لا من حذفه، هذا إذا رفعنا "العلم" على الابتداء. أما إذا جعلناه خبرًا لمبتدأ محذوف تقديره: هذا العلم، على حد: {سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا} [النور: 1] أي: هذه سورة، أو مفعولا لفعل محذوف تقديره: الزم العلم، ونحوه، فيكون من الحذف، لا من التقديم، كما ذكر الناظم.   1 سقطت من "ب". 2 إضافة من "ب". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 84 فصل: "وكل فعل ثلاثي" متصرف تام مثبت قابل للتفاضل مبني للفاعل ليس الوصف منه على أفعل فعلاء، "صالح للتعجب منه، فإنه يجوز استعماله على "فَعُلَ" بضم العين، إما بالأصالة كـ: ظَرُف وشَرُف، أو بالتحويل" بأن يكون في الأصل مفتوح العين "كـ: ضرَب" وقتَل، أو مكسورها كـ: علُم "وفهُم"، بضم العين فيهن، وإنما حولت لتلتحق بالغرائز والتصير قاصرة كـ: نِعْمَ. وحكم المضاعف أن يدغم، نحو: حبَّ، ويجوز النقل؛ كما سيأتي؛ وحكم معتل العين واللام، إن كان من باب قوة؛ قلب الضمة كسرة، فتقلب الواو الثانية ياء، نحو: قَوِيَ، أو من باب شَوَيْتُ، قلب الياء واوًا للضمة قبلها، ثم يفعل فيه ما فعل في قوة ويجوز فيهما الإسكان نحو: قوْيَ وشوْيَ، ولا يدغم لعروض الإسكان. والأجوف يقدر فيه الضم نحو: طال وباع، والناقص المضموم العين نحو: سرو، يجوز تسكينه، والمفتوح والمكسور فقيل: لا يغير، وقيل بل يغير، وقال ابن عقيل1: لا يجوز تحويل علِمَ وجهِلَ وسمِعَ إلى فَعُلَ، بضم العين، لعدم السماع. "ثم" بعد ضم العين أصالة أو تحويلا قال الفارسي والأكثرون "يجري حينئذ مجرى نعم وبئس في إفادة المدح والذم، وفي حكم الفاعل" الظاهر والمضمر، "وحكم المخصوص" من وجوب الرفع، وجواز حذفه إذا تقدم ما يشعر به، وجواز تقديمه، "تقول في المدح: فهُمَ الرجلُ زيدٌ"، وفهُم رجلا زيدٌ، "وفي الذم: خَبُثَ الرجلُ عمرٌو"، وخبُث رجلا عمرٌو، والمعنى: نعم الفاهم زيد، وبئس الخبيث عمرو، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 492- ............... واجعل فَعُلا ... من ذي ثلاثة كنعم مسجَلا   1 شرح ابن عقيل 2/ 168. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 85 "ومن أمثلته: ساء" بالمد، وهو المنبه عليه في النظم بقوله: 492- واجعل كبئس ساء ....... ... ................................ "فإنه في الأصل: سوأ، بالفتح" من السوء: ضد السرور، من ساءه الأمر يسوؤه إذا أحزنه، فهو متعد متصرف، "فحول إلى فعل، بالضم، فصار قاصرًا، ثم ضمن معنى" "بئس" فصار جامدًا قاصرًا محكومًا له ولفاعله بما ذكرنا" في "بئس". تقول في الفاعل المقرون بـ"أل" ساء الرجل1 أبو جهل، وفي المضاف إلى المقرون بـ "أل": ساء حطب النار أبو لهب، وفي المضمر المفسر بالتمييز: ساء رجلا، "وفي التنزيل: {وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا} [الكهف: 29] ففي "ساء"2 ضمير مستتر مرفوع على الفاعلية يعود إلى النار، ومرتفقًا: تمييز على حذف مضاف، أي: نار مرتفق، لأن التمييز لا بد3 وأن يكون عين الممييز في المعنى، والمرتفق المتكأ. "و" فيما يحتمل الفاعلية والتمييز: {سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} [العنكبوت: 4] فيجري في "ما" الخلاف المتقدم، فإن جعلناها فاعلا فيه معرفة ناقصة، أي: ساء الذي يحكمونه، إن جعلناها تمييزًا فهي نكرة موصوفة، أي: ساء شيئًا يحكمون4، وعليهما: فالمخصوص بالذم محذوف. وقال الأخفش والمبرد5: يجري فعل المضموم العين في المدح والذم مجرى فعل الدال على التعجب، فلا يلزم فاعله "أل" أو الأضمار، وهو الصحيح. "و" على هذا يجوز "لك في فاعل فَعُلَ المذكور أن تأتي به اسمًا ظاهرًا مجردًا من "أل" وأن تجره بالباء" الزائدة تشبيهًا بفاعل أفعل في التعجب. "وأن تأتي به ضميرًا مطابقًا" لما قبله فالظاهر المجرد من "أل" "نحو: فهم زيد"، حملا على "ما أفهم زيدًا"، والمجرور بالباء، وهو الأكثر، نحو: حسن بزيد، حملا على "أحسن بزيد" "وسمع" من العرب: "مررت بأبيات جاد بهن أبياتا وجدن أبياتًا"6 حكاه الكسائي بزيادة الباء في الفاعل أولا، وتجرده منها ثانيًا.   1 في "ب": "الرجال". 2 في "ب": "ساءت". 3 سقطت من "ب". 4 في "ب"، "ط": "يحكمونه". 5 انظر المقتضب 2/ 149، والارتشاف 3/ 28. 6 ورد هذا القول في مجالس ثعلب 1/ 330، ومعاني القرآن للفراء 1/ 268. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 86 وأصل "جاد بهن أبياتًا وجدن أبياتًا" من جاد الشيء جودة إذا صار جيدًا، وأصل "جاد" جود؛ بفتح العين؛ فحول إلى فعل؛ بضم العين1؛ لقصد المبالغة والتعجب، زيدت الباء في الفاعل وعوض من ضمير الرفع ضمير الجر فقيل: بهن، وأبياتًا: تمييز، و"جدن أبياتًا" على الأًل من عدم زيادة الباء. فلذلك ثبت ضمير الرفع، وأبياتًا: تمييز، وفي كل منهما الجمع بين الفاعل والتمييز. "وقال" الطرماح: [من المديد] 620- حب بالزور الذي لا يرى ... منه إلا صفحة أو لمام "أصله: حَبُبَ الزَّور" بفتح الزاي، بمعنى الزائر "فزاد الباء" في الفاعل حملا على "أحبب بالزور" "وضم الحاء؛ لأن فعُلَ المذكور يجوز فيه أن تسكن عينه، وأن تنقل حركتها إلى فائه"، ولو كانت الفاء غير حلقية، خلافًا لظاهر التسهيل2، "فتقول: ضرب الرجل"، بفتح الضاد وسكون الراء. "و: ضُرْبُ" الرجل، بضم الضاد وسكون الراء. وصفحة كل شيء: جانبه، واللمام: بكسر اللام: جمع لمة، وهو الشعر يجاوز شحمة الأذن، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 495- وما سوى ذا ارفع بحب أو فجر ... بالبا ............................... ومثال الضمير المطابق ما قبله: الزيدان كرما رجلين، والزيدون كرموا رجالا3، حملا على: ما أكرمهما رجلين، وما أكرمهم رجالا.   1 في "أ"، "ط": "بضمها". 620- البيت للطرماح بن حكيم في ديوانه ص393، والدرر 2/ 290، وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 281، وجواهر الأدب ص54، وشرح الأشموني 2/ 380، ولسان العرب 4/ 335 "زور"، والمقرب 1/ 78، وهمع الهوامع 2/ 89. 2 في التسهيل ص129: "وقد تفرد "حب" فيجوز نقل ضمة عينها إلى فائها، وكذا كل فعل حلقي الفاء، مراد به مدح أو تعجب". 3 في "ب": "رجلا". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 87 فصل: "ويقال في المدح: حبذا، وفي الذم: لا حبذا. قال" الشاعر: [من المتقارب] 621- ألا حبذا عاذري في الهوى ... ولا حبذا الجاهل العاذل فجمع بين المدح والذم، ومثله قول الآخر: [من الطويل] 622- ألا حبذا أهل الملا غير أنه ... إذا ذكرت مي فلا حبذا هِيَا وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 493- ومثل نعم حبذا ............ ... ................................ ثم قال: 493- ............................... ... وإن ترد ذما فقل لا حبذا ودخول "لا في الذم على "حبذا" لا يخلو من إشكال، لأن "لا" لا تدخل على فعل ماض جامد، ولا تعمل في اسم إذا لم يكن جنسًا، ولا تكون غير مكررة إذا لم تعمل في الاسم الذي دخلت عليه إلا على قول أبي الحسن، وأبي العباس وهو ضعيف. "ومذهب سيبويه أن "حَبَّ" فعل" ماض، "و"ذا" فاعل". وإليه أشار الناظم بقوله: 493- ................. الفاعل ذا ... .............................. "وأنهما باقيان على أصلهما" من كونهما جملة فعلية ماضوية، لأن الأصل عدم التغيير، ولاقتصارهم على "حَبَّ" إذا عطف على "حبذا" كقوله1؛ وهو عبد الله   621- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 283، والدرر 2/ 287، وشرح التسهيل 3/ 26، وشرح عمدة الحافظ ص802، والمقاصد النحوية 4/ 16، وهمع الهوامع 2/ 89. 622- البيت لذي الرمة في ملحق ديوانه ص1920، والدرر 2/ 287، ولكنزة أم شملة في ديوان الحماسة للمرزوقي ص1542، ولذي الرمة أو لكنزة أم شملة في المقاصد النحوية 4/ 12، وبلا نسبة في شرح ابن الناظم ص338، وشرح الأشموني 2/ 381، وشرح التسهيل 3/ 22، وهمع الهوامع 2/ 69. 1 في "ب": "لقوله". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 88 ابن رواحة الأنصاري رضي الله عنه: [من الرجز] 623- فحبذا ربا وحب دينا أي: وحبذا دينًا1، فحذف "ذا" ولم يتغير المعنى، ولا يُفعل ذلك بنحو "إذ ما" وأخواته من المركبات التي تغير حكمها بالترتيب، وهو قول ابن درستويه وابن برهان وابن خروف وابن كيسان وابن مالك2. قيل: ولا يصح نسبته لظاهر كلام سيبويه والخليل، لأن سيبويه قال3 حكاية عن الخليل: ولكن "ذا" و"حب" بمنزلة كلمة واحدة نحو: "لولا" وهو اسم مرفوع، ألا ترى أنك لا تقول لا للمؤنث: حبذه. انتهى. والمخصوص على هذا المذهب مبتدأ، والجملة من الفعل والفاعل خبره، والرابط بينهما اسم الإشارة، وقيل: مبتدأ محذوف الخبر، وقيل: عكسه، وقيل: عطف بيان، وقيل: بدل، "وقيل: ركبا، وغلبت الفعلية لتقدم الفعل، فصار الجميع فعلا" ماضيًا، "وما بعده" من المخصوص "فاعل"، والجملة فعلية، "وقيل: ركبا، وغلبت الاسمية لشرف الاسم فصار الجميع اسمًا مبتدأ وما بعده" من المخصوص "خبره"، والجملة اسمية. وأصل الخلاف قولان: التركيب وعدمه، وينشأ عن التركيب قولان: فعلية4 الجميع أو اسميته، ولكل دليل على مدعاه، فاستدل مدعي التركيب بإفراد الإشارة وبلزوم الإفراد والتذكير وبامتناع الفصل5، ثم استدل مدعي غلبة الفعلية؛ وهو الأخفش وخطاب؛ بتغليب الجزء الأول وتغليب الأكثر حروفًا، وسلامة مدعيها مما6 لزم مدعي   623- الرجز لابن رواحة في ديوانه ص107، ولسان العرب 14/ 67 "بدا"، والدرر 2/ 283، 284، والمقاصد النحوية 4/ 28، ولبعض الأنصار في شرح عمدة الحافظ ص802، وتاج العروس 1/ 138 "بدأ"، "بدى"، وجمهرة اللغة ص1019، وبلا نسبة في الارتشاف 3/ 31، وجمهرة اللغة ص1267، وشرح ابن الناظم ص340, وشرح الأشموني 2/ 382، وشرح التسهيل 3/ 24، والمخصص 10/ 42، وهمع الهوامع 2/ 88، 89. 1 قال ابن الناظم في شرحه 340: أي حبَّ عبادته دينًا. وذكر ضمير العبادة لتأولها بالدين والتعظيم. 2 انظر الارتشاف 3/ 29-31. 3 الكتاب 2/ 180. 4 في "ب": "بفعلية". 5 انظر شرح التسهيل 3/ 23. 6 في "ب": "ما". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 89 الاسمية من شذوذ تخالف الخبر والمخبر عنه، ومن تمييز ما ليس بمبهم وهو الممدوح، وبقولهم لا تحبذه، فجاءوا لها بمضارع1. واستدل مدعي غلبة الاسمية وهو المبرد في مقتضبه2 وابن السراج في أصوله3 والسيرافي في "شرح الكتاب" بأن الاسم أشرف، ويستقل به الكلام، ويقع فيه التركيب كثيرًا، وأما "تحبذه" فمضارع "حبذه" إذا قال له: حبذا. "و" اختلف القائلون بعدم التركيب في علة كونه "لا يتغير "ذتا" عن الإفراد والتذكير، بل يقال": حبذا هند أو "حبذا الزيدان"، في تثنية المذكر، "أو الهندان" في تثنية المؤنث"، "أو" حبذا "الزيدون"، في جمع الذكور: "أو الهندات" في جمع الإناث، على ثلاثة أقوال: فقال ابن مالك4: "لأن ذلك كلام جرى مجرى المثل السائر" الذي لا يغير عن حالته في الاستعمال الأول. "ما في قولهم: الصيف ضيعت اللبن5. يقال لكل أحد"، مذكرًا كان أو مؤنثًا, مفردًا أو مثنى أو مجموعًا، "بكسر التاء وإفرادها"، لأنه في الأصل خطاب لامرأة كانت تحت رجل موسر، فكرهته لكبر سنه فطلقها، فتزوجها رجل شاب فقير، فبعثت إلى زوجها الأول تسترفده فقال لها هذا. والصيف: منصوب على الظرفية. قاله الجوهري. والمثَلُ، بفتح المثلثة: قول مركب مشهور، شبه مضربه بمورده. "وقال ابن كيسان: لأن المشار إليه" مصدر "مضاف" إلى المخصوص، "محذوف، أي: حبذا حُسْنُ هند"، وكذلك الباقي6، ورده ابن العلج بأنه لم ينطق به في وقت7. وقال الفارسي في البغداديات8: لأن "ذا" جنس شائع، فالتزم فيه الإفراد كفاعل نعم وبئس المضمر، ولهذا يجامع التمييز فيقال: حبذا زيد رجلا.   1 الارتشاف 3/ 29. 2 المقتضب 2/ 145. 3 الأصول 1/ 115. 4 شرح الكافية الشافية 2/ 1117. 5 المثل في مجمع الأمثال 2/ 68، والفاخر 111، وجمهرة الأمثال 1/ 324، 567، 575، والمستقصى 1/ 329، وكتاب الأمثال لابن سلام ص247. 6 سقط من "ب": "وكذلك الباقي". 7 شرح المرادي 3/ 110. 8 البغداديات ص49. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 90 "ولا يتقدم المخصوص على: حبذا" فلا يقال: زيد حبذا، كما يقال: زيد نعم الرجل، "لما ذكرنا من أنه كلام جرى مجرى المثل"، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 494- وأول ذا المخصوص أيا كان لا ... تعدل بذا فهو يضاهي المثلا "وقال ابن بابشاذ1": إنما امتنع تقديم المخصوص على "حبذا" "لئلا يتوهم أن في "حب" ضميرًا" مرفوعًا على الفاعلية يعود على المخصوص، "وأن "ذا" مفعول" به قال ابن مالك2: وتوهم هذا بعيد، فلا ينبغي أن يكون المنع من أجله. ثم علله بجريانه مجرى المثل، كما تقدم. "تنبيه: إذا قلت: حب الرجل زيد، فـ: حب، هذه من باب: فعُلَ" المضموم العين "المتقدم ذكره" في الفصل قبله، "ويجوز في حائه3 الفتح" مع التخفيف4 وعدمه، "والضم" بنقل حركة العين إليها5 "كما تقدم" من أنه يجوز أن تسكن عينه، وأن تنقل حركته إلى فائه، وإن لم تكن الفاء حلقية، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 495- وما سوى ذا ارفع بحب أو فجر ... بالبا .............................. "فإن قلت: حبذا، ففتح الحاء واجب" للتركيب، "إن جعلتهما كالكلمة الواحدة"، وإلا فجائز.   1 سقطت من "ب". 2 شرح التسهيل 3/ 27. 3 في "ب": "فائه". 4 في "ب": "الإدغام" مكان "التخفيف". 5 في "ب": "الحركة" مكان "حركة العين إليها". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 91 باب أفعَلِ التفضيل: وهو الوصف المبني على أفعل لزيادة صاحبة على غيره في أصل الفعل، وأما خير وشر، في التفضيل، فأصلهما: أخير وأشر، فحذفت الهمزة بدليل ثبوتها في قراءة أبي قلابة: "مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشَرُّ" [القمر: 26] بفتح الشين وتشديد الراء1، وقول الشاعر: [من الرجز] 624- بلال خير الناس وابن الأخير واختلف في سبب حذف الهمزة منهما، فقيل2: لكثرة الاستعمال، وقال الأخفش: لأنهما لما لم يشتقا من فعل خولف لفظهما, فعلى هذا فيهما شذوذان: حذف الهمزة، وكونهما لا فعل لهما، وأما قوله: [من البسيط] 625- وزادني كلفا في الحب أن منعت ... وحب شيء إلى الإنسان ما منعا   1 الرسم المصحفي: {الْأَشِرُ} ، والقراءة المستشهد بها قرأها أيضًا قتادة وأبو حيوة. انظر البحر المحيط 8/ 108، والكشاف 4/ 39، والمحتسب 2/ 299. 624- الرجز بلا نسبة في الدرر 2/ 537، وشرح عمدة الحافظ ص770، وهمع الهوامع 2/ 166. 2 انظر الإنصاف 2/ 491، المسألة رقم 69، والمسائل العضديات ص264، المسألة رقم 109. 625- البيت للأحوص في ديوانه ص153، والارتشاف 3/ 220، والأغاني 4/ 301، وتذكرة النحاة ص48، 604، والحماسة الشجرية 1/ 521، وشرح عمدة الحافظ ص770، والعقد الفريد 3/ 306، ولمجنون ليلى في ديوانه ص158، وبلا نسبة في الدرر 2/ 538، وشرح الأشموني 2/ 383، وشرح التسهيل 3/ 53، وعيون الأخبار 2/ 5، ولسان العرب 1/ 292 "حبب"، ونوادر أبي زيد ص27، وهمع الهوامع 2/ 166. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 92 فضرورة، "إنما يصاغ التفضيل مما صيغ منه فعلا التعجيب"، وهو كل فعل ثلاثي متصرف تام مثبت قابل للتفاضل، مبني للفاعل، ليس الوصف منه على أفعل فعلاء. "فيقال" من باب "ضرب يضبب": "هو أضرب، و" من باب "علم يعلم": "أعلم، و" من باب فضل يفضل: هو "أفضل، كما يقال" في التعجب منها: "ما أضربه، و" ما "أعلمه، و" ما "أفضله"، وأعلم به وأفضل به، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 496- صغ من مصوغ منه للتعجيب ... أفعل للتفضيل وأب اللذ أبي "وشذ بناؤه من" اسم عين نحو: هو أحنك البعيرين، بنوه من الحنك، وهو اسم عين، والمعنى: آكلهما، أي: أشدهما أكلا، "ومن وصف لا فعل له كـ: هو أقمن به، أي: أحق"، بنوه من قولهم: هوم قمن، أي: حقيق، "و" هو "ألص من شظاظ"1 بنوه من قولهم: هو لص، بكسر اللام، أي: سارق. وشظاظ، بكسر الشين وبظاءين معجمتين2: اسم لص معروف من بني ضبة3، ونقل ابن القطاع له فعلا فقال4: يقال: لص، إذا أخذ المال خفية، فعلى هذا لا شذوذ. "و" شذ بناؤه "مما زاد على ثلاثة كـ: هذا الكلام أخصر من غيره"، بنوه من "اختصر" فقيه شذوذان: كونه مبنيًّا للمفعول، وكونه زائدًا على الثلاثة، كما تقدم في التعجب [منه] 5. "وفي" بنائه من الفعل الماضي الذي على وزن "أفعل؛ المذاهب الثلاثة" المتقدمة في التعجب، فقيل: يجوز مطلقا، وقيل: يمتنع مطلقًا، وقيل، يجوز إن كانت الهمزة لغير النقل. ["وسُمع" شذوذًا على القول بالمنع مطلقًا، وعلى المنع في أحد شقي التفضيل: "هو أعطاهم للدراهم، وأولاهم للمعروف] 6، و" سُمع شذوذًا على الثاني: "هذا المكان أقفر7 من غيره".   1 المثل في مجمع الأمثال 2/ 257، وجمهرة الأمثال 2/ 180، والدرة الفاخرة 2/ 369، والمستقصى 1/ 328، وكتاب الأمثال لابن سلام ص366، وشرح ابن الناظم ص341. 2 سقط من "ب": "وبظاءين معجمتين". 3 في "ب": "ضمية". 4 كتاب الأفعال 3/ 144. 5 إضافة من "ط". 6 سقط ما بين المعكوفين من "ب". 7 في "ب": "أفقر". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 93 "و" سمع بناؤه "من فعل المفعول كـ: هو أزهى من ديك1" بنوه من "زهي" بمعنى "تكبر". قال في الصحاح2: لا تتكلم به العرب إلا مبنيا للمفعول، وإن كان بمعنى الفاعل. وحكى ابن دريد3: "زها يزهو: أي: تكبر"، فعلى ما حكاه ابن دريد لا شذوذ فيه، لأنه من المبني للفاعل. "و" سمع: "هو4 "أشغل من ذات النحيين"5 بنوه من "شغل" بالبناء للمفعول، والنحيين: تثنية نحي، بكسر النون وسكون الحاء المهملة: زق السمن، وذات النحيين: امرأة من بني تميم اللات بن ثعلبة، كانت تبيع السمن في الجاهلية، فأتى خوات بن جبير الأنصاري قبل إسلامه فساومها، فحلت نحيا منهما مملوءًا، فقال لها: أمسكيه حتى أنظر إلى غيره، ثم حل الآخر وقال: أمسكيه، فلما شغل يديها حاورها حتى قضى منها ما أراد وهرب، ثم أسلم خوات فشهد بدرًا رضي الله عنه. "و" سمع: هو "أعني بحاجتك"6، بنوه من "عني" بالبناء للمفعول، وسمع فيه "عني" كـ: رضي، بالبناء للفاعل، فعلى هذا لا شذوذ فيه. "وما توصل به إلى التعجب مما لا يتعجب منه بلفظه يتوصل به إلى التفضيل"، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 497- وما به إلى تعجب وصل ... لمانع به إلى التفضيل صل "ويجاء بعده بمصدر ذلك الفعل تمييزًا7: فيقال: هو أشد استخراجًا وحمرة"، ويستثنى من ذلك فاقد الصوغ8 للفاعل، والفاقد للإثبات، فإن أشد يأتي هناك ولا يأتي هنا، وذلك مستفاد من قول الموضح: ويجاء بمصدر ذلك الفعل تمييزًا، لأن المؤول بالمصدر معرفة والتمييز واجب التنكير، كما نبه عليه الموضح في الحواشي.   1 المثل في مجمع الأمثال 1/ 327، والمستقصى 1/ 151، والدرة الفاخرة 1/ 213، وشرح ابن الناظم 342. 2 الصحاح "زهي". 3 جمهرة اللغة 3/ 22. 4 في "ب": "سمع بناؤه من شغل بالبناء للمفعول نحو:". 5 المثل في مجمع الأمثال 1/ 376، وجمهرة الأمثال 1/ 538، 564، والدرة الفاخرة 1/ 236، والمستقصى 1/ 196، وفصل المقال ص503، وشرح ابن الناظم ص342. 6 شرح ابن الناظم ص342. 7 سقطت من"ب". 8 في "ب": المصوغ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 94 فصل: "ولاسم التفضيل ثلاث حالات: إحداها: إن يكون مجردًا من "أل" والإضافة، فيجب له حكمان: أحدهما" في نفسه، وهو "أن يكون مفردًا مذكرًا دائمًا"، ولو كان مسندًا إلى مؤنث أو مثنى أو مجموع نحو قولك: زيد أفضل من عمرو، وهند أفضل من عمرو، والزيدان أفضل من عمرو1، والهندان أفضل من عمرو، والزيدون أفضل من عمرو، والهندات أفضل من عمرو، و"نحو" قوله تعالى: {لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا} [يوسف: 8] "ونحو" قوله تعالى: " {قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ ... } الآية"، إلى قوله: {أَحَبَّ إِلَيْكُمْ} [التوبة: 24] فأفرد في الآية الأولى مع الاثنين، وفي الآية الثانية مع الجماعة. "ومن ثم" أي ومن أجل أن أفعل التفضيل إذا تجرد من "أل" والإضافة لزمه2 التذكير والإفراد3 "قيل في أُخَرَ", بضم الهمزة، جمع أخرى أنثى آخر، بالفتح، ["إنه معدول عن آخر" الموازن لأفعل التفضيل، وليس من باب "أفعل التفضيل" حقيقة، لأنه لا يدل على] 4 مشاركة وزيادة، ولذلك لم يجعله ابن مالك من باب "أفعل" ولا ملحقا به، بل ملحقًا بالملحق به5، وهو "أول" لأنه به أنسب، لأنه أشبهه في الوزن، وكون معناه نسبيًّا، وكونه لا يدل على زيادة، وعلى الإلحاق به فهو يخالف باب "أفعل" في ثلاثة أمور:   1 سقط من "ب": "أفضل من عمرو". 2 في "ط": "لزم". 3 في "ب", "ط": "الإفراد والتذكير". 4 سقط ما بين المعكوفين من "ب". 5 شرح التسهيل 3/ 64. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 95 أحدهما: أنه يطابق، ولو كان نكرة. الثاني: أنه لا يليه "مِنْ" لا لفظًا ولا تقديرًا. الثالث: أنه لا يضاف. "و" من ثم؛ أيضًا؛ قيل "في قول" أبي نواس الحسن "ابن هانئ" الحكمي يصف الخمرة: [من البسيط] 626- كأن صغرى وكبرى من فقاقعها ... حصباء در على أرض من الذهب "إنه لحن", حيث أنث1 "صغرى وكبرى" وكان حقه أن يقول: كأن أصغر وأكبر، بالتذكير. وأجيب "عنه"2 بأنه لم يقصد حقيقة المفاضلة، فهو كقول العروضيين، فاصلة صغرى، وفاصلة كبرى، وقول الفرزدق: [من الطويل] 627- إذا غاب عنكم أسود الليل كنتم ... كرامًا وأنتم ما أقام ألائم أي: لئام. والفقاقع، بفتح الفاء والقاف، وبعد الألف قاف مكسورة وفي آخره عين مهملة: النفاخات التي تعلو وجه الخمرة. وسبب تلقيبه بأبي نواس؛ بنون مضمومة بعدها واو لا همزة؛ أنه كان له ذؤابتان تنوسان: أي تتحركان3 على عاتقه. "و" الحكم "الثاني" فيما بعد "أفْعَلَ" "أن يؤتى بعده بـ"من" جارة للمفضول" كما تقدم من الأمثلة وهي عند المبرد وسيبويه لابتداء الارتفاع في نحو: "أفْضَلَ منه" وابتداء الانحطاط في نحو "شر منه".   626- البيت لأبي نواس في ديوانه ص72، وخزانة الأدب 8/ 277، 315، 318، وشرح قطر الندى ص316، وشرح المفضل 6/ 102، وبلا نسبة في شرح الأشموني 2/ 386، وشرح التسهيل 3/ 62، ومغني اللبيب 2/ 380. 1 بعده في "ب": "إنه". 2 إضافة من "ط". 627- البيت للفرزدق في الارتشاف 3/ 225، وشرح شواهد المغني 2/ 799، والمقاصد النحوية 4/ 75، وليس في ديوانه، وتاج العروس "عين"، وبلا نسبة في أمالي القالي 1/ 171، 2/ 47، وجمهرة اللغة ص650، وخزانة الأدب 8/ 277، وسمط اللآلي ص430، وشرح الأشموني 2/ 388، ولسان العرب 1/ 231 "سود", 12/ 381 "عتم"، ومعجم البلدان 1/ 193 "أسود العين"، ومغني اللبيب 2/ 381. 3 سقط من "ب": "أي تتحركان". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 96 واعترضه ابن مالك بأنها لا تقع بعدها "إلى" واختار أنها للمجاوزة، فإن معنى "زيدُ أفضلُ من عَمْرو" جاوز زيدٌ عمرًا في الفضل1. واعترضه في المغني2 بأنها لو كانت للمجاوزة لصح في موضعها "عن" ودُفع بأن صحة وقوع المُرادف موقع مرادفه إنما هو إذا لم منع مانع من ذلك3، وههنا منع مانع وهو الاستعمال، فإن اسم التفضيل لا يصاحب من حروف الجر إلا "مِنْ" خاصة. "وقد تحذف "مِنْ"4 مع مجرورها" للعلم بها "نحو: {وَالْآَخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} " [الأعلى: 17] أي: من الحياة الدنيا. "وقد جاء الإثبات والحذف في: {أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا} [الكهف: 34] أي: منك"، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 498- وأفعل التفضيل صله أبدا ... تقديرا او لفظا بمن إن جردا "وأكثر5 ما تحذف "من"" مع المفضول "إذا كان "أفعَلُ"6 خبرا" في الحال، أو في الأصل، فيشمل خبر المبتدأ وخبر "كان" و"إن" وثاني مفعولي "ظن" وثالث مفاعيل "أَعْلَمَ" نحو: زيد أفضل، وكان زيد أفضل، وإن زيدا أفضل، وظننت زيدا أفضل، وأعلمت زيدا عمرا7 أفضل. "ويقل" الحذف "إذا كان" أفعل "حالا، كقوله": [من الطويل] . 628- دنوت وقد خلناك كالبدر أجملا ... فظل فؤادي في هواك مضللا فـ "أجمل" حال من تاء المخاطبة في "دنوت"، و"كالبدر" مفعول ثان لـ: خلناك، "أي: "دنوت أجمل من البدر" وقد خلناك مثله". قاله ابن مالك8 في شرح التسهيل9.   1 شرح التسهيل: 5/ 135-136. 2 مغني اللبيب: 1/ 321. 3 في "ب"، "ط": "إذا لم يمنع من ذلك مانع". 4 سقطت من "ب". 5 في "ط": "وكثر". 6 في "ب": "الفعل". 7 سقطت من "ب". 628- البيت بلا نسبة في الارتشاف 3/ 229، وأوضح المسالك: 3/ 290، 389، وشرح الأشموني: 1/ 385، وشرح التفصيل: 3/ 57، وشرح ابن عقيل: 2/ 177، والمقاصد النحوية: 4/ 50. 8 في "ب": "قال". 9 شرح التسهيل: 3/ 57. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 97 "أو" إذا كان أفْعَلُ1 "صفة، كقوله" وهو أحيحة بن الجلاح: [من الرجز] 629- تروحي أجدر أن تقيلي ... غدًا بجنبي بارد ظليل فـ"أجدر" صفة لمحذوف هو وعامله المعطوف على "تروحي" "أي: تروحي وائتي مكانًا أجدر من غيره، بأن تقيلي فيه" غدًا، قاله ابن مالك في شرح الكافية2، وفيه إشارة إلى أن الخطاب لناقته، وهو من "التروح" بمعنى الرواح وقت العشي، و"أجدر" بالجيم: أي أحق، وتقيلي: من القيلولة، وهو النوم وقت الظهيرة. وقال العيني3: إن الخطاب للفسيل، وهي صغار النخل، من تروح النبت، إذا طال، وأنه كنى بالقيلولة عن نموها وزهوها، وادعى أن السوابق واللواحق تشهد لذلك، وجنبي: تثنية جنب، مضاف إلى "بارد" و"ظليل" وهما وصفان لموصوفين محذوفين، والأصل: بجنبي ماء بارد ظليل، وحذف العاطف. "ويجب تقديم "من" ومجرورها عليه" أي: على أفعل، "إن كان المجرور" بـ"من" "استفهامًا"، لأن الاستفهام له صدر الكلام، "نحو: أنت ممن أفضل؟ " فالأصل: أنت أفضل ممن؟ 4 فقدم "ممن" على عامله، وهو "أفضل" وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 502- وإن تكن بتلو من مستفهما ... فلهما كن أبدًا مقدما وتمثيل الموضح أحسن من تمثيل الناظم بقوله: 503- كمثل ممن أنت خير .... ... ............................... لما فيها من الفصل بين العامل ومعموله بأجنبي، لأن المبتدأ أجنبي من الخبر، بمعنى أنه ليس معمولا له على الصحيح، وسيأتي أنه لا يفصل بين أفعل و"من" بالمبتدأ، لأنهما بمنزلة المضاف والمضاف إليه. ولا يلزم من تمثيل الموضح تأخير ما له صدر الكلام عن صدريته، لأن ذلك إنما يمتنع بالنسبة إلى العامل فيه فقط، لا مطلقًا.   1 في "ب": "أفعل منه". 629- الرجز لأحيحة بن الجلاح في المقاصد النحوية 4/ 36، وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 291، وأمالي ابن الشجري 1/ 343، وخزانة الأدب 5/ 75، وشرح ابن الناظم ص343، وشرح الأشموني 2/ 385، وشرح التسهيل 3/ 75، وشرح الكافية الشافية 2/ 1130. 2 شرح الكافية الشافية 2/ 1130. 3 المقاصد النحوية 4/ 37. 4 في "ب": "من". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 98 "أو" كان المجرور بـ"من" "مضافًا إلى الاستفهام نحو: أنت من غلام من أفضل؟ " والأصل: أنت من غلام من؟ فقدمت "من" ومجرورها على "أفضل" لأن ما أضيف إلى ما له الصدر يستحق التصدير، وما أحسن قول الأمين المحلي في المفتاح: [من الطويل] عليك بأرباب الصدور فمن غدا ... مضافًا لأرباب الصدور تصدرا1 "وقد تتقدم2" من3 مع مجرورها على أفعل "في4 غير الاستفهام"، وهو الإخبار، "كقوله" وهو جرير: [من الطويل] 630- إذا سايرت أسماء يومًا ظعينة ... فأسماء من تلك الظعينة أملح فالأصل: فأسماء أملح من تلك الظعينة، فقدم "من" ومجرورها على "أملح" وهو ضرورة عند الجمهور، ونادر عند الناظم حيث قال: 503- ..................... ولدى ... إخبار التقديم نزرًا وردا وذلك لأن أفعل عامل غير متصرف في نفسه، فلم يكن له أن يتصرف في معموله بالتقدم5 عليه كسائر العوامل غير المتصرفة. "الحالة الثانية: أن يكون" أفعل مقرونًا "بـ"أل" فيجب له حكمان: أحدهما: أن يكون مطابقًا لموصوفه" في التذكير والتأنيث، والإفراد والتثنية والجمع، وإلى ذلك6 أشار الناظم بقوله: 500- وتلو ال طبق ............... ... ................................ "نحو: زيد الأفضل وهند الفضلى والزيدان الأفضلان" والهندان الفضليان "والزيدون الأفضلون" أو الأفاضل "والهندات الفضليات أو الفضل" بضم الفاء وفتح   1 البيت في مغني اللبيب 2/ 515، وخزانة الأدب 5/ 104. 2 في "ب"، "ط": "تقدم". 3 سقطت من "ب". 4 في "ط": "إن". 630- البيت لجرير في ديوانه ص835، وتذكرة النحاة ص47، وشرح عمدة الحافظ ص766، والمقاصد النحوية 4/ 52، وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 293، وشرح الأشموني 2/ 389، وشرح ابن عقيل 2/ 186. 5 في "أ", "ط": "بالتقديم"، وأثبت ما في "ب". 6 بعده في "ب": "وإليه". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 99 الضاد المخففة كـ: الكُبَرُ، فيطابق موصوفه لزومًا، لأنه نقص شبهه بأفعل1 المتعجب به2 لاقترانه بـ"أل" ومع ذلك لا بد من ملاحظة السماع. قال أبو سعيد علي بن مسعود في كتابه3 المستوفى4 ما ملخصه: ولا يستغنى في الجمع والتأنيث عن السماع، فإن الأشرف والأظرف لم يقل فيهما: الأشارف والشرفى والأظارف والظرفى، كما قيل ذلك في الأفضل والأطول، وكذلك الأكرم والأمجد، قيل فيهما: الأكارم والأماجد، ولم يسمع فيهما: الكرمى والمجدى. انتهى. "و" الحكم "الثاني: أن لا يؤتى معه بـ: من" لأن "من" و"أل" يتعاقبان، فلا يجتمعان كـ"أل" والإضافة: "فأما قول" ميمون "الأعشى": [من السريع] 631- ولست بالأكثر منهم حصى ... وإنما العزة للكاثر "فخرج" جمعه بين "أل" و"من" "على زيادة: أل" في "الأكثر" "أو على أنها"؛ أي: "من" ليست متعلقة بالأكثر المعرف بـ"أل" وإنما هي "متعلقة بـ"أكثر" نكرة"، حال كونه "محذوفًا مبدلا من "أكثر" المذكور" بدل نكرة من معرفة، والأصل: بالأكثر أكثر منهم، أو على أن "من" بمعنى "في" أي: فيهم، أو لبيان الجنس، أي: من بينهم، أو متعلقة بـ: ليس، لما فيه من رائحة قولك، انتفي واغتفر الفصل بين "أفعل" وتمييزه للضرورة. وحصى: تمييز، أي: عددًا، والكاثر: بمعنى الكثير. الحالة "الثالثة: أن يكون" أفعَلُ5 "مضافًا: فإن كانت إضافته إلى نكرة لزمه أمران6: التذكير والتوحيد، كما يلزمان المجرد" من "أل" والإضافة "لاستوائهما   1 سقطت من "ب". 2 في "ب": "منه". 3 في "أ"، "ط": "كفاية", والتصويب من "ب". 4 ورد مثل ذلك في الارتشاف 3/ 220. 631- البيت للأعشى في ديوانه 193، وأوضح المسالك 3/ 295، وخزانة الأدب 1/ 185، 3/ 400، 8/ 250، 254، والخصائص 1/ 185، 3/ 236، وشرح شواهد الإيضاح ص351، وشرح شواهد المغني 2/ 902، وشرح المفصل 6/ 100، 103، ولسان العرب 5/ 132 "كثر"، 9/ 147 "سدف"، 14/ 183 "حصى"، ومغني اللبيب 2/ 572، والمقاصد النحوية 4/ 38، ونوادر أبي زيد ص25، وبلا نسبة في خزانة الأدب 2/ 11، وشرح ابن الناظم ص343، وشرح الأشموني 2/ 386، وشرح التسهيل 3/ 58, وشرح الكافية الشافية 2/ 1135، وشرح المفصل 3/ 6. 5 في "ب": "لفعل". 6 الكتاب 1/ 203. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 100 في التنكير"، ولكونهما على معنى "من" وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 499- وإن لمنكور يضف أو جردا ... ألزم تذكيرًا وأن يوحدا "ويلزم في1 المضاف إليه أن يطابق" الموصوف "نحو": زيد أفضل رجل، و"الزيدان أفضل رجلين، والزيدون أفضل رجال، وهند أفضل امرأة"، والهندان أفضل امرأتين، والهندات أفضل نساء، إذ قصد ثبوت المزية للأول على جنس المضاف إليه، واحدًا واحدًا، أو اثنين اثنين، أو جماعة جماعة. والمعنى: زيد أفضل من جميع الرجال إذا فضلوا رجلا رجلا، والزيدان أفضل من جميع الرجال إذا فضلوا رجلين2 رجلين، والزيدان أفضل من جميع الرجال إذا فضلوا رجالا رجالا، وهند أفضل من جميع النساء إذا فضلن [امرأة امرأة، والهندان أفضل من جميع النساء إذا فضلن امرأتين امرأتين، والهندات أفضل من جميع النساء إذا فضلن] 3 نساء نسًاء. فإن قلت: النكرة في سياق الإثبات لا تعم، فمن أين جاء العموم؟ قلت: أجيب عنه بأن العموم فيه باعتبار أصله إذ أصل "زيد أفضل رجل": زيد أفضل الناس إذا عدوا رجلا رجلا، وكذا الباقي. ولذلك صحت الإضافة، لأن أفعل لا يضاف إلا لما هو بعضه4. "فأما" قوله تعالى: " {وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ} " [البقرة: 41] بالإفراد، ومقتضى القاعدة "كافرين" بالجمع، ليطابق الواو في "تكونوا" فالجواب ما قاله المبرد: إنه على حذف الموصوف، "والتقدير: أول فريق كافر به". وقال الفراء5: إنما وحد لأنه في معنى الفعل: أي: أول من كفر: ولو أريد به الاسم لم يجز إلا الجمع. وقال محمد بن مسعود بن الزكي في كتاب "البديع": إن النكرة المضاف إليها اسم التفضيل يجب إفرادها، نحو، أنت أفضل رجل، وأنتما أفضل رجل، وأنتم أفضل رجل منه، {وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ} [البقرة: 41] وذلك هو القياس، لأن النكرة تمييز له،   1 سقطت من "ط". 2 في "ب": "رجل لا رجالا". 3 سقط ما بين المعكوفين من "أ"، واستدرك من "ب"، "ط". 4 انظر شرح المرادي 3/ 125. 5 معاني القرآن للفراء 1/ 32-33. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 101 وقد خفضت بالإضافة، فأشبه مائة رجل، وقد أجازوا قياسًا لا سماعًا أن تثنى وأن تجمع نحو: أنتما أفضل رجلين وأنتم أفضل رجال. انتهى. والمشهور ما عليه الجماعة من وجوب المطابقة في الإضافة إلى النكرة. "وإن كانت الإضافة إلى معرفة" فهو ثلاثة أقسام: قسم تقصد زيادته على ما أضيف إليه، وقسم يقصد به زيادة1 مطلقة، وقسم يؤول بما لا تفضيل فيه، "فإن أول أفعل بما لا تفضيل فيه"، أو قصد به زيادة مطلقة "وجبت المطابقة" للموصوف به تشبيهًا بالمعرف بـ"أل" في الأخلاء عن لفظ "من" ومعناها. وقد يتواردان على مثال2 واحد "كقولهم: الناقص والأشج أعدلا بني مروان3"، فيحتمل "أعدلا" أن يؤول لما لا تفضيل فيه "أي: عادلاهم"، لأنهما لم يشاركهما أحد من بني مروان في العدل، ويحتمل أن يراد به زيادة مطلقة. والناقص: هو يزيد بن الوليد بن يزيد بن عبد الملك من مروان، لقب بذلك لأنه نقص أرزاق الجند. والأشج. بالشين المعجمة والجيم: هو عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، لقب بذلك لأن بجبينه4 أثر شجة من دابة ضربته. وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 501- ............................. وإن ... لم تنو فهو طبق ما به قرن "وإن كان أفعل على أصله من إفادة المفاضلة" على ما أضيف5 إليه "جازت المطابقة" لشبهه بالمعرف بـ"أل" "كقوله تعالى": {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ " أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا "} [الأنعام: 123] فـ: أكابر مفعول أول6 لـ"جعلنا"، و"في كل قرية" في موضوع المفعول الثاني، ومجرميها: مضاف إليه "أكابر"، ولو لم يطابق لقيل: أكبر مجرميها، "و" في بعض النسخ: " {هُمْ أَرَاذِلُنَا} " [هود: 37] ولو لم يطابق لقيل: "أرذُلنا".   1 في "ب": "زيادته". 2 في "ب": "محل". 3 من شواهد شرح ابن الناظم ص345، وشرح ابن عقيل 2/ 181. 4 في "ب": "بجنبيه". 5 في "أ": "وما أضيفت"، والتصويب من "ب"، "ط". 6 سقطت من "ب". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 102 "و" جاز تركها" أي ترك المطابقة1؛ لشبهه بالمجرد لنية معنى "من" "كقوله تعالى: {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ} " [البقرة: 96] فـ"أحرص" مفعول ثان لـ"تجد"، ولو طابق لقيل: أحرصي, بالياء، "وهذا" الوجه وهو؛ ترك المطابقة؛ "هو الغالب" في الاستعمال، "وابن السراج يوجبه" ويجعل أفعل فيه كالمجرد ويلزم الإفراد والتذكير، ويرده: {أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا} [الأنعام: 123] "فإن قدر "أكابر" مفعولا ثانيًا" لـ"جعلنا"، "و"مجرميها" مفعولا أول"؛ كما قال ابن عطية؛ "فيلزمه المطابقة في المجرد" من "أل" والإضافة، كما قال أبو حيان2، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 502- ......................... وما لمعرفه ... أضيف ذو وجهين عن ذي معرفه هذا إذا نويت معنى "من". وذكر صحب "الأمثال السائرة" أن أفعل يأتي في اللغة لنفي المعنى عن الشيئين، نحو قوله تعالى: {أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ} [الدخان: 37] أي: لا خير في الفريقين. انتهى. "مسألة": يتعلق بأفعل التفضيل حروف الجر على نحو تعلقها بـ"أفعل" التعجب، وأما الخفض به فيجوز إن كان المخفوض كلا وأفعل بعضه، وعكسه3، وأما النصب به فيمتنع منه المفعول به ومعه3 والمطلق مطلقًا3، والتمييز إن لم يكن فاعلا معنى، إلا إن كان أفعل مضافًا إلى غيره، ويجوز الباقي. وأما الرفع به "فإنه يرفع أفعَلُ التفضيل الضمير المستتر في كل لغة، نحو: زيدٌ أفضل"، ففي "أفضل" ضمير مستتر مرفوع على الفاعلية يعود إلى "زيد" "و" يرفع "الضمير المنفصل والاسم الظاهر في لغة قليلة" حكاها سيبويه4، وأشار إليها الناظم بقوله: 504- ورفعه الظاهر نزر ............. ... .................................. "كـ: مررت برجل أفضل منه أبوه، أو" أفضل منه "أنت"، بخفض أفضل بالفتحة   1 سقط من "ب" قوله: "الوجه؛ وهو ترك المطابقة". 2 الارتشاف 3/ 224. 3 سقطت من "ب". 4 الكتاب 2/ 26. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 103 على أنه صفة لـ"رجل" ويرفع الأب أو "أنت" على الفاعلية بـ"أفضل" على معنى فاقه في الفضل أبوه أو "أنت" وأكثر العرب يوجب رفع أفضل في ذلك على أنه خبر مقدم، وأبوه أو "أنت" مبتدأ مؤخر، وفاعل أفضل1: ضمير مستتر فيه عائد على المبتدأ، والجملة من المتبدأ والخبر في موضع خفض نعت لـ: رجل، ورابطها الضمير المجرور بـ"من". "ويطرد ذلك" الرفع للظاهر "إذا حَلَّ" أفعل التفضيل "محل الفعل" مع موافقة المعنى، والفعل يرفع الظاهر، فكذلك ما حل محله، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 504- ................... ومتى ... عاقب فعلا فكثيرًا ثبتا "وذلك إذا2 كان أفعل صفة لاسم جنس، و"سبقه نفي، وكان مرفوعه أجنبيًّا"، وهو ما ليس ملتبسًا3 بضمير الموصوف به، "مفضلا" ذلك الأجنبي "على نفسه باعتبارين" مختلفين، "نحو" قول العرب: "ما رأيت رجلا أحسن في عينه الكحل منه في عين زيد4"، فـ "أحسن" أفعل تفضيل، وهو صفة لـ"رجلا" وهو5 اسم جنس مسبوق بنفي، ومرفوعه "الكحل" وهو أجنبي من المصوف لكونه لم يتصل بضميره، والكحل مفضل على نفسه باعتبار محلين مختلفين، فباعتبار كونه في عين زيد فاضلا، وباعتبار كونه في عين غيره مفضولا. والمعنى أن الكحل في عين زيد أحسن من نفسه في عين غيره6 من الرجال. ونظيره قول الأصوليين: الواحد بالشخص يكون له جهتان كالصلاة في الدار المغصوبة. والسبب في اطراد رفع [أفعل التفضيل الاسم الظاهر في مثل] 7 هذا المثال، تهيئته بالقرائن التي قارنته لمعاقبة8 الفعل على وجه لا يكون بدونها، "فإنه يجوز أن يقال: ما رأيت رجلا يحسن في عينه الكحل كحسنه في عين زيد"، فيؤتى بالفعل، وهو   1 في "ب": "أفعل". 2 في "ب": "أنه إذا". 3 في "أ"، "ب": "متلبسًا"، والتصويب من "ط". 4 انظر مثل ذلك في شرح ابن الناظم ص346-347. 5 في "ب": "ورجل". 6 في "ب": "غير زيد". 7 ما بين المعكوفين سقط من "ب". 8 في "ب": "لمعاقبته". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 104 "يحسن" مكان أفعل التفضيل، وهو "أحسن" ولا يتغير المعنى، قاله ابن مالك1، وناقشه أبو حيان في ذلك2. "والأصل أن يقع هذا" الاسم "الظاهر" المرفوع بأفعل التفضيل "بين ضميرين: أولهما للموصوف" بأفعل التفضيل، وهو الهاء في "عينه"، و"ثانيهما للظاهر"، وهو الهاء في "منه" فيكون المفضول مذكورًا، كما مثلنا. وقد يحذف الضمير الأول العائد إلى الموصوف للعلم به، نحو: ما رأيت رجلا أحسن الكحل منه في عين زيد، والمقدر كالملفوظ، "وقد يحذف الضمير الثاني" العائد إلى "الكحل" فيكون المفضول مقدرًا. "وتدخل: من" الجارة للمفضول "إما على الاسم الظاهر"، وهو "الكحل" في مثالنا، "أو" تدخل "على محله"، أي محل الكحل وهو العين، "أو" تدخل "على ذي المحل" وهو زيد، "فتقول": ما رأيت رجلا أحسن في عينه الكحل "من كحل عين زيد"، بدخول "من" على الاسم الظاهر، وهو الكحل، "أو": ما رأيت رجلا أحسن في عينه الكحل "من عين زيد"، بدخول "من" على محل الكحل، وهو العين، "أو": ما رأيت رجلا أحسن في عينه الكحل "من زيد" بدخول "من" على ذي المحل، وهو زيد "فتحذف مضافًا" إذا أدخلت "من" على المحل، وهو العين "أو مضافين" إذا أدخلت "من" على ذي المحل وهو زيد. "وقد لا يؤتى" بعد الاسم الظاهر "المرفوع بشيء" أصلا، وذلك إذا تقدم المفضل على أفعل التفضيل، فيستغنى عما بعد المرفوع، "فتقول: ما رأيت كعين زيد أحسن فيها الكحل"، فتحذف ضمير "الكحل" ومحله وصاحب محله اختصارًا. وربما أدخلوا "من" على غير المفضول لفظًا، "وقالوا: ما أحد أحسن به الجميل من زيد، والأصل: ما أحد أحسن به الجميل من حسن الجميل بزيد"، فـ"الجميل الثاني" هو المفضول، وهو "الجميل الأول"، "ثم [إنهم] 3 أضافوا الجميل إلى زيد لملابسته إياه" في المعنى، فصار التقدير: من جميل زيد، "ثم حذفوا المضاف"، وهو "جميل" وأقاموا المضاف إليه، وهو "زيد" مقامه، فصار: من زيد، "ومثله" قول الناظم:   1 شرح التسهيل 3/ 67. 2 الارتشاف 3/ 235، وانظر شرح ابن الناظم ص348. 3 إضافة من "ب"، "ط". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 105 505- كلن ترى في الناس من رفيق ... أولى به الفضل من الصديق "والأصل: من ولاية الفضل1 بالصديق"، فـ: الفضل الثاني هو المفضول، وهو الفضل الأول. "ثم" إنهم أضافوا الفضل إلى الصديق لملابسته له في المعنى، فصار التقدير: "من فضل الصديق"، ثم حذفوا المضاف، وهو الفضل2 الثاني3، وأقاموا المضاف إليه وهو "الصديق" مقامه فصار: "من الصديق". وهذا المثال داخل تحت القاعدة، فإن الاسم الظاهر وهو الفضل أجنبي مسبوق بنفي بـ"لن"، مكتنف بضميرين: أولهما ضمير الموصوف، وهو الهاء من "به". والثاني ضمير الاسم الظاهر، وقد حذف، والأصل: أولى4 به الفضل منه بالصديق. والحاصل أن الضميرين تارة يكونان مذكورين: وتارة يكونان محذوفين، وتارة يذكر أحدهما ويحذف الآخر، وإذا حذف ضمير المفضول لم يلزم حذف ضمير الموصوف وبالعكس. ولما لم يمكنهم أن يجعلوا الاسم الظاهر مبتدأ لئلا يفصلوا به بين أفعل التفضيل و"من" وذلك لا يجوز، رفعوه5 على الفاعلية، وشرطوا تقدم النفي عليه، وقاس عليه ابن مالك في شرح التسهيل6 النهي والاستفهام، وتبعه الموضح في شرح القطر7 ولم يرد به سماع، فالأولى الاقتصار على ما قالته العرب.   1 في "ط": "ولايته للفضل". 2 في "ط": "وهو فضل". 3 سقطت من "ب"، "ط". 4 في "ب": "والأولى". 5 في "ب": "رفعه". 6 شرح التسهيل 3/ 68. 7 شرح قطر الندى ص283. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 106 باب النعت مدخل ... باب النعت: ويرادفه الصفة والوصف. "الأشياء التي تتبع ما قبلها في الإعراب" لفظًا أو تقديرًا أو محلا "خمسة: النعت والتوكيد وعطف البيان والنسق والبدل". ويشكل عليه: قام قام زيد1، ونعم نعم، ولا لا، فإنها مشتملة على التوكيد، ولا تبعية في شيء منها. ودليل الحصر في الخمسة أن التابع إما أن يتبع بواسطة حرف أو لا، الأول عطف النسق، والثاني إما أن يكون على نية تكرار العامل أو لا, الأول البدل, والثاني: إما أن يكون بألفاظ مخصوصة أو لا، الأول التوكيد، والثاني إما أن يكون بالمشتق أول لا، الأول النعت، والثاني عطف البيان، ولها أبواب، وإذا اجتمعت يبدأ بالنعت ثم بالبيان ثم بالتوكيد ثم بالبدل ثم بالنسق، قاله في التسهيل2. واختلف في عامل التابع، فأما النعت والتوكيد والبيان فقال الجمهور: العامل فيها هو العامل في المتبوع، ونسب إلى سيبويه3. وقيل: العامل فيها تبعيتها لما جرت عليه، وهو قول الخليل والأخفش4. وأما البدل فقيل: عامله محذوف، وهو قول الجمهور. ويدل لهم5 ظهوره جارًا   1 سقطت من "ب". 2 التسهيل ص173. 3 لم أجد ما نسب إلى سيبويه في الكتاب، وهو في الارتشاف 2/ 592. 4 وهو أيضًا قول سيبويه والجرمي، انظر همع الهوامع 2/ 115. 5 في "ب": "له". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 107 جوازًا مع الظاهر ووجوبًا مع المضمر، نحو: بزيد به. وقال قوم منهم المبرد1: عامله عامل متبوعه. [وهو ظاهر مذهب سيبويه2، واختاره ابن مالك3 وابن خروف. وقال ابن عصفور4: عامله عامل متبوعه على أنه نائب عن العامل المحذوف لا أنه عامل بالأصالة. وأما النسق فقال الجمهور] 5: عامله عامل متبوعه بواسطة الحرف، وقيل: الحرف، وقيل: محذوف، وإلى ذلك أشار في النظم بقوله: 506- يتبع في الإعراب الأسماء الأول ... نعت وتوكيد وعطف وبدل "فالنعت عند الناظم" المشار إليه بقوله في النظم: 507- فالنعت تابع متم ما سبق ... بوسمه أو وسم ما به اعتلق "هو التابع الذي يكمل متبوعه بدلالته على معنى فيه، أو فيما يتعلق به. فخرج بقيد التكميل النسق والبدل"، فإنهما لا يكملان متبوعهما لأنهما لم يوضعا لقصد الإيضاح والتخصيص، ومجيء البدل للإيضاح في بعض الصور عرضي, "و" خرج "بقيد الدلالة المذكورة البيان والتوكيد" فإنهما لا يدلان على معنى في متبوعهما، ولا فيما يتعلق به، أما البيان فلأن ثاني الاسمين هو عين الأول، وأما التوكيد فلأن نفس الشيء. هو الشيء لا معنى فيه. قاله ابن مالك في شرح العمدة. "والمراد بالمكمل الموضح للمعرفة، كـ: جاءني زيد التاجر"، في النعت الحقيقي، أو التاجر أبوه، في النعت السببي، "والمخصص للنكرة كـ: جاء رجل تاجر"، في الحقيقي "أو: تاجر أبوه" في السببي. واختلف في معنى الإيضاح والتخصيص، فقيل: الإيضاح رفع الاشتراك اللفظي الواقع في المعارف على سبيل الاتفاق، فهو يجري مجرى بيان الجمل، والتخصيص رفع الاشتراك المعنوي الواقع في النكرات على سبيل الوضع، فهو يجري مجرى تقييد المطلق بالصفة، وقيل: الإيضاح رفع الاحتمال في المعارف، والتخصيص تقليل الاشتراك في النكرات. "وهذا الحد" ليس بجامع لأنه "غير شامل لأنواع النعت، فإن النعت" قد لا   1 المقتضب 4/ 295، 399. 2 لم أجد ما نسب إلى سيبويه في الكتاب، وهو في شرح المرادي 3/ 132. 3 شرح التسهيل 3/ 330. 4 المقرب 1/ 242. 5 سقط من بين القوسين من "أ"، واستدركته من "ب"، "ط". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 108 يكون للإيضاح والتخصيص بل "قد يكون لمجرد المدح كـ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِين} " [الفاتحة: 2] "أو لمجرد الذم نحو: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم"، أو للتعميم نحو: إن الله يرزق عباده الطائعين والعاصين، أو للتفصيل نحو: مررت برجلين عربي وأعجمي، أو للإبهام نحو: تصدق بصدقة قليلة أو كثيرة، "أو للترحم، نحو: اللهم أنا عبدك المسكين، أو للتوكيد نحو:" {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ " نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ "} [الحاقة: 13] . وجوابه أن الأصل في النعت أن يكون للإيضاح أو للتخصيص، وكونه لغيرهما إنما هو بطريق العرض مجازًا عن استعمال الشيء في غير ما وضع له. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 109 فصل: "ويجب موافقة النعت لما قبله فيما هو موجود فيه من أوجه الإعراب الثلاثة": الرفع والنصب والجر، "ومن التعريف والتنكير، تقول" في التعريف: "جاءني زيد الفاضل" برفعهما "ورأيت زيدًا الفاضل" بنصبهما "ومررت بزيد الفاضل" يجرهما "و" تقول في التنكير: "جاءني رجل فاضل"، ورأيت رجلا فاضلا، ومررت برجل فاضل. "كذلك" فلا يجوز تخالفهما في الإعراب، لأن ذلك يخل بالتبعية، ولا تخالفهما في التعريف والتنكير، لأن التعريف يقتضي كون ذلك المعين مدلولا عليه بحسب تعيينه، والتنكير يقتضي كون ذلك المعين غير مدلول عليه بحسب تعيينه، فالجمع بينهما جمع بين النفي والإثبات، وهو محال. قاله الفخر الرازي، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 508- وليعط التعريف والتنكير ما ... تلا كامرر بقوم كرما "وأما الإفراد والتثنية والجمع والتذكير والتأنيث، فإن رفع الوصف" الحقيقي أو المجازي "ضمير الموصوف المستتر وافقه فيها" أيضًا. ونعني بالوصف الحقيقي أن يجري على من هو له، "كـ: جاءتني امرأة كريمة"، ورجل كريم، "ورجلان كريمان، ورجال كرام"، ففي الوصف في الجميع ضمير مستتر يعود على الموصوف باعتبار حاله في التذكير والتأنيث والتثنية والجمع. "وكذلك" تقول في التعريف: جاءتني المرأة الكريمة والرجلان الكريمان والرجال الكرام. ونعني بالوصف المجازي أن يجري على غير من هو له إذا حول الإسناد عن الظاهر إلى ضمير الموصوف، وجر الظاهر بالإضافة إن كان معرفة، ونصب على التمييز إن كان نكرة نحو: "جاءتني امرأة كريمة الأب" بالإضافة "أو كريمة أبا" بالتمييز، "وجاءني رجلان كريما الأب"؛ بالإضافة؛ "أو كريمان أبًا"؛ بالتمييز، "وجاءني رجال كرام الأب" بالإضافة "أو كرام أبًا" بالتمييز، فيوافق النعت منعوته في الإفراد والتثنية الجزء: 2 ¦ الصفحة: 110 والجمع، والتذكير والتأنيث، مع موافقته له في أوجه الإعراب الثلاثة، وفي التعريف والتنكير. وتكمل له الموافقة في أربعة من عشرة1، "لأن الوصف في ذلك كله رافع لضمير الموصوف المستتر" أصالة أو تحويلا، ويستثنى من ذلك شيئان: أحدهما: الوصف باسم التفضيل إذا استعمل بـ"من" أو أضيف إلى نكرة، فإنه2 يلزمه الإفراد والتذكير، ولم يوافق في التأنيث والتثنية والجمع، نحو: مررت برجل أفضل من زيد، وبرجلين أفضل من زيد، وبرجال أفضل من زيد، وبامرأة أفضل من زيد، وبامرأتين أفضل من زيد، وبنساء أفضل من زيد، وكذلك: مررت برجل أفضل شخص، وبرجلين أفضل شخصين، وبرجال أفضل شخوص ... إلى آخر المثل3. والثاني: الوصف بما يستوي فيه المذكر والمؤنث من الأوصاف الآتية على وزن فعول بمعنى فاعل وفعيل بمعنى مفعول، إذا كان جاريًا على موصوفه نحو: رجل صبور، وامرأة صبور، ورجل قتيل، وامرأة قتيل. "وإن رفع" الوصف الاسم "الظاهر أو" رفع "الضمير البارز أعطي" الوصف "حكم الفعل، ولم يعتبر حال الموصوف" في الإفراد والتذكير، والتأنيث والتثنية والجمع، "تقول" في الوصف إذا رفع الظاهر: "مررت برجل قائمة أمه"، بتأنيث قائمة، لأنها مسندة إلى الأم، وإن كان الموصوف مذكرًا، "وبامرأة قائم أبوها" بتذكير قائم، لأنه مسند إلى الأب، وإن كان الموصوف مؤنثًا، "كما تقول" في الفعل: "قامت أمه" في المثال الأول، "وقام أبوها" في المثال الثاني، "و" تقول: "مررت برجلين قائم أبواهما4" بإفراد قائم، وإن كان المنعوت مثنى، "كما تقول" [في الفعل] 5: "قام أبواهما" بإفراد الفعل. "ومن قال" من العرب كطيئ وأزد شنوءة: "قاما أبواهما" بإلحاق علامة التثنية في الفعل المسند إلى المثنى الظاهر، "قال" في الوصف إذا أسنده إلى المثنى الظاهر:   1 في شرح ابن عقيل 2/ 194: أن النعت يطابق منعوته في أربع من عشرة إذا رفع ضميرًا، وفي اثنين من خمسة إذا رفع ظاهرًا. 2 سقطت من "ب". 3 انظر شرح ابن الناظم ص352. 4 في "ب": "أبواها". 5 إضافة من "ب". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 111 "قائمين أبواهما1" بتثنية الوصف. "وتقول" في جمع التذكير: "مررت برجال قائم آباؤهم" بإفراد قائم، وإن كان الموصوف جمعًا، "كما تقول" في الفعل: "قام آباؤهم" بإفراد الفعل عن علامة الجمع. "ومن قال" من العرب المتقدم ذكرهم: "قاموا آباؤهم" بإلحاق علامة الجمع في الفعل المسند إلى الجمع الظاهر كما في "أكلوني البراغيث"، "قال" في الوصف إذا أسند إلى الجمع الظاهر: "قائمين آباؤهم" بجمع الوصف جمع السلامة2. "و" لكنهم خالفوا حكم الفعل إذا كان الاسم المرفوع بالوصف جمعًا، فأجازوا تكسير الوصف ثم قال سيبويه3 والمبرد وأبو موسى: "جمع التكسير" في الوصف "أفصح من الإفراد كـ: قيام آباؤهم4". وقال الأبدي والشلوبين وطائفة: إفراد الوصف من تكسيره5، وفصل آخرون فقالوا: إن كان النعت تابعًا لجمع كـ: مررت برجال قيام آباؤهم، فالتكسير أفصح، وإن كان لمفرد أو مثنى كـ: مررت برجل قاعد غلمانه، وبرجلين قاعد غلمانهما، فالإفراد، أفصح. واتفق الجميع على أن الإفراد أفصح من جمع السلامة. وتقول في الوصف إذا رفع الضمير البارز: جاءني غلام امرأة ضاربته هي، وأمة رجل ضاربها هو، كما تقول: ضربته هي وضربها هو، وجاءني غلام رجلين ضاربه هما، كما تقول: ضربه هما، ومن قال: ضرباه هما قال: ضارباه هما. وتقول: جاءني غلام رجال ضاربه هم، كما تقول: ضربه هم، ومن قال: ضربوه، هم قال: ضاربوه هم، وجمع التكسير كـ: ضواربه هم، أفصح من الإفراد، كما تقدم حرفًا بحرف، وذلك مستفاد من قول الناظم: 509- وهو لدى التوحيد والتذكير أو ... سواهما كالفعل ..................   1 في "ب": "قاما أبواهما؛ بتثنية الفعل؛ قال: قائمين أبواهما" وهي على لغة أكلوني البراغيث، انظر شرح ابن الناظم ص352. 2 انظر شرح ابن الناظم ص352، والارتشاف 3/ 249. 3 الكتاب 2/ 43. 4 انظر الارتشاف 3/ 205. 5 وهو مذهب الجمهور، انظر الارتشاف 3/ 250. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 112 فصل: "والأشياء التي ينعت بها أربعة" كما في النظم: "أحدها: المشتق" وهو المشار إليه في النظم بقوله: 510- وانعت بمشتق .......... ... .............................. وهو في الأصل ما أخذ من لفظ المصدر للدلالة على معنى منسوب إلى المصدر1، "والمراد به" هنا "ما دل على حدث وصاحبه" ممن قام به الفعل أو وقع عليه، "كـ: ضارب" من أسماء الفاعلين "ومضروب" من أسماء المفعولين، وما كان بمعناهما. فمما هو بمعنى اسم الفاعل أمثلة المبالغة، كـ: ضراب، "و" الصفة المشبهة نحو: "حسن، و" اسم التفضيل المبني من فعل الفاعل نحو: "أفضل"، ومما هو2 بمعنى اسم المفعول كـ: قتيل بمعنى مقتول، واسم التفضيل المبني من فعل المفعول نحو: أجن. من عمرو، وخرج من ذلك ما اشتق لزمان أو مكان أو آلة، فإنه لا ينعت به، فلا يرد نقضًا. "الثاني": مما ينعت به "الجامد المشبه للمشتق في المعنى"، وإليه أشار الناظم بقوله: 510- ............................... ... وشبهه ...................... وهو ما يفيد من المعنى ما يفيده المشتق "كـ: اسم الإشارة" غير المكانية، "وذي بمعنى صاحب" وفروعها، "وأسماء النسب" وهي المنبه عليها في الناظم بقوله: 510- .................................. ... ......... كذا وذي والمنتسب فاسم الإشارة تنعت به المعارف، "تقول: مررت بزيد هذا، و" "ذو" بمعنى صاحب ينعت بها النكرات، تقول: مررت "برجل ذي مال، و" أسماء النسب ينعت بها   1 كذا قال ابن النظام في شرحه ص352، وابن عقيل في شرحه 2/ 195، وهو مذهب البصريين، ويرى الكوفيون أن أصل الاشتقاق هو الفعل. انظر الإنصاف 1/ 235, المسألة رقم 28. 2 في "ب": "هي". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 113 النكرات والمعارف، تقول: مررت "برجل دمشقي"، وبالرجل الدمشقي، بفتح الميم ويجوز الكسر1. وإنما قلنا: إن هذه الأنواع الثلاثة أفادت من المعنى ما يفيده المشتق، "لأن" لفظة "هذا" "معناها الحاضر"، ولفظة "ذي مال" معناها "صاحب مال، و" لفظة "دمشقي" معناها: "منسوب إلى دمشق"، فلما أفادت ما يفيده المشتق من المعنى صح النعت بها. ويقاس على هذه الأمثلة ما أشبهها، فيقاس على اسم الإشارة جميع الموصولات إلا "من" و"ما" وعلى ذي الصاحبية ذو2 الطائية وفروعها، وعلى المنسوب بالياء نحو: تمار وتامر وتمر، مما هو منسوب إلى التمر فيهن. وأما الأسماء المكانية نحو: مررت برجل هنا أو هناك أو "ثم" فمتعلقة بمحذوف صفة لـ: رجل، لأنها ظروف وليس صفات. "الثالث": مما ينعت به "الجمل"، وإليهما أشار الناظم بقوله: 511- ونعتوا بجملة منكرًا ... ........................ "وللنعت بها ثلاثة شروط: شرط في المنعوت: وهو أن يكون نكرة إما لفظًا ومعنى نحو {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ} [البقرة: 281] فجملة "ترجعون" في موضع نصب نعت لـ: يومًا، وهو نكرة لفظًا ومعنى، والرابط بينهما الضمير المجرور بـ: "في". "أو" نكرة "معنى لا لفظًا: وهو" الاسم "المعرف بـ"أل" الجنسية، كقوله"؛ وهو رجل من بني سلول: [من الكامل] 632- ولقد أمر على اللئيم يسبني ... فأعف ثم أقول لا يعنيني   1 سقط من "ب"، "ط": "ويجوز الكسر". 2 في "ب": "و" مكان "ذو". 632- البيت لرجل من بني سلول في الدرر 1/ 10، وشرح شواهد المغني 1/ 310، والكتاب 3/ 24، والمقاصد النحوية 4/ 58، ولشمر بن عمرو الحنفي في الأصمعيات ص126، ولعميرة ص126، ولعميرة بن جابر الحنفي في حماسة البحتري 171، وبلا نسبة في الأزهية 263، والأشباه والنظائر 3/ 90، وأوضح المسالك 3/ 206، وخزانة الأدب 1/ 375، 358، 3/ 201، 4/ 207، 208، 5/ 23، 503، 7/ 197، 9/ 119، 383، والخصائص 2/ 338، 3/ 330، والدرر 2/ 462، وشرح ابن الناظم ص351، وشرح شواهد المغني 2/ 841، ومغني اللبيب 1/ 102، 2/ 429، 645، وهمع الهوامع 1/ 9، 2/ 140. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 114 فجملة "يسبني" في موضع جر نعت لـ"اللئيم"1 وهو الدنيء الأصل الشحيح النفس، وصح نعته بالجملة نظرًا إلى معناه، فإن المعرف بـ"أل" الجنسية لفظه معرفة ومعناه نكرة. قاله ابن مالك في شرح التسهيل2. وقال أبو حيان في الارتشاف3: ولا ينعت بالجملة4 المعرف بـ"أل" الجنسية، خلافًا لمن أجاز ذلك. انتهى. ويجوز أن تكون الجملة حالا نظرًا إلى لفظه. وبقي شرط آخر في المنعوت بالجملة، وهو أن يكون مذكورًا إذا لم يكن بعض اسم متقدم مجرور بـ: من أو في، كما سيأتي. "وشرطان في الجملة: أحدهما: أن تكون مشتملة على ضمير يربطها بالموصوف، إما ملفوظ به، كما تقدم" في قوله تعالى: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ} [البقرة: 281] . "أو مقدرًا" أما مرفوع كقوله: [من الكامل] . 632- إن يقتلوك فإن قتلك لم يكن ... عارًا عليك ورب قتل عار أي: هو عار. أو منصوب كقوله: [من الوافر] 634- ............... ... ............... وما شيء حميت بمستباح أي: حميته. أو مجرور بـ: في، إذا كان المنعوت بالجملة اسم زمان "كقوله تعالى: {وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا} [البقرة: 48] أي: لا تجزي فيه".   1 في شرح ابن الناظم ص351: "يسبني: صفة؛ لا حال، لأن المعنى: ولقد أمر على لئيم من اللئيم". 2 شرح التسهيل 3/ 311. 3 الارتشاف 2/ 584. 4 في "ب": "بها الجملة". 633- البيت لثابت بن قطنة في ديوانه ص49، والحماسة الشجرية 1/ 330، وخزانة الأدب 9/ 565، 576، 577، والدرر 2/ 43، وشرح شواهد المغني 1/ 89، 393، والشعر والشعراء 2/ 635، وبلا نسبة في الارتشاف 2/ 585، والأزهية ص260، وأمالي ابن الشجري 2/ 301، وتخليص الشواهد ص160، والجنى الداني ص439، وجواهر الأدب ص205، 3654، وخزانة الأدب 7/ 79، وشرح التسهيل 3/ 175، والمقتضب 3/ 66، والمقرب 1/ 220، وهمع الهوامع 1/ 97. 634- صدر البيت: "أبحت حمى تهامة بعد نجد"، وهو لجرير في ديوانه 1/ 89، والكتاب 1/ 87، 130، والمقاصد النحوية 3/ 75، وبلا نسبة في خزانة الأدب 6/ 42، وسر صناعة الإعراب 1/ 402، وشرح التسهيل 3/ 312، ومغني اللبيب 2/ 502، 312، 633. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 115 وهل حذف الجار والمجرور معًا، أو حذف الجار وحده، فانتصب الضمير واتصل بالفعل ثم حذف منصوبًا؟ قولان: الأول عن سيبويه1، والثاني عن الأخفش2. أو مجرور بـ"من" عائد على ظرف أو غيره: فالأول نحو: شهر صمت يومًا مباركًا، أي: منه، والثاني نحو: عندي بر كر بدرهم، أي: منه. "و" الشرط "الثاني: أن تكون الجملة خبرية، أيك محتملة للصدق والكذب"، وإليه أشار الناظم بقوله: 511- ............................... ... فأعطيت ما أعطيته خبرا "فلا يجوز" النعت بالجملة الطلبية والإنشائية فلا يقال: "مررت برجل اضربه، ولا: مررت بعبد بعتكه، قاصدًا لإنشاء البيع" لا الأخبار بذلك، لأن الطلب والإنشاء لا خارجي لهما يعرفه المخاطب فيتخصص به المنعوت، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 512- وامنع هنا إيقاع ذات الطلب ... .................................... "فإن جاء" من لسان العرب "ما ظاهره ذلك يؤول على إضمار القول"، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 512- ................................. ... وإن أتت فالقول أضمر تصب لأن القول كثر إضماره في الكلام، "كقوله" وهو العجاج؛ على ما قيل؛ يذكر أن قومًا أضافوه فأطالوا عليه حتى دخل الليل، ثم جاءوا بلبن مخلوط بالماء حتى صار لونه في العشية يشبه لون الذئب: [من الرجز] 635- حتى إذا جن الظلام واختلط ... جاءوا بمذق هل رأيت الذئب قط   1 الكتاب 1/ 386. 2 في شرح التسهيل 3/ 312: "فهذا عند سيبويه حذف اعتباطًا، لأن الظرف يجوز معه ما لا يجوز مع غيره، وعند الأخفش على حذف وتعدي الفعل وحذف الضمير". 635- الرجز للعجاج في ملحق ديوانه 2/ 304، وخزانة الأدب 2/ 109، والدرر 2/ 366، والمقاصد النحوية 4/ 61، وبلا نسبة في الإنصاف 1/ 115، وأوضح المسالك 3/ 310، وخزانة الأدب 3/ 30، 5/ 24، 468، 6/ 138، وشرح ابن الناظم ص353، وشرح الأشموني 2/ 499، وشرح ابن عقيل 2/ 199، وشرح التسهيل 3/ 311، وشرح الكافية الشافية 3/ 1159، وشرح المفصل 3/ 52، 53، ولسان العرب 4/ 248 "خضر". 10/ 340 "مذق" والمحتسب 2/ 165، ومغني اللبيب 1/ 246، 2/ 585، وهمع الهوامع 2/ 117. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 116 فظاهره أن جملة الاستفهام وهي: هل رأيت الذئب قط1: نعت لـ: مذق، فوجب تأويلها على أن الصفة قول محذوف، وجملة الاستفهام معمول الصفة، "أي: جاءوا بلبن مخلوط بالماء مقول عند2 رؤيته": هل رأيت الذئب3 قط؟ وقال ابن عمرون: "الأصل: بمذق مثل لون الذئب، هل رأيت الذين4 يقولون: مررت برجل مثل كذا، هل رأيت كذا5. وفي الحديث: "كلاليب مثل شوك السعدان، هل رأيتم شوك السعدان؟ " قالوا: نعم يا رسول الله. قال: "فإنهما مثل شوك السعدان" 6. ثم حذف "مثل لون الذئب" وبقي: هل رأيت الذئب؟ فتأولوه بمقول عند رؤيته "هذا الكلام"، فـ: "مقول" هو الصفة وجملة الاستفهام معمول لها". انتهى. والمذق، بفتح الميم وسكون الذال المعجمة: مصدر قولك: مذقت اللبن، إذا مزجته بالماء، والمراد به هنا الممذوق مبالغة، والمعنى: جاءوا بلبن سمار فيها لون الورقة7 التي هي لون الذئب. والسمار: اللبن الرقيق، والورقة: بياض يضرب إلى سواد. "الرابع": مما ينعت به "المصدر" سماعًا بشروط: أحدها: أن لا يؤنث ولا يثنى ولا يجمع. الثاني: أن يكون مصدر ثلاثي أو بزنة مصدر8 ثلاثي. الثالث: أن لا يكون ميميًّا. وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 513- ونعتوا بمصدر كثيرا ... فالتزموا الإفراد والتذكيرا "قالوا: هذا رجل عدل" بفتح العين9 "ورضا" بكسر الراء "وزور" بفتح الزاي "وفطر" بكسر الفاء. والثلاثة الأولى10 مصادر حقيقة، والرابع اسم مصدر، فإن فعله أفطر، "و" هو كثير، ومع كثرته يقتصر فيه على السماع.   1 سقطت من "ب": "الذئب قط"، وسقط من "ط": "قط". 2 في "ب": "عندهم". 3 في "ب": "الظبي". 4 في "ب": "الذئب". 5 سقط من "ب": "هل رأيت كذا". 6 أخرجه البخاري في صفة الصلاة برقم 773، وأخرجه مسلم في المساجد برقم 675. 7 في "ب": "الزرقة". 8 سقطت من "ب". 9 في "ب": "الميم". 10 في "ب", "ط": "الأول". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 117 فإن قلت: كيف صح أن يكون اسم المعنى نعتًا للذات؟ قلت: صح "ذلك عند الكوفيين على التأويل بالمشتق"، اسم فاعل أو مفعول "أي: عادل" اسم فاعل عدل، "ومرضي": مفعول رضي، وزائر: اسم فاعل زار، "ومفطر": اسم فاعل أفطر، ويدل لها ما جاء من ذلك مضافًا إلى إضافة غير معنوية نحو: مررت برجل هدك1 وشرعك وحسبك، فدل على لحظ معنى الصفة. "وعند البصريين: على تقدير مضاف، أي: ذو كذا، ولهذا التزم إفراده وتذكيره، كما يلتزمان لو صرح بـ: ذو" وفروعه، فيقال2: هذا رجل عدل، وامرأة عدل، ورجلان عدل، ورجال عدل ونساء عدل، كما يقال: هذا رجل ذو عدل، وامرأة ذات عدل، ورجلان ذوا عدل، ورجال ذوو عدل، ونساء ذوات عدل. وقيل: لا تأويل ولا حذف مضاف، بل على جعل العين نفس المعنى مبالغة مجازًا وادعاء. وإنما التزم إفراده وتذكيره على القوم الأول والأخير. لأن المصدر من حيث هو مصدر لا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث، فأخبره على أصله، وأما قول العرب: رجل ضيف ورجال أضياف وضيوف وضيفان، وامرأة ضيفة، فقليل.   1 في "ب": "عدل". 2 انظر الارتشاف 2/ 584-588. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 118 فصل: "وإن تعددت النعوت" فتارة تكون لواحد وتارة تكون لغيره، فإن كانت لواحد فسيأتي الكلام1 عليها في فصل يخصها، وإن كانت لغير واحد فهي على ضربين: أحدهما: أن يكون المنعوت مثنى أو مجموعًا من غير تفريق. والثاني: أن يكون مفرقًا، وتفريقه إما لكون التثنية والجمع لا يتأتيان فيه، فيقوم العطف مقامهما، وإما لتعدد عامل المنعوت. "فإن" كان المنعوت مثنى أو مجموعًا من غير تفريق "واتحد معنى النعت"2 ولفظه، "استغني بالتثنية والجمع3 عن تفريقه" بالعطف "نحو: جاءني رجلان فاضلان، ورجال فضلاء". "وإن اختلف" معنى النعت ولفظه كـ: العاقل والكريم، أو لفظه دون معناه كـ: الذاهب والمنطلق، أو معناه دون لفظه كـ: الضارب، من الضرب بالعصا ونحوها، والضارب من الضرب، في الأرض، أي السير فيها، "وجب التفريق [فيها] 4 بالعطف"، لأنه أصل التثنية والجمع، "بالواو" خاصة، لأنها الأصل في ذلك، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 514- ونعت غير واحد إذا اختلف ... فعاطفا فرقه لا إذا ائتلف "كقوله": [من الوافر] 636- بكيت وما بكا رجل حزين ... على ربعين مسلوب وبال   1 في "ب": "عليهما". 2 في "ب": "المنعوت". 3 في "ب": "من". 4 إضافة من "ط". 636- البيت لابن ميادة في ديوانه ص214، وشرح أبيات سيبويه 1/ 603، وشرح شواهد المغني 2/ 774، ولرجل من باهلة في الكتاب 1/ 431، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 3/ 211، وأوضح المسالك 3/ 313, ومغني اللبيب 2/ 256، والمقتضب 2/ 291، والمقرب 1/ 225. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 119 فـ: مسلوب وبال: نعتان لـ: ربعين، وعطف أحدهما على الآخر بالواو. والمسلوب: هو الذاهب بالكلية بحيث لم يبق له عين ولا أثر. والبالي: هو الذي ذهب1 عينه وبقي شيء من آثاره، وبكا: مقصور. "وقولك: مررت برجل شاعر وكاتب وفقيه"، فهذه الثلاثة المتعاطفة بالواو نعوت2 لـ: رجال3. والشاعر: هو الذي يأتي بالكلام منظومًا، والكاتب: هو الذي يأتي به منثورًا، والفقيه، من "فقه" بالضم هو الذي صار الفقه له سحية4. ويستثنى نعت الإشارة فلا يتأتى فيه التفريق، لا يجوز: مررت بهذين الطويل والقصير، على النعت. قال سيبويه والمبرد والزجاج والزيادي5، وهو مقتضى القياس، لأن نعت الإشارة لا يكون إلا طبقها في اللفظ، لأنهم جعلوا التطابق في الجامد عوضًا عن الضمير، وحمل المشتق عليه. قال الزيادي6: وإن قدرته بدلا أو بيانًا جاز، وقد أجاز سيبويه7: هذان زيد وعمرو، على البيان، والبيان هنا مخالف للنعت. نقله الموضح في الحواشي. "وإذا تعددت النعوت8" مع تفريق المنعوت، "فإن كان" العامل فيها واحدًا، فإن اتحد العامل فالإتباع، نحو: مررت بزيد وعمرو العاقلين، ومررت بشيخ وطفل وعجوز وجلوس، لأن العطف بمثابة التثنية والجمع، وإن اختلف واختلف نسبة العامل إليهما، نحو: ضرب زيد عمرًا الظريفين، فالقطع. وإن اتحدت، نحو: خاصم زيد عمرًا الكريمان، فالقطع عند البصريين، وإتباع الأخير عند الفراء، وإتباع الأول عند الكسائي، وإتباع أيهما شئت عد ابن سعدان9.   1 في "ب": "هو الذاهب". 2 في "ب": "نعت". 3 انظر شرح ابن الناظم ص354. 4 في "ب": "ط": "سجية له". 5 انظر الكتاب 2/ 8 والارتشاف 2/ 589. 6 شرح المرادي 3/ 145. 7 الكتاب 2/ 81. 8 في "ب": "تعدد المنعوت". 9 همع الهوامع 2/ 119. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 120 وإن كان العامل متعددًا و"اتحد لفظ النعت، فإن اتحد معنى العامل وعمله" ولفظه أو جنسه "جاز الإتباع مطلقًا" سواء كان المتبوعان مرفوعين بفعلين أو خبري مبتدأين أو منصوبين أو مخفوضين. فمثال ما اتحد عمله ومعناه ولفظه: ذهب زيد وذهب عمرو العاقلان، وهذا زيد وهذا عمرو الفاضلان، ورأيت زيدًا، ورأيت عمرًا الظريفين ومررت بزيد ومررت بعمرو الكريمين. ومثال ما اتحد معناه وعمله وجنسه "كـ: جاء زيد وأتى عمرو الظريفان، وهذا زيد وذاك عمرو العاقلان ورأيت زيدًا" بعيني "وأبصرت خالدًا الشاعرين"، وسقت النفع إلى خالد وسيق لزيد الكاتبين. ومنع ابن السراج الإتباع في النوع الثاني، وفصل في الأول1 فقال: إن قدر الثاني عاملًا فالقطع، أو توكيدًا والأول هو العامل جاز الإتباع. "وخصص بعضهم جواز الإتباع بكون المتبوعين فاعلي فعلين" كـ: جاء زيد وأتى عمرو الظريفان، أو خبري مبتدأين كـ: هذا زيد وذاك عمرو العاقلان، أخذا من كلام سيبويه2، فإنه تكلم بالنص على ذلك فأوهم الاختصاص. قاله ابن مالك في شرح التسهيل. ثم قال3: "والظاهر تعميم الحكم، إذا لا فرق في القياس بين قولك: ذهب زيد وانطلق عمرو العاقلان، وقولك: أحببت زيدًا وودت عمرًا العاقلين، وقولك: مررت بزيد ومررت بعمرو العاقلين، فإذا جاز الأول جاز هذا".انتهى. وجزم به في النظم فقال: 515- ونعت معمولي وحيدي معنى ... وعمل أتبع بغير استثنا "وإن اختلفا في المعنى والعمل" واللفظ، "كـ: جاء زيد ورأيت عمرًا الفاضلين"، أو اختلفا في المعنى والجنس واللفظ كـ: هذا ناصر زيد ويخذل عمرًا العاقلين4، "أو اختلف المعنى فقط كـ: جاء زيد ومضى عمرو الكاتبان5، أو" اختلف "العمل فقط: كـ: هذا مؤلم زيد"؛ بالجر؛ "وموجع عمرًا"؛ بالنصب؛ "الشاعران، وجب القطع" عن المتبوع إما بالرفع على إضمار مبتدأ، أو بالنصب على إضمار فعل.   1 الأصول 2/ 42. 2 الكتاب 2/ 60. 3 شرح التسهيل 3/ 317. 4 في "ب": "العاقلان". 5 في "ب": الكاتبين". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 121 ويمتنع الإتباع لأنه يؤدي إلى تسليط عاملين مختلفي المعنى أو العمل على معمول واحد من جهة واحدة، بناء على أن العامل في المنعوت هو العامل في النعت, وهو الصحيح1. وأما إذا اتحد العاملان معنى وعملا فلا محذور في الإتباع، لأن العاملين من جهة المعنى شيء واحد، فنزلا منزلة العامل الواحد عند الجمهور. وقال ابن السراج2 إذا اتفقا لفظًا كان الثاني توكيدًا للأول. والحاصل أن صور العاملين أربع: إحداها: أن يختلف العاملان في المعنى والعمل كـ: رأيت زيدًا ومررت بعمرو. الصورة الثانية: أن يختلف العمل قط كـ: مررت بزيد ولقيت عمرًا، وفيهما أربعة أقوال: فالجمهور على منع الإتباع فيهما، وابن الطراوة على جواز الإتباع فيهما للثاني دون الأول، والكسائي والفراء على منع الإتباع في الأولى وجوازه في الثانية، لكن الكسائي يتبع الثاني فيها دون الأول والفراء يعكس ذلك3. الصورة الثالثة: أن يختلف المعنى فقط كـ: وجد زيد على عمرو، ووجد عمرو الضالة، أجاز قوم فيها الإتباع، وهم القائلون: إن العامل التبعية4، ومنعه قوم وهم القائلون: إن عامل المنعوت والنعت واحد5. الصورة الرابعة: أن يتحدا معنى وعملا وتحته صورتان: أن يتحدا لفظًا أو لا، فالأولى6 نحو: جاء زيد وجاء عمرو العاقلان فيجوز فيها الإتباع، وقيده ابن السراج بأن يقدر الثاني توكيدًا7. والثانية نحو: جاء زيد وأتى عمرو الظريفان، فأجاز الجمهور فيها الإتباع8، ومنعه ابن السراج مطلقًا2. هذا كله مع اتحاد جنس العاملين، فإن اختلفا كـ: هذا زيد وجاء عمرو الظريفان، ومررت بزيد وهذا عمرو الظريفان، ولقيت زيدًا وإن عمرًا في الدار القائمان، فذهب الجمهور إلى منع الإتباع والأخفش والجرمي إلى جوازه9.   1 انظر شرح ابن الناظم ص354. 2 الأصول 2/ 42. 3 انظر همع الهوامع 2/ 119. 4 في همع الهوامع 2/ 115، القائلين بالتبعية هم الخليل وسيبويه والأخفش والجرمي. 5 انظر همع الهوامع 2/ 115. 6 في "ط": "فالأول". 7 الأصول 2/ 42. 8 انظر شرح التسهيل 3/ 317. 9 انظر شرح المرادي 3/ 150، والارتشاف 2/ 590. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 122 فصل: إذا لم تتكرر النعوت وكان المنعوت معلومًا بدون النعت حقيقة أو ادعاء، جاز إتباعه وقطعه ما لم يكن لمجرد1 التوكيد نحو: {نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ} [الحاقة: 13] ، أو ملتزم الذكر نحو: الجماء الغفير، أو جاريًا على مشار إليه نحو: بهذا الرجل، فلا يجوز القطع في شيء منها. "وإذا تكررت النعوت لواحد، فإن تعين مسماه بدونها جاز إتباعها كلها وقطعها" كلها "والجمع بينهما"أي: بين القطع والإتباع، "بشرط تقديم" النعت "المتبع" على النعت المقطوع، "وذلك كقولك خرنق"، بكسر الخاء المعجمة والنون بينهما راء ساكنة، بنت هفان القيسية أخت طرفة بن العبد لأمه، ترثي زوجها بشر بن عمرو بن مرثد، ومن قتل معه من بنيه وقومه: [من الكامل] 637- لا يبعدن قومي الذين هم ... سم العداة وآفة الجزر النازلون بكل معترك ... والطيبون معاقد الأزر فـ "قومي": فاعل "يبعدن" بفتح الياء والعين، وهو دعاء خرج مخرج النهي، أي: لا يهلكن، وهو من بَعِدَ الرجل يبعَدُ بعدًا؛ كفرح يفرح فرحًا؛ إذا هلك، وفي التنزيل: {كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ} [هود: 95] فإن قيل: كيف دعت لقومها بأن لا يهلكوا وهم قد هلكوا؟   1 في "ب": "مجرد". 637- البيتان للخرنق بنت بدر بن هفان في ديوانها ص43، والأشباه والنظائر 6/ 231، وأمالي المرتضى 1/ 205، والإنصاف 2/ 468، وأوضح المسالك 3/ 314، والحماسة البصرية 1/ 277، وحماسة القرشي ص367، وخزانة الأدب 5/ 41، 42، 44، والدرر 2/ 368، والسمط ص548، وشرح أبيات سيبويه 2/ 16، والكتاب 1/ 202، 2/ 57، 58، 64، ولسان العرب 5/ 214 "نضر"، والمحتسب 2/ 198، والمقاصد النحوية 3/ 602، 4/ 72، وأساس البلاغة "أزر", وبلا نسبة في شرح ابن الناظم ص323، وشرح الأشموني 2/ 399، والمزهر 1/ 45. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 123 أجيب بأن العرب قد جرت على عادتها في استعمال هذه اللفظة في الدعاء، ولهم في ذلك غرضان: إحدهما: أنهم يريدون بذلك استعظام موت الرجل الجليل، وكأنهم لا يصدقون بموته. والثاني: أنهم يريدون الدعاء له بأن يبقى ذكره ولا يذهب، لأن بقاء ذكر الإنسان بعد موته بمنزلة حياته. والعداة: جمع عاد، وهو العدو بعينه، ولا يجوز أن يكون جمع عدو، لأن فعولا لا يجمع على فعلة. والجزر: جمع جزور، وهي الناقة التي تتخذ للنحر، والمعترك: موضع القتال، ومعاقد: جمع معقد، والأزر: جمع إزار. والمعنى: لا يهلكن قومي الذين هم سم على أعدائهم وآفة لإبلهم، لأنهم كانوا ينحرونها لأضيافهم. والنزول في الحرب على ضربين: أحدهما في أول الحرب، وهو أن ينزلوا عن إبلهم ويركبوا خيلهم، والثاني: في آخرها، وهو أن ينزلوا عن خيلهم ويقاتلوا على أقدامهم إذا كان القتال في موضع وعر لا مجال فيه للخيل. والطيبون معاقد الأزر: كناية عن عفة الفرج، تريد: أنهم لا يعقدون مآزرهم على فرج زانية. كانت العرب إذا وصفوا الرجل بطهارة الإزار والذيل أرادوا أنه لا يزني، وإذا وصفوه بطهارة الكم أرادوا أنه لا يخون ولا يسرق، وإذا وصفوه بطهارة الجيب أرادوا أن قلبه لا ينطوي على غش ولا مكر. "و" المقصود من البيت أنه "يجوز فيه رفع "النازلين والطيبين" على الإتباع لـ: قومي، أو على القطع بإضمار مبتدأ" تقديره: "هم، و" يجوز "نصبهما" على القطع أيضًا "بإضمار" فعل تقديره: هم، ويجوز نصبهما على القطع أيضًا بإضمار فعل تقديره: "أمدح أو أذكر، و" يجوز "رفع الأول" وهو "النازلون" على الإتباع لقومي، أو على القطع بإضمار"هم" "و" يجوز "نصب الثاني" وهو "الطيبون" على القطع بإضمار "أمدح" أو "أذكر" على ما ذكرنا. "و" يجوز "عكسه" وهو نصب الأول ورفع الثاني "على القطع فيها" لا على الإتباع في الثاني، لأنه مسبوق بنعت مقطوع، والإتباع بعد القطع لا يجوز لما فيه من الفصل بين النعت والمنعوت بجملة أجنبية، ولما فيه من الرجوع إلى الشيء بعد الانصراف عنه، أو لما فيه من القصور بعد الكمال، لأن القطع أبلغ في المعنى المراد من الإتباع اعتبارًا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 124 بتكثير الجمل، وسكت عن النعت الأول، وهو الموصول، لخفاء إعرابه، فيتبع إن أتبعت الجميع، ويقطع إن قطعت الجميع. فإن أتبعت بعضًا وقطعت بعضًا فليس فيه إلا الإتباع، لأن القطع في البعض والإتباع في البعض مشروط بتقدم المتبع، وإلى جواز القطع والإتباع أشار الناظم بقوله: 517- واقطع أو اتبع إن يكن معينا ... بدونها .......................... "وإن لم يعرف" مسمى المنعوت "إلا بمجموعها وجب إتباعها كلها" للمنعوت "لتنزيلها منه منزلة الشيء الواحد"، وإليه أشار الناظم بقوله: 516- وإن نعوت كثرت وقد تلت ... مفتقرًا لذكرهن أتبعت "وذلك كقولك: مررت بزيد التاجر الفقيه الكاتب إذا كان" زيد "هذا الموصوف" بهذه الصفات "يشاركه في اسمه ثلاثة" من الناس، اسم كال واحد منهم زيد، و"أحدهم تاجر كاتب، والآخر تاجر فقيه، والآخر فقيه كاتب" فلا يتعين زيد الأول من الآخرين إلا بالنعوت الثلاثة، فيجب إتباعها كلها، "وإن تعين ببعضها جاز فيما عدا ذلك البعض" الذي تعين به "الأوجه الثلاثة": الإتباع والقطع إلى الرفع أو إلى النصب أو الجمع بينهما بشرط تقديم المتبع على الأصح، وإليه الإشارة بقول الناظم: 517- ................................. ... ........ أو بعضها اقطع معلنا "وإذا كان المنعوت نكرة تعين في الأول من نعوته الإتباع" لأجل التخصيص، بخلاف ما إذا كان معرفة فإنه غني عن التخصيص، "وجاز في الباقي" من نعوته "القطع" عن المتبوع، سواء تعين مسماه بدونها أم1 لا، لأن المقصود من النعت التخصيص، وقد حصل بتبعية الأول، "كقوله" وهو أمية بن أبي عائذ الهذلي يصف صائدًا: [من المتقارب] 638- ويأوي إلى نسوة عطل ... وشعثا مراضيع مثل السعالي   1 في "أ"، "ط": "أو" مكان "أم". 638- البيت لأمية بن أبي عائد الهذلي في خزانة الأدب 2/ 42، 432، 5/ 40، وشرح أبيات سيبويه 1/ 146، وشرح أشعار الهذليين 2/ 507، والكتاب 1/ 399، 2/ 66، وتاج العروس "سعل"؛ ولأبي أمية في المقاصد النحوية 4/ 63، وللهذلي في شرح المفصل 2/ 18، ولسان العرب 8/ 127، "رضع"، وبلا نسبة في أمالي الحاجب 1/ 322، وأوضح المسالك 3/ 317، ورصف المباني ص416، وشرح ابن الناظم ص355، وشرح الأشموني 2/ 400، وشرح التسهيل 3/ 318، والمقرب 1/ 225. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 125 فأتبع النعت الأول وهو "عطل" بضم العين وتشديد الطاء المهملتين، يقال: عطلت المرأة: إذا خلا جيدها من القلائد، وقطع الثاني وهو "شعثًا" بضم الشين المعجمة وسكون العين المهملة في آخره مثلثة: جمع شعثاء، بالمد، وهي المغبرة الرأس، وهو منصوب بفعل محذوف تقديره: أخص شعثًا، ونحوه، والمراضيع: جمع "مرضع"، السعالي: جمع سلعاة، وهي أخبث الغيلان، فإن لم يتقدم نعت آخر لم يجز القطع إلا في الشعر1. "وحقيقة القطع أن يجعل النعت خبرًا لمبتدأ2 أو مفعول لفعل: فإن كان النعت المقطوع لمجرد مدح أو ذم أو ترحم وجب حذف المبتدأ" إن رفعت النعت وقدرت "هو"، و"الفعل" إن نصبت النعت وقدرت في المدح: أمدح، وفي الذم: أذم، وفي الترحم: أرحم، وعلى ذلك يحمل قول الناظم: 518- وارفع أو انصب إن قطعت مضمرا ... مبتدأ أو ناصبًا لن يظهرا "كقولهم" في المدح: "الحمد لله الحميد، بالرفع، بإضمار: هو" فـ"هو": مبتدأ، والحميد: خبره، "وقوله تعالى" في الذم: " {وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ} [المسد: 4] بالنصب" لـ"حمالة" "بإضمار: أذم"، فـ"امرأته"، مرفوع بالعطف على فاعل "يصلي" المستتر فيه، وكقولك: "مررت بعبدك المسكين"، برفع المسكين ونصبه، وجملة النعت المقطوع مستأنفة. قال الشاطبي3: "لأن الصفة مع المقدر تصير جملة مستقلة لا موضوع لها من الإعراب"، انتهى. ووجوب حذف الرافع والناصب أنهم لما قصدوا إنشاء المدح أو الذم أو الترحم جعلوا إضمار العامل أمارة على ذلك كما فعلوا في النداء، إذ لو أظهروا العامل وقالوا: أدعو عبد الله، مثلا: لخفي معنى الإنشاء، وتوهم كونه خبرًا مستأنفًا. "وإن كان" النعت المقطوع "لغير ذلك"؛ أي لغير المدح والذم والترحم، "جاز ذكره" أي ذكر العامل، وهو المتبدأ أو الفعل، "تقول: مررت بزيد التاجر، بالأوجه الثلاثة" بالجر على الإتباع، والرفع على الخبرية لمبتدأ محذوف، والنصب على المفعولية بفعل محذوف، "ولك أن" تظهر كلا من المبتدأ والفعل و"تقول: هو4 التاجر وأعني التاجر"، كأنه على تقدير سؤال سائل يقول: من هو؟ أو: من تعني؟   1 انظر الارتشاف 2/ 59، والكتاب 2/ 66. 2 سقطت من "ب". 3 في "ب": "قال بعضهم". 4 في "أ": "هذا". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 126 فصل: "ويجوز بكثرة حذف المنعوت إن علم، وكان النعت إما" مفردًا "صالحا لمباشرة العامل"، إما باختصاص النعت بالمنعوت كـ: مررت برجل راكب صاهلا، أي: فرسًا صاهلا، أو بمصاحبة ما يعينه "نحو": {وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ، " أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ} " [سبأ: 10-11] "أي": اعمل "دروعًا سابغات"، فحذف المنعوت للعلم به مع أن النعت لا يختص بالمنعوت، ولكن تقدم ذكر الحديد أشعر به، وحيث حذف الموصوف أقيمت صفته مقامه، لكونها صالحة لمباشرة ما كان المنعوت مباشرة، فإن لم يصلح لمباشرة1 العامل امتنع حذفه غالبًا، ومن غير الغالب: {وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ} [الأنعام: 34] أي: نبأ من نبأ المرسلين، بناء على أن "من" لا تزاد في الإيجاب ولا تدخل على معرفة. "أو" كأن النعت جملة أو شبهها وكان المنعوت مرفوعًا، كما قال الفارسي: وكان "بعض اسم مقدم مخفوض بـ: من، أو: في. فالأول كقولهم: منا ظعن"؛ أي سافر؛ "ومنا أقام"، فـ"ظعن" و"أقام" جملتان في موضع رفع، نعتان لمنعوتين محذوفين مرفوعين على الابتداء، "أي: منا فريق ظعن ومنا فريق أقام"، والمنعوتان بعض اسم مقدم، وهو الضمير المجرور بـ"من". هذا تقدير البصريين، وقدر الكوفيون المحذوف موصولا، أي: الذي ظعن والذي أقام، وما قدره البصريون أقيس، لأن اتصال الموصول بصلته أشد من اتصال الموصوف بصفته لتلازمهما. "والثاني" كقولهم: ما في الناس إلا شكر أو كفر، أي: إلا رجل شكر أو رجل كفر، والمنعوتان بعض اسم مقدم مجرور بـ"في" وهو "الناس"، و"كقوله"؛ وهو أبو الأسود الحماني يصف امرأة: [من الرجز]   1 في "ب": "بمباشرة". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 127 639- لو قلت ما في قومها لم تيثم ... يفضلها في حسب وميسم ففيه حذف وتغيير وتقديم1 وتأخير، و"أصله: لو قلت ما في قومها أحد [يفضلها] 2 لم تأثم" في مقالتك، "فحذف الموصوف" بجملة "يفضلها" "وهو: أحد" وهو بعض اسم مقدم مجرور بـ"في"، وهو "قومها" "وكسر حرف المضارعة من: تلثم" على لغة غير الحجازيين3. "وأبدل الهمزة ياء" لوقوعها ساكنة بعد كسرة تشبيها بالألف، "وقدم جواب: لو" وهو: لم تيثم، على جملة النعت وهي "يفضلها" حال كون الجواب "فاصلا بين الخبر المقدم وهو": في قومها، الذي هو "الجار والمجرور والمبتدأ المؤخر وهو: أحد، المحذوف"، وإنما قدر متأخرًا، لأن النكرة المخبر عنها بظرف أو جار ومجرور مختص، يجب تقديم خبرها عليها. والحسب: بفتح الحاء والسين المهملتين: ما يعده الإنسان من مفاخر آبائه، والميسم: الجمال، وأصله: موسم، قلبت الواو ياء لوقوعها بعد كسرة. ومثال شبه الجملة: {وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ} [الجن: 11] أي: فريق دون ذلك، وقولهم: ما في بني تميم إلا فوق ما تريد، أي: إلا رجل فوق ما تريد، وقولك: ما منا إلا على أهبة، أو: ما فينا إلا على أهبة، أي: رجل على أهبة. فإن لم يكن المنعوت بالجملة بعض اسم مقدم4 مخفوض بـ"من" أو "في" لم يحذف5 إلا في ضرورة، كقوله: [من الرجز]   639- الرجز لأبي الأسود الحماني في شرح المفصل 3/ 59، 61، والمقاصد النحوية 4/ 71، ولحكيم بن معية في خزانة الأدب 5/ 62، 63، وله أو لحميد الأرقط في الدرر 2/ 372 وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 320، والخصائص 2/ 370، وشرح الأشموني 2/ 400، وشرح عمدة الحافظ ص547، والكتاب 2/ 345، وهمع الهوامع 2/ 120، والمخصص 14/ 30، وتاج العروس "أثم"، وشرح التسهيل 3/ 323، وشرح المرادي 3/ 156. 1 سقطت من "ب". 2 إضافة من "ب"، "ط". 3 في "ب": "الحجازية". 4 سقطت من "ب". 5 في "ب": "لم يجز حذفه". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 128 640- يرمي بكفي كان من أرمى البشر أي: بكفي رجل كان. "ويجوز حذف النعت إن علم، كقوله تعالى: {يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا} " [الكهف: 79] فحذف النعت وبقي المنعوت "أي: كل سفينة صالحة", بدليل أنه قرئ كذلك1، فإن تعييبها لا يخرجها عن كونها سفينة، فلا فائدة فيه حينئذ. قال في المغني2. "وقول الشاعر" وهو عباس بن مرداس: [من المتقارب] . 641- وقد كنت في الحرب ذا تدرإ ... فلم أعط شيئًا ولم أمنع فحذف النعت وأبقى المنعوت، "أي: شيئًا طائلا". والذي أحوج إلى تقدير هذا النعت تحري الصدق، فإن الواقع أنه أعطى شيئًا، بدليل قوله: "ولم أمنع"، ولكنه لم يرتضه، فيحتاج إلى تقدير صفة يكتسي بها الكلام جلباب الصدق، ويتحلى بزينة الحق. وعلله في المغني بدفع التناقض3، واعترض بأن عدم الإعطاء لا يناقض عدم المنع. وسبب قول العباس هذا البيت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- حين أعطى المؤلفة قلوبهم من نفل حنين مائة مائة أعطاه أباعر فسخطها4 وقال5: [من المتقارب] أتجعل نهبي ونهب العبيـ ... ـد بين عيينة والأقرع   640- الرجز بلا نسبة في الإنصاف 1/ 114، 115، وتاج العروس "كون"، "منن"، وخزانة الأدب 5/ 65، والخصائص 2/ 367، والدرر 2/ 374، وشرح ابن الناظم ص356، وشرح الأشموني 2/ 401، وشرح شواهد المغني 1/ 461، وشرح عمدة الحافظ ص550، وشرح الكافية الشافية 3/ 1165، وشرح المفصل 3/ 62، ولسان العرب 13/ 370 "كون"، 421، "منن"، ومجالس ثعلب 2/ 513، والمحتسب 2/ 227، ومغني اللبيب 1/ 160، والمقاصد النحوية 4/ 66، والمقتضب 2/ 139، والمقرب 1/ 227، وهمع الهوامع 2/ 120. 1 هي قراءة أبي وعبد الله بن مسعود وابن عباس وابن جبير، انظر البحر المحيط 6/ 154، والكشاف 2/ 495. 2 مغني اللبيب 2/ 627. 641- البيت للعباس بن مرادس في ديوانه ص84، والدرر 2/ 376، وشرح ابن الناظم ص356، وشرح شواهد المغني 2/ 925، والمقاصد النحوية 4/ 96، وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 322، وشرح الأشموني 1/ 401، ومغني اللبيب 2/ 627، وهمع الهوامع 2/ 120. 3 مغني اللبيب 2/ 627. 4 في "ب": "فشحطها". 5 ديوانه ص84. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 129 وقد كنت في الحرب ذا تدرا ... فلم أعط شيئا ولم أمنع وما كان حصن ولا حابس ... يفوقان مرداس في مجمع وما كنت دون امرئ منهم ... ومن تضع اليوم لا يرفع فقال النبي -صلى الله عليه وسلم: "اقطعوا لسانه عني"، فزادوه حتى رضي1. والعبيد، بالتصغير: اسم فرسه، ويعني عيينة بن حصن والأقرع بن حابس. والتدرأ، بضم التاء الفوقانية المثناة وإسكان الدال المهملة وفتح الراء سابقة على همزة القوة والعدة. "وقوله" ومن المرقش الأكبر: [من الوافر] . 642- ورب أسيلة الخدين بكر ... مهفهفة لها فرع وجيد فحذف النعت فيهما وأبقى المنعوت "أي: فرع فاحم وجيد طويل"، بدليل أن التبيت للمدح، وهو لا يحصل بإثبات الفرع والجيد مطلقين، بل بإثباتهما موصوفين بصفتين محبوبتين. والفرع، بالفاء والعين: الشعر، والفاحم، بالفاء والحاء المهملة: الأسود، والجيد، بكسر الجيم وإسكان الياء مخففة: العنق، فكأنه قال: لها شعر أسود وعنق طويل. وإلى جواز حذف كل من المنعوت والنعت أشار الناظم بقوله: 519- وما من المنعوت والنعت عقل ... يجوز حذفه وفي النعت يقل   1 انظر الخبر في الدرر 1/ 30، وشرح شواهد المغني 2/ 925-926، والمقاصد النحوية 4/ 69-70. 642- البيت للمرقش الأكبر في شرح اختيارات المفضل 998، وشرح عمدة الحافظ ص552، والمقاصد النحوية 4/ 72، وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 325، والارتشاف 2/ 65، وشرح التسهيل 3/ 324. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 130 فصل: ويجوز عطف بعض النعوت على بعض بجميع حروف العطف إلا أم وحتى. قاله ابن خروف1، وصوبه الموضح في الحواشي. وإذا تقدم النعت على المنعوت، فإن كانا معرفتين وكان النعت صالحًا لمباشرة العامل، جعل المنعوت بدلا من النعت، نحو: {إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ، اللَّهِ} [إبراهيم: 1-2] في قراءة الجر2، وإن كانا نكرتين نصب النعت على الحال نحو: [من م. الوافر] 643- لمية موحشا طلل ... ..................... وإذا نعت بمفرد وظرف وجملة قدم المفرد على الظرف والظرف على الجملة غالبًا فيهن.   1 ورد قوله في همع الهوامع 2/ 119-120. 2 كذا في الرسم المصحفي، وقرئت "الله" بالرفع، وهي قراءة نافع وابن عامر والحسن وأبي جعفر. انظر الإتحاف ص271، والكشاف 2/ 365، ومعاني الفراء 2/ 67. 643- عجز البيت: "يلوح كأنه خلل"، وتقدم تخريجه برقم 433. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 131 باب التوكيد مدخل ... باب التوكيد: والتأكيد أيضًا لغة فيه، ولم ينفرد أحدهما بتصرف فيجعل أصلا، يقال: وكد توكيدًا وأكد1 تأكيدًا، والواو أكثر، ولذلك شاع استعماله بالواو وعند النحاة. والمراد به التابع. "وهو ضربان: لفظي، وسيأتي" آخر الباب، "ومعنوي": وهو تابع بألفاظ مخصوصة2، ولذلك استغنى به عن حده، "وله سبعة ألفاظ" محصورة، وغيرها كالتابع لها، اللفظ "الأول والثاني3: النفس والعين، ويؤكد بهما لرفع المجاز عن الذات"، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 520- بالنفس أو بالعين الاسم أكدا ... .................................... "تقول: جاء الخليفة، فيحتمل" أنه على تقدير مضاف، و"أن الجائي خبره، أو ثقله"، بكسر المثلثة وسكون القاف: واحد الأثقال، وبفتحهما: متاع المسافر وحشمه4. "فإذا أكدت بالنفس" فقط "أو بالعين" فقط، "أو بهما" معًا بشرط تقديم النفس، فقلت: جاء الخليفة نفسه، أو عينه أو نفسه عينه، "ارتفع ذلك الاحتمال" عن الذات، وصار الكلام نصا على ما هو الظاهر منه، وارتفع المجاز الحقيقة. ونص ابن عصفور على أن التوكيد يضعف احتمال المجاز4، ولا يرفع احتماله البتة.   1 سقط من "ب": "وأكد تأكيدًا". 2 في شرح ابن الناظم ص357: "أما المعنوي فهو: التابع الرافع احتمال تقدير إضافة إلى المتبوع، أو إرادة الخصوص بما ظاهره العموم". 3 بعده "ب": "من ألفاظه". 4 سقطت من "ب". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 132 "ويجب في النفس والعين "اتصالهما" لفظًا "بضمير مطابق للمؤكد" بفتح الكاف، ليرتبط به، "و" يجب "أن يكون لفظهما طبقه في الإفراد والجمع"، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 520- ............................. ... مع ضمير طابق المؤكدا تقول: جاءني زيد نفسه عينه، وهند نفسها عينها، والزيدون أنفسهم أعينهم، والهندات أنفسهن أعينهن، ولا يجوز: نفوسهم ولا عيونهم ولا أعيانهم، في التوكيد "وأما في التثنية فالأفصح" في النفس والعين "جمعهما" جمع قلة "على: أفعل"، بضم العين، بالإفراد، ونفساهما عيناهما، بالتثنية عند ابن كيسان سماعًا1، وأجاز ذلك ابن إياز في "شرح الفصول" تبعًا لابن معط، ووافقهم الرضي2، واقتصر في النظم على الجمع فقال: 521- واجمعهما بأفعل إن تبعا ... ما ليس واحدًا ............. وإنما ترك الأصل في المثنى كراهة اجتماع تثنيتين، وعدل إلى الجمع، لأن التثنية جمع في المعنى. "ويترجح إفرادهما على تثنيتهما عند الناظم"، كما يؤخذ من عموم قوله في التسهيل في باب "كيفية التثنية وجمعي التصحيح"3: ويختار في المتضايفين لفظًا أو معنى إلى متضمنيهما لفظ الإفراد على لفظ التثنية، ولفظ الجمع على لفظ الإفراد. انتهى كلام الناظم4. "وغيره يعكس ذلك" فيرجع التثنية على الإفراد، ولم أقف عليه فهو نقل غريب، فكيف وقد قيل: إن التثنية لم ترد إلا في الشعر. "والألفاظ الباقية" من السبعة: "كلا وكلتا للمثنى" نحو: جاء الزيدان كلاهما والمرأتان كلتاهما. "وكل وجميع وعامة، لغيره" أي لغير المثنى، وهو الجمع مطلقًا   1 شرح الرضي 2/ 369-370، وشرح المرادي 3/ 160. 2 شرح الرضي 2/ 369. 3 التسهيل ص19. 4 في "أ": "ابن الناظم"، وهو خطأ، انظر المصدر السابق، وفي شرح ابن الناظم ص357: "ويجوز فيهما أيضًا الإفراد والتثنية، وكذا كل مثنى في المعنى مضاف إلى متضمنه يختار فيه لفظ الجمع على لفظ الإفراد، ولفظ الإفراد على لفظ التثنية". وانظر الارتشاف 2/ 608. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 133 والمفرد بشرط أن يتجزأ بنفسه أو1 بعامله نحو: جاء القوم كلهم، أو جميعهم، أو عامتهم، والهندات كلهن أو جميعهن أو عامتهن، واشتريت العبد كله أو جميعه أو عامته. "ويجب اتصالهن بضمير المؤكد" لفظًا ليحصل الربط بين التابع والمتبوع، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 522- وكلا اذكر في الشمول وكلا ... كلتا جميعا بالضمير موصلا "فليس منه" أي؛ من التوكيد: {خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا} [البقرة: 29] لعدم الضمير، "خلافًا لمن وهم" وهو2 ابن عقيل فإنه قال: إن "جميعًا" توكيد لـ"ما" الموصولة الواقعة مفعولا لـ: خلق، ولو كان كذلك لقيل: جميعه، ثم التوكيد بجميع قليل، فلا يحمل عليه التنزيل، قاله في المغني3. "ولا قراءة بعضهم: "إِنَّا كُلاًّ فِيها" [غافر: 48] لعدم الضمير4، "خلافًا للفراء والزمخشري" في قولهم: إن "كلا" توكيد لاسم "إن"5 "بل" الصواب أن "جميعًا" في الآية الأولى "حال" من "ما" الموصولة، "وكلا" في الآية الثانية "بدل" من اسم "إن"، وإبدال الظاهر من ضمير الحاضر بدل كل جائز، إذا كان مفيدًا للإحاطة نحو: قمتم ثلاثتكم، وبدل الكل لا يحتاج إلى ضمير6، ويجوز في "كل" أن تلي العوامل إذا لم تتصل بالضمير, نحو: جاءني كل القوم، ويجوز مجيئها بدلا بخلاف: جاءني كلهم، فلا يجوز إلا في الضرورة. قاله في المغني6. قال ابن مالك7: "ويجوز كونه" أي: كلا "حالا من ضمير" الاستقرار المنتقل إلى "الظرف" يعني "فيها"، وفيه ضعفان، تنكير "كل" بقطعها عن الإضافة لفظًا ومعنى، وتقديم الحال على عاملها الظرفي. قاله في المغني6.   1 سقط من "ب": "بنفسه أو". 2 في "ب": "ممن عاصر الموضح، يعني" مكان "هو". 3 مغني اللبيب 2/ 510. 4 الرسم المصحفي: "كل" بالرفع، وقرأها بالنصب: ابن السميفع وعيسى بن عمر. انظر البحر المحيط 7/ 469، والكشاف 3/ 430. 5 انظر الارتشاف 2/ 610، وشرح التسهيل 3/ 292. 6 مغني الليب 2/ 510. 7 شرح التسهيل 3/ 293. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 134 "و" كلا وكلتا وكل وجميع وعامة "يؤكد بهن لرفع احتمال تقدير بعض مضاف إلى متبوعهن، فمن ثم"؛ أي: من أجل الاحتمال المذكور "جاز" أن يقال: "جاءني الزيدان كلاهما، والمرأتان كلتاهما، لجواز أن يكون الأصل: جاء أحد الزيدين أو إحدى المرأتين"، وأنه أطلق المثنى وأريد به واحد، "كما قال" الله "تعالى: {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ} [الرحمن: 22] بتقدير: يخرج من أحدهما" وهو البحر الملح، واللؤلؤ: كبار الدر، والمرجان: صغاره. "وامتنع على الأصح" أن يقال: "اختصم الزيدان كلاهما والهندان كلتاهما، لامتناع التقدير المذكور1"، لأن الاختصام لا يكون إلا بين اثنين، ويدل على امتناع2 ذلك إطباقهم على منه: جاء زيد كله، لعدم الفائدة. هذا قول الأخفش وهشام والفراء وأبي علي3. وذهب الجمهور إلى إجازته4، وتبعهم ابن مالك في التسهيل5. واحتج المجيز بأن العرب قد تأتي بالتوكيد حيث لا احتمال نحو: جاء القوم كلهم أجمعون أكتعون. "وجاز" أن يقال: "جاء القوم كلهم، واشتريت العبد كله" لرفع الاحتمال المذكور، "وامتنع" أن يقال: "جاء زيد كله"، لعدم الفائدة، إذ يستحيل نسبة المجيء إلى جزئه المتصل به دون البعض الآخر. "والتوكيد بـ"جميع" غريب6، ومنه قول امرأة" من العرب وهي ترقص ولدها: [من الهزج] 644- فداك حي خولان ... جميعهم وهمدان وكل آل قحطان ... والأكرمون عدنان   1 في "ب": "حينئذ" مكان "المذكور". 2 سقطت من "ب". 3 الارتشاف 2/ 609. 4 ومنهم المبرد، انظر الارتشاف 2/ 608. 5 التسهيل ص164. 6 في شرح ابن الناظم ص359: "وأغفل أكثر النحويين التنبيه على التوكيد بهذين الاسمين "جميع وعامة"، ونبه عليهما سيبويه". وانظر الكتاب 1/ 376-377، 2/ 116، وشرح الكافية الشافية 3/ 1171، وشرح التسهيل 3/ 299. 644- الرجز لامرأة من العرب ترقص ابنها في المقاصد النحوية 4/ 91، وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 330، والدرر 2/ 382، وشرح ابن الناظم ص359، وهمع الهوامع 2/ 123. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 135 فـ: جميعهم: توكيد لـ: "حي خولان" وفداك: من التفدية، بالدال المهملة، ويجوز في الفاء الكسر، فيكون مبتدأ، وحي: خبره، ويجوز فتحها فيكون فعلا ماضيًا، وحي: فاعله. وخولان: بفتح الخاء المعجمة وسكون الواو وهمدان، بفتح الهاء وسكون الميم وبإهمال الدال: قبيلتان من اليمن، وقحطان: أبو اليمن، وعدنان: أبو معد، وهو عطف بيان على "الأكرمون". وقد تكون جميع بمعنى مجتمع ضد مفترق، فلا تفيد توكيدًا كقوله: [من الطويل] 645- ........................... فإنني ... نهيتك عن هذا وأنت جميع "وكذلك التوكيد بـ: عامة" غريب، ولذلك1 أغفله أكثر المصنفين2، "والتاء فيها" لازمة "بمنزلتها" في اللزوم "في النافلة، فتصلح مع المؤنث والمذكر، فتقول: اشتريت" الأمة عامتها، و"العبد عامته"، بالتاء مع المذكر، "كما قال الله تعالى: {وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً} [الأنبياء: 72] بالتاء، وفي ذلك تعريف بالرد على الشارح حيث حمل3 قول والده في النظم: 523- وستعملوا أيضًا ككل فاعله ... من عم في التوكيد مثل النافله على الزيادة على ما ذكره النحويون في هذا الباب، فإن أكثرهم أغفله، ثم قال4: وليس هو في حقيقة الأمر نافلة على ما ذكره، فإن من أجلهم سيبويه، ولم يغفله. انتهى. وفي "الإفصاح" أن المبرد خالف سيبويه، فزعم أن عامتهم بمعنى أكثرهم، فعنده يكون من بدل البعض عكس معنى التوكيد، فإنه تخصيص والتوكيد تعميم.   645- صدر البيت: "عدمتك من نفس شعاع فإنني"، وهو لقيس بن ذريح في ديوانه ص105، وتاج العروس 20/ 452 "جمع"، 21/ 275 "شعع"، ولسان العرب 8/ 181 "شعع"، ولقيس بن معاذ "مجنون ليلى" في ديوانه ص151، ولسان العرب 8/ 54، "جمع"، والأغاني 2/ 25، 8/ 126، 9/ 206، ولقيس أو للضحاك بن عمارة في سمط اللآلي ص133، ولجميل بثينة في ديوانه ص114، وبلا نسبة في مقاييس اللغة 3/ 167، ومجمل اللغة 3/ 146، وأساس البلاغة "شعع"، والزهرة 1/ 256. 1 في "ب": "ولهذا". 2 في شرح ابن الناظم ص359: "وأغفل أكثر النحويين التنبيه على التوكيد بهذين الاسمين "جميع وعامة"، ونبه عليهما سيبويه". وانظر الكتاب 1/ 376-377، 2/ 116، وشرح الكافية الشافية 3/ 1171، ونبه عليهما سيبويه". وانظر الكتاب 1/ 376-377، 2/ 116، وشرح الكافية الشافية 3/ 1171، وشرح التسهيل 3/ 299. 3 في "ب": "جعل". 4 شرح ابن الناظم ص359. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 136 فصل: "ويجوز إذا أريد تقوية التوكيد أن يتبع كله بأجمع، وكلها بجمعاء، وكلهم بأجمعين، وكلهن بجمع"، فتقول: جاء الجيش كله أجمع، والقبيلة كلها جمعاء، والقوم كلهم أجمعون، والنساء كلهن جمع. "قال الله سبحانه: {فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ} [ص: 73] وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 524- وبعد كل أكدوا بأجمعا ... جمعاء أجمعين ثم جمعا "وقد يؤكد بهن" استقلالا1 و"إن لم يتقدم" عليهن"كل، نحو" قولك: جاء الجيش أجمع، والقبيلة جمعاء والقوم أجمعون والنساء جمع. قال الله تعالى: " {لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} " [الحجر: 39] {وَإِنَّ جَهَنَّمَ " لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِين َ"} [الحجر: 43] ، وإليه أشار الناظم بقوله: 525- ودون كل قد يجيء أجمع ... جمعاء أجمعون ثم جمع "ولا يجوز تثنية أجمع ولا جمعاء" عند جمهور البصريين "استغناء بكلا وكلتا" عن تثنية أجمع وجمعاء، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 527- وأغن بكلتا في مثنى وكلا ... عن وزن فعلاء ووزن أفعلا "كما استغنوا" غالبًا" بتثنية: سي" بكسر السين المهملة وتشديد الياء "عن تثنية سواء" بالمد، فقالوا: سيان، ولم يقولوا: سواءان، إلا نادرًا. "وأجاز الأخفش والكوفيون ذلك" أي تثنية أجمع وجمعاء، "فتقول" على رأيهم: "جاء الزيدان أجمعان" بتثنية أجمع "والهندان جمعاوان" بتثنية جمعاء. قال ابن خروف2: ومن منع تثنيتهما فقد تكلف وادعى ما لا دليل عليه. وهذا الخلاف جار فيما وازنهما نحو: أكتع وكتعاء.   1 في "ب": "استثقالا". 2 شرح المرادي 3/ 168. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 137 "وإذا لم يفد توكيد النكرة لم يجز باتفاق" لأن الغرض من التوكيد إزالة اللبس، وفي شرح التسهيل1 لابن مالك أن بعض الكوفيين أجاز توكيد النكرة مطلقًا، فيقدح في دعوى الاتفاق. "وإن أفاد جاز عند" الأخفش والكوفيين، "وهو الصحيح" لورود السماع به، ومنعه جمهور البصريين مطلقًا2، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 526- وإن يفد توكيد منكور قبل ... وعن نحاة البصرة المنع شمل "وتحصل الفائدة بأن يكون" المنكر "المؤكد" زمنًا "محدودًا"، وهو ما كان موضوعًا لمدة لها ابتداء وانتهاء كـ: يوم وأسبوع وشهر وحول. "و" يكون "التوكيد من ألفاظ الإحاطة" والشمول، كقوله: [من الرجز] 646- قد صرت البكرة يومًا أجمعًا و"كـ: اعتكف أسبوعًا كله، وقوله": [من البسيط] 647- لكنه شاقه أن قيل ذا رجب ... يا ليت عدة حول كله رجب "ومن أنشد" كالناظم وابنه "شهر" مكان "حول" فقد حرفه3، من التحريف، وهو التغير، لأن المعنى يفسد عليه، لأن الشاعر تمنى أن يكون4 عدة الحول من أوله إلى آخره رجبًا، لما رأى فيه من الخيرات، ولا يصح أن يتمنى أن عدة شهر كله رجب، لأن الشهر الواحد لا يكون بعضه وبعضه غير رجب حتى يتمنى أن يكون كله رجبًا.   1 شرح التسهيل 3/ 296. وانظر الإنصاف 2/ 451، والمسألة رقم 63. 2 انظر الإنصاف 2/ 451، المسألة رقم 63. 646- الرجز بلا نسبة في أسرار العربية ص291، والإنصاف 2/ 455، وخزانة الأدب 1/ 181، 5/ 169، والدرر 2/ 386، وشرح ابن الناظم ص361، وشرح الأشموني 2/ 407، وشرح ابن عقيل 2/ 211، وشرح التسهيل 3/ 297، وشرح المفصل 3/ 44، 45، والمقاصد النحوية 4/ 95، والمقرب 1/ 240، وهمع الهوامع 2/ 124. 647- البيت لعبد الله بن مسلم الهذلي في شرح أشعار الهذليين 2/ 910، ومجالس ثعلب 2/ 407، وبلا نسبة في أسرار العربية ص190، والإنصاف ص450، وأوضح المسالك 3/ 332، وتذكرة النحاة ص640، وجمهرة اللغة ص525، وخزانة الأدب 5/ 170، وشرح ابن الناظم ص361، وشرح الأشموني 2/ 407، وشرح شذور الذهب ص429، والمقاصد النحوية 4/ 96. 3 رواه ابن الناظم في شرحه ص361: "حول"، ولم أجد البيت في مؤلفات ابن مالك. 4 سقطت من "ب". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 138 "ولا يجوز: صمت زمنا كله" لأن النكرة غير محدودة، فإن الزمن يصلح للقليل والكثير. "ولا" صمت "شهرًا نفسه" لأن التوكيد ليس من ألفاظ الإحاطة. ولا فائدة في ذلك. ولا يجوز: هذا أسد نفسه عند ابن عصفور1، خلافًا لابن مالك: إذ ليس من فوائد التوكيد المعنوي رفع توهم استعمال اللفظ في معناه المجازي، إلا بالنسبة إلى الشمول خاصة، وقد اعترف ابن مالك2 بذلك. وأما "جاء زيد نفسه" ففائدته رفع المجاز العقلي لا اللغوي، بخلاف: جاء أسد نفسه، فإنه لرفع المجاز اللغوي، قاله الموضح في الحواشي.   1 المقرب 1/ 239. 2 شرح التسهيل 3/ 296. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 139 فصل: "وإذا أكد ضمير مرفوع متصل بالنفس أو بالعين وجب توكيده أولا بالضمير المنفصل"، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 528- وإن تؤكد الضمير المتصل ... بالنفس والعين فبعد المنفصل 529- عنيت ذا الرفع ...... ... ......................... "نحو": قمت أنت نفسك، وقوما أنتما أنفسكما، وقاما هما أنفسهما، و"قوموا أنتم أنفسكم"، وقاموا هم أنفسهم، وقمن هن أنفسهن، وقمتن أنتن أنفسكن، كراهة إبهام الفاعلية عن استتار الضمير المؤنث، إذ لو قيل: المرأة خرجت عينها، توهمت الباصرة، أو: نفسها، توهمت نفس الحياة. وحملوا ما لا لبس فيه على ما ألبس، كما في مسألة إبراز الضمير والتفريق بين إعراب الفاعل والمفعول. وما ذكرناه من التعليل يبطل قول الصفار: إن الفصل كالتوكيد، وإنما ذلك في العطف، "بخلاف: قام الزيدون أنفسهم، فيمتنع الضمير" المنفصل، لأن الضمير لا يؤكد الظاهر، لكون الضمير أقوى من الظاهر بالأعرفية، فيمتنع أن يكون تكملة لما هو أضعف منه. "وبخلاف: ضربتهم أنفسهم، ومررت بهم أنفسهم، وقاموا كلهم، فا" لتوكيد با" لضمير" المنفصل فيهن "جائز لا واجب"، أما الأولان فلأن الضمير المؤكد غير مرفوع، وأما الثالث فلأن التوكيد بغير النفس، والعين، ولا لبس، لأن "كلهم" المتصل بالضمير لا يلي العوامل اللفظية في الاختيار، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 530- ................... وأكدوا بما ... سواهما والقيد لن يلتزما الجزء: 2 ¦ الصفحة: 140 فصل: "وأما التوكيد اللفظي فهو اللفظ المكرر به ما قبله" من لفظه، زاد في التسهيل1: أو تقويته بموافقه معنى. وكل منهما يكون في الاسم والفعل والحرف والجملة، ولا يزيد على ثلاث مرات، فالأول كـ: جاء زيد زيد، وقام قام زيد، ونعم نعم، وقمت قمت. والثاني: كتأكيد اسم بمرادفه نحو: حقيق جدير، وصمت سكت [زيد] 2، وأجل جير، وقعدت جلست3. أو فعل باسم فعل نحو: أنزل نزال، أو ضمير متصل بضمير منفصل نحو: قمت أنا، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 530- وما من التوكيد لفظي يجي ... مكررًا ............................. "فإن كان" المؤكد "جملة" اسمية أو فعلية "فالأكثر اقترانها بالعطف" وهو "ثم" خاصة، كما صرح به في الارتشاف4 "نحو: {كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ} " [التكاثر: 3] الآية، أي: {ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ} [التكاثر: 4] . {وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ، ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ} [الانفطار: 17-18] . "ونحو: {أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى} " [القيامة: 34] أي: " {ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى} " [القيامة: 35] . فأرشد بقوله الآية إلى أن المؤكد ما بعد "ثم"، وفي ذلك تعريض بالشارح حيث مثل بـ: {أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى} ، ولم يزد، فأوهم أن المؤكد الجملة المقرونة بالفاء. "وتأتي" الجملة المؤكدة "بدونه" أي: بدون العاطف، "نحو قوله -صلى الله عليه وسلم: "والله لأغزون قريشا"، والله لأغزون قريشا، والله لأغزون قريشا"5 كررها "ثلاث مرات".   1 التسهيل ص166. 2 إضافة من "ب"، "ط". 3 في "ب": "جلسا". 4 الارتشاف 2/ 617. 5 أخرجه أبو داود في سننه 3/ 589، كتاب الأيمان والنذور. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 141 "ويجب الترك" للعاطف1 "عند" اللبس و"إيهام التعدد، نحو: ضربت زيدًا ضربت زيدًا"، إذ لو قيل: ثم ضربت زيدًا، لتوهم أن الضرب تكرر منك مرتين تراخت إحداهما عن الأخرى، والغرض أنه لم يقع الضرب منك إلا مرة واحدة. "وإن كان" المؤكد "اسمًا ظاهرًا أو ضميرًا منفصلا منصوبًا فواضح" أمره أنه يتكرر بحسب الإرادة من غير شرط، "نحو" قوله -صلى الله عليه وسلم: "أيما امرأة نكحت نفسها بغير ولي " فنكاحها باطل باطل باطل " " 2. كرر الاسم الظاهر ثلاث مرات. "وقوله": [من الطويل] 648- فإياك إياك المراء فإنه ... إلى الشر دعاء وللشر جالب فكرر الضمير المنصوب المنفصل مرتين. والمراء، بكسر الميم والمد3: المجادلة: منصوب على التحذير. ودعاء بتشديد العين: من أمثلة المبالغة. "وإن كان" المؤكد "ضميرًا منفصلا مرفوعًا جاز أن يؤكد به كل ضمير متصل"، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 533- ومضمر الرفع الذي قد انفصل ... أكد به كل ضمير اتصل "نحو: قمت أنت وأكرمتك أنت ومررت بك أنت"، فيقع ضمير الرفع توكيدًا لجميع الضمائر المتصلة، وإن اختلف الوضع. ووجه ذلك أن الضمير المنفصل4 أصله للمرفوع دون المنصوب والمجرور3، لأن أول أحوال الاسم الابتداء، وعامل الابتداء ليس بلفظ، فلم يكن بد من انفصال ضميره. وأما المنصوب والمجرور فلا بد لهما من لفظ يعمل فيهما فيتصلا به، [فإذا احتجنا إلى توكيدهما لتحقيق الفعل الثابت للشيء بعينه دون من يقوم مقامه أو يشبهه] 5.   1 في "ب": "للعطف". 2 أخرجه ابن ماجه في سننه 1/ 3165، والدارمي في سننه 2/ 137. 648- البيت للفضل بن عبد الرحمن في إنباه الرواة 4/ 76، وخزانة الأدب 3/ 63، ومعجم الشعراء 310، وله أو للعرزمي في حماسة البحتري ص253، وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب ص286، وأوضح المسالك 3/ 336، والخصائص 3/ 102، ورصف المباني 137، وشرح ابن الناظم ص432، وشرح الأشموني 2/ 409، وشرح المفصل 2/ 25، والكتاب 1/ 279، وكتاب اللامات ص70، واللسان 14/ 440 "أيا"، ومغني اللبيب 679، والمقاصد النحوية 4/ 113، 308 والمقتضب 3/ 213. 3 سقطت من "ب". 4 في "ب"، "ط"، "المتصل". 5 ما بين المعكوفين سقط من "ب". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 142 احتجاجًا إلى ضمير منفصل ولا ضمير منفصل في الأصل إلا ضمير الرفع فاستعملناه في الجميع، كما اشترك الجميع في "نا" في نحو: قمنا، وأكرمنا، وهو القياس، لأن أصل الضمائر أن تأتي على لفظ واحد كالأسماء الظاهرة. هذا تعليل السيرافي. وبقي عليه أن يقول: واستعير المرفوع للمنصوب والمخفوض في حالة التبعية، إذ المرفوع لا يتبع المنصوب ولا المخفوض. "وإن كان" المؤكد "ضميرًا متصلا وصل بما وصل به المؤكد"، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 531- ولا تعد لفظ ضميرمتصل ... إلا مع اللفظ الذي به وصل "نحو": جعلت جعلت، وأكرمك أكرمك، "وعجب منك منك"، لأن إعادته مجردًا عما وصل به تخرجه من الاتصال إلى الانفصال، والغرض أنه متصل. "وإن كان" المؤكد "فعلا أو حرفًا جوابيًّا" يؤتى به في جواب نفي أو إثبات، "فواضح" أمرهما، فيكرر الفعل [والحرف] 1 بغير شرط، "كقولك: قام قام زيد"، وبلى بلى، ونعم نعم، "وقوله"؛ وهو جميل بن عبد الله: [من الكامل] : 649- لا لا أبوح بحب بثنة إنها ... أخذت علي مواثقا وعهودا فكرر حرف الجواب وهو "لا" مرتين. وبثنة، بفتح الباء الموحدة وسكون المثلثة وفي آخر هاء التأنيث: اسم محبوبته، وتصغيرها بثينة، وبه اشتهرت. ومواثق: جمع موثق بمعنى ميثاق، وأصله: مواثيق كـ: مصابيح، حذفت ياؤه ضرورة. "وإن كان" المؤكد حرفًا "غير جوابي2 وجب أمران: أن يفصل بينهما" أي: بين الحرفين: المؤكد والمؤكد، "وأن يعاد مع التوكيد ما اتصل بالمؤكد، إن كان" ما اتصل بالحرف المؤكد "مضمرًا" لكونه كالجزء منه. وإلى الأمر الثاني أشار الناظم بقوله: 532- كذا الحروف غير ما تحصلا ... به جواب ....................... "نحو" قوله تعالى: " {أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ} " [المؤمنون: 35] فـ"أن" المفتوحة الثانية مؤكدة لـ"أن" المفتوحة الأولى   1 سقطت من "أ"، واستدركت من "ب"، "ط". 649- البيت لجميل في ديوانه ص58، والارتشاف 2/ 616، وخزانة الأدب 5/ 159، والدرر 2/ 392، وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 338، وشرح الأشموني 2/ 411، وشرح قطر الندى ص291، والمقاصد النحوية 4/ 114، وهمع الهوامع 2/ 125. 2 في "ط": "جواب". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 143 الواقعة مفعولا ثانيًا لـ"يعد" وفصل بينهما بالظرف وما بعده، وأعيد مع "أن" الثانية الضمير المتصلة1 به "أن" الأولى، وهو الكاف والميم، "و" وجب "أن يعاد هو"؛ أي لفظ المتصل بالحرف المؤكد؛ "أو ضميره" أي ضمير المتصل بالحرف المؤكد، "إن كان" ما اتصل الحرف المؤكد اسمًا "ظاهرًا نحو: إن زيدًا إن زيدًا فاضل"، فـ"إن" الثانية مؤكدة لـ "إن"2 الأولى، وأعيد مع "إن" الثانية ما اتصل بـ" إن" الأولى، وهو لفظ زيد. "أو: إن زيدًا إنه فاضل" فـ"إن" الثانية مؤكده للأولى، وأعيد مع "إن" الثانية ضمير الظاهر الذي اتصل بـ"إن" الأولى. "و" عود ضميره "هو الأولى" من إعادته بلفظه. وبه جاء التنزيل، قال الله تعالى: {فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [آل عمران: 107] فـ"في" الثانية توكيد لـ"في" الأولى، وأعيد مع "في" الثانية ضمير "رحمة". ولا يكون الجار والمجرور توكيدًا للجار والمجرور، لأن الضمير لا يؤكد الظاهر، لأن الظاهر أقوى منه، ولا يكون المجرور بدلا بإعادة الجار، لأن العرب لم تبدل مضمرًا من مظهر، لا يقولون: قم زيد هو، وإنما جوز ذلك بعضهم بالقياس. قاله في المغني3. وكذا إن أعيد ظاهر مضاف لظاهر، فإنه يختار إضافة التوكيد لضميره، نحو: {وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ} [الروم: 49] ، ولا يعاد الحرف المؤكد وحده: نص على ذلك ابن السراج4. ويؤخذ من كلام التسهيل5 أن الفصل بين الحرفين قائم مقام إعادة ما اتصل به، وظاهر كلام الموضح خلافه، "وشذ اتصال الحرفين" المؤكد والمؤكد من غير فصل "كقوله": [من الخفيف] 560- إن إن الكريم يحلم ما لم ... يرين من أجاره قد ضيما   1 في "ط"، "ب": "لضمير المتصل". 2 سقطت من "ب"، "ط". 3 مغني اللبيب 2/ 466. 4 الأصول 2/ 19-20. 5 التسهيل ص166. 560- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 340، والدرر 2/ 396، وشرح التسهيل 3/ 303، وشرح الأشموني 2/ 410، والمقاصد النحوية 4/ 107، وهمع الهوامع 2/ 125. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 144 فأكد "إن" الأولى بـ"أن" الثانية من غير1 فصل بينهما، وأجازه الزمخشري اختيارًا2. قال ابن مالك في شرح التسهيل3: وقوله؛ يعني الزمخشري؛ مردود، لعدم إمام يستند إليه وسماع يعول عليه، ولا حجه له في هذا البيت، فإنه من الضرورات. "وأسهل منه" أي من هذا البيت، في اتصال الحرفين "قوله"؛ وهو خطام المجاشعي، وقيل: الأغلب العجلي: [من الرجز] 651- حتى تراها وكأن وكأن ... أعناقها مشددات بقرن "لأن المؤكد حرفان" وهما "الواو" و"كأن" "فلم يتصل لفظ بمثله" بل بغيره، لأن التوكيد الأول, وهو الواو الثانية، مفصول بالمؤكد الثاني، وهو "كأن" والتوكيد الثاني مفصول بالتوكيد الأول، والمؤكد الثاني. قاله الموضح في الحواشي. وخفف "كأن" الثانية للقافية. وقال الفارسي في "التذكرة" في هذا البيت: ولا يجوز أن يكون على الزيادة يعني التوكيد؛ لمكان العطف بالواو، لأن هذا العطف لم يرد في موضع. نقله الشاطبي عنه في باب "التنازع" وأقره. والضمير في "تراها" و"أعناقها" يرجع إلى المطي المذكورة قبله. والقرن، بفتحتين: حبل يقرن به البعير. "وأشذ منه" أي من البيت الأول "قوله" وهو رجل من بني أسد: [من الوافر] 652- فلا والله لا يلفى لما بي ... ولا للما بهم أبدا دواء لكون الحرف المؤكد؛ وهو اللام؛ موضوعًا "على حرف واحد"، فاتصل لفظه بمثله.   1 بعده في "ب": "إعادة". 2 انظر المفصل ص112، وشرح المفصل 3/ 42-43. 3 شرح التسهيل 3/ 304. 651- تقدم تخريج الرجز برقم 380. 652- البيت لمسلم بن معبد الوالبي في خزانة الأدب 2/ 308، 312، 5/ 157، 9/ 528، 534، 10/ 191، 11/ 267، 287، 330، والدرر 2/ 36، 62، 395، 531، وشرح شواهد المغني ص773، وبلا نسبة في الإنصاف ص571، وأوضح المسالك 3/ 343، والجنى الداني ص80، 345، والخصائص 2/ 282، وشرح ابن الناظم ص364، وشرح الأشموني 2/ 410، وشرح التسهيل 3/ 304، وشرح الكافية الشافية 3/ 1188، ومغني اللبيب ص181، والمقاصد النحوية 4/ 102، وهمع الهوامع 2/ 125، 158. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 145 "وأسهل من هذا" البيت "قوله" وهو الأسود بن يعفر: [من الطويل] 653- فأصبح لا يسألنه عن بما به ... أصعد في علو الهوى أم تصوبا "لأن المؤكد" بفتح الكاف؛ وهو "عن" "على حرفين" والمؤكد وهو الباء، على حرف واحد، "ولاختلاف اللفظين" وهما "عن" و"الباء". وصح توكيد "عن" بـ"الباء" لأنهما بمعناها، فهو توكيد بالمرادف، وله مسهلان: أحدهما: أن "عن" على حرفين. والثاني: أن لفظ المؤكد مخالف للفظ المؤكد، بخلاف "للما بهم" قاله في شرح الكافية1.   653- البيت للأسود بن يعفر في ديوانه ص21، والمقاصد النحوية 4/ 103، وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 345، وخزانة الأدب 9/ 527، 528، 529، 11/ 142، والدرر 2/ 35، 62، 233، 531 وشرح ابن الناظم ص364، وشرح الأشموني 2/ 411، وشرح التسهيل 3/ 173، وشرح شواهد المغني ص774، وشرح الكافية الشافية 3/ 1188، ومغني اللبيب ص354، وهمع الهوامع 2/ 22، 30، 78، 158. 1 شرح الكافية الشافية 3/ 1189. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 146 باب العطف : وهو في الأصل مصدر "عطفت الشيء" إذا ثنيته، وعطف الفارس على قرنه، إذا التفت إليه. "وهو" في الاصطلاح ضربان: "عطف نسق" بحرف، "وسيأتي" في باب يلي هذا، "وعطف بيان" بغير حرف، وإليهما أشار الناظم بقوله: 534- العطف إما ذو بيان أو نسق ... ................................ والكلام الآن في عطف البيان، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 534- ............................. ... والغرض الآن بيان ما سبق وسمي بيان لأنه تكرار للأول بمرادفه لزيادة البيان، فكأنك عطفته على نفسه. "وهو التابع المشبه للصفة في توضيح متبوعه إن كان معرفة، وتخصيصه إن كان نكرة". هذا معنى قول الناظم: 535- فذو البيان تابع شبه الصفه ... حقيقة القصد به منكشفه فخرج بـ"المشبه للصفة" النعت؛ لأن المشبه للشيء، غير ذلك الشيء، فكأنه قال: تابع غير صفة، وخرج بذكر "الإيضاح والتخصيص" التوكيد والنسق والبدل. "والأول" وهو إيضاح المعرفة "متفق عليه" عند البصريين والكوفيين، "كقوله": [من الرجز] 654- أقسم بالله أبو حفص عمر ... ما إن بها من نقب ولا دبر   654- تقدم تخريج الرجز برقم 82. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 147 فـ: عمر: عطف بيان على "أبو حفص" للإيضاح، وتقدم في باب "العلم" شرح هذا البيت، وسبب إنشاده، وقصة قائله مع سيدنا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه1. "والثاني": وهو تخصيص النكرة، نفاه جمهور البصريين و"أثبته الكوفيون وجماعة" من البصريين منهم: الفارسي وابن جني، وجماعة من المتأخرين منهم: الزمخشري2 وابن عصفور وابن مالك3 وولده4، وأشار إليه في النظم بقوله: 537- فقد يكونان منكرين ... كما يكونان معرفين "وجوزوا أن يكون منه" أي من عطف البيان للنكرة: " {أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ} " [المائدة: 95] "فيمن نون: كفارة5" فـ: طعام مساكين، عطف بيان على "كفارة"6. "ونحو: {مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ} " [إبراهيم: 16] فـ"صديد" عطف بيان على "ماء". "والباقون" من البصريين وغيرهم "يوجبون في ذلك البدلية" بدل كل من كل، "ويخصون عطف البيان بالمعارف"، محتجين بأن البيان بيان كاسمه، والنكرة مجهولة، والمجهول لا يبين المجهول. ودفع بأن بعض النكرات قد يكون أخص من بعض، والأخص يبين غير الأخص. "و" عطف البيان كالنعت "يوافق متبوعه في أربعة من عشرة: أوجه الإعراب الثلاثة" وهي: الرفع والنصب والجر، و"الإفراد والتذكير والتنكير وفروعهن". ففرع الإفراد التثنية والجمع، وفرع التذكير التأنيث، وفرع التنكير التعريف، تقول: جاءني محمد أبو سهل، فـ"أبو سهل" مرفوع، والرفع واحد من ثلاثة وهي: الرفع والنصب والجر. ومفرد، والإفراد واحد من ثلاثة أيضًا وهي: الإفراد والتثنية والجمع، ومذكر، والتذكير واحد من اثنين هما: التذكير، والتأنيث. ومعرف، والتعريف7   1 تقدم الخبر مع البيت رقم 82. 2 المفصل ص122. 3 شرح التسهيل 3/ 326. 4 شرح ابن الناظم ص366. 5 هي قراءة الجمهور، وقرأها ابن عامر ونافع وأبو جعفر "كفارة". انظر الإتحاف ص203، والكشاف 1/ 365، والنشر 2/ 255. 6 في شرح ابن الناظم ص367: "وأجاز أبو علي في التذكرة في "طعام" العطف والبدل". 7 في "أ"، "ط": "ومنكر التنكير" مكان "ومعرف التعريف"، وأشار إلى ذلك الشيخ ياسين في حاشيته 2/ 131. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 148 واحد من اثنين أيضًا، وهما: التنكير والتعريف1، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 536- فأولينه من وفاق الأول ... ما من وفاق الأول النعت ولي "وقول الزمخشري2: إن {مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ} [آل عمران: 97] عطف" بيان "على {آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ} [آل عمران: 97] مخالف لإجماعهم"، لأن البصريين والكوفيين أجمعوا على أن النكرة لا تبين بالمعرفة. وجمع المؤنث لا يبين بالمفرد المذكر. ولا يجوز أن يكون بدلا، لأنهم نصوا على أن المبدل منه إذا كان متعددًا وكان البدل غير واف بالعدة تعين القطع، وإنما التقدير: منها مقامُ إبراهيمَ، أو: بعضها مقامُ إبراهيمَ، فهو مبتدأ أو خبر مبتدأ. "وقوله" أي الزمخشري "وقول الجرجاني: يشترط" في عطف البيان "كونه أوضح" وأخص "من متبوعه، مخالف لقول سيبويه في: "يا هذا ذا الجمة" إن "ذا الجمة" عطف بيان" على "هذا" "مع أن الإشارة أوضح" وأخص "من المضاف إلى ذي الأداة"، لأن تخصيص الإشارة زائد على تخصيص ذي الأداة. ومخالف للقياس أيضًا3 لأن عطف البيان في الجامد بمنزلة النعت في المشتق، ولا يلزم زيادة تخصيص النعت باتفاق، فلا يلزم تخصيص عطف البيان. قاله الشارح4. نعم لو قيل: يشترط في عطف البيان أن يكون أجلى من المعطوف عليه، لكان مذهبًا، لأن الجلي يبين الخفي. "ويصح في عطف البيان" إذا قصد به ما يقصد بالبدل، أن يعرب بدل كل من كل، لما فيه5 من البيان، "إلا إن امتنع الاستغناء عنه" فيمتنع أن يكون بدلا "نحو: هند قام زيد أخوها" فـ"أخوها" يتعين كونه عطف بيان على "زيد" ولا يجوز أن يكون بدلا منه، لأنه لا يصح الاسغناء عنه لاشتماله على ضمير رابط للجملة الواقعة خبرًا لـ"هند"، إذ الجملة الواقعة خبرًا لا بد لها من رابط يربطها بالمخبر عنه، والرابط هنا هو الضمير المضاف إليه الأخ الذي هو تابع لـ"زيد"، فلو أسقط لم يصح الكلام، فوجب أن يعرب "أخوها" بيانًا لا بدلا لأن البدل على نية تكرار العامل، فكأنه من جملة أخرى، فتخلوا الجملة المخبر بها عن رابط.   1 انظر شرح التسهيل 3/ 325، وشرح المفصل 3/ 71، وشرح ابن الناظم ص367. 2 الكشاف 1/ 204. 3 في "ب": "أو مخالف القياس أيضًا". 4 شرح ابن الناظم ص368. 5 سقطت من "ب". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 149 "أو" امتنع "إحلاله محل الأول نحو: يا زيد الحارث" فـ"الحارث" يتعين كونه عطف بيان على "زيد" ولا يجوز أن يكون بدلا منه، لامتناع إحلاله محل الأول، إذ لو قيل: يا الحارث، لم يجز، لأن "يا" و"أل" لا يجتمعان هنا. "وقوله" وهو طالب بن أبي طالب: [من الطويل] . 655- أيا أخوينا عبد شمس ونوفلا ... أعيذكما بالله أن تحدثا حربا فـ"عبد شمس ونوفلا" يتعين كونهما معطوفين عطف بيان على "أخوينا" ويمتنع فيهما البدلية، لأنهما على تقدير البدلية يحلان1 محل "أخوينا" فيكون التقدير: يا عبد شمس ونوفلا، بالنصب، وذلك لا يجوز لأن المنادى إذا عطف عليه اسم مجرد من "أل" وجب أن يعطى ما يستحقه لو كان منادى، و"نوفل" لو كان منادى لقيل فيه: يا نوفل، بالضم، لا: يا نوفلا، بالنصب. "وقوله" وهو المراد الأسدي: [من الوافر] . 656- أنا ابن التارك البكري بشر ... عليه الطير ترقبه وقوعا فـ"بشر": يتعين كونه عطف بيان على "البكري" ولا يجوز أن يكون بدلا منه، لأن البدل في نية إحلاله محل الأول، ولا يجوز أن يقال: أنا ابن التارك بشر، لأن الصفة المقرونة بـ"أل" كـ: التارك، لا تضاف إلا لما فيه "أل" كـ: البكري. "ويجوز البدلية في هذا" البيت "عند الفراء2، لإجازته" إضافة الصفة المقرونة بـ"أل" إلى جميع المعارف نحو: "الضارب زيد، وليس" مذهبه "بمرضي" عند الجمهور، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:   655- البيت لطالب بن أبي طالب في الحماسة الشجرية 1/ 61، والدرر 2/ 387، والمقاصد النحوية 4/ 119 وبلا نسبة في الارتشاف 2/ 607، وأوضح المسالك 3/ 350، وشرح ابن الناظم 368، وشرح الأشموني 2/ 414، وشرح قطر الندى ص300، وشرح الكافية الشافية 3/ 1179، وهمع الهوامع 2/ 121. 1 في "ب": "بخلاف". 656- البيت للمرار الأسدي في ديوانه 465، وخزانة الأدب 4/ 284، 5/ 183، 225، والدرر 2/ 379، وشرح أبيات سيبويه 1/ 6، وشرح المفصل 3/ 72، 73، والكتاب 1/ 182، والمقاصد النحوية 4/ 121، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 441، وأوضح المسالك 3/ 351، وشرح ابن الناظم ص369، وشرح الأشموني 2/ 414، وشرح التسهيل 3/ 1196، وشرح شذور الذهب ص436، وشرح قطر الندى 299، وشرح الكافية الشافية 3/ 1196، وشرح المرادي 3/ 187، وهمع الهوامع 2/ 122. 2 شرح ابن الناظم ص369، وشرح شذور الذهب ص436، وفي شرح ابن عقيل 2/ 223: "الفراء والفارسي". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 150 538- وصالحا لبدلية يرى ... في غير نحو يا غلام يعمرا 539- ونحو بشر تابع البكري ... وليس أن يبدل بالمرضي ومن المستثنيات أن يضاف اسم التفضيل إلى عام، ويتبع بقسميه نحو: زيد أفضل الناس: الرجال والنساء، لأنه لو نوي إحلال الرجال محل الناس لنوي إحلال ما عطف عليه، وهو "النساء" محل "الناس" فيكون التقدير: زيد أفضل النساء، وذلك لا يجوز، لأن اسم التفضيل إذا قصد به الزيادة على ما أضيف له يشترط فيه أن يكون منهم، ومن ثم خطئ من قال: أنا أشعر الإنس والجن. ومنها: أن تتبع صفة "أي" بمضاف نحو: يا أيها الرجل غلام زيد، بنصب الغلام، لأن الغلام لو نوي إحلاله محل الرجل لرفع، لأن الرجل في هذا التركيب واجب الرفع لأنه صفة "أي". ومنها: أن يتبع مجرور "أي" بمفصل نحو: بأي الرجلين: زيد وعمرو، مررت؟ لأنه لو نوي إحلال زيد مع ما عطف عليه، وهو "عمرو" محل الرجلين، لزم إضافة أي إلى المعرفة المفردة، وهي لا تضاف إليها إلا إذا كان بينهما جمع مقدر نحو: أي زيد أحسن؟ بمعنى أي أجزائه أحسن؟ أو عطف على "أي" مثلها نحو: [من الكامل] 657- .............................. ... أيي وأيك فارس الأحزاب ومنها: أن يتبع مجرور "كلا" بمفصل، نحو: كلا أخويك زيد وعمرو عندي. لأنه لو نوي إحلال زيد مع ما عطف عليه وهو "عمرو" محل "أخويك" لزم إضافة "كلا" إلى مفرق، وهي إنما تضاف إلى مثنى غير مفرق، وشذ: كلا أخي وخليلي. قال الموضح في الحواشي: وهذه المسائل المستثناة مبنية على أن البدل لا بد وأن يكون صالحًا للإحلال محل الأول، وفيه نظر لأنهم يغتفرون في الثواني ولا يغتفرون في الأوائل، وقد جوزوا في: إنك أنت، كون "أنت" توكيدًا، وكونه بدلا مع أنه لا يجوز: إن أنت1. وقال أبو سعيد علي بن مسعود في كتابه المستوفى: أولى2 ما يقال في "نعم الرجل زيد": إن "زيد" بدل من "الرجل" ولا يلزم أن يحوز: نعم زيد. انتهى.   657- صدر البيت: "فلئن لقيتك خاليين لتعلمن"، وتقدم تخريج البيت برقم 541. 1 انظر همع الهوامع 2/ 122. 2 في "ب": "أول". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 151 وقال الفخر الرازي: وهذا الاستثناء مبني على أن المبدل منه في حكم الطرح، والمبدل هو المعتبر، ومذهب سيبويه أن المبدل منه ليس مهدرًا بالكلية؛ لأنه قد يحتاج إليه لغرض آخر، كقولك: زيدًا رأيت غلامه رجلا صالحًا، فلو ذهبت تهدر1 الأول لم يصح كلامك. انتهى. ويفترق البيان من البدل بوجوه منها2: أن البيان لا يقع ضميرًا ولا تابعًا لضمير. ومنها: أنه لا يخالف متبوعه في التعريف والتنكير. ومنها: أنه لا يقع جملة ولا تابعًا لجملة، ولا فعلا، ولا تابعًا لفعل. ومنها: أنه ليس في نية إحلاله محل الأول، وليس من جملة أخرى، وليس متبوعه في حكم الطرح، بخلاف البدل في الجميع.   1 في "ب": "بزيد". 2 انظر هذه الفروق في مغني اللبيب 2/ 455. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 152 باب عطف النسق مدخل ... باب عطف النسق: بفتح السين، بمعنى المنسوق، من نسقت الشيء نسقًا، بالتسكين، إذا أتيت به متتابعًا، وكثيرًا ما يسميه سيبويه1: باب الشركة. "وهو تابع يتوسط بينه وبين متبوعه أحد الأحرف الآتي ذكره". وهو2 معنى قول الناظم. 540- تال بحر متبع عطف النسق ... ................................ فخرج بالتوسط المذكور ما عدا المحدود وبتقييد الحرف بالآتي ذكره ما بعد "أي" التفسيرية من نحو قولك: مررت بغضنفر، أي: "أسد" تابع لـ"غضنفر" بتوسط حرف التفسير، وهو "أي" وليس من الأحرف الآتي ذكرها، فليس هو عطف نسق، وإنما هو عطف بيان بالأجلى على الأخفى، وليس لنا عطف بيان بتوسط3 حرف إلا هذا، وذهب الكوفيون إلى أن "أي" عاطفة. "وهي" أي الأحرف الموعود بها "نوعان": أحدهما: "ما يقتضي التشريك في اللفظ" بوجوه الإعراب، "و" في "المعنى، إما مطلقًا" من غير قيد، "وهو" أربعة: "الواو والفاء وثم وحتى"4. تقول: جاء القوم وزيد: أو فزيد، أو ثم زيد، أو: حتى زيد. فـ"زيد" شارك القوم في اللفظ بالضمة وفي المعنى وهو المجيء، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:   1 الكتاب 1/ 441. 2 في "ب": "وهذا". 3 في "ب": "بشرط". 4 في شرح ابن الناظم ص370: "أحدهما ما يعطف مطلقًا، أي يشرك في الإعراب والمعنى وهو: الواو، وثم، والفاء، وأم، وأو". وانظر مثل ذلك في شرح ابن عقيل 2/ 225. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 153 541- فالعطف مطلقًا بواو ثم فا ... حتى أم .................... "وإما مقيدًا" بقيد "وهو" اثنان: "أو، وأم، فشرطهما" في اقتضاء التشريك لفظًا ومعنى "أن لا يقتضيا إضرابًا"، لأن القائل: أزيد في الدار أم عمرو، عالم بأن الذي في الدار هو أحد المذكورين وغير عالم بتعيينه. فالذي بعد "أم" مساو للذي قبلها في الصلاحية لثبوت الاستقرار في الدار وانتفائه، وحصول المساواة إنما هو بواسطة "أم" فقد شركتهما1 في المعنى كما شركتهما2 في اللفظ، وكذلك "أو" مشركة ما بعدها لما قبلها فيما يجاء بها لأجله من شك أو تخيير أو غيرهما3. فإن اقتضيا إضرابًا كانا مشركين في اللفظ لا في المعنى، كما ذكر في التسهيل4، وسيأتي بيان ذلك. وذهب الجمهور إلى أن "أو" و"أم" مشركان في اللفظ لا في المعنى دائمًا" والصحيح عند ابن مالك الأول. "و" الثاني: "ما يقتضي التشريك في اللفظ دون المعنى، إما لكونه يثبت لما بعده انتفى عما قبله، وهو "بل" عند الجميع" من النحويين، نحو: ما قام زيد بل عمرو، "و"لكن" عند سيبويه5 وموافقيه6"، نحو: ما قام زيد لكن عمرو7. ثم اختلف هؤلاء القائلون: إن "لكن" من حروف العطف، على ثلاثة أقوال: أحدها: أنها لا تكون عاطفة إلا إذا لم تدخل عليها الواو، وهو مذهب الفارسي8.   1 في "ب": "شركتها". 2 في شرح ابن الناظم ص370-371: "وأكثر المصنفين لا يعدون "أو" فيما يشرك في الإعراب والمعنى؛ لأن المعطوف بها يدخله الشك أو التخيير بعد ما مضى أول الكلام على اليقين والقطع، وإنما عدها الشيخ في هذا القسم؛ لأن ذكره يشعر السامع بمشاركة ما قبلها لما بعدها فيما سيقت لأجله وإن كان مساق ما قبلها صورة على غير مساق ما بعدها". 3 التسهيل ص174. 4 انظر شرح الكافية الشافية 3/ 1203. 5 الكتاب 1/ 434-435. 6 في شرح التسهيل 3/ 348: "عند غير يونس". 7 في شرح ابن الناظم ص371: "الضرب الثاني: ما يعطف لفظًا فحسب، أي يشرك في الإعراب وحده، وهو: بل، ولا، ولكن". 8 المسائل المنثورة ص187. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 154 والثاني: أنها عاطفة، ولا تستعمل إلا بالواو الزائدة قبلها لزومًا، وصححه ابن عصفور، وزعم أن كلام سيبويه محمول عليه. والثالث: أنها عاطفة تقدمتها الواو أو لا، وهو مذهب ابن كيسان1، وذهب يونس إلى أنها حرف استدراك، وليست بعاطفة. "وإما لكونه بالعكس" وهو أن ينفي عما بعده ما ثبت لما2 قبله، "وهو "لا" عند" النحاة "الجميع" نحو: جاء زيد لا عمرو، "و"ليس" عند البغداديين"، كما نقله ابن عصفور، ونقله أبو جعفر النحاس وابن بابشاذ عن الكوفيين، وجرى عليه في التسهيل3 "كقوله" وهو لبيد: [من الرمل] 658- وإذا أقرضت قرضًا فاجزه ... إنما يجزي الفتى ليس الجمل برفع الجمل عطفًا على الفتى. وخرجه المانعون على حذف خبر "ليس" للعلم به، والأصل: ليسه الجمل، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 542- واتبعت لفظًا بل ولا ... لكن ....................   1 انظر الارتشاف 2/ 629. 2 في "ب": "لا". 3 التسهيل ص174. 658- تقدم تخريج البيت برقم 173. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 155 فصل: في كيفية استعمال حروف العطف وبيان معانيها: "أما الواو فلمطلق الجمع" بين المتعاطفين من غير دلالة على ترتيب وعدمه على الصحيح. خلافًا للفراء وهشام وثعلب1 من الكوفيين وقطرب من البصريين في زعمهم أنها تفيد الترتيب2. والتعبير بمطلق الجمع مساو للتعبير بالجمع المطلق من حيث المعنى، ولا التفات لمن غاير بينهما بالإطلاق والتقييد، وقد أطال الناس في الاختلاف3 في المعنى، ولا التفات لمن غاير بينهما بالإطلاق والتقييد، وقد أطال الناس في الاختلاف3 في ذلك حتى أفردوه بالتصنيف. وإذا ثبت أنها لمطلق4 الجمع في الحكم، "فتعطف متأخرًا في الحكم" على متقدم عليه "نحو: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ} " [الحديد: 26] فـ"إبراهيم" معطوف على نوح عطف متأخر على متقدم. "و" تعطف "متقدمًا" في الحكم على متأخر "نحو: {كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ " اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [الشورى: 3] فـ"الذين" معطوف على الكاف مع إعادة الجار عطف متقدم على متأخر. "و" تعطف "مصاحبًا" للمعطوف عليه في الحكم نحو: " {فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَة} " [العنكبوت: 15] . فـ: أصحاب السفينة: معطوف على الهاء عطف مصاحب، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 543- فاعطف بواو لاحقًا أو سابقا ... في الحكم أو مصاحبًا موافقا   1 في "ب": "تغلب". 2 شرح ابن الناظم 371-372، وشرح التسهيل 3/ 349-350، ومعاني القرآن للفراء 1/ 396. 3 في "ب": "الإطلاق". 4 في جميع النسخ: "الاجتماع"، والتصويب من حاشية يس 2/ 135 حيث قال: "قوله لمطلق الجمع، قال الدنوشري: محل كونها لمطلق الجمع ما لم تقع قبل إما الثانية". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 156 فهذه ثلاث مراتب، وهي مختلفة في الكثرة والقلة، فمجيئها للمصاحبة أكثر، وللترتيب كثير، ولعكس الترتيب قليل، فتكون عد الاحتمال والتجرد من القرائن للمعية بأرجحية وللتأخر برجحان وللتقدم بمرجوحية. هذا مراد التسهيل1 وهو تحقيق للواقع لا قول ثالث2. "وتنفرد الواو" من بين سائر حروف العطف "بأنها" تختص بأحد وعشرين حكمًا: الأول: أنها "تعطف اسمًا على اسم لا يكتفي الكلام به" أي بالاسم المعطوف عليه "كـ: اختصم زيد وعمرو، وتضارب زيد وعمرو، واصطف زيد وعمرو"، وسواء زيد وعمرو، وجلست بين زيد وعمرو. فالمعطوف عليه3 في هذه الأمثلة، وهو زيد، لا يكتفى به، فلا يقال: اختصم زيد، وتضارب زيد، واصطف زيد، وسواء زيد، وجلست بين زيد، "إذ الاختصام والتضارب والاصطفاف والمساواة4 والبينية من المعاني النسبية التي لا تقوم إلا باثنين فصاعدًا"، والواو لمطلق الجمع، فلذلك اختصت بها، بخلاف غيرها من حروف العطف، وإلى ذلك يشير قول الناظم: 544- واخصص بها عطف الذي لا يغني ... متبوعه ................................ "ومن هنا" أي: من هذا المكان وهو اختصاص الواو بذلك "قال الأصمعي"، بفتح الميم، في قول امرئ القيس: [من الطويل] 659- .......................................... ... بسقط اللوى بين الدخول فحومل بالفاء في إحدى الروايتين: "الصواب أن يقال: بين الدخول وحومل، بالواو"، على   1 التسهيل ص174. 2 في حاشية يس 2/ 135: "قوله "وهو تحقيق للواقع لا قول ثالث"، تعريض بأبي حيان حيث قال: وهذا ليس مذهب البصريين ولا الكوفيين، بل هو قول ثالث خارج عن القولين يجب اطراحه". 3 في "ب": "من". 4 سقطت من "ب". 659- صدر البيت: "قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل"، وهو لامرئ القيس في ديوانه ص8، والأزهية ص244، 245، وخزانة الأدب 1/ 332، 3/ 224، والدرر 2/ 408، وسر صناعة الإعراب 2/ 501، وشرح ابن الناظم ص373، وشرح شواهد المغني 1/ 463، وشرح الكافية الشافية 3/ 1207، والكتاب 4/ 205، ومجالس ثعلب ص127، وهمع الهوامع 2/ 129، وبلا نسبة في الإنصاف 2/ 656، وأوضح المسالك 3/ 359، والدرر 2/ 414-415، وشرح الأشموني 2/ 417، وشرح قطر الندى 80، ومغني اللبيب 1/ 161، 266، وهمع الهوامع 2/ 131. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 157 الرواية المشهورة، وهي القياس، لأن البينية لا يعطف فيها بالفاء، لأنها تدل على الترتيب. "وحجة الجماعة" السماع، واختلفوا في التخريج فقال يعقوب بن السكيت: إنه على حذف مضاف، وإن التقدير: بين أهل الدخول فحومل. وقال خطاب المادري: إنه على اعتبار التعدد حكمًا، لأن الدخول مكان يجوز أن يشتمل على أمكنة متعددة، كما تقول: قعدت بين الكوفة، تريد: بين دورها وأماكنها، و"أن التقدير: بين أماكن الدخول فأماكن حومل، فهو بمنزلة: اختصم الزيدون فالعمرون"، إذا كان كل فريق منهم خصمًا لصاحبه. قال: وهذا عندي أصح من أن يجعل شاذًّا إذا ثبتت الرواية. انتهى. والدخول، بفتح الدال، وحومل، بفتح الحاء: موضعان: وسقط، بكسر السين المهملة، ما تساقط من الرمل، واللوى، بكسر اللام والقصر: رمل يعوج ويلتوي. فإن قلت: قدمت1 أن المساواة من المعاني النسبية التي لا يعطف فيها إلا بالواو2، وقد جاء العطف فيها بـ"أم" كقوله تعالى: {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ} [البقرة: 6] . قلت: أجيب عنه بأن هذا الكلام منظور فيه إلى حالته الأصلية، إذ3 الأصل: سواء عليهم الإنذار وعدمه، فالعطف بطريق الأصالة إنما هو الواو، قاله الموضح في الحواشي. الثاني: مما تنفرد به الواو عطف سببي على أجنبي في الاشتغال ونحوه، نحو: زيدًا ضربت عمرًا وأخاه، وزيد مررت بقومك وقومه. والثالث: عطف ما تضمنه الأول إذا كان المعطوف ذا مزية، نحو: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: 238] . الرابع: عطف الشيء على مرادفه نحو: {شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} [المائدة: 48] . الخامس: عطف عامل قد حذف وبقي معموله، نحو: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ} [الحشر: 9] . السادس: جواز فصلها من معطوفها بظرف أو عديله، نحو {وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا} [يس: 9] . السابع: جواز تقديمها وتقديم معطوفها في الضرورة، نحو قوله: [من الطويل] 660- جمعت وفحشا غيبة ونميمة ... خصالا ثلاثًا لست عنها بمرعوي   1 في "ب": "قد قدمت". 2 سقط من "ب": "التي لا يعطف فيها إلا بالواو". 3 في "ب": "إذا". 660- تقدم تخريج البيت برقم 411. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 158 وقيل: لا تختص "الواو" بذلك بل: "الفاء، وثم، وأو، ولا"، كذلك قاله التفتازاني. الثامن: جواز العطف على الجوار في الجر خاصة، نحو: "وَأَرْجُلِكُمْ" [المائدة: 6] في قراءة أبي عمرو وأبي بكر وابن كثير وحمزة1. التاسع: جواز حذفها إن أمن اللبس كقوله: [من الخفيف] 661- كيف أصبحت كيف أمسيت ... ... ........................................ العاشر: إيلاؤها2 "لا" إذا عطفت مفردًا بعد نهي، نحو: {وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ} [المائدة: 2] . أو نفي نحو: {فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [البقرة: 197] . أو مؤول بنفي: {وَلا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] . الحادي عشر: إيلاؤها "إما" مسبوقة بمثلها غالبًا إذا عطفت مفردًا، نحو {إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ} [مريم: 75] . الثاني عشر: عطف العقد على النيف نحو: أحد وعشرون. الثالث عشر: عطف النعوت المفرقة مع اجتماع منعوتها، كقوله: [من الوافر] 622- بكيت وما بكا رجل حزين ... على ربعين مسلوب وبال الرابع عشر: عطف ما حقه التثنية والجمع، كقول الفرزدق: [من الكامل] 663- إن الرزية لا رزية مثلها ... فقدان مثل محمد ومحمد الخامس عشر: عطف العام على الخاص نحو: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [نوح: 28] . وأما عكسه نحو: {وَإِذْ أَخَذْنَا   1 الرسم المصحفي: "وَأَرْجُلُكُمْ"؛ بالرفع؛ وقرأها بالجر أيضًا: أنس وعكرمة وابن عباس والشعبي وقتادة وعلقمة والضحاك ومجاهد وأبو جعفر. انظر البحر المحيط 3/ 437، والنشر 2/ 254. 661- تمام البيت: كيف أصبحت كيف أمسيت مما ... يغرس الود في فؤاد الكريم وهو بلا نسبة في الأشباه والنظائر 8/ 134، والخصائص 1/ 290، 2/ 280، والدرر 2/ 463، وديوان المعاني 2/ 225، ورصف المباني ص414، وشرح الأشموني 2/ 431، وشرح عمدة الحافظ ص641، وشرح التسهيل 3/ 380، وشرح الكافية الشافية 3/ 1260، وهمع الهوامع 2/ 140. 2 في "ب": "إتلاؤها". 662- تقدم تخريج البيت برقم 636. 663- البيت للفرزدق في ديوانه ص1/ 161، والدرر 2/ 409، وشرح شواهد المغني 2/ 775، ومغني اللبيب 2/ 356، والمقرب 2/ 44، وهمع الهوامع 2/ 129، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 3/ 211. وسقط من "ب": "الرابع عشر ... " مع البيت. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 159 مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ} [الأحزاب: 7] فتشاركها فيها "حتى" نحو: مات الناس حتى الأنبياء، فإنها عاطفة خاصًّا على عام. قاله في المغني1. السادس عشر: اقترانها بـ"لكن" نحو: {وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ} [الأحزاب: 40] . السابع عشر: امتناع الحكاية معها، فلا يقال: ومن زيدًا؟ بالنصب حكاية لمن قال: أرأيت زيدًا؟ الثامن عشر: العطف التلقيني، نحو قوله تعالى: {مَنْ آَمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ} [البقرة: 126] . التاسع عشر: العطف في التحذير والإغراء نحو: {نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا} [الشمس: 13] ونحو: المروءة والنجدة. العشرون: عطف السابق على اللاحق نحو: {كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ} [الشورى/ 3] . الحادي والعشرون: عطف "أي" على مثلها كقوله: [من الكامل] 664- ............................ ... أيي وأيك فارس الأحزاب "وأما الفاء فللترتيب المعنوي"، وهو أن يكون المعطوف بها لاحقًا كقوله تعالى: {خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ} [الانفطار: 7] . وقد تكون للترتيب الذكري، والمراد به أن يكون وقوع المعطوف به بعد المعطوف عليه2 بحسب الذكر لفظًا، لا أن معنى الثاني وقع بعد زمان وقوع الأول، وأكثر ما يكون ذلك في عطف مفصل على مجمل نحو: {فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً} [النساء: 153] . "والتعقيب": وهو3 أن يكون المعطوف بها متصلا بلا مهملة نحو: {ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ} [عبس: 21] . وتعقيب كل شيء بحسبه، ألا ترى أنه يقال: تزوج فلان فولد له، إذا لم يكن بينهما إلا مدة الحمل، وإن كانت مدته متطاولة، ودخل البصرة فبغداد، إذا لم يقم في البصرة ولا بين البلدين. "وكثيرًا ما تقتضي" الفاء "أيضًا3 التسبب"، وهو أن يكون المعطوف بها3 متسببًا عن المعطوف عليه، "إن كان المعطوف" بها "جملة" أو صفة، فالأول "نحو: {فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ} [القصص: 15] . والثاني نحو: {لَآَكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ، فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ، فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ} [الواقعة: 52، 53، 54] .   1 مغني اللبيب 2/ 357. 664- صدر البيت: "فلئن لقيتك خاليين لتعلمن"، وتقدم تخريج البيت برقم 541، 657. 2 بعده في "ب": "إنما هو". 3 سقطت من "ب". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 160 "واعترض على" المعنى "الأول"، وهو الترتيب المعنوي، "بقوله تعالى: {أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا} " [الأعراف: 4] فإن الهلاك متأخر عن مجيء البأس في المعنى وهو متقدم في التلاوة، وذلك ينافي الترتيب الذي في الفاء. قاله الفراء1. "و" اعترض أيضًا "بنحو: "توضأ فغسل وجهه ويديه" ومسح رأسه ورجليه"2 "الحديث". فإن غسل الأعضاء الأربعة متقدم في المعنى ومتأخر في الحديث، فلو كانت الفاء للترتيب لما حسن ذلك. "والجواب" من وجهين: أحدهما: "أن المعنى" على إضمار الإرادة، والتقدير: "أردنا إهلاكها" فجاءها بأسنا، فمجيء البأس مترتب على الإرادة, "وأراد الوضوء" فغسل وجهه ... إلى آخره، فغسل الأعضاء الأربعة مترتب3 على إرادة الوضوء. الوجه الثاني: أن الفاء فيهما للترتيب الذكري لا المعنوي. والحاصل أن الجمهور يقولون بإفادتها الترتيب مطلقًا، والفراء يمنع ذلك مطلقًا، وقال الجرمي: لا تفيد الترتيب في البقاع ولا في الإمطار، بدليل: [من الطويل] ................................. ... ..... بين الدخول فحومل4 وقولهم: "مطرنا مكان كذا، فمكان كذا" إذا كان وقوع المطر فيهما في وقت واحد. "و" اعترض "على" المعنى "الثاني" وهو التعقيب. "بقوله تعالى": {وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى، " فَجَعَلَهُ غُثَاءً " أَحْوَى} [الأعلى: 4-5] فإن إخراج المرعى لا يعقبه جعله غثاء أحوى، أي: يابسًا أسود. "والجواب" من وجهين: أحدهما: أن جملة "فجعله غثاء" معطوفة على جملة محذوفة، و"أن التقدير: فمضت مدة فجعله غثاء". "و" الثاني: "بأن الفاء نابت5 عن: ثم"، والمعنى: ثم جعله غثاء، "كما   1 معاني القرآن للفراء 1/ 371. 2 في صحيح البخاري، كتاب الوضوء، 45: باب الوضوء من النور، حديث رقم 196: "حدثني عمرو بن يحيى عن أبيه قال: كان عمي يكثر من الوضوء، قال لعبد الله بن زيد: أخبرني كيف رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- يتوضأ؟ فدعا بتور من ماء فكفأ على يديه ... فغسل وجهه ثلاث مرات، ثم غسل يديه إلى المرفقين مرتين مرتين، ثم أخذ بيده فمسح رأسه، فأدبر به وأقبل، ثم غسل رجليه". وانظر الحديث في صحيح البخاري برقم 183-184. 3 في "ب": "مرتب". 4 تقدم تخريج البيت برقم 659. 5 في "ب": "نائب". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 161 جاء عكسه" وهو نيابة "ثم" عن "الفاء" كقوله: [من المتقارب] 665- ................................ ... جرى في الأنابيب ثم اضطرب أي: فاضطرب، "وسيأتي" قريبًا، وإلى إفادة الفاء الترتيب والتعقيب أشار الناظم بقوله: 545- والفاء للترتيب باتصال ... ............................. "وتختص الفاء بأنها تعطف على الصلة ما1 لا يصح كونه صلة لخلوه2 من العائد" على الموصول، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 546- واخصص بفاء عطف ما ليس صله ... على الذي استقر أنه الصله "نحو: اللذان يقومان فيغضب زيد أخواك" فـ"اللذان" مبتدأ، وهو اسم موصول، وجملة "يقومان" صلته، وجملة "يغضب زيد" معطوفة على جملة3 "يقومان" الواقعة صلة. وكان القياس أن لا يصح العطف لخلوها عن ضمير يعود على الموصول، لأنها رفعت الظاهر، وهو زيد، ولكنها لما عطفت بالفاء صح ذلك، لأن ما في الفاء من معنى السببية أغنى عن الضمير، لأن الفاء تجعل ما بعدها مع ما قبلها في حكم جملة واحدة. لإشعارها بالسببية، فكأنك قلت: اللذان إن يقوما4 فيغضب زيد أخواك، و"أخواك": خبر اللذان. "وعكسه" وهو أن الفاء تعطف ما يصح أن يكون صلة على ما لا يصلح أن يكون صلة، "نحو: الذي يقوم أخواك فيغضب هو زيد" فـ"الذي": متبدأ، و"يقوم أخواك": جملة فعلية، صلة "الذي"، وهي لا تصلح أن تكون صلة لخلوها عن ضمير عائد على الموصول، والذي سوغ ذلك عطف جملة "يغضب هو" عليها، لاشتمالها على العائد إلى الموصول، وهو الضمير المرفوع بـ"يغضب"، وإنما أبرز [الضمير] 5 لأن الفعل كالوصف إذا جرى على غير من هو له ورفع6 ضميرًا وجب إبرازه، وزيد: خبر الذي.   665- قبل هذا البيت: "كهز الرديني تحت العجاج"، وهو لأبي دؤاد الإيادي في ديوانه ص292، والدرر 2/ 424، وشرح شواهد المغني 358، والمقاصد النحوية 4/ 131، وبلا نسبة في الارتشاف 2/ 638، وأوضح المسالك 3/ 363، والجنى الداني 427، وشرح ابن الناظم ص374، وشرح الأشموني 2/ 417، وشرح التسهيل 3/ 355، وهمع الهوامع 2/ 131. 1 في "ب": "بما". 2 سقطت من "ب". 3 في "ب": "جملته". 4 في "ط": "يقومان". 5 إضافة من "ب". 6 في "ب": "ووقع". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 162 "ومثل ذلك جار في الخبر والصفة والحال"، فيعطف على جملة الخبر ما لا يصلح كونه خبرًا لخلوه من عائد على المبتدأ، وعكسه، فالأول "نحو: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً} [الحج: 63] فجملة "تصبح الأرض" بالرفع: معطوفة على جملة "أنزل" الواقعة خبر "أن". وكان القياس أن لا يصح العطف لخلوها من ضمير يعود على اسم "أن" إذ المعطوف على الخبر خبر، ولكنها لما قرنت بالفاء ساغ ذلك. "و" الثاني نحو "قوله"، وهو ذو الرمة غيلان: [من الطويل] 666- وإنسان عيني يحسر الماء تارة ... فيبدو وتارات يجم فيغرق فـ"إنسان عيني": مبتدأ ومضاف إليه، و"يحسر الماء"، بالرفع: خبر المتبدأ، وهو لا يصلح كونه1 خبرًا، لخلوه من عائد يعود على المبتدأ لرفعه الظاهر، وهو "الماء" ولكن سوغ ذلك عطف "فيبدو" عليه، فإنه مشتمل على ضمير مستتر فيه يعود على المبتدأ. هذ قول ابن عصفور2. وقال المرادي في باب المبتدأ3: التحقيق أن الجملتين إذا عطفت إحداهما على الأخرى بالفاء التي للسببية تنزلتا منزلة الشرط والجزاء، فاكتفي بضمير واحد من إحداهما كما يكتفى بضمير واحد في جملة الشرط والجزاء، فإذا قلت: زيد جاء عمرو فأكرمه، فالارتباط وقع بالضمير الذي في الثانية: نص على ذلك ابن أبي الربيع، قال: لأنهما تنزلتا منزلة: زيد لما جاء عمرو أكرمه. فالإخبار إذن إنما هو بمجموعهما، والرابط إنما هو الضمير. انتهى كلام المرادي. وقال الموضح في المغني4: كذا قالوا: والبيت يحتمل أن يكون أصله: يحسر الماء عنه: أي: ينكشف عنه. ونقل المكودي5 في باب الإضافة عن بعض النحاة أنه أجاز حذف "إن" الشرطية، وأنها حذفت ارتفع المضارع، واستشهد له بهذا البيت.   666- البيت لذي الرمة في ديوانه ص460، وخزانة الأدب 2/ 192، والدرر 1/ 189، والمقاصد النحوية 1/ 578، 4/ 449، ولكثير في المحتسب 1/ 150، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 3/ 103، 7/ 257، وأوضح المسالك 3/ 362، وتذكرة النحاة ص668، وشرح الأشموني 1/ 92، ومجالس ثعلب ص612، ومغني اللبيب 2/ 501، والمقرب 1/ 83، وهمع الهوامع 1/ 98. 1 سقطت من "ب". 2 المقرب 1/ 83. 3 شرح المرادي 1/ 276. 4 مغني اللبيب 2/ 501. 5 شرح المكودي 1/ 463. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 163 و"إنسان العين": هو المثال الذي يرى في السواد، و"يحسر" بالحاء المهملة: يغور، من قولهم: حسر البحر، إذا غار، و"يجم" بالجيم: من الجموم، وهو الكثرة، و"يغرق": معطوف على "يجم". والمعنى أن الماء إذا غار ظهر إنسان العين، وإذا كثر غرق واستتر. وتعطف على الصفة ما لا يصلح كونه صلة لخلوه من1 عائد على الموصوف، وعكسه، فالأول نحو: مررت برجل يبكي فيضحك عمرو، والثاني نحو: مررت برجل يبكي عمرو فيضحك هو. وتعطف على الحال ما لا يصلح كونه حالا لخلوه من عائد يعود على صاحب الحال، وعكسه، فالأول نحو: عهدت زيدًا يغضب فيطير الذباب. والثاني نحو: عهدته يطير الذباب فيغضب2 هو. هذا وقد قال في المغني3: ويجب أن يدعى أن الفاء في ذلك كله قد أخلصت لمعنى السببية، وأخرجت عن العطف، كما أن الفاء كذلك في جواب الشرط. انتهى. "وأما "ثم" فللترتيب والتراخي" على الأصح فيهما، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 545- ........................... ... وثم للترتيب بانفصال "نحو: {فَأَقْبَرَهُ، ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ} " [عبس: 21-22] . وزعم4 قوم أنها لا تفيد الترتيب تمسكًا بنحو قوله "تعالى"5: {خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا} في الزمر. [الزمر: 6] . وأجيب بأن "ثم" فيها بمعنى الواو بدليل: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا} [الأعراف: 189] بالواو، في الأعراف، والقصة واحدة. وزعم الأخفش أن "ثم" قد تتخلف عن التراخي بدليل قولك: أعجبني ما صنعت اليوم ثم ما صنعت أمس أعجب، لأن "ثم" في ذلك لترتيب الإخبار، ولا تراخي بين الإخبارين.   1 في "ب": "عن". 2 انظر شرح ابن الناظم ص373، وشرح التسهيل 3/ 354. 3 مغني اللبيب 2/ 425. 4 أي الفراء والأخفش وقطرب، انظر الارتشاف 2/ 638. 5 إضافة من "ب". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 164 وجعل منه ابن مالك: {ثُمَّ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ} [الأنعام: 154] الآية. قال في المغني1: والظاهر أن "ثم" فيه واقعة موقع الفاء. "وقد توضع" ثم "موضع الفاء كقوله" وهو أبو دؤاد2 جارية3 بن الحجاج: [من المتقارب] 667- كهز الرديني تحت العجاج ... جرى في الأنابيب ثم اضطرب إذ الهز متى جرى في أنابيب الرمح يعقبه الاضطراب ولم يتراخ عنه. قاله في المغني4. واعترضه قريبه فقال: والظاهر أنه ليس كذلك بل الاضطراب والجري في زمن واحد. وجوابه أن الترتيب يحصل في لحظات لطيفة. و"الرديني": صفة للرمح5، يقال: رمح رديني وقناة ردينية. قال الجوهري6: زعموا أنه منسوب إلى امرأة تسمى ردينة. كانت تقوم القناة بخط هجر. و"العجاج" بفتح العين: الغبار، والأنابيب: جمع أنبوبة، وهي ما بين كل عقدتين من القصب. "وأما "حتى" فالعطف بها قليل" عند البصريين، "والكوفيون ينكرونه" بالكلية، ويحملون نحو: جاء القوم حتى أبوك، ورأيت القوم حختى أباك، ومررت بالقوم حتى أبيك، على أن "حتى" فيه ابتدائية، وأن ما بعدها على إضمار عامل. "و" العطف بـ"حتى" "شرطه أربعة أمور: أحدها: كون المعطوف اسما" لا فعلا، لأنها منقولة من "حتى" الجارة. وهي لا تدخل على الأفعال؛ فلا يجوز على العطف: أكرمت زيدًا بكل ما أقدر عليه حتى أقمت نفسي خادمًا له، وبخل علي زيد بكل شيء حتى منعني دانقًا، وأجازه ابن السيد7. "والثاني: كونه ظاهرًا" لا مضمرًا، كما كان ذلك شرط مجرورها، "فلا يحوز: قام الناس حتى أنا"، ولا: ضربت القوم حتى إياك، وهذا الشرط "ذكره" ابن هشام "الخضراوي"، قال في المغني8: ولم أقف عليه لغيره.   1 مغني اللبيب 1/ 118-119. 2 في "ب", "ط": "أبو داود". 3 في جميع النسخ: "حارثة", والتصويب من الدرر 2/ 424، وشرح شواهد المغني 1/ 358. 667- تقدم تخريجه البيت برقم 665. 4 مغني اللبيب 1/ 118-119. 5 في "ب": "الرمح". 6 الصحاح "ردن". 7 الحلل ص197. 8 مغني اللبيب 1/ 127. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 165 "والثالث: كونه بعضًا من المعطوف عليه، إما بالتحقيق" بأن يكون جزءًا من كل، "نحو: أكلت السمكة حتى رأسها"، أو فردًا من جمع نحو: قدم الحجاج حتى المشاة، أو نوعًا من جنس نحو: أعجبني التمر حتى البرني1. "أو" بعضًا "بالتأويل، كقوله"؛ وهو أبو مروان النحوي في قصة المتلمس حين حرب من عمرو بن هند لما أراد قتله: [من الطويل] 668- ألقى الصحيفة كي يخفف رحله ... والزاد حتى نعله ألقاها "فيمن نصب نعله، فإن ما قبلها"؛ وهو "ألقى الصحيفة" و"الزاد"؛ "في تأويل" ألقى ما يثقله"، ونعله بعض ما يثقله. قال أبو البقاء، فيكون معطوفًا على "الصحيفة" ويحتمل أن يكون منصوبًا بفعل محذوف يفسره "ألقاها" فـ"ألقاها": على الأول توكيد، وعلى الثاني تفسير. وأما من رفع نعله فعلى الابتداء، وألقاها: خبره، وأما من جرها فعلى أن "حتى" جارة، وألقاها: توكيد. وكان من قصة المتلمس أنه وطرفة هجيا عمرو بن هند ثم مدحاه بعد ذلك فكتب لكل منهما صحيفة إلى عامله بالحيرة، وأمره فيها بقتلهما، وختمها وأوهمهما أنه كتب لهما بصلة، فلما دخلا الحيرة فتح المتلمس الصحيفة وفهم ما فيها، فألقاها في نهر الحيرة وفر إلى الشام، وأما طرفة فأبى أن يفتحها، ودفعها إلى العامل فقتله2. "أو شبيهًا بالبعض" في شدة الاتصال "كقولك3: أعجبتني الجارية حتى كلامها، ويمتنع" أن يقال: أعجبتني الجارية "حتى ولدها"، لأن ولدها ليس جزءًا منها "ولا شبيهًا به، بخلاف كلامها فإنه لشدة اتصاله بها صار كجزئها.   1 في "ب": "البري". والبرني: ضرب من التمر أحمر مشرب بصفرة كثير اللحاء عذب اللحاء. انظر لسان العرب 13/ 50 "برن". 668- البيت للمتلمس في ملحق ديوانه 327، وشرح شواهد المغني 1/ 370، ولأبي "أو لابن" مروان النحوي في خزانة الأدب 3/ 21، 24، والدرر 2/ 41، والكتاب 1/ 97، والمقاصد النحوية 4/ 134، وبلا نسبة في الارتشاف 2/ 647، وأوضح المسالك 3/ 365، وخزانة الأدب 9/ 472، والدرر 2/ 453، وشرح ابن الناظم ص374، وشرح أبيات سيبويه 1/ 411، وشرح الأشموني 2/ 289، وشرح التسهيل 3/ 358، وشرح قطر الندى 304، وشرح الكافية الشافية 3/ 1211، وشرح المرادي 3/ 201، وشرح المفصل 8/ 19، ومغني اللبيب 1/ 24، وهمع الهوامع 2/ 24، 136. 2 انظر الخبر في الدرر 2/ 41-42، ومجمع الأمثال 1/ 399. 3 في "ب"، "ط": "كقوله". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 166 "وضابط ذلك أنه إن1 حسن الاستثناء" المتصل "حسن دخول: حتى"، وإن لم يحسن امتنع، ألا ترى أنه يحسن أن تقول: أعجبتني الجارية إلا كلامها، تنزيلا لكلامها منزلة بعضها، ويمتنع أن يقال: أعجبتني الجارية إلا ولدها، على إرادة الاتصال، لأن اسم الجارية يتناول ولدها، لأن شرط الاستثناء المتصل أن يتناول ما قبل أداته ما بعدها نصًّا، و [هذا] 2 ليس كذلك، فلا يحسن استثناؤه، فلا يصح عطفه بـ"حتى". "والرابع: كونه غاية" لما قبلها "في زيادة حسية" مرجعها إلى الحس والمشاهدة "نحو: فلان يهب الأعداد الكثيرة حتى الألوف" فإن الألوف غاية الأعداد في الزيادة الحسية. "أو" في زيادة "معنوية" مرجعها إلى المعنى "نحو: مات الناس حتى الأنبياء أو الملوك"، فإن الأنبياء والملوك غاية الناس في الزيادة المعنوية، وهي الاتصاف بالنبوة والملك. "أو في نقص" حسي أو معنوي كذلك، فالأول نحو: المؤمن يجزى بالحسنات حتى مثقال الذرة، فإن مثقال الذرة غاية في النقص الحسي. "و" الثاني "نحو: غلبك الناس حتى الصبيان أو النساء"، فإن الصبيان والنساء في غاية النقص المعنوي، وهو الاتصاف بالصبا والأنوثة. والتحقيق؛ كما قال في المطول؛ أن المعتبر في ترتيب أجزاء ما قبلها ذهنًا من الأضعف إلى الأقوى، أو بالعكس، ولا يعتبر الترتيب الخارجي لجواز أن يكون ملابسة الفعل لما بعدها قبل ملابسة3 الأجزاء الأخر4 نحو: مات كل أب لي حتى آدم، وفي أثنائها نحو: مات الناس حتى الأنبياء، وفي زمان واحد نحو: جاءني القوم حتى زيد، إذا جاءوك معًا وزيد أضعفهم. وعلم من كلام الموضح أنه لو لم يكن ما بعد "حتى" من جنس ما قبلها تحقيقًا أو تأويلا أو تشبيهًا، أو كان كذلك ولكنه لم يكن غاية له، أو كان غاية ولم يكن يدل على زيادة أو نقص حسيين أو معنويين، امتنع العطف بـ: حتى؛ فلا يجوز: كلمت العرب حتى العجم، لاختلاف الجنس، ولا: خرج الفرسان حتى بنو فلان، وهم من وسط الفرسان، لفقد الغاية، لأن   1 في "ب": "أن إن". 2 إضافة من "ب"، "ط". 3 في "ب": "ملابسته". 4 سقطت من "ب". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 167 الغاية لا تكون إلا في الأطراف العالية أو السافلة، ولا: جاء القوم حتى زيد، إذا لم يتصف1 بزيادة ولا نقص من رفعة أو وضعة، إلى ذلك أشار الناظم بقوله: 547- بعضًا بحتى اعطف على كل ولا ... يكون إلا غاية الذي تلا وبقي عليهما شرط آخر، وهو أن يكون شريكًا في العامل، فلا يجوز: صمت الأيام حتى يوم الفطر. قاله الموضح في الحواشي. "وأما "أم" فضربان: منقطعة؛ وستأتي؛ ومتصلة، وهي المسبوقة إما بهمزة التسوية"، سواء وجدت لفظة "سواء" أو لا، "و" "المسبوقة بهمزة التسوية"2 "هي الداخلة على جملة" بحيث تكون الهمزة مع الجملة "في محل المصدر"، وتكون الجملة المسبوقة بهمزة التسوية "هي" والجملة "المعطوفة عليها فعليتين نحو: {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ} الآية"، أي " {أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ} [البقرة: 6] أي: سواء عليهم الإنذار وعدمه. "أو اسميتين كقوله": [من الطويل] . 669- ولست أبالي بعد فقدي مالكا ... أموتي ناء أم هو الآن واقع أي: لست أبالي بُعْدَ موتي أم وقوعه الآن. "أو مختلفتين" بأن تكون المعطوفة عليها فعلية والمعطوفة اسمية "نحو: {سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ} " [الأعراف: 193] أي: سواء عليكم دعاؤكم إياهم أم صمتكم. أو بالعكس نحو: ما أبالي أزيد قاعد أم قام، أي: مال أبالي بقعوده أم قيامه. "وإما" مسبوقة "بهمزة يطلب بها وبـ"أم" التعيين" لأحد الشيئين بحكم معلوم الثبوت، فإذا قيل: أزيد عندك أم عمرو؟ قيل في الجواب: زيد، أو قيل: عمرو، ولا يقال: لا، ولا: نعم، لعدم التعيين. "وتقع" "أم" المسبوقة بهمزة التعيين "بين مفردين متوسط بينهما ما لا يسأل عنه نحو: {أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ} [النازعات: 27] أو متأخر عنهما" ما لا يسأل عنه "نحو: {وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ مَا تُوعَدُونَ} [الأنبياء: 109] .   1 في "ب": "لم يكن يتصف". 2 إضافة من "ب". 669- البيت لمتمم بن نويرة في ديوانه 105، وبلا نسبة في الارتشاف 2/ 653، والأشباه والنظائر 7/ 51، وأوضح المسالك 3/ 368، والدرر 2/ 424، وشرح ابن الناظم ص375، وشرح شواهد المغني 1/ 134، وشرح الكافية الشافية 3/ 1214، ومغني اللبيب 1/ 41، والمقاصد النحوية 4/ 136، وهمع الهوامع 2/ 132. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 168 فالسؤال في الآية الأولى وقع عن المسند إليه ولم يسأل عن المسند، وفي الثانية بالعكس، فوسط ما لا يسأل عنه في الأولى وهو "أشد خلقًا" وأخر في الثانية وهو "ما توعدون" وذلك لأن شرط الهمزة المعادلة لـ"أم" أن يليها أحد الأمرين المطلوب تعيين أحدهما، ويلي "أم" المعادل1 الآخر ليفهم السامع من أول الأمر الشيء المطلوب تعيينه. تقول إذا استفهمت عن تعيين المبتدأ دون الخبر: أزيد قائم أم عمرو؟ وإن شئت قلت: أزيد أم عمرو قائم؟ فتوسط الخبر أو تؤخره، لأنه غير مسؤول عنه. وتقول إذا استفهمت عن تعيين الخبر دون المبتدأ: أقائم زيد أم قاعدًا؟ وإن شئت قلت: أقائم أم قاعد زيد؟ فتوسط المبتدأ أو تؤخره، لأنه غير مسؤول عنه. "و" تقع "بين" جملتين "فعليتين" ليستا في تأويل المفردين "كقوله"؛ وهو زياد بن حمل بفتح [الحاء] 2 المهملة والميم: [من البسيط] 670- فقمت للطيف مرتاعا فأرقني ... فقلت أهي سرت أم دعاني حلم "لأن الأرجح كون: هي" الواقعة بعد الهمزة "فاعلا بفعل محذوف" يفسره "سرت"، لأن همزة الاستفهام بالفعل أولى من حيث إن الاستفهام عما يشك فيه، وهو الأحوال، لأنها متجددة، وأما عن الذوات فقليل، من ثم رجح النصب في باب الاشتغال نحو: أزيدًا ضربته؟ والمراد بالطيف هنا: خيال المحبوبة الذي رآه في النوم، والمرتاع: الخائف, وأرقني: أسهرني، وأهي: بسكون الهاء بعد الهمزة، وسرت: سارت ليلا، وعادني: جاءني بعد إعراضه عني، والحلم، بضمتين: رؤيا النوم. قال ابن الحاجب3: يريد: أني قمت من أجل الطيف منتبهًا مذعورًا للقائه، وأرقني لما لم يحصل اجتماع محقق، ثم ارتبت: هل كان الاجتماع على التحقيق، أو كان في المنام؟   1 في "ب": "العادل". 2 إضافة من "ب". 670- البيت لزياد من منقذ في خزانة الأدب 5/ 244، 245، 1/ 95، وشرح شواهد المغني 1/ 134، والمقاصد النحوية 1/ 259، 4/ 137، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 127، وأوضح المسالك 3/ 370، والخصائص 1/ 305، 2/ 330، والدرر 2/ 425، شرح ابن الناظم ص376، وشرح شواهد المغني 2/ 798، وشرح المفصل 9/ 139، ومغني اللبيب 1/ 41، وهمع الهوامع 2/ 132. 3 أمالي ابن الحاجب 1/ 47. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 169 "واسميتين كقوله"، وهو الأسود بن يعفر التميمي: [من الطويل] 671- لعمرك ما أدري وإن كنت داريا ... شعيث ابن سهم أم شعيث ابن منقر فـ"شعيث" في الموضعين، بالتصغير، أوله شين معجمة وآخره ثاء مثلثة: اسم قبيلة، وهو مبتدأ، وابن: خبره، ولهذا يكتب بالألف، والجملة في موضع النصب بـ: أدري، وهو معلق عنها بالاستفهام، و"الأصل: أشعيث"1 بالهمزة في أوله والتنوين في آخره، "فحذفت الهمزة والتنوين منهما" للضرورة، بناء على أنه مصروف نظرًا إلى الحي، بدليل الإخبار عنه بـ: ابن، ويحتمل أن يكون ممنوع الصرف نظرًا إلى القبيلة، والإخبار بـ: ابن لا يمنع من ذلك لجواز رعاية2 التذكير وضده باعتبارين، قال السيرافي: لأنه يهجو هذه القبيلة فيقول: لم تستقر على أب، لأن بعضًا يعزوها منقر، وبعضًا3 يعزوها، إلى سهم. انتهى. والمعنى: لا أدري أي النسبين هو الصحيح، نسب شعيث بن سهم أم نسب شعيث بن منقر، وسهم، بفتح المهملة وسكون الهاء، ومنقر، بكسر الميم وسكون النون وكسر القاف، وبالراء: قبيلتان. واستغنى الموضح بحذف الهمزة في هذا البيت عن شرح قول الناظم: 549- وربما أسقطت الهمزة إن ... كان خفا المعنى بحذفها أمن ومختلفتين نحو: {أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ} [الواقعة: 59] لأن الأرجح كون "أنتم" فاعلا بفعل محذوف يفسره المذكور. قاله في المغني4. والحاصل أن "أم" المتصلة منحصرة في نوعين، لأنها إما أن تتقدم عليها همزة التسوية، أو همزة يطلب بها وبـ"أم" التعيين وإنما سميت في هذين النوعين متصلة لأن ما قبلها وما بعدها لا يستغنى بأحدهما عن الآخر.   671- البيت للأسود بن يعفر في ديوانه 37، وخزانة الأدب 11/ 122، وشرح شواهد المغني ص138، والكتاب 3/ 175، والمقاصد النحوية 4/ 138، ولأوس بن حجر في ديوانه 49, وخزانة الأدب 11/ 1287، وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 372، وشرح ابن الناظم ص376، والمحتسب 1/ 50، ومغني اللبيب 1/ 42، والمقتضب 3/ 249، وهمع الهوامع 2/ 132. 1 في "ب": "أشعث". 2 في "ب": "وغاية". 3 في "ب": "وبعضها". 4 مغني اللبيب 1/ 42. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 170 وقيل: لأنها اتصلت بالهمزة حتى صارتا في إفادة الاستفهام بمثابة كلمة واحدة، لأنهما جميعًا بمعنى "أي". ورجح هذا على الأول بأن اعتبار هذا المعنى راجح إليها نفسها لا إلى أمر خارج عنها، بخلاف الأول، فإن الاتصال فيه إنما هو بين السابق واللاحق، فإطلاق الاتصال عليها إنما هو باعتبار متعاطفيها المتصلين، فتسميتها بذلك إنما هو لأمر خارج عنها. وعورض بأن الوجه الثاني إنما يأتي في المسبوقة بهمزة الاستفهام لا بهمزة التسوية، فيترجح الأول لشموله النوعين، وعليه اقتصر في المغني1. وتسمى أيضًا في النوعين معادلة لمعادلة الهمزة في إفادة التسوية في النوع الأول والاستفهام في النوع الثاني، ويفترق النوعان من أربعة أوجه: أولها وثانيها: أن الواقعة بعد همزة التسوية لا تستحق جوابًا، لأن المعنى معها ليس على الاستفهام، وأن الكلام معها قابل للتصديق والتكذيب، لأنه خبر. وثالثها ورابعها: أن الواقعة بعد همزة التسوية لا تقع إلا بين جملتين وأن الجملتين لا يكونان معها إلا في تأويل المفردين كما مر، وليست كذلك. وإلى نوعي الاتصال أشار الناظم بقوله: 548- وأم بها اعطف بعد همز التسويه ... أو همزة عن لفظ أي مغنيه "و" أم "المنقطعة هي الخالية من ذلك" المذكور في المتصلة، فلا تتقدم عليها همزة التسوية ولا همزة يطلب بها وبـ"أم" التعيين. وسميت منقطعة لوقوعها بين جملتين مستقلتين، "فلا يفارقها معنى الإضراب" عند الجمهور، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 550- وبانقطاع وبمعنى بل وفت ... إن تك مما قيدت به خلت "وقد تقتضي مع ذلك" الإضراب "استفهامًا حقيقيًّا" وهو الطلبي، "نحو" قول العرب: "إنها لإبل أم شاء" بالمد. والإبل: اسم جنس، والشاء: ليس جمع شاة في اللفظ ولكنه جمع لا واحد له من لفظه، قاله أبو عثمان. وشاء: خبر لمبتدأ محذوف "أي: بل أهي2 شاء" فالهمزة3 داخلة على جملة. "وإنما قدرنا بعدها مبتدأ، لأنها لا تدخل على المفرد"، لأنها بمعنى "بل" الابتدائية، وحرف الابتداء لا يدخل إلا على جملة، ومن   1 مغني اللبيب 1/ 41. 2 في "ب": "هي". 3 في "ب": "فأم". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 171 ثم كانت غير عاطفة عند الجمهور، خلافًا لابن جني1. وادعى ابن مالك أنها قد تدخل على المفرد، وحمل قولهم: إنها لإبل أم شاء، على ظاهره دون تقديره مبتدأ، واستدل بأنه قد سمع أن هناك: إبلا أم شاء، بالنصب، وهذا لا يعرف إلا من جهته2، وإن سلم فالتأويل3 ممكن بأن تكون متصلة وحذفت الهمزة، أو منقطعة وانتصب "شاء" بمحذوف أي: أم أرى شاء. "أو" استفهامًا "إنكاريًّا كقوله تعالى: {أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ" وَلَكُمُ الْبَنُونَ} [الطور: 39] "أي" بل "أله البنات"، إذ لو قدرت الإضراب المحض لزم المحال، وهو الإخبار بنسبة البنات إليه، تعالى عن ذلك. "وقد لا تقتضيه" أي لا تقتضي "أم" المنقطعة الاستفهام "البتة"، لا حقيقيًّا ولا إنكاريًّا "نحو": {هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ " أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ "} [الرعد: 16] "أي: بل" هل "تستوي"، ولا يقدر: بل أهل، "إذ لا يدخل استفهام على استفهام، وقول الشاعر": [من الطويل] 672- فليت سليمى في المنام ضجيعتي ... هنالك أم في جنة أم جهنم أي: بل في جهنم، "إذ لا معنى للاستفهام" هنا، لأنه للتمني، ونقل ابن الشجري4 عن جميع البصريين أن "أم" أبدًا بمعنى "بل" والهمزة جميعًا، وأن الكوفيين خالفوهم في ذلك. انتهى. وهذه الآية والبيت يشهدان للكوفيين، فإن "أم" فيهما بمعنى "بل" خاصة كما أنها بمعنى الاستفهام خاصة في قول الأخطل: [من الكامل] 673- كذبتك عينك أم رأيت بواسط ... غلس الظلام من الرباب خَيَالا   1 في الارتشاف 2/ 656: "وقدره الفارسي وابن جني وأصحابنا: بل أهي شاء". 2 شرح التسهيل 2/ 362. 3 في "ب": "فالتوكيد". 672- البيت لعمر بن أبي ربيعة في ملحق ديوانه ص501، وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 376، وشرح ابن الناظم ص378، وشرح الأشموني 2/ 422، وشرح عمدة الحافظ ص620، وشرح الكافية الشافية 3/ 1219، والمقاصد النحوية 4/ 143. 4 أمالي ابن الشجري 2/ 335. 673- البيت للأخطل في ديوانه ص385، والأزهية ص129، وخزانة الأدب 6/ 9، 10، 12، 195، 11/ 122، 131، 133، وشرح أبيات سيبويه 2/ 76، وشرح شواهد المغني 1/ 143، والكتاب 3/ 174، ولسان العرب 1/ 706، 709 "كذب"، 6/ 156، "غلس"، 12/ 38 "أمم"، ومغني اللبيب 1/ 45، وتاج العروس 16/ 310 "غلس"، "أمم"، والمقتضب 3/ 295، وبلا نسبة في الأغاني 7/ 79، والصاحبي في فقه اللغة ص125. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 172 قال أبو عبيدة: [إن] 1 المعنى: هل رأيت. "وأما "أو" فإنها بعد الطلب للتخيير" بين المتعاطفين "نحو: تزوج زينب أو أختها، أو للإباحة كـ: جالس العلماء أو الزهاد. والفرق [بينهما" أي] 1 بين التخيير والإباحة "امتناع الجمع بين المتعاطفين في التخيير"، فلا يجوز أن يجمع بين زينب وأختها في التزويج، لامتناع الجمع بين الأختين، "وجوازه"؛ أي الجمع بين المتعاطفين؛ "في الإباحة"، فيجوز أن يجمع بين العلماء والزهاد في المجالسة2. "وبعد الخبر"، وهو مقابل الطلب، أي الكلام الخبري الذي من شأنه أن يحتمل التصديق والتكذيب "للشك" من المتكلم "نحو: {لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْم} " [الكهف: 19] فـ"لبثنا" كلام خبري، و"أو" للشك من القائلين ذلك. "أو للإبهام" على المخاطب "نحو: {وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} " [سبأ: 24] فـ"إِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى": كلام خبري. و"أو في ضلال مبين": للإبهام، فيكون الشاهد في الثانية. وقال في المغني3: "الشاهد في الأولى". وقال الدماميني: "الشاهد في الأولى والثانية"، والمعنى أن أحد الفريقين منا ومنكم ثابت له أحد الأمرين: كونه على هدى أو كونه في ضلال مبين، أخرج الكلام في صورة الاحتمال مع العلم بأن من وحد الله وعبده فهو على هدى، وأن من عبد غير الله من جماد أو غيره فهو في ضلال مبين. انتهى. "وللتفصيل"؛ بالصاد المهملة؛ بعد الإجمال "نحو: {وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى} " [البقرة: 135] فـ"قالوا" كلام خبري، وهو مشتمل على الواو العائدة على اليهود والنصارى، فذكر الفريقين على الإجمال بالضمير العائد إليهما، ثم فصل ما قاله كل فريق، أي: قالت اليهود: كونوا هودًا، وقالت النصارى: كونوا نصارى، فـ"أو" لتفصيل الإجمال في فاعل "قالوا" وهو الواو. "أو للتقسيم نحو: الكلمة اسم أو فعل أو حرف". قاله ابن مالك في الخلاصة وأصلها، وعدل عنه في التسهيل4 وشرحه5 إلى التفريق المجرد.   1 إضافة من "ب"، "ط". 2 انظر مغني اللبيب 1/ 63-64، شرح التسهيل 3/ 364. 3 مغني اللبيب 1/ 61، وسقط من "ب": "في المغني". 4 التسهيل ص176. 5 شرح التسهيل 2/ 362. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 173 "وللإضراب" كـ"بل" مطلقًا "عند الكوفيين وأبي علي" الفارسي وابن برهان، نحو: أنا أخرج، ثم تقول: أو أقيم، أضربت عن الخروج ثم أثبت الإقامة، فكأنك قلت: لا، بل أقيم. "حكى الفراء: اذهب إلى زيد أو دع ذلك فلا تبرح اليوم". نقله عنه في شرح الكافية1. ونقل ابن عصفور عن سيبويه أنه أثبت "لا" والإضراب بشرطين: تقدم نفي أو نهي، وتكرير العامل، نحو: لست زيدًا أو لست عمرًا، ولا تضرب زيدًا أو لا تضرب عمرًا. "و" تكون "أو" "بمعنى الواو عند الكوفيين" والأخفش والجرمي2، "وذلك عند أمن اللبس، كقوله"، وهو حميد ين ثور الهلالي: [من الكامل] 674- قوم إذا سمعوا الصريخ رأيتهم ... ما بين ملجم مهره أو سافع أي: وسافع، لأن البينية من المعاني النسبية التي لا يعطف فيها إلا بالواو كما تقدم. ويحتمل أن تكون "أو" لأحد الأمرين على بابها، والمراد: بين فريق ملجم أو فريق سافع، على حد: اجلس بين العلماء أو الزهاد، والصريخ: صوت المستصرخ، والملجم: هو جاعل اللجام في محله من الفرس، والسافع، بالسين المهملة: هو الآخذ بناصية فرسه، ومنه: {لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَةِ} [العلق: 15] وإلى معاني "أو" أشار الناظم بقوله: 551- خير أبح قسم بأو وأبهم ... واشك وإضراب بها أيضًا نمي 552- وربما عاقبت الواو إذا ... لم يلف ذو النطق للبس منفذا "وزعم كثير من النحويين3 أن "إما" الثانية في الطلب والخبر"، فالأول "نحو: تزوج إما هندا وإما4 أختها، و" الثاني نحو: "جاءني إما زيد وإما عمرو, بمنزلة "أو" في العطف والمعنى"، فتكون بعد الطلب للتمييز والإباحة، وبعد الخبر للشك   1 شرح الكافية الشافية 3/ 1221. 2 في الارتشاف 2/ 641: "الأخفش والجرمي وجماعة من الكوفيين والأزهري". 674- البيت لعمرو بن معدي كرب في ديوانه ص206، ولحميد بن ثور في ديوانه ص111، وشرح شواهد المغني 1/ 200، والمقاصد النحوية 4/ 146، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 8/ 218، وأوضح المسالك 3/ 379، وشرح ابن الناظم ص380، وشرح الأشموني 2/ 424، وشرح التسهيل 3/ 364، وشرح الكافية الشافية 3/ 1222، ومغني اللبيب 1/ 63، وأساس البلاغة "سفع"، "صرخ". 3 في "ب": "وزعم أكثر الكوفيين". 4 في "ب": "أو إما". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 174 والإبهام وللتفصيل، نحو: {إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا} [الإنسان: 3] فانتصابهما على هذا على الحال المقدرة، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 553- ومثل أو في القصد إما الثانيه ... ................................. "وقال أبو علي وابن كيسان وابن برهان" بفتح الباء والمنع من الصرف: "هي مثلها في المعنى فقط" لا في العطف، وإنما ذكروها في باب العطف لمصاحبتها لحرفه. قال ابن عصفور1: "ويؤيده قوزلهم إنها مجامعة للواو" العاطفة "لزومًا، والعاطف لا يدخل على العاطف. وأما قوله"؛ وهو سعد بن قرط، لا الأحوص، خلافًا للجوهري: [من البسيط] 675- يا ليتما أمنا شالت نعامتها ... أيما إلى جنة أيما إلى نار "فشاذ" حذف الواو، "وكذلك فتح همزتها وإبدال ميمها الأولى" ياء شاذان أيضًا على سبيل الاجتماع، وإلا ففتح همزتها لغة تميمية وقيسية وأسدية. وشالت نعامها: كناية عن موتها، فإن النعامة باطن القدم، وشالت: ارتفعت، ومن مات ارتفعت رجلاه وانتكس رأسه وظهرت نعامة قدمه. ولا خلاف في أن "إما" الأولى غير عاطفة لاعتراضها بين العامل والمعمول نحو: قام إما زيد وإما عمرو، ونحو: رأيت إما زيدًا وإما عمرًا. "وأما "لكن" فعاطفة خلافًا ليونس"، وتبعه ابن مالك في التسهيل2، "وإنما تعطف بشروط" ثلاثة: "إفراد معطوفها"، وأن تسبق بنفي أو نهي" عند البصريين، وإليه أشار الناظم بقوله: 554- وأول لكن نفيًا أو نهيًا .... ... .............................. "وأن لا تقترن بالواو" عند الفارسي والأكثرين3. فالنفي "نحو: ما مررت   1 المقرب 1/ 229. 675- البيت للأحوص في ملحق ديوانه 221، ولسان العرب 14/ 46 "أما"، ولسعد بن قرط في خزانة الأدب 11/ 86، 87، 88، 90، 92، والدرر 2/ 441، وشرح شواهد المغني 1/ 186، وشرح عمدة الحافظ 643، والمحتسب 1/ 284، 2/ 314، والمقاصد النحوية 4/ 153، وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 382، وتذكرة النحاة 120، وشرح ابن الناظم ص382، وشرح الأشموني 2/ 425، وشرح التسهيل 3/ 366، وشرح المرادي 3/ 216، وشرح الكافية الشافية 3/ 1229، وشرح المفصل 6/ 75، ومغني اللبيب 1/ 59، وهمع الهوامع 2/ 135. 2 التسهيل ص174. 3 انظر شرح ابن الناظم ص382، والكتاب 1/ 262، 267، ومغني اللبيب 1/ 293. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 175 برجل صالح لكن طالح"، بالجر سماعًا، فقيل: عطف على صالح، وقيل: بجار مقدر، أي: لكن مررت بطالح، وجاز إبقاء عمل الجار بعد حذفه لقوة الدلالة عليه بتقدم ذكره. "و" النهي "نحو: لا يقم زيد لكن عمرو". "وهي حرف ابتداء" جيء به لمجرد إفادة الاستدراك، وليست عاطفة "إن تلتها جملة" لعدم إفراد معطوفها، "كقوله"؛ وهو زهير ابن أبي سلمى؛ بضم السين: [من البسيط] 676- إن ابن ورقاء لا تخشى بوادره ... لكن وقائعه في الحرب تنتظر فـ"وقائعه" مبتدأ، و"تنتظر": خبره و"لكن" الداخلة على هذه الجملة حرف ابتداء، و"ابن ورقاء" بالمد: هو الحارث الصيداوي، و"ورقاء": أبوه، والبوادر: جمع بادرة، وهي الحدة. "أو تلت" لكن "واوًا" فهي حرف ابتداء أيضًا وليست بعاطفة، لأن من شرط عطفها أن لا تقترن بالواو، "نحو": {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ " وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ "} [الأحزاب: 40] فـ"لكن" حرف ابتداء، و"رسول الله": خبر لـ"كان" المحذوفة، "أي: ولكن كان رسول الله. وليس "رسول الله" المنصوب معطوفًا بالواو" الداخلة على "لكن" على "أبا أحد" من عطف مفرد على مفرد، كما هو مذهب يونس من كون "لكن" حرف استدراك، والعاطف الواو, "لأن متعاطفي الواو المفردين لا يختلفان بالسلب والإيجاب" لأن المعطوف عليه هنا منفي، والمعطوف موجب، بخلاف الجملتين المتعاطفتين بالواو، فيجوز تخالفهما إيجابًا وسلبًا، نحو: ما قام زيد وقام عمرو، أو: قام زيد ولم يقم عمرو1. وزعم ابن أبي الربيع أن "لكن" حين اقترانها بالواو عاطفة جملة على جملة2، وأنه ظاهر قول3 سيبويه4. "أو سبقت بإيجاب، نحو: قام زيد لكن عمرو لم يقم" فـ"لكن": حرف ابتداء واستدراك، وعمرو: مبتدأ، و"لم يقم": خبره. "ولا يجوز:   676- البيت لزهير بن أبي سلمى في ديوانه ص306، والجنى الداني ص589، والدرر 2/ 456، وشرح شواهد المغني 2/ 703، واللمع ص180، ومغني اللبيب 1/ 292، والمقاصد النحوية 4/ 178، وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 385، وشرح الأشموني 2/ 472، وهمع الهوامع 2/ 137. 1 نقله المؤلف عن مغني اللبيب 1/ 293. 2 انظر الارتشاف 2/ 646، ومغني اللبيب 1/ 292. 3 في "ب": "كلام". 4 الكتاب 1/ 262، 267، وشرح ابن الناظم ص382. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 176 لكن عمرو" بالإفراد "على أنه معطوف" على زيد، لفوات شرطه1، وهو النفي أو النهي، "خلافًا للكوفيين" في إجازتهم ذلك، وليس بمسموع. "وأما "بل" فيعطف بها بشرطين: إفراد معطوفها، وأن تسبق بإيجاب2 أو أمر أو نفي أو نهي، ومعناها بعد الأولين"؛ وهما الإيجاب والأمر؛ "سلب الحكم عما قبلها" حتى كأنه مسكوت عنه، ولم يحكم عليه بشيء، "وجعله لما بعدها، كـ: قام زيد بل عمرو، و: ليقم زيد بل عمرو"، فالقيام في المثالين ثابت لعمرو ومسلوب عن زيد. "و" معناها "بعد الأخيرين" وهما النفي والنهي "تقرير حطم ما قبلها" من نفي أو نهي على حاله، "وجعل ضده لما بعدها، كما أن "لكن" كذلك، كقولك: ما كنت في منزل ربيع بل أرض لا يهتدى بها"، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 555- وبل كلكن بعد مصحوبيها ... كلم أكن في مربع بل تيها فتقرر نفي الكون في منزل الربيع3 عن نفسك وتثبت لها الكون في أرض لا يهتدى بها، "ولا يقم زيد بل عمرو"، فتقرر نهي زيد عن القيام وتأمر عمرًا بالقيام. "وأجاز المبرد" وعبد الوارث مع هذا "كونها ناقلة معنى النفي والنهي لما بعدها4، فيجوز على قوله" وقول عبد الوارث: "ما زيد قائمًا بل قاعدًا" بالنصب "على معنى: بل ما هو قاعدًا". واستعمال العرب على خلاف ما أجازاه، ويلزمهما أن لا تعمل "ما" في "قائمًا" شيئًا؛ لأن شرط عملها بقاء النفي في المعمول، وقد انتقل عنه "ومذهب الجمهور أنها لا تفيد نقل حكم ما قبلها لما بعدها إلا بعد الإيجاب والأمر"5 وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 556- وانقل بها للثان حكم الأول ... في الخبر المثبت والأمر الجلي "نحو: قام زيد بل عمرو واضرب زيدًا بل عمرًا". قال المرادي6 تبعًا للشارح: فهي في ذلك لإزالة الحكم عما قبلها حتى كأنه مسكوت عنه، وجعله لما بعدها. انتهى.   1 في "ب": "شرط". 2 انظر مغني اللبيب 1/ 292. 3 في "ب": "المربع". 4 انظر شرح ابن الناظم ص384. 5 انظر شرح التسهيل 3/ 368، ومغني اللبيب 1/ 112. 6 شرح المرادي 3/ 224. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 177 فالقائم عمرو دون زيد، والمأمور بضربه عمرو دون زيد. وتزاد "لا" قبل "بل"1 لتوكيد الإضراب بعد الإيجاب، ولتوكيد تقرير ما قبلها بعد النفي، فالأول كقوله: [من الخفيف] 677- وجهك البدر لا بل الشمس لو لم ... يقض للشمس كسفة أو أفول والثاني كقوله: [من البسيط] 678- وما هجرتك لا بل زادني شغفا ... هجر وبعد تراخي لا إلى أجل "وأما "لا" فيعطف بها بشروط ثلاثة: إفراد معطوفها، وأن تسبق بإيجاب أو أمر اتفاقًا"، فالأول "كـ: هذا زيد لا عمرو، و" الثاني نحو: "اضرب زيدًا لا عمرًا". زاد سيبويه2: "أو نداء، خلافا لابن سعدان" بفتح السين، في منعه ذلك، وزعمه أنه ليس من كلام العرب، "نحو: يابن أخي لا ابن عمي، وأن لا يصدق أحد متعاطفيها على الآخر. نص عليه السهيلي" في "نتائج الفكر" فقال3: وشرط "لا" أن يكون الكلام الذي قبلها يتضمن بمفهوم الخطاب نفي ما بعدها. ونص عليه ايضًا الأبدي في "شرح الجزولية" وزاد: فيكون الأول لا يتناول الثاني. وتبعهما أبو حيان4. قال الموضح: "وهو حق، فلا يجوز: جاءني رجل لا زيد"، لأن الرجل يصدق على زيد، "ويجوز5: جاءني رجل لا امرأة" إذ لا يصدق أحدهما على الآخر. قال البدر الدماميني: ما ذكره السهيلي والأبدي مبني على صحة مفهوم اللقب، وقد تقرر في الأصول أنه غير معتبر على الصحيح، مع أن بعض المتأخرين استشكل منع مثل: قام [رجل لا زيد، فإنه مثل] 6: قام رجل وزيد، في صحة التركيب، فإن امتنع: قام رجل وزيد،   1 سقطت من "ب". 677- البيت بلا نسبة في الدرر 2/ 450، وشرح التسهيل 3/ 370، ومغني اللبيب 2/ 113، وهمع الهوامع 2/1 136، والمقتضب 4/ 298. 678- البيت بلا نسبة في الدرر 2/ 452، وشرح الأشموني 2/ 429، وشرح شواهد المغني 1/ 348، ومغني اللبيب 1/ 113، وهمع الهوامع 2/ 126. 2 الكتاب 2/ 186. 3 نتائج الفكر ص202-203. 4 الارتشاف 2/ 645. 5 في "ب": "ونحو". 6 ما بين المعكوفين ورد مكانه في "ب": "قام زيد لا عمرو، فإنه في مثل". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 178 ففي غاية البعد لأنك إن أردت بالرجل الأول زيدًا كعطف الشيء على نفسه تأكيدًا، فلا مانع منه إذا قصد الإطناب، وإن أردت بالرجل غير زيد كان كعطف الشيء على غيره، ولا مانع منه، ويصير على هذا التقدير مثل: قام رجل لا زيد، في صحة التركيب، وإن كان معنياهما1 متعاكسين، وللبحث فيه مجال. انتهى. قال الزجاجي في كتاب معاني الحروف2: وأن لا يكون المعطوف عليه معمول فعل ماض، فلا يجوز عنده، جاءني زيد لا عمرو. قال: لأن العامل يقدر بعد العاطف، ولا يقال: لا جاء عمرو، إلا على الدعاء، ويرده أنه: لو توقفت صحة العطف على صحة تقدير العامل بعد العاطف لامتنع: ليس زيد قائمًا ولا قاعدًا. قاله في المغني3. وجوابه أن علة المنع عنده ترجع إلى إلباس الخبر بالطلب، وهو الدعاء، وذلك لا يتأتى في مسألة "ليس". والحق أنه لا يشترط تقدير العامل بعد العاطف بدليل جواز: اختصم4 زيد وعمرو، ورأيت ابني زيد وعمرو، وإن زيدًا لا عمرًا قائمان. والدليل على صحة ما قلناه قول العرب: "جدك لا كدك"5 قيل في تفسيره: نفعك جدك6. و"قوله"؛ وهو امرؤ القيس الكندي: [من الطويل] . 679- كأن دثارا حلقت بلبونه ... عقاب تنوفي لا عقاب القواعل فعطف "عقاب العواقل" على "عقاب تنوفى" وهو فاعل فعل ماض، وهو "حلقت" ودثار، بالمثلثة: اسم راع، وحلقت: ذهبت، و"لبونه" بالإضافة: الإبل ذات اللبن، وعقاب: واحدة العقبان طائر معروف، وتنوفى: بفتح التاء المثناة فوق والفاء، كـ: جلولا،   1 في "ب": "معنياها". 2 حروف المعاني ص31، وانظر شرح ابن الناظم ص383. 3 مغني اللبيب 1/ 242. 4 في "ب": "اختصما". 5 من الأمثال في مجمع الأمثال 1/ 172، وجمهرة الأمثال 1/ 297، 302، وكتاب الأمثال لابن سلام 193. 6 في شرح ابن الناظم ص383: "قيل في تفسيره: نفعك جدك لا كدك". 679- البيت لامرئ القيس في ديوانه ص94، وجمهرة اللغة ص949، والجنى الداني ص295، وخزانة الأدب 11/ 177-178، 181، 184، والخصائص 3/ 191، وشرح ابن الناظم ص383، وشرح شواهد المغني 1/ 441، 2/ 616، وشرح الكافية الشافية 3/ 1232، ومغني اللبيب 1/ 242، والمقاصد النحوية 4/ 154، وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 388، وشرح الأشموني 2/ 427، ومجالس ثعلب 466 والممتع في التصريف 1/ 104. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 179 مقصور للضرورة: ثنية1 مشرفة قرب القواعل. قاله في القاموس2. وقال في المغني3: إنه جبل عال، والقواعل، بالقاف وكسر العين المهملة: جبال صغار. والمعنى: كأن هذا الراعي ذهبت بإبله، التي يرعاها عقاب من عقبان تنوفى، فطارت بها وارتفعت، فهو لا يستطيع ردها ولا يطمع فيها؛ لإعقاب هذه الجبال الصغار، لعدم ارتفاعها. واقتصر الناظم على قوله: 554- ........................ ولا ... نداء او أمرًا أو اثباتًا تلا فـ"نداء وما عطف عليه: مفعول مقدم بـ"تلا"، و"تلا": خبر "لا"، والتقدير: ولا تلا نداء أو أمرًا أو إثباتًا. وإياك أن تظن أن "لا" معطوف على "لكن" كما ظن المرادي4، فتزل، هذا إذا لم تقترن بعاطف ولم يكن مدخولها مفردًا صفة لموصوف مذكور، أو خبرًا، أو حالا، فإن اقترنت بعاطف نحو: جاء زيد لا بل عمرو، فالعاطف "بل" و"لا" رد لما قبلها، وليست عاطفة، قاله في المغني3. وإن كان مدخولها مفردًا صفة لسابق، أو خبرًا، أو حالا، فليست عاطفة، ووجب تكرارها، نحو: {إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْر} [البقرة: 68] . ونحو: زيد لا شاعر ولا كاتب، وجاء زيد لا ضاحكًا ولا باكيًا. قاله في المغني5.   1 في "ب": "تثنية". 2 القاموس المحيط "جلو". 3 مغني اللبيب 1/ 242. 3 شرح المرادي 3/ 222. 5 مغني اللبيب 1/ 244. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 180 فصل: "يعطف عل الظاهر والضمير المنفصل" مرفوعًا كان أو منصوبًا، "والضمير المتصل المنصوب بلا شرط"، فالعطف على الظاهر "كـ: قم زيد وعمرو"، والعطف على الضمير المنفصل المرفوع، نحو: أنا وأنت قائمان، "و" المنصوب نحو: "إياك والأسد"، وعلى الضمير المتصل المنصوب "نحو: {جَمَعْنَاكُمْ وَالْأَوَّلِينَ} [المرسلات: 38] فـ"الأولين": معطوف عل الكاف والميم. "ولا يحسن العطف على الضمير المرفوع المتصل، بارزًا كان أم مستترًا إلا بعد توكيده" بتوكيد لفظي مرادف له، بأن يكون "بضمير منفصل، نحو: {لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ} " [الأنبياء: 54] ونحو: {اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} [الأعراف: 19] في أحد الوجهين، أو بتوكيد معنوي، كقوله: [من الوافر] 680- ذعرتم أجمعون ومن يليكم ... برؤيتنا وكنا الظافرينا "أو" بعد "وجود فاصل أي فاصل كان بين المتبوع"، وهو المعطوف عليه، "والتابع"، وهو المعطوف، نحو: {يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ} " [الرعد: 23] فـ"من صلح": معطوف على الواو في "يدخلونها" والفاصل بينهما الهاء. "أو" وجود "فصل بـ: لا" النافية "بين العاطف"، وهو حرف العطف، "والمعطوف"، فيكتفى بذلك عن الفصل بين المتعاطفين، "نحو: {مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آَبَاؤُنَا} " [الأنعام: 148] فـ"آباؤنا" معطوف على "نا" و"لا" فاصلة بين العاطف، وهو الواو، والمعطوف، وهو "آباؤنا". "وقد اجتمع الفصلان" الفصل بالتوكيد بين التابع والمتبوع، والفصل بـ"لا" بين العاطف والمعطوف "في نحو: {مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلَا آَبَاؤُكُمْ} " [الأنعام: 91] فـ"آباؤكم" معطوف على الواو في "تعلموا" وفصل بينهما بالتوكيد بـ"أنتم". والفصل بـ"لا" بين الواو و"آباؤكم" مقو لذلك، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:   680- البيت بلا نسبة في شرح التسهيل 3/ 373. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 181 557- وإن على ضمير رفع متصل ... عطفت فافصل بالضمير المنفصل 558- أو فاصل ما ........... ... ......................... "ويضعف" العطف على الضمير المرفوع المتصل "بدون ذلك"، لأنه يوهم العطف على عامل الضمير، لأن الضمير المرفوع المتصل ينزل من عامله منزلة الجزء، "كـ: مررت برجل سواء والعدم"، بالرفع عطفًا على الضمير المستتر في "سواء" لأنه مؤول بمشتق، "أي: مستو هو والعدم"، وليس بينهما فصل، "وهو فاش في الشعر"، وإليه أشار الناظم بقوله: 558- .................... وبلا فصل يرد ... في النظم فاشيا ................ "كقوله"؛ وهو جرير في هجو الأخطل: [من الكامل] 681- ورجا الأخيطل من سفاهة رأيه ... ما لم يكن وأب له لينالا فعطف "أب" على الضمير المستتر في "يكن" ولم يكن بينهما فاصل. وأما ما رواه البخاري في صحيحه من قوله -صلى الله عليه وسلم: "كنت وأبو بكر وعمر"، "وفعلت وأبو بكر وعمر"، "وانطلقت وأبو بكر وعمر" 1 من غير فصل، فيحتمل أنه مروي بالمعنى، "ولا يكثر العطف على الضمير المخفوض إلا بإعادة الخافض"2، وإليه أشار الناظم بقوله: 559- وعود خافض لدى عطف على ... ضمير خفض لازما قد جعلا "حرفا كان" الخافض "أو اسما"، سواء كان مخفوض الاسم مرفوع المحل كـ: قيامك، أو منصوبه، كـ: ضربك، إذا قدرت الكاف مفعولا به، أو كان لا محل له من رفع أو نصب كـ: غلامك. فالحرف "نحو: {فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ} " [فصلت: 11] فـ"الأرض" معطوف3 على الهاء المخفوضة باللام، "و" أعيدت مع المعطوف والاسم، نحو: " {قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آَبَائِكَ} " [البقرة: 133] فـ"آبائك" معطوف على الكاف المخفوضة   681- البيت لجرير في ديوانه 507، والدرر 2/ 459، وشرح ابن الناظم ص385، وشرح التسهيل 3/ 374، والمقاصد النحوية 4/ 160، وبلا نسبة في الإنصاف 2/ 476، وأوضح المسالك 3/ 390، وشرح الأشموني 2/ 492، والمقرب 1/ 234، وهمع الهوامع 2/ 138. 1 أخرجه البخاري في فضائل الصحابة برقم 347. 2 في شرح ابن عقيل 2/ 239 أنه مذهب الجمهور، وفي شرح ابن الناظم ص487، أنه مذهب الأكثرين، وفي الإنصاف 2/ 466، أنه مذهب البصريين. 3 في "ب"، "ط": "معطوفة". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 182 بإضافة "إله" إليها، وأعيد المضاف وهو "إله"1 مع المعطوف، والأصل: فقال لها والأرض، ونعبد إلهك وآبائك. وإنما أعيد الخافض فيهما؛ لأن الضمير المخفوض كالتنوين في شدة اللزوم، قاله الحوفي. وكما لا يعطف على التنوين لشدة لزومه لا يعطف على ما أشبهه. "وليس" عود الخافض "بلازم وفاقًا ليونس والأخفش والكوفيين"، وتبعهم الناظم فقال: 560- وليس عندي لازما إذ قد أتى ... في النثر والنظم الصحيح مثبتا "بدليل قراءة ابن عباس والحسن" البصري "وغيرهما"، كحمزة: "تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامِ" [النساء: 1] بالخفض2 عطفا على الهاء المخفوضة بالباء، "وحكاية قطرب" عن العرب: "ما فيها غيره وفرسه"3، بالخفض عطفًا على الهاء المخفوضة بإضافة "غير" إليها، وليس في القراءة، والحكاية إعادة خافض، لا حرف في الأولى ولا مضاف في الثانية. "قيل: و" يحتمل أن يكون "منه"؛ أي من العطف على الضمير المخفوض من غير إعادة خافض: " {وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} " [البقرة: 217] . فـ"المسجد الحرام" عطف على الهاء المخفوضة بالباء، ولو اعيدت لقيل: وبالمسجد الحرام، "إذ ليس العطف على: سبيل" المخفوض بـ"عن" خلافًا للزمخشري4. "لأنه صلة المصدر" وهو "صد" فإنه متعلق به، "وقد عطف عليه"؛ أي على المصدر "كفر، و" القاعدة أنه "لا يعطف على المصدر حتى تكمل معمولاته". فلو عطف "المسجد الحرام" على السبيل لكان من جملة معمولات "صد" لأن المعطوف على معمول المصدر من جملة معمولاته، ومتى كان للمصدر معمولات لا يعطف عليه إلا بعد تمامها، فلما عطف عليه علمنا أنه ليس من جملة معمولاته، وأنه معطوف على الهاء من "به" إذ ليس معنا سواهما، وقد انتفى أحدهما فتعين الآخر. لا يقال:   1 سقطت من "ب". 2 الرسم المصحفي: {وَالْأَرْحَامَ} بالنصب، والقراءة المستشهد بها قرأها أيضًا المطوعي والأعمش انظر الإتحاف ص185، والبحر المحيط 3/ 157، والنشر 2/ 247، والقراءة من شواهد أوضح المسالك 3/ 392، وشرح ابن عقيل 2/ 240، وشرح ابن الناظم ص386، وشرح المفصل 8/ 53، والخصائص 1/ 285، والإنصاف 2/ 463. 3 ورد هذا القول في شرح ابن الناظم ص386. 4 في الكشاف 1/ 131 أن "المسجد الحرام" عطف على "سبيل الله"، ولا يجوز أن يعطف على الهاء في "به". وانظر شرح ابن الناظم ص387. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 183 الحصر ممنوع؛ لجواز أن يكون معمولا لمصدر محذوف، والتقدير: وصد عن المسجد الحرام، لأنا نقول: المصدر لا يعمل محذوفًا عند المحققين، وإن كان بعضهم نقله عن سيبويه. وقال في المغني1: والصواب أن خفض المسجد بباء محذوفة لدلالة ما قبلها عليها لا بالعطف، ومجموع الجار والمجرور عطف على "به" ... انتهى. "ويعطف الفعل على الفعل بشرط اتحاد زمانيهما" في المضي والاستقبال، "سواء اتحد نوعاهما" في الفعلية، كأن يكونا مضارعين أو ماضيين، ولا يشترط اتحادهما في المادة، "نحو: {لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا وَنُسْقِيَهُ} " [الفرقان: 49] فـ"نسقيه": معطوف على "نحيي" بدليل ظهور النصب في لفظه نحو: " {وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلَا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ} " [محمد: 36] فعطف "تتقوا" على "تؤمنوا" و"يسألكم" على "يؤتكم" من عطف الشرط على الشرط، والجواب على الجواب، بدليل ظهور الجزم فيهما. ونحو: قام وقعد أخوك. "أم اختلفا نوعًا". فيعطف الماضي على المضارع، وعكسه، فالأول "نحو: {يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ} " [هود: 98] فـ"أورد" معطوف على "يقدم" وزمانهما مستقبل، "و" الثاني "نحو: {تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ جَنَّاتٍ} الآية" وتمامها: {تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُورًا} [الفرقان: 10] فعطف "يجعل" وهو مضارع على "جعل" وهو ماض لاتحاد زمانيهما في الاستقبال، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 563- ....................................... ... وعطفك الفعل على الفعل يصح "ويعطف الفعل" الماضي أو المضارع2 "على الاسم المشبه له في المعنى، نحو: {فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا، فَأَثَرْنَ بِهِ} " [العاديات: 3-4] ، "ونحو: {صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ} " [الملك: 19] فعطف في الأولى "أثرن" وهو ماض على "المغيرات" وهو اسم فاعل مشبه للفعل في المعنى لأنه في تأويل "واللاتي أغرن"، وعطف في الثانية "يقبضن" وهو مضارع على صافات" لأنها في معنى "يصففن". قيل: والذي حسن ذلك تأويل "يقبضن" بـ"قابضات" و"أثرن" بـ"مثيرات". "ويجوز العكس"، وهو عطف الاسم المشبه للفعل في المعنى على الفعل الماضي أو المضارع "كقوله": [من الرجز] 682- يا رب بيضاء من العواهج ... أم صبي قد حبا أو دارج   1 مغني اللبيب 2/ 541. 2 في "ب": "ماضيا كان أو مضارعًا". 682- تقدم تخريج الرجز برقم 117. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 184 فعطف "دارج" على "حبا" لتأويل "دارج" بـ"درج" أو "حبا" بـ"حاب". والعواهج: جمع عوهج، وهي في الأصل الطويلة العنق من الظباء والنوق. والمراد بها هنا المرأة التامة الخلق. ويجوز في "أم" الجر على البدلية من "بيضاء"، والرفع على الخبرية لمبتدأ محذوف. ولا يجوز نصبها إلا على القطع، وقول العيني1: "أم صبي" بالنصب: عطف بيان لـ"بيضاء" سهو، لأن بيضاء مجرورة بـ"رب"، لا منصوبة، وفتحتها نائبة عن الكسرة، لأنها غير منصرفة لألف التأنيث الممدودة. "وجعل منه" أي "الناظم" في شرح التسهيل2 من عطف الاسم على الفعل: " {يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ} " [الأنعام: 95] فقدر "مخرج" معطوفًا على "يخرج" لتأول "مخرج" بـ"يخرج". "وقدر الزمخشري عطف: مخرج، على: فالق" فيكون من عطف الاسم على الاسم3. ولكل منهما مرجحان: فيرجح الأول سلامته من الفصل بين المتعاطفين بجملة، وذكر الشيء مقابله، ويرجح الثاني عدم التأويل، والتوافق بين نوعي المتعاطفين، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 564- واعطف على اسم شبه فعل فعلا ... وعكسه استعمل تجده سهلا   1 المقاصد النحوية 4/ 174. 2 شرح التسهيل 3/ 383. 3 الكشاف 2/ 28. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 185 فصل: "تختص الفاء والواو بجواز حذفهما مع معطوفهما للدليل"، وتشاركهما في ذلك "أم" المتصلة، "مثاله في الفاء: {أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ} " [الأعراف: 160] أي فضرب فانبجست، وهذا الفعل المحذوف معطوف على "أوحينا" من قوله تعالى في سورة الأعراف: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ} و"انبجست" معطوف على "ضرب" المحذوف ووقع في بعض النسخ مكان "فانبجست": فانفجرت. "أي فضرب فانفجرت، وهذا الفعل المحذوف معطوف على: أوحينا"، وهو سهو، لأن "انفجرت" في البقرة، وليس في آيتها "أن" ولا "أوحينا"، وتلاوتها: {وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ} [البقرة: 60] وتسمى الفاء1 العاطفة على مقدر فصيحة. "ومثاله في الواو قوله" وهو النابغة الذبياني: [من الطويل] 683- فما كان بين الخير لو جاء سالما ... أبو حجر إلا ليال قلائل فحذف الواو ومعطوفها "أي: بين لخير وبيني". وأبو حجر. بضم الحاء المهملة1 والجيم: كنية النعمان بن الحارث الغساني. "وقولهم: راكب الناقة طليحان" فـ"طليحان" خبر المبتدأ وما عطف عليه في التقدير؛ "أي": راكب الناقة "والناقة" طليحان، فحذف المعطوف مع العاطف بدليل تثنية الخبر، وإلا لأفراد. ويحتمال أن يكون الأصل: أحد طليحين، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه، كما قاله الموضح في شرح بانت سعاد2 فلا دليل فيه. والطليح، بفتح الطاء المهملة وكسر اللام وآخره حاء مهملة، من قولهم: طلح البعير، إذا أعيا.   1 سقطت من "ب". 683- البيت للنابغة الذبياني في ديوانه ص120، وشرح ابن الناظم ص389، وشرح عمدة الحافظ ص648، والمقاصد النحوية 4/ 167، وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 396، وشرح الأشموني 2/ 430. 2 إضافة من "ب". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 186 ومثاله في "أم" قول أبي ذؤيب: [من الطويل] 684- .......................................... ... ....... فما أدري أشكلكم شكلي قال أبو الفتح: أي: فما أدري أطريقكم طريقي أم غيره، فحذف، واقتصر الموضح على ذكر الفاء والواو تبعًا لقول الناظم: 561- والفاء قد تحذف مع ما عطفت ... والواو إذ لا لبس .................. "وتختص الواو بجواز عطفها عاملا قد حذف وبقي معموله، مرفوعًا كان نحو: {اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} " [البقرة: 35] فـ"زوجك" فاعل بفعل محذوف معطوف على "اسكن" "أي: وليسكن زوجك"، فهو من عطف الأمر على الأمر. "أو منصوبًا نحو: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ} " [الحشر: 9] فـ"الإيمان" مفعول بفعل محذوف معطوف على تبوءوا "أي: وألفوا الإيمان" فهو من عطف جملة على جملة. "أو مجرورًا نحو: ما كل سوداء تمرة ولا بيضاء شحمة"1 فـ"بيضاء" مجرور بمضاف محذوف معطوف على "كل" أي: ولا كل بيضاء. "وإنما لم يجعل العطف فيهن" أي في الأمثلة الثلاثة "على الموجود في الكلام بدون حذف، "لئلا يلزم في" المثال "الأول" وهو: {اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} [البقرة: 35] "رفع فعل الأمر" وهو "اسكن" "للاسم الظاهر" وهو "زوجك". بيان الملازمة أنه لو جعل "زوجك" معطوفًا على فاعل "اسكن" المستتر فيه لكان [شريكه في عامله، والأمر بالصيغة لا يرفع ظاهرًا، فلا يعطف على فاعله ظاهر. وقد يقال: يغتفر في الثواني] 2 ما لا يغتفر في الأوائل، "ورب شيء يصح تبعًا ولا يصح استقلالا، كالحاج عن غيره، يصلي عنه ركعتي الطواف، ولو صلى أحد عن غيره ابتداء لم يصح على الصحيح"، كما قاله في المغني3. وفي التسهيل4: لا يشترط في صحة العطف وقوع المعطوف موقع المعطوف عليه. انتهى. ولو سلم فاجتماع حذف الفعل وحذف حرف   684- تتمة البيت: وقال صحابي قد غبنت وخلتني ... غبنت ........................ وهو في ديوان الهذليين 1/ 36. 1 المثل في الفاخر ص195، وجمهرة الأمثال 2/ 266، 287/ والمستقصى 2/ 328، ومجمع الأمثال 1/ 281، وهو من شواهد الكتاب 1/ 65، وأوضح المسالك 1/ 397، وشرح ابن الناظم ص387. 2 سقط ما بين المعكوفين من "ب". 3 مغني اللبيب 1/ 56. 4 التسهيل ص177. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 187 الأمر شاذ، كما سيأتي1 له في باب التحذير، فلا يحسن تخريج التنزيل عليه. "و" لئلا يلزم "في" المثال "الثاني" وهو: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ} [الحشر: 9] "كون الإيمان متبوأ". بيان الملازمة أنه لو جعل الإيمان معطوفًا على "الدار" لكان معمولًا لـ"تبوؤوا" لأن المعطوف يشارك المعطوف عليه في عامله، وهو فاسد من جهة المعنى، لأن الإيمان لا يتبوأ "وإنما يتبوأ المنزل"، إذ التبوؤ: التهيؤ، يقال: بوأت له منزلا، أي: هيأته له. وفي إعراب الحوفي في سورة آل عمران: يقال: تبوأ فلان الدار، إذا لزمها. انتهى. فعلى هذا يصح العطف ولا يحتاج إلى تقدير عامل آخر. "و" لئلا يلزم "في" المثال "الثالث" وهو "ما كل سوداء تمرة ولا بيضاء شحمة" "العطف على معمولي عاملين مختلفين". بيان الملازمة أن "سوداء" معمول "كل" وتمرة: معمول "ما"، فلو عطف "بيضاء" على "سوداء" و"شحمة" على "تمرة" لزم العطف على معمولي عاملين، وذلك لا يجوز على الأصح عند سيبويه والأكثرين2، وأجاز الأخفش العطف على معمولي عاملين إن كان أحدهما جار أو اتصل المعطوف بالعطف، أو انفصل بـ"لا" كهذا المثال. وقيل: يجوز مطلقًا. حكاه الفارسي وابن الحاجب عن الفراء3، والأصح في التسهيل4 المنع مطلقًا، لأن العاطف حرف ضعيف لا ينوب عن عاملين. قال في المغني5: والحق جواز العطف على معمولي عاملين في نحو: في الدار زيد، والحجرة عمرو. انتهى. واتفقوا على أنه لا يجوز العطف على معمولي عاملين مختلفين إن تأخر المجرور عن المرفوع أو المنصوب، فلا يقال: دخل زيد إلى عمرو وبكر خالد، وإن زيدًا في الدار وعمرًا الحجرة، للفصل بين نائب الجار؛ وهو العاطف؛ والمجرور6. قاله السيد عبد الله. "ولا يجوز في" المثال "الثاني كون الإيمان مفعولا معه، لعدم الفائدة في تقييد" الأنصار المعطوفين على "المهاجرين بمصاحبة الإيمان، إذ هو أمر معلوم"، وإلى   1 سقطت من "ب". 2 الكتاب 1/ 65-66، وانظر مغني اللبيب 2/ 486. 3 في مغني اللبيب 2/ 486: نقله الفارسي عن جماعة، منهم الأخفش. وفي شرح الرضي 2/ 344: "قال ابن الحاجب: وإذا عطف على عاملين لم يجز، خلافًا للفراء". 4 التسهيل ص178. 5 مغني اللبيب 2/ 488. 6 انظر شرح الرضي 2/ 344-345 حيث ورد المثلان السابقان. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 188 هذه المسألة أشار الناظم بقوله: 561- .............................. ... ............. وهي انفردت 562- بعطف عامل مزال قد بقي ... معموله دفعًا لوهم اتقي "ويجوز حذف المعطوف عليه بالواو والفاء" و"أم" المتصلة. "فالأول": وهو حذف المعطوف عليه بالواو. "كقول بعضهم: "وبك وأهلا وسهلا" جوابا لمن قال له: "مرحبًا" بك"1. الواو الأولى لعطف جميع الكلام على كلام المتكلم الأول، والواو الثانية عاطفة على "مرحبًا" المقدرة، فهي لعطف المفردات وهي محل الاستشهاد. قاله في الحواشي. "والتقدير: ومرحبًا بك وأهلا". فـ"بك" متعلق بـ"مرحبًا"، و"أهلا" معطوف على "مرحبًا". "والثاني": وهو حذف المعطوف عليه بالفاء، وهو خاص بالجمل، "نحو: {أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا} [الزخرف: 5] فجملة "نضرب" معطوفة على جملة محذوفة "أي: أنهملكم"؛ بتقديم الهاء على الميم؛ "فنضرب، ونحو: {أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِم وَمَا خَلْفَهُمْ} [سبأ: 9] فجملة "لم يروا" معطوفة على جملة محذوفة؛ "أي: أعموا فلم يروا". وظاهره أن الفاء عطفت على جملة مقدرة بينها وبين الهمزة، وأن الهمزة في محلها الأصلي، وهو قول الزمخشري وطائفة. ومذهب سيبويه والجمهور أن الهمزة قدمت من تأخير تنبيها على أصالتها في التصدير، ومحلها الأصلي بعد الفاء، والأصل: فأنضرب، فألم يروا. والثالث: وهو حذف المعطوف عليه بـ"أم" المتصلة نحو: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ} [البقرة: 214] أي: أعلمتم أن الجنة حفت بالمكاره أم حسبتم ... وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 563- وحذف متبوع بدا هنا استبح ... ....................................   1 شرح ابن الناظم ص390، وشرح التسهيل 3/ 381. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 189 باب البدل مدخل ... باب البدل: هذه التسمية للبصريين، واختلف في تسميته عن الكوفيين فقال الأخفش: يسمونه الترجمة والتبيين. وقال ابن كيسان: يسمونه التكرير1. والغرض منه2 أن يذكر الاسم مقصودًا بالنسبة بعد التوطئة لذكره بالتصريح بتلك النسبة إلى ما قبله لإفادة توكيد الحكم وتقريره، ولذلك يقولون: البدل في حكم تكرير العامل. وقولهم: المبدل منه في حكم الطرح، إنما يعنون به من جهة المعنى غالبًا دون اللفظ بدليل جواز: ضربت زيدًا يده، إذ لو لم يعتد بزيد أصلا لما كان للضمير ما يعود عليه. والبدل لغة العوض، "و" اصطلاحًا: "هو التابع المقصود بالحكم" المنسوب إلى متبوعه نفيًا أو إثباتًا بلا واسطة. هذا معنى قول الناظم: 565- ..... المقصود بالحكم بلا ... واسطة هو المسمى بدلا "فخرج بال فصل الأول" وهو المقصود بالحكم، ثلاثة توابع: "النعت والبيان والتوكيد، فإنها مكملات للمقصود بالحكم" وهو متبوعها، وليست مقصودات بالحكم. "وأما النسق فثلاثة أنواع: [أحدها] 3: ما ليس مقصودًا بالحكم" أصلا، وهو المعطوف بـ"لا" بعد الإيجاب وبـ"بل" و"لكن" بعد النفي "كـ: جاء زيد لا عمرو، و: ما جاء زيد بل   1 في الارتشاف 2/ 619 أن الكوفيين يسمونه بالترجمة والتبيين والتكرير. 2 الغرض من البدل هنا، نقله الشارح من شرح ابن الناظم ص393. 3 إضافة من "ب"، "ط". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 190 عمرو، أو: لكن عمرو". "أما الأول" وهو المعطوف بـ"لا" "فواضح" أمره, "لأن الحكم السابق" وهو إثبات المجيء لزيد "منفي عنه" بـ"لا" "وأما الآخران" وهما المعطوف بـ"بل" والمعطوف بـ"لكن" بعد النفي "فلأن الحكم السابق هو نفي المجيء، والمقصود به إنما هو الأول" دون الثاني. "النوع الثاني: ما هو مقصود بالحكم هو وما قبله فيصدق عليه أنه مقصود بالحكم لا أنه" هو "المقصود" وحده، "وذلك كالمعطوف بالواو" إثباتًا أو نفيًا "نحو: جاء زيد وعمرو، وما جاء زيد ولا عمرو. وهذان النوعان" وهما الأول والثاني "خارجان بما خرج به النعت والتوكيد والبيان"، أما الأول فلأن المقصود بالحكم إنما هو المتبوع، وأما الثاني فلأن التابع ليس هو المقصود بالحكم وحده. و"النوع الثالث: ما هو مقصود بالحكم دون ما قبله، وهذا هو المعطوف بـ"بل"1 بعد الإثبات، نحو: جاءني زيد بل عمرو"2. وفي بعض النسخ ذكر "لكن" بعد "بل" وهو إنما يتمشى على قول الكوفيين. "وهذا النوع خارج بقولنا: بلا واسطة، وسلم الجد بذلك للبدل. وإذا تأملت ما ذكرته في تفسير هذا الحد، وما ذكره الناظم3 وابنه4 ومن قلدهما" من شراح النظم5 وغيره6 "علمت أنهم عن إصابة الغرض بمعزل. وأقسام البدل أربعة"7: أشار إليها الناظم بقوله: 566- مطابقًا أو بعضا أو ما يشتمل ... عليه يلفى أو كمعطوف ببل "الأول: بدل كل من كل: وهو بدل الشيء8 مما هو طبق معناه،   1 بعده "ب": "ولكن". 2 بعده في "ب": "أو: لكن عمرو". 3 شرح التسهيل 3/ 231. 4 شرح ابن الناظم ص382-383. 5 مثل ابن عقيل في شرح الألفية 2/ 247. 6 مثل أبي حيان في الارتشاف 2/ 619. 7 كذلك قال ابن الناظم في شرحه ص393، وفي حاشية يس 1/ 155: "زاد بعضهم خامسًا وهو بدل كل من بعض. قال السيوطي: وقد وجدت له شاهدًا في التنزيل وهو قوله تعالى: {فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا} ... ", وذكر أبو حيان هذا القسم الخامس وقال: "إن الجمهور على نفيه. انظر الارتشاف 2/ 625. 8 بعده في "ب": "ومن الشيء". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 191 نحو: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ، صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} [الفاتحة: 6-7] فـ"صرط الذين": بدل من "الصراط المستقيم" بدل كل من كل، "وسماه الناظم" في النظم "البدل المطابق"، وخالف الجماعة في تسميته بدل كل من كل، "لوقوعه في اسم الله تعالى، نحو: {إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ، اللَّهِ} [إبراهيم: 1-2] فيمن قرأ بالجر"1، فـ"الله" بدل من "العزيز" بدل مطابق. ولا يقال فيه: بدل كل من كل، "وإنما" لم يقل ذلك، لأن كلا إنما "يطلق" على ما يقبل التجزيء، فعند الإطلاق تدل "كل، على ذي أجزاء، وذلك ممتنع هنا"، لأن الله تعالى منزه عن ذلك، ولا يحتاج البدل المطابق إلى ضمير يربطه بالمبدل منه، لأنه نفس المبدل منه في المعنى، كما أن الجملة التي هي نفس المبتدأ في المعنى لا تحتاج لرابط. "والثاني: بدل بعض من كل: وهو بدل الجزء من كله، قليلا كان ذلك الجزء" بالنسبة إلى الباقي من المبدل منه، "أو مساويًا" له "أو أكثر" منه "كـ: أكلت الرغيف ثلثه"، فالثلث أقل من الباقي، وهو الثلثان، "أو نصفه"، فالنصف مساو للنصف الثاني، "أو ثلثيه"، فالثلثان أكثر من الثلث الباقي. وذهب الكسائي وهشام إلى أن [بدل] 2 البعض لا يقع إلا على ما دون النصف فلا يسمى: أكلت الرغيف نصفه أو ثلثيه أو أكثره، بدل بعض عندهما. "ولا بد" في بدل البعض "من اتصاله بضمير يرجع إلى المبدل منه" ليربط البعض بكله. "مذكور" ذلك الضمير، متصل بالبدل أو بغيره، فالأول "كالأمثلة المذكورة" في قوله: ثلثه أو نصفه أو ثلثيه. "و" الثاني "كقوله تعالى: {ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ} " [المائدة: 71] فـ"كثير" بدل من الواو الأولى فقط، والواو الثانية عائدة على "كثير" لأنه مقدم رتبة، والأصل؛ والله أعلم: ثم عموا كثير منهم وصموا. والذي حملنا على ذلك أنا لو جعلناه بدلا من الواوين معًا لزم توارد عاملين على معمول واحد، وإن جعلناه بدلا من أحدهما، وبدل من الآخر محذوف، فهو متوقف على إجازة حذف البدل، وإن جعلناه بدلا من الواو الثانية فقط بقيت الأولى بلا مفسر، وإن جعلناه مبتدأ، والجملة قبله3 خبره، فقال البيضاوي4: إنه ضعيف، لأن تقديم الخبر في مثله ممتنع. ا. هـ.   1 وهي قراءة الجمهرو، وقرأ "اللهُ"؛ بالرفع: نافع وابن عامر وأبو جعفر والحسن. انظر الإتحاف ص271، والنشر 2/ 298. 2 إضافة من "ط". 3 في "ب": "بعده". 4 أنوار التنزيل 2/ 162. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 192 وأن جعلناه فاعلًا لأحد الفعلين على سبيل التنازع ففيه ضعف من وجهين: أحدهما: أنه يخرج على لغة أكلوني البراغيث. والثاني: أنه يجب أن يقدر في العامل المهمل ضمير مستتر راجع إلى "كثير" ووجوب استتار الضمير في فعل الغائبين من غرائب العربية، كما قاله في المغني1. وإن جعلناه خبر مبتدأ محذوف، والتقدير: العمي والصم كثير منهم، فهو تكلف. "أو مقدر كقوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} " [آل عمران: 97] . فـ: "من استطاع": بدل من "الناس" بدل بعض من كل، والضمير العائد على المبدل منه مقدر؛ "أي: منهم". قال ابن إياز: قال النحويون: "من استطاع": بدل بعض2. وقال ابن برهان: بدل كل، واحتج بأن المراد بالناس المستطيع، فهو عام أريد به خاص، لأن الله عز وجل لا يكلف الحج من لا يستطيع. ا. هـ. قال الموضح في الحواشي: والجماعة يقولون: عام مخصوص، ولا ضير3، لأن الكلام بآخره ومقصوده وليس بظاهره المحض من غير نظر إلى مقصوده، والحق أنهما محتملان. ا. هـ. وقال الكسائي: من: شرطية وجوابها محذوف، والتقدير: من استطاع فليحج. ورد بأن لا حاجة إلى الحذف مع إمكان تمام الكلام، وقال ابن السيد: مَنْ: فاعل "حج" والمصدر مضاف إلى مفعوله. ورد بأنه: يقتضي أنه يجب على جميع الناس أن مستطيعهم يحج، وذلك باطل4. "والثالث: بدل الاشتمال". واختلف في المشتمل في بدل الاشتمال فقال الرماني: هو الأول. واختاره في التسهيل5، وعلله الجزولي بأن الثاني إما صفة للأول كـ: أعجبتني الجارية حسنها، أو مكتسب منه صفة نحو: سلب زيد ماله، فإن الأول اكتسب من الثاني كونه مالكًا. ورد بأنه يلزم منه أن يجيز: ضربت زيدًا عبده، على الاشتمال وهم قد منعوا ذلك. قاله أبو حيان في التذكرة6. وقال الفارسي في الحجة: المشتمل هو الثاني. قال: بدليل: سُرِق زيدٌ ثوبُهُ، ورد بـ: سرِقَ زيدٌ فرسُهُ.   1 مغني اللبيب 2/ 367. 2 بعده في "ب": "من كل". 3 في "ب": "ولا ضير". 4 انظر شرح قطر الندى ص309. 5 التسهيل ص173. 6 تذكرة النحاة ص186. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 193 وقيل: لا اشتمال لأحدهما على الآخر، وإنما المشتمل المسند إلى الأول على معنى أن الإسناد إلى الأول لا يكتفى به من جهة المعنى، وإنما أسند إليه على قصد غيره مما يتعلق به، ويكون المعنى مختصًا بغير الأول. وهذا القول أفصح عنه السيرافي وأبو العباس1، ولهذا لا يجوز: ضُرِبَ زيدٌ عبدُهُ، على الاشتمال، لاكتفاء المسند بالأول. وهذا المذهب قيل: إنه التحقيق، وإنه الذي نصره الأستاذ أبو إسحاق بن ملكون وقال2: إن النحويين؛ يعني أكثرهم؛ لم يفصحوا عنه كل الإفصاح، ولم يوضحوه كل الإيضاح، فلذلك اختاره الموضح وقال: "وهو بدل شيء من شيء يشتمل عامله على معناه اشتمالا بطريق الإجمال". وقال في الحواشي: هذا هو الذي يظهر وبه قال المبرد والسيرافي وابن جني وابن الباذش وابن الأبرش وابن أبي العافية وابن ملكون، "وذلك كـ: أعجبني زيد علمه أو حسنه أو كلامه". ألا ترى أن الإعجاب مشتمل على زيد بطريق المجاز، وعلى علمه وحسنه وكلامه بطريق الحقيقة. "و" كذلك: "سرِقَ زيدٌُ ثوبُهُ أو فرسُهُ"، فإن زيدًا مسروق مجازًا والثوب والفرس مسروقان حقيقة، وهذا مطرد. فإن قلت: فما تصنع بقوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ} [البقرة: 217] ؟ قلت: كلمة "عن" دالة على المجاوزة والسؤال متجاوز فاعله إلى الشهر وإلى القتال بطريقي الحقيقة والمجاز، كما بينا, فلا إشكال فيها. ا. هـ. ومع ذلك يرد عليه: زيد ماله كثير، إذا أعرب "ماله" بدلا من "زيد" إلا أن يقول: إن الابتداء مشتمل3 على زيد مجازًا وعلى ماله حقيقة. وأفاد بهذه الأمثلة أن بدل الاشتمال تارة يكون مصدرًا وتارة يكون غيره، وإذا كان مصدرًا فتارة يكون مكتسبًا كالعلم، وتارة يكون غير مكتسب، وغير المكتسب تارة يكون لازمًا كالحسن، وتارة يكون مفارقًا كالكلام، وغير المصدر تارة يكون مشتملا اشتمال الظرف على المظروف كالثوب، وتارة لا يكون كذلك، كالفرس، وبدأ بالمصدر لأنه الأكثر. "و" بدل الاشتمال "أمره في الضمير" الرابط له بالمبدل منه "كأمر بدل البعض"، ثم تارة يكون مذكورًا وتارة يكون مقدرًا. "فمثال المذكور" المتصل بالبدل "ما تقدم من الأمثلة، و" مثال المتصل بغير البدل قوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ} [البقرة: 217] فـ"قتال"   1 المقتضب 1/ 27. 2 انظر قول ابن ملكون في تذكرة النحاة ص187. 3 في "ب": "اشتمل". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 194 بدل اشتمال من "الشهر" والرابط بينهما الهاء المجرورة بـ"في"1. "ومثال" الضمير "المقدر: {قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ، النَّارِ} [البروج: 4, 5] "أي: النار فيه"، وهو قول البصريين. "وقيل": لا تقدير، و"الأصل: ناره، ثم نابت "أل" عن الضمير"، وهو قول الكوفيين، والأخدود: شق في الأرض، وأصحابه ثلاثة: أنطيانوس الرومي بالشام، وبختنصر بفارس، ويوسف ذو نواس بنجران، شق كل واحد منهم شقًّا عظيمًا [في الأرض] 2، طوله أربعون ذراعًا، وعرضه اثنا عشر ذراعًا، وهو الأخدود، وملئوه نارًا، وقالوا: من لم يكفر، وإلا ألقي فيه، ومن كفر ترك. قاله الكواشي. وهذه الأبدال الثلاثة مسموعة، وزعم السهيلي أن بدل البعض والاشتمال من بدل الكل، قال: وذلك أن العرب تحذف المضاف، فإذا قالوا: أكلت الرغيف ثلثه، وأعجبني زيد علمه، فالمعنى: أكلت بعض الرغيف وأعجبني وصف زيد، ثم أبدل من البعض والوصف، ثم حذفا للدليل عليهما. "والرابع: البدل المباين" للمبدل منه، "وهو ثلاثة أقسام، لأنه لا بد أن يكون مقصودًا" بالحكم "كما تقدم في الحد، ثم الأول" وهو المبدل منه، "إن لم يكن مقصودًا البتة ولكن سبق3 إليه اللسان فهو بدل الغلط، أي بدل عن اللفظ الذي هو غلط، لا أن البدل نفسه هو الغلط، كما قد يتوهم" من ظاهر اللفظ، "وإن كان" الأول "مقصودًا، فإن تبين بعد ذكره فساد قصده فبدل نسيان، أي بدل شيء ذكر نسيانًا. وقد ظهر" من هذا4 التقرير "أن الغلط متعلق باللسان والنسيان متعلق بالجنان" وهو القلب، "والناظم" في قوله في النظم: 567- ................................ ... ودون قصد غلط به سلب "وكثير من النحويين لم يفرقوا بينهما، فسموا النوعين بدل غلط"5، قال ابن   1 في شرح ابن الناظم ص394: "لأن القتال في الشهر الحرام يستلزم معنى فيه، وهو ترك تعظيمه". 2 إضافة من "ط". 3 في "أ": "سبق". 4 سقطت من "ب". 5 منهم أبو حيان في الارتشاف 2/ 625، وابن عقيل في شرحه 2/ 249، وابن الناظم في شرحه 395، والمرادي في شرحه 3/ 253. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 195 عصفور1: وهذان النوعان جائزان قياسًا، ولم يرد بهما سماع. "وإن كان قصد كل واحد2 منهما صحيحًا فبدل إضراب"، وإليه أشار الناظم بقوله: 567- وذا للإضراب اعز إن قصدا صحب ... ....................................... "ويسمى أيضًا بدل بداء"، بالدل المهملة والمد. قال ابن عصفور: وهذا النوع مختلف فيه، فقيل: بدل بداء، وقيل: معطوف حذف عاطفه3. قال في الحواشي: وهو الواو لا بل؛ لأنه لم يثبت حذفها. "وقول الناظم" في النظم: 568- ........................................ ... ................. وخذ نبلا مدى "يحتمل الثلاثة" وهي الغلط والنسيان والبداء، "وذلك باختلاف التقادير" بحسب الإرادات، "وذلك لأن النبل اسم جمع للسهم، والمدى" بالقصر "جمع مدية، وهي السكين، فإن كان المتكلم" بقوله: "خذ نبلا مدى" "إنما أراد الأمر بأخذ المدى فسبقه لسانه إلى النبل، فبدل غلط4، وإن كان أراد الأمر بأخذ النبل"، ابتداء، "ثم تبين له فساد تلك الإرادة وأن الصواب الأمر بأخذ المدى، فبدل نسيان، وإن كان أراد الأول"؛ وهو الأمر بأخذ النبل، "ثم أضرب عنه إلى الأمر بأخذ المدى، وجعل الأول"5؛ وهو الأمر بأخذ النبل؛ "في حكم المتروك، فبدل إضراب وبداء"، لأنه أضرب6 عن الأمر الأول حين بدا له الأمر الثاني. "والأحسن فيهن أن يؤتى7 بـ: بل" لئلا يتوهم إرادة الصفة، أي: نبلا حادة كما تقول: رأيت رجلا حمارًا، تريد جاهلا أو8 بليدًا.   1 المقرب 1/ 243. 2 سقطت من "ب". 3 في المقرب 1/ 243: "وهو أن تبدل لفظًا تريده من لفظ أردته أولا ثم أضربت عنه". 4 في "ب": "الغلط". 5 في "ب": "الأولان". 6 في "أ": "إضراب"، والتصويب من "ب"، "ط". 7 في "ط": "يؤول". 8 سقطت من "ب". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 196 فصل: "يبدل الظاهر من الظاهر، كما تقدم، و" ذهب ابن مالك في التسهيل1 إلى أنه "لا يبدل المضمر من المضمر" وقوفًا من السماع، "ونحو: قمت أنت"، ورأيتك أنت، "ومررت بك أنت، توكيد اتفاقًا" من البصريين والكوفيين، "وكذلك نحو: رأيتك إياك"، توكيد "عند الكوفيين والناظم" لا بدل، خلافًا للبصريين. قال الناظم في شرح التسهيل2: وقول الكوفيين عندي أصح؛ لأن نسبة المنصوب المنفصل من المنصوب كنسبة المرفوع المنفصل من المرفوع المتصل نحو: فعلت أنت، والموفوع توكيد بإجماع، فيلكن المنصوب توكيدًا، فإن الفرق بينهما تحكم بلا دليل. قال الشاطبي: والظاهر مذهب البصريين لما ثبت عن العرب أنها إذا أرادت التوكيد أتت بالضمير المرفوع المنفصل فقالت: جئت أنت ورأيتك أنت ومررت بك أنت وإذا أرادت البدل وفقت بين التابع والمتبوع فقالت: جئت أنت ورأيتك إياك ومررت به به، فيتحد لفظ التوكيد والبدل في الموفوع، ويختلف في غيره، هكذا نقل سيبويه عن العرب3 وتلقاه منه غيره بالقبول، وهم المؤتمنون على ما ينقلون، لأنهم شافهوا العرب وعرفوا مقاصدهم، فلا يعارض هذا بقياس، بأن يقال: فإن نسبة المنفصل إلى المتصل ... إلى آخره مقالة ابن مالك السابقة. "و" ذهب أيضًا في التسهيل4 إلى أنه "لا يبدل مضمر من ظاهر". وقال في شرحه5: "و" الصحيح عندي أن يكون "نحو: رأيت زيدًا إياه، من وضع النحويين   1 التسهيل ص172. 2 شرح التسهيل 3/ 305. 3 الكتاب 2/ 395-386. 4 التسهيل ص172. 5 شرح التسهيل 3/ 332. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 197 وليس بمسموع" من كلام العرب لا نثرا ولا شعرا، ولو سمع كان توكيدًا. "ويجوز عكسه"، وهو إبدال الظاهر من الضمير "مطلقًا" في جميع البدل، سواء كان كلا أم بعضًا أم اشتمالا أم أضرابًا، "إن كان الضمير" المبدل منه "لغائب نحو: {وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} " [الأنبياء: 3] فـ: "الذين ظلموا": بدل من الواو في "أسروا"1 بدل كل من كل "في أحد الأوجه الثلاثة". وقيل "الذين ظلموا": مبتدأ مؤخر، و"أسروا النجوى": خبر مقدم. وقيل: "الذين ظلموا": فاعل "أسروا" والواو حرف دال على الجمع لا ضمير، كما تقدم في باب الفاعل. "وكذا" يجوز إبدال الظاهر من المضمر "إن كان" الضمير المبدل منه "لحاضر" متكلم أو مخاطب، "بشرط أن يكون" الظاهر "بدل بعض" من كل، كقوله: [من الرجز] 586- أوعدني بالسجن والأداهم ... رجلي فرجلي شثنة المناسم فـ"رجلي" الأولى: بدل من ياء المتكلم بدل بعض من كل. و"كـ: أعجبتني وجهك"، فوجهك: مرفوع على البدلية من تاء المخاطب بدل بعض من كل، "وقوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآَخِرَ} " [الأحزاب: 21] فـ"من" الموصولة المجرورة باللام بدل من ضمير المخاطبين المجرور باللام، وأعيدت اللام مع البدل للفصل. "أو" يكون "بدل اشتمال كـ: أعجبتني كلامك" فكلامك، بالرفع: بدل اشتمال من تاء المخاطب، "وقول الشاعر" وهو النابغة الجعدي: [من الطويل] . 868- بلغنا السماء مجدنا وسناؤنا ... وإنا لنرجو فوق ذلك مظهرا   1 شرح ابن الناظم ص397. 685- الرجز للعديل بن الفرخ في خزانة الأدب 5/ 188، 189، 190، والدرر 2/ 402، والمقاصد النحوية 4/ 190، وتاج العروس "دهم"، وبلا نسبة في ديوان الأدب 3/ 266، وإصلاح المنطق ص226، 294، وشرح أبيات سيبويه 1/ 124، وشرح ابن الناظم ص397، وشرح الأشموني 2/ 439، وشرح شذور الذهب ص442، وشرح ابن عقيل2/ 251، وشرح الكافية الشافية 3/ 1282، وشرح المفصل 3/ 70، وتاج العروس 9/ 307، "وعد"، ومقاييس اللغة 6/ 125، وهمع الهوامع 2/ 127، وتهذيب اللغة 3/ 134، ومجمل اللغة 4/ 539، والمخصص 12/ 221. 686- البيت للنابغة الجعدي في ديوانه ص68، وخزانة الأدب 3/ 169، 7/ 419، واللسان 4/ 523، 529 "ظهر"، والمقاصد النحوية 4/ 193، وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 406, وشرح ابن الناظم ص398، وشرح الأشموني 2/ 439، وشرح الكافية الشافية 3/ 1283. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 198 فـ"مجدنا وسناؤنا": بدل اشتمال من ضمير المتكلم وهو "نا". "أو" يكون "بدل كل مفيدًا للإحاطة" والشمول كالتوكيد "نحو": {رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآَخِرِنَا} [المائدة: 114] ، فـ"أولنا وآخرنا" بدل كل من الضمير المجرور باللام، ولذلك أعيدت اللام مع البدل، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 569- ومن ضمير الحاضر الظاهر لا ... تبدله إلا ما إحاطة جلا 570- أو اقتضى بعضًا أو اشتمالا ... كإنك ابتهاجك استمالا "ويمتنع" إبدل الظاهر من الضمير بدل كل "إن لم يفدها"، أي الإحاطة، "خلافًا للأخفش فإنه أجاز" تبعًا للكوفيين: "رأيتك زيدًا"، على أن زيدًا بدل من الكاف، "ورأيتني عمرًا"، على أن عمرًا بدل من الياء، وسمع الكسائي: إلى أبي عبد الله، وقال الشاعر: [من البسيط] 687- بكم قريش كفينا كل معضلة ... وأم نهج الهدى من كان ضليلا   687- البيت بلا نسبة في الارتشاف 2/ 622، وشرح شذور الذهب ص443، وشرح التسهيل 3/ 335، وشرح المرادي 3/ 260. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 199 فصل: "يبدل كل من الاسم والفعل والجملة1 من مثله، فالاسم كما تقدم" في الأقسام الأربعة، "والفعل" كذلك عند الشاطبي، إذا أفاد زيادة بيان للأول. فبدل الكل "كقوله تعالى: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا، يُضَاعَفْ} " [الفرقان: 68-69] فـ"يضاعف" بدل من "يلحق" بدل كل، قال الخليل2: لأن مضاعفة العذاب هي لقي الآثام. وبدل البعض نحو: إن تصل تسجد لله يرحمك، فـ: تسجد: بدل من "تصل" بدل بعض من كل. وبدل الاشتمال كقوله: [من الرجز] 688- إن علي الله أن تبايعا ... تؤخذ كرها أو تجيء طائعا لأن الأخذ كرها3 والمجيء طائعًا من صفات المبايعة. وبدل الإضراب4 والغلط نحو: إن تطعم زيدًا تكسه أكرمك. ا. هـ. كلام الشاطبي ملخصًا، وذلك داخل تحت إطلاق قول الناظم: 572- ويبذل الفعل من الفعل ..... ... .................................. "والجملة" كذلك إلا في بدل الكل نحو: قعدت جلست في دار زيد، فإنه لا يعتد به، لأنه   1 في "ب": "والحرف". 2 الكتاب 3/ 87. 688- الرجز بلا نسبة في خزانة الأدب 5/ 203، 204، وشرح أبيات سيبويه 1/ 402، وشرح ابن الناظم ص399، وشرح الأشموني 2/ 44، وشرح ابن عقيل 2/ 253، وشرح التسهيل 3/ 341، وشرح عمدة الحافظ ص591، وشرح الكافية الشافية 3/ 1287، والكتاب 1/ 156، والمقاصد النحوية 4/ 199، والمقتضب 2/ 63. 3 في "ب": "كارهًا". 4 في "ب": "الاضطراب". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 200 إنما يتميز عن التوكيد بمغايرة اللفظين وكون المقصود هو الثاني، وهو لا يتحقق في الجمل لا سيما التي لا محل لها من الإعراب. قال التفتازاني في شرح التلخيص. وبدل البعض "كقوله تعالى: {أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ، أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ"، وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} [الشعراء: 132-134] فجملة "أمدكم" الثانية أخص من الأولى، باعتبار متعلقيها، فتكون داخلة في الأولى. لأن "ما تعلمون" يشمل الأنعام وغيرها. وبدل الاشتمال كقوله: [من الطويل] 689- أقول له ارحل لا تقيمن عندنا ... وإلا فكن في السر والجهر مسلما فـ"لا تقيمن عندنا": بدل اشتمال من "ارحل" لما بينهما من المناسبة اللزومية. وليس توكيدًا له لاختلاف لفظيهما، ولا بدل بعض لعدم دخوله في الأول، ولا بدل كل لعدم الاعتداد به، كما تقدم، ولا غلط لوقوعه في الفصيح. وبدل الغلط كـ: قم اقعد. والفرق بين بدل الفعل وحده والجملة أن الفعل يتبع ما قبله في إعرابه لفظًا أو تقديرًا، والجملة تتبع ما قبلها محلا إن كان له محل، وإلا فإطلاق التبعية عليها1 مجاز2، إذ التابع كل ثان أعرب بإعراب سابقه الحاصل والمتجدد. وسكتوا عن اشتراط الضمير في بدل البعض والاشتمال في الأفعال والجمل، لتعذر عود الضمير عليها. "وقد تبدل الجملة من المفرد" [بدل كل] 3 "كقوله"، وهو الفرزدق: [من الطويل] 690- إلى الله أشكو بالمدينة حاجة ... وبالشام أخرى كيف يلتقيان   689- البيت بلا نسبة في خزانة الأدب 5/ 207، 8/ 463، وشرح ابن الناظم ص400، وشرح الأشموني 2/ 440، وشرح شواهد المغني 2/ 839، وشرح المرادي 3/ 263، ومجالس ثعلب ص96، ومعاهد التنصيص 1/ 278، ومغني اللبيب 2/ 426، والمقاصد النحوية 4/ 200. 1 في "أ": "عليهما"، والتصويب من "ب"، "ط". 2 في "ب": "مجازًا". 3 إضافة من "ب"، "ط". 690- البيت للفرزدق في خزانة الأدب 5/ 208، وشرح شواهد المغني 2/ 577، وشرح المرادي 3/ 265، والمقاصد النحوية 4/ 201، وليس في ديوانه، وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 408، وشرح الأشموني 2/ 440، وشرح التسهيل 3/ 340 والمحتسب 2/ 165، ومغني اللبيب 1/ 27، 426، والمقتضب 2/ 329، وهمع الهوامع 2/ 128. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 201 أبدل جملة "كيف يلتقيان" من "حاجة" و"أخرى" وهما مفردان. قاله ابن جني1. وإنما صح ذلك لرجوع الجملة إلى التقدير بمفرد. "أي: إلى الله أشكو هاتين الحاجتين تعذر التقائهما"، فـ: تعذر: مصدر مضاف إلى فاعله، وهو بدل من "هاتين" قال الدماميني: ويحتمل أن يكون "كيف يلتقيان" جملة مستأنفة نبه بها على سبب الشكوى، وهو استبعاد اجتماع هاتين الحاجتين. والشام: بلاد سميت بشام بن نوح، فإنه بالشين المعجمة بالسريانية، أو لأن أرضها شامات بيض وحمر وسود، وعلى هذا لا يهمز، وقد يذكر. كذا في القاموس2.   1 نقله ابن مالك في شرح التسهيل 3/ 340. 2 القاموس المحيط "شأم". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 202 فصل: "وإذا أبدل اسم من اسم مضمن معنى حرف الاستفهام"؛ وهو الهمزة؛ "أو حرف شرط"؛ وهو "إن"؛ بدل تفصيل، "ذكر ذلك الحرف" المفيد للاستفهام أو الشرط "مع البدل" ليوافق المبدل منه في تأدية المعنى. "فالأول": وهو الاستفهام، ويكون عن معرفة2 الكميات وعن تعيين الذوات وعن بيان المعاني. فالأول "كقولك: كم مالك أعشرون أم ثلاثون" فعشرون وما عطف عليها بدل من "كم" بدل تفصيل. "و" الثاني كقولك: "من رأيت أزيدًا أم عمرا" فـ"زيدا" وما عطف عليه بدل من "من" بدل تفصيل، "و" الثالث كقولك: "ما صنعت أخيرًا أم شرًّا" فـ"خيرًا" وما عطف عليه بدل من "ما" بدل تفصيل، وقرن بالهمزة في الجميع لتضمن المبدل منه معنى الاستفهام. "والثاني": وهو الشرط، ويكون للعاقل وغيره وللزمان والمكان، فالأول "نحو من يقم إن زيد وإن عمرو أقم معه"، فـ"زيد وعمرو" بدل من "مَنْ" بدل تفصيل، "و" الثاني نحو: "ما تصنع إن خيرًا وإن شرًّا تجز به" فـ"خيرًا وشرًّا" بدل من "ما" الشرطية2 بدل تفصيل. "و" الثالث نحو: "متى تسافر إن غدًا وإن بعد غدٍ أسافر مَعَك"، فـ"غدًا" و"بعد غد": بدل من "متى" بدل تفصيل. والرابع: حيثما تجلس إن يمين المحراب وإن يساره أجلس معك. وقرن بـ"إن" في الجميع لتضمن المبدل منه معنى الشرط. وقد يتخلف كل من التفصيل وإعادة حرف الشرط، ففي الكشاف3 أن "يومئذ" بدل من "إذا" في قوله تعالى: {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا} [الزلزلة: 1] وكذا قال أبو البقاء4، ولهذا اقتصر في الناظم على الاستفهام فقال:   1 بعده في "ب": "البدل". 2 سقطت من "ب". 3 الكشاف 4/ 227. 4 البيان ص1299. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 203 571- وبدل المضمن الهمزيلي ... همزًا ........................ وكذا فعل1 في التسهيل2 مع كثرة جمعه فيه على أن مسألة الشرط لا تخلو عن إشكال، لأنك إذا قلت: من يقم إن زيد وإن عمرو، كأن اسم الشرط، مرفوعًا بالابتداء، فيكون البدل مرفوعًا، بالابتداء ضرورة3، سواء قلنا: البدل على نية تكرير4 العامل أم لا، فيلزم دخول "إن" الشرطية على المبتدأ، وهو غير جائز على الأصح. وإن جعلنا ما بعد "إن" مرفوعًا على الفاعلية امتنعت المسألة لتخالف العامل، ولأن "إن" لا يضمر الفعل بعدها إلا إذا كان هناك ما يفسره نحو: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ} [النساء: 128] . وجوابه أن "إن" إنما جيء بها لبيان المعنى لا للعمل، فلا يلزم المحذور.   1 في "ب": "نقل". 2 التسهيل ص173. 3 سقطت من "ب". 4 في "أ"، "ب": "تكرار". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 204 باب النداء الفصل الأول في ذكر الأحرف التي ينبه بها المنادى إذا دعي ... باب النداء: بالمد وبكسر النون ويجوز ضمها، وهو الدعاء بأحرف مخصوصة. "وفيه فصول" أربعة: الفصل الأول في ذكر الأحرف التي ينبه بها المنادى إذا دعي: "و" في ذكر "أحكامها": "وهذه الأحرف" وفاقًا وخلافًا "ثمانية1: الهمزة" وحدها "و: أي" بفتح الهمزة, وسكون الياء، حال كون الهمزة و"أي" "مقصورتين وممدودتين"، فتقول: أزيد وأي زيد، بقصر الهمزة فيهما، وأزيد وآي زيد، بمد الهمزة فيهما، "و: يا، و: أيا، و: هيا، و: وا". وأما أحكامها "فالهمزة المقصورة للقريب" المسافة، وليس مثلها في ذلك الهمزة الممدودة، خلافًا لصاحب المقرب2، ولا "أي"3 خلافًا لجماعة من المتأخرين، "إلا أن ينزل" القريب "منزلة البعيد"كالساهي "فله بقية الأحرف، كما أنها"، أي بقية الأحرف،   1 وهو مذهب الكوفيين، فقد أضافوا: "آ، آي". انظر شرح ابن الناظم ص401، وشرح الكافية الشافية 3/ 1289. 2 في المقرب 1/ 175، أن الهمزة للقريب خاصة. 3 في "ب": "بي". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 205 "للبعيد الحقيقي"، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 573- وللمنادى الناء أو كالناء يا وأي وآ كذا أيا ثم هيا 574- والهمز للداني .......... .............................. وذهب المبرد1 إلى أن "أيا وهيا" للبعيد، و"أي والهمزة" للقريب، و"يا" لهما، وذهب ابن برهان إلى أن "أيا وهيا" للبعيد، و"الهمزة" للقريب و"أي" للمتوسط و"يا" للجميع، وأجمعوا على جواز نداء القريب بما للبعيد توكيدًا، وعلى منع العكس. قاله الشارح2. "وأعمها: يا" لأنها أم الباب، "فإنها تدخل في كل نداء" خالص من الندبة والاستغاثة، أو مصحوب بهما، و"تتعين" "يا" وحدها "في نداء اسم الله تعالى" نحو: يا الله، "وتتعين" أيضًا "في باب الاستغاثة نحو: يا لله للمسلمين، وتتعين هي أو: وا" دون غيرهما "في باب الندبة"، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 574- .......... ووا لمن ندب ... أو يا ...................... "و "وا" أكثر استعمالا منها في ذلك الباب"، لأنها الأصل فيه، "وإنما تدخل: يا" في باب الندبة "إذا أمن اللبس"بالمنادى، "كقوله"، هو جرير يندب عمر بن عبد العزيز: [من البسيط] 691- حملت أمرًا عظيمًا فاططبرت له ... وقمت فيه بأمر الله يا عمرا فثبوت ألف الندبة دليل على أنه مندوب، إذ لو كان منادى لقال: يا عمر بالضم، لأنه منادى مفرد، وهذا مفهوم من قول الناظم: 574- .................................... ... ... وغير وا لدى اللبس اجتنب "ويجوز حذف الحرف" المنادى به وهو "يا" خاصة، سواء كان المنادى مفردًا أو جاريًا مجراه أو مضافًا، فالأول "نحو: {يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا} " [يوسف: 29] أي: يا يوسف. والثاني نحو: " {سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلَانِ} " [الرحمن: 31] أي: يا أيها الثقلان. والثالث نحو: " {أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ} " [الدخان: 18] أي: يا عباد الله، على   1 المقتضب 4/ 235. 2 شرح ابن الناظم ص401. 691- البيت لجرير في ديوانه ص736، والدرر 1/ 393، وشرح شواهد المغني 2/ 792، وشرح عمدة الحافظ ص289، والمقاصد النحوية 4/ 229، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 9، وشرح ابن الناظم ص421، وشرح الاشموني 2/ 442، ومغني اللبيب 2/ 372، وهمع الهوامع 1/ 180. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 206 أحد الوجهين. "إلا في ثمان مسائل" فإنه يمتنع فيها حذف حرف النداء: إحداها: "المندوب نحو: يا عمرا". "و" الثانية: "المستغاث نحو: يا لله"، ومنه المتعجب منه نحو: يا للماء وللعشب، إذا تعجبوا من كثرتها. "و" الثالثة: "المنادى البعيد" نحو: يا زيد، إذا كان بعيدًا منك. وإنما لم يحذف حرف النداء في هذه المسائل الثلاث، "لأن المراد فيهن إطالة الصوت" بحرف النداء، "والحذف ينافيه". "و" الرابعة: "اسم الجنس غير المعين كقول الأعمى: يا رجلا خذ بيدي". قاله ابن مالك في الكافية وشرحها1. وأجاز بعضهم الحذف وليس بشيء، لأن حذف حرف النداء لا يجوز إلا إذا كان المنادي مقبلا على المنادى. ومتهيئًًا لما يقول له، وهذا إنما يكون في المعرفة دون النكرة. "و" الخامسة: "المضمر" المخاطب، لأن الحذف معه يفوت الدلالة على النداء. "و" المضمر "نداؤه شاذ"، وظاهر ذكر الناظم له في عداد هذه الكلمات أنه مطرد2، وقصره ابن عصفور على الشعر3، واختار أبو حيان أنه لا ينادى البتة4، فالأقوال حينئذ ثلاثة ومحل الخلاف ضمير5 المخاطب، "ويأتي على صيغتي المنصوب والمرفوع"، فالأول "كقول بعضهم: يا إياك قد كفيتك، و" الثاني نحو "قول الآخر" وهو الأحوص: [من الرجز] 692- يا أبجر بن أبجر يا أنتا ... أنت الذي طلقت عام جعتا قد أحسن الله وقد أسأتا   1 شرح الكافية الشافية 3/ 1290. 2 شرح الكافية الشافية 3/ 1290. 3 المقرب 1/ 176. 4 الارتشاف 3/ 119. 5 في "ب": "في ضمير". 692- الرجز للأحوص في ملحق ديوانه ص216، والمقاصد النحوية 4/ 232، ولسالم بن دارة في خزانة الأدب 2/ 139، 143، 146، ونوادر أبي زيد ص163، والدرر 1/ 382، وبلا نسبة في الإنصاف 1/ 325، وأوضح المسالك 4/ 11، وتذكرة النحاة ص506، وسر صناعة الإعراب 1/ 395، وشرح الأشموني 2/ 443، وشرح التسهيل 3/ 387، وشرح عمدة الحافظ ص301، وشرح المرادي 3/ 270، وشرح المفصل 1/ 127، 130. والمقرب 1/ 176، وهمع الهوامع 1/ 174. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 207 فـ"أبجر" بسكون الموحدة وفتح الجيم: منادى، و"أنت" الأول منادى، وكان القياس أن يقول: يا إياك، لأنه مفعول حذف عامله، ولكنه أناب ضمير الرفع عن ضمير النصب، أو لأنه لما اطرد مجيئه بلفظ المرفوع جاز مجيئه بلفظ ضمير الرفع. وأجاب المانع عن المثال والبيت بأن "يا" فيهما للتنبيه لا للنداء، و"إياك" في المثال من باب الاشتغال، و"أنت" الأول في البيت مبتدأ، والثاني كذلك، أو توكيد، أو بدل، أو فصل، والموصول خبر. واتفقوا على أن ضمير المتكلم والغائب لا يجوز نداؤهما فلا يقال: يا أنا، ولا: يا إياي، ولا: يا هو، ولا: يا إياه. "و" السادسة: "اسم الله تعالى" نحو: يا الله، "إذا لم يعوض في آخره الميم المشددة" عن حرف النداء، لأن نداء اسم الله تعالى على خلاف القياس، فلو حذف حرف النداء لم يدل عليه دليل، والحذف إنما يكون للدليل، "وأجازه بعضهم، وعليه قول أمية ابن أبي الصلت" الثقفي: [من الطويل] 693- رضيت بك اللهم ربا فلن أرى ... أدين إلها غيرك الله راضيا أي: يا الله، وأرى: من الرأي في الأمور، وأدين: مضارع دان بالشيء إذا اتخذه دينًا وديدنًا، أي عادة، والأصل: أن أدين، فحذفت "أن" فارتفع المضارع بعدها على حد قولهم: "تسمع بالمعيدي"1. وإلهًا: مفعوله. وراضيًا: منصوب بـ"رضيت" إما على الحالية من فاعله أو على المفعولية المطلقة على حد قولهم: قم قائمًا، أي: قيامًا، وعلى الوجهين فهو مؤكد له ما بينهما اعتراض، وربا: مفعول "رضيت". والمعنى: رضيت رضا بك ربا يا الله، فلن أرى أن أتخذ إلها غيرك يا الله. "و" السابعة والثامنة: "اسم الإشارة واسم الجنس لمعين"، لأن حرف النداء في اسم2 الجنس كالعوض من أداة التعريف فحقه أن لا يحذف كما لا تحذف الأداة، واسم3 الإشارة في معنى الجنس فجرى مجراه. قاله الشارح4. "خلافًا للكوفيين فيهما،   693- البيت لأمية بن أبي الصلت في ديوانه ص72، والمقاصد النحوية 4/ 243، وبلا نسب في أوضح المسالك 4/ 12، وفيه "ثانيا" مكان "راضيا". 1 تمام المثل: "تسمع بالمعيدي خير من أن تراه". انظر في مجمع الأمثال 1/ 129، وكتاب الأمثال لابن سلام ص97-98، وجمهرة الأمثال 1/ 266، والمستقصى 1/ 370، وفصل المقال ص135. 2 في "ب": "حرف". 3 بعده في "ب": "الجنس". 4 شرح ابن الناظم ص402. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 208 احتجوا" بقوله تعالى: {ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ} [البقرة: 85] ، أي: يا هؤلاء و"بقوله" وهو ذو الرمة: [من الطويل] 694- إذا هملت عيني لها قال صاحبي ... بمثلك هذا لوعة وغرام يريد: يا هذا. ولوعة: مبتدأ، وتقدم خبره في المجرور قبله. "وقولهم: أطرق كرا"، إن النعام في القرى1 وهو مثل يضرب لمن تكبر وقد تواضع من هو أشرف منه، أي: طأطئ يا كروان رأسك واخفض عنقك للصيد، فإن أكبر منك، وأطول عنقًا، هي النعام، قد صيدت وحملت من البدو إلى القرى. "و: افتد مخنوق"2 وهو مثل يضرب لكل مضطر وقع في شدة وهو يبخل بافتدائه نفسه بماله. "و: أصبح ليل"3 وهو مثل يضرب لمن يظهر الكراهة للشيء. وأصله أن امرأة وقع عليها امرؤ القيس وكانت تكرهه فقالت له: أصبحت أصبحت يا فتى. فلم يلتفت إليها، فرجعت إلى خطاب الليل كأنها تستعطفه. أي: صر صبحًا يا ليل، كقوله: [من الطويل] 695- ............................... ... ... نور صبح والليل عاتم   694- البيت لذي الرمة في ديوانه ص1592، والدرر 1/ 380، وشرح عمدة الحافظ ص297، والمقاصد النحوية 4/ 235، وهمع الهوامع 1/ 174، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 15، وشرح الأشموني 2/ 443، ومغني اللبيب 2/ 641، وشرح الكافية الشافية 3/ 1291، وشرح المرادي 3/ 272. 1 المثل من شواهد الكتاب 2/ 231، 3/ 617، وأوضح المسالك 4/ 17، وشرح ابن عقيل 2/ 257، وشرح ابن الناظم ص402، وشرح المفصل 2/ 16، وهو من الأمثال في مجمع الأمثال 1/ 431، والدرة الفاخرة 1/ 155، وجمهرة الأمثال 1/ 11، 194، 395، والمستقصى 1/ 221. 2 المثل من شواهد الكتاب 2/ 231، وأوضح المسالك 4/ 17، وشرح ابن عقيل 2/ 257، وشرح ابن الناظم ص402، وشرح المفصل 2/ 16، وهو من الأمثال في مجمع الأمثال 2/ 78، والمستقصى 1/ 265. 3 المثل من شواهد الكتاب 2/ 231، وأوضح المسالك 4/ 17، وشرح ابن عقيل 2/ 257، وشرح ابن الناظم ص402، وشرح المفصل 2/ 16، وهو من الأمثال في مجمع الأمثال 1/ 427، والدرة الفاخرة 1/ 278، وجمهرة الأمثال 2/ 4، والمستقصى 1/ 218. 695- تتمة البيت: وحتى يبيت القوم في الصيف ليلة ... يقولون ................................ وهو للأعشى في ديوانه ص127، ولسان العرب 1/ 597، "نوم"؛ وبلا نسبة في لسان العرب 5/ 240 "نور"، وتاج العروس 14/ 303" نور". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 209 والأصل فيها: أطرق يا كروان، فرخم على لغة من لا ينتظر، فقلبت الواو ألفًا. وافتد يا مخنوق، وأصبح يا ليل، ونور يا صبح، "وذلك عند البصريين ضرورة" في النظم، "وشذوذ" في النثر1. قال المرادي في شرح النظم2: "والإنصاف القياس على اسم الجنس لكثرته نظمًا ونثرًا. وقصر اسم الإشارة على السماع، إذ لم يرد3 إلا في الشعر". وأما نحو: {ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ} [البقرة: 85] فمتأول4 على أن "أنتم"5 مبتدأ، وهؤلاء: خبره، أو بالعكس، وجملة "تقتلون" حال، واقتصر في النظم على قوله: 575- وغير مندوب ومضمر وما ... جا مستغاثا قد يعرى فاعلما 576- وذاك في اسم الجنس والمشار له ... قل ومن يمنعه فانصر عاذله   1 في شرح ابن الناظم ص403، "وعند الكوفيين أن حذف حرف النداء من اسم الجنس والمشار إليه قياس مطرد، والبصريون يقصرونه على السماع"، وانظر شرح الكافية الشافية 3/ 1291، وشرح المرادي 3/ 271. 2 شرح المرادي 3/ 271. 3 في "ط": "يوجد". 4 في "ب": "فمتناول". 5 في "ط": "كنتم". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 210 الفصل الثاني في أقسام المنادى بفتح الدال: "و" ذكر "أحكامه": المنادى على أربعة أقسام: أحدها: ما يجب فيه أن يبنى على ما يرفع به" من حركة أو حرف، "لو كان معربًا" على سبيل الفرض، "وهو ما اجتمع فيه أمران: أحدهما التعريف، سواء كان ذلك التعريف سابقًا على النداء نحو": زيد، في قولك: "يا زيد"، فزيد معرفة بالعلمية قبل النداء واستصحب ذلك التعريف بعد النداء، وهو مذهب ابن السراج1 وتبعه الناظم2. وقيل: سلب تعريف العلمية وتعرف بالإقبال، وهو مذهب المبرد3 والفارسي4، وورد بنداء اسم الله تعالى واسم الإشارة5، فإنهما لا يمكن سلب تعريفهما لكونهما لا يقبلان التنكير. "أو" كان التعريف "عارضًا في النداء بسبب القصد والإقبال نحو: يا رجل، تريد به معينًا"، وإليه ذهب الناظم6. وقيل: تعريفه بـ"أل" محذوفة ونابت "يا" عنها. "و" الأمر "الثاني: الإفراد، ونعني به أن لا يكون مضافًا ولا شبيهًا به، فيدخل في ذلك المركب المزجي والمثنى والمجموع" على حده وغيره تذكيرًا وتأنيثًا.   1 الأصول 1/ 329. 2 شرح الكافية الشافية 3/ 1249. 3 المقتضب 4/ 205. 4 الإيضاح العضدي 4/ 205. 5 الإنصاف 1/ 338، المسألة رقم 46. 6 في "ط": "ابن الناظم" مع أن ابن الناظم لم يقل هذا، وإنما هذا القول لوالده في شرح الكافية الشافية 3/ 1249. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 211 فالمزجي "نحو: يا معد يكرب"، ومعناه فيما قال أحمد بن يحيى: عداه الكرب، أي: تجاوزه. حكى ذلك أبو الفتح1 عن الفارسي. "و" المثنى نحو: "يا زيدان، و" الجمع على حده، وهو جمع المذكر السالم نحو: "يا زيدون، و" تثنية2 المنكر وجمعه السالم نحو: "يا رجلان ويا مسلمون"، والجمع المكسر في التذكير نحو: يا زيود، "و" جمع السالم في التأنيث نحو: "يا هندات"، وجمع تكسيره3 نحو: يا هنود. "وما كان مبنيًّا قبل النداء"، سواء كان علم مذكر أم علم مؤنث. فالأول: "كـ: سيبويه"، في لغة من بناه، "و" الثاني نحو: "حذام، في لغة أهل الحجاز"، أم غير علم نحو: هؤلاء: في لغة الضم، وهذا وأنت وكيف. فما كان معربًا صحيح الآخر غير مثنى ولا مجموع على حده أظهرت فيه الضمة. وما كان مثنى أو مجموعا على حده بنيته على نائب الضمة، وهو الألف في المثنى والواو في الجمع اتفاقًا. وما كان معتلا كـ: فتى وقاض، أو مبنيًّا قبل النداء "قدرت فيه الضمة" ففي نحو: يا سيبويه ويا هؤلاء، ويا هذا ويا أنت، ضمة مقدرة في آخر مجددة للنداء. "ويظهر أثر ذلك" التقدير "في تابعه فتقول: يا سيبويه العالمُ، برفع العالم" مراعاة لضمة مقدرة في آخره، "ونصبه" مراعاة لمحله، فإن محله منصوب على المفعولية، "كما تفعل في تابع ما تجدد بناؤه نحو: يا زيد الفاضل"، برفع الفاضل مراعاة لضمة زيد لفظًا، ونصبه مراعاة لمحله. "و" العلم المركب الإسنادي "المحكي"، ما كان عليه قبل العلمية "كالمبني" في تقدير الضم في آخره، "تقول1: يا تأبط شرا المقدام"، بالرفع مراعاة لتقدير الضم في آخره، "والمقدام"، بالنصب مراعاة لمحله. ومقتضى التشبيه أن المحكي ليس مبنيا، والمنقول أنه مبني، وهذه النعوت مقصودة4، فإن "سيبويه" يناسبه العلم، و"زيد" يناسبه الفضل، و"تأبط شرًّا" يناسبه الإقدام، ومعناه: جعل السلاح تحت إبطه.   1 انظر المبهج ص20، وفي مقدمة ديوان عمرو بن معدي كرب ص20: "قال بن جني: ومعدي كرب فسره أحمد بن يحيى، فيما حكاه لنا أبو علي أنه من عداه الكرب أي تجاوزه وانصرف عنه"، وأضاف محقق الديوان أن عبد الرحمن السهيلي قال في الروض الأنف 1/ 39: "ومعدي كرب؛ بالحميرية: وجه الفلاح. المعدي: هو الوجه بلغتهم، والكرب: هو الفلاح". 2 بعده في "ب": "مذكر". 3 في "ب": "تكبيره". 4 سقطت من "ب". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 212 واحترز بقوله: "المحكي" من لغة من أعربه إعراب المتضايفين، فإنه ينصب الأول ويجر الثاني بالإضافة، ويصير من قسم المضاف. وفي الرضي1 في باب العلم: "إذا نقلت الكلمة المبنية وجعلتها علمًا لغير ذلك اللفظ فالواجب الإعراب". ا. هـ. فعلى هذا تقول في كيف وهؤلاء وكم ومنذ أعلامًا: يا كيف ويا هؤلاء ويا كم ويا منذ، بضمة ظاهرة متجددة للنداء، وإلى هذا القسم أشار الناظم بقوله: 577- وابن المعرف المنادى المفردا ... ..................................... البيتين2 ... "و" القسم "الثاني" من أقسام المنادى؛ "ما يجب نصبه وهو ثلاثة أنواع": أحدها: "النكرة غير المقصودة"، جامدة كانت أو مشتقة في نثر أو شعر، "كقول الواعظ: يا غافلا والموت يطلبه، وقول الأعمى: يا رجلا خذ بيدي، وقول الشاعر"، وهو عبد يغوث بن وقاص الحارثي: [من الطويل] 696- أيا راكبًا إما عرضت فبلغن ... نداماي من نجران أن لا تلاقيا لأن الواعظ والأعمى والشاعر لم يقصدوا واحدًا3 بعينه، "و" إنما كرر الشواهد ردًّا لما نقل "عن المازني أنه أحال وجود هذا القسم" مدعيًا أن نداء غير المعين لا يمكن، وأن التنوين في ذلك شاذ أو ضرورة، وعرضت: أي أتيت العروض، وهو مكة والمدينة وما حولهما، ونجران: بلد باليمن.   1 شرح الكافية للرضي 3/ 268. 2 البيتان هما: وابن المعرف المنادى المفردا ... على الذي في رفه قد عهدا وانو انضمام ما بنوا قبل الندا ... وليجر مجرى ذي بناء جددا 696- البيت لعبد يغوث بن وقاص في الأشباه والنظائر 6/ 243، وخزانة الأدب 2/ 194، 195، 197، وشرح اختيارات المفضل ص767، وشرح المفصل 1/ 128، والعقد الفريد 5/ 229، والكتاب 2/ 200، والمقاصد النحوية 4/ 206, وبلا نسبة في خزانة الأدب 1/ 413، 9/ 223، ورصف المباني ص137، وشرح الناظم ص403، وشرح الأشموني 2/ 445، وشرح ابن عقيل 2/ 260، وشرح التسهيل 3/ 397، وشرح شذور الذهب ص111، وشرح الكافية الشافية 1/ 135، وشرح المرادي 3/ 280، والمقتضب 4/ 204. 3 في "ط": "أحدًا". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 213 النوع "الثاني": مما يجب نصبه "المضاف، سواء كانت الإضافة محضة" وهي الخاصة من شائبة الانفصال "نحو: ربنا اغفر لنا" أي: يا ربنا، "أو غير محضة"، وهي إضافة الصفة لمعمولها "نحو: يا حسن الوجه، و" نقل "عن ثعلب"1 وهو أحمد بن يحيى "إجازة الضم في غير المحضة"، فيجيز: يا حسن الوجه، بضم الصفة، لأن إضافتها في تقدير الانفصال2. ولنا أن البناء ناشئ عن مشابهة الضمير وهي مفقودة هنا، وأنه لا سماع يقتضي ذلك، فإن ادعى أن نحو: "يا حسن الوجه" في قوة "يا حسن" فباطل، بل في قوة: يا حسنًا الوجه، وهذه الشبهة عرضت لمن قال: إن هذه الإضافة تفيد التخصيص نظرًا إلى أن حسن الوجه أخص من "حسن". النوع "الثالث: الشبيه بالمضاف، وهو ما اتصل به شيء من تمام معناه" إما بعمل أو عطف قبل النداء. والعمل إما في فاعل أو مفعول أو مجرور، فالأول "نحو: يا حسنا وجهه" فـ"وجهه" مرفوع على الفاعلية بـ"حسن". "و" الثاني نحو: "يا طالعا جبلا" فـ"جبلا" منصوب على المفعولية بـ"طالعًا". "و" الثالث نحو: "يا رفيقًا بالعباد" فـ"العباد" متعلق بـ"رفيقًا". "و" المعطوف نحو: "يا ثلاثة وثلاثين، فيمن سميته بذلك" أي بالمعطوف والمعطوف عليه معًا، فيجب نصبهما للطول بلا خلاف، أما نصب ثلاثة فلأنه شبيه بالمضاف من حيث إن الثاني من تمام الأول، التسمية وقعت بالكلمتين مع حرف العطف، ولما كان حرف العطف يقتضي معطوفًا ومعطوفًا عليه، هو بمنزلة العامل صار كأنه بعض اسم عمل في آخر، فأشبه ضاربًا زيدًا. وأما نصب "ثلاثين" فبالعطف على "ثلاثة". "ويمتنع إدخال" "يا" على "ثلاثين" لأنه الجزء الثاني من العلم، فأشبه "شمس" من عبد شمس، و"يا" لا تدخل عليه، "خلافًا لبعضهم" في إجازة ذلك، لتخلف المشبه في بعض الأحكام عن المشبه به. "وإن ناديت جماعة، هذه" العدة "عدتها" فلا يخلو إما أن تكون معينة أو لا. فإن كانت غير معينة "نصبتها أيضًا"، أما الأول فلأنه اسم نكرة غير مقصودة، وأما الثاني فلأنه معطوف على منصوب.   1 سقطت من "ب". 2 انظر شرح التسهيل 3/ 393، وشرح الكافية الشافية 1/ 136. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 214 "وإن كانت معينة ضممت الأول" لأنه نكرة مقصودة معرفة بالقصد والإقبال, "وعرفت الثاني بـ: أل" وجوبًا، لأنه اسم جنس أريد به معين فوجب إدخال أداة التعريف عليه وهي "أل" "ونصبته أو رفعته" بالعطف على المحل أو اللفظ، كما في قولك: يا زيد الضحاك. قاله الفارسي. "إلا إن أعدت معه "يا" فيجب ضمه"، لأنه نكرة مقصودة، "و" يجب حينئذ "تجريده من: أل" لأن "يا" لا تدخل على ما فيه "أل" وإنما جاز دخول "يا" عليه لأنه ليس جزء1 علم والحالة هذه. "ومنع ابن خروف" مبتدأ "إعادة "يا" وتخييره2 في إلحاق "أل" مردود" خبر "منع"، ووجه رده أن الثاني ليس بجزء علم، وأنه ليس جنس أريد به معين. وينبغي أن ينتظم في سلك الشبيه3 بالمضاف النعت والمنعوت، إذا كان المنعوت مفردًا نكرة مقصودة، فإن العرب تؤثر نصبها على ضمها، حكى الفراء: يا رجلا كريمًا أقبل. ووجهه أن يحتمل أن يكون نقل إلى النداء موصوفًا فبقي على ما كان عليه حين صارت الصفة كالمعمول للعامل وكالمعطوف في التسمية، وتعريف القصد لا يقدح في هذا، فإنه إنما ورد على الصفة وموصوفها معًا، لا على الموصوف وحده. فإن عورض بأنه لو جاز ذلك لجاز النصب في المعرفة الموصولة نحو: يا زيد العاقل. أجيب بأن حاجة النكرة إلى الصفة أشد من حاجة المعرفة إليها4. فإن قيل: لو كان من قبيل الشبيه بالمضاف كان النصب واجبًا لا راجحًا. أجيب بأن النداء تارة يرد على الموصوف وصفته، وعند ذلك لا بد من النصب، وتارة يرد على الاسم غير موصوف، فلابد من البناء على الضم، لأن الصفة إنما ترد على المنادى وحده فهو مفرد مقصود، ثم يرد الوصف، فلما اختلف المدركان جاز الوجهان. فإن قيل: إذا كانت النكرة مقصودة فهي معرفة، فكيف توصف بالنكرة، وإنما توصف بالمعرفة5، حكى يونس عن العرب: يا فاسق الخبيث، وأخبر سيبويه بذلك؟ 6   1 في "ب": "بحزء". 2 في "ط": "وتأخيره". 3 في "ب": "النسبة". 4 في "أ": "إليهما". 5 في "ط": "المعرفة". 6 الكتاب 2/ 199. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 215 أجيب بأنه يغتفر في المعرفة الطارئة ما لا يغتفر في الأصلية، ويحتمل أن يكون المنادي محذوفًا، و"رجلا": حال موطئة منه، والتقدير: يا زيد رجلا كريمًا أقبل. وأما "يا عظيمًا يرجى لكل عظيم، ويا لطيفًا لم يزل، ويا حليما لا يعجل"1 فقال الموضح [في الحواشي] 2: ليست الجملة نعتا لما قبلها وإنما هي في موضع الحال من الضمير المستتر في الوصف، وهو المخاطب بالنداء، وعامل الحال هو عامل صاحبها، والمنادى منصوب كما في: يا طالعًا جبلا، ولك في حرف المضارعة الياء والتاء على حد: يا تميم كلهم أو كلكم. ا. هـ. فهو من الشبيه بالمضاف، وفيه رد على ابن مالك حيث جعل الجملة نعتًا3. وإلى هذا القسم أشار الناظم بقوله: 579- والمفرد المنكور والمضافا ... وشبهه انصب ............. "و" القسم "الثالث" من أقسام المنادى: "ما يجوز ضمه وفتحه، وهو نوعان: أحدهما أن يكون" المنادى "علمًا مفردًا موصوفًا بابن متصل به" أي بالعلم "مضاف" الابن "إلى علم" آخر "نحو: يا زيد بن سعيد" بضم زيد على الأصل، وفتحه إما على الإتباع لفتحة ابن، إذ الحاجز بينهما ساكن فهو غير حصين، وعليه اقتصر في التسهيل4، أو على تركيب الصفة مع الموصوف وجعلهما شيئًا واحدًا، كـ: خمسة عشر، وعليه اقتصر الفخر الرازي تبعًا للشيخ عبد القاهر، وإما على إقحام الابن وإضافة زيد إلى سعيد، لأن ابن الشخص يجوز إضافته إليه، لأنه يلابسه. حكاه في البسيط مع الوجهين السابقين، فعلى الوجه الأول فتحة زيد فتحة إتباع، وعلى الثاني فتحة5 بناء، وعلى الثالث فتحة إعراب، وفتحة ابن على الأول فتحة إعراب وعلى الثاني بناء وعلى الثالث غيرهما. "والمختار عند البصريين غير المبرد الفتح لخفته"6، فإن كان على الإتباع فهو نظير امرئ وابنم، وإن كان على التركيب فهو نظير: لا رجل ظريف، فيمن فتحهما، وإن   1 في شرح التسهيل 3/ 393، أن هذا القول مروي عن النبي -صلى الله عليه وسلم. 2 إضافة من "ب"، "ط". 3 شرح التسهيل 3/ 393. 4 التسهيل ص180. 5 سقطت من "ب". 6 شرح ابن الناظم ص411. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 216 كان الإقحام فهو نظير: [من الرجز] 697- يا زيد زيد اليعملات ..... ... ................................ إذا فتحت الأول على قول سيبويه1. وذهب المبرد إلى أن الضم أجود، وهو القياس2، وزعم ابن كيسان أن الفتح أكثر3، "ومنه قوله" وهو رؤبة عند الجوهري4، أو رجل من بني الحرماز عند العيني5، وزعم أنه الصواب: [من الرجز] 698- يا حكم بن المنذر بن الجارود ... سرادق المجد عليك ممدود بفتح "حكم" وقال المبرد: إنه لو قال: يا حكم، بالضم، لكان أولى لأنه الأصل6. ويتعين الضم إذا كان الابن غير صفة، بأن كان بدلا أو بيانًا أو منادى سقط منه حرف النداء، أو مفعولا بفعل محذوف تقديره: أعني، ونحوه. "ويتعين الضم" أيضًا إذا كان المنادى غير علم، أو كان الابن مضافا لغير علم، كما "في نحو: يا رجل ابن عمرو، ويا زيد ابن أخينا، لانتفاء علمية المنادى" وهو رجل "في" الصورة "الأولى، و" انتفاء "علمية المضاف إليه في" الصورة "الثانية".   697- تمام الرجز: يا زيد زيد اليعملات الذبل ... تطاول الليل عليك فانزل وهو لعبد الله بن رواحة في ديوانه ص99، وخزانة الأدب 2/ 302، 304، والدرر 2/ 379، وشرح أبيات سيبويه 2/ 27، وشرح شواهد المغني 1/ 433، 2/ 855، ولبعض بني جرير في شرح المفصل 2/ 10، والكتاب 2/ 206، والمقاصد النحوية 4/ 221، وأساس البلاغة "عمل"، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 1/ 100، وشرح ابن الناظم ص411، وشرح الأشموني 2/ 454، وشرح ابن عقيل 2/ 272، وشرح الكافية الشافية 3/ 1320-1321، ومغني اللبيب 2/ 457، والمقتضب 4/ 230، وهمع الهوامع 2/ 122، وأساس البلاغة "طول"، وتاج العروس "عمل". 1 الكتاب 2/ 206، وانظر شرح ابن الناظم ص411. 2 المقتضب 4/ 232، والكامل ص576. 3 انظر الارتشاف 3/ 122، وشرح المرادي 3/ 283. 4 الصحاح "سردق". 5 المقاصد النحوية 4/ 210. 698- الرجز في ملحق ديوانه ص172، وتاج العروس 25/ 442 "سردق"، وللكذاب الحرمازي في شرح أبيات سيبويه 1/ 472، والشعر والشعراء 2/ 689، والكتاب 2/ 203، ولرؤبة أو للكذاب في المقاصد النحوية 4/ 210، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 22، ورصف المباني ص356، وسر صناعة الإعراب 2/ 536، وشرح ابن الناظم ص404، وشرح الأشموني 2/ 446، وشرح الكافية الشافية 3/ 1296، وشرح المفصل 2/ 5، والصحاح "سردق"، والمقتضب 4/ 232، والكامل ص576. 6 المقتضب 4/ 232، والكامل ص576. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 217 "و" يتعين الضم أيضًا إذا فصل بين العلم والابن، كما "في نحو: يا زيد الفاضل ابن عمرو، لوجود الفصل" بالفاضل. "و" يتعين الضم إذا كان الوصف غير ابن، كما "في نحو: يا زيد الفاضل لأن الصفة"؛ وهي الفاضل؛ "غير ابن"، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله1: 580- ونحو زيد ضم وافتحن .... ... ................................ البيتين2. "ولم يشترط ذلك الكوفيون"، هو أن يكون الوصف ابنا، بناء على أن علة الفتح التركيب، وقد جاء في باب "لا" نحو: لا رجل ظرف، بفتحهما، فجوزوا ذلك هنا، "وأنشدو عليه" قول جرير في مدح عمر بن عبد العزيز: [من الوافر] 699- فما كعب بن مامة وابن سعدي ... بأجود منك يا عمر الجوادا الرواية "بفتح: عمر" و"الجواد"، والقوافي منصوبة. وكعب بن مامة هو كعب الإيادي الذي آثر رفيقه على نفسه بالماء حتى3 هلك عطشًا، وابن سعدى هو أوس بن حارثة بن لام الطائي الجواد المشهور, وسعدى: أمه. ويروى "أورى" مكان "سعدى" قيل: والمراد به عثمان بن عفان -رضي الله عنه. وحكى الأخفش أن بعض العرب يضم "ابن" إتباعًا لضم المنادى، وهو نظير {الْحَمْدُ لِلَّهِ} [الأنعام: 1] بضم اللام4 في تبديل حركة بأثقل منها للإتباع، وفي كون ذلك من كلمتين، وفي تبعية الثاني للأول، لكنه مخالف في كونه5 إتباع معرب لمبني و"الحمد لله" بالعكس.   1 في "ب"، "ط": "وإلى ذلك الإشارة بقول النظم". 2 البيتان هما: ونحو زيد ضم وافتحن من ... نحو أزيد بن سعيد لا تهن والضم إن لم يل الابن علما ... أو يل الابن علم قد حتما 699- البيت لجرير في خزانة الأدب4/ 442، والدرر 1/ 387، وشرح التسهيل 3/ 394، وشرح شواهد المغني ص56، والمقاصد النحوية 4/ 254، واللمع ص194، والمقتضب 4/ 208، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 23، وشرح الأشموني 2/ 447، وشرح المرادي 3/ 285، وشرح قطر الندى ص210، ومغني اللبيب ص19، وهمع الهوامع 1/ 176. 3 في "ط": "حين". 4 هي قراءة إبراهيم بن أبي عبلة، انظر مختصر بن خالويه ص1. 5 في "أ": "كون" والصواب من "ب"، "ط". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 218 "والوصف بابنة" في جواز فتح المنادى معها "كالوصف بابن" في ذلك، لأن ابنة هي ابن بزيادة التاء، "نحو: يا هند بنة عمرو" بضم هند وفتحها إتباعا لابنة، لأن الحرف الساكن بينهما حاجز غير حصين، وتاء التأنيث في حكم الانفصال. "ولا أثر للوصف ببنت" عند جمهور العرب، "فنحو: يا هند بنت عمرو، واجب الضم" وممتنع الفتح لتعذر الإتباع، لأن بينهما حاجزًا حصينا، وهو تحرك الباء الموحدة، وجوزه أبو عمرو بن العلاء سماعا بناء على أن الفتح للتركيب، ومثله: يا زيد بُنَيَّ عمرو، بتصغير ابن، لتعذر الإتباع، ويجوز للتركيب. وشمل قوله: "أن يكون علمًا مفردًا" المثنى والمجموع مسمى بهما، ففي "النهاية": إذا سميت بمسلمات وبزيدين وبزيدين، حاكيًا إعرابه، قلت فيمن قال: يا زيد بن عمرو بالفتح، ويا مسلمات بن عمرو [بالكسر، ويا زيدين بن عمرو، ويا زيدين ابن عمرو. وعلى من ضم تقول: يا مسلمات بن عمرو] 1، ويا زيدان بن عمرو، ويا زيدون بن عمرو. ومن أجرى الإعراب في النون أجرى النون مجرى الدال، فيفتحها أو يضمها. انتهى. وهذا مبني على القول بالتركيب، وأما على القول بالإتباع2 فلا، إذ لا إتباع في مسلمات إذا كسرت [التاء] 3 ولا في المثنى والمجموع على حده، ولذلك قال في التسهيل4: ويجوز فتح ذي الضمة الظاهرة إتباعًا، فنحو: {يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ} [المائدة: 110] لا يقدر فيه إلا الضم، خلافًا للفراء والزمخشري5. وإذا وقع الابن بين علمين في غير النداء وكان صفة لما قبله، كان الحكم في أن يحذف التنوين من الموصوف لفظًا والألف من الابن خطا، كما في النداء، تقول: جاءني زيد بن عمرو، بحذف تنوين زيد، ويجوز ثبوته في الضرورة كقوله: [من الرجز] 700- جارية من قيس بن ثعلبه ... تزوجت شيخا غليظ الرقبه   1 سقط ما بين المعكوفين من "ب". 2 في "ب": "بالإشباع". 3 إضافة من "ب"، "ط". 4 التسهيل ص180. 5 انظر معاني القرآن للفراء 1/ 326، والكشاف 1/ 371، وفيهما أنهما أجازا الفتح والضم في "عيسى". 700- الرجز للأغلب العجلي في ديوانه ص148، واللسان 1/ 238، "ثعلب"، وأساس البلاغة "قعب"، والدرر 1/ 388، وشرح المفصل 2/ 6، والكتاب 3/ 506، وتاج العروس 4/ 64، "قعب"، "خلل"، "حلي"، والخصائص 2/ 491، وسر صناعة الإعراب 2/ 530، وهمع الهوامع 1/ 176، وتاج العروس "الياء"، وشرح التسهيل 3/ 395، وشرح الكافية الشافية 3/ 1302، والمقتضب 2/ 315. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 219 وإن كان الابن خبرًا انعكس الحكم فينون المخبر عنه وتكتب1 ألف ابن خطا، تقول: زيد ابن عمرو, بتنوين زيد، وكذا إن لم يقع الابن بين علمين، تقول: جاءني زيد ابن أخينا، بتنوين زيد وإثبات ألف ابن خطا، فالحكم المذكور متعلق بشرطين: أن يقع الابن بين2 علمين، وأن يكون الابن صفة للعلم الذي قبله، فمتى زال أحد الشرطين عاد الاسم إلى أصله من التنوين. قاله الفخر الرازي وغيره. النوع "الثاني: أن يكرر" المنادى حال كونه "مضافًا، نحو: يا سعدَُ سعدَ الأوس3، فالثاني" من السعدين "واجب النصب، والوجهان"، وهما الضم والفتح، جاريان "في" سعد "الأول4"، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 591- في نحو سعد سعد الاوس ينتصب ... ثان وضم وفتح أولا تصب "فإن ضممته"، وهو الأكثر لأنه منادى مفرد، "فالثاني بيان" للأول، "أو بدل" منه "أو" منادى [ثان] 5 "بإضمار "يا" أو" مفعول بإضمار "أعني" أو توكيد. قاله ابن مالك6، واعترضه أبو حيان بأنه لا يجوز التوكيد لاختلف وجهي التعريف، لأن تعريف الأول بالعملية أو بالنداء، والثاني بالإضافة7. وقال الموضح في الحواشي: وثم مانع أقوى من ذلك، وهو اتصال الثاني بما لم يتصل به الأول. "وإن فتحته" أي الأول "فقال سيبويه8: مضاف لما بعد الثاني والثاني فقحم" أي زائد بينهما. وهذا مبني على جواز إقحام الأسماء، وأكثرهم يأباه، وعلى جوازه ففيه فصل من المتضايفين، وهما كالشيء الواحد، وكان يلزم أن ينون الثاني لعدم إضافته.   1 في "ب"، "ط": "وتثبت". 2 سقطت من "ب". 3 في حاشية يس 1/ 171: "قال الدنوشري: اشير بسعد سعد الأوس إلى بيت من جملة أبيات سمعها أهل مكة من هاتف هتف بهم قبل إسلام سعد بن معاذ وسعد بن عبادة وهي قوله: فإن يسلم السعدان يصبح محمد ... بمكة لا يخشى خلاف المخالف فيا سعد الأوس كن أنت ناصرا ... ويا سعد سعد الخزرجين الغطارف أورد ذلك السهيلي في الروض الأنف". 4 سقطت من "ب". 5 إضافة من "ب"، "ط". 6 شرح التسهيل 3/ 405. 7 الارتشاف 3/ 135. 8 الكتاب 2/ 206، وانظر شرح ابن الناظم ص411. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 220 "وقال المبرد1: مضاف لمحذوف مماثل لما أضيف إليه الثاني"، والأصل: يا سعد الأوس سعد الأوس: فحذف من الأول لدلالة الثاني عليه. وهو نظير ما ذهب إليه في نحو: قطع الله يد ورجل من قالها، وهو قليل في كلامهم، والكثير العكس، وسعد الثاني حينئذ بيان أو بدل أو توكيد، لأن المضاف إليه الأول مراد أو منادى ثان. "وقال الفراء: الاسمان" الأول والثاني "مضافان للمذكور"، ولا حذف ولا إقحام. وهو ضعيف لما فيه من توارد عاملين على معمول واحد. "وقال بعضهم" وهو الأعلم2: "الاسمان مركبان تركيب خمسة عشر، ثم أضيفا" إلى الأوس كـ: خمسة عشر زيد، وفيه تكلف تركيب ثلاثة أشياء. وسعد الأوس هو سعد بن معاذ رضي الله عنه، وهو سعد بن معاذ بن النعمان بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل بن خثعم بن الحارث بن الخزرج بن عمرو بن مالك، وهو أخو الخزرج. القسم "الرابع" من أقسام المنادى: "ما يجوز ضمه ونصبه، وهو المنادى المستحق للضم إذا اضطر الشاعر إلى تنوينه" سواء كان علمًا أو نكرة مقصودة، فالعلم "كقوله" وهو الأحوص: [من الوافر] 701- سلام الله يا مطر عليها ... وليس عليك يا مطر السلام بتنوين مطر الأول مع بقاء ضمه على البناء. "و" النكرة المقصودة نحو "قوله" وهو جرير: [من الوافر] 702- أعبدا حل في شعبي غريبا ... ألؤما لا أبالك واغترابا بتنوين "عبدًا" مع نصبه على الإعراب إجراء للنكرة المقصودة مجرى النكرة غير المقصودة.   1 المقتضب 4/ 227، وانظر شرح ابن الناظم ص411. 2 انظر قوله في خزانة الأدب 2/ 304. 701- البيت للأحوص في ديوانه ص189، والكتاب 2/ 202، والأغاني 15/ 234، وخزانة الأدب 2/ 150، 152، 6/ 507، والدرر 1/ 376، وشرح أبيات سيبويه 2/ 25، 605، وشرح شواهد المغني 2/ 766، وبلا نسبة في الأزهية ص164، والأشباه والنظائر 3/ 213، والإنصاف 1/ 311، وأوضح المسالك 4/ 28، والجنى الداني ص149، والدرر 2/ 257، ورصف المباني 177، 355، وشرح ابن الناظم ص405، وشرح الأشموني 2/ 448، وشرح التسهيل 3/ 396، وشرح شذور الذهب ص113، وشرح ابن عقيل 2/ 262، وشرح الكافية الشافية 3/ 1304، ومجالس ثعلب ص92، 542، والمحتسب 2/ 93. 702- تقدم تخريج البيت برقم 398. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 221 وأجاز فيه سيبويه1 وجهًا آخر. وهو أن يكون حالا كأنه قال: أتفخر عبدًا، أي في حال عبودية، ولا يليق الفخر بالعبد، قاله ابن السيد. "واختار الخليل وسيبويه" والمازني "الضم" مطلقًا، لأنه الأكثر في كلامه، "و" اختار "أبو عمرو" بن العلاء "وعيسى" بن عمرو ويونس والجرمي والمبرد "النصب" مطلقًا، "ووافق الناظم والأعلم سيبويه في" ضم "العلم" كـ"مطر" في البيت الأول، "و" وافقا "أبا عمرو وعيسى في" نصب "اسم الجنس" كـ"عبدًا" في البيت الثاني. قال ابن مالك2: إن بقاء الضم راجح في العلم لشدة شبهه بالضمير، مرجوع في اسم الجنس، لضعف شبهه بالضمير. واختلف في تنوين المضموم فقيل: تنوين تمكين، لأن هذا المبني يشبه المعرب. وقيل: تنوين ضرورة، وإليه ذهب ابن الخباز. قال في المغني3: وبقوله أقول، لأن الاسم مبني على الضم، وخير في النظم بين الضم والنصب فقال: 582- واضمم أو انصب ما اضطرارًا نونا ... مما له استحقاق ضم بينا وتظهر فائدتهما في التابع، فتابع المنون المضموم يجوز فيه الضم والنصب، وتابع المنون المنصوب يجب نصبه ولم يجز ضمه.   1 الكتاب 1/ 239، 345. 2 شرح التسهيل 3/ 396. 3 مغني اللبيب 2/ 343. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 222 فصل: "ولا يجوز نداء ما فيه: أل" لأن النداء يفيد التعريف و"أل" تفيد التعريف، ولا يجمع بين معرفين، فلا يقال: يا الرجل، عند البصريين2، "إلا في أربع صور: إحداها: اسم الله تعالى، أجمعوا على ذلك، تقول: يا الله، بإثبات الألفين" ألف "يا" وألف "الله" "ويلله3، بحذفهما" معًا "ويا لله، بحذف الثانية فقط" وإبقاء الأولى. وعلل سيبويه جواز نداء الجلالة بأن "أل" لا تفارقها، وهي عوض همزة إله، فصارت بذلك كأنها من نفس الكلمة4. انتهى. وهذا التعليل يناسب إثبات ألف الجلالة في النداء، كما أن الفعل المبدوء بهمزة الوصل إذا سمي به قطعت همزته، تقول: جاءني أنصر وإضرب، بضم الهمزة في الأول وكسرها في الثاني. ووجه حذفها في الوصل النظر إلى أصلها، ووجه حذف ألف "يا" أن إثباتها يؤدي إلى التقاء الساكنين على غير حده لكونهما من كلمتين، ووجه إثباتها مع حذف الثانية إجراء المنفصل من كلمتين مجرى المتصل من كلمة واحدة. "والأكثر أن يحذف حرف النداء" وهو"يا" خاصة، "وتعوض عنه الميم المشددة، فتقول: اللهم" بحذف حرف النداء وزيادة الميم في آخره، ولم تزد مكان المعوض منه لئلا تجتمع زيادتا5 الميم و"أل" في الأول. وخصت الميم بذلك لأن الميم عهدت زيادتها آخرًا كميم زرقم. قاله السيرافي.   1 في "أ"، "ط": "مسألة"، وأثبت ما في "ب"، وأوضح المسالك 4/ 31. 2 انظر شرح ابن الناظم ص406، والإنصاف 1/ 335، والمسألة رقم 46. 3 في "ط"، وأوضح المسالك 4/ 31: "يا لله". 4 الكتاب 2/ 195. 5 في "ب": "زيادة". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 223 وما ذكره من أن الميم عوض عن "يا" هو مذهب البصريين، وذهب الكوفيون إلى أن الميم بعض "أمنا بخير" فيجيزون1 "يا اللهم" في السعة2. ويبطل ذلك أنه حذف على غير قياس وقد التزم، وأنه لا يمتنع: اللهم أمنا بخير، والأصل عدم التكرار. "وقد يجمع بينهما" أي بين "يا" والميم المشددة "في الضرورة النادرة، كقوله"، وهو أبو خراش الهذلي: [من الرجز] 703- إني إذا ما حدث ألما ... أقول يا اللهم يا اللهما وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 584- والأكثر اللهم بالتعويض ... وشذ يا اللهم في قريض وقد تخرج "اللهم" عن النداء فتستعمل على وجهين آخرين: أحدهما: أن يذكرها المجيب تمكينًا للجواب في نفس السامع، يقول لك: أزيد قائم. فتقول أنت3: اللهم نعم، أو: اللهم لا. الثاني: أن تسعمل دليلا على الندرة وقلة وقوع المذكور، كقولك: أنا لا أزورك اللهم إلا أن تدعوني. ألا ترى أن وقوع الزيادة مقرونة بعدم الدعاء قليل. قاله في النهاية. الصورة "الثانية: الجمل المحكية" المبدوءة بـ"أل" "نحو: يا المنطلق زيد، فيمن سمي بذلك، نص على ذلك سيبويه" وقال4: لأنه بمنزلة تأبط شرًا، لأنه لا يتغير عن حاله، إذ قد عمل بعضه في بعض. انتهى. ومقتضى ما قدمناه في "أنصر" قطع الهمزة، وإلى هاتين5 الصورتين أشار الناظم بقوله: 583- ................................. ... إلا مع الله ومحكي الجمل   1 في "ب": "فيجوزون". 2 انظر المسألة رقم 47 في الإنصاف: الميم في اللهم، عوض عن حرف النداء أم لا، وانظر شرح ابن الناظم ص407. 703- الرجز لأبي خراش في الدرر 1/ 392، وشرح أشعار الهذليين 3/ 1346، والمقاصد النحوية 4/ 216، ولأمية بن أبي الصلت في خزانة الأدب 2/ 295، وبلا نسبة في أسرار العربية ص232، وأوضح المسالك 4/ 31، وشرح ابن الناظم ص406، وشرح الأشموني 2/ 449، وشرح ابن عقيل 2/ 265، وشرح التسهيل 3/ 401، والمقتضب 4/ 242، وهمع الهوامع 1/ 178، والمخصص 1/ 137. 3 سقطت من "ب". 4 الكتاب 3/ 333. 5 في "ب": "هذين". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 224 "وزاد عليه1 المبرد2: ما سمي به من موصول مبدوء بـ"أل" نحو": يا "الذي" قام "و" يا "التي" قامت، "وصوبه الناظم" في شرح التسهيل3، مع تصويبه له لم يستثنه في بقية كتبه. فإن قلت: لم قال سيبويه فيمن سمي بـ"الذي قام" إنه لا ينادى، مع أنه أيضًا محكي4 لأنه قد عمل بعضه في بعض كما في الجملة؟ قلت: الفرق بينهما أن "الذي قام" محكي بحالته التي ثبتت له قبل التسمية، وهو قبلها لا ينادي لوجود "أل" وذلك لمانع باق، ونحو: المنطلق زيد، ليس المانع من ندائه قبل التسمية وجود "أل" بل كونه جملة. وذلك المانع قد زال بالتسمية. فإن قلت: المانع شيئان: الجملة و"أل" فإذا زال أحدهما بقي الآخر. قلت: لو صح هذا امتنع نداؤه، وأنت تسلم الجواز، وإذا ثبت الجواز توجه أن المنادى هو المجموع و"أل" ليست داخلة على المجموع بل على جزء الاسم، فأشبه ما لو سميت بقولك: عبدنا المنطلق. وأما "الذي" وصلته فإنما يحكي حكاية المفردات لا حكاية الجمل، فالمنادى إنما هو "الذي" دون صلته، والإعراب، يقدر في آخر "الذي"، ولهذا إذا سميت بأيهم ضربته "و"أي" موصولة، لم تحك إعراب الرفع في "أي" بل تعربها بحسب العوامل فتقول: رأيت أيهم ضربته، ومررت بأيهم ضربته، كما أنك إذا سميت باسم مفرد عامل فيما بعده حكيت الاسم المفرد العامل فيما بعده فتقول: رأيت ضاربًا زيدًا، ومررت بضارب زيدًا. ولما كانت الصلة5 لا دخل لها في ذلك مثل الموضح بالموصول مجردًا عن الصلة، وليس محل النزاع، وكأنه أشار إلى الفرق. "و" الصورة "الثالثة: اسم الجنس المشبه به، كقولك: يا الخليفة هيبة. نص على ذلك ابن سعدان". قال الناظم في شرح التسهيل6: تقديره: يا مثل الخليفة، فلذلك حسن دخول "يا" عليه لأنها في التقدير داخلة على غير "أل".   1 سقطت من "ب". 2 المقتضب 4/ 241. 3 شرح التسهيل 3/ 398. 4 بعده في "ب": "بحالته". 5 في"ب": "العلة". 6 شرح التسهيل 3/ 398. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 225 قال الشاطبي: وفيما قاله نظر، إذ ليس تقدير "مثل" بمزيل لقبح الجمع بين "يا" و"أل"، وإلا لجاز: يا القرية، لأنه في تقدير: يا أهل القرية، وذلك لا يقول به ابن مالك وابن سعدان، فدل على أنه غير صحيح. انتهى. وعندي أن تقدير ابن مالك صحيح ومزيل للقبح بدليل قولهم: قضية ولا أبا حسن لها، فإن تقديره: ولا مثل أبي حسن لها1، فلولا أن تقدير "مثل" مزيل لقبح دخول "لا" على المعرفة لما كان لهذا التقدير وجه. وللزم عمل "لا" في المعرفة، والشاطبي لا يقول بعمل "لا" في المعارف. "و" الصورة "الرابعة: ضرورة الشعر"، وإليها أشار الناظم [بقوله] 2: 583- وباضطرار خص جمع يا وأل ... ................................. "كقوله": [من الكامل] 704- عباس يا الملك المتوج والذي ... عرفت له بيتا لعلا عدنان فجمع بين "يا" و"أل" في الشعر ضرورة، "ولا يجوز ذلك في النثر خلافًا للبغداديين" والكوفيين في إجازتهم ذلك محتجين بالقياس والسماع، أما القياس فقد جاز: يا الله، بالإجماع، فيجوز: يا الرجل، قياسًا عليه بجامع أن كلا منها فيه "أل" وليست من أصل الكلمة، وأما السماع فقد أنشدوا: [من الرجز] 705- فيا الغلامان اللذان فرا ... إياكما أن تكسبانا شرا وهذا لا ضرورة فيه لتمكن قائله من أن يقول: فيا غلامان اللذان فرا، وأجاب المانعون عن القياس بالفرق بكثرة الاستعمال وعن السماع بالشذوذ3.   1 سقطت من "ب"، "ط". 2 سقطت "من "أ". 704- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 32، والدرر 1/ 384، وشرح الأشموني 2/ 449 والمقاصد النحوية 4/ 245، وهمع الهوامع 1/ 174. 705- الرجز بلا نسبة في أسرار العربية 230، والإنصاف 336، والدرر 1/ 384، وخزانة الأدب 2/ 294 وشرح ابن الناظم ص406، وشرح ابن عقيل 2/ 264، وشرح التسهيل 3/ 398، وشرح الكافية الشافية 3/ 1308، وشرح المفصل 2/ 9، واللامات ص53، واللمع في العربية ص196، والمقاصد النحوية 4/ 215، والمقتضب 4/ 243، وهمع الهوامع 1/ 174، وتاج العروس "الياء". 3 شرح التسهيل 3/ 398-399، وانظر الإنصاف 1/ 338، المسألة رقم 46. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 226 الفصل الثالث في أقسام تابع المنادى المبني وأحكامه: أقسامه أربعة: أحدها: ما يجب نصبه مراعاة لمحل المنادى"، فإن محله نصب، "وهو ما اجتمع فيه أمران: أحدهما: أن يكون" التابع "نعتًا أو بيانًا أو توكيدًا". "و" الأمر "الثاني: أن يكون" التابع مضافًا "مجردًا من: أل". فالنعت "نحو: يا زيد صاحب عمرو، و" البيان نحو: "يا زيد أبا عبد الله، و" التوكيد نحو: "يا تميم كلهم أو كلكم"، بنصب "صاحب، وأبا، وكل" وجوبًا، وحكي عن جماعة من الكوفيين منهم الكسائي والفراء والطوال جواز رفع المضاف من نعت وتوكيد، وتبعهم ابن الأنباري. وإن كان مع تابع المنادى ضمير جيء به دالا على الغيبة باعتبار الأصل نحو: يا تميم كلهم، وعلى الحضور باعتبار الحال، نحو: يا تميم كلكم، وقد اجتمعا في قوله: [من الطويل] 706- فيا أيها المهدي الخنا من كلامه ... كأنك يضغو في إزارك خرنق ويضغو، بضاد وغين معجمتين: يصوت، وخرنق، بكسر الخاء المعجمة، والنون: ولد الأرنب1. وفيه رد على الأخفش حيث منع مراعاة الحال وقال: وأما قولهم: يا تميم كلكم، فإن رفعوه فهو مبتدأ وخبره محذوف، أي: كلكم مدعو، وإن نصبوه فبفعل2 محذوف اي: كلكم دعوت. وإلى نصب التابع المضاف أشار الناظم بقوله: 585- تابع ذي الضم المضاف دون أل ... ألزمه نصبا ........................   706- البيت بلا نسبة في الدرر 2/ 473، وهمع الهوامع 2/ 143. 1 في "أ", "ب": "الثعلب"، والتصويب من "ط"، ولسان العرب 10/ 78 "خرنق". 2 في "ب": "فبعامل". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 227 "و" القسم "الثاني: ما يجب رفعه مراعاة للفظ المنادى، وهو نعت: أي" في التذكير "و: أية" في التأنيث، "ونعت اسم الإشارة" فيهما "إذا كان اسم الإشارة وصلة لندائه" أي لنداء نعته "نحو: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ} " [البقرة: 21] "و: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ} " [الفجر: 27] فـ"أي" و"أية" مبنيان على الضم لكون كل منهما منادى مفردًا، و"ها" التنبيه فيهما زائدة لازمة للفظ "أي" و"أية" عوضًا عن المضاف إليه، مفتوحة الهاء، ويجوز ضمها إذا لم يكن بعدها اسم إشارة على لغة بني مالك من بني أسد، وقد قرئ1 بهما، و"الناس، والنفس": مرفوعان على التبعية وجوبًا مراعاة للفظ "أي، وأية" وإنما جاز الرفع مراعاة للفظ مع أن المتبوع مبني، لأنه مشبه للمعرب في حدوث ضمه بسبب الداخل عليه، وكذا تقول2 في أمثاله، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 588- وأيها مصحوب أل بعد صفه ... يلزم بالرفع ................... "و" نحو "قولك: يا هذا الرجل" ويا هذه المرأة "إن كان المراد أولا نداء الرجل" والمرأة. وإنما3 أتيت باسم الإشارة وصلة لندائهما فيجب رفع نعتهما مراعاة للضم المقدر في اسم الإشارة. وإنما لزم رفعهما لأنهما المقصودان بالنداء، والمنادى المفرد لا ينصب، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 590- وذو إشارة كأي في الصفه ... إن كان تركها يفيت المعرفه وإن كان المراد نداء اسم الإشارة دونهما جاز فيهما الرفع والنصب على ما سيأتي. "ولا يوصف اسم الإشارة أبدًا" في هذا الباب وغيره "إلا بما فيه: أل"، نحو: مررت بهذا الرجل، وجوزوا فيه أن يكون بيانًا لاسم الإشارة، واستشكله ابن عصفور بأن البيان يشترط فيه أن يكون أعرف من المبين، والنعت لا يكون أعرف من المنعوت، فكيف يكون الشيء أعرف وغير أعرف؟ وأجاب4 بأنه إذا قدر بيانًا قدرت "أل" فيه لتعريف الحضور، فهو يفيد الجنس والحضور بدخول "أل"، والإشارة إنما تدل على الحضور دون الجنس، وإذا قدر نعتًا قدرت   1 هي قراءة ابن عامر لقوله تعالى: {أَيُّهَا الثَّقَلَانِ} . انظر الإتحاف ص406، والنشر 2/ 142، وفي حاشية يس 2/ 174: "فوجهها؛ أي قراءة ابن عامر؛ أن هذا الحرف إذا تقدم كالجزء من الكلمة، حتى دخل عليه العوامل نحو بهذا، فلما جرى أولا مجرى الجزء جرى ذلك المجرى آخرًا فحذفت ألفه". 2 في "ب": "ط": "القول". 3 سقطت من "ب". 4 مغني اللبيب 1/ 51. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 228 "أل" فيه للعهد. فالمعنى: مررت بهذا، وهو الرجل المعهود بيننا، فلا دلالة فيه على الحضور، والإشارة تدل عليه فكانت أعرف. قال1: وهذا معنى كلام سيبويه. "ولا توصف "أي" و"أية" في هذا الباب" المعقود للنداء إلا بما فيه "أل" من معرف بها أو موصوف، فيقال: يا أيها الرجل ويا أيتها المرأة. و: {يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ} [الحجر: 15] ويا أيتها التي قامت. ولا يقال: يا أيها الحارث أو الصعق2 مما هي فيه للمح الأصل أو الغلبة. "أو باسم الإشارة" العاري من كاف الخطاب "نحو3: يا أيهذا الرجل"، ولا يجوز: يا أيها ذلك الرجل، خلافًا لابن كيسان، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 589- وأيهذا أيها الذي ورد ... ووصف أي بسوى هذا يرد "و" القسم "الثالث: ما يجوز رفعه ونصبه"؛ فالنصب إتباعًا لمحل المنادى، والرفع على تشبيه لفظ المنادى بالمرفوع تنزيلا لحركة البناء العارضة بسبب دخول حرف النداء منزلة حركة الإعراب بسبب دخول العامل. ومقتضى هذ التنزيل أن يكون حرف النداء هو الرافع للتابع بناء على أن العامل في التابع هو العامل في المتبوع في غير البدل، وإلا فأين الرفع؟ والقول: إن الرافع التبعية قول ضعيف لا يحسن التخريج عليه. والمخلص من ربقة هذا الإشكال أن يحاول في المنادى المضموم أن يكون نائب فاعل في المعنى والتقدير: مدعو زيد، فرفع تابعه بالحمل على ذلك. "وهو نوعان: أحدهما: النعت المضاف المقرون بـ"أل" نحو: يا زيد الحسن الوجه" برفع الحسن ونصبه على ما قررنا. "و" النوع "الثاني: ما كان مفردًا من نعت أو بيان أو توكيد أو كان معطوفًا"4 مقرونا بـ"أل". فالنعت "نحو: يا زيد الحسن" بالرفع "والحسن"، بالنصب، "و" البيان نحو: "يا غلام بشر"، بالرفع، "وبشرًا"، بالنصب، "و" التوكيد نحو: "يا تميم أجمعون"، بالرفع، "وأجميعن"، بالنصب، "و" المعطوف المقرون بـ"أل" كقولك:   1 مغني اللبيب 1/ 51. 2 ف "ب": "الصعة". 3 سقطت من "ب". 4 في "ب": "مقطوعًا". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 229 يا زيد والضحاك، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 586- وما سواه ارفع أو انصب .... ... ................................. وكما "قال الله تعالى: {يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ} [سبأ: 10] قرأه السبعة بالنصب" عطفًا على محل الجبال1، "واختاره أبو عمرو" بن العلاء "وعيسى" بن عمر الثقفي ويونس والجرمي، "وقرئ" في غير السبع "بالرفع" عطفًا على لفظ الجبال، "واختاره الخليل وسيبويه" والمازني2، "وقدروا النصب" في "الطير"3 "على العطف على "فضلا" من قوله تعالى: {وَلَقَدْ آَتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا} " [سبأ: 10] والتقدير: وآتيناه الطير، وجملة النداء معترضة بين المتعاطفين. "وقال المبرد4: إن كانت: أل" في المعطوف "للتعريف مثلها في "الطير"، فالمختار النصب" في المعطوف، "أو لغيره"، وهي الزائدة "مثلها في {الْيَسَعَ} [الأنعام: 86] فالمختار الرفع". وجه اختيار الرفع مشاكلة الحركة وحكاية سيبويه أنه أكثر5، ووجه اختيار النصب أن ما فيه "أل" لم يجز أن يلي حرف النداء، فلم يجعل لفظه كلفظ ما وليه، ولذلك قرأ جميع القراء ما عدا الأعرج بنصب "الطير". ووجه التفصيل أن "أل" في نحو: "اليسع" لم تفد تعريفًا فكأنها ليست فيه، فـ:"يا زيد واليسع" مثل "يا زيد ويسع"، و"أل" في نحو "الطير" مؤثرة تعريفًا وتركيبا ما، فأشبه ما هي فيه المضاف، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 587- وإن يكن مصحوب أل ما نسقا ... ففيه وجهان ورفع ينتقى   1 انظر شرح ابن الناظم ص409. 2 انظر أوضح المسالك 4/ 36، والدرر 2/ 472، والتسهيل ص181-182، وشرح ابن عقيل 2/ 268، وشرح الكافية الشافية 3/ 1314، وشرح المفصل 2/ 2-3، والكتاب 2/ 187، وشرح ابن الناظم ص409، والمقتضب 2/ 212، 213. 3 الرسم المصحفي: {وَالطَّيْرَ} بالنصب، وقرأها "والطيرُ"؛ بالرفع: أبو عمرو وعاصم والسلمي وابن هرمز وأبو يحيى وأبو نوفل ويعقوب وابن أبي عبلة وروح ونصر وعبيد بن عمير. انظر الإتحاف ص358، والبحر المحيط 7/ 263، والقراءة المستشهد بها من شواهد أوضح المسالك 4/ 36، والدرر 2/ 472، وشرح ابن الناظم ص409، وشرح ابن عقيل 2/ 268، وشرح المفصل 2/ 2-3، والكتاب 2/ 187. 4 المقتضب 2/ 212-213. 5 الكتاب 2/ 186-187. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 230 "و" القسم "الرابع: ما يعطى" حال كونه "تابعًا ما يستحقه إذا كان منادى مستقلًا، وهو البدل والمنسوق والمجرد من: أل" فيضم إن كان مفردًا، وينصب إن كان مضافا، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 586- .................. واجعلا ... كمستقبل نسقا وبدلا وذلك "لأن البدل في نية تكرار العامل، والعاطف كالنائب عن العامل، تقول" في البدل المفرد: "يا زيد بشر، بالضم" من غير تنوين: يا بشر، "وكذلك" تقول في المنسوق المفرد المجرد من "أل": "يا زيد وبشر" بالضم من غير تنوين، كما تقول يا بشر. "وتقول" في البدل المضاف: "يا زيد أبا عبد الله" بالنصب، كما تقول: يا أبا عبد الله، "وكذلك" في المنسوق والمضاف والمجرد من "أل": "يا زيد وأبا عبد" الله، بالنصب، كما تقول: يا أبا عبد الله. "وهكذا حكمهما"، أي البدل والمنسوق المجردين من "أل"، "مع المنادى المنصوب"، فيضمان إن كان مفردين وينصبان إن كان مضافين، تقول: يا أبا عبد الله بشر ويا عبد الله وبشر، بضم بشر فيهما، ويا عبد الله أخا زيد، ويا عبد الله وأخا زيد، بنصب الأخ فيهما. قال في التسهيل1: خلافًا للمازني والكوفيين في تجويز: يا زيد وعمرًا، وقال في شرح التسهيل2: أجروا المنسوق العاري من "أل" مجرى المقرون بها. قال: وما رواه غير بعيد من الصحة إذا لم ينو إعادة "يا" فإن المتكلم قد يقصد إيقاع نداء واحد على اسمين، كما يقصد أن يشتركا في عامل واحد. ا. هـ.   1 التسهيل ص181. 2 شرح التسهيل 3/ 402. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 231 الفصل الرابع في المنادى المضاف للياء الدالة على المتكلم: "وهو أربعة أقسام: أحدها: ما فيه لغة واحدة، وهو" المنادى "المعتل" بالألف أو الياء، "فإن ياءه" المضاف هو إليها "واجبة الثبوت والفتح نحو: يا فتاي ويا قاضي"، فلا يجوز حذفها للإلباس، ولا إسكانها، لئلا يلتقي ساكنان، ولا تحريكها بالضم أو الكسر، لثقلهما1 على الياء. "و" القسم "الثاني: ما فيه لغتان، وهو الوصف المشبه للفعل" المضارع في كونه بمعنى الحال أو الاستقبال؛ "فإن ياءه ثابتة لا غير"؛ فإنه في حكم الانفصال فلم تمازج ما اتصلت به، فليست كياء "قاض"، "وهي إما مفتوحة أو ساكنة نحو: يا مكرمي ويا ضاربي". وهل أصلها السكون أو الفتح؟ بقولان تقدما في باب المضاف إلى ياء المتكلم، واحترز بالمشبه للفعل من الوصف بمعنى الماضي فإن إضافته محضة، وفي يائه2 اللغات الست الآتية. "و" القسم "الثالث: ما فيه ست لغات، وهي ما عدا ذلك" المتقدم من القسمين، "وليس أبًا ولا أمًّا، نحو: يا غلامي، فالأكثر" فيه "حذف الياء والاكتفاء بالكسرة، نحو: {يَا عِبَادِ فَاتَّقُونَ} " [الزمر: 16] أجري المنفصل من كلمتين مجرى المتصل في كلمة واحدة، نحو: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ} [الفجر: 4] "ثم ثبوتها ساكنة" على الأصل في البناء "نحو: {يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ} [الزخرف: 68] "أو" ثبوتها "مفتوحة" للتخفيف، "نحو: {يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا} " [الزمر: 53] وإنما كان السكون والفتح في مرتبة واحدة نظرًا إلى اختلافهم في أصل وضعها كما تقدم.   1 في "ب": "لثقلها". 2 في "ب": "وبابه". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 232 "ثم قلب الكسرة فتحة و" قلب "الياء ألفًا" لتحركها ما قبلها؛ لأن الألف أخف من الياء، "نحو: {يَا حَسْرَتَا} " [الزمر: 56] والأصل: يا حسرتي، بكسر التاء وفتح الياء، ثم قيل: يا حسرتي، بفتحهما1. ثم قيل: يا حسرتا2، بقلب الياء ألفًا. "وأجاز الأخفش" والفارسي والمازني "حذف الألف" المنقلبة عن الياء "والاجتزاء بالفتح" عنها، فتقول: يا حسرة، "كقوله": [من الوافر] 707- ولست براجع ما فات مني ... بلهف ولا بليت ولا لو اني فالباء في "بلهف" متعلقة بـ"راجع" ومجرورها محذوف "أصله: بقولي"، ولهف: منادى سقط منه حرف النداء، والأصل: "يا لهفا" فحذفت الألف المنقلبة عن ياء المتكلم اجتزاء بالفتحة. والمعنى: ولست راجعًا ما فات مني بقولي: يا لهفي، ولا بقولي: يا ليتني فعلته، ولا بقولي: لو أني فعلت3. والحاصل أن ما فات لا يعود بكلمة التلهف ولا بكلمة التمني ولا بكلمة "لو". "ومنهم من" يحذف الياء4 و"يكتفي من الإضافة بنيتها، ويضم الاسم" المضاف للياء، "كما تضم المفردات" في غير الإضافة، "وإنما يفعل ذلك" الضم "فيما فيه أن لا ينادى إلا مضافًا" كالأم والأب والرب5، حملا للقليل على الكثير، "كقول بعضهم: يا أم لا تفعلي" بضم الميم. حكاه يونس6. "وقراءة آخر: {رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ} [يوسف: 33] بضم "رب"7 لأن الأم والرب الأكثر فيهما أن   1 في "أ": "بفتحها". 2 في "ب" "يا حسرتي". 707- البيت بلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 63، 179، والإنصاف 1/ 390، وأوضح المسالك 4/ 37، وخزانة الأدب 1/ 131، والخصائص 3/ 135، ورصف المباني ص288، وسر صناعة الإعراب 1/ 521، 2/ 728، وشرح الأشموني 2/ 332، وشرح عمدة الحافظ 2/ 521، وشرح قطر الندى ص205، ولسان العرب 9/ 321 "لهف"، والمحتسب 1/ 277، والمقاصد النحوية 4/ 248 والمقرب 1/ 181، 2/ 201، والممتع في التصريف 2/ 622. 3 في "ب": "فعلته". 4 في "ب": "الفاء". 5 سقطت من "ب". 6 انظر شرح ابن الناظم ص412، والكتاب 2/ 213. 7 الرسم المصحفي: {رَبِّ} ؛ بالكسر؛ وقرئت بالضم: "ربُّ". انظر إملاء ما من به الرحمن 2/ 29، وشرح ابن الناظم ص412. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 233 لا يناديا إلا مضافين للياء، والأصل: يا أمي ويا ربي، فحذفت الياء تخفيفا وبنيا على الضم تشبيها بالنكرة المقصودة، بخلاف: يا عدوي، فلا يجوز: يا عدو، بحذف الياء، وضم الواو. قاله شارح اللباب، لأن نداءه مضافًا للياء لم يكثر. وظاهر كلام الموضح أن تعريف المضموم على هذه اللغة بالإضافة لا بالقصد والإقبال، وقد صرح في "النهاية" بالثاني فقال1: جعلوه معرفة بالقصد فنبوه على الضم، وهذه الضمة كهي في: يا رجل، إذا قصدت رجلا بعينه. ا. هـ. ولعل هذا هو الذي حمل الناظم على إسقاطه واقتصاره على خمس لغات في قوله: 592- واجعل منادى صح إن يضف ليا ... كعبد عبدي عبد عبدا عبديا والأظهر أن تعريف بالإضافة المنوية، لأنهم جعلوه لغة في المضاف إلى الياء، ولو كان تعريفه بالقصد لم يكن لغة فيه. "و" القسم "الرابع: ما فيه عشر2 لغات، وهو الأب والأم، ففيهما مع اللغات الست" المتقدمة أربع أخر3 يأتي ذكرها، وأفصح الست حذف الياء وإبقاء الكسرة نحو: يا أب ويا أم، بكسرهما، ثم إثبات الياء ساكنة أو متحركة بالفتح نحو، يا أبي ويا أمي، ثم قلبها ألفًا نحو: يا أبا ويا أما. ثم حذف الألف وإبقاء الفتحة نحو: يا أب ويا أم، بفتحهما، وأقلها الضم نحو، يا أب ويا أم بضمهما. والأربعة الباقية "أن تعوض"4 أنت "تاء التأنيث من ياء المتكلم وتكسرها، وهو الأكثر" في كلامهم، لأن الكسر عوض من الكسر الذي كان يستحقه5 قبل ياء المتكلم وزال حين جاءت التاء، إذ لا يكون ما قبل التاء إلا مفتوحًا، وتوجيه الفراء6 بأن الياء في النية رده الزجاج7 بأنه لا يقال: يا أبتي. "أو تفتحها، وهو الأقيس"، لأن التاء بلد من ياء حركتها الفتح، فتحريكها بحركة أصلها هو الأصل في القياس، وقيل: لأن الأصل: يا أبتا، ويرده ما رد قول الفراء.   1 انظر شرح المرادي 3/ 305. 2 سقطت من "ب". 3 في "ب" "أربع لغات". 4 في "ب": "تضم". 5 في "ب": "من الكسرة التي كان يستحقها". 6 معاني القرآن للفراء 2/ 32. 7 في "ط": "الزجاجي". وانظر قول الزجاج في كتابه معاني القرآن وإعرابه 3/ 89. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 234 "أو تضمها على التشبيه بنحو: ثبة وخبة، وهو شاذ"، حكى سيبويه عن الخليل أنه سمع: يا أمت، بالضم1، وأجازه الفراء والنحاس ومنعه الرجاج2، "وقد قرئ بهن" فبالكسر قرأ الجميع3 إلا ابن عامر، وبالفتح قرأ ابن عامر4، وبالضم قرئ في الشواذ5. "وربما جمع بين التاء والألف فقيل: يا أبتا ويا أمتا"، وعليه قوله: [من الرجز] 708- يا أبتا علك أو عساكا وهو جمع بين العوض والمعوض "فهو كقوله": [من الرجز] 709- أقول يا اللهم يا اللهما "وسبيل ذلك الشعر". وزعم ابن مالك6 أن الألف في "يا أبتا" هي التي يوصل بها آخر المندوب والمنادى البعيد والمستغاث، وأنها ليست بدلًا من الياء، والأول قول ابن جني7. وربما جمع   1 في الكتاب 2/ 211: "يا أمة لا تفعلي". 2 انظر الارتشاف 3/ 137. 3 كما في الرسم المصحفي في قوله تعالى: {يَا أَبَتِ} [يوسف: 4] . 4 كذلك قرأها أبو جعفر ويعقوب. انظر الإتحاف ص262، ومعاني القرآن للفراء 2/ 32، وهي من شواهد شرح ابن الناظم ص413، والدرر 2/ 515. 5 لم تنسب قراءة الضم إلى أحد من القراء، وقد ذكرها الفرء في معاني القرآن 2/ 32، وقال الزجاج في معاني القرآن وإعرابه 3/ 90: "وأما "يا أبة إني"؛ بالرفع؛ فلا يجوز إلا على ضعف، لأن الهاء ها هنا جعلت بدلا من ياء الإضافة". 708- الرجز لرؤبة في ملحقات ديوانه ص181، وخزانة الأدب 5/ 362، 367، 368، وشرح أبيات سيبويه 2/ 164، وشرح شواهد المغني 1/ 433، وشرح المفصل 7/ 123، 2/ 90، والكتاب 2/ 375، والمقاصد النحوية 4/ 252، وللعجاج في ملحق ديوانه 2/ 310، وتهذيب اللغة 1/ 106، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 1/ 336، والإنصاف 1/ 222، والجنى الداني ص466، 470 والخصائص 2/ 96، والدرر 1/ 277، ورصف المباني ص29، 24، 355، وسر صناعة الإعراب 1/ 406، 2/ 493، 502، وشرح الأشموني 1/ 133، 2/ 458، وشرح المفصل 2/ 12، 3/ 118، 120، 8/ 87، 9/ 33، واللامات 135، ولسان العرب 14/ 349 "روي"، وما ينصرف وما لا ينصرف ص130، والمقتضب 3/ 71، ومغني اللبيب 1/ 151، 2/ 699، وهمع الهوامع 1/ 132، وتاج العروس "الياء". 709- تقدم تخريج الرجز برقم 703. 6 شرح الكافية الشافية 3/ 1327. 7 اللمع ص175. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 235 بين التاء والياء فقيل: يا أبتي ويا أمتي، وعليه قوله: [من الطويل] 710- أيا أبتي لا زلت فينا فإنما ... لنا أمل في العيش ما دمت عائشًا وهو ضرورة خلافًا لكثير من الكوفيين، والأول أسهل من هذا لذهاب صورة المعوض منه، وهو الياء، وربما قيل: يا أباتُ، وعليه قول: [من الطويل] 711- ............................. ... كأنك فينا يا أبات غريب فقيل: أراد: يا أبت ثم أشبع. وقيل: أراد: يا أبتا ثم قلب, وقيل: أراد يا أبا على لغة القصر، ثم قدر لحاق الياء وأبدل منها التاء1، واقتصر في النظم على قوله: 594- وفي الندا أبت أمت عوض ... واكسر أو افتح ومن اليا التا عوض "ولا يجوز تعويض تاء التأنيث عن2 ياء المتكلم إلا في النداء" خاصة، "فلا يجوز: جاءني أبت، ولا: رأيت أبت". ولا: مررت بأبت. "والدليل على أن التاء في: يا أبت ويا أمت3، عوض من الياء، أنهما لا يكادان يجتمعان" عند البصريين وطائفة من الكوفيين، "و" الدليل "على أنها للتأنيث أنه يجوز إبدالها في الوقف هاء" عند جمهور البصريين، وذهب الفراء إلى أنه يوقف التاء4، وحجة البصريين أنها تشبه تاء5 صياقلة، وحجة الفراء أنها عوض من حرف لا يتغير وقفًا، وقد وقف أبو عمرو بالتاء6 وهو رأس البصريين، ورسمت في المصحف بالتاء، ويجوز رسمها بالهاء.   710- البيت بلا نسبة في شرح الأشموني 2/ 458، وشرح التسهيل 3/ 407، وشرح المرادي 3/ 317، والمقاصد النحوية 4/ 251. 711- صدر البيت: تقول ابنتي لما رأتني شاحبا وهو لأبي الحدرجان في نوادر أبي زيد ص239، وبلا نسبة في أساس البلاغة "شحب"، والاقتضاب ص645، والخصائص 1/ 339، والدرر 2/ 515، وشرح التسهيل 3/ 407، وشرح المرادي 3/ 319، ولسان العرب 14/ 8، 10 "أبي"، ومقاييس اللغة 3/ 252، والمقاصد النحوية 4/ 253، وهمع الهوامع 2/ 157. 1 انظر الدرر 2/ 515-516، والاقتضاب ص645، والمقاصد النحوية 4/ 253. 2 في "أ": "من". 3 في "ب": "أمتي". 4 معاني القرآن للفراء 2/ 32. 5 في "أ": "هذا". 6 انظر الإتحاف ص262. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 236 فصل: "وإذا كان المنادى مضافًا إلى مضاف إلى الياء" نحو: يا غلام غلامي "فالياء ثابتة لا غير"، ولا يجوز حذفها لبعدها عن المنادى. وهي إما ساكنة أو مفتوحة "كقولك: يابن أخي ويابن خالي"، ويا بنت أخي ويا بنت خالي، "إلا إذا كان" المنادى "ابن عم أو ابن أم"، أو ابنة عم أو ابنة أم، "فالأكثر" حذف الياء و"الاجتزاء بالكسرة عن الياء" كقولك، يابن عم ويابن أم، بكسر الميم فيهما. ثم قال الزجاجي1: لا تركيب، بل إضافتان، وقال في الارتشاف2 نقلا عن أصحابه، إنهم حكموا للاسمين بحكم اسم واحد، وإنهم حذفوا الياء حذفها من خمسة عشر، إذا أضافوها للياء، فليس إضافة واحدة. ا. هـ. "أو أن يفتحا"، ثم قيل: "للتركيب المزجي" كقولك: يابن عم ويابن أم، بفتح الميم فيهما. وقيل: الأصل عما وأما، بقلب الياء ألفًا، فحذفت الألف وبقيت الفتحة دليلا عليها. والأول: قل: هو مذهب سيبويه والبصريين3، والثاني قول الكسائي والفراء4 وأبي عبيدة، وحكي عن الأخفش، "وقد قرئ في السبع: {قَالَ ابْنَ أُمَّ} [الأعراف: 150] بالوجهين"، الكسر والفتح،5 وإليهما أشار الناظم بقوله: 593- وفتح أو كسر وحذف اليا استمر ... في يابن أم يابن عم لا مفر "و" العرب "لا يكادون يثبتون الياء ولا الألف" فيهما "إلا في الضرورة6، كقوله"   1 انظر الجمل ص162. 2 انظر الارتشاف 3/ 137. 3 الكتاب 2/ 214. 4 معاني القرآن للفراء 1/ 394. 5 الرسم المصحفي: {أُمَّ} ؛ بالفتح، وقرأها بالكسر: ابن عامر وحمزة والكسائي وخلف وبكر. انظر الإتحاف ص231، ومعاني القرآن للفراء 1/ 394، والنشر 2/ 272، وأمالي ابن الشجري 2/ 75. 6 كذا قال ابن الناظم في شرحه ص412-413، والزجاج في معاني القرآن وإعرابه 2/ 379، ويرى المبرد في الاقتضاب أن إثبات الياء أجود، أما ابن عقيل فقال في شرحه 2/ 276: "لا يجوز إثبات الياء ... لأن التاء عوض من الياء، فلا يجمع بين العوض والمعوض عنه". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 237 وهو أبو زبيد الطائي، واسمه حرملة بن المنذر في مرثية أخيه: [من الخفيف] 712- يابن أمي ويا شقيق نفسي ... أنت خليتني لدهر شديد "وقوله"، وهو ابن النجم العجلي، واسمه الفضل بن قدامة: [من الرجز] 713- يا بنة عما لا تلومي واهجعي ... وانمي كما ينمى خضاب الأشجعي ويروى: لا يخرق النوم حجاب مسمعي ... .......................................   712- البيت لأبي زبيد في ديوانه ص48، والدرر 2/ 170، والكتاب 2/ 213، ولسان العرب 10/ 182 "شقق"، والمقاصد النحوية 4/ 222، وبلا نسبة في أمالي ابن الشجري 2/ 179، وأوضح المسالك 4/ 40، وشرح ابن الناظم ص413، وشرح الأشموني 2/ 457، وشرح التسهيل 3/ 406، وشرح المرادي 3/ 313، وشرح المفصل 2/ 12، ومعاني القرآن وإعرابه 2/ 379، والمقتضب 4/ 250، وهمع الهوامع 2/ 54. 713- الرجز لأبي النجم العجلي في ديوانه ص134، وخزانة الأدب 1/ 364، والدرر 2/ 170، وشرح أبيات سيبويه 1/ 440، وشرح المرادي 3/ 313، وشرح المفصل 2/ 12، والكتاب 2/ 214، ولسان العرب 12/ 424، "عمم"، والمحتسب 2/ 238، والمقاصد النحوية 4/ 224، ونوادر أبي زيد ص19، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 41، ورصف المباني ص159، وشرح ابن الناظم ص413، والمقتضب 4/ 252، وهمع الهوامع 2/ 54. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 238 باب في ذكر أسماء لازمت النداء : فلا تستعمل في غيره، فلا تقع فاعلة ولا مفعولة ولا مضافًا إليها، وهي كثيرة: "منها فل" بضمتين "وفلة" بضم الفاء، وهما عند سيبويه1 كناية2 عن نكرة من يعقل من جنس الإنسان، فـ"فل" "بمعنى رجل، و" فلة "بمعنى امرأة". "وقال ابن مالك وجماعة" منهم ابن عصفور وابن العلج: فل وفلة كناية عن علم من يعقل، ففل "بمعنى زيد، و" فلة "بمعنى هند، ونحوهما" من أعلام الأناسي3. ولم يذكر ابن مالك ذلك صريحًا وإنما لزم من قوله4: ويقال: يا فل للرجل، ويا فلة للمرأة، بمعنى يا فلان ويا فلانة، فظاهر أن "فل" و"فلة" كناية عن علم من يعقل، لأنه جعلهما بمعنى فلان وفلانة، وهما كنايتان عن علم من يعقل. قاله المرادي5. "و" ما قاله ابن مالك "هو" والجماعة "وهم" بفتح الهاء مصدر وهم، بالكسر: إذا غلط، "وإنما ذلك" الذي هو "بمعنى" زيد وهند: "فلان وفلانة"، لا: فل وفلة.   1 الكتاب 2/ 248. 2 سقطت من "ب". 3 الارتشاف 3/ 149. 4 شرح التسهيل 3/ 419، وشرح الكافية الشافية 3/ 1329. 5 شرح المرادي 4/ 5. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 239 والحق أن ما قاله ابن مالك مبني على أن أصل "فل، وفلة": فلان وفلانة1، وهو مذهب الكوفيين، وقد صرح بذلك فلا وهم إلا على قول ابن عصفور، فإنه لا يقول2: إن أصلهما فلان وفلانة. ومذهب سيبويه أن لام "فل" ياء محذوفة كـ"يد" ومادته "ف ل ي"، وتصغيره "فلي" إذا سمي به3، ومذهب الكوفيين أن لامه نون، وأصله فلان ثم رخم بحذف الألف والنون، ومادته "ف ل ن"، وتصغيره "فلين". ورد بأنه لو كان أصله فلانًا لقيل في ترخيمه: فلا، ولما قيل في التأنيث. فلة، ولما اختص بالنداء، كما أن فلانا كذلك، "وأما قوله"، وهو أبو النجم العجلي: [من الرجز] 714- تضل منه أبلي بالهوجل ... في لجة أمسك فلانًا عن فل "فقال ابن مالك4: هو "فل" الخاص بالنداء، استعمل" في غير النداء "مجرورًا" بـ"عن" "للضرورة"، وصرح بذلك في النظم فقال: 597- ................................ ... ......... وجر في الشعر فل وليس كذلك، "والصواب أن أصل" "فل" "هذا" المجرور بـ"عن": "فلان، وأنه حذف منه الألف والنون"، والتقدير: أمسك فلانًا عن فل، أي عن ذكره، في لجة، بفتح اللام، أي اختلاط الأصوات، وليس حذف الألف والنون منه للترخيم وإنما هو "للضرورة كقوله"، وهو لبيد: [من الكامل] 715- درس المنا بمتالع فأبان ... فتقادمت بالحبس فالسوبان   1 شرح التسهيل 3/ 419. 2 المقرب 1/ 182. 3 الكتاب 2/ 248، 3/ 452. 714- الرجز لأبي النجم في جمهرة اللغة ص407، والطرائف الأدبية ص66، والمنصف 2/ 225، وخزانة الأدب 2/ 389، والدرر 1/ 389، وسمط اللآلي ص257، وشرح أبيات سيبويه 1/ 439، وشرح المفصل 5/ 119، وشرح شواهد المغني 1/ 450، والكتاب 2/ 148، 3/ 452، والمقاصد النحوية 4/ 228، وبلا نسبة في الارتشاف 3/ 149، وأوضح المسالك 4/ 43، وشرح ابن الناظم ص416، وشرح الأشموني 2/ 460، وشرح ابن عقيل 2/ 278، وشرح التسهيل 3/ 419، وشرح الكافية الشافية 3/ 1331، وشرح المرادي 4/ 9، وشرح المفصل 1/ 48، والمقتضب 4/ 283، وهمع الهوامع 1/ 177. 4 شرح التسهيل 3/ 419، وشرح الكافية الشافية 3/ 1331. 715- البيت للبيد في ديوانه ص138، والارتشاف 3/ 163، والدرر 2/ 499، وسمط اللآلي ص13، وشرح التسهيل 3/ 431، وشرح شواهد الشافية ص397، ولسان العرب 8/ 37، "تلع"، 13/ 5 "أبن"، والمقاصد النحوية 4/ 246، وتاج العروس 20/ 399، 400 "تلع"، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 44، وشرح الأشموني 2/ 460، وكتاب العين 1/ 173، والمسائل العسكريات ص116، وهمع الهوامع 2/ 156. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 240 "أي: درس المنازل". فحذف الزاي واللام ضرورة1. ودرس: عفا، ومتالع، بضم الميم، وبالتاء المثناة فوق: اسم موضع، وقيل: جبل2، وكذلك "أبان" بالموحدة، والحبس، بفتح الحاء المهملة وإسكان الموحدة وفي آخره سين مهملة، والسوبان: بضم السين المهملة وسكون الواو وبالباء الموحدة وفي آخره نون: أسماء مواضع. "ومنها: لؤمان، بضم أوله وهمزة ساكنة ثانية، بمعنى كثير اللؤم" والخبث "ونومان، بفتح أوله وواو ساكنة ثانيه، بمعنى كثير النوم"، ولا يقاس عليهما3، وهذا معنى قول الناظم4: 595- وفل بعض ما يخص بالندا ... لؤمان نومان كذا واطردا ومنها: فعل؛ بضم الفاء وفتح العين؛ المعدول عن فاعل كـ: غدر، بالغين المعجمة، وفسق، سبا للمذكر بمعنى: يا غادر ويا فاسق، واختار ابن عصفور كونه قياسيا5، فيقاس عليه ما أشبهه، واختار ابن مالك كونه سماعيًّا6، وإلى ذلك أشار في النظم بقوله: 597- وشاع في سب الذكور فعل ... ولا تقس ....................... ومنها: فعال؛ بفتح الفاء وكسر اللام؛ المعدول عن فاعلة أو فعيلة، كـ: فساق وخباث سبا للمؤنث، بمعنى: يا فاسقة ويا خبيثة, و"قوله" وهو الحطيئة يهجو امرأته: [من الوافر] 716- أطوف ما أطوف ثم آوي ... إلى بيت قعيدته لكاع   1 في الدرر 2/ 499، أن هذا الحذف هنا مستباح للضرورة، بدليل أن "المنازل" لو سمي به مجردًا من الألف واللام لم يرخم بحذف الزاي واللام اتفاقًا. 2 في الدرر 2/ 500 أنه جبل بنجد. 3 في شرح ابن الناظم ص415: "لا يقاس على هذه الصفات بإجماع"، وانظر شرح المرادي 4/ 6. 4 في "ط": "الناظم". 5 المقرب 1/ 182. 6 شرح التسهيل 3/ 419، وهو أيضًا رأي ابن الناظم في شرحه ص415. 716- البيت للحطيئة في ملحق ديواه ص156، وجمهرة اللغة ص622، وخزانة الأدب 2/ 404، 405، والدرر 1/ 143، 390، وشرح المفصل 4/ 57، والمقاصد النحوية 1/ 473، 4/ 229، ولأبي الغريب النضري في اللسان 8/ 323، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 45، وابن الناظم ص416، وشرح شذور الذهب ص92، وشرح ابن وعقيل 1/ 139، وشرح التسهيل 3/ 430، وشرح الكافية الشافية 3/ 1331، وشرح المرادي، 4/ 10، والمقتضب 4/ 238، وهمع الهوامع 1/ 82، 178. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 241 فـ"قعيدته" مبتدأ، ولكاع: خبره، "فاستعمله" في غير النداء "خبرا ضرورة"، وقيل: لا ضرورة، والخبر قول1 محذوف والتقدير: قعيدته يقال لها: يا لكاع، فحذف الخبر وحرف النداء. وقعيدة الرجل: امرأته، سميت بذلك للزومها البيت. ومعنى "لكاع" خسيسة. "وينقاس" فعال "هذا" الذي هو سب2 للمؤنث، "وفعال بمعنى الأمر" كـ: نزال" بمعنى انزل، وتراك بمعنى اترك، "من كل فعل ثلاثي" مجرد "تام متصرف تصرفا كاملا، "فخرج نحو: دحرج" لأنه رباعي، وشذ دارك من أدرك، "و" خرج نحو "كان" لأنه ناقص، "و" خرج نحو: "نعم وبئس" لأنهما جامدان، وخرج نحو: يذر ويدع، لأنهما ناقصا التصرف. هذا مذهب سيبويه3، "و" خالفه "المبرد" في البابين فقال4: لا يقال منهما إلا ما سمع، "ولا يقيس فيهما"، والأول أصح، وإليه أشار الناظم بقوله: 595- ......................... ... ................ واطردا 597- في سب الأنثى وزن يا خباث ... والأمر هكذا من الثلاثي   1 سقطت من "ب". 2 في "ب": "لسب" مكان "هو سب". 3 الكتاب 3/ 178، 280. 4 الكامل ص587. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 242 باب الاستغاثة : وهي نداء من يخلص من شدة أو يعين على مشقة. "إذا استغيث اسم منادى وجب كون الحرف" الذي ينادى به المستغيث "يا" لأنها حروف النداء. "و" وجب "كونها مذكورة"، لأن الغرض من ذكرها إطالة الصوت، كما تقدم، والحذف مناف لذلك. "وغلب" في المنادى المستغاث "جره بلام واجبة الفتح" لأنه واقع موقع المضمر ولام الجر تفتح معه، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 598- إذا استغيث اسم منادى خفضا ... باللام مفتوحًا ................. "كقول عمر -رضي الله عنه: "يا لله" للمسلمين"1، "وقول الشاعر": [من الخفيف] 717- يا لقومي ويا لأمثال قومي ... لأناس عتوهم في ازدياد "إلا إن كان" المستغاث ياء المتكلم نحو: يا لي، أو"معطوفًا" على مستغاث "ولم تعد معه "يا" فتكسر" اللام، نحو يا لزيد ولعمرو للمسلمين، وعليه البيت السابق، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 599- وافتح مع المعطوف إن كررت يا ... وفي سوى ذلك بالكسر ائتيا   1 شرح قطر الندى ص218، والأصول 1/ 352. 717- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 46، وشرح ابن الناظم ص417، وشرح الأشموني 2/ 462، وشرح قطر الندى ص218، وشرح الكافية الشافية 3/ 1335، وشرح المرادي 4/ 17، والمقاصد النحوية 4/ 256. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 243 "ولام المستغاث له مكسورة دائمًا" على الأصل "كقوله"، وهو عمر -رضي الله عنه: "يا لله للمسلمين" بكسر لام "للمسلمين". "وكقول الشاعر": [من البسيط] 718- يبكيك ناء بعيد الدار مغترب ... يا للكهول وللشبان للعجب بكسر لام العجب، إلا أن يكون المستغاث له ضميرا غير ياء المتكلم فتفتح لامه نحو: يا لزيد لك، أو: له. ويجوز أن يكون المستغاث به وله ضميرين، تقول: يا لك لي، تستغيث المخاطب لنفسك. قاله في النهاية. "ويجوز أنلا يبتدأ المستغاث باللام، فالأكثر حينئذ أن يختم بالألف" عوضًا من اللام، ومن ثم لا يجتمعان، وإليه أشار الناظم بقوله: 600- ولام ما استغيث عاقبت ألف ... ................................... "كقوله": [من الخفيف] 719- يا يزيدا لآمل نيل عز ... وغنى بعد فاقة وهوان فـ"يزيدا" مستغاث، والألف فيه عوض من اللام، "ولآمل" بكسر اللام مستغاث له، وهو اسم فاعل "أمل" و"نيل" مصدر "نال" مفعول آمل، والعز مقابل الهوان، والغنى مقابل الفاقة، والفاقة. الفقر، والهوان: الذل. "وقد يخلو" المستغاث "منهما" أي من اللام والألف، فيعطى ما يستحقه لو كان منادى غير مستغاث، كقولك: يا زيد لعمرو، و"كقوله": [من الوافر] . 720- ألا يا قوم للعجب العجيب ... وللغفلات تعرض للأريب فـ"ألا" حرف تنبيه واستفتاح، وقوم: مستغاث مضاف لياء المتكلم محذوفة اجتزاء بالكسرة، وللعجب: مستغاث له، وللغفلات: عطف عليه، والأريب: العالم بالأمور.   718- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 47، وخزانة الأدب 2/ 154، والدرر 1/ 393، ورصف المباني ص220، وشرح ابن الناظم ص417، وشرح الأشموني 2/ 462، وشرح شواهد الإيضاح ص203، وشرح قطر الندى 219، وشرح الكافية الشافية 3/ 1335، وشرح المرادي 4/ 18، ولسان العرب 12/ 560، 563، "لوم"، والمقاصد النحوية 4/ 257، والمقتضب 4/ 256، والمقرب 1/ 184، وهمع الهوامع 1/ 180. 719- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 49، والجنى الداني ص177، والدرر 2/ 49، وشرح ابن الناظم ص419، وشرح الأشموني 2/ 463، وشرح شواهد المغني 2/ 491، وشرح الكافية الشافية 3/ 1337، وشرح المرادي 4/ 23، ومغني اللبيب 2/ 371، والمقاصد النحوية 4/ 262. 720- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 50، وشرح ابن الناظم ص419، وشرح الأشموني 2/ 463، وشرح قطر الندى ص221، وشرح المرادي 4/ 23، والمقاصد النحوية 4/ 263. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 244 "ويجوز نداء المتعجب منه فيعامل معاملة المستغاث" من غير فرق. وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 600- ................................ ... ومثله اسم ذو تعجب ألف وهو على قسمين: أحدهما أن يرى أمرًا عظيمًا فينادي جنسه. "كقولهم: يا للماء ويا للدواهي، إذا تعجبوا من كثرتهما"، والثاني أن يرى أمرًا يستعظمه فينادي من له نسبة إليه ومكنه فيه نحو: يا للعلماء، ويجوز الاستغناء عن اللام بالألف نحو قوله: [من الرجز] 721- يا عجبا لهذه الفليقه ... هل تذهبن القوباء الريقه وهذا البيت لأعرابي أصابته قوباء فقيل له: اجعل عليها شيئًا من ريقك وتعهدها بذلك فإنها ستذهب، فتعجب من ذلك، والفليقة: الداهية. وقد يخلو المتعجب منه من اللام والألف نحو: يا عجب.   721- الرجز لابن قنان في لسان العرب 1/ 693 "قوب"، والتنبيه والإيضاح 1/ 130، وبلا نسبة في إصلاح المنطق ص344، وجمهرة اللغة ص965، 1026، 1233، والجنى الداني ص177، وشرح شواهد الشافية ص399، وشرح شواهد المغني 2/ 791، وكتاب اللامات ص88، ومغني اللبيب 2/ 372، والمنصف 3/ 61، وتهذيب اللغة 9/ 351، وتاج العروس 4/ 86، "قوب"، "فلق"، ومقاييس اللغة 5/ 37، وديوان الأدب 3/ 382. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 245 باب الندبة : بضم النون. "حكم المندوب وهو المتفجع عليه حقيقة"، كقول جرير يندب عمر بن عبد العزيز: [من البسيط] 722- .................................. ... وقمت فيه بأمر الله يا عمرا أو حكمًا، كقول عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وقد أخبر بجرب شديد أصاب قومًا من العرب: واعمراه واعمراه. "أو المتوجع منه" لكونه محل ألم، كقول قيس العامري: [من الطويل] 723- فوا كبدا من حب من لا يحبني ... ومن عبرات ما لهن فناء أو لكونه سبب ألم، كقول ابن قيس الرقيات: [من الكامل] 724- تبكيهم الدهماء معولة ... وتقول سلمى وارزيتيه وكقول القائل: وامصيبتاه، لأن الرزية، والمصيبة سببا1 الألم الذي حصل له.   722- صدر البيت: حملت أمرا عظيمًا فاصطبرت له وتقدم تخريجه برقم 691. 723- البيت لمجنون ليلى في ديوانه ص35، وشرح عمدة الحافظ ص291، وبلا نسبة في شرح الأشموني 2/ 464، وشرح المرادي 4/ 25. 724- البيت لابن قيس الرقيات في ديوانه ص99، وشرح أبيات سيبويه 1/ 549 وشرح التسهيل 3/ 415، شرح الكافية الشافية 3/ 1342، وشرح المرادي 4/ 25، والكتاب 2/ 221، والمقاصد النحوية 4/ 274، وبلا نسبة في المقتضب 4/ 272. 1 في "ب": "لسبب". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 246 وصورة المندوب صورة المنادى المخاطب وليس منادى، ألا ترى أنك لا تريد منه أن يجيبك ويقبل عليك، ومن ثم منعوا في النداء، يا غلامك، لأن خطاب أحد المسميين يناقض خطاب الآخر. ولا يجمع بين خطابين، وأجازوا في الندبة: واغلامك، فلذلك قالوا: حكم المندوب "حكم المنادى"، وقال الناظم: 601- ما للمنادى اجعل لمندوب ... ... .................................... "فيضم" إن كان مفردًا كما "في نحو: وا زيدا، وينصب" إن كان مضافًا، [كما] 1 "في نحو: وا أمير المؤمنين"، أو مطولا، كما في نحو: وا ضاربًا عمرًا، وإذا اضطر شاعر إلى تنوينه جاز ضمه ونصبه كقوله: [من الرجز] 725- وافقعسا وأين مني فقعس "إلا أنه لا يكون2 نكرة كـ: رجل" فلا يقال: وا رجلاه، خلافًا للرياشي3 مدعيًا أنه جاء في الحديث: "وا جبلاه" فإن صح فهو نادر. "ولا" معرفًا "مبهما كـ: أي" والمضمر "واسم الإشارة والموصول"، فلا يقال: وا أيهاه، ولا: وا أنتاه. ولا: وا هذاه، ولا: وا من ذهباه، لأن القصد من الندبة الإعلام بعظمة المصاب فلذلك لا يندب إلا المعرفة السالمة من الإبهام، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 601- .......................... وما ... نكر لم يندب ولا ما أبهما "إلا ما" كان موصولا غير مبدوء بـ"أل" و"صلته مشهورة، فيندب" عند الكوفيين خلافًا للبصريين "نحو: وا من حفر بئر زمزماه4، فإنه" في شهرته "بمنزلة: وا عبد المطلباه"، وذلك شاذ عند البصريين5، واتفق الجميع على منع ندبة الموصول   1 إضافة من "ب", "ط". 725- الرجز لرجل من بني أسد في الدرر 1/ 374، والمقاصد النحوية 4/ 272، وبلا نسبة في الارتشاف 3/ 144، والدرر 1/ 392، ورصف المباني ص27، وشرح ابن الناظم ص421، وشرح الأشموني 2/ 464، وشرح التسهيل 3/ 414، وشرح الكافية الشافية 3/ 1342، وشرح المرادي 4/ 27، ومجالس ثعلب 2/ 542، والمقرب 1/ 184، وهمع الهوامع 10/ 172، 179. 2 في "ب", "ط": "أن يكون" مكان "أنه لا يكون". 3 في "ب": "الفارسي". انظر الارتشاف 3/ 143. 4 الإنصاف 1/ 337، وشرح ابن الناظم ص421، وشرح ابن عقيل 2/ 103. 5 انظر الإنصاف 1/ 362، المسألة رقم 51. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 247 المبدوء بـ"أل" وإن اشتهرت صلته، فلا يقال: وا الذي حفر بئر زمزماه، إذ لا يجمع بين حرف الندبة و"أل" وبذلك يقيد قول الناظم: 602- ويندب الموصول بالذي اشتهر ... كبئر زمزم يلي وا من حفر وتقدم الخلاف في ندائه. وأصل زمزم: زمم، أبدلت الميم الثانية زايًا، قاله في الفردوس. "إلا أن الغالب أن يختم بالألف" إطالة للصوت "كقوله"، وهو جرير: [من البسيط] 726- ...................................... ... وقمت فيه بأمره الله يا عمرا وإلى ذلك أشار بقوله: 603- ومنتهى المندوب صله بالألف ... .................................... وأما لحاقها توابع المندوب فقال ابن الخبار في "النهاية": إنه لا خلاف في جواز لحاقها آخر الصفة إذا كانت ابنا بين علمين نحو: وا زيد بن عمرا، وأما البدل والبيان والتوكيد فقياس قول سيبويه والخليل أن لا تلحق البيان والتوكيد، وعندي أنها تدخل آخر البدل؛ لأنه قائم مقام المبدل منه، فتقول: وا غلامنا زيداه، وتدخل العطف النسقي نحو: وا زيد وعمراه. ا. هـ. وتدخل التوكيد اللفظي كما تقدم من قول عمر -رضي الله عنه: وا عمراه وا عمراه. "ويحذف لهذه الألف ما قبلها1 من ألف نحو: وا موساه"، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 603- .................................... ... متلوها إن كان مثلها حذف وأجاز الكوفيون قياسًا قلب الألف ياء فقالوا2: وا موسياه. "أو" من "تنوين" ظاهر أو مقدر "في" آخر "صلة، نحو: وا من حفر بئر زمزماه"، بحذف التنوين من زمزم، فإنه منصرف باعتبار انه علم على القليب، وإن اعتبر أنه علم على البئر فهو غير منصرف، وفيه تنوين مقدر، كما صرح به في أول باب الإضافة. "أو" تنوين "في مضاف إليه نحو: وا غلام زيداه، أو في" علم3 "محكي   726- صدر البيت: حملت أمرا عظيمًا فاصطبرت له وقد تقدم تخريجه برقم 691، كما تقدم برقم 722. 1 في "ب": "من". 2 انظر شرح المرادي 4/ 28. 3 في "ب": "فعل". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 248 نحو: وا قام زايده، فيمن1 اسمه: قام زيد"، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 604- كذاك تنوين الذي به كمل ... من صلة أو غيرها ............ وأجاز الكوفيون حذف التنوين وإثباته مع فتحه، [فيقولون: وا غلام زيدناه2، محافظة على بقاء ألف الندبة، ومع كسره وقلب الألف ياء] 3: فيقولون: وا غلام زيدنيه4، على أصل التقاء الساكنين. وأجاز الفراء حذف التنوين مع إبقاء الكسرة وقلب الألف ياء، فيقول: وا غلام زيديه، ولا يجيز البصريون إلا حذف التنوين لالتقاء الساكين، كما في اجتماع الألفين. "و" يحذف لهذه الألف ما قبلها "من ضمة" بنائية "نحو: وا زيداه" ووا منداه فيمن اسمه "منذ" "أو كسرة" إعرابية "نحو: وا عبد الملكاه، أو" بنائية نحو: "وا حذاماه" لأن ما قبل الألف لا يكون مضمومًا ولا مكسورًا. "فإن أوقع حذف الكسرة أو الضمة في لبس أبقيا وجعلت الألف ياء بعد الكسرة نحو: وا غلامكي"، إذ لو قيل: واغلامكا، التبس بالمذكر، "وواوًا بعد الضمة نحو: وا غلامهو، أو: وا غلامكمو"، إذ لو قيل: وا غلامها، وا غلامكما، التبس المذكر بالمؤنث في الأولى، والجمع بالمثنى في الثانية، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 605- والشكل حتمًا أوله مجانسا ... إن يكن الفتح بوهم لابسا "ولك في الوقف زيادة هاء السكت بعد أحرف المد" الثلاثة توصلا إلى زيادة المد، نحو: وا زيداه، وا غلامكيه، وا غلامكموه، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 606- وواقفا زد هاء سكت إن ترد ... .................................. فإن وصلت حذفتها إلا في الضرورة فيجوز إثباتها كقول المتنبي: [من البسيط] 727- وا حر قلباه ممن قلبه شبم ... .................................. ولك حينئذ ضمها تشبيها بهاء الضمير وكسرها على أصل التقاء الساكنين، وأجاز الفراء إثباتها في الوصل بالوجهين.   1 بعده في "ب": "كان". 2 في "ط": "زيداه". 3 سقط ما بين المعكوفين من "ب". 4 في "ط": "زيديه". 727- عجز البيت: "ومن بجسمي وحالي عنده سقم"، وهو للمتنبي في ديوانه 3/ 80، وخزانة الأدب 7/ 276، وشرح قطر الندى ص223، وشرح المفصل 10/ 44. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 249 فصل: "وإذا ندب المضاف للياء" الجائز فيه اللغات الست "فعلى لغة من قال: يد عبد، بالكسر، أو يا عبد، بالضم"، أو يا عبد، بالفتح، مع حذف الياء فيهن، "أو يا عبدا بالألف" المنقلبة عن الياء "أو يا عبدي، بالإسكان" في الياء. "يقال" في هذه اللغات الخمس: "وا عبدا، وعلى لغة من قال: يا عبدي، بالفتح" في الياء، "أو يا عبدي، بالإسكان" في الياء "يقال: وا عبديا، بإبقاء الفتح على الأول" وهو: يا عبدي، بالفتح، "واجتلابه على الثاني" وهو يا عبدي، بالإسكان. "وقد تبين" من جواز: وا عبدا ووا عبديا في يا عبدي، بالإسكان، "أن لمن سكن الياء أن يحذفها" في الندبة ويقول: وا عبدا، "أو يفتحها" ويقول: وا عبديا، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 607- وقائل وا عبديا وا عبدا ... من في الندا اليا ذا سكون أبدى "والفتح رأي سيبويه"1، وهو أقيس وأقل عملا، "والحذف رأي المبرد"2. والحاصل أنه إذا ندب على لغة من حذف الياء3، فإن كان ما قبلها مفتوحًا أقرت الفتحة على حالها وأتي بألف الندبة، وإن كان مكسورًا أو مضموما جعل بدل الكسر والضمة فتحة وزيدت الألف، وعلى لغة من أبدل ألفًا حذفت الألف المبدلة وزيدت ألف الندبة، كما يفعل ذلك بالمقصور، وعلى لغة من أثبت الياء مفتوحة زيدت الألف ولم تحتج إلى عمل ثان، لأن الياء متهيئة بالفتحة لمباشرة الألف. وعلى لغة من يثبت الياء الساكنة جاز حذف الياء لالتقاء الساكين، وإبقاؤها مفتوحة. "وإذا قيل: يا غلام غلامي، لم يجز في الندبة حذف الياء؛ لأن المضاف إليها"، وهو غلام الثاني، "غير منادى" لأنه مضاف إليه المنادى، والمضاف إليه المنادى غير منادى، وحكم4 المندوب حكم المنادى، فلما لم يحذف في النداء لم يحذف في الندبة، والله أعلم بالصواب.   1 الكتاب 2/ 221. 2 في المقتضب 4/ 270 أنه أجاز الفتح والحذف. 3 سقطت من "ب". 4 بعده في "ب": "منادى". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 250 باب الترخيم مدخل ... باب الترخيم: وهو لغة: التسهيل والتليين، يقال: صوت رخيم، أي: سهل لين. واصطلاحًا: حذف بعض الكلمة على وجه مخصوص. وهو ثلاثة أنواع: ترخيم النداء، وترخيم الضرورة، وهما المذكوران في هذا الباب، وترخيم التصغير، وسيأتي في باب التصغير1. "يجوز ترخيم المنادى، أي حذف آخره تخفيفًا2، وذلك بشرط كونه معرفة"، لأن المعارف كثر نداؤها فدخلها التخفيف بحذف آخرها، خص الآخر، بذلك لأنه محل التغيير. "غير مستغاث" مجرور باللام، "ولا مندوب ولا ذي إضافة ولا ذي إسناد فلا يرخم نحو قول الأعمى: يا إنسانًا خذ بيدي". لأنه نكرة. "ولا" نحو2 "قولك: يا لجعفر"، لأن المستغاث المجرور باللام عند سيبويه شبيه بالمضاف إليه، لأنه مجرور مثله، فكان غير منادى، إذ لم تعمل أداة النداء في لفظه وإنما عملت في موضعه، فإن لم يجر باللام جاز ترخيمه، نص على ذلك سيبويه في كتابه3، وأقره عليه شراحه كالصفار وابن خروف والسيرافي, وعبارة التسهيل تقتضيه4، فإنه قيد المنادى بكونه مبنيًّا، والمستغاث المجرور باللام معرب، وغير المجرور المفرد مبني، وشاهد ترخيمه قوله: [من الوافر]   1 في "ب"، "ط": "بابه" مكان "باب التصغير". 2 سقطت من "ب". 3 الكتاب 2/ 240. 4 التسهيل ص188. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 251 728- ..................................... ... أعام لك ابن صعصعة بن سعد قال ابن الضائع: وهذا ضرورة. وقد ناده بغير "يا" وذلك ممنوع، وسمع ترخيمه ومعه اللام كقوله: [من الرمل] 729- كلما نادى مناد منهم ... يا لتيم الله قلنا يا لمال وهو ضرورة اتفاقًا. "و" لا يرخم نحو: "وا جعفراه"، لأن المندوب ليس منادى حقيقة وإن كانت صورته صورة المنادى، لأنه لا يطلب إقباله. "و" لا يرخم نحو: "يا أمير المؤمنين"، لأن المضاف إليه منزل من المضاف منزلة التنوين مما قبله فليس بآخر المنادى حقيقة. "و" لا يرخم نحو: "يا تأبط شرًّا، علمًا"، لأن أصله الجملة، وجزؤها الثاني ليس منادى، "و" نقل "عن الكوفيين إجازة ترخيم الإضافة بحذف عجز المضاف إليه1 تمسكًا بنحو قوله": [من الطويل] 730- أبا عرو لا تبعد فكل ابن حرة ... سيدعوه داعي ميتة فيجيب أراد: يا أبا عروة، فحذف حرف النداء ورخمه بحذف التاء، وأجيب بأنه نادر2. و"تبعد": بفتح التاء المثناة فوق وسكون الموحدة وفتح العين: من البعد، بفتحتين، وهو الهلاك. وميتة بكسر الميم: هيئة من الموت. وأندر من هذا حذف المضاف إليه بأسره كقوله: [من السريع] 731- يا عبد هل تذكرني ساعة ... .................................   728- صدر البيت: تمناني ليقتلني لقيط وهو للأحوص بن شريح في الارتشاف 3/ 152، والكتاب 2/ 238، والمقاصد النحوية 4/ 300، وبلا نسبة في الدرر 1/ 399، وشرح الأشموني 2/ 471، وشرح المرادي 4/ 46، وهمع الهوامع 1/ 181. 729- البيت لمرة بن الرواغ في المقاصد النحوية 4/ 300، وبلا نسبة في الارتشاف 3/ 152، وتذكرة النحاة ص164، وشرح الأشموني 2/ 471، وشرح المرادي 4/ 47. 1 سقطت من "ب". 730- البيت بلا نسبة في أسرار العربية ص239، والإنصاف 1/ 348، وأوضح لمسالك 4/ 56، وخزانة الأدب 2/ 336، 337، وشرح التسهيل 3/ 237، وشرح عمدة الحافظ ص313، وشرح المفصل 2/ 20، والمقاصد النحوية 4/ 287. 2 الإنصاف 1/ 348. 731- عجز البيت: في موكب أو رائدًا للقنيص وهو لعدي بن زيد في ديوانه ص69، والمقاصد النحوية 4/ 298، وبلا نسبة في الارتشاف 3/ 153، وشرح التسهيل 3/ 432. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 252 أراد: يا عبد عمرو، وعبد عمرو،1 علم له. "وزعم ابن مالك" في النظم2 والتسهيل3 وشرحه4 "أنه قد يرخم ذو الإسناد، وأن عمرا نقل ذلك" عن العرب، فقال في شرح التسهيل5: ونص؛ يعني سيبويه؛ في "باب النسب" على أن من العرب من يرخمه فيقول في "تأبط شرًا": يا تأبط، ورتب على ترخيمه النسب إليه، قال6: ولا خلاف في النسب إليه. ا. هـ. ولاشتهار المنع في المسألة عن سيبويه اعتنى بذكرها ونبه على أن صاحب المنع هو الناقل للإجازة عن العرب. والذي نقل عن سيبويه وقع له في "باب الإضافة إلى الحكاية"، قال7: فإذا أضفت إلى الحكاية حذفت وتركت الصدر بمنزلة عبد القيس وخمسة عشر، فلزمه الحذف كما لزمهما، وذلك قولك في تأبط شرًّا، تأبطي. قال: ويدل على ذلك أن من العرب من يفرد فيقول: يا تأبط أقبل، فيجعل الأول مفردًا، فكذلك تفرده في الإضافة. يعني في النسب، هذا نصه في المسألة في باب النسب. ونص في باب الترخيم على المنع فقال8: واعلم أن الحكاية لا ترخم لأنك لا تريد أن ترخم غير منادى، وليس مما يغيره النداء، وذلك نحو: "تأبط شرا" قال: ولو رخمت هذا لرخمت رجلا يسمى: [من الكامل] 732- يا دار عبلة بالجواء تكلمي ... ..................................... ا. هـ.   1 سقط من "ب": "وعبد عمرو" 2 قال ابن مالك في الألفية: والعجز احذف من مركب وقل ... ترخيم جملة وذا عمرو نقل 3 التسهيل ص188. 4 شرح التسهيل 3/ 422. 5 شرح التسهيل 3/ 422. 6 سقطت من "ب". 7 الكتاب 3/ 277، وانظر شرح ابن الناظم ص426. 8 الكتاب 2/ 269. 732- عجز البيت: "وعمي صباحًا دار عبلة واسلمي"، وهو لعنترة في ديوانه ص187، والاقتضاب ص478، وخزانة الأدب 1/ 60، 6/ 169، وشرح أبيات سيبويه 1/ 517، وشرح شواهد الشافية ص238, وشرح شواهد المغني 1/ 480، والكتاب 2/ 269، 4/ 213، ولسان العرب 12/ 641، "وعم"، وشرح المفصل 2/ 24. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 253 وإذا كان للمجتهد في مسألة واحدة نصان متعارضان في بابين فالعلم على المذكور في بابه، لأنه بصدد تحقيقه وإيضاحه، بخلاف ما يذكر في غير بابه، فإنه لم يعتن به كاعتنائه بالأول، لكون ذكره استطرادًا، هذا إذا لم يثبت أنه رجع عن أحدهما ولم يكن هنالك تاريخ، وقول الناظم: 614- ............................ وقل ... ترخيم جملة وذا عمرو نقل يوهم أنه لم ينقل عنه غيره، وقد عرفت ما فيه. "وعمرو هذا" المذكور في النظم "هو إمام النحويين رحمه الله، وسيبويه لقبه" وهو لفظ فارسي معناه رائحة التفاح. قال البطليوسي في شرح الفصيح: الإضافة في لغة العجم مقلوبة. والسيب: التفاح، وويه: الرائحة، والتقدير: رائحة التفاح. وقيل: كانت أمه ترقصه بذلك في صغره، وقيل: كان كل من يلقاه يشم منه رائحة التفاح. وقيل: كان يعتاد شم التفاح. وقيل: لقب بذلك للطافته؛ لأن التفاح من لطيف الفواكه. وقيل: لأنه كان أبيض مشربًا بحمرة كأن خدوده لون التفاح. "وكنيته أبو بشر"، ولكن غلب اللقب عليه حتى إذا أطلق لم ينصرف إلا إليه، وإن كان لقب بسيبويه جماعة غيره منهم: محمد بن موسى بن عبد العزيز المصري ومحمد بن عبد العزيز الأصفهاني وأبو الحسن علي بن عبد الله الكرخي المقرئ. "ثم إن كان المنادى مختومًا بتاء التأنيث جاز ترخيمه مطلقًا"، سواء أكان تعريفه بالعلمية أم بالقصد والإقبال، وسواء أكان على أربعة أحرف1 أم أقل، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 609- وجوزنه مطلقًا في كل ما ... أنث بالها .................... "تقول في هبة علما: يا هب" بحذف التاء، "وفي جارية "لمعينة"2 يا جاري"، بحذف التاء3. ومنع المبرد ترخيم ما فيه التاء من النكرات المقصودة4، ويرده السماع، قالوا: يا شا ادجني5، بالجيم المضمومة وبالنون، أي: يا شاة أقيمي ولا تسرحي، يقال: شاة داجن إذا ألفت البيوت واستأنست. قاله ابن السكيت.   1 في "ب": "أوجه". 2 في "ب": "معينة". 3 في "ط": "الهاء". 4 المقتضب 4/ 264. 5 شرح ابن عقيل 2/ 289، وشرح ابن الناظم ص424. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 254 "وقال" العجاج: [من الرجز] 733- جاري لا تستنكري عذيري ... سيري وإشفاقي على بعيري أراد: يا جارية، فحذف حرف النداء ورخمه بحذف الهاء، وتقدم أن حذف حرف النداء لا يجوز مع اسم الجنس المعين إلا عند الكوفيين. والعذير، بفتح العين المهملة وكسر الذال المعجمة: هو الأمر الذي يحاوله الإنسان مما1 يعذر عليه، وسيري وإشفاقي: بدل تفصيل من عذيري. "وإن كان" المنادى "مجردًا من التاء اشترط لجواز ترخيمه كونه علمًا زائدًا على ثلاثة" أحرف، وإلى ذلك يشير قول الناظم: 610- ............................. واحظلا ... ترخيم ما من هذه الها قد خلا إلا الرباعي فما فوق العلم "كـ: جعفر" علم رجل "وسعاد" علم امرأة، فيقال فيهما: يا جعف ويا سعا، "ولا يجوز ذلك" الترخيم "في نحو إنسان لمعين"، لأن تعريفه بغير العلمية، وأجاز بعضهم ترخيمه قياسًا على قولهم: أطرق كرا، ويا صاح، وهو قياس، على2 شاذ. "ولا" يجوز ذلك " في نحو: زيد" من كل ثلاثي ساكن الوسط، "ولا في نحو: حكم" من كل ثلاثي محرك3 الوسط، لأنهما وإن كانا علمين فليسا زائدين على ثلاثة أحرف، فحذف آخرهما4 إجحاف. هذا هو مذهب الجمهور5.   733- الرجز للعجاج في ديوانه 1/ 332، وخزانة الأدب 2/ 125، وشرح أبيات سيبويه 1/ 461، وشرح شواهد الإيضاح ص355، وشرح المفصل 21/ 16، 20، والكتاب 2/ 231، 241، ولسان العرب 4/ 548 "عذر"، والمقاصد النحوية 4/ 277، والمقتضب 4/ 260، وتاج العروس 12/ 220 "شقر"، 576 "عذر"، ومجمل اللغة 3/ 460، وتهذيب اللغة 2/ 309، ولرؤبة في مقاييس اللغة 3/ 204، وليس في ديوانه، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 58، وشرح ابن الناظم ص424، وشرح الأشموني 2/ 468، وشرح عمدة الحافظ 296، ومقاييس اللغة 4/ 254. 1 في "ب": "عما". 2 سقطت من "ب". 3 في "ب": "متحرك". 4 في "ب": "أحدهما". 5 في الإتصاف 1/ 359 أنه مذهب البصريين والكسائي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 255 "وقيل: يجوز" الترخيم "في محرك الوسط" كـ: حكم وحسن، فيقال: يا حك ويا حس1. "دون ساكنه" كـ: زيد وعمرو. هذا التفصيل للفراء أجرى حركة الوسط مجرى2 الحرف قياسًا على إجرائهم نحو: سقر، بحركة وسطه مجرى زينب، في إيجاب منع الصرف، لا مجرى هند، في إجازة الصرف وعدمه. "وقيل: يجوز" الترخيم "فيهما"، وهو قول بعض الكوفيين، أما المحرك، الوسط فلما مر، وأما الساكن الوسط فقياسًا على نحو: يد، في غير الترخيم، فإن أصلها يدي، بسكون الدال، ودخلها الحذف وجوبًا، فدخوله جوازًا أولى.   1 في "ب": "يا حكم ويا حسن". 2 في "ب": "محرك". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 256 فصل: "والمحذوف للترخيم إما حرف" واحد "وهو الغالب نحو": يا جعف، و "يا سعا، وقراءة بعضهم"، وهو ابن مسعود1: "وَنَادَوْا "يَا مَالِ"" [الزخرف: 77] . والذي حسن الترخيم [لأهل النار ضعفهم عن إتمام الاسم لأنهم في غنية عن الترخيم] 2. "وإما حرفان، وذلك إذا كان الحرف الذي قبل الآخر من أحرف اللين" وهي: الألف والواو والياء، حال كون حرف اللين "ساكنا"، بناء على إطلاق اللين على هذه الأحرف، سواء أكانت ساكنة أم متحركة، والمحققون يخصون أحرف اللين بالساكنة، فالقيد على الأول مخصص وعلى الثاني كاشف، وفي بعض النسخ "من أحرف العلة" وهو أصوب لأن الأصل في القيد التخصيص. "زائدًا" لا أصليًّا، "مكملا أربعة فصاعدًا"، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 612- ومع الآخر احذف الذي تلا ... إن زيد لينا ساكنا مكملا 613- أربعة فصاعدا ...... ... ...................... "وقبله حركة من جنسه" على الأصح "لفظًا" كـ: مروان ومسكين ومنصور، "أو تقديرًا" كـ: مصطفون ومصطفين، علمين، سواء أكان الحرف الأخير زائدًا أم أصليًّا، "وذلك نحو: مروان"، فإن الألف والنون فيه زائدتان، "وأسماء" بالمد، علمصا منقولا من جمع اسم، فهمزته أصلية؛ لأنها بدل من لام الكلمة، وأصلها أسماو، وأبدلت الواو همزة لتطرفها إثر ألف زائدة، فوزنه أفعال. "ومنصور" علمًا، "ومسكين" علمًا، منقولين من وصفي المفعول والفاعل، فالراء من الأول والنون من الثاني أصليتان وما قبلهما زائد، فيحذف عند الترخيم من مروان الألف والنون، وتقول: يا مرو، ومن أسماء الألف والهمزة   1 وكذا قرأ علي وابن وثاب والأعمش وأبو الدرداء. انظر البحر المحيط 8/ 28، والكشاف 3/ 496، والمحتسب 2/ 257. 2 سقط ما بين المعكوفين من "ط". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 257 وتقول: يا أسم، ومن منصور الواو والراء، وتقول: يا منصُ، ومن مسكين الياء والنون، وتقول: يا مسكِ، ومن "مصطفون" و"مصطفين" الواو والياء، وتقول فيهما: يا مصطفَ، كما سيأتي. "قال" الفرزدق يخاطب مروان بن عبد الملك: [من الكامل] 734- يا مرو إن مطيتي محبوسة ... ترجو الحباء وربها لم ييأس أراد: يا مروان، فرخمه بحذف الألف والنون، والحباء، بكسر الحاء المهملة وبالباء الموحدة والمد: العطاء، وربها: صاحبها "وقال" أبو زيد الطائي على ما زعم اللخمي، أو لبيد على ما زعم النحاس في شرح الكتاب: [من البسيط] 735- يا أسم صبرا على ما كان من حدث ... إن الحوادث ملقي ومنتظر أراد: يا أسماء، فرخمه بحذف الألف والهمزة. والمعنى: اصبري على الحوادث، فإن بعضها ملقي وبعضها منتظر. "بخلاف نحو: شمأل" بفتح الشين المعجمة وسكون الميم وفتح الهمزة من غير مد، علمًا، فتقول في ترخيمه: يا شمأ، بحذف اللام فقط دون الهمزة، "لأن زائده؛ وهو الهمزة؛ غير حرف لين". قال في النهاية: واختلف في نحو: معد، هل الزائد فيه الأول أو الثاني؟ فمن قال: الزائد الأول، حذف الآخر لتطرفه، ثم حذف الذي قبله لأن لفظه كلفظه، ومن قال: الزائد الثاني، حذفه وأبقى ما قبله، وهذه المسألة ذكرها سيبويه في محمر ومسود1. "و" بخلاف "نحو: هبيخ" بفتح الهاء والباء الموحدة المثناة التحتانية المشددة وفي آخره خاء معجمة: الغلام الممتلئ، "وقنور" بفتح القاف والنوم والواو المشددة، بعدها راء مهملة: الصعب اليبوس من كل شيء حال كون هبيخ وقنور "علمين"، فتقول في ترخيمهما: يا هبي ويا قنو، بحذف آخرهما فقط، ولا يحذف ما قبله "لتحرك حرف اللين" فيهما، وهو الياء في هبيخ، والواو في قنور2.   734- البيت للفرزدق في ديوانه 1/ 384، وخزانة الأدب 6/ 347، وشرح أبيات سيبويه 1/ 505، والكتاب 2/ 257، واللمع ص199، والمقاصد النحوية 4/ 292، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 62، وشرح الأشموني 2/ 472، وشرح قطر الندى ص215، وشرح المفصل 2/ 22. 735- البيت لأبي زبيد الطائي في ملحق ديوانه ص151، وشرح أبيات سيبويه 1/ 435، وللبيد بن ربيعة في ملحق ديوانه ص364، والكتاب 2/ 258، ولأحدهما في المقاصد النحوية 4/ 288، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 63، وشرح الأشموني 2/ 472. 1 الكتاب 2/ 264. 2 انظر شرح ابن الناظم ص425. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 258 "و" بخلاف "نحو: مختار ومنقاد علمين"، فتقول في ترخيمهما: يا مختا ويا منقا، بحذف آخرهما فقط، ولا يحذف ما قبله "لأصالة الألفين" فيهما، فإنهما منقلبان عن أصل، فأصل مختار ومنقاد: مختير ومنقود، بفتح الياء والواو أو كسرهما، فلما تحركا وانفتح ما قبلهما قلبا ألفين، والمنقلب عن الأصل أصل. وأجاز الأخفش أن يقال في ترخيمهما: يا مخت ويا منق، بحذف الألف من كل منهما مع الآخر نظرًا إلى الحالة الراهنة. "و" بخلاف "نحو: سعيد وثمود وعماد"، فنقول في ترخيمهما: يا سعي ويا ثمو ويا عما، بحذف الدال فيهن فقط، ولا يحذف ما قبلهما من الياء أو الواو والألف وإن كان كل منها حرف لين زائد، "لأن السابق على حرف اللين حرفان" لا ثلاثة، وهذا محترز قوله: 612- ......................... ... ............... مكملا 613- أربعة .................... ... ......................... وأجاز الفراء حذف الياء والألف مع الآخر من نحو: سعيد وعماد في كل لغة، وحذف الواو مع الآخر في نحو: ثمود، في لغة من يجعله اسما برأسه ولا ينتظر المحذوف، فيقول: يا سع ويا عم ويا ثم1. وأما على لغة من ينتظر في نحو: ثمود، فيوجب حذف الواو والدال ولا يجيز: يا ثمو، بحذف الدال فقط، لأن بقاء الواو يستلزم عدم النظير؛ إذ ليس في العربية اسم متمكن في آخره واو لازمة قبلها ضمة. ورد بأنه يلزم بقاء الاسم المتمكن على حرفين، وذلك خلاف القياس، والواو حينئذ لا يحكم لها بحكم الحشو. فلا يلزم ما قاله2. "وبخلاف نحو: فرعون وغرنيق" بضم العين المعجمة وسكون الراء وفتح النون: طير من طيور الماء طويل العنق، حال كونه "علمًا"، فتقول في ترخيمهما: يا فرعو ويا غرني، بحذف آخرهما فقط، ولا تحذف الواو والياء "لعدم مجانسة الحركة" لهما. والجرمي والفراء لا يشترطان المجانسة، فيجيزان حذف اللين وإن كان قبله فتحة، فيقولان: يا فرع3 ويا غرن، لبقاء الاسم المتمكن4 على ثلاثة أحرف5، وإلى ذلك أشار   1 في "ب": "ويا ثمو". 2 شرح المرادي 4/ 53-54. 3 في "ب": "يا فرعو". 4 بعده في "ب": "أعني". 5 انظر شرح ابن الناظم ص426، وشرح ابن عقيل 2/ 291، والتسهيل ص188. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 259 الناظم بقوله: 613- ........... والخلف في ... واو وياء بهما فتح قفي "ولا خلاف في" جواز حذف الواو والياء مع الآخرين من "نحو: مصطفون ومصطفين، علمين" فتقول فيهما: يا مصطف، بحذف الواو والنون من الأول والياء والنون من الثاني، "لأن أصلهما مصطفيون ومصطفيين" بضم الياء في الأول وكسرها في الثاني، ولكنهم قلبوها ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها، ثم حذفوا الألف لالتقاء الساكنين. "فالحركة المجانسة"، وهي الضمة في الأول والكسرة في الثاني، وإن لم تكن ملفوظة فهي "مقدرة". والحركة المجانسة في التقدير كالمجانسة في اللفظ، كما سبق في قوله: وقبله حركة من جنسه لفظًا أو تقديرًا، وهو مأخوذ من قول التسهيل1: مسبوق بحركة مجانسة ملفوظة أو مقدرة، والمحذوف للترخيم إما حرف واحد2 أو حرفان، كما تقدم، "وإما كلمة برأسها وذلك في المركب المزجي"، وإليه أشار الناظم بقوله: 614- والعجز احذف من مركب وقل ... ترخيم جملة وذا عمرو نقل "تقول في" ترخيم "معد يكرب" وبعلبك وسيبويه وخمسة عشر علمًا: "يا معدي" ويا بعل ويا سيب ويا خمسة، ومنع الفراء ترخيم المركب من العدد إذا سمي به، ومنع أكثر الكوفيين ترخيم المختوم بـ"ويه" والمنقول أن العرب لم ترخم المركب المزجي وإنما أجازه النحويون قياسًا. "وإما كلمة وحرف وذلك في: اثنا عشر" علمًا "تقول" إذا رخمته: "يا اثن" بحذف الألف و"عشر"، كما تقول في ترخيمه لو لم تركبه، نص على ذلك سيبويه3، "لأن "عشر" في موضع النون، فنزلت هي والألف منزلة الزيادتين في "اثنام" علمًا"، ولذلك أعرب. وقد يحذف المضاف إليه وآخر المضاف جميعًا نحو: يا صاح، أصله، يا صاحبي. قاله ابن خروف والجوهري وابن بري وجماعة. وقال غيرهم4: هو مرخم صاحب على غير قياس.   1 التسهيل ص188. 2 الكتاب 2/ 269. 3 الارتشاف 3/ 156. 4 منهم الشلويين كما ذكر أبو حيان في الارتشاف 3/ 165، والمبرد في المقتضب 4/ 243، وسيبويه في الكتاب 2/ 256. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 260 فصل: "والأكثر" في لسان العرب "أن ينوى المحذوف، فلا يغير ما بقي" عن حاله من حركة أو سكون بل يبقى على فتحه إن كان مفتوحًا، "تقول في جعفر: يا جعف، بالفتح، و" على كسره إن كان مكسورًا، تقول "في حارث: يا حار، بالكسر، و" على ضمه إن كان مضمومًا، تقول "في منصور: يا منص، بتلك الضمة" الموجودة قبل الترخيم، "و" على سكونه إن كان ساكنًا، تقول "في هرقل: يا هرق، بالسكون، و" تقول "في ثمود وعلاوة وكروان" أعلامًا: "يا ثمو ويا علاو ويا كرو"، بإبقاء الواو على صورتها في الأمثلة الثلاثة1 من غير إبدال لأنها ليست ظرفًا في التقدير، لأن الحرف المحذوف بعدها في نية الملفوظ به، وتسمى لغة من ينتظر، وإليها أشار الناظم بقوله: 615- وإن نويت بعد حذف ما حذف ... فالباقي استعمل بما فيه ألف "ويجوز أن لا ينوى" المحذوف "فيجعل الباقي" بعد الحذف اسمًا برأسه، ويجعل الحرف الذي قبل المحذوف "كأنه آخر الاسم في أصل الوضع" من غير حذف، فلا يبقى على حاله بل يضم، وتسمى لغة من لا ينتظر، وإليها أشار الناظم بقوله: 616- واجعله إن لم تنو محذوفًا كما ... لو كان بالآخر وضعا تمما "فتقول: يا جعف ويا حار ويا هرق، بالضم فيهن، وكذا تقول: يا منص بضمة حادثة للبناء" غير تلك الضمة التي كانت قبل الترخيم، بدليل أن هذه يجوز إتباعها وتلك لا يجوز إتباعها. "وتقول: يا ثمي، بإبدال الضمة كسرة والواو ياء، كما تقول في جمع جرو" بتثليث الجيم، "ودلو" على أفعل، بضم العين: "الأجري والأدلي" والأصل: الأجرو والأدلو، بضم الراء واللام، فقلبوا الضمة كسرة، والواو ياء لئلا يلزم منه عدم النظير، "لأنه ليس في العربية اسم معرب آخره واو لازمة مضموم ما قبلها" وما تجدد بناؤه حكمه حكم المعرب.   1 في "ب"، "ط": "المسائل الثلاث". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 261 "وخرج بالاسم الفعل نحو: يدعو"، وجعله علمًا عارض، "و" خرج "بالمعرب" المبني أصالة "نحو: هو". وأما أسماء البلدان نحو: سنبو1 والبيهو في الإقليم الصعيدي، فالظاهر أنها غير عربية كـ: سمندو2. "و" خرج "بذكر الضم نحو: دلو"، فإن ما قبل الواو ساكن، "و" خرج "باللزوم نحو: هذا أبوك" فإن الواو فيه ليست بلازمة، فإنها تقلب ألفًا في النصب وياء في الجر، "وتقول: يا علاء، بإبدال الواو همزة لتطرفها بعد ألف زائدة كما في كساء" فإن أصله: كساو، لأنه من "كسوت" فأبدلت الواو همزة لما ذكر. "وتقول: يا كرا بإبدال الواو ألفًا لتحريكها وانفتاح ما قبلها" ولم يكن بعدها ساكن "كما في العصا". والعلاوة بكسر العين المهملة: ما علقته على البعير بعد تمام الوقر، والكروان، بفتح الكاف والراء: طائر طويل العنق، وهو ذكر الحبارى.   1 في "ب": "شنبو". 2 في "ب": "هندو". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 262 فصل: "يختص ما فيه تاء التأنيث بأحكام منها: أنه لا يشترط لترخيمه علمية"، بل مطلق التعريف فيه كاف ولو بالقصد، "ولا زيادة على ثلاثة أحرف، كما مر" في قوله: "ثم إن كان المنادى مختومًا بتاء التأنيث جاز ترخيمه مطلقًا، تقول في هبة علما: يا هب، وفي جارية لمعينة: يا جاري". "و" منها: "أنه إذا حذف منه التاء توفر من الحذف ولم يستتبع حذفها حذف حرف قبلها"، لأن تاء التأنيث في حكم كلمة منفصلة عما قبلها، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 609- .............................. ... ........... والذي قد رخما 610- بحذفها وفره بعد ... ... ........................ "فتقول في" ترخيم "عقنباة"، بفتح العين المهملة والقاف وبسكون النون بعدها موحدة فألف فتاء تأنيث، صفة للعقاب، يقال: عقاب عقنباة أي: ذو مخاليب حداد: "يا عقنبا" بالألف، ولا تحذف لما مر. "و" منها أنه لا يرخم إلا على نية المحذوف" خوف الالتباس بالمذكر "تقول في" ترخيم "مسلمة" بضم الميم، "وحارثة" بالحاء المهملة، والثاء المثلثة، "وحفصة: يا مسلم ويا حارث ويا حفص، بالفتح" فيهن، ولا تقول: يا مسلم ويا حارث ويا حفص، بالضم فيهن على لغة من لا ينتظر المحذوف "لئلا يلتبس بنداء" مذكر لا ترخيم فيه، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 618- والتزم الأول في كمسلمه ... ................................ "فإن لم يخف لبس1 جاز" ترخيمه على لغة من لا ينتظر المحذوف، "كما في نحو: همزة" علمًا، بضم الهاء2 وفتح الميم والزاي، وهو المغتاب يستوي فيه المذكر والمؤنث   1 في "أ"، "ب": "لم تخف لبسا" والتصويب من "ط" وأوضح المسالك 4/ 66. 2 في "ب": "بالضم بالها". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 263 يقال: رجل همزة وامرأة همزة، وفي التنزيل: {وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ} [الهمزة: 1] . "ومسلمة" بفتح الميم، علم رجل، وليست التاء فيه للفرق بين المذكر والمؤنث، فتقول إذا رخمتهما على لغة من لا ينتظر: يا همز ويا مسلم، بالضم فيهما، إذ لا لبس بذلك، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 618- ...................................... ... وجواز الوجهين في كمسلمه "و" منها "أن نداءه مرخمًا أكثر من ندائه تامًّا" من غير ترخيم "كقوله"، وهو امرؤ القيس الكندي: [من الطويل] 736- أفاطم مهلا بعض هذا التدلل ... وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي أراد: يا فاطمة. و"أزمعت" بزاي وعين مهملة: أي أحكمت عزمك، والصرم: القطع، والإجمال: الإحسان. "ولكن يشاركه في هذا" الحكم الأخير "مالك وغامر وحارث"، فترخيمهن أكثر من ترك الترخيم لكثرة استعمالهن في النداء. ووجه اختصاص ما فيه تاء التأنيث بذلك أنه لا يتوقف على كثرة استعماله، فافترقا.   736- البيت لامرئ القيس في ديوانه ص12، والجنى الداني ص35، وخزانة الأدب 11/ 232، والدرر 1/ 372، وشرح شواهد المغني 1/ 20، والمقاصد النحوية 4/ 289، وتاج العروس "عنز"، "زمع"، "دلل"، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 67، وأمالي ابن الشجري 2/ 84، ورصف المباني ص52، وشرح الأشموني 2/ 467، وشرح المرادي 4/ 34، ومغني اللبيب 1/ 13، وهمع الهوامع 1/ 172. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 264 فصل: "ويجوز ترخيم غير المنادى بثلاثة شروط: أحدها: أن يكون ذلك في الضرورة". الشرط: "الثاني: أن يصلح الاسم" المراد ترخيمه "للنداء" أي لمباشرة حرف النداء، وإليها أشار الناظم بقوله: 619- ولاضطرار رخموا دون ندا ... ما للندا يصلح .............. في الضرورة، "فلا يجوز" ترخيم الضرورة "في نحو: الغلام"، مما فيه "أل" لأنه لا يصلح لمباشرة حرف النداء، ومن ثم خطئ من جعل من ترخيم الضرورة1 قول العجاج: [من الرجز] 737- أوالفا مكة من ورق الحمي بفتح الحاء المهملة وكسر الميم وأصله: الحمام، بالتخفيف، فحذف المين الثانية وقلبت الألف ياء للقافية. وقيل: حذفت الألف وأبدلت الميم ياء، ويحتمل أن يكون حذف منه الألف والميم للضرورة كقوله: [من الكامل] 738- درس المنا بمتالع فأبان ... .............................. وكسرت الميم الأولى للقافية والياء إشباع، ورق، بضم الواو: جمع ورقاء، وهي التي في لونها بياض إلى سواد.   1 ذكر ذلك أبو الفتح في المحتسب 1/ 78، وانظر شرح ابن الناظم ص429. 737- الرجز للعجاج في ديوانه 1/ 453، وشرح ابن عقيل 2/ 116، والكتاب 1/ 26، 110، وما ينصرف وما لا ينصرف ص51، والمحتسب 1/ 78، والمقاصد النحوية 3/ 554، 4/ 285، وتهذيب اللغة 15/ 381، وتاج العروس 23/ 30 "ألف"، وبلا نسبة في الارتشاف 3/ 163، والأشباه والنظائر 1/ 294، والإنصاف 2/ 519، والدرر 1/ 398، 2/ 522، وشرح ابن الناظم ص305، 429، وشرح الأشموني 2/ 343، 476، وشرح التسهيل 3/ 431، وشرح المرادي 4/ 60، وشرح المفصل 6/ 75، وهمع الهوامع 1/ 181، 2/ 157. 738- عجز البيت: "فتقادمت بالحبس فالسوبان"، وتقدم تخريجه برقم 715. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 265 الشرط "الثالث: أن يكون" المرخم في الضرورة "إما زائدًا على الثلاثة" وذلك مأخوذ من قول الناظم: 619- ............................ ... ............. نحو أحمدا "أو" مختوما "بتاء التأنيث"، فالأول "كقوله"، وهو امرؤ القيس الكندي: [من الطويل] 739- لنعم الفتى يعشو إلى ضوء ناره ... طريف بن مال ليلة الجوع والخصر أراد: ابن مالك، فرخمه في غير النداء ضرورة، وترك ما بقي كأنه اسم برأسه، ونونه على لغة من لا ينتظر. ويعشو: يسير في العشاء، وهو الظلام1، والخصر، بفتح الخاء والصاد المهملتين: شدة البرد. والثاني كقول الأسود بن يعفر: [من الطويل] 740- وهذا ردائي عنده يستعيره ... ليسلبني حقي أمال بن حنظل أراد: ابن حنظلة، فرخمه في غير النداء ضرورة. "ولا يمتنع" الترخيم في الضرورة "على لغة من ينتظر المحذوف" عند سيبويه2 وجمهور البصريين3، "خلافًا للمبرد"4، قالوا: "ودليلنا" القياس على النداء والسماع، ومنه قول أوس التميمي: [من البسيط] 741- إن ابن حارث إن أشتق لرؤيته ... أو أمتدحه فإن الناس قد علموا   739- البيت لامرئ القيس في ديوانه ص142، والارتشاف 3/ 164، 3/ 164، وتذكر النحاة ص420، والدرر 1/ 397، وشرح ابن الناظم ص428، وشرح أبيات سيبويه 1/ 451، وشرح المرادي 4/ 57، والكتاب 2/ 254، والمقاصد النحوية 4/ 280، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 69، ورصف المباني ص239، وشرح الأشموني 2/ 477، وشرح ابن عقيل 2/ 295، وهمع الهوامع 1/ 181. 1 في "ب": "الكلام". 740- البيت للأسود بن يعفر في ديوانه ص56، وسمط اللآلي ص935، وشرح أبيات سيبويه 1/ 464، والكتاب 2/ 246، 3/ 69، ونوادر أبي زيد ص159-160، وبلا نسبة في المقرب 1/ 188. 2 الكتاب 2/ 269، وشرح ابن الناظم ص428. 3 الإنصاف 1/ 347، المسألة رقم 48. 4 انظر شرح ابن الناظم ص428، والإنصاف 1/ 355، والدرر 1/ 398. 741- البيت لابن حبناء في الدرر 1/ 398، وشرح أبيات سيبويه 1/ 527، والكتاب 2/ 272، والمقاصد النحوية 4/ 283، وبلا نسبة في أسرار العربية ص241، والإنصاف 1/ 354، وشرح ابن الناظم ص428، وشرح الأشموني 2/ 477، وشرح التسهيل 3/ 430، وشرح الكافية الشافية 3/ 1371، وشرح المرادي 4/ 58، 1/ 188، وهمع الهوامع 1/ 181. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 266 أراد: ابن حارثة، فرخمها بحذف التاء على لغة من ينتظر، وقوله: وهو جري: [من الوافر] 742- ألا أضحت حبالكم رماما ... وأضحت منك شاسعة أماما أراد: أمامة، بضم الهمزة، علم امراة، فرخمها بحذف التاء على لغة من ينتظر. ورماما: جمع رمة، بضم الراء المهملة، وهي القطعة البالية من الحبل، وأنشده المبرد1: ................................. ... وما عهدي كعهدك يا أماما قال ابن مالك في شرح الكافية2: والإنصاف يقتضي تقرير الروايتين، ولا ترفع إحداهما بالأخرى. ا. هـ. وفهم من عدم اشتراط التعريف في ترخيم الضرورة أنه يجيء في النكرات، كقوله: [من الخفيف] 743- ليس حي على المنون بخال ... ..................................... أي: بخالد.   742- البيت لجرير في ديوانه ص221، وخزانة الأدب 2/ 365، وشرح أبيات سيبويه 1/ 594، والكتاب 2/ 270، والمقاصد النحوية 24/ 28، ونوادر أبي زيد 31، وبلا نسبة في أسرار العربية 240، والإنصاف 1/ 353، وأوضح المسالك 4/ 70، وشرح ابن الناظم ص428، وشرح التسهيل 3/ 430، وشرح عمدة الحافظ ص313، وشرح الكافية الشافية 3/ 1351، 1362، 1371، وشرح المرادي 4/ 58. 1 انظر شرح ابن الناظم ص428. 2 شرح الكافية الشافية 3/ 1371. 743- عجز البيت: لا عديم ولا مثمر مال ويروى: فلو ذروة فجنبي ذيال وهو لعبيد بن الأبرص في ديوانه ص109، والدرر 1/ 396، والمقاصد النحوية 4/ 461، وفيه القافية "أقال"، وبلا نسبة في الارتشاف 3/ 164، وشرح الأشموني 2/ 472، وشرح المرادي 4/ 6، وهمع الهوامع 1/ 181. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 267 باب المنصوب على الاختصاص : والاختصاص في الأصل اختصصته بكذا، أي خصصته1 به، وفي الاصطلاح: تخصيص حكم علق بضمير بما2 تأخر عنه من اسم ظاهر معرف. والباعث عليه فخر أو تواضع أو زيادة بيان، فالأول نحو: علي؛ أيها الجواد؛ يعتمد الفقير. والثاني نحو: إني؛ أيها العبد؛ فقير إلى عفو الله. والثالث نحو: نحن؛ العرب؛ أقرى الناس للضيف3. وهو خبر استعمل بصورة النداء توسعا، كما استعمل الخبر بصيغة الأمر، نحو: أحسن بزيد: والأمر بصيغة الخبر نحو: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ} [البقرة: 233] . "و" المنصوب على الاختصاص "هو اسم" ظاهر غير نكرة ولا مبهم، "معمول لـ: أخص" مضارع "خص" "واجب الحذف"، كما يجب حذف ناصب المنادى. "فإن كان" المنصوب على الاختصاص "أيها" في التذكير، إفرادًا وتثنية وجمعًا، "أو: أيتها" في التأنيث إفرادًا وتثنية وجمعًا، "استعملا" في الاختصاص "كما يستعملان في النداء، فيضمان" لفظًا وينصبان محلا، ويتصل بهما "ها" التنبيه وجوبًا، "ويوصفان لزومًا باسم لازم الرفع" مراعاة للفظيهما، "محلى بـ: أل" الجنسية. "نحو: أنا أفعل كذا أيها الرجل" فأنا أفعل" مبتدأ وخبر: وأيها: في موضع نصب على الاختصاص بفعل محذوف وتقديره "أخص" و"الرجل": نعت "أي" على اللفظ.   1 سقطت من "ب". 2 في "أ"، "ط": "ما". 3 من شواهد الكتاب 2/ 234، وشرح ابن الناظم ص431، وشرح ابن عقيل 2/ 298. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 268 "واللهم اغفر لنا أيتها العصابة"1 بكسر العين، فأيتها؛ بالضم في موضع نصب على الاختصاص بفعل محذوف تقديره "أخص" والعصابة: نعت "أيتها" على اللفظ، وجملة الاختصاص في المثالين في موضع نصب على الحال. والمعنى: أنا أفعل كذا مخصوصًا من بين الرجال، واللهم اغفر لنا مخصوصين من بين العصائب. وما ذكره من أن أيها وأيتها مبنيان على الضم في موضع نصب بفعل الاختصاص محذوفًا هو مذهب الجمهور، وذهب الأخفش إلى أن كلا منهما منادى، قال2: ولا ينكر أن ينادي الإنسان نفسه. ألا ترى إلى قول عمر -رضي الله عنه: "كل الناس أفقه منك يا عمر". وذهب السيرافي3 إلى أن "أيا" في الاختصاص معربة، وزعم أنها تحتمل وجهين: أحدهما: أن تكون خبرًا لمبتدأ محذوف، [والتقدير: أنا أفعل كذا هو أيها الرجل، أي المخصوص به. والثاني أن يكون مبتدأ والخبر محذوف] 4 والتقدير: أيها الرجل المخصوص أنا المذكور. "وإن كان" المنصوب على الاختصاص "غيرهما" أي غير أيها وأيتها "نصب" لفظًا، سواء كان [لفظه] 5 مفردًا أم مضافًا، فالأول "نحو: نحن"؛ العرب، أقرى الناس للضيف. والثاني [نحو] 5 قوله -صلى الله عليه وسلم: "إنا " معاشر الأنبياء لا نورث " " 6، فالعرب ومعاشر: منصوبان على الاختصاص بفعل محذوف وجوبًا تقديره: أخص العرب وأخص معاشر الأنبياء. وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 620- الاختصاص كنداء ........ ... ............................ البيتين7.   1 شرح ابن الناظم ص430، والكتاب 2/ 232. 2 انظر قوله في همع الهوامع 1/ 171. 3 انظر ما ذهب إليه السيرافي في الارتشاف 3/ 166، وهمع الهوامع 1/ 17. 4 سقط ما بين المعكوفين من "ب". 5 إضافة من "ب"، "ط". 6 أخرجه البخاري في صحيحه برواية: "لا نورث، ما تركنا صدقة" برقم 2926، 2927، وأخرجه مسلم برقم 1759، وفي حاشية يس 1/ 191: "ذكر أبو الحسين البزار الواعظ في كتاب النصيحة بالثقة أنه روى: نحن معاشر الأنبياء لا نرث ولا نورث". 7 البيتان هما: ألاختصاص كنداء دون يا ... كأيها الفتى بإثر ارجونيا وقد يرى ذا دون تلو أل ... كمثل نحن العرب أسخى من بذل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 269 والمنصوب على الاختصاص يشارك المنادى في ثلاثة أحكام: أحدها: إفادة الاختصاص بالمتكلم، كما أن المنادى يفيد الاختصاص بالمخاطب. والثاني: أن كل واحد منهما لا يكون إلا للحاضر. والثالث1: أن الاختصاص واقع في معرض التوكيد، والنداء قد2 يكون كذلك، كقولك لمن هو مصغ إليك: كان الأمر كذا يا فلان. "ويفارق المنادى في أحكام" لفظية ومعنوية: فأما الأحكام اللفظية فأمور: "أحدها: أنه ليس معه حرف نداء لا لفظًا ولا تقديرًا"، بخلاف المنادى فإنه لا يخلو عن ذلك. "الثاني: أنه لا يقع في أول الكلام بل في أثنائه" أي وسطه، "كالواقع بعد: نحن" في المثال، وبعد "أنا" "في الحديث المتقدم"، وهذا الحديث بلفظ "نحن". قال الحافظ3: غير موجود، وإنما الموجود في سنن النسائي الكبرى: إنا معاشر الأنبياء4. كما شرحنا. "أو بعد تمامه" أي الكلام "كالواقع بعد "أنا" و"لنا"5 في المثالين قبله" وهما "أنا أفعل كذا أيها الرجل" و"اللهم اغفر لنا أيتها العصابة" فالمخصوص وهو "أيها" في المثال الأول "أيتها" في المثال الثاني وقعا بعد تمام الكلام، لأن كلا من قولك "أنا أفعل كذا" و"اللهم اغفر لنا" كلام تام6 بخلاف المنادى، فإنه يقع في أول الكلام، نحو: يا الله اغفر لنا. "والثالث: أنه يشترط أن يكون المقدم7 عليه اسما بمعناه" في التكلم والخطاب، "والغالب كونه" أي: [كون] 8 المقدم على المخصوص "ضمير تكلم" يخصه أو يشارك فيه، فالأول نحو: أنا أفعل كذا أيها الرجل، والثاني نحو: اللهم اغفر لنا أيتها العصابة.   1 في "ب": "والثايلث". 2 في "ب": "فلا". 3 في "أ": "الحافظ". 4 السنن الكبرى للنسائي 4/ 64. 5 في "ب"، "ط": "نا". 6 سقطت من "ب". 7 في "ب": "المتقدم". 8 إضافة من "ط". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 270 "وقد يكون" المقدم "ضمير خطاب كقول بعضهم: بك؛ الله؛ نرجو الفضل"، فـ"بك" متعلق بـ"نرجو"، والله: منصوب على الاختصاص، والفضل: مفعول "نرجو". وفي هذا المثال شذوذان: كونه بعد ضمير خطاب، وكونه علمًا. قاله في الشذور1. ولا يكون المتقدم ضمير غائب ولا اسما ظاهرًا، فلا يجوز: بهم معشر العرب؛ ختمت المكارم، ولا: بزيد؛ العالم؛ يقتدي الناس2. "والرابع والخامس: أنه يقل كونه علمًا، وأنه ينتصب مع كونه مفردا" معرفة3، "كما في هذا المثال" وهو: بك؛ الله؛ نرجو الفضل، ومثله: سبحانك الله العظيم، والمنادى يكثر كونه علما، ويضم مع كونه مفردًا. والسادس: أن يكون بـ"أل" قياسًا كقولهم: نحن؛ العرب؛ أقرى الناس للضيف، والمنادى لا يكون كذلك. والسابع والثامن والتاسع والعاشر: أن لا يكون نكرة ولا اسم إشارة ولا موصولا ولا ضميرًا. قاله في الارتشاف4. والمنادى يكون كذلك. الحادي عشر: أن "أيا" هنا لا توصف باسم الإشارة، وتوصف به في النداء. الثاني عشر: أن صفة "أي" هنا واجبة الرفع5 بلا خلاف، كما قاله في الارتشاف6، وفي الثاني طرقها7 خلاف، أجاز المازني نصبها. الثالث عشر: أن أيا هنا اختلف في ضمتها: هل هي إعراب أو بناء، وفي النداء بناء بلا خلاف. [الرابع عشر: العامل المحذوف هنا لم يعوض عنه شيء وعوض عنه في النداء حرف. الخامس عشر: أن العامل المحذوف] 8 هنا فعل الاختصاص، وفي النداء فعل الدعاء9.   1 شرح شذور الذهب ص222. 2 الكتاب 2/ 236. 3 سقطت من "ب". 4 الارتشاف 3/ 167. 5 سقطت من "ب" كلمة: "الرفع". 6 الارتشاف 3/ 166. 7 بعده في "ب": "الرفع"، وهي الكلمة نفسها التي سقطت في الحاشية السابقة. 8 سقط ما بين المعكوفين من "ب". 9 في "ب": "الدعا". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 271 والسادس عشر والسابع عشر والثامن عشر: أنه لا يكون تاليًا لحرف النداء، وأنه لا يعنى به إلا نفس المتكلم، وأنه لا يجوز فيه الترخيم. والتاسع عشر والعشرون: أنه لا يستغاث به، وأنه لا يندب. وأما الأحكام المعنوية فأمور: أحدها: أن الكلام مع الاختصاص خبر، ومع النداء إنشاء. والثاني: أن الغرض من ذكره تخصيص مدلوه من بين أمثاله بما نسب إليه. والثالث: أنه مفيد لفخر أو تواضع أو زيادة بيان، بخلاف النداء فيهما. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 272 باب التحذير : "وهو" في الأصل مصدر "حذر" بالتشديد، والمراد به هنا "تنبيه المخاطب على أمر مكروه لتجتنبه". ويكون بثلاثة أشياء: بـ"إياك" وأخواته. وبما ناب عنها من الأسماء المضافة إلى ضمير المخاطب، نحو: نفسك، وبذكر المحذر منه، نحو: الأسد. "فإن ذكر المحذر بلفظ "إيا" فالعامل" في محلها1 النصب فعل "محذوف لزومًا"، لأنه لما كثر التحذير بلفظ "إيا" جعلوه بدلا من اللفظ بالفعل، والتزموا معه إضمار العامل، "سواء عطفت عليه" المحذر منه، نحو: إياك والشر، "أم كررته" نحو: [من الطويل] 744- إياك إياك المراء ..... ... ........................ "أم لم تعطف ولم تكرر" نحو: إياك الأسد، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 622- إياك والشر ونحوه نصب ... محذر بما استتاره وجب 623- ودون عطف ذا لإيا انسب ..... ... ..................................... "تقول" إذا عطفت عليه المحذر منه: "إياك والأسد" فإياك: في محل نصب بفعل محذوف تقديره: أحذر، ونحوه، ثم قيل: يجب تقديره بعد "إياك" والأصل: إياك أحذر، لأنه لو قدر قبله لاتصل به، فقيل: أحذرك، فيلزم تعدي فعل المضمر المتصل إلى ضميره2 المتصل، وذلك خاص بأفعال القلوب وما ألحق بها.   1 في "ب": "محلهما". 744- تمام البيت: إياك إياك المراء فإنه ... إلى الشر دعاء وللشر جالب وتقدم تخريجه برقم 648. 2 في "ب": "ضمير". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 273 "و" قيل: "الأصل: احذر تلاقي نفسك، والأسد ثم حذف الفعل" وهو احذر "وفاعله" وهو ضمير المخاطب المستتر فيه، فصار "تلاقي نفسك والأسد" "ثم" حذف "المضاف الأول" وهو "تلاقي"، "وأنيب عنه الثاني" وهو "نفسك" "فانتصب" فصار "نفسك والأسد"، "ثم" حذف المضاف الثاني وهو "نفس" "وأنيب عنه الثالث" في التركيب وهو الكاف، "فانتصب" بعد أن كان مجرورًا بالإضافة، "وانفصل" لتعذر اتصاله فصار "إياك". واختلف في إعراب ما بعد الواو فقيل: هو معطوف على "إياك" والتقدير: احذر نفسك أن تدنو من الأسد والأسد أن يدنو منك، وهذا مذهب كثيرين منهم السيرافي. واختاره ابن عصفور1. واعترض بأن "إياك" محذر و"الأسد" محذر منه، والعطف يقتضي المشاركة في المعنى. وأجيب بأن مقتضى العطف الاشتراك في معنى الخوف، فلا يمتنع أن يكون أحدهما خائفًا والآخر مخوفًا منه. قاله الفخر الرازي في شرح المفصل. وذهب ابن طاهر وابن خروف إلى أن ما بعد الواو منصوب بفعل آخر محذوف، فهو عندهما من قبيل عطف الجمل3. واختار ابن مالك قولا ثالثا، وهو أن يكون معطوفًا عطف مفرد لا على التقدير الأول، بل على تقدير: اتق تلاقي نفسك والأسد، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه. قال: ولا شك في أن هذا أقل تكلفًا. انتهى. وظاهر صنيع الموضح موافقته. "وتقول" إذا لم تعطف ولم تكرر: "إياك من الأسد"، واختلف في تحقيق العامل المحذوف فقال الجمهور: عامله فعل متعد لواحد، "والأصل: باعد نفسك من الأسد، ثم حذف "باعد" وفاعله" المستتر فيه فصار: نفسك من الأسد، "و" حذف "المضاف" وهو "نفس"، فانفصل الضمير وانتصب فصار: إياك من الأسد، فـ"إياك" منصوب "باعد" محذوفًا، و"من الأسد": متعلق بذلك المحذوف. "وقيل": عامله فعل متعد لاثنين. و"التقدير: أحذرك من الأسد". قاله ابن الناظم3 تبعًا لأبي البقاء4، فحذف "أحذر"5 وفاعله وانفصل الضمير لتعذر اتصاله   1 المقرب 1/ 253. 2 انظر الارتشاف 2/ 281، وهمع الهوامع 1/ 169. 3 في شرح ابن الناظم ص432: "أحذرك الأسد". 4 انظر شرح المرادي 4/ 70. 5 سقطت من "ب". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 274 "فنحو: إياك الأسد"، بحذف "من" ونصب "الأسد"، "ممتنع على التقدير، الأول، وهو قول الجمهور"، لما يلزم عليه من حذف "من" ونصب المجرور، وهو غير مطرد إلا مع "أن" و"أن" و"كي" كما تقدم في باب التعدي واللزوم، "وجائز على" التقدير "الثاني، وهو رأي ابن الناظم1" وأبي البقاء2، لأن "أحذر" يتعدى إلى اثنين من غير واسطه، قال الله تعالى: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ} [آل عمران: 30] فالكلام على تقدير الجمهور إنشائي، وعلى تقدير ابن الناظم خبري. "ولا خلاف في جواز: إياك أن تفعل"، على التقديرين، فجوازه على الأول لصلاحيته لتقدير: من" أي من أن تفعل، لأن حرف الجري حذف مع "أن" قياسًا مطردًا, كما تقدم، وجوازه على الثاني واضح لتعدي الفعل إليه بنفسه من غير تقدير واسطة. "ولا يكون "إيا" في هذا الباب لمتكلم"، لأن المتكلم لا يحذر نفسه، "وشذ قول عمر -رضي الله عنه: لتذك" من التذكية "لكم الأسل"3 بفتح الهمزة والسين المهملة، وفي آخر لام، وهو هنا ما رق وأرهف من الحديد كالسيف والسكين ونحوهما. وفي كتاب4 الضياء: الأسل: شجر الرماح، ويقال لكل نبت له شوك طويل، "والرماح": جمع رمح، "والسهام": جمع سهم. "وإياي وأن يحذف أحدكم الأرنب", فقيل: الكلام جملتان، ثم قال الزجاج: أصله: "إياي وحذف الأرنب وإياكم وحذف الأرنب"، فحذف من كل جملة ما أثبت في الأخرى. "و" قال الجمهور: "أصله: إياي باعدوا عن حذف الأرنب، وباعدوا أنفسكم أن يحذف أحدكم الأرنب، ثم حذف من الأول المحذور" وهو "حذف الأرنب" "و" حذف "من الثاني المحذر" وهو "باعدوا أنفسكم" وقيل: الكلام جملة واحدة. ثم اختلف فقيل: حذفت أربعة أشياء، وأصله: إياي باعدوا عن حذف الأرنب وحذف الأرنب عني، فحذف فعل وفاعل ومفعول مقيد، وما عطف على هذا المفعول المقيد   1 شرح ابن الناظم ص432. 2 انظر شرح المرادي 4/ 70. 3 من حديث عمر بن الخطاب -رضي الله عنه، وتمامه: "لتذك لكم الأسل، والرماح والسهام، وإياي وأن يحذف أحدكم الأرنب"، وهو من شواهد شرح ابن الناظم ص433، وشرح ابن عقيل 2/ 300. 4 سقطت من "ب"، "ط". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 275 فإن الواو عطفت بشيئين على شيئين. وقال السيرافي: حذف شيئان فقط، وأصله: باعدوني وحذف الأرنب. ولا يخفى ما في هذه الأقول من الضعف، أما قول الزجاج فإن فيه دعوى حذف "إياكم" ولا يليق حذفهما لما استقر لها في هذا الباب من أنها بدل من اللفظ بالفعل، وأما ما اختاره الموضح ففيه حذف من الأول لدلالة الثاني [عليه] 1، وهو قليل وفيه مخالفة لما يفهم من صنيعه في "إياك والأسد" أنهما جملة واحدة. وأما القول الثالث فيه كثرة حذف وتكرار، فإن مباعدتهم له عن حذف الأرنب مباعدة لحذف الأرنب عنه، وكذا هو في قول السيرافي، وإن لم يصرح به، فإن "باعدوني" ليس أمرًا بالمباعدة المطلقة، بل بالمباعدة عن شيء خاص، وكذا مباعدة حذف الأرنب إنما هي عنه، فمرجع القولين الأخيرين إلى قول واحد، وإن ظن شارحون أنهما غيران. " ولا يكون" "إيا" في هذا الباب "لغائب"، لاختصاص التحذير بالمخاطب، "وشذ قول بعضهم"، أي العرب: "إذا بلغ الرجل الستين فإياه وإيا الشواب2". قال سيبويه3: حدثني من لا أتهم عن الخليل أنه سمعه من أعرابي. والشواب: بالشين المعجمة وفي آخره موحدة مشددة: جمع "شابة". ويروى: السوءات، بالسين المهملة: جمع سوءة4. والمعنى: إذا بلغ الرجل ستين سنه فلا يتولع بشابة ولا يفعل سوءة. والكلام جملة واحدة، "والتقدير: فليحذر تلاقي نفسه وأنفس الشواب". فحذف الفعل وفاعله ثم المضاف الأول وأنيب عنه الثاني، ثم الثاني وأنيب عنه الثالث، فانتصب وانفصل، وأبدل "أنفس" بـ"أيا". لأنها تلاقيها في المعنى. "وفيه شذوذان" آخران5: "أحدهما: اجتماع حذف الفعل" المجزوم بلام الأمر "وحذف حرف الأمر" وهو اللام، مع أن لام الأمر لا تحذف إلا في الضرورة كقوله: [من الطويل]   1 إضافة من "ب"، وسقطت من "ط". 2 من شواهد الكتاب 1/ 279، وشرح ابن عقيل 2/ 301، والإنصاف 2/ 697، المسألة رقم 98، وشرح ابن الناظم ص433، ولسان العرب "أيا"، وشرح المفصل 3/ 100. 3 الكتاب 1/ 279. 4 في "ب": "ويروى: الشوءات؛ بالشين المهملة، جمع شوءة". 5 سقط من "ب": "وفيه شذوذان آخران". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 276 745- محمد تفد نفسك كل نفس ... .................................... أي: لتفد، فحذفها مع مجزومها أشد. "و" الشذوذ "الثاني: إقامة المضمر وهو "إيا" الثانية مقام الظاهر وهو: الأنفس"، وإضافتها إلى الشواب، "لأن المستحق للإضافة إلى الأسماء الظاهرة اتفاقًا وإلى المضمرات على الأصح "إنما هو المظهر لا المضمر"، لأن الإضافة إما للتعريف, وإما للتخصيص، والضمير غني عن ذلك، لأنه1 أعرف المعارف؟ وذهب الخليل إلى أن "إياه" ضميران2 أضيف أحدهما إلى الآخر3، وإلى الشذوذ أشار الناظم بقوله: 625- وشذ إياي وإياه أشد ... وعن سبيل القصد من قاس انتبذ "وإن ذكر المحذر"؛ بفتح الذال المعجمة؛ "بغير لفظ "إيا"4 أو اقتصر على ذكر المحذر منه فإنما يجب الحذف" للعامل "إن كررت أو عطفت، فالأول" وهو ذكر المحذر بغير لفظ "إيا" مع التكرار، "نحو: نفسك نفسك"، ومع العطف نحو5: نفسك وعينك. "والثاني"، وهو الاقتصار على ذكر المحذر منه بغير لفظ "إيا" مع التكرار، "نحو: الأسد الأسد، و" مع العطف نحو: {نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا} [الشمس: 13] فالعامل في هذه الأمثلة الأربعة محذوف وجوبًا، لأن العطف كالبدل من اللفظ بالفعل، والتكرار بمنزلة العطف.   745- عجز البيت: إذا ما خفت من شيء تبالا وهو لأبي طالب في شرح شذور الذهب 211، وله أو للأعشى في خزانة الأدب 9/ 11، وللأعشى أو لحسان أو لمجهول في الدرر 2/ 75، وبلا نسبة في أسرار العربية 319، 321، وأمالي ابن الشجري 1/ 375، والإنصاف 2/ 530، وسر صناعة الإعراب 1/ 391 وشرح ابن الناظم ص492، وشرح الأشموني 3/ 575، وشرح التسهيل 4/ 60، وشرح شواهد المغني 1/ 597، وشرح المفصل 7/ 35، 60، 62، 9/ 24، والكتاب 3/ 8، واللامات ص 96، ومغني اللبيب 1/ 224، والمقاصد النحوية 4/ 418، والمقتضب 2/ 132، والمقرب 1/ 272, وهمع الهوامع 2/ 55. 1 في "ب": "لأنها". 2 في "ب": "أنه ضميران". 3 الإنصاف 2/ 695، المسألة رقم 98. 4 في "ب": "يا". 5 سقطت من "ب". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 277 "وفي غير ذلك يجوز الإظهار" للعامل "كقوله" وهو جرير: [من البسيط] 746- خل الطريق لمن يبني المنار به ... وابرز ببرزة حيث اضطرك القدر فأظهر العامل وهو "خل" لأن المحذر منه وهو "الطريق" خال من التكرار والعطف. والمنار، بفتح الميم وتخفيف النون: حدود الأرض، والبرزة: الأرض الواسعة، والباء للظرفية، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 423- ............................. وما ... سواه ستر فعله لن يلزما 424- إلا مع العطف أو التكرار ... .............................   746- البيت لجرير في ديوانه 1/ 211، وأمالي ابن الشجري 1/ 342، والصاحبي في فقه اللغة ص186، والكتاب1/ 254، ولسان العرب 5/ 310 "برز"، والمقاصد النحوية 4/ 307، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 78، والرد على النحاة ص75، وشرح الأشموني 2/ 481، وشرح المفصل 2/ 30. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 278 باب الإغراء : بالمد، "وهو" في الأصل مصدر "أغريت"، والمراد به هنا "تنبيه المخاطب على أمر محمود ليفعله". "وحكم الاسم" المنصوب "فيه حكم" الاسم في "التحذير الذي لم يذكر فيه "إيا" فلا يلزم حذف عامله إلا في عطف أو تكرار"، لما تقدم، "كقولك" في العطف: "المروءة والنجدة"، بنصبهما، "بتقدير "الزم"، وقوله"، وهو مسكين الدارمي في التكرار: [من الطويل] 747- أخاك أخاك إن من لا أخا له ... كساع إلى الهيجا بغير سلاح بنصب "أخاك" بتقدير "الزم" وجوبًا، و"أخاك" الثاني: توكيد، والهيجا، بالقصر هنا، والأكثر فيها1 المد: الحرب.   747- البيت لمسكين الدارمي في ديوانه ص29؛ والأغاني 20/ 171، 173، وخزانة الأدب 3/ 65، 67، والدرر 1/ 369، وشرح أبيات سيبويه 1/ 127، والمقاصد النحوية 4/ 305، ولمسكين أو لابن هرمة في فصل المقال ص269، ولقيس بن عاصم في حماسة البحتري ص245، ولقيس بن عاصم أو لمسكين الدرامي في الحماسة البصرية 2/ 60، وبلا نسبة في الاقتضاب ص100، والإنصاف 2/ 465, وأوضح المسالك 4/ 79، وتلخيص الشواهد ص62، والخصائص 2/ 480، والدرر 2/ 390، وشرح وابن الناظم ص434، وشرح شذور الذهب ص222، وشرح قطر الندى ص134، والكتاب 1/ 256، وعيون الأخبار 2/ 304، 3/ 2، والعقد الفريد 2/ 304، وهمع الهوامع 1/ 170، 2/ 125. 1 في "ب": "فيه". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 279 ولا يعطف في التحذير والإغراء إلا بالواو خاصة، لأن المراد فيهما الجمع والاقتران في الزمان، فإن فقد العطف والتكرار جاز إظهار العامل نحو: الزم أخاك. "ويقال: الصلاة جامعة"، بنصبهما، "فتنصب "الصلاة" بتقدير: احضروا و"جامعة" على الحال" من "الصلاة"، وناصبها "احضروا" المحذوف، "ولو صرح بالعامل" في "الصلاة" "لجاز"؛ لعدم1 العطف والتكرار. ويقال برفعهما على الابتداء والخبر، ويرفع الأول على الابتداء، ,حذف الخبر، ونصب "جامعة" على الحال، ونصب الأول على الإغراء، ورفع الثاني على الخبرية لمبتدأ محذوف. وإلى حكم الإغراء أشار الناظم بقوله: 636- وكمحذر بلا إيا اجعلا ... مغرى به في كل ما قد فصلا   1 سقطت من "ب". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 280 باب أسماء الأفعال مدخل ... باب أسماء الأفعال: وهل هي أسماء لألفاظ الأفعال1 أو لمعانيها من الأحداث والأزمنة. أو أسماء للمصادر النائبة عن الأفعال، أو هي أفعال؟ أقوال: قال بالأول جمهور البصريين، وبالثاني صاحب البسيط، ونسبه إلى ظاهر قول سيبويه والجماعة، وبالثالث جماعة من البصريين، وبالرابع الكوفيون2، وعلى القول: إنها أفعال حقيقة أو أسماء لألفاظ الأفعال لا مواضع لها من الإعراب عند الأخفش وطائفة. واختاره ابن مالك3. وعلى القول: إنها أسماء لمعاني الأفعال، موضعها رفع بالابتداء، وأغنى مرفوعها عن الخبر، وهو مذهب بعض النحويين. وعلى القول: إنها أسماء للمصادر النائبة عن الأفعال، موضعها نصب بأفعالها النائبة عنها لوقوعها موقع ما هو في موضع نصب، وهو قول المازني وطائفة، والصحيح أن كلا منها اسم لفعل، وأنه لا موضع لها من الإعراب. "واسم الفعل ما ناب عن الفعل معنى واستعمالا كـ: شتان" فإنه اسم ناب عن فعل ماض وهو "افترق"، "و: صه" فإنه اسم ناب عن فعل أمر وهو "اسكت"، "و: أوه" فإنه اسم ناب عن فعل مضارع4 هو "أتوجع". [والمراد بالمعنى كونه يفيد ما يفيده الفعل الذي هو نائب عنه من الحدث والزمان] 5، "والمراد بالاستعمال كونه" أبدًا   1 في "ط": "للألفاظ النائبة عن الأفعال"، قال ابن الناظم في شرحه ص435: "أسماء الأفعال: ألفاظ نابت عن الأفعال معنى واستعمالا". 2 انظر آراء البصريين والكوفيين في الإنصاف 1/ 228، المسألة رقم 27. 3 التسهيل ص210. 4 في "ب": "ماض"، وهو وجه ذكره ابن هشام في شرح شذور الذهب ص405، بمعنى توجعت. 5 سقط ما بين المعكوفين من "ب". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 281 "عاملا غير معمول" لعامل يقتضي الفاعلية والمفعولية. "فخرجت" الحروف نحو "إن" وأخواتها، فإنها وإن نابت عن الفعل في المعنى والاستعمال لكنها قد تهمل إذا اتصلت بها "ما" الكافة، فليست أبدًا عاملة، وخرجت "المصادر والصفات" النائبة عن أفعالها "في نحو: ضربًا زيدًا"، فإنه نائب عن "اضرب"، "و: أقائم الزيدان" فإنه نائب عن "يقوم"، "فإن العوامل"1 اللفظية والمعنوية "تدخل عليها" فتعمل فيها، ألا ترى أن "ضربًا" منصوب بما ناب عنه، وهو "اضرب"، و"أقائم" مرفوع بالابتداء. "و" اسم الفعل "وروده بمعنى الأمر كثير كـ: صه ومه وآمين" فـ"صه" "بمعنى "اسكت"، و" "مه" بمعنى "انكفف" لا بمعنى "اكفف" لأن اكفف يتعدى و"مه" لا يتعدى. قاله في شرح الشذور2 تبعًا لغيره3. ورد بأن ذلك غير مطرد, فإن "آمين" لا يتعدى و"استجب" يتعدى. "و" آمين، بالمد وبالقصر وبالإمالة لا بتشديد اللام بمعنى "استجب، ونزال" بالنون والزاي والبناء على الكسر بمعنى "انزل" "وبابه"، وهو منقاس من كل فعل ثلاثي تام متصرف، ولا ينقاس في غيره، وشذ "دراك" من أدرك، و"بدار" من بادر، قال: [من الرجز] 748- بدارها من إبل بدارها وأجاز ابن طلحة بناءه من "أفعل" قياسًا على "دراك" وعلى بنائهم فعلي التعجب من "أفعل" وشذ قرقار بمعنى قرقر، أي: صوت، من قرقر بطنه، وأجاز الأخفش أن يقال: دحراج وقرطاس، قياسًا على قرقار4. ولا يجوز من هب ودع: وهاب وداع، للجمود، ولا كوان قائمًا للنقص، ويجوز من التامة. ولم يقس المبرد شيئًا من الباب لأنه ابتداع لما لم يمسع من الأسماء5. ورد   1 في شرح "ب": "العامل". 2 شرح شذور الذهب ص116. 3 منهم ابن مالك في التسهيل ص211، وفي شرح ابن الناظم ص435، وشرح ابن عقيل 2/ 302: "مه: بمعنى اكفف". 748- لم أقع عليه في المصادر المتاحة، ولعل الأزهري حرف روايته من "تراكها من إبل تراكها" انظر هذه الرواية في الإنصاف ص537، وشرح المفصل 4/ 50، والكتاب 1/ 241، 3/ 271، والمقتضب 3/ 369. 4 انظر الارتشاف 3/ 198، وشرح ابن الناظم ص435. 5 الكامل ص587-592. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 282 بأنه باب واحد كثر استعماله على منهاج واحد، فكان حقيقًا بالاتساع وإن فقد السماع. وبناؤه على الحركة لالتقاء الساكنين، وكانت كسرة على الأصل، وبنو أسد تفتحه إتباعًا وتخفيفًا. "و" وروده "بمعنى الماضي المضارع" المبدوء بالهمزة "قليل كـ: شتان، وهيهات". فـ شتان: بفتح النون، وفي فصيح ثعلب1 أن الفراء كان يكسرها "بمعنى افترق"، كذا أطلق الجمهور وقيده الزمخشري2 بكون الافتراق في المعاني والأحوال، قال ابن عمرون: كالعلم والجهل والصحة والسقم، قال: ولا تستعمل في غير ذلك، لا تقول: شتان الخصمان عن مجلس الحكم، ولا: شتان المتبايعان عن مجلس العقد، بمعنى افترقا عنه. انتهى. وهيهات3: حكى الصغاني فيها ستا وثلاثين لغة: هيهات، وأيهات، وهيهان، وأيهان، وهيهاه، وأيهاه، كل واحدة4 من هذه الست مضمومة الآخر ومفتوحته ومكسورته، وكل واحدة منها منونة وغير منونة، فتلك ست وثلاثون. وحكى غيره، هيهاك، وأيهاك، بكاف الخطاب. وأيهاء، وأيها، وهيهاء، فهذه إحدى وأربعون لغة، وكلهم بمعنى بعد. "وأوه، وأف" فـ"أوه" "بمعنى أتوجع، و" أف"؛ وفيها أربعون لغة؛ ذكرتها في صدر الكتاب5 وكلها بمعنى "أتضجر". "و: وا، و: وي، و: واها"، الثلاثة6 "بمعنى: أعجب" بفتح الهمزة، "كقوله تعالى: {وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} " [القصص: 82] فـ"وي": اسم فعل مضارع بمعنى "أعجب" والكاف: حرف تعليل وأن: مصدرية مؤكدة, أي: أعجب لعدم فلاح الكافرين". هذا قول الخليل وسيبويه7. وقال أبو الحسن8 "وي" "بمعنى"9 "أعجب"، والكاف: حرف خطاب، وقيل: الكاف للتشبيه بمعنى الظن، فهما كلمتان.   1 في فصيح ثعلب 313: "والفراء يخفض نون شتان". وانظر شرح الفصيح للزمخشري ص624. 2 في المفصل ص161: "المعنى في شتان: تباين الشيئين في بعض المعاني والأحوال". 3 سقطت من "ب". 4 في "ب": "واحد". 5 انظر ما تقدم في الجزء الأول من هذا الكتاب ص38، 39. 6 بعده في "ط": "كلها". 7 الكتاب 2/ 154. 8 الارتشاف 3/ 200. 9 في حاشية يس 1/ 197: "الصواب أن يقال: كان للتشبيه". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 283 وقال الكسائي: "وي"1 محذوف من "ويلك"، قال عنترة: [من الكامل] . 749- ولقد شفى نفسي وأبرأ سقمها ... قول الفوارس ويك عنتر أقدم فهما كلمة واحدة. "وقول الشاعر": [من الرجز] . 570- وا بأبي أنت وفوك الأشنب ... كأنما ذر عليه الزرنب أو زنجبيل وهو عندي أطيب [فـ"وا" اسم بمعنى أعجب، و"بأبي": جار ومجرور، خبر مقدم، و"أنت" بكسر التاء: مبتدأ مؤخر، و"فوك"، بكسر الكاف: مبتدأ] 2 و"الأشنب": من الشنب، بفتح الشين المعجمة والنون: حدة في الأسنان. ويقال: برد وعذوبة. كذا قاله الجوهري3. و"كأنما ذر" بالبناء للمجهول4: خبر "فوك"5 وهو من ذررت الحب، بالذال المعجمة. و"الزرنب" كـ: جعفر: ضرب من النبات الرائحة كرائحة الأترج، وورقه كورق الطرفاء، وقيل: كورق الخلاف6.   1 في "أ": "هو"، والتصويب من "ط"، وسقطت من "ب". 749- البيت لعنترة في ديوانه ص219، والاقتضاب ص562، وأساس البلاغة "قدم"، والجنى الداني ص353، وخزانة الأدب 6/ 406، 408، 421، وشرح الأشموني 2/ 486، وشرح شواهد المغني ص481، 787، وشرح المرادي 4/ 80، وشرح المفصل 4/ 77، والصاحبي في فقه اللغة ص177، ولسان العرب 15/ 517 "ويا", والمحتسب 1/ 16، 2/ 56، والمقاصد النحوية 4/ 318، وبلا نسبة في مغني اللبيب 1/ 369. 750- الرجز لراجز من بني تميم في الدرر 2/ 341، وشرح شواهد المغني 2/ 786، والمقاصد النحوية 4/ 310، وبلا نسبة في الارتشاف 3/ 200، وأوضح المسالك 4/ 83، وتاج العروس "زرنب"، "وا" وتهذيب اللغة 13/ 386، وجمهرة اللغة ص345، 1218، والجنى الداني ص498 وجواهر الأدب ص287، وشرح الأشموني 2/ 486، وشرح قطر الندى ص257، ولسان العرب 1/ 448 "زرنب" ومجمل اللغة 3/ 396، ومغني اللبيب 2/ 369، ومقاييس اللغة 3/ 217، وهمع الهوامع 2/ 106. 2 سقط ما بين المعكوفين من "ب". 3 الصحاح "شنب". 4 في "ب": "للمفعول". 5 خبر فوك: هو قوله: "كأنما ذر عليه الزرنب"، وليس فقط: "كأنما ذر". انظر حاشية يس 2/ 197. 6 الخلاف: الصفصاف، وهو شجر عظام وأصنافه كثيرة. لسان العرب 9/ 97، "خلف". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 284 "وقول الآخر"، وهو أبو النجم على ما قاله الجوهري1: [من الرجز] 751- واها لسلمى واهًا واها ... هي المنى لو أننا نلناها فـ"واها": اسم فعل بمعنى أعجب، قال الجوهري: إذا تعجبت من طيب شيء قلت: واهًا له، أي: ما أطيبه، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 627- ما نب عن فعل ....... ... .......................... البيتين2.   1 الصحاح "ووه". 751- الرجز لأبي النجم في ديوانه ص227، ولسان العرب 13/ 563 "ويه"، وتاج العروس 10/ 401 "جرر"، وله أو لرؤبة في الدرر 1/ 32، ولرؤبة في ديوانه ص168. 2 تمام البيتين: ما ناب عن فعل كشتان وصه ... هو اسم فعل وكذا أوه ومه وما بمعنى افعل كآمين كثر ... وغيره كوي وهيهات نزر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 285 فصل: "اسم الفعل ضربان: أحدهما" مرتجل، وهو "ما وضع من أول الأمر كذلك": أي اسما للفعل "كـ: شتان، و: صه, و: وي"؛ فإنها موضوعة من أول أسماء لتلك الأفعال. "والثاني": منقول، وهو "ما" وضع من أول الأمر لغير اسم الفعل ثم "نقل من غيره إليه، وهو"؛ أي المنقول بالنسبة إلى المنقول عنه؛ "نوعان": أحدهما: "منقول من ظرف" للمكان، "أو جار ومجرور"، فالمنقول من الجار والمجرور "نحو: عليك" زيدًا، فإنه نقل عن موضوعه الأصلي، واستعمل اسم فعل "بمعنى الزم" زيدًا، "ومنه: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ} " [المائدة/ 105] فـ"عليكم": اسم فعل، وفاعله مستتر فيه وجوبًا، و"أنفسكم": مفعول به على حذف مضاف، "أي: الزموا شأن أنفسكم. و" المنقول من ظرف المكان نحو: "دونك زيدًا، بمعنى: خذه، و: مكانك، بمعنى: اثبت1، و: أمامك، بمعنى: تقدم، و: وراءك، بمعنى: تأخر. و" من المنقول من الجار والمجرور: "إليك، بمعنى: تنح"، وكان المناسب أن يذكره مع "عليك" ولكنه ذكر المتعدي من الظرف والجار والمجرور على حدة، والقاصر منهما على حدة، وذكر أربعة ظروف، واحد متعد وهو "دونك" وثلاثة قاصرة وهي "مكانك" و"أمامك" و"وراءك" وهي منقسمة بالنسبة لما أنت فيه، ولما تقدمك، ولما تأخر عنك. وذكر جارين ومجرورين، أحدهما متعد وهو "عليك" والثاني قاصر وهو "إليك". وزعم الكوفيون أن "إليك" تأتي بمعنى "أمسك" فتتعدى بنفسها. قيل: وقد تتعدى "عليك" بالباء كقول الأخطل: [من الكامل] 752- فعليك بالحجاج لا تعدل به ... أحدًا إذا نزلت عليك أمور وفيه بحث لاحتمال أن تكون الباء زائدة.   1 في "أ": "انثبت". 752- البيت للأخطل في ديوانه ص195، وبلا نسبة في تذكرة النحاة ص449. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 286 وشذ مجيء "علي" اسم فعل مضارع بمعنى "الزم" و"عليه" اسم فعل لـ"يلزم"، والباب كله سماعي عند البصريين، والكسائي يقيس بقية الظروف على ما سمع بشرط الخطاب، نحو: عليك. واختلف في الكاف المتصلة بـ"عليك"1 وأخواته، فقال ابن بابشاذ: حرف خطاب وقال الجمهور: ضمير المخاطب، ثم اختلفوا في موضعها من الإعراب، فقال الكسائي: نصب على المفعولية، وقال الفراء: رفع على المفعولية، وقال البصريون: جر، فقيل: على ما كان قبل إقامته مقام الفعل بناء على أنها أسماء للأفعال, وقيل: الجر بالإضافة بناء على أنها أسماء للمصادر، واختاره الموضح في "الحواشي" فقال إن "علي" مثلا اسم للزوم، تقول: "عليك" بمعنى "إلزامك" فللكاف موضع خفض ورفع. ا. هـ. واستفدنا من ذلك2 أن اسم الفعل إنما هو الجار فقط والمجرور خارج عنه، وذلك خلال ما صرح به هنا. "و" النوع الثاني: "منقول من مصدر، وهو نوعان: مصدر استعمل فعله ومصدر أهمل فعله، فا" لنوع "الأول نحو: رويد زيدًا، فإنهم قالوا: أروده إروادا بمعنى أمهله إمهالا، ثم صغروا الإرواد" الذي هو مصدر "أرود" "تصغير الترخيم"، فحذفوا الهمزة والألف الزائدتين، وأوقعوا التصغير على أصوله فقالوا: رويدًا، وسمي تصغير ترخيم لما فيه من حذف الزوائد، والترخيم حذف، "وأقاموه مقام فعله" الدال على الأمر. "واستعملوه تارة مضافًا إلى مفعوله فقالوا: رويد زيد، وتارة منونًا ناصبًا للمفعول" به "فقالوا: رويدًا زيدًا"، فـ"رويدا" فيهما بمعنى "أرود" وفاعله مستتر فيه وجوبًا، لأنه نائب عن فعل أمر، و"زيدًا" مفعول به مجرور في الأول، منصوب في الثاني. وتارة منونًا غير ناصب للمفعول، فقالوا: رويدًا يا زيد. وقد لا يقيمونه مقام فعله فيستعملونه منصوبًا حالا عند سيبويه3، نحو: ساروا رويدًا، أي: مرودين، أو حال كون السير رويدًا، أو نعتًا لمصدر مذكور أو مقدر، فالأول، نحو: ساروا سيرًا رويدًا، والثاني نحو: ساروا رويدًا.   1 سقطت من "ب". 2 في "ط": "واستفيدوا منه"، وفي "ب": "واستفد منه". 3 الكتاب 1/ 244. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 287 "ثم [إنهم] 1 نقلوه" من المصدرية "وسموا به فعله فقالوا: رويد زيدًا"2 بفتح الدال من "رويد" ونصبها من زيد. "والدليل على أن" رويدًا "هذا" المفتوح "اسم فعل" لا مصدر "كونه مبنيًا"، ولو كان مصدرًا كان معربًا. "والدليل على بنائه كونه غير منون"، ولو كان معربًا كان منونًا، والدليل على أنه مصغر ضم أوله وفتح ثانيه واجتلاب ياء ثالثة، والدليل على أن تصغير إرواد تصغير ترخيم، كما قال البصريون، مجيئه متعديًا، ولو كان تصغير رود3 بمعنى المهل4 والرفق، مثل5 قولهم: يمشي على رود، أي على مهل، كما قال الفراء6، كان قاصرًا. "و" النوع "الثاني": المهمل فعله، نحو "قولهم: بله زيدًا" أي: دعه، "فإنه في الأصل مصدر فعل مهمل"، وذلك الفعل المهمل "مرادف لـ: دع"، و"دع" لا مصدر له من لفظه وإنما له مصدر من معناه وهو الترك، "يقال: بله زيد، بالإضافة إلى المفعول كما يقال: ترك زيد" بالإضافة إلى المفعول، وأما ما جاء في الحديث: "من ودعهم الجمعة" 7 فنادر، "ثم قيل" بعد أن نقلوه وسموا به فعله: "بله زيدًا، بنصب المفعول8 وبناء: بله" على الفتح، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا، لأنه نائب عن فعل أمر. و"بله" هذا اسم فعل، والدليل "على أنه اسم فعل" كونه مبنيًا، والدليل على بنائه كونه غير منون، وسكت الموضح عن هذا التعليل لأنه9 لا يتم به التقريب، فإن   1 إضافة من "ب", "ط". 2 من كلام العرب الذي جاء فيه هذا الاستعمال قول مالك بن خالد الهذلي: [من الطويل] رويد عليًّا جد ما ثدي أمهم ... إلينا ولكن بغضهم متماين وهو في شرح أبيات سيبويه 1/ 100، وشرح أشعار الهذليين 1/ 447، والكتاب 1/ 243، وشرح الأشموني 2/ 488، وشرح المفصل 4/ 40. 3 في "ب": "ورد". 4 في "ب": "المهمل". 5 في "ب": "من". 6 الارتشاف 3/ 205. 7 الحديث برواية: "لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات" , وهو في مسند أحمد 1/ 239، والنهاية 5/ 165. 8 بعده في "ب": "به". 9 سقطت من "ب". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 288 "بله" المرادفة1 لـ"كيف" تشاركها في البناء وعدم التنوين، يقال: بله زيد، برفع زيد على الابتداء، وبله: خبر مقدم، أي كيف زيد، وبذلك يتم لـ"بله" ثلاثة أوجه: مصدر واسم مرادف لكيف، وقد روي بالأوجه الثلاثة قول الشاعر يصف السيوف: [من الكامل] 753- تذر الجماجم ضاحيا هاماتها ... بله الأكف كأنها لم تخلق وقد تأتي لغير ذلك، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 629- والفعل من أسمائه عليكا ... وهكذا دونك مع إليكا 630- كذا رويد بله ناصبين ... ويعملان الخفض مصدرين   1 في "ب": "المرداف". 753- تقدم تخريج البيت برقم 394. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 289 فصل: "يعمل اسم الفعل عمل مسماه" في التعدي واللزوم غالبًا، فإن كان مسماه لازمًا كان اسم فعله كذلك، فيقتصر على الفعل، "تقول: هيهات نجد، كما تقول بعدت نجد، قال" جرير: [من الطويل] 754- فهيهات هيهات العقيق ومن به ... وهيهات خل بالعقيق نواصله فالعقيق: فاعل هيهات الأول، وخل: فاعل هيهات الثالث، وهيهات الثاني لا فاعل له، لأنه لم يؤت به للإسناد بل لمجرد التقوية، والتوكيد للأول. "و" إذا كان مسماه ما لا يكتفي بمرفوع واحد كان اسم فعله كذلك، "تقول شتان زيد وعمرو، كما تقول: افترق زيد وعمرو"، لأن الافتراق من المعاني النسبية التي لا تقوم إلا باثنين فصاعدًا. "و" إن كان مسماه متعديًا كان اسم فعله كذلك، تقول: "دراك زيدًا"، بنصب المفعول، "كما تقول: أدرك زيدًا"، بالنصب، وفي بعض النسخ: تراك زيدًا، بالتاء والراء والكاف، وهي أحسن، لأن دراك شاذ، لأنه من أدرك، وتراك مقيس لأنه من ترك، ومن غير الغالب، آمين وإيه، فإنهما لم يحفظ لهما مفعول ومسماهما متعد نحو: رب استجب دعائي وزدني علمًا، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 631- وما لما تنوب عنه من عمل ... لها ............................... "وقد يكون اسم الفعل مشتركًا بين أفعال سميت به، فيستعمل على أوجه باعتبارها"، فيعمل عملها، فيصل إلى المفعول به بنفسه إذا كان بمعنى فعل متعد، وبحرف1 جر إن كان بمعنى فعل لازم، "قالوا: حيهل الثريد"، بالنصب، "بمعنى: ائت الثريد"، وهو خبز مغموس2 بمرق اللحم.   754- تقدم تخريج البيت 139، 382. 1 في "ب": "وبجر". 2 في "ب", "ط": "مغمور". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 290 "و" قالوا: "حيهل على الخير" بـ"على" "أي: أقبل على الخير"، وهو ضد الشر، "وقالوا: إذا ذكر الصالحون فحيهل بعمر"1 فعدوه بالباء، وحذفوا المضاف، "أي: أسرعوا بذكره"، والمراد به عمر بن الخطاب -رضي الله عنه، كما قال الحريري في المقامة التاسعة، وهو أثر يروى عن ابن مسعود -رضي الله عنه. ولكن اسم الفعل يخالف مسماه، فإن الفعل يجوز تقديم معموله المنصوب عليه، "ولا يجوز تقديم معمول اسم الفعل عليه" لقصور درجته عن الفعل لكونه فرعه في العمل، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 631- ........................... ... وأخر ما لذي فيه العمل "خلافًا للكسائي" في إجازته تقديم معموله عليه إلحاقًا للفرع بأصله2، "وأما" ما احتج به وهو قوله تعالى: {كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} [النساء: 24] وقوله": أي الشخص، وهي جارية من بني مازن: [من الرجز] 755- يا أيها المائح دلوي دونكا ... إني رأيت الناس يحمدونكا "فمؤولان"، وتأويل الآية أن "كتاب الله" مصدر منصوب بفعل محذوف، وعليكم: متعلق به أو بالعامل المحذوف، والتقدير: كتب الله ذلك كتابًا عليكم، فحذف الفعل وأضيف المصدر إلى فاعليه على حد: {صِبْغَةَ اللَّهِ} [البقرة: 138] ودل على ذلك المحذوف قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: 23] لأن التحريم يستلزم الكتابة. قاله الموضح في شرح القطر3. وتأويل البيت أن "دلوي": مبتدأ، ودونك: خبره، وفيه نظر، لأن المعنى ليس على الخبر المحض حتى يخبر عن الدلو بكونه دونه.   1 الحديث في النهاية 1/ 472، وغريب الحديث لابن الجوزي 1/ 258. 2 انظر الارتشاف 3/ 215، وشرح الكافية الشافية 3/ 1394. 755- الرجز لجارية من بني مازن في الدرر 2/ 340، والمقاصد النحوية 4/ 311، وبلا نسبة في أسرار العربية ص165، والأشباه والنظائر 1/ 344، والإنصاف 1/ 228، وأوضح المسالك 4/ 88، وجمهرة اللغة ص574، وخزانة الأدب 6/ 200، 201، 207، وذيل السمط ص11، وشرح الأشموني 2/ 491، وشرح التسهيل 2/ 137، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص532، وشرح شذور الذهب ص407، وشرح عمدة الحافظ ص739، وشرح الكافية الشافية 3/ 1349، وشرح المفصل 1/ 117، ولسان العرب 2/ 609 "ميح"، ومعجم ما استعجم ص416، ومغني اللبيب 2/ 609، والمقرب 1/ 137، ومقاييس اللغة 5/ 287، وعمدة الحافظ "دون"، وهمع الهوامع 2/ 105. 3 شرح قطر الندى ص258. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 291 وجوز ابن مالك أن يكون "دلوي" منصوبًا بـ"دونك" مضمرة مدلولا عليها بـ"دونك" الملفوظة1، مستندًا لقول سيبويه في "زيدًا عليك"2 كأنك قلت: عليك زيدًا. وفيما قاله نظر، لأن اسم الفعل لا يعمل محذوفًا، كما صرح به الموضح في متن القطر3. وأما ما استند إليه من كلام سيبويه فمحمول على تفسير المعنى لا على تفسير الإعراب؟ وجوز بعضهم أن يكون "دلوي" منصوبًا بفعل محذوف دل عليه السياق، أي: تناول دلوي، وسكت عن "دونك". والمائح: من ماح، بالحاء المهملة، [وهو] 4 الذي ينزل5 البئر فيملأ الدلو إذا قل ماؤها.   1 شرح الكافية الشافية 3/ 1349-1395، وفيه أيضًا جواز ابن مالك أن يكون "دلوي": مبتدأ، و"دونك": خبره. 2 الكتاب 1/ 252-253. 3 شرح قطر الندى ص256. 4 إضافة من "ط". 5 في "ب": "يندل". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 292 فصل: "وما نون من هذه الأسماء" النائبة عن الأفعال تنوين تنكير "فهو نكرة وقد التزم ذلك" التنكير "في: واها وويها، كما التزم تنكير نحو: أحد وعريب" بفتح العين المهملة وكسر الراء. "وديار" بفتح الدال وتشديد الياء، كلاهما مرادف لـ"أحد"، وأطلق أحدًا وله استعمالات. أحدها: مرادف الأول1، وهو المستعمل في العدد، نحو: أحد عشر. الثاني: مرادف الواحد بمعنى المنفرد، نحو: {هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] . الثالث: مرادف إنسان، نحو: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ} [التوبة: 6] . الرابع: أن يكون اسما عامًّا في جميع من يعقل، نحو: {فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَد} [الحاقة: 47] وهو المراد هنا، وهذا ملازم للتنكير غالبًا, ومن تعريفه قوله: [من البسيط] 756- وليس يظلمني في حب غانية ... إلا كعمرو وما عمرو من الأحد قاله الموضح في الحواشي. "وما لم ينون منها فهو معرفة، وقد التزم ذلك" التعريف "في نزال" بالنون والزاي، "وتراك" بالتاء والراء "وبابهما"، وهو كل فعل ثلاثي تام متصرف، كما التزم التعريف في المضمرات والإشارات والموصولات المعينة، أما إذا أريد بها غير معين فإنها تستعمل استعمال النكرات فتوصف بالنكرة، نحو: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] . قاله الموضح في باب الاستثناء. وفي ضمير الغائب أقوال:   1 في "ب": "مرادف للأول". 756- البيت برواية "يطلبني" مكان "يظلمني"، وهو بلا نسبة في تهذيب اللغة 5/ 197، وتاج العروس 9/ 274، "وحد"، ولسان العرب 3/ 451 "وحد". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 293 ثالثها: إن رجع إلى واجب التنكير كـ: ربه رجلا، فنكرة، وإن رجع إلى جائز التعريف كـ: جاء فأكرمته، فهو معرفة كالراجع إلى معرفة، والصحيح أنه معرفة مطلقًا. "وما استعمل بالوجهين"، بالتنوين وتركه، "فعلى معنيين": التعريف والتنكير:"وقد جاء على ذلك صه ومه وإيه، وألفاظ أخر" نحو: أف، فما نون منها فهو نكرة، وما لم ينون فهو معرفة. "كما جاء التعريف والتنكير في نحو: كتاب ورجل وفرس"، فمع التنوين نكرات وبدونه مع "أل" أو الإضافة معارف. وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 632- واحكم بتنكير الذي ينون ... منها وتعريف سواه بين وذهب بعضهم إلى أن أسماء الأفعال كلها معارف. ما نون منها وما لم ينون، وأنها أعلام أجناس معنوية كـ: سبحان. قال في البسيط: وهو ظاهر قول ابن خروف، والجميع مبني على الصحيح. وقال الفارسي وابن جني: ما كان منها ظرفًا فحركته إعرابية. نقله الموضح في الحواشي وقال: ينبغي أن لا يقولا به فيما كان مصدرًا نحو: رويد وبله. ا. هـ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 294 باب أسماء الأصوات : والدليل على اسميتها وجود التنوين في بعضها، وإذا ثبت النوع ثبت الجنس، ويستشكل صدق حد الكلمة عليها، لأنها ليست دالة على معنى مفرد، لأن المخاطب، بها من لا يعقل، فهي بمنزلة النعيق للغنم. والجواب أن الدلالة كون اللفظ بحيث إذا أطلق فهم منه العالم بالوضع معناه، وهذا كذلك، إذ لم يقل: إن حقيقة الدلالة كون اللفظ1 يخاطب به من يعقل لإفهام معناه، حتى يرد ما ذكر، والنعيق لا أحرف له فلا لفظ فيه. قاله الموضح في حواشيه2 ومن خطه نقلت3. "وهي نوعان: أحدهما: ما خوطب به ما لا يعقل مما يشبه اسم الفعل" في الاكتفاء به، ولكن اسم الفعل مركب لتحمله الضمير4، واسم5 الصوت مفرد لعدم تحمله الضمير6، وهذا النوع قسمان: أحدهما أن يكون لدعاء ما لا يعقل، والثاني لزجره. فالدعاء "كقولهم في دعاء الإبل لتشرب: جئ جئ" بكسر الجيم فيهما مكررين "مهموزين" كالأمر من "جاء" قاله السمين، وفي المحكم أنهما أمر للإبل بورود الماء. ا. هـ.   1بعده في "ط": "بحيث". 2 في "ب": "الحواشي". 3 انظر همع الهوامع 2/ 107. 4 سقط من "ب"، "ط": "لتحمله الضمير". 5 في "ب": "والاسم". 6 سقط من "ب": "لعدم تحمله الضمير". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 295 يقال: جأجأت الإبل، إذا دعوتها لتشرب فقلت: جئ جئ. نقله الجوهري عن الأموي1 وأقره. والاسم "الجيء" على مثل البيع3، والأصل: جأ، بهمزتين ساكنة فمتحركة، أبدلت الهمزة الأولى ياء. ويقال في الإبل إذا دعيت للعلف: هأ هأ، والاسم "الهيء". قال أبو عمرو: الهيء: الطعام، والجيء: الشراب، قال: [من الهزج] 757- وما كان على الجيء ... ولا الهيء امتداحيكا "و" كقولهم "في دعاء الضأن: حاحا، و" في دعاء "المعز: عاعا" بالحاء المهملة في الأول، وبالعين المهملة في الثاني، حال كونهما "غير مهموزين، والفعل منهما حاحيت وعاعيت". قال سيبويه3: وأبدلوا الألف من الياء لشبهها بها4، لأن قولك: حاحيت، إنما هو صوت بنيت منه فعلا، يعني على فعللت وليست فاعلت. قال: والذي يدلك على أنها ليست فاعلت قولهم في الاسم: الحيحاء والعيعاء، بالفتح فيهما. ا. هـ. "والمصدر: حيحاء وعيعاء"، بكسر أولهما، وأصلهما: حيحاي وعيعاي، أبدلت الياء همزة لتطرفها إثر ألف زائدة. قال الراجز وقد نطق بالفعل والمصدر جميعًا: [من الرجز] 758- يا عنز هذا شجر وماء ... عاعيت لو ينفعني العيعاء "و" الزجر كقولهم "في زجر البغل: عدس" بفتح العين والدال المهملتين وبإهمال السين، "قال" يزيد بن مفرغ الحميري يهجو عباد بن زياد بن أبي سفيان: [من الطويل] 759- عدس ما لعباد عليك إمارة ... أمنت وهذا تحملين طليق فـ"عدس": [صوت] 5 يزجر به البغل، وقد يسمى البغل به، والتقدير على التسمية به: يا عدس، فحذف حرف النداء. "وإمارة" بكسر الهمز [ة] 6: أي أمر وحكم.   1 في "ب": "الأبدي". 2 في "ب": "الجميع". 757- البيت لمعاذ الهراء في لسان العرب 1/ 42 "جأجأ"، 53 "جيأ"، 179، "هأهأ"، 189 "هيأ"، وبلا نسبة في شرح المفصل 4/ 83، والصاحبي في فقه اللغة ص71. 3 الكتاب 4/ 314. 4 بعده في "ب": "في". 758- الرجز بلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 90، والمقاصد النحوية 4/ 313. 759- تقدم تخريج البيت برقم 111. 5 إضافة من "ط". 6 إضافة من "ب"، "ط". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 296 "وقولنا: مما يشبه الفعل، احتراز من نحو قوله"، وهو النابغة الذبياني: [من البسيط] 760- يا دار مية بالعلياء فالسند ... أقوت وطال عليها سالف الأمد فإن قوله: "يا دار مية"، خطاب لما لا يعقل، ولكنه لم يشبه اسم الفعل لكونه غير مكتفى به، ولذلك احتاج إلى قوله: "أقوت"، وخاطب الدار توجعًا منه لما رأى تغيرها. وذهب الكوفيون إلى أن قوله "يا دار مية" اسم موصول، و"بالعلياء": صلته. والعلياء: ما ارتفع من الأرض، والسند: عطف على العلياء، وسند الجبل: ارتفاعه، حيث يسند فيه، أي: يصعد، والفاء فيه بمعنى الواو، وأقوت، بالقاف، خلت. والسالف: الماضي، والأمد: الدهر. "وقوله"، وهو امرؤ القيس الكندي: [من الطويل] 761- ألا أيها الليل الطويل ألا انجلي ... بصبح وما الإصباح منك بأمثل فـ"أيها الليل" خطاب لما لا يعقل، ولكنه لم يشبه اسم الفعل لكونه غير مكتفى به، ولهذا احتاج إلى قوله: انجلي. النوع "الثاني: ما حكي به صوت" مسموع، والمحكي صوته قسمان: حيوان وغيره، فالأول "كـ: غاق". بالغين المعجمة والقاف. "لحكاية صوت الغراب"، و"شيب" لحكاية صوت مشافر الإبل عند الشرب. "و" الثاني نحو: "طاق"، بالطاء المهملة والقاف، حكاية "لصوت الضرب، و: طق"، بفتح الطاء المهملة، حكاية "لصوت وقع الحجارة" بعضها على بعض، "و: قب"، بفتح القاف وسكون الموحدة، حكاية "لصوت وقع السيف على الضريبة"، وهي الدرقة. "والنوعان" من أسماء الأصوت "مبنيان لشبههما بالحروف المهملة" كلام الابتداء "في أنها لا عاملة ولا معمولة، كما أن أسماء الأفعال بنيت لشبهها بالحروف المهملة"   760- البيت للنابغة الذبياني في ديوانه ص14، والدرر 1/ 156، 2/ 584، وشرح أبيات سيبويه 2/ 54، والصاحبي في فقه اللغة ص215، والكتاب 2/ 321، والمحتسب 1/ 251، والمقاصد النحوية 4/ 315 ولسان العرب 3/ 355 "قصد"، وتهذيب اللغة 8/ 353، 12/ 266، 15/ 668، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 92، ورصف المباني ص452، وشرح الأشموني 2/ 493، ولسان العرب 3/ 223، "سند"، 14/ 141 "جرا"، 15/ 491 "يا"، وهمع الهوامع 1/ 85، 243. 761- البيت لامرئ القيس في ديوانه ص18، والأزهية 271، وخزانة الأدب 2/ 326، 327، وسر صناعة الإعراب 2/ 513، ولسان العرب 11/ 361 "شلل"، والمقاصد النحوية 4/ 317، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 93، وجواهر الأدب 78، ورصف المباني ص79، وشرح الأشموني 2/ 493. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 297 كـ: "ليت" "في أنها عاملة غير معمولة؛ وقد مضى ذلك في أول" هذا "الكتاب"1، بخلاف أسماء الأصوات فإنه لم يتقدم لبنائها ذكر فيتعين حمل قول الناظم: 634- ..................................... ... والزم بنا النوعين فهو قد وجب على نوعي أسماء الأصوات، وهما المذكوران في قوله: 633- وما به خوطب ما لا يعقل ... من مشبه اسم الفعل صوتا يجعل 634- كذا الذي أجدى حكاية كقب ... ................................... وربما أعرب بعض أسماء الأصوات لتركيبه فقط، أو لتركيبه مع نقله عن معناه وجعله اسما للمحكي صوته أو للمصوت له به، فيكون حينئذ مرادفًا لاسم متمكن. فالأول كقوله: [من الطويل] 726- ........................................... ... كما رعت بالحوب الظماء الصواديا يروى الحوب، بالوجهين: على الحكاية وعدمها، أي: كما رعت بهذا اللفظ الذي يصوت به. وهو "حوب" بفتح الحاء المهملة، والباء الموحدة، وهو زجر للإبل، وأما "جوت"، بضم الجيم وبالتاء المثناة فوق، المفتوحة، فهو لدعاء الإبل لا لزجرها. والثاني كقوله: [من الرجز] 762- إذ لمتي مثل جناح غاق فهذا بمنزلة قوله: مثال جناح غراب. والثالث كقوله: [من الكامل] 764- ووقعت في عدس كأني لم أزل قال الموضح في حواشيه: وهذان النوعان الأخيران ينبغي أن لا يجوز فيهما إلا الإعراب.   1 انظر ما تقدم في الجزء الأول من هذا الكتاب ص38 وما بعدها. 762- صدر البيت: دعاهن ردفي فارعوين لصوته وهو لعويف القوافي في خزانة الأدب 6/ 381، والمقاصد النحوية 4/ 309، وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب ص317، وخزانة الأدب 6/ 388، وشرح ابن الناظم ص438، وشرح المفصل 4/ 75، 82، ولسان العرب 2/ 21 "جوت"، وتاج العروس "4/ 282 "جوت". 763- الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص180، والدرر 2/ 344، وبلا نسبة في الارتشاف 3/ 281، والاقتضاب ص625، وتاج العروس "غيق"، وتخليص الشواهد ص152، وشرح الأشموني 2/ 494، ولسان العرب 6/ 133 "عدس"، والمخصص 8/ 151، وهمع الهوامع 2/ 107. 764- لم أقف على تمام البيت ولا على مصادره. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 298 باب نوني التوكيد الثقيلة والخفيفة مدخل ... باب نوني التوكيد الثقيلة والخفيفة: "لتوكيد الفعل نونان: ثقيلة وخفيفة نحو: {لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونَنْ} " [يوسف: 32] . وهما أصلان عند البصريين لتخالف بعض أحكامهما، كإبدال الخفيفة ألفًا في نحو: "وليكونا"، وحذفها في نحو: [من الخفيف] 765- لا تهين الفقير ....... ... ........................... وكلاهما ممتنع في الثقيلة. قاله سيبويه1. وعورض بأن الفرع قد يختص بما ليس للأصل أحيانًا، وقد قال سيبويه نفسه في "أن" المفتوحة فرع المكسورة، ولها إذا خففت أحكام تختصها2 ومذهب   765- تمام البيت: لا تهين الفقير علك أن تر ... كع يوما والدهر قد رفعه وهو للأضبط بن قريع في الأغاني 18/ 68، وأمالي القالي 1/ 107، والحماسة الشجرية 1/ 474، والحماسة البصرية 2/ 3، وخزانة الأدب 11/ 450، 452، والدرر 1/ 281، 2/ 251، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص1151، وشرح شواهد الشافية ص160، وشرح شواهد المغني 453، والشعر والشعراء 1/ 390، والمعاني الكبير 495، والمقاصد النحوية 4/ 334، وتاج العروس 21/ 122 "ركع"، وبلا نسبة في الإنصاف 1/ 221، وأوضح المسالك 4/ 111، وجواهر الأدب ص75، 146، ورصف المباني ص249، 373، 374، وشرح ابن الناظم ص447، وشرح الأشموني 2/ 504، وشرح شافية ابن الحاجب 2/ 32، وشرح ابن عقيل 2/ 318، وشرح الم فصل 9/ 43، 44، واللسان 6/ 184، "قنس"، 8/ 133 "ركع"، 13/ 438 "هون"، واللمع 278، ومغني اللبيب 1/ 155، والمقرب 2/ 18، وهمع الهوامع 1/ 134، 2/ 79، وتاج العروس "هون"، وعمدة الحفاظ "ركع". 1 الكتاب 3/ 521. 2 الكتاب 3/ 120. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 299 الكوفيين أن الخفيفة فرع الثقيلة1، وذكر الخليل أن التوكيد بالثقيلة أشد من التوكيد بالخفيفة2. ا. هـ. ويدل له: {لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونَنْ} [يوسف: 32] فإن امرأة العزير كانت أشد حرصًا على سجنه من كينونته صاغرًا. "ويؤكد بهما الأمر مطلقًا" من غير شرط، لأنه مستقبل دائمًا، وسواء في ذلك الأمر بالصيغة نحو: قومن، والأمر باللام نحو: ليقومن زيد، بكسر اللام، والدعاء نحو: [من الرجز] 766- فأنزلن سكينة علينا "ولا يؤكد بهما الماضي" لفظًا ومعنى "مطلقًا" لأنهما يخلصان مدخولهما للاستقبال، وذلك ينافي الماضي، وأما قوله -صلى الله عليه وسلم: "فإما أدركن أحد منكم الدجال" وقول الشاعر: [من الكامل] 767- دامن سعدك إن رحمت متيما ... ..................................... فهذان الفعلان مستقبلان معنى. "وأما المضارع" المجرد من لام الأمر "فله حالات: إحدها: أن يكون توكيده بهما واجبًا"، أي لا بد منه، "وذلك إذا كان مثبتًا مستقبلا، جوابًا لقسم، غير مفصول من لامه"، أي لام القسم، "بفاصل نحو: {وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ} " [الأنبياء: 75] فـ"أكيدن": فعل مضارع مثبت مستقبل جواب قسم، وهو: تالله، وليس مفصولا من لام القسم بفاصل. "ولا يجوز توكيده بهما إذا كان منفيًّا" لفظًا أو تقديرًا، فالأول نحو: والله لا أقوم، والثاني "نحو: {تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ} " [يوسف: 85] فـ"تفتأ" منفي بلا محذوفة. "إذ التقدير: لا تفتأ"، وحذف "لا" في جواب القسم مطرد.   1 انظر الإنصاف 2/ 650، المسألة رقم 94. 2 الكتاب 3/ 509. 766- الرجز لعبد الله بن رواحة في ديوانه ص107، وشرح أبيات سيبويه 2/ 322، والكتاب 3/ 511، وله أو لعامر بن الأكوع في الدرر 2/ 234، وشرح شواهد المغني 1/ 286، 287، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 234، وتخليص الشواهد ص130، وخزانة الأدب 7/ 139، ومغني اللبيب 1/ 98، 269، 317، 2/ 339، 5398، والمقتضب 3/ 13، وهمع الهوامع 2/ 78. 767- عجز البيت: لولاك لم يك للصبابة جانحا وهو بلا نسبة في الجنى الداني ص143، والدرر 2/ 243، وشرح الأشموني 2/ 495، وشرح شواهد المغني 2/ 760، وشرح التسهيل 1/ 14، وشرح المرادي 4/ 91، ومغني اللبيب 2/ 339، والمقاصد النحوية 1/ 120، 4/ 341، وهمع الهوامع 2/ 78. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 300 "أو كان" المضارع "حالا كقراءة ابن كثير: "لأقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ"1 [القيامة: 1] ، وقول الشاعر": [من المتقارب] 768- يمينا لأبغض كل امرئ ... يزخرف قولا ولا يفعل فـ"أقسم" في الآية و"أبغض" في البيت معناهما الحال لدخول اللام عليهما. وأنما لم يؤكدا بالنون، لكونها تخلص الفعل للاستقبال وذلك ينافي الحال. "أو كان" المضارع "مفصولا من اللام" بمعموله أو بحرف تنفيس فالأول "مثل" قوله تعالى: {وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ} [آل عمران: 158] "و" الثاني "نحو: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} [الضحى: 5] فـ"يعطيك" على جواب القسم وهو: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ} [الضحى: 3] والمعطوف على الجواب جواب. وقول البيضاوي2 تبعًا للزمخشري3: واللام في: "ولسوف يعطيك" للابتداء، دخلت على الخبر بعد حذف المبتدأ، والتقدير: لأنت سوف يعطيك، لا للقسم، فإنها لا تدخل على المضارع إلا مع النون المؤكدة، مخالف لما عليه الجمهور من أن ذلك مع اتصال اللام بالفعل لا مع انفصاله عنها، فإذا حصل فصل بينهما امتنعت النون وثبتت لام القسم وحدها كقوله: [من الخفيف] . 769- فوربي لسوف يجزى الذي أسـ ... ـلفه المرء سيئا أو جميلا أنشده ابن مالك شاهدًا على ذلك. "و" الحالة "الثانية: أن يكون" توكيده بهما "قريبًا من الواجب، وذلك إذا كان" المضارع "شرطًا لـ: أن" الشرطية "المؤكدة بـ: ما" الزائدة "نحو: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ} [الأنفال: 58] من الأجوف، {فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ} [الزخرف/ 41] من السالم، {فَإِمَّا تَرَيِنَّ} [مريم: 26] من الناقص، "ومن ترك توكيده قوله": [من البسيط]   1 هي قراءة ابن كثير وقنبل والحسن والأعرج والبزي والزهري والقواس. انظر الإتحاف ص428، ومعاني القرآن للفراء 3/ 207، والنشر 2/ 282، وشرح ابن الناظم ص442. 768- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 95، وشرح الأشموني 2/ 496، وشرح التسهيل 3/ 208، والمقاصد النحوية 4/ 338. 2 أنوار التنزيل 4/ 188. 3 الكشاف 4/ 219، وانظر شرح ابن الناظم ص441. 769- البيت بلا نسبة في شرح التسهيل 3/ 208. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 301 770- يا صاح إما تجدني غير ذي جدة ... فما التخلي عن الخلان من شيمي أراد: يا صاحبي، فحذف المضاف إليه، وهو الياء1؛ وأخر المضاف؛ وهو الباء1؛ معًا، قاله ابن خروف، والمشهور أنه ترخيم صاحب فقط، وترك توكيد2 "تجدني". فحذف النون "وهو قليل" في النثر، "وقيل: يختص بالضرورة". الحالة "الثالثة: أن يكون" توكيده بهما "كثيرًا، وذلك إذا وقع المضارع بعد أداة طلب". نهي أو دعاء أو عرض أو تمني أو استفهام. فالأول "كقوله تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا" عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ} [إبراهيم: 42] . "و" الثاني كقول خرنق: [من الكامل] 771- لا يبعدن قومي الذين هم ... سم العداة وآفة الجزر فأكدت "يبعد" بالنون الخفيفة بعد حرف الدعاء. والثالث نحو "قول الشاعر" يخاطب امرأة: [من البسيط] 772- هلا تمنن بوعد غير مخلفة ... كما عهدتك في أيام ذي سلم فأكد "تمنن" بكسر النون الأولى بعد حرف العرض، وأصله: تمنينن، حذفت نون الرفع مع الخفيفة حملا على حذفها مع الثقلية لتوالي النونات، وحذفت الياء لالتقاء الساكنين. وغير: حال من ياء المخاطبة، ومخلفة، بتاء التأنيث: مضاف إليها، وذي سلم: موضع بالشام. "و" الرابع نحو "قول الآخر يخاطب امرأة أيضًا": [من الطويل] 773- فليتك يوم الملتقى ترينني ... لكي تعلمي أني امرؤ بك هائم فأكد "ترينني" بتشديد النون الأولى على حد: {فَإِمَّا تَرَيِنَّ} [مريم: 26] بعد حرف التمني.   770- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 97، وخزانة الأدب 11/ 431، وشرح ابن الناظم ص441، وشرح الأشموني 2/ 479، والمقاصد النحوية 4/ 339، والدرر 2/ 239. 1 سقطت من "ب"، "ط". 2 في "ط": "تنوين". 771- تقدم تخريج البيت برقم 637. 772- البيت بلا نسبة في الارتشاف 1/ 303، وأوضح المسالك 4/ 99، والدرر 2/ 235، وشرح ابن الناظم ص439، وشرح الأشموني 2/ 495، والمقاصد النحوية 4/ 323، وهمع الهوامع 2/ 78. 773- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 100، والدرر 2/ 235، وشرح ابن الناظم ص440، وشرح الأشموني 2/ 495، والمقاصد النحوية 4/ 323، وهمع الهوامع 2/ 78. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 302 "و"الخامس نحو "قوله": [من الكامل] 774- ................................. ... أفبعد كندة تمدحن قبيلا فأكد "تمدحن" بعد حرف الاستفهام. وكندة، بكسر الكاف وسكون النون: اسم قبيلة في كهلان، وقبيلا: ترخيم قبيلة للضرورة. الحالة "الرابعة: أن يكون" توكيده بهما "قليلا، وذلك بعد "لا" النافية، أو" بعد "ما؛ الزائدة التي لم تسبق بـ: إن" الشرطية. فالأول "كقوله تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} " [الأنفال: 25] فأكد "تصيبن" بعد "لا" النافية تشبيهًا لها بالناهية صورة، وجملة "لا تصيبن" خبرة في موضع الصفة لـ"فتنة" فتكون الإصابة عامة للظالمين وغيرهم، لا خاصة بالظالمين: لأنها قد وصفت بأنها تصيب الظالمين خاصة فيكف تكون مع هذا خاصة بهم؟. وقيل: "لا" ناهية وأقيم المسبب مقام السبب، والأصل: لا تتعرضوا للفتنة فتصيبكم، ثم عدل عن النهي عن التعرض إلى النهي عن الإصابة، لأن الإصابة مسببة1 عن التعرض، وأسند2 المسبب إلى فاعله، فالإصابة خاصة بالمتعرضين، وعلى هذا لا يكون التوكيد هنا قليلا بل كثيرًا، ولكن وقوع الطلب صفة للنكرة ممتنع فوجب إضمار القول، أي: واتقوا فتنة مقولا فيها ذلك. "و" الثاني "كقولهم" في المثل نظمًا: [من الطويل] 775- إذا مات منهم ميت سرق ابنه ... ومن عضة ما ينبتن شكيرها فأكد "ينبتن" بعد "ما" الزائدة. وهذا مثل يضرب لمن كان أصلا تفرع منه ما يشبهه.   774- صدر البيت: قالت فطيمة حل شعرك مدحة وهو لامرئ القيس في ديوانه ص358، ولمقنع في الكتاب 3/ 514، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 101، وجواهر الأدب ص143، وخزانة الأدب 11/ 383، 384، والدرر 2/ 263، وشرح ابن الناظم ص440، وشرح الأشموني 2/ 495، والمقاصد النحوية 4/ 340، وهمع الهوامع 2/ 78. 1 في "أ": "مسبة". 2 في "ب": "واستند". 775- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 103، وخزانة الأدب 4/ 22، 6/ 281، 11/ 221، 403، وشرح ابن الناظم ص442، وشرح الأشموني 2/ 497، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص1643، وشرح شواهد المغني 2/ 761، وشرح المفصل 7/ 103، 5/ 9، 42، والكتاب 3/ 715، ولسان العرب 4/ 426، "شكر"، 13/ 516، 518 "عضه"، ومغني اللبيب 2/ 340. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 303 والمعنى هنا: إذا مات الأب1 سرق الولد شخص والده، فيصير كأنه هو. قاله العيني2. واقتصر الموضح في الحواشي على عجزه فقال: هذا مثل لمن أظهر خلاف ما أبطن. والعضة: شجرة، وشكيرها: شوكها، وقيل: صغار رقها، يعني أن كبار الورق إنما تنبت من صغارها، أي: ما ظهر من الصغار يدل على الكبار. وقولهم: "بألم ما تختنته"3 يقال لمن يفعل فعلا يتألم به ولا بد له منه، وهو خطاب لامرأة في الأصل، والهاء للسكت. وقولهم: "بجهد ما تبلغن"4 يقال لمن حملته فعلا فأباه5، أي: لا بد لك من فعله بمشقة. وقولهم: "بعين ما أرينك"6 تقوله لمن يخفي عنك امرًا أنت بصير به، أي أني أراك بعين بصيرة. "وقوله"، وهو حاتم الطائي: [من الطويل] 776- قليلا به ما يحمدنك وارث ... إذ نال مما كنتن تجمع مغنما و"ما" زائدة في الأماكن الخمسة، وهي على معنى النفي، أي: ما يحمدنك، وكذا الباقي، ولا يقاس عليهن، ولا تحذف "ما"7 منهن. الحالة "الخامسة: أن يكون" التوكيد بهما "أقل، وذلك بعد: لم، وبعد أداة جزاء بغير: إما" الشرطية، فالأول "كقوله" وهو أبو حيان الفقعسي يصف جبلا   1 في "ط": "الابن". 2 شرح الشواهد للعيني 3/ 217. 3 مجمع الأمثال 1/ 107، وفي المستقصى 2/ 204: "احبري بألم تختننه". 4 من شواهد الكتاب 3/ 516، وشرح ابن الناظم ص441. 5 في "ط": "أعياه". 6 مجمع الأمثال 1/ 100، وجمهرة الأمثال 1/ 236، والمستقصى 2/ 11، وهو من شواهد شرح ابن الناظم ص441، والكتاب 3/ 517, وشرح بن عقيل 2/ 309، وشرح المفصل 9/ 5. 776- البيت لحاتم الطائي في ديوانه ص223، والدرر 4/ 244، وشرح المغني 2/ 951، والمقاصد النحوية 4/ 328، ونوادر أبي زيد 110، وبلا نسبة في الارتشاف 1/ 304، وأوضح المسالك 4/ 105، وشرح ابن الناظم ص442، وشرح الأشموني 2/ 497، وشبح المرادي 4/ 97، وهمع الهوامع 2/ 78. 7 في "ط": "ما الشرطية". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 304 قد عمه الخصب وحفه النبات: [من الرجز] 777- يحسبه الجاهل ما لم يعلما ... شيخا على كرسيه معمما أراد: ما لم يعلمن، بنون التوكيد الخفيفة المبدلة في الوقف ألفًا. "و" الثاني "كقوله": [من الكامل] 778- من تثقفن منهم فليس بآيب ... أبدًا وقتل بني قتيبة شافي فأكد "تثقفن" بنون التوكيد الخفيفة بعد "من" الشرطية. "وتثقفن" بمعنى "تجد" والآيب: الراجع، وبنو قتيبة من باهلة. وإنما انقسمت هذه الحالات إلى خمسة: واجب وأكثر وكثير وقليل وأقل، لأن آخرها مشبه بما قبله، وما قبله مشبه بما قبله، وهكذا إلى الأول، وذلك أن التوكيد بالنونين إنما يؤتى به لمسيس الحاجة إليه. أما في الحالة الأولى، وهي المشار إليها في الناظم بقوله: 637- أو مثبتا في قسم مستقبلا ... .................................... فلأن القسم إنما يؤتى به للتحقيق فهو أشد احتياجًا إلى التوكيد. وأما الحالة الثانية، وهي المشار إليها في النظم بقوله: 636- .................................. ... ............. أو شرطًا اما تاليا   777- الرجز للعجاج في ملحق ديوانه 2/ 331، وله أو لأبي حيان الفقعسي أو لمساور العبسي أو للدبيري أو لعبد بني عبس في خزانة الأدب 11/ 409، 411، وشرح شواهد المغني 2/ 973، والمقاصد النحوية 4/ 80، ولمساور العبسي أو للعجاج في الدرر 2/ 240، ولأبي حيان الفقعسي في المقاصد النحوية 4/ 329، وللدبيري في شرح أبيات سيبويه 2/ 266، وبلا نسبة في الاقتضاب ص520، 711، والإنصاف 1/ 409، وأوضح المسالك 4/ 106، وخزانة الأدب 8/ 388، 451، ورصف المباني ص229، 335، وسر صناعة الإعراب 2/ 679، وشرح ابن الناظم ص443، وشرح الأشموني 2/ 498، وشرح ابن عقيل 2/ 310، وشرح المفصل 9/ 42، والكتاب 3/ 516، ولسان العرب 3/ 32 "شيخ" 14/ 229 "خشي" 15/ 99 "عمي"، 428 "الألف اللينة"، ومجالس ثعلب ص620، ونوادر أبي زيد ص132، وهمع الهوامع 2/ 78، وتهذيب اللغة 15/ 664، وتاج العروس "خشي"، "عمي". 778- البيت لبنت مرة بن عاهان في خزانة الأدب 11/ 387، 399، والدرر 2/ 244، ولبنت أبي الحصين في شرح أبيات سيبويه 2/ 262، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 107، وشرح ابن الناظم ص443، وشرح الأشموني 2/ 500، وشرح ابن عقيل 2/ 311، وشرح المرادي 4/ 105، والكتاب 3/ 516، والمقتضب 3/ 14، والمقاصد النحوية 4/ 330، والمقرب 2/ 74، وهمع الهوامع 2/ 79. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 305 فلأن "إن" الشرطية لما أكدت بـ"ما" الزائدة أشبهت القسم في تأكيده باللام. وأما الحالة الثالثة، وهي المشار إليها في النظم بقوله: 636- يؤكدان افعل ويفعل آتيا ... ذا طلب .................... فلأن ما بعد أداة الطلب أشبه ما بعد "إن" في استدعاء الجواب. وأما الحالة الرابعة، وهي المشار إليها في0 النظم بقوله: 637- ........................... ... وقل بعد ما ولم وبعد لا فلأن "لا" النافية أشبهت "لا" الناهية صورة، وأما الزائدة فأشبهت "ما" النافية كذلك. وأما الحالة الخامسة وهي المشار إليها في النظم بقوله: 638- وغير إما من طوالب الجزا ... ................................. فلأن1 "لم" للنفي، والنفي أشبه النهي معنى2، وغير "إن" من أدوات الشرط أشبهت "لم" في الجزم، ولا يؤكد بهما في غير ذلك إلا ضرورة كقوله: [من المديد] 779- ربما أوفيت في علم ... ترفعن ثوبي شمالات والذي سهل ذلك أن "ربما" للقلة، والقلة تناسب النفي والعدم، والنفي شبيه بالنهي. كذا علل التفتازاني3.   1 في "ط": "فلا إن". 2 في "ب": "معا". 779- البيت لجذيمة الأبرش في الأزهية ص94، 265، والأغاني 15/ 257، وخزانة الأدب 11/ 404، والدرر 2/ 101، وشرح أبيات سيبويه 2/ 281، وشرح شواهد الإيضاح ص219، وشرح شواهد المغني ص393، والكتاب 3/ 518، ولسان العرب 3/ 32 "شيخ"، 11/ 366 "شمل"، والمقاصد النحوية 3/ 344، 4/ 328، وبلا نسبة في الارتشاف 1/ 306، وأوضح المسالك 3/ 70، والدرر 2/ 243، ورصف المباني ص335، وشرح ابن الناظم ص442، وشرح الأشموني 2/ 299، وشرح المفصل 9/ 40، وكتاب اللامات ص111، ومغني اللبيب ص135، 137, 309، والمقتضب 3/ 15، والمقرب 2/ 74، وهمع الهوامع 2/ 38، 78. 3 شرح التفتازاني ص16. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 306 وقد يؤكدان جواب الشرط كقوله: [من الطويل] 780- ................................... ... ومهما تشأ منه فزارة تمنعا أي: "تمنعن" وهو قليل في الشعر. نص عليه سيبويه وقال1: "شبهوه بالنهي حيث كان مجزومًا غير واجب".   780- صدر البيت: "فمهما تشأ منه فزارة تعطكم"، وقد نسبه سيبويه في الكتاب 3/ 515 إلى عوف بن الخرع، وهو للكميت بن معروف في ديوانه ص195، وحماسة البحتري ص15، والدرر 2/ 245، وشرح أبيات سيبويه 2/ 272، وللكميت بن ثعلبة في خزانة الأدب 11/ 387، 390، ولسان العرب 8/ 273 "قزع"، وللكميت بن معروف أو للكميت بن ثعلبة في المقاصد النحوية 4/ 330، وبلا نسبة في خزانة الأدب 7/ 509، 510، وشرح الأشموني 2/ 500، وهمع الهوامع 2/ 79. 1 الكتاب 3/ 515. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 307 فصل: "في حكم آخر" الفعل "المؤكد" بالنونين: "اعلم أن هنا أصلين يستثنى من كل منهما مسألة" واحدة "الأصل الأول، أن آخر" الفعل1 "المؤكد يفتح" كما أشار الناظم بقوله: 638- .............................. ... وآخر المؤكد افتح .......... "تقول" في المضارع: "لتضربن" زيدًا، "و" في الأمر: "اضربن" يا زيد. واختلف في هذه الفتحة فقال ابن السراج والمبرد والفارسي: بناء للتركيب، وقال سيبويه والسيرافي والزجاجي: عارضة للساكنين1، وهما: آخر الفعل والنون الأولى. "ويستنثى من ذلك" الأصل الأول "أن يكون" المضارع "مسندًا إلى ضمير" بالتنوين، "ذي لين"، ألف أو واو أو ياء، "فإنه يحرك حينئذ بحركة تجانس ذلك اللين" من فتحة أو ضمة أو كسرة "كما نشرحه" قريبًا, وإليه أشار الناظم بقوله: 639- واشكله قبل مضمر لين بما ... جانس من تحرك قد علما "والأصل الثاني: أن ذلك" الضمير "اللين يجب حذفه إن كان واوا أو ياء" وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 640- والمضمر احذفنه إلا الألف ... ................................. "تقول اضربن يا قوم، بضم الباء، واضربن يا هند، بكسرها، والأصل: اضربون واضربين"، بتشديد النون فيهما، فالتقى ساكنان: الواو والنون المدغمة في الأول، والياء والنون المدغمة في الثاني. "ثم حذفت الواو" في الأول "والياء" في الثاني "لالقتاء الساكنين".   1 سقطت من "ب". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 308 أما على قول من اشترط في حد التقاء الساكنين أو يكون حرف اللين والمدغم في كلمة واحدة فواضح، لأنه هنا في كلمتين فليس التقاء الساكنين على حده، وأما من لم يشترط ذلك فلأن الكلمة لما ثقلت واستطالت، وكانت الضمة والكسرة تدلان على الواو والياء حذفتا، هذا مع الثقيلة، وأما مع الخفيفة فالتقاء الساكنين على حده اتفاقًا. "ويستثنى من ذلك" الأصل الثاني "أن يكون آخر الفعل" المضارع "ألفًا، كـ: يخشى، فإنك تحذف" آخر الفعل، وهو الألف، وتثبت الواو مضمومة، والياء مكسورة لدفع التقاء الساكنين، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 642- واحذفه من رافع هاتين وفي ... واو ويا شكل مجانس قفي "فتقول: يا قوم اخشون" بضم الواو "ويا هند اخشين" [بكسر الياء] 1 والأصل: اخشيون واخشيين2، حذفت الضمة والكسرة لاستثقالهما على حرف العلة، ثم حذفت الياء لالتقاء الساكنين، وهما الياء والواو في الأول والياءان في الثاني. وإن شئت قلت: تحركت الياء فيهما وانفتح ما قبلها فقلبت ألفًا. فحذفت الألف لالتقاء الساكنين وبقي التقاء الساكنين بين الواو والنون المدغمة في الأول وبين الياء والنون المدغمة في الثاني، فلم يجز حذف الواو والياء لعدم ما يدل عليهما، فحركت الواو بما يناسبها وهو الضم، وحركت الياء بما يناسبها وهو الكسر، تخلصًا من التقاء الساكنين. "فإذا أسند هذا الفعل" الذي آخره ألف "إلى غير الواو والياء"، وهو الاسم الظاهر والضمير المستتر والألف والنون، "لم تحذف آخره"، وهو الألف، "بل تقلبه ياء"، وإلأى ذلك أشار الناظم بقوله: 640- ............................... ... وإن يكن في آخر الفعل ألف 641- فاجعله منه رافعًا غير اليا ... والواو ياء كاسعين سعيا "فتقول" إذا أسندته إلى الظاهر: "ليخشين زيد، و" إلى الضمير المستتر: "لتخشين يا زيد, و" إلى الألف: "لتخشيان يا زيدان، و" إلى النون: "لتخشينان يا هندات".   1 إضافة من "ط". 2 في "أ"، "ب": "اخشون واخشين". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 309 فصل: "تنفرد النون الخفيفة بأربعة أحكام: أحدها: أنها لا تقع بعد الألف، نحو: قوما واقعدا"، فلا يقال: قومان واقعدان، بسكون النون، "لئلا يلتقي ساكنان" على غير حدهما1، "و" نقل "عن يونس والكوفيين إجازته"2، وحجتهم؛ كما قال الخضراوي؛ أنه قد يلتقي ساكنان في الوصل: نحو: {مَحْيَايَ وَمَمَاتِي} [الأنعام: 162] ، ونحو: {أَنْذَرْتَهُمْ} [البقرة: 6] ونحو: {هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [البقرة: 32] و"التقت حلقتا البطان"3، ونحو: لام، راء، وكاف هاء، وعين ضاد. "ثم صرح الفارسي في" كتابه "الحجة: بأن يونس يبقي النون ساكنة4، ونظير ذلك قراءة نافع: ومحياي" بسكون الياء وصلا5. "وذكر الناظم" في شرح التسهيل عن يونس "أنه يكسر" النون6، "وحمل على ذلك" الكسر "قراءة بعضهم7: {فَدَمَّرْنَاهُمْ تَدْمِيرًا} [الفرقان: 36] على أنه أمر للاثنين، والنون المكسورة نون توكيد خفيفة. "وجوز" الناظم "في قراءة ابن ذكوان: "وَلَا تَتَّبِعَانِ" [يونس: 89] بتخفيف   في "ط": "غيرها". 2 انظر الإنصاف 2/ 650، المسألة رقم 94، وشرح ابن الناظم ص446، والكتاب 3/ 527. 3 مجمع الأمثال 2/ 186، وجمهرة الأمثال 1/ 188، والمستقصى 1/ 306، وكتاب الأمثال لابن سلام ص343. 4 الحجة 3/ 441. 5 وكذلك قرأها أبو جعفر، وانظر الإتحاف ص221. 6 شرح ابن الناظم ص446، ولم يرد هذ القول في شرح التسهيل، بل في شرح الكافية الشافية 3/ 1417. 7 هي قراءة علي بن أبي طالب -رضي الله عنه. انظر مختصر ابن خالويه ص105. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 310 النون" مكسورة بناء على كون الواو للعطف و"لا" للنهي1. قال الشارح2: ويجوز أن تكون الواو للحال و"لا" للنفي، والنون علامة الرفع. "وأما الشديدة فتقع بعدها"، أي الألف، "اتفاقًا" من البصريين والكوفيين، "ويجب كسرها". وإلى امتناع الخفيفة بعد الألف وجواز الثقيلة بعدها أشار الناظم بقوله: 644- ولم تقع خفيفة بعد الألف ... لكن شديدة وكسرها ألف "كقراءة باقي السبعة: {وَلَا تَتَّبِعَانِّ} [يونس: 89] بتشديد النون3. وإنما كسرت وكان أصلها الفتح، لأنها هنا زائدة بعد ألف زائدة، فأشبهت نون الاثنين في نحو: غلامان، وفتحت في غير ذلك، لأنها حرفان، الأول منهما ساكن، فتحت كما فتحت نون "أين". هذا تعليل سيبويه4. الحكم "الثاني" من أحكام الخفيفة: "أنها لا تؤكد الفعل المسند إلى نون الإناث، وذلك لأن الفعل المذكور يجب أن يؤتى بعده بألف فاصلة بين النونين". وهما نون الإناث التوكيد، "قصدًا للتخفيف"، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 645- وألفا زد قبلها مؤكدا ... فعلا إلى نون الإناث أسندا "فيقال: اضربنان" يا نسوة، "وقد مضى" قريبًا "إن الخفيفة لا تقع بعد الألف". وعدل في التعليل عن تعليل تصريف العزي للفصل بين النونات5، يعني الثلاثة: نون جماعة الإناث، والمدغمة والمدغم فيها، ليرتب عليه قوله: "ومن أجاز ذلك" وهو يونس والكوفيون فيما تقدم، "أجازه هنا بشرط كسر النون" فرارًا من التقاء الساكنين على غير حدة، إذ ليس هنا ثلاث نونات.   1 انظر شرح الكافية الشافية 3/ 1418، والإتحاف ص253. 2 شرح ابن الناظم ص446، والإنصاف 2/ 667. 3 انظر الإتحاق ص253. 4 الكتاب 3/ 527، وانظر شرح ابن الناظم ص446. 5 تصريف العزي ص17. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 311 واعترض بأن تحريكها يخرجها عن وضعها فالوجه منعها بعد الألف "وأشار ابن الحاجب إلى جوابه بأن الثقيلة هي الأصل، والخفيفة فرعها، وأدخلت الألف مع الثقيلة فتلزم مع الخفيفة وإن لم تجتمع النونات، لئلا يلزم للفرع مزية على الأصل". واعترضه التفتازاني بأن أصالة الثقيلة إنما هي عند الكوفيين1، مع أن الفرع لا يجب أن يجري على الأصل في جميع الأحكام. ا. هـ. ولك أن تقول نصرة لابن الحاجب: المجيز لوقوع الخفيفة بعد الألف هو يونس والكوفيون، وهم القائلون بأصالة الشديدة وفرعية الخفيفة. قال الشاطبي: والحجة لهم فيما ذهبوا إليه، أن الخفيفة مخففة من الثقيلة، وقد أجمع الجميع على أن الثقيلة تدخل هنا بعد الألف، فكذا الخفيفة. ا. هـ. فهذا فرع جار على أصلهم. الحكم "الثالث" من أحكام الخفيفة: "أنها تحذف قبل الساكن"، وإلى ذلك يشير الناظم: 646- واحذف خفيفة لساكن ردف ... ................................... "كقوله"، وهو الأضبط بن قريع، وهو جاهلي قديم قبل الإسلام بنحو خمسمائة سنة: [من الخفيف] 781- لا تهين الفقير علك أن ... تركع يوما والدهر قد رفعه فحذف نون التوكيد الخفيفة لالتقاء الساكنين، وأبقى الفتحة دليلا عليها، "وأصله: لا تهينن"، من الإهانة، وكنى بالركوع عن انحطاط الحال. الحكم "الرابع" من أحكام الخفيفة: "أنها تعطى في الوقف حكم التنوين، فإن وقعت بعد فتحة قلبت ألفًا"، وإلى ذلك يشير قول الناظم: 648- وأبدلنها بعد فتح ألفا ... وقفًا ..................... "كقوله تعالى: "لَنَسْفَعًا" [العلق: 15] "وَلِيَكُونًا" [يوسف: 32] ، وقول الشاعر"، وهو الأعشى ميمون: [من الطويل]   1 شرح التفتازاني ص17. 781- تقدم تخريج البيت برقم 765. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 312 782- وإياك والميتات لا تقربنها ... ولا تعبد الشيطان والله فاعبدا والأصل فيهن: لنسفعن وليكونن واعبدن. بالنون الخفيفة، فأبدلت في الوقف ألفًا بعد فتحة، كما أن تنوين المنصوب يبدل في الوقف ألفًا، نحو: رأيت زيدًا، ومن ثم كتب بالألف، كما كتب: رأيت زيدًا، بالألف. وقياس: من قال: رأيت زيدْ، بحذف الألف على لغة ربيعة، أن يقول في الوقف على "اضربَنْ": اضرب: بالسكون. "وإن وقعت بعد ضمة أو كسرة حذفت، ويجب حينئذ أن يرد ما حذف في الوصل" من واو أو ياء "لأجلها"، وإلى ذلك يشير قول الناظم: 646- ............................ ... وبعد غير فتحة إذا تقف 647- واردد إذا حذفتها في الوقف ما ... من أجلها في الوصل كان عدما "تقول في الوصل: اضربن يا قوم، اضربن يا هند"، بضم الباء في الأول، وكسرها في الثاني، "والأصل: اضربون واضربين" بسكون النون فيهما، فحذفت الواو والياء لالتقاء الساكنين. "كما مر" في الفصل قبله، "فإذا وقفت حذفت النون لشببهها بالتنوين" الواقع بعد ضمة أو كسرة "في نحو: جاء زيد، ومررت بزيد" في اللغة الفصحى "ثم ترجع بالواو والياء لزوال التقاء الساكنين" بحذف النون، "فتقول: اضربوا واضربي". وفي شرح الخضراوي: وذكر سيبويه أن الخليل قال1: وقياس من قال: جاءني زيدو، مررت بزيدي، بالإشباع على لغة أزد شنوءة أن يقول هنا: هل تضربوا، وهل تضربي, فتبدل من النون واوًا وياء، ثم تحذف مع المبدل منه، ولا ترد نون الإعراب.   782- البيت ملفق من بيتين في ديوانه ص187، وهما: فإياك والميتات لا تأكلنها ... ولا تأخذن سهمًا حديدًا لتفصدا وذا النصب المنصوب لا تنسكنه ... ولا تعبد الأوثان والله فاعبدا والبيت الشاهد للأعشى في الأزهية ص275، وتذكر النحاة ص72، والدرر 2/ 234، وسر صناعة الإعراب 2/ 687، وشرح أبيات سيبويه 2/ 244، 245، وشرح شواهد المغني 2/ 577، 793، والكتاب 3/ 510، ولسان العرب 1/ 759، "نصب"، 2/ 473 "سبح"، 13/ 429 "نون"، واللمع ص273، والمقاصد النحوية 4/ 340، والمقتضب 3/ 12، وبلا نسبة في الإنصاف 2/ 657، وأوضح المسالك 4/ 113، وجمهرة اللغة ص857، وجواهر الأدب ص57، 108، ورصف المباني ص32، 334، وشرح الأشموني 2/ 505، وشرح قطر الندى ص149، وشرح المفصل 9/ 39، ومغني اللبيب ص372، والممتع في التصريف 1/ 40، وهمع الهوامع 2/ 78. 1 الكتاب 3/ 522. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 313 وتقول في المعتل على هذا للرجال: اخشووا، وللمرأة: اخشيي، كما تقول مع النون: لا تخشون ولا تخشين، ثم يستثقل واوان، أولاهما مضمومة فتحذف الضمة، ثم تحذف واو الجماعة للساكنين، ويبقى بدل النون، وكذا العمل في الياء المكسورة. ويجهل التوكيد. وإذا قلت: هل تخشون يا قوم، وهل تخشين يا هند، ثم أبدلت، ثم حذفت الضمة والكسرة، ثم الواو والياء لم يجهل التوكيد لعدم نون الرفع. هذا حاصل ما ذكره الموضح في حواشيه عن الخليل ويونس. قال الخضراوي: وإذا وقفت على اضربان واضربنان، عند من جوزهما، أبدلت النون ألفًا، فيلتقي ألفان، فتبدل الثانية همزة، كما في حمراء، فتقف على همزة ساكنة، كذا حكى سيبويه عنهم، ونصه1 "ويقولون في الوقف: اضربا واضربنا، فيمدون، وهو قياس قولهم: لأنها تصير ألفًا، فإذا اجتمعت ألفان مد الحرف".   1 الكتاب 3/ 527. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 314 باب ما لا ينصرف مدخل ... باب ما لا ينصرف: واختلف في اشتقاقه، هل هو من الصرف، وهو الخالص من اللبن. والمنصرف خالص من شبه الفعل؟ أو من الصريف، وهو الصوت لأن الصرف؛ وهو التنوين؛ صوت في الآخر؟ أو من الانصراف. وهو الرجوع؟ 1 فكأن الاسم ضربان: ضرب أقبل على شبه الفعل فمنع مما منع2 منه, وضرب انصرف عنه. أو من الانصراف إلى جهات الحركات؟ [أو من الصرف الذي هو القلب؟] 3 أقوال. "الاسم إن أشبه الحرف" في الوضع, أو المعنى, أو الاستعمال، "بني؛ كما مر" في بحث المعرب والمبني؛ "وسمي غير متمكن" لعدم تمكنه في باب الاسمية، "وإلا" يشبه الحرف "أعرب، ثم المعرب إن أشبه الفعل" في فرعيتين من تسع: إحداهما: من جهة اللفظ، والثانية: من جهة المعنى. أو في واحدة تقوم مقامهما. وذلك لأن في الفعل فرعية على الاسم في اللفظ، وهي اشتقاقه من المصدر، وفرعية في المعنى، وهي احتياجه إلى الاسم في الإسناد، "منع الصرف؛ كما سيأتي" بيانه؛ "وسمي غير أمكن" لعدم أمكنيته.   1 انظر شرح ابن الناظم ص450، وشرح الكافية الشافية 3/ 1434. 2 في "ب": "يمتنع"، وفي "ط": "يمنع". 3 سقط ما بين المعكوفين من "ب". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 315 "وإلا" يشبه الفعل، "صرف وسمي أمكن" لتمكنه في باب الاسمية. وأمكن اسم تفضيل. وبناؤه من مكن مكانة إذا بلغ الغاية في التمكن. لا من تمكن خلافًا لأبي حيان ومن قلده، لأن بناء اسم التفضيل من غير الثلاثي المجرد شاذ، وقد أمكن غيره فلا حاجة إلى ارتكابه. "والصرف: هو التنوين الدال على معنى يكون الاسم به أمكن". وإليه أشار الناظم بقوله: 649- الصرف تنوين أتى مبينا ... معنى به يكون الاسم أمكنا "وذلك المعنى" المدلول عليه بهذا التنوين "هو عدم مشابهته"؛ أي الاسم؛ "للفعل والحرف، كـ: زيد" من المعارف "و: فرس" من النكرات. "وقد علم من هذا" التقرير "أن غير المنصرف هو" الاسم المعرب "الفاقد لهذا التنوين" المذكور، فيدخل في ذلك نحو: جوار، وأعيم تصغير أعمى. "ويستثنى من ذلك نحو: مسلمات" مما جمع بألف وتاء مزيدتين، "فإنه منصرف مع أنه فاقد له، إذ تنوينه لمقابلة نون جمع المذكر السالم". وجزام ابن مالك في شرح الكافية1 "بأن الصرف عبارة عن التنوينات الأربعة الخاصة بالاسم، وذكر أنه لأجل ذلك عدل عن تعريف الاسم بالتنوين إلى تعريفه بالصرف". [انتهى] 2. وقال ابن معزوز، واضع كتاب أغلاط الزمخشري: "ما عدا تنوين القوافي يسمى صرفًا وتمكينًا، وإن من خالف ذلك لم يفهم كلام سيبويه" انتهى. وحيث منع التنوين، منع الجر تبعًا له عند الجمهور، وذهب الزجاج، والرماني إلى أن العلتين اقتضتا منعهما معًا3. والعلل المانعة من الصرف تسع، جمعها ابن النحاس في بيت واحد فقال4: [من البسيط] اجمع وزن عادلًا أنث بمعرفة ... ركب وزد عجمة فالوصف قد كملا "ثم الاسم الذي لا ينصرف نوعان: أحدهما: ما يمتنع حرفه لعلة واحدة، وهو شيئان:   1 شرح الكافية الشافية 3/ 143. 2 إضافة من "ط". 3 انظر ما ينصرف وما لا ينصرف ص1-2. 4 البيت في شرح شذور الذهب ص450، وشرح قطر الندى ص238. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 316 أحدهما: ألف التأنيث مطلقًا، أي مقصورة كانت أو ممدودة". وإليه الإشارة بقول الناظم1: 650- فألف التأنيث مطلقًا منع ... صرف الذي حواه كيفما وقع لأن وجود ألف التأنيث في الكلمة2 علة، ولزومها بمنزلة تأنيث ثان، فهو بمنزلة علة ثانية، وهو الذي عبر عنه الزمخشري في مفصله3 بتكرير السبب الواحد. "ويمتنع صرف مصحوبها كيفما وقع، أي سواء وقع نكرة كـ: ذكرى" بالقصر: مصدر ذكر, "وصحراء", بالمد. "أم معرفة كـ: رضوى"؛ بفتح الراء والقصر: اسم جبل بالمدينة، "وزكرياء" بالمد: علم نبي. "أم مفردًا، كما تقدم" تمثيله. "أم جمعًا كـ: جرحى"، بالقصر: جمع جريح، "وأصدقاء" بالمد: جمع صديق. "أم اسمًا، كما تقدم" تمثيله. "أم صفة كـ: حبلى"؛ بالقصر، "وحمراء" بالمد، وأصلها عند سيبويه4: حمرى؛ بالقصر؛ بوزن سكرى، فلما قصدوا المد زادوا قبل ألفها5 ألفًا أخرى، والجمع بينهما محال، وحذف أحدهما يناقض الغرض المطلوب، لأنهم لو حذفوا الألف الأولى لفات المد، ولو حذفوا الثانية لفاتت الدلالة على التأنيث. وقلب الأولى أيضًا مخل بالمد المطلوب، فلم يبق إلا قلب الثانية همزة. وذهب بعضهم إلى أن الألف الأولى للتأنيث، والثانية مزيدة للفرق بين مؤنث أفعل ومؤنث فعلان. وضعف بأنه يفضي إلى وقوع علامة التأنيث حشوًا، وذهب بعضهم إلى أن الألفين معًا للتأنيث. ورد بعدم النظير إذ ليس لنا علامة تأنيث على حرفين. "و" الشيء "الثاني: الجمع الموازن لـ: مفَاعِل أو مَفَاعِيلَ": في كون أوله حرفًا مفتوحًا وثالثه ألفًا، غير عوض، يليها كسر6 أصلي ملفوظ به، أو مقدر على أول حرفين بعد الألف، ولا فرق في الحرف الأول من الكلمة بين الميم وغيرها "كـ: دراهم" ومساجد؛ بكسر ما بعد الألف لفظًا؛ ودواب، ومدارى بكسر ما بعد الألف تقديرًا، إذ أصلهما: دوايب ومداري، بالكسر فيهما.   1 في "أ": "النظم". 2 في "أ"، "ب": "الجملة". 3 المفصل ص16-17. 4 الكتاب 4/ 240. 5 سقط من "ب": "قبل ألفها". 6 سقطت من "ب". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 317 أو ثلاثة أوسطها ساكن، غير منوي به وبما بعده الانفصال، كـ: مصابيح، "ودنانير" فإن الجمع متى كان بهذه الصفة، كان فيه فرعية اللفظ، بخروجه عن صيغ الآحاد العربية، وفرعية المعنى بالدلالة على الجمعية، فاستحق المنع من الصرف، والدليل على أن هذا الجمع خارج عن صيغ الآحاد العربية. أنك لا تجد مفردًا ثالثه ألف بعدها حرفان أو ثلاثة إلا وأوله مضموم كـ: عذافر، بالعين المهملة، والذال المعجمة، [والفاء] 1 والراء: الجمل الشديد. أو الألف عوض من إحدى ياءي النسب تحقيقًا، كـ: يمان وشآم، وأصلهما: يمني وشأمي. أو تقديرًا، كـ: تهام، فإن الألف في تهامة موجودة قبل النسب فهي كالعوض، فكأنه نسب إلى فعل. مثل: شأم، بسكون العين، أو فعل، كـ: يمن، بفتح العين. أو ما يلي الألف ساكن، كـ: عبال، بفتح العين المهملة، والباء الموحدة، وتشديد اللام، جمع: عبالة، وهي: الثقل يقال: ألقى عليه2 عبالته، أي ثقله. أو مفتوح، كـ: براكاء، بفتح الموحدة، والراء، وهو3 الثبات في الحرب، أو مضموم، كـ: تدارك، مصدر: تدراك. أو عارض الكسر لأجل اعتلال الآخر، كـ: توان وتدان، وأصلهما، تواني وتداني، بضم النون فيهما، قلبت الضمة كسرة، وأعلا إعلا قاض. أو ثاني الثلاثة محرك، كـ: طواعية وكراهية مصدرين4. أو الثاني والثالث عارضان للنسب، منوي بهما الانفصال، [وضابطه ألا يسبقا الألف في الوجود، سواء أكانا مسبوقين بها] 5، كـ: ظفاري ووباري، نسبة إلى: ضفار ووبار، قبيلتين، أو غير منفكين من الألف، كـ: قواري، وهو الناصر وحوالي: وهو المحتال. بخلاف نحو: قماري وكراسي، فإن الياءين فيهما موجودتان في المفرد، وهو: قمري وكرسي، فليست الياءان عارضتين في الجمع، فقماري6 ونحوه بمنزلة: مصابيح.   1 إضافة من "ب"، "ط". 2 سقطت من "ب". 3 في "ب"، "ط"، "وهي". 4 انظر شرح ابن الناظم ص458. 5 إضافة من "ب"، "ط". 6 في "ب": "في قماري". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 318 وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 658- وكن لجمع مشبه مفاعلا ... أو المفاعيل بمنع كافلا "وإذا كان مفاعل" معتلا "منقوصًا فقد تبدل كسرته فتحة، فتقلب ياؤه ألفًا" لتحركها وانفتاح ما قبلها ويجري مجرى الصحيح. "فلا ينون" بحال اتفاقًا، ويقدر إعرابه في الألف، "كـ: عذارى" جمع عذراء؛ بالمد؛ وهي البكر. "ومدارى" جمه مدرى، بكسر الميم والقصر: وهو مثل الشوكة تحك1 به المرأة رأسها. وهذا الاسعمال غير غالب، "والغالب أن تبقى كسرته" وياؤه على حالهما. "فإذا خلا من "أل" ومن الإضافة أجري في" حالتي "الرفع والجر مجرى: قاض وسار" ونحوهما من المنقوص المنصرف "في حذفه يائه وثبوت تنوينه، نحو": هؤلاء جوار، ومررت بجوار. قال الله تعالى: {وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ} [الأعراف: 41] ، {وَالْفَجْرِ، وَلَيَالٍ} [الفجر: 1, 2] فـ"غواش": مرفوع على الابتداء، و"ليال": مجرور بالعطف على الفجر، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 659- وذا اعتلال منه كالجواري ... رفعا وجرًا أجره كساري "و" أجري "في" حالة "النصب مجرى: دراهم، في سلامة آخره، وظهور فتحته" من غير تنوين، "نحو": رأيت جواري. قال الله تعالى: " {سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ} " [سبأ: 18] . وسبب2 ذلك أن في آخر نحو: جوار مزيد ثقل، لكونه ياء في آخر اسم لا ينصرف. فإذا خلا ما هي فيه من الألف واللام والإضافة، تطرق إليها التغيير، وأمكن فيه التخفيف بالحذف مع التعويض فخفف3 بحذف الياء، وعوض عنها بالتنوين لئلا يكون في اللفظ إخلال بصيغة الجمع [وقدر إعرابه رفعًا وجرًا، واستثقالا للضمة والفتحة النائبة عن الكسرة على الياء المكسور ما قبلها] 4، ولم يخفف في النصب لعدم الثقل، ولا مع الألف واللام والإضافة, لعدم التمكن من التعويض, [لأن التنوين لا يجامع الألف واللام ولا الإضافة] 4.   1 في "ب": "تحرك". 2 من هنا 136 أحتى 136 ب نقله الأزهري من شرح ابن الناظم ص459-460، وينتهي النقل عند قول الأزهري: "قاله الشارح". 3 سقطت من "ب". 4 سقط ما بين المعكوفين من شرح ابن الناظم ص459، حيث نقل الأزهري كلامه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 319 وذهب الأخفش: إلى أن الياء لما حذفت تخفيفًا بقي الاسم في اللفظ كـ: سلام وكلام، وزالت صيغة منتهى الجموع، فدخله تنوين الصرف. ورد بأن المحذوف في قوة الموجود وإلا لكان آخر ما بقي حرف إعراب. واللازم باطل فالملزوم مثله1. وذهب الزجاج2 إلى أن التنوين عوض من ذهاب الحركة عن الياء، وأن الياء محذوفة لالتقاء الساكنين وهو ضعيف، لأنه لو صح التعويض عن حركة الياء، لكان التعويض عن حركة الألف، في نحو: موسى، أولى. لأنها لا تظهر بحال. واللازم منتف، فالملزوم كذلك. وذهب المبرد3 إلى أن فيما لا ينصرف تنوينًا مقدرًا، بدليل الرجوع إليه في الشعر فحكموا له في جوار ونحوه، بحكم الموجود، وحذفوا لأجله؛ الياء في الرفع والجر لتوهم التقاء الساكنين، ثم عوضوا عما حذف التنوين الظاهر. وهو بعيد لأن الحذف لملاقاة ساكن متوهم الوجود مما لم يوجد له نظير. ولا يحسن ارتكاب مثله. قاله الشارح4. وقال المرادي5: "المشهور عن المبرد أن التنوين عنده عوض من الحركة6، كما نقل في شرح الكافية"7. "وسراويل ممنوع من الصرف مع أنه مفرد". واختلف في سبب8 منع صرفه: "فقيل: إنه أعجمي حمل على موازنه من العربي" كـ: دنانير. "وقيل: إنه منقول عن جمع سراوله9"، سمي به المفرد الجنسي. واختلف في سماع سروالة، فقال أبو   1 في شرح ابن الناظم ص460: "واللازم كما لا يخفى منتف". 2 انظر ما ينصرف وما لا ينصرف ص47. 3 المقتضب 3/ 309. 4 انتهى ما نقله الأزهري من شرح ابن الناظم ص459-460. 5 شرح المرادي 4/ 132, 6 المقتضب 3/ 331. 7 شرح الكافية الشافية 3/ 1324، وفي حاشية الصبان 3/ 246: "على هذا يكون المبرد مخالفًا لسيبويه في الساكن الذي ردف الياء, فسيبويه يقول: هو التنوين الموجود قبل حذفه، والمبرد يقول: هو التنوين المقدر في كل ممنوع من الصرف، وموافقًا له في أن المعوض عن الياء المحذوفة". 8 سقطت من "ب". 9 انظر شرح ابن الناظم ص460، والكتاب 3/ 229، وما ينصرف وما لا ينصرف ص46. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 320 العباس إنها مسموعة1، وأنشد عليها: [من المتقارب] 783- [عليه] 2 من اللؤم سراولة ... فليس يرق لمستعطف وقيل: لم يسمع والبيت مصنوع فلا حجة فيه3. والصحيح ما قاله أبو العباس. فقد ذكر الأخفش أنه سمع من العرب سروالة. وقال أبو حاتم: "من العرب من يقول سروال"4. وقيل: سراويل جمع سروال، كمشاليل جمع شملال. حكاه الحريري في المقامات5. "ونقل ابن الحاجب أن من العرب من يصرفه6. وأنكر ابن مالك ذلك عليه7". ورد بأنه ناقل ومن نقل حجة على من لم ينقل. وإلى المنع من الصرف أشار في النظم بقوله: 660- ولسراويل بهذا الجمع ... شبه اقتضى عموم المنع "وإن سمي" شخص "بهذا الجمع" الذي هو على زنة مفاعل أو مفاعيل، "أو بما وازنه من لفظ أعجمي، مثل: سراويل وشراحيل"؛ بمعجمة ومهملتين، "أو" من "لفظ مرتجل للعلمية، مثل: كشاجم"؛ بالكاف والشين المعجمة والجيم؛ اسم شاعر، وظاهر سياقه أنه بفتح الكاف. وفي القاموس زيادة على الصحاح: كشاجم كعلابط: اسم. انتهى. ولا خلاف8 أن علابط. بضم العين وكسر الموحدة، وهو الضخم،   1 المقتضب 3/ 346. 783- البيت بلا نسبة في خزانة الأدب 1/ 223، والدرر 1/ 18، وشرح ابن الناظم ص461، وشرح الأشموني 2/ 522، وشرح شافية ابن الحاجب 1/ 270، وشرح شواهد الشافية ص100، وشرح المفصل 1/ 64، ولسان العرب 11/ 334 "سرل"، والمقتضب 3/ 346، وهمع الهوامع 1/ 25، وتاج العروس "سرل". 2 سقطت من "أ". 3 شرح ابن الناظم ص461، وخزانة الأدب 1/ 223. 4 الارتشاف 1/ 427، وشرح الكافية الشافية 3/ 1501. 5 المقامات الأدبية ص185. 6 في شرح الرضي على الكافية 1/ 145: "قال ابن الحاجب: وسراويل: إذا لم يصرف وهو الأكثر، فقد قيل: أعجمي حمل على موازنه، وقيل: عربي جمع سروالة تقديرًا، وإذا صرف فلا إشكال". انظر شرح الرضي 1/ 150-152. 7 شرح الكافية الشافية 3/ 1501. 8 بعده في "ب": "في". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 321 "منع الصرف"، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله1: 661- وإن به سمي أو بما لحق ... به فالانصراف منعه يحق والعلة في منع صرفه ما فيه من الصيغة2. وقيل: قيام العلمية مقام الجمعية، فلو طرأ تنكيره، انصرف على مقتضى التعليل الثاني لفوات ما يقوم مقام الجمعية، وهو مذهب تنكيره، انصرف على مقتضى التعليل الثاني لفوات ما يقوم مقام الجمعية، وهو مذهب المبرد3. ولا ينصرف على مقتضى التعليل الأول لوجود الصيغة، وهو مذهب سيبويه4، وعن الأخفش القولان5. والصحيح قول سيبويه لأنهم منعوا سراويل من الصرف وهو نكرة وليس جمعًا على الصحيح. "النوع الثاني: ما يمتنع صرفه بعلتين، وهو نوعان: أحدهما: ما يمتنع صرفه" حال كونه "نكرة ومعرفة. وهو ما وضع صفة وهو إما مزيد، في آخره ألف ونون. أو موازن للفعل"، وهوز وزن أفعل في المكبر، وأفعيل في المصغر. "أو معدول" عن لفظ آخر. "أما ذو الزيادتين فهو فعلان"؛ بفتح الفاء؛ "بشرط أن لا يقبل التاء" الدالة على التأنيث، "إما لأن مؤنثه فعلى"؛ بألف التأنيث المقصورة؛ "كـ: سكران وغضبان وعطشان" فإن مؤنثاتها: سكرى وغضبى وعطشى. "أو لكونه لا مؤنث له" أصلا "كـ: لحيان" للكبير اللحية. فالأول متفق على منع صرفه، لأنه صفة جاءت على فعلان، والمؤنث منه على فعلى. وإنما كان ذلك مانعًا فيه لتحقيق الفرعيتين به: فرعية المعنى وفرعية اللفظ. أما فرعية المعنى فلأن فيه الوصفية، وهي فرع على الجمود، لأن الصفة تحتاج إلى موصوف ينسب معناها إليه، والجامد لا يحتاج إلى ذلك. وأما فرعية اللفظ فلأن فيه الزيادتين المضارعتين لألفي التأنيث، في نحو: حمراء، في أنهما في بناء يخص المذكر، كما أن ألفي التأنيث في حمراء، في بناء يخص المؤنث، وأنهما لا تلحقهما التاء، فلا يقال: سكرانة، كما لا يقال: حمراءة. والمزيد فرع عن المجرد، فلما اجتمع في فعلان المذكور الفرعيتان، امتنع من الصرف6.   1 سقط من "ب" من "بقوله" إلى رقم الشاهد 784، وسأنبه على نهاية السقط. 2 بعده في شرح ابن الناظم ص461: "مع أصالة الجمعية". 3 هذا القول نقله الأزهري من شرح ابن الناظم ص461، الذي لم يذكر اسم المبرد. 4 الكتاب 3/ 227. 5 شرح الرضي 1/ 151. 6 شرح ابن الناظم ص453. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 322 وأما ما نقل عن بني أسد أنهم يقولون: سكرانة، ويصرفون سكران. فقال الزبيدي1: "ذكر يعقوب أن ذلك ضعيف رديء". وقال أبو حاتم: "لبني أسد مناكير لا يؤخذ بها". والثاني: وهو ما لا مؤنث له. كـ: لحيان، مختلف فيه، والصحيح منعه من الصرف لأنه وإن لم يكن له "فعلى". وجودًا، فله "فعلى" تقديرًا. لأنا لو فرضنا له مؤنثًا، لكان "فعلى" أولى به من "فعلانة" لأن باب سكرى أوسع من باب ندمانة. والمقدر في حكم الموجود، بدليل الإجماع على منع صرف "أكمر" مع أنه لا مؤنث له2. وحكي أن من العرب من يصرف "لحيان" حملا على "ندمان"، على أنه لو كان له مؤنث لكان بالتاء2، "بخلاف نحو: مصان"، بتشديد الصاد المهملة، "للئيم" بهمزة بعد اللام، "وسيفان"، بسين مهملة فياء مثناء تحتانية ففاء، "للطويل" الممشوق الضامر البطن."وأليان"، بفتح الهمزة وسكون اللام وبالياء المثناة تحت "للكبير الألية" من ذكور الغنم. "وندمان من المنادمة"، وهي المكالمة، "لا من الندم" على ما فات، "فإن مؤنثاتها فعلانة"، فلذلك صرفت. "وأما ذو الوزن فهو: أفعل" غالبًا، "بشرط ألا يقبل التاء، إما لأن مؤنثه فعلاء، كـ: أحمر، أو فعلى"؛ بضم الفاء؛ "كـ: أفضل، أو لكونه لا مؤتث له" أصلا، "كـ: أكمر" لعظيم الكمرة وهي الحشفة, "وآدر"؛ بالمد لكبير الأنثيين. فهذه الأنواع الثلاثة ممنوعة من الصرف للوصف الأصلي، ووزن أفعل، فإن وزن الفعل أولى بالفعل، لأن أوله زيادة تدل على معنى في الفعل، دون الاسم فكان لذلك أصلا في الفعل، لأن ما زيادته لمعنى أولى مما زيادته لغير معنى. وإنما اشترط أن لا تلحقه1 تاء التأنيث. لأن ما تلحقه من الصفات كـ: أرمل، وهو الفقير، ضعيف الشبه بلفظ المضارع، لأن تاء التأنيث [لا] 3 تلحقه4. وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 652- ووصف أصلي ووزن أفعلا ... ممنوع تأنيث بتا .......... "وإنما صرف أربع، في نحو: مررت بنسوة أربع"، مع كونه صفة لنسوة، وفيه   1 لحن العوام ص162. 2 شرح ابن الناظم ص453. 3 سقطت من "أ". 4 شرح ابن الناظم ص453-454. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 323 وزن الفعل "لأنه وضع اسمًا" للعدد. "فلم يلتفت لما طرأ له من الوصفية، وأيضًا فإنه قابل للتاء"، في نحو: مررت برجال أربعة. وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 653- وألغين عارض الوصفيه ... كأربع ...................... "وإنما منع صرف باب أبطح"، وهو المكان المنبطح من الوادي، وأجرع، وهو المكان المستوي، وأبرق، وهو المكان الذي فيه لونان. "و" باب "أدهم للقيد، وأسود" للحية السوداء، "وأرقم للحية" التي فيها نقط سود وبيض كالرقم، "مع أنها أسماء لأنها وضعت صفات، فلم يلتفت إلى ما طرأ من الاسمية". وفي الإفصاح أن سيبويه ذكر أن جميع العرب تمنع صرف ستة: أدهم للقيد، وأسود سالخ، وأرقم لنوعين من الحيات، وأجرع، وأبطح، وأبرق، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 653- ................................... ... ............. وعارض الاسميه أي: ألفينه، "وربم اعتد بعضهم باسميتها" الطارئة "فصرفها". وصرح ابن جني بأن هذه الأسماء كلها تنصرف. ويفترق باب أبطح وباب أدهم من جهة كون باب أبطح صفات خاصة بالأمكنة الموجودة معها، فهم ذلك المعنى، وباب أدهم صفات عامة. ويفترق هذا البابان وباب أجدل في الصرف وعدمه. فأما أدهم وأبطح فأصلهما الوصفية، ثم طرأت عليهما الاسمية، فلهذا منعا من الصرف. "وأما أجدل للصقر. وأخيل لطائر ذي خيلان"، بكسر الخاء المعجمة وسكون الياء جمع خال، وهي النقط المخالفة لبقية البدن. قال الفراء: وهو الشقراق، وسمي أخيل لأنه يتخيل في لونه الخضرة من غير خلوصها. "وأفعى للحية"، واختلف في اشتقاقها. فقال أبو علي: "مشتقة من يافع، فأصله أيفع"، وقال ابن جني: "من فوعة السم، حرارته، فأصلها: أفوع، فنقلت فاؤه على الأول، وعينه على الثاني، إلى موطن لامه"1. وقال غيرهما: من مادة الأفعوان، فلا نقل لقولهم: أرض مفعاة، أي: كثيرة الأفاعي. "فإنها أسماء في الأصل و" في "الحال، فلهذا صرفت في لغة الأكثر. "وبعضهم يمنع صرفها"2 وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 655- وأجدل وأخيل وأفعى ... مصروفة وقد ينلن المنعا   1 انظر الارتشاف 1/ 430. 2 إضافة من "ط". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 324 "للمح معنى الصفة فيها. وهي: القوة" في أجدل، "والتلون" في أخيل، "والإيذاء" في أفعى. لكن "المنع في أفعى أبعد منه في أخيل وأجدل، لأنهما من: المخيول وهو الكثير الخيلان، من الجدل، وهو الشدة، وأما أفعى فلا مادة لها في الاشتقاق، لكن ذكرها يقارن تصور إيذائها فأشبهت المشتق" قاله المرادي1 تبعًا للشارح2. "قال" القطامي: [من الطويل] 784- كأن العقيليين يوم3 لقيتهم ... فراخ القطا لاقين أجدل بازيا فمنع صرف أجدل وهو مفعول لاقين، وبازيا: يجوز أن يكون صفة أجدل، ويجوز أن يكون معطوفًا على أجدل بإسقاط العاطف، وهو من بزى إذا تطاول. "وقال" حسان بن ثابت الأنصاري -رضي الله عنه: [من الطويل] 785- ذريني وعلمي بالأمور وشيمتي ... فما طائري يومًا عليك بأخيلا فمنع صرف أخيل، والعرب تتشاءم بأخيل، تقول: "هو أشأم من أخيل"4، ويجمع على أخايل "ومن غير الغالب: أفيعل، نحو: أحيمر وأفيضل من المصغر، فإنه لا ينصرف للوصفية ووزن الفعل، فإنه على وزن أبيطر". قاله المرادي5، تبعًا للشارح6. "وأما الوصف ذو العدل" فنوعان: " [أحدهما] 7: موازن فُعال"، بضم الفاء، "ومَفْعَل"، بفتح الميم والعين،   1شرح المرادي 4/ 126. 2 شرح ابن الناظم ص454. 784- البيت للقطامي في ديوانه 182، والمقاصد النحوية 4/ 346، ولجعفر بن علبة الحارثي في المؤتلف والمختلف 19، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 119، وجمهرة اللغة 800، وشرح ابن الناظم ص454، وشرح الأشموني 2/ 513، وشرح شواهد الإيضاح 393، ولسان العرب 11/ 104 "جدل". 3 إلى هنا نهاية ما سقط من "ب" الذي نبهت عليه في ص322 في الحاشية رقم1. 785- البيت لحسان بن ثابت في ديوانه ص271، وشرح شواهد الإيضاح 392، ولسان العرب 11/ 230 "خيل"، والمقاصد النحوية 4/ 438، وتاج العروس "خيل"، وبلا نسبة في الاشتقاق ص300، وأوضح المسالك 4/ 120، وشرح ابن الناظم ص454، وشرح الأشموني 2/ 514. 4 مجمع الأمثال 1/ 383، وجمهرة الأمثال 1/ 538، 559، والمستقصى 1/ 176، والدرة الفاخرة 1/ 235، 249. 5 شرح المرادي 4/ 125. 6 شرح ابن الناظم ص454. 7 إضافة من "ط". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 325 وهما مسموعان "من الواحد إلى الأربعة باتفاق، وفي الباقي" من العشرة "على الأصح"، وقيل: في العشرة والخمسة فدونها سماعًا، وما بينهما قياسًا عند الكوفيين والزجاج1. وقيل: يقاس على فعل خاصة لأنه أكثر، والصحيح كما قال الموضح هنا وفي الحواشي2: إن البناءين مسموعان في الألفاظ العشرة. [كما] 3 حكاه الشيباني. ولا يعارض بقول أبي عبيدة والبخاري في صحيحه: "إن العرب لا تتجاوز الأربعة"4. لأن غيرهما سمع ما لم يسمعا. ونقل السخاوي أنه يعدل أيضًا في فعلان. بضم الفاء من الواحد إلى العشرة كقوله: [من البسيط] 786- ............................... ... طاروا إليه زرافات ووحدانا "وهي معدولة عن ألفاظ العدد الأصول"، حال كونها "مكررة5. فأصل: جاء القوم أحاد، جاءوا واحدًا واحدًا". فعدل عن: "واحدًا واحدًا" إلى "أحاد" تخفيفًا للفظ. "وكذا الباقي. ولا تستعمل هذه الألفاظ إلا نعوتًا، نحو: {أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} " [فاطر: 1] فمثنى وثلاث ورباع: نعوت لأجنحة، "أو أحوالا نحو: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} " [النساء: 3] فمثنى وثلاث ورباع: أحوال من النساء، "أو أخبارًا، نحو: صلاة الليل مثنى مثنى"6. فمثنى الأولى: خبر صلاة, ومثنى الثاني: تكرير له. "وإنما كرر لقصد التوكيد، لا لإفادة التكرير"، التأسيس. لأنه لو قيل: صلاة الليل مثنى، لكفى في المقصود.   1 شرح ابن الناظم ص455، وشرح ابن عقيل 2/ 326. 2 شرح الكافية الشافية 3/ 1447. 3 إضافة من "ب"، "ط". 4 قال البخاري في كتاب التفسير، الباب رقم 79: سورة النساء: "ولا تجاوز العرب رباع". 786- صدر البيت: قوم إذا الشر أبدى ناجذيه إليهم وهو لقريط بن أنيف العنبري في تاج العروس 12/ 451 "طير"، 23/ 382 "زرف"، وشرح ديوان الحماسة للتبريزي 1/ 5، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص278، وبلا نسبة في تاج العروس 9/ 246 "وحد"، ولسان العرب 3/ 447 "وحد"، 4/ 510 "طير"، وكتاب الصناعتين ص294، ومجالس ثعلب ص405، والمزهر 1/ 59. 5 سقطت من "ب". 6 أخرجه البخاري في كتاب المساجد باب الحلق والجلوس، رقم460-461، ومسلم في صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى رقم 749، 753، وهو من شواهد شرح ابن الناظم ص455. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 326 وزعم الفراء أن هذه الأسماء معارف بنية الألف واللام1. فعلى هذا فهي في الآيتين بدل، كما قال الحوفي. إذا لا تنعت النكرة بمعرفة2، ولا يجيء الحال معرفة إلا بتأويل. ومنهم من يذهب بها مذهب الأسماء فلا يستعملها استعمال المشتقات في التبعية كقوله: [من المتقارب] 787- وخيل كفاها ولم يكفها ... ثناء الرجال ووحدانها النوع "الثاني: أخر" بضم الهمزة وفتح الخاء "في نحو: مررت بنسوة أخر". وإلى منع العدل مع الوصف في هذين النوعين أشار الناظم بقوله: 656- ومنع عدل مع وصف معتبر ... في لفظ مثنى وثلاث وأخر "لأنها جمع لأخرى، وأخرى أنثى آخر، بالفتح" للخاء، "بمعنى مغاير، وآخر"، بالفتح، "من باب اسم التفضيل". فإنه أصله: أَأْخر بهمزتين مفتوحة فساكنة. أبدلت الساكنة ألفًا. "واسم التفضيل قياسه أن يكون في حال تجرده من "أل" والإضافة مفردًا مذكرًا"، ولو كان جاريًا على مثنى أو مجموع أو مؤنث. فالأول "نحو: {لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا} [يوسف: 8] . و" الثاني "نحو: {قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ} إلى قوله: {أَحَبَّ إِلَيْكُمْ" مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [التوبه: 24] . والثالث نحو: هند أحب إليَّ عمرو. "فكان القياس أن يقال: مررت بامرأة آخر، وبنساء آخر. وبرجال آخر، وبرجلين آخر", بفتح الهمزة الممدودة فيهن، "ولكنهم" في التأنيث، "قالوا: أخرى، و" في جمع المؤنث المكسر، قالوا: "أخر"، بضم الهمزة، "و" في جمع المذكر السالم قالوا: "آخرون، و" في المثنى قالوا: "آخران"، "و" بذلك جاء التنزيل، "قال الله تعالى: {فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} [البقرة: 282] {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184] ، {وَآَخَرُونَ اعْتَرَفُوا} [التوبة: 102] ، {فَآَخَرَانِ يَقُومَانِ} [المائدة: 107] . وإنما خص النحويون أخر"، بضم الهمزة. "بالذكر" دون ما عداه، "لأن في   1 معاني القرآن 1/ 254. 2 في "ب": "بالمعرفة". 787- البيت بلا نسبة في الدرر 1/ 23، وهمع الهوامع 1/ 27. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 327 أخرى ألف التأنيث، وهي أوضح من العدل" [في منع الصرف] 1، "و" أما "آخرون وآخران، فمعربان بالحروف، فلا مدخل لهما في هذا الباب" لأن إعرابه بالحركات. "وأما آخر"، بفتح الهمزة، "فلا عدل فيه: وإنما العدل في فروعه"، وهي المؤنث والمثنى والجمع، "وإنما امتنع من الصرف للوصف2 والوزن". وفي جعل آخر من باب التفضيل إشكال، لأنه لا يدل على المشاركة والزيادة في المغايرة. ومن ثم قال الموضح في الحواشي: "الصواب أن أخر مشابه لأفضل من جهات ثلاث: إحداهما: الوصف، والثانية: الزيادة، والثالثة: أنه لا يتقوم معناه إلا باثنين، مغايِر ومغايَر. كما أن أفضل إنما يتقوم معناه باثنين: مفضل ومفضل عليه. فلما أشبهه من هذه الجهات، استحق أحكامه في جميع تصاريفه. وعلى هذا فكان ينبغي أن لا تستعمل تصاريفه مع التنكير، بل مع "أل" والإضافة لمعرفة، فلما خولف بها عن ذلك، كان ذلك3 عدلا استحقه، بمقتضى المشابهة، فعلى هذا إذا قيل: مررت بنسوة أخر. كان معدولا عن آخر بالفتح والمد، ولا نقول على الآخر، لأنه نكرة لجريه على نكرة نعتًا، ولا عن آخرين لما بينا من انتفاء حقيقة التفضيل من هذه الكلمة. وكثير غلط في المسألة". انتهى. "وإن كانت أخرى بمعى آخرة"، بكسر الخاء، وهي المقابلة للأولى، "نحو: {قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ} [الأعراف: 38] ، {وَقَالَتْ أُولَاهُمْ لِأُخْرَاهُمْ} [الأعراف: 39] "جمعت على آخر، مصروفًا"، لأنه غير معدول. ذكر ذلك الفراء4، "ولأن مذكرها آخر، بالكسر" مقابل أول. "بدليل: {وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرَى} " [النجم: 47] أي: الآخرة، بدليل: " {ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآَخِرَةَ} " [العنكبوت: 20] . والقصة5 واحدة، "فليست" أخرى بمعنى آخرة. "من باب اسم التفضيل"، والفرق أن انثى المفتوح لا يدل على انتهاء، كما لا يدل عليه مذكرها، فلذلك يعطف عليها   1 إضافة من "ط". 2 في "ط": "للوصفية". 3 سقط من "ط". 4 معاني القرآن 1/ 379، وانظر شرح ابن الناظم ص456. 5 في "ب": "القضية". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 328 مثلها من جنس واحد. كقولك: عندي رجل وآخر وآخر، وندي امرأة وأخرى وأخرى. وأنثى المكسور تدل على الانتهاء ولا يعطف عليها مثلها من جنس واحد، كما أن مذكرها كذلك1. "وإذا سمي بشيء من هذه الأنواع" الثلاثة وهي: الوصف ذو الزيادتين، والوصف الموازن للفعل، والوصف المعدول، "بقي على منع الصرف" عند الجمهور، "لأن الصفة لما ذهبت بالتسمية خلفتها العلمية"، وبقي كل من الزيادة والوزن والعدل على حاله. وقال الأخفش في المعاني2، وأبو العباس3: "إنه لو سمي بمثنى أو أحد أخواته انصرف. لأنه إذا كان اسمًا فليس في معنى اثنين اثنين, وثلاثة ثلاثة، وأربعة أربعة، فليس فيه إلا التعريف خاصة". وتبعهما على ذلك الفارسي، وارتضاه ابن عصفور. ورد بأن هذا مذهب لا نظير له. إذ لا يوجد بناء ينصرف في المعرفة ولا ينصرف في النكرة، وإنما المعروف العكس. وعبارة الفارسي في التذكرة تخالف هذا فإنه قال: "الوصف يزول فيخلفه العريف الذي للعلم، والعدل قائم في الحالتين جميعًا". انتهى. وحجة الجمهور أن شبه الأصل من العادل حاصل، والعلمية محققة، فسبب المنع موجود، فالوجه امتناع الصرف. وأما قول ثعلب والفراء وغيرهما من الكوفيين: مثنى وثلاث ورباع مصروفة4. فليس مرادهم الصرف الحقيقي، وإنما مرادهم بذلك العدل، فإنهم يسمون العدل صرفًا، ولا مشاحة في الاصطلاح. "النوع الثاني: ما لا ينصرف معرفة وينصرف نكرة، وهو سبعة: أحدها: العلم المركب تركيب المزج"، المشار إليه في النظم بقوله: 662- والعلم امنع صرفه مركبا ... تركيب مزج ................ "كـ: بعلبك وحضرموت"، علمين لبلدين، وسيبويه في لغة من أعربه، فإن هذا النوع لا ينصرف لاجتماع فرعية المعنى بالعلمية، وفرعية اللفظ بالتركيب، "وقد يضاف أول جزأيه إلى ثانيهما تشبيهًا" بـ: عبد الله، فيعرب الجزء الأول بحسب العوامل، ويجر الثاني بالإضافة.   1 انظر شرح ابن الناظم ص457-458. 2 معاني القرآن للأخفش 1/ 431-432. 3 المقتضب 3/ 380. 4 معاني القرآن للفراء 1/ 254. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 329 ثم إن كان في الجزء الثاني ما يمنع صرفه كالعجمة كـ: رام هرمز، منع من الصرف، وإلا صرف كـ: حضرموت، وإن كان آخر الجزء الأول ياء كـ: معدي كرب, فإنه تقدر فيه الحركات الثلاث، ولا تظهر فيه الفتحة تشبيهًا بالألف، فلازم في التركيب لزيادة الثقل، ما كان جائزًا في الإفراد. قاله ابن مالك حكمًا وتعليلا1. وقال غيره: يفتح في النصب، ويسكن في الرفع والجر كـ: قاضي القوم. والمشهور في لغة الإضافة صرف "كرب" وجره بالكسرة. وسمع جره بالفتحة. فقال سيبويه2 والفارسي: ممنوع الصرف لأنه مؤنث. وقال قوم: مبني على الفتح كـ: عشر من خمسة عشر قيل: وهو الصحيح، لأنه لو كان مؤنثًا غير منصرف، ولم يجئ فيه الصرف لأنه محرك الوسط. ودفع بأنه قد تكون مؤنثة عند قوم، مذكرة عند آخرين، وأجاز الفارسي3 الوجهين لاحتمال الأمرين. "وقد يبنيان على الفتح" تشبيهًا بخمسة عشر. حكاه سيبويه2 وغيره4. فيفتح آخر الجزأين إلا في نحو: معدي كرب. فيفتح آخر الثاني فقط. وفي البسيط: ليس البناء مطردًا عند عامة البصريين والكوفيين، وعلى اللغات وهي: إعرابه إعراب ما لا ينصرف، وإضافة أول جزأيه إلى ثانيهما، وبناؤهما على الفتح. "فإن كان آخر" الجزء "الأول معتلا" بالياء، "كـ: معدي كرب، وقالي قلا، وجب سكونه مطلقًا" في الرفع والنصب والجر، سواء أكان معربًا في لغة الإضافة، أو مبنيًّا، كما في غيرها. وقد تقدم شرح ذلك. "الثاني: العلم ذو الزيادتين"، الألف والنون. وإليه أشار الناظم بقوله: 663- كذاك حاوي زائدي فعلانا ... ............................. سواء أكان أوله مفتوحًا، أو مكسورًا، أو مضمومًا، "كـ: مروان وعمران وعثمان. و" لا فرق بين أعلام الأناسي؛ كما تقدم؛ وغيرها، نحو: "غطفان"، بفتح المعجمة والطاء المهملة وبالفاء: اسم قبيلة من قبائل العرب، سميت باسم أبيها وهو: غطفان بن سعد بن قيس عيلان5. "وإصبهان"، بكسر الهمزة وفتح الموحدة، علم بلد، سميت بذلك لأن أول من نزلها، إصبهان بن فلوج بن لمطى بن يافث.   1 شرح الكافية الشافية 3/ 1434. 2 الكتاب 3/ 296. 3 المسائل المنثورة ص242. 4 انظر الإنصاف 1/ 309، وشرح المرادي 4/ 139-140. 5 جمهرة أنساب العرب ص248. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 330 فهذه الألفاظ ممنوعة من الصرف اتفاقًا، لأن الألف والنون فيها زيدتا معًا. وما كان من الأسماء في آخره ألف ونون واحتملت النون فيه الأصالة والزيادة ففيه وجهان: الصرف، وعدمه اعتبارًا بأصالتها وزيادتها. فمن ذلك: رمان، وحسان، ودهقان، وشيطان أعلامًا، فإن اعتقدت أنها من: الروم، والحس، والدهق، والشط، لم تصرفها. وإن اعتقدت أنها من: الرمن، والحسن، بالنون، والدهقنة، والشيطنة، صرفتها. وإذا تمخضت لجهة الأصالة صرفت، كما إذا سميت بـ: طحان من الطحن، أو بـ: تبان من التبن، أو بـ: سمان من السمن، ونحو ذلك. واختلفت في "أبان" بتخفيف الباء علما، فمن صرفه رأى أن وزنه فعال، فالهمزة والباء والنون أصول. ومن منعه الصرف رأى أن وزنه أفعل، وأنه منقول من أبان الشيء يبين، والجمهور على المنع، كما قال ابن يعيش1. وإذا أبدل من النون الزائدة لام، منع من الصرف إعطاء للبدل حكم المبدل منه، وذلك نحو: أصيلال مسمى به أصله: أصيلان، تصغير، أصل على غير قياس، ولو أبدل من حرف أصلي نون، صرف, وذلك نحو: مسمى به، أصله: حناء، أبدلت همزته نونًا. "الثال: العلم المؤنث، ويتحتم منعه من الصرف: إن كان بالتاء"، وإليه أشار الناظم بقوله: 664- كذا مؤنث بهماء مطلقًا ... .............................. سواء أكان علم مؤنث أم مذكر، "كـ: فاطمة وطلحة"، وإنما لم يصرفوه لوجود العلمية في معناه، ولزوم علامة التأنيث في لفظه، وهي ملازمة له. ومن ثم لم تؤثر في الصفة، نحو: قائمة، لأنها في حكم الانفصال، فإنها تارة تجرد منها، وتارة تقترن بها. "أو زائدًا على" أحرف "ثلاثة كـ: زينب وسعاد"، تنزيلا للحرف الرابع منزلة تاء التأنيث. "أو" ثلاثيًّا" "محرك الوسط" لفظًا "كـ: سقر ولظى"، إقامة لحركة الوسط مقام الحرف الرابع. خلافًا لابن الأنباري في جعله ذا وجهين كـ: هند. وإما محرك الوسط تقديرًا، كـ: دار ونار، علم امرأة، فيلتحق2 بباب هند.   1 شرح المفصل 1/ 67. 2 في "ط": "علمي امرأتين فيلحق". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 331 "أو" ثلاثيًّا أعجميًّا "كـ: ماه وجور"، بضم الجيم، علمي بلدين، لأن العجمة لما انضمت إلى التأنيث والعلمية، تحتم المنع، وإن كانت العجمة لا تمنع صرف الثلاثي لأنها هنا لم تؤثر منع الصرف، وإنما أثرت تحتمه: وقيل: هو ذو وجهين كـ: هند. "أو" ثلاثيًّا "منقول من المذكر إلى المؤنث كـ: زيد، اسم امرأة"، لأنه حصل بنقله إلى التأنيث ثقل، عادل خفة اللفظ، هذا مذهب سيبويه1 والجمهور2. وذلك مأخوذ من قول الناظم: 664- .................................... ... وشرط منع العار كونه ارتقى 665- فوق الثلاث أو كجور أو سقر ... أو زيد اسم امرأة لا اسم ذكر "ويجوز في هند ودعد" وجمل، من الثلاثي الساكن الوسط، إذا لم يكن أعجميًّا، ولا مذكر الأصل: "الصرف وتركه"3. فمن صرفه نظر إلى خفة اللفظ: وأنها قد قاومت أحد السببين، ومن لم يصرفه، "وهو أولى"، نظر إلى وجود السببين في الجملة، وهما: العلمية والتأنيث4. وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 666- وجهان في العادم تذكيرًا سبق ... وعجمة كهند والمنع أحق "والزجاج يوجبه"، أي المنع، وعلله بأن السكون لا يغير حكمًا أوجبه اجتماع علتين تمنعان الصرف5. انتهى. "وقال عيسى" بن عمر الثقفي، "و" أبو عمر "الجرمي، و" أبو العباس "المبرد"، وأبو زيد "في نحو: زيد، اسم امرأة، إنه كـ: هند"، في جواز الوجهين6، وعلم منه أنه لو كان علم المؤنث ثنائي اللفظ كـ: يد، جاز فيه الوجهان. ذكره سيبويه7. وإذا سمي مذكر بمؤنث وجب منع صرفه بأربعة شروط:   1 الكتاب 3/ 240، 241. 2 انظر شرح ابن عقيل 2/ 331، وما ينصرف وما لا ينصرف ص49. 3 وعلى الوجهين ورد قول الشاعر: لم تتلفع بفضل مئزرها ... دعد ولم تسق دعد في العلب والبيت لجرير في ديوانه ص1021، ولابن قيس الرقيات في ديوانه ص178، وبلا نسبة في الكتاب 3/ 241، وما ينصرف وما لا ينصرف ص50، والمنصف 2/ 77، وشرح المفصل 1/ 70. 4 انظر شرح ابن الناظم ص463، حيث نقل الأزهري هذا القول منه. 5 انظر شرح بن الناظم ص463، وما ينصرف وما لا ينصرف ص50. 6 المقتضب 3/ 350 والارتشاف 1/ 442. 7 الكتاب 3/ 240. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 332 أحدها: كونه أكثر من ثلاثة أحرف لفظًا كـ: زينب، أو تقديرًا، كـ: جيل، مخفف جيأل1. الثاني: أن لا يكون مسبوقًا بتذكير انفرد به تحقيقًا كـ: رباب، علم امرأة، فإنها منقولة من مذكر، فلو سمي بها مذكر صرفت، أو تقديرًا كـ: جنوب وشمال، فإنهما صفتان لمذكر مقدر2. الشرط الثالث: أن لا يكون مسبوقًا بتذكير غالب كـ: ذراع، فإنه مؤنث3 بدليل: ذراع رأيتها. فإذا سمي به مذكرًا انصرف لغلبة استعماله قبل العلمية في المذكر. كقولهم: أنت ذراعي وعضدي، بمعنى: أنت ناصري ومنجدي. الشرط الرابع: أن لا يكون التأنيث موقوفًا على تأويل غير لازم. وذلك كتأنيث الجموع كـ: رجال، فإن تأنيثها ينبني على تأويلها بالجماعة، وذلك غير لازم لأنها قد تؤول بالجمع، وهو مذكر، فإذا سمي به مذكر انصرف. "الرابع: العلم الأعجمي"، فإنه فيه فرعية المعنى بالعلمية، وفرعية اللفظ، بكونه من الأوضاع الأعجمية، فيمتنع من الصرف "إن كانت علميته في اللغة الأعجمية"، كما هو ظاهر مذهب سيبويه4. وزعم الشلوبين، وابن عصفور أنه لا يشترط5. ويظهر أثر الخلاف في: قالون، فيصرف على الأول، لأنهم لم يستعملوه علما وإنما صفة بمعنى جيد. ويمنع الصرف على الثاني، لأنه لم يكن في كلام العرب قبل أن يسمى به "وزاد على" أحرف "ثلاثة كـ: إبراهيم وإسماعيل". فلو كان ثلاثيًّا ضعف فيه فرعية اللفظ بمجيئه على أصل ما تبنى عليه الآحاد العربية. "فلا تؤثر العجمة في الثلاثي بخلاف التأنيث قولا واحدًا في لغة جميع العرب، ولا التفات إلى ما نقل خلافه". قال في شرح الكافية6. والمراد بالعجمي: ما نقل عن لسان غير العرب بأي لغة كانت. وتعرف عجمة الاسم بوجوده:   1 في الكتاب 3/ 239 أن هذه الأسماء لم تصرف لأنها تمكنت في المؤنث واختص بها وهي مشتقة. 2 الكتاب 3/ 239. 3 الكتاب 3/ 236، وهمع الهوامع 1/ 110. 4 الكتاب 3/ 243، 235. 5 المقرب 1/ 286. 6 شرح الكافية الشافية 3/ 1469-1470. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 333 أحدها: نقل الأئمة. والثاني: خروجه عن أوزان الأسماء العربية كـ: إبراهيم. والثالث: أن يعرى من حروف الذلاقة، وهو خماسي أو رباعي، وحروف الذلاقة ستة، وهي: الميم، والراء، والباء الموحدة، والنون، والفاء، واللام، يجمعها: مر بنفل. والرابع: أن يجتمع فيه من الحروف ما لا يجتمع في كلام العرب كالجيم والقاف بغير فاصل نحو: قج وجق، والصاد والجيم نحو: الصولجان1، والكاف والجيم نحو: أسكرجه2، والراء بعد النون أول كلمة نحو: نرجس3، والزاي بعد الدال نحو مهندز4. وإليه أشار الناظم بقوله: 667- والعجمي الوضع والتعريف مع ... زيد على الثلاث صرفه امتنع "وإذا سمي بنحو: لجام"، بالجيم، وهو آلة تجعل في فم الفرس ونحوه، "وفرند"، بكسر الفاء والراء وسكون النون، قال الجواليقي5: "فارسي معرب، وهو جوهر السيف". "صرف لحدوث علميته. ونحو: نوح ولوط" من الثلاثية الساكنة الوسط. "وشتر" بفتح الشين المعجمة والتاء المثناة فوق، اسم قلعة من أعمال أران، بفتح الهمزة وتشديد الراء، إقليم بأذربيجان. "مصروفة" لكونها ثلاثية والعجمة ملغاة فيها. صرح بذلك السيرافي، وابن برهان، وابن خروف6. "وقيل: الساكن الوسط" كـ: نوح ولوط "ذو وجهين": الصرف وعدمه كـ: هند. "والمحركة" الوسط كـ: شتر "متحتم المنع" كـ: زينب إقامة لحركة الوسط مقام الحرف الرابع. وهذا التفصيل قال به: عيسى بن عمر الثقفي، وابن قتيبة، والجرجاني، والزمخشري7.   1 الصولجان: عصا يعطف طرفها يضرب بها الكرة على الدواب، وقال الجوهري: الصولجان: المحجن، فارسي معرب. انظر لسان العرب 2/ 310 "صلج". 2 في "ط": "السكرجة"، وهي إناء صغير يؤكل فيه الشيء القليل، من الأدم، وهي فارسية، وأكثر ما يوضع فيها الكوامخ ونحوها، انظر لسان العرب 2/ 299 "سكرج". 3 النرجس: بالكسر، من الرياحين، معروف، وهو دخيل. انظر لسان العرب 6/ 230 "نرجس". 4 المهندز: الذي يقدر مجاري القنى والأبنية، إلا أنهم صيروا الزاي سينًا، فقالوا: مهندس، لأنه ليس في كلام العرب زاي قبلها دال، انظر لسان العرب 5/ 247 "هندز". 5 في "ب": "الجواقليقي". 6 انظر الارتشاف 1/ 439، 440. 7 انظر الارتشاف 1/ 439. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 334 "الخامس: العمل الموازن للفعل" الماضي أو المضارع أو الأمر. "والمعتبر من وزن الفعل أنواع" ثلاثة: "أحدها: الوزن الذي يخص الفعل"، والمراد به ما لا يوجد في غير الفعل، إلا في علم، أو أعجمي، أو ندور. فالعلم "كـ: خضم"، بالخاء وتشديد الضاد المعجمتين، علمًا "لمكان"، وقال الجوهري1 "اسم العنبر بن عمرو بن تميم، وقد غلب على القبيلة". قال: [من الرجز] 788- لولا الإله ما سكنا خضما أي بلاد خضم، "وشمر"، بالشين المعجمة وتشديد الميم، علمًا "لفرس"2. والأعجمي كـ: بقم لصبغ، وبذر لماء3، "و" النادر ما كان على صيغة الماضي المبني للمفعول نحو: "دئل" اسما "لقبيلة"4. فلا يمنع وجدان هذه الأمثلة اختصاص أوزانها بالفعل لأن النادر والأعجمي لا حكم لهما، ولأن العمل منقول من فعل، فالاختصاص فيه باق. "و" الذي لا يوجد في غير الفعال ما كان على صيغة الماضي المفتتح بهمزة وصل، أو تاء مطاوعة "كـ: انطلق واستخرج، و" نحو: "تقاتل" وتصالح حال كونهما "أعلامًا". وحكم همزة الوصل في الفعل المسمى به القطع، لأن المنقول من فعل [بعد عن أصله] 5، فالتحق بنظائره من الأسماء، فحكم فيه بقطع الهمزة بخلاف المنقول من اسم كـ: اقتدار فإن الهمزة تبقى على وصلها بعد التسمية، لأن المنقول من اسم لم يبعد عن أصله، فلم يستحق الخروج عما هو له.   1 الصحاح "خضم"، وجمهرة أنساب العرب ص208-209. 788- الرجز بلا نسبة في تاج العروس "خضم"، وتهذيب اللغة 7/ 119، وديوان الأدب 1/ 84، والخصائص 3/ 219، وشرح المفصل 1/ 30، 60، ولسان العرب 12/ 184 "خضم"، ومعجم البلدان 2/ 377 "خضم". 2 في كتاب الحلبة ص98: "شمر على فعل، وقد تكسر الشين، اسم فرس جد جميل بن معمر العذري، قال جميل: [من الطويل] وجدي يا حجاج فارس شمرا 3 في حاشية يس 2/ 219: "في كلام ابن إياز أنه اسم لموضع، ولا نسلم أنه أعجمي بل منقول من الفعل". 4 في شرح ابن الناظم ص463: "دئل: لدويبة"، وفي حاشية يس 2/ 220: "دائل: مشتركة بين القبيلة والدوية". 5 إضافة من "ب"، "ط". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 335 "الثاني: الوزن الذي الفعل به أولى: لكونه غالبًا فيه"، وعلى هذين النوعين اقتصر الناظم فقال: 668- كذاك ذو وزن يخص الفعلا ... أو غالب ......................... فالغالب "كـ: إثمد"، بكسر الهمزة والميم، وسكون المثلثة بينهما، وبالدال المهملة، حجر الكحل، وأما مضموم1 الهمزة والميم، فاسم موضع. "وإصبع"، بكسر الهمزة وفتح الموحدة، واحدة الأصابع، وفيها عشر لغات حاصلة من ضرب ثلاثة أحوال الهمزة في ثلاثة أحوال الباء، والعاشرة: أصبوع. "وأبلم"، بضم الهمزة واللام، وسكون الموحدة بينهما، سعف المقل، حال كون الثلاثة "أعلامًا فإن وجود موازنها في الفعل أكثر" منه في الاسم، "كالأمر من ضرب"، فإنه موازن إثمد. "و" الأمر من "ذهب"، فإنه موازن إصبع، بفتح الباء "و" الأمر من "كتب"، فإنه موازن: أبلم. "الثالث: الوزن الذي الفعل به أولى، لكونه مبدوءًا بزيادة تدل" على معنى "في الفعل ولا تدل" على معنى "في الاسم، نحو: أفكل"، بفتح الهمزة والكاف وسكون الفاء بينهما، وهي: الرعدة، يقال: أخذه الأفكل، إذا أصابته رعدة. "وأكلب"، بفتح الهمزة وسكون الكاف وضم اللام، جمع كلب "فإن الهمزة فيهما لا تدل" على معنى، "وهي في موازنهما من الفعل، نحو: أذهب"، مضارع ذهب، "وأكتب"، مضارع كتب، "دالة على المتكلم"2، فكان المفتتح بأحدهما من الأفعال، أصلا للمفتتح بهما من الأسماء. "ثم لا بد من كون الوزن لازمًا، باقيًا" في اللفظ على حالته الأصلية، "غير مخالف لطريقة الفعل. فخرج بـ" القيد "الأول"، وهو اللزوم، "نحو: امرؤ، علمًا، فإنه" في الرفع نظير اكتب3. و"في النصب نظير: اذهب، وفي الجر نظير: اضرب، فلم" يلزم وزنا واحدًا في الأحوال الثلاثة، "ولم يبق على حالة واحدة"، ففارق الفعل بكون حركة عينه تتبع حركة لامه، والفعل لا إتباع فيه. "وخرج بـ" القيد "الثاني" وهو البقاء على حالته الأصلية "نحو: رد، وقيل،   1 في "ب": "المضموم". 2 في "ب": "التكلم". 3 في "ب": "كتب". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 336 وبيع" مبنيات1 للمفعول، فإنها لم تبق على حالتها الأصلية، "فإن أصلها: فعل"، بضم الفاء وكسر العين، "ثم" دخلها الإدغام والإعلال، فالإدغام في: رد، والإعلال بالنقل والقلب، في قيل: وبالنقل فقط في: بيع. "وصارت" صيغة رد. "بمنزلة" صيغة: "قُفْل"، بضم القاف وسكون الفاء. وصيغة قيل "و" بيع، بمنزلة صيغة: "ديك" بكسر الدال وسكون الياء، آخر الحروف، وبالكاف. "فوجب صرفها" لذلك. "فلو سميت بضرب" بضم الضاد وسكون الراء، حال كونه "مخففًا من ضرب" بضم الضاد وكسر الراء. "انصرف اتفاقًا"، لأن التخفيف سابق على التسمية، وإنما الخلاف في التخفيف العارض بعد التسمية: هل ينزل منزلة الأصلي أم لا؟ "و" ذلك كما "لو سميت بضرب"، بضم أوله وكسر ما قبل آخره. "ثم خففته" بتسكين ما قبل آخره. فإذا فعلت ذلك، "انصرف أيضًا عند سيبويه"2، لأنه عنده كالسكون الأصلي. واختاره ابن مالك3، "وخالفه المبرد"4، والمازني، ومن وافقهما5، فمنعوه من الصرف "لأنه تغيير عارض" بعد التسمية. "و" خرج "بـ" القيد "الثالث"، وهو كونه غير مخالف لطريقة الفعل "نحو: ألبب، بالضم" في الباء الموحدة فيما روه الفراء. "جمع لب"، بضم اللام وتشديد الباء الموحدة، وهو العقل، وجمع لب على ألبب قليل، والأكثر أن يجمع على ألباب. ويقال: بنات ألبب، عروق في القلب، يكون منها الرقة. وألبب حال كونه "علمًا". ينصرف "لأنه قد باين الفعل بالفك، قاله أبو الحسن" الأخفش6. "وخولف". فعن سيبويه منع الصرف "لوجود الموازنة7"، كـ: أكتب، ولأن الفك رجوع إلى أصل متروك، فهو كتصحيح استحوذ، وليس بمانع من اعتبار وزن الفعل إجماعًا، ولأن الفك قد يدخل الفعل لزومًا، كـ: أشدد به في التعجب، وجوازًا، كـ: اردد، ولم يردد، وشذوذًا كـ: ضبب البلد، [وألل السقاء، إذا تغيرت رائحته] 8.   1 في "ب"، "ط": "مبنيان"، وانظر شرح ابن الناظم ص464. 2 الكتاب 3/ 227، وشرح ابن الناظم ص464. 3 التسهيل ص218. 4 المقتضب 3/ 314. 5 همع الهوامع 1/ 99. 6 شرح ابن الناظم ص464. 7 الكتاب 3/ 195. 8 إضافة من "ط". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 337 "ولا يؤثر وزن هو بالاسم أولى" كـ: فاعل نحو: كاهل علما، فإنه وإن وجد في الفعل كـ: ضارب، أمرًا من ضارب، إلا أنه في الاسم أولى لكونه فيه أكثر، "ولا" يؤثر "وزن هو" موجود "فيهما على السواء" نحو: فعل؛ بفتح العين، وفعلل نحو شجر وضرب وجعفر ودحرج. "وقال عيسى" بن عمر الثقفي البصري، شيخ الخليل وسيبويه: "إلا أن يكون منقولين من الفعل"، فإنهما يؤثران1. فالأول: "كالأمر من ضارب"؛ بفتح الراء؛ "و" الثاني: "كـ: ضرب ودحرج أعلامًا". وظاهر كلام الشاطبي تبعًا للتسهيل2 أن خلاف عيسى3 إنما هو في المشترك، ونصه: وخالف في ذلك عيسى فكان لا يصرف الوزن المشترك المنقول من "فَعَل". ويقول: كل فعل ماض سمي به فإنه لا ينصرف إذا4 كان فارغًا من فاعله. "واحتج" على ذلك "بقوله"، وهو سحيم من وثيل اليربوعي. [من الوافر] 789- أنا ابن جلا وطلاع الثنايا ... متى أضع العمامة تعرفوني ووجه الحجة منه أن جلا فعل ماض خال من فاعل، وهو علم ممنوع من الصرف بدليل عدم تنوينه. "وأجيب" عنه "بأنه يحتمل أن يكون سمي بـ"جلا" من قولك: زيد جلا" أي هو، "ففيه ضمير" مستتر يعود على "زيد", "وهو من باب المحكيات" فهو وفاعله جملة محكية5، "كقوله": [من الرجز] 790- نبئت أخوالي بني يزيد   1 شرح ابن الناظم ص465. 2 التسهيل ص219. 3 الكتاب 3/ 206. 4 في "ط": "إلا إذا". 789- البيت لسحيم بن وثيل في الاشتقاق ص224، والأصمعيات ص17، وجمهرة اللغة ص495، 1044 وخزانة الأدب 1/ 255، 257، 266، وشرح شواهد المغني 1/ 459، وشرح المفصل 3/ 62، والشعر والشعراء 2/ 647، والكتاب 3/ 207، والمقاصد النحوية 4/ 356، وبلا نسبة في الاشتقاق ص314، وأمالي ابن الحاجب 456، وأوضح المسالك 4/ 127، وخزانة الأدب 9/ 402، وشرح ابن الناظم ص465 وشرح الأشموني 2/ 531، وشرح شواهد المغني 2/ 749، وشرح قطر الندى ص86، وشرح المفصل 1/ 62، 4/ 105، واللسان 14/ 124 "ثني"، 152 "جلا" وما ينصرف وما لا ينصرف 20، ومجالس ثعلب 1/ 212، ومغني اللبيب 1/ 160، والمقرب 1/ 283، وهمع الهوامع 1/ 30. 5 في شرح ابن الناظم 465: "فهو محكي لا ممنوع من الصرف". 790- تقدم الرجز برقم 80. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 338 فيزيد مسمى به، من قولك: المال يزيد، ففيه ضمير مستتر، والدليل على ذلك رفعه على الحكاية، وإلا لو كان مجردًا عن الضمير لجره بالفتحة لكونه لا ينصرف للعلمية ووزن الفعل1 المضارع. "و" يحتمل "أن يكون ليس بعلم، بل" هو وفاعله في موضع خفض "صفة لمحذوف، أي": أنا "ابن رجلٍ جَلا الأمور"، أي كشفها، وفي كلا الاحتمالين نظر. أما الأول: فلأن الأصل عدم استتار الضمير، وأما الثاني: فلأنه لا يحذف الموصوف بالجملة إلا إذا كان بعض اسم مقدم مخفوض بـ"من" أو "في" كما تقدم في باب النعت2. هذا وقال سيبويه3: "إن قول عيسى خلاف قول العرب، سمعناهم يصرفون الرجل يسمى بكعسب4، وهو فعل من الكعسبة5، وهو العدو الشديد مع تقارب الخطا"6. "السادس: العلم المختوم بألف الإلحاق المقصورة كـ: علقى"، باتفاق "وأرطى" على الأصح حال كونهما "علمين" فإنهما ملحقان بجعفر، والمانع لهما من الصرف العلمية، وشبه ألف الإلحاق بألف التأنيث في الزيادة، والموافقة لمثال ما هي فيه: فإنهما على وزن سكرى، وشبه الشيء بالشيء كثيرًا ما يلحق به كـ: حاميم اسم رجل. فإنه عند سيبويه7 ممنوع الصرف لشبهه بـ"هابيل"، في الوزن والامتناع من الألف واللام، فلما أشبه الأعجمي، عومل معاملته8. وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 669- وما يصير علما من ذي ألف ... زيدت لإلحاق فليس ينصرف وقيل: إن أرطى أفعل فمانعه من الصرف العلمية ووزن الفعل، ولذلك قلت:   1 سقط من "ب". 2 انظر باب النعت في هذا الجزء ص127، 128. 3 الكتاب 3/ 206، 207. 4 في "ب": "كعب". 5 في "ب": "الكعبة". 6 شرح ابن الناظم ص465. 7 الكتاب 3/ 257. 8 شرح ابن الناظم ص465. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 339 على الأصح، وإنما لم يمنع الصرف مع ألف الإلحاق المدودة [كـ: علباء، فإنه ملحق بقرطاس، لتخلف شبهها بألف التأنيث الممدودة] 1، لأن همزة الإلحاق لا تشبه همزة التأنيث، من جهة أن همزة2، [الإلحاق منقلبة عن ياء لا عن ألف، وهمزة التأنيث] 3 منقلبه عن ألف، لا عن ياء. فافترقا في الحكم لأجل افتراقهما في التقدير. بهذا علل بن أبي الربيع4 وإيضاحه أن الحرف إذا كان منقلبًا من غير مانع منع، كالهمزة في صحراء, [فإنها بدل من ألف التأنيث] 5. وإذا كان منقلبًا عن غير منع لم يمنع، كهمزة علباء. والعلقى نبت، والأرطى شجر، ويقي6 عليه ألف التكثير، "كـ: قبعثرى"7، ومن أدخلها في ألف الإلحاق فقد سها، إذ ليس في أصول الاسم سداسي فيلحق به. "السابع: المعرفة المعدولة" عن أصلها، "وهي خمسة أنواع: أحدها: فعل" بضم الفاء8 وفتح العين "في التوكيد، وهي: جمع وكتع"، من تكتع الجلد إذا اجتمع، "وبصع" بالصاد المهملة؛ من البصيع9، وهو العرق المجتمع، "وبتع"؛ بموحدة فمثناة فوقانية؛ من البتع، وهو طول العنق. والمانع لها من الصرف: التعريف والعدل. أما التعريف، "فإنها" على الصحيح "معارف بنية الإضافة إلى ضمير المؤكد"، فشابهت بذلك لعلم لكونه معرفة بغير قرينة لفظية، هذا ظاهر كلام سيبويه10، وهو اختيار بن عصفور11، وابن مالك12. وقال أبو سليمان السعدي من أصحاب ابن الباذش: إنها معارف بالعلمية وهي أعلام على الإحاطة، لما تتبعه، وأيده   1 ما بين المعكوفين إضافة من "ط". 2 في "ط": "همزته". 3 سقط ما بين المعكوفين من "ط". 4 البسيط 1/ 294، 250. 5 سقط ما بين المعكوفين من "ب". 6 في "ب": "بني". 7 إضافة من "ب": و"ط"." 8 سقطت من "ب". 9في "ب"، "ط". 10 الكتاب 3/ 224. 11 المقرب 2/ 280. 12 التسهيل ص222. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 340 بعضهم بجمعها بالواو والنون مع أنها ليست بصفات، ورده في شرح الكافية فقال1: وليس يعني جمع بعلم، لأن العلم إما شخصي، أو جنسي فالشخصي مخصوص ببعض الأشخاص، فلا يصلح لغيره، والجنسي مخصوص ببعض الأجناس فلا يصلح لغيره، وجمع خلاف ذلك، فالحكم بعلميته باطل. انتهى. قلت: علم الإحاطة من قبيل علم الجنس المعنوي، كـ: سبحان للتسبيح2 وفي ارتكابه توفية بالقاعدة، وهي أنه لا يعتبر في منع الصرف من المعارف إلا العلمية، ويلزم من اعتبار الإضافة عدم النظير، وجره بالكسرة كما تقدم في أول الكتاب3. "و" أما العدل، فإنها "معدولة عن فعلاوات، فإن مفرداتها: جمعاء، وكتعاء، وبصعاء، وبتعاء، وإنما قياس4 فعلاء إذا كان اسمًا" كـ: صحراء "أن يجمع على فعلاوات كـ: صحراء وصحراوات5". واختار الناظم وابنه غير هذا التعليل، فقالا6: لأن "جمعاء" مؤنث "أجمع" فكما جمع المذكر بالواو والنون، كذلك كان حق مؤنثه أن يجمع بالألف والتاء، فلما جاءوا به على "فُعَل" علم أنه معدول عما هو القياس فيه، وهو جمعاوات. وقال الأخفش والفارسي وابن عصفور7: معدولة عن فُعْل بضم الفاء وسكون العين، من جهة أن مفردها: فعلاء أفعل كـ: حمراء وأحمر، فإنهما يجمعان على حمر. وقال آخرون8: معدولة عن فَعَالى، من جهة أن مفردها اسم على فعلاء كـ: صحراء. والصحيح ما قاله الموضح، لأن جمع المذكر بالواو والنون مشروط فيه إما العلمية أو الوصفية، وكلاهما ممتنع فيه.   1 شرح الكافية الشافية 3/ 1475، وانظر شرح ابن الناظم ص466. 2 في "ب": "علم للتسبيح". 3 انظر ما تقدم في الجزء الأول، باب الإضافة ص673، 674. 4 في "ب": "القياس". 5 انظر شرح ابن الناظم ص466. 6 شرح الكافية الشافية 3/ 1475، 1476، وشرح ابن الناظم ص466. 7 انظر المقرب 2/ 280، 281. 8 انظر شرح الكافية الشافية 3/ 1476، وشرح بن الناظم ص466. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 341 أما العلمية فلأن الناظم وابنه منعاها1، وأما الوصفية فلأنها مغايرة للتوكيد اتفاقًا، وإذا بطل الشرط، بطل المشروط، فجمعه بالواو والنون شاذ عندهما، فكيف يقاس عليه الجمع بالألف والتاء2. ولأن فعلاء لا يجمع على فُعْل إلا إذا كان مؤنثًا، لأفعل صفة كـ: حمراء، ولا على فعالى، إلا إذا كان اسمًا محضًا لا مذكر له كـ: صحراء، وجمع، وأخواته ليس كذلك. وإليه أشار الناظم بقوله: 670- والعلم أمنع صرفه إن عدلا ... كفعل التوكيد ............... "الثاني" من المعدول: "سحر إذا أريد به سحر يوم بعينه، واستعمل ظرفًا مجردًا من "أل" والإضافة، كـ: جئت يوم الجمعة سحر، فإنه" ممنوع من الصرف للتعريف والعدل3. أما التعريف ففيه خلاف. فقيل هو "معرفة" بالعلمية، لأنه جعل علمًا لهذا الوقت صرح به في التسهيل4. وقيل: يشبه5 العلمية لأنه تعرف بغير أداة ظاهرة، كالعلم، وهو اختيار ابن عصفور6. وفي كلام الموضح إيماء إليه7. وأما العدل فلأن صيغته معدولة عن "السحر" المقرون بـ"أل" لأنه لما أريد به معين كان الأصل [فيه] 8 أن يذكر معرفًا بـ"أل" فعدل عن اللفظ بـ"أل" وقصد به التعريف فمنع الصرف، وقال السهيلي والشلوبين الصغير: "معرب مصروف"9. واختلفا في منع تنوينه، فقال السهيلي10: "هو على نية الإضافة" وقال الشلوبين11: "على نية أل". وقال صدر الأفاضل" أبو الفتح ناصر بن أبي المكارم المطرزي تلميذ الزمخشري: "هو "مبني" على الفتح "لتضمنه معنى اللام" كأمس".   1 انظر شرح الكافية الشافية 3/ 1476، وشرح بن الناظم ص466. 2 سقطت من "ط". 3 الارتشاف 1/ 435. 4 التسهيل ص222. 5 في "أ": "شبه". 6 المقرب 2/ 282. 7 شرح قطر الندى ص312. 8 إضافة من "ب"، "ط". 9 انظر شرح المرادي 4/ 157. 10 أمالي السهيلي ص33. 11 انظر الارتشاف 1/ 435. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 342 ورد بأمور1: منها أنه لو كان مبنيا لكان غير الفتح أولى به، لأنه في موضع نصب، فيجب اجتناب الفتحة فيه لئلا توهم الإعراب، كما اجتنبت في: قبل وبعد2. ومنها أنه لو كان مبنيا لكان جائز الإعراب جواز "حين" في قوله: [من الطويل] 791- على حين عاتبت ........ ... ............................... لتساويهما في ضعف السبب المقتضي للبناء لكونه عارضًا. ومنها أن دعوى منع الصرف أسهل من دعوى البناء، لأن البناء أبعد من الإعراب الذي هو الأصل في الأسماء، ودعوى الأسهل أرجح من دعوى غير الأسهل. وإذا ثبت أن "سحر" غير مبني، ثبت أنه غير متضمن3 معنى حرف4 التعريف وإنما هو معدول عما فيه حرف التعريف. والفرق بين التضمين والعدل5: إن التضمين استعمال الكلمة في معناها الأصلي مزيدًا عليه معنى آخر. والعدل: تغيير صيغة6 اللفظ مع بقاء معناه. فـ"سحر" المذكور عند الجمهور مغير عن لفظ "السحر" من غير تغيير لمعناه. وعند صدر الأفاضل وارد على صيغته الأصلية ومعناها وهو التنكير7 مزيدًا عليه [تضمن] 8 معنى حرف التعريف:   1 وردت هذه الأمور بنصها في شرح ابن الناظم ص467. 2 بعده في شرح ابن الناظم ص467: "والمنادى المفرد المعرفة". 791- تمام البيت: على حين عاتبت المشيب على الصبا ... وقلت ألما أصح والشيب وازع وهو للنابغة الذيباني في ديوانه ص32، والأضداد ص151، وجمهرة اللغة ص1315، وخزانة الأدب 2/ 456، 3/ 407، 6/ 550، 553، والدرر 1/ 472، وسر صناعة الإعراب 2/ 506، وشرح أبيات سيبويه 2/ 53، وشرح شواهد المغني 2/ 816، 883، والكتاب 2/ 330، ولسان العرب 8/ 390 "وزع"، 9/ 70 "خشف"، والمقاصد النحوية 3/ 406، 4/ 357، بلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 111، وأمالي بن الشجري 1/ 46، 2/ 132، والإنصاف 1/ 292، وأوضح المسالك 3/ 133، ورصف المباني 349، وشرح ابن الناظم ص467، وشرح الأشموني 2/ 315، 3/ 578، وشرح بن عقيل 2/ 59، وشرح المفصل 3/ 16، 4/ 591، 8/ 137، ومغني اللبيب 571، والمقرب 1/ 290، 2/ 516، والمنصف 1/ 58، وهمع الهوامع 1/ 218. 3 في "ب": "مضمن". 4 سقط من "ط": "معنى حرف". 5 هذا الفرق بين التضمين نقله الأزهري من شرح بن الناظم ص467. 6 في "ط": "صفة". 7 سقط من شرح ابن الناظم "وهو التنكير". 8 إضافة من شرح ابن الناظم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 343 واحترز بالقيد الأول، وهو أن يراد به سحر يوم بعينه من المبهم، فإنه ينصرف1 اتفاقًا نحو: {نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ} [القمر: 34] أي من الأسحار، وبالقيد الثاني، وهو أن يستعمل ظرفًا من المعين المستعمل غير ظرف، فإنه يجب تعريفه بـ" أل" أو الإضافة للدلالة على التعيين نحو: طاب السحر سحر ليلتنا، وبالقيد الثالث وهو أن يجرد من "أل" والإضافة، فإنه يصرف اتفاقًا، نحو: جئتك يوم الجمعة السحر، أو سحره، وإليه أشار الناظم بقوله: 671- والعدل والتعريف مانعا سحر ... إذا به التعيين قصدا يعتبر "الثالث" من المعدول "فعل". بضم الفاء وفتح العين "علما للمذكر إذا سمع ممنوع الصرف وليس فيه علة ظاهرة غير العلمية". وهو المشار إليه من النظم بقوله: 670- .............................. ... ................... أو كثعلا "نحو: عمر" مما ليس بصفة في الأصل. والمحفوظ من ذلك: عمر، ومضر، "وزفر"، وقثم، "وزحل"، وحشم، "وجمح"، وقزح، وعصم، وجحا، ودلف، وهذل، وبلغ، وثعل، "فإنهم قدروه معدولا" عن فاعل غالبًا. "لأن العلمية لا تستقل بمنع الصرف". وأمكن العدل دون غيره فإن الغالب في الأعلام النقل. فعمر مثلا معدول عن عامر، فإن عامرًا ثابت في الآحاد النكرات بخلاف عمر. "مع أن صيغة فُعَل قد كثر فيها العدل" التحقيقي "كـ: غدر، وفسق"، فإنهما معدولان عن، غادر وفاسق "وكـ: جمع وكتع"، فإنهما معدولان عن: جمعاوات وكتعاوات. "وكـ: أخر"، فإنها معدولة عن آخر بفتح الخاء والمد. وفائد العدل في الأعلام تخفيف اللفظ، وتحقيق العلمية، ونفي الوصفية وبعضها منقول عن أفعل نحو2: ثعل، فإن ورد فعل مصروفًا، حكم بعدم عدله كـ: أدد. "و" أما {طُوًى} [طه: 12] فيمن منع صرفه3، فالمعتبر فيه4 التأنيث باعتبار البقعة لا العدل عن طاو5، لأنه" أي العدل "قد أمكن غيره"، وهو التأنيث,   1 في "أ": "يصرف". 2 في "ب": "الفعل عن" مكان "أفعل نحو". 3 في الإتحاف ص302: "وقرأ الباقون بالضم بلا تنوين على عدم صرفه للتأنيث باعتبار البقعة والتعريف، أو للعجمة والعلمية". وانظر معاني القرآن للفراء 2/ 176، والنشر 2/ 319. 4 سقطت من "ب". 5 في "ب": "من طاوي". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 344 "فلا وجه لتكلفه" أي العدل، "ويؤيده" أي اعتبار التأنيث "أنه" أي طوى "يصرف باعتبار المكان". فلو كان العدل معتبرًا فيه لما انصرف إذا اعتبر فيه المكان. واحترز بقوله: علما من1 فعل الوارد جمعًا كـ: غرف وقرب، أو اسم جنس كـ: صرد ونفر، أو صفة كـ: حطم ولبد، أو مصدرًا: كـ: هدى وتقى، فإنها مصروفة اتفاقًا. وبقوله إذا سمع ممنوع الصرف كما سمع مصروفًا كـ: أدد، وعما لم يسمع فيه صرف ولا عدمه فإن فيه خلافًا. فقال سيبويه2: يصرف حملا على الأصل في الأسماء. وقال غيره: يمنع صرفه حملا على الغالب في فُعل علمًا. وليس بجيد، قاله الخضراوي3. وبقوله: وليس فيه علة ظاهرة غير العلمية عن مثل طوى، وتقدم شرحه. "الرابع" من المعدول "فعال" بفتح الفاء "علما للمؤنث كـ: حذام وقطام، في لغة" بني "تميم" وتميم أبو قبيلة، وهو تميم بن مر بن أد بن طلحة بن إلياس بن مضر4، "فإنهم يمنعون صرفه"5 واختلف في علة ذلك. "فقال سيبويه6: للعلمية والعدل عن فاعلة". ويرجحه أن الغالب على الأعلام أن تكون منقولة. "وقال المبرد7 للعلمية والتأنيث المعنوي كـ: زينب8" ويرجحه أنهم لا يدعون العدل في نحو: طوى؛ كما تقدم. "فإن ختم" فعال علما للمؤنث "بالراء كـ: سفار؛ اسما لماء" من مياه العرب؛ ملحوظ فيه معنى التأنيث، ولهذا قال سيبويه9: "اسم الماء". وقال الجوهري10: "اسم لبئر". وهو المناسب، لأن الكلام في أعلام المؤنث، والماء مذكر: "وكـ: وبار اسما لقبيلة11، بنوه على الكسر، إلا قليلا منهم"، أي من تميم12.   1 في "ط": "عن". 2 الكتاب 3/ 222. 3 في كتابه الإفصاح كما قال السيوطي في همع الهوامع 1/ 89. 4 جمهرة أنساب العرب ص466. 5 شرح ابن الناظم ص468، وشرح ابن عقيل 2/ 337. 6 الكتاب 3/ 277. 7 المقتضب 3/ 373، والكامل ص591-592. 8 سقط من "ب". 9 الكتاب 3/ 279. 10 الصحاح "سفر". 11 في جمهرة أنساب العرب ص462: "وبار: ابن أميم بن لاوذ بن إرم بن سام بن نوح عليه السلام". 12 في شرح ابن الناظم ص469: "وأما ما آخره راء نحو ظفار ووبار ... فيوافق فيه التميميون أهل الحجاز غالبًا". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 345 قال الفرزدق: [من الطويل] 792- متى تردن يوما سفار تجد بها ... أديهم يرمي المستجيز المعورا وإنما كان الكثير الكسر عندهم لأن مذهبهم الإمالة، فإذا كسروا توصلوا إليها. ولو منعوه الصرف لامتنعت. قاله الخليل1. "وقد اجتمعت اللغتان"؛ الإعراب والبناء؛ "في قوله"، وهو الأعشى ميمون: [من م. البسيط] 793- ألم تروا إرما وعادا ... أودى بها الليل والنهار ومر دهر على وبار ... فهلكت جهرة وبار فبنى "وبار" الأولى على الكسر، وأعرب "وبار" الثانية رفعًا2 على الفاعلية بهلكت. ويحتمل أن تكون الواو الأولى عاطفة، والثانية ضمير لا حرف إطلاق، ووبار فعلا ماضيا من البوار، والجملة معطوفة على هلكت، وفاعل هلكت ضمير مستتر فيها عائد2 على "وبار" المكسور. والمعنى: هلكت وبارت. وقال أولا: هلكت، على القبيلة، وثانيًا: وباروا، على أهلها. وعلى هذا يكتب باروا بالواو والألف كما يكتب ساروا. فلا شاهد فيه على لغة الإعراب. وإرم اسم قبيلة عاد. وأودى بها: أهلكها. "وأهل الحجاز يبنون الباب كله على الكسر تشبيهًا له بنزال" في التعريف، والعدل، والوزن، والتأنيث3، "كقوله" وهو لجيم بن صعب في امرأته: [من الوافر]   792- البيت للفرزدق في ديوانه 1/ 288، وشرح شواهد المغني 1/ 285، ولسان العرب 4/ 371 "سفر" 4/ 614 "عور"، ومغني اللبيب 1/ 97، ومعجم البلدان 3/ 223 "سفار"، والمقتضب 3/ 50، وبلا نسبة في شرح شذور الذهب 96. 1 الكتاب 3/ 269. 793- البيتان للأعشى في ديوانه 331، والبيت الثاني في شرح أبيات سيبويه 2/ 240، وشرح الأشموني 2/ 538، وشرح شذور الذهب ص97، وشرح المفصل 4/ 64، 65، والكتاب 3/ 279، ولسان العرب 5/ 273 "وبر"، والمقاصد النحوية 4/ 358، وهمع الهوامع 1/ 29، وبلا نسبة في أمالي بن الحاجب ص364، وأوضح المسالك 4/ 130، وشرح ابن الناظم ص469، وما ينصرف وما لا ينصرف ص77، والمقتضب 3/ 50، 376، والمقرب 1/ 282. 2 سقط من "ب". 3 شرح ابن النظم ص468. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 346 974- إذا قالت حذام فصدقوها ... فإن القول ما قالت حذام فبناها1 على الكسر مع انها فاعل "قالت" في الموضعين. وإذا سمي بباب "حذام" مذكر، زال موجب البناء، وهو التشبيه بنزال لأنه ليس الآن مؤنثًا معدولا فيعرف غير منصرف. ومن العرب من يصرفه، قال سيبويه2. واعلم أن التشبيه بنزال فيما يذكر إنما يتم على مذهب المبرد. فإنه يقول3: نزال معدول عن مصدر معرفة مؤنث، وبني لتضمنه معنى لام الأمر: وظاهر كلام سيبويه أنه معدول معرَّف عن نفس الفعل، فيكون التشبيه في العدل والوزن. وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 672- وابن على الكسر فعال علما ... مؤنثا وهو نظير جشما 673- عند تميم ................ ... ........................... "الخامس" من المعدول: "أمس إذا كان مرادًا به اليوم الذي يليه يومك، ولم يضف، ولم يقرن بالألف واللام"، ولم يصغر ولم يكسر، "ولم يقع ظرفًا، فإن بعض بني تميم يمنع صرفه مطلقًا" رفعًا نصبًا وجرًّا4، "لأنه" علم على اليوم الذي يليه يومك. "معدول عن الأمس" المعروف بـ:"أل" فيقولون: مضى أمس، بالرفع بلا تنوين. وشاهدت أمس، وما رأيت زيدًا مذ أمس، بالفتح فيهما. "كقوله": [من الرجز] 795- لقد رأيت عجبًا مذ أمسا ... عجائزًا مثل السعالي خمسا   794- البيت للجيم بن صعب في شرح شواهد المغني 2/ 569، والعقد الفريد 3/ 363، ولسان العرب 6/ 306 "رقش"، والمقاصد النحوية 4/ 370، وله أو لوسيم بن طارق في اللسان 2/ 99 "نصت"، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 131، والخصائص 2/ 178، وشرح الأشموني 2/ 537، وشرح شذور الذهب ص95، وشرح قطر الندى ص14، وشرح المفصل 4/ 64، وما ينصرف وما لا ينصرف ص75، ومغني اللبيب 1/ 220. 1 في "ب": "فبناؤها". 2 الكتاب 3/ 279-280. 3 المقتضب 3/ 373-374. 4 شرح ابن الناظم ص468. 795- الرجز بلا نسبة في شرح المفصل 4/ 106، 107، والكتاب 3/ 285، وأسرار العربية ص32، وأوضح المسالك 4/ 132، وجمهرة اللغة ص841، 863، وخزانة الأدب 7/ 167، 168، وشرح الأشموني 2/ 537، وشرح شذور الذهب 96، وشرح قطر الندى 16، واللسان 6/ 9، 10 "أمس"، وما ينصرف وما لا ينصرف ص195، والمقاصد النحوية 4/ 357، ونوادر أبي زيد ص57 وهمع الهوامع 1/ 209. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 347 فأمس مجرور بالفتحة، والألف فيه للإطلاق، وليست فتحته هنا فتحة بناء خلافًا للزجاجي1، ووهمه الموضح في ذلك، في شرحي القطر2 والشذور3. وزعم بعضهم أن "أمسى" هنا فعل ماض وفاعله مستتر فيه عائد على المصدر المفهوم منه. أي: مذ أمسى هو، أي المساء4. وفيه بعد، وهذا الإطلاق للقليل من بني تميم. "وجمهورهم يخص ذلك" الإعراب الممنوع الصرف "بحالة الرفع" خاصة، دون حالتي النصب والجر، فيبنيه على الكسر فيهما5. "كقوله": [من الخفيف] 796- اعتصم بالرجاء إن عن بأس ... وتناس الذي تضمن أمس وعن؛ بالنون؛ من عن يعن إذا عرض، ويروى: عز؛ بالزاي؛ بمعنى غلب6. وتناس أمرًا من التناسي، وهو أن يرى من4 نفسه أنه نسيه. "والحجازيون يبنونه على الكسر مطلقًا"، في الرفع والنصب والجر، "على تقديره مضمنًا معنى اللام" المعرفة7. "قال" أسقف نجران، أو تبع بن الأقرن: [من الكامل] 797- منع البقاء تقلب الشمس ... وطلوعها من حيث لا تمسي وطلوعها حمراء صافية ... وغروبها صفراء كالورس اليوم أعلم ما يجيء به ... ومضى بفصل قضائه أمس   1 في "ب": "للزجاج"، وفي شرح شذور الذهب ص100: "وقد وهم الزجاجي فزعم أن من العرب من يبني أمس على الفتح". وانظر كتاب الجمل للزجاجي ص299. 2 شرح قطر الندى ص19. 3 شرح شذور الذهب ص100. 4 سقطت من "ب". 5 انظر شرح ابن النظام ص468. 796- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 133، والدرر 1/ 444، وشرح الأشموني 2/ 537، والمقاصد النحوية 4/ 372، وهمع الهوامع 1/ 209. 6 انظر الدرر اللوامع 1/ 444. 7 شرح ابن الناظم ص468، وشرح شذور الذهب ص98. 797- الأبيات لأسقف نجران في الحماسة البصرية 2/ 406، وثمار القلوب ص374، والحيوان 3/ 88، وسمط اللآلي ص486، ولسان العرب 6/ 9 "أمس"، والمقاصد النحوية 4/ 373، ولبعض ملوك اليمن في كتاب الصناعتين ص201، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 134، والدرر 1/ 443، وشرح قطر الندى ص15، ومراتب النحويين ص103، وهمع الهوامع 1/ 209. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 348 فـ"أمس" فاعل "مضى"، وهو مكسور كما ترى. "والقوافي مجرورة" ومكسورة كما أنشدتها. ولا يعارض هذا رفع "أمس" بتضمن في البيت السابق، لأن إحدى اللغتين لا تصادم الأخرى. "فإن أردت بـ"أمس" يومًا من الأيام الماضية مبهما". أي: أمسًا ما من الأموس، "أو عرفته بالإضافة"، نحو: أمس يوم الخميس، "أو" عرفته "بالأداة" نحو: الأمس، أو صغرته نحو: أميس، أو كسرته نحو: أموس، "فهو معرب1 إجماعًا" إعراب المنصرف، "وإن استعملت المجرد" من "أل" والإضافة. "المراد به2 معين، ظرفًا، فهو مبني إجماعًا" لتضمنه معنى الحرف.   1 في "ب": "يعرب". 2 في "ب": "بها". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 349 فصل: "يعرض الصرف لغير المنصرف لأحد أربعة أسباب: الأول: أن يكون أحد سببيه" المانعين له من الصرف: "العلمية ثم ينكر"، فتزول منه العلمية ويبقى السبب الثاني: وهو إما التأنيث، أو الزيادة، أو العدل، أو الوزن، أو العجمة، أو التركيب، أو ألف الإلحاق المقصورة، "تقول: رب فاطمة، وعمران، وعمر، ويزيد، وإبراهيم، ومعدي كرب، وأرطى"، لقيتهم1، بالجر والتنوين في هذه الأنواع السبعة لذهاب أحد موجبي منع صرفها، وهو العلمية، وإليه أشار الناظم بقوله: 673- .............. واصرفن ما نكرا ... من كل ما التعريف فيه أثرا "ويستثنى من ذلك" المصروف "ما كان صفة قبل العلمية كـ: أحمر وسكران" إذا نكرا. "فسيبويه يبقيه غير منصرف"، للوزن, أو الزيادة وعود الوصف الأصلي، بناء على أن الزائل العائد كالذي لم يزل2، "وخالفه3 الأخفش في الحواشي" على كتاب سيبويه، فقال بصرفه بناء على أن الصفة إذا زالت لا تعود4. ورد بأن زوال الصفة كان لمانع وهو العلمية، وإذا زال المانع رجعت الصفة. وذكر ابن مالك في شرح الكافية5 أن: الأخفش رجع عن مخالفة سيبويه، "ووافقه في" كتابه "الأوسط"6، وأن أكثر المصنفين لا يذكرون إلا مخالفته، وذكر موافقته أولى لأنها آخر قوليه". انتهى.   1 شرح ابن الناظم ص469، وشرح ابن عقيل 2/ 337. 2 الكتاب 3/ 202. 3 في "ط": "وخالف". 4 في شرح ابن الناظم 469: "وذهب الأخفش في حواشيه على الكتاب إلى صرف نحو: أحمر، بعد التنكير". 5 شرح الكافية الشافية 3/ 1499. 6 في شرح ابن الناظم ص469 أن الأخفش رجع عن صرفه في كتابه الأوسط. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 350 السبب "الثاني: التصغير المزيل لأحد السببين" المانعين من الصرف "كـ: حميد وعمير، في" تصغير: "أحمد وعمر" فإن الوزن والعدل زالا بالتصغير، فيصرفان1 لزوال أحد السببين. أما زوال الوزن بالتصغير فواضح. وأما زوال العدل به، فقال الموضح في الحواشي: "إن نحو عمر، قد حكموا فيه بأنه معدول الصيغة، والتصغير لا يزيل شيئًا مما ثبت إذا لم يكن معتادًا له، فالحكم بصرفه بعيد". انتهى. وجوابه أن ذلك في العدل التحقيقي، أما العدل التقديري فلا، لأنهم إنما ارتكبوه حفظًا لقاعدتهم لما رأوه غير منصرف، فإذا صرف فلا حاجة لتقديره. "وعكس ذلك" وهو أن ينصرف مكبرًا، ولا ينصرف مصغرًا "نحو: تِحلئ" بكسر التاء المثناة فوق وسكون الحاء المهملة وكسر اللام، وبالهمزة آخره، وهو القشر الذي على وجه الأديم مما يلي منبت الشعر، حال كونه "علمًا فإنه ينصرف مكبرًا ولا ينصرف مصغرًا لاستكمال العلتين بالتصغير"، وهما: العلمية والوزن: فإنه يقال في تصغيره تحيلِئ، بضم أوله وفتح ثانيه وسكون ثالثه وكسر رابعه فهو على زنة: تدحرج وتبيطر. السبب "الثالث: إرادة التناسب" للمنصرف، "كقراءة نافع والكسائي: "سَلاسِلًا" [الإنسان: 4] بالصرف2، لتناسب3 {أَغْلَالًا} [الإنسان: 4] و {قَوَارِيرًا} [الإنسان: 15] بصرفهما4 وصلا ليناسب الأول آخر سائر الآيات، والثاني الأول عند صرفه. قاله الخبيصي5. "و" نحو "قراءة الأعمش: "ولا يغوثًا ويعوقًا" [نوح: 23] بصرفهما6 لتناسب:   1 في "ب": "فينصرفان". 2 قرأها كذلك: ابن عامر وعاصم وابن كثير وشعبة ورويس وشبل والأعمش وابن مسعود، انظر الإتحاف 428، ومعاني القرآن للفراء 3/ 214، والنشر 2/ 394، والقراءة المستشهد بها من شواهد أوضح المسالك 4/ 136، وشرح ابن الناظم ص472، وهمع الهوامع 1/ 119. 3 في "أ", "ب": "لمناسبة". 4 قرأها كذلك: عاصم وشعبة وأبو جعفر والحسن والأعمش وهشام والشنبوذي والأزرق وابن شنبوذ وروح، انظر الإتحاف 429، ومعاني القرآن للفراء 3/ 214، والنشر 2/ 395، والقراءة المستشهد بها من شواهد أوضح المسالك 4/ 136، وشرح ابن الناظم ص472، وهمع الهوامع 1/ 229. 5 الموشح في شرح الكافية ص317. 6 قرأها كذلك: الأشهب العقيلي والمطوعي. انظر الإتحاف 425، والقراءة المستشهد بها من شواهد أوضح المسالك 4/ 136، وشرح ابن الناظم ص472. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 351 {وَدًّا وَلَا سُوَاعًا} [نوح: 23] {وَنَسْرًا} [نوح: 23] . وأفاد بهاتين القراءتين أنه لا فرق فيما يمتنع صرفه بين أن يكون بعلة واحدة أو بعلتين. وأن الصرف في ذلك للتناسب. لا على قول من صرف الجمع الذي لا نظير له في الآحاد اختيارًا. ولا على قول من زعم أن صرف ما لا ينصرف جائز مطلقًا على لغة. السبب "الرابع: الضرورة"، أما بالكسر كقوله: [من الطويل] 798- إذا ما غزا في الجيش حلق فوقهم ... عصائب طير تهتدي بعصائب والقوافي مجرورة. أو بالتنوين "كقوله"، وهو امرؤ القيس: [من الطويل] 799- ويوم دخلت الخدر خدر عنيزة ... فقالت لك الويلات إنك مرجلي فصرف عنيزة بالتنوين1، وهي بضم العين المهملة فنون فياء تصغير فزاي فتاء تأنيث, اسم ابنة عمه، وقيل: لقبها واسمها فاطمة، وقيل: فاطمة غيرها. "والخدر، بكسر الخاء المعجمة، وسكون الدال، الهودج". قاله الأعلم2، وفي الصحاح3: الخدر: الستر ومعنى: إنك مرجلي؛ بالجيم؛ أنك تصيرني راجلة، أي ماشية، لعقرك ظهر بعيري. قال الدماميني: "ينبغي أن يحمل كلامهم في أمثال ذلك، على أنه يحوز للمضطر أن يجعل غير المنصرف كالمنصرف في الصورة باعتبار إدخال التنوين عليه. ولا يكون هذا التنوين تنوين الصرف لمنافاته لوجود العلتين المحققتين. وإنما يكون تنوين ضرورة". انتهى. "وعن بعضهم اطراد ذلك في لغة" حكاها الأخفش وقال4: "كأنها لغة الشعراء لأنهم اضطروا إليه في الشعر فجرت ألسنتهم على ذلك في الكلام". "وأجاز الكوفيون" إلا أبا موسى الحامض من شيوخهم، والأخفش "والفارسي" من البصريين: "للمضطر أن يمنع صرف المنصرف"5.   798- البيت للنابغة الذبياني في ديوانه ص42، وخزانة الأدب 4/ 289، والشعر والشعراء ص175، ولسان العرب 1/ 605 "عصب"، 10/ 63 "حلق" وبلا نسبة في شرح المفصل 1/ 68. 799- تقدم تخريج البيت برقم 10. 1 سقط من "ب". 2 أشعار الشعراء الستة الجاهليين ص31. 3 الصحاح "خدر". 4 انظر همع الهوامع 1/ 120. 5 انظر الارتشاف 1/ 448، والإنصاف 2/ 493، المسألة رقم 70، وهمع الهوامع 1/ 121. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 352 قال الموضح في الحواشي: "وهو الصحيح لكثرة ما ورد منه، وهو من تشبيه الأصول بالفروع" "وأباه سائر البصريين" أي باقيهم "واحتج عليهم بنحو قوله" وهو الأخطل: [من الكامل] 800- طلب الأزارق بالكتائب إذ هوت ... بشبيب غائلة النفوس غدور فمنع صرف شبيب للضرورة، وهو علم مصروف، وهو: شبيب بن يزيد، رأس الخوارج الأزارقة، وبالغ في أمره حتى ادعى الخلافة وسمي أمير المؤمنين. وكانت زوجته غزالة أيضًا خارجية، وكانت شديدة البأس، حتى كان الحجاج مع هيبته يخاف منها. [والأزارق، جمع الأزرق، بزاي فراء، مفعول طلب، والأصل: الأزارقة، بالهاء، فحذفها للضرورة. والكتائب الجيوش] 1. وهوت من هوى به الأمر: اطمعه وغره. والغائلة: الشر. وغدور، فعول، من الغدر، بالغين المعجمة، بدل من غائلة فاعل هوت. "وعن" أبي العباس، أحمد بن يحيى "ثعلب أنه أجاز ذلك"، وهو منع صرف المنصرف، "في الكلام" مطلقًا"2. وفصل بعض المتأخرين بين ما فيه العلمية وغيره، فأجازه مع العلمية لوجود أحد السببين ومنعه مع غيرها. ويؤيده أنه لم يسمع إلا في العلم. وحكى الفخر الرازي عن أكثر الكوفيين والأخفش أن السبب الواحد يمنع الصرف. ولم يفرق بين العلمية وغيرها، وهو جار على أصلهم فإنهم يدعون أن الفعل أصل للمصدر3، فزالت فرعية الاشتقاق وما بقي إلا فرعية الافتقار1. وينتج من هذا أن ما لا ينصرف أشبه الفعل في فرعية واحدة وهي الافتقار1. فيكون السبب الواحد يمنع الصرف. قلت: ويلزم من ذلك أن تكون جميع الأعلام ممنوعة من الصرف. ومعلوم أن الأمر ليس كذلك. وإلى المسائل الثلاث أشار الناظم بقوله: 765- ولاضطرار أو تناسب صرف ... ذو المنع والمصروف قد لا ينصرف   800- البيت للأحظل في ديوانه ص197، والإنصاف 2/ 493، وشرح ابن الناظم ص471، والمقاصد النحوية 4/ 362، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 137، وشرح الأشموني 2/ 543. 1 سقط ما بين المعكوفين من "ب". 2 انظر الارتشاف 1/ 448. 3 انظر الإنصاف 1/ 235، المسألة رقم 28. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 353 فصل: "المنقوص": وهو الذي آخره ياء ساكنة لازمة،:المستحق لمنع الصرف، إن كان غير علم حذفت ياؤه رفعًا وجرا، ونون باتفاق"، سواء كان جمعًا لا نظير له في الآحاد أم مصغرًا. فالأول "كـ: جوار"، فإن مانعه من الصرف صيغة منتهى الجموع. "و" الثاني نحو: "أعيم" تصغير أعمى، فإن مانعه من الصرف: الوصف ووزن الفعل، وهو أبيطر، بناء على أن وزن أفيعل1 لا يتعين في الوصف، وهو كذلك كما تقدم بيانه. "وكذا إن كان علمًا كـ: قاض علم امرأة"، فإن مانعه من الصرف العلمية والتأنيث المعنوي، "وكـ: يرمي علمًا". فإن مانعه من الصرف العلمية ووزن الفعل المنقول عنه، فتقول: جاءني جوار، وأعيم، وقاض2، ويرم، ومررت بجوار، وأعيم، وقاض، ويرم، بالتنوين، وحذف الياء في الجميع في حالتي الرفع والجر3. وإليه أشار الناظم بقوله: 674- وما يكون منه منقوصا ففي ... إعرابه نهج جواز يقتفي وهذا قول سيبويه4، والخليل4، وأبي عمرو، وابن أبي إسحاق، وجمهور البصريين5 "خلافًا ليونس، وعيسى" بن عمر، من البصريين، "والكسائي" وأبي زيد، والبغداديين، "فإنهم يثبتون الياء ساكنة رفعًا، ومفتوحة جرًّا"6.   1 في "أ": "أفعل". 2 سقط من "ب". 3 انظر شرح بن الناظم ص470، وشرح ابن عقيل 2/ 338. 4 الكتاب 3/ 308، وشرح ابن الناظم ص470. 5 الارتشاف 1/ 447. 6 انظر الارتشاف 1/ 447، وشرح ابن الناظم ص470. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 354 فيقول في الرفع جاءني حواري، وأعيمي، وقاضي، ويرمي، بإثبات الياء ساكنة فيهن، مقدرًا فيها الضمة، ويقولون في الجر، مررت بجواري، وأعيمي، وقاضي، ويرمي بفتح الياء فيهن1، "كما" تفتح "في النصب، احتجاجًا بقوله"، وهو الفرزدق: [من الرجز] 801- قد عجبت مني ومن يعيليا ... لما رأتني خلقًا مقلوليا بفتح الياء من: يعيليا مصغر يعلى علم رجل، ولم ينونه لأنه لا ينصرف للعلمية ووزن الفعل، كـ: مبيطر، وألفه للإطلاق، وخلقًا بفتح الخاء المعجمة واللام، في آخره قاف العتيق جدًا. والمراد هنا: رث الهيئة. والمقلولي، بفتح الميم، المتجافي المنكمش. وقال عبد الله بن أبي إسحاق الحضرمي النحوي: إن الفرزدق أخطأ في فتح الياء من يعيليا، ورد بأنه من إجراء المعتل مجرى الصحيح. "وذلك عند الجمهور ضرورة2، كقوله": وهو الفرزدق "في غير العلم" يهجو عبد الله، لما بلغه مقالة عبد الله المذكور: [من الطويل] 802- فلو كان عبد الله مولى هجرته ... ولكن عبد الله مولى مواليا فأظهره الفتحة في حالة الجر، ضرورة3، وكان القياس أن يقول: مولى موال، على حد4: {وَالْفَجْرِ، وَلَيَالٍ عَشْرٍ} [الفجر: 1، 2]   1 سقط من "ط". 801- تقدم تخريج الرجز برقم 208. 2 انظر ما يجوز للشاعر في الضرورة ص198، وضرائر الشعر ص42-43. 802- البيت للفرزدق في إنباه الرواة 2/ 105، وبغية الوعاة 2/ 42، وخزانة الأدب 1/ 325، 239، 5/ 145، والدرر 1/ 27، وشرح أبيات سيبويه 2/ 311، وشرح المفصل 1/ 64، والكتاب 3/ 313، 315، ولسان العرب 15/ 47، "عرا"، 409، "ولى" وما ينصرف وما لا ينصرف ص114، ومراتب النحويين ص31, والمقاصد النحوية 4/ 375، والمقتضب 1/ 143، وليس في ديوانه، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 140، وشرح الأشموني 3/ 541، وهمع الهوامع 1/ 36. 3 انظر ما يجوز للشاعر في الضرورة ص199. 4 سقط من "ب". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 355 باب إعراب الفعل المضارع مدخل ... باب إعراب الفعل المضارع: أجمع النحويون على انه إذا تجرد من الناصب والجازم، وسلم من نوني التوكيد1 والإناث كان مرفوعًا كـ: يقوم. وإنما اختلفوا في تحقيق الرفع له، ما هو على أقوال أصحها "قولهم": رافع المضارع تجرده من الناصب والجازم وفاقًا للفراء وغيره من حذاق الكوفيين والأخفش2. وإليه أشار الناظم بقوله: 676- ارفع مضارعًا إذا يجرد ... من ناصب وجازم كتسعد "لا" رافعه "حلوله محل الاسم خلافًا للبصريين"2، غير الأخفش والزجاج. قالوا: ولهذا إذا دخل عليه "لن، ولم" امتنع رفعه، لأن الاسم لا يقع بعدهما، فليس حينئذ حالا محل الاسم. ولا رافعه حروف المضارعة خلافًا للكسائي، ولا مضارعة للاسم خلافًا لثعلب من الكوفيين، والزجاج من البصريين. واعترض قول الفراء بأن التجرد أمر عدمي، والعدم لا يكون سببًا لوجوده غيره، وأجيب بأن التجرد "أمر"3 وجودي، وهو كونه خاليًا من ناصب وجازم لا عدم الناصب والجازم.   1 في "ب": "التأكيد". 2 انظر الإنصاف 2/ 553، المسألة رقم 74. 3 إضافة من "ط". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 356 واعترض قول البصريين [بأنه] 1 غير مطرد "لانتقاضه بنحو: هلا تفعل"، وسوف تفعل. فإن المضارع فيهما مرفوع، وليس حالا محل الاسم، لأن الاسم لا يقع بعد حرف التحضيض، ولا بعد حرف التنفيس. وأجيب بأن الرفع استقر قبل دخول حرفي التحضيض والتنفيس. لم يغيراه، إذا أثر العامل لا يغيره إلا عامل آخر. واعترض قول الكسائي بأن جزء الشيء لا يعمل فيه. واعترض قول ثعلب بأن المضارعة إنما اقتضت إعرابه من حيث الجملة، ثم يحتاج كل نوع من أنواع الإعراب إلى عامل يقتضيه. وأجيب بأن الكوفيين يزعمون أن إعراب المضارع بالأصالة، لا بالحمل على الاسم ومضارعته إياه. "وناصبه أربعة" عند البصريين، وعشرة عند الكوفيين: "أحدها: لن، وهي لنفي سيفعل" أي: لنفي الفعل المستقبل، إما إلى غاية ينتهي إليها، نحو: {لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى} [طه: 91] فإن نفي البراح مستمر إلى رجوع موسى، وإما إلى غير غاية نحو: {لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا} [الحج: 73] . فإن نفي خلق الذباب مستمر أبدًا، لأن خلقهم الذباب محال، وانتفاء المحال مؤبد قطعًا. وإلا لكان ممكنًا لا محالا. "ولا تقتضي" لن "تأييد النفي" خلافًا للزمخشري في أنموذجه2، لأنها لو1 كانت للتأبيد لزم التناقض بذكر اليوم في قوله تعالى: {فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا} [مريم: 26] . ولزم التكرار بذكر أبدًا في قوله تعالى: {وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا} [البقرة: 95] . ولم تجتمع مع ما هو لانتهاء الغاية نحو قوله تعالى: {فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي} [يوسف: 80] . وتأبيد النفي [في] 1: {لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا} [الحج: 73] لأمر خارجي لا مقتضيات "لن". "ولا" تقتضي "تأكيده"3؛ أي النفي؛ "خلافًا للزمخشري" في كشافه4، في تفسير: {لَنْ تَرَانِي} [الأعراف: 143] ، بل قولك: لن أقوم، محتمل لأن تريد به أنك لا تقوم أبدًا، أو أنك لا تقوم في بعض أزمنة المستقبل، وهو موافق لقولك: لا أقوم، في عدم إفادة التأكيد والتأبيد.   1 سقطت من "ب". 2 الأنموذج ص102. 3 في "ط": "توكيده". 4 الكشاف 2/ 91. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 357 "ولا تقع" "لن" "دعائية". بأن يكون الفعل بعدها دعاء، "خلافًا لابن السراج"، وابن عصفور وآخرين مستدلين بقوله تعالى: {لَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ} [القصص: 17] . مدعين أنه معناه: فاجعلني لا أكون، ولا حجة لهم فيها لإمكان حملها على النفي المحض، ويكون ذلك معاهدة منه لله تعالى أن لا يظاهر مجرمًا، جزاء لتلك النعمة التي أنعم "الله"1 بها عليه، قاله الموضح في شرح القطر2. واختاره في المغني غيره فقال3: وتأتي "لن" للدعاء كما كانت "لا" كذلك وفاقًا لجماعة، والحجة في قوله: [من الخفيف] 803- لن تزالوا كذلكم لا زلـ ... ـت لكم خالدا خلود الجبال انتهى. وهي بسيطة على وضعها الأصلي عند سيبويه4 والجمهور، "وليس أصلها: لا" النافية، "فأبدلت الألف نونًا خلافًا للفراء"5، وحجته أنهما حرفان [نافيان] 6 ثنائيان، و"لا" أكثر استعمالا، ويرده أن الإبدال لا يغير حكم المهمل فيجعله7 معملا، وأن المعهود إنما هو إبدال النون ألفًا كـ: "لَنَسْفَعًا" [العلق: 15] لا العكس. "ولا" أصلها "لا أن" فتكون مركبة من "لا" النافية نظرًا لمعناها، ومن "أن" المصدرية نظرًا لعملها، "فحذفت الهمزة تخفيفًا"8 كما في: ويلمه9، "والألف للساكنين، خلافًا للخليل والكسائي" والخارزنجي، وحجتهم قرب لفظها منهما، وأن معناهما من النفي والتخلص للاستقبال حاصل فيها، وقد جاءت على الأصل في الضرورة.   1 إضافة من "ط". 2 شرح قطر الندى ص58. 3 مغني اللبيب 2/ 284. 803- البيت للأعشى في ديوانه ص63، والدرر 1/ 205، وشرح شواهد المغني 2/ 684، وبلا نسبة في تذكرة النحاة ص68،/ وشرح الأشموني 3/ 548، ومغني اللبيب 2/ 284، وهمع الهوامع 1/ 111، 2/ 4، وتاج العروس "لنن". 4 الكتاب 3/ 5. 5 شرح قطر الندى ص58. 6 إضافة من "ب"، "ط". 7 في "أ": "فتجعله". 8 شرح قطر الندى ص58. 9 في حاشية يس 2/ 230: "أصله: ويل أمه، فحذفت الهمزة". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 358 أنشد أبو زيد لجابر الأنصاري: [من الوافر] 804- فإن أمسك فإن العيش حلو ... إليَّ كأنه عسل مشوب يرجي المرء ما لا إن يلاقي ... وتعرض دون أبعده الخطوب أي: لن يلاقي. ورد عليهم بأربعة أمور أقواها: "أنه" إنما يصح التركيب إذا كان الحرفان ظاهرين كـ"لولا" وقد لا يظهر أحدهما، كـ"أما"1. قاله الشلوبين. وتركنا الثلاثة الباقية خوف الإطالة. الناصب. "الثاني: "كي" المصدرية"، وهي الداخل عليها اللام لفظًا نحو: {لِكَيْ لَا تَأْسَوْا} [الحديد: 23] أو تقديرًا، نحو: جئتك كي تكرمني إذا قدرت أن الأصل "لكي"، وأنك حذفت اللام استغناء عنها بنيتها، فإن لم تقدر اللام كانت "كي" تعليلية. "فأما" المصدرية فناصبة بنفسها كما أن "أن" المصدرية كذلك. وأما "التعليلية فجارة، والناصب بعدها "أن" مضمرة", لزومًا في النثر، "وقد يظهر في الشعر" كقوله: [من الطويل] 805- ................................ ... ...... كيما أن تغر وتخدعا وسيأتي2. وما ذكره من أن "كي" مشتركة بين الناصبة والجارة، هو مذهب سيبويه والجمهور3 وحجتهم قولهم: جئتك لكي أتعلم، وقولهم: كيمه؟   804- البيتان لجابر بن رألان الطائي أو لإياس بن الأرت في خزانة الأدب 8/ 440، 443، وشرح شواهد المغني 1/ 85، ونوادر أبي زيد ص60، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 188، والجنى الداني ص210، والدرر 1/ 246، ومغني اللبيب 1/ 25، 2/ 679، وهمع الهوامع 1/ 125. 1 في "ب": "كما". 805- تمام البيت: فقالت أكل الناس أصبحت مانحًا ... لسانك .............................. وهو لجميل بثينة في ديوانه ص108، وخزانة الأدب 8/ 481، 482، 483، 488، والدرر 2/ 9، وشرح المفصل 9/ 14، 16، وله أو لحسان بن ثابت في شرح شواهد المغني 1/ 508، وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 11، وخزانة الأدب ص125، والجنى الداني ص262، ورصف المباني ص217، وشرح ابن الناظم ص256، وشرح الأشموني 2/ 283، وشرح شذور الذهب ص289, وشرح عمدة الحافظ 267, ومغني اللبيب 1/ 183، وهمع الهوامع 2/ 5. 2 سيأتي البيت رقم 809. 3 الكتاب 3/ 6. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 359 وعن الأخفش أن "كي" جارة دائمًا، وأن النصب بعدها بأن مضمرة أو ظاهرة1 ورد بقوله تعالى: {لِكَيْ لَا تَأْسَوْا} [الحديد: 23] فإن زعم أن "كي" تأكيد لام كقوله: [من الوافر] 806- ........................... ... ولا للما بهم أبدًا دواء ورد بأن الفصيح2 المقيس لا يخرج عن3 الشاذ. وعن الكوفيين أن "كي" ناصبة دائمًا، ويرده قول العرب: كيمه كما يقولون: لمه، فإن أجابوا بأن الأصل: كي تفعل ماذا؟ يلزمهم كثرة الحذف وإخراج ما الاستفهامية عن الصدر، وحذف ألفها في غير الجر، وحذف الفعل المنصوب مع بقاء عامل النصب، وكل ذلك لم يثبت. فإن ادعوا أن حذف المنصوب وبقاء ناصبه قد ثبت في صحيح البخاري في تفسير: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ} [القيامة: 22] "كيما فيعود"4، أي كيما يسجد. قلنا: إن ثبت حذف يسجد فهو لا يقاس عليه، على أن الحافظ الشهاب بن حجر قال5: "لم أقف على حذفه". "وتتعين المصدرية إن سبقتها اللام نحو: {لِكَيْ لَا تَأْسَوْا} [الحديد: 23] لئلا يدخل الجار على الجار. "و" تتعين "التعليلية إن تأخرت عنها اللام أو: أن". فالأول "نحو قوله" وهو عبيد الله بن قيس الرقيات: [من المديد] 807- كي لتقضيني رقية ما ... وعدتني غير مختلس   1 معاني القرآن للأخفش 1/ 300، 301. 806- صدر البيت: فلا والله لا يلفى لما بي وتقدم تخريجه برقم 652. 2 في "ب": "الصحيح". 3 في "ب": "على". 4 أخرجه البخاري في كتاب التوحيد برقم 7001، وفيه: "فيذهب كيما يسجد فيعود ظهره طبقًا واحدًا"، وهذا التفسير ليس لقوله تعالى في سورة القيامة كما ذكر الأزهري، بل لقوله تعالى في سورة القلم: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} ، انظر كتاب التفسير حديث رقم 6435، وفيه: "فيذهب ليسجد فيعود ظهره طبقًا واحدًا". 5 فتح الباري 13/ 526. 708- البيت لابن قيس الرقيات في ديوانه ص160، وخزانة الأدب 8/ 488، 490، والدرر 1/ 79، والمقاصد النحوية 4/ 379، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 151، وشرح الأشموني 3/ 550، وهمع الهوامع 1/ 53. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 360 فـ"كي" هنا تعليلية لتأخر اللام من لتقضيني عنها، وتقضيني منصوب بـ"أن" مضمرة. وأما حكاية الأخفش: لكي ما أضربك، بالرفع، فمخرجة على جعل "ما" موصولة، و"كي" جارة مؤكدة للام1، كما أكدت الكاف بمثل في: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11] ومثل بالكاف في مثل: [من الرجز] 808- مثل كعصف مأكول "و" الثاني: نحو "قوله" وهو جميل بن عبد الله لا حسان خلافًا للزمخشري2: [من الطويل] 809- فقالت أكل الناس أصبحت مانحا ... لسانك كيما أن تغر وتخدعا فـ"كي" هنا تعليلية لتأخر "أن" عنها، و"كل الناس": مفعول أول لـ"مانحا" و"لسانك": مفعوله الثاني و"تغر": بضم الغين وبالراء المهملة. "ويجوز الأمران": المصدرية والتعليلية، إن فقد سبق اللام، وتأخر "أن", أو وجدا. فالأول كما "في نحو: {كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً} [الحشر: 7] فإن قدرت قبلها اللام فهي مصدرية، وإن لم تقدر قبلها اللام فهي تعليلية، فيكون على الأول منصوبًا بنفس "كي". وعلى الثاني منصوبًا بـ"أن" مضمرة بعد "كي" والأولى أن تكون مصدرية كما ذكره الموضح في باب حروف الجر3. ["و" الثاني] 4 كما في "قوله": [من الطويل] 810- أردت لكيما أن تطير بقربتي ... فتتركها شنا ببيداء بلقع   1 الدرر 1/ 79. 808- تمام الرجز: "فصيروا مثل كعصف مأكول"، وتقدم تخريجه برقم 294. 2 كذا قال العيني في المقاصد النحوية 2/ 204، مع أن الزمخشري نسبه في المفصل ص325 إلى جميل. 809- تقدم تخريجه برقم 805. 3 أوضح المسالك 3/ 13. 4 إضافة من "ب"، "ط". 810- البيت بلا نسبة في الإنصاف 2/ 580، وأوضح المسالك 4/ 154، والجنى الداني ص265، وجواهر الأدب ص232، وخزانة الأدب 1/ 16، 8/ 481، 484, 487، ورصف المباني ص216، 316، وشرح الأشموني 3/ 549، وشرح شواهد المغني 1/ 508، وشرح المفصل 7/ 19، 9/ 16، ومغني اللبيب 1/ 182، والمقاصد النحوية 4/ 405. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 361 فـ"كي" تحتمل أن تكون مصدرية لدخول اللام قبلها، وتحتمل أن تكون تعليلية لتأخر "أن" بعدها، فإن كانت مصدرية، فأن مؤكدة لها، بمعنى السبك، وإن كانت تعليلية، فاللام مؤكدة لها لمعنى التعليل, وكونها تعليلية أولى من كونها مصدرية لأن تأكيد الجار بجار أسهل من تأكيد حرف مصدري بحرف مصدري، قال الموضح في الحواشي1. والشن؛ بفتح المعجمة؛ القربة الخلقة، مفعول ثان لتترك، والبيداء؛ بفتح الباء الموحدة والمد؛ الأرض القفراء التي تبيد، أي تهلك من يدخل فيها. والبلقع: الأرض القفراء التي لا شيء فيها. الناصب "الثالث: أن" المصدرية، وتقع في موضعين: أحدهما: في الابتداء، فتكون في موضع رفع على الابتداء، "في نحو: {وَأَنْ تَصُومُوا " خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة: 184] . "و" الثاني: بعد لفظ دال على معنى اليقين، فتكون في موضع رفع على الفاعلية، في نحو: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ} [الحديد: 16] ، وفي موضع نصب على المفعولية في نحو: {فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا} [الكهف: 79] , وفي موضع جر في نحو: {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ} [البقرة: 254] ، ومحتملة لهما في نحو: {وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ خَطِيئَتِي} [الشعراء: 82] أصله: في أن يغفر لي، فحذفت "في" فنصب ما بعدها، أو أبقي على جره. وأكثر العرب على وجوب إعمالها، "وبعضهم يهملها" جوازًا،" [حملا] 2 على "ما" أختها؛ أي: المصدرية" بجامع أن كلا منهما حرف مصدري ثنائي، وإليه أشار الناظم بقوله: 679- وبعضهم أهمل أن حملا على ... ما أختها حيث استحقت عملا "كقراءة ابن محيصن "لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمُّ الرَّضَاعَةَ" [البقرة: 233] برفع "يتم"3، والقول بأن أصله "يتمون"، وهو منصوب بحذف النون، وحذفت الواو للتسكين لفظًا، واستصحب ذلك خطأ. والجمع باعتبار معنى من، تكلف.   1 انظر شرح شذور الذهب ص288-290. 2 إضافة من "ب"، "ط". 3 نسبت القراءة إلى مجاهد في البحر المحيط 2/ 213، وهي من شواهد أوضح المسالك 4/ 156، وشرح ابن الناظم 476، وفيهما أنها قراءة ابن محيصن. وهي في شرح المفصل 8/ 143، ومغني اللبيب 1/ 29. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 362 "وكقوله": [من البسيط] 811- أن تقرآن على أسماء ويحكما ... مني السلام وأن لا تشعرا أحدا فـ"أن" الأولى والثانية مصدريتان، غير مخففتين من الثقيلة، وقد أهملت الأولى وأعملت الثانية. وبعضهم أعمل "ما" المصدرية حملا على "أن" المصدرية. نحو: "كما تكونوا يولى عليكم"1 قاله ابن الحاجب. وما ذكره الموضح تبعًا للناظم من أن "أن" هذه مصدرية، هو قول البصريين. وزعم أنها المخففة من الثقلية، شذ اتصالها بالفعل المتصرف الخبري، والقياس فصله منها بـ"قد" أو إحدى أخواتها. "وتأتي "أن" مفسرة" بمنزلة "أي"، "وزائدة" دخولها وخروجها سواء، "ومخففة من: أن" المشددة "فلا تنصب" [الفعل] 2 "المضارع" في هذه الأحوال الثلاثة، ولكل ضابط يضبطها. "فالمفسرة: هي المسبوقة بجملة فيها معنى القول دون حروفه"، المتأخر عنها جملة، ولم تقترن بجار، "نحو: {فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ} " [المؤمنون: 27] أي اصنع. " {وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا} " [ص: 6] أي: امشوا. إذ ليس المراد بالانطلاق هنا3 المشي، بل انطلاق ألسنتهم بهذا الكلام، كما أنه ليس المراد بالمشي المتعارف، بل الاستمرار على الشيء فخرج: {وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [يونس: 10] لعدم تقدم الجملة، وقلت له أن افعل كذا، لأن الجملة السابقة فيها حروف القول. وفي شرح ابن عصفور الصغير على الجمل أنها قد تكون مفسرة بعد صريح القول. ولا يجوز: "ذكرت عسجدا": أي ذهبًا، لعدم تأخر الجملة. بل يجب الإتيان   811- البيت بلا نسبة في الأشباه والنظائر 1/ 333، والإنصاف 2/ 563، وأوضح المسالك 4/ 156، والجنى الداني ص220، وجواهر الأدب ص192، وخزانة الأدب 8/ 420، 421، 423, 424، والخصائص 1/ 390، ورصف المباني ص113، وسر صناعة الإعراب 2/ 549، وشرح ابن الناظم ص476، وشرح الأشموني 3/ 553، وشرح شواهد المغني 1/ 100، وشرح المفصل 7/ 15، 8/ 143، 9/ 19، ولسان العرب 13/ 33 "أنن"، ومجالس ثعلب ص290، ومغني اللبيب 1/ 30، والمنصف 1/ 278، والمقاصد النحوية 4/ 380. 1 رواه البيهقي في شعب الإيمان، وانظر حاشية يس 2/ 232. 2 إضافة من "ط". 3 سقط من "ب". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 363 بـ"أي"، أو ترك حرف التفسير. وليس من التفسيرية: "كتبت إليه بأن افعل" لدخول الجار. نص عليه الموضح في القواعد الصغرى. وعن الكوفيين إنكار أن التفسيرية البتة. قال في المغني1: "وهو متجه لأنك إذا قلت: كتبت إليك أن افعل، لم يكن "افعل" نفس "كتبت" كما كان الذهب نفس العسجد في قوله: "هذا عسجد": أي: ذهب. ولهذا لو جئت بـ"أي" مكان "أن"، لم تجده مقبولا في الطبع". انتهى. واعترضه الدماميني، ورده الشمني بما يطول ذكره2. "والزائدة: هي التالية للما" التوقيتية "نحو {فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ " أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ} [يوسف: 96] . "والواقعة بين الكاف ومجرورها، كقوله" وهو باعث اليشكري: [من الطويل] 812- ........................................ ... كأن ظبية تعطو إلى وارق السلم فيمن جر "ظبية" أي: كظبية، و"تعطو": تتطاول إلى الشجر للتناول منه. و"الوارق": اسم فاعل من ورق الشجر يرق مثل3 أورق. و"السلم" بفتحتين: شجر له شوك. "أو" الواقعة "بين" فعل "القسم" المذكور "و: لو، كقوله" [من الطويل] 813- فأقسم أن لو التقينا وأنتم ... لكان لكم يوم من الشر مظلم أو المتروك كقوله: [من الوافر] 814- أما والله أن لو كنت حرا ... وما بالحر أنت ولا العتيق   1 مغني اللبيب 1/ 30. 2 انظر حاشية يس 2/ 233. 812- صدر البيت: ويوما توافينا بوجه مقسم وتقدم تخريج البيت برقم 257. 3 سقط من "ب". 813- البيت للمسيب بن علس في خزانة الأدب 4/ 145، 10/ 580، 581، 11/ 318، وشرح أبيات سيبويه 2/ 185، وشرح شواهد المغني 1/ 109، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 160، وجواهر الأدب ص197، وشرح الأشموني 3/ 553، وشرح المفصل 9/ 94، والكتاب 3/ 107، ولسان العرب 12/ 378 "ظلم"، ومغني اللبيب 1/ 33، والمقاصد النحوية 4/ 418. 814- البيت بلا نسبة في الإنصاف 1/ 121، وخزانة الأدب 4/ 141، 143، 145، 10/ 82، والجنى الداني ص222، وجواهر الأدب ص197، والدرر 2/ 29، 111، ورصف المباني ص116، وشرح شواهد المغني 1/ 111، ومغني اللبيب 1/ 33، والمقاصد النحوية 4/ 409، والمقرب 1/ 205. وهمع الهوامع 2/ 18، 41. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 364 أي: أقسم والله ولو كنت حرًّا، هذا قول سيبيويه1 وغيره. وفي مقرب ابن عصفور2 أنها في ذلك حرف جيء به ليربط الجواب بالقسم. ويبعده أن الأكثر تركها، والحروف الرابطة ليست كذلك". قاله في المغني3. والواقعة بعد إذا كقوله: [من الطويل] 815- فأمهله حتى إذا أن كأنه ... معاطي يد في لجة الماء غامر فهذه أربعة مواضع وأكثرها الواقعة بعد "لما". وأقلها الواقعة بين الكاف ومجرورها. وزعم الأخفش أنها تزاد في غير ذلك4، وأنها تنصب المضارع كما تجر "من" و"الباء" الزائدتان الاسم، وجعل منه {وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ} [إبراهيم: 12] . وأجيب بأن "أن" مصدرية لا زائدة، والأصل: وما لنا في أن لا نتوكل، وإنما لم تعمل الزائدة لعدم اختصاصها بالأفعال، بخلاف "من، والباء" الزائدتين فإنهما لما اختصا بالاسم عملا فيه الجر. "والمخففة من: أن" المشددة، "هي الواقعة" غالبًا "بعد علم" خالص، سواء أدل عليه بمادة "ع ل م" أم لا. فالأول "نحو: {عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ} " [المزمل: 20] . "و" الثاني "نحو: {أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ} " [طه: 89] . وقيدت العلم بالخالص احترازًا من إجرائه مجرى الإشارة، نحو قولهم: ما علمت إلا أن تقوم5. قال سيبويه6: "يجوز فيه النصب لأنه كلام خرج مخرج الإشارة فجرى مجرى قولك: أشير عليك أن تقوم". انتهى. ومن إجرائه مجرى الظن كقراءة بعضهم: "أفلا يرون ألا يرجعَ" [طه: 89] بالنصب7. "أو بعد ظن" مؤول بالعلم   1 الكتاب 3/ 152. 2 المقرب 1/ 205. 3 مغني اللبيب 1/ 33، وانظر الدرر 1/ 29. 815- البيت لأوس بن حجر في ديوانه ص71 وفيه "غارف" مكان "غامر" والدرر 1/ 30 وشرح شواهد المغني 1/ 112، وبلا نسبة في عمدة الحافظ ص331، ومغني اللبيب 1/ 34، وهمع الهوامع 2/ 18. 4 معاني القرآن 1/ 377. 5 في "ط": "يقوم". 6 الكتاب 3/ 168. 7 الرسم المصحفي: {يرجعُ} ؛ بالرفع، وقرأها بالنصب: أبو حيوة والزعفراني وأبان والشافعي. انظر البحر المحيط 6/ 269، والكشاف 2/ 550. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 365 "نحو: {وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ" فِتْنَةٌ} [المائدة: 71] في قراءة الرفع1. "ويجوز في تالية الظن أن تكون ناصبة"، إجراء للظن على أصله، من غير تأويل"، "و" النصب "هو الأرجح"2، لأن التأويل في خلاف الأصل، "ولهذا" الترجيح "أجمعوا عليه" أي على النصب "في": {الم، أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا} " [العنكبوت: 1، 2] بحذف النون. "واختلفوا في: {وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ " فِتْنَةٌ} [المائدة: 71] ، "فقرأه غير أبي عمرو والأخوين"، حمزة والكسائي "بالنصب"، وقرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي. بالرفع، لوجود الفصل بين "أن"والفعل بـ"لا" وإنما لم يقرءوا بالرفع في: "يتركوا"، لعدم الفصل3. فعلم أن التعديل في كون "أن" ناصبة، أو مخففة بعد أفعال الشك واليقين على اعتبار المعنى دون اللفظ، ألا ترى أنك ترفع في: رأيت أن لا يقوم زيد، إذا أردت اليقين، مثل: {أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ} [طه: 89] وتنصب إذا أردت الظن مثل: {وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ} [المائدة: 71] خلافًا للمبرد4، فإنه لا يجوز إجراء العلم مجرى خلافه، فتنصب "أن" الواقعة بعده الفعل ولا إجراء غيره مجراه. فيرتفع الفعل الواقع بعد "أن" الواقعة بعده، فالعلم عنده لا يجري مجرى غيره، ولا يجري غيره مجراه، والنوعان عند سيبويه جائزان5، والفراء وابن الأنباري ينصبان بعد العلم الصريح6. وإلى النواصب الثلاثة أشار الناظم بقوله: 677- وبلن انصبه وكي كذا بأن ... لا بعد علم والتي من بعد ظن 678- فانصب بها والرفع صحح واعتقد ... تخفيفها من أن فهو مطرد ومن غير الغالب: {وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [يونس: 10] فأن هنا مخففة من الثقيلة ولم تقع بعد علم ولا ظن.   1 هي قراءة أبي عمرو والكسائي وحمزة ويعقوب وخلف واليزيدي والأعمش. وانظر الإتحاف 202، والنشر 2/ 255، وهي من شواهد أوضح المسالك 4/ 161، وشرح ابن الناظم ص476، والأمالي الشجرية 1/ 252 ومغني اللبيب 1/ 30، والكتاب3/ 166. 2 في شرح ابن الناظم ص476: "النصب هو الأكثر". 3 شرح ابن الناظم ص476. 4 المقتضب 2/ 32. 5 الكتاب 3/ 166. 6 الارتشاف 2/ 388، والأمالي الشجرية 1/ 252. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 366 الناصب1 "الرابع: إذن"، والصحيح أنها بسيطة، لا مركبة من "إذ، وأن" أو "إذا، وأن"، وعلى البساطة فالصحيح أنها الناصبة بنفسها لا "أن" مضمرة بعدها. "وهي" على القول بالحرفية "حرف جواب وجزاء"، عند سيبويه2. وقال الشلوبين3: هي كذلك في كل موضع. وقال الفارسي3: في الأكثر. وقد تتمحض للجواب بدليل أنه يقال: أحبك. فتقول: إذا أظنك صادقًا، إذ لا مجازاة هنا. قال الرضي4: لأن الشرط والجزاء إما في الاستقبال أو في الماضي، ولا مدخل للجزاء في الحال. والمراد بكونها للجواب، أن تقع في كلام يجاب به كلام آخر ملفوظ به1 أو مقدر، سواء وقعت في صدره، أو في حشوه، أو في آخره. والمراد بكونها للجزاء، أن يكون مضمون الكلام الذي هي فيه جزأ5 لمضمون كلام آخر. وكان القياس إلغاءها لعدم اختصاصها، ومن ثم قالوا: "وشرط إعمالها ثلاثة أمور: أحدها: أن تتصدر" في أول الجواب، لأنها حينئذ في أشرف محالها. "فإن وقعت حشوا" في الكلام بأن اعتمد ما بعدها على ما قبلها "أهملت"، وذلك في ثلاث مسائل: إحداها: أن يكون ما بعدها خبرا عما قبلها، نحو: أنا إذن أكرمك. الثانية: أن تكون جوابًا لشرط ما قبلها نحو: إن تأتني إذن أكرمك. الثالثة: أن تكون6 جواب قسم قبلها مذكور نحو: والله إذن لا أخرج، أو مقدر، "كقوله" وهو كثير عزة: [من الطويل] 816- لئن عاد لي عبد العزيز بمثلها ... وأمكنني منها إذن لا أقيلها   1 سقطت من "ب". 2 الكتاب 3/ 12-13. 3 مغني اللبيب 1/ 27. 4 شرح الرضي 4/ 42. 5 في "أ": "جزاء". 6 سقط من "ب": "أن تكون". 816- البيت لكثير عزة في ديوانه ص305، وخزانة الأدب 8/ 473، 474، 476، والدرر 2/ 11، وسر صناعة الإعراب 1/ 379، وشرح أبيات سيبويه 2/ 144، وشرح شواهد المغني 63، وشرح المفصل 9/ 13، 22، والكتاب 3/ 15، والمقاصد النحوية 4/ 382، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 65، وخزانة الأدب 8/ 447، 11/ 340، ورصف المباني ص66، 243، وشرح ابن الناظم ص477، وشرح الأشموني 2/ 554، وشرح شذور الذهب 290، والعقد الفريد 3/ 8، ومغني اللبيب 1/ 21. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 367 برفع أقيلها، لأن إذن لم تتصدر جواب قسم مقدر. والتقدير: والله لئن وجواب الشرط محذوف، وأهملت إذن لوقوعها بين القسم وجوابه لا بين الشرط وجوابه، خلافًا لما وقع في المعنى1، تبعًا للشارح2، وضمير "مثلها" عائد على المقالة التي قالها عبد العزيز بن مروان لـ"كثير". وذلك أن كثيرًا امتدح عبد العزيز بقصيدة، فأعجب بها، فقال له: تمن عليّ أعطك، فتمنى أن يكون كاتبًا له، فلم يجبه إلى ذلك وأعطاه جائزة والمعنى: إن عاد الأمير إلى تمنيتي، وأمكنني منها، لم أترك مقالتي الأولى، وأتمنى عليه أن أكون كاتبا له كما فعلت أولا. وعبد العزيز هذا هو أبو السيد عمر بن عبد العزيز بن مروان رضي الله عنه. "وأما قوله": [من الرجز] 817- لا تتركني فيهم شطيرا ... إني إذن أهلك أو أطيرا بنصب "أهلك" بـ"إذن" مع أنها وقعت حشوا بين اسم "إن" وخبرها. "فضرورة أو" لا ضرورة "والخبر" أي خبر "إن" "محذوف، أي: إني لا أستطيع ذلك"، أو: لا أقدر عليه، ثم استأنف بـ"إذن" فنصب، وجملة "إني" على هذا معترضة بين "إذن" وما هي جواب له. والأصل: لا تتركني؛ إذن، أهلك. وذهب الفراء إلى عدم اشتراط التصدر. والشطير؛ بشين معجمة؛ الغريب، وقال الأصمعي: البعيد، وهو مفعول ثان للتركني، لا حال. وإلى هذا الشرط أشار الناظم بقوله: 680- .......................... ... إن صدرت ............ فإن كان السابق عليها؛ أي على إذن؛ واوًا أو فاء، جاز النصب والرفع باعتبارين. فالرفع باعتبار كون ما بعد العاطف من تمام ما قبله، بسبب ربطه بعض الكلام ببعض، والنصب باعتبار كون ما بعد العاطف جملة مستقلة والفعل فيها بعد "إذن" غير معتمد على ما قبلها.   1 مغني اللبيب 1/ 21. 2 شرح ابن الناظم ص477. 817- الرجز بلا نسبة في لسان العرب 4/ 408 "شطر"، وتهذيب اللغة "11/ 308، وتاج العروس 12/ 172 "شطر"، ومقاييس اللغة 3/ 187، ومجمل اللغة 3/ 185، وأساس البلاغة "شطر"، والإنصاف 1/ 177، وأوضح المسالك 4/ 166، والجنى الداني ص362، وخزانة الأدب 8/ 456، 460، والدرر 2/ 13، ورصف المباني ص66، وشرح ابن الناظم ص477، وشرح الأشموني 3/ 554، وشرح شواهد المغني 1/ 70، وشرح المفصل 7/ 17، ومغني اللبيب 1/ 22، والمقاصد النحوية 4/ 373، والمقرب 1/ 261، وهمع الهوامع 2/ 7. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 368 "وقد قرئ" في الشواذ: ""وإذًا لا يلبثوا" [الإسراء: 76] "فإذا لا يؤتوا"" [النساء: 53] بالنصب، بحذف النون فيهما، والأولى قراءة ابن مسعود1، والثانية قراءة أبي بن كعب2، "والغالب الرفع، وقرأ به السبعة" فيهما، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله3: 681- ................. وانصب وارفعا ... إذا إذن من بعد عطف وقعا قال في المغني4: "والتحقيق أنه إذا قيل، إن تزرني أزرك وإذن أحسن إليك، فإن قدرت العطف على الجواب جزمت وبطل علم إذن لوقوعها حشوا، أو على الجملتين معًا، جاز الرفع والنصب لتقدم العاطف، وقيل: يتعين النصب، لأن ما بعدها مستأنف، أو لأن المعطوف على الأول أولى". انتهى. الأمر الثاني: "أن يكون" المضارع بعدها "مستقبلا" قياسًا على بقية النواصب، وإليه الإشارة بقول الناظم: 680- ونصبوا بإذن المستقبلا ... ............................. "فيجب الرفع في نحو: إذن تصدق جوابًا لمن قال: أنا أحب زيدًا"، لأنه حال، ولا مدخل للجزاء في الحال كما تقدم آنفًا. الأمر "الثالث: أن يتصلا"، أي أن يكون المضارع متصلا بها لضعفها مع الفصل عن العمل فيما بعدها. وإليه الإشارة بقول الناظم: 680- ........................... ... .... والفعل بعد موصلا "أو يفصل بينهما القسم"، وهو المشار إليه بقول الناظم: 681- أو قبله اليمين ............. ... ............................ "كقوله": [من الوافر] 818- إذن والله نرميهم بحرب ... تشيب الطفل من قبل المشيب   1 هي قراءة ابن مسعود وأبي. انظر الإتحاف ص285، والنشر 2/ 308، ومغني الليب 1/ 21، وشرح ابن الناظم ص477. 2 هي قراءة ابن مسعود وابن عباس. انظر المحيط 3/ 273، ومعاني القرآن للفراء 1/ 273، ومغني اللبيب 1/ 21. 3 سقطت من "ب". 4 مغني اللبيب 1/ 21. 818- البيت لحسان بن ثابت في ملحق ديوانه 371، والأشباه والنظائر 2/ 237، والدرر 2/ 11، وشرح شواهد المغني 1/ 79، والمقاصد النحوية 4/ 106، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 168، وشرح الأشموني 3/ 554، وشرح شذور الذهب 291، وشرح قطر الندى 59، ومغني اللبيب 2/ 693، وهمع الهوامع 2/ 7. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 369 فنصب "نرميهم" بـ"إذن" مع وجود الفصل بالقسم. لأنه زائد مؤكد فلم يمنع الفصل به من النصب هنا، كما لم يمنع من الجر في قولهم: إن الشاة لتجتر فتسمع صوت؛ والله؛ ربها. حكاه أبو عبيدة1. و"اشتريته بوالله ألف". حكاه أبن كيسان عن الكسائي1، بخلاف الفصل بغير القسم، ولو كان ظرفًا أو عديله فإنه جزء من الجملة، فلا تقوى "إذن" معه على العمل فيما بعدها. واغتفر في المغني2 الفصل بـ"لا" النافية، وابن عصفور3 الفصل بالظرف، وابن بابشاذ الفصل بالنداء أو الدعاء، والكسائي وهشام الفصل بمعمول الفعل، والأرجح حينئذ عند الكسائي النصب، وعند هشام الرفع. وحكى سيبويه4 عن بعض العرب إلغاء "إذن" مع استيفاء شروط العمل. وهو القياس لأنها غير مختصة، وإنما أعملها الأكثرون حملًا على "ظن" لأنها مثلها في جواز تقديمها على الجملة، وتأخيرها عنها، وتوسطها بين جزأيها، كما حملت "ما" على "ليس" لأنها مثلها في نفي الحال5. والمراجع في ذلك كله إلى6 السماع.   1 شرح ابن الناظم ص478. 2 مغني اللبيب 1/ 22. 3 المقرب 1/ 262. 4 الكتاب 3/ 16. 5 شرح ابن الناظم ص478. 6 سقطت من "ب". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 370 فصل: "ينصب المضارع بأن مضمرة وجوبًا في خمسة مواضع: أحدها بعد اللام إن سبقت بكون ناقص ماض" لفظًا ومعنى، أو معنى لا لفظًا "منفي" الأول: بـ"ما" والثاني: بـ"لم" ودون غيرهما من أدوات النفي."نحو: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ} [العنكبوت: 4] ، {لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ} [النساء: 137] فـ"يظلم" و"يغفر"، منصوبان بـ"أن" مضمرة بعد اللام عند البصريين، لا باللام. واللام متعلقة بمحذوف، لا زائدة، وذلك المحذوف هو الخبر لا الفعل الذي دخلت عليه اللام. وخالفهم الكوفيون فيهن1. وقد صرح بالخبر الذي زعمه البصريون من قال: [من الوافر] 819- سموت ولم تكن أهلًا لتسمو ... ولكن المضيع قد يصاب فهذا بمنزلة ما قدروه من قولك: ما كان زيد مريدًا للفعل أو مقدرًا له. واحتج الكوفيون بقوله: [من الطويل] 820- لقد عذلتني أم عمرو ولم أكن ... مقالتها ما كنت حيا لأسمعا إذ لو كانت "أن" هي الناصبة لأسمع. لزم تقديم معمول صلتها عليها، وذلك ممتنع. وعورض بمجيء ذلك في صريح "أن" في قوله: [من الرجز] 821- كان جزائي بالعصا أن أجلدا   1 انظر الإنصاف 2/ 593، المسألة رقم 82. 819- البيت بلا نسبة في الارتشاف 2/ 400، والجنى الداني ص119، والدرر 2/ 13، ولسان العرب 12/ 559 "لوم"، وهمع الهوامع 2/ 8. 820- البيت بلا نسبة في الإنصاف 2/ 593، وخزانة الأدب 8/ 578، وشرح التسهيل 4/ 234، وشرح المفصل 7/ 29. 821- الرجز للعجاج في ملحق ديوانه 2/ 281، وخزانة الأدب 8/ 429، 430، 432، والدرر 1/ 170، 209، والمحتسب 2/ 310، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 8/ 142، والدرر 2/ 4، وشرح شافية بن الحاجب 2/ 336، وشرح المفصل 9/ 151، واللامات ص59، والمنصف 1/ 129، وهمع الهوامع 1/ 88، 112، 2/ 3، والاشتقاق ص31. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 371 والجواب واحد، وعلة امتناع ذكر "أن" بعد لام الجحود أن: ما كان ليفعل، رد على من قال: كان سيفعل. فاللام في مقابلة السين، فكما لا تذكر "أن" مع السين كذلك لا تذكر مع اللام. وزعم بعضهم أنه يجوز إظهار "أن" بشرط حذف اللام. محتجًّا بقوله تعالى: {وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى} [يونس: 37] , ورد بأن "أن" يفترى في تأويل مصدر مخبر به عن القرآن وهو مصدر مثله. وفي هذا الرد نظر، لأن المراد بالقرآن المقروء لا القراءة. والحق أن هذا ليس مما نحن فيه؛ لأن الكلام فيما الخبر فيه مزيد ونحوه. [وزعم بعضهم أن الحكم لا يختص بـ"كان"، بل في سائر أخواتها، نحو: ما أصبح زيد ليفعل] 1، وزعم بعضهم أنه يجوز في "ظن" قياسًا على "كان"، نحو: ما ظننت زيدًا ليفعل. ووسع بعضهم الدائرة, فأجاز ذلك في كل فعل تقدمه نفي، نحو: ما جاء زيد ليفعل كذا. "وتسمى هذا اللام، لام الجحود"، من تسمية العام بالخاص، فإن الجحود عبارة عن إنكار الحق، لا عن مطلق النفي، والنحويون أطلقوه وأرادوا الثاني. وإلى هذه المسألة أشار الناظم بقوله: 683- .................................. ... وبعد نفي كان حتما أضمرا الموضع "الثاني: بعد: أو" العاطفة "إذا صلح في موضعها: حتى" المرادفة إلى "نحو: لألزمنك أو تقضيني حقي" أي: حتى تقضيني. وقوله: [من الطويل] 822- لأستسهلن الصعب أو أدرك المنى ... فما انقادت الأمال إلا لصابر أي حتى2 أدرك. "أو" صلح في موضعها "إلا" الاستثنائية "نحو: لأقتلنه"؛ أي الكافر؛ "أو يسلم" أي: إلا أن يسلم3، "وقوله" وهو زياد الأعجم: [من الوافر] 823- وكنت إذا غمزت قناة قوم ... كسرت كعوبها أو تستقيما   1 سقط ما بين المعكوفين من "ب". 822- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 172، والدرر 2/ 161، وشرح ابن الناظم ص479، وشرح الأشموني 3/ 558، وشرح شذور الذهب 298، وشرح شواهد المغني 1/ 206، وشرح ابن عقيل 2/ 346، وشرح قطر الندى ص69، ومغني اللبيب 1/ 67، والمقاصد النحوية 4/ 384، وهمع الهوامع 2/ 10. 2 سقطت من "ب". 3 وشرح ابن الناظم ص479، وشرح ابن عقيل 2/ 346. 823- البيت لزياد الأعجم في ديوانه 101، والأزهية ص122، وشرح أبيات سيبويه 2/ 169، وشرح شواهد الإيضاح 254، وشرح شواهد المغني 1/ 205، والكتاب 3/ 48، واللسان 5/ 389 "غمز" والمقاصد النحوية 4/ 385، والمقتضب 2/ 92، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 172، وشرح ابن الناظم ص479، وشرح الأشموني 3/ 558، وشرح شذور الذهب ص299، وشرح قطر الندى ص70، وشرح المفصل 5/ 15، ومغني اللبيب 1/ 66، والمقرب 1/ 263. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 372 أي: إلا أن تستقيم فلا أكسر كعوبها، ولا يصلح هنا معنى؛ إلى؛ لأن الاستقامة1 لا تكون غاية للكسر. وغمزت؛ بالغين والزاي المعجمتين: عصرت، والقناة: بالقاف، والنون: الرمح. والكعوب: النواشز في أطراف الأنانبيب. وهذه استعارة تمثيلية. شبه حاله إذا أخذ في إصلاح قوم اتصفوا بالفساد، فلا يكف عن حسم المواد التي تنشأ عنها فسادهم إلا أن يحصل صلاحهم بحالة إذا غمز قناة معوجة حيث يكسر ما ارتفع من أطرافها ارتفاعًا يمنع من اعتدالها، ولا يفارق ذلك إلا أن تستقيم. و"أن" والفعل في هذه الأمثلة ونحوها مؤول بمصدر معطوف على مصدر متصيد من الفعل المتقدم. أي: ليكونن لزوم مني أو قضاء منه لحقي، وليكونن استسهال مني للصعب أو إدراك للمني، وليكونن قتل مني [للكافر] 2، أو إسلام منه، وليكونن كسر مني لكعوبها. أو استقامة منها. وإليه أشار الناظم بقوله: 684- كذاك بعد أو إذا يصلح في ... موضوعها حتى أو الا ............ الموضع "الثالث: بعد: حتى" الجارة، "إن كان الفعل مستقبلا باعتبار" زمن "التكلم" بما قبلها، "نحو: {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ} " [الحجرات: 9] فـ"تفيء" مستقبل باعتبار زمن التكلم بالأمر بالقتال، وإلقائه إلى المخاطب به، "أو" مستقبلا "باعتبار ما قبلها" من غير اعتبار تكلم، "نحو: {وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ} " [البقرة: 214] فإن قول الرسول وإن كان ماضيًا بالنسبة إلى زمن الإخبار وقصه علينا، إلا أنه مستقبل بالنسبة إلى زلزالهم. ولـ"حتى" التي ينتصب الفعل بعدها معنيان، فتارة تكون بمعنى "كي" التعليلية، وذلك إذا كان ما قبلها علة لما بعدها. نحو: أسلم حتى تدخل الجنة. وتارة تكون بمعنى "إلى" الغائية. وذلك إذا كان ما بعدها غاية لما قبلها، نحو: لأسيرن حتى تطلع الشمس. إذا عرفت ذلك فالمثال الأول من أمثلة الموضح مما يصلح للمعنيين معًا، فيحتمل أن يكون المعنى: كي تفيء أو: إلى أن تفيء، والمثال الثاني "حتى" فيه بمعنى "إلى" خاصة أي: إلى أن يقول الرسول، وإلى هذا الموضع3 أشار الناظم بقوله:   1 في "ب": "الاستفادة". 2 إضافة من "ط". 3 سقطت من "ب". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 373 685- وبعد حتى هكذا إضمار إن ... حتم .......................... "ويرفع الفعل بعدها إن كان حالا"، أو مؤولا بالحال، "مسببا" عما قبلها، "فضلة"، ثم الكلام قبله، "نحو: مرض زيد حتى لا يرجونه"، فلا يرجونه حال لأنه في قوة قولك: فهو الآن إلا يرجى، ومسببا عما قبلها لأن عدم الرجاء مسبب عن المرض، وفضلة لأن الكلام ثم قبله بالجملة الفعلية. "ومنه "حَتَّى يَقُولُ الرَّسُولُ"" [البقرة: 214] برفع "يقول" في "قراءة نافع، لأنه مؤول بالحال، أي: حتى حالة الرسول، والذين آمنوا أنهم يقولون ذلك" حينئذ. وللحال المؤول تفسير آخر، وهو أن يفرض ما كان واقعًا في الزمن الماضي، واقعا في هذا الزمن، فيعبر عنه المضارع المرفوع. وفائدة تأويله بالحال، تصوير تلك الحال العجيبة واستحضار صورتها في مشاهدة السامع ليتعجب منها. وإنما وجب رفع الفعل بعد "حتى" عند إرادة الحال، حقيقة أو مجازًا، لأن نصبه يؤدي إلى تقدير "أن" وهي للاستقبال، والحال ينافي الاستقبال1. وإنما اشترطت السببية ليحصل الربط معنى، وذلك لأنه لما لم يتعلق ما بعدها بما قبلها لفظا، زال الاتصال اللفظي، فشرطت السببية الموجبة للاتصال المعنوي جبرًا لما فات من الاتصال اللفظي، وإنما اشترطت الفضلية لئلا يبقى المبتدأ بلا خبر، وذلك أنه إذا رفع كانت "حتى" حرف ابتداء، فالجملة الواقعة بعدها مستأنفة، فإن فقد شرط من الثلاثة، وجب النصب. فيجب النصب في مثل: {لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى} [طه: 91] لانتفاء الحال. "ويجب النصب في مثل: لأسيرن حتى تطلع الشمس". خلافًا للكوفيين. "و: ما سرت" إلى البلدة "حتى أدخلها، و: أسرت حتى تدخلها، لانتفاء السببية" فيهن. أما الأول فلأن طلوع الشمس لا يتسبب عن السير. وأما الثاني فلأن الدخول لا يتسبب عن عدم السير. وأما الثالث فلأن السبب لم يتحقق وجوده, فلو رفع لزم أن يكون مستأنفًا مقطوعًا بوقوعه. وما قبله سبب له. وذلك لا يصح لأن ما قبلها غير سبب فيلزم وقوع المسبب مع نفي السبب أو الشك فيه. قاله المرادي2.   1 انظر شرح بن الناظم ص481، والكتاب 3/ 17-18. 2 شرح المرادي 4/ 204. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 374 "بخلاف: أيهم سار حتى يدخلها"، و: متى سرت حتى تدخلها؛ برفعهما، "فإن السير ثابت" محقق، "وإنما الشك في" عين "الفاعل" في الأول، وفي عين الزمان في الثاني. وأجاز الأخفش الرفع بعد النفي على أن يكون أصل الكلام إيجابًا، ثم أدخلت أداة النفي على الكلام بأسره لا على ما قبل "حتى" خاصة، ولو عرضت هذه المسألة بهذا المعنى على سيبويه لم يمنع الرفع فيها، وإنما منعه إذا كان النفي مسلطًا على السبب خاصة، وكل أحد يمنع ذلك. "و" يجب النصب "في نحو: سيري"؛ بفتح السين؛ "حتى أدخلها، لعدم الفضلية"، فـ"سيري" مبتدأ، و"حتى أدخلها" خبره، ولو رفع الفعل لصار المبتدأ وبلا نسبة في خبر. "وكذلك" يجب النصب في مثل: "كان سيري أمس حتى أدخلها، إن قدرت "كان" ناقصة"، وحتى أدخلها الخبر، "ولم تقدر الظرف" وهو "أمس" "خبرًا" لـ"كان"، بل قدرته متعلقًا بنفس السير، فإن قدرت "كان" تامة، و"أمس" متعلقًا بـ"سيري"، أو ناقصة، و"أمس" متعلقًا باستقرار محذوف على أنه خبر "كان" رفعت، لأن ما بعد "حتى" حال مسبب, فضلة, و"حتى" فيه ابتدائية، وعلامة كونه حالا أو مؤولا به, صلاحية جعل الفاء في موضع "حتى". وإليه أشار الناظم بقوله: 686- وتلو حتى حالا أو مؤولا ... به ارفعن وانصب المستقبلا الموضع "الرابع والخامس: بعد "فاء" السببية، و" بعد "واو المعية"، حال كونهما "مسبوقين بنفي أو طلب محضين"، وإليهما أشار الناظم بقوله: 687- وبعد فالجواب نفي أو طلب ... محضين ......................... 688- والواو كالفا إن تفد مفهوم مع ... .................................... فالنفي يشمل ما كان بحرف، أو فعل، أو اسم، وما كان تقليلا مرادًا به النفي. فالأول "نحو: {لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا} " [فاطر: 36] ، والثاني نحو: ليس زيد حاضرًا فيكلمك. والثالث: نحو أنت غير آت فتحدثنا. والرابع نحو: قلما تأتنا فتحدثنا. "و" النفي مع الواو كذلك نحو: " {وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} [آل عمران: 142] وقس الباقي. والطالب يشمل: الأمر، والنهي والدعاء، والعرض، والتحضيض، والتمني، والاستفهام. فهذه سبعة، مع النفي صارت ثمانية. "و" زاد الفراء الترجي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 375 مثل الفاء بعد التمني: " {يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ} " [النساء: 73] . ومثال الواو بعده: {يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ} [الأنعام: 27] بالنصب في قراءة حمزة وحفص1. "و" مثال الفاء بعد النهي: " {وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي} " [طه: 81] . "و" مثال الواو بعده "قوله"، وهو أبو الأسود الدؤلي: [من الكامل] 824- لا تنه عن خلق وتأتي مثله ... عار عليك إذا فعلت عظيم وشرط النهي عدم النقض بإلا، فلو نقضت النهي بإلا لم يجز النصب نحو: لا تضرب إلا عمرًا فيغضب، فيجب في "يغضب" الرفع. قاله في شرح الشذور2 تبعًا لسيبويه3. "و" مثال الفاء بعد الأمر "قوله"، وهو أبو النجم العجلي: [من الرجز] 825- يا ناق سيري عنقا فسيحا ... إلى سليمان فنستريحا   1 القراءة من شواهد أوضح المسالك 4/ 180، وحاشية يس 2/ 238-239، وشرح ابن الناظم ص485، والكتاب 3/ 44، وفي النص المصحفي: {نُكَذِّبَ} ، {نَكُونَ} ، بالنصب، وقرأهما بالرفع نافع وابن كثير وأبو عمرو وعاصم وأبو بكر والكسائي. انظر الإتحاف 206, والنشر 2/ 257. 824- البيت لأبي الأسود الدؤلي في ديوانه ص404، والأزهية ص234، وشرح شذور الذهب ص238، 312، وهمع الهوامع 2/ 13، وللمتوكل الليثي في الأغاني 12/ 156، وحماسة البحتري 117، والعقد الفريد 2/ 311، والمؤتلف والمختلف 179، ولأبي الأسود أو للمتوكل في لسان العرب 7/ 447، "عظظ" ولأحدهما أو للأخطل في شرح شواهد الإيضاح ص252، ولأبي الأسود الدؤلي أو للأخطل أو للمتوكل الكناني في المقاصد النحوية 4/ 393، ولأحد هؤلاء أو للمتوكل الليثي أو للطرماح أو للسابق البربري في خزانة الأدب 8/ 564، 567، وللأخطل في الرد على النحاة 127، وشرح المفصل 7/ 24، والكتاب 3/ 42، ولحسان بن ثابت في شرح أبيات سيبويه 2/ 188، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 6/ 294، وأمالي بن الحاجب 2/ 864، وأوضح المسالك 4/ 181، وجواهر الأدب 168، والجنى الداني 157، ورصف المباني 424، وشرح ابن الناظم ص485، وشرح الأشموني 3/ 566، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص535، وشرح ابن عقيل 2/ 353، وشرح عمدة الحافظ ص342، وشرح قطر الندى ص77، ولسان العرب 15/ 489 "وا", ومغني اللبيب 2/ 361، والمقتضب 2/ 26. 2 شرح شذور الذهب ص306. 3 الكتاب 3/ 30. 825- الرجز لأبي النجم في الدرر 1/ 200، 2/ 17، والرد على النحاة 123، والكتاب 3/ 35، ولسان العرب 3/ 63 "نفخ" 10/ 274 "عنق"، والمقاصد النحوية 4/ 387، وهمع الهوامع 2/ 10، وتاج العروس "عنق"، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 182، ورصف المباني ص381، وسر صناعة الإعراب 1/ 270، 274، وشرح ابن الناظم ص482، وشرح الأشموني 2/ 302، 3/ 562، وشرح شذور الذهب ص305، وشرح ابن عقيل 2/ 350، وشرح قطر الندى ص71، وشرح المفصل 7/ 26، واللمع في العربية ص210، والمقتضب 2/ 14، وهمع الهوامع 1/ 182. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 376 والعنق؛ بفتحتين؛ ضرب من السير. والفسيح: الواسع. "و" مثال الواو بعده "قوله"، وهوالأعشى، أو الحطيئة، فيما زعم ابن يعيش1. أبو ربيعة بن جشم، فيما زعم الزمخشري2، أبو دثار بن شيبان النمري، فيما زعم ابن بري: [من الوافر] 826- فقلت ادعي وأدعو إن أندى ... لصوت أن ينادي داعيان فـ"أدعو" مضارع منصوب بأن مضمرة وجوبًا بعد الواو. و"أندى" أفعل، من الندى؛ بفتحتين؛ وهو بعد الصوت، و"لصوت" بكسر اللام، متعلق به. و"أن ينادي"، بفتح الهمزة وكسر الدال خبر "إن"، و"داعيان": تثنية داع، فاعل ينادي. والمعنى: فقلت لها ينبغي أن يجتمع دعائي ودعاؤك، فإن أرفع صوت وأبعده دعاء داعيين معًا. "وقد اجتمع" النصب في جوابي "الطلب والنفي في قوله تعالى: {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ} ؛ الآية" وتمامها: {بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنعام: 52] "لأن تطردهم جواب النفي"، وهو: {مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ} ، "وتكون، جواب النهي"، وهو: {وَلَا تَطْرُدِ} ، على طريق اللف والنشر3 من غير   1 شرح المفصل 7/ 35. 2 المفصل ص248. 826- البيت للأعشى في الدرر 2/ 21، والرد على النحاة ص128، والكتاب 3/ 45، وليس في ديوانه، وللفرزدق في أمالي القالي 2/ 90، وليس في ديوانه، ولدثار بن شيبان النمري في الأغاني 2/ 159، وسمط اللآلي ص726، ولسان العرب 15/ 316 "ندى"؛ وللأعشى أبو للحطيئة أو لربيعة بن جشم في شرح المفصل 7/ 35، ولأحد هؤلاء الثلاثة أو لدثار بن شيبان في شرح شواهد المغني 2/ 827، والمقاصد النحوية 4/ 392، وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب 2/ 864، والإنصاف 2/ 531، وأوضح المسالك 4/ 182، وجواهر الأدب ص167، وسر صناعة الإعراب 1/ 392، وشرح ابن الناظم ص484، وشرح الأشموني 3/ 566، وشرح شذور الذهب ص311، وشرح ابن عقيل 2/ 353، وشرح عمدة الحافظ ص341، ولسان العرب 12/ 560 "لوم"، ومجالس ثعلب 2/ 524، ومغني اللبيب 1/ 397، والمفصل ص248، وهمع الهوامع 2/ 131. 3 اللف والنشر: أن يذكر الناظم في أول البيت أسماء متعددة غير تامة المعنى، ثم يقابلها بأشياء يعددها من غير الأضداد تتمم معناها؛ إما بالجمل، وإما بالألفاظ المفردة، كقوله ابن حيوس: فعل المدام ولونها ومذاقها ... في مقلتيه ووجنتيه وريقه انظر شرح الكافية البديعية لصفي الدين الحلي، ص76. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 377 ترتيب، فاندفع ما يقال إن هذه الآية ظاهرها أن: فتكون، جواب "فتطردهم"، أو هما جوابان للطلب أو النفي، والجواب لا يجاب، والشيء الواحد لا يكون له جوابان، كما1 نص عليه النحاة. ومثال الفاء بعد الدعاء1 قوله: [من الرمل] 827- رب وفقني فلا أعدل عن ... سنن الساعين في خير سنن وبعد العرض قوله: [من البسيط] 828- يا ابن الكرام ألا تدنو فتبصر ما ... قد حدثوك فما راء كمن سمعا وبعد التحضيض قولك: هلا اتقيت الله فيغفر لك. وهو والعرض متقاربان يجعلهما التنبيه على الفعل، إلا أن في التحضيض زيادة توكيد وحث، وفي العرض لينا ورفقًا. وبعد الاستفهام قوله: [من البسيط] 829- لاهل تعرفون لباناتي فأرجو أن ... تقضي فيرتد بعض الروح للجسد وشرط الاستفهام أن لا يتضمن وقوع الفعل نحو: لم ضربته فيجازيك. فإن الضرب إذا وقع يتعذر سبك مصدر مستقبل منه2، والترجي سيأتي. قال في شرح الشذور3: "ولم يسمع نصب الفعل بعد الواو إلا بعد واحد من أربعة وهي: النفي، والنهي، والأمر، والتمني، ولذلك اقتصر الموضح في التمثيل عليها". وقال أبو حيان4: "ولا أحفظه بعد الدعاء، والعرض، والتحضيض، والترجي، فينبغي أن لا يقدم على1 ذلك إلا بسماع". انتهى.   1 سقطت من "ب". 827- البيت بلا نسبة في الدرر 2/ 18، وشرح ابن الناظم 482، وشرح الأشموني 3/ 563، وشرح شذور الذهب 306، وشرح ابن عقيل 2/ 350، وشرح قطر الندى ص72، والمقاصد النحوية 4/ 388، وهمع الهوامع 2/ 11. 828- البيت بلا نسبة في الدرر 2/ 19 وشرح ابن الناظم ص483، وشرح الأشموني 3/ 563، وشرح شذور الذهب ص308، وشرح ابن عقيل 2/ 351، وشرح قطر الندى ص74، والمقاصد النحوية 4/ 389، وهمع الهوامع 2/ 12. 829- البيت بلا نسبة في شرح ابن الناظم ص482، وشرح الأشموني 3/ 563، وشرح قطر الندى ص73، والمقاصد النحوية 4/ 388. 2 في "ب": "مستقل به". 3 شرح شذور الذهب ص313. 4 الارتشاف 2/ 415. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 378 واحترز الناظم بتقييد النفي والطلب بمحضين من النفي التالي تقريرًا بالهمزة، ومن النفي المتلو بنفي آخر. ومن النفي المنتقض بإلا. فالأول نحو: ألم تأتني فأحسن إليك، بالرفع إذا لم ترد الاستفهام الحقيقي، وإنما أردت أن تحمل مخاطبك على الإقرار والاعتراف بإتيانه إليك وإحسانك إليه. قال الشيخ عبد القاهر في شرح مختصره: "معنى قولنا الهمزة للتقرير، أنك ألجأت المخاطب إلى الإقرار بأمر قد كان، تقول: أضربت زيدًا، ولا يكون غرضك أن يعلمك أمرًا لم تكن تعلمه، ولكن أردت أن تقرره أي تحمله على أن يقر بفعل قد فعله". انتهى. والمعنى: أنت أتيتني فأحسنت إليك. على حد قوله تعالى: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} [الزمر: 36] أي: الله كاف عبده، لأن نفي النفي إثبات. قال في التخليص1: "وهذا مراد من قال: إن الهمزة فيه للتقرير، أي بما دخله النفي لا بالنفي". انتهى. فثبت بهذا أن الاستفهام التقريري يتضمن ثبوت الفعل، فلا ينصب المضارع في جوابه، لعدم تمحض النفي. وما ورد منه2 منصوبًا فلمراعاة صورة النفي وإن كان تقريرًا، أو لأنه جواب الاستفهام. "و" الثاني "نحو: ما تزال تأتينا فتحدثنا، و" الثالث نحو: "ما تأتينا إلا وتحدثنا". فإن معناهما الإثبات، فلذلك وجب رفع الفعل بعدهما. أما الأول فلأن "زال" للنفي، وقد دخل عليها النفي، ونفي النفي إثبات. وأما الثاني فلانتقاض النفي بإلا. ولك في نحو: ما تأتينا3 فأكرمك، أربع أوجه: أحدها: أن تقدر الفاء لمجرد عطف لفظ الفعل4 على لفظ ما قبلها، فليكون شريكه في إعرابه، فيجب هنا الرفع لأن الفعل الذي قبلها مرفوع والمعطوف شريك المعطوف عليه، وكأنك قلت: ما تأتيني فما أكرمك، فهو شريكه في النفي الداخل عليه. الثاني: أن يقدر5 الفاء لمجرد السببية، ويقدر5 الفعل الذي بعدها مستأنفًا،   1 التخليص في علوم البلاغة ص166. 2 سقطت من "ب". 3 في "ب"، "ط"، "تأتيني". 4 في "ط": "النفي للفعل" مكان "لفظ الفعل". 5 في "ب", "ط": "تقدر". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 379 ومعنى استئنافه أن يقدر1 خبرًا لمبتدأ محذوف، فيجب الرفع أيضًا، لخلو الفعل من الناصب والجازم، والمعنى: ما تأتينا2 فأنا أكرمك لكونك لم تأتني، وذلك إذا كنت كارهًا لإتيانه. والفرق بين هذا الوجه الذي قبله في النفي، أن النفي في الذي قبله، يشمل ما قبل الفاء وما بعدها، وفي هذا الوجه انصب النفي فيه3 إلى ما قبل الفاء خاصة. الثالث: أن تقدر الفاء لعطف مصدر الفعل الذي بعدها على4 المصدر المؤول مما قبلها، ويقدر5 النفي منصبا على المعطوف دون المعطوف عليه، فيجب حينئذ النصب. والمعنى: ما يكون منك إتيان يعقبه مني4 إكرام، بل يكون منك إتيان ولا يكون مني إكرام. الرابع: أن يقدر6 الفاء أيضًا، لعطف مصدر الفعل الذي بعدها، على المصدر المؤول مما قبلها، ولكن يقدر النفي منصبًا على المعطوف عليه، فينتفي المعطوف لأنه مسبب عنه. وقد انتفى. "ويكون المعنى: ما يكون منك إتيان، فكيف يكون مني إكرام، والحاصل في الرفع وجهان وفي النصب وجهان. "و" احترز "من الطلب باسم الفعل، و" من الطلب "بما لفظه الخبر، وسيأتي" الكلام عليهما بعد أسطر. "و" احترز "بتقييد الفاء بالسببية، و" تقييد "الواو بالمعية من" الفاء والواو "العاطفتين على صريح الفعل" إذا لم يشعروا بسببية ولا معية. "ومن الاستئنافيتين". فالفاء العاطفة على صريح الفعل "نحو: {وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ} [المرسلات: 36] فإنها للعطف". فعطفت "يعتذرون" على لفظ "يؤذن"7 فهو شريك له في رفعه، وفي النفي الداخل عليه. وكأنه قيل: ولا يؤذن لهم فلا يعتذورن8. ولو قرئ بالنسب على أنه جواب النفي لم يمتنع9. والمعنى: لو أذن لهم لاعتذروا مثل: {لَا يُقْضَى   1 في "ب"، "ط": "تقدره". 2 في "ب"، "ط": "تأتيني". 3 سقطت من "ط". 4 سقطت من "ب". 5 في "ب": "تقدير". 6 في "ب"، "ط": "تقدر". 7 في "ب"، "يؤذن لهم". 8 سقط من "ب": "فلا يعتذرون". 9 ويكون حينئذ على الوجه الرابع المار في كلامه. انظر حاشية يس 3/ 240، 241. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 380 عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا} [فاطر: 36] ولكنه أوثر الرفع للتناسب رءوس الآي. قاله الفراء1. وفرق ابن عصفور بأن الإذن والاعتذار منفيان بالقصد، وانتفاء الموت لازم عن انتفاء القضاء عليهم. ولم يقصد نفيه كما قصد2 نفي الاعتذار، وبأنه لو وقع القضاء عليهم لماتوا. وليس الإذن سببًا للاعتذار. "و" الفاء الاستئنافية، نحو "قوله"، وهو جميل صاحب بثينة: [من الطويل] 830- ألم تسأل الربع القواء فينطق ... وهل يخبرنك اليوم بيداء سملق فـ"ينطق": مرفوع، وهو مبني على مبتدأ محذوف3، أي: فهو ينطق، ولا يضر اقترانه بالفاء "فإنها" فيه "للاستئناف" لا للعطف ولا للسببية، "إذا العطف يقتضي الجزم" لما بعدها، لكونه معطوفًا على مجزوم، وهو: "تسأل". "والسببية تقتضي النصب" له لكونه في جواب الاستفهام. ونوزع في اقتضاء السببية النصب، فإنه قد جاء الرفع مع تحقق السببية في: {لَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ} [المرسلات: 36] ، كما صرح به بعضهم. ودفع بأن اقتضاءها النصب صحيح على قول الأكثر. قال في المغنى: "والتحقيق أن الفاء فيه للعطف، وأن المعتمد بالعطف الجملة. لا الفعل وحده وإنما يقدر النحويون كلمة "هو" ليبينوا4 أن الفعل ليس المعتمد بالعطف". انتهى. والربع: المنزل، والقواء، بفتح القاف، ومده أكثر من قصره: الخالي الذي لا أنيس به. والبيداء: القفر الذي يبيد من يسلك5، فيه، أي: يهلكه، والسملق، بفتح السين المهملة: القاع الأملس الصفصف6.   1 معاني القرآن 3/ 262. 2 في "ط": "يقصد". 830- البيت لجميل بثينة في ديوانه ص137، وخزانة الأدب 8/ 524، 525، والدرر 2/ 18، وشرح أبيات سيبويه 2/ 210، وشرح شواهد المغني 1/ 474، وشرح المفصل 7/ 36، 37، ولسان العرب 10/ 164، "سملق"، والمقاصد النحوية 4/ 403، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 185، والجنى الداني ص76، والدرر 2/ 417، والرد على النحاة ص127، ورصف المباني 378،/ 385، وشرح الرضي 4/ 66، 71، وشرح شذور الذهب ص300، والكتاب 3/ 37، ولسان العرب 1/ 300 "حدب"، ومغني اللبيب 1/ 168، وهمع الهوامع 2/ 11، 131. 3 سقطت من "ب". 4 في "أ": "ليبينون". انظر حاشية ص 1/ 241. 5 في "ط": "سلك". 6 في "ط": "للصفصف". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 381 "وتقول مع الواو: لا تأكل السمك وتشرب اللبن1؛ بالرفع" على الاستئناف؛ "إذا نهيته عن الأول فقط" وأبحت له الثاني، فكأنك قلت: لا تأكل السمك ولك شرب2 اللبن. "فلإن قدرت النهي عن الجمع" بينهما، "نصبت" على إرادة المعية، وكأنك قلت: لا تأكل السمك مع شرب3 اللبن، "أو" قدرت النهي "عن كل منهما" على حدته. "جزمت" على العطف، وكأنك قلت: لا تأكل السمك ولا تشرب اللبن. والفرق بين النصب والجزم في حالتي العطف أنه في النصب من عطف مصدر مؤول من "أن" والفعل، على مصدر متصيد من الفعل السابق لئلا يلزم عطف المصدر على الفعل. وفي الجزم من عطف الفعل على الفعل. "وإذا سقطت الفاء" من المضارع الواقع "بعد الطلب" المحض "وقصد" بالفعل الذي سقطت منه الفاء، "معنى الجزاء" للطلب السابق عليه، "جزم الفعل"، والمراد بقصد الجزاء أنك تقدره مسببًا عن ذلك الطلب المتقدم، كما أن جزاء الشرط مسبب4 عن فعل الشرط. واختلف في تحقيق جازمه، فالجمهور يجعلونه "جوابًا لشرط مقدر"، فيكون مجزومًا عندهم5 بأداة شرط مقدرة هي وفعل الشرط "لا" جوابًا "للطلب" المتقدم، فيكون مجزومًا بنفس الطلب، وهو قول الخليل وسيبويه6 والسيرافي7 والفارسي8. ثم اختلفوا في علته، فقال الخليل وسيبويه6: إنما جزم الطلب "لتضمنه معنى" حرف "الشرط"، كما أن أسماء الشرط إنما جزمت لذلك، وقال الفارسي والسيرافي: لنيابته مناقب الجازم الذي هو حرف الشرط المقدر، كما أن النصب بضربًا، في قولك: ضربًا زيدًا، لنيابته عن اضرب، لا لتضمنه معناه. " خلافًا لزاعمي ذلك".   1 انظر الارتشاف 2/ 451، والإنصاف 2/ 415، وشرح شذور الذهب ص312، وشرح ابن عقيل 2/ 355، وشرح قطر الندى ص79، وشرح المفصل 7/ 34، وشرح ابن الناظم ص486. 2 في "ب": "مع شربك". 3 في "ب": "شرب". 4 في "ب": "سبب". 5 سقطت من "ب". 6 الكتاب 3/ 62. 7 شرح كتاب سيبويه 1/ 88. 8 المسائل المنثورة ص158. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 382 ومذهب الجمهور أرجح، لأن الحذف والتضمين وإن اشتركا في أنهما خلاف الأصل لكن في التضمين تغيير معنى الأصل، ولا كذلك الحذف. ولأن نائب الشيء يؤدي معناه والطلب لا يؤدي معنى الشرط، ولأن الأرجح في: ضربا زيدًا، أن زيدًا منصوب بالفعل المحذوف لا بالمصدر لعدم حلوله محل فعل مقرون بحرف مصدري، وذلك "نحو: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ} [الأنعام: 151] تقدم الطلب وهو "تعالوا" وتأخر المضارع المجرد من الفاء وهو "أتل" وقصد به الجزاء1 فجزم بحرف شرط مقدر. والتقدير: تعالوا إن تأتوني، أتل عليكم فالتلاوة عليهم مسببة عن مجيئهم. وعلامة جزمه حذف الواو. ومثله: {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ} [مريم: 25] فإنه مجزوم باتفاق السبعة. بخلاف {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ} [التوبة: 103] , [وإنما أريد: خذ منهم صدقة مطهرة لهم] 2. فـ"تطهرهم": مرفوع باتفاق السبعة، وإن كان مسبوقًا بالطلب، وهو: خذ، لكونه ليس مقصودًا به معنى: أن تأخذ منهم صدقة تطهرهم، وإنما أريد: خذ منهم صدقة مطهرة لهم فتطهرهم، صفة لصدقة، ولو قرئ بالجزم على معنى الجزاء لم يمتنع في القياس. وبخلاف نحو: {فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا، يَرِثُنِي وَيَرِثُ} [مريم: 5، 6] في قراءة الرفع3 فإنه قدره" مع فاعله جملة في موضع نصب "صفة لـ"وليا" لا جوابًا لـ"هب"، كما قدره من جزم"4، وقس على ذلك بقية أنواع الطلب، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 689- وبعد غير النفي جزما اعتمد ... إن تسقط الفا والجزاء قد قصد وأما النفي فلا يجزم الفعل في جوابه. فلا يقال: ما تأتينا تحدثنا بجزم "تحدثنا" خلافًا للزجاجي. والكوفيين، ولا سماع معهم ولا قياس لأن الجزم يتوقف على السببية، ولا يكون انتفاء الإتيان سببًا للتحديث. "وشرط غير الكسائي" من النحويين. "لصحة الجزم بعد النهي، صحة" وقوع "إن لا، في موضعه"، وهو أن تضع موضع النهي شرطًا مقرونًا بـ"لا" النافية,   1 في "ط": "الجزم". 2 سقط ما المعكوفين من "ب". 3 وكذا في الرسم المصحفي. 4 أي: "يرثني ويرث"، وقرأها أو عمرو والكسائي واليزيدي، والشنبوذي والأعمش وطلحة وغيرهم. انظر الإتحاف ص297، ومعاني القرآن للفراء 2/ 161، والنشر 2/ 317. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 383 مع صحة المعنى، قاله الموضح في شرح القطر1، والمرادي في شرح النظم2. وظاهر قول الناظم: 690- وشرط جزم بعد النهي أن تضع ... إن قبل لا دون تخالف يقع أنك "تضع "إن" قبل "لا الناهية، بالهاء. وشرحه على ذلك الشاطبي. "فمن ثم"؛ بفتح التاء المثلثة؛ أي من أجل هذا الشرط "جاز: لا تدن من الأسد تسلم؛ بالجزم"، لصحة قولك: إن لا تدن من الأسد تسلم، لأن السلامة مسببة عن عدم الدنو. "ووجب الرفع في نحو: لا تدن من الأسد يأكلك"، لعدم صحة قولك: إن لا تدن من الأسد يأكلك. لأن الأكل لا يتسبب عن عدم الدنو، وإنما يتسبب عن الدنو نفسه3. ولهذا الشرط أجمعت السبعة على الرفع4 في قوله تعالى: {وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ} [المدثر: 6] . "وأما" قوله صلى الله عليه وسلم: "من أكل من هذه الشجرة "فلا يقرب مسجدنا يؤذنا" بريح الثوم"5. "فالجزم" في "يؤذنا"؛ بحذف الياء؛ "على الإبدال" من "يقرب" بدل اشتمال، "لا" على الجواب" للنهي، لعدم صحة: إن لا يقرب يؤذنا، لأن الإيذاء إنما يتسبب عن القرب لا عن عدمه. ولم يشترط الكسائي، قيل: والكوفيون قاطبة، هذا الشرط، واحتجوا بالقياس على النصب، فإنه يجوز: لا تدن من الأسد فيأكلك، بالنصب، وفي التنزيل: {لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ} [طه: 61] ، وبقول أبي طلحة6 للنبي -صلى الله عليه وسلم: "لا تشرف يصبك سهم"7، ويروى: لا تتطاول يصبك، وبالحديث: "لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض" 8.   1 شرح قطر الندى ص82. 2 شرح المرادي 4/ 213. 3 في شرح ابن الناظم ص487: "وأجاز الكسائي جزم جواب النهي مطلقًا". 4 وقرأها الحسن وابن أبي عبلة "تستكثر"؛ بالجزم، وقرأها الأعمش ويحيى "تستكثر"؛ بالنصب. انظر المحتسب 2/ 337، والبحر المحيط 8/ 372، وانظر ما تقدم في الجزء الأول من شرح التصريح 89. 5 أخرجه البخاري في صفة الصلاة، باب ما جاء في النوم رقم 815، 816، وهو من شواهد أوضح المسالك 4/ 189، وشرح ابن الناظم ص487. 6 في "ب": "وقول طلحة". 7 الحديث في النهاية 2/ 461، 562، أي لا تشرف من أعلى الموضع، وفيه: "كان أبو طلحة حسن الرمي، فكان إذا رمى استشرفه النبي -صلى الله عليه وسلم- لينظر إلى مواقع نبله أي يحقق نظره ويطلع عليه. وأصل الاستشراف أن تضع يدك على حاجبك وتنظر، كالذي يستظل من الشمس حتى يستبين الشيء". وانظر شرح ابن الناظم ص487. 8 أخرجه البخاري في كتاب العلم برقم 121، وأعاده برقم 4143، 6475، 6669. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 384 وأجاب البصريون بأنه لو صح القياس على النصب، لصح الجزم بعد النفي قياسًا على النصب. و"يصبك": بدل من "تشرف"، أو "تتطاول". و"يضرب" مدغم. وفي رد القياس نظر فإنهم قائلون بجواز الجزم بعد النفي. كما تقدم. "وألحق الكسائي في جواز النصب بالأمر", بالفعل، "ما دل على معناه، أي الأمر، "من اسم فعل"1 مطلقًا، سواء أكان فيه لفظ الفعل أم لا، "نحو: نزال فنكرمك"، و: صه فنحدثك. ووافقه بن جني، وابن عصفور بعد: نزال وتراك، ونحوه، مما فيه معنى الفعل وحروفه، ومنعاه بعد: صه ومه ونحوهما، مما فيه معنى الفعل دون حروفه2، "أو" ما دل على الأمر "من خبر" مثبت"، "نحو: حسبك حديث فينام الناس"، بنصب "ينام" عند الكسائي خاصة3، فـ"حسبك: مبتدأ، وحديث: خبره، والجملة متضمنة معنى اكفف. وعبر الموضح بنحو دون، كقولهم لأن المسموع حسبك ينام الناس4. واختلف في إعرابه؛ فقال المرادي5: مبتدأ وخبره محذوف، أي: حسبك السكوت، وهو لا يظهر. وقال جماعة منهم ابن طاهر6: إنه مبتدأ وبلا نسبة في خبر. لأنه في معنى ما لا يخبر عنه. ومذهب الجمهور منع النصب بعد اسم الفعل والخبر المثبت، لأن النصب إنما هو بإضمار أن، والفاء عاطفة على مصدر متوهم، و"نزال"، و"حسبك"، ونحوهما، لا تدل على مصدر لأنها غير مشتقة، "ولا خلاف في جواز الجزم بعدهما"، أي بعد اسم الفعل والخبر المثبت "إذا سقطت الفاء"، لعدم مقتضى السبك. وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 691- والأمر إن كان بغير افعل فلا ... تنصب جوابه وجزمه اقبلا "كقوله"، وهو عمرو بن الإطنابة الأنصاري [من الوافر]   1 في "ب": "الفعل". 2 انظر شرح قطر الندى ص76، وشرح شذور الذهب ص305. 3 شرح ابن الناظم ص487، وشرح شذور الذهب ص305. 4 شرح ابن الناظم ص487. 5 شرح المرادي 4/ 217. 6 الارتشاف 2/ 419. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 385 831- وقولي كلما جشأت وجاشت ... مكانك تحمدي أو تستريحي فجزم "تحمدي" في جواب اسم الفعل، وهو مكانك، فإنه في معنى اثبتي. و"قولي": مبتدأ خبره: مكانك تحمدي، على حق قولي: {لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} [الصافات: 35] . وجشأت، بالجيم والشين المعجمة والهمزة: ارتفعت، وجاشت، بالجيم والشين المعجمة، غثت، من الغثيان. "وقولهم"، أي العرب: "اتقى الله امرؤ فعل خيرًا يثب عليه" يجزم "يثب" لأن "اتقى" و"فعل" وإن كان فعلين ماضيين ظاهرهما الخبر، إلا أن المراد بهما الطلب، "أي: ليتق الله وليفعل". فلذلك جزم في جوابهما. "وألحق الفراء الترجي بالتمني"1 في نصب الفعل المقرون بالفاء بعده بأن مضمرة وجوبًا "بدليل قراءة حفص" عن عاصم {فَأَطَّلِعَ} [غافر: 37] بالنصب"2 في جواب {لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ} [غافر: 36] ، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 962- والفعل بعد الفاء في الرجا نصب ... كنصب ما إلى التمني ينتسب ومذهب البصريين أن الترجي ليس له جواب منصوب. وتأولوا قراءة النصب بأن "لعل" أشربت معنى "ليت"، لكثرة استعمالها في توقع المرجو، وتوقع المرجو ملازم للتمني. وفي الارتشاف3: وسماع الجزم بعد الترجي يدل على صحة مذهب الفراء، ومن وافقه من الكوفيين.   831- البيت لعمرو بن الإطنابة في الاقتضاب ص92، وكتاب الاختيارين ص160، وأمالي القالي 1/ 258، والأشباه والنظائر للخالديين 1/ 18، وإنباه الرواة 3/ 281، وأساس البلاغة "جشأ"، وتاج العروس 1/ 176، "جشأ" وحماسة البحتري ص9، والحماسة البصرية 1/ 3، وحماسة القرشي ص148، والحماسة المغربية ص606، والحيوان 6/ 425، وجمهرة اللغة ص1095، وخزانة الأدب 2/ 428، والدرر 2/ 20، 21، وديوان المعاني 1/ 114، وسمط اللآلي ص574، وشرح شواهد المغني 2/ 546، ومجالس ثعلب ص83، والمقاصد النحوية 4/ 415، والكامل ص1434، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 189، والخصائص 3/ 35، وشرح الأشموني 3/ 5698، وشرح شذور الذهب ص345، وشرح قطر الندى ص117، وشرح المفصل 4/ 74، ولسان العرب 1/ 48 "جشأ"، ومغني اللبيب 1/ 203، والمقرب 1/ 273، وهمع الهوامع 2/ 13. 1 انظر شرح ابن الناظم ص487، وشرح الكافية الشافية 3/ 1554. 2 قراءة حفص عن عاصم هي كما في الرسم المصحفي. وقرئ قوله تعالى: "أطلعُ" بالرفع، ونسبت القراءة إلى نافع وابن كثير وابن عامر وحمزة والكسائي وعاصم وشعبة وأبو جعفر وخلف ويعقوب. انظر الإتحاف 379، ومعاني القرآن للفراء 3/ 9، والنشر 2/ 356. والقراءة المستشهد بها من شواهد أوضح المسالك 4/ 191، وشرح ابن الناظم ص487، وشرح ابن عقيل 2/ 358. 3 الارتشاف 2/ 419. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 386 فصل: "وينصب" المضارع "بأن مضمرة جوازًا بعد" أحرف "خمسة أيضًا"، مصدر آض، إذا عاد: "أحدها: اللام" الجارة1، "إذا لم يسبقها كون ناقص، ماض" منفي، "ولم يقترن الفعل بلا"، وهو المشار إليه بقول الناظم: 682- .......................... ... ............... وإن عدم 683- لا فأن اعمل مظهرًا أو مضمرا ... .................................... "نحو: {وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام: 71] ، {وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ} " [الزمر: 12] فأضمرت في: "لنسلم"، وأظهرت في: "أكون"، وما ذكره إلى أن الناصب هو اللام، وجوزوا إظهار "أن" بعدها توكيدا2. وقال ثعلب الناصب اللام، كما قالوا، ولكن لنيابتها عن "أن" المحذوفة، وقال ابن كيسان والسيرافي3: يجوز أن يكون الناصب "أن" المقدرة بعدها، وأن يكون "كي" ولا تتعين "أن" لذلك، ودليلهم صحة إظهار "كي" بعدها، فتحصل لنا قولان إذا قلنا اللام ناصبة، وقولان إذا قلنا: إنها غير ناصبة. ودخل تحت قوله اللام، لام العاقبة، نحو: {فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا} [القصص: 8] ولام التوكيد، وهي الزائدة، نحو: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ} [الأحزاب: 33] . "فإن سبقت" اللام "بالكون المذكور، وجب إضمار "إن" كما مر" حكمه وتعليله. "وإن قُرن الفعل وبلا نسبة في نافية، أو" زائدة.   1 في "ب": "التعليلية". 2 الإنصاف 2/ 757، المسألة رقم 79. 3 شرح كتاب سيبويه 1/ 83. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 387 "مؤكدة، وجب إظهارها" لئلا يتوالى مثلان، وهما: "لام" كي، و"لام" لا، من غير إدغام، وهو ركيك في الكلام. وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 682- وبين لا ولام جر التزم ... إظهار أن ................. "نحو": {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ} [البقرة: 150] ، بإدغام النون في "لا" النافية، لتقارب مخرجيهما. {لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ} [الحديد: 29] بإدغام النون في "لا" المؤكدة. والحاصل، أن لـ"أن" بعد اللام ثلاث حالات: وجوب الإضمار بعد لام الجحود، ووجوب الإظهار وذلك إذا اقترن الفعل بـ"لا" وجواز الأمرين، وذلك بعد "لام" كي، و"لام" العاقبة، و"لام" التوكيد. "و" الأحرف "الأربعة الباقية" من الأحرف الخمسة التي تضمر أن بعدها جوازًا: "أو، و: الواو، و: الفاء، و: ثم، إذا كان العطف" بها "على اسم" صريح "ليس في تأويل الفعل"، وهو1 نوعان: مصدره وغيره. فغير المصدر، كقول الحصين ابن الحمام2 المري: [من الطويل] 832- ولولا رجال من رزام أعزة ... وآل سبيع أو أسوءك علقما فـ"أسوءك": معطوف على "رجال"، وهو ليس في تأويل الفعل، و"رزام": حي من نمير. والمصدر "نحو": {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا} [الشورى: 51] في قراءة غير نافع؛ بالنصب"3، بإضمار "أن" بعد "أو". والتقدير: أو أن يرسل، وأن يرسل في تأويل مصدر منصوب. "عطفًا على وحيا4". والتقدير: إلا وحيًا أو إرسالا، ووحيًا مصدر ليس في تأويل الفعل. "وقوله"، وهو الشخص المسمى ميسون الكلابية، زوج معاوية بن أبي سفيان   1 في "أ": "وهما". 2 في "أ", "ب"، "ط": "حصين بن حمام" بإسقاط "ال" التعريف منهما. 832- البيت للحصين بن حمام في خزانة الأدب 3/ 342، والدرر 2/ 16، وشرح اختيارات المفضل ص334، والكتاب 3/ 50، وبلا نسبة في سر صناعة الإعراب 1/ 272، وشرح الأشموني 3/ 559، والمحتسب 1/ 326، وهمع الهوامع 2/ 10. 3 قرأها بالرفع "يرسل" نافع وابن عامر والزهري وشيبة وابن ذكوان وهشام وأبو جعفر. انظر الإتحاف 384، والبحر المحيط 7/ 527، والنشر 2/ 368، والقراءة من شواهد أوضح المسالك 4/ 192، وشرح ابن الناظم ص489، وشرح ابن عقيل 2/ 361. 4 انظر شرح ابن الناظم ص487. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 388 رضي الله عنه، وأم ابنه يزيد: [من الوافر] 833- ولبس عباءة وتقر عيني ... أحب إلى من لبس الشفوف فـ"تقر" منصوب بـ"أن" مضمرة جوازًا، وهي والفعل في تأويل مصدر مرفوع بالعطف على "لبس", [والتقدير: ولبس عباءة وقرة عيني. و"لبس"] 1: بالواو العاطفة على قولها قبله2: لبيت تخفق الأرواح فيه ... أحب إلي من قصر منيف وفي بعض النسخ: للبس، باللام، وهو تحريف نبه عليه الموضح في شرح بانت سعاد3. "وقوله": [من البسيط] 834- لولا توقع معتر فأرضيه ... ما كنت أوثر إترابا على ترب فـ"أرضيه": منصوب بـ"أن" مضمرة جوازًا بعد الفاء، و"أن، وأرضى"، في تأويل مصدر معطوف على توقع، والتقدير: لولا توقع معتر فإرضائي إياه، وتوقع ليس   833- البيت لميسون بنت بحدل في الارتشاف 2/ 422، والاقتضاب ص163، وبلاغات النساء ص161، وتاريخ مدينة دمشق قسم تراجم النساء ص400، والحماسة البصرية 2/ 72، وخزانة الأدب 8/ 503، 504، والدرر 2/ 25، وسر صناعة الإعراب 1/ 273، وشرح شذور الذهب ص314، وشرح شواهد الإيضاح ص250، وشرح شواهد المغني 2/ 653، وعمدة الحفاظ "روح"، ولسان العرب 13/ 408 "مسن" والمحتسب 1/ 326، ومعجم الأديبات الشواعر ص448، ومغني اللبيب 1/ 267، والمقاصد النحوية 4/ 397، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 4/ 677، وأوضح المسالك 4/ 192، والجنى الداني ص157، وخزانة الأدب 8/ 523، والرد على النحاة ص128، ورصف المباني ص423، وشرح ابن الناظم ص488، وشرح الأشموني 3/ 571، وشرح ابن عقيل 2/ 358، وشرح عمدة الحافظ ص344، وشرح قطر الندى ص65، وشرح المفصل 7/ 25، والصاحبي في فقه اللغة ص112، 118، والكتاب 3/ 45، والمقتضب 2/ 27. 1 سقطت ما بين المعكوفين من "ط". 2 البيت في الارتشاف 2/ 422، وبلاغات النساء ص161، والحماسة البصرية 2/ 72، وتاريخ مدينة دمشق قسم تراجم النساء ص400، ومعجم الأديبات الشواعر ص400 وخزانة الأدب 5/ 503، وشرح شواهد المغني 2/ 653، والمقاصد النحوية 4/ 397، ولسان العرب 3/ 408 "مسن". 3 شرح قصيدة كعب بن زهير ص106. 834- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 194، والدرر 2/ 26، وشرح ابن الناظم ص488، وشرح الأشموني 3/ 571، وشرح شذور الذهب ص315، وشرح ابن عقيل 2/ 360، والمقاصد النحوية 4/ 398، وهمع الهوامع 2/ 17. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 389 في تأويل الفعل. و"المعتر"، بالعين المهملة والتاء المثناء فوق: المعترض للمعروف. و"الأتراب" جمع ترب، بكسر التاء المثناة فوق وسكون الراء، وترب الرجل: من يولد في الوقت الذي ولد1 فيه، فيساوي في السن2. والمعنى: لولا توقع من يصرف عن فعل المعروف، وإرضاؤه، ما آثر الشاعر المساوي لغيره في السن، على المساوي له في سنه. "وقوله"، وهو أنس بن مدركة الخثعمي: [من البسيط] 835- إني وقتلي سليكا ثم أعقله ... كالثور يضرب لما عافت البقر فـ"أعقله": مضارع منصوب بـ"أن" مضمرة جوازًا بعد "ثم"، و"أن أعقله": في تأويل مصدر معطوف على قتلي، والتقدير: وقتلي سليكا ثم عقلي إياه. وقتلي ليس في تأويل الفعل. وسليكا، بالتصغير، اسم رجل، مفعول قتلى، وكالثور: خبر أن، والمراد بالثور ذكر البقر لأن البقر تتبعه، فإذا عاف الماء، عافته، فيضرب ليرد الماء لترد معه. وقيل: المراد بالثور, ثور الطحلب، وهو الذي يعلو على الماء، فيصد البقر عنه، فيضربه صاحب البقر ليفحص عن الماء فيشربه، والمناسب للتشبيه، الأول, الغرض من وقوع الفعل به تخويف غيره. واحترز الموضح بقوله: ليس في تأويل الفعل، عن الاسم الواقع صلة للألف واللام، فإنه في تأويل الفعل. "وتقول: الطائر فيغضب زيد الذباب3، بالرفع" في يغضب "وجوبًا لأن الاسم" وهو طائر "في تأويل الفعل"، و"أل" الداخلة عليه اسم موصول مرفوع بالابتداء, نقل إعرابها إلى ما بعدها لكونها على صورة الحرف. ويغضب زيد: جملة معطوفة على صلة "أل", ولعطفها بالفاء، لم تحتج لرابط، والذباب: خبر المبتدأ. وصح عطف الفعل في الاسم. لأن الاسم هنا في تأويل الفعل لكونه صلة   1 في "ب"، "ط": "يولد". 2 في "ب"، "ط": "سنه". 835- البيت لأنس بن مالك في الأغاني 20/ 357، والحيوان 1/ 18، والدرر 2/ 27، واللسان 4/ 109، "ثور"، 8/ 380 "وجع" 9/ 260 "عيف" والمقاصد النحوية 4/ 399، بلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 195، وخزانة الأدب 4/ 462، وشرح ابن الناظم ص489، وشرح الأشموني 3/ 571، والمقرب 1/ 273، وشرح شذور الذهب ص316، وشرح ابن عقيل 2/ 359، وهمع الهوامع 2/ 17. 3 شرح ابن الناظم ص489، وشرح ابن عقيل 2/ 361. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 390 الموصول، "أي: الذي يطير"، فيغضب زيد الذباب. فتحصل من كلامه أولًا وآخرًا. أن لـ"الفاء"، و"الواو"، و"أو"1، حالتين. حالة يجب فيها إضمار "أن" بعدهن. وحالة يجوز. فيجب إذا كانت الفاء للسببية، والواو للمعية، بعد النفي أو طلب محضين، و"أو" بمعنى: "إلى" أو: "إلا". ويجوز إذا عطفن على اسم خالص من التأويل بالفعل و"أن" ثم تشاركهن في الجواز دون الوجوب. وأطلق في النظم العاطف فقال: 693- وإن على اسم خالص فعل عطف ... تنصبه أن ثابتا او منحذف "لوا ينتصب" الفعل المضارع "بأن مضمرة في غير هذه المواضع العشرة". وهي الخمسة المذكورة في وجوب إضمار "أن" والخمسة المذكورة في جوازه. "إلا شاذًا" وهي في ذلك "كله"2 على قسمين: تارة3 يكون في الكلام مثلها، فيحسن حذفها. وتارة لا يكون3. قالأول: "كقول بعضهم: تسمع بالمعيدي خير من أن تراه"4 بنصب "169/ ب" "تسمع" بإضمار "أن"، والذي حسن حذفها من "تسمع"، ذكرها في "أن تراه" قاله الموضح في شرح الشذور. وقوله طرفة: "من الطويل" 836- ألا أيهذا الزاجري أحضر الوغي ... وأن أشهد اللذات هل أنت مخلدي بنصب: أحضر، بأن مضمرة، ويؤيده: وأن أشهد.   1 سقط من "ب"، "ط": "وأو". 2 إضافة من "ب". 3 سقطت من "ب". 4 من الأمثال في مجمع الأمثال 1/ 129، 2/ 420، وكتاب الأمثال لابن سلام ص97، 98، والمستقصى 1/ 370، وفصل المقال ص135، 136، وهو من شواهد أوضح المسالك 4/ 197، وشرح بن الناظم ص489، والكتاب 4/ 44. 836- البيت لطرفة بن العبد في ديوانه ص32، والإنصاف 2/ 560، وخزانة الأدب 1/ 119، 8/ 579، والدرر 1/ 7، 2/ 28، وسر صناعة الإعراب 1/ 285، وشرح شواهد المغني 2/ 800، والكتاب 3/ 99، 100، ولسان العرب 13/ 32 "أنن"، 14/ 272 "دنا"، والمقاصد النحوية 4/ 402، والمقتضب 2/ 85، وبلا نسبة في خزانة الأدب 1/ 463، 8/ 807، 580، 585، والدرر 1/ 386، ورصف المباني ص113، وشرح شذور الذهب ص153، وشرح بن عقيل 2/ 362، وشرح المفصل 2/ 7، 4/ 28، 7/ 52، ومجالس ثعلب ص383، ومغني اللبيب 2/ 383، وهمع الهوامع 2/ 17. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 391 والثاني، كقول عامر الهذلي: [من الطويل] 837- ........................................... ... ونهنهت نفسي بعدما كدت أفعله بالنصب. "وقول آخر: خذ اللص قبل يأخذك"1 بالنصب. "وقراءة بعضهم: "بل نقذف بالحق على الباطل فيدمَغَه" [الأنبياء: 18] بنصب يدمغه2. وقراءة الحسن "تأمروني أعبدَ" [الزمر: 64] . فحذفت "أن" فيهن وليس معها ما يحسن حذفها، والجميع شاذ، وإليه أشار الناظم بقوله: 694- وشذ حذف أن ونصب في سوى ... ما مر فاقبل منه ما عدل روى وفيه إرشاد إلى أنه لا يقاس عليه. وذهب الكوفيون ومن وافقهم من البصريين، إلى أنه يقاس عليه. وأجاز الأخفش حذف "أن" قياسًا، ولكن بشرط رفع الفعل، مثل: {تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ} [الزمر: 64] ، و"تسمعُ بالمعيدي". في رواية الرفع فيهما. وذهب بعض المتأخرين إلى أنه لا يجوز حذفها إلا في الأماكن العشرة المذكورة، رفعت أو نصبت.   837- صدر البيت: فلم أر مثلها خباسة واحد وهو لامرئ القيس في ملحق ديوانه ص471، وله أو لعامر بن جؤين في الأغاني 9/ 39، وشرح أبيات سيبويه 1/ 337، والكتاب 1/ 307، والمقاصد النحوية 4/ 401، ولعامر بن جؤين أو لبعض الطائيين في شرح شواهد المغني 2/ 931، ولعامر بن الطفيل في الإنصاف 2/ 561، وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص148، والدرر 1/ 85، 2/ 28، وشرح ابن الناظم ص490، وشرح الأشموني 1/ 129، ومغني اللبيب 2/ 640، والمقرب 1/ 270، وهمع الهوامع 1/ 58. 1 شرح ابن الناظم ص490، وشرح ابن عقيل 2/ 362. 2 الرسم المصحفي: {فَيَدْمَغُهُ} ؛ بالرفع، وقرأها بالنصب: عيسى بن عمر. انظر البحر المحيط 6/ 302، والكشاف 2/ 566، ومغني اللبيب 1/ 150، 151. 3 الرسم المصحفي: {أَعْبُدُ} ؛ بالرفع، وقرئت بالنصب في البحر المحيط 7/ 439، والكشاف 3/ 407. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 392 فصل: "وجازم الفعل نوعان: جازم فعل1 واحد، وهو" أحرف "أربعة": أحدها: "لا الطلبية، نهيًا كانت، نحو: {لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ} [لقمان: 13] أو دعاء نحو: {لا تُؤَاخِذْنَا} [البقرة: 286] أو التماسًا، نحو: لا تفعل. فالنهي عن الأعلى، والدعاء من الأدنى، والالتماس من المساوي. "وجزمها فعلي المتكلم"2، المبدوء بالهمزة والمبدوء بالنون، حال كونهما "مبنيين للفاعل، نادر، كقوله"، وهو النابغة الذبياني: [من البسيط] 838- لا أعرفن ربربا حورا مدامعها ... مردفات على أعقاب أكوار فـ"لا" ناهية، و"أعرف" مجزوم بها ومؤكد بالنون الخفيفة، مسند إلى ضمير المتكلم. وهذا النوع مما أقيم فيها المسبب مقام السبب أي: لا يكن3 ربرب فأعرفه، والربرب: براءين مهملتين وباءين موحدتين: القطيع من البقر الوحشية، والحور، بضم الحاء المهملة، جمع حوراء، من الحور، بفتحتين: وهو شدة بياض العين في شدة سوادها. ومدامعها مرفوع بحوراء، وأراد بها العيون لأنها مواضع الدمع في إطلاق الحال   1 في "ط": "لفعل". 2 في "ب": "التكلم". 838- البيت للنابغة الذبياني في ديوانه ص75-76، وهو ملفق من بيتين هما: لا أعرفن ربربًا حورًا مدامعها ... كأن أبكارها نعاج دوار خلف العضاريط لا يوقين فاحشة ... مردفات على أعقاب أكوار وشرح شواهد المغني 2/ 652، والكتاب 3/ 511، والمقاصد النحوية 4/ 441، وتاج العروس 11/ 335، "دور"، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 198، وجواهر الأدب ص251، ومغني اللبيب 1/ 246، وشرح ابن الناظم ص493، وشرح الأشموني 3/ 573. 3 في "ب": "يكون". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 393 وإرادة المحل. ومردفات: حال من ربربا، لوصفه بما بعده، والأعقاب: جمع عقب، وعقب كل شيء: آخره، والأكوار: جمع كور، بضم الكاف: وهو الرجل بأداته. "وقوله"، وهو الوليد بن عقبة، لا الفرزدق: [من الطويل] 839- إذا ما خرجنا من دمشق فلا نعد ... لها أبدًا ما دام فيها الجراضم فـ"لا" ناهية، أو دعائية، كما في المغني1، و"نعد": مجزوم بها، وهو مسند إلى المتكلم المعظم نفسه، وهو على النهي نادر؛ لأن المتكلم لا ينهى نفسه إلا على المجاز، تنزيلا له منزلة الأجنبي. و"دمشق"، بكسر الدال المهملة وفتح الميم، وقد تكسر، كما في القاموس، وبالشين المعجمة: قصبة الشام، والجراضم، بضم الجيم وبالضاد المهملة: الأكول الواسع البطن، وعنى به معاوية رضي الله عنه. "ويكثر" جزمها فعلي المتكلم، مبنيين للمفعول. "نحو: لا أخرج، و: لا نخرج، لأن المنهي غير المتكلم"، وهو الفاعل المحذوف النائب عنه ضمير المتكلم، والأصل: لا يخرجني أحد، ولا يخرجنا أحد. فحذف الفاعل، وأنيب عنه ضمير المتكلم، [وعدل عن الفعل المبدوء بياء الغيبية، إلى المبدوء بالهمزة والنون، ليتمكن من الإسناد إلى ضمير المتكلم] 2، على حد الالتفات من الغيبية إلى التكلم3. وما ذكره من التفصيل بين المبني للفاعل والمبني4 للمفعول، طريقة لبعضهم، وعبارة الشارح5: وتصحب فعل المخاطب والغائب كثيرًا، وقد تصحب فعل المتكلم، فسوى بين المخاطب والغائب في الكثرة، ولم يفصل في المتكلم بين المبني للفاعل والمبني للمفعول، وهو موافق لظاهر الكافية6 والتسهيل7.   839- البيت للفرزدق في الأزهية ص150، ومغني اللبيب 1/ 247، وليس في ديوانه، وللفرزدق أو للوليد في شرح شواهد المغني 2/ 633، والمقاصد النحوية 4/ 420، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 200، وشرح ابن الناظم ص493، وشرح الأشموني 3/ 574. 1 مغني اللبيب 1/ 247. 2 سقط ما بين المعكوفين من "ط". 3 في "ب": "المتكلم". 4 سقط من "ب". 5 شرح ابن الناظم ص493. 6 شرح الكافية الشافية 3/ 1565. 7 التسهيل ص235. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 394 وليس أصل "لا" الطلبية، لام الأمر زيدت عليها الألف، فانفتحت، خلافًا لبعضهم، وليست "لا" النافية. والجزم بعدها بلام الأمر مضمرة قبلها، وحذفت كراهة اجتماع لامين، خلافًا للكسائي. "و" الثاني: "اللام الطلبية أمر كانت، نحو: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ} [الطلاق: 7] ، أو دعاء، نحو: {لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} [الزخرف: 77] أو التماسًا، نحو: ليقم. فالأمر من الأعلى، والدعاء من الأدنى، والالتماس من المساوي. "وجزمها فعلي المتكلم". والمبدوء بالهمزة والمبدوء بالنون، حال كونهما "مبنيين للفاعل قليل"، لأن المتكلم لا يأمر نفسه. نحو قوله -صلى الله عليه وسلم: "قوموا فلأصل لكم" 1 أي لأجلكم. والفاء زائدة. "و" قوله تعالى: " {وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ} " [العنكبوت: 12] فأصل ونحمل: مجزومان بلام الأمر. فعلامة جزم الأول: حذف الياء، وعلامة جزم الثاني: السكون. "وأقل منه جزمها فعل الفاعل المخاطب، نحو قوله تعالى: "فَبِذَلِكَ فَلْتَفْرَحُوا" [يونس: 85] بالتاء المثناة فوق2، في قراءة لعثمان وأبي وأنس وزيد. "ونحو" قوله -صلى الله عليه وسلم: "لتأخذوا مصافكم" 3. وقول الشاعر: [من الخفيف] 840- لتقم أنت يا ابن خير قريش ... كي لتقضي حوائج المسلمينا وزعم الزجاجي أنها لغة جيدة. والجمهور جعلوا جزمها لفعل المخاطب، أقل من جزمها لفعل المتكلم. "و" قالوا: "الأكثر الاستغناء عن هذا"، وهو جزم فعل المخاطب "بفعل الأمر"، نحو افرحوا، وخذوا، وقم. وأصل لام الطلب السكون، لأن الأصل عدم الحركة، لكن منع منه أنها قد تكون في الابتداء, والابتداء بالساكن متعذر فكسرت، وقد تفتح عند سليم، فإذا دخل عليها الواو أو الفاء أو ثم، رجعت إلى سكونها الأصلي غالبًا. "و" الثالث والرابع: "لم ولما" أختها "ويشتركان في أمور في: الحرفية" والاختصاص بالمضارع "والنفي، والقلب للمضي" وجواز دخول همزة الاستفهام   1 أخرجه البخاري في كتاب الصلاة في الثياب برقم 373، ومسلم في المساجد رقم 658. 2 الرسم المصحفي {فَلْيَفْرَحُوا} ، وقرأها "فلتفرحوا" ابن عامر وأبي وأنس وابن سيرين وقتادة وابن عباس وغيرهم. وانظر الإتحاف 252، والمحتسب 1/ 313، والنشر 2/ 285، والقراءة من شواهد أوضح المسالك 4/ 204, وشرح ابن الناظم ص491، ومغني اللبيب 1/ 186. 3 أخرجه أحمد في المسند 5/ 243، وهو من شواهد شرح ابن الناظم ص492. 840- تقدم تخريج البيت برقم 21. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 395 عليهما، فكل منهما حرف يختص بالمضارع وينفي معناه1، ويقلب زمانه إلى المضي، وفاقًا للمبرد, لأنه يقلب اللفظ الماضي إلى المضارع2، خلافًا لأبي موسى، ونسب إلى سيبويه3. "وتنفرد لم" عن لما، "بمصاحبة أداءة الشرط، نحو: {وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} " [المائدة: 67] ولا يجوز: إن لما تفعل؛ لأن الشرط يليه مثبت لم. تقول: إن قام زيد قام عمرو، ولا يليه مثبت لما، لا تقول: إن قد قام زيد. فعودل بين النفي والإثبات. وإنما لم تقع بعد الشرط، لأنها تقتضي تحقيق وقوعه وتقريبه من الحال. والشرط يقتضي احتمال وقوعه وعدمه، وقلبه إلى الاستقبال. "و" تنفرد لم أيضًا "بجواز انقطاع نفي منفيها"، نحو: {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا} [الإنسان: 1] لأن المعنى أنه قد كان بعد ذلك شيئًا مذكورًا، قاله الموضح في شرح القطر4، تبعًا لابن مالك5. وقال في الحواشي: لا دليل في هذا، لأن قبله: {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ} فالنفي إنما هو باعتبار ما ذكر من ذلك الحين لا مطلقًا، انتهى. بخلاف لما، فإن نفي منفيها مستمر إلى زمن الحال. "ومن ثم" أي ومن أجل أن نفي منفي لم يجوز انقطاعه. جاز أن يقال في لم: "لم يكن" الإنسان شيئًا مذكورًا، "ثم كان" شيئًا مذكورًا. "وامتنع في لما" أن يقال: "لما يكن ثم كان" لما فيه من التناقض، لأن امتداد النفي واستمراره إلى زمن التكلم يمنع من الإخبار بأن ذلك النفي المستمر نفيه وجد في الماضي. نعم الإخبار بأنه سيكون يستقبل صحيح ولا ينافي استمرار النفي في الحال. قاله الدماميني. "وتنفرد لما" عن لم، "بجواز حذف مجزومها، كـ: قاربت المدينة ولما"، بحذف المجزوم، "أي: ولما أدخلها". وذلك لأنها نفي لـ"قد فعل"، والفعل قد يحذف   1 سقط من "ب". 2 الكامل 1/ 361. 3 الكتاب 3/ 117. 4 شرح قطر الندى ص83، 84. 5 شرح الكافية الشافية 3/ 1573. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 396 بعد "قد"، كقوله: [من الكامل] 841- ........................ ... ............. وكأن قد "فأما قوله"، وهو إبراهيم بن علي بن محمد الهرمي: [من الكامل] 842- احفظ وديعتك التى استودعتها ... يوم الأعازب إن وصلت وإن لم أي: وإن لم تصل. "فضرورة". والأعازب، يروى بالعين المهملة والزاي المعجمة، وبالغين المعجمة والراء المهملة: التباعد. "و" تنفرد لما أيضًا "بتوقع ثبوته"، أي ثبوت منفيها. "نحو: {بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ} [ص: 8] أي: إلى الآن ما ذاقوه وسوف يذوقونه. {وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} " [الحجرات: 14] أي: إلى الآن ما دخل في قلوبكم وسوف يدخل. ولم لا تقتضي ذلك. والعلة فيه أن لما لنفي قد فعل، وهو مفيد للتوقع، بخلاف لم فإنها لنفي فعل، ولا دلالة فيه على التوقع، والتوقع في فلما غالب، لا لازم، كما أن التوقع بـ"قد"، كذلك، ومن غير الغالب: ندم إبليس ولما ينفعه الندم1. "ومن ثم"، أي ومن أجل أن "لما" يغلب عليها التوقع؛ "امتنع" أن يقال: "لما يجتمع الضدان" لاستحالة اجتماعهما. وتوقع المستحيل محال.   841- تمام البيت: أزف الترحل غير أن ركبنا ... لما تزل برحالنا وكأن قد وهو للنابغة الذبياني في ديوانه ص89، والأزهية ص211، والأغاني 11/ 8، والجنى الداني ص146، 260، وخزانة الأدب 7/ 197، 198، 10/ 407، والدرر اللوامع 2/ 254، وشرح شواهد المغني ص490، 764، وشرح المفصل 8/ 148، 9/ 18، 52، ولسان العرب 3/ 346 "قدد"، ومغني اللبيب ص171، والمقاصد النحوية 1/ 80، 2/ 314، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 56، 356، وأمالي ابن الحاجب 1/ 455، وخزانة الأدب 9/ 8، 11/ 260، ورصف المباني ص72، 125، 448، وسر صناعة الإعراب ص334, 490، 777، وشرح الأشموني 1/ 12، وشرح ابن عقيل 1/ 19، وشرح قطر الندى ص160، وشرح المفصل 10/ 110، ومغني اللبيب ص342، والمقتضب 1/ 42، وهمع الهوامع 1/ 143، 2/ 80. 842- البيت لإبراهيم بن هرمة في ديوانه ص191، وخزانة الأدب 9/ 8، 10، والدرر 2/ 176، وشرح شواهد المغني 2/ 628، والمقاصد النحوية 4/ 443، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 4/ 114، وأوضح المسالك 4/ 202، وجواهر الأدب ص256، 424، والجنى الداني ص269، وشرح الأشموني 3/ 576، ومغني اللبيب 1/ 280، وهمع الهوامع 2/ 56. 1 انظر شرح الكافية الشافية 3/ 1574. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 397 وقد تتقارض "أن" المصدرية، و"لم" فتجزم بـ"أن"، وتنصب بـ"لم"، وقد تهمل "لم" حملا على "لا" النافية، فيرتفع بعدها الفعل، كقوله: [من البسيط] 843- ............................... ... ......... لم يوفون بالجار ومن ثم قال الفراء: أصل لم: "لا" فأبدلت الألف ميمًا، كما قال في "لن"، أصلها "لا" فأبدلت الألف نونًا، والصحيح في لما، قول الجمهور: إنها مركبة من "لم" و"ما" وقيل بسيطة. "و" النوع الثاني: "جازم فعلين، وهو" إحدى عشرة كلمة، وهي بالنظر إلى الخلاف في حقيقتها وعدمه، "أربعة أنواع": "حرف باتفاق، وهو إن"، بكسر الهمزة وسكون النون، وهي أم الباب. "وحرف على الأصح، وهو إذما"، فقال سيبويه1: إنها حرف بمنزلة "إن" الشرطية فإذا قلت: إذما تقم أقم، فمعناه: إن تقسم أقم. وقال المبرد، وابن السراج، والفارسي: إنها ظرف زمان وإن المعنى في المثال: متى تقم أقم. واحتجوا بأنها قبل دخول "ما" كانت اسمًا2. والأصل عدم التغيير. وأجيب بأن التغيير قد تحقق بدليل أنها كانت للماضي فصارت للمستقبل، فدل عى أنها نزع منها ذلك المعنى البتة، واعترض بأنه لا يلزم من تغيير زمانها، تغيير ذاتها كالمضارع. فإنه موضوع لأحد الزمانين، الحال أو الاستقبال، وإذا دخل عليه "لم"، انقلب زمانه إلى المضي مع بقاء ذاته على أصلها. "واسم باتفاق، وهو: من" بفتح الميم، "و: ما، و: متى، و: أي، و: أين، و: أيان، و: أنى، و: حيثما". "واسم على الأصح، وهو مهما"، فقال الجمهور، إنها اسم بدليل عود الضمير عليها في قوله تعالى: {مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ} [الأعراف: 132] . وزعم السهيلي، وابن يسعون، بمهملتين، أنها حرف.   843- تمام البيت: لولا فوارس من ذهل وأسرتهم ... يوم الصلفياء لم يوفون بالجار وهو بلا نسبة في الجني الداني ص266، وخزانة الأدب 1/ 205، 9/ 3، 11/ 431، والدرر 2/ 178، وسر صناعة الإعراب 1/ 448، وشرح الأشموني 3/ 576، وشرح شواهد المغني 2/ 674،/ وشرح عمدة الحافظ ص376، وشرح المفصل 7/ 8، ولسان العرب 9/ 189، "صلف"، والمحتسب 2/ 42، ومغني اللبيب 1/ 277، 339، والمقاصد النحوية 4/ 446، وهمع الهوامع 2/ 56. 1 الكتاب 3/ 56، 75. 2 انظر الارتشاف 2/ 547، وشرح الشافية 3/ 1622. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 398 وهذه الأنواع الأربعة، ستة أقسام: أحدها: ما وضع لمجرد تعليق الجواب على الشرط، وهو "إن، وإذما" نحو: {وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ} [الأنفال: 19] ، و"إذما تقم أقم". والثاني: ما وضع للدلالة على من يعقل، ثم ضمن معنى الشرط، وهو من، نحو: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} [النساء: 123] . والثالث: ما وضع للدلالة على ما لا يعقل، ثم ضمن معنى الشرط، وهو "ما، ومهما" نحو: {وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ} [البقرة: 197] ، {مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آَيَةٍ} [الأعراف: 132] الآية. والرابع: ما وضع للدلالة على الزمان ثم ضمن معنى الشرط، وهو "متى"، و"أيان" نحو: [من الوافر] 844- ..................................... ... متى أضع العمامة تعرفوني ونحو: إيان نؤمنك، تأمن غيرنا. والخامس: ما وضع للدلالة على المكان ثم ضمن معنى الشرط، وهو: أين وأنى وحيثما نحو: {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُكُمُ الْمَوْتُ} [النساء: 87] ، ونحو: [من الطويل] 845- ... أنى تأتها تشتجر بها ... .............................. ونحو: [من الخفيف] 846- حيثما تستقم يقدر لك اللـ ... ـه نجاحا ...................... والسادس: ما هو متردد بين أنواع الاسم الأربعة، وهو "أي"، فإنها بحسب ما تضاف إليه. فهي في "أيهم يقم أقم معه" من باب من، وفي "أي الدواب تركب أركب" من باب ما، وفي "أي يوم تصم أصم" من باب متى، وفي "أي مكان تجلس أجلس" من باب أين.   844- صدر البيت: "أنا ابن جلا وطلاع الثنايا"، وتقدم تخريج البيت برقم 789. 845- تمام البيت: فأصبحت أنى تأتها تشتجر بها ... كلا مركبيها تحت رجليك شاجر وهو للبيد بن ربيعة في ديوانه ص220، وخزانة الأدب 7/ 91، 93، 10/ 45، 46، وشرح أبيات سيبويه 2/ 43، وشرح المفصل 4/ 110، والكتاب 3/ 58، ولسان العرب 5/ 47، "فجر"، والمعاني الكبير ص871، وبلا نسبة في شرح عمدة الحافظ ص364، وشرح قطر الندى ص90، وشرح المفصل 7/ 45، والمقتضب 2/ 48. 846- عجز البيت: "نجاحًا في غابر الأزمان"، هو بلا نسبة في تذكرة النحاة 736، وخزانة الأدب 7/ 20، وشرح ابن الناظم 495، وشرح الأشموني 3/ 510، وشرح شواهد المغني 1/ 391، وشرح ابن عقيل 2/ 368، وشرح قطر الندى ص89، ومغني اللبيب 1/ 133، والمقاصد النحوية 4/ 426. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 399 "و" هذه الكلمات "كل منهن يقتضي فعلين، يسمى أولهما شرطًا" لتعليق الحكم عليه، "و" يسمى "ثانيهما جوابًا" لأنه مرتب على الشرط كما يرتب الجواب على السؤال. "وجزاء" لأن مضمونه جزاء لمضمون الشرط. وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 689- فعلين يقتضين شرط قدما ... يتلو الجزاء وجوابًا وسما وفهم من قوله: "وجازم لفعلين"، أن أداة الشرط جازمة لهما معًا. وهو مذهب الجمهور من البصريين1 واختاره ابن عصفور2 والأبدي. واعترض بأن الجازم كالجار، فلا يعمل في شيئين، وبأنه ليس لنا ما يتعدد عمله إلا ويختلف كرفع ونصب. ويجاب بالفرق بأن الجازم لما كان لتعليق حكم على آخر عمل فيهما، بخلاف الجار، وبأن تعدد العمل قد عهد من غير اختلاف، كمفعولي "ظن"، ومفاعيل أعلم. وقيل: الشرط مجزوم بالأداة، والجواب مجزوم بالشرط، كما أن المبتدأ مرفوع بالابتداء والخبر مرفوع بالمبتدأ، ونسب إلى الأخفش، واختاره في التسهيل3. وقيل: الشرط والجواب تجازما، كما قال الكوفيون في المبتدأ والخبر أنهما ترافقا، وهذا نقله ابن جني عن الأخفش4. وقيل: الأداة والشرط كلاهما جزم الجواب، كما قيل الابتداء والمبتدأ كلاهما رفع الخبر، ونسب هذا القول لـ: سيبويه والخليل5، ورد بأن العامل المركب لا يحذف أحد جزأيه ويبقى الآخر، وفعل الشرط قد يحذف، وبأن العامل المركب لا يفصل بين جزأيه، وقد جاء الفصل، نحو: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ} [التوبة: 6] وأجيب بأن فعل الشرط هو المحذوف، وهذا مفسر له. وقيل: الجواب مجزوم بالجوار، قاله الكوفيون قياسًا للجزم على الجر6، ورد بأنه قد يكون بينهما معمولات فاصلة فلا تجاور.   1 انظر الإنصاف 2/ 602، والمسألة رقم 84. 2 المقرب 1/ 273. 3 التسهيل ص237. 4 الخصائص 1/ 18. 5 الكتاب 3/ 62. 6 الارتشاف 2/ 557. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 400 "و" لا يشترط في الشرط والجزاء أن يكونا من نوع واحد، بل تارة "يكونان مضارعين نحو: {وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ} [الأنفال: 19] . "و" تارة يكونان "ماضيين نحو: {وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا} [الإسراء: 8] . "و" تارة يكونان مختلفين، "ماضيا فمضارعًا نحو: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ} [الشورى: 20] . وفي الخاطريات لابن جني: قال أبو بكر: إنما حسن لأن الاعتماد في المعنى على خبر "كان"، وهو مضارع، فكأنه قال: ومن يرد نزد، وليس مثل قولك إن آتيتني آتك، قال الموضح: فتتبعت ما ورد به التنزيل من ذلك، فإذا فعل الشرط فيه كلمة "كان". "و" تارة يكونان "عكسه"، مضارعًا فماضيًا، "وهو قليل" حتى خصه الجمهور بالشعر، ومذهب الفراء1، ومن تبعه، جوازه في الاختيار. "نحو" قوله -صلى الله عليه وسلم: "من يقم ليلة القدر إيمانا واحتساب غفر له". رواه البخاري2. "ومنه: {إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ" أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ} [الشعراء: 4] ، فـ"ظلت": ماض وهو معطوف على الجواب، وهو ننزل، فيكون جوابًا "لأن تابع الجواب جواب. ورد الناظم" في شرح التسهيل3 "بهذين" الحديث والآية "ونحوهما، على الأكثرين، إذ خصوا هذا النوع بالضرورة". وقالوا: لأنا إذا أعلمنا الأداة في لفظ الشرط، ثم جئنا بالجواب ماضيًا، كنا قد هيأنا العامل للعمل. ثم قطعناه عنه، وهو غير جائز، وللأكثرين أن يجيبوا عن الحديث بأنه يجوز روايته بالمعنى، فليس نصًّا في الدليل. وعن الآية بأنه يغتفر في التابع ما لا يغتفر في المتبوع، ويتحصل من قول الناظم: 699- وماضيين أو مضارعين ... تلفيهما أو متخالفين تسع صور لأن الشرط له ثلاثة أحوال: فإنه يكون ماضي اللفظ، أو مضارعًا عاريًا من "لم" أو مصحوبًا بها، والجزاء كذلك. وإذا ضربت ثلاثًا في ثلاث، بلغت تسعًا، منها ثمان تجوز في الاختيار اتفاقًا، وواحدة مختلف فيها، وهي أن يكون الشرط مضارعًا والجزاء ماضيًا عاريًا من "لم"، كما في الحديث والآية.   1 معاني القرآن 2/ 276. 2 أخرجه البخاري في كتاب الإيمان برقم 35، وأعاده في الصوم برقم 1802، 1901. 3 شرح التسهيل 4/ 91، 92. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 401 "ورفع الجواب المسبوق بماض أو بمضارع منفي بـ"لم" قوي، كقوله" وهو زهير يمدح هرم بن سنان: [من البسيط] 847- وإن أتاه خليل يوم مسألة ... يقول لا غائب مالي ولا حرم يرفع يقول، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 700- وبعد ماض رفعك الجزا حسن ... .................................. والذي حسن ذلك أن الأداء لما لم تعمل في لفظ الشرط لكونه ماضيًا مع قربه، فلا تعمل في الجواب مع بعده، والمراد بالخليل هنا: الفقير المختل الحال، وليس المراد به الصديق. والمسألة، مصدر سأل، يقال: سأله سؤالا ومسألة. ويروى مسغبة، مكان مسألة، وعلى هذا أنشده الجوهري1. والمسغبة، المجاعة. والحرام، بفتح الحاء المهملة وكسر الراء، مصدر كالحرمان، ومعناه: المنع. وهو مبتدأ حذف خبره، أي: لا غائب مالي ولا عندي حرمان. على أحد الاحتمالات. "ونحو: إن لم تقم أقوم" برفع أقوم، لأن مجزوم "لم" لا عمل للأداة فيه فهو كالماضي. "ورفع الجواب في غير ذلك ضعيف". وإليه أشار الناظم بقوله: 700- ........................... ... ورفعه بعد مضارع وهن "كقوله"، وهو أبو ذؤيب الهذلي: [من الطويل] 848- فقلت تحمل فوق طوقك إنها ... مطبعة من يأتها لا يضيرها   847- البيت لزهير بن أبي سلمى في ديوانه ص153، والإنصاف 2/ 625، وخزانة الأدب 9/ 48، 70، والدرر 2/ 182، وشرح ابن الناظم ص497، وشرح ابن عقيل 2/ 373، وشرح أبيات سيبويه 2/ 85، وشرح شذور الذهب ص349، وشرح شواهد المغني 2/ 838، وشرح المفصل 8/ 157، والكتاب 3/ 66، ومغني اللبيب 2/ 422، والمقاصد النحوية 4/ 429، والمقتضب 2/ 70، والكامل ص174، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 207. 1 أنشده الجوهري في الصحاح كرواية أوضح المسالك، ولعل ما ذكره الأزهري ورد في نسخة أخرى من الصحاح. 848- البيت لأبي ذؤيب الهذلي في خزانة الأدب 9/ 52، 75، 71، وشرح أبيات سيبويه 2/ 193، وشرح أشعار الهذليين، 1/ 308، والشعر والشعراء 2/ 569، والكتاب 3/ 70، ولسان العرب 4/ 495، "ضير"، 8/ 233 "طبع"، والمقاصد النحوية 4/ 431، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 208، وشرح ابن الناظم ص498، وشرح الأشموني 3/ 586، وشرح المفصل 8/ 158، والمقتضب 2/ 72. يصف قرية كثيرة الطعام، من امتار منها وحمل فوق طاقته لم ينقصها شيئًَا، والطوق. الطاقة. والمطبعة: المملوءة طعامًا ويقصد القربة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 402 برفع "يضيرها". "وعليه قراءة طلحة بن سليمان" في الشواذ: ""أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُكُمُ الْمَوْتُ"" [النساء" 78] برفع "يدرككم"1. ووجه ضعفه أن الأداة قد عملت في فعل الشرط. فكان القياس عملها في الجواب. وتخريجه عن سيبويه على نية التقديم والتأخير. أو إضمار الفاء، والأول عنده أولى إن تقدم عل الشرط ما يطلب المرفوع المذكور. كقوله: [من الرجز] 849- .............................. ... إنك إن يصرع أخوك تصرع والمبرد يقطع بتقدير2 الفاء فيهما3. لأن ما يحل محلا يمكن أن يكون له، لا ينوي به غيره. وهذان التخريجان ضعيفان، لأن التقديم والتأخير يحوج إلى جواب، ودعوى حذفه وجعل المذكور دليله خلاف الأصل وخلاف فرض المسألة، لأن الغرض أنه الجواب. وإضمار الفاء مع غير القول مختص بالضرورة.   1 الرسم المصحفي {يُدْرِكْكُمُ} بالجزم. وانظر قراءة طلحة بن سليمان في البحر المحيط 3/ 299، والمحتسب ص193، وهي من شواهد شرح ابن الناظم ص498، ومغني اللبيب 2/ 127، وأوضح المسالك 4/ 209، والدرر 2/ 190. 849- قبل البيت الشاهد: "يا أقرع بن حابس يا أقرع" وهو لجرير بن عبد الله البجلي في شرح أبيات سيبويه 2/ 121، والكتاب 3/ 67، ولسان العرب 11/ 46، "بجل" وله أو لعمرو بن خثارم العجلي في خزانة الأدب 8/ 20، 23، 28 وشرح شواهد المغني 2/ 897، والمقاصد النحوية 4/ 430، ولعمرو بن خثارم البجلي في الدرر 1/ 121، وديوان الأدب 1/ 435، وبلا نسبة في جواهر الأدب ص202، والإنصاف 2/ 623، ورصف المباني 104، وشرح ابن عقيل 2/ 347، وشرح ابن الناظم ص498، وشرح الأشموني 3/ 586، وشرح المفصل 8/ 185، وعمدة الحفاظ "صرع"، والكامل ص175، ومغني اللبيب 2/ 553، والمقتضب 2/ 72، وهمع الهوامع 1/ 72. 2 في "ب": "بتقديم". 3 انظر الكامل ص175، والمقتضب 2/ 72. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 403 فصل: يشترط في الشرط ستة أمور: أحدها: أن يكون فعلا غير ماضي1 المعنى فلا يجوز: إن قام زيد أمس قمت. وأما قوله تعالى: {إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ} [المائدة: 116] ، فالمعنى: إن ثبت أني كنت قلته. والثاني: أن لا يكون طلبًا، فلا يجوز: إن قم، و: إن لا تقم. والثالث: أن لا يكون جامدًا، فلا يجوز: إن عسى، ولا: إن ليس. والرابع: أن لا يكون مقرونًا بحرف تنفيس2، فلا يجوز: إن سوف يقم. والخامس: أن لا يكون مقرونًا بـ"قد" فلا يجوز: إن قد قام، ولا: إن قد يقم. والسادس: أن لا يكون مقرونًا بحرف نفي غير "لم، ولا"، فلا يجوز: إن لما تقم3، ولا: إن لن تقم4. إذا تمهد ذلك فتقول5: كل جواب يصلح6 جعله شرطًا بأن يكون7 ماضي اللفظ دون المعنى، مجردًا من "قد" وغيرها، أو مضارعًا مجردًا، أو منفيًّا بـ"لم، أو لا"، فالأكثر خلوه من الفاء، ويجوز اقترافه بها، ويبقى الماضي على حاله ويرفع المضارع، نحو: {وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ} [النمل: 90] ، ونحو {فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ} [الجن: 13] قاله الشارح8، وقال غيره: إذا رفع المضارع فالجواب جملة اسمية. والتقدير: فهو لا يخاف9.   1 في "ب": "ماض". 2 في "ب": "التنفيس". 3 في "ب"، "ط": "يقم". 4 في "أ": "تقوم"، والوجه حذف واوه للجزم، وفي "ط": "يقوم". 5 في "ب": "فنقول". 6 في "ب"، "ط": "ويصح". 7 في "ب", "ط": "كان". 8 شرح ابن الناظم ص498، 499. 9 بعده في "ط": "قال المرادي: وهذا هو التحقيق. ا. هـ. بمعناه". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 404 "وكل جواب يمتنع جعله شرطًا" لخلوه عما شرط، "فإن الفاء تجب فيه" لتربطه بشرط، لأن الجزم الحاصل به الربط مفقود، وليس على تقدير [الظهور] 1. وخصت الفاء بذلك لما فيها من معنى السببية، ولمناسبتها للجزاء معنى. "وذلك" من حيث إن معناه التعقيب بلا فصل. كما أن الجزاء يتعب على الشرط كذلك. والممتنع جعله شرطًا. "الجملة الاسمية، نحو: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} " [الأنعام: 17] فـ"هو" مبتدأ و"قدير" خبره. "وعلى كل شيء" تتعلق بـ"قدير". فإن قلت: "قدير" صفة مشبهة فكيف تقدم معمولها عليها. قلت: قد مضى، في بابها؛ أن عملها في الظرف وعديله لما فليها من رائحة الفعل، وذلك لا يمنع التقديم. والجملة الطلبية نحو: {إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي} [آل عمران: 31] وقس عليه بقية أنواع الطلب من النهي والدعاء، ولو بصيغة الخر والاستفهام والعرض والتحضيض2 والتمني والترجي. ولا نطيل بأمثلتها، فالذكي ينال بمثال الواحد ما لا يناله الغبي بألف شاهد. وقد تكون الجملة الواحدة اسمية طلبية في آن واحد، وقد اجتمعتا3 في قوله تعالى {وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ} [آل عمران: 160] فجملة: "من ذا الذي ينصركم" اسمية، لأن صدره اسم وهو "من" وطلبية لأن "من" فيها استفهامية وهي مبتدأ، و"ذا" اسم إشارة خبرها، "والذي": نعت له أو بيان، ويحتمل أن تكون "ذا" ملغاة، والخبر الموصول والجملة جواب الشرط. "والتي فعلها" ماضي المعنى، نحو: {إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ} [يوسف: 26] قاله الموضح في شرح الشذور4. وقال الشاطبي5: هو على إضمار "قد" أي: فقد صدقت. "والتي فعلها جامد، نحو: {إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا} [الكهف: 39] {فَعَسَى رَبِّي " أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ} [الكهف: 40] . "أو مقرون بـ"قد"، نحو:   1 إضافة من "ب"، "ط". 2 في "ب": "التخصيص". 3 في "أ": "اجتمعا". 4 شرح شذور الذهب ص341. 5 انظر شرح المرادي 4/ 250. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 405 {إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ" لَهُ مِنْ قَبْلُ} [يونس: 77] "أو تنفيس نحو: {وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى} [الطلاق: 6] ، {وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [التوبة: 28] . "أو "لن"، نحو: {وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ} [آل عمران: 115] . يقم فإن أقوم. والحاصل أن الفاء تدخل لامتناع الجملة من أن تقع شرطًا. إما لذاتها أو لما اقترن بها من نفي أو إثبات، فالأول ثلاثة أنواع: الجملة الاسمية، والجملة الطلبية، والجملة التي فعلها جامد. والثاني ثلاثة أنواع أيضًا: "ما، ولن، وإن" النافيات. والثالث ثلاثة أنواع أيضًا: "قد" لفظًا أو تقديرًا، و"السين، وسوف". "وقد تحذف" الفاء في الندرة كقوله -صلى الله عليه وسلم- لأبي بن كعب لما سأله عن اللقطة: "فإن جاء صاحبها وإلا استمتع بها". أخرجه البخاري1. أو "في الضرورة، كقوله"، وهو عبد الرحمن بن حسان -رضي الله عنه2: [من البسيط] 580- من يفعل الحسنات الله يشكرها ... والشر بالشر عند الله مثلان أراد: فالله يشكرها. وعن المبرد أنه منع ذلك مطلقًا، وزعم أن الرواية3: من يفعل الخير فالرحمن يشكره ... .........................................   1 أخرجه البخاري في كتاب اللقطة برقم 2294. 2 في "ط": "عبد الرحمن بن حسان بن ثابت -رضي الله تعالى عنهما". 850- البيت لعبد الرحمن بن حسان في خزانة الأدب 2/ 365، ولسان العرب 11/ 47، "بجل"، والمقتضب 2/ 72، ومغني اللبيب 2/ 56، والمقاصد النحوية 4/ 433، ونوادر أبي زيد ص31، ولكعب بن مالك في ديوانه ص288، وشرح أبيات سيبويه 2/ 109، وله أو لعبد الرحمن بن حسان في خزانة لأدب 9/ 49، 52، وشرح شواهد المغني 1/ 178، ولحسان بن ثابت في الدرر 2/ 187، والكتاب 3/ 65، وليس في ديوانه، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 281، وسر صناعة الإعراب 1/ 264، 265، وشرح ابن الناظم ص499، وشرح شواهد المغني 1/ 286، وشرح المفصل 9/ 2، 3، والكتاب 3/ 114، والمحتسب 1/ 193، والمقرب 1/ 276، والمنصف 3/ 118، وهمع الهوامع 2/ 60. ويروى "سيان" مكان "مثلان". 3 المقتضب 2/ 72. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 406 ويرد بالحديث المتقدم. "و" بنحو "قوله: [من الطويل] 851- ومن لا يزل ينقاد للغي والصبا ... سيلفى على طول السلامة نادمًا "أراد: فسيلفى، بالفاء1، أي: سيوجد، من ألفى بمعنى وجد. وإلى الربط2 بالفاء أشار الناظم بقوله: 701- واقرن بفا حتما جوابًا لو جعل ... شرطًا لإن أو غيرها لم ينجعل "ويجوز أن تغني إذا الفجائية عن الفاء" في الربط، لأنها أشبهت الفاء في كونها لا يبتدأ بها، ولا تقع إلا بعد ما هو معقب بما بعدها فقامت مقامها، "إن كانت الأداة" الجازمة "إن" لأنها أم باب الجوازم الشرطية، أو كانت الأداة غير الجازمة "إذا" الشرطية لأنها تشبه "إن" في كونها أم باب الشروط غير الجازمة3، "والجواب" فيهما "جملة اسمية" موجبة, "غير طلبية" وغير مقرونة بـ"إن" التوكيدية، "نحو: {وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ} " [الروم: 36] فجملة: هم يقنطون: جواب "إن" والرابط "إذا" الفجائية، ونحو: {إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ} [الروم: 25] فـ"أنتم تخرجون": جواب "إذا" الشرطية مرتبطة بإذا الفجائية، وقد يجمع بين الفاء و"إذا" الفجائية تأكيدًا، خلافًا لمن منع ذلك4. قال الله تعالى: {فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [الأنبياء: 97] . قال الزمخشري5: إذا [هذه] 6 هي الفجائية، وقد تقع في المجازاة سادة مسد الفاء، فإذا جاءت الفاء معها تعاونتا على وصل الجزاء فيتأكد، ولو قيل هي شاخصة، أو فهي شاخصة، كان سديدًا. انتهى. وإلى خلف "إذا" الفجائية للفاء، أشار الناظم بقوله: 702- وتخلف الفاء إذا المفاجأه ... ................................   851- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 211، وشرح ابن الناظم ص499، وشرح الأشموني 3/ 588، والمقاصد النحوية 4/ 433. 1 في "ب": "فسيلقي"؛ بالقاف. 2 في "أ", "ب": "الرابط". 3 في "ب"، "ط": "الجوازم". 4 انظر شرح ابن عقيل 2/ 376، والارتشاف 2/ 553. 5 الكشاف 2/ 584. 6 سقطت من "أ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 407 فصل: "وإذا انقضت الجملتان"، جملة الشرط وجملة الجواب. "ثم جئت بمضارع مقرون بالفاء أو بالواو، فلك جزمه بالعطف" على لفظ الجواب، إن كان مضارعًا مجزومًا، وعلى محله إن كان ماضيًا أو جملة، "ورفعه على الاستئناف، ونصبه بـ"أن" مضمرة وجوبًا"، لأن مضمون الجزاء لم يتحقق وقوعه فأشبه الواقع بعده الواقع بعد الاستفهام، "وهو قليل"1. "قرأ عاصم بن عامر {فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ} [البقرة: 284] ؛ بالرفع" على الاستئناف2، "وباقيهم؛ بالجزم"3؛ عطفًا على لفظ: {يُحَاسِبْكُمْ} [البقرة: 284] . "و" قرأ "ابن عباس"، وأبو حيوة، والأعرج، في غير السبع؛ " بالنصب" بـ"أن" مضمرة وجوبًا بعد الفاء4، "وقرئ بهن"؛ أي بالرفع والنصب والجزم؛ "أيضًا في قوله تعالى: {مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ} [الأعراف: 186] ؛ بالرفع على الاستئناف، وبه قرأ أبو عمرو وعاصم، مع الياء2، والباقون، مع النون5، والجزم بالعطف على محل جملة: "فلا هادي له"، وبه قرأ الكسائي وحمزة، مع الياء6، والنصب بـ"أن" مضمرة وجوبًا بعد الواو، ولم أقف على من قرأ به. وإلى ذلك أشار   1 انظر شرح ابن الناظم ص500، وشرح ابن عقيل 2/ 377، وشرح شذور الذهب ص351، والكتاب 3/ 89، 90. 2 كما في الرسم المصحفي. 3 هي قراءة نافع وابن كثير وأبي عمرو وحمزة والكسائي والأعمش. انظر البحر المحيط 2/ 360، والإملاء للعكبري 1/ 71. 4 انظر المحيط 2/ 360، والإملاء للعكبري 1/ 71. 5 أي: "نذرهم" وقرأ بها ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر. انظر النشر 2/ 273، والكشاف 2/ 106. 6 أي: يذرهم" وقرأها مع الكسائي وحمزة: ابن مصرف والأعمش وخلف. وانظر النشر 2/ 273، والكشاف 2/ 106. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 408 الناظم بقوله: 703- والفعل من بعد الجزا إن يقترن ... بالفا أو الواو بتثليث قمن "وإذا توسط المضارع المقرون بالفاء أو بالواو بين الجملتين"، جملة الشرط وجملة الجواب. "فالوجه الجزم" بالعطف على الشرط المجزوم لفظًا أو محلا، ويجوز النصب بأن مضمرة وجوبًا بعد الفاء أو الواو، وإليه أشار الناظم بقوله: 704- وجزم أو نصب لفعل إثر فا ... أو واو ان بالجملتين اكتنفا وامتنع الرفع إذ لا يصح الاستئناف قبل الجواب. قال سيبويه1: سألت الخليل عن قولك: إن تأتني فتحدثني، أو وتحدثني، أحدثك، بالنصب، فقال: هذا يجوز والجزم الوجه. وجاء النصب مصرحًا به، "كقوله": [من الطويل] 852- ومن يقترب منا ويخضع نؤوه ... ولا يخش ظلمًا ما أقام ولا هضما الرواية: بنصب: يخضع، ولا يصح الوزن إلا به، والهضم؛ بالضاد المعجمة؛ من قولهم: هضم أخاه: إذا لم ينصفه ويوفه حقه. وقابل الظلم بالهضم مع أنه نوع منه، اقتباسًا من قوله تعالى: {فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا} [طه: 112] . والنصب في مسألة التوسط أمثل منه في مسألة التأخر، لأن العطف فيها على فعل الشرط، وفعل الشرط غير واجب فكان قريبًا من الاستفهام والأمر والنهي ونحوها، قاله الشاطبي. ونقل عن الكوفيين أنهم أجروا "ثم" مجرى الفاء والواو، فيقولون: إن تأتني ثم تحدثني أكرمك. بنصب تحدثني. احتجوا بقراءة بعضهم: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [النساء: 100] بنصب يدركه وهي قراءة قتادة والجراح2، وقد قرئ بالرفع، وهي قراءة طلحة بن سليمان، وإبراهيم النخعي2، والجزم قراءة الجماعة3، وهذه القراءات لم يثبت البصريون بها حكما لندورها.   1 الكتاب 3/ 88، ونقله ابن الناظم في شرحه ص500. 852- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 214، وشرح ابن الناظم ص501، وشرح الأشموني 3/ 591، وشرح شواهد المغني 2/ 401، وشرح شذور الذهب ص351، وشرح عمدة الحافظ ص361، ومغني اللبيب 2/ 566، والمقاصد النحوية 4/ 434. 2 انظر البحر المحيط 3/ 337، والكشاف 1/ 294، والمحتسب 1/ 195. 3 كما في الرسم المصحفي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 409 فصل: "يجوز حذف ما علم من شرط إن كانت الأداة: إن حال كونها "مقرونة" بـ: لا" النافية "كقوله"، وهو الأحوص يخاطب مطرًا، وكان مطر1 ذميم الخلقة وتحته امرأة جميلة: [من الوافر] 853- فطلقها فلست لها بكفء ... وإلا يعل مفرقك الحسام فحذف الشرط لدلالة قوله "فطلقها" عليه، وأبقى جوابه. "أي2: وإلا تطلقها يعل". وقد يختلف واحد من "إن" والاقتران بـ"لا"، وقد يتخلفان معًا. فالأول ما حكاه ابن الأنباري في الإنصاف3 عن العرب: "من سلم عليك فسلم عليه، ومن لا فلا تعبأ به. أي: ومن لا يسلم عليك فلا تعبأ به". قال الشاطبي: وهذا نص في الجواز. والثاني: نحو: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا} [النساء: 128] فحذف الشرط مع انتفاء اقتران "إن" بـ"لا". والثالث كقوله: [من الطويل] 854- متى توخذا قسرا بظنة عامر ... ولم ينج إلا في الصفاد يزيد   1 سقط من "ب": "وكان مطر". 853- البيت للأحوص في ديوانه ص190، والأغاني 15/ 234، وخزانة الأدب 2/ 151، والدرر 2/ 191، وشرح شواهد المغني 2/ 767، 936، والمقاصد النحوية 435، وبلا نسبة في الارتشاف 2/ 56، والإنصاف 1/ 72، وأوضح المسالك 4/ 251، ورصف المباني ص106، وشرح ابن الناظم ص501، وشرح الأشموني 3/ 591، وشرح التسهيل 4/ 80، وشرح شذور الذهب ص343، وشرح ابن عقيل 2/ 380، وشرح عمدة الحافظ ص369، ولسان العرب 15/ 4691 "إما لا"، ومغني اللبيب 2/ 647، والمقرب 1/ 276، وهمع الهوامع 2/ 62. 2 سقطت من "ب". 3 الإنصاف من "ب". 854- البيت بلا نسبة في الدرر 2/ 193، وشرح ابن الناظم ص501، وشرح الأشموني 3/ 592، والمقاصد النحوية 4/ 463، وهمع الهوامع 2/ 63. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 410 أي: متى تثقفوا تؤخذوا، فحذف الشرط مع انتفاء الأمرين. والقسر: القهر. والظنة؛ بكسر المشالة: التهمة. والصفاد؛ بكسر المهملة، ما يوثقف به الأسير من قيد وغيره1. "و" يجوز حذف "ما علم من جواب" شرطه ماض، "نحو": {وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ "فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا} الآية"، وتمامها {فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآَيَةٍ} [الأنعام: 35] ، فإن استطعت: شرط حذف جوابه لدلالة الكلام عليه، والتقدير: فافعل. والشرط الثاني وجوابه جواب الشرط الأول. والمعنى إن استطعت منفذًا تحت الأرض تنفذ فيه، فتطلع لهم بآية، أو سلمًا تصعد به إلى السماء، فتنزل منها بآية، فافعل. ويجوز حذف الشرط والجزاء معا وإبقاء الأداة، كقول النمر بن تولب: [من المتقارب] 855- فإن المنية من يخشها ... فسوف تصادفه أينما أي: أينما يذهب2 تصادفه. وقد اجتمع حذف جواب2 وشرط في قوله -صلى الله عليه وسلم: "فإنه جاء صاحبها وإلا استمتع بها" 3 فحذف من الأول الجواب ومن الثاني الشرط، والتقدير: فإن جاء صاحبها فردها إليه4 وإن لم يجئ فاستمتع بها. "ويجب حذف الجواب إن كان الدال عليه ما تقدم مما هو جواب في المعنى" ولا يصح جعله جوابًا صنعة، إما لكون جملة اسمية مجردة من الفاء، "نحو: أنت ظالم إن فعلت"، أي: فأنت ظالم وإما لكونه جملة منفية بـ"لم"5 مقرونة بالفاء، نحو قوله: [من الطويل] 856- فلم أرقه إن ينج منها ..... ... .................................   1 ورد هذا الشرح بتمامه في الدرر 2/ 192. 855- البيت للنمر بن تولب في ديوانه ص378، وأدب الكاتب ص214، والاقتضاب ص557، والمعاني الكبير ص1264، والمقاصد النحوية 1/ 575، وبلا نسبة في رصف المباني ص72، 125. 2 سقط من "ب". 3 أخرجه البخاري في كتاب اللقطة برقم 2294، وتقدم ص406. 4 سقط من "ب": "فردها إليه". 5 في "ط": "بل" مكان "بـ: لم". 856- تمام البيت: فلم أرقه إن ينج منها وإن يمت ... فطعنة لا غس ولا بمغمر وهو لزهير بن مسعود في لسان العرب 6/ 154 "غسس" ونوادر أبي زيد ص70، وبلا نسبة في الإنصاف 2/ 626، وجمهرة اللغة ص133، والخصائص 2/ 388، وكتاب العين 4/ 417، وشرح الكافية الشافية 3/ 1611. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 411 وإما لكونه مضارعًا مرفوعًا لزومًا، نحو: أقوم إن قمت، والجواب في ذلك كله محذوف وجوبًا لدلالة المتقدم عليه، وليس المتقدم بجواب عند جمهور البصريين1؛ لأن أداة الشرط لها صدر الكلام فلا يتقدم عليها الجواب، ولالتزام العرب حينئذ كون الفعل الثاني للأداة ماضيًا، كما يلتزم ذلك حيث يحذف الجواب، ولأن المتقدم لا يصلح كونه جوابًا. أما الجملة الاسمية فلعدم اقترانها بالفاء، وأما الفعلية المجزوم فعلها بـ"لم" المقترنه بالفاء، فلأن الجواب المنفي بـ"لم" تدخل عليه الفاء. وأما رفع المضارع فإنه ينافي جعله جوابًا. وذهب الكوفيون1، والمبرد2، وأبو زيد3، إلى أنه لا حذف، والمتقدم هو الجواب. وأجابوا عن الأول بأن الفاء إنما لم تدخل لأنها لا تناسب الصدر، ولأنها خلف عن العمل ولا عمل مع التقديم. وعن الثاني: بأن الفاء قد تدخل على المنفي بـ"لم"4. أجاز الزمخشري في: {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ} الآية [الأنفال: 17] ، أن يكون التقدير: "إن افتخرتم بقتلهم، فلم تقتلوهم"5. وعن الثالث بأن رفع المضارع لضعف الحرف أن يعمل مؤخرًا، وجميع ذلك ضعيف. والذي يدل على أن المتقدم ليس جوابًا أن المتكلم أخبر جازمًا، ثم بدا له التعليق، فهو كالتخصيص بعد التعميم، بخلاف من بنى كلامه من أول الأمر على الشرط. فإن الجواب المعنوي يتأخر في كلامه، فيكون جوابًا في الصناعة والمعنى. وإلى حذف الجواب وبقاء الشرط6 وعكسه. أشار الناظم بقوله:   1 انظر الإنصاف 2/ 623، المسألة رقم 87. 2 المقتضب 2/ 66. 3 نوادر أبي زيد ص283. 4 الإنصاف 2/ 627. 5 الكشاف 2/ 119. 6 في "ط": "إبقاء". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 412 705- والشرط يغني عن جواب قد علم ... والعكس قد يأتي إن المعنى فهم "أو" كان الدال على جواب الشرط "ما تأخر عن1 جواب قسم سابق" عليه، أي على الشرط، "نحو: {لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ} ؛ الآية؛ وتمامها: {عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ} [الإسراء: 88] فجملة "لا يأتون": جواب قسم سابق على الشرط، وهو أن يدل على تقدمه تقدم اللام في "لئن" لأنها موطئة لقسم قبلها، وجواب الشرط محذوف [وجوبًا] 2 استغناء عنه بجواب القسم. "كما يجب إغناء جواب الشرط عن جواب قسم تأخر عنه، نحو: إن تقم؛ والله؛ أقم"، فحذف جواب القسم استغناء عنه بجواب الشرط وهو: أقم. والحاصل أنه متى اجتمع شرط قسم، استغنى بجواب المتقدم منهما عن جواب المتأخر لشدة الاعتناء بالمتقدم. وإلى ذلك الإشارة بقول الناظم: 706- واحذف لدى اجتماع شرط وقسم ... جواب ما أخرت فهو ملتزم هذا إذا لم يتقدم عليهما ذو خبر، "وإذا تقدمهما ذون خبر جاز جعل الجواب للشرط مع تأخره، ولم يحب خلافًا لابن مالك" في التسهيل3 والكافية4، وخالف ذلك في النظم فقال: 707- وإن تواليا وقبل ذو خبر ... فالشرط رجح مطلقًا بلا حذر "نحو: زيد؛ والله؛ إن يقم أقم". وجاز الجواب للقسم لتقدمه، نحو: زيد؛ والله؛ إن يقم لأقومن. والأرجح مراعاة الشرط تقدم أو تأخر، كما ذكره ابن عصفور5 وغيره6، وجرى عليه الناظم في الخلاصة. وإنما رجح الجواب للشرط مع تقدم ذي خبر، لأن سقوط الشرط يخل بمعنى الجملة التي هو منها؛ بخلاف القسم، فإنه مسوق لمجرد التوكيد. والمراد بذي خبر: ما يطلب خبرًا، من مبتدأ أو اسم كان ونحو، "ولا يجوز" جعل الجواب للشرط مع تأخره عن القسم. "إن لم يتقدمهما" ذو خبر، فلا يجوز: والله،   1 "أ", "ط": "من". 2 إضافة من "ب"، "ط". 3 التسهيل ص153. 4 شرح الكافية الشافية 3/ 16161. 5 المقرب 1/ 208. 6 شرح ابن الناظم ص502، وشرح ابن عقيل 2/ 383. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 413 إن قام زيد أقم. "خلافًا له" أي لابن مالك؛ في قوله في1 النظم: 708- وربما رجح بعد قسم ... شرط بلا ذي خبر مقدم "و" خلافًا "للفراء" في إجازته ذلك2. وأما ما استدلا به، "و" هو "قوله": [من الطويل] 857- لئن كان ما حدثته اليوم صادقا ... أصم في نهار القيظ للشمس باديا وأركب حمارًا بين سرج وفروة ... وأعر من الخاتام صغرى شماليا فهو عند البصريين "ضرورة، أو اللام" من "لئن" "زائدة"، لا موطئة للقسم. وهذان البيتان قالتهما امرأة عقيلية. "وحيث حذف الجواب" جوازًا أو وجوبًا، "اشترط في غير ضرورة مضى الشرط"، لفظًا أو معنى، كما مثلنا، "فلا يجوز: أنت ظالم إن تفعل، ولا: والله، إن تقوم لأقومن"، لكون الشرط مضارعا غير منفي بـ"لم" عند البصريين والفراء، وأجازه بقية الكوفيون قياسًا، واحترز بقوله: "في غير الضرورة" عما جاء في الشعر، كقوله: [من الطويل] 858- لئن تك قد ضاقت عليكم ... ليعلم ربي أن بيتي واسع فحذف الجواب مع أن الشرط مضارع غير منفي بـ"لم" وإذا دخل شرط على شرط، فتارة يكون بعطف, وتارة يكون بغيره. فإن كان بعطف، فأطلق ابن مالك أن الجواب لأولهما لسبقه3، وفصل غيره فقال: إن كان العطف بالواو، فالجواب لهما لأن الواو للجمع، نحو: إن تأتني وإن تحسن إلي، أحسن إليك.   1 في "ط": "قول" مكان "قوله في". 2 معاني القرآن 1/ 66. 857- البيتان لامرأة من عقيل في خزانة الأدب 11/ 328، 329، 330، 336، والدرر 2/ 122، 123، وبلا نسبة في شرح ابن الناظم ص503، ولسان العرب 12/ 164: "ختم" وتاج العروس "ختم"، والبيت الأول في شرح شواهد المغني 2/ 610، والمقاصد النحوية 4/ 438، وأوضح المسالك 4/ 216، وشرح الأشموني 3/ 595، ومغني اللبيب 1/ 236، وهمع الهوامع 2/ 43. 858- البيت للكميت بن معروف في معاني القرآن للفراء 1/ 66، 2/ 131، وديوان الكميت ص172، وخزانة الأدب 10/ 68، 70، 11/ 331، 351، 429، وبلا نسبة في شرح ابن الناظم ص441، وشرح الأشموني 2/ 496، 3/ 595، والمقاصد النحوية 4/ 327. 3 شرح الكافية الشافية 3/ 1614. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 414 وإن كان العطف بـ"أو"، فالجواب لأحدهما، لأن "أو" لأحد الشيئين، نحو: إن جاء زيد أو إن جاءت هند، فأكرمه، أو فأكرمهما، وإن كان العطف بـ"الفاء"، فالجواب للثاني، والثاني وجوابه جواب للأول، وإن كان بغير عطف فالجواب لأولهما، والشرط الثاني مقيد للأول، كتقييده بحال واقعة موقعه، كقوله: [من البسيط] 859- إن تستغيثوا بنا إن تذعروا تجدوا ... منا معاقل عز زانها كرم فتجدوا، جواب: إن تستغيثوا وإن تذعروا، بالبناء للمفعول مقيد للأول على معنى: إن تستغيثوا بنا مذعورين تجدوا. وإذا دخل الاستفهام على الشرط، فعن يونس1 أن الجواب لاستفهام لتقدمه لا للشرط، قياسًا على مسألة تقدم القسم على الشرط، نحو: أإن قام زيد تقوم.   859- البيت بلا نسبة في الأشباه والنظائر 7/ 112، وخزانة الأدب 11/ 358، والدرر 2/ 193، وشرح الأشموني، 3/ 596، ومغني اللبيب 2/ 614، والمقاصد النحوية 4/ 452، وهمع الهوامع 2/ 63. 1 انظر الكتاب 3/ 83، ورده سيبويه بقوله: "وهذا قبيح يكره في الجزاء، وإن كان في الاستفهام". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 415 فصل في أوجه "لو" : "لـ "لو" ثلاثة أوجه" وضعفها، فتكون ستة: "أحدها: أن تكون مصدرية، فترادف: أن" المصدرية في المعنى والسبك، إلا أنها لا تنصب. "وأكثر وقوعها" في الماضي والمضارع "بعد "ود" نحو: {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ} " [القلم: 9] أي: الإدهان، "أو" بعد "يود، نحو: {يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ} " [البقرة: 96] أي: التعمير. "ومن القليل قوله قتيلة"، مصغر قتلة، بالقاف والتاء المثناة فوق، بنت النضر بن الحارث الأسدية، تخاطب النبي -صلى الله عليه وسلم- حين قتل أباها النضر، صبرًا، بالصفراء، بعد أن انصرف من غزوة بدر: [من الكامل] 860- ما كان ضرك لو مننت وربما ... من الفتى وهو المغيظ المحنق أي: ما كان ضرك منك. وسبب قتل النبي -صلى الله عليه وسلم- أباها، أنه كان يقرأ أخبار العجم على العرب، ويقول: محمد يأتيكم بأخبار عاد وثمود، وأنا آتيكم بخير الأكاسرة والقياصرة، يريد بذلك أذى النبي -صلى الله عليه وسلم. فلما سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- هذا البيت، وهو من جملة1 أبيات أنشدتها بين يديه، قال2: "لو سمعته قبل قتله ما قتلته، ولعفوت عنه". ثم قال: لا يقتل قرشي بعد هذا صبرًا   860- البيت لقتيلة بنت النضر في الأغاني 1/ 19، وبلاغات النساء ص235، ومعجم البلدان "أثيل"، وحماسة البحتري ص276، والجنى الداني ص288، وخزانة الأدب 11/ 239، والدرر 1/ 140، وشرح الأشموني 3/ 598، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص966، وشرح شواهد المغني 2/ 648، ولسان العرب 7/ 450 "غيظ"، 10/ 70 "حنق" والمقاصد النحوية 4/ 471، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 223، وتذكرة النحاة ص38، ومغني اللبيب 1/ 265، وهمع الهوامع 1/ 81. 1 سقطت من "ب". 2 في "أ" "فقال". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 416 والمغيظ، بفتح الميم: اسم مفعول من غاظه يغيظه، بالغين والظاء المعجمتين، وفي القاموس: الغيظ: الغضب أو شدته أو سورة أوله، والمحنق، بضم لميم وفتح النون: اسم مفعول من أحنقه، بالحاء المهملة، إذا أغاظه، فهو توكيد للمغيظ. و"لو" المصدرية لا جواب لها، وممن ذهب إلى مصدرية "لو" الفراء، وأبو علي [الفارسي] 1 وأبو البقاء، والتبريزي، وابن مالك2. وذهب الأكثرون إلى المنع، ويدعون أن "لو" في نحو: {يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ} [البقرة: 96] شرطية، وأن مفعول "يود" وجواب "لو" محذوفان، والتقدير: يود أحدهم التعمير، لو يعمر ألف سنة لسره ذلك. قال في المغني3: ولا خفاء بما في ذلك من التكلف، ويشهد للمثبتين قراءة بعضهم: {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ} [القلم: 9] [بحذف النون، فعطف: يدهنوا؛ بالنصب؛ على: تدهن، لما كان معناه: أن تدهن] 4. ويشكل عليهم دخولها على "أن" في نحو: {وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا} [آل عمران: 30] ، وجوابه: أن لو إنما دخلت على فعل محذوف مقدر بعد "لو" تقديره: يود لو ثبت أن بينها. انتهى. "و" "لو" المصدرية "إذا وليها" الفعل "الماضي بقي علي مضيه، أو" الفعل "المضارع، تخلص للاستقبال، كما [أن] 5 "أن" المصدرية كذلك". "و" الوجه "الثاني" من أوجه "لو": "أن تكون للتعليق"، أي: لتعليق6 الجواب على الشرط "في المستقبل، فترادف: إن" الشرطية إلا أنها لا تجزم على الأفصح، "كقوله"، وهو قيس بن الملوح، مجنون ليلى: [من الطويل] 861- ولو تلتقي أصداؤنا بعد موتنا ... ومن دون ومسينا من الأرض سبسب لظل صدى صوتي وإن كنت رمة ... لصوت صدى ليلى يهش ويطرب   1 إضافة من "ط". 2 انظر شرح الكافية الشافية 3/ 1635، والمقاصد النحوية 4/ 471. 3 مغني اللبيب 1/ 265. 4 سقط ما بين المعكوفين من "ب". 5 إضافة من "ط"، "ب". 6 في "أ": "لتعلق". 861- البيتان لأبي صخر الهذلي في شرح أشعار الهذليين ص938، وشرح شواهد المغني ص643، وهما للمجنون في ديوانه ص39، والمقاصد النحوية 4/ 470، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 224، وشرح الأشموني 3/ 600، ومغني اللبيب 1/ 261. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 417 فـ"لو تلتقي": شرط، و"لظل": جوابه: و"الأصداء"، بالمد: جمع صدى، بالقصر: وهو الذي يجيبك بمثل صوتك في الجبال وغيرها، و"الصدى" أيضًا: ذكر البوم. "والرمس" القبر أو ترابه. والأول عن القاموس1، والثاني عن الصحاح2. و"السبسب" بمهملتين وموحدتين: المفازة. و"الرمة" بكسر الراء [وتشديد الميم] 3: العظام البالية. و"يهش": يرتاح، من هششت، بكسر العين، قال في الصحاح4: هششت لفلان، بالكسر، أهش هشاشة، إذا ارتحت له. انتهى. و"الطرب": خفة لسرور، و"لصوت" بكسر اللام، متعلق بـ"يهش"، ومتعلق بـ"طرب" محذوف مماثل لمتعلق يهش والتقدير، يهش لصوت صدى ليلى ويطرب له. "وإذا كانت "لو" للتعليق في المستقبل و"وليها" فعل "ماض" لفظًا، "أول" بالفعل المستقبل معنى، كما أن [إن] 5 كذلك "نحو {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ} [النساء: 9] أي: إن شارفوا أن يتركوا. وإنما أول الترك بمشارفة الترك لأن الخطاب للأوصياء، وإنما يتوجه إليهم قبل الترك لأنهم بعده أموات. قاله في المغني6. وأنكر ابن الحاج في نقده على المقرب، وتبعه ابن الناظم, مجيء "لو" للتعليق في المستقبل. قال ابن الحاج: ولهذا لا تقول: لو يقوم زيد فعمرو منطلق، كما تقول ذلك مع "إن". وقال ابن الناظم7: وعندي أن "لو" لا تكون لغير الشرط في الماضي، وما تمسكوا به من قوله تعالى: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا} [النساء: 9] لا حجة لهم فيه لصحة حمله على المضي. انتهى. ورد عليه الموضح في المغني بآيات، ومثال، وشاهد فلينظر منه8. "أو" تلاها "مضارع تخلص للاستقبال"، كقوله: [من الكامل]   1 القاموس المحيط "صدى". 2 الصحاح "صدي". 3 إضافة من "ب". 4 الصحاح "هشش". 5 إضافة من "ب"، "ط". 6 مغني اللبيب 1/ 261. 7 شرح ابن الناظم ص505. 8 مغني اللبيب 2/ 263. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 418 862- لا يلفك الراجوك إلا مظهرا ... خلق الكرام ولو تكون عديما "كما أن "إن" الشرطية" كذلك. الوجه "الثالث: أن تكون للتعليق"، أي لتعليق الجواب على الشرط "في" الزمن "الماضي، و" هذا القسم "هو أغلب أقسام: لو" وإليه أشار الناظم بقوله: 709- لو حرف شرط في مشي ويقل ... إيلاؤه مستقبلا لكن قبل ثم هي مع الماضي مفيدة لثلاثة أمور: أحدها: الشرطية، أعني: عقد السببية بين الجملتين بعدها1. والثاني: تقييد الشرطية بالزمن الماضي. وبهذا2 الوجه وما يذكر بعده فارقت "إن"، فإن "إن" لعقد السببية والمسببية في المستقبل، ولهذا قالوا: الشرط بـ"إن" سابق على الشرط بـ"لو". وذلك لأن الزمن المستقبل سابق3 على الزمن الماضي، ألا ترى أنك تقول: إن جئتني غدًا أكرمتك، فإذا انقضى الغد ولم تجئ4، قلت: لو جئتني أمس أكرمتك، وفي الأسبق من الأزمنة الثلاثة خلاف. قال الفخر الرازي: والحق قول الزجاج أن المقدم وهو المستقبل، فإذا وجد صار حاضرًا، فإذا انقضى صار ماضيًا. انتهى. الثالث: الامتناع، وقد اختلف النحاة في إفادتها له، وكيفية إفادتها إياه على ثلاثة أقوال: أحدها: أنها لا تفيده بوجه، وهو قول الشلوبين. عم أنها لا تدل على امتناع الشرط، ولا على امتناع الجواب. والثاني أنها تفيد امتناع الشرط، وامتناع الجواب جميعًا. وردهما في المغني5. "و" الثالث: "أنها تقتضي امتناع شرطها دائمًا". مثبتًا كان أو منفيًّا، "خلافًا للشلوبين. ولا" تقتضي امتناع "جوابها، خلافًا للمعربين".   862- البيت بلا نسبة في الجنى الداني ص285، وجواهر الأدب ص267، وشرح الأشموني 3/ 600، وشرح شواهد المغني 2/ 646، ومغني اللبيب 1/ 261، والمقاصد النحوية 4/ 469. 1 سقط من "ب". 2 في "ب": "ولهذا". 3 سقط من "ب". 4 في "ب": "يجيء". 5 مغني اللبيب 1/ 260. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 419 "ثم إن لم يكن لجوابها سبب غير" ذلك الشرط، "لزم امتناعه" أيضًا لملازمته له شرعًا أو عقلا أو عادة. فالأول "نحو" قوله تعالى؛ في بلعم بن باعوراء1: " {وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا} " [الأعراف: 176] فـ"لو" هنا دالة على أن مشيئة الله تعالى لرفع هذا المنسلخ منفية، ويلزم من نفيها أن يكون رفع المنسلخ منفيًّا إذ لا سبب للرفع إلا المشيئة وقد انتفت فيكون منفيًّا، لأن انتفاء السبب يستلزم انتفاء المسبب ضرورة. كما أن ثبوت السبب يستلزم ثبوت المسبب كذلك لما بينهما من التلازم الشرعي. "و" الثاني: "كقولك: لو كانت الشمس طالعة، كان النهار موجودًا"2، فطلوع الشمس سبب لوجود النهار، وقد انتهى بدخول "لو" عليه فينتفي وجود النهار لأن وجود النهار ليس له سبب غير طلوع الشمس، وقد انتفى. فيكون منفيًّا، لأن انتفاء السبب المساوي، يستلزم انتفاء المسبب لما بينهما من التلازم العقلي. والثالث: كقوله تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} [الأنبياء: 22] أي: السماوات والأرض، ففسادهما، وهو خروجهما عن نظامها المشاهد، منساب لتعدد الآلهة للزومه له على وفق العادة عند تعدد الحاكم من التمانع في الشيء، وعدم الاتفاق عليه3، فينتفي الفاسد بانتفاء التعدد المفاد بـ"لو" نظرًا إلى الأصل فيها. وإن كان القصد من الآية العكس، لأنها إنما سيقت لإثبات الوحدانية. ونفي التعدد. فوجوب أن يقال: إن معناه انتفاء التعدد لانتفاء الفساد, لما بينهما من التلازم العادي، وإلا بأن كان لجواب "لو" سبب غير شرطها، لم يلزم من امتناع شرطها امتناع جوابها ولا ثبوته. ثم تارة يكون ثبوته بالأولى، نحو: لو كان الشمس طالعة [بالفعل] 4 كان الضوء موجودًا، فإنه لا يلزم من انتفاء الشمس انتفاء وجود النهار، لاحتمال أن يكون بالسراج مثلا، فإثبات الضوء مع طلوع الشمس أولى. "ومنه" الأثر المروي عن عمر رضي الله عنه: "نعم العبد صهيب. "لو لم يخف الله لم يعصه""5. فإنه لا يلزم من انتفاء: لم يخف, انتفاء: لم يعص، حتى يكون   1 كان بلعم بن باعوراء يعلم اسم الله الأعظم، فلما دعا على موسى عليه السلام وعلى بني إسرائيل أنساه الله تعالى الاسم. انظر المعارف ص42. 2 شرح ابن الناظم ص504. 3 سقطت من "ب". 4 إضافة من "ط". 5 النهاية 2/ 88، وهو من شواهد مغني اللبيب 1/ 257. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 420 قد خاف وعصى. لأن انتفاء العصيان له سببان: أحدهما: خوف العقاب، وهو وظيفة العوام، والثاني: الإجلال والإعظام، وهو وظيفة الخواص. والمراد أن صهيبًا رضي الله تعالى عنه من قسم الخواص، وأنه لو قدر خلوه عن الخوف لم يقع منه معصية، فكيف والخوف حاصل له؟ وإنما لم تدل "لو" على انتفاء الجواب ههنا، لأن دلالتها على ذلك إنما هو من باب مفهوم المخالفة، [إذ مفهوم الشرط من أقسام مفهوم المخالفة، وفسر مفهوم المخالفة بأن يكون المسكوت عنه مخالفًا لحكم المذكور إثباتًا أو نفيًا، ومفهوم الموافقة بأن يكون المسكوت عنه موافقًا في الحكم المذكور] 1. وفي هذا الأثر دل مفهوم الموافقة على عدم المعصية، لأنه إذا انتفت المعصية عند عدم الخوف، فعند الخوف أولى، وإذا تعارض هذان المفهومان، قدم مفهوم الموافقة [على عدم المعصية] 2. ومن نسب هذا الأثر بهذا اللفظ إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقد وهم3، وإنما أورد ما رواه أبو نعيم في الحلية4، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في سالم مولى أبي حذيفة: "إنه شديد الحب لله تعالى، لو كان لا يخاف الله ما عصاه"، وتارة يكون بالمساوي، كقوله -صلى الله عليه وسلم- في درة بنت أم سلمة: "لو لم تكن ربيبتي 5 في حجري ما حلت لي، إنها لابنة أخي من الرضاعة" 6، [رواه الشيخان. فإن حلها له، عليه الصلاة والسلام، منتف من وجهين: كونها ربيبته، وكونها ابنة أخيه من الرضاع] 7. وهما متساويان في منع الحل. وتارة يكون بالأدون، كقولك فيمن عرضت عليك نكاحها: لو انتفت أخوة الرضاع لما حلت من النسب، فإن حلها منتف من وجهين: أخوة الرضاع، والنسب. إلا أن حرمة الرضاع أدون من حرمة النسب. "وإذا" كانت "لو" للتعليق في الماضي، و"وليها مضارع أول بالماضي"، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:   1 إضافة من "ط". 2 إضافة من "ب". 3 في "أ": "وهن". 4 حلية الأولياء 1/ 177. 5 في "أ": "ابنتي". 6 أخرجه البخاري في النكاح برقم 4813، ومسلم في الرضاع برقم 1449. 7 سقط ما بين المعكوفين من "ب". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 421 711- وإن مضارع تلاها صرفا ... إلى المضي ............. "نحو: {لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ} " [الحجرات: 7] أي: لو أطاعكم لعنتم. "وتختص "لو" مطلقًا". شرطية كانت أو مصدرية. "بالفعل" على الأصح، والناظم اقتصر على الشرطية فقال: 710- وهي في الاختصاص بالفعل كإن ... ........................................ "ويجوز أن يليها قليلا1 اسم" مرفوع، "معمول لفعل محذوف" وجوبًا، "يفسره ما بعده"، أو اسم منصوب كذلك، أو خبر لـ"كان" محذوفة، أو اسم هو في الظاهر مبتدأ، ما بعده خبره2. فالأول، كقول عمر لأبي عبيدة رضي الله عنهما: "لو غيرك قالها يا أبا عبيدة"3، "وكقوله"، وهو الغطمش الضبي: [من الطويل] 863- أخلاي لو غير الحمام أصابكم ... عتبت ولكن ما على الدهر معتب فـ"غير" فاعل بفعل محذوف يفسره "أصابكم". والتقدير: لو أصابكم غير الحمام، وهو بكسر الحاء: الموت. وعتبت: جواب "لو"، ومعتب، بفتح الميم والتاء، مصدر ميمي بمعنى العتاب. وقولهم في المثال: "لو ذات سوار لطمتني"4، أخذًا من قول حاتم الطائي حين لطمته جارية وهو مأسور في بعض أحياء العرب. وسبب اللطمة أن صاحبة المنزل أمرته أن يفصد ناقة لها، لتأكل دم فصدها، فنحرها، فقيل له في ذلك، فقال: هذا فصدي. فلطمته الجارية فقال: "لو ذات سوار لطمتني". فـ"ذات سوار" فاعل بفعل محذوف على الشرطية التفسير. والتقدير: لو لطمتني ذات سوار. وذات السوار: الحرة، لأن الإمام عند العرب لا يلبس السوار. وجواب "لو" محذوف تقديره: لهان علي ذلك.   1 سقط من "ب". 2 في "أ": "خبر". 3 حلية الأولياء 1/ 47، وجواب "لو" محذوف، تقديره وجهان: أحدهما: لو قالها غيرك لأدبته. والثاني: لو قالها غيرك لم أتعجب منه وإنما العجب من قولك مع فضلك. انظر حاشية يس 2/ 258. 863- البيت للغطمش الضبي في شرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص893، 1036، ولسان العرب 1/ 577 "عتب"، والمقاصد النحوية 4/ 465، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 229، وتذكرة النحاة ص40، والجنى الداني ص279، وشرح الأشموني 3/ 601. 4 مجمع الأمثال 2/ 174، 202، وفصل المقال ص381، وكتاب الأمثال لابن سلام ص268، وجمهرة الأمثال 2/ 193، والمستقصى 2/ 297. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 422 والثاني: لو زيدًا رأيته أكرمته. والثالث: نحو: "التمس ولو خاتمًا من حديد" 1 أي: ولو كان خاتمًا. والرابع كقوله: [من الرمل] 864- لو بغير الماء حلقي شرق ... كنت كالغصان بالماء اعتصاري فولي "لو" اسم هو في الظاهر مبتدأ. وشرق: خبره. قيل: وهو مذهب الكوفيين. واختلف البصريون في تخريجه. فقال الفارسي: "حلقي": فاعل بفعل محذوف، وشرق: خبر مبتدأ محذوف، والأصل: لو شرق حلقي، هو شرق. فحذف الفعل أولا والمبتدأ آخرًا، وخرجه غيره على إضمار "كان" الثانية. واسمها وجملة ما بعد "لو" اسمية خبر "كان". "و" يجوز أن يلي "لو" "كثيرًا: أن" المشددة الموصولة "وصلتها، نحو: {وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا} [الحجرات: 5] وموضعهما عند الجميع رفع. ثم اختلف في رفعه، "فقال سيبويه2، وجمهور البصريين: مبتدأ. ثم قيل: لا خبر له" لاشتمال صلتها على المسند والمسند إليه. "وقيل: له خبر محذوف"، ثم قيل: يقدر مقدمًا على المبتدأ، أي: ولو ثابت صبرهم، على حد: {وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا} [يس: 41] . وقال ابن عصفور: يقدر مؤخرًا على الأصل، أي: ولو صبرهم ثاتب. "وقال الكوفيون والمبرد والزجاج والزمخشري: فاعل بثبت مقدرا"، أي: ولو ثبت صبرهم3. والدال عليه "أن" فإنها تعطي معنى الثبوت "كما قال" النحاة "الجميع في" "أن" الواقعة بعد "ما" الموصولة، من كون "أن" "وصلتها في"   1 أخرجه البخاري في النكاح، باب السلطان ولي، برقم 4842. 864- البيت لعدي بن زيد في ديوانه ص93، والأغاني 2/ 49، وجمهرة اللغة 731، والحيوان 5/ 138، 593، وخزانة الأدب 8/ 508، 11/ 15، 203، والدرر 2/ 199، وشرح شواهد المغني 2/ 658، والشعر والشعراء 1/ 235، واللامات 128، ولسان العرب 4/ 580 "عصر" 7/ 61 "غصص"، 10/ 177 "شرق"، والمقاصد النحوية 4/ 454، وكتاب العين 4/ 342، وأساس البلاغة "عصر"، وبلا نسبة في الارتشاف 2/ 573، والاشتقاق 269، وتذكرة النحاة ص40، والجنى الداني 280، وجواهر الأدب 263، وشرح ابن الناظم 506، وشرح الأشموني 3/ 601، وشرح التسهيل 4/ 98، وشرح عمدة الحافظ ص323، والكتاب 3/ 121، ومغني اللبيب 2/ 268، وهمع الهوامع 2/ 66. 2 الكتاب 3/ 121. 3 الارتشاف 2/ 573، والجنى الداني ص280. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 423 موضع رفع على الفاعلية بثبت مقدرًا في: "لا أكلمه ما أن في السماء نجمًا"1، أي: ما ثبت أن في السماء نجمًا. ورجع هذا بأن فيه إبقاء "لو" على اختصاصها بالفعل. ويبعده أن الفعل لم يحذف بعد "لو" وغيرها من أدوات الشرط إلا مفسرًا بفعل بعده، إلا "كان"، والمقرون بـ"لا" بعد "إن". قاله الموضح في شرح بانت سعاد2. وإليه أشار الناظم بقوله3: 710- ........................... ... لكن لو أن بها قد تقترن واختصت "أن" من بين سائر ما يؤول بالاسم المرفوع. بالوقوع بعد "لو"، كما اختصت "غدوة"، بالنصب بعد "لدن"4. "وجواب "لو" إما ماض معنًى نحو: لو لم يخف الله لم يعصه، أو" ماض "وضعًا، وهو" أي الماضي وضعًا، "إما مثبت، فاقترانه باللام، نحو: {لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا} [الواقعة: 65] أكثر من تركها، نحو {لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا} " [الواقعة: 70] . قال عبد اللطيف في باب اللامات: هذه اللام تسمى لام التسويف، لأنها تدل على تأخير وقوع الجواب عن الشرط، وتراخيه عنه، كما أن إسقاطها يدل على التعجيل، أي أن الجواب يقع عقب الشرط بـ"لا" مهملة، ولهذا دخلت في: {لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا} [الواقعة: 65] وحذفت في: {لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا} [الواقعة: 70] أي: لوقته في المزن من غير تأخير، والفائدة في تأخير جعله حطامًا، وتقديم جعله أجاجًا، تشديد العقوبة، أي: إذا استوى الزرع على سوقه وقويت به الأطماع. جعلناه حطامًا، كما قال الله تعالى: {حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا} الآية [يونس: 24] . انتهى. "وإما منفي" بـ"ما"، عطف على مثبت، "فالأمر بالعكس"، فالأكثر تجرده من اللام، ويقل اقترانه بها، فالأول، "نحو: {لَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ} " [الأنعام: 112] . "و" الثاني: نحو "قوله" [من الوافر] . 865- ولو نعطى الخيار لما افترقنا ... ولكن لا خيار مع الليالي   1 شرح ابن الناظم ص506. 2 شرح قصيدة كعب بن زهير ص121-122. 3 في "ط": في "قوله". 4 شرح ابن الناظم ص505. 865- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 231، وخزانة الأدب 4/ 145، 10/ 82، والدرر 2/ 201، وشرح الأشموني 3/ 604، وشرح المغني 2/ 665، ومغني اللبيب 1/ 271، وهمع الهوامع 2/ 66. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 424 فأدخل اللام على "ما" النافية، ولا تدخل اللام على ناف غيرها، وتقدم في باب "إن" توجيه ذلك. "قيل: وقد تجاب" لو "بجملة اسمية" مقرونة باللام. "نحو": {وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا " لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ} " [البقرة: 103] صرح بذلك ابن مالك في شرح التسهيل فقال1: إن اللام في "المثوبة" جواب "لو". وإن بين الماضي والاسم تشابها عن هذه الجهة. قال الزمخشري2: وإنما جعل جوابها جملة اسمية دلالة على استمرار مضمون الجزاء. وقيل: الجملة مستأنفة، صرح به أبو حيان في البحر فقال3: "اللام" في "لمثوبة"، لام الابتداء، لا الواقعة في جواب "لو"، وهو أحد احتمالي الزمخشري. أو "جواب لقسم مقدر". صرح بذلك ابن مالك في بعض نسخ التسهيل فقال4: وإذا وليها جملة اسمية فهي جواب قسم. وارتضاه في المغني فقال5: والأولى أن تكون لام "لمثوبة" الاسمية استعيرت مكان الفعلية ففيه تعسف. انتهى. وأن "لو" في هذين الوجهين الأخيرين. وهما: الاستئناف وجواب القسم، للتمني فلا جواب لها على الأصح الآتي. الوجه الرابع من أوجه "لو": أن تكون للتمني نحو: لو تأتني6 فتحدثني. بالنصب. واختلف فيها، فقال ابن الضائع وابن هشام: هي قسم برأسها فلا تحتاج إلى جواب. وقال بعضهم: هي لو الشرطية أشربت معنى ليت7. الوجه الخامس: أن تكون للعرض نحو: لو تنزل عندنا فتصيب خيرًا. ذكره في التسهيل8. الوجه السادس: أن تكون للتقليل نحو: "تصدقوا ولو بظلف محرق"9. ذكره ابن هشام اللخمي وغيره.   1 شرح التسهيل 4/ 100. 2 الكشاف 1/ 86. 3 البحر المحيط 1/ 335. 4 التسهيل ص241. 5 مغني اللبيب 1/ 228. 6 في "ب"، "ط": "تأتيني". 7 مغني اللبيب 1/ 227. 8 انظر الإعراب عن قواعد الإعراب ص87. 9 في سنن النسائي 5/ 81: "ردوا السائل ولو بظلف محرق". وانظر الإعراب عن قواعد الإعراب 87. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 425 فصل في "أما" بفتح الهمزة وتشديد الميم : "وهي حرف شرط"، أي متضمن معنى شرط، "و" حرف "توكيد دائمًا، و" حرف "تفصيل غالبًا. يدل على" المعنى "الأول"، وهو الشرط، "مجيء الفاء بعدها" غالبًا نحو: {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ} [البقرة: 26] . ولو كانت الفاء للعطف لم تدخل على الخبر، إذ لا يعطف الخبر على مبتدئه. ولو كانت زائدة لصح الاستغناء عنها. ولما لم يصح الاستغناء عنها، ولا عطفها الخبر على مبتدئه تعين أنها فاء الجزاء وأن "أما" للشرط. "و" يدل "على" المعنى "الثالث" وهو التفصيل "استقراء مواقعها" وعطف مثلها عليها "نحو: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ "، وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ} [الضحى: 9, 10] " {فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ} " [آل عمران: 106] ، {وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ} [آل عمران: 107] " {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى} " [الليل: 5] {وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى} [الليل: 8] الآيات الثلاث. وقد يترك تكرارها استغناء بذكر أحد القسمين عن الآخر، أو بكلام يذكر بعدها. فالأول نحو: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا، فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ} [النساء: 174، 175] وقسيمه في المعنى: وأما الذين كفروا فلهم كذا وكذا. "و" الثاني "منه: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ "فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ} [آل عمران: 7] الآية، وقسيمه في المعنى قوله تعالى: {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ " يَقُولُونَ} [آل عمران: 7] "الآية، فالوقف دونه"، وقف تام، فيقف القارئ لهذه الآية على قوله تعالى: {إِلَّا اللَّهُ} [آل عمران: 7] ويبتدئ بما بعده. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 426 "والمعنى: وأما الراسخون" في العلم "فيقولون": آمنا به "وذلك" مبني "على أن المراد بالمتشابه" بالقرآن "ما استأثر الله تعالى بعلمه"، أي اختص به فلا يشاركه فيه غيره، ولا طريق لمخلوق إلى معرفته إلا بتوفيق منه سبحانه وتعالى. وهذا التقدير الذي قدره الموضح في هذه الآية هو [أحد] 1 أدلة الحشوية على جواز الخطاب بالمهمل. وتقرير2 الدليل منه أنهم قالوا: الوقف على قوله تعالى: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ} [آل عمران: 7] واجب حتى يكون3 قوله: {وَالرَّاسِخُونَ} [آل عمران: 7] كلامًا مستأنفا. إذ لو لم يقف عليه، بل وقف على قوله: {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} [آل عمران: 7] حتى يكون عطفا على4 قوله: {إِلَّا اللَّهُ} فإذا ابتدئ بقوله {يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ} كان المراد به: قائلين آمنا، فيكون حالا، وهو باطل لأنه لا يخلو إما أن يكون حالا عن الله وعن الراسخين، في العلم، حتى كأن الله تعالى والراسخين في العلم قالوا: آمنا به كل من عند ربنا. وذلك في حق الله تعالى محال. أو يكون حالا عن الراسخين [في العلم] 5 فقط، وحينئذ يتخصص المعطوف بالحال دون المعطوف عليه. وهو أيضًا غير جائز لأنه مناف للقاعدة المقررة في العربية: أن المعطوف في حكم المعطوف عليه. فثبت أن الوقف على قوله تعالى: {إِلَّا اللَّهُ} وأجب، وإذا كان الوقف عليه واجبا فقد خاطبنا الله6 بما لا نفهمه. وهو المهمل. وأجيب عنه بأنه يجوز تخصيص المعطوف بالحال حيث لا لبس، كقوله تعالى: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً} [الأنبياء: 72] ، فإن نافلة حال من المعطوف فقط وهو يعقوب. لأن النافلة ولد الولد، وإنما هو يعقوب دون إسحاق. قال العكبري7. "ومن تخلف التفصيل قولك: أما زيد فمنطلق". هذا هو المنقول، وبحث فيه الموضح في الحواشي فقال: والظاهر أن: أما زيد فمنطلق، لا يقال إلا إذا وقع تردد في شخصين نسبا أو أحدهما إلى ذلك، فهو على هذا للتفصيل أي: وأما غيره فهو ليس كذلك. انتهى.   1 إضافة من "ط". 2 في "أ": "تقدير". 3 بعده في "ط": "عطفًا على". 4 سقط من "ط": "عطفًا على". 5 إضافة من "ب"، "ط". 6 سقط من "ب". 7 التبيان 2/ 922. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 427 "وأما" المعنى "الثاني" وهو التوكيد، "فذكره الزمخشري فقال: أما حرف يعطي الكلام فضل" بالمعجمة، أي زيادة "توكيد، تقول: زيد ذاهب فإذا قصدت" توكيد ذلك و"أنه لا محالة ذاهب". وأنه بصدد الذهاب، وأنه منه عزيمة، "قلت: أما زيد فذاهب" انتهى. "وزعم أن ذلك" التوكيد "مستخرج من كلام سيبويه" حيث فسر "أما" بمهما يكن من شيء1. قال الزمخشري: وهذا التفسير مدل بفائدتين: كونه توكيدًا، وأنه في معنى الشرط. انتهى. وقال الطيبي ما معناه وتحريره2: مهما قدر من الموانع والحوادث، فإنه لا يمنع زيدًا من الذهاب فإنه بصدد الذهاب لا محالة. انتهى. "وهي نائبة عن أداة شرط وجملته"، وموضعها صالح لهما، وهي قائمة مقامها لتضمنها معنى الشرط، وليست أما بمعنى: مهما، وشرطها لأنها حرف والحرف لا يصلح أن يكون بمعنى اسم وفعل، قاله المرادي3. "ولهذا" المذكور من النيابة "نؤول بمهما يكن من شيء" كما يؤخذ من تفسير سيبويه السابق. قال الموضح في الحواشي: فشيء في كلام سيبويه عام يراد به خاص، وكان تامة. والمعنى: مهما يوجد شيء من موانع مصدر جوابها فجوابها ثابت للمسند إليه. فما ظنك إذا انتفت الموانع؟ وإنما عمم سيبويه العبارة لأنه لا يمكنه ذكر حدث خاص لأنه لم يفسرها باعتبار كلام معين. بل فسرها بما يشمل جميع مواردها، ويتلخص أنها تفيد ثلاثة أمور. أحدها: التوكيد، إذ معنى قولك: أما زيد فمنطلق، أنه منطلق لا محالة، وهذا لا يعطيه الكلام بدونها. والثاني: معنى الشرط، إذ المراد، مهما قدر مانع من انطلاقه، فانطلاقه واقع، ومن هنا كان الانطلاق واقعًا لا محالة. والثالث: معنى التفصيل، وهذا لا يشعر به، مهما، ولهذا لا يكاد يعثر عليها إلا مردفة بأخرى مثلها معطوفة عليها، وقد تخلو4 من هذا بدليل قولهم: أما العسل فأنا شراب، وأما حقا فإنك ذاهب، حكاهما سيبويه5. انتهى.   1 الكتاب 4/ 235. 2 في "ب": "تجريده". 3 شرح المرادي 2/ 285. 4 في "أ": "يخلو". 5 الكتاب 1/ 111، 3/ 137. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 428 وكون "أما" تقدر بهما هو قول الجمهور. وقال بعضهم: إذا قلت: أما زيد فمنطلق، فالأصل إن أردت معرفة حال زيد، فزيد منطلق حذفت أداة الشرط وفعل الشرط وأنيبت "أما" مناب ذلك. وعلى القولين لا بد لـ"أما" من جملة، "ولا بد" لها "من فاء تالية لتاليها"، نحو: أما زيد فمنطلق، والأصل أن يقال: أما فزيد منطلق، فتجعل الفاء في صدر الجواب كما هي مع غير "أما" من أدوات الشرط. ولكن خولف هذا الأصل مع "أما" فرارًا من قبحه لكونه في صورة معطوف بلا معطوف عليه. ففصلوا بين "أما والفاء بجزء من الجواب. وهو واحد من ستة أمور: أحدها: المبتدأ، كما مثلنا. والثاني: الخبر نحو: أما في الدار فزيد. والثالث: جملة شرط دون جوابه، نحو: {فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ، فَرَوْحٌ} [الواقعة: 88، 89] . والرابع: اسم منصوب لفظا ومحلا نحو: {وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ، وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} [الضحى: 10، 11] . والخامس: اسم منصوب بمحذوف يفسره ما بعد الفاء نحو: أما زيدًا فاضربه. والسادس: ظرف نحو: أما اليوم فأضرب زيدًا. وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 712- أما كمهما يك من شيء وفا ... لتلو تلوها وجوبا ألفا "إلا إن دخلت" الفاء "على قول قد طرح"، أي حذف، "استغناء عنه"، أي عن القول: "بالمقول، فيجب حذفها معه" للاستغناء عنهما بالمقول، "كقوله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ " بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} [آل عمران: 106] ، فـ"أكفرتم": مقول لقول محذوف. والقول ومقوله جواب أما "أي: فيقال لهم: أكفرتم. ولا تحذف" الفاء "في غير ذلك إلا في ضرورة، كقوله": [من الطويل] 866- فأما القتال لا قتال لديكم ... ولكن سيرا في عراض المواكب   866- البيت للحارث بن خالد المخزومي في ديوانه ص45، والأغاني 1/ 38، وخزانة الأدب 1/ 452، والدرر 2/ 207 وبلا نسبة في أسرار العربية ص106، والأشباه والنظائر 2/ 153، وأوضح المسالك 4/ 234، والجنى الداني ص524، وسر صناعة الإعراب ص265، وشرح ابن الناظم ص509، وشرح شواهد الإيضاح ص107، وشرح شواهد المغني ص177، وشرح ابن عقيل 2/ 391، وشرح المفصل 7/ 134، 9/ 412، والمنصف 3/ 118، ومغني اللبيب ص56، والمقاصد النحوية 1/ 577، 4/ 474، والمقتضب 2/ 71، وهمع الهوامع 2/ 67. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 429 والأصل: فلا قتال. فحذف الفاء ضرورة. قال أبو الفرج1: "هذا البيت مما هجي به قديمًا بنو أسد بن أبي العيص بن أمية بن عبد شمس"، وعراض. بالعين المهملة والضاد المعجمة: الشق والناحية، لا جمع عرصة؛ بمهملتين؛ وهي الساحة. والمواكب جمع موكب: وهم القوم الركوب على الإبل. "أو" في "ندور، نحو" قوله -صلى الله عليه وسلم: "أما بعد! ما بال رجال يشترطون شروطا ليست في كتاب الله". والحديث أخرجه البخاري2، والأصل: فما بال رجال. و"ما" استفهامية مبتدأ. و"بال"، بمعنى شأن: خبرها، وإلى حذف الفاء أشار الناظم بقوله: 713- وحذف ذي الفا قل في نثر إذا ... لم يك قول معها قد نبذا   1 الأغاني 1/ 38. 2 أخرجه البخاري في المساجد، باب ذكر البيع والشراء على المنبر، حديث رقم 444، وهو من شواهد أوضح المسالك 4/ 235، وشرح ابن الناظم ص509، وشرح ابن عقيل 2/ 392. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 430 فصل في ذكر وجهي "لولا ولوما" على ما في النظم : "لـ: لولا ولوما وجهان: أحدهما: أن يدلا على امتناع جوابهما لوجود تاليهما فيختصان بالجمل الاسمية". وإليه أشار الناظم بقوله: 714- لولا ولوما يلزمان الابتدا ... إذا امتناعا بوجود عقدا نحو: " {لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ} [سبأ: 31] ، وقوله: [من الكامل] 867- لوما الإضاحة للوشاة لكان لي ... من بعد سخطك في رضاك رجاء وبهذا رد على المالقي، حيث زعم أن "لوما" لا تأتي إلا للتخصيص، وكون المرفوع بعد "لولا" مبتدأ هو الصحيح، وهو قول سيبويه، وقيل: مرفوع بـ"لولا" أصالة، وهو قول الفراء. وقيل: مرفوع بها نيابة، وهو قول حكاه الفراء عن بعضهم. وقيل: مرفوع بفعل محذوف، وهو قول الكسائي. وعلى القول الصحيح فقال الجمهور: يجب في الخبر أن يكون كونًا مطلقًا محذوفًا، وذهب غيرهم إلى أنه يجوز أن يكون كونًا مطلقًا كالوجود والحصول فيجب حذفه. ويجوز أن يكون كونًا مقيدًا كالقيام والقعود، فيجب ذكره إن لم يعلم دليله وإلا جاز حذفه وذكره والخبر في هذه الآية يحتمل أن يكون كونا مطلقًا، والتقدير: لولا أنتم موجودون، ويحتمل أن يكون مقيدًا. والتقدير: لولا أنتم صددتمونا عن الهوى بعد إذ جاءنا، بدليل: {أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ} [سبأ: 32] ولم أقف على الخلاف في المرفوع بعد "لوما" ولم يبعد مجيئه.   867- البيت بلا نسبة في شرح الأشموني 3/ 608، وشرح عمدة الحافظ ص316، ومغني اللبيب ص276. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 431 "و" الوجه "الثاني: أن يدلا على التحضيض"، بمهملة ومعجمتين. وإليه أشار الناظم بقوله: 715- وبهما التحضيض مز ....... ... ................................ "فيختصان بـ" الجمل "الفعلية"، لأن التحضيض طلب بحث وإزعاج. ومضمون الجملة الفعلية حادث ومتجدد، فيتعلق الطلب به، بخلاف الاسمية فإنها للثبوت وعدم الحدوث. "نحو: {لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ} " [الفرقان: 21] ، "و" نحو: " {لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ} [الحجر: 7] . ويساويها في" إفادة "التحضيض والاختصاص بالأفعال: هلا، وألا، وألا"، بفتح أولها وتشديد اللام في الأولين وتخفيفها في الثالث: نحو: هلا ضربت زيدًا، وألا أهنته، وألا شتمته فيتأدب. وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 715- ................... وهلا ... ألا ألا وأولينها الفعلا 686- ...................................... ... .... فهلا نفس ليلى شفيعها فتقديره: فهلا كان هو، أي: الشأن. "وقد يلي حرف التحضيض اسم معلق بفعل" على جهة كون الاسم معمولا للفعل. وذلك الفعل: "إما مضمر، نحو" قوله -صلى الله عليه وسلم- لجابر حين أخبره بأنه تزوج بثيب: "فهلا بكرا تلاعبها وتلاعبك" 1 فـ"بكرًا": متعلق بفعل محذوف "أي: فهلا تزوجت بكرًا. أو مظهر مؤخر" عن حرف التحضيض "نحو" قوله تعالى: {وَلَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ} " [النور: 16] فـ"لولا" بمعنى "هلا". وفي المغني2: أنها هنا للتوبيخ. و"إذ" متعلقة بـ"قلتم"، و"قلتم" فعل مظهر مؤخر من تقديم. و"سمعتموه" مجرور بإضافة "إذ" إليه، "أي: هلا قلتم إذ سمعتموه". وإليه أشار الناظم بقوله: 716- وقد يليها اسم بفعل مضمر ... علق أو بظاهر مؤخر   868- صدر البيت: ونبئت ليلى أرسلت بشفاعة وتقدم تخريج البيت برقم 531. 1 أخرجه البخاري في البيوع برقم 1991. 2 مغني اللبيب ص278. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 432 باب الإخبار بالذي وفروعه مدخل ... باب الإخبار بالذي وفروعه: التي، والذي، واللتين، والذين، واللاتي. "وبالألف واللام". وكثيرًا ما يصار إلى الإخبار لقصد الاختصاص. أو تقوي الحكم، أو تشويق السامع، أو إجابة الممتحن، أو قوة ملكة في التصرف1 في الكلام. "و" لذلك "يسميه بعضهم في" الصدر الأول: "باب السبك" أي سبك النحو، وهي تسمية قديمة. وقد بالغ فيه النحويون، ووضعوه على أبواب النحو كـ: باب الفاعل، والمبتدأ والخبر ونواسخهما، وجميع المفعولات، والتوابع، والإعمال وغير ذلك، ليحصل للطالب بالامتحان فيه ملكة يقوى بها على التصرف. "وهو باب" واسع "وضعه النحويون للتدريب في الأحكام النحوية، كما وضع التصريفون مسائل التمرين" الآتية وهي: كيف تبني من كذا مثل كذا "في القواعد التصريفية؟ والكلام فيه في فصلين:" أحدهما: في بيان حقيقته، وثانيهما: في بيان شروط ما يخبر عنه.   1 في "ب": "التصريف". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 433 الفصل الأول في بيان حقيقته : وهي أن تدخل1 الموصول على أول الكلام الذي فيه الاسم المخبر عنه واقعًا على معنى ذلك الاسم، ثم يعوض من ذلك الاسم ضميرًا مكانه على حسبه في الإعراب والإفراد، والتثنية, والجمع، والتذكير والتأنيث، ويكون ذلك الضمير عائدًا على ذلك الموصول، ويكون الموصول أيضًا مطابقًا للضمير فيما تقدم. ثم يصير ذلك الاسم الذي أردت الإخبار عنه خبرًا عن الموصول، وباقي الجملة صلة الموصول. وبيان ذلك أنك "إذا قيل لك: كيف تخبر عن زيد" المبتدأ "من قولنا2: زيد منطلق بالذي؟ متعلق بتخبر. "فاعمد إلى ذلك الكلام" الذي فيه زيد. "فاعمل فيه أربعة أعمال: أحدها: أن تبتدئه بموصول" يكون في موضع رفع بالابتداء "مطابق" ذلك الموصول "لـ: زيد، في إفراده وتذكيره". وذلك المطابق لـ: "زيد" فيما ذكر "هو: الذي" الواقع في الابتداء. العمل "الثاني: أن تؤخر زيدًا إلى آخر التركيب"، لأنك تريد أن تجعله خبرًا عن الموصول. العمل "الثالث: أن ترفعه"، أي زيدًا، "على أنه خبر للذي"3. العمل "الرابع: أن تجعل في مكانه"، أي مكان زيد. "الذي نقلته عنه ضميرًا مطابقًا له في معناه و" في "إعرابه، فتقول: الذي هو منطلق زيد"، فالموصول وهو "الذي: مبتدأ" فمن حيث كونه موصولا، يحتاج إلى صلة وعائد، ومن حيث كونه مبتدأ، يحتاج إلى خبر "و" جملة: "هو منطلق، مبتدأ وخبر" على الترتيب، "والجملة"   1 في "ب": "يدخل". 2 في "ب": "قولك". 3 في "ب": "الذي". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 434 من المبتدأ والخبر "صلة الذي، والعائد منها" إلى الموصول، "الضمير" المرفوع على الابتداء "الذي جعلته خلفًا عن زيد في إعرابه "الذي هو الآن"، وهو زيد, "كمال الكلام". وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 717- ما قيل أخبر عنه بالذي خبر ... عن الذي مبتدأ قبل استقر 718- وما سواهما فوسطه صله ... عائدها خلف معطي التكمله "وقد تبين بما شرحناه، أن زيدًا" في المثال المذكور "مخبر به، لا عنه، وأن الذي بالعكس" أي: مخبر عنه لا به. "وذلك خلاف ظاهر السؤال"، وهو قولهم: كيف تخبر عن زيد من قولنا: زيد منطلق، بالذي؟ فظاهر هذا السؤال أن زيدًا، مخبر عنه، وأن الذي مخبر عنه، "فوجب تأويل كلامهم على" أوجه: أحدها: لابن عصفور: أنهم أرادوا بقولهم: الإخبار بالذي، أن تخبر عن المسمى ويكون الاسم المخبر عنه في وقت الإخبار: الذي, فعبر عن المسمى: بالذي. فإذا قيل: أخبر عن زيد بالذي، كان على "معنى أخبر عن مسمى زيد في حال تعبيرك عنه بالذي". وثانيهما لابن الضائع، بمعجمة فمهملة، الأقرب أن يكون الكلام محمولا على المعنى، وذلك أن زيدًا هو المخبر عنه في الحقيقة. وإن كان في اللفظ خبرًا، فعبروا عنه بأنه مخبر عنه نظرًا إلى الحقيقية. وثالثها: أنه على القلب وأن "عن" بمعنى الباء، ورابعها: أنه لما كان الخبر هو المبتدأ في المعنى، صح أن يطلب عليه أنه مخبر عنه، وإذا كان المخبر عنه مثنى أو مجموعًا على حدة، أو مؤنثًا، جيء بالموصول على وفقه، لوجوب مطابقة الخبر للمبتدأ، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 720- وباللذين والذين والتي ... اخبر مراعيا وفاق المثبت "تقول في نحو: بلغت من أخويك إلى العمرين"؛ بكسر الراء؛ "رسالة، إذا أخبرت عن التاء" من بلغت، "بالذي: الذي بلغ من أخويك إلى العمرين رسالة أنا". فالذي: مبتدأ، وأنا: خبره، وما بينهما صلة، وعائدها ضمير مستتر في بلغ لأنه أمكن اتصاله فلا يعدل إلى انفصاله. "فإذا أخبرت عن أخويك" بالتثنية "قلت: اللذان بلغت منهما إلى العمرين رسالة أخواك"، فاللذان: مبتدأ، وأخواك: خبره، وما بينهما صلة وعائدها ضمير التثنية الجزء: 2 ¦ الصفحة: 435 المجرور بـ"من". "أو" أخبرت عن "العمرين" بالجمع "قلت: الذين بلغت من أخويك إليهم رسالة العمرون". فالذين مبتدأ، والعمرون. خبره، وما بينهما صلة، وعائدها ضمير الجمع المجرور بـ"إلى". أو" أخبرت "عن الرسالة قلت: التي بلغتها من أخويك إلى العمرين رسالة" بالرفع، فالتي، مبتدأ: ورسالة: خبره، وما بينهما صلة، وعائدها الهاء من: بلغتها، وكان حق ضمير الرسالة أن يكون مكانها منفصلا ويكون التقدير: التي بلغت من أخويك إلى العمرين إياها رسالة. لكن حيث أمكن1 الاتصال "فتقدم الضمير وتصله" بالفعل، "لأنه إذا أمكن الوصل لم يجز العدول" عنه "إلى الفصل" إلا في الضرورة، "وحينئذ"، أي حين إذ قدمته ووصلته "فيجوز" لك "حذفه" وإثباته "لأنه عائد متصل منصوب بالفعل" وتقدم في باب الموصول أن العائد إذا كان منصوبًا متصلا بالفعل، جاز حذفه نحو: {وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ} [يس: 35] وشرط الضمير العائد إلى الموصول في هذا الباب أن يكون ضمير غيبة ولو كان خلفًا عن حاضر2. وأجاز أبو ذر الخشني المطابقة في الخطاب. فتقول في الإخبار عن تاء المخاطب: الذي ضربت أنت. ويلزمه إجازة ذلك في المتكلم نحو: الذي قمت أنا، إذ لا فرق. ورد بأنه يلزم أن تكون فائدة الخبر ما صلة في المبتدأ، وذلك خطأ، والخبر في هذا الباب واجب3 التأخير عند الجمهور، ونقل ابن العلج عن المبرد أنه يجوز تقديمه خبرًا عن الذي أو مبتدأ4.   1 في "ب", "ط": "أمكنك". 2 سقط من "ب". 3 في "ب": "جائز". 4 انظر الارتشاف 2/ 6. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 436 ال فصل الثاني في شروط ما يخبر عنه : فيجب استحضارها عند إرادة الإخبار: "اعلم أن الإخبار إن كان بالذي أو أحد1 فروعها" من التأنيث والتثنية والجمع. "اشترط للمخبر عنه سبعة شروط: أحدها: أن يكون قابلا للتأخير"، لما مر من أنه يجب تأخيره. "فلا يخبر عن أيهم" في الاستفهام "من قولك: "أيهم في الدار؟ " لأنك تقول حينئذ: "الذي هو في الدار أيهم". فتزيل الاستفهام عن صدريته". وأجاز ذلك ابن عصفور بشرط تقدمه نحو: أيهم الذي هو في الدار فـ"أيهم": خبر مقدم، و"الذي": مبتدأ مؤخر. وقال ابن الضائع: بل "أيهم" مبتدأ، و"الذي": خبره. والأقرب قول ابن عصفور، وإن كان الأصح عند الجمهور المنع مطلقًا2. "وكذا القول في جميع أسماء الاستفهام و" أسماء "الشرط، و"كم" الخبرية، و"ما" التعجبية، وضمير الشأن"، على القول بأن له صدر الكلام. "لا يخبر عن شيء منها لما ذكرنا" من إزالة ما له صدر الكلام عن صدريته، وبيان ذلك أنك تقول في الإخبار عن اسم الشرط من قولنا: "أيهم يكرمني أكرمه": الذي هو يكرمني أكرمه أيهم1. وعن "كم" الخبرية من قولنا: كم عبد ملكت؟ [الذي إياه عبد ملكت] 3 كم. وعن "ما" التعجبية من قولنا: "ما أحسن زيدًا": الذي هو أحسن زيدًا ما. وعن ضمير الشأن من قولنا: "هو زيد قائم": الذي هو زيد قائم هو. فتزيل ما له صدر الكلام عن صدريته، وثم مانع آخر وهو أن الضمير الحال محل المخبر عنه لا يتضمن معناه ولا يعمل عمله.   1 سقط من "ب". 2 انظر الارتشاف 2/ 5. 3 سقط ما بين المعكوفين من "ب". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 437 أما في مسألة الاستفهام فلأن الضمير لا يستفهم به، وأما في مسألة الشرط فلأن الضمير لا يجزم، وأما في مسألة "كم" فلأن الضمير لا يضاف. وأما في مسألة "ما" التعجبية فلأن الضمير لا يخبر عنه بأفعل في التعجب، وأما في مسألة ضمير الشأن فلأن ضمير الشأن لا يتقدم على الجملة الواقعة صلة الموصول. "وفي التسهيل1 أن الشرط أن يقبل الاسم أو خلفه، التأخير. وذلك لأن الضمائر المتصلة كالتاء من: "قمت"، يخبر عنها مع أنها لا تتأخر، ولكن يتأخر خلفها، وهو الضمير المنفصل. تقول" إذا أخبرت عن التاء من "قمت": "الذي نام أنا". فعلى هذا يصير المتصل منفصلا لكونه خبرًا ويصير المتكلم غائبًا لعوده على: الذي فلذلك عزاه للتسهيل. الشرط "الثاني: أن يكون" المخبر منه "قابلا للتعريف، فلا يخبر عن الحال والتمييز" مما هو ملازم للتنكير. "لأنك لو قلت في: جاء زيد ضاحكًا"، وفي: "ملكت تسعين نعجة": "الذي جاء زيد إياه ضاحك"، والتي ملكت تسعين إياها نعجة، "لكنت [قد] 2 نصبت الضمير" في الأول "على الحال"، وفي الثاني على التمييز، "وذلك ممتنع، لأن الحال" والتمييز كل منهما "واجب التنكير، وكذا القول في نحوه. وهذا القيد"3: وهو قبول التعريف المذكور في النظم في قوله: 721- قبول تأخير وتعريف لما ... أخبر عنه ههنا قد حتما "لم يذكره" [الناظم] 4 "في التسهيل" بهذا اللفظ، وذكر بلفظ غيره فقال1: منوبًا عنه بضمير. قال شراحه، أبو حيان5 ومتابعوه: المرادي6 وابن عقيل7 وناظر الجيش والسمين واللفظ له. قوله: منوبًا عنه بضمير، أي عن ذلك الاسم الذي تريد أن تخبر عنه. وتحرز بذلك من الأسماء التي يجوز إضمارها8، كالحال والتمييز، والأسماء العاملة عمل الفعل,   1 التسهيل ص251. 2 إضافة من "ط": وأوضح المسالك 4/ 240. 3 في "ط": "التقييد". 4 إضافة من "ب"، "ط". 5 الارتشاف 2/ 3. 6 شرح المرادي 4/ 297. 7 شرح ابن عقيل 2/ 410. 8 في "أ": "إظهارها". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 438 نحو: اسم الفاعل واسم المفعول. وأمثلة المبالغة، والمصادر، والصفات المشبهة، وأسماء الأفعال. انتهى. الشرط "الثالث: أن يكون" المخبر عنه "قابلا للاستغناء عنه بالأجنبي" في صحة وقوعه قبل الإخبار، كـ زيد من: "ضربت زيدًا"، فإنه يصح وقوع عمرو مثلا موقعه في تركيب آخر، فتقول: ضربت عمرًا، بخلاف الهاء في: "زيد ضربه"، فلا يصح وقوع أجنبي موقعها لفوات العائد إلى المبتدأ. "فلا يخبر عن الهاء من نحو: "زيد ضربته"، لأنها لا يستغنى عنها بالأجنبي، كـ: "عمرو وبكر" لما ذكرنا. "وإنما امتنع الإخبار عما هو كذلك، لأنك لو أخبرت عنه لقلت: الذي زيد ضربته هو، فالضمير المنفصل" وهو "هو" المتأخر في آخر التركيب، "هو الذي كان متصلا بالفعل قبل الإخبار, والضمير المتصل الآن" وهو الهاء، "خلف عن ذلك الضمير الذي كان متصلا بالفعل، ففصلته وأخرته. ثم هذا الضمير" المنصوب "المتصل"، وهو الهاء من ضربته. "إن قدرته رابطًا للخبر بالمبتدأ، الذي هو: زيد، بقي الموصول"، وهو الذي "بلا عائد، وإن قدرته عائدًا على الموصول، بقي الخبر بلا رابط"، ولا سبيل إلى كونه عائدًا عليهما، إذ عود ضمير مفرد على شيئين محال هذا1 من جهة الصناعة، وأما من جهة المعنى فقال: الفارسي: لا فائدة في هذا الإخبار، لأن الخبر حينئذ لا زيادة فيه على المبتدأ، فهو كقولك: الذاهب جاريته صاحبها. انتهى. الشرط "الرابع: أن يكون" المخبر عنه "قابلا للاستغناء عنه بالمضمر، فلا يخبر [عن المجرور] 2 بـ"حتى"، أو بـ"مذ"، أو بـ"منذ" لأنهن لا يجررن إلا الظاهر، والإخبار يستدعي إقامة ضمير مقام المخبر عنه؛ كما تقدم" أول الباب: فلا يخبر عن رأسها من قولك "أكلت السمكة حتى رأسها"، بالجر، فلا تقل: الذي أكلت حتاه رأسها، ولا عن يومين من قولنا: "ما رأيته مذ أو منذ يومين"، فلا تقل: اللذان، ما رأيته مذهما، أو منذهما، يومان، لأن "حتى" و"مذ" و"منذ" لا يجررن ضميرًا. وإلى هذين الشرطين أشار الناظم بقوله: 722- كذا الغنى عنه بأجنبي أو ... بمضمر شرط ...............   1 سقط من "ب". 2 إضافة من "ط"، وفي أوضح المسالك 4/ 240: "عن الاسم المجرور". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 439 وكذلك لا يجوز الإخبار عن مضاف دون مضاف إليه، ولا عن مصدر عامل دون معموله، ولا عن موصوف دون صفته1، ولا عن صفة دون موصوفها. "فـ" على هذا "إذا قيل: "سر أبا زيد قرب من عمرو الكريم"، جاز الإخبار عن زيد" خاصة. "وامتنع الإخبار عن الباقي، لأن الضمير" يخلف زيدًا و"لا يخلفهن". تقول في الإخبار عن زيد: "الذي سر أباه قرب من عمرو الكريم زيد". ولا تقل في الإخبار عن الأب وحده: "الذي سر أبا زيد قرب من عمرو الكريم أب" ولا عن قرب: "الذي سر أبا2 زيد هو من عمرو الكريم قرب". ولا عن عمرو: "الذي سر أبا زيد قرب منه الكريم عمرو". ولا عن الكريم: "الذي سر أبا زيد قرب من عمرو هو الكريم". "أما: "الأب" فلأن الضمير" الحال محله "لا يضاف، وأما "القرب" فلأن الضمير" الحال محله "لا يتعلق به جار ومجرور وغيره" من المعمولات، عند البصريين. وذهب الكوفيون إلى أن ضمير المصدر يعمل عمل المصدر، "وأما، "عمرو الكريم" فلأن الضمير" الحال محل عمرو، "لا يوصف، و" الضمير الحال محل الكريم، "لا يوصف به، نعم إن أخبرت عن المضاف والمضاف إليه معًا". وهما: "أبا زيد"، أو عن العامل ومعموله معًا، وهما: "قرب من عمرو" أو عن الموصوف وصفته، وهما: "عمرو الكريم". "فأخرت ذلك" المخبر عنه برمته، "وجعلت مكانه ضميرًا" مطابقًا له في معناه وإعرابه، "جاز" ذلك، "فتقول في الأخبار عن المتضايفين" وهما: أبا زيد: "الذي سره قرب من عمرو الكريم أبو زيد، وكذا الباقي". فتقول في الإخبار عن العامل ومعموله: "الذي سر أبا زيد قرب من عمرو الكريم". ففي: "سر", ضمير مستتر مرفوع على الفاعلية وهو خلف عن: "قرب" وكان القياس أن يوضع في محله، لكن ضرورة الاتصال ألجأت إلى تقديمه3 واتصاله بعامله، فاستتر فيه. وتقول في الإخبار عن الموصوف وصفته معًا وهما: عمرو الكريم: الذي سر أبا زيد قرب منه عمرو الكريم. الشرط "الخامس: جواز وروده في الإثبات، فلا يخبر عن: أحد، من نحو:   1 في "ب": "موصوفه". 2 في "ط": "ويأباه". 3 في "أ": "تقدمه". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 440 "ما جاءني أحد"، لأنه لو قيل: الذي ما جاءني أحد، لزم وقوع: "أحد" في الإيجاب"، فإنه خبر "الذي"، وفاعل "جاءني"، ضمير مستتر فيه، وهو ضمير "أحد". ونص في التسهيل في باب العدد1 على أن نفي ضمير: أحد، مسوغ لوقوع: أحد في الإيجاب، كقوله: [من الطويل] 869- إذا أحد لم يعنه شأن طارق ... ................................... فإن قلت: الضيمر في جاءني يعود على الموصول، لا على: أحد، قلت: أحد: خبر الموصول، والخبر في هذا الباب نفس المبتدأ. الشرط "السادس: كونه في جملة خبرية، فلا يخبر عن الاسم" المعمول لفعل طلب كالواقع "في مثل: اضرب زيدًا"، فلا تقل في الإخبار عن زيد: الذي أضربه زيد. "لأن الطلب لا يقع صلة" للموصول، لما مر في بابه. الشرط "السابع: أن لا يكون" المخبر عنه "في إحدى جملتين مستقلتين"، ليس في الأخرى منهما ضميره، ولا بين الجملتين عطف بالفاء. وذلك "نحو: زيد من قولك: قام زيد وقعد عمرو". فلا يقال: الذي قام وقعد عمرو زيد، لأن جملة: "قعد عمرو" ليس فيها ضمير يعود على الموصول، ولا هي معطوفة بالفاء، فلا يصلح أن تكون معطوفة على جملة الصلاة، "بخلاف" ما إذا كان في إحدى جملتين غير مستقلتين، كالشرط والجزاء، نحو: إن قام زيد قعد عمرو". فيحوز الإخبار عن زيد، فتقول: الذي إن قام قعد عمرو وزيد، لأن الشرط والجزاء كالجملة الواحدة، بخلاف ما إذا كان في إحدى جملتين مستقلتين وتضمنت الثانية ضميره، أو كانت معطوفة بالفاء، فإنه يجوز الإخبار لحصول الرابط2 بين الجملتين بالضمير أو بالفاء. فالأول: كالمتنازع فيه من نحو: "ضربني وضربت زيدًا"، ونحو: "أكرمني وأكرمته عمرو" تقول في الإخبار عن زيد: "الذي ضربني وضربته زيد"، وعن عمرو: "الذي أكرمني وأكرمته عمرو". والثاني: كأحد المرفوعين، من نحو: "يطير الذباب فيغضب زيد"، تقول في الإخبار عن الذباب "الذي يطير فيغضب زيد الذباب"، وفي الإخبار عن زيد: "الذي   1 التسهيل ص118-119. 869- عجز البيت: "لعدم فإنا مؤثروه على الأهل"، وهو بلا نسبة في شرح التسهيل 2/ 407. 2 في "ب": "الربط". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 441 يطير الذباب فيغضب زيد"، ويكتفى بضمير واحد في الجملتين الموصول بهما، لأن ما في الفاء من معنى السببية نزلهما1 منزلة الشرط والجزاء، فجاز لذلك قولك: "الذي إن يطر فيغضب زيد الذباب". "وإن كان الإخبار بالألف واللام، اشترط عشرة أمور: هذه السبعة، وثلاثة أخر وهي: أن يكون المخبر عنه من جملة فعلية، وأن يكون فعلها متصرفًا" ليصاغ منه الوصف الصريح، وأن يكون الفعل مقدمًا غير مسبوق بشيء. وفي بعض النسخ مثبتًا. "فلا يخبر بـ"أل" عن زيد من قولك: زيد أخوك"، لأنه في جملة اسمية لا يصاغ منها صلة "أل" "ولا من قولك: عسى زيد أن يقوم"، لأن الفعل جامد. "ولا من قولك: ما زال زيد عالمًا، لأن الفعل غير مقدم، بل النفي متقدم عليه، و"أل" لا يفصل بينها وبين صلتها بنفي ولا غيره، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 723- وأخبروا هنا بأل عن بعض ما ... يكون منه الفعل قد تقدما 724- إن صح صوع صلة منه لأل ... ................................ فيخبر عن المفعول النائب عن الفاعل من نحو: ضرب زيد، فتقول: المضروب زيد، "ويخبر عن كل من الفاعل والمفعول في نحو قولك: وقى الله البطل. فتقول" إذا أخبرت عن الفاعل: "الواقي البطل الله، و" تقول إذا أخبرت عن المفعول: "الواقيه الله البطل", برفع الأول على الفاعلية، والثاني على الخبرية. "ولا يجوز لك أن تحذف الهاء" من: "الواقيه"، خلافًا للشارح2، "لأن عائد الألف واللام لا يحذف إلا في الضرورة كقوله: [من البسيط] 870- ما المستفز الهوى محمود عاقبة ... ولو أتيح له صفو بلا كدر أي: المستفزه.   1 في "ب": "نزلتهما". 2 في شرح ابن الناظم ص516: "ولك أن تحذف الهاء". 870- تقدم تخريج البيت برقم 123. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 442 فصل: "وإذا رفعت1 صلة: أل" اسما ظاهرًا، كالمثال المتقدم، فلا إشكال فيه، وإذا رفعت "ضميرًا"، فلا يخلو إما أن يكون "راجعا إلى نفس: أل" وإما أن يكون راجعًا إلى غيرها. فإن كان راجعًا إلى نفس "أل". "استتر" ذلك الضمير "في الصلة" وجوبًا، "ولم يبرز" لكون الصفة جارية على من هي له. "تقول في الإخبار عن التاء من: بلغت" من أخويك إلى العمرين رسالة"، "في المثال المتقدم: "المبلغ من أخويك إلى العمرين رسالة أنا". ففي "المبلغ" ضمير مستتر" مرفوع على الفاعلية، ولم يبرز "لأنه في المعنى لـ"أل"، لأنه"أي الضمير المستر، "خلف عن ضمير2 المتكلم" المؤخر المجعول خبرًا، "و"أل" للمتكلم، لأن خبرها" "أنا" وهو ضمير المتكلم. والمبتدأ" في هذا الباب "نفس الخبر"، والصفة نفس3 موصوفها، فيكون الضمير المستتر في: المبلغ يرجع إلى "أل"، فلذلك وجب استتاره. "وإن رفعت صلة "أل" ضمير" راجعا "لغير "أل" وجب بروزه وانفصاله" من الصلة لما تقرر [من] 4 أن الصلة5 إذا جرت على غير من هي له، امتنع أن ترفع ضمير مستتر، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 725- وإن يكن ما رفعت صلة أل ... ضمير غيرها أبين وانفصل "ما إذا أخبرت عن شيء من بقية أسماء المثال" المتقدم، "تقول في الإخبار عن الأخوين: "المبلغ أنا منهما إلى العمرين رسالة أخواك"، و" تقول في الإخبار "عن العمرين: "المبلغ أنا من أخويك إليهم رسالة العمرون, و" تقول في الإخبار "عن الرسالة: المبلغها أنا من أخويك إلى العمرين رسالة"، بالرفع6.   1 في "ب": "وقعت". 2 سقط من "ب". 3 في "أ": "نحو". 4 إضافة من "ب", "ط". 5 في "أ": "الصفة". 6 انظر شرح ابن الناظم ص516، وشرح ابن عقيل 2/ 404. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 443 فـ"أنا" فيهن فاعل المبلغ، وهو ضمير منفصل لأنه لغير "أل" "وذلك لأن التبليغ فعل المتكلم"، لأن فعله مسند إلى المتكلم في: بلغت، "و"أل" فيهن لغير المتكلم لأنها نفس الخبر الذي أخرته"، وهو: الأخوان في الأول: والعمرون في الثاني، والرسالة في الثالث، ولا فرق في ذلك بين المتنازع فيه وغيره. تقول في الإخبار بـ"أل" عن المتنازع فيه من نحو: ضربت وضربني زيد: "الضارب أنا والضاربي زيد". وإنما أبرزنا فاعل الأول لأن "أل" الأولى، كـ"أل" الثانية في أنها نفس الخبر الذي هو: زيد. والضرب الأول ليس لزيد. وتقول في الإخبار بـ"أل" عن غير المتنازع فيه على رأي الأخفش فإنه يغير الترتيب بأن يقدم المتنازع فيه ويجعله معمولا للأول بعدما كان معمولا للثاني، إذا أخبرت عن التاء من: "ضربت"، في المثال المذكور: "الضارب زيدًا، والضاربه هو أنا". قدمت "زيدًا" وجعلته لأول المتنازعين لأنه كان يطلبه منصوبًا، وأضمرت في الوصف الأول ضميرًا غائبًا عائدًا على "ألا" عوضًا عن التاء1 المخبر عنها، ليصح له2 أن يعود على الموصول، فاستتر في الوصف بجريانه على ما3 هو له، لأن "أل" نفس "أنا" لأن الذي فعل الضرب هو "أنا" في المعنى. ثم جئت بموصول ثان لأن "أل" لا تفصل من صلتها، فلا يصح أن تعطف وصفًا على وصف هو صلة لـ"أل"، وأتيت مكان ياء المتكلم بهاء الغيبة ليعود إلى "أل"، وفصلت ضمير الفاعل وهو "هو" لأن الصفة جرت على غير صاحبها، لأن "أل" نفس "أنا". والذي فعل الضرب ثانيًا إنما هو زيد، كما أن فاعل الضرب في الجملة الأولى4 هو المتكلم. وهذا أولى مما ذهب إليه المازني من مراعاة الترتيب الأصلي بأن يؤتى لكل من الموصولين بخبر يخصه غير خبر الآخر5، لفظًا ومعنى، فعلى هذا تقول في الإخبار عن تاء المتكلم الفوقانية في المثال المذكور: "الضاربه أنا هو، والضاربه زيد أنا". ووجهه أنا أخبرنا أولا عن الفاعل، وهو التاء الفوقانية ففصلناه وأخرناه، وأوقعنا "أل" الأولى على المضروب، كما أوقعنا "أل"6   1 في "أ": "الياء". 2 سقط من "ب". 3 في "ب"، "ط": "من". 4 سقط من "ب". 5 في "ب": "الأول". 6 سقط من "ب". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 444 الثانية على الضارب. ثم وصلنا1 صلته بضمير المفعول العائد على "أل"، ثم أبرزنا ضمير الفاعل لجريان الصفة على غير من هي له، ثم جئنا بضمير المفعول خبرًا عن الموصول الأول، ثم جئنا بهاء الغائب مكان ياء المتكلم لتعود2 على "أل"، وذكرنا فاعل الوصف بعد ذلك وهو زيد، ثم جئنا بالمخبر عنه وهو: أنا. ثم يقال لمن قال بموافقة المازني وشرح كلامه بما3 تقدم: عليك مؤاخذة من ثلاثة أوجه. أحدها: أنك سئلت عن الإخبار عن الفاعل، فأخبرت عن المفعول في الجملة الأولى، وعن الفاعل في الجملة الثانية. والوجه الثاني: أنك أخرت المخبر عنه من الجملة الأولى التي كان فيها، إلى الجملة الأخرى بعدها. والوجه الثالث: أن قولك: "هو" في الجملة الأولى لا يعلم له مرجع إلا بتقديم الجملة الثانية، والغرض أنها متأخرة. واختار الموضح في الحواشي أن يقال: الضاربه أنا والضاربه زيد أنا. فتأتي للوصف الأول بمفعول يعود على زيد وهو الهاء. وتفصل الفاعل وهو "أنا" وتجعله خبرًا وتجعل مكان التاء التي فصلتها ضميرًا مثلها في المعنى والإعراب، لكن تجعله غائبًا ليعود على الموصول. وتجعله مستترًا، لأن "أل" هي نفس الخبر الذي هو "أنا" والضرب فعل المتكلم، فجرت الصفة على صاحبها، وتأتي للوصف الثاني بالهاء مكان ياء المتكلم وهي المفعول والعائد، وزيد: الفاعل، وأنا: الخبر، انتهى.   1 في "أ": "فصلنا". 2 في "أ", "ب": "ليعود". 3 في "ط": "كما". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 445 باب العدد مدخل ... باب العدد: بفتحتين، وهو ما ساوى نصف مجموع حاشيتيه، القريبتين أو البعيدتين على السواء، [كـ: الاثنين] 1 فإن حاشيته السفلى واحد2، والعليا ثلاثة، ومجموع ذلك أربعة، ونصف الأربعة اثنان، وهو المطلوب. ومن ثم قيل: الواحد ليس بعدد لأنه لا حاشية له سفلى حتى تضم مع العليا. والمراد به هنا الألفاظ الدالة على المعدود، كما يقال الجمع، للفظ الدال على الجماعة. "اعلم أن الواحد والاثنين يخالفان الثلاثة والعشرة وما بينهما في حكمين: أحدهما: أنهما يذكران مع المذكر، فتقول: واحد، اثنان، ويؤنثان مع المؤنث، فتقول: واحدة، واثنتان"، على لغة الحجازيين، و"ثنتان" على لغة بني تميم. ويشاركهما في ذلك ما وازن فاعلا مطلقًا، والعشرة إذا ركبت، فتقول: الجزء الثالث والثالث عشر، والمقامة الثالثة والثالثة عشرة. "والثلاثة وأخواتها تجري على عكس ذلك"، فتؤنث مع المذكر وتذكر مع المؤنث. "فتقول: ثلاثة رجال بالتاء, وثلاث إماء3، بتركها. قال الله تعالى: {سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ} " [الحاقة: 7] . وقال ابن مالك4. وإنما حذفت التاء من عدد المؤنث وأثبتت في عدد المذكر في هذا القسم، لأن   1 إضافة من "ب"، "ط". 2 في "ط": "واحدة". 3 سقط من "ب". 4 شرح التسهيل 2/ 397. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 446 الثلاثة وأخواتها أسماء جماعات كـ: "زمرة وأمة وفرقة"، فالأصل أن تكون1 بالتاء لتوافق نظائرها، فاستصحب الأصل مع المذكر لتقدم رتبته، وحذفت مع المؤنث فرقًا لتأخر رتبته. انتهى. "و" الحكم "الثاني" من حكمي2 واحد واثنين: "أنهما لا يجمع بينهما وبين المعدود، لا تقول: واحد رجل، ولا: اثنا رجلين، لأن قولك: رجل، يفيد الجنسية والوحدة وقولك: رجلان، يفيد الجنسية وشفع الواحد، فلا حاجة إلى الجمع بينهما"، فأما قوله: [من الرجز] 871- ......................... ... ............ ثنتا حنظل فقليل3. وأما البواقي، وهي الثلاثة والعشرة وما بينهما، فلها ثلاثة أحوال: الأول: أن يقصد بها العدد المطلق. والثاني: أن يقصد بها معدود ولا يذكر، والثالث: أن يقصد بها معدود ويذكر. فأما لو قصد بها العدد المطلق، فإنها كلها بالتاء، نحو: ثلاثة نصف ستة، ولا تنصرف لأنها أعلام مؤنثة، خلافًا لبعضهم؛ وأما إذا أريد بها معدود ولم يذكر في اللفظ.   1 في "ب": "يكون". 2 في "أ": "حكم". 871- تمام الرجز: كأن خصييه من التدلدل ... ظرف عجوز فيه ثنتا حنظل وهو لخطام المجاشعي أو لجندل بن المثنى أو لسلمى الهذلية أو للشماء الهذلية في خزانة الأدب 7/ 400، 404، ولجندل بن المثنى أو لسلمى الهذلية أو للشماء الهذلية في الدرر 1/ 532، وللشماء الهذلية في خزانة الأدب 7/ 526، 529، 531، وبلا نسبة في إصلاح المنطق 189، وتاج العروس "دلل" "هدل" "ثنى" "خصى"، وتهذيب اللغة 6/ 199، 7/ 478، وخزانة الأدب 7/ 508، وديوان الأدب 4/ 11، وشرح ابن الناظم ص518، وشرح أبيات سيبويه 2/ 361، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص1847، وشرح المفصل 4/ 143، 144، 6/ 16، 18، والكتاب 3/ 569، 624، وكتاب العين 4/ 25، 287 ولسان العرب 11/ 249 "دلل"، 692 "هدل"، 14/ 117 "ثنى"، 230، "خصا"، والمخصص 12/ 110، 16/ 98، 17/ 100، والمقتضب 2/ 156، والمنصف 2/ 131، وهمع الهوامع 1/ 253. 3 وقيل: "ضرورة". انظر شرح ابن الناظم ص518، وهمع الهوامع 1/ 253، والدرر 1/ 532، والارتشاف 1/ 358. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 447 فالفصيح أن تكون1 بالتاء للمذكر وبحذفها للمؤنث، كما لو ذكر المعدود: فتقول: "صمت خمسة"، تريد أيامًا، و"سهرت خمسة"، تريد ليالي. ويجوز أن تحذف التاء كما2 في المذكر، كالحديث: "ثم أتبعه بست من شوال"، وأما إذا قصد بها معدود وذكر. "فلا تستفاد العدة والجنس إلا من العدد والمعدود جميعًا، ذلك لأن قولك: "ثلاثة" يفيد العدة دون الجنس. وقولك: "رجال"، يفيد الجنس دون العدة، فإذا قصدت الإفادتين"، وهما العدة والجنس. "جمعت بين الكلمتين" وهما: العدد والمعدود. فقتل: ثلاثة رجال. وثلاث إماء، بالتاء مع المذكر، وبعدمها مع المؤنث، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 726- ثلاثة بالتاء قل للعشره ... في عد ما آحاده مذكره 727- في الضد جرد ........ ... ........................   1 في "أ": "يكون". 2 سقط من "ب"، "ط". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 448 فصل: ألفاظ الأعداد بالنسبة إلى الاستعمال أربعة أنواع: مفرد، وهو عشرة ألفاظ: واحد واثنان1 وعشرون وتسعون وما بينهما. ومضاف، وهو أيضًا عشرة ألفاظ. مائة وألف وثلاثة وعشرة وما بينهما. ومركب، وهو تسعة ألفاظ: أحد عشر وتسعة عشر وما بينهما. ومعطوف وهو: أحد وعشرون، وتسعة وتسعون وما بينهما، فمميز العشرين، والتسعين وما بينهما، والأحد عشر والتسعة عشر وما بينهما، والأحد والعشرين، والتسعة والتسعين وما بينهما، مفرد منصوب. و"مميز الثلاثة والعشرة وما بينهما إن كان اسم جنس ". وهو ما يفرق بينه وبين مفرده بالتاء غالبًا. "كـ: "شجر وتمر". أو اسم جمع"، وهو ما دل على الجمع، وليس له مفرد من لفظه غالبًا"، "كـ: "قوم ورهط"، خفض بـ"من" تقول: "ثلاثة" من الشجر غرستها"، و"خمسة "من التمر" أكلتها"، "و"عشرة من القوم" لقيتهم"، و"تسعة من الرهط صحبتهم". "قال الله تعالى: {فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ} " [البقرة: 260] . وعلل الأخفش امتناع الإضافة إلى اسم الجنس بأنه قد يقع على الواحد، ولا يضاف هذا الجمع إلى الواحد فكذا ما أشبهه. قال الموضح في الحواشي: قلت وكذا اسم الجمع بالنسبة إلى الصيغة، فإن صيغته كصيغة الواحد، وإن كان لا ينطبق2 على الواحد، والدليل على أنه يعامل لفظًا معاملة الواحد، أنه قد يعود عليه ضمير الواحد، ويفرد الخبر عنه، نحو: الركب سائر. انتهى. "وقد يخفض" مميز اسمي الجنس والجمع، "بإضافة العدد" إليه، فاسم الجمع "نحو: {وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ} [النمل: 48] . وفي الحديث: "ليس فيما دون خمس ذود صدقة"3. وقال الشاعر": [من الوافر]   1 في "أ", "ط": "اثنتان. 2 في "أ", "ط": "ينطلق". 3 أخرجه البخاري برقم 1340، 1390، ومسلم في أول كتاب الزكاة برقم 979. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 449 872- ثلاثة أنفس وثلاث ذود ... لقد جار الزمان على عيالي والذود من الإبل: ما بين الثلاثة إلى العشرة، وهي مؤنثة لا واحد لها من لفظها. كذا في الصحاح1. وذاله الأولى معجمة، والثانية مهملة. و"الأنفس": جمع نفس، وهي مؤنثة، وإنما أنت عددها، لأن النفس كثر استعمالها مقصودًا بها إنسان قاله المرادي2. واسم الجنس كقول جندل بن المثنى: [من الرجز] 873- كأن خصييه من التدلدل ... ظرف عجوز فليه ثنتا حنظل فـ"حنظل": اسم جنس مخفوض بالإضافة على حد: {تِسْعَةُ رَهْطٍ} [النمل: 48] قاله الموضح، واتفق الجميع على الخفض بـ"من". وأما بالإضافة ففيه مذاهب: أحدها: الجواز على قلة، وهو ظاهر كلام الموضح هنا3، تبعًا لابن عصفور4. والثاني: الاقتصار على ما سمع، وهو مذهب الأكثرين5. والثالث: التفصيل في اسم الجمع، فإن كان مما يستعمل للقليل فقط نحو: "نفر ورهط، وذود"، جاز. وإن كان مما يستعمل للقليل والكثير، كـ: "قوم ونسوة"، لم يجز. حكاه الفارسي عن أبي عثمان المازني. وعلله المبرد بأن العدد لا يضاف لواحد ولا لما يدل على الكثرة، وأما: {ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228] فمسموع. انتهى. "وإن كان" مميزها "جمعا، خفض بإضافة العدد إليه، نحو: ثلاثة رجال" وثلاث إماء، "ويعتبر التذكير والتأنيث مع اسمي الجمع والجنس بحسب حالهما" باعتبار   872- البيت للحطيئة في ديوانه 270، والأغاني 2/ 144، والإنصاف 2/ 771، وخزانة الأدب 7/ 367، 369، 394، والخصائص 2/ 412، والكتاب 3/ 565، ولسان العرب 3/ 168، "ذود"، 6/ 235 "نفس"، ولأعرابي أو للحطيئة أو لغيره في الدرر 1/ 534، ولأعرابي من أهل البادية في المقاصد النحوية 4/ 485، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 246، والدرر 2/ 490، 540، وشرح ابن الناظم 519، وشرح الأشموني 2/ 620، ومجالس ثعلب 1/ 304، وهمع الهوامع 1/ 253، 2/ 170. 1 الصحاح "ذود". 2 شرح المرادي 4/ 304. 873- تقدم تخريج البيت برقم 871. 3 سقط من "ط". 4 المقرب 2/ 305. 5 انظر الارتشاف 1/ 358. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 450 عود الضمير عليهما1، تذكيرًا وتأنيثًا، "فيعطى العدد عكس ما يستحقه ضميرهما"2، مذكرًا، أنت العدد، وإن كان مؤنثًا ذكر. "فتقول" في اسم الجنس: "ثلاثة من الغنم" عندي، "بالتاء" في ثلاثة، "لأنك تقول: غنم كثير، بالتذكير" للضمير المستتر في: كثير، "وثلاث من البط، بترك التاء" من ثلاثة3، "لأنك تقول: بط كثيرة، بالتأنيث" للضمير المستتر في: كثيرة. "و" تقول: "ثلاثة من البقر"، بالتاء، "أو: ثلاث"، بتركها، "لأن" ضمير البقر يجوز فيه التذكير والتأنيث باعتبارين، وذلك أن4 "في البقر لغتين: التذكير والتأنيث، قال الله تعالى: {إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا} [البقرة: 70] بتذكير الضمير، "وقرئ: تشابهت" بتأنيثه5. وحاصل ما ذكره من أمثلة اسم الجنس ثلاثة أنواع: ما فيه لغتان، التذكير فقط [وهو: الغنم. وما فيه لغة التأنيث فقط وهو: البط, وما فيه لغتان، التذكير والتأنيث وهو: البقر، ولم يمثل] 6 لاسم الجمع، وفصل فيه ابن عصفور فقال7: إن كان لمن يعقل فحكمه حكم المذكر كـ: القوم والرهط والنفر. وإن كان لما لا يعقل فحكمه حكم المؤنث كـ: الجامل والباقر. "و" التذكير والتأنيث "يعتبران مع الجمع بحال مفرده" فإن كان مفرده مذكرًا أنت عدده، وإن كان مؤنثًا ذكر، "فلذلك تقول: إصطبلات" جمع إصطبل، بقطع الهمزة المكسورة. "وثلاثة حمامات" جمع حمام؛ بتشديد الميم؛ "بالتاء فيهما" اعتبارًا بالإصطبل والحمام فإنهما مذكران، ولا تقول: ثلاث، بتركها؛ "اعتبارًا بالجمع، خلافًا للبغداديين" والكسائي8. ونقل سيبويه والفرء أن كلام العرب على خلاف ذلك9.   1 في "ب": "إليهما". 2 في "ب": "ضميرها". 3 في "أ", "ب": "ثلاث". 4 في "ب": "لأن". 5 في البحر المحيط 1/ 254، وتفسير القرطبي 1/ 452، أنها قراءة أبي. 6 سقط ما بين المعكوفين من "ب". 7 المقرب 2/ 306-307. 8 الارتشاف 1/ 361. 9 الكتاب 3/ 561-562. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 451 وتقول: ثلاث سحابات؛ بترك التاء؛ اعتبارًا بالسحابة فإنها مؤنثة، "ولا يعتبر من حال الواحد حال لفظه" في التأنيث والتذكير "حتى يقال: ثلاث طلحات؛ بترك التاء" نظرا إلى تأنيث لفظ واحده وهو: طلحة، "ولا" يعتبر "حال معناه" تذكيرًا وتأنيثًا، "حتى يقال: ثلاث أشخص؛ بتركها" أيضًا؛ نظرًا إلى تأنيث معنى واحده وهو شخص، "تريد: نسوة"، لأن الشخص يقع على المذكر والمؤنث1. "بل ينظر إلى ما يستحقه المفرد باعتبار ضميره، فيعكس حكمه في العدد، فكما تقول: طلحة حضر، وهند شخص جميل, بالتذكير فيهما تقول: ثلاثة طلحات، وثلاثة أشخص؛ بالتاء فيهما؛ فأما قوله" وهو عمر بن أبي ربيعة: [من الطويل] 874- فكان مجني دون من كنت أتقى ... ثلاث شخوص كاعبان ومعصر "فضرورة". وكان القياس فيه: ثلاثة شخوص؛ بالتاء؛ ولكنه كنى بالشخوص عن النساء. "والذي سهل ذلك قوله: كاعبان ومعصر"، أي: هن كاعبان ومعصر، "فاتصل باللفظ ما يعضد المعنى المراد" وهو التأنيث. "ومع ذلك فليس بقياس خلافًا للناظم"، بل قال2: إن اقترن باللفظ ما يرجح جانب المعنى، ترجح. والكاعب: الجارية حين يبدو ثديها للنهود. والمعصر؛ بضم الميم وكسر الصاد المهملة، الجارية أول ما أدركت، سميت بذلك لكونها دخلت في عصر الشباب، قاله الخليل. "وإذا كان المعدود صفة" منونا موصوفها، "فالمعتبر" في التذكير والتأنيث "حال الموصوف المنوي لا حالها". فإن كان الموصوف مذكرًا، أنث العدد، وإن كان مؤنثًا ذكر. "قال الله تعالى": {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام: 160] بترك التاء؛ لأن الموصوف مؤنث، "أي: عشر حسنات أمثالها، ولولا ذلك" الاعتبار "لقيل: عشرة" بالتاء "لأن المثل" الذي هو   1 في شرح ابن الناظم ص519: "الشخص مؤنثة"، وفي الكتاب 3/ 562: "الشخص اسم مذكر". 874- البيت لعمر بن أبي ربيعة في ديوانه ص100، والأشباه والنظائر 5/ 48، 129، والأغاني 1/ 90، وأمالي الزجاجي ص118، والإنصاف 2/ 770، وخزانة الأدب 5/ 3210، 312، 7/ 394، 396، 398، والخصائص 2/ 417، وشرح أبيات سيبويه 2/ 366، وشرح شواهد الإيضاح 313، والكتاب 3/ 566، ولسان العرب 7/ 45، "شخص"، والمقاصد النحوية 4/ 483، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 104، وأوضح المسالك 4/ 251، وشرح ابن الناظم ص519، وشرح الأشموني 3/ 620، وشرح عمدة الحافظ ص519، وعيون الأخبار 2/ 174، والمقتضب 2/ 148، والمقرب 1/ 307. 2 شرح الكافية الشافية 3/ 1664. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 452 واحد الأمثال "مذكر. و" تقدم أنه يعتبر مع الجمع حال مفرده. "تقول: عندي ثلاثة ربعات، بالتاء" في ثلاثة "إن قدرت" الموصوف "رجالا، وبتركها إن قدرت" [الموصوف] 1 "نساء"، لأن ربعات؛ بفتح الباء؛ في الأصل اسم. ثم استعملت في الصفة، وهي جمع ربعة؛ بسكونها؛ يوصف به المذكر والمؤنث. يقال: رجل ربعة وامرأة ربعة: وهي المربوع لا طويل ولا قصير. واعتبار توهم الموصوف كاعتبار نيته. "ولهذا" ترى العرب "يقولون: ثلاثة دواب؛ بالتاء؛ إن2 قصدوا ذكورا، لأن الدابة" وهي لغة كل ما يدب على الأرض "صفة في الأصل" غلبت عليها الاسمية. "فكأنهم قالوا: ثلاثة أحمرة"، جمع حمار، "دواب، وسمع" من كلامهم: "ثلاث دواب ذكور"، بترك التاء، لأنهم" اعتبروا تأنيث اللفظ، و"أجروا الدابة مجرى" الاسم "الجامد" نظرًا إلى الحال. "فلا يجرونها على موصوف"، قال ابن مالك3 أخذًا من قول ابن عصفور4: وأما ثلاث دواب فعلى جعل الدابة اسمًا.   1 إضافة من "ب"، "ط". 2 في "ب", "ط": "إذا". 3 شرح التسهيل 2/ 400. 4 المقرب 2/ 307. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 453 فصل: "الأعداد التي تضاف للمعدود عشرة، وهي نوعان: أحدهما: الثلاثة والعشرة وما بينهما" وذلك ثمانية ألفاظ، "وحق ما تضاف إليه أن يكون جمعًا مكسرًا" ليطابق العدد المعدود لفظًا، "من أبنية القلة" ليتطابقا معنى. وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 727- ............. والمميز اجرر ... جمعا بلفظ قلة في الأكثر "نحو: ثلاثة أفلس" من الجوامد، "وأربعة أعبد" من المشتقات الجارية مجرى الجوامد. و: {سَبْعَةُ أَبْحُرٍ} [لقمان: 27] من المائعات، وثمانية أحمال، وتسعة حبية، وعشرة أرغفة. "وقد يختلف كل واحد من هذه الأمور الثلاثة"، وهي: الجمع والتكسير والقلة. "فيضاف للمفرد" في مسألتين: إحداهما: أن يكون اسم جمع، وذلك قليل نحو: {تِسْعَةُ رَهْطٍ} [النمل: 48] ، و: "خمس ذود"1. والثانية: في لفظ واحد. "وذلك إن كان نحو: ثلاثمائة وتسعمائة"، لأن المائة وإن أفردت لفظًا فهي جمع معنى، لأنها عشر عشرات وهو عدد قليل. قاله الموضح في الحواشي. "وشذ في الضرورة قوله"، وهو الفرزدق: [من الطويل] 875- ثلاث مئين للملوك وفى بها ... ردائي وجلت عن وجوه الأهاتم ووجه شذوذه أن المائة إذا جمعت كان أقل مفهوماتها ثلاثمائة، وهو مما يفيد الكثرة فكان غير مناسب2.   1 أخرجه البخاري في الزكاة برقم 1340، 1390. 875- البيت للفرزدق في ديوانه 2/ 310، وخزانة الأدب 7/ 370، 373، واللسان 14/ 317 "ردي"، والمقاصد النحوية 4/ 480، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 253، وشرح ابن الناظم ص518، وشرح الأشموني 2/ 622، وشرح عمدة الحافظ 518، وشرح المفصل 6/ 21، 23، والمقتضب 2/ 170. 2 في شرح ابن الناظم ص518: "يقال: ثلاث مائة، وقد يقال ثلاث مئات وثلاث مئين". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 454 "ويضاف لجمع التصحيح في مسألتين: إحداهما: أن يهمل تكسير الكلمة، نحو: {سَبْعَ سَمَوَاتٍ} [البقرة: 29] و: خمس صلوات و: {سَبْعَ بَقَرَاتٍ} [يوسف: 43] فإن: سماء وصلاة وبقرة، لم يسمع لها جمع تكسير أصلا، فضلا عن أن يكون للقلة فلما لم يسمع لها جمع تكسير أضيف إليها وهي جمع تصحيح لأنه يفيد القلة عند سيبويه وأتباعه1. "والثانية: أن يجاور"؛ بالراء المهملة؛ "ما أهمل تكسيره"، وإن كان هو مسموع التكسير "نحو: {سَبْعَ سُنْبُلَاتٍ} [يوسف: 43] فإنه" كسر على: سنابل. ولكنه "في التنزيل مجاور لـ: سبع بقرات" المهمل تكسيره، فلذلك حسن تصحيحه وقد جاء في التنزيل مكسرًا نحو: {سَبْعَ سَنَابِلَ} [البقرة: 261] . وبقي مسألتان: إحداهما: أن يكون تكسير الكلمة غير مقيس نحو: ثلاث سعادات فإن2 جمع سعاد على: سعائد، خلاف القياس. كذا قال ابن مالك3. وهو مبني على أن فعائل إنما يطرد في المؤنث، بالعلامة نحو: رسالة ورسائل، وأن نحو: عجائز، يحفظ ولا يقاء عليه. والثانية: أن يكون تكسير الكلمة قليل الاستعمال نحو: {تِسْعَ آَيَاتٍ} [النمل: 12] قال الموضح: كذا ظهر لي، فإن تكسير آية على: آي جائز لكنه ليس بالفاشي. وجعلها ابن مالك مما أهمل تكسيره. قال: وفيه نظر. "ويضاف لبناء الكثرة في مسألتين: إحداهما: ان يهمل بناء القلة: نحو: ثلاث جوار، وأربعة رجال، وخمسة دراهم". فإن جارية ورجلا ودرهمًا، لم يستعمل لها جمع قلة. وأما أرجل فجمع: رجل، بكسر الراء وسكون الجيم. "والثانية: أن يكون له بناء قلة، ولكنه شاذ قياسًا أو سماعًا، فينزل لذلك منزلة المعدوم" ويعدل عنه4 إلى جمع الكثرة. "فالأول" وهو الشاذ قياسًا "نحو: {ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228] فإن جمع: قرء؛ بالفتح؛ على أقراء، شاذ" كما سيأتي في باب جمع التكسير. نعم إن جعل قروء   1 الكتاب 3/ 603. 2 في "أ": "فإنه". 3 شرح الكافية الشافية 4/ 1866. 4 في "أ": "منه". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 455 جمعًا لـ: قرء؛ بالضم؛ كان قياسًا. والقرء بالفتح والضم؛ يطلق على الطهر والحيض. "والثاني": وهو الشاذ سماعًا "نحو: ثلاثة شسوع"؛ بمعجمة فمهملة؛ "فإن أشساعًا" وإن كان قياسًا لأن مفرده: شسع، بكسر أوله1 وسكون ثانيه: أحد سيور النعل1، وأفعال قياس فيه كـ: حمل وأحمال؛ بالحاء المهملة؛ ولكنه "قليل الاستعمال". "النوع الثاني" من النوعين: "المائة والألف، وحقهما أن يضافًا إلى مفرد نحو": {فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ} [النور: 2] ، "و" نحو: {فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ} [العنكبوت: 14] وإنما كان حقهما ذلك؛ لأن المائة اجتمع فيها ما افترق في عشرة وعشرين من الإضافة والإفراد، لأنها مشتملة عليهما، فأخذت من العشرة الخفض ومن العشرين الإفراد. والألف عوض من2 عشر مائة، هي تميز3 بمفرد مخفوض، فعوملت الألف معاملة ما عوضت منه. "وقد تضاف المائة إلى جمع، كقراءة الأخوين حمزة والكسائي: "ثلاثمائة سنين" [الكهف: 25] بحذف التنوين للإضافة4. قيل: ووجه تشبيه المائة بالعشرة إذ كانت تعشيرًا للعشرات، والعشرة تعشيرًا للآحاد، وقيل: إنه من وضع الجمع موضع المفرد. ومن نون فقيل: هو عطف بيان، أو بدل من ثلاثمائة5. ورد بأن البدل على نية طرح الأول. وعلى تقدير طرحه يكون لمعنى: ولبثوا في كهفهم سنين. فيفوت التنصيص على كمية العدد. ويجاب بأن نية الطرح غالبة لا لازمة. ولا يكون: سنين تمييزًا لأنه يقتضي أنهم أقل ما لبثوا: تسعمائة وتسع سنين. قاله الموضح في الحواشي. وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 728- ومائة والألف للفرد أضف ... ومائة بالجمع نزرا قد ردف "وقد تميز" المائة "بمفرد منصوب6، كقوله"، وهو الربيع بن ضبع   1 سقط ما بينهما من "ب". 2 في "أ": "عن". 3 في "أ", "ب": "تمييز". 4 الرسم المصحفي: {مِائَةٍ} وقرأها "مِائَةِ" بالإضافة: حمزة والكسائي وخلف والحسن والأعمش وطلحة بن سعدان، انظر الإتحاف 289، ومعاني القرآن للفراء 2/ 138، وهي من شواهد أوضح المسالك 4/ 255، وشرح ابن الناظم ص520، وشرح ابن عقيل 2/ 407. 5 انظر الإتحاف ص289، ومعاني القرآن للفراء 2/ 138. 6 في شرح ابن الناظم ص520: "وقد شذ تمييز المائة بمفرد منصوب". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 456 الفزاري: [من الوافر] 876- إذا عاش الفتى مائتين عامًا ... فقد ذهب المسرة والفتاء فـ"عامًا": تمييز منصوب بعد مائتين. قال ابن مالك1: وذلك يقوي ما أجازه ابن كيسان من نحو: الألف درهما والمائة دينارًا بالنصب. ويؤيده قوله حذيفة رضي الله عنه: "ونحن ما بين الستمائة إلى السبعمائة" بالنصب، فأجرى "أل" في تصحيح نصب التمييز مجرى التنوين والنون، وروي بحفض مائة، على زيادة "أل"، أو تقدير مضاف مماثل لمصحوب "أل" أو إبدال مائة من المخفوض على إنابة المفرد عن الجمع مثل: {فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ} [القمر: 54] ، والحق أن البيت ضرورة، والرواية شاذة.   876- البيت للربيع بن ضبع في أمالي المرتضى 1/ 254، وخزانة الأدب 7/ 379، 380، 38، 385 والدرر 1/ 534، وشرح ابن الناظم ص520، وشرح عمدة الحافظ ص545، والكتاب 1/ 208، 2/ 162، ولسان العرب 15/ 145، "فتا"، والمقاصد النحوية 4/ 481، وهمع الهوامع 1/ 135، وبلا نسبة في أدب الكاتب ص299، وأوضح المسالك 4/ 255، وجمهرة اللغة ص1032، وشرح الأشموني 3/ 623، وشرح المفصل 6/ 21، ومجالس ثعلب ص333، والمقتضب 2/ 169، والمنقوص والممدود ص17. 1 شرح التسهيل 2/ 395. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 457 فصل: "فإذا تجاوزت العشرة جئت بكلمتين: الأولى: النيف" بفتح النون وتشديد الياء مكسورة؛ وقد تخفف1 كـ: هين، وأصله الواو، من ناف ينوف إذا زاد. وقال أبو زيد2: "وهو التسعة فما دونها"، وقال أبو جعفر النحاس في شرح المعلقات3: النيف من العدد: ما جاوز العقد إلى الثلاثة. هذا قول أهل اللغة، وفي الصحاح والقاموس4: كل ما زاد على العقد فهو نيف حتى يبلغ العقد الثاني. انتهى. والعقد ما كان من مرتبة العشرات أو المئات أو الألوف، "وحكمت لها"، أي للكلمة الأولى وهي النيف، "في التذكير والتأنيث بما ثبت لها قبل ذلك" التركيب، "فأجرت الثلاثة والتسعة وما بينهما على خلاف القياس، و" أجريت "ما دون ذلك" وهو: الأحد5 والاثنان "على القياس, إلا أنك تأتي بأحد وإحدى" بإبدال الواو همزة فيهما. إلا أن الأول شاذ لازم6 غالبًا. والثاني: مطرد على الأصح كـ: إشاح وإكاف، ولهذا نبهوا على الأصل في أحد فقالوا: وحد. ولم ينبهوا عليه في إحدى، وأتوا بأحد وإحدى مع التركيب "مكان واحد وواحدة" مع الإفراد، خوف الالتباس بالصفة. "ويبنى الجميع" من النيف والعقد بعد التركيب "على الفتح"، ليعادل خفته ثقل التركيب، أما بناء الكلمة الأولى فلأنها منزلة صدر الكلمة من عجزها، وأما   1 في "ط": "يخفف". 2 في شرح القصائد التسع ص228، أن الجرمي حكى عن أبي زيد: أن النيف ما بين الواحد إلى التسعة. 3 شرح القصائد التسع ص228. 4 الصحاح والقاموس "نوف". 5 في "أ": "الواحد". 6 في "أ": "لا لازم". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 458 بناء الثانية فلتضمنها حرف العطف، وقيل: لوقوعها موقع التنوين، "إلا اثنين واثنتين فتعربهما" بالألف رفعًا وبالياء جرًّا ونصبًا "كالمثنى"، لوقوع ما بعدهما موقع النون وليسا مضافين للعقد. وقيل: مضافان إليه. وعليهما فالعقد لتضمنه معنى حرف العطف. وذهب ابن كيسان وابن درستويه إلى أن اثنين واثنتين مبنيان مركبان مع العقد كسار أخواتهما1. ورد بأنهما لو كانا مبنيين لزما الياء لأنها نظير الفتحة في الواحد، ولهذا قالوا: لا يدين بها2 لك "وإلا: ثماني، فلك فتح الياء" لأنها مفتوحة في ثمانية، قاله السهيلي في الروض. "و" لك "إسكانها" كما في: معدي كرب. "ويقل حذفها مع بقاء كسر النون" لأنها ياء زائدة فحذفت وبقيت الكسرة دليلا عليها فأشبهت: {يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ} [الزمر: 6] "و" يقل3 حذفها "مع فتحها"، أي النون لأنها لما كانت تضم الآخر إذا كان الآخر نون، كقوله: [من الرجز] 877- لها ثنايا أربع حسان ... وأربع فثغرها ثمان جعلت فتحة بناء على التركيب. "والكلمة الثانية" من الكلمتين: "العشرة، ويرجع بها إلى القياس" في "التذكير مع المذكر والتأنيث مع المؤنث"، فتجردها من التاء مع المذكر وتؤنثها مع المؤنث، رجوعًا إلى الأصل، لئلا يجمع بين علامتي تأنيث، "وتبنيها على الفتح مطلقًا" سواء أكانت مع انثني واثنتين أم مع غيرهما. أما بناؤها مع اثنين واثنتين فلأنها واقعة موقع النون المحذوفة لشبه الإضافة. والاسم إذا وقع موقع الحرف بني. وأما بناؤها مع غيرهما فلأنها واقعة موقع التنوين، وهو حرف مبني على السكون، وخالفت في البناء حكم ما وقعت موقعه تنبيهًا على الفرعية، واختير الفتح طلبًا للتخفيف.   1 الارتشاف 1/ 366. 2 في "أ", "ب"، "ط": "لها"، والتصويب من لسان العرب 15/ 424 "يدي"، وفيه: "ابن سيده: وقولهم لا يدين لك بها، معناه لا قوة لك بها، لم يحكه سيبويه إلا مثنى، ومعنى التثنية هنا: الجمع والتكثير". وفي الكتاب 2/ 279 أن إثبات النون في هذا القول أحسن وهو الوجه. 3 في "ط" "ونقل". 877- الرجز بلا نسبة في خزانة الأدب 7/ 365، وشرح الأشموني 3/ 627، واللسان 4/ 103، "ثغر" 13/ 81، "ثمن"، وتاج العروس. 10/ 32 "ثغر" "ثمن"، وتهذيب اللغة 15/ 107 وشرح التسهيل 2/ 403. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 459 "وإذا كانت" العشرة مختومة "بالتاء سكنت" أنت "شينها في لغة الحجازيين"، فإنهم ينطقون بها ساكنة كراهة، توالي أربع متحركات فيما هو كالكلمة الواحدة. "وكسرتها في لغة" أكثر بني "تميم"1 تشبيها بتاء كيف. "وبعضهم"، وهم الأقلون من بني تميم "يفتحها". إبقاء لها على أصلها من الفتح، وبذلك قرأ يزيد بن القعقاع: "فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشَرَةَ عَيْنًا"2 [البقرة: 60] وبعضهم يسكن العين من عشرة فيقول: أحدَ عْشَرَ، احترازًا من توالي المتحركات. قاله في المفصل3. "وقد تبين بما4 ذكرنا أنك تقول": عندي "أحد عشر عبدًا، واثنا عشر رجلا، بتذكيرهما" أي: النيف والعقد من المثالين، و"ثلاثة عشر عبدًا بتأنيث الأول" وهو ثلاثة، "وتذكير الثاني" وهو عشر. "وتقول": عندي "إحدى عشرة أمة، واثنتا عشرة جارية، بتأنيثهما، أي: النيف والعقد من المثالين. وإنما جمعوا بين تأنيثين في: إحدى عشرة لاختلاف لفظي العلامتين، وفي اثنتا عشر إما لأن التاء بدل من الياء، وليست للتأنيث. أو لأنها زائدة للإلحاق بـ"أصبهان". وإما لأن "اثنان واثنتان" معربان، وعشرة مبنية، والمبني غير المعرب فكأنهما اسمان: مضاف ومضاف إليه، وإما لأنهما متضايفان حقيقة بدليل حذف النون. قال الموضح: كل ذلك قد قيل، والسؤال عندي من أصله ليس بالقوي لأنهم قالوا في اسم الفاعل: خامس عشر في المذكر، وخامسة عشرة في المؤنث فأنثوا الكلمتين جميعًا وبنوهما على الفتح، وذلك مجمع عليه، وكذا في الباقي فدل على أنهم اعتبروا حالة الكلمتين قبل التركيب. انتهى. "و" تقول: عندي "ثلاث عشرة جارية، بتذكير" الجزء "الأول وتأنيث" الجزء "الثاني" وإلى هذا الفصل أشار الناظم بقوله:   1 شرح ابن عقيل 2/ 409، وشرح ابن الناظم ص521، والارتشاف 1/ 365. 2 لم تنسب هذه القراءة إلى يزيد، بل إلى الأعمش، وابن فضل الأنصاري، انظر البحر المحيط 1/ 229, والكشاف 1/ 71، والمحتسب 1/ 85، وقد نسب إلى يزيد أنه قرأها "عشرة"؛ بكسر الشين، انظر المصادر السابقة، وحاشية يس 2/ 274. 3 لم أجده في المفصل خلال حديثه عن العدد، انظر المفصل ص212-216, وفي لسان العرب 4/ 568 "عشر": "قال ابن السكيت: ومن العرب من يسكن العين فيقول أحد عشر، وكذلك يسكنها إلى تسعة عشر، وقال الأخفش: إنما سكنوا العين لما طال الاسم وكثرت حركاته". 4 في "ط": "مما". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 460 729- وأحد اذكر وصلنه بعشر ... ............................... الأبيات الستة1. "فإذا جاوزت التسعة عشر في التذكير، والتسع عشرة في التأنيث، استوى لفظًا المذكر والمؤنث تقول": عندي "عشرون عبدًا"، وعشرون أمة وثلاثون عبدًا "وثلاثون أمة". والمدار في التذكير والتأنيث على التمييز، "وتمييز ذلك كله مفرد منصوب نحو: {إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا} [يوسف: 4] ، {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا} [التوبة: 36] ، {وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً} " [الأعراف: 142] ، {فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا} [العنكبوت: 14] {فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا} [المجادلة: 4] ، {ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا} [الحاقة: 32] ، {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} [النور: 4] ، " {إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً} " [ص: 23] . "وأما قوله تعالى: {وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا " أُمَمًا} [الأعراف: 160] ، "فـ: أسباطا" ليس بتمييز لأنه جمع؛ وإنما هو "بدل من اثنتي عشرة"، بدل كل من كل، "والتمييز محذوف أي: اثنتي عشرة فرقة"، قاله الشلوبين وابن أبي الربيع وغيرهما. "ولو كان: أسباطًا، تمييزًا" عن اثنتي عشرة، "لذكر"؛ بتشديد الكاف؛ "العددان" ولقيل: اثني عشر بتذكيرهما وتجريدهما من علامة التأنيث، "لأن السبط" واحد الأسباط "مذكر"، فكان يجب أن تجرد التاء من عدده. "وزعم الناظم" في شرح الكافية2 "أنه" لا حذف، وأن أسباطا "تمييز، وأن ذكر "أمما" رجح حكم التأنيث" في أسباطًا لكونه وصف بـ"أمما" جمع أمة، "كما رجحه"؛ أي التأنيث، في شخوص "ذكر كاعبان ومعصر في قوله": [من الطويل]   1 الأبيات هي: ............................ ... مركبا قاصد معدود ذكر وقل لدى التأنيث إحدى عشره ... والشين فيها عن تميم كسره ومع غير أحد وإحدى ... ما معهما فعلت فافعل قصدا ولثلاثة وتسعة وما ... بينهما إن ركبا ما قدما وأول عشرة اثنتي وعشرا ... إثني إذا أنثى تشا أو ذكرا واليا لغير الرفع وارفع بالألف ... والفتح في جزءي سواهما ألف 2 شرح الكافية الشافية 3/ 1664. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 461 878- فكان مجني دون من كنت أتقي ... ثلاث شخوص كاعبان ومعصر وكان القياس: ثلاثة شخوص، لأن الشخص مذكر، ولكنه لما فسره بـ: كاعبان ومعصر، وهما مؤنثان رجح تأنيثه، وما ذكره الناظم في الآية، مخالفًا في شرح التسهيل1 "إن أسباطا بدل لا تمييز"، انتهى. والقول بالبدلية من اثنتي عشرة مشكل على قولهم: إن المبدل منه في نية الطرح غالبًا، ولو قيل: وقطعناهم أسباطًا لفاتت فائدة كمية العدد، وحمله على غير الغالب لا يحسن تخريج القرآن عليه. والقول بأنه تمييز مشكل على قولهم: إن تمييز العدد المركب مفرد، وأسباطًا جمع، وقال الحوفي: "يجوز أن يكون أسباطا نعت الفرقة، ثم حذف الموصوف وأقيمت الصفة مقامه، وأمما: نعت الأسباط وأنت العدد وهو واقع على الأسباط، وهو مذكر لأنه بمعنى فرقة أمة كقوله: [من الوافر] 879- ثلاثة أنفس ........... ... ........................... يعني رجالا. انتهى. فارتكب الوصف بالجامد، والكثير خلافه، وذهب الفراء إلى جواز جميع التمييز وظاهر الآية يشهد له، ويشهد له أيضًا ما روي من قول ابن مسعود؛ رضي الله تعالى عنه. "قضى في دية الخطأ عشرين بنت مخاض وعشرين بني مخاض" وتخريج أبي حيان على أن: بني مخاض: حال من عشرين، أو نعت لها، والتمييز محذوف خلاف الأصل، وإلى تمييز المركب أشار الناظم بقوله: 736- وميزوا مركبا بمثل ما ... ميز عشرون فسوينهما   878- تقدم تخريج البيت برقم 874. 1 شرح التسهيل 2/ 293. 879- تمام البيت: ثلاثة أنفس وثلاث ذود ... لقد جار الزمان على عيالي وتقدم تخريجه برقم 872. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 462 فصل: "ويجوز في العدد المركب، غير اثني عشر واثنتي عشرة، وأن يضاف إلى مستحق المعدود، فيستغنى عن التمييز، نحو: هذه أحد عشر زيد"، فـ"هذه" مبتدأ، وأحد عشر، خيره: وزيد: مضاف إليه. وإنما لم يضف: اثنا عشر واثنتا عشرة لأن ما بعد اثنين واثنتين واقع موقع النون، فكما أن الإضافة تمتنع مع النون فكذلك تمتنع مع ما وقع موقعها، ولا كذلك الباقي. "ويجب" حينئذ "عند البصريين البناء في الجزأين" معًا، كما يبقى مع التمييز. "وحكى سيبويه1 الإعراب في آخر" الجزء "الثاني" بحسب العوامل، وإبقاء الجزء الأول على بنائه على الفتح "كما في: بعلبك" فتقول: هذه أحد عشر زيد، ورأيت أحد عشر زيد، ومررت بأحد عشر زيد. بفتح أحد في الجميع، ورفع عشر في الأول ونصبه في الثاني وجره في الثالث. والفتح في النصب على هذه اللغة غير الفتحة في اللغة الأولى، لأن تلك فتحة بناء وهذه فتحة إعراب. "وقال" سيبويه2 في هذه اللغة: "هي لغة رديئة" وقال الأخفش: حسنة. واختارها ابن عصفور3 وزعم أنها الفصحى، ووجه ذلك بأن الإضافة ترد الأسماء إلى أصلها من الإعراب، ورده ابن مالك في شرح التسهيل4 بأن المبني قد يضاف نحو: كم رجل عندك، انتهى. وقد يفرق بين ما بناؤه أصلي فلا يرد إلى الإعراب، وما بناؤه عارض بسبب التركيب فيرد إليه بأدنى ملابسة. وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 737- وإن أضيف عدد مركب ... يبق البنا وعجز قد يعرب   1 الكتاب 3/ 299. 2 الكتاب 3/ 299، وانظر شرح ابن الناظم ص523. 3 المقرب 2/ 309. 4 شرح التسهيل 2/ 419. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 463 "وحكى الكوفيون وجهًا ثالثًا وهو أن يضاف" الجزء "الأول إلى" الجزء "الثاني"، فيعرب الجزء الأول بحسب العوامل، ويجر الجزء الثاني بالإضافة "كما في: عبد الله، نحو" ما حكى الأخفش1 أنه سمع ممن سمع من أبي فقعس الأسدي، وأبي2 الهيثم العقيلي: "ما فعلت خمسة عشرك"، برفع خمسة. وجر عشرك3. "وأجازوا أيضًا هذا الوجه"، وهو إعراب المتضايفين "دون إضافة" إلى مستحق المعدود نحو: هذه خمسة عشر، ورأيت خمسة عشر، ومررت بخمسة عشر، بجر عشر في الأحوال الثلاثة، وإعراب خمسة بحسب العوامل، "استدلالا بقوله"؛ وهو نفيع بن طارق على ما قيل: [من الرجز] 880- كلف من عنائه وشقوته ... بنت ثماني عشرة من حجته فـ: "بنت": مفعول ثان بـ"كلف"، ومفعوله الأول مستتر فيه قائم مقام الفاعل، وثماني: مضاف إليه4، وعشرة: بالتنوين مجرورة بإضافة ثماني إليها، ولم يضف إلى مستحق المعدود. والعناء، بفتح العين المهملة: التعب والمشقة. والشهوة، بكسر الشين المعجمة: الشقاوة. وقول ابن مالك في التسهيل5: ولا يجوز بإجماع ثمان يعشر إلا في الشعر. مردود فإن الكوفيين أجازوا ذلك مطلقًا في الشعر وغيره، كما قال الموضح فليس نقل الإجماع بصحيح.   1 نسب هذا القول إلى الفراء في شرح ابن الناظم ص523. 2 في "ط": "ابن". 3 بعده في شرح ابن الناظم ص523: "والبصريون لا يرون ذلك، بل يستصحب عندهم البناء في الإضافة كما يستصحب مع الألف واللام بإجماع". 880- الرجز لنفيع بن طارق في الحيوان 6/ 463، والدرر 2/ 491، والمقاصد النحوية 4/ 488، وبلا نسبة في لسان العرب 14/ 438 "شقا"، والإنصاف 1/ 309، وأوضح المسالك 4/ 259، وتهذيب اللغة 9/ 209، وخزانة الأدب 6/ 430، وشرح الأشموني 3/ 627، وشرح التسهيل 2/ 402، والمخصص 14/ 92، 14/ 102، وهمع الهوامع 2/ 149. 4 في "ب", "ط": "إليها". 5 التسهيل ص118. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 464 فصل: "ويجوز أن تصوغ" أي تشتق "من لفظ اثنين وعشرة وما بينهما اسم فاعل" على وزن فاعل، "كما تصوغه من فعل" المفتوح العين، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 738- وصغ من اثنين فما فوق إلى ... عشرة كفاعل من فعلا "فتقول: ثان وثالث ورابع إلى العاشر، كما تقول" من فعل المتعدي: "ضارب، و" من اللازم: "قاعد"، إلا أن الاشتقاق من أسماء العدد سماعي، لأنه من قبيل الاشتقاق من أسماء الأجناس كـ: "تربت يداك"1 من التراب، واستحجر الطين من الحجر، على ما هو مبين في علم الاشتقاق، ويستثنى من ذلك ما إذا أريد به معنى فاعل فإن له فعلا، كما صرح به في التسهيل2, فيكون مصوغًا من المصدر. قال في شرح التسهيل3: وقولهم مصوغ من العدد تقريب على المتعلم، وفي الحقيقة أنه مصوغ من الثلث إلى العشر، وهي مصادر: ثلثت الاثنين إلى عشرت التسعة. انتهى. وفي الصحاح4: عشرت القوم أعشرهم عشرًا إذا صرت عاشرهم. "و" اسم الفاعل من العدد "يجب فيه أبدًا أن يذكر مع المذكر ويؤنث مع المؤنث" على القياس. "كما يجب ذلك مع ضارب ونحوه" من أسماء الفاعلين. "فأما ما دون الاثنين فإنه وضع على ذلك" الحكم "من أول الأمر فقيل" في المذكر: "واحد، و" في المؤنث: "واحدة"، وهما من: وحد يحد.   1 من حديث أخرجه البخاري في كتاب النكاح برقم 4802 ومسلم في الرضاع برقم 1466، وتمامه: "تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها وجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك". 2 التسهيل ص121. 3 شرح التسهيل 2/ 413. 4 الصحاح "عشر". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 465 "ولك في اسم الفاعل المذكور" وهو: ثان1 وعاشر2 وما بينهما، "أن تستعمله بحسب المعنى الذي تريده على سبعة أوجه: أحدها: أن تستعمله مفردًا" عن الإضافة "ليفيد الاتصاف بمعناه مجردًا" عن الاتصال بالعشرة، "فتقول: ثالث ورابع"، ومعناه حينئذ واحد موصوف بهذه الصفة وهي كونه ثالثًا ورابعًا، "قال" النابغة الذبياني: [من الطويل] 881- توهمت آيات لها فعرفتها ... لستة أعوام وذا العام سابع والمعنى: وقع في وهمي أي: ذهني، علامات للمرأة فعرفت العلامات بعد ستة أعوام، وهذا العام الذي أنا فيه سابع. الوجه "الثاني: أن تسعمله مع أصله" الذي صيغ هو منه، "ليفيد أن الموصوف به بعض تلك العدة المعينة لا غير". وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 740- وإن ترد بعض الذي منه بني ... تضف إليه ..................... "فتقول: خامس خمسة أي: بعض جماعة منحصرة في خمسة" أي: واحد من خمسة لا زائد عليها، "ويجب حينئذ إضافته إلى أصله"؛ كما مثل؛ "كما يجب إضافة البعض إلى كله" كـ: يد زيد. "قال الله تعالى: {إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ} " [التوبة: 40] , فـ: "ثاني" حال من الهاء في "أخرجه"، و"اثنين" مضاف إليهما "وقال" الله "تعالى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ} " [المائدة: 73] ، فـ"ثالث" خبر "إن"، و"ثلاثة" مضاف إليه. "وزعم الأخفش وقطرب" من البصريين، "والكسائي وثعلب" من الكوفيين. "أنه يجوز إضافة الأول" وهو الفرع، "إلى الثاني" وهو الأصل، "ونصبه إياه"3. فعلى هذا يجوز: ثالث ثلاثة, بجر ثلاثة ونصبها، ونصبه إياه فعلى هذا يجوز: ثالث ثلاثة، بجر ثلاثة ونصبها. "كما يجوز في: ضارب زيد" جر زيد ونصبه.   1 في "ط": "ثاني". 2 في "ب": "عشر". 881- البيت للنابغة الذبياني في ديوانه ص31، وخزانة الأدب 2/ 453، وشرح أبيات سيبويه 1/ 447، والصاحبي في فقه اللغة ص113، والكتاب 2/ 86، ولسان العرب 4/ 569 "عشر"؛ والمقاصد النحوية 3/ 406، 4/ 482، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 261، وشرح شواهد الشافية ص108، والمقتضب 4/ 422، والمقرب، وتاج العروس "لوم". 3 الارتشاف 1/ 367. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 466 "وزعم الناظم" في التسهيل1 "أن ذلك جائز في ثان فقط" دون غيره. وعلله في شرح التسهيل2: بأن العرب تقول: ثنيت الرجلين، إذا كنت الثاني منهما، يعني ولا تقل ثلثت الرجلين3، إذا كنت الثالث منهم. ثم قال4: فمن قال: ثاني اثنين بهذا المعنى عذر لأنه له فعلًا، ومن قال: ثالث ثلاثة1 لا يعذر لأنه لا فعل له. وتعقبه أبو حيان فقال6: ثنيت الرجلين، مخالف لنقل النحاة، ثم هو ليس نصًا في: ثنيت الاثنين، حتى يبنى عليه جواز: ثنيت الاثنين. قال الموضح: وما نقله ابن مالك عن العرب قاله ابن القطاع في كتاب الأفعال7. وإذا جاز ثنيت الرجلين، جاز ثنيت الاثنين، ولا يتوقف في ذلك إلا ظاهري جامد. انتهى. الوجه "الثالث: أن تستعمله8 مع ما دون أصله" الذي صيغ منه بمرتبة واحدة، "ليفيد معنى التصيير" والتحويل. وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 741- وإن ترد جعل الأقل مثل ما ... فوق فحكم جاعل له أحكما "فتقول: هذا رابع ثلاثة" بتنوين رابع ونصب ثلاثة، "أي: جاعل الثلاثة بنفسه أربعة، قال الله تعالى: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ} " [المجادلة: 7] ، أي إلا هو مصيرهم أربعة ومصيرهم ستة. "ويجوز حينئذ"، أي حين إذا كان بمعنى مصير "إضافته" إلى ما دونه "وإعماله" بشرط كونه بمعنى الحال أو الاستقبال، واعتماده على نفي أو استفهام، أو ذي خبر أو حال أو موصوف. "كما يجوز الوجهان": وهما الإضافة والإعمال "في جاعل ومصير ونحوهما" من أفعال التحويل والانتقال.   1 التسهيل ص121. 2 شرح التسهيل 2/ 412. 3 في جميع النسخ: "الرجال", والتصويب من شرح ابن الناظم ص523 الذي أجاز أن يقال: "ثلثت الرجلين إذا انضممت إليهما، فصرتم ثلاثة". 4 شرح التسهيل 2/ 412. 5 في "أ": "ثالثة". 6 الارتشاف 1/ 373. 7 في كتاب الأفعال 1/ 144 أن هذا كلام العرب، والقياس غيره. 8 في "أ": "يستعمل"، والتصويب من "ب", "ط"، وأوضح المسالك 4/ 262. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 467 "ولا يستعمل بهذا الاستعمال ثان، فلا يقال: ثاني واحد، ولا: ثان واحدًا". نص على ذلك سيبويه1. "وأجازه بعضهم"، وهو الكسائي "وحكاه عن العرب" فقال2: تقول ثاني واحد. وحكى الجوهري3: ثان واحدًا. وإنما ساغ عمل فاعل من العدد لأن له فعلا، كما أن جاعلا، كذلك، يقال: كانوا تسعة وعشرين فثلثتهم، أي: فصيرتهم ثلاثين، أثلثهم، فأنا ثالثهم. وهكذا إلى كانوا تسعة وثمانين فتسعتهم، أي: فصيرتهم تسعين أتسعهم، فأنا تاسعهم. إلا أن المضارع من ربعتهم وسبعتهم وتسعتهم مفتوح العين لا مكسورها. فإذا تجاوزت ذلك قلت: كانوا تسعة وتسعين فأمأيتهم، على أفعلتهم، وكذا كانوا تسعمائة وتسعًا وتسعين فآلفتهم، فأنا ممءٍ ومؤلفٌ. ومن الغريب ما وقع في شرح موجز ابن السراج لأبي الحسن بن الأهوازي: كان القوم عشرة فحدعشتهم إلى تسعشتهم، وهم محدعشون، وأنا محدعش ومتسعش، قال: وكذا العقود، يقال: معشرن ومثلثن، ومن المائة والألف: ممء ومؤلف، لأن فعلهما: أمأى وأألف. انتهى. والوجه "الرابع: أن تستعمله مع العشرة ليفيد الاتصاف بمعناه" حال كونه "مقيدًا بمصاحبة العشرة". وهو أنه واحد موصوف بهذه الصفة. "فتقول: حادي عشر، بتذكيرهما" على القياس، "وحادية عشرة، بتأنيثهما" على القياس أيضًا. "وكذا تصنع في البواقي: تذكر اللفظين مع المذكر، وتؤنثهما مع المؤنث4. تقول: الجزء الخامس عشر" بتذكيرهما، "والمقاومة السادسة عشرة" بتأنيثهما. "وحيث استعملت الواحد أو الواحدة مع العشرة أو مع ما فوقها كالعشرين، فإنك تقلب فاءهما" وهي الواو، "إلى موطن لامهما" وهي الدال. وتقول: حادو وحادوة "وتصيرها" أي الواو "ياء"، لأن إذا تطرفت إثر الكسر5 قلبت ياء، وتاء التأنيث في حكم الانفصال، إلا أنك تعل حاديًا إعلال قاض، فتحذف الياء لالتقاء الساكنين وهما: الياء والتنوين ولا تعل حادية لتحرك الياء.   1 الكتاب 3/ 559. 2 انظر الارتشاف 1/ 372-373. 3 الصحاح "ثنى". 4 في "أ": المؤنثة". 5 في "ط": "الكسرة". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 468 "فتقول: حاد" بحذف الياء، ووزنه: عالف، "وحادية"، بإثبات الياء ووزنها: عالفة لأنهما من الوحدة، وحكى الكسائي عن بعض العرب: واحد عشر على الأصل. فلم يلتزم القلب كل العرب1. الوجه "الخامس: أن تستعمله معها"، أي مع العشرة، "ليفيد معنى: ثاني اثنين، وهو انحصار العدة فيما ذكر، ولك في هذه الحالة ثلاثة أوجه: أحدها؛ وهو الأصل؛ أن تأتي بأربعة ألفاظ: أولها: الوصف"، وهو اسم الفاعل. والثاني: العشرة، حال كون الوصف "مركبًا مع العشرة، و" اللفظ "الثالث: ما اشتق منه الوصف، و" الرابع: العشرة حال كون ما اشتق منه الوصف "مركبًا أيضًا مع العشرة. وتضيف جملة التركيب الأول"، وهو الوصف المركب مع العشرة "إلى جملة التركيب الثاني"، وهو ما اشتق منه الوصف المركب مع العشرة. "فتقول: ثالث عشر ثلاثة عشر2" فالوصف هو: ثالث، وما اشتق منه هو: ثلاثة، وكل منهما مركب مع العشرة، وهذه الألفاظ الأربعة مبنية على الفتح، وجملة التركيب الأول مضافة، وجملة التركيب الثاني مضاف إليها. الوجه "الثاني" من هذه الحالة: "أن تحذف عشر من" التركيب "الأول استغناء به في" التركيب "الثاني"، وتعرب الجزء الأول من أول التركيبين لزوال التركيب منه وتضيفه إلى جملة التركيب الثاني، فتقول: هذا ثالث ثلاثة عشر برفع: ثالث، بلا تنوين، وبناء: ثلاثة عشر. قال أبو حيان3: وهذا الوجه أكثر استعمالا وجائز اتفاقًا، وإعراب اسم الفاعل فيه لعدم التركيب، وقياس من أجاز الإعمال في: ثاني اثنين، أن يجيزه هنا. انتهى. الوجه "الثالث" من هذه الحالة: "أن تحذف العقد"، وهو العشرة "من" التركيب "الأول، و" تحذف "النيف"، وهو الثلاثة في مثالنا، "من" التركيب "الثاني. ولك في هذا الوجه" المشتمل على الحذفين المذكورين "وجهان: أحدهما: أن تعربهما لزوال مقتضى البناء" وهو: التركيب "فيهما فتجري الأول" وهو الوصف "بمقتضى حكم العوامل" في الرفع والنصب والجر. "وتجر الثاني"   1 انظر شرح المرادي 4/ 322. 2 أنكر ثعلب ذلك وقال: "إنما الوجه: ثالث ثلاثة عشر لا غير". انظر كتاب الحلل ص236. 3 الارتشاف 1/ 371. 4 إضافة من "ط". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 469 وهو العقد، "بالإضافة" دائمًا فتقول: جاءني ثالث عشر، ورأيت ثالث عشر، ومررت بثالث عشر، بجر عشر في الأحوال الثلاثة. "و" إعراب ثالث بحسب العوامل، جزم بذلك ابن عصفور1. قال أبو حيان2: وينبغي أن لا يقدم على هذا إلا بسماع لما فيه من الإجحاف. الوجه "الثاني" من هذين الوجهين: "أن تعرب" الجزء "الأول"، وهو الوصف، بحسب العوامل، "وتبني" الجزء "الثاني" وهو: العقد على الفتح، "حكاه الكسائي، و" يعقوب "بن السكيت، وابن كيسان3، ووجه أنه" أعرب الأول لزوال التركيب، "وقدر ما حذف من الثاني فبقي البناء بحاله" لنية الصدر. ونظيره: لا حول ولا قوة إلا بالله. فيمن فتح قوة. فإنه بنى مع كلمة أخرى ثم حذفها، وبقي البناء بحاله. قاله ابن مالك4. قال أبو حيان5: "ولا يقاس على هذا الوجه لقلته. وزعم بعضهم"، وهو أبو محمد بن السيد6، "أنه يجوز بناؤها لحلول كل منهما محل المحذوف من صاحبه". فتقول: جاء ثالث عشر، ورأيت ثالث عشر، ومررت بثالث عشر، ببناء الجزأين على الفتح في الأحوال الثلاثة. "وهذا مردود لأنه لا دليل حينئذ"، أي حين إذ بنيا، "على أن هذين الاسمين منتزعان من تركيبين، بخلاف ما إذا أعرب" الجزء "الأول" فإنه يدل على أن هذين الاسمين منتزعان من تركيبين. "ولم يذكر الناظم" في التسهيل "وابنه" في شرح النظم "هذا الاستعمال الثالث"، وهو أن يحذف العقد من الأول، والنيف من الثاني، "بل ذكرا مكانه"، في الكتابين المذكورين7: "أنك تقتصر على التركيب الأول، باقيًا بناء صدره، وذكرا"، أي الناظم وابنه "أن بعض العرب يعربه" زاد ابنه: حكى ذلك ابن السكيت وابن   1 المقرب 2/ 317. 2 الارتشاف 1/ 371. 3 في شرح ابن الناظم ص525: "حكى ذلك ابن السكيت وابن كيسان". 4 تخليص الشواهد ص405-406. 5 الارتشاف 1/ 371. 6 كتاب الحلل ص235، 236. 7 التسهيل ص121، وشرح ابن الناظم ص525. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 470 كيسان1. قال الموضح: "والتحرير ما قدمته" من الاستعمال الثالث بوجهيه. وأن ما حكاه ابن السكيت وابن كيسان من إعراب الأول إنما هو فيما إذا حذف العقد من الأول والنيف من الثاني، لا فيما إذا اقتصر على التركيب الأول خاصة. وما ذكره الناظم وابنه يجب حمله على تركيب واحد، وإلا فقد قال أبو حيان2: إنه باطل، لأنه يلتبس بما ليس أصله تركيبتين. ورده الموضح في الحواشي بأن الذي أجازه ابن مالك في التسهيل لا يمنعه بشر وأنه يقال: حادي عشر، وليس في كلامه ما يقتضي أنه منتزع من تركيبين: انتهى. وعبارة النظم ناطقة بما قال أبو حيان: فإن قوله: 744- وشاع الاستغنا بحادي عشرا ... ..................................... معناه: استغنى بحادي عشر عن بقية التركيب، وتلخص في هذه المسألة خمسة أوجه: الأول: الإتيان بأربعة ألفاظ، وإليه يشير قول الناظم. 742- ................................... ... ........... فجيء بتركيبين وهو قليل الاستعمال، حتى إن بعضهم منعه. الثاني: أن تحذف عقد الأول. وإليه يشير قول الناظم: 743- أو فاعلًا بحالتيه أضف ... إلى مركب ............. الثالث: حذف هذا ونيف الثاني، وبناء ما بقي. الرابع: حذفهما وإعراب ما بقي. الخامس: إعراب الوصف مع حذف عقده وبناء عشر مع حذف نيفه. الوجه "السادس" من أوجه استعمال اسم3 الفاعل: "أن تستعمله معها؛ أي مع العشرة "لإفادة معنى: رابع ثلاثة"، فيكون بمعنى: جاعل، وليس بمسموع. فتأتي أيضًا بأربعة ألفاظ، ولكن يكون" اللفظ "الثالث منها دون ما اشتق منه الوصف فتقول: رابع عشر ثلاثة عشر. أجاز ذلك سيبويه"4, وجماعة من المتقدمين قياسًا، "ومنعه بعضهم"، وهم الكوفيون وأكثر البصريين، وقوفًا مع السماع5. "وعلى الجواز فيتعين بالإجماع أن يكون التركيب الثاني" من التركيبين "في موضع خفض"،   1 شرح ابن الناظم ص525. 2 الارتشاف 1/ 371. 3 سقط من "ط". 4 الكتاب 3/ 559. 5 في كتاب الحلل ص236-237: "أكثر النحويين على أنه لا يجوز". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 471 بإضافة التركيب الأول إليه. ويمتنع النصب وإن كان الوصف فيه بمعنى جاعل، لأن عمل الوصف إنما يتأتى مع تنوينه أو اقترانه بـ"أل"، وهما منتفيان مع التركيب، ومن ثم أجاز بعض النحويين1: هذا ثان أحد عشر وثالث اثني عشر، بتنوين الوصف ونصب ما بعده لعدم تركيب الوصف مع العشرة. "ولك" إذا أتيت بتركيبين "أن تحذف العشرة من" التركيب "الأول" فتقول: رابع ثلاثة عشر، "وليس لك مع ذلك" الحذف للعشرة من الأول. "أن تحذف النيف من" التركيب "الثاني". وتقول: رابع عشر، بفتحهما، "للإلباس" بما ليس أصله تركيبين. ومقتضى البناء في الجزأين الباقيين حلول كل منهما محل المحذوف من صاحبه. ويزول الإلباس بإعراب الأول، كما ذكر في الوجه الخامس، ولم أره مسطورًا. الوجه "السابع: أن تستعمله مع العشرين وأخواتها" إلى التسعين. "فتقدمه" في اللفظ، "وتعطف عليه العقد بالواو خاصة"، فتقول حاد وعشرون وحادية وعشرون وكذا الباقي، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 744- .............................. ... ..... وقبل عشرين اذكرا 745- وبابه الفاعل من لفظ العدد ... بحالتيه قبل واو يعتمد وهذا لا يختص باسم الفاعل، بل للعشرين وأخواتها مع النيف ثلاثة أحكام: وجوب تأخيرها عنه لأن الأقل سابق للأكثر طبعًا، ووجوب عطفها عليه ليرتبطا ووجوب كون العاطف الواو، لأنه عدد واحد والواو للجمع.   1 منهم ثعلب، انظر كتاب الحلل ص236. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 472 باب كنايات العدد وهي ثلاث كم وكأي وكذا : ولكل منها كلام يخصها، وشرح يكشف عن حقيقة أمرها. "أما "كم" فتنقسم إلى: استفهامية بمعنى: أي عدد"، قليلا كان أو كثيرًا, ويستعملها من يسأل عن كمية الشيء "و" إلى "خبرية بمعنى" عدد "كثير". ويستعملها من يريد الافتخار والتكثير. "ويشتركان في خمسة أمور": أحدها: "كونهما كنايتين عن عدد مجهول الجنس" والحقيقة، "والمقدار" والكمية. "و" الثاني: كونهما مبنيين"، وسب بنائهما مشابهة الحرف في المعنى. وهو في الاستفهامية حرف الاستفهام، وفي الخبرية حرف التكثير الذي كان يستحق الوضع، أو في الوضع على حرفين. "و" الثالث: "كون البناء" فيهما "على السكون"، وهو الأصل في البناء. "و" الرابع: "لزوم التصدير"، فكل منهما له صدر الكلام. "و" الخامس: "الاحتياج إلى التمييز"، لأن كل منهما عدد مجهول. "ويفترقان أيضًا في خمسة أمور: أحدها: أن "كم" الاستفهامية تميز بمنصوب مفرد"، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 746- ميز في الاستفهام كم بمثل ما ... ميزت عشرين ...................... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 473 "نحو: كم عبدًا ملكت"، بفتح تاء الخطاب، أما إفراده فلازم خلافًا للكوفين، فإنهم يجيزون جمعه نحو: "كم شهودًا لك"، والصحيح مذهب جمهور البصريين، وما أوهم الحقيقة يحمل على الحال، ويجعل التمييز محذوفًا. وذهب الأخفش إلى جواز جمعه إن كان السؤال عن الجماعات، نحو: "كم غلمانًا لك"؟ إذا أردت أصنافًا من الغلمان1. وأما نصبه ففيه ثلاثة مذاهب: أحدها: أنه لازم، ولا يجوز جره مطلقًا، وهو مذهب بعض النحويين. والثاني: أنه ليس بلازم، بل يجوز جره مطلقًا حملا على الخبرية، وإليه ذهب الفراء، والزجاج، والفارسي2. "و" الثالث: أنه "يجوز جره بـ"من" مضمرة جوازًا، إن جرت "كم" بحرف"3. وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 747- وأجز أن تجره من مضمرا ... إن وليت كم حرف جر مظهرا "نحو: بكم درهم اشتريت ثوبك"؟ هذا هو المشهور، ولم يذكر سيبويه جره، إلا إذا دخل على "كم" حرف جر، ليكون حرف الجر الداخل على "كم" عوضًا من اللفظ بـ"من" المضمرة، وذهب الزجاج إلى أن جر التمييز إنما هو بإضافة "كم" إليه. ورد بأن "كم" بمنزلة عدد مركب، والعدد المركب لا يعمل الجر في مميزه، فكذلك ما كان بمنزلته، قاله ابن خروف4. "وتميز الخبرية بمجرور" بإضافتها إليه حملا لـ"كم" على ما هي مشابهة له من العدد. وقال الفراء5: على إضمار "من"، لأن "من" كثر دخولها على تمييز "كم" الخبرية، فجاز إضمارها لدلالة الحال عليه. وهذا القول نقله ابن الخباز في شرح الجزولية. وابن مالك فلي شرح الكافية6، عن الخليل. "مفرد أو مجموع".   1 في الكتاب 2/ 159: "ولم يجز يونس والخليل رحمهما الله: كم غلمانا لك، لأنك لا تقول: عشرون ثيابًا لك ... ويقبح أن تقول: كم غلمانًا لك". 2 انظر المسائل المنثورة ص76-77، وشرح المرادي 4/ 324، وكتاب الحلل ص239. 3 كتاب الحلل ص239. 4 شرح ابن الناظم ص527. 5 الارتشاف 1/ 379. 6 شرح الكافية الشافية 4/ 1710. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 474 لأن "كم" بمنزلة عدد يضاف إلى مميزه تارة إلى جمع كالعشرة فما دونها، وتارة إلى مفرد، كالمائة فما فوقها. فاستعمل بالوجهين إجراء له مجرى الضربين. "نحو: كم رجال جاؤوك". كما يقال: عشرة رجال جاؤوك. "وكم امرأة جاءتك". كما يقال: مائة امرأة جاءتك. "والإفراد أكثر" في الاستعمال "وأبلغ" في المعنى من الجمع، حتى ادعى بعضهم أن الجمع على نية معنى الواحد, فكم رجال، على معنى: كم جماعة من الرجال، ودخل في المفرد ما يؤدي معنى الجمع نحو: كم قوم صدقوني. وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 748- واستعملنها مخبرًا كعشره ... أو مائة ......................... "و" الأمر "الثاني: أن الخبرية تختص بـ" الزمن "الماضي كـ: رب" بجامع التكثير فيهما، فلهذا "لا يجوز: كم غلمان سأملكهم، كما لا يجوز: رب غلمان سأملكهم"، لأن التكثير والتقليل إنما يكونان فيما عرف حده، والمستقبل مجهول، "ويجوز" في الاستفهامية: "كم عبدًا ستشتريه"، لأن الاستفهام لتعيين المجهول. "و" الأمر "الثالث" مما تختص به الخبرية: "أن المتكلم بها لا يستدعي"، أي لا يطلب "جوابًا من مخاطبه" لأنه مخبر بخلاف المتكلم بالاستفهامية فإنه مستخبر. "و" الأمر "الرابع: أنه"؛ أي المتكلم بالخبرية؛ "يتوجه إليه التصديق والتكذيب"، لأنه منشئ، والإنشاء لا يحتمل ذلك. "و" الأمر "الخامس" مما تختص به الخبرية: "أن المبدل منها لا يقترن بهمزة الاستفهام" لأنه خبر، والخبر لا يتضمن معنى الاستفهام. "تقول: كم رجال في الدار عشرون بل ثلاثون". بخلاف المبدل من الاستفهامية فإنه يجب اقترانه بهمزة الاستفهام، لتضمنها معنى الاستفهام. "و" لهذا "يقال: كم مالك أعشرون أم ثلاثون"؟ فـ"كم" في موضع رفع بالابتداء، و"مالك "خبره، عند سيبويه1، وعند الأخفش بالعكس. و"أعشرون" بدل من "كم"، و"أم" عاطفة وفيها معنى الاستفهام وتسمى معادلة الهمزة. و"ثلاثون" معطوف على "عشرون". تنبيه: "يروى قول الفرزدق"، وهو همام بن غالب التميمي، في هجو جرير: [من الكامل]   1 الكتاب 2/ 160. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 475 882- كم عمة لك يا جرير وخالة ... فدعاء قد حلبت علي عشاري "بجر: عمة وخالة، على أن "كم" خبرية، وبنصبهما. فقيل: إن تميمًا نصب مميز الخبرية مفردًا"، أي: كثيرًا من عماتك وخالاتك من جملة خدمي1. "وقيل: على الاستفهام التهكمي"، أي: أخبرني بعدد عماتك وخالاتك اللاتي كن يخدمنني فقد نسيته. "وعليهما": أي الجر والنصب، "فهي": أي "كم" مبتدأ، و" جملة "قد حلبت: خبر، و" أفرد الضمير حملا على لفظ "كم". أو "التاء" في: حلبت "للجماعة، لأنهما" في المعنى: "عمات وخالات، و" يروى "برفعهما على الابتداء"، لتخصيص المعطوف عليه بوصفه بـ: لك، وبـ: فدعاء، محذوفة مدلول عليها بالمذكورة، إذ ليس المراد تخصيص الخالة بوصفها بالفدع، كما حذف: "لك" مع خالة استدلالا عليها بـ"لك" الأولى. "و" قد "حلبت: خبر للعمة أو الخالة، وخبر الأخرى محذوف. وإلا لقيل: قد حلبتا" لأن المخبر عنه في هذا الوجه متعدد لفظًا ومعنى، نظيره: زينب وهند قامت. "والتاء في: حلبت" على هذا "للوحدة، لأنها عمة واحدة وخالة واحدة. و: كم" على هذا الوجه محلها "نصب على المصدرية، أو" على "الظرفية" الزمانية. "أي كم حلبة"، على المصدرية. "أو" كم "وقتا" على الظرفية. والفدعاء، بسكون الدال المهملة: من الفدع، بفتح الفاء، والدال: وهو اعوجاج الرسغ من اليد والرجل، حتى ينقلب الكف والقدم إلى إنسيهما، بكسر الهمزة والسين المهملة وبالنون الساكنة والياء المثناة تحت المشددة: وهو الجانب الأيسر على رأي أبي زيد، والأيمن: على رأي الأصمعي، والعشار, بكسر العين، جمع عشراء: وهي الناقة التي أتى عليها من يوم أرسل عليها الفحل عشرة أشهر. ومعنى "علي": على كره مني،   882- البيت للفرزدق في ديوانه 1/ 361، والأشباه والنظائر 8/ 123، وأوضح المسالك 4/ 271، وخزانة الأدب 6/ 458، 459، 493، 495، 498، والدرر 1/ 537، وشرح شواهد المغني 14/ 511، وشرح عمدة الحافظ ص536، وشرح المفصل 4/ 133، والكتاب 2/ 72، 162، 166، ولسان العرب 4/ 573 "عشر" واللمع ص228، ومغني اللبيب 1/ 185، والمقاصد النحوية 4/ 489، وبلا نسبة في سر صناعة الإعراب 1/ 331، وشرح ابن الناظم ص527، وشرح الأشموني 1/ 98، وكتاب الحلل ص241، ولسان العرب 12/ 528 "كمم"، والمتقضب 3/ 58، والمقرب 1/ 312، وهمع الهوامع 1/ 254. 1 انظر كتاب الحلل ص241، والدرر 1/ 537. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 476 لأن "على" تستعمل في الضر، كما أن اللام تستعمل في النفع، نحو: {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} [البقرة: 286] . "وأما "كأين" فبمنزلة "كم" الخبرية" في خمسة أمور: "في إفادة التكثير"، وفي الإبهام، "وفي لزوم التصدير"، وفي البناء، "وفي انجرار التمييز. إلا أن حرجه بـ"من" ظاهرة لا بالإضافة"، بخلاف "كم". "قال الله تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا} [العنكبوت: 60] وقد ينصب" تمييز: "كأين"، "كقوله": [من الخفيف] . 883- اطرد اليأس بالرجا فكأين ... آلما حم يسره بعد عسر فـ"آلما" بمد الهمزة على وزن فاعلا، من: ألم يألم إذا وجع، منصوب على التمييز بـ"كأين" و"اطرد" أمر من طرد يطرد؛ كـ: قتل يقتل. و"اليأس" بالياء المثناة تحت: القنوط: و "الرجا" بالقصر للضرورة: الأمل و"حم" بضم الحاء المهملة؛ بمعنى: قدر. يقول: لا تقنط وترج حصول الفرج بعد الشدة، فكم من عديم قدر الله غناه بعد فقره. و"كأين" تخالف "كم" في أمور: منها أنها مركبة من كاف التشبيه، و"أي" المنونة، و"كم" بسيطة على الأصح. وقيل: مركبة من الكاف و"ما" الاستفهامية ثم حذفت ألفها لدخول الجار، وسكنت ميمها للتخفيف، لثقل الكلمة بالتركيب. ومنها أنها لا تقع استفهامية عند الجمهور، خلافًا لابن قتيبة، وابن عصفور، وابن مالك1. ومنها أنها لا تقع مجرورة، خلافًا لابن قتيبة، وابن عصفور فإنهما أجازا: بكأين تبيع هذا الثوب2. ومنها أن خبرها لا يقع مفردًا.   883- البيت بلا نسبة في الارتشاف 1/ 386، وأوضح المسالك 4/ 276، والدرر 1/ 542، وشرح الأشموني 3/ 637، وشرح التسهيل 2/ 423، وشرح شواهد المغني 2/ 513، ومغني اللبيب 1/ 186، والمقاصد النحوية 4/ 495، وهمع الهوامع 1/ 255. 1 شرح التسهيل 2/ 423. 2 الارتشاف 1/ 387. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 477 "وأما "كذا" فيكنى بها عن العدد القليل والكثير"، وتوافق "كأين" في أربعة أمور: التركيب، فإنها مركبة من كاف التشبيه و"ذا" الإشارية، والبناء والإبهام والافتقار إلى التمييز بمفرد. "و" تخالفها في ثلاثة أمور: أحدها: أنه "يجب في تمييزها النصب"، فلا يجوز جره بـ"من" اتفاقًا، ولا بالإضافة، لأن عجزها اسم لم يكن له قبل التركيب نصيب في الإضافة فأبقي على ما كان عليه، خلافًا للكوفيين، أجازوا في غير تكرار ولا عطف أن يقال: كذا ثوبا، وكذا أثواب. بالجر قياسًا على العدد الصريح. وقال الزجاجي: يجوز الجر على ضرب من الحكاية. وقال الحوفي. على البدل من "ذا". "و" الثاني: أنها "ليس لها الصدر، فلذلك تقول: قبضت كذا وكذا درهما". والثالث: أنها لا تستعمل غالبًا إلا معطوفًا عليها كقوله: [من الطويل] 884- عد النفس نعمى بعد بؤساك ذاكرًا ... كذا وكذا لطفًا به نسي الجهد وإلى "كأين" و"كذا" أشار الناظم بقوله: 749- ككم كأين وكذا وينتصب ... تمييز ذين أو به صل من تصب   884- البيت بلا نسبة في الأشباه والنظائر 7/ 281، والدرر 1/ 543، وشرح شواهد المغني 2/ 514، ومغني اللبيب 1/ 188، والمقاصد النحوية 4/ 497، وهمع الهوامع 1/ 256. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 478 باب الحكاية : وهي إيراد لفظ المتكلم على حسب ما أورده، وهي ثلاثة أنواع: حكاية الجمل وتختص بالقول، وحكاية المفرد: وتختص بالعلم، وحكاية حال المفرد: وتختص بـ"أي" و"من" الاستفهاميتين. "فحكاية الجمل مطردة بعد القول" وفروعه من الفعل، والوصف بأنواعهما، "نحو": {وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ} [النساء: 157] ، " {قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ} " [مريم: 30] ، {أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ} [البقرة: 140] الآية. {قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ} [سبأ: 48] ، {وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا} [الأحزاب: 81] فتحكى الجمل على ترتيب اللفظ. "ويجوز حكايتها على المعنى1 فتقول في حكاية: زيد قائم: قال عمرو قائم زيد"، بعكس الترتيب، "فإن كانت الجملة ملحونة تعين المعنى" في حكايتها "على الأصح" صونًا من ارتكاب اللحن، ولئلا يتوهم أن اللحن نشأن من الحاكي. فعلى هذا إذا قيل لشخص2: جاء زيد؛ بالجر؛ وأردت حكاية كلامه قلت: قال فلان جاء زيد؛ بالرفع؛ ولكنه خفض زيدًا، لتنبه بالاستدراك على لحنه، وإلا لتوهم أنه نطق به على الصواب. وعلى القول الثاني تقول: قال فلان جاء زيد بالجر، مراعاة للفظه.   1 في حاشية يس 2/ 282: "المراد بالمعنى: ما قابل المحكي بهيئته, فيصدق على تقديم ألفاظ المحكي وتأخيرها وتغيير إعرابها أنه حكاية معنى لا لفظًا، فلا يقال: إن مع التقديم والتأخير حكاية اللفظ أيضًا". 2 في "ب" "ط": "قال شخص". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 479 "وحكاية المفرد1 في غير الاستفهام شاذة، كقول بعضهم: ليس بقرشيًّا، ردًّا على من قال: إن في الدار قريشًا" وكقول ذي الرمة: [من الوافر] 885- سمعت الناس ينتجعون غيثا ... فقلت لصيدح انتجعي بلالا فإنه سمع قومًا يقولون: الناس ينتجعون غيثًا فحكى ذلك كما سمع، فرفع الناس. وصيدح: اسم ناقته. قاله الزجاجي في جمله2. قال ابن مالك في شرح الكافية3: ويمكن أن يكون من هذا ما كتب بواو في خط الصحابة رضي الله عنهم: فلان بن أبو فلان؛ بالواو؛ كأنه قيل: فلانًا ابن المقول فيه أبو فلان. فالمختار فيه عند المحققين أن يقرأ بالياء. وإن كان مكتوبًا بالواو كما تقرأ الصلاة والزكاة بالألف، وإن كانتا مكتوبتين بالواو على أن المنطوق به منقلب عن واو. انتهى. وعندي أنه يقرأ بالواو لوجهين: أحدهما: أن الغرض أنه محكي وقراءته بالياء تفوت ذلك، بخلاف الصلاة والزكاة فإنهما غير محكيتين. والثاني: أنه يحتمل أن يكون وضع بالواو فيكون من استعمال الاسم في أول أحواله. وذلك لا يغير. "وأما" حكاية حال المفرد "في الاستفهام، فإن كان المسئول عنه نكرة" مذكورة "والسؤال بـ: "أي" أو بـ"من"، حكي في لفظ "أي" ولفظ4 "من" ما ثبت لتلك النكرة المسئول عنها من رفع ونصب وجر، وتذكير وتأنيث، وإفراد وتثنية"، حقيقة أو صالحة لوصفها بها. "وجمع" سالم موجود فيه، أو صالح لوصفه به. "تقول لمن قال: رأيت رجلا، وامرأة، وغلامين، وجاريتين، وبنين، وبنات: أيا"؟ في حكاية رجلا، "وأية"؟ في حكاية امرأة، "وأيين"؟ بالتثنية في حكاية غلامين، "وأيتين"؟ في حكاية جاريتين، "وأيين"؟ بالجمع في حكاية بنين، "وأيات"؟ في حكاية بنات.   1 في حاشية يس 2/ 282: "أي حاله". 885- البيت لذي الرمة في ديوانه ص1535، والجمل ص329، وجمهرة اللغة ص503، وخزانة الأدب 9/ 167، وسر صناعة الإعراب 1/ 232، ولسان العرب 2/ 509، "صدح"، 8/ 347، "نجع"، والمقتضب 4/ 10، ونوادر أبي زيد ص32، وبلا نسبة في أسرار العربية ص390، وخزانة الأدب 9/ 268، 393، وشرح الأشموني 3/ 644. 2 الجمل ص329. 3 شرح الكافية الشافية 4/ 1722. 4 في "ط": "وفي". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 480 وقولنا في التثنية: أو صالحة لوصفها بها ليشمل مثل: رأيت شاعرًا وكاتبًا. فإنك تقول في حكايتهما: أيين، مع أنهما ليسا مثنيين صناعة، إلا أنهما يوصفان بالتثنية فتقول: الظريفين. وقولنا في الجمع السالم: أو صالح لوصفه به، ليشمل مثل: رأيت رجالا أو نساء، فإنك تقول في حكاية الأول، أيين. وفي حكاية الثاني: أيات مع أنهما ليسا جمعي سلامة, إلا أنهما يوصفان لجمع السلامة. فتقول: رأيت رجالا، صالحين، ونساء صالحات، وقس على ذلك حكاية المرفوع بالفاعلية والمجرور. واختلف في الحركات اللاحقة لـ"أي"، فقيل: حركات حكاية و"أي" بمنزلة "من" في موضع رفع بالابتداء والخبر محذوف. وقيل: هي حركات إعراب. فإذا وقعت سؤالا عن مرفوع بالفاعلية نحو: قام رجل فقيل: أي؟ فـ"أي" فاعل بالفعل، وهو سابق عليها في التقدير، لأن الاستثبات يزيل الصدر، فكأنك أعدت ما قاله السائل وكأنك إنما ذكرت "أيا" فقط. ويجوز أن تصرح بالفعل مؤخرًا توكيدًا، قاله الكوفيون. ومقتضى قواعد البصريين أنه يتعين كونها مبتدأ والخبر محذوف تقديره: أي قام، لأن الفاعل لا يتقدم والاستفهام لا يتأخر. والكوفيون يجيزونهما. فإن سألت بها عن منصوب أو مجرور, فقياس قول البصريين أنها مبتدأ والخبر محذوف والحركة للحكاية أو معمولة لمحذوف متأخر، ولك أن تصرح به توكيدًا مع التأخر. فتقول: أيا رأيت؟ وبأي مرورت؟ وعند الكوفيين منعهما. وعلى القول بجواز تقديم العامل، فهو أولى للمطابقة. "وكذلك تقول في: من" إذا حكيت بها النكرة، رفعًا ونصبًا وجرًّا، وإفرادًا وتثنية وجمعًا على حدها, تذكيرًا وتأنيثًا، كما تقدم من الأمثلة. "إلا أن بينهما فرقًا من أربعة أوجه: أحدها: أن "أيا" عامة في السؤال فيسأل بها عن العاقل؛ كما مثلنا" من قولنا: رأيت رجلا، إلخ. "وعن غيره كقول القائل، رأيت حمارًا أو حمارين"، أو أتانًا أو أتانين، أو حمرًا أو أتنا، "و "من" خاصة بـ" السؤال عن "العاقل". الفرق "الثاني: أن الحكاية في "أي" عامة في الوقف والوصل، يقال: جاءني رجلان فتقول: أيان"؟ بالوقف والإسكان، "أو أيان هذا"، بالوصل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 481 "والحكاية في "من" خاصة بالوقف، تقول" لمن قال: جاءني رجلان. "منان، بالوقف والإسكان" في النون، "وإن وصلت قلت: من يا هذا"؟ بالسكون "وبطلت الحكاية" كما سيأتي أنك تقول في حكاية المذكر: منو ومنا ومنى؟ 1 وهذه2 الأحرف كأحرف الإطلاق لا تكون إلا في الوقف. "فأما قوله"، وهو شمر بن الحارث الضبي، أو تأبط شرًّا: [من الوافر] 886- أتوا ناري فقلت منون أنتم ... فقالوا الجن قلت عموا ظلاما والقياس. من أنتم. "فنادر في الشعر"، وحمله سيبويه على لغة من قال: ضرب منو منا3. قال4: إنما يجوز منون على هذا فهو عنده معرب كـ"أي" مجموع بالواو والنون. وقال الكسائي5: ربما احتاج الشاعر فزاد هذه الزوائد6 في الوصل7. قال ابن خروف8: وتوجيه سيبويه أجود، وهو أن يكون معربًا وجمعه كأي.   1 شرح ابن الناظم ص530-531. 2 من هنا حتى قوله: "انتهى" في نهاية الصفحة التالية قبل حديثه عن الفرق الثالث؛ نقله الشنقيطي في الدرر 2/ 524-525. 886- البيت لشمر بن الحارث في الحيوان 4/ 482، 6/ 197، وخزانة الأدب 6/ 167، 168، 170، والدرر 2/ 524 ولسان العرب 3/ 149 "حسد"، 13/ 420 "منن" ونوادر أبي زيد ص123، ولسمير الضبي في شرح أبيات سيبويه 2/ 183، ولشمر أو لتأبط شرا في شرح المفصل 4/ 16، ولأحدهما أو لجذع بن سنان في المقاصد النحوية 4/ 498، وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب 1/ 462، أوضح المسالك 4/ 282، وجواهر الأدب ص107، والحيوان 1/ 328، والخصائص 1/ 128، والدرر 2/ 154، ورصف المباني ص437، وشرح ابن الناظم ص531، وشرح الأشموني 2/ 642، وشرح ابن عقيل 2/ 426، وشرح شواهد الشافية ص295، وشرح الكافية الشافية 4/ 1718، والكتاب 2/ 411، وكتاب الحلل ص360، ولسان العرب 6/ 12، "أنس"، 14/ 378 "سرًّا"، والمقتضب 2/ 307، والمقرب 1/ 300، وهمع الهوامع 2/ 157، 211. 3 في الكتاب 2/ 411: "وزعم يونس أنه سمع أعرابيًّا يقول: ضرب من منا". 4 في الكتاب: "وهذا بعيد لا تتكلم به العرب، ولا يستعمله منهم ناس كثير، وكان يونس إذا ذكرها يقول: لا يقبل هذا كل أحد فإنما يجوز: منون يا فتى على ذا". 5 الدرر 2/ 525. 6 في "ط": والدرر "الرواية". 7 في الدرر: "الأصل". 8 الدرر 2/ 525. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 482 وحكى الكوفيون أن منهم من يقول: منو أنت، ومنان أنتما، ومنون أنتم؟ فيكون البيت على هذا. "ولا يقاس عليه خلافًا ليونس"، وحجته أنه سمع بعض العرب يقول: ضرب من منا؟ ومنو منا؟ لمن قال: ضرب رجل رجلا. حكاه عنه سيبويه1، ووجهه أنه أزال الاستفهام عن صدريته وأعرب أحدهما فاعلا، والآخر مفعولا في الأولين، وحكاهما في الوصل في الباقين، واستبعده سيبويه. وفي هذا البيت شذوذان آخران: أحدهما: أنه حكى الضمير في: أتوا وهو معرفة، وليس وجه شذوذه أنه حكى مقدرًا. خلافًا للشارح2. والثاني: أنه حرك النون وحكمها السكون3. وعموا؛ بكسر العين المهملة؛ أي: أنعموا. وظلامًا: جوز فيه ابن السيد4 كونه ظرفًا، أي انعموا في ظلامكم، وكونه تمييزًا أي: من جهة ظلامكم. انتهى. والأول أولى، ويؤيده أنه ينشد: ............................ ... .......... عموا صباحًا5 وهو إنشاد صحيح6 وقع في قصيدة حائية منسوبة إلى جذع بن سنان الغساني. ونص ابن الحاجب في الأمالي7: على أنه لا يحسن أن يكون ظرفًا إذ ليس المراد أنهم نعموا في ظلام أو في صباح، وإنما المراد أنهم نعم ظلامهم أو صباحهم، انتهى8.   1 الكتاب 2/ 411. 2 في شرح ابن الناظم ص532: "أنه حكى مقدرًا، غير مذكور". 3 في شرح ابن الناظم ص532: "أنه أثبت العلامة في الوصل، وحقها ألا تثبت إلا في الوقف". 4 كتاب الحلل ص 360-361. 5 انظر هذه الرواية في شرح المفصل ص174 "الحاشية"، ولسان العرب 14/ 381 "سرا". 6 في كتاب الحلل ص360 أن الزجاجي قال في كتابه الجمل ص336-337: "وقد رأيت بعض من لا يعرف هذا الشعر يرويه: عموا صباحًا, وهو غلط". وعلق ابن السيد في الحلل ص360 فقال: "ليس بغلط كما ذكر، ولكنهما شعران، أحدهما على قافية الميم وهو الذي أنشده عن ابن دريد، والثاني على قافية الحاء، وهو أطول من هذا". 7 أمالي ابن الحاجب 1/ 462. 8 إلى هنا ما نقله صاحب الدرر 2/ 525. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 483 الفرق "الثالث": أن "أيا" يحكى فيها حركات الإعراب غير مشبعة، فتقول" في حكاية المفرد المرفوع: "أي. و" في حكاية المنصوب. "أيا، و" في حكاية المجرور "أي. ويجب في "من" الإشباع" في الحركات1 في حكاية المفرد المذكر خاصة على اللغة الفصحى. "فتقول" لمن قال: جاءني رجل: "منو؟ و" لمن قال: رأيت رجلا: "منا؟ و" لمن قال: مررت برجل: "مني"؟ ومن العرب من يحكي بـ"من" إعراب المسئول عنه فقط، ولم يزد علامة التأنيث والتثنية والجمع. فتقول لمن قال: قام رجل، أو رجلان، أو رجال، أو امرأة، أو امرأتان، أو نساء، منو في الجميع، وفي النصب: منا، وفي الجر: مني. وما ذكره من أن الواو والألف والياء نشأت من حركات الإشباع، وأن الحركات حكاية هو قول السيرافي. زعم أن الحركات حكاية، وأنهم أشبعوا بيانًا للحركة في الوقف إذ لا يوقف على متحرك. ورد بأن الحركات إنما تبين بهاء السكت وبالألف في "أنا" و"حيهلا"، خاصة وبأن الموضع للوقف ولا حركة فيه. وقال المبرد والفارسي: الحكاية مشبهة بالإعراب، فالحروف اجتلبت أولا للحكاية فلزم تحريك ما قبلها2، وصوبه ابن خروف، وصححه أبو حيان3. وقال بعضهم: الحروف عوض عن التنوين، فإذ قيل: منو، فالحكاية بالضمة والواو بدل التنوين. وكذا "منا ومني". ورده أبو حيان4 بأن ذلك لغة قليلة. وهذا الحروف يتكلم بها جميع العرب. وقال بعضهم4: الحروف عوض عن لام العهد لأن قياس النكرة إذا أعيدت أن تعاد بلفظ المعرفة لئلا يتوهم أنها غيرها. الفرق "الرابع: أن ما قبل تاء التأنيث في "أي" واجب الفتح تقول: أية وأيتان" كما تقول: آية وآيتان: "ويجوز الفتح والإسكان في: من" إذا اتصل بها تاء الحكاية. "تقول: منه"، بفتح النون وقلب التاء هاء, "ومنت"، بسكون النون وسلامة التاء من القلب هاء، وإنما قلبت مع فتح ما قبلها ولم تقلب مع سكونه اعتبارًا بحالة الوقف.   1 في "ط": "للحركات" مكان "في الحركات". 2 المقتضب 2/ 306. 3 الارتشاف 1/ 321-323. 4 الارتشاف 1/ 321-323. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 484 "ومنتان" بفتح النون الأولى، "ومنتان"، بسكونها. "والأرجح الفتح في المفرد والإسكان في التثنية"، وإنما عبرنا بتاء الحكاية دون تاء التأنيث لأن تاء التأنيث لا يسكن ما قبلها. قال الموضح في الحواشي: وهو الحق. وظاهر كلامه هنا أنها للتأنيث. والقول بأنه في "أية" للتأنيث، وفي "منه" للحكاية، مجرد عناية. وإنما كان الأرجح الفتح في المفرد لأن التاء فيه متطرفة فهي ساكنة للوقف. فحرك ما قبلها لئلا يلتقي ساكنان, ولا كذلك في التثنية، وتقول في حكاية الجمع بالألف والتاء. منات, بإسكان التاء للوقف. هذا حكم غير العطف. وأما العطف فإذا قال: جاءني امرأة ورجل. فإنك تقول: من ومنو؟ وإذا قال: جاءني رجل وامرأة، فإنك تقول: من ومنه؟ تلحق العلامة آخر الكلام لأنه محل الوقف دون ما قبله. لأنه في حكم الوصل. وكذا إذا قال: جاءني رجال ونساء قلت: من ومنات؟ فإذا قال: مررت بنسوة ورجل قلت: من ومني؟ وإذا خلط ما لا يعقل بمن يعقل، جعلت السؤال عما لا يعقل بـ"أي"، وعمن يعقل بـ"من". فإذا قال: رأيت رجلا وحمارًا. قلت: من وأيا؟ وإذا قال: مررت بحمار ورجل. قلت: أي ومني؟ وإذا قال: رأيت ثوبًا وغلامًا. قلت: أيا ومنا؟ وكذلك ما أشبهه. ذكره الزجاجي1. ثم انتقل إلى النوع الثالث: وهو حكاية العلم، وجعله قسيمًا لقوله أولا، فإن كان المسئول عنه نكرة فقال: "وإن كان المسئول عنه علمًا لمن يعقل، غير مقرون، بتابع" من التوابع الخمسة، "وأداة السؤال "من" غير مقرونة بعاطف، فالحجازيون يجيزون حكاية إعرابه2، فيقولون: من زيدًا؟ لمن قال: رأيت زيدًا، ومن زيد؟ بالخفض لمن قال: مررت بزيد" فالفتحة والكسرة للحكاية والرفع في موضعهما مقدر لأن الواقع بعد "من" مبتدأ خبره "من" عند الجمهور3. أو خبر مبتدؤه "من" عند سيبويه4، وإن كان المحكي مرفوعًا كقوله5: من زيد؟ لمن قال: جاءني زيد، برفع ما بعد "من" على اللغتين6، ويختلف التقدير، فعلى لغة الحكاية يكون الإعراب مقدرًا لاشتغال   1 الجمل ص335-336. 2 شرح ابن الناظم ص532. 3 الارتشاف 1/ 323. 4 الكتاب 2/ 413، وانظر شرح ابن الناظم ص532. 5 في "ط": "كقوله". 6 شرح ابن الناظم ص532. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 485 آخر المحكي بحركة الحكاية فالرفع في اللفظ غير الرفع في التقدير. وعلى لغة الغير فالحكم ظاهر. "وتبطل الحكاية في نحو": أي زيد؟ لأن أداة السؤال غير "من" وفي نحو: "ومن زيد؟ لأجل العاطف" الداخل على "من". "وفي نحو: من غلام زيد، لانتفاء العلمية"، خلافًا ليونس في إجازته حكاية جميع المعارف1. وفي نحو: من شدقم؟ لانتفاء العقل. "وفي نحو: من زيد الفاضل؟ لوجود التابع"، وهو النعت. "ويستثنى من ذلك أن يكون التابع ابنًا متصلا بعلم كـ: رأيت زيد بن عمرو، أو علمًا معطوفًا"، بالواو خاصة "كـ: رأيت زيدًا وعمرًا، فتجوز فيهما الحكاية على خلاف في الثانية". فتقول لمن قال: رأيت زيدًا بن عمرو. من زيد بن عمرو؟ ولمن قال: مررت بزيد بن عمرو: من زيد بن عمرو؟ بنصب زيد في الأول، وخفضه في الثاني. وتقول لمن قال: رأيت زيدًا وعمرًا: من زيدًا وعمرًا، بنصبهما. ولمن قال: مررت بزيد وعمرو: من زيد وعمرو. بخفضهما. وذهب يونس وجماعة إلى أن عطف أحد الاسمين على الآخر يبطل الحكاية، وبنو تميم لا يحكون العلم مطلقًا ويوجبون رفع ما بعد "من". ومدرك الحجازيين أن الأعلام كثرت في كلامهم فأجازوا فيها الحكاية. لما فيها من ربط أحد الكلامين بالآخر وشرطوا أن تكون الحكاية بـ"من" دون "أي" لوجهين: أحدهما: كثرة استعمالهم لها دون "أي" قاله سيبويه2. والثاني: أن "من" مبنية، لا يظهر معها قبح الحكاية لسكونها على كل حال، بخلاف "أي" فإنه لو حكي بها: أي زيدًا؟ وأي زيد؟ برفع "أي" فيهما، ونصب "زيد" في الأول، وجره في الثاني، لظهر القبح في اختلاف إعراب المبتدأ والخبر. قال ابن الضائع: والأول أولى، وعليه اعتمد سيبويه وزاد ابن خروف وجها ثالثًا: وهو كون "من" على حرفين. وأما شرط انتفاء التابع، فلأنهم استغنوا بإطالته عن الحكاية، واستثنى النعت بابن لأنه صار مع المنعوت كشيء واحد، واستثنى عطف النسق لأنه ليس فيها بيان للمتبوع، فلا يبين إلا بالحكاية. وأما اشتراط انتفاء اقتران العاطف بـ"من" فلأن الغرض بالحكاية بيان أن المسئول عنه هو المتقدم في الذكر لا غير. فإذا عطفت جملة السؤال على كلام المسئول صار في ذلك بيان أن المسئول عنه هو الأول فلم يحتج للحكاية. وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 757- والعلم احكينه من بعد من ... إن عريت من عاطف بها اقترن   1 شرح ابن الناظم ص532. 2 الكتاب 2/ 413، 414. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 486 باب التأنيث مدخل ... باب التأنيث: اعلم أن من المعاني المدلول عليها بالألفاظ: أشخاص الجواهر، وهي على قسمين: حيوان وجماد، والحيوان ضربان: ذكر وأنثى. "ولما كان التأنيث فرع التذكير لأن الأصل في جميع الأشياء التذكير كما قاله سيبويه1 "احتاج" المؤنث "لعلامة" تميزه من المذكر. "وهي إما "تاء" محركة" بوجوه الإعراب. "وتختص بالأسماء كـ: قائمة" وهاوية، وتبدل في الوقف هاء فلذلك رسمت بالهاء. "أو تاء ساكنة، وتختص بالأفعال" الماضية "كـ: قامت" ونعمت: "وإما ألف مفردة" عن ألف قبلها "كـ: حبلى" وسكرى. "أو ألف قبلها ألف" زائدة "فتقلب هي" أي الألف الثانية، "همزة كـ: حمراء". هذا مذهب الجمهور من البصريين2، وذهب بعضهم إلى أن الهمزة والألف قبلها معًا علامة التأنيث3. وذهب الكوفيون إلى أن الهمزة للتأنيث وليست مبدلة من ألف التأنيث والألفان المقصورة, "و" الممدودة "يختصان بالأسماء" الظاهرة. وإلى التاء والألف أشار الناظم بقوله:   1 الكتاب 3/ 241، وانظر شرح ابن الناظم 534، وشرح ابن عقيل 2/ 492، وهمع الهوامع 2/ 170. 2 انظر شرح المرادي 5/ 3. 3 وهو مذهب الأخفش، كما في الارتشاف 1/ 293. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 487 758- علامة التأنيث تاء أو ألف ... ............................... ولا يجمع بينهما فلا يقال: حبلاة، وأما: علقاة، فالألف مع وجود التاء للإلحاق بجعفر، ومع عدمها للتأنيث1. "و" العرب "قد أنثوا أسماء كثيرة بتاء مقدرة، ويستدل على ذلك" التقدير "بالضمير العائد عليها نحو: {النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [الحج: 72] , {حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا} [محمد: 4] , {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا} " [الأنفال: 61] . فالنار والحرب والسلم مؤنثات بدليل عود ضمير المؤنث عليها. ولا يخفى ما في ترتيب الآيات من المناسبة. وما في مقابلة الحرب بالمصالحة من الطباق. "وبالإشارة إليها نحو: {هَذِهِ جَهَنَّمُ} " [يس: 63] ، فجهنم: مؤنثة: بدليل الإشارة إليها بإشارة المؤنث وهي: هذه. "وبثبوتها؛ أي التاء؛ في تصغيره، نحو: عيينة، وأذينة"، مصغري: عين وأذن من الأعضاء المزدوجة، فإن التصغير يرد الأشياء إلى أصولها، وغير المزدوج مذكر كـ: الرأس والقلب، "أو" بثبوتها في "فعله نحو: {وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ} " [يوسف: 94] ، فالعير مؤنثة، بدليل تأنيث فعلها. "وبسقوطها من عدده كقوله"، وهو حميد الأرقط يصف قوسًا عربية: [من الرجز] 887- أرمي عليها وهي فرع أجمع ... وهي ثلاث أذرع وأصبع فأذرع: جمع ذراع، وهي مؤنثة بدليل سقوط التاء من عددها وهو: ثلاث. وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 758- .................................... ... وفي أسام قدروا التا كالكتف 759- ويعرف التقدير بالضمير ... ونحوه كالرد في التصغير   1 الارتشاف 1/ 293. 887- الرجز لحميد الأرقط في شرح شواهد الإيضاح ص341، والمقاصد النحوية 4/ 504، وبلا نسبة في ديوان الأدب 1/ 118، وإصلاح المنطق ص310، وأوضح المسالك 4/ 286، والاقتضاب ص343، 707، وجمهرة اللغة ص1314، وخزانة الأدب 1/ 214، والمخصص 1/ 167، 6/ 38، 14/ 65، 16/ 80، ومقاييس اللغة 1/ 26، وشرح التسهيل 3/ 160، وشرح عمدة الحافظ ص576، والخصائص 2/ 307، ولسان العرب 8/ 93 "ذرع" 247 "فرع", 14/ 335 "رمى", 15/ 88 "علا"، وأدب الكاتب ص507 والأزهية ص276، والأشباه والنظائر 5/ 219، والكتاب 4/ 226، وتاج العروس 21/ 481 "فرع"، "رمى"، وتهذيب اللغة 3/ 184. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 488 فصل: "الغالب في التاء أن تكون لفصل صفة المؤنث من صفة المذكر كـ: قائم وقائمة"، ومن غير الغالب في الأسماء غير الصفات1 نحو: رجل ورجلة، وغلام وغلامة، وفي الصفات التي تنزل على مقصدين، وهي الصفات المختصة بالمؤنث كـ: حائض وطامث، فإن قصد بها الحدوث في أحد الأزمنة، لحقتها التاء فقيل: حائضة وطامثة. وإن لم يقصد بها ذلك لم تلحقها، فيقال: حائض وطامث، بمعنى: ذات أهلية للحيض والطمث. "ولا تدخل هذه التاء" الفاصلة صفة المؤنث من صفة المذكر "في خمسة أوزان: أحدها: فَعُول" بفتح الفاء "بمعنى: فاعل كـ: رجل صبور"، بمعنى: صابر، "وامرأة صبور"، بمعنى صابرة. وإنما لم تدخله التاء لعدم جريانه على الفعل ودخول التاء على الصفة محمول على فعلها. قاله الشاطبي. "ومنه"، أي من: فعول بمعنى: فاعل: {وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا} [مريم: 28] أصله: بغويًا"، اجتمعت فيه الواو والياء، وسبقت إحداهما بالسكون، فقلبت الواو ياء، "ثم أدغم" الياء في الياء وإلا لو كان فعيلا، بمعنى فاعل، لحقته التاء. وسأل المازني جماعة من نحاة الكوفة عن هذه الآية بحضرة الواثق بالله، فلم يأتوا بوجه الصواب، فسأله الواثق عنها فأجاب بما قاله الموضح. "وأما قولهم: امرأة ملولة" من الملل، بمعنى: مالة وقد لحقته التاء، "قالتاء" فيه ليست للفصل وإنما هي "للمبالغة، بدليل" دخولها في المذكر نحو "رجل ملولة، وأما: امرأة عدوة" أصله: عدووة، بواوين ثم أدغم، "فشاذ" لخروجه عن القاعدة ومع ذلك فإنه "محمول على: صديقة" كما في عكسه وهو حمل صديق على عدوة، في قوله: [من الطويل]   1 في شرح ابن الناظم ص534: "وهو في الأسماء قليل، نحو: رجل ورجلة ... ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 489 888- ............................. ... ... لم أبخل وأنت صديق والقياس، صديقة. وهم يحملون الضد على ضده، كما يحملون النظير على نظيره. "ولو كان فعول بمعنى مفعول، لحقته التاء" الفاصلة جوازًا "نحو: جمل ركوب، وناقة ركوبة"، وإنما لحقته وإن لم يجر على الفعل، فرقًا بين المقصدين. "و" الوزن "الثاني: فعيل بمعنى مفعول نحو: رجل جريح، وامرأة جريح" بمعنى: مجروحة. والعلة فيها ما تقدم. "وشذ: ملحفة جديدة"، بالتاء، فإنها بمعنى مجدودة، ولحقتها التاء. "فإن كان فعيل بمعنى فاعل، لحقته التاء" الفاصلة، "نحو امرأة رحيمة، وظريفة"، وإنما لحقت فعيلا بمعنى فاعل، دون فعيل بمعنى مفعول فرقًا بينهما. واختصت بـ"فعيل" بمعنى "فاعل"، لأنه يجري على الفعل، لأن الوصف من: رحم وظرف يأتي على فعيل اطرادًا، فصار كفاعل من فعل بخلافه بمعنى: مفعول. "فإن قلت: مررت بقتيلة بني فلان، وألحقت التاء خشية الإلباس" بالمذكر، "لأنك لم تذكر الموصوف" المأمون معه الإلباس. "و" الوزن "الثالث": مِفْعال، بكسر الميم "كـ: منحار"، يقال: رجل منحار، وامرأة منحار، أي: كثيرة النحر, بالحاء المهملة. "وشذ: ميقانة"، بالقاف والنون، من اليقين وهو عدم التردد، يقال: رجل ميقان: لا يسمع شيئًا إلا أيقنه، وامرأة ميقانة. وإنما لم تدخل التاء الفاصلة هنا لأنه صفة لا تجري على فعل، ولأنه يشبه المصادر الميمية، بزيادة الميم في أوله. قاله ابن الأنباري. "و" الوزن "الرابع: مِفْعِيل" بكسر الميم "كـ: معطير" من العطر، "وشذ: امرأة مسكينة" لخروجه عن القاعدة، ومع ذلك فإنه محمول على: فقيرة. "وسمع": امراة "مسكين, على القياس" حكاه سيبويه1.   888- تمام البيت: فلو أنك في يوم الرخاء سألتني ... طلاقك لم أبخل وأنت صديق وهو بلا نسبة في الأزهية ص62، والأشباه والنظائر 5/ 238، 262، والإنصاف 1/ 205، والجنى الداني ص218، وخزانة الأدب 5/ 246، 427، 10/ 381، 382، والدرر 1/ 302، ورصف المباني ص115، وشرح الأشموني 1/ 146، وشرح شواهد المغني 1/ 105، وشرح ابن عقيل 1/ 384، وشرح المفصل 8/ 71، ولسان العرب 4/ 181 "حرر"، 10/ 194، "صدق"، 13/ 30 "أنن"، ومغني اللبيب 1/ 31، والمقاصد النحوية 1/ 311، والمنصف 3/ 128، وهمع الهوامع 1/ 143، تاج العروس. 10/ 573 "حرر", "أنن". 1 الكتاب 2/ 640 ونقله ابن الناظم في شرحه ص536. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 490 "و" الوزن "الخامس: مِفْعَل"؛ بكسر الميم وسكون الفاء وفتح العين؛ "كـ: مغشم" بالغين والشين المعجمتين؛ وهو الذي لا ينتهي عما يريده ويهواه من شجاعته. "ومدغس" بالدال والعين والسين المهملات؛ من الدعس وهو الطعن. يقال: رمح يدعس به. وعلة عدم لحاق التاء في هذين الوزنين، ما تقدم في [المثال] 1 الثالث. وإلى هذه الأوزان الخمسة أشار الناظم بقوله: 760- ولا تلي فارقة فعولا ... ........................ الأبيات الثلاثة2. "وتأتي التاء لفصل الواحد من الجنس" الجامد الذي لا يصنعه مخلوق "كثيرًا كـ: تمرة" وتمر؛ بفتح المثناة فوق وسكون الميم؛ "ولعكسه"، أي لفصل الجنس من واحده "في: جبأة" بفتح الجيم وسكون الموحدة بعدها همزة، ضرب من الكمأة أحمر. "وكمأة"؛ بفتح الكاف وسكون الميم وبفتح الهمزة؛ وهي التي تميل إلى الغبرة والسواد. وقول الموضح: "خاصة:" مخرج لـ: سيارة وميارة. فإنهما جمعا: سيار وميار، لا من أسماء الأجناس لغلبة التأنيث عليهما. قال الله تعالى: {وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ} [يوسف: 19] وعلى تقدير كونهما من أسماء الأجناس. فالقيد مصروف إلى الجامد، وهذان مشتقان. وتأتي التاء لفصل الواحد من الجنس الذي يصنعه المخلوق قليلا نحو: لبن ولبنة. وقد تكون التاء لازمة فيما يشترك فيه المذكر والمؤنث كـ: ربعة: وهو المعتدل والمعتدلة من الرجال والنساء لا بالطويل ولا القصير3. "و" تأتي التاء "عوضًا من فاء كـ: عدة". وأصلها: وعد، بكسر الواو، فكرهوا ابتداء الكلمة بواو مكسورة فنقلوا كسرة الواو إلى العين ثم حذفوا الواو وعوضوا منها التاء في غير محل المعوض منه، لأن تاء التأنيث لا تقع صدرًا.   1 إضافة من "ب". 2 الأبيات الثلاثة هي: .................................. ... أصلا ولا المفعال والمفعيلا كذاك مفعل وما تليه ... تا الفرق من ذي فشذوذ فيه ومن فعيل كقتيل إن تبع ... موصوفه غالبًا التا تمتنع 3 في "ط": "بالقصر". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 491 وتأتي عوضًا من عين كـ: إقامة، "أو من لام كـ: سنة"، وأصلها: سنو أو سنه بدليل قولهم في الجميع بالألف والتاء: سنوات أو سنهات، فكرهوا تعاقب حركات الإعراب على الواو لاعتلالها. وعلى الهاء لخفائها، فحذفوا الواو والهاء وعوضوا منها التاء في محل المعوض منه على القياس. "أو" عوضًا "من" حرف "زائد لمعنى"، وهو ياء النسب، "كـ: أشعثي وأشاعثة"، وأزرقي وأزارقة، ومهلبي ومهالبة، نسبة إلى: أشعث وأزرق ومهلب، فالتاء فيهن عوض من ياء النسب ألا ترى أنهما لا يجتمعان وإنما يقال: الأشعثيون والأشاعثة، وكذا الباقي. "أو" عوضًا "من" حرف "زائد لغير معنى"، وهو ياء مفاعيل، "كـ: زنديق وزنادقة"، فالتاء عوض من [ياء] 1 زنديق. فإذا جيء بالياء لم يجأ بالتاء. بل يقال: زناديق. فالياء والتاء متعاقبان هنا، قاله في شرح الكافية2. والزنديق: هو الذي لا ينتحل دينًا. وقيل: هو الذي يظهر الإسلام ويخفي الكفر3. "و" تأتي التاء "للتعريب" بالعين المهلمة؛ أي: تعريب الأسماء الأعجمية "كـ: موازجة" جمع موزج؛ بفتح الميم وسكون الواو وفتح الزاي المعجمة بعدها جيم؛ وهو الخف وقيل الجورب، والقياس: موازج، فدخلت التاء في جمعه لتدل على أن أصله أعجمي فعرب. والفرق بين المعرب وغيره, أن العرب إذا استعملت الأعجمي فإن خالفت بين ألفاظه فقد عربته. وإلا فلا. "و" تأتي التاء "للمبالغة" في الوصف "كـ: راوية" لكثير الرواية، وإنما أنثوا المذكر لأنهم أرادوا أنه غاية في ذلك الوصف، والغاية مؤنثة.:ولتأكيدها"، أي: المبالغة الحاصلة بغير التاء "كـ: نسابة"، وذلك لأن فعالا يفيد المبالغة بنفسه، فإذا دخلت عليه التاء أفادت تأكيد المبالغة لأن التاء للمبالغة. "و" تأتي التاء "لتأكيد التأنيث كـ: نعجة"، لأن انفراد المؤنث باسم غير المذكر يفيد التأنيث كـ: عجوز وأتان، فكان يكفي أن يقال: نعج، لأنه يفيد التأنيث بنفسيه، فدخول التاء فيه لتأكيد التأنيث.   1 إضافة من "ط". 2 شرح الكافية الشافية 4/ 1736. 3 انظر حاشية يس 2/ 288. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 492 فصل: "لكل واحدة من ألفي التأنيث" المقصورة والممدودة "أوزان نادرة، ولا نتعرض لها في هذا المختصر" لكون الناظم لم يذكرها. "وأوزان مشهورة" في الاستعمال، وتقدم في باب ما لا ينصرف: أن المقصورة أصل للمدودة، فلذلك قدمها. "فمشهور أوزان المقصورة اثنا عشر" وزنًا: "أحدها: فعلى، بضم الأول وفتح الثاني كـ: أربى"، بالراء المهملة والباء الموحدة، اسمًا للداهية، بالدال المهملة، وجمعها: دواه وأعظمها الموت، "وأدمى وشعبى"، بمعجمة فمهملة فموحدة، اسمين "لموضعين، قال" جرير: [من الوافر] 889- أعبدًا حل في شعبي غريبًا ... ألؤما لا أبالك واغترابا "وزعم ابن قتيبة أنه لا رابع لها" في لسان العرب1. "ويرد عليه: أرنى، بالنون"، اسمًا "لحب" من البقل "يجبن به اللبن وجنفى" بالجيم والنون والفاء، اسمًا "لموضع، وجعبى"، بالجيم والعين المهملة والباء الموحدة، اسمًا "لعظام النمل" جمع عظيم لا عظم، والمراد به: كبار النمل اللاتي يعضضن ولهن أفواه واسعة. قاله القالي2. ورحبى، بالراء والحاء المهملتين والباء الموحدة، لموضع، وحلكى، بالحاء المهملة، لدويبة، قال أبو علي الفارسي3: هي مقصورة. حكاه عنه ابن جني في القد. "وقد تبين" من عدم اشتهار ما ذكر "أن عد الناظم لـ: فعلى في الأوزان المشهورة مشكل"، لأنها من الأوزان النادرة، بل قال خطاب الماردي4: إنها شاذة.   889- تقدم البيت برقم 398، 702. 1 أدب الكاتب ص593، وانظر المزهر 2/ 66، 99، والاقتضاب ص390. 2 قاله في كتابه المقصور والممدود، وقد صرح بذلك ابن السيد في الاقتضاب 390، وانظر المزهر 2/ 64. 3 التكملة ص99. 4 في "ب": "المازني"، وفي "ط": "المرادي". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 493 الوزن "الثاني": فُعْلى، بضم الأول وسكون الثاني، اسمًا كان كـ: بهمى"، بالموحدة اسمًا لنبت. قاله الجوهري1. يقال: أبهمت الأرض: كثر بهماها. "أو صفة" لا مذكر لها "كـ: حبلى، و" ما لها مذكر نحو: "الطولى"، أنثى الأطول. "أو مصدرًا كـ: رجعى" مصدر: رجع. الوزن "الثالث: فَعَلَى؛ بفتحتين؛ اسمًا كان كـ: بردى" بالموحدة "لنهر بدمشق أو مصدرًا كـ: مرطى" بالطاء المهملة "لمشية، أو صفة كـ: حيدى" بالحاء والدال المهملتين بينهما ياء مثناة تحتانية، يقال: حمار حيدى، أي: يحيد عن ظله إذا تخيل منه. الوزن "الرابع: فَعْلَى، بفتح أوله وسكون ثانيه، بشرط أن يكون إما جمعًا كـ: قتلى" جمع: قتيل، "وجرحى" جمع جريح، "أو مصدرًا كـ: دعوى" مصدر: دعا، "أو صفة كـ: سكرى وسيفى، مؤنثي: سكران، وسيفان للطويل، فإن كان فعلى اسمًا كـ: أرطى وعلقى، ففي ألفه وجهان" مبنيان على الصرف وعدمه، فمن صرف قدر الألف للإلحاق، ومن منع قدرها للتأنيث، والأرطى: شجر الرمل يدبغ به الأديم. يقال: أديم مأروط أي: مدبوغ. وقد يكون: أرطى أفعل2، لأنه يقال: أديم مرطي، حكاه في الصحاح3، والعلقى: نبت. الوزن "الخامس: فُعَالى بضم أوله" وتخفيف ثانيه "كـ: حُبَارى" بالحاء المهملة والباء الموحدة والراء المهملة. "وسُمَانى": بالسين المهملة والنون: "لطائرين" ذكرين أو أنثيين، "وفي الصحاح4: أن ألف حبارى ليست للتأنيث، وهو وهم" بفتح الهاء، من صاحب الصحاح، "فإنه قد وافق على أنه ممنوع الصرف". ومنع الصرف دليل على أن ألفه للتأنيث. الوزن "السادس: فعلى، بضم أوله وتشديد ثانيه مفتوحًا كـ: سمهى" بالمهملة "للباطل" وللكذب، وللهواء بين السماء والأرض. الوزن "السابع: فعلى، بكسر أوله وفتح ثانيه وسكون ثالثه كـ: سبطرى" بمهملات وموحدة "ودفقى" بالدال والفاء والقاف: "لضربين من المشي"، فالأول: مشية فيها تبختر والثاني: مشية فيها تدفق وإسراع.   1 الصحاح "بهم". 2 في "ب": "الفعل". 3 الصحاح "أرط": رطا" وانظر حاشية يس 2/ 289. 4 الصحاح "حبر". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 494 الوزن "الثامن: فِعْلَى، بكسر أوله وسكون ثانيه، إما مصدرًا كـ: ذكرى" مصدر: ذكر ذكرا1. وذكرى مما توافق فيه كلمتان فيما عدا ألف التأنيث. "أو جمعًا وذلك" شيئان: "حجلى" بالحاء المهملة [والجيم] 2: "جمعًا للحجل؛ بفتحتين؛ اسمًا لطائر وظربى؛ بالظاء المشالة" والراء والباء الموحدة: "جمعًا لظربان، بفتح أوله وكسر ثانيه، اسمًا لدويبة. ولا ثالث لهما في الجموع"3، وذلك معلوم من عدم الإتيان معهما بالكاف، ولكن ذكره تأكيدًا. الوزن "التاسع: فعيلى، بكسر أوله وثانيه مشددًا نحو: حثيثي" بحاء مهملة وثاءين مثلثتين بينهما ياء مثناة تحتانية، اسم مصدر: حث على الشيء إذا حض عليه. "وخليفى" بالخاء المعجمة والفاء: الخلافة. وفي الأثر عن عمر رضي الله عنه: "لولا الخليفي لأذنت"4. "وحكى الكسائي: هو من خصيصاء قومه5؛ بالمد؛ وهو شاذ"، وقياسه القصر، كما مثل به في التسهيل6. الوزن "العاشر: فعلى، بضم أوله وثانيه وتشديد ثالثه كـ: كفرى" بالفاء والراء. وفي القاموس7 أنه مثلث الكاف والفاء. والكفرى والكافور "لوعاء الطلع" أي: طلع النخل. سمي بذلك لأنه حين يتشقق يكفره، أي: يستره ويغطيه، والشيباني يجعله للطلع نفسه. والفراء يجعله للطلع حين يتشقق. قال القالي: والأول هو الصحيح لأن الاشتقاق يدل على صحته. "وحذرى وبذرى"، بذالين معجمتين مهملتين وبحاء مهملة في الأول وباء موحدة في الثاني: وهما "من: الحذر والتبذير". وقال ابن ولاد: البذرى. قالذال المعجمة، الباطل. الوزن "الحادي عشر: فعيلى، بضم أوله وفتح ثانيه مشددًا كـ: خليطى" بالخاء المعجمة والطاء المهملة، اسمًا "للاختلاط", يقال: وقعوا في خليطى إذا اختلط عليهم أمرهم. "وقبيطى". بالقاف والباء الموحدة والطاء المهملة، اسمًا "للناطف".   1 سقط من "ب". 2 إضافة من "ب"، "ط". 3 قاله الفارسي، انظر المزهر 2/ 103. 4 النهاية 2/ 69 "خلف". 5 في المزهر 2/ 101، "زعم الكسائي أنه سمع المدر والقصر في خصيصى". 6 التسهيل ص255. 7 القاموس المحيط "كفر". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 495 الوزن "الثاني عشر: فُعَّالى، بضم أوله وتشديد ثانيه نحو: شقارى" بالشين المعجمة والقاف والراء المهملة "وخبازى" بالخاء المعجمة والباء الموحدة والزاي، اسمين "لنبتين. وخضارى" بالخاء والضاد المعجمتين والراء المهملة: اسمًا "لطائر". تنبيه: "نحو جنفى" مما كان على وزن: فعلى، بضم الفاء وفتح العين. "ونحو: خليفى"، مما كان على وزن: فعيلى، بكسر الفاء وتشديد العين المكسورة. "ونحو: خليطى"، مما كان على وزن: فعيلى، بضم الفاء وتشديد العين المفتوحة. "ليس من الأوزان المختصة بالمصورة بدليل" وجودها في أوزان الممدودة. فالأول كما في: "عرواء"، بضم العين المهملة وفتح الراء المهملة "قرة الحنى ومسها في أول رعدتها" كما في القاموس1 زيادة على الصحاح2. "و" الثاني كما في: "فخيراء" بكسر الفاء وتشديد المعجمة من الفخر، والفخير3: الرجل الفخر. "و" الثالث كما في: "دخيلاء" بضم الدال المهملة وتشديد الخاء المعجمة، ولم يحفظ بالمد غيره. يقال: هو عالم بدخيلاء أمورك. أي: بباطنها. "ومشهور أوزان الممدودة سبعة عشر"وزنًا: "أحدها: فعلاء، بفتح أوله وسكون ثانيه، اسمًا كان كـ: صحراء أو مصدرًا كـ: رغباء" مصدر: رغب، بالراء المهملة والغين المعجمة. "أو صفة كـ: حمراء، وديمة هطلاء" والديمة؛ بكسر الدال المهملة وسكون الياء المثناة تحت؛ قال أبو زيد: هو المطر الذي ليس4 فيه رعد ولا برق، وأقله ثلث النهار أو ثلث الليل. والهطل: تتابع المطر. "أو جمعًا في المعنى كـ: طرفاء"، بالطاء والراء المهملتين وبالفاء، ويضاف للغابة. بالموحدة، فيقال: طرفاء الغابة وهي شجر، ومنها اتخذ منبره -صلى الله عليه وسلم- وفي القاموس5: أنها أربعة أصناف منها: الأثل، الواحدة: طرفاءة وطرفة. وفي الصحاح6: قال سيبويه7: واحد وجمع.   1 القاموس المحيط "عرا". 2 الصحاح "عرا". 3 في "ط": "الفخيراء". 4 سقط من "ب". 5 القاموس المحيط "طرف". 6 الصحاح "طرف". 7 الكتاب 3/ 569. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 496 "و" الوزن "الثاني والثالث والرابع: أفعلاء، بفتح العين، وأفعلاء بكسرها، وأفعلاء بضمها، كقولهم: يوم الأربعاء"، بفتح الباء وكسرها وضمها. "سمع فيه الأوزان الثلاثة"، وهو اليوم المعروف. وفي تحشية التسهيل بخط مؤلفه1: اسم اليوم: أربعاء, بفتح الباء وكسرها، وبفتح الهمزة وضم الباء: عمود الخيمة: وبضمهما: موضع2. والوزن، "الخامس: فعللاء" بفتح أوله وسكون ثانيه وفتح ثالثه "كـ: عقرباء": اسما لمكان خارج دمشق3. والوزن "السادس: فِعَالاء، بكسر الفاء، كـ: قصاصاء"؛ بقاف وصادين مهملتين: اسمًا "للقصاص". والوزن "السابع: فُعْلُلاء، بضم الأول والثالث، كـ: قرفصاء" بقاف فراء فصاد مهملة: لنوع من القعود. يقال: قعد القرفصاء: إذا قعد على قدميه، وأمس الأرض إلييه. الوزن "الثامن: فاعُولاء، بضم الثالث كـ: عاشوراء" لعاشر المحرم، وحكى أبو عمرو الشيباني فيه القصر4. الوزن "التاسع: فَاعِلاء، بكسر الثالث، كـ: قاصعاء"؛ بالقاف والصاد والعين المهملتين اسمًا "لأحد جحرة اليربوع"، وهو حيوان فوق الفارة، يداه أقصر من رجليه، وعكس الزرافة، ومن أسماء جحرته أيضًا: غائباء ونافقاء. الوزن العاشر: فِعْلياء، بكسر الأول وسكون الثاني. نحو: كبرياء، بمعنى، التكبر. الوزن "الحادي عشر: مفعولاء، كـ: مشيوخاء" بالشين والخاء المعجمتين: للشيوخ: وضبطه ابن مالك بالحال المهملة، قال5: ومعناه اختلاط الأمر.   1 في "ب": "المؤلف". 2 التسهيل ص256. 3 سقط من "ب"، "ط": "خارج دمشق". 4 في المزهر 2/ 69: "زاد بن خالويه: ساموعاء، وهو اللحم في التوارة، وخابوراء يعني النهر، وزاد البغدادي في شرح الفصيح، الضاروراء والساروراء والدالولاء". 5 انظر شرح الكافية الشافية 4/ 1754. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 497 الوزن "الثاني عشر: فَعَالاء، بفتح أوله وثانيه نحو: بَرَاساء" بالباء الموحدة والراء والسين المهملتين "بمعنى: الناس. يقال: ما أدري أي البراساء هو" أي: أي الناس هو. "وبراكاء" بالموحدة والراء المهملة "بمعنى: البروك"، وهو أن يبركوا إبلهم وينزلوا عن خيلهم ويقاتلوا رجالة. وبراكاء كل شيء: معظمه وشدته. يقال: وقع في براكاء الأمر، وفي براكاء القتال، أي: في معظمه وشدته. قال بشر بن أبي خازم: [من الوافر] 890- ولا ينجي من الغمرات إلا ... براكاء القتال أو الفرار قاله القالي1. الوزن "الثالث عشر: فَعِيلاء، بفتح أوله وكسر ثانيه، نحو: قريثاء وكريثاء"، بمثلثتين وراءين مهملتين فيهما2، وبالقاف في الأول والكاف في الثاني "نوعان من البسر" بضم الموحدة وسكون المهملة. قال الكسائي: بسر قريثاء ممدود، وهو أطيب التمر بسرًا وقال أبو الجراح، تمر قريثا, غير ممدود. الوزن "الرابع عشر: فَعُولاء، بفتح أوله وضم ثانيه، نحو: دبوقاء" بالدال المهملة والباء الموحدة والقاف: العذرة، بفتح العين المهملة وكسر الذال المعجمة. الوزن "الخامس عشر: فَعَلاء بفتحتين كـ: خفقاء" بالخاء المعجمة والفاء والقاف. اسمًا "لموضع. قاله ابن الناظم" في بعض نسخ الشرح3. "وإنما هو بالجيم والنون والفاء، كما هو الغالب في نسخ ابن الناظم ونصه3: وفعلاء كجنفاء، اسم مكان. "ولا نظير إلا: دأثاء4" بفتح الدال المهملة والهمزة والتاء المثلثة، اسمًا "للأمة، وفرماء" بالفاء والرء: اسمًا "لموضع". ذكره في الصحاح في مادة الفاء5، ولم   890- البيت لبشر بن أبي خازم في ديوانه ص79، وجمهرة اللغة ص325، وخزانة الأدب 7/ 506، وشرح المفصل 4/ 50، ولسان العرب 10/ 398 "برك"، وبلا نسبة في الاشتقاق ص247، وجمهرة اللغة ص1229. 1 في كتابه المقصور والممدود، وهو مفقود، انظر المقصور والممدود لابن ولاد ص21. 2 سقط من "ب". 3 شرح ابن الناظم ص540. 4 في المزهر 2/ 53: "وفي كتاب المقصور للقالي زيادة: نفساء، لغة في نفساء، والسحناء، الهيئة، لغة في السحناء، ويقال في ثأْداء وثأَداء، بالفتح والسكون". 5 الصحاح "فرم". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 498 يذكره في مادة القاف1. [قال في القاموس في فصل الفاء2: وقول الجوهري: فرماء موضع، سهو، وإنما هو بالقاف، وقال في فصل القاف3: وقرمى كجمزى، ويمد: موضع باليمامة لبني امرئ القيس، وموضع بين مكة والمدينة. "على هذا" التقدير "فعد الناظم لذلك في المشهور" من أوزان الممدودة "مشكل" لأنه وزن نادر جدًّا. "وفي المحكم" لابن سيده "أن جنفى، بالجيم والنون والفاء والقصر، موضع، وأنه بالمد أيضًا موضع". فذكره فيما يختض بالمد مشكل] 4. الوزن "السادس عشر: فعلاء، بكسر أوله وفتح ثانيه نحو5: سيراء" بالسين المهملة والياء المثناة التحتانية: ثوب مخلوط بحرير، وقيل: ما عمل من القز، وقيل: برد في خطوط صفر وأيضًا نبت، وأيضًا: الذهب1. الوزن "السابع عشر: فُعَلاء، بضم أوله وفتح ثانيه كـ: خيلاء" بالخاء المعجمة والياء المثناة التحتانية: الكبر والعجب.   1 في حاشية يس 2/ 291: "قرماء؛ بالقاف وتحريك العين: موضع، ذكره الجوهري بالفاء، وهو تصحيف، إنما هو بالقاف". 2 القاموس المحيط "فرم". 3 القاموس المحيط "قرم". 4 سقط من "أ": من قوله "قال في القاموس ... " إلى هنا. 5 سقط من "ب". 6 في المزهر 2/ 107: "وليس في الكلام فِعَلاء، إلا ثلاثة أحرف: السيراء: ضرب من البرود، ويقال الذهب، والحولاء: والكلام فيه بالضم، والعنباء: للعنب". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 499 باب المقصور والممدود : المقصور: هو الاسم المتمكن الذي حرف إعرابه ألف لازمة كـ: الفتى والعصا، بخلاف: إذا، ورأيت أخاك، فلا يسمى مقصورًا. والممدود: هو الاسم المتمكن الذي آخره همزة بعد ألف زائدة كـ: كساء ورداء، بخلاف. أولاء ورشاء، فلا يسمى ممدودًا. "قصر الأسماء ومدها ضربان: قياسي، وهو وظيفة النحوي. وسماعي وهو وظيفة اللغوي، وقد" اعتنى اللغويون بهما حتى "وضعوا في ذلك كتبًا1 وضابط الباب عند النحويين" ليرجع إليه، "أن الاسم المعتل بالألف ثلاثة أقسام: أحدها: ما له نظير في الصحيح" الآخر، "يجب فتح ما قبل آخره" قياسًا، "وهذا النوع مقصور بقياس"، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 771- إذا اسم استوجب من قبل الطرف ... فتحا وكان ذا نظير كالأسف 772- فلنظيره المعل الآخر ... ثبوت قصر بقياس ظاهر "وله أمثلة منها: كونه مصدر: فعل" بكسر العين "اللازم، نحو: جوي جوى"2 بالجيم، "وهوي هوى، وعمي عمى، فإن تظيرها من الصحيح" الآخر: "فرح فرحًا"، وبطر بطرًا، "وأشر أشرًا" وفتح ما قبل آخرها واجب مطرد, لأن "فعل"، اللازم قياس مصدره "فعل" بفتحتين.   1 ألف العلماء ما يزيد على أربعين كتابًا في المقصور والممدود، وقد أحصاها محققًا المقصور والممدود والفراء في مقدمتهما ص13-19. 2 في "ب": "يحوي". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 500 "قال ابن عصفور وغيره" تبعًا لسيبويه1 والفراء2: "وشذ الغراء" بالغين المعجمة المفتوحة والمد؛ "مصدر غري"؛ بكسر الراء، فهو غر. وفي الصحاح3 في فصل الغين المعجمة والراء: غري بالشيء, بالكسر، أي: أولع به، والاسم الغراء، بالفتح والمد. "وأنشدوا" لكثير: [من الطويل] 891- إذا قلت مهلا غارت العين بالبكا ... غراء ومدتها مدامع نهل هذا قول ابن عصفور وموافقيه. "وفيما قالوه نظر، لأن أبا عبيدة حكى" عن خالد بن كلثوم4: "غاريت بين الشيئين غراء أي: واليت" بينهما. "ثم أنشده"، أي بيت كثير المتقدم. "وعلى" قول أبي عبيدة "هذا فالمد قياسي؛ كما سيأتي؛ لأن غاريت غراء" بالكسر، له نظير من الصحيح يجب قبل آخره ألف "كـ: قاتلت قتالا". ثم قال أبو عبيدة5: "وغاريت: فاعلت من غريت" بالشيء أغرى "به. وأنشد" أبو عبيدة والجوهري6: "أسلو بدل: مهلا. وفاضت بدل: غارت: وحفل: بدل نهل"، بضم النون وتشديد الهاء، أي: كثيرة متتابعة، دل عليه رواية "حفل"، بضم الحاء المهملة وتشديد الفاء. أي: ممتلئة. ولا يبعد عندي أن يقال: الغراء؛ بالفتح والمد؛ اسم مصدر كـ: الكلام والسلام، وقياس المصدر: غرى، بالقصر، وما حكاه أبو عبيدة من باب "فاعل" لا من باب "فعل" وكل استشهد بحسب ما رواه. وقد جزم الجوهري6 بأن "الغراء" بالفتح والمد: اسم مصدر غري، "والغراء" بالكسر والمد. مصدر غاريت.   1 الكتاب 3/ 538. 2 المقصور والممدود للفراء ص40. 3 الصحاح "غري". 891- البيت لكثير عزة في ديوانه ص255، وأمالي القالي 1/ 60، وسمط اللآلي ص223، ولسان العرب 11/ 157 "حفل"، 15/ 121 "غرا"، وشرح المفصل 6/ 39، وتاج العروس "حفل" وفيه "حفل" مكان "نهل"، وغر" والمقاصد النحوية 4/ 509، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 292، وشرح الأشموني 3/ 655. 4 في "أ", "ب"، "ط": "خالد بن مكتوم" والتصويب من لسان العرب 15/ 121 "غرا"، وأمالي القالي 1/ 60، حيث ورد قوله وقول أبي عبيدة. 5 انظر أمالي القالي 1/ 60، ولسان العرب 15/ 121 "غرا"، والصحاح "غرا". 6 الصحاح "غرا". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 501 واختلفوا في بيت كثير، فابن عصفور يرى أنه بالفتح والمد. وأبو عبيدة يرى أنه بالكسر والمد. وتابعه على ذلك الجوهري، فلم يتواردا على محل واحد. "ومنها "فعل" بكسر أوله وفتح ثانيه جمعًا لـ"فِعْلة"؛ بكسر أوله وسكون ثانيه، نحو: فرية وفرى"؛ بالفاء والراء: الكذب. "ومرية ومرى" بالراء: الجدال. "فإن نظيره" من الصحيح: "قربة وقرب" بكسر القاف فيهما. "ومنها: "فعل" بضم أوله وفتح ثانيه جمعًا لـ"فُعْلة" بضم أوله وسكون ثانيه نحو: دمية ودمى" بالدال المهملة، الصور المنقوشة في الحائط، وتطلق1 على الصور الجميلة على سبيل التشبيه، "ومدية ومدى" بالدال المهملة: السكين، "وزبية وزبى" بالزاي المضمومة وسكون الموحدة: الحفيرة تحفر للأسد. "وكسوة وكسى" بالكاف والسين المهملة، "فإن نظيرها" من الصحيح: "حجة وحجج، وقربة وقرب" بضم الحاء والقاف فيهما. وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 773- كفعل وفعل في جمع ما ... كفعلة وفعلة نحو الدمى "ومنها: اسم مفعول، ما زاد على ثلاثة نحو: معطى" من الرباعي، ومقتفى من الخماسي، "ومستدعى" من السداسي، "فإن نظيره" من الصحيح:" "مكرم" ومحترم "ومستخرج" بفتح ما قبل الآخر فيهن. القسم "الثاني" من أقسام المعتل بالألف: "أن يكون له نظير من الصحيح يجب قبل آخره ألف، وهو النوع ممدود بقياس". وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 774- وما استحق قبل آخر ألف ... فالمد في نظيره حتما عرف "وله أمثلة منها: أن يكون الاسم مصدرًا لـ: أفعل"، بسكون الفاء وفتح العين، "أو لـ: فعل"، بكسر الفاء وسكون العين، "أوله همزة وصل". فالأول "كـ: أعطى إعطاءً و" الثاني نحو: "ارتأى ارتآء". قال الجوهري2: ارتأى افتعل، من الرأي والتدبير. انتهى. والأصل: ارتأى ارتآيا، قلبت الياء في الفعل ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها، وفي المصدر قلبت همزة لتطرفها إثر ألف زائدة، "واستقصى" الأمر "استقصاء" تتبعه. وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 775- كمصدر الفعل الذي قد بدئا ... بهمز وصل كارعوى وكارتأى   1 في "ب": "ويطلق". 2 الصحاح "رأى". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 502 "فإن نظير ذلك" أي: نظير ما كان مصدرًا لـ"أفعل" من الصحيح: أكرم إكرامًا، ونظير ما كان مصدرًا لفعل أوله همزة وصل من الصحيح: "اكتسب اكتسابًا"، فإنه من: افتعل، "واستخرج استخراجًا"، فإنه من: استفعل. "ومنها: أن يكون مفردًا لـ: أفعلة"، سواء كانت الهمزة فيه مبدلة عن واو أو ياء، فالأول "نحو: كساء وأكسية، و" الثاني نحو: "رداء وأردية"، والأصل: كساو ورداي، "فإن نظيره" من الصحيح: "حمار وأحمرة، وسلاح وأسلحة. ومن ثم"، أي من أجل أن: أفعله حقها أن تكون جمعًا للممدود ولا تكون جمعًا للمقصور. "قال الأخفش: أرحية" جمع رحي. من اليائي، "وأقفية" جمع قفى. من الواوي، "من كلام المولدين، لأن رحى وقفى مقصوران". والرحى: الطاحونة مؤنثة. والقفا: مؤخر العنق، يذكر ويؤنث. "وأما قوله"، وهو مرة بن محكان التميمي: [من البسيط] 892- في ليلة من جمادى ذات أندية ... لا يبصر الكلب من ظلمائها الطنبا "والمفرد: ندى، بالقصر، فضرورة. وقيل": ليس بضرورة ولكنه "جمع" بالبناء للمفعول "ندى" بالقصر "على نداء" بالمد "كـ: جمل وجمال" بالجيم، "ثم جمع نداء" الممدود "على أندية"، فأندية على هذا جمع الجمع. "و" هذا القول "يبعده أنه لم يسمع. نداء جمعًا" ولو سمع لنقل، واللازم منتف فالملزوم كذلك. "ومنها: أن يكون مصدرًا لـ"فعل" بالتخفيف" والفتح، حال كونه "دالا على صوت كـ: الرغاء والثغاء"، بضم المهملة والمثلثة وفتح ثانيهما وإعجامه، والرغاء: صوت ذوات الخف، والثغاء، صوت الشاة من الضأن والمعز "فإن نظيره" من الصحيح "الصراخ. أو" دالا "على داء نحو: المشاء"، يقال: مشى بطنه مشاء، "فإن نظيره" من الصحيح: "الدوار" بضم الدال وفي آخره مهملة، زاد في القاموس: فتح الدال، قال1 فهو شبه2 الدوران يأخذ في الرأس، والزكام بضم الزاي.   892- البيت لمرة بن محكان في الأغاني 3/ 318، والخصائص 3/ 52، 237، وسر صناعة الإعراب ص620، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص1563، ولسان العرب 15/ 313 "ندى" والمقاصد النحوية 4/ 510، والمقتضب 3/ 81، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 294، وشرح الأشموني 3/ 656، وشرح شافية بن الحاجب ص329، وشرح المفصل 10/ 17، ولسان العرب 11/ 268 "رجل". 1 القاموس المحيط "دور". 2 في "ط": شبيه". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 503 القسم "الثالث: أن يكون لا نظير له" من الصحيح، "فهذا إنما يدرك قصره ومده بالسماع، فمن المقصور سماعًا، الفتى واحد الفتيان، والسنا: الضوء، والثرى" بالمثلثة: "التراب، والحجا" بكسر الحاء المهملة وبالجيم: "العقل"، وهو صفة يميز بها بين الحسن والقبيح. "ومن الممدود سماعًا: الفتاء، لحداثة السن، والسناء للشرف" بالشين المعجمة، "والثراء بالمثلثة "لثكرة المال، والحذاء" بكسر الحاء المهملة وبالذال المعجمة، "للنعل" بالنون والعين المهملة، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 776- والعادم النظير ذا قصر وذا ... مد بنقل كالحجا وكالحذا "مسألة: أجمعوا على جواز قصر الممدود للضرورة"1، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 777- وقصر ذي المد اضطرارًا مجمع ... عليه .......................... "كقوله": [من الرجز] 893- "لا بد من صنعا وإن طال السفر" وإن تحنى كل عود ودبر فقصر: صنعا للضرورة، وجواب الشرط محذوف، أي: لا بد منه، وتحنى: من حنى ظهره إذا احدودب، والعود، بفتح العين المهملة وسكون الواو: المسن من الإبل. ودبر، بفتح الدال وكسر الموحدة، من دبر البعير، بالكسر، يدبر دبرة ودبورًا إذا عقر ظهره. "وقوله": [من الطويل] 894- فهم مثل الناس الذي يعرفونه ... وأهل الوفا من حادي وقديم فقصر: الوفا للضرورة، وهو ممدود. وأراد2: أن هؤلاء القوم مدحتهم مثل للناس، يعرفونه   1 في شرح ابن الناظم ص542: "ولا خلاف في جواز قصر الممدود للضرورة"، وانظر شرح ابن عقيل 2/ 440، والإنصاف 2/ 645، المسألة رقم 109. 893- الرجز بلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 296، والدرر 2/ 506، وشرح الأشموني 3/ 657، والمقاصد النحوية 4/ 11، وهمع الهوامع 2/ 156، والمخصص 15/ 11، 16/ 42 وتاج العروس 21/ 369 "صنع"، ولسان العرب 8/ 212 "صنع"، وكتاب العين 2/ 219. 894- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 296، والدرر 2/ 506، وشرح الأشموني 3/ 657، والمقاصد النحوية 4/ 512، وهمع الهوامع 2/ 156. 2 في "ط": "والدرر 2/ 506: "يعرفونهم". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 504 ويضربون بهم1 مثلا في كل نوع من أنواع الخير، وأنهم مع هذا أهل الوفاء بالعهود من حادث متجدد2، وقديم ماض. ومنع الفراء قصر الممدود للضرورة فيما له قياس يوجب مده، نحو: فعلاء "أفعل"3، لأن "فعلاء" تأنيث أفعل لا يكون إلا ممدودا، فلا يجوز عنده أن يقصر للضرورة، ورد بقول الأقيشر: [من المنسرح] 895- فقلت لو باكرت مشمولة ... صفرا كلون الفرس الأشقر فقصر: صفراء، للضرورة، وهي: فعلاء أنثى: أفعل فلهذا لم يعتد بخلافه، وحكي الإجماع على الجواز تبعا للناظم. "واختلفوا في جواز مد المقصور للضرورة، فأجازه الكوفيون متمسكين بنحو قوله: [من الوافر] 896- سيغنيني الذي أغناك عني ... فلا فقر يدوم ولا غناء فمد: غنى للضرورة مع أنه مقصور، وورد في الاختيار كقراء طلحة بن مصرف: {يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ} [النور: 43] بالمد4، ووافقهم ابن ولاد5، وابن خروف "ومنعه البصريون" وقالوا: القراءة شاذة، "وقدروا الغناء في" هذا "البيت مصدرا لـ: غانيت" لأنه يقال: غانيت غناء كـ: قاتلت قتالا، لا مصدر لـ: غنيت" غنى كـ: رضيت رضى، "وهو تعسف" وإلى الخلاف في ذلك أشار الناظم بقوله: 777- .................................. ... ........ والعكس بخلف يقع   1 في "أ": "يضربونهم". 2 في "أ": "ممتد". 3 سقط من "ط"، والدرر 2/ 506. 895- البيت للأقيشر الأسدي في ديوانه ص43، والدرر 2/ 507، والمقاصد النحوية 4/ 516، وبلا نسبة في تذكرة النحاة ص448، والحماسة البصرية 2/ 368، وشرح الأشموني 3/ 658، ومجالس ثعلب 1/ 110، وهمع الهوامع 2/ 156. 869- البيت بلا نسبة في الإنصاف ص747، وأوضح المسالك 4/ 297، وتذكر النحاة ص509، والدرر 2/ 508، وشرح الأشموني 3/ 658، وشرح ديوان زهير ص73، ولسان العرب 15/ 136 "غنا", والمقاصد النحوية 4/ 513، والمنقوص والممدود ص28. 4 انظر هذه القراءة في المحتسب 2/ 114، والبحر المحيط 6/ 465، والدرر 2/ 508. 5 المقصور والممدود لابن ولاد ص53-54. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 505 باب كيفية التثنية : وهي1 جعل الاسم2 القابل لها دليل اثنين بزيادة في آخره. "والاسم" القابل للتثنية "على خمس أنواع: أحدها: الصحيح"، وهو ما ليس آخره حرف علة "كـ: رجل وامرأة". و"الثاني: المنزل منزلة الصحيح"، وهو ما كان آخره ياء أو واوًا قبلها سكون "كـ ظبي ودلو". و"الثالث: المعتل المنقوص" وهو ما كان آخره ياء ساكنة قبلها كسرة لازمة من المعرب "كـ: القاضي" والقاضية. "وهذه الأنواع الثلاثة يجب أن لا تغير" عن حالها "في التثنية، تقول: رجلان وامرأتان، وظبيان، ودلوان، والقاضيان"، والقاضيتان، "وشذ في" تثنية: "ألية": بفتح الهمزة، "وخصية" بضم الخاء المعجمة: "أليان وخصيان"؛ بحذف التاء. والقياس: أليتان وخصيتان. قال عنترة: [من الوافر] 897- متى ما تلقني فردين ترجف ... روانف أليتيك وتستطارا   1 "أ": "هو". 2 في "ب": "جمع للاسم". 897- البيت لعنترة في ديوانه ص234، وخزانة الأدب 4/ 297، 7/ 507، 553، 8/ 22، والدرر 2/ 196، وشرح شواهد الشافية ص505، وشرح عمدة الحافظ ص460، وشرح المفصل 2/ 55، ولسان العرب 4/ 513، "طير" 14/ 43 "ألا" 14/ 231 "خصا", والمقاصد النحوية 3/ 174، وبلا نسبة في أسرار العربية ص191، وأمالي ابن الحاجب 1/ 451، وشرح ابن الناظم ص242، وشرح الأشموني 3/ 579، وشرح التسهيل 1/ 90، وشرح شافية ابن الحاجب 3/ 301، وشرح المفصل 4/ 116، 6/ 87، ولسان العرب 9/ 127 "رنف", وهمع الهوامع 2/ 63. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 506 والروانف، بالراء، والنون والفاء: أطراف الألية، وقيل: أليان وخصيان، ليسا تثنية: ألية وخصية المؤنثين، وإنما "هما تثنية: ألي وخصي" المذكرين. النوع "الرابع: المعتل المقصور"، هو ما آخره ألف لازمة من المعرب، "وهو نوعان: [أحدهما] 1 ما يجب قلب ألفه ياء" في التثنية، "وذلك في ثلاث مسائل: إحداها: أن تتجاوز [ألفه] 1 ثلاثة أحرف"، وأن2 تكون ألفه رابعة "كـ: حبلى وحبليان، وملهى وملهيان"، بفتح الميم وسكون اللام، وهو ما يلهى به. أو خامسة كـ: معطى ومعطيان، أو سادسة كـ: مستدعى ومستدعيان. "وشذ قولهم في تثنية: قهقرى". وهو الرجوع إلى خلف. "وخوزلى" بفتح الخاء المعجمة وسكون الواو وفتح الزاي. وهو مشية فيها تثاقل، وقيل: مشية بتبختر: "قهقران وخوزلان، بالحذف" للألف دون قلبها ياء. المسألة "الثانية: أن تكون" الألف "ثالثة مبدلة من ياء كـ: فتى. قال الله تعالى: {وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ} " [يوسف: 36] بقلب الألف ياء. "وشذ في" تثنية: "حمى" بكسر الحاء المهملة: "حموان بالواو". وحكاه الفراء3 مع أن ألفه مبدلة من ياء، تقول: حميت المكان حماية. والقياس: حميان. المسألة "الثالثة: أن تكون" الألف "غير مبدلة" من شيء، وهي المجهولة الأصل. "وقد أميلت كـ: متى، لو سميت بها قلت في تثنيتها: متيان". أما قلب الألف، فلأن علامة التثنية لا بد من فتح ما قبلها، وما آخره ألف لا يمكن تحريكه لأن الألف لا تقبل الحركة، ولا يمكن حذف الألف لالتباس المثنى بالمفرد عند الإضافة. وأما وجه قلبها ياء في المسألة الأولى فبالحمل على الفعل لأن التصريف في الاسم محمول عليه في الفعل. وأنت لو بنيت فعلا مما زاد على الثلاثة لقلبت الألف إلى الياء، سواء أكان أصلها الواو أم لا. وأما في المسألة الثانية فهي من الرجوع إلى الأصل. وأما في المسألة الثالثة فلأن الإمالة إنما تحصل بنحو الألف إلى الياء فردت إليها في التثنية.   1 زيادة من "ط". 2 في "ط": "بأن". 3 المقصور والممدود ص70. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 507 وإلى هذه المسائل الثلاث أشار الناظم بقوله: 778- آخر مقصور تثني اجعله يا ... إن كان عن ثلاثة مرتقيا 779- كذا الذي اليا أصله نحو الفتى ... والجامد الذي أميل كمتى "و" النوع "الثاني" من نوعي المقصور "ما يجب قلب ألفه واوًا، وذلك في مسألتين: إحداهما: أن تكون مبدلة من الواو"، ولم تتجاوز ثلاثة أحرف "كـ: عصا" وعصوان. "وقفا" وقفوان، "ومنا" بالتخفيف؛ ومنوان. "وهو لغة من المن" بالتشديد "الذي يوزن به. قال" الشاعر: [من الوافر] 898- وقد أعددت للعذال عندي ... عصا في رأسها منوا حديد "وشذ قولهم في" تثنية: "رضا: رضيان؛ بالياء مع أنه من الرضوان". وقاس عليه الكسائي. وأجيب بأنه نادر لا يقاس عليه. المسألة "الثانية" من المسألتين: "أن تكون" الألف "غير مبدلة" من شيء "ولم تمل، نحو: لدى وإذا، تقول إذا سميت بهما ثم ثنيتهما: لدوان وإذوان". وإنما قلبت الألف في هاتين المسألتين واوًا، لأن التثنية ترد الأشياء إلى أصولها، وعدم الإمالة دليل على عدم ملاحظة الياء. وإلى هاتين المسألتين أشار الناظم بقوله: 780- في غير ذا تقلب واوًا الألف ... وأولها ما كان قبل قد ألف والنوع "الخامس: الممدود" وهو ما كان آخره همزة قبلها ألف زائدة. "وهو أربعة أنواع: أحدها: ما يجب سلامة همزته، وهو ما همزته أصلية كـ: قراء" بضم القاف وتشديد الراء المهملة، "و: وضاء" بضم الواو وتشديد الضاد المعجمة. "تقول" في تثنيتهما: "قُرَّاءان, و: وضاءان" بتصحيح الهمزة وسلامتها من القلب واوًا، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 782- ............. وغير ما ذكر ... صحح ...................... "والقراء: الناسك, والوضاء: الوضيء الوجه" مأخوذان من: قرء ووضوء. وإنما لم تقلب الهمزة فيهما لقوتها بالأصالة وعدم انقلابها عن غيرها.   898- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 299، وشرح الأشموني 3/ 660. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 508 النوع "الثاني: ما يجب تغيير همزته واوًا، وهو ما همزته بدل من ألف التأنيث كـ: حمراء" عند الجمهور، "وحمراوان"، وإنما قلبت هنا لأن بقاءها على صورتها يؤدي إلى وقوع همزة بين ألفين وذلك كتوالي ثلاث ألفات، واختير قلبها واوًا لبعد شبهها بالألف، لأن الياء تشبه الألف في وقوع كل منهما للتأنيث. قاله المبرد1. وهو منقوض بمطايا. والأجود أن يقال: إنما قلبت واوًا حملا على النسب، لأن التثنية وجمعي التصحيح. والنسب تجري مجرى واحدًا، قاله الشاطبي. وإلى هذا أشار الناظم بقوله: 781- وما كصحراء بواو ثنيا ... ........................... "وزعم السيرافي أنه إذا كان قبل ألفه واو وجب تصحيح الهمزة لئلا يجتمع واوان ليس بينهما إلا ألف، فتقول في: عشواء" بفتح العين المهملة وسكون الشين المعجمة؛ وهي التي لا تبصر ليلا وتبصر نهارًا. "عشواءان؛ بالهمزة؛ وجوز الكوفيون في ذلك الوجهين": التصحيح والقلب واوًا. وشذ عند الفريقين: حمرايات، بقلب الهمزة ياء. "و" شذ: "قرفصان" في تثنية: قرفصاء، بضم القاف وسكون الراء وضم الفاء بعدها صاد مهملة: ضرب من القعود. "وخنفسان"، تثنية خنفساء، بضم الخاء المعجمة وسكون النون. قال الجوهري2: "وفتح الفاء" ومقتضى الضياء ضمها، ومقتضى القاموس جوازهما، وسينها مهملة: "دويبة سوداء"، "وعاشوران تثنية": عاشوراء: العاشر أو التاسع من المحرم. قاله في القاموس3. "بحذف الألف والهمزة معًا". وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 782- ............................... ... ... وما شذ على نقل قصر النوع "الثالث: ما يترجح فيه التصحيح"، وهو إقرار الهمزة على حالها "على الإعلال"، وهو قلب الهمزة واوا. "وهو ما همزته بدل من أصل نحو: كساء وحياء" بالحاء المهملة والياء المثناة التحتانية، "أصلهما: كساو وحياي"، قلبت الواو والياء فيهما همزة لتطرفهما إثر ألف زائدة. وإنما رجح التصحيح لأن فيه إقرارًا للحرف على صورته الأصلية، بخلاف الإعلال "وشذ على الوجهين، كسايان", بإبدال الواو ياء.   1 المقتضب 3/ 338. 2 الصحاح "خفس". 3 القاموس المحيط "خنفس". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 509 النوع "الرابع: ما يترجح فيه الإعلال"، وهو قلب الهمزة واوًا "على التصحيح"، وهو عدم القلب، "وهو ما همزته بدل من حرف الإلحاق كـ: علباء"، بكسر العين المهملة وسكون اللام وبالباء الموحدة: عصبة صفراء في العنق. قال أبو النجم: [من الرجز] 899- يمور في الحلق على علبائه "وقوباء": بضم القاف وسكون الواو وبالباء الموحدة: داء معروف يتقشر ويتسع1، يعالج بالريق. "أصلهما: علباي وقوباي، بياء زائدة فيهما، لتلحقهما بـ: "قرطاس" بكسر القاف وسكون الراء: وهو ما يكتب فيه أو يرمى إليه. "وقرناس"، بضم القاف وسكون الراء بعدها نون فسين مهملة: شبه الأنف يتقدم من الجبل. "ثم أبدلت الياء" فيهما "همزة" لتطرفها إثر ألف زائدة. فعلباء ملحق بقرطاس، وقوباء ملحق بقرناس. وإنما ترجح الإعلال على التصحيح فيهما تشبيهًا لهمزتها بهمزة: حمراء من جهة أن كلا منهما بدل من حرف زائد غير أصلي. "وزعم الأخفش وتبعه" أبو موسى "الجزولي: أن الأرجح في هذا الباب أيضًا التصحيح" على الإعلال، "و" أن "سيبويه إنما قال2: إن القلب في: علباء أكثر منه في: كساء" مع اشتراكهما في العلة. فلذلك قال الناظم: 781- ............................ ... ونحو علباء كساء وحيا 782- بواو أو همز ........ ... ....................... من غير ترجيح.   899- الرجز لأبي النجم العجلي في ديوانه ص56، والمخصص 16/ 28، 63. 1 في "أ": "وينسلخ"، والتصويب من "ب"، "ط"، ولسان العرب 1/ 693 "قوب". 2 الكتاب 3/ 392. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 510 "هذا باب جمع الاسم جمع المذكر السالم " ويسمى الجمع الذي على هجاءين: وهما: الواو والنون رفعًا، والياء والنون نصبًا وجرًّا. ويسمى [أيضًا] 1: "الجمع الذي على حد المثنى" أي: على طريقة المثنى، "لأنه أعرب بحرفين": الواو والياء. "وسلم فيه بناء الواحد، وختم بنون زائدة تحذف للإضافة2 كما أن المثنى أعرب بحرفين: الألف والياء، وسلم فيه بناء الواحد، وختم بنون زائدة تحذف للإضافة2. "اعلم أنه يحذف لهذا الجمع" المذكر السالم "ياء المنقوص وكسرتها" التي قبلها، "فتقول" في جمع: القاضي، مما ياؤه أصلية، والداعي، مما ياؤه منقلبة عن واو: "القاضون والداعون". والأصل فيهما: القاضيون والداعيون: حذفت ضمة الياء للاستثقال ثم حذفت الياء لالتقاء الساكنين. وحذفت الكسرة التي كانت قبل الياء لئلا يلزم قلب الواو ياء لوقوعها ساكنة إثر كسرة، ثم عوض من الكسرة الضمة لمناسبة الواو. وإن شئت قلت: استثقلت الضمة على الياء فيهما فنقلت منها إلى ما قبلها بعد سلب حركة ما قبلها، ثم حذفت الياء لالتقاء الساكنين. "و" تحذف لهذا الجمع "ألف المقصور دون فتحتها: التي قبلها، "فتقول" في جمع: موسى علمًا: "الموسون"، والأصل: الموساون، حذف الألف لالتقاء الساكنين وأبقيت الفتحة لتدل على الألف المحذوفة، وإليه أشار الناظم بقوله:   1 إضافة من "ب", "ط". 2 سقط ما بينهما من "ط". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 511 783- واحذف من المقصور في جمع على ... حد المثنى ما به تكملا 784- والفتح أبق مشعرًا بما حذف ... .................................... وذهب الكوفيون إلى قلب الفتحة ضمة فيما ألفه زائدة، فأجازوا في جمع موسى: موسون وموسون، بفتح السين وضمها، فالفتح بناء على أن وزنه مفعل وألفه أصلية، من: أوسيت رأسه إذا حلقته بالموس. والضم: بناء على أن وزنه فعلى وألفه زائدة. من: ماس رأسه موسًا: حلقه1. واتفق الجميع على إبقاء الفتحة فيما ألفه منقلبة عن أصل، ياء أو واو، فتقول: الفتون والأعلون. "وفي التنزيل: {وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْن} [آل عمران: 139] ، {وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ} [ص: 47] ، وأصلهما: الأعليون والمصطفيين، تحركت ياءهما المبدلتان من واو في الأصل لأنهما من العلو والصفوة, وانفتح ما قبلهما فقلبا ألفين ثم حذفا لالتقاء الساكنين، وبقيت الفتحة قبلهما دليلا عليهما. "ويعطى الممدود" في [جمعه] 2 جمع المذكر السالم "حكمه في التثنية" من وجوب التصحيح فيما همزته أصلية، ومن وجوب القلب إلى الواو فيما همزته بدل من ألف التأنيث، ومن جواز الأمرين فيما همزته بدل من ألف الإلحاق أو بدل من أصل. "فتقول في" جمع: "وضاء" وقراء، وصفين لمذكر: "وضاؤون" وقراؤون، "بالتصحيح" بسلامة الهمزة لأصالتها. "و" تقول "في" جمع "حمراء، علمًا لمذكر" عاقل: "حمراوان، بالواو"، لأن همزته بدل من ألف التأنيث، واحترز بقوله: علمًا، لأن حمراء صفة لا تجمع جمع السلامة. "ويجوز الوجهان": التصحيح والإعلال "في نحو: علباء وكساء, علمين لمذكرين" عاقلين، فتقول: علباؤون وكساؤون، بالتصحيح، وعلباوون وكساوون، بإبدال الهمزة واوًا لأنها في: علباء للإلحاق بقرطاس، وفي: كساء بدل من أصل. وفي الأرجح من الوجهين الخلاف السابق، والتقييد بالعلمية لصحة الجمع.   1 شرح ابن الناظم ص545. 2 سقط من "أ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 512 باب كيفية جمع المؤنث السالم من التغيير : "يسلم في هذا الجمع" المؤنث السالم "ما سلم في التثنية"، لأن التثنية وجمع السلامة أخوان. "فتقول في جمع: هند" علمًا لمؤنث: "هندات" بزيادة ألف وتاء، "كما تقول في تثنيتها: هندان" بزيادة ألف ونون من غير حذف شيء منها، "إلا ما ختم بتاء التأنيث فإن تاءه تحذف في الجمع" بالألف والتاء لئلا يجمع بين علامتي تأنيث. "وتسلم في التثنية" لفقد العلة المذكورة. "تقول في جمع: مسلمة: مسلمات"، ولا تقول: مسلمتات، لما مر، "و" تقول "في تثنيتها: مسلمتان" بإثبات التاء، ولا تقول: مسلمان بحذفها، للإلباس بتثنية المذكر. "و" جمع المقصور والممدود "يتغير فيه ما يتغير في التثنية". "تقول في" جمع المؤنث بألف التأنيث المقصورة. "حبليات، بالياء" المثناة التحتانية. "و" بالممدودة، وإنما قلبوا المقصورة لأنهم لا يجمعون بين ألفين، والحذف متعذر لأن الكلمة بنيت عليها، وخصت بالقلب إلى الياء لأن الياء يؤنث بها كـ: تقومين، وإنما قلبوا الممدودة واوًا لأن بقاءها يؤدي إلى اجتماع ثلاث ألفات، فإن الهمزة من مخرج الألف، وخصت بالقلب واوًا لأن الياء قريبة من الألف، فلو قلبت ياء لأدى إلى اجتماع ثلاث ألفات. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 513 "وإذا كان ما قبل التاء" الدالة على التأنيث في المفرد "حرف علة، أجريت عليه"، أي على حرف العلة، "بعد حذف التاء، ما يستحقه" من تصحيح وإعلال "لو كان آخرًا في أصل الوضع" قبل مجيء تاء التأنيث. "فتقول في" جمع "نحو: ظبية وغزوة: ظبيات وغزوات، بسلامة" حرف العلة، "الياء والواو"، من القلب ألفًا لسكون ما بعدها. "و" تقول في جمع [نحو] 1: مصطفاة وفتاة" بالفاء والتاء المثناة فوق: "مصطفيات وفتيات، بقلب الألف ياء" فيهما رجوعًا إلى الأصل في: فتاة، ولزيادتها على الثلاث في: مصطفاة لأنها من: الصفوة. "قال الله تعالى: {وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ} [النور: 33] . "و" تقول "في" جمع "نحو: قناة" بالقاف والنون: وهي الرمح والحفيرة: "قنوات، بالواو"، ردا إلى أصلها لأنها ثالثة. "و" تقول "في" جمع "نحو: نباءة" بفتح النون والباء الموحدة بعدها ألف زائدة فهمزة بدل من واو، قال الجوهري2: النبوة والنباوة: ما ارتفع من الأرض. وضبطها الشيخ عبد القادر المكي، بفتح النون وسكون الموحدة بعدها همزة فتاء تأنيث: الصوت الخفي. انتهى. وفيه نظر3: "نباءات". بإقرار الهمزة، "ونباوات" بقلبها واوًا لما مر من أن ما همزته بدل من أصل يجوز فيه التصحيح والإعلال. وتقول في نحو: بناءة، بفتح الموحدة، وتشديد النون مؤنث بناء: بناءات وبنايات لأن الهمزة فيه بدل من ياء لأنه من: بنى يبني. "و" تقول "في" جمع "نحو: قراءة" بضم القاف وتشديد الراء، وهي الناسكة: "قراءات، بالهمزة لا غير"، لما مر من أن الهمزة الأصلية يجب سلامتها، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 784- ......................... ... وإن جمعته بتاء وألف 785- فالألف اقلب قلبها في التثنيه ... وتاء ذي التا ألزمن تنحيه   1 إضافة من "ط". 2 الصحاح "نبا". 3 في حاشية يس 2/ 298: "قوله وفيه نظر، وجهه أن ذلك على ضبط الشيخ عبد القادر لا يناسب قول المتن بعد ذلك: نباءات ونباوات، وكان يقال عليه، بنات، لا غير". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 514 فصل: "إذا كان المجموع بالألف والتاء اسمًا، ثلاثيًّا: ساكن العين، غير معتلها، ولا مدغمها، فإن كانت فاؤه مفتوحة، لزم فتح عينه" اتباعًا لفتح فائه، سواء في ذلك العاقل وغيره. وصحيح الفاء واللام أو أحدهما، مؤنث بالتاء أو المعنى "نحو: سجدة ودعد" علم امرأة، "تقول" في جمعها بالألف والتاء: "سجدات ودعدات" بفتح عينهما. "قال الله تعالى: {كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ} " [البقرة: 167] بفتح السين، جمع: حسرة، بسكونها: "وقال" عبد الله بن عمرو العرجي: [من البسيط] 900- بالله يا ظبيات القاع قلنا لنا ... ليلاي منكن أم ليلى من البشر بفتح الباء الموحدة، جمع: ظبية، بسكونها، والقاع: المستوي من الأرض. وليلى بالإضافة إلى ياء المتكلم: مبتدأ سقط منه همزة الاستفهام بدليل معادلتها بأم. ومنكن: خبر المبتدأ. وعدل من الإضمار إلى التصريح باسمها ثانيًا للاستلذاذ. "وأما قوله"، وهو أعرابي من بني، عذرة: [من الطويل] 901- وحملت زفرات الضحى فأطقتها ... وما لي بزفرات العشي يدان بتسكين الفاء من: زفرات في الموضعين "فضرورة حسنة، لأن العين قد تسكن للضرورة مع الإفراد والتذكير كقوله": [من الرجز]   900- البيت للمجنون في ديوانه ص130، وللعرجي في المقاصد النحوية 1/ 416، 4/ 518، وللكامل الثقفي أو للعرجي في شرح شواهد المغني 2/ 962، وذكر مؤلف خزانة الأدب 1/ 97، ومؤلف معاهد التنصيص، 3/ 167، أن البيت اختلف في نسبته؛ فنسب للمجنون، ولذي الرمة، وللعرجي، وللحسين بن عبد الله، ولبدوي اسمه كامل الثقفي، وهو بلا نسبة في الإنصاف 2/ 482، وأوضح المسالك 4/ 303، وتذكرة النحاة ص318، وشرح الأشموني 1/ 87. 901- البيت لعروة بن حزام في ديوانه ص61، وخزانة الأدب 3/ 380، والدرر 1/ 16، وذيل الأمالي ص160، ولأعرابي من بني عذرة في المقاصد النحوية 4/ 519، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 304، وشرح الأشموني 3/ 668، وشرح ابن عقيل 2/ 450، وهمع الهوامع 1/ 24. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 515 902- يا عمرو يابن الأكرمين نسبا بسكون السين. وإذا فعلوا ذلك في الإفراد ففي الجمع أولى. والزفرات من: زفر يزفر: إذا خرج نفسه بأنين، وإنما أضاف الزفرات إلى وقتي الضحى والعشي، لأن من عادة المتيم أن يقوى به الهيام في هذين الوقتين. "وإن كان" الاسم المستوفي للشروط الخمسة، "مضموم الفاء نحو: خطوة وجمل" بالجيم، علم امرأة، "أو مكسورها نحو: كسرة وهند، جاز لك في عينه الفتح والإسكان مطلقًا" عن القيد الآتي، "والإتباع" لحركة الفاء "إن لم تكن الفاء، مضمومة واللام ياء كـ: دمية" بالدال المهملة والياء المثناة تحت، وهي الصورة من العاج. "وزبية" بالزاي والباء الموحدة والياء المثناة تحت، وهي حفرة للأسد. فيقال في جمعهما: دميات وزبيات، بفتح عينهما وإسكانهما، وإذا فتحت لم تقلب الياء ألفًا لئلا يلتقي ساكنان، وامتناع الإتباع فيهما لثقل الياء بعد الضمة. "ولا مكسورة واللام واوًا كـ: ذروة" بكسر الذال المعجمة وقد تضم، وبسكون الراء: أعلى السنام. "ورشوة" بكسر الراء، على إحدى اللغات الثلاث، وسكون الشين المعجمة1: وهي الجعل. فلا يقال في جمعهما: ذروات ورشوات، بكسر عينهما اتباعًا لفائهما لثقل الواو بعد الكسرة. "وشذ: جروات، بالكسر" في الراء إتباعًا للجيم جمع: جروة، بكسر الجيم، على إحدى اللغات الثلاث، وسكون الراء: الأنثى من ولد الكلب والسبع والصغيرة من القثاء. وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 786- والسالم العين ........ ... .......................... الأبيات الأربعة2.   902- الرجز بلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 305، والمقاصد النحوية 4/ 530، وتاج العروس 4/ 261 "نسب"، ولسان العرب 1/ 750 "نحب" 755 "نسب". 1 بعده في "ب": "وقد تضم". 2 تمام الأبيات: ... الثلاثي اسما أنل ... إتباع عين فاء بما شكل إن ساكن العين مؤنثا بدا ... مختتما بالتاء أو مجردا وسكن التالي غير الفتح أو ... خففه بالفتح فكلا قد رووا ومنعوا إتباع نحو ذروه ... وزبية وشذ كسر جروه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 516 "ويمتنع التغيير" في العين "في خمسة أنواع" لم تستوف الشروط الخمسة: "أحدها": فاقد الثلاثة "نحو: زينبات وسعادات، لأنهما رباعيان لا ثلاثيان". النوع "الثاني": فاقد الاسمية المقابلة للوصفية "نحو: ضخمات" بالضاد والخاء المعجمتين جمع: ضخمة، وهي الغليظة، "وعبلات" بفتح العين المهملة وسكون الموحدة: وهي التامة الخلق. "لأنهما وصفان لاسمان. وشذ: كهلات، بالفتح" في الهاء جمع كهلة: وهي التي جاوزت الثلاثين سنة. وكان حقه الإسكان لأنه صفة، "ولا ينقاس" فتحه، "خلافًا لقطرب". النوع "الثالث": فاقد سكون العين "نحو: شجرات" بفتح الجيم "وسمرات" بضم الميم، "ونمرات" بكسر الميم، "لأنهن محركات الوسط" ومفردهن: شجرة وسمرة ونمرة، بالنون، أنثى النمر. "نعم يجوز الإسكان" تخفيفًا في "نحو: سمرات" مما كانت عينه مضمومة، "ونمرات" مما كانت عينه مكسورة، "كما كان" الإسكان "جائزًا" تخفيفًا "في المفرد" نحو: سمرة ونمرة، بإسكان الميم، فاستصحب مع الجمع، "لا أن ذلك" الإسكان "حكم تجدد" له "حالة الجمع" حتى يقال: إن التغيير حاصل بسبب الجمع. النوع "الرابع": فاقد صحة العين "نحو: جوازت" من الواوي. "وبيضات" من اليائي. مما قبل حرف العلة1 فيه فتحة، فلا يغير "لاعتلال العين. قال الله تعالى: {فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ} " [الشورى: 22] بسكون الواو. "وهذيل تحرك ذلك" بالفتح، ولم تستثقل فتحة عين المعتل لعروضها عندهم. "وعليه قراءة بعضهم: "ثَلاثُ عَوَرَاتٍ" [النور: 85] بفتح الواو2. "وقول الشاعر" الهذلي في وصف جمله: [من الطويل] 903- أخو بيضات رائح متأوب ... رفيق بمسح المنكبين سبوح   1 في "ط": "العين" مكان "العلة". 2 هي قراءة الأعمش كما في مختصر ابن خالويه ص103. 903- البيت لأحد الهذليين في الدرر 1/ 15، وشرح المفصل 5/ 30، وبلا نسبة في أسرار العربية 355، وأوضح المسالك 4/ 306، وخزانة الأدب 8/ 102، 104، والخصائص 3/ 184، وسر صناعة الإعراب ص78 وشرح ابن الناظم ص546، وشرح الأشموني 3/ 668، وشرح شواهد الشافية ص132، وشرح الكافية الشافية 4/ 1804، ولسان العرب 7/ 125، "بيض"، والمحتسب 1/ 85، والمنصف 1/ 343، وهمع الهوامع 1/ 23. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 517 بفتح الياء من بيضات، يقول: جملي في سرعة سيره كالظليم الذي له بيضات يسير ليلا ونهارًا ليصل إليها. والرائح من الرواح وهو الذهاب. والمتأوب: من تأوب إذا جاء أول الليل. والرفيق بمسح المنكبين: هو العالم بتحريكهما في السير. والسبوح: حسن الجري. وبقي من المعتل ضرب آخر، وهو ما كان حرف العلة فيه ساكنًا وقبله حركة تجانسه1، نحو: تارة ودولة وديمة، فهذا يبقى على حاله، وهذيل تفتحه في جميع الباب. قاله في المصباح. "واتفق جميع العرب على الفتح في: عيرات جمع: عير"، بكسر العين المهملة وسكون الياء المثناة تحت وبالراء، "وهي الإبل التي تحمل الميرة"، بكسر الميم وسكون الياء المثناة تحت: الطعام. "وهو شاذ في القياس لأنه" مؤنث بدليل: {وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ} [يوسف: 94] فهو "كـ: بيعة وبيعات، فحقه الإسكان". واختلف الناس في: عيرات اختلافًا كثيرًا وحاصله: هل هي بكسرة ففتحة، أو بفتحتين على قولين: والأول قول الجمهور. ثم اختلفوا في المفرد فقال أكثرهم: عير، بكسرة أصلية، اسم جمع للإبل تحمل الميرة لأنها تعير أي: تذهب وتجيء. وقيل: عير، بكسرة منقلبة، عن ضمة جمع تكسير لـ: عير، بالفتح، وهو الحمار كـ: سقف وسقف، ثم فعل به ما فعل بـ"بيض" من قلب الضمة كسرة. قالوا: واصل القافلة قافلة الحمير، ثم توسعوا فأطلقوها على كل قافلة. والقول الثاني: اختلف القائلون به أيضًا على قولين: أحدهما للمبرد وهو أنه جمع غير وهو الحمار. والثاني لتلميذه أبي إسحاق وهو أنه جمع غير وهو الذي في الكتف2 أو القدم3، فقيل له: أذلك مؤنث؟ قال: نعم. فإن يونس قال: كل شيئين منفصلين في الإنسان مؤنثان4 كاليدين والرجلين. النوع "الخامس": فاقد عدم الإدغام "نحو: حجات" جمع: حجة، بفتح الحاء: المرة من الحج، "وحجات" جمع: حجة، بكسر الحاء, للهيئة من الحج، "وحجات" جمع: حجة، بضم الحاء, للدليل، فلا تغير العين عن سكونها "لإدغام عينه، فلو حرك انفك إدغامه، فكان يثقل فتفوت فائدة الإدغام".   1 في "ب": "تجانسه". 2 في "أ": "الكف". 3 في الكامل ص1025: "يقال للناتئ في وصف الكتف: حيد وعير، وكذلك الناتئ في القدم". 4 في "ط": "يؤنثان". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 518 باب جمع التكسير : ويفارقه جمع السلامة في أربعة أشياء: أحدها: أن جمع السلامة مختص بالعقلاء والتكسير لا يختص. والثاني: أنه يسلم فيه بناء المفرد ولا يسلم في التكسير. والثالث: أنه يعرب بالحروف وجمع التكسير بالحركات. والرابع: أن الفعل المسند إلى جمع السلامة لا يؤنث مع التكسير. قاله أبو البقاء. "و" جمع التكسير لفظًا: "هو ما تغير فيه بناء الواحد، إما بزيادة" ليست عوضًا من شيء من غير تبديل شكل "كـ: صنو" للمفرد "وصنوان": "لجمعه. قال في الصحاح1: إذا خرج نحلتان أو ثلاث من أصل واحد، فكل واحدة، منهن صنو، الجمع صنوان، برفع النون، بخلاف: زيدون، فإن الواو عوض عن الضمة، والنون عوض عن التنوين. "أو بنقص" من غير تبديل شكل "كـ: تخمة"، بضم التاء وفتح الخاء المعجمة للمفرد، "وتخم" لجمعه، "أو بتبديل شكل" من غير زيادة ولا نقص، "كـ: أسد". بفتح الهمزة والسين للمفرد، "وأسد"، بضم الهمزة وسكون السين: لجمعه، "أو بزيادة وتبديل شكل، كـ: رجال" ورجل. "أو بنقص وتبديل شكل، كـ: رسل" ورسول، "أو بهن"؛ أي: بالنقص والزيادة وتبديل الشكل "كـ: غلمان" وغلام. فإن: غلمانًا زيد في آخره ألف ونون ونقص منه الألف الواقعة قبل الميم وبعد اللام في: غلام. وتبديل شكله بكسر فائه وإسكان عينه.   1 الصحاح "صنا". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 519 هذا تقسيم ابن مالك1. واعترض بأنه لا تحرير فيها لأن صنوان من باب زيادة وتبديل شكل. وتخم من باب نقص وتبديل شكل، لأن الحركات التي في الجمع غير الحركات التي في المفرد. قاله المرادي2. ويجاب عنه بأنه نظر إلى ظاهر اللفظ، وأنه لا يرى تقدير التغيير كما يؤخذ من كلامه الآتي. والمشهور تقسيم التغيير إلى قسمين3: لفظي وتقديري. فاللفظي ما تقدم. والتقديري نحو: فلك ودلاص، وهجان. ومذهب سيبويه أن فلكًا وأخواته جموع4 تكسير5، فيقدر في: فلك زوال ضمة الواحد وتبديلها بضمة مشعرة بالجمع. ففلك إذا كان واحدًا كـ: قفل، وإذا كان جمعًا كـ: بدن. وكذا القول في أخواته. الباعث له على ذلك أنهم قالوا في تثنيته: فلكان، فعلم أنهم لم يقصدوا به ما قصد بجنب ونحوه مما يشترك فيه الواحد وغيره حين قالوا: هذا جنب، وهذان جنب، وهؤلاء جنب. والفارق عنده بين ما يقدر تغييره وما لا يقدر تغييره، وجدان التثنية وعدمها. وقال ابن مالك في باب أمثلة الجمع من التسهيل6. والأصح كونه؛ يعني باب فلك؛ اسم جمع مستغنيًا عن تقدير التغيير. "و" التغيير اللفظي "له سبعة وعشرون بناء منها: أربعة موضوعة للعدد القليل، وهو من الثلاثة إلى العشرة"، بدخول العشرة على القول بدخول الغاية في المغيا ولو قال: وهو الثلاثة والعشرة وما بينهما لكان أولى. "وهي: أفعل" بضم العين "كـ: أكلب" جمع: كلب. "وأفعال كـ: أجمال" بالجيم، جمع: حمل. "وأفعلة" بكسر العين "كـ: أحمرة" جمع: حمار. "وفعلة" بكسر الفاء وسكون العين "كـ: صبية" جمع: صبي. وخصت هذه الأوزان الأربعة بالقلة لأنها تصغر على لفظها نحو: أكيلب وأجيمال وأحيمرة وصبية بخلاف غيرها من الجموع فإنها ترد إلى واحدها في التصغير. وتصغير الجمع يدل على التقليل. وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 791- أفعلة أفعل ثم فعله ... ثمت أفعال جموع قله   1 شرح التسهيل 1/ 70. 2 شرح المرادي 5/ 33. 3 شرح الكافية الشافية 4/ 1808. 4 في "ب": "جمع". 5 الكتاب 3/ 577. 6 التسهيل ص267. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 520 وليس من جموع القلة: فعل بضم الفاء وفتح العين كـ: غرف، ولا: فعل؛ بكسر الفاء وفتح العين، كـ: نعم. ولا: فعلة؛ بكسر الفاء وفتح العين؛ كـ: قردة. خلافًا للفراء1. "وثلاثة وعشرون" موضوعة "للعدد الكثير، وهو ما تجاوز العشرة، وسيأتي" قريبًا. "وقد يستغنى ببضع أبنية القلة عن بناء الكثرة" وضعًا أو استعمالا اتكالا على القرينة. قاله في التسهيل2. قال الشاطبي: وحقيقة الوضع أن تكون العرب لم تضع أحد البناءين استغناء عنه بالآخر. والاستعمال أن تكون وضعتهما معًا ولكنك استغنيت في بعض المواضع عن أحدهما بالآخر. انتهى. فالأول "كـ: أرجل" جمع: رجل، بسكون الجيم. "وأعناق" جمع: عنق. "وأفئدة" جمع: فؤاد. قال الله تعالى: {وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: 6] ، {فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ} [ألأنفال: 12] ، {وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ} [إبراهيم: 43] . فاستغنى فيهما ببناء القلة عن بناء الكثرة، لأنها لم يستعمل لها بناء كثرة. والثاني كـ: أقلام. جمع: قلم. قال الله تعالى: {مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ} [لقمان: 27] والمقام مقام مبالغة وتكثير قطعًا. وقد استعمل فيه وزن القلة مع أنه سمع له وزن كثرة. وهو: قلام. "وقد يعكس" فيستغنى ببعض أبنية الكثرة عن بناء القلة وضعًا أو استعمالا اتكالا على القرينة. فالأول "كـ: رجال" جمع: رجل، بضم الجيم. "وقلوب" جمع: قلب. "وصردان"، بكسر الصاد، جمع صرد، بضمها وفتح الراء اسمًا لطائر. تقول: خمسة رجال بخمسة قلوب معهم خمسة صردان. فيستغني بجمع الكثرة عن جمع القلة، لعدم وضعه. "وليس منه"، أي من هذا القسم، وهو ما لم تضع العرب له بناء قلة "ما مثل به الناظم وابنه3 من قولهم في جمع: صفاة وهي الصخرة الملساء: صفي"، بضم الصاد وكسر الفاء وتشديد الياء "لقولهم" في جمع قلتها: "أصفاء. حكاه الجوهري4 وغيره"5.   1 انظر الارتشاف 1/ 194، وحاشية الصبان 4/ 123. 2 التسهيل ص268. 3 شرح ابن الناظم ص547. 4 الصحاح "صفا". 5 في اللسان 14/ 564: "وجمع الصفاة صفوات وصفًا، مقصور، وجمع الجمع أصفاء وصُفي وصِفي". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 521 بل هو من القسم الثاني. وهو ما وضعت العرب له بناء قلة ولكنها استغنت ببناء الكثرة عنه. كقوله تعالى: {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228] . ففسر ثلاثة بجمع الكثرة مع وجود جمع القلة. كقوله -صلى الله عليه وسلم: "دعي الصلاة أيام أقرائك" 1. وعلى ذلك يحمل قول الناظم. 792- وبعض ذي بكثرة وضعا يفي ... كأرجل والعكس جاء كالصفي البناء "الأول من أبنية القلة: أفعل، بضم العين، وهو جمع لنوعين" كل منهما لجمعه شروط: "أحدهما: فعل"، بفتح الفاء وسكون العين، حال كونه "اسمًا" لا صفة، "صحيح العين" لا معتلها. "سواء صحت لامه أم اعتلت، بالياء أم بالواو"، وليست "فاؤه" واوًا" كـ: وعد، ولا "لامه" مماثلة لعينه [كـ: رق] 2، وذلك "نحو: كلب" وأكلب، "وظبي" وأظب، "وجرو" وأجر. وأصلهما: أظبي وأجرو، بضم الياء والراء، فقلبت ضمتهما كسرة، والواو في: أجرو ياء وحذفت الياء الأصلية في أظبي، والمنقلبة في: أجرو على حد الحذف في: قاض وغاز. "بخلاف نحو: ضخم"، فلا يجمع على أفعل "فإنه صفة. وإنما قالوا: أعبد" جمع: عبد مع أنه صفة "لغلبة الاسمية". قاله ابن مالك3. "وبخلاف نحو: سوط4 وبيت"، فلا يجمعان على: أفعل "لاعتلال العين" بالواو في الأول، والياء في الثاني. "وشذ قياسًا" لا سماعًا: "أعين" جمع: عين. قال الله تعالى: {وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ} [التوبة: 92] . "و" شذ "قياسًا وسماعًا: أثوب"5 جمع: ثوب. "وأسيف" جمع: سيف. قال معروف بن عبد الرحمن، أو حميد بن ثور، على خلف: [من الرجز] 904- لكل دهر قد لبست أثوبا ... حتى اكتسى الرأس قناعًا أشيبا   1 أخرجه أبو داود في الطهارة 1/ 72، والترمذي في الطهارة 1/ 220، وابن الأثير في النهاية 4/ 32. 2 إضافة من "ط". 3 شرح الكافية الشافية 4/ 1816. 4 في "أ": "صوت"، وفي "ب": "شوط"، والتصويب من "ط"، وأوضح المسالك 4/ 308. 5 في "ب": "أثواب". 904- الرجز لمعروف بن عبد الرحمن في التثنية والإيضاح 1/ 62، وتاج العروس 2/ 109 "ثوب"، وشرح أبيات سيبويه 2/ 390، ولسان العرب 1/ 245 "ثوب"، ولحميد بن ثور في ديوانه ص16، = الجزء: 2 ¦ الصفحة: 522 والقياس: أثوابًا أو ثيابًا. "وقال" آخر: [من البسيط] 905- كأنهم أسيف بيض يمانية ... عضب مضاربها باق بها الأثر والقياس: سيوف أو أسياف. والبيض. بكسر الياء: جمع أبيض. ويمانية: نسبة إلى يمان. وعضب: قاطع. والمضارب جمع مضرب، ومضرب السيف نحو: شبر من طرفه، والأثر بضم الهمزة والثاء المثلثة: أثر الجرح يبقى بعد البرء قاله العيني1. وشذ: أوجه، جمع: وجه، لأن فاءه واو. وشذ أكف جمع كف، لأن لامه مماثلة لعينه، ويحفظ أفعل في ثمانية أوزان: "فعل" كـ: ذئب اسمًا، وجلف صفة، "وفعلة" بكسر الفاء اسمًا كـ: نعمة، وصفة كـ: شدة "وفعل" بكسر أوله وفتح ثانية كـ: ضلع، "وفعل"، بضم أوله وسكون ثانيه كـ: قفل، "وفعل" بضمتين كـ: عنق، "وفعل" بفتحتين كـ: جبل، "وفعلة"، بفتحتين كـ: أكمة، "وفعل" بفتحة وضمة كـ: ضبع. ثلاثة أمثلة في مفتوح الفاء، وثلاثة في مكسورها. واثنان في مضمومها. والجميع إنما يقع في الأسماء إلا فعلا، بكسر أوله وسكون ثانيه، ومؤنثه فيقع فيها وفي الصفات. النوع "الثاني" مما يجمع على أفعل: "الرباعي المؤنث" بلا علامة، "الذي قبل آخره مدة"، ألف أو ياء، سواء فتح أوله2 أو كسر أو ضم. فالمفتوح "كـ: عناق" أنثى الجدي، "و" المكسور نحو: "ذراع", بالذال المعجمة، "و" المضموم نحو: "عقاب"، طائر معروف "و" الياء نحو: "يمين". فنقول في جمعها: أعنق وأذرع وأعقب وأيمن. "وشذ" أفعل "في نحو": مكان و"شهاب وغراب" وجنين، "من المذكر". فخرج بالرباعي نحو: دار ونار, فأدور وأنور ليس بمطرد عند سيبويه3.   = وله أو لمعروف بن عبد الرحمن في المقاصد النحوية 4/ 522، وبلا نسبة في أساس البلاغة "نشب"، وكتاب الجيم 3/ 273، وأوضح المسالك 4/ 308، وسر صناعة الإعراب 2/ 804، وشرح الأشموني 2/ 672، والكتاب 3/ 588، واللسان 2/ 602، "ملح"، ومجالس ثعلب ص439، والمقتضب 1/ 29, 132، 2/ 199، والممتع في التصريف 1/ 336، والمنصف 1/ 284، 3/ 47. 905- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 309، وشرح الأشموني 3/ 672، واللسان 4/ 8، 9 "أثر". 1 انظر قوله في كتابه شرح الشواهد 4/ 123. 2 سقط من "ب". 3 الكتاب 3/ 591. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 523 وخرج بالتأنيث نحو: حمار، وعمود، ورغيف، وبلا علامة نحو: سحابة ورسالة، وبمدة قبل الآخر نحو: زينب. وإلى هذين النوعين أشار الناظم بقوله: 793- لفعل اسمًا صح عينا أفعل ... وللرباعي اسمًا أيضًا يجعل 794- إن كان كالعناق والذراع في ... مد وتأنيث وعد الأحرف البناء "الثاني" من أبنية القلة: "أفعال وهو": جمع "لاسم ثلاثي لا يستحق أفعل" السابق، "إما لأنه على: فعل"، بفتح أوله وسكون ثانيه، ولكنه معتل العين" بالياء أو بالواو "نحو: سيف" وأسياف، "وثوب"، وأثواب. "أو لأنه على غير فعل". بفتح الفاء وسكون العين فيشمل ثمانية أوزان: ثلاثة مع فتح الفاء "نحو: جمل ونمر وعضد، و" ثلاثة مع كسرها نحو: "حمل وعنب وإبل، و" اثنان مع ضم الفاء نحو: "قفل وعنق". فنقول في جمعها: أجمال وأنمار وأعضاد وأحمال [بالحاء] 1 المهملة، وأعناب وآبال، بإبدال الهمزة الثانية ألفًا، وأقفال، وأعناق. وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 795- وغير ما أفعل فيه مطرد ... من الثلاثي اسمًا بأفعال يرد "ولكن الغالب في: فُعَل، بضم الأول وفتح الثاني، أن يجيء" جمعه "على: فِعْلان" بكسر أوله وسكون ثانيه "كـ: صرد" بالصاد والراء المهملتين، وهو طائر ضخم الرأس يصطاد العصافير. قيل. وهو أول طائر صام لله تعالى. "وجرذ"، بالجيم والراء والذال المعجمة. قال الجوهري2: ضرب من الفأر. "ونغر"، بالنون والغين المعجمة والراء المهملة، جمع: نغرة. قال الجوهري3: كهمزة4، وهو طائر كالعصافير حمر المناقير. "وخزز"، بخاء معجمة وزاءين معجمتين. قال الجوهري5: ذكر الأرانب. فيقال في جمعها: صردان وجرذان ونغران وخزان، وإليه أشار الناظم بقوله: 796- وغالبًا أغناهم فعلان ... في فعل كقولهم صردان   1 إضافة من "ط". 2 الصحاح "جرذ". 3 الصحاح "نغر". 4 في "ب": "كتمرة". 5 الصحاح "خرز". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 524 "وشذ نحو: أرطاب" جمع: رطب. "كما شذ في فعل المفتوح الفاء1، الصحيح العين الساكنها نحو: أحمال" جمع: حمل, بفتح الحاء المهملة وسكون الميم. وأفراخ جمع: فرخ، بالفاء والراء والخاء المعجمة، وأحبار جمع: حبر، بالحاء المهملة والباء الموحدة، "وأزناد" جمع: زند، بالزاي المفتوحة والنون الساكنة، وهو العود الأعلى الذي يقدح به النار، والزندة هي السفلى. "قال الله تعالى: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4] . يقال: الحمل، بالفتح، لما في البطن، وبالكسر لما يحمل على الظهر، وبالوجهين لحمل النخل. قاله الفراء. وقال الله تعالى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ} [التوبة: 31] . "وقال الحطيئة"، بضم الحاء وفتح الطاء المهملتين وفي آخره همزة، تصغير: حطأة، بفتح الحاء وسكون الطاء، وهي: الضرطة. والحطأة أيضًا: الصرعة. يقال: حطأت الرجل إذا صرعته بالأرض. واختلف في تلقيبه بذلك، فقيل: لقصره. وقيل: لأنه ضرط في يوم بين قوم فقيل له: ما هذا؟ فقال: حطيئة. وقيل: لأنه كان محطوء الرجل. والرجل المحطوءة هي التي لا أخمص لها. واسمه جرول بن أوس ويكنى: أبا مليكة، قاله ابن السيد2: [من البسيط] . 906- ماذا تقول لأفراخ بذي مرخ ... زغب الحواصل لا ماء ولا شجر يخاطب بذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وكان قد سجنه [لهجوه إياه] 3. وأراد بالأفراخ، بالخاء المعجمة الأولاد. وهو محل الاستشهاد والقياس في جمع فرخ: أفرخ أو فراخ. ومرخ، بفتح الميم والراء وبالخاء المعجمة، وادٍ كثير الشجر قريب من فدك. وزغب، بضم الزاي وسكون الغين المعجمة، من الزغب: وهو الشعرات الصفر على ريش الفرخ. والحواصل جمع: حوصلة الطير. وأراد: ما قولك في أولاد صغار جدًّا لا ماء عندهم ولا شجر، إذا شكوا إليك حالهم؟   1 سقط من "ب". 2 الاقتضاب ص500، وانظر الشعر والشعراء 1/ 322، والأغاني 2/ 157. 906- البيت للحطيئة في ديوانه ص164، والأغاني 2/ 186، وأوضح المسالك 4/ 310، وخزانة الأدب 3/ 294، والخصائص 3/ 59، والشعر والشعراء 1/ 334، ولسان العرب 2/ 532 "طلح", ومعجم ما استعجم ص892، والمقاصد النحوية 4/ 524، وبلا نسبة في أسرار العربية ص349، وشرح الأشموني 3/ 674، وشرح المفصل 5/ 16، والمقتضب 2/ 196. 3 إضافة من "ب"، "ط". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 525 "وقال آخر"، وهو الأعشى: [من المتقارب] 907- وجدت إذا أصلحوا خيرهم ... وزندك أثقب أزنادها فجمع زند على أزناد، وقياسه: أزند. وسمع أيضًا: "فعل" و"أفعال" في: شكل، وسمع، ولفظ، ولحظ، ومحل، ورأي، ورأد: وهو أصل اللحيين، وجفن ولحن ونجد وفرد وجلد وألف وأنف وثلج؟ وليس منه: أفنان من قوله تعالى: {ذَوَاتَا أَفْنَانٍ} [الرحمن/ 48] إنما هو جمع فنن وهو: الغصن، فأما الفن وهو النوع، فجمعه: فنون على القياس كـ: صك وصكوك. البناء "الثالث" من أبنية القلة: "أفْعِلة" بكسر العين، "وهو" جمع "لاسم مذكر رباعي، بمدة" ألف أو واو أو ياء "قبل" الحرف ["الآخر"، سواء أكان مفتوح الفاء أم مكسورها أم مضمومها. فالألف مع فتح الفاء "نحو: طعام، و" مع كسرها نحو: "حمار، و"] 1 مع ضمها نحو: "غراب، و" الياء نحو: "رغيف، و" الواو نحو: "عمود". فتقول في جمعها على أفعلة2: طعام وأطعمة، وحمار وأحمرة. وغراب وأغربة، ورغيف وأرغفة. وعمود وأعمدة، وشذ: كتاب وكتب، والقياس: أكتبة ولم يقولوه. قاله المهاباذي. ووقع في الصحاح3 أنك إذا جمعت النهار قلت في كثيرة: نهر، وفي قليلة: أنهر والصواب: أنهرة كما في المحكم. لأن النهار مذكر. وإلى هذا أشار الناظم بقوله: 797- في اسم مذكر رباعي بمد ... ثالث أفعلة عنهم اطرد "والتزم" بناء أفعلة "في فعال؛ بالفتح؛ وفعال؛ بالكسر" حال كونهما "مضعفي اللام أو معتليها. فالأول" وهو مضاعف اللام، وأراد بتضعيفها مماثلتها للعين. ومضاعف الثلاثي: ما كان عينه ولامه من جنس واحد "كـ: بتات" بفتح الباء الموحدة وتاءين مثناتين فوق. قال الجوهري4: هو الزاد والجهاز5. وقال أبو عبيدة: متاع البيت. وفي الحديث:   907- البيت للأعشى في ديوانه ص123، وشرح أبيات سيبويه 2/ 359، والكتاب 3/ 568، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 311، وشرح الأشموني 3/ 674، وشرح المفصل 5/ 16، والمقاصد النحوية 4/ 526، والمقتضب 2/ 196. 1 سقط ما بين المعكوفين من "ب". 2 الارتشاف 1/ 197. 3 الصحاح "نهر". 4 الصحاح "تبت". 5 في "أ", "ب": "الحمار". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 526 "لا يؤخذ منكم عشر البتات"1. "وزمام"، بكسر الزاي. قال الجوهري2: هو الخيط الذي يشد في البرة أو في الخشاش ثم يشد في طرفه المقود. وقد يسمى المقود زمامًا، وزمام النعل: ما يشد فيه الشسع. والخشاش، بالكسر: الذي يجعل في عظم أنف البعير. وهو من خشب، والبرة من صفر. فتقول في جمع بتات: أبتة. وفي جمع زمام: أزمة. والأصل: أبتتة وأزممة، فالتقى مثلان فنقلت حركة أولهما إلى الساكن قبله، ثم أدغم أحد المثلين في الآخر. "والثاني": وهو معتل اللام، ما كان لامه واوًا أو ياء "كـ: قباء" بفتح القاف والباء الموحدة. "وإناء" بكسر الهمزة الأولى. فتقول في جمعها على أفعلة: أقبية وآنية، بألف بعد الهمزة، والأصل: أأنية بهمزتين مفتوحتين فساكنة، أبدلت الساكنة ألفًا من جنس حركة ما قبلها. وإليه أشار الناظم بقوله: 798- وألزمه في فعال أو فعال ... مصاحبي تضعيف أو إعلال ويحفظ أفعلة في: نجي، في شحيح ونجد: وهو ما ارتفع من الأرض. و: وهي مصدر وهي السقاء: إذا تخرق، وسد وسد، بالسين المهملة فتحًا وضمًا. كل بناء سد به موضع. وقدح وقن وخال وباب وقفا وجائز بالجيم والزاي: الخشبة الكبيرة في وسط البيت. ووادٍ ناحية وظنين، بالظاء المشالة، بمعنى: متهم ونضيضة، بنون وضادين معجمتين: المطر القليل. وعيي، بفتح العين المهملة وكسر الياء الأولى وتشديد الثانية، وجرة، بكسر الجيم وتشديد الراء المهملة. وعيل بفتح العين وتشديد الياء المثناة تحت. وعقاب ورمضان وخوان لربيع الأول. فأما: شحيح ونجي وظنين وعيي فقالوا فيها: أشحة وأنجية وأطنة وأعية، مع أنها صفات. وأما عقاب فقالوا فيه: أعقبة مع أنته مؤنث. وأما: نجد وهي وسد وسد وقدح وقن وخال وقفا وباب وجرة، فقالوا: أنجدة وأوهية وأسدة وأقدحة وأقنة وأخولة وأبوبة وأقفية وأجرة، مع أنها ثلاثية. وأما: رمضان وخوان ونضيضة فقالوا فيها: أرمضة وأخونة وأنضضة. مع أنها زائدة على أربعة أحرف. وأما عيل فقالوا فيه: أعولة مع خلوه عن مدة قبل آخره. وأما جائز وناجية فقالوا فيهما: أجوزة وأنجية، مع أن المدة فيهما ليست قبل الآخر.   1 من حديث كتابه -صلى الله عليه وسلم- لحارثة بن قطن في النهاية 1/ 92. 2 الصحاح "زمم". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 527 البناء "الرابع" من أبنية القلة: "فعلة، بكسر أوله وسكون ثانيه، و" لم يطرد في شيء من الأبنية. بل "هو محفوظ في" ستة أوزان: فعل، بفتحتين نحو: "ولد وفتى، و" فعل، بفتح أوله وسكون ثانيه. "نحو: شيخ وثور، و" فعل، بكسر أوله وفتح ثانيه "نحو: ثنى" بكسر الثاء المثلثة وفتح النون والقصر كـ: عدى. حكاه الفارسي: الأمر الذي يعاد مرتين. وفي الحديث: "لا ثنى في الصدقة"1 أي: لا تؤخذ في السنة مرتين. والثني أيضًا: الثاني في السيادة. وهو: الثنيات بضم المثلثة: وهو الذي كان يكون دون السيد في المرتبة. قاله ابن مالك2. "و" فعال، بفتح أوله "نحو: غزال، و" فعال، بضم أوله "نحو: غلام، و" فعيل، بفتح أوله وكسر ثانيه. "نحو: صبي وخصي و" جليل. تقول في جمعها على فعلة. ولدة وفتية وشيخة وثيرة3 وثنية وغزلة وغلمة وصبية وخصية وجلة. وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 799- .............................. ... وفعلة جمعا بنقل يدري "ولعد اطراده قال أبو بكر" بن السراج4: "هو اسم جمع لا جمع". "و" البناء "الأول من أبنية الكثرة: فعل، بضم أوله وسكون ثانيه"، وهو أخف أوزان الكثرة لكونه ثلاثيًّا مجردًا ساكن الوسط. "وهو جمع لشيئين: أحدهما: أفعل مقابل فعلاء" بالمد "كـ: أحمر" وأبيض. "أو ممتنعة مقابلته لها"، أي لفعلاء "لمانع خلقي نحو: أكمر": لعظيم الكمرة، بفتح الكاف، وهي حشفة الذكر. "وآدر" بفتح الهمزة الممدودة والدال المهملة: لعظيم الأدرة، بضم الهمزة وسكون الدال، وهي: الخصية المنتفخة. "بخلاف نحو: آلى"، بمد الهمزة قبلها ألف مسبوقة بياء مثناة تحتانية. "تختلف الاستعمال" فإنهم قالوا في المذكر: آلى على وزن: أفعل، ولم يقولوا في المؤنث: ألياء على وزن: فعلاء.   1 غريب الحديث لابن الجوزي1/ 130. 2 شرح الشافية الكافية 4/ 1826. 3 في "ب": "سيرة". 4 الأصول 2/ 432. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 528 "والثاني": مما يجمع على فعل "فعلاء" بفتح الفاء وسكون العين، "مقابلة أفعل كـ: حمراء" وبيضاء. "أو ممتنعة مقابلتها له" أي لأفعل "لمانع خلقي كـ: رتقاء"، بالراء المهملة والتاء المثناة فوق والقاف: من الرتق وهو انسداد الفرج باللحم. "وعفلاء"، بالعين المهملة والفاء، من العفل: بفتح العين والفاء، وهو شيء يجمع في قبل المرأة، يشبه الأدرة للرجل، "بخلاف نحو: عجزاء"، بالجيم والزاي: "للكبيرة العجز". فإن المانع من أعجز تخلف الاستعمال، فإن العرب قالوا في المؤنث: عجزاء، ولم يقولوا في المذكر: أعجز. فلا يقال: رجال ألي، ولا: نساء عجز، إلا إذا سمع فيحفظ ولا يقاس عليه. هذا مقتضى كلامه، وهو في ذلك تابع للتسهيل1. ونقل المرادي2 وابن عقيل3 في شرحيهما على التسهيل عن ابن مالك: أنه ذكر في غير التسهيل أن: فعلا يطرد في هذا النوع كاطراده في: أحمر وحمراء. وما ذكره من أنهم لا يقولون: امرأة ألياء. ولا: رجل أعجز، وهم على أشهر اللغات. وقد حكي: امراة ألياء ورجل أعجز، فعلى هذا يقال: رجال ألي، ونساء ألي، ورجال عجز ونساء عجز. وتقول في نحو أبيض: بيض، بكسر الأول، تصحيحًا للعين لئلا يثقل الجمع، ووزنه فعل، بالضم، على الأصل لا: فعل بالكسر، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 799- فعل لنحو أحمر وحمرا ... ............................ البناء "الثاني" من أبنية الكثرة: "فعل، بضمتين"، وهو تدرج حسن لأنه لما فرغ من: فعل بالإسكان. أعقبه بفعله بالتحريك. لأنهما وزنان لم يختلفا إلا بالحركة والسكون. "وهو مطرد في شيئين". أحدهما: "في وصف على فعول"، بفتح الفاء، "بمعنى: فاعل كـ: صبور" وصبر، "وغفور" وغفر، بخلاف: حلوب وركوب فإنهما بمعنى: مفعول. "و" الثاني: "في اسم رباعي" في العدد، "بمدة" ألف أو ياء أو واو، "قبل لام" صحيحة، "غير معتلة مطلقًا"، من غير تقييد بحرف معين من أحرف العلة. "أو غير مضاعفة إن كانت المدة ألفا" لا غير. وما مدته ألف ثلاثة أوزان:   1 التسهيل ص271. 2 شرح المرادي 5/ 40. 3 شرح ابن عقيل 2/ 457. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 529 مفتوح الفاء، "نحو: قذال" للمذكر، وهو جماع مؤخر الرأس، ومعقد العذار من الفرس خلف الناصية. "وأتان"، بالمثناة الفوقانية، للمؤنث من الحمير. "و" مكسورة الفاء "نحو: حمار" للمذكر، "وذراع" للمؤنث. "و" مضموم الفاء نحو: "قراد" للمذكر، "وكراع" للمؤنث. "و" ما مدته ياء "نحو: قضيب" للمذكر، "وكثيب" للمؤنث. "و" ما مدته واو" نحو: عمود" للمذكر، "وقلوص" للمؤنث: وهي الشابة من النوق. "و" ما مدته ياء أو واو مع التضعيف "نحو: سرير" للمذكر، "وذلول" للمؤنث. "و" خرج بقوله: لام غير معتلة "نحو: مساء وقباء" فلا يجمعان على: فعل، "لأجل اعتلال اللام" لأنهما لو جمعا على: فعل، لزم قلب الضمة كسرة لتنقلب واو كساء ياء، ولتسلم ياء: قباء، فيصيرا على وزن: فعل، بضم الفاء وكسر العين، وهو بناء قد رفضوه لما فيه من ثقل الخروج من ضم إلى كسر. والحق أن ذلك غالب لا لازم، فقد قال ابن يعيش ما نصه1: "وقالوا في المعتل؛ ثني وثن، والأصل: ثني بضم النون، فأبدلوا من الضمة كسرة لئلا تنقلب الياء واوًا، كما فعلوا ذلك في: أجر وأدل". "و" خرج بقوله: غير مضاعفة إن كانت المدة ألفًا "نحو: هلال وسنان"، فلا يجمعان على: فعل، "لأجل تضعيفها" أي اللام "مع الألف"، فلا يقال في جمعهما: هلل ولا سنن، لما فيه من ثقل التضعيف مع الضم. "وشذ: عنان"، بكسر العين، لما يقاد به الفرس، وبفتحها: للمطر، وفيه تناسب الأعلى للأعلى، والأسفل للأسفل. "وعنن وحجاج"، بحاء مهملة مكسورة وجيمين: العظم المستدير حول العين، وقيل: هو الأعلى الذي ينبت عليه الحاجب. "وحجج" ووطواط، بفتح الواو وبمهملتين: الضعيف ووطط. "ويحفظ" فعل، بضمتين، "في": فعل، بفتح الفاء وكسر العين، اسمًا "نحو: نمر، و" صفة نحو: "خشن، و" في: فعيل صفة نحو: "نذير، و" في: فعيلة مطلقًا نحو: "صحيفة"، وصفة نحو: نجيبة. وفي فعل، بفتح أوله وسكون ثانيه نحو: سقف ورهن، وفي فاعل نحو: بازل وشارف. وفي: فعل، بفتحتين، نحو: نصف،   1 شرح المفصل 5/ 35. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 530 وفي: فعال، بكسر الفاء وفتحها، صفة نحو: كنان الكاف. وصناع، بفتح الصاد، أي: حاذقة. وفي: فعلة، بفتح أوله وكسر ثانيه، نحو: فرحة. وفي: فعلة، بفتحتين، نحو: خشبة. وفي: فعل، بكسر أوله وسكون ثانيه، نحو: ستر1. وإلى: فعل، بضمتين، أشار الناظم بقوله: 800- وفعل لاسم رباعي بمد ... قد زيد قبل لام اعلالا فقد 801- ما لم يضاعف في الأعم ذو الألف ... .......................................... البناء "الثالث: فعل، بضم أوله وفتح ثانيه"، ولو قدمه على: فعل، بضمتين، كان أولى لأنه أخف منه. "وهو مطرد في شيئين". أحدهما: "في اسم على فعلة". بضم أوله وسكون ثانيه. ويستوي في ذلك صحيح اللام ومعتلها ومضاعفها. فالصحيح "كـ: قربة" وقرب، "وغرفة" وغرف. "و" المعتل اللام نحو: "مدية" ومدى وزبية وزبى. "و" المضاعف اللام نحو: "حجة" وحجج، "ومدة" ومدد. "و" الثاني: "في الفعلى2"، بضم الفاء، "أنثى أفعل" صفة "كـ: الكبرى" أنثى الأكبر، والوسطى أنثى: الأوسط، "والصغرى" أنثى: الأصغر. "بخلاف: حبلى"، فإنها ليست أنثى أفعل، لأنها صفة لا مذكر لها، فلا تجمع على: فعل. "وشذ" فعل "في" فعلة صفة "نحو: بهمة"، بضم الباء الموحة وسكون الهاء وهو الرجل الشجاع الذي لا يدرى من أين يؤتى، لشدة بأسه، والجمع: بهم. قاله في الصحاح3. "و" فعلى مصدرًا "نحو: رؤيا". يقال: رأى في منامه رؤيا. على [وزن] 4 فعلى، من غير تنوين، وجمع الرؤيا رؤى بالتنوين مثل رعى. قاله الجوهري5. "و" فعلة، بفتح أوله وسكون ثانيه "نحو: نوبة" بفتح النون والباء الموحدة وقاس، عليهما الفراء. "و" فعلة، بفتح أوله وسكون ثانيه معتل اللام "نحو: قرية" وقرى. "و" فعلة، بفتح أوله وسكون ثانيه صحيح اللام "نحو: بدرة"، بفتح الموحدة، وهي: عشرة آلاف درهم، وجمعها: بدور وبدر، بكسر أوله وفتح ثانيه.   1 في "أ": "شبر". 2 في "أ": "الأفعل". 3 الصحاح "بهم". 4 إضافة من "ط". 5 الصحاح "رأى". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 531 ولم أقف على جمعها على فعل، بضم أوله وفتح ثانيه. فذكرها هنا فيه نظر. وفعلة، بكسر أوله وسكون ثانيه معتلا نحو: لحية ولحى. "و" فعلة، بضم أوله وسكون1 ثانيه نحو: "تخمة"، بالتاء المثناة فوق والخاء المعجمة. وإلى: فعل، بضم أوله وفتح ثانيه، أشار الناظم بقوله: 801- ............................. ... وفعل جمعا لفعلة عرف 802- ونحو كبرى .......... ... ........................ البناء "الرابع: فعل، بكسر أوله وفتح ثانيه، وهو" جمع "لاسم" تام "على" زنة "فعلة"، بكسر أوله وسكون ثانيه، غير واحد: فعل "كـ: حجة" وحجج. وفي التنزيل: {ثَمَانِيَ حِجَجٍ} [القصص: 27] "وكسرة" وكسر، "وفرية"، بالفاء والياء المثناة تحت، "وهي: الكذبة" وفرى. وخرج بذكر الاسم الصفة نحو: صغرة وكبرة. وعجزة، وبالتمام نحو: عدة وزنة، فإنهما نقصا الفاء2، وعوض منها التاء وإليه أشار الناظم بقوله: 802- ........ ولفعلة فعل ... ....................... "ويحفظ" فعل، باتفاق "في: فعلة" واحد فعل، بكسر الفاء وسكون العين نحو: سدرة وسدر. ولا يقال في: تبنة، واحدة التبن: تبن، حملا على: سدر. وفي المعوض من لامه تاء التأنيث، كـ: عزة وعزى، وفي: فعلة، الأجوف، بفتح أوله، "نحو حاجة" وحوج. وقامة وقوم. "و" في: فعلى مصدرًا "نحو: ذكرى" وذكر، "و" في فعلة، بفتح أوله وسكون ثانيه، صحيح الأصول نحو: "قصعة" وقصع، وجفنة وجفن. "و" في: فعلة، بكسر أوله وسكون ثانيه، صفة نحو: "ذربة"، بكسر الذال المعجمة وسكون الراء بالباء الموحدة، كما في الصحاح3 والضياء. وصمة, بكسر الصاد المهملة، يقال في جمعهما: ذرب وصمم. والذربة: المرأة الحديد اللسان. والصمة: الرجل الشجاع. "و" في: فعل، بكسر أوله وسكون ثانيه نحو: "هدم" بكسر الهاء وسكون الدال المهملة: الثوب الخلق جمعوه على هدم. رواه ابن سيده. وفي: فعلة بضم أوله كـ: صورة وصور. والصور، بكسر الصاد، لغة في الصور بضمها: جمع صورة. قاله في الصحاح4.   1 في "أ": "وفتح". 2 في "أ", "ط": "اللام", والتصويب من حاشية يس 2/ 306. 3 الصحاح "ذرب". 4 الصحاح "صور". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 532 البناء "الخامس: فعلة، بضم أوله وفتح ثانيه، وهو مطرد في وصف لعاقل"، مذكر "على" زنة "فاعل، معتل اللام" بالياء أو الواو، "كـ: رام" ورماة. "وقاض" وقضاة. "وغاز" وغزاة. والأصل فيهن: رمية وقضية وغزوة، قلبت الياء والواو ألفين لتحريكهما وانفتاح ما قبلهما وقيل: إنها فعلة، بفتح الفاء، وأن الفتحة حولت ضمة للفرق بين معتل اللام وصحيحها. وإليه أشار الناظم بقوله: 803- في نحو رام ذو اضطراد فعله ... ................................... فخرج بقوله: وصف نحو: وادٍ بالتذكير، ونحو: غادية. وبالعقل نحو: أسد ضار، وبوزن فاعل نحو: ظريف وبالمعتل اللام نحو: ضارب. فلا يجمع شيء من ذلك على فعلة. وشذ في صفة على غير فاعل نحو: كمي وكماة. وفي فاعل اسما نحو: باز وبزاة، وواد ووداة. وفي فاعل صحيح اللام نحو: هادر وهدرة، بالدال المهملة، وهو الرجل الذي لا يعتد به. البناء "السادس: فعلة، بفتحتين، وهو شائع في وصف لمذكر عاقل صحيح اللام نحو: كامل" وكملة، "وساحر" وسحرة، "وسافر" وسفرة، "وبار" وبررة. قال الله تعالى: {وَجَاءَ السَّحَرَةُ} [الأعراف: 113] {بِأَيْدِي سَفَرَةٍ، كِرَامٍ بَرَرَةٍ} [عبس: 15، 16] وفي التسهيل1: بررة جمع: بر على غير القياس. وإليه أشار الناظم بقوله: 803- ............................ ... وشاع نحو كامل وكمله فخرج بالوصف: الاسم نحو: وادٍ وباز، وبالتذكير نحو: طالق وحائض، وبالعقل نحو: سابق ولاحق، صفتي فرسين، وبصحة اللام نحو: قاض وغاز، فلا يجمع شيء من ذلك على فعلة، بفتحتين، باطراد، وشذ في غير فاعل نحو: سيد وسادة، فوزنها: فعلة. وفي بعض نسخ الصحاح2: وزن سادة فعالة، وهو سهو. وقوله: شائع، تبع فيه النظم3، وكان الأولى أن يعبر بمطرد لأنه لا يلزم من الشياع الاطراد. البناء "السابع: فعلى، بفتح أوله وسكون ثانيه، وهو" جمع "لما دل على آفة"4 من هلك أو توجع أو نقص ما "من فعيل"، حال كونه "وصفا للمفعول"، فالتوجع "كـ: جريح" وجرحى، "وأسير" وأسرى، والهلك نحو: قتيل وقتلى، وصريع وصرعى.   1 التسهيل ص274. 2 الصحاح "سود". 3 انظر بيت الألفية الذي تقدم أعلاه برقم 803. 4 في "ب": "وأنه". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 533 "وحمل عليه ستة أوزان، مما1 دل على آفة من" ذلك: أحدها: "فعيل وصفًا للفاعل" لا للمفعول "كـ: مريض" ومرضى. "و" الثاني: "فعل" بفتح أوله وكسر ثانيه، "كـ: زمن" وزمنى، وهذان الوصفان مما يدل على التوجع. "و" الثالث: "فاعل كـ: هالك" وهلكى. "و" الرابع: "فيعل" بفتح أوله وسكون ثانيه وكسر ثالثه، "كـ: ميت" أصله: ميوت اجتمع فه الواو والياء، وسبقت إحداهما بالسكون، فقلبت الواو ياء وأدغمت الياء في الياء لاجتماع المثلين، وهل هو فيعل، بكسر العين، أو بفتحها، وأبدلت الفتحة كسرة؟ أو: فعيل كـ: طويل؟ أقوال محكية في: سيد أشهرها أولها2. "و" الخامس: "أفعل كـ: أحمق" وحمقى. "و" السادس: "فعلان كـ: سكران" وسكرى، وهذان الوصفان مما يدل على وصف ما. وندر: كيس وكيسى، وذرب وذربى، وجلد وجلدى، وإلى فعلى أشار الناظم بقوله: 804- فعلى لوصف كقتيل وزمن ... وهالك وميت به قمن البناء "الثامن: فعلة، بكسر أوله وفتح ثانيه، وهو كثير في: فعل"، حال كونه "اسمًا، بضم الفاء" وسكون العين: ويكون صحيح اللام "نحو: قرط" وقرطة، بالقاف والراء والطاء المهملتين: ما يعلق في شحمة الأذن. "ودرج" بالجيم، ودرجة "و" أجوف نحو: "كوز" بالزاي، وكوزة. "و" مضاعفًا نحو: "دب" ودببة. "وقليل في اسم على" زنة "فعل، بفتح الفاء" وسكون العين، "نحو: غرد" بالغين المعجمة والراء: نوع من الكمأة. وهو عند الفراء بفتح الفاء، وعند غيره بكسرها. وظاهر الصحاح3 أن غردة جمع لمكسور الفاء. "أو بكسرها نحو: قرد" وقردة بالقاف والراء. "وقل أيضًا في نحو: ذكر". بفتحتين, ضد الأنثى. وكتف "وهادر" وعلج ووقفة وخطوة. وإليه أشار الناظم بقوله: 805- لفعل اسمًا صح لاما فعله ... والوضع في فعل وفعل قلله وخرج بقوله: صحيح اللام، نحو: ظبي ونحي ومدي، فلا يجمع شيء منها على فعلة.   1 في "أ": "ما". 2 انظر الإنصاف 2/ 795، المسألة رقم 115. 3 الصحاح "غرد". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 534 البناء "التاسع: فعل، بضم أوله وتشديد ثانيه، وهو" جمع "لوصف على" زنة "فاعل وفاعلة"، حال كونهما "صحيحي اللام"، سواء صحت عينهما أم اعتلت. "كـ: ضارب وصائم" ومؤنثيهما: ضاربة وصائمة،. فتقول في جمعهما: ضرب وصوم، وشمل نحو: حائض وحيض. وخرج بقيد الوصف: الاسم نحو: حاجب العين، وجائزة البيت، فلا يجمعان على: فعل. وإليه أشار الناظم بقوله: 806- وفعل لفاعل وفاعله ... وصفين ................. "وندر نحو: غاز" وغزى، "وعاف". بالعين المهملة والفاء، أي: سائل وعفى. لاعتلال لامهما، "كما ندر" فعل "في نحو": امرأة "خريدة". بفتح الخاء المعجمة وكسر الراء المهملة وسكون الياء آخر الحروف: الحيية، أي: ذات الحياءة بالحاء المهملة والياء المثناة التحتانية وقيل: العذراء. وجمعها: خرد، وقالوا: خرائد على القياس. "ونفساء" ونفس، "ورجل أعزل" ورجال عزل: إذا لم يكن معهم سلاح. وزعم الأصفهاني أن أفعل لا يجمع على فعل. ورد بالسماع، كقوله: [من الطويل] 908- وأبقي رجالا سادة غير عزل ... مصاليت أمثال الأسود الضراغم وفارق باب أحمر، لأنه وصف غير لازم، بدليل أنه لو تناول عصًا أو سيفًا أو رمحًا. زالت عنه هذه1 الصفة. البناء "العاشر: فعال، بضم أوله وتشديد ثانيه، وهو" جمع "لوصف" لمذكر "على" زنة "فاعل، صحيح اللام"، سواء أكانت لامه همزة أم لا "كـ: صائم" وصوام "وقائم" وقوام، "وقارئ" وقراء. "قيل: وندر" فعال "في" جمع "فاعلة، كقوله: وهو القطامي [من البسيط] 909- أبصارهن إلى الشباب مائلة ... وقد أراهن عني غير صداد قال الموضح في الحواشي: لا أعلم أحدًا ذكر مجيئه في فاعلة للمؤنث، إلا في هذا البيت. وحكايته مشهورة بين الأصمعي وابن الأعرابي2. "والظاهر أن الضمير"   908- لم أقف عليه في المصادر المتاحة. 1 سقط من "ط". 909- البيت للقطامي في ديوانه ص79، وأمالي الزجاجي ص59، والأشباه والنظائر 5/ 51، ولسان العرب 3/ 245، "صدد" والمقاصد النحوية 4/ 521، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 314، وشرح ابن الناظم ص551، وشرح الأشموني 3/ 684، وشرح ابن عقيل 2/ 462. 2 في حاشية يس 2/ 308: "حاصلها أن الأصمعي قال بحضرة الرشيد: إن صداد جمع صادة، فخطأه ابن الأعرابي، ووجه ذلك ما قاله المصنف". وانظر أمالي الزجاجي ص59. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 535 المؤنث "للأبصار لا للنساء" لأنه يقال: بصر صاد، كما يقال: بصر حاد. "فهو جمع صاد، لا" جمع: "صادة". لأن قياس فعال أن يكون جمع فاعل لا فاعلة. انتهى. "ولا يخفى ضعفه لما فيه من تخالف الضمائر, وعود الضمير على غير المحدث عنه. "وندر" فعال "في" فاعل "المعتل" بالواو والياء "كـ: غزاء" جمع غاز، "وسراء" جمع سار، والأصل: غزاو وسراي، قلبت الواو والياء همزة لتطرفهما إثر ألف زائدة. البناء "الحادي عشر: فعال، بكسر أوله، وهو" يكون "جمعًا لثلاثة عشرة وزنًا: الأول والثاني: فعل وفعلة"، بفتح الفاء وسكون العين فيهما، حال كونهما "اسمين أو وصفين", غير يائيي الفاء والعين، فالاسم منهما "نحو: كعب" وكعاب، "وقصعة" وقصاع "و" الصفة منهما نحو: "صعب"، بمهملتين، وصعاب، "وخدلة" وخدال، بالخاء المعجمة والدال المهملة: ممتلئة الساقين والذراعين. "وندر" فعال "في جمع: فعل، "يائي الفاء نحو: يعر" بالياء المثناة تحت وبالعين والراء المهملتين: الجدي يربط في الزبية للأسد ليقع فيها، وفي المثل: "أدل من يعر"1. "أو" يائي "العين نحو: ضيف" وضياف، "وضيعة"، بالضاد المعجمة، وضياع. وإليه أشار الناظم بقوله: 808- فعل وفعلة فعال لهما ... وقل فيما عينه اليا منهما الوزن "الثالث والرابع: فعل وفعلة"، بفتح أولهما وثانيهما، حال كونهما اسمين "غير معتلي اللام ولا مضعفيها كـ: جمل" وجمال، "وجبل" وجبال. بالجيم فيهما، "ورقبة" ورقاب "وثمرة" وثمار، فخرج نحو: فتى [فيهما] 2 وعصا لاعتلال اللام3، ونحو: طلل، لتضعيفها، ونحو: بطل لأنه صفة. وشذ طلال وحسان. وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 809- وفعل أيضا له فعال ... ما لم يكن في لامه اعتلال 810- أو يك مضعفًا ومثل فعل ... ذو التا ...................... الوزن "الخامس والسادس: فعل" بكسر أوله وسكون ثانيه "كـ: ذئب" وذئاب. "وبئر" وبئار "وفعل"، بضم الفاء وسكون العين "كـ: دهن" ودهان، "ورمح" ورماح. وشرط هذين الوزنين أن يكونا اسمين، احترازًا من نحو: جلف وحلو.   1 الدرة الفاخرة 1/ 203, وجمهرة الأمثال 1/ 485، 469، ومجمع الأمثال 1/ 284، والمستقصى 1/ 132. 2 إضافة من "ط". 3 في "ب": "لامهما". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 536 وشرط ثانيهما أن لا يكون واوي العين كـ: حوت، ولا يائي اللام كـ: مدي. قاله المرادي1 أخذًا من التسهيل2. وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 810- ............................. ... ...... وفعل مع فعل فاقبل الوزن "السابع والثامن: فعيل؛ بمعنى فاعل؛ ومؤنثه"، صحيحي اللام، "كـ: ظريف" وظراف، "وكريم" وكرام، "وشريف" وشراف. "ومؤنثاتها"، كـ: ظريفة وظراف، وكريمة وكرام، وشريفة وشراف. بخلاف: غني وولي، ومؤنثيهما لاعتلال اللام. وبخلاف نحو: جريح، لأنه بمعنى مفعول. وقرأ الكسائي "فَجَعَلَهُمْ جِذَاذًا" [الأنبياء: 85] بكسر الجيم3. قال الفراء4 والزجاج5: هو جمع جذيذ مثل: ثقيل وثقال. والجذيذ بمعنى: المجذوذ. وهو المكسور. قال الواحدي في البسيط. فاقتضى هذا أن فعيلا الوصف قد يجمع على: فعال وإن كان بمعنى: مفعول. قاله الموضح في الحواشي. وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 811- وفي فعيل وصف فاعل ورد ... كذاك في أنثاه أيضًا اطرد "والخمسة الباقية" من الثلاثة عشر وزنًا؛ مما يجمع على فعال. "فعلان" بفتح الفاء. "صفة ومؤنثاه: فعلى" بالألف. "وفعلانة" بالتاء، "وفعلان"6 بضم الفاء، "صفة وأنثاه فعلانة" بالتاء لا غير. فمفتوح الفاء "كـ: غضبان" وغضاب "وغضبى" وغضاب، "وندمان" وندام "وندمانة" وندام، "و" مضموم الفاء، نحو "خمصان" وخماص" وخمصانة" وخماص7. وفي الحديث: "تغدو خماصًا" 8. وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 812- وشاع في وصف على فعلانا ... أو أنثييه أو على فعلانا   1 شرح المرادي 5/ 54. 2 التسهيل ص273. 3 وكذلك قرأ الأعمش وابن محيصن وابن مقسم وأبو حيوة وحميد ويحيى بن وثاب. انظر الإتحاف ص311، ومعاني القرآن للفراء 2/ 206، ومعاني القرآن وإعرابه للزجاج 3/ 396، والنشر 2/ 324. 4 معاني القرآن 2/ 206. 5 معاني القرآن وإعرابه 3/ 396. 6 سقط من "ب": "بالتاء وفعلان". 7 سقط من "ب". 8 في النهاية 2/ 80: "كالطير تغدو خماصا وتروح بطانًا، أي تغدو بكرة وهي جياع، وتروح عشاء وهي ممتلئة الأجواف". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 537 ومثلة: [فعلانة] 1. "و" العرب "التزموا في فعيل وأنثاه إذا كان واويي العينين، صحيحي اللامين كـ: طويل وطويلة، أن لا يجمعا إلا على فعال" بخلاف غيرها فإنه لا يلزم فعالا، بل يجمع عليه وعلى غيره. تقول: كريم وكرماء وكرام، وظريف وظرفاء وظراف، وشريف وشرفاء وشراف. وإنما لم يشاركها نحو: طويل في ذلك لقلته. قال في المحكم: قال ابن جني: لم يأت فعيل صفة عينه واو، وفاؤه ولامه صحيحان إلا في ثلاث كلمات: طويل وقويم وصويب، من قولهم: سهم صويب، أي: صائب. قال: وأما العويص فإنه وإن كان صفة إلا أنه صار اسمًا2. انتهى. وإليه أشار الناظم بقوله: 813- ................ والزمه في ... نحو طويل وطويله تفي "ويحفظ فعال3 في" وصف على فاعل "نحو: راع" ورعاء. وفي التنزيل: {حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ} [القصص: 23] ، وقائم وقيام. وفي التنزيل: {هُمْ قِيَامٌ} 4 [الزمر: 68] . "وآمًّ". بهمزة ممدودة وميم مشددة، من أم بمعنى: قصد، وأصله: آمم كضارب. فأدغم الميم في الميم للتماثل، وجمعه: إمام، بكسر الهمزة كـ: قيام. قيل: ومنه: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} [الفرقان: 74] أي: قاصدين بهم. "ومؤنثاتهن" كـ: راعية ورعاء، وقائمة وقيام. وآمة وإمام. "و" يحفظ في وصف على أفعل نحو: "أعجف" أي: هزيل وعجاف، ومؤنثه: عجفاء وعجاف. ومنه: {سَبْعٌ عِجَافٌ} [يوسف: 43] لأن مفرده: بقرة عجفاء. وحكى الفارسي5 وأبو حاتم: أجرب وجراب. زاد أبو حاتم: أبطح وبطاح. قاله ابن سيده في شرح إصلاح المنطق. فسقط ما قيل: إن أعجف لا ثاني له. "و" في وصف على فعال، بتخفيف العين نحو: "جواد" بفتح الجيم وتخفيف الواو، وجياد؛ والأصل: جواد، قلبت الواو ياء لوقوعها إثر كسرة.   1 إضافة من "ب"، "ط". 2 ورد قول ابن جني في لسان العرب "1/ 537 "صوب" وتاج العروس 3/ 216 "صوب". 3 سقطت من "ب". 4 في "ط": "وأنتم قيام". 5 التكملة ص1879. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 538 قال: [من الطويل] : 910- ...................................... ... وحتى الجياد ما يقدن بأرسان "و" في وصف على فعيل نحو: "خير"، بفتح الخاء وتشديد الياء المثناة تحت المكسورة، وخيار. "و" في وصف على فعلاء نحو: "بطحاء" وبطاح. وفي وصف على فعلى، بضم الفاء نحو: أنثى وإناث. "و" في اسم على فعول، بفتح الفاء نحو: "قلوص" وقلاص. وفي: فعل، بفتح أوله وكسر ثانيه، نحو: زخل وزخال، وهو بالزاي والخاء المعجمتين: الأنثى من ولد الضأن. وفي: فعلة، بفتح أوله وكسر ثانيه، نحو: نمرة ونمار. وفي: فعالة، نحو: عباءة وعباء. وفي: فعلة، بضم أوله وسكون ثانيه، نحو: برمة وبرام، ونطفة ونطاف. وفي: فعل، بضم أوله وفتح ثانيه، كـ: ربع ورباع. وفي: فعل بضمتين، نحو: جمد وجماد. وفي: فعيل، نحو: فصيل وفصال. وفي: فعل، بفتح أوله وضم ثانيه، كـ: سبع وسباع. وفي: فعلان، بفتح الفاء وسكون العين كـ: ضبعان وضباع. البناء "الثاني عشر" من أبنية الكثرة: "فُعُول، بضمتين، ويطرد في" ألفاظ "أربعة: إحداها: اسم على فعل"، بفتح أوله وكسر ثانيه "نحو: كبد" وكبود، "ووعل" ووعول. "وهو"، أي فعول، "فيه" أي في فعل "كاللازم". وإليه يشير قول الناظم: 814- وبفعول فعل نحو كبد ... يخص غالبًا .............   910- صدر البيت: سريت بهم حتى تكل مطيهم وهو لامرئ القيس في ديوانه ص93، والدرر 2/ 454، وشرح أبيات سيبوبه 2/ 420، وشرح الأشموني 2/ 420، وشرح شواهد الإيضاح ص228. وشرح شواهد المغني 1/ 374، وشرح المفصل 5/ 79، والكتاب 3/ 27، 626، ولسان العرب 15/ 284 "مطا"، ومغني اللبيب 1/ 127، 130، وبلا نسبة في أسرار العربية ص267، وجواهر الأدب ص404، ورصف المباني 5/ 181، وشرح المفصل 8/ 19، ولسان العرب 15/ 124 "غزا" والمقتضب 2/ 72، وهمع الهوامع 2/ 136. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 539 ومن غير الغالب: نمر ونمار. "وجاء في نحو1: نمر نمور على القياس. ونمر"، بضمتين على غير القياس، "قال" حكيم بن معية الربعي: [من الرجز] 911- فيها عياييل أسود ونمر أنشده سيبويه2. فقال ابن الضائع: أراد: نمر، بسكون الميم، ثم نقل أو أتبع. "و" قال غيره: "قد يكون مقصورًا"، أي مختصرًا "من نمور" فحذفت الواو "للضرورة وقالوا أيضًا" في جمعه: "أنمار" على غير القايس. فتحصل في جمعه أربعة أوزان: واحد قياسي وهو: نمور، وثلاثة على غير القياس وهي: نمار وأنمار ونمر. والعياييل جمع: عيل واحد العيال. قاله الصغاني. "والثلاثة الباقية" من الأربعة المطرد فيها فعول: "الاسم الثلاثي الساكن العين" حال كونه "مفتوح الفاء"، ليس عينه واوًا "نحو: كعب" وكعوب، "وفلس" وفلوس، وخرج عنه [نحو] 3: حوض، فلا ينقاس فيه: فعول. وشذ في فوج: فووج. وهم الجماعة من الناس. "ومكسورها نحو: حمل"، بالحاء المهملة، وحمول، "وضرس" وضروس, "ومضمومها نحو: جند"، وجنود, "وبرد" وبرود، وإليه أشار الناظم بقوله: 814- ......................... ... ........... كذاك يطرد 815- في فعل اسما مطلق الفا .... ... ..................................... "إلا في ثلاثة" من مضموم الفاء لم يطرد فيها فعول: "أحدها: معتل العين كـ: حوت"، فإن جمعه: حيتان. "والثاني: معتل اللام كـ: مدي" فإن جمعه: أمداء. قال سيبويه4: لا يكسر   1 سقط من "ب". 911- الرجز لحكيم بن معية الربعي في شرح أبيات سيبويه 2/ 397، ولسان العرب 5/ 234، "نمر"، 11/ 489 "عيل"، والمقاصد النحوية 4/ 586، وتاج العروس 14/ 293، "نمر"، "عيل"، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 316، 376، وشرح شافية ابن الحاجب 3/ 132، وشرح الأشموني 3/ 829، وشرح شواهد الشافية ص376، وشرح المفصل 5/ 18، 10/ 92، والكتاب 3/ 574، والمقتضب 2/ 203، والممتع في التصريف 1/ 344، والمخصص 11/ 7. 2 الكتاب 2/ 574. 3 إضافة من "ط". 4 الكتاب 3/ 577. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 540 على غير ذلك. قال في المحكم: المدي من المكاييل معروف. قال ابن الأعرابي: هو مكيال ضخم لأهل الشام وأهل مصر، والجمع: أمداء، وقال الجوهري1: هو القفيز الشامي، وهو غير المد. "وشذن في" جمع: "نؤي" بنون مضمومة بعدها همزة ساكنة: "نئي"، بضم النون وكسر الهمزة وتشديد الياء. "قال" الشاعر: [من الوافر] . 912- خلت إلا أياصر أو نئيا ... محافرها كأشربة الإضين وإلا: حرف استثناء وأياصر: منصوب على الاستثناء، وهو بالياء المثناة التحتانية والصاد المهملة، جمع: أيصر: حبل قصير يشد في أسفل الخباء إلى وتد. والنئي، بضم النون وكسر الهمزة وتشديد الياء، جمع نؤي، وهو حفيرة تجعل حول الخباء، لئلا يدخله ماء المطر. وأصل الجمع: نووي، على زنة2 فعول اجتمع فيه الواو والياء، وسبقت إحداهما بالسكون. قلبت الواو ياء والضمة كسرة لتسلم الياء، ثم أدغمت إحدى الياءين في الأخرى لتماثلهما، فصار نؤيا، ويقال فيه أيضًا: نئي، بكسرتين إتباعًا لكسرة الهمزة، وآنآء ويقدمون الهمزة ثم يقولون: آناء على القلب، مثل: أبآر وآبار. والإضين، بكسر الهمزة جمع: أضاءة وهي الغدير. والمستثنى "الثالث" من فعل، بضم العين3، "المضاعف"، فإنه لا يجمع على فعول "كـ: مد"، بضم الميم، لمكيال، فإنه يجمع على: أمداء. "وشذ في" جمع "خص، بالحاء المهملة" المضمومة والصاد المهملة، "وهو: الورس" كما قال الجوهري4. وقال غيره5: الزعفران. قال عمرو بن كلثوم: [من الوافر] . 913- مشعشعة كأن الحص فيها ... إذا ما الماء خالطها سخينا   1 الصحاح "مدى". 912- البيت للطرماح في ديوانه ص521، وأساس البلاغة "نأي"، ولسان العرب 14/ 38 "أضا" وفيه القافية "الإضينا"، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 318. 2 في "ب": "وزن". 3 في "ط": "الفاء". 4 الصحاح "حصحص". 5 لسان العرب 7/ 15 "حصحص". 913- البيت لعمرو بن كلثوم في ديوانه ص64، ولسان العرب 2/ 531، "طلح"، 7/ 15، "حصحص"، 13/ 205 "سخن"، وكتاب العين 1/ 71، والمخصص 3/ 2، 15/ 60، والأغاني 11/ 45، وجمهرة أشعار العرب 1/ 389، وخزانة الأدب 3/ 178، والخصائص 1/ 289، 2/ 360، وشرح ديوان امرئ القيس 320، وشرح الحماسة للمرزوقي 1/ 188، وشرح القصائد السبع ص372، وشرح القصائد العشر ص312، وشرح المعلقات السبع ص165، وشرح المعلقات العشر ص88، وشعراء النصرانية ص455، وللتغلبي في تاج العروس 6/ 582 "طلح" ومقاييس اللغة 2/ 13، 3/ 168، وديوان الأدب 4/ 92، وبلا نسبة في أساس البلاغة "حصص". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 541 "خصوص": فاعل شذ. "ويحفظ" فعول "في: فعل" بفتحتين، اسمًا "كـ: أسد، و" أسود، "وشجن"، بالشين المعجمة والجيم: الحاجة حيث كانت، والجمع: شجون. والشجن أيضًا: الحزن، والجمع: أشجان "وندب"، بفتح النون والدال المهملة وبالباء الموحدة: الخطر، وأثر الجرح إذا لم يرتفع عن الجلد، والجمع: ندوب. "وذكر" بفتحتين، مقابل أنثى، والجمع: ذكور، وطلل وطلول. البناء "الثالث عشر: فعلان، بكسر أوله وسكون ثانيه. ويطرد أيضًا في ألفاظ "أربعة: اسم على فعال": بضم الفاء "كـ: غلام" وغلمان، "وغراب" وغربان. "أو على: فعل" بضم أوله وفتح ثانيه "كـ: صرد" لطائر. وصردان، "وجرذ" بالجيم والراء والذال [المعجمة] 1: نوع من الفئران، والجمع: جرذان. "أو: فعل" بضم أوله وسكون ثانيه؛ حال كونه "واوي العين، كـ: حوت" وحيتان، "وكوز" وكيزان، بالزي. "أو" على: "فعل"، بفتحتين. "كـ: تاج"، بالجيم وتيجان، "وساج" وسيجان، "وخال" وخيلان: وهي النقط المخالفة لبقية لون البدن. "وجار" وجيران، "ونار" ونيران. "وقاع" وقيعان. والألف في الجميع منقلبة عن واو، إلا في: خال، فإنها منقلبة عن ياء. والخال: أخو الأم، ألفه منقلبة عن واو، وجمعه: أخوال. "وقل" فعلان "في": فعل، بكسر أوله وسكون ثانيه، "نحو": حسل وحسلان2، وخرص وخرصان، وخشف وخشفان، وخيط وخيطان3، ورئد ورئدان4،   1 إضافة من "ط". 2 في "ب": "حمل وحملان". 3 في "أ": "خبط وخبطان"، والتصويب من "ط" لأنه يناسب ما سيشرحه الأزهري. 4 في "أ": "زند وزندان"، وفي "ب": "زيد وزيدان"، والتصويب من "ط" لأنه يناسب ما سيشرحه الأزهري. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 542 وشقد وشقدان، وشيح وشيحان1، و"صنو" وصنوان، وقنو وقنوان. هذه تسعة ألفاظ ذكرها ابن جني، ونظمها ابن مالك في بيتين فقال: [من البسيط] للحسل والخرص في التكسير فعلان ... وهكذا قل خشفان وخيطان2 رئد وشقد وشيح هكذا جمعت ... ومثل ذلك صنوان وقنوان3 الحسل: ولد الضب، والخرص: سنان الرمح، والخشف، الغزال، والخيط4 قطيع النعام، والرئد: المثل وأيضًا: فرخ5 الشجرة، وقيل ما لانَ من أغصانها، والشقد: ولد الحرباء، والشيح: نبت، والصنو والقنو: مثلان. "و" في: فعل، بفتحتين، نحو: "خرب"، بفتح الخاء المعجمة والراء: ذكر الحبارى سمي بذلك لسكونه في الخراب، وجمعه: خربان، بكسر الخاء. قاله في الضياء. "و" في: فعال بفتح أوله، نحو: "غزال" وغزلان. "و" في فعال. بكسر أوله، نحو: "صوار" بكسر الصاد المهملة، وحكي ضمها، وهو القطيع من بقر الوحش، وجمعه: صيران، بقلب الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها. "و" في فاعل نحو: "حائط" وحيطان. "و" في فعيل نحو: "ظليم"، بفتح الظاء المشالة: ذكر النعام. وجمعه: ظلمان بكسر الظاء وضمها. "و" في: فعول نحو: "خروف" وخرفان. وفي فعلة، بكسر أوله وسكون ثانيه، نحو: نسوة ونسوان. وفي وصف على: فعل نحو: ضيف وضيفان. أو على: فعال نحو: شجاع وشجعان.   1 في "أ": "شيخ وشيخان"، وفي "ب": "سيج وسيجان"، والتصويب من "ط": لأنه يناسب ما سيشرحه الأزهري. 2 في "أ": "خبطان"، والتصويب من "ط" لأنه يناسب ما سيشرحه الأزهري. 3 في "أ": "زند، شيخ"، وفي "ب": "زيد، سيج" مكان "رئد، شيح"، والتصويب من "ط" لأنه يناسب ما سيشرحه الأزهري. 4 في "أ": "الخبط". 5 في "ط": "فرع". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 543 البناء "الرابع عشر: فعلان، بضم أوله وسكون ثانيه، ويكثر في" ألفاظ "ثلاثة": "في اسم على فعل"، بفتح أوله وسكون ثانيه، "كـ: ظهر"، بالمشالة وظهران، "وبطن" وبطنان. "أو: فعل"، بفتحتين، حال كونه "صحيح العين، كـ: ذكر" وذكران، "وجذع" للثني من المعز، وجذعان. قال الموضح في الحوشي: هذا مثال أبي حيان، وهو خطأ لأن جذع صفة لا اسم. انتهى. وهذا الاعتراض بالنظر إلى الوصف الأصلي لا باعتبار الاسمية. "أو" على "فعيل كـ: قضيب" وقضبان، "ورغيف" ورغفان، و"كثيب" وكثبان. "وقل" فعلان، بضم الفاء، "في" فاعل "نحو: راكب" وركبان، وراجل ورجلان، ويجمع راجل على رجل كـ: صحب، ورجالة ورجال. "وفي": أفعل نحو: "أسود" وسودان وأحمر وحمران. وزعم الفراء أن سودان وحمران جمع: سود وحمر فهو جمع الجمع، لا جمع المفرد. ورد بأن فعلاء صفة لا تجمع على فعلان. وفي: فعال، بضم الفاء كـ: حوارن بالحاء المهملة، وحوران، والكثير: حيران، وزقاق، بزاي وقافين، وهو السكة، "وزقان"، بإدغام عينه في لامه لزوال المانع من التقاء المثلين. وعبر عن المقيس بالكثير وعن المحفوظ بالقليل، ولم يخالف التسهيل1. إلا في: جذع، فإنه جعله من قسم المحفوظ بناء على أنه صفة. البناء "الخامس عشر: فعلاء, بضم أوله وفتح ثانيه. ويطرد في: فعيل" وصفًا: لمذكر عاقل. "بعمنى فاعل"، أو بمعنى مفعل، أو مفاعل، حال كونه "غيب مضاعف، ولا معتل اللام". فالأول "كـ: ظريف" وظرفاء، وكريم" وكرماء، "وبخيل" وبخلاء. وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 818- ولكريم وبخيل فعلا ... كذا لما ضاهاهما قد جعلا   1 التسهيل ص276. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 544 ويستثنى من ذلك: صغير وصبيح وسمين فقط، فإنهم استغنوا فيهن بفعال. قال سيبويه1: ولا يقول: صغراء ولا صبحاء ولا سمناء. والثاني كـ: سميع بمعنى مسمع، وأليم بمعنى مؤلم. فإنه يقال في جمعهما: سمعاء وألماء. قاله ابن مالك2. وشوحح فيهما. والثالث: نحو: جليس وخليط، بمعنى: مجالس ومخالط، فإنه يقال في جمعهما: جلساء وخلطاء، وشذ: أسير وأسراء، وقتيل وقتلاء. لأنهما بمعنى مفعول. "وكثر" فعلاء "في فاعل دالا على معنى" غير مكتسب "كالغريزة"، بالغين المعجمة والراء والزاي، وهو الطبيعة التي طبع الإنسان عليها. "كـ: عاقل" وعقلاء، "وصالح" وصلحاء، "وشاعر" وشعراء. فإن العقل والصلاح والشعر من الأوصاف الشبيهة بالأوصاف الغريزية3 كـ: الكرم والبخل، من جهة أن كلا منهما غير مكتسب. "وشذ فعلاء في نحو: جبان" وجبناء، وخليفة" وخلفاء4. قال سيبويه5: وقولهم: خلفاء محمول في المعنى على خليف، لأنه لا يقع إلا على مذكر، والتاء لا تثبت في تكسيره. وقال أبو علي6: جمع خليفة: خلائف. على حد: كرائم أموالهم7؛ جمع: كريمة. "وسمح" بسين مهملة مفتوحة وميم ساكنة وفي آخره حاء مهملة: الكريم، وجمعه: سمحاء، لا بالخاء المعجمة، خلافًا لأبي حيان8. "وودود" وودداء، ورسول ورسلاء، لأنها ليست على فعيل ولا على فاعل. البناء "السادس عشر: أفعلاء، بكسر ثانيه9، وهو نائب عن فعلاء في المضعف" من فعيل بمعنى فاعل "كـ: شديد" وأشداء، و"عزيز" وأعزاء.   1 الكتاب 3/ 363. 2 شرح الكافية الشافية 4/ 1860-1861. 3 في "ب": "العزيزي". 4 سقط من "ب". 5 الكتاب 3/ 336. 6 التكملة ص185. 7 أخرجه البخاري في الزكاة برقم 1425: "فإياك وكرائم أموالهم" وشرحه في النهاية 4/ 67 بقوله: "أي نفائسها التي تتعلق بها نفس مالكها ويختصها لها، حيث هي جامعة للكمال الممكن في حقها". 8 الارتشاف 1/ 206. 9 في "ط": "ثالثة". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 545 "وفي المعتل" اللام من: فعيل بمعنى فاعل "كـ: ولي" وأولياء، و"غني" وأغنياء، وإنما ناب أفعلاء عن فعلاء في المعتل اللام والمضعف، لأنهم لو قالوا في: غني: غنياء، لتحرك حرف العلة وانفتح ما قبله، فينقلب ألفا، فيلتقي ألفان فتحذف إحدى الألفين، فتختل الكلمة. كذا قالوا. وفيه نظر لأن حرف العلة بعده ألف فلا يعل لأجلها. ولو قالوا: شدداء التقى حرفا التضعيف لزوال الفاصل ولا يمكن الإدغام لأن فعلاء وزن خاص بالاسم فلا يدغم. وشذ: تقي وتقواء، وسخي وسخواء. "وشذ" أفعلاء "في" غير المضعف والمعتل، "نحو: نصيب" وأنصباء "وصديق" وأصدقاء، "وهين" وأهوناء. وأما ظنين وأظناء فشاذ، وإن كان مضاعفًا1، لأنه بالظاء المشالة، بمعنى متهم. فهو صفة بمعنى مفعول لا بمعنى فاعل. وبالطاء المهملة: اسم لا صفة. وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 819- وناب عنه أفعلاء في المعل ... لاما ومضعف وغير ذاك قل البناء "السابع عشر: فواعل، ويطرد في" ألفاظ "سبعة" ثانيها ألف زائدة، أو واو غير ملحقة بخماسي. وذلك "في: فاعلة اسمًا" كانت "أو صفة كـ: {سَبْعَة} ثانيها ألف زائدة أو واو غير ملحقة بخماسي. وذلك "في: فاعلة اسمًا" كانت "أو صفة كـ: {نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ} [العلق: 16] فـ: ناصبة: اسم، وكاذبة خاطئة: صفة، فيقال في جمعها: نواص2. وكواذب، وخواطئ. "وفي اسم على فوعل كـ: جوهر"، "وكوثر" وكواثر. "أو" اسم "على: فوعلة، كـ: صومعة" وصوامع، "وزوبعة" وزوابع، والصومعة: بيت النصارى. قاله في القاموس3. والزوبعة، بالزاي والباء الموحدة المفتوحتين: رئيس من رؤساء الجن. ومنه يسمى الإعصار زوبعة، وهي: ريح تثير4 الغبار ويرتفع إلى السماء كأنه عمود. قاله في الصحاح5. "أو" اسم "على فاعل، بالفتح" في العين "كـ: خاتم"، على إحدى اللغتين، وخواتم. "وقالب"، على لغة الفتح، وقوالب، وطابع كذلك، وطوابع.   1 في "ب": "مضعفًا". 2 في "ب": "نواصي". 3 القاموس المحيط "صمع". 4 في "أ": "يشير" بتذكير الفعل مع أن الريح مؤنثة، وفي "ب": "تنثر". 5 الصحاح "زبع". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 546 "أو" اسم "على فاعلاء، بالكسر" في عينه وبالمد "نحو: قاصعاء" وقواصع، "وراهطاء" ورواهط. ونافقاء ونوافق. والثلاثة أسماء لجحرة1 اليربوع. فالراهطاء، بالراء والطاء المهملتين: هي التي يخرج منها التراب ويجمعه، والقاصعاء، بالقاف والصاد والعين المهملتين: حفر يحفرها ثم يأتي بالتراب الذي أخرجه من الراهطاء فيسد به فم الجحر لئلا يدخل عليه. والنافقاء بالنون والفاء والقاف: حفرة يكتمها ويظهر غيرها. وهو موضع يربعه، فإذا أتي من قبل القاصعاء، ضرب النافقاء برأسه فخرج. "أو" اسم على "فاعل"، بكسر العين "كـ: جائز" وجوائز، وهو بالجيم والزاي: الخشبة المعترضة بين الحائطين، ومنه جائزة الطاحون. وقيل الخشبة2 التي يحمل عليها خشب البيت. "وكاهل": وهو مجمع الكتفين، وكواهل. "وفي وصف على فاعل" بكسر العين "لمؤنث" لا تدخله تاء الفرق "كـ: حائض" وحوائض "وطالق" وطوالق. "أو" وصف على فاعل "لغير عاقل" من المذكر "كـ: صاهل" صفة فرس، وصواهل، "وشاهق" صفة مكان، وشواهق، وطالع صفة نجم، وطوالع. "وشذ" فواعل من وصف على فاعل لمذكر عاقل. فمن ذلك قولهم: "فوارس" في جمع فارس، "ونواكس" في جمع ناكس. قال الفرزدق: [من الكامل] 914- وإذا الرجال رأوا يزيد رأيتهم ... خضع الرقاب نواكس الأبصار "و" في جمع: سابق صفة لمذكر "سوابق، و" في جمع هالك "هوالك". قال: [من الطويل] 915- وأيقنت أني عند ذلك ثائر ... غداتئذ أو هالك في الهوالك   1 في "ط": "لجحر". 2 في "ب": "الخشب الذي". 914- البيت للفرزدق في ديوانه 1/ 304، والاقتضاب ص151، وجمهرة اللغة ص607، وخزانة الأدب 1/ 206، 208، وشرح أبيات سيبويه 2/ 367، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص39، وشرح شواهد الشافية ص142، وشرح المفصل 5/ 56، والكتاب 3/ 633، واللسان 6/ 241 "نكس"، 8/ 74، "خضع"، والمتقضب 1/ 121، 2/ 219. 915- البيت لابن جذل الطعان في لسان العرب 10/ 504 "هلك" وتاج العروس "هلك" وبلا نسبة في شرح المفصل 5/ 56. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 547 وزعم بعضهم أن ذلك كله غير شاذ وأنه جمع لفاعلة، وكأنه قيل: طائفة هالكة، وطوائف هوالك. وكذا الباقي، نقله الموضح في الحواشي وأقره. وقال ابن الحاجب في شرح المفضل: "أما فوارس، فالذي حسنه انتفاء الشركة بينه وبين المؤنث لأنهم1 لا يقولون: امرأة فارسة. وأما هوالك فجاء في1 مثل: هالك في الهوالك1. والأمثال كثيرًا ما تخرج عن القياس. وأما "نواكس" فضرورة. وخرج بقولنا: ثانيها ألف زائدة نحو: آدم، فإن ألفه غير زائدة، فيقال في جمعه: أوادم، بزنة: أفاعل لا فواعل. وبقولنا: أو واو غير ملحقة بخماسي نحو: فدوكس، فإنه ملحق بسفرجل، فيقال في جمعه: فداكس بزنة فعالل لا فواعل. وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 820- فواعل لفواعل وفاعل ... وفاعلاء مع نحو كاهل 821- وحائض وصاهل وفاعله ... وشذ في الفارس مع ما ماثله البناء "الثامن عشر: فعائل. ويطرد2 في كل رباعي مؤنث ثالثه مدة سواء" كانت المدة ألفا أو ياء أو واوًا، وسواء كان اسمًا أو صفة. وسواء "كان تأنيثه بالتاء كـ: سحابة" وسحائب. "وصحيفة" وصحائف، و"حلوبة" وحلائب، ورسالة ورسائل, ذؤابة وذوائب, وظريفة وظرائف. "أو" كان تأنيثه "بالمعنى كـ: شمال" بكسر الشين، مقابل يمين، وبفتحها: ريح تهب من ناحية القطب، وجمعها: شمائل. قال الله تعالى: {عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ} [المعارج: 37] . وحكى اللحياني في جمع أسماء الريح: شمالا وشمائل. وعقاب وعقائب "وعجوز" وعجائز، "وسعيد؛ علم امرأة" وسعائد. وشذ: دليل ودلائل. أو كان تأنيثه بالألف المقصورة كـ: حبارى وحبائر. أو بالممدودة جلولاء، وجلائل. بالجيم: قرية بناحية فارس. وشذ: ضرة وضرائر، وكنة وكنائن، وظنة وظنائن، وحرة وحرائر. لأنهن ثلاثيات. وإليه أشار الناظم بقوله: 82- وبفعائل اجمعن فعاله ... وشبهه ذا تاء أو مزاله البناء "التاسع عشر: فعالي، بفتح أوله وكسر رابعه، ويطرد في" ألفاظ "سبعة":   1 سقط من "ب". 2 في "ب": "يرد". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 548 أحدها: "فعلاة"، بفتح أوله وسكون ثانيه "كـ: موماة": وهي الفلاة الواسعة التي لا نبات فيها، وجمعها موام1. قاله صاحب الضياء. "و" الثاني: "فعلاة"، بكسر أوله وسكون ثانيه "كـ: سعلاة" بالسين والعين المهملتين؛ أخت2 الغيلان. وجمعها: سعال3. قال: [من الرجز] 916- عجائزا مثل السعالي خمسا "و" الثالث: "فعلية"، بكسر أوله وسكون ثانيه وكسر ثالثه "كـ: هبرية" بالباء الموحدة والراء والياء المثناة التحتانية مخففة: وهي ما يتعلق بأصول الشعر مثل نخالة الطحين. وقيل: ما تطاير من دقائق القطن. وجمعها: هبار4. "و" الرابع: "فعلوة"، بفتح أوله، وسكون ثانيه وضم ثالثه وفتح رابعه، "كـ: عرقوة" بالعين والراء المهملتين والقاف: وهي الخشبة المعترضة على رأس الدلو. وجمعها عراق5. "و"الخامس: "ما حذف أول زائديه من نحو: حبنطى"، بفتح الحاء المهملة والباء الموحدة وسكون النون وفتح الطاء المهملة: وهو العظيم البطن. وزيد فيه النون والألف ليلتحق6 بسفرجل فإذا حذف أول زائديه وهو النون، قيل في جمعه: حباط7، "وقلنسوة"، بفتح القاف واللام وسكون النون وضم السين المهملة وفتح الواو: ما يلبس على الرأس. وزيد فيه النون والواو ليلتحق6 بـ: قمحدوة، فإذا حذف أول زائديه وهو النون قيل في جمعه: قلاس. واحترز بحذف أول زائديه من حذف ثانيهما، فإنه يقال: في جمعهما: حبائط وقلانس على [زنة] 8 فعالل.   1 في "ب": "موامي". 2 في "ب": "أخبث" وهذا يوافق ما جاء في لسان العرب 11/ 336 "سعل" وفي حاشية يس 2/ 313-314 "المراد: أخوتها للغيلان في كونهما نوعين من الجن كما يدل عليه كلام القزويني في عجائب المخلوقات". 916- تقدم تخريج الرجز برقم 795. 3 في "ط": "سعالي". 4 في "ب": "هباري". 5 في "ب": "عراقي". 6 في "ط": "ليلحق". 7 في "ب": "حباطي". 8 إضافة من "ط". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 549 "و" السادس: "فعلاء" بفتح أوله وسكون ثانيه. "اسمًا" كانت "كـ: صحراء" وصحار1، "أو صفة مذكر لها كـ: عذراء" وهي البكر، وعذار. "و" السابع: "ذو الألف المقصورة لتأنيث، كـ: حبلى" وحبال، "أو إلحاق، كـ: ذفرى"، بكسر الذال المعجمة وسكون الفاء وفتح الراء المهملة: وهو الموضع الذي يعرق من قفا البعير خلف الأذن، وألفه للإلحاق بدرهم، وهجرع، والجمع: ذفار2، وعلقى وعلاق3. "تمام العشرين" من أبنية الكثرة: "فَعَالَى، بفتح أوله ورابعه، ويشاركه الفعالِي: بالكسر" في رابعه "في صحراء وما ذكر بعده" من نحو: عذراء3، وحبلى، وذفرى، فتقول في جمعها: صحارى وصحار2، وعذارى وعذار2، وحبالى وحبال2، وذفارى وذفار2، وعلاقى وعلاق2، بالفتح والكسر في الجميع، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 823- وبالفعالي والفعالى جمعا ... صحراء والعذراء والقيس اتبعا وينفرد فعالي بالكسر، عن فعالى بالفتح، بما ذكر قبل صحراء، "وليس لفعالى" بالفتح، "وما ينفرد به عن الفعالي" بالكسر "إلا وصف" على فعلان، أو فعلى، بفتح أولهما نحو: سكران وسكرى، وغضبان وغضبى، فتقول في جمعهما: سكارى وغضابى بالفتح. ولا تقول: سكار وغضاب بالكسر، ويترجح في هذين الوصفين: فعالى، بضم الفاء وفتح اللام نحو: كسالى على فعالى، بفتحهما. ويحفظ فعالى، بفتح الفاء واللام، في نحو: حبط وحباطى، ويتيم ويتامى، وأيم وأيامى، وطاهر؛ بنات بني عون؛ وطهارى، ومهرى ومهارى، وشاة رئيس، إذا أصيب رأسها؛ ورآسى. ويحفظ فعالى، بالضم، في نحو: قديم وقدامى، وأسير وأسارى. والحاصل أن هذه الأوزان بالنسبة إلى فعالى، بالضم ثلاثة أقسام: أحدها: ما فعالى بالضم أرجح فيه من فعالى بالفتح وهو شيئان: فعلان وفعلى، وصفين.   1 في "ب": "صحاري". 2 جميع الكلمات في "ب": بزيادة ياء في آخرها. 3 في "ب": "عذرى". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 550 والثاني: ما فعالى، بالضم فيه لازم وهو: قديم وأسير. والثالث: ما فعالى فيه ممتنع، وهو: يتيم وحبط1 وأيم وطار ومهرى2، ورئيس بمعنى مرءوس. "الحادي والعشرون: فعالي، بالفتح" في الفاء "والتشديد" في الياء. "ويطرد" فعالي "في كل ثلاثي" ساكن العين "آخره ياء مشددة" زائدة على الثلاثة "غير متجددة للنسب كـ: بختي" بضم الموحدة وسكون الخاء المعجمة، وبخاتي، "وكرسي" وكراسي، "وقمري"، بضم القاف، وقماري "بخلاف نحو": عربي وعجمي، لأنهما محركا العين. ونحو: "مصري وبصري"، لأن ياءهما متجددة للنسب. وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 824- واجعل فعالي لغير ذي نسب ... جدد ............................... وشذ: قبطي وقباطي، نسبة إلى قبط، وفي الصحاح3: القبط: أهل مصر، ورجل قبطي، والقبطية: ثياب بيض رقاق من كتان والجمع: قباطي. وفي الصحاح4 أيضًا: البخت من الإبل معرب، وبعضهم يقول: [هو] 5 عربي، وينشد لابن قيس الرقيات [من الخفيف] . 917- يهب الخيل والألوف ويسقي ... لبن البخت في قصاع الخلنج الواحد: بختي، والأنثى، بختية والجمع: بخاتي، غير منصرف لأنه بزنة جمع الجمع، ولك تخفيف الياء، فتقول: البخاتي. قال الموضح: فالياء في البخاتي: متجددة للنسب، وليس بختي وبخاتي كـ: قمري وقماري، ألا ترى أن الياء في قمري ليست للنسب إلى: قمر، ولكنها في بختي للنسب إلى بخت، وبختي [وبخت] 6 كتركي وترك، فكما لا يقال في تركي تراكي،   1 في "ب": "حبطي". 2 في "ب": "مهر". 3 الصحاح "قبط". 4 الصحاح "بخت". 5 إضافة من "ب"، "ط". 917- البيت لعبيد الله بن قيس الرقيات في ديوانه ص181، واللسان 2/ 9، "بخت"، 261، "خلنج"، والتنبيه والإيضاح 1/ 156، وتاج العروس 4/ 437 "بخت"، وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص252. 6 إضافة من "ب"، "ط". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 551 [كذا] 1 كان القياس أن لا يقال في بختي بخاتي. انتهى. وقد تكون الياء في الأصل للنسب الحقيقي ثم يكثر استعمال ما هي فيه حتى يصير النسب نسيًا2 منسيًّا، أو كالمنسي، فيعامل الاسم معاملة ما2 ليس منسوبًا كقولهم: مهري ومهاري، وأصل المهري: بعير3 منسوب إلى مهرة، قبيلة من قبائل اليمن. ثم كثر استعماله حتى صار اسمًا للنجيب من الإبل. قاله المرادي4. وبه تندفع مشبهة الموضح. ويحفظ فعالي في: إنسان وظربان، فإنهم قالوا في جمعهما: أناسي وظرابي. ولما كان أناسي يتبادر إلى الفهم أنه جمع إنسي، حتى قال به بعضهم، أشار إلى جوابه بقوله. "وأما أناسي فجمع إنسان، لا" جمعه "إنسي"، لأن إنسيًّا، آخره ياء النسب. وتقدم أن ما ختم بياء النسب لا يجمع على فعالي، "و" أناسي "أصله أناسين، فأبدلوا النون ياء" وأدغموا5 الياء المبدلة من ألف إنسان فيها. "كما قالوا: ظربان وظرابي"، وأصله: ظرابين6، فأبدلوا النون ياء بدليل أن العرب نطقت بذلك على الأصل، فقالت: أناسين وظرابين، وبهذا يتبين أن إبدال النون ياء فيهما ليس بلازم كما توهم ابن عصفور7. ولو كان أناسي جمع إنسي، لقيل في جمع: جني جناني8، وفي جمع: تركي تراكي. قاله ابن مالك في شرح الكافية9. زاد ابنه10: وهذا لا يقول به أحد. انتهى. والظربان؛ بفتح الظاء المشالة وكسر الراء المهملة وبالباء الموحدة؛ قال الجوهري11: "دويبة كالهرة منتنة الريح. تزعم العرب أنها تفسو في ثوب أحدهم إذا صادها فلا تذهب رائحته حتى يبلى الثوب"12.   1 إضافة من "ب". 2 سقط من "ب". 3 في "أ", "ب": "بغير". 4 شرح المرادي 5/ 71. 5 في "ب": "وأبدلوا". 6 في "ب": "ضربان وضرابي وأصله ضرابين". 7 الممتع في التصريف 2/ 372. 8 في "أ": "خني خناني". 9 شرح الكافية الشافية 4/ 1870. 10 شرح ابن الناظم ص556. 11 الصحاح "ظرب". 12 في "ب": "تبلى". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 552 وقال في المحكم: الظربان، دويبة تشبه الكلب، أصلم الأذنين، طويل الخرطوم، أسود الرأس، أبيض الجسم، منتن الريح، كثير الفسو. انتهى. البناء "الثاني والعشرون: فعالل. ويطرد في" أنواع "أربعة وهي: الرباعي والخماسي، مجردين ومزيدًا فيهما: فالأول": الرباعي المجرد، ويكون مفتوح الفاء واللام الأولى ومضمومهما ومكسورهما. فالمفتوح "كـ: جعفر" وهو النهر الصغير، وجمعه: جعافر. "و" المكسور نحو: "زبرج"، بالزاي والباء الموحدة والراء والجيم، وهو من أسماء الذهب، والسحاب الرقيق الذي فيه حمرة، وجمعه: زبارج. والمضموم نحو: برثن1، بالباء الموحدة والراء المهملة والثاء2 المثناة3 فوق، وهو مخالب4 الضبع كالأصابع للإنسان، وجمعه: براثن5. "والثاني": الخماسي المجرد6 "كـ: سفرجل وجحمرش" بفتح الجيم وسكون الحاء المهملة وفتح الميم وكسر الراء بعدها شين معجمة: العجوز الكبيرة والمرأة السمجة. "ويجب" في جمع الخماسي "حذف خامسه" تخفيفًا لأن الثقل به حصل. "فتقول" في جمع سفرجل: "سفارج"، بحذف اللام. "و" في جمع جحمرش: "جحامر" بحذف الشين. "وأنت بالخيار في حذف الرابع أو الخامس إن كان" الحرف "الرابع" من الخماسي. "مشبهًا للحروف" العشرة "التي تزاد" في الكلم، وهي حروف "سألتمونيها". وشبهه بها: "إما بكونه بلفظ أحدها كـ: خدرنق"، بفتح الخاء المعجمة والدال المهملة وسكون الراء وفتح النون وبعدها قاف، وهو العنكبوت7، قال المتنبي: [من الطويل] قواض مواض نسج داود عندها ... إذا وقعت فيه كنسج الخدرنق8   1 في "ط": "برتن". 2 في "ط": "التاء". 3 في حاشية يس 2/ 315، "قوله: والتاء والمثناة، صوابه: المثلثة كما يقتضيه صنيع الصحاح والقاموس وكذا رأيته بخط المصنف". 4 في "ب": "مخاليب". 5 في "ط": "براتن". 6 انظر الحاشية يس 2/ 315. 7 في "أ", "ب": "وهي". 8 البيت للمتنبي في ديوانه 2/ 309. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 553 ورابعه1 النون. وهي حرف أصلي لأنها لا يحكم بزيادتها متوسطة إلا بشروط تأتي، ولكنها من لفظ الحروف التي تزاد. "أو بكونه من مخرجه"، أي من مخرج الحرف الزائد، "كـ: فرزدق" جمع: فرزدقة، وهي القطعة من العجين. لقب همام بن غالب بن صعصعة الشاعر. "فإن2 الدال" هي الحرف الرابع، وليست بلفظ حروف الزيادة. ولكنها "من مخرج التاء" الفوقية3، وهو طرف اللسان وأصول الثنيتين العليتين4. والحاصل أنك إذا جمعت الخماسي فإن لم يكن رابعه شبيهًا بالزائد تعين حذف خامسه، وإن كان رابعه شبيهًا بالحرف الزائد لا يتعين حذف خامسه بل يتخير الحاذف5. فإن شاء حذف الرابع وأبقى الخامس فيقول: خدارق وفرازق6 وإن شاء حذف الخامس وأبقى الرابع فيقول7: خدارن وفرازد8. وهو الأجود9 ومذهب سيبويه10. وقال المبرد11: لا يحذف إلا12 الخامس. ومحل الخلاف إذا لم يكن الخامس يشبه لفظ الزائد، فإن أشبهه تعين حذفه قولا واحدًا نحو: قذعمل، فتقول في جمعه: قذاعم. "الثالث": الرباعي المزيد" نحو: مدحرج13 ومتدحرج. والرابع: الخماسي المزيد "نحو: قرطبوس". قال ابن السيد: بفتح القاف. الداهية: وبكسرها: الناقة العظيمة الشديدة14. "وخندريس15"، بفتح الخاء المعجمة   1 في "ب": "رابع". 2 في "أ": "أو تكون". 3 في "ب", "ط": "الفوقانية". 4 سقط من "ب". 5 في "ب": "الحاذق". 6 في "ب": "فرازق". 7 في "ط": "فتقول". 8 في "ب": "فرازد". 9 وهو رأي ابن الناظم في شرحه ص557. 10 الكاب 3/ 448-449. 11 المقتضب 2/ 230. 12 سقط من "ب". 13 في "أ": "تدحرج". 14 ورد هذ القول في تاج العروس 16/ 367 "قرطبس" ولم ينسبه إلى ابن السيد، وقال: "حكاه الشيخ أبو حيان عن المبرد، ومثل بهما سيبويه جميعًا، وفسرهما السيرافي كما قدمنا". 15 القرطبوس والخندريس؛ حكاهما أبو حيان في المبدع في التصريف ص100. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 554 وسكون النون وفتح الدال المهملة وكسر الراء بعدها ياء مثناة تحتانية فسين مهملة: الخمر. "ويجب" في الجمع "حذف زائد هذين النوعين" الأخيرين. وهما: الرباعي المزيد والخماسي المزيد. ففي مزيد الرباعي يقتصر1 على حذف زائده، فتقول في جمع: مدحرج ومتدحرج: دحارج، بحذف الميم والتاء فقط. وفي مزيد الخماسي تحذف3 زائده وخامسه، فتقول في جمع: قرطبوس وخندريس: قراطب, بحذف الواو والسين، وخنادر، بحذف الياء والسين. "إلا إذا كان" زائد الرباعي "لينا" رابعًا "قبل الآخر، فتثبت" وتجتمع3 ما هو فيه على فعاليل. "ثم إن كان" الزائد "ياء صحح4 نحو: قنديل" وقناديل. "أو كان واوًا أو ألفًا، قلبا ياءين" لوقوعهما بعد الكسرة "نحو: عصفور" وعصافير. "وسرادح"، بكسر السين المهملة وسكون الراء وبالدال والحاء المهملتين: المكان اللين. والناقة الكثيرة اللحم. وقال الفراء: العظيمة. وجمعه: سراديح. البناء "الثالث والعشرون: شبه فعالل"، وهو ما ماثله عددًا وهيئة، وإن خالفه زنة، كـ: مفاعل وفياعيل وفواعل. "ويطرد في مزيد الثلاثي غير ما تقدم" من نحو: أحمر، وسكران، وصائم، ورام، وباب كبرى وسكرى، فإنها يقدر لها جموع تكسير فلا تجمع على فعالل، "ولا تحذف زيادته إن كانت واحدة"، سواء أكانت أولا أو وسطًا أو آخرًا، لإلحاق أو غيره، وسواء كانت حرف علة أو لا. "كـ: أفضل" وأفاضل، "ومسجد" ومساجد "وجوهر" وجواهر، "وصيرف"، وصيارف، "وعلقى" وعلاق5. فالزيادة في الأولين لغير الإلحاق، وفي الباقي6 للإلحاق. "ويحذف ما زاد عليها" أي على الزيادة الواحدة، "فتحذف زيادة" واحدة "من نحو": منطلق، "و" زيادتان "اثنتان من نحو: مستخرج ومتذكر" بتشديد الكاف، "ويتعين إبقاء" الزائد" "الفاضل" على غيره، ويحصل الفضل بواحد من سبعة   1 في "ب": "تقتصر". 2 في "ب"، "ط": "بحذف". 3 في "ط": "فيثبت ويجمع". 4 سقط من "ب". 5 في "ب": "علائق". 6 في "أ": "الثاني". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 555 أمور: التقدم. والتحرك، والدلالة على المعنى، ومقابلة الأصول. وهو كونه للإلحاق، والخروج عن حروف "سألتمونيها"، وأن لا يؤدي إلى مثال غير موجود، وأن لا يؤدي حذفه إلى حذف الآخر الذي ساواه في جواز الحذف. وردها في التسهيل1 إلى ثلاثة أمور: المزية من جهة المعنى، والمزية من جهة اللفظ، وأن لا يغني حذفه عن حذف غيره. فالمزية من جهة المعنى "كالميم مطلقًا"، سواء أكان معها حرف مماثل للأصل أم لا، وسواء أكان ثاني الزائدين ملحقًا أم لا. ولا فرف في ذلك بين الخماسي والسداسي. "فتقول في" جمع "منطلق: مطالق"، بحذف النون وإبقاء الميم "لا نطالق"، بحذف الميم وإبقاء النون، لأن الميم تفضل النون بدلالاتها على الفاعل وتصديرها ووجوب تحريكها. واختصاصها بالاسم. "و" تقول "في" جمع "مستدع: مداع"، بحذف السين والتاء معًا، لأن بقاءهما يخل ببنية الجمع، وإبقاء الميم لأن لها مزية عليهما2؛ كما تقدم. "لا: سداع ولا تداع"، بحذف الميم والتاء من الأول لأنه بناء غير موجود، والميم والسين من الثاني لأنه وإن كان بناء موجودًا كـ: تناصب3، لكن حذف الميم يفوت الدلالة على اسم الفاعل "خلافًا للمبرد في نحو: مقعنسس" مما أحد4 زائديه5 للإلحاق، فإنه يقول في جمعه6: قعاسس، ويحذف الميم والنون وتبقى7 السين ترجيحًا لمماثل الأصل، لأن السين زيدت للإلحاق باحرنجم، وبقاء الملحق أولى من غيره. وخالفه سيبويه في ذلك8. "وكالهمزة والياء" التحتانية، "المصدرتين" في أول الكلمة، "كـ: ألندد ويلندد" بفتح أولهما وثانيهما وسكون النون فيهما، وهما بمعنى: "ألد"، وهو الشديد   1 التسهيل ص279. 2 في شرح ابن الناظم 558: "وتبقى الميم لأنها مصدرة، ومتجددة للدلالة على معنى". 3 في "ب"، "ط": "تناظب"، قال الشيخ يس في حاشيته 2/ 316: "قوله كتناظب، كذا في النسخة المصححة بخطه، بالظاء المشالة، ولم أقف على هذه المادة في الصحاح ولا في القاموس". 4 في "ط": "آخر". 5 في "ب": "زوائده". 6 المقتضب 2/ 235، وانظر شرح ابن الناظم ص559. 7 في "ط": "ويبقي". 8 جمع: "مقعنسس" عند سيبويه: "مقاعس"، انظر الكتاب 3/ 429، وشرح ابن الناظم ص559. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 556 الخصومة: نص عليه الجوهري1 وصاحب الضياء. ومنه: خصم ألد. وفي التنزيل: {أَلَدُّ الْخِصَامِ} [البقرة: 204] "تقول" في جمعهما: "ألاد ويلاد" بحذف النون وإبقاء الهمزة والياء لتصدرهما وتحريكهما، ولكونهما في موضع يقعان فيه دالين على معنى بخلاف النون، فإنها في موضع لا تدل على معنى أصلا. والأصل: ألادد ويلادد، فأدغم أحد المثلين في الآخر. والمزية من جهة اللفظ كالتاء من: استخرج علمًا، تقول في جمعه: تخاريج، بحذف السين وإبقاء التاء، لأن له نظيرًا وهو: تماثيل. ولا تقل: سخاريج بحذف التاء وإبقاء السين، لأن سفاعيل معدوم2. والمزية من جهة كون الحرف لا يغني حذفه عن حذف غيره هي ما ذكره بقوله: "وإذا كان حذف إحدى الزيادتين مغنيًا عن حذف الأخرى بدون العكس، تعين حذف المغني حذفها كياء حيزبون"، بفتح الحاء المهملة وسكون الياء المثناة تحت وفتح الزاي وضم الباء الموحدة: العجوز، وفيه ثلاث زوائد: الياء والواو والنون "تقول" في جمعه: "حزابين بحذف الياء وقلبت الواو ياء" لسكونها وانكسار ما قبلها. وإنما أوثرت الواو بالبقاء، لأن الياء إذا حذفت أغنى حذفها عن حذف الواو، ولبقائها رابعة قبل الآخر، فيفعل بها ما فعل بواو: عصفور، من قبلها ياء. "ولا" تقل: "حيازين، بحذف الواو" وسكون الموحدة قبل النون، "لأن ذلك" وهو حذف الواو لا يغني عن حذف الياء، بل هو "محوج إلى أن تحذف الياء" أيضًا "وتقول: حزابن3"، لصيرورته على مفعل، "إذ لا يقع بعد ألف التكسير ثلاثة أحرف أوسطها ساكن، إلا وهو" حرف "معتل" كـ: مصابيح وقناديل. "فإن تكافأت الزيادتان" في الترجيح، "فالحاذف مخير" إذ لا مزية لأحدهما على الأخرى "نحو نوني: سرندي"، بفتح السين والراء المهملتين وسكون النون وفتح الدال المهملة: وهو الجريء على الأمور. وقال الجوهري4: الشديد. وقيل: القوي. "وعلندى" بفتح العين المهملة واللام وسكون النون وفتح الدال: البعير الضخم وقيل: نبت. وقيل: الغليظ الضخم من كل شيء. قاله الجوهري5.   1 الصحاح "لدد". 2 في شرح ابن الناظم ص558: "لأن سفاعيل ليس في كلام العرب". 3 في "ب": "خزابين". 4 الصحاح "سرد". 5 الصحاح "علد". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 557 "وألفيهما" المقصورتين، فإن النون رجحت بالتقدم1 على الألف، والألف رجحت بتقدير2 الحركة، لإلحاقها بسفرجل. فلما تكافأت الزيادتين تخير الحاذف3. قاله الشاطبي. "تقول" في جمع سرندى: "سراند" بحذف الألف وإبقاء النون، "وسراد" بحذف النون وإبقاء الأف. "و" تقول في جمع علندى: "علاند"، بحذف الألف وإبقاء النون، "وعلاد" بحذف النون وإبقاء الألف. فإن حذفت الألف يبقى: سرند وعلند، ينقل إلى: [سرند وعلند كـ: جعفر، فيقال في جمعهما: سراند وعلاند كـ: جعافر. وإن حذفت النون يبقى: سردى وعلدى، ينقل إلى] 4: سردى وعلدى كـ: أرطى، فيقال في جمعهما: سراد وعلاد، بقلب الألف ياء لانكسار ما قبلها. ثم تحذف رفعًا وجرًّا، ويعوض منها التنوين، كـ: جوار. وإلى التخيير أشار الناظم بقوله: 832- وخيروا في زائدي سرندى ... وكلما ضاهاه كالعلندى   1 في "ب": "بالتقديم". 2 في "ط": "بتقديم". 3 في "ب": "الحاذق". 4 سقط ما بين المعكوفين من "ب". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 558 باب التصغير مدخل ... باب التصغير: وهو لغة: التقليل. واصطلاحًا: تغيير مخصوص يأتي بيانه. وله فوائد وعلامات وشروط وأبنية. أما فوائده فست: تقليل ذات الشيء نحو: كليب، وتحقير شأنه نحو: رجيل، وتقليل كميته نحو: دريهمات، وتقريب زمانه نحو: قبيل العصر، وبعيد المغرب. وتقريب مسافته نحو: فويق المرحلة، وتحيت البريد، وتقريب منزلته نحو: صديقي. وزاد الكوفيون معنى آخر وهو: التعظيم نحو: دويهية. وخرجها البصريون على التقليل. لأن الداهية إذا عظمت قلت مدتها. وزاد بعضهم معنى آخر وهو: التحبب نحو: بنية. وأما علاماته فثلاث: ضم أوله، وفتح ثانيه، واجتلاب ياء ثالثه. وأما شروطه فأربعة: أحدها: أن يكون اسمًا، فلا يصغر الفعل ولا الحرف. وشذ: ما أحيسنه عند البصريين. الثاني: أن لا يكون متوغلا في شبه الحرف، فلا تصغر المضمرات. ولا "من وكيف" ونحوهما. الثالث: أن يكون خاليًا من صيغ التصغير وشبهها، فلا يصغر نحو: كميت لأنه على صيغة التصغير. ولا مبيطر لأنه على صيغة تشبه صيغة التصغير. قاله ابن مالك1. وفيه كلام يأتي.   1 التسهيل ص284. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 559 الرابع: أن يكون قابلا لصيغة التصغير، فلا تصغر الأسماء المعظمة كأسماء الله وأنبيائه وملائكته ونحوها، ولا جمع الكثرة، وكل، وبعض، ولا أسماء الشهور، والأسبوع عند سيبويه1، والمحكي، وغير، وسوى، والبارحة، والغد، والأسماء العاملة. "و" أما أبنيته الموضوعة "له" فهي "ثلاثة أبنية" لا زائد عليها: "فعيل، وفعيعل، وفعيعيل"2. فالأول: لتصغير الثلاثي "كـ: فليس". "و" الثاني: لتصغير الرباعي نحو: "دريهم". "و" الثالث: لتصغير الخماسي نحو: "دنينير". وهذه الأوزان الثلاثة مع وضع الخليل، فقيل له: لم بنيت المصغر على هذه الأبنية؟ فقال: لأني وجدت معاملة الناس على فلس ودرهم ودينار3. فإن قلت: النون الأولى من دنينير ليست في مكبره. قلت: أصل دينار دنار, بتشديد النون، أبدلت النون الأولى ياء، فإذا صغر رجع إلى أصله، لأن التصغير يرد الأشياء إلى أصولها. ووزن المصغر بهذه الأبنية اصطلاح خاص بهذا الباب، اعتبر فيه مجرد اللفظ تقريبًا، وليس بجار على مصطلح التصريف. ألا ترى أن وزن: أحيمد4، ومكيرم. وسفيرج في التصغير: فعيعل، ووزنها التصريفي: أفيعل، ومفيعل، وفعيلل. وأصل هذه الأبنية الثلاثة: فعيل. "وذلك لأنه لا بد في كل تصغير من ثلاثة أعمال: ضم" الحرف "الأول" إن لم يكن مضمومًا "وفتح" الحرف "الثاني"، إن لم يكن مفتوحًا، "واجتلاب ياء ثالثة ساكنة"، وتسمى ياء التصغير. "ثم إن كان" الاسم "المصغر ثلاثيًّا اقتصر على ذلك" العمل "وهي بنية فعيل، كـ: فليس" تصغير فلس. "ورجيل" تصغير رجل. فإن كان المكبر مضموم الأول، مفتوح الثاني كـ: صرد، فيقدران في مصغره كـ: صريد: فالضمة والفتحة في المصغر غيرهما في المكبر كما في فلك مفردًا وجمعًا. جزم به ابن إياز.   1 الكتاب 3/ 479-480. 2 شرح ابن الناظم ص560. 3 نقله الصبان في حاشيته 4/ 156، وانظر المقتضب 2/ 236. 4 في "ب": "أحيمر". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 560 ويؤخذ عنه1 أنه لو كان المكبر على هيئة المصغر كـ: مبيطر، فإنه يصغر بتقدير الحركات كـ: فلك2. وبه صرح السهيلي في الروض فقال: تحذف الياء الزائدة كما تحذف ألف مفاعل، ثم تلحق ياء التصغير فيبقى اللفظ بحاله ويختلف التقدير. ثم أورد على نفسه سؤالا وأجاب عنه فقال: قيل: هلا قلتم لا يصغر، إذ لا يعقل مصغر على لفظ مكبر، وإلا فما الفرق؟ فالجواب: بأن الفرق قد يظهر في الجمع، فإنك تجمع مبيطرًا المكبر على: مباطر، بحذف الياء. وأما المصغر فلا يجوز فيه إلا مبيطرون. وذلك لأنه لو كسر حذفت ياؤه، لأنه خماسي ثالثه زائد، فيزول علم التصغير. انتهى. وهذا ما تقدم الوعد به. والحاصل أنه لا بد من ضم الأول، وفتح الثاني لفظًا أو تقديرًا، وزيادة ياء ثالثه. "ومن ثم"، أي من أجل اشتراط فتح الثاني ووقوع الياء ثالثة، "لم يكن نحو: زميل" بضم الزاي وتشديد الميم المفتوحة وسكون المثناة تحته "ولغيزى" بضم اللام وتشديد الغين المعجمة المفتوحة وسكون الياء المثناة تحت وفتح الزاي "تصغيرًا، لأن" الحرف "الثاني" منهما؛ وهو الميم في الأول، والغين في الثاني؛ "غير مفتوح"، بل ساكن مدغم فيما بعده. "و" لأن "الياء غير ثالثة"، بل رابعة: لأن المدغم حرفان أدغم أحدهما في الآخر. والزميل: الجبان الضعيف. واللغيزى: من ألغز في كلامه إذا عمي مراده. والاسم: اللغز. "وإن كان" المصغر "متجاوزًا الثلاثة:، احتيج إلى عمل رابع وهو كسر ياء التصغير، ثم" ينظر "إن لم يكن بعد هذا الحرف المكسور حرف لين". ألف أو ياء أو واو "قبل الآخر" في المكبر، "فهي بنية3 فعيعل، كقولك في" تصغير "جعفر: جعيفر. وإن كان بعده" أي بعد الحرف المكسور "حرف لين قبل الآخر" في المكبر، "فهي بنية فعيعيل4، لأن" ذلك في الحرف "اللين الموجود قبل آخر المكبر إن كان ياء سلمت في التصغير لمناسبتها للكسرة" قبلها "كـ: قنديل وقنيديل، وإن كان" حرف اللين "واوا أو ألفًا، قلبا ياءين لسكونهما وانكسار ما قبلهما كـ: عصفور وعصيفير" بقلب الواو ياء، "ومصباح ومصيبيح"، بقلب الألف ياء، وإلى ذلك أشار   1 في "ب", "ط"،: "منه". 2 سقط من "ب". 3 في "ب": "بمنزلة". 4 في "ب": "فعيعل". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 561 الناظم بقوله: 833- فعيلا اجعل الثلاثي إذا ... ............................. البيتين1. "ويتوصل" في التصغير "في هذا الباب" المعقود له "إلى مثالي: فعيعل2 وفعيعيل" مما زاد على أربعة أحرف "بما يتوصل به" في التكسير "في باب الجمع" المعقود له قبل هذا الباب "إلى مثالي: فعالل وفعاليل" وللحاذف هنا من وجوب وتخيير3 ما له في التكسير. فتقول في تصغير: سفرجل مما يجب فيه حذف خامسه. "وفرزدق" مما فيه تخيير بين حذف رابعه وخامسه. "ومستخرج"، مما يحذف منه زيادتان وهما السين والتاء، ويتعين فيه إبقاء الفاضل وهو الميم. "وألندد ويلندد" مما يحذف منه زيادة فقط وهي النون، ويتعين إبقاء الفاضل وهو الهمزة والياء. "وحيزبون" مما تحذف منه الياء وتبقى الواو. "وسفيرج" بحذف خامسه وهو اللام، ومنهم من لا يحذفها. قال الأخفش: سمعت من يقول: سفيرجل، بكسر الجيم4. "وفريزد" بحذف خامسه وهو القاف. "أو فريزق" بحذف رابعه وهو الدال. "ومخيرج" بحذف الشين والتاء وإبقاء الميم لفضلها عليهما. "وأليد ويليد" بحذف النون وإبقاء الهمزة والياء لتصدرهما. "وحزيبين" بحذف الياء وقلب الواو ياء.   1 البيتان هما: ................................. ... صغرته نحو قذى في قذى فعيعل مع فعيعيل لما ... فاق كجعل درهم دريهما 2 في "أ": "فعيل". 3 في "ب": "تأخير". 4 انظر شرح المفصل 5/ 117. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 562 وتقول في تصغير: سرندى وعلندى مما تكافأت فيه الزيادتان, وتخير الحاذف1 في أحدهما: سريند وعليند، بحذف الألف وإبقاء النون، أو سريد وعليد بحذف النون وقلب الألف ياء لوقوعها بعد كسرة، ولم يصحح ويفتح ما قبلها لأنها للإلحاق، بسفرجل كما مر، وألف الإلحاق لا تبقى في التصغير كما سيأتي، ثم أعلت كياء قاض. وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 835- وما به لمنتهى الجمع وصل ... به إلى أمثلة التصغير صل "ويجوز لك في بابي: التكسير والتصغير2 أن تعوض مما حذفته ياء ساكنة قبل الأخير3 إن لم تكن موجودة"، لأن ذلك لا يخل ببنائهما، بخلاف بقاء الزئد4 فإنه يخل به. "فتقول" في تصغير سفرجل وتكسيره: "سفيريج سفاريج، بالتعويض" وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 836- وجائز تعويض يا قبل الطرف ... إن كان بعض الاسم فيهما انحذف "وتقول في تكسير: احرنجام" مصدر احرنجم "وتصغيره: حراجيم وحريجيم، ولا يمكن التعويض" عن المحذوف "لاشتغال محله بالياء المنقلبة عن الألف" الكائنة قبل الميم. "وما جاء في البابين"، التكسير والتصغير، "مخالفًا لما شرحناه فيهما، فخارج عن القياس" المطرد. "مثاله في" جمع "التكسير جمعهم" أي العرب "مكانًا على أمكن"، وفيه شذوذان: أحدهما: أنه مذكر, وحق مثله أن يأتي على مثال أفعلة. والثاني: أنه شبه فيه الألف بالزائد فحذف، والزائد بالأصلي فثبت فقالوا: أمكن. والقياس في بناء مكان على أفعل أن يقال: أكون بحذف الميم الزائدة وإبقاء عين الكلمة. قاله ابن الناظم في شرح شافية ابن الحاجب5.   1 في "ب": "الحاذق". 2 في "ب": "التصحيح". 3 في "ط": "الآخر". 4 في "ب": "الزوائد". 5 أشار بروكلمان في تاريخ الأدب العربي 5/ 296 إلى نسختين مخطوطتين، وانظر مقدمة تحقيق شرح ابن الناظم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 563 "و" جمعهم: "رهطًا وكراعًا"، بضم الكاف، "على أراهط وأكارع"، والقياس فيهما: كرع وأكرعة، ورهوط وأرهاط. "و" جمعهم: "باطلا وحديثًا على: أباطيل وأحاديث"، والقياس فيهما: بواطل، وأحدثة، وحدث. وما ذكره من أن هذه جموع للمنطوق به على غير قياس، هو مذهب لبعض النحويين. ومذهب سيبويه1 أنها جموع لواحد مهمل استغني بها عن جمع المستعمل. وزعم ابن جني2 أن اللفظ تغير إلى هيئة أخرى، ثم جمع، فكان أمكن جمع مكن، كـ: فلس، وكان أراهط جمع أرهط، وكان أباطيل جمع إبطيل أو أبطول. وكان أحاديث جمع أحدوثة. وقال ابن خروف: إن أحدوثة إنما يستعمل في المصائب والدواهي. لا في معنى الحديث الذي يتحدث به. واختار ابن الحاجب أنها جموع على غير المفرد كـ: نساء جمع امرأة. "ومثاله في التصغير تصغيرهم" أي العرب "مغربًا وعشاء على: مغيربان وعشيان". بزيادة ألف ونون، وقياسهما: مغيرب وعشي، بإسقاط الألف والنون. "وتصغيرهم إنسانا وليلة" على: "أنيسيان ولييلية3" بزيادة الياء فيهما، وقياسهما [أنيسان] 4 ولييلة، بإسقاط الياء فيهما5. وذهب معظم الكوفيين إلى أن إنسانًا أصله: إنسيان6 من النسيان7، فلا يكون تصغيره على أنيسيان شاذا. "و" تصغيرهم "رجلا على رويجل" بزيادة الواو، وقياسه: رجيل، "وصبية، وغلمة" بسكر أولهما وسكون ثانيهما، جمع صبي وغلام. "وبنون" جمع ابن "على أصيبية وأغيلمة وأبينون" بزيادة الهمزة في أولها، وقياسها: صبية، وغليمة، وبنيون.   1 الكتاب 3/ 616. 2 انظر قول ابن جني في شرح الأشموني 4/ 159 المطبوع مع حاشية الصبان. 3 في "أ": "ليلية"، وفي "ب": "لييلة". 4 إضافة من "ط". 5 في "أ": "عنهما". 6 في ب"، "ط": "أنيسان". 7 انظر الإنصاف 2/ 809، المسألة رقم 117. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 564 "و" تصغيرهم "عشية على عشيشية"، بزيادة شين ثانية1، وقياسها: عشية. وقيل: هذه الألفاظ مما استغني فيها بتصغير مهمل عن تصغير مستعمل. فمغيربان وعشيان كأنهما تصغيرا: مغربان وعشيان، وأنيسيان ولييلية كأنهما تصغيرًا: أنسيان وليلاة، ورويجل كأنه تصغير راجل، وأصيبية وأغيلمة كأنهما تصغيرا أصبية وأغلمة، وأبينون كأنه تصغير ابنون، واختاره في التسهيل2 وقال في النظم. 837- وحائد عن القياس كل ما ... خالف في البابين حكما رسما   1 سقط من "ب"، "ط". 2 التسهيل ص287. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 565 فصل: "واعلم أنه يستثنى من قولنا: بكسر ما بعد ياء التصغير فيما تجاوز الثلاثة أربع مسائل: إحداها: ما قبل علامة التأنيث، وهي نوعان: تاء كـ: شجرة وألف كـ: حبلى". المسألة "الثانية: ما قبل المدة الزائدة قبل ألف التأنيث كـ: حمراء". المسألة "الثالثة: ما قبل ألف أفعال كـ: أجمال وأفراس". المسألة "الرابعة: ما قبل ألف1 فعلان الذي لا2 يجمع على فعالين" صفة كان أو اسمًا، مفتوح الفاء أو مكسورها أو مضمومها "نحو: سكران"، وعمران، "وعثمان". "فهذه المسائل الأربع يجب فيها أن يبقى ما بعد ياء التصغير مفتوحًا، أي باقيًا على ما كان عليه من الفتح قبل التصغير". أما فتح ما قبل تاء التأنيث فللخفة. وأما فتح ألفي التأنيث فلبقائهما على حالهما. وأما فتح ما قبل ألف أفعال. فللمحافظة على الجمع. وأما فتح ما قبل الألف والنون فلمشابهتهما بألفي التأنيث. "تقول: شجيرة، وحبيلى، وحميراء، وأجيمال، وأفيراس، وسكيران"، وعميران، "وعثيمان"، لأنهم لم يجمعوها على فعالين. "وتقول في" تصغير: "سرحان" بكسر السين؛ وهو الذئب. "وسلطان" مما هو على خمسة أحرف آخره ألف ونون زائدتان، وليس له مؤنث على وزن فَعْلَى: "سريحين وسليطين"، بقلب الألف فيهما ياء، "لأنهم جمعوهما3 على" فعالين فقالوا: "سراحين وسلاطين"، والتكسير والتصغير أخوان.   1 سقط من "ب". 2 سقط من "ب" قوله: "الذي لا". 3 في "ب": "جمعوها". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 566 وإنما لم يقولوا: سكارين، وعمارين، وعثامين، لأن الألف والنون فيها شابها ألفي التأنيث بدليل منع الصرف، فكما لا1 تتغير ألفا التأنيث لم يتغير ما أشبههما. ولما لم تكن الألف والنون في سرحان وسلطان كذلك، حصل التغيير. وعلم من تقييد الألف بالتأنيث أنها لو كانت للإلحاق: كـ: أرطى وعلباء، أنه لا يبقى فتح ما قبلها بل يقال في تصغيرهما: أريط، عليبي، فرقًا بين الإلحاق والتأنيث. والدليل على أن ألفهما للإلحاق لا للتأنيث تنوينهما. فأرطى ملحق بجعفر, وعلباء ملحق بقرطاس، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 838- لتلو يا التصغير ...... ... ......................... البيتين2.   1 في "ط": "لا". 2 البيتان هما: ................. من قبل علم ... تأنيث او مدته الفتح انحتم كذاك ما مدة أفعال سبق ... أو مد سكران وما به التحق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 567 فصل: "ويستثنى أيضًا من قولنا: يتوصل إلى مثالي: فعيعل وفعيعيل بما يتوصل له من الحذف إلى مثالي: مفاعل ومفاعيل. ثماني1 مسائل جاءت في الظاهر على غير ذلك لكونها مختومة بشيء قدر انفصاله عن البنية، وقدر التصغير واردًا على ما قبل ذلك الشيء". وكان ذلك الشيء غير موجود في المكبر. "وذلك" المقدر انفصاله "ما وقع بعد أربعة أحرف"، سواء أكانت كلها أصولا أم لا، "من ألف تأنيث"2 بيان لـ"ما" "ممدودة" نعت ألف "كـ: قرفصاء"، لنوع من القعود، وسيأتي حكم المقصورة، "أو تائه"3 أي التأنيث "كـ: حنظلة" واحدة الحنظل، "أو علامة نسب كـ: عبقري"، نسبة إلى عبقر، تزعم العرب أنه اسم بلد الجن، فينسبون إليه كل شيء عجيب. "أو ألف ونون زائدتين كـ: زعفران وجلجلان" بجيمين. "أو علامة تثنية"، وهي الألف و [النون أو] 4 الياء والنون "كـ: مسلمين" بفتح الميم. "أو علامة جمع تصحيح للمذكر"، وهي الواو، و"النون، أو" الياء والنون "كـ: جعفرين" بكسر الراء. "أو" علامة جمع تصحيح "للمؤنث"، وهي الألف والتاء: "كـ: مسلمات، وكذلك عجز المضاف كـ: امرئ القيس. وعجز المركب" المزجي "كـ: بعلبك. فهذه" المذكورات "كلها ثابتة في التصغير، لتقديرها منفصلة" عما قبلها، "وتقدير التصغير واقعًا على ما قبلها". فتقول: قريفصاء، وحنيظلة، وعبيقري، وزعيفران، وجليجلان، ومسيلمين، وجعيفرين، ومسيلمات، وأميرئ القيس، وبعيلبك، وإنما لم تحذف ألف التأنيث الممدودة وما ذكر بعدها، لأنها أشبهت كلمة أخرى. فلو حذفت لالتبس تصغير ما هي فيه بتصغير ما كان مجردًا عنها.   1 في "ب": "ثمان". 2 في "ب": "تأنيثه". 3 في "ب": "تاء". 4 إضافة من "ط". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 568 "وأما في" جمع "التكسير فإنك تحذف" كل واحد منها فيما أمكن تكسيره، إذ لا لبس إلا المضاف فإن تكسيره كتصغيره؛ كما1 سيأتي. "فتقول: قرافص" بحذف الألف، "وحناظل" بحذف التاء "وعباقر" بحذف ياء النسب. "وزعافر، وجلاجل" بحذف الألف والنون منهما. "ولو ساغ تكسير البواقي"، وهي التثنية، والجمعان المصححان. والمضاف، وصدر المركب، "لوجب الحذف، إلا أن المضاف يكسر بلا حذف، كما في التصغير. فتقول" في تكسيره: "أمارئ القيس، كما تقول" في تصغيره: "أميرئ2 القيس" بلا فرق3، "لأنهما كلمتان كل منها ذات إعراب يخصها، فكان ينبغي للناظم أن لا يستثنيه" في النظم. وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 840- وألف التأنيث حيث مدا ... ............................. الأبيات الأربعة4.   1 في "أ": "فيما". 2 في "أ": "امروء". 3 في "ب": "حرف". 4 الأبيات هي: ......................... ... وتاؤه منفصلين عدا كذا المزيد آخرًا للنسب ... وعجز المضاف والمركب وهكذا زيادتا فعلانا ... من بعد أربع كزعفرانا وقدر انفصال ما دل على ... تثنية أو جمع تصحيح جلا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 569 فصل: "ويثبت" في التصغير" ألف التأنيث المقصورة إن كانت رابعة" لخفة الاسم "كـ: حبلى" فتقول: "حبيلى، "وتحذف إن كانت سادسة" للاستثقال "كـ: لغيزى"، فتقول: لغيغزة1 بحذف الألف وجوبًا وتعويض الهاء جوازًا. "أو سابعة كـ: بردرايا" بفتح الباء الموحدة وسكون الراء وفتح الدال المهملة وبعدها راء فألف فياء مثناة تحتانية. اسم موضع، ووزنه فعلعايا. قاله ابن القطاع. فتقول في تصغيره: بريدي، وذلك أنك لما حذفت ألف التأنيث بقي: بردراي، فقلبت الألف ياء لانكسار ما قبلها عند التصغير، وأدغمت في الياء الأخيرة عند حذف ألف التأنيث. وفي بعض النسخ بدل: لغيزي قبعثري، وبدل: بردرايا حولايا بحاء مهملة ومثناة تحتانية: اسم مكان. وليسا2 بصواب. أما قبعثرى. فألفه ليست للتأنيث باتفاق صاحبي الصحاح3 والقاموس4. وأما حولايا5 فإن ألفه سادسة لا سابعة. ولم يذكره صاحبا الصحاح والقاموس. "وكذا" تحذف "الخامسة إن لم تتقدمها6 مدة" زائدة "كـ: قرقرى"، بقافين وراءين مهملتين، اسم موضع. فتقول: قريقر لأن بقاء الألف الخامسة فصاعدًا يخرج البناء عن مثالي، فعيعل وفعيعيل. فإن قيل: فـ: "حبيلى" فعيلى، وليست من أبنية التصغير الثلاثة. قلنا: نعم! ولكنها توافق فعيعلا فيما عدا الكسرة التي منع منها مانع الألف. "فإن تقدمتها مدة" زائدة، "حذفت أيهما شئت" لتكافئهما وعد مزية إحداهما على الأخرى "كـ: حبارى" بضم [الحاء] 7 المهملة وبالموحدة والراء، "وقريثا" بفتح القاف   1 شرح ابن الناظم ص562: "لغيغيز". 2 في "ط": "وليس". 3 الصحاح "قتر". 4 الصحاح "قتر". 5 في "ب": "حولاي". 6 في "ب", "ط": "يتقدمها". 7 إضافة من "ب". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 570 وكسر الراء وبالمثناة التحتانية والمثلثة. "تقول" في تصغير: حبارى "حبيرى" بحذف المادة الزائدة قبل الراء، "أو حبير" بحذف ألف التأنيث وقلب المدة ياء لوقوعها في موضع يجب تحريكها1 فيه بالكسر وإدغامها في ياء التصغير. وأبو عمرو يعوض عن ألف التأنيث هاء فيقول: حبيرة2. "و" تقول في تصغير، قريثاء "قريثا"، بحذف المدة وهي الياء، "أو قريث"، بحذف ألف التأنيث وإدغام الياء في ياء التصغير. وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 844- وألف التأنيث ذو القصر ... ... ............................... البيتين3.   1 في "ب": "تكريرها". 2 انظر الكتاب 3/ 437. 3 البيتان هما: ....................... متى ... زاد على أربعة لن يثبتا وعند تصغير حبارى خير ... بين الحبيرى فادر والحبير الجزء: 2 ¦ الصفحة: 571 فصل: "وإن كان ثاني المصغر لينا"، ألفًا أو واوا أو ياء، "منقلبًا عن لين رددته إلى أصله" الذي انقلب عنه، "فترد ثاني نحو: قيمة، وديمة، وميزان, وباب" بموحدتين "إلى الواو" لأنها الأصل المنقلب عنه. والأصل: قومة من القوام، ودومة من الدوام. وموزان1 من الوزن، وبوب. قلبت الواو في الثلاثة الأول ياء لسكونها وانكسار ما قبلها، وفي الرابع ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها. فإذا صغرتها قلت: قويمة ودويمة ومويزين2 وبويب، برد الواو إلى أصلها لتحركها وانضمام ما قبلها، وقلبت الألف في ميزان ياء لانكسار ما قبلها. "ويرد ثاني نحو: موقن، وموسر، وناب", بالنون، وهو السن، "إلى الياء" لأنها الأصل المنقلب عنه. والأصل: ميقن من اليقين، وميسر من اليسر، ونيب من النيب، قلبت الياء في الأولين واوًا لسكونها وانضمام ما قبلها، وفي الثالث ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها. فإذا صغرتها: مييقن، ومييسر، ونييب، برد الياء إلى أصلها. وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 846- واردد لأصل ثانيا لينا قلب ... ................................ "بخلاف ثاني نحو: متعد، فإنه غير لين" لأنه تاء مثناة فوق مبدلة عن واو، إذ أصله: موتعد، أبدلت الواو تاء وأدغمت في التاء الأخرى لاجتماع المثلين. "فيقال" في تصغيره" "متيعد، لا مويعد. خلافًا للزجاج والفارسي"3 فإنهما يردانه إلى أصله لزوال موجب قلبها وهو تاء الافتعال.   1 في "ب": "موازن". 2 في "أ": "موزين" انظر الكتاب 3/ 457. 3 التكملة ص197. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 572 والصحيح الأول، وهو مذهب سيبويه1، وعللوه بأنه إذا قيل فيه: مويعد، أوهم أن مكبره: موعد أو موعد أو موعد، ومتيعد لا إيهام2 فيه. مع أن سيبويه لم يلتفت للإلباس في مواضع كثيرة. "وبخلاف ثاني نحو: آدم، فإنه" منقلب "عن غير لين"، لأنه منقلب عن همزة تلي همزة، والأصل: أأدم، بهمزتين، مفتوحة فساكنة، قلبت الساكنة ألفًا "فتقلب" الألف "واوًا، كالألف الزائدة من نحو: ضارب، و" كالألف "المجهولة الأصل كـ: صاب" بالصاد المهملة والباء الموحدة، اسم نبت. تقول في تصغيرها: أويدم، وضويرب، وصويب. وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 848- والألف الثاني المزيد يجعل ... واوًا كذا ما الأصل فيه يجهل وإن كان ثاني3 المصغر لينا مبدلا من حرف صحيح غير همزة، أو همزة لا تلي همزة، فإنه يرد أيضًا إلى أصله: فترد ثاني: دينار وقيراط، إلى النون وإلى الراء. فتقول في تصغيرهما: دنينير وقريريط، كما تقول في تكسيرهما: دنانير، وقراريط. وأصلهما: دنار، وقراط، والياء4 فيهما5 بدل من أول المثلين، فلما صغرتهما زال سبب الإبدال. ويرد ثاني نحو: ذيب، بالياء إلى الهمزة فإنه أصله ذئب، بالهمزة، والياء فيه بدل من الهمزة فإذا صغرته قلت: ذؤيب، بالهمزة، رجوع إلى الأصل، لأن قلب الهمزة ياء إنما كان لانكسار ما قبلها وقد زال بالتصغير. والضابط أن ما أبدل لعلة لا تزول بالتصغير لم يرد إلى أصله، وما أبدل لعلة تزول بالتصغير يرد6 إلى أصله. "و" هلم جرا. فإن قلت: فقد "قالوا في" تصغير "عيد: عييد"، فصغروه على لفظه، ولم يردوه إلى أصله، وقياسه: عويد، بالواو، لأنه من عاد يعود، فلم يردوا الياء إلى أصلها، وهو الواو. قلت: إنما قالوا ذلك "شذوذًا كراهية لالتباسه بتصغير عود"، كما قالوا في تكسيره: أعياد. فرقًا بينه وبين جمع عود. والتكسير والتصغير من واد واحد.   1 الكتاب 3/ 465. 2 في "ب": "إبهام". 3 سقط من "ب". 4 في "ط": "التاء"، وفي "ب": "الهاء". 5 في "ب": "فيها". 6 في "ب": "فيرد". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 573 "وهذا الحكم" الذي ذكرناه في التصغير. "ثابت في التكسير الذي يتغير فيه الأول كـ: موازين، وأبواب، وأنياب، وأعياد1. بخلاف" ما لا يتغير فيه الأول "من نحو: قيم وديم"، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 847- وشذ في عيد عييد وحتم ... للجمع من ذا ما لتصغير علم   1 في "ط": "أعواد". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 574 فصل: "وإذا صغر ما حذف أحد أصوله"، فاء أو عين أو لام أو اثنان منها، "وجب رد محذوفه إن كان قد بقي بعد الحذف على حرفين"، بالمحذوف الفاء "نحو: كل، وخذ" وعد1 أعلامًا. "و" المحذوف العين نحو: "مذ"، وقل، وبع "أعلامًا، وسه"، وهو: الدبر. "و" المحذوف اللام نحو: "يد" ودم، "وحر" بكسر الحاء المهملة، وهو: الفرج. والمحذوف الفاء واللام نحو: قه، وله، وشه، أعلامًا. والمحذوف العين واللام نحو: ره، علمًا. "تقول" في تصغيرها: "أكيل، وأخيذ"، ووعيد، "برد الفاء، ومنيذ" وقويل، وبييع2، "وستيهة3، برد العين، ويدية" ودمي، "وحريج، برد اللام" ووقي، وولي، ووشي4 برد الفاء واللام ورأي5 برد العين واللام، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 849- وكمل المنقوص ............ ... ............................... إلى آخره.   1 سقط من "ب". 2 في "ب": "بويع". 3 في "أ": "ستيه". 4 في "ب": "وليي وسيي". 5 في "ط": "ورؤى". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 575 وإنما وجب رد المحذوف ليتمكن من بناء فعيل، ولأنه لو لم يرد لوقعت ياء التصغير طرفًا، فكان يلزم تحريكها بحركات الإعراب، وهي لا تكون إلا ساكنة. وإذا سمي بما وضع ثنائيًّا على حرفين. فإن كان ثانيه صحيحًا نحو: هل، وبل، لم يزد عليه شيء حتى يصغر1، فيجب أن يضعف أو يزاد عليه ياء وهو الأولى. فيقال في تصغير: هل، هليل، بالتضعيف، أو هلي، بزيادة ياء. وقيل: إن شئت ألحقته بما لامه ياء، فقلت في: هل، هلي، وبما لامه واو، فقلت: هليو، ثم أعللته إعلال سيد، وفيه زيادة عمل فينبغي تعيين الأول. وقد جزم به الأبدي، واقتضاه كلام التسهيل2. وحجته أن ما حذفت لامه واوًا، أكثر مما حذفت لامه ياء. قاله الموضح في الحواشي. "وإن كان" ثانيه" "معتلا وجب التضعيف قبل التصغير" لئلا يلزم إثبات اسم معرب على حرفين آخره حرف لين متحرك، وهذا لا نظير له. بخلاف ما إذا كان ثانيه صحيحًا فإن نظيره من الأسماء المعربة: يد، ودم، "فيقال في: لو، وكي، وما" الحرفية، "أعلامًا: لو، وكي؛ بالتشديد" فيهما؛ وذلك لأنك زدت على واو "لو" واوًا، وعلى ياء "كي" ياء، ثم أدغمت أحد المثلين في الآخر. "وماء، بالمد، وذلك لأنك زدت على الألف ألفًا، فالتقى ألفان، فأبدلت الثانية همزة"لأجل اجتماعها مع الألف الأولى والتقائهما ساكنين، على حد الإبدال في حمراء. وقيل: زيدت3 الهمزة من أول الأمر "فإذا صغرن" بعد التضعيف "أعطين حكم: دو، وحي"، بفتح أولهما وتشديد ثانيهما. والدو: البادية، والحي: القبيلة. "وماء" بالمد؛ وهو الذي يشرب. "فتقول" في تصغير لو؛ بالتشديد؛ "لوي. كما تقول" في تصغير: دو، "دوي، وأصلهما" قبل الإدغام: "لويو، ودويو"4، اجتمع فيها الواو والياء، والسابق منهما ساكن. قلبت الواو ياء وأدغمت الياء في الياء. "وتقول" في تصغير: كي بالتشديد؛ "كيي بثلاث ياءات"، أولاها أصلية، وثانيها ياء التصغير، وثالثها: المزيدة للتضعيف.   1 سقط من "ب": "حتى يصغر". 2 التسهيل ص285. 3 سقط من "ب". 4 في "ب": "ديو". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 576 ["كما تقول" في تصغير حي "حيي"، بثلاث ياءات، أولاها وأخراها: أصليتان، ووسطاها: ياء التصغير] 1. "وتقول" في تصغير ماء؛ بالمد؛ "موي" [بالتشديد] 2، بقلب الألف [الثانية المزيدة ياء لوقوعها بعد ياء التصغير وإدغامها فيها، ولم تهمز لزوال علة إبدالها همزة بقلب الألف] 2 الأولى، واوًا لكونها بعد التضعيف صارت مجهولة الأصل. "كما تقول في تصغير الماء المشروب، مويه"، بقلب الألف واوًا ردا إلى أصلها. "إلا أن هذا" الماء3 المشروب "لامه هاء فرد4 إليها"، وأصله: موه، بدليل جمعه على أمواه فقلبت الواو ألفًا على القياس، وأبدلت الهاء على غير القياس.   1 سقط ما بين المعكوفين من "ب". 2 إضافة من "ب"، "ط". 3 سقط من "ب". 4 في "ب": "ترد". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 577 فصل: "وتصغير الترخيم" حقيقته أن تجعل المزيد فيه مجردًا معطى ما يليق به من فعيل إذا كان ثلاثي الأصول، أو فعيعل إن كان رباعي الأصول، سمي بذلك لما فيه من الحذف المفضي إلى الضعف. يقال: صوت رخيم إذا لم يكن قويًّا. وطريقه: "أن تعمد" أنت "إلى" الاسم "ذي الزيادة الصالحة للبقاء" في تصغير غير الترخيم لعدم إخلالها بالزنة، "فتحذفها ثم توقع التصغير على أصوله. ومن ثم"، أي من أجل أنه مختص بالمزيد، "لا يتأتى" تصغير الترخيم "في نحو: جعفر" من الرباعي الأصول. "وسفرجل" من الخماسي الأصول، "لتجردهما" من الزوائد. "ولا" يتأتى أيضًا "في نحو: متدحرج، ومحرنجم، لامتناع بقاء الزيادة فيهما" في تصغير غير الترخيم "لإخلالها بالزنة"، فلا يكون تصغيرهما بحذف زوائدهما لأن حذف زوائدهما واجب في تصغير1 غير الترخيم. ومقتضى إطلاقه أنه لا يختص تصغير الترخيم بالأعلام، خلافًا للفراء وثعلب. فإنهما قالا2: لا يصغر فاطمة، ومالك، وأسود، أعلامًا على فعيل، ولا يفعل ذلك فيهن صفات. "ولم يكن له إلا صيغتان" فقط "وهما: فعيل، كـ: حميد، في" تصغير "أحمد، وحامد، ومحمود، وحمدون، وحمدان"، وحماد. ولم يلتفت للإلباس ثقة بالقرائن. وزوائدها لا يخل بقاؤها في تصغير غير الترخيم بدليل صحة قولك: أحيمد، وحويمد، ومحيمد، وحميدون، وحميدان، وحميميد.   1 سقط من "ب". 2 انظر الارتشاف 1/ 190، 191 والتسهيل ص289. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 578 "وفعيعل كـ: قريطس"، تصغير: قرطاس. وأما قريطب تصغير: قرطبوس، فهو مما حذف فيه مع زائده خامسه، فليس تصغير ترخيم. "لا فعيعيل لأنه ذو زيادة"، وهي الياء. وقد يخلف1 لهذا التصغير أصل يشبه الزائد نحو2: بريه، وسميع، مصغري: إبراهيم، وإسماعيل، فإن الميم واللام بلفظ الزائد وإن كانا أصليين بلا خلاف. وإنما اختلفوا في الهمزة: فقال سيبويه3 زائدة بدليل سقوطها. ورده المبرد بحذف اللام والميم مع أصالتهما، وبأن همزتهما كهمزة إسطبل. وانبنى على الخلاف في الهمزة، اختلاف في كيفية تصغيرهما لغير ترخيم. فيقول سيبويه4: بريهيم وسميعيل. ويقول المبرد: أبيره وأسيمع. وإنما حذف الميم واللام كما يحذف الخامس5. والأول هو المسموع. حكى أبو زيد: بريهيم. وسيبويه يقول بحذف الهمزة لأنها زائدة. والمبرد يقول بحذف الأخير [لخسة الأخير] 6 لأنه يشبه الزائد. قاله [الموضح] 7 في الحواشي. وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 580- ومن بترخيم يصغر اكتفى ... بالأصل .......................   1 في "ب", "ط": "يحذف". 2 الكتاب 3/ 472. 3 الكتاب 4/ 235، 307. 4 الكتاب 3/ 446. 5 انظر الارتشاف 1/ 191، وحاشية الصبان 4/ 170. 6 إضافة من "ط". 7 إضافة من "ب". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 579 فصل: "وتلحق تاء التأنيث تصغير ما لا يلبس من مؤنث عار1 منها" لفظًا، "ثلاثي في الأصل وفي الحال" الراهنة لئلا يجتمع فرعيتان: التصغير والتقدير. "نحو: دار"، مما عينه واو، "وسن" من المضاعف, "وعين" مما عينه ياء، "وأذن", مما فاؤه همزة. فيقال في تصغيرها: دويرة، وسنينة، وعيينة، وأذينة، وهذا الحكم مستمر بعد التسمية، فمن ذلك: عروة بن أذينة، وعيينة1 بن حصن. "أو" ثلاثي في "الأصل دون الحال نحو: يد" ويدية. "وكذا إن عرضت ثلاثيته بسبب التصغير كـ: سماء" بالمد "مطلقًا؛ سواء صغرته تصغير الترخيم أم لا. فتقول في تصغيره: سمية والأصل: سميي، بثلاث ياءات أولاها: ياء التصغير، وثانيها: بدل المدة، وثالثها: بدل لام الكلمة، فحذفت إحدى الياءين على القياس المقرر في هذا الباب. فبقي الاسم ثلاثيًّا. فلما عرضت ثلاثيته بسبب التصغير لحقته التاء كما تلحق مع الثلاثي المجرد، ولو سميت بسماء مذكرًا، لقلت في تصغيره، سمي، بغير تاء، لتذكير مسماه. "وحمراء وحبلى"، حال كونهما "مصغرين تصغير الترخيم". فتقول في تصغيرهما تصغير الترخيم: حميرة، وحبيلة، بالتاء، عوضًا عن ألف التأنيث. وتقول في تصغيرهما غير تصغير الترخيم: حميرى وحبيلى، ولا تأتي بالتاء إذ لا يجمع بين علامتي تأنيث، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 581- واختم بتا التأنيث ما صغرت من ... مؤنث عار ثلاثي .................. "بخلاف" نحو: "شجر وبقر"، من أسماء الأجناس. فلا تلحقهما التاء فيمن أنثهما"، فلا يقال في تصغيرهما: شجيرة وبقيرة، "لئلا يلتبسا بالمفرد"، فأما من ذكرهما فلا إشكال. "وبخلاف نحو: خمس وست"، من أسماء العدد المؤنث فلا يقال في تصغيرهما: خميسة، وسديسة، "لئلا يلتبسا بالعدد المذكر" المصغر.   1 سقط من "ب". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 580 "وبخلاف نحو: زينب وسعاد"، فلا يقال في تصغيرهما: زيينة وسعيدة "لتجاوزهما للثلاثة"، فإن الحرف الرابع قائم مقام التاء، فلا يجمع بينهما لما في ذلك من الاستثقال. وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 852- ما لم يكن بالتا يرى ذا لبس ... ................................... و"شذ ترك التاء في تصغير حرب"، بفتح الحاء المهملة، وسكون الراء المهملة بالموحدة، "وعرب"، بفتح العين والراء المهملتين، "ودرع" بكسر الدال. "ونعل"، بفتح النون. "ونحوهن" كـ: ذود، وقوس، وعرس، وناب "مع ثلاثيتهن" وتأنيثهن "وعدم اللبس". وجمع المتأخرون من ذلك عشرين لفظًا، وهي: اسم الجنس: كـ: شجر، واسم الجمع كـ: غنم، واسم العدد كـ: خمس، وناب للناقة المسنة، وحرب، وقوس، ودرع، وفرس، وعرس؛ بكسر العين؛ وعرس؛ بضمها؛ وذود، وضحى. وطست، وطس، وشول، وقدر، ونصب؛ بفتحتين؛ وحرف، وضرب1، ونعل، وسمع في بعضها التأنيث. وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 583- وشذ ترك دون لبس ... ... ........................... "و" شذ "اجتلابها"، أي التاء "في تصغير: وراء، وأمام، وقدام، مع زيادتهن على الثلاثة"، فقالوا: وريئة، بضم الواو، وفتح الراء بعدها ياء تحتانية مكسورة مشددة، فهمزة مفتوحة فالياء الأولى ياء التصغير، والثانية المبدلة من المدة التي قبل الهمزة، وأميمة, بضم الهمزة وفتح الميم وبياء مشددة مكسورة فميم مفتوحة. فالياء الأولى ياء التصغير، والثانية بدل من ألف أمام. [وقديديمة، بضم القاف وفتح الدال وبياء ودال مكسورة بعدها ياء مثناة تحتانية وميم مفتوحة. الياء الأولى ياء التصغير، والثانية بدل من ألف قدام] 2. ووجه إلحاق التاء3 بها أن جميع الظروف غير هذه مذكرة، فلو لم يظهروا التاء3 فيها لظن أنها مذكرة، إذ لا يعلم تأنيثها بالإخبار عنها لأنها ملازمة للظرفية، ولا بوصفها، ولا بإعادة الضمير عليها، بل بالتصغير فقط. وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 583- ........................ وندر ... إلحاق تا فيما ثلاثيا كثر   1 في "أ"، "ب": "عرب". 2 سقط ما بين المعكوفين من "ب". 3 في "أ": "الياء". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 581 فصل: التصغير من جملة التصاريف1 في الاسم فيصغر المتمكن؛ كما مر؛ "ولا يصغر من غير المتمكن إلا أربعة": أحدها: "أفعل"، بفتح العين، "في التعجب". "و" الثاني: "المركب المزجي"، علما كان أو عددًا، فالعلم "كـ: بعلبك وسيبويه، في لغة من بناهما" على الفتح في بعلبك، وعلى الكسر في سيبويه. "فأما من أعربهما" إعراب ما لا ينصرف "فلا إشكال" في تصغيرهما لأنهما حينئذ من أقسام المتمكن والعدد نحو: خمسة عشر. فأفعل في التعجب والمركب المزجي "تصغيرهما تصغير المتمكن"، في ضم أولهما وفتح ثانيهما واجتلاب ياء التصغير ثالثة، "نحو: ما أحيسنه، وبعيلبك، وسييبويه"2، وخميسة عشر. أما أفعل في التعجب، فقال الخليل3 في قولهم: ما أميلح زيدًا، إنما يعنون الشيء الذي يتصف بالملح، كأنهم قالوا: زيد مليح. وأما المركب المزجي فلأن الجزء الثاني بمنزلة تاء التأنيث والتنوين من حيث أنه نازل منه منزلة ذيله وتتمته نزولهما بهاتيك المنزلة، فلذلك صغروا الصدر. "و" الثالث: "اسم الإشارة، وسمع ذلك منه في خمس كلمات وهي: ذا" في التذكير4، "و: تا" في التأنيث، "وذان" في تثنية المذكر، "وتان" في تثنية المؤنث، "وأولاء" في جمعهما. "و" الرابع: "الاسم الموصول، وسمع ذلك منه أيضًا في خمس كلمات وهي: الذي" للمفرد المذكر "والتي" للمفرد المؤنث. "وتثنيتهما": اللذان، واللتان، "وجمع الذي": الذين، واللاتي.   1 في "ب": "التصريف". 2 في "ب": "سيبويه". 3 الكتاب 3/ 478. 4 في "ب": "التركيب". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 582 "و" هذه الكلمات العشر من غير المتمكن "يوافقن1 تصغير المتمكن في ثلاثة أمور": أحدها: "اجتلاب الياء الساكنة". "و" الثاني: "التزام كون ما قبلها"، أي الياء. "مفتوحًا". "و" الثالث: "لزوم تكميل ما نقص منها عن" الأحرف "الثلاثة". "ويخالفنه"2، أي تصغير المتمكن، "في" أمور "ثلاثة أيضًا": أحدها3: "بقاء أولهما على حركته الأصلية" التي كانت قبل التصغير من فتح أو ضم تنبيهًا على الفرق بين تصغير المتمكن وغيره. والثاني: "زيادة ألف في الآخر" إن أمكن "عوضًا من ضم" الحرف "الأول، وذلك في غير المختوم بزيادة تثنية، أو" زيادة "جمع". "و" الثالث: "أن3 الياء" التي للتصغير "قد تقع ثانية، وذلك في: ذا، و: تا". تقول في تصغيرهما "ذيا، و: تيا"، فيبقى الحرف الأول على فتحه، وتأتي بياء التصغير ساكنة مدغمة في الياء المنقلبة عن ألف: "ذا"، و"تا"، وتزيد ألفًا في الآخر عوضًا عن ضم الحرف الأول. والأصل: ذييا، وتييا، بثلاث ياءات: أولاها: عين الكلمة، وثانيها: ياء التصغير، وثالثها: لام الكلمة. فاستثقلوا ذلك مع زيادة الألف آخره. "فحذفت الياء الأولى" لأن ياء التصغير [جيء بها لمعنى فلا تحذف، ولا تحذف الثالثة لأن ذلك يقتضي وقوع ياء التصغير] 4 آخرًا إذا كانت الألف في زنة حركة وهي الضمة، ووقوع ياء التصغير طرفًا ممتنع لأنها إن بقيت ساكنة لم يمكن بقاء الألف. بل كانت تقلب ياء. وفي ذلك وقوع فيما فر منه، وإزالة الألف المجعولة عوضًا، ووقوع ياء التصغير طرفًا، وإن حركت، فياء التصغير كألف التكسير فلا تتحرك، فتعينت الأولى للحذف، وهذا إنما يستقيم على قول البصريين أن "ذا" ثلاثي الوضع، وأن ألفه عن ياء وعينه ياء محذوفة. وأما على قول الكوفيين أن الألف زائدة، وهو موضوع على حرف واحد. فلا5.   1 في "ب": "يوافق". 2 في "ب": "ويخالف". 3 سقط من "ب". 4 سقط ما بين المعكوفين من "ب". 5 انظر الإنصاف 2/ 669، المسألة رقم 95. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 583 "و" تقول في تصغي: ذان، وتان: "ذيان، وتيان"، بإبقاء أولهما على فتحه، وإدغام ياء التصغير فيما بعدها. ولم يؤت بألف بعد النون. للطول بزيادة علامة التثنية. "وتقول" في تصغير أولاء "أوليا"، بإبقاء أوله على ضمه في حال التكبير و"بالقصر في لغة من قصر"، وهم التميميون. "وبالمد في لغة من مد"، وهم الحجازيون. أما على لغة القصر، فلا إشكال، وأما على لغة المد، فقال الفارسي1: ألحقنا ياء التصغير ثالثة، وقلبنا الألف بعدها ياء, وزيدت الألف قبل الآخر، ولم تزد بعد الآخر إذ ليس لنا تصغير خماسي إلا وقبل آخره مدة. وقال المبرد: لو ألحقنا ألف التصغير في آخر أولاء على القاعدة في المبهمات2، التبست لغة المد، بلغة القصر. وبيانه من وجهين: أحدهما أن ياء التصغير تقع ثالثة قبل الألف، فتنقلب الألف بعدها ياء ثم تدغم فيها ياء التصغير وتكسر كما في غزيل، فتقلب الهمزة ياء كما في عطاء، فيجتمع ثلاث ياءات فتحذف الأخيرة ثم تدخل ألف التصغير. والوجه الثاني: أن أولاء فعال، فإذا جاءت الألف أخيرًا صار أولاء على فعالى كـ: حبارى، فيجب حذفها لأنها خامسة، وأما إذا قدمت فإنها تصير رابعة. وما كان خمسة ورابعه لين فإنه لا يسقط، فلما خافوا المحذور المذكور، أدخلوا الألف بعد الياءين. وقال الزجاج: همزة أولاء منقلبة عن ألف المد، فإذا قلبت ألف المد ياء لوقوعها بعد ياء3 التصغير رجعت الهمزة إلى أصلها، ثم تأتي ألف التصغير فتنقلب همزة لوقوعها بعد ألف. "وتقول" في تصغير: الذي والتي: "اللذيا واللتيا"، بإبقاء أولهما على فتحه وفتح ثانيهما، وزيادة حرفين: ياء التصغير والألف وإدغام ياء التصغير، وفتح ياء المكبر لأجل الألف. وتقول في تصغير اللذان واللتان: "اللذيان، واللتيان". بفتح أولهما وثانيهما وتشديد ثالثهما، ولم يؤت بألف بعد النون للطول بعلامة التثنية.   1 التكملة ص210. 2 في "ط": "الممدودات". 3 سقط من "ب": "لوقوعها بعد ياء". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 584 قال الموضح في الحواشي: هذا الذي أراه من القول، وهم يقولون إن التثنية ترد على المفرد المصغر. ثم اختلف1 سيبويه والأخفش، فسيبويه يحذف الألف حذفًا اعتباطيًّا لمجرد تخفيف الكلمة لطولها بعلامة التثنية، فلا يقدرها البتة2. والأخفش يحذفها لالتقاء الساكنين فيقدرها3. وأصل الخلاف بينهما إذا ثنى المفرد المصغر فهل يقدر أن ألف التصغير اجتمعت مع ألف التثنية ثم حذفت للساكنين. ولم تقلب [ياء] 4 فرقًا بين تثنية المتمكن وغيره. أو يعتقد أنها حذفت قبل مجيء ألف التثنية لمجرد التخفيف؟ الأول: للأخفش: والثاني: لسيبويه. ويظهر أثر الخلاف في جمع المذكر، فسيبويه يضم ما قبل الواو، ويكسر ما قبل الياء. والأخفش يفتحهما، كما في الأعلون2. "و" تقول في تصغير الذين. "اللذيون"، رفعًا، واللذيين، جرا ونصبا, بضم ما قبل الواو5 وكسر ما قبل الياء. وهو قول سيبويه2 لأنه يرى أن الألف حذفت تخفيفًا؛ كما تقدم في التثنية، فكأنها لا وجود لها. والأخفش يفتح ما قبل الواو والياء، لأنه يقدر الحذف للساكنين، والذال على القولين مفتوحة، وفي شرح الشافية للجاربردي: وأما اللذيون، فلأنهم زادوا في الذين قبل الياء ياء, وقبل النون ألفًا، فصار اللذيان، ثم أبدلوا الفتحة ضمة، والألف واوًا لئلا يلتبس بالتثنية. انتهى. وإذا أردت تصغير: اللاتي" لجمع المؤنث، "صغرت التي" للمفردة6، "فقلت: اللتيا" كما تقدم، "ثم جمعت بالألف والتاء، فقلت: اللتيات، واستغنوا بذلك" الجمع المصغر مفرده "عن تصغير اللاتي، واللائي، على الأصح" عند سيبويه7. فإنه قال في اللاتي واللائي: لا يحقران استغناء بجمع التي المحقرة بالألف والتاء, كما في: درهم8 ودريهمات، بل المؤنث أولى مما لا يعقل بهذا الجمع.   1 في "أ": "يختلف". 2 الكتاب 3/ 488. 3 شرح المرادي 5/ 127. 4 إضافة من "ط". 5 في "ب": "الآخر" مكان "الواو". 6 في "ط": "لمفرده". 7 الكتاب 3/ 489. 8 في "ط" "دراهم". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 585 والأخفش يصغرهما ويقلب الألف واوًا لأنهما صارا حين حقرا بمنزلة ضارب، إذا أجري عليهما حكمه، ويحذف1 الياء التي لامهما، ولأن ألف التصغير تزاد فيبقى2 الاسم على خمسة سوى ياء التصغير. وإنما كانت الياء هي3 المحذوفة لأنها طرف. والمازني يصغرهما4، ولكن يحذف الألف لأنها زائدة والياء أصلية، فيصير5 اللائي: اللأيا، واللاتي: اللتيا, وهذا يلبس بتصغير الواحد. "ولا يصغر: ذي"، من أسماء الإشارة "اتفاقًا" عند الجميع "للإلباس" بتصغير "ذا"، ويشكل عليه تصغيرهم: عمر وعمرا على عمير، مع الإلباس. "ولا" يصغر "تي" الإشارية، "للاستغناء" عن تصغيرها "بتصغير: تا، خلافًا لابن مالك" في قوله في النظم: 584- ............................... ... ................ منها تا وتي قال المرادي6: وذلك يوهم أن "تي" صغر كما صغر "تا"، وقد نصوا على أنهم لم يصغروا من ألفاظ المؤنث إلا "تا" خاصة، وهو المفهوم من التسهيل7، فإنه قال: ولا يصغر8 من غير المتمكن إلا: ذا والذي وفروعهما الآتي ذكرها. ولم يذكر9 من ألفاظ المؤنث غير10 "تا" خاصة. انتهى. وإلى جواز تصغير الإشارة والموصول في النظم بقوله: 584- وصغروا شذوذا الذي التي ... وذا مع الفروع ................ وإنما ساغ تصغيرهما لأنهما يوصفان ويوصف بهما. والتصغير وصف في المعنى ولهذا منعوا إعمال اسم الفاعل مصغرًا، كما منعوا إعماله موصوفًا، قاله أبو الحسن بن الباذش. وحكى ابن العلج تصغير أوه على: أويه. وبقي المنادى المبني نحو: يا زيد، فإنه يصغر فيقال: يا زييد.   1 في "ب": "وتحذف". 2 في "ب": "فتبقي". 3 سقط من "ب". 4 الارتشاف 1/ 187. 5 في "ط": "فتصير". 6 شرح المرادي 5/ 120. 7 التسهيل ص288. 8 في "ب": "تصغر". 9 في "ب": "يذكروا". 10 في "ب": "إلا". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 586 باب النسب مدخل ... باب النسب: وسماه سيبويه باب الإضافة1، وابن الحاجب باب النسبة2. والغرض منها أن تجعل المنسوب من آل المنسوب إليه. أو من أهل تلك البلدة. أو الصنعة3، وفائدتها فائدة الصفة. وإنما افتقرت إلى علامة, لأنها معنى حادث، فلا بد لها من علامة، وكانت من حروف اللين لخفتها، ولكثرة زيادتها، وإنما ألحقت علامتها بالآخر لأنها بمنزلة الإعراب من حيث العروض، فموضح زيادتها هو الآخر, وإنما لم تلحق الألف لئلا يصير الإعراب تقديريًّا، ولا الواو لثقلها. وإنما كانت مشددة لتدل على نسبة إلى المتجرد عنها. ويحدث بالنسب ثلاثة تغييرات: أولها: لفظي، وهو ثلاثة أشياء، إلحاق يا مشددة آخر المنسوب إليه، وكسر ما قبلها: ونقل إعرابه إليها. وثانيها: معنوي، وهو صيرورته اسمًا لما لم يكن له. وثالثها: حكمي، وهو معاملته معاملة الصفة المشتقة، في رفعه المضمر والظاهر باطراد.   1 الكتاب 3/ 335. 2 شرح الشافية 2/ 4. 3 في "ب", "ط": "الضيعة". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 587 واعلم أنك "إذا أردت النسب1 إلى الشيء" من بلد، أو قبيلة، أو غيرهما، "فلا بد لك من عملين في آخره: أحدهما: أن تزيد عليه ياء مشددة, تصير" تلك الياء "حرف إعرابه"، فتتداولها حركات الإعراب. رفعًا، ونصبًا، وجرًّا، لصيرورتها2 بمنزلة الآخر. "و" العمل "الثاني: أن تكسره، أي لآخر لمناسبة الياء، كما في ياءي3 المتكلم، والمخاطبة، "فتقول في النسب إلى: دمشق" بفتح الميم: "دمشقي"، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 855- ياء كيا الكرسي زادوا للنسب ... وكل ما تليه كسره وجب "ويحذف لهذه الياء" المزيدة للنسب "أمور في الآخر، وأمور متصلة بالآخر. أما" الأمور "التي في الآخر فستة: أحدها: الياء المشددة الواقعة بعد ثلاثة أحرف فصاعدًا، سواء كانتا زائدتين، أو كانت إحداهما زائدة، والأخرى أصلية. فالأول": وهو ما آخره ياءان زائدتان، سواء أكانتا للنسبة4 أم لا "نحو: كرسي". مما آخره ياءان ليستا للنسب، "وشافعي" مما آخره ياءان للنسب. "فتقول في النسب إليهما: كرسي، وشافعي"، فتحذف الياء المشددة منهما، وتجعل مكانها ياء للنسب، "فيحتد لفظ المنسوب، ولفظ المنسوب إليه، ولكن يختلف التقدير"، فيقدر أنهما مع الياء المحددة للنسب غيرهما بدونها. "و" يظهر "لهذا" الاختلاف التقديري أثر في الصناعة، وذلك أنه إذا "كان: بخاتي" جمع "بختي" بباء موحدة فخاء معجمة فتاء مثناة فوقانية "علمًا لرجل"، فإنه يكون "غير منصرف"، استصحابًا لما كان عليه من الجمعية قبل العلمية. قال في الصحاح5: الواحد بختي والجمع بخاتي غير منصرف، لأنه بزنة جمع جمع الجمع. انتهى بتكرير جمع.   1 في "أ": "النسبة"، والتصويب من "ب"، "ط"، وأوضح المسالك 4/ 331. 2 في "ب": "لصيرورته". 3 في "ب": "ياء". 4 في "ط": "سواء كانتا للنسب". 5 الصحاح "بخت". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 588 "فإذا نسبت إليه انصرف" لزوال صيغة منتهى الجموع، لأن الياء التي كانت تحمل الصيغة زالت، وخلفتها ياء أخرى غيرها، وهي أجنبية لم تبن الكلمة عليها، فوزنه قبل النسب "مفاعيل"، وبعده "مفاعي". وقيده بقوله "علمًا" ليرتب عليه قوله: فإذا نسبت إليه، لأن جمع التكسير إذا لم يكن علمًا، ولا جاريًا مجرى العلم لا ينسب إليه على لفظه، بل يرد إلى مفرده. ثم ينسب إليه، فسقط1 ما قيل، إن قوله: علمًا معطل لا مفهوم له. وقيد العلم بكونه لرجل، احترازًا عما إذا كان لامرأة، فإن مانعه من الصرف العلمية والتأنيث المعنوي، لا صيغة منتهى الجموع. "والثاني": وهو ما إحدى ياءيه زائدة، والأخرى أصلية "نحو: مرمي" بالتشديد اسم مفعول من الرمي، "أصله: مرموي" كـ "مضروب"، اجتمع فيه الواو، والياء، وسبقت إحداهما بالسكون، "ثم قلبت الواو ياء والضمة كسرة" لتسلم الياء من قلبها واوًا. "وأدغمت الياء" المنقلبة عن الواو الزائدة "في الياء" الأصلية، لاجتماع المثلين. "فإذا نسبت إليه" حذف الياء المشددة، وجعلت مكانها ياء للنسب2، و"قلت: مرمي". وهذا هو الأفصح3. "وبعض العرب تحذف" الياء "الأولى لزيادتها، وتبقي الثانية لأصالتها، وتقلبها ألفًا" لتحركها، وانفتاح ما قبلها، "ثم تقلب الألف واوًا" لوجوب كسر ما قبل ياء النسب، [والألف لا تقبل الحركة ولم تقلب الألف ياء لئلا تجتمع الكسرة والياءات. "فتقول] 4: مرموي"، وأطلق في النظم قوله: 856- ومثله مما حواه احذف ... ... .............................. وهو مقيد بكونه بعد ثلاثة أحرف فصاعدًا، "وإن وقعت الياء المشددة بعد حرفين حذفت الأولى فقط"، فرارًا من الإجحاف، وتعينت للحذف لسكونها، "وقلبت الثانية ألفًا" لتحركها. وانفتاح ما قبلها، "ثم" قلبت "الألف واوًا" كراهة اجتماع الياءات. "تقول في: أمية: أموي". وجاء "أميييّ" بأربع ياءات، إذ ليس قبلها كسرة. "وإن وقعت" الياء المشددة "بعد حرف واحد لم تحذف واحدة منها. بل تفتح"   1 في "ب": "فقط". 2 في "ب": "النسب". 3 في شرح ابن الناظم ص565: "وقد يقال: مرموي، تفرقة بين الأصل والزائد". 4 سقط ما بين المعكوفين من "ب". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 589 الياء "الأولى" كما في "نمر"، "وبردها إلى الواو إن كان أصلها الواو"، وإلا أبقيت على صورتها، "وتقلب" الياء "الثانية واوًا" لئلا تجتمع الياءات "تقول في: طي، وحي: طووي، وحيوي" لأنهما من "طويت، وحييت". الأمر "الثاني" مما يحذف لياء النسب "تاء التأنيث، تقول في "مكة" مكي" بحذف التاء، لأن بقاءها يوقع في إثبات تاء التأنيث في نسبة المذكر، واجتماع تأنيثين في نسبة مؤنث إلى مؤنث. نحو: "امرأة مكتية" وإيقاع تاء التأنيث حشوًا. "وقول المتكلمين في" علم الأصول الدينية في النسبة إلى "ذات "ذاتي"، وقول العامة في" النسبة إلى "الخليفة: خليفتي" بإثبات تاء التأنيث فيهما "لحن"1، أي خطأ لخروجه عن القاعدة، قال للمخطئ: لاحن، لأنه يعدل بالكلام عن الصواب، "وصوابهما: ذووي، وخليفي" بحذف التاء منهما، وهذا مبني على أن "ذاتي" نسبة إلى "ذات" لغة، وهم لا يقولون ذلك. قال الكاتي في شرح إيساغوجي في المنطق2: لا يقال الذاتي منسوب إلى الذات فلا يجوز أن تكون الماهية ذاتية، وإلا لزم انتساب الشيء إلى نفسه، وهو ممنوع، لأنا نقول: هذه التسمية3 ليست بلغوية حتى يزلم ذلك، بل إنما هي اصطلاحية، فلا يرد ذلك، انتهى. والدليل على أنها اصطلاحية أن استعمال "ذات" مرادًا بها الحقيقة لا أصل له في اللغة كما قال ابن الخشاب، وابن برهان. وإنما المعروف فيها "ذات" بمعنى صاحبة، وحيث نسب إليها فلا بد من حذف تائها، ثم رد لامها المحذوفة وإذا ردت عادت العين إلى الصحة، فتصير على تقدير: "ذوا" ثم تقلب الألف واوا، فتقول. "ذووي"4. الأمر "الثالث" مما يحذف لياء النسب "الألف إن كانت متجاوزة للأربعة، أو كانت رابعة متحركًا ثاني كلمتها. فالأول يقع" في ثلاثة: "في ألف التأنيث كـ: حبارى" بالحاء المهملة، والباء الموحدة والراء: الطائر. "و" في "ألف الإلحاق كـ: حبركي" بفتح الحاء المهملة والباء الموحدة وسكون الراء   1 شرح المرادي 5/ 122. 2 شرح إيساغوجي في المنطق ص45. 3 في "ط": "النسبة". 4 الكتاب 3/ 366-367. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 590 بعده كاف، قال الجوهري1: القراد، وقال الزبيدي2: الطويل الظهر، القصير الرجلين، "فإنه ملحق بـ: سفرجل". "و" في "الألف المنقلبة عن أصل كـ: مصطفى" فإنها منقلبة عن واو الصفوة، فتقول: "حباري، وحبركي، ومصطفي" بحذ الألف فيهن وجوبًا للطول. "والثاني": وهو ما ألفه رابعة، وثاني كلمتها متحرك، "لا يقع في ألف التأنيث كـ: جمزى" صفة، يقال: حمار جمزى، أي سريع، من الجمز، وهو ضرب من السير. تقول في النسب إليها: "جمزي" بحذف الألف وجوبًا، لأن حركة الحرف الثاني بمنزلة حرف آخر، فالألف فيها في حكم الخامسة. "وأما الساكن ثاني كلمتها فيجوز فيها القلب" واوًا تشبيها بألف "ملهى"، "والحذف" تشبيها بتاء التأنيث لزيادتها "والأرجح في التي للتأنيث كـ: "حبلى" الحذف" لأن شبهها بتاء التأنيث أقوى من شبهها بالمنقلبة عن أصل. "و" الأرجح "في التي للإلحاق كـ: علقى" فإنه ملحق بـ"جعفر" "و" في "المنقلبة عن أصل كـ: ملهى" من اللهو، فألفه منقلبة عن واو "القلب"، خبر الأرجح. وإنما كان الأرجح فيهما القلب محافظة في الأول على حرف الإلحاق، ورجوعًا على الأصل في الثاني "والقلب في نحو: ملهى" مما ألفه منقلبة عن أصل "خير منه في نحو: علقى" مما ألفه زائدة للإلحاق "الحذف بالعكس" اللغوي، فالحذف في نحو: "علقى" خير منه في نحو: "ملهى" لأن حذف الزائد خير من حذف الأصلي3. الأمر "الرابع" مما يحذف لياء النسب "ياء المنقوص المتجاوزة الأربعة"4، خامسة أو سادسة "كـ: معتد، ومستعل"، تقول في النسب إليهما: "معتدي، ومستعلي" بحذف ياء المنقوص وجوبًا للطول. "فأما" الياء "الرابعة كـ: "قاضي" فكألف المقصور الرابعة من نحو: مسعى، وملهى" مما ثاني ما هي فيه ساكن، وألفه منقلبة عن ياء أو واو، فيجوز فيها القلب واوًا، والحذف "ولكن الحذف أرجح" من القلب، بل قال بعضهم: إن القلب عن سيبويه5 من شذوذ تغيرات النسب، حتى قيل: لم يسمع إلا في   1 الصحاح "حبرك". 2 في "ط": "الأصل". 3 في "ب"، "ط": "أربعة". 4 الارتشاف 1/ 281. 5 الكتاب 2/ 241. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 591 قوله: [من الطويل] 918- فكيف لنا بالشراب إن لم يكن لنا ... دراهم عند الحانوي ولا نقد جعل اسم الموضع حانية: ونسب إليه. "وليس في الثالث من ألف المقصور" المنقلبة عن ياء، أو واو "كـ: فتى، وعصا، و" من "ياء المنقوص" الثالثة "كـ: عم" بفتح العين المهملة، من عمي عليه الأمر إذا التبس، ورجل علمي القلب أي جاهل. "و: شج" بالشين المعجمة. والجيم من شجي أي حزن، "إلا القلب واوًا" فتقول: "فتوي، وعصوي، وعموي، وشجوي". أما قلبها في "فتى" واوًا، وإن كان أصلها الياء. فلئلا تجتمع الكسرة والياءات: وأما في "عصا" فرجوع إلى أصلها، وأما في "عم، و: شج" فلأنا لما أردنا النسب إليهما فتحنا عينهما، كما في "نمر" فقلبت الياء ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها، ثم قلبت الألف واوًا كما قلبت ألف "فتى" حكمًا وتعليلا. "وحيث قلبنا الياء واوًا فلا بد من تقدم فتح ما قبلها" على قلبها لما تقرر أن قلبها واوًا مسبوق بقلبها ألفًا، فإن قلت: فما وجه فتح العين في "قاض" عند من قال: "قاضوي" بقلب الياء واوًا، نظيره من الصحيح لا يفتح عينه، فالجواب أنه نظير فتح لام "تغلب" عند بعض العرب1، نقله المرادي2 عن بعض النحويين3. "ويجب قلب الكسرة فتحة في" كل ثلاثي مكسور العين، سواء كان مفتوح الفاء، أم مضمومها، أم مكسورها. فالمفتوح الفاء نحو: "فَعِل كـ: نمر" بالنون. "و" المضموم الفاء نحو: "فُعِل كـ: دئل، و" المكسور الفاء نحو: "فِعِل كـ: إبل"، فتقول في النسب إليها "نمري، ودؤلي، وإبلي" بفتح العين فيهن كراهة لتوالي الياءين والكسرتين. وذهب بعضهم إلى   918- البيت لتميم بن مقبل في ديوانه ص362 وأساس البلاغة "عين"، ولذي الرمة في ملحق ديوانه ص1862 ولسان العرب 13/ 298، "عون" ولعمارة "؟ " في شرح المفصل 5/ 151، والمحتسب 1/ 134، 2/ 236، وللفرزدق في المقاصد النحوية 4/ 538، وبلا نسبة في شرح ابن الناظم ص566، وشرح الأشموني 3/ 728، وشرح الكافية الشافية 4/ 1943، وشرح المرادي ص5/ 128، والكتاب 3/ 341، ولسان العرب 14/ 205، "حنا". 1 انظر شرح الكافية 4/ 1947. 2 شرح المرادي 5/ 131. 3 في المصدر السابق والارتشاف 1/ 285: "هم ابن السراج والمبرد والفارسي والرماني والصيرمي". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 592 بقاء كسر العين فيما فاؤه مكسورة كـ: "إبلي" بكسرتين، كسرة الإتباع، والكسرة الأصلية لأن الكسرة تعمل في جهة واحدة، فلا تثقلها. الأمر "الخامس والسادس" مما يحذف لياء النسب "علامة التثنية: وعلامة جمع تصحيح المذكر، فتقول في" النسب إلى "زيدان، وزيدون" حال كونهما "علمين معربين بالحروف: زيدي". بحذف علامة التثنية، وعلامة الجمع، لئلا يجتمع على الاسم الواحد إعرابان، إعراب بالحروف، وإعراب بالحركات في ياء النسب وحذفت النون تبعًا لما قبلها، لأنهما زيادتان زيدتا معًا، فتحذفان معًا، "فأما قبل التسمية" بهما "فإنما ينسب إلى مفردهما" لا إليها. "ومن أجرى: زيدان علمًا مجرى: سلمان" في لزوم الألف، والإعراب على النون إعراب الما ينصرف للعلمية، والزيادة "وقال" وهو تميم ابن أبي مقبل. لا خلف الأحمر، خلافًا للموضح: [من الطويل] . 919- ألا يا ديار الحي بالسبعان ... أمل عليها بالبلى الملوان؟ "قال" في النسب: "زيداني" بإثبات الألف والنون كما يقول: "سلماني". والسبعان: تثنية سبع، اسم موضع، والملوان: الليل والنهار. "ومن أجرى "زيدون" علمًا مجرى {غِسْلِينٍ} [الحاقة: 36] في لزوم الياء والإعراب على النون منونة، "قال في النسب: "زيديني" بإثبات الياء والنون كما يقول: "غسليني". "ومن أجراه" أي "زيدون" "مجرى: هارون" في لزوم الواو، وجعل الإعراب على المنون، ومنع الصرف للعلمية، وشبه العجمة. "أو" أجراه "مجرى: عربون" في لزوم الواو، الإعراب على النون منونة. "أو ألزمه الواو وفتح النون" كـ: "الماطرون". "قال" في النسب على اللغات الثلاث: "زيدوني" بإثبات الواو والنون، كما يقول: "هاروني، وعربوني، وماطروني". وأما جمع تصحيح المؤنث ففيه تفصيل "فنحو: تمرات" بالمثناة [فوق] 1. مما كان جمع اسم مفتوح العين في حالة الجمع، "إن كان باقيًا على جمعيته" ولم ينقل إلى العلمية، "فالنسب إلى مفرده"، لئلا يجتمع تأنيثان حين ينسب مؤنثًا، قاله أبو حيان2. "فيقال: تمري، بالإسكان" في الميم، لأن مفرده ساكن العين قبل الجمع. "وإن   919- تقدم تخريج البيت في الجزء الأول برقم 27. 1 إضافة من "ب". 2 الارتشاف 1/ 280. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 593 كان علمًا، فمن حكى إعرابه" حالة الجمع حذف الألف والتاء معا، و"نسب إليه على لفظه المفتوح" حالة الجمع. "ومن منع صرفه" للتأنيث. والعلمية، "نزل تاءه منزلة تاء مكة، و" نزل "ألفه منزلة ألف: جمزى" لكون ثاني ما هي فيه متحركًا. "فحذفهما" على التدريج، فحذف أولا التاء كما في "مكة"، ثم الألف كما في "جمزى"، "وقال: "تمري" بالفتح" في حكاية الإعراب، ومنع الصرف، وإنما سكنت العين في حال بقائه على الجمعية1، وفتحت في حال نقله إلى العلمية للفرق2 بين النسب إليه جمعًا، والنسب إليه علمًا، لأن علامة الجمع تحذف في كلا الحالين. "وأما نحو: ضخمات" مما هو جمع صفة، فقال الموضح بحثًا، "ففي ألفه" وجهان: "القلب" واوًا. "والحذف، لأنهما كألف: حبلى" بجامع أن كلا منهما صفة، ساكن ثاني ما هي فيه، وعلى كلا الوجهين تحذف التاء، فتقول: "ضخموي، وضخمي"، كما تقول: "حبلوي، وحبلي". "وليس في ألف نحو: مسلمات" من الجموع القياسية. "و" نحو: "سرادقات" من الجموع الشاذة "إلا الحذف"، لكونها خامسة، فتقول: "مسلمي، سرادقي"، بحذف الألف والتاء. والسرادق، قال في القاموس3: الذي يمد فوق صحن الدار، والبيت من الكرسف، والغبار الساطع، والغبار المرتفع المحيط بالشيء. "وأما الأمور المتصلة بالآخر فستة أيضًا: أحدها: الياء" المثناة تحت "المكسورة، المدغمة فيها ياء أخرى"، سواء كان ما هي فيه يائي العين كـ"طيب"، أم واويها كـ"هين" "فيقال في" النسب إلى "طيب، وهين: طيبي، وهيني، بحذف الياء الثانية" المدغم فيها، وإبقاء الياء الأولى الساكنة كراهة اجتماع كسرتين وأربع ياءات. ولم يحذفوا الأولى لئلا ترجع إلى تحرك حرف العلة. وانفتاح ما قبله، فيلزم الثقل لو لم تقلب ألفًا. ويلزم زيادة التغيير مع اللبس لو انقلبت "بخلاف نحو: هبيخ" بفتح الهاء والباء الموحدة وتشديد الياء المثناة تحت وبالخاء المعجمة، الغلام الممتلئ، وقيل: الغلام الناعم، فيقال في النسب إليه: "هبيخي"4 بإثبات الياء الثانية "لانفتاح الياء" المدغمة فيها.   1 في "ب": "الجمع". 2 في "ب": "للتفريق". 3 القاموس المحيط "سردق". 4 شرح ابن الناظم ص568 وشرح ابن عقيل 2/ 497. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 594 "وبخلاف نحو: مهييم" تصغير "مهيام: مفعال" من هام على وجهه إذا ذهب من العشق، أو من هام إذا عطش، أو تصغير "مهوم" اسم فاعل من هوم الرجل إذا هز رأسه من النعاس، أو تصغير "مهيم" اسم فاعل من هيمه الحب إذا جعله هائمًا، تقول في النسب إلى كله: "مهيمي"1 بإثبات الياء المكسورة المدغمة فيها ياء أخرى "لانفصال الياء المكسورة من الآخر بالياء الساكنة" التي هي عوض من ألف "مهيام"، أو من الواو الثانية. من "مهوم"، أو من الياء الثانية من "مهيم"، هذا حاصل كلام أبي حيان2، وتلميذه الشهاب الحلبي السمين3. "وكان القياس أن يقال في" النسب إلى: "طيئ"؛ بتشديد الياء وبالهمزة: "طيئي"، بحذف الياء الثانية فقط، "ولكنهم بعد الحذف قلبوا الياء الباقية"، وهي الأولى "ألفًا على غير قياس"، لأنها ساكنة "فقالوا: طائي"4. ولو قيل: حذفت الياء الأولى الساكنة، وقلبت الياء الثانية المتحركة ألفًا، كان القلب على القياس. الأمر "الثاني" مما يحذف لياء النسب "ياء: فعيلة" بفتح أوله، وكسر ثانيه. بشرط صحة العين، وانتفاء تضعيفها "كـ: حنيفة، وصحيفة، تحذف منه تاء التأنيث أولا، ثم تحذف الياء" ثانيًا، فرقا بين المذكر الصحيح اللام، والمؤنث، "ثم تقلب الكسرة" فتحة كما في "نمر"، "فتقول: حنفي، وصحفي. وشذ قولهم في" النسب إلى "السليقة" وهي الطبيعة "سليقي، وفي" النسب إلى "عميرة كلب"، وإلى سليمة الأزد: "عميري"، و"سليمي"5، والقياس فيهن: "سلقي، وعمري، وسلمي" بحذف الياء وإبدال الكسرة فتحة، كما في عميرة غير كلب، وسليمة غير أزد، ولكنهم فرقوا بينهما. والسليقي من يتكلم بسليقته، أي طبيعته، معربًا من غير تعلم إعراب، قال: [من الطويل] 920- ولست بنحوي يلوك لسانه ... ولكن سليقي أقول فأعرب   1 شرح ابن الناظم ص568، والارتشاف 1/ 282. 2 الارتشاف 1/ 282-283. 3 الدر المصون 8/ 566. 4 شرح ابن الناظم ص568، وشرح ابن عقيل 2/ 497. 5 شرح ابن الناظم ص568، والارتشاف 1/ 283، والمسائل العضديات ص4، 161. 920- البيت بلا نسبة في أساس البلاغة "سلق"، وتاج العروس 25/ 460 "سلق"، وشرح الأشموني 3/ 732، وشرح المرادي 5/ 135. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 595 "ولا يجوز حذف الياء في "نحو" طويلة، لأن العين معتلة1، فكان يلزم قلبها ألفًا لتحركها، وتحرك ما بعدها، وانفتاح ما قبلها، فيكثر التغيير" مع اللبس، ولو لم يقلبوا لزم الاستثقال، قاله الجاربردي2. "ولا" يجوز الحذف "في نحو "جليلة"، لأن العين مضعفة3، فيلتقي بعد الحذف مثلان فيثقل"، ولو أدغموا لزم زيادة التغيير مع اللبس. الأمر "الثالث" مما يحذف لياء النسب "ياء: فعيلة"4 بضم أوله وفتح ثانيه. بشرط ألا تكون العين مضعفة، "كـ: جهينة وقريظة" بالمسألة، "تحذف تاء التأنيث أولا، ثم تحذف الياء"4 كما مر، "فتقول: جهني وقرظي. وشذ قولهم في" النسب إلى "ردينة": رمح "رديني". بإثبات الياء5 وتقول في النسب إلى "عيينة، وقويمة، عيني، وقومي"، ولا يشترط هنا صحة العين، لأن حرف العلة إذا انضم ما قبلاه لا يقلب ألفًا، فلا يلزم المحذور السابق. "ولا يجوز ذلك" الحذف "في نحو: قليلة6" بضم القاف، "لأن العين مضعفة". وحذف لياء يؤدي إلى الثقل لو لم يدغم أحد المثلين في الآخر. وزيادة التغيير مع اللبس لو أدغم. الأمر "الرابع" مما يحذف لياء النسب "واو: فعولة" بفتح الفاء بشرط صحة العين، وعدم تضعيفها "كـ: شنوءة" حي من اليمن. "تحذف تاء التأنيث" أولا، "ثم تحذف الواو" ثانيًا، لأنهم لما حذفوا تاء التأنيث، وهي حرف صحيح دال على معنى استقبحوا أن يبقوا بعد ذلك حرفًا معتلا زائدًا لغير معنى، "ثم تقلب الضمة فتحة فتقول: شنئي"7 وأما قولهم: "شنوي" فعلى لغة من قال: أزد شنوة بتشديد الواو، قاله ابن السكيت8.   1 شرح ابن الناظم ص568, والكتاب 3/ 339. 2 شرح الشافية 1/ 154. 3 شرح ابن الناظم ص568, وشرح المرادي 5/ 137، والكتاب 3/ 339. 4 سقط ما بين المعكوفين من "ب". 5 شرح ابن الناظم ص568, وشرح المرادي 5/ 135. 6 في شرح ابن الناظم ص568: "إنما ينسب إليه على لفظة، فيقال: قليلي". 7 شرح ابن الناظم 568، والكتاب 3/ 339. 8 إصلاح المنطق ص146. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 596 وما ذكرناه في "فَعِيلة وفُعَيلة" من وجوب حذف الياء فيهما، وقلب الكسرة فتحة في الأولى فلا نعلم فيه خلافًا. وأما "فعولة": فذهب سيبويه والجمهور إلى وجوب حذف الواو والضمة معًا، واجتلاب فتحة مكان الضمة1. وذهب الأخفش والجرمي، والمبرد إلى وجوب بقائهما معًا2، وذهب ابن الطراوة إلى وجوب حذف الواو فقط، وبقاء الضمة بحالها. "ولا يجوز ذلك" الحذف "في: قؤولة" بفتح القاف "لاعتلال العين" كما مر في "طويلة". "ولا" يجوز ذلك "في نحو: "ملولة" لأجل التضعيف" في العين وحذف الواو يؤدي إلى التقاء مثلين، والإدغام ممتنع، لأن "فعل"، بفتحتين واجب الفك كـ"طلل" فيثقل اللفظ به. الأمر "الخامس" مما يحذف لياء النسب "ياء: فعيل"3 بفتح أوله، وكسر ثانيه "المعتل اللام" ياء كانت أو واوًا "نحو: غني، وعلي، تحذف الياء الأولى، ثم تقلب الكسرة فتحة" كما تقدم "ثم تقلب الياء الثانية ألفًا" لتحركها وانفتاح ما قبلها. "ثم تقلب الألف واوا" كراهة اجتماع الياءات مع الكسرتين. "فتقول: غنوي، وعلوي". الأمر "السادس" مما يحذف لياء النسب "ياء: فعيل"؛ بضم أوله وفتح ثانيه "المعتل اللام نحو: "قصي" تحذف الياء الأولى، ثم تقلب الثانية ألفًا" لتحركها وانفتاح ما قبلها، "ثم تقلب الألف واوا" لما مر، "فتقول: قصوي. وهذان النوعان"، وهما "فَعِيل، وفُعَيل" المعتلا اللام "مفهومان مما تقدم " في "فَعِيلة وفُعَيلة"، "ولكنهما إنما ذكرا هناك استطرادًا، وهذا" الموضع "موضعها، فإن كان: فعيل" بفتح الفاء "و: فُعَيل" بضمها "صحيح اللام لم يحذف منهما شيء". وذلك نحو قولهم في "عَقِيل، وعُقَيل: عَقِيلي، وعُقَيلي"، "وشذ قولهم في: ثقيف، وقريش" وهذيل: "ثقفي، وقرشي"، وهذلي4.   1 انظر الكتاب 3/ 339، وفي شرح ابن الناظم ص568: "وفعولة في هذا الباب ملحقة بفعيلة". 2 انظر شرح المفصل 5/ 146، والارتشاف 1/ 283. 3 انظر شرح ابن الناظم ص569، وشرح المفصل 5/ 148، والكتاب 3/ 344. 4 شرح ابن الناظم ص569، والارتشاف 1/ 284. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 597 فصل: "حكم همزة الممدود في النسب كحكمها في التثنية1" فهي إما للتأنيث، أو منقلبة عن حرف أصلي، أو عن حرف الإلحاق. "فإن كانت للتأنيث2 قلبت واوًا كـ: صحرواي"، لكون الهمزة أثقل من الواو، ولم تقلب ياء لئلا تجتمع ثلاث ياءات مع الكسرة. وشذن "صنعاني" في النسب إلى "صنعاء اليمن"، و"بهراني" في النسب إلى "بهراء" اسم قبيلة من "قضاعة" فأبدلوا من الهمزة النون، لأن الألف والنون يشابهان ألفي التأنيث ومن العرب من يقول: "صنعاوي"، و"بهراوي" على القياس3. "أو" كانت "أصلا سلمت" من القلب غالبًا لقوتها بأصالتها "نحو: قرائي" في "قراء" وهو الرجل الناسك4، ومنهم من يقلبها واوًا استثقالا، والأجود التصحيح5، قاله في التسهيل6. "أو" كانت بدلا من حرف زائد "للإلحاق" نحو: "علباء"، "أو" كانت "بدلا من أصل" نحو: "كساء" أصله، "كساو" قلبت الواو همزة لوقوعها طرفًا إثر ألف زائدة، "فالوجهان" السلامة والقلب فيهما، "فتقول: "كسائي" بالتصحيح، "وكساوي" بالقلب واوًا رجوعًا إلى الأصل7، "وعلباوي" بالقلب واوًا تشبيهًا بألف التأنيث. "وعلبائي" بالتصحيح تشبيهًا بالأصلية. والعلباء عصب العنق، والهمزة فيه منقلبة عن ياء زيدت للإلحاق بـ"قرطاس"، ولا يخفى ما في الأمثلة من النشر على خلاف الترتيب.   1 شرح ابن الناظم ص569. 2 في شرح ابن الناظم ص569: "فإن كانت زائدة للتأنيث". انظر شرح المرادي 5/ 139. 3 شرح المفصل 6/ 11. 4 شرح ابن الناظم ص569، وشرح المرادي 5/ 139. 5 في "ب": "الفصيح". 6 التسهيل ص361. 7 شرح ابن الناظم ص569، وشرح المرادي 5/ 139. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 598 فصل: "ينسب إلى صدر العلم المركب"، ويحذف العجز لاستثقال النسبة إلى كلمتين معًا، فحذفوا الثانية كما حذفوا تاء التأنيث "إن كان التركيب إسناديًّا، كـ: تأبطي، وبرقي، في" النسبة إلى "تأبط شرًّا، وبرق نحره، أو مزجيًّا" سواء أكان صدره صحيحًا أم معتلا. "كـ: بعلي, ومعدي، أو معدوي1 في" النسب إلى "بعلبك ومعدي كرب". وإنما خير في الياء بين إبقائها على حالها وقلبها واوًا، لأنك إذا حذفت الجزء الثاني صار الكلام منقوصًا، وياء المنقوص إذا كانت رابعة جاز فيها التصحيح والقلب واوًا نحو: "قاضي، وقاضوي"، والأرجح التصحيح كما تقدم، وفي النسب إلى المزجي خمسة أوجه: أحدها: ما ذكره الموضح تبعًا للنظم من الاقتصار في النسب على الصدر، وهو مقيس اتفاقًا. الثاني: أن ينسب إلى عجزه فتقول: "بكي، وكربي"، واختاره الجرمي2. الثالث: أن ينسب إليهما معًا، مزالا تركيبهما3 فتقول: "بعلي بكي، ومعدي كربي"، واختاره أبو حاتم وآخرون، وأنشد عليه السيرافي. [من الطوايل] . 921- تزوجتها رامية هرمزية ... بفضلة ما أعطى الأمير من الرزق فنسبها إلى رام هرمز بلدة من نواحي خوزستان.   1 شرح ابن الناظم ص569. 2 شرح المرادي 5/ 140، والارتشاف 1/ 279. 3 شرح المرادي 5/ 141. 921- البيت بلا نسبة في شرح الأشموني 3/ 736، وشرح شافية ابن الحاجب 2/ 72، وشرح شواهد الشافية ص115, والمقرب 2/ 58، والمذكر والمؤنث للسجستاني ص51، والمذكر والمؤنث للأنباري ص648، وشرح المرادي 5/ 141. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 599 الرابع: أن ينسب إلى جميع المركب1 فتقول: "بعلبكي، ومعدي كربي". الخامس: أن ينبني من جزأي المركب اسمًا على "فعلل"، وينسب إليه، قالوا في النسب إلى: "حضرموت: حضرمي"2. "أو إضافيًّا كـ: امرئي" بكسر الراء تبعًا لكسرة الهمزة، "ومرئي" بحذف الهمزة الأولى، وفتح الميم والراء "في" النسب إلى "امرئ القيس"3. قيل: و"امرئي" شاذ عند سيبويه4، والمطرد عنده "مرئي" بحذف الهمزة وفتح الميم والراء، كذا تكلمت به العرب، قال ذو الرمة يهجو امرأ القيس: [من الوافر] 922- إذا المرئي شبت له بنات ... عقدن برأسه إبة وعارا واستثنى محمد بن حبيب امرأ القيس الكندي، فإنه ينسب إلى "مرقسي"5. "إلا أن كان" المركب الإضافي "كنية، كـ: أبي بكر، وأم كلثوم، أو كان معرفًا صدره بعجزه5 كـ: ابن عمر، وابن الزبير، فإنك" تحذف صدره، "وتنسب إلى عجزه"، لأنه المقصود بمدلوله، "فتقول: بكري، وكلثومي، وعمري"، وزبيري. "وربما ألحق بهما ما خيف فيه اللبس كقولهم في" النسب إلى "عبد الأشهل: أشهلي، و" في النسب إلى: "عبد مناف: منافي" فحذفوا صدرهما، ونسبوا إلى عجزهما5، إذ لو عكسوا، وحذفوا العجز، ونسبوا إلى صدرهما، وقالوا: "عبدمي" لالتبس بالنسب إلى "عبد" غير مضاف، والأشهل: صفة لرجل، و"مناف" اسم لصنم. والحاصل أن المركب الإضافي ينسب إلى عجزه في ثلاثة مواضع: أحدها: ما كان كنية. الثاني: ما تعرف صدره بعجزه. الثالث: ما يخاف اللبس من حذف عجزه. وما سوى هذه المواضع الثلاثة ينسب فيه إلى الصدر. وشذ بناء "فعلل" من جزأي المضاف إليه، والمحفوظ من ذلك: "يتملي، وعبدري، ومرقسي، وعبقسي، وعبشمي"، وفي النسب إلى: "تيم اللات، وعبد الدار، وامرئ القيس بن حجر الكندي، وعبد القيس، وعبد شمس".   1 شرح المرادي 5/ 141. 2 شرح ابن الناظم ص569. 3 شرح ابن الناظم ص569، وشرح المرادي 5/ 142. 4 الكتاب 3/ 376. 922- البيت لذي الرمة في ديوانه 2/ 139، وأساس البلاغة "وأب"، وتاج العروس 1/ 432 "مرأ", 4/ 327 "وأب", وكتاب العين 8/ 420، ولسان العرب 1/ 157 "مرأ"، 1/ 791 "وأب". 5 الارتشاف 1/ 287 وفي تاج العروس 16/ 420: أن نسبة مرقسي هي لامرئ القيس بن حجر غلط والصواب: امرؤ القيس بن الحارث بن معاوية كما حققه بن الجواني في المقدمة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 600 فصل: إذا نسبت إلى ما حذفت عينه، وصحت لامه رددتها وجوبًا في مسألة واحدة، نحو: "رب" بتخفيف الباء1، وأصلها التشديد، فخفف بحذف عينه الساكنة مسمى به، فإذا نسبت إليه قلت: "ربي"، برد العين ساكنة، ولا تحرك لثقل2 الفك إجماعًا، "وإذا نسبت إلى ما حذفت لامه رددتها وجوبًا في مسألتين: أحدهما: أن تكون العين معتلة كـ: شاة، أصلها، شوهة"، بسكون الواو كـ: صحفة"، ثم لما لقيت الواو الهاء لزم انفتاحها. فانقلبت ألفًا. وحذفت لامها وهي الهاء وعوض منها التاء "بدليل قولهم" في تكسيرها: "شياه" بالهاء. وقلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها، والتكسير يرد الأشياء إلى أصولها، فإذا نسبت إلى "شاة" رددت لامها اتفاقًا. ثم اختلف في عينها، هل تبقى على فتحها العارض فتستمر ألفًا، أو ترد إلى سكونها الأصلي، فتسلم من القلب ألفًا؟ ذهب سيبويه3 إلى الأول، وأبو الحسن الأخفش4 إلى الثاني، "فتقول: شاهي" على مذهب سيبويه، لأنه لا يرد الكلمة بعد رد محذوفها إلى سكونها الأصلي، بل يبقى5 العين مفتوحة، فتقلبها6 ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها. "وأبو الحسن يقول: شوهي" بسكون الواو، ولا يقلبها ألفًا، "لأنه يرد الكلمة بعد رد محذوفها إلى سكونها الأصلي" فيمتنع القلب.   1 في "ب": "الهاء". 2 في "أ": "لنقل". 3 الكتاب 3/ 367. 4 الارتشاف 1/ 286. 5 في "ب": "تبقى". 6 في "ب": فتنقلب". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 601 والصحيح مذهب سيبويه، وبه ورد السماع، قالوا: في النسب إلى "غد: غدوي"، وحكي عن أبي الحسن أنه رجع في كتابه الأوسط إلى مذهب سيبويه1. المسألة "الثانية" مما يجب رد لامه "أن تكون اللام قد ردت في تثنية كـ: أب، وأبوان، أو في جمع تصحيح" لمؤنث "كـ: سنة، وسنوات" في لغة2 غير أهل الحجاز، "أو سنهات" في لغة أهل الحجاز، "فتقول" في النسب إلى "أب، وسنة": "أبوي، وسنوي، أو سنهي"، برد اللام كما ردت في التثنية والجمع بالألف والتاء3. لأن النسب أقوى على الرد، لأنه أحمل للتغيير، فلذلك وجب فيه4 رد ما وجب رده في غيره، وجوز فيه رد ما لا يجوز رده في غيره إظهارًا لمزيته في الرد، "فتقول في" النسب إلى "ذو، وذات: ذووي" باتفاق سيبويه وأبي الحسن5، لأن "ذو" عندهما "فعل" بالتحريك، ولامها ياء لأن "طويت" أكثر من قوة. وذهب الخليل إلى أنهما "فعل" بالسكون، نظرًا إلى أن الأصل السكون وإلى أن لامها واو، وأنه من باب قوة، وعلى القولين، ألفًا، وقلبت الألف واوًا في النسب و"ذات" هي "ذو" بزيادة التاء. وإنما قيل في النسب إليهما: "ذووي" "لأمرين: اعتلال العين ورد اللام في تثنية: ذات، نحو: {ذَوَاتَا أَفْنَانٍ} [الرحمن: 48] بالواو على الأصل وقالوا: "ذاتا" على اللفظ، وهو6 القياس. كقولهم: "ذاتا جمال"، لا غير، والألف الأولى من "ذاتا" غير7 منقلبة عن واو، والألف الثانية علامة رفع وتثنية، والتاء للتأنيث كما في "مسلمتان" وإنما صحت العين8 حال التكميل9، وأعلت حال النقص، لئلا يجتمع إعلالان في حال التمام والسلامة من ذلك حالة النقص.   1 شرح المرادي 5/ 145. 2 في "ب": "غير لغة". 3 في "ب": "والهاء". 4 بعده في "ب": "ردها وجب". 5 الكتاب 3/ 366، 367. 6 في "ط": "القولين" مكان "اللفظ، وهو". 7 في حاشية يس 2/ 333: "الذي في النسخ الصحيحة: "عين منقلبة عن واو" يعني أن الألف عين الكلمة وهي منقلبة عن واو". 8 في حاشية 2/ 333: "أي لم تقلب ألفًا كما قلبت في ذات". 9 في حاشية يس 2/ 333، "معنى قوله: حال التكميل حال رد ما حذف في الكلام منها". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 602 "وتقول في" النسب إلى "أخت: أخوي، كما تقول في" النسب إلى "أخ": أخوي، "وتقول في" النسب إلى "بنت: بنوي، كما تقول في" النسب إلى "ابن": بنوي1، "إذا رددت محذوفه لقولهم" في الجمع بالألف والتاء: "أخوات، وبنات، بحذف التاء والرد إلى صيغة المذكر الأصلية". وتقدم أن ما وجب رده في الجمع يجب رده في النسب، "وسره"، أي: وحكمة رد صيغة المؤنث إلى صيغة المذكر "أن الصيغة" أي صيغة "أخت، وبنت" "كلها للتأنيث"، وأن التاء وإن كانت بدلا من واو محذوفة فهي للإلحاق بـ"قفل، وجذع"، إلحاقًا للثنائي بالثلاثي، "فوجب ردها" أي رد صيغة "أخت، وبنت" "إلى صيغة المذكر"، فوجب حذف التاء منهما "كما وجب حذف التاء في" النسب إلى "مكة، وبصرة" نحو: "مكي وبصري، و" في الجمع بالألف والتاء نحو: "مسلمات" لئلا تقع تاء التأنيث حشوًا. هذا قول سيبويه. والخليل، أجروا التاء وإن كانت للإلحاق مجرى تاء التأنيث لاختصاصها بالمؤنث، وفتح أولهما في النسب كما فتح في الجمع بالألف والتاء. "ويونس" يوافق على حذف التاء في الجمع، فيجريها مجرى تاء التأنيث ويحذفها، ويخالف النسب فلا يحذف التاء، ويجمع بينها وبين ياء النسب فيجريها مجرى الملحق به، ويبقي أولهما على حركته، "ويقول فيهما: أختي، وبنتي2، محتجًّا، بأن التاء لغير التأنيث لأن ما قبلها ساكن صحيح". وتاء التأنيث إن كان ما قبلها صحيحًا يجب فتحه نحو: "قصعة، وصنيعة". ولا يسكن إلا إذا كان معتلا نحو: قناة وفتاة. "ولأنها لا تبدل في الوقف هاء" وتاء التأنيث تبدل في الوقف هاء نحو: "رحمه، ونعمه"، "وذلك" المذكور من كونها ليست للتأنيث "مسلم، ولكنهم عاملوا3 صيغتها" مع تاء الإلحاق "معاملة" غيرهما مع "تاء التأنيث، بدليل مسألة الجمع" بالألف والتاء، وذلك لأنهم ردوا المحذوف من المفرد، وحذفوا التاء التي فيه، ثم جمعوه بألف وتاء مزيدتين، وقالوا: "أخوات، وبنات ولو جمعوه على لفظ المفرد من غير ولا حذف لقالوا: "أختات، وبنتات".   1 في شرح ابن الناظم ص570: "هذا مذهب سيبويه والخليل، وأما يونس فيقول: أختي وبنتي". وانظر الكتاب 3/ 360-361. 2 شرح ابن الناظم ص570، والكتاب 3/ 361. 3 في "ب": "جعلوا". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 603 وألزمه الخليل أن ينسب إلى "هنت، ومنت" بإثبات التاء مع أنه وغيره مجمعون على أنه إنما يقال في ذلك بحذف التاء. ويجاب عن مسألة الجمع بالفرق بين الجمع والنسب، لأن الجمع لا لبس فيه بخلاف النسب. إذ حذف التاء فيه يلبس المنسوب إلى المؤنث بالمنسوب إلى المذكر. وعن مسألة "هنت، ومنت" بأن التاء فيها ليست كالتاء في "أخت، وبنت" لأن التاء في "هنت" في الوصل خاصة، وتبدل هاء في الوقف، فليست بلازمة، وفي "منت" في الوقف خاصة، وتذهب في الوصل بخلاف تاء "أخت، وبنت" فإنهما يثبتان وصلا ووقفًا على صورتهما. وفي المسألة مذهب ثالث للأخفش، وهو حذف التاء ورد المحذوف، وإبقاء الاسم على وزنه فتقول1: أخوي وبنوي؛ بسكون الخاء والنون وضم الهمزة وكسر الباء الموحدة ويجب حذف التاء من "ابنة" اتفاقًا، فيقال: "ابني" أو "بنوي" كما يأتي في "ابن". "ويجوز رد اللام وتركها فيما عدا ذلك"، وهو ما صحت عينه ولم ترد لامه في تثنية ولا جمع "نحو: يد، ودم" مما لامه معتلة محذوفة، ولم يعوض منها شيء، "وشفة" مما لامه صحيحة محذوفة، وعوض منها تاء التأنيث. "تقول: يدوي" برد المحذوف، وقلب الياء واوا كراهة اجتماع الكسرة والياءات: "أو يدي" بغير رد للمحذوف، "ودموي" بالرد، والقلب، "أو دمي" بغير رد، "وشفي" بغير رد، "أو: شفهي" بحذف التاء، ورد الهاء المحذوفة، وما ذكره في "شفي، وشفهي" بالرد وعدمه، "قاله الجوهري2، وغيره. وقول ابن الخباز: إنه لم يسمع إلا "شفهي" بالرد لا يدفع ما قلناه" من جواز الأمرين "إن سلمناه، فإن المسألة" التي نحن فيها، وهي جواز رد اللام وتركه "قياسية، لا سماعية"، حتى يقتصر على المسموع منها. "ومن قال" في: شفة "إن لامها واو؛ فإنه يقول إذا رد" اللام: "شفوي" بالواو، و"الصواب ما قدمناه" من أنه يقال: "شفهي" بالهاء، لأن لامها هاء3 "بدليل" رجوعها في قولك: "شافهت، والشفاه" بالهاء، لأن إسناد الفعل إلى التاء، والتكسير يردان الأشياء إلى أصولها.   1 الارتشاف 1/ 288. 2 الصحاح "شفه". 3 الكتاب 3/ 357-358. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 604 وأصل "يد، ودم، وشفة، "فَعْل" بسكون العين، أما "يد" فلا خلاف فيها، وأما "دم" فعلى الصحيح عند سيبويه والأخفش1. وذهب المبرد إلى أنه "فَعَل" بفتح العين، وضعفه الجاربردي2. وأما "شفة" فنص صاحب الضياء على أنها بسكون الفاء. وإذا ثبت أن هذه الثلاثة أصلها السكون فيأتي فيها الخلاف بين سيبويه والأخفش من الرد إلى السكون الأصلي وعدمه. "وتقول في: ابن، واسم" مما حذف لامه، وعوض منه همزة الوصل: "ابني: واسمي" بعدم رد اللام، "فإن رددت اللام" حذفت الهمزة. "وقلت: بنوي، وسموي، بإسقاط الهمزة"، ولا تقول: "ابنوي، واسموي" بالهمزة ورد اللام "لئلا يجمع بين العوض" وهو الهمزة، "والمعوض منه" وهو الواو، ويأتي الخلاف في الرد إلى السكون الأصلي وعدمه، فسيبويه يقول3: "سموي" بكسر السين وضمها وفتح الميم، والأخفش يسكن الميم، ويقولان: بنوي4، بالفتح لا غير. وتقول في "ابنم" بزيادة الميم: "بنمي، وابني، وبنوي"، ولا تقول: ابنموي؛ لما ذكر وعلى الأول فالنون تابعة في الكسر للميم كما تتبعها في الإعراب. "وإذا نسبت إلى ما حذفت فاؤه، أو عينه رددتها" أي الفاء والعين "وجوبًا في مسألة واحدة، وهي أن تكون اللام معتلة، كـ: "يرى" علمًا" وأصل "يرى": "يرأى" نقلت حركة الهمزة إلى الراء، ثم حذفت الهمزة، وهي عينه، "وكـ: شية"، وهو كل لون يخالف معظم اللون، وأصلها: "وشية" بكسر الواو، نقلت الكسرة إلى الشين، ثم حذفت الواو، وهي فاؤها، وعوض منها تاء التأنيث. "فتقول في" النسب إلى "يرى" علمًا: "يرئي: بفتحتين" على الياء والراء "فكسرة" قبل الياء، وبرد العين: وهي الهمزة "على قول سيبويه في إبقاء الحركة بعد الرد" للمحذوف، "وذلك لأنه يصير" بعد الرد "يرأي" بفتح الياء والراء والهمزة "بوزن: جمزي" بالجيم والزاي "فيجب حينئذ حذف الألف" لأنها رابعة متحرك ثاني كلمتها، "وقياس قول أبي الحسن: يرئي" بسكون الراء وكسر الهمزة وحذف الألف. "أو: يرأوي" بقلب الألف واوًا، "كما تقول" في النسب إلى: ملهى "ملهي"   1 المقتضب 1/ 231، وفي شرح المفصل 5/ 84، أنه مذهب الأخفش أيضًا. 2 شرح الشافية 1/ 170. 3 الكتاب 3/ 361. 4 نسبة إلى "أبناء فارس" انظر الكتاب 3/ 361، والارتشاف 1/ 287، ولسان العرب "بنى". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 605 بحذف الألف، "وملهوي" بقلبها واوًا، لأنه إذا رد المحذوف يرد الساكن إلى أصله، فإذا رد المحذوف، وهو الهمزة رجعت الفاء إلى سكونها الأصلي، فتصير "يرأى" بوزن "جرحى"، والمقصور إذا كانت ألفه رابعة، ثاني ما هي فيه ساكن كـ"حبلى" يجوز في ألفه وجهان: حذفها وقلبها واوًا. "وتقول في" النسب إلى "شية: على قول سيبويه"1 في إبقاء الحركة بعد رد المحذوف: "وشوي" بكسر الواوين، وفتح الشين "وذلك لأنك لما رددت الواو" الأولى المحذوفة، وحذفت التاء "صار "الوشي" بكسرتين" متجاوزتين، كسرة الواو وكسرة الشين "كـ: إبل" بكسر الهمزة والباء, "فقلبت" الكسرة "الثانية فتحة" كراهية لتوالي الكسرتين والياءين، "كما تفعل في: إبل" إذا نسبت إليه، "فانقلبت الياء ألفًا" لتحركها وانفتاح ما قبلها، "ثم" انقلبت "الألف واوًا"، لأن الألف المقصورة الثالثة يجب قلبها واوًا. "و" تقول "على" قول "أبي الحسن: وشيي"2 بكسر الواو والياء الأولى وسكون الشين بينهما، لأنه يرد العين إلى سكونها الأصلي. وحيث عاد السكون الأصلي امتنع قلب الياء ألفًا، إذ لا مقتضى له، "ويمتنع الرد في غير ذلك" المذكور من الوجوب3، "تقول في" النسب إلى "سه" بفتح السين المهملة وبالهاء، وهو الدبر مما حذفت عينه. "وعدة" بكسر العين مصدر "وعد" مما حذفت فاؤه. "وأصله: سته، ووعد" بكسر الواو، فحذف4 من الأول عينه، وهي التاء، ومن الثاني فاؤه. وهي الواو، وعوض منها تاء التأنيث "بدليل" رجوعه إلى الأصل في "أستاه" جمع "سه"، "والوعد" بفتح الواو بغير تاء: "سهي" بلا رد، "لا ستهي" برد العين "وعدي" بلا رد، "لا وعدي" برد الفاء "لأن لامهما صحيحة". وإنما لم يرد المحذوف منهما فرقًا بين النسبة إلى ما حذف4 منه اللام، وما حذفت منه العين والفاء. ولم يعكس، لأن اللام محل التغيير، فهو أولى بالرد، وجاء "عدوي" في النسبة إلى "عدة" وليس هذا ردًّا للفاء المحذوفة، والأوجب5 أن يقال: "وعدي"، بل هو كالعوض عن المحذوف.   1 الكتاب 3/ 369، 370. 2 شرح ابن الناظم ص571 والارتشاف 1/ 285. 3 في حاشية يس 2/ 325: "قوله: من الوجوب، لو أبدله بقوله: مما كانت لامه معتلة". 4 في "ب": "فحذفت". 5 في "ط": "وإلا لوجوب". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 606 "وإذا سميت بثنائي الوضع" حال كونه "معتل الثاني ضعفته"، أي الثاني "قبل النسب"، فزدت عليه من جنسه مثله، "فتقول في "لو" و"كي" علمين: "لوّ" و"كيّ" بالتشديد فيهما1" وذلك أنك زدت على الواو واوًا، وعلى الياء ياء، ثم أدغمت إحداهما في الأخرى. "وتقول في "لا" علمًا "لاء" بالمد"، وذلك أنك زدت على الألف ألفًا أخرى، فاجتمع ألفان، فأبدلت الثانية همزة هربًا من تجاور ساكنين، وقيل: زيدت الهمزة من أول الأمر. "فإذا نسبت إليهن قلت: لويّ" بتشديد الواو. "وكيوي" لما تقرر أن حرف العلة المشدد إذا كان بعد الحرف الأول إن كان ياء ترد الياء الأولى إلى أصلها، وتفتح كما في "نمر"، وتقلب الثانية واوًا لئلا تجتمع الياءات، وإن كان واوا بقيت، إذ ليس اجتماع الواوين والياءين في الاستثقال كاجتماع الياءات الأربع، "ولائي، أو لاوي" لما تقرر أن الهمزة إذا كانت بدلا من أصل يجوز فيها التصحيح والقلب واوًا2 هذا إذا قلنا: زدنا على الألف ألفًا، ثم أبدلناها همزة. وأما من قال، زدنا همزة من أول الأمر، فإنه يقول: "لائي" لا غير، ولا يجوز "لاوي" إلا على قول بعضهم، "قراوي" قاله ابن الخباز3. "كما يقول في النسب إلى: الدو" بفتح الدال المهملة وتشديد الواو، وهو البادية، "والحي" بفتح الحاء المهملة، وتشديد الياء وهو القبيلة، "والكساء" بالمد، "دوي" بتشديد الواو، "وحيوي" بفتح الياء "وكسائي" بالتصحيح. "وكساوي" بقلب الهمزة واوًا، ولا يخفى ما في كلامه من التنظير باللف والنشر على الترتيب4. وحاصل الفصل أن المنسوب إليه المحذوف أحد أصوله ثلاثة أنواع: محذوف الفاء، ومحذوف العين، ومحذوف اللام، والأولان نوعان: ما يجب فيه الرد. وما يمتنع.   1 في شرح ابن الناظم ص570، "إذا كان؛ ثالثه؛ حرفًا معتلا وجب تضعيفه، فيقال في لو: لويّ، أصله لووي", وانظر الكتاب 2/ 148. 2 الكتاب 2/ 148. 3 حاشية الصبان 4/ 197. 4 اللف والنشر: أن يذكر الناظم في أول البيت أسماء متعددة غير تامة المعنى، ثم يقابلها بأشياء يعددها من غير الأضداد تتمم معناه؛ إما بالجمل، وإما بالألفاظ المفردة، كقول ابن حيوس: فِعْلُ المدام ولونها ومذاقها ... في مقليته ووجنتيه وريقه انظر شرح الكافية البديعية لصفي الدين الحلي، ص76. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 607 فالأول: ما لامه معتلة نحو: "شية، ويرى" علمًا. والثاني: ما لامه صحيحة نحو: "عدة، وسه". والثالث: نوعان: واجب الرد، وجائزه. والأول ثلاثة أنواع: ما ترجع لامه في التثنية كـ: "أب، وأخ" وما ترجع في الجمع بالألف والتاء كـ: "أخت، وبنت، وسنة"، وما عينه معتلة نحو: "شاة، وذو". والثاني: ما عدا ذلك نحو: "يد، ودم، وشفة" والنسبة إلى ثنائي الوضع خارجة عن ذلك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 608 فصل: "وينسب إلى الكلمة الدالة على جماعة على لفظها أن أشبهت الواحد بكونها اسم جمع" له مفرد من لفظه. أو لا. فالأول: كـ"صحبي، وركبي"، والثاني: "كـ: قومي ورهطي"، ولا يرد إلى مفرده في اللفظ، فلا يقال: "صاحبي، وركبي"، ولا إلى مفرده في المعنى، فلا يقال: "رجلي"، لأن اسم الجمع بمنزلة المفرد. "أو" بكونها "اسم جنس كـ: شجري"، لا يقال: يحتمل أن يكون منسوبًا إلى مفرده وهو "شجرة" وحذفت التاء كما في "مكي"، لأننا نقول: ليس الأمر كذلك، وإنما هو منسوب إلى الجماعة1 بدليل قولهم في النسب إلى "الشعير"2: "شعيري" بإثبات الياء بعد العين، ولو كان منسوبًا إلى "الشعيرة" لقيل: "شعري" بحذف الياء المثناة تحت، لأن "شعيرة فعلية"، وقياس "فعلية: فعلي" كـ: "فرضي" في "فريضة"، قاله خطاب المادري في الترشيح. "أو" بكونها "جمع تكسير" حال كونه "لا واحد له" من لفظه "كـ: أبابيلي" و"عبابيدي"، والعباديد: الفرق من الناس الذاهبون في كل وجه، أوله واحد، ولكنه شاذ كـ: "محاسني" جمع "حسن": حكاه أبو زيد3، نزلوا الشاذ منزلة المعدوم. "أو" حال كونه "جاريًا مجرى العلم"، لاختصاصه بطائفة بأعيانهم، "كـ: أنصاري" نسبة إلى "الأنصار"، لأنه غلب على قوم بأعيانهم، حتى التحق بالأعلام، و"الأصولي" نسبة إلى "الأصول"، لأنه غلب على علم خاص، حتى صار كالعلم عليه. "وأما نحو: "كلاب، وأنمار": علمين" لقبيلتين، و"ضباب، ومداين، ومعافر" أعلامًا "فليس مما نحن فيه لأنه واحد" بالشخص، وانسلخ عنه الجمعية بواسطة العلمية، "فالنسب إليه على لفظه من غير شبهة" ولا تردد، فيقال: "كلابي وأنماري، وضبابي، ومدايني، ومعافري".   1 في "ب": "الجمع. 2 في "ب": "الشعر". 3 الارتشاف 1/ 289. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 609 وقد يرد الجمع المسمى به إلى الواحد إن أمن اللبس، قاله في التسهيل1. ومثلوه بـ"الفراهيد" بالفاء والراء والدال المهملتين، علمًا على بطن من الأزد، وإليه ينسب الخليل بن أحمد الفراهيدي، فقالوا: "الفراهيدي" على لفظ الجمع، و"الفرهودي" نسبًا إلى واحده لأمن اللبس، إذ ليس لنا قبيلة تسمى بالفرهود، وفيه نظر. قال في الصحاح2: الفرهد بالضم: الغليظ، والفرهود حي من نجد، وهو بطن من الأزد انتهى. فاللبس حاصل إذا قيل: "فرهودي" فإنه يوهم أنه منسوب إلى "الفرهود" إذا قيل: إنه أبو بطن. "وفي غير ذلك" المذكور من اسم الجمع، والجنس، والجمع الذي لا واحد له، والجاري مجرى العلم "يرد" الجمع "المكسر إلى مفرده، ثم ينسب إليه"3، ولم ينسب إلى الجمع على حاله ليحصل الفرق بين النسب إليه على حاله، والنسب إليه مسمى به، هذا تعليل سيبويه4، وعلله غيره بأن المطلوب من النسب إلى الجمع الدلالة على أنه بينه وبين ذلك الجنس ملابسة. وهذا المعنى يحصل بالمفرد مع حصول الفرق بين النسب إليه جميعًا، وبينه مسمى به، "فتقول في النسب إلى: فرائض" جمع فريضة، "وقبائل" جمع قبيلة، "وحمر" بالسكون جمع "أحمر" أو "حمراء"، "فرضي، وقبلي؛ بفتح أولهما وثانيهما"، وذلك لأنك رددتهما إلى "فريضة، وقبيلة، ونسبت إليهما فحذفت الياء المثناة تحت، وتاء التأنيث، وقلبت الكسرة فتحة كما في "نمر"، "و: أحمري، و: حمراوي"، وذلك لأن حمراء" إما جمع "أحمر" أو جمع"حمراء"، فإن كان جمع "أحمر" رددته إليه وقلت: "أحمري"، وإن كان جمع "حمراء" رددته إليها وقلت: "حمراوي" لأن الهمزة فيه للتأنيث، وهمز التأنيث يجب قلبه واوًا في النسب، وإنما قال: يرد المكسر إلى مفرده، ولم يقل: يرد الجمع إلى مفرده لأن جمع التصحيح لا يرد إلى مفرده وإنما تحذف منه علامة الجمع، ويظهر أثر ذلك في نحو: "تمرات وتمار" فإن نسبت إلى "تمرات" قلت، "تمري" بفتح الميم، وإن نسبت إلى "تمار" قلت: "تمري" بالسكون.   1 التسهيل ص265. 2 الصحاح "فرهد". 3 شرح المفصل 6/ 9. 4 الكتاب 3/ 38، 78. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 610 فصل: "وقد يستغنى عن ياءي النسب بصوغ المنسوب إليه على: فعال" بفتح أوله وتشديد ثانيه، "وذلك غالب في الحِرَف"1 جمع حرفة، "كـ: بزاز" بزايين معجمتين لبياع البز، "ونجار" بالنون والجيم لمن حرفته النجارة، "وعواج" لبياع العاج "وعطار" لبياع العطر، ومن غير الغالب ما أشار إليه بقوله: "وشذ قوله" وهو امرؤ القيس الكندي: [من الطويل] . 923- وليس بذي رمح فيطعنني به ... وليس بذي سيف وليس بنبال "أي: بذي نبل"، بدليل ما قبله، فاستعمال "فعال" في غير الحرف بمعنى ذي كذا، "وحمل عليه قوم من المحققين"2، كما قال ابن مالك: " {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} " [فصلت: 46] أي: بذي ظلم3. والذي حملهم على ذلك أن النفي منصب على المبالغة، فيثبت أصل الفعل، والله تعالى منزه عن ذلك.   1 شرح ابن الناظم ص571، وشرح ابن عقيل 2/ 506، وشرح المرادي 5/ 151، وشرح الكافية الشافية 4/ 1962. 923- البيت لامرئ القيس في ديوانه ص33، وشرح ابن الناظم ص571، وشرح أبيات سيبويه 3/ 221، وشرح شواهد المغني 1/ 341، وشرح المرادي 5/ 152، وشرح المفصل 6/ 14، والكتاب 2/ 383، ولسان العرب 11/ 642 "نبل"، والمقاصد النحوية 4/ 540، وتاج العروس "نبل"، وبلا نسبة في أساس البلاغة "نبل" وأوضح المسالك 4/ 399، وشرح الأشموني 3/ 745، وشرح الكافية الشافية 4/ 1962، ومغني اللبيب 1/ 111، والمقتضب 3/ 162. 2 شرح ابن الناظم ص571، وشرح ابن عقيل 2/ 506، وشرح الكافية الشافية 4/ 1963، وشرح الأشموني 3/ 745. 3 شرح الكافية الشافية 4/ 1963. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 611 وأمثلة "فعال" كثيرة، ومع كثرتها فقال سيبويه1، غير مقيسة، فلا يقال لصاحب الدقيق. "دقاق"، ولا لصاحب الفاكهة "فكاه"، ولا لصاحب البر، بالراء المهملة: "برار" ولا لصاحب الشعير: "شعار" انتهى2. والمبرد يقيس هذا3. "أو" بصوغ المنسوب إليه "على: فاعل، أو على: فَعِل"4 بفتح أوله، وكسر ثانيه "بمعنى ذي كذا. فالأول، كـ: تامر"، أي: ذي تمر، "ولابن"، أي: ذي لبن، "وطاعم"، أي ذي طعام، "وكاسي"، أي ذي كساء. "والثاني، كـ: طَعِم"، أي: ذي طعام "ولَبِن"، أي: ذي لبن، "ونَهِر"، أي: ذي نهار، "قال" الراجز: [من الرجز] 924- لست بليلي ولكني نهر ... لا أدلج الليل ولكن أبتكر أنشده سيبويه في كتابه5، اي: ولكني نهار، أي: عامل بالنهار.   1 الكتاب 3/ 381، وانظر شرح المفصل 6/ 15. 2 في شرح المفصل 6/ 15: "وقد قيل دقاق، ومثل ذلك الكسائي نسب على قياس النسب، والفراء على قياس البزاز والعطار". 3 المقتضب 3/ 161. 4 شرح ابن الناظم ص571، وشرح ابن عقيل 2/ 506، وشرح الكافية الشافية 4/ 1962-1963، وشرح المفصل 6/ 15. 924- الرجز بلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 341، وشرح ابن الناظم ص572، وشرح الأشموني 3/ 745، وشرح ابن عقيل 2/ 506، وشرح عمدة الحافظ ص900، وشرح الكافية الشافية 4/ 1963، وشرح المرادي 5/ 154، والكتاب 3/ 384، ولسان العرب 5/ 238 "نهر" 11/ 608، "ليل" والمقاصد النحوية 4/ 541، والمقرب 2/ 55، ونوادر أبي زيد ص249، وأساس البلاغة "خني" و"نهر"، وتهذيب اللغة 15/ 443، وكتاب العين 4/ 44. 5 الكتاب 3/ 384. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 612 فصل: وما خرج" في النسب "عما قررناه في هذا الباب فشاذ"1، وذلك تسعة أقسام: أحدها: بالتحريف فقط، "كقولهم: أموي؛ بالفتح" في الهمزة؛ نسبة إلى "أمية" بضم الهمزة، "وبصري؛ بالكسر" في الباء؛ نسبة إلى "البصرة" بفتح الباء، "ودهري للشيخ الكبير، بالضم" في الدال نسبة إلى "الدهر" بفتح الدال. "و" الثاني: بالزيادة فقط، كقولهم: "مروزي، بزيادة الزاي" نسبة إلى "مرو"، "ورباني، وفوقاني، وسفلاني، وتحتاني"، نسبة إلى: "الرب، وفوق وأسفل، وتحت" قاله طاهر بن أحمد القزويني. "و" الثالث: بالنقص فقط، كقولهم: "بدوي، بحذف الألف" نسبة إلى: "البادية" و"خراسي" بحذف الألف والنون نسبة إلى "خراسان"، و"جلولي" بحذف الألف نسبة إلى: "جلولاء" بالجيم والمد قرية بناحية فارس، "وحروري، بحذف الألف والهمزة" نسبة إلى "حروراء" بمهملات والمد، قرية بظاهر الكوفة ينسب إليها الخوارج الحرورية. والرابع: بالحذف، والتحريف نحو: "عالية وعلوي، وشتاء، وشتوي، وخريف وخرفي" بفتح فسكون، "وخرفي"، بفتحتين. والخامس: بالزيادة والتحريف نحو: "أنف، وأنافي". والسادس: بالزيادة، والحذف نحو: "رازيّ" نسبة إلى "الري". والسابق: بالقلب فقط نحو: "طائي، وصنعاني، وبهراني، وروحاني" نسبة إلى "طيئ، وصنعاء، وبهراء، وروحاء".   1 شرح الكافية الشافية 4/ 1964، وشرح ابن الناظم ص572، وشرح ابن عقيل 2/ 507، والكتاب 3/ 335-337. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 613 والثامن: بالقلب والتحريف نحو: "ثوب حاري" نسبة إلى "الحيرة" بالحاء المهملة، فأما الإنسان فـ"حيري". والتاسع: بتوفير ما يستحق التغيير نحو: "أميي" نسبة إلى أمية، و"بحراني" بالحاء المهملة نسبة إلى البحرين: اسم موضع. ولذلك أسباب اقتصر الموضح منها على أربعة: أحدها: الاستغناء بشيء عن شيء، ومثل له بمثالين: أموي، وبصري"، فالأول كأنه منسوب إلى المكبر، وهو "أمية"، والثاني كأنه منسوب إلى "البصرة"، وهي حجارة بيض توجد في البصرة. وثانيها: التفرقة بين نسبتين إلى لفظ واحد قصدًا إلى إزالة اللبس. ومثل له بمثالين: "دهري، ومرزوي" فالأول للفرق بينه وبين "الدهر" بفتح الدال، وهو القائل بالدهر من الملحدة، والثاني للفرق بينه وبين المنسوب إلى "المروة". وثالثها: العدول من الثقل إلى الخفة، ومثله بمثال واحد هو: "بدوي". ورابعها: تشبيه الشيء بالشي، ومثله بمثالين: جلولي، وحروري" فحذفوا الهمزة تشبيها للممدود بالمقصور. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 614 باب الوقف مدخل ... باب الوقف: وهو قطع المنطق عند آخر الكلمة، والمراد هنا الاختياري بالياء المثناة التحتانية، لا الاختياري بالموحدة، ولا الإنكاري، ولا التذكيري، ولا الترنمي، ويقابله الابتداء والابتداء عمل، فيكون الوقف استراحة عن ذلك العمل، ويتفرع عن قصد الاستراحة في الوقف ثلاثة مقاصد، فيكون لتمام الغرض من الكلام، ولتمام النظم في الشعر، ولتمام السجع في النثر، وهو أحد عشر نوعًا: الأول: الإسكان المجرد. الثاني: الروم. الثالث: الإشمام. الرابع: إبدال الألف. الخامس: إبدال تاء التأنيث هاء. السادس: زيادة الألف. السابع: إلحاق هاء السكت. الثامن: إثبات الواو والياء أو حذفهما. التاسع: إبدال الهمزة. العاشر: التضعيف. الحادي عشر: نقل الحركة. والمذكور هنا سبعة جمعها بعضهم في بيت فقال: [من البسيط] نقل وحذف وإسكان ويتبعها الـ ... ـتضعيف والروم والإشمام والبدل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 615 أما إلحاق هاء السكت فلبيان الحركة، ثم الموقوف عليه تارة يكون منونًا وتارة يكون غير منون. فأما "إذا وقفت على منون" غير مؤنث بالتاء فللعرب فيه ثلاث لغات: حذف التنوين مطلقًا، والوقف بالسكون مطلقًا، وهو لغة ربيعة. وإبدال التنوين مطلقًا ألفًا بعد الفتحة، وواوًا بعد الضمة، وياء بعد الكسرة، وهي لغة الأزد. والتفصيل بين المفتوح وغيره "فأرجح اللغات" الثلاث "وأكثرها أن يحذف تنوينه بعد الضمة والكسرة"، ويسكن ما قبل التنوين "كـ: هذا زيد، و: مررت بزيد" بسكون الدال في المثالين، "وأن تبدل ألفًا بعد الفتحة إعرابية كانت" الفتحة "كـ: رأيت زيًدا. أو بنائية كـ: إيها" بكسر الهمزة وسكون الياء التحتانية بمعنى: "انكفف"1، "و: ويها" بفتح الواو [وسكون الياء] 2 بمعنى "أعجب"، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 881- تنوينا اثر فتح اجعل ألفا ... وقفا وتلو غير فتح احذفا3 وإنما أبدل التنوين بعد الفتحة ألفًا لأن التنوين يشبه4 الألف من حيث كان5 اللين في الألف يقاربه الغنة في التنوين، فأبدلوه ألفًا لما بينهما من المقاربة. ولم يبدل بعد الضمة واوًا وبعد الكسرة ياء لمكان [ثقل الواو والياء في نفسهما، وإذا اجتمعت الضمة مع الواو، والكسرة مع الياء زاد الثقل، ولم يكن في الفتحة مع الألف ثقل فتركوها] 6 على حالها. وأما المؤنث بالتاء فإن تنوينه يحذف مع الضمة، كما يحذف مع غيرها، وتبدل التاء هاء، ومن وقف بالتاء فإنه يبدل من التنوين ألفًا بعد الفتحة ويقول: "قائمتا" على إحدى اللغتين. وإذا وقف على المقصور المنون وجب إثبات الألف في الأحوال الثلاثة، وفيه ثلاثة أقوال:   1 في شرح شذور الذهب ص116: "ولا تقل بمعنى اكفف، كما يقول كثير منهم". 2 إضافة من "ب". 3 ما بين المعكوفين سقط من "ب". 4 في "ط": "شبيه". 5 في "ط": "أن". 6 سقط ما بين المعكوفين من "ب". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 616 أحدها: اعتباره بالصحيح. فالألف في النصب بدل من التنوين، وفي الرفع والجر بدل من لام الكلمة، فإذا قلت: "هذا فتى، و: مررت بفتى"، ووقفت عليه، فالألف هي الأصلية نظير الدال من "زيد، وإذا قلت: "رأيت فتى" فالألف هي المبدلة من التنوين نظير الألف في "رأيت زيدًا" وحذفت الألف الأصلية لاجتماع الساكنين، هذا مذهب سيبويه1 فيما نقل أكثرهم، قيل: ومعظم النحويين عليه. القول الثاني: أن الألف بدل من التنوين في الأحوال الثلاثة، واستصحب حذف الألف المنقلبة وصلا ووقفًا، هذا مذهب أبي الحسن، والفراء، والمازني2. والقول الثالث: أنها الألف المنقلبة في الأحوال الثلاثة، وأن التنوين حذف، فلما حذف عادت الألف، وهو مروي عن أبي عمرو والكسائي وابن كيسان والسيرافي3، ونقله ابن الباذش عن سيبويه، والخليل4، وفي الألف الموقوف عليها لغات5: أشهرها أن تقر على صورتها. الثانية: قلبها ياء، لأن الياء أبين من الألف، وهي لغة فزارة، وبعض قيس. والثالثة: قلبها واوًا، لأن الواو أبين من الياء، وهي لغة بعض طيئ؟ والرابعة: قلبها همزة، لأن الهمزة أخت الألف، وهي أبين الحروف كلها، وهي لغة بعض طيئ أيضًا، وليس من لغتهم التخفيف، ويحتمل القلب فيهن أن تكون من الألف الأصلية، وأن تكون من المبدلة من التنوين على الخلاف السابق. "وشبهوا "إذن" بالمنون المنصوب، فأبدلوا نونها في الوقف ألفًا، هذا قول الجمهور"6، وإلى [ذلك أشار الناظم بقوله: 883- وأشبهت إذن منونا نصب ... فألفا في الوقف نونها قلب7 "وزعم بعضهم أن الوقف عليها بالنون8، واختاره ابن عصفور" في شرح   1 الكتاب 4/ 181. 2 انظر الارتشاف 1/ 393، وشرح المرادي 5/ 156. 3 انظر شرح الكافية الشافية 4/ 1982-1983. 4 الكتاب 4/ 181. 5 الارتشاف 1/ 393، وشرح الكافية الشافية 4/ 1984. 6 الارتشاف 1/ 393، وشرح المرادي 5/ 159. 7 ما بين المعكوفين سقط من "ب". 8 شرح المرادي 5/ 159. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 617 الجمل1، وبنى على ذلك أنها تكتب بالنون2. قال الموضح، وليس كما ذكر2، "وإجماع القراء السبعة على خلافه"، فإنهم أجمعوا على الوقف على نحو: {وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا} [الكهف: 20] بالألف2. لكن في حواشي مبرمان على الكتاب قال3: علّ الناس يقفون على "إذن" بالألف، والمازني يخالفهم، ويقول: هي حرف بمنزلة "لن" وهي بـ"لن" أشبه منها بالأسماء. قال3. وهذا قول حسن، وهو قول المبرد في الكفاية، وهذه حجته3. وذهب أبو سعيد علي بن مسعود في المستوفى إلى أن أصل "إذن": "إذا" لما يستقبل، ثم ألحق النون عوضًا عن المضاف إليه كما في: "يومئذ"، وعلى هذا يصح وجه الوقف عليها بالألف. "وإذا وقف على هاء الضمير" الموصول بحرف ساكن من جنس حركتها، "فإن كانت الهاء مفتوحة تثبت صلتها. وهي الألف" لخفتها "كـ: رأيتها، و: مررت بها" بإثبات الألف بعد الهاء، "وإن كانت" الهاء "مضمومة أو مكسورة"، وكان ما قبلها متحركًا "حذفت صلتها؛ وهي الواو" في المضمومة، "والياء" في المكسورة، "كـ: رأيته بحذف الواو بعد الهاء. "و: مررت به" بحذف الياء بعد الهاء لاستثقال الواو والياء. وهل هما من نفس الضمير كما في "هو، وهي" أو زائدتان للإشباع. رجح ابن الصايغ الأول4، والزجاج الثاني4, واختلف النقل عن سيبويه5، فالزجاج نسب إليه الأول4، والمازني نسب إليه الثاني. فإن قلنا بالأول فلا بد من إخراج "هو" و"هي" من حكم الحذف، فلا يجوز حذف الواو من "هو"، ولا الياء من "هي" لتعاصيهما بالحركة عن الحذف، بل يقال في الوقف: "هُوْ، وهِيْ" بالسكون، فلذلك قيدنا الكلام بقولنا: ساكن، وإن قلنا بالثاني فلا يحتاج إلى ذلك، واحترزنا بقولنا، وكان ما قبلها متحركًا من أن يكون قبل الهاء ساكن ثابت أو محذوف للجزم، أو للوقف، فإنه يجوز حذف صلتها في الاختيار، وإثباتها فيقول: "منه، ومنهو, وعليه، وعليهي، ولم يدعه, ولم يدعهو، ولم يرمه، ولم يرمهي، وادعه، وادعهو، وارمه، وارمهي". قاله الشاطبي.   1 شرح الجمل 2/ 170، وكذا في شرح قطر الندى ص327. 2 شرح قطر الندى ص327. 3 الارتشاف 1/ 392. 4 شرح الشافية للرضي 2/ 308. 5 الكتاب 4/ 189. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 618 وفي غير ذلك لا يجوز إثبات صلة الضمير إذا كانت واوًا أو ياء، "إلا في الضرورة، فيجوز ثبوتها كقوله"، وهو رؤبة: [من الرجز] . 925- ومهمه مغبرة أرجاؤه ... كأن لون أرضه سماؤه بإثبات الواو فيهما لفظًا لا خطا، لأن صلة الضمير المرفوع والمجرور لا صورة لها في الخط كالتنوين، قاله الموضح في الحواشي. والمهمه: المفازة، والأرجاء: النواحي، والتشبيه فيه مقلوب، والأصل: كأن لون سمائه لغبرتها لون أرضه، فحذف المضاف، وعكس التشبيه مبالغة، "وقوله": [من الطويل] 926- تجاوزت هندا رغبة عن قتاله ... إلى ملك أعشو إلى ضوء ناره بإثبات الياء فيهما لفظًا لا خطا كما تقدم، والضمير لـ"هند" وهو علم رجل، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 882- واحذف لوقف في سوى اضطرار ... صلة غير الفتح في الإضمار وذكر في التسهيل1 أنه قد يحذف ألف ضمير الغائبة منقولا فتحة إلى ما قبلها اختيارًا كقوله: [من الوافر] 927- .................................. ... ..... لست في لخم إخافه أراد: إخافها، فنقل حركة الهاء إلى الفاء بعد سلب حركتها، وحذف الألف، واستشكل قوله: اختيارًا، فإنه يقتضي جواز القياس عليه، وهو قليل.   925- الرجز لرؤبة في ديوانه ص3، والأشباه والنظائر 2/ 296، وخزانة الأدب 6/ 458، وشرح شواهد المغني 2/ 971، ولسان العرب 15/ 98 "عمي"، ومعاهد التنصيص 1/ 178، ومغني اللبيب 2/ 695، والمقاصد النحوية 4/ 557، وتاج العروس 9/ 89، "كبد", "عمى"، وبلا نسبة في أمالي المرتضى 1/ 216، والإنصاف 1/ 377، وأوضح المسالك 4/ 342، وجواهر الأدب ص164، وسر صناعة الإعراب 2/ 636، 637، وشرح شذور الذهب ص320، وشرح المفصل 2/ 118، والصحابي في فقه اللغة ص202. 926- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 343، وشرح المفصل 5/ 93، والمقاصد النحوية 4/ 558. 1 التسهيل ص328. 927- تمام البيت: فإني قد رأيت بدار قومي ... نوائب لست في لخم إخافه وهو بلا نسبة في الإنصاف 2/ 568، وشرح الكافية الشافية 4/ 1991، والارتشاف 3/ 297، 313. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 619 "وإذا وقف على المنقوص وجب إثبات يائه في ثلاثة مسائل: أحدها: أن يكون" المنقوص "محذوف الفاء، كما إذا سميت بمضارع: وفى" بالفاء، أو القاف، "أو" بمضارع "وعى" بالعين المهملة. "فإنك تقول" في الرفع: "هذا يفي، وهذا يعي"، وفي الجر: مررت بيفي، وبيعي "بالإثبات" للياء فيهما رفعًا وجرا، "لأن أصليهما "يوفي، ويوعي" فحذفت فاؤهما" لوقوعها بين ياء مفتوحة وكسرة، "فلو حذفت لامهما" في الوقف "لكان إجحافًا" بهما، إذ لم يبق من أصولهما غير حرف واحد ساكن. المسألة "الثانية: أن يكون" المنقوص "محذوف العين نحو: مر" حال كونه "اسم فاعل من: أرى، وأصله: مرئي" بضم أوله وسكون ثانيه وكسر ثالثه "بوزن "مرعي" فنقلت" الكسرة، وهي "حركة عينه، وعينه هي الهمزة إلى الراء" قبلها، وهي ساكن صحيح، "ثم أسقطت" الهمزة للتخفيف، ثم أعل إعلال "قاض"، "ولم يجر حذف الياء"، وهي لامه "في الوقف لما ذكرنا" من الإجحاف به من حذف عينه. ولامه، وإبقائه على أصل واحد ساكن، وإلى هذا أشار الناظم بقوله: 885- .......................... وفي ... نحو مر لزوم رد اليا اقتفي المسألة "الثالثة: أن يكون" المنقوص "منصوبًا منونًا1 كان، نحو: {رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا} [آل عمران: 193] ، أو غير منون1 نحو: {كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ} " [القيامة: 26] فيجب إثبات الياء فيهما وقفًا، لأنها تحصنت في الأول بألف التنوين، وفي الثاني بـ"أل"، "فإن كان" المنقوص "مرفوعًا أو مجرورًا جاز إثبات يائه" في الوقف، لأنها كانت ثابتة في الوصل، ولم يحدث ما يوجب حذفها، "و" جاز "حذفها" فرقًا بين الوصل والوقف، "ولكن الأرجح" من الوجهين مختلف2. فالأرجح "في المنون الحذف" عند سيبويه "نحو: هذا قاض، و: مررت بقاض", ويجوز: "هذا قاضي، و: مررت بقاضي", بإثبات الياء، ورجحه يونس "و" بذلك "قرأ ابن كثير: "ولكل قوم هادي""3 [الرعد: 7] ، و: "وَمَا عِنْدَ اللهِ   1 شرح الكافية الشافية 4/ 1985، وشرح ابن الناظم ص574. 2 في "ب": "مختلفين. 3 الرسم المصحفي: {هَادٍ} والقراءة المستشهد بها قرأها أيضًا قنبل ويعقوب. انظر الإتحاف ص270، والنشر 2/ 137، وشرح ابن الناظم ص574، وشرح قطر الندى ص326. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 620 بَاقِي"1 [النحل: 96] ، "و: {مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ} "2 [الرعد: 11] بإثبات الياء فيهن. "والأرجح في غير المنون"، وهو المقرون بـ"أل" "الإثبات" للياء "كـ: هذا القاضي، ومررت بالقاضي". وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 884- وحذف يا المنقوص ذي التنوين ما ... لم ينصب اولى من ثبوت فاعلما 885- وغير ذي التنوين بالعكس ... ... ................................... ويجوز الوقف عليهما بالحذف كـ: هذا القاض، ومررت بالقاض، وبذلك وقف الجمهور3 على: "المتعال"، و"التلاق" من قوله تعالى، وهو: {الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ} [الرعد: 9] ، {لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ} [غافر: 15] ، ووقف ابن كثير بالياء على الوجه الأرجح4، وحجة من أثبت الياء في المنون حالة الوقف أن الياء إنما جاز حذفها لأجل التنوين، ولا تنوين في الوقف، فوجب أن تعود, وحجة من حذفها في غير المنون في الوقف أنه قدر الوقف على المنكر بحذف الياء والتنوين ثم أدخل عليه الألف واللام بعد حذفها، وحجة الأول أقوى. واعلم أن المنقوص غير المنون أربعة أنواع: أحدها: ما سقط تنوينه بدخول "أل" وقد تقدم. والثاني: ما سقط تنوينه للنداء نحو "يا قاضي"، فالخليل يختار فيه الإثبات، لأن الحذف مجاز5، ولم يكثر، ويونس يختار الحذف لأن النداء محل حذف5. والثالث: ما سقط تنوينه لمنع الصرف نحو: "رأيت جواري" نصبًا، فيوقف عليه بإثبات الياء كما تقدم في المنصوب. والرابع: ما سقط تنوينه للإضافة نحو: قاضي مكة، فيجوز فيه الوجهان الجائزان   1 الرسم المصحفي: {بَاقٍ} ، والقراءة المستشهد بها قرأها أيضًا قنبل ويعقوب، انظر الإتحاف ص280، والنشر 2/ 137، وشرح ابن الناظم ص574، وشرح قطر الندى ص326. 2 الرسم المصحفي: {وَالٍ} . والقراءة المستشهد بها قرأها أيضًا قنبل ويعقوب. انظر الإتحاف ص270، والنشر 2/ 137، وشرح ابن الناظم ص574، وشرح قطر الندى ص326. 3 كما في الرسم المصحفي. 4 وكذلك قرأ أبو عمرو ويعقوب في "المتعال". انظر الإتحاف ص270، والنشر 2/ 298، وشرح قطر الندى ص326، وكذلك قرأ قالون ويعقوب في "التلاق"، انظر الإتحاف ص378، والنشر 2/ 366، وشرح قطر الندى ص326. 5 الكتاب 4/ 184. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 621 في المنون، [قالوا، لأنه لما زالت الإضافة بالوقف عليه عاد إليها ما ذهب بسببها، وهو التنوين, فجاز فيه ما جاز في المنون] 1. وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 885- وحذف يا المنقوص ذي التنوين ما ... ...........................................   1 سقط ما بين المعكوفين من "ب". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 622 فصل: "ولك في الوقف على المحرك الذي ليس هاء التأنيث خمسة أوجه: أحدها أن تقف بالسكون" المجرد عن الروم والإشمام، سواء في ذلك المنون وغيره، والمعرب والمبني، هذا هو الأكثر والأغلب. "وهو الأصل", لأن سلب الحركة أبلغ في تحصيل غرض الاستراحة. قال أبو حيان1، وعلامته خاء فوق الحرف، هكذا جعلها سيبويه2 خ، والمراد خف أو خفيف، وناقشه الموضح فقال: إنما هي رأس جيم أو رأس ميم، وكلاهما مختصر من اجزم. انتهى. والظاهر أنها رأس حاء مهملة مختصرة من استرح لما مر من أن الوقف استراحة. وجعلها بعض الكتاب دائرة، لأن الدائرة صفر، وهو الذي لا شيء فيه من العدد، وجعلها بعضهم دالا، وكأنهم لما رأوها بغير تعريف ظنوها دالا. "ويتعين ذلك" السكون "في الوقف على تاء التأنيث" إذ لا يتأتى فيها الأوجه الباقية. "و" الوجه "الثاني: أن تقف بالروم، وهو إخفاء الصوت بالحركة"، فلا تتمها، بل تختلسها اختلاسًا تنبيها على حركة الأصل، قاله الجاربردي3. "و" لا يختص بحركة بعينها، بل "يجوز في الحركات كلها"، ويحتاج في الفتحة إلى رياضة لخفة الفتحة، وتناول اللسان لها بسرعة "خلافًا للفراء في منعه إياه4" أي الروم "في الفتحة. وأكثر القراء" السبعة "على اختيار قوله"، ووافقهم أبو حاتم على المنع5، لأنه يشبه الثوباء فيفضي إلى تشويه صورة الفم، وعلامة الروم خط بين يدي الحرف، وهذه صورته: "ـ".   1 الارتشاف 1/ 379. 2 الكتاب 4/ 169. 3 شرح الشافية 2/ 260. 4 شرح ابن الناظم ص575، والارتشاف 1/ 397، والكتاب 4/ 171. 5 الارتشاف 1/ 397. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 623 الوجه "الثالث: أن تقف بالإشمام، ويختص بالمضموم"، ولا يكون في المفتوح والمكسور، لأن في الإشارة إلى الفتحة والكسرة تشويهًا لهيئة الفم، وروي الإشمام عن بعض القراء في الجر. وحمل ذلك على الروم على اصطلاح بعض الكوفيين الآتي. "و" الإشمام "حقيقته الإشارة بالشفتين إلى الحركة بعيد الإسكان من غير تصويت" يسمع، والمراد أن تضم شفتيك بعد الإسكان، وتدع بينهما بعض الانفراج، ليخرج منه النفس فيراهما المخاطب مضمومتين, فيعلم أنك أردت بضمهما الحركة، فهو شيء يختص بإدراك العين دون الأذن، لأنه ليس بصوت يسمع, بل هو تحريك عضو، وبعض الكوفيين يسمي الروم إشمامًا، والتحقيق خلافه، فإن الروم مع حركة الشفة تصويت يكاد الحرف يكون به متحركًا فيدركه الأعمى والبصير، بخلاف الإشمام "فإنما يدركه البصير دون الأعمى"، وعلامة الإشمام نقطة بين يدي الحرف وهذه صورته ".". واستثقاله من الشم كأنك أشممت الحرف رائحة الحركة، بأن هيأت العضو للنطق بها، والغرض منه الفرق بين ما هو متحرك في الوصل، وأسكن في الوقف، وبين ما هو ساكن على كل حال. "و" الوجه "الرابع: أن تقف بتضعيف الحركة الموقوف عليه" في اسم أو فعل "نحو: هذا خالد، وهو يجعل" بتشديد الدال من "خالد" واللام من "يجعل". وعلامته رأس شين فوق الحرف، وهذه صورته "شـ"، وهو قليل لمجيء التضعيف في محل التخفيف، ولهذا لم يؤثر عن أحد من القراء إلا عن عاصم في "مستطر" في سورة القمر، "وهو لغة سعدية. وشرطه خمسة أمور" بل ستة، "وهي": أن يكون الحرف الموقوف عليه متحركًا، لأن التضعيف كالعوض من الحركة, قاله الجاربردي1. و"أن لا يكون" "الحرف الموقوف عليه همزة كـ: خطأ، ورشأ"، لأن الهمزة لا تدغم، ولا يدغم فيها في موضع اللام. "ولا ياء، كـ: القاضي". "ولا واوًا، كـ: يدعو". ولا ألفًا، كـ: يخشى". لاستثقال حرف العلة. "ولا تاليا لسكون, كـ: زيد، وعمرو" لئلا يجتمع ثلاثة سواكن: الذي قبل   1 شرح الشافية 2/ 287. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 624 الآخر، والمدغم، والموقوف عليه، قيل: وألا يكون منصوبًا، وشذ: [من الرجز] 928- لقد خشيت أن أرى جدبا بالجيم الموحدة، ورد بأن الموقوف عليه الألف لا الحرف الذي كان محركًا وصلا. الوجه "الخامس: أن تقف بنقل حركة الحرف إلى ما قبله، كقراءة بعضهم"، وهو أبو عمرو: "وَتَوَاصَوْا بِالصَّبِرْ" [العصر: 3] بنقل الكسرة إلى الباء1، "وقوله": [من الرجز] . 929- أنا ابن ماوية إذ جد النقر ... وجاءت الخيل أثافي وزمر بنقل ضمة الراء إلى القاف قبلها. "والنقر" بسكون القاف صوت مخرجه من طرف اللسان، وما يليه من الحنك الأعلى, يسكن به الفرس إذا اضطرت بفارسه2. واختلف في قائل هذا البيت: فقال الصاغاني: قائله فدكي بن أعبد المنقري. وقال ابن السيد: أظنه لعبد الله بن ماوية الطائي، وجزم بذلك الجوهري. وقال سيبويه: هو لبعض السعديين، وماوية اسم أمه3.   928- الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه 169, وشرح شافية ابن الحاجب 2/ 318، 320، ولربيعة بن صبح في شرح شواهد الإيضاح ص264، ولأحدهما في المقاصد النحوية 4/ 549، وبلا نسبة في الارتشاف في 1/ 398، وأوضح المسالك 4/ 353، وخزانة الأدب 6/ 138، وشرح ابن الناظم ص577، وشرح الأشموني 3/ 761, وشرح ابن عقيل 2/ 519، وشرح المرادي 5/ 168، وشرح المفصل 3/ 94، 139، 9/ 86، 82، وكتاب الحلل ص325, والكتاب 4/ 170. 1 انظر القراءة في البحر المحيط 8/ 509. 929- الرجز لعبيد الله بن ماوية الطائي في لسان العرب 5/ 231 "نقر"، وله أو لبعض السعديين أو لفدكي بن عبد الله في الدرر 2/ 347، 563، وله أو لفدكي بن أعبد المنقري أو لبعض السعديين في المقاصد النحوية 4/ 559، ولبعض السعديين في شرح شواهد الإيضاح ص359، والكتاب 4/ 173، والتنبيه والإيضاح 2/ 217، وتاج العروس 14/ 278 "نقر"، وبلا نسبة في اللسان 4/ 89، "تجر"، 10/ 63، "حلق"، وأسرار العربية ص414، والإنصاف 2/ 732، وأوضح المسالك 4/ 346، وتهذيب اللغة 4/ 202، وكتاب الجمل ص334، والمخصص 1/ 81, 12/ 261, ومغني اللبيب 2/ 434، وهمع الهوامع 2/ 107، 208 والكامل ص693. 2 في "ب": "واضطربت بفارسها". 3 الكتاب 4/ 173. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 625 وذكر الموضح أنه وجد حاشية بخط الشيخ بهاء الدين بن النحاس: .................... إذ جد النفر ... ................................... بالفاء المضمومة، يريد النفر، بإسكانها، والعامل في "إذ" ما في "ابن ماوية" من معنى شجاع, أو بطل، أو مقدام، أو مشهور، انتهى. "و" نقل غير المهموز "شرطه خمسة أمور أيضًا"، بل ستة، "وهي": "أن يكون ما قبل الآخر ساكنًا" ليقبل الحركة المنقولة، لأن المتحرك, لا يقبل حركة أخرى. "وأن ذلك الساكن لا يتعذر تحريكه" فإن المتعذر تحريكه كالألف والحرف المدغم لا يقبل الحركة. "و" أن يكون ذلك الساكن "لا يستثقل" تحريكه, فإن المستثقل تحريكه كالواو والياء لا تنقل الحركة إليه للاستثقال. "وألا تكون الحركة" التي يراد نقلها "فتحة" على الأصح عند جمهور البصريين، لأن المفتوح إذا كان منونًا لزم من النقل فيه حذف ألف التنوين، وحمل عليه غير المنون، قاله المرادي1. "وألا يؤدي النقل إلى بناء لا نظير له"، لأن ذلك لا يجوز, وأن يكون المنقول منه صحيحًا. إذا علمت ذلك، "فلا يجوز النقل في نحو": "هذا جعفر؛ لتحرك ما قبله". لأن المتحرك لا يقبل حركة أخرى. وعن هذا احترز بقوله: أن يكون ما قبل الآخر ساكنًا. "ولا في نحو: إنسان، ويشد"، لأن ما قبل الآخر متعذر التحريك، وعن هذا احترز بقوله، وأن يكون ذلك الساكن لا يتعذر تحريكه. "و" لا في نحو: "يقول، ويبيع"، لأن ما قبل الآخر مستثقل تحريكه، وعنه احترز بقوله: ولا يستثقل، "لأن الألف" في: إنسان، "والمدغم" في: يشد "لا يقبلان الحركة"، لأن الألف والمدغم واجبا السكون, إلا أن سكون الألف ذاتي، وسكون المدغم عرضي، "والواو المضموم ما قبلها" في: يقول "والياء المكسور ما قبلها" في: يبيع "تستثقل الحركة عليهما"، لأنهما ثقيلتان في أنفسهما, فلو نقلت2 إليهما حركة زاد ثقلهما.   1 شرح المرادي 5/ 170. 2 في "ب": "نقل". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 626 "ولا" يجوز النقل "في نحو: "سمعت العلم" لأن الحركة فتحة"، لأنهم إنما نقلوا الضمة والكسرة لقوتهما. فكرهوا حذفهما. والفتحة خفيفة فاغتفروا حذفها، قاله الجاربردي1، وعنه احترز بقوله: وألا تكون الحركة فتحة. "وأجاز ذلك" النقل في الفتحة "الكوفيون والأخفش" طردًا للباب2. "ولا" يجوز النقل "في نحو: هذا علم" بكسر العين، لأن النقل فيه يؤدي إلى بناء لا نظير له، "لأن ليس في العربية "فعل" بكسر أوله وضم ثانيه"، وعنه احترز بقوله: وألا يؤدي. إلى آخره. ولا يجوز النقل في نحو: "غزو، وظبي" لأن المنقول منه غير صحيح. "ويختص الشرطان الأخيران" في كلامه، وهما ألا تكون الحركة فتحة. وألا يؤدي النقل إلى بناء لا نظير له "بغير المهموز". "فيجوز النقل في نحو: {لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ} [النمل: 25] ، فتقول: "الخبأ"، "وإن كانت الحركة فتحة" لأنك لو قلت: "الخبء" بالإسكان من غير نقل وجدت استثقالا واضحًا. ولو أبدل الجلالة بـ"الذي" لوافق التلاوة. "و" يجوز النقل "في نحو: هذا ردء" فتقول: "ردء" بكسر الراء، وضم الدال. "وإن أدى النقل إلى صيغة: فعل"، بكسر أوله وضم ثانيه لثقل الهمزة، وإذا سكن ما قبل الهمزة كان النطق بها أصعب. "ومن لم يثبت في أوزان الاسم "فُعِل"، بضمة" في أوله, "فكسرة" في ثانيه، "وزعم أن "الدُّئِل" منقول عن الفعل لم يجز في نحو: بِقُفْل" من قولك: "مررت بقُفْل"، "النقل"، لأنه بعد النقل يصير "بقُفِل"، بضم القاف وكسر الفاء، "ويجيزه في نحو: ببطء" من قولك: "مررت ببطء"، "لأنه مهموز" وعدم النظير في النقل من الهمزة مغتفر لثقل الهمزة، إلا عند بعض تميم، فيفرون منه إلى تحريك الساكن بحركة الفاء إتباعًا فيقولون: "هذا ردئ" بكسرتين، و"مررت ببطؤ" بضمتين. وإذا نقلت حركة الهمزة فالحجازيون يحذفون الهمزة، ويقفون على حامل حركتها. كما يوقف عليه مستبدًا به، فيقولون: "هذا الخب" بالنقل، والحذف، فيسكنون الباء, أو يرومون، أو يشمون، أو يضعفون.   1 شرح الشافية 2/ 289. 2 الإنصاف 2/ 731، وشرح المفصل 9/ 72. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 627 وغير الحجازيين إذا نقل لا يحذف الهمزة، لأنه إنما راعى دفع اجتماع الساكنين، والحرص على الإعراب من الزوال. ثم منهم من يثبت الهمزة فيقول: "هذا البطء، ورأيت البطء, ومررت بالبطء" بسكون الهمزة في الأحوال كلها. ومنهم من يبدلها بمجانس الحركة فيقول: "هذا البطو، ورأيت البطا ومررت بالبطي". و"الخبء"، بالخاء المعجمة والباء الموحدة، ما خبئ في غيره. "والردء": المعين، و"البطء": ضد السرعة. وأما الوقف بالنقل إلى متحرك فلغة لخم، وأنشد عليها الجوهري لبعض الرجاز: [من الرجز] 930- ما زال شيبان شديدًا رهصه ... حتى أتانا قرنه فوقصه قال1: أراد: فوقصه، فلما وقف على الهاء نقل ضمتها إلى الصاد قبلها، فحركها، وفي النهاية تقول في "ضربَهُ: ضربُهْ" في الشعر، وقد استعملته2 العامة في النثر، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 886- وغيرها التأنيث [من محرك ... سكنه أو قف رائم التحرك 887- أو اشم الضمة أو وقف مضعفا ... ما ليس همزًا أو عليلا إن قفا 888- محركًا وحركات انقلا ... لساكن تحريكه لن يحظلا 889- ونقل فتح من سوى المهموز لا ... يراه بصري وكوف نقلا 890- والنقل إن يعدم نظير ممتنع ... وذاك في المهموز ليس يمتنع   930- الرجز لامرأة من عبد القيس أم سعد بن قرط في الدرر 2/ 500، وشرح شواهد المغني 1/ 186، وبلا نسبة في الارتشاف 3/ 312، والصحاح "وقص"، وتاج العروس 18/ 211 "هبص", 204 "وقص"، وديوان الأدب 3/ 252، ولسان العرب 7/ 103 "هبص"، 106 "وقص" وهمع الهوامع 2/ 156. 1 الصحاح "وقص". 2 في "ب": "استعمله". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 628 فصل: "وإذا وقف على تاء التأنيث التزمت التاء"، وسلمت من القلب هاء: "إن كانت متصلة بحرف كـ: ثمت"، وربت، ولعلت. وأما "لات" فوقف عليها الكسائي وحده بالهاء على غير القياس. وقول أبي حيان1، "ربت، وثمت، ولعلت" فالقياس فيهن على "لات" سائغ, فيوقف عليهن، بالوجهين مردود, لأن الخارج عن القياس لا يقاس عليه. "أو فعل كـ: قامت" و"قعدت" وإنما التزمت التاء في الحرف والفعل خوف اللبس بالضمير في قولك: "ربه"، و"ضربه"، وحمل ما لا لبس فيه على ما فيه لبس. وفي الخاطريات لابن جني: قال سيبويه2: لو سميت رجلا بـ"ضربت" ثم حقرته لقلت: "ضريبه" فوقفت عليه بالهاء لأنه قد انتقل من الفعل إلى الاسم. "أو" متصلة "باسم وقبلها ساكن صحيح، كـ: أخت, و: بنت"، لأن التاء فيهما لما سكن ما قبلها صارت كأنها ليست للتأنيث وإنما جيء بها ليلحق بنات الاثنين ببنات الثلاثة، فهي للإلحاق بـ"قفل، وجذع". "وجاز إبقاؤها" على صورتها "وإبدالها" هاء. "إن كانت قبلها حركة"، ولا تكون إلا فتحة "نحو: ثمرة، وشجرة" فرقًا بينها وبين التاء الأصلية كـ"وقت، وبيت". "أو" كان قبلها "ساكن معتل"، ولا يكون إلا ألفًا "نحو: صلاة"، وزكاة وذات. "ومسلمات"، وأولات، لأن الساكن المعتل كالمتحرك تقديرًا، لأنه في موضعه، ومنقلب عنه، ولأن الألف من الفتحة بمنزلة الحرف المتحرك، ولذلك يلتقي معها الساكنان نحو: "دواب" بخلاف ما إذا كان الساكن صحيحًا. وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 891- في الوقف تا تأنيث الاسم ها جعل ... إن لم يكن بساكن صح وصل   1 الارتشاف 1/ 404. 2 الكتاب 2/ 455. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 629 "لكن الأرجح في جمع التصحيح كـ: مسلمات"، وهندات، "وفيما أشبهه وهو اسم الجمع" الذي لا واحد له من لفظه، "وما سمي به من الجمع تحقيقًا، أو تقديرًا. فالأول": وهو اسم الجمع نحو: "أولات" فإنه لا واحد له من لفظه، وإنما له واحد من معناه، وهو "ذات". "والثاني": وهو ما سمي به من الجمع تحقيقًا "كـ: عرفات، و: أذرعات" فإنهما جمع "عرفة، وأذرعة"، و"عرفة"، موقف الحاج، "وأذرعة" قرية من قرى الشام. "والثالث": وهو ما سمي به من الجمع تقديرًا، "كـ: "هيهات" فإنهما في التقدير جمع: هيهية". وأصلها "هيهات"، حذفت لامها، وهي الياء، ووزنها "فعلات"، والأصل "فعللات"، "ثم سمي بها الفعل"، فصار معناه بعد، وقيل: "هيهات" مفرد، وأصله "هيهية" على وزن "فعللة" من المضاعف كـ: "القلقلة"، "الوقف"، خبر الأرجح. "بالتاء" متعلق بالوقف. وإنما كان الأرجح الوقف بالتاء، لأنهم لما أرادوا أن يكون في جمع المؤنث السالم زيادتان لم يمكنهم أن يزيدوا الواو ولا الياء مع الألف، لأنهم لو زادوهما لانقلبتا همزة، فزادوا التاء معه، لأنها تصير بدلا من الواو كما في "تخمة" فصارت علامة التأنيث، وأغنت عن أن يقال في "مسلمة: مسلمتات"، فلما أفادت هذه التاء الجمع والتأنيث. وأغنت عن علامة التأنيث والملحقة بالواحد أثبتت في الوقف، ولم تبدل هاء، وعاملوا ما ألحق بالجمع معاملته، لأنهم لما أجروه مجراه في الإعراب أجروه مجراه في غيره. "ومن الوقف بالإبدال" هاء، "قولهم: كيف الإخوة والأخواه، وقولهم: دفن البناه من المكرماه"1، حكاه قطرب عن طيئ2، بإبدال تاء الجمع هاء في الوقف تشبيهًا بتاء التأنيث الخالصة. "وقرأ الكسائي والبزي: "هيهاه" [المؤمنون: 36] بإبدال التاء هاء3، والمنقول عن الكسائي أن من كسر التاء وقف عليها ومن نصبها وقف بالتاء والهاء. وفي الجاربردي4 أن من قدر "هيهات" جمعًا وقف عليها بالتاء، ومن قدره مفردًا وقف عليها بالهاء.   1 من الأمثال في مجمع الأمثال 1/ 134، وشرح ابن الناظم ص576. 2 الارتشاف 1/ 404. 3 انظر معاني القرآن للفراء 2/ 236، والنشر 2/ 131. 4 شرح الشافية 2/ 269. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 630 وفي الإيضاح لابن الحاجب: "هيهات" اسم للفعل، فلا يتحقق فيه إفراد وجمع، وإنما ذلك لشبهها بتاء التأنيث لفظًا دون إفراد وجمع. "والأرجح في غيرهما"، أي غير جمع التصحيح وغير ما أشبهه "الوقف بالإبدال" هاء فرقًا بينها وبين التاء الأصلية نحو: وقت، وموت. هذا تعليل سيبويه1. وقيل: "فرقًا بينها وبين تاء التأنيث اللاحقة للفعل نحو: "ضربت"، ولم يعكسوا لأنهم لو قالوا: "ضربه" في "ضربت" التبس بالضمير المفعول، قاله الجاربردي2 مقتصرًا عليه. "ومن الوقف بتركه"، أي بترك الإبدال هاء. "قراءة نافع وابن عامر وحمزة "إِنَّ شَجَرَت"" [الدخان: 43] بالتاء، "وقال" أبو النجم "الشاعر": [من الرجز] . 931- والله أنجاك بكفي مسلمت ... من بعدما وبعدما وبعدمت كانت نفوس القوم عند الغلصمت ... وكادت الحرة أن تدعى أمت فلم تبدل التاء فيهن، والمراد بقوله: بعدمت بعدما، فأبدل بالتقدير من الألف هاء ثم أبدل الهاء تاء لتوافق بقية القوافي. هذا تعليل الجاربردي3. وذكر ابن جني في الخاطريات أنه أبدل الألف هاء ثم تاء تشبيهًا لها بهاء التأنيث، فوقف عليها بالتاء. وذكر أنه عرض ذلك على شيخه أبي علي فقبله. و"الغلصمة": رأس الحلقوم، وهو الموضع الناتئ من الحلقوم، واختلف في "ذات" من نحو: {عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} [آل عمران: 119] ، فقال الأخفش والفراء وابن كيسان: يوقف عليها بالتاء لأنها مضافة فهي متوسطة أبدًا، وقال الكسائي والجرمي: يوقف عليها بالهاء لأنها تاء التأنيث، فتقول: "ذاه"، قاله الحوفي، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 892- وقل ذا في جمع تصحيح وما ... ضاهى وغير ذين بالعكس انتمى   1 الكتاب 4/ 166. 2 شرح الشافية 2/ 277. 3 انظر الدرر 2/ 513، وهمع الهوامع 2/ 157، وشرح الكافية الشافية 4/ 1996. 931- الرجز لأبي النجم العجلي في ديوانه ص276, وتاج العروس "ما"، والدرر 2/ 315، ولسان العرب 15/ 472 "ما"، ومجالس ثعلب 1/ 326، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 1/ 113، وأوضح المسالك 4/ 348، وخزانة الأدب 4/ 177، 7/ 333، والخصائص 1/ 304، والدرر 2/ 566، ورصف المباني ص162، وسر صناعة الإعراب 1/ 160، 163، 2/ 563، والارتشاف 3/ 324، وشرح الأشموني 3/ 756، وشرح شافية ابن الحاجب 2/ 289/ وشرح قطر النمدى ص325، وشرح المفصل 5/ 89، 9/ 81، والمقاصد النحوية 4/ 559، وهمع الهوامع 2/ 157، 209. 4 شرح الشافية 2/ 269. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 631 فصل: "ومن خصائص الوقف اجتلاب هاء السكت" للتوصل إلى بقاء الحركة في الوقف كما اجتلبت همزة الوصل للتوصل إلى بقاء السكون في الابتداء. وسميت هاء السكت لأنها يسكت عليها دون آخر الكلمة، "ولها ثلاثة مواضع: أحدها: الفعل المعتل بحذف آخره، سواء كان الحذف للجزم نحو: لم يغزه، ولم يخشه، ولم يرمه"، بإلحاق هاء السكت فيهن جوازًا، "ومنه" أي من الحذف للجزم: {لَمْ يَتَسَنَّهْ} [البقرة: 259] ، على القول بأنه من "السنة" واحدة السنين، وأن لامها واو محذوفة، والأصل: يتسنوا، قلبت الواو ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها، وحذف الألف للجازم، ثم لحقته هاء السكت في الوقف، وهذا اختيار المبرد1. وأما إذا قلنا إن لام "سنة" هاء على رأي الحجازيين فالهاء في "يتسنه" أصلية، لأنها لام الفعل, وهو مجزوم بالسكون. وأما على القول: بأناه من "الحمأ المسنون"، فأصله. لم يتسنن2، بثلاث نونات، أبدلت النون الثالثة، ألفًا كراهة اجتماع الأمثال، كما قالوا في مثله: "تظنى"، والأصل: تظنن، وفي نظيره: 932- تقضي البازي .............   1 الكامل ص967، وانظر البحر المحيط 2/ 292. 2 وهي قراءة ابن مسعود. انظر الرازي 2/ 330. 932- تمام الرجز: تقضي البازي إذا البازي كسر وهو للعجاج في ديوانه 1/ 43، والاقتضاب ص193، 665 "وأدب الكتاب ص487، وشرح الجواليقي ص331، ولسان العرب 4/ 479 "ضبر"، 518 "ظفر"، والأشباه والنظائر 1/ 48، وإصلاح المنطق ص302، والدرر 2/ 511، وشرح المفصل 10/ 25، والممتع في التصريف 1/ 374، وتاج العروس 12/ 476، "ظفر"، 14/ 23 "كسر"، 19/ 25، "قضض"، 20/ 361 "بوع"، وبلا نسبة في الخصائص 2/ 90، وشرح الأشموني 3/ 879، والمقرب 2/ 171، وهمع الهوامع 2/ 157، ومقاييس 4/ 21، وتاج العروس 2/ 343، "خرب"، وعمدة الحافظ "دسس"، "مطو". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 632 والأصل: تقضض، فالهاء على هذا للسكت, والفاعل في الجميع ضمير مفرد مستتر عائد على الطعام، والشراب، لأنهما كالجنس الواحد. ومعنى: {لَمْ يَتَسَنَّهْ} [البقرة: 259] لم يتغير بمرور الزمان، قيل: كان طعامه تينًا أو عنبًا، وشرابه عصيرًا أو لبنًا، وكان الكل على حاله. "أو" كان الحذف "لأجل البناء" كما في فعل الأمر على قول البصريين: "نحو اغزه، واخشه، وارمه، ومنه"، أي من الحذف للبناء: {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ} [الأنعام: 90] وهو أمر من "يقتدي"، والهاء فيه للسكت ساكنة, ومن كسرها فهي ضمير المصدر، وأشبعها ابن عامر برواية ابن ذكوان1، وبغير إشباع برواية هشام1. "والهاء" التي للسكت "في ذلك كله جائزة لا واجبة"، تقول في الوقف، "لم يغز، ولم يخش، ولم يرم، واغز، واخش، وارم"، بغير هاء سكت، وهي لغة لبعض العرب، قال سيبويه2: حدثنا بذلك عيسى بن عمرو ويونس، والأجود الوقف بالهاء، لأن هذه الأفعال حذفت لاماتها، وبقيت حركات ما قبلها دالة عليها، فلو لم تلحق الهاء لذهبت الحركات بسبب الوقف، فيذهب الدليل والمدلول عليه. ولا تجب الهاء "إلا في مسألة واحدة، وهي أن تكون الفعل قد" دخله الحذف، و"بقي على حرف واحد" في اللفظ" كالأمر من "وعى يعي" فإنك تقول" فيه: "عه", بحذف فائه ولامه كمضارعه المجزوم، واحتلاب هاء السكت وجوبًا لئلا يلزم الابتداء بالساكن، أو الوقف على المتحرك، "قال الناظم" في النظم وغيره تبعًا له، "وكذا" تجب هاء السكت في الفعل "إذا بقي" بعد الحذف "على حرفين، أحدهما زائد، نحو: لم يعه3. انتهى" كلام الناظم. "وهذا" الذي قاله الناظم "مردود بإجماع المسلمين على وجوب الوقف" إذا أرادوا أن يقفوا "على نحو: {وَلَمْ أَكُ} [مريم: 20] ، و: {مَنْ تَقِ} [غافر: 9] بترك   1 انظر هذه القراءة في الإتحاف ص213، والبحر المحيط 4/ 176. 2 الكتاب 4/ 159. 3 بقصد قوله في النظم: وقف بها السكت على الفعل المعل ... بحذف آخر كأعط من سأل ويقصد بقوله: "وغيره تبعًا له" ما قاله ابن الناظم في شرحه ص576: "وتجب هذه الهاء في الوقف على الفعل الذي بقي على حرف واحد أو حرفين أحدهما زائد كقولك في: قِ زيدًا ولا تقِ عمرًا، قه ولا تقه". وانظر شرح ابن عقيل 2/ 516. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 633 الهاء خوف الالتباس بالضمير المنصوب على أن الموضح وافق الناظم في شرح القطر، وقال بمقالته1، فصار مشترك الإلزام, فما كان جوابه هو؛ فهو جواب الناظم، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 893- وقف بها السكت على الفعل المعل ... بحذف آخر كأعط من سأل 894- وليس حتمًا في سوى ما كع أو ... كيع مجزومًا فراع ما رعوا الموضع "الثاني: ما الاستفهامية المجرورة" بالحرف، أو بالمضاف، "وذلك أنه يجب حذف ألفها إذا جرت"، ولم تركب مع "ذا"، فالمجرورة بالحرف "نحو: عم، وفيم، و" المجرورة بالمضاف نحو: "مجيء مَ جئت"، وفيه تقديم وتأخير، والأصل: "جئت مجيء مَ"، وهو سؤال عن صفة المجيء، أي على أي صفة جئت, ثم أخر الفعل، لأن الاستفهام له صدر الكلام، ولم يمكن تأخير المضاف وإنما حذفت ألفها إذا جرت بحرف، أو بمضاف "فرقًا بينها وبين ما الخبرية"، وهي الموصولة والشرطية "في مثل: سألت عما سألت عنه"، أو من مثل: "ما سألت عنه"، فـ"ما" فيهما موصولة ونحو: "بما يفرح أفرح"، و"كلما جئتني أكرمتك"، فـ"ما" فيهما شرطية, ولم يعكسوا فيحذفوا في الخبرية ويثبتوا في الاستفهامية، لأن ألف الاستفهامية متطرفة لفظًا وتقديرًا بخلاف ألف الخبرية، فإنها ليست بمتطرفة تقديرًا، لأنها في حشو الصلة والشرط. وزعم المبرد أن حذف ألف الموصولة مع "شئت" لغة نحو: "سل عم شئت"، "فإذا" حذفت ألف "ما" الاستفهامية المجرورة و"وقفت عليها ألحقتها الهاء حفظًا للفتحة الدالة على الألف" المحذوفة. "ووجبت" الهاء "إن كان الخافض" لـ"ما" الاستفامية "اسمًا، كقولك في: مجيء مَ جئت، واقتضاء مَ أقتضي. مجيء مه, واقتضاء مه، وترجحت" الهاء "إن كان" الخافض لها "حرفًا نحو: {عَمَّه يَتَسَاءَلُونَ} [النبأ: 1] ، وبها" أي بهاء السكت "قرأ البزي" بخلال عنه. والفرق أن المجرورة بالحرف متصلة به، وحرف الجر لا يستقل بمعناه، فكأنه معه كالجزء، فلذلك جازت الهاء, وأما المضاف فمستقل بفائدته في مدلوله الإفرادي، فالاسم معه كالمنفصل، وهو على حرف واحد، ولذلك وجبت معه الهاء. وما ذكره الموضح من وجوب حذف ألف "ما" الاستفهامية إذا جرت فمسلم في المجرورة بالحرف، وأما قول حسان: [من الوافر]   1 شرح قطر الندى ص139. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 634 933- على ما قام يشتمني لئيم ... كخنزير تمرغ في رماد فضرورة1 وحكاه الأخفش لغة. وأما المجرورة بالاسم فقال الشاطبي. ليس حذف الألف بلازم فيها، بل يجوز أن يقول: "مجيء ما جئت"، نص على ذلك سيبويه2، إلا أن الأجود الحذف. انتهى. وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 895- وما في الاستفهام إن جرت حذف ... ألفها وأولها الها إن تقف 896- وليس حتمًا في سوى ما انخفضا ... باسم كقولك اقتضاء مَ اقتضى الموضع "الثالث: كل مبني على حركة بناء دائمًا، ولم يشبه المعرب"، فهذه ثلاثة قيود، فخرج بالأول المعرب. وبالثاني ما بناؤه غير دائم، وبالثالث ما أشبه المعرب، وسيصرح بذلك. فإذا استوفيت القيود جاز إلحاق هاء السكت، "وذلك" المستوفي لها "كـ"ياء" المتكلم، كـ"هي" و"هو" فيمن فتحهن" في الوصل، وكـ"كاف" الخطاب. فإنه يقول في الوقف: "غلاميه، وهيه، وهوه"، بإلحاق هاء السكت محافظة على الفتحة، "وفي التنزيل: {مَا هِيَهْ} [القارعة: 10] ، و: {مَالِيَهْ} [الحاقة/ 28] ، و: {سُلْطَانِيَهْ} ، [الحاقة: 29] والأصل: "مالي، وسلطاني". "وقال" حسان "الشاعر" الصحابي رضي الله عنه: [من المتقارب] . 934- إذا ما ترعرع فينا الغلام ... فما إن يقال له من هوه   1 شرح قطر الندى ص139. 933- البيت لحسان بن ثابت في ديوانه ص324، والأزهية ص86، وخزانة الأدب 5/ 130، 6/ 99، 101، 102، 104، والدرر 2/ 575، وشرح شواهد الشافية ص224، ولسان العرب 12/ 497، "قوم"، والمحتسب 2/ 347، ومغني اللبيب 1/ 299، والمقاصد النحوية 4/ 554, ولحسان بن منذر في تخليص الشواهد ص404، وشرح الأشموني 3/ 758، وشرح شافية ابن الحاجب 2/ 297، وشرح المفصل 4/ 9، وهمع الهوامع 2/ 217. 1 الدرر 2/ 576. 2 الكتاب 4/ 165. 934- البيت لحسان بن ثابت في ديوانه ص397، وخزانة الأدب 2/ 428، واللسان 1/ 495، "شصب"، والمقاصد النحوية 4/ 560، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 350، وجمهرة اللغة ص235، والحيوان 6/ 231، ورصف المباني ص339، وشرح المفصل 9/ 84. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 635 ومن لم يفتح وقف بالسكون, ولم يأت بها السكت لعدم فائدتها, قال الجاربردي1: و"ضربني" مثل "غلامي" في جواز الوجهين، وكذا يقال حال الوقف: "أكرمتك" بالإسكان، و"أكرمتكه"، فمن ألحق الهاء آثر أن لا يجحف بالكلمة بجعلها على حرف واحد ساكن، مع أنه في التقدير منفصل إذ هو ضمير المفعول, ومن أسكن فلامتزاجه بالفعل حتى لا يلفظ به منفردًا انتهى. "ولا تدخل" هاء السكت "في نحو: جاء زيد، لأنه معرب" بالحركات وحركة الإعراب تعرف بالعامل، فلا يحتاج إلى بيان بهاء السكت، وشذ "أعطني أبيضه"، حكاه سيبويه2، وقال: أراد: أبيض، فضعف وألحق الهاء. وتلحق المثنى والمجموع على حده، نحو: "مسلمانه، ومسلمونه" لأن إعرابهما بالحروف، وليست حركة النون بإعراب، قال ابن الضائع: وغلط ابن خروف في المنع. "ولا" تدخل هاء السكت "في نحو: اضرب، ولم يضرب، لأنه ساكن"، وهاء السكت إنما تدخل لبيان الحركة. "ولا في نحو: لا رجل" بالفتح، "و: يا زيد، و: {مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ} [الروم: 4] بالضم فيهن. "لأن بناءهن عارض" غير دائم، فالحركة فيهن شبيهة بحركة الإعراب لعروضها بسبب شيء يشبه العامل، فلا تدخل هاء السكت، "وشذ قوله"، وهو أبو ثروان: [من الرجز] 935- يا رب يوم لي لا أظلله ... أرمض من تحت وأضحى من عله "فلحقت ما بني بناء عارضًا، فإن "عل" من باب "قبل"، و"بعد"، قاله الفارسي والناظم, وفيه بحث مذكور في باب الإضافة" فليراجع. و"أظلل، وأرمض، وأضحى" مبنية للمجهول، وقيل: الهاء في "عله" بدل من الواو والأصل" علو".   1 شرح الشافية 2/ 275. 2 الكتاب 4/ 172. 935- الرجز لأبي الهجنجل في شرح شواهد المغني 1/ 448، ولأبي ثروان في المقاصد النحوية 4/ 454، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 35، وجمهرة اللغة ص1318، وخزانة الأدب 2/ 297، والدرر 1/ 436، 2/ 567، وشرح ابن الناظم ص577، وشرح الأشموني 2/ 323، 3/ 760، وشرح عمدة الحافظ ص981، وشرح المفصل 4/ 87، ومغني اللبيب 1/ 154، وهمع الهوامع 1/ 203، 2/ 210، والمخصص 14/ 75. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 636 "ولا" تدخل هاء السكت "في الفعل الماضي كـ: ضرب"، و"ركب" من المتعدي. "و: قعد"، و"قام" من اللازم، لأنه بني على حركة "لمشابهته للمضارع" المعرب "في وقوعه صفة"، نحو: "مررت برجل ضرب" "وصلة"، نحو: "جاء الذي ضرب"، "وخبرًا" نحو: "زيد ضرب"، "وحالا" نحو: "جاء زيد وقد ضرب"، "وشرطًا" نحو: "إن ضربت زيد ضربت"، كما أن المضارع كذلك. والحاصل أن حركة البناء الجارية مجرى حركة الإعراب تكون في أربعة أنواع في اسم "لا"، والمنادى المفرد، والظروف المقطوعة عن الإضافة، والفعل الماضي، وفيه ثلاثة مذاهب: المنع مطلقًا، وهو مذهب سيبويه1. والجواز مطلقًا، لأن حركته لازمة، والثالث: أنها تلحقه إذا لم يخف لبس نحو: "قعد"، ويمنع إن حل لبس نحو: "ضربه" لالتباسه بالمفعول، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 898- ووصلها بغير تحريك بنا ... أديم شذ في المدام استحسنا "مسألة: قد يعطى الوصل حكم الوقف"، من إسكان مجرد, أو مع الروم والإشمام, ومن تعضيف، ونقل, ومن اجتلاب هاء السكت، "وذلك قليل في الكلام" المنثور إلى عدمه، "كثير من الشعر"، لأنه محل الخروج عن القياس، "فمن الأول" وهو النثر "قراءة" بعضهم: "وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَأْ بِنَبَأ" [النمل: 22] بإسكان همزة "سبأ" في الوصل2، وقراءة "غير حمزة والكسائي: "لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ" [البقرة: 259] ، و: {فَبِهُدَاهُمْ اقْتَدِهْ قُلْ} [الأنعام: 90] بإثبات هاء السكت في الدرج" فيهما3، وأتى بـ"انظر" في الأول، و"قل" في الثاني ليبين كيفية الوصل, وحكاية سيبويه4: ثلاثة ربعة بإبقاء تاء "ثلاثة" على حالها. ونقل همزة "أربعة" إليها. "ومن الثاني"، وهو الشعر، "قوله" وهو رؤبة، كما في الكتاب، أو ربيعة بن صبيح كما قال ابن يسعون: [من الرجز] . 936- لقد خشيت أن أرى جدبا ... مثل الحريق وافق القصبا   1 الكتاب 4/ 164. 2 هي قراءة ابن كثير وقنبل والنبال وشبل والقواس. انظر الإتحاف ص336، والنشر 2/ 327. 3 انظر قراءة الآية الأولى في البحر المحيط 2/ 292، وقراءة الآية الثانية في الإتحاف ص213، وانظرهما في الدرر 2/ 570. 4 الكتاب 3/ 265. 936- تقدم تخريج الرجز برقم 928. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 637 "جدبا" بالجيم وتشديد الموحدة، الجدب، نقيض الخصب، و"القصبا" "أصله القصب، بتخفيف الباء" الموحدة، "فقدر الوقف عليها، فشددها على حد قولهم في الوقف: "هذا خالد"، بالتشديد، ثم أتى بحرف الإطلاق، وهو الألف، وبقي تضعيف الباء" بحاله في الوصل تشبيهًا له بالوقف في التضعيف، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 889- وربما أعطي لفظ الوصل ما ... للوقف نثرا وفشا منتظما الجزء: 2 ¦ الصفحة: 638 باب الإمالة : "وهي" مصدر أملت الشيء إمالة إذا عدلت به إلى غير الجهة التي هو فيها، من مال الشيء يميل ميلا إذا انحرف عن القصد. وفي الاصطلاح: "أن تذهب بالفتحة إلى جهة الكسرة"، فتشرب الفتحة شيئًا من صوت الكسرة، فتصير الفتحة بينها وبين الكسرة. "فإن كان بعدها"، أي الفتحة، "ألف ذهبت" بالألف "إلى جهة الياء"، فتصر الألف بينها وبين الياء "كـ: "الفتى"، بإمالة الفتحة والألف؟ "وإلا" يكن بعد الفتحة ألف "فالممالة الفتحة وحدها"، سواء كانت الفتحة قبل تاء التأنيث أم لا، "كـ: نعمة, و: {بِسَحَرٍ} [القمر: 34] . "وللإمالة" فائدة، وحكم، ومحل، وأصحاب، "وأسباب تقتضيها، وموانع تعارض تلك الأسباب، وموانع لهذه الموانع تحول بينها وبين المنع". أما فائدتها فتناسب الأصوات، وصيرورتها من نمط واحد، وبيان ذلك أنك إذا قلت: "عائد"1 كان لفظك بالفتحة تصعدًا، واستعلاء، فإذا عدت إلى الكسرة كان انحدارًا وتسفلا، فيكون في الصوت بعض اختلاف، فإذا أملت الألف قرب من الياء، وامتزج بالفتحة طرف من الكسرة، فتقارب الكسرة الواقعة بعد الألف، وتصير الأصوات من نمط واحد، وقد ترد الإمالة للتنبيه على أصل أو غيره، مما سيأتي.   1 في "ط": "عابد". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 639 وأما حكمها فإنه وجه جائز، فلهذا1 يجوز تفخيم كل ممال، لأنه الأصل، إذ الألف إذا لم تمل كانت حقيقته، فإذا أميلت ترددت بين الألف والياء، والأصل في الحرف ألا يمازج صوته صوت غيره، قاله الجاربردي2. وأما محلها فالأسماء المتمكنة، والأفعال غالبًا، ويأتي التنبيه على غير الغالب. وأما أصحابها فتميم، وفيس، وأسد، وعامة نجد، ولا يميل الحجازيون إلا مواضع قليلة. "وأما الأسباب" التي تمال لأجلها "فثمانية: أحدها: كون الألف مبدلة من ياء متطرفة" في الأسماء، والأفعال، "مثاله في الأسماء: الهدى والفتى، ومثاله في الأفعال: هدى واشترى"، فالألف فيهن مبدلة من ياء, بدليل "الهديان، والفتيان، وهديت، واشتريت"، أخذًا من قول الشاطبي المقرئ: [من الطويل] وتثنية الأسماء تكشفها وإن ... رددت إليك الفعل صادفت منهلا3 "ولا يمال نحو: ناب" بالنون، وهو السن، "مع أن ألفه" مبدلة "عن ياء بدليل قولهم" في تكسيره: "أنياب، لعدم التطرف"، إلا أن يكون مجرورًا فإن من العرب من يميله نحو: "نظرت إلى ناب"، وسبب الإمالة هنا كسرة الإعراب لا غير وإن كانت عارضة، وقاله الشاطبي النحوي. "وإنما أميل نحو: فتاة" مؤنث "فتى"، "و: نواة" وإن لم يكن الألف طرفًا في اللفظ "لأن تاء التأنيث في تقدير الانفصال". فالألف فيهما مبدلة من ياء، فهي وإن لم تتطرف لفظًا، فهي متطرفة حكمًا. والسبب "الثاني كون الياء تخلفها" أي الألف "في بعض التصاريف كألف: ملهى"، مما كان بدلا من واو "و" ألف "أرطى" مما كان زائدًا للإلحاق، "و" ألف "حبلى" مما كان زائدًا للتأنيث، "و" ألف "غزا" مما كان بدلا من واو في الأفعال، "فهذه" الأمثلة "وشبهها ممال"، لأن الياء تختلف الألف فيها في بعض   1 في "ب": "فلذا". 2 شرح الشافية 2/ 371. 3 البيت للشاطبي في شرح قطر الندى ص330. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 640 التصاريف، كالتثنية والجمع في الأسماء، والبناء للمفعول، في الأفعال، "كقولهم في التثنية: مليهان، وأرطيان، وحبليان، وفي الجمع": ملهيات، وأرطيات، و"حبليات، وفي البناء للمفعول: غزي، وعلى هذا" الأخير" "فيشكل قول الناظم" في النظم1 وغيره2: "إن إمالة ألف "تلا" في: {وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا} [الشمس: 2] لمناسبة إمالة ألف {جَلَّاهَا} [الشمس: 3] ، وقوله" في شرح الكافية3، "وقول ابنه" في شرح النظم4: "إن إمالة ألف: {سَجَى} [الضحى: 2] لمناسبة إمالة" ألف {قَلَى} [الضحى: 3] بل إمالتهما كقولك" إذا بنيتهما5 للمفعول: "قُلِيَ، و: سُجِيَ" بضم أولهما وكسر ما قبل آخرهما، فتخلف الياء فيها الألف، فلا حاجة إلى دعوى التناسب إذا أمكن غيره. وأجاب المرادي عن ذلك لما ذكر التناسب6 فقال7: إن السبب المقتضي للإمالة نحو: "دعا" مما ألفه عن واو، لم يعبره القراء، يعني بالقاف8، ولذلك لم يميلوا هذا النوع حيث وقع، وإنما أمالوا ما جاور9، الممال، فلما أمالوا "تلاها" ونحوه؛ وليس من عادتهم إمالة ذلك؛ علم أن الداعي إلى إمالته عندهم هو التناسب. وقال10: هنا تجوز الإمالة في نحو: "دعا، وغزا" لأنه يؤول إلى الياء إذا بني للمفعول، انتهى. وعندي أن هذا الجواب لا يدفع الإشكال، لأن الإشكال على اصطلاح النحويين، والجواب على اصطلاح القراء، فلم يتلاقيا على اصطلاح واحد. " ويستثنى من ذلك"، المذكور، وهو كون الياء تخلف الألف في بعض التصاريف، "ما رجوعه إلى الياء مختص بلغة شاذة، أو" رجوعه إلى الياء "بسبب ممازجة الألف لحرف زائد"، فلا يمال شيء من ذلك.   1قال في الألفية: وقد أمالوا لتناسب بلا ... داع سواه كعمادا وتلا 2 شرح الكافية الشافية 4/ 1975. 3 شرح الكافية الشافية 4/ 1975. 4 شرح ابن الناظم ص581. 5 في "ب": "بنيتها". 6 ف "ب": "المناسب". 7 شرح المرادي: 5/ 200. 8 في "ط": "باتفاق". 9 في "ط": "ما جاوز". 10 شرح المرادي 5/ 189. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 641 "فالأول"، وهو اختصاص رجوع الألف إلى الياء بلغة شاذة، "كرجوع ألف: عصا، وقفا" المنقلبة عن واو "إلى الياء في قول هذيل إذا أضافوهما1 إلى المتكلم"، حيث يقولون: "عصي، وقفي" بتشديد الياء، والأصل: "عصوي، وقفوي" اجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون، قلبت الواو ياء، وأدغمت الياء في الياء. "والثاني" هو رجوع الألف إلى الياء بسبب ممازجة الألف لحرف زائد "كرجوعهما" أي ألفي "عصا، و: قفا" إليها"، أي إلى الياء، "إذا صغر" عند الجميع "فقيل: عصية، وقفيّ"، بتشديد الياء فيهما، [والأصل: "عصيوة وقفيو"، ففعل به ما تقدم به، وقلبت ياء لممازجتها لياء التصغير، وهي حرف زائد، والممازجة: المخالطة والمجاورة. "أو جمعا" أي "عصا، و: قفا" "على: فُعُول"، بضم الفاء، "فقيل: عصي، وقفي"، بتشديد الياء فيهما] 2، والأصل: "عصوو، وقفوو"، قلبت الواو الأخيرة ياء كراهة اجتماع واوين فصارا: "عصوي، وقفوي"، فاجتمعت الواو والياء، وسبقت إحداهما بالسكون، فقلبت الواو ياء، وأدغمت الياء في الياء، وقلبت الضمة الثانية: كسرة، لتسلم الياء من القلب واوًا، ثم كسرت فاؤهما؛ إتباعًا لكسرة عينهما. وقرأ الحسن: "فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعُصِيُّهُمْ" [طه: 66] ، بضم العين, حيث وقع ردًّا إلى أصله، فالياء الثانية المدغم فيها هي ألف "عصا، و: قفا"، وقلبت ياء لممازجتها الياء المنقلبة عن واو "فُعُول" وهي حرف زائد. السبب "الثالث: كون الألف مبدلة من عين فعل يؤول عند إسناده إلى التاء" المثناة فوق "إلى قولك: فِلت، بكسر الفاء""، وحذف العين "سواء كانت تلك الألف" المبدلة من غير الفعل "منقلبة عن ياء" مفتوحة، أو مكسورة. فالأول "نحو: باع، وكال، و" الثاني نحو: "هاب. أم عن واو مكسورة, كـ: خاف، وكاد، ومات" فإنك تقول فيها إذا أسندتها إلى تاء الضمير: "بعت وكلت وهبت وخفت وكدت"، بكسر الفاء في لغة الجميع، و"مت" في "لغة من قال مت، بالكسر" في الميم، بحذف عين الفعل، فيصير في اللفظ على وزن "فلت" والأصل "فعلت" بكسر العين إما بطريق الإمالة كما في: "هبت وخفت وكدت ومت"،   1 في "ب": "أضافوها". 2 سقط ما بين المعكوفين من "ب". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 642 وإما بطريق التحويل كما في "بعت، وكلت"، فإن أصل حركة عينيهما الفتح، ثم نقلا إلى "فعل"، بكسر العين، ثم تنقل الكسرة في الجميع إلى فاء الكلمة، وتحذف العين لالتقاء الساكنين. وقيل في يائي العين المفتوح: لا تحويل، ولكن لما حذفت العين حركت الفاء بكسرة مجتلبة للدلالة على أن العين ياء، فهذه وما أشبهها يمال لما ذكرنا "بخلاف" المنقلبة عن واو مفتوحة "نحو: قال، و" عن واو مضمومة، نحو: "طال" في لغة الجميع، "ومات، في لغة الضم"، فهذه لا تمال، لأنك تقول إذا أسندتها إلى تاء الضمير: "قلت وطلت ومت" بضم الفاء فيهن. أما: "قلت"، فبالتحويل، وأما "طلت، ومت" فعلى الأصل، وتبين أن "مات" تمال في لغة الكسر، ولا تمال في لغة الضم. السبب "الرابع: وقوع الألف قبل الياء" المفتوحة متصلة "كـ: بايعته وسايرته"، ذكره ابن الدهان، ومثله بآية. "وقد أهمله الناظم" في النظم، وسيبويه، "والأكثرون"، وذكره في التسهيل فقال1: أو متقدمة على ياء تليها. السبب "الخامس: وقوعها"، أي الألف، "بعد الياء" حال كونها "متصلة" بها من غير حاجز بينهما "كـ: بيان" بتخفيف الياء، و"كيال، وبياع" بتشديدهما إلا أن الإمالة مع التشديد أقوى لتكرر السبب، "أو منفصلة" عنها "بحرف واحد كـ: شيبان" علمًا من "الشيب"، "و: جادت يداه"، والأول أقوى، لأن انخفاض الصوت بالساكنة أظهر منه في المتحركة لقربها من حيز المد، "أو" منفصلة عنها "بحرفين أحدهما"، وعبارة التسهيل2 ثانيهما، "الهاء نحو: دخلت" هند "بيتها"، وشرطه ألا يفصل بين الياء والهاء بحرف مضموم نحو: "هند اتسع بيتها"، قال الموضح في الحواشي. السبب "السادس: وقوع الألف قبل الكسرة" متصلة "نحو: عالم وكاتب". السبب "السابع: وقوعها" أي الألف "بعدها" أي الكسرة "منفصلة": منها "إما بحرف" واحد، "نحو: كتاب، وسلاح" فالفاصل بين الكسرة والألف في الأول التاء، وفي الثاني اللام. "أو" منفصلة "بحرفين" كلاهما متحرك، "وأحدهما" وهو الثاني "هاء"، وأولهما غير مضموم فيمال، "نحو: يريد أن يضربها" دون "هو يضربها".   1 التسهيل ص325. 2 التسهيل ص325. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 643 "أو" منفصلة بحرفين أولهما "ساكن" فيمال "نحو: شملال"، بالشين المعجمة، وهي الناقة الخفيفة، "وسرداح"، بمهملات، وهي الناقة العظيمة، دون "رأيت عنبًا" إلا على وجه شاذ. "أو" منفصلة "بهذين" الحرفين الساكن فالمتحرك، "وبالهاء نحو: درهماك". وهذا ساقط من أصل التسهيل، وفيه فصل بثلاثة أحرف، ساكن وهاء وغيرهما. وذكر ابن الحاجب وغيره أن إمالة ذلك شاذة1، وهو ظاهر، لأن أقل درجة الساكن والهاء أن ينزلا منزلة حرف واحد محرك غير هاء، وذلك لا إمالة معه، ولم يذكر الفارسي في الإيضاح أن إمالة "درهمان" بالنون شاذة، مع تنصيصه على الإمالة للكسرة السابقة أعني لا لكسرة نون التثنية، فلذلك مثل به الموضح مضافًا للكاف تبعًا لقول الناظم: 905- .................................. ... فدرهماك من يمله لم يصد السبب "الثامن: إرادة2 التناسب" إذا لم يوجد سبب غيرها، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 911- وقد أمالوا لتناسب بلا ... داع سواه كعمادًا وتلا "وذلك، إذا وقعت الألف بعد ألف في كلمتها، أو" وقعت "في كلمة" أخرى قد "قاربتها، قد أميلتا" أي الألفان "لسبب" من الأسباب المتقدمة. "فالأول" وهو الذي وقعت فيه الألف بعد ألف في كلمتها، وقد أميلت الألف الأولى لسبب "كـ: رأيت عمادًا، و: قرأت كتابًا", فإن الألف الأولى3 فيهما قد أميلت لسبب، وهو كونها واقعة بعد كسرة، وقد فصل بينهما حرف واحد، وهو الميم في المثال الأول، والتاء في المثال3 الثاني، فتمال الألف الأخيرة منهما المنقلبة عن التنوين لمناسبة الألف الأولى. "والثاني": وهو ما أميلت فيه الألف لكونها واقعة في كلمة أخرى، وقد أميلت لسبب، "كقراءة أبي عمرو والأخوين: {وَالضُّحَى} [الضحى: 1] بالإمالة4 مع أن ألفها" منقلبة "عن واو "الضحوة" "لمناسبة: {سَجَى} [الضحى: 2] ، و: {قَلَى} [الضحى: 3] ، وما بعدهما"، فإن رعاية التناسب في الفواصل عندهم غرض منهم.   1 شرح الشافية للرضي 3/ 4. 2 في "ط": "من أراد" مكان "الإرادة". 3 سقط من "ب". 4 انظر هذه القراءة في الإتحاف ص440، والنشر 2/ 37. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 644 والحاصل من إرادة التناسب أن الألف الممالة إما أن تكون سابقة على الألف التي لا سبب فيها، أو آتية بعدها، فإن كانت سابقة عليها فتمال كما في "عمادًا" فتمال الألف الأولى لكسرة العين، ثم الثانية المنقلبة عن التنوين لأجل تلك الممالة، وإن كانت آتية بعدها فإما أن يقع ذلك في الفواصل أو لا. فإن وقع في الفواصل فتمال لتناسب الفواصل، فـ"الضحى" تمال لمناسبة ما بعده، وإن لم يكن في الفواصل فلا تمال، ولذلك إذا مالوا فتحة "بمجادر" لكسر رائه لا يجيزون إمالة ألفه مع أنهما في كلمة واحدة فكيف إذا كانا في كلمتين. "وأما الموانع" لأسباب الإمالة من الكسرة والياء الظاهرتين أو المقدرتين "فثمانية أيضًا" كعدد الأسباب "وهي": "الراء" غير المكسورة، "وأحرف الاستعلاء السبعة وهي: الخاء، والغين؛ المعجمتان؛ والصاد، والضاد, والطاء، والظاء، والقاف". وإنما منعت المستعلية الإمالة طلبًا لتجانس الصوت كما أميل فيما تقدم طلبًا له لأن هذه الأحرف تستعلي إلى الحنك، فلو أميلت الألف في "صاعد" لانحدرت بعد إصعاد، ولو أملتها في "هابط" لصعدت بعد انحدار، وكلاهما شاق، ولكن الثاني أشق، فلذلك كانت هذه الأحرف بعد الألف أقوى مانعًا كما سيجيء. وأما الراء وإن لم يكن فيها استعلاء لكنها مكررة، فشبهت بالمستعلية لتكرر الذي فيها، بل قيل: هو اشد مانعًا، "وشرط المنع بالراء أمران": أحدهما: "كونها غير مكسورة. و" الثاني: "اتصالها بالألف، إما قبلها". ولا تكون إلا مفتوحة "نحو: فراش، وراشد"، فالراء منعت السبب المتقدم في الأول، والمتأخر في الثاني، "أو بعدها"، وتكون مضمومة ومفتوحة "نحو: هذا حمار، ورأيت حمارًا"، وبعضهم يميل ولا يلتفت إلى الراء، "وبعضهم يجعل المؤخرة المفصولة بحرف" واحد "نحو: هذا كافر، كالمتصلة" في منع الإمالة. "وشرط" المنع بحرف "الاستعلاء المتقدم على الألف أن يتصل بها" أي بالألف "نحو: صالح وضامن وطالب وظالم وغالب وخالد وقاسم، أو منفصل بحرف" واحد "نحو: غنائم"، لأن الفصل بحرف واحد كلا فصل. "إلا إن كان" حرف الاستعلاء "مكسورًا نحو: طلاب وغلاب" من المتصل، "وخيام، وصيام" من المنفصل بحرف، "فإن أهل الإمالة يميلونه" لأن حرف الجزء: 2 ¦ الصفحة: 645 الاستعلاء المكسور لا يمنع الإمالة، لأن الكسرة في التقدير بعد الحرف، فمناسبة صوت الألف للكسرة أولى، بخلاف ما إذا كان مفتوحًا فإن الفتح يقوي المستعلي من حيث كان الفتح معه يمنع الإمالة. "وكذلك حرف الاستعلاء "الساكن بعد كسرة نحو: مصباح وإصلاح ومطواع ومقلات" بالقاف والتاء الفوقانية، "وهي التي لا يعيش لها ولد"، فإنه لا يمنع الإمالة أيضًا، لأن الكسرة لما جاورته، وهو ساكن، قدت أنها اتصلت به فنزل ذلك منزلة المكسور. "ومن العرب من لا ينزل هذا" الساكن "منزلة المكسور"، ويجعله مانعًا من الإمالة. "وشرط" حرف الاستعلاء "المؤخر عنها"، أي عن الألف "كونه: إما متصلا بالألف كـ: ساخر" بالخاء المعجمة، "وحاطب وحاظل" بالحاء المهملة، فيهما، "وناقف". "أو منفصلا" من الألف "بحرف" واحد "كـ: نافق ونافخ وناعق وبالغ". "أو" منفصلا من الألف بحرفين "كـ: مواثيق ومناشيط، وبعضهم يميل هذا" المفعول بحرفين "لتراخي الاستعلاء". والمنع بالمتأخر أقوى من المنع بالمتقدم، ولذلك قيد المتقدم بأن لا يكون مكسورًا، ولا ساكنًا بعد مكسور، ولا مفصولا1 بحرفين، وأطلق في المتأخر، وسبب ذلك أن التصعد بعد التسفل أصعب عندهم من التسفل بعد التصعد، كما أن التسفل بعد التصعد أسهل من العكس. "وشرط الإمالة التي يكفها المانع أن لا يكون سببها كسرة مقدرة" كـ"خاف" فإن ألفه منقلبة عن واو مكسورة, "ولا ياء مقدرة" كـ"طاب"، فإنها منقلبة عن ياء، فسبب إمالة ألف "خاف" الكسرة المقدرة في الواو المنقلبة عنها الألف، وسبب إمالة ألف2 "طاب" الياء المقدرة المنقلبة ألفًا. فكسرة "خاف" وياء "طاب" مقدرة في ألفيهما "فإن السبب المقدر هنا" وهي الكسرة والياء "لكونه موجودًا في نفس الألف" المنقلبة عن الواو المكسورة، أو عن الياء "أقوى من" السبب "الظاهر" في اللفظ، وهو الكسرة والياء الملفوظ بهما،   1 في "ب": "منفصلا". 2 سقط من "ب". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 646 "لأنه" أي السبب الظاهر "إما متقدم عليها"، أي على الألف نحو: "كتاب، وبين "أو متأخر عنها" نحو: "عالم، وبائع". والكائن في نفس الألف أقوى من المتقدم عليها والمتأخر عنها، "فمن ثم أميل نحو: خاف، وطاب" مع تقدم حرف الاستعلاء، "و: حاق، وزاغ" مع تأخره، لأن السبب مقدر في الألف، بخلاف ما إذا كانت الكسرة مقدرة بعد الألف، كما في "جاد" من جد في الأمر، "وجواد" جمع "جادة"، وأصلهما "جادد، وجوادد" فأدغم لاجتماع المثلين، فلا تكون كالكسرة الملفوظة، فلا يجوز الإمالة على الأفصح. وبعضهم أجاز إمالته اعتدادًا بالكسرة المقدرة كما في "خاف"1، ومقتضى ما تقدم أن المانع يكفه لأن السبب المقدر متأخر عن الألف. "مسألة: ويؤثر مانع الإمالة، وإن كان منفصلا" في كلمة أخرى مستقلة بنفسها؛ كما لو كانا في كلمة واحدة، وهذا المنفصل تارة يكون متصلا بالألف من غير حاجز نحو: "منا قاسم" فلا يمال لاتصال المستعلي في اللفظ إذا أدرجت2، فهذا مثل قولك: "بفاضل"3. وتارة يفصل بينهما بحرف واحد نحو: "منا فضل، وبمال قاسم"، فهذا مثل قولك: "بناعق"، وتارة يفصل بينهما بحرفين نحو: "بيدها سوط" فهذا مثل قولك: "مناشيط" قاله الشاطبي. "ولا يؤثر4 سببها" أي الإمالة "إلا متصلا" في كلمة واحدة، والفرق أن المانع أقوى من السبب "فلا يمال نحو: أتى قاسم، لوجود القاف" المستعلية، وإن كانت منفصلة عن الألف في كلمة أخرى، "ولا يمال" نحو "لزيد مال، لانفصال السبب" لأن الألف في كلمة أخرى. "هذا ملخص كلام الناظم" في شرح الكافية5، "وابنه" في شرح الخلاصة6.   1 الكتاب 4/ 132، والارتشاف 1/ 240. 2 في "ب": "أدرج". 3 في "ط": "مررت بفاضل". 4 في "ب": " يؤخر". 5 شرح الكافية الشافية 4/ 1974. 6 شرح ابن الناظم ص580. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 647 "وعليهما اعتراض من وجهين": "أحدهما": في التمثيل، وثانيهما في الحكم، وذلك "أنهما مثلا بـ: أتى قاسم، مع اعترافهما بأن الياء المقدرة" في "أتى" المنقلبة1 عنها الألف "لا يؤثر فيها المانع" لما تقرر من2 أن شرط الإمالة التي يكفها المانع أن لا يكون سببها ياء مقدرة، "والاستعلاء في هذا النوع لو اتصل لم يؤثر"، فما بالك3 مع انفصاله، "والمثال الجيد" السالم من الطعن "كتاب قاسم"، فإن سبب الإمالة الكسرة الظاهرة، فيكفها المانع وإن كان مفصلا. "و" الاعتراض "الثاني أن نصوص النحويين" كابن عصفور، وغيره "مخالفة لما ذكر من الحكمين "المذكورين وهما، يؤثر مانع الإمالة إن كان منفصلا، ولا يؤثر سببها إلا متصلا. "قال ابن عصفور في مقربه بعد أن ذكر أسباب الإمالة ما نصه4: وسواء كانت الكسرة متصلة أم منفصلة نحو: "لزيد مال"، إلا أن إمالة المتصلة كائنة ما كانت أقوى، وقال أيضًا4: وإذا كان حرف الاستعلاء منفصلا عن الكلمة لم يمنع الإمالة إلا فيما أميل لكسرة عارضة نحو: "بمال قاسم"، أو فيما أميل من الألفات التي هي صلات الضمائر نحو: "أراد أن يضربها قبل" انتهى". يعني لا تمال الألف، لأن القاف بعدها من قبل مانعة من الإمالة وإن انفصلت، وهذا النص بحرفه في الحكمين، وقع في شرح الجزولية لأبي عبد الله محمد النفزي، بالنون والفاء والزاي. "ولولا ما في شرح الكافية" من قوله5: وأن سبب المانع قد يؤثر منفصلا، فيقال: "أتى أحمد"، بالإمالة، و"أتى قاسم" بترك الإمالة، "لحملت قوله في النظم" للخلاصة والكافية. 910- .................................... ... والكف قد يوجبه ما ينفصل   1 في "ب": "المنقلب". 2 سقط من "ب". 3 في "ب": "ذلك". 4 المقرب 1/ 321. 5 شرح الكافية الشافية 4/ 1974. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 648 "على هاتين الصورتين" المذكورتين في كلام ابن عصفور، والنفزي، وهما ما أميل للكسرة العارضة، وما أميل من الألفات التي هي صلات الضمائر "لإشعار1 قد يفعل" من قول الناظم: 910- ................................. ... والكف قد يوجبه ما ينفصل "في عرف المصنفين بالتقليل"، وإنما أثر المانع منفصلا، ولم يؤثر السبب إلا متصلا لأن ترك الإمالة هو الأصل، فيصار إليه بأدنى سبب، ولم يخرج عنه إلا لسبب محقق. "وأما مانع المانع" للإمالة "فهو الراء المكسورة المجاورة" للألف2، "فإنها تمنع" الحرف "المستعلي، و" تمنع "الراء أن يمنعا" الإمالة، لأن الراء من شأنها التكرار، فكأن الحرف فيها في تقدير حرفين، وكأن الكسرة فيها في تقدير كسرتين، فتكون إحدى الكسرتين في مقابلة المانع، والأخرى سبب الإمالة. "ولهذا أميل: {وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ} [البقرة: 7] ، و: {إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ} [التوبة: 40] مع وجود الصاد" في الأول، "والغين" في الثاني. "و" أميل " {إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ} [المطففين: 18] مع وجود الراء المفتوحة" قبل الألف. "و" أميل: {دَارُ الْقَرَارِ} [غافر: 36] مع وجودهما" أي القاف المستعلية، والراء المفتوحة، لأن كلا من حرفي الاستعلاء والراء المفتوحة مانع من الإمالة، والراء المكسورة، في ذلك كله متصلة. "وبعضهم" أي العرب "يجعل المنفصلة" من الألف "بحرف كالمتصلة" في كونها تمنع المانع. "سمع سيبويه الإمالة في قوله"، وهو سماعة النعامي يهجو رجلا من بني نمير بن قادر: [من الطويل] . 937- عسى الله يغني عن بلاد بن قادر ... بمنهمر جون الرباب سكوب بإمالة "قادر" مع وجود الفصل بين الألف والراء المكسورة بالدال.   1 في "ب": "لإشغال". 2 سقط من "ط". 937- البيت لهدبة بن الخشرم في ديوانه ص76، وخزانة الأدب 9/ 328، والكتاب 4/ 139، ولسماعة النعامي في شرح أبيات سيبويه 2/ 141، ولسان العرب 15/ 55 "عسا" ولسماعة أو لرجل من باهلة في شرح شواهد الإيضاح ص620، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 358، والارتشاف 3/ 306، وشرح الأشموني 3/ 771، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص678، وشرح المفصل 7/ 117، 9/ 62، والكتاب 3/ 159، واللمع ص333، والمقتضب 3/ 48، 69. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 649 فصل: "تمال الفتحة قبل حرف من ثلاثة: أحدها: الألف، وقد مضت، وشرطها أن لا تكون" الفتحة "في حرف ولا في اسم يشبهه1"، لأن الإمالة من التصرف، وهو لا يدخل في الحرف ولا في ما أشبهه إلا ما يستثنى. "فلا تمال: إلا" بكسر الهمزة والتشديد "لأجل الكسرة" التي هي من أسباب الإمالة". "ولا" تمال "نحو: "على" للرجوع إلى الياء نحو: عليك، وعليه"، وهو من أسباب الإمالة. "ولا" تمال "إلى، لاجتماع الأمرين" وهما الكسرة والرجوع إلى الياء "فيها" في نحو: "إليك، وإليه". وإنما امتنعت الإمالة في هذه الكلمات الثلاث مع وجود السبب المقتضي لها لكونه حروفا، فلو سميت بشيء منها؛ وإن كانت ألفه رابعة كـ"إلا"؛ أملتها، لأن الألف الرابعة في الاسم يحكم عليها بأنها عن ياء، وإن كانت ثالثة كـ"على، وإلى" لم تجز إمالتها، لأن التسمية تجعل الألف من بنات الواو، لأن بنات الواو أكثر من بنات الياء ولذلك تقول في تثنيتهما: "علوان، وألوان"، قاله الجاربردي3. "ويستثنى من ذلك": أي من4 المشبه للحرف "ها" للغائبة، "و: نا" للمتكلم المعظم نفسه، أو معه غيره "خاصة، فإنهم طردوا الإمالة فيهما" لكثرة استعمالها إذا كان قبلهما كسرة أو ياء، "فقالوا: مر بنا وبها، و: نظر إلينا وإليها" بالإمالة لوقوع الألف مسبوقة بالكسرة أو الياء مفعولة بحرف فلذلك كررهما مرتين.   1 في "ب": "شبيه". 2 في "ب": "المفضي". 3 شرح الشافية 2/ 384. 4 سقط من "ط". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 650 "وأما إمالتهم: أنى ومتى" من الأسماء المبنية، "وبلى" من أحرف الجواب "و: لا" النافية "في قولهم: افعل هذا إما لا، فشاذ من وجهين: عدم التمكن" لكونها مبنية، "وانتفاء السبب" المجوز1 للإمالة، لأن الألف في غير المتمكن أصل غير منقلبة عن شيء فضلا عن أن تكون منقلبة عن ياء, ولا ترجع إلى الياء، ولا قبلها كسرة، والذي سهل إمالتها نيابتها عن الجمل، فصار لها بذلك مزية على غيرها. "و" الحرف "الثاني" من الأحرف الثلاثة التي تمال الفتحة قبلها، "الراء بشرط كونها مكسورة، وكون الفتحة في غير ياء" مثناة تحتانية، "وكونهما" أي الفتحة والراء "متصلتين" من غير حاجز بين الحرف المفتوح والراء، ولا فرق بين أن تكون الفتحة في حرف مستعمل نحو: "من المطر"، أو في راء نحو: "بشرر"، أو في غيرهما، "نحو: {مِنَ الْكِبَرِ] [مريم: 8] أو منفصلتين بساكن غير ياء" مثناة تحتانية "نحو: من عمر". وزاد المرادي2: أو بمكسور نحو: "أشر" "بخلاف: أعوذ بالله من الغِيَر، ومن قبح السير" لأن الفتحة فيهما على الياء، نص على ذلك سيبويه3. "و" بخلاف: "من غيرك"، لكون الفصل بالياء المثناة التحتانية الساكنة, ويشترط أيضًا أن لا يكون بعد الراء حرف استعلاء نحو: "من المشرق"، فإنه مانع من الإمالة، نص على ذلك سيبويه أيضًا4. ولا يشترط أن لا يتقدم على الفتحة حرف استعلاء، لأن الراء المكسورة تغلب المستعلي إذا وقع قبلها، فيمال نحو: "من الضرر" قال المرادي5: والتحرير أن يقال: تمال كل فتحة في غير ياء قبل راء مكسورة؛ متصلة بها أو مفصولة بمكسور أو ساكن غير ياء، وليس بعد الراء حرف استعلاء، انتهى. "واشتراط الناظم" في النظم "تطرف الراء مردود بنص سيبويه5 على إمالتهم فتحة الطاء من قولك: رأيت خبط رياح" بكسر الراء. وذكر غيره يجوز إمالة فتحة الغين في نحو: "الغرد"6، والراء في ذلك ليست متطرفة، ولعله إنما خص الطرف لكثرة ذلك فيه.   1 سقط من "ب". 2 شرح المرادي 5/ 204. 3 الكتاب 4/ 143. 4 الكتاب 4/ 144. 5 شرح المرادي 5/ 205. 6 في "ب": "الغرض". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 651 "و" الحرف "الثالث" من الأحرف الثلاثة التي تمال الفتحة قبلها "هاء" التأنيث، وإنما يكون هذا" الحكم، وهو إمالة الفتحة قبل الهاء "في الوقف خاصة كـ: رحمه ونعمه", وإنما أميلت الفتحة قبل هاء التأنيث وإن لم تكن من أسباب الإمالة "لأنهم شبهوا هاء التأنيث بألفه"، أي بألف التأنيث المقصورة، "لاتفاقهما في المخرج"، وهو أقصى الحلق، "و" في "المعنى"، وهو الدلالة على التأنيث، "والزيادة" على أصول الكلمة "والتطرف" في آخر الكلمة، "والاختصاص بالأسماء" الجامدة والمشتقة. ولا فرق في ذلك بين هاء التأنيث وهاء المبالغة، "وعن الكسائي إمالة" الفتحة قبل "هاء السكت أيضًا" لشبهها بهاء التأنيث في الوقف والخط "نحو: {كِتَابِيَهْ} [الحاقة: 19] والصحيح المنع خلافًا لثعلب، وابن الأنباري"، فإنهما صححا جواز الإمالة فيما قبلها1. وبه قرأ أبو مزاحم الخاقاني في قراءة الكسائي1، وفي غالب النسخ: وفاقًا لثعلب وابن الأنباري وليس بصواب كما بينا.   1 النشر 2/ 142، والكشاف 4/ 153. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 652 باب التصريف مدخل ... باب التصريف: "وهو" في اللغة "تغيير" مطلق، وفي الصناعة تغيير خاص "في بنية الكلمة لغرض معنوي، أو لفظي"، فالتغيير جنس، وبإضافته إلى البنية، وهي الصيغة خرج النحو، فإنه لا يتعلق بصيغة الكلمة بل بالعوارض اللاحقة للكلمة من فاعلية، ومفعولية، وإضافة غيرها، وبالغرض المذكور التصحيف والتحريف. "فـ" التغيير "الأول" المعنوي "كتغيير المفرد إلى التثنية والجمع" المصحح، وذلك بتحويل زيد؛ مثلا، إلى زيدان، وزيدون، "وتغيير المصدر إلى الفعل والوصف" وذلك بتحويل الضرب؛ مثلا؛ إلى ضرب وضرَّب؛ بالتشديد للمبالغة في الفعل، واضطراب لوجود الحركة مع الفعل، ويضرب، وإضرب، وضارب، ومضروب وكـ: ضراب، ومضراب، وضروب، وضريب، وضرب للمبالغة في الوصف. "و" التغيير "الثاني" اللفظي "كتغيير: قول" من الأجوف، "وغزو" من الناقص "إلى: قال، وغزا" بقلب حرف العلة ألفًا لتحركه وانفتاح ما قبله، والإبدال في "أقتت" والحذف في "قل" والإدغام في "رد"، ولشبه التصغير والتكسير والنسب والوقف والإمالة بعلم النحو من حيث التعلق بالمركبات ذكرت معه، وابن الحاجب وطائفة ذكروها في علم التصريف، وهو الأولى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 653 "ولهذين التغييرين" للغرضين المذكورين "أحكام: كالصحة" وهي إقرار الحرف على وضعه الأصلي كالياء في "بياض، وأبيض"، والواو في "سواد، وأسود". "والإعلال": وهو تغيير الحرف عن وضعه الأصلي كقلب الياء في "بان، وأبان، وموقن، وبائع"، وقلب الواو في "قام، وأقام، وقيام"، وشبه ذلك كقلب أحد الأصول من محل إلى محل آخر كـ"أينق" جمع ناقه، و"حادي". "وتسمى" معرفة "تلك الأحكام علم التصريف"، وإنما سمي هذا العلم تصريفًا لما فيه من التقلب، يقال: صرفت الرجل في أمري إذا جعلته يتقلب فيه بالذهاب والإياب. وصروف الدهر: تقلباته وتحولاته من حال إلى حال. فهذا العلم فيه هذا المعنى من جهة متعلقه، إذ هو متعلق بالتصرفات الموجودة في الألفاظ العربية كما تقدم في الغرضين، فهو من باب تسمية الشيء باسم متعلقه. وموضوعه الأسماء المتمكنة، والأفعال المتصرفة في اللغة العربية. فلا يدخل التصريف في الأسماء الأعجمية كـ: إبراهيم، وإسماعيل، كما قال ابن جني1، وإن كانت متمكنة، لأن التصريف من خصائص لغة العرب. "ولا يدخل التصريف في الحروف"، لأنها مجهولة الأصل، موضوعة وضع الأصوات، لا تقابل بالفاء والعين واللام لبعد معرفة اشتقاقها ولهذا كانت ألفاتها أصولا غير زائدة ولا منقلبة عن حرف علة. "ولا" يدخل التصريف "فيما أشبهها"، أي أشبه الحروف، "وهي الأسماء المتوغلة في البناء" كالضمائر، وأسماء الاستفهام, "والأفعال الجامدة" وهي التي لم تختلف أبنيتها لاختلاف الأزمنة، نحو: "نعم وبئس وعسى وليس"، لأنها أشبهت الحروف في الجمود. وما دخله التصريف من الحروف وما أشبهها فهو شاذ يوقف عند ما سمع منه، فمن ذلك مجيء الحذف في "سوف" والإبدال في حاء "حتى" عينا، وهمزة "إن" هاء، والحذف والإبدال في "لعل" والتصغير2 في "ذا، والذي" وفروعهما، والإبدال في لام "عسى". والحذف في عين "ليس" عند اتصال تاء الفاعل. "فلذلك" أي لأجل أن التصريف لا يدخل الحروف، ولا ما أشبهها من الأسماء   1 المنصف 3/ 145، 146. 2 في "ب": "التغيير". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 654 والأفعال، "لا يدخل فيما كان" من الأسماء موضوعًا "على حرف" واحد "أو" على "حرفين، إذ لا يكون كذلك" في الوضع على حرف أو حرفين "إلا الحرف كباء الجر ولامه" فإنهما موضوعان على حرف واحد، "وقد، وبل"، فإنهما موضوعان على حرفين، "وما أشبه الحرف، كتاء: قمت" فإنها موضوعة على حرف واحد، "ونا [من] 1: قمنا" فإنها موضوعة على حرفين. وهذا الحكم معلوم مما تقدم، من أن التصريف لا يدخل المبنيات، ولكن ذكر توطئة وتمهيدًا لقوله: "وأما ما وضع" في الأصل "على أكثر من حرفين ثم حذف بعضه" لعارض" فيدخله التصريف" نظرًا إلى أصل وضعه "نحو: يد، ودم" بحذف لامهما "في الأسماء: ونحو: قِ زيدًا" بحذف فائه ولامه "وقم، وبع" بحذف عينهما "في الأفعال"، وقس على ذلك.   1 إضافة من "ط": "وأوضح المسالك 4/ 360. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 655 فصل: "ينقسم الاسم إلى مجرد من الزوائد، وأقله الثلاثي: كـ: رجل" لأنه يحتاج إلى حرف يبتدأ به، وحرف يوقف عليه، وحرف يكون واسطة بين المبتدأ به، والموقوف عليه، إذ يجب أن يكون المبتدأ به متحركًا، والموقوف عليه ساكنًا، فلما تنافيا في الصفة كرهوا مقارنتهما، ففصلوا بينهما، فإن قيل: المتوسط لا يخلو من أن يكون متحركًا أو ساكنًا، وأيا ما كان يلزم التنافي مع أحدهما أجيب، بأنه لم جاز الحركة والسكون على المتوسط من حيث هو متوسط فلا يتحقق التنافي. "وغايته الخماسي كـ"سفرجل". و [ما] 1 بينهما" أي بين الثلاثي والخماسي "والرباعي كـ: جعفر". ولم يجوزوا سداسيًّا لئلا يتوهم أنه كلمتان، "وإلى مزيد فيه"، وأقله أربعة كـ: "قتال"، "وغايته سبعة كـ: استخراج"، وبينهما ذو الخمسة كـ"إكرام"، وذو الستة كـ"انطلاق"، "وأمثلته كثيرة". بلغت "في قول سيبويه" ثلاثمائة مثال وثمانية أمثلة، وزاد الزبيدي عليه نيفًا وثمانين مثالا، وذكرها "لا يليق بهذا المختصر"، فلا نشتغل بها رومًا للاختصار. بل نذكر أماكن الزيادة حفظًا للضبط، وتقليلا للانتشار، فنقول: الزيادة تكون واحدة وثنتين وثلاثًا وأربعًا، ومواضعها أربعة: ما قبل الفاء، وما بين الفاء والعين، وما بين العين واللام، وما بعد اللام، ولا تخلو من أن تقع متفرفة أو مجتمعة. فالزيادة الواحدة قبل الفاء نحو: "أجدل"، وما بين الفاء والعين نحو: "كاهل" وما بين العين واللام نحو: "غزال"، وما بعد اللام نحو: "علقى". والزيادتان المتفرقتان بينهما الفاء نحو: "أجادل"، وبينهما العين نحو: "عاقول"، وبينهما اللام نحو: "قصيرى" وبينهما الفاء والعين نحو: "إعصار"، وبينهما العين واللام نحو "خيزلى" وبينهما الفاء والعين واللام نحو: "اجفلى". والمجتمعتان قبل الفاء نحو: "منطلق"، وبين الفاء والعين نحو: "حواجز"، وبين العين واللام نحو: "خطاف" وبعد اللام نحو: "علباء".   1 إضافة من "ط": "وأوضح المسالك 4/ 360. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 656 والثلاث المتفرقات نحو: "تماثيل"، والمجتمعة قبل الفاء نحو: "مستخرج"، وبين العين واللام نحو: "سلاليم" وبعد اللام نحو: "عنفوان" واجتماع ثنتين وانفراد واحدة نحو: "أفعوان". والأربعة نحو: "اشهيباب" مصدر "إشهاب". "وأبنية الثلاثي" المجرد "أحد عشر بناء، والقسمة" العقلية "تقتضي" أن تكون "اثنتي عشر" بناء، وذلك "لأن" الحرف "الأول واجب الحركة" لأنه مبتدأ به، والابتداء بالساكن متعذر، فأحواله ثلاثة، "والحركات" الخالصة "ثلاث": الفتحة والكسرة والضمة، "و" الحرف "الثاني يكون متحركًا وساكنًا"، فأحواله أربعة: "فإذا ضربت ثلاثة أحوال" الحرف "الأول في أربعة أحوال" الحرف "الثاني خرج من ذلك اثنا عشر" بناء، وأما الحرف الأخير فلا عبرة به في وزن الكلمة، لأنه حرف إعرابها. "وأمثلتها" في الاسم والصفة: "فلس" سهل؛ بفتح أوله وسكون ثانيه. "فرس"، بطل؛ بفتحتين. "كتف"، حذر؛ بفتحة فكسرة. "عضد" طمع؛ بفتحة وضمة. "حبر"، نكس؛ بكسرة فسكون. "عنب". زيم؛ أي متفرق؛ بكسرة ففتحة. "إبل"، بلز؛ بكسرتين. "قفل"، حلو؛ بضمة فسكون. "صرد", حطم؛ بضمة ففتحة. "دئل"؛ بضمة فكسرة. "عنق" جنب؛ بضمتين. فبدأ بمفتوح الفاء مع الأربعة في العين، ثم بالمكسورة مع الثلاثة، ثم بالمضموم مع الأربعة. "والمهمل منها: فِعُل" بكسر أوله وضم ثانيه، لأنهم كرهوا الانتقال من الكسرة إلى الضمة، لأن الكسرة ثقيلة، والضمة أثقل منها. "وأما قراءة أبي السمال" بفتح السين المهملة وتشديد الميم وفي آخره لام: " {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحِبُك} [الذريات: 7] بكسر الحاء وضم الباء1" ونسبها أبو الفتح ابن جني في المحتسب2 لأبي مالك الغفاري. "فقيل: لم تثبت" هذه القراءة، "و" على تقدير ثبوتها "قيل: أتبع الحاء" من: الحبك "للتاء من: ذات" في الكسر، "والأصل: "حبك" بضمتين" فكسر الحاء   1 لم تنسب هذه القراءة إلى أبي السمال، بل نسبت إلى أبي مالك الغفاري والحسن، أما القراءة المنسوبة إلى أبي السمال فهي "الحبك" وكذلك قرأها أبو عمرو وابن عباس والحسن وأبو مالك الغفاري وأبو حيوة وابن أبي عبلة ونعيم. انظر المحيط 8/ 134، والمحتسب 2/ 286. 2 المحتسب 2/ 286. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 657 إتباعًا لكسرة التاء قبلها، ولم يعتد باللام الساكنة، لأن الساكن غير حاجز حصين، كما أتبع من قرأ: "الْحَمْدُ لُلَّهِ" [الفاتحة: 2] بضم اللام إتباعًا لضم الدال قبلها1. "وقيل": لا إتباع2، وإنما الكسر "على التداخل في حر في الكلمة إذ يقال: "حبك"3، بضمتين، و"حبك"4 بكسرتين"، فركب هذا القارئ منهما هذه القراءة، فأخذ من لغة الكسرتين كسر الحاء، ومن لغة الضمتين ضم الباء. واعترض5 بأن التداخل إنما يكون بين حرفي كلمتين، لا بين حرفي كلمة واحدة، ووجهه الجاربردي6 بأنه لما تلفظ بالحاء المكسورة من7 اللغة الأولى غفل عنها، وتلفظ بالباء المضمومة من7 اللغة الثانية. وقال ابن جني8: أراد أن يقرأ بكسر الحاء والباء، فبعد نطقه بالحاء مكسورة مال إلى القراءة المشهورة. فنطق بالباء مضمومة، ورده ابن مالك في شرح الكافية9. والحبك: تكسر كل شيء، كالرمل والماء. إذا مرت بهما الريح. "وزعم قوم إهمال: فعل" بضم الفاء وكسر العين "أيضًا"، لما فيه من الانتقال من ضم إلى كسر، "وأجابوا عن دئل"، اسم دويبة، سميت به قبيلة من بني كنانة، "و: رئم" بضم الراء وكسر الهمزة، اسم جنس للإست، "بأنهما" من أصول الأسماء، وإنما هما "منقولان من الفعل" المبني للمعفول. واعترض بأن ذلك ممكن في "الدئل" لأنه علم قبيلة، لا في "الرئم" لأنه اسم جنس، والنقل لا يكون إلا في الأعلام دون أسماء الأجناس. وأجيب بأن السيرافي ذهب إلى أن النقل قد يجيء في أسماء الأجناس، فلا معنى للتوقف فيه.   1 هي قراءة إبراهيم بن أبي عبلة، انظر معاني القرآن للفراء 1/ 3، والكشاف 1/ 8. 2 في "ب": "إشباع". 3 كما في الرسم المصحفي. 4 هي قراءة أبي عمرو وأبي مالك الغفاري والحسن، وانظر الإتحاف ص399، والمحتسب 2/ 286. 5 في "ب": "واعترف". 6 شرح الشافية 1/ 35. 7 في "ب": "في". 8 المحتسب 2/ 286. 9 شرح الكافية الشافية 4/ 2021. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 658 "واحتج المثبتون" لـ"فعل" في أصول الأسماء1 "بـ: وعل" بضم الواو وكسر العين المهملة "لغة في: الوعل" بفتح الواو، وحكاه الخليل. فثبت بهذا أن "فعل" بضم أوله وكسر ثانيه ليس بمهمل ولا منقول، بل هو قليل. "و" على القولين، فإنه "إنما أهمل أو قل" عند العرب "لقصدهم تخصيصه بفعل المفعول" دائمًا على الأول. وغالبًا على الثاني. "والرباعي المجرد" خمسة أبنية: "مفتوح الأول والثالث"، اسمًا "كـ: جعفر"، وصفة كـ"سلهب" للرجل الطويل. "ومكسورهما، اسمًا كـ: زبرج" بكسر الزاي وسكون الموحدة وكسر الراء، وبالجيم للذهب، وصفة كـ"حرمل" للمرأة الحمقاء. "ومضمومهما"، اسمًا "كـ: دملج" بالجيم، وصفة كـ"جرشع" للجمل العظيم. "ومكسور الأول مفتوح الثاني"، اسمًا "كـ: فطحل"، بالفاء والطاء والحاء المهملتين لزمن الطوفان وزمن خروج نوح من السفينة، وصفة كـ"سبطر" للطويل. "ومكسور الأول مفتوح الثالث"، اسمًا "كـ: درهم"، وهو معرب وإنما صح التمثيل به، لأنه على زنة الوضع العربي، وصفة كـ"هجرع" للطويل. قال الأصمعي2: ولا ثالث لهما. وزيد "ضفدع، وصندد، وهبلع للأكول". وقيل: الهاء زائدة. "وزاد الأخفش والكوفيون3 مضموم الأول مفتوح الثالث كـ: جخدب" بضم الجيم وسكون الخاء المعجمة. وفتح الدال المهملة، وهو الجراد الأخضر الطويل الرجلين كالجندب، وقيل، ذكر الجراد، أو الجسم السمين من الإبل. "والمختار" عند جمهور البصريين؛ واستظهره في التسهيل؛ "أإنه فرع من مضمومهما" استثقالا لضمتين في رباعي ليس بينهما حاجر حصني، "و" لأنه "لم يسمع" فتح الثالث "في شيء" من الرباعي "إلا وسمع فيه الضم" من غير عكس، "كـ: جخدب وطحلب" للأخضر الذي يعلو الماء، و"برقع" من الأسماء، و"جرشع" بالجيم والراء، والشين المعجمة والعين المهملة، للعظيم من الجمال، ويقال للطويل.   1 في "ب": "أسماء الأصول". 2 انظر شرح المرادي 5/ 229. 3 انظر الارتشاف 1/ 58. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 659 "ولم يسمع في: برثن"1 بضم الموحدة وسكون الراء وضم الثاء المثلثة2 فوق: أحد براثن الأسد، وهو بمنزلة الظفر للإنسان. "وبرجد" بضم الموحدة وسكون الراء وضم الجيم وبالدال المهملة: لكساء مخطط، "وعرفط" بضم العين المهملة وسكون الراء وضم الفاء وبالطاء المهملة: لشجر البادية، "إلا الضم" بالرفع على النيابة عن فاعل "يسمع". "وللخماسي المجرد أربعة" من الأبنية3، "أمثلتها": مفتوح الأول والثاني والرابع: اسمًا: "سفرجل"، وصفة: شمردل للطويل وشقحطب للتيس الذي له أربعة قرون. ومفتوح الأول والثالث ومكسور الرابع اسمًا كـ"قهبلس" لحشفة الذكر، وصفة نحو: "جحمرش" بفتح الجيم وسكون المهملة وكسر الراء وبالشين المعجمة للعجوز المسنة، قاله السيرافي، وقيل: الأفعى العظيمة، وقيل: لم يأت هذا الوزن إلا صفة، وأن "القهبلس" المرأة العظيمة. ومكسور الأول مفتوح الثالث اسمًا "قرطعب" بكسر القاف وسكون الراء وفتح الطاء المهملة وبالموحدة: الشيء التافه الحقير يقال: ما عليه قرطعبة، وصفة جردحل للجمل الضخم. ومضموم الأول مفتوح الثاني مكسور الرابع اسمًا نحو: "قبعثر" للأسد وصفة "قذعمل" بضم القاف وفتح الذال المعجمة، وسكون العين المهملة وكسر الميم للبعير الضخم. "فجملة الأوزان المتفق عليها" عند الجميع "عشرون" وزنا، أحد عشر للثلاثي: وخمسة للرباعي، وأربعة للخماسي. وجعل مضموم الفاء مكسور العين متفقًا عليه، إما لضعف القول بإهماله، ولذا قال: وزعم قوم إهمال "فعل", وإما للتغليب. وما ذكره من أصالة جميع حروف الرباعي والخماسي هو مذهب البصريين، وأما الكوفيون فذهبوا إلى أن كل اسم زادت حروفه على ثلاثة ففيه زيادة4.   1 في "أ"، "ط": "برتن"؛ بالتاء والتصويب من أوضح المسالك 4/ 361. 2 في جميع النسخ: "المثناة" والتصويب من حاشية يس 2/ 356., 3 في "ب": "الأمثلة". 4 الإنصاف 2/ 793، المسألة رقم 114. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 660 فإن كان على أربعة كـ"جفعر" ففيه زيادة واحدة، وهل هي الحرف الأخير أو ما قبله؟ ذهب الفراء إلى الأول، والكسائي إلى الثاني1. وإن كان على خمسة أحرف كـ"سفرجل" ففيه زيادتان قاله الشاطبي. "وما خرج عما ذكرنا من الأسماء العربية الوضع فهو مفرع عنها، إما بزيادة في أوله "كـ: منطلق"، أو في وسطه كـ"ظريف"، "و" فيهما نحو: "محرنجم" أو في آخره كـ"حبلى". "أو بنقص أصل كـ: يد، ودم" وأصلهما: "يدي، ودمي"، "أو بنقص حرف زائد كـ: علبط" بضم العين المهملة وفتح اللام وكسر الباء الموحدة، وبالطاء المهملة الغليظ الضخم. "أصله "علابط" بدليل أنهم نطقوا به" على أصله. "و" الدليل على وجود الألف بعد اللام "أنهم لا يوالون بين أربع متحركات"2 في كلمة واحدة، إلا أن يعرض عارض كزيادة في تقدير الانفصال نحو: شجرة. "أو بتغيير شكل" أي حركة "كتغيير مضموم الأول والثالث بفتح ثالثه نحو: جخدب" بضم الجيم وسكون الخاء المعجمة وفتح الدال. "أبو بكسر أوله في نحو: خرفع" بكسر الخاء المعجمة "وسكون الراء وضم الفاء وبالعين المهملة القطن الفاسد. "وكتغيير مكسورهما" أي الأول والثالث "بضم ثالثه في" نحو: زئبر" بكسر الزاي وسكون الهمزة بعدهما وضم الموحدة، وأصلها الكسر، وهو ما يعلو الثوب الجديد. "وأما سرخس" بفتح السين المهملة والراء وسكون الخاء المعجمة، وبالسين المهملة لبلدة. "وبلخش" بفتح الموحدة واللام وسكون الخاء المعجمة وبالشين المعجمة لنوع من الجواهر "فأعجميان" لا عربيان، إذ ليس في أمثلة الرباعي مفتوح الأول والثاني.   1 الإنصاف 2/ 793. 2 في "ب": "محركات". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 661 فصل: "وينقسم الفعل إلى: مجرد" من الزوائد، "وأقله ثلاثة، كـ: ضرب" وقعد، "وأكثره أربعة، كـ: دحرج" ودربخ: أي ذل. "وإلى مزيد فيه"، وأقله أربعة كـ"أكرم"، و"غايته ستة كـ: استخرج"، وبينهما الخماسي كـ"انطلق"، ومزيد الرباعي أقله خمسة كـ"تدحرج"، وغايته ستة كـ"احرنجم". "و" مزيد الثلاثي "أوزانه كثيرة" ومشهورها خمسة وعشرون وزنًا. ومزيد الرباعي أوزانه ثلاثة: "تفعلل" كـ: تدحرج، و"افعنلل" كـ: احرنجم و"افعلل" كـ: اقشعر. واختلف في هذا الثالث، فقيل هو بناء مقتضب، وقيل: هو ملحق بـ"احرنجم". وزاد بعضهم في مزيد الرباعي وزنًا رابعًا: وهو "افعلل"1 نحو: اجرمز. "وأوزان الثلاثي" المجرد "ثلاثة": مفتوح العين، ومكسورها، ومضمومها. "كـ: ضرب وعلم وظرف"2، لأن الفاء لا يكون إلا مفتوحًا لرفضهم الابتداء بالساكن. وكون الفتحة أخف، واللام مفتوح دائمًا للخفة والعين ولا تكون إلا متحركة3. لئلا يلزم التقاء الساكنين في نحو: "ضربت" والحركات منحصرة في الفتح والكسر والضم. وأما ما جاء من نحو: "نعم، وشهد" بفتح الفاء وكسرها مع سكون العين فمزال عن الأصل لضرب من الخفة، والأصل فيهما "فعل" بكسر العين. "وأما نحو: "ضرب" بضم أوله وكسر ثانيه" ففيه قولان:   1 هذا الوزن جعله بعضهم نفس "افعنلل"، وأضاف السيوطي في المزهر 2/ 41-42 أوزانًا أخرى ألحقها بالرباعي المزيد بحرفين. 2 المبدع في التصريف ص101. 3 في "ب": "محركة". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 662 أحدهما: أنه أصل برأسه، وإليه ذهب المبرد1، وابن الطراوة والكوفيون2، ونقله في شرح الكافية3 عن سيبويه والمازني. والثاني: أنه فرع عن فعل الفاعل، وإليه ذهب جمهور البصريين، ونقل عن سيبويه4. "فمن قال: إنه وزن5 أصلي مستدلا بأن نحو: جن، وبهت، وطل دمه، وأهدر" دمه، "أولع بكذا، وعني بحاجتي، بمعنى، اعتنى بها، وزهي علينا، بمعنى: تكبر"، و"حم زيد، وزكم، ووعك، وفلج، وسقط في يده، ورهصت الدابة ونفست المرأة، ونتجت الناقة، وغم الهلال، وأغمي على زيد"، وأخواتها "لم تستعمل إلا مبنية للمفعول"، خبر "أن" "عده" وزنًا "رابعًا" خبر "فمن قال". وتقرير الدليل منه أن "فعل" المفعول لو كان فرعًا لغيره لكان مستلزمًا وجوده وجود ذلك الغير ضرورة كون الفرع يستلزم وجوده أصله، واللازم باطل، فالملزوم، مثله، وبيان الملازمة أن الفرعية ثابتة للأصل، ولا يوجد في فرع بغير أصل. ونحن وجدنا أفعال مبنية للمفعول غير مغيرة عن المبني للفاعل، وجوابه النقض, وهو أن لنا جموعًا لم يسمع لها واحد كـ"عباديد، وأبابيل"، والجمع فرع الإفراد اتفاقًا، فلو كان ما ذكرتم صحيحًا لزم كون الجمع أصلا برأسه، وأنتم لا تقولون به، فما كان جوابكم عن هذا فهو جوابنا عن ذلك. "ومن قال: "إنه فرع عن فعل الفاعل مستدلا بترك الإدغام في نحو: سوير"، وترك الإبدال في نحو: ووري، "لم يعده" وزنًا رابعًا. وتقرير الدليل أن الواو والياء متى اجتمعتا، وسبقت إحداهما بالسكون فإن الواو تقلب ياء، وتدغم الياء في الياء، وإن الواوين متى اجتمعتا في أول الكلمة6 أبدلت الأولى همزة لزومًا، فلما لم يحصل إدغامًا ولا إبدال، دل ذلك على أنهما مغيران عن فعل   1 لم يذكر المبرد مثل ذلك في المقتضب، بل ذكر أن أوزان الثلاثي هي: فَعَل، فَعُل، فَعِل. انظر المقتضب 1/ 71، 2/ 110. 2 انظر شرح المرادي 5/ 222. 3 شرح الكافية الشافية 4/ 2014. 4 الكتاب 1/ 42. 5 سقط من "ب". 6 في "ب": "كلمة". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 663 الفاعل وهو "ساير، وارى" فكما لا تدغم الألف من "ساير" ولا تهمز الواو من "وارى" فكذلك ما غير عنهما. وأجاب الأولون عن ترك الإدغام والإبدال، فقالوا: أما ترك الإدغام فلئلا يلتبس بمجهول "فعل" لأنه إذا قيل "سير" بالإدغام لم يعلم أنه مجهول "ساير"، أو "سير" وأما ترك الإبدل فلأن الواو الثانية في "ووري" ليست متأصلة في الواوية، لأنها منقلبة عن ألف "وارى". "وللرباعي وزن واحد كـ: دحرج"، و"زلزل"، "ويأتي في "دحرج بالضم" في أوله، والكسر فيما قبل آخره "الخلاف" السابق "في "فُعِل" المفعول". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 664 فصل في كيفية الوزن : "ويسمى التمثيل" لمماثلة حروف الميزان لحروف الموزون من تعداد الحروف، وهيئاتها. وفائدة الوزن بيان أحوال أبنية الكلم1 في ثمانية أمور: الحركات، والسكنات، والأصول، والزوائد والتقديم، والتأخير، والحذف، وعدمه، والميزان لفظ "فعل" "تقابل الأصول بالفاء فالعين فاللام" على الترتيب المستفاد من الفاء حال كون حروف الميزان "معطاة ما لموزونها2 من تحرك، وسكون" أصليين. "فيقال في" وزن "فلس" من الأسماء: "فعل" بسكون العين. "وفي" وزن "ضرب" من الأفعال. "فعل" بفتح العين. "وكذلك" يقال "في" وزن "قام" من الأجوف، "وشد" من المضاعف، "فعل" بفتح العين، "لأن أصلهما" قبل القلب والإدغام "قوم، وشدد" بفتح العين فيهما، فقلبت الوام ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها في الأول، وأدغمت الدال في الدال لاجتماع المثلين في الثاني. "و" يقال "في" وزن "علم: فعل" بكسر العين، "وكذلك" يقال "في" وزن "هاب" من الأجوف، "ومل" من المضاعف، "فعل" بكسر العين فيهما، لأن أصلهما "هيب وملل" بكسر العين فيهما، ففعل بهما ما تقدم من القلب والإدغام. "و" يقال "في" وزن "ظرف: فعل" بضم العين فيهما، "وكذلك" يقال "في" وزن "طال، وحب"، "فعلف" بضم العين فيهما، لأن أصلهما "طول، وحبب"، بضم العين فيهما، ففعل ما تقدم من القلب والإدغام، فحصل بذلك بيان الحركات الأصلية والسكنات.   1 في "ب": "الكلمة". 2 في "ب": "لوزنها". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 665 "فإن بقي من أصول الكلمة شيء زدت" في الميزان "لاما ثانية في" وزن "الرباعي، فقلت في" وزن "جعفر: فعلل، و" زدت لامًا "ثانية وثالثة في" وزن "الخماسي، فقلت في" وزن "جحمرش: فعللل". وما ذكره الموضح في كيفية وزن الثلاثي مجمع عليه، وما ذكره في غيره [اختلف فيه على مذهبين: أحدهما: ما ذكر، وهو قول البصريين بناء على أن الجميع أصول، وهو الصحيح. والثاني: أن ما زاد على الثلاثة] 1 زائد، قاله الكوفيون2: بناء على قولهم: إن منتهى الأصول ثلاثة كما تقدم عنهم، ثم اختلفوا على ثلاثة مذاهب: أحدها: أنه لا يوزن، لأنه لا يدرى كيفية وزنه. والثاني: أنه يوزن، ويقابل3 آخره بلفظه. والثالث: أنه يوزن ويقابل الذي قبل آخره بلفظه، وهو مبني على أن الزائد هل هو الآخر أو ما قبله، فالفراء على الأول، والكسائي على الثاني. فهل "جعفر": "فعلل" كما يقول البصريون، أو "فعلر" بزيادة الراء، أو "فعفل" بزيادة الفاء، أو لا يدرى ما هو. أقوال أربعة. "ويقابل" الحرف "الزائد بلفظه"، ليتميز عن الأصل إلا فيما يستثنى. "فيقال في" وزن "أكرم" بزيادة الهمزة، "وبيطر" بزيادة الياء، "وجهور" بزيادة الواو: "أفعل، وفيعل، وفعول" على طريق اللف والنشر على الترتيب. "و" يقال "في" وزن "اقتدر" بزيادة الهمزة والتاء: "افتعل، وكذلك" يقال "في" وزن "اصطبر" مما فاؤه صاد، وقلبت تاء الافتعال فيه طاء، "واذدكر" مما فاؤه ذال معجمة، وقلبت تاء الافتعال فيه دالا مهملة: افتعل، "لأن الأصل" فيهما: "اصتبر، واذتكر" قلبت تاء الافتعال في الأول طاء وفي الثاني دالا لما سيجيء. "و" يقال "في" وزن "استخرج" مما تساوى فيه عدد الزيادة والأصول، "استفعل". "إلا أن الزائد إذا كان تكرارًا لأصل"، سواء كان للإلحاق أم لا "فإنه يقابل عند الجمهور بما قوبل به ذلك الأصل"، لأن تكرار الأصل في علم الصرف بمنزلة   1 سقط ما بين المعكوفين من "ب". 2 الممتع في التصريف 1/ 312، والمبدع ص141. 3 في "ب": "يقابله". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 666 التوكيد اللفظي في علم النحو، فكما أن ذلك يعطي حكم الأول فيتبعه في إعرابه فهذا يوزن بما يوزن فيه الأصل إعلاما بأن هذا تكرار لما سبق "كقولك في" وزن "حلتيت" بكسر الحاء المهملة، وهو صمغ الأنجذان، بفتح الهمزة وضم الجيم وإعجام الذال: نبات جيد لوجع المفاصل، "و" في "سحنون" بضم السين المهملة وسكون الحاء المهملة وبنونين، وهو أول المطر والريح، "و" في وزن "اغدودن" بالغين المعجمة وبالدال المهملة، يقال: اغدودن الشعر إذا طال، واغدودن النبت إذا اخضر: "فعليل، وفعلول، وافعوعل" لفا ونشرا مرتبًا، فالتاء في "حلتيت" للإلحاق بـ"قنديل"، والنون في "سحنون" للإلحاق بـ"غضروف"، والدال في "اغدودن" لغير الإلحاق. وذهب بعضهم إلى أن الزائد يقابل بلفظه مطلقًا، ولو كان تكرارًا لأصل فيقال في وزن ["حلتيت: فعليت"، وفي وزن "سحنون: فعلون" وفي وزن] 1 "اغدودن: افعودل". "وإذا كان في الموزون تحويل" من مكان إلى مكان، ويسمى القلب المكاني، "أو حذف" لبعض الأصول "أتيت" أنت "بمثله في الميزان": فتقول في" وزن "ناء" بالمد، ماضي "يناء": "فلع، لأنه من النأي" والأصل "نأي" فحول اللام وهي الياء إلى موضع العين، وهي الهمزة، فصار "نيأ" فقلبت الياء ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها، فصار "ناء" بالمد. "و" تقول "في" وزن "الحادي" وهو مبدأ العدد: "عالف، لأنه من: الوحدة"، والأصل: "الواحد"، فحول2 الفاء وهي الواو إلى موضع اللام، وهي الدال، ولا يمكن الابتداء بالألف، فتقدم الحاء عليه فصار "الحادو" فقلبت الواو ياء لوقوعها متطرفة إثر كسرة فصار "الحادي". "وتقول في" وزن "يهب" مما حذفت فاؤه: "يعل" والأصل: "يوهب"، حذفت فاؤه لوقوعها بين ياء مفتوحة وكسرة، لأنه في الأصل: "يفعل"، بالكسر، ففتح لحرف الحلق، فيكون الحذف من "يفعل" بالكسر، قاله التفتازاني في "يطأ" وأخواته3.   1 سقط ما بين المعكوفين من "ب". 2 في "ب": "فحمل". 3 أي قال إن حذف الواو منها لوقوعها بين ياء مفتوحة وكسرة في الأصل، والمراد بأخوات يطأ: يدع ويذر، وانظر حاشية يس 2/ 359، والمبدع في التصريف ص169. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 667 "و" تقول "في" وزن ["بِعْ" أمر من "باع": "فل"، والأصل: "بيع" حذفت عينه لالتقاء الساكنين. "و" تقول "في" وزن] 1 "قاض", مما حذفت لامه: "فَاعٍ"، والأصل: "قاض"، حذفت لامه لالتقاء الساكنين. وقد يتعذر وزن الكلمات كـ"اسطاع، و: اهراق", وذلك لأنا نعتبر الحركة والسكون بأصلهما، والفاء في ذلك أصلها السكون، والسين والهاء ساكنان، فيلزم في الميزان التقاء الساكنين، فالصواب أن يقال في وزنهما: "أفْعَل"، لأن أصلهما: "أطَوَع، وأرْيَق"، والسين والهاء زائدتان2.   1 سقط ما بين المعكوفين من "ب". 2 الممتع في التصريف 1/ 226. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 668 فصل فيما تعرف به الأصول والزوائد: "قال الناظم" في النظم: 925- والحرف إن يلزم فاصل والذي ... لا يلزم الزائد مثل تا احتذي فعرف الحرف الأصلي بأنه يلزم في جميع التصاريف، وعرف الزائد بأنه الذي لا يلزم في جميع التصاريف، [ومثله بتاء "احتذي" فإنها زائدة، لأنها تحذف في بعض التصاريف] 1، تقول: حذا حذوه، والاحتذاء: الاقتداء ولبس النعل. "وفي" كلا "التعريفين نظر". "أما" التعريف "الأول"، وهو تعريف الأصل "فلأن الواو من "كوكب" والنون من "قرنفل" زائدتان, كما ستعرفه" قريبًا، "مع أنهما لا يسقطان" في جميع التصاريف. "وأما" التعريف "الثاني" وهو تعريف الزائد "فلأن الفاء من: وعد، والعين من: قال، واللام من: غزا، أصول مع سقوطهن في: يعد، وقل، ولم يغز"، فتعريف الأصل غير جامع، وتعريف الزائدة غير مانع. وأجاب عنه المرادي2 بأن الأصل إذا سقط لعلة فهو مقدر الوجود بخلاف الزائد، والزائد إذا لزم فهو مقدر السقوط، ولذلك يقال: الزائد ما هو ساقط في أصل الوضع تحقيقًا أو تقديرًا. "وتحرير القول فيما تعرف به الزوائد أن يقال: اعلم3 أنه لا يحكم على حرف بالزيادة حتى تزيد بقية" أصول "أحرف الكلمة" عند التردد فيها "على أصلين، ثم الزائد نوعان، تكرار الأصل4 وغيره".   1 سقط ما بين المعكوفين من "ب". 2 شرح المرادي 5/ 234. 3 سقط من "ب". 4 في أوضح المسالك 4/ 364، "تكرار لأصل". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 669 "فالأول" وهو تكرار الأصل "لا يختص بأحرف بعينها"، بل يكون في جميع الحروف إلا الألف، فإنها لا تقبل التضعيف، وسواء كانت من حروف "سألتمونيها"1 أم لا. "و" الزائد لتكرار أصل "شرطه: أن يماثل اللام كـ: جلبب" بزيادة الباء الثانية للإلحاق بـ"دحرج"، "وجلباب" مصدره، ويطلق على الملحفة. "أو" يماثل "العين، إما مع الاتصال كـ: قتل" بالتشديد وزيادة إحدى التاءين على الخلاف في أنهما الأولى أو الثانية، "أو مع الانفصال بزائد" بينهما "كـ: عقنقل" بفتح العين المهملة والقافين وبينهما نون ساكنة، وهو الكثيب العظيم المتداخل الرمل. "أو يماثل الفاء والعين كـ: مرمريس" بفتح الميمين، وسكون الراء الأولى وكسر الثانية، وفي آخره سين مهملة قبلها ياء مثناة تحتانية ساكنة وهو2 الداهية، و"مرمريت" للقفر، ولا ثالث لهما. "أو" تماثل "العين واللام كـ: صمحمح" بمهملات: الشديد، وقال الجرمي: الغليظ القصير، وقال ثعلب رأس صمحمح أي أصلع غليظ شديد. والحاصل: أنه متى تكرر حرفان في كلمة، ولها أصل غيرهما حكم بزيادة أحد المضعفين، وفي تعيين الزائد خلاف. وذكر في التسهيل3 أنه يحكم بزيادة ثاني المتماثلات وثالثها في نحو "صمحمح" يعني الحاء الأولى والميم الثانية، وبزيادة ثالثها ورابعها في نحو: "مرمريس" يعني الميم الثانية والراء التي تليها. واستدل بعضهم على زيادة الحاء الأولى في "صمحمح" والميم الثانية في "مرمريس" بحذفهما في التصغير حيث قالوا: "صميمح، و: مريريس". ونقل عن الكوفيين في "صمحمح" أن وزنه "فعلل" وأصله "صمحح"4 أبدلوا الوسطى ميمًا.   1 ويقال لها أيضًا: "أمان وتسهيل" انظر المبدع في التصريف ص118. 2 في "ب": "وهي". 3 التسهيل ص297. 4 الإنصاف 2/ 788، المسألة رقم 113، وذهب البصريون إلى أنه على وزن فعلعل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 670 "وأما الذي يماثل الفاء وحدها كـ: قرقف" بقافين مفتوحتين بينهما راء ساكنة، وهو الخمر، "وسندس" وهو رقيق الديباج, "أو" يماثل" "العين المفصولة" بأصل "كـ: حدرد" بمهملات, اسمًا لرجل، ولم يجئ على "فعلع" بتكرير العين غيره، "فأصلي", جواب "وأما". "و" أما "إذا بني الرباعي من حرفين فإن لم يصح إسقاط ثالثه فالجميع أصل كـ: سمسم" بكسر السينين المهملتين، ووزنه: "فعلل" لأن أصالة الاثنين متحققة ولا بد من ثالث مكمل للأصول، وليس أحد الباقين بأولى من الآخر، فحكم بأصالتهما. وحكي عن الخليل والكفوفيين أن وزنه: "فِعْفِل"1, تكررت فاؤه، وهو بعيد. "وإن صح" إسقاط ثالثه "كـ: لملمة" فإنه يصح إسقاط ثالثه، "و" يقال "لمه" وهو أمر من "لملمت" بمعنى: لممت. "فقال الكوفيون: ذلك الثالث" الصالح للسقوط "زائد مبدل من حرف مماثل للثاني"، فأصل "لملم" على قولهم "لمم" فاستثقل توالي ثلاثة أمثال، فأبدلوا من آخره حرف يماثل الفاء. ورد بأنهم قالوا في مصدره: "فعللة" ولو كان مضاعفًا في الأصل لجاء على "التفعيل". "وقال الزجاج" من البصريين: ذلك الثالث الصالح للسقوط "زائد غير مبدل من شيء وقال بقية البصريين: أصل". واختار الشارح مذهب الكوفيين، وقال2: إنه أولى من جعله ثنائيًّا مكررًا موافقًا في المعنى للثلاثي المضاعف كما يقول البصريون في أمثاله كـ"قصقصت، وكفكفت, وكبكبت"، انتهى. "والنوع الثاني" من نوعي الزائد وهو ما زيد لغير تكرار "مختص بأحرف عشرة"، جمعت في كلمات مرارًا، وهي: هم يتساءلون، يا هول استنم، أسلمني وتاه، وهويت السمان، أهوت سليمان، سألتمونها، [نويت ألمسها، ونويت ألامسه، ما أنت وسهيل، أشماله تمين، أنت ولي مسها، أهوال سمتني، أتلهو يا مسن، أتنسم وليها، هل   1 شرح المراد 5/ 241. 2 شرح ابن الناظم ص588. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 671 أنت مواسي، نويت أسالمه، وأنت سيل هام، أنت مايس لهو، أنت سايم هول. أو لها تسنيم، تاوه سليمان، اليوم تنساه، يا أوس هل نمت، لم يأتنا سهو] 1 "وجمعها الناظم في بيت واحد أربع مرات فقال"2: [من الطويل] هناء وتسليم تلا يوم أنسه ... نهاية مسؤول أمان وتسهيل وينبغي أن يعدوا الشين المعجمة في نحو: "أكرمتكش" في خطاب المؤنث، فإن قالوا: هذه مختصة بالوقف قلنا: وهاء السكت كذلك. وخصت3 هذه الأحرف بالزيادة دون غيرها لأن أولى ما زيد حرف المد واللين، لأنها أخف الحروف، وغيرها من الأحرف العشرة يرجع إليها. فالهمزة مجاورة للألف في المخرج، وتنقلب إلى حرف اللين عند التخفيف. والهاء أيضًا مجاورة للألف في المخرج. والميم من مخرج الواو، وهو الشفة، وفيها غنة. والنون فيها غنة تمد في الخيشوم امتداد الألف في الحلق. والتاء حرف مهموس، أبدلت من الواو في "تجاه". والسين حرف مهموس فيه صفير، ويقرب مخرجه من مخرج الياء. واللام وإن كانت حرفًا مجهورًا لكنها تشبه النون، وقريبة من مخرجها. وأسباب الزيادة سبعة: للإلحاق نحو "كوثر". والدلالة على معنى كحرف المضارعة. وإسكان النطق كهمزة الوصل، وهاء "السكت في "قه". وبيان الحركة كـ: {سُلْطَانِيَهْ} [الحاقة: 29] . والمد كـ"كتاب". والعوض كـ"زنادقة"، والتكثير كـ"قبعثرى" قاله ابن عصفور4. ولها شروط، "فتزاد الألف بشرط أن تصحب أكثر من أصلين"، ولا يكون في الأول لتعذر الابتداء بالساكن, بل تكون ثانية "كـ: ضارب، و" ثلاثة نحو: "عماد، و" رابعة نحو: "غضبى، و" خامسة نحو: "سلامى" بضم السين المهملة عظام صغار في أصابع اليدين والرجلين، وسادسة: نحو: "قبعثرى"، وسابعة نحو: "بردرايا". ويستثنى من ذلك إذا صحبت أكثر من أصلين من مضاعف الرباعي، نحو: "ضوضى" فإنها فيه بدل من أصل لا زائدة "بخلاف، نحو: قال، وغزا" لأن الألف فيهما ليست زائدة لكونها لم تصحب أكثر من أصلين.   1 ما بين المعكوفين سقط من "ب"، "ط". 2 شرح الكافية الشافية 4/ 2023 3 في "ب": "خصصت". 4 الممتع في التصريف 1/ 205-206، وانظر المبدع في التصريف ص118، 119. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 672 "وتزاد الواو والياء" أختها "بثلاث شروط"1. "أحدها: ما ذكر في الألف"، وهي أن تصحب أكثر من أصلين. "والثاني: أن لا تكون الكلمة" التي هما فيها "من باب: سمسم" من الرباعي المضاعف. "والثالث: ألا تتصدر الواو مطلقًا"، سواء كانت قبل أربعة أصول أم لا، "ولا" تتصدر "الياء قبل أربعة أصول في غير مضارع، وذلك نحو: صيرف، وجوهر" في زيادتهما ثانيتين، "وقضيب، وعجوز" في زيادتهما ثالثتين، "وحذرية, وعرقوة" في زيادتهما رابعتين، والحذرية بكسر الحاء وسكون الذال المعجمة، وكسر الراء قطعة من الأرض غليظة، والعرقوة بفتح العين المهملة، وسكون الراء وضم القاف: الخشبة المعترضة على رأس الدلو. "بخلاف نحو: بيت، وسوط" فإن الواو والياء فيهما لم يصحبا أكثر من أصلين. "و" بخلاف نحو: "يؤيؤ، ووعوعة"، فإنهما من باب "سمسم" واليؤيؤ بضم الياءين التحتانيتين، بعدهما واو مهموزة: اسم طائر ذي مخلب يشبه الباشق، والوعوعة: مصدر وعوع السبع، بعينين مهملتين: إذا صوت2، "وورنتل، ويستعور" لتصدر الواو مطلقًا والياء قبل أربعة أصول في غير مضارع2، والورنتل بفتح الواو والراء، المهملة وسكون النون وفتح التاء المثناة فوق: الشر3، وزعم قوم أن الواو فيه زائدة، وهو ضعيف، إذ لا نظير لذلك، والصحيح أن الواو أصلية4، ولم يذكره الجوهري. واختلف في لامه، فقيل: زائدة، وإليه ذهب الفارسي وابن مالك5، وقيل: أصلية، وعلى القولين وزنه: "فعنلل"، إلا أن اللام الأخيرة على الأول زائدة، وعلى الثاني أصلية. وأما "يستعور" بمثناة تحتانية فسين مهملة، فمثناة فوقانية, فعين مهملة، فواو، فراء مهملة، فوزنه: "فعللول" كـ"عضرفوط"، هذا هو الصحيح، لأن الاشتقاق لم   1 انظر الممتع في التصريف 1/ 287-292، والمبدع ص136-137، وشرح ابن الناظم ص589. 2 شرح ابن الناظم ص589. 3 في "ط": "النسر" وانظر شرح ابن الناظم ص589. 4 انظر شرح ابن الناظم ص589، والمبدع في التصريف ص137. 5 شرح الكافية الشافية 4/ 2038. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 673 يدل على الزيادة في مثله إلا في المضارع نحو: "تدحرج"، وهو شجر يتسوك بعيدانها، قال المرادي1. وقال الجوهري: اسم موضع عند المدينة، وكساء يجعل على عجز البعير، واسم من أسماء الدواهي يقال: ذهب في اليستعور أي: في الباطل، قاله الجاربردي2. "وتزاد الميم بثلاثة شروط أيضًا وهي3: أن تتصدر وتتأخر عنها ثلاثة أصول فقط، وأن لا تلزم في الاشتقاق، وذلك نحو: مسجد" لمكان السجود، "ومنبج" بفتح الميم وسكون النون وكسر الباء الموحدة وبالجيم، قال الجوهري4: اسم موضع. "بخلاف نحو: ضرغام" لعدم تصدر الميم، "ومهد" لأنها لم تتأخر عنها ثلاثة أصول، والضرغام: الأسد والمهد: مهد الصبي، "ومرزجوش" لأنها لم تتأخر عنها ثلاثة أصول فقط، بل أزيد من ذلك، وهو بفتح الميم وسكون الراء وفتح الزاي وضم الجيم، وفي آخره شين معجمة. و"المردقوش" بالميم والراء والدال المهملة والقاف، وفي آخره شين معجمة: بقلة طيبة الريح، "ومرعز" بكسر الميم والعين المهملة وفي آخره زاي، وهو ما لان من الصوف، "فإنهم قالوا: ثواب ممرعز، فأثبتوها"، أي الميم لزومًا "في الاشتقاق". وبهذا رد ابن مالك5 على سيبويه في قوله: إن الميم فيه زائدة6. ويشترط لزيادة الميم أيضًا أن لا تكون كلمتها رباعية مؤلفة من حرفين، كـ"مرمر، ومهمه". "وتزاد الهمزة المصدرة بالشرطين7 الأولين"، وهما: أن تتصدر وأن يتأخر عنها ثلاثة أصول فقط، ولو قال بالشرط لكفى، لأنه فرض الكلام في الهمزة المصدرة، فشرط تصدير المصدر لغو، "نحو: أفكل" بفتح الهمزة والكاف وسكون الفاء بينهما، وهي الرعدة، يقال: أخذه الأفكل إذا أخدته الرعدة، "وأفضل" اسم تفضيل.   1 شرح المرادي 5/ 247. 2 شرح الشافية 2/ 347. 3 المبدع في التصريف ص126-130، وشرح ابن الناظم ص589. 4 الصحاح "نبج". 5 شرح الكافية الشافية 4/ 2059. 6 الكتاب 4/ 309. 7 المبدع في التصريف ص124-126. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 674 "بخلاف" الهمزة "نحو: كنأبيل" بكاف مضمومة ونون مفتوحة فهمزة ساكنة فباء موحدة مثناة تحت كـ"خزعبيل" اسم موضع باليمن لانتفاء التصدر "وأكل" لأن المتأخر عنها أصلان لا ثلاثة، "وإصطبل" بقطع الهمزة المكسورة، لأن المتأخر عنها أربعة أصول لا ثلاثة، فإن "إصطبل" خماسي، كـ "جردحل". "وتزاد" الهمزة "المتطرفة بشرطين، وهما: أن يسبقها ألف وأن تسبق تلك الألف أكثر من أصلين"، سواء فتح أول كلمتها أم كسر أم ضم. فالأول "نحو: حمراء، و" الثاني نحو: "علباء، و" الثالث نحو: "قرفصاء". فالهمزة في الأول والثاني سبقت بثلاثة أصول، وفي الثالث بأربعة أصول، "بخلاف" همزة "نحو: ماء، وشاء" فإن الألف قبلها بأصل واحد، "وبناء، وإناء" فإن الألف مسبوقة بأصلين لا بأكثر، وبخلاف نحو: "نبأ" وهو الخبر، فإن الهمزة لم تسبق بألف. "وتزاد النون متأخرة بالشرطين"1 المذكورين في الهمزة المتطرفة وهما: أن يسبقها ألف، وأن تسبق تلك الألف بأكثر من أصلين، سواء في ذلك الاسم والصفة، "نحو: عثمان، وغضبان". وتزاد متأخرة أيضًا في المثنى والمجموع على حده، وما حمل عليهما "بخلاف نون نحو: أمان، وسنان" فإن الألف فيهما سبقت بأصلين لا بأكثر منهما. "وتزاد" النون "متوسطة بثلاثة شروط: أن يكون توسطها بين أربعة بالسوية، وأن تكون ساكنة، وأن تكون غير مدغمة، وذلك كـ: غضنفر" وهو الأسد، "وعقنقل" بعين مهملة وقافين، وهو كثيب الرمل العظيم، "وقرنفل" وهو نوع من العطر، "وحبنطى" وهو القصير، "وورنتل" وهو الشر2، "بخلاف نون: عنبر" فإن قبلها حرف وبعدها حرفان، "و" نون "غرنيق" بضم الغين المعجمة وسكون الراء وفتح النون: طير من طيور الماء طويل العنق، فإنها متحركة لا ساكنة. "و" نون "عجنس" بفتح العين المهملة والجيم وتشديد النون وفي آخره سين مهملة: الجمل الضخم، فإنها مدغمة تعارضت فيه زيادة النون مع زيادة التضعيف، فغلب التضعيف لأنه أكثر، وجعل وزنه "فعلل" كـ"عدبس" وقال أبو حيان3: والذي أذهب إليه أن النونين زائدتان، ووزنه "فعنل".   1 المبدع في التصريف ص130. 2 في "ط": "النسر". 3 الارتشاف 1/ 101. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 675 "وتزاد" النون "مصدرة في المضارع"1 نحو: نضرب، وثانية نحو: حنظل، وثالثة نحو: غضنفر، ورابعة نحو: رعشن، وخامسة نحو: سرحان، وسادسة نحو: زعفران، وسابعة نحو: عبيثران: وهو نبت طيب الرائحة. "وتزاد التاء2 في التأنيث كـ: قائمة"، وقامت، "و" في "المضارع كـ: تقوم، و" في الماضي "المطاوع" من الثلاثي والرباعي "كـ: تعلم" بتشديد اللام، "وتدحرج، و" في "الاستفعال" نحو: الاستخراج، "و" في "التفعل" نحو: التكسر، "و" في "الافتعال" نحو: الاقتدار، وفي التفاعل كـ: التضارب، "وفروعهن" من الفعل والوصف، وفي التفعيل والتفعال، نحو الترديد، والترداد دون فروعهما، لأن فروعهما لا تاء فيها. "وتزاد السين3 في الاستفعال" كـ: الاستخراج، وفروعه4، "وأهملها الناظم" في النظم، "وابنه" في شرحه. "وزيادة الهاء واللام قليلة" في الاستعمال، فزيادة الهاء5 "كـ: أمهات، واهراق، و" زيادة اللام6 نحو: "طيسل" بفتح الطاء المهملة، وسكون الياء آخر الحروف وفتح السين المهملة "للكثير"، بالمثلثة "بدليل سقوطها" أي الهاء "في" المصدر نحو: "الأمومة" وفي الجمع أيضًا كقوله: [من المتقارب] 938 ........................... ... فرجت الظلام بأماتكا وقد غلب "الأمهات" في العقلاء، و"الأمات" في البهائم، وقيل: "الأمهات" جمع "أمهة"، قال: [من الرجز]   1 المبدع في التصريف ص130. 2 المبدع في التصريف ص134. 3 المبدع في التصريف ص123. 4 في المبدع في التصريف ص123: "والسين يزاد في استفعل وما تصرف منه من مضارع واسمي فاعل ومفعول ومصدر، وبعد "كاف" المؤنث وقفًا: مررت بكس". 5 المبدع في التصريف ص122، والممتع في التصريف 1/ 219. 6 المبدع في التصريف ص120، والممتع في التصريف 1/ 214. 938- صدر البيت: "إذا الأمهات قبحن الوجوه"، وهو لمروان بن الحكم في المقتضب 3/ 139 "الحاشية"، وبلا نسبة في الدرر 1/ 14، ورصف المباني ص401، وسر صناعة الأعراب 2/ 564، وشرح شافية ابن الحاجب 2/ 383، وشرح الشافية ص308، وشرح المفصل 10/ 3، ولسان العرب 12/ 30 "أمم"، وهمع الهوامع 1/ 23. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 676 939- أمهتي خندف وإلياس أبي فالهاء زائدة في المفرد والجمع، ووزن "أمهة: فعلهة"، والهاء للتكثير، أو للإلحاق عند من أثبت "فعللا". وجوز ابن السراج1 أصالتها، فيكون وزن "أمهة: فعلة" كـ"أبهة"، وهي العظمة، ويقويه حكاية الخليل في كتاب العين: تأمهت أما، أي: اتخذت أما، ثم حذفت الهاء فبقي "أما" ووزنه: "فع"، لكنه كتاب مضطرب، وكان الفارسي يعرض عنه. وفي الصحاح2 أمهات جمع أمهة, أصل أم، انتهى. "و" سقوطها في "الإراقة" مصدر "أراق", وبذلك يرد على المبرد في دعواه عدم زيادة الهاء3، قالوا: ولا جواب عنه إلا دعوى الغلط ممن قاله4، لأنه لما أبدل الهمزة في "هراق"، توهم أنها فاء، فأدخلت الهمزة عليها فأسكنت، "و" سقوط اللام في "الطيس" وهو العدد الكثير، وكل ما على وجه الأرض من التراب والقمام، أو هو خلق كثير النسل كالذباب والنمل والهوام، قاله في القاموس. "وأما تمثيل الناظم" في النظم5 "وابنه" في الشرح6، "وكثير من النحويين7 للهاء بنحو: لمه، ولم يره، و" تمثيلهم "للام بـ: ذلك، وتلك" من أسماء الإشارة في البعد تذكيرًا وتأنيثًا "فمردود" جواب أما، "لأن كلا من هاء السكت في "لمه"   939- الرجز لقصي بن كلاب في خزانة الأدب 7/ 379، والدرر 1/ 14، وسمط اللآلي ص950، وشرح شواهد الشافية 301، واللسان 11/ 341، "سلك" 13/ 472، "أمه" والمقاصد النحوية 4/ 565، وديوان الأدب 4/ 175، 3/ 419، وتاج العروس "هول"، "أمه" وبلا نسبة في أمالي القالي 2/ 301، وسر صناعة الإعراب 2/ 564، وشرح المفصل، 10/ 4، والمحتسب 2/ 224، والممتع في التصريف 1/ 217، وتهذيب اللغة 6/ 475، و15/ 631، والمخصص 13/ 171، وهمع الهوامع 1/ 23. 1 الأصول 3/ 236. 2 الصحاح "أمم". 3 لم يقل المبرد في المقتضب 1/ 60، إن الهاء أصلية، بل عدها من حروف الزيادة ولعل الأزهري أخطأ فيما نقله, فإن أبا العباس ثعلب ادعى عدم زيادة الهاء, ووهم الأزهري بين أبي العباس المبرد وأبي العباس ثعلب. انظر المبدع في التصريف ص122. 4 انظر المبدع في التصريف ص122، والممتع في التصريف 1/ 217. 5 إشارة إلى قوله في الألفية: والهاء وقفًا كلمه ولم تره ... واللام في الإشارة المشتهره 6 شرح ابن الناظم ص591. 7 شرح ابن عقيل 2/ 542. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 677 "ولام البعد" في "ذلك، و: تلك" "كلمة برأسها، وليست جزءًا من غيرها"، ولا منزلة منزلة الجزء مما قبلها، لئلا يقال عليه، وكذلك تاء التأنيث كلمة، برأسها، وليست جزءًا من غيرها كـ"قائمة" وقد مثل بها، "وما خلا من هذه القيود حكم بأصالته إلا إن قامت حجة" أي دليل "على الزيادة"، وأدلتها تسعة1: أحدها: سقوط الحرف من أصل كسقوط ألف "ضارب" من أصله وهو المصدر، "فلذلك، حكم بزيادة": "همزتي: شمأل"2 بفتح الشين المعجمة والهمزة وسكون الميم بينهما، وهو ريح الشمال، "واحبنطأ"2، بسكون الحاء المهملة وفتح الموحدة وسكون النون وفتح الطاء المهملة، وبالهمزة في آخره للإلحاق بـ"احرنجم"، والحبنطى: الصغير البطن. "وميمي: دلامص"3 بضم الدال وكسر الميم وبالصاد المهملة ملحق بـ"علابط" "وابنم" هو "ابن" والميم للمبالغة3. "ونوني: حنظل"4، بفتح الحاء المهملة والظاء المعجمة وبينهما نون ساكنة، "وسنبل"5 بضم السين المهملة وسكون النون وفتح الموحدة. "وتاءي: ملكوت"6 بفتح الميم واللام، "وعفريت" بكسر العين وسكون الفاء. "وسيني: قدموس"5 بضم القاف والميم وبينهما دال ساكنة، وفي آخره سين مهملة: العظيم، وهو ملحق بـ"عصفور"، وفي خط ابن المرحل: قدموس على وزن قربوس. "وأسطاع"7 بفتح الهمزة. "لسقوطها في الشمول" بضم الشين مصدر شملت الريح تشمل شمولا إذا تحولت شمالا، قاله في الصحاح8. "و" في "الحبط" بفتحتين، راجع إلى "احبنطاء" وهو مبني على أنها خلقت   1 انظر شرح ابن الناظم ص591، والممتع في التصريف 1/ 39، والمبدع في التصريف ص120. 2 شرح ابن الناظم ص591، وشرح ابن عقيل 2/ 544، والمبدع في التصريف ص124. 3 شرح ابن الناظم ص591، والمبدع في التصريف ص126. 4 شرح ابن الناظم ص591، وشرح ابن عقيل 2/ 544. 5 شرح ابن الناظم ص591. 6 شرح ابن الناظم ص591، وشرح ابن عقيل 2/ 544، والمبدع في التصريف ص135. 7 شرح ابن الناظم ص591، والمبدع في التصريف ص124. 8 الصحاح "شمل". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 678 والجمع والتصغير وغير ذلك، فأجروها مجرى العربي، ولهذا حكمنا على "لجام" بأن ألفه زائدة، وكذا واو "نوروز"، وياء "إبراهيم" لقولهم: "لجمم، ونوارز، وأبارهة، "وهندلع" بضم الهاء وسكون النون وفتح الدال وكسر اللام: اسم بقلة. "وتاءي" بالمثناة الفوقانية، "تنضب" بفتح التاء المثناة فوق وسكون النون وضم الضاد المعجمة: وهو ضرب من الشجر تألفه الحرباء ويروى بضم أوله وفتح ثانيه وبضمهما، وقيل: إن ضم التاء إتباع لضم النون، نقله السخاوي في سفر السعادة1. "وتخيب" بضم التاء المثناة فوق والخاء المعجمة وكسر الياء المثناة تحت مع التشديد وفي آخره باء موحدة: وهو الباطل، يقال: وقعوا في وادي تخيب2 أي باطل، قاله الكسائي، "لانتفاء: فعلل" بفتح أوله وكسر ثالثه راجع لـ"نرجس"، "وفعللل" بضم أوله وفتح ثالثه وكسر رابعه، راجع لـ"هندلع"، "وفعلل" بفتح أوله وضم ثالثه، راجع لـ"تنضب"، "وفعلل" بضم أوله وثانيه وكسر ثالثه مع التشديد، راجع لـ"تخيب", قيل: وفي ذكر هذا نظر، لأنه منقول من الفعل كـ"تعلم"، نصوا على ذلك ومنعوه من الصرف. والدليل الثالث: سقوطه من فرع كسقوط ألف "كتاب" في جمعه على "كتب". والدليل الرابع: سقوطه لغير علة في نظير كسقوط ياء "أيطل" من "أطل". والأيطل: الخاصرة. والدليل الخامس: كون الحرف مع عدم الاشتقاق في موضع يلزم فيه زيادته مع الاشتقاق نحو: "عفنفس"3 بالفاء المكررة، فإن النون فيه محكوم بزيادتها مع أنه لا يعرف له اشتقاق، لأن نونه في موضع لا تكون فيه مع الاشتقاق إلا زائدة نحو: "جحنفل" من "الجحفلة"، وهي لذي الحافر كالشفة للإنسان، و"الجحنفل"، العظيم الشفة. والدليل السادس: كونه مع عدم الاشتقاق في موضع يكثير فيه زيادته مع الاشتقاق، كالهمزة إذا وقعت أولا، وبعدها ثلاثة أحرف نحو: "أفكل" بحكم زيادة همزته حملا على ما عرف اشتقاقه نحو: "أحمر"، و"الأفكل" الرعدة.   1 سفر السعادة 1/ 187. 2 من الأمثال في المستقصى 2/ 279، ومجمع الأمثال 2/ 361، وفصل المقال ص466، وكتاب الأمثال لابن سلام ص340. 3 في حاشية 2/ 363: "قوله: عفنفس، لم يذكره في الصحاح، وإنما فيه مادة "عفقس" بالفاء ثم القاف: والعفنقس: العسر الأخلاق". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 680 والدليل السابع: اختصاصه بموضع لا يقع فيه إلا حرف من حروف الزيادة كالنون في "كنتأو" للعظيم اللحية، وتاؤه مثناة، ومثلثة، وفي "حنطأو" للعظيم البطن، وطاؤه مهملة، ومعجمة. والدليل الثامن: لزوم عدم النظير بتقدير أصالته تلك لكلمة في نظير الكلمة، التي ذلك الحرف منها نحو: "تنفل" على لغة من ضم التاء والفاء, وهو ولد الثعلب، فإن تاءه زائدة, وإن لم يلزم من تقدير أصالتها عدم النظير، [فإنها لو جعلت أصلا كان وزنه "فعللا" نحوك "برثن"، وهو موجود، ولكن يلزم عدم النظير] 1 في نظيرها؛ أعني لغة الفتح، فلما ثبت زيادة التاء في لغة الفتح حكم بزيادتها في لغة الضم أيضًا، إذ الأصل اتحاد المادة. والدليل التاسع: دلالة الحرف على معنى كحروف المضارعة.   1 إضافة من "ب"، "ط". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 681 فصل فيم تعرف به الأصول والزوائد ... همزة، فوزنه "افعنلاء"، وقيل، هذا الوزن مفقود، وإنما هو "افعنلى" كـ: احرنبى الديك؛ إذا انتفش للقتال، ثم انقلبت الألف همزة. "و" في "الدلاصية" راجع إلى "دلامص" وهو الشيء البراق، كقولهم: درع دلاص ويقال فيها: دلامص، ودلمص، ودملص, وأبو الحسن وأبو عثمان يريان أصالة ميمهن1، وأن ذوات الأربعة وافقت ذوات الثلاثة، وفيها ست لغات سادسها "دليص"، وهو أيضًا دليل على الزيادة. "و" في "البنوة" راجع إلى "ابنم" فهو "ابن" بزيادة الميم. "و" في "الملك" راجع إلى "ملكوت"، قال في الصحاح2: والملكوت من الملك كالرهبوت من الرهبة. "و" في "العفر؛ بفتح أوله وهو التراب"، راجع إلى "عفريت" بكسر العين. "و" في "القدم" بكسر القاف وفتح الدال راجع إلى "قدموس"، وكان حقه أن يقول: وفي التقدم، ففي كتاب الترقيص لمحمد بن المعلى الأزدي: القدموس: السيد المتقدم قومه، وجمعه "قداميس"، وقال خالد: القدموس ما تقدم وأشرف من أنف الخيل، انتهى. "و" في "الطاعة" راجع إلى "اسطاع" وأصله "أطوع، كـ: أكرم" نقلت حركة العين، وهي الواو إلى فاء الكلمة، وهي الطاء، فانقلبت ألفًا بعد أن كانت واو متحركة، فعوضوا من هذه الحركة السين، هذا مذهب سيبويه3، وجمهور البصريين4، ويدل على أن أصله "أطاع" قولهم، يسطيع، بضم حرف المضارعة "وفي قولهم: حظلت الإبل إذا آذاها الحنظل"، راجع إلى "حنظل". "و" في قولهم: "أسبل الزرع" راجع إلى "سنبل". "و" الدليل الثاني على الزيادة لزوم عدن النظير بتقدير الأصالة في تلك الكلمة التي ذلك الحرف منها، فذلك "حكم بزيادة": "نوني: نرجس" بفتح النون وكسر الجيم: نوع من الرياحين، فإن قيل: هذه الكلمة أعجمية فكيف حكمتم بالزيادة قلنا، تكلمت بها العرب، وتصرفوا فيها بالتثنية   1 الممتع في التصريف 1/ 245-246، والمبدع في التصريف ص127. 2 الصحاح "ملك". 3 الكتاب 4/ 285، 483. 4 هذا المذهب اعترضه المبرد. انظر حاشية يس 2/ 362. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 479 فصل في زيادة همزة الوصل : سميت بذلك لأنه يتوصل بها إلى المنطق بالساكن، كما قاله الشلوبين، وقال تلميذه ابن الضائع, سميت بذلك لسقوطها عند وصل الكلمة بما قبلها، والإضافة تكون بأدنى ملابسة. "وهي همزة سابقة" في أول الكلمة، "موجودة في الابتداء، مفقودة في الدرج"، "ولا تكون في مضارع مطلقًا"، سواء كان ثلاثيًّا أم رباعيًّا مجردًا أو مزيدًا فيه لأن المضارع مبدوء بحرف المضارعة، وهي متحركة أبدًا، فلم يحتج لهمزة الوصل. "ولا" تكون "في حرف غير: أل" عند سيبويه. "ولا في" فعل "ماضي ثلاثي" مجرد "كـ: أمر، و: أخذ". "ولا رباعي" في العدد "كـ: أكرم، وأعطى" والهمزة في ذلك كله همزة قطع. "بل" تكون "في" الفعل "الخماسي" وهو ما فيه زيادتان "كـ: انطلق"، واقتدر. "والسداسي"، وهو نوعان: الثلاثي الذي فيه ثلاث زوائد "كـ: استخرج". والرباعي الذي فيه زيادتان كـ"احرنجم". "وفي أمرهما"، أي الخماسي والسداسي كـ: انطلق، واستخرج، واحرنجم. "و" في "أمر الثلاثي" الساكن ثاني مضارعه لفظًا "كـ: اضرب" بخلاف نحو: هب، وعد، وقل، مما ثاني مضارعه متحرك، فلا يحتاج إلى همزة وصل. "ولا" تكون "في اسم" لتحرك أوله، "إلا في مصادر" الفعل "الخماسي والسداسي" تبعًا لأفعالهما, وضابطها: كل مصدر بعد ألف فعله الماضي أربعة أحرف فصاعدًا، ومجموع ذلك أحد عشر بناء: الأول: الانفعال "كـ: الانطلاق". والثاني: الافتعال كـ"الاكتساب". والثالث: الافعلال كـ"الاحمرار". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 682 والرابع: الافعيلال كـ"الاحميرار". "و" الخامس: الاستفعال نحو: "الاستخراج". والسادس: الافعيعال كـ"الاعشيشاب". والسابع: الافعوال كـ"الاجلواذ". والثامن: الافعنلال كـ"الاقعنساس". والتاسع: الافعنلاء كـ"الاسلنقاء". والعاشر: الافعنلال كـ"الاحرنجام". والحادي عشر: الافعلال كـ "الاقشعرار". "قالوا: وفي عشرة أسماء محفوظة: وهي". "اسم"، وأصله عند البصريين: "سمو" وعند الكوفيين: "وسم" حذفت لامه على الأول، وفاؤه على الثاني، وعوض منها الهمزة1. "واست"، وهو الدبر، وأصله "سته" بفتح أوله وثانيه كـ"جمل" وفيه ثلاث لغات: است، وسه، وست. "وابن" بحذف اللام، ثم قيل: هي ياء من "بنيت"، لأن الابن يبني على الأب كبناء الحائط" على الأس، وقيل: واو، وهو الصحيح، لأن جميع الأسماء المحذوفة اللام المعوض عنها الهمزة، لامها واو، "إلا "استا" فكان الحمل على الأعم أولى، وأما الاستدلال بـ"البنوة" فمردود بقولهم: "الفتوة", ولام "فتى" ياء ووزن "ابن: فعل" بفتحتين. "وابنم" بمعنى" ابن" والميم زائدة للتوكيد والمبالغة كما في "زرقم" بمعنى الأزرق، وليست هي بدلا من لام الكلمة. وإلا لكانت اللام في حكم الثابتة فلا يحتاج إلى همزة وصل، وتتبع نونه ميومه في الإعراب. "وابنة" هي "ابن" بزيادة الهاء، فلا حاجة إلى الإعادة. "وامرؤ" اسم تام لم يحذف منه شيء، إلا أنه لما كان يجوز تخفيف همزته، بنقل حركتها إلى الساكن قبلها مع الألف واللام نحو: "المرو" أعلوه لذلك، ولكثرة الاستعمال. "وامرأة" هي "امرؤ" بزيادة الهاء. "واثنان واثنتان" أصلهما: ثنيان وثنيتان، كـ: جملان، وشجرتان، بدليل قولهم في النسبة "ثنوي" بفتحتين فحذفت اللام، وأسكن الثاء وجيء بهمزة الوصل.   1 الإنصاف 1/ 6، والمسألة رقم 1. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 683 "وايمن، المخصوص بالقسم"، وهو اسم مفرد مشتق من اليمن، وهو البركة، وهمزته همزة وصل عند البصريين، وعند الكوفيين جمع "يمين"، وهمزته همزة قطع1. والحاصل: أن بعض هذه الهمزات عوض عن لام، هي واو، وذلك في: ابن، وابنة، وابنم"، وبعضها عن لام هي ياء، وذلك في "اثنين، واثنتين"، وبعضها عن لام صحيحة، هي هاء وذلك في "است"، وبعضها من حذف متوهم وذلك في "امرئ وامرأة". وبعضها من حذف واقع أحيانا وذلك في "ايمن". "وينبغي أن2 يزيدوا "أل"3 الموصولة" بالصفة كـ "الضارب، والمضروب"، "و"ايم" لغة في "ايمن"، فإن4 قالو" في: ايم4 "هي "ايمن"، فحذفت اللام، قلنا و"ابنم" هو "ابن" فزيدت الميم"، فما كان جوابهم فهو جوابنا، ولهم أن يتخلصوا بالفرق بأن "ابنما" حدث له بزيادة الميم إتباع النون للميم في حركاتها بحسب العوامل، فصار كالكلمة الأصلية، حتى ذهب الكوفيون إلى أنه معرب من مكانين، بخلاف "ايم" لغة في "ايمن"، فإنه لم يصر بهذه المثابة، ثم لا خصوصية للمعارضة بذكر "ابنم"، فإن مؤنثات هذه الأسماء هي مذكراته بزيادة التاء. وحيث نظر إلى لغات الكلمة، فكان ينبغي أن يقول: "أم" لغة في "أل" عند طيئ فإنهم يبدلون لام التعريف ميمًا فيقولون في "الرجل: أم رجل"، وإنما المرجع إلى الضابط، وهو أن كل همزة تثبت في التصغير فهي همزة قطع، وإلا فهي همزة وصل وتركوا "أل" الموصولة للخلاف في اسميتها ولشبهها بـ"أل" المعرفة صورة. "مسألة": اختلف في أصل همزة الوصل، هل هو السكون، أو الحركة؟ 5 والأول مذهب الفارسي6, واختاره الشلوبين، والثاني مذهب سيبويه7، وهو الظاهر لوجوب التحريك في كل حرف يبتدأ به كلام الابتداء، وعلى هذا فأصل حركة الهمزة الكسر كما في "اضرب، واذهب"، وإنما ضمت في نحو: "اخرج" كراهية للخروج   1 الإنصاف 1/ 404 المسألة رقم 59. 2 في "ب": "أن لا". 3 في "ب": "إلى". 4 سقط من "ب". 5 الإنصاف 2/ 737، المسألة رقم 107. 6 التكملة ص16. 7 الكتاب 4/ 237. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 684 من كسر إلى ضم، وعلى الأول دبرت بحركة ما قبل الآخر، فكسرت في "اضرب"، وضمت في "اخرج"، وامتنع أن تفتح في "اذهب" للالتباس بالمضارع حالة الوقف، فكسرت، لأنه أخف من الضم. ويتحصل "لهمزة الوصل بالنسبة إلى حركتها" في الاسم والفعل والحرف "سبع حالات: الأولى: "وجوب الفتح في المبدوء بها: أل" كـ"الرجل" لكثرة الاستعمال. "مبنيين للمفعول، وفي أمر الثلاثي المضموم العين في الأصل نحو: اقتل، واكتب" كراهة للخروج من الكسر إلى الضم لأن الحاجز الساكن غير حصين، وربما كسرت قبل الضمة الأصلية، حكاه ابن جني في المنصف1 عن بعض العرب، ووجهه أن الأصل، ولم تلتق الكسرة والضمة لفصل2 الساكن بينهما، والوجهان مرجعهما الاعتداد بالساكن, وعدم الاعتداد به، "بخلاف: امشوا، اقضوا"، فإن الهمزة فيهما مكسورة، لأن عينهما في الأصل مكسورة، وإنما ضمت لمناسبة الواو، والأصل "امشيوا، واقضيوا"، أسكنت الياء للاستثقال3 ثم حذفت لالتقاء الساكنين، وضمت العين لمجانسة الواو، ولتسلم من القلب ياء، وإن شئت قلت، استثقلت الضمة على الياء فنقلت منها إلى ما قبلها، بعد سلب حركة ما قبلها، وحذفت لالتقاء الساكنين، فالضمة على الإعلال الأول مجتلبة، وعلى الثاني منقولة. "و" الثالثة: "رجحان الضم على الكسر فيما عرض جعل ضمة عينه كسرة من نحو: اغزي"، بضم الهمزة راجحًا، وبكسرها مرجوحًا، "قاله ابن الناظم" في الشرح4، تبعًا لأبيه في الكافية5 وشرحها6: ونصه: فإن زالت الضمة لازمة من اللفظ لاتصال محلها بياء المؤنثة نحو: "اغزي" جاز في الهمزة وجهان. أجودهما الضم، لأن الأصل: "اغزوي". انتهى.   1 المنصف 1/ 54. 2 في "ب": "لنقل". 3 في "ب": "للاستعمال". 4 شرح ابن الناظم ص593. 5 قال ابن مالك في شرح الكافية الشافية 4/ 2075: واغزي اغزوي كان لذا يضم من ... يبدا به والكسر ليس بالحسن 6 شرح الكافية الشافية 4/ 2075. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 685 فاستثقلت الكسرة على الواو، فنقلت، ثم حذفت الواو لالتقاء الساكنين، فالضم نظرًا إلى أن الضمة الأصلية مقدرة، لأن المقدر كالوجود، والكسر نظرًا إلى الحالة الراهنة. ومرجع الوجهين إلى الاعتداد بالعارض وعدمه، ولم يجز هذان الوجهان في "امشوا"، لأن الأصل كسر الهمزة، وقد عضد بأصل الكسر، فألغى العارض لمعارضة أصلين، ولا كذلك "اغزي" لأن هذا العارض داع لأصل هو الكسر، فجاز الاعتداد به دون الضم في "امشوا". "وفي تكملة أبي علي" الفارسي1: "أنه يجب إشمام ما قبل ياء المخاطبة" تنبيها على الضم الأصلي، "وإخلاص ضم الهمزة" من غير إشمام. "وفي التسهيل"2 لابن مالك: "أن همزة الوصل" يعني في "اختير، وانقيد" "تشم قبل الضمة المشمة"، يعني: إذا أشممت الثالث أشممت الهمزة، وإلا ففيه مخالفة لكلام أبي علي من وجهين، وجوب الإشمام، وإخلاص ضم الهمزة. "و" الرابعة: "رجحان الفتح على الكسر في: ايمن، وايم"3, لثقل الخروج من كسر الهمزة إلى ياء، ثم إلى ضم الميم، ثم ضم النون. "و" الخامسة: "رجحان الكسر على الضم في كلمة: اسم"، لأن الكسر أخف من الضم، لأنه إعمال عضلة واحدة، والضم إعمال عضلتين. "و" السادسة: "جواز الضم والكسر والإشمام في نحو4: اختار، وانقاد" حال كونهما "مبنيين للمفعول"، فالضم في: "اختور، وانقود" والكسر والإشمام في: "اختير، وانقيد". "و" السابعة: "وجوب الكسر فيما بقي" من الأسماء العشرة، والمصادر والأفعال، "و" الكسر "هو الأصل". "مسألة: لا تحذف همزة الوصل المفتوحة" في "أل، وايمن، وايم"، "إذا دخلت عليها همزة الاستفهام، كما حذفت" همزة الوصل "المكسورة في نحو: {أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا} " [ص: 63] في قراءة أبي عمرو، والأخوين5، "و" في نحو:   1 التكملة ص17. 2 التسهيل ص203. 3 في "ب": "انبم". 4 سقط من "ب". 5 انظر هذه القراءة في الإتحاف ص373، ومعاني القرآن للفراء 2/ 411. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 686 " {أَسْتَغْفَرْتَ لَهُم} " [المنافقون: 6] ، في قراءة الجميع1، والأصل: "أإتخذناهم، أإستغفرت لهم"، بهمزة مفتوحة للاستفهام فمكسورة، للوصل، فحذفت همزة الوصل للاستغناء عنها بهمزة الاستفهام، وكما حذفت المضمومة في نحو2: "أضطر الرجل"، الأصل2: "اضطر" بهمزة مضمومة، فلما دخلت همزة الاستفهام حذفت، وترك مقتضى القياس في المفتوحة، "لئلا يلتبس الاستفهام بالخبر، ولا تحقق، لأن همزة الوصل لا تثبت في الدرج، إلا في الضرورة كقوله" [من الطويل] 940- ألا لا أرى إثنين أحسن شيمة ... على حدثان الدهر مني ومن جمل فأثبت همزة "اثنين" ضرورة، "بل الوجه أن تبدل ألفًا". قال الخضراوي: ولم يذكر أبو علي وجماعة غير البدل، ولم يقرأ بخلافه، ولا جاء في كلامهم، "وقد تسهل" بين الهمزة والألف "مع القصر" وهو القياس لأن الإبدال شأن الساكنة. وقال ابن الباذش: تسهيل هذا فيما ذكر أصحاب سيبويه بالبدل. ونقل الشلوبين عن أبي عمرو أن هذه ألف اجتلبت للفرق كألف "اضربنان" وأنه خطأ من قال: إنها مبدل من الهمزة؛ لأنها ليست همزة قطع. وأجاب الشلوبين بأنها قد أشبهت همزة القطع من وجوه، فلا يعد في ثبوبتها وتغيير صورتها بإبدالها للفرق بين الخبر والاستخبار، وهو أولى من اجتلاب همزة أجنبية، واحتج بأنه قد جمع بينهما وبين ساكن في نحو: "الحسن عندك" فلولا الالتفات إلى حركتها الأصلية لم يجز بخلاف ألف "اضربنان", ولا فرق في ذلك بين همزة "أل"، وهمزة "ايمن"، "تقول: الحسن عندك، وايمن الله يمينك، بالمد على الإبدال راجحًا، وبالتسهيل مرجوحًا، ومنه" أي من التسهيل "قوله": [من الكامل]   1 انظر الإتحاف ص416، والنشر 2/ 388. 2 سقط من "ب". 940- البيت لجميل بثينة في ديوانه ص182، وكتاب الصناعتين ص151، والمحتسب 1/ 248، ونوادر أبي زيد ص204، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 368، وخزانة الأدب 7/ 202، ورصف المباني ص41، وسر صناعة الإعراب 1/ 341، وشرح الأشموني 3/ 814، وشرح المفصل 9/ 19، ولسان العرب 14/ 117 "ثنى" والمقاصد النحوية 4/ 569، وتاج العروس "ثنى". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 687 941- الحق إن دار الرباب تباعدت ... أو انبت حبل أن قلبك طائر بتسهيل الهمزة الثانية من "الحق"، و"إن" شرطية، وجوابها محذوف، و"إن قلبك طائر" خبر "الحق"، "وقد قرئ بهما"، أي بالمد والتسهيل "في نحو: {آَلذَّكَرَيْنِ} 1 [الأنعام: 143] ، {آَلآَنَ} 2 [يونس: 51] في السبع.   941- البيت لعمر بن أبي ربيعة في ديوانه ص133، والأغاني 1/ 127، وخزانة الأدب 10/ 277، والكتاب 3/ 136، ولجميل في ملحق ديوانه ص237، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 369، وشرح ابن الناظم ص593، وشرح الأشموني 3/ 818، وشرح ابن عقيل 2/ 547، وشرح المرادي 5/ 276، وراجع ديوان كثير عزة ص368. 1 الإتحاف ص219، وشرح ابن الناظم ص593. 2 الإتحاف ص250، والنشر 1/ 357. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 688 باب الإبدال مدخل ... باب الإبدال: بكسر الهمزة مصدر أبدل، وهو في الاصطلاح جعل حرف مكان حرف آخر مطلقًا، فخرج بقيد المكان العوض، فإنه قد يكون في غير مكان المعوض منه كتاء "عدة" وهمزة "ابن"، وبقيد الإطلاق القلب، فإنه مختص بحروف العلة. "الأحرف التي تبدل من غيرها" أربعة أقسام: ما يبدل إبدالا شائعًا للإدغام، وهو جميع الحروف إلا الألف. وما يبدل إبدالا نادرًا، وهو ستة أحرف، وهي "الحاء والخاء والعين المهملة والقاف، والضاد، والذال" المعجمتان كقولهم في "وكنة" وهي بيت القطا في الجبل: "وقنة"، وفي أغن: أخن، وفي ربع: ربح، وفي خطر: عطر، وفي جلد: جضد، وفي تلعثم: تلعذم". وما يبدل "إبدالا شائعًا لغير إدغام"، وهو قسمان: ما هو غير ضروري في التصريف، وهو اثنان وعشرون حرفًا يجمعها هجاء قولك: لجد صرف شكس آمن طي ثوب عزته، وما هو ضروري في التصريف، وهو "تسعة: يجمعها" هجاء قولك: "هدأت موطيا" وهي لهاء، والدال المهملة، والهمزة، والتاء المثناة من فوق، والميم، والواو، والطاء المهملة، والياء المثناة تحت، والألف "وخرج بقولنا: شائعًا"، ما أبدل نادرًا "نحو قولهم في: أصيلان، تصغير: أصيل، على غير قياس" كما بحثه في شرح الهادي، وذكر أن كلام سيبويه يدل عليه1، وقال ابن السيد، كأنه تصغير "أصلان", وهو   1 الكتاب 4/ 240. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 689 عكس قياس المصغر، لأن حكم الجمع إذا صغر أن يصغر على لفظ واحده، وهذا جاء مصغرًا على لفظ جمعه، وفي الصحاح1: الأصيل الوقت بعد العصر إلى المغرب، وجمعه أصل، وآصال، وأصائل، ويجمع أيضًا على أصلان مثل بعير وبعران، ثم صغروا الجمع فقالوا: أصيلان، ثم أبدلوا من النون لامًا فقالوا: أصيلال، انتهى. فهذان النقلان مخالفان لصنيع الموضح، وصنيعه أولى من وجه، لأن الحمل على تصغير المفرد شذوذًا أولى من الحمل على تصغير الجمع شذوذًا لكثرته، كـ"مغيربان" تصغير "مغرب"، و"عشيشيان" تصغير "عشية"، ونحوهما. وصنيعهما أولى من وجه آخر لسلامته من دعوى الزيادة التي الأصل عدمها، "وفي اضطجع" إذا نام على جنبه، "وفي نحو: علي" بتشديد الياء علمًا "في الوقف"، أو ما جرى مجراه: "أصيلال" بإبدال من النون لقرب المخرج. وكان الفراء يقول1: أصيلال تصغير "آصال"، وجعلوا زيادة اللام عوضًا عما حذفوا، لأنهم لو جاءوا به على الأصل لقالوا: أويصال، وشبهه بـ"دهر، وأدهر"، ثم قالوا: دهارير، وزعم أنهم أرادوا أداهير، "والطجع" بإبدال اللام من الضاد، و"علج" بإبدال الجيم من الياء المشددة لاشتراكهما في المخرج لكونهما من وسط اللسان واشتراكهما في الجهر، وإنما اختص ذلك بالوقف، لأنه يزيدها خفاء. "قال" النابغة: [من البسيط] 942- وقفت فيها أصيلالا أسائلها ... أعيت جوابًا وما بالربع من أحد والمعنى: وقفت بدار الحبيبة أحيانًا، وسألتها عن الحبيبة، فعجزت عن الجواب. وما بها أحد يجيبني. "وقال" منظور عن حبة الأسدي في ذئب: [من الرجز]   1 الصحاح "أصل". 2 المخصص 9/ 57. 942- البيت للنابغة الذبياني في ديوانه ص14، والإنصاف 1/ 269، وخزانة الأدب 2/ 122، 124، 126، 11/ 36، والدرر 1/ 458، 486، 2/ 531، وشرح أبيات سيبويه 2/ 54، وشرح شواهد الإيضاح ص191، وشرح المفصل 2/ 80، والكتاب 2/ 231، ولسان العرب 11/ 17 "أصل"، واللمع ص151، والمقتضب 4/ 414، وبلا نسبة في أسرار العربية ص260، ورصف المباني ص324، وشرح الأشموني 3/ 820، ومجالس ثعلب ص504 والإنصاف 1/ 170. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 690 943- لما رأى أن لا دعه ولا شبع ... مال إلى أرطأة حقف فالطجع والدعة: سعة العيش، والهاء عوض من الواو، والأرطأة: شجرة من شجر الرمل، والحقف: المعوج من الرمل، والجمع: حقاف وأحقاف، فالطجع. قال المازني: بعض العرب يكره الجمع بين حرفين مطبقين، ويبدل مكان الضاد أقرب الحروف إليها وهي اللام. "وقال" أعرابي من البادية: [من الرجز] 944- خالي عويف وأبو علج ... المطعمان اللحم بالعشج يريد: أبو علي والعشي، فأبدل الجيم من الياء المشددة، وهذا من إجراء الوصل مجرى الوقف، قاله السيد في شرح الشافية، "وتسمى هذه اللغة عجعجة قضاعة"، قال الجوهري1: وعجعجة في قضاعة يحولون الياء جيمًا مع العين، يقولون: هذا راعج خرج معج، أي: هذا راعي خرج معي، انتهى. وقد يحولون الياء جيمًا وإن لم تجتمع معه العين، قال أبو عمرو: قلت لرجل من بني حنظلة: ممن أنت؟ فقال: فقيمج، فقلت: من أيهم؟ فقال: من مرج، يريد فقيمي، ومري.   943- الرجز لمنظور بن حبة الأسدي في المقاصد النحوية 4/ 584، وبلا نسبة في الاقتضاب ص311، والأشباه والنظائر 2/ 340، وإصلاح المنطق ص95، وأوضح المسالك 4/ 371، وتاج العروس 15/ 6 "أبز"، 19/ 124 "أرط", 21/ 399 "ضجع", والتنبيه والإيضاح 2/ 234، والخصائص 1/ 63، 263، 2/ 350، 3/ 163، 326، وسر صناعة الإعراب 1/ 321، وشرح الأشموني 3/ 821، وشرح شافية ابن الحاجب 3/ 226، وشرح شواهد الشافية ص274، وشرح المفصل 9/ 82، 10/ 64، ولسان العرب 5/ 304 "أبز"، 7/ 255 "أرط"، 8/ 219، "ضجع", 14/ 325 "رطا", والمحتسب 1/ 107، والممتع في التصريف 1/ 403، والمنصف 2/ 329. 944- الرجز بلا نسبة في لسان العرب 2/ 205 "ج"، 320 "عجج", 4/ 395 "شجر"، 11/ 582 "كثل"، 13/ 49 "برن"، وأوضح المسالك 4/ 372، وكتاب العين 5/ 337، وجمهرة اللغة ص42، 242، وسر صناعة الإعراب 1/ 175، وشرح ابن الناظم ص595، وشرح الأشموني 3/ 821، وشرح شافية ابن الحاجب 2/ 287، وشرح شواهد الشافية ص212، وشرح المفصل 9/ 74، 10/ 55، والصاحبي في فقه اللغة ص55، والكتاب 4/ 182، والمحتسب 1/ 75، والمقرب 2/ 29، والممتع في التصريف 1/ 353، والمنصف 2/ 178، 3/ 79، وتهذيب اللغة 1/ 68، 10/ 135، وتاج العروس 5/ 396 "ج"، 6/ 92 "عجج"، 18/ 27 "صيص"، "كتل"، "برن". 1 الصحاح "عجج". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 691 وقد تبدل من الياء المخففة حملا على المشددة كقوله: [من الرجز] 945- لاهم إن كنت قبلت حجتج ... فلا يزال شاحج يأتيك بج أقمر نهات ينزى وفرتج يريد: اللهم إن كنت قبلت حجتي، فلا يزال يأتي بي شاحج هذه صفته والشاحج، بمعجمة فمهملة، فجيم، من شمج البغل أي صوت، والأقمر: الأبيض، والنهات: النهاق، وينزى: يحرك، وفرتج: أي وفرتي، وهي الشعر إلى شحمة الأذن، "وهدأت: سكنت" من السكون ضد الحركة، قال: يعقوب1: أهدأت الصبي إذا جعلت تضرب عليه رويدًا لينام، "وموطيًّا" حال من التاء في "هدأت"، وهو اسم فاعل "من أوطأته جعلته وطيئًا" إلا أنك خففت همزته بإبدالها ياء لانفتاحها وانكسار ما قبلها، "والياء فيه بدل من الهمزة، وذكره الهاء" في النظم2 "زيادة على ما في التسهيل3، وجمعها فيه في" هجاء قولك: "طويت دائمًا" وفيه مناقشة من ثلاثة أوجه: إسقاط الهاء كما مر، وتكرار الألف، وإعمال الماضي في "دائمًا"، وهو مثل "أبدًا"، قاله الموضح في الحواشي. "ثم إنه" لما ذكر الهاء "لم يتكلم هنا"، أي في باب الإبدال، "عليها، مع عده إياها" فيه، "ووجهه"، أي وجه عدم تكلمه عليها هنا، "أن إبدالها من غيرها إنما يطرد في الوقف على نحو: رحمه ونعمه، وذلك مذكور في باب الوقف" فاستغنى به. "وأما إبدالها من غير التاء فمسموع" لا يقاس عليه "كقولهم" في: إياك "هياك، و" في: لأنك قائم "لهنك قائم، و" في: أرقت الماء "هرقت الماء، و" في: أردت الشيء "هردت الشيء، و" في: أرحت الدابة "هرحت الدابة"، فأبدلوا في الجميع الهاء من الهمزة لاتفاقهما مخرجًا، لأنهما من أقصى الحلق.   945- الرجز لرجل من اليمانيين في الدرر 1/ 391، والمقاصد النحوية 4/ 570، وبلا نسبة في لسان العرب 2/ 205 "ج"، 5/ 241 "نهز", 10/ 103 "دلق" 12، 206 "دلقم"، والارتشاف 3/ 126، والدرر 2/ 512، وسر صناعة الإعراب 1/ 177، وشرح ابن الناظم ص595، وشرح الأشموني 2/ 449، وشرح شافية ابن الحاجب 2/ 287، وشرح شواهد الشافية ص215، وشرح المفصل 9/ 75، 10/ 50، ومجالس ثعلب 1/ 143، والمحتسب 1/ 75، والمقرب 2/ 166، والممتع في التصريف 1/ 355، ونوادر أبي زيد ص164، وهمع الهوامع 1/ 178، 2/ 157، وتاج العروس 5/ 395، "ج"، 15/ 364 "نهز" 25/ 303 "دلق"، "دلم" ومقاييس اللغة 4/ 29. 1 إصلاح المنطق ص276. 2 يقصد قوله في الألفية: أحرف الابدال هدأت موطيا ... فأبدل الهمزة من واو ويا 3 التسهيل ص300. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 692 فصل في إبدال الهمزة : "تبدل من الواو والياء" وجوبًا "في أربع مسائل: إحداها: أن تتطرف إحداهما"، وهي لام، أو زائدة للإلحاق "بعد ألف زائدة"، سواء كسر أول كلمتها أم فتح أم ضم: "نحو: كساء، وسماء، ودعاء"، فالهمزة فيهن مبدلة عن واو، والأصل: "كساو، وسماو، ودعاو". "ونحو: بناء، وظباء، وفناء"، فالهمزة فيهن مبدلة عن ياء، والأصل: "بناي، وظباي، وفناي" فأبدلت الواو والياء همزة لتطرفهما إثر ألف زائدة على أحد القولين، وقيل: إن الواو والياء أبدلتا ألفين لتحركهما، ووقوعهما بعد فتحة، لم يحجز بينهما إلا ساكن معتل1، زائد مع أنهما في مظنة التغيير، وهو الطرف، فقلبتا ألفين، فاجتمع ساكنان، فوجب إما الحذف أو التحريك، لا سبيل إلى الحذف، لأنه يفوت المد فيهن إن حذفت الأولى، ويفوت لام الكلمة إن حذفت الثانية، ولما امتنع الثاني تعين التحريك وكانت الثانية أولى لأربعة أوجه: أحدها: أن تحريك الأولى2 يفوت حكمها، وهو المد. الثاني: أن التغيير في الآخر أولى. الثالث: أن حرف الإعراب محرك تقديرًا، فلا يعد في تحريكه لفظًا. الرابع: أن في تحريكه تحصيلا لظهور الإعراب الذي يحصل3 به الفرق بين المعاني، ونحو: "علباء، وقوباء"، فالهمزة فيهما مبدلة من ياء زائدة للإلحاق بـ"قرطاس، وفرناس".   1 سقط من "ب". 2 في "ب": "الثاني". 3 في "ب": "يحصد". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 693 "بخلاف نحو: قاول، وبايع، و" نحو: "إداوة، وهداية"، لأن الواو والياء لم يتطرفا فيهن. أما الأولان فلوقوعهما عينًا، وأما الأخيران فلأن كلمتهما بنيت على تاء التأنيث، بخلاف التأنيث العارض، فإنه لا يمنع الإبدال، كـ"بناء، وبناءة". "و" بخلاف "نحو: "غزو، وظبي" لعدم تقدم الألف عليهما، "و" بخلاف "نحو: واو" اسمًا للحرف، "وآي" جمع "آية" لأصالة الألف فيهما، أما "واو" فوزنه: "فعل" بفتحتين، وفي كون عينه ياء أو واوًا، قولان: الأول لأبي علي، والثاني لأبي الحسن. وعلى القولين فالألف منقلبة عن أصل، وأما "آي" فأصله "أيَي" بفتحتين، قلبت الياء الأولى ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها، "و" الواو والياء "تشركهما في ذلك" الحكم "الألف" فإنها إذا تطرفت بعد ألف زائدة أبدلت الهمزة، وذلك "في نحو: حمراء فإن أصلها: حمرى" بألف مقصورة، "كـ: سكرى"، "فزيدت ألف قبل الآخر للمد كألف: كتاب، وغلام"، فالتقى ألفان لا يمكن النطق بهما، "فأبدلت" الألف "الثانية همزة"، لأنها من مخرج الألف، وظهرت الحركة التي كانت مقدرة فيهما. المسألة "الثانية" من إبدال الهمزة من الواو والياء "أن تقع إحداهما عينًا لاسم فاعل فعل، أعلت فيه" أي في الفعل "نحو: قائل: وبائع" أصلهما: "قاول، وبايع" ولكنهم أعلوهما حملا على الفعل، فكما قالوا: "قال، وباع"، فقلبوا عينهما ألفًا كذلك قلبوا عين اسم فاعلهما ألفًا لوقوعها متحركة بعد فتحة مفصولة بحاجز غير حصين، ثم قلبوا الألف همزة على حد القلب في "كساء، هذا قول الأكثرين. وقال المبرد1 دخلت ألف "فاعل" على ألف "قال، وباع" ونحوهما، فالتقى ألفان، ولم يمكن الحذف للإلباس، فوجب تحريك إحداهما، وكانت العين، لأن أصلها الحركة، والألف إذا تحركت صارت همزة، وتكتب ياء على حكم التخفيف، ولا تنقط، قاله المرادي2. "بخلاف نحو: عين، فإنه: عاين، وعور، فهو: عاور" لأن العين لما صحت في الفعل خوف الإلباس بـ"عان، وعار" صحت في اسم الفاعل، وما ذكره تبعًا لغيره من أن اسم الفاعل فرع الفعل في الإعلال والتصحيح مشكل من وجهين:   1 المقتضب 1/ 99. 2 شرح المرادي 6/ 13. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 694 أحدهما: أن اسم الفاعل قد يدخله الإعلال، ولم يكن له فعل أصلا كـ"جائز" بالجيم، والزاي، وهو البستان، "وجائزة" مؤنثة، [وهي الخشبة في وسط السقف، فإن ادعوا أنهما نقلا من أسماء الفاعلين فقد كثروا النقل في أسماء الأجناس] 1، وهو قليل، بل قيل: ممنوع. والوجه الثاني: أن الصحيح أن الوصف فرع من المصدر2، لا عن الفعل. المسألة "الثالثة" من إبدال الهمزة من الواو والياء "أن تقع إحداهما بعد ألف مفاعل، وقد كانت" إحداهما "مدة" زائدة "في الواحد نحو": عجوز و "عجائز، و" صحيفة و"صحائف"، وسيأتي توجيهه "بخلاف: قسورة" وهو الأسد، "وقساور"، لأن الواو ليست بمدة، ومعيشة ومعايش"، لأن المدة في الواحد أصلية فلا تبدل، لأن أصلها الحركة لكونها عين الكلمة، فإذا وقعت بعد ألف "مفاعل" تحركت بحركتها، فتعاصت عن الإبدال. "وشذ: مصيبة ومصائب، ومنارة ومنائر" بالإبدال، مع أن المدة في الواحد أصلية، لأنها عين الكلمة، والذي سهل إبدالها همزة تشبيه الأصلي بالزائد. "وتشارك الواو والياء في هذه المسألة"، وهي مسألة الجمع, "الألف"، فتبدل همزة "نحو: قلادة وقلائد، ورسالة ورسائل"، وذلك لأنك لما جمعت "قلادة ورسالة" على "مفاعل" وقعت ألف الجمع ثالثة. ووقع بعدها ألف "قلادة، ورسالة"، فاجتمع ألفان، فلم يكن بد من حذف إحدى الألفين، أو تحريكها، فلو حذفوا الألف الأولى فاتت الدلالة على الجمع، ولو حذفوا الثانية لتغير بناء الجمع، لأن هذا الجمع لا بد أن يكون بعد ألفه حرف مكسور، بينها وبين حرف الإعراب، ليكون كـ"مفاعل" فلم يبق إلا حركة الألف الثانية بالكسر لتكون كعين "مفاعل"، فلما حركت انقلبت همزة، ثمن شبهت واو "عجوز" وياء "صحيفة" بألف "قلادة، ورسالة"، لأن قبلهما حركة من جنسهما وهما ساكانا، فجريا مجرى الألف، هذا تعليل ابن جني3. وقال الخليل4: إنما همزت الألف والياء والواو في "رسائل وصحائف وعجائز" لأن حروف اللين فيهن ليس أصلهن الحركة وإنما هي حروف ميتة، لا تدخلها الحركات فلما وقعن بعد الألف همزت، ولم يظهرن، إذ كن لا أصل لهن في الحركة، انتهى.   1 سقط ما بين المعكوفين من "ب". 2 في "ب": "المقدر". 3 المنصف 1/ 327. 4 الكتاب 4/ 356، والمنصف 1/ 326. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 695 المسألة "الرابعة" مما تبدل فيه الهمزة من الواو والياء "أن تقع إحداهما ثاني حرفين لينين، بينهما ألف "مفاعل" سواء كان اللينان ياءين كـ"نيائف؛ جمع؛ نيف"، وهو الزيادة على العقد، وهو من ناف ينيف، وقول الشاطبي، وأصله: ينوف كـ"هين" فإن أصله "هيون" مبني على أنه من ناف ينوف، وتقدم في العدد بيانه. "أو واوين كـ: أوائل؛ جمع؛ أول, أو مختلفين" بأن تكون إحداهما ياء والأخرى واوًا "كـ: سيائد؛ جمع؛ سيد, إذا أصله: سيود" اجتمع فيه الواو والياء، وسبقت إحداهما بالسكون، قلبت الواو ياء، وأدغمت الياء في الياء، وسبقت فأبدل ما بعد ألف الجمع همزة في الأمثلة الأربعة استثقالا لتوالي ثلاث لينات متصلة بالطرف، "وأما قوله"، وهو جندل بن المثنى الطهوي: [من الرجز] . 946- حنى عظامي وأراه ثاغري ... وكحل العينين بالعواور بغير إبدال، "فأصله: بالعواوير" بياء مثناة تحتانية قبل الراء، "لأنه جمع: عوار" بضم المعين وتخفيف الواو "وهو الرمد" الشديد. "فهو: مفاعيل كـ: طواويس، لا: مفاعل" كـ: مساجد، "فلذلك صحح" فيه الواو لبعده من الطرف، ثم حذفت الياء، وبقي التصحيح بحاله، لأن حذف الياء عارض، والاعتبار بالأصل، لأن المحذوف في حكم الموجود وفاعل "كحل" بالتخفيف ضمير يرجع إلى الدهر في أبيات قبله، "وعكسه قول الآخر"، وهو حكيم بن معية الربعي: [من الرجز] 947- فيها عيائيل أسود ونمر "فأبدل الهمزة من ياء "مفاعيل" لأن أصله: "مفاعل" لأن "عيائيل" جمع "عيل" بكسر الياء" المشددة، وقبلها عين مهملة مفتوحة على زنة "فيعل"، وأصله "عيول"، قلبت الواو ياء وأدغمت الياء في الياء. "واحد العيال"، قاله صاحب الضياء،   946- الرجز للعجاج في الخصائص 3/ 326، وليس في ديوانه ولجندل بن المثنى الطهوري في شرح أبيات سيبويه 2/ 429، وشرح شواهد الشافية ص374، والمقاصد النحوية 4/ 571، وبلا نسبة في الإنصاف 2/ 785، وأوضح المسالك 4/ 374، والخصائص 1/ 195، 3/ 164، وسر صناعة الإعراب 2/ 771، وشرح ابن الناظم ص597، وشرح الأشموني 3/ 829، وشرح شافية ابن الحاجب 3/ 131، وشرح الكافية الشافية 4/ 2085، وشرح المرادي 6/ 17, وشرح المفصل 5/ 7، 10/ 91، 92، والكتاب 4/ 370، ولسان العرب 4/ 615، "عور" والمحتسب 1/ 107، 124 والممتع في التصريف 1/ 329 والمنصف 2/ 49، 3/ 50، وتاج العروس 13/ 156 "عور", والمخصص 1/ 109. 947- تقدم تخريج الرجز برقم 911. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 696 "والياء زائدة" في عيائيل "للإشباع، مثلها في قوله"، وهو الفرزدق: [من البسيط] 948- تنفي يداها الحصى في كل هاجرة ... نفي الدراهم تنقاد الصياريف بزيادة الياء. "فلذلك أعل" بإبدال الهمزة من الياء، و"نفي" مصدر نوعي مضاف إلى مفعوله، وفاعله "تنقاد"، وهو أيضًا مصدر مضاف إلى فاعله، والأصل، كنفي الدراهم نقد الصيارف. وما ذكره ممن أنه لا فرق في اللينين بين الياءين والواوين، والواو والياء هو مذهب سيبويه، والخليل ومن وافقهما. وذهب الأخفش إلى أن الهمزة في الواوين فقط، ولا همزة في الياءين، ولا في الواو مع الياء فتقول: "نيايف، وسياود، وصوايد" على الأصل، وشبهته أن الإبدال في الواوين إنما كان لثقلهما، ولأن لذلك نظيرًا، وهو اجتماع الواوين أول الكلمة، وأما إذا اجتمعت الياءان، أو الياء والواو فلا إبدال، لأنه التقت الياءان، أو الياء والواو أول الكلمة، فلا همز نحو: "بين" اسم موضع، ونحو: "يوم". والصحيح ما ذهب إليه سيبويه1 من أن الإبدال مطلقًا للقياس والسماع. أما القياس فلأن الإبدال في "أوائل" إنما هو بالحمل على "كساء، ورداء" لشبهه به من جهة قربه من الطرف، وفي "كساء، ورداء" لا فرق بين الياء والواو، فكذا هنا. وأما السماع فحكى أبو زيد في "سيقة: سيائق"، بالهمز، وهي "فعيلة" من "ساق"، وحكى الجوهري في تاج اللغة: جيد وجيائد بالهمز. وفهم من إطلاقه "مفاعل" أن هذا الإبدال لا يختص2 بتالي ألف الجمع، حتى لو بنيت من "القول" مثل "عوارض" لقلت: "قوائل" بالهمز، هذا مذهب سيبويه3   948- البيت للفرزدق في الإنصاف 1/ 27، وخزانة الأدب 4/ 424، 426، وسر صناعة الإعراب 1/ 25: والكتاب 1/ 28، وتاج العروس "درهم"، واللسان 9/ 190، "صرف" والمقاصد النحوية 3/ 521، ولم أقع عليه في ديوانه، وبلا نسبة في أسرار العربية 45، والأشباه والنظائر 2/ 29، وأوضح المسالك 4/ 376، وتخليص الشواهد 169، وسر صناعة الإعراب 2/ 769، وشرح ابن الناظم ص299، وشرح الأشموني 2/ 337، وشرح ابن عقيل 2/ 102، وشرح قطر الندى 268، ولسان العرب 1/ 683" "قطرب"، 2/ 295 "سجح"، 3/ 425 "نقد" والمقتضب 2/ 258. 1 الكتاب 4/ 377. 2 في "ب": "يختصر". 3 الكتاب 4/ 369. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 697 والجمهور، وخالف في ذلك الأخفش والزجاج1، فذهبا إلى منع الإبدال في المفرد لخفته بخلاف الجمع. "وهنا مسألة خاصة بالواو، اعلم أنه إذا اجتمع واوان، وكانت الأولى مصدرة" في أول الكلمة، "والثانية إما متحركة" مطلقًا "أو ساكنة متأصلة الواوية أبدلت الواو الأولى همزة" وجوبًا لأمرين: أحدهما: أن التضعيف في أول الكلمة قليل، وإنما جاء منه أحرف معلومة كـ"ددن" فلما قل التضعيف بالحروف الصحاح في أول الكلمة امتنع في الواو لثقلها. والثاني: أنهم لما كانوا يجيزون البدل في "وجوه" ونحوه، وهي واو مفردة لأجل أنها بالضمة كالواوين، كانوا خلقاء أن يلتزموا الإبدال إذا وجد الواوان، لأن الواوين أثقل من واو وضمة. وهذان التعليلان لسيبويه2، ويدخل تحت ذلك صورتان: إحداهما: أن تكون الواو الثانية متحركة. والصورة الثانية: أن تكون الواو الثانية متأصلة الواوية "فـ" الصورة "الأولى نحو جمع: واصلة وواقية، تقول: أواصل وأواق"، كـ"ضاربة وضوارب"، "وأصلهما: وواصل، وواق"، بواوين، فأبدلت الواو الأولى همزة، وأعل "أواق"، إعلال "قاض"، فإذا دخلت عليه "أل" ثبتت ياؤه كقوله: [من الخفيف] 949- ضربت صدرها إلى وقالت ... يا عديا لقد وقتك الأواقي "و" الصورة "الثانية نحو: الأولى، أنثى، الأول"، مقابل "الآخر" بالكسر "أصلها، "وولي" بواوين أولهما فاء مضمومة، والثانية عين ساكنة" متأصلة الواوية، قلبت الواو الأولى همزة لما مر، وجمعها: "أول" وأصله: "وول"، ففعل به ما تقدم. "بخلاف نحو: ووفي، وووري" مبنيتين للمفعول. "فإن" الواو الأولى لا يجب أن تبدل همزة، لأن الواو "الثانية ساكنة منقلبة عن ألف: فاعل" بفتح العين، وهو "وافى، و: وارى"، فليست متأصلة الواوية، لأنها بدل من ألف زائدة.   1 الارتشاف 1/ 127. 2 الكتاب 4/ 431. 949- البيت للمهلهل بن ربيعة في خزانة الأدب 2/ 165، والدرر 1/ 387، وسمط اللآلي 111، واللسان 15/ 404 "وقي"، والمقاصد النحوية 4/ 211، والمقتضب 4/ 214، ولعدي أخي المهلهل في تاج العروس "وقى"، وبلا نسبة في رصف المباني 177، وسر صناعة الإعراب 2/ 800، وشرح الأشموني 2/ 448، وشرح شذور الذهب ص146، وشرح المفصل 10/10، والمنصف 1/ 218، وهمع الهوامع 1/ 173. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 698 "وبخلاف نحو: "الوولي" بواوين مخففا من "الوؤلي" بواو مضمومة فهمزة، وهي أنثى "الأوأل". أفعل تفضيل من "وأل" إذا لجأ"، فإن الواو الأولى لا يجب أن تبدل همزة، لأن الواو الثانية منقلبة عن همزة، فليست متأصلة الواوية، ويفهم من نفي الوجوب الجواز: "وخرج باشتراط التصدر1 نحو: هووي، ونووي، في المنسوب إلى: هوى، ونوى"، فلا تبدل الواو الأولى همزة لعدم تصدرها.   1 في "ب": "التصدير". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 699 فصل في عكس ذلك : "وهو إبدال الواو الياء من الهمزة: ويقع ذلك" الإبدال "في بابين: أحدهما: باب الجمع الذي على" وزن "مفاعل، وذلك إذا وقعت الهمزة بعد ألفه"، أي الجمع، "وكانت تلك الهمزة عارضة في الجمع، وكانت لام الجمع همزة أو ياء أو واوًا، وخرج باشتراط العروض" في الهمزة "نحو: المرآة، والمرائي، فإن الهمزة موجودة في المفرد، لأن المرآة: مفعلة": بكسر الميم، "من الرؤية، فلا تغير في الجمع"، بالإبدال، لأن هذه الهمزة أصلية في الجمع، وسبب الإبدال عروضها فيه على أنه قد سمع "المرايا" بإبدال شذوذًا كقوله: [من الرجز] 950- مثل المرايا ولعاب الأقطار "وخرج باشتراط اعتلال اللام نحو: صحائف، وعجائز، ووسائل" جمع "صحيفة، وعجوز، ورسالة"، "فلا تغير الهمزة في شيء من ذلك أيضًا"، وإن كانت في الجمع لفقد علة الإبدال الآتية: "وأما ما حصل فيه ما شرطناه" من وقوع الهمزة بعد ألف الجمع وكون الهمزة عارضة في الجمع، وكون لام الجمع معتلة، فيجب فيه عملان: قلب كسرة الهمزة فتحة: ثم قلبها"، أي الهمزة، "ياء في ثلاث مسائل، وهي أن تكون لام الواحد همزة، أو ياء أصلية، أو واوًا منقلبة ياء، و" قلب الهمزة "واوا في مسألة واحدة، وهي أن تكون لام الواحد واوًا ظاهرة" في اللفظ سالمة من القلب ياء، فهذه أربع مسائل تحتاج إلى أربعة أمثلة. "مثال ما لامه همزة: خطايا"، جمع "خطيئة: فعلية" من الخطأ، "أصلها: خطايئ" على زنة "مفاعل" "بياء مكسورة، هي ياء "خطيئة" وهمزة بعدها، هي لامها، ثم أبدلت الياء" المكسورة "همزة على حد الإبدال" المتقدم "في: صحائف"،   950- لم أقف عليه في المصادر المتاحة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 700 جمع "صحيفة"، "فصار: خطائئ، بهممزتين"، الأولى المبدلة من الياء، والثانية لام الكلمة، "ثم أبدلت الهمزة الثانية"، وهي لام الكلمة، "ياء، لما سيأتي من أن الهمزة المتطرفة بعد همزة تبدل ياء، وإن لم تكن بعد" همزة "مكسورة، فما ظنك بها بعد" همزة "مكسورة، ثم قلبت كسرة" الهمزة "الأولى فتحة للتخفيف، إذ كانوا قد يفعلون ذلك" الفتح "في ما لامه صحيحة نحو: مداري" جمع "مدرى" بكسر الميم، وسكون الدل المهملة، وفتح الراء، آلة تشبه المسلة، تكون مع الماشطة، تصلح بها قرون النساء، "وعذارى"، جمع "عذارء"، وهي البكر، "في: المداري، والعذاري" بكسر الراء فيهما، "قال" امرؤ القيس الكندي: [من الطويل] 951- ويوم عقرت للعذارى مطيتي ... فيا عجبا من رحلها المتحمل "وقال" أيضًا: [من الطويل] 952- غدائره مستشزرات إلى العلا ... تضل المدارى في مثنى ومرسل ففتح الراء فيهما، فإذا فعل ذلك في ما لامه راء، وهو حرف صحيح، "ففعل" ذلك" الفتح "هنا" في ما لامه غير صحيحة "أولى" لثقل الكسرة، و"تضل" بالضاد المعجمة أي: تغيب، و"المثنى": الشعر المفتول، و"المرسل" بخلافه، والغرض بيان كثرة العشر، "ثم قلبت الياء" المفتوحة "ألفًًا لتحركها وانفتاح ما قبلها فصار "خطاءا" بألفين بينهما همزة، والهمزة تشبه الألف" لكونها من مخرجها, وهي متوسطة بين ألفين، "فاجتمع شبه ثلاث ألفات"، وذلك مستكره، "فأبدلت الهمزة ياء". ولم تبدل واوا لأن الياء أخف منها "فصار: خطايا، بعد خمسة أعمال": أولها: إبدال الياء همزة. وثانيها: إبدال الهمزة الثانية ياء. وثالثها: قلب كسر الهمزة الأولى فتحة. ورابعها: قلب الياء ألفًا. وخامسها: قلب الألف ياء على الترتيب.   951- البيت لامرئ القيس في ديوانه ص11، وشرح شواهد المغني 2/ 558، واللسان 4/ 592 "عقر"، وتهذيب اللغة 1/ 218، ومقاييس اللغة 4/ 90، وتاج العروس 13/ 102 "عقر"، وبلا نسبة في رصف المباني ص349، 447، ومغني اللبيب 1/ 209، وأوضح المسالك 4/ 379. 952- البيت لامرئ القيس في ديوانه ص17، ولسان العرب 4/ 405 "شزر", 7/ 56 "عقص"، ومعاهد التنصيص 1/ 8، والمقاصد النحوية 4/ 587، وتاج العروس 1/ 283، "شفا" وأساس البلاغة "دري"، والمزهر 1/ 185. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 701 هذا مذهب سيبويه1، وجمهور البصريين، وذهب الخليل1 إلى أن مدة الواحد لا تبدل في هذا همزة، لئلا يلزم اجتماع همزتين، بل تقلب بتقديم الهمزة على الياء، فيصير "خطائي"، ثم يفعل فيه ما تقدم من قلب الكسرة فتحة، ثم قلب الياء ألفًا، ثم قلب الألف ياء. واعترض بأنهم قد نطقوا به على الأصل، سمع من كلامهم: "اللهم اغفر لي خطائئي" بهمزتين، ولو كان كما قال الخليل لم يكن ثم همزة ثانية: البتة. "ومثال ما لامه ياء أصلية: قضايا" جمع "قضية" أصلها: قضايي؛ بياءين؛ الأولى ياء: فعلية، والثانية لام قضية، ثم أبدلت" الياء "الأولى بهمزة كما في: صحائف" فصار "قضائي" "ثم قلبت كسرة الهمزة فتحة" فصارت "قضاءي"، "ثم قلبت الياء ألفًا" فصار "قضاءا"، فاجتمع شبه ثلاث ألفات، "ثم قلبت الهمزة" المتوسطة بين الألفين "ياء" رجوعًا إلى أصلها، "فصار: قضايا، بعد أربعة أعمال": أحدها: إبدال الياء الأولى همزة. والثاني: قلب كسر الهمزة فتحة. والثالث: قلب الياء الثانية ألفًا. والرابع: قلب الهمزة ياء على الترتيب. "ومثال ما لامه واو قلبت في المفرد يا: مطية" وهي الراحلة "فإن [أصلها] 2: مطيوة، فعيلة، من: المطا، وهو الظهر، أو من: المطو، وهو المد، يقال: مطوت بهم في السير، أي، مددت، اجتمع فيها الواو والياء، وسبقت إحداهما بالسكون، ثم أبدلت الواو3 ياء، ثم أدغمت الياء فيها"، أي في الباء "وذلك على حد الإبدال والإدغام في: سيود، وميوت، إذ قيل فيهما: سيد، وميت" بقلب الواو، وإدغام الياء في الياء، وجمعها "مطايا"، وأصلها "مطايو" بياء مكسورة قبل الواو، "ثم قلبت الواو ياء لتطرفها بعد الكسرة"، فصار "مطايي" بياءين "كما" قلبت الواو لتطرفها "في: الغازي، والداعي"، وأصلهما: "الغازو، والداعو"، قلبت الواو ياء لتطرفها بعد الكسرة، "ثم قلبت الياء الأولى همزة كما في: صحائف"، فصار "مطائي"،   1 الكتاب 4/ 37. 2 إضافة من "ب"، "ط". 3 سقط من "ب". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 702 "ثم أبدلت الكسرة فتحة": فصار "مطاءي" "ثم" أبدلت "الياء ألفًا" فاجتمع شبه ثلاث ألفات، "ثم" أبدلت "الهمزة" المتوسطة بين الألفين "ياء فصار: مطايا، بعد خمسة أعمال"1. أحدها: قلب الواو ياء. والثاني: قلب الياء الأولى همزة. والثالث: إبدال الكسرة فتحة. والرابع: إبدال الياء ألفًا. والخامس: إبدال الألف ياء، ولم يرجع إلى أصلها، لأن الواو أثقل من الياء، أو لأنها لما أعلت في المفرد أعلت في الجمع. "ومثال ما لامه واو" ظاهرة، "سلمت في الواحد، هراوة" وهي العصا الضخمة، "و" جمعها "هراوى" أصلها: "هراوو" بواوين، "وذلك أنا قلبنا ألف: هرواة، في الجمع همزة على حد القلب في: رسالة، ورسائل"، فصار "هرائو"، "ثم أبدلنا الواو ياء لتطرفها بعد الكسرة" فصار"هرائي"، "ثم فتحنا الكسرة" فصار "هراءي"، "فانقلبت الياء ألفًا" لتحريكها، وانفتاح ما قبلها، فصار "هراءا"، بهمزة بين ألفين، "ثم قلبنا الهمزة واوًا"، ليشاكل الجمع واحده، "فصار: هرواى، بعد خمسة أعمال أيضًا": أحدها: قلب الألف همزة. والثاني: إبدال الواو ياء. والثالث: قلب الكسرة فتحة. والرابع: قلب الكسرة فتحة. والخامس: قلب الهمزة واوا. وشذ في هذا الباب ثلاثة أنواع: أحدها: تصحيح الهمزة التي بعد الألف كقوله: [من الطويل] 953- ................................. ... ........ حتى أزيروا المنائيا   1 في "ب": "أحوال". 953- تمام البيت: فما برحت أقدامنا في مقامنا ... ثلاثتنا حتى أزيروا المنائيا وهو لعبيدة بن الحارث بن عبد المطلب في المقاصد النحوية 4/ 188، ولبعض الصحابة في شرح عمدة الحافظ ص588، وبلا نسبة في شرح ابن الناظم ص397، 598، وشرح الأشموني 2/ 439، وشرح المرادي 6/ 20، والمقاصد النحوية 4/ 188. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 703 بالهمزة، والقياس "المنايا" ولكنه أتى به على الأصل. والثاني: تصحيحها، وتصحيح الهمزة التي هي لام بعدها كقولهم: اللهم اغفر لي خطائئي, بهمزتين، والقياس "خطاياي"، وهذا أشذ مما قبله. والثالث: أبدال ما بعد الألف حرفًا لا يقتضيه القياس نحو: "هدية، وهداوا"، والقياس "هدايا". "الباب الثاني" من البابين اللذين يقع فيما إبدال الواو والياء من الهمزة "باب الهمزتين الملتقيتين في كلمة" واحدة، "والذي يبدل منهما أبدًا هو الثانية، لا الأولى، لأن إفراط الثقل بالثانية حصل، و" إذا اجتمع همزتان في كلمة فلهما ثلاث أحوال، لأنه "لا تخلو الهمزتان المذكورتان من أن تكون الأولى متحركة والثانية ساكنة، أبو بالعكس"، بأن تكون الأولى ساكنة، والثانية متحركة، "أو يكونان متحركتين"، ويمتنع أن يكونا ساكنين معًا. "فإن كانت الأولى متحركة" بفتحة، أو كسرة، أو ضمة، "والثانية ساكنة أبدلت الثانية حرف علة"، ألفًا، أو ياء, أو واوا "من جنس حركة الأولى" كراهة اجتماع الهمزتين مع عسر النطق بالثانية الساكنة "فتبدل ألفًا بعد الفتحة نحو: آمنت"، والأصل: "أأمنت" بهمزة مفتوحة، فهمزة ساكنة، أبدلت الثانية ألفًا لسكونها وانفتاح ما قبلها. "ومنه" أي ومن إبدال الهمزة الثانية ألفًا "قول عائشة، رضي الله عنها، وكانت"، تعني النبي-صلى الله عليه وسلم- "يأمرني" إذا حضت "أن آتزر1، وهو بهمزة" مفتوحة، "فألف"، قال المطرزي2: "وعوام المحدثين يحرفونه فيقرءونه بألف" مهموزة "وتاء مشددة، ولا وجه له" في العربية "لأنه" فعل مضارع، ووزنه "أفتعل" بكسر العين، مشتق "من الإزار، ففاؤه، همزة ساكنة بعد همزة المضارعة المفتوحة"، فأبدلت الهمزة الثانية ألفًا لسكونها وانفتاح ما قبلها، وأجاز البغداديون: أتزر، وأتمن، وأتهل"، من الإزار، والأمانة، والأهل، بقلب الهمزة الثانية تاء، وإدغامها في التاء، وحكى الزمخشري: "أتزر" بالإدغام. وقال ابن مالك3: إنه مقصور على السماع كـ"اتكل"، وإذا جاز في الماضي جاز في المضارع.   1 أخرجه البخاري في كتاب الحيض برقم 300. 2 المغرب في ترتيب المعرب 1/ 37. 3 التسهيل ص312. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 704 وفي حديث آخر، وأن كان قصيرًا فليتزر به، رواه مالك في الموطأ1 بهذا اللفظ في جميع رواياته، وسيأتي. "و" تبدل الهموة الثانية "ياء بعد الكسرة نحو: إيمان"، أصله: "إئمان". بهمزتين مكسورة فساكنة، قلبت الهمزة الثانية ياء لسكونها وانكسار ما قبلها. "وشذت قراءة بعضهم"، وهو الأعمش، راوي أبي بكر صاحب عاصم: "إئلافهم" [قريش: 2] بالتحقيق"2، وأجاز الكسائي أن يبتدأ: "إئت" بهمزتين نقله عنه ابن الأنباري في كتاب الوقف والابتداء وقال3 إنه قبيح، لأن العرب لا تجمع بين همزتين، الثانية منهما ساكنة. انتهى. "و" تبدل الهمزة الثانية "واوًا بعد ضمة نحو: أوتمن"، بالبناء للمفعول، أصله: "أؤتمن" بهمزتين، مضمومة فساكنة، قلبت الهمزة الثانية، واوًا لسكونها وانضمام ما قبلها، "وأجاز الكسائي أن يبتدأ "أؤتمن" بهمزتين" مضمومة فساكنة، "نقله عنه ابن الأنباري في كتاب الوقف والابتداء3، ورده" بأن العرب تجمع بين همزتين، لثانية منهما ساكنة، ذكر هذا الرد على الكسائي في إجازته أن يبتدأ، {ائْتِ بِقُرْآَنٍ} [يونس: 15] بهمزتين، لا في "أؤتمن". "وإن كنت" الهمزة "الأولى ساكنة، و" الهمزة "الثانية متحركة"4، وهو النوع الثاني، ولا يكونان في موضوع الفاء لتعذر الابتداء بالساكن، بل في موضع العين، أو في موضع اللام. "فإن كانتا في موضع العين أدغمت الاولى في الثانية" لاجتماع المثلين، وصححت "نحو: سأال" بفتح السين وتشديد الهمزة "فعال" للمبالغة في كثرة السؤال، "ولأال، ورأأس" بفتح أولهما وتشديد ثانيهما على زنة "فعال" للنسب لبائع اللؤلؤ والرءوس. "وإن كانتا في موضع اللام أبدلت الثانية ياء مطلقًا"، سواء أكانت طرفًا أم غير طرف، "فتقول في" بناء "مثال: "قمطر" بكسر القاف وفتح الميم وسكون الطاء المهملة: "من قرأ، قرأي" بكسر القاف وفتح الراء وسكون الهمزة، والأصل: "قرأأ" بهمزتين، أولاهما ساكنة فالتقى في الطرف همزتان، فوجب إبدال الثانية ياء،   1 الموطأ 1/ 141. 2 انظر هذه القراءة في البحر المحيط 8/ 514، وشرح ابن الناظم ص599. 3 الوقف والابتداء 1/ 155. 4 في "ب": "محركة". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 705 وأن كانت أولاهما ساكنة، يمكن إدغامها بحيث تصير مع التي بعدها كالشيء الواحد، لأن الطرف محل التغيير، فلم يغتفر فيه ذلك، كما اغتفر في نحو: "سأل" قاله الشارح1. "و" تقول "في" بناء "مثال: سفرجل، منه" أي من "قرأ" "قرأيأ، بهمزتين، بينهما ياء مبدلة من همزة" وهي غير طرف، والأصل "قرأأء" بثلاث همزات، أبدلت الثانية ياء، لأنها في موضع اللام وصحت الأولى والثالثة، قاله المرادي2. "وإن كانتا متحركتين" وهو النوع الثالث "فإن كانتا في الطرف أو كانت الثانية مكسورة، أبدلت" الثانية في الصورتين "ياء مطلقًا"، سواء انفتح ما قبلها أم ضم أم انكسر، ولا يجوز إبدالها واوا، لأن الواو الأخيرة لو كانت أصلية، ووليت كسرة أو ضمة لقلبت ياء ثالثة، فصاعدًا، وكذلك تقلب رابعة فصاعدًا بعد فتحة، فلو أبدلت الهمزة الأخيرة واوًا؛ فيما نحن بصدده؛ لأبدلت بعد ذلك ياء فتعينت الياء، "وإن لم تكن" الهمزة الثانية "طرفًا؛ وكانت مضمومة؛ أبدلت واوًا مطلقًا"، سواء انضم ما قبلها؛ أو انفتح، أو انكسر، "وإن كانت" الثانية "مفتوحة؛ فإن انفتح ما قبلها، أو انضم؛ أبدلت واوًا" فيهما، "وإن انكسر" ما قبلها "أبدلت ياء". والحاصل: أن الهمزتين المتحركتين لا يخلو أن يكونا في الطرف أو لا. فالأول ثلاثة أنواع، لأن الهمزة الأولى إما مفتوحة، أو مكسورة، أو مضمومة. والثاني تسعة أنواع، قامت من ضرب ثلاثة أحوال الأولى في ثلاثة أحوال الثانية، فالمطرفة تبدل ياء في جميع أنواعها، وغير المتطرفة منها أربعة تبدل فيها ياء وهي المفتوحة بعد كسرة، والمكسورة بعد فتحة أو كسرة، أو ضمة، وخمسة تبدل فيها واوًا، وهي المفتوحة بعد فتحة أو ضمة، والمضمومة بعد فتحة أو كسرة أو ضمة. "أمثلة المتطرفة" بعد مفتوحة أو مكسورة أو مضمومة "أن تبني من: قرأ، مثل: جعفر، أو: زبرج، أو: برثن" فتقول: "قرأأ، وقرئئ"، و"قرؤؤ" بهمزتين، ثم تبدل الهمزة الثانية ياء، لأن الواو لا تقع طرفًا فيما زاد على الثلاثة. فيصير "قرأي" بفتح الأولى، و"قرئي" بكسرها و"قرؤي" بضمها، ثم إن كان قبل الياء فتحة؛ كما في المثال الأول؛ فإن الياء تقلب ألفًا لتحركها، وانفتاح ما قبلها، ويصير مقصورًا، وإن كان قبلها كسرة؛ كما في المثال الثاني؛ فإن الياء تحذف حركتها للاستثقال، وتعل إعلال "قاض".   1 شرح ابن الناظم ص599. 2 شرح المرادي 6/ 25. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 706 ويصير منقوصًا، وإن كان قبلها ضمة؛ كما في المثال الثالث؛ فإن الضمة تقلب كسرة، لتسلم الياء من القلب واوًا، وتعل إعلال "قاض" ويصير منقوصًا أيضًا. "وأمثلة المكسورة" بعد مفتوحة، أو مكسورة، أو مضمومة "أن تنبني من: أم" بفتح الهمزة وتشديد الميم، بمعنى: قصد "مثل: أصبع، بفتح الهمزة، أو كسرها، أو ضمها، والباء فيهن مكسورة، فتقول في الأول" وهو فتح الهمزة "أأمم، بهمزتين، مفتوحة فساكنة" على مثال "أصبع" بفتح الهمزة وكسر الباء "ثم تنقل حركة الميم الأولى" وهي الكسرة "إلى الهمزة الساكنة "قبلها، ليتمكن من إدغامه في الميم الثانية لاجتماع المثلين1، "ثم تبدل الهمزة" الثانية المنقولة إليها كسرة الميم "ياء"2، لما تقدم من أن الهمزة المكسورة بعد مفتوحة تقلب ياء. "وكذا تفعل في الباقي أيضًا"، فتقول في بناء مثل "إصبع" بكسر الهمزة والباء من "أم، إئمم" بهمزتين، مكسورة، فساكنة، فتنقل حركة الميم الأولى إلى الهمزة الساكنة قبلها. ليتوصل إلى إدغام المثلين، إذ اجتماعهما موجب للإدغام وكسر الباء من "أم: أؤمم" بهمزتين مضمومة فساكنة، ثم تنقل حركة الميم الأولى إلى الهمزة الساكنة قبلها توصلا إلى الإدغام، ثم تبدل الهمزة الثانية ياء, "وذلك" العمل "واجب". "وأما قراءة ابن عامر: والكوفيين" كعاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف والأعمش، " {أَئِمَّةً} " [التوبة: 12] جمع "إمام" بالتحقيق"3 من غير إبدال "فمما يوقف عنده، ولا يتجاوز"، والقياس: "أيمة" بقلب الهمزة ياء، فإن قلت: كان القياس قلب الثانية ألفًا لسكونها وانفتاح ما قبلها كـ"آنية"، جمع "إناء" قلت، لما وقع بعدها مثلان، وأرادوا الإدغام، نقلوا حركة الميم الأولى؛ وهي الكسرة؛ إلى الهمزة قبلها، وأدغموا الميم في الميم، فصار "أئمة" فقلبوا الهمزة الثانية ياء محضة. "وأمثلة المضمومة" بعد مفتوحة، أو مكسورة، أو مضمومة "أوب" بفتح الهمزة، وضم الواو، وتشديد الموحدة، "جمع: أب"، بفتح الهمزة، وتشديد الموحدة، "وهو المرعى. وأن يبنى من: أم" بفتح الهمزة وتشديد الميم "مثل: إصبع، بكسر الهمزة وضم الباء، أو" أن يبنى من "أم" مثل: أبلم" بضم الهمزة واللام، وبينهما باء ساكنة موحدة، هو سعف المقل، "فتقول: أوم، بهمزة مفتوحة أو مكسورة   1 في "ب": "المثيل". 2 سقط من "ب". 3 انظر الإتحاف ص341، والنشر 1/ 378-379، وشرح ابن الناظم ص601. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 707 أو مضمومة، وواو مضمومة"، فاستوفى الأقسام الثلاثة، فالصواب حذف قوله: مفتوحة، للاستغناء عنه بذكر "أوب"، وصار ذكر "أوب" زائدًا، "وأصل الأول"، وهو "أوب" "أأبب" بهمزتين مفتوحة فساكنة، وضم الباء الأولى "على وزن: أفلس، وأصل الثاني والثالث: إئمم، وأؤمم" بكسر الهمزة في الأول، وضمها في الثاني، "فنقلوا فيهن" حركة أول المثلين إلى الساكن قبلها، وهو الهمزة الثانية. "ثم أبدلوا الهمزة واوًا" لأنها تجانس حركتها، "وأدغموا أحد المثلين في الآخر" لاجتماعهما1. "ومثال المفتوحة بد مفتوحة: أوادم؛ جمع؛ آدم"، أصله "أأدم" بهمزتين مفتوحتين، بعدهما ألف، قلبت الهمزة الثانية واوا لما سيأتي. "ومثال المفتوحة بعد مضمومة1 "أويدم" تصغير: "آدم"، أصله "أأيدم بهمزتين مضمومة فمفتوحة، قلبت الثانية منهما واوا، لأن الهمزة الثانية؛ إذا كانت مفتوحة، ولم تكن طرفًا؛ تقلب واوًا، سواء كان ما قبلها مفتوحًا كما في تكسير "آدم"، أو مضمومًا كما في تصغيره، والتمثيل بجمع "آدم" وتصغيره مبني على أنه [عربي، واضطرب فيه كلام الزمخشري، فذهب في الكشاف إلى أنه] 2 أعجمي على وزن "فاعل" كـ"آزر"3. وذهب في المفصل إلى أنه عربي على وزن "أفعل"4. "ومثال المفتوحة بعد مكسورة أن تبني من "أم" مثالا على وزن "إصبع" بكسر الهمزة وفتح الباء"، فتقول: "إيم" بهمزة مكسورة وياء مفتوحة. والأصل "إئمم" بهمزتين مكسورة فساكنة، نقلت حركة الميم الأولى، وهي الفتحة، إلى الساكن قبلها توصلا إلى إدغام المثلين، ثم أبدلت الهمزة الثانية ياء1. "وإذا كانت الهمزة الأولى من" الهمزتين "المتحركتين همزة مضارعة" للمتكلم، متعديًا كان المضارع. أو لازمًا "نحو: أؤم" القوم، "و: أئن" من كذا، ["مضارعي: أممت" القوم، "وأننت" من كذا] 2، "جاز في" الهمزة "الثانية التحقيق تشبيهًا لهمزة المتكلم لدلالتها على معنى" زائد في كلمتها "بهمزة الاستفهام نحو: {أَأَنَذَرْتَهُمْ} [البقرة: 6] ، وذلك مطرد في خمسة أفعال، رواه أبو زيد في كتاب الهمزتين.   1 سقط من "ب". 2 سقط ما بين المعكوفين من "ب". 3 الكشاف 1/ 125. 4 المفصل ص363. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 708 فصل في إبدال الياء من أختيها الألف والواو ... فصل في إبدال من أختيها الألف والواو: "وأما إبدالها من الألف ففي مسألتين: إحداهما: أن ينكسر ما قبلها كقولك في" جمع "مصباح: مصابيح، وفي" جمع "مفتاح، مفاتيح، وكذلك تصغيرهما" كقولك في تصغير "مصباح: مصيبيح"، وفي تصغير "مفتاح: مفيتيح" فتقلب الألف في التكسير والتصغير ياء لانكسار ما قبلها. المسألة "الثانية: أن يقع قبلها ياء تصغير كقولك في" تصغير "غلام: غليم" لأن ما بعد ياء التصغير لا يكون إلا متحركًا1، والألف لا تقبل الحركة، وما قبل الألف لا يكون إلا متحركًا، وياء التصغير لا تكون إلا ساكنة، فوجب قلب الألف حرفًا يتحرك بعد ياء التصغير، ولا يمنع2 سكون ما قبله، فقلبت الألف3، لمناسبتها ما قبلها، ولأنها لو قلبت واوا لزم بعد ذلك قلبها ياء كما في "سيد". "وأما إبدالها"، أي الياء، "ومن الواو ففي عشر مسائل: إحداها: أن تقع بعد كسرة وهي إما طرف" سواء أكانت في فعل مبني للفاعل أو للمفعول، أو في اسم "كـ: رضي، وقوي" مبنيين للفاعل، "وعفي" مبنيًا للمفعول، "والغازي، والداعي" في اسم الفاعل3 قلبت الواو في هذه الأمثلة الخمسة ياء لوقوعها طرفًا بعد كسرة، وأصلها، "رضو"، لأنها من "الرضوان"، و"قوو" لأنه من "القوة"، و"عفو"، لأنه من "العفو" والغازو، والداعو" لأنهما من "الغزو، والدعوة". "أو" تقع الواو "قبل تاء التأنيث كـ: شجية"، اسم فاعلة من "الشجو"4 بالشين المعجمة والجيم، وهو الحزن، "وأكسية". جمع "كساء"، "وغازية"،   1 في "ط": "محركًا". 2 في "ط": "لا يمكن". 3 سقط من "ب". 4 في "ب": "الشجر". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 709 اسم فاعلة من "الغزو"، "وعريقية"، و"تريقية" "في تصغير: عرقوة"، و"ترقوة"، فقلبت الواو في الجميع ياء لوقوعها طرفًا بعد الكسرة، لأن تاء التأنيث في حكم الانفصال، ولم يفرقوا بين كون التاء بنيت الكلمة عليها، أم لا، وكان ينبغي في "عريقية" أن لا تقلب الواو ياء, لأن الكلمة قد بنيت على التاء بدليل أنه ليس لنا اسم معرب1، آخره واو. قبلها ضمة، فدل أن "عرقوة" بمنزلة "عنفوان". "وشذ: سواسوة" بالتصحيح، "في جمع: سواء " بفتح السين المهمة والمد بمعنى: مستو، يقال: الناس سواسوة في هذا الأمر، أي مستوون فيه، فكأنه جمع "مستو" بحذف الزائد، إلا أنه زيد فيه سين أخرى، وقالوا: "سواسية" على الأصل، ووقع الجوهري2 أنه جعل "سوا" كلمة، و"سية" كلمة أخرى، ووزن كلا منهما بوزن يخصها، والتحرير ما تقدم عليه قوله: [من الطويل] 954- سواسية سود الوجوه كأنهم ... ظرابي غربان بمجرودة النخل ووزنها "فعافلة" وفيه شذوذ من جهات: إحداها: تكرار الفاء في الجمع مع عدم تكرارها في الواحد، وهو نظير تكرار العين في التصغير في "عشيشية". الثانية: جمع فعال؛ على هذا الوزن؛ وإنما قياسه أسوية، كـ: قباء، وأقبية. الثالثة: أن قياس الفاء، إذا تكررت زائدة أن تكون العين مكررة معها أيضا كـ"مرمريس"، وإذا تكررت وحدها. فقياسها أن تكون أصلا نحو "قرقف، وسندس". وفي حواشي الصحاح لابن بري: "سواسية" جمع "سواء" على غير الواحد كـ"باطل، وإباطيل"، وكأنه جمع "سوساة"، ووزن "سوساة، فعللة" كـ"شوشاة"، لا "فعلاة" لندور باب "سلس"، ولا "فوعلة" لندور باب "كوكب"، ولا "فعفلة"، لأن الفاء لا تتكرر وحدها، فبطل حينئذ كون "سواسية فعالية، وفواعلة، وفعافلة"، وتعين "فعاللة" وهذا كلام حسن، نقله الموضح في الحواشي. "و" شذ "مقاتوة" بقاف وتاء مثناة فوق "بمعنى: خدام"، جمع "مقتو"، اسم فاعل من "القتو" وهو الخدمة، أصله "مقتوو"، قلبت الواو الثانية ياء لتطرفها   1 في "ب": "معروف". 2 الصحاح "سوا". 954- البيت للبعيث في لسان العرب 1/ 571 "ظرب" وتهذيب اللغة 14/ 377، والشعر والشعراء 1/ 497، والقافية في هذه المصادر "محل" مكان "النخل". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 710 بعد الكسرة، ثم أعل إعلال "قاض"، قال: [من الوافر] . 955- ............................... ... متى كنا لأهلك مقتوينا أي: خدامًا، وقال: [من المنسرح] . 956- إني امرؤ من بني جذيمة لا ... أحسن قتو الملوك والحفدا أي: خدمة الملوك، وكان حق الجمع "مقاتية" ولا ثالث لهما، قال في المحكم1، قال أبو علي، أخبرني أبو بكر عن أبي العباس أنه لم يسمع مثل "مقاتوة" إلا حرفًا واحدًا، أخبرني به أبو عبيدة، وهو "سواسوة" ومعناه سواء، انتهى. أو تقع الواو قبل ألف التأنيث المقصورة، كأن تبني من "الغزو" مثل "هندباء" فتقول: "غزوياء"، أو الممدودة، كأن تبني من "الغزو" مثل "أربعاء" فتقول": "أغزياء"، "أو قبل الألف والنون الزائدتين" المضارعتين لألفي2 التأنيث "كقولك في مثال: قطران"، بفتح القاف وكسر الطاء، "من: الغزو: غزيان" بقلب الواو ياء لتطرفها إثر كسرة لأن ألفي التأنيث وما ضارعها في حكم الانفصال. المسألة "الثانية" من إبدال الياء من الواو "أن تقع" الواو "عينًا لمصدر فعل3 أعلت فيه"، أي في الفعل، "ويكون قبلها كسرة، وبعدها ألف"، فهذه أربعة شروط "كـ: صيام، وقيام" من مصادر الثلاثي، "وانقياد، واعتياد" من مصادر المزيد، والأصل فيهن: "صوام, وقوام، انقواد، واعتواد"، فقلبت الواو فيهن ياء، لأنها   955- صدر البيت: تهددنا وأوعدنا رويدًا وهو لعمرو بن كلثوم في ديوانه ص79، وجمهرة اللغة ص408، وأساس البلاغة "قتو"، وخزانة الأدب 7/ 427-429، 8/ 80-81، وشرح شواهد الإيضاح ص292، ولسان العرب 1/ 356 "خصب" 15/ 169 "قتا"، 15/ 212 "قوا"، والمنصف 2/ 133، ونوادر أبي زيد ص188، وبلا نسبة في الارتشاف 1/ 269، والأشباه والنظائر 1/ 289؛ ولسان العرب 1/ 391، "ذنب". 956- البيت بلا نسبة في جمهرة اللغة ص408، والمخصص 3/ 141، والخصائص 2/ 104، 303، والمحتسب 2/ 25، وهو برواية "والخببا" مكان "والحفدا" في لسان العرب 1/ 342 "خبب"، 15/ 169 "قتا"، وتاج العروس "قتا"، وكتاب العين 5/ 198، ومقاييس اللغة 5/ 58، والمخصص 3/ 141، وديوان الأدب 4/ 71، وتهذيب اللغة 7/ 14، 9/ 253، وأساس البلاغة "قتو" والأشباه والنظائر 1/ 289، وخزانة الأدب 7/ 428. 1 المحكم 6/ 334 "قتو". 2 في "ب": "لألف". 3 في "ب": "الفعل الذي". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 711 لما أعلت في أفعالها بقلبها ألفًا، واستثقل بقاؤها في المصدر صحيحة بعد الكسرة، وقيل حرف يشبه الياء في المد، أعلت1 في المصدر بقلبها ياء حملا للمصدر على فعله في الإعلال، ليصير العمل في اللفظ من وجه واحد. "بخلاف نحو: سوار، وسواك" بكسر أولهما، اسمي جنس، فلا تقلب الواو، فيهما ياء "لانتفاء المصدرية، و" بخلاف "نحو: لاوذ لواذا، وجاور جوارًا" بالجيم2؛ فإن "لواذًا، وجوارًا"؛ وإن كانا مصدرين؛ لا تقلب الواو فيهما ياء "لصحة عين الفعل" فيهما، وهو "لاوذ، وجاور"، بخلاف: "راج رواجًا"، لعدم الكسرة قبلها. "و" بخلاف: ["حال حولا، وعاد المريض عودًا"، فإن "حولا، وعودًا؛ وإن كانا مصدرين، أعل فعلهما، وهو: "حال، وعاد" بقلب عينهما ألفًا، لا تقلب الواو فيهما ياء "لعدم الألف" بعدها، "وقل الإعلال فيه"، أي: فيما عدم الألف] 3، "نحو قوله تعالى: {جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ} [النساء: 5] , وقوله تعالى: {جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ} [المائدة: 97] في قراءة نافع وابن عامر في النساء4، وفي قراة ابن عامر في المائدة"5. وأصلهما "قومًا" قلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها، "وشذ التصحيح مع استيفاء الشروط في قولهم: نارت الظبية" تنور "نوارًا" بالنون والراء المهملة "بمعنى نفرت" والقياس: نيارًا، ولكنه جاء بالتصحيح، قال العجاج، وأنشده ابن جني6: [من الرجز] 957- يخلطن بالتأنس النوارا قال في شرح الكافية7: "ولم يسمع له نظير".   1 في "ب": "اعتلت". 2 سقط من "ب". 3 سقط ما بين المعكوفين من "ب". 4 وأيضًا ابن عباس. وقد قرءوا "قِيَمًا". انظر الإتحاف ص186، ومعاني القرآن للفراء 1/ 256. 5 وأيضًا عاصم والجحدري، انظر الإتحاف ص203، والنشر 2/ 256. 6 المنصف 1/ 303، 3/ 52, والمحتسب 1/ 182. 957- الرجز للعجاج في ديوانه 2/ 87، وإصلاح المنطق ص125، وتهذيب اللغة 15/ 235، ولسان العرب 5/ 244 "نور"، والمحتسب 1/ 182، والمنصف 1/ 303، 3/ 52. 7 شرح الكافية الشافية 4/ 2116. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 712 المسألة "الثالثة": "أن تقع" الواو "عينا لجمع صحيح اللام، وقبلها كسرة، وهي في الواحد إما معلة" أي: منقلبة "نحو: دار وديار وحيلة" بحاء مهملة وياء مثناة تحتانية، "وحيل وديمة وديم وقيمة وقيم وقامة وقيم" والأصل: "داور وحول ودوم وقوم"، ولكن لما أنكسر ما قبل الواو في الجميع، وكانت في المفرد معلة بقلبها ألفًا في الأول والأخير، وياء فيما بينهما، ضعفت، فتسلطت الكسرة عليها واستفدنا من تكثير الأمثلة أنه إذا كانت الواو معلة في الواحد لا يشترط وقوع الألف بعدها كما في "ديار" خلافًا للمرادي1، وسيأتي إيضاحه. "وشذ: حاجة، وحوج"، والقياس: "حيج"، لأن قبلها كسرة، والواو أعلت في الواحد، "وإما شبيهة بالمعلة، وهي الساكنة، وشرط القلب في هذه أن تكون بعدها في الجمع ألف كـ: سواط وسياط، وحوض وحياض، وروض ورياض"، والأصل فيها2: "سواط، وحواض، ورواض"، ولكن لما انكسر ما قبل الواو في الجمع، وكانت الواو في الواحد ساكنة، ضعفت، فتسلطت الكسرة عليها، وقوى تسليطها وجود الألف، "فإن فقدت" الألف "صححت الواو نحو: كوز وكوزة، وعود، بفتح أوله" وهو بالعين المهملة، "للمسن من الإبل"، وهو الذي جاوز في السن البازل هو الذي له سبعين سنين، "وعودة" لأنه لما عدمت الألف قل عمل اللسان، فخف3 النطق بالواو بعد الكسرة فصححت4، ولم يجز إعلالها، لأنه انضم إلى عدم الإعلال تحصين الواو ببعدها من الطرف بسبب هاء التأنيث. "وشذ قولهم" في جمع "ثور": "ثيرة" بإبدال الواو ياء، والقياس: "ثورة" بالتصحيح، وقيل: الأصل5 "ثورة" بسكون الواو، فأعل بقلب الواو ياء، ثم فتحت الياء، وزعم المبرد أنه مقصور من "فعالة" والأصل، "ثيارة"6 فلذا أعل، ثم قصر بعد ذلك, نقله ابن مالك عنه7، والمعروف عنه إنما قال: "ثيرة", ليكون القلب دليلا   1 شرح المرادي 6/ 32. 2 سقط من "ب". 3 في "ب": "فحفف". 4 في "ب": "فصحت". 5 في "ب": "الأول". 6 المقتضب 1/ 130. 7 شرح الكافية الشافية 4/ 2114. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 713 على أنه جمع "ثور" [من الحيوان، لا جمع "ثور" من] 1 الأقط، والمخصص أنهم لما قالوا في جمع "ثور" من الحيوان: "ثيران" بقلب الواو ياء لسكونها، وانكسار ما قبلها حملوا "ثيرة" في جمعه عليه، وليس لـ"ثورة" من الأقط ما يحمل جمعه في القلب عليه. قاله الجاربردي2. "وتصحيح الواو إن تحركت في الواحد نحو: طويل، وطوال، وشذ" قياسًا واسعمالا قوله: [من الطويل] 958- تبين لي أن القماءة ذلة ... وأن أعزاء الرجال طيالها بإبدال الواو ياء، والقياس: "طوالها" كما رواه القالي. وفي شرح الكافية3: وأما الطيال جمع طويل فيمكن أن يجعل من باب جواد وجياد كأنه جمع طائل من طاله إذا فاقه في الطول. انتهى. والقماءة بالمد: القصر. "قيل: ومنه" أي من شذوذ إعلال الواو المتحركة: " {الصَّافِنَاتُ} " [ص: 31] جمع "صافنة" وهي من الخيل التي تقوم على طرف سنبك يد أو رجل، وهي من الصفات المحمودة في الخيل، لا تكاد تكون إلا في العرب الخلص، " {الْجِيَادُ} " [ص: 31] جمع "جواد"، وهو الذي يسرع في جريه، وقيل: الذي يجوز بالركض، وصفها بالصفون والجودة ليجمع لها بين الوصفين المحمودين، واقفة وجارية بمعنى: إذا وقفت كانت ساكنة مطمئنة في مواقفها، وإذا جرت كانت سراعًا خفافًا في جريها، وكان القياس: "الجواد" بالتصحيح، لأن الواو محركة في الواحد. "وقيل": "الجياد" في الآية ليس بشاذ، وإنما هو" جمع: جيد" بتشديد الياء، "لا" جمع "جواد. والحاصل: أن الواو تصحح إن تحركت في الواحد كـ"طويل، وطوال"، "أو أعلت لامه" أي الواحد بالياء أو بالواو.   1 ما بين المعكوفين إضافة من "ب"، "ط". 2 شرح الشافية 2/ 452. 958- البيت لأنيف بن زبان في الحماسة البصرية 1/ 35, وشرح شواهد الشافية ص385، ولأثال بن عبدة بن الطبيب في خزانة الأدب 9/ 488، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 386، وشرح الأشموني 3/ 844، وشرح المفصل 5/ 45, 10/ 88، وعيون الأخبار 4/ 54، واللسان 11/ 410 "طول"، والمحتسب 1/ 184, ومجالس ثعلب 2/ 412، والمقاصد النحوية 4/ 88، والممتع في التصريف 2/ 497، والمنصف 1/ 342، وتاج العروس "طول". 3 شرح الكافية الشافية 4/ 2116. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 714 فالأول "كجمع: ريان" نقيض عطشان "فعلان" من "الري"، أصله: "رويان" اجتمع فيه الواو والياء، وسبقت إحداهما بالسكون، قلبت الواو ياء، وأدغمت الياء في الياء. "و" الثاني كجمع "جو" بفتح الجيم "وتشديد الواو"، وهو ما بين السماء والأرض، واسم بلدة باليمامة، "فيقال" في جمعهما: "رواء، وجواء" كـ"رجال" "بتصحيح العين"، وهي الواو، والأصل: "رواي، وجواو"، أبدلت الياء والواو همزة لتطرفهما إثر ألف زائدة، ولا يجوز مع ذلك إعلال عينهما، "لئلا يتوالى إعلالان"، إعلال العين بإبدالها ياء للكسرة قبلها، وإعلال اللام بإبدالها1 همزة لوقوعها طرفًا بعد ألف زائدة نحو: "كساء، ورداء"، فاقتصر على إعلال اللام، [لأنه محل التغيير، وكذلك ما أشبههما مما اعتلت فيه اللام] 2 بإبدالها همزة، وصححت فيه العين. "وهذا الموضع"؛ وهو إبدال الياء من الواو إذا وقعت عينًا إلى آخره؛ "ليس محررًا في الخلاصة، ولا في غيرها من كتب الناظم3، فتأمله"، بل كلامه في الخلاصة في دعوى القياس، وفي نقل السماع يخالفه كلامه في التسهيل4. أما في1 دعوى القياس فإن اعتماده هنا على التصحيح قياسًا، لأنه جعله5 الغالب في كلام العرب، وعادته البناء على الغالب، والقياس عليه، فهو قد ارتضى هنا فيما كان على "فعل" من المصادر المعتلة أن لا يغير، ولا تقلب واواه، وفي التسهيل على خلاف ذلك، لأنه قال4: تبدل الياء بعد كسرة من واو، هي عين مصدر الفعل معتل العين، ولم يقل، قبل ألف كما قال ذلك في الجمع، وأفرده بذلك دون المصدر فاقتضى أن "فعلا" تقلب واوه ياء في القياس، لأنه لم يستثنه. وأما في نقل السماع فإنه زعم هنا أن الغالب في كلام العرب تصحيح "فعل" والنادر هو الإعلال، حيث قال: 955- .......................... والفعل ... منه صحيح غالبًا نحو الحول وجعل في التسهيل4 التصحيح قليلا، والغالب الإعلال، حيث قال: قد يصحح ما حقه الإعلال من "فعل" مصدرًا أو جمعًا، فأتى بـ"قد" المشعرة بالتقليل على   1 سقط من "ب". 2 سقط ما بينهما من "ب". 3 في "ب": "النظم". 4 التسهيل ص304. 5 في "ب": "جعل". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 715 عادته إذا أراد تقليل، وقال في شرح الكافية1، ونبه بتصحيح ما وزنه "فعل" كـ"الحول"، على أن [إعلال] 2 المصدر المذكور مشروط بوجود الألف فيه، حتى يكون على "فعال"، انتهى. وقد علمت أن الإعلال المذكور يكون في غير "فعال" نحو: "انقاد انقيادا"، والأصل: "انقوادًا". وأطلق "فعالا"، وقد علم أنه إذا كان معتل اللام صحح، نحو: "رواء، وحواء". المسألة "الرابعة: أن تقع" الواو "طرفًا رابعة فصاعدًا"، لأن ما هي فيه إذ ذاك لا يعدم نظيرًا يستحق الإعلال، فيحمل عليه هو، قاله الشارح3. وسواء كانت في فعل، أو اسم "تقول" في الفعل: "عطوت" بمعنى: أخذت، "وزكوت" بمعنى: نميت، بإقرار الواو على صورتها، لأنها ثالثة، "فإذا جئت بالهمزة، أو التضعيف قلت: أعطيت، وزكيت" بإبدال الواو ياء، لأنها صارت رابعة، "وتقول في اسم المفعول" من "أعطيت، وزكيت"، إذا اتصل به علامة تثنية، "معطيان، ومزكيان" بإبدال الواو ياء، وإنما أبدلت في الفعل الماضي المزيد، واسم مفعوله ياء، وإن لم تكن بعد كسرة، لأنهم "حملوا الماضي"، وهو "أعطيت، وزكيت" "على المضارع"، وهو "يعطي ويزكي"، "و" حملوا "اسم المفعول"، وهو "معطيان ومزكيان" "على اسم الفاعل"، وهو "معطيان ومزكيان" بكسر الطاء والكاف، "فإن كلا منهما"، أي من المضارع واسم الفاعل. "قبل آخره كسرة"، وهم يحملون الفرع على أصله كما يحملون الأصل على فرعه. "وسأل سيبويه" شيخه "الخليل عن وجه إعلال نحو4: تغازينا، وتداعينا"، والأصل: "تغازونا، وتداعونا"، فأبدلت الواو ياء "مع أن المضارع"، وهو "يتغازي، ويتداعى"، "لا كسر قبل آخره"، حتى يحمل الماضي عليه "فأجاب" الخليل عن سؤال سيبويه4 "بأن الإعلال"، وهو قلب الواو ياء "ثبت" في "تغازي" وتداعي"، "قبل مجيء التاء في أوله". "وهو" توجيه حسن وحاصله أنهم أعلوا5: "غازينا وداعينا، حملا على:   1 شرح الكافية الشافية 4/ 2113. 2 إضافة من شرح الكافية الشافية 4/ 2113. 3 شرح ابن الناظم ص603. 4 الكتاب 4/ 393. 5 في "ب": "أعملوا". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 716 يغازي، ويداعي" بكسر ما قبل آخرهما، قبل مجيء التاء. "ثم استصحب" الإعلال "معها"، أي مع التاء كاستصحابه مع هاء التأنيث نحو: "المعطاة"1. المسألة "الخامسة: أن تلي" الواو "كسرة، وهي"، أي الواو، "ساكنة مفردة" عن مثلها "نحو: ميزان"، أصله: "موزان"، لأنه من الوزن"، "وميقات" أصله: "موقات"، لأنه من "الوقت"، قلبت الواو فيهما ياء لسكونها وانكسار ما قبلها "بخلاف نحو: صوان"، وهو وعاء الشيء، "و: سوار"، لأن الواو فيهما متحركة لا ساكنة، ونحو: "اجلواذ" بالجيم والذال المعجمة، وهو دوام السير مع السرعة، "واعلواط"، بالعين والطاء المهملتين، وهو التعلق بالعنق، يقال: اعلوط بعيره إذا تعلق بعنقه وعلاه، لأن الواو فيهما مشددة لا مفردة. "اجلياذ" شاذ لا يقاس عليه. قاله في التسهيل2. المسألة "السادسة: أن تكون" الواو "لاما لـ"فعلى" بالضم" حال كونها "صفة، نحو: {إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا} [الصافات: 6] ، وقولك: للمتقين الدرجة العليا"، والأصل: "الدنوى، والعلوى"، لأنهما من "الدنو، والعلو" قلبت الواو فيهما ياء لاستثقال الواو والضمة وعلامة التأنيث في الصفة، فخففت لامها بقلبها ياء، والدليل على صحة كونها صفة؛ جريانها على موصوفها كما مثل، هذا هو الأصل، واستعمالهم لها غير جارية على موصوف مزال عن الأصل، ومعامل معاملته. "وأما قول الحجازيين": المسافة "القصوى", بالتصحيح "فشاذ قياسًا3، فصيح استعمالا، نبه به على الأصل"، وهو الواو، "كما" نبه على الأصل "في" الفعل نحو: "استحوذ، و" في الاسم نحو: "القود" بالتصحيح فيهما، والقياس فيهما: "استحاذ، والقاد" بالإعلال، ولكنه ترك تنبيها على الأصل، وبنو تميم يقولون: "القصيا"، بالإعلال على القياس، "فإن كانت: فعلى" بالضم" اسمًا" أي4: غير صفة "لم تغير" لامها4 بإبدالها ياء، بل تقر الواو على أصلها فرقا بين الاسم والصفة، ولم يعكسوا، لأن الاسم أخف5 من الصفة "كقوله"، وهو ذو الرمة: [من الطويل]   1 في "ب": "المعطاة". 2 التسهيل ص300. 3 انظر الارتشاف 1/ 134، وشرح الكافية الشافية 4/ 2122. 4 سقط من "ب". 5 في "ب": "أخص". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 717 959- أدارًا بحزوى هجت للعين غبرة ... فماء الهوى يرفض أو يترقرق بإقرار الواو على حالها في "حزوى" بحاء مهملة مضمومة، وزاي ساكنة: اسم موضع، و"دارًا" منادى بالهمزة، وحقه الضم، لأنه نكرة مقصودة، ولكنه، لما وصف بالجار والمجرور بعده1؛ سوغ نصبه، لأن النكرة المقصودة إذا وصفت ترجح نصبها على ضمها، وفي الحديث: "يا عظيمًا يرجى لكل عظيم"، و"العبرة" بفتح العين: الدمع، و"ماء الهوى" دمعه2، ولكونه يبعث عليه، أضيف إليه و"يرفض" يسيل بعضه في إثر بعض، و"يترقرق" يبقى في العين متحيرًا يجيء ويذهب. وما ذكره الموضح من أن لام "فعلى"؛ إذا كانت واوا؛ تبدل ياء في الصفة، وتسلم في الاسم، تبع فيه الناظم. وقال المرادي3: أنه مخالف لقول أهل التصريف؛ فإنهم يعكسون، فيبدلونها في الاسم دون الصفة، ويجعلون "حزوى" شاذا. قال الناظم في بعض كتبه، وما قلته مؤيد بالدليل، وموافق لقول أئمة اللغة. حكى الأزهري4 عن الفراء، وعن ابن السكيت أنهما قال: ما كان من النعوت مثل "الدنيا، والعليا" فإنه بالياء، فإنهم يستثقلون الواو مع الضمة أوله، وليس فيه اختلاف، إلا أن أهل الحجاز أظهروا الواو في "القصوى" وبنو تميم قالوا: "القصيا" انتهى. المسألة "السابعة: أن تلتقي هي"، أي الواو، و"الياء" ويجتمعان5 "في كلمة" واحدة، "والسابق منهما ساكن متأصل ذاتا وسكون" بالنصب على التمييز، فإذا اجتمعت هذه الشروط، وجب قلب الواو ياء، تقدمت الواو، أو تأخرت، لأنها أثقل من الياء تحصيلا للتخفيف ما أمكن، "ويجب حينئذ"، أي حين إذا قلبت الواو ياء، "إدغام الياء" المنقلبة عن الواو "في الياء" السالمة لاجتماع المثلين.   956- البيت لذي الرمة في ديوانه ص456، وخزانة الأدب 2/ 190، وشرح أبيات سيبويه 1/ 488، والكتاب 2/ 199، والمقاصد النحوية 4/ 236، 579، وبلا نسبة في الارتشاف 3/ 121، وأوضح المسالك 4/ 388، وشرح الأشموني 2/ 445، والمقتضب 4/ 303. 1 سقط من "ب". 2 في "ب": "دفقه". 3 شرح المرادي 6/ 45-46. 4 تهذيب اللغة 9/ 219. 5 في "ب": "تجمعان". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 718 "مثال ذلك فيما تقدمت فيه الياء" على الواو: "سيد، وميت، أصلهما: سيود، وميوت"، لأنهما من "ساد، يسود" اتفاقًا، و"مات، يموت" على إحدى اللغتين، ووزنهما عند المحققين من أهل البصرة، "فيعل" بكسر العين1، وذهب البغداديون إلى أنه "فيعل" بفتح العين كـ"ضيغم، وصيرف" نقل إلى "فيعل" بكسر العين، قالوا: لأنا لم نر في الصحيح ما هو على "فيعل" بالكسر، وهذا ضعيف، لأن المعتل قد يأتي فيه ما لا يأتي في الصحيح، فإنه نوع على انفراده، فيجوز أن يكون هذا بناء مختصًا بالمعتل كاختصاص جمع "فاعل" منه بـ"فعلة"، كـ"قضاة، ورماة"، ولو كان "سيد: فيعلا"، بالفتح لقالوا: "سيد" بالفتح. "ومثاله فيما تقدمت فيه الواو" على الياء "طي، ولي" بالتشديد "مصدرًا: طويت ولويت، وأصلهما، طوي ولوي"، بفتح أولهما وسكون ثانيهما، قلبت، الواو منهما2 ياء وأدغمت في الياء. "ويجب التصحيح" في الواو "إن كانا"، أي الياء والواو، "من كلمتين، نحو: يدعو ياسر"3 بتقديم الواو على الياء، "و: يرمي واعد"، بتقديم الياء على الواو، "أو كان السابق منهما"، أي من الواو والياء، "متحركًا، نحو: طويل". بتحريك الواو بالكسر، "و: غيور"، بتحريك الياء بالضم، "أو" كان السابق "عارض الذات" جوازًا، وهو ثلاثة أنواع: المبدل عن ألف نحو: "سوير"، والمبدل عن ياء كما إذا بنيت من "البيع" موازن "بيطر"، قلت: "بيع" ثم بنيته لما لم يسم فاعله، فقلت: "بويع"، والمبدل عن همزة "نحو: روية"، بضم الراء وفتح الياء المثناة تحت مخفف4 "رؤية" بالهمزة فجميع ذلك لا إبدال فيه، ولا إدغام لعروض الحرف الأول بخلاف "أويم"، مخفف "أأيم"، وهو مثال "أبلم"، من "الأيمة"، أبدلت الهمزة الثانية واوًا لانضمام التي قبلها، فصار "أويم"، وهذا الإبدال واجب، فقلبت الواو ياء، وأدغمت في الياء، فصار "أيم"، وهذا الإبدال [والإدغام واجب، لأن الواو عارضة الذات وجوبًا، إذ أصلها الهمزة، فإن العروض الذي يحمي عن الإبدال، إنما] 5 هو   1 انظر الإنصاف 2/ 896، المسألة رقم 115. 2 سقط من "ب". 3 في "ب": "بالشر". 4 في "ب": "مخففة". 5 سقط ما بين المعكوفين من "ب". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 719 المعروض الجائز، لا الواجب، "أو" كان السابق منهما "عارض السكون نحو: قوي"، بسكون الواو، "فإن أصله الكسر"، لأنه فعل ماض، "ثم إنه سكن للتخفيف، كما يقال في: علم"، بكسر اللام: "علم" بسكونها، وأجاز بعضهم: "قي" بالإدغام بعد القلب. "وشذ عما ذكرنا ثلاثة أنواع: نوع أعل ولم يستوف الشروط كقراءة بعضهم: "إن كنتم للرُّيَّا تعبرون" [يوسف: 43] ، بالإبدال والإدغام"1 مع أن الواو عارضة الذات2، لأنها مخففة من الهمزة سمع الكسائي هذه القراءة3، وحكى ذلك، وقال ابن مالك في شرح الكافية4: وحكى بعضهم اطراده على لغة. "ونوع صحح مع استيفائها"، أي الشروط، "نحو: ضيون" بفتح الضاد المعجمة وسكون الياء، وهو السنور الذكر، وإنما لم يدغم لأنه اسم موضوع، وليس على وجه الفعل، قاله الجوهري5، "وأيوم" بفتح الهمزة وسكون الياء على زنة "أفعل"، لأنهم يقولون؛ إذا كانوا في يوم حصل لهم فيه شدة: يوم أيوم، أي كثير الشدة "وعوى" بفتح الواو "الكلب عوية": نبح، "ورجاء"، بالجيم والمد، "ابن حيوة"، بفتح الحاء وسكون الياء، قال في الصحاح6: وإنما لم يدغم "حيوة" لأنه اسم رجل ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث. "ونوع أبدل فيه لياء واوًا، وأدغمت الواو فيها" على عكس القاعدة "نحو": عوى الكلب "عوة"، والقياس: "عية"، و"نهو" بضم النون والهاء وتشديد الواو، "عن المنكر" والقياس: "نهي" لأن أصله "نهوي"، لأنه "فعول" من "النهي". "واطرد في تصغير ما يكسر على: مفاعل" من محرك الواو "نحو: جدول"، وجداول "وأسود" اسمًا "للحية" وأساود "الإعلال والتصحيح". فاعل   1 الرسم المصحفي: {لِلرُّؤْيَا} والقراءة المستشهد بها قرأها أبو عمرو والأزرق وأبو جعفر، انظر الإتحاف ص265، وهي من شواهد شرح ابن الناظم ص607. 2 سقط من "ب". 3 الارتشاف 1/ 142. 3 شرح الكافية الشافية 4/ 2124. 5 الصحاح "ضون". 6 الصحاح "حيا". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 720 "اطرد" فتقول في تصغير "جدول، وأسود: جديول، وأسيود"، بالتصحيح، و"جديل، وأسيد"، بالإعلال، أما الإعلال؛ وهو الأرجح؛ فهو جار مجرى "سيد، وميت" على القياس، وما التصحيح فلأنك أجريت هذه الياء مجرى ألف "جداول، وأساود" لأنه كل واحد من ياء التصغير وألف التكسير جيء به المعنى، فلو كان "أسود" صفة تعين فيه الإعلال، لأنه لم يجمع على "أساود" قاله الشارح1. واحترزنا بقولنا، من محرك الواو من نحو: "عجوز، وعمود" فإنهما؛ وإن كسرا على "مفاعل"؛ فالإعلال واجب في مصغرهما، تقول2: "عجيز، وعميد"، ولا يجوز الصتحيح، والفرق قوة المحرك وضعف الساكن، وعدم الاعتداد بحركة التصغير لعروضها. قاله ابن إياز. المسألة "الثامنة: أن تكون" الواو "لام مفعول" الفعل "الذي ماضيه على "فعل" بكسر العين"، سواء في ذلك المتعدي واللازم. فالأول "نحو: رضيه؛ فهو: مرضي، و" الثاني نحو: "قوي على زيد، فهو: مقوي"، والأصل فيهما: "مرضوء، ومقوو" بواوين، بعد العين، أولهما واو مفعول، وثانيهما لامه، قلبت لامه ياء حملا للاسم على الفعل، فإنه إذ ذاك واجب الإعلال، إذا الحرف الذي قبل الآخر مكسور، فصارا "مرضويا، ومقوويا" فاجتمع فيهما الواو والياء، وسبقت إحداهما بالسكون، فقلبت الواو ياء، وأدغمت الياء في الياء، وأبدلت الضمة كسرة لتسلم الياء من القلب واوًا، "وشذت قراءة بعضهم": "رَاضِيَةً "مرضوة"" [الفجر: 28] بالتصحيح، وجعله في التسهيل3 مرجوحًا. "فإن كانت عين الفعل مفتوحة وجب التصحيح نحو: مغزو، ومدعو" والأصل: "مغزوو، ومدعوو", بواوين، واوا "مفعول" ولام الكلمة، فأدغمت الأولى في الثانية لاجتماع المثلين، "والإعلال شاذ كقوله" وهو عبد يغوث الحارثي: [من الطويل] 960- ولقد علمت عرسي مليكة إنني ... أنا الليث معديا علي وعاديا   1 شرح ابن الناظم ص609. 2 سقط من "ب". 3 التسهيل ص309. 960- البيت لعبد يغوث بن وقاص الحارثي في خزانة الأدب 2/ 101، والاقتضاب ص778، 791، وسر صناعة الإعراب 2/ 691، وشرح أبيات سيبويه 2/ 432، وشرح اختيارت المفصل ص771، = الجزء: 2 ¦ الصفحة: 721 فأعل "معديا"، وأصله: "معدوو"، وعرس الرجل زوجه، و"مليكة" بالتصغير: اسمها، وأنشده المازني "معدوا" بالتصحيح، وأنشده غيره بالإغلال، وإلى جوازهما أشار الناظم بقوله: 983- وصحح المفعول من نحو عدا ... وأعلل إن لم تتحر الأجودا فالتصحيح حملا على فعل الفاعل، والإعلال، حملا على فعل المفعول، والتصحيح أولى، لأن الحمل على فعل الفاعل أولى. المسألة "التاسعة: أن تكون" الواو "لام: فعول" بضم الفاء "جمعًا، نحو: عصا وعصي، وقفى وقفي، ودلو ودلي"، والأصل: "عصوو، وقفوو، ودلوو"، فاستثقلوا اجتماع واوين في الجمع، فقلبوا الواو الأخيرة ياء، ثم أعلت الأولى بالقلب ياء، والإدغام، وكسر ما قبل الياء لتصحح، "والتصحيح شاذ، قالوا: أبو وأخو" جمعين لـ"أب, وأخ" حكاهما ابن الأعرابي، "ونحو" بحاء مهملة، "جمعا لـ: نحو, وهو الجهة". حكى سيبويه1 عن بعض الأعراب، إنكم لتنظرون في نحو كثيرة، "ونجو؛ بالجيم؛ جمعًا لـ: نجو؛ وهو السحاب الذي هراق ماءه، وبهو"، فتح الموحدة وسكون الهاء، "وهو المصدر، و" جمعه "بهو" حكاه أبو حاتم عن أبي زيد، والجموع المذكورة، مضمومة الأول والثاني، والأصل فيها: "أبوو، وأخوو، ونحوو، ونجوو، وبهوو"، بواوين، أدغمت أولاهما في الثانية. "فإن كان: فعول؛ مفردًا وجب التصحيح، نحو: {وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا} [الفرقان: 21] ، و {لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ} [القصص: 83] ، وتقول: نما المال نموا"، إذا زاد، "وسما زيد سموا" إذا علا، وجميع هذه الأمثلة مصادر مفردة مضمومة الأول والثاني، والأصل فيها: "عتوو، وعلوو، ونموو، وسموو"، بواوين أدغمت أولاهما في الثانية.   = والمفضليات ص71، وشرح الكاتب للجواليقي ص395، والكتاب 4/ 385، ولسان العرب 5/ 219، "نظر" 15/ 34 "عدا"، والمقاصد النحوية 4/ 589، وبلا نسبة في أدب الكاتب 569، وأمالي ابن الحاجب ص331، وأوضح المسالك 4/ 390، وشرح الأشموني 3/ 867، وشرح شافية ابن الحاجب ص172، وشرح شواهد الشافية ص400، وشرح المرادي 6/ 71، وشرح المفصل 5/ 36، 10/ 22، 110، واللسان 6/ 115، "شمس" 14/ 148 "جفا" والمحتسب 2/ 207، والمقرب 2/ 187، والممتع في التصريف 2/ 550، والمنصف 1/ 118, 2/ 122. 1 الكتاب 4/ 384. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 722 "وقد يعل" بقلب الواوم الأخيرة ياء، وإعلال الأولى كإعلال "طي"، "نحو: عتا الشيخ عتيا" إذا تكبر، "وقسا قلبه قسيا" والذي في النظم يقتضي التسوية بين الجمع والمفرد، فإنه قال: 984- كذاك ذا وجهين جا الفعول من ... ذي الواو لام جمع أو فرد يعن إلا أن الإعلال في الجمع أولى لثقله، والتصحيح في المفرد أولى لخفته. المسألة "العاشرة: أن تكون" الواو "عينًا لـ: فعل" بضم الفاء وتشديد العين، حال كونه" جمعًا صحيح اللام كـ: صيم" جمع "صائم"، و"نيم" جمع "نائم"، وعينهما واو، وأصلهما: "صوم، ونوم" فاجتمع في الجمع واوان وضمة، فكأنه اجتمع ثلاث واوات مع ثقل الجمع، فعدل إلى التخفيف بقلب الواوين ياءين؛ لأن الياءين أخف من الواوين، "والأكثر فيه التصحيح" على الأصل، "تقول: صوم، ونوم" والكثير الشائع الإعلال وإليه يشير قول الناظم: 985- وشاع نحو نيم في نوم ... ............................. "ويجب" التصحيح "إن اعتلت اللام لئلا يتوالى إعلالان"، إعلال العين، وإعلال اللام، "وذلك كـ: شوي، وغوي" بإعجام أولهما، وضمه، وتشديد ثانيهما، "جمع: شاو، وغاو" اسمي فاعل من "شوى يشوي، وغوى يغوي"، والأفصح في الماضي فتح الواو لا كسرها، وفي المضارع بالعكس، والأصل في الجمع: "شوي، وغوي" فأعلت اللام بقلبها ألفًا لتحركها، وانفتاح ما قبلها، ثم بحذفها لالتقاء الساكنين، فلو أعلت العين بقلبها ياء، لتوالى على الكلمة إعلالان، وذلك مستكره عندهم. "أو فصلت من العين" عطف على قوله: اعتلت، أي: ويجب التصحيح إن فصلت اللام من العين بألف "نحو: صوام، ونوام، لبعدها" أي العين، "حينئذ" أي حين إذ فصلت بألف "من الطرف، وشذ قوله"، وهو أبو النجم الكلابي: [من الطويل] 961- ألا طرقتنا مية ابنة منذر ... فما أرق النيام إلا كلامها والقياس: النوام بالتصحيح، وإليه أشار الناظم بقوله: 985- ............................. ... ونحو نيام شذوذه نمي أي: روي.   961- البيت لأبي النجم الكلابي في المقاصد النحوية 4/ 578، وهو لذي الرمة في ديوانه 1003، وخزانة الأدب 3/ 419، 420، وشرح شواهد الشافية ص381، وشرح المفصل 10/ 93، والمنصف 2/ 5، 49، وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 391، وشرح ابن الناظم ص641، وشرح الأشموني 3/ 870، واللسان 12/ 596 "نوم" والممتع في التصريف 2/ 498، ويروى "سلامها" مكان "كلامها". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 723 فصل في إبدال الواوين من أختيها الألف والياء : "أما إبدالها من الألف ففي مسألة واحدة، وهي أن ينضم ما قبلها" سواء أكانت في فعل أم في اسم، فالأول "نحو: بويع، و: ضورب" مبنيين للمفعول وأصلهما قبل البناء للمفعول: "بايع، وضارب" فلما بنيتهما للمفعول ضممت أولهما، فتعذر1 بقاء الألف بعد ضمة، لأن الألف لا يكون ما قبلها إلا مفتوحًا، فقلبت الألف واوا لمجانسة حركة ما قبلها، "وفي التنزيل: {مَا وُورِيَ عَنْهُمَا} " [الأعراف: 20] نحو2: "ضويرب"، مصغر "ضارب". إن لم تكن الألف ثانية منقلبة عن ياء نحو "ناب"، وهو السن، فإنها حنيئذ2 ترجع إلى أصلها، وهو الياء، فتقول: "نييب". "وأما إبدالها"، أي الواو، "من الياء ففي أربع مسائل: إحداها: أن تكون" الياء "ساكنة مفردة" عن مثلها "في غير جمع"، سواء كانت في اسم. أم فعل، فالأول "نحو: موقن، و: موسر" أصلهما "ميقن، وميسر"، اسمي فاعل من "اليقين، واليسر" أبدلت الياء فيهما واوًا لوقوعها بعد ضمة، والثاني نحو: "يوقن، ويوسر". "ويجب سلامتها" من الإبدال، "إن تحركت"، لأنها تعاصت بالحركة عن الإبدال "نحو: هيام"3 [بضم الهاء، وتخفيف الياء] 4. قال الجوهري5، هو أشد العطش، والهيام كالجنون من العشق، والهيام داء يأخذ الإبل، فتهيم في الأرض، ولا ترعى.   1 في "ب": "فتقدر". 2 سقط من "ب". 3 قال ابن الناظم في شرحه ص604، "ولو تحركت الياء قويت على الضمة ولم تعل غالبًا نحو: هيام". وانظر شرح ابن عقيل 2/ 561. 4 إضافة من "ب"، "ط". 5 الصحاح "هيم". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 724 "أو أدغمت" الياء في مثلها "كـ: حيض" جمع: حائض، فلا تبدل الياء فيه واوًا لأن المدغم والمدغم فيه بمنزلة حرف واحد، يرتفع اللسان بهما دفعة واحدة، ولذلك يجوز الجمع بين ساكنين، إذا كان الأول حرف لين والثاني مدغمًا كـ"دابة"، لأن لين الحرف الأول وامتداده كالحركة فيه، والمدغم كالمتحرك، وإذا كان كذلك لم تتسلط الحركة على قلبها واوًا، وهذا المثال خارج أيضا بقوله: في غير جمع، لأن "حيضًا"1 جمع، والمثال الجيد أن تبنى من "البيع" مثل "حياض"، فتقول "بياع"، ولا تعل لما ذكرنا. "أو كانت" الياء المفردة "في جمع، ويجب في هذه" المسألة "قلب الضمة" الواقعة قبل الياء المفردة في الجمع "كسرة" لثقل الضمة والياء والجمع، وذلك "كـ: هيم" جمع "أهيم، وهيماء"، "وبيض"، جمع "أبيض، وبيضاء" "في جمع أفعل، وفعلاء" وغيرهما كـ"عيط" جمع "عائط" على حد قولهم: "بازل، وبزل"، و"العائط" بمهملتين: [الناقة] 2 التي لا تحمل، ويجمع على "عيط، وعوط". المسألة "الثانية: أن تقع" الياء "بعد ضمة، وهي إما لام فعل كـ: نهو الرجل، وقضو" بفتح أولهما، وضم ثانيهما، إذا تعجبت من عقله وقضائه. "بمعنى: ما أنهاه، أي: ما أعقله"، والنهية، العقل، "وما أقضاه" أي: ما أحكمه، والقضاء، الحكم, والأصل: "نهي، وقضي" من "نهيت، وقضيت" فأبدلت الياء فيهما واوا لوقوعها بعد ضمة. "أو لام اسم مختوم بتاء" للتأنيث، "بنيت الكلمة عليها" من أول الأمر، ولم يسبق لها حذف. "كأن تبني من: الرمي"، اسمًا مختومًا بالتاء "مثل: مقدرة" بفتح الميم وسكون القاف وضم الدال. "فإنك تقول: مرموة"، بالواو، والأصل "مرمية"، أبدلت الياء واوًا لوقوعها بعد ضمة. "بخلاف" ما إذا أدخلت التاء بعد بناء الكلمة، فيجب قلب الضمة كسرة لتسلم الياء "نحو: توانى توانية، فإن أصله قبل دخول التاء "توانيًا" بالضم للنون"، لأنه من باب "التفاعل"، فإن "توانى توانيًا"، "كـ: تكاسل تكاسلا" بضم السين "فأبدلت ضمته"، أي ضمة النون "كسرة, لتسلم الياء من القلب" واوا، "ثم طرأت التاء لإفادة الوحدة" بعد الإعلال، "وبقي الإعلال"، وهو إبدال الضمة كسرة,   1 في "ط": "حيض". 2 إضافة من "ط". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 725 "بحاله" على ما كان عليه، ولم يتغير الحكم بإعادة الضمة إلى أصلها، وإبدال الياء واوًا، لأن ذلك يؤدي إلى وقوع اسم معرب، في آخره واو، قبلها ضمة لازمة، لأن التاء العارضة في حكم الانفصال، فلا يعتد بها. "أو لام اسم مختوم بالألف والنون" الزائدتين، "كأن تبني من: الرمي" اسمًا "على وزن سبعًا"، بفتح السين المهملة وضم الياء الموحدة، "اسم الموضع الذي يقول فيه" خلف "بن الأحمر"، بل تميم بن أبي مقبل على الصحيح: [من الطويل] 962- ألا يا ديار الحي بالسبعان ... أمل عليها بالبلى الملوان وهما الليل والنهار. "فإنك تقول: رموان"، بضم الميم، والأصل: "رميان" فأبدلت الياء، واوًا لوقوعها بعد ضمة، ولك أن تقول إذا بني من "الغزو" مثل: "ظربان"، فإنه يقال: "غزيان"، فيعطى ما قبل الألف والنون حكم ما وقع آخرًا محضًا كـ"رضي"، ومقتضى هذا أن لا يقال في مثل "سبعان" من "الرمي": "رموان"، لأنه لا يجوز أن يقال في مثل "عضد" من "الرمي": "رمو" لأنه ليس لنا اسم متمكن، آخره واوًا لازمة بعد ضمة، بل يجب أن يقلب الضمة كسرة لتسلم الياء فتقول: "رم" فلذا يجب أن يقال: "رميان" بإعلال الحركة دون الحرف. قاله الموضح في الحواشي. المسألة "الثالثة: أن تكون" الياء "لامًا لـ: فعلى، بفتح الفاء اسمًا لا صفة، نحو: تقوى، وشروى"، بالشين المعجمة، بمعنى: المثل يقال لك: [وشروه] 1، أي مثله، حكاه ابن جني في شرح غريب تصريف المازني، "و: فتوى" بالفاء المثناة الفوقانية: والأصل: "تقيى، وشريى، وفتيى"، لأنها من "تقيت، وشريت، وفتيت"، أبدلت الياء فيهن واوًا فرقًا بين الاسم والصفة، وخصوا الاسم بالإعلال لأنه أخف من الصفة، فكان أحمل للثقل. "قال الناظم" في شرح الكافية2، "وابنه" في شرح الخلاصة3: "وشذ: سعيى" اسمًا "لمكان" بعينه، "وريا" اسمًا "للرائحة, وطغيى" اسمًا "لولد البقرة الوحشية، انتهى" كلامهما في الشرحين المذكورين، وفيه نظر.   962- تقدم تخريج البيت برقم 27، 919. 1 إضافة من "ط". 2 شرح الكافية الشافية 4/ 2121. 3 شرح ابن الناظم ص606. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 726 "فأما الأول" وهو "سعي" من "السعي"، "فيحتمل أنه منقول من صفة كـ: خزيا، وصديا، مؤنثي: خزيان، وصديان"، واستصحب التصحيح بعد جعله اسمًا، كما أوله الفارسي. "وأما الثاني" وهو "ريا" من "الري" "فقال النحويون" سيبويه وغيره: "ريا" "صفة، غلبت عليها الاسمية" وليس بشاذ، "والأصل: رائحة ريا، أي: مملوءة طيبًا". "وأما الثالث" وهو "طغي" من "الطغيان"، "فالأكثر فيه ضم الطاء"، فلعلهم استصحبوا التصحيح، حين فتحوا للتخفيف"، كذا تعقبوه، وتبعهم الموضح، ثم قال في الحواشي، وظهر لي بعد أن مراده شذوذ الاستعمال، فإني قرأت بخطه حاشية هنا إبدال الواو من الياء لامًا لـ"فعلى" لا يقاس عليه لانتفاء السبب، واستلزام مزيد الثقل. انتهى، و"طغيى" بإعجام الغين، ورواة ضبطه مختلفة، فقال الأصمعي: يروى بضم الطاء على مثال "حبلى"، وقال أحمد بن يحيى: بفتح الطاء على مثال "سكرى"، وقال أبو عبيدة: بفتح الطاء والتنوين، قاله ابن السيد. المسألة: "الرابعة: أن تكون" الياء المضموم ما قبلها "عينًا لـ: فعلى، بالضم" في الفاء "اسمًا كـ: طوبى" بمعنى "طيب" "مصدرًا لـ: طاب" يطيب، "أو اسمًا للجنة". بالجيم، ومنه "شجرة طوبى"، "أو صفة جارية مجرى الأسماء" في عدم جريانها على موصوف، وإيلائها العوامل، "وهي: فعلى أفعل، كـ: الطوبى، والكوسى، والخورى"، بالخاء المعجمة والراء المهملة، "مؤنثات: أطيب، وأكيس، وأخير"، أسماء تفضيل جارية مجرى الأسماء الجامدة. "والذي يدل على أنها جارية مجرى الأسماء" الجامدة "أن: أفعل، التفضيل يجمع على: أفاعل، فيقال" في جمع "الأفضل، والأكبر"، "الأفاضل، والأكابر كما يقال في جمع: أفكل" هو اسم جامد للرعدة "أفاكل"، والأصل: "الطيبى، والكيسى، والخيرى" بضم أولها، أبدلت الياء واوًا لسكونها وانضمام ما قبلها. "فإن كانت: فعلى" بالضم "صفة محضة"، أي جارية على موصوف "وجب قلب ضمته كسرة" لتسلم الياء من القلب واوًا فرقًا بين الصفة والاسم، "ولم يسمع من ذلك إلا" كلمتان: " {قِسْمَةٌ ضِيزَى} " [النجم: 22] بالضاد والزاي المعجمتين، "أي جائرة"، بالجيم والراء المهملة، من قولهم: ضازه يضيزه، إذا بخسه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 727 حقه، وجاز عليه فيه، "ومشية"، بكسر الميم, "حيكى"، بالحاء المهملة "أي يتحرك فيها المنكبان"، يقال: حاك في مشيه، إذا حرك منكبيه، وأصلهما: "ضيزى، وحيكى" بضم أولهما، فأبدلت الضمة كسرة، لتصح الياء على حد قولهم في جمع أبيض: بيض، "هذا كلام النحويين، وقال الناظم" في النظم: 963- وإن يكن عينا لفعلى وصفا ... فذاك بالوجهين عنهم يلفى "و" قال "ابنه" في شرحه1: "يجوز في عين: فعلى، صفة أن تسلم الضمة، فتقلب الياء واوًا، وأن تبدل الضمة كسرة، فتسلم الياء" من القلب، "فتقول: الطوبى، والطيبى، والكوسى، والكيسى، والضوقى والضيقى" ترديدًا بين حمله على مذكره تارة، وبين رعاية الزنة أخرى. انتهى. مخالفة لكلام النحويين، سيبويه2 وأتباعه من وجهين: أحدهما: أن الناظم وابنه أجازا في "فعلى" وصفًا وجهين3، والنحويون جزموا بأحدهما، فقالوا: تقلب ياء "فعلى" اسمًا واوًا كـ"طوبى، وكوسى"، ولا تقلب في الصفة، ولكن يكسر ما قبلها، فتسلم الياء كقولهم: "قسمة ضيزى، ومشية حيكى". والوجه الثاني: أنهم ذكروا أنثى "الأفعل" في باب الأسماء فحكموا لها بحكم الأسماء في إقرار الضمة، وقلب الياء واوًا، وذكرها الناظم في باب الصفات4، وأجاز فيها الوجهين، ونص على أن الوجهين مسموعان من العرب، وقال الشلوبين: لم يجئ من هذا مقلوبًا إلا "فعلى، أفعل".   1 شرح ابن الناظم ص605. 2 في "ب": "وابنه". 3 انظر شرح ابن الناظم ص605. 4 شرح الكافية الشافية 4/ 2120. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 728 فصل في إبدال الألف من أختيها الواو والياء : في الأسماء والأفعال "وذلك" الإبدال "مشروط بعشرة شروط" مذكورة في النظم: "الأول أن يتحركا"، أي الواو والياء، وإليه الإشارة بقوله: 968- ......... بتحريك ... ... ...................... "فلذلك" الشرط؛ وهو التحريك؛ "صحتا في: القول، و: البيع" مصدري "قال، وباع" لسكونهما. "و" الشرط الثاني: أن تكون حركتهما أصلية"، وهو المشار إليه بقوله: 968- ................... أصل ... ........................ "فلذلك" الشرط؛ وهو أصالة الحركة؛ "صحتا في: جيل، وتوم"، بفتح أولهما وثانيهما حال كونهما "مخففي: جيأل"، بفتح الجيم وسكون الياء المثناة التحتانية وفتح الهمزة، بعدها لام: اسمًا للضبع، "وتوءم" بفتح التاء المثناة فوق وسكون الواو وفتح الهمزة: وهو الولد، يولد معه آخر في بطن واحد، ويقال لهما: "توءمان"، ولم يعلا لعروض الحركة. "و" الشرط "الثالث: أن ينفتح ما قبلهما"، [وهو المشار إليه بقوله] 1: 968 .............................. ... ........... بعد فتح متصل "ولذلك صحتا في: العوض، والجيل، والسور"، لأن الكسرة في الأولين، والضمة في الثالث: لا يجانسان الألف. "و" الشرط "الرابع: أن تكون الفتحة متصلة"، وهو المشار إليه بقوله: 968- ........................... ... ............... متصل "أي في كلمتهما2، ولذلك صحتا في: ضرب واحد، وضرب ياسر"، لأن الفتحة في كلمة، والواو والياء في كلمة أخرى.   1 سقط ما بين المعكوفين من "ب". 2 في "ب": "كلمتيهما". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 729 "و" الشرط "الخامس، أن يتحرك ما بعدهما، إن كانتا عينين، وألا يليهما ألف. ولا ياء مشددة، إن كانتا لامين"، وهو المشار إليه بقوله: 969- إن حرك الثاني وإن سكن كف ... إعلال غير اللام وهي لا يكف 970- إعلالها بساكن غير ألف ... أو ياء التشديد فيها قد ألف "ولذلك صحت العين في: بيان، وطويل، وخورنق"، اسم قصر بالعراق، لسكون ما بعدها، وهو الألف في "بيان"، والياء في "طويل"، والواو في "خورنق". "و" صحت "اللام في: رميا، وغزوا"، في الأفعال، "و: فتيان، وعصوان"، في الأسماء لسكون الألف، "و: علوي، وفتوي"، لسكون أول ياءي النسب. لأنهم لو أعلوا قبل الألف. لاجتمع ساكنان، فيحذف أحدهما، فيصير اللفظ "رمى، وغزا"، فيلتبس المثنى بالمفرد، وأما نحو: "فتيان، وعصوان"، فمحمول عليه، وأما نحو: "علوي، وفتوي"؛ فلا يبدل واوه ألف، لأنه يؤدي إلى التسلسل، لأن ياء النسب تستوجب قلب الألف واوًا، فلو كان تحريك الواو, وانفتاح ما قبلها يوجب قلبها ألفًا، لكنا لا نزال في قلب إلى الألف، وقلب إلى الواو. "وأعلت العين في: قام، وباع"، من الأفعال، "وباب، وناب"، من الأسماء "لتحرك ما بعدها، و" أعلت "اللام في: غزا، ودعا" من الواوي، "ورمى، وبكى"، من اليائي، "إذ ليس بعدهما ألف ولا ياء مشددة، وكذلك" تعل إذا وليت غير الألف والياء المشددة من السواكن كما في "يخشون ويمحون، وأصلهما، يخشيون، ويمحوون فقلبتا"، أي الياء في "يخشيون"، والواو في "يمحوون" "ألفين" لتحركهما وانفتاح ما قبلهما "ثم حذفتا"، أي الألفان "للساكنين"، وهما الألف وواو الجماعة1، وما مثل به من "يمحون" بالواو المفتوح ما قبلها تبع فيه ابن مالك في شرح الكافية2، ولم يثبت لغة إلا أن يقرأ بالبناء للمفعول. "و" الشرط "السادس: ألا تكون إحداهما"، أي الواو والياء، "عينًا لـ: فعل"، بكسر العين، "الذي الوصف ممنه على: أفعل، نحو: هيف، فهو: أهيف"، من الصفات المحمودة، "وعور، فهو: أعور" من الصفات المذمومة، واحترز بقوله: "الذي الوصف منه على "أفعل" من نحو: "خاف" فإنه، وإن كان مكسور العين، فالوصف منه على "فاعل" نحو: "خائف".   1 شرح ابن لناظم ص608. 2 شرح الكافية الشافية 4/ 2127. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 730 "و" الشرط "السابع: ألا تكون" إحدى الواو والياء "عينًا لمصدر هذا الفعل" الذي الوصف منه على "أفعل" "كـ: الهيف" بفتحتين، وهو ضمور البطن ورقة الخصر، "والعور" بفتحتين، وهو فقد إحدى العينين، وإلى هذين أشار الناظم بقوله: 971- وصح عين فعل وفعلا ... ذا أفعل كأغيد وأحولا وإنما لزم تصحيح الفعل المذكور حملا على "أفعل" لموافقته له في المعنى في اختصاص كل منهما بالخلق والألوان نحو: "اعور، واحول"، وحمل المصدر على فعله. "و" الشرط "الثامن: ألا تكون الواو عينًا لـ: افتعل، الدال على معنى التفاعل، أي التشارك في الفاعلية، والمفعولية نحو: اجتوروا"، بالجيم. من: "المجاورة"، "واشتوروا"، بالشين المعجمة، من: "المشاورة" لأن حركة التاء في حكم السكون، "فإنه في معنى: تجاوروا، وتشاوروا"، فإن لم يدل على التفاعل وجب إعلاله مطلقًا نحو: "اختان، بمعنى "خان"، و"اختار" بمعنى "خار". "فأما الياء فلا يشترط فيها ذلك". وهو الدلالة على التفاعل، فتعل "لقربها من الألف" في المخرج. "ولهذا أعلت في: استافوا، مع أن معناه: تسايفوا", أي تضاربوا بالسيوف، لأن الياء أشبه بالألف من الواو، فكانت أحق بالإعلال منها، وإلى هذا الشرط أشار الناظم بقوله: 972- وإن يبن تفاعل من افتعل ... والعين واو سلمت ولم تعل "و" الشرط "التاسع: ألا تكون إحداهما"، أي الواو والياء "متلوة بحرف يستحق هذا الإعلال"، وهو القلب ألفًا، "فإن كانت" إحداهما "كذلك"، أي متلوة بحرف يستحق هذا الإعلال، "صحت" الأولى، "وأعلت الثانية نحو: الحيا، والهوى، والحوى" بالحاء المهملة المفتوحة، "مصدر: حوى، إذا اسود"، والأصل فيهن: "الحيى، والهوى، والحوو"، لأنه من "الحوة"، وهي سمرة الشفتين، فقلبت لامهن ألفًا لتحركها، وانفتاح ما قبلها، فلو قلبنا عينهن ألفًا للعلة المذكورة لتوالي إعلالان: إعلال العين، وإعلال اللام، ولزم اجتماع ألفين، فيجب حذف إحداهما لالتقاء الساكنين، ثم تحذف الأخرى لملاقاة التنوين عند التنكير، فيصير الاسم المتمكن على حرف واحد، وهو ممتنع، فاقتصرنا على إعلال اللام، لأن محل التغيير الطرف، والعين تحصنت بوقوعها حشوا، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 973- وإن لحرفين ذا الاعلال استحق ... صحح أول وعكس قد يحق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 731 "وربما عكسوا، فاعلوا الأولى، وصححوا الثانية"، وإليه أشار الناظم بقوله: 973- .............................. ... ........ وعكس قد يحق "نحو: آية، في أسهل الأقوال" الستة: أحدها: أن أصلها: "أيية" بفتح الياء الأولى كـ"قصبة" فالقياس في إعلالها "أياة" فتح العين، وتعل اللام، لكن عكسوا شذوذًا، فأعلوا الياء الأولى لتحركها، وانفتاح ما قبلها دون الثانية، هذا قول الخليل1. الثاني: أن أصلها: "أيية" بسكون العين كـ"حية"، فأعلت بقلب الياء الأولى ألفًا اكتفاء بشرط العلة، وهو فتح ما قبلها فقط دون تحريكها. قاله الفراء. وعزى لسيبويه2، واختاره ابن مالك، وقال في التسهيل3: إنه أسهل الوجوه, لكونه ليس فيه إلا الاجتزاء بشرط العلة، وإذا كانوا قد عولوا عليه فيما لم يجتمع فيه ياءان نحو: "طائي"، وسمع: اللهم تقبل تابتي وصامتي، ففيما اجتمع فيه ياءان أولى، لأنه أثقل. الثالث: أن أصلها: "آيية" كـ"ضاربة" حذفت العين استثقالا لتوالي ياءين. أولهما مكسور، ولذلك كانت أولى بالحذف من الثانية، ونظيره في الحذف "بالة"، الأصل: "بالية", قاله الكسائي3: ورد بأنه كلام يلزم قلب الياء همزة لوقوعها بعد ألف زائدة في قولهم: "آي". الرابع: أن أصلها: "أيية"4 بضم الياء الأولى كـ"سمرة" فقلبت العين ألفًا، ورد بأنه إنما كان يجب قلب الضمة كسرة. الخامس: أن أصلها: "أيية" بكسر الياء الأولى كـ"نبقة" فقلبت الياء الأولى ألفًا، ورد بأن ما كان يجوز فيه الفك والإدغام كـ "حيي، وحي". السادس: أن أصلها: "أيية" كـ"قصبة" كالأول، إلا أنه أعلت الثانية على القياس فصار "أياة" كـ"حياة، ونواة"، ثم قدمت اللام إلى مواطن العين، فوزنها: "فعلة"5 "فإن قلت": قد ادعيت أن القول الأول6 أسهل الأقوال.   1 لسان العرب 14/ 61 "أيا". 2 الكتاب 4/ 389، انظر الإرتشاف 1/ 147. 3 التسهيل ص310. 4 الارتشاف 1/ 147. 5 في "ب": "فلعلة". 6 سقط من "ب". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 732 "ولنا أسهل منه", وهو "قول بعضهم: إنها: فعلة، كـ: نبقة، فإن الإعلال" في الأولى بقلبها ألفًا، وهو "حينئذ على القياس" لأنها محركة1 وقبلها مفتوح وإعلال الثانية ممتنع لعدم انفتاح ما قبلها، "وأما إذا قيل: إن أصلها: آيية، بفتح الياء الأولى، أو: أيية، بسكونها، أو: آيية" على وزن "فاعلة، فإنه يلزم" على كل قوم من هذه الثلاثة محذور. أما على القول الأول بأن أصلها "أيية" بفتح الياء الأولى فإنه يلزم "إعلال" الحرف "الأول دون الثاني"، وهو شاذ كما تقدم. "و" أما على القول بأن أصلها: "أيية"، بسكون الياء الأولى فإنه يلزم "إعلال" الحرف "الساكن"، وهو الياء الأولى2 بقلبها ألفًا، والقاعدة أن علة القلب مركبة من شيئين، تحركها وانفتاح ما قبلها، ولم يوجد إلا أحدهما. "و" أما على2 القول بأن أصلها: "آيية" على وزن3 "فاعلة" فإنه يلزم "حذف العين"، وهي الياء الأولى "لغير موجب"4 لحذفها. والقول الأول، وهو أن أصلها: "أيية" كـ"نبقة" سالم من ذلك. "قلت: ويلزم على" هذا القول "الأول" شيء آخر، وهو "تقديم الإعلال"4 وهو قلب الياء الأولى ألفًا "على الإدغام"، وهو إدغام الياء في الياء، وذلك أنه اجتمع فيه موجب الإعلال، وهو تحرك الياء الأولى وانفتاح ما قبلها، وموجب الإدغام، وهو اجتماع المثلين، الساكن أولهما، وقدم5 فيه الإعلال على الإدغام، "والمعروف العكس"، وهو تقديم الإدغام على موجب2 الإعلال، "بدليل إبدال همزة، {أَئِمَّةً} [التوبة: 12] ، ياء لا ألفًا، فتأمله". وجه الدلالة من ذلك أن إبدال الهمزة ياء إنما هو لأجل الإدغام لأنه لما نقل لأجله حركة الميم الأولى للساكن قبلها أعني، الهمزة الثانية قلبت ياء مراعاة لحفظ حركة الحرف المدغم، وإنما قلبت ياء, لأنها من جنس الكسرة6، فلو بدئ بالإعلال لأبدلت   1 في "ب": "متحركة". 2 سقط من "ب". 3 في "ب": "زنة". 4 سقط ما بين المعكوفين من "ب". 5 في "ب": "تقدم". 6 قبله في "ب": "الحركة التي هي". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 733 الهمزة الثانية ألفًا لوجود شرطه، فلما أبدلوها ياء بعد النقل، ولم يبدلوها ألفًا قبل ذلك علم أن عنايتهم بموجب الإدغام أهم من عنايتهم بموجب الإعلال، لأنهم إذا كانوا يقدمون ما هو من متعلقات الإدغام على الإعلال، فلأن يقدموا الإدغام على الإعلال من باب أولى. وفي شرح الشافية للجاربردي1: وإنما لم يجئ الإدغام في باب "قوي" مع أن أصله: "قوو"، لأن الإعلال مقدم2 على الإدغام. وإنما قلنا، الإعلال مقدم2، لأن سبب الإعلال موجب للإعلال، وسبب الإدغام مجوز3 للإدغام، ويدل عليه امتناع التصحيح في "رضي" وجواز الفك في "حيي". انتهى. وفصل بعضهم فقال: إذا اجتمع موجب الإعلال والإدغام فلا يخلو إما أن يكون في العين أو في اللام، فإن كان في العين قدم موجب الإدغام، وإن كان في اللام قدم موجب الإعلال، والعلة في ذلك أن الطرف محل التغيير، فلم يغتفر فيه ذلك، كما اغتفر في العين. "و" الشرط "العاشر: ألا تكون" إحدى الواو والياء "عينًا لما آخره زيادة تختص بالأسماء"4 كالألف والنون، وألف التأنيث، وإليه أشار الناظم بقوله: 974- وعين ما آخره قد زيد ما ... يخص الاسم واجب أن يسلما "فلذلك صحتا"، أي الواو والياء، "في نحو: الجولان" مصدر "جال يجول بالشيء" إذا طاف به"، "والهيمان" مصدر "هام على وجهه يهيم" إذا ذهب من العشق ونحوه "والصورى"، بفتح الصاد المهملة، والواو والراء المهملة، اسم واد، قاله الصغاني. وقال المرادي5: اسم ماء وخلا منه الصحاح والقاموس. "والحيدى"، بفتح الحاء المهملة والياء المثناة التحتانية والدال المهملة: المائل, وحمار حيدى أي يعدل عن ظله لنشاطه، لأن الاسم بزيادة الألف والنون, وألف التأنيث يبعد شبهه بما هو الأصل في الإعلال. وهو الفعل. "وشذ الإعلال في: ماهان, ودران"، والأصل: "موهن، ودوران"، هذا قوله سيبويه6، والمازني7، وزعم المبرد8 أن القياس في ما كان مختومًا بألف ونون   1 شرح الكافية الشافية 2/ 432. 2 في "ب": "تقدم". 3 في "ب": "يجوز". 4 في "ب": "تخص الأسماء". 5 شرح المرادي 6/ 54. 6 الكتاب 4/ 363. 7 التصريف 2/ 9. 8 المقتضب 1/ 260. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 734 الإعلال، وأن "ماهان، وداران"، لا شذوذ فيهما، وأن صحيح "الجولان"، والهيمان" شاذ، لأن الألف والنون لا يخرجا الاسم عن مشابهة الفعل، لكونهما في تقدير الانفصال. قال الفارسي1: ويؤيده قولهم في "زعفران، وزعيفران"، فبقيا في التصغير، ولم يحذفا. وقيل: لما صحح "النزوان، والغليان"، وحرف العلة لام، واللام محل التغيير، صحح العين في بعض المواضع كـ"الجولان" إذ العين أولى بالتصحيح من اللام. وذهب الأخفش2 إلى أن تصحيح ما فيه ألف التأنيث المقصورة كـ"صورى" شاذ، لا يقاس عليه؛ لأن هذه الألف في آخر الاسم لفظًا كألف اتصلت بفعل3 دالة على التثنية نحو: "فعلا" فلم تخرجه هذه الزيادة عن4 صورة "فعل"، ومذهب سيبويه5 وأتباعه أن تصحيح هذا النوع قياس، لأن ألف التأنيث مختصة6 بالاسم، فهي كالألف والنون في "الطوفان" ويترتب على القولين ما إذا بنيت من "القول" أو "البيع" اسما على وزن "جمزى"، فعلى قول الأخفش تقول: "قالى، وباعى"، وعلى قول سيبويه تقول: "قولى، وبيعى"، لأن تصحيح نحو: "صورى" عنده قياس7.   1 التكملة ص204. 2 انظر شرح الكافية الشافية 4/ 2134. 3 في "ب": "بألف" مكان "بفعل". 4 في "ب": "في". 5 الكتاب 4/ 351. 6 في "ب": "مخصصة". 7 الكتاب 4/ 351. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 735 فصل في إبدال التاء المثناة فوق "من الواو والياء" المثناة تحت : "إذا كانت الواو والياء فاء لـ: الافتعال" غير مبدلتين من همزة "أبدلت" فاء "الافتعال" "تاء" مثناة فوقانية [على اللغة الفصحى] 1، "وأدغمت" التاء "في تاء الافتعال، وفي ما تصرف2 منها"، أي من صيغة "الافتعال" كالفعل الماضي والمضارع والأمر واسم الفاعل واسم المفعول لعسر النطق بحرف اللين الساكن مع التاء لما بينهما من قرب المخرج، ومنافاة الصفة "نحو: اتصل واتعد"، أي قبل الوصل والوعد، ففاؤهما واو، لأنهما "من: الوصل، والوعد" وأصلهما،: "اوتصل، واوتعد"، قلبت الواو تاء مثناة فوقانية، وأدغمت في تاء "الافتعال", لأن الإدغام يرفع الثقل، ولم تقلب الواو ياء مثناة تحتانية على ما هو مقتضى القياس، لأنها إن قلبت ياء. أو لم تقلب لزم قلبها تاء في هذه اللغة، فالأولى الاكتفاء بإعلال واحد، كذا ذكره ابن الحاجب. قال التفتازاني، وفيه نظر، لأنه لو قلبت الواو ياء تحتانية، لا يجوز قلب الياء التحتانية فوقانية، لتدغم كما في الياء المنقلبة عن الهمزة. انتهى. وأجيب بأنه يجوز ههنا للفرق بين المنقلبة عن الواو والمنقلبة عن الهمزة، لأن الهمزة لا تبدل بالتاء بخلاف الواو، "واتسر"، أصله: "ايتسر"، ففاؤه ياء، لأنه "من: اليسر". قلبت ياؤه تاء، وأدغمت في تاء "الافتعال"، لاهتمامهم بالإدغام، لأنه يصير الحرفين كحرف واحد. "وقال" الأعشى، ميمون بن قيس يهدد علقمة بن علاثة: [من الطويل]   1 سقط ما بين المعكوفين من "ب". 2 في "ب": "تفرق". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 736 963- فإن تتعدني أتعدك بمثلها ... وسوف أزيد الباقيات القوارضا أصل "تتعدني، وأتعدك": "توتعدني، وأوتعدك" من "الوعد"، أبدلت الواو تاء، وأدغمت في التاء، والقوارض، جمع قارضة، وهي: الكلمة المؤذية. "وقال" طرفة بن العبد: [من الطويل] 964- فإن القوافي تتلجن موالجا ... تضايق عنها أن تولجها الإبر أصل: "تتلجن": "توتلجن" من "الولوج" بالجيم، وهو الدخول، أبدلت الواو تاء وأدغمت في التاء. لما مر. و"الموالج" جمع "مولج" موضع الولوج و"تولجها" تدخلها، و"الأبر" جمع إبراة الخياط. وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 986- ذو اللين فاتا في افتعال أبدلا ... .................................... وقيدنا هذه اللغة بقولنا: الفصحى، احترازًا من لغة بعض الحجازيين فإنهم يبدلونها من جنس حركة ما قبلها، فيقولون: "يا تعد، ياتسر، موتعد، موتسر، ايتعاد، ايتسار"، وقيدنا الواو والياء بقولنا: غير مبدلتين من همزة، كما في التسهيل1، احترازًا من نحو: "اؤتمن ائتمانا"، و"ائتزر" وهو المراد بقوله: "وتقول في: افتعل، من "الإزار": ايتزر"، بإبدال الهمزة ياء تحتانية، "ولا يجوز إبدال" هذه "الياء" التحتانية "تاء" فوقانية: "وإدغامها في التاء, لأن هذه الياء" التحتانية "بدل من همزة، وليست" ياء "أصلية" وقول من قال: "اتزر" من "ايتزر" خطأ، قاله التفتازاني، "وشذ قولهم في: افتعل، من: الأكل: اتكل" بتشديد التاء الفوقانية، وإليه أشار الناظم بقوله: 986- ...................................... ... وشذ في ذي الهمز نحو اتكلا وجعله في التسهيل قليلا، فقال2: وقد تبدل، وهي بدل من الهمزة، قال الموضح   963- البيت للأعشى في ديوانه ص201، وخزانة الأدب 1/ 184، وسر صناعة الإعراب 1/ 147، ولسان العرب 3/ 464 "وعد"؛ وتاج العروس 9/ 380 "وعد" والمقاصد النحوية 4/ 579، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 396، وشرح المفصل 10/ 37، والممتع في التصريف 2/ 386. 964- البيت لطرفة بن العبد في ديوانه ص47، والخصائص 1/ 14، وسر صناعة الإعراب 1/ 147, والمقاصد النحوية 4/ 581، والممتع في التصريف 1/ 386, وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 397, وشرح المفصل 1/ 37، ولسان العرب 2/ 400 "ولج" والارتشاف 3/ 295. 1 التسهيل ص310. 2 التسهيل ص312. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 737 في حواشيه على التسهيل: مثاله في الواو قول بعضهم: "اتمن"، وفي الياء قول بعضهم: "اتزر"، انتهى. "وقول الجوهري1 في "اتخذ": إنه "افتعل" من "الأخذ" وهم"، لأنه لو كان من "الأخذ" لوجب أن يقال: "ايتخذ" بغير إدغام، قاله التفتازاني، "وإنما التاء أصل، وهو من: تخذ" بمعنى "أخذ" "كـ: اتبع، من: تبع". قاله الفارسي، وذهب بعضهم إلى أن "اتخذ" مما أبدل فاؤه تاء؛ لأن فيه لغة، وهي "وخذ" بالواو، فالتاء ليست بأصل، وعلى هذا يقال: "اتخذ" كـ"اتعد"، وحكي عن البغداديين، أنهم أجازوا الإبدال في ذي الهمز، وحكوا من ذلك ألفاظا، وهي: "اتزر، واتمن، واتهل، واتكل"، من "الإزار، والأمانة، والأهل، والأكل"، ومنه الحديث: "وإن كان قصيرًا فليتزر به"، كذا في جميع روايات الموطأ2، وقد تقدم3.   1 الصحاح "أخذ". 2 الموطأ 1/ 14. 3 تقدم ص705 من هذا الجزء. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 738 فصل في إبدال الطاء : "تبدل وجوبًا من تاء: الافتعال، الذي فاؤه وصاد، أو ضاد، أو طاء، أو ظاء، وتسمى" هذه الأحرف الأربعة "أحرف الإطباق"، لانطباق اللسان معها على الحنك الأعلى، فينحصر الصوت حينئذ بين اللسان وما حاذاه من الحنك الأعلى، ولم يقل: الحروف المطبقة، لأن هذه التسمية تجوز فيها، لأن المطبق إنما هو اللسان والحنك، وأما الحروف فهو مطبق عنده. وإنما أبدلت تاء "الافتعال" إثر المطبق تاء لاستثقال اجتماع التاء مع الحرف المطبق لما بينهما من اتفاق المخرج، وتباين الصفة إذ التاء من حروف الهمس، والمطبق من حروف الاستعلاء، فأبدل من التاء حرف استعلاء من مخرج المطبق، واختيرت الطاء لكونها من مخرج التاء, وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 987- طا تا افتعال رد إثر مطبق ... ................................ "تقول في: افتعل، من: صبر: اصطبر"، وأصله "اصتبر"، قلبت التاء طاء، "ولا تدغم" الصاد في الطاء، "لأن الصفيري"، وهو الصاد، "لا يدغم إلا في" صفيري "مثله"، لئلا يذهب صفيره. قال المرادي1: وإذا أبدلت بعد الصاد ففيه وجهان: البيان: فيقال: "اصطبر". والإدغام بقلب الثاني إلى الأول، فيقال: "اصبر" بصاد مشددة. قال سيبويه2: حدثنا هارون أن بعضهم قرأ: "أن يصلحا"3، يريد: {أَنْ يُصْلِحَا} [النساء: 128] . انتهى.   1 شرح المرادي 6/ 82. 2 الكتاب 4/ 467. 3 هي قراءة عاصم الجحدري وعثمان البتى. انظر المحتسب 1/ 201، ومعاني القرآن للأخفش 2/ 366. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 739 "ومن "ضرب" اضطرب"، والأصل: "اضترب"، أبدلت التاء طاء، "ولا تدغم" الضاد في الطاء، "لأن الضاد" المعجمة "حرف مستطيل"، فإدغامه في غيره يفوت استطالته، وجاء قليلا: "اصلح، واضرب"، بقلب الثاني إلى الأول. ثم الإدغام. قال التفتازاني، وهذا عكس الإدغام1، فعل رعاية لصفير الصاد، واستطالة الضاد. "ومن "طهر" بالطاء" المهملة؛ "اططهر"، والأصل: "اطتهر"، أبدلت التاء طاء. "ثم يجب الإدغام لاجتماع المثلين". وهما الطاءان، "في كلمة" واحدة "وأولهما ساكن"، ولا مانع من الإدغام، "ومن: ظلم" بالمعجمة. "اظطلم"، بمعجمة فمهملة، والأصل: "اظتلم"، أبدلت التاء طاء، "ثم لك ثلاثة أوجه": "الإظهار" على الأصل. "والإدغام مع إبدال الأول"؛ وهو الظاء المعجمة؛ طاء مهملة "من جنس الثاني" على القياس. "ومع عكسه"، وهو إبدال الثاني؛ وهو الطاء المهملة؛ ظاء معجمة؛ من جنس الأول كما هو عكس القياس، فهذه ثلاثة أوجه. "وقد روي بهن قوله"، وهو زهير بن أبي سلمى، يمدح هرم بن سنان المزني: [من البسيط] 965- هو الجواد الذي يعطيك نائله ... عفوًا ويظلم أحيانًا فيظلم روي "فيطلم" بتشديد المهملة، "ويظلم"، بتشديد المعجمة، و"فيظطلم" بالإظهار، وروي فيه وجه رابع، وهو "ينظلم" على زنه "ينقطع"، قاله الجيلي، والمعنى أن هرمًا هو الجواد الذي يعطيك عطاءه عفوًا، أي بسهولة ولا يمن به، ولا يمطل سائله، ويظلم أحيانًا؛ بالبناء للمجهول؛ أي يطلب منه في غير موضع الطلب، فيظلم، أي: فيحتمل ذلك ممن سأله، ولا يرد من استجداه في الأوقات التي مثله يطلب فيها، وفي الأوقات التي مثله لا يطلب فيها، قاله الجاربردي2.   1 سقط من "ب". 965- البيت لزهير أبي سلمى في ديوانه 119، والاقتضاب ص310، وسر صناعة الإعراب 1/ 219، والسمط 467، وشرح أبيات سيبويه 2/ 403، وشرح شواهد الشافية 493، وشرح المفصل 10/ 47، 149، والكتاب 4/ 468، ولسان العرب 12/ 3771 "ظلم" والمقاصد النحوية 4/ 582، ومقاييس اللغة 3/ 469، وبلا نسبة في الخصائص 2/ 141، وأوضح المسالك 3/ 399، ولسان العرب 13/ 273 "ظنن"، وشرح الأشموني 3/ 873، وشرح شافية ابن الحاجب 3/ 189. 2 شرح الشافية 2/ 556. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 740 فصل في إبدال الدال المهملة : "تبدل وجوبًا من تاء: الافتعال، الذي فاؤه دال، أو ذال، أو زاي" لاستثقال مجيء التاء بعدها، "تقول في "افتعل" من: دان" يدين دينا: "اددان، ثم تدغم" الدال في الدال، "لما ذكرنا في: اطهر" من أن اجتماع مثلين في كلمة، وأولهما ساكن، يوجب الإدغام، "ومن: زجر"، أي منع، "ازدجر"، والأصل: "ازتجر"، قلبت التاء دالا، "ولا تدغم" الزاي في الدال، "لما ذكرنا في: اصطبر" من أن حرف الصفير لا يدغم إلا في مثله، والإدغام بقلب الدال زايًا نحو: "ازجر" ضعيف، "ومن: ذكر"، بالمعجمة: "اذدكر، ثم تبدل المعجمة مهملة، وتدغم" على القياس. "وبعضهم يعكس"، فيبدل المهملة معجمة، ويدغم على غير القياس، فيقول: "اذكر"، بتشديد المعجمة. "وقد قرئ شاذا: "فهل من مذَّكر" [القمر: 15] بالمعجمة1" والحاصل ثلاثة أوجه: "اذدكر" بلا إدغام، و"اذكر" بالذال المعجمة بقلب المهملة إليها. و"ادكر"، بالدال المهملة بقلب المعجمة إليها.   1 الرسم المصحفي: {مُدَّكِرٍ} , والقراءة المستشهد بها قرأها قتادة، انظر البحر المحيط 8/ 178، والكشاف 4/ 38. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 741 فصل في إبدال الميم : "أبدلت وجوبًا من الواو في: فم، وأصله: فوه، بدليل" تكسيره على "أفواه"، والتكسير يرد الأشياء إلى أصولها، "فحذفوا الهاء" لخفائها "تخفيفًا، ثم أبدلوا الميم من الواو" لكونها من مخرجها، "فإن أضيف" إلى ظاهر، أو مضمر "رجع به إلى الأصل"، وهو الواو، "فقيل": "فو زيد، و"فوك"، لأن الإضافة ترد الأشياء إلى أصولها، "وربما بقي الإبدال" مع الإضافة إلى المظهر والمضمر. "نحو" قوله -صلى الله عليه وسلم: ""لخلوف فم الصائم" أطيب عن الله من ريح المسك" 1، وقول رؤبة: [من الرجز] 966- يصبح ظمآن وفي البحر فمه وزعم الفارسي أن الميم لا تثبت إلا في الشعر، ويرده الحديث المتقدم. و" أبدلت الميم "من النون بشرطين: سكونها: ووقوعها قبل الباء" الموحدة "سواء كانتا في كلمة أو كلمتين". فالأول "نحو: {انْبَعَثَ " أَشْقَاهَا} [الشمس: 12] . "و" الثاني نحو: {مَنْ بَعَثَنَا" مِنْ مَرْقَدِنَا} [يس: 52] , وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 975- وقبل با اقلب ميما النون إذا ... كان مسكنا ................... وإنما أبدلت الميم من النون قبل الباء، لأن النطق بالنون الساكنة قبل الباء عسر لاختلاف مخرجيهما مع منافرة لين النون وغنتها لشدة الباء، فإذا وقعت النون ساكنة قبل الباء قلبت ميمًا، لأنها من مخرج الباء، وكالنون في الغنة "و" أبدلت الميم من النون "شذوذًا في نحو قوله", وهو رؤبة: [من الرجز]   1 أخرجه البخاري في كتاب الصوم برقم 1795. 966- تقدم تخريج الرجز برقم 24. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 742 967- يا هال ذات المنطق التمتام ... وكفك المختضب البنام أراد: يا هالة، فرخمه بحذف التاء، لأنه علم امرأة، و"المنطق": النطق، و"التمتام": من التمتمة، وهو تكرير التاء، و"البنام"، الأصابع، "وأصله: البنان"، أبدلت الميم من النون شذوذًا، حيث لم يتقدمها باء موحدة. "وجاء عكس ذلك" وهو إبدال النون من الميم "في قولهم" في صفة الشعر: "أسود قاتن"، بالقاف الفوقانية والنون، "وأصله: قاتم"، أبدلت الميم نونًا. هذا آخر الإبدال: وحاصل ما ذكره أن الهمزة تبدل من ثلاثة أحرف، وهي: الألف والواو والياء. والياء1 تبدل من ثلاثة أحرف، وهي: الهمزة والألف والواو. والواو تبدل من ثلاثة أحرف، وهي: الهمزة والألف والياء. والألف تبدل من ثلاثة أحرف، وهي: الهمزة والواو والياء. والميم تبدل من حرفين، وهما: الواو والنون. والتاء تبدل من حرفين، وهما: الواو والياء. والطاء تبدل من التاء. والدال تبدل من التاء. وقد تبدل هذه الحروف من غير ما ذكر.   967- الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص183، وجواهر الأدب ص98، وسر صناعة الإعراب 2/ 422، وشرح شافية ابن الحاجب 3/ 216، وشرح شواهد الشافية ص455، وشرح المفصل 10/ 33، والمقاصد النحوية 4/ 580، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 401، وشرح الأشموني 3/ 860، وشرح المفصل 10/ 35. 1 في "ط": "والتاء". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 743 باب نقل حركة الحرف المتحرك المعتل إلى الساكن الصحيح قبله : "وذلك" النقل يقع "في أربع مسائل": "إحداها: أن يكون الحرف المعتل1 عينًا لفعل، ويجب بعد النقل في المسائل الأربع أن تبقى الحرف المعتل إن جانس الحركة المنقولة" منه، بأن كان واوًا، والحركة المنقولة ضمة أو ياء، والحركة المنقولة كسرة "نحو: يقول، أصلهما: يقول" بسكون القاف وضم الواو، "مثل: يقتل، ويبيع"، بسكون الموحدة وكسر الياء، "مثل: يضرب"، استثقلت الضمة على الواو في الأول، والكسرة على الياء في الثاني، فنقلت الضمة من الواو، والكسرة من الياء إلى الساكن، الصحيح قبلهما، وهو القاف في الأول، والباء الموحدة في الثاني، وبقيت الواو والياء على حالهما، لأنهما تجانسان الحركة المنقول منهما، فإن الواو تجانس الضمة، والياء تجانس الكسرة. "و" يجب "أن تقلبه" أي الحرف المعتل "حرفًا يناسب تلك الحركة، إن لم يجانسها"، أي الحركة المنقولة من المعتل "نحو: يخاف"، مضارع "خاف"، و"يخيف" مضارع "أخاف" "أصلهما: يخوف" بسكون الخاء وفتح الواو، "كـ: يذهب"، بفتح الهاء، "ويخوف" بسكون الخاء وكسر الواو "كـ: يكرم"، نقلت حركة الواو؛ وهي الفتحة في الأول، والكسرة في الثاني؛ إلى الساكن الصحيح قبلهما، وهو الخاء، فانقلبت الواو في الأول ألفًا لتحركها في الأصل، وانفتاح ما قبلها الآن، وانقلبت في الثاني ياء لسكونها، وانكسار ما قبلها، لأن الواو لا تجانس الفتحة ولا الكسرة، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 976- لساكن صح انقل التحريك من ... ذي لين آت عين فعل .....   1 في "ب": "المتحرك". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 744 "ويمتنع النقل إن كان الساكن معتلا نحو: بايع" وطاوع، "وعوق، وبين" بتشديد الواو والياء، أما نحو: "بايع، وطاوع" فلأن الساكن قبل الياء والواو؛ وهو الألف؛ لا يقبل الحركة، وأما نحو: "عوق، وبين" فلأن نقل حركة الواو والياء إلى الواو والياء يوجب قبلهما ألفين لتحركهما وانفتاح ما قبلهما، فيلتقي ساكنان، فإن حذفت الأول قلت: "عوق، وبين"، وإن حذفت الثاني قلت: "عاق، وبان"، فلما كان الإعلال والحذف يؤدي إلى الالتباس ترك، وهذا مفهوم من قول الناظم: 976- لساكن صح ......... ... ......................... "أو كان فعل تعجب نحو: ما أبينه، وأبين به" في اليائي، "وما أقومه، وأقوم به" في الواوي، لأنهم حملوه في التصحيح على نظيره من الأسماء في الوزن والدلالة على المزية، وهو اسم التفضيل نحو هذا المثال: "أبين من غيره، وأقوم منه". "أو" كان "مضعفًا نحو: ابيض، واسود"، بتشديد الضاد والدال، فلا يعل، لئلا يلتبس مثال بمثال، لأن "ابيض" لو نقلت حركة عينه إلى الباء قبلها لانقلبت ألفًا، فيصير [آباض، ثم تحذف الهمزة لكونها همزة وصل. لعدم الحاجة إليها، لتحرك ما بعدها فيصير] 1 باض، فيظن أنه اسم فاعل من "البضاضة"، وهي نعومة البشرة، وكذلك يلتبس "اسود" بـ"ساد" من "السد". "أو" كان "معتل اللام نحو: أهوى، وأحيا" فلا يعل، لئلا يتوالى إعلالان، إعلال العين، وإعلال اللام، وإلى استثناء هذه الثلاثة أشار الناظم بقوله: 977- ما لم يكن فعل تعجب ولا ... كابيض أو أهوى بلام عللا المسألة "الثانية: الاسم المشبه للمضارع في وزنه زيادته، أو في زيادته دون وزنه". "فالأول": وهو المشبه في الوزن دون الزيادة "كـ: مقام"، فإنه مشبه لـ"تعلم" في الوزن دون الزيادة "وأصله" قبل الإعلال "مقوم" بفتح الواو وسكون القاف، "على مثال: مذهب، فنقلوا" حركة الواو إلى الساكن الصحيح قبلها، وهو القاف، "وقلبوا" الواو لتحركها الأصلي، وانفتاح ما قبلها الآن. "والثاني": وهو المشبه في الزيادة دون الوزن "كأن تبني من "البيع"، أو من "القول" اسمًا على مثال "تحلئ" بكسر التاء" الفوقانية، وسكون الحاء المهملة، وكسر اللام "وبهمزة بعد اللام", القشر الذي على وجه الأديم مما يلي   1 ما بين المعكوفين إضافة من "ط". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 745 منبت الشعر، بعد الإعلال: "تبيع، بكسرتين" متواليتين، "بعدهما ياء" تحتانية "ساكنة"، وأصله: "تبيع" بكسر أوله، وسكون ثانيه، وكسر ثالثه، نقلت كسرة الياء التحتانية إلى الباء الموحدة, "و: تقيل، كذلك" بكسرتين متواليتين، بعدهما ياء تحتانية ساكنة. "وهذه الياء" الساكنة "منقلبة عن الواو" وأصله: "تقول" بكسر أوله وسكون ثانيه وكسر ثالثه، فنقلت كسرة الواو إلى القاف، فقلبت الواو ياء "لسكونها بعد الكسرة"، فإعلاله بالنقل والقلب، وإعلال "تبيع" بالنقل1 فقط. وإنما كان "تبيع، وتقيل" موافقين للفعل في زيادته دون وزنه، لأن في أولهما التاء، ولأن "فعللا" بكسر الأول والثالث، من الأبنية المختصة بالأسماء، "فإن أشبهه بالوزن والزيادة معًا، أو باينه فيهما معًا، وجب التصحيح"، ليمتاز عن الفعل. "فالأول"، وهو المشبه فيهما معًا، "نحو: أبيض، وأسود" وصفين فإنهما أشبها "أكرم" في الوزن وزيادة الهمزة، فلو أعلا ليقل فيهما: "أباض، وأساد"، فيلتبسان في الفعل، ولما كان هنا مظنة سؤال، وهو أن يقال: وجدنا من الأسماء ما أشبه الفعل في الوزن والزيادة معًا، ومع ذلك دخله الإعلال كـ"يزيد" علمًا, فأشار إلى جوابه بقوله: "وأما نحو: يزيد علمًا، فمنقول" من الفعلية "إلى العلمية، بعد أن أعل إذ كان فعلا" مضارعًا، إلا أنه أعل بعد العلمية، ومن ذلك "أبان" عند من لم يصرفه، فإن وزنه "أفعل"، أعل في حال الفعلية، ثم سمي به، وأما من صرفه، فهو عنده "فعال" وليس من هذا الباب. "والثاني"، وهو المباين في الوزن والزيادة معًا "نحو: مخيط"، بكسر الميم، فإنه مباين للفعل في كسر أوله، وزيادة الميم، "هذا" التوجيه "هو الظاهر"، ولا التفات لمن يكسر حرف المضارعة لقلته. "وقال الناظم" في شرح الكافية2، "وابنه" في شرح الخلاصة3، واللفظ له، "وكان حق" نحو: "مخيط، أن يعل، لأن زيادته" وهي الميم "خاصة بالأسماء، وهو مشبه لـ"تعلم"، أي بكسر حرف المضارعة في لغة قوم، لكنه حمل على "مخياط" لشبهه [به] 4 لفظًا ومعنى5، انتهى".   1 في "ب": "بالثقل". 2 شرح الكافية الشافية 4/ 2141. 3 شرح ابن الناظم ص612. 4 إضافة من "ب"، "ط"، وشرح ابن الناظم ص612. 5 بعده في شرح ابن الناظم ص: "في التصحيح". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 746 وأما شبهه به لفظًا فواضح، وأما شبهه به معنى فلأن كلا منهما يكون آلة وصفة مقصودًا بها المبالغة كـ"معطر" للكثير العطر، فسوى بينهما في التصحيح. "وقد يقال" من حيث البحث، "إنه لو صح ما قالا"؛ أي الناظم وابنه؛ "للزم ألا يعل" مثال: "تحلئ، لأنه يكون مشبهًا لـ"تحسب" في وزنه"، بكسر حرف المضارعة في اللغة المذكورة، "و" في "زيادته"، وهي التاء واللازم باطل، فالملزوم مثله. "ثم" يقال على سبيل التنزل وإرخاء العنان: "لو سلم أن الإعلال كان لازمًا لما ذكرا" أي الناظم وابنه؛ من أن زيادته خاصة بالأسماء، وهو مشبه1 لـ"تعلم"، بكسر حرف المضارعة، لم يلزم العرب الجميع، بل يلزم من يكسر حرف المضارعة "فقط" دون غيرهم. والجواب: أن ما ذكره الناظم وابنه من أن علة التصحيح في "مخيط" الحمل على "مخياط"، مرادهما أنه مقصور منه، كما جنح إليه الخليل، قال سيبويه2: سألته؛ يعني الخليل؛ عن "مفعل"، لأي شيء أتم؟ ولم لم يجر مجرى الفعل؟ فقال: لأن "مفعلا" إنما هو "مفعال" لأنهما في الصفة "سواء، و"منسج ومنساج، ومقول، ومقوال"، ثم قال سيبويه2: وإنما أتمت لما زعم الخليل من أنها مقصورة من "مفعال" أبدًا، انتهى. وهذه العلة مطردة في لغة الجميع، ولا ينتقض بمثال: "تحلئ" لأنه ليس مبنيا على فعل كما قال المبرد3، بل ذهب إلى تصحيحه، فأجاز "تبيع وتقول" بالتصحيح، وإلى هذه المسألة أشار الناظم بقوله: 978- ومثل فعل ذا الإعلال اسم ... ضاهى مضارعًا وفيه وسم 989- ومفعل صحح كالمفعال ... ............................. "المسألة الثالثة: المصدر الموازن لـ: إفعال" بكسر الهمزة، "أو: استفعال نحو: إقوام، واستقوام"، فإنه يحمل على فعله في الإعلال، فتنقل حركة عينه إلى فائه، ثم تقلب ألفًا لتجانس الفتحة, فيلتقي ألفان، "ويجب بعد القلب حذف إحدى الألفين لالتقاء الساكنين".   1 في "ب": "شبيه". 2 الكتاب 4/ 355. 3 الارتشاف 1/ 150. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 747 واختلف النحويون في المحذوفة، "والصحيح أنها الثانية لزيادتها وقربها من الطرف" وحصول الاستثقال بها، وإليه ذهب الخليل وسيبويه1, واختاره الناظم2، وذهب الأخفش والفراء3 إلى أن المحذوفة بدل عين الكلمة. "ثم" بعد النقل والقلب والحذف "يؤتى بالتاء" الدالة على التأنيث "عوضًا" من الألف المحذوفة، سواء قلنا: إنها الأولى، أو الثانية، ولكن المعهود في "التاء أنها4 تعوض من الأصول، وهذا يقوي ما اختاره الأخفش. "فيقال إقامة، واستقامة". "وقد تحذف" التاء التي جعلت عوضًا فيقتصر في ذلك على ما سمع، ولا يقاس عليه كقوله5: أراه إراها، وأجابه إجابًا، حكاهما الأخفش6، ويكثر ذلك مع الإضافة "نحو: {وَإِقَامَ الصَّلَاةِ} [الأنبياء: 73] والأصل: وإقامة الصلاة، فحذفت التاء لسد الإضافة مسدها، ولمشاكلة: {وَآتَى الزَّكَاةَ} [النور: 37] ، وإلى هذه المسألة أشار الناظم بقوله: 979- ................................ ... وألف الإفعال واستفعال 980- أزل لذا الإعلال والتا الزم عوض ... وحذفها بالنقل ربما عرض "المسألة الرابعة: صيغة: مفعول"، تعل بالنقل، والحذف، "ويجب بعد النقل في ذوات الواو حذف إحدى الواوين" لالتقاء الساكنين، "والصحيح" عند سيبويه7 "أنها الثانية لما ذكرنا" من أنها زائدة، وقريبة من الطرف، وذهب الأخفش8 إلى أن المحذوف عين الكلمة، لأن العين كثيرًا ما يعرض لها الحذف في غير هذا الموضع فحذفها أولى. "ويجب أيضًا في ذوات الياء الحذف، وقلب الضمة كسرة، لئلا تنقلب الياء واوًا، فتلتبس ذوات الياء بذوات الواو".   1 الكتاب 4/ 80، وانظر الارتشاف 1/ 151. 2 شرح الكافية الشافية 4/ 2142. 3 معاني القرآن للفراء 2/ 254، وانظر الارتشاف 1/ 151، وشرح المفصل 10/ 70. 4 في "ب": "إنما". 5 في "ب": "كقولهم". 6 شرح ابن الناظم ص612. 7 الكتاب 4/ 348، وانظر الارتشاف 1/ 150. 8 الارتشاف 1/ 150، وشرح المفصل. 10/ 67. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 748 "مثال الواوي: مقول، ومصوغ" والأصل: "مقوول، ومصووغ"، بواوين، الأولى عين الكلمة، والثانية واو "مفعول" نقلت حركة العين إلى ما قبلها، فالتقى ساكنان، وهما الواوان، حذفت واو "مفعول" عند سيبويه1، وعين الكلمة عند الأخفش2، ويظهر أثر الخلاف في الميزان، فوزنه على الأول، "مفعل"، وعلى الثاني، "مفول". "و" مثال "اليائي" بياء النسبة. "مبيع، ومدين" أصلهما: "مبيوع، ومديون"، نقلت حركة العين إلى ما قبلها، فالتقى ساكنان, فحذفت واو "مفعول" ثم كسر ما قبل الياء، لئلا تنقلب واوًا، فيلتبس بالواوي، وعين الكلمة عند الأخفش، ثم قلبت الضمة كسرة لتقلب الواو3 ياء, لئلا يلتبس بالواوي، ومذهب سيبويه أولى، لأن التقاء الساكنين إنما يحصل عند الثاني، ولأن قلب الضمة إلى الكسرة خلاف قياسهم، فإن قيل: الواو علامة، والعلامة لا تحذف، قلنا، لا نسلم أنها علامة، بل إشباع الضمة لرفضهم "مفعلا" في كلامهم "إلا "مكرما، ومعونًا"4 بنقل ضمة الواو إلى ما قبلها، والعلامة إنما هي الميم، يدل على ذلك كونها علامة "المفعول" في المزيد فيه من غير الواو، فإن قيل: إذا اجتمع الزائد والأصلي فالمحذوف هو الأصلي كالياء من "غاز" دون التنوين. وإذا التقى ساكنان، والأول حرف مد، يحذف الأول كما في "قل، وبع وخف"، قلنا: كل ذلك إنما يكون إذا كان الثاني من الساكنين حرفًا صحيحًا، وأما هنا فليس كذلك، بل هما حرفا علة. "وبنو تميم تصحح اليائي" دون الواوي، لأن الياء أخف عليهم من الواو، "فيقولون: مبيوع، ومخيوط"، كما يقولون: "مضروب" وذلك مطرد عندهم، "قال" شاعرهم يصف الخمرة: [من الكامل] 968- وكأنها تفاحة مطيوبة ... ...........................   1 الكتاب 4/ 348. 2 حاشية الصبان 4/ 324. 3 سقط من "ب". 4 في "ب": "معولا". 968- صدر بيت لم يعرف عجزه، وهو لشاعر تميمي في المقاصد النحوية 4/ 574، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 404، والخصائص 1/ 261، والمقتضب 1/ 101، والمنصف 1/ 286، 3/ 47، وشرح ابن الناظم ص613. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 749 وكان القياس أن يقول: "مطيبة" كـ"مبيعة"، لكنه أتى به على الأصل، "وقال" العباس بن مرداس: [من الكامل] 969- قد كان قومك يحسبونك سيدا ... وإخال أنك سيد معيون وكان القياس أن يقول: "معين"، وهو من: عنت الرجل بعيني، أصبته بالعين، فأنا "عاين"، وهو "معين"، على القياس، و"معيون" على الأصل، و"إدخال" بكسر الهمزة، وبنو أسد تفتحها على القياس بمعنى: أظن. "وربما صحح بعض العرب شيئًا من ذوات الواو، سمع ثوب مصوون"، من: صان يصون ومسك مدووف، أي مبلول، "وفرس" مقوود، من: قاد يقود، وقول مقوول، من: قال يقول، وإلى هذه المسألة أشار الناظم بقوله: 981- وما لإفعال من الحذف ومن ... نقل فمفعول به أيضا قمن 982- نحو مبيع ومصون وندر ... تصحيح ذي الواو وفي ذي اليا اشتهر   969- البيت للعباس بن مرادس في ديوانه ص108، وجمهرة اللغة 956، والحيوان 2/ 142، وشرح شواهد الشافية ص387، ولسان العرب 13/ 301 "عين", والمقاصد النحوية 4/ 574، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 404، والخصائص 1/ 261، وشرح ابن الناظم ص613، وشرح الأشموني 3/ 866، والمقتضب 1/ 102. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 750 باب الحذف : "وفيه ثلاث مسائل: إحداها: تتعلق1 بالحرف الزائد، وذلك أن الفعل إذا كان على وزن "أفعل" فإن الهمزة تحذف في أمثلة مضارعه، ومثالي وصفه، أعني وصفي الفاعل والمفعول"، لأن حروف المضارع هي حروف الماضي بزيادة أحرف المضارعة، فحذفوا الهمزة لاجتماع الهمزتين في نحو: "أأكرم", ثم حملوا بقية أخواته ووصفي الفاعل، والمفعول عليه، "تقول: أكرم ونكرم وتكرم ويكرم ومكرم" بكسر الراء "ومكرم" بفتحها وأصله: "أأكرم ونؤكرم ويؤكرم ومؤكرِم ومؤكرَم"، فحذفت الهمزة في الجميع، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: 989- وحذف همزة أفعل استمر في ... مضارع وبنيتي متصف "وشذ قوله"، وهو أبو حيان الفقعسي: [من الرجز] 970- فإنه أهل ألن يؤكرما فأثبت الهمزة واستعمل الأصل المرفوض.   1 في "ب": "ما تتعلق". 970- الرجز بلا نسبة في لسان العرب 1/ 435 "رنب", 12/ 512 "كرم", والإنصاف 1/ 11، وأوضح المسالك 4/ 406، وخزانة الأدب 2/ 316، والخصائص 1/ 144، والدرر 2/ 577، وشرح ابن الناظم ص616، وشرح الأشموني 3/ 887، وشرح شافية ابن الحاجب 1/ 139، وشرح شواهد الشافية ص58، والمقاصد النحوية 4/ 578، والمقتضب 2/ 98، والمنصف 1/ 37، 192، 2/ 184، وهمع الهوامع 2/ 218، وتاج العروس 2/ 534 "رنب"، "كرم"، والمخصص 16/ 108. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 751 "المسألة الثانية: تتعلق بفاء الفعل"، وهي المشار إليها بقوله: 988- فا أمر او مضارع من كوعد ... احذف وفي كعدة ذاك اطرد "وذلك أن الفعل إذا كان ثلاثيًّا، واوي الفاء, مفتوح العين" في الماضي، مكسورها في المضارع"، الأربعة، "وفي الأمر، وفي المصدر المبني على "فعلة" بكسر الفاء"، وسكون العين. "ويجب في المصدر تعويض الهاء من المحذوف، تقول" في المضارع للغائب: "يعد"، والأصل "يوعد"، حذفت فاؤه، وهي الواو استثقالا لوقوعها ساكنة بين ياء مفتوحة وكسرة لازمة، وحمل على ذي الياء أخواته. "و" هي: "نعد، وتعد، وأعد، و" أمره، ومصدره الكائن على "فعلة" بكسر الفاء وسكون العين، تقول: "يا زيد عد عدة"، وأصل "عدة: وعد" بكسر الواو, وسكون العين، كما صرحوا به، فحذفت فاؤه، وحركت عينه بحركة فائه، وهي الكسرة ليكون بقاء كسرة الفاء دليلا عليها، وعوض من الفاء تاء التأنيث، ولذلك لا يكادان يجتمعان، ولحذف الواو من المضارع ثلاثة شروط. أحدها: [أن تكون الياء مفتوحة، فلا يحذف من "يوعد"، مضارع، "أوعد". ثانيها] 1: أن تكون عينه مكسورة, فلو كانت مفتوحة، أو مضمومة نحو: "يولد، ويوضؤ" لم يحذف، وشذ: "يجد" بضم الجيم في لغة عامرية، و"يدع، ويذر" مبنيين للمفعول في لغة من وجهين، ضم الياء وفتح العين، وشذ "يسع" من وجهين، كون ماضيه مكسور العين، وكون مضارعه مفتوحًا، وحذفت من "يطأ، ويضع، ويقع، ويدع"، لأنها في الأصل بكسر العين في المضارع ففتحت لأجل حرف الحلق. وثالثها: أن يكون ذلك في فعل، فلو كان في اسم لم تحذف "الواو كـ"يوعيد"2، مثل: "يقطين" من "وعد"، ولحذف الواو من "فعلة" بكسر الفاء شرطان: أحدهما: أن تكون مصدرًا كـ"عدة" فلو كانت غير مصدر لم تحذف واوها، وشذ نحو: "رقة" للفضة، و"حشة" للأرض الموحشة. والثاني: ألا يكون لبيان الهيئة نحو: "الوعدة، والوقعة" المقصود بهما الهيئة، فلا تحذف واوهما للالتباس، "وأما: الوجهة، فاسم" للمكان المتوجه إليه، فهي "بمعنى:   1 سقط ما بين المعكوفين من "ب". 2 في "ب": "كوعيد". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 752 الجهة، لا" اسم مصدر "للتوجه"، قاله المازني1 والمبرد2 والفارسي3، فعلى هذا لا شذوذ في إثبات واوه، لأنه ليس بمصدر، وذهب قوم إلى أنه مصدر، وهو الذي يظهر من كلام سيبويه4، ونسب إلى المازني أيضًا. وعلى هذا فإثبات الواو فيه شاذ، والمسوغ لإثباتها فيه دون غيره من المصادر أنه مصدر غير جار على فعله، إذ لا يحفظ "وجه يجه" فلما فقد مضارعه لم يحذف منه، إذ لا موجب لحذفها منه إلا حمله على مضارعه، ولا مضارع له، والفعل المستعمل منه: "توجه، واتجه" والمصدر الجاري عليه: "التوجه"، فحذفت زوائده وقيل: "وجهة". ورجح الشلوبين القول بأنه مصدر، فقال5، لأن "وجهة، وجهة" بمعنى واحد، فلا يمكن أن يقال في "جهة"، إنها اسم لمكان، إذ لا يبقى للحذف وجه. وفهم من تخصيص هذا الحذف بما فاؤه واو أن ما فاؤه ياء لاحظ له في هذا الحذف، إلا ما شذ من قول العرب: "يئس"، مضارع "يأس"، أصله: "ييئس"، فحذفت الياء، و"يسر"، مضارع "يسر"، أصله: "ييسر". "وقد تترك تاء المصدر" إذا أضيف "شذوذًا كقوله"، وهو أبو أمية الفضل ابن عباس بن عتبة بن أبي لهب: [من البسيط] 971- إن الخليط أجدوا البين فانجردوا ... وأخلفوك عد الأمر الذي وعدوا قال الفراء6، أرد عدة الأمر, فحذف تاء التأنيث عند الإضافة شذوذًا وخرجه خالد بن كلثوم على أن "عدى" جمع "عدوة" و"العدوة", الناحية، كأنه أراد نواحي الأمر.   1 التصريف 1/ 200. 2 المقتضب 1/ 89، 2/ 130. 3 الحجة 2/ 243. 4 الكتاب 4/ 337. 5 شرح المرادي 6/ 97، وانظر حاشية الصبان 4/ 343. 971- البيت للفضل بن عباس في شرح شواهد الشافية ص64، ولسان العرب 1/ 651 "غلب" 7/ 293 "خلط"، والمقاصد النحوية 4/ 572، وبلا نسبة في الارتشاف 1/ 118، والأشباه والنظائر 5/ 241، وأوضح المسالك 4/ 407، والخصائص 3/ 171، وشرح ابن الناظم ص612، وشرح الأشموني 2/ 304، وشرح عمدة الحافظ 486، وعمدة الحفاظ "خلط"، واللسان 3/ 462 "وعد". 6 معاني القرآن 2/ 319. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 753 "المسألة الثالثة: تتعلق بعين الفعل"، وهي المشار إليها بقول الناظم: 990- ظلت وظلت في ظللت استعملا ... وقرن في اقررن وقرن نقلا "وذلك أن الفعل إذا كان ثلاثيًّا مكسور العين، وعينه ولامه من جنس واحد، فإنه يستعمل في حال إسناده إلى الضمير المتحرك على ثلاثة أوجه: تاما, ومحذوف العين بعد نقل حركتها" إلى الفاء, "ومع ترك النقل، وذلك في نحو: ظل، تقول" إذا أسندته إلى ضمير رفع متحرك: "ظللت" بالإتمام، وفك الإدغام لالتقاء الساكنين، و"ظلت"، بكسر الفاء، "وظلت"، بفتحها، وحذف اللام الأولى منهما لتعذر الإدغام مع اجتماع المثلين لاتصال الضمير، والتخفيف مطلوب، واختصت اللام الأولى؛ وهي العين؛ بالحذف، لأنها تدغم, وقيل: المحذوف الثانية، لأن الثقل إنما يحصل عندها، أما فتح الفاء فلأنه لما حذفت اللام مع حركتها بقيت الفاء مفتوحة، وأما الكسر فلأنه لما نقل حركة اللام إلى الطاء بعد إسكانها، وحذفت اللام، بقيت الفاء مكسورة. "وكذلك" تقول "في" "ظللنا، وظللت، وظللتما، وظللتم، و"ظللن" بلا فرق، ويقال: "ظلت أفعل"، بكسر الظاء؛ ظلولا، إذا عملت بالنهار دون الليل، وذكر أبو الفتح1 أن كسر الظاء من "ظلت" لغة أهل الحجاز، وفتحها لغة تميم1، وينبغي العكس، فإن الفتح جاء في القرآن نزل بلغة أهل الحجاز، "قال الله تعالى: {فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ} " [الواقعة: 65] . وظاهر إطلاق الموضح أن هذا الحذف مطرد في كل فعل مضاعف مكسور العين، وهو مذهب الشلوبين2، وصرح سيبويه بشذوذه3, وأنه لم يرد إلا في لفظين من الثلاثي، وهما: "ظلت، ومست"، في "ظللت، ومسست"، وفي لفظ ثالث4 من الزائد على الثلاثة، وهو "أحست" في "أحسست" وممن ذهب إلى عدم اطراده ابن عصفور5، وقال في التسهيل6: إنه لغة سليم، وحكى ابن الأنباري1 الحذف في لفظ من المفتوح، وهو "همت" في "هممت" وإطلاق التسهيل شامل للمفتوح والمكسور وللثلاثي ومزيده.   1 انظر شرح المرادي 6/ 101. 2 الارتشاف 1/ 121. 3 الكتاب 1/ 121. 4 سقط من "ب". 5 الممتنع في التصريف 2/ 661. 6 التسهيل ص314. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 754 "وإن كان الفعل" المضاعف المكسور العين "مضارعًا أو أمرًا، واتصلا بنون نسوة، جاز الوجهان الأولان"، التمام وحذف العين بعد نقل حركتها إلى الفاء "نحو: يقررن" بالإتمام والفك, "ويقرن" بحذف عينه، ونقل حركتها إلى الفاء، [ونحو: "اقررن" بالإتمام والفك، و"قرن"، بحذف عينه، ونقل حركتها إلى الفاء] 1, وهي القاف. "ولا يجوز في نحو: {قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ} [سبأ: 50] , بفتح العين: من "الضلال" نقيض "الاهتداء"، "وفي نحو: {فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ} " [الشورى: 33] بفتح اللام وكسرها من "ظل يظل"، و"يظل"، مثل: "ضل، يضل"، و"يضل"، قاله في الارتشاف2، "إلا الإتمام، لأن العين مفتوحة". "وقرأ نافع وعاصم: {وَقَرْنَ} [الأحزاب: 23] بالفتح"3 في القاف أمرًا من "قررت بالمكان، أقر به"، بكسر الماضي وفتح المضارع, فلما أمر منه اجتمع مثلان، أولهما مفتوح، ففعل فيه من حذف عينه ما فعل بـ"أحست"، "وهو قليل، لأنه" تخفيف "لمفتوح، ولأن المشهور "قررت في المكان" بالفتح "أقر" بالكسر، وأما عكسه"، وهو "قررت" بالكسر "أقر" بالفتح "ففي: قررت عينا" بالكسر, "أقر" بالفتح، وذهب بعضهم إلى أن "قرن" على قراءة الفتح أمر من: "قار يقار"، وإلى أن "قِرن" على قراءة الكسر أمر من "الوقار" يقال: "وقر، يقر"، فيكون "قرن" محذوف الفاء مثل: "عدن". وأجاز الناظم في الكافية وشرحها4 إلحاق المضموم العين بالمكسورها، فأجاز في: {اغْضُضْ} [لقمان: 19] أن يقال: "غضن"، واحتج بأن فك المضموم أثقل من فك المكسور، وإن كان فك المفتوح قد فر منه إلى الحذف في "قرن" المفتوح القاف، ففعل ذلك بالمضموم أحق بالجواز، قال: ولم أره منقولا.   1 إضافة من "ب", "ط". 2 الارتشاف 1/ 76. 3 انظر القراءة في شرح ابن الناظم ص617. 4 شرح الكافية الشافية 4/ 2171. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 755 باب الإدغام اللائق بالتصريف : وهو إدغام المثلين، ويقال فيه: الإدغام، بتشديد الدال، وهي عبارة سيبويه1، وأصحابه2 والأولى عبارة الكوفيين3، وهو؛ لغة: الإدخال، واصطلاحًا: رفعك اللسان، ووضعك إياه بالحرفين دفعة واحدة بعد إدخال أحدهما في الآخر، فيجب إدغام أول المثلين الساكن أولهما، المتحرك ثانيهما، بثلاثة شروط: أحدها: أن لا يكون أول المثلين هاء سكت، فإن كان هاء سكت فإنه لا يدغم، لأن الوقف على الهاء منوي الثبوت, وقد روي عن ورش إدغام: {مَالِيَهْ، هَلَكَ} 4 [الحاقة: 28، 29] وهو ضعيف من جهة القياس. والثاني: ألا يكون همزة, منفصلة عن الفاء نحو: "لم يقرأ أحد" فإن الإدغام في ذلك رديء، فلو كانت متصلة بالفاء وجب الإدغام نحو: "سأآل". والثالث: ألا يكون مدة في آخره، أو مبدلة من غيرها دون لزوم، فإن كانت مدة في الآخر لم يدغم نحو: "يعطي ياسر، ويدعو واقد"5, لئلا يذهب المد بالإدغام، فإن لم يكن في آخر وجب الإدغام نحو6: "مغزو", أصله: "مغزوو" على وزن "مفعول".   1 الكتاب 4/ 431. 2 يقصد أصحابه البصريين. 3 التسهيل ص320، وشرح المفصل 10/ 121. 4 انظر القراءة في إتحاف فضلاء البشر ص423. 5 في "ب": "واحد". 6 سقط من "ب": "نحو". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 756 واغتفر ذهاب المدة في هذا لقوة الإدغام فيه، وإن كانت مدة مبدلة من غيرها، دون لزوم, لم يجب الإدغام، بل يجوز إن لم يلبس نحو: "أَثَاثًا وَرِيًّا" [مريم: 74] في وقف حمزة1. ويمتنع إن ألبس نحو: "قوول" بالبناء للمفعول لأنه لو أدغم لالتبس بـ"قول"، وإن كانت المدة مبدلة من غيرها إبدالا لازمًا وجب الإدغام نحو: "أوب" أصله: "أؤوب"، بهمزتين مضمومة فساكنة، أبدلت الثانية واوًا وأدغمت في الواو الثانية. ويمتنع الإدغام إذا تحرك أو المثلين، وسكن ثانيهما نحو: "ظللت"، و"رسول الحسن"، لأن شرط الإدغام تحرك2 المدغم فيه. "ويجب إدغام أول المثلين المتحركين بأحد عشر شرطًا: أحدها: أن يكون في كلمة" واحدة، كانت اسمًا أو فعلا، فالأول كـ"ضب، وطب، وحب"، والثاني "كـ"شد، ومل، وحب"، أصلهن: "شدد" بالفتح، و"ملل" بالكسر، و"حبب" بالضم"، فسكن أول المثلين، وأدغم في الثاني، "فإن كانا" أي المثلان المتحركان "في كلمتين"، بأن كان أولهما في آخر كلمة، وثانيهما في أول كلمة أخرى "مثل: {جَعَل لَكَ} [الفرقان: 10] كان الإدغام جائزًا لا واجبًا" بشرطين: أحدهما: ألا يكون همزتين نحو: "قرأ آية"، فإن الإدغام في الهمزتين رديء. الثاني: ألا يلي أولاها ساكنًا غير لين، نحو: {شَهْرُ رَمَضَانَ} [البقرة: 185] , فهذا لا يجوز إدغامه عند جمهور البصريين3، وقد روي عن أبي عمرو الإدغام في ذلك4، وتأولوه على إخفاء الحركة، وأجاز الفراء إدغامه5. الشرط "الثاني" من الأحد عشر "ألا يتصدر أولهما" أي المثلين "كما في: ددن" بدالين مهملتين مفتوحتين، وهو اللهو واللعب، فإن مثل ذلك لا يجوز إدغامه، لأن الإدغام يستدعي سكون أول المثلين، والابتداء بالساكن متعذر.   1 انظر القراءة في الإتحاف ص300، والنشر 1/ 461. 2 في "ب": "تحريك". 3 انظر الارتشاف 1/ 333، والمبدع في التصريف ص279. 4 وكذلك قرأ الحسن. انظر الإتحاف ص148، والبحر المحيط 2/ 38. 5 معاني القرآن 1/ 112، وانظر شرح المفصل 10/ 123، والارتشاف 1/ 323. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 757 الشرط: "الثالث: ألا يتصل أولهما بمدغم كـ: جسس"، بضم الجيم، وفتح السين المهملة، "جمع: جاس"، فإنه فيه مثلين متحركين، ويمتنع إدغام أولهما في الثاني، لأن قبلهما مثلًا آخر مدغمًا في أول المتحركين1، فلو أدغم المدغم فيه التقى ساكنان، وبطل الإدغام السابق. الشرط "الرابع: ألا يكون في وزن ملحق، سواء أكان الملحق أحد المثلين كـ: قردد"، وهو المكان الغليظ المرتفع، "و: مهدد" علمًا لامرأة. "أو غيرهما" أي المثلين "كـ: هيلل"، إذا قال: لا إله إلا الله. "أو كلاهما" أي أحد المثلين، وغيره "نحو: اقعنسس" أي تأخر ورجع، والملحق فيه أحد المثلين، وهو السين الثانية على المختار، وغير أحد المثلين، وهو الهمزة والنون، وكان حقه أن يقول، أو كليهما، بالياء عطفًا على خبر "كان"، وهو أحد المثلين، ولكنه أتى به بالألف، إما على لغة كنانة، لأنهم يعربون "كلا" بالألف مطلقًا أو على أن أحد المثلين اسم "كان" مؤخرًا, و"الملحق" خبرها مقدما، "فإنها"؛ أي "قردد، ومهدد، وهيلل، واقعنسس" "ملحقة" بغيرها. أما "قردد، ومهدد" فإن أحد داليهما مزيدة للإلحاق "بـ: جعفر". "و" أما "هيلل" فغن الياء مزيدة فيه للإلحاق بنحو: "دحرج"، وهي غير أحد المثلين. "و" أما "اقعنسس" فإن أحد السينين والهمزة والنون مزيدة فيه للإلحاق بنحو: "احرنجم" ولا يجوز إدغام أحد المثلين في الآخر في شيء من الملحقات، لأنه يؤدي إلى ذهاب مثال الملحق به. الشرط "الخامس والسادس والسابع والثامن: ألا يكونا في اسم على "فعل" بفتحتين كـ طلل" بالطاء المهملة، وهو الشاخص من آثار الديار، "ومدد" بالمهملة، وهو كل شيء زاد في شيء. "أو" على "فعل2؛ بضمتين؛ كـ: ذلل" بالذال المعجمة، جمع "ذلول"، ضد الصعبة، "وجدد" بالجيم، "جمع، جديد".   1 بعده في "ب": "المثلين". 2 في "ب": "فعلل". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 758 "أو" على "فعل، بكسر أوله وفتح ثانيه كـ: لمم"، جمع "لمة"، بكسر اللام وتشديد الميم، وهي العشر المجاوز شحمة الأذن، "وكلل" جمع "كلة"، بكسر الكاف وتشديد اللام, وهي الستر الرقيق، يخاط كالبيت، يتوقى به من البعوض، ويسمى في عرفنا الناموسية. "أو" على "فعل، بضم أوله وفتح ثانيه كـ: درر" جمع "درة" وهي اللؤلؤة، "وجدد" بالجيم، "جمع: جدة"، بضم الجيم وتشديد الدال، "وهي الطريقة في الجبل. وفي هذه الأنواع السبعة الأخيرة"، وهي الثلاثة الملحقة، وهذه الأربعة في الخامس والثامن وما بينهما "يمتنع الإدغام" فيها. أما الثلاثة الأول فلما تقدم من أن الإدغام يفوت المقابلة في الإلحاق، وأما النوع الأول من الأربعة فإنه وإن وازن الفعل لم يدغم تنبيهًا على فرعية الإدغام في الأسماء. وأما الثلاثة الباقية فلأنها مخالفة للأفعال في الوزن، والإدغام فرع الإظهار، فخص بالفعل لفرعيته، وتبع الفعل فيه ما وازنه من الأسماء دون ما لم يوازنه، وكذا ما وازن هذه الأمثلة الأربعة [بصدره] 1 لا بجملته، فإنه يمتنع إدغامه نحو: "خششاء" لعظم خلف الأذن، فإنه موازن بصدره لـ"فعل"، بضم أوله وفتح ثانيه نحو: "صفف"، قاله المرادي2، وفي الصحاح ما يخالفه، فإنه قال3: "الخشاء"، أصله الخششاء، على "فعلاء" فأدغم. ونحو: "رددان" من "الرد" فإنه موازن بصدره لـ"فعل", بضمتين نحو: "ذلل"، ونحو: "حببة"، جمع "حب"، فإنه موازن بصدره لـ"فعل"، بكسر أوله وفتح ثانيه، نحو: "كلل"، ونحو: "الدججان" بفتحتين، مصدر "دج" بمعنى "دب"، فإنه موازن بصدره لـ"فعل" بفتحتين نحو: "طلل". "و" الشروط "الثلاثة الباقية" من الأحد عشر هي: ألا تكون حركة ثانيهما عارضة نحو: خصص أبي، واكفف الشر، أصلهما: اخصص، واكفف، بسكون الآخر، ثم نقلت حركة الهمزة" من "أبي"؛ وهي الفتحة؛ "إلى الصاد" من "اخصص"، "وحركت الفاء" من "اكفف" بالكسر "لالتقاء الساكنين" فالحركة فيهما عارضة، ولا يعتد بها.   1 إضافة من "ب"، "ط". 2 شرح المرادي 6/ 106. 3 الصحاح "خشش". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 759 "وألا يكون المثلان ياءين" تحتانيتين، "لازما تحريك ثانيهما نحو: حيي، وعيي، ولا تاءين" فوقانيتين "في: افتعل، كـ: استتر، واقتتل" من "الستر، والقتل". "وفي هذه الصور الثلاث يجوز الإدغام والفك، قال" الله "تعالى: {وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ} [الأنفال: 42] بالفك، "ويقرأ أيضا: من حي"، بالإدغام1، فمن أدغم نظر إلى أنهم مثلان في كلمة واحدة، وحركة ثانيهما لازمة، ومن فك نظر إلى أن اجتماع المثلين في باب "حيي" كالعارض، لكونه مختصًا بالماضي دون المضارع الأمر، والعارض لا يعتد به غالبًا، وكلاهما فصيح. والفك أكثر في كلامهم، فلو كانت حركة ثاني الياءين غير لازمة نحو: لن يحيى، ورأيت محييا" لم يجز الإدغام خلافًا للفراء2. "وتقول: استتر، واقتتل"، بالفك، "فإذا أردت الإدغام نقلت حركة" التاء "الأولى إلى الفاء"، وهي السين والقاف، "وأسقطت الهمزة" أي همزة الوصل، "للاستغناء عنها بحركة ما بعدها، ثم أدغمت" التاء في التاء، "فتقول في الماضي: ستر، وقتل"، بفتح أولهما وتشديد ثانيهما. "و" تقول "في المضارع: "يستر"، و"يقتل"، بفتح أولهما" وثانيهما وتشديد ثالثهما مع الكسر: "و" تقول "في المصدر: ستارًا، وقتالا، بكسر أولهما" وتشديد ثانيهما. وإنما ذكر المضارع والمصدر ليميز بين ما أصله التشديد، وما عرض فيه، وذلك أن نحو: "ستر" يحتمل أن يكون [على أصله، ويحتمل أن يكون] 3 أصله: "استتر" ولا يفرق بينهما إلا المضارع والمصدر، فتقول في مضارع "ستر" الذي وزنه: "فعل، يستر" بضم أوله، لأن ماضيه على أربعة أحرف، وفي مصدره: "تستيرًا" على وزن "تفعيلا" وفي مضارع الذي أصله: "استتر: يستر4" بفتح أوله، لأن ماضيه على خمسة أحرف، وأصله: "يستر" فنقل، وأدغم، وفي مصدره،: ستارًا" وأصله: "استتارًا" فلما أريد الإدغام نقلت الحركة وطرحت الهمزة. "ويجوز الوجهان"، الإدغام والفك "أيضًا في ثلاث مسائل أخر:   1 انظر الإتحاف ص237، والنشر 2/ 276. 2 معاني القرآن 1/ 411. 3 سقط ما بين المعكوفين من "ب". 4 في "ب": "يستتر". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 760 إحداها: أولى التاءين" الفوقانيتين "الزائدتين في أول المضارع نحو: تتجلى، وتتذكر" مضارعي: "تجلى وتذكر"، "وذكر الناظم في شرح الكافية1، وتبعه ابنه" في شرح الخلاصة2، "أنك" إذا أدغمت" التاء الأولى في الثانية "اجتلبت همزة الوصل" ليتوصل بها إلى النطق بالتاء المسكنة للإدغام، فقلت في "تتجلى: اتجلى"، انتهى3. "و" فيه نظر، فإنه "لم يخلق الله" أحدا من الفصحاء في ما نعلم، أدخل "همزة وصل في أول" الفعل "المضارع، وإنما إدغام هذا النوع في الوصل دون الابتداء"، قال الحوفي4: فإن وقف ابتدئ بالإظهار، ولا يجوز إدخال ألف الوصل عليه، لأن ألف الوصل لا تدخل على الفعل المضارع، وذكر الناظم في بعض كتبه هذه المسألة على الصواب فقال1: يجوز إدغام تاء المضارعة في تاء أخرى بعد مدة أو حركة نحو: {وَلَا تَيَمَّمُوا} [البقرة: 267] ، و {تَكَادُ تَمَيَّزُ} [الملك: 8] ، انتهى. "وبذلك قرأ البزي في الوصل نحو: {وَلَا تَيَمَّمُوا} 5، و: {لَا تَبَرَّجْنَ} 6 [الأحزاب: 33] ، و: {كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ} 7" [آل عمران: 143] ، والأصل: "تتيمموا وتتبرجن، وتتمنون" بتاءين، أدغمت أولاهما في أخراهما. "فإن أردت التخفيف في الابتداء حذفت إحدى التاءين؛ وهي الثانية"؛ وفاقًا لسيبويه والبصريين8، لأن الاستثقال بها حصل، "لا الأولى" لدلالتها على المضارعة "خلافًا لهشام" الضرير وأصحابه من الكوفيين8. وحجتهم أن الثانية في "تتفعل" لمعنى كالمطاوعة مثلا، وحذفها يخل بهذا المعنى، "وذلك جائز في الوصف أيضًا، قال الله تعالى: {نَارًا تَلَظَّى} " [الليل: 14] ، الأصل: "تتلظى" فحذفت إحدى التاءين، ولو كان ماضيًا: "تلظت" لأن التأنيث واجب مع "المجازي إذا كان ضميرا متصلا "و: {لَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ} " [آل عمران: 143] الأصل: "تتمنون".   1 شرح الكافية الشافية 4/ 2185. 2 شرح ابن الناظم ص619. 3 سقط من "ب". 4 انظر الارتشاف 1/ 164، والممتع في التصريف 2/ 637. 5 كذلك قرأ ابن كثير وورش والنقاش وأبو ربيعة والقواس. انظر الإتحاف 164، والبحر المحيط 2/ 317. 6 كذلك قرأ قنبل، انظر الإتحاف ص355، والنشر 2/ 222، 224. 7 كذلك قرأ أبو بكر الزغيبي وأبو ربيعة وأبو الفرج النجاد وأبو الفتح بن يدهن، انظر الإتحاف 164. 8 انظر الإنصاف 2/ 648، المسألة رقم 93. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 761 "وقد يجيء هذا الحذف في النون" الثانية بعد نون المضارعة، "ومنه على" القول "الأظهر قراءة ابن عامر" وعاصم: "كذلك نجي المؤمنين"1 [الأنبياء: 88] بضم النون وتشديد الجيم المكسورة وسكون الياء "أصله: ننجي، بفتح النون الثانية" وتشديد الجيم المكسورة، مضارع "نجى" فحذفت النون الثانية. ويضعفه أنه لا يجوز في مضارع "نبأت، ونقيت، ونزلت"، ونحوهن؛ إذا ابتدأت بالنون؛ أن تحذف النون الثانية إلا في شذوذ، كقراءة بعضهم: "وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةَ" [الفرقان: 25] بنصب "الملائكة"2، "وقيل: الأصل: ننجي، بسكونها" أي النون الثانية، "فأدغمت" في الجيم "كـ: إجاصة، وإجانة"، بتشديد الجيم فيهما، والأصل "إنجاصة وإنجانة"، فأدغمت النون في الجيم، و"الإجاصة" واحدة الإجاص، و"الإجانة" واحدة الأجاجين، وهي بفتح الهمزة وكسرها، قال صاحب الفصيح3: قصرية يغسل ويعجن فيها، ويقال: إنجانة كما يقال: إنجاصة، وهي لغة يمانية فيهما، أنكرها الأكثرون، قاله ابن السيد. "وإدغام النون في الجيم لا يكاد يعرف"، لأن النون عند الجيم تخفى ولا تدغم. "وقيل: هو" فعل ماض "من: نجا، ينجو" بتخفيف عينه، هي الجيم، "ثم ضعفت عينه" وبني للمفعول، "وأسند لضمير المصدر"، والتقدير: "نجي هو" أي النجاء، "و" فيه ضعف من جهات: إحداها: أنه "لو كان كذا لفتحت الياء، لأنه فعل ماض" مبني للمجهول نحو: {قُضِيَ الْأَمْرُ} [البقرة: 210] . والثانية: إنابة ضمير المصدر مع أنه مفهوم من الفعل. والثالثة: إنابة غير المفعول به مع وجوده، قاله في المغني. ويجاب عن أولها بأن تسكين الياء المفتوحة للتخفيف لغة، وبها قرأ الأعمش4: "فنسيْ ولم نجدْ" [طه: 115] ، وقرأ الحسن5: "ما بقيْ من الربا" [البقرة: 278] بإسكان الياء فيهما وصلا.   1 كذلك قرأ شعبة وأبو عبيد. وانظر الإتحاف ص311، والنشر 2/ 324. 2 هي قراءة أبي عمرو وأبي كثير وخارجة ومعاذ. انظر المحتسب 2/ 120، والبحر المحيط 6/ 494. 3 فصيح ثعلب ص305، وانظر شرح الفصيح للزمخشري ص555. 4 انظر المحتسب 2/ 59، وتفسير القرطبي 11/ 251. 5 انظر الإتحاف ص165، والبحر المحيط 2/ 337. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 762 وعن الثانية بقوله تعالى: {وَحِيلَ بَيْنَهُمْ} [سبأ: 54] ، فإن النائب ضمير المصدر. وعن الثانية بقراءة أبي جعفر1: {لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [الجاثية: 14] فأناب غير المفعول به مع وجوده. المسألة "الثانية والثالثة" من المسائل الثلاث التي يجوز فيها الإدغام، والفلك "أن تكون الكلمة فعلا مضارعًا مجزومًا" بالسكون، "أو فعل أمر" مبنيا على السكون، فإنه يجوز فيه الفك والإدغام، "قال الله تعالى: {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ} " [البقرة: 217] ، "يقرأ بالفك، وهو لغة أهل الحجاز، وبالإدغام وهو لغة تميم" اعتدادًا بتحريك الساكن2 في بعض الأحوال نحو: "لم يردد القوم، واردد القوم"، وأهل الحجاز لا يعتدون بذلك، "وقال الله تعالى: {وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ} " [لقمان: 19] بالفك3. "وقال" جرير "الشاعر": [من الوافر] . 972- فغض الطرف إنك من نمير ... فلا كعبا بلغت ولا كلابا بالإدغام، وإذا أدغم في الأمر على لغة تميم وجب طرح همزة الوصل لعدم الاحتياج إليها. وحكى الكسائي4 أنه سمع من عبد القيس: "ارد، وغض، وافر"، بهمزة الوصل، ولم يحك ذلك أحد من البصريين. وإذا اتصل بالمدغم فيه واو جمع نحو: "ردوا"، أو ياء المخاطبة نحو: "ردي"، أو نون توكيد نحو: "ردن" أدغم الحجازيون وغيرهم من العرب5، كذا6، قالوا: وعللوه بأن الفعل حينئذ مبني7 على هذه العلامات، وليس تحريكه بعارض. وإذا اتصل بالمدغم   1 انظر الإتحاف ص390، والنشر 2/ 372، وشرح ابن عقيل 1/ 509، وشرح المفصل 7/ 75. 2 شرح ابن الناظم ص620، والارتشاف 1/ 165، وشرح الكافية الشافية 4/ 2190. 3 شرح ابن الناظم ص620. 972- البيت لجرير في ديوانه ص821، وديوان المعاني 1/ 32، وخزانة الأدب 1/ 72، 74، 9/ 542، وشرح المفصل 9/ 128، ولسان العرب 3/ 142 "حدد"، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 411، وخزانة الأدب 6/ 531، 9/ 306، وشرح الأشموني 3/ 897، وشرح شافية ابن الحاجب ص244، والكتاب 3/ 533، والمقتضب 1/ 185، وشرح المرادي 6/ 117. 4 الارتشاف 1/ 165. 5 الممتع في التصريف 2/ 659. 6 في "ب": "كهذا". 7 سقط من "ب". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 763 هاء غائب وجب ضم المدغم فيه نحو: "رده، ولم يرده"، ووجب فتح المدغم فيه قبل هاء الغائبة، نحو: "ردها، ولم يردها"، قالوا: لأن الهاء خفية، ولم يعتد بوجودها، فكأن الدال قد وليت الألف نحو: "ردا". وحكى الكوفيون "ردها" بالضم والكسرة و"رده" بالكسرة والفتح، وذلك في مضموم الفاء، وذكر ثعلب الأوجه الثلاثة قبل هاء الغائب1، وغلطوه في تجويزه الفتح، وأما الكسر فالصحيح أنه لغية، سمع2 الأخفش من ناس من بني عقيل: "مده، وعضه"، بالكسر3، والتزم أكثرهم الكسر قبل ساكن، يقال: "رد القوم"، بالكسر، لأنها حركة التقاء الساكنين في الأصل، ومنهم من فتح، وهم بنو أسد4، وعليه قول جرير5: [من الوافر] فغض الطرف إنك من نمير ... فلا كعبا بلغت ولا كلابا وأما الضم فقال في التسهيل6: ولا يضم قبل ساكن بل يكسر، وقد يفتح، انتهى. وحكى ابن جني الضم أيضًا7، وهو قليل، فإن لم تتصل بالفعل هاء الغائبة أو هاء الغائب أو الساكن ففيه ثلاث لغات، الفتح مطلقًا نحو: "رد، وغض، وفر"، [وهي] 8 لبني أسد9 وناس غيرهم، والكسر مطلقًا نحو: "رد، وغض، وفر"، وهي لغة كعب ونمير10، والإتباع لحركة الفاء نحو: "رد وغض وفر"، وهذا كثير في كلامهم. "والتزم الإدغام في: هلم لثقلها بالتركيب"، وفي كيفية تركيبها خلاف11، قال جمهور البصريين12: مركبة من "ها" التنبيه، ومن "لم" التي هي فعل أمر من قولهم:   1 انظر شرح الفصيح للمزمخشري ص87، 89. 2 في "ب": "حكى". 3 شرح المرادي 6/ 116، والمبدع في التصريف ص253. 4 شرح المرادي 6/ 116. 5 تقدم تخريج البيت برقم 972. 6 التسهيل ص314. 7 انظر شرح المرادي 6/ 117. 8 إضافة من "ب", "ط". 9 الارتشاف 1/ 166. 10 شرح المرادي 6/ 117. 11 في "ب": "وجهان". 12 انظر الخصائص 3/ 35، والمزهر 1/ 136، ومجمع الأمثال 2/ 402. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 764 "لم الله شعثك" أي جمعه، وكأنه قيل: اجمع نفسك إلينا، فحذفت ألفها تخفيفًا، ونظرًا إلى أن أصل لام "لم" السكون وقال الخليل: ركبا قبل الإدغام، فحذفت الهمزة للدرج إذا كانت همزة وصل، وحفت الألف لالتقاء الساكنين، ثم نقلت حركة الميم الأولى إلى اللام، وأدغمت، وقال الفراء، مركبة فعل بمعنى: أحضر في المتعدي، وبمعنى: ائت في اللازم. واللغة الثانية: أن تلحقها الضمائر البارزة بحسب من هي مسندة إليه، فتقول: "هلما وهلموا وهلمي وهلممن" بالفك، وهي لغة بني تميم، وهي عندهم فعل أمر. وذهب بعض النحويين إلى أن "هلم" في لغة بني تميم اسم غلب فيه جانب الفعلية، واستدل بالتزامهم الإدغام، ولو كانت فعلا لجرت مجرى "رد" في جواز الضم والكسر والإظهار، وأجيب بأن التزام أحد الجائزين لا يخرجها عن الفعلية، والتزام أحد الجائزين في كلام العرب كثير. "ويجب الفك في: أفعل" بكسر العين، "في التعجب" بإجماع العرب محافظة "على الصيغة: سواء كان متصلا بالباء أم لا, فالأول "نحو: أشدد ببياض وجه المتقين, و" الثاني نحو: "أحبب إلى الله بالمحسنين"، بالفصل بالجار والمجرور. والأصل: أحبب بالمحسنين إلى الله، "وإذ سكن الحرف المدغم فيه لاتصاله بضمير الرفع" البارز "وجب فك الإدغام في لغة غير بكر بن وائل"، لأن ما قبل الضمير البارز المرتفع لا يكون إلا ساكنًا: "نحو: حللت، و: {قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ} [سبأ: 50] ، و: {شَدَدْنَا أَسْرَهُمْ} [الإنسان: 28] والفرق بينه وبين نحو: "رد", و"لم يرد" حيث جاز فيه الفك والإدغام أن سكون المضارع المجزوم عارض، يزول، بزوال الجازم، والأمر محمول عليه، وسوى بينهم في لغة بكر بن وائل، قال سيبويه1، وزعم الخليل أن ناسًا من بكر ابن وائل يقولون: "ردن، ومدن، وردت" وهذه لغة ضعيفة كأنهم قدروا الإدغام قبل دخول النون والتاء، فأبقوا اللفظ على حاله بعد دخولهما. "وقد يفك الإدغام في غير ذلك شذوذًا نحو: لححت عينه" بحاءين مهملتين أي: لصقت بالرمص، بفتح الميم، وهو وسخ يجتمع في الموق، فإن سال فهو عمص، وإن جمد فهو رمص، قاله في الصحاح2، "و: ألل السقاء"، أي: تغيرت رائحته، و"ضبب   1 الكتاب 3/ 535. 2 الصحاح "رمص". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 765 البلد"، أي: كثر ضبابه، و"دبب الإنسان"، أي: نبت شعره في جبينه، و"صكك الفرس"، أي: اصطكت عرقوباه، و"قطط الشعر"، أي: اشتدت جعودته، وغير ذلك مما جاء بإظهار التضعيف لبيان الأصل، كـ"القود" بالتصحيح، "أو في ضرورة كقوله" وهو أبو النجم العجلي: [من الرجز] 973- الحمد لله العلي الأجلل ... الواسع الفضل الوهوب المجزل والقياس: "الأجل" بالإدغام. والحمد لله الذي هدانا لهذا، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، جعله الله خالصًا لوجهه، موجبًا للفوز لديه بمنه وكرمه. قال مؤلفه: ووافق الفراغ منه يوم عرفة من شهور سنة ست وتسعين وثمان مائة. ثم شرح توضيح الشيخ العلامة جمال الدين بن هشام، للشيخ العلامة المرحوم الشيخ زين الدين خالد النحوي الأزهري؛ تغمدهما الله تعالى برحمته، وأسكنهما فسيح جنته؛ في اليوم المبارك يوم الأحد، ثالث عشر من شهر شوال من شهور سنة ثمان وأربعين وألف، على يد أقل عبيد الله، وأحوجهم إلى مغفرته محمد الشهير بابن بلح بن خضير بن خضر. الوليلي بلدًا، الشافعي مذهبًا غفر الله له ولوالديه، ولإخوانه في الله، ولجميع المسلمين، آمين، آمين، آمين. والحمد لله رب العالمين. وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وأصحابه، وأزواجه وذريته، وسلم تسليمًا كثيرًا دائمًا أبدًا إلى يوم الدين، كلما ذكره الذاكرون، وغفل عن ذكره الغافلون. وحسبنا الله ونعم الوكيل. ولا حول ولا قوة إلى بالله العلي العظيم. والحمد لله وحده.   973- الرجز لأبي النجم العجلي في ديوانه ص175، وشرح شواهد المغني 1/ 449، والمقاصد النحوية 4/ 595، وخزانة الأدب 2/ 392، 394، وشرح شواهد الشافية ص313. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 766 فهرس المحتويات : الصفحة الموضوع 3 باب إعمال المصدر وإعمال اسمه 11 باب إعمال اسم الفاعل 22 باب إعمال اسم المفعول 25 باب أبنية مصادر الفعل الثلاثي المجرد 31 باب مصادر غير الثلاثي 39 باب كيفية أبنية أسماء الفاعلين 43 باب كيفية أبنية أسماء المفعولين 45 باب الصفة المشبهة باسم الفاعل 57 باب التعجب 75 باب نعم وبئس 92 باب أفعل التفضيل 107 باب النعت 132 باب التوكيد 147 باب العطف 153 باب عطف النسق 190 باب البدل 205 باب النداء 239 باب في ذكر أسماء لازمت النداء 243 باب الاستغاثة 246 باب الندبة 251 باب الترخيم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 767 الصفحة الموضوع 268 باب المنصوب على الاختصاص 273 باب التحذير 279 باب الإغراء 281 باب أسماء الأفعال 295 باب أسماء الأصوات 299 باب نوني التوكيد الثقيلة والخفيفة 315 باب ما لا ينصرف 356 باب إعراب الفعل المضارع 433 باب الإخبار بالذي وفروعه 446 باب العدد 473 باب كنايات العدد 479 باب الحكاية 487 باب التأنيث 500 باب المقصور والممدود 506 باب كيفية التثنية 511 باب جمع المذكر السالم 513 باب جمع المؤنث السالم 519 باب التكسير 559 باب التصغير 587 باب النسب 615 باب الوقف 639 باب الإمالة 653 باب التصريف 689 باب الإبدال 744 باب نقل حركة الحروف 751 باب الحذف 756 باب الإدغام اللائق بالتصريف الجزء: 2 ¦ الصفحة: 768