الكتاب: السيرة النبوية وأخبار الخلفاء المؤلف: محمد بن حبان بن أحمد بن حبان بن معاذ بن مَعْبدَ، التميمي، أبو حاتم، الدارمي، البُستي (المتوفى: 354هـ)   صحّحه، وعلق عليه الحافظ السيد عزيز بك وجماعة من العلماء الناشر: الكتب الثقافية - بيروت الطبعة: الثالثة - 1417 هـ عدد الأجزاء: 2   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] ---------- السيرة النبوية وأخبار الخلفاء لابن حبان ابن حبان الكتاب: السيرة النبوية وأخبار الخلفاء المؤلف: محمد بن حبان بن أحمد بن حبان بن معاذ بن مَعْبدَ، التميمي، أبو حاتم، الدارمي، البُستي (المتوفى: 354هـ)   صحّحه، وعلق عليه الحافظ السيد عزيز بك وجماعة من العلماء الناشر: الكتب الثقافية - بيروت الطبعة: الثالثة - 1417 هـ عدد الأجزاء: 2   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] الجزء الأول بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 4 بين يدي الكتاب «إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ. يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها وَبَثَّ مِنْهُما رِجالًا كَثِيراً وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً. يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِيماً. أما بعد، فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور الجزء: 1 ¦ الصفحة: 5 محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار» «1» . قال الله- عز وجلّ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْواناً، سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً «2» . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإنّ عبدا حبشيا، فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي وسنّة الخلفاء المهديين الراشدين، تمسكوا بها وعضّوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة» «3» . قال الإمام أبي سليمان الخطابي في معالم السنن «4» : (وفي قوله: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين» دليل على أن الواحد من الخلفاء الراشدين إذا قال قولا وخالفه فيه غيره من الصحابة: فإن المصير إلى قول الخليفة أولى) .   (1) هذه الخطبة تسمى «خطبة الحاجة» ، التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجعلها بين يدي كل خطبة من خطبه سواء كانت خطبة نكاح أو غيرها. وقد رواها جمع من الصحابة. انظر «خطبة الحاجة» نشر المكتب الإسلامي بيروت. (2) الفتح- الآية 29. (3) حديث صحيح. رواه أبو داود في «السّنة» عن العرباض بن سارية في قصة طويلة (4607) ، وأخرجه الترمذي في «العلم» عنه أيضا (2676) . وابن ماجة في «المقدمة» (43، 44) . (4) معالم السنن- تحقيق عزت عبيد الدعاس (5/ 14) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 6 والخلفاء الراشدون هم: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم. ولأهمية سيرة النبيّ صلى الله عليه وسلم وضرورة الوقوف عليها ومعرفتها، وكذا أهمية معرفة سيرة الخلفاء؛ ألّف جمع من الأئمة كتبا كثيرة في هذا العلم وها نحن إن شاء الله ذاكرون في هذه المقدمة أهمها: 1- أخبار النبي والصحابة- لمحمد بن سعد كاتب الواقدي (230 هـ) . 2- الإشارة إلى سيرة المصطفى وآثار من بعده من الخلفاء- للحافظ علاء الدين مغلطاي بن قلج (762 هـ) . [يوجد مخطوطا في دار الكتب المصرية 460 تاريخ، وفي بغداد مكتبة الأوقاف 4/ 4848 مجاميع، وفي فيض الله باستانبول 1460] . 3- سيرة محمد بن إسحاق (150 هـ) توجد مخطوطة في الظاهرية مجموع 110، 158 ورقة. وطبع قسم منها بعناية محمد حميد الله- الرباط 1967. وظهرت نشرة أخرى بعناية سهيل زكار- بيروت 1978. 4- سيرة ابن هشام، عبد الملك (218 هـ) . هذّب بها سيرة ابن إسحاق لها طبعات عديدة أقدمها طبعة المستشرق وستنفلد وطبعها في غوتنجن 1858 ولها مخطوطة قديمة جيدة في الظاهرية برقم 225 سيرة كتبت سنة 548 هـ. ومخطوطاتها ومطبوعاتها كثيرة. 5- سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتاريخ الخلفاء الراشدين لأبي زرعة عبد الرحمن بن عامر الدمشقي (282 هـ) وهو تاريخ أبي زرعة مطبوع في دمشق 1980 بعناية شكر الله بن نعمة الله القوجاني. 6- السيرة النبوية لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري (310 هـ) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 7 في كتابه «تاريخ الرسل والملوك» ، الجزء الثاني والثالث من طبعة «محمد أبو الفضل إبراهيم» ، القاهرة 1960، 1961) . 7- السيرة النبوية للحافظ الذهبي محمد بن أحمد بن عثمان، الدمشقي (748 هـ) (في كتابه، تاريخ الإسلام» ، الأجزاء 1- 2 من طبعة القدسي- القاهرة) . 8- الخميس في أحوال أنفس نفيس- للقاضي حسين بن محمد الديار بكري، نزيل مكة (966 هـ) في السيرة النبوية والخلفاء الأربعة. طبع في القاهرة 1302 هـ. 9- السيرة النبوية وأخبار الخلفاء- لابن حبان، محمد بن أحمد بن أبي حاتم السبتي (354 هـ) . وهي القسم الأول والثاني من كتابه، «الثقات» [وهو كتابنا هذا] . أماكن وجود النسخ المخطوطة «1» لكتاب الثقات التي تحوي «السيرة النبوية وأخبار الخلفاء» : - سراي أحمد الثالث 2995 (327 ورقة- في سنة 887 هـ) . - الآصفية 1/ 780- رجال 89 في أربعة مجلدات- في سنة 1292 هـ. - الظاهرية، تاريخ 710- 138 ورقة- القرن السابع الهجري. - طلعت، مصطلح 208- 138 ورقة. - عليجرة 226- 313 ورقة. - لوكنو- عبد الحي- 173 ورقة- في سنة 676 هـ. انظر فهرست معهد المخطوطات 2/ 1015.   (1) تاريخ التراث العربي- فؤاد سزكين (2/ 306) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 8 وقد اعتمدنا في هذه النشرة على النسخة التي نشرت في الهند، بمطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية- بحيدر أباد الدكن بالهند. في سنة 1393 هـ. بتصحيح وتعليق الحافظ السيد عزيز بك «كامل الحديث من الجامعة النظامية» ، ثم عني بتنقيحه الدكتور محمد عبد المعيد خان مدير الدائرة وعميدها. ولكن تمتاز طبعتنا هذه بدقة التصحيح والاستدراكات والفهارس الفنية. منزلة كتاب «السيرة النبوية وأخبار الخلفاء- لابن حبان- من كتب السّيرة: أولا: مما لا شك فيه أن الحافظ «ابن حبان البستي» يتبوأ مكانة مرموقة بين المحدثين، وأهل التأريخ- قال الإمام السمعاني «1» : «كان أبو حاتم إمام عصره، صنّف تصانيف لم يسبق إلى مثلها» . وقال الصّلاح الصّفدي «2» «كان من فقهاء الدين، وحفاظ الآثار» . ووصفه الحافظ ابن حجر العسقلاني «بأنه صاحب فنون، وذكاء مفرط، وحفظ واسع إلى الغاية» «3» . ووصفه الخطيب البغدادي بقوله: «وكان ابن حبان ثقة نبيلا فاضلا» «4» فهذه شهادات رائعة صادرة عن أئمة عدول، لهم قدم راسخة في العلم، تشهد لابن حبان بالإمامة والمعرفة. ثانيا: إن الإمام ابن حبان صاحب رحلة في طلب العلم، وقد وفق في رحلته الطويلة أيما توفيق، فقد اجتمع له من الشيوخ والروايات والأخبار الشيء الكثير، فقد جاء في مقدمة صحيحه أنه كتب عن أكثر من ألفي شيخ، وهذا العدد الجمّ من الشيوخ يندر أن تجده في إمام من الأئمة.   (1) الأنساب (2/ 209) . (2) الوافي بالوفيات (2/ 318) ومثله في طبقات الحفاظ ص 374 للسيوطي. (3) لسان الميزان (5/ 112) . (4) سير أعلام النبلاء 16- الترجمة 70. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 9 لذا كان هذا الكتاب، يحتل المقدّمة بين المصنفات في فنّه لجودة إمامه وتقدّمه. ثالثا: إن ابن حبان لم يكن جامعا فحسب، وإنما كان ناقدا فذا وعالما حصيفا، ومدققا ذكيا، ومجتهدا جريئا، له منهجه وأسلوبه. رابعا: اعتماده على الرواية، وترك الالتفات إلى الآراء وإبرازه الوقائع التاريخية المهمة في حياة الخلفاء، ولا شك أن مؤلّفا هذه صفته يتبوأ مكانة مرموقة بين المؤلفات في فنّه: يقول الخطيب البغدادي «1» : «وفي الحديث قصص الأنبياء، وأخبار الزّهاد والأولياء، ومواعظ البلغاء وكلام الفقهاء، وسير ملوك العرب والعجم. وأقاصيص المتقدمين من الأمم، وشرح مغازي الرسول صلى الله عليه وسلم وسراياه وجمل أحكامه وقضاياه، وخطبه وعظاته، وأعلامه ومعجزاته، وعدة أزواجه وأولاده وأصهاره وأصحابه، وذكر فضائلهم ومآثرهم. وشرح أخبارهم ومناقبهم، ومبلغ أعمارهم، وبيان أنسابهم» . حول تسمية هذا الكتاب: مما لا شك فيه أن المحافظة على تقديم «التراث» نقيا سليما من الأسماء المبتدعة والحذف والتغيير، وعدم نسبة عنوان جديد إلى مؤلف ليس معروفا عنه هذا العنوان من الأمور المنكرة التي يجب أن تواجه وتعرّى لأن هذا عبث بالتراث. ولكن ثمة فكرة طيبة ورأي صواب يذهب إلى إبراز جوانب خافية في هذا   (1) شرف أصحاب الحديث (ص 8) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 10 التراث العظيم مع المحافظة عليه واقتباس تسمية مؤلّفه وهذا ما فعلناه في كتابنا هذا فقد قاله المؤلّف، ابن حبان، حيث بدأ بذكر مولد الرسول صلى الله عليه وسلم ومبعثه، وجمل من سيرته العطرة وأتبعه بسيرة الخلفاء الراشدين. يقول ابن حبّان في كتابه «الثقات» «1» : «آخر مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومبعثه، ويتلوه كتاب الخلفاء إن شاء الله تعالى» . والله تعالى بفضله ورحمته يحفظنا من الخطأ والزلل اللذين لا يأمنهما أحد، ويستر عوراتنا التي لو انكشف شيء منها افتضحنا، ويتجاوز عن سيئاتنا التي لو أوخذنا بواحد منها هلكنا، ويوفقنا لما هو أولى بنا، ويعصمنا مما لا يعنينا، إنه المنان الواسع الغفران. الناشر   (1) (2/ 151) - طبعة حيدر أباد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 11 ترجمة المؤلف الإمام العالم الفاضل المتقن، المحقق الحافظ العلّامة محمد بن حبّان بن أحمد بن حبّان التميمي البستي، أبو حاتم المتوفى سنة 354 هـ اسمه ونسبه: هو محمد بن حبّان بن أحمد بن حبّان- بكسر الحاء المهملة وبالباء الموحدة فيهما- ابن معاذ بن معبد- بالباء الموحّدة- بن سعيد بن سهيد- بفتح السين المهملة وكسر الهاء- ويقال: ابن معبد بن هديّة- بفتح الهاء وكسر الدال وتشديد الياء آخر الحروف- بن مرّة بن سعد بن يزيد بن مرّة بن زيد بن عبد الله بن دارم بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد بن مناة بن تميم بن مرّ بن أدّ بن طابخة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، أبو حاتم التميمي البستيّ، القاضي، أحد الأئمة الرحالين والمصنفين «1» . ولد ببست، وهي مدينة كبيرة بين هراة وغزنة (من بلاد كابل عاصمة أفغان اليوم) «2» . ذكر نبذة عن شيوخه وذكر ابتداء طلبه للعلم والرحلة فيه: قال الحاكم النيسابوري: «كان ابن حبان من أوعية العلم في الفقه واللغة والحديث والوعظ، ومن عقلاء الرجال، قدم نيسابور سنة أربع وثلاثين وثلاث مئة، فسار إلى قضاء نسا، ثم انصرف إلينا في سنة سبع، فأقام عندنا بنيسابور،   (1) الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان- تحقيق أحمد شاكر (1/ 51- 52) . (2) مقدمة الإحسان بتحقيق شعيب الأرناؤوط وحسين أسد (1/ 10) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 13 وبنى الخانقاه، وقريء عليه جملة من مصنفاته، ثم خرج من نيسابور إلى وطنه سجستان عام أربعين، وكانت الرحلة إليه لسماع حديثه «1» » فهذا نص هام يحفظ لنا نموذج من رحلة «ابن حبان» في طلب العلم، أما أهم شيوخه «2» : - الحسن بن سفيان (سمع منه في نسا) . - عمران بن موسى بن مجاشح الجرجاني (سمع منه بجرجان) . - محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري (سمع منه بمكة المكرّمة) . - أحمد بن شعيب بن علي النسائي (سمع منه بفسطاط مصر) . - عبد الله بن محمد بن مسلم الخطيب المقدسي (سمع منه ببيت المقدس) . - أحمد بن عمير بن جوصاء الحافظ الدمشقي (سمع منه بدمشق) . - محمد بن الحسن أبي بكر بن قتيبة العسقلاني (سمع منه بالرملة) . - علي بن سعيد العسكري (سمع منه بسامرّاء) . - الحسين بن عبد الله بن يزيد القطان (سمع منه بالرقة) . - أبو عبد الرحمن: عبد الله بن محمود بن سليمان (سمع منه بمرو) . - محمد بن إسحاق بن إبراهيم السراج (سمع منه بنيسابور) . - أحمد بن داود بن محسن بن هلال المصيصي (سمع منه بحلب) . - محمد بن أبي المعافى بن سليمان الصيداوي (سمع منه بصيدا) . - جعفر بن محمد الهمداني (سمع منه بصور) . - محمد بن عبد الله بن الفضل الكلاعي الراهب (سمع منه بحمص) . فهذا قدرا قليلا للتعرف على ناحية من شيوخ هذا الإمام الحافظ.   (1) معجم البلدان، لياقوت الحموي (1/ 417) . (2) للتعرف على مزيد من شيوخ الحافظ الرحالة ابن حبان انظر: - روضة العقلاء- لابن حبان (المؤلف) . - مقدمة موارد الظمآن (7- 10) . - معجم البلدان (1/ 415- 417) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 14 «لقد وفّق ابن حبان في رحلته الطويلة أيما توفيق، فقد اجتمع له من الشيوخ والروايات والأخبار الشيء الكثير، والعدد الوفير، فقد جاء في مقدمة صحيحه أنه كتب عن أكثر من ألفي شيخ، وهذا العدد الجمّ من الشيوخ يندر أن تجده في إمام من الأئمة، إلا أنه حين شرع في تدوين الصحيح، أسقط كثيرا من الشيوخ، ولم يعتد بمروياتهم، لأنه لم تتحقق فيهم شروط الصحة التي أبان عنها في مقدمة كتابه، واقتصر على مئة وخمسين شيخا منهم، أقلّ أو أكثر، وقد عوّل على عشرين منهم، أدار السنين عليهم، واقتنع بروايتهم عن رواية غيرهم، فقد جاء في المقدمة: «ولم نرو في كتابنا هذا إلا عن مئة وخمسين شيخا، أقل أو أكثر، ولعلّ معول كتابنا هذا يكون على نحو من عشرين شيخا، أدرنا السنن عليهم واقتنعنا بروايتهم عن رواية غيرهم» «1» . ويعلّق الإمام الذهبي على النص فيقول «2» : «كذا فلتكن الهمّة، هذا مع ما كان عليه من الفقه والعربية، والفضائل الباهرة، وكثرة التصانيف» . ثناء أهل العلم عليه: قال أبو سعد عبد الرحمن بن أحمد الإدريسي: «أبو حاتم البستي كان من فقهاء الناس، وحفّاظ الآثار، المشهورين في الأمصار والأقطار، عالما بالطب والنجوم وفنون العلوم، ألّف المسند الصحيح، والتاريخ، والضعفاء، والكتب المشهورة في كل فنّ، وفقّه النّاس بسمرقند، ثم تحوّل إلى بست» «3» . وقال عبد الله بن محمد الأستراباذي:   (1) سير أعلام النبلاء 16، ترجمة (70) . (2) مقدمة الإحسان (1/ 114) شاكر. (3) مقدمة الإحسان للأمير علاء الدين الفارسي (ت 739 هـ) (1/ 54- شاكر) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 15 «وكان ابن حبان من فقهاء الدين، وحفّاظ الآثار، عالما بالطب والنجوم، وفنون العلم» «1» . وقال الإمام الذهبي: «وكان عارفا بالطب والنجوم والفقه، رأسا في معرفة الحديث» «2» . وقال ياقوت الحموي في معجم البلدان: «كان ابن حبان مكثرا من الحديث والرّحلة والشيوخ، عالما بالمتون والأسانيد، أخرج من علوم الحديث ما عجز عنه غيره، ومن تأمّل تصانيفه تأمّل منصف، علم أن الرجل كان بحرا في العلوم» «3» . وقال ابن حجر العسقلاني، الحافظ: «كان من أئمة زمان، وطلب الحديث على رأس سنة ثلاث مئة، وقال أيضا: «وكان عارفا بالطب والنجوم والكلام والفقه، رأسا في معرفة الحديث، ووصفه بأنه صاحب فنون، وذكاء مفرط، وحفظ واسع إلى الغاية» «4» . وقال الحاكم، تلميذه، صاحب المستدرك: «أبو حاتم البستي القاضي، كان من أوعية العلم في اللغة والفقه والحديث والوعظ، ومن عقلاء الرجال. صنّف فخرج له من التصنيف في الحديث ما لم يسبق إليه» «5» . وقال الإسنوي: «كان من أوعية العلم لغة وحديثا، وفقها ووعظا، ومن عقلاء الرجال» «6» .   (1) معجم البلدان (1/ 418) . (2) ميزان الاعتدال (3/ 506) . (3) معجم البلدان (1/ 43) . (4) لسان الميزان (5/ 112) . (5) الأنساب (2/ 209) ، معجم البلدان (1/ 417) . (6) شذرات الذهب (3/ 16) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 16 وقال الصلاح الصفدي: «كان من فقهاء الدين، وحفاظ الآثار، عالما بالطب والنجوم، وفنون العلم» «1» . وقال ابن العماد الحنبلي: «العالم الحبر، والعلّامة البحر، كان حافظا ثبتا، إماما حجة، أحد أوعية العلم في الحديث والفقه واللغة والوعظ وغير ذلك حتى الطب والنجوم والكلام» «2» . وقال ابن الأثير: «إمام عصره، له تصانيف لم يسبق إليها» «3» . وقال ابن كثير: محمد بن حبان صاحب، الأنواع والتقاسيم «وأحد الحفاظ الكبار المصنفين المجتهدين» «4» . وقال الخطيب البغدادي: «وكان ابن حبّان ثقة نبيلا فاضلا» «5» .   (1) الوافي بالوفيات (2/ 318) . (2) شذرات الذهب (3/ 16) . (3) اللباب (1/ 151) . (4) البداية والنهاية (11/ 259) . (5) نقله عنه الحافظ الذهبي في سير أعلام النبلاء 16، ترجمة رقم (70) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 17 مصادر ترجمته: - الأنساب- للسمعاني (2/ 209) . - الكامل- لابن الأثير (8/ 266) . - اللباب- لابن الأثير (1/ 151) . - معجم البلدان- لياقوت الحموي (1/ 415) . - العبر- للذهبي (2/ 300) . - إنباه الرواة- للقفطي (3/ 122) . - ميزان الاعتدال للذهبي (3/ 506) . - النجوم الزاهرة- لابن تغري بردي (3/ 342) . - مرآة الجنان- لليافعي (2/ 357) . - البداية والنهاية- لابن كثير (11/ 259) . - شذرات الذهب- لابن العماد (3/ 16) . - المختصر في أخبار البشر- لأبي الفداء (2/ 105) . - سير أعلام النبلاء- للذهبي ترجمة 70/ المجلد السادس عشر. - طبقات الشافعية الكبرى- للسبكي (3/ 131) . - لسان الميزان- لابن حجر (5/ 112) . - تذكرة الحفاظ- للذهبي (3/ 920) . - الوافي بالوفيات- للصلاح الصفدي (2/ 317) . - طبقات الحفاظ للسيوطي (ص 374) . - الرسالة المستطرفة- للكتاني (ص 20) . - مقدمة الإحسان في ترتيب صحيح ابن حبان- للأمير علاء الدين الفارسي. - مقدمة التحقيق لكتاب موارد الظمآن لزوائد ابن حبان- للهيثمي. - مقدمة التحقيق لكتاب روضة العقلاء- للشيخ علي بن مشرف العمري. - مقدمة التحقيق للإحسان- تحقيق أحمد محمد شاكر. - مقدمة التحقيق للإحسان- تحقيق الأرناؤوط وحسين أسد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 18 السّيرة النّبويّة للإمام الحافظ أبي حاتم محمّد بن أحمد التميمي البستي المتوفى سنة 354 هـ صحّحه، وعلق عليه الحافظ السيد عزيز بك وجماعة من العلماء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 19 بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* «1» صلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم تسليما «1» . «2» قال أبو حاتم محمد بن حبان بن أحمد التميمي «2» : الحمد لله الذي «3» ليس له حد محدود فيتوى «4» ، ولا له أجل معدود فيفنى، ولا يحيط به جوامع المكان، ولا يشتمل عليه تواتر الزمان، «5» ولا يدرك نعمته بالشواهد والحواس، ولا يقاس صفات ذاته بالناس «5» ، تعاظم قدره عن مبالغ نعت الواصفين، وجل وصفه عن إدراك غاية الناطقين، وكل دون وصف صفاته تحبير «6» ، اللغات، وضل عن بلوغ قصده تصريف الصفات، وجاز في ملكوته   (*) رموز النسخ التي استعملناها في تصحيح هذا الكتاب كما يليه: ف: رمز نسخة المكتبة الآصفية بحيدر آباد الدكن (الهند) وهي الأساس لتصحيح هذا الكتاب، وتاريخ كتابتها: ربيع الآخر سنة اثنتين وتسعين ومائتين بعد الألف من الهجرة- كتبه مسكين أحمد. م: رمز نسخة مكتبة السلطان محمود (استانبول) وتاريخ كتابتها: شعبان سنة سبع وثمانين وثمانمائة- كتبه محمد بن أبي بكر. س: رمز نسخة المكتبة السعيدية بحيدر آباد وتاريخ كتابتها يوافق تاريخ كتابة النسخة الآصفية. (1- 1) زيد من م، وليس في ف وس. (2- 2) ليس في م، وزيد في ف: رضي الله تعالى عنه. (3) العبارة من هنا إلى «فينفي و» سقطت من م. (4) في ف وس «فيتوا» . (5- 5) سقطت من م. (6) التصحيح من م، وفي ف وس «تحيير» خطأ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 21 غامضات أنواع التدبير، وانقطع عن دون بلوغه عميقات جوامع التفكير، «1» وانعقدت دون «1» «2» استبقاء حمده ألسن «3» المجتهدين، وانقطعت إليه جوامع أفكار آمال المنكرين، إذ لا شريك له في الملك ولا نظير، ولا مشير له في الحكم ولا وزير، وأشهد أن لا إله إلا الله أحصى «1» كل شيء عددا، وضرب لكل امرىء لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ «1» «4» ، وأشهد أن محمدا عبده المجتبى، ورسوله المرتضى، بعثه بالنور الساطع، والضياء اللامع، فبلّغ عن الله عز وجل الرسالة، وأوضح فيما دعا «5» إليه الدلالة، «1» فكان في اتباع سنته لزوم الهدى، وفي قبول ما أتى به وجود السنا، فصلى الله عليه وعلى آله الطيبين «1» . «6» أما بعد! فإن الله اختار محمدا صلى الله عليه وسلم من عباده، واستخلصه لنفسه من بلاده، فبعثه إلى خلقه بالحق بشيرا، ومن النار «7» لمن زاغ عن سبيله نذيرا، ليدعو [الخلق] «8» من عباده إلى عبادته، ومن اتباع السبيل «9» إلى لزوم طاعته، ثم لم يجعل الفزع عند وقوع حادثة، ولا الهرب «10» عند وجود كل نازلة، إلا إلى الذي أنزل عليه التنزيل، وتفضل على عباده بولايته التأويل، فسنته الفاصلة بين المتنازعين، وآثاره القاطعة بين «11» الخصمين. فلما رأيت معرفة السنن من أعظم أركان الدين، وأن حفظها يجب على أكثر   (1- 1) سقطت من م. (2) العبارة من هنا إلى «المنكرين» سقطت من م. (3) وقع في ف وس «السنن» خطأ. (4) سورة 8 آية 42. (5) في ف وس «دعى» كذا. (6) هذه العبارة من هنا إلى آخر السطر الثاني من الصفحة التالية «ما كانوا عليه من الحالات،» سقطت من م. (7) وقع في ف وم وس «الناس» خطأ، والتصحيح من الأنساب للسمعاني 1/ 1. (8) بياض في ف وم وس، والتصحيح من الأنساب للسمعاني 1/ 1. (9) في الأنساب «السبل» . (10) في ف وس «للهرب» خطأ. (11) من الأنساب، وفي ف وس «لأحد» كذا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 22 المسلمين، وأنه لا سبيل إلى معرفة السقيم من الصحيح، ولا صحة إخراج الدليل من الصريح، إلا بمعرفة ضعفاء المحدثين [و] «1» كيفية ما كانوا عليه من الحالات، «2» أردت أن أملي أسامي أكثر المحدثين، ومن «3» الفقهاء «4» من أهل الفضل والصالحين، ومن سلك سبيلهم من الماضين، بحذف الأسانيد والإكثار، ولزوم سلوك الاختصار، ليسهل على الفقهاء حفظها، ولا يصعب على الحفاظ وعيها، والله أسأل «5» التوفيق لما أوصانا، والعون على ما له قصدنا، وأسأله أن يبني «6» دار المقامة من نعمته، ومنتهى الغاية من كرامته، في أعلى درجة الأبرار المنتخبين «7» الأخيار، إنه جواد كريم، رؤوف رحيم. ذكر الحث على لزوم سنن المصطفى صلى الله عليه وسلم أخبرنا أحمد بن مكرم بن خالد البرتي «8» ثنا علي بن المديني ثنا الوليد بن مسلم ثنا ابن يزيد ثنا خالد بن معدان حدثني عبد الرحمن بن عمرو السلمي وحجر   (1) زيد من م، وقد سقط من ف وس. (2) العبارة من «أردت أن أملي أسامي أكثر المحدثين» إلى «ذكر مولود المصطفى» ساقطة من م، ولكنها وقعت في م مختصرة ما نصها «أردت أن أذكر مولد المصطفى صلوات الله عليه ومبعثه وهجرته ومغازيه إلى أن قبضه الله إلى جنته، ثم أذكر بعده الخلفاء الراشدين المجتهدين وأيامهم إلى أن قتل علي بن أبي طالب رضوان الله عليهم أجمعين بحذف الأسانيد ولزوم سلوك الاختصار ليسهل حفظها ولا يصعب وعيها، والله الموفق لذلك والمتيسر له» وبعدها «ذكر مولود المصطفى» . (3) بعده بياض في ف وس بقدر كلمة، وليس في م. (4) التصحيح من م، وفي ف «الفقه» مصحفا. (5) وقع في ف «أسيل» مصحفا. (6) وقع في ف «يبا» مصحفا وبعده بياض بقدر كلمة، والصواب ما أثبتناه. (7) وقع في ف وس «المخبتين» كذا. (8) وقع في الأصل «البري» ؛ والتصحيح من تاريخ بغداد 5/ 170، وله ترجمة فيه ما نصه «أحمد بن مكرم بن خالد بن صالح أبو الحسن البرتي، حدث عن علي بن المديني، روى عنه عبد العزيز بن جعفر الخرفي ومحمد ابن إبراهيم بن نيطرا ومحمد بن إسماعيل الوراق ومحمد بن المظفر أحاديث مستقيمة. حدثنا أبو الحسن أحمد بن مكرم بن خالد البرتي حدثنا علي بن المديني- إلخ» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 23 ابن حجر الكلاعي قالا: أتينا العرباض بن سارية وهو ممن نزل فيه وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ ما أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ «1» فسلمنا وقلنا: أتيناك زائرين وعائدين ومقتبسين، فقال العرباض: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح ذات يوم ثم أقبل علينا فوعظنا موعظة بليغة ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب، فقال قائل: يا رسول الله! كان هذه موعظة مودّع، فماذا تعهد إلينا؟ قال: أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن عبدا حبشيا مجدعا، فإنه من يعيش منكم فسيرى اختلافا! فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين «2» فتمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور! فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة «3» ضلالة. قال الوليد: فذكرت هذا الحديث لعبد الله بن العلاء بن زبر؟ فقال: نعم، حدثني بنحو من هذا الحديث «4» . قال أبو حاتم: إن الله جلّ وعلا اصطفى محمدا صلى الله عليه وسلم من بين خلقه، وبعثه بالحق بشيرا ونذيرا، وافترض «5» على خلقه «6» طاعته ومذكوره «7» وحدثنا فقال   (1) سورة 9 آية 92. (2) التصحيح من حم والترمذي، وفي ف «المهتدين» . (3) وقال بهامش ابن ماجه: وقوله «كل بدعة» هذا اللفظ لا يستقيم إلا على رأي من لم ير البدعة حسنة، وأما من يقول بالبدعة الحسنة فعنده هذا عام مخصوص منه البعض- إنجاح» . (4) رواه ابن ماجه ص 5 في باب اتباع سنة الخلفاء الراشدين المهديين «عن عبد الله بن أحمد بن بشر ابن ذكوان الدمشقي ثنا الوليد بن مسلم ثنا عبد الله بن العلاء يعني ابن زبر حدثني يحيى بن أبي المطاع قال سمعت العرباض بن سارية» الحديث؛ والترمذي علم 16، أبو داوود سنة: 5، حم 4، 126- 127. (5) في ف «أفرض» كذا، وقال الشافعي: وفرض الله على الناس اتباع وحيه وسنن رسوله فقال في كتابه «لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آيته ويزكيهم ويعلمهم الكتب والحكمة» قال الشافعي: وذكر الله الكتاب وهو القرآن وذكر الحكمة، سمعت من أرضي من أهل العلم بالقرآن يقول: الحكمة سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم» ذكره البيهقي في دلائل النبوة في مقدمته. (6) كذا في ف وس، وقع في الأصلين «خلد» وبعده بياض، ولعله تصحف من «خلقه» والصواب ما أثبتناه. (7) كذا في ف وس. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 24 يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ «1» وقال وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً «2» الآية فأمر الله بطاعة رسوله مع طاعته، وعند التنازع بالرجوع إلى سنته، إذ هو المفزع الذي لا منازعة لأحد من الخلق فيه، فمن تنازع في شيء بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وجب ردّ أمره إلى قضاء الله ثم إلى قضاء رسوله صلى الله عليه وسلم، لأن طاعة رسوله طاعته، قال الله تعالى إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ «3» الآية، وقال مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ «4» ، فقد أعلمهم «5» جل وعلا أن اتباعهم رسوله اتباعه، وأن طاعتهم له [طاعته] «6» ، ثم ضمن الجنة لمن أطاع رسوله واتبع ما أجابه، فقال: وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ «7» الآية، ثم أعلمنا «8» جلّ وعلا أنه «9» لم يجعل الحكم بينه وبين خلقه إلا رسوله، ونفى «10» الإيمان عن من لم يحكمه فيما شجر بينهم، قال فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ الآية، ثم أعلمنا جل وعلا أن دعاهم إلى رسوله ليحكم بينهم إنما دعاهم إلى حكم الله، لا أن الحاكم بينهم ورسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنهم متى ما سلموا الحكم لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقد سلموه بفرض الله، قال الله عز وجل إِذا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إلى قوله فَأُولئِكَ هُمُ   (1) سورة 4 آية 59. (2) سورة 33 آية 36. (3) سورة 48 آية 10. (4) سورة 4 آية 80. (5) كذا في ف وس، وسيأتي «أعلمنا» . (6) سقط من الأصول. (7) سورة 4 آية 69. (8) في ف «علمنا» كذا. (9) زيد في ف «لم» مكررا خطأ. (10) في ف «نقي» خطأ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 25 الْفائِزُونَ «1» ، ذا حكم الله فرضه «2» بإلزام خلقه طاعة رسوله، وإعلامهم أنها طاعته، ثم أعلمنا أن الفرض على رسوله اتباع أمره، فقال اتَّبِعْ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ «3» ، وقال جل وعلا ثُمَّ جَعَلْناكَ عَلى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْها وَلا تَتَّبِعْ «4» الآية، وقال يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ إلى قوله خَبِيراً «5» ثم شهد الله جل وعلا لرسوله باتباع أمره واستمساك بأمره لما سبق في علمه من إسعاده بعصمته وتوفيقه للهدى مع هداية من اتبعه، فقال وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ «6» الآية، ثم أمره الله جل وعلا بتبليغ ما أنزل إليه مع الشهادة له بالعصمة من بين الناس. فقال يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ [مِنْ رَبِّكَ] «7» وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ «8» ، ثم أعلمنا أن الذي يهدي إليه رسوله هو الصراط المستقيم الذي أمرنا باتباعه فقال وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ إلى قوله وَما فِي الْأَرْضِ «9» ففي هذه الآية التي طولناها ما أقام بها الحجة «10» على خلقه «11» بالتسليم لحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم واتباع   (1) سورة 24 آية 51. (2) وذكر البيهقي في دلائل النبوة ما نصه «قال: الشافعي رحمه الله: وكان فرضه جل ثناؤه على من عاين رسوله صلى الله عليه وسلم ومن بعده إلى يوم القيامة واحدا من أن على كل طاعته ولم يكن أحد غاب عن رؤية رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بالخبر عنه» . (3) سورة 6 آية 106. (4) سورة 45 آية 18. (5) سورة 33 آية 1. (6) سورة 4 آية 113. (7) سقط من الأصل. (8) سورة 5 آية 67. (9) سورة 42 آية 52. (10) في ف وس «الجنة» خطأ، لعله تصحف من «الحجة» كما أثبتناه. (11) زيد في ف وس «با» مكررا، خطأ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 26 أمره، فكل ما بيّن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ليس لله فيه حكم فبحكم الله سنّه ووجب علينا اتباعه، وفي العنود عن اتباعه معصية، إذ لا حكم بين الله وبين خلقه إلا الذي وصفه الله جل وعلا موضع الإبانة لخلقه عنه. فالواجب على كل من انتحل العلم أو نسب إليه حفظ سنن المصطفى صلى الله عليه وسلم والتفقه فيها، ولا حيلة لأحد في السبيل إلى حفظها إلا بمعرفة «1» تاريخ المحدثين، ومعرفة الضعفاء منهم من الثقات، لأنه متى لم يعرف ذاك لم يحسن تمييز الصحيح من السقيم، ولا عرف المسند من المرسل، ولا الموقوف من المنقطع، فإذا وقف على أسمائهم وأنسابهم وعرف- أعني بعضهم بعضا- وميز العدول من الضعفاء، وجب عليه حينئذ التفقه فيها، والعمل بها، ثم إصلاح النية في نشرها إلى من بعده رجاء استكمال الثواب «2» في العقبى بفعله ذلك، إذ العلم من أفضل ما يخلف المرء بعده، نسأل الله الفوز على ما يقربنا إليه ويزلفنا لديه. ذكر الحث على نشر العلم إذ هو من خير ما يخلف المرء بعده. أخبرنا الفضل «3» بن الحباب ثنا موسى بن إسماعيل ثنا إسماعيل بن جعفر عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة «4» أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا مات   (1) وقال صاحب كشف الظنون 1/ 521 أن «علم الثقات والضعفاء» وهو من أجل نوع وأفخمه من أنواع علم الأسماء والرجال فإنه المرقاة إلى معرفة صحة الحديث وسقمه، وإلى الاحتياط في أمور الدين وتمييز مواقع الغلط في بدء الأصل الأعظم الذي عليه مبنى الإسلام وأساس الشريعة، وللحفاظ فيه تصانيف كثيرة منها ما أفرد في الثقات ككتاب الثقات للإمام الحافظ أبي حاتم محمد بن حبان البستي المتوفى سنة 354» . (2) كذا، وهو الصواب، وفي ف «الصواب» مصحفا. (3) وله ترجمة في تذكرة الحفاظ 2/ 670 وفيه: الإمام الثقة محدث البصرة الفضل بن الحباب الجمحي البصري، مات في جمادى الأول سنة خمس وثلاثمائة. (4) وروى ابن ماجه ص 22 «عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن مما يلحق المؤمن من عمله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 27 الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له «1» . ذكر الخبر الدال على استحباب حفظ تاريخ المحدثين أخبرنا محمد بن محمد الهمداني ثنا محمد بن عبد الأعلى «2» الصنعاني ثنا بشر ابن المفضل ثنا ابن عون عن محمد بن سيرين عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبي بكرة «3» ذكر النبي صلى الله عليه وسلم قال: «وقف على بعيره وأمسك إنسان بخطامه- أو قال: بزمامه- فقال: أيّ يوم هذا؟» فسكتنا حتى ظننا أنه سيسميه سوى اسمه، فقال: «أليس بيوم النحر؟» قلنا: بلى، قال: «فأي شهر هذا؟» فسكتنا حتى ظننا أنه سيسميه سوى اسمه فقال: «أليس بذي» [الحجة؟ قلنا: بلى، قال: فأي بلد هذا؟ فسكتنا] «4» حتى ظننا أنه سيسميه سوى اسمه، فقال: «أليس البلد الحرام؟» قلنا: بلى، فقال: «إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا؛ ألا! ليبلغ الشاهد منكم الغائب، فإن الشاهد عسى أن يبلغ من أوعى له منه» .   وحسناته بعد موته علما علمه ونشره وولدا صالحا تركه، ومصحفا ورثه أو مسجدا بناه أو بيتا لابن السبيل بناه أو نهرا أجراه أو صدقة أخرجه من ماله في صحته وحياته يلحقه من بعد موته. (1) قوله: ولد صالح يدعو له، إنما ذكر دعاءه تحريضا للولد على الدعاء لأبيه حتى قيل يحصل للوالد ثواب من عمل الولد الصالح سواء دعا لأبيه أم لا، كما أن من غرس شجرة يجعل للغارس ثواب يأكل ثمرتها سواء دعا له الآكل أم لا، وقوله: وصدقة، فيدوم أجرها كالوقف في وجوه الخير، وفي الأزهار: قال أكثرهم: هي الوقف وأشبهه مما يدوم أجره، وقال بعضهم: هي القناة والعين الجارية المسيلة- مرقاة. (2) وله ترجمة في تهذيب التهذيب 9/ 289 وفي آخر ترجمته «قال النسائي في أسماء شيوخه كتبنا عنه، وأثنى عليه خيرا» . (3) ذكر البخاري هذا الحديث في صحيحه 2/ 632 بروايته وفيه: «عن أبي بكرة عن النبي صلى الله عليه وسلم- الحديث» . (4) ما بين المربعين كان بياضا في الأصل، وأثبتناه من صحيح البخاري ومسند أحمد 5، 410، وراجع الصحيح لتقف على باقي الاختلاف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 28 قال أبو حاتم في قوله صلى الله عليه وسلم: ليبلغ الشاهد منكم الغائب، كالدليل على استحباب حفظ تاريخ المحدثين، الوقوف على معرفة الثقات منهم من الضعفاء، إذ لا يتهيأ للمرء أن يبلغ الغائب ما شهد إلا بعد المعرفة بصحة ما يؤدي إلى من بعده، وأنه إذا أدى إلى من بعده ما لم يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فكأنه لم يؤد عنه صلى الله عليه وسلم شيئا، ولا سبب له إلى معرفة صحة الأخبار وسقيمها إلا بمعرفة تاريخ من ذكر اسمه من المحدثين. وكتابا أبين فيه الضعفاء والمتروكين «1» ، وأبدأ منهما بالثقات. فنذكر «2» ما كانوا عليه في الحالات، فأول ما أبدأ في كتابنا هذا ذكر المصطفى صلى الله عليه وسلم ومولده ومبعثه، وهجرته إلى أن قبضه الله تعالى إلى جنته، ثم نذكر بعده الخلفاء الراشدين المهديين بأيامهم «3» إلى أن قتل علي رحمة الله عليه، ثم نذكر صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم واحدا واحدا على المعجم، إذ هم خير الناس قرنا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم نذكر بعدهم التابعين الذين شافهوا «4» أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأقاليم كلها على المعجم، إذ هم خير الناس بعد الصحابة قرنا، ثم نذكر القرن الثالث الذين رأوا التابعين، فأذكرهم على نحو ما ذكرنا الطبقتين الأوليين «5» ، ثم نذكر القرن الرابع الذين هم أتباع التابعين على سبيل من قبلهم «6» ، وهذا القرن ينتهي إلى زماننا هذا. ولا أذكر في هذا الكتاب الأول إلا الثقات الذين يجوز الاحتجاج بخبرهم «7» ، وأقنع بهذين الكتابين المختصرين عن كتاب «التاريخ الكبير» الذي   (1) في الأصلين «المتركين» خطأ. (2) وقع في الأصلين «فذكر» خطأ. (3) التصحيح من م، ووقع في ف وس «بآبائهم» . (4) التصحيح من م، وفي س وف «هو هو» مصحفا. (5) وقع في ف وس «الأولتين» خطأ. (6) وقع في الأصلين «قباهم» خطأ. (7) في م «بأخبارهم» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 29 خرجناه لعلمنا «1» بصعوبة «2» حفظ كل ما فيه من الأسانيد والطرق والحكايات، ولأن ما نمليه في هذين الكتابين أن يسر الله ذلك وسهله من توصيف «3» الأسماء بقصد «4» ما يحتاج إليه يكون أسهل على المتعلم إذا قصد الحفظ، وأنشط له في وعيه إذا أراد العلم من التكلف بحفظ ما لو أغضى «5» عنه في البداية لم يخرج في فعله من التكلف لحفظ ذلك، فكل من أذكره في هذا الكتاب الأول فهو صدوق، يجوز الاحتجاج بخبره إذا تعرى خبره عن خصال خمس، فإذا وجد خبر منكر «6» عن واحد ممن أذكره «7» في كتابي هذا فإن ذلك الخبر لا ينفك «8» من إحدى خمس خصال: إما أن يكون فوق الشيخ الذي ذكرت اسمه في كتابي هذا في الإسناد رجل ضعيف «9» لا يحتج بخبره، أو يكون دونه رجل واه «10» لا يجوز الاحتجاج بروايته، والخبر يكون مرسلا لا يلزمنا به الحجة، أو يكون منقطعا لا يقوم بمثله الحجة، أو يكون في الإسناد رجل مدلس لم يبين «11» سماعه في الخبر من الذي سمعه منه، فإن المدلس ما لم يبين «12» سماع خبره عمن كتب عنه لا يجوز الاحتجاج بذلك الخبر، لأنه «13» لا يدري لعله «13» سمعه من إنسان ضعيف يبطل «14» الخبر بذكره إذا وقف عليه وعرف   (1) وقع في ف وس «لعلمين» مصحفا عن «لعلمنا» ، ووقع في م «لعلمي» . (2) في ف وس «ضعيف» خطأ. (3) كذا في ف وس، وفي م «تصريف» . (4) في م «لقصد» . (5) من م، وفي ف وس. أغضا» . (6) التصحيح من م، ووقع في ف وس «منكم مصحفا. (7) هكذا في ف وس، وفي م «ذكرته. (8) التصحيح من م، ووقع في ف وس «لا ينقط» مصحفا. (9) في ف «ضعيف» خطأ. (10) في ف وس «واهي» . (11) في ف وس «لم تبين» . (12) في ف وس «لم تبين» كذا. (13- 13) التصحيح من م، ووقع في ف وس «لا يدرا لعله» مصحفا. (14) التصحيح من م، ووقع في ف وس «يبكل» مصحفا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 30 الخبر به، فما لم يقل المدلس في خبره وإن كان ثقة «1» : سمعت أو: حدثني، فلا يجوز الاحتجاج بخبره؛ فذكرت هذه المسألة بكمالها بالعلل والشواهد والحكايات في «كتاب شرائط الأخبار» «2» ، فأغنى «3» ذلك عن تكرارها في هذا الكتاب، وإنما «4» أذكر في هذا الكتاب الشيخ بعد الشيخ وقد ضعفه بعض أئمتنا «5» ، ووثقه «6» بعضهم، فمن صح عندي منهم أنه ثقة بالدلائل النيرة التي بينتها في كتاب «الفصل «7» بين النقلة» «8» أدخلته في هذا الكتاب لأنه يجوز الاحتجاج بخبره، ومن صح عندي منهم أنه ضعيف بالبراهين الواضحة التي ذكرتها في كتاب «الفصل بين النقلة» لم أذكره في هذا الكتاب، لكني أدخلته في «كتاب الضعفاء بالعلل» «9» ، لأنه لا يجوز الاحتجاج بخبره «10» ، فكل من ذكرته في كتابي هذا إذا تعرى «11» خبره عن الخصال الخمس التي ذكرتها فهو عدل يجوز الاحتجاج بخبره، لأن العدل من لم يعرف منه الجرح «12» ضد التعديل، فمن لم يعلم بجرح «13» فهو عدل إذا لم يبين   (1) في الأصلين «نقة» كذا. (2) كذا؛ ولم يذكره صاحب كشف الظنون، وذكر صاحب الأعلام في ترجمته: له «غرائب الأخبار» . (3) هكذا في م، وفي ف وس «فاغنا» . (4) في م «ربما» . (5) من م، وفي ف وس «المشايخ» . (6) من م، وفي ف وس «وقفه» خطأ. (7) في ف وس الفضل خطأ. (8) وما ذكر صاحب كشف الظنون هذا الكتاب ولا غيره. (9) زيد في الاعلام ومن مؤلفات ابن حبان أن «له معرفة المجروحين من المحدثين» . وقد يطبع في حيدر آباد باسم «كتاب المجروحين» لابن حبان هذه نسخة نادرة من مكتبة آيا صوفية تحت رقم 496 (استانبول) وعليه تعليق أبي الحسن الدارقطني رحمه الله وغيره. (10) في الأصلين «بخبر» . (11) من م، وفي الأصلين «تفدي» . (12) في الأصلين «الحرج» كذا. (13) في ف وس «بجرج» كذا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 31 ضده، إذ لم يكلف «1» الناس من الناس معرفة ما غاب عنهم «2» ! وإنما كلفوا الحكم بالظاهر من الأشياء غير المغيب عنهم؛ جعلنا الله ممن أسبل عليه جلاليب الستر في الدنيا واتصل «3» ذلك بالعفو عن جناياته في العقبى! إنه الفعال لما يريد.   (1) من م، وفي ف وس «يكن» . (2) في م «عليه» . (3) التصحيح من م، ووقع في ف وس «انقل» خطأ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 32 ذكر مولد «1» رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرنا «2» أحمد بن الحسن «2» بن عبد الجبار الصوفي ببغداد ثنا يحيى بن معين ثنا حجاج بن محمد [عن يونس بن أبي إسحاق] «3» عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفيل. قال أبو حاتم: ولد «4» النبي صلى الله عليه وسلم عام الفيل يوم الاثنين لاثنتي   (1) من م، وفي ف وس «مولود» . (2- 2) في ف وس: الحسين، خطأ، وله ترجمة في تاريخ بغداد 4/ 82 وفي آخرها «ذكر أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمي النيسابوري أنه سأل أبا الحسن الدارقطني عن أحمد بن الحسن ابن عبد الجبار الصوفي فقال: «ثقة» وله ترجمة أيضا في تذكره الحفاظ 2/ 689. (3) زيدت هذه العبارة من م، وموضعها في ف وس بياض. (4) في تاريخ ولادته صلى الله عليه وسلم اختلاف، قال ابن عساكر في ذكر مولده 1/ 280 ما نصه «روى البيهقي في دلائل النبوة بسنده إلى ابن عباس أنه قال: ولد نبيكم يوم الاثنين ونبىء يوم الاثنين، وخرج من مكة يوم الاثنين، وفتح مكة يوم الاثنين، ونزلت سورة المائدة يوم الاثنين «اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي» وتوفي يوم الاثنين (زاد في رواية: ودخل المدينة يوم الاثنين، ورفع الحجر يوم الاثنين) وفي رواية ابن إسحاق أن ولادته كانت في ربيع الأول، وفيه كانت هجرته ووفاته. وروى شعيب عن أبيه عن جده أنه قال: حمل برسول صلى الله عليه وسلم في عاشوراء المحرم وولد يوم الاثنين لثنتي عشرة ليلة خلت من رمضان سنة ثلاث وعشرين من غزوة أصحاب الفيل، وقد اختلفت الروايات في شهر مولده الشريف وفي عام ولادته أيضا كما رأيت بعض ذلك، فمن قائل إنه ولد يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة من شهر ربيع الأول، ومن قائل: إنه ولد لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر رمضان حين طلع الفجر، وفي ليلة مولده حجبت الشياطين عن استراق السمع ورميت بالشهب» وفيها أقوال غير ذلك، وذكر اليعقوبي في تاريخه 2/ 7 «وكان مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفيل، بينه وبين الفيل خمسون ليلة، وولد على ما قال أصحاب الحساب بقران العقرب. قال- ما شاء الله- المنجم: كان طالع السنة التي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 33 عشرة «1» ليلة مضت من شهر ربيع الأول في اليوم الذي بعث الله طيرا أبابيل على أصحاب الفيل، وكان من شأن الفيل [أن] «2» ملكا كان باليمن غلب عليها وكان أصله من الحبشة يقال له «أبرهة» «3» بنى كنيسة بصنعاء فسماها «القليس» «4» وزعم «5» أنه   كان فيها القران الذي دل على مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم الميزان اثنتين وعشرين درجة حد الزهرة وبيتها والمشتري في العقرب ثلاث درجات وثلاثا وعشرين دقيقة، وزحل في العقرب ست درجات وثلاثا وعشرين دقيقة راجعا، والزهرة في الحمل على درجة وست وخمسين دقيقة، وعطارد في الحمل على ثاني عشرة درجة وست وعشرة دقيقة راجعا، والمريخ في الجوزاء اثنتي عشرة درجة وخمس عشرة دقيقة والقمر وسط السماء في السرطان درجة وعشرين دقيقة. (1) في ف وس «لاثني عشر» خطأ. (2) من دلائل النبوة للبيهقي، وليس في ف وس. (3) وهو أبرهة بن الصباح- معجم البلدان، وذكر البيهقي في دلائل النبوة قصته مفصلة وفيه «يقال له أبرهة ابن الأشرم وهو أبو يكسوم» . (4) التصحيح من م ومعجم البلدان لياقوت وفيه «القليس: تصغير قلس وهو الحبل الذي يصير من ليف النخل أو خوصه، لما ملك أبرهة بن الصباح اليمن بنى بصنعاء مدينة لم ير الناس أحسن منها ونقشها بالذهب والفضة والزجاج والفسيفساء وألوان الأصباغ وصنوف الجواهر، وجعل فيه خشبا له رؤوس كرؤوس الناس، ولككها بأنواع الأصباغ، وجعل لخارج القبة برنسا، فإذا كان يوم عيدها كشف البرنس عنها فيتلألأ رخامها مع ألوان أصباغها حتى تكاد تلمع البصر وسماها القليس بتشديد اللام. (5) ذكر ابن هشام في سيرته قصة الفيل بهامش الروض الأنف 1/ 42 ما لفظه «قال ابن إسحاق: فخرج الكناني حتى أتى القليس فقعد فيها (قال ابن هشام) يعني: أحدث فيها. قال ابن إسحاق ثم خرج فلحق بأرضه فأخبر بذلك أبرهة فقال: من صنع هذا؟ فقيل له: صنع رجل من العرب من أهل هذا البيت الذي تحج العرب إليه بمكة لما سمع قولك: أصرف إليها حج العرب، غضب فجاء فقعد فيها أي ليست لذلك بأهل؛ فغضب عند ذلك أبرهة وحلف ليسيرن إلى البيت حتى يهدمه، ثم أمر الحبشة فتهيأت وتجهزت، ثم سار وخرج معه بالفيل، وسمعت بذلك العرب فأعظموه وفظعوا به ورأوا جهاده حقا عليهم حين سمعوا بأنه يريد هدم الكعبة بيت الله الحرام، فخرج إليه رجل كان من أشراف أهل اليمن وملوكهم يقال له «ذو نفر» فدعا قومه ومن أجابه من سائر العرب إلى حرب أبرهة وجهاده عن بيت الله الحرام وما يريد من هدمه وإخرابه، فأجابه إلى ذلك من أجابه، ثم عرض له فقاتله فهزم ذو نفر وأصحابه وأخذ له ذو نفر فأتى به أسيرا، فلما أراد قتله قال له ذو نفر: أيها الملك لا تقتلني فإنه عسى أن يكون بقائي معك خيرا لك من قتلي، فتركه من القتل وحبسه عنده في وثاق، وكان أبرهة رجلا حليما، ثم مضى أبرهة على وجه ذلك يريد ما خرج له حتى إذا كان بأرض خثعم عرض له نفيل ابن حبيب الخثعمي في قبيلى خثعم شهران وناهس ومن تبعه من قبائل العرب فقاتله، فهزمه أبرهة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 34 يصرف إليها حج العرب، وحلف أنه يسير إلى الكعبة فيهدمها «1» ، فخرج ملك «2» ، من ملوك حمير فيمن أطاعه من قومه يقال له «ذو نفر» فقاتله، فهزمه أبرهة وأخذه، فلما أتى به قال [له] «3» ذو نفر: أيها الملك! لا تقتلني «4» فإن استبقائي «4» خير لك من قتلي، فاستبقاه «5» ، وأوثقه، ثم خرج سائرا يريد «6» الكعبة، حتى [إذا] «3» دنا «7» من بلاد خثعم خرج إليه النفيل «8» بن حبيب الخثعمي ومن اجتمع إليه من قبائل اليمن فقاتلوه، فهزمهم وأخذ النفيل، فقال النفيل: أيها الملك! إني عالم بأرض العرب فلا تقتلني وهاتان يداي على قومي بالسمع والطاعة، فاستبقاه وخرج معه يدله، حتى إذا بلغ الطائف خرج معه مسعود «9» بن معتب في رجال من ثقيف فقال: أيها الملك! نحن عبيد لك ليس [لك] «3» عندنا خلاف، وليس بيتنا «10» وبيتك «10» الذي تريد- يعنون «11» - اللات إنما تريد البيت الذي بمكة، نحن نبعث معك من يدلك عليه، فبعثوا معه مولى لهم يقال له «أبو رغال» ، فخرج معهم [حتى] «3» إذا كان بالمغمس «12»   وأخذ له نفيل أسيرا فأتى به، فلما هم بقتله قال له نفيل: أيها الملك لا تقتلني فإني دليلك بأرض العرب وهاتان يداي لك على قبيلى خثعم شهران وناهس بالسمع والطاعة، فخلى سبيله وخرج به معه يدله حتى إذا مر بالطائف خرج إليه مسعود بن معتب بن مالك ... في رجال ثقيف» . (1) من م، وفي ف وس «يهدمها» . (2) وقع في ف وس «ملكا» خطأ. (3) من م فقط. (4- 4) من م، وفي ف وس «في استباقي» كذا. (5) في ف «فاستحياه» . (6) من م، وفي ف وس «يريه» . (7) في ف «دنى» . (8) في الروض الأنف «نفيل» . (9) من م والروض، وفي ف وس «مسود» . (10- 10) ليس في م. (11) في م «يعني» . (12) في ف وس «بالمغمر» خطأ، والتصحيح من م ومعجم البلدان، ولفظ المعجم: المغمس- بالضم ثم الفتح وتشديد الميم وفتحها، اسم المفعول من غمست الشيء في الماء إذا غيبته فيه موضع، قرب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 35 مات «أبو رغال» وهو «1» الذي رجم قبره، وبعث أبرهة من المغمس رجلا يقال له الأسود بن مقصود «2» على مقدمة خيله، فجمع إليه «3» أهل الحرم «3» ، وأصاب لعبد المطلب مائتي بعير بالأراك «4» ، ثم بعث أبرهة حناطة «5» الحميري إلى أهل مكة فقال «6» : سل عن شريفها ثم أبلغه أني لم آت لقتال، إنما «7» جئت لأهدم هذا البيت، فانطلق حناطة «5» حتى دخل مكة، فلقي عبد المطلب بن هاشم فقال «6» : إن الملك أرسلني إليك ليخبرك أنه لم يأت لقتال إلا أن تقاتلوه، إنما جاء لهدم هذا البيت ثم الانصراف عنكم، فقال «8» عبد المطلب «8» ما عندنا له [قتال] «9» ، فقال: سنخلي بينه [وبين البيت، فإن خلى الله بينه] «9» وبينه فو الله ما لنا به قوة! قال: فانطلق معي إليه، قال «10» : فخرج معه حتى قدم المعسكر «11» وكان «ذو نفر» صديقا لعبد المطلب فأتاه فقال: يا ذا نفر! هل عندكم من غناء فيما نزل بنا؟ فقال: ما غناء رجل أسير لا يأمن أن [يقتل] «9» بكرة وعشية، ولكن سأبعث لك إلى أنيس   مكة في طريق الطائف مات فيه أبو رغال وقبره يرجم لأنه كان دليل صاحب الفيل فمات هناك، قال أمية بن الصلت الثقفي يذكر ذلك: إن آيات ربنا ظاهرات ... ما يماري فيهن إلا الكفور حبس الفيل بالمغمس حتى ... ظل يحبو كأنه معقور (1) في م «فهو» . (2) التصحيح من الطبري 2/ 111، وفي م: مقصور، وفي ف: معصور- خطأ، وفي الروض «مفصود» كذا، ولعله «مقصود» . (3- 3) في م «أموال الحرم» ، وفي الطبري «أموال أهل مكة» . (4) في المعجم «وهو وادي الأراك قرب مكة يتصل بغيقة» . (5) من م والروض وابن جرير، وفي ف «خياط» كذا. (6) في م «ثم قال» . (7) في ف وس «إذا نا» . (8- 8) سقط من م. (9) زيد من م فقط. (10) سقط من م. (11) في م والروض «العسكر» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 36 سائس الفيل فأمره أن يضع لك «1» عند الملك ما استطاع [من خير] «2» ويعظم خطرك «3» ومنزلتك عنده، قال: فأرسل إلى أنيس فأتاه، فقال: إن هذا سيد «4» قريش، صاحب عين «5» مكة [الذي] يطعم الناس في السهل والوحوش في الجبال وقد أصاب [له] «2» الملك مائتي بعير، فإن استطعت أن تنفعه عنده فانفعه فإنه صديق لي، فدخل أنيس على أبرهة فقال: أيها الملك! هذا سيد قريش وصاحب عين مكة الذي يطعم الناس في السهل والوحوش في الجبال يستأذن عليك وأنا أحب أن تأذن له، [فقد] «6» جاءك غير ناصب لك ولا مخالف عليك. فأذن له، وكان عبد المطلب رجلا عظيما [جسيما] «2» وسيما، فلما رآه أبرهة عظمه وأكرمه، وكره أن يجلس معه على سريره وأن «7» يجلس تحته «8» ، فهبط إلى البساط «9» فجلس «10» عليه معه «10» ، فقال له عبد المطلب: [أيها الملك] «11» إنك قد أصبت لي مالا عظيما فأردده عليّ، فقال له «12» : لقد [كنت] «13» أعجبتني حين رأيتك ولقد زهدت فيك، قال: ولم؟ قال: جئت إلى بيت هو دينك ودين آبائك وعصمتكم ومنعتكم لأهدمه فلم تكلمني فيه وتكلمني في مائتي بعير أصبتها لك! قال: أنا رب   (1) من م، وفي ف وس «كد» مصحفا. (2) من م فقط. (3) من م، وفي ف وس «ذكرها» . (4) من م، وفي ف وس «أسير» خطأ. (5) في س وف «من» . (6) من م، وموضعه في ف وس بياض. (7) كرر في ف وس «وأن» . (8) من م، ووقع في ف وس «تحت» . (9) في م «بساط» . (10- 10) في م «معه عليه» . (11) زيد من م، وقد سقط من ف وس. (12) ليس في م. (13) زيد من م، وليس في ف وس. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 37 هذه الإبل، ولهذا البيت رب سيمنعه! قال: ما كان ليمنعه مني! قال: فأنت وذاك! قال: فأمر بإبله «1» فردت عليه، ثم خرج عبد المطلب وأخبر قريشا الخبر وأمرهم أن يتفرقوا في الشعاب «2» ، وأصبح أبرهة بالمغمس «3» قد تهيأ للدخول وعبّى جيشه وقرّب فيله وحمل عليه ما أراد أن يحمل وهو قائم، فلما حرّكه وقف وكاد أن يرزم إلى الأرض فيبرك «4» ، فضربوه بالمعول في رأسه فأبى، فأدخلوا محاجنهم تحت أقرانه ومرافقه فأبى، فوجهوه إلى اليمن فهرول، فصرفوه إلى الحرم فوقف، ولحق الفيل بجبل من تلك الجبال، فأرسل [الله] «5» الطير من البحر كالبلسان «6» ، مع كل طير ثلاثة أحجار: حجران في رجليه، وحجر في منقاره، ويحملن «7» أمثال الحمص والعدس من الحجارة، فإذا غشين القوم أرسلنها عليهم، فلم تصب «8» تلك الحجارة أحد «9» إلا هلك، وليس كل القوم أصاب «10» فذلك قول الله تعالى «11» أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ السورة كلها «12» ، وبعث الله على أبرهة   (1) من م، وفي ف وس «بابل» . (2) من م، وفي الأصلين «السحاب» خطأ. (3) من م، وفي الأصلين «بالمفيس» خطأ. (4) في م «قبرك» . (5) زيد من م. (6) التصحيح من مجمع بحار الأنوار وفيه «بعث الله الطير على أصحاب الفيل كالبلسان، قال عباد أظنها الزرازير» والبلسان شجر كثير الورق ينبت بمصر وله دهن معروف، وفي ف وس «كالبلساد» ، وفي م «كاليلساه» كل ذلك خطأ، وقال البيهقي في دلائل النبوة ما نصه «عن محمد بن سيرين عن عبد الله بن عباس في قوله تعالى: وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ تَرْمِيهِمْ قال طير لها خراطيم كخراطيم الطير وأكف كأكف الكلاب. (7) في م «تحملن» . (8) من م، وفي ف وس «يصب» . (9) كذا في الأصول، والظاهر «أحدا» . (10) من م، وفي ف وس «أصابت» . (11) وفي ف وس «عز وجل» . (12) زاد في م «ألم يجعل» إلى «ماكول» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 38 داء في جسده، ورجعوا سراعا يتساقطون في كل بلد، وجعل أبرهة تتساقط أنامله «1» ، كلما سقطت أنملة اتبعها مدة «2» من قيح ودم فانتهى إلى اليمن وهو مثل فرخ الطير فيمن بقي من أصحابه ثم مات، فلما هلك استخلف ابنه [يكسوم] «3» بن أبرهة فهذا ما كان من شأن الفيل، وسميت «4» هذه السنة «سنة الفيل» . ذكر نسب سيد ولد آدم وأول من تنشق «5» أرض عنه 5 يوم القيامة صلى الله عليه وسلم أخبرنا «6» عبد الله بن محمد بن سالم ببيت المقدس ثنا عبد الرحمن بن إبراهيم ثنا الوليد بن مسلم ثنا الأوزاعي حدثنا «7» شداد أبو عمار عن واثلة بن الأسقع قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله اصطفى [كنانة] «8» من ولد إسماعيل، واصطفى قريشا من كنانة، واصطفى بني هاشم من قريش، واصطفاني «9» من بني هاشم؛ فأنا «10» سيد ولد آدم ولا فخر، وأنا أول من تنشق عنه الأرض، و [أنا] «8» أول شافع وأول مشفع «11» . قال أبو حاتم: نسبة رسول الله صلى الله عليه وسلم تصح إلى عدنان، وما وراء عدنان فليس   (1) في ف وس «ناهله» خطأ. (2) في ف وس «مده» . (3) من م، وموضعه بياض في ف وس. (4) وفي م «وتسمى» . (5- 5) في م «عنه الأرض» . (6) في م «حدثنا» . (7) في م «ثنا» . (8) زيد من م، وقد سقط من ف وس. (9) التصحيح من م، وفي ف وس «اصطفى» . (10) في م «وأنا» . (11) ذكره السمعاني في الأنساب في نسب بني هاشم 1/ 15 من طريق عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي إلى قوله عليه السلام «واصطفاني من بني هاشم» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 39 عندي فيه شيء [صحيح أعتمد عليه] «1» غير أني أذكر اختلافهم فيه بعضهم لبعض من ليس [ذلك «2» من صناعته: فهو صلى الله عليه وسلم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب- واسم عبد المطلب شيبة- بن هاشم- واسم هاشم عمرو- بن عبد مناف- واسم عبد مناف المغيرة- بن قصي- واسم قصي زيد- بن كلاب- وهو المهذب- بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر- وهو قريش- بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان «3» إلى هنا ليس بين النسابة خلاف فيه «4» ؛ ومن عدنان هم مختلفون فيه إلى إبراهيم: فمنهم من قال: عدنان بن أدد بن مقوم «4» بن ناحور بن تيرح «5» بن يعقوب بن نبت بن نابت «6» بن أنوش بن إسماعيل بن إبراهيم خليل الرحمن بن آزر. ومنهم من قال: عدنان بن أدد بن الهميسع «7» بن نابت «8» بن إسماعيل بن إبراهيم بن آزر.   (1) من م، وليس في س وف. (2) من م فقط. (3) وفي الأنساب 1/ 13 ذكر السمعاني نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم بروايته عن ابن عباس رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «أنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي ابن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة ابن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان بن أدد بن الهميسع بن عابر بن صلح بن نبت بن إسماعيل بن إبراهيم بن آزر بن تارح بن ماخور بن شارغ بن فالغ بن عابر- وهو هود النبي صلى الله عليه وسلم- بن سالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح بن لمك بن متوشلح بن خنوخ- وهو إدريس- بن أدد بن قينان بن أنوش بن شيث بن آدم صلوات الله على الأنبياء أجمعين- رواه الهيثم بن خالد عن موسى بن أيوب» . (4) ليس في م. (5) من م، وفي ف وس «نقوم» خطأ، وفي الجواهر المضيئة اليعقوبي «مقوم» أيضا. (6) من م والجواهر المضيئة، وفي ف وس «تبرزح» خطأ. (7) في ف وس «ثابت» . (8) من م، وفي س وف «المنشع» كذا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 40 ومنهم من قال: عدنان بن أدد بن سحب «1» بن أيوب بن قيدر «2» بن إسماعيل بن «3» [إبراهيم بن] «4» آزر. ومنهم من قال «5» : عدنان بن أدد بن أمين بن شاجب بن ثعلبة بن «6» ر بن يربح 6 بن محلم بن العوام بن المحتمل «7» بن «8» ئمة بن العيقان 8 بن علة بن شحدود «9» بن الظريف «10» بن عبقر بن إسماعيل بن إبراهيم بن آزر. ومنهم من قال: عدنان بن أدد بن عوج «11» بن المعطم بن الطمح ابن القسود بن العبور «12» بن دعدع «13» بن محمود بن الزائد «14» بن بدان «15» بن الدرس «16» بن حصن «17» [بن] «16» النزال بن القاسم «18» بن   (1) في ف وس «أتيحب» . (2) من م، وفي ف وس «قيرر» خطأ. (3) زيد في ف وس «بن» خطأ. (4) زيد من م، وقد سقط من ف وس. (5- 5) سقط هذا القول كله من م. (6) التصحيح من الطبري 2/ 192، وفي ف وس «عبر بن بريح» بلا نقط، وفي الجواهر المضيئة «عيبر» مكان «عتر» . (7) من الطبري، وفي ف «الحتمل» خطأ. (8- 8) من الطبري، وفي ف وس «دائمة بن العنوان» . (9) من الطبري، في ف وس «سحر ود» كذا. (10) من الطبري، في ف «الضريب» كذا. (11) في م «عرج» . (12) من م، وفي ف وس «عبود» . (13) من م، وفي ف وس «دعرع» . (14) من م، وفي ف وس «الرايدين» خطأ. (15) من م، وفي ف وس «يدان» . (16) من م، وموضعه بياض في ف وس. (17) من م، وفي ف وس «حصين» . (18) من م، وفي ف وس «القمير» خطأ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 41 المجشر «1» بن معدد «2» بن صيفي «3» بن النبت بن قيدر بن إسماعيل بن إبراهيم «4» بن آزر «4» . ثم اختلفوا أيضا فيما فوق إبراهيم: فمنهم من قال: إبراهيم بن آزر بن ناحور «5» بن شارغ «6» بن الراغ «7» بن القاسم «8» الذي قسم الأرض بين أهلها ابن معن «9» بن السايح «10» بن الرافد «11» ابن السايح «12» وهو «13» سام بن نوح نبي الله عليه الصلاة والسلام. ومنهم من قال: إبراهيم بن آزر بن ناحور بن صاروح «14» بن أرغو بن فالغ «15» بن عابر «16» بن أرفخشد بن [سام] «17» بن نوح. ومنهم من قال: إبراهيم بن آزر بن تارخ بن ناحور بن ساروح بن أرغو بن   (1) من م، وفي ف وس «المحشور» . (2) من م، وفي ف وس «معده» . (3) من م، وفي ف وس «صفي» . (4- 4) ليس في م. (5) من م والطبري، وفي ف وس «الناحر» مصحفا. (6) من م، وفي ف وس «مشاريح» . (7) من م، وفي ف وس «الرانح» كذا. (8) من م، وفي ف وس «القسم» . (9) من م، وفي ف وس «هبر» . (10) من م، وفي ف وس «السانح» . (11) من م، وفي ف وس «الواقد» خطأ. (12) في الأصلين «السانح» . (13) في الأصلين «ابن» . (14) في ف وس «ساروح» ، وفي تاريخ اليعقوبي «ساروغ بن ناحور» . (15) في ف وس «قالع» ، وفي الطبري «فالج» والتصحيح من تاريخ اليعقوبي ونسب قريش. (16) في ف وس «غابر» خطأ. (17) من م والطبري، وفي ف بياض. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 42 فالج «1» بن عيبر «2» [بن سايح] «3» بن أرفخشد بن سام بن نوح. ثم اختلفوا فيما بعد نوح «4» يه السلام 4 فمنهم من قال: نوح بن ملكان بن متوشلخ «5» بن إدريس نبي الله صلى الله عليه وسلم بن الرائد بن «2» مهلهل بن قنان «6» بن الطاهر «7» ابن هبة الله بن شيث بن آدم. ومنهم من قال: نوح بن لامك بن متوشلخ «8» بن خنوخ «9» وهو إدريس النبي «10» يه السلام 10 بن يارز «11» بن مهابيل بن قبش «12» بن أنش «13» بن شيث بن آدم. ومنهم من قال: نوح بن لامك بن متوشلح بن خنوخ بن يارزا بن مهلائيل «14» بن قينان بن أنوش بن شيث بن آدم. ومنهم من قال: نوح بن لامك بن متوشلخ «15» بن مهليل بن قينين «16» بن يافش ابن شيث بن آدم.   (1) في وس ف وس «فالح» . (2) في ف وس «غيبر» . (3) من م، وقد سقط من ف وس. (4- 4) ليس في م. (5) في ف وس «متوسلح» . (6) في ف وس «فتان» وفي تاريخ اليعقوبي «قينان» . (7) في ف وس «الكاهر» كذا. (8) في ف وس «متوشلح» . (9) في الطبري «أخنوخ، وفي ف وس «ختوخ» خطأ. (10- 10) سقط من م. (11) في ف وس «بارر» . (12) من م، وفي ف وس «قبيس» . (13) من م، وفي ف وس «أنس» . (14) من تاريخ اليعقوبي، وفي ف وس «مهلال» . (15) من نسب قريش وفي ف «متوشخ» كذا. (16) في ف وس «فينن» ، وفي الطبري «قينان بن أنوش بن شيث» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 43 وأم رسول الله صلى الله عليه وسلم آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة «1» بن «2» كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب. ولم يكن لها أخ- فيكون خالا للنبي صلى الله عليه وسلم- إلا عبد يغوث «3» بن وهب، ولكن بنو زهرة يقولون: إنهم أخوال رسول صلى الله عليه وسلم، لأن آمنة أم رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت منهم. وأم آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة اسمها مرة بنت عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار بن قصي. وأمها أم حبيب بنت أسد بن [عبد] «4» العزى بن قصي. وأمها برة «5» بنت عوف بن عبيد بن عويج بن عدي بن كعب بن لؤي. هؤلاء جدات رسول الله صلى الله عليه وسلم من قبل [أم أمه] «6» . وأما جداته صلى الله عليه وسلم من قبل أبي أمه: فإن أم وهب بن عبد مناف بن زهرة اسمها قيلة بنت أبي قيلة «7» ، واسم أبي قيلة فهر بن غالب بن الحارث، وهو غبشان «8» ، وكان [يعير] «9» بأبي كبشة الذي «10» نسبت قريش رسول الله صلى الله عليه وسلم [إليه] «9» إذ كان مشركا فتنصر لما سافر إلى الشام ورجع إلى قريش بدين غير دينها، فعيرت قريش رسول الله صلى الله عليه وسلم به «11» . وأما [أم] قيلة خالدة بنت عابس بن كرب بن الحارث بن الفهر. وأم عبد مناف [و] أم زهرة جدة «12» أم رسول الله صلى الله عليه وسلم اسمها جمل «13» بنت مالك بن سعد بن   (1) من م، وفي ف وس «وهرة» خطأ. (2) العبارة من هنا إلى «لما وضعته جاءت به إلى جده عبد المطلب» ساقطة من م. (3) في ف وس «يغوب» . (4) زيد من الطبري. (5) في ف وس «برة» . (6) زدناه لاقتضاء المحل وليس في ف. (7) في ف «قلة» . (8) من نسب قريش، وفي ف: عيشان. (9) زيد من نسب قريش ودلائل النبوة للبيهقي وقد سقط من ف وس. (10) من نسب قريش، وفي ف «التي» خطأ. (11) وفي الدلائل ما لفظه «ونسبوه إليه فقالوا ابن أبي كبشة» . (12) في ف «جد» . (13) من نسب قريش، وفي ف «جميل» كذا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 44 سعد بن مليح. وأمها سلمى بنت حيّان بن غنم «1» . وأم زهرة بن «2» كلاب جدة «3» جدة «2» رسول الله صلى الله عليه وسلم اسمها فاطمة بنت سعد بن سيل «4» بن حرب. وأمها طريفة بنت قيس بن ذي «5» الرأسين بن عمرو بن قيس بن عيلان. وأما أمهات آبائه صلى الله عليه وسلم فإن أم «6» عبد الله بن عبد المطلب اسمها عاتكة بنت أرقص بن مالك ابن زهرة، وهي «7» أول العواتك «8» اللاتي ولدن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأما أم عبد المطلب بن هاشم فهي سلمى بنت عمرو بن زيد بن لبيد بن خداش «9» بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار لذلك «10» . وأم هاشم بن عبد مناف عاتكة بنت مرة بن هلال بن «11» فالج بن ذكوان بن ثعلبة وهي الثانية من العواتك، وهي أم «12» هاشم بن عبد مناف والمطلب بن عبد مناف وعبد شمس بن عبد مناف؛ وإنما سمى هاشم هاشما لأنه هشم الثريد لقوله: [عمرو العلى هشم الثريد لقومه ... و] «13» رجال مكة مسنتون عجاف   (1) من نسب قريش وفي ف «عتم» . (2) في ف «بنت خطأ. (3) في ف «جد» . (4) من الطبري، وفي ف «سبل» كذا. (5) في ف «ري» خطأ. (6) وفي الطبري 2/ 172 «وكان عبد الله والزبير وعبد مناف وهو أبو طالب بنو عبد المطلب لأم واحدة وأمهم جميعا فاطمة بنت عمرو بن عائذ» . (7) في ف «وهم» خطأ. (8) في ف وس «العواقك» خطأ. (9) من الجمهرة والطبري، وفي ف «خراش» كذا. (10) كذا في الأصل، وفي الجمهرة «من الأنصار» وفي نسب قريش ص 15، «ولذلك يقول عروة بن الزبير: مآثر أبائي عدي ومازن ... تنقدتها والله يعطي الرغائب (11) بعده بياض في ف بقدر كلمة وعليه علامة الشك، ولا شك ولا بياض في الجمهرة. (12) في ف وس «أمر» خطأ. (13) والزيادة من المنمق ص 12 وص 102 وفي سيرة ابن هشام ص 87 والطبري. وقال صاحب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 45 وكان اسمه عمرو العلاء. وأم عبد مناف بن قصي اسمها حبى بنت حليل [بن حبشية] «1» بن سلول بن كعب بن عمرو بن خزاعة، فهي والدة عبد الدار وعبد العزى «2» لاد قصي 2 بن كلاب. [وأم قصي] «3» فاطمة بنت سعيد بن سيل «4» بن حرب بن حمالة ابن عوف بن الأزد، وكان قصي يسمى مجمعا لأن الله به جمع القبائل من فهر. وأم كلاب بن مرة «5» هند «6» ت سرير 6 بن ثعلبة بن الحارث بن مالك بن كنانة، وهي والدة ابن مرة ويقظة «7» ابني مرة. [و] أم مرة بن كعب مّخشية «8» بنت شيبان «9» بن محارب بن فهر، وقد قيل وحشيّة «10» بنت «11» ارب بن فهر 11. وأم كعب بن لؤي ماوية «12» بنت كعب بن القين بن أسد بن وبرة. وأم لؤي بن غالب سلمى «13» بنت عمرو بن عامر بن حارثة بن خزاعة. وأم غالب «14» بن فهر عاتكة بنت   القاموس: وهاشم بن عبد مناف أبو عبد المطلب واسمه عمر والعلاء، سمي هاشما لأنه أول من ثرد الثريد وهشمه في الجدب والعام الجماد وفيه يقول ابن الزبعرى: عمرو العلا هشم الثريد لقومه ... ورجال مكة مسنتون عجاف (1) زيد من نسب قريش: وفي الطبري «حبنية» . (2- 2) كذا في ف، وفي الطبري «ابنا قصي» . (3) سقط من الأصل وزدناه لاقتضاء سياق الكلام، وفي الطبري 2/ 181 «وقصى اسمه زيد وإنما قيل له قصي لأن أباه كلاب بن مرة كان تزوج أم قصي فاطمة بنت سعد بن سيل» . (4) من الطبري، وفي ف «شبل» خطأ. (5) زيد في ف «و» خطأ. (6- 6) من الطبري، ووقع في ف وس «نيته سيرين» مصحفا. (7) من الطبري، ونسب قريش ووقع في ف «بفكة» مصحفا. (8) من الطبري، وفي نسب قريش «وحشية» ووقع في ف «بحسه» مصحفا. (9) من الطبري، وفي ف «سنان» . (10) من الطبري، وفي ف «جنسه» مصحفا. (11- 11) من الطبري ونسب قريش، وفي ف «مخالد بن سعد» كذا. (12) من الطبري، وفي نسب قريش «مارية» وفي ف «ماوتة» خطأ. (13) كذا في ف، وفي الطبري ونسب قريش «وأم لؤي فيما قال هشام عاتكة بنت يخلد بن النضر بن كنانة، وقد قيل هنا: إن أم لؤي وإخوته سلمى بنت عمرو بن ربيعة. (14) وقال ابن جرير 2/ 186 «إن أم غالب ليلى بنت الحارث بن تميم» وهنا اختلاف وذكر ابن حبان إن أم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 46 يخلد «1» بن النضر بن كنانة، وهي إحدى العواتك اللاتي ولدن النبي صلى الله عليه وسلم، ما قال النبي صلى الله عليه وسلم يوم حنين: أنا ابن العواتك. وأم فهر بن مالك جندلة بنت «2» حارث بن عامر 2 بن الحارث الجرهمي. وأم مالك بن النضر عكرشة بنت عدوان، وهو الحارث بن عمرو بن قيس بن عيلان «3» . وأم النضر بن كنانة برّة بنت «4» مر أخت تميم بن مرّ «4» ، وقيل: إنها فكهة «5» بنت هنى «6» بن بليّ، والنضر هو قيس، وإنما قيل للنضر: قريش، لتجمعها من تفرق من بيتها، لأن التقرش هو التجمع. وأما [أم] كنانة فهي عوانة- وقد قيل: هند «7» - بنت سعد «8» بن قيس عيلان. وأما أم خزيمة بن مدركة فهي سلمى «9» بنت سعد «10» بن قيس بن الحاف بن قضاعة. وأما [أم] مدركة «11» بن إلياس فهي خندف، وهي ليلى بنت حلوان «12» بن   غالب بن فهر عاتكة بنت يخلد- وقد مر آنفا بالهامش ما ذكره ابن جرير أن عاتكة بنت يخلد أم لؤي بن غالب، فيصير أم لؤي وأم غالب كلتيهما واحدا- فتأمل. (1) من الطبري، ووقع في ف «نخلة» مصحفا. (2- 2) في الطبري «عامر بن الحارث» . (3) في ف «غيلان» خطأ. (4- 4) كذا في نسب قريش وفي الطبري «مر بن أد بن طابخة» ، وفي ف «مراخت سم بن مرة» خطأ. (5) من الطبري، وفي ف «قلمه» وفي نسب قريش «فكيهة» . (6) من الطبري، وفي ف «هر» . (7) من الطبري، ووقع في ف «عند» مصحفا. (8) من الطبري، وفي ف «عمرو» . (9) وفي ف «سلما» . (10) في الطبري «أسلم» ، وفي نسب قريش «أسد» . (11) في ف «مدرك» . (12) من الطبري، وفي ف «جلولن» خطأ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 47 عمران بن الحاف بن قضاعة، وكان لإلياس بن مضر ثلاثة من البنين: «1» رو وهو مدركة، وعامر وهو طابخة 1، وعمير فهو قمعة؛ وأمهم خندف، وإنما سمي هؤلاء بهذه الأسماء لأن الناس خرجوا في نجعة «2» لهم، فنفرت «3» إبلهم من أرنب، فخرج في أثرها عمرو فأدركها فسمي «4» مدركة؛ وأخذها عامر فنحر منها وطبخها فسمي طابخة، وانقمع عمير في الخباء «5» ولم يخرج معها فسمي قمعة، وخرجت أمهم تمشي في طلب الإبل فقيل لها: أين تخندفين «6» وقدرت الإبل، فسميت خندف، والخندفة ضرب من المشي. وأم إلياس «7» بن مضر الربابة «8» بنت إياس بن معد «9» . وأم مضر بن نزار سودة بنت عكّ «10» بن عدنان بن أدد.   (1- 1) كذا في الطبري، وفي نسب قريش «مدركة» ، واسمه عامر، وطابخة واسمه عمرو» . (2) من الطبري، ووقع في ف «بخعة» مصحفا. (3) من الطبري، ووقع في ف «فغفرت» مصحفا. (4) وقال ابن جرير في تاريخه 2/ 189 «وزعموا أنهما كانا في إبل لهما يرعيانها فاقتنصا صيدا فقعدا عليه يطبخانه وعدت عادية على إبلهما فقال عامر لعمرو: أتدرك الإبل أو تطبخ هذا الصيد فقال عمرو بل أطبخ الصيد فلحق عامر الإبل فجاء بها فلما راحا على أبيهما فحدثاه شأنهما قال لعامر: أنت مدركة وقال لعمرو: وأنت طابخة» . (5) من الطبري، وفي ف «الجنا» . (6) من الطبري، وفي ف «تحتدفين» . (7) وفي الروض الآنف «ويذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا تسبوا إلياس فإنه كان مؤمنا. وذكر أنه كان يسمع في صلبه تلبية النبي صلى الله عليه وسلم بالحج. وإلياس أول من أهدى البدن للبيت» . وفي جمهرة الأنساب أمه «أسمى بنت سودة» . (8) وفي الطبري «الرباب بنت حيدرة بن معد» وفي الروض «وأم إلياس الرباب بنت حميرة بن معد بن عدنان» . (9) من الطبري، وفي ف «سعد» كذا. (10) وفي الطبري ونسب قريش فولد نزار: مضر، وإيادا، وأمهما: خبية بنت عك، وفي ف «عكرمة» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 48 وأم نزار بن معد معانة بنت جوش» بن جلهمة «2» بن عمرو بن حليمة بن حرميه. وأم معدّ بن عدنان مهددة «3» بنت جلحب «4» بن جديس «5» . وأم عدنان بن أدد بلها «6» بنت «7» عز بن 7 قحطان. فهذه جوامع ما يحتاج إليه معرفة نسبة أمهات آباء رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأما أولاد عبد المطلب فهم عشرة: عبد الله بن عبد المطلب والد رسول الله صلى الله عليه وسلم، والزبير بن عبد المطلب، والعباس بن عبد المطلب، وحمزة بن عبد المطلب، والمقوّم بن عبد المطلب واسمه عبد العزى، والحارث بن عبد المطلب. والغيداق «8» بن عبد المطلب، وأبو لهب بن عبد المطلب، وأبو طالب ابن عبد المطلب اسمه عبد مناف. فأما عبد الله والد رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه لم يكن له ولد غير رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا ذكر ولا أنثى، وتوفي «9» قبل أن يولد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان عبد الله والد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو طالب من أم واحد.   (1) من نسب قريش والطبري، وفي الروض «جوشن» وفي ف «جديس» . (2) من الطبري، وفي ف «حليم» . (3) من الطبري؛ وفي ف «مهدة» وفي نسب قريش «منهاد بنت لهم بن جليد» . (4) من الطبري، وفي ف «حجلب» كذا. (5) في ف «حديس» . (6) كذا. (7- 7) في ف «ما عزيز» كذا. (8) في ف «الفيداق» خطأ. (9) وفي تاريخ اليعقوبي «وكانت سنة يوم توفي خمسا وعشرين» وقال ابن جرير في تاريخه «وبعثه أبوه إلى المدينة في ميرة يحمل لهم تمرا فمات بالمدينة فبعث عبد المطلب ابنه الحارث في طلبه حين أبطأ فوجده قد مات. وقال الواقدي: والثبت عندنا ليس بين أصحابنا فيه اختلاف أن عبد الله بن عبد المطلب أقبل من الشام في عير لقريش فنزل بالمدينة وهو مريض فأقام بها حتى توفي ودفن في الدار النابغة، وقيل التابعة في الدار الصغرى إذا دخلت الدار عن يسار ليس بين أصحابنا في هذا اختلاف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 49 وأما الزبير «1» بن عبد المطلب فكنيته أبو طاهر وكان من أجلة قريش وفرسانها، وكان من المبارزين وكان يقول الشعر فيجيز. وأما العباس «2» بن عبد المطلب فإن كنيته أبو الفضل، وكان إليه السقاية وزمزم في الجاهلية، فلما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم دفعها إليه يوم فتح مكة، ومات العباس سنة اثنتين وثلاثين في خلافة عثمان بن عفان وهو ابن ثمان وثمانين سنة بالمدينة، وصلى عليه عثمان ابن عفان. وأما ضرار «3» بن عبد المطلب فإنه كان يتعاطى بقول الشعر، ومات قبل الإسلام من غير أن أعقب. وأما حمزة «4» بن عبد المطلب فإن كنيته أبو عمارة، وكان أسد الله وأسد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد قيل إن كنيته أبو يعلى، استشهد يوم أحد، قتله وحشي بن حرب مولى جبير بن مطعم في شهر شوال سنة ثلاث من الهجرة، وكان حمزة أكبر من النبي صلى الله عليه وسلم بسنتين. وأما المقوم «5» بن عبد المطلب فكان من رجالات قريش، هلك قبل الإسلام، ولا عقب له.   (1) في تاريخ اليعقوبي «وأوصى عبد المطلب إلى ابنه الزبير بالحكومة وأمر الكعبة» . (2) وله ترجمة في الإصابة 4/ 30 وفيها «ولد قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم بسنتين وضاع وهو صغير فنذرت أمه إن وجدته أن تكسو البيت فوجدته فكست البيت الحرير فهي أول من كساه ذلك، فيقال إنه أسلم وكتم قومه ذلك، وصار يكتب إلى النبي صلى الله عليه وسلم بالأخبار، ثم هاجر قبل الفتح بقليل وشهد الفتح وثبت يوم حنين، ومات بالمدينة في رجب أو رمضان سنة اثنتين وثلاثين» . (3) وفي تاريخ اليعقوبي «والعباس» ، وضرار أمهما نتيلة بنت جناب بن كليب بن النمر بن قاسط» . (4) وله ترجمة في الإصابة 2/ 37 ما نصها «حمزة بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشي الهاشمي، أبو عمارة عم النبي صلى الله عليه وسلم وأخوه من الرضاعة أرضعتهما ثريبة مولاة أبي لهب كما ثبت في الصحيحين، وأسلم في السنة الثالثة من البعثة، وعاش دون الستين. ودفن حمزة وعبد الله بن جحش في قبر واحد. عن خليفة عن حمزة بن عبد المطلب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الزموا هذا الدعاء: اللهم إني أسألك باسمك الأعظم ورضوانك الأكبر- الحديث» . (5) التصحيح من تاريخ اليعقوبي 1/ 251 والطبري، ووقع في ف «العقوم» مصحفا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 50 وأما أبو لهب بن عبد المطلب فكنيته أبو عقبة وإنما سمي أبو لهب لجماله «1» ، وكان أحول، ممن يعادي رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين عمومته، ويظهر له حسدا «2» إلى أن مات عليه من العدسة «3» في عقب يوم بدر لما بلغه ما كان في ذلك اليوم من المشركين من النكاية من المسلمين كمد «4» منه حتى مات. وأما الحارث بن عبد المطلب فهو أكبر ولد عبد المطلب، واسمه كنيته، وهو ممن حفر بئر زمزم مع عبد المطلب. وأما الغيداق «5» بن عبد المطلب فإنه مات ولم يعقب وكان من رجالات قريش. وأما أبو طالب «6» بن عبد المطلب فكان هو وعبد الله بن عبد المطلب لأم واحدة، وكان وصي عبد المطلب، أوصى إليه عبد المطلب في ماله بعده وفي حفظ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتعهده «7» على ما كان يتعهده عبد المطلب في حياته، ومات أبو   (1) من الطبري، وفي ف «لحماله» خطأ. (2) في ف «حسرة» كذا. (3) في ف: والعديسة، والتصحيح من النهاية 3/ 80 وفيه: في حديث أبي رافع أن أبا لهب رماه الله بالعدسة، هي بثرة تشبه العدسة تخرج في مواضع من الجسد من جنس الطاعون تقتل صاحبها غالبا. (4) وقع في ف «كمر» كذا. (5) وقع في ف «الفيداق» بالفاء مصحفا. وفي تاريخ اليعقوبي: والغيداق وهو جحل وإنما سمي الغيداق لأنه كان أجود قريش وأطعمهم. (6) وله ترجمة في الإعلام للزركلي 4/ 315 ما نصه «أبو طالب عبد مناف بن عبد المطلب بن هاشم، من قريش، أبو طالب، والد علي رضي الله عنه، وعم النبي صلى الله عليه وسلم وكافله ومربيه ومناصره، كان من أبطال بني هاشم ورؤسائهم، ومن الخطباء العقلاء الأباة، وله تجارة كسائر قريش، نشأ النبي صلى الله عليه وسلم في بيته، وسافر معه إلى الشام في صباه، ولما أظهر الدعوة إلى الإسلام همّ أقرباؤه (بنو قريش) بقتله، فحماه أبو طالب وصدهم عنه، فدعاه النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام فامتنع خوفا من أن تعيره العرب بتركه دين آبائه، ووعد بنصرته وحمايته، وفيه الآية إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ واستمر على ذلك إلى أن توفي، فاضطر المسلمون للهجرة من مكة، وفي الحديث: ما نالت قريش مني شيئا أكرهه حتى مات أبو طالب» . وله ترجمة أيضا في طبقات ابن سعد (1) : 75، وابن الأثير 2: 34. (7) زيد في ف: و. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 51 طالب قبل أن يهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاث سنين وأربعة عشر «1» . وأما عمات رسول الله صلى الله عليه وسلم فهن ست «2» بنات عبد المطلب بن هاشم لصلبه، أولهن عاتكة بنت عبد المطلب، وأميمة بنت عبد المطلب، وأروى «3» بنت عبد المطلب، والبيضاء بنت عبد المطلب وهي أم حكيم، وبرة بنت عبد المطلب، وصفية بنت عبد المطلب. فأما عاتكة «4» بنت عبد المطلب فكانت عند أبي أمية بن المغيرة المخزومي. وأما أميمة «5» بنت عبد المطلب فكانت عند جحش بن رئاب الأسدي. وأما البيضاء بنت عبد المطلب فكانت عند كريز «6» بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس. وأما برة بنت عبد المطلب فكانت عند عبد الأسد بن هلال المخزومي. وأما صفية «7» بنت عبد المطلب فكانت عند العوام بن خويلد بن أسد. وأما أروى بنت عبد المطلب فكانت عند عمير بن قصي بن كلاب. ولم يسلم من «8»   (1) الظاهر أن «يوما» سقط من هنا. (2) وفي ف «ستة» ، والتصحيح من الاستيعاب، وقال اليعقوبي في تاريخه: «ومن الإناث أربع» . (3) ولها ترجمة في الاستيعاب 2/ 702 وفيها «أروى بنت عبد المطلب عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ذكرها أبو جعفر العقيلي في الصحابة وذكر أيضا عاتكة بنت عبد المطلب وأبى غيره من ذلك وهما مختلف في إسلامها، فأما محمد بن إسحاق ومن قال بقوله فذكر أنه لم يسلم من عمات رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا صفية، وغيره يقول إن أروى وصفية أسلمتا جميعا من عمات رسول الله صلى الله عليه وسلم» . (4) ولها ترجمة وجيزة في الاستيعاب 2/ 748. (5) ولها ذكر في الاستيعاب 2/ 703. (6) من الاستيعاب، وفي ف «كبير» مصحفا. (7) ولها ترجمة ممتعة في الإصابة 8/ 128، وهي والدة الزبير بن العوام أحد العشرة، وهي شقيقة حمزة أمهما هالة بنت وهب، وهي أول امرأة قتلت رجلا من المشركين. (8) وقع في ف «بن» خطأ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 52 عمات النبي صلى الله عليه وسلم إلا صفية وهي والدة الزبير بن العوام، وتوفيت صفية في خلافة عمر بن الخطاب. فهذه جوامع ما يجب أن يحفظ من ذكر عمومة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعماته «1» . وأما أم رسول الله صلى الله عليه وسلم آمنة بنت وهب «2» بن عبد مناف فإنها لما وضعته جاءت به إلى جده عبد المطلب وأخبرته أنها رأت «3» حين حملت به في النوم أنه قيل لها: حملت سيد هذه الأمة! فإذا» عته فسميه محمدا 4، فأخذه عبد المطلب فدخل به على هبل في جوف الكعبة، وقام عنده يدعو الله ويشكر ما أعطاه، ثم خرج به إلى أمه فدفعه إليها، فقالت أمه: رأيت في المنام كأنه خرج منى نور «5» اء لي 5 قصور الشام. ثم التمس له الرضاعة فاسترضع [رسول الله] «6» صلى الله عليه وسلم من امرأة «7» من بني سعد   (1) قال اليعقوبي في تاريخه 2/ 11 «وكان لعبد المطلب من الولد الذكور عشرة. ومن الإناث أربع: عبد الله أبو رسول الله، وأبو طالب وهو عبد مناف، والزبير وهو أبو الطاهر، وعبد الكعبة وهو المقوم وأمهم فاطمة بنت عمرو بن عائد بن عمران بن مخزوم وهي أم أم حكيم البيضاء، وعاتكة وبرّة وأروى وأميمة بنات عبد المطلب؛ والحارث وهو أكبر ولد عبد المطلب وبه كان يكنى، وقثم، وأمهما صفية بنت جندب بن حجر بن زباب بن حبيب بن سوأة بن عامر بن صعصعة؛ وحمزة وهو أبو يعلى أسد الله وأسد رسول الله، وأمه هالة بنت وهيب بن عبد مناف بن زهرة وهي أم صفية بنت عبد المطلب، والعباس، وضرار، أمهما نتيلة بنت جناب بن كليب بن النمر بن قاسط؛ وأبو لهب وهو عبد العزى، وأمه لبنى بنت هاجر بن عبد مناف بن ضاطر الخزاعي؛ والغيداق وهو جحل وإنما سمي الغيداق لأنه كان أجود قريش وأطعمهم للطعام، وأمه ممنعة بنت عمرو بن مالك بن نوفل الخزاعي. فهؤلاء أعمام رسول الله صلى الله عليه وسلم وعماته» . (2) من نسب قريش، وفي ف «مضر» . (3) من م، وفي ف «رأته» . (4- 4) في م «وضعتيه» . وزاد في الطبري ودلائل النبوة «فإذا وضعته فقولي: أعيذه بالواحد، من شر كل حاسد، ثم سميه محمدا» . (5- 5) من م، ووقع في ف «صار إلى» مصحفا. (6) زيد من م. (7) في الطبري «فاسترضع له امرأة من بني سعد» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 53 ابن بكر يقال لها: حليمة بنت أبي ذؤيب وأبو ذؤيب اسمه عبد الله بن الحارث بن شجنة بن جابر بن رزام «1» بن «2» صرة بن سعد 2 بن بكر بن هوازن «3» بن منصور بن عكرمة بن خصفة «4» بن قيس بن «5» عيلان [بن] «6» مضر «7» ، وزوج حليمة اسمه الحارث بن عبد العزى بن رفاعة من بني سعد بن بكر، وأخو رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أرضعته حليمة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم اسمه عبد [الله بن] «8» الحارث بن عبد العزى، ولعبد الله هذا أختان من حليمة: إحداهما أنيسة «9» والأخرى جذامة «10» بنت الحارث بن عبد العزى. قالت حليمة: خرجت في نسوة من بني سعد «11» بكر 11 نلتمس «12» الرضعاء بمكة، فخرجت على أتان لي «5» قمراء في سنة شهباء ومعي زوجي، ومعنا شارف لنا «11» والله إن تبضّ «13» بقطرة من لبن، ومعي صبي لي لا ننام «14» ليلتنا من بكائه، ما في ثديي ما يغنيه، فلما قدمنا مكة «15» لم تبق منا امرأة إلا   (1) في م والطبري «رزام» كما أثبتناه، وفي ف «وزام» . (2- 2) من الطبري وزاد بعده «بن قصية» ، وفي م «ناطرة بن رزام بن سعد» ، وفي ف «ناصر بن سعد» كذا. (3) من م، وفي ف «هواذن» . (4) من م والطبري، وفي ف «حفصة» خطأ. (5) سقط من م. (6) زيد من م والطبري. (7) العبارة من هنا إلى «الحارث بن عبد العزى» ساقطة من م. (8) زيد من الطبري، وقد سقط من ف، وقال ابن جرير «اسم إخوته من الرضاعة عبد الله بن الحارث- إلخ» . (9) من الطبري، ووقع في ف «ايشة» خطأ. (10) في ف «خدامة» خطأ. (11- 11) سقط من م. (12) من م، وفي ف «تلتمس» . (13) زاد في م «علينا» وفي الطبري «والله ما تبض بقطرة وما ننام ليلنا أجمع من صبينا الذي معي من بكائه من الجوع» . (14) من م والطبري، وفي ف «لا ينام» . (15) في م «بمكة» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 54 عرض عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فتأباه «1» ، وإنما نرجو الكرامة في رضاع «2» من يرضع «3» [له من] «4» والد المولود وكان يتيما فكنا نقول: ما عسى أن تصنع «5» به أمه، فكنا نأباه «6» حتى لم يبق من صواحبي امرأة إلا أخذت رضيعة غيري، فكرهت أن أرجع ولم آخذ شيئا وقد أخذ صواحبي «7» أردن 7، فقلت لزوجي: والله لأرجع «8» إلى ذلك اليتيم ولآخذنه «9» ! قالت: فأتيته فأخذته ثم رجعت إلى رحلي، قال زوجي: أصبت «10» والله يا حليمة! عسى أن يجعل فيه خيرا، قالت: فو الله ما هو إلا أن وضعته في حجري أقبل عليه ثدياي بما شاء الله «10» من لبن، فشرب حتى روي و «11» شرب أخوه حتى روي، ثم قام زوجي إلى شارفنا من الليل فإذا بها حافل «12» فحلب «13» لبنا، فشربت حتى رويت وشرب حتى روي؛ فبتنا بخير و [قد] 1» نام صبينا وروي، فقال زوجي: والله يا حليمة! ما أراك إلا أصبت نسمة مباركة، قالت: ثم خرجنا فو الله! لخرجت أتاني أمام الركب حتى أنهم ليقولون لي «15» : [يا   (1) من م، وفي ف «فياباه» . (2) في م «رضاعة» . (3) من م، وفي ف «موضع» . (4) زيد من م. (5) من م، وفي ف «تضع» . (6) في م «نابي» . (7- 7) سقط من م، «ما أردنا» كذا. (8) في م «لأرجعن» . (9) في م «فلأخذنه» وفي ف «ولأخذته» . (10) ليس في م والطبري. (11) وفي م «ثم» . (12) في ف «جافل» خطأ، وفي الطبري «لحافل» . (13) من م والطبري، وفي ف «فحلبت» . (14) زيد من م. (15) سقط من م. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 55 ويحك] «1» «2» ى علينا 2، أليست هذه «3» بأتانك التي خرجت عليها؟ فأقول: «4» الله بلى 4، حتى قدمنا أرضنا من حاضر بني سعد بن بكر، قالت: قدمنا «5» على أجدب أرض، فو الذي نفس حليمة بيده! إن كانوا «6» سرحون بأغنامهم 6 إذا أصبحوا [ويسرح] «7» راعي غنمي «8» فتروح غنمي «9» لا بطانا 9 لبنا، وتروح أغنامهم جياعا هالكة ما بها من لبن فنشرب ما شئنا من اللبن، وما من «10» الحاضر أحد يحلب «11» قطرة ولا يجدها «12» ، قالت: فيقولون لرعاتهم: ويلكم! ألا تسرحون حيث يسرح راعي حليمة؟ فيسرحون في الشعب الذي «13» يسرح فيه، فتروح أغنامهم جياعا «1» هالكة، وتروح «1» غنمي «14» حفلا لبنا «14» ، قالت: وكان يشب «15» في اليوم شاب الصبي في الشهر، ويشب في الشهر شباب الصبي في السنة.   (1) زيد من م.، وقد سقط من ف. (2- 2) في الطبري «أربعي علينا» . (3) سقط من م. (4- 4) في م «بلى والله» . (5) في م «فقدمنا» . (6- 6) في م «يسرحون أغنامهم» . (7) زيد من م. (8- 8) ليس في م. (9- 9) في ف «جفلا يطانا» خطأ. (10) في م «في» . (11) في ف «بحلب» . (12) في ف «يجد ما» خطأ. (13) في ف «للذي» . (14- 14) من م، وفي ف «لبنا حفلا» . (15) وفي الطبري «حتى مضت سنتان وفصلته وكان يشب شبابا لا يشبه الغلمان فلم يبلغ سنتيه حتى كان غلاما جفرا، فقدمنا به على أمه ونحن نحرص على مكثه فينا لما كنا نرى من بركته. فكلمنا أمه وقلنا لها: يا ظئر لو تركت بني عندي حتى يغلظ فإني أخشى عليه وباء مكة، قالت: فلم نزل بها حتى رددناه معنا، قالت: فرجعنا به» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 56 فلما بلغ سنتين قدمنا به على أمه «1» فقالت: إن لا بني هذا شأنا! إني حملت به فو الله ما [حملت] «2» حملا قط كان أخف عليّ منه! ولقد رأيت حين حملت «3» به أنه خرج مني نور أضاء منه أعناق الإبل ببصرى- أو قالت «4» : قصور بصرى- ثم وضعته، فو الله! ما وقع كما يقع الصبيان! لقد وقع «5» معتمدا [على] «2» يديه إلى الأرض، رافعا رأسه إلى السماء، «5» عاه عنكما، فقبضته 5 وانطلقا. قال أبو حاتم: فتوفيت أمه صلى الله عليه وسلم بالأبواء ورسول الله صلى الله عليه وسلم ابن أربع سنين «6» ، وكان عبد المطلب من أشفق الناس عليه، «7» ر الآباء به 7 إلى أن توفي عبد المطلب ورسول الله صلى الله عليه وسلم ابن ثمان «8» سنين، وأوصى به إلى أبي طالب، واسم أبي طالب عبد مناف «9» ، ابن عبد المطلب وذلك «10» أن عبد الله وأبا طالب كانا لأم، فكان أبو طالب الذي «11» يلي أمور «12» رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد عبد المطلب إلى أن راهقه «13» وبلغ مبلغ   (1) سقطت العبارة من هنا إلى «وانطلقا» من م. (2) زيد من الخصائص الكبرى 1/ 54. (3) من الخصائص، وفي ف «حملته» . (4) في ف «قال» خطأ. (5- 5) كذا وقعت هذه العبارة في ف، وفي الخصائص «فدعاه عنكما» فقط. (6) وفي الطبري 1/ 131 عن ابن إسحاق أن أم رسول الله صلى الله عليه وسلم آمنة توفيت ورسول الله صلى الله عليه وسلم ابن ست سنين بالأبواء بين مكة والمدينة، كانت قدمت به المدينة على أخواله من بني عدي بن النجار تزيره إياهم فماتت وهي راجعة به إلى مكة. وعن عثمان بن صفوان أن قبر آمنة بنت وهب في شعب أبي ذر بمكة» . (7- 7) كذا في م، وفي ف «ابرا لآبائه» . (8) كذا قال أبو جعفر الطبري، وقال: وكان بعضهم يقول: توفي عبد المطلب ورسول الله ابن عشر سنين. (9- 9) ليس في م. (10) في م «ذاك» . (11) سقط من م. (12) في م «أمر» . (13) من م، وفي ف «راقد» خطأ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 57 الرجال، وكان أبو طالب إذا رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «1» : فشقّ له من اسمه ليجلّه «2» ... فذو العرش محمود وهذا محمد [» ذكر في الاستيعاب «4» لابن عبد البر بإسناده إلى ابن عباس أن عبد المطلب ختن النبي صلى الله عليه وسلم يوم سابعه وجعل له مأدبة سماه محمدا «5» ؛ قال ابن عبد البر بعد هذا: قال يحيى بن أيوب: ما وجدنا هذا الحديث عند أحد إلا عند ابن أبي السري العسقلاني «5» ، قال: وقد روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولد مختونا مسرورا- يعني: مقطوع السرة] «6» . ذكر خروج النبي صلى الله عليه وسلم إلى الشام حدثنا «7» الحسن بن سفيان ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا قراد أبو «8» نوح ثنا يونس بن أبي إسحاق عن أبي بكر بن أبي موسى «9» أبي موسى 9 [قال] «10» : خرج أبو طالب إلى الشام وخرج معه رسول الله صلى الله عليه وسلم و «11» أشياخ من قريش، فلما أشرفوا على الراهب «12» طوا فحلوا رحالهم فخرج إليهم الراهب 12. وكانوا قبل ذلك يمرون به فلا يخرج إليهم ولا يلتفت،   (1) زيد في م «شعر» . (2) من م، وفي ف «يجعله» خطأ. (3) العبارة من هنا إلى «مقطوع السرة» ساقطة من م. (4) راجع الاستيعاب 1/ 22. (5- 5) تكررت هذه العبارة في ف فحذفناها. (6) ما بين المعقوفين ليس لابن حبان لأنه توفي سنة 354 هـ وابن عبد البر صاحب كتاب الاستيعاب توفي سنة 463 هـ. (7) في م «أخبرنا» . (8) من م والطبري، وفي ف «ابن» خطأ. (9- 9) كذا في ف والطبري، وليس في م. (10) زيد من م والطبري. (11) في الطبري «في» مكان «و» . (12- 12) هكذا ثبتت العبارة في ف والطبري وقد سقطت من م. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 58 فأتاهم «1» وهم «2» يحلون [رواحلهم] «3» وأحلاسهم «4» فجعل يتخللهم «5» حتى جاء فأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال [هذا] «6» سيد العالمين! هذا رسول رب العالمين! هذا يبعثه الله رحمة للعالمين! فقال له «1» أشياخ من قريش: ما علمك؟ قال: إنكم حين أشرفتم من العقبة «7» يبق شجر 7 ولا حجر إلا خر ساجدا، ولا يسجدون إلا لنبي «8» ، وإني أعرفه «9» [بخاتم] «10» النبوة «11» أسفل من غضروف كتفه مثل التفاحة؛ ثم رجع فصنع لهم طعاما، فلما أتاهم به وكان هو صلى الله عليه وسلم في رعية الإبل قال: أرسلوا إليه، فأقبل وعليه غمامة تظله، فقال «12» : انظروا إليه، عليه غمامة تظله! فلما دنا من القوم وجدهم «13» قد سبقوه إلى فيء الشجرة، [فلما جلس] «14» مال «15» عليه، قال: فبينما «16» هو قائم عليهم وهو يناشدهم أن لا يذهبوا به إلى الروم فإن الروم لو «17» رأوه عرفوه بالصفة فقتلوه فالتفت فإذا هو بسبعة نفر [قد] «18»   (1) ليس في م. (2) في م «فهم» . (3) زيد من الطبري، وقد سقط من ف. (4) سقط من م. وفي ف «أجلسهم» كذا. (5) من م والطبري، وفي ف «يتحللهم» خطأ. (6) من م والطبري، وليس في ف. (7- 7) في م والطبري «لم تبق شجرة» . (8) في ف «النبي» خطأ. (9) من م وهكذا في الطبري، وفي ف «أعرف» . (10) زيد من م والطبري. (11) في ف «النبوية» . (12) في م «قال» . (13) من م وهكذا في الطبري، وفي ف «جرهم» خطأ. (14) من م والطبري، وقد سقط من ف. (15) وفي الطبري «مال فيء الشجرة فقال انظروا إلى فيء الشجرة مال عليه» . (16) في م «فبينا» . (17) في الطبري «أن» . (18) زيد من م والطبري، وقد سقط من ف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 59 أقبلوا من الروم، فاستقبلهم فقال: ما جاء بكم؟ قالوا «1» : جئنا إن هذا [النبي] «2» خارج في هذا الشهر، فلم يبق طريق إلا وقد [بعث] «2» إليه «3» ناس، وإنا أخبرنا بخبره فبعثنا إلى طريقك هذا، فقال لهم: «أفرأيتم أمرا إذا أراد الله أن يقضيه [هل] «2» يستطيع أحد من الناس رده؟» قالوا: لا، فتابعوه وأقاموا معه، قال: فأتاهم فقال لهم «4» : «أنشدكم بالله! أيكم وليه؟» قال» أبو طالب: أنا، فلم يزل يناشده حتى رده أبو طالب وبعث معه أبو بكر بلالا وزوده «6» الراهب من الكعك والزيت. قال أبو حاتم: فقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة «7» ، وكانت سفرته الثانية بعدها مع ميسرة غلام خديجة، ثم تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم خديجة بنت خويلد [بن أسد] «8» وهو ابن خمس وعشرين [سنة] «8» وخويلد هو [ابن] «8» أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب، وأمها فاطمة بنت زائدة بن «9» الأصم بن رواحة بن حجر بن معيص «10» «11» عامر 11 بن لؤي بن غالب وكانت قبل «12» أن يتزوج «13» بها رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت أبي هالة أخي بني تميم «14» ، ثم كانت تحت عتيق   (1) في م «فقالوا» . (2) زيد من م والطبري، وقد سقط من ف. (3) في م «إليها» . (4) سقط من م. (5) من م، وفي ف «قالوا» خطأ. (6) من م والطبري، وفي ف «زوّد» . (7) في ف «مكة» . (8) زيد من م. (9) من م، وفي ف «بنت» . (10) في ف «نفيض» . (11- 11) سقط من م. (12) من م، ووقع في ف «من» خطأ. (13) من م، وفي ف «تزوج» . (14) من م والإصابة 8/ 60، وفي ف «نعيم» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 60 ابن عائذ «1» بن عبد الله بن عمر «2» بن مخزوم «3» ، وكان السبب في ذلك أن خديجة كانت امرأة تاجرة ذات شرف ومال، تستأجر «4» الرجال في مالها وتضاربهم إياه بشيء تجعله «5» لهم منه، وكانت قريش قوما تجارا، فلما بلغها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بلغها من صدق حديثه وعظيم أمانته وكريم أخلاقه بعثت إليه وعرضت «6» عليه أن يخرج في مال لها إلى الشام تاجرا، و «7» تعطيه أفضل ما كانت تعطي غيره من التجار مع غلام لها يقال له «ميسرة» فقبله منها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخرج في مالها معه غلامها ميسرة حتى قدم «8» الشام، نزل «9» رسول الله صلى الله عليه وسلم في ظل شجرة قريبا من صومعة راهب من الرهبان، فأطلع الراهب «10» إلى ميسرة فقال: من هذا الرجل الذي نزل تحت هذه الشجرة؟ فقال «11» ميسرة: هذا رجل من قريش من أهل الحرم، فقال له الراهب: ما نزل تحت هذه الشجرة [قط] «12» إلا نبي، ثم باع رسول الله صلى الله عليه وسلم سلعته التي خرج بها، واشترى ما أراد أن يشتري، ثم أقبل قافلا إلى مكة ومعه ميسرة، فكان [ميسرة] «13» إذا كانت الهاجرة واشتد الحريرى ظلا «14» على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم   (1) التصحيح من الإصابة، ووقع في م وف: عابد. (2) من م والإصابة، وفي ف «عمرو» . (3) من م والإصابة، وفي ف «محزوم» خطأ. (4) من تاريخ الطبري، وفي م «تستجر» ، وفي ف «يتجر» كذا. (5) من م وكذا في الطبري، وفي ف «يجعله» . (6) في الطبري «فعرضت» . (7) ليس في م. (8) في تاريخ الطبري «قدما» . (9) كذا، وفي الطبري «فنزل» وهو أنسب. (10) زاد الطبري «رأسه» . (11) في ف «قال» . (12) زيد من م وهكذا في الطبري وقد سقط من ف. (13) من م والطبري، وليس في ف. (14) من م، وفي ف «طلا» ، وفي الطبري «يرى ملكين يظلانه من الشمس» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 61 من الشمس وهو يسير على بعيره، فلما قدم «1» مكة على خديجة بمالها باعت ما جاء به، وأخبرها ميسرة عن قول الراهب وعن ما كان من أمر الإضلال، وكانت [خديجة] «2» امرأة حازمة «3» شريفة لبيبة «4» ؛ فلما أخبرها ميسرة بما أخبرها بعثت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالت: إني قد «5» رغبت فيك وفي قرابتك وفي أمانتك وحسن خلقك وصدق حديثك، ثم عرضت عليه نفسها، وكانت خديجة يومئذ أوسط نساء قريش نسبا وأعظمهن «6» شرفا وأكثرهن «7» مالا، فلما قالت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم [ذكر ذلك صلى الله عليه وسلم] «8» لأعمامه، فخرج» معه حمزة بن عبد المطلب عمه حتى دخل على خويلد ابن أسد فخطبها إليه، فزوجها «10» من رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فولد له منها زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة، والقاسم [وكان به يكنى والطاهر] «11» والطيب فهلكوا قبل الوحي «12» . وأما البنات فكلهن أسلمن وهاجرن إلى المدينة، وكانت خديجة قد ذكرت لو رقة بن نوفل بن أسد- وكان ابن عمها وكان نصرانيا قد قرأ الكتب «13» وعلم من علم الناس- ما ذكر لها غلامها ميسرة من قول الراهب وما كان «14» من الإظلال   (1) من م، وهكذا في الطبري، وفي ف «دخل» . (2) من م والطبري. (3) هكذا في م والطبري، وفي ف «خازمة» خطأ. (4) من ف والطبري، وفي م «نسيبة» . (5) سقط من م. (6) من م وكذا في الطبري، وفي ف «أعظمهم» . (7) من م والطبري، وفي ف «أكثرهم» . (8) زيدت من م والطبري، وقد سقطت من ف. (9) من م، وفي ف: خرج. (10) في الطبري «فتزوجها» . (11) زيدت من م وهكذا في الطبري. (12) وفي الطبري «فأما القاسم والطاهر والطيب فهلكوا قبل الوحي» . (13) في ف «الكتاب» . (14) زيد في م. «يرى» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 62 عليه، فقال ورقة «1» : إن «2» كان هذا حقا يا «3» خديجة إن محمدا لنبي هذه الأمة، قد عرفت أنه كائن بهذه الأمة سيظهر في هذا الوقت. ذكر تفضّل الله على رسوله المصطفى صلى الله عليه وسلم «4» لكرامة والنبوة 4 بين خلق آدم ونفخ الروح فيه أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان الطائي [بمنبج] «5» ثنا العباس بن عثمان البجلي «6» ثنا الوليد بن مسلم «7» ثنا الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: متى وجبت لك النبوة؟ قال: « «8» ن خلق آدم ونفخ 8 الروح فيه» - «9» يه الصلاة والسلام 9. ذكر صفة «10» بدء الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم «11» أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة بعسقلان ثنا ابن أبي السري ثنا عبد الرزاق   (1) سقط من م زيد بعده في ف «ليس» ولم تكن الزيادة في م فحذفناها. (2) في م «لأن» . (3) من م، وفي ف «ما» خطأ. (4- 4) في م «بإكرامه بالنبوة» . (5) من م والأنساب للسمعاني (ق 542/ ب) . (6) في م «البلخي» كذا- راجع تهذيب التهذيب 5/ 124. (7) من م، وفي ف «مسلع» خطأ- راجع تهذيب التهذيب 11/ 151. (8- 8) من م، وفي ف «بين نفخ آدم وخلق» كذا. (9- 9) ليس في م. (10) في م: كيفية. (11) قال أبو جعفر الطبري «وكان بناء قريش الكعبة بعد الفجار بخمس عشرة سنة وكان بين عام الفيل وعام الفجار عشرون سنة. واختلف السلف في سن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نبىء كم كانت؟ فقال بعضهم نبىء رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ما بنت قريش الكعبة بخمس سنين وبعد ما تمت له من مولده أربعون سنة، وروى ابن جرير عن ابن عباس قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنزل عليه وهو ابن أربعين سنة فمكث بمكة ثلاث عشرة سنة. عن عمر رحمه الله أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: يا نبي الله صوم الإثنين؟ قال: «ذاك يوم ولدت فيه ويوم أنزلت علي فيه النبوة» . قال أبو جعفر: وهذا مما لا خلاف فيه بين أهل العلم واختلفوا في أي الأثانين كان ذلك، فقال بعضهم: نزل القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم لثماني عشرة خلت من رمضان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 63 أنا «1» معمر عن الزهري أخبرني «2» عروة بن الزبير عن عائشة «3» قالت: أول ما ابتدىء «4» [به] «5» رسول «6» الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة «7» يراها في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، ثم حبب إليه الخلاء فكان يأتي حراء فيتحنث فيه- وهو التعبد الليالي «8» ذوات العدد «8» - ويتزود لذلك «9» ثم يرجع «10» إلى خديجة فتزوده لمثلها حتى فجئه «11» الحق، وهو في غار حراء، فجاءه الملك فيه فقال: اقْرَأْ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: «ما أنا بقارىء» ، [قال] «12» فأخذني فغطني «13» حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال [لي] «14» . اقْرَأْ فقلت: «ما أنا بقارىء، فأخذني فغطني الثانية «15» ، حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني» فقال: اقْرَأْ، «فقلت: ما أنا بقارىء، فأخذني فغطني الثالثة حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني» فقال: اقْرَأْ1» بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ حتى بلغ ما لَمْ يَعْلَمْ قال:   (1) في م: أخبرنا. (2) في م: أنبا. (3) روى ابن جرير في تاريخه 2/ 205 بإسناده وفيه «فحدثني أحمد بن عثمان المعروف بأبي الجوزاء قال حدثنا وهب بن جرير قال حدثنا أبي قال سمعت النعمان بن راشد يحدث عن الزهري عن عروة عن عائشة، - إلخ، رواه البخاري (1/ 1) في: باب كيف كان بدؤ الوحي» . (4) التصحيح من الطبري، ووقع في م: أبدي، وفي ف «بدي» . (5) زيد من م والطبري والبخاري، وقد سقط من ف. (6) من م والطبري وهكذا في البخاري، وفي ف «برسول» . (7) في م «الصالحة» . (8- 8) من م وكذا في الطبري، وفي ف «دوات الفرد» خطأ. (9) في م «بذلك» . (10) في م، «رجع» . (11) من الطبري، وفي م وف «فجيئه» . (12) زيد من م وهكذا في الطبري، وليس في ف. (13) زيد في ف هنا «الثانية» خطأ. (14) من م فقط. (15) من م، وفي ف «الثالثة» . (16) زيدت هذه العبارة من م، وقد سقطت من ف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 64 فرجع بها ترجف فؤاده «1» حتى دخل على خديجة فقال: «زمّلوني زمّلوني!» فزمّلوه حتى ذهب عنه الروع، ثم قال: «يا خديجة! ما لي؟» وأخبرها الخبر وقال: «قد خشيت «2» عليّ، فقالت «3» : كلا! أبشر فو الله لا يخزيك «4» الله أبدا! إنك لتصل الرحم وتصدق الحديث وتحمل الكلّ وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق؛ ثم انطلقت به خديجة [حتى أتت به] «5» إلى «6» ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى ابن قصي- وهو عم خديجة أخو أبيها، وكان امرأ تنصّر في الجاهلية، وكان يكتب الكتاب العربي [يكتبه] «5» بالعربية «7» من الإنجيل ما شاء أن «8» يكتب، وكان شيخا كبيرا قد عمر- فقالت له خديجة: أي عم «9» ! اسمع من أخيك، فقال ورقة: يا «6» ابن أخي: ما ترى؟ فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بما رأى، فقال ورقة: هذا الناموس «10» الذي أنزل على موسى! يا ليتني أكون فيها جذعا! [يا ليتني] «11» أكون حيا حين يخرجك قومك! فقال [رسول الله صلى الله عليه وسلم] «5» : «أمخرجي «12» هم؟» قال «13» : نعم، لم يأت أحد بمثل «6» ما «14» جئت به إلا عودي وأوذي، وإن يدركني يومك «15» أنصرك   (1) من البخاري، وفي م وف «بوادره» . (2) في م «خشيته» . (3) في م «قالت» . (4) من م وكذا في الطبري، وفي ف «يحزنك» . (5) من م. (6) سقط من م. (7) في متن الصحيح للبخاري «بالعبرانية» وبهامشه «بالعربية» . (8) من م، وفي ف «أين» . (9) بهامش ف «عمى» . (10) الناموس: الوحي وجبريل؛ والناموس أيضا «الشريعة» راجع أقرب الموارد. (11) من البخاري. (12) من م وهكذا في الطبري، وفي ف «أخرجني» . (13) في م «فقال» . (14) في م «بما» . (15) من م وكذا في الطبري، وفي ف: قومك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 65 نصرا مؤزّرا؛ ثم لم ينشب ورقة أن توفي، وفتر الوحي [فترة] «1» حتى حزن رسول الله صلى الله عليه وسلم حزنا غدا منه مرارا لكي يتردى من رؤوس شواهق الجبال، فكلما أوفى بذروة «2» جبل كي يلقي نفسه منها فيرى له جبريل «2» «3» فقال [له] «1» : يا محمد! إنك رسول الله حقا! فيسكن لذلك جأشه «4» وتقر نفسه فيرجع، فإذا طال عليه فترة الوحي غدا لمثل ذلك [فإذا أوفى بذروة الجبل تبدى له جبريل فيقول له مثل ذلك] «1» . قال أبو حاتم: روي «5» في بدء الوحي عن النبي صلى الله عليه وسلم «5» خبران: خبر عن «6» عائشة وخبر عن «6» جابر، فأما خبر عائشة فقد ذكرناه، وأما «7» خبر جابر فحدثناه «8» عبد الله بن محمد بن سالم ببيت المقدس ثنا عبد الرحمن بن إبراهيم ثنا الوليد عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير قال سألت أبا سلمة بن عبد الرحمن: أيّ القرآن أنزل أول «9» ؟ قال: يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ «10» » فقلت: أو اقْرَأْ؟ قال: إني أحدثكم ما حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «جاورت «11» بحراء شهرا، فلما قضيت جواري نزلت فاستبطنت الوادي «2» ، فنوديت فنظرت أمامي وخلفي وعن يميني وعن شمالي فلم أر أحدا، ثم نوديت «3» فنظرت «12» إلى السماء فإذا هو [فوقي] «13» على   (1) من م. (2- 2) سقط من م. (3) زيد في م «سقط شيء» . (4) في ف «جائشة» خطأ. (5) زيد من م، وسقط من ف. (6- 6) في م، «عن النبي صلى الله عليه وسلم في بدؤ الوحي» . (7) سقط من م. (8) من م، وفي ف «أيا» . (9) من م، وفي ف «فحدثنا» . (10) في م «قبل» . (11) سورة 74 آية 1. (12) من م، ووقع في ف «جاروت» مصحفا. (13) في م «نظرت» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 66 العرش في السماء «1» ، فأخذتني «2» رجفة شديدة، فأتيت خديجة فأمرتهم فدثروني، ثم صبوا عليّ الماء، وأنزل الله «3» عز وجل «3» [عليّ] » يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ «5» إلى قوله فَطَهِّرْ «6» . قال أبو حاتم: هذان خبران أوهما من لم يكن الحديث صناعته أنهما متضادان وليس «7» كذلك، إن الله [عز وجل] «8» بعث رسوله «9» صلى الله عليه وسلم يوم الإثنين وهو ابن أربعين سنة، ونزل عليه جبريل وهو في الغار بحراء ب اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ «10» الَّذِي خَلَقَ «10» فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيت خديجة ودثروه أنزل الله [عليه] «8» في بيت خديجة يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ. قُمْ فَأَنْذِرْ. وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ.، من غير أن يكون بين الخبرين تضاد ولا تهاتر؛ فكان أول من آمن «11» برسول «12» الله صلى الله عليه وسلم زوجته خديجة بنت خويلد، ثم آمن علي بن أبي طالب وصدقه بما جاء به وهو ابن عشر سنين، ثم أسلم أبو بكر الصديق- فكان علي «10» بن أبي طالب «10» يخفي إسلامه «13» من أبي طالب «13» ، وأبو بكر لما أسلم أظهر إسلامه، فلذلك اشتبه على الناس أول من أسلم   (1) في م «الهواء» . (2) في ف «وأخذني» . (3- 3) سقط من م. (4) زيد من م، وسقط من ف. (5) زيد في م قُمْ فَأَنْذِرْ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ وَثِيابَكَ. (6) رواه البخاري (1/ 3) بإسناده ما نصه «قال بن شهاب وأخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن أن جابر ابن عبد الله الأنصاري قال وهو يحدث عن فترة الوحي- الحديث» . (7) وفي م «ليسا» . (8) زيد من م. (9) من م، وفي ف «رسول الله» . (10- 10) سقط من م. (11) من م، وفي ف «يرى» خطأ. (12) من م، وفي ف «رسول» . (13- 13) من م، ووقع مكانه «من أبي بكر» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 67 منهما- ثم أسلم زيد بن حارثة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان أبو بكر «1» أعلم قريش بأنسابها وبما كان فيها «2» من خير وشر، وكان رجلا سهلا بليغا أظهر الإسلام، ودعا إلى الله وإلى رسوله، فأجابه عثمان بن عفان والزبير بن العوام وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وطلحة بن عبيد الله، فجاء بهم أبو بكر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين استجابوا له فأسلموا وصلّوا، ثم أسلم أبو عبيدة بن الجراح، وأبو سلمة ابن عبد الأسد المخزومي، والأرقم [بن أبي الأرقم] «3» المخزومي، وعثمان بن مظعون الجمحي، وعبيدة بن الحارث بن المطلب بن عبد مناف، وسعيد بن زيد ابن عمرو بن نفيل، وامرأته فاطمة بنت الخطاب، وأسماء بنت أبي بكر، وعبد الله وقدامة ابنا مظعون الجمحيان، وخباب بن الأرت ومسعود [بن الربيع القاري، وعبد الله بن مسعود] «3» وعمير بن أبي وقاص «4» ، وسليط بن عمرو، وعياش «5» بن أبي ربيعة المخزومي، وامرأته أسماء بنت سلامة التميمية، وعامر بن [ربيعة] «3» «6» أبو عبد الله «6» ، وعبد الله بن جحش، [وأبو أحمد بن جحش] «3» الأسدي، وجعفر ابن أبي طالب، وامرأته أسماء بنت عميس الخثعمية، وحاطب «7» بن الحارث الجمحي، وامرأته فاطمة «8» بنت المجلل «9» ، وحطاب «10» بن الحارث، وامرأته   (1) ليس في م فقط. (2) من م، وفي ف «منهما» . (3) زيد من م إلا لفظ «الربيع» فإنه من الاستيعاب. (4) شهد بدرا واستشهد بها، أخو سعد بن أبي وقاص رضي الله عنهما. (5) في ف «عباس» . (6- 6) من الاستيعاب، وفي ف «عبد الله» ، وقد سقط من م. (7) وله ترجمة في الإصابة 1/ 314 «حاطب بن الحارث بن معمر القرشي الجمحي ... مات بأرض الحبشة وكان خرج إليها مع امرأته فاطمة بنت المجلل بن عبد الله» . (8) وفي ف وم «أسماء» خطأ، والتصحيح من الإصابة والاستيعاب، ولها ترجمة في الإصابة 8/ 164 وكنيتها أم جميل وهي بها أشهر. (9) من م، وفي ف «المحلل» خطأ. (10) وفي م «الخطاب» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 68 فكيهة «1» ، وصهيب بن سنان، ومعمر «2» [بن الحارث] «3» الجمحي «4» ، وسعيد «5» ابن الحارث السهمي «6» ، والمطلب «7» بن أزهر بن عبد عوف، وامرأته رملة بنت أبي عوف، والنحام [و] «3» اسمه نعيم بن عبد الله بن أسيد، وبلال بن رباح مولى أبي بكر، وعامر بن فهيرة مولى أبي بكر، وخالد بن سعيد بن العاص، وامرأته «8» أميمة بنت خلف «8» بن أسعد، وحاطب بن عمرو بن عبد شمس، وأبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة، وواقد بن «9» عبد الله بن [عبد مناف بن] عرين «9» بن ثعلبة التميمي، وخالد بن البكير، وإياس بن البكير، وعامر بن البكير، وعبد ياليل بن ناشب بن غيرة «10» بن سعد بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة، وعمار «11» بن ياسر حليف بني مخزوم. و «12» فشا ذكر الإسلام بمكة ودخل في الإسلام الرجال والنساء إرسالا، وأنزل الله عز وجل وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ 1» ، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى الصفا «14» ثم صعد «14» عليه   (1) من الاستيعاب وم، ووقع في ف «فكيمة» مصحفا. (2) في ف «معتمر» . (3) زيد من م. (4) كذا في الاستيعاب، وفي م «الحجبي» . (5) زيد في م وف: بن عثمان- كذا. (6) من الإصابة 3/ 95 وأنساب الأشراف ص 215 وسيأتي في ص 61 في ذكر مهاجرة الحبشة. (7) من م، وفي ف «المكلب» . (8- 8) من الاستيعاب، وفي م «همينة» ، وفي ف «هميمة» ، وبهامش م «هي بنت خالد بن أسعد بن عامر ابن بياضة الخزاعي كأنها أسلمت مع زوجها رضي الله عنهما» . (9- 9) من م والإصابة والاستيعاب، وفي ف «عبد الله بن عزيز» كذا. (10) من جمهرة أنساب العرب ص 173، ووقع في م وف: عمرو- مصحفا. (11) من م، وفي ف «عامر» . (12) وفي م «ثم» . (13) سورة 26 آية 214. (14- 14) في م «فصعد» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 69 ثم «1» نادى: «يا صباحاه» ! فاجتمع إليه «2» الناس «3» فمن «4» رجل يجيء «5» ومن «6» رجل يبعث رسوله، فقال: «يا بني عبد المطلب! يا بني عبد مناف! يا بني يا بني! أرأيتكم «7» لو أخبرتكم أن خيلا «8» بسفح هذا الجبل تريد أن تغير عليكم، أصدقتموني «9» ؟» قالوا: نعم، قال: «فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد، ثم قال: «يا معشر قريش! اشتروا أنفسكم من النار، يا بني عبد مناف! لا أغني عنكم من الله «10» من شيء «10» ، يا عباس بن عبد المطلب! يا صفية عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم! يا بني كعب بن لؤي! يا بني هاشم! يا بني [عبد] «11» المطلب! اشتروا أنفسكم من النار» ، فقال أبو لهب: تبا لك سائر اليوم! أما دعوتنا «12» إلا لهذا؟ «13» ثم قام «13» فنزلت «14» تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ ثم نزل النبي «15» صلى الله عليه وسلم، وجعل يدعو الناس في الشعاب والأودية والأسواق إلى الله، وأبو لهب خلفه والحجارة تنكبه «16» يقول: يا قوم! لا تقبلوا منه، فإنه كذاب.   (1) من م، وفي ف «و» . (2) سقط من م. (3) في الطبري «قريش» . (4) من م، وفي ف «فبين» كذا. (5) سقط من م. (6) من م، وفي ف «بين» . (7) في الطبري «أرأيتم» . (8) زيد في الطبري «تخرج» . (9) في الطبري «أما كنتم تصدقونني» . (10- 10) في م «شيئا» . (11) زيد من أنساب الأشراف 1/ 120. (12) من م والطبري، وفي ف «دعوتمونا» . (13- 13) من م، وموضعه بياض في ف. (14) في ف «نزلت» . (15) في م «رسول الله» . (16) من م، وفي ف «بمكيه» خطأ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 70 ثم تزوج النبي رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد خديجة سودة «1» بنت زمعة «2» بن قيس بن عبد شمس بن عبدود بن النضر «3» بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي، وأمها الشموس بنت قيس بن زيد بن عمرو بن لبيد بن خراش بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار، خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى وقدان بن حلبس «4» عمها، وكانت قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت السكران بن عمرو أخي سهيل بن عمرو من بني عامر بن لؤي، وكانت سودة امرأة ثقيلة ثبطة «5» وهي التي وهبت يومها لعائشة وقالت: لا أريد ما تريد «6» النساء؛ وقد قيل أن النبي «7» صلى الله عليه وسلم لم يتزوج على خديجة حتى ماتت. وزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنته رقية «8» من عتبة بن أبي لهب، وأم كلثوم «9» ابنته الأخرى من عتيبة «10» بن أبي لهب، فلما نزلت تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ أمرهما أبوهما أن يفارقاهما [ففارقاهما] «11» ، ثم زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان [بن عفان] «11» ابنته رقية بعد عتبة بن أبي لهب، ثم مرض أبو طالب فدخل عليه رهط من قريش فيهم أبو جهل فقالوا: ابن أخيك يشتم آلهتنا ويفعل ويفعل ويقول ويقول، ولو «12» بعثت إليه   (1) ولها ترجمة في الإصابة 8/ 117 فراجعه، وفيها «ماتت سودة في آخر زمان عمر بن الخطاب» . (2) في ف «رمعة» خطأ. (3) من م والاستيعاب وسيرة ابن هشام، وفي ف «مضر» خطأ. (4) من م، وفي ف «جليس» . (5) في ف «تبطة» خطأ. (6) من م والاستيعاب، وفي ف «يريد» . (7) في م «رسول الله» . (8) ولها ترجمة في الإصابة 8/ 83 والاستيعاب 2/ 727 فراجعهما. (9) ولها ترجمة في الإصابة 8/ 272 وهي كانت تحت عتيبة بن أبي لهب، ووقع في الإصابة والاستيعاب ما نصه: قال أبو عمر: كان عتيبة بن أبي لهب تزوج أم كلثوم قبل البعثة فلم يدخل عليها، وهذا خطأ فاحش، لأن «عتبة» تزوج رقية، والصحيح «عتيبة» فاحفظ. (10) في ف وم «عتبة» خطأ، والتصحيح من الإصابة 8/ 373 وفيه ما نصه «وقال غيره: كان عتبة وعتيبة ابنا أبي لهب تزوجا رقية وأم كلثوم» وبهامش م «عتبة بن أبي لهب» . (11) زيد من م. (12) في م «فلو» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 71 فنهيته! فبعث إليه فجاء النبي صلى الله عليه وسلم ودخل البيت وبين أبي جهل وبين أبي طالب مجلس رجل، فخشي أبو جهل أنه إذا جلس إلى جنب أبي طالب يكون أرقّ عليه فوثب فجلس في ذلك المجلس، ولم يجد النبي صلى الله عليه وسلم مجلسا قرب عمه فجلس عند «1» الباب، قال أبو طالب: أي ابن أخي! ما بال قومك يشكونك «2» ويزعمون أنك تشتم آلهتهم وتقول وتقول؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أي» عم! إني أريدهم على كلمة واحدة يقولونها تدين لهم العرب وتؤدي إليهم «4» بها العجم «4» الجزية» ، فقال أبو طالب: وأي كلمة هي يا ابن أخي؟ قال «5» : «لا إله إلا الله» ، فقاموا فزعين ينفضون ثيابهم ويقولون أَجَعَلَ الْآلِهَةَ «6» إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ «7» . ثم توفي أبو طالب «8» عبد مناف بن عبد المطلب، فلقي المسلمون أذى من المشركين بعد موت «9» أبي طالب، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم حين ابتلوا وشطت بهم عشائرهم بمكة: «تفرقوا» - وأشار قبل أرض الحبشة، وكانت أرضا دفئة «10» ترحل «11» إليها قريش رحلة الشتاء، أول هجرة في الإسلام، فأول من خرج من المسلمين إلى الحبشة عثمان بن عفان و «12» معه امرأته رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو   (1) في م «بحذاء» . (2) من م، وفي ف «يشكو بك» خطأ. (3) من م، وفي ف «ابن» خطأ. (4- 4) في م «العجم بها» . (5) في م «فقال» . (6) في م «الإله» . (7) سورة 38 آية 5. (8) في الطبري 2/ 229 «أن أبا طالب وخديجة هلكا في عام واحد، وذلك ... قبل هجرته إلى المدينة بثلاث سنين فعظمت المصيبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم» . (9) زاد هنا في ف «و» خطأ. (10) في م «دفية» ، وفي ف «دفيه» . (11) من م، وفي ف «فدخل» تصحيف. (12) لفظ «و» ليس في م. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 72 حذيفة بن عتبة «1» بن ربيعة بن عبد شمس ومعه امرأته سهلة بنت سهيل بن عمرو، والزبير «2» بن العوام، ومصعب بن عمير، وعبد الرحمن بن عوف، وأبو سلمة بن عبد الأسد معه امرأته أم سلمة بنت أبي أمية بن المغيرة، وعثمان بن مظعون «3» ، [وعامر بن ربيعة] «4» معه امرأته ليلى «5» بنت أبي حثمة بن غانم؛ وأبو سيرة بن أبي رهم بن عبد العزى، وأبو حاطب «6» بن [عمرو بن] «7» عبد شمس بن عبدود، وسهيل ابن وهب بن ربيعة وهو سهيل بن «8» بيضاء، بيضاء «8» أمه «9» ؛ ثم خرج بعدهم جعفر ابن أبي طالب معه امرأته أسماء بنت عميس، وعمرو بن سعيد بن العاص «10» ومعه امرأته فاطمة بنت صفوان بن أمية، وأخوه خالد بن سعيد بن العاص و «10» معه امرأته أمينة بنت «11» خلف بن أسعد «11» ، وعبد الله بن جحش بن رياب «12» ، وأخوه عبد «13» بن   (1) من م وهو الصواب، وفي ف «عقبة» خطأ، وله ترجمة في الإصابة 7/ 42. (2) من م وهكذا في الطبري، وفي ف «الربيع» خطأ. (3) في ف «مطعون» خطأ، وله ترجمة في الإصابة 4/ 225 وفيه «هاجر هو وأبنائه السائب الهجرة الأولى» . (4) زيدت من الإصابة 4/ 8 ولا بد منها فإن امرأة عثمان لم تكن ليلى، وقد سقطت من م وف، وله ترجمة في الإصابة ما نصه «عامر بن ربيعة العنزي، كأن أحد السابقين الأولين وهاجر إلى الحبشة ومعه امرأته ليلى بنت أبي حثمة ثم هاجر إلى المدينة» ومثله في الاستيعاب. (5) ولها ترجمة في الإصابة 8/ 180 وفيه «ليلى بنت حثمة بن غانم، وكانت زوج عامر بن ربيعة العنبري (كذا، والصواب: العنزي) وكانت من المهاجرات الأول» فقد ثبت أنها ليست بامرأة عثمان بن مظعون. (6) من م وهكذا في سيرة ابن هشام، ووقع في ف: حاطبة- كذا. (7) زيد من سيرة بن هشام. (8- 8) من م والسيرة، ووقع في ف «بيصا بيضنا» مصحفا. (9) وفي السيرة «ولكن أمه غلبت على نسبه فهو ينسب إليها، وكانت تدعى بيضاء» . (10- 10) سقطت العبارة من م، وهي ثابتة في ف والسيرة. (11- 11) من السيرة والإصابة، وفي م وف «خالد بن أسعد» . (12) ضبطه في الإصابة بالياء، وفي م والسيرة: رئاب، وفي ف «رباب» كذا. (13) من الاستيعاب وأسد الغابة، وفي ف وم «عبيد الله» كذا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 73 جحش معه امرأته أم حبيبة بنت أبي سفيان «1» بن حرب «1» ، وقيس بن عبد الله من بني أسد بن خزيمة «2» معه امرأته بركة بنت يسار، ومعيقيب بن أبي فاطمة الدوسي، وعتبة بن غزوان «3» ، وأسد «4» بن نوفل بن خويلد، ويزيد بن زمعة بن الأسود بن المطلب «5» و «6» عمرو «7» [بن أمية] «8» بن الحارث بن أسد «9» ، وطليب 1» بن عمير بن وهب، وسوبط «11» بن سعد بن حريملة «12» ، و «13» جهم «14» بن قيس بن «15» عبد شرحبيل «15» ، وابناه عمرو بن جهم وخزيمة «16» بن جهم، وعامر بن أبي وقاص، والمطلب «17» بن أزهر معه امرأته «18» رملة بنت أبي عوف بن صبيرة «19» ،   (1- 1) سقط من م. (2) من السيرة، وفي ف وم: حزيمة. (3) من السيرة، وفي ف وم «عزوان» . (4) من م والاستيعاب 1/ 47، وفي التجريد: ابن أخي خديجة وقيل أخوها، وفي ف والسيرة «الأسود» . (5) من م وهكذا في السيرة، ووقع في ف «المكلب» مصحفا. (6) في م «ابن» بدل «و» خطأ. (7) من م والسيرة، وفي ف «عمرة» خطأ. (8) زيد من السيرة والإصابة. (9) من م والسيرة، وفي ف «الأسد» . (10) من م والسيرة وهو الصواب، وفي ف «كليب» خطأ. (11) هكذا في ف وسيرة ابن هشام، وفي الاستيعاب «سويبط» ، وفي ف «سويط» ، وفي م «سوبنك» كذا. (12) من السيرة، وفي ف وم «حرملة» . (13) وقع هنا في م «بن» مكان «و» خطأ. (14) سقطت العبارة من م من هنا إلى «وعامر» . (15- 15) من سيرة ابن هشام، ووقع في م وف «عتبة» مصحفا. (16) في ف «حزيمة» خطأ. (17) من م، وفي ف «المكلب» خطأ. (18) سقطت العبارة من م إلى «والحارث» . (19) من الاستيعاب وسيرة ابن هشام، وفي م وف «صرد» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 74 وعبد الله بن مسعود، وأخوه عتبة بن مسعود، والمقداد «1» بن عمرو، «2» والحارث بن خالد بن صخر «2» معه امرأته ريطة «3» بنت الحارث بن جبلة «4» ، وعمرو بن عثمان [بن عمرو] «5» بن كعب، و «6» شماس عثمان «6» بن [عبد بن] «5» الشريد بن سويد، و «7» هشام بن أبي حذيفة بن المغيرة «8» بن عبد الله بن «9» عمر بن مخزوم «9» ، وسلمة بن هشام بن المغيرة، وعياش بن أبي ربيعة بن المغيرة، ومعتب بن عوف بن [عامر بن] «5» الفضل، والسائب بن عثمان بن مظعون، وعماه قدامة وعبد الله ابنا مظعون، وحاطب بن الحارث بن معمر «10» معه امرأته فاطمة بنت المجلل «11» ، وابناه محمد بن حاطب «12» والحارث بن حاطب «12» وأخوه حطاب «13» بن الحارث معه امرأته فكيهة بنت يسار، وسفيان بن معمر بن حبيب معه ابناه جابر «14» بن سفيان   (1) من الاستيعاب وسيرة ابن هشام، وفي ف وم «المقدام» خطأ. (2- 2) التصحيح من سيرة ابن هشام 1/ 206، ووقع في م وف «جنح» . (3) من م والسيرة، وفي ف «ويكة» ، ولها ترجمة في الاستيعاب 2/ 730. (4) هكذا في ف وم والاستيعاب والإصابة وفي السيرة «جبيلة» . (5) زيد من السيرة. (6- 6) التصحيح من الاستيعاب والإصابة والسيرة، وفي م: شماش بن، وفي ف «سماس بن» خطأ، وله ترجمة في الاستيعاب 2/ 59، وفي السيرة 1/ 206 «وشماس عثمان بن عبد بن شريد بن سويد. وقال ابن هشام: اسم شماس عثمان سمي شماسا لأن شماسا من الشمامسة» . (7) من م، ووقع في ف «بن» خطأ. (8) من الاستيعاب، وزاد في ف وم «و» خطأ، ولهشام بن أبي حذيفة ترجمة في الاستيعاب 2/ 596 وفيه «هشام بن أبي حذيفة بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم» . (9- 9) من السيرة، وفي ف «عمرو بن مخزوم» ، وفي م «عمرو بن مخزوم» . (10) من السيرة، وفي ف وم «يعمر» . (11) في ف «المحلل» خطأ. (12- 12) سقط من م. (13) في م وف وسيرة ابن هشام 1/ 207: خطاب- بالخاء المعجمة مصحفا، والصواب بالحاء المهملة كما ضبطه وصححه في الإصابة 2/ 159. (14) التصحيح من الاستيعاب 1/ 86 وله فيه ترجمة، وهكذا في السيرة. والروض، ووقع في الأصول «خالد» خطأ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 75 وجنادة بن سفيان، ومعه امرأته حسنة «1» وهي أمهما «2» ، وعثمان بن ربيعة بن أهبان «3» ، «4» وخنيس بن حذاقة «4» بن قيس، وعبد الله بن الحارث بن قيس، «5» وهشام ابن العاص بن وائل، وقيس بن حذافة بن قيس «5» ، والحجاج بن الحارث بن قيس، ومعمر «6» بن الحارث بن قيس، [وبشر بن الحارث بن قيس، وسعيد بن الحارث ابن قيس، والسائب بن الحارث بن قيس] «7» ، وعمير بن رئاب «8» بن حذيفة، ومحمية بن جزء» حليف لهم، ومعمر بن عبد الله بن نضلة، وعدي بن نضلة ابن «10» عبد العزى، معه ابنه «11» «12» النعمان، وأبو عبيدة بن الجراح بعدهم، وعامر بن ربيعة معه امرأته ليلى، والسكران بن عمرو بن عبد شمس معه امرأته سودة بنت زمعة «12» ، ومالك بن ربيعة «13» بن [قيس بن] «14» عبد شمس، وعبد الله بن مخرمة بن عبد العزى بن [أبي] «15» قيس، وعبد الله بن سهيل «16» بن عمرو «17»   (1) من م؛ وهكذا في السيرة والاستيعاب، وفي ف «حسنا» . (2) في ف، «أميما» خطأ. (3) من الاستيعاب والسيرة، وفي ف «وهب» وفي م «وهبان» كذا. (4- 4) من م، وهكذا في السيرة والاستيعاب، ووقع في ف «حنيس بن حديفة» مصحفا. (5- 5) سقطت من م، ووقع مكانها «وعبد الله» ، وفي السيرة قال ابن هشام: العاص بن وائل بن هشام بن سعيد بن سهم، قال بن إسحاق وقيس بن حذافة بن قيس ... وعبد الله بن حذافة بن قيس» كذا. (6) من م والاستيعاب، وفي ف «المعمر» . (7) زيد من م وهكذا في السيرة، وقد سقطت العبارة من ف. (8) هكذا في ف والسيرة وفي م «رباب» . (9) هكذا في ف وم وأنساب الأشراف ص 216، وفي السيرة «الجزء» . (10) من م وهكذا في السيرة، وفي ف «و» خطأ. (11) زيد هنا في ف «أبو» خطأ. (12) وللنعمان بن عدي بن نضلة ترجمة في الاستيعاب 1/ 296. (13) من م والاستيعاب والسيرة، وفي ف «رمعة» . (14) من م وهكذا في السيرة، وفي ف «زمعة» . (15) زيد من السيرة. (16) من م وهكذا في السيرة، وفي ف «سيل» . (17) من م وهكذا في السيرة، وفي ف «عمر» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 76 وعمرو «1» بن الحارث بن زهير، «2» وعياض بن زهير «2» بن أبي شداد «3» وربيعة بن هلال بن مالك، وعثمان «4» بن عبد غنم بن زهير، وسعد بن عبد قيس بن لقيط، وعبد الله بن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة «5» جد الزهري؛ فخرجوا «6» حتى قدموا أرض الحبشة وأقاموا «7» بها على الطمأنينة «8» ، ثم أن قريشا اجتمعت «9» في أن يبعث «10» إلى النجاشي حتى يرد من ثمّ من المسلمين عليها «11» ، فبعثوا عمرو بن العاص و «12» عمارة بن الوليد بن ربيعة «12» ، وبعثوا معهما «13» بهدايا كثيرة إليه وإلى بطارقته، فلما قدما «14» عليه ما بقي بطريق من بطارقته إلا قدما إليه بهديته «15» وسألاه «16» أن يكلم الملك حتى يسلمهم «17» إليهما «18» قبل أن يكلمهم «18»   (1) من السيرة، وفي م وف «عمر» . (2- 2) سقط من م وله ترجمة في الاستيعاب. (3) التصحيح من السيرة والإصابة 5/ 49، وفي م وف «و» . (4) هكذا في م وف والإصابة 4/ 222 وله ترجمة في الاستيعاب وفيه «وقال هشام بن الكلبي: هو عامر ابن عبد غنم» ، ووقع في السيرة «عمرو بن عبد غنم بن زهير» . (5) هكذا في ف والاستيعاب، وفي م «زهيرة» . (6) وفي السيرة «فكان جميع من لحق بأرض الحبشة وهاجر إليها من المسلمين سوى أبنائهم الذين خرجوا بهم معهم صغارا وولدوا بها ثلاثة وثمانين رجلا إن كان عمار بن ياسر فيهم وهو بشك فيه» . (7) من م، وفي ف «فأداموا» . (8) في م، الاطمأنينة، وفي ف «الاطمأنية» كذا. (9) هكذا في ف، وفي م «اختصمت» ، وفي سيرة ابن هشام 1/ 211 ائتمروا بينهم» . (10) في ف «تبعث» . (11) من م، وفي ف «عليهم» . (12- 12) في السيرة «عبد الله بن أبي ربيعة» ؛ راجع أنساب الأشراف ص 232. (13) من م، وفي ف «معها» خطأ. (14) من م، وفي ف «قدموا» . (15) في م «هديته» . (16) من م، وفي ف «سألا» . (17) من م، وفي ف «يسألهم» . (18- 18) في الروض «قبل أن يكلما النجاشي» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 77 ويسمع «1» منهم، فلما فرغا من بطارقته قدما إلى النجاشي هداياه فقبلها منهما «2» ، ثم قالا له: أيها الملك! إن قومنا بعثوا إليك في فتيان منهم خرجوا إلى بلادك، فارقوا أديان قومهم «3» ولم يدخلوا «3» في دينك ولا دينهم، وقومهم أعلاهم «4» عينا «5» ، قالت بطارقته» : صدقا أيها الملك! فغضب النجاشي [وقال] «7» لأيم الله «8» إذا لا أدفعهم إليهما «9» ، قوم جاءوني «10» لجئوا «11» إلى بلادي حتى أنظر فيما «12» يقولون وأنظر فيما «12» يقول هؤلاء، فإن كانوا صادقين وكانوا كما قال هؤلاء أسلمناهم إليهما، وإن كانوا على غير ذلك [لم] «13» ندفعهم إليهما ومنعتهم منهما، فقال عمارة بن الوليد: لم نصنع «14» شيئا، لو كان دفعهم إلينا من وراء وراء كان ذلك أحب إلينا قبل أن يكلمهم، ثم إن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم اجتمعوا فقال بعضهم لبعض: ما الذي نكلم به «15» الرجل؟ ثم «16» قالوا: نكلمه والله بالذي نحن   (1) من م، وفي ف «يستمع» . (2) من سيرة ابن هشام 1/ 112، وفي ف وم «منهم» كذا. (3- 3) من ف والسيرة، وفي م «ولا يدخلون» . (4) في م «أعطاهم» ، وفي السيرة «صدقا أيها الملك قومهم أعلى بهم عينا وأعلم بما عابوا عليهم» . (5) من سيرة ابن هشام، وفي ف وم «عنا» ،. (6) من م، وفي ف «بطارقة» . (7) من م، وهكذا في السيرة. (8) في ف: لا يهم وفي م «لا يههم» كذا، وفي السيرة «فغضب النجاشي ثم قال لا ها الله إذا لا أسلمهم إليهما» راجع تاج العروس (ى م ن) تجد فيه: وايم الله ... وهيم الله ... وام الله ... ومن الله ... وم الله ... وليم الله ... وليمن الله ... (9) من م وفي السيرة هكذا، وفي ف «إليكما» . (10) وفي السيرة «جاوروني» . (11) من م، وفي ف «لجوا» . (12- 12) سقط من م. (13) من م، وقد سقط من ف. (14) في ف «يضع» . (15) من م، وفي ف «تكلم» . (16) ليس في م. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 78 عليه وعليه نبينا! «1» كائنا ما كان فيه «1» ، فدخلوا عليه فقالوا لهم: اسجدوا للملك، فقال جعفر بن أبي طالب: لا نسجد إلا الله! فقال «2» لهم: ما يقول «3» هذان؟ يزعمان أنكم فارقتم دين قومكم، و «4» لن تدخلوا في ديني وأنكم [جئتم] «5» بدين مقتضب لا يعرف! فقال جعفر بن أبي طالب: كنا مع قومنا في أمر جاهلية نعبد الأوثان، فبعث الله إلينا رسولا منا رجلا نعرف نسبه وصدقه ووفاءه «6» ، فدعا «7» إلى أن نعبد الله وحده لا نشرك به، وأمرنا «8» بالصلاة والزكاة وصلة الرحم وحسن الجوار، ونهانا عن الفواحش والخبائث؛ فقال «9» : هل معك شيء مما جاء به؟ قال: نعم، فدعا النجاشي أساقفته فنشروا المصاحف حوله، فقرأ عليهم جعفر بن أبي طالب كهيعص «10» ، فبكى النجاشي حتى اخضل «11» لحيته وبكت أساقفته حتى أخضلوا مصاحفهم، ثم قال: إن هذا والذي جاء به عيسى «12» يخرج «13» من مشكاة واحدة، انطلقا «14» ! فلعمر «15»   (1- 1) هكذا في م وف، غير أن فيهما: كائن- مكان: كائنا، وفي السيرة 1/ 213 «كائنا في ذلك ما هو كائن» . (2) وفي سيرة ابن هشام «فقال لهم: ما هذا الدين الذي قد فارقتم فيه قومكم ولم تدخلوا في ديني ولا دين أحد من هذه الملل» . (3) في م «يقولون» . (4) من السيرة، وفي م وف «لمن» كذا. (5) زيد من م. (6) في السيرة «وأمانته وعفافه» . (7) كذا، وفي السيرة «دعانا» . (8) في م «وامر» فقط. (9) في م «قال» . (10) سورة القرآن الكريم 19. (11) في م «اخضلت» . (12) من م والسيرة، وفي ف «موسى» . (13) في السيرة «ليخرج» . (14) من السيرة وفي م وف «انطلقوا» . (15) في م «فلعمرو» كذا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 79 الله لا أرسلهم معكما «1» ، «2» ولا أكاد ولا هم «2» وكان أتقى «3» الرجلين عمارة بن الوليد فقال عمرو بن العاص: والله! لأجيبنه «4» بما أبيد به «5» خضراءهم «6» ، لأخبرنه» أنهم يزعمون أن إلهك «8» الذي تعبد عبد، فقال له عمارة «9» بن الوليد «9» : لا تفعل فإن لهم رحما وإن كانوا قد خالفونا، قال: أحلف بالله لأفعلن، فرجع إليه الغد فقال: أيها الملك! إنهم يقولون في عيسى قولا عظيما فابعث إليهم فاسألهم عنه، فأرسل إليهم فقال: ماذا تقولون في عيسى؟ قالوا: نقول فيه ما قال الله [عز وعلا] «10» وما قال [لنا] «11» نبينا، فقال له جعفر: هو عبد الله وروحه وكلمته ألقاها الله «12» إلى العذراء البتول، فأدلى النجاشي يده فأخذ من الأرض عودا وقال: ما عدا عيسى ابن مريم ما قلتم هذا العود، فنخرت «13» بطارقته فقال: وإن نخرتم والله! ثم قال: اذهبوا فأنتم شيوم «14» في أرضي- يقول: آمنون، من شتمكم غرم «15» ، ما أحب أن لي   (1) من م والسيرة، وفي ف «لارسلهم» خطأ، وفي السيرة «فلا والله لا أسلمهم إليكما» . (2- 2) سقطت العبارة من م، وفي السيرة «ولا يكادون» . (3) من السيرة وفي ف وم «ابقا» خطأ. (4) من م، وفي ف «لا أجيبه» خطأ. (5) في السيرة «بما استأصل به» . (6) من م، وفي ف «حصراهم» . (7) من م والسيرة، وفي ف «لأخبرنهم» . (8) من م، وفي ف «الملك» خطأ. (9- 9) سقط من م. (10) من م. (11) زيد من م. (12) ليس في ف. (13) في السيرة 1/ 213 «فتناخرت» . (14) من السيرة، وفي م وف «سيوم» ، وفي الروض «قد شرح ابن هشام الشيوم وهم الآمنون، فيحتمل أن تكون لفظة حبشية غير مشتقة، ويحتمل أن يكون لها أصل في العربية وأن تكون من شمت السيف إذا أغمدته» . (15) من م، وفي ف «عدم» كذا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 80 دبرا «1» ذهبا- ودبر «2» هو جبل بالحبشة- وأني آذيت «3» رجلا منكم، و «4» قال: ردوا عليهما هداياهما التي جاءا «5» بها، لا «6» حاجة لنا بها، واخرجوهما من أرضي، فأخرجا وأقام المسلمون عند النجاشي بخير دار «7» [وخير جار] «8» ، لا يصل إليهم شيء يكرهونه. فولد بالحبشة عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، ومحمد بن أبي حذيفة وسعيد ابن خالد بن سعيد، وأخته أمة «9» بنت خالد، وعبد الله بن المطلب بن أزهر، وموسى ابن الحارث بن خالد، وإخواته: عائشة وزينب وفاطمة بنات الحارث؛ فلم يزل المسلمون بأرض الحبشة إلى أن ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الخروج إلى المدينة، فمنهم من رجع إلى مكة فهاجر مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، ومنهم من بقي بأرض الحبشة «10» حتى لحق رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد قدومه المدينة. وخرج أبو بكر الصديق من مكة مهاجرا «11» إلى [أرض] «12» الحبشة حتى إذا بلغ [برك] «13» الغماد «14» لقيه ابن الدغنة «15» وهو سيد القارة «15» فقال: أين تريد يا أبا بكر؟   (1) من السيرة، وفي م و: ديرا- كذا بالياء، وفي الخصائص 1/ 150 «والدبر في لسان الحبشة الجبل» . (2) من السيرة، وفي م «دير» . وفي ف «ديرا» . (3) من م، وفي ف «اديت» . (4) في م «ثم» . (5) في ف «جاؤا» . (6) في م «فلا» . (7) من م والسيرة، وفي ف «دام» . (8) زيد من، وفي السيرة «مع خير جار» . (9) التصحيح من السيرة والإصابة 7/ 16، ووقع في م وف «امنة» مصحفا. (10) من م، وفي ف «الحسنة» . (11) ليس في م. (12) من م. (13) زيد من م. (14) من م، وفي ف «العماد» خطأ؛ ولبرك الغماد ذكر في معجم البلدان 2/ 149 وفيه: وهو موضع وراء مكة بخمس ليال مما يلي البحر- إلخ. (15- 15) وفي السيرة «اسمه مالك وهو سيد الأحابيش» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 81 فقال «1» أبو بكر: أخرجني قومي فأريد أن أسيح في الأرض وأعبد ربي، فقال ابن الدغنة: فإن مثلك يا أبا بكر لا يخرج! «2» أنت تكسب «2» المعدوم وتصل الرحم وتحمل الكلّ وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق! فأنا لك خافر فارجع واعبد ربك ببلدك، فرجع وارتحل «3» معه ابن الدغنة «4» فطاف ابن الدغنة [عشية] «5» في أشراف قريش فقال لهم: إن أبا بكر لا يخرج مثله! أتخرجون «6» رجلا يكسب المعدوم ويصل الرحم ويحمل الكلّ «7» ويقري الضيف ويعين على نوائب الحق؟ فلم تكذب «8» قريش بجوار ابن الدغنة وقالوا لابن الدغنة: مر أبا بكر فليعبد ربه في داره وليصل فيها وليقرأ ما شاء ولا يؤذينا» بذلك، ولا يستعلن «10» به فإنا نخشى أن يفتن أبناءنا «11» ونساءنا، فقال ذلك ابن الدغنة لأبي بكر، فلبث أبو بكر بعد ذلك يعبد ربه في داره ولا يستعلن بصلاته ولا يقرأ في غير داره، ثم بدا لأبي بكر فابتنى «12» مسجدا بفناء داره، فكان يصلي فيه ويقرأ القرآن، فيقف عليه نساء المشركين وأبناؤهم يعجبون منه وينظرون إليه، وكان أبو بكر رجلا بكاء «13» لا يملك عينيه إذا قرأ القرآن، وأفزع «14» ذلك أشراف قريش من المشركين فأرسلوا إلى ابن الدغنة،   (1) في م «قال» . (2- 2) هكذا في م وف غير أن لفظ «انت» ساقط من م، وفي السيرة «انك لتكسب» . (3) في م «ورجع» . (4) من م، وفي ف «الدغة» خطأ. (5) من م. (6) من م، وفي ف «يخرجون» . (7) من م، ووقع في ف «الكلب» خطأ فاحشا. (8) من م، وموضعه بياض في ف. (9) من م، وفي ف «يوذين» كذا. (10) العبارة ساقطة من هنا إلى «ولا يستعلن» الآتي من م. (11) في ف «أبانا» كذا. (12) من م، وفي ف «فأبتنا» . (13) من م، وفي ف «دكا» كذا. (14) في م «فافزع» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 82 فقدم عليهم فقالوا: إنا كنا أجرنا أبا بكر «1» بجوارك على أن يعبد ربه في داره. فقد جاوز ذلك وابتنى مسجدا بفناء داره، وأعلن بالصلاة والقراءة فيه «2» ، وإنا خشينا أن يفتن أبناءنا ونساءنا فانهه، فإن أحب أن يقتصر على أن يعبد ربه في داره فعل، فإن «3» أبى إلا يعلن بذلك فسله أن يرد ينادي بأعلى صوته: أيها الناس! قولوا: لا إله إلا الله، ورجل يتبعه بالحجارة، قد أدمى «4» كعبيه وعرقوبيه «4» ويقول: يا أيها الناس! لا تطيعوه، فإنه كذاب! قال قلت: من هذا؟ قالوا [هذا] «5» غلام بني عبد المطلب، قال فقلت «6» : من هذا الذي يتبعه يدميه «7» ؟ قالوا: عمه عبد العزى أبو لهب. قال [أبو حاتم] «2» : كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو الخلق إلى الله وحده لا شريك له، وكان أبو جهل يقول للناس: إنه كذاب يحرم الخمر «8» ويحرم الزنا، وما كانت العرب تعرف الزنا «9» ؛ فبينما النبي صلى الله عليه وسلم [يصلي] «5» في ظل الكعبة إذ قام أبو جهل في ناس من قريش ونحر لهم جزورا في ناحية مكة، فأرسلوا فجاءوا بسلاها «9» وطرحوه «10» عليه؛ فجاءت فاطمة وألقته عنه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «اللهم! عليك بقريش، اللهم! عليك بقريش، [اللهم عليك بقريش] «11» بأبي «12» جهل بن هشام،   (1) في م وف «أبو بكر» كذا. (2) سقط من م. (3) في م «وأن» . (4- 4) في م «كعبه وعرقوبه» . (5) زيد من م. (6) في م «قلت» . (7) من م. وفي ف «برميه» . (8- 8) سقطت من م. (9) في ف «يسلاها» ، وفي م «سلاها» كذا. (10) في م «فطرحوه» . (11) زيدت هذه العبارة من م، وفي ف «ثلاث» . (12) في صحيح البخاري 1/ 411 «لابي» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 83 وعتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة «1» وأمية بن خلف وعقبة بن أبي معيط» . ثم اجتمعوا يوما ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي عند المقام وهم جلوس في ظل الكعبة فقام إليه عقبة بن أبي معيط فجعل رداءه في عنقه «2» [ثم جره] «3» حتى وجب النبي صلى الله عليه وسلم [لركبته] «3» ساقطا، وتصايح الناس وظنوا أنه مقتول، وأقبل أبو بكر يشتد حتى أخذ بضبعي رسول الله صلى الله عليه وسلم [من ورائه] «3» وهو يقول: أتقتلون رجلا أن يقول ربي [الله] «3» ؟ ثم انصرفوا عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي «4» ، فلما قضى صلاته مرّ بهم وهم جلوس [في ظل] «5» الكعبة فقال: «يا معشر «6» قريش! والذي «7» نفس محمد «7» بيده ما أرسلت إليكم إلا بالذبح» [وأشار] «8» بيده إلى حلقه، فقال له أبو جهل: يا محمد! ما كنت جهولا! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « [أنت] «5» منهم» ، فقال أبو جهل: [ألم أنهك يا محمد؟ فانتهره النبي صلى الله عليه وسلم، فقال أبو جهل: لم تنهرني] «3» «والله «9» لقد علمت ما بها رجل أكثر ناديا مني!» فقال جبريل: فليدع ناديه، ولو دعا ناديه لأخذته زبانية العذاب؛ فقالت قريش: انظروا أعلمكم «10» بالسحر والكهانة «11» والشعر «11» فليأت «12» هذا الرجل الذي فرق جماعتنا وشتت أمرنا وعاب ديننا، فليكلمه ولينظر ماذا يردّ عليه، فقالوا: ما نعلم أحدا غير عتبة بن   (1) من م وهو الصواب- راجع صحيح البخاري، وفي ف «ربيعة» . (2) من م، ووقع في ف «عقيه» مصحفا. (3) زيد من م، وقد سقط من ف. (4) من م، وفي ف «فصلى» . (5) زيد من م، وموضعه بياض في ف. (6) في م «معاشر» . (7- 7) في م «نفسي» . (8) التصحيح من م، وموضعه بياض في ف بزيادة «ر» على البياض. (9) في م «فو الله» . (10) من م، وفي ف «علمكم» . (11- 11) سقط من م. (12) من م، وفي ف «فاليات» خطأ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 84 ربيعة، فقالوا: أنت يا أبا الوليد! فأتى عتبة فقال: يا محمد! أنت خير أم عبد الله؟ فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم، «1» فقال: أنت «1» خير أم عبد المطلب؟ فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فإن كنت تزعم أن هؤلاء خير منك فقد عبدوا «2» الآلهة التي عبتّ، وإن كنت تزعم أنك خير منهم فتكلم» حتى تسمع قولك، أما والله! ما رأينا سخلة «4» قط أشأم على قومه «5» منك، فرقت جماعتنا، وشتت أمرنا، وعبت ديننا، وفضحتنا في العرب حتى لقد طار فيهم أن في قريش كاهنا، والله! ما تنتظر «6» إلا أن يقوم بعضنا إلى بعض بالسيوف حتى نتفانى «7» ؛ أيها الرجل! إن كان إنما بك الباه فاختر أيّ نساء قريش شئت حتى أزوجك عشرا، وإن كان إنما بك الحاجة جمعنا «8» لك حتى تكون أغنى قريش مالا؛ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: « «9» أفرغت «9» ؟» قال: نعم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ [حم] «10» تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ حتى بلغ «11» فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ «12» فقال له «13» عتبة: حسبك حسبك! ما عندك «14» غير هذا؛ ثم رجع إلى قريش   (1- 1) من م، وفي ف «ثم قالت» . (2) في ف «عبدو» كذا. (3) من م، وفي ف «فتكلمهم» . (4) من م، وفي ف «منحله» . (5) في م «قومها» كذا. (6) من م، وفي ف «ينظر» . (7) في م: تنفانا، وفي ف «تنقانا» كذا. (8) من م، وفي ف «جعنا» خطأ. (9- 9) من م، وفي ف «فرغت» . (10) زيد من م. (11) من م، وفي ف «بلع» خطأ. (12) سورة 41 آية 1- 13. (13) ليس في م. (14) من م، ووقع في ف «عدتك» مصحفا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 85 فقالوا: ما وراءك؟ [قال] «1» ما تركت شيئا أرى «2» أنكم تكلمونه به إلا تكلمت [به] «1» ، قالوا: فهل أجابك؟ قال: نعم، لا والذي نصبها «3» - يعني الكعبة- ما فهمت شيئا مما قال غير أنه قال: «أنذرتكم صعقة مثل «10» صعقة عاد وثمود» ، قالوا: ويلك! يكلمك رجل بالعربية ما «4» تدري ما قال! قال: فو الله! ما فهمت شيئا مما «5» قال غير ذكر الصاعقة. فكانوا يؤذونه بأنواع الأذى ورسول الله صلى الله عليه وسلم يبلغهم رسالات ربه صابرا محتسبا. ثم إن الله جل وعلا أراد هدي عمر بن الخطاب، وكان عمر من أشد قريش على رسول الله صلى الله عليه وسلم شغبا وأكثرهم للمسلمين أذى «6» . وكان السبب في إسلامه أن أخته فاطمة بنت الخطاب كانت تحت سعيد بن زيد «7» بن عمرو بن نفيل وكانت قد أسلمت وأسلم زوجها سعيد بن زيد «7» ، وهم يستخفون «8» بإسلامهم من عمر، وكان نعيم بن «7» عبد الله بن «7» النحام «9» قد أسلم وكان يخفي إسلامه، وكان خباب بن الأرت «10» يختلف إلى فاطمة بنت الخطاب يقرئها القرآن، فخرج عمر يوما متوشحا بسيفه يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكر له أنهم قد اجتمعوا في بيت عند الصفا وهم قريب «11» من «12» أربعين بين رجال ونساء ومع   (1) زيد من م، وقد سقط من ف. (2) من م، وفي ف «أي» . (3) من م، وفي ف «نصها» كذا. (4) في م «لا» . (5) من م، وفي ف «ما» كذا. (6) من م، وفي ف «إذا» . (7- 7) سقطت من م. (8) من م، وفي ف «يستحقون» . (9) في م «النجام» راجع الاستيعاب 1/ 300. (10) في الأصلين «الأرث» خطأ. (11) سقط من م. (12) في م «بين» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 86 رسول الله صلى الله عليه وسلم حمزة وعلي وأبو بكر في رجال من المسلمين ممن أقام مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكّة ولم يخرج إلى أرض الحبشة، فلقي نعيم بن النحام «1» عمر بن الخطاب فقال: أين تريد؟ فقال «2» : أريد محمدا [هذا] «3» الصابىء الذي فرق أمر قريش، وسفه أحلامها، وعاب دينها، وسب آلهتها فأقتله، فقال له نعيم: [والله] «3» لقد غرتك «4» نفسك من نفسك يا عمر! [أترى] «3» أن «5» عبد مناف تاركيك «6» تمشي على الأرض وقد قتلت «7» محمدا! أفلا ترجع إلى أهل بيتك فتقيم أمرهم! قال: وأي أهل بيتي؟ فقال «8» : ختنك وابن عمك سعيد بن زيد وأختك، فقد أسلما وبايعا» محمدا على دينه، فعليك بهما «10» ! فرجع عمر عامدا لختنه وأخته وعندهما «11» خباب بن الأرت «12» و «5» معه صحيفة فيها «طه» يقرئها إياهما، فلما سمعوا حس عمر تغيب خباب في مخدع لهم، وأخذت فاطمة بنت الخطاب الصحيفة فجعلتها تحت فخذها، وقد سمع حين دنا من البيت «5» قراءتهما عليه «5» ، فلما دخل قال: ما هذه الهينمة «13» التي سمعت؟ قالا له: ما سمعت شيئا، قال: بلى والله! لقد أخبرت   (1) هكذا في م، وفي ف «النجام» خطأ، وفي السيرة «نعيم بن عبد الله» وفي الإصابة 6/ 248 «نعيم بن عبد الله بن أسيد ... القرشي العدوي المعروف بالنحام» . (2) في م «قال» . (3) زيد من م. (4) من م، وفي ف «اغرقك» . (5) في م «تاركك» . (6) من م، وفي ف «قلت» خطأ. (7) من م، وفي ف «قال» خطأ. (8) في م «تابعا» . (9) من م، وفي ف «أيهما» . (10) من م، وفي ف «عندها» . (11) في م «الأرث» خطأ. (12- 12) هكذا في ف، وفي م «قرأته عليهما» . (13) وفي الروض 1/ 218: والهيمنة كلام لا يفهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 87 أنكما بايعتما «1» محمدا على دينه، وبطش بختنه سعيد بن زيد «2» : فقامت إليه أخته فاطمة لتكفه عن زوجها، فضربها فشجها، فلما فعل ذلك قالت له أخته وختنه: نعم، قد أسلمنا وآمنا بالله ورسوله، فاصنع ما بدا لك! فلما رأى عمر ما بأخته من الدم ندم على ما صنع ارعوى «3» ، وقال لأخته: اعطيني هذه الصحيفة التي سمعتكم تقرؤون آنفا انظر «4» ما «5» هذا الذي جاء به محمد- وكان عمر كاتبا، فلما قال ذلك قالت له أخته: إنا لنخشاك عليها، قال: لا تخافي- وحلف لها بآلهته ليردها «6» إليها، فلما قال «7» ذلك طمعت في إسلامه فقالت له: يا أخي! إنك نجس على شركك وإنه لا يمسها إلا المطهرون «8» ، فقام عمر «9» بن الخطاب «9» فاغتسل، «10» ثم أعطته «10» الصحيفة وفيها «طه» ، فلما قرأ سطرا «11» منها قال: ما أحسن هذا الكلام! فلما سمع خباب ذلك خرج إليه فقال له: يا عمر! والله [لأرجو] «12» أن يكون «13» خصك الله «13» بدعوة نبيه «14» صلى الله عليه وسلم «14» ، فإني سمعته يقول «15» : [اللهم! أيد] «12»   (1) هكذا في ف، وفي م «تابعتما» . (2) في م «يزيد» خطأ. (3) من م، ووقع في ف «ادعوا» مصحفا، وفي أقرب الموارد «ارعوى الرجل عن القبيح والجهل ارعواء: كف عنه ورجع» . (4) زيد في م «إلى» . (5) هكذا في ف والروض، وقد سقط من م. (6) في م «ليردنها» . (7) في م «قرأ» . (8) في م والروض «الطاهر» . (9- 9) ليس في م. (10- 10) في م «فأعطته» . (11) هكذا في ف، وفي م والروض «صدرا» . (12) من م، وموضعه بياض في ف. (13- 13) في م «الله خصك» . (14- 14) ليس في م. (15) في ف «ويقول» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 88 الإسلام «1» بأبي الحكم بن هشام أو بعمر بن الخطاب! فقال له عمر: دلني عليه يا خباب حتى آتيه فأسلم، فقال له خباب: هو في بيت عند الصفا، معه فيه نفر من أصحابه، فأخذ عمر سيفه فتوشحه ثم عمد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما بلغ ضرب عليه الباب، فلما سمع المسلمون صوته قام رجل فنظر من خلال «2» الباب فرآه متوشحا بالسيف «3» ، فقال حمزة بن عبد المطلب: أئذن «4» له، فإن كان يريد خيرا به لناله «5» ، وإن كان يريد شرا قتلناه بسيفه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أئذن له» ، فأذن له الرجل ونهض إليه «6» رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى لقيه في الحجرة «7» فأخذ بحجزته ثم «8» جبذه جبذة «8» عظيمة «9» وقال: «ما جاء بك يابن الخطاب؟ والله ما أرى أن تنتهي حتى ينزل «10» الله بك قارعة «11» !» فقال له «12» عمر: يا رسول الله! جئتك لأومن 1» بالله ورسوله وبما جئت «14» به «15» من عند الله، قال: فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم تكبيرة عرف أهل البيت من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن عمر أسلم، فقال رسول   (1) هكذا في ف، وفي م «المسلمين» . (2) في الروض «خلل» . (3) في م والروض «السيف» . (4) في الروض «أذن» . (5) هكذا في ف، وفي م والسيرة «بذلناه به» . (6) هكذا في ف والروض، وقد سقط من م. (7) من م والروض، وقد وقع في ف «الهجرة» مصحفا. (8- 8) التصحيح من الروض، وفي م «جبده جبدة» وفي ف «جبذه جبدة» كذا، وفي مجمع بحار الأنوار «فجبذني رجل هو لغة في جذب أو مقلوب» . (9) في الروض «شديدة» . (10) من م والروض، ووقع في ف «يقول» مصحفا. (11) من م والروض، وفي ف، «فارغة» خطأ. (12) ليس في م. (13) من م والروض، وفي ف «أو من» كذا. (14) هكذا في ف، وفي م والروض «جاء» . (15) ليس في م والروض. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 89 الله صلى الله عليه وسلم: «يا عمر! استره» ، فقال عمر: والذي بعثك بالحق لأعلنته كما أعلنت الشرك فتفرق «1» أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم [عند ذلك] «2» وقد عزوا «3» في أنفسهم حين أسلم عمر وحمزة، وعرفوا أنهما سيمنعان «4» رسول الله صلى الله عليه وسلم ولذلك كان يقول ابن مسعود: ما زلنا أعزة مذ «5» أسلم عمر. ثم توفيت خديجة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «رأيت لخديجة بيتا «6» في الجنة لا صخب فيه ولا نصب» . ثم تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم عند وفاة «7» خديجة عائشة بنت أبي بكر قبل الهجرة بثلاث سنين في شهر شوال وهي بنت ست «8» لم يتزوج بكرا غيرها، وكانت أم عائشة أم رومان «9» بنت عامر بن عويمر بن عبد شمس. ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الطائف يلتمس من ثقيف المنعة، وأشراف ثقيف يومئذ عبد ياليل وحبيب و «10» مسعود بن عمرو «11» ، فلما أتاهم «12» رسول الله صلى الله عليه وسلم «12»   (1) هكذا في ف والروض، وفي م «ففرق» كذا. (2) زيد من م فقط، وفي السيرة «من مكانهم» . (3) في السيرة «عزما» . (4) أي يحاميان، والتصحيح من م والروض، ووقع في ف «يستمنعان- مصحفا. (5) من م، وفي ف «حين» . (6) من م، وفي ف «بيت» . (7) في ف «متوفا» كذا. (8) وفي الإصابة في ترجمتها «ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها وهي بنت ست، وقيل: سبع، ويجمع بأنها كانت أكملت السادسة ودخلت في السابعة «ودخل بها وهي بنت تسع، وكان دخولها بها في شوال في السنة الأولى كما أخرجه بن سعد» . (9) ولها ترجمة في الإصابة 1/ 232 وفيها «أم رومان بنت عامر بن عويمر بن عبد شمس بن عتاب بن أدينة بن سبيع بن دهمان بن الحارث بن غنم بن مالك بن كنانة امرأة أبي بكر الصديق» . (10) التصحيح من م والروض 360، ووقع في ف «بن» خطأ. (11) هكذا في ف والروض، وفي م «عمر» . (12- 12) من م، وفي ف «أمر الله» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 90 دعاهم إلى الله، فقال أحدهم: أما وجد الله أحدا يرسله غيرك؟ وقال الآخر هو يمرط ثياب الكعبة: إن كان الله أرسلك- وقال الآخر: إن «1» كان كما تقول «2» - ما ينبغي لي «3» أن «4» أكلمك أجلالا «5» لك، وإن «1» كنت تكذب على الله ما ينبغي لي «3» أن أكلمك؛ فقام [رسول الله] «6» صلى الله عليه وسلم وقد سمع ما يكره فالتجأ إلى حائط لبني ربيعة وإذا «7» عتبة وشيبة [فيه] «8» فلما رأياه تحركت له رحمها، فدعوا غلاما لهما- يقال له: عداس- نصرانيا فقالا له «9» : خذ هذا العنب واجعله في هذا الإناء واذهب به إلى ذلك الرجل، فلما أتاه به عداس وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده في العنب وسمى الله، فنظره «10» عداس في وجهه وقال: إن هذا لشيء ما يقوله «11» الناس اليوم! قال «12» : ومن أنت؟ قال: أنا رجل نصراني من أهل نينوى «13» ، قال: من قرية يونس بن متى؟ قال: وما يدريك «14» ما يونس بن متى؟ قال: ذلك «15» أخي، كان نبيا   (1) في م «لئن» . (2) من م، وفي ف «يقول» . (3) من م والروض 1/ 260، وفي ف «في» . (4) ليس في م. (5) من م، وفي ف «إحلالا» خطأ. (6) من م. (7) من م، وفي ف «فإذا» . (8) من م. (9) ليس في م. (10) في ف «فنظرا» خطأ. (11) من م، وفي ف «يقول له» كذا. (12) في ف «وقال» . (13) وفي معجم البلدان «نينوى: بكسر أوله وسكون ثانية وفتح النون والواو بوزن طيطوى، وهي قرية يونس بن متى عليه السلام بالموصل» . (14) من ف والروض، وفي م «يدرك» . (15) هكذا في ف وم، وفي الروض «ذاك» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 91 «1» من الأنبياء «1» ؛ فجعل عداس يقبل «2» » يديه ورجليه» ويقول: قدوس! [و] «4» قال ابنا ربيعة «5» أحدهما لصاحبه: أما غلامك فقد أفسده «6» عليك! فلما رجع إليهما فسألاه «7» عما قال له، فقال «8» : لقد أخبرني عن شيء ما يعلمه إلا نبي! قالا: يا عداس ويحك! «9» لا تخدع عن دينك «9» . ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أيس «10» من الطائف فمر بنخلة فقام يصلي من جوف الليل، فمر به النفر من الجن أصحاب نصيبين، فاستمعوا له عامة ليلته، فلما فرغ من صلاته ولوا إلى قومهم منذرين؛ وهم سبعة أنفس. ثم قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة يدعوهم «11» إلى الله «12» ويستنصرهم ليمنعوا ظهره حتى «13» ينفذ عن الله «13» ما بعثه به، ثم افتقده أصحابه ليلة «14» فباتوا بشر ليلة، فجعلوا يقولون: استطير [أو] «15» اغتيل «16» ، وتفرقوا في الشعاب والأودية يطلبونه، فلقيه بن   (1- 1) في م «مرسلا» فقط. (2) من م والروض، ووقع في ف «فقيل» مصحفا. (3- 3) هكذا في ف، وفي م «بيديه» وفي الروض «رأسه ويديه وقدميه» . (4) من م. (5) في م بياض بقدر كلمة. (6) هكذا في ف والروض، وفي م «أسدة» . (7) في م «سألاه» . (8) في السيرة «قال» . (9- 9) في السيرة «لا يصرفنك عن دينك فإن دينك خير من دينه» . (10) من م، وفي ف «أليس» خطأ، وفي الروض «يئس» . (11) في م «يدعوا» . (12) من م، ووقع في ف «أربعة» كذا مصحفا. (13- 13) هكذا في ف وم، وفي الروض «يبين عن الله» . (14) في م «ليلته» . (15) زيد من صحيح مسلم. (16) من م، وفي ف «اعتيل» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 92 مسعود مقبلا من [نحو] «1» حراء فقال: يا نبي الله! بأبي أنت وأمي! بتنا بشر ليلة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أتاني داعي الجن فأتيتهم أقرئهم القرآن، وسألوني الزاد، فقلت: كل عظم ذكر اسم الله عليه يقع في أيديكم «2» أو فر ما «2» كان لحما، والبعر علفا لدوابكم» ؛ فلذلك نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الاستنجاء بالروث والعظم، لأنه زاد إخواننا من الجن، وكان بن مسعود يقول: أراني رسول الله صلى الله عليه وسلم [ليلة الجن] «1» آثارهم «3» ونيرانهم، ثم أمر الله [عز وجل] «1» رسوله «4» صلى الله عليه وسلم «4» أن يعرض نفسه على قبائل العرب. ذكر عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه على القبائل أخبرنا الحسن بن عبد الله بن يزيد القطان بالرقة ثنا عبد الجبار بن محمد «5» ابن كثير التميمي ثنا محمد بن بشر اليماني «6» عن أبان بن عبد الله البجلي «7» عن أبان ابن تغلب «8» عن عكرمة عن ابن عباس «9» «10» قال حدثني «10» علي بن أبي طالب قال: لما أمر الله رسوله «4» صلى الله عليه وسلم «4» أن يعرض نفسه على قبائل العرب خرج وأنا معه وأبو بكر الصديق حتى دفعنا إلى مجلس «11» من «12» [مجالس] «13» العرب فتقدم أبو بكر فسلم   (1) زيد من م. (2- 2) من م والروض 363، ووقع في ف «أوفو ما» مصحفا. (3) من م، وفي ف «أغارهم» خطأ. (4- 4) ليس في م. (5) في ف «سعيد» وفي م «معد» كلاهما خطأ، والتصحيح من لسان الميزان 3/ 389، وفيه: «عبد الجبار بن محمد بن كثير بن سيار الرقي التميمي الحنظلي، روى عن أبيه ومحمد بن بشر» . (6) سقط من م. (7) هكذا في ف والتهذيب، وفي م «البلخي» . (8) من م ولسان الميزان، وله ترجمة في التاريخ الكبير، وفي ف «تعلب» خطأ. (9) ذكره السمعاني في الأنساب 1/ 34 بإسناده عن عكرمة عن بن عباس- إلخ. (10- 10) في م «ثنا» . (11) وقع في م «عبس» كذا مصحفا. (12) في م «بن» ، وليس في ف، والتصحيح من الأنساب. (13) زيد من الأنساب 1/ 33. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 93 وقال: ممن القوم؟ قالوا: من ربيعة، «1» قال: وأي ربيعة «1» أنتم؟ أمن هامتها «2» أم من لهازمها «3» ؟ فقالوا: لا، بل من هامتها العظمى، قال أبو بكر: وأي هامتها العظمى أنتم؟ قالوا «4» : [من] «5» ذهل الأكبر، قال أبو بكر: فمنكم» عوف الذي يقال «7» له «8» لا حرّ «9» بوادي «10» عوف؟ قالوا: لا، قال: فمنكم بسطام «11» بن قيس صاحب اللواء ومنتهى الأحياء؟ قالوا: لا، قال: فمنكم «12» جساس «13» بن مرة حامي الذمار «14» ومانع الجار؟ قالوا: لا، قال: فمنكم الحوفزان «15» قاتل الملوك «16» سالبها أنفسها «16» ؟ قالوا: لا، قال: فمنكم أصهار «17» الملوك من «18» لخم؟ قالوا: لا، قال أبو بكر: فلستم إذا «19» ذهلا «20» الأكبر، أنتم ذهل الأصغر، فقام   (1- 1) كرره في ف ثانيا. (2) شبه الأشراف بالهام، وهو جمع هامة الرأس، والهامة: جماعة الناس. (3) أي من أوساطها، واللهازم أصول اللحيين، جمع لهزمة بالكسر فاستعاره لوسط النسب والقبيلة- مجمع بحار الأنوار. (4) في ف «قال» . (5) زيد من م. (6) في م: فمنهم: وفي الأنساب: أفمنكم. (7) في م: يقول. (8) ليس في م والأنساب. (9) من م والأنساب، وفي ف «الأحد» . (10) في م «بوادون» . (11) من م، ووقع في ف «بسكام» مصحفا. (12) العبارة من هنا إلى «فمنكم» الآتي ليست في م. (13) من الأنساب، وفي ف «حساس» . (14) من الأنساب، وفي ف «الدمار» . (15) من م، وفي ف «الحرقوان» . (16- 16) من م والأنساب، وفي ف «من نجده» كذا. وزيد في الأنساب: قال: فمنكم أخوال الموك؟ قالوا: لا. (17) في م «اصهاب» . (18) من م، وفي ف «بن» . (19) ليس في م والأنساب. (20) من الأنساب، وفي ف وم: ذهل- كذا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 94 إليه غلام من بني شيبان يقال له دغفل «1» حين بقل «2» وجهه فقال «3» : على سائلنا أن نسأله «4» ؛ يا هذا! إنك «5» سألتنا «6» فأخبرناك ولم نكتمك «6» شيئا، فممن «7» الرجل؟ فقال أبو بكر: [أنا] «8» من قريش، فقال الفتى: بخ بخ، أهل الشرف والرئاسة، فمن «9» أي «10» القرشيين «11» أنت؟ قال «12» : من ولد تيم بن مرة، قال «13» : أمكنت والله الرامي من صفاء الثغرة «14» ! فمنكم قصي «15» الذي جمع القبائل من فهر فكان يدعى في قريش مجمعا؟ قال: لا، قال: فمنكم هاشم الذي هشم الثريد لقومه ورجال مكة مسنتون «16» عجاف «17» ؟ قال: لا، قال: فمن أهل الحجابة أنت؟ قال: لا، قال: فمن أهل الندوة أنت 1» ؟ قال: لا، قال: فمنكم شيبة   (1) من الانساب، وفي ف «دعقل» ، وفي م «ذو غفل» كذا. (2) هكذا في ف والأنساب، وفي م «نفل» كذا. (3) ليس في م، وفي الأنساب: فقال: إن على سائلنا أن نسأله ... والعبء لا تعرفه أو تحمله (4) في م «تسأل» . (5) في م «إنكم» . (6- 6) في م فأخبرناكم ولم نكتمكم. (7) من م، وفي ف «فمن» . (8) زيد من م. (9) في م: فممن. (10) في م «ولد» . (11) في ف «القريشيين» . (12) في م «فقال» . (13) في الأنساب «فقال الفتى» . (14) من الأنساب، وفي ف «الشعرة» وفي م «الشغرة» ، وفي النهاية: وأمكنت من سواء الثغرة، أي وسط الثغرة وهي نقرة النحر فوق الصدر. (15) من م، وفي ف «من قرا» كذا. (16) وفي م «سنتون» كذا، وقد اشتهر في هذا بيت ابن الزبعري: عمرو العلا هشم الثريد لقومه ... ورجال مكة مسنتون عجاف (17) وفي ف «عجافا، وفي م «جياع» كذا. (18) ليس في م. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 95 الحمد «1» عبد «2» المطلب مطعم طير السماء الذي كأن وجهه القمر «3» يضيء «4» في الليلة الظلماء الداجية «5» ؟ قال: لا، قال: فمن أهل السقاية؟ قال: لا؛ واجتذب أبو بكر زمام الناقة فرجع إلى «6» رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال الغلام: صادف [درء] «7» السيل «8» درئا «9» يدفعه ... يهيضه «10» «11» حينا وحينا «11» يصدعه «12» أما والله [لقد] «13» ثبت! قال: فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم: فقال «14» علي: فقلت: يا أبا بكر! لقد وقعت من الإعرابي على باقعة «15» ! فقال لي «6» : أجل «16» يا أبا   (1) من م والأنساب، ووقع في ف «الجد» مصحفا. (2) زيد في م «بن» خطأ. (3) في م «كالقمر، وفي الأنساب «كأن القمر في وجهه يضيء في الليلة الداجية الظلماء» . (4) من م، وفي ف «يمز» كذا. (5) من م، ووقع في ف «الداحسنة» مصحفا. (6) سقط من م. (7) زيد من الأنساب. (8) من م، وفي ف «السل» كذا. (9) هكذا في ف، وفي م «درا السيل» . (10) هكذا في ف والأنساب، وفي م: بهضبة، وفي النهاية: ومنه حديث أبي بكر والنسابة: يهيضه ويصدعه، أي يكسره مرة ويشقه أخرى. (11- 11) هكذا في رواية محمد بن بشر عن أبان بن تغلب عن عكرمة عن ابن عباس، وفي رواية أبان بن عثمان عن أبان بن تغلب ... «طورا وطورا» راجع الأنساب 1/ 34 و 36؛ وفي م وف «حينا وحين» كذا. (12) من الأنساب، وفي م: يصرعه، وفي ف «يفرعه» خطأ. (13) زيد من م، وفي الأنساب «لو» مكانه، وزاد بعده برواية محمد بن بشر عن أبان بن تغلب عن عكرمة عن ابن عباس «لأخبرتك من أي قريش أنت» وبرواية أبان بن عثمان عن أبان بن تغلب: لو ثبت لأخبرتك أنك من زمعات قريش أو ما أنا بدغفل. (14) في م «قال» . (15) من ف والأنساب، أي داهية وهي في الأصل طائر حذر، إذا شرب نظر يمنة ويسرة، ووقع في م: يافعة. (16) هكذا في ف والأنساب، وفي م «اجلس» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 96 الحسن! ما من طامة إلا [و] «1» فوقها طامة، والبلاء موكل بالمنطق، «2» قال علي «2» : ثم دفعنا «3» إلى مجلس آخر عليهم السكينة والوقار، فتقدم أبو بكر وكان مقدما في كل خير فسلم وقال: ممن القوم؟ فقالوا: من شيبان بن ثعلبة، فالتفت أبو بكر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: بأبي [أنت] «4» وأمي «5» يا رسول الله! ما وراء هذا القوم غر «5» ، هؤلاء غرر «6» قومهم «7» ، وفيهم مفروق «8» بن عمرو وهانىء بن قبيصة والمثنى بن حارثة والنعمان بن شريك، وكان مفروق «9» بن عمرو قد غلبهم جمالا ولسانا، وكان «10» له غديرتان «11» تسقطان على تريبته «12» ، وكان أدنى القوم مجلسا ( «13» من أبي بكر «13» ، [فقال أبو بكر] «5» كيف «14» العدد فيكم؟ فقال «15» مفروق: إنا لنزيد1» على ألف، ولن يغلب «17» ألف من قلة «18» ! فقال «19» أبو بكر:   (1) زيد من م. (2- 2) سقط من م. (3) في م «دفعت» . (4) زيد من م. (5- 5) ليست في الأنساب، وفي م «عن» مكان «غر» . (6) في م «عذر» خطأ. (7) وفي الأنساب «الناس» . (8) في م «مقرون» خطأ. (9) في م «معروف» . (10) في م والأنساب «كانت» . (11) في م «غديرات» كذا. (12) من الأنساب، وفي ف «ترقوتة» ، وفي م «نرقوتية» . (13- 13) ليست في الأنساب. (14) من م والأنساب، وفي ف «فكيف» . (15) من م والأنساب، وفي ف «قال» . (16) من م والأنساب، ووقع في ف: «لا نزيد» مصحفا. (17) من الأنساب، وفي ف «تغلب» وفي م «تغلب» . (18) هكذا في ف والأنساب، وفي م «قبيلة» كذا. (19) في م «قال» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 97 «1» وكيف المنعة فيكم «1» ؟ قال مفروق «2» علينا «3» الجهد ولكل قوم جد، قال أبو بكر: «4» كيف الحرب بينكم وبين عدوكم «4» ؟ قال مفروق «5» : إنا لأشد ما نكون «6» غضبا حين نلقى، وإنا لأشد ما نكون «6» لقاء حين نغضب، وإنا لنؤثر الجياد على الأولاد، والسلاح «7» على اللقاح، والنصر من عند الله، يديلنا مرة ويديل علينا أخرى «8» ، لعلك أخو «9» قريش! قال أبو بكر: و [قد] «10» بلغكم أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فها «11» هو ذا! قال [مفروق] «12» : قد «13» بلغنا أنه «14» يذكر ذلك «14» ، قال: فإلى م «15» تدعو «16» يا أخا قريش! «17» قال «18» : أدعوكم إلى شهادة أن لا إله إلا الله «19» وحده لا شريك له «19» «20» وأني رسول الله، و «20» أن تؤوني وتنصروني، فإن قريشا قد   (1- 1) من الأنساب، وفي ف وم «فكيف الحرب بينكم وبين عدوكم» . (2) في م «معروف» . (3) في م «غلبنا» كذا. (4- 4) من الأنساب، وفي ف وم «فكيف المنعة فيكم» إلا أن في م «النعمة» مكان «المنعة» . (5) في م «معروف» . (6) من م والأنساب، وفي ف «يكون» . (7) من م والأنساب، ووقع في ف: السلام- كذا مصحفا. (8) سقط من م. (9) من م والأنساب، وفي ف «أخا» . (10) زيد من م والأنساب. (11) في الأنساب «إلا» . (12) زيد من الأنساب، وفي م «معروف» . (13) ليس في الأنساب، وفي م «وقد» . (14- 14) من م والأنساب، ووقع في ف «يذكره لك» مصحفا. (15) من م والأنساب، ووقع في ف «فللي ما» مصحفا. (16) من م والأنساب، وفي ف «ندعوا» . (17) زيد في الأنساب «فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس وقام أبو بكر رضي الله عنه يظله بثوبه» . (18) في الأنساب، «فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم» . (19- 19) سقط من م. (20- 20) في الأنساب «وأن محمدا عبده ورسوله وإلي» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 98 تظاهرت «1» على أمر الله فكذبت «2» رسله واستغنت «3» بالباطل عن الحق، والله هو الغني الحميد «4» . «5» فقال مفروق «5» بن عمرو: إلى «6» ما تدعونا «7» يا أخا قريش؟ «8» فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ» الآية، قال مفروق «10» : وإلى م «11» تدعو «12» يا أخا قريش؟ «13» فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ «14» الآية فقال مفروق «10» : دعوت والله يا أخا قريش إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال «15» ، وكأنه «16» أحب أن يشركه في الكلام هانىء بن قبيصة فقال: وهذا هانىء بن قبيصة شيخنا وصاحب ديننا! فقال: قد سمعت مقالتك يا أخا قريش! وإني أرى إن تركنا ديننا واتبعناك «17» على دينك لمجلس «18» جلسته إلينا «19»   (1) في م والأنساب «ظاهرت» . (2) في الأنساب «وكذبت» . (3) من م والأنساب، وفي ف: استعنت. (4) ليس في م. (5- 5) من الأنساب، وفي م «فقال معروف» ، وفي ف «قال مفروق» . (6) في ف: وإلي. (7) من الأنساب، وفي م «تدع أيضا» ، ووقع في ف «تدعوا أيضلوا» كذا. (8) زيد في الأنساب «فو الله ما سمعت كلاما أحسن من هذا» . (9) زيد في م أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً- سورة 6 آية 151. (10) في م «معروف» . (11) من الأنساب، وفي ف «ما» . (12) في الأنساب «تدعونا» . (13) وفي الأنساب «زاد فيه غيره: فو الله ما هذا من كلام أهل الأرض ثم رجعنا إلى روايتنا» . (14) سورة 16 آية 90. (15) زيد في الأنساب «ولقد أفك قوم كذبوك وظاهروا عليك» . (16) في م «فكأنه» . (17) في م «أتباعك» . (18) هكذا في الأنساب، وفي م «بمجلس» . (19) زيد بعده في الأنساب «له أول ولا آخر» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 99 زلة «1» في الرأي وقلة فكر «2» في العواقب، وإنما تكون الزلة «3» مع العجلة، ومن ورائنا «4» قوم نكره «5» أن نعقد «6» عليهم عقدا ولكن ترجع ونرجع وتنظر وننظر، وكأنه أحب أن يشركه «7» في الكلام «7» المثنى بن حارثة فقال: وهذا المثنى بن حارثة شيخنا وصاحب حربنا «8» ! فقال المثنى: قد سمعت مقالتك يا أخا قريش! والجواب هو «9» جواب هانىء بن قبيصة في تركنا «10» ديننا واتباعنا «11» إياك «12» [على دينك] «13» وإنما نزلنا بين ضرتين «14» ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما هاتان «15» الضرتان «16» » ؟ قال: أنهار كسرى ومياه العرب «17» ، و «18» إنما نزلنا على عهد أخذه   (1) في الأنساب «أنه زلل» . (2) في م والأنساب «نظر» . (3) من م والأنساب، وفي ف «الذلة» خطأ. (4) من م والأنساب، وفي ف «رأينا» كذا. (5) من م والأنساب، وفي ف «نكرة» خطأ. (6) من م والأنساب، وفي ف «نعقله» . (7- 7) ليس في الأنساب. (8) هكذا في الأنساب، وفي م «حزبنا» كذا بالزاي. (9) في الأنساب «فيه» . (10) في م «كنا» كذا. (11) في الأنساب «متابعتك» . (12) ليس في الأنساب. (13) زيد من م والأنساب. (14) من م، وفي ف «صرتيين» كذا، وفي الأنساب «ضرتي اليمامة والشامة. (15) من الأنساب، وفي ف وم «هذان» . (16) هكذا في الأنساب، وفي م «الضربان» وفي هامش الأنساب 1/ 38 «في الدلائل: بين صيرين أحدهما اليمامة والأخرى السمامة فقال له ... وما هذان الصيران» وذكره بن الأثير في النهاية (ص ي ر) اهـ. (17) زيد في الأنساب «فأما ما كان من أنهار كسرى فذنب صاحبه غير مغفور وعذره غير مقبول، وأما ما كان مما يلي مياه العرب فذنب صاحبه مغفور وعذره مقبول» . (18) زيد بعده في الأنساب «أنا» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 100 علينا كسرى «1» لا «2» نحدث حدثا «2» ولا نؤوي محدثا، وإني أرى «3» هذا الأمر الذي تدعو» إليه «5» مما تكرهه «5» الملوك، فإن أحببت أن نؤويك وننصرك مما يلي مياه العرب فعلنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما أسأتم في الرد إذ أفصحتم «6» [بالصدق، و] «7» إن دين الله لن «8» ينصره إلا من أحاطه «9» الله «10» من جميع جوانبه، أرأيتم إن لم تلبثوا إلا قليلا حتى يورثكم الله أرضهم وديارهم وأموالهم، ويفرشكم نساءهم، أتسبحون الله وتقدسونه؟» فقال النعمان بن شريك: اللهم! نعم «11» ، قال: فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً وَداعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِراجاً مُنِيراً «12» ثم نهض رسول الله صلى الله عليه وسلم قابضا على يد أبي بكر وهو يقول: « [يا أبا بكر] «7» أية «13» أخلاق في الجاهلية ما أشرفها بها يدفع الله بأس بعضهم عن «14» بعض «15» » .   (1) زيد في الأنساب «أن» . (2- 2) من م والأنساب، وفي ف «يحدث حديثا» . (3) في الأنساب «تدعونا» . (4) زيد في الأنساب «يا قرشي» . (5- 5) من م والأنساب، وفي ف «بما يكرهه» . (6) من الأنساب، وفي م «نصحتم» وفي ف «فصحتم» . (7) زيد من م والأنساب. (8) التصحيح من الأنساب، ووقع في ف وم «لمن» مصحفا. (9) في الأنساب «حاطه» . (10) ليس في م والأنساب. (11) في الأنساب «ذاك» . (12) سورة 33 آية 45 و 46. (13) هكذا في الأنساب، وفي م «ايت» . (14) من الأنساب، وفي ف وم «من» . (15) زيد بعده في الأنساب «وبها يتحاجزون فيما بينهم، قال: فدفعنا إلى مجلس الأوس والخزرج فما نهضنا حتى بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد سر بما كان من أبي بكر ومعرفته بأنسابهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 101 قال [أبو حاتم] «1» : إن الله جل وعلا أمر «2» رسول الله «2» صلى الله عليه وسلم أن يعرض نفسه على قبائل العرب يدعوهم إلى الله وحده، وأن لا يشركوا «3» به شيئا، وينصروه ويصدقوه؛ فكان يمر على مجالس العرب ومنازلهم، فإذا رأى قوما وقف عليهم وقال: «إني رسول الله إليكم! يأمركم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا، وتصدقوني» ؛ وخلفه عبد العزى أبو لهب بن عبد المطلب عمه يقول: [يا قوم] «1» لا تقبلوا منه، فإنه كذاب- حتى أتى كندة في منازلهم فعرض عليهم نفسه ودعاهم إلى الله، فأبوا أن يستجيبوا له؛ ثم أتى كلبا في منازلهم فكلم بطنا منهم [يقال له] «1» بنو عبد الله، فجعل يدعوهم حتى أنه ليقول لهم: «يا بني عبد الله! إن الله قد أحسن اسم أبيكم، إني رسوله «4» فاتبعوني حتى أنفذ أمره، فلم يقبلوا منه؛ ثم أتى بني حنيفة في منازلهم فردوا [عليه] «1» ما كلمهم به، ولم يكن من قبائل العرب أعنف [ردا] «1» عليه منهم؛ ثم أتى بني «5» عامر بن صعصعة في منازلهم فدعاهم إلى الله، فقال قائل «6» منهم: إن اتبعناك وصدقناك فنصرك الله [ثم أظهرك الله على من خالفك أيكون] «7» لنا الأمر [من] «5» بعدك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ «الأمر إلى «5» الله «8» يضعه حيث يشاء «9» » ، فقالوا: أنهدف «10» نحورنا للعرب «11» دونك فإذا   (1) زيد من م. (2- 2) في م «ورسوله» . (3) من م، وفي ف «يشرك» . (4) من م، وفي ف «رسول» . (5) ليس في م. (6) كذا، وفي الطبري 2/ 232 «يقال له بيحرة بن فراس والله لو أني أخذت هذا الفتى من قريش لأكلت به العرب، ثم قال له: أرأيت إن نحن تابعناك على أمرك ثم أظهرك الله على من خالفك أيكون لنا الأمر من بعدك؟ قال: الأمر إلى الله» انتهى. (7) زيد من الطبري، وفي م «وأظهر» فقط. (8) في م «لله» . (9) في م «شاء» . (10) كذا في م والطبري، وفي م «نهدب» كذا. (11) التصحيح من م والطبري، وفي ف «العرب» خطأ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 102 «1» ظهرت كان الأمر في غيرنا «1» ! لا حاجة لنا في هذا من أمرك. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحضر الموسم فيعرض نفسه على من حضر من العرب، فبلغ [رسول الله] «2» صلى الله عليه وسلم العقبة وإذا رهط منهم رموا الجمرة، فاعترضهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: «ممن أنتم؟» قالوا «3» : من الخزرج، قال «4» : «أمن موالي يهود؟» قالوا: نعم، فكلمهم بالذي بعثه الله به، فقال بعضهم لبعض: يا قوم! إن هذا الذي كانت اليهود [يدعوننا به أن يخرج في آخر الزمان، وكانت اليهود] «2» إذا كان بينهم «5» شيء قالوا: إنما ننتظر نبيا «6» يبعث «7» الآن «8» يقتلكم «9» قتل 1» عاد وثمود «11» فنتبعه ونظهر عليكم معه، ثم قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: نرجع إلى قومنا ونخبرهم بالذي كلمتنا به، فما «12» أرغبنا [فيك] «2» ! إنا قد تركنا قومنا على خلاف فيما بينهم، لا نعلم حيا من العرب بينهم من العداوة «13» ما بينهم، وسنرجع إليهم بالذي سمعنا منك، لعل الله يقبل بقلوبهم ويصلح بك ذات «14» بينهم ويؤلف بين   (1- 1) كذا في ف وم، وفي السيرة: فإذا أظهرك الله كان الأمر لغيرنا. (2) من م. (3) من م، وفي ف «قال» . (4) في م «فقال» . (5) زيد في م «وبينهم» . (6) في م «نبي» . (7) زيد في ف «الله» . (8) من م، وفي ف «إلا أن» . (9) في سيرة ابن هشام «نقتلكم» وفي م «بقتلكم» . (10) في م «قبل» وفي السيرة «فكانوا إذا كان بينهم شيء قالوا لهم إن نبيا مبعوث الآن، قد أظل زمانه، نتبعه فنقتلكم معه قتل» . (11) في م والسيرة «إرم» . (12) من م، وفي ف «فلما» . (13) زيد في ف «و» ولم تكن الزيادة في م فحذفناها. (14) في م «ما» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 103 قلوبهم وأن يجتمعوا [على أمرك! فإن يجتمعوا] «1» على أمر واحد فلا رجل أعز منك؛ ثم «2» قدموا إلى «3» المدينة فأفشوا ذلك فيهم، ولما رجع حاج العرب كان لبني عامر شيخ «4» قد كبر «5» ، لا يستطيع أن يوافي معهم الموسم وكان من أمرهم بمكان «6» ، فكانوا إذا رجعوا سألهم عما كان في موسمهم ذلك، فلما كان ذلك العام سألهم «7» ، فأخبروه «8» عما «9» قال لهم «3» رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعاهم إليه، فوضع الشيخ يده على رأسه وقال: يا بني «10» عامر! هل لها من تلاف «11» ؟ هل لذناباها «12» من مطلب «13» ؟ فو الله «14» ما تقوّلها إسماعيلي «14» وإنها لحق! ويحكم! أين غاب عنكم رأيكم! وسمعت قريش «15» بمكة [بالليل] «16» صوتا ولا يرون شخصه يقول: فإن «17» يسلم السعدان يصبح محمد «18» ... من الأمر «19» لا يخشى خلاف المخالف   (1) ما بين الحاجزين من م. (2) من م، وفي ف «فلما» . (3) ليس في م. (4) من م، ووقع في ف «شيء» مصحفا. (5) من م، وفي ف «أكبر» . (6) في م «ما كان» . (7) من م، وفي ف «فسألهم» . (8) زيد في م «الخبر» . (9) في ف «وعما» . (10) من الطبري، وفي م «ابن» وفي ف «برسول الله» خطأ. (11) من م والطبري، وفي ف «ثلاث» خطأ. (12) التصحيح من الطبري 2/ 232، ووقع في ف لزباباتها» مصحفا، وموضعه في م بياض. (13) من م والطبري، ووقع في ف «مكلبه» مصحفا. (14- 14) التصحيح من الطبري، وفي ف «ما يقولها إلا إسماعيل» وفي م «ما يقولها إلا إسماعيلي» . (15) من م، وفي ف «قريشا» كذا. (16) زيد من م. (17) من وفاء الوفاء، وفي ف «إن» . (18) من م، وفي ف «محمدا» . (19) هكذا في ف، وفي م «إلا من» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 104 فقالت قريش: [لو علمنا] «1» من السعدان لفعلنا وفعلنا، فسمعوا من القائل «2» وهو يقول: فيا سعد سعد الأوس كن أنت مانعا ... ويا سعد سعد الخزرجين الغطارف أجيبا «3» إلى داعي الهدى وتمنيا ... على الله في الفردوس زلفة «4» عارف فإن ثواب «5» الله للطالب الهدى ... جنان من الفردوس ذات رفارف «6» «السعدان» يريد «7» به سعد الأوس «7» - سعد بن معاذ، وسعد الخزرج- سعد ابن عبادة. ذكر بيعة العقبة الأولى حدثنا محمد بن أحمد بن أبي عون الرازي «8» » ثنا عمار بن الحسن» ثنا   (1) وقع في ف وم «القائلة» كذا. (2) ليس في م، وفي وفاء الوفاء/ 1621 «ناصرا» . (3) من م، وفي ف «أجبنا» . (4) في وفاء الوفاء «منية» . (5) من م، وفي ف «تواب» كذا. (6) كذا، وقد ذكرها في وفاء الوفاء بما نصف «في التاريخ الأوسط للبخاري: إن أهل مكة سمعوا هاتفا يهتف قبل إسلام سعد بن معاذ: فإن يسلم السعدان يصبح محمد ... بمكة لا يخشى خلاف المخالف فيا سعد سعد الأوس كن أنت ناصرا ... ويا سعد سعد الخزرجين الغطارف أجيبا إلى داعي الهدى وتمنيا ... على الله في الفردوس منية عارف (7- 7) سقط من م. (8) نسبة إلى الري، وفي ف «الراي» وفي م «الربالي» كذا، وقد ذكره المؤلف في الثقات (المخطوطة 4/ 142) في ترجمة عمار بن الحسن، وفيه: كان أصله من الري فانتقل إلى نسا وسكنها،.. سمعت أحمد بن محمد بن الحسن النسوي ... ، وله ترجمة في تاريخ بغداد 1/ 311 وفيه: محمد بن أحمد ابن عبد الله بن أبي عون، أبو جعفر النوي ... ، وفي آخرها «بلغني» أن محمد بن أحمد بن عبد الله ابن أبي عون، أبو جعفر النوي ... وفي آخرها بلغني: أن محمد بن أحمد بن عبد الله بن أبي عون مات سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة» . (9- 9) سقط من م، وفي ف «عمارة» مكان «عمار» والتصحيح من التهذيب 7/ 399 والثقات 4/ 142. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 105 سلمة «1» بن الفضل عن ابن إسحاق [قال] «2» أخبرني «3» يزيد «1» بن أبي حبيب عن مرثد بن عبد الله اليزني «4» عن عبد الرحمن بن عسيلة الصنابحي «5» عن عبادة بن الصامت قال: كنا اثني عشر [رجلا] «6» في العقبة الأولى، فبايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على بيعة النساء [أن] «2» لا نشرك بالله شيئا، «7» ولا نسرق «7» ، ولا نزني، ولا نقتل أولادنا، ولا نأتي ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا، ولا نعصيه «8» في معروف؛ فمن وفي «9» فله الجنة، ومن غشي من ذلك شيئا فأمره إلى الله، إن شاء عذبه وإن شاء غفر له. قال أبو حاتم: فلما كان الموسم جعل النبي صلى الله عليه وسلم يتبع القبائل يدعوهم إلى الله، فاجتمع عنده بالليل اثنا «10» عشر نقيبا من الأنصار فقالوا: يا رسول الله «11» صلى الله عليه وسلم «11» إنا نخاف إن جئتنا على حالك «12» هذه [أن] «13» لا يتهيأ [لنا] «13» الذي نريد «14» ولكن نبايعك «15» الساعة وميعادنا «16» العام المقبل، فبايعهم النبي صلى الله عليه وسلم [على] أن لا يشركوا   (1) له ترجمة في التقريب فراجعه. (2) زيد من م. (3) في م «أخبرنا» . (4) في م «الري» . كذا، وله ترجمة في التقريب. (5) له ترجمة في التهذيب 6/ 229 فراجعه. (6) زيد من الطبري. (7- 7) ليس في م. (8) من م، وفي ف «نعصي» . (9) من م، وفي ف «وافا» . (10) من م، وفي ف «أثنى» خطأ. (11- 11) ليس في م. (12) من م، وفي ف «ذلك» . (13) زيد من م. (14) من م، وفي ف «لا يزيد» . (15) من م، وفي ف «ينابعك» خطأ. (16) من م، وفي ف «معادنا» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 106 بالله «1» شيئا، ولا يسرقوا، ولا يزنوا، ولا يقتلوا أولادهم، ولا يأتوا ببهتان يفترونه بين أيديهم وأرجلهم، ولا يعصونه في معروف؛ فمن وفى فله الجنة، ومن غشي من ذلك شيئا فأمره إلى الله، إن شاء غفر له وإن شاء عذبه. وأسماؤهم: منهم من بني النجار «2» وثلاثة أنفس: «3» أسعد بن زرارة بن عدس وهو أبو أمامة، وعوف ومعاذ ابنا الحارث بن رفاعة. ومن بني زريق «4» بن عامر بن زريق «4» : رافع «2» بن مالك بن العجلان «5» وذكوان بن عبد قيس بن خالدة «6» . ومن بني غنم «7» : عوف «8» بن عمر بن عوف بن «8» الخزرج. ومنهم القوافل «9» : عبادة بن الصامت بن قيس بن أصرم وأبو عبد الرحمن «8» ابن يزيد «8» بن ثعلبة حليف لهم من بلى «10» . ومن بني سالم بن عوف: عباس بن عبادة بن نضلة. ومن بني سلمة [جعد] «11» بن سعيد. ثم من بني حرام «12» : عقبة بن عامر بن   (1) كذا في ف، وفي م «به» . (2) زيد في ف «و» ولم تكن الزيادة في م فحذفناها. (3) في م «أناس» مكان «ثلاثة أنفس» . (4- 4) سقط من م، ووقع مكانه «العجلان» . (5) من م والطبري، وفي ف «عجلان» . (6) في الطبري «خلدة» . (7) في م «عيم» خطأ. (8- 8) ليس في م. (9) من الطبري، وفي م «القوافلة» وفي ف «القراقلة» خطأ. (10) من م والطبري، وفي ف «يلي» خطأ. (11) زيد من م. (12) من م، وفي ف «حزام» خطأ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 107 نابي «1» وقطبة بن «2» عامر بن حديدة «3» بن عمرو بن سواد» . ومن بني عبد الأشهل بن جشم «5» : أبو الهيثم «6» بن التيهان واسمه مالك وعويم بن ساعدة. ثم رجعوا إلى قومهم بالمدينة وأخبروهم «7» الخبر وفشا ذكر الإسلام بالمدينة، فكان الواحد بعد «8» الواحد من «9» الأنصار يخرج من المدينة إلى مكة، فيؤمن برسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ينقلب إلى أهله، فيسلم بإسلامه «10» جماعة حتى لم تبق «11» دار من دور الأنصار إلا وفيها رهط من المسلمين يظهرون الإسلام. ثم اختلف الأوس والخزرج في الصلاة وأبوا «12» أن يترك بعضهم يؤم بعضا، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة مصعب بن عمير مع جماعة «13» ، وذلك أنهم كتبوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونه أن يبعث عليهم رجلا من أصحابه يفقههم في الدين، فنزل «14» مصعب بن عمير على أسعد «15» بن زرارة، فكان يأتي به دور الأنصار   (1) من الطبري، ووقع في ف «ناي» وفي م «باي» . (2) من م والطبري، وفي ف «من» خطأ. (3) من م والطبري، وفي ف «حديرة» خطأ. (4) هكذا في ف والطبري، وفي م «سوادة» كذا. (5) من م، وفي ف «الحشم» كذا. (6) من م والطبري، وفي ف «الهيتم» خطأ. (7) في م «أخبرهم» . (8) من م، وفي ف «يعبد» خطأ. (9) في م «و» . (10) من م، وفي ف «باسلامة» خطأ. (11) من م، وفي ف «لم يبق» . (12) من م، وفي ف «أبو» . (13) من م، وفي ف «جميعه» . (14) في م «فبعث» . (15) من م والطبري، وفي ف «سعد» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 108 فيدعوهم إلى الله ويقرأ عليهم «1» القرآن، ويفقه من كان «2» منهم دخل في الإسلام، وكان إسلام سعد بن معاذ «3» وأسيد بن حضير على يد مصعب «4» ، وذلك أنه خرج مع أسعد بن زرارة إلى حائط من حوائط بني النجار معهما رجال «5» من المسلمين، فبلغ ذلك [سعد] «6» بن معاذ فقال لأسيد بن حضير: ائت هذا الرجل، فلولا أنه مع أسعد بن زرارة وهو ابن خالتي كما علمت كنت أنا أكفيك شأنه! فأخذ أسيد بن حضير حربته ثم خرج حتى أتى مصعبا فوقف «7» عليه متشتما «7» و [قد] «6» قال أسعد لمصعب حين نظر إلى أسيد: هذا أسيد! من سادات قوم «8» ، له خطر وشرف، فلما انتهى إليهما تكلم بكلام فيه بعض الغلظة، فقال له مصعب «9» بن عمير «9» : أو تجلس فتسمع؟ فإن سمعت خيرا قبلته، وإن كرهت شيئا «10» أو خالفك أعفيناك عنه، قال أسيد: ما بهذا بأس، ثم «11» ركز حربته «11» وجلس، فتكلم مصعب بالإسلام وتلا عليه «12» القرآن، قال أسيد: ما أحسن هذا القول! ثم أمره فتشهد شهادة الحق، وقال لهم: كيف أفعل؟ فقال له: تغتسل وتطهر ثوبك وتشهد شهادة الحق وتركع ركعتين، ففعل و «13» رجع إلى بنى عبد الأشهل وثبتا «14» مكانهما، فلما   (1) سقط من م. (2) زيد في م «رجلا» . (3) من م والطبري، وفي ف «زرارة» خطأ. (4) زيد في م «بن عمير» . (5) في م «رجل» . (6) زيد من م. (7- 7) في م «عليهم متبسما» كذا. (8) في م «قومي» . (9- 9) سقط من م. (10) من م، وفي ف «شرا» . (11- 11) من م والطبري، ووقع في ف «ذكر حديثه» مصحفا. (12) في م «عليهم» . (13) في م «ثم» . (14) في م «باتا» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 109 رآه سعد «1» [بن معاذ] «2» مقبلا قال: أحلف بالله لقد رجع إليكم أسيد بغير الوجه الذي ذهب به من عندكم! فلما وقف عليه قال له سعد: ما وراءك؟ قال: كلمت الرجلين فكلماني بكلام رقيق، وزعما أنهما سيتركان «3» ذلك، وقد بلغني أن بني حارثة قد سمعوا بمكان أسعد فاجتمعوا «4» لقتله «5» وإنما يريدون بذلك إحقارك «6» وهو ابن خالتك، فإن كان لك به حاجة» فأدركه، فوثب سعد وأخذ الحربة من يدي أسيد وقال: ما أراك أغنيت شيئا! ثم خرج حتى جاءهما ووقف عليهما متشتما «8» وقد قال أسعد لمصعب حين رأى سعدا: هذا والله سيد من وراءه! إن تابعك «9» لم يختلف عليه «10» اثنان من قومه «11» ، فأبلى الله فيه بلاء حسنا، فلما وقف سعد قال لأسعد بن زرارة: أجئتنا بهذا الرجل «12» يسفه شبابنا «12» وضعفاءنا والله لولا [ما] «2» بيني وبينك من الرحم ما تركتك وهذا! فلما فرغ سعد من مقالته قال [له] «13» مصعب: أو تجلس فتسمع؟ فإن سمعت خيرا قبلته وإن خالفك شيء أعفيناك، قال: أنصفت، «14» فركز حربته «14» ثم جلس، فكلمه بالإسلام وتلا عليه   (1) في م «أسعد» . (2) زيد من م. (3) من م، وفي ف «استيزا كان» . كذا. (4) في م «فأجمعوا» . (5) من م، وفي ف «لقتلة» . (6) في م «احتقاركم» . (7) في م وف «حاجة» كذا. (8) من الطبري، وفي ف «مشتما» وفي م «متشمتا» كذا. (9) وفي ف «بايعك» . (10) كذا في م، وفي ف «عليك» . (11) من م، وفي ف «قومك» . (12- 12) من م، وقع في ف «تسفه شيئا بنا» مصحفا. (13) من م فقط. (14- 14) في م «فذكر حديثه» خطأ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 110 القرآن، فقال سعد: ما أحسن هذا! نقبله منك ونعينك عليه، كيف تصنعون إذا دخلتم في هذا الأمر؟ قال: تغتسل وتطهر ثوبك وتشهد شهادة الحق وتركع ركعتين، ففعل، ثم خرج [سعد] «1» «2» حتى أتى «2» بني عبد الأشهل، فلما رأوه قالوا: والله لقد رجع إليكم سعد «3» بغير الوجه «4» الذي ذهب به من عندكم! فلما وقف عليهم «5» قالوا: مما جئت «5» ؟ قال [يا] «1» بني عبد الأشهل كيف تعلمون رأيي فيكم وأمري عليكم؟ قالوا أنت خيرنا رأيا، [قال] «6» فإن «5» كان كلام «5» رجالكم ونسائكم عليّ حرام حتى تؤمنوا بالله وحده «7» وتشهدوا أن محمدا رسول الله وتدخلوا في دينه، فما أمسى من ذلك اليوم في دار بني «8» عبد الأشهل رجل ولا امرأة إلا «9» أسلم. وأول جمعة جمعت بالمدينة جمعها أبو أمامة أسعد بن زرارة وهم أربعون رجلا في روضة يقال لها نقيع الخضمات «10» من حرة «11» بني بياضة، فكان كعب بن مالك يقول فيما «12» بعد إذا   (1) من م فقط. (2- 2) في م «إلى» . (3) من م، وفي ف «سعدا» خطأ. (4) في ف وم «الواجه» كذا. (5- 5) ليس في م. (6) زيد من م والطبري. (7) من م، وفي ف «واحدة» خطأ. (8) ليس في م. (9) في م «حتى» . (10) التصحيح من معجم البلدان للياقوت 8/ 312 وفيه «نقيع بالفتح ثم الكسر وياء ساكنة وعين مهملة، وهو نقيع الخضمات وهكذا في الإصابة في ترجمة أبي أمامة، وفي ف «الخصمات» كذا. (11) التصحيح من م، وفي ف «حدة» مصحفا. (12) من م، وفي ف «قيما» خطأ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 111 سمع الآذان يوم الجمعة: رحمة «1» الله على أبي أمامة أسعد بن زرارة!. ذكر الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج أخبرنا الحسن بن سفيان الشيباني «2» وأحمد بن علي بن المثنى التميمي «3» وعمران بن موسى بن مجاشع السختياني «3» قالوا ثنا هدبة بن خالد القيسي ثنا همام ابن يحيى ثنا قتادة عن أنس بن مالك بن صعصعة أن نبي الله صلى الله عليه وسلم حدثهم عن ليلة أسري به قال: «بينا «4» أنا في الحطيم- وربما قال في الحجر- مضطجع إذ أتاني «4» [جبريل] «5» فشق ما بين هذه إلى هذه فاستخرج قلبي ثم أتيت بطست من ذهب مملوءة «6» إيمانا وحكمة فغسل قلبي ثم أعيد، «7» ثم أتيت «7» بدابّة دون البغل وفوق الحمار، يضع خطوة «8» عند أقصى طرفه، فحملت عليه، فانطلق بي جبريل حتى أتى «9»   (1) في م «رحم» . (2) في م النساي، وفي لسان الميزان: الفسوي؛ وهو أبو العباس الشيباني النسوي صاحب المسند الكبير والأربعين، سمع إسحاق ويحيى بن معين، وسمع تصانيف ابن أبي شيبة منه وسمع أكثر المسند من إسحاق، وحدث عنه ابن خزيمة وأبو حاتم بن حبان وغيرهما- راجع تذكرة الحفاظ 2/ 703. (3- 3) سقط من م. (4- 4) في سيرة ابن هشام «بينا أنا نائم في الحجر إذ جاءني» . وفي م وف «مضطجعا» مكان: مضطجع. (5) زيد من السيرة. (6) في م «مملوءا» . (7- 7) في ف «ثم أوتيت» وفي م «فأوتيت» وفي سيرة ابن هشام «أتى» . (8) من م، وفي ف «حضوه» خطأ. (9) من م، وفي ف «أتاني» ولم يذكر المصنف إسراءه صلى الله عليه وسلم إلى المسجد الأقصى وصلاته فيه، وقد ذكره ابن هشام وغيره، قال ابن هشام في سيرته (بهامش الروض الأنف 1/ 246) «قال الحسن في حديثه: فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومضى جبريل عليه السلام معه حتى انتهى به إلى بيت المقدس فوجد فيه إبراهيم وموسى وعيسى في نفر من الأنبياء فأمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بهم ثم أتى بإناءين في أحدهما خمر والآخر لبن- إلخ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 112 السماء الدنيا فاستفتح، فقيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل «1» : ومن معك؟ قال «2» : محمد، قيل: وقد أرسل إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحبا به! فنعم «3» المجيء جاء! ففتح، فلما» خلصت إذا» فيها آدم، فقال «1» : هذا أبوك آدم فسلم عليه، قال: فسلمت عليه، فرد [على] «5» السلام ثم قال: مرحبا بالابن الصالح والنبي الصالح! ثم صعد بي حتى [أتى] «5» السماء الثانية فاستفتح، قيل: ما هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: وقد أرسل إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحبا به! فنعم المجيء جاء! ففتح [له] «5» فلما خلصت إذا نحن بعيسى ويحيى وهما ابنا الخالة، قال: هذا يحيى وعيسى فسلم عليهما، قال «6» : فسلمت وردا، ثم قالا: مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح! ثم صعد «7» بي «6» إلى السماء الثالثة فاستفتح، فقيل: من هذا؟ قال: جبريل؟ قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: وقد أرسل إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحبا به! فنعم المجيء جاء! ففتح، فلما خلصت إذا يوسف، قال «8» : هذا يوسف فسلم عليه، قال: فسلمت عليه فرد، ثم قال: مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح! ثم صعد بي إلى السماء الرابعة فاستفتح، فقيل: من هذا؟ قال «9» : جبريل، قيل: ومن معك؟ قال «8» : محمد، قيل: وقد أرسل إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحبا «10» به! فنعم المجيء جاء! ففتح،   (1) في م «قال» . (2) في م «قيل» خطأ. (3) في م «فبلغ» . (4- 4) في م «خلصته وإذا» . (5) زيد من م. (6) ليس في م. (7) في م «صعدا» . (8) في م «قيل» . (9) في فم «فقال» . (10) في م «فمرحبا» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 113 فلما خلصت فإذا إدريس، قال: هذا إدريس فسلم [عليه] «1» ، قال: فسلمت عليه فرد، ثم قال: مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح! ثم صعد [بي] «1» حتى [أتى] «1» السماء الخامسة فاستفتح، فقيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل «2» : وقد أرسل إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحبا «3» به! فنعم المجيء جاء! ففتح، فلما خلصت «4» إذا بهارون، قال: هذا هارون فسلم عليه، قال: فسلمت عليه فرد السلام «5» ، ثم قال: مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح! ثم صعد بي [حتى] «1» أتى «6» السماء السادسة فاستفتح قيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: وقد أرسل إليه؟ قال: نعم، قيل «2» : مرحبا به! فنعم «7» المجيء جاء، ففتح، فلما خلصت فإذا موسى، قال: هذا موسى فسلم عليه، قال: فسلمت عليه فرد و «8» قال: مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح! فلما تجاوزت بكى، قال «9» : ما يبكيك؟ قال: أبكي لأن غلاما بعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر ممن «10» يدخلها من أمتي، ثم صعد بي حتى [أتى] «11» السماء السابعة فاستفتح، قيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: وقد أرسل إليه؟ قال: نعم، قيل مرحبا «12» به! فنعم المجيء جاء! ففتحت، فلما   (1) زيد من م. (2) في م «قال» . (3) في م «فمرحبا» . (4) تكررت العبارة في ف من «فإذا إدريس» . إلى هنا. (5) سقط من م. (6) من م، وفي ف «إلى» . (7) في م «فلنعم» . (8) في م «ثم» . (9) في م «قيل» وزيد بعده «و» . (10) من م، وفي ف «مما» . (11) زيد من م. (12) في م «فمرحبا» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 114 خلصت إذا إبراهيم «1» ، قال «2» : هذا أبوك إبراهيم فسلم [عليه، قال:] «3» فسلمت عليه فرد السلام، ثم قال: مرحبا بالنبي الصالح والابن الصالح! ثم رفعت «4» إلى سدرة المنتهى فإذا «5» نبقها «6» مثل قلال هجر وإذا ورقها مثل آذان الفيلة، قال: هذه سدرة المنتهى، قال، فإذا أربعة أنهار: نهران ظاهران ونهران باطنان، فقلت: ما هذان «7» [يا] «3» جبريل قال: أما «8» الباطنان فنهران في الجنة، وأما الظاهران فالنيل والفرات؛ ثم رفع إلى البيت المعمور، ثم أتى «9» بإناء من خمر [وإناء من لبن] «3» وإناء من عسل، فأخذت «10» اللبن، فقال: هي «11» الفطرة وأنت عليها وأمتك، ثم فرضت على الصلوات خمسين صلاة كل يوم، فرجعت فمررت بموسى فقال: بما أمرت؟ قلت: [أمرت] «12» بخمسين صلاة كل يوم، قال إن أمتك لا تستطيع خمسين صلاة كل يوم، وإني «13» قد1» جربت الناس قبلك وعالجت «15»   (1) من م، وفي ف «بابراهيم» . (2) في م «قيل» . (3) في م «دفعت» كذا. (4) من م، وفي ف «وإذا» . (5) من الصحيح للبخاري 1/ 549، وفي الأصل: هذا. (6) وفي النهاية 4/ 13 في حديث سدرة المنتهى: فإذا نبقها أمثال القلال، النبق- يفتح النون وكسر الباء وقد تسكن: ثمر السدر، واحدته نبقة. (7) من م، وفي ف «ما» خطأ. (8) في م «أوتى» كذا. (9) في م «فاخترت» . (10) في م «هذه» . (11) من الصحيح، وفي م ف و «الصلاة» . (12) زيد من م. (13) في ف «فإني» . (14) سقط من م. (15) من م، وفي ف «عالجة» خطأ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 115 بني إسرائيل أشد المعالجة «1» ، ارجع إلى ربك فأسأله التخفيف لأمتك، فرجعت فوضع عني عشرا، فرجعت إلى موسى فقال: بما أمرت؟ قلت «2» : أمرت بأربعين «3» صلاة كل يوم، قال: إن أمتك لا تستطيع أربعين صلاة كل يوم، إني قد جربت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة، فارجع إلى ربك فسله التخفيف لأمتك، فرجعت فوضع عني عشرا، فرجعت «4» إلى موسى فقال: بما أمرت؟ قلت «2» : أمرت بثلاثين صلاة كل يوم، قال: إن أمتك لا تستطيع ثلاثين صلاة كل يوم، فإني قد «5» جربت «6» الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة، فارجع إلى ربك فسله التخفيف لأمتك، فرجعت فوضع عشرا، فرجعت «4» إلى موسى، قال «7» : بما «8» أمرت؟ قلت «2» : أمرت «5» بعشرين صلاة [كل يوم] «9» ، قال: [إن] «9» : أمتك لا تستطيع [عشرين صلاة] «9» وإني «10» قد جربت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة، فارجع إلى ربك فسله التخفيف لأمتك، فرجعت فأمرت بعشر صلوات «11» كل يوم، ثم رجعت إلى موسى، فقال: بما أمرت؟ قلت: [أمرت] «12» بعشر صلوات «11» كل يوم؛ قال: إن أمتك لا تستطيع عشر صلاة كل يوم، وإني قد جربت الناس قبلك «5» وعالجت بني إسرائيل أشد   (1) من م، وفي ف «العالجة» خطأ. (2) من م، وفي ف «قل» . (3) من م، وفي ف «أربعين» . (4) في م «ورجعت» . (5) سقط من م. (6) زيد من م. (7) من م، وفي ف «جرت» خطأ. (8) في م «فقال» . (9) في م «بماذا» . (10) في م «فإني» . (11) من صحيح البخاري، وفي ف وم «صلوة» كذا. (12) زيد من م. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 116 المعالجة. فارجع إلى ربك فسله التخفيف لأمتك، فرجعت فأمرت بخمس صلوات كل يوم، فرجعت إلى موسى فقال: بما أمرت؟ قلت: أمرت «1» بخمس صلوات «2» كل يوم، «3» قال: إن أمتك لا تستطيع خمس صلوات «2» كل يوم، وإني قد جربت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة، فارجع إلى ربك فسله التخفيف لأمتك، قلت: قد سألت [ربي] «4» حتى استحييت [ولكني أرضى وأسلم] «4» ، فلما جاوزت ناداني مناد «5» : أمضيت فريضتي وخففت عن «6» عبادي. قال «7» أبو حاتم: أسرى «8» النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس، ثم عرج به [إلى] «4» السماء، وفرض عليه «9» خمس صلوات «2» ، ثم بعث الله جبريل ليؤم رسول الله صلى الله عليه وسلم عند البيت ويعلمه أوقات الصلوات «10» ، فلما كان الظهر نودي: إن الصلاة جامعة، ففزع الناس واجتمعوا إلى نبيهم، فصلى بهم حين زالت الشمس على مثل الشراك «11» ، يؤم جبريل محمدا ويؤم محمد الناس، ثم صلى به العصر حين صار ظل   (1) سقط من م. (2) من م، وفي ف «صلوة» . (3) زيد في ف «وإني» خطأ ولم تكن الزيادة في م فحذفناها. (4) زيد من م. (5) في ف وم «منادى» . (6) هكذا في ف، وفي م «على» . (7) زيد في م «ثم» . (8) من م، وفي ف «استوى» مصحفا. (9) من م، وفي ف «به» . (10) من م، وفي ف «الصلاة» . (11) من م، وفي ف: الشرامك- خطأ، وفي النهاية 2/ 236: وفيه: إنه صلى الظهر حين زالت الشمس وكان الفيء بقدر الشراك، الشراك: أحد سيور النعل التي تكون على وجهها، وقدره ههنا ليس على معنى التحديد ولكن زوال الشمس لا يبين إلا بأقل ما يرى من الظل، وكان حينئذ بمكة هذا القدر، والظل يختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة، وإنما يتبين ذلك في مثل مكة من البلاد التي يقل فيها الظل، فإذا كان أطول النهار واستوت الشمس فوق الكعبة لم ير لشيء من جوانبها ظل، فكل بلد يكون أقرب إلى خط الاستواء ومعدل النهار يكون الظل فيه أقصر، وكل ما بعد عنهما إلى جهة الشمال يكون الظل أطول. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 117 كل شيء مثله، ثم «1» صلى به المغرب حين أفطر الصائم، ثم صلى به العشاء حين غاب الشفق، ثم صلى به الفجر حين حرم الطعام والشراب على الصائم. ثم «1» صلى به الظهر من الغد حين صار ظل كل شيء مثله، ثم صلى به العصر حين صار ظل كل شيء مثليه «2» ، ثم صلى به المغرب حين أفطر الصائم، ثم صلى به العشاء حين ذهب ثلث الليل، ثم صلى به الفجر حين أسفر، ثم التفت جبريل إلى محمد صلى الله عليه وسلم «3» ثم قال «3» : يا محمد! هذا وقتك ووقت الأنبياء قبلك، الوقت فيما بين هذين الوقتين. ذكر بيعة الأنصار بالعقبة الآخرة رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرنا «4» محمد بن صالح الطبري «5» بالصيمرة «6» ثنا «7» أبو كريب ثنا «7» إدريس» عن يحيى بن سعيد الأنصاري وعبيد «9» الله بن عمر ومحمد بن إسحاق عن عبادة بن الوليد بن «10» عبادة بن الصامت «7» عن أبيه عن جده عبادة بن الصامت «7» قال: بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في العسر واليسر، والمكره «11» والمنشط، وعلى أثرة «12» علينا، وأن لا ننازع الأمر أهله، وأن نقول   (1) في م «و» . (2) من م، وفي ف «مثلين» . (3- 3) في م «فقال» . (4) زيد في م «قال أبو حاتم» . (5) من م، وفي ف «الصبري» كذا بالصاد. (6) في م «بالصيموة» وفي ف «بالصمرة» والتصحيح من معجم البلدان 5/ 406. (7- 7) ما بين الرقمين سقط من م. (8) زيد قبله في م «ابن» . (9) من م، وفي ف «عبد» . (10) من م، وفي ف «عن» . (11) من م، وفي ف «المكر» . (12) من م، وفي ف «أثره» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 118 بالحق «1» حيث ما كنا، لا نخاف في الله لومة لائم «2» . قال أبو حاتم: فلما كان العام المقبل من حيث واعد الأنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يلقوه من العام المقبل بمكة، خرج سبعون رجلا من الأنصار فيمن خرج من أهل الشرك من قومهم من أهل «3» المدينة، فلما كانوا بذي الحليفة «4» قال البراء «5» ابن معرور بن صخر بن خنساء وكان كبير الأنصار: إني قد رأيت رأيا «6» ما أدري أتوافقوني «7» عليه أم لا! قد رأيت ألا أجعل هذه البنية «8» «9» مني بظهر «9» ، وأن أصلي «10» إليها- يعني الكعبة، فقالوا [له] «11» : والله ما هذا برأي! وما كنا لنصلي «12» إلى غير قبلة، فأبوا ذلك عليه وأبى أن يصلي إلا إليها، فلما غابت الشمس صلى إلى الكعبة وصلى أصحابه إلى الشام حتى «13» قدموا مكة، قال البراء بن معرور لكعب بن مالك: والله يا ابن أخي! قد وقع في نفسي مما صنعت في سفري هذا فانطلق بنا   (1) من م، وفي ف «الحق» . (2) ذكره ابن هشام في سيرته (بهامش الروض 1/ 280) ما نصه «قال ابن إسحاق فحدثني عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت عن أبيه عن جده عبادة بن الصامت وكان أحد النقباء قال: بايعنا- الحديث. (3) سقط من م. (4) من م، وفي ف «الخليفة» كذا بالخاء المعجمة. (5) له ترجمة في الإصابة 1/ 149 وهو أبو بشر؛ كان من النفر الذين بايعوا البيعة الأولى بالعقبة، وهو أول من بايع في قول ابن إسحاق، وهو أول من استقبل القبلة، وأول من أوصى بثلث ماله، وهو أحد النقباء ... » (6) من م والروض والطبري، وفي ف «رؤيا» . (7) في الروض «أتوافقونني» . (8) هكذا في م وف، وفي الروض «أن لا أدع هذه البنية» . (9- 9) من م والروض، وفي ف «من يطهر» خطأ. (10) من م والروض، وفي ف «يصلى» . (11) من م والروض. (12) من م والروض، ووقع في ف «لنطى» مصحفا. (13) في م «حين» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 119 إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أسأله عما «1» صنعت! وكانوا لا يعرفون رسول الله صلى الله عليه وسلم، إنما «2» كانوا يعرفون العباس بن عبد المطلب، لأنه كان يختلف إليهم إلى المدينة تاجرا، فخرجوا يسألون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة حتى إذا كانوا بالبطحاء سألوا رجلا عنه فقال: هل تعرفونه؟ قالوا «3» : لا، قال: فهل تعرفون العباس بن عبد المطلب؟ قالوا: نعم، قال «4» : فإذا دخلتم المسجد فانظروا من «4» الرجل الذي مع العباس جالس «4» فهو هو، تركته «5» معه الآن، فخرجوا حتى جاءوا فسلموا عليهما ثم جلسوا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم [للعباس] «6» : هل تعرف هذين الرجلين؟ قال: نعم، هذا «7» البراء بن معرور و [هذا] «8» كعب بن مالك، فقال له البراء: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم «9» ! إني صنعت في سفري هذا شيئا قد وقع في نفسي منه شيء فأخبرني عنه، رأيت أن لا أجعل هذه البنية مني بظهر «10» وصليت «11» [إليها] «12» ، فعنفني أصحابي وخالفوني «13» ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد [كنت على قبلة لو] «12» صبرت عليها- ولم يزد على ذلك «14» ،   (1) من م، وفي ف «مما» . (2) من م، وفي ف «و» . (3) في م «فقالوا» . (4) سقط من م. (5) هكذا في ف، وفي م «منكبة» كذا. (6) زيد من م والطبري، وقد سقط من ف، وزيد بعده في الطبري «سيد قومه» . (7) من م، وفي ف «هذين» . (8) زيد من م. (9- 9) ليس في م. (10) من م، وفي ف «نظير» خطأ. (11) في م والطبري «فصليت» . (12) زيد من م والطبري. (13) في الطبري «وقد خالفني أصحابي في ذلك» . (14) كذا، وفي الطبري «فرجع البراء إلى قبلة رسول الله صلى الله عليه وسلم وصلى معنا إلى الشام؛ قال: وأهله يزعمون أنه صلى إلى الكعبة حتى مات، وليس ذلك كما قالوا، نحن أعلمه به منهم، ثم خرجنا إلى الحج وواعدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من أوسط أيام التشريق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 120 ثم خرجوا إلى منى، فلما كان في أوسط» أيام التشريق ذات ليلة واعدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم العقبة، فخرجوا في جوف الليل، يتسللون «2» من رجالهم، ويخفون ذلك من قومهم من المشركين، فلما اجتمعوا عند العقبة أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم و «3» معه عمه العباس [فكان أول من تكلم العباس] «4» فقال: يا معشر الخزرج! إن محمدا [صلى الله عليه وسلم] «4» في منعة من قومه وبلاده «5» وقد منعناه ممن ليس على مثل رأينا «6» فيه وقد أبى إلا «6» الانقطاع إليكم، فإن كنتم ترون أنكم توفون له بما وعدتموه فأنتم وما جئتم به «7» ، وإن كنتم تخافون عليه «8» من أنفسكم شيئا فالآن فاتركوه، فإنه في «9» عز و «9» منعة، قالوا: قد سمعنا ما قلت «10» ، ثم تكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم وتلا «11» عليهم القرآن ودعاهم إلى الله، فآمنوا وصدقوه؛ ثم تكلم البراء بن معرور وأخذ «12» بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: بايعنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبايعكم على السمع والطاعة في المنشط والمكره، والنفقة في العسر «13» واليسر، وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن لا تخافوا في الله لومة لائم، وعلى أن   (1) من م والطبري، وفي ف «أوساط» . (2) من م، وفي ف «يستدلون» ، وفي الطبري «نتسلل» . (3) زيد في م «كان» . (4) زيد من م. (5) في الطبري «بلده» . (6- 6) التصحيح من م، ووقع في ف «وفيد وأما» . كذا. (7) في م «له» . (8) من م، وفي ف «عليكم» . (9- 9) سقط من م. (10) من م، وفي ف «قلتم» . (11) كذا في ف، وفي م «قرأ» . (12) كذا، وفي الطبري «فأخذ البراء بن معرور بيده ثم قال: والذي بعثك بالحق لنمنعنك مما نمنع منه أزرنا! فبايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم. (13) التصحيح من م؛ وفي ف «العمر» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 121 تنصروني وتمنعوني بما «1» تمنعون «2» به أنفسكم وأزواجم وأبناءكم ولكم الجنة، فبايعوه «3» على ذلك؛ فقال رجل من الأنصار يقال له عباس بن عبادة «4» بن نضلة: يا معشر الأنصار! هل تدرون ما تبايعون عليه هذا الرجل! إنكم [تبايعونه «5» على حرب الأسود والأحمر، فإن كنتم ترون أنكم] «6» لتوفون «7» بما عاهدتموه «8» عليه فهو خير الدنيا والآخرة فخذوه، وإن كنتم ترون أنكم مسلموه «9» إذا كان ذلك [فالآن] «10» فدعوه فهو خزي «11» الدنيا والآخرة؛ فقال أبو الهيثم بن التيهان «12» : يا رسول الله «13» صلى الله عليه وسلم «13» ! [إن] «10» بيننا وبين قومه «14» رحما، وإنا قاطعوها فيك، فهل عسيت إن نحن بايعناك وأظهرك الله أن ترجع إلى قومك وتدعنا؟ فضحك «15» رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: الدم الدم! الهدم الهدم «16» ! إني منكم وأنتم [مني] «17» ، أسالم   (1) في م «مما» . (2) من م، وفي ف «تمنعوا» . (3) في م «فبايعوا» . (4) التصحيح من م، وفي ف «عدى» خطأ- راجع الطبري 2/ 239. (5) في م «تبايعوه» كذا. (6) زيدت هذه العبارة من م، وقد سقطت من ف. (7) في م «توفون» . (8) من م، وفي ف «عاهدتموني» . (9) من م، وفي ف «مسامرة» وفي الطبري «فإن كنتم ترون أنكم إذا نهكت أموالكم مصيبة وأشرافكم قتل أسلمتموه فمن الآن، فهو والله خزي الدنيا والآخرة إن فعلتم، وإن كنتم ترون أنكم وافون له بما دعوتموه إليه على نهكة الأموال وقتل الأشراف فخذوه، فهو والله خير الدنيا والآخرة ... » . (10) زيد من م. (11) من م، وفي ف «خير» . (12) في ف «التيهيان» خطأ. (13- 13) ليس في م. (14) من م، وفي ف «قوم» . (15) من م؛ وفي ف «فحمك» . (16) وفي الروض 1/ 276 «قال ابن هشام ويقال: الهدم الهدم، أي ذمتي ذمتكم وحرمتي حرمتكم» . (17) من م. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 122 من سالمتم وأحارب من حاربتم ثم قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: ابعثوا إليّ منكم اثني عشر نقيبا كفلا على قومهم بما كان منهم ككفالة الحواريين بعيسى ابن مريم، فقال أسعد بن زرارة «1» : نعم يا رسول الله! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وأنت نقيب على قومك، فقال: نعم، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم اثني عشر نقيبا، فكان نقيب بني مالك بن النجار أبو أمامة «2» أسعد بن زرارة بن عدس بن عبيد بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار. وكان نقيب» بني سلمة البراء بن معرور و [عبد الله بن] «4» عمرو بن حرام «5» ، أبو «6» جابر «7» بن عبد الله «7» . وكان نقيب بني ساعدة المنذر بن عمرو بن خنيس وسعد بن عبادة بن دليم. وكان نقيب بني زريق بن عامر «8» رافع ابن مالك بن العجلان. وكان نقيب بني الحارث بن الخزرج عبد الله بن رواحة «9» ابن مالك وسعد «10» بن الربيع بن عمرو. وكان نقيب القوافل عبادة بن الصامت بن قيس. وكان نقيب بني عبد الأشهل أسيد بن حضير بن سماك وأبو الهيثم بن التيهان. وكان نقيب بني عمرو بن عوف سعد بن خيثمة بن الحارث. فقال عباس «11» بن عبادة بن نضلة: والله يا رسول الله! لئن شئت لنميلن «12»   (1) العبارة من هنا إلى «أسعد بن زرارة» ليس في م. (2) زيد في ف «و» . (3) في م «نقيبا» . (4) من م. (5) من الإصابة، وفي ف وم «حزام» خطأ. (6) وفي م «أب» وفي الإصابة «والد» . (7- 7) في م عبد الله بن» . (8) من هنا إلى «أول كتاب الصحابة» رقم صفحة الأصل 160/ ألف ساقط من م. (9) من الروض، ووقع في ف «دوامة» مصحفا. (10) من الروض، وفي ف «سعيد» كذا. (11) في الروض «العباس» وهو أخو بني سالم بن عوف. (12) من الطبري، وفي السيرة «لتميلن» وفي ف «لنصحن» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 123 [على] «1» أهل منى غدا «2» بأسيافنا! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لم أؤمر «3» بذلك، ارجعوا إلى رحالكم؛ فرجعوا إلى رحالهم وهم سبعون رجلا، فلما أصبحوا غدت عليهم قريش قالوا: يا معشر الخزرج! إنه قد بلغنا عنكم شيء لا ندري أحق هو أم باطل، إنه لأبغض قوم إلينا أن تنشب «4» الحرب بيننا وبينهم منكم، فجعل من كان من المشركين من قومهم يحلفون بالله ما علمنا ولا فعلنا، وصدقوا «5» . قال كعب بن مالك: فنظرت إلى عبد الله بن عمرو بن حرام «6» فقلت: يا [أبا] «7» جابر! أنت شيخ من شيوخنا وسيد من ساداتنا ألا تتخذ نعلا مثل نعلي «8» هذا الفتى من قريش- يريد الحارث بن هشام، فلما سمعه الحارث خلعهما «9» ورمى بهما «10» إليه فقال: البسهما «11» ، قال كعب: قال: والله صالح! و «12» لئن صدق «13» لأسلبنه. فرجع الأنصار إلى المدينة ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة، وكانت هذه البيعة في ذي الحجة قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة بثلاثة أشهر. فلما علمت قريش أن القوم قد عاقدوه ورأت من اتبعه من الأنصار اجتمع نفر من أشراف كل قبيلة ودخلوا دار الندوة ليدبروا أمرهم في رسول الله صلى الله عليه وسلم،   (1) زيد من السيرة لابن هشام (بهامش الروض 1/ 277) . (2) من السيرة، وفي ف «غداة» . (3) في السيرة «لم نؤمر» . (4) التصحيح من السيرة، وفي ف «تشب» خطأ. (5) في السيرة «قال وقد صدقوا لم يعلموه» . (6) في ف «حزام» . (7) زيد من السيرة. (8) التصحيح من الطبري 2/ 240، وفي ف «فعل» خطأ. (9) من الطبري، ووقع في ف «جعلها» مصحفا. (10) من الطبري، وفي ف «بها» . (11) كذا، وفي الطبري «فقال والله لتنتعلنهما» وفي ف «البسها» . (12) زيد في الطبري «الله» . (13) زيد في الطبري 2/ 240 «الفأل» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 124 فاعترضهم إبليس في صورة شيخ، فلما رأوه قالوا: من أنت؟ قال: رجل من أهل نجد، سمعت بما اجتمعتم له فأردت أن أحضركم «1» ولن يعدمنكم مني رأي ونصح «1» ، قالوا: أجل، ثم قال: انظروا في أمر هذا الرجل، فقال بعضهم: احبسوه في وثاق تربصوا به ريب المنون حتى يهلك كما هلك من قبله من الشعراء فإنما هو كأحدهم؛ قال النجدي: ما هذا برأي فيخرجنه من محبسه وليوشكن أن يثبوا «2» عليكم حتى يأخذوه من بين أيديكم ثم لا آمن أن يخرج «3» من بلادكم، «4» انظروا في «4» غير هذا، قال قائل: اخرجوه من بين أظهركم، فإنه إذا خرج غاب أذاه وشره، وأصلحتم أمركم بينكم، وخليتم بينه وبين ما هو فيه؛ قال النجدي: ما هذا برأي «5» ألم تروا حسن حديثه، و «5» حلاوة قوله، وطلاقة لسانه، وأخذ القلوب بما يسمع منه، ولئن فعلتم «6» استعرض ولا آمن «6» أن يدخل على كل قبيلة فيقبل منه ما جاء به، ثم يسيره إليكم حتى ينزع أمركم من أيديكم فيخرجكم من بلادكم ويقتل أشرافكم، انظروا رأيا «7» غير هذا، قال أبو جهل: والله! لأشيرن برأيي عليكم ما أراكم أبصرتموه بعد، قالوا: وما هو؟ قال: نأخذ من كل قبيلة غلاما شابا ثم نعطيه سيفا صارما حتى يضربوه ضربة رجل واحد، فإذا تفرق دمه في القبائل فلا أظن أن   (1- 1) هكذا في ف، وفي السيرة «وعسى أن لا يعدمكم رأيا منه ونصحا» . (2) التصحيح من الطبري 2/ 243، ووقع في ف «يثبتوا» مكان «يثبتوا» مكان «يثبوا» مصحفا، ولفظ الطبري «قال قائل منهم احبسوه في الحديد وأغلقوا عليه بابا ثم تربصوا به ما أصاب أشباهه من الشعراء الذين قبله زهيرا والنابغة ومن مضى منهم من هذا الموت حتى يصيبه منه ما أصابهم، قال: فقال الشيخ النجدي: لا والله! ما هذا لكم برأي، والله لو حبستموه كما تقولون لخرج أمره من وراء الباب الذي أغلقتموه دونه إلى أصحابه فلأ وشكوا أن يثبوا عليكم فينتزعوه من أيديكم ... » . (3) وقع في ف «يخركم» كذا مصحفا. (4- 4) في ف «انظروني» كذا. (5- 5) التصحيح من السيرة لابن هشام، ووقع في ف «إلى ترون إلى» مصحفا. (6- 6) هكذا في ف، وفي سيرة ابن هشام «والله لو فعلتم ذلك ما أمنتم» . (7) من السيرة، وفي ف «راي» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 125 بني هاشم يقدرون على حرب قريش كلها «1» ، فإذا «2» أرادوا ذلك قبلوا العقل» واسترحنا منه، ثم أصلحتم أمركم فاجتمع ملككم على ما كنتم عليه من دين آبائكم؛ فقال النجدي: القول ما قال هذا الفتى، لا رأي غيره، فتفرقوا على ذلك. وأتاه جبريل وأمره أن لا يبيت في مضجعه الذي كان يبيت فيه وأخبره بمكر القوم، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم عليا فتغشى «4» بردا له «5» أحمر حضرميا «5» فبات في مضجعه، واجتمعت قريش لرسول الله صلى الله عليه وسلم عند باب بيته يرصدونه، فخرج «6» رسول الله صلى الله عليه وسلم في يده حفنة من تراب فرماها في وجوههم، فأخذ الله بأعينهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فباتوا رصدا على بابه وانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجته، فخرج عليهم من الدار خارج فقال: ما لكم؟ قالوا: ننتظر محمدا، قال: قد خرج عليكم، فانصرفوا يائسين «7» ينفض كل واحد منهم التراب عن رأسه «8» ؛ قال أبو بكر الصديق، إنا لله وإنا إليه   (1) في السيرة «جميعا» . (2) من السيرة، ووقع في ف «فاذ» خطأ. (3) كذا في ف، وفي السيرة لابن هشام «فلم يقدر بنو عبد مناف على حرب قومهم جميعا فرضوا منا بالعقل فعقلناه لهم» . (4) من الطبقات، وفي ف «فتفشا» خطأ، وفي سيرة ابن هشام «قال لعلي بن أبي طالب: نم على فراشي واتشح ببردي هذا الحضرمي الأخضر. (5- 5) التصحيح من الطبقات، وفي ف «ثم احضر» كذا. (6) وفي السيرة 1/ 292 «لما اجتمعوا له وفيهم أبو جهل بن هشام فقال وهم على بابه: إن محمدا يزعم أنكم إن تابعتموه على أمره كنتم ملوك العرب والعجم، ثم بعثتم من بعد موتكم فجعلت لكم جنان كجنان الأردن، وإن لم تفعلوه كان له فيكم ذبح، ثم بعثتم من بعد موتكم ثم جعلت لكم نار تحرقون فيها، قال: وخرج عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ حفنة من تراب في يده ثم قال: «نعم، أنا أقول ذلك، أنت أحدهم» ، وأخذ الله تعالى على أبصارهم عنه فلا يرونه فجعل ينثر ذلك التراب على رؤوسهم وهو يتلو هؤلاء الآيات من يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ- إلى قوله: فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ. (7) في ف «بايسين» خطأ. (8) كذا في ف، وفي الطبقات 1/ 154 «فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم وهم جلوس على الباب فأخذ حفنة من البطحاء فجعل يذرها على رؤوسهم ويتلو يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ- حتى بلغ- سَواءٌ عَلَيْهِمْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 126 راجعون! أخرجوا نبيهم، ليهلكن! فنزلت أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ «1» فأمره الله بالقتال وفرض عليه الجهاد وهي أول آية نزلت في القتال ثم أمر الله جل [و] «2» علا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالهجرة إلى يثرب. ذكر هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يثرب أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة «3» اللخمي «4» ثنا ابن أبي السرى ثنا عبد الرزاق أنا معمر عن الزهري أخبرني عروة بن الزبير أن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أريت دار هجرتكم أريت سبخة «5» ذات نخل بين لابتين «6» وهما حرتان» ، فهاجر من هاجر قبل المدينة حين ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورجع إلى المدينة بعض من كان هاجر إلى أرض الحبشة من المسلمين، وتجهز أبو بكر مهاجرا، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: على رسلك، فإني أرجو أن يؤذن، فقال أبو بكر: وترجو ذلك بأبي أنت وأمي؟ قال: نعم، فحبس أبو بكر نفسه على رسول الله صلى الله عليه وسلم لصحبته وعلف راحلتين كانتا عنده ورق السمر أربعة أشهر؛ قالت عائشة:   أَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال قائل لهم: ما تنظرون؟ قالوا: محمدا، قال: خبتم وخسرتم، قد والله مر بكم وذر على رؤوسكم التراب، قالوا: والله ما أبصرناه! وقاموا ينفضون التراب عن رؤوسهم، وهم أبو جهل والحكم بن أبي العاص وعقبة بن أبي معيط والنضر بن الحارث وأمية بن خلف ... » . (1) سورة 22 آية 39. (2) الزيادة ليست في ف. (3) ذكره ابن حجر في تهذيب التهذيب 9/ 425 في ترجمة «محمد بن المتوكل بن عبد الرحمن بن حسان الهاشمي مولاهم أبو عبد الله بن أبي السري الحافظ العسقلاني» فيمن روى عنه. (4) في التهذيب «العسقلاني» . (5) من الخصائص 1/ 190 والدلائل للبيهقي، وفي ف «سخة» خطأ. (6) اللابة: الحرة من الأرض ج لابات- (ما بين لابتيها، مثل فلان) أصله في المدينة وهي بين لابتين أي حدتين، ثم جرى على أفواه الناس في كل بلدة فيقولون: ما بين لابتيها- مثل فلان- من غير إظهار صاحب الضمير. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 127 فبينا نحن جلوس يوما في بيتنا في نحر «1» الظهيرة فقال قائل لأبي: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقبل متقنعا «2» ، في ساعة لم يكن يأتينا فيها، قال أبو بكر: فداه أبي وأمي! إن جاء به في هذه الساعة [إلا] «3» لأمر «4» ! قالت: فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستأذن، فأذن له فدخل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر: «أخرج «5» من عندك» ، قال أبو بكر: إنما «6» هو أهلك بأبي أنت «6» يا رسول الله! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فإنه قد أذن لي بالخروج» «7» ، فقال أبو بكر: فالصحبة «8» بأبي أنت يا رسول الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نعم» «9» ، فقال أبو بكر: بأبي أنت يا رسول الله! خذ إحدى راحلتيّ هاتين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بالثمن» «10» ؛ قالت عائشة: فجهزناهما «11» أحث «12» الجهاز، وصنعنا «13» لهما سفرة في جراب، فقطعت «14» أسماء بنت أبي بكر من نطاقها   (1) أي في أول وقتها. (2) من الصحيح للبخاري: أي مغطيا رأسه، وفي ف: متقفعا- خطأ. (3) زيد من الطبري. (4) في الطبري 2/ 246 «قال ما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الساعة إلا لأمر حدث» . (5) زيد في الطبري «عنى» . (6) وفي الطبري: هما ابنتاي، وما ذاك فداك أبي وأمي. (7) من الطبري، وفي ف «في الخروج» وزيد في الطبري «والهجرة» . (8) في الطبري «الصحبة» . (9) هكذا في ف، ووقع في الطبري «الصحبة» . (10) هكذا في ف، ووقع في الطبري «فلما قرب أبو بكر الراحلتين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قرب له أفضلهما ثم قال له: اركب فداك أبي وأمي! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني لا أركب بعيرا ليس لي، قال فهو لك يا رسول الله بأبي أنت وأمي! قال: لا، ولكن ما الثمن الذي ابتعتها به؟ قال: كذا وكذا، قال: أخذتها بذلك، قال: هي لك يا رسول الله» . (11) من الصحيح للبخاري 1/ 553، وفي الطبقات لابن سعد ج 1 ق 1 ص: 154: وجهزناهما، وفي ف: فجهزهما كذا. (12) هكذا في ف وفي متن الصحيح للبخاري، وبهامشه بعلامة النسخة «أحب» . (13) من الطبقات والصحيح للبخاري، وفي ف «وضعنا» . (14) من الطبقات لابن سعد والصحيح للبخاري، وفي الإصابة «فشقت» ووقع في ف «فقصعت» مصحفا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 128 فأوكت «1» به الجراب، فلذلك كانت تسمى ذات النطاق، ولحق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر بغار في جبل يقال له: ثور، فمكثا فيه ثلاث ليال. قال أبو حاتم: لما أمر الله جل وعلا رسوله صلى الله عليه وسلم بالهجرة استأجر «2» رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا من بني الديل وهو من بني عدي هاديا خريتا- والخريت: الماهر بالهداية- قد غمس حلفا في آل العاص بن وائل السهمي وهو على دين كفار قريش، فأمناه ودفعا «3» إليه راحلتيهما وأوعداه بغار ثور بعد ثلاث، وخرج صلى الله عليه وسلم وأبو بكر حتى أتيا الغار في جبل «4» ثور كمنا فيه، وخرج المشركون يطلبونهما حتى جاءوا إلى الجبل وأشرفوا على الغار، فقال أبو بكر: يا رسول الله! لو أبصر أحدهم تحت قدمه «5» لأبصرنا «6» ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا أبا بكر! ما ظنك باثنين الله ثالثهما» ، فأعمى الله «7» أعينهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما أيسوا رجعوا، ومكث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر في الغار ثلاث ليال؛ يبيت عندهما عبد الله بن أبي بكر الصديق وهو غلام شاب   (1) من الطبقات لابن سعد ج 1/ ق 1 ص: 155، وفي ف «فأوكبت» خطأ. (2) هكذا في ف، وفي الطبري «استأجرا عبد الله بن أرقد» وفي الطبقات «يقال له: عبد الله بن أريقط» . (3) من الطبري، وفي ف «دفعنا» خطأ. (4) زيد في ف «أبي» وفي معجم البلدان «وأما اسم الجبل الذي بمكة وفيه الغار فهو ثور غير مضاف إلى شيء» . (5- 5) كذا في ف، وفي السيرة 2/ 4 «وفي الصحيح عن أنس قال: قال أبو بكر رضي الله عنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهما في الغار: لو أن أحدهم نظر إلى قدمه» . (6) في الطبري «لرآنا» وزيد بعده في ف «تحت قدمه» مكررا. (7) هكذا في ف، وفي السيرة 2/ 4 «وروى أيضا أنهم لما عمى عليهم الأثر جاءوا بالقافة فجعلوا يقوفون الأثر حتى انتهوا إلى باب الغار وقد أنبت الله عليه ما ذكرنا في الحديث قبل هذا، فعندما رأى أبو بكر رضي الله عنه الفاقة اشتد حزنه على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: إن قتلت فإنما أنا رجل واحد، وإن قتلت أنت هلكت الأمة، فعندها قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تحزن إن الله معنا» ألا ترى كيف قال: لا تحزن! ولم يقل: لا تخف، لأن حزنه على رسول الله صلى الله عليه وسلم شغله عن خوفه على نفسه، ولأنه أيضا رأى ما نزل برسول الله صلى الله عليه وسلم من النصب وكونه في ضيقة الغار مع فرقة الأهل ووحشة الغربة، وكان أرق الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأشفقهم عليه فحزن لذلك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 129 ثقف ئخن، فيدلج «1» من عندهما بسحر، فيصبح بمكة مع قريش كبائت بها، فلا يسمع أمرا يكاد به إلا وعاه حتى يأتيهما بخبر ذلك حين يختلط للكلام «2» ؛ ويرعى عليهما عامر بن فهيرة مولى أبي بكر منيحة من غنم «3» فيريحها «4» عليهما حين يذهب ساعة من العشاء، فيبيتان في رسل «5» ، يفعل ذلك في كل ليلة من الليالي الثلاث؛ ثم خرج النبي صلى الله عليه وسلم بعد ثلاث، معه أبو بكر وعامر بن فهيرة والدليل، فأخذ بهم الدليل طريق الساحل فاجتنوا «6» ليلتهم حتى أظهروا «7» وقام الظهيرة رمى أبو بكر بصره «8» هل يرى ظلا يأوون إليه، فإذا هم بصخرة فانتهوا إليها فإذا بقية ظلها، فسوى «9» أبو بكر ثم فرش لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: اضطجع يا رسول الله! فاضطجع، ثم ذهب ينظر هل يرى من الطلب أحدا، فإذا هو براعي غنم يسوق غنمه إلى الصخرة يريد منها مثل الذي يريدون من الظل، فسأله أبو بكر: لمن أنت يا غلام؛ قال: لفلان- رجل من قريش، فعرفه أبو بكر فقال: هل في غنمك من لبن؟ قال: نعم، فقال: هل أنت حالب لي؟ قال: نعم، فأمره فاعتقل «10» شاة من غنمه وأمره أن ينفض عنها من الغبار، فحلب له كثبة «11» من لبن، وكان معه إداوة «12»   (1) يقال أدلج القوم وادّلج: ساروا الليل كله أو في آخره. (2) في ف: يختلط الكلام- كذا. (3) وفي الطبري «كان لأبي بكر منيحة من غنم» يقال: منحه الناقة وكل ذات لبن، إذا جعل له وبرها ولبنها وولدها، فهي المنحة والمنيحة. (4) وفي الطبري «يروح بتلك الغنم» . (5) أي تمهل وتؤدة ورفق، يقال «على رسلك يا رجل» أي على مهلك وتأن. (6) أي استتروا. (7) يقال: أظهر- إذا سار أو دخل في الظهيرة وهي حد انتصاف النهار. (8) في ف: بصر. (9) في ابن الأثير «فسوى أبو بكر عندها مكانا يقيل» . (10) من الخصائص الكبرى 1/ 189 وفي ف «فاغتفل» مصحف. (11) والكتيب من القرب المشدودة بالوكاء- راجع محيط المحيط، وفي ف «كتبه» كذا. (12) وقع في ف «أدواه» خطأ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 130 لرسول الله صلى الله عليه وسلم على فمها خرقة، فصب اللبن حتى برد أسفله ثم ملأها، فانتهى بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد استيقظ فقال: اشرب «1» يا رسول الله! فشرب وشرب أبو بكر، فقال أبو بكر: قد أتى «2» الرجل يا رسول الله! قال: «لا تحزن» «3» ، والقوم يطلبونهم؛ قال «4» سراقة بن مالك بن جعشم «5» : جاءنا رسل كفار قريش يجعلون «6» [في] «7» رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي «8» بكر دية كل واحد منهما لمن قتله أو أسره، فقال سراقة: فبينا أنا جالس في مجلس من مجالس قومي بني مدلج «9» إذ أقبل رجل فقال: يا سراقة! إني رأيت آنفا أسودة بالساحل، أراها محمدا وأصحابه، قال سراقة: فعرفت أنهم هم فقلت لهم: إنهم ليسوا هم ولكنك رأيت فلانا وفلانا انطلقوا بأعيننا، ثم لبثت في مجلس ساعة ثم قمت فدخلت فأمرت جاريتي أن تخرج بفرسي من وراء أكمة «10» فتحبسها علي، وأخذت رمحي «11» فخرجت به من ظهر البيت فحططت بزجة الأرض حتى أتيت فرسي، فركبتها ودفعتها   (1) في ف «أنشرب» خطأ. (2) في ف «إن» كذا. (3) من الكامل لابن الأثير، وفي ف «فارتحلوا» مصحف. (4) وفي السيرة 2/ 6 «قال ابن إسحاق وحدثني الزهري أن عبد الرحمن بن مالك بن جعشم حدثه عن أبيه عن عمه سراقة بن جعشم قال: لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة جعلت قريش فيه مائة ناقة لمن رده عليهم» . (5) في ف «جعثم» خطأ. (6) في الكامل لابن الأثير 2/ 50 «وكانت قريش قد جعلت لمن يأتي بالنبي صلى الله عليه وسلم دية، فتبعهم سراقة بن مالك بن جعشم المدلجي فلحقهم وهم في أرض صلبة، فقال أبو بكر: يا رسول الله! قد أدركنا الطلب، قال: «لا تحزن» . (7) زيد للسياق، وسيأتي في قول سراقة «جعلوا فيك الدية» . (8) في ف «أبو» . (9) من الطبري والروض، ووقع في ف «يدلج» مصحفا. (10) في ف «أكمة» خطأ، وفي محيط المحيط «الأكمة: التل ما اجتمع من حجارة» . (11) في ف «ومحى» خطأ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 131 تقرب بي حتى دنوت منهم، فعرد «1» بي فرسي فخررت عنها، فقمت فأهويت يدي إلى كنانتي، فاستخرجت منها الأزلام فاستسقمت [بها] «2» أخرج «3» أم لا! فخرج الذي أكره، فركبت فرسي وعصيت «4» الأزلام، فقرب بي «5» حتى [إذا] «6» سمعت قراءة «7» رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو لا يلتفت وأبو بكر يكثر الالتفات «8» ساخت يدا فرسي في الأرض حتى بلغتا الركبتين فخررت عنها، ثم زجرتها فنهضت فلم تكن تخرج يديها، فلما استوت قائمة إذا غبار ساطع في السماء مثل الدخان «9» ، فاستقسمت بالأزلام، فخرج الذي أكره، فناديتهم بالأمان فوقفوا، فركبت فرسي حتى جئتهم، ووقع في نفسي حين لقيت ما لقيت من الحبس عنهم أن سيظهر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: إن قومك قد جعلوا فيك الدية، وأخبرتهم بأخبار ما يريد الناس بهم، وعرضت عليهم بالزاد والمتاع فلم يرزءاني «10» ولم يسألاني «11» إلا أنهما قالا: أخف «12» علينا، فسألته أن يكتب لي كتاب موادعة وأمن «13» ، فأمر أبا بكر «14» ، فكتب «15»   (1) أي هرب وفر، وفي ف «نعرو» وفي الخصائص الكبرى: عثرت بي. (2) من الطبري والسيرة. (3) في ف «أخرهم» . (4) كذا في ف، وفي دلائل النبوة ص: 277 «فأبيت» . (5) في ف «لي» . (6) زيد من الخصائص 1/ 186 برواية البخاري. (7) في ف «قراه» . (8) في الخصائص «التلفت» . (9) في ف «للدخان» . (10) أي لم يأخذ مني شيئا. (11) في ف «لم يسألني» كذا. (12) في ف «أحقي» . (13) وقع في الأصل «أمر» مصحفا. (14) في ف «أبو» . (15) في سيرة ابن هشام «قال قلت تكتب لي كتابا يكون آية بيني وبينك قال: «اكتب له يا أبا بكر» فكتب لي كتابا في عظم أو في رقعة أو في خرقة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 132 لي في رق «1» من أدم، قال سراقة: والله لأعمين على من ورائي من الطلب، وهذه كنانتي فخذ منها سهما فإنك «2» ستمر على إبلي وغنمي بمكان كذا وكذا فخذ منها حاجتك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا حاجة لنا في إبلك وغنمك، وانطلق راجعا «3» إلى أصحابه، ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلقي «4» الزبير بن العوام في ركب من المسلمين كانوا تجارا قافلين من الشام، فكسا الزبير رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر ثيابا بيضاء. ثم ساروا [إلى] خيمتي «5» أم معبد «6» الخزاعية، وكانت امرأة برزة «7» جلدة تحتبي «8» وتجلس بفناء «9» الخيمة ثم تسقي «10» وتطعم، فينالونها «11» تمرا ويشترون «12» ، فلم يصيبوا عندها شيئا من ذلك، فإذا «13» ، القوم مرملون مسنتون «13» ، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شاة في كسر خيمتها فقال: ما هذه الشاة يا أم معبد؟ قالت: خلفها الجهد عن الغنم، فقال: هل بها من لبن؟ قالت هي أجهد «14» من ذلك، قال: « «15» أتأذنين لي «15» أن، أحلبها» ؟ قالت: نعم بأبي أنت وأمي! إن رأيت بها حلبا   (1) الرق جلد رقيق يكتب فيه محيط المحيط. (2) في ف «فالك» خطأ. (3) وقع في ف «راحبا» كذا مصحفا. (4) في ف «فلقيت» . (5) من سيرة ابن هشام 2/ 101، وفي ف: خيتمي، خطأ. (6) اسمها عاتكة بنت خلد- راجع الروض 2/ 8. (7) برز برازة: فاق أصحابه فضلا أو شجاعة فهو برز وهي برزة. (8) التصحيح من دلائل النبوة لأبي نعيم، وفي ف: تحتي، مصحف. (9) في ف «يفنا» خطأ. (10) في دلائل النبوة للبيهقي: ثم لتسقي مشكلا. (11) في ف والدلائل لأبي نعيم: فسألوها. (12) في الدلائل لأبي نعيم: ليشتروا، وفي الدلائل للبيهقي: فينالون لحما وتمرا ليشتروا منها. (13- 13) أي مفتقرين ومجدبين، وفي الدلائل: وكان القوم مرملين مسنتين. (14) التصحيح من الدلائل والروض 2/ 8، وفي ف: أجهل. (15- 15) التصحيح من الدلائل والروض، وفي ف «اتاذين في» خطأ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 133 فاحلبها، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشاة فمسح ضرعها وذكر اسم الله عليه وقال: «اللهم! بارك لها في شاتها» ، فتفاجت «1» ودرت واجترت، فدعا بإناء لها يربض «2» الرهط، فحلب فيه «3» ثجا حتى علاه البهاء «3» ، فسقاها فشربت حتى رويت، وسقا أصحابه فشربوا حتى رووا و «4» شرب آخرهم، وقال: «ساقي «5» القوم آخرهم شربا» ، فشربوا جميعا عللا «6» بعد نهل حتى أراضوا «7» ، ثم حلب فيه ثانيا «8» عودا على «8» بدء «9» ، فغادره «10» عندها ثم ارتحلوا عنها، فقل «11» ما لبثت فجاء زوجها أبو معبد يسوق أعنزا له حفلا «12» عجافا يتساوكن «13» هزلا «14» ، مخهن قليل، لا نقى «15» بهن. فلما رأى اللبن عجب وقال: من أين لك «16» هذا والشاء عازب ولا حلوبة في البيت؟ فقالت: لا والله إلا أنه مر بنا رجل مبارك كان من حديثه كيت وكيت، قال: والله إني أراه صاحب قريش الذي نطلبه «17» ، صفيه لي يا أم معبد! قالت: رأيت   (1) أي صارت لها فجوة، وفي ف «فتفاحت» خطأ. (2) أي يروى، وفي الروض: يشبع. (3- 3) من الدلائل لأبي نعيم، وفي ف: تجا حتى عليه التمال. (4) في الروض: ثم. (5) من وفاء الوفاء 1/ 172، وفي الأصل «لساقي» كذا. (6) من الروض والدلائل أي ثانيا، وفي ف: خللا. (7) أي رووا. (8- 8) في الدلائل: بعد. (9) من الدلائل، ووقع في ف: يرد- كذا مصحفا. (10) أي تركه وأبقاه، وفي الروض والدلائل: ثم غادره، ووقع في ف: فغادرها- مصحفا. (11) التصحيح من الدلائل لأبي نعيم والبيهقي كليهما، ووقع في ف: فقاد- مصحفا. (12) جمع حافل، يقال ناقة أو شاة حافل: كثير لبنها. (13) من الدلائل لأبي نعيم: أي يسرن سيرا ضعيفا، وفي الدلائل للبيهقي: تساوكن، وفي ف: يساوكن- كذا. (14) التصحيح من الدلائل لأبي نعيم، ووقع في ف: هؤلاء- مصحفا، وفي الدلائل للبيهقي: التساوك. (15) أي لا مخ، وفي ف لا نفي. (16) التصحيح من الدلائل لأبي نعيم والبيهقي، وفي ف: لكم. (17) في الأصل: يطلبه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 134 رجلا «1» ظاهر الوضاءة «1» «2» مليح الوجه «2» ، حسن الخلق، لم تعبه «3» ثجلة «4» ، ولم تزره «5» صلعة، وسيم جسيم «6» ، قسيم، في عينيه دعج، وفي أشفاره وطف «7» ، وفي صوته صهل «8» ، «9» أحور أكحل، أزج أقرن، رجل شديد سواد الشعر «9» ، في عنقه سطع، وفي لحيته كثاثة «10» ، إذا صمت فعليه الوقار، وإن تكلم سما «11» وعلاه البهاء، كأن منطقه خرزات «12» نظم يتحدرون «13» ، حلو المنطق فصل لا نزر «14» ولا هذر «15» ، أجمل «16» الناس وأبهاه «17» من بعيد، وأحلاه وأحسنه من قريب، ربعة لا يتثنى «18» من طول ولا تقتحمه «19» عين من قصر،   (1- 1) من الدلائل لأبي نعيم/ 282، ووقع في ف «طاهر الوكا» مصحفا، وفي البيهقي: طاهر الوضاة. (2- 2) في الدلائل لأبي نعيم: أبلج الوجه. (3) من الدلائل للبيهقي وأبي نعيم، وفي ف «أتعبه» خطأ. (4) من الدلائل لأبي نعيم أي عظم البطن، وفي الدلائل للبيهقي وف «نجلة» . (5) في الدلائل للبيهقي وأبي نعيم «لم تزر به» ، يقال: أزرى به وأزراه: عابه. (6) ليس في الدلائل. (7) من وطف أي كثر شعر حاجبيه وعينيه. (8) من الدلائل للبيهقي وأبي نعيم، والصهل: حدة الصوت مع بحح، وفي هامش الدلائل «ويروى: صحل- ح» وفي ف «سحل» . (9- 9) كذا في ف، وليس في الدلائل. (10) من الدلائل للبيهقي وأبي نعيم، وفي ف «كنافة» خطأ. (11) في الدلائل «سماه» . (12) من الدلائل لأبي نعيم، وفي ف «خزرات» . (13) من الدلائل للبيهقي، ووقع في ف «ينحررن» مصحفا، وفي الدلائل لأبي نعيم «تحدرن» . (14) من الخصائص الكبرى والدلائل لأبي نعيم، وفي ف «لا تزر» خطأ. (15) في ف «هدار» خطأ. (16) من الدلائل للبيهقي وأبي نعيم، وفي ف: اجهر- مصحف. (17) من الدلائل للبيهقي وأبي نعيم، وفي ف: احمله. (18) من مجمع الزوائد 8/ 279، وفي الدلائل لأبي نعيم والبيهقي والخصائص: لا بائن، ووقع في ف: لا يشاد عين- مصحف. (19) من الخصائص 1/ 188 وفي الدلائل للبيهقي: يقتحمه، وفي ف «منجمه» مصحفا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 135 غصن «1» بين غصنين فهو أنضر «2» الثلاثة منظرا وأحسنهم قدرا، وله رفقاء يحفون «3» ، به، إن قال استمعوا «4» لقوله، وإن أمر تسارعوا إلى أمره، محفود محشود، لا عابس ولا مفند «5» ؛ قال: هذا والله صاحب قريش الذي ذكر لنا من أمره! لو كنت وافقت لالتمست «6» إلى أن أصحب، ولأفعلنه إن وجدت إلى ذلك سبيلا. وأصبح صوت بمكة عاليا يسمعونه ولا يدرون من يقوله، وهو يقول «7» : جزى الله رب الناس خير جزائه ... رفيقين حلّا خيمتي أم معبد هما نزلا بالبر وارتحلا به ... فأفلح من أمسى رفيق محمد فيال قصى «8» ما زوى الله عنكم ... به من فعال لا تجازى وسودد سلوا أختكم عن شاتها «9» وإنائها ... فإنكم إن تسألوا الشاة تشهد دعاها بشاة حائل فتحلبت ... له «10» بصريح ضرة «11» الشاة مزيد فغادره رهنا لديها لحالب ... يرددها في مصدر ثم مورد «12»   (1) وفي الخصائص والدلائل للبيهقي: غصنا. (2) من الخصائص والدلائل، وفي ف: انظر. (3) في ف: يخفون- خطأ. (4) في الدلائل لأبي نعيم: انصتوا. (5) من الدلائل لأبي نعيم، وفنده: خطأ رأيه وضعفه، وفي الخصائص: معتد، وفي البيهقي: مغيد، وفي ف: مفتر، كذا. (6) في الدلائل: ولقد هممت. (7) راجع الروض 2/ 7 والكامل لابن الأثير 2/ 50 لما ذكر عن أسماء بنت أبي بكر في جوابها: لا أدري، حين سألها أبو جهل، فلطم خدها لطمة طرح قرطها حتى أتى رجل من الجن من أسفل مكة يتبعونه يسمعون صوته ولا يرون شخصه وهو يقول. (8) في ف: قضى- خطأ. (9) كذا في ف والدلائل للبيهقي وأبي نعيم، وفي الروض شأنها. (10) في الدلائل لأبي نعيم: عليه. (11) في ف «ضره» . (12) التصحيح من الروض والدلائل للبيهقي وأبي نعيم، ووقع في ف: به روته في مصدر ومسودد- كذا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 136 فأجابه حسان بن ثابت لقد خاب قوم زال عنهم نبيّهم ... «1» وقد سرّ «1» من يسري إليه ويغتدي «2» ترحّل عن قوم فضلّت «3» عقولهم ... وحلّ على قوم بنور مجدّد وهل يستوي ضلال قوم تسكعوا «4» ... «5» عمي وهداة يهتدون بمهتدي «5» نبيّ يرى ما لا يرى الناس حوله ... ويتلو كتاب الله في كل مشهد وإن قال في يوم مقالة غائب ... فتصديقها في ضحوة اليوم أو غد «6» ليهنئ أبا بكر سعادة جدّه ... بصحبته من يسعد الله يسعد ليهنئ «7» بني كعب مقام فتاتهم ... ومقعدها للمؤمنين بمرصد فلما سمع المسلمون الأبيات خرج المسلمون سراعا فوجا فوجا يلحقون برسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذوا على خيمة أم معبد. وسمع المسلمون بالمدينة بخروج النبي صلى الله عليه وسلم من مكة، فكانوا يغدون كل غداة إلى الحرة فينتظرون قدومه حتى يردّهم حرّ الظهيرة فكان أول من قدم عليهم من المهاجرين مصعب بن عمير أخو بني عبد الدار [بن] «8» قصي، فقالوا: ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: هو وأصحابه على إثري، ثم أتاهم بعده عمرو بن أم مكتوم الأعشى أخو بني فهر، فقالوا: ما فعل من وراءك رسول الله وأصحابه؟ فقال: هم   (1- 1) من الروض والدلائل للبيهقي، وفي ف: قدس- كذا. (2) من الروض والدلائل، وفي ف: يفقد- كذا. (3) من الروض والدلائل للبيهقي وأبي نعيم، وفي ف: فزالت- خطأ. (4) من الدلائل لأبي نعيم، وفي ف «تعكسوا» وفي محيط المحيط: تسكع الرجل بمعنى سكع وتمادى في الباطل، وفي الروض والدلائل للبيهقي «تسفهوا» . (5- 5) كذا في ف وشرح المواهب، وفي الروض والدلائل: عمايتهم هاد به كل مهتد. (6) والشطر الثاني في الدلائل والروض هكذا «فتصديقها اليوم أو في ضحى الغد» . (7) من الدلائل لأبي نعيم، وفي ف «وتهن» . (8) زيد من الطبري 2/ 181. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 137 الآن على أثري، ثم أتاهم بعده عمار بن ياسر «1» وسعد بن أبي وقاص وعبد الله بن مسعود وبلال، ثم أتاهم عمر بن الخطاب في عشرين راكبا، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث خرج من الغار سلك بهم «2» الدليل أسفل من مكة، ثم مضى بهم حتى جاوز بهم الساحل أسفل عسفان، ثم استجاز «3» بهم على أسفل «4» أمج «5» حتى عارض بهم الطريق، ثم أجاز «6» بهم فسلك بهم الخرار «7» ، ثم أجاز بهم ثنية المرة «8» ، ثم سلك بهم القفا «9» ، ثم أجاز بهم «10» مدلجة لفف «11» ، ثم استبطن بهم مدلجة لفف، ثم استبطن بهم مدلجة مجاج «12» ، ثم سلك مرجح «13» من ذي العضوين «14» ثم بطن ذي كشد «15» ، ثم أخذ بهما الجداجد «16» ثم الأجرد، ثم سلك بهم بطن أعداء «17»   (1) في ف «ماسر» خطأ. (2) كذا، وفي السيرة «بهما» . (3) في ف «استجار» خطأ. (4) من الروض والدلائل، وفي ف «سفل» خطأ. (5) بالجيم وفتح أوله وثانيه بلد من أعراض المدينة- راجع معجم البلدان. (6) من سيرة ابن هشام، وفي ف «أجلز» . (7) من السيرة، وقد ذكره الياقوت في معجم البلدان، وفي ف: الخزار- خطأ. (8) من سيرة ابن هشام والروض 2/ 9 وفيه «كذا وجدته مخفف الراء مقيدا كأنه مسهل الهمزة من المرأة» . (9) التصحيح من سيرة ابن هشام والروض وفيه «لقفا» بفتح اللام مقيدا في قول ابن إسحاق وفي رواية ابن هشام «لفتا» وفي ف «الفقار» . (10) كذا، وفي سيرة ابن هشام «بهما» في كل موضع. (11) من سيرة ابن هشام 2/ 9، ووقع في ف «بصف» مصحفا. (12) من سيرة ابن هشام، وفي ف «محاج» خطأ، وفي الروض «مجاج بكسر الميم وجيمين» . (13) من الروض بتقديم الجيم على الحاء، وفي ف «مرحج» خطأ. (14) من سيرة ابن هشام وفيه «قال ابن هشام: ويقال: العصوين» ، ووقع في ف «القصور» مصحفا. (15) من سيرة ابن هشام 2/ 9، وفي ف «ذاكبشة» خطأ. (16- 16) من سيرة ابن هشام، ووقع في ف «أخز الجراجر» مصحفا. (17) من سيرة ابن هشام. ووقع في ف «عوا» مصحفا، وله ذكر في معجم البلدان في «بطن أعداء» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 138 ثم مدلجة تعهن «1» ثم العبابيد «2» ثم الفاجة «3» ثم العرج «4» ثم بطن العائر «5» ثم بطن ريم، ثم رحلوا من بطن ريم «6» ونزلوا بعض حرار المدينة؛ وذلك يوم الاثنين لاثنتي «7» عشرة ليلة مضت من شهر ربيع الأول، وبعثوا رجلا من أهل البادية يؤذن بهم الأنصار، فجاء البدوي وآذن بهم الأنصار، وصعد رجل من اليهود على أطم من آطامهم لأمر ينظر «8» إليه، فنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مبيضين؟ فلم يملك اليهودي أن قال «9» بأعلى صوته: يا معشر العرب! هذا جدكم الذي تنتظرون «9» ! فثار المسلمون إلى السلاح فتلقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بظهر الحرة وهم «10» خمسمائة رجل من الأنصار، فتلقى «11» الناس والعواتق فوق الأجاجير «12» ، والصبيان والولائد يقولون: طلع البدر علينا ... من ثنيات «13» الوداع   (1) من سيرة ابن هشام والروض، وفيه: «مدلجة تعهن- بكسر التاء والهاء والتاء فيه أصلية، وبتعهن صخرة يقال لها أم عفي عرفت بامرأة كانت تسكن هناك فمر بها النبي صلى الله عليه وسلم واستسقاها فلم تسقه فدعا عليها فمسخت صخرة فهي تلك الصخرة فيما يذكرون» ، ووقع في ف «معمر» مصحفا. (2) من سيرة ابن هشام، وفي الروض «العبابيد كأنه جمع عباد، وقال ابن هشام: هي العبابيب كأنه جمع عباب» وفي الأصل «العنابد» كذا. (3) في ف «الفاحة» خطأ، وفي الروض «بفاء وجيم» وقال ابن هشام «هي القاحة- بالقاف والحاء» . (4) من سيرة ابن هشام. وفي ف «الفرج» بالفاء خطأ. (5) من سيرة ابن هشام وفيه «فسلك بهما ثنية العائر عن يمين ركوبة ويقال ثنية الغائر» . (6) في ف «ريع» كذا. (7) من الروض، وفي ف «لاثنى» كذا. (8) في ف «ننظر» . (9- 9) وفي سيرة ابن هشام «فصرخ بأعلى صوته يا بني قيلة هذا جدكم قد جاء» . (10) في ف «هما» والصواب ما أثبتناه. (11) من مجمع بحار الأنوار، وفي ف «وحزم» . (12) في ف «لا تجار» خطأ، والتصحيح من مجمع بحار الأنوار وفيه «ومنه حديث الهجرة: فتلقى الناس النبي صلى الله عليه وسلم في السوق وعلى الأجاجير والأناجير يعني السطوح» . (13) من الخصائص والدلائل، وفي ف «تبيان» خطأ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 139 وجب الشكر علينا ... ما دعا لله داع «1» وأخذت الحبشة يلعبون بحرابهم «2» لقدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم فرحا بذلك. ذكر قدوم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة أخبرنا أبو خليفة ثنا عبد الله بن رجاء أنا إسرائيل عن أبي إسحاق قال سمعت البراء يقول: اشترى أبو بكر من عازب رحلا بثلاثة عشر درهما فقال أبو بكر لعازب مر «3» البراء: فليحمله إلى أهلي، فقال له عازب: لا حتى تحدثني كيف صنعت أنت ورسول الله صلى الله عليه وسلم حين خرجتما من «4» مكة والمشركون «5» يطلبونكم؟ فقال: ارتحلنا من مكة- فذكر حديث الرحل، وقال: حتى أتينا المدينة فتنازعوا أيهم ينزل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني أنزل الليلة على بني النجار وأخوال عبد المطلب أكرمهم بذلك، فخرج الناس حين قدمنا المدينة في الطرق وعلى البيوت، والغلمان والخدم يقولون: جاء محمد! جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم! فلما أصبح انطلق فنزل حيث أمر. قال أبو حاتم: لما أمسى رسول الله صلى الله عليه وسلم الليل عدل بهم فنزل على بني «6» النجار أخوال عبد المطلب، لأن أم عبد المطلب سلمى بنت عمرو كانت من بني «7» عدي بن «7» النجار، فلما أصبح صلى الله عليه وسلم نزل «8» حمزة بن عبد المطلب وعلي بن أبي   (1) تمامه بهامش الخصائص 1/ 190: أيها المبعوث فينا ... جئت بالأمر المطاع (2) في الأصل «بجراتهم» . (3) في ف «من» خطأ. (4) في ف «بن» خطأ. (5) في ف «المشركين» . (6) زيد في السيرة «عدي بن» . (7- 7) من السيرة، وفي ف «عبد» . (8) زيد في الأصل «و» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 140 طالب وأبو مرثد وابنه مرثد وأبو كبشة وزيد بن حارثة على كلثوم بن الهدم «1» العمري أخي «2» بني عمرو بن عوف، ونزل أبو بكر الصديق وطلحة بن عبيد الله وصهيب بن سنان على خبيب «3» بن إساف، ونزل عمر وزيد ابنا الخطاب وعمر وعبد الله ابنا سراقة وعبد الله بن حذافة وواقد بن عبد الله، وخولى «4» بن أبي خولى وعياش بن ربيعة «5» وخالد وعاقل وإياس بن «6» البكير على رفاعة بن عبد المنذر، ونزل عبيدة والطفيل والحصين بنو الحرب ومسطح بن أثاثة وسويبط «7» مولى أبي سعد وكليب ابن عمير وخباب بن الأرت على عبد الله بن سلعة العجلاني، ونزلت زينب بنت جحش وجدامة بنت جندل وأم قيس بنت محصن «8» ، وأم حبيبة «9» بنت نباتة «10» وأمية بنت رقيش وأم حبيبة بنت جحش وأم سخبرة بنت نعيم على سعد بن خيثمة؛ وعشّى رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمون وأقام أبو بكر للناس وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم صامتا يسلمون «11» ، وأقام «12» رسول الله صلى الله عليه وسلم في بني عوف بقباء يوم [الاثنين و] «13» الثلاثاء والأربعاء والخميس، وأسس المسجد بقباء وصلى فيه تلك الأيام، فلما كان يوم   (1) من سيرة ابن هشام والروض، ووقع في ف «المهدير» مصحفا. (2) من الطبري 2/ 249 والروض وسيرة ابن هشام، ووقع في ف «في» مصحفا. (3) من السيرة 2/ 10، وفي ف «حبيب» . (4) من الاستيعاب 1/ 162 وفيه «خولى بن أبي خولى العجلي هكذا قال ابن هشام ونسبه إلى عجل بن لجيم، وهو حليف بني عدي بن كعب؛ واسم أبي خولي عمرو بن زهير» وفي ف «دولي» خطأ. (5) كذا، وفي الإصابة «عياش بن أبي ربيعة ... » . (6) من الاستيعاب 1/ 48 وفيه: إياس بن البكير الليثي (البدري الأحدي) . (7) له ترجمة في الاستيعاب 2/ 583 وفيه «سويبط بن سعد بن حرملة» . (8) في ف «محض» خطأ- ولها ترجمة في الاستيعاب 2/ 78. (9) راجع لترجمتها الإصابة 8/ 222، وفيه «أم حبيب» مكان «أم حبيبة» . (10) من الإصابة، وفي الأصل «بنانه» . (11) كذا، ولعله «وهم يسلمون عليه» . (12) من الكامل والسيرة، وفي ف: قام. (13) من الكامل والسيرة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 141 الجمعة خرج على ناقته القصوى يوم الجمعة يريد المدينة، واجتمع عليه الناس فأدركته الصلاة في بني سالم بن عوف، فكانت أول جمعة «1» جمعها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة، ثم جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمر بدور الأنصار فيدعونه للنزول ويعرضون عليه المؤاساة فيجزيهم النبي صلى الله عليه وسلم خيرا حتى مر على بني سالم، فقام عتبان بن مالك في أصحاب له فقالوا له: يا رسول الله! أقم في «2» العدد والعدة والمنعة «2» ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «خلوا سبيل الناقة فإنها مأمورة، ثم مر ببني ساعدة اعترضه «3» سعد بن عبادة وأبو دجانة «4» والمنذر بن [عمرو] «5» وداود «6» راودوه «7» على النزول، فقال: خلوا سبيلها فإنها مأمورة، ثم مر ببني بياضة فاعترضه فروة بن عمرو وزياد ابن لبيد وراودوه على النزول، فقال: خلوا سبيلها فإنها مأمورة؛ ثم مر على بني عدي بن النجار فقال أبو سليط بن أبي خارجة: عندنا يا رسول الله! فنحن أخوالك- وذكروا رحمهم، فقال: خلوا سبيلها فإنها مأمورة؛ وأقبلت الناقة حتى انتهت به إلى مربد التمر وهو يومئذ لغلامين يتيمين من بني النجار «8» «9» في حجر أسعد بن زرارة «9» اسمهما سهل وسهيل ابنا رافع بن أبي عمرو «10» وكان المسلمون بنوا مسجدا يصلون فيه وهو موضع مسجده اليوم، فلما انتهت به الناقة إلى المسجد بركت، فنزل عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: هذا إن شاء الله المنزل! وجاء أبو أيوب   (1) وفي سيرة ابن هشام» فأدركت رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمعة في بني سالم بن عوف فصلاها في المسجد الذي في بطن الوادي «وادي رانوناء» . (2- 2) من سيرة ابن هشام والروض 2/ 11، ووقع في ف «العز والعدد والعرة» مصحفا. (3) من السيرة 1/ 11، وفي ف «فاعترضوا» كذا. (4) اسمه «سماك بن خرشة «راجع الإصابة 7/ 57. (5) من الإصابة وسيرة ابن هشام، وله ترجمة في الإصابة 7/ 39. (6) الأنصاري المازني، قيل: اسمه عمرو، راجع الإصابة 7/ 57. (7) وقع في ف «أو روه» مصحفا. (8) في ف «النجارة» خطأ. (9- 9) كذا في ف، وفي سيرة ابن هشام «وهما في حجر معاذ بن عفراء» . (10) في سيرة ابن هشام «سهل وسهيل ابني عمرو» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 142 الأنصاري خالد بن زيد بن كليب فأخذ برحله وجاء أسعد بن زرارة فأخذ بزمام راحلته، ثم سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المربد، فقال معاذ بن عفراء: هو لغلامين يتيمين وانا مرضيهما عنه «1» ، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الغلامين فساومهما بالمربد ليتخذه مسجدا، فقالا: بل نهبه لك، فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقبل منهما هبة حتى ابتاعه منهما، فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من المسجد قالوا: يا رسول الله، المرء مع موضع رحله، فنزل على أبي [أيوب] «2» الأنصاري ومنزله في بني غنم بن النجار، ثم أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون في بناء المسجد، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينقل معهم اللبن: هذا «3» الحمال لا حمال «3» خيبر ... هذا أبر [ربنا] «4» وأطهر اللهم إن الخير خير الآخرة ... فاغفر للأنصار والمهاجرة وكان عمار بن ياسر جعدا قصيرا وكان ينقل اللبن وقد أغبر صدره فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا ابن سمية «5» ! تقتلك الفئة الباغية وقدم طلق «6» بن «7» علي [على] «8» رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يعين المسلمين في بناء المسجد. فكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: قربوا الطين من اليمامى «9» فإنه من أحسنكم به مسكا «10» ، ومات أسعد بن   (1- 1) في سيرة ابن هشام «وسأرضيهما منه» وفي الكامل لابن الأثير: وسأرضيهما من ثمنه. (2) زيد من سيرة ابن هشام وسقط من ف. (3- 3) من طبقات ابن سعد 2/ 2، وفي ف «الجمال لا جمال» بالجيم. (4) زيد من الطبقات. (5) وقع في ف «سهيه» ، خطأ. (6) وهو رجل من بني حنيفة من أهل اليمامة- راجع وفاء الوفاء 1/ 238. (7) من وفاء الوفاء: وفي ف «لبن» خطأ- (8) زيد من وفاء الوفاء. (9) في ف «اليماني» والتصحيح من وفاء الوفاء. (10) من وفاء الوفاء، وفي ف «مسا» كذا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 143 زرارة والمسجد يبنى «1» ، أخذته الشهقة «2» ، ودفن بالبقيع، وهو أول من دفن بالبقيع من المسلمين فكان النبي صلى الله عليه وسلم نازلا على أبي أيوب حتى فرغ من المسجد وبنى له فيه مسكن، فانتقل رسول الله صلى الله عليه وسلم حين فرغ من المسجد ومسكنه إليه، ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة «3» وأبا رافع «3» إلى «4» مكة ليقفل «5» سودة بنت زمعة زوجته «6» وبناته، وبعث أبو بكر الصديق عبد الله بن أريقط إلى عبد الله بن أبي بكر أن يقدم بأهله، فلما قدم ابن أريقط على عبد الله بن أبي بكر خرج عبد الله بعيال أبي بكر: عائشة وعبد الرحمن وأم رومان أم عائشة «7» وكان البراء بن معرور مات في صفر قبل قدوم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة بشهر وأوصى عند موته أن يوجه إذا وضع في قبره إلى الكعبة ففعل به ذلك، فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة صلى على قبره، وولد مسلمة بن مخلد «8» ؛ وكان آخر الأنصار إسلاما بنو واقف وبنو أمية وبنو وائل، وكانت الأنصار كل واحد منهم يهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة تيسا، وكانت أم سليم «9» لم يكن لها ما تهدي فأتت «10» بابنها أنس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا   (1) في ف «يبنا» كذا. (2) والشهقة: كالصيحة، يقال شهق فلان وشهيق وشهقة فمات والشهيق: الأنين الشديد المرتفع جدا (لسان العرب) وفي سيرة ابن هشام والروض «هلك في تلك الأشهر أبو أمامة أسعد بن زرارة والمسجد يبنى أخذته الذبحة أو الشهقة» . (3- 3) من الإصابة 7/ 65 والطبري 2/ 1263 وفي ف «أبار بن نافع» كذا، وفي الإصابة 8/ 232 في ترجمة أم رومان: فلما استقر بعث زيد بن حارثة وبعث معه أبا رافع. (4) في ف «من» خطأ. (5) في ف «ليفقال» خطأ. (6) من الطبري، وفي ف «زوجت» خطأ. (7) زيد في ف «وعبد الرحمن وأم روحان» خطأ. (8) له ترجمة في الإصابة: 6/ 97 وفيها: «وأخرج أبو نعيم أيضا من طريق وكيع عن موسى بن علي عن أبيه عن مسلمة بن مخلد قال: ولدت حين قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وقبض النبي صلى الله عليه وسلم وأنا ابن عشر سنين» . (9) لها ترجمة في الإصابة 8/ 242. (10) في ف «فأنت» خطأ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 144 رسول الله! ابني هذا يخدمك وليس عندي ما أهديه، فادع الله له، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم! أكثر ماله وولده. ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم دار أنس بن مالك وكان أنس «1» له عشر سنين «2» حيث قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، فكانت أمهاته يحثثنه، فلما دخل داره حلب له من داجن وشاب له لبنها «3» بماء يسير «3» في الدار، وأبو بكر عن شماله وأعرابي عن يمينه، فناوله رسول الله صلى الله عليه وسلم الأعرابي وقال: الأيمن فالأيمن «4» ، وكانت الصلاة ركعتين ركعتين فرآهم رسول الله صلى الله عليه وسلم متنفلين «5» فقال: «يا أيها الناس! قبلوا فريضة الله» ، فأقرت صلاة المسافر وزيد في صلاة المقيم «6» وذلك «7» لاثنتي عشرة «7» ليلة من شهر ربيع الآخر بعد قدومه عليه السلام المدينة بشهر. ووعك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وعكا شديدا، فدخلت عائشة على أبي بكر وهو يقول: كل امرىء مصبح في أهله ... والموت أقرب «8» من شراك نعله ثم دخلت على عامر بن فهيرة وهو يقول:   (1) له ترجمة في الإصابة 1/ 71 وفيها «صح عنه أنه قال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وأنا ابن عشر سنين وأن أمه أم سليم» . (2) التصحيح من الإصابة، ووقع في ف «بنين» . (3- 3) في ف «بما يسر» والتصحيح من صحيح البخاري 2/ 840. (4) وقع في ف «بالأيمن» مصحفا، والتصحيح من الصحيح. (5) في ف «منتقلون» كذا. (6) وفي الطبري «وفي هذه السنة زيد في صلاة الحضر فيما قيل ركعتان، وكانت صلاة الحضر والسفر ركعتين. وذلك بعد مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة بشهر في ربيع الآخر لمضي اثنتي عشرة ليلة» . (7- 7) من الطبري، وفي ف «لاثني عشر» كذا. (8) كذا، وفي السيرة «أدنى» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 145 كل امرىء مدافع «1» بطوقه ... الثور «2» يحمي «3» جلده بروقه «4» فدخلت على بلال وهو يقول: ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة ... بواد «5» وحولي إذخر وجليل وهل أردن [يوما] «6» مياه مجنة ... وهل يبدون لي «7» شامة وطفيل «8» وكان بلال يقول: اللهم العن عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وأبا سفيان بن حرب وأبا جهل بن هشام كما أخرجونا من مكة، فأخبرت عائشة النبي صلى الله عليه وسلم بما رأت من وعكهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم! حبب إلينا المدينة كما حببت إلينا مكة، وبارك لنا فيها كما باركت لنا في مكة، وبارك في صاعها ومدها وانقل وباءها إلى مهيعة وهي الجحفة. ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد وقد حمى «9» الناس وهم يصلون قعودا «10» ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم، فختم الناس الصلاة قياما، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: «اللهم اجعل بالمدينة ضعفي ما بمكة من البركة! ثم أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يؤاخي بين المهاجرين والأنصار في شهر رمضان، فدخل المسجد فجعل يقول: أين فلان بن فلان؟ فلم يزل يعدهم ويبعث إليهم حتى   (1) في السيرة «مجاهد» . (2) من السيرة، وفي ف «التور» خطأ. (3) من الروض والسيرة 2/ 53، وفي ف «يحيى» كذا. (4) زاد في السيرة بيتا قبله: « لقد وجدت الموت قبل ذوقه ... إن الجبان حتفه من فوقه» . (5) كذا في ف، وفي السيرة «بفنج» . (6) زيد من السيرة. (7) من السيرة، وفي ف «بي» . (8) من السيرة، ووقع في ف «صقيل» مصحفا؛ قال ابن هشام: شامة وطفيل جبلان بمكة. (9) في السيرة «حمى» . (10) في ف «فقعد» والتصحيح من السيرة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 146 اجتمعوا عنده، فقال: إني أحدثكم بحديث فاحفظوه وحدثوا من بعدكم إن الله اصطفى من خلقه خلقا- ثم تلا هذه الآية اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ «1» ، خلقا يدخلهم الجنة، وإني مصطف «2» منكم من أحب أن أصطفيه، ومؤاخ «3» بينكم كما آخى الله بين الملائكة، قم يا أبا بكر! فقام فجيء بين يديه، فقال: إن لك عندي يدا الله يجزيك بها، ولو كنت متخذا خليلا لا تخذتك خليلا، وأنت عندي بمنزلة قميصي في جسدي- وحرك قميصه، ثم قال: ادن «4» يا عمر! فدنا فقال: لقد كنت شديد الثغب «5» علينا يا أبا حفص فدعوت الله أن يعز «6» الدين بك أو بأبي جهل، ففعل الله ذلك «7» بك وكنت أحبهما «8» إلى الله، فأنت معي ثالث ثلاثة من هذه الأمة! ثم تنحى وآخى بينه وبين أبي بكر؛ ودعا عثمان بن عفان فقال: ادن يا عثمان! ادن يا أبا عمرو، فلم يزل يدنو «9» حتى ألزق «10» ركبته بركبته «11» ، ثم نظر إلى السماء فقال: سبحان الله العظيم! ثم نظر إلى عثمان فإذا إزاره محلولة «12» فزرها عليه «12» ثم قال: اجمع لي عطفي ردائك على نحرك، فإن لك شأنا عند أهل السماء، أنت ممن يرد علي الحوض [و] «13» أوداجه تشخب   (1) سورة 22 آية 75. (2) من الدر المنثور، وفي ف «مصطفى» . (3) من الدر المنثور، وفي ف «مواخى» . (4) في ف «إذن» خطأ. (5) من الدر المنثور، ووقع في ف «الشخب» مصحفا. (6) من الدر المنثور، وفي ف «يقر» . (7) في ف «فلك» تصحيف. (8) من الدر المنثور، وفي الأصل «أحبها» خطأ. (9) في الأصل: يدن- كذا. (10) في الدر المنثور «ألصق» . (11) في الدر المنثور «بركبة رسول الله صلى الله عليه وسلم» . (12- 12) في الأصل «فذدر عليه» كذا، والتصحيح من الدر المنثور وفيه «فزرها رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده» . (13) زيد من الدر المنثور. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 147 دما «1» ؛ ثم دعا عبد الرحمن بن عوف فقال: ادن «2» يا أمين الله «3» ! يسلط «4» الله على مالك بالحق، أما! إن لك [عندي] «5» دعوة قد أخرتها، فقال: «6» خرلي «6» ، فقال «7» : أكثر الله مالك «8» ! ثم تنحى وآخى بينه وبين عثمان» . ثم دعا «9» طلحة والزبير فقال: ادنوا «10» مني، فدنوا «11» منه، فقال: «أنتما حواري كحواري عيسى ابن مريم! ثم آخى بينهما» . ثم دعا سعد بن أبي وقاص وعمار بن ياسر فقال: «يا عمار! تقتلك الفئة الباغية، ثم آخى بينهما» . ثم دعا عميرا «12» أبا الدرداء وسلمان الفارسي فقال: «يا سلمان! أنت منا أهل البيت، وقد آتاك الله العلم الأول والعلم الآخر «13» ، ثم قال: ألا أنشدك «14» يا أبا الدرداء! قال: بأبي أنت وأمي «15» ! بلى، قال: إن تنقدهم فينقدوك «16» ، وإن   (1) زيد بعده في الدر المنثور «فأقول» : من فعل هذا بك؟ فتقول: فلان، وذلك كلام جبريل وذلك إذ هتف من السماء: ألا إن عثمان أمير على كل خاذل» . (2) من الدر المنثور، وفي ف «إيذن» . (3) زيد في الدر المنثور «والأمين في السماء» . (4) التصحيح من الدر المنثور، وفي ف «فسلوا» خطأ. (5) زيد من الدر المنثور. (6- 6) من الدر المنثور، وفي ف «أخرني» . (7) زيد في الدر المنثور «حملتني يا عبد الرحمن أمانة» . (8) زيد في الدر المنثور «وجعل يحرك يده» . (9) في الدر المنثور «دخل» . (10) من الدر المنثور، وفي ف «ادن» خطأ. (11) من الدر المنثور، وفي ف «فدنيا» . (12) في ف «مير» وليس في الدر المنثور. (13) زيد في الدر المنثور «والكتاب الأول والكتاب الآخر» . (14) التصحيح من الدر المنثور، وفي الأصل «أبشرك» خطأ. (15) زيد في الدر المنثور «يا رسول الله» . (16) من الدر المنثور، وفي الأصل «فينقدوهم» خطأ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 148 تتركهم لا يتركوك «1» ، فأقرضهم «2» عرضك «3» ليوم فقرك، واعلم أن الجزاء أمامك، ثم آخى بينهما؛ ثم نظر في وجوه أصحابه فقال: ابشروا وقروا عينا، فأنتم أول من يرد علي الحوض، وأنتم في أعلى الغرف؛ ونظر إلى عبد الله «4» بن عمر فقال: الحمد لله الذي يهدي من الضلالة من أحب» . فقال علي بن أبي طالب: يا رسول الله! ذهب روحي فانقطع ظهري حين رأيتك فعلت بأصحابك ما فعلت، فإن كان من سخطة «5» عليّ فلك العتبي والكرامة! قال: والذي بعثني بالحق! ما أخرتك إلا لنفسي، وأنت مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي، وأنت أخي ووارثي قال: يا رسول الله! ما أرث منك؟ قال: ما ورثت الأنبياء قبلي، قال: وما ورثت الأنبياء قبلك؟ قال: كتاب الله و «6» سنة نبيهم «6» ، وأنت معي في قصري في الجنة مع فاطمة ابنتي «7» ، ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ «8» . ومات الوليد بن المغيرة بمكة وأبو أحيحة «9» بالطائف، بلغ المسلمين «10» نعيهما؛ وولد عبد الله بن الزبير في شوال، فكبر المسلمون وكانوا يخافون أن يكون اليهود سحرت نساءهم، وكان أول مولود ولد من المهاجرين بالمدينة، وهنىء به أبو بكر والزبير، ولم ترضعه أسماء بنت أبي بكر حتى أتت به النبي صلى الله عليه وسلم، فأخذه   (1) من الدر المنثور، وفي الأصل «لا يتركون» وزيد بعد في الدر المنثور إن تهرب منهم يدركون» . (2) من الدر المنثور، وفي الأصل «فأقرصهم» . (3) من الدر المنثور، وفي الأصل «عرضا» . (4) من الدر المنثور، وفي الأصل «الرحمن» . (5) في الدر المنثور «سخط» . (6- 6) من الدر المنثور، وفي الأصل «بينه» خطأ. (7) زيد في الدر المنثور «وأنت أخي ورفيقي» . (8) سورة 15 آية 47. (9) من الطبري والكامل لابن الأثير 2/ 85، وفي الأصل «أبو ححة» كذا. (10) في ف «المسلمون» كذا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 149 ووضعه في حجره فحنكه بتمرة، فكان أول شيء دخل بطنه ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم سماه عبد الله. ثم عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم اللواء لعبيدة بن الحارث بن عبد المطلب بن عبد مناف على ستين من المهاجرين وليس فيهم من الأنصار أحد، هي أول راية عقدها «1» بالمدينة، وبعثه إلى بطن رابغ «2» ، فبلغ ثنية المرة «3» بالقرب من الجحفة، فالتقوا على «4» ماء يقال له أحياء «5» ، وأمير السرية «6» أبو سفيان بن حرب في مائتين من المشركين، فلم يكن بينهم إلا الرمي بالرمي «7» ، ثم انحاز المسلمون على رامية، وانحاز «8» من المشركين إلى المسلمين المقداد بن عمرو بن الأسود وقد قيل «9» : عتبة بن غزوان، ثم انصرفوا من غير أن يسلوا السيوف، وقد قيل: إن المشركين أميرهم كان مكرز بن حفص بن الأخيف «10» ، وكان حامل اللواء لعبيدة بن الحارث مسطح بن أثاثة. ثم عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم اللواء لحمزة بن عبد المطلب في ثلاثين راكبا كلهم من المهاجرين، بعثه إلى ساحل البحر من قبل العيص من أرض الجهينة ليتعرض   (1) وقال ابن الأثير «وقال بعضهم: كان لواء أبي عبيدة أول لواء عقده وإنما اشتبه ذلك لقرب بعضها ببعض» . (2) من معجم البلدان، وفي الأصل «رافع» . (3) من معجم البلدان، وفي الأصل «المر» . (4) من معجم البلدان، وفي ف «عمل» كذا. (5) في معجم البلدان «الأحياء جمع حي، من أحياء العرب، أوحى ضد الميت، قال ابن إسحاق: غزا عبيدة بن الحارث بن المطلب الأحياء، وهو ماء أسفل من ثنية المرة ... » . (6) في ف «السيرية» خطأ. (7) في الكامل 2/ 52 «فكان بينهم الرمي دون المسايفة» . (8) قال ابن الأثير في الكامل «وكان المقداد بن عمرو وعتبة بن غزوان مسلمين وهما بمكة، فخرجا مع المشركين يتوصلان بذلك، فلما لقيهم المسلمون انحازا إليهم» . (9) وقع في المطبوع «قتل» خطأ. (10) من الكامل، وفي ف «الأحنف» خطأ، ضبطه ابن الأثير بالخاء المعجمة والياء المثناة من تحتها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 150 لعير «1» قريش، فلقي أبا جهل بن هشام في ثلاثمائة راكب من أهل مكة، فحجز بينهم مجدي بن عمرو الجهني وكان حليفا للفريقين، فانصرف الفريقان من غير قتال «2» ، وكان حامل لواء حمزة يومئذ أبو مرثد. ثم بنى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعائشة وهي بنت تسع على رأس ثمانية أشهر من هجرته وذلك في شوال، وكان تزوج بها بمكة قبل الهجرة بثلاث سنين وهي ابنة ست، فأهديت إلى النبي صلى الله عليه وسلم «3» ومعه البهاء، ولم يزوج من النساء بكرا غيرها. ثم عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم اللواء لسعد بن أبي وقاص في عشرين رجلا يريد العير في ذي القعدة، فخرجوا على أقدامهم فكانوا يكفون بالنهار ويسيرون بالليل حتى أصبحوا لحرار صبح خامسة وقد سبقهم العير قبل ذلك بيوم فانصرفوا، وكان حامل اللواء يومئذ لسعد «4» المقداد بن عمرو. وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو قيس بن الأسلت «5» فعرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم الإسلام، فقال: ما أحسن ما تدعو إليه! انظر في أمري ثم أعود إليك، فلقيه عبد الله بن أبي فقال: كرهت والله حرب الخزرج! فقال أبو قيس: لا أسلم سنة «6» ، فمات في ذي الحجة «7» . السنة الثانية من الهجرة حدثنا عبد الله بن محمد بن المدايني «8» ثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي ثنا عبد   (1) في ف «لغير» خطأ. (2) وقع في ف «فقال» مصحفا. (3) زيد في الطبري «لتسع سنين» . (4) في ف «يسعد» خطأ. (5) من الكامل، وفي ف «الأشلت» . (6) من الكامل وزيد فيه «إلى» قبل «سنة» وفي ف «ست» خطأ. (7) في الكامل «ذي القعدة» . (8) في ف «المدائن» كذا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 151 الرزاق ثنا معمر عن أيوب عن سعيد بن جبير عن أبيه عن ابن عباس قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد اليهود يصومون عاشوراء فقال لهم: ما هذا؟ قالوا: يوم عظيم! نجّى الله فيه موسى وأغرق فرعون فيه وقومه، فصامه موسى شكرا لله تعالى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنا أولى بموسى وأحق بصيامه منكم، فصامه وأمر بصيامه» . قال «1» : وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم اليهود يصومون يوم عاشوراء في أول قدومه المدينة وهو أول السنة الثانية من الهجرة، فسألهم فأخبروه أن الله نجّى موسى في ذلك اليوم وأغرق آل فرعون فصامه موسى شكرا لله، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بصيامه وقال: أنا أولى بموسى، فصامه (صلى الله عليه وسلم) والمسلمون. ثم زوّج «2» رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنته فاطمة عليا في صفر، وقال له: «أعطها شيئا» ، فقال: ما عندي يا رسول الله شيء، قال: «فأين درعك الحطمية «3» ؟ فبعث إليها بدرعه» . وقد روي في تزويجها أخبار فيها طول تؤدي إلى مسلك القصّاص فتنكبت عن ذكرها لعلمي «4» بعدم صحتها من جهة النقل. ثم غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة الأبواء، وهي أول غزوة غزاها بنفسه، وبين الأبواء وودان ستة أميال، خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في المهاجرين ليس فيهم أنصاري، وذلك في شهر ربيع الأول على رأس سنة من مقدمه «5» المدينة، واستخلف سعد بن عبادة بن دليم «6» وكان حامل لوائه حمزة بن عبد المطلب، وكانت غيبته «7» خمس عشرة «7»   (1) أي أبو حاتم. (2) في الأصل «تزوج» . (3) في محيط المحيط «الحطميات دروع تنسب إلى حطمة بن محارب كان يعمل الدروع» . (4) في ف «لعملي» كذا. (5) في ف «مقدمة» خطأ. (6) من الإصابة من ترجمته، وفي الأصل «دلهم» . (7- 7) في ف «خمسة عشر» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 152 ليلة، ثم رجع [إلى] «1» المدينة ولم يلق كيدا، والأبواء جبل «2» ، [وودان] «3» والأبواء بينهما الطريق، كلاهما ورد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي «4» هذه الغزاة «4» وادع رسول الله صلى الله عليه وسلم مخشي «5» بن عمرو «6» الضمري «7» . ثم غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مائتين من أصحابه إلى ناحية رضوى «8» يريد عير قريش فيها أمية بن خلف. واستخلف على المدينة سعد بن معاذ، وكان يحمل لواءه سعد بن أبي وقاص، ثم رجع [إلى] المدينة، ولم يلق كيدا. ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سعد بن أبي وقاص في سبعة نفر أو ثمانية حتى انتهى إلى الخرار «9» من أرض الحجاز، ثم رجع ولم يلق كيدا «10» . وكان سرح في المدينة   (1) الزيادة من السيرة. (2) في الأصل «بجرا» مصحف، وفي معجم البلدان: والأبواء قرية من أعمال الفرع من المدينة، بينها وبين الجحفة مما يلي المدينة ثلاثة وعشرون ميلا، وقيل: الأبواء جبل على يمين آرة ويمين الطريق المصعد إلى مكة من المدينة وهناك بلد ينسب إلى هذا الجبل. (3) من البدء والتاريخ 4/ 182. (4- 4) من السيرة، وفي الأصل «هذا القراة» كذا. (5) من سيرة ابن هشام والطبري 2/ 1266 والروض 2/ 54، وفي ف «مجدي» خطأ. ولمجدي بن عمرو ابن الجهني ذكر في سرية حمزة رضي الله عنه إلى سيف البحر. (6) زيد في ف «و» خطأ. (7) من سيرة ابن هشام، وفي ف «الضبي» كذا. (8) زيد في سيرة ابن هشام وهامش الطبري «في شهر ربيع الأول» ، وفي متنه «ربيع الآخر» كذا. (9) من سيرة ابن هشام، وفي ف «الحرار» خطأ، وفي معجم البلدان: وهو موضع بالحجاز، يقال: هو قرب الجحفة، وقيل: واد من أودية المدينة، وقيل: ماء بالمدينة، وقيل: موضع بخيبر، وفي حديث السرايا: قال ابن إسحاق: وفي سنة إحدى- وقيل: سنة ثنتين- بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سعد وأبي وقاص في ثمانية رهط من المهاجرين فخرج حتى بلغ الخرار من أرض الحجاز ثم رجع ولم يلق كيدا، اهـ. (10) في الطبري 2/ 1265 «عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص إلى الخرار لواء أبيض يحمله المقداد ابن عمرو في ذي القعدة» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 153 يرعى في الحمى فاستاقه كرز بن جابر الفهري، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في إثره في المهاجرين، وكان حامل لوائه علي بن أبي طالب. واستخلف على المدينة زيد بن حارثة، وطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بلغ بدرا «1» ، فلم يلحقه و «2» فاته كرز «3» فرجع «4» [إلى] «5» المدينة، وهذه الغزوة تسمى غزوة بدر الأولى. ثم ولد النعمان بن بشير في جمادى الأولى، فحملته أمه عمرة بنت رواحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحنكه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أول مولود من الأنصار ولد بعد قدوم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة. ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في رجب عبد الله بن جحش في اثني عشر «6» نفسا من المهاجرين ليس فيهم أنصاري، وكتب له كتابا وقال: أمسك كتابك فإذا سرت «7» يومين فانشره فانظر ما فيه، ثم امض. وخرج مع عبد الله بن جحش أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة حليف بني عدي بن كعب، وسعد بن أبي وقاص، وسهيل «8» بن بيضاء، وعتبة بن غزوان «9» وواقد بن عبد الله التميمي حليف بني عدي بن بيضاء، وخالد بن البكير حليف بني عدي، وعكاشة بن محصن؛ فسار عبد الله بن جحش ليلتين على ما أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم فتح الكتاب فإذا فيه: سر حتى تنزل نخلة   (1) كذا، وفي السيرة: قال ابن إسحاق: حتى بلغ واديا يقال له سنوان من ناحية بدر. (2) من السيرة 2/ 58، وفي ف «فلما» . (3) في السيرة: كرز بن جابر فلم يدركه. (4) وفي السيرة: ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة فأقام بها بقية جمادى الآخرة ورجب وشعبان. (5) زيد من السيرة. (6) وفي السيرة 2/ 59 «وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن جحش بن رئاب الأسدي في رجب مقفلة من بدر الأولى وبعث معه ثمانية رهط من المهاجرين ليس فيهم من الأنصار أحد ... » . (7) في ف: «أعسرت» ، والصواب ما أثبتناه، وفي السيرة «لا ينظر فيه حتى يسير يومين ثم ينظر فيه» . (8) من السيرة، وفي ف: «سهل» خطأ. (9) من الطبري والسيرة، وفي ف: «عزوان» خطأ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 154 على اسم الله، ولا تكرهن أحدا من أصحابك «1» على السير «2» معك، وامض فيمن تبعك منهم حتى تقدم بطن نخلة فترصد بها عير قريش. فلما قرأ الكتاب قال: لست بمستكره أحدا منكم، فمن كان «3» يريد الشهادة فليمض «4» ، فإني ماض لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فمضى ومضى القوم معه حتى إذا كانوا ببحران «5» - معدن بالحجاز فوق الفرع- أضل «6» عتبة بن غزوان وسعد بن أبي وقاص بعيرا فتخلفا في طلبه، ومضى عبد الله بن جحش حتى أتى المكان الذي أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوجد عير قريش فيها عمرو بن الحضرمي والحكم بن كيسان وعثمان بن عبد الله بن المغيرة ونوفل بن عبد الله بن المغيرة، فلما رأى أصحاب العير القوم هابوهم «7» وحلزوهم، فأشرف لهم عكاشة ابن محصن وكان قد حلق رأسه، فلما رأوه قال عمار: لا بأس عليكم! وأمنوا، فاستشاروا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمرهم، «8» وكان «8» آخر يوم من رجب. فقال المسلمون: إن أخرنا عنهم هذا اليوم دخلوا الحرم فامتنعوا، وإن أصبناهم «9» أصبناهم في الشهر الحرام «10» ، فرمى واقد بن عبد الله عمرو بن الحضرمي بسهم فقتله، واستأسروا عثمان بن عبد الله بن المغيرة، والحكم بن   (1) في الأصل «أصحاب» كذا. (2) في ف: اليسر، تصحيف. (3) زيد في السيرة «منكم» . (4) وقع في الأصل «فاليضن» مصحفا، وفي السيرة «فلينطلق» . (5) في رواية ابن هشام والطبري 2/ 1267 «نأتيا بحران» . (6) من السيرة والطبري، ووقع في ف: أخل- كذا مصحفا. (7) من السيرة والطبري 2/ 1274، وفي الأصل «ما بوهم» . (8- 8) كذا، وفي الروض «وذلك في» . (9) في ف «أعلناهم» . (10) في السيرة 2/ 59 «فقال القوم: والله لئن تركتم القوم هذه الليلة ليدخلن الحرم فليمتنعن منكم ولئن قتلتموهم لتقتلنهم في الشهر الحرام. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 155 كيسان، وأعجزهم نوفل [بن عبد الله] بن المغيرة؛ واستاقوا «1» العير فقدموا بها على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوقف رسول الله صلى الله عليه وسلم العير ولم يأخذ منها شيئا وحبس «2» الأسيرين، وقال لأصحابه: ما أمرتكم بالقتال في الشهر الحرام، «3» فسقط «3» في أيدي القوم وظنوا أنهم «4» هلكوا؛ وقالت قريش: استحل بهذا الشهر الحرام، قد أصاب فيه الدم والمال، فأنزل الله فيما كان قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وما عظم في أنفس أصحابه وما جاؤوا به يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ قُلْ قِتالٌ فِيهِ- إلى قوله: أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ «5» يريد أنهم كانوا يفتنونكم في دينكم وأنتم في حرم الله حتى تكفروا بعد إيمانكم، فهذا أكبر عند الله من أن تقتلوهم في الشهر الحرام مع كفرهم وصدهم عن سبيل الله وإخراجكم منه، فلما نزل القرآن بذلك أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم العير، وأما الأسيران فإن الحكم أسلم وأقام عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قتل يوم بئر معونة شهيدا، وأما عثمان ففاداه «6» رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجعوا به مكة، ومات بها مشركا. ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ذي العشيرة «7» في المهاجرين، واستخلف على المدينة أبا سلمة بن عبد الأسد، وكان حامل لوائه حمزة «8» بن عبد المطلب حتى   (1) في الأصل «استوقوا» . (2) وقع في ف: «حلس» مصحفا، وفي الطبري وسيرة ابن هشام «فوقف العير والأسيرين» . (3- 3) في الطبري 2/ 1275 والسيرة «فلما قال ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم في أيدي القوم ... » ، وفي ف: «فاسعطوا فاسقطوا في أيديكم» . (4) زيد في الطبري السيرة: قد. (5) سورة 2 آية 217. (6) في ف «فعاداه» . (7) من سيرة ابن هشام، وفي ف «العسيرة» وفي سيرة ابن هشام والروض ويقال فيها العشيرة والعشيراء، وبالسين المهملة أيضا: العسيرة والعسيراء، أخبرني بذلك الإمام أبو بكر، وفي البخاري: إن قتادة سئل عنها فقال: العشير، ومعنى العسيرة والعسيراء أنه اسم مصغر من العسراء. (8) من الطبري 2/ 1271، وفي الأصل «حضرة» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 156 بلغ بطن ينبع، فوادع بها بني «1» مدلج «2» وحلفاءهم من بني ضمرة ثم رجع. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحب أن يوجه إلى الكعبة فقال له عمر «3» بن الخطاب: يا رسول الله! لو اتخذت مقام إبراهيم مصلى! فأنزل قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ «4» الآية، وقال السفهاء من الناس: من اليهود ما وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كانُوا عَلَيْها «5» فأنزل الله قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ «6» الآية، فصرفت القبلة إلى الكعبة في الظهر يوم الثلاثاء للنصف من شعبان؛ فكانت صلاته نحو بيت المقدس بعد قدومه المدينة سبعة عشر شهرا «7» وثلاثة أيام، فخرج رجل بعدما صلى فمر على قوم من الأنصار وهم «8» ركوع في صلاة العصر نحو بيت المقدس فقال: هو يشهد أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه قد وجه إلى الكعبة، فانحرف «9» القوم حتى توجهوا إلى الكعبة. ثم أنزل الله جل وعلا فريضة الصوم في شعبان، فلم يأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد فرض رمضان بصيام عاشوراء ولا نهاهم عنه. ثم كانت غزوة بدر خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان لاثنتي «10» عشرة ليلة خلت منه يريد   (1) من السيرة 2/ 58، وفي الأصل «بنوا» كذا. (2) من الطبري، وفي ف «مدلح» خطأ. (3) في ف «عمرو» خطأ. (4) سورة 2 آية 144. (5) سورة 2 آية 142. (6) سورة 2 آية 142. (7) في الطبري «عن ابن إسحاق قال: صرفت القبلة على رأس ثمانية عشر شهرا من مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة» . (8) من الدر المنثور 1/ 143، وفي الأصل «ومعهم» خطأ. (9) من الكامل لابن الأثير؛ وفي الأصل «فانحرفا» . (10) في الأصل «لا شيء» كذا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 157 اعتراض عير قريش ومعه المهاجرون والأنصار، وضرب بعسكره قبل أن يخرج من المدينة ببئر «1» أبي عيينة، وعرض أصحابه ورد من استصغر منهم، فكان ممن رد في ذلك اليوم من المسلمين عبد الله بن عمر «2» ورافع بن خديج والبراء بن عازب وزيد ابن ثابت وأسيد بن حضير، وكان عمير بن أبي وقاص يستر «3» في ذلك اليوم لأن لئلا يراه النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له سعد: ما لك يا أخي؟ قال: إني أخاف أن يراني النبي صلى الله عليه وسلم فيستصغرني فيردني! لعل الله أن يرزقني الشهادة؛ فرآه رسول الله صلى الله عليه وسلم فرده، فبكى بكاء شديدا «4» فأجازه «5» رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقتل ببدر شهيدا «6» . ثم رحل رسول الله صلى الله عليه وسلم من بئر أبي عيينة في ثلاثمائة وثمانية عشر رجلا، منهم أربعة وسبعون رجلا من المهاجرين وسائرهم من الأنصار، وكان لهم من الإبل سبعون بعيرا «7» يتعاقب النفر البعير الواحد «7» ، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم طلحة بن عبيد الله وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل على طريق الساحل إلى الحوران يتجسسان «8» خبر العير. ورأت عاتكة بنت عبد المطلب بمكة رؤيا أفزعتها «9» فبعثت «10» إلى العباس فقالت: يا أخي! لقد رأيت البارحة رؤيا أفظعتني فاكتم عليّ، قال: وما   (1) في الأصل «ببيرا» . (2) من الإصابة، وفي الأصل «عمرو» . (3) في الأصل «لستر» كذا، وفي الإصابة «يتوارى» . (4) في الأصل «شديد» . (5) من الإصابة، وفي الأصل «وأجازه» . (6) ووقع في الأصل «سيدا» مصحفا. (7- 7) كذا، وفي الكامل «يتعاقبون عليها البعير بين الرجلين» . (8) في الروض «وأنه حين دنا من الحجاز كان يتحسس الأخبار، والتحسس بالحاء أن تتسمع الأخبار بنفسك، والتجسس بالجيم هو أن تفحص عنها بغيرك» . (9) من السيرة، وفي الأصل «أقرعتها» كذا. (10) من السيرة، وفي الأصل «فبنت» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 158 رأيت «1» ؟ قالت: رأيت «1» راكبا أقبل على بعير حتى وقف بالأبطح ثم صرخ بأعلى صوته: ألا! انفروا يا آل غدر «2» لمصارعكم في ثلاث، فإذا الناس قد اجتمعوا إليه فدخل «3» المسجد والناس يتبعونه، فبيناهم حوله إذ مثل به بعيره على ظهر الكعبة، ثم خرج بمثلها، ثم أخذ صخرة فأرسلها، فأقبلت تهوي «4» حتى إذا كانت بأسفل الجبل أرفضت «5» ، فما بقي بيت بمكة ولا دار إلا دخلها «6» منها «7» فلقة، قال العباس: والله! إن هذه لرؤيا فاكتميها ولا تذكريها. ثم خرج العباس فلقي الوليد بن عتبة وكان له صديقا فذكرها له، فذكرها الوليد لأبيه، ففشا الحديث بمكة، فقال أبو جهل: ما يرضى بنو عبد المطلب أن يتنبأ رجالهم [حتى تتنبأ] «8» نساؤهم «9» . وكان أبو سفيان بن صخر أقبل من الشام في عير لقريش عظيمة فيها أموالهم وتجاراتهم وفيها ثلاثون- وقيل: أربعون- رجلا من قريش، منهم عمرو بن العاص ومخرمة بن نوفل الزهري. وكان أبو سفيان يتحسس «10» الأخبار ويسأل من لقي من الركبان، فأصاب خبرا من الركبان أن محمدا قد نفر في أصحابه، فحذر «11» عند ذلك «11» واستأجر   (1) من السيرة، وفي الأصل «رايتي» كذا. (2) في الروض «يا لغدرها» كذا هو بضم الغين والدال جمع غدور، أي إن تخلفتم فأنتم غدر لقومكم. (3) في ف «فدخلوا» كذا، وفي السيرة «ثم دخل» . (4) من السيرة، وفي الأصل «تهدي» كذا بالدال. (5) في الكامل «ترضضت» . (6) في الكامل «دخلتها» . (7) في ف «فيه» ، والتصحيح من السيرة. (8) زيد من السيرة. (9) من السيرة 2/ 62. ووقع في ف «تنساومهم» مصحفا. (10) في ف «ينحبس» كذا، والتصحيح من السيرة والروض 2/ 61 والتحسس- بالحاء- أن تتسمع الأخبار بنفسك، والتجسس- بالجيم- هو أن تفحص عنها بغيرك؛ وفي الحديث «لا تجسسوا ولا تحسسوا» . (11- 11) من السيرة، ووقع في ف «عنه فلك» مصحفا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 159 ضمضم بن عمرو «1» الغفاري فبعثه إلى مكة، وأمره أن يأتي قريشا فيستنفرهم «2» إلى أموالهم ويخبرهم أن محمدا قد عرض لها، «3» فدخل ضمضم في اليوم الثالث من رؤيا عاتكة مكة وهو يصرخ ببطن الوادي وقد جدع بعيره وحول رحله وشق قميصه وهو يقول: يا معشر قريش! اللطيمة! اللطيمة! قد عرض لها محمد «4» في أصحابه، لا أرى أن تدركوها «5» «6» أو لا تدركوها «6» ، الغوث! الغوث «7» ! فتجهزت قريش سراعا، إما خارج وإما باعث «8» مكانه رجلا، وخرجت تريد العير. ولما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم الصفراء «9» - بينها وبين المدينة ثلاث ليال- بعث عدي بن أبي الزغباء «10» الجهني حليف بني النجار وبسبس «11» بن عمرو الجهني حليف بني ساعدة قدامه إلى مكة، فلما نزلا الوادي أناخ إلى تل قريب من الماء، ثم أخذا «12» شنا لهما «12» يستسقيان «13» فيه، وعلى الماء إذ ذاك مجدي بن عمرو الجهني، فسمع عدي وبسبس جاريتين من جواري جهينة وهما يتلازمان فقالت الملزومة لصاحبتها: إنما يأتي العير غدا أو بعد [غد] «14» فأعمل لهم وأقضيك «15»   (1) من السيرة، وفي ف «عمر» خطأ. (2) من السيرة، وفي ف «فيستفرهم» خطأ. (3) زيد بعده في السيرة والروض «وكان لاط له بأربعة آلاف درهم، لاط له- أي أربى له» . (4) في ف «محمدا» خطأ. (5) من السيرة، وفي ف «تركوها» . (6- 6) ليس في السيرة. (7) من السيرة، وفي ف «الفوت الفوت» خطأ. (8) من السيرة، وفي ف «مباعث» كذا. (9) التصحيح من السيرة 2/ 64، وفي الأصل «السفر» خطأ. (10) من السيرة والروض، وفي ف «الرغبا» خطأ. (11) من السيرة والروض، وفي ف «بسيس» خطأ. (12- 12) من السيرة 2/ 65، وفي ف «شناتهما» خطأ. (13) كذا في ف، وفي السيرة «يستقيان» . (14) زيد من السيرة. (15) من السيرة، وفي ف «أفضيك» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 160 الذي علّى «1» ، فقال مجدي: صدقت، وخلص بينهما؛ فلما سمع بذلك عدي وبسبس «2» ركبا راحلتيهما ثم انطلقا حتى أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبراه «3» ، وأقبل أبو سفيان «4» وقد تقدم العير حتى ورد الماء حذرا «5» من الذي كان يخافة، فقال لمجدي بن عمرو: وهل أحسست «6» أحدا؟ فقال: والله! ما رأيت أحدا إلا أني رأيت راكبين [قد أناخا] «7» إلى هذا التل، فأتى أبو سفيان مناخهما فأخذ من أبعار بعيريهما «8» ففته فإذا فيه النوى، فقال: هذه والله علائف «9» يثرب! فرجع وضرب وجوه عيره فساحل بها «10» وترك بدرا يسارا وانطلق حتى أسرع. وأقبلت قريش فلما نزلوا الجحفة رأى جهيم «11» بن الصلت بن مخرمة رؤيا فقال: أنا بين النائم واليقظان رأيت رجلا قد أقبل على فرس له حتى وقف ثم قال: قتل عتبة بن ربيعة وشيبة [بن] «7» ربيعة وأبو الحكم بن «12» هشام وأمية بن خلف- وفلان وفلان، ثم ضرب في لبة بعيره وأرسله في العسكر، فما بقي خباء «13» من أخبية «14» العسكر إلا أصابه «15» من دمه، فبلغ أبا جهل رؤياه فقال: هذا   (1) كذا في ف، وفي السيرة «لك» . (2) من السيرة والروض، وفي ف «بسيس» خطأ. (3) زيد في السيرة «بما سمعا» . (4) من السيرة، ووقع في ف «أبو سنان» مصحفا. (5) من السيرة، ووقع في الأصل «جدار» مصحفا. (6) من السيرة، وفي ف «أحسنت» خطأ. (7) زيد ما بين الحاجزين من السيرة، وفي ف بياض. (8) من السيرة، وفي ف «بعيرهما» . (9) من السيرة، وفي ف «عاليف» كذا. (10) أي أتى بها الساحل. (11) من السيرة، وفي ف «جهم» . (12) من السيرة، وفي ف «من» خطأ. (13) من السيرة، وفي ف «جنا» خطأ. (14) في الأصل «أخبيت» كذا. (15) زيد في السيرة «نضح» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 161 نبي «1» آخر من بني المطلب، سيعلم غدا من المقتول إن نحن التقينا! فلما رأى أبو سفيان أنه قد أحرز عيره «2» أرسل إلى قريش، قال: إنكم خرجتم «3» لتمنعوا عيركم «3» وأموالكم وقد نجاهما الله فارجعوا، فقال أبو جهل: والله لا نرجع حتى نرد بدرا! - وكان بدر «4» موسما من مواسم العرب يجتمع لهم بها سوق- فنقيم «5» عليه ثلاثا وننحر «6» الجزور ونطعم «7» الطعام، ونسقي «8» الخمر وتعزف «9» علينا القيان «10» ، فتسمع «11» بنا العرب وبمسيرنا «12» وجمعنا؛ ثم رحلت قريش حتى نزلت العدوة القصوى من بدر. ولما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم عرق الظبية «13» دون بدر استشار الناس فقال: أشيروا علي أيها الناس! فقام أبو بكر فقال وأحسن، ثم قام عمر فقال مثل ذلك، ثم قام «14» المقداد بن الأسود «15» فقال: يا رسول الله! امض بنا «16» لأمر الله «16» فنحن   (1) من السيرة، وفي ف «بني» كذا. (2) في ف «عره» خطأ، والتصحيح من السيرة. (3- 3) من السيرة، ووقع في ف «ليمنوا يمركم» مصحفا. (4) في ف «بدرا» كذا. (5) من السيرة، وفي في «فيقيم» . (6) وقع في ف «تنحر» مصحفا» ، والتصحيح من السيرة. (7) من السيرة، وفي ف «يطعم» . (8) من السيرة، وفي ف «يسقي» . (9) من السيرة، وفي ف «يعرف» خطأ. (10) من السيرة، وفي ف «القينان» . (11) في السيرة «تسمع» ، وفي ف «فسمع» . (12) من السيرة، وفي ف «غيرها» . (13) من السيرة، وفي ف «الصبية» خطأ. (14) من السيرة، وفي ف «قال» خطأ. (15) هكذا في ف، وفي السيرة «عمرو» ولمقداد بن الأسود ترجمة في الإصابة 6/ 133 وهو ابن عمرو ابن ثعلبة. (16- 16) في السيرة «لما أراك الله» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 162 معك، والله لا نقول لك مثل ما قالت بنو إسرائيل لموسى فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ «1» . ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون، والذي بعثك بالحق! لو سرت بنا إلى «2» برك الغماد «2» لجالدنا معك من دونه حتى تنتهي «3» إليه «4» رسول الله «4» ! فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرا ودعا له بخير. ثم قال: أشيروا عليّ أيها الناس! وإنما يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم الأنصار، وذلك أنهم كانوا عدد الناس «5» ، فقال سعد بن معاذ: كأنك «6» يا رسول الله إنما تريدنا! قال: أجل، فقال سعد: قد آمنا بك وصدقناك، وشهدنا بما جئت به أنه الحق، وأعطيناك مواثيقنا وعهودنا على السمع والطاعة، فامض بنا يا نبي الله لما أردت فنحن معك، والذي بعثك لو! استعرضت «7» هذا البحر وخضت بنا لخضناه معك ما بقي منا رجل، وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدا، إنا لصبر «8» عند «9» الحرب، صدق «10» عند «9» اللقاء، لعل الله يريك منا بعض ما تقر به عينك! فسر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ركب ورجل «11» من أصحابه قدام الجيش «12» ، ومضى حتى وقف على   (1) سورة 5 آية 24. (2- 2) بفتح الباء وكسرها وضم الغين وكسرها، وهي موضع باليمن- مجمع بحار الأنوار. (3) في الأصل «سهى» كذا، وفي السيرة «تبلغه» . (4- 4) ليست في السيرة. (5) وزاد في السيرة 2/ 64 «وإنهم حين بايعوه بالعقبة قالوا: يا رسول الله! إنا برآء من ذمامك حتى تصل إلى دورنا، فإذا وصلت إلينا فأنت في ذمتنا، نمنعك مما نمنع منه أبناءنا ونساءنا، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخوف أن لا تكون الأنصار ترى عليها نصره إلا ممن دهمه بالمدينة من عدوه، وأن ليس عليهم أن يسير بهم إلى عدو من بلادهم، فلما قال ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ... إلخ» . (6) من السيرة، وفي ف «إنك» . (7) زيد في السيرة «بنا» . (8) من السيرة، وفي ف «لنصبر» . (9) في السيرة «في» . (10) في ف «صدقا» والتصحيح من السيرة. (11) زيد في السيرة «الرجل هو أبو بكر الصديق» . (12) في ف «الجيس» خطأ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 163 شيخ «1» [قريبا] «2» من بدر فقال له: أيها الشيخ! ما بلغك عن محمد وأصحابه؟ فقال: ما أنا مخبرك «3» حتى تخبرني من أنت! قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا أخبرتنا «4» أخبرناك من نحن» ، فقال الشيخ: «5» أذاك بذاك «5» ؟ قال: «نعم» ، فقال الشيخ: بلغني أن محمدا وأصحابه خرجوا يوم كذا وكذا، فإن يكن الذي أخبرني صدقني فهم اليوم بكذا وكذا- بالمنزل الذي «6» كان فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وبلغني أن قريشا خرجوا يوم كذا وكذا، فإن يكن الذي أخبرني صدقني فهم اليوم بكذا وكذا- بالمنزل الذي «6» هم فيه، ثم قال: ممن «7» أنت؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نحن من ماء» «8» ؛ ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه. وأصاب علي بن أبي طالب والزبير بن العوام وسعد بن أبي وقاص راوية «9» لقريش وفيها «10» غلام لبني العاص وغلام لمنبه بن الحجاج، فأتوا بهما «11» رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يصلي، فقالوا لهما «12» : من أنتما؟ فقالا: نحن سقاة قريش، بعثونا «13» لنسقي لهم «13» الماء، فكره «14» القوم خبر قريش ورجوا أن يكونا «15» لأبي سفيان، فقالوا   (1) زيد في السيرة: قال ابن هشام ويقال الشيخ سفيان الضمري. (2) زيد من السيرة. (3) في ف «يخبرك» كذا. (4) من السيرة، وفي ف «أخبرتني» . (5- 5) من السيرة 2/ 65، ووقع في ف «فداك يراك» مصحفا. (6- 6) تكررت في ف. (7) من السيرة، وفي ف «من» . (8) من السيرة، وقد سقط من ف. (9) من السيرة، وفي ف «رواية» خطأ. (10) من السيرة، وفي ف بياض. (11) من السيرة، وفي الأصل «بها» . (12) في ف «لهما» كذا. (13- 13) في السيرة «نسقيهم» . (14) من السيرة، وفي ف «تكره» . (15) في ف «يكون» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 164 لهما «1» : من أنتما؟ ألا لأبي سفيان؟ فأنكرا فضربوهما، فلما آذوهما «2» قالا: نحن لأبي سفيان، فأمسكوا عنهما؛ فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلاته وأقبل عليهم فقال: إذا صدقاكم ضربتموهما وإذا كذباكم تركتموهما «3» ! والله إنهما «4» لقريش! ثم دعاهما فقال: لمن أنتما؟ فأخبراه، ثم قال: أين قريش؟ قالا «5» : خلف هذا الكثيب «6» الذي ترى بالعدوة القصوى من الوادي «7» ، قال: وكم هم؟ قالا: هم كثير، قال: ما عددهم؟ قالا: ما ندري، قال: فكم تنحر في اليوم؟ قالا: يوما عشرا ويوما تسعا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هم بين التسعمائة إلى الألف، ثم قال لهما «8» : فمن فيهم من أشراف قريش؟» فسميا عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة في رجال من قريش، وكان الذي ينحر «9» لقريش تسعة رهط من بني هاشم: العباس بن عبد المطلب، ومن بني عبد شمس: عتبة بن ربيعة، ومن بني نوفل: الحارث بن عامر ابن نوفل وطعيمة «10» بن عدي بن نوفل، ومن بني عبد الدار: النضر بن الحارث، ومن بني أسد: حكيم بن حزام، ومن بني مخزوم: أبو جهل بن هشام، ومن بني جمح: أمية بن خلف، ومن بني سهم: منبه بن الحجاج، ومن بني عامر بن لؤي: سهيل بن عمرو. ثم أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين فقال: «هذه مكة قد ألقت إليكم أفلاذ   (1) في ف «لها» كذا. (2) في السيرة «أذلقوهما» . (3) من السيرة، وفي ف: «نزلتموهما» خطأ؛ وزاد ابن هشام «صدقا» . (4) من السيرة، وفي ف «إن هذه» خطأ. (5) من السيرة، وفي ف «قال» . (6) من السيرة، وفي ف «الكتيب» خطأ. (7) وزاد ابن هشام «خلف العقنقل وبطن الوادي وهو يليل بين بدر وبين العقنقل الكثيب الذي خلفه قريش» . (8) في ف «بهما» خطأ. (9) في السيرة «يتحر» كذا. (10) من السيرة، وفي ف «طعمة» خطأ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 165 كبدها، وبعث [الله] «1» السماء فأصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين «2» ماء لبدلهم «2» الأرض، وأصاب قريشا ماء لم يقدروا أن يرتحلوا معه» . ثم رحل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمسلمين وقال لهم: «سيروا على بركة الله، فإنه «3» قد وعدني إحدى الطائفتين، فكأني أنظر إلى مصارع القوم، ثم مضى «4» يبادر قريشا إلى الماء حتى إذا «5» [جاء] «1» أدنى من ماء بدر نزل به» ، فقال حباب «6» بن المنذر ابن الجموح أحد بني سلمة: يا رسول الله! أرأيت هذا المنزل؟ أمنزل «7» أنزلكه «8» الله «9» ليس لنا «9» أن نتقدمه «10» ولا نتأخر عنه أم هو الرأي والحرب والمكيدة؟ قال: بل هو الحرب والرأي والمكيدة، قال: فإن هذا ليس لك بمنزل، فانهض «11» حتى نأتي «12» أدنى قليب «13» القوم فنزله «14» ثم نغور «15» ما سواه «16» من القلب «17» ثم نبني «18»   (1) زيد من السيرة. (2- 2) من السيرة، وفي ف «بالبر» خطأ. (3) في ف «فان» . (4) في ف «مضاء» . (5) من السيرة، وفي ف «إذ» . (6) من السيرة، وفي ف «جناب» خطأ. (7) في السيرة «منزلا» . (8) من السيرة، وفي ف «أنزلكم» كذا. (9- 9) من السيرة، وفي ف «نزلنا» . (10) من السيرة، وفي ف «تقدمه» . (11) زيد في السيرة «بالناس» . (12) من السيرة، وفي ف «تأتي» . (13) في السيرة «ماء من» . (14) من السيرة، وفي ف «فتنزله» . (15) من السيرة، ووقع في ف «نعود» مصحفا. (16) في السيرة «وراءه» . (17) من السيرة، وفي ف «القليب» . (18) زيد بعده في السيرة «عليه» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 166 حوضا فنملأه «1» [ثم] «2» نقاتل القوم فنشرب ولا يشربون، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قد أشرت بالرأي؛ ثم نهض رسول الله صلى الله عليه وسلم «3» وسار حتى [إذا أتى] «2» أدنى ماء من القوم نزل «4» وبنى حوضا على القليب و «5» قذفوا فيه الآنية «6» ، «7» ثم أمر بالقلب «7» فغورت» «8» ؛ فقال سعد بن معاذ: يا نبي الله! [ألا] «2» نبني لك عريشا تكون فيه ونعد عندك ركائبك ثم نلقى عدونا، فإن أعزنا الله وأظهرنا على عدونا كان «9» ذلك ما أحببنا «9» ، وإن كان علينا يا نبي الله جلست على ركائبك فلحقت بمن وراءنا من قومنا فقد تخلف عنك «10» أقوام وما نحن بأشد حبا لك منهم، ولو ظنوا أنك تلقى «11» حربا ما تخلفوا عنك، يمنعك الله بهم يناصحونك ويجاهدون معك، «12» فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بخير «12» ، وبنى له عريش «13» فقعد فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر، وارتحلت قريش حين أصبحت، فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «اللهم! هذه قريش قد أقبلنا بخيلائها «14» وفخرها، تحادك «15» وتكذب رسلك، اللهم! فنصرك   (1) زيد في السيرة «ماء» . (2) زيد من السيرة. (3) زيد في السيرة «ومن معه من الناس» . (4) زيد في السيرة «عليه» . (5) زيد في السيرة «الذي نزل عليه فملىء ماء ثم» . (6) من السيرة، وفي ف «الأبنية» خطأ. (7- 7) من السيرة وفي ف «وأما إلى القليب الآخر» . (8) العبارة من «ثم أمر» إلى هنا قدمت في ف على «وبنى حوضا» . (9- 9) من السيرة، وفي ف «ولك ما أحينا» كذا. (10) من السيرة، وفي ف «عندك» . (11) هكذا في السيرة، وفي ف: «تلقاءا» كذا. (12- 12) في السيرة 2/ 66 «فأثنى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرا ودعا له بخير» . (13) من السيرة، وفي ف «عريشا. (14) من السيرة، وفي ف «بخيلها» . (15) من السيرة، وفي ف «تجادل» خطأ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 167 الذي وعدتني! فاحنهم «1» الغداة» . ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم عتبة بن ربيعة «2» على جمل له أحمر فقال: «إن يك «3» في أحد من القوم خير ففي «4» صاحب الجمل الأحمر، إن يطيعوه يرشد» ؛ فلما نزلت قريش أقبل نفر منهم حتى أقبلوا حوض رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم حكيم بن حزام، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: [دعوهم] «5» بما شرب رجل منهم شربة إلا قتل غير حكيم بن حزام. فلما اطمأنت قريش بعثوا عمير بن وهب الجمحي [فقالوا] «5» احزر «6» لنا محمدا وأصحابه، فاستحال عمير بن وهب بفرس «7» حول العسكر، ثم رجع إليهم فقال: ثلاثمائة رجل يزيدون قليلا أو ينقصون قليلا، ولكن امهلوني حتى أنظر هل لهم من كمين أو مدد «8» ، فضرب [في] «5» الوادي حتى أبعد فلم ير شيئا، فرجع إليهم «9» فقال: ما رأيت شيئا ولكني رأيت يا معشر قريش البلايا تحمل المنايا، نواضح «10» بثرب تحمل الموت الناقع «11» ، قوم ليس لهم «12» منعة ولا ملجأ إلا سيوفهم، والله! ما أرى أن يقتل رجل منهم حتى يقتل رجلا منا، فإذا أصابوا منكم أعدادهم فما خير العيش «13» بعد ذلك فروا «14» رأيكم، فلما سمع بذلك حكيم بن   (1) هكذا في السيرة أي أهلكهم، وفي ف «فاجنهم» خطأ. (2) زيد في السيرة «في القوم» . (3) في ف «بك» كذا، وفي السيرة «يكن» . (4) في السيرة: فعند. (5) زيد من السيرة. (6) التصحيح من السيرة، وفي ف «أحور» مصحف. (7) في السيرة «بفرسه» . (8) من السيرة، وفي ف «مرد» خطأ. (9) من السيرة، وفي الأصل «إليه» . (10) من السيرة، وفي الأصل «فواضع» خطأ. (11) يقال سم ناقع: بالغ قاتل ثابت. (12) في السيرة «معهم» . (13) من السيرة، وفي ف «ليس» خطأ. (14) من السيرة، وفي ف «فرأوا» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 168 حزام مشي في الناس حتى أتى عتبة بن ربيعة فقال: يا أبا الوليد! أنت كبير قريش وسيدها والمطاع فيها! فهل لك أن «1» لا تزال تذكر «1» بخير آخر الدهر! قال: وما ذاك يا حكيم؟ قال: ترجع بالناس وتحمل أمر حليفك «2» ، قال: قد فعلت أنت على بذلك، إنما هو حليفي فعليّ عقله- يعني عمرو بن الحضرمي- وما أصيب من ماله، ولكن أنت ابن الحنظلية «3» ، فإني لا أخشى «7» على الناس «4» غيره- يعني أبا جهل، ثم قام عتبة فقال: يا معشر قريش! إنكم والله ما «5» تصنعون بأن «5» تلقوا محمدا وأصحابه، والله! لئن أصبتموه لا يزال الرجل ينظر في وجه الرجل يكره «6» النظر إليه، قتل «7» ابن عمه أو «8» ابن خاله أو رجلا من عشيرته «9» ، فارجعوا «10» وخلوا بينه وبين محمد وسائر العرب «10» ، فإن أصابوه فذلك الذي أردتم، وإن كان غير ذلك [ألقاكم ولم] «11» تعرضوا «12» منه ما تريدون؛ فجاء حكيم بن حزام أبا جهل فوجده قد نثل «13» درعا له من جرابها وهو يهنئها «14» فقال: يا أبا الحكم! إن عتبة   (1- 1) من السيرة، وفي ف «لا نزال نذكر» . (2) زيد في السيرة «عمرو بن الحضرمي» . (3) من السيرة، وفي ف «الحنظلة» خطأ، قال ابن هشام: والحنظلية أم أبي جهل وهي أسماء بنت مخربة. (4- 4) كذا في ف، وفي السيرة «أن يشجر أمر الناس» . (5- 5) من السيرة، وفي ف «تمنعوني أن» . (6) زيد في ف «و» ولم تكن الزيادة في السيرة فحذفناها. (7) من السيرة، وفي ف «قيل» خطأ. (8) من السيرة، وفي ف «و» . (9) من السيرة، وفي ف «عتبة» كذا. (10- 10) كذا، وفي السيرة «خلوا بين محمد وبين سائر العرب» . (11) من السيرة، وفي ف بياض. (12) من السيرة، وفي «وأقدموا» خطأ. (13) من السيرة أي نزعها وألقاها، ووقع في ف «تشل» مصحفا. (14) من السيرة، وفي الأصل «يهويها» وقال ابن هشام «يهيئها» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 169 أرسلني إليك بذلك بكذا وكذا، فقال أبو جهل: انتفخ والله سحره «1» حين رأى محمدا «1» وأصحابه، كلا والله لا نرجع حتى يحكم الله بيننا وبين محمد! ثم قال أبو جهل: اللهم! اقطعنا «2» الرحم وأتانا بما «2» لا نعرف «3» فاحنه الغداة «3» ! ثم بعث إلى عامر بن الحضرمي فقال: هذا حليفك عتبة يريد «4» أن يرجع «5» بالناس وقد رأيت ثأرك «6» بعينك، والله ما ذلك بعتبة ولكنه قد عرف أن ابنه فيهم وأن محمدا وأصحابه إنما هم أكلة جزور وقد رأيتم ثأركم «7» فقم فانثل «8» مقتل أخيك، فقام عامر بن الحضرمي «9» ثم صرخ: واعمراه! واعمراه «9» ! فحميت الحرب «10» وحمى الناس «11» واستوثقوا فأفسد «11» على الناس الرأي الذي دعاهم إليه عتبة، فلما بلغ عتبة قول أبي جهل قال: سيعلم المصفر إسته من انتفخ سحره! ثم التمس عتبة بيضة ليدخلها رأسه، فما وجد في الجيش بيضة تسعه من عظم هامته، فلما رأى ذلك اعتم «12» على رأسه بعمامة له، وخرج الأسود بن عبد الأسد المخزومي وكان رجلا شرسا «13» فقال: أعاهد الله لأشربن من حوضهم أو «14» لأهدمنه أو لأموتن دونه! فلما خرج   (1- 1) من السيرة، ووقع في ف «حتى رما» مصحفا. (2- 2) من السيرة، ووقع في ف «للرحم وأنايما» مصحفا. (3- 3) من السيرة، ووقع في ف «فأحبه الغراة» مصحفا. (4) في ف: يرايد- كذا. (5) من السيرة، وفي ف: نرجع. (6) من السيرة، وفي ف: تارك- خطأ. (7) في ف: تاركم. (8) من السيرة، وزاد بعده: حفرتك، وفي ف: فافشر. (9- 9) من السيرة، ووقع في ف: سرح بأعمّ وعمراه- مصحفا. (10) من السيرة، وفي ف: العرب- خطأ، وزيد بعده في السيرة: وحقب أمر الناس. (11- 11) من السيرة، وفي ف: واستوسقوا وانفسد- مصحف. (12) كذا في ف، وفي السيرة: اعتجر ببرد. (13) من السيرة، وفي ف: شرها، وزيد بعده في السيرة سيء الخلق. (14) من السيرة، وفي الأصل: و. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 170 يريد الحوض خرج إليه حمزة بن عبد المطلب، فلما التقيا «1» ضربه حمزة فأطنّ «2» قدميه بنصف ساقه وهو دون الحوض فخبا «3» إلى الحوض فاقتحم فيه واتبعه حمزة بضربة أخرى فقتله في الحوض. ثم خرج بعده عتبة بن ربيعة بين أخيه شيبة «4» بن ربيعة وابنه الوليد بن عتبة، فلما دنا إلى الصف دعا إلى البراز «5» ، فخرج إليه فتية ثلاثة «6» من الأنصار: عوف ومعوذ ابنا «7» الحارث- وأمهما «8» عفراء- وابن رواحة، فسألهم فقالوا: «9» رهط من الأنصار «9» ، فقال عتبة: أكفاء كرام، ما لنا بكم حاجة، إنما نريد قومنا، ثم نادى مناديهم: يا محمد! اخرج إلينا أكفاءنا من قومنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم « [قم] «10» يا حمزة بن عبد المطلب! قم «11» يا علي بن أبي طالب! قم «11» يا عبيدة بن الحارث! وكان أسن القوم [فبارز] «10» عتبة بن ربيعة [وبارز حمزة شيبة بن ربيعة] «10» وبارز علي بن أبي طالب الوليد بن عتبة» . فأما حمزة فلم يمهل شيبة أن قتله، ولم يمهل عليّ الوليد أن قتله، واختلف عبيدة وعتبة بينهما ضربتان، كلاهما أثبت «12» صاحبه، وكر «13» حمزة وعلي [على] «10»   (1) من السيرة، وفي ف: التقا- خطأ. (2) من السيرة، وأطن الساق: قطعه، وفي الأصل: طرح- كذا. (3) من السيرة، أي دنا، وفي الأصل: فجاء. (4) من السيرة، ووقع في ف: شئت- مصحفا. (5) في السيرة: المبارزة. (6) من السيرة، ووقع في ف: ثلاثين- مصحفا. (7) من السيرة، وفي ف: بن. (8) في ف: أمها- خطأ. (9- 9) من السيرة، وفي ف: أو لبسوا أنفسهم، ولعله: وانتسبوا أنفسهم. (10) زيد من السيرة 2/ 67، وفيها «أمر أصحابه أن» . (11) التصحيح من السيرة، ووقع في الأصل: ثم. (12) في ف: أثيب- خطأ. (13) في ف: ذكر- خطأ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 171 عتبة واحتملا صاحبهما فحازاه «1» إلى أصحابه ثم تزاحف «2» الناس ودنا بعضهم من بعض، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم « [لأصحابه أن] «3» لا تحملوا «4» حتى آمركم، وهو في العريش مع أبي «5» بكر، ليس في العريش معه غيره، وهو يناشد الله ما وعده من النصر ويقول فيما يقول: [اللهم] «3» «6» إن تهلك «6» هذه العصابة «7» اليوم لا تعبد «7» » ، وأبو بكر يقول: يا رسول الله! أقصر من مناشدتك الله، فإن الله موفيك «8» بما «9» وعدك، وشجع الله المسلمين على لقاء عدوهم وقللهم في أعينهم حتى طمعوا فيهم، وخفق رسول الله خفقة وهو في العريش ثم انتبه ثم قال: ابشر يا أبا بكر! هذا جبريل معتجر بعمامة «10» يقول: أتاك نصر الله وعونه، فبعث الله الملائكة «11» مسومين، فكان أبو أسيد مالك بن ربيعة [شهد بدرا قال] «12» بعد أن ذهب بصره: لو «13» كنت معكم ببدر «14» الآن «15» ومعي بصري لأريتكم «16» الشعب الذي خرجت منه الملائكة! لا أشك ولا أمتري «17» ؛ ولم تقاتل الملائكة في غزاة إلا   (1) من السيرة 2/ 68، ووقع في ف: وجاء به- مصحفا. (2) من السيرة، وفي الأصل: ترداف. (3) زيد من السيرة 2/ 67، وفيها «أمر أصحابه أن» . (4) من السيرة، وفي ف: لا تحتملوا. (5) في الأصل: أبو. (6- 6) من السيرة، ووقع في ف: أين نهلك- مصحفا. (7- 7) من السيرة، ووقع في ف: اللهم لا بعد- مصحفا. (8) في السيرة: منجز. (9) في ف: مما، وفي السيرة: ما. (10) من السيرة، وفي ف: معمحر- كذا. (11) وقع في ف: الملا ... - كذا. (12) من السيرة 2/ 67. (13) زيد في ف «و» ولم تكن الزيادة في السيرة فحذفناها. (14) من السيرة، وفي ف: ببد- كذا. (15) كذا في ف، وفي السيرة: اليوم. (16) في ف؛ لا رايتكم. (17) في السيرة: تماراى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 172 ببدر، وإنما كانت تنصر وتعين، وكانت عليهم عمائم بيض قد أرسلوها في ظهورهم. ثم أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم حفنة من الحصى «1» بيده وخرج من العريش فاستقبل القوم وقال: شاهت الوجوه! ثم نفخهم «2» بها ثم قال: «والذي نفسي بيده! لا يقاتلهم رجل اليوم فيقتل صابرا محتسبا مقبلا غير مدبر إلا أدخله الله الجنة» ! فقال عمير بن الحمام «3» أحد بني سلمة وفي يده تمرات «4» : يا رسول الله! أرأيت إن قاتلت حتى قتلت مقبلا غير مدبر ما لي؟ قال: لك الجنة، فألقي التمرات من يده وتقدم فقاتل حتى قتل. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: احملوا، ومن لقي «5» العباس منكم فليدعنه «6» ، فإنه أخرج مستكرها «7» ، فقال أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة: أنقتل «8» آباءنا وأبناءنا وإخواننا ونترك العباس! والله لئن لقيته لألجمنه «9» السيف! فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله فقال لعمر: «يا أبا حفص! أيضرب وجه عم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسيف» ؟ فقال عمر: دعني أضرب عنقه يا رسول الله! والله لقد نافق! فكان أبو حذيفة بعد ذلك يقول: ما أنا [بآمن] «10» من تلك الكلمة التي قلت، ولا أزال منها خائفا إلا «11» أن تكفرها «11» عني الشهادة- فقتل يوم اليمامة شهيدا. وكان العباس قد   (1) في السيرة: الحصباء. (2) كذا في ف، وفي السيرة والطبري: نفحهم. (3) من السيرة، وفي: الهمام، وله ترجمة في الإصابة 5/ 31 فراجعه. (4) في ف: ثمرات- خطأ. (5) من السيرة، وفي ف: القا. (6) في ف: فليكد عنه- كذا، وفي السيرة: فلا يقتله. (7) من السيرة، وفي ف: مستنكزها- كذا. (8) في ف: أتقتل- خطأ. (9) وفي رواية من السيرة: لألحمنه. (10) زيد من السيرة. (11- 11) من السيرة 2/ 70، وفي ف: تكفوها- كذا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 173 أسلم بمكة ولكنه كان خاف قومه فيكتم إسلامه فحمل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على المشركين فلم يكن إلا الهزيمة، فقتل الله من قتل من صناديد قريش وأسر من أسر منهم، فلما وضع «1» القوم أيديهم يأسرون «2» رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجه سعد بن معاذ الكراهة، فقال له صلى الله عليه وسلم: «والله يا سعد! لكأنك تكره ما يصنع الناس» ! فقال: أجل يا رسول الله صلى الله عليه وسلم! قال: «كانت هذه أول وقعة أوقعها الله بأهل الشرك، فكان الإثخان في القتل أعجب إلي من استبقاء «3» الرجال؛ وكان ذلك يوم الجمعة لسبع عشرة ليلة مضت من شهر رمضان، والمسلمون ثلاثمائة وثلاثة عشر نفسا، منهم أربعة وسبعون رجلا من قريش والمهاجرين، وسائرهم من الأنصار، والمشركون تسعمائة وخمسون «4» مقاتلا، فقتل من المسلمين في ذلك اليوم من قريش ستة أنفس: من بني المطلب عبيدة بن الحارث بن المطلب، ومن بني زهرة بن كلاب: عمير بن أبي وقاص أخو سعد و «5» ذو الشمالين «5» ابن عبد عمرو بن نضلة حليف لهم من خزاعة، ومن بني عدي بن كعب: عاقل بن البكير حليف لهم من بني سعد بن ليث ومهجع «6» مولى عمر، ومن بني الحارث بن فهر: صفوان «7» بن بيضاء. وقتل من الأنصار من بني عمرو بن عوف: سعد بن خيثمة ومبشر «8» بن عبد المنذر. ومن بني الحارث بن الخزرج: يزيد «9» بن الحارث وهو الذي يقال له   (1) من السيرة، وفي ف: وقع. (2) من السيرة، وفي ف: يوسرون. (3) زيد في ف: على، ولم تكن الزيادة في السيرة فحذفناها. (4) في الأصل: خمسين- كذا. (5- 5) من السيرة، وفي ف: ذا لشمالين، راجع لترجمته الإصابة 2/ 176. (6) من السيرة، ووقع في ف: معهم- مصحفا؛ وله ترجمة في الإصابة 6/ 144. (7) من السيرة 2/ 101، وفي ف: عفران- كذا. (8) من السيرة، وفي ف: ميسرة- خطأ. (9) من السيرة، وفي ف: زيد- مصحف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 174 «1» ابن فسحم «1» . ومن بني سلمة: عمير بن الحمام. «2» ومن بني حبيب بن عبد الحارثة بن مالك بن غضب بن جشم: رافع بن المعلى «2» . ومن بني النجار: حارثة ابن سراقة بن الحارث. [ومن بني غنم بن مالك بن النجار: عوف] «3» ومعوذ [ابنا الحارث بن رفاعة بن سواد وهما] «4» ابنا عفراء. فجميع من استشهد من بني «5» قريش والأنصار أربعة عشر رجلا. وقتل علي بن أبي طالب في ذلك اليوم الوليد بن عتبة بن ربيعة، وقتل طعيمة ابن عدي بن نوفل «6» أخا طعمة «6» ، فلما علاه بالسنة «7» قال: والله! لا تخلصنا في الله بعد اليوم أبدا؛ وشارك حمزة في قتل عتبة بن ربيعة، وقتل عامر بن عبد الله الأنماري حليف بني عبد شمس، وقتل النضر بن الحارث بن كلدة أحد بني عبد مناف، وقتل العاص بن سعيد بن العاص بن أمية، وقتل عمر بن الخطاب خاله العاص بن هشام بن المغيرة. فجميع من قتل من المشركين في ذلك اليوم أربعة وسبعون رجلا وأسر مثل ذلك. ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يلتمس أبو جهل «8» فسمع معاذ بن عمرو بن   (1- 1) من السيرة، وفي ف: مسحم- خطأ. (2- 2) من السيرة، وفي ف: ومن بني عصم بن حيثم بن الخزرج رافع بن المعلى ومن بني حبيب بن عبد بن حارثة بن ملك- كذا. (3) العبارة المحجوزة زيدت من السيرة، وفي ف: ومعاذ- مكان: عوف. (4) زيد من السيرة. (5) كذا في ف، وليس في السيرة. (6- 6) كذا في ف، وليس في السيرة. (7) في ف: بالسبة- كذا. (8) في ف: أبا جهل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 175 الجموح وهو يطلبه جماعة من المشركين يقولون: أبا «1» الحكم! لا «2» يصلون إليك «3» ، فلما سمعها علم أنه أبو جهل، جعله من شأنه وقصد «4» نحوه، فلما أمكن منه حمل عليه وضربه ضربة فقطع قدمه بنصف ساقه، وكان عكرمة بن أبي جهل ابنه معه فحمل على معاذ، فضربه ضربة على عاتقه طرح يده فتعلقت بجلدة «5» من جنبه وترك أبا جهل، وأجهضه «6» القتال فقاتل عامة يومه وإنه يسحب «7» يده خلفه «8» بجلدة منه، فلما آذته وضع عليها قدمه حتى طرحها؛ وعاش بعدها بلا يد حتى كان زمن عثمان. ومر معوذ بن عفراء بأبي جهل وهو مطروح فضربه حتى أثر «9» فيه وتركه وبه رمق. ثم مر عبد الله بن مسعود فوجده بآخر رمق فعرفه فوضع رجله على عاتقه «10» ثم قال: أخزاك الله «11» «12» يا عدو «12» الله! قال: وبماذا أخزاني «13» هل إلا «13» رجل قتلتموه! أخبرني لمن الدائرة [اليوم] «14» ؟ فقال ابن مسعود: لله ولرسوله، ولما رآه أبو جهل قد وطي عنقه «15» قال له: لقد ارتقيت يا رويعى الغنم مرتقى صعبا! فاحتز   (1) في السيرة 2/ 71: أبو. (2) في الأصل: ألا- كذا. (3) كذا في ف، وفي السيرة: لا يخلص إليه، وفي الكامل: لا يخلص إلى أبي الحكم. (4) وقع في ف: قصر- مصحفا، وفي سيرة ابن هشام: فصمدت. (5) في الأصل «بجلده» . (6) من السيرة، وفي ف «أكهضه» خطأ. (7) من السيرة، وفي ف «سيصحب» خطأ. (8) في ف «حلفه» خطأ. (9) في السيرة 2/ 72 «أثبته» . (10) في السيرة «عنقه» . (11) زيد في الأصل «لك» ولم تكن الزيادة في السيرة فحذفناها. (12- 12) من السيرة، وفي ف «لعدو» خطأ. (13- 13) في السيرة والكامل «أعمد من» . (14) زيد من الكامل والسيرة. (15) في ف «عتقه» خطأ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 176 عبد الله رأسه ثم جاء به فقال: يا رسول الله! هذا رأس عدو الله أبي جهل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «آلله الذي لا إله غيره» ؟ فقال ابن مسعود: نعم، والله الذي لا إله غيره! فحمد الله رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك: وكان عبد الرحمن بن عوف صديقا لأمية ابن خلف بمكة: أرغبت عن اسم سماك أبوك؟ فيقول: نعم، فيقول أمية: فإني لا أعرف الرحمن «1» ، فاجعل بيني وبينك [شيئا] «2» أدعوك [به] «2» ، أما أنت فلا تجيبني باسمك الأول وأما أنا فلا أدعوك بما لا أعرف، فقال له عبد الرحمن: قل ما شئت، قال: فأنت عبد الإله، فكان يسميه بمكة عبد الإله، فمر به عبد الرحمن بن عوف في المعركة وهو واقف ومعه ابنه، ومع عبد أدرع يحملها، فلما رآه أمية بن خلف قال: عبد عمرو! فلم يجبه عبد الرحمن، قال: يا عبد الإله! فقال: نعم، فقال: أنا خير لك من هذه الأدرع التي معك، فقال عبد الرحمن: «3» نعم والله «3» «4» هو الله «4» إذا «5» ! فطرح عبد الرحمن الأدرع وأخذ بيده ويد ابنه، فقال له أمية بن خلف: يا عبد الإله! من الرجل منكم «6» المعلم بريشة نعامة في صدره؟ قال: ذلك حمزة بن عبد المطلب، فقال: ذلك «7» الذي فعل بنا الأفاعيل، فبينما عبد الرحمن يقودهما «8» إذ رآهما بلال فقال: رأس الكفر أمية بن خلف! لا نجوت إن نجا! فقال عبد الرحمن: «9» أي بلال! أسيرى «9» ، فقال: لا نجوت إن نجا! فقال عبد الرحمن: أتسمع يا ابن السوداء قال: لا نجوت إن نجا! ثم صرخ بأعلى صوته: يا أنصار   (1) وكان اسمه عبد عمرو قبل الإسلام، فتسمى حين أسلم عبد الرحمن- كذا في الكامل والسيرة 2/ 70. (2) زيد من السيرة. (3- 3) كذا في السيرة والكامل، وفي ف «نعم الله» . (4- 4) كذا في ف، وليس في السيرة والكامل. (5) زيد في السيرة «قال» . (6) زيد في ف «و» خطأ، ولم تكن الزيادة في السيرة والكامل فحذفناها. (7) في السيرة «ذاك» . (8) في ف «يعودهما» خطأ. (9- 9) من السيرة والكامل، ووقع في ف «أبي بلال أبا سيدي» مصحفا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 177 الله! رأس الكفر أمية بن خلف! لا نجوت إن نجا! فأحاط به المسلمون وعبد الرحمن يذب «1» عنه، فخالف «2» رجل بالسيف فضرب رجل ابنه فوقع، فقال عبد الرحمن: انج بنفسك، فو الله ما أغنى عنك شيئا! فعلاهم المسلمون بأسيافهم حتى فرغوا «3» منهما، فكان عبد الرحمن يقول بعد ذلك «4» : يرحم الله بلالا «5» ! اذهب أدرعي وفجعني بأسيري. وأسر أبو اليسر كعب بن عمرو العباس بن عبد المطلب وأوثقه، فبات رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الليلة ساهرا، فقيل له «6» فقال: سمعت حنين العباس في وثاقه، فأطلق «7» من وثاقه، فقال المسلمون: يا رسول الله! عليك بالعير ليس دونها شيء، فناداه وهو أسير: لا يصلح! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « «8» ولم «8» ؟ قال: لأن الله وعدك إحدى الطائفتين وقد أعطاك ما وعدك» . ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم للمسلمين: «ما تقولون في هؤلاء الأسرى» ؟ فقال أبو بكر: يا رسول الله! قومك وأهلك «9» استبقهم واستأنهم «10» ، لعل الله أن يتوب عليهم؛ وقال عمر: كذبوك وأخرجوك قدمهم «11» قدمهم «12» فاضرب «13» أعناقهم! قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن مثلك يا أبا بكر مثل إبراهيم قال: فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي الآية، «14»   (1) في الأصل «ندب» خطأ. (2) كذا في ف، وفي السيرة «فاخلف» . (3) من السيرة 2/ 71، وفي الأصل «فزعوا» خطأ. (4) في ف «فلك» خطأ. (5) من الكامل والطبري، وفي ف «بلال» كذا. (6) وفي الكامل «فقال له أصحابه: يا رسول الله! مالك لا تنام؟» . (7) من الروض والطبري، وفي ف «فانطلق» كذا. (8- 8) من الدر المنثور 3/ 169، وفي الأصل «لمه» كذا. (9) كذا في الطبري، وفي الكامل «أصلك» كذا. (10) من الطبري، وفي ف «استبتهم» كذا؛ واستأني في الأمر وبه: تنظر وترفق، الرجل: لم يعجله. (11) من الطبري، وفي ف «فدمهم» . (12) في ف «فدمهم» كذا، وليس في الطبري. (13) في الطبري «فضرب» . (14) سورة 14 آية 36. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 178 وإن مثلك يا عمر مثل نوح قال: رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً- الآية» «1» . ثم نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أسر أم حكيم فليخل «2» سبيلها فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمنها، وكان أسرها رجل من الأنصار وكتفها بذوابتها «3» ، فلما سمع منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم ..... «4» . ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقليب فطرح فيه جيف المشركين، ثم وقف عليهم فقال! يا أهل القليب! هل وجدتم ما وعد ربكم حقا؟ فإني وجدت ما وعدني ربي حقا! فقال المسلمون: يا رسول الله! [تنادى] «5» قوما قد ماتوا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لئن كنتم تسمعونها لقد سمعوها» «6» . ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرضهم ثلاثا. وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفتح إلى أهل المدينة، فبعث عبد الله بن رواحة بشيرا إلى أهل العالية، وزيد بن حارثة إلى أهل السافلة؛ فقدم زيد المدينة والناس يسوون «7» على ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم رقية التي كانت تحت عثمان، فكان عثمان استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في التخلف عن بدر ليقيم على امرأته رقية وهي عليلة، فإذن   (1) سورة 71 آية 26. (2) في ف «فليخلي» . (3) في الأصل «بدوابتها» كذا. (4) كذا، والظاهرة أنه سقط من هنا بعض العبارة- ولأم حكيم ترجمة في الإصابة 8/ 225 وفيها «أم حكيم بنت حرام.. ذكر ابن حبيب أنها أسرت يوم بدر ثم أسلمت وبايعت- قلت: كذا ذكره ابن الأثير وقد تصحفت لفظة «بنت» من «ابن» وهي والدة حكيم بن حرام الصحابي المشهور وسيأتي ذكر قصتها في المبهمات إن شاء الله تعالى» . (5) من كتاب المغازي للواقدي 1/ 192. (6) في السيرة 2/ 74 «فقال المسلمون: يا رسول الله! أتنادي قوما قد جيفوا؟ قال: ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ولكنهم لا يستطيعون أن يجيبوني» . (7) كذا وفي السيرة «فأتانا الخبر حين سوينا التراب على رقية» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 179 له رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك وضرب له بسهمه وحده، فلما فرغوا من دفنها «1» أتاهم الخبر بفتح الله المسلمين، فجاء أسامة بن زيد أباه، وهو واقف بالمصلى قد غشيه الناس وهو يقول: قتل عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وأبو الحكم بن هشام وزمعة ابن الأسود والعاص بن هشام، فقال: يا أبتاه! أحق هذا؟ فقال: نعم، يا بني! فقال المنافقون: ما هذا «2» إلا أباطيل «2» ، فلم يصدقوه؟ حتى جيء بهم مصفرين «3» مغللين. وكان أول من قدم «4» مكة من قريش «4» بالخبر بمصابهم الحيسمان «5» بن «6» جابس بن «6» عبد الله المدلجي «7» ، فقيل «8» له: ما وراءك؟ فقال: قتل عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وأبو الحكم بن هشام وأمية بن خلف؛ فقال صفوان بن أمية ابن خلف: والله إن يعقل هذا بما يقول فسلوه «9» عني، فقال: ما فعل صفوان بن أمية؟ قال: «10» ها هو ذلك جالس «10» في الحجر! وقد والله رأيت أباه وأخاه حين قتلا «11» . ثم قدم أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب مكة، وكان أبو لهب قد تخلف عن بدر وبعث مكانه العاص بن هشام، فلما رأى أبو لهب أبا سفيان بن الحارث   (1) في الأصل «دقتها» . (2- 2) في ف- الأباطيل» - كذا. (3) في ف «مصفر بن» خطأ. (4- 4) من السيرة، وفي الأصل «من مكة قريش» . (5) التصحيح من الطبري والسيرة 2/ 78، وفي الأصل «الحيسبان» كذا. (6- 6) ليس في السيرة والطبري. (7) في السيرة والطبري «الخزاعي» . (8) من الطبري، وفي ف «فقال» . (9) من الطبري، وفي ف «فسألوه» كذا. (10- 10) في الطبري «هو ذاك جالسا» وفي السيرة «ها هو ذاك جالسا» . (11) من الطبري، وفي ف «قتل» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 180 مقبلا قال: هلم يا ابن أخي فعندك الخبر «1» ، فجلس إليه والناس قيام عليهما، فقال: يا ابن أخي! كيف كان أمر الناس؟ قال: لا شيء والله! إن هو إلا لقينا القوم فمنحناهم أكتافنا حتى قتلونا «2» كيف شاءوا وأسرونا كيف شاءوا، «3» وأيم الله «3» مع ذلك ما لمت الناس لأنا لقينا رجالا بيضا «4» على خيل بلق بين السماء والأرض، والله لا يقوم له شيء! فعاش أبو لهب بعد هذا الخبر سبعة أيام ورماه الله بالعدسة «5» فمات فدفنوه بأعلى مكة، وكانت قريش لا تبكي «6» على قتلاها مخافة أن يبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فيشمتوا بهم. ولما وقع بأيدي المسلمين ما وقع من المشركين اختلفوا فكانوا ثلاثا: «7» فقال الذين جمعوا المتاع: قد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم نفل «7» كل امرىء ما أصاب، وقال   (1) في ف «الخير» خطأ، وفي السيرة «هلم إلي فعندك لعمري الخبر» . (2) في السيرة «يقتلوننا» . (3- 3) من السيرة وفي ف «ذلك أن» . (4) من الطبري، وفي ف «بيضاء» خطأ. (5) من الطبري، وفي ف «بالعديسة» كذا. (6) في ف «تبكي» خطأ. (7) كذا، وقد ذكر السيوطي في الدر المنثور 3/ 159 أقوالا مختلفة في تفسير آية يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ وفيه «أخرج أحمد وعبد بن حميد وابن جرير وأبو الشيخ وابن مردويه والحاكم والبيهقي في سننه عن أبي أمامة قال: سألت عبادة بن الصامت عن الأنفال فقال: فينا- أصحاب بدر- نزلت حين اختلفنا في النفل، فساءت فيه أخلاقنا، فانتزعه الله من أيدينا وجعله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقسمه رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المسلمين عن براء- يقول: عن سواء» . وبإسناده عن عبادة بن الصامت قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فشهدت معه بدرا فالتقى الناس فهزم الله العدو فانطلقت طائفة في آثارهم منهزمون يقتلون، وأكبت طائفة على العسكر يحوزونه ويجمعونه، وأحدقت طائفة برسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصيب العدو منه غرة، حتى إذا كان الليل وفاء الناس بعضهم إلى بعض قال الذين جمعوا الغنائم: نحن حويناها وجمعناها فليس لأحد فيها نصيب، وقال الذي خرجوا في طلب العدو: لست بأحق بها منا، نحن نفينا عنها العدو وهزمناهم، وقال الذين أحدقوا برسول الله صلى الله عليه وسلم: لستم بأحق بها منا، نحن أحدقنا برسول الله صلى الله عليه وسلم وخفنا أن يصيب العدو منه غرة واشتغلنا به؛ فنزلت يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ ... وعن ابن عباس قال: لما كان يوم بدر قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من قتل قتيلا فله كذا وكذا، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 181 الذين كانوا يطلبون العدو: والله! لولا نحن «1» ما أصبتموه، ونحن شغلنا عنكم القوم حتى أصبتم ما أصبتم، وقال الحرس الذين «2» كانوا يحرسون رسول الله صلى الله عليه وسلم مخافة أن يخالف إليه العدو: والله! ما أنتم أحق به منا، لو أردنا أن نقبل «3» العدو حين منحونا أكتافهم وأن نأخذ المتاع حين لم يكن أحد دونه فعلنا! ولكنا خفنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم كرة العدو فقمنا دونه، فما أنتم بأحق به منا! وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم: من صنع كذا فله كذا، فتنازعوا في ذلك شباب الرجال وبقيت الشيوخ تحت الرايات، فلما كان القائمون «4» جاؤا يطلبون الذي جعل لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال الشيوخ: لا تستأثروا علينا، فإنا كنا وراءكم وكنا تحت الرايات، ولو أنا «5» كشفنا لكشفتم «5» إلينا، فتنازعوا فأنزل الله تعالى يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ «6» - إلى آخر السورة، فانتزع الله ذلك من أيديهم وجعله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فولى رسول الله صلى الله عليه وسلم الغنائم عبد الله بن كعب المازني «7» . ثم رحل رسول الله صلى الله عليه وسلم من بدر بعد ثلاث يريد المدينة وحمل الأسارى معه، فلما انحدر من بدر إذا بطلحة بن عبيد الله وسعيد بن زيد قد أقبلا من الحوران،   ومن أسر أسيرا فله كذا وكذا، فأما المشيخة فثبتوا تحت الرايات» ؛ وأما الشبان فتسارعوا إلى القتل والغنائم، فقالت المشيخة للشبان: أشركونا معكم فإنا كنا لكم ردا، ولو كان منكم شيء للجأتم إلينا، فاختصموا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فنزلت يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ. (1) في الأصل «نقل» خطأ. (2) في ف «الذي» كذا. (3) في ف «لقبل» كذا. (4) في ف «القايم» كذا. (5- 5) أي لو انهزمنا انهزمتم ملتجئين إلينا، وفي ف «لكشفنا انكشفتم» كذا، وفي الدر المنثور 3/ 160 «ولو كان منكم شيء للجأتم إلينا» . (6) سورة 8، آية 1. (7) كذا، وفي الطبري: وجعل على النفل عبد الله بن كعب بن زيد بن عوف بن مبذول بن عمرو بن مازن بن النجار. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 182 فضرب لهما النبي صلى الله عليه وسلم بسهميهما وأجرهما، فلما «1» بلغ النبي صلى الله عليه وسلم الصفراء «2» وبينهما وبين المدينة ثلاث ليال أمر بقتل النضر بن الحارث وكان أسيرا، قتله علي بن أبي طالب، فلما بلغ عرق الظبية «3» قتل عتبة بن أبي معيط «4» فقال عتبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم: من «5» للصبية يا محمد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «النار» . ثم قسم الغنائم بين الناس بالصفراء، وبين الصفراء وبين بدر سبعة عشر ميلا، قسمها «6» على من حضر بدرا وأخذ سهمه مع المسلمين. ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم «7» أقبل إلى المدينة «7» قبل الأسارى بيوم ثم قدم بالأسارى يوم الثاني، فلما بلغوا الروحاء لقيهم المسلمون يهنؤونهم «8» بفتح الله عليهم، فقال سلمة بن سلامة «9» بن وقش «10» : ما الذي تهنئون «11» به! والله إن لقينا إلا عجائز صلعا كالبدن المعلقة ننحرها «12» ! فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: «يا ابن أخي! أولئك الملأ من قريش» .   (1) في الأصل «فما» خطأ، وفي السيرة «حتى إذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصفراء» . (2) في معجم البلدان «من ناحية المدينة وهو واد كثير النخل والزرع والخير في طريق الحاج، وسلكه صلى الله عليه وسلم غير مرة وبينه وبين بدر مرحلة» . (3) من الطبري والسيرة 2/ 77، وفي ف «الطيبة» خطأ. (4) زيد في الطبري «فقتله عاصم بن ثابت» . (5) في الطبري «فمن» . (6) وفي الطبري «فقسم هنا لك النفل الذي أفاء الله على المسلمين من المشركين على السواء واستقى له من ماء يقال له الأرواق» . (7- 7) من الطبري، وفي ف «قبل والمدينة» . (8) من الطبري، وفي ف «يهنونهم» خطأ. (9) من الطبري، وفي ف «سلمة» خطأ. (10) من الطبري، وفي ف «وفش» خطأ. (11) من الطبري، وفي ف «تهنونا» . (12) في الطبري «فنحرناها» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 183 ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس بن عبد المطلب: افد «1» نفسك وبني أخيك عقيل بن أبي طالب ونوفل بن الحارث، وحليفك عتبة بن عمر «2» أحد بني الحارث ابن فهر، فإنك ذو «3» مال؛ فقال يا رسول الله! إني كنت مسلما ولكن القوم استكرهوني «4» ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الله أعلم بإسلامك، إن يكن ما تذكر [حقا] «5» فالله يجزيك بذلك، فأما «6» ظاهر أمرك فكان علينا فافد نفسك، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ منه عشرين أوقية من ذهب» ، فقال العباس: يا رسول الله! «7» فاحسبها من فدائي «7» ، قال: «لا، ذلك شيء «8» أعطانا الله «8» منك» ، فقال العباس: فإنه ليس لي مال، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فأين المال الذي وضعته بمكة حين خرجت عند أم الفضل بنت الحارث فليس معكما أحد فقلت لها: إن أصبت «9» في سفري فللفضل كذا ولقثم كذا ولعبد الله كذا» ؟ قال: فو الذي بعثك بالحق! ما علم بهذا أحد من الناس غيري وغيرها، وإني لأعلم أنك رسول الله «10» . ثم بعث قريش في فك الأسارى جبير بن مطعم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقتل النبي صلى الله عليه وسلم من قتل منهم وفادى من فادى منهم، ومن لم يكن له مال من «11» عليهم، وفادى من كان من العرب فيهم بأربعين أوقية، من كان منهم من الموالي بعشرين أوقية في غزوة بدر، ونزلت لَوْلا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ- إلى قوله: فَكُلُوا مِمَّا   (1) في الأصل «أفدى» . (2) التصحيح من الدر المنثور 3/ 204، وفي الأصل «عجرد» خطأ. (3) في ف «ذوا» خطأ. (4) من الطبري، وفي ف «استنكروني» . (5) زيد من الطبري، وقد سقط من ف. (6) من الطبري 2/ 290، وفي ف «فلما» . (7- 7) كذا، وفي الطبري «احسبها لي فدائي» . (8- 8) من الطبري، وفي ف «أعطانا الله» . (9) من الطبري، وفي ف «صبت» خطأ. (10) زيد في الطبري «ففدى العباس نفسه وابني أخيه وحليفه» . (11) في ف «عن» خطأ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 184 غَنِمْتُمْ حَلالًا طَيِّباً «1» . فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لم تحل الغنائم لقوم سود الرءوس من قبلكم، وذلك أن الله جل وعلا رأى ضعفكم فطيبها لكم، وكانت الغنائم فيما قبل تنضد فتجيء النار فتأكلها. ذكر عدد وتسمية من شهد بدرا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرنا الحسن بن سفيان أنبأنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا يزيد بن هارون أنا حماد بن سلمة عن عاصم بن أبي النجود عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله أطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم» «2» . قال: شهد بدرا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من المهاجرين والأنصار ثلاثمائة وثلاثة «3» عشر نفسا- عدد أصحاب طالوت الذين جاوزوا معه النهر- وإني ذاكر ما يحضرني من أساميهم على قبائلهم، لكيلا يبعد على سالك سبيل العلم الوقوف على أساميهم إن وقفه الله لذلك. فنبدأ من ذلك من شهد منهم بدرا من قريش، ثم من بني هاشم ومن بني المطلب ابنى «4» عبد مناف: حمزة بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلي بن أبي طالب بن عبد المطلب، وزيد بن حارثة بن شرحبيل «5» بن كعب بن عبد العزى بن يزيد بن امرىء القيس الكلبي، وأنسة «6»   (1) سورة 8 آية 68، 69. (2) وقد أخرجه الترمذي في جامعه 2/ 406 في تفسير سورة الممتحنة. (3) في ف «ثلاث» كذا. (4) في ف «ابنا» كذا. (5) من السيرة والطبري، وفي ف «شراحيل» . (6) من السيرة 2/ 93، وفي ف «أنيسة» كذا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 185 مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو كبشة «1» مولى رسول الله، وأبو مرثد كناز «2» بن حصين «3» ابن يربوع بن عمرو بن يربوع بن خرشة «4» بن سعد بن ظريف «5» بن جلان «6» بن غنم بن غني بن يعصر «7» [بن] «8» سعد بن قيس «9» بن عيلان «10» بن مضر، وابنه مرثد بن أبي مرثد حليفا حمزة «11» بن عبد المطلب، [و] «8» حصين بن الحارث بن المطلب، ومسطح بن أثاثة «12» بن المطلب، ومن بني تيم «13» بن مرة بن كعب: أبو بكر الصديق واسمه عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم «14» بن مرة، وبلال بن رباح «15» مولى أبي بكر، وعامر بن فهيرة مولى أبي بكر، وطلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة، لم يحضر بدرا، كان النبي صلى الله عليه وسلم بعثه لتجسس «16» الخبر، فوافاهم وقد فرغ النبي صلى الله عليه وسلم من بدر؛ وضرب له بسهمه.   (1) قال ابن هشام «انسة حبشي، وأبو كبشة فارسي» . (2) من السيرة، وفي ف «كنان» . (3) هكذا في ف، وقال ابن هشام: كناز بن حصين، وفي السيرة برواية ابن إسحاق: كناز بن حصن (4) من السيرة، وفي ف «حرشة» خطأ. (5) من السيرة، وفي ف «طريف» . (6) من السيرة، وفي ف «حلان» خطأ. (7) من السيرة، وفي ف «يفيص» خطأ. (8) زيد من السيرة. (9) من السيرة، وفي ف «قبيس» . (10) من السيرة، وفي ف «غيلان» . (11) من السيرة، وفي ف «لحمزة» . (12) زاد ابن هشام «بن عباد» . (13) من الإصابة، وفي الأصل «تميم» . (14) من الإصابة، وفي ف «نعيم» خطأ. (15) من الإصابة، وفي ف «رباج» خطأ. (16) في ف «لتجسيس» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 186 ومن بني عدي بن كعب بن لؤي: عمر بن الخطاب بن نفيل «1» بن عبد العزى ابن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح «2» بن عدي بن كعب بن لؤي، وأخوه زيد بن الخطاب بن نفيل، ومهجع مولى عمر بن الخطاب وهو أول قتيل قتل ببدر، وعامر ابن ربيعة، وعمرو بن سراقة بن المعتمر بن أنس بن أذاة «3» بن رباح بن عدي بن كعب، وأخوه عبد الله بن سراقة، وواقد بن عبد الله بن عبد مناف بن عرين بن ثعلبة ابن يربوع بن «4» حنظلة بن زيد مناة بن تميم، وخولى «5» بن أبي خولى، وعاقل بن البكير، وإياس بن البكير، وخالد بن البكير بن عبد ياليل بن ناشب بن غيرة بن سعد بن ليث، وسعيد بن زيد بن عمرو وبن نفيل بن عبد العزى بن رياح «6» بن عبد الله بن قرط بن رياح [بن رزاح] «7» بن عدي بن كعب بن لؤي، لم يحضر بدرا، كان مع طلحة، بعثهما رسول الله صلى الله عليه وسلم يتجسسان خبر العير فوافيا، وقد فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من بدر فضرب لهما بسهميهما وأجرهما. ومن بني عبد شمس بن عبد مناف: عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية ابن عبد شمس بن عبد مناف، تخلف بالمدينة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على امرأته رقية، وكانت عليلة، أذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك، وضرب له بسهمه وأجره؛ وأبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس. ومن حلفائهم: عبد الله بن جحش بن رئاب بن يعمر بن صبرة بن مرة بن كبير «8» بن غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة، وعكاشة بن محصن بن حرثان بن   (1) في ف «نقيل» خطأ. (2) من الإصابة، وفي الأصل «رباح» . (3) من السيرة، وفي ف «أخاه» كذا. (4) من السيرة، وفي ف «و» . (5) زيد في السيرة «ومالك بن أبي خولى حليفان لهم» . (6) من الإصابة، وفي الأصل «رباح» . (7) من السيرة. (8) من السيرة، وفي ف «كبش» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 187 قيس بن مرة بن كبير «1» بن غنم، [وشجاع بن وهب بن ربيعة] «2» ، وأخوه «3» عقبة بن وهب «3» بن ربيعة، ويزيد بن رقيش «4» بن رئاب «5» بن يعمر بن صبرة بن مرة بن كبير «6» بن غنم، وأبو سنان أخو عكاشة بن محصن بن حرثان، وابنه «7» سنان بن أبي سنان، ومحرز بن نضلة «8» بن عبد الله بن مرة بن كبير بن غنم، وربيعة بن أكثم «9» ابن عمرو بن بكير «10» بن عامر «11» بن غنم، ومالك «12» بن عمرو. ومن بني زهرة بن كلاب: عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن الحارث ابن زهرة بن كلاب، وسعد بن أبي وقاص «13» بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب، وعمير بن أبي وقاص بن أهيب أخو سعد. ومن حلفائهم المقداد «14» بن عمرو بن ثعلبة بن مالك بن ربيعة بن ثمامة بن مطرود بن عمرو «15» بن سعد بن «15» زهير بن ثور «16» بن ثعلبة بن مالك بن الشريد،   (1) من السيرة، وفي ف «كثير» . (2) زيد من السيرة 2/ 95. (3- 3) من السيرة، وفي ف «عتبة بن عمرو» . (4) من السيرة، وفي ف وجمهرة أنساب العرب، ص: 181 «قيس» كذا. (5) في ف «رباب» خطأ. (6) من السيرة، وفي ف «كبش» . (7) من السيرة، وفي ف «ابن» . (8) من السيرة، وفي ف «فضلة» . (9) من السيرة، وفي ف «أكتم» ، وزيد في السيرة: بن سخبرة. (10) في السيرة «لكيز» . (11) زيد في ف «بن كثير» . (12) في ف «فهد» كذا. والتصحيح من السيرة، وفيه «ومن حلفاء بني كبير بن غنم ... ثقف بن عمرو وأخواه مالك بن عمرو ومدلج بن عمرو» - انظر المغازي 1/ 154. (13) زيد في السيرة «وأبو وقاص مالك بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة» . (14) من السيرة، وفي ف «المقدام» . (15- 15) في ف «و» والتصحيح من السيرة. (16) من السيرة، وفي ف «لؤي» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 188 ومسعود بن ربيعة بن عمرو بن سعد بن عبد العزى «1» بن حمالة بن غالب بن محلم ابن عائذة «2» بن الهون بن خزيمة من «3» القارة، وذو الشمالين «4» بن عبد عمرو ابن نضلة «5» بن غبشان «6» بن سليم بن مالك بن أفصى «7» بن حارثة بن عمرو بن عامر بن خزاعة، وعبد الله بن مسعود بن الحارث بن شمخ بن مخزوم بن صاهلة بن كاهل «8» بن الحارث بن سعد بن هذيل «9» ، وخباب بن الأرت «10» ، وصهيب «11» بن سنان بن عبد عمرو بن الطفيل بن عامر بن جندلة «12» . ومن بني أسد بن عبد العزى بن قصي: الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي، وحاطب بن أبي بلتعة، وسعد مولى حاطب «13» . ومن بني نوفل بن عبد مناف: عتبة بن غزوان بن جابر بن وهب بن نسيب بن مالك بن الحارث بن مازن بن منصور بن عكرمة، وخباب مولى عتبة بن غزوان. ومن بني عبد الدار بن قصي: مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن   (1) من السيرة، وفي ف «عبد العزيز» . (2) من السيرة، وفي ف «عائد» . (3) من السيرة، وفي الأصل «بن» . (4) واسمع «عمير» في ف «ذا لشمالين» كذا. (5) من السيرة، وفي ف «نضرة» . (6) من السيرة، وفي ف «عيشان» . (7) من السيرة، وفي ف «أقصى» . (8) من السيرة، وفي ف «كاهلة» ، وقع هنا في ف بياض بقدر كلمة، وليس في السيرة. (9) من السيرة، وفي ف «هدبل» . (10) في ف «الأرث» ، وزيد في السيرة «ثمانية نفر» . (11) قال ابن هشام «وصهيب مولى عبد الله بن جدعان بن عمرو، ويقال إنه رومي، إنما كان أسيرا في الروم فاشترى منهم، وجاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم صهيب سابق الروم» ، وفيه «قال ابن إسحاق: صهيب بن سنان من النمر بن قاسط» انظر الإصابة. (12) من الإصابة 4/ 254، وفي الأصل «صيدلة» . (13) زيد في السيرة «ثلاثة نفر» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 189 عبد الدار بن قصي، وكان صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر قتل يوم أحد، وسويبط بن سعد بن حرملة «1» بن مالك بن عميله بن السباق «2» بن عبد الدار بن قصي «3» . ومن بني مخزوم بن يقظة: أبو سلمة «4» بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، وشماس بن عثمان بن الشريد بن هرمي «5» بن عامر بن مخزوم، والأرقم بن أبي الأرقم واسم أبي الأرقم عبد مناف بن أسد بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، وعمار بن ياسر، ومعتب بن عوف بن عامر بن الفضل بن عفيف. ومن بني جمح بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي: عثمان بن مظعون «6» ابن حبيب بن حذافة بن جمح، وقدامة بن مظعون «6» ، وعبد الله [بن] «7» مظعون «6» ابن حبيب «8» ، ومعمر بن الحارث بن معمر بن حبيب بن وهب. ومن بني سهم بن عمرو بن هصيص: خنيس «9» بن [حذافة بن] «7» قيس بن عدي بن سعد «10» بن سهم. ومن بني عامر بن لؤي: «11» ابن غالب بن مالك بن حسل «11» ، وعبد الله بن   (1) من المغازي 1/ 155 والجمهرة ص: 117؛ وفي ف «خزيمة» ؛ وفي السيرة: حريملة. (2) من السيرة وفي ف «السياق» . (3) زيد في السيرة «رجلان» . (4) واسم أبي سلمة عبد الله. (5) من السيرة والإصابة، وفي ف «هرم» . (6) من السيرة، وفي ف «مطعون» خطأ. (7) زيد من الإصابة. (8) التصحيح من الإصابة، وفي ف «أخيم» كذا. (9) من الإصابة، وفي ف «حنبس» كذا. (10) هكذا في ف والإصابة، وفي السيرة «سعيد» . (11- 11) كذا، وفي السيرة 2/ 95: قال ابن إسحاق «ومن بني عامر بن لؤي ثم من بني مالك بن حسل بن عامر: أبو سبرة بن أبي رهم بن عبد العزى بن أبي قيس بن عبدود بن نصر بن مالك بن حسل، وفي ف «حسيل» مكان «حسل» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 190 مخرمة بن عبد العزى بن أبي القيس بن عبدود بن نصر «1» بن مالك بن حسل، وعبد الله بن سهيل بن عمرو بن عبد شمس بن عبدود، وعمير «2» بن عوف مولى «3» سهيل ابن عمرو، وسعد بن خولة «4» حليف له «5» . ومن بني الحارث بن فهر: أبو عبيدة بن الجراح واسمه عامر بن عبد الله بن الجراح بن هلال بن أهيب بن ضبة بن الحارث بن فهر، [وعمرو بن الحارث بن زهير بن أبي شداد بن ربيعة بن هلال بن أهيب بن ضبة بن الحارث، وسهيل بن وهب بن ربيعة بن هلال بن أهيب بن ضبة بن الحارث، وأخوه صفوان بن وهب] «6» وهما ابنا بيضاء أمهما، وعمرو بن أبي سرح بن ربيعة بن هلال بن أهيب «5» . فجميع من شهد بدرا من المهاجرين «7» ومن ضرب له رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهمه وأجره من قريش ثلاثة وثمانون رجلا. وممن شهد بدرا «8» من الأنصار ثم «9» من بني عبد الأشهل بن جشم بن الحارث بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الأوس «10» : سعد بن معاذ بن النعمان ابن امرىء القيس بن [زيد بن] «11» عبد الأشهل، وعمرو بن معاذ بن النعمان بن   (1) من السيرة والإصابة، في ف «نضر» كذا. (2) من السيرة، وفي ف «عمرو» خطأ. (3) من السيرة، وفي ف «ابن» خطأ. (4) من السيرة والإصابة، وفي ف «حوله» خطأ. (5) زيد في السيرة «خمسة نفر» . (6) زيد ما بين الحاجزين من السيرة، وقد سقط من ف. (7) من السيرة، وفي ف «المسلمين» . (8) في ف «بدر» كذا. (9) كذا في ف، وفي السيرة «قال ابن إسحاق وشهد بدرا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من المسلمين ثم من الأنصار ثم من الأوس بن حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن عامر ثم من بني عبد الأشهل..» (10) من السيرة، وفي ف «أوس» . (11) من السيرة والإصابة؛ وفي جمهرة أنساب العرب، ص: 319 «يزيد بن» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 191 امرىء القيس أخوه، والحارث بن أوس بن معاذ بن النعمان، والحارث بن أنس ابن رافع بن امرىء القيس، وسعد بن زيد بن مالك بن كعب بن عبد الأشهل، وسلمة بن سلامة بن وقش «1» بن زغبة «2» بن زعوراء «3» بن عبد الأشهل، وعباد بن بشر «4» بن وقش، «5» وسلمة بن ثابت «5» بن وقش، ورافع بن يزيد بن [كرز بن] «6» السكن بن زعوراء «3» بن عبد الأشهل، والحارث بن خزمة «7» بن عدي بن أبي غنم ابن سالم بن عوف بن عمرو بن عوف بن الحارث بن الخزرج، ومحمد بن مسلمة ابن خالد بن عدي بن مجدعة بن حارثة بن الحارث «8» حليف لهم، وسلمة بن أسلم ابن حريش بن عدي بن مجدعة حليف لهم، وأبو الهيثم بن التيهان اسمه مالك، وعبيد بن التيهان حليف لهم، وعبد الله بن سهل «9» . ومن بني سواد «10» بن كعب: قتادة بن النعمان بن زيد بن عامر، وعبيد بن أوس بن مالك بن سواد «10» . «11» ومن بني رزاح «11» بن كعب «12» : نصر «13» بن الحارث، وعبد الله بن   (1) من السيرة، في ف «وقس» خطأ. (2) من الإصابة والقاموس (وقش) وفي ف «رغبة» ، وفي السيرة «زعبة» . (3) من السيرة، وفي ف «زعور» . (4) من السيرة، وفي ف «شر» . (5- 5) من السيرة والجمهرة وكتاب المغازي للواقدي 1/ 158؛ وفي ف «سلامة بن سعد» . (6) زيد من السيرة والمغازي. (7) من السيرة والمغازي؛ وفي ف «خزيمة» . (8) زيد في ف «بن» خطأ. (9) من السيرة والمغازي؛ وفي ف «سهيل» . (10) من السيرة والمغازي؛ وفي ف «سوادة» . (11- 11) من السيرة والمغازي، وفي ف «رياح» . (12) زيد في ف «بن» خطأ. (13) من السيرة والمغازي، وفي ف «نمير» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 192 طارق، ومعتب بن عبيد «1» حليفان لهم. ومن بني حارثة بن الحارث بن الخزرج [بن] «2» عمرو بن مالك بن الأوس «3» : مسعود بن سعد بن عامر بن عدي بن جشم بن مجدعة بن حارثة بن الحارث، وأبو عبس اسمه عبد الرحمن بن جبر «4» بن عمرو بن [زيد بن] «2» جشم ابن [مجدعة بن] «2» حارثة بن الحارث، وأبو بردة بن نيار واسمه هانىء حليف لهم. ومن بني عمرو بن عوف ثم من بني ضبيعة «5» بن زيد بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف «6» : عاصم بن ثابت بن «7» أبي الأقلح «7» - وأبو الأقلح «8» قيس- بن عصمة بن مالك بن أمية «9» بن ضبيعة «5» ، ومعتب بن قشير بن مليل «10» بن زيد بن العطاف «11» ، وعمرو بن معبد بن الأزعر بن زيد بن العطاف «11» ، وسهل بن حنيف ابن واهب بن العكيم «12» بن ثعلبة بن مجدعة بن الحارث بن عمرو. ومن بني أمية بن زيد بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف: مبشر بن عبد   (1) من السيرة والمغازي؛ وفي ف «عبده» . (2) من السيرة والمغازي. (3) من السيرة والمغازي؛ وفي ف «أوس» . (4) من السيرة والمغازي؛ وفي ف «جمر» كذا. (5) من السيرة والمغازي 1/ 159؛ وفي ف «صنبعة» خطأ. (6) زيد في ف «بن» خطأ. (7- 7) في ف «الأفلح» . (8) من السيرة والمغازي، وفي ف «أبو الأفلح» . (9) في السيرة «أمة» كذا. (10) من السيرة والمغازي؛ وفي ف «هليل» . (11) من السيرة، وفي ف «العكاف» كذا. (12) في المغازي «عمير» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 193 المنذر بن زنبر «1» ، وسعد بن عبيد بن النعمان بن قيس بن عمرو بن زيد بن أمية، وعويم «2» بن ساعدة بن «3» عائش بن قيس «3» ، ورافع بن عنجدة «4» ، وعبيد «5» بن أبي عبيد «5» ، وثعلبة بن حاطب «6» ، وقد قيل إن أبا لبابة بن عبد المنذر والحارث بن حاطب شهدا بدرا. ومن بني عبيد بن زيد بن مالك: أنيس بن قتادة بن ربيعة بن خالد بن الحارث بن عبيد، وسالم مولى بنت يعار «7» وهو الذي يقال له سالم مولى أبي حذيفة بن عتبة، وكانت بنت يعار «7» تحت أبي حذيفة بن عتبة. ومن حلفائهم: معن بن عدي بن الجد «8» بن عجلان، وربعي بن رافع بن «9» زيد بن حارثة بن الجد «9» بن عدي بن العجلان «10» ، وقد قيل: إن عاصم بن عدي ابن الجد «8» بن العجلان رده «11» النبي صلى الله عليه وسلم وضرب له بسهمه. ومن بني ثعلبة بن عمرو بن عوف: عبد الله «12» بن جبير بن النعمان. وعاصم ابن قيس، وأبو ضياح «13» بن ثابت، وسالم بن عمير، والحارث بن النعمان بن أبي   (1) من السيرة والمغازي والإصابة؛ وفي ف «الزبير» ، وفي جمهرة أنساب العرب ص 314 «زر» . (2) في الجمهرة: عويمر. (3- 3) من الإصابة وأنساب الأشراف للبلاذري 1/ 241؛ وفي ف «ضلفحة» كذا، وفي الجمهرة «عباس بن قيس» . (4) من السيرة والمغازي، وفي ف «عنجد» . (5- 5) ليس في السيرة والمغازي. (6) وقع في ف «أبي حاطب» خطأ. (7) التصحيح من الإصابة ج 3/ 56 والمغازي 1/ 160، وفي ف «يعار» بلا نقط. (8) من السيرة والمغازي 1/ 160؛ وفي ف «الحرث» . (9- 9) من السيرة؛ وفي ف «الحدث» . (10) من السيرة؛ وفي ف «عجلان» . (11) في ف «راه» . (12) من السيرة والمغازي والإصابة، وفي ف «عبيد الله» . (13) من السيرة والمغازي؛ وفي ف «أبو الصباح» خطأ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 194 خزمة «1» ، وخوات «2» بن جبير بن النعمان. ومن بني جحجبي بن كلفة بن عوف بن عمرو بن عوف «3» : المنذر بن محمد ابن عقبة بن أحيحة بن الجلاح «4» بن الحريش «5» بن جحجبي، وأبو عقيل بن عبد الله بن ثعلبة بن بيحان «6» بن عامر بن الحارث بن مالك بن [عامر بن أنيف] «7» حليف له. ومن بني غنم بن السلم بن [امرىء القيس بن] «7» مالك بن الأوس بن [حارثة] «8» : سعد بن خيثمة «9» ، والمنذر بن قدامة، ومالك بن قدامة، وابن «10» عرفجة، وتميم «3» مولى بني «11» غنم بن سلم. ومن بني معاوية بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف: جابر بن عتيك بن الحارث بن قيس بن هيشة بن الحارث بن أمية بن معاوية، والنعمان بن عصر «12» حليف له من بلى «13» ، ومالك بن نميلة «14» حليف لهم.   (1) في السيرة «أمية» ؛ وفي المغازي «أبي خذمة» . (2) من السيرة والمغازي؛ وفي ف «حراث» خطأ. (3) زيد في ف «بن» خطأ. (4) في ف «الحلاح» بلا نقط. (5) من السيرة والمغازي؛ وفي ف «الحرث» . (6) من المغازي والطبقات لابن سعد 3/ 41؛ وفي ف والسيرة: «تيحان» . (7) من السيرة والمغازي. (8) من المغازي. (9) من السيرة والمغازي؛ وفي ف «سلمة» . (10) من السيرة والمغازي والطبقات 3/ 48، واسم ابن عرفجة «الحارث» ؛ وفي ف «أبو» خطأ. (11) من السيرة والمغازي؛ وفي ف «بن» . (12) من السيرة والمغازي؛ وفي ف «عمر» . (13) من السيرة والمغازي؛ وفي ف «بني» . (14) من السيرة والمغازي، وفي ف «غيلة» خطأ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 195 ومن بني الحارث بن الخزرج: عبد الله بن رواحة بن [ثعلبة بن] «1» امرىء القيس بن ثعلبة، وخارجة بن زيد بن أبي زهير بن مالك بن امرىء القيس، وخلاد ابن سويد بن ثعلبة بن عمرو بن حارثة بن امرىء القيس. ومن بني زيد بن مالك بن ثعلبة: بشير بن سعد بن ثعلبة بن خلاس «2» بن زيد ابن مالك، وسبيع بن قيس بن عيشة بن مالك، وعبادة بن قيس، وسماك بن سعد، وعبد الله بن عبس «3» ، ويزيد بن الحارث ابن قيس و [هو الذي يقال له] «4» «5» ابن فسحم «5» . ومن بني جشم بن الحارث: عبد الله بن زيد بن ثعلبة بن عبد [ربه] «6» بن زيد ابن الحارث بن الخزرج الذي رأى النداء في النوم، وأخوه حريث بن زيد بن ثعلبة، وخبيب بن إساف بن عنبة «7» بن عمرو بن خديج «8» بن عامر بن جشم، «9» وسفيان بن بشر «9» . ومن بني جدارة «10» بن عوف بن الحارث بن الخزرج «11» : «12» زيد بن المري «12»   (1) زيد من السيرة والمغازي والإصابة والطبقات 3/ 79. (2) في ف والمغازي «جلاس» ؛ والتصحيح من السيرة والطبقات 3/ 83؛ وقال ابن هشام «ويقال جلاس وهو عندنا خطأ» ، وفي الإصابة «ضبطه الدارقطني بفتح الخاء المعجمة وتثقيل اللام» . (3) كذا في السيرة؛ وفي المغازي والطبقات 3/ 88: عمير. (4) زيد من السيرة، انظر المغازي والإصابة أيضا. (5- 5) من السيرة والإصابة؛ ووقع في ف «يزيد من شحم» مصحفا. (6) زيد من السيرة والمغازي. (7) من المغازي 1/ 166 والإصابة، ولفظها «بكسر المهملة وفتح النون بعدها موحدة» ؛ وفي ف «عبيد» وفي السيرة «عتبة» . (8) من السيرة والمغازي؛ وفي ف «مريح» خطأ. (9- 9) من السيرة والمغازي، وفي ف «شقيق بن بسر» . (10) من السيرة والمغازي؛ وفي ف «جرار» خطأ. (11) زيد في ف «بن» خطأ. (12- 12) في المغازي «يزيد بن المزين» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 196 ابن قيس بن عدي بن أمية بن جدارة «1» ، وتميم بن يعار «2» بن قيس بن [عدي بن] «3» أمية بن جدارة «1» ، وعبد الله بن عمير بن حارثة «4» . ومن بني الأبحر بن عوف: عبد الله بن الربيع بن قيس بن عمرو «5» بن عباد ابن الأبجر. ومن بني عوف بن الخزرج: عبد الله بن عبد الله بن أبي [بن] «3» مالك بن الحارث بن عبيد بن مالك، وأوس بن خولي بن عبد الله بن الحارث بن عبيد بن مالك. ومن بني جزء «6» بن عدي بن مالك بن سالم «7» : زيد «8» بن وديعة بن «9» عمرو بن قيس بن جزء «6» ، ورفاعة بن عمرو بن زيد، وعقبة بن وهب بن كلدة، وعامر بن سلمة بن عامر حليفان لهم، ومعبد بن عباد بن قشعر «10» بن المقدم «11» بن سالم بن غنم ويكنى معبد أبا خميصة، وعامر بن البكير «12» حليفه. ومن بني سالم بن عوف بن عمرو بن [عوف بن] «13» الخزرج: نوفل بن   (1) من السيرة والمغازي؛ وفي ف «جدار» كذا. (2) من السيرة والمغازي؛ وفي ف «تعار» خطأ. (3) زيد من السيرة والمغازي. (4) انظر الطبقات 3/ 88. (5) من السيرة والإصابة، وفي ف «عمر» ، وفي الطبقات 3/ 89: عامر؛ وليس في المغازي. (6) من السيرة والمغازي؛ وفي ف «حزم» كذا. (7) من السيرة والمغازي؛ وفي ف «السلام» وزيد بعده «و» خطأ. (8) من السيرة والمغازي والطبقات 3/ 91، وفي ف «يزيد» . (9) من السيرة والمغازي؛ وفي ف «و» خطأ. (10) من المغازي والطبقات 3/ 92؛ وفي ف «شير» ، وفي السيرة: قشير، وفيها «قال ابن هشام ... قشغر» ، وفي الإصابة «بشير» . (11) كذا في السيرة، وفي رواية منها، وفي الطبقات والإصابة «الفدم» ، وفي المغازي «القدم» . (12) كذا في السيرة؛ وفيها «قال ابن هشام: عامر بن العكير ويقال عاصم بن العكير» ؛ وفي المغازي 1/ 167 والطبقات 3/ 93: «عاصم بن العكير» . (13) من السيرة والمغازي والطبقات 3/ 96. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 197 عبد الله بن نضلة «1» بن مالك بن العجلان بن زيد بن غنم بن سالم، ومليل بن وبرة «2» ابن خالد بن العجلان بن زيد، و «3» عتبان «4» بن مالك بن عمرو بن العجلان، وعصمة بن الحصين بن «5» وبرة بن خالد «5» بن العجلان. ومن بني قربوس «6» بن غنم: أمية بن لوذان بن سالم بن ثابت بن هزال بن عمرو «7» بن قربوس «8» . ومن بني أصرم بن فهر [بن ثعلبة بن غنم بن سالم بن عوف: عبادة بن الصامت بن قيس بن أصرم، وأخوه أوس بن الصامت. ومن بني دعد بن فهر بن ثعلبة بن غنم] «9» : النعمان بن مالك بن ثعلبة بن دعد «10» وهو من الذين يقال لهم القواقل «11» . ومن بني مرضخة بن غنم بن [عوف] «12» : مالك بن الدخشم بن مالك بن [الدخشم بن] «13» مرضخة بن غنم.   (1) من السيرة والمغازي والطبقات؛ وفي ف «ثعلبة» . (2) من المغازي والطبقات 3/ 97، وفي ف «وقرة» ، وليس في السيرة. (3) من المغازي، وفي ف «بن» خطأ. (4) كذا في الطبقات 3/ 96 والإصابة، وفي المغازي «غسان» ، وليس في السيرة. (5- 5) من المغازي والطبقات 3/ 97، وفي ف «وثرة بن خلاد» . (6) من السيرة والإصابة، وفي ف «مربوش» ، وفي المغازي «قريوش» وفي رواية من السيرة «قريوس» . (7) من السيرة والمغازي، وفي «عمر» . (8) من السيرة والإصابة؛ وفي ف «مربوش» ، وفي المغازي «قريوش» ، وفي رواية من السيرة «قريوس» . (9) العبارة المحجوزة سقطت من ف وزدناها من السيرة، انظر المغازي والطبقات 3/ 93، 94 أيضا. (10) من السيرة والمغازي والطبقات 3/ 95، وفي ف «دعدع» - كذا. (11) جمع قوقل بمعنى أرتق (القاموس المحيط 4/ 39) . (12) زيد من الطبقات 3/ 96 والإصابةو جمهرة أنساب العرب 335: وفي السيرة «سالم» ؛ وفي المغازي «مالك» وفي الإصابة «مختلف في نسبته» . (13) زيد من السيرة والطبقات. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 198 ومن بني لوذان بن غنم: الربيع بن إياس بن عمرو بن غنم بن أمية بن لوذان، وورقة «1» بن إياس، وعمرو «2» بن إياس. ومن حلفائهم: «3» المجذر بن زياد «3» بن عمرو بن زمزمة «4» بن عمرو بن عمارة «5» ، و «6» عباد بن الخشخاش «6» بن عمرو بن زمزمة «7» ، وعبد الله بن ثعلبة بن خزمة بن أصرم، ونحاب «8» بن ثعلبة بن خزمة «9» بن أصرم، وعتبة بن «10» ربيعة بن خالد «11» بن معاوية حليف لهم. ومن بني ساعدة بن كعب بن الخزرج: أبو دجانة واسمه سماك بن أوس بن خرشة بن لوذان بن عبدود بن [زيد بن] «12» ثعلبة بن الخزرج بن ساعدة، والمنذر ابن عمرو بن خنيس بن حارثة بن لوذان بن عبدود بن زيد بن ثعلبة. ومن بني البدن «13» : عامر «14» بن عوف بن حارثة بن عمرو بن الخزرج، وأبو   (1) من السيرة والمغازي، وفي ف «الربيع» خطأ، وفي الإصابة: «ودقة ... واختلف في ضبطه فقيل بالفاء وقيل بالقاف، والأكثر على أنه بالدال، وذكره ابن هشام بالراء» ، وفي الطبقات 3/ 98 «وذفة» . (2) من السيرة والمغازي وفي ف «العمرو» كذا. (3- 3) من السيرة والمغازي والطبقات، وفي ف «المجزر بن زياد» . (4) في المغازي: زمرة. (5) في ف «عباد» خطأ. (6- 6) من السيرة، وفي ف «عباد الخشخاش» ؛ وفي المغازي 1/ 168 والطبقات 3/ 99: عبدة بن الحسحاس. (7) في المغازي: زمرة. (8) كذا في السيرة، وفي المغازي والطبقات والإصابة «بحاث» . وفي الإصابة «ولكن سماه ابن إسحاق: نحاب- بنون أوله وموحدة آخره» وفي رواية من السيرة «قال ابن هشام: نحاث» . (9) في ف «خزم» خطأ. (10) سقط عن ف. (11) في المغازي: خلف. (12) زيد من السيرة والطبقات 3/ 101. (13) كذا في الإصابة، وفي السيرة والمغازي «البدى» . وفي الطبقات 3/ 102: اليدي. (14) زيد في المغازي «بن» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 199 أسيد «1» مالك بن ربيعة بن البدن، ومالك بن مسعود. ومن بني طريف بن الخزرج: عبد الله «2» بن حق بن أوس بن وقش «3» بن ثعلبة بن طريف. ومن حلفائه: كعب بن حمار «4» بن ثعلبة بن خالد، وبسبس بن عمرو، وضمرة، وزياد. ومن بني جشم بن الخزرج: خراش بن الصمة بن عمرو بن الجموح «5» بن [زيد ابن] «6» حرام «7» بن كعب بن غنم «8» بن [كعب بن] «9» سلمة، وتميم مولى خراش «10» بن الصمة، وعبد الله بن عمرو بن حرام «11» بن ثعلبة بن حرام «11» ، بن كعب، وعمير بن الحمام بن الجموح بن [زيد بن] «12» حرام «11» بن كعب «13» ، والحباب بن المنذر بن الجموح بن [زيد بن] «14» حرام «11» بن كعب، ومعاذ بن عمرو بن الجموح، ومعوذ ابن عمرو بن الجموح، وخلاد بن عمرو بن الجموح «15» ، وعقبة بن عامر بن   (1) من السيرة والمغازي والطبقات 3/ 102. وفي ف «أسد» . (2) في السيرة والمغازي: عبد ربه، وفي الإصابة 4/ 38 «عبد الله بن أوس بن ونش، وقيل عبد الله بن حق، ويقال: أحق- بزيادة ألف ... ويقال بل اسمه عبد ربه بن حق» . (3) من السيرة والإصابة، وفي ف «قس» وفي المغازي: قيس. (4) في المغازي ورواية من السيرة «جماز» . (5) من السيرة والمغازي والإصابة وجمهرة أنساب العرب ص: 340، وفي ف: الخزرج- كذا. (6) زيد من السيرة والإصابة والجمهرة. (7) من السيرة والمغازي، وفي ف والجمهرة «حذام» . (8) من الجمهرة والسيرة، وفي ف «تيم» . (9) زيد من الجمهرة والسيرة. (10) من السيرة والمغازي. وفي ف «فراش» خطأ. (11) من السيرة والمغازي، وفي ف «حزام» . (12) من السيرة والإصابة. (13) زيد في ف «بن» خطأ. (14) زيد من السيرة والمغازي. (15) وقع في ف «ومعوذ بن عمرو بن الجموح» مكررا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 200 نابىء «1» بن زيد بن حرام، وحبيب «2» بن الأسود مولاهم، وثابت بن ثعلبة بن زيد ابن الحارث بن حرام «3» وهو الذي يقال له الجذع «4» ، وعمير بن الحارث بن ثعلبة. ومن بني عبيد [بن عدي] «5» بن غنم: عبد الله بن الجد بن قيس بن صخر بن خنساء، وبشر بن البراء بن معرور بن صخر بن خنساء، وسنان بن صيفي «6» بن صخر بن خنساء، والطفيل بن النعمان بن خنساء، وعبد الله بن حمير وخارجة بن حمير حليفان لهم من أشجع. ومن بني النعمان بن سنان بن عبيد بن «7» عدي بن غنم: جابر بن عبد الله بن رئاب «8» بن النعمان بن سنان، وعبد الله بن عبد مناف بن النعمان بن سنان، «9» وخليدة «9» ، بن قيس بن النعمان بن سنان. ومن بني خناس: «10» جبار بن صخر بن أمية بن خناس «10» ، ويزيد بن المنذر بن سرح بن خناس، وعبد الله بن النعمان بن بلدمة «11» بن خناس، والضحاك «12» بن   (1) من السيرة والمغازي والجمهرة، وفي ف «هاني» . (2) من السيرة والمغازي، وفي ف «حليف» خطأ. (3) من السيرة والمغازي، وفي ف «حزام» . (4) من السيرة والمغازي، وفي ف «الجدع» كذا. (5) زيد من السيرة والمغازي. (6) من السيرة والمغازي والإصابة، وفي ف «رضيع» . (7) زيد في المغازي 1/ 170: «عبد بن» . (8) من السيرة والمغازي، وفي ف «وتاب» . (9- 9) من السيرة والمغازي، وفي ف «بن خلد» كذا. (10- 10) ذكر في السيرة والمغازي «في بني خنساء بن عبيد» ولفظهما «جبار بن صخر بن أمية بن خنساء» ، وفي السيرة «قال ابن هشام: ويقال: جبار بن صخر بن خناس» وفي ف: جابر بن فخر بن أمية بن حناس. (11) في المغازي وفي رواية من السيرة «بلذمة» . (12) زيد في المغازي «من بني ثعلبة بن عبيد» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 201 حارثة بن زيد بن ثعلبة، وسواد بن زريق «1» بن ثعلبة «2» ، ومعبد بن قيس بن صخر ابن حرام «3» ، وعبد الله بن قيس بن صخر بن حرام «3» . ومن بني سواد «4» بن غنم بن كعب: سليم بن عمرو بن حديدة «5» بن عمرو ابن سواد «4» ، وقطبة بن عامر بن حديدة «6» ، ويزيد بن عامر بن حديدة «6» أبو المنذر، وعنترة مولى «7» سليم بن عمرو. ومن بني عدي بن نابي بن عمرو بن سواد «8» بن كعب «9» : معاذ بن جبل بن عمرو بن عائذ بن عدي بن كعب بن [عمرو بن] «10» أدى «11» بن سعد بن علي بن أسد ابن ساردة «12» بن تزيد بن جشم، وعبس بن عامر بن عدي بن نابي، وثعلبة بن غنمة «13» بن «14» عدي، وأبو اليسر كعب بن عمرو «15» بن عباد بن عمرو بن سواد «16» ، وعبد الله بن أنيس، وعمرو بن طلق بن زيد بن أمية بن سنان بن كعب،   (1) في المغازي «زيد» وفي رواية من السيرة «رزن بن زيد» . (2) من السيرة والمغازي، وفي ف «عتبة» . (3) في ف «حزام» والتصحيح من السيرة والمغازي. (4) من السيرة والمغازي والطبقات 3/ 117، وفي ف «سوادة» . (5) من السيرة والمغازي والطبقات 3/ 118، وفي ف «جديرة» . (6) في ف «جديرة» خطأ. (7) زيد في ف «بني» . (8) من السيرة والمغازي، وفي ف «سوادة» . (9) في السيرة «غنم» . (10) من الإصابة والطبقات 3/ 120. (11) كذا في الإصابة والطبقات، وفي السيرة «أذن» . (12) من السيرة والإصابة وجمهرة أنساب العرب ص: 339، وفي ف «سادرة» . (13) من السيرة والمغازي والطبقات 3/ 118، وفي ف «عيمد» . (14) وقع في ف «بن» مكررا. (15) من السيرة والمغازي والطبقات، وفي ف «عمر» . (16) من السيرة والمغازي والطبقات، وفي ف «سوادة» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 202 وسهل بن قيس بن أبي «1» كعب بن القين بن كعب. ومن بني [زريق بن] «2» عامر بن زريق «3» : سعد «4» بن عثمان بن خلدة «5» بن مخلد، والحارث «6» بن قيس بن خالد بن مخلد، وجبير بن إياس بن خالد بن مخلد، وعباد بن قيس بن عامر بن خالد بن عامر «7» بن زريق «8» ، «9» وأسعد بن يزيد ابن «9» الفاكه بن زيد بن خلدة بن عامر، والفاكه بن «10» بشر بن «10» الفاكه بن زيد بن خلدة، و «11» عائذ بن ماعص «11» بن قيس بن خلدة، وأخوه معاذ بن ماعص، ومسعود بن سعد بن قيس بن خلدة. ومن بني العجلان بن عمرو بن عامر بن زريق «12» : رفاعة بن رافع بن مالك ابن العجلان، وأخوه خلاد بن رافع، وعبيد بن زيد بن عامر بن العجلان. ومن بني بياضة بن عامر بن زريق «12» : زياد بن لبيد بن ثعلبة بن سنان بن عامر بن عدي بن أمية بن بياضة، وفروة بن عمرو بن وذفة «13» بن عبيد «14» بن عامر   (1) زيد في ف «بن» خطأ. (2) زيد من السيرة والمغازي 1/ 171 والطبقات 3/ 126 وجمهرة أنساب العرب ص: 338، ولفظ «بن» سقط من السيرة. (3) زيد في ف «بن» خطأ. (4) في المغازي: سعيد. (5) من السيرة والإصابة والجمهرة، وفي ف والمغازي: خالد. (6) زيد في ف: بن خالد. (7) من السيرة والمغازي والطبقات، وفي ف: مخلد. (8) في ف: رزيق. (9- 9) من السيرة والمغازي والإصابة والطبقات 3/ 128، وفي ف: سعيد بن. (10- 10) من السيرة والمغازي والإصابة، وفي ف: بشير، وفي الطبقات 3/ 219: نسر بن. (11- 11) من السيرة والمغازي، وفي ف: عائد بن ساعص- كذا. (12) من السيرة والمغازي، وفي ف: رزيق. (13) من السيرة والمغازي، وفي رواية من السيرة «قال ابن هشام: ويقال: ودفة» . وفي ف: ودفة. (14) من السيرة والمغازي: وفي ف: عمير، خطأ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 203 ابن بياضة، ورخيلة بن ثعلبة بن عامر بن بياضة، وخالد بن قيس بن مالك بن العجلان بن عامر بن بياضة، وخليفة «1» [بن] «2» عدي بن «3» عمرو مالك بن عامر بن فهيرة ابن بياضة «3» . ومن بني حبيب بن عبد «4» حارثة: رافع بن المعلى بن لوذان «5» بن حارثة بن «6» عدي بن زيد بن ثعلبة بن «6» زيد مناة بن حبيب بن [عبد] «7» حارثة. ومن بني النجار «8» وهو تيم الله بن ثعلبة «8» بن عمرو بن الخزرج: أبو أيوب خالد بن زيد بن كليب «9» بن ثعلبة بن عبد «10» عوف بن غنم. ومن بني [عمرو بن] «11» عبد «10» عوف: عمارة بن حزم بن زيد بن لوذان، وسراقة بن كعب بن عبد العزى بن غزية «12» ، وثابت بن خالد بن النعمان بن خنساء ابن عسيرة. ومن بني [عبيد بن] «13» ثعلبة بن غنم بن مالك: حارثة بن النعمان بن رافع بن   (1) من السيرة وجمهرة أنساب العرب ص: 338، وفي ف: حلفه، وقال ابن هشام: ويقال عليقة، وفي المغازي 1/ 173: حليفة. (2) زيد من السيرة والمغازي والجمهرة. (3- 3) في ف: المعلا- كذا. (4) من السيرة والمغازي، وفي ف: عدي بن. (5) من السيرة والمغازي 1/ 171، وفي ف: لودان. (6- 6) كذا في السيرة، وفي المغازي: زيد بن حارثة بن ثعلبة بن عدي بن مالك، انظر جمهرة أنساب العرب ص: 336. (7) من الجمهرة. (8- 8) في ف: وهم تيم اللات بن ملك- كذا، والتصحيح من السيرة وجمهرة أنساب العرب ص: 326، راجع أيضا المغازي 1/ 161. (9) من السيرة والمغازي والجمهرة؛ وفي ف: كليبد- كذا. (10) زيد في الجمهرة: بن. (11) من السيرة والمغازي 1/ 162 والجمهرة ص: 328. (12) من السيرة والمغازي والجمهرة؛ وفي ف: عرزة. (13) زيد من السيرة والمغازي 1/ 162 والجمهرة ص: 329. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 204 زيد بن عبيد، وسليم بن قيس بن قهد «1» - واسم قهد «1» خالد «2» - بن قيس بن ثعلبة ابن «3» عبيد بن ثعلبة. ومن بني عائذ «4» بن ثعلبة بن غنم بن مالك: سهيل بن رافع بن أبي عمرو بن عائذ بن ثعلبة، وعدي بن أبي الزغبا «5» حليف لهم. ومن بني زيد بن ثعلبة بن غنم: مسعود بن أوس [بن زيد، وأبو خزيمة بن أوس بن زيد] «6» بن أصرم بن زيد بن ثعلبة، ورافع بن الحارث بن سواد بن زيد. ومن بني سواد بن مالك بن غنم: عوف بن الحارث، ومعوذ بن الحارث، ومعاذ بن الحارث، ورفاعة بن الحارث بن سواد- وأمهم عفراء، والنعمان «7» بن عمرو بن رفاعة بن الحارث بن سواد، [وعامر بن مخلد بن الحارث بن سواد] «8» ، وعبد الله بن قيس بن زيد «9» بن سواد، وقيس بن عمرو بن قيس «10» ، وثابت بن عمرو بن زيد، وعصيمة، ووديعة بن عمرو حليفان لهم. ومن بني عامر بن مالك بن النجار ثم من بني عتيك بن عمرو بن مبذول: ثعلبة بن عمرو بن محصن بن عمرو بن عتيك، [وسهل بن عتيك بن النعمان ابن عمرو بن عتيك، والحارث بن الصمة بن عمرو بن عتيك] «11» كسر به   (1) من السيرة والمغازي 1/ 162، وفي ف: فهد. (2) من السيرة والمغازي، وفي ف: ذكر- خطأ. (3) التصحيح من السيرة والمغازي، وفي ف: وخطأ. (4) من السيرة والمغازي، وفي ف: عائد. (5) من السيرة والمغازي، وفي ف: الزعرا- خطأ. (6) زيد من السيرة والمغازي، إلا أن في المغازي: أبو خزيمة بن أوس بن أصرم. (7) في المغازي ورواية من السيرة: نعيمان؛ وزيد في ف: بن عبد، فحدفناه مطابقة للسيرة والمغازي. (8) من السيرة والمغازي. (9) كذا، وفي السيرة 2/ 100 والمغازي: خالد بن خلدة بن الحارث. (10) من المغازي، وفي ف: قيسرة، وليس ذكره في السيرة. (11) من السيرة والمغازي 1/ 163. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 205 بالروحاء فرجع فضرب له النبي صلى الله عليه وسلم بسهمه. ومن بني قيس بن عبيد بن زيد: [أبي بن كعب بن قيس بن عبيد] «1» ، وأنس ابن معاذ بن أنس بن قيس بن عبيد. ومن بني عدي بن عمرو بن مالك بن النجار: أبو طلحة واسمه زيد بن سهل ابن الأسود بن حرام «2» بن عمرو «3» بن زيد مناة بن عدي، وأوس بن ثابت بن المنذر ابن حرام «2» بن عمرو بن زيد مناة، وأبو شيخ بن ثابت بن المنذر «4» أخوه «5» . ومن بني عدي [بن النجار ثم من عدي] «6» بن عامر بن غنم بن النجار: [حارثة بن سراقة بن الحارث بن عدي بن مالك بن عدي بن عامر، و] «7» عمرو بن ثعلبة بن وهب بن عدي بن مالك بن عدي بن عامر، و «8» عمرو أبو خارجة «8» بن قيس ابن «9» مالك بن عدي بن عامر «9» وسليط «10» بن قيس بن [عمرو بن عتيك بن] «11» مالك ابن عدي، وأبو سليط اسمه أسيرة، وثابت بن خنساء «12» بن عمرو بن مالك بن   (1) زيد من السيرة والمغازي، وليس في السيرة: بن عبيد. (2) من السيرة والإصابة والمغازي، وفي ف: حزام، خطأ. (3) من السيرة والإصابة، وفي ف «حمير» - خطأ. (4) زيد في ف «و» خطأ. (5) كذا، وفي المغازي 1/ 163 «ومن بني عدي بن عمرو بن مالك بن النجار: أوس بن ثابت بن المنذر ابن حرام أخو حسان بن ثابت، وأبو شيخ واسمه أبي بن ثابت بن المنذر بن حرام بن عمرو» . (6) زيدت هذه العبارة من السيرة 2/ 100. (7) زيدت هذه العبارة من السيرة، انظر المغازي 1/ 163 أيضا. (8- 8) من السيرة، وفي ف «سلمة» خطأ؛ وفي المغازي «وعمرو يكنى أبا خارجة» . (9- 9) من السيرة والمغازي؛ وزيد في المغازي بعده «بن خنساء بن عمرو بن مالك بن عدي بن عامر» ، وفي ف «عمرو بن عبيد بن مالك بن عامر» . (10) زيد هنا في ف «بن عمرو» خطأ، وليس في السيرة والمغازي فحذفناه. (11) زيد من السيرة، وفي المغازي «عمرو بن عبيد» . (12) من السيرة، وفي ف «خسا» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 206 عدي، وعامر بن أمية بن زيد بن الحسحاس «1» بن مالك بن عدي «2» ، وسواد بن غزية بن وهيب «3» حليف لهم. ومن بني حرام «4» بن جندب بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار: أبو الأعور [كعب بن] «5» الحارث بن ظالم بن عبس بن حرام بن جندب وقيس بن السكن بن [قيس بن] «6» زعور «7» بن حرام، وسليم بن ملحان، وحرام بن ملحان- واسم ملحان مالك بن خالد بن زيد بن حرام بن جندب. ومن بني مازن بن النجار ثم من بني عوف بن مبذول «8» : قيس بن أبي صعصعة- واسم [أبي] «9» صعصعة عمرو بن زيد بن عوف بن مبذول، [وعبد الله ابن كعب بن عمرو بن عوف] «10» وعصيمة «11» حليف لهم. ومن بني ثعلبة بن «12» مازن: قيس بن مخلد بن ثعلبة بن صخر بن حبيب بن الحارث بن ثعلبة بن مازن. ومن بني مسعود بن عبد الأشهل بن حارثة بن دينار بن النجار: النعمان بن عبد عمرو بن مسعود بن عبد الأشهل، والضحاك بن عبد عمرو بن مسعود، وسليم   (1) من السيرة والمغازي 1/ 164، وفي ف «الخشخاش» خطأ. (2) زيد في المغازي 1/ 164 هنا: ومحرز بن عامر بن مالك بن عدي بن عامر بن غنم بن عدي» . (3) في السيرة والمغازي «أهيب» . (4) من السيرة والمغازي، وفي ف «حزام» . (5) من المغازي والجمهرة ص: 331. (6) من السيرة والمغازي. (7) في المغازي: زيد، وفي الجمهرة: زعوراء- كذا. (8) من السيرة، وفي ف «مبدول» . (9) زيد من السيرة والمغازي. (10) زيدت هذه العبارة من السيرة والمغازي 1/ 164. (11) في المغازي: عصيم. (12) زيد في ف: صخر بن حبيب بن الحارث بن ثعلبة بن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 207 ابن الحارث بن ثعلبة بن كعب بن حارثة أخوهما لأمهما «1» ، وجابر بن خالد «2» بن عبد الأشهل بن حارثة، وسعد «3» بن سهل بن عبد الأشهل. ومن بني قيس بن مالك: كعب بن زيد بن مالك «4» بن كعب بن حارثة، وبجير بن أبي بجير حليف لهم. فجميع من شهد بدرا من المسلمين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثمائة وثلاثة «5» عشر رجلا، «6» ثلاثة وثمانون رجلا من المهاجرين وستون رجلا من الأوس «7» ، ومائة وسبعون رجلا من الخزرج. ثم كان قتل عصماء، والعصماء هذه بنت مروان من بني أمية بن زيد، زوجها زيد «8» بن الحصن الخطمي، كانت تحرض على المسلمين وتؤذيهم «9» وتقول الشعر، فجعل عمير «10» بن عدي عليه نذرا لئن رد الله رسوله سالما من بدر ليقتلنها، فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة بعد فراغه من بدر عدا عمير بن عدي على عصماء فدخل عليها في جوف «11» [الليل] «12» لخمس ليال بقين من رمضان فقتلها، ثم لحق   (1) زيد في المغازي 1/ 165 «وكعب بن زيد ... » وليس في السيرة. (2) من السيرة والمغازي، وفي ف «عبد الله» . (3) كذا في الإصابة في ترجمته، وفي المغازي «سعيد» . (4) كذا في المغازي، وفي السيرة «قيس» . (5) في ف «ثلاث» خطأ. (6) وفي السيرة «ثلاثمائة رجل وأربعة عشر رجلا ... » . (7) كذا، وفي السيرة «ومن الأوس واحد وستون رجلا. (8) كذا، وفي المغازي 1/ 172: يزيد بن زيد. (9) من الإصابة، وفي ف «تود بهم» . (10) له ترجمة في الإصابة 5/ 34 وفيه «عمير بن عدي بن خرشة ... كان أبوه عدي شاعرا وأخوه الحارث بن عدي قتل بأحد وهو الأنصاري ثم الخطمي، ذكره ابن السكن في الصحابة وقال هو البصير الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزوره في بني واقف ويشهد بدرا لضرارته، وقال ابن إسحاق كان أول من أسلم من بني خطمة وهو الذي قتل عصماء بنت مروان ... » . (11) في ف «خوف» خطأ. (12) من المغازي 1/ 173. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 208 بالنبي صلى الله عليه وسلم؛ فصف مع الناس وصلى معه الصبح وكان صلى الله عليه وسلم يتصلخهم «1» ، إذا قام يريد الدخول إلى منزله فقال لعمير «2» بن عدي: أقتلت عصماء؟ قال: نعم يا رسول الله! هل علي في قتلها شيء؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « «3» لا ينتطح فيها عنزان «3» » . ومات «4» أبو قيس بن الأسلت «5» في آخر شهر رمضان. ثم خطب النبي صلى الله عليه وسلم قبل الفطر بيوم «6» ، وأمرهم بزكاة الفطر قبل أن يغدو إلى المصلى، ثم خرج «7» رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الفضاء والعنزة ركزت بين يديه وصلى إليها من غير أذان ولا إقامة ركعتين، ثم خطب خطبتين بينهما جلسة، وكانت العنزة «8» للزبير بن العوام أعطاها إياه «9» النجاشي، فوهبها الزبير لرسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم «10» كانت غزوة بني قينقاع في شوال، وذلك «11» أن المسلمين لما قدموا المدينة وادعتهم اليهود أن «12» لا يعينوا عليهم «12» أحدا، فلما قفل رسول الله صلى الله عليه وسلم من قتل بدر ورجع إلى المدينة   (1) كذا. (2) في ف: عمير. (3- 3) من الإصابة والمغازي، وفي ف «لا يفتطح فيها عتران» خطأ. (4) في ف «مان» خطأ. (5) له ترجمة في الإصابة 7/ 158. (6) في الطبري 2/ 266 «أمر الناس بإخراج زكاة الفطر وقيل إن النبي صلى الله عليه وسلم خطب الناس قبل الفطر بيوم أو يومين وأمرهم بذلك» . (7) كذا، وفي الطبري «خرج إلى المصلى فصلى بهم صلاة العيد وكان ذلك أول خرجة خرجها بالناس إلى المصلى لصلاة العيد» . (8) كذا، وفي الطبري «فيما ذكر: حملت العنزة له إلى المصلى فصلى إليها وكانت للزبير بن العوام كان النجاشي وهبها له فكانت تحمل بين يديه في الأعياد وهي اليوم فيما بلغني عند المؤذنين بالمدينة» . (9) في ف «إياها» كذا. (10) وقع في ف «أم» خطأ. (11) وقع في ف «فلك» مصحفا. (12- 12) في ف «لا يفتنوا عليه» وفي الطبري لا يعينوا عليه» أي على النبي صلى الله عليه وسلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 209 أظهروا البغي وقالوا: لم يلق محمد أحدا [من] «1» يحسن القتال، لو لقينا للقي «2» عندنا قتالا لا يشبه «3» قتالهم، فأنزل الله وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ «4» الآية. فصار رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم، يحمل لواءه حمزة بن عبد المطلب، واستخلف على المدينة أبا لبابة «5» بن عبد المنذر، حتى أتاهم فحاصرهم خمس عشرة «6» ليلة لا يطلع منهم أحد، ثم نزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمر بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فكتفوا «7» وأراد «7» قتلهم، فكلمه فيهم عبد الله بن أبي «8» وأخذ بجمع «8» درع «9» رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: ما أنا بمرسلك حتى تهبهم «10» لي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «خلوا عنهم» ! ثم أمر بإجلائهم. وغنم رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون ما كان لهم من مال، وكانوا صاغة «11» لم يكن لهم الأرضون ولا قراب «12» ، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم سلاحهم   (1) من الطبري. (2) كذا، وفي الطبري «لاقى» . (3) في الطبري «لا يشبهه» . (4) سورة 8 آية 58. (5) من الطبري، وفي ف «أبا لباقة» . (6) من الطبري، وفي ف «خمسة عشر» . (7- 7) وفي الطبري «وهو يريد» . (8- 8) كذا، وفي المغازي، «فأدخل يده في جنب درع» وفي الطبري 2/ 297 «فحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزلوا على حكمه فقال إليه عبد الله بن أبي بن سلول حين أمكنه الله منهم. فقال: يا محمد أحسن في موالي، فأعرض عنه النبي صلى الله عليه وسلم، قال فأدخل يده في جيب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسلني- وغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى رأوا في وجهه ظلالا- يعني تلوّنا، ثم قال: «ويحك أرسلني» ! قال: لا والله لا أرسلك حتى تحسن إلى موالي أربعمائة حاسر وثلاثمائة دارع، قد منعوني من الأسود والأحمر تحصدهم في غداة واحدة وإني والله لا آمن وأخشى الدوائر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «هم لك» . (9) من المغازي 1/ 177، وفي ف «مرع» . (10) في ف «تهننهم» والصواب ما أثبتناه، وفي الطبري «حتى تحسن إلى موالي» وفي المغازي «حتى تحسن في موالي» . (11) من الطبري، وفي ف «صاعة» خطأ. (12) من المغازي 1/ 179، وفي ف «تراث» كذا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 210 وآلة صياغة «1» ، وولى أكثر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم محمد بن مسلمة، ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عبادة بن الصامت أن يجليهم ويخرجهم بذراريهم من المدينة، فمضى بهم عبادة حتى بلغوا ذباب «2» وأجلاهم. وهذه الغنيمة أول خمس «3» خمسها رسول الله صلى الله عليه وسلم في الإسلام، أخذ منهم صفيه «4» وخمسه «5» ، وقسم أربعة أخماسا «6» على المسلمين. ثم كانت غزوة السويق في ذي القعدة «7» . وذلك أن أبا سفيان لما رجع من الشام بالعير وأفلت بها نذر أن النساء والدهن عليه حرام حتى يطلب ثأره من محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فخرج في مائتي راكب حتى أتى بني النضير وسلك النّجدية ودق على حي بن أخطب بابه، فأبى أن يفتح له، ودق على سلّام من مشكم ففتح له فقراه وسقاه خمرا، وأخبره سلام بأخبار النبي صلى الله عليه وسلم وأخبار المدينة. فلما كان في السحر خرج فمر بالعريض، فإذا رجل معه أجير له معبد بن عمرو من المسلمين فقتلهما وحرق أبياتا «8» هناك وتبنا «9» ورأى أن يمينه قد بر؛ فجاء «10» الخبر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في أثره في مائتي رجل من   (1) من الطبري، وفي ف «الصناعة» وبهامش الطبري «صناعتهم» . (2) من الطبري، وفي ف «دباب» خطأ. (3) من الطبري، وفيها: وفيها كان أول خمس خمسه رسول الله صلى الله عليه وسلم» ، وفي ف: خميس. (4) من الطبري، وفي ف «صفية» ، وفي الطبري تمامه «فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم صفيه والخمس وسهمه وفض أربعة أخماس على أصحابه» . (5) في ف «خمسة» ، وفي الطبري «الخمس» . (6) التصحيح من الطبري، وفي ف «أخمسا» . (7) في المغازي 1/ 181 والطبري 2/ 299: ذي الحجة. وقال الطبري في ص 300 «وأما الواقدي فزعم أن غزوة السويق كانت في ذي القعدة من سنة اثنتين من الهجرة» . (8) من الطبري، وفي ف: إثباتا. (9) من الطبري، وفي ف: بيتا. (10) في الطبري: قد حلت. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 211 المهاجرين والأنصار، واستخلف على المدينة أبا لبابة بن عبد المنذر، فأعجزهم أبو سفيان «1» ، وكان هو وأصحابه عامة زادهم السويق، فجعلوا يلقون «2» السويق يتخففون بذلك، فسميت هذه الغزوة «غزوة السويق» ورسول الله صلى الله عليه وسلم في أثرهم، فلما أعجزهم ولم يلحقهم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة. ومات أبو السائب عثمان بن مظعون «3» في ذي الحجة «4» . ثم ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج بالناس إلى المصلى، وهي أول ضحية ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ذبح كبشين أملحين أقرنين بيده، ووضع رجله على صفاحهما وسمى وكبر، وضحى المسلمون معه. ثم بنى عليّ بفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذي الحجة. السنة الثالثة من الهجرة أخبرنا أحمد «5» بن علي بن المثنى ثنا أبو يعلى بالموصل ثنا إسحاق «6» بن إبراهيم بن أبي إسرائيل ثنا سفيان عن عمرو بن دينار سمع جابر بن عبد الله يقول قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من لكعب بن الأشرف؟ «7» فإنه قد آذى الله ورسوله» ! فقال له محمد بن مسلمة «8» : أنا له «9» يا رسول الله! «10» أتأذن لي أقول شيئا؟ قال: «بلى» ، فأتاه فقال: إن هذا سألنا صدقة في أموالنا، قال وأيضا «10» :   (1) في ف: أبا سفيان. (2) في ف: يلعون. (3) في ف «مطعون» . (4) زاد في الطبري: «فدفنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبقيع، وجعل عند رأسه حجرا علامة لقبره» . (5) يأتي ترجمته في الجزء الرابع من هذا الكتاب. (6) ذكر ابن حجر ترجمته في التهذيب 1/ 223. (7) وقد ذكره الطبري 3/ 3 بإسناده باختلاف يسير، وفي ابتدائه «من لي من ابن الأشرف» وفي المغازي 1/ 187 «من لي بابن الأشرف فقد آذاني ... » . (8) من الطبري والمغازي والإصابة؛ وفي ف «سلمة» . (9) في الطبري «لك به» ، وفي المغازي «به» . (10- 10) كذا ذكر مختصرا؛ وفي الطبري تمامه «أنا أقتله، قال: فافعل إن قدرت على ذلك، فرجع محمد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 212 والله ... «1» قال: فإنا قد اتبعناه فنكره أن ندعه حتى ننظر إلى أي شيء يصير شأنه، وإني قد أتيتك استسلفك، قال: «فارهنوا نسائكم» ، قالوا: كيف نرهنك نساءنا؟ وكنت أجمل العرب، قال: فارهنوني أبناءكم» ، قالوا: كيف نرهنك أبناءنا؟ تسب الدهر وتعير، فيقال: رهين بوسق أو وسقين «2» ، ولكنا نرهنك اللأمة «3» أي السلاح، فأتاه «4» ومعه أبو عبس بن جبر «5» والحارث بن [أوس بن] معاذ وعباد بن بشر وأبو   ابن مسلمة فمكث ثلاثا لا يأكل ولا يشرب إلا ما يعلق نفسه، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فدعاه فقال له: «لم تركت الطعام والشراب» ؟ قال: يا رسول الله! قلت قولا لا أدري أفي به أم لا، قال: «إنما عليك الجهد» ، قال: يا رسول الله! إنه لا بد لنا من أن نقول، قال: «قولوا ما بدا لكم فأنتم في حل من ذلك» . قال: فاجتمع في قتله محمد بن مسلمة وسلكان بن سلامة بن وقش وهو أبو نائلة أحد بني عبد الأشهل- وكان أخا كعب من الرضاعة، وعباد بن بشر بن وتش أحد بني عبد الأشهل والحارث بن أوس بن معاذ أحد بني عبد الأشهل وأبو عبس بن جبر أخو بني حارثة، ثم قدموا إلى ابن الأشرف قبل أن يأتوه سلكان بن سلامة أبا نائلة، فجاءه فتحدث معه ساعة وتناشدا شعرا، وكان أبو نائلة يقول الشعر ثم قال: ويحك يا ابن الأشرف إني قد جئتك لحاجة أريد ذكرها لك فأكتم علي، قال: افعل، قال: كان قدوم هذا الرجل بلاء عادتنا العرب ورمونا عن قوس واحدة وقطعت عنا السبل حتى ضاع العيال وجهدت الأنفس وأصبحنا قد جهدنا وجهد عيالنا، فقال كعب: أنا ابن الأشرف، أما والله لقد كنت أخبرتك يا ابن سلامة أن الأمر سيصير إلى ما كنت أقول، فقال سلكان: إني قد أردت أن تبيعنا طعاما ونرهنك ونوثق لك وتحسن في ذلك، قال: ترهنوني أبناءكم، فقال: قد أردت أن تفضحنا إن معي أصحابا لي على مثل رأيي وقد أردت أن آتيك بهم فتبيعهم وتحسن ذلك ونرهنك من الحلقة ما فيه لك وفاء، وأراد سلكان أن لا ينكر السلاح إذا جاءوا بها، فقال: إن في الحلقة لوفاء. قال: فرجع سلكان إلى أصحابه فأخبرهم خبره وأمرهم أن يأخذوا السلاح فينطلقوا فيجتمعوا إليه، فاجتمعوا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم» . (1) كذا، هنا بياض في الأصل، وفي المغازي 1/ 188 «فقال كعب: قد والله كنت أحدثك بهذا يا ابن سلامة أن الأمر سيصير إليه ... » . (2) كذا، وفي الطبقات 1/ 23 «قالوا إنا نستحي أن يعير أبناؤنا فيقال هذا رهينة وسق وهذا رهينة وسقين» . (3) وفي الأقرب: «اللأمة- بالفتح: الدرع» . (4) في ف «فأناد» خطأ. (5) من الطبري، وفي ف «حبر» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 213 نائلة، فقال لهم محمد بن مسلمة: إني محبس رأسه وممسكه «1» ، فإذا قلت «اضربوا» فاضربوا. فقال له محمد بن مسلمة: أتأذن لي أن أشم «2» رأسك؟ فقال: نعم، فمس وقال: ما أطيبك وما أطيب ريحك! قال: عندي فلانة وهي أعظم نساء العرب، ثم قال له: أتأذن لي أن أشم «2» رأسك؟ قال: نعم، فمس رأسه حتى استمكن منه، قال لهم: اضربوه، فضربوه حتى قتلوه، فرجعوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبروه. قال: خرج كعب بن الأشرف إلى مكة فقدمها ووضع رجله عند المطلب «3» ابن أبي وداعة السهمي وجعل ينشد الأشعار ويحرض الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويبكي على قتلى بدر من أصحاب القليب، ثم رجع إلى المدينة، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: من لكعب بن الأشرف؟ فإنه قد آذى الله ورسوله! فقال محمد بن مسلمة: أنا إن تأذن أن أقول- يريد- كذبا في الحرب، فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرج محمد بن مسلمة، ومعه أربعة نفر: أبو عبس بن جبر، وعباد بن بشر بن وقش، وأبو نائلة «4» سلكان بن سلامة بن وقش، والحارث بن أوس بن معاذ بن أخي سعد بن معاذ! فانتهوا إلى كعب بن الأشرف وهو في أطم «5» من آطام المدينة، فقال له محمد بن مسلمة: إن محمدا يأخذ صدقة أموالنا- وأراد «6» المال منه- ثم قال له: أتيتك أستسلفك فأرهن «7» السلاح، ثم جاء يغمر رأسه، فلما استمكن منه ضربه وضربوه حتى قتل، واحتزوا رأسه وجاءوا به إلى النبي صلى الله عليه وسلم.   (1) في ف «مشمكموه» مصحفا. (2- 2) في ف «أسر» . (3) وقع في ف «المكلب» مصحفا، والتصحيح من الطبري 3/ 3 وفيه «حتى قدم مكة فنزل على المطلب ابن أبي وداعة» . (4) التصحيح من الطبري، وفي ف «نايكة» خطأ. (5) في ف «أطام» . (6) في ف «أراه» كذا. (7) في ف «فارهنوا» وقد مضى ما في الطبري آنفا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 214 ثم غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة قرقرة الكدر «1» ، حامل لواءه علي بن أبي طالب، واستخلف على المدينة ابن أم مكتوم، ثم رجع ولم يلق كيدا. ثم زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أم كلثوم ابنته الأخرى من عثمان بن عفان في أول شهر ربيع الأول. ثم غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة «2» بذي أمر «2» في شهر ربيع الأول، فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذا أمر «3» عسكر به ذا من «4» غطفان، أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطر فبل ثوبه، [ثم نزع ثيابه] «5» فعلقها على شجرة ليستجفها ونام تحتها، فقالت غطفان «6» لدعثور بن الحارث وكان شجاعا: تفرد «7» محمد «8» من أصحابه وأنت لا تجد «9» أخلى منه الساعة! فأخذ سيفا صارما ثم انحدر ورسول الله صلى الله عليه وسلم مضطجع ينتظر جفوف ثيابه، فلم يشعر إلا بدعثور بن الحارث واقف على رأسه بالسيف وهو   (1) من السيرة 2/ 119 وفيه: يقال له الكدر فأقام عليه ثلاث ليال ثم رجع إلى المدينة ولم يلق كيدا» وفي المغازي 1/ 182 «غزوة قرارة الكدر» وبهامشه «ويقال قرقرة الكدر، وهي بناحية معدن بني سليم قريب من الأخضية وراء سد معونة، وبين المعدن وبين المدينة ثمانية برد» . (2- 2) في ف «أنمار» كذا. (3) التصحيح من الخصائص الكبرى، 1/ 210، وفي الأصل «أمن» مصحفا، وفي معجم البلدان «أمر بلفظ الفعل من أمر يأمر معرب ذو أمر- موضع غزاة رسول الله صلى الله عليه وسلم.. قال الواقدي هو من ناحية الخيل وهو بنجد من ديار غطفان وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج في ربيع الأول من سنة ثلاث للهجرة لجمع بلغه أنه اجتمع من محارب وغيرهم فهرب القوم منهم إلى رؤوس الجبال وزعيمها دعثور بن الحارث المحاربي فعسكر المسلمون بذي أمر ... » . (4) في الأصل «أمن» كذا. (5) من المغازي 1/ 195، وفيه: وقد جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وادي ذي أمر بينه وبين أصحابه ثم نزع ثيابه فنشرها لتجف وألقاها على شجرة» . (6) في الأصل «عطفان» . (7) في المغازي «قد انفرد من أصحابه» . (8) في ف «محمدا» . (9) في ف «لا تجرد» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 215 يقول: من يمنعك مني؟ يا محمد! فقال «1» رسول الله صلى الله عليه وسلم: [الله] «2» ! ودفعه جبريل في صدره فوقع السيف من يده، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم السيف، ثم قام على رأسه وقال: من يمنعك مني؟ قال: لا أحد، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قم فاذهب لشأنك» ، فلما ولى قال: أنت خير نبي يا محمد! قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنا أحق بذلك منك» ، فلما سمعت الأعراب من غطفان برسول الله صلى الله عليه وسلم لحقت بذي الجبال، فلما أعجزوه رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة «3» . وولد السائب «4» بن يزيد ابن أخت نمر. وغزا رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر جمادى الأولى «5» بحران معدن بناحية الفرع، ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يلق كيدا «6» . ثم كانت سرية الفردة وذلك أن قريشا قالت: قد عور «7» علينا محمد متجرنا وهو على طريقنا، وإن أقمنا بمكة أكلنا رؤوس أموالنا؛ فقال أبو زمعة «8» بن الأسود بن المطلب «9» : أنا   (1) في ف: فقام. (2) من المغازي. (3) ذكره السيوطي في الخصائص الكبرى 1/ 210 بر؟؟؟ الواقدي- فراجمها. (4) له ترجمة في الإصابة 3/ 62. (5) من المغازي 1/ 196، وفي ف «الأول» وفي السيرة 3/ 2 «ثم رجع إلى المدينة ولم يلق كيدا فلبث بها شهر ربيع الأول كله إلا قليلا منه، ثم غزا يريد قريشا وبني سليم حتى بلغ بحران معدنا بالحجاز من ناحية الفرع، فأقام بها شهر ربيع الآخر وجمادى الأولى ... » . (6) في المغازي «استخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم على المدينة ابن أم مكتوم» . (7) من الطبري، وفي ف «عود» ؛ وفي المغازي 1/ 197 «فقال صفوان بن أمية: إن محمدا وأصحابه قد عوروا علينا متجرنا، فما ندري كيف نصنع بأصحابه لا يبرحون الساحل وأهل الساحل قد وادعهم ودخل عامتهم معه فما ندري أين نسلك وإن أقمنا نأكل رؤوس أموالنا ونحن في دارنا هذه ما لنا بها نفاق ... » . (8) كذا في ف والمغازي، وفي الطبري 3/ 6: زمعة. (9) في ف «المطلب» خطأ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 216 أدلكم على رجل يسلك بكم طريقا ينكب عن محمد وأصحابه، لو سلكها مغمض «1» العينين «2» لاهتدى! فقال صفوان بن أمية: من هو؟ قال: فرات بن حيان العجلي- وكان دليلا، فاستأجره صفوان بن أمية وخرج بهم في الشتاء وسلك بهم على ذات عرق «3» ثم على غمرة «4» ، فلما بلغ الخبر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث زيد بن حارثة في جمادى الأولى «5» ، فاعترض العير فظفر بها، وأفلت أعيان القوم وأسر فرات بن حيان العجلي، وكان له مال كثير وأواقي من فضة، فقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم الغنائم على من حضر الواقعة وأخذ الخمس عشرين ألفا، وأطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم فرات بن حيان فرجع إلى مكة «6» . ثم تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفصة بنت عمر بن الخطاب، قال عمر بن الخطاب: لما تأيمت «7» حفصة «8» لقيت عثمان بن عفان فعرضتها عليه، فقال «9» : إن شئت زوجتك حفصة، قال: سأنظر في ذلك، فمكث ليال ثم لقيني فقال: بدأ   (1) التصحيح من الطبري والمغازي، وفي ف «معمص» . (2) كذا، وفي المغازي «العين» . (3) في معجم البلدان «ذات عرق: منهل أهل العراق، وهو الحد بين نجد وتهامة» . (4) من الطبري، وفي ف «عمرة» . (5) في المغازي والطبري «جمادى الآخرة» . (6) في المغازي «وكان في الأسرى فرات بن حيان فأتى به فقيل له: أسلم، إن تسلم نتركك من القتل، فأسلم فتركه من القتل» وانظر الطبري أيضا. (7) في مجمع بحار الأنوار «تأيمت حفصة من ابن خنيس لا تتزوج» . (8) لها ترجمة في الإصابة 8/ 50 وفيها «حفصة بنت عمر بن الخطاب أمير المؤمنين هي أم المؤمنين ... وكانت قبل أن يتزوجها النبي صلى الله عليه وسلم عند خنيس بن حذافة وكان ممن شهد بدرا ومات بالمدينة فانقضت عدتها فعرضها عمر على أبي بكر فسكت فعرضها على عثمان حين ماتت رقية بنت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما أريد أن أتزوج اليوم، فذكر ذلك عمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يتزوج حفصة من هو خير من عثمان، ويتزوج عثمان من هو خير من حفصة، فلقي أبو بكر عمر قال: لا تجد علي فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر حفصة فلم أكن أفشي سر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو تركها لزوجتها، وتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم حفصة بعد عائشة» . (9) كذا، والصواب: فقلت. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 217 لي أن لا أتزوج يومي هذا؛ قال عمر: فلقيت أبا بكر فقلت له: إن شئت زوجتك حفصة! فصمت أبو بكر ولم يرجع إليّ بشيء، فكنت على أبي بكر «1» أوجد مني على عثمان، ثم مكثت ليال فخطبها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنكحتها إياه، فلقيني أبو بكر فقال: لعلك وجدت في نفسك؟ فقلت: نعم، فقال أبو بكر: لم يمنعني أن أرجع إليك فيها بشيء إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم قد كان ذكرها فلم أكن أفشي سره، ولو تركها قبلتها «2» . ثم تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب «3» بنت خزيمة من بني هلال التي يقال لها أم المساكين، ودخل بها حيث تزوجها في أول شهر رمضان، وكانت قبله تحت الطفيل بن الحارث فطلقها؛ ثم ولد الحسن بن علي بن أبي طالب في النصف من شهر رمضان، وعق عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبشين وحلق رأسه، وأمر أن يصدق بوزن شعره فضة على الأوقاص «4» من المساكين. ثم كانت غزوة أحد وذلك أن أبا سفيان لما رجع بعيره إلى مكة قال عبد الله بن [أبي] «5» ربيعة المخزومي وعكرمة بن أبي جهل ورجال من قريش ممن «6» أصيب آباؤهم وأبناؤهم وإخوانهم ببدر: يا معشر قريش! إن محمدا قد وتركم وقتل خياركم، فأعينونا على حربه لعلنا [أن] «7» ندرك منه بعض ما أصاب منا! فاجتمعت قريش [على] المسير   (1) في ف «أبو بكر» . (2) وقد ذكره الطبري مختصرا- 3/ 9. (3) لها ترجمة في الإصابة 8/ 94. (4) الأوقاص أي الزعانف، وهي الطائفة من كل شيء، يقال: أتانا أوقاص من بني فلان- انظر تاج العروس (وقص) . (5) من الطبري 3/ 10 والمغازي 199. (6) من الطبري، وفي ف «من» . (7) من الطبري. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 218 إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأحابيشها ومن أطاعها «1» من قبائل «2» مكة وغيرها «2» ، وخرجوا معهم بالظعن «3» ، فخرج أبو سفيان بن حرب بهند بنت عتبة بن ربيعة أم معاوية، وخرج عكرمة بن أبي جهل بأم حكيم «4» بنت الحارث بن هشام، وخرج الحارث بن هشام بفاطمة بنت الوليد بن المغيرة، وخرج صفوان بن أمية ببرة «5» ابنة مسعود بن عمرو وهي أم عبد الله بن صفوان، وخرج عمرو بن العاص بريطة «6» ابنة منبه بن الحجاج السهمي وهي أم عبد الله بن عمرو، وخرج طلحة بن أبي طلحة بسلافة «7» ابن شهيد «8» أحد بني عروة بن عوف مع نسوة غيرهن «8» ، ودعا جبير بن مطعم غلامه وحشيا فقال: إن قتلت عم محمد حمزة بعمي «9» طعيمة بن عدي فأنت عتيق. فخرجت قريش تريد رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزلوا بعينين جبل ببطن السبخة «10» على شفير الوادي مما يلي المدينة وهم ثلاثة آلاف رجل، معهم من الخيل مائتا فرس، ومن الظعن خمسة عشر امرأة؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سمع بهم: «إني رأيت فيما يرى النائم في ذباب سيفي ثلمة «11» ، ورأيت بقرة نحرت، ورأيت كأني أدخلت يدي في «12» درع حصينة «12» ؛ فتأولتها «13» المدينة» . وكره رسول الله صلى الله عليه وسلم الخروج إليهم، فقال عبد الله   (1) من الطبري، وفي ف «أطاعهما» كذا. (2- 2) في الطبري: كنانة وأهل تهامة. (3) من الطبري، وفي ف «خرجت معهم بالطعن» كذا. (4) من الطبري وكتاب نسب قريش ص 311، وفي ف «أم حكيمة» وفي المغازي 1/ 203 «أم جهيم» . (5) في المغازي والطبري «ببرزة» وفي الطبري «وقيل: ببرة» . (6) من الطبري ونسب قريش ص: 411، وفي ف «بريكة» خطأ، وفي المغازي 1/ 203 «هند بنت منبه ابن الحجاج وهي أم عبد الله بن عمرو» . (7) من الطبري، وفي ف «سلافة» . (8- 8) كذا. (9) التصحيح من الطبري، وفي الأصل «يعني» خطأ. (10) انظر معجم البلدان 6/ 249. (11) في الطبري 3/ 11 «ثلما» وفي ف «ثلعة» مصحف. (12- 12) في ف: «دوع حصنة» ، والتصحيح من الطبري. (13) كذا، وفي الطبري «فأولتها» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 219 ابن أبي بن سلول: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم! لا تخرج إليهم، فو الله! ما خرجنا إلى عدو قط إلا أصاب منا، وما دخلها علينا إلا أصبناه. فقال رجال من المسلمين ممن كان فاتهم بدر: يا رسول الله! اخرج بنا إلى أعداء الله، لا يرون «1» أنا جبنّا «1» عنهم أو ضعفنا، فقال عبد الله بن أبي: يا رسول الله! أقم فإن [أقاموا] «2» أقاموا بشر مجلس «3» ، وإن دخلوا علينا قاتلهم «4» الرجال في وجوههم ورماهم النساء والصبيان بالحجارة من فوقهم «5» . فلم يزل برسول الله صلى الله عليه وسلم الذين كان من أمرهم حب لقاء القوم حتى دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فلبس لأمته «6» ثم خرج عليهم، وقد ندم الناس وقالوا: استكرهنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يكن لنا ذلك، ثم قالوا: يا رسول الله استكرهناك ولم يكن لنا ذلك، إن شئت فاقعد- صلى الله عليك! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما ينبغي لنبي إذا لبس لأمته أن يضعها حتى يقاتل» ! فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في شوال يوم السبت في ألف رجل، واستخلف على المدينة ابن أم مكتوم، وصلى المغرب بالشيخين «7» في طرف المدينة- وقد قيل: بالشوط «8» .   (1- 1) من الطبري، وفي ف «إن أجبنا» . (2) زيد من الطبري. (3) في المغازي 2/ 210: «محبس» . (4) من الطبري، وفي ف «قاتلتهم» . (5) زيد في الطبري «وإن رجعوا رجعوا خائبين كما جاءوا» . (6) زيد في الطبري بعده «وذلك يوم الجمعة حين فرغ من الصلاة، وقد مات في ذلك اليوم رجل من الأنصار يقال له مالك بن عمرو أحد بني النجار فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم» . (7) في ف: بالسخين، والتصحيح من الطبري، وفي معجم البلدان 5/ 319: «شيخان موضع بالمدينة كان فيه معسكر رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة خرج لقتال المشركين بأحد» . وفي الطبري «قال أبو جعفر قال محمد بن عمر الواقدي انخزل عبد الله بن أبي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الشيخين بثلاثمائة وبقي رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبعمائة، وكان المشركون ثلاثة آلاف والخيل مائتي فرس والظعن خمس عشرة امرأة. قال: وكان في المشركين سبعمائة دارع، وكان في المسلمين مائة دارع، ولم يكن معهم من الخيل إلا فرسان فرس لرسول الله صلى الله عليه وسلم وفرس لأبي بردة بن نيار الحارثي، فأدلج رسول الله صلى الله عليه وسلم من الشيخين حين طلعت الحمراء وهما أطمان كان يهودي ويهودية أعميان يقومان عليهما فيتحدثان فلذلك سميا الشيخين وهو في طرف المدينة» . (8) من الطبري، وفي ف «بالشوك» ، انظر 5/ 308 من المعجم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 220 ثم عرض المقاتلة فأجاز من أجاز ورد من رد، فكان فيمن رد زيد بن ثابت وعبد الله بن عمر وأسيد بن ظهير «1» والبراء بن عازب وعرابة بن أوس الحارثي وأبو سعيد الخدري. وأجاز سمرة بن جندب، وأما رافع بن خديج فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم استصغره، فقام على خفين «2» وتطاول على أطرافه، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم أجازه. وكان دليل النبي صلى الله عليه وسلم أبو حثمة «3» الحارثي. فقال عبد الله بن أبي لمن معه: أطاعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وعصاني، والله ما ندري على ما نقتل أنفسنا معه، أيها الناس ارجعوا! فعزل من العسكر ثلاثمائة رجل ممن تبعه ورجع بهم المدينة. ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبعمائة رجل وسلك حرة بني حارثة ثم نزل حتى مضى بالشعب من أحد في عدوة «4» الوادي وجعل ظهره إلى أحد، وقال: «لا يقاتلن أحد حتى آمره» . ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم على الرماة عبد الله بن جبير أحد بني عمرو بن عوف، وهم خمسون رجلا، وقال: «انضح عنا الخيل لا يأتونا «5» من خلفنا، إن كانت علينا أو لنا فاثبت مكانك، لا نؤتين «6» من قبلك» ! ثم ظاهر رسول الله صلى الله عليه وسلم في درعين، وأعطى اللواء عليّ بن أبي طالب «7» ، وقال: «من يأخذ مني هذا السيف بحقه» ؟ قال أبو دجانة سماك بن خرشة: وما حقه يا رسول الله؟ قال: «تضرب به في العدو حتى ينحني» ، فقال: يا رسول الله! أنا آخذه بحقه، فأعطاه إياه- وكان أبو دجانة رجلا شجاعا يختال «8» عند الحرب، وكان إذا   (1) من الطبري والمغازي 1/ 216، وفي ف «حضير» . (2) من الطبري، وفي ف «حصير» كذا. (3) من الطبري 3/ 13 والمغازي 1/ 218، وفي ف «حيثمة» . (4) من الطبري، وفي ف «عدة» . (5) من الطبري 3/ 13، وفي ف: لا نؤتى. (6) من الطبري، وفي ف: لا تؤتين. (7) في الطبري 3/ 14: أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم اللواء رجلا من قريش يقال له مصعب بن عمير» . (8) من الطبري، وفي ف «يحتال» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 221 أعلم «1» بعصابة «2» له حمراء ويعصب بها رأسه، فإذا رأوا ذلك علموا أنه سيقاتل؛ فأخذ السيف من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخرج عصابة فعصب بها رأسه ثم أخذ يتبختر بين الصفين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنها لمشية يبغضها الله إلا في هذا الموطن» . وتعبأت قريش، وجعلوا على ميمنة الخيل خالد بن الوليد، وعلى ميسرتها عكرمة بن أبي جهل؛ وقال أبو سفيان بن حرب لأصحابه: إنكلم قد وليتم لواءنا يوم بدر فأصابنا ما قد رأيتم وإنما يؤتى الناس من قبل راياتهم «3» إذا مالت مالوا «3» فإما أن تكفونا لواءنا وإما أن تخلوا بيننا وبينه فنكفيكموه «4» ، فهموا «5» به وتواعدوه وقالوا: نحن نسلم إليك ستعلم كيف نصنع! وجاءت هند بنت عتبة والنسوة اللواتي «6» معها يحرضنهم على القتال، «7» وتقول فيما تقول «7» : إن تقبلوا «8» نعانق ... ونفرش النمارق أو «9» تدبروا نفارق ... فراق غير دامق «10» وأول من خرج من المشركين أبو عامر بن أمية في الأحابيش وقال: يا معشر الأوس! أنا أبو عامر! قالوا: فلا أنعم الله بك عينا، ثم راضخ «11»   (1) وقع في ف «اعلم» مكررا. (2) في ف «بعصباة» خطأ- والصواب ما أثبتناه ومثله في الطبري. (3- 3) في الطبري 3/ 16: إذا زالت زالوا. (4) كذا، وفي الطبري «فسنكفيكموه» . (5) من الطبري، وفي ف «فهوا» خطأ. (6) من الطبري 3/ 16، وفي ف «التي» . (7- 7) في ف: يقول فيما يقول. (8) من الطبري والمغازي 1/ 225، وفي ف «تقتلوا» كذا. (9) من الطبري والمغازي، وفي ف «وإن» . (10) من الطبري والمغازي، وفي ف «والق» خطأ. ويقال إن هذا الرجز لهند بنت طارق بن بياضة الإيادية في حرب الفهرس- انظر الروض الأنف 2/ 129. (11) في ف «ناضح» . وفي الطبري «راضخهم» ، وفي المغازي «فتراموا» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 222 المسلمين بالحجارة وقاتلهم قتالا شديدا «1» ، وقاتل أبو دجانة في رجال من المسلمين حتى حميت الحرب وأنزل الله النصر، وكشفهم المسلمون عن معسكرهم، وكانت الهزيمة عليهم، فلم يكن بين أخذ المسلمين هندا وصواحبها إلا شيء يسير، وقتل علي بن أبي طالب طلحة وهو حامل لواء قريش، و [أبا] الحكم بن الأخنس بن شريق «2» ، وعبيد الله بن جبير بن أبي زهير «3» ، وأمية «4» بن أبي حذيفة بن المغيرة. وأخذ اللواء بعد طلحة أبو سعد «5» فرماه سعد بن أبي وقاص فقتله، وبقي اللواء صريعا لا يأخذه أحد، فتقدم رجل من المشركين يقال له صؤاب «6» فأخذ اللواء وأقامه لقريش، فكر المسلمون عليه حتى قطعوا يديه ثم قتل، وصرع اللواء. فلما رأى الرماة الذين خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم أن المشركين قد انهزموا وتركوا، تركوا مصافهم يريدون النهب وخلوا ظهور المسلمين للخيل، وأتاهم المشركون من خلفهم وصرخ صارخ: ألا! أن محمدا قد قتل! فانكشف المسلمون فصاروا بين قتيل وجريح ومنهزم حتى خلص [العدوّ إلى] رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصيب رباعيته، فجعل يمسح الدم عن وجهه ويقول: «كيف يفلح قوم خضبوا وجه نبيهم» . ثم قام زياد بن السكن في خمسة من الأنصار، فقاتلوا دون رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا رجلا حتى قتلوا، وكان آخرهم زياد بن السكن «7» فأثبتته الجراحة، وجاء المسلمون فأجهضوهم عنه «7» ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ادنوه مني» ! فوسده قدمه   (1) من الطبري، وفي ف «شيريدا» . (2) من المغازي 1/ 308، وفي ف «الحكم بن الأخنس بن شريف» . (3) ما وجدناه في المراجع التي بين أيدينا، لعله «عبد الله بن حميد بن زهير، قتله أبو دجانة» المغازي 1/ 307. (4) في ف «أبا أمية» ، والتصحيح من المغازي. (5) هو أبو سعد بن أبي طلحة- انظر المغازي 1/ 227. (6) من الطبري 3/ 17 والمغازي 1/ 230، وفي ف «صعاب» . (7- 7) في ف «فأتيت فيه وجاء المسلمون فأحبضوهم عنه» ، وفي الطبري 3/ 18: كان آخرهم زياد أو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 223 «1» حتى مات في حجره «1» ، وترّس «2» أبو دجانة دون رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه، فكانت النبل تقع في ظهره وهو ينحني «3» عليه حتى كثرت «4» فيه النبل. وقاتل مصعب بن عمير دون رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قتل، أصابه ابن قميئة «5» الليثي وهو يظن أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم رجع إلى قريش وقال: قتلت محمدا! والتقى حنظلة بن أبي عامر وأبو سفيان فاستعلى حنظلة أبا سفيان بالسيف، فلما رآه «6» ابن شعوب «7» أن أبا سفيان قد علاه حنظلة بالسيف ضربه فقتله، فقال رسول الله: «إن صاحبكم لتغسله الملائكة» ! وخرج حمزة بن عبد المطلب فمر به سباع بن عبد العزى الخزاعي «8» وكان يكنى أبا نيار، فقال: هلم يا ابن مقطعة البظور «9» ! فالتقيا فضربه حمزة فقتل، ثم جعل يرتجز ومعه سيفان إذ عثر دابته فسقط على قفاه وانكشف الدرع عن بطنه، فانتزع وحشي «10» حربته فهزها ورماها فبقر بها بدنه ثم أخذ حربته وتنحاه. وقد انتهى «11» أنس بن النضر عم أنس بن مالك إلى عمر بن الخطاب وطلحة ابن عبيد الله ورجال من المهاجرين والأنصار قد أسقطوا [ما] في أيديهم وألقوا   عمارة بن زياد بن السكن فقاتل حتى أثبتته الجراحة ثم فاءت من المسلمين فئة حتى أجهضوهم عنه. (1- 1) في الطبري «فمات وخده على قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم» . (2) من الطبري، وفي ف «اترس» . (3) في الطبري «منحن» . (4) في ف «كثر» . (5) من الطبري، وفي ف «قمية» . (6) في ف «جعونة» والصواب ما أثبتناه- انظر الطبري 3/ 21. (7) كان يقال لشداد بن الأسود بن شعوب. (8) كذا، وفي الطبري 3/ 18 «الغبشاني» وفي جمهرة أنساب العرب ص: 230 «في بني خزاعة سباع بن عبد عمرو بن ثعلبة بن عمرو بن غبشان، قتله حمزة بن عبد المطلب» . (9) من الطبري، وفي ف «البكور» خطأ. (10) هو غلام جبير بن مطعم- كما في الطبري. (11) من الطبري 3/ 19، وفي ف «انتحى» تحريف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 224 بأيديهم فقال «1» : ما يجلسكم؟ [قالوا] «2» قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ قال: فما تصنعون بالحياة بعده! قوموا فموتوا على ما مات عليه! ثم استقبل القوم فقاتل حتى قتل، ووجد فيه سبعون ضربة بالسيف والرمح. وكان أول من عرف رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث كانت الهزيمة كعب بن مالك، قال: عرفت عينيه تزهران من تحت المغفر فناديت بصوتي: يا معشر المسلمين! ابشروا فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم «3» ! فلما عرف المسلمون رسول الله صلى الله عليه وسلم نهضوا إليه، فيهم «4» : أبو بكر وعمر وعلي وطلحة والزبير وسعد والحارث بن الصمة، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يناول النبل سعدا ويقول: «ارم فداك أبي وأمي» . ثم أدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي بن خلف وهو يقول: يا محمد! لا نجوت إن نجوت. فقال القوم: يا رسول الله! أيعطف عليه رجل منا؟ فقال: «دعوه» ! فلما دنا تناول رسول الله صلى الله عليه وسلم الحربة من الحارث بن الصمة ثم انتفض بها انتفاضة ثم استقبله وطعنه بها فمال عن فرسه، وقد كان أبي بن خلف يلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة فيقول: إن عندي «5» العود أعلفه «5» كل يوم فرقا من ذرة «6» أقتلك عليه! فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بل أنا أقتلك إن شاء الله» . فرجع أبي بن خلف إلى المشركين وقد خدشته حربة رسول الله صلى الله عليه وسلم خدشا غير كبير، فقال: قتلني والله محمد، فقالوا: ذهب والله فؤادك والله إن بك «7» من بأس، فقال: إنه قد كان يقول بمكة: إني أقتلك، والله! لو بصق عليّ لقتلني، فمات بسرف «8» وهم قافلون إلى مكة.   (1) من الطبري، وفي ف «فقالوا» . (2) من الطبري. (3) زيد في الطبري «فأشار إليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أنصت» . (4) كذا، وفي الطبري «ونهضوا به ونهض نحو الشعب معه» . (5- 5) من الطبري، وفي ف «قعودا أعطه» كذا. (6) في ف «درة» ، والتصحيح من الطبري. (7) من الطبري، وفي ف «إن يكن» . (8) بفتح السين وكسر الراء موضع على ستة أميال من مكة- انظر معجم البلدان 5/ 71. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 225 فانتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمن معه من أصحابه إلى الشعب، ومر علي بن أبي طالب حتى ملأ درقته من المهراس، وجاء بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم شربه فوجد له ريحا فعافه فلم يشرب منه، وغسل عن وجهه الدم وصب على رأسه وقال: «اشتد غضب الله على من دمّى وجه رسول الله» صلى الله عليه وسلم. ثم نهض رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصخرة ليعلوها، فلما ذهب لينهض لم يستطع ذلك، فجلس طلحة تحته فنهض رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى استوى على الصخرة، ثم قال: «أوجب طلحة الجنة» «1» !. وكانت هند واللاتي معها جعلن يمثلن بالقتلى من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يجد عن «2» الآذان والآناف حتى اتخذت هند قلائد من آذان المسلمين وآنفهم وبقرت عن كبد حمزة «3» فلاكته فلم تستطعه فلفظته «3» ، ثم علت صخرة مشرفة فصرخت بأعلى صوتها بشعر لها طويل- أكره ذكره. فقتل من المسلمين سبعون رجلا في ذلك اليوم، منهم أربعة من المهاجرين. وكان المسلمون قتلوا اليمان «4» أبا حذيفة وهم لا يعرفونه، فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخرجوا ديته. وقتل من المشركين ثلاثة وعشرون رجلا.   (1) في الطبري 3/ 21: أوجب طلحة حين صنع برسول الله ما صنع. (2) من الطبري 3/ 23 وهو الصواب، وفي ف «يحدعون» خطأ. (3- 3) وفي الطبري «فلاكتها ... فلفظتها» والكبد مؤنثة وقال الفراء تذكر وتؤنث. (4) وفي الطبري 3/ 25 «لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أحد وقع حسيل بن جابر وهو اليمان أبو حذيفة بن اليمان وثابت بن وقش بن زعوراء في الآطام مع النساء والصبيان، فقال أحدهما لصاحبه وهما شيخان كبيران: لا أبا لك ما تنتظر؟ فو الله إن بقي لواحد منا من عمره إلا ظمء حمار إنما نحن هامة اليوم أو غد أفلا نأخذ أسيافنا ثم نلحق برسول الله صلى الله عليه وسلم لعل الله عز وجل يرزقنا شهادة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم! فأخذا أسيافهما ثم خرجا حتى دخلا في الناس ولم يعلم بهما، فأما ثابت بن وقش فقتله المشركون، وأما حسيل بن جابر اليمان فاختلفت عليه أسياف المسلمين فقتلوه ولا يعرفونه، فقال حذيفة: أبي! قالوا: والله إن عرفناه وصدقوا. قال حذيفة: يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين! فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يديه، فتصدق حذيفة بديته على المسلمين فزادته عند رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرا» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 226 ثم أن أبا سفيان أراد الانصراف فصرخ بأعلى صوته: الحرب سجال أعل هبل يوم بيوم بدر «1» ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ناحية: «الله أعلى وأجل لا سواء! قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار» . فقال أبو سفيان: يا عمر «2» أنشدك الله أقتلنا محمدا؟ فقال: اللهم لا وإنه «3» ليسمع كلامك. فقال: أنت أصدق عندي من ابن قميئة «4» ، ولكن موعدكم بدر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هو بيننا وبينكم» «5» . رحل أبو سفيان بالمشركين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب: «أخرج في آثار القوم، فإن كانوا قد اجتنبوا «6» الخيل وامتطوا الإبل فإنهم يريدون مكة، وإن ركبوا الخيل وساقوا الإبل فإنهم يريدون المدينة، والذي نفسي بيده لئن أرادوها لأسيرن إليهم فيها ثم لأنجزتهم» «7» ! فخرج في آثارهم فرآهم قد اجتنبوا الخيل وامتطوا الإبل ووجهوا إلى مكة، فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره. وفرغ الناس لقتلاهم» ، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يلتمس حمزة فوجده ببطن الوادي قد بقر بطنه عن كبده ومثل به، فوقف عليه وقال: «لولا أن تحزن صفية أن «9» تكون سنة بعدي «10» ما غيبته ولتركته حتى يكون في بطون السباع والطير «11» ،   (1) في الأصل «ببدر» كذا. (2) في ف «عم» خطأ. (3) زيد في ف «ألا» خطأ. (4) من الطبري، وفي ف «ابن قمة» كذا. (5) في الطبري 3/ 24 «فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل من أصحابه قل: «نعم هي بيننا وبينك موعد» . (6) من الطبري، وفي ف «اجتنوا» . (7) كذا، وفي الطبري «لأناجزنهم» . (8) من الطبري، وفي ف «لقتالهم» . (9) كذا، وفي الطبري 3/ 35 «أو» . (10) كذا، وفي الطبري «من بعدي» . (11) في الطبري: وحواصل الطير. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 227 ولئن أظهرني الله عليهم لأمثلن» «1» ! فأنزل الله وَإِنْ عاقَبْتُمْ «2» فَعاقِبُوا الآية «3» ، ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فسجى ببردة. ثم [قال] «4» صلى الله عليه وسلم: «من رجل ينظر ما فعل سعد بن الربيع، أفي الأحياء هو أم في الأموات» ؟ فقال رجل من الأنصار: أنا يا رسول الله صلى الله عليه وسلم! فنظره فوجده [جريحا] «5» في القتلى وبه رمق، فقال له: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرني أن أنظر في الأحياء أنت أم في الأموات، فقال: أنا في الأموات، أبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم [عني السلام] «5» وقل له إن سعد بن الربيع يقول «6» ؛ جزاك الله عنا خير ما جزى نبي «7» عن أمته، وأبلغ قومك السلام، وقل لهم إن سعدا يقول لكم إنه لا عذر لكم عند الله إن خلص إلى نبيكم وفيكم عين تطرف- ثم مات؛ فجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبره. واحتمل الناس قتلاهم، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدفنوهم حيث صرعوا بدمائهم وأن لا يغسلوا ولا يصلى عليهم، فكان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد في ثوب واحد، ويقول: «أيهم «8» أكثر أخذا للقرآن» ؟ فإذا أشير إليه بأحدهما قدمه في اللحد، وقال: «أنا شهيد على هؤلاء يوم القيامة» . قال: انظروا عمرو بن الجموح وعبد الله بن عمرو «9» فإنهما كان متصافيين «10» في الدنيا فاجعلوهما في قبر واحد» .   (1) زيد في الطبري «بثلاثين رجلا منهم. فلما رأى المسلمون حزن رسول الله صلى الله عليه وسلم وغيظه على ما فعل بعمه قالوا: والله لئن ظهرنا عليهم يوما من الدهر لنمثلن بهم مثلة لم يمثلها أحد من العرب بأحد قط» . (2) من سورة 16 آية 126، وفي ف «عاقبتهم» . (3) زيد في الطبري: فعفا رسول الله صلى الله عليه وسلم وصبر ونهى عن المثلة. (4) سقط من ف، ولا بد منه. (5) زيد من الطبري 3/ 34. (6) زيد في الطبري «لك» . (7) من الطبري، وفي ف «نبينا» . (8) ف «أنهم» تصحيف. (9) زيد في الطبري «بن حرام» . (10) التصحيح من الطبري، وفي الأصل «متصادفين» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 228 ثم قال صلى الله عليه وسلم: «إن الله جعل أرواحهم في أجواف طير خضر، ترد أنهار الجنة وتأكل من ثمارها، وتأوى إلى قناديل من ذهب في ظل العرش، فلما وجدوا طيب مشربهم ومأكلهم وسقياهم قالوا: يا ليت إخواننا يعلمون ما صنع ربنا بنا» ! فأنزل الله وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ «1» الآية. وكان ابن عمير «2» لم يترك إلا بردة واحدة، فكانوا إذا غطوا رأسه بدت رجلاه، وإذا غطوا رجليه بدا «3» رأسه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «غطوا رأسه واجعلوا على رجليه شيئا «4» من الإذخر» . ثم قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة بمن معه من المسلمين، فمر بدار من دور «5» الأنصار فسمع البكاء على قتلاهم «6» ، فقال: «لكن حمزة لا بواكي له! فلما سمع «7» سعد بن معاذ وأسيد بن حضير أمرا «8» نساء بني عبد الأشهل أن يذهبن فيبكين على عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بكاءهن قال: «اجعل» «9» . ثم ناول علي بن أبي طالب سيفه فاطمة «10» وقال: اغسلي عن هذا دمه،   (1) سورة 3 آية 169. (2) في الأصل «عمر» . والتصحيح من الإصابة 6/ 101 من ترجمته وهو مصعب بن عمير، وقد ذكرت هذه الرواية فيه- فراجعه. (3) في ف: رجلاه بدت. (4) في ف: شيء. (5) من الطبري 3/ 27، وفي ف «ديور» كذا. (6) زيد في الطبري «فذرفت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فبكى» . (7) كذا، وفي الطبري «فلما رجع سعد بن معاذ وأسيد بن حضير إلى دار بني عبد الأشهل أمرا نساءهم أن يتحزمن ثم يذهبن فيبكين على عم رسول الله صلى الله عليه وسلم» . (8) من الطبري، وفي ف «أمر» . (9) كذا في ف، ولعله: أجل؛ وفي المغازي 1/ 317: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «رضي الله عنكن ... » ، ونهاهن الغد عن النوح أشد النهي» . (10) كذا، وفي الطبري «فلما انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهله ناول سيفه ابنته فاطمة فقال: «اغسلي عن هذا دمه يا بنية» ! وناولها علي عليه السلام سيفه» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 229 فو الله! لقد صدقني «1» اليوم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لئن كنت صدقت القتال اليوم لقد صدق معك سهل بن حنيف وأبو دجانة» . فلما كان ثاني يوم أحد أذن مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخروج في طلب القوم، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم واستخلف على المدينة ابن [أم] مكتوم، وقال: «لا يخرج معنا إلا من حضر يومنا بالأمس، وكان أكثر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم جرحى. فمر على رسول الله صلى الله عليه وسلم معبد بن أبي معبد الخزاعي- وكانت خزاعة مسلمهم ومشركهم عيبة «2» رسول الله صلى الله عليه وسلم بتهامة- فقال: والله يا محمد! لقد عز علينا ما أصابك ولوددنا أن الله «3» كان أعفاك منهم «3» . ثم خرج «4» فلحق أبا سفيان بالروحاء ومن معه من قريش وقد أزمعوا الرجوع «5» إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد توامروا بينهم وقالوا: رجعنا «6» قبل أن نصطلم «7» أصحاب محمد، نرجع فنكر «8» على بقيتهم؛ فلما رأى أبو سفيان معبدا مقبلا» قال: ما وراءك يا معبد؟ قال: محمد قد خرج في أصحابه في طلبكم في جمع لم أر مثله قط يتحرقون عليكم تحرقا؛ قال: «10» ويلك ما «10» تقول «11» ! والله لقد أجمعنا الكرة على أصحابه لنصطلمهم «12» . قال: فإني والله أنهاك عن ذلك بهم!   (1) من الطبري، وفي ف «صدقتما» . (2) من الطبري 3/ 28، وفي ف «عى مهج» مصحف. (3- 3) من الطبري، وفي ف «والله عفاك فيهم» كذا؛ وفي المغازي: أعلى كعبك وأن المصيبة كانت بغيرك. (4) كذا، وفي الطبري «ثم خرج من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بحمراء الأسد حتى لقي أبا سفيان ... » . (5) في الطبري: أجمعوا الرجعة. (6) كذا، وفي الطبري «قالوا أصبنا جد أصحابه وقادتهم وأشرافهم ثم رجعنا قبل أن نستأصلهم لنكون على بقيتهم فلنفرغن منهم» . (7) في الطبري «نستأصلهم» ، وفي ف «يصطلم» . (8) في ف: فتكر. (9) في ف: مقتلا- خطأ. (10- 10) في ف: ويلكما. (11) زيد في الطبري «قال والله ما أراك ترتحل حتى ترى نواصي الخيل، قال» . (12) في ف «لنصطلهم» ، وفي الطبري 3/ 29: لنستأصل بقيتهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 230 عليكم من الجود بشيء ما رأيته بقوم على قوم قط، فساءه ذلك. ومر بأبي سفيان ركبة من عبد القيس فقال: أين تريدون؟ قالوا: نريد المدينة، قال: ولم؟ قالوا: نريد الميرة، قال: فاخبروا محمدا أنا «1» قد أجمعنا الكرة عليه وعلى أصحابه لنصطلمهم «2» . ثم رحل أبو سفيان راحلا إلى مكة، ومر الركب برسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبروه بما قال أبو سفيان «3» ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون: حسبنا الله ونعم الوكيل! فأنزل الله جل وعلا في ذلك الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ إلى قوله وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ «4» لما صرف عنهم من لقاء عدوهم إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيْطانُ يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ «5» - الآية. فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم «6» بحمراء الأسد ثلاثا، ثم انصرف إلى المدينة. السنة الرابعة من الهجرة أخبرنا الحسين بن إدريس الأنصاري قال أنا أحمد بن أبي بكر الزهري عن مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك قال: دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الذين قتلوا أصحاب بئر معونة ثلاثين صباحا، يدعو على رعل وذكوان وعصية، قال أنس: فأنزل الله في الذين قتلوا ببئر معونة قرآنا قرأناه حتى نسخ «بلغوا عنا «7» قومنا إنا قد «7» لقينا ربنا فرضى عنا ورضينا «8» عنه» .   (1) زيد في ف: كنا. (2) في ف «لنصطلهم» ، وفي الطبري 3/ 29: لنستأصل بقيتهم. (3) في ف «رسول أبي سفيان» خطأ. (4) سورة 4 آية 174. (5) سورة 3 آية 175. (6) زيد في ف: بالمسلمين ياتون الذي من الجراح الذي بهم- كذا، وفي المغازي: فأقام يداوي جرحه- إلخ. (7) ليس في المغازي 1/ 350. (8) من الطبري 3/ 36 والمغازي، وفي ف «رضيت» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 231 قال: في أول هذه السنة كانت غزوة بئر معونة، وذلك أن أبا براء عامر بن مالك ملاعب الأسنة «1» قدم المدينة [فأهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم فرسين وراحلتين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا أقبل هدية مشرك» ، فعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه الإسلام] «2» فلم يسلم «3» وقال: يا محمد! لو بعثت معي رجالا من أصحابك إلى نجد رجوت أن يستجيبوا لك؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إني أخاف عليهم من أهل نجد» ، فقال أبو براء: أنا لجار «4» فابعثهم فليدعوا «5» الناس إلى ما أمرك الله به، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم المنذر بن عمرو «6» الساعدي في أربعين راكبا، وقد قيل في سبعين رجلا من الأنصار، حتى نزلوا ببئر معونة- وهي بئر أرض بني عامر وحرة بني سليم، ثم بعثوا حرام بن ملحان من بني عدي بن النجار بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عامر بن الطفيل، فلما أتاه لم ينظر في كتابه حتى عدا عليه فقتله، ثم استصرخ [عليهم] «7» بني عامر فأبوا أن يجيبوه بما دعاهم إليه وقالوا: لن نخفر «8» أبا براء إنه «9» قد عقد لهم عقدا. فاستصرخ [عليهم] «7» قبائل من سليم: رعلا وذكوان «10» وعصية، فأجابوه إلى ذلك، فخرج حتى غشي القوم في رحالهم فأحاطوا بهم، فلما رآهم المسلمون أخذوا أسيافهم ثم قاتلوا حتى قتلوا عن آخرهم إلا كعب بن زيد، فإنهم تركوه وبه رمق.   (1) له ترجمة في الإصابة 4/ 16 وفيه «عامر بن مالك بن جعفر بن كلاب العامري الكلابي أبو براء المعروف بملاعب الأسنة ... » (2) زيد من المغازي 1/ 346 ولا بد منه، انظر الطبري 3/ 33- 34. (3) في ف «ولم يسلم» ؛ وزيد في الطبري والمغازي بعده: ولم يبعد. (4) في الطبري والمغازي 1/ 346: لهم جار. (5) في ف: يدعون إلى. (6) في ف «عمر» . (7) من الطبري والمغازي. (8) من الطبري، ووقع في ف «نحقر» مصحفا. (9) في ف: إن. (10) من الطبري، وفي ف «وعلا» خطأ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 232 وكان في المسلمين عامر بن فهيرة طعنه «1» جبار بن سلمى الكلابي «1» بالرمح، ثم طلب في القتلى فلم يوجد جثته، فمن ذلك قيل: رفع عامر بن فهيرة إلى السماء. وكان في سرحهم ابن أمية «2» ورجل من الأنصار من بني عمرو بن عوف «3» فلم «4» ينبئهما بمصاب أصحابهما إلا «4» الطير تحوم على العسكر، فقالا: إن لهذا الطير لشأنا! فأقبلا لينظرا فإذا القوم في دمائهم وإذا الخيل التي أصابتهم واقفة، فقال الأنصاري «5» لعمرو بن أمية: ماذا ترى؟ قال: أرى أن نلحق «6» برسول الله صلى الله عليه وسلم فنخبره، فقال الأنصاري: لكني ما كنت لأرغب عن موطن قتل فيه هؤلاء، ثم تقدم فقاتل حتى قتل «7» . ورجع عمرو «8» بن أمية حتى قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره الخبر، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم على رعل وذكوان وعصية ثلاثين صباحا، فأنزل الله فيهم «بلغوا عنا قومنا أنا لقينا ربنا فرضى عنا ورضينا عنه» «9» . ثم كانت غزوة الرجيع في صفر أميرها مرثد بن أبي مرثد، فيها قتل عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح «10» وخالد   (1- 1) من الطبري والمغازي، وفي ف «جابر بن سليم الكلاعي» - خطأ. (2) هو عمرو بن أمية، انظر الطبري 3/ 34 والمغازي 1/ 348. (3) اسمه الحارث بن الصمة- كما في المغازي. (4- 4) التصحيح من الطبري، وفي الأصل «بينهما بما صاب أصحابهم إلى» . (5) من الطبري، وفي الأصل «الأنصار» ، وفي المغازي: الحارث بن الصمة. (6) من الطبري وفي الأصل «تلحق» . (7) انظر الطبري والمغازي، وفيهما تفصيل. (8) في ف «عمر» خطأ. (9) قد مضى ما فيه في ابتداء السنة الرابعة. (10) من الطبري 3/ 30 والمغازي 1/ 355، وفي ف «الأفلح» خطأ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 233 ابن البكير؛ وأسر» خبيب بن عدي وزيد بن الدثنة، وخرجوا «2» بهما إلى مكة وباعوهما «3» . ثم كانت غزوة بني النضير وكان السبب في ذلك أن عمرو بن أمية لما انفلت من رعل وذكوان وعصية وجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبره بقتل أصحاب بئر معونة لقيه في الطريق رجلان من بني عامر، وقد كان معهم عهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم وجوار لا يعلم عمرو بذلك، فلما نزلا سألهما عمرو: من أنتما؟ قالا: رجلان من بني عامر، فأمهلهما حتى إذا ناما عدا عليهما فقتلهما، وهو يرى أنه قد أصاب ثأرة «4» من بني عامر بما أصابوا من أصحاب بئر معونة. فلما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «بئس ما عملت قد كان لهما مني جوار» . وكتب عامر بن الطفيل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إنك قد قتلت رجلين لهما منك جوار فابعث بديتهما، فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قباء ثم مال إلى بني النضير ليستعين في ديتهما ومعه نفر من المهاجرين، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مجلسهم فاستند إلى جدار هناك فكلمهم، فقالوا: أنى «5» لك أن تزورنا، يا أبا القاسم! «6» نفعل ما أحببت «6» ، فأقم عندنا حتى تتغدى «7» ، «8» وتآمروا «8» بينهم، فقال عمرو بن جحاش «9» بن عمرو بن كعب: يا معشر بني النضير! والله لا تجدونه أقرب منه الساعة! أرقى على ظهر هذا البيت فأدلي عليه صخرة فأقتله بها، فنهاهم سلام بن   (1) في ف «استوى أسير» كذا. (2) في ف «خرج» . (3) اختصر هنا هذه الغزوة وذكر بطولها في الطبري 3/ 29 والمغازي 1/ 354. (4) في الطبري 3/ 34 «ثؤرة» . (5) في ف: إن، والتصحيح من المغازي 1/ 364. (6- 6) من المغازي، وفي ف «بعقل» . (7) في المغازي: نطعمك. (8- 8) في ف «وتوامروا» ، وفي المغازي «فتناجوا» . (9) من المغازي والطبري 3/ 37، وفي ف «حجاش» خطأ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 234 مشكم فعصوه «1» . وصعد عمرو بن جحاش ليدحرج الصخرة، وأخبر الله جلا وعلا رسوله فقام كأنه يريد حاجة، وانتظر أصحابه من المسلمين فأبطأ عليهم، وجعلت اليهود تقول: ما حبس أبا القاسم! فلما أبطأ على المسلمين انصرفوا، فقال كنانة ابن صوريا «2» : جاءه والله الخبر الذي هممتم به! فلقي أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم رجلا مقبلا من المدينة فقالوا: أرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: رأيته داخلا المدينة، فانتهوا إليه وهو جالس في المسجد فقالوا: يا رسول الله! انتظرناك فمضيت وتركتنا، فقال: «همت اليهود بقتلي «3» ، ادعوا لي محمد بن مسلمة» ، فأتي بمحمد «4» ، فقال: «اذهب إلى اليهود فقل لهم: اخرجوا من المدينة، لا تساكنونني «5» وهممتم بما هممتم من الغدر» . فجاءهم محمد بن مسلمة فقال لهم: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركم أن تظعنوا من بلاده، فقالوا: يا محمد! ما كنا نظن أن يجيئنا بهذا رجل من الأوس، فقال محمد ابن مسلمة: تغيرت القلوب ومحا الإسلام العهود، فقالوا: نتحمل؛ فأرسل إليهم عبد الله بن أبي: «6» لا تخرجوا فإن معي ألفي «6» رجل من العرب يدخلون معكم، وقريظة تدخل معكم. فبلغ الخبر كعب بن أسد «7» صاحب عهد بني قريظة، فقال، لا ينقض «8» العهد رجل من بني قريظة وأنا حي. فأرسل حيي بن أخطب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان من سادات بني النضير: إنا لا   (1) وفي الطبري: نهاهم عن ذلك سلام بن مشكم وخوفهم الحرب وقال: هو يعلم ما تريدون، فعصوه. (2) من الطبري، وفي ف «صويبر» خطأ؛ وفي المغازي 1/ 365؛ صويراء. (3) زيد في الطبري «وأخبرنيه الله عز وجل» . (4) أي محمد بن مسلمة، وفي الطبري «فأتى محمد بن مسلمة» . (5) في ف: لا تساكنون، وفي الطبري 3/ 37: فلا تساكنوني. (6- 6) وفي الطبري 3/ 38 «لا تخرجوا فإن معي من العرب وممن انضوى إلي من قومي ألفين فأقيموا فهم يدخلون معكم وقريظة تدخل معكم ... » . (7) من الطبري، ووقع في ف «اسر» مصحفا. (8) من الطبري والمغازي 1/ 369، وفي ف «لا ينقص» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 235 نفارق ديارنا فاصنع ما بدا لك! فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون وقال: حاربت «1» يهود. ثم زحف إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يحمل لواءه علي بن أبي طالب، واستخلف على المدينة ابن أم مكتوم، حتى أتاهم فحاصرهم «2» خمسة عشر يوما، وقطع نخلهم وحرقها، وكان الذي حرق نخلهم وقطعها عبد الله بن سلام وعبد الرحمن بن كعب أبو ليلى الحراني من أهل بدر، فقطع أبو ليلى العجوة، وقطع ابن سلام اللون، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لم قطعتهم العجوة» ؟ قال أبو ليلى: يا رسول الله! كانت العجوة أحرق لهم وأغيظ، فنزل ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوها «3» الآية، فاللينة ألوان النخل، والقائمة على أصولها العجوة، فنادوا: يا محمد! قد كنت تنهى عن الفساد وتعيبه على من صنعه فما لك وقطع النخل وتحريقها. ثم تربصت اليهود نصرة عبد الله بن أبي إياهم، فلما لم يجىء وقذف الله في قلوبهم الرعب صالحوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن يحقن لهم دماءهم وله الأموال، وينجلون من ديارهم على أن لهم ما حملت الإبل من أموالهم. فاحتملوا ما استقلت به الإبل، حتى أن كان الرجل منهم يهدم بيته فيضع بابه على ظهر بعيره فينطلق به، وخرجوا إلى خيبر وذلك قوله يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ «4» الآية. ولم يسلم من بني النضير إلا رجلان: «5» يامين بن عمير بن كعب «5» ، وأبو سعد «6» بن وهب، أسلما على «7» أموالهما، فأحرزاها «7» ؛ فقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم   (1) من الطبري، ووقع في ف «رأيت» مصحفا. (2) من الطبري، وفي ف «محاصرهم» . (3) سورة 59 آية 5. (4) سورة 59 آية 2. (5- 5) من الطبري 3/ 39، وله ترجمة في الإصابة 6/ 333؛ وفي ف «يا من بن عمر بن وهب» . (6) له ترجمة في الإصابة 7/ 83. (7- 7) من الطبري، وفي ف «أموالها وأخذوها» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 236 غنائمهم على المهاجرين، فأنزل الله سورة الحشر إلى آخرها. ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم «1» أبا سلمة بن عبد الأسد «1» إلى ماء لبني أسد، فقتل عروة بن مسعود الأنصاري وغنم نعما وشاء، ورجع إلى المدينة «2» . ومات عبد الله بن عثمان بن عفان وهو ابن ست سنين، فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونزل في حفرته عثمان بن عفان. ثم ولد الحسين «3» بن علي بن أبي طالب لليالي خلون من شعبان. ثم كانت بدر الموعد وذلك أن أبا سفيان لما انصرف من أحد قال لرسول «4» الله صلى الله عليه وسلم: موعدك بدر الموسم، وكان بدر موضع سوق لهم في الجاهلية، يجتمعون إليها في كل سنة ثمانية أيام، فلما قرب الميعاد جهز «5» رسول الله صلى الله عليه وسلم لغزوة الموعد. وكان نعيم بن مسعود الأشجعي «6» قد اعتمر وقدم على قريش «7» فقالوا: يا نعيم! من أين وجهك؟ قال: من يثرب، قالوا: هل رأيت لمحمد حركة؟ قال: نعم   (1- 1) التصحيح من المغازي 1/ 342 والإصابة 7/ 90؛ ووقع في ف «إلى سلمة بن عبد الأشهل» مصحفا. (2) فكر الواقدي في المغازي 1/ 342 هذه القصة بأسانيد مختلفة وفيه «فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا سلمة فخرج في أصحابه وخرج معه الطائي دليلا فأغذّوا السير، ونكب بهم عن سنن الطريق وعارض الطريق وسار بهم ليلا ونهارا فسبقوا الأخبار وانتهوا إلى أدنى قطن- ماء من مياه بني أسد ... » وفيه 1/ 345 «وحمل رجل من الأعراب على مسعود بن عروة، فحمل عليه بالرمح فقتله، وخاف المسلمون على صاحبهم أن يسلب من ثيابه فحازوه إليهم ... » . (3) في ف «الحسن» خطأ. (4) في ف «له رسول» . (5) في ف «قرب» . (6) من الطبري، وفي ف «شجعي» . (7) من الطبري، وفي ف بياض. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 237 تركته على هيئة الخروج ليغزوكم- وذلك قبل أن يسلم نعيم، فقال له [أبو] سفيان: يا نعيم! إن هذا عام جدب ولا يصلحنا إلا عام غيداق «1» ترعى» فيه [الإبل] «3» الشجر ونشرب «4» اللبن، وقد جاء أوان موعد محمد، فالحق بالمدينة فثبطهم وأخبرهم أننا في جمع كثير ولا طاقة لهم بنا «5» حتى يأتي «5» الخلف منهم «6» ، ولك عشر فرائض أضعها لك على يد سهيل بن عمرو! فجاء «7» نعيم سهيلا «7» فقال: يا أبا يزيد! تضمن «8» لي هذه الفرائض وانطلق إلى محمد فأثبطه؟ فقال: نعم. فخرج نعيم حتى أتى المدينة، فوجد الناس يتجهزون «9» فجلس يتجسس «9» لهم ويقول: هذا ليس برأيي قدموا عليكم في عقر دوركم وأصابوكم فتخرجون إليهم، ليس هذا برأيي، ألم يجرح «10» محمد بنفسه «11» ! ألم يقتل عامة أصحابه! فثبط الناس عن الخروج حتى بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «والذي نفسي بيده! لو لم يخرج معي أحد خرجت «12» وحدي» . ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون في شهر رمضان «13» ، واستخلف على المدينة عبد الله بن رواحة، ومع المسلمين تجارات كثيرة، حتى وافوا بدر الموعد   (1) وقع في ف «عنداق» مصحفا؛ وغيداق: واسع مخصب. (2) من الطبري 3/ 42، وفي ف «برعى» . (3) زيد من الطبري، وقد سقط من ف. (4) زيد في الطبري «فيه» . (5- 5) في الطبري «فيأتي» . (6) زيد في الطبري «أحب إلى من أن يأتي من قبلنا» . (7- 7) من الطبري والمغازي 1/ 386، وفي «سهيل نعيما» خطأ. (8) في ف «تضعن» كذا، والتصحيح من الطبري والمغازي. (9- 9) في الطبري «فتدسس» . (10) من الطبري، وفي ف «يخرج» . (11) في الطبري «في نفسه» . (12) في الطبري «لخرجت» . (13) في المغازي 1/ 387 «فانتهوا إلى بدر ليلة هلال ذي القعدة» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 238 فأصابوا بها سوقا عظيما، وربحوا لدرهم درهما، ولم يلقوا عدوا «1» . ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة. ثم تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم بأم سلمة بنت «2» أبي أمية في شوال، ودخل بها في ذلك الشهر، وكانت قبله تحت أبي سلمة بن عبد الأسد المخزومي. ثم رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم يهوديا ويهودية تحاكما إليه وكانا محصنين. وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن ثابت أن يتعلم كتاب اليهود وقال: إني لا آمن «3» أن يبدلوا كتابي! فتعلم زيد بن ثابت ذلك في خمسة عشر يوما. ثم كانت سرية الخزرج إلى سلام «4» بن أبي الحقيق وذلك أنه «5» كان مما صنع الله به لرسوله صلى الله عليه وسلم أن هذين الحيين من الأنصار الأوس والخزرج كانا يتصاولان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تصاول الفحلين، لا تصنع الأوس شيئا فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم غناء إلا قالت الخزرج: والله لا يذهبون بهذه فضلا علينا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في الإسلام! قال: فلا ينتهون حتى يوقعوا مثلها، وإذا فعلت الخزرج شيئا قالت الأس مثل ذلك «5» ، فلما أصابت الأوس كعب بن الأشرف قالت الخزرج: من رجل في العداوة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ككعب بن الأشرف «6» ،   (1) كذا في ف، وفي الطبري «ثم أنهج الله عز وجل للمسلمين بصائرهم فخرجوا بتجارات فأصابوا للدرهم درهمين ولم يلقوا عدوا وهي بدر الموعد، وكانت موضع سوق لهم في الجاهلية يجتمعون إليها في كل عام ثمانية أيام» . (2) التصحيح من الطبري 3/ 42، وفي ف «بن» خطأ. (3) من الطبري، وفي ف «لا أشتهي» . (4) من سيرة ابن هشام 2/ 209، وفي ف «سالم» . (5- 5) من السيرة؛ وفي ف «جل علا مما صنع لرسول الله صلى الله عليه وسلم منا وأن الأوس والخزرج لأنهما كانا يتصاولا في تصاول الفحل لا يقل في أحد من الفريقين إلا التمس الإخوان أن يقتل مثله» كذا. (6) في السيرة «قالت الخزرج: والله لا يذهبون بها فضلا علينا أبدا، قال: فتذاكروا من رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم في العداوة كابن الأشرف» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 239 فذكروا سلام بن أبي الحقيق «1» بخيبر، فاستأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في قتله، فأذن لهم ونهاهم عن قتل النساء والولدان. فخرج «2» عبد الله بن عتيك وعبد الله «3» بن أنيس ومسعود بن سنان وأبو قتادة بن ربعي بن «4» بلدمة بن سلمة «4» وخزاعي بن أسود «5» حليف «6» لهم من أسلم، حتى «7» قدموا خيبر فدخلوا على سلام بن أبي الحقيق داره ليلا، ولم يبق في الدار بيت إلا أغلقوه، ثم صعدوا في درجة إلى علية له فضربوا عليه بابه، فخرجت امرأته وقالت: من أنتم؟ قالوا: نفر من العرب أردنا «8» الميرة، فقالت: هو ذاك «9» في البيت، فدخلوا عليه وغلّقوا الباب عليهم، فما دلهم عليه إلا بياضه في ظلمة البيت وكان أبيض وكأنه قبطي «10» ، فابتدروه بأسيافهم، وتحامل عليه عبد الله بن أنيس فوضع سيفه في بطنه «11» ، وهتفت «12» امرأته، وخرجوا. وكان عبد الله ابن عتيك أمير القوم وكان في بصره شيء، فسقط من الدرجة «13» فوثئت يده وثأ «13» شديدا. فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبروه، واختلفوا في قتله وادعى كل واحد منهم أنه قتله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هاتوا سيوفكم، فأعطوه، فنظر فقال: سيف   (1) زيد في سيرة ابن هشام «وهو» . (2) كذا، وفي سيرة ابن هشام «فخرج إليه من الخزرج من بني سلمة خمسة نفر» . (3) من السيرة والمغازي 1/ 391، وفي ف «عبيد الله» خطأ. (4- 4) ليس في سيرة ابن هشام، وفي ف «وبلدة ابن سلمة» كذا، والتصحيح من جمهرة أنساب العرب ص: 341 وتهذيب التهذيب 12/ 204. (5) كذا في السيرة، وفي المغازي: الأسود بن خزاعي. (6) وقع في ف مكررا. (7) زيد هنا في سيرة ابن هشام «فخرجوا وأمر عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن عتيك» وسيأتي. (8) في سيرة ابن هشام 2/ 210 «نلتمس» . (9) من المغازي 1/ 392، وفي ف «ذلك» . (10) كذا، وفي سيرة ابن هشام، «كأنه قبطية ملقاة» ، وفي المغازي «كأنه قطنة ملقاة» . (11) زيد في سيرة ابن هشام «حتى أنفذه وهو يقول: قطني قطني، أي حسبي حسبي» . (12) في ف «هنقت» خطأ، وفي سيرة ابن هشام «ولما صاحت امرأته جعل الرجل منا يرفع عليها سيفه ثم يذكر نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيكف يده ولولا ذلك لفرغنا منها بليل» . (13- 13) من سيرة ابن هشام، وفي ف «فوتى وتيا» خطأ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 240 عبد الله بن أنيس هذا قتله، أرى فيه أثر الطعام. السنة الخامسة من الهجرة حدثنا محمد بن أحمد بن أبي «1» عون الدماتي ثنا عمار بن الحسن الهمداني ثنا سلمة بن الفضل عن محمد بن إسحاق حدثني عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود» بن لبيد عن ابن عباس حدثني سلمان الفارسي «3» من فيه قال: كنت رجلا مجوسيا «4» من أهل جيّ «5» من أهل أصبهان، وكان أبي «6» دهقان [قريته] «7» ، وكنت أحب الخلق «8» إليه، فما زال به حبه إياي حتى حبسني في البيت كما تحبس الجارية، وكنت قد اجتهدت في المجوسية حتى كنت «9» قطن النار الذي يوقدها لا يتركها تخبو ساعة «9» ، وكانت لأبي ضيعة فيها بعض العمل «10» ، «11» بني أبي «11» بنيانا له «12» في داره «12» ، فدعاني فقال: أي بني! «13» إني قد شغلت في بنياني هذا اليوم عن ضيعتي فاذهب إليها فاطلعها، وأمرني فيها ببعض ما يريد، ثم قال لي: ولا تحتبس عني، فإنك إن احتبست عني «13» كنت أهم عندي مما أنا فيه «14» ، فخرجت فمررت   (1) كذا في ف، وليس في التهذيب 7/ 399- راجع ترجمة عمار بن الحسن ففيها «وعنه ... محمد بن أحمد بن عون» وليست فيه النسبة، ولعله: الدمائي- راجع الأنساب 5/ 373. (2) من السيرة 1/ 73 والتهذيب 10/ 65؛ وفي ف «محمد» خطأ. (3) وله ترجمة في الإصابة 3/ 113 وفيه «سلمان أبو عبد الله الفارسي» . (4) في السيرة «فارسيا» . (5) في ف والسيرة: حي- بالمهملة، والتصحيح من معجم البلدان 3/ 196. (6) من السيرة، وفي ف «فيه» . (7) من السيرة. (8) في السيرة «خلق الله» . (9- 9) من السيرة، وفي ف «قاطن النار التي توقد» . (10) من تهذيب تاريخ ابن عساكر 6/ 192، وفي ف «في بعض عمله» . (11- 11) من التهذيب، وفي ف «وكان» . (12- 12) ليس في السيرة ولا في التهذيب. (13- 13) من السيرة، وفي ف «أنه قد شغلني من كل ضيعة و» . (14) كذا في ف، وفي السيرة «كنت أهم إلى من ضيعتي وشغلتني عن كل شيء من أمري» وزيد بعده الجزء: 1 ¦ الصفحة: 241 بكنيسة النصارى وهم يصلون فيها، فسمعت أصواتهم «1» ودخلت عليهم أنظر ما يصنعون، فو الله! ما زلت قاعدا عندهم وأعجبني دينهم وما رأيت من صلاتهم، وأخذ بقلبي فأحببتهم حبا لم أحبه شيئا قط، وكنت لا أخرج قبل ذلك ولا أدري ما أمر الناس، فقلت في نفسي: هذا والله خير من ديننا، فو الله! ما برحت حتى غربت الشمس، وتركت حاجة أبي التي «2» أرسلني إليها وما رجعت إليه، ثم بعث في الطلب «3» يلتمس لي، فلم يجد «3» حيث أرسلني، فبعث رسله فبغوني بكل مكان حتى جئته عشيا، وقد قلت للنصارى حين رأيت ما أعجبني من هيئتهم: أين أصل هذا الدين؟ قالوا: بالشام؛ فلما أتيت أبي فقال: أي بني! أين كنت؟ ألم أكن عهدت إليك أن لا تحتبس علي؟ فقلت: بلى، وإني «4» مررت على كنيسة النصارى فأعجبني ما رأيت من أمرهم وحسن صلاتهم، ورأيت دينهم خيرا «5» ، قال: كلا يا بني! إن ذلك الدين لا خير فيه، دينك ودين آبائك خير منه، فقلت: كلا [والله إنه لخير من ديننا! قال] «6» فخافني أن أذهب من عنده فكلبني «7» ثم حبسني، فأرسلت «8» إلى النصارى وأخبرتهم أني قد رضيت أمرهم، وقلت: إذا قدم عليكم ركب من الشام فأخبروني بهم أذهب معهم. فقدم عليهم ركب من الشام فأخبروني بهم «9» فأرسلوا إليّ، فأرسلت إليهم   «قال: فخرجت أريد ضيعته التي بعثني إليها» . (1) من السيرة؛ وفي ف «صلاتهم» . (2) في ف «الذي» . (3- 3) في ف «التمس له فلم أجد» كذا. (4) زيد هنا في ف لفظ لا يتضح وصورته «مع» كذا. (5) وقع في ف «خير» خطأ. (6) زيد من السيرة. (7) في السيرة «فجعل في رجلي قيدا» . (8) في ف «فارسلته» ، وفي السيرة «وبعثت» . (9) من السيرة، وفي ف «منهم» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 242 إذا أرادوا الرجعة فأخبروني، فلما أرادوا الخروج جئتهم فانطلقت معهم، فلما قدمت الشام سألت عن عالمهم «1» ، فقالوا: صاحب الكنيسة أسقفهم، فدخلت عليه فأخبرته خبري وقلت له: إني أحب أن أكون معك في كنيستك أخدمك وأصلي معك وأتعلم منك، فإني قد رغبت في دينك، قال: أقم! فمكثت معه في الكنيسة أتفقه في النصرانية، وكان رجل سوء فاجر في دينه، يأمرهم بالصدقة ويرغبهم فيها فإذا جمعوا إليه الأموال اكتنزها لنفسه، وكنت أبغضه لما أرى من فجوره، وقد جمع سبع قلال «2» دنانير ودراهم، ثم إنه مات؛ فاجتمعت النصارى ليدفنوه، فقلت لهم: تعلمون أن صاحبكم هذا رجل سوء، كان يأمركم بالصدقة فإذا جئتموه بها اكتنزها «3» لنفسه ولم يعط المساكين منها شيئا «4» ، قالوا: وما علامة ذلك؟ قلت: أدلكم على كنزه؟ قالوا: أنت وذاك، فدللتهم عليه، فأخرجوا قلالا مملوءة ذهبا وورقا، قال: فلما رأوها قالوا: والله لا نغيبه «5» أبدا! فصلبوه على خشبة «6» ورجموه بالحجارة، وجاءوا برجل فجعلوه مكانه، قال: فيقول «7» سلمان: يا ابن أخي! ما «8» رأيت رجلا لا يصلي الخمس أرى أنه أفضل منه زهادة «9» في الدنيا ولا أرغب في الآخرة ولا أدأب [ليلا ولا نهارا] «10» منه اجتهادا في العبادة، قال سلمان: فأقمت معه وأحببته حبا ما علمت أني أحببت شيئا كان قبله، فكنت معه أخدمه وأصلي معه   (1) في السيرة «قلت: من أفضل أهل هذا الدين علما» . (2) في ف «قلايا» ، وفي السيرة «سبع قلال» . (3) من السيرة وكذا سبق آنفا، ووقع هنا في ف «أكثرها» مصحفا. (4) من السيرة، ووقع في ف «شيء» . (5) في ف «لا نغيبوه» وفي السيرة «لا ندفنه» . (6) زيد في ف «ثم صلبوه» . (7) في السيرة «قال يقول» . (8) في السيرة «فما» . (9) في السيرة «أزهد» . (10) من السيرة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 243 في الكنيسة حتى حضرته الوفاة، قلت: يا فلان! إني قد كنت معك وما أحببت حبك شيئا قط فإلى «1» من توصي [بي] «2» ؟ «3» ومن ذا الذي تأمرني، متبع أمرك ومصدق حديثك «3» ؟ قال: أي بني! ما أعلم أحدا على مثل ما نحن عليه إلا رجلا بالموصل يقال له فلان، فإني وإنه «4» كنا على أمر واحد في الرأي والدين، وهو رجل صالح، وستجد عنده بعض ما كنت ترى مني، فأما الناس قد بدلوا وهلكوا. فلما توفي لحقت بصاحب الموصل فأخبرته خبري، فقال: أقم! فكنت معه في كنيسته فوجدته كما قال صاحبي رجلا صالحا، فكنت معه ما شاء الله، فلما حضرته الوفاة قلت: يا فلان! إن فلانا أوصاني إليك «5» حين حضرته الوفاة «5» ، وقد حضرك من أمر الله ما ترى، فإلى من توصي [بي] «2» ؟ «3» وإلى من تأمرني «3» ؟ قال: أي بني! ما أعلم أحدا على أمرنا إلا رجلا بنصيبين يقال له فلان فالحق به. فلما توفي لحقت بصاحب نصيبين وأخبرته خبري، وأقمت عنده فوجدته على مثل ما كان عليه صاحباه، فمثكت معه ما شاء الله، ثم حضرته الوفاة، فقلت له: إن فلانا أوصاني إلى فلان صاحب الموصل ثم أوصاني صاحب الموصل إليك، فإلى من توصي [بي] بعدك «6» ؟ قال أبي بني! ما أعلم أحدا على مثل ما نحن عليه إلا رجلا «7» بعمورية في أرض الروم، فإنك واجد عنده بعض ما تريد، فإن استطعت أن تلحق به فالحق به. فلما توفي لحقت بصاحب عمورية وأخبرته خبري، فقال: أقم «8» ، فأقمت عنده فوجدته على مثل ما كان عليه   (1) من السيرة، وفي ف «قال» . (2) من السيرة. (3- 3) في السيرة «وبم تأمرني» . (4) في ف «إياه» . (5- 5) في السيرة «وأمرني باللحوق بك» . (6) في السيرة «فإلى من توصيني وبم تأمرني» . (7) في ف «رجل» . (8) زيد في السيرة: عندي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 244 أصحابه وأثاب «1» لي شيئا حتى اتخذت «2» بقرات وغنيمة، ثم حضرته الوفاة، فقلت له: إن فلانا أوصاني إلى فلان صاحب الموصل، ثم أوصاني صاحب الموصل إلى فلان صاحب نصيبين، ثم أوصاني صاحب نصيبين إليك، فإلى من توصي بي «3» ؟ قال: يا بني! ما أعلمه أصبح «4» في هذه الأرض أحد على ما كنا عليه، لكنك قد أظلك خروج نبي «5» يخرج بأرض العرب، يبعث بدين إبراهيم الحنفية، يكون منها مهاجره وقراره إلى أرض يكون بها النخل بين حرتين- نعتها بكذا وكذا، بظهره خاتم النبوة بين كتفيه، إذا رأيته عرفته، يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة، ثم مات. فمر بي ركب من كلب فسألتهم من هم؟ فقالوا: من العرب، فسألتهم من بلادهم، فأخبروني عنها، فقلت لهم: أعطيكم بقري وغنمي «6» هذا على أن تحملوني حتى تقدموا أرضكم، «7» قالوا: نعم، فأعطيتهم إياها وحملوني معهم، حتى إذا جاءوا بي «7» وادي القرى [ظلموني] «8» فباعوني برجل من اليهود. فأقمت ورأيت بها النخل ورجوت أن يكون البلد الذي وصف لي صاحبي «9» ، حتى قدم رجل من يهود بني قريظة فابتاعني من ذلك اليهودي، ثم خرج بي حتى قدم المدينة، فو الله! ما هو إلا أن رأيتها فعرفتها بصفة صاحبي وأيقنت أنه البلد؛ فمكثت بها أعمل له في ماله في بني قريظة حتى بعث محمد «10» وخفي عليّ أمره وأنا في رقي مشغول، حتى قدم   (1) في ف: تاب. (2) في السيرة «اكتسبت حتى كانت لي» . (3) زيد في السيرة «وبم تأمرني» . (4) من السيرة، وفي الأصل «أصلح» كذا. (5) كذا، وفي السيرة «ولكنه قد أظل زمان نبي وهو مبعوث بدين إبراهيم عليه السلام» . (6) كذا، وفي السيرة «بقراتي هذه وغنيمتي هذه» . (7- 7) من التهذيب، وفي ف «فافعلوا فقدموني» . (8) من السيرة. (9) زيد في السيرة «ولم يحق في نفسي» . (10) في ف «محمدا» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 245 المدينة مهاجرا فنزل في قباء في بني عمرو بن عوف، فو الله! «1» إني لفي رأس نخلة أعمل لصاحبي فيها «1» وصاحبي تحتي جالس إذ أقبل ابن عم له من اليهود فقال: يا فلان! قاتل الله بني قيلة «2» ! إنهم «3» آنفا لمجتمعون «4» يقبلون على رجل بقباء قدم من مكة يزعمون أنه نبي؛ فو الله! ما هو إلا أن قالها له أخذتني رعدة من النخلة «5» ، حتى ظننت أني سقطت «6» على صاحبي، فنزلت سريعا فقلت: أي سيدي! ما الذي تقول؟ فغضب «7» مما رأى فيّ «8» ورفع يده فضر بني بها ضربة «9» شديدة، ثم قال: ما لك ولهذا! أقبل على عملك، قلت: لا شيء، «10» سمعت منك شيئا فأردت أن أعلمه «10» ، فسكت عنه ثم أقبلت على عملي. فلما أمسيت جمعت ما كان عندي حتى أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بقباء، فدخلت عليه ومعه نفر من أصحابه، فقلت: بلغني أنك رجل صالح وأن معك أصحابا لك أهل حاجة وغربة، وقد كان عندي شيء وضعته للصدقة من طعام يسير فجئتكم به وهو ذا- فقربت «11» إليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم [لأصحابه] «12» : كلوا، وأمسك يده وأبي أن يأكل؛ فقلت في نفسي: هذه واحدة من صفة فلان، ثم رجعت؛ فتحول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، فجمعت   (1- 1) في السيرة «إني لفي رأس عذق لسيدي أعمل له فيه بعض العمل» . (2) في السيرة «قال ابن هشام: قيلة بنت كاهل بن عذرة بن سعد بن زيد بن ليث بن سود بن أسلم بن الحاف بن قضاعة أم الأوس والخزرج» . (3) في السيرة «والله إنهم الآن» . (4) في ف «لمنقصون» والتصحيح من السيرة. (5) كذا في ف، وفي السيرة «أخذتني العرواء- قال ابن هشام: العرواء الرعدة من البرد والانتفاض، فإن كان مع ذلك عرق فهي الرحضاء، وكلاهما ممدود» . (6) كذا، وفي السيرة «سأسقط» . (7) زيد في السيرة «سيدي» . (8) وفي ف «فتى» كذا. (9) في ف «ضربته» ، وفي السيرة «فلكمني لكمة شديدة» . (10- 10) كذا في ف، وفي السيرة «إنما أردت أن أستثبته عما قال» . (11) في السيرة «فقربته» . (12) من السيرة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 246 شيئا ثم جئته فسلمت عليه فقلت: هذا شيء كان لي وأحببت أن أكرمك وهو هدية أهديها لك كرامة ليست بصدقة، فإني رأيتك لا تأكل الصدقة، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه فأكلوا وأكل معهم؛ فقلت في نفسي: هاتان اثنتان، ثم رجعت فمكثت شيئا ثم جئته وهو ببقيع الغرقد «1» ، مشى مع جنازة وحوله أصحابه، وعليه شملتان «2» مرتديا بواحدة ومتزرا بالأخرى، فسلمت «3» عليه، ثم تحولت حتى قمت وراءه لأنظر في ظهره، فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إني إنما أريد [أن] أنظر وأثبته «4» ، فقال بردائه فألقاه عن ظهره، فنظرت إلى الخاتم بين كتفيه كما وصفه لي صاحبي، فأكببت على رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبّل موضع الخاتم من ظهره وأبكي، فقال: «تحول عني» ، فتحولت عنه فجلست بين يديه وقصصت عليه قصتي وشأني وحديثي، فأعجب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحب أن يسمع ذلك أصحابه، ثم أسلمت ومكثت مملوكا حتى مضى شأن بدر وشأن أحد، وشغلني الرق فلم أشهد مجامع النبي صلى الله عليه وسلم. ثم قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كاتب نفسك» ، فسألت صاحبي الكتابة، فلم أزل حتى كاتبني على أن أفي «5» له ثلاثمائة نخلة وأربعين أوقية ورق- وتلك أربعة آلاف؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم [لأصحابه] «6» : «أعينوا أخاكم بالنخل» ، فأعانني الرجل بقدر ما عنده، منهم من يعطيني العشرين والثلاثين والعشرة والخمس والست والسبع «7» والثمان والأربع والثلاث حتى جمعتها «8» ، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اذهب فإذا   (1) من السيرة، وفي ف «بنقيع الغرقد» . (2) كذا، وفي السيرة والتهذيب «عليّ شملتان لي» . (3) من السيرة، وفي ف «فسلمنا» . (4) وفي السيرة «عرف أني أستثبت في شيء وصف لي» . (5) وقع في ف «أخي» مصحفا. (6) زيد من السيرة. (7) في ف «البسع» كذا. (8) كذا، وفي السيرة «فأعانوني بالنخل، الرجل بثلاثين ودية، والرجل بعشرين ودية، والرجل بخمس عشرة ودية، والرجل بعشر، يعين الرجل بقدر ما عنده، حتى اجتمعت لي ثلاثمائة ودية» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 247 أردت أن تضعها «1» فأتني حتى أكون «1» أنا أضعها لك بيدي، «2» فقمت في تفقيرها «2» وأعانني أصحابه «3» حتى فرغنا من شربها «4» ، وجاء أصحابي كل رجل بما أعانني من النخل فوضعته، ثم جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فخرج فجعلنا نحمل إليه النخل فيضعها بيده «5» ، فما مات منها ودية؛ وبقيت الدراهم «6» ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا سلمان! إذا سمعت بشيء قد جاءني [فأتني] «7» أغنيك بمثل ما بقي من مكاتبتك «8» ، فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم في أصحابه إذ أتاه رجل من أصحابه بمثل البيضة من ذهب أصابها في بعض المغازي «9» ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « [خذ هذه فأدها مما عليك يا سلمان» ! قال قلت: و] «10» أين تقع هذه مما عليّ من المال؟ قال: إن الله سيؤديها «11» عنك، فو الذي نفسي بيده! لقد وزنت لهم أربعين أوقية «12» حقهم جميعا. وعتق سلمان وغزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الخندق وما كان بعده من المغازي. قال: في أول هذه السنة كان فك سلمان من الرق «13» وأداؤه بما «14» كوتب عليه.   (1- 1) في ف «حتى تأتيني فأكون» ، وفي السيرة «فإذا فرغت فأتني أكن» . (2- 2) في السيرة «ففقرت» وفي ف «تنقيرها» . (3) كذا، وفي السيرة والتهذيب «أصحابي» . (4) زيد في ف «من شربها» كذا وهو غير واضح فحذفناها. (5) في السيرة «فجعلنا نقرب إليه الودى ويضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده حتى فرغنا» . (6) في السيرة «فو الذي نفس سلمان بيده! ما ماتت منها ودية واحدة، فأديت النخل وبقي عليّ المال» . (7) من العبارة الأخرى «فإذا فرغت فأتني» . (8) في ف «مكاتبك» . (9) كذا، وفي السيرة «فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثل بيضة الدجاجة من ذهب من بعض المعادن» . (10) زيد من السيرة. (11) كذا، وفي السيرة «خذها فإن الله سيؤدي بها عنك» . (12) من السيرة، وفي ف «وقية» . (13) وقع في ف «الورق» مصحفا. (14) في ف «ما» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 248 ثم كانت غزوة ذات الرقاع في المحرم «1» خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم واستخلف على المدينة عثمان «2» بن عفان يريد بني محارب وبني ثعلبة من غطفان، حتى نزل نخلا «3» ، فلقي بها جمعا من غطفان «4» فتقارب الناس «4» ولم يكن بينهم حرب إلا أن الناس قد خاف بعضهم من بعض، حتى صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف، وإنما سميت هذه الغزاة غزاة «5» ذات الرقاع لأن الخيل كان فيها سواد وبياض فسميت الغزوة بتلك الخيل «6» . ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون، فبينا جابر إذ أبطأ عليه جمله فقال لحقه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «يا جابر» ! قال: نعم، قال: «ما شأنك» ؟ قال: أبطأ علي جملي، فحجنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بمحجنه وقال: «اركب» ، فقال جابر: ولقد رأيتني أكفه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «يا جابر! تزوجت» ؟ قلت: نعم، قال: «بكرا أم ثيبا» ؟ قلت: بل ثيبا، قال: «أفلا جارية تلاعبها وتلاعبك» ؟ قلت: إن لي أخوات فأحببت أن أتزوج بمن يجمعهن ويمشطهن وتقوم «7» عليهن، قال: «أما! إنك قادم   (1) في سيرة ابن هشام 2/ 134 «في سنة أربع» ، وذكره الطبري أيضا في حوادث السنة الرابعة، انظر 3/ 39، وفيه «وأما الواقدي فإنه زعم أن غزوة رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات الرقاع كانت في المحرم سنة خمس من الهجرة» . (2) وفي سيرة ابن هشام «قال ابن إسحاق: واستعمل على المدينة أباذر الغفاري، ويقال: عثمان بن عفان، فيما قال ابن هشام» . (3) من السيرة، وفي ف «نخل» . (4- 4) من السيرة، وفي ف «فتهاربت» كذا. (5) في ف «غزات» كذا. (6) كذا في ف، وفي الطبري 3/ 39 «وإنما سميت ذات الرقاع لأن الجبل الذي سميت به ذات الرقاع جبل به سواد وبياض وحمرة فسميت الغزوة بذلك الجبل» وفي السيرة 2/ 134 «وإنما قيل لها غزوة ذات الرقاع لأنهم رقعوا فيها راياتهم، ويقال ذات الرقاع شجرة بذلك الموضع يقال لها ذات الرقاع» انظر معجم البلدان 4/ 268. (7) في ف «يقوم» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 249 فإذا قدمت فالكيس الكيس» ! ثم قال: «أتبيع جملك» ؟ فقلت: نعم، فاشتراه منه بأوقية، ثم قدم المدينة صلى الله عليه وسلم، قال جابر: فوجدته عند باب المسجد فقال: «الآن قدمت» ؟ قلت: نعم، قال: «فدع جملك وادخل المسجد فصل ركعتين» ، فدخلت فصليت ركعتين، ثم أمر بلالا أن يزن «1» لي أوقية، فوزن لي فأرجح في الميزان، فانطلقت حتى إذا وليت فقال: «ادعوا لي «2» جابرا» ، قلت: الآن يرد علي الجمل، وليس شيء أبغض إلي منه، قال: «خذ جملك ولك ثمنه» «3» .   (1) وقع في ف «يذن» مصحفا. (2) في ف «ادعوني» . (3) رويت هذه القصة في سيرة ابن هشام بما نصه «قال ابن إسحاق وحدثني وهب بن كيسان عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى غزوة ذات الرقاع من نخل على جمل لي ضعيف، فلما قفل رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: جعلت الرفاق تمضي وجعلت أتخلف حتى أدركني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «مالك يا جابر» ؟ قال قلت: يا رسول الله! أبطأ بي جملي هذا، قال: «أنخه» ، قال: فأنخته وأناخ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: «أعطني هذه العصا من يدك- أو اقطع لي عصا من شجرة» ، قال: ففعلت، قال: فأخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم فنخسه بها نخسات، ثم قال: اركب، فركبت فخرج والذي بعثه بالحق يواهق ناقته مواهقة، قال: وتحدثت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي: «أتبيعني جملك هذا يا جابر» ؟ قال قلت: يا رسول الله! بل أهبه لك، قال: «لا ولكن بعنيه» ، قال قلت: فثمنيه يا رسول الله! قال: «قد أخذته بدرهم» ، قال قلت: لا، إذن تغبنني يا رسول الله! قال: «بدرهمين» ؟ قال قلت: لا؛ قال: فلم يزل يرفع لي رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثمنه حتى بلغ الأوقية، قال فقلت: أفقد رضيت يا رسول الله؟ قال: نعم، قلت: فهو لك، قال: «قد أخذته» ؛ قال ثم قال: «يا جابر! هل تزوجت بعد» ؟ قال قلت: نعم يا رسول الله! قال: «أثيبا أم بكرا» ؟ قال قلت: بل ثيبا، قال: «أفلا جارية تلاعبها وتلاعبك» ؟ قال قلت: يا رسول الله! إن أبي أصيب يوم أحد وترك بنات له سبعا فنكحت امرأة جامعة تجمع رؤوسهن وتقوم عليهن، قال: «أصبت إن شاء الله، أما إنا لو قد جئنا صرارا أمرنا بجزور فنحرت وأقمنا عليها يومنا ذاك وسمعت بنا فنفضت نمارقها» ، قال قلت: والله يا رسول الله ما لنا من نمارق، قال: «إنها ستكون! فإذا أنت قدمت فاعمل عملا كيسا» ، قال: فلما جئنا صرارا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بجزور فنحرت، وأقمنا عليها ذلك اليوم، فلما أمسى رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل ودخلنا؛ قال: فحدثت المرأة الحديث وما قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: فدونك سمع وطاعة، قال: فلما أصبحت أخذت برأس الجمل فأقبلت به حتى أنخته على باب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ثم جلست في المسجد قريبا منه، قال: وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى الجمل فقال: «ما هذا» ؟ قالوا: يا رسول الله! الجزء: 1 ¦ الصفحة: 250 ثم كانت غزوة دومة الجندل «1» وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بلغه أن جمعا تجمعوا بها، فغزاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بلغ دومة الجندل فلم ير كيدا، واستخلف على «2» المدينة سباع «3» بن عرفطة «3» الغفاري، ثم رجع إلى المدينة. وتوفيت أم سعد بن عبادة وسعد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بدومة الجندل، فلما رجع جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم قبرها وصلى عليها «4» ، فقال سعد: يا رسول الله! إن أمي أفتلتت نفسها ولم توص أفأقضي «5» عنها؟ قال: «نعم» . وكسف القمر في جمادى الآخرة، فجعلت اليهود يرمونه بالشهب ويضربون بالطاس ويقولون: سحر القمر، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الكسوف. وبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قريشا أصابتهم شدة حتى أكلوا الرمة، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء من الذهب إليهم مع عمرو بن أمية وسلمة بن أسلم بن حريش. ثم قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد من مزينة، وهو أول وفد قدم عليه في رجب وفيهم بلال بن الحارث المزني في رجال من مزينة، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنتم مهاجرون أينما كنتم» ! فرجعوا إلى بلادهم.   هذا جمل جاء به جابر، قال: «فأين جابر» ؟ قال: فدعيت له، قال فقال: «يا ابن أخي! خذ برأس جملك فهو لك» ؛ ودعا بلالا فقال له: «اذهب بجابر فأعطه أوقية» ، قال: فذهبت معه فأعطاني أوقية وزادني شيئا يسيرا، قال: فو الله ما زال ينمى عندي ويرى مكانه من بيننا حتى أصيب أمس فيما أصيب لنا- يعني يوم الحرة» . (1) في سيرة ابن هشام 2/ 137 «غزوة دومة الجندل في شهر ربيع الأول سنة خمس» . (2) في ف «في» . (3- 3) من سيرة ابن هشام والطبري 3/ 43 والمغازي 1/ 404، وفي ف «سماع بن غطرفة» خطأ؛ وله ترجمة في الإصابة 3/ 63. (4) انظر الإصابة 8/ 147. (5) في تهذيب تاريخ ابن عساكر 6/ 84 «أأقضيه» ، وفي الأصل «أفأوصي» كذا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 251 ثم قدم بعدهم ضمام «1» بن ثعلبة، بعثه بنو سعد بن بكر فقال «2» : يا محمد! أتانا رسولك فزعم أنك تزعم أن الله أرسلك، قال: «صدق» ، قال: فمن خلق السماء؟ قال: «الله» ، قال: فمن خلق الأرض؟ قال: «الله» ، قال: فمن نصب هذه «3» الجبال؟ قال: «الله» ، قال: فمن جعل فيها هذه «4» المنافع؟ قال: «الله» ؛ آلله «5» تعالى أرسلك؟ قال: «نعم» «6» ، قال: فبالذي خلق السماوات «7» والأرض ونصب «8» الجبال وجعل فيها هذه المنافع «9» هو الله الذي «9» أرسلك؟ قال: «نعم» ؛ قال: وزعم رسولك أن علينا خمس صلوات في «10» يومنا وليلتنا «10» ، قال: «صدق» ، قال: فبالذي أرسلك آلله أمرك بهذا؟ قال: «نعم» ؛ «11» قال: وزعم رسولك أن علينا صوم شهر رمضان في سنتنا «12» ، قال: «صدق» ، قال: فبالذي أرسلك آلله   (1) ترجمة في الإصابة 3/ 271 وقال «ضمام بن ثعلبة السعدي من بني سعد بن بكر، وقع ذكره في حديث أنس في الصحيحين، قال: بينما نحن عند النبي صلى الله عليه وسلم إذا جاء أعرابي فقال: أيكم ابن عبد المطلب- الحديث. وفيه أنه أسلم وقال: أنا رسول من ورائي من قومي وأنا ضمام بن ثعلبة. وكان عمر بن الخطاب يقول: ما رأيت أحدا أحسن مسألة ولا أوجز من ضمام بن ثعلبة. وروى أبو داود من طريق ابن إسحاق عن سلمة بن كهيل وغيره عن كريب عن ابن عباس قال: بعث بنو سعد ضمام بن ثعلبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم- فذكره مطولا ... وزعم الواقدي أن قدومه كان في سنة خمس» . (2) ذكر ابن إسحاق هذه الوفادة بإسناده باختلاف يسير فراجع سيرة ابن هشام 3/ 63. (3) وفي سنن النسائي كتاب الصيام: فيها. (4) ليس في النسائي. (5) من سنن النسائي، وفي ف «والله» . (6) العبارة من هنا إلى «هذه» ليست في سنن النسائي. (7) في النسائي: السماء. (8) زيد في النسائي: فيها. (9- 9) في النسائي: آلله. (10- 10) في النسائي: كل يوم وليلة. (11) زيد في النسائي «قال: وزعم رسولك أن علينا زكاة أموالنا، قال: صدق، قال: فبالذي أرسلك آلله أمرك بهذا؟ قال: نعم» . (12) في النسائي: كل سنة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 252 أمرك بهذا؟ قال: نعم، «1» قال: «2» فو الله الذي «2» بعثك بالحق! لا أزيدن عليهن «3» ولا أنقص منهن شيئا «3» ، فلما قفا «4» قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لئن صدق ليدخلن الجنة» ! فأسلم ضمام ورجع إلى قومه بالإسلام. ثم غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة المريسيع في شعبان «5» ، قصد بني المصطلق من خزاعة على «6» ماء لهم «6» قريب من الفرع «7» ، فقتل منهم رجالهم وسباهم «8» ، وكان فيمن سبى جويرة بنت «9» الحارث ابن أبي ضرار، تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجعل صداقها أربعين أسيرا من قومها. في هذه الغزوة سقط عقد عائشة، فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس على التماسه   (1) زيد في النسائي: «قال: وزعم رسولك أن علينا الحج من استطاع إليه سبيلا، قال: صدق، قال: فبالذي أرسلك آلله أمرك بهذا؟ قال: نعم» . (2- 2) في النسائي: فو الذي. (3- 3) في النسائي: شيئا ولا أنقص. (4) في النسائي: ولي. (5) في السيرة 2/ 168 «قال ابن إسحاق: ثم غزا بني المصطلق من خزاعة في شعبان سنة ست، وقال ابن هشام: واستعمل على المدينة أبا ذر الغفاري، ويقال: نميلة بن عبد الله اللثي» كذا في الطبري 3/ 63. وفي المغازي 1/ 404 «في سنة خمس خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين لليلتين خلتا من شعبان» . (6- 6) من السيرة، وفي ف «ما بهم» خطأ. (7) في معجم البلدان 363 «بين الفرع والمريسيع ساعة من النهار» . (8) في ف «نساءهم» كذا، وفي المغازي 1/ 407 «وقتل عشرة منهم وأسر سائرهم، وسبى رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجال والنساء والذرية» . (9) لها ترجمة في الإصابة 8/ 43 وفيه «لما غزا النبي صلى الله عليه وسلم بني المصطلق غزوة المريسيع في سنة خمس أو ست وسباهم وقعت جويرية وكانت تحت مسافع بن صفوان المصطلقي في سهم ثابت بن قيس ... فكاتبته على نفسها وكانت امرأة حلوة ملاحة لا يراها أحد إلا أخذت بنفسه فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم تستعينه في كتابتها» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 253 وليسوا على ماء وليس معهم ماء، فنزلت آية التيمم، فقال أسيد «1» بن حضير «2» : ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر! فبعثوا العير التي كانت عليه، فوجدوا العقد تحته. وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا نملة «3» الطائي بشيرا إلى المدينة بفتح المريسيع. ثم غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة الخندق «4» وكان من شأنها أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أجلى بني النضير خرج نفر من اليهود فيهم «5» حي «6» بن أخطب النضري وهوذة «7» بن قيس الوائلي «8» وكنانة بن الربيع «8» النضري «9» في نفر من بني النضير وبني وائل وحزبوا الأحزاب حتى قدموا على قريش مكة «10» ودعوهم إلى حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا: إنا سنكون معكم [عليه] «11» حتى نستأصله ومن معه، فقالت لهم قريش: يا معشر اليهود! إنكم أهل الكتاب والعلم بما «12» أصبحنا نختلف فيه نحن ومحمد، «13» أفديننا «13» خير أم دينه؟ قالوا: بل   (1) له ترجمة في الإصابة 1/ 48 وفيه «أسيد بن الحضير بن سماك، الأنصاري، وكان ممن ثبت يوم أحد وجرح يومئذ سبع جراحات، عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «نعم الرجل أسيد بن حضير» . (2) في ف «حضر» . (3) من الإصابة 7/ 195، وفي ف «أبا تملة» خطأ؛ قال ابن حجر: اسمه عمار بن معاذ بن زرارة، الأنصاري الظفري، شهد بدرا مع أبيه، وشهد أحدا وما بعدها. (4) كانت هذه الغزوة في شوال سنة خمس- انظر الطبري 3/ 43 والسيرة 2/ 138. (5) زيد في الطبري 3/ 44 والسيرة «سلام بن أبي الحقيق النضري و» . (6) في ف «حي» ، والتصحيح من الطبري والسيرة والمغازي 2/ 441. (7) من الطبري والسيرة والمغازي، وفي ف «هودة» . (8- 8) من الطبري والسيرة، وزيد بعده فيهما «بن أبي الحقيق» وفي المغازي «كنانة بن أبي الحقيق» وفي ف «عمرو بن كنانة بن الربيع» كذا خطأ. (9) زيد في الطبري والسيرة «وعمار الوائلي» ، وفي المغازي «وأبو عامر الراهب» . (10) هكذا في ف والسيرة، وفي الطبري «بمكة» . (11) زيد من الطبري والسيرة. (12) من الطبري والسيرة، وفي ف «لما» . (13- 13) من الطبري والسيرة، وفي ف «فديتنا» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 254 دينكم، وأنتم أولى بالحق منه؛ فلما قالوا ذلك لقريش نشطوا لما دعوهم إليه من حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأجمعوا «1» لذلك واتعدوا «2» [له] «3» ، ثم خرجوا حتى جاءوا غطفان من «4» قيس [عيلان] «3» ، فدعوهم إلى حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخبروهم أن قريشا قد تابعوهم «5» على ذلك وأجمعوا «6» معهم على ذلك. وخرجت قريش [و] «3» قائدها أبو سفيان بن حرب، وخرجت «7» ، غطفان [و] «3» قائدها عيينة ابن حصن بن حذيفة بن بدر الفزاري «8» ، وكان قائد أشجع مسعود «9» بن رخيلة. فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بأمرهم استشار المسلمين «10» ، فأشار عليه سلمان بضرب الخندق على المدينة، وهي أول غزوة غزاها سلمان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فخندق على المدينة فيما بين المذاد «11» إلى ناحية راتج «12» .   (1) كذا في ف، وفي الطبري «فأجمعوا» وفي السيرة «واجتمعوا» . (2) من الطبري والسيرة، وفي ف بلا نقط. (3) زيد من الطبري والسيرة. (4) من الطبري والسيرة، وفي ف «بن» خطأ. (5) من الطبري والسيرة، وفي ف «بايعوهم» كذا. (6) في السيرة «فاجتمعوا» . (7) من الطبري والسيرة، وفي ف «أخرجت» . (8) في الطبري والسيرة «في بني فزارة» وزاد بعده فيهما «والحارث بن عوف بن أبي حارثة المري في بني مرة» . (9) هكذا في الطبري والمغازي 2/ 443، وفي السيرة «مسعر» . (10) في ف «المسلمون» كذا. (11) في ف «المرام» والتصحيح من المغازي 2/ 445؛ وفي معجم البلدان 7/ 433 «موضع بالمدينة حيث حفر الخندق النبي صلى الله عليه وسلم ... وقيل المذاد واد بين سلع وخندق المدينة» . (12) في ف «رابع» والتصحيح من المغازي؛ وفي المعجم 4/ 203 «أطم من آطام اليهود بالمدينة وتسمى الناحية به، له ذكر في كتب المغازي والأحاديث» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 255 وأقبلت قريش حتى نزلت بمجتمع الأسيال من رومة «1» في عشرة آلاف رجل من أحابيشهم «2» ومن تابعهم من أهل كنانة وأهل تهامة، وأقبلت غطفان حتى نزلوا بذنب نقمى «3» إلى جانب أحد. وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم- واستخلف على المدينة ابن أم مكتوم وذلك في شهر شوال- حتى جعل سلعا وراء ظهره والخندق بينه وبين القوم، وهو في ثلاثة آلاف من المسلمين، وخرج حي «4» بن أخطب حتى أتى كعب بن أسد «5» صاحب بني قريظة، فلم يزل [يفتله] «6» حتى بايعه على ذلك.   (1) من المغازي 2/ 444 والسيرة 2/ 140، وفي ف والطبري 3/ 46 «دومة» وفي المعجم 4/ 336 «رومة: أرض بالمدينة بين الحرف وزغابة، نزلها المشركون عام الخندق» . (2) من الطبري والسيرة، وفي ف «أحابيشها» . (3) في معجم البلدان 8/ 310 «نقمى بالتحريك والقصر من النقمة موضع من أعراض المدينة كان لآل أبي طالب؛ قال ابن إسحاق: وأقبلت غطفان يوم الخندق ومن تبعها من أهل نجد حتى نزلوا بذنب نقمى إلى جنب أحد» . (4) من المراجع كلها، وفي ف «حي» . (5) زيد في الطبري «القرظي» . (6) من الطبري والسيرة والعبارة فيهما كما يلي «وكان قد وادع رسول الله صلى الله عليه وسلم على قومه وعاهده على ذلك وعاقده، فلما سمع كعب بحي بن أخطب أغلق دونه حصنه، فاستأذن عليه فأبي أن يفتح له، فناداه حي: يا كعب! افتح لي، قال: ويحك يا حي، إنك أمر مشؤوم، إني قد عاهدت محمدا فلست بناقض ما بيني وبينه، ولم أرمنه إلا وفاء وصدقا، قال: ويحك! افتح لي أكلمك، قال: ما أنا بفاعل، قال: والله إن أغلقت دوني إلا على جشيشتك أن آكل معك منها، فاحفظ الرجل؛ ففتح له فقال: ويحك يا كعب! جئتك بعز الدهر وببحر طام، جئتك بقريش على قادتها وسادتها حتى أنزلتهم بمجتمع الأسيال من رومة وبغطفان على قادتها وسادتها حتى أنزلتهم بذنب نقمى إلى جانب أحد، قد عاهدوني وعاقدوني ألا يبرحوا حتى يستأصلوا محمدا ومن معه، فقال له كعب بن أسد: جئتني والله بذل الدهر بجهام قد هراق ماءه يرعد ويبرق ليس فيه شيء، ويحك! فدعني ومحمدا وما أنا عليه، فلم أر من محمد إلا صدقا ووفاء؛ فلم يزل حي بكعب يفتله في الذروة والغارب حتى سمح له على أن أعطاه عهدا من الله وميثاقا لئن رجعت قريش وغطفان ولم يصيبوا محمدا أن أدخل معك في حصنك حتى يصيبني ما أصابك، فنقض كعب بن أسد عهده وبرىء مما كان عليه فيما بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 256 ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سعد بن معاذ وسعد بن عبادة وعبد الله بن رواحة وخوات بن جبير يستخبرون خبر كعب بن أسد أهم على وفاء أم لا، فمضوا إليه فسألوه، فقال: لا عهد بيننا وبين محمد، ثم رجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبروه. فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم «1» بحذاء المشركين «1» بضعا «2» وعشرين ليلة. ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من يأتيني بخبر القوم» ؟ فقال الزبير: أنا، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن لكل نبي حواريا» ، وإن حواريّ الزبير «3» . ولم يكن بينهم حرب إلا الرمي بالنبل، غير أن فوارس «4» من قريش منهم عمرو بن «5» عبدود بن [أبي] «6» قيس أخو «7» بني عامر وعكرمة بن أبي جهل المخزومي وهبيرة بن أبي وهب المخزومي وضرار بن الخطاب «8» بن مرداس المحاربي «9» ، قد تهيأوا للقتال «10» وتلبسوا وخرجوا على خيلهم ومروا بمنازل كنانة، ثم أقبلوا بخيلهم حتى وقفوا على الخندق، فلما رأوه قالوا: والله إن هذه «11» المكيدة ما كانت العرب تكيدها! ثم أتوا مكانا من الخندق ضيقا فضربوا خيلهم، فاقتحمت منه «12» وجالت «13» في السبخة «14» بين الخندق   (1- 1) في الطبري 3/ 47 «وأقام المشركون عليه» وانظر السيرة 2/ 141. (2) من السيرة والطبري، وفي ف «بضع» . (3) زيد في المغازي 2/ 457 «وابن عمتي» . (4) في ف «فوارسا» والتصحيح من الطبري 3/ 48 والسيرة 2/ 142. (5) من السيرة 2/ 142 والطبري 3/ 48، وفي ف «و» خطأ. (6) زيد من الطبري والسيرة. (7) من الطبري والسيرة، وفي ف: أحد. (8) من السيرة والطبري، وفي ف «الحرث» كذا. (9) في السيرة والطبري «أخو بني المحارب» . (10) من الطبري، وفي ف «القتال» . (11) في ف «هذا» ، والتصحيح من الطبري والسيرة. (12) من السيرة والطبري، وفي ف «فيه» . (13) في ف «حالت» خطأ. وفي السيرة والطبري «فجالت بهم» . (14) من السيرة والطبري، وفي ف «السحنة» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 257 وسلع. فلما رآهم المسلمون خرج علي بن أبي طالب في نفر من المسلمين حتى أخذ عليهم «1» الموضع الذي منه اقتحموا «1» وأقبلت الفوارس تعنق «2» نحوهم، وكان عمرو بن عبدود فارس قريش وقد كان قاتل يوم بدر «3» ولم يشهد أحدا، فخرج عام الخندق معلما ليرى مشهده «4» ؛ فلما وقف هو وخيله «5» قال علي بن أبي طالب: يا عمرو! إني أدعوك إلى البراز «6» ، قال: ولم يا ابن أخي؟ فو الله: ما أحب أن أقتلك! قال علي: لكني والله أحب أن أقتلك! فحمى عمرو عند ذلك واقتحم عن فرسه وعقره ثم أقبل إلى علي، فتنازلا وتجاولا إلى أن قتله علي وخرجت [خيله] «7» منهزمة من الخندق. وحبس رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الظهر والعصر والمغرب والعشاء، وذلك بعد أن كفوا، كما قال الله تعالى: وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ «8» . ولم يقتل من المسلمين غير ستة نفر: كعب بن زيد الدنباني «9» ، ورمي سعد «10» بن معاذ بسهم فقطع أكحله، وعبد الله بن سهل، وأنس «11» بن أوس بن   (1- 1) في السيرة والطبري «الثغرة التي أقحموا منها» . (2) من السيرة والطبري، وفي ف «تحفق» . (3) زيد في الطبري والسيرة «حتى أثبتته الجراحة» . (4) في ف «مسهده» خطأ، وفي الطبري والسيرة «مكانه» . (5) زيد في السيرة «قال: من يبارز؟ فبرز له علي ابن أبي طالب فقال له: يا عمرو! إنك قد كنت عاهدت الله بما يدعوك رجل من قريش إلى إحدى خلتين إلا أخذتها منه، قال له: أجل، قال له علي: فإني أدعوك إلى الله وإلى رسوله وإلى الإسلام! قال: لا حاجة لي بذلك» انظر الطبري أيضا. (6) في الطبري والسيرة: النزال. (7) من الطبري، وفي السيرة «خيلهم» . (8) سورة 33 آية 25. (9) كذا، ولعله «الأنصاري» ، وفي الإصابة 5/ 303 «كعب بن زيد بن قيس بن مالك بن كعب بن حارثة ابن دينار بن النجار الأنصاري ... » . (10) وقع في ف «سهد» مصحفا. (11) في ف: أنيس، والتصحيح من المغازي 1/ 495 والإصابة 1/ 68. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 258 عتيك، والطفيل «1» بن النعمان بن خنساء، وثعلبة بن غنمة، وقتل من المشركين جماعة. ثم إن نعيم بن مسعود الأشجعي أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: يا رسول الله! إني أسلمت وإن قومي لا يعلمون بإسلامي فمرني بما شئت، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما أنت فينا رجل واحد فخذّل عنا «2» ، فإن الحرب خدعة» «3» ، فخرج نعيم حتى أتى بني قريظة وكان لهم نديما في الجاهلية فقال: يا معشر قريظة! إنكم قد عرفتم ودّي لكم وخاصة ما بيني وبينكم، قالوا: صدقت «4» ، قال: فإن قريشا وغطفان قد جاءوا لحرب محمد وإنهم «5» ليسوا كهيئتكم «6» ، البلد بلدكم لا تقدرون «7» [على] «8» أن تتحولوا عنه «9» ، وإن قريشا وغطفان «10» إن وجدوا فرصة أشهروها، وإن كان غير ذلك هربوا «10» وخلوا بينكم وبين الرجل ببلدكم «11» ، فلا تقاتلوا مع القوم حتى تأخذوا منهم رهنا من أشرافهم يكونون «12» بأيديكم «13» على أن يقاتلوا مع القوم «13»   (1) في ف «للطفيل» تصحيف. (2) زيد في الطبري 3/ 50 «إن استطعت» . (3) من الطبري والسيرة 2/ 144، وفي ف «خداع» . (4) زيد في الطبري والسيرة «لست عندنا بمتهم» . (5) في الطبري «وقد ظاهرتموهم عليه وإن قريشا وغطفان» . (6) من الطبري، ووقع في ف «كمتكم» مصحفا، وفي السيرة «كأنتم» . (7) من الطبري والسيرة، وفيهما قبله «به أموالكم وأبناؤكم ونساؤكم» ؛ وفي ف «لا تقدروا» . (8) زيد من الطبري والسيرة. (9) في الطبري والسيرة «تحولوا منه إلى غيره» . (10- 10) في الطبري: أموالهم وأبناؤهم ونساؤهم وبلدهم بغيره، فليسوا كهيئتكم، إن رأوا نهزة وغنيمة أصابوها، وإن كان غير ذلك لحقوا ببلادهم» - انظر السيرة أيضا. (11) زيد في الطبري والسيرة «ولا طاقة لكم به» . (12) في ف «يكونوا» . (13- 13) في الطبري 3/ 51 «ثقة لكم على أن يقاتلوا معكم محمدا» وفي السيرة «ثقة لكم على أن تقاتلوا معهم محمدا» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 259 حتى تناجزوه، فقالوا: قد أشرت برأي ونصح. ثم خرج نعيم «1» حتى أتى قريشا وأبا سفيان فقال: يا معشر قريش «1» ! إنكم قد عرفتم ودي لكم «2» ، قد رأيت أن حقا عليّ أن أبلغكموه وأنصح لكم فاكتموه عليّ «3» ، قالوا: نفعل، قال: إن معشر اليهود قد ندموا على ما صنعوا فيما بينهم وبين محمد وقد أرسلوا إليه أنا قد ندمنا على ما فعلنا فهل يرضيك منا أن نأخذ من القبيلتين من قريش وغطفان رجالا من أشرافهم «4» فتضرب «5» أعناقهم ثم نكون معك على من «6» بقي منهم، فأرسل إليهم أن نعم، فإن بعث «7» إليكم اليهود يلتمسون رهنا فلا تدفعوا إليهم «8» . ثم خرج حتى أتى غطفان «9» فقال: يا معشر غطفان! إنكم أصلي وعشيرتي وأحب الناس إليّ «10» ولا أراكم تتهموني، قالوا: صدقت «11» ، قال: فاكتموا عليّ، قالوا: نفعل، فقال لهم مثل ما قال لقريش في شأن بني قريظة وحذرهم مثل الذي حذرهم. فلما كانت ليلة السبت «12» أرسل أبو سفيان عكرمة بن أبي جهل في نفر معه من رؤوس غطفان إلى بني قريظة فقالوا: لسنا بدار مقام، قد هلك الكراع «13»   (1- 1) كذا في ف، وفي السيرة 2/ 193 «حتى أتى قريشا فقال لأبي سفيان بن حرب ومن معه من رجال قريش» . (2) زيد في الطبري والسيرة «وفراقي محمدا» . (3) في السيرة والطبري «عني» . (4) زيد في السيرة «فنعطيكهم» . (5) من السيرة، وفي ف «فنضرب» . (6) من السيرة والطبري، وفي ف «ما» . (7) في الطبري «بعثت» . (8) زيد في السيرة والطبري «منكم رجلا واحدا» . (9) في ف «غطفا» خطأ. (10) في ف «أتى» خطأ. (11) زيد في السيرة «ما أنت عندنا بمتهم» . (12) زيد في السيرة «من شوال سنة خمس وكان من صنع الله لرسوله صلى الله عليه وسلم أن» . (13) كذا في ف، وفي السيرة «الخف» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 260 والحافر، فاغدوا للقتال حتى نناجز «1» محمدا ونفرغ مما بيننا وبينه؛ فأرسلوا «2» أن غدا السبت «3» وهو يوم لا نعمل «4» فيه، ولسنا مع ذلك بالذي نقاتل معكم حتى تعطونا «5» رهنا من أشرافكم يكونون عندنا حتى نناجز محمدا، فإنا نخشى الحرب «6» إن اشتدت أن تتشمروا «7» إلى بلادكم وتتركونا؛ فلما رجع عكرمة إلى قريش وغطفان بما قالت بنو قريظة قالوا: والله! إن الذي جاءكم به نعيم بن مسعود لحق، فأرسلوا إلى بني قريظة أنا والله لا ندفع إليكم رجلا واحدا! فإن كنتم تريدون القتال فاخرجوا وقاتلوا، فقالت بنو قريظة: إن الذي ذكر لنا نعيم لحق، «8» ما يريد القوم «8» إلا أن يقاتلوا، فإن رأوا فرصة انتهزوها، وإن كان غير ذلك انشمروا «9» إلى بلادهم وخلوا بينكم وبين الرجل «10» ، فأرسلوا [إلى قريش وغطفان] «11» أنا والله لا نقاتل معكم «12» حتى تعطونا رهنا «13» . وبعث الله على المشركين ريحا تطرح «14» آنيتهم «15» وتكفأ قدورهم في يوم شديد البرد، فلما انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما   (1) من السيرة، وفي ف «تناجز» . (2) زيد في السيرة «إليهم» . (3) في السيرة «إن اليوم يوم السبت» . (4) من السيرة، وفي ف «يعمل» . (5) من السيرة، وفي ف «تقطعونا» . (6) من السيرة، ووقع في ف «العرب» مصحفا. (7) في السيرة «إن تنشمروا» ، وانشمر وتشمر بمعنى. (8- 8) من السيرة، وفي الأصل «ما يريدوا» . (9) من السيرة، وفي ف «نتشمروا» . (10) زيد في السيرة «في بلدكم» . (11) زيد من السيرة. (12) زيد في السيرة «محمدا» . (13) زيد في السيرة «فأبوا عليهم وخذل الله بينهم» . (14) زيد في الأصل «ريحا» خطأ. (15) من السيرة، وفي الأصل: أبنيتهم» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 261 اختلف من أمرهم «1» دعا حذيفة بن اليمان، قال: «اذهب فادخل بين القوم وانظر ما يقولون ولا تحدثن شيئا حتى- تأتيني وذلك ليلا» ، فدخل حذيفة في الناس، وقام أبو سفيان بن حرب وقال: يا معشر قريش! لينظر كل امرىء من جليسه؟ قال حذيفة: وأخذت رجلا إلى جنبي وقلت له: من أنت؟ قال: أنا فلان بن فلان، ثم قال أبو سفيان: يا معشر قريش! إنكم والله! ما أصبحتم بدار مقام، لقد هلك الكراع والخف، وأخلفتنا بنو قريظة، وبلغنا عنهم الذي نكره «2» ، ولقينا من هذه الريح ما ترون، والله! ما يستمسك «3» [لنا] «4» بناء ولا «5» تطمئن لنا قدور «6» ، فارتحلوا فإني «7» مرتحل، ثم قام إلى جمله وهو معقول فجلس عليه، ثم ضربه فوثب به على ثلاث، فما أطلق عقاله إلا وهو قائم؛ ثم قال حذيفة: ولولا عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ألا تحدث شيئا حتى تأتيني لقتلته بسهمي؛ فرجع حذيفة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره الخبر. فسمعت غطفان بما صنعت قريش فانشمروا راجعين إلى بلادهم، ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة هو المسلمون ووضعوا السلاح. [غزوة بني قريظة] فلما كانت الظهر أتى جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم «8» وقال: «قد وضعتم السلاح وأن   (1) زيد في السيرة، «وما فرق الله من جماعتهم» . (2) من السيرة، وفي ف «ذكره» كذا. (3) في السيرة «لا يستمسك» ، وفي ف «ما استمسك» . (4) زيد من السيرة. (5) في السيرة «ما» وقد قدم فيه هذه الجملة. (6) في السيرة «قدر» وزاد بعده «ولا تقوم لنا نار» وقد أخره. (7) في ف «إلى» . (8) زاد بعده في الطبري 3/ 52 «كما ثنا ابن حميد قال ثنا سلمة قال حدثني محمد بن إسحاق عن ابن شهاب الزهري: معتجرا بعمامة من إستبرق على بغلة عليها رحالة عليها قطيفة من ديباج فقال: أقد وضعت السلاح ... » . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 262 الملائكة «1» لم تضع سلاحها بعد، إن الله يأمرك بالمسير إلى بني قريظة» ! فأذن مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا! لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يحمل لواءه علي بن أبي طالب، فلما بلغ الصورين «2» قال: «هل مر بكم أحد» ؟ قالوا: نعم، مر بنا دحية الكلبي على بغلة بيضاء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ذاك جبريل» ! فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزل على بئر لبني قريظة في ناحية أموالهم، وتلاحق به الناس، وأتى رجال بعد عشاء «3» [الآخرة] «4» ولم يصلوا العصر لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة» «5» ، فحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسا وعشرين ليلة حتى جهدهم الحصار، وقذف الله في قلوبهم الرعب، وقد كان حي بن أخطب قد دخل مع بني قريظة في حصنهم حين رجعت قريش وغطفان وفاء لكعب بن أسد «6» ، «7» فلما تيقنوا «7» أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير منصرف عنهم حتى يناجزهم «8» بعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم [إن] «4» ابعث إلينا   (1) وفي الطبري: قال جبريل: «ما وضعت الملائكة السلاح وما رجعت الآن إلا من طلب القوم، إن الله يأمرك يا محمد بالسير إلى بني قريظة ... إلخ» . (2) موضع قرب المدينة- راجع معجم البلدان 5/ 399. (3) في السيرة «فأتى رجال منهم من بعد العشاء» . (4) زيد من السيرة. (5) وفي سيرة ابن هشام 2/ 195 «ألا ببني قريظة» وزاد بعده «فشغلهم ما لم يكن لهم منه بد في حربهم وأبوا أن يصلوا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «حتى تأتوا بني قريظة فصلوا العصر بها بعد العشاء الآخرة» ، فما عابهم الله بذلك في كتابه ولا عنفهم به رسول الله صلى الله عليه وسلم- قاله أبو إسحاق بن يسار عن معبد بن كعب ابن مالك الأنصاري. (6) من السيرة، وفي ف «وقال كعب بن سعد» وزيد في السيرة «بما كان عاهده عليه» . (7- 7) وفي السيرة «فلما أيقنوا» . (8) وزيد في السيرة 2/ 195 ما نصه «قال كعب بن أسد لهم: يا معشر يهود! قد نزل بكم من الأمر ما ترون وإني عارض عليكم خلالا ثلاثا فخذوا أيها شئتم، قالوا: ما هي؟ قال: نتابع هذا الرجل ونصدقه، فو الله لقد تبين لكم أنه لنبي مرسل وأنه للذي تجدونه في كتابكم، فتأمنون على دمائكم وأموالكم وأبنائكم ونسائكم، قالوا: لا نفارق حكم التوراة أبدا ولا نستبدل به غيره، قال: فإذا أبيتم على هذه فهلم فلنقتل أبناءنا ونساءنا ثم نخرج إلى محمد وأصحابه رجالا مصلتين السيوف لم نترك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 263 أبا «1» لبابة بن عبد المنذر أخا بني عمرو بن عوف لنستشيره «2» ، فأرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم، فقالوا «3» : يا أبا لبابة! أترى أن ننزل «4» على حكم محمد؟ قال: نعم- وأشار بيده إلى حلقه أنه الذبح [فقالوا] «5» ننزل «6» [على حكم سعد بن معاذ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «انزلوا على حكمه» ] «7» . [ثم إن] «5» ثعلبة بن سعية «8» وأسد بن سعية «8» وأسد بن عبيد أسلموا فمنعوا ديارهم وأموالهم. فلما أصبحوا نزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال الأوس «9» : يا رسول الله! إنهم موالينا دون الخزرج «10» فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا ترضون أن   وراءنا ثقلا حتى يحكم الله بيننا وبين محمد، فإن تهلك نهلك ولم نترك وراءنا نسلا نخشى عليه، وإن نظهر فلعمري لنجدن النساء والأبناء، قالوا: نقتل هؤلاء المساكين! فما خير العيش بعدهم، قال: فإن أبيتم على هذه فإن الليلة ليلة السبت وأنه عسى أن يكون محمدا وأصحابه قد أمنوا فيها فانزلوا لعلنا نصيب من محمد وأصحابه غرة، قالوا تفسد سبتنا علينا ونحدث فيه ما لم يحدث من كان قبلنا إلا من قد علمت فأصابه ما لم يخف عليك من المسخ، قال: ما بات رجل منكم منذ ولدته أمه ليلة واحدة من الدهر حازما ... » . (1) من السيرة، وفي ف «أبو» . (2) التصحيح من السيرة وزيد بعده «في أمرنا» ، ووقع في ف «تستنشره» مصحفا. (3) في السيرة «فلما رأوه قام إليه الرجال وجهش إليه النساء والصبيان يبكون في وجهه فرق لهم وقالوا له» . (4) من الطبري، وفي ف «تنزل» . (5) زيد من الطبري. (6) من الطبري، وفي ف «تنزل» . (7) زيد في السيرة بعده ما نصه «قال أبو لبابة: فو الله! ما زالت قدماي من مكانهما حتى عرفت أني قد خنت الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ثم انطلق أبو لبابة على وجهه ولم يأت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ارتبط في المسجد إلى عمود من عمده وقال: لا أبرح من مكاني هذا حتى يتوب الله علي مما صنعت، وعاهد الله أن لا أطأ بني قريظة أبدا ولا أرى في بلد خنت الله ورسوله فيه أبدا» . (8) من السيرة والطبري، وفي ف «سعيد» . (9) وفي الطبري «فتواثبت الأوس فقالوا» . (10) من الطبري، ووقع في ف «الخروج» مصحفا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 264 يحكم فيكم رجل «1» منكم» ؟ قالوا: بلى يا رسول الله! قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فذاك إلى سعد بن معاذ» ، وكان قال «2» رسول الله صلى الله عليه وسلم لقومه حين أصابه السهم «3» : «اجعلوه «4» في خيمة قريب «4» مني حتى أعوده» ، فلما حكمه رسول الله صلى الله عليه وسلم في بني قريظة أتاه قومه فاحتملوه على حمار «5» ثم أقبلوا به «6» إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يقولون: يا أبا عمرو! إن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما ولاك مواليك لتحسن فيهم، فلما أكثروا عليه «7» قال: قد آن «8» لسعد أن لا تأخذه في الله لومة لائم، فلما جاء سعد قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قوموا إلى سيدكم» ، فقاموا إليه فقالوا: يا أبا عمرو! إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ولاك الحكم «9» ، قال سعد: عليكم عهد الله وميثاقه، إن الحكم فيكم ما حكمت، قالوا: نعم، قال: وعلى من كان ههنا في هذه الناحية التي فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم- وهو معرض عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إجلالا له، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نعم» ، فقال سعد: فإني أحكم فيهم [بأن تقتل الرجال وتقسم الأموال وتسبى الذراري والنساء ... قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لسعد: «لقد حكمت فيهم] «10» بحكم «11» الله من فوق سبعة أرقعة» «12» ؛ فحبسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في دار «13» ثم قدم رسول   (1) من الطبري، وفي ف «رجلا» خطأ. (2) كذا، وفي الطبري «وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال لقومه ... » . (3) وزيد في الطبري «بالخندق» . (4- 4) كذا في ف، وفي الطبري «في خيمة رفيدة» . (5) زيد في الطبري «قد وطأوا له بوسادة من أدم وكان رجلا جسيما» . (6) في الطبري «معه» . (7) من الطبري، وفي ف «فيه» . (8) في الطبري «أنى» يقال: آن يئين وأنى يأنى. (9) كذا في ف، وفي الطبري «مواليك لتحكم فيهم» . (10) زيد من الطبري. (11) من الطبري، وفي ف «يحكم» خطأ. (12) أي سماوات، جمع رقيع؛ وزيد في الطبري «قال ابن إسحاق: ثم استنزلوا» . (13) كذا في ف، وفي الطبري «في دار ابنة الحارث امرأة من بني النجار» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 265 الله صلى الله عليه وسلم المدينة. فلما قدمها خرج إلى سوق المدينة فحفر حفرا ثم بعث إليهم وأمر بضرب أعناقهم وهم ما بين ستمائة إلى تسعمائة «1» ، فلم يزل ذلك دأبهم حتى فرغ منهم، فيهم حي بن أخطب وكعب بن أسد. ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قسم أموال بني قريظة ونساءهم وأبناءهم على المسلمين، فكان مع المسلمين ستة وثلاثون فرسا، فأعطى الفارس ثلاثة أسهم: للفرس سهمان ولصاحبه سهم، وللراجل «2» الذي ليس له فرس سهم، وأخرج منها صلى الله عليه وسلم الخمس، وقد قيل: إنه اصطفى لنفسه ريحانة بنت عمرو بن خنافة «3» إحدى «4» نساء بني عمرو بن قريظة. ثم مات سعد بن معاذ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بغسله، فغسله أسيد بن حضير وسلمة بن سلامة بن وقش، ثم وضع في أكفانه على سريره، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اهتز العرش لموت سعد بن معاذ» ! وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمام جنازة سعد حتى صلى عليه، ونزل في حفرته أربعة «5» نفر: الحارث بن أوس وأسيد بن حضير وسلمة بن سلامة بن وقش وأبو نائلة مالك بن سلامة. ثم بنى رسول الله صلى الله عليه وسلم بزينب ابنة جحش، فلما أصبح دعا القوم، فأصابوا من الطعام ثم خرجوا ونفر منهم عند النبي صلى الله عليه وسلم فأطالوا القعود، وقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج حتى جاء عتبة حجرة عائشة ثم رجع ونزلت آية الحجاب وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتاعاً فَسْئَلُوهُنَّ مِنْ وَراءِ حِجابٍ «6» .   (1) كذا في ف، وفي الطبري «وهم ستمائة أو سبعمائة» . (2) من الطبري، وفي ف «للرجل» . (3) في ف «حذافة» وفي الإصابة «ريحانة بنت شمعون بن زيد، وقيل زيد بن عمرو بن قنافة- بالقاف، أو خنافة- بالخاء المعجمة ... » . (4) من الطبري، وفي ف «أحد» . (5) في ف «أربع» . (6) سورة 33 آية 53. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 266 ثم كانت سرية «1» عبد الله بن أنيس إلى «2» [خالد بن] «3» سفيان بن خالد بن ملهم الهذلي «4» ثم اللحياني بعرنة «5» فصادفه ببطن عرنة ومعه أحابيش، فقتله وحمل رأسه إلى النبي صلى الله عليه وسلم. ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذي الحجة إلى الغابة، فسقط عن فرسه فجحش شقه الأيمن، فخرج فصلى بهم جالسا فقال: «إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا سجد فاسجدوا، وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا أجمعين» «6» . وفي ذي الحجة «7» دفت دافة «7» من «8» عامر بن صعصعة «8» فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يبقى عندكم من ضحاياكم بعد ثلاثة شيء، أراد به صلى الله عليه وسلم أن يوسع ذو السعة عمن «9» لا سعة عنده، ثم قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كلوا وادخروا بعد ثلاث» «10» .   (1) راجع لها سيرة ابن هشام 2/ 358. (2) في ف «أبي» خطأ. (3) زيد من السيرة. (4) من السيرة، وفي الأصل «الهلالي» . (5) من السيرة، وفي الأصل «يعونه» . (6) راجع الموطأ للإمام مالك ص 71، أخرجه عن أنس بن مالك باختلاف يسير. (7- 7) التصحيح من مسند الإمام أحمد 6/ 51، وفي الأصل «دقت داقة» وفي مجمع بحار الأنوار: والدافة قوم من الأعراب يردون المصر، يريد أنهم قدموا المدينة عند الأضحى فنهاهم عن إدخار لحومها ليتصدقوا بها- إلخ. (8- 8) كذا، وما وجدنا ترجمته فيما لدينا من المراجع. (9) كذا، ولعله: على من. (10) راجع السنن الكبرى 5/ 240، ومسند الإمام أحمد وفيه «عن عائشة قالت: دفت دافة من أهل البادية حضرة الأضحى، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: كلوا وأدخروا لثلاث، فلما كان بعد ذلك قالوا: يا رسول الله! كان الناس ينتفعون من أضاحيهم يحملون منها الودك، ويتخذون منها الأسقية، قال: وما ذاك؟ قالوا: الذي نهيت عنه من إمساك لحوم الأضاحي، قال: إنما نهيت عنه للدافة التي دافت (كذا) ، فكلوا وتصدقوا أو ادخروا» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 267 السنة السادسة من الهجرة أخبرنا أبو عروبة الحسين بن محمد بن أبي معشر «1» بحران «2» ثنا سلمة بن شبيب ثنا عبد الرزاق أنا عبد الله بن عمر عن سعيد المقبري عن أبي هريرة: أن ثمامة «3» بن أثال الحنفي أسر فكان النبي صلى الله عليه وسلم يعوده يقول: «ما عندك يا ثمامة» ؟ فيقول: إن تقتل تقتل لا تمن، وإن تمن تمن على شاكر، وإن ترد المال تعط «4» ، قال: فكان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يحبون الفداء «5» ويقولون: ما نصنع بقتل هذا؟ فمر به النبي صلى الله عليه وسلم فأسلم، فأمره أن يغتسل فاغتسل وصلى ركعتين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «حسن إسلام صاحبكم» . قال: في أول هذه السنة بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم محمد بن مسلمة إلى القرطاء «6» فأخذ «7» ثمامة بن أثال الحنفي فأمر به، فربط بسارية من سواري المسجد، فخرج إليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «ما عندك يا ثمامة» ؟ فقال: عندي يا محمد خير؛ إن تقتلني «8» تقتل «9» ذا دم، وإن تنعم [تنعم] «10» على شاكر، وإن كنت تريد المال فسل تعط «11» منه ما شئت، فتركه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كان الغد، ثم قال: «ما عندك يا ثمامة» ؟ قال له مثل ذلك، فتركه النبي صلى الله عليه وسلم حتى كان بعد الغد فقال له: «ما عندك يا ثمامة» ؟ فقال: عندي ما قلت لك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أطلقوا ثمامة» ،   (1) في الأصل «معسر» كذا. (2) في الأصل «نجران» . (3) له ترجمة في الإصابة 1/ 211 فراجعه. (4) في ف «تعطا» كذا. (5) من السيرة 2/ 365، وفي الأصل «الفراء» خطأ. (6) القرطاء بطن من بني بكر- راجع المواهب اللدنية 2/ 173. (7) في ف «فأخذه» كذا. (8) هكذا في الصحيح للبخاري 2/ 627، وفي السيرة «تقتل» . (9) في الأصل «بقتل» . (10) زيد من صحيح البخاري. (11) ليس في الصحيح. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 268 فأطلق فانطلق إلى نخل قريب من المسجد فاغتسل «1» ثم دخل المسجد فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ، يا محمد «2» ! ما كان على الأرض وجه «3» أبغض إليّ من وجهك فقد أصبح وجهك أحب الوجوه كلها إليّ، والله! ما كان من دين أبغض إليّ من دينك فقد أصبح دينك أحب الدين كله «4» إليّ، والله! ما كان من بلد أبغض إليّ من بلدك فقد أصبح اليوم «5» بلدك أحب البلاد إليّ، وإن خيلك أخذتني وأنا أريد العمرة فما «6» ترى؟ فبشره «7» رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمره أن يعتمر، فلما قدم مكة قال له قائل: صبوت، قال: لا ولكني «8» أسلمت مع محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم «9» . ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عكاشة بن محصن الأسدي سرية «10» الغمر فنذر «11» به القوم فهربوا، فنزل على مياههم وبعث الطلائع، فأصابوا عينا فدلهم على ماشيتهم، فساقوا مائتي بعير إلى المدينة. ثم كسفت الشمس فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الكسوف وقال: «إن الشمس   (1) في ف «فاغتسل» خطأ. (2) زيد في الصحيح «والله» . (3) من الصحيح، وفي ف «على وجه الأرض» . (4) ليس في الصحيح. (5) ليس في الصحيح. (6) زيد في الصحيح «ذا» . (7) من الصحيح، وفي ف «فسيره» . (8) في الصحيح «ولكن» . (9) زيد في الصحيح «ولا والله لا تأتيكم من اليمامة حبة حنطة حتى يأذن فيها النبي صلى الله عليه وسلم» . ورواه ابن هشام عن أبي هريرة باختلاف يسير. (10) وفي الطبري «قال الواقدي: في هذه السنة في شهر ربيع الآخر منها بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عكاشة بن محصن في أربعين رجلا الغمر فيهم ثابت بن أقرم وشجاع بن وهب فأغذّ السير ونذر القوم به فهربوا فنزل على مياههم وبعث الطلائع فأصابوا عينا فدلهم على بعض ماشيتهم فوجدوا مائتي بعير فحدروها إلى المدينة» ، وراجع المغازي 2/ 550. (11) من المغازي، وفي ف «ندر» كذا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 269 والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتموهما فصلوا» . وبعث «1» رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا عبيدة بن الجراح إلى ذي [القصة] «2» وهي بلاد بني ثعلبة وأنمار- فصلوا المغرب، وخرج أبو عبيدة في أربعين رجلا فساروا ليلتهم حتى أتوا ذا القصة «3» عند الصبح، فأغاروا عليهم وهربوا في الجبال ثم قدموا المدينة، فخمس رسول الله صلى الله عليه وسلم الغنيمة وقسم ما بقي على أصحابه. ثم بعث «4» رسول الله صلى الله عليه وسلم محمد بن مسلمة «5» إلى ذي القصة في عشرة أنفس، فخرج مائة من المشركين فكمنوا، فلما نام المسلمون خرجوا عليهم فقتلوهم، وانفلت «6» محمد بن مسلمة جريحا وحده. «7» ثم بعث «7» رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة إلى بني سليم «8» بالجموم «9» فأصاب نعما «10» وشاء وأسراء «10» ، ثم سبق رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الخيل فكان أول سباق بالمدينة، ثم سبق في الخف فكانت العضباء لا تسبق، فجاء أعرابي على قعود له   (1) زيد في الطبري 3/ 83 «في شهر ربيع الآخر، وفي السيرة «غزوة أبي عبيدة بن الجراح إلى سيف البحر» . (2) من الطبري، وقد سقط من ف. (3) من الطبري، وفي ف «الفضة» كذا. (4) وفي الطبري 3/ 82 «وفيها بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم محمد بن مسلمة في عشرة نفر في ربيع الأول منها فكمن القوم لهم حتى نام هو وأصحابه فما شعروا إلا بالقوم فقتل أصحاب محمد بن مسلمة وأفلت محمد جريحا (قال الواقدي) وفيها أسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية أبي عبيدة بن الجراح إلى ذي القصة في شهر ربيع الآخر في أربعين رجلا فساروا ليلتهم مشاة ووافوا ذا القصة مع عماية الصبح فأغاروا عليهم ... » . (5) في الأصل بياض بقدر كلمة، ولم يكن البياض في الطبري فلم نهتم به. (6) في الطبري «وأفلت» . (7- 7) ما بين الرقمين بياض في الأصل. (8) من الطبري، وفي الأصل «سالم» . (9) أرض لبني سليم- راجع معجم البلدان. (10- 10) من الطبري، وفي الأصل «شاة وآمنوا» - كذا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 270 فسبقه، فشق ذلك على المسلمين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «حق «1» على الله «1» أن لا يرتفع «2» شيء في الدنيا إلا وضعه» . ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة سرية إلى الطّرف إلى بني ثعلبة في خمسة عشر رجلا، فتحسس «3» الأعراب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «4» سار إليهم «4» فانهزموا، وأصاب المسلمون عشرين «5» بعيرا من نعمهم ورجعوا إلى المدينة «6» . ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا زيد بن حارثة إلى العيص «7» ، فأسر جماعة منهم أبو العاص بن الربيع، فاستجار بزينب بنت النبي صلى الله عليه وسلم، فأجارته «8» . ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم زيدا أيضا إلى حسمى «9» ، فرجع منها بنعم وسبي. ثم تزوج عمر بن الخطاب جميلة بنت ثابت بن أبي الأقلح «10» وهي أخت عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح «10» ، فولد له منها عاصم بن عمر فطلقها عمر، فتزوج بها بعده زيد بن حارثة، فولد له عبد الرحمن بن زيد، فهو أخو عاصم بن عمر لأمه.   (1- 1) من صحيح البخاري 1/ 402، وفي ف «لك لله» . (2) من الصحيح، وفي ف «يرفع» . (3) في ف «فحسس» كذا. (4- 4) من الطبري، وفي ف «سائرا لهم» . (5) من الطبري، وفي ف «عشرون» . (6) وفي الطبري «فأصاب امرأة من مزينة يقال لها حليمة فدلتهم على محلة من محال بني سليم، فأصابوا بها نعما وشاء وأسراء، وكان في أولئك الأسراء زوج حليمة، فلما قفل بما أصاب وهب رسول الله للمزينة زوجها ونفسها» . (7) كذا، وفي الطبري 3/ 83 «وفيها كانت سرية زيد بن حارثة إلى العيص في جمادى الأولى منها، وفيها أخذت الأموال التي كانت مع أبي العاص بن الربيع، فاستجار بزينب بنت النبي صلى الله عليه وسلم فأجارته» . (8) من الطبري، وفي ف «فأجرته» خطأ. (9) زيد في الطبري «في جمادى الآخرة» . (10) من الطبري، وفي ف «الأفلح» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 271 ثم كانت سرية علي بن أبي طالب رضي الله عنه إلى فدك «1» في مائة رجل إلى حي من بني سعد بن بكر. ثم كانت سرية عبد الرحمن بن عوف إلى دومة الجندل «2» فعممه «3» النبي صلى الله عليه وسلم بيده وقال: «إن أطاعوا الله «4» فتزوج ابنة ملكهم، فأسلم القوم، فتزوج عبد الرحمن تماضر بنت الأصبغ «5» ، وكان أبوها ملكهم. ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن بن عوف في ثلاثة أنفس لينظر إلى خيبر وما عليها أهلها، فمضى وجاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخبر. ثم أجدب الناس جدبا شديدا في أول شهر رمضان، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يستسقي بهم، فصلى ركعتين وجهر بالقراءة، ثم استقبل القبلة وحول رداءه. ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة سرية إلى أم قرفة فسبى سلمة «6» بن الأكوع [وزيد بن] «7» حارثة بنت مالك بن «8» حذيفة وجدها «9» في بيت من بيوتهم، وأمها أم قرفة وهي فاطمة بنت ربيعة بن بدر «10» .   (1) من الطبري، وفي ف «فرك» خطأ. (2) زيد في الطبري «في شعبان» . (3) من السيرة 2/ 363، وفي الأصل «فعمم» . (4) في الطبري «أطاعوك» . (5) من الطبري، وفي ف «الأصبع» ولها ترجمة في الإصابة 8/ 33. (6) وفي الطبري «وأما الرواية الأخرى عن سلمة بن الأكوع في هذه السرية أن أميرها كان أبا بكر بن أبي قحافة» . (7) زيد من الطبري. (8) من الطبري، وفي الأصل «بني» . (9) في الأصل «وحدمها» كذا. (10) من الطبري، وفي الأصل «زيد» وفي الطبري: وأسر أم قرفة وهي فاطمة بنت ربيعة بن بدر وكانت عند مالك بن حذيفة بن بدر عجوزا كبيرة وبنتا لها ... فأمر زيد بن حارثة أن يقتل أم قرفة فقتلها قتلا عنيفا ... ثم قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم بابنة أم قرفة ... وكانت ابنة أم قرفة لسلمة بن عمرو بن الأكوع كان هو الذي أصابها وكانت في بيت شرف من قومها- إلخ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 272 ثم خرج «1» رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بني لحيان حتى بلغ أمج «2» وبين أمج وعسفان بلد لهم يقال له ساية «3» فوجدهم قد حذروا وتمنعوا في رؤوس الجبال، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قد أخطأهم خرج في مائتي راكب من المسلمين وهو صائم وهم صوام حتى بلغ عسفان وبلغ كراع الغميم «4» فأفطر وأفطر المسلمون معه ثم رجع ولم ير كيدا، وجعل يقول في رجوعه: آيبون تائبون عابدون ولربنا حامدون، أعوذ بالله من وعثاء السفر وكآبة المنقلب، والحور بعد الكور، وسوء المنظر في الأهل والمال والولد. فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وأقام أياما أغار عيينة بن حصن «5» بن بدر الفزاري في «6» خيل من غطفان على لقاح رسول الله صلى الله عليه وسلم بالغابة وفيها رجل من بني غفار «7» وامرأة، فقتلوا الرجل واحتملوا المرأة واللقاح «8» ، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في أثرهم حتى بلغ ذا قرد، واستخلف على المدينة ابن أم مكتوم، وتلاحق به الناس، وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بذي قرد يوما وليلة وصلى بهم صلاة الخوف. ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم «9» قافلا إلى المدينة، وانقلب عيينة بمن معه، وكانت سرح «10» المسلمين بالمدينة بذي قرد «11» ، فقدم ثمانية نفر من عرينة فأسلموا، فبعثهم النبي صلى الله عليه وسلم   (1) وفي الطبري «قال أبو جعفر: وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في جمادى الأولى على رأس ستة أشهر من فتح بني قريظة» . (2) هو بلد من أعراض المدينة- راجع معجم البلدان 1/ 330. (3) من الطبري، وفي ف «سائقة» كذا. (4) من الطبري، وفي ف «العميم» . (5) من الطبري 3/ 60، وفي ف «حصين» . (6) من الطبري، وفي الأصل «على» . (7) من الطبري، وفي ف «عقار» خطأ. (8) في الطبري «في اللقاح» . (9) هكذا في الطبري والسيرة، وزيد في ف «بقية السرج» كذا. (10) من الطبري، وفي ف «سرج» . (11) في الأصل «الجرد» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 273 إلى السرح «1» فشربوا من ألبانها وأبوالها، فلما صحوا قتلوا الراعي واستاقوا الإبل، فبعث النبي صلى الله عليه وسلم في طلبهم «2» كرز بن جابر «2» الفهري سرية في شوال في عشرين راكبا معهم قائفا، فأحدقوا بهم حتى أخذوهم، وجاءوا بهم النبي صلى الله عليه وسلم وكانوا قد ارتدوا، وقطعوا أيدي الرعاة وأرجلهم، وسملوا أعينهم كما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم، وطرحوا في الحرة يستسقون فلا يسقون. ثم غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة بني المصطلق، وذلك أنه بلغه أن بني المصطلق تجمعوا «3» وقائدهم الحارث بن أبي ضرار أبو جويرية بنت الحارث، فلما سمع بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إليهم حتى لقيهم على ماء من مياههم يقال له المريسيع من ناحية قديد إلى الساحل، فتزاحف الناس واقتتلوا، فهزم الله بني المصطلق وقتل من قتل منهم، ونفل «4» رسول الله صلى الله عليه وسلم أبناءهم ونساءهم، وأموالهم، [لما] «5» قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم سبايا بني المصطلق وقعت جويرية بنت الحارث في سهم لثابت بن قيس بن الشماس أو لابن عم له فكاتبته على نفسها، وكانت امرأة حلوة «6» لا يراها أحد إلا أخذت بنفسه، فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم تستعينه في «7» كتابتها فقالت: يا رسول الله! أنا جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار سيد قومه وقد أصابني من البلاء ما لم يخف عليك، فوقعت «8» في سهم لثابت بن قيس بن الشماس أو لابن عم له فكاتبته على نفسي، فجئتك أستعينك على كتابتي، قال «9» : وهل لك في خير من ذلك؟   (1) في ف «السرج» . (2- 2) من الطبري 3/ 84، وفي الأصل «كرب بن خالد» خطأ. (3) في الطبري «يجتمعون» . (4) من الطبري، وفي ف «نقل» خطأ. (5) زيد من الطبري. (6) من الطبري، وفي ف «خلوة» خطأ. (7) في الطبري «على» . (8) من الطبري، وفي ف «فوقفت» . (9) زيد في الطبري «لها» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 274 قالت: وما هو يا رسول الله؟ قال: أقضي كتابتك «1» وأتزوجك، قالت: نعم يا رسول الله! قال «2» : «فعلت» ، وخرج الخبر إلى الناس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج جويرية بنت الحارث، فقال الناس: أصهار رسول الله! فأرسلوا «3» ما بأيديهم، فلقد أعتق وأطلق بتزويجه إياها مائة أهل بيت من بني المصطلق؛ فما كانت امرأة أعظم بركة على قومها منها. ثم «4» أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد المدينة، وكانت عائشة تحمل في هودج، فنزلوا منزلا، فمشت عائشة لحاجتها حتى جاوزت الجيش، فلما قضت شأنها أقبلت إلى رحلها فإذا عقد لها من «5» جزع ظفار «5» قد انقطع، فرجعت تلتمس عقدها وحبسها ابتغاؤه، فأذن بالرحيل وأقبل الرهط الذين كانوا يرحلونها فاحتملوا هودجها على بعيرها الذي كانت تركب عليه وهم يحسبون أنها فيه، وكانت النساء إذ ذاك خفافا وساروا، فرجعت عائشة بعد ما رحل الجيش فجاء منازلهم فإذا ليس بها داع «6» ولا مجيب، فأمت منزلها التي كانت فيه وعلمت أنهم سيفقدونها فبينا هي جالسة إذ غلبت عينها عليها، وكان صفوان «7» بن المعطل السلمي من وراء الجيش فأدلج فأصبح عند منزلها فرأى سواد إنسان نائم، فعرفها حين رآها وكان رآها قبل أن ينزل الحجاب، فاستيقظت عائشة باسترجاعه «8» حين عرفها، فخمرت عائشة   (1) التصحيح من الطبري، وفي ف «كتابك» . (2) زيد في الطبري، «قد» . (3) زيد في الأصل «إلى» ولم تكن الزيادة في الطبري فحذفناها. (4) في الطبري 3/ 66 «ثنا ابن حميد قال ثنا سلمة عن محمد بن إسحاق عن الزهري عن علقمة بن وقاص الليثي وعن سعيد بن المسيب وعن عروة بن الزبير وعن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة» الحديث. (5- 5) التصحيح من الطبري، وفي ف «جدع أظفار» . (6) في الأصل «داعي» كذا. (7) وفي الطبري «قالت: فو الله إني لمضطجعة إذ مر بي صفوان بن المعطل السلمي وقد كان تخلف عن العسكر لبعض حاجته فلم يبت مع الناس في العسكر فلما رأى سوادي أقبل حتى وقف علي فعرفني ... » . (8) كذا في ف، وفي الطبري «قال إنا لله وإنا إليه راجعون» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 275 وجهها بجلبابها، وما كلمها حتى أناخ راحلته فوطىء على يدها، فقامت إليه فأركبها وانطلق يقود الراحلة حتى أتى الجيش فوجدهم موغرين «1» في نحر «2» الظهيرة، فهلك «3» فيها من هلك «4» ، وكان الذي كبره «5» عبد الله بن أبي بن سلول، فلما قدموا المدينة لبثت عائشة شهرا والناس يخوضون في قول أصحاب الإفك وهي لا تشعر بشيء من ذلك، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتيها فيسلم عليها ويقول: «كيف تيكم» ؟ وينصرف، وكان تراها «6» ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرجت «7» ذات ليلة مع أم مسطح قبل المناصع «8» وكانت متبرزهم قبل أن تتخذ الكنف، فلما فرغتا «9» من شأنهما عثرت أم مسطح في مرطها فقالت: تعس مسطح! فقالت لها عائشة: بئس ما تقولين! تسبين رجلا من أهل بدر! فقالت: أي هنتاه! ألم تسمعي «10» ما قال؟ قالت عائشة: لا، فأخبرتها بقول أهل الإفك فازدادت مرضا، فلما دخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: ائذن لي أن آتي إلى أبوي، أذن لها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا أبتاه! ماذا يتحدث الناس؟ قال: يا بنتي! هوني عليك، فو الله لقلّ «11» ما كانت امرأة قط   (1) أوغر القوم: دخلوا في وقت الوغرة، والوغرة: شدة توقد الحر، يقال: لقيته وفي وغرة الهاجرة، أي حين توسط الشمس السماء. (2) نحر النهار أو الشهر: أوله. (3) من صحيح البخاري، وفي الأصل «فهلط» . (4) من صحيح البخاري، وفي الأصل «هلط» . (5) أي كبر الإفك على عائشة رضي الله عنها. (6) في ف «يريبها» كذا. (7) وفي الطبري «قالت: وكنا قوما عربا لا نتخذ في بيوتنا هذه الكنف التي تتخذها الأعاجم نعافها، ونكرهها، إنما كنا نخرج في فسح المدينة وإنما كان النساء يخرجن كل ليلة في حوائجهن فخرجت ليلة- الحديث» . (8) في معجم البلدان: المواضع التي تتخلى فيها النساء لبول ولحاجة» . (9) في الأصل «فرغا» خطأ. (10) في الأصل «تسمع» كذا. (11) في الطبري «قل» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 276 عند رجل يحبها لها ضرائر «1» إلا أكثرن «2» عليها، فبكت تلك الليلة حتى أصبحت لا يرقأ لها دمع ولا تكتحل بنوم، فلما أصبح دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا وأسامة بن زيد حين استلبث الوحي يستشيرهما في فراق أهله، فأما أسامة فأشار على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالذي يعلم من براءة أهله وقال: أهلك لا نعلم إلا خيرا، وأما على فقال: يا رسول [الله] لم يضيّق الله عليك والنساء سواها كثير «3» ، وسل الجارية «4» تصدقك، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بريرة فقال: «أي بريرة! هل رأيت «5» من أهلي شيئا يريبك» ؟ قالت بريرة: والذي بعثك بالحق! ما رأيت عليها شيئا قط أغمضه عليها أكثر من أنها جارية حديثة السن تنام عن عجين فتأتي الداجن فتأكله، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم من يومه واستعذر من عبد الله بن أبي بن سلول وهو على المنبر فقال «6» : «يا معشر المسلمين! من يعذرني من رجل قد بلغني أذاه في أهلي؟ والله! ما علمت على أهلي إلا خيرا! ولقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلا خيرا، وما يدخل على أهلي إلا معي» ، فقال «7» أسيد بن حضير «7» : [يا] رسول الله! أنا أعذر منه! فإن كان من الأوس ضربت عنقه، وإن كان من إخواننا من الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك «8» ! وكاد   (1) من الطبري، وفي ف «ضريرا» كذا. (2) في الطبري «كثرن وكثر الناس» . (3) وفي الطبري «قال: يا رسول الله! إن النساء لكثير وإنك لقادر على أن تستخلف» . (4) زيد في الطبري «فإنها» . (5) في الأصل «رأيتي» كذا. (6) وفي الطبري «وقد قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس يخطبهم ولا أعلم بذلك ثم قال: «أيها الناس! ما بال رجال يؤذونني في أهلي ويقولون عليهن غير الحق! والله ما علمت منهن إلا خيرا» ... » . (7- 7) التصحيح من الطبري، وفي ف «سعد بن معاذ» . (8) وزيد بعدها في الطبري 4/ 1522 «فقام سعد بن عبادة وكان قبل ذلك يرى رجلا صالحا فقال: كذبت لعمر الله! لا تضرب أعناقهم، أما والله ما قلت هذه المقالة إلا أنك قد عرفت أنهم من الخزرج! ولو كانوا من قومك ما قلت هذا. قال أسيد: كذبت لعمر الله! ولكنك منافق تجادل عن المنافقين» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 277 أن يكون بين الأوس والخزرج قتال «1» بهذه الكلمة، فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يخفضهم حتى سكتوا، وبكت عائشة يومها ذلك كله، «2» فبين أبواها جالسين عندها وهي تبكي إذا استأذنت عليها «2» امرأة من الأنصار، فأذنت لها، فجلست تبكي معها؛ ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم ثم جلس ثم تشهد حين جلس ثم قال: «أما بعد! يا عائشة! فإنه بلغني عنك كذا وكذا، فإن كنت بريئة فسيبرئك «3» الله، «4» وإن كنت ألممت بذنب «4» فاستغفري الله وتوبي إليه، فإن العبد إذا اعترف ثم تاب تاب الله عليه» ، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم مقالته قلص «5» دمعي حتى [ما] «6» أحسست «7» منها بقطرة وقالت لأبيها: أجب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قال، فقال أبو بكر: والله! ما أدري ما أقول! فقالت لأمها: أجيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قال، فقالت: والله! ما أدري ما أقول! فقالت عائشة! إني والله لقد علمت أنكم سمعتم هذا الحديث حتى استقر في نفوسكم وصدقتم! فلو قلت لكم: إني بريئة «8» ، لا تصدقوني بذلك، وإن اعترفت لكم بأمر والله يعلم أني منه بريئة لا تصدقوني، والله! ما أجد لي ولكم مثلا   (1) في الأصل: فقال. (2- 2) كذا في ف، ولعله: فبينما؛ وفي الطبري 3/ 79 «عندي أبوي وعندي» ولفظه كما يلي «ثم دخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي أبوي وعندي امرأة من الأنصار وأنا أبكي وهي تبكي معي فجلس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: «يا عائشة! إنه قد كان ما بلغك من قول الناس فاتقي الله، وإن كنت قارفت سوءا مما يقول الناس فتوبي إلى الله، فإن الله يقبل التوبة عن عباده» ، قالت: فو الله ما هو إلا أن قال ذلك تقلص دمعي حتى ما أحس منه شيئا وانتظرت أبوي أن يجيبا رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يتكلما، قالت: وأيم الله! لأنا كنت أحقر في نفسي وأصغر شأنا من أن ينزل الله عز وجل في قرآنا يقرأ به في المساجد ويصلى به ولكني أرجو أن يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا يكذب الله به عني ما يعلم من براءتي أو يخبر خبرا» . (3) في الأصل «فسيريك» كذا. (4- 4) وفي الطبري «وإن كنت قارفت سوءا» . (5) في الطبري «تقلص» . (6) زيد من الطبري. (7) في ف «أحسب» كذا، وفي الطبري «حتى ما أحس منه شيئا» . (8) من الطبري، وفي ف «برية» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 278 إلا ما قال أبو يوسف فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ «1» ثم تحولت عائشة واضطجعت على فراشها فما راح «2» رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا خرج أحد من البيت حتى أنزل عليه الوحي، فأخذه ما كان يأخذه من الرحضاء حتى أنه ينحدر «3» منه العرق مثل الجمان وهو في يوم شات من ثقل القول الذي أنزل عليه، فسرى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يضحك، فكان أول كلمة تكلم بها أن قال لها: «يا عائشة! أما والله! فقد برأك» ! فقالت لها أمها: قومي إليه، فقالت «4» : لا والله! ما أقوم، وإني لا أحمد إلا الله، وأنزل الله إِنَّ الَّذِينَ «5» جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ «6» إلى تمام العشر الآيات، فلما أنزل الله هذه الآيات قال أبو بكر: وكان ينفق على مسطح بن أثاثة لقرابته منه وفقره: والله! لا أنفق على مسطح شيئا بعد الذي قال لعائشة! «7» فأنزل الله وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبى «8» - الآية، فقال أبو بكر الصديق: يا رسول الله! والله إني لأحب أن يغفر الله لي! فرجع إلى مسطح بالنفقة التي كان ينفق عليه وقال: لا أنتزعها منه أبدا؛ وقد قيل: إن النبي صلى الله عليه وسلم حد أصحاب الإفك الذين رموا عائشة فيما رواه «9» .   (1) سورة 12 آية 18. (2) في الأصل «رام» كذا. (3) وفي الطبري «فجلس وإنه ليتحدر منه مثل الجمان في يوم شات، فجعل يمسح العرق عن جبينه ويقول: أبشري يا عائشة! فقد أنزل الله براءتك» . (4) وفي الطبري «قالت فقلت: بحمد الله وذمكم» . (5) في ف «الذي» خطأ. (6) سورة 24 آية 11. (7) زيد في الطبري «وذلك حسان بن ثابت وأصحابه الذين قالوا ما قالوا ثم قال الله عز وجل لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً الآية أي كما قال أبو أيوب وصاحبته ثم قال إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ الآية. (8) سورة 24 آية 22. (9) كذا في الأصل، ولعله «روي» أو «روته» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 279 ثم كانت غزوة الحديبية «1» خرج «2» رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه ألف وثمانمائة «3» رجل وسبعون بدنة، فأحرم رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه من ذي الحليفة، واستخلف على المدينة ابن أم مكتوم، وساق أبو بكر بدنا وطلحة بدنا وسعد بن عبادة بدنا، فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم غدير عسفان [ذات] «4» الأشطاط لقيه بسر «5» بن سفيان الكعبي فقال: يا رسول الله! هذه قريش سمعت بك وخرجت قد لبسوا جلود النمور يعاهدون الله أن لا تدخلها «6» عليهم أبدا، وهذا خالد بن الوليد في خيلهم قد قدموها «7» إلى كراع الغميم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا ويح قريش! لقد أكلتهم الحرب، ماذا عليهم لو خلوا بيني وبين سائر العرب! فإن أصابوني كان الذي أرادوا، وإن أظهرني الله عليهم دخلوا في الإسلام وآووني، والله لا أزال أجاهد على الذين بعثني الله عليه حتى يظهرني الله» ! ثم أمر الناس فسلكوا ذات اليمين بين «8» ظهري الحمض «8» «9» على طريق يخرجه «9»   (1) وفي الطبري «قال أبو جعفر: ثم أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة شهر رمضان وشوالا، وخرج في ذي القعدة من سنة 6 معتمرا» . (2) وفي الطبري «عن ابن إسحاق قال: خرج النبي صلى الله عليه وسلم معتمرا في ذي القعدة لا يريد حربا وقد استنفر العرب ومن حوله من أهل البوادي من الأعراب أن يخرجوا معه وهو يخشى من قريش الذي صنعوا به أن يعرضوا له بحرب أو يصدوه عن البيت، فأبطأ عليه كثير من الأعراب، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه من المهاجرين والأنصار ... » . (3) وفي الطبري «وكان الناس سبعمائة رجل ... وعن إياس بن سلمة عن أبيه قال: قدمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديبية ونحن أربع عشرة مائة» . (4) من المغازي 2/ 580، ولفظه «فلقيه بغدير ذات الأشطاط من عسفان» . (5) من المغازي، وفي الأصل «بشر» . (6) في الأصل «لا يدخلها» والتصحيح من الطبري ولفظه «فقال له: يا رسول الله! هذه قريش قد سمعوا بمسيرك فخرجوا معهم العوذ المطافيل قد لبسوا جلود النمور وقد نزلوا بذي طوى يحلفون بالله لا تدخلها عليهم أبدا، وهذا خالد بن الوليد في خيلهم قد قدموها إلى كراع الغميم. قال أبو جعفر: وقد كان بعضهم يقول: إن خالد بن الوليد كان يومئذ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مسلما» . (7) من الطبري، وفي الأصل «قدموه» . (8- 8) من الطبري، وفي ف «ظهر الحيض» خطأ. (9- 9) كذا، وفي الطبري «في طريق تخرجه» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 280 على ثنية المرار مهبط الحديبية «1» ، فلما بلغ صلى الله عليه وسلم ثنية المرار بركت ناقته، فقالوا: خلأت «2» القصواء! فقال: «ما خلأت القصواء وما هو لها بخلق ولكن حبسها حابس الفيل عن مكة، والله! لا يدعوني «3» قريش اليوم [إلى] خطة يسألوني فيها صلة الرحم «4» إلا أعطيتهم «4» إياها» ! ثم قال للناس: «انزلوا» ، فقالوا: يا رسول الله! ما بالوادي ما ينزل عليه الناس، فأخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم سهما من كنانته فأعطاه رجلا من أصحابه، فنزل في قليب من تلك القلب فغرزه في جوفه، فجاش «5» بالرواء «6» حتى ضرب الناس «7» بعطن، فلما اطمأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه بديل بن ورقاء في رجال من خزاعة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كقوله لبشر بن سفيان، فرجعوا إلى قريش فقالوا: يا معشر قريش! إنكم تعجلون على محمد، إن محمدا لم يأت لقتال، إنما جاء زائرا لهذا البيت، فقالوا: وإن جاء لذلك فلا والله لا يدخلها علينا عنوة ولا تتحدث بذلك العرب! ثم بعثوا مكرز بن حفص بن الأحنف أحد بني عامر ابن لؤي، فلما «8» رآه النبي صلى الله عليه وسلم قال: «هذا رجل غادر» ، فلما انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم لنحو ما كلم به أصحابه، فرجع إلى قريش وأخبرهم بذلك، فبعثوا إليه الحليس بن علقمة الكناني وهو يومئذ سيد الأحابيش «9» ، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن هذا من قوم يتألهون فابعثوا الهدي في وجهه، فلما رأى الهدي   (1) في الطبري «على مهبط الحديبية من أسفل مكة» . (2) من الطبري، وفي ف «خلاة» . (3) وفي الطبري «لا تدعوني» . (4- 4) من الطبري، وفي الأصل «لأعطيتهم» . (5) زيد في الطبري «الماء» . (6) في الطبري «بالري» . (7) زيد في الطبري «عليه» . (8) في الأصل «فقلما» كذا. (9) الأحابيش: أحياء من القارة انضموا إلى بني ليث في محاربتهم قريشا. والتحبس: التجمع، وقيل: حالفوا قريشا تحت جبل بأسفل مكة يسمى حبشا فسموا به- راجع مجمع بحار الأنوار. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 281 يسير عليه من عرض الوادي في قلائده قد أكل «1» أوباره «2» من طول الحبس رجع إلى قريش فقال: يا معشر قريش! قد رأيت ما لا يحل صد «3» الهدي في قلائده «4» قد أكل أوباره «5» من طول الحبس عن محله «6» ، فقالوا: اجلس، لا «7» علم لك، وبعث «8» رسول الله صلى الله عليه وسلم خراش بن أمية الخزاعي إلى مكة، وحمله على جمل يقال له الثعلب، فلما دخل مكة أراد قريش قتله فمنعه الأحابيش، حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب ليبعث إلى مكة، فقال: يا رسول الله! إني أخاف قريشا على نفسي وليس لي بها من [بني] «9» عدي بن كعب أحد يمنعني، وقد عرفت قريش عداوتي إياها وغلظتي «10» عليها ولكن «11» أدلك على رجل أعز بها مني عثمان بن عفان، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعثه إلى قريش ليخبرهم أنه لم يأت لحرب وإنما جاء زائرا لهذا البيت معظما [لحرمته] «12» ، فخرج عثمان بن عفان حتى أتى مكة، فلقيه أبان بن سعيد بن العاص فنزل عن دابته وحمله بين يديه وأجاره حتى بلغ رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وانطلق حتى أتى أبا سفيان وعظماء قريش فبلغهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أرسله به، فقالوا لعثمان: إن شئت أن تطوف بالبيت فطف   (1) من الطبري، وفي ف «أوكلت» كذا. (2) من الطبري، وفي ف «أوبارها» . (3) من الطبري 3/ 75، وفي الأصل «مرة» كذا. (4) من الطبري، وفي ف «قلائدها» . (5) من الطبري، وفي ف «أكلت أو بارها» . (6) من الطبري، وفي الأصل، «محلها» . (7) في الأصل «ألا» خطأ، وفي الطبري «قالوا له: اجلس، فإنما أنت رجل أعرابي لا علم لك» . (8) وفي الطبري «عن محمد بن إسحاق قال حدثني بعض أهل العلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا خراش بن أمية الخزاعي فبعثه إلى قريش مكة وحمله على جمل له يقال له الثعلب ليبلغ أشرافهم عنه ما جاء له فعقروا به جمل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأرادوا قتله، فمنعته الأحابيش فخلوا سبيله حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم» . (9) زيد من الطبري، وقد سقط من ف. (10) من الطبري، وفي ف «غلظى» . (11) كذا في ف، وفي الطبري «ولكني» . (12) زيد من الطبري. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 282 [به] «1» ، فقال عثمان: ما كنت لأفعل «2» حتى يطوف به رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم «3» رجع عثمان. وبعث قريش سهيل بن عمرو أحد «4» بني عامر بن لؤي وقالوا: ائت محمدا وصالحه، ولا يكون في صلحه إلا أن يرجع عنا عامه «5» هذا، فو الله لا تتحدث العرب أنه دخلها علينا عنوة أبدا! فأتى سهيل بن عمرو، فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم قال: «قد أراد القوم الصلح حتى بعثوا هذا الرجل» ، فلما انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تكلم فأطال الكلام وتراجعا، ثم جرى بينهما الصلح فلما التأم الأمر ولم يبق إلا الكتاب وثب عمر «6» فقال: يا رسول الله «7» ! ألست برسول الله؟ أو لسنا بالمسلمين؟ أو ليسوا بالمشركين؟ قال: «بلى» ، قال: فلم نعطي الدنية في ديننا «8» ؟ قال: «أنا عبد   (1) زيد من الطبري. (2) من الطبري، وفي ف «ما كنت أفعل» . (3) زيد في الطبري 4/ 1543 «فاحتبسته قريش عندها فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين أن عثمان قد قتل ... إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بلغه أن عثمان قد قتل قال: «لا نبرح حتى نناجز القوم» ! ودعا الناس إلى البيعة فكانت بيعة الرضوان تحت الشجرة. عن إياس بن سلمة قال: قال سلمة بن الأكوع: بينما نحن قافلون من الحديبية نادى منادي النبي صلى الله عليه وسلم: أيها الناس! البيعة البيعة! نزل روح القدس، قال: فثرنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو تحت شجرة سمرة، قال: فبايعناه، قال: وذلك قول الله تعالى لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ ... عن عامر قال: كان أول من بايع بيعة الرضوان رجلا من بني أسد يقال له أبو سنان بن وهب» . (4) في ف «واحد» . (5) في ف «عامة» كذا. (6) بهامش ف «اعتراض عمر على صلح الحديبية» . (7) وفي الطبري «وثب عمر بن الخطاب فأتى أبا بكر فقال: يا أبا بكر! أليس برسول الله؟ قال: بلى، قال: أولسنا بالمسلمين؟ قال: بلى، قال: أوليسوا بالمشركين؟ قال: بلى، قال: فعلام نعطي الدنية في ديننا؟ قال أبو بكر: يا عمر! الزم غرزه فإني أشهد أنه رسول الله! قال عمر: وأنا أشهد أنه رسول الله! قال: ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ... » . (8) زيد في ف «عبد الله» مكررا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 283 الله «1» ورسوله» ، ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب «2» فقال: «اكتب بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* فقال سهيل: لا أعرف هذا، ولكن اكتب «باسمك اللهم» وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اكتب باسمك اللهم! هذا ما صالح «3» عليه محمد رسول الله وسهيل بن عمرو» فقال: لو شهدت أنك رسول الله لم أقاتلك، ولكن أكتب «محمد بن عبد الله» اسمك واسم أبيك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «اكتب محمد بن عبد الله وسهيل بن عمرو» ، فكتب «4» : محمد بن عبد الله «هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله وسهيل بن عمرو على وضع الحرب عشر سنين «5» ، يأمن بهذا الناس ويكف بعضهم عن بعض، على [أنه] من أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أصحابهم بغير [إذن] «6» وليه ردّه عليهم، ومن جاء قريشا ممن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يردوه «7» ، وأنه لا أسلال ولا أغلال» «8» فلما فرغ من الكتاب   (1) زيد في ف «عبد الله» مكررا. (2) وفي الطبري «عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: ثم دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «اكتب بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ*» . (3) من الطبري، وفي ف «صلح» . (4) في ف «كتب» . (5) وفي الطبري «اصطلحا على وضع الحرب عن الناس عشر سنين» . (6) زيد من الطبري. (7) وفي الطبري «لم ترده عليه، وأن بيننا عيبة مكفوفة» . (8) زيد في الطبري «وأنه من أحب أن يدخل في عقد رسول الله وعهده دخل فيه، ومن أحب أن يدخل في عقد قريش وعهدهم دخل فيه، فتواثبت خزاعة فقالوا: نحن في عقد رسول الله وعهده، وتواثبت بنو بكر فقالوا: نحن في عقد قريش وعهدهم، وأنك ترجع عنا عامك هذا فلا تدخل علينا مكة، وأنه إذا كان عام قابل خرجنا عنك فدخلتها بأصحابك فأقمت بها ثلاثا، وأن معك سلاح الراكب السيوف في القرب، لا تدخلها بغير هذا؛ فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يكتب الكتاب هو وسهيل بن عمرو إذ جاء أبو جندل بن سهيل بن عمرو يوسف في الحديد قد انفلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: وقد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم خرجوا وهم لا يشكون في الفتح لرؤيا رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رأوا ما رأوا من الصلح والرجوع وما تحمل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفسه دخل الناس من ذلك أمر عظيم حتى كادوا أن يهلكوا، فلما رأى سهيل أبا جندل قام إليه فضرب وجهه وأخذ بلببه فقال: يا محمد! قد لجت القضية الجزء: 1 ¦ الصفحة: 284 - «1» وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في الحرم وهو مضطرب في الحل «1» - قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «يا أيها الناس! انحروا واحلقوا» ، فما قام رجل من المسلمين، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أم سلمة فقال: «يا أم سلمة! ما شأن الناس؟» قال له: يا رسول الله! قد أحل بهم ما رأيت كأنهم كرهوا الصلح، فاعمد «2» إلى هديك حيث كان وانحر واحلق، فإنك لو فعلت ذلك فعلوا، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكلم «3» أحدا حتى أتى هديه فنحرها ثم جلس فحلق، فقام الناس ينحرون ويحلقون، فحلق رجال منهم وقصر آخرون، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يرحم الله المحلقين» ! قالوا: يا رسول الله! والمقصرين؟ قال: «والمقصرين» ! قالوا «4» : ما بال المحلقين «5» يا رسول الله ذكرت لهم الترحم؟ قال: «لأنهم لم يشكوا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم البيعة على الناس تحت الشجرة هناك أن لا يفروا» ، فبايعه الناس كلهم غير الجد «6» بن قيس، اختبأ تحت إبط بعيره، فذلك قول الله عز   بيني وبينك قبل أن يأتيك هذا، قال: صدقت، قال: فجعل ينتره بلببه ويجره ليرده إلى قريش، وجعل أبو جندل يصرخ بأعلى صوته: يا معشر المسلمين! أرد إلى المشركين! يفتنوني في ديني، فزاد الناس ذلك شرا إلى ما بهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا أبا جندل! احتسب، فإن الله جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجا ومخرجا، إنا قد عقدنا بيننا وبين القوم عقدا وصلحا وأعطيناهم على ذلك وأعطونا عهدا، وإنا لا نغدر بهم» ، قال: فوثب عمر بن الخطاب مع أبي جندل يمشي إلى جنبه ويقول: اصبر يا أبا جندل، فإنما هم المشركون وإنما دم أحدهم دم كلب، قال: ويدني قائم السيف منه، قال يقول عمر: رجوت أن يأخذ السيف فيضرب به أباه، قال: فضن الرجل بأبيه. فلما فرغ من الكتاب أشهد على الصلح رجالا من المسلمين ورجالا من المشركين» . (1- 1) ليست في الطبري ولا في المغازي، وأما «كان يصلي في الحرم» فمعناه: كان يصلي في الإحرام، كما في حديث آخر «أطيبه صلى الله عليه وسلم لحله وحرمه» راجع مجمع بحار الأنوار. (2) وقع في الأصل «فاعمر (وبعلامة النسخة: فاغد) إلى هذيل حيث كان وانحر» كذا مصحفا، وفي المغازي 2/ 613 «انطق أنت إلى هديك فانحره» . (3) وفي الطبري «فلم يكلم أحدا منهم كلمة حتى فعل ذلك» . (4) من الطبري، وفي الأصل «قال» كذا. (5) وفي الطبري «فلم ظاهرت الترحم للمحلقين دون المقصرين» . (6) له ترجمة في الإصابة 1/ 238 وفيه «جد بن قيس بن صخر الأنصاري أبو عبد الله ... » . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 285 وجل إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ «1» وقال صلى الله عليه وسلم: «لن يدخل «2» النار أحد «3» شهد بدرا والحديبية» . ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذ كان بين مكة والمدينة في وسط الطريق نزلت عليه سورة الفتح إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً- إلى آخر السورة «4» ، فما فتح في الإسلام فتح «5» أعظم من نزول هذه السورة. ثم قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وكانت الهدنة «6» وضعت الحرب أوزارها، وأمن الناس كلهم بعضهم بعضا واستفاضوا «7» ، ولا يكلم أحد بالإسلام يعقل عنه» إلا دخل فيه، حتى دخل فيه في تلك السنة «9» من المسلمين قريبا مما كان قبل   (1) سورة 48 آية 18. (2) في الأصل: لم يدخلن- كذا، والتصحيح من الجامع الصغير. (3) في الجامع الصغير: رجل. (4) سورة 48 آية 1- 29. (5) زيد في الطبري: قبله كان. (6) في الأصل: أهل المدينة، والتصحيح من الطبري ولفظه «فلما كانت الهدنة ووضعت الحرب أوزارها» . (7) وفي الطبري «فالتقوا وتفاوضوا في الحديث والمنازعة» . (8) في الطبري «شيئا» . (9) وفي الطبري «فلقد دخل في تينك السنتين في الإسلام مثل ما كان في الإسلام قبل ذلك وأكثر ... فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة جاءه أبو بصير رجل من قريش، قال ابن إسحاق في حديثه: أبو بصير عتبة بن أسيد بن جارية وهو مسلم، وكان ممن حبس بمكة، فلما قدم على رسول الله كتب فيه أزهر بن عبد عوف والأخنس بن شريق بن عمرو بن وهب الثقفي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعثا رجلا من بني عامر ابن لؤي ومعه مولى لهم فقدما على رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتاب الأزهر والأخنس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا أبا بصير! إنا قد أعطينا هؤلاء القوم ما قد علمت ولا يصلح لنا في ديننا الغدر، وإن الله جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجا ومخرجا» ، قال: فانطلق معهما حتى إذا كان بذي الحليفة جلس إلى جدار وجلس معه صاحباه فقال أبو بصير: أصارم سيفك هذا يا أخا بني عامر؟ قال: نعم، قال: انظر إليه؟ قال: إن شئت، فاستله أبو بصير ثم علاه به حتى قتله، وخرج المولى سريعا حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس في المسجد، فلما رآه رسول الله طالعا قال: «إن هذا رجل قد رأى فزعا» ، فلما انتهى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 286 ذلك. وفي هذه العمرة أصاب كعب بن عجرة «1» أذى في رأسه، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحلق ويذبح شاة ويصوم ثلاثة أيام، أو يطعم ستة مساكين، لكل مسكين مدين. وأهدى «2» الصعب بن جثامة «2» إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل حمار وحش «3» فرده وقال: «لم نرده ولكنا حرم» . وفي هذه العمرة صلى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح في إثر «4» سماء في الحديبية، فلما انصرف أقبل عليهم بوجهه فقال: أتدرون ما قال ربكم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: «يقول: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر بي، فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب، وأما من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب» «5» .   إلى رسول الله قال: «ويلك! ما لك» ؟ قال: قتل صاحبكم صاحبي، فو الله ما برح حتى طلع أبو بصير متوشحا السيف حتى وقف على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيال: يا رسول الله! وفت ذمتك وأدى عنك، أسلمتني ورددتني إليهم، ثم أنجاني الله منهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ويل أمه» ! فسعر حرب ... لو كان معه رجال، فلما سمع ذلك عرف أنه سيرده إليهم، قال: فخرج أبو بصير حتى نزل بالعيص من ناحية ذي المروة على ساحل البحر بطريق قريش الذي كانوا يأخذون إلى الشام وبلغ المسلمين الذين كانوا احتبسوا بمكة قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بصير: «ويل أمه» ! محش حرب لو كان معه رجال! فخرجوا إلى أبي بصير بالعيص، وينفلت أبو جندل بن سهيل بن عمرو فلحق بأبي بصير، فاجتمع إليه قريب من سبعين رجلا منهم، فكانوا قد ضيقوا على قريش، فو الله ما يسمعون بعير خرجت لقريش إلى الشام إلا اعترضوا لهم فقتلوهم وأخذوا أموالهم، فأرسلت قريش إلى النبي صلى الله عليه وسلم يناشدونه بالله وبالرحم لما أرسل إليهم فمن أتاه فهو آمن، فآواهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقدموا عليه المدينة» . (1) من الإصابة 5/ 304: وفي الأصل «عجزة» خطأ. (2- 2) من المغازي 2/ 576، وفي الأصل «الصعب حامه» كذا. وفي المغازي «عن ابن عباس عن الصعب بن جثامة أنه حدثه أنه جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأبواء يومئذ بحمار وحشي فأهداه له فرده رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال الصعب: فلما رآني وما بوجهي من كراهية رد هديتي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنا لم نرده إلا أنا حرم» . (3- 3) وفي المغازي «بحمار وحشي» . (4) من هامش الأصل والمغازي، وفي متن الأصل: أثرهما. (5) راجع المغازي 2/ 588 وفيه الرواية عن زيد بن خالد الجهني. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 287 وفي هذه العمرة أصاب الناس عطش شديد فحبسوا، فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده في الركوة، فثار الماء مثل العيون، فتوضئوا منها ورووا. ثم غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة ذي قرد «1» خرج «2» سلمة بن الأكوع ومعه غلام له يقال له رباح مع الإبل، «3» فلما كان بغلس أغار عبد الرحمن بن عيينة على إبل رسول الله صلى الله عليه وسلم وقتل راعيها «3» وجعل ينظر «4» في أناس معه في خيل، فقال سلمة لرباح: اركب هذا الفرس واخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قد أغير على سرحه، ثم قام سلمة على تل وجعل وجهه قبل المدينة ثم نادى ثلاث مرات- وكان صيتا: يا صباحاه! ثم أتبع القوم ومعه سيفه ونبله، فجعل يرميهم «5» وذلك حين كثر الشجر، فإذا كرّ عليه الفارس جلس له في أصل شجرة ثم رماه، ولا «6» يظفر بفارس إلا عقر فرسه، فجعل يرمي ويقول:   (1) وفي الطبري 3/ 60 «قد حدث في غزوة ذي قرد بعض الحديث أنه أول من نذر بهم سلمة بن عمرو ابن الأكوع الأسلمي غدا يريد الغابة متوشحا قوسه ونبله ومعه غلام لطلحة بن عبيد الله، وأما الرواية عن سلمة بن الأكوع بهذه الغزوة من رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد مقدمه المدينة منصرفا من مكة عام الحديبية، فإن كان ذلك صحيحا فينبغي أن يكون ما روي عن سلمة بن الأكوع كانت إما في ذي الحجة من سنة ست من الهجرة وإما في أول سنة سبع وذلك أن انصراف رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة عام الحديبية كان في ذي الحجة من سنة ست من الهجرة وبين الوقت الذي وقته ابن إسحاق لغزوة ذي قرد والوقت الذي روى عن سلمة بن الأكوع قريب من ستة أشهر» . (2) في الأصل «حزم» خطأ، والتصحيح من هامش الأصل والطبري. (3- 3) في الطبري «فلما أصبحنا إذا عبد الرحمن بن عيينة قد أغار على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستاقه أجمع وقتل راعيه» وفي الأصل «عتبة» مكان «عيينة» والتصحيح من الطبري. (4) في الأصل «يطرنها» كذا، وفي الطبري «فنظر عيينة» . (5) وفي الطبري 3/ 60 «قال: فو الله ما زلت أرميهم وأعقر بهم، فإذا رجع إلى فارس منهم أتيت شجرة وقعدت في أصلها فرميته فعقرت به، وإذا تضايق الجبل فدخلوا في متضايق علوت الجبل ثم أرديهم بالحجارة، فو الله ما زلت كذلك حتى ما خلق الله بعيرا من ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا جعلته وراء ظهري وخلوا بيني وبينه، وحتى ألقوا أكثر من ثلاثين رمحا وثلاثين بردة يستخفون بها، لا يلقون شيئا إلا جعلت عليه آراما حتى يعرفه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه» . (6) في الأصل «إلا» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 288 أنا ابن الأكوع ... واليوم يوم الرضّع وإذا كان [كثر] «1» الشجر رشقهم بالنبل، فإذا تضايقت الشجرة «2» علا الجبل ورماهم بالحجارة، فما زال ذلك دأبه ودأبهم ويرتجز حتى ما بقى من ظهر النبي صلى الله عليه وسلم إلا استنقذه من أيديهم وخلفه وراء ظهره، ثم لم يزل يرميهم حتى طرحوا أكثر من ثلاثين بردة «3» يستخفون بها، فكلما ألقوا شيئا جمع عليه سلمة، فلما اشتد الضحى أتاهم عيينة بن حصن بن بدر الفزاري ممدّا «4» لهم وهم في ثنية ضيقة في علوة الجبل فقال لهم: ما هذا الذي أرى؟ قالوا: لقد لقينا من هذا- يعنون سلمة، ما فارقنا منذ سحر حتى الآن، وأخذ كل شيء من أيدينا وخلفه وراءه، فقال عيينة: لولا أن هذا يرى وراءه طلبا لقد ترككم! فليقم إليه نفر منكم، فقام إليه نفر منهم أربعة وصعدوا في الجبل فقال لهم سلمة: أتعرفوني؟ قال: ومن أنت؟ قال: ابن الأكوع! والذي كرم وجه محمد صلى الله عليه وسلم! لا يطلبني «5» رجل منكم فيدركني ولا أطلبه فيفوتني، فبينا سلمة يخاطبهم إذ نظر فرأى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لحقوا يتخللون الشجر وإذا أولهم الأخرم «6» الأسدي وعلى أثره أبو قتادة وعلى أثره المقداد «7» الكندي «8» ، فولى المشركون «9» مدبرين «10» ، فنزل سلمة من الجبل وقال: يا أخرم!   (1) ليست الزيادة في الأصل هنا وقد مضى آنفا. (2) في الأصل «الشاة» ولعله تصحف عن «الشجرة» ، وفي الطبري «وإذا تضايق الجبل فدخلوا في متضايق علوت الجبل ... » . (3) من الطبري، وفي الأصل «برده» كذا. (4) من الطبري، وفي الأصل «ممرا» . (5) كذا في ف، وفي الطبري 3/ 61 «لا أطلب أحدا منكم إلا أدركته ولا يطلبني فيدركني، قال أحدهم: إن أظن، قال: فرجعوا فما برحت مكاني ذلك حتى نظرت إلى فوارس رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخللون الشجر ... » . (6) التصحيح من الطبري، وفي ف «الأحزم» خطأ. (7) من الطبري، ووقع في ف «المقدار» مصحفا. (8) وهو ابن أسود. (9) في ف «المشركين» . (10) في ف «مديرون» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 289 احذر القوم، فإني لا آمن أن يقتطعوك «1» فاتئد «2» حتى يلحق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، قال «3» : يا سلمة! إن كنت تؤمن بالله واليوم الآخر وتعلم أن الجنة حق والنار حق فلا تحل بيني وبين الشهادة، ثم «4» أرخى عنان فرسه ولحق بعبد الرحمن ابن عيينة ويعطف عليه عبد الرحمن واختلف بينهما طعنتان فقتله عبد الرحمن وتحوّل عبد الرحمن على فرس الأخرم، فلحق أبو قتادة بعبد الرحمن واختلف بينهما طعنتان فعقر بأبي قتادة وقتله أبو قتادة، وتحول أبو قتادة على فرس الأخرم، ثم خرج سلمة «5» يعدو في أثر القوم حتى ما يرى من غبار أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم شيئا فلم يقرب «6» غيبوبة الشمس، وقرب المشركون من شعب فيه ماء يقال له: ذو قرد «7» ، فأرادوا أن يشربوا منه فالتفتوا فأبصروا سلمة وراءهم فعطفوا عن الماء وشدوا في الثنية وغربت الشمس، فلحق سلمة رجل «8» منهم فرماه بسهم، وقال: خذها: وأنا ابن الأكوع ... واليوم يوم الرضع «9»   (1) في ف «يقطعوك» . وفي الطبري «لا يقتطعوك» . (2) وقع في ف «فايتر» كذا مصحفا. (3) وفي الطبري 3/ 61 «فأخذت بعنان فرس الأخرم فقلت: يا أخرم! إن القوم قليل فاحذرهم لا يقتطعوك حتى يلحق بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فقال ... » . (4) في الطبري «قال فخليته فالتقى هو وعبد الرحمن بن عيينة فعقر الأخرم بعبد الرحمن فرسه فطعنه عبد الرحمن فقتله وتحول عبد الرحمن على فرسه ولحق أبو قتادة عبد الرحمن فطعنه وقتله وعقر عبد الرحمن بأبي قتادة فرسه وتحول أبو قتادة على فرس الأخرم فانطلقوا هاربين» . (5) وفي الطبري «قال سلمة فو الذي كرم وجه محمد لتبعتهم أعدو على رجلي حتى ما أرى ورائي من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ولا غبارهم شيئا، قال: ويعدلون قبل غروب الشمس إلى شعب فيه ماء يقال له ذو قرد، يشربون منه وهم عطاش، فنظروا إلي أعدو في آثارهم» . (6) في ف «فلما قرب» . (7) من الطبري، وفي ف «ذو قردة» . (8) في الأصل «وجل» وفي الطبري 3/ 61 «فحليتهم فما ذاقوا منه قطرة، قال: ويسندون في ثنية ذي أسير ويعطف على واحد فأرشقه بسهم» . (9) التصحيح من الطبري، وفي ف «الوضع» كذا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 290 قال «1» : يا ثكل أمياه! أكوع بكرة؟ قلت: نعم أي عدو نفسه «2» ! وكان الذي رماه بكرة وأتبعه سهما آخر فأثبت فيه سهمين وخلفوا فرسين فجاء بهما يسوقهما، ورسول الله صلى الله عليه وسلم على الماء الذي «3» خلفهم عند ذي قرد «3» وإذا بلال «4» قد نحر جزورا مما خلفه بسهمه وهو يشوي لرسول الله صلى الله عليه وسلم من كبدها وسنامها، فقال سلمة: يا رسول الله! خلني فأنتخب «5» من أصحابك مائة رجل، وأتبع الكفار حتى لا يبقى منهم مخبر «6» إلا قتلته، قال: «أكنت فاعلا ذلك» ؟ قال: نعم والذي أكرم وجهك! فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه، فجاء رجل من غطفان فقال «7» : مر المشركون على فلان الغطفاني فنحر لهم جزورا، ثم خرجوا هرابا؛ فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف إلى المدينة وجعل يقول: «خير فرساننا اليوم أبو قتادة! وخير رجالتنا «8» سلمة» ! فأعطى سلمة ذلك اليوم سهم الراجل والفارس جميعا. ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أردفه وراءه على العضباء فلما كان بينهم وبين المدينة قريب «9» وفي القوم رجل من الأنصار كان لا يسبق فجعل ينادي: هل من مسابق «10» !   (1) وفي الطبري «فقال: أكوعي غدوة، قلت: نعم، يا عدو نفسه» . (2) زيد في الطبري «وإذا فرسان على الثنية فجئت بهما أقودهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ... » (3- 3) وفي الطبري «حليتهم عنه عند ذي قرد» . (4) وفي الطبري «وإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أخذ تلك الإبل التي استنقذت من العدو وكل رمح وكل بردة وإذا بلال ... » (5) في الطبري «فلأنتخب» . (6) في ف «لا يبق منهم مخبرا» كذا، والتصحيح من الطبري، ولفظه «حتى لا يبقى منهم عين، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدا أو بانت نواجذه، ثم قال: «أكنت فاعلا» ... » (7) وفي الطبري «فقال: نحر لهم فلان جزورا فلما كشطوا عنها جلدها رأوا غبارا فقالوا: أتيتم! فخرجوا هاربين ... » . (8) من الطبري، وفي ف «رجالنا» . (9) كذا، وفي الطبري «فبينما نحن نسير» . (10) كذا في ف، وفي الطبري «فجعل يقول: ألا من سابق! فقال ذلك مرارا، فلما سمعته قلت: أما تكرم كريما ولا تهاب شريفا؟ فقال: لا، إلا أن يكون رسول الله، فقلت: يا رسول الله بأبي أنت وأمي! ائذن لي فلأسابق الرجل، قال: إن شئت ... » . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 291 ألا رجل يسابق «1» إلى المدينة! فقلت: يا رسول الله بأبي أنت وأمي خلني فلأ سابق الرجل! قال: «إن شئت» : قلت، «2» اذهب إليك «2» . فطفر عن راحلته وثنيت رجلي فطفرت عن الناقة، ثم إني ربطت عليه شرفا أو شرفين يعني استبقيت نفسي ثم عدوت حتى لحقته فأصكه «3» بين كتفيه بيدي وقلت: سبقت والله! حتى قدمنا المدينة. ثم توفيت أم رومان «4» امرأة أبي بكر الصديق أم عبد الرحمن وعائشة في ذي الحجة. السنة السابعة من الهجرة أخبرنا محمد بن حسن بن قتيبة نا ابن أبي السري ثنا عبد الرزاق أنا معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس حدثني أبو سفيان بن حرب من فيه إلى فيّ قال: انطلقت في المدة التي كانت بيننا وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبينا أنا بالشام إذ جيء بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هرقل، جاء به دحية الكلبي فدفعه إلى عظيم بصرى [فدفعه عظيم بصرى] «5» إلى هرقل، [قال] : هل هنا أحد من قوم هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي؟ قالوا: نعم، فدعيت في نفر من قريش، فدخلنا على هرقل، فأجلسنا بين يديه فأجلسوا أصحابي خلفي، ثم دعا بترجمانه فقال: قل لهم: إني سائل هذا الرجل عن هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي، فإن كذبني فكذبوه، قال أبو سفيان «6» : والله! لولا مخافة أن يؤثروا عني كذبا لكذبته؛ ثم قال لترجمانه: سله   (1) في ف «تسابق» كذا. (2- 2) ليس في الطبري. (3) التصحيح من الطبري، ووقع في ف «فاصط» مصحفا. (4) لها ترجمة ممتعة في الإصابة 8/ 232 وذكر ابن حجر الأقوال المختلفة في سنة وفاتها. (5) زيد من صحيح البخاري 1/ 4. (6) وفي الطبري 3/ 86 «قال أبو سفيان: فو الله إنا لبغزة إذ هجم علينا صاحب شرطته فقال: أنتم من قوم هذا الرجل الذي بالحجاز؟ قلنا: نعم، قال: انطلقوا بنا إلى الملك، فانطلقنا معه، فلما انتهينا إليه قال: أنتم من رهط هذا الرجل؟ قلنا: نعم، قال: فأيكم أمسّ به رحما؟ قلت: أنا؛ قال أبو سفيان: وأيم الله! ما رأيت من رجل أرى أنه كان أنكر من ذلك الأغلف- يعني هرقل! فقال: ادنه، فأقعدني بين يديه وأقعد أصحابي خلفي ثم قال: إني سأسأله فإن كذب فردوا عليه، فو الله لو كذبت ما ردوا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 292 كيف حسبه «1» فيكم؟ قلت: هو فينا ذو حسب، قال: فهل كان [من] «2» آبائه من ملك؟ فقلت: لا، قال: فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ قلت: لا، قال: من يتبعه أشراف الناس أم ضعفاؤهم؟ قال: قلت: بل ضعفاؤهم، قال: فهل يزيدون أم ينقصون؟ قال: قلت: بل يزيدون، قال: فهل يرتد أحد منهم عن دينه بعد أن يدخل فيه سخطة له؟ قال: قلت: لا، قال: فهل قاتلتموه؟ قال: قلت: نعم، قال: فكيف كان قتالكم إياه؟ قلت: يكون الحرب بيننا وبينه سجالا، يصيب منا ونصيب منه «3» ؛ قال: فهل يغدر؟ قال: قلت: لا، ونحن منه في مدة «4» لا ندري ما هو صانع فيها! قال: والله فما أمكنني من كلمة أدخل «5» فيها شيئا غير هذه «6» ! قال: فهل قال هذا القول «7» أحد «8» قبله؟ قال: قلت: لا. ثم قال لترجمانه: قل له: إني سألتك عن حسبه فيكم «9» قلت: إنه «9» ذو حسب «10» ، وكذلك [الرسل] «11»   علي ولكني كنت امرأ سيدا أتكرم عن الكذب، وعرفت أن أيسر ما في ذلك إن أنا كذبته أن يحفظوا ذلك علي ثم يحدثوا به عني فلم أكذبه، فقال: أخبرني عن هذا الرجل الذي خرج بين أظهركم يدعي ما يدعى، قال: فجعلت أزهّد له شأنه وأصغر له أمره وأقول له: أيها الملك! ما يهمك من أمره؟ إن شأنه دون ما يبلغك. فجعل لا يلتفت إلى ذلك، ثم قال: انبئني عما أسألك عنه من شأنه، قلت: سل عما بدا لك، قال: كيف نسبه فيكم؟ قلت: محض، أوسطنا نسبا. قال: فاخبرني هل كان أحد من أهل بيته يقول مثل ما يقول فهو يتشبه به؟ قلت: لا، قال: فهل كان له فيكم ملك فاستلبتموه إياه فجاء بهذا الحديث لتردوا عليه ملكه؟ قلت: لا ... » . (1) في صحيح البخاري 1/ 4 نسبه. (2) زيد من صحيح البخاري. (3) في الصحيح: ينال منا وننال منه. (4) هكذا في الصحيح، وفي الطبري: هدنة. (5) من الصحيح، وفي ف: دخل- كذا. (6) زيد في الصحيح: الكلمة. (7) زيد في الصحيح: منكم. (8) زيد في الصحيح: قط. (9- 9) في الصحيح: فذكرت أنه فيكم. (10) في الصحيح: نسب. (11) زيد من صحيح البخاري. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 293 تبعث في أحساب «1» قومها؛ وسألتك: هل كان «2» في آبائه ملك «2» ؟ فزعمت «3» أن لا، فقلت: إن «4» كان «2» في آبائه ملك «2» قلت: رجل يطلب ملك آبائه «5» ؛ وسألتك عن أتباعه ضعفاء الناس أم أشرافهم قلت: بل ضعفاؤهم، وهم أتباع الرسل «6» ؛ وسألتك: هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ فزعمت «3» أن لا، فقد عرفت «7» أنه لم يكن ليدع «8» الكذب على الناس «9» فيذهب فيكذب «9» على الله؛ وسألتك «10» : هل يرتد أحد منهم عن دينه بعد أن يدخله سخطه له؟ فزعمت «11» أن لا، فكذلك «12» الإيمان «13» إذا خالط «13» بشاشته القلوب؛ وسألتك: هل يزيدون أم ينقصون؟ فزعمت «11» أنهم يزيدون، وكذلك [أمر] «14» الإيمان حتى يتم؛ وسألتك: هل قاتلتموه؟ فزعمت أنكم قاتلتموه، فزعمت أن الحرب بينكم   (1) في الصحيح: نسب. (2- 2) في الصحيح: من آبائه من ملك. (3) في الصحيح: فذكرت. (4) في الصحيح: فلو. (5) في الصحيح: أبيه. (6) هكذا في الصحيح، وفي الطبري «وكذلك أتباع الأنبياء في كل زمان» . (7) في الصحيح: أعرف. (8) كذا في ف. وفي الصحيح والخصائص الكبرى 2/ 3 «ليذر» . (9- 9) في الصحيح: ويكذب. (10) وفي الطبري «وسألتك عمن يتبعه أيحبه ويلزمه أم يقليه ويفارقه؟ فزعمت أن لا يتبعه أحد فيفارقه، وكذلك حلاوة الإيمان لا تدخل قلبا فتخرج منه؛ وسألتك هل يغدر؟ فزعمت أن لا؛ فلئن كنت صدقتني عنه ليبلغني على ما تحت قدمي هاتين ولوددت أني عنده فأغسل قدميه! انطلق لشأنك. قال: فقمت من عنده وأنا أضرب إحدى يدي بالأخرى وأقول: أي عباد الله! لقد أمر أمر ابن أبي كبشة! أصبح ملوك بني الأصفر يهابونه في سلطانهم بالشام» . (11) في الصحيح: فذكرت. (12) في الصحيح: وكذلك. (13- 13) في الصحيح: حين تخالط. (14) زيد من الصحيح والخصائص الكبرى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 294 وبينه سجال «1» تنالون منه وينال منكم، وكذلك الرسل تبتلى ثم تكون لهم «2» العاقبة؛ وسألتك: هل يغدر؟ فزعمت «3» أن لا، وكذلك الرسل لا تغدر؛ وسألتك: هل قال هذا القول قبله أحد؟ فزعمت «3» أن لا، فقلت: لو كان قال هذا القول أحد قبله لقلت «4» : رجل يأتم «5» بقول قيل قبله، ثم «6» سألتك بما «6» يأمركم؟ قلت: بالصلاة والزكاة والصلة والعفاف، قال: إن يكن «7» ما تقول «8» فيه فإنه نبي «8» . وقد كنت أعلم أنه خارج ولم أكن أظن أنه منكم، ولو «9» أني أعلم أني أخلص إليه لأحببت «10» لقاءه، ولو كنت عنده لغسلت عن قدميه، «11» وليبلغن ملكه ما تحت قدمي «11» . فقال: ثم دعا بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأه فإذا فيه «بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد «12» رسول الله- صلى الله عليه وسلم «12» - إلى هرقل ملك «13» الروم، سلام على من اتبع الهدى، أما بعد! فإني أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تسلم، وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت «14» فإن عليك إثم «15» الأريسين «16» قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا-   (1) في ف: سجالا- كذا. (2) في ف: له- كذا. (3) في الصحيح: فذكرت. (4) من الصحيح، وفي ف: قلت. (5) كذا في ف، وفي الصحيح والخصائص» يأتسي. (6- 6) من الصحيح والخصائص، وفي الأصل «قال ما» كذا. (7) في الصحيح فإن كان، وفي ف: أن يكون- كذا. (8- 8) ليس في الصحيح. (9) في الصحيح: فلو. (10) في الصحيح: لتجشمت. (11- 11) قدم في الصحيح والخصائص هذه العبارة على «فيه فإنه نبي» ولفظها «فإن كان ما تقول حقا فسيملك موضع قدمي هاتين» . (12- 12) في الصحيح: عبد الله ورسوله. (13) في الصحيح: عظيم. (14) كذا في ف وصحيح البخاري 1/ 5، وفي الطبري «وإن تتول» . (15) التصحيح من الطبري والصحيح، ووقع في ف «اسم» كذا بالسين مصحفا. (16) في ف: الأريسين، والتصحيح من هامش الصحيح بعلامة النسخة، وفي متنه «اليريسين» ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 295 إلى قوله: بِأَنَّا مُسْلِمُونَ» «1» . فلما فرغ من قراءة الكتاب ارتفعت الأصوات عنده وكثر اللغط «2» وأمر بنا فأخرجنا، فما زلت موقنا بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم «3» سيظهر حتى أدخل الله عليّ الإسلام. قال: في أول هذه السنة كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الملوك وبعث إليهم بالرسل يدعوهم إلى الله، فقيل: إنهم لا يقرأون كتابا إلا بخاتم، فاتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتما من فضة نقش فيه «محمد رسول الله» ليختم به الصحف، فكان يلبسه تارة في يمينه وتارة في يساره. فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن حذافة السهمي إلى كسرى بكتاب فأمره «4» أن يدفعه إلى عظيم البحرين ليدفعه عظيم البحرين إلى كسرى. وبعث دحية «5» بن خليفة الكلبي إلى قيصر وهو هرقل ملك الروم وأمره أن يدفع الكتاب إلى عظيم بصرى [فدفعه عظيم بصرى] «6» إلى هرقل. وبعث حاطب بن أبي بلتعة إلى المقوقس صاحب الإسكندرية. وبعث عمرو بن أمية الضمري إلى «7» أصحم بن أبحر «7» النجاشي، وبعث شجاع بن وهب الأسدي «8» إلى [المنذر بن] «9» الحارث   واليريسين بفتح التحتانية وكسر الراء ثم بالياء الساكنة جمع يريس بوزن فعيل وقد يقلب الياء الأولى همزة فيقال الأريسين. وروى أيضا بياءين بعد السين جمع يريسي منسوب إلى يريس، وروى الإريسين بكسر الهمزة وكسر الراء المشددة وياء واحدة بعد السين وهم الأكارون الزارعون- كرماني. (1) سورة 3 آية 64. (2) في الصحيح «عنده الصخب» . (3) في الصحيح «أنه» . (4) وقع في ف «فاجره» مصحفا. (5) راجع لترجمته الإصابة 4/ 161. (6) زيد من الصحيح. (7- 7) التصحيح من الطبري، وفي ف «أصحمة بن بحري» كذا. (8) زيد في الطبري «أخابني أسد بن خزيمة» . (9) زيد من الطبري. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 296 ابن أبي شمر الغساني صاحب دمشق «1» . وبعث عامر بن لؤي إلى هوذة بن علي الحنفي صاحب اليمامة. فأما كسرى فمزق كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بلغه ذلك: «مزق الله ملكه، إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده» . وأما قيصر فسأل أبا «2» سفيان عما سأل ثم قرأ كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم خلا بدحية الكلبي وقال: إني لأعلم أن صاحبكم نبي مرسل، وأنه الذي كنا ننتظره ونجده في كتابنا، ولكن أخاف الروم على نفسي ولولا ذاك لاتبعته، ولكن اذهب إلى ضغاطر «3» الأسقف فاذكر له أمر صاحبكم وانظر ماذا يقول، فجاء دحية وأخبره مما جاء به من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هرقل وبما يدعو إليه، فقال ضغاطر «4» : صاحبك والله نبي مرسل! نعرفه بصفته ونجده في كتابنا باسمه، ثم دخل فألقى ثيابا كانت عليه سوداء ولبس ثيابا بيضا ثم أخذ عصاه وخرج على الروم وهم في الكنيسة فقال للروم: إنه قد أتانا كتاب من أحمد يدعو فيه إلى الله، وإني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا «5» عبده ورسوله، فوثبوا إليه وثبة رجل واحد وضربوه حتى قتلوه، فرجع دحية إلى هرقل وأخبره الخبر، قال: قلت لك «6» : إنا نخافهم على أنفسنا فضغاطر كان والله [أعظم] «7» عندهم وأجوز قولا مني.   (1) زيد في الطبري «وقال محمد بن عمر الواقدي: وكتب إليه معه: سلام على من اتبع الهدى وآمن به، إني أدعوك إلى أن تؤمن بالله وحده لا شريك له يبقى لك ملكك، فقدم به شجاع بن وهب فقرأه عليهم، فقال: من ينزع مني ملكي! أنا سائر إليه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: باد ملكه» . (2) في ف «أبو» كذا. (3) من الطبري، وفي ف: سقاطر- كذا. (4) من الطبري، وفي ف: صنفاطر. (5) كذا في ف، وفي الطبري: أحمد. (6) من الطبري، وفي ف: لكم. (7) زيد من الطبري. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 297 وأما النجاشي «1» فكان «2» كتابه «من محمد رسول الله إلى النجاشي الأصحم «3» ملك الحبشة، سلم أنت، فأني أحمد إليك الله الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن «4» العزيز الجبار المتكبر «4» ، وأشهد أن عيسى «5» روح الله وكلمته ألقاها إلى مريم البتول «6» الطيبة الحصينة «7» فحملت بعيسى، فخلقه من روحه ونفخه كما خلق آدم بيده ونفخه، وإني أدعوك إلى الله «8» ، وقد بعثت «9» إليك ابن عمي جعفرا «10» ومعه نفر «11» من المسلمين، فدع «12» التجبر فإني أدعوك «13» إلى الله «14» وقد «15» بلغت ونصحت «16» فاقبل نصيحتي «16» والسلام على من اتبع الهدى» فقرأ النجاشي الكتاب وكتب جوابه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم «بسم الله الرحمن الرحيم، إلى محمد رسول الله «17» صلى الله عليه وسلم «17» ، من النجاشي «18» الأصحم بن أبحر «18» ، سلام عليك يا   (1) وفي الطبري: ... قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن أمية الضمري إلى النجاشي في شأن جعفر بن أبي طالب وأصحابه وكتب معه كتابا بسم الله الرحمن الرحيم. (2) في الأصل «فكانه» . (3) من الطبري، وفي نسخة من «الأضحم» كذا، وفي ف «الأصخم» . (4- 4) ليس في الطبري. (5) زيد في الطبري: بن مريم. (6) من الطبري، وفي ف: البتولة- كذا. (7) التصحيح من الطبري، وفي ف «الحصيونة» . (8) زيد في الطبري «وحده لا شريك له والموالاة على طاعته وأن تتبعني وتؤمن بالذي جاءني فإن رسول الله» . (9) من الطبري، وفي ف: بعث. (10) من الطبري، وفي ف جعفر. (11) وزيد بعده في الطبري: فإذا جاءك فأقرهم. (12) في الطبري: ودع. (13) زيد في الطبري: وجنودك. (14) زيد بعده في ف: وقد بعثت إليك ابن عمي، ولم تكن الزيادة في الطبري وقد مرت آنفا فحذفناها. (15) في الطبري: فقد. (16- 16) في الطبري: فاقبلوا نصحي. (17- 17) ليس في الطبري. (18- 18) التصحيح من الطبري، ووقع في ف «الأضخم بن نجوي» مصحفا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 298 نبي الله ورحمة الله وبركاته [من الله] «1» الذي لا إله إلا هو الذي هداني إلى الإسلام، أما بعد فقد بلغني «2» كتابك يا رسول الله فيما «3» ذكرت من أمر عيسى فورب السماء والأرض أن عيسى لا «4» يزيد على ما [ذكرت ثفروقا، إنه كما] «1» قلت، ولقد «5» عرفنا ما بعثت «6» به إلينا، وقد قربنا «7» ابن عمك وأصحابه، وأشهد «8» أنك رسول الله «9» صلى الله عليه وسلم «9» صادقا مصدقا، وقد [بايعتك و] «1» بايعت ابن عمك وأسلمت على يديه لله رب العالمين، وبعثت إليك بابني «10» أرها بن الأصحم «10» ، فإني لا أملك إلا نفسي، وإن شئت [أن] «1» آتيك «11» يا رسول الله فعلت «12» ، فإني أشهد أن ما تقوله «13» حق- والسلام عليك يا رسول الله! فخرج ابنه في ستين نفسا من الحبشة «14» في سفينة البحر، فلما توسطوا ولججوا «15» أصابتهم شدة وغرقوا كلهم «16» . وأما المقوقس فأهدى [إلى] رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع جوار فيهن مارية القبطية أم   (1) زيد من الطبري. (2) من الطبري، وفي ف «أبلغني» كذا. (3) من الطبري، وفي ف «مما» . (4) في الطبري «ما» . (5) في الطبري: وقد. (6) من الطبري، وفي ف «بعث» . (7) من الطبري، وفي ف «قربنا» . (8) في الطبري: فأشهد. (9) ليس في الطبري. (10) من الطبري، وفي ف «أو ما ابن الأضخم» . (11) من الطبري، وفي ف «أتيتك» . (12) قدمه الطبري على «يا رسول الله» . (13) في الطبري «نقول» . (14) التصحيح من الطبري، ووقع في ف «الخبث» مصحفا. (15) أي ركبوا اللجة أي معظم الماء، وفي ف: لحجوا- كذا. (16) راجع الطبري 3/ 89. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 299 إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذلك سائر الملوك أهدى إليه الهدايا فقبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان يقبل الهدية ويثيب عليها. ثم كانت غزوة خيبر خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في بقية المحرم «1» إلى خيبر، واستعمل «2» على المدينة سباع بن عرفطة الغفاري وقدم عينا له ليجيئه بالخبر، وأخرج من نسائه أم سلمة، وخرج على الأموال بجيشه «3» فلا يمر بمال إلا أخذه ويقتل من فيه و [يفتتحها] «4» حصنا حصنا، فأول ما أصاب منها حصن ناعم «5» ثم حصن الصعب بن معاذ «6» ثم حصن القموص «7» فلما [افتتح] «8» رسول الله صلى الله عليه وسلم «9» أتى حصنهم الوطيح والسلالم «9» وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا «10» أصبح قوما أو غزا «10» لم يغر عليهم «11» حتى يصبح فإن سمع أذانا أمسك، وإن لم يسمع أذانا أغار، فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم استقبلهم عمال خيبر بمساحيهم ومكاتلهم، فلما رأوا النبي صلى الله عليه وسلم   (1) من سنة سبع، كما صرح به الطبري. (2) في الطبري «استخلف» . (3) في ف «بحبسه» كذا. (4) زيد من الطبري، وفي ف «باما» كذا. (5) وفي الطبري «فكان أول حصونهم افتتح حصن ناعم وعنده قتل محمود بن مسلمة ألقيت عليه رحى منه فقتلته. (6) في ف «معاد» وزاد في الطبري «وما بخيبر حصن كان أكثر طعاما وردكا منه» . (7) في ف: الغموص- كذا، وفي الطبري: ثم القموص حصن ابن أبي الحقيق وأصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم سبايا منهم صفية بنت حيي بن أخطب وكانت عند كنانة بن الربيع بن أبي الحقيق وابنتي عم لها- إلخ. (8) زيد من الطبري. (9- 9) زيد في ف «و» وزيد في الطبري: لا من حصونهم ما افتتح وحاز من الأموال ما حاز انتهوا إلى حصنهم الوطيح والسلالم وكان آخر حصون خيبر افتتح حاصرهم رسول الله بضع عشرة ليلة» . (10- 10) كذا في ف، وفي صحيح البخاري 2/ 603 «أتى قوما بليل» . (11) وفي متن الصحيح «لم يقر بهم» وبهامشه «لم يغربهم» وفي ف «إذا سالم يقر عليهم» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 300 والجيش قالوا: محمد والله والخميس! وأدبروا هرابا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الله أكبر الله أكبر! خربت خيبر! إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين» ! فخرج مرحب اليهودي من الحصن يرتجز «1» ويطلب البراز، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من لهذا» ؟ «2» فقال محمد بن مسلمة «2» : أنا يا رسول الله «3» ! فلما دنا أحدهما من صاحبه بادر مرحب بالسيف، فاتقاه «4» محمد بن مسلمة بدرقته، فوقع سيفه فيها وعضّت به الدرقة فأمسكت «5» ، فضربه محمد بن مسلمة فقتله، ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا «6» يقاتل فمر ورجع ولم يكن فتحا «7» ، ثم بعث آخر يقاتل فمر ورجع ولم   (1) زيد في الطبري: ويقول: قد علمت خيبر أني مرحب ... شاكي السلاح بطل مجرّب أطعن أحيانا وحينا أضرب ... إذا الليوث أقبلت تحرّب كان حماي للحمى لا يقرب (2- 2) في الطبري «فقام محمد بن مسلمة فقال» . (3) في الطبري «أنا له يا رسول الله أنا والله الموتور الثائر! قتلوا أخي بالأمس، قال: «فقم إليه، اللهم! أعنه عليه» ، فلما أن دنا كل واحد منهما من صاحبه دخلت بينهما شجرة عمرية من شجر العشر، فجعل أحدهما يلوذ بها من صاحبه، فكلما لاذ بها اقتطع بسيفه منها ما دونه منها حتى برز كل واحد منهما لصاحبه وصارت بينهما كالرجل القائم ما بينهما فنن» . (4) من الطبري، وفي ف «فألقاه» . (5) وفي الطبري «فأمسكته» . (6) في ف «رجالا» كذا. (7) زيد في الطبري «ثم خرج بعد مرحب أخوه ياسر يرتجز ويقول: قد علمت خيبر أني ياسر ... شاك السلاح بطل مغاور إذا الليوث أقبلت تبادر ... وأحجمت عن صولتي المغاور إن حماي فيه موت حاضر عن هشام بن عروة أن الزبير بن العوام خرج إلى ياسر فقالت أمه صفية بنت عبد المطلب: أيقتل ابني يا رسول الله؟ قال: بل ابنك يقتله إن شاء الله! فخرج الزبير وهو يقول: قد علمت خيبر أني زبّار ... قرم لقوم غير نكس فغرار ابن حماة المجد وابن الأخيار ... ياسر لا يغررك جمع الكفار فجمعهم مثل السراب الجرّار ثم التقيا فقتله الزبير» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 301 يكن فتحا، وحمى الحرب بينهم وتقاعسوا «1» ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله! ويحبه الله ورسوله! «2» «3» يفتح الله على يديه، ليس بفرار، فلما أصبح دعا عليا «3» وهو أرمد، فتفل في عينيه «4» فبرأ، ثم قال: خذ هذه الراية واقبض بها حتى يفتح الله عليك» «4» ، فخرج عليّ يهرول والمسلمون خلفه حتى ركز رايته في رضم «5» من حجارة، فاطلع عليه يهودي من رأس الحصن وقال: من أنت؟ فقال: أنا علي بن أبي طالب، فقال اليهودي: علوتم وما أنزل على موسى! فلم يزل عليّ يقاتل حتى سقط ترسه من يده، ثم تناول بابا صغيرا كان عند الحصن فاترس به، فلم يزل في يده وهو يقاتل حتى فتح الله عليه، ثم ألقاه من يده، فلما   (1) في ف «تكاعسوا» كذا. (2) وفي الطبري برواية بريدة الأسلمي «قال: لما كان حين نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بحصن أهل خيبر أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم اللواء عمر بن الخطاب ونهض من نهض معه من الناس فلقوا أهل خيبر فانكشف عمر وأصحابه فرجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يجبنه أصحابه ويجبنهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لأعطين اللواء غدا.. وفيه برواية بريدة أيضا «قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ربما أخذته الشقيقة فيلبث اليوم واليومين لا يخرج، فلما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر أخذته الشقيقة فلم يخرج إلى الناس وأن أبا بكر أخذ راية رسول الله ثم نهض فقاتل قتالا شديدا ثم رجع فأخذها عمر فقاتل قتالا شديدا هو أشد من القتال الأول، ثم رجع فأخبر بذلك رسول الله فقال: أما والله لأعطينها غدا رجلا ... » . (3- 3) في الطبري «فلما كان من الغد تطاول لها أبو بكر وعمر فدعا عليا» وفي رواية من الطبري «فتطاولت لها قريش ورجا كل واحد منهم أن يكون صاحب ذلك ... » . (4- 4) في الطبري «وأعطاه اللواء ونهض معه من الناس من نهض قال: فلقي أهل خيبر فإذا مرحب يرتجز ويقول: قد علمت خيبر أني مرحب ... شاكي السلاح بطل مجرب اطعن أحيانا وحينا أضرب ... إذا الليوث أقبلت تلهب فاختلف هو وعليّ ضربتين فضربه عليّ على هامته حتى عض السيف منها بأضراسه وسمع أهل العسكر صوت ضربته فما تتام آخر الناس مع عليّ عليه السلام حتى فتح الله له ولهم» . (5) في النهاية: وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ أتى رضمة جبل، هي واحدة الرضم والرضم والرضام وهي دون الهضاب، وقيل: صخور بعضها على بعض. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 302 أيقن اليهود بالهلكة «1» سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحقن «2» دماءهم «3» وأن يسيرهم، ففعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك «4» ، فنزلوا على ذلك وقالوا: يا محمد! إنا نحن أرباب الأموال ونحن أعلم بها منكم «5» فعاملناها، فعاملهم «6» رسول الله صلى الله عليه وسلم الخيبر على النصف «7» . فلما فعل ذلك أهل خيبر سمع بذلك أهل فدك، بعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم محيصة «8» بن مسعود، فنزلوا على ما نزلت عليه اليهود بخيبر على أن يسيرهم «9» ويحقن دماءهم، فعاملهم «10» رسول الله صلى الله عليه وسلم على مثل معاملة «11» أهل خيبر «12» ، فكانت فدك لرسول الله صلى الله عليه وسلم خالصة، وذلك أنه لم يوجف «13» عليها بخيل ولا ركاب، وقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر على ألف وثمانمائة سهم، وكان الرجال بها ألف «14»   (1) في الطبري 3/ 95 «وحاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل خيبر في حصنيهم الوطيح والسلالم حتى إذا أيقنوا بالهلكة» . (2) من الطبري، وفي الأصل «بحقن» . (3) وفي الطبري 3/ 95 «ويحقن لهم دماءهم ففعل، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حاز الأموال كلها الشق ونطاة والكتيبة وجميع حصونهم إلا ما كان من ذينك الحصنين، فلما سمع بهم أهل فدك قد صنعوا ما صنعوا بعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونه أن يسيرهم ويحقن دماءهم لهم ويخلوا الأموال ففعلوا» . (4) زيد في الطبري «وكان فيمن مشى بينهم وبين رسول الله في ذلك محيصة بن مسعود أخو بني حارثة» . (5) زيد في الطبري «واعمر لها» . (6) في الطبري «فصالحهم» . (7) زيد في الطبري «على أنا إذا شئنا أن نخرجكم أخرجناكم» . (8) التصحيح من الطبري، وفي ف «محيصنة» خطأ. (9) في ف: يسرهم- كذا. (10) في ف «فأمرهم» كذا. (11) وقع في ف «بعليلة» مصحفا. (12) وفي الطبري «وصالحه أهل فدك على مثل ذلك فكانت خيبر فيئا للمسلمين، وكانت فدك خالصة لرسول الله صلى الله عليه وسلم» . (13) من السيرة 2/ 248 وفي الأصل «يوحف» ، وفي الطبري «لأنهم لم يجلبوا عليهم بخيل ولا ركاب» . (14) في ف: ألف- كذا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 303 وأربعمائة والفرس مائتي فرس، فقسم للفارس ثلاثة أسهم: سهمين لفرسه وسهما له، وللرّجل «1» سهما، فكان للأفراس أربعمائة ولركابها، «2» ولرجالهم «2» ألف وأربعمائة سهم، وكان سهم رسول الله صلى الله عليه وسلم مع عاصم بن عدي؛ ثم أطعم رسول الله صلى الله عليه وسلم رجالا مشوا بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أهل فدك في الصلح، وأعطى محيّصة ابن مسعود ثلاثين وسقا من شعير وثلاثين وسقا من تمر، وقسم «3» سهم ذوي «3» القربى من خيبر على بني هاشم وبني المطلب؛ فكانت قسمة خيبر على ما وصفنا. وكانت صفية «4» بنت حيي بن أخطب في السبي، أخرجوها من حصن القموص «5» ، فاصطفاها رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه. وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن آنية المشركين، فقال: اغسلوها وكلوا فيها وأطعموا، وأطعم رسول الله صلى الله عليه وسلم تسعا «6» من نسائه اللاتي توفي وهن عنده تسعمائة وسق تمر ومن القمح مائة وثمانين وسقا. فلما فرغوا من الغنائم وقسمها أكل المسلمون لحوم الحمر الأهلية [فأمر مناديا فنادى في الناس: إن الله ورسوله ينهيانكم] «7» عن المتعة، وأمر بالقدور أن تكفأ، ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم   (1) أي الراجل. (2- 2) وفي ف: لجمالهم- كذا، وفي السيرة: وكانت عدة الذين قسمت عليهم خيبر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ألف سهم وثمانمائة سهم برجالهم وخيلهم، الرجال أربع عشرة مائة والخيل مائتا فرس، فكان لكل فرس سهمان ولفارسه سهم، وكان لكل راجل سهم، فكان لكل سهم رأس جمع إليه مائة رجل فكانت ثمانية عشر سهما جمع» . (3- 3) في ف: بينهم ذي- كذا. (4) وفي الطبري «عن ابن إسحاق قال: لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم القموص حصن ابن أبي الحقيق أتى رسول الله بصفية بنت حيي بن أخطب وبأخرى معها فمر بهما بلال وهو الذي جاء بهما على قتلى من قتلى يهود، فلما رأتهم التي مع صفية صاحت وصكت وجهها وحثت التراب على رأسها، فلما رآها رسول الله قال: اغربوا عني هذه الشيطانة، وأمر بصفية فحيزت خلفه وألقى عليها رداؤه، فعرف المسلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد اصطفاها لنفسه» . (5) من الطبري، وفي ف «الغموص» . (6) في ف: تسعة. (7) من صحيح البخاري 2/ 604 و 606، وزيد في الأصل «و» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 304 فيهم خطيبا فقال: «لا يحل لا مرىء يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسقي ماءه زرع غيره- يعني إتيان الحبائل من السبايا، ولا يحل لا مرىء يؤمن بالله واليوم الآخر أن يصيب امرأة «1» ثيبا من السبي «1» حتى يستبرئها، ولا يحل لامرىء يؤمن بالله واليوم الآخر [أن] «2» يبيع مغنما «3» حتى يقسم، ولا يحل لا مرىء يؤمن بالله واليوم الآخر أن يركب دابة من غنيمة المسلمين حتى إذا أعجفها ردها فيها؛ ولا يحل لامرىء يؤمن بالله واليوم الآخر أن يلبس ثوبا من فيء المسلمين حتى إذا أخلقه رده» ؛ ثم اطمأن الناس. وأهدت «4» زينب بنت الحارث امرأة سلام بن مشكم لرسول الله صلى الله عليه وسلم شاة مصلية وأكثرت فيها من السم، فلما وضعته بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن هذا «5» العظم يخبرني «6» أنه مسموم» ! ثم دعاها «7» فاعترفت، فقال: «ما حملك على ذلك» ؟ فقالت: بلغت من قومي ما لم يخف عليك فقلت: إن كان ملكا استرحت منه، وإن كان نبيا فسيخبر؛ فتجاوز عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان بشر بن البراء بن معرور يأكل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكل منها قطعة وكان ذلك سبب موته. وقتل من المسلمين بخيبر ربيعة بن أكثم بن سخبرة «8» وثقف بن عمرو بن سميط «9» ورفاعة بن مسروح   (1- 1) من مسند الإمام أحمد، وفي الأصل: ثيب من السيب. (2) زيد من السيرة. (3- 3) التصحيح من السيرة. وفي ف «بيع مغنما» . (4) في ف «اهتزت» خطأ، وفي البخاري أهديت لرسول الله صلى الله عليه وسلم» . (5) من السيرة، وفي ف «هذه» . (6) في السيرة «ليخبرني» . (7) في السيرة «دعا بها» . (8) في السيرة «صخيرة» كذا- راجع الإصابة. (9) ليس في السيرة «بن سميط» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 305 وعبد الله بن الهبيب «1» ومسعود بن «2» قيس بن خلدة ومحمود بن مسلمة بن خالد بن عدي بن مجدعة وأبو الضياح «3» بن ثابت بن النعمان بن أمية «4» ومبشر بن عبد المنذر بن الزنبر «5» بن [زيد بن] «6» أمية بن سفيان بن الحارث والحارث بن حاطب وعروة بن مرة بن سراقة، و «7» أوس بن القائد «8» وأنيف بن حبيب «9» وثابت ابن أثلة «10» وعمارة بن عقبة بن حارثة بن غفار وبشر بن البراء بن معرور، وكان سبب موته أكله من الشاة المسمومة. وعند فراغ المسلمين من خيبر قدم جعفر بن أبي طالب من أرض الحبشة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «والله! ما أدري بأي الأمرين أنا أشد فرحا بفتح خيبر أو قدوم جعفر» ! ثم قام إليه فقبّل ما بين عينيه. فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم سار إلى وادي القرى، فحاصر أهله ليالي «11» ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم غلام له أهداه رفاعة بن زيد الجذامي «12» ، فبينا هو يضع رحل رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أتاه سهم غرب فقتله، فقال المسلمون: هنيئا له الجنة! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كلا والذي نفسي بيده! إن شملته الآن تحترق «13» عليه في النار،   (1) من السيرة، وفي ف «الذهيب» . (2) زيد في السيرة «سعد بن» . (3) في السيرة 2/ 244 «أبو ضياح» وفي ف «أبو الصياح» كذا بالصاد المهملة. (4) من السيرة، وفي ف «أكية» كذا. (5) التصحيح من الإصابة، وفي «الزبير» . (6) زيد من الإصابة. (7) من السيرة، وفي ف «بن» خطأ. (8) في السيرة «الفائد» وفي ف «القائدة» والتصحيح من الإصابة، وفيه: وقيل: ابن فاتك وابن الفاكه. (9) من السيرة، وفي ف «خبيب» . (10) من السيرة، وفي ف «واثلة» . (11) التصحيح من الطبري 3/ 56: وفي ف «ليال» كذا. (12) من الطبري: وفي ف «الجزامي» كذا بالزاي. (13) وفي الطبري «لتحرق» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 306 وكان غلّها من فيء المسلمين» ، فسمعها رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! أصبت شراكين لنعلين لي «1» ! وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يبدلك الله مثلها في النار» . ثم استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم الحجاج بن علاط السلمي «2» وقال: يا رسول الله! إن «3» لنا مالا بمكة فأذن لي «3» ، فأذن له، فقال: يا رسول الله! وأن أقول «4» ؟ قال: فقل، «5» قدم الحجاج بمكة وإذا قريش بثنية البيضاء «5» يستمعون الأخبار «6» ، وقد بلغهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد سار إلى خيبر، وقد كانوا عرفوا أنها «7» أكثر أرض «7» الحجاز «8» ريفا ومنعة «8» ورجالا «9» ، فلما رأوه «10» قالوا: يا «11» حجاج! أخبرنا «11» فإنه قد بلغنا أن القاطع سار إلى خيبر، فقال الحجاج: عندي من الخبر ما يسركم! قالوا: ما هي يا حجاج «12» ؟ فقال هزم هزيمة لم تسمعوا «13» بمثلها قط «14» وأسر محمدا أسرا «15» ،   (1) كذا في ف، وفي المغازي 2/ 710 «فلما سمع بذلك الناس جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم بشراك أو بشراكين فقال النبي صلى الله عليه وسلم: شراك من نار أو شرا كان من نار» . (2) زيد في السيرة «ثم البهزي» . (3- 3) في السيرة «لي بمكة مالا عند صاحبتي أم شيبة بنت أبي طلحة وكانت عنده له منها معرض بن الحجاج ومال متفرق في تجار أهل مكة فأذن لي يا رسول الله» . (4) في السيرة «إنه لا بد لي من أن أقول» . (5- 5) في السيرة «قال الحجاج: فخرجت حتى إذا قدمت مكة وجدت بثنية البيضاء رجالا من قريش» . (6) زيد في السيرة «ويسألون عن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم» . (7- 7) في السيرة «قرية» . (8- 8) التصحيح من السيرة، وفي ف «ريعا وسعة» كذا. (9) زيد في السيرة «فهم يتجسسون الأخبار ويسألون الركبان» . (10) في السيرة «رأوني» . (11- 11) في السيرة «لحجاج بن علاط قال: ولم يكونوا علموا بإسلامي عنده- والله الخبر أخبرنا يا أبا محمد» . (12) في السيرة «قال: فالتبطوا بجنبي ناقتي يقولون: إيه يا حجاج» . (13) من السيرة، وفي ف «لم يسمعوا» . (14) زيد في السيرة «وقتل أصحابه قتلا لم تسمعوا بمثله قط» . (15) من السيرة، وفي ف «أسر» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 307 فقالوا: لن «1» نقتله حتى نبعث به إلى مكة فيقتلونه «2» بين أظهرهم بمن كان قتل «3» من رجالهم؛ فقاموا «4» وصاحوا بمكة: جاءكم الخبر وهذا محمد إنما تنتظرون «5» أن يقدم به عليكم «6» ، فقال الحجاج: أعينوني على «7» مالي بمكة [و] «8» على غرمائي. فإني «9» أقدم خيبر فأصيب من فيء «10» محمد وأصحابه قبل أن يسبقني «11» التجار «12» . فلما سمع العباس بن عبد المطلب الخبر أقبل حتى وقف على جنب الحجاج بن علاط «13» ، قال: يا حجاج! ما هذا الخبر الذي جئتنا به؟ قال: وهل عندك حفظا لما «14» وضعت عندك؟ قال: نعم، قال: استأخر عني حتى ألقاك على خلاء «15» فإني في جمع مالي كما ترى، فانصرف، حتى [إذا] «16» فرغ الحجاج من جمع «17»   (1) في السيرة «لا» . (2) في السيرة «فيقتلوه» . (3) في السيرة «أصاب» . (4) زيد في السيرة «قال» . (5) من السيرة، وفي ف «ينتظرون» . (6) زيد في السيرة «فيتصل بين أظهركم» . (7) زيد في السيرة «جميع» . (8) زيد من السيرة. (9) في السيرة «فإني أريد أن» . (10) في السيرة «فل ... قال ابن هشام: ويقال: من فيء محمد. قال ابن إسحاق قال: فقاموا فجمعوا لي مالي كأحث جمع سمعت به، قال: وجئت صاحبتي فقلت: مالي؟ وقد كان لي عندها مال موضوع لعلي ألحق بخيبر فأصيب من فرص البيع قبل أن يسبقني التجار قال» . (11) من السيرة، وفي ف «يستفني» . (12) زيد في السيرة «إلى ما هنالك» . (13) زيد في السيرة «وأنا في خيمة من خيام التجار» . (14) من السيرة، وفي ف: بما. (15) من السيرة، وفي ف «خلى» . (16) كذا في ف، وفي السيرة «فانصرف عني حتى أفرغ» . (17) من السيرة، وفي ف «جميع» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 308 ماله «1» وأراد الخروج لقي العباس فقال: احفظ عليّ حديثي «2» فإني أخشى الطلب «3» ، قال، افعل، قال: والله! إني تركت ابن أخيك عروسا على ابنة ملكهم صفية بنت حيي، ولقد افتتح خيبر «4» فصارت له ولأصحابه، قال: ما تقول يا حجاج! قال: أي والله! فاكتم «5» عليّ ثلاثا «5» ، ولقد أسلمت وما جئت إلا لآخذ مالي فرقا [من] «6» أن أغلب عليه فإذا مضى «7» ثلاث «8» فأظهر أمرك فإن الأمر والله على ما تحب! ثم خرج الحجاج بماله، فلما كان اليوم الثالث من خروجه لبس العباس حلة وتخلق وأخذ عصاه ثم خرج حتى طاف بالكعبة، فلما رأوه قالوا: يا أبا الفضل! هذا والله التجلد لحر المصيبة! قال، كلا و «9» الذي حلفتم به! لقد افتتح محمد خيبر وأصبح «10» عروسا على ابنة ملكهم وأحرز «11» أموالهم وما فيها «12» ، قالوا: من جاء «13» بهذا الخبر؟ قال: الرجل الذي جاءكم بما جاءكم به ولقد دخل عليكم وأخذ «14» ما له وانطلق «15» فلحق برسول الله صلى الله عليه وسلم ليصحبه ويكون «15» معه؛ [قالوا: يا لعباد الله] «6» انفلت عدو الله، والله «16» لو علمنا لكان لنا وله   (1) في السيرة «كل شيء كان لي بمكة» . (2) زيد في السيرة «يا أبا الفضل» . (3) زيد في السيرة «ثلاثا ثم قل ما شئت» . (4) زيد في السيرة «وانتثل ما فيها» . (5- 5) كذا، وفي السيرة «عني» . (6) زيد من السيرة. (7) في السيرة «مضت» . (8) من السيرة، وفي ف «ثلاثا» كذا. (9) زيد بعده في السيرة «الله» . (10) في السيرة «ترك» . (11) من السيرة، وفي ف «أحوز» . (12) زيد في السيرة «فأصبحت له ولأصحابه» . (13) في السيرة «جاءك» . (14) في السيرة «فأخذ» وزاد قبله «مسلما» . (15- 15) في السيرة «ليلحق بمحمد وأصحابه فيكون» . (16) زيد في السيرة «أما» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 309 شأن «1» ! فلم يلبثوا أن جاءهم الخبر بذلك. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم في رجوعه من خيبر إلى المدينة نزل بعض المنازل ثم قال: من يكلؤنا «2» الليلة؟ فقال بلال: أنا يا رسول الله! فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس وناموا، وقام بلال يصلي فصلى ما شاء الله أن يصلي ثم استند إلى بعيره «3» واستقبل الفجر يرمقه، فغلبته عيناه فنام فلم يوقظهم إلا حر «4» الشمس، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أول أصحابه هبّا «5» فقال: «ماذا صنعت يا بلال» ! فقال: يا رسول الله! أخذ بنفسي الذي أخذ بنفسك، قال: «صدقت» ، ثم اقتاد رسول الله صلى الله عليه وسلم بعيره غير كثير ثم أناخ فتوضأ وتوضأ الناس معه، ثم أمر بلالا فأقام الصلاة فصلى بالناس، فلما سلم أقبل على الناس فقال: «إذا نسيتم الصلاة فصلوها إذا «6» ذكر تموها فإن الله يقول: أَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي «7» . ثم قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة و «8» أبو هريرة أسلم وقدم المدينة والنبي صلى الله عليه وسلم بخيبر وعليها سباع بن عرفطة الغفاري فصلى مع سباع الغداة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعه يقرأ وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا «9» - الآية. وكان عمرو بن أمية الضمري خطب أم حبيبة بنت أبي سفيان إلى النجاشي لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهم بأرض الحبشة حيث حمل كتاب النبي صلى الله عليه وسلم، فزوجها النجاشي من رسول الله صلى الله عليه وسلم على مهر   (1) من السيرة، وفي ف «شأنا» خطأ. (2) في الطبري «قال: لما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من خيبر وكان ببعض الطريق قال من آخر الليل: من رجل يحفظ علينا الفجر لعلنا ننام ... » . (3) من الطبري، وفي ف «العنزة» . (4) في الطبري «مس الشمس» . (5) في الطبري «هب من نومه» . (6) من الطبري، وفي ف «إذ» . (7) سورة 20 آية 14. (8) من الهامش، وفي متن الأصل «مع» . (9) سورة 83 آية 2. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 310 أربعمائة من عنده، وكان الذي زوجها خالد بن سعيد بن العاص وبعثها النجاشي مع من بقي المسلمين بأرض الحبشة إلى المدينة في سفينتين، فلما بلغوا الجار «1» ركبوا الظهر حتى قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم عند انصرافه من خيبر «2» . ورد رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنته «3» على أبي العاص بن الربيع بالنكاح الأول. وقدم عمرو بن العاص زائرا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ومسلما عليه من عند النجاشي وكان قد أسلم بأرض الحبشة ومعه عثمان بن طلحة العبدري «4» وخالد بن الوليد بن المغبرة. ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بشير بن سعد «5» سرية إلى بني مرّة في ثلاثين رجلا   (1) بتخيف الراء وهو الذي تجيره أن يضام، مدينة على ساحل بحر القلزم: بينها وبين المدينة يوم وليلة ... وهي فرضة ترفأ إليها السفن من أرض الحبشة ومصر وعدن والصين وسائر بلاد الهند- معجم البلدان. (2) وفي الطبري 3/ 89 «عن محمد بن عمر قال: أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي ليزوجه أم حبيبة بنت أبي سفيان ويبعث بها إليه مع من عنده من المسلمين، فأرسل النجاشي إلى أم حبيبة يخبرها بخطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم إياها جارية له يقال لها أبرهة، فأعطتها أوضاحا لها وفتخا سرورا بذلك، وأمرها أن توكل من يزوجها، فوكلت خالد بن سعيد بن العاص فزوجها، فخطب النجاشي على رسول الله صلى الله عليه وسلم وخطب خالد فأنكح أم حبيبة؛ ثم دعا النجاشي بأربعمائة دينار صداقها فدفعها إلى خالد بن سعيد، فلما جاءت أم حبيبة تلك الدنانير، قال: جاءت بها أبرهة فأعطتها خمسين مثقالا وقالت: كنت أعطيتك ذلك وليس بيدي شيء وقد جاء الله عز وجل بهذا، فقالت أبرهة: قد أمرني الملك أن لا آخذ منك شيئا وأن أراد إليك الذي أخذت منك فردته وأنا صاحبة دهن الملك وثيابه وقد صدقت محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم وآمنت به، وحاجتي إليك أن تقرئيه مني السلام! قالت: نعم، وقد أمر الملك نساءه أن يبعثن إليك بما عندهن من عود وعنبر؛ فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يراه عليها وعندها فلا ينكره؛ قالت أم حبيبة: فخرجنا في سفينتين وبعث معنا النواتي حتى قدمنا الجار ثم ركبنا الظهر إلى المدينة فوجدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر فخرج من خرج إليه وأقمت بالمدينة حتى قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخلت إليه فكان يسائلني عن النجاشي، وقرأت عليه من أبرهة السلام فرد رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها؛ ولما جاء أبا سفيان تزويج النبي صلى الله عليه وسلم أم حبيبة قال: ذلك الفحل لا يقرع أنفه» . (3) أي زينب وهي أكبر بناته صلى الله عليه وسلم، تزوجها ابن خالتها أبو العاص بن الربيع العبشمي وأمه هالة بنت خويلد، هاجرت مع أبيها وأبى زوجها أن يسلم ولم يفرق النبي صلى الله عليه وسلم- راجع الإصابة. (4) وفي ف «الغنوي» والتصحيح من الإصابة والثقات. (5) من الطبري، وفي ف «سعيد» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 311 فقتلوا ورجع وحده إلى المدينة. ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر الصديق سرية إلى نجد ومعه سلمة بن الأكوع. وبعث صلى الله عليه وسلم غالب بن عبد الله الليثي إلى بني الملوح في رمضان في مائة وثلاثين رجلا فأغاروا عليهم واستاقوا النعم والشاء «1» «2» وجاءوا بها «2» إلى المدينة، ونذروا لخروج «3» العدو خلفهم، فجاء السيل وحال الوادي بينهم وبين المسلمين، ورجعوا إلى المدينة بالغنائم. ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب سرية في ثلاثين رجلا إلى أرض هوزان «4» فخرج، «5» معه بدليل «5» من بني هلال، فكانوا يسيرون بالليل ويكمنون بالنهار حتى «6» ملكوا هوازن ونذر القوم «6» وهربوا، ولم يلق عمر كيدا ثم رجع. ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بشير بن سعد إلى جناب «7» في شوال معه حسيل بن نويرة «8» فأصابوا نعما «9» ، وانهزم جمع عيينة بن حصن إلى المدينة «10» .   (1) من الطبري، وفي ف «الشاة» كذا. (2- 2) في الطبري «وحدروها» . (3) وقع في ف «لمخزوج» كذا مصحفا. (4) كذا، وفي الطبري «إلى عجز هوازن بتربة» . (5- 5) كذا في ف، وفي الطبري «بدليل له» . (6- 6) كذا في ف، وفي الطبري «فأتى الخبر هوازن» . (7) وقع في ف «الجبار» مصحفا عن «جناب» وفي الطبري «يمن وجناب» . (8) زيد في الطبري «الأشجعي وكان دليل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خيبر، قدم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما وراءك؟ قال: تركت جمعا من غطفان بالجناب قد بعث إليهم عيينة بن حصن ليسيروا إليكم، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بشير بن سعد وخرج معه الدليل حسيل بن نويرة» . (9) وفي الطبري زيد بعده «وشاء ولقيهم عبد لعيينة بن حصن فقتلوه ثم لقوا جمع عيينة فانهزم فلقيه الحارث بن عوف منهزما فقال: قد آن لك يا عيينة أن تقصر عما ترى» . (10) وفي السيرة «قال ابن إسحاق: فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة من خيبر أقام بها شهري ربيع وجماديين ورجبا وشعبان ورمضان وشوالا يبعث فيما بين ذلك من غزوة سراياه صلى الله عليه وسلم» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 312 ثم أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعتمر في ذي القعدة عمرة القضاء «1» لما فاتهم من العام الأول من عمرة الحديبية وعزم «2» أن ينكح ميمونة فبعث أبا رافع ورجلا من الأنصار من المدينة إلى ميمونة ليخطبها له ثم أحرم وساق سبعين بدنة في سبعمائة رجل، واستعمل على المدينة «3» ناجية بن جندب الأسلمي «3» ، وتحدثت قريش أن محمدا وأصحابه في عسر وجهد وحاجة، فقدم صلى الله عليه وسلم مكة وعبد الله بن رواحة أخذ بخطام ناقته [يقول] «4» : خلوا بني «5» الكفار عن سبيله ... خلوا فكل «6» الخير في رسوله يا رب إني مؤمن بقيله «7» ... أعرف حق الله في قبوله نحن قتلناكم على تأويله ... كما قتلناكم على تنزيله ضربا يزيل الهام عن مقيله ... ويذهل الخليل عن خليله «8» واصطفت «9» قريش عند دار الندوة لينظروا إليه وإلى أصحابه، فلما دخل   (1) وفي الروض ويقال عمرة القصاص، وهذا الاسم أولى بها لقوله تعالى الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ. (2) في ف «عز» . (3- 3) كذا في ف، وفي السيرة «قال ابن هشام: واستعمل على المدينة عويف بن الأضبط الديلي» . وفي الإصابة «قال ابن الكلبي: أسلم عام الحديبية، وقال غيره: كان النبي صلى الله عليه وسلم استخلفه على المدينة في عمرة الحديبية، وحكى البلاذري ذلك قال وقيل: أبو ذر، وقال ابن ماكولا: استخلفه لما اعتمر عمرة القضية، قال ويقال فيه: عوث- بمثلثة بدل الفاء- اه» . (4) زيد من سيرة ابن هشام، وقد سقط من ف. (5) من السيرة، وفي ف «بنو» . (6) من السيرة، وفي ف «وكل» . (7) من السيرة، وفي ف «بقبله» خطأ. (8) في السيرة «قال ابن هشام: نحن قتلناكم على تأويله- إلى آخر الأبيات لعمار بن ياسر في غير هذا اليوم، والدليل على ذلك أن ابن رواحة إنما أراد المشركين والمشركون لم يقروا بالتنزيل، وإنما يقتل على التأويل من أقر بالتنزيل» . (9) وفي السيرة «عن ابن عباس قال: صفوا له عند دار الندوة ... » . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 313 رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد اضطبع «1» بردائه وأخرج عضده اليمنى وقال: «رحم الله امرأ أراهم «2» اليوم من نفسه قوة» ! ثم استلم الركن فخب ثلاثا ومشى أربعا، وخب المسلمون معه، واستلم الركن، وهرول بين الصفا والمروة ليرى المشركون، أن به قوة، ثم حلق ونحر البدن، فكانت البدنة عن عشرة. وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ثلاثا، وتزوج ميمونة بها وهي حل وهو حرام «3» ، فأتاه حويطب بن عبد العزى بن أبي قيس بن عبد ود في نفر من قريش قد وكلته بإخراج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة وقالوا: إنه قد انقضى أجلك فاخرج عنا «4» ! فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة بالمسلمين وخلف أبا رافع مولاه على ميمونة حتى أتاه بها بسرف «5» فبنى بها وهما حلالان ثم رجع إلى المدينة «6» . ثم بعث «7» صلى الله عليه وسلم بعد رجوعه من مكة بخمسين رجلا «8» ابن «9» أبي العوجاء السلمي في سرية إلى بني سليم «10» فلقيهم بنو «11» سليم على حرة فأصيب أصحابه، ونجا هو بنفسه فقدم المدينة «12» .   (1) وقع في السيرة «اضطجع» كذا مصحفا. (2) من السيرة، وفي ف «رأهم» كذا. (3) من السيرة، وفي ف «حلال» كذا. (4) من السيرة، وفي ف «وأخرج» وزيد بعده في السيرة «.. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وما عليكم لو تركتموني فأعرست بين أظهركم، وصنعنا لكم طعاما فحضرتموه، قالوا: لا حاجة لنا في طعامك فأخرج عنا» . (5) هو بكسر راء موضع من مكة بعشرة أميال- مجمع بحار الأنوار. (6) زيد في السيرة «قال ابن هشام: فأنزل الله عز وجل عليه فيما حدثني أبو عبيدة لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخافُونَ فَعَلِمَ ما لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذلِكَ فَتْحاً قَرِيباً يعني خيبر» . (7) كذا، وفي الطبري «وفيها كانت غزوة ابن أبي العوجاء السلمي إلى بني سليم في ذي القعدة بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما رجع من مكة في خمسين رجلا» . (8) التصحيح من الطبري 3/ 101 والمغازي للواقدي 2/ 741، ووقع في ف «يوما» مصحفا. (9) زيد قبله في الأصل «عروة» كذا. (10) زيد في الطبري «في ذي القعدة» . (11) من الطبري، وفي ف «بني» كذا. (12) وفي المغازي «فلما رآهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأوا جمعهم دعوهم إلى الإسلام، فرشقوهم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 314 السنة الثامنة من الهجرة حدثنا أحمد بن علي بن المثنى التميمي بالموصل ثنا عبد الواحد بن غياث ثنا حماد بن سلمة عن قتادة وثابت وحميد عن أنس قال: غلا «1» السعر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله! سعّر لنا، فقال: «إن الله هو القابض والباسط المسعر «2» الرزاق، وإني أرجو أن ألقى الله وليس أحد منكم يطالبني بمظلمة في نفس ولا مال» . قال: في أول هذه السنة غلا «1» السعر على المسلمين فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم يسعر لهم، فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك ثم قال: «لا تباغضوا ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا» ؛ ثم قال: «لا يسوم الرجل على سوم أخيه. ولا يبيع حاضر لباد، دعو الناس يرزق بعضهم من بعض» . ثم طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم سودة بنت زمعة، فقعدت له على طريقه بين المغرب والعشاء ثم قالت: يا رسول الله! ارجعني، فو الله ما بي حب الرجال! لكني أحب أن أحشر في أزواجك ويومي لعائشة! فردها رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم توفيت زينب بنت رسول الله، غسلتها سودة بنت زمعة وأم سلمة بنت أبي أمية زوجتا رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم غالب بن عبد الله الليثي سرية إلى بني ليث في بضعة   بالنبل ولم يسمعوا قولهم، وقالوا: لا حاجة لنا إلى ما دعوتم إليه، فراموهم ساعة، وجعلت الأمداد تأتي حتى أحدقوا بهم من كل ناحية، فقاتل القوم قتالا شديدا حتى قتل عامتهم، وأصيب صاحبهم ابن أبي العوجاء جريحا مع القتلى، ثم تحامل حتى بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم- اه» وفي الطبري « ... فأصيب بها هو وأصحابه جميعا، قال أبو جعفر: أما الواقدي فإنه زعم أنه نجا ورجع إلى المدينة وأصيب أصحابه- اه» . (1) في ف «علا» . (2) في مجمع بحار الأنوار: وفيه: قالوا: سعر لنا، فقال: «إن الله هو المسعر» ، أي إنه هو الذي يرخص الأشياء ويغلبها فلا اعتراض لأحد عليه. ط: منع من التسعير مخافة أن يظلم في أموالهم، وفيه تحريك الرغبات والحمل على الامتناع من البيع وكثيرا يؤدي إلى القحط. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 315 عشر رجلا «1» ، فقتل مقاتلتهم وسبى ذراريهم وساق نعمهم ومواشيهم إلى المدينة. ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاص إلى جيفر وعبّاد «2» ابني الجلندي «3» بعمان «4» ، فصدقا بالنبي صلى الله عليه وسلم وأقرا بما جاء به، وصدق عمرو بن العاص أموالهم، وأخذ الجزية من المجوس. ثم صالح رسول الله صلى الله عليه وسلم المنذر بن ساوى «5» العبدي «6» وكتب إليه كتابا مع العلاء بن الحضرمي «بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلى المنذر ابن ساوى «5» ، سلام عليك، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد فإن كتابك جاءني ورسلك، وأنه من صلى صلاتنا «7» واستقبل قبلتنا فإنه مسلم، له ما للمسلم «8» وعليه ما على المسلم «9» ، ومن أبى فعليه الجزية. فصالحهم «10» العلاء ابن الحضرمي [على] «11» أن على المجوس «12» الجزية، لا تؤكل ذبائحهم ولا تنكح نساؤهم» . ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم كعب بن عمير «13» الغفاري سرية في خمسة عشر رجلا   (1) وفي الطبري «بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم غالب بن عبد الله الكلبي كلب ليث إلى بني الملوح بالكديد وأمره أن يغير عليهم ... » (2) التصحيح من الطبري، وفي ف «عبرا» . (3) التصحيح من الطبري، وفي ف «الجليد بن» خطأ. (4) من الطبري، وفي ف «نعمان» خطأ. (5) التصحيح من الطبري، وفي ف «شادي» . (6) التصحيح من الطبري، وفي ف «العهدي» . (7) زيد في الطبري بعده «وأكل ذبيحتنا» . (8) في الطبري «للمسلمين» . (9) في الطبري «المسلمين» . (10) في الطبري «فصالحهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن على المجوس الجزية ... » (11) زيد من الطبري. (12) من الطبري، وفي ف «المجوسي» كذا. (13) في ف «كعب بن عمرو» وفي الطبري «عمرو بن كعب» كذا، والتصحيح من الإصابة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 316 حتى انتهى إلى ذات أطلاح «1» من ناحية الشام قريبا من مغار «2» وكانوا من قضاعة، فوجد بها جمعا كثيرا فدعاهم «3» إلى الإسلام، فأبوا أن يجيبوا وقتلوا أصحاب كعب جميعا، ونجا هو بنفسه حتى قدم المدينة «4» . ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم شجاع بن وهب سرية إلى بني عامر قبل نجد في أربعة وعشرين رجلا فأغار عليهم، فجاءوا نعما وشاء، فكانت سهمانهم «5» اثني عشر «6» بعيرا، ونفلهم النبي صلى الله عليه وسلم بعيرا بعيرا. ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة إلى مؤتة» ناحية الشام، فأوصاه بمن معه من المسلمين خيرا وقال: «إن أصيب زيد فجعفر بن أبي طالب على الناس، وإن أصيب جعفر فعبد الله بن رواحة على الناس» ، وتجهز الناس معه فخرج معه قريبا من ثلاثة آلاف من المسلمين ومضى حتى نزل معان «8» من أرض الشام، فبلغهم أن هرقل قد نزل مآب «9» من أرض البلقاء في مائة ألف من الروم «10» ، فأقام المسلمون بمعان ليلتين ينظرون في أمرهم، فشجّع الناس عبد الله بن رواحة   (1) في معجم البلدان «أطلاح- بالحاء المهملة ذات أطلاح، موضع من وراء ذات القرى إلى المدينة أغزاه رسول الله صلى الله عليه وسلم كعب بن عمير الغفاري فأصيب بها هو وأصحابه» . (2) مغار- بالضم وآخره راء: جبل فوق السوارقية في بلاد بني سليم في جوفه أحساء- راجع المعجم. (3) وفي الطبري «فدعوهم» . (4) وفي الطبري «وتحامل حتى بلغ المدينة وقال الواقدي: وذات، أطلاح من ناحية الشام وكانوا من قضاعة ورأسهم رجل يقال له سدوس» . (5) في الطبري «سهامهم» . (6) كذا في ف، وفي الطبري «خمسة عشر بعيرا لكل رجل» ويؤيده ما في المغازي 2/ 753. (7) وفي الطبري «بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه إلى مؤتة في جمادى الأولى من سنة ثمانية ... » . (8) بالفتح وآخره نون، والمحدثون يقولونه الضم وإياه عني أهل اللغة ... قال الأزهري: وميمه ميم مفعل، وهي مدينة في طرف بادية الشام تلقاء الحجاز من نواحي البلقاء- معجم البلدان. (9) من الطبري، وفي ف «مئاب» ، قال ياقوت: بعد الهمزة المفتوحة ألف وباء موحدة بوزن معاب.. وهي مدينة في طرف الشام من نواحي البلقاء- معجم البلدان. (10) من الطبري، وفي ف «القوم» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 317 وقال: يا قوم! والله إن التي تكرهون هي «1» التي خرجتم من أجلها- الشهادة! ولا نقاتل «2» الناس بعدد ولا قوة، إنما نقاتلهم بهذا الدين [الذي] «3» أكرمنا الله به، فانطلقوا فإنما هي «4» إحدى الحسنيين: إما ظهور وإما شهادة؛ فقال [الناس: قد والله] «3» صدق ابن رواحة! ثم رحلوا، فلما كانوا بالقرب من بلقاء «5» لقيهم «6» جموع هرقل في الروم «7» ، فلما دنا العدو انحاز المسلمون إلى قرية يقال لها مؤتة، فتعبأ لهم المسلمون وجعلوا على ميمنتهم رجلا من بني عذرة يقال له قطبة بن قتادة، وعلى ميسرتهم رجلا [من الأنصار] «8» من بني سعد بن هريم يقال له عبادة «9» ابن مالك، ثم التقى الناس فاقتتلوا قتالا شديدا فقاتل «10» زيد بن حارثة «10» براية رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قتل، ثم أخذها جعفر فقاتل بها حتى «11» ألحمه القتال فاقتحم عن فرسه الشقراء وعرقبها وقاتل حتى قتل وفيه اثنتان وسبعون ما بين ضربة بالسيف وطعنة بالرمح، ثم أخذ عبد الله بن رواحة الراية وتقدم بها وهو على فرسه فقاتل حتى قتل وأخذ الراية ثابت بن أقرم «12» وقال: يا معشر المسلمين! اصطلحوا على رجل منكم، قالوا: أنت، قال: ما «13» أنا بفاعل، فاصطلح الناس على خالد بن الوليد،   (1) في ف «هو» ، وفي الطبري «إن الذي تكرهون للذي خرجتم تطلبون الشهادة» . (2) من الطبري، وفي ف «يقاتل» كذا. (3) زيد ما بين الحاجزين من الطبري. (4) من الطبري، وفي ف «هو» . (5) كذا في ف، وفي الطبري «حتى إذا كانوا بتخوم البلقاء ... » . (6) وفي الطبري «لقيتهم» . (7) في الطبري «من الروم والعرب بقرية من قرى البلقاء ويقال لها مشارف» . (8) زيد ما بين الحاجزين من الطبري. (9) كذا في ف وهامش الطبري، وفي متن الطبري «عباية» وفي الإصابة: عباية بن مالك الأنصاري ذكره ابن إسحاق وقال: إنه كان على ميسرة المسلمين يوم مؤتة وقال ابن هشام: يقال هو عبادة. (10- 10) من الطبري وهو الصواب، وفي ف «ابن رواحة» خطأ. (11) زيد في الطبري «إذا» . (12) في ف والطبري والمغازي «أرقم» ، والتصحيح من الإصابة والطبقات ج 3 ق 2 ص: 36. (13) التصحيح من الطبري، وفي ف «إنما» خطأ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 318 فأخذ خالد الراية ودافع «1» القوم وحاشى بهم «2» ثم انصرف بالناس فنعى رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس جعفر بن أبي طالب وزيد بن حارثة وعبد الله بن رواحة قبل أن يجيء خبرهم، ثم قال صلى الله عليه وسلم: «اصنعوا لآل جعفر طعاما، فإنه قد جاءهم ما يشغلهم» ؛ وقدم خالد بن الوليد بالمسلمين فتلقاهم «3» رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون «4» والصبيان «5» يحثون على الجيش التراب ويقولون: أفررتم «6» في سبيل الله! ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ليسوا «7» بالفرارين «8» ولكنهم الكرارون» «9» . ثم بعث «10» رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاص إلى ذات السلاسل وهم قضاعة، وكانت أم العاص بن وائل قضاعية «11» فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتألفهم بذلك «12» فخرج في سراة «12» المهاجرين والأنصار، ثم استمد «13» رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي عبيدة ابن الجراح على المهاجرين والأنصار فيهم «14» أبو بكر وعمر فلما اجتمعوا واختلف   (1) من الطبري، ووقع في ف «واقع» مصحفا. (2) زيد في الطبري «ثم انحاز وتحيز عنه» . (3) في الطبري «لما دنوا من دخول المدينة تلقاهم» . (4) التصحيح من الطبري، وفي ف «المسلمين» . (5) زيد في الطبري «ولقيهم الصبيان يشتدون ورسول الله صلى الله عليه وسلم مقبل مع القوم على دابة فقال: خذوا الصبيان فاحملوهم وأعطوني ابن جعفر، فأتي بعبد الله بن جعفر فأخذه فحمله بين يديه، قال: وجعل الناس» . (6) وفي الطبري، «يا فرّار» . (7) التصحيح من الطبري، وفي ف «ليس» كذا. (8) في الطبري «بالفرار» . (9) في الطبري «ولكنهم الكرار إن شاء الله» وفي ف «ولكنهم بالكرارين» كذا. (10) وفي الطبري 3/ 104 «فمما كان فيها من ذلك توجيه رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاص في جمادى الآخرة إلى السلاسل من بلاد قضاعة في ثلاثمائة» . (11) من الطبري، وفي ف «قضاعة» كذا. (12- 12) وفي الطبري فوجهه في أهل الشرف من» . (13) التصحيح من الطبري، ووقع في ف «استمر» مصحفا. (14) التصحيح من الطبري، وفي ف «فهم» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 319 أبو عبيدة وعمرو بن العاص في الإمامة، فقال المهاجرون: أنت أمير أصحابك وأبو عبيدة أميرنا، فأبى عمرو بن العاص وقال: أنتم لي مدد، فقال أبو عبيدة: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لي: إذا قمت على أصحابك فتطاوعا «1» ؛ وإنك إن عصيتني لأطيعنك، فأطاعه أبو عبيدة بن الجراح وكانوا يصلون خلف عمرو بن العاص؛ وفيها صلى بهم وهو جنب. فلما قدموا على رسول الله أخبره الخبر، فقال عمرو: لقيت من البرد شدة وإني لو اغتسلت خشيت الموت! فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال عمرو: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم! قال الله وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ» - الآية. وفي هذا الشهر كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خزاعة بن بديل وبشر وسروات بني عمرو يدعوهم إلى الله ويعرض عليهم الإسلام. ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا قتادة «3» سرية إلى غطفان في ستة عشر رجلا، فبيتوهم وأصابوا نعما وشياه ورجعوا إلى المدينة. ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا عبيدة بن الجراح في ثلاثمائة من المهاجرين والأنصار قبل جهينة «4» وزودهم «5» جراب تمر، فأصابهم جوع شديد وكان أبو   (1) كذا في ف، وفي الطبري 3/ 104 «لا تختلفا» ولفظه: فبعث إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا عبيدة بن الجراح في المهاجرين الأولين فيهم أبو بكر وعمر رضوان الله عليهم وقال لأبي عبيدة حين وجهه: لا تختلفا، فخرج أبو عبيدة حتى إذا قدم عليه قال له عمرو بن العاص: إنما جئت مددا لي، فقال له أبو عبيدة: يا عمرو! إن رسول الله قد قال لي: لا تختلفا، وأنت إن عصيتني أطعتك: قال: فأنا أمير عليك وإنما أنت مدد لي، قال: فدونك، فصلى عمرو بن العاص بالناس. (2) سورة 4 آية 29. (3) وفي الطبري 3/ 106 «إن النبي صلى الله عليه وسلم بعث ابن أبي حدرد في هذه السرية مع أبي قتادة وأن السرية كانت ستة عشر رجلا وأنهم غابوا خمس عشرة ليلة وأن سهمانهم كانت اثني عشر بعيرا يعدل البعير بعشر من الغنم وأنهم أصابوا في وجوههم أربع نسوة ... » . (4) وفي الطبري 3/ 104 «قال الواقدي: وفيها كانت غزوة الخبط وكان الأمير فيها أبو عبيدة بن الجراح، بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم في رجب منها في ثلاثمائة من المهاجرين والأنصار قبل جهينة فأصابهم فيها أزل شديد وجهد حتى اقتسموا التمر عددا» . (5) في ف «زودوهم» وفي الطبري «زودنا» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 320 عبيدة يعطيهم حفنة حفنة، ثم أعطاهم تمرة تمرة، ثم ضرب لهم البحر بدابة «1» يقال لها العنبر فأكلوا منها شهرا، ثم أخذ أبو عبيدة ضلعا «2» فنصبه فمر راكب البعير تحته؛ فلما رجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبروه فقال: «هو رزق رزقتموه من الله، هل عندكم منه شيء» ؟ وسمى هذا الجيش جيش الخبط «3» وذلك أنهم جاعوا فكانوا يأكلون الخبط «4» حتى صارت أشداقهم كأشداق الإبل. ثم استشار عمر بن الخطاب رسول الله صلى الله عليه وسلم «5» أن لي «5» أرضا بخيبر لم أصب مالا قط هو أنفس «6» عندي منه فما تأمرني؟ قال: «إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها» ، فحبس عمر أصلها وتصدق بها- ولا تباع ولا توهب ولا تورث- في الفقراء والغرباء، وما بقي أنفق في سبيل [الله] وابن السبيل، لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف وأن يعطي طريفا «7» عنه غير متمول فيه. ثم إن بكر بن عبد مناة بن كنانة خرجت على خزاعة وهم على ماء لهم بأسفل مكة فقاتلوا، فلما «8» بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك قال للمسلمين: «كأنكم بأبي سفيان قد قدم لتجديد العهد بيننا» ! وكان بديل بن ورقاء بالمدينة فخرج إلى مكة   (1) وقع في ف «براية» كذا مصحفا. (2) في الأصل «ضلفا» كذا بالفاء خطأ. (3) التصحيح من الطبري، وفي ف «الحنط» . (4) من الطبري، ووقع في ف «الجنة» مصحفا. (5- 5) في الأصل «إني» وقبله بياض بقدر كلمة. (6) في ف «نفس» . (7) في ف «طريقا» كذا بالقاف، والطرف والطريف والطارف: المال المستفاد- لسان العرب. (8) وفي الطبري 3/ 110 عن ابن إسحاق «قال ثم أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة بعد بعثه إلى مؤتة جمادى الآخرة ورجبا ثم إن بني بكر بن عبد مناة بن كنانة عدت على خزاعة وهم على ماء لهم بأسفل مكة يقال له الوتير وكان الذي هاج ما بين بني بكر وبني خزاعة رجل من بلحضرمي يقال له مالك بن عباد وحلف الحضرمي يومئذ إلى الأسود بن رزن خرج تاجرا فلما توسط أرض خزاعة عدوا عليه فقتلوه وأخذوا ماله فعدت بنو بكر على رجل من خزاعة فقتلوه فعدت خزاعة قبيل الإسلام على بني الأسود بن رزن الديلي وهم منخر بني بكر وأشرافهم سلمى وكلثوم وذؤيب فقتلوهم بعرفة عند أنصاب الحرم» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 321 راجعا، فلما بلغ «1» عسفان لقيه أبو سفيان وكانت قريش قد بعثه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لتجديد العهد، فقال له أبو سفيان: من أين أقبلت يا بديل؟ قال: سرت إلى خزاعة، قال: جزت بمحمد؟ قال: لا، ثم خرج أبو سفيان حتى قدم المدينة فدخل على ابنته أم حبيبة، فلما ذهب ليجلس على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم طوته «2» عنه، فقال: يا بنيتي «3» ! ما أدري أرغبت بهذا «4» الفراش عني أم رغبت بي عنه؟ قالت: هذا «5» فراش رسول الله «6» صلى الله عليه وسلم «6» وأنت رجل مشرك نجس! فلم أحب أن تجلس على فراش «7» صلى الله عليه وسلم «7» ، ثم «8» خرج أبو سفيان حتى أتى النبي صلى الله عليه وسلم فكلمه فلم يرد عليه شيئا، فذهب إلى أبي بكر فكلمه أن يكلم «9» رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ما أنا بفاعل، ثم خرج حتى أتى عمر فكلمه فقال عمر: أنا أشفع لكم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم! والله لو لم أجد إلا الذرّ لجاهدتكم بهم «10» ! ثم خرج أبو سفيان حتى دخل على علي بن أبي طالب وعنده فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندها الحسن ابنها «11» يدبّ فقال: يا علي! إنك أمس القوم بي رحما وأقربهم منى قرابة وقد جئت في حاجة فلا أرجعن كما   (1) في ف «بلغا» ، وفي الطبري 3/ 112 «ومضى بديل بن ورقاء وأصحابه فلقوا أبا سفيان بعسفان قد بعثته قريش إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليشدد العقد ويزيد في المدة وقد رهبوا الذي صنعوا، فلما لقي أبو سفيان بديلا قال: من أين أقبلت يا بديل؟ وظن أنه قد أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: سرت في خزاعة في هذا الساحل وفي بطن هذا الوادي، قال: أو ما أتيت محمدا؟ قال: لا» . (2) من الطبري، ووقع في ف «طوعته» مصحفا. (3) في الطبري «يا بنية والله» . (4) في ف «هذا» ، وفي الطبري «أرغبت بي عن هذا الفراش أم رغبت به عني» ! (5) في الطبري «بل هو» . (6- 6) ما بين الرقمين ليس في الطبري. (7- 7) في الطبري «رسول الله» . (8) زيد في الطبري «والله لقد أصابك يا بنية بعدي شر» ! (9) زيد في الطبري «له» . (10) ليس في الطبري. (11) وفي الطبري «بن علي غلام» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 322 جئت «1» ، اشفع لي «2» إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ويحك يا أبا سفيان! لقد «3» عزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على أمر ما نستطيع أن نكلمه فيه؛ فالتفت إلى فاطمة فقال: هل لك أن تأمري «4» ابنك «5» هذا «6» أن يجير «6» بين الناس فيكون سيد العرب إلى آخر الدهر، قالت: ما بلغ «7» ذلك ابني «7» أن يجير بين الناس «8» ، قال: يا أبا الحسن! إني أرى الأمور قد اشتدت عليّ، «9» ما تنصح لي «9» ؟ قال: والله! ما أعلم شيئا يغني 1» عنك «11» ولكن قم «13» فأجر بين الناس و «12» الحق بأرضك «13» ، قال: و «14» ترى ذلك يغني «15» عني شيئا؟ قال: والله «16» ما أدري «17» ! فقام أبو سفيان في المسجد فقال: أيها الناس! إني قد أجرت بين الناس- ثم خرج «18» . فلما قدم على قريش مكة «19»   (1) زيد في الطبري «خائبا» . (2) في ف «بي» وفي الطبري «لنا» . (3) زيد في الطبري «والله» . (4) في ف «أن تأمرين» . (5) كذا في ف، وفي الطبري «بنيك» . (6- 6) وفي الطبري «فيجير» . (7- 7) كذا في ف، وفي الطبري «بنيي ذلك» . (8) زيد في الطبري «وما يجير على رسول الله أحد» . (9- 9) كذا في ف غير أن فيه: يصح مكان: تنصح، وفي الطبري: فانصحني. (10) من الطبري، وفي ف «يعني» كذا. (11- 11) في الطبري «شيئا ولكنك سيد بني كنانة فقم» . (12) في الطبري «ثم» . (13) التصحيح من الطبري، ووقع في ف «يرضاك» . (14) زيد في الطبري «أ» . (15) في ف «يعني» وفي الطبري «مغنيا» . (16) زيد في الطبري «لا» . (17) في الطبري «ما أظن ولكن لا أجد لك غير ذلك» . (18) في الطبري «ثم ركب بعيره فانطلق» . (19) ليس في الطبري. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 323 قالوا: ما وراءك؟ قال: جئت محمدا فكلمته، قال «1» : فو الله ما رد علي بشيء «2» ! ثم [جئت] «3» ابن أبي قحافة «4» فلم أجد فيه «5» خيرا، ثم جئت ابن الخطاب فوجدته أعدى «6» العدو «7» ، ثم جئت عليا فوجدته ألين القوم، وقد أشار علي برأي «8» صنعته، فو الله! ما أدري هل يغنيني «9» شيئا أم لا! قالوا: وبماذا أمرك؟ قال: أمرني أن أجير بين الناس، ففعلت؛ قالوا: فهل أجاز محمد ذلك؟ قال: لا، قالوا: ويحك! والله إن زاد «10» علي بن أبي طالب على أن لعب بك! والله ما يغني عنك «11» ما فعلت «12» !. ثم عزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسير إلى مكة وأمرهم بالجد والتهيؤ «13» وقال: «اللهم! خذ «14» العيون والأخبار «14» عن قريش» «15» ، «16» فلما صح ذلك منه ومن المسلمين «16» كتب حاطب بن أبي بلتعة كتابا إلى قريش يخبر بالذي قد أجمع عليه   (1) ليس في الطبري. (2) في الطبري «شيئا» . (3) زيد من الطبري. (4) من الطبري، ووقع في ف «محافة» كذا مصحفا. (5) في الطبري «عنده» . (6) من الطبري، وفي الأصل «أعداء» . (7) في الطبري «القوم» . (8) وقع في الطبري «بشيء» . (9) من الطبري، وفي ف «يعني» . (10) من الطبري، وفي ف «راد» . (11) وفي الطبري «عنا» . (12) وفي الطبري «قلت» وزيد فيه بعده» قال: لا والله ما وجدت غير ذلك» . (13) التصحيح من الطبري، ووقع في ف «النهي» مصحفا. (14- 14) من الطبري، وفي ف «العيال والأخيار» . (15) زيد بعده في الطبري «حتى نبغتها في بلادها» . (16- 16) كذا في ف، وفي الطبري «لما أجمع رسول الله صلى الله عليه وسلم المسير إلى مكة» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 324 رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أعطاه امرأة «1» من مزينة «2» وجعل لها جعلا على أن تبلغه قريشا، فجعلته في رأسها ثم فتلت عليه «3» قرونها ثم خرجت «4» ، وأخبر الله رسوله صلى الله عليه وسلم بما فعل حاطب، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب والزبير بن العوام وقال: أدركا امرأة «5» من مزينة «5» قد كتب معها حاطب بكتاب إلى قريش يحذرهم ما «6» قدمنا عليه «6» ، فخرجا حتى أدركاها بالحليفة» فاستنزلا «8» والتمسا في رحلها فلم يجدا شيئا، فقال لها علي: إني أحلف بالله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم [ما كذب ولا كذبنا] «9» «10» إما أن تخرجي الكتاب وإلا نكشفنك «10» فلما رأت الجد «11» قالت: أعرض عني، فأعرض عنها علي، فحلت قرون رأسها واستخرجت الكتاب «11» فدفعته «12» إليه، فجاء به «13» رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم حاطبا فقال: «يا حاطب! ما حملك على هذا» ؟ قال. يا «14» رسول الله! والله إني لمؤمن بالله ورسوله، ما غيرت «15» ولا بدلت ولكني كنت امرأ ليس لي في القوم أصل ولا عشيرة وكان لي   (1) زيد في الطبري «يزعم محمد بن جعفر أنها» . (2) زيد في الطبري «وزعم غيره أنها سارة مولاة لبعض بني عبد المطلب» . (3) من الطبري، وفي ف «عليها» . (4) زيد في الطبري «به» . (5- 5) ليس في الطبري. (6- 6) كذا في ف، وفي الطبري «قد أجمعنا له في أمرهم» . (7) التصحيح من الطبري، وفي ف «بالحامة» خطأ؛ وزيد بعده في الطبري «حليفة ابن أبي أحمد» . (8) في الطبري «فاستنزلاها» . (9) زيد من الطبري ولفظه «ما كذب رسول الله ولا كذبنا» . (10- 10) وفي الطبري «ولتخرجن إلى هذا الكتاب أو لكنكشفنك» . (11) زيد في الطبري «منه» . (12) من الطبري، وفي ف «ولا دفعته» كذا. (13) زيد في الطبري «إلى» . (14) زيد في ف «والله» ، وفي الطبري 3/ 114 «فقال: يا رسول الله! أما والله إني لمؤمن بالله» . (15) من الطبري، وفي ف «غرت» خطأ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 325 بينهم «1» أهل وولد «2» ، فقال عمر: دعني «3» أضرب عنقه، فإن الرجل قد نافق، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «وما يدريك يا عمر! لعل الله قد اطلع «4» يوم بدر إلى أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم» «5» . ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة واستخلف على المدينة أبارهم كلثوم بن حصين «6» بن عبيد «7» بن خلف «8» الغفاري، وذلك لعشر مضين من رمضان، فصام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصام المسلمون، «9» ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة «9» آلاف من المسلمين، ولم يعقد الألوية ولا نشر «10» الرايات، فلما بلغ الكديد- والكديد ما بين عسفان [وأمج] «11» أفطر وأفطر المسلمون [وقد كان] «11» عيينة بن [حصن] «12» الفزاري [لحق رسول الله بالعرج ولحقه الأقرع] «12» بن حابس التميمي «13» في نفر من أصحابهما فقال عيينة: يا رسول الله! والله ما أرى آلة الحرب ولا تهيئة «14»   (1) وفي الطبري «بين أظهرهم» . (2) زيد في الطبري «فصانعتهم عليهم» . (3) زيد في الطبري «يا رسول الله» . (4) التصحيح من الطبري، وفي ف «اقطع» . (5) زيد في الطبري «فأنزل الله عز وجل يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ- إلى قوله: وَإِلَيْكَ أَنَبْنا- إلى آخر القصة» . (6) في ف «الحصن» ، والتصحيح من الطبري والإصابة. (7) ليس في الطبري، وفي ف «عيينة» . (8) قال ابن حجر «اسمه كلثوم بن حصين بن خالد بن العميس بن زيد بن العميس بن أحمس بن غفار، وقيل: ابن حصين بن عبيد بن خلف بن حماس بن غفار- الإصابة. (9- 9) وفي الطبري «حتى إذا كان بالكديد ما بين عسفان وأمج أفطر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم مضى حتى نزل مر الظهران في عشرة ... » . (10) في الطبري «ولم ينشر» . (11) زيد ما بين الحاجزين من الطبري، وقد سقط من ف. (12) زيد من الإصابة. (13) زيد في الطبري «بالسقيا» . (14) من الطبري، وفي ف «هيئة» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 326 الإجرام، فأين تتوجه «1» ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «حيث شاء الله» ، فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم مر الظهران قد عمّيت الأخبار على «2» قريش فلا «3» يأتيهم خبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يدرون ما هو فاعل خرج «4» أبو سفيان بن حرب وحكيم بن حزام وبديل بن ورقاء يتجسسون «5» الأخبار وينظرون هل يرون خبرا أو يسمعون به، فقال العباس بن عبد المطلب: «6» يا صباح «6» قريش! والله لئن دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم عنوة قبل أن يأتوه فاستأمنوه إنه لهلاك قريش إلى آخر الدهر! فركب العباس بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم البيضاء ومضى عليها حتى أتى الأراك وقال هل أجد «7» بعض الحطابة أو صاحب لبن أو ذا حاجة يأتي مكة فيخبرهم بمكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخرجوا إليه ويستأمنوه قبل أن يدخلها عنوة، فبينما هو يسير إذ سمع «8» كلام أبي سفيان «9» وهو يقول: والله ما رأيت 1» كالليلة نيرانا قط وعسكرا1» ! فقال بديل بن ورقاء: هذه والله [نيران] «11»   (1) من الطبري، وفي ف «نتوجه» . (2) في الطبري 3/ 114 «عن» . (3) من الطبري، وفي ف «ولا» . (4) زيد في الطبري «في تلك الليلة» . (5) في الطبري «يتحسسون» وتجسس وتحسس بمعنى» . (6- 6) في ف «وأشياخ» والتصحيح من الطبري 3/ 115 ولفظه «لما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم مر الظهران قال العباس بن عبد المطلب وقد خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة: يا صباح قريش! والله لئن بغتها رسول الله في بلادها فدخل مكة عنوة إنه لهلاك قريش آخر الدهر ... » . (7) في ف «أحد» كذا، وفي الطبري «أرى» ولفظه «فجلس على بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم البيضاء وقال أخرج إلى الأراك لعلي أرى حطابا أو صاحب لبن أو داخلا يدخل مكة فيخبرهم بمكان رسول الله صلى الله عليه وسلم» . (8) في ف «يسمع» كذا، وفي الطبري «سمعت» ولفظه «فخرجت فو الله إني لأطوف في الأراك ألتمس ما خرجت له إذ سمعت» . (9) في الطبري «صوت أبي سفيان بن حرب وحكيم بن حزام وبديل بن ورقاء وقد خرجوا يتحسسون الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعت أبا سفيان» . (10- 10) في الطبري «كاليوم قط نيرانا» . (11) زيد من الطبري. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 327 خزاعة «1» ! فقال أبو سفيان: خزاعة والله الأم «2» وأذل «3» من أن تكون هذه نيرانها وعسكرها! فلما عرف العباس «4» صوتهم قال: يا أبا حنظلة! فعرف أبو سفيان صوته فقال: أبو الفضل؟ قال: نعم، «5» قال: ما لك؟ قال: فداك أبي وأمي ويحك يا أبا سفيان! هذا «5» رسول الله صلى الله عليه وسلم «6» ! قال: واصباح قريش! قال: فما الحيلة- فداك أبي وأمي؟ قال العباس: أما والله لئن ظفر بك ليضربن عنقك! فاركب عجز هذه البغلة «7» حتى آتي بك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فركب أبو سفيان خلف العباس ورجع صاحباه إلى مكة؛ فكلما مر العباس بنار من نيران المسلمين قالوا: من هذا؟ وإذا رأوه قالوا: بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم والعباس عليها عمه، فلما مر بنار عمر ابن الخطاب قال: من هذا؟ وقام إليه فلما رأى أبا سفيان «8» على عجز الدابة قال: أبو سفيان عدو الله! الحمد لله الذي أمكن منك «9» من غير عقد ولا عهد! ثم خرج يشتد نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم، وركض العباس بالبغلة فسبقه إلى رسول الله فاقتحم العباس على «10» باب القبة «10» ودخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودخل عليه عمر بن الخطاب فقال: يا رسول الله! هذا أبو سفيان قد أمكن الله منه بغير عقد ولا عهد!   (1) زيد في الطبري بعده «حمشتها الحرب» . (2) في الطبري «التم» ووقع في ف «بلام» مصحفا. (3) من الطبري، وفي ف «أدل» خطأ. (4) وقع في الأصل «الناس» وفي الطبري «فعرفت صوته» . (5- 5) في الطبري «فقال لبيك فداك أبي وأمي فما وراءك فقلت هذا ... » . (6) زيد في الطبري «ورائي قد دلف إليكم بما لا قبل لكم به بعشرة آلاف من المسلمين» . (7) وفي الطبري «تركب عجز هذه البغلة فاستأمن لك رسول الله، فو الله لئن ظفر بك ليضر بن عنقك! فردفني فخرجت به أركض» . (8) من الطبري، وفي ف «أبو سفيان» . (9) التصحيح من الطبري، وفي ف «ملك» . (10- 10) في ف «البغلة» والتصحيح من الطبري ولفظه «ثم اشتد نحو النبي صلى الله عليه وسلم وركضت البغلة وقد أردفت أبا سفيان حتى اقتحمت على باب القبة وسبقت عمر بما تسبق به الدابة البطيئة الرجل البطيء فدخل عمر على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله هذا أبو سفيان عدو الله ... » . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 328 فدعني أضرب عنقه، فقال العباس: يا رسول الله! إني قد أجرته، ثم جلس العباس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم «1» وأكثر عمر في شأن أبي سفيان، فقال العباس: مهلا يا عمر! أما والله لو كان من رجال بني عدي بن كعب ما قلت هذا ولكنك قد عرفت أنه من رجال بني عبد مناف! فقال عمر: مهلا يا عباس! فو الله لإسلامك يوم أسلمت أحب إلي من إسلام الخطاب لو أسلم! «2» وما بي إلا أني عرفت «2» أن إسلامك كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من إسلام الخطاب «3» ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اذهب به يا عباس إلى رحلك «4» ، إذا أصبحت فأتني به» «5» ، فذهب به العباس إلى رحله «6» فبات عنده، فلما أصبح غدا به إلى «7» رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ويحك يا أبا سفيان! ألم يأن لك أن تعلم أن لا إله إلا الله» ؟ قال: بأبي أنت وأمي! ما أحلمك وأكرمك وأوصلك! والله لقد ظننت أن لو كان مع الله غيره لقد أغنى «8» شيئا! قال: «ويحك يا أبا سفيان! ألم يأن لك أن تعلم أني رسول الله» ؟ قال: بأبي أنت وأمي! ما أحلمك وأكرمك وأوصلك! أما هذه فإن في النفس منها شيئا «9» حتى الآن، فقال العباس: «10» ويحك! أسلم قبل أن يضرب «10» عنقك، فتشهد أبو سفيان شهادة وأسلم؛ فقال العباس: يا رسول الله! إن أبا سفيان رجل يحب الفخر فاجعل له شيئا «11» ، قال: «نعم، من دخل دار أبي سفيان فهو آمن! ومن أغلق   (1) وفي الطبري «ثم جلست إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذت برأسه فقلت: والله لا يناجيه اليوم أحد دوني» . (2- 2) في الطبري «وذلك لأني أعلم» . (3) زيد في الطبري «لو أسلم» . (4) في ف «رجلك» خطأ والتصحيح من الطبري. (5) كذا، وفي الطبري «اذهب فقد آمناه حتى تغدو به على بالغداة، فرجع به إلى منزله..» (6) في ف «رجله» خطأ. (7) كذا، وفي الطبري «على» . (8) زيد في الطبري «عني» . (9) في الطبري «شيء» كذا. (10- 10) في الطبري «ويلك تشهد شهادة الحق قبل والله أن تضرب» . (11) زيد في الطبري «يكون في قومه» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 329 عليه بابه فهو آمن! ومن دخل المسجد فهو آمن» ! فلما أراد أبو سفيان أن ينصرف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا «1» عباس! «2» احبسه، احبسه «2» بمضيق الوادي عند خطم «3» الجبل حتى تمر به «4» جنود الله فيراها» «5» ، فخرج به العباس فحبسه حيث أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومرت القبائل على راياتها؛ كلما مرت قبيلة قال أبو سفيان: من هؤلاء يا عباس؟ فيقول العباس: سليم، فيقول أبو سفيان: مالي ولسليم! ثم مرت به القبيلة «6» فقال: من هؤلاء؟ فقال العباس: مزينة، «7» قال: مالي ولمزينة- حتى مرت القبائل، لا تمر به قبيلة إلا سأله عنها، فإذا أخبره قال: مالي ولبني فلان «7» ، حتى مر رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخضراء «8» كتيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها المهاجرون والأنصار لا يرى منهم إلا الحدق من الحديد، قال: سبحان الله يا عباس! من هؤلاء؟ قال: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في المهاجرين والأنصار! قال: «9» ولا حد بها ولا قبل ولا طاقة «9» يا أبا الفضل! لقد أصبح ملك ابن أخيك الغداة «5» عظيما! فقال العباس: يا أبا سفيان! إنه 1» لنبوة! قال: فنعم إذا «11» ، قال العباس: «12» أرحلك إلى قومك «12» ، فخرج «13» أبو سفيان حتى إذا دخل مكة صرخ بأعلى صوته «13» : يا معشر   (1) زيد في الطبري «انصرف» . (2- 2) في الطبري «فاحبسه» . (3) من الطبري، وفي ف «حطم» . (4) في الطبري «عليه» . (5) ليس في الطبري. (6) كذا في ف، وفي الطبري «قبيلة» . (7- 7) كذا في ف، وفي الطبري «فيقول من هؤلاء يا عباس؟ فأقول: أسلم فيقول: ما لي ولأسلم! وتمر جهينة فيقول: مالي ولجهينة» . وفي ف «سالة» مكان «سالة» . (8) في ف «الحضراء» كذا. (9- 9) كذا في ف، وليست في الطبري. (10) في الطبري «ويحك إنها» . (11) من الطبري، وفي ف «إذ» . (12- 12) كذا في ف، وفي الطبري «الحق الآن بقومك فحذرهم» . (13- 13) في الطبري «سريعا حتى أتى مكة فصرخ في المسجد» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 330 قريش! هذا محمد قد جاءكم بما لا قبل لكم به! فمن دخل دار أبي سفيان فهو آمن! فقامت إليه هند بنت عتبة فأخذت بشار به وقالت: اقتلوا «1» الحميت الدسم «1» الأحمش «2» ! فقال أبو سفيان: لا يغرنكم هذه من أنفسكم، فإنه قد جاءكم بما «3» لا قبل لكم به، من دخل دار أبي سفيان فهو آمن! قالوا: قبحك الله! وما تغني «4» دارك؟ قال: ومن أغلق عليه بابه فهو آمن! ومن دخل المسجد فهو آمن، فتفرق الناس إلى دورهم وإلى المسجد. ولما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذا طوى فرق جنوده، فبعث عليا من ثنية المدنيين، وبعث الزبير من الثنية التي تطلع على الحجون «5» ، وبعث خالد بن الوليد من الليط وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم طريق أذاخر. أمرهم أن لا يقاتلوا أحدا إلا من قاتلهم، فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن «6» صفوان بن أمية وعكرمة بن أبي جهل وعبد الله بن زمعة وسهيل ابن عمرو «7» قد جمعوا جماعة من القريش والأحابيش بالخندمة «8» ليقاتلوا رسول   (1- 1) من سمط النجوم 2/ 180، وفي ف «الحصيت الرسم» ، وفي لسان العرب (حمت) : وفي حديث هند لما أخبرها أبو سفيان بدخول النبي صلى الله عليه وسلم قالت: اقتلوا الحميت الأسود؛ تعنيه استعظاما لقوله حيث واجهها بذلك. (2) في ف «الأحميش» وفي اللسان (حمش) : وفي حديث هند قالت لأبي سفيان: اقتلوا الحميت الأحمش- قالته في معرض الذم. (3) في ف «ما» . (4) زيد في ف «عن» ولم تكن الزيادة في السمط فحذفناها. (5) وفي الطبري 3/ 117 «لما خرج أبو سفيان وحكيم من عند النبي صلى الله عليه وسلم عامدين إلى مكة بعث في أثرهما الزبير وأعطاه رايته وأمره على خيل المهاجرين والأنصار وأمره أن يغرز رايته بأعلى مكة بالحجون، وقال للزبير: لا تبرح حيث أمرتك أن تغرز رايتي حتى آتيك، ومن ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمر خالد بن الوليد فيمن كان أسلم من قضاعة وبني سليم وأناس إنما أسلموا قبيل ذلك أن يدخل من أسفل مكة وبها بنو بكر قد استنفرتهم قريش وبنو الحارث بن عبد مناة ومن كان من الأحابيش، أمرتهم قريش أن يكونوا بأسفل مكة، فدخل عليهم خالد بن الوليد من أسفل مكة، وحدثت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لخالد والزبير حين بعثهما: لا تقاتلا إلا من قاتلكما ... » . (6) من الطبري 3/ 118، وفي ف «إلى» خطأ. (7) زيد في ف «و» كذا. (8) التصحيح من الطبري، وفي ف «وأبو الخندمة» خطأ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 331 الله صلى الله عليه وسلم، فلقيهم خالد بن الوليد بمن معه من المسلمين «1» [ناوشوهم] «2» «3» فقتل منهم «3» خالد بن الوليد ثلاثة وعشرين «4» رجلا وهو معهم «5» ، وقتل من المشركين كرز بن جابر الفهري «6» ؛ فمن ههنا اختلف الناس في فتح مكة عنوة «7» كان أم صلحا.   (1) وفي الطبري «فلما قدم خالد على بني بكر والأحابيش بأسفل مكة قاتلهم فهزمهم الله عز وجل ولم يكن بمكة قتال غير ذلك غير أن كرز بن جابر أحد بني محارب بن فهر وابن الأشعر رجلا من بني كعب كانا في خيل الزبير فسلكا كداء ولم يسلكا طريق الزبير الذي سلك الذي أمر به، فقدما على كتيبة من قريش مهبط كداء فقتلا ولم يكن بأعلى مكة من قبل الزبير قتال ومن ثم قدم النبي صلى الله عليه وسلم وقام الناس إليه يبايعونه فأسلم أهل مكة وأقام النبي صلى الله عليه وسلم عندهم نصف شهر لم يزد على ذلك حتى جاءت هوازن وثقيف فنزلوا بحنين» . (2) وقع في ف «فارشهم» مصحفا، والتصحيح من الطبري. (3- 3) في الطبري «شيئا من قتال» . (4) في ف «عشرون» وفي كتاب المغازي للواقدي 2/ 825 «أربعة وعشرين» وزيد فيه بعده «من قريش، وأربعة من هذيل» . (5) كذا في ف، ولعله «وهو منعهم» أي منعهم النبي صلى الله عليه وسلم، كما في المغازي 2/ 826 «ولما ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم على ثنية أذاخر نظر إلى البارقة فقال: «ما هذه البارقة؟ ألم أنه عن القتال» ! قيل: يا رسول الله! خالد بن الوليد قوتل، ولو لم يقاتل ما قاتل! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قضى الله خيرا» . وفي ص 838 «وجاء خالد بن الوليد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «لم قاتلت وقد نهيت عن القتال» ؟ فقال: هم يا رسول الله بدأونا بالقتال ورشقونا بالنبل، ووضعوا فينا السلاح، وقد كففت ما استطعت، ودعوتهم إلى الإسلام- إلخ» . (6) في الأصل «النهري» خطأ، وفي الطبري «أحد بني محارب بن فهر» . (7) وفي كتاب المغازي 2/ 825 «فلما دخل خالد بن الوليد وجد جمعا من قريش وأحابيشها قد جمعوا له، فيهم صفوان بن أمية وعكرمة بن أبي جهل وسهيل بن عمرو فمنعوه الدخول وشهروا السلاح، وقالوا: لا تدخلها عنوة أبدا! فصاح خالد بن الوليد في أصحابه وقاتلهم فقتل منهم- إلخ» . قال في الروض 2/ 272 ما نصه «ونذكر هاهنا طرفا من أحكام أرض مكة فقد اختلف هل افتتحها النبي صلى الله عليه وسلم عنوة أو صلحا ليبتني على ذلك الحكم هل أرضها ملك لأهلها أم لا؟ وذلك أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يأمر بنزع أبواب دور مكة إذا قدم الحاج، وكتب عمر بن عبد العزيز إلى عامله بمكة أن ينهى أهلها عن كراء دورها إذا جاء الحاج فإن ذلك لا يحل لهم، وقال مالك رحمه الله: إن كان الناس ليضربون فساطيطهم بدور مكة لا ينهاهم أحد، وروي أن دور مكة كانت تدعى السوائب؛ وهذا كله منتزع من أصلين: أحدهما قوله تبارك وتعالى: وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ الَّذِي جَعَلْناهُ لِلنَّاسِ سَواءً الْعاكِفُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 332 فلما بلغ أبا قحافة قدوم النبي صلى الله عليه وسلم مكة قال لابنة له من أصغر ولده: أي بنيتي! اظهري بي على ظهر قبيس وكان نظره قد كف إذ ذلك، فقال: أي بنية «1» ! ما ترين؟ قالت: أرى سوادا مجتمعا، قال: تلك الخيل؛ ثم قالت: والله قد انتشر السواد! فقال: والله لقد دفعت الخيل سرعى إلى بيتي! فانحبطت به وتلقته الخيل قبل أن يصل إلى بيته. ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم من «2» أذاخر مكة «2» على رأسه مغفر من حديد عليه عمامة سوداء «3» ، ولم يلق أحد من المسلمين قتالا إلا ما كان من خالد بن الوليد، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتل ستة أنفس من المشركين قبل قدومهم إلى مكة، وقال: «أي موضع رأيتم هؤلاء فاقتلوهم» : عبد «4» الله بن سعد بن أبي سرح «5» وعبد الله بن خطل رجل من بني تميم بن غالب «6» والحويرث بن   فِيهِ وَالْبادِ، وقال ابن عمرو بن عباس: الحرم كله مسجد؛ والأصل الثاني أن النبي صلى الله عليه وسلم دخلها عنوة غير أنه منّ على أهلها بأنفسهم وأموالهم، ولا يقاس عليها غيرها من البلاد كما ظن بعض الفقهاء فإنها مخالفة لغيرها من وجهين: أحدهما ما خص الله به نبيه فإنه قال: قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ والثاني ما خص الله تعالى به مكة فإنه جاء: لا تحل غنائمها ولا تلتقط لقطتها وهي حرم الله تعالى وأمنه، فكيف تكون أرضها أرض خراج! فليس لأحد افتتح بلدا أن يسلك به سبيل مكة، فأرضها إذا ودورها لأهلها ولكن أوجب الله عليهم التوسعة على الحجيج إذا قدموها ولا يأخذوا منهم كراء في مساكنها؛ فهذا حكمها فلا عليك بعد هذا فتحت عنوة أو صلحا، وإن كانت ظواهر الحديث أنها فتحت عنوة. وذكر الهذلي الذي قتل وهو واقف فقال: أقد فعلتموها يا معشر خزاعة! وروى الدارقطني في السنن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لو كنت قاتل مسلم بكافر لقتلت خراشا بالهذلي يعني بالهذلي قاتل ابن أثوغ وخراش هو قاتله وهو من خزاعة» . (1) وقع في ف «بينه» مصحفا. (2- 2) في الطبري «من أذاخر حتى نزل بأعلى مكة وضربت هنا لك قبته» . (3) في ف «سوادا» كذا. (4) زيد في الطبري «منهم» وزيد قبله «وإن وجدوا تحت أستار الكعبة» . (5) زيد في الطبري «بن حبيب بن جذيمة بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي وإنما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتله أنه كان قد أسلم فارتد مشركا ففر إلى عثمان- إلخ» . (6) زيد في الطبري «وإنما أمر بقتله أنه كان مسلما فبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم مصدقا وبعث معه رجلا من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 333 نقيذ «1» بن وهب بن عبد [بن] «2» قصي «3» ومقيس بن صبابة «4» الليثي وسارة مولاة كانت لبعض بني عبد المطلب «5» ، فأما عبد الله بن سعد بن أبي سرح ففر «6» إلى عثمان بن عفان وكان أخاه في الرضاعة فغيبه «7» عثمان حتى أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستأمنه «8» ، وأما الحويرث بن نقيذ فقتله علي بن أبي طالب؛ وأما [ابن] «9» خطل «10» فتعلق بأستار الكعبة يلوذ بها فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «اقتلوه» ، فقتله «11» سعيد بن المخزومي وأبو بررة «12» تحت الأستار، اشتركا في دمه؛ وأما مقسيس «13» فقتله   الأنصار وكان معه مولى له يخدمه وكان مسلما فنزل منزلا وأمر المولى أن يذبح له تيسا ويصنع له طعاما ونام فاستيقظ ولم يصنع له شيئا فعدا عليه فقتله ثم ارتد مشركا، وكانت له قينتان فرتنا وأخرى معها وكانتا تغنيان بهجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر بقتلهما معه» . (1) التصحيح من الطبري، وفي ف «النقيد» . (2) زيد من الطبري. (3) زيد في الطبري «وكان ممن يؤذيه بمكة» . (4) من الطبري، وفي ف «صباية» كذا وزيد فيه بعده «وإنما أمر بقتله لقتله الأنصاري الذي كان قتل أخاه خطأ ورجوعه إلى قريش مرتدا» . (5) زيد في الطبري «وكانت ممن يؤذيه بمكة» وزيد فيه بعده بما لفظه «فأما عكرمة بن أبي جهل فهرب إلى اليمن وأسلمت امرأته أم حكيم بنت الحارث بن هشام فاستأمنت له رسول الله فآمنه فخرجت في طلبه حتى أتت به رسول الله صلى الله عليه وسلم- إلخ» . (6) من الطبري، وفي ف: نفر. (7) من الطبري، ووقع في ف «فبعثه» مصحفا. (8) زيد في الطبري «فذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صمت طويلا ثم قال: نعم، فلما انصرف عثمان قال رسول الله لمن حوله من أصحابه: «أما والله لقد صممت ليقوم إليه بعضكم فيضرب عنقه» ! فقال رجل من الأنصار: فهلا أومأت إلي يا رسول الله؟ قال: «إن النبي لا يقتل بالإشارة» . (9) زيد من الطبري 3/ 120، ولفظه «عبد الله بن خطل» واختلف في اسمه، وفي سمط النجوم العوالي 1832 «وأما الجمع بين الأقوال في اسمه أنه كان يسمى عبد العزى، فلما أسلم سمي عبد الله، وأما من قال: هلال، فألبس عليه بأخ له اسمه هلال» . (10) التصحيح من الطبري، وفي ف «اخطل» كذا. (11) من الطبري، وفي ف «فقتلوه» . (12) زيد في الطبري «الأسلمي» . (13) زيد في الطبري «بن صبابة» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 334 نميلة «1» بن عبد الله «2» ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يقتل قرشي صبرا بعد اليوم» ! ونزل النبي صلى الله عليه وسلم الأبطح وضرب لنفسه فيه قبة؛ وجاءته أم هانىء بنت أبي طالب فوجدت رسول الله صلى الله عليه وسلم يغتسل في جفنة فيها أثر العجين وفاطمة ابنته تستره بثوب، فلما اغتسل أخذ ثوبه فتوشح به ثم صلى ثماني «3» ركعات من الضحى، ثم انصرف إليها فقال: مرحبا مرحبا وأهلا بأم هانىء! ما الذي جاء بك؟» قالت: رجلان من أصهاري من بني مخزوم وقد أجرتهما «4» وأراد علي قتلهما «5» - وكانت أم هانىء تحت هبيرة بن أبي وهب المخزومي- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أجرنا من أجرت يا أم هانىء» ! ثم إن عمير بن وهب «6» قال: يا رسول الله! إن صفوان بن أمية سيد قومه وقد خرج هاربا منك ليقذف نفسه في البحر فآمنه «7» ، قال: «هو آمن» ، قال: يا رسول الله! أعطني شيئا يعرف به أمانك، فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم عمامته التي دخل بها «8» مكة، فخرج عمير بها حتى أدرك صفوان بن أمية بجدة وهو يريد أن يركب البحر فقال: يا صفوان! فداك أبي وأمي! أذكرك الله «9» في نفسك أن تهلكها! فهذا أمان من رسول الله صلى الله عليه وسلم «10» جئتك به؛ قال: ويلك! اغرب عني «11» ، قال: أي «12» صفوان! فداك أبي   (1) من الطبري، وفي ف «تميلة» خطأ. (2) زيد في الطبري «رجل من قومه» . (3) من سمط النجوم العوالي 2/ 185، وفي ف «ثمان» كذا. (4) وفي السمط «وأجارت أم هانىء حموين لها ... والرجلان: الحارث بن هشام وزهير بن أمية بن المغيرة. (5) زيد في السمط: فأغلقت عليهما باب بيتها وذهبت إلى النبي صلى الله عليه وسلم. (6) من الطبري 3/ 121، وفي ف «وهيب» . (7) زيد في الطبري: صلى الله عليك. (8) في الطبري «فيها» . (9) في ف «له» والتصحيح من الطبري. (10) زيد في الطبري «قد» . (11) زيد في الطبري «فلا تكلمني» . (12) التصحيح من الطبري، وفي ف «عمرو» خطأ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 335 وأمي! أوصل «1» الناس وأبر الناس وأحلم الناس وخير الناس ابن عمتك «2» رسول الله صلى الله عليه وسلم «3» ، عزه عزك وشرفه شرفك وملكه ملكك، قال صفوان: ويلك! إني «4» أخافه على نفسي، «5» فأعطاه العمامة، وخرج «2» به معه، فلما وقف على رسول الله صلى الله عليه وسلم «6» فقال: يا رسول الله «6» ! هذا [زعم أنك] «7» قد آمنتني «8» ، قال: «صدق» ، قال: فاجعلني «9» بالخيار شهرين، قال: أنت بالخيار أربعة أشهر. ثم جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وطاف بالبيت سبعا على بعيره يستلم الركن بمحجنه، ثم طاف بين الصفا والمروة، ثم دعا عثمان بن «10» طلحة الحجبي فأخذ مفتاح الكعبة وفتحه ثم دخله وصلى فيه ركعتين بين الأسطوانتين، بينه وبين الجدار ثلاثة أذرع، ثم خرج فوقف على بابها وهو يقول: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، ألا! كل مأثرة أو دم أو مال يدّعى «11» فهو تحت قدميّ هاتين إلا سدانة البيت وسقاية الحاج؛ ألا! وقتيل «12» الخطأ [مثل] «7» العمد بالسوط «13» والعصا، فيه «14» الدية مغلظة «15» [مائة ناقة، منها   (1) في الطبري «أفضل» . (2) التصحيح من الطبري، وفي ف «عمرو» خطأ. (3) ليس في الطبري من «رسول» إلى هنا. (4) من الطبري، وفي ف «أنه» . (5- 5) في الطبري «قال هو أحلم من ذلك أو أكرم فرجع» . (6- 6) كذا، وفي الطبري قال «صفوان» . (7) زيد من الطبري. (8) من الطبري، وفي ف «أمني» . (9) زيد في الطبري «في أمري» . (10) في ف «ة» خطأ. (11) التصحيح من الطبري 3/ 120، وفي ف «بدعا» خطأ. (12) من الطبري، وفي ف «قيل» خطأ. (13) في الطبري «السوط» . (14) في الطبري «فيهما» . (15) من الطبري، وفي ف «مغلطة» كذا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 336 أربعون] «1» في بطونها أولادها، يا معشر قريش! إن الله قد أذهب عنكم نخوة «2» الجاهلية وتعظمها «3» بالآباء «4» ، الناس من آدم وآدم «5» من تراب» - ثم تلا هذه الآية يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى [وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ الآية] «6» ثم قال: «يا أهل مكة! ما ترون أني فاعل بكم؟» [قالوا: خيرا، أخ كريم وابن أخ كريم] «7» ثم قال: اذهبوا فأنتم الطلقاء» «8» ! فقام إليه علي بن أبي طالب ومفتاح الكعبة في يده فقال: يا رسول الله! اجعل الحجابة مع السقاية فلتكن إلينا جميعا «9» ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أين عثمان بن طلحة الحجبي؟» فدعاه «10»   (1) زيد ما بين الحاجزين من كتاب المغازي للواقدي 2/ 836، وقد سقط من ف. (2) التصحيح من الطبري والمغازي، وفي ف «عينة» مصحف. (3) من الطبري، وفي ف «تعظيمها» وفي المغازي «تكبرها» . (4) في المغازي «بآبائها» . (5) زيد في الطبري «خلق» . (6) سورة 49 آية 13. (7) زيدت من الطبري، وزيد بعده في المغازي 2/ 835 «وقد قدرت» . (8) من الطبري، وفي ف «طلقاء» وفي المغازي «فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فإني أقول لكم كما قال أخي يوسف لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ» وزيد في الطبري «فأعتقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد كان الله أمكنه من رقابهم عنوة وكانوا له فيئا، فبذلك يسمى أهل مكة الطلقاء» . (9) وفي سمط النجوم العوالي 2/ 190 «فدخل صلى الله عليه وسلم البيت، فلما خرج سأله العباس أن يعطيه المفتاح ويجمع له بين السقاية والسدانة» . (10) في ف «فدعا له» كذا، وفي السمط 2/ 189 برواية ابن عمر رضي الله عنهما «ثم دعا عثمان بن طلحة فقال: ائتني بالمفتاح، فذهب إلى أمه فأبت أن تعطيه، فقال: لتعطينه أو ليخرجن هذا السيف من صلبي! فأعطته إياه، فجاء به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فدفعه إليه ففتح الباب- رواه مسلم. وروى الفاكهي ... كان بنو طلحة يزعمون أنه لا يستطيع أحد فتح الكعبة غيرهم، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم المفتاح ففتحها بيده. وعثمان المذكور هو عثمان بن طلحة بن أبي طلحة بن عبد العزى، ويقال له الحجبي- بفتح المهملة والجيم، وبنوه يعرفون الآن بالشيبيين نسبة إلى شيبة بن عثمان بن أبي طلحة وهو ابن عم عثمان، وعثمان هذا لا ولد له، وله صحبة ورواية، واسم أم عثمان سلافة- بضم السين المهملة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 337 فقال: «هل لك مفتاحك» «1» ؟ فدفعه إليه. فلما كان الغد من فتح مكة عدت «2» خزاعة على رجل من هذيل فقتلوه وهو مشرك، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا «3» فقال: «أيها الناس! إن   وتخفيف الفاء. وفي الطبقات لابن سعد عن عثمان بن طلحة قال: كنا نفتح الكعبة في الجاهلية يوم الاثنين والخميس، فأقبل النبي صلى الله عليه وسلم يوما يريد أن يدخل الكعبة مع الناس، فأغلظت له ونلت منه فحلم علي ثم قال: «يا عثمان! لعلك سترى هذا المفتاح يوما بيدي أضعه حيث شئت» ، فقلت: لقد هلكت قريش يومئذ وذلت! قال: بل عمرت وعزت يومئذ ودخل الكعبة فوقعت كلمته مني موقعا ظننت أن الأمر يومئذ سيصير إلى ما قال، فلما كان يوم الفتح قال: «يا عثمان! ائتني بالمفتاح» ، فأتيته به، فأخذه مني ثم دفعه إلي وقال: خذوها خالدة تالدة، لا ينزعها منكم إلا ظالم، يا عثمان! إن الله استأمنكم على بيته فكلوا مما يصل إليكم من هذا البيت بالمعروف، فلما وليت ناداني، فرجعت إليه فقال: «ألم يكن الذي قلت لك» ؟ قال: فذكرت قوله لي بمكة قبيل الهجرة: لعلك سترى هذا المفتاح يوما بيدي أضعه حيث شئت، قلت: بلى، أشهد أنك رسول الله. وفي التفسير: إن هذه الآية إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها نزلت في عثمان بن طلحة الحجبي، أمره عليه الصلاة والسلام أن يأتيه بمفتاح الكعبة، فأبى عليه وأغلق باب البيت وصعد إلى السطح وقال: لو علمت أنه رسول الله لم أمنعه، فلوى عليّ يده وأخذ منه المفتاح وفتح الباب ... وعن الكلبي: لما طلب عليه الصلاة والسلام المفتاح من عثمان مد به يده إليه، فقال العباس: يا رسول الله! اجعلها مع السقاية، فقبض عثمان يده بالمفتاح، فقال له صلى الله عليه وسلم: «إن كنت يا عثمان تؤمن بالله واليوم الآخر فهاته» ، فقال: هاكه بالأمانة، فأعطاه إياه ونزلت الآية- ولمزيد التفصيل راجع السمط. (1) كذا في ف، ولعله: هل لك في مفتاحك، أي رغبة. (2) في ف «غزت» كذا. (3) وفي المغازي 2/ 843 «قالوا: خرج غزيّ من هذيل في الجاهلية وفيهم جنديب بن الأدلع يريدون حي أحمر بأسا وكان أحمر بأسا رجلا من أسلم شجاعا لا يرام ... فلما جاءهم ذلك الغزي من هذيل قال لهم جنيدب بن الأدلع: إن كان أحمر بأسا في الحاضر فليس إليهم سبيل؛ وإن كان له غطيط لا يخفى فدعوني أتسمع، فتسمع الحس فسمعه، فأمه حتى وجده نائما فقتله ... ثم حملوا على الحي ... فنالوا من الحاضر حاجتهم ثم انصرفوا فتشاغل الناس بالإسلام، فلما كان بعد الفتح بيوم دخل جنيدب بن الأدلع معه يرتاد وينظر- والناس آمنون- فرآه جندب بن الأعجم الأسلمي فقال: جنيدب بن الأدلع قاتل أحمر بأسا؟ فقال: نعم، فخرج جندب يستجيش عليه، وكان أول من لقي خراش بن أمية الكعبي فأخبره فاشتمل خراش على السيف ثم أقبل إليه ... فطعنه به في بطنه ... فجعلت حشوته تسايل من بطنه وإن عينيه لتبرقان في رأسه وهو يقول: قد فعلتموها يا معشر خزاعة! الجزء: 1 ¦ الصفحة: 338 الله «1» حرم مكة يوم خلق السماوات والأرض «2» ، فهي «3» حرام إلى يوم القامة، لا «4» يحل «5» لامرىء يؤمن «5» بالله واليوم الآخر أن يسفك بها «6» دما» ، «7» ثم قال: «إن الله حبس عن مكة الفيل وسلك عليها رسوله وإنها «7» لم «8» تحل لأحد «9» قبلي، و «10» إنما أحلت لي «10» ساعة من نهار «11» ، وإنها «12» لا تحل لأحد بعدي؛ «13» لا ينفر صيدها، ولا يختلى شوكها ولا يحل ساقطتها إلا لمنشد» ، فقال العباس: إلا الإذخر! فإنا نجعله في بيوتنا وقبورنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إلا الإذخر» «13» . وكانت أم حكيم بنت الحارث بن   فوقع الرجل فمات، فسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتله فقام خطيبا» . وفي الطبري 3/ 121 «فيها قتل خراش ابن أمية الكعبي جنيدب بن الأدلع الهذلي. وقال ابن إسحاق: ابن الأثوع الهذلي، وإنما قتله بذحل كان في الجاهلية فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن خراشا قتال! إن خراشا قتال» ! يعيبه بذلك، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم خزاعة أن يدوه» . وفي المغازي 845 «قتله خراش بعد ما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن القتل فقال: «لو كنت قاتلا مؤمنا بكافر لقتلت خراشا بالهذلي» . (1) كذا في السمط 2/ 185، وزيد في المغازي «قد» . (2) زيد في المغازي «ويوم خلق الشمس والقمر، ووضع هذين الجبلين» . (3) من المغازي والسمط، وفي ف «وهي» . (4) كذا في المغازي، وفي السمط «فلا» . (5- 5) في المغازي «لمؤمن» . (6) كذا في ف والسمط، وفي المغازي «فيها» . (7- 7) ليست في المغازي، وفي ف: عكرمة- مكان: مكة. (8) زيد قبله في المغازي «ولا يعضد فيها شجرا» وفي السمط «أو يعضد بها شجرة» . (9) زيد في المغازي كان» . (10- 10) من السمط، وفي ف «أنها حلت لي» وفي المغازي «لم تحل لي إلا» . (11) أخر هذه الجملة في المغازي عن «بعدي» وزيد فيه بعدها «ثم رجعت (وفي السمط: وقد عادت حرمتها اليوم) كحرمتها بالأمس، فليبلغ شاهدكم غائبكم (وفي السمط: الشاهد الغائب) فإن قال قائل: قد قاتل فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم! فقولوا: إن الله قد أحلها لرسوله ولم يحلها لكم (وفي السمط: فإن أحد ترخص فيها لقتال فقولوا إن الله أذن لرسوله ولم يأذن لكم، يا معشر خزاعة! ارفعوا أيديكم عن القتل، فقد والله كثر القتل إن نفع، وقد قتلتم هذا القتيل، والله لأدينه! فمن قتل بعد مقامي هذا فأهله بالخيار، إن شاءوا فدم قتيلهم، وإن شاءوا فعقله» . (12) ليس في المغازي. (13- 13) كذا في ف، وليست في المغازي في هذه الخطبة، بل هي في خطبة يوم الفتح، وفيه: خلاها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 339 هشام تحت عكرمة بن أبي جهل وفاختة بنت الوليد تحت صفوان بن أمية «1» فلما أسلمتا قالت أم حكيم لرسول الله صلى الله عليه وسلم وسألته أن يستأمن عكرمة، فآمنه وقد كان خرج إلى اليمن فلحقته «1» باليمن حتى جاءت به، وأسلم [عكرمة و] «2» صفوان فأقرهما رسول الله صلى الله عليه وسلم عندهما «3» على النكاح الأول الذي كانا عليه. ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم كل من كان في بيته صنم أن يكسره فكسروا الأصنام كلها، وكسر خالد بن الوليد العزى ببطن نخلة «4» وهدم بيته «4» فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «تلك العزى «5» لا تعبد «5» أبدا» . وكسر عمرو بن العاص سواع «6» ثم قال للسادن: كيف رأيت؟ قال: أسلمت لله «7» . وكسر سعد «8» بن زيد الأشهلي «9» المناة بالمشلل.   - مكان: شوكها، لا تحل لقطتها- مكان: لا يحل ساقطتها، وزيد بعد هذه العبارة فيه: فإنه حلال ولا وصية لوارث- إلخ، راجع لهذه الخطبة خطبة يوم الفتح بتمامها المغازي للواقدي 2/ 836 و «837. (1- 1) كذا في ف، وفي الطبري 3/ 122 «أسلمتا فأما أم حكيم فاستأمنت رسول الله صلى الله عليه وسلم لعكرمة بن أبي جهل فآمنه فلحقت به» . (2) زيد ما بين الحاجزين من الطبري. (3) من الطبري، وفي ف «عنده» . (4- 4) وفي الطبري 3/ 123 «لخمس ليال بقين من رمضان وهو صنم لبني شيبان بطن من سليم حلفاء بني هاشم، وبنو أسد بن عبد العزى يقولون: هذا صنمنا، فخرج إليه خالد فقال: قد هدمته، قال: أرأيت شيئا؟ قال: لا، قال: فارجع فاهدمه؛ فرجع خالد إلى الصنم فهدم بيته وكسر الصنم، فجعل السادن يقول: أعزى! اغضبي بعض غضباتك، فخرجت عليه امرأة حبشية عريانة مولولة، فقتلها وأخذ ما فيها من حلية، ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بذلك» . (5- 5) في الطبري «ولا تعبد العزى» . (6) وفي الطبري «وفيها هدم سواع وكان برهاط لهذيل وكان حجرا وكان الذي هدمه عمرو بن العاص، لما انتهى إلى الصنم قال له السادن: ما تريد؟. قال له عمرو بن العاص: أنت في الباطل بعد! فهدمه عمرو ولم يجد في خزانته شيئا» . (7) في الطبري «والله» . (8) من الطبري، وفي ف «سعيد» وفي الإصابة «سعد بن زيد بن مالك بن عبد بن كعب بن عبد الأشهل الأنصاري الأشهلي ... وله ذكر في السيرة وأنه الذي هدم المنار الذي كان بالمشلل- إلخ» . (9) من الطبري، وفي ف «الأشهل» كذا، وزيد بعده في الطبري «وكان للأوس والخزرج» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 340 ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم «1» حول مكة «2» الناس يدعون «2» إلى الله ولم يأمرهم بقتال، وكان ممن بعث خالد بن الوليد وأمره أن يسير بأسفل تهامة داعيا «3» ولم يبعثه مقاتلا ومعه «4» سليم ومدلج وقبائل من غيرهم، فلما نزلوا بغميصاء «5» وهي «6» من مياه بني جذيمة «7» وكانت بنو حذيمة قد أصابوا في الجاهلية عوف بن عبد «8» أبا عبد الرحمن بن عوف والفاكه «9» بن المغيرة «10» كانا أقبلا تاجرين من اليمن حتى إذا نزلا بهم قتلوهما وأخذوا أموالهما، فلما كان «11» الإسلام بلغ «12» خالد «13» بن الوليد إليهم و «14» رآه القوم أخذوا السلاح، فقال لهم خالد: ضعوا السلاح فإن القوم أسلموا «15» فوضع القوم السلاح لقول خالد، فلما وضعوها «16» أمر بهم   (1) زيد في الطبري «فيما» . (2- 2) في الطبري «السرايا تدعو» . (3) التصحيح من الطبري، وفي ف «واعيا» كذا بالواو. (4) زيد في الطبري «قبائل من العرب» . (5) في الطبري «على الغميصاء» . (6) زيد في الطبري «ماء» . (7) في ف «جديمة» كذا بالدال، والتصحيح من الطبري، وزيد فيه بعده «بن عامر بن عبد مناة بن كنانة على جماعتهم» . (8) زيد بعده في الطبري «عوف» . (9) من الطبري، وفي ف «الفاكة» كذا. (10) زيد في الطبري «و» . (11) من الطبري، وفي ف «كانا» . (12) في الطبري «وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم» . (13) في ف «الخالد» كذا. (14) في الطبري «فلما» . (15) زيد في الطبري «عن رجل من بني جذيمة قال: لما أمرنا خالد بوضع السلاح قال رجل منا يقال له جحدم: ويلكم يا بني جذيمة! إنه خالد، والله ما بعد وضع السلاح إلا الإسار ثم بعد الإسار إلا ضرب الأعناق! والله لا أضع سلاحي أبدا! قال: فأخذه رجال من قومه فقالوا: يا جحدم! أتريد أن تسفك دماءنا إن الناس قد أسلموا ووضعت الحرب وأمن الناس فلم يزالوا به حتى نزعوا سلاحه ووضع القوم السلاح لقول خالد ... » . (16) في الطبري «وضعوه» والسلاح يذكر ويؤنث. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 341 خالد «1» فكتفوا ثم عرضهم على السيف «2» ؛ فلما انتهى الخبر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رفع يديه إلى السماء و «3» قال: «اللهم! أبرأ «2» إليك مما صنع خالد بن الوليد؛ ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب فقال: يا علي! [اخرج] «4» إلى هؤلاء القوم وانظر في أمرهم «5» واجعل أمر الجاهلية تحت قدميك» ، فخرج عليّ حتى جاءهم ومعه مال قد بعثه به «6» رسول الله صلى الله عليه وسلم، «7» ثم ودى «7» لهم الدماء وما أصيب من الأموال «8» حتى لم «9» يبق لهم شيء من دم ولا مال إلا وداه، وبقيت معه بقية «10» فقال لهم عليّ «11» : بقي لكم من دم أو مال لم يود إليكم؟ قالوا: لا، قال: فإني أعطيكم هذه البقية «12» من «13» المال احتياطا رسول الله صلى الله عليه وسلم مما لا يعلم ولا تعلمون، ففعل ثم رجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره «14» ، قال «15» : «أصبت» «16» .   (1) زيد في الطبري «عنذ ذلك» . (2) زيد في الطبري «فقتل من قتل منهم» . (3) في الطبري «ثم» . (4) زيد في الطبري «أني» . (5) زيد من الطبري. (6) ت الطبري «فانظر» . (7) أخره في الطبري عن «وسلم» . (8- 8) في الطبري «فودى» وفي ف «ثم تادى» كذا. (9) زيد في الطبري «حتى أنه ليدى ميلغة الكلب» . (10) زيد في الطبري «إذا» . (11) زيد في الطبري «من المال» . (12) زيد في الطبري «عليه السلام حين فرغ منهم هل» . (12) من الطبري، وفي ف «لبقية» . (13) زيد في الطبري «هذا» . (14) زيد في الطبري «الخبر» . (15) في الطبري «فقال» . (16) زيد في الطبري «وأحسنت، ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستقبل القبلة قائما شاهرا يديه حتى إنه ليرى بياض ما تحت منكبيه وهو يقول: اللهم! إني أبرأ إليك مما صنع خالد بن الوليد- ثلاث مرات» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 342 ثم إن هوازن لما سمعت بجمع رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخوله مكة اجتمعت مع ثقيف «1» وجشم وسعد بن بكر، وكان في بني جشم دريد بن الصمّة «2» وهو شيخ كبير ليس فيه «3» إلا التيمّن برأيه «4» [و] «5» بعلمه «6» بالحرب، وفي [ثقيف] «7» قارب بن الأسود بن مسعود «8» ، وفي «9» بني بكر «9» سبيع «10» بن الحارث «11» ، وكان جماع أمر الناس إلى مالك بن عوف «12» ، «13» فأجمع مالك بالناس على المسير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فساروا حتى إذا أتوا بأوطاس ومعه الأموال والأبناء والنساء فقال دريد بن الصمة «13» : بأي واد أنتم؟ قالوا: بأوطاس، قال: نعم مجال «14» الخيل! لا حزن «15» ولا سهل دهس، مالي أسمع رغاء الإبل «16» ونهاق الحمير وبكاء الصغير   (1) وفي الطبري 3/ 125 «عن عروة قال: أقام النبي صلى الله عليه وسلم بمكة عام الفتح نصف شهر لم يزد على ذلك حتى جاءت هوازن وثقيف فنزلوا بحنين وحنين واد إلى جنب ذي المجاز وهم يومئذ عامدون يريدون قتال النبي صلى الله عليه وسلم وكانوا قد جمعوا قبل ذلك حين سمعوا بمخرج رسول الله من المدينة- إلخ» . (2) في ف «الصماء» كذا، والتصحيح من الطبري 3/ 126. (3) زيد في الطبري «شىء» . (4) من الطبري، وفي ف «لراية» كذا. (5) زيد من الطبري. (6) في الطبري «معرفته» . (7) زيد من الطبري وزيد فيه بعده «سيدان لهم في الأحلاف» . (8) في ف «هود» والتصحيح من الطبري 3/ 126. (9- 9) كذا في ف، وفي الطبري «بني مالك» . (10) من الطبري وزاد قبله «ذو الخمار» ، وفي ف «سبع» كذا. (11) زيد بعده في الطبري «وأخوه الأحمر بن الحارث في بني هلال. (12) زيد بعده في الطبري «النصري» . (13- 13) في الطبري «فلما أجمع مالك المسير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حط مع الناس أموالهم ونساءهم وأبناءهم فلما نزل بأوطاس اجتمع إليه الناس وفيهم دريد بن الصمة في شجار له يقاد به فلما نزل قال» . (14) من الطبري، وفي ف «محال» كذا. (15) زيد في الطبري بعده «ضرس» . (16) في الطبري «البعير» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 343 «1» ويعار الشاء «1» ! قالوا: ساق مالك بن عوف بأوطاس مع «2» الناس أموالهم ونساءهم وأبناءهم، فقال: أين «3» مالك؟ فقيل: هذا مالك «4» ، فقال «5» دريد: يا مالك! إنك «6» أصبحت رئيس قومك وإن هذا يوم «7» له ما بعده من الأيام، مالي أسمع رغاء البعير ونهاق الحمير «8» ، وبكاء الصغير، فقال مالك «9» : سقت مع الناس أموالهم وأبناءهم، ونساءهم قال: ولم؟ قال: أردت أن أجعل خلف كل رجل أهله وماله ليقاتل عنهم، فانقض «10» به «11» فقال «12» : وهل «13» يرد القوم «14» شيء! إنها إن كانت لك لم ينفعك إلا رجل بسيفه ورمحه، وإن كانت عليك فضحت [في] «15» أهلك ومالك، ما فعلت كعب وكلاب؟ «16» «17» قال مالك لم يشهد منهم أحد، قال: غاب «18» الحدّ والجدّ «18» ، لو كان «19» علاء ورفعة لم   (1- 1) التصحيح من الطبري، ووقع في ف «وثفا الشاة» مصحفا. (2) من الطبري، وفي ف «علي» . (3) من الطبري، وفي ف «ابن» . (4) زيد بعده في الطبري «فدعى له» . (5) زيد في ف «ابن» خطأ. (6) زيد في الطبري «قد» . (7) زيد في الطبري «كائن» . (8) زيد في الطبري «ويعار الشاء» . (9) في ف «ملك» وليس في الطبري. (10) التصحيح من الطبري، ووقع في ف «فالقصر» مصحفا. (11) كذا في ف، وفي كتاب المغازي 3/ 888 بيده. (12) في الطبري «ثم قال: راعي ضأن» . (13) زيد في الطبري «الله» . (14) في الطبري «المنهزم» . (15) زيد من الطبري. (16) التصحيح من الطبري، ووقع في ف «كلب» مصحفا. (17- 17) في الطبري «قالوا» . (18- 18) في الطبري الجد والحد» . (19) زيد في الطبري «يوم» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 344 تغب «1» عنه كعب «2» ولا «3» كلاب «4» ، يا مالك «5» ! لا «6» تصنع «7» بتقديم البيضة بيضة هوازن إلى «8» نحور الخيل «8» [شيئا] «9» ارفعهم في متمنّع «10» بلادهم وعليا قومهم ثم الق «11» الصبّاء على متون الخيل، فإن [كانت] «9» لك لحق بك من وراءك، وإن كانت عليك ألفاك «12» ذلك وقد أحرزت مالك وأهلك، قال: تلك «13» والله [لا أفعل] «9» لتطيعنني «14» يا معشر هوازن أو لأتكئن «15» على هذا السيف حتى يخرج «16» من ظهري، وكره أن يكون فيها لدريد ذكر ورأي؛ «17» قالوا: أطعناك «17» ، فقال مالك للقوم «18» :   (1) من الطبري، وفي ف «تعب» . (2) التصحيح من الطبري، ووقع في ف «كلب» مصحفا. (3) ليس في الطبري. (4) زيد في الطبري «ولوددت أنكم فعلتم ما فعلت كعب وكلاب، فمن شهدها منكم؟ قالوا: عمرو بن عامر وعوف بن عامر، قال: ذانك الجذعان من بني عامر لا ينفعان ولا يضران» . (5) زيد في الطبري «أنك» . (6) في الطبري «لم» . (7) من الطبري، وفي ف «يضيع» . (8- 8) من الطبري، وفي ف «نحو الجبل. (9) زيد من الطبري. (10) التصحيح من الطبري، وفي ف «ممتنع» . (11) في ف «ألقى» والتصحيح من الطبري. (12) من الطبري 3/ 127 وفي ف «ألقاك» . (13) زيد في الطبري بعده «إنك قد كبرت وكبر علمك والله» . (14) التصحيح من الطبري، وفي ف «لتطيعني» . (15) من الطبري، وفي ف «ولا تكين» كذا. (16) من الطبري، وفي ف «اخرجه» . (17- 17) في الطبري «قال دريد بن الصمة: هذا يوم لم أشهده ولم يفتني: يا ليتني فيها جذع ... أخبّ فيها وأضع أقود وطفاء الزمع ... كأنها شاة صدع وكان دريد رئيس بني جشم وسيدهم وأوسطهم ولكن السن أدركته حتى فنى، وهو دريد بن الصمة ابن بكر بن علقمة بن جداعة بن غزية بن جشم بن معاوية بن بكر بن هوازن» . (18) في الطبري «للناس» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 345 إذا رأيتموهم «1» فاكسروا «2» جفون سيوفكم «3» ثم «4» شدوا عليهم «5» شد «6» رجل واحد. وجاء الخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فبعث عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي «7» ، فدخل في الناس فأقام فيهم حتى سمع وعلم من كلام مالك وأمر هوازن ما كان وما أجمعوا له «8» ، ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره. فأجمع على المسير إلى هوازن وقيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إن عند صفوان بن أمية أدراعا، فأرسل إليه، فقال: «يا أبا أمية «9» ! أعرنا سلاحك «10» نلقى فيها «11» عدونا» «12» ، فقال صفوان: أغصبا؟ «13» قال: لا، بل عارية مضمونة حتى نؤديها إليك، قال: ليس بهذا بأس، فأعطاه مائة درع بما يصلحها من السلاح، «14» وسأله النبي صلى الله عليه وسلم «14» أن يكفيه «15» حملها، فحملها صفوان لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة معه ألفان من أهل مكة وعشرة آلاف من أصحاب الذين فتح الله بهم مكة، «16» واستعمل على مكة   (1) في الطبري «أنتم رأيتم القوم» . (2) التصحيح من الطبري، وفي ف «فأكثروا» . (3) من الطبري، وفي ف «سيوفهم» كذا. (4) في الطبري «و» . (5) أخره في الطبري عن «واحد» . (6) في الطبري «شدة» . (7) زيد في الطبري «وأمره أن يدخل في الناس فيقيم فيهم حتى يأتيه بخبر منهم ويعلم من علمهم» . (8) زيدت الطبري «من حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم» . (9) زيد في الطبري «وهو يومئذ مشرك» . (10) زيد في الطبري «هذا» . (11) في الطبري «فيه» . (12) زيد في الطبري «غدا» . (13) من الطبري، وفي ف «اعصيا» خطأ؛ وزيد في الطبري بعده «يا محمد» . (14- 14) في الطبري «فزعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم» . (15) من الطبري، وفي ف «يكفيها» . (16) زيد بعده في الطبري 3/ 127 «فكانوا اثني عشر ألفا» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 346 عتّاب بن أسيد بن أبي العيص «2» بن أمية «3» أميرا، وكان مقامه صلى الله عليه وسلم بمكة «4» خمس عشرة «4» ليلة يقصر فيها الصلاة «5» ؛ فبينا الناس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يسيرون إذ مروا بسدرة قال أبو قتادة الليثي: يا رسول الله! اجعل هذه ذات أنواط، كما للكفار ذات أنواط- وكان للكفار سدرة يأتونها كل سنة ويعلقون عليها أسلحتهم ويعكفون عليها ويذبحون عندها- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الله أكبر! قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل: اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ «6» ! لتركبن سنن من قبلكم. فلما بلغ «7» رسول الله صلى الله عليه وسلم وادي حنين وانحدر المسلمون في الوادي قرب   (2) التصحيح من الطبري، ووقع في ف «العميص» مصحفا. (3) زيد بعده في الطبري «بن عبد شمس على مكة» . (4- 4) التصحيح من الطبري 3/ 125، وفي ف «خمسة عشر» . (5) زيد بعده في الطبري «قال ابن إسحاق: وكان فتح مكة لعشر ليال بقين من شهر رمضان سنة ثمانية» . (6) سورة 7 آية 138. (7) وفي الطبري 3/ 128 «عن عبد الرحمن بن جابر عن أبيه قال: لما استقبلنا وادي حنين انحدرنا في واد من أودية تهامة أجوف حطوط إنما ننحدر فيه انحدارا، قال: وفي عماية الصبح وكان القوم قد سبقوا إلى الوادي فكمنوا لنا في شعابه وأحنائه ومضايقه، قد أجمعوا وتهيأوا وأعدوا، فو الله ما راعنا ونحن منحطون إلا الكتائب قد شدت علينا شدة رجل واحد، وانهزم الناس أجمعون فانشمروا لا يلوي أحد على أحد، وانحاز رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات اليمين ثم قال: «أين أيها الناس! هلم إلي أنا رسول الله! أنا محمد بن عبد الله» ! قال: فلا شيء احتملت الإبل بعضها بعضا، فانطلق الناس إلا أنه قد بقي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نفر من المهاجرين والأنصار وأهل بيته، وممن ثبت معه من المهاجرين أبو بكر وعمر، ومن أهل بيته علي بن أبي طالب والعباس بن عبد المطلب وابنه الفضل وأبو سفيان بن الحارث وربيعة بن الحارث وأيمن بن عبيد وهو أيمن ابن أم أيمن وأسامة بن زيد بن حارثة، قال: ورجل من هوازن على جمل له أحمر بيده راية سوداء في رأس رمح طويل أمام الناس وهوازن خلفه، إذا أدرك طعن برمحه وإذا فاته الناس رفع رمحه لمن وراءه فاتبعوه، ولما انهزم الناس ورأى من كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من جفاة أهل مكة الهزيمة تكلم رجال منهم بما في أنفسهم من الضغن فقال أبو سفيان بن حرب: لا تنتهي هزيمتهم دون البحر والأزلام معه في كنانته وصرح كلدة بن الحنبل وهو مع أخيه صفوان بن أمية بن خلف وكان أخاه لأمه وصفوان يومئذ مشرك في المدة التي جعل له رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ألا! بطل السحر اليوم، فقال له صفوان: اسكت فض الله فاك فو الله لأن يربني رجل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 347 الصبح وهو واد أجوف، وقد كمن المشركون لهم في شعابه ومفارقه فأعدوا للقتال، فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ينحدر والمسلمون بالوادي إذ اشتدت عليهم الكتائب من المشركين شد «1» رجل واحد، وانهزم المسلمون راجعين، لا يعرج أحد، وانحاز رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات اليمين ثم قال: أين «2» أيها الناس! هلموا، أنا رسول الله! أنا محمد بن عبد الله! واحتملت الإبل بعضها بعضا ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم رهط من المهاجرين والأنصار وأهل بيته، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يعطفون على شيء قال: «يا عباس! اصرخ: يا معشر الأنصار! يا أصحاب السمرة» ! فنادى العباس- وكان امرأ جسيما شديد الصوت: يا معشر الأنصار! يا أصحاب السمرة! فأجابوا لبيك لبيك! وكان الرجل من المسلمين يذهب ليثني بعيره فلا يقدر على ذلك فيأخذ درعه فيقذفها في عنقه ثم يأخذ سيفه وترسه ثم يقتحم عن بعيره فيخلي سبيل بعيره ويؤم «3» الصوت حتى ينتهي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى اجتمع على رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة رجل واستقبلوا الناس وقاتلوا «4» وكانت «5» الدعوة أول ما كانت «5» : يا للأنصار «6» ! ثم «7» جعلت أخيرا «7» فقالوا «8» : يا للخزرج! وكانوا صبرا عند الحرب، فأشرف رسول الله صلى الله عليه وسلم في ركابه ونظر إلى مجتلد «9» القوم «10» فقال: «الآن حمي   من قريش أحب إلي من أن يربني رجل من هوازن، وقال شيبة بن عثمان بن أبي طلحة أخو بني عبد الدار قلت: اليوم أدرك ثأري- وكان أبوه قتل يوم أحد- اليوم أقتل محمدا! قال: فأردت رسول الله لأقتله فأقبل شيء حتى تغشى فؤادي فلم أطق ذلك وعلمت أنه منع مني» . (1) في الطبري «شدة» . (2) من الطبري، وفي ف «التي» . (3) التصحيح من الطبري، ووقع في ف «بام» مصحفا. (4) في الطبري 3/ 129 «فاقتتلوا» . (5- 5) في الطبري «الدعوى أولا» . (6) من الطبري، وفي ف «آل الأنصار» . (7- 7) التصحيح من الطبري، ووقع في ف «خلصت أحربا» مصحفا. (8) ليس في الطبري. (9) من الطبري، وفي ف «محتلة» . (10) زيد بعده في الطبري: «وهم يجتلدون» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 348 الوطيس» ! وإذا رجل من هوازن على جمل أحمر في يده راية سوداء وفي رأسه رمح طويل أمام الناس وهوازن خلفه، فإذا أدرك طعن برمحه، وإذا «1» فاته رفعه «1» لمن وراءه ويتبعونه، فأهوى إليه علي بن أبي طالب ورجل من الأنصار يريدانه، «2» فأتاه عليّ «2» من خلفه فضرب «3» الجمل فوقع على عجزه، [و] «4» وثبت الأنصار «5» على الرجل فضربوه «6» ضربة أطنّ «7» بها قدمه بنصف ساقه «8» ، واختلف «9» الناس «10» ، وكان شعار المهاجرين يومئذ: «11» يا بني «11» عبد الرحمن! وشعار الخزرج: «11» يا بني «11» عبد «12» الله! وشعار الأوس: يا بني عبيد «13» الله. وكانت أم سليم بنت ملحان مع زوجها أبي طلحة فالتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي «14» حازمة وسطها «14» ومعها جمل «15» أبي طلحة «16» فقالت: بأبي أنت وأمي يا رسول   (1- 1) في الطبري 3/ 128 «فاته الناس رفع رمحه» . (2- 2) من الطبري 3/ 129 غير أن فيه «فيأتيه» وفي ف «فإنه عمل» . (3) في الطبري «فيضرب» . (4) زيد من الطبري. (5) في الطبري «وثب الأنصاري» . (6) في الطبري «فضربه» . (7) من الطبري أي قطع، ووقع في ف «اظهر» مصحفا. (8) زيد في الطبري «فانجعف عن رحله» . (9) كذا في ف، أي اختلفوا في الضربات، وفي الطبري «اجتلد» يقال: تجالدوا واجتلدوا بالسيوف: تضاربوا. (10) زيد بعده في الطبري «فو الله ما رجعت راجعة الناس من هزيمتهم حتى وجدوا الأسارى مكتفين وقد التفت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب وكان ممن صبر يومئذ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان حسن الإسلام حين أسلم وهو آخذ بثفر بغلته فقال: من هذا؟ قال: ابن أمك يا رسول الله. (11- 11) من كتاب المغازي للواقدي 3/ 903، وفي ف «بابي» . (12) وفي ف «عبيد» وهو شعار الأوس، كما في المغازي. (13) في ف: عبد، والتصحيح من المغازي. (14- 14) التصحيح من الطبري، ووقع في ف «جارية وطها» مصحفا، وزيد بعده في الطبري «ببرد لها» . (15) التصحيح من الطبري، وفي ف «جعل» كذا. (16) زيد بعده في الطبري «وقد خشيت أن يعزها الجمل فأدنت رأسه منها فأدخلت يدها في خزامته مع الخطام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أم سليم» ! الجزء: 1 ¦ الصفحة: 349 الله [صلى الله عليه وسلم] ! اقتل هؤلاء الذين ينهزمون «1» عنك كما تقتل «2» هؤلاء الذين يقاتلونك «3» ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أو يكفى الله يا أم سليم» ! وإنها يومئذ لحبلى «4» بعبد الله بن أبي طلحة ومعها خنجر «5» فقال لها أبو طلحة: ما هذا الخنجر معك يا أم سليم؟ قالت: خنجر أخذته «6» ، إن دنا مني أحد من المشركين «7» بعجت بطنه «7» ، فقال أبو طلحة: يا رسول الله! ألا تسمع ما تقوله أم سليم. ورأى أبو قتادة رجلين يقتتلان: مسلم ومشرك، فإذا رجل من المشركين يريد أن يعين صاحبه، فأتاه أبو قتادة فضرب يده فقطعها، فاعتنقه المشرك بيده الثانية وصدره «8» فقال أبو قتادة: والله! ما تركني حتى وجدت ريح الموت! فلولا أن الدم «9» تزفه يقتلني «9» ، فسقط وضربته فقتلته، ثم انهزم المشركون وأخذ المسلمون يكتفون الأسارى، فلما وضعت الحرب أوزارها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قتل قتيلا «10» فله سلبه» . فقال رجل من أهل مكة: يا رسول الله! لقد قتلت قتيلا ذا سلب وأجهضني عنه القتال فلا أدري من سلبه! فقال رجل من أهل مكة: يا رسول الله! «11» أنا سلبته «11» فأرضه مني «12» «13» عن سلبه «13» ؛ فقال أبو بكر الصديق «14» :   (1) في الطبري «يفرون» . (2) من الطبري، وفي ف «قتل» . (3) زيد في الطبري «فإنهم لذلك أهل» . (4) وقع في ف «لجنلي» كذا، وفي الطبري «لحامل» . (5) زيد في الطبري «في يدها» . (6) زيد في الطبري «معي» . (7- 7) في الطبري «بعجته به» . (8) في ف: حذره- كذا. (9- 9) التصحيح من المغازي 3/ 908 ولفظه: كاد أن يقتلني لولا أن الدم نزفه. (10) زيد في المغازي «له عليه بينة» . (11- 11) كذا في الأصل، وفي المغازي: سلب ذلك القتيل عندي. (12) من المغازي، وفي الأصل: عنى. (13- 13) ليس في المغازي. (14) زيد في المغازي: لاها الله إذا؛ وفي ابن الأثير: والصواب: لاها الله ذا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 350 أيعمد «1» إلى أسد من «2» أسد الله يقاتل عن الله «3» تقاسمه «4» سلبه! «5» رد عليه سلبه «5» ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وصدق «6» أبو بكر رد عليه سلبه» «6» ، «7» فرد عليه «7» . «8» قال أبو قتادة «8» : فبعته «9» فاشتريت به مخرفا «10» في المدينة «11» لأنه أول مال «12» تأثلته «13» في الإسلام «14» . وكان على راية الأحلاف من ثقيف يوم حنين قارب بن الأسود «15» ، فلما «16» رأى الهزيمة أسند رايته إلى شجرة وهرب «16» . وكان على راية بني مالك ذو الخمار «17» ، فلما قتل أخذها عثمان بن عبد الله وأقامها للمشركين، فقتل عثمان وانحاز   (1) في الأصل: يعهد، والتصحيح من المغازي 3/ 909 لكن فيه: لا تعمد. (2) من المغازي، وفي الأصل: بن- كذا. (3) زيد في المغازي: وعن رسوله. (4) في المغازي: يعطيك. (5- 5) ليس في المغازي. (6- 6) في المغازي: فأعطه إياه. (7- 7) في المغازي: قال أبو قتادة: فأعطانيه. (8- 8) في المغازي: فقال لي حاطب بن أبي بلتعة: يا أبا قتادة! أتبيع السلاح؟. (9) في الأصل: فبعثه، والتصحيح من المغازي، وزيد فيه بعده: منه بسبع أواق، فأتيت المدينة. (10) أي حائطا من النخل. (11) في المغازي: بني سلمة يقال له الرديني. (12) في المغازي: فإنه لأول مال لي. (13) أي اكتسبته، وفي المغازي: نلته. (14) زيد في المغازي: فلم نزل نعيش منه إلى يومنا هذا. (15) كذا في ف، وفي الطبري 3/ 130 «وكانت راية الأحلاف مع قارب بن الأسود بن مسعود» . (16- 16) في الطبري 3/ 130 «فلما هزم الناس أسند رايته إلى شجرة وهرب هو وبنو عمه وقومه من الأحلاف فلم يقتل منهم إلا رجلان: رجل من بني غيرة يقال له وهب، وآخر من بني كنة يقال له الجلاح، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بلغه قتل الجلاح: قتل اليوم سيد شباب ثقيف إلا ما كان من ابن هنيدة.. وابن هنيدة الحارث بن أوس» . (17) التصحيح من المغازي 3/ 907، وفي الأصل: الحجاز- كذا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 351 المشركون منهزمين إلى الطائف وعسكر بعضهم بأوطاس «1» . وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم الخيول في آثارهم «2» ، فأدرك «3» ربيعة بن رفيع دريد ابن الصمة وهو [في] «4» شجار «5» على راحلته «5» فأخذ «6» بخطام جمله «6» وهو يظن أنه امرأة، فلما أناخه «7» إذا شيخ كبير «8» وإذا هو دريد ولا يعرفه الغلام فكان ربيعة غلاما، قال دريد [ماذا تريد] «9» بي «10» قال: أقتلك! قال: ومن أنت؟ قال: أنا ربيعة بن رفيع السلمي و «11» ضربه ربيعة بسيف «12» فلم يقدر «13» شيئا، فقال له دريد: بئس ما أسلحتك «14» أمك! خذ سيفي هذا من مؤخر رحلي «15» في الشجار ثم أضرب وأرفع عن العظام «16» وأخفض عن الدماغ، فإني كذلك كنت أقتل «17» ، الرجال،   (1) في الطبري 3/ 130 «عن ابن إسحاق قال: ولما انهزم المشركون أتوا الطائف ومعهم مالك بن عوف وعسكر بعضهم بأوطاس وتوجه بعضهم نحو نخلة» . (2) في الطبري «ولم يكن فيمن توجه نحو نخلة إلا بنو غيرة من ثقيف فتبعت خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم من سلك في نخلة من الناس ولم تتبع من سلك الثنايا فأدرك ربيعة بن رفيع بن أهبان بن ثعلبة ... » . (3) من الطبري 3/ 130، وفي المغازي 3/ 914 «ويدرك» وفي الأصل «فأمر عرطة» كذا. (4) زيد من الطبري والمغازي، وزيد فيهما قبله «كان» ؛ والشجار: مركب مكشوف دون الهوديج. (5- 5) في الطبري والمغازي: له. (6- 6) التصحيح من الطبري والمغازي، ووقع في ف: يخطم جعله- مصحفا. (7) في الطبري والمغازي: أناخ به. (8) زيد في المغازي: ابن ستين ومائة سنة. (9) زيد من الطبري. (10) وقع في ف «بني» مصحفا. (11) في الطبري «ثم» . (12) في الطبري «بسيفه» . (13) في الأصل «فلم يقدر» كذا، وفي الطبري «فلم يغن» . (14) في الطبري «سلحتك» . (15) من الطبري، وفي ف «رجلي» خطأ. (16) من الطبري، وفي المغازي «الطعام» كذا، ووقع في ف «العكام» مصحفا. (17) من الطبري، وفي الأصل «اقتتل» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 352 ثم إذا أتيت أمك فأخبرها أنك قتلت دريد بن الصمة «1» بسيفه. ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسبايا والأموال فجمعت بالجعرانة؛ وبعث في آثار من توجه قبل أوطاس أبا عامر الأشعري فأدرك الناس بعض من انهزم فساروا يرمون «2» كل من لقوه ورمي أبا عامر بسهم فقتل، وأخذ برايته «3» بعده أبو موسى فقاتلهم ففتح له وهزمهم الله «4» . ثم بعث «5» رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الطائف، وفيها مالك بن عوف وقد عسكر جماعة من المشكرين وعلى مقدمة خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة مقتولة فقال: «من قتل هذه» ؟ قال: خالد بن الوليد، فقال لرجل: «أدرك خالدا وقل «6» له: يقول لك رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقتلوا امرأة ولا ولدا ولا عسيفا» «7» . فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم الطائف نزل قريبا، فلم يقدر المسلمون على   (1) التصحيح من الطبري، وفي ف «ربيعة» خطأ. (2) في ف «يرموا» كذا. (3) في ف «براية» كذا. (4) في الطبري 3/ 131 خطأ «قال أبو جعفر وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في آثار من توجه قبل أوطاس ... لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم من حنين بعث أبا عامر على جيش إلى أوطاس فلقي دريد بن الصمة فقتل دريدا وهزم الله أصحابه. قال أبو موسى: فبعثني مع أبي عامر، قال: فرمى أبو عامر في ركبته، رماه رجل من بني جشم بسهم فأثبته في ركبته، فانتهيت إليه فقلت: يا عم! من رماك؟ فأشار أبو عامر لأبي موسى فقال: إن ذاك قاتلي تراه ذلك الذي رماني. قال أبو موسى: فقصدت له فاعتمدته فلحقته فلما رآني ولى عني ذاهبا فاتبعته وجعلت أقول له: ألا تستحي! ألست عربيا! ألا تثبت! فكر فالتقيت أنا وهو فاختلفنا ضربتين فضربته بالسيف ثم رجعت إلى أبي عامر فقلت: قد قتل الله صاحبك، قال: فانزع هذا السهم، فنزعته فنزا منه الماء؛ فقال: يا ابن أخي! انطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقرئه مني السلام وقل له إنه يقول لك: استغفر لي، قال: واستخلفني أبو عامر على الناس فمكث يسيرا ثم إنه مات. (5) من الطبري، وفي ف «سأل» خطأ. (6) في ف «قول» كذا. (7) في المغازي 3/ 912 «وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قدم سليما في مقدمته عليها خالد بن الوليد؛ فمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بامرأة مقتولة والناس مجتمعون عليها فقال: ما هذا؟ قالوا: امرأة قتلها خالد بن الوليد، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يدرك خالدا فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهاك أن تقتل امرأة أو عسيفا. ورأى رسول الجزء: 1 ¦ الصفحة: 353 أن يدخلوا حائطا فضرب معسكره «1» رسول الله صلى الله عليه وسلم عند «2» مسجده الذي بالطائف اليوم، وحاصرهم «3» بضع عشرة «3» ليلة، وأمر بقطع أعنابهم، وقاد رجلا من هذيل من بني ليث، وهو أول دم أقيد «4» في الإسلام، ثم نصب المنجنيق على حصنهم حتى فتحه الله عليه؛ وكان في أيامه يقصر الصلاة. وقد كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مولى لخالته فاختة بنت عمرو بن عائذ «5» يقال له ماتع «6» مخنث يدخل على نساء «7» رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسمعه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول لخالد بن الوليد: «8» يا خالد «8» ! إن فتح «9» رسول الله صلى الله عليه وسلم «10» غدا فلا تفلتن «11» منك بادية «12» بنت غيلان فإنها تقبل بأربع «13» وتدبر بثمان «14» ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هذا   الله صلى الله عليه وسلم امرأة أخرى فسأل عنها فقال رجل: أنا قتلتها يا رسول الله! أردفتها ورائي فأرادت قتلي فقتلتها، فأمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فدفنت» . (1) في الطبري 3/ 144 «عسكره» . (2) من الطبري، وفي ف «عنده» كذا. (3- 3) في ف «بضعة عشر» ، وفي الطبري «بضعا وعشرين» وفي المغازي 3/ 927 «وقد اختلف علينا في حصاره فقال قاتل: ثمانية عشر يوما، وقال قائل: تسعة عشر يوما، وقال قائل: خمسة عشر يوما» . (4) زيد في الطبري «به» . (5) من المغازي 3/ 933، وفي ف «عائد» . (6) من المغازي، وفي الأصل «مانع» خطأ؛ وزيد بعده في المغازي «والآخر يقال له: هيت» . (7) في الأصل «النسا» . (8- 8) في المغازي «ويقال لعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة» . (9) في المغازي «افتتح» . (10) زيد في المغازي «الطائف» . (11) من المغازي، وفي ف «نتقتلتن» . (12) من المغازي، وفي ف «مارية» كذا. (13) يعني بذلك عكن بطنها فإنها تكون أربعا إذا أقبلت ثم تصير كل واحدة ثنتين إذا أدبرت. (14) زيد في المغازي «وإذا جلست تثنت، وإذا تكلمت تغنت، وإذا اضطجعت تمنت، وبين رجليها مثل الإناء المكفوء، مع ثغر كأنه الأقحوان كما قال الخطيم: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 354 يفطن «1» لما سمع به، ثم قال لنسائه: لا يدخلن عليكن! فحجب «2» عن بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من الطائف إلى الجعرانة فقال له سراقة بن جعشم «3» المدلجي: يا رسول الله! ترد الضالة حوضي فهل فيه أجر إن أنا سقيتها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «4» في كل كبد حرّي «4» أجر. ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن وطء الحبالى حتى يضعن. وبينما النبي صلى الله عليه وسلم قاعد بالجعرانة ومعه ثوب وقد أظل به مع ناس من أصحابه إذ جاءه أعرابي- عليه جبة- متضمخ «5» بطيب فقال: يا رسول الله! كيف ترى برجل «6» أحرم بعمرة في جبة بعد ما تضمخ بطيب؟ وإذا النبي صلى الله عليه وسلم مخمر «7» الوجه يغط، فلما سري عنه قال: «أين الذي سألني عن العمرة آنفا؟» فأتي به فقال: أما الطيب فاغسله عنك وأما الجبة فانزعها، ثم اصنع في عمرتك ما تصنع في حجتك» «8» ؛   بين شكول النساء خلقتها ... نصب فلا جبلة ولا قضف تغترق الطرف وهي لاهية ... كأنما شف وجهها نزف (1) في الأصل: يعكن- كذا، وفي المغازي «فسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم كلامه فقال: «ألا أرى هذا الخبيث يفطن للجمال إذا خرجت إلى العقيق» ! والحيل لا يمسك لما أسمع! وقال: لا يدخل على نساء عبد المطلب! ويقال قال: لا يدخلن على أحد من نسائكم، وغرّبهما رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحمى، فشكيا الحاجة، فأذن لهما أن ينزلا كل جمعة يسألان ثم يرجعان إلى مكانهما، إلى أن توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم دخلا مع الناس، فلما ولي أبو بكر رضي الله عنه قال: أخرجكما رسول الله صلى الله عليه وسلم وأدخلكما؟ قأخرجهما إلى موضعهما، فلما مات أبو بكر رضي الله عنه دخلا مع الناس، فلما ولي عمر رضي الله عنه قال: أخرجكما رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وأدخلكما؟ اخرجا إلى موضعكما! فأخرجهما إلى موضعهما، فلما قتل عمر دخلا مع الناس» . (2) وقع في ف: محجب- كذا مصحفا. (3) التصحيح من الإصابة، وفي ف «جعثم» كذا بالثاء؛ وهو «ابن مالك» . (4- 4) في الأصل في «كبد كل حر» والتصحيح من المغازي 3/ 941 وزيد فيه بعد «كل» «ذات» والمعنى أن في سقي كل ذات كبد حرى (أي الشديد العطش) أجرا. (5) وفي مسند الإمام أحمد 4/ 222: متضمخا. (6) في المسند: في رجل. (7) في المسند: محمر. (8) أخرج هذه الواقعة الإمام أحمد في مسنده بزيادة يسيرة على ما هنا، وألم بها أيضا على الحلبي في سيرته- راجع إنسان العيون 3/ 181. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 355 وقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم الغنائم بالجعرانة بين المسلمين، فأصاب كل رجل أربعا من الإبل وأربعين شاة، ومن كان فارسا أخذ سهمه وسهمي فرسه «1» ، ثم أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم وبرة من سنام بعيره ثم قال: «أيها الناس! إني والله ما لي من فيئكم ولا هذه الوبرة «2» إلا الخمس «2» ، والخمس مردود عليكم، فأدّوا «3» الخيط والمخيط، فإن الغلول يكون على أهله نارا وشنارا «4» يوم القيامة» ! فجاءه رجل من الأنصار بكبّة خيوط من شعر، قال: يا رسول الله! أخذت هذه الكبة أخيط بها بردعة بعير لي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أما نصيبي منها فلك» ، [فقال] «5» : أما إذا بلغت هذه فلا حاجة لي فيها «6» . ثم أسلم مالك بن عوف وقال: يا رسول الله! ابعثني أضيق على ثقيف، فاستعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم على من أسلم من قومه من تلك القبائل ومن تبه [من] «7» بني سليم، فكان يقاتل ثقيفا، لا يخرج لهم سرح» إلا أغار عليهم. ثم جاء وفد هوازن راغبين في الإسلام- بعد أن قسم لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم السبي- فأسلموا «9» .   (1) وفي السيرة النبوية للزيني- راجع هامش إنسان العيون 2/ 403: قال أهل المغازي: أمر صلى الله عليه وسلم زيد بن ثابت رضي الله عنه وكان من أعظم كتابه صلى الله عليه وسلم بإحضار الناس والغنائم ثم قسمها على الناس فكانت سهامهم لكل رجل أربعة من الإبل وأربعين شاة، فإن كان فارسا أخذ اثني عشر من الإبل ومائة وعشرين شاة، وإن كان معه أكثر من فرس لم يسهم للزائد- وراجع أيضا الطبري 3/ 139. (2- 2) من تاريخ الطبري 3/ 36 والمغازي للواقدي 3/ 943 وإنسان العيون 3/ 170 وسيرة ابن هشام 3/ 28، وتقدم في الأصل على «ولا هذه الوبرة» وصار «الخمس» فيه: الخميس- كذا. (3) من المراجع الأربعة، وفي الأصل: فاذوا- كذا. (4) من المراجع الأربعة، وفي الأصل: سعارا، والشنار: العيب- راجع النهاية. (5) زيد من الطبري وإنسان العيون. (6) في الطبري وإنسان العيون والسيرة: بها. (7) زيد لاستقامة العبارة. (8) في الأصل: سرج، والتصحيح من المراجع، راجع المغازي 3/ 955 وإنسان العيون 3/ 181 والسيرة النبوية بهامش الإنسان 2/ 396. (9) راجع لمزيد التفصيل الطبري 3/ 134 والمغازي 3/ 949 وسيرة ابن هشام 3/ 26. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 356 ثم أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم المؤلفة قلوبهم تألفا، فأعطى حويطب بن عبد العزى مائة من الإبل، وأعطى الأقرع بن حابس مائة من الإبل، وأعطى صفوان ابن أمية مائة من الإبل، وأعطى حكيم بن حزام مائة من الإبل، وأعطى مالك بن عوف مائة من الإبل، وأعطى عباس بن مرداس السلمي شيئا دونهم، فقال فيه أبياتا «1» ، ولم يعط الأنصار منها «2» شيئا فقال قائل الأنصار: ألا! إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد لقي قومه، فانطلق سعد بن عبادة فدخل [على] «3» رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: يا رسول الله! الأنصار قد وجدوا في أنفسهم مما رأوك صنعت في هذه العطايا، قال: فأين أنت من ذلك يا سعد؟ قال: ما أنا إلا رجل من قومي، قال: «فاجمع لي قومك في هذه الحظيرة» ، فخرج سعد فنادى في قومه: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركم أن تجتمعوا في هذه الحظيرة، فقاموا سراعا وقام سعد على باب الحظيرة فلم يدخلها إلا رجل من الأنصار وقد رد أناسا «4» ، ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: هذه الأنصار قد اجتمعت لك، فخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: «يا معشر الأنصار! [ما] «5» مقالة «6» بلغتني عنكم؟ أكثرتم فيها! ألم تكونوا ضلالا فهداكم الله؟ ألم تكونوا عالة فأغناكم الله؟ ألم تكونوا أعداء فألف الله بينكم» «7» ؟ قالوا: بلى، قال: «أفلا تجيبوني» ؟ قالوا:   (1) زيد بعده في الأصل: قديده، ولا محل لهذه الزيادة هنا فحذفناها، والأبيات مذكورة بتمامها في الطبري 3/ 135 وفي المغازي 3/ 946 و 947 وسيرة ابن هشام 3/ 29؛ وفي إنسان العيون 3/ 170: وفي كلام بعضهم: كانت المؤلفة ثلاثة أصناف: صنف يتألفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ليسلموا كصفوان بن أمية وصنف ليثبت إسلامهم كأبي سفيان بن حرب، وصنف لدفع شرهم كعيينة بن حصن والعباس بن مرداس والأقرع بن حابس. (2) واستوعب ذلك ابن هشام في سيرته- راجع 3/ 31 منها، وراجع أيضا الطبري 3/ 138 وإنسان العيون 3/ 174. (3) زيد من الطبري وإنسان العيون. (4) وفي الطبري والسيرة: فجاء رجال من المهاجرين فتركهم فدخلوا وجاء آخرون فردهم. (5) زيد من إنسان العيون. (6) في الطبري والسيرة: قالة. (7) في الطبري والسيرة وإنسان العيون: بين قلوبكم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 357 إليك [المن] «1» والفضل «2» ، قال: «أما والله لو شئتم لقلتم وصدقتم: جئتنا طريدا فآويناك، ومخذولا فنصرناك، وعائلا فآسيناك، ومكذبا فصدقناك! أوجدتم في أنفسكم من لعاعة «3» من الدنيا تألفت بها قوما أسلموا «4» ووكلتكم إلى إيمانكم، أما ترضون أن يذهب الناس بالشاة والبعير وتذهبون برسول الله إلى رحالكم! فالذي نفس محمد بيده! لو سلك الناس واديا وسلكت الأنصار شعبا لسلكت شعب الأنصار. ولولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار، إن الأنصار كرشي وعيبتي «5» ، اللهم اغفر للأنصار وأبناء الأنصار ولأبناء أبنائهم» ! فبكى القوم حتى أخضلوا لحاهم وقالوا: رضينا بالله وبرسوله حظا وقسما ونصيبا! ثم تفرق الأنصار. وفي هذه المقالة قال ذو الخويصرة «6» : يا رسول الله! اعدل «7» ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «شقيت إن لم أعدل» ، ثم علقت الأعراب برسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونه حتى ألجأوه إلى شجرة عظيمة وخطفت رداءه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ردوا علي ردائي، فو الذي نفس محمد بيده لو كانت عدد هذه العضاة «8» نعما لقسمته بينكم ثم لا تجدوني كذوبا ولا جبانا ولا بخيلا» «9» .   (1) زيد من الطبري والسيرة وإنسان العيون. (2) من الطبري وغيره، وفي الأصل: فضل. (3) من الطبري والسيرة، وفي الأصل: لفاعة. (4) في الطبري والسيرة: ليسلموا. (5) وراجع أيضا إنسان العيون 3/ 176. (6) وهو التميمي كما صرح به في الطبري 3/ 137 والسيرة 3/ 30، وفي إنسان العيون 3/ 73: وذكر بعضهم أن ذا الخويصرة أصل الخوارج وأنه صلى الله عليه وسلم قال: «دعوه فإنه سيكون له شيعة يتعمقون في الدين حتى يخرجوا منه كما يخرج السهم من الرمية» . (7) في الأصل: اعمل، والتصحيح من الطبري والسيرة فإن اللفظ فيهما: لم أرك عدلت. (8) من صحيح البخاري- الجهاد ومسند الإمام أحمد 4/ 84، وفي الأصل: العضاة، وفي الطبري وغيره: شجر تهامة. (9) وساقه أيضا في الطبري 3/ 136 والسيرة 3/ 28 وإنسان العيون 3/ 17. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 358 ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم «1» من الجعرانة معتمرا فاعتمر منها فبات بالجعرانة واستخلف على مكة عتاب بن أسيد أميرا وخلّف [معه معاذ] «2» بن جبل «3» يفقّه الناس ويعلمهم القرآن، وكانت هذه العمرة في ذي القعدة. ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من الجعرانة يريد المدينة فسلك في وادي سرف «4» حتى خرج على سرف؛ ثم على مرّ الظهران حتى قدم المدينة في بقية ذي القعدة «5» . ثم تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة بنت الضحاك بن سفيان الكلابية فاستعاذت «6» ، من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قد عذت «7» بعظيم! الحقي بأهلك» ، وفارقها «8» . وحج بالناس عتاب بن أسيد «9» . وولد إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم من مارية القبطية في ذي الحجة فوقع في قلب النبي صلى الله عليه وسلم منه شيء، فجاء جبريل عليه السلام فقال: «السلام عليك يا إبراهيم» ! فسرى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتنافست نساء الأنصار فيه أيتهن ترضعه،   (1) وزيد في السيرة النبوية بهامش إنسان العيون 2/ 46: لخمس ليال خلون من ذي القعدة، وقيل: لثنتي عشرة ليلة بقيت من ذي القعدة. (2) زيد من الطبري 3/ 139 والسيرة 3/ 32. (3) من الطبري والسيرة، وفي الأصل: جبلة، وزاد في السيرة النبوية بهامش إنسان العيون 3/ 406 والمغازي 3/ 959: وأبا موسى الأشعري. (4) وفي المغازي 3/ 959: الجعرانة، ولفظها: فسلك في وادي الجعرانة، وسلك معه حتى خرج على سرف. (5) وقال ابن إسحاق: أو في أول ذي الحجة، وقال ابن هشام: وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة لست ليال بقين من ذي القعدة فيما قال أبو عمرو المدني- راجع السيرة 3/ 32. (6) وفي المستعيذة اختلاف كثير قد استوعبه ابن حجر في الإصابة في ترجمة فاطمة بنت الضحاك فراجعها. (7) من صحيح البخاري- الطلاق، وفي الأصل: عوذت. (8) وروى ابن سعد بسنده عن أبي وجزة قال: تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذي القعدة سنة ثمان منصرفة من الجعرانة- راجع الطبقات 8/ 102. (9) راجع أيضا الطبري 3/ 139 والسيرة 3/ 32. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 359 فدفعه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أم بردة «1» بنت المنذر بن زيد «2» وزوجها ابن مبذول «3» فكانت ترضعه؛ وحلق رسول الله صلى الله عليه وسلم [رأسه] «4» يوم السابع وتصدق بوزن شعره فضة على المساكين وعق عنه بكبشين؛ وعاش ستة عشر أشهر. السنة التاسعة من الهجرة أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة اللخمي بعسقلان ثنا محمد بن المتوكل بن أبي السري ثنا عبد الرزاق أنا معمر عن الزهري عن عبيد الله بن «5» عبد الله بن أبي ثور عن ابن عباس» قال: لم أزل «7» حريصا أن أسأل عمر بن الخطاب عن المرأتين من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم اللتين قال الله [لهما] «8» إِنْ تَتُوبا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما «9» فقال عمر: واعجبا «10» لك يا ابن عباس! ثم قال: هي عائشة وحفصة- ثم أنشأ يسوق الحديث فقال: كنا معشر قريش قوما نغلب النساء فلما قدمنا المدينة   (1) من الطبري 3/ 139، وفي الأصل: أم برية. (2) من الطبري، وفي الأصل: يزيد. (3) وهو البراء بن أوس بن خالد بن الجعد بن عوف بن مبذول- راجع في الإصابة ترجمة أم بردة والطبري. (4) زيد من سمط النجوم وقد استوعب فيه أخبار إبراهيم من شتى النواحي فراجع 1/ 410- 413. (5) من تهذيب التهذيب، وفي الأصل: عن. (6) وهذا الحديث ساقه البخاري في عدة أبواب من صحيحه، وأحمد في مسنده 1/ 33، والطبري في جامعه والبغوي في المعالم، والسيوطي في الدر المنثور وابن سعد في الطبقات 8/ 131 باختلاف اللفظ وأغلب السياق للمسند والدر. (7) من المراجع، وفي الأصل: ألم أزل. (8) زيد من المراجع. (9) سورة 66 آية 4، وقد وقع هنا بعده إهمال أو اختصار فإن جميع المراجع تتفق على الزيادة التالية: حتى حج فحججت معه وعدل فعدلت معه بالإداوة فبرز ثم جاء فسكبت على يده من الإداوة فتوضأ ثم قلت: يا أمير المؤمنين! من المرأتان من أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم اللتان قال الله لهما إِنْ تَتُوبا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما. (10) من المراجع، وفي الأصل: عجبي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 360 وجدناهم «1» قوما تغلبهم نساؤنهم، فطفق نساؤنا يتعلمن من نسائهم، وكان منزلي في بني أمية بن زيد في العوالي، قال فتغضبت «2» يوما على امرأتي فإذا هي تراجعني، فأنكرت أن تراجعني فقال: ما تنكر أن أراجعك! فو الله إن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ليراجعنه، وتهجره إحداهن اليوم إلى الليل! فانطلقت فدخلت على حفصة فقلت: أتراجعين «3» على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: نعم، وتهجره إحدانا اليوم إلى الليل؛ قال: قد خاب من فعل ذلك منكن وخسر؛ أفتأمن إحداكن أن يغضب الله عليها لغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هي قد هلكت، فلا تراجعي «4» رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تسأليه شيئا وسليني ما بدا «5» لك ولا يغرنك أن كانت جارتك «6» أوسم وأحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منك- يريد عائشة؛ قال: وكان لي جار من الأنصار وكنا نتناوب النزول إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فينزل يوما وأنزل يوما فيأتيني بخبر الوحي وغيره «7» وآتيه «8» بمثل ذلك، وكنا نتحدث أن غسان تنعل الخيل لتغزونا، قال: فنزل صاحبي يوما ثم أتاني [عشاء] «9» فضرب على بابي ثم ناداني؟ فخرجت إليه فقال: حدث أمر عظيم! فقلت: [و] «9» ماذا؟ أجاءت غسان؟ قال: لا، بل أعظم من ذلك وأطول! طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه فقلت: خابت حفصة وخسرت، قد كنت أظن «10» هذا كائنا، فلما صليت الصبح شددت علي ثيابي ثم نزلت فدخلت على حفصة فإذا هي تبكي، فقلت: أطلقكن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: لا أدري، هوذا معتزل في هذه المشربة،   (1) في الدر المنثور 6/ 242 ومسند الإمام أحمد 1/ 33: فوجدنا. (2) من المسند، وفي الأصل: فتعصبت، وفي بقية المراجع: فغضبت. (3) من المسند، وفي الأصل: أترجعين. (4) من المسند، وفي الأصل: تراكعي. (5) من المسند، وفي الأصل: يد- كذا. (6) من المسند والدر المنثور، وفي الأصل: جاريتك. (7) زيد بعده في الأصل: وأنزل يوما، ولم تكن الزيادة في المسند فحذفناها. (8) من المسند، وفي الأصل: فيأتيه. (9) زيد من المسند. (10) زيد بعده في الأصل: إن، ولم تكن الزيادة في المسند فحذفناها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 361 قال: فأتيت غلاما له أسود فقلت: استأذن لعمر، فدخل الغلام ثم خرج إليّ وقال: قد ذكرتك به ولم يقل شيئا، فانطلقت حتى أتيت المسجد فإذا قوم حول «1» المنبر جلسوا يبكي «2» بعضهم إلى بعض، قال: فجلست قليلا ثم غلبني ما أجد فأتيت الغلام فقلت: استأذن لعمر، فدخل ثم خرج إليّ وقال: قد ذكرتك له فصمت، فرجعت ثم جلست إلى المنبر، ثم غلبني ما أجد فأتيت الغلام فقلت: استأذن لعمر، فدخل ثم خرج إليّ فقال: قد ذكرتك له فسكت، فوليت مدبرا فإذا الغلام يدعوني ويقول: ادخل، قد أذن لك، فدخلت فسلمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو متّكىء على رمل حصير قد أثر بجنبه فقلت: أطلقت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءك؟ قال: فرفع رأسه إليّ وقال: «لا» ، فقلت: الله أكبر! لو رأيتنا يا رسول الله و «3» كنا معشر قريش نغلب النساء، فلما قدمنا المدينة وجدنا قوما تغلبهم نساؤهم فطفق نساؤنا يتعلمن من نسائهم، فتغضبت على امرأتي يوما فإذا هي تراجعني، فأنكرت ذلك عليها فقالت لي: أتنكر أن أراجعك! فو الله إن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ليراجعنه وتهجره إحداهن اليوم إلى الليلة «4» ! قال: فقلت: قد خاب من فعل ذلك منهن وخسر! أتأمن إحداهن أن يغضب الله عليها لغضب «5» رسوله فإذا هي قد هلكت! قال: فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم! فقلت: يا رسول الله! فدخلت على حفصة فقلت لها: لا تراجعي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تسأليه شيئا وسليني ما بدا لك، ولا يغرنك أن كانت جارتك أوسم وأحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منك، قال: فتبسم رسول الله أخرى، فقلت: أستأنس يا رسول الله؟ قال: «نعم» ، قال: فجلست فرفعت رأسي في البيت فو الله ما رأيت فيه شيئا يرد البصر إلا أهبة ثلاثة، فقلت: يا رسول الله، ادع الله أن يوسع على أمتك فقد   (1) من الدر المنثور، وفي الأصل: حر- كذا. (2) من المسند: وفي الأصل: يبكين. (3) من المسند 1/ 34: وفي الأصل: لو. (4) في المسند: الليل. (5) من المسند، وفي الأصل: بغضب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 362 وسع الله على فارس والروم وهم لا يعبدونه، قال: فاستوى جالسا ثم قال: «أوفي شك أنت يا ابن الخطاب! أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم في الحياة الدنيا» ، فقلت: استغفر لي يا رسول الله! وكان أقسم أن لا يدخلن «1» عليهن شهرا من شدة موجدته عليهن حتى عاتبه الله. قال الزهري: فأخبرني عروة عن عائشة قالت: فلما مضى «2» تسع وعشرن [ليلة] «3» دخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، بدأ بي، فقلت: يا رسول الله! إنك أقسمت أن لا تدخل علينا شهرا وإنك دخلت [من] «3» تسع وعشرين أعدهن، فقال: «إن الشهر تسع وعشرون» ، ثم قال: «يا عائشة! إني ذاكر لك أمرا فلا أراك أن تعجلي «4» فيه حتى تستأمري أبويك» ! قلت: ثم قرأ عليّ الآية يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها- إلى قوله: عَظِيماً «5» قالت عائشة: قد علم والله أن أبويّ لم يكونا يأمراني بفراقه، فقلت: أفي «6» هذا أستأمر أبويّ فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة. قال: في أول هذه السنة هجر رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه شهرا، وكان السبب في ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذبح ذبحا فأمر عائشة أن تقسم بين أزواجه، فأرسلت إلى زينب [بنت] «7» جحش نصيبها فردته، قال: «زيديها» «8» ، فزادتها ثلاثا، كل ذلك ترده، فقالت عائشة: قد أقمأت «9» وجهك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنتن أهون على   (1) في المسند: لا يدخل. (2) في المسند 6/ 163: مضت. (3) زيد من المسند. (4) من المسند، وفي الأصل: تعجل. (5) سورة 33 آية 28. (6) من المسند: وفي الأصل: في. (7) زيد ولا بد منه. (8) في الأصل: زيدها- كذا. (9) أي أذلت؛ وفي الأصل: أقمت، والتصحيح من سنن ابن ماجه واللفظ فيها هكذا: إنما آلي لأن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 363 الله من أن تغضبن، لا أدخل عليكن شهرا» ! فدخل عليهن بعد مضي تسع وعشرين يوما. ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علقمة بن مجزز «1» في صفر إلى الحبشة فانصرف ولم يلق كيدا. وفي هذه السرية أمر علقمة «2» أصحابه أن يوقدوا نارا عظيما ثم أمرهم أن يقتحموا فيها، فتحرزوا «3» وأبوا ذلك؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «من أمركم بمعصية الله فلا تطيعوه» . ثم قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد بلى في ربيع الأول، ونزل على رويفع بن ثابت البلوي «4» . وقدم وفد بني ثعلبة بن منقذ «5» . وفيها [وفد] «6» سعد «7» هذيم.   زينب ردت عليه هديته فقالت عائشة: لقد أقمأتك! فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم فآلى منهن- راجع باب الإيلاء من كتاب الطلاق. (1) من الإصابة، وفي الأصل: محرز: وألم بهذه البعثة في طبقات بن سعد- القسم الأول من الجزء الثاني 117، وفي المغازي 3/ 983، وفي سيرة بن هشام 3/ 92، وفي الصحيح للبخاري- كتاب المغازي باختلاف حول التاريخ والسبب. (2) كذا وجميع المراجع تتفق على نسبة هذه الواقعة إلى عبد الله بن حذافة السهمي وألفاظها المتقاربة: حتى إذا كنا ببعض الطريق أذن لطائفة من الجيش واستعمل عليهم عبد الله بن حذافة السهمي وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت فيه دعابة فلما كان ببعض الطريق أوقد نارا- ثم يطّرد الحديث كما هنا، وذكر البخاري في تفسير «أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم» ، قول ابن عباس: نزلت في عبد الله بن حذافة بن قيس بن عدي إذ بعثه النبي صلى الله عليه وسلم في سرية. (3) في الأصل: فيحرم- كذا، وما أثبتناه ينسجم مع صورة اللفظ والسياق. (4) ذكره في الطبري 3/ 139 كما هنا، وذكره في إنسان العيون 3/ 327 بأكثر مما هنا وقال: وفد بني بلى على وزن على مكبرا وهو حي من قضاعة. (5) من الطبري 3/ 155، وفي الأصل: سعد. (6) زيد من الطبري 3/ 155 وإنسان العيون 3/ 321. (7) زيد بعده في الأصل: بن، ولم تكن الزيادة في الطبري والإنسان فحذفناها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 364 وقدم الداريون «1» من لخم عشرة أنفس: هانىء «2» بن حبيب «2» والفاكه «3» بن النعمان وحبلة بن مالك وأبو هند «4» بن بر وأخوه الطيب بن بر وتميم بن أوس ونعيم ابن أوس ويزيد «5» بن قيس وعروة «6» بن مالك وأخوه مرة «7» بن مالك، وأهدوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم راوية خمر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله قد حرم الخمر» ، فأمروا ببيعها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الذي حرم شربها حرم بيعها» «8» . وقدم وفد بني أسد فقالوا: يا رسول الله! قدمنا عليك قبل أن ترسل إلينا رسولا، فنزلت هذه الآية يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا «9» . وقدم عروة بن مسعود بن [معتب] «10» الثقفي على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم، ثم استأذن أن يرجع إلى قومه فيدعوهم إلى الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هم قاتلوك» «11» ! قال: أنا أحب إليهم من أبكار أولادهم، فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرج إلى قومه ودعاهم إلى الإسلام وأذن بالصبح على غرفة «12» ، فرماه رجل من بني ثقيف بسهم فقتله.   (1) في الأصل: الدارميون- خطأ، وذكر هذا الوفد في الطبري 3/ 139. (2- 2) من ترجمته في الإصابة، وفي الأصل: بنت خبيب. (3) من ترجمته في الإصابة، وفي الأصل: الفاكة. (4) من ترجمته في الإصابة، وفي الأصل: أبو هيد. (5) من ترجمته في الإصابة، وفي الأصل: زيد. (6) كذا في الإصابة، وسماه في المغازي: عزيز، وفي السيرة: عرفة، ويقال: عزة بن مالك. (7) في السيرة: مران بن مالك، قال ابن هشام: مروان بن مالك، وذكر وفادتهم في المغازي 2/ 695 وفي السيرة 2/ 195. (8) وروي معناه في مسند الإمام أحمد 4/ 227. (9) سورة 49 آية 17، وقد ذكرت هذه الوفادة في الطبري 3/ 139 وفي الطبقات- القسم الثاني من الجزء الأول ص 39. (10) زيد من الإصابة. (11) زيد في الطبري 3/ 140 والسيرة 3/ 46: وعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم أن فيهم نخوة الامتناع الذي كان منهم، وتعرض له في المغازي 3/ 960 ولكن ليس فيها هذه الزيادة. (12) من المغازي، وفي الأصل: عرفة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 365 وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم الضحاك بن سفيان الكلابي إلى القرطاء «1» سرية فأصابهم بغدير الزج «2» ، وكتب إليهم النبي صلى الله عليه وسلم كتابا فأبوا ورقعوا «3» كتابهم بأسفل دلوهم «4» . وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب سرية إلى الفلس «5» من بلاد طيء في ربيع الآخر، فأغار عليهم وسبى منهم نساء فيهن أخت عدي بن حاتم «6» . ثم نعى رسول الله صلى الله عليه وسلم النجاشي للناس في رجب وقال: «صلوا على صاحبكم» ، فقام فصلى هو وأصحابه وصفوا خلفه، وكبر عليه أربعا «7» . ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتهيؤ لغزوة الروم «8» في شدة الحر وجدب «9» [من] «10» البلاد حين طاب الثمار وأحبت «11» الظلال، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قلما يخرج في غزوة إلا ورّى «12» بغيرها غير غزوة تبوك هذه، فإنه أمر التأهب لها لبعد الشقة وشدة الزمان؛ وحض رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل   (1) من المغازي 3/ 982، وفي الأصل: ملك، مع بياض قبله قدر كلمة. (2) من المغازي، وفي الأصل: البزج. (3) من المغازي، وفي الأصل: رفعوا. (4) ذكرت هذه البعثة في المغازي وإنسان العيون 3/ 283. (5) من إنسان العيون 3/ 285، وفيه: الفلس- بضم الفاء وسكون اللام: صنم طيء، وفي الأصل: اللقيس. (6) راجع أيضا الطبري 3/ 148 والمغازي 3/ 984. (7) ألم به في الطبري 3/ 154 وفي صحيح البخاري- باب الصفوف على الجنازة من كتاب الجنائز. (8) وقد ألم بها في الطبري 3/ 142، والسيرة 3/ 36، وإنسان العيون 3/ 182، والمغازي 3/ 989 وغيرها. (9) من الطبري والسيرة، وفي الأصل: حرب. (10) زيد من الطبري والسيرة. (11) من الطبري، وفي الأصل: احبة- كذا. (12) من المغازي 3/ 990، وفي الأصل: وراء- كذا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 366 الغنى على النفقة والحملان في سبيل الله ورغبهم في ذلك، وحمل رجال من أهل الغنى واحتسبوا «1» ، وأنفق عثمان بن عفان في ذلك نفقة عظيمة لم ينفق أحد أعظم من نفقته، ثم إن رجالا من المسلمين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم البكاؤن [وهم] «2» سبعة نفر، فاستحملوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانوا أهل حاجة، فقال: لا أَجِدُ ما أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلَّا يَجِدُوا ما يُنْفِقُونَ وجاء المعذرون من الأعراب ليؤذن لهم فاعتذروا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعذرهم وهم بنو غفار، وقد كان نفر من المسلمين أبطأبهم النية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تخلفوا عنه من غير شك ولا ارتياب، منهم كعب بن مالك أخو بني سلمة مرارة بن الربيع أخو بني عمرو بن عوف وهلال بن أمية أخو بني «3» واقف وأبو خيثمة أخو «3» بني سالم، وكانوا نفر صدق ولا يتهمون في إسلامهم، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة وضرب معسكره على ثنية الوداع، وضرب عبد الله بن أبي بن سلول معسكره أسفل منه، وخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب على أهله، وأمره بالإقامة فيهم، واستخلف على المدينة سباع بن عرفطة أخا بني غفار، فقال المنافقون: والله ما خلفه «4» علينا إلا استثقالا له، فلما سمع ذلك عليّ أخذ سلاحة ثم خرج حتى لحق رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو نازل بالجرف وقال: يا نبي الله! زعم المنافقون أنك إنما خلقتني استثقالا؟ فقال: «كذبوا، ولكني خلفتك لما تركت ورائي، فارجع فاخلفني في أهلي وأهلك! ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي» ! فرجع عليّ إلى المدينة ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتخلف عنه عبد الله بن أبي فيمن تخلف من المنافقين، فلما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحجر استقى الناس من بئرها، فلما راحوا منها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تشربوا من مائها شيئا ولا تتوضأوا منه للصلاة،   (1) من الطبري والسيرة، وفي الأصل: جلسوا. (2) زيد من الطبري والسيرة. (3- 3) من الطبري والسيرة، وفي الأصل: واقد وأبو حشمة أحد- كذا. (4) من الطبري والسيرة، وفي الأصل: اخلف- كذا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 367 وما كان من عجين عجنتموه فاعلفوه «1» الإبل ولا تأكلوا منه شيئا» «2» ؛ ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فأرسل الله السحاب فأمطر حتى ارتوى «3» الناس وتوضأوا. ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل في بعض المنازل فضلت ناقته فخرج أصحابه في طلبها، فقال بعض «4» المنافقين: أليس محمد يزعم أنه نبي ويخبركم بخبر السماء وهو لا يدري أين ناقته! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والله ما أعلم إلا ما علمني الله! وقد علمني أنها في الوادي بين شعب كذا وكذا، قد حبستها شجرة بزمامها» ، قال: «فانطلقوا حتى تأتوا «5» بها» ، فذهبوا فجاءوا بها، ثم سار رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يتخلف عنه الرجل فيقولون: والله يا رسول الله! تخلف فلان، فيقول: دعوه فإن يكن فيه [خير] «6» فسيلحقه الله بكم، حتى قيل له: يا رسول الله! تخلف أبو ذر وأبطأ به بعيره، فقال: دعوه فإن يك فيه خير فسيلحقه الله بكم، فلما أبطأ على أبي ذر بعيره أخذ متاعه على ظهره وترك بعيره، ثم خرج يتبع أثر رسول الله صلى الله عليه وسلم ماشيا ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض منازله، فنظر ناظر من المسلمين فقال: يا رسول الله! رجل على الطريق يمشي وحده! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كن أبا ذر» ! فلما تأمله القوم قالوا: يا رسول الله هذا والله أبو ذر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «رحم الله أبا ذر يعيش «7» وحده، [ويموت وحده، ويبعث وحده] «6» » ؛ فانتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تبوك، فلما أتاها أتاه يحنة ابن رؤبة «8» صاحب أيلة، وصالح على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعطاه الجزية وأتاه أهل جرباء وأذرح «9» فأعطوه الجزية، وكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم لكل كتابا وهو عندهم،   (1) من الطبري 3/ 144 والسيرة 3/ 38، وفي الأصل- فاعلفوا. (2) ووردت بعده في الطبري والسيرة زيادة فراجعهما. (3) من الطبري 3/ 144 والسيرة 3/ 39، وفي الأصل: أتو- كذا. (4) وهو زيد بن الصيب- كما في الطبري والسيرة. (5) في الأصل: أتوا، والتصحيح من الطبري 3/ 145. (6) زيد من الطبري والسيرة. (7) في الطبري والسيرة: يمشي. (8) من الطبري 3/ 146، وفي الأصل: وبهة- كذا. (9) من الطبري والسيرة، وفي الأصل: أدرج. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 368 فكتب ليحنة بن رؤبة «بسم الله الرحمن الرحيم- هذه «1» أمنة من الله ومن محمد النبي صلى الله عليه وسلم ليحنة بن رؤبة وأهل بلده وسيارته في البر والبحر، فهم في ذمة الله و [ذمة] «2» محمد النبي صلى الله عليه وسلم ومن كان معهم «3» من أهل الشام وأهل اليمن وأهل البحر، فمن أحدث منهم حدثا فإنه لا يحول ماله دون نفسه، وإنه طيب «4» للناس ممن أخذه، وإنه لا يحل أن يمنعوا ماء يردونه «5» ولا طريقا يريدونه «6» من بر وبحر» وكتب جهيم بن الصلب بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم «7» . وكتب لأهل جرباء وأذرح «بسم الله الرحمن الرحيم- هذا كتاب من محمد النبي صلى الله عليه وسلم لأهل أذرح «8» أنهم آمنون بأمان الله وأمان محمد، وأن عليهم مائة دينار في كل رجب وافية طيبة، والله كفيل عليهم بالنصح والإحسان، ومن لجأ إليهم من المسلمين «9» ؛ وقد كان [أبو] «10» خيثمة أحد بني سالم رجع بعد أن خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى أهله في يوم حار فوجد امرأتين له في عريشين لهما في حائط قد رشت كل واحدة منهما عريشها وبردت له فيه ماء وهيأت له فيه طعاما، فلما دخل أبو خيثمة [قام] «11» على باب العريشين ونظر إلى امرأتيه وما صنعتا له، فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم في الريح والحر وأبو خيثمة في ظلال باردة وطعام مهيأ وامرأة   (1) من السيرة، وفي الأصل: هذا. (2) زيد من الطبري. (3) من السيرة، وفي الأصل: معه. (4) من السيرة، وفي الأصل: طيبة. (5) من السيرة، وفي الأصل: يريدونه. (6) في السيرة: يردونه. (7) ساقه أيضا في المغازي 3/ 1031. (8) من المغازي 3/ 1032، وفي الأصل: أدرج. (9) وساقه أيضا في المغازي بزيادة يسيرة على ما هنا. (10) زيد من الطبري 3/ 144 والسيرة 3/ 38. (11) زيد من السيرة 3/ 38. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 369 حسناء «1» في ماله مقيم! ما هذا بالنصف! ثم قال: والله لا أدخل عريش واحدة منكما حتى ألحق برسول الله صلى الله عليه وسلم! فهيأتا له زادا، ثم قدم ناضحه فارتحله ثم خرج في طلب رسول الله صلى الله عليه وسلم «2» ، فبينا أبو خيثمة يسير إذ لحقه عمير بن وهب الجمحي في الطريق يطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فترافقا «3» حتى إذا دنوا «4» من تبوك قال أبو خيثمة لعمير بن وهب: إن لي ذنبا، فلا عليك أن تخلف عني حتى آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم ففعل عمير، ثم سار أبو خيثمة حتى إذا دنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو نازل بتبوك قال «5» الناس: هذا راكب على الطريق مقبل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كن أبا خيثمة» ! فقالوا: يا رسول الله! هو والله أبو خيثمة! فلما أناخ أقبل وسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أخبره الخبر، فقال [له] «6» رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرا ودعا له بخير «7» ؛ ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا خالد بن الوليد وبعثه إلى أكيدر دومة «8» ، وهو أكيدر بن عبد الملك رجل من كندة، وكان ملكا عليهم وكان نصرانيا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لخالد: «إنك ستجده يصيد بقر الوحش» ، فخرج خالد بن الوليد حتى إذا كان من حصنه بمنظر العين في ليلة مقمرة صائفة وهو على سطح له ومعه امرأته، فباتت البقر تحك «9» قرونها بباب «9» القصر فقالت له امرأته: هل رأيت مثل هذا قط؟ قال: لا والله! قالت: فمن يترك هذا؟ قال: لا أحد، فنزل أكيدر دومة وأمر بفرسه فأسرج وركب   (1) زيدت الواو بعده في الأصل، ولم تكن في الطبري ولا في السيرة فحذفناها. (2) زيد في الطبري والسيرة: حتى أدركه حين نزل تبوك. (3) من الطبري والسيرة، وفي الأصل: فتوافقا. (4) من الطبري والسيرة، وفي الأصل: دنو- كذا. (5) من الطبري والسيرة، وفي الأصل: قالوا. (6) زيد من الطبري والسيرة. (7) وسياق هذه القصة أغلبه للطبري والسيرة، وقد ساقه في المغازي 3/ 998؛ وفي إنسان العيون 3/ 187 فراجعهما. (8) ساقه في الطبري 3/ 146 والسيرة 3/ 40 والمغازي 3/ 1025 وإنسان العيون 3/ 286. (9- 9) في الطبري والسيرة: بقرنها باب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 370 في نفر من أهل بيته ومعه أخوه حسان، فلما خرجوا بمطاردهم «1» تلقّتهم خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم معهم خالد بن الوليد فقتلوا أخاه حسانا، وقد كان عليه قباء من ديباج مخوّص بالذهب فاستلبه خالد وبعث به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم «2» ، فلما قدم به على رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل المسلمون يلمسونه بأيديهم ويعجبون «3» منه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أتعجبون من هذا! والذي نفس محمد بيده! لمناديل سعد بن معاذ في الجنة أحسن من هذا» «4» ؛ ثم إن خالدا قدم بأكيدر على رسول الله صلى الله عليه وسلم فحقن له دمه وصالحه على الجزية ثم خلى سبيله، ورجع إلى قريته. وافتقد رسول الله صلى الله عليه وسلم كعب بن مالك فقال: «ما فعل كعب بن مالك» ؟ فقال رجل من بني سلمة: يا رسول الله! حبسه برداه والنظر في عطفيه، فقال له معاذ بن جبل: بئس والله ما قلت! والله يا رسول الله ما علمنا منه إلا خيرا! فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم «5» . وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم [بتبوك] «6» بضع عشرة «7» ليلة يقصر الصلاة ولم يجاوزها؛ ثم انصرف قافلا إلى المدينة، وكان في الطريق [ماء يخرج من وشل] «6» ما يروي الراكب والراكبين والثلاثة بواد يقال له: المشقق «8» ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سبقنا إلى ذلك الماء فلا يستقين منه شيئا حتى آتيه» «9» ، فلما أتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم وضع يده فيها «10» فجعل ينصب في يده ما شاء الله أن ينصب ثم مجه فيه   (1) من الطبري والسيرة، وفي الأصل: بمكاردهم. (2) مع عمرو بن أمية الضمري- كما صرح به في المغازي 3/ 1026. (3) في جميع المراجع: يتعجبون. (4) وقد تعرض له في كتب الأحاديث المتداولة أيضا. (5) ألم به في مسند الإمام أحمد 3/ 457 وصحيح البخاري- كتاب المغازي والسيرة 3/ 44. (6) زيد من الطبري 3/ 147 والسيرة 3/ 41. (7) من الطبري والسيرة، وفي الأصل: عشر. (8) من الطبري والسيرة، وفي الأصل: المنتفق. (9) زيد بعده في الطبري والسيرة: فسبقه إليه نفر من المنافقين فاستقوا ما فيه. (10) وفي الطبري والسيرة مزيد تفصيل فراجعهما. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 371 ودعا الله بما شاء أن يدعو فانخرق من الماء، فشرب الناس واستقوا حاجتهم [منه] «1» ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لئن بقيتم- أو بقي منكم- «2» لتسمعن بهذا «2» الوادي وهو أخصب ما بين يديه وما خلفه» ، وذلك الماء فوارة تبوك اليوم. ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل بعض المنازل ومات عبد الله ذو البجادين «3» فحفروا له، ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم في حفرته وأبو بكر وعمر يدليانه «4» إليه «5» وهو «5» يقول: «أدليا لي «6» أخاكما» ، فأدلوه «7» إليه، فلما هيأه [لشقه] «8» قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم! إني [قد] «9» أمسيت عنه راضيا فارض عنه» ، فقال عبد الله بن مسعود: يا ليتني كنت صاحب الحفرة «10» . وكان المسلمون يقولون: لا جهاد بعد اليوم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا ينقطع الجهاد حتى ينزل عيسى ابن مريم عليه السلام» «11» ، وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم من تبوك إلى المدينة مساجد في منازله معروفة إلى اليوم، فأولها مسجد تبوك ومسجد بثنية مدران «12» ومسجد بذات الزراب «13» ومسجد بالأخضر ومسجد بذات   (1) زيد من الطبري 3/ 147 والسيرة 3/ 147. (2- 2) من السيرة، وفي الأصل: ليسعى في هذا- كذا. (3) من السيرة وحلية الأولياء للأصفهاني 1/ 122، وفي الأصل: النجادين- كذا. (4) من السيرة والحلية، وفي الأصل: يدليان. (5- 5) من السيرة والحلية، وفي الأصل: فهو. (6- 6) في السيرة: أدنيا إلي، وفي الحلية مثل ما في الأصل. (7) في الأصل: فادلوا، وفي السيرة: فدلياه، وفي الحلية: فدلوه. (8) زيد من الطبري والحلية. (9) زيد من السيرة والحلية. (10) وراجع أيضا المغازي 3/ 1014. (11) ذكره في المغازي 3/ 1057. (12) من السيرة 3/ 43 والمغازي 3/ 999؛ وفي الأصل: مردان. (13) من السيرة والمغازي، وفي الأصل: الدراية- كذا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 372 الخطمى ومسجد بذات البتراء «1» ومسجد بالشق «2» ومسجد بذي الجيفة «3» ومسجد بالصدر «4» ومسجد وادي القرى ومسجد الرقعة ومسجد بذي مروة ومسجد بالفيفاء «5» ومسجد بذي خشب. ثم قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، وكان إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فركع فيه ركعتين ثم جلس للناس، فلما فعل ذلك جاء المخلفون فيهم كعب بن مالك ومرارة ابن الربيع «6» وهلال بن أمية وغيرهم، فجعلوا يعتذرون إليه ويحلفون له وكانوا بضعة وثمانين «7» رجلا، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل منهم على نيتهم ويكل «8» سرائرهم إلى الله حتى جاء كعب بن مالك فسلم عليه، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم تبسم المغضب ثم قال: «تعال» ! فجاء كعب بن مالك يمشي حتى جلس بين يديه، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «ما خلفك! ألم تكن ابتعت ظهرك» ؟ قال: بلى يا رسول الله! والله لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا لرأيت أني سأخرج من «9» سخطه بعذر «9» ولقد أعطيت جدلا وإن لي لسانا، ولكن والله! لقد علمت لئن حدثتك اليوم حديثا كاذبا لترضين به عني «10» ، وليوشكن الله أن يسخطك عليّ، ولئن حدثتك حديثا صادقا تجد عليّ فيه، وإني لأرجو عقبى الله فيه، لا والله ما كان لي عذر! والله ما كنت قط   (1) من السيرة، وفي الأصل: التبيراء. (2) أي شق تاراء- كما صرح به في السيرة والمغازي. (3) من السيرة والمغازي، وفي الأصل: الحليفة. (4) أي صدر حوصى أو حوصاء- كما صرح به في السيرة والمغازي. (5) من السيرة والمغازي، وفي الأصل: بالقيقاء. (6) من السيرة، وفي الأصل: ربيعة. (7) من المغازي 3/ 1049، وفي الأصل: ثمانون، وأغلب السياق هنا للمغازي، وراجع أيضا إنسان العيون 3/ 204 والسيرة 3/ 44. (8) من المغازي والسيرة، وفي الأصل: يتكل. (9- 9) من السيرة 3/ 44 والمغازي 3/ 1050، وفي الأصل: سخطته يعذر. (10) من السيرة والمغازي، وفي الأصل: على. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 373 [أقوى و] «1» أيسر مني حين تخلفت عنك! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أما هذا فقد صدق «2» ، قم حتى يقضي الله فيك» ، فقام وثار معه رجال من بني سلمة واتبعوه وقالوا: ما علمناك [كنت] «1» أذنبت ذنبا قبل هذا، ولقد عجزت أن لا تكون اعتذرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كما اعتذر إليه المخلفون، وقد كان كافيك ذنبك استغفار رسول الله صلى الله عليه وسلم [لك] «2» ، وجعلوا ينوبونه حتى أراد أن يرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ويكذب نفسه ثم قال لهم: هل لقي هذا أحد غيري؟ قالوا: نعم، رجلان قالا مثل ما قلت وقال لهما مثل ما قال لك، قال «3» : ومن هما؟ قالوا مرارة بن الربيع «4» وهلال بن أمية الواقفي «5» . ثم نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كلام هؤلاء الثلاثة؛ فأما مرارة وهلال فقعدا في بيوتهما، وأما كعب بن مالك فكان أشب القوم وأجلدهم، وكان يخرج ويشهد الصلاة مع المسلمين ويطوف في الأسواق ولا يكلمه أحد، ويأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم ويسلم عليه وهو في مجلسه بعد الصلاة ويقول في نفسه: هل حرك شفتيه برد السلام [عليّ] «6» أم لا! ثم يصلي قريبا منه ويسارقه النظر، فإذا أقبل كعب على صلاته نظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإذا التفت نحوه أعرض عنه، حتى طال ذلك عليه من جفوة المسلمين. ثم مركعب حتى تسور جدار أبي قتادة- وهو ابن عمه وأحب الناس إليه- فسلم عليه، فلم يرد عليه السلام، فقال له: يا أبا قتادة! أنشدك الله هل تعلم أني أحب الله ورسوله؟ فسكت فعاد ينشده فسكت فعاد ينشده، فقال: والله ورسوله أعلم،   (1) زيد من السيرة والمغازي. (2) من السيرة والمغازي، وفي الأصل: صدق. (3) في الأصل: قالوا- والقصة في السيرة والمغازي مسوقة بالتكلم فلذا هناك: قلت. (4) من السيرة 3/ 44 والمغازي 3/ 1051، وفي الأصل: ربيعة. (5) من السيرة والمغازي، وفي الأصل: الواقعي. (6) زيد من السيرة 3/ 45. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 374 ففاضت عينا كعب ووثب فتسور الجدار ثم غدا إلى السوق، فبينا هو يمشي [و] «1» إذا نبطي «2» من نبط الشام يسأل عنه ممن قدم بالطعام يبيعه بالمدينة وهو يقول: من يدل على كعب بن مالك؟ فجعل الناس يشيرون إليه حتى جاء كعبا فدفع إليه كتابا من ملك غسان في سرقة «3» حرير فيه: أما بعد فإنه بلغنا أن صاحبك قد جفاك ولم يجعلك الله بدار هوان ولا مضيعة فالحق بنا نواسك «4» ، فلما قرأ كعب الكتاب قال: وهذا من البلاء أيضا، قد بلغ بي ما وقعت فيه أن «5» طمع فيّ رجل من [أهل] «6» الشرك، ثم عمد بالكتاب إلى تنور فسجره «7» به، ثم أقام على ذلك حتى [إذا] «6» مضى أربعون ليلة أتاه رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تعتزل امرأتك! فقال كعب: أطلقها أم ماذا؟ قال: بل اعتزلها ولا تقربها، وأرسل إلى مرارة وهلال بمثل ذلك، فقال كعب لامرأته: الحقي بأهلك فكوني عندهم حتى يقضي الله في هذا الأمر ما هو قاض، و «8» جاءت امرأة هلال بن أمية فقالت: يا رسول الله! إن هلال بن أمية شيخ كبير ضائع لا خادم له، أفتكره أن أخدمه، قال: لا، ولكن لا يقربنك! قالت: والله يا رسول الله ما به من حركة إليّ! والله ما زال يبكي منذ كان أمره ما كان إلى يومه هذا، والله لقد تخوفت على بصره «9» ؛ فلبثوا بعد ذلك عشر ليال حتى كمل خمسون ليلة من حين نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين «10» عن كلامهم، فصلى كعب بن مالك الصبح على ظهر بيت من بيوته على الحال التي   (1) زيد من السيرة 3/ 45. (2) من السيرة والمغازي، وفي الأصل: نبط. (3) من السيرة والمغازي، وفي الأصل: سرية- كذا. (4) من السيرة والمغازي 3/ 1052، وفي الأصل: نواسيك. (5) من السيرة والمغازي، وفي الأصل: حتى. (6) زيد من السيرة والمغازي. (7) في الأصل: فسجر، ومبني التصحيح على السيرة والمغازي. (8) وهنا في المغازي زيادة فراجعها. (9) من السيرة والمغازي، وفي الأصل: بصر، وورد بعده زيادة يسيرة في السيرة والمغازي. (10) من السيرة والمغازي 3/ 1053، وفي الأصل: المسلمون. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 375 ذكر الله منه: ضاقت عليه الأرض برحبها وضاقت «1» عليه نفسه «1» ، إذ سمع صوت صارخ أوفى على سلع يقول بأعلى صوته: يا كعب بن مالك! أبشر، فخر كعب لله ساجدا وعرف أنه قد جاء الفرج، وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بتوبة الله عليهم «2» حين صلى الصبح، ثم جاء كعبا «3» الصارخ بالبشرى فنزع ثوبيه فكساهما إياه ببشارته، واستعار ثوبين فلبسهما، ثم انطلق يؤم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتلقاه الناس يتهنأونه بالتوبة ويقولون: ليهنك توبة الله عليك! حتى دخل المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس حوله الناس، فقام إليه طلحة بن عبيد الله فحياه وهنأه، فلما سلم «4» كعب على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ووجهه يبرق بالسرور: «أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك» ! فقال كعب: أمن عندك يا رسول الله أم [من] «5» عند الله؟ قال «بل من عند الله» ! ثم جلس بين يديه فقال: يا رسول الله! إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله ورسوله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك» ، فقال: إني ممسك سهمي الذي بخيبر، ثم قال: يا رسول الله! [إن الله] «5» قد نجاني بالصدق، فإن توبتي إلى الله أن لا أحدث إلا صدقا ما بقيت، فتلا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لَقَدْ تابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ- إلى قوله: إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ «6» . ثم لا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بين عويمر بن الحارث بن عجلان- وهو الذي يقال له عاصم «7» - وبين امرأته بعد العصر في مسجد في شعبان، وذلك أنه أتى رسول   (1- 1) في الأصل: عليهم أنفسهم، ومبني التصحيح على السيرة والمغازي. (2) في الأصل: عنهم، ومبني التصحيح على السيرة والمغازي. (3) في الأصل: كعب، ومبني التصحيح على السيرة. (4) في الأصل: سمع، ومبني التصحيح على السيرة والمغازي 3/ 1054. (5) زيد من السيرة والمغازي. (6) سورة 9 آية 117 و 118، وتوبة كعب هذه قد ألم بها في صحيح البخاري- المغازي، وصحيح مسلم- التوبة، ومسند الإمام أحمد 3/ 456، وتفسير الطبري سورة 9 آية 118. (7) وقال ابن حجر في فتح الباري- باب اللعان ومن طلق بعد اللعان: وقع في السيرة لابن حبان في الجزء: 1 ¦ الصفحة: 376 الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! لو أحدنا رأى امرأته على فاحشة كيف يصنع؟ إن تكلم تكلم بأمر عظيم! وإن سكت [سكت] «1» على مثل ذلك! فلم يجبه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما كان بعد ذلك أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! إن الذي سألتك عنه قد ابتليت به! فأنزل الله هذه الآيات وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ «2» - حتى ختم الآيات، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عاصما فتلا عليه ووعظه وذكره وأخبره أن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، فقال عاصم: لا والذي بعثك! ما كذبت عليها، ثم دعا بامرأته فوعظها وذكرها أن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، قالت: لا والذي بعثك بالحق! فبدأ بعاصم فشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين، والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضع «3» يده على فيه عند الخامسة وقال: احذر فإنها موجبة! ثم ثنى «4» بامرأته فشهدت أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين. والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين؛ ثم فرق بينهما وألحق الولد بالأم «5» . وماتت أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في شعبان، وغسلتها صفية بنت عبد المطلب، ونزل في حفرتها عليّ والفضل وأسامة «6» . وورد على رسول الله صلى الله عليه وسلم كتاب ملوك حمير في رمضان مقرين بالإسلام، فكتب إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كتاب جوابهم وبعثه مع عمرو بن حزم «بسم الله   حوادث سنة تسع: ثم لا عن بين عويمر بن الحارث العجلاني وهو الذي يقال له عاصم وبين امرأته بعد العصر في المسجد وقد أنكر بعض شيوخنا قوله: وهو الذي يقال له عاصم، والذي يظهر لي أنه تحريف وكأنه كان في الأصل: الذي سأل له عاصم- والله أعلم. (1) زيد من مسند الإمام أحمد 2/ 19. (2) سورة 24 آية 6 وما بعدها. (3) في الأصل: فوضعه- كذا. (4) من المسند، وفي الأصل: فتا- كذا. (5) وراجع أيضا باب اللعان من الصحيحين وتفسير الطبري حول آية 9 من سورة النور. (6) وراجع لمزيد التفصيل تاريخ الطبري 3/ 155 وسمط النجوم 1/ 423 و 424. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 377 الرحمن الرحيم- من محمد رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إلى شرحبيل «1» بن عبد كلال والحارث بن عبد كلال قيل [ذي] «2» رعين ومعافر [وهمدان] «2» ، أما بعد، فقد رفع «3» رسولكم، وأعطيتم من المغانم خمس الله وما كتب الله على المؤمنين من العشر في العقار، و «4» ما سقت السماء إذا كان سيحا أو بعلا ففيه العشر إذا بلغ خمسة أوسق، [وما سقى بالرشاء والدالية ففيه نصف العشر إذا بلغ خمسة أوسق] «5» . وفي كل خمس من الإبل سائمة شاة إلى أن تبلغ أربعا وعشرين، فإذا زادت واحدة على أربع «6» وعشرين ففيها ابنة مخاض فإن لم توجد بنت مخاض فابن لبون ذكر إلى أن تبلغ خمسا وثلاثين، فإن زادت واحدة على خمس وثلاثين ففيها ابنة لبون إلى أن تبلغ خمسا وأربعين، فإن زادت واحدة على خمس «7» وأربعين ففيها حقة طروقة الجمل إلى أن تبلغ ستين، فإن زادت على الستين واحدة ففيها جذعة إلى أن تبلغ خمسا «8» وسبعين، فإن زادت واحدة «9» على خمس «1» وسبعين ففيها ابنتا لبون إلى أن تبلغ تسعين، فإن زادت [واحدة] «10» على التسعين ففيها حقتان طروقتا الجمل إلى أن تبلغ عشرين ومائة؛ فما زاد [على عشرين   (1) من السنن الكبرى للبيهقي- باب كيف فرض الصدقة من كتاب الزكاة، وفي الطبري 3/ 153 والسيرة 3/ 69: نعيم، ورواية البيهقي هي نفس الرواية التي ساقها ابن حبان، وأوردها النسائي في سننه باختصار- راجع ذكر حديث عمرو بن حزم في العقول من كتاب القسامة وراجع أيضا كتاب الأموال لأبي عبيد 358- 360. (2) زيد من الطبري والسيرة والسنن. (3) من السنن، وفي الأصل: رجع. (4) سقط من السنن. (5) زيد ما بين الحاجزين من السنن. (6) من السنن، وفي الأصل: أربعة. (7) من السنن، وفي الأصل: خمسة. (8) من السنن، وفي الأصل: خمسة. (9) تأخر في الأصل عن «خمس وسبعين» والترتيب من السنن. (10) زيد من السنن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 378 ومائة] «1» ففي كل أربعين بنت لبون، وفي كل خمسين حقة طروقة [الجمل] «1» وفي كل ثلاثين باقورة «2» [تبيع جذع أو جذعة، وفي كل أربعين باقورة] «1» بقرة. وفي كل أربعين شاة سائمة [شاة] «1» إلى أن تبلغ عشرين ومائة، فإذا زادت على عشرين ومائة واحدة ففيها شاتان إلى أن تبلغ مائتين، فإن زادت واحدة فثلاث «3» إلى أن تبلغ ثلاثمائة «4» ، فإن زادت ففي كل مائة شاة شاة. ولا تؤخذ في الصدقة بهرمة ولا عجفاء «5» ولا ذات عوار ولا تيس الغنم. ولا يجمع بين متفرق، ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة، وما أخذ من الخليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية. وفي كل خمس «6» أواق من الورق خمسة دراهم، وما زاد ففي كل أربعين درهما درهم، وليس فيما دون خمس «6» أواق شيء. وفي كل أربعين دينارا دينار. و «7» إن الصدقة لا تحل لمحمد ولا لأهل بيته، إنما هي الزكاة يزكى بها أنفعهم، «8» في فقراء «8» المؤمنين وفي سبيل الله. وليس في رقيق ولا مزرعة ولا عمالها شيء إذا كانت تؤدى صدقتها «9» من العشر، وليس في عبد المسلم ولا فرسه شيء. وإن أكبر الكبائر عند الله يوم القيامة الإشراك بالله، وقتل النفس المؤمنة بغير حق، والفرار في سبيل الله يوم الزحف، وعقوق الوالدين، ورمي المحصنة، وتعلم السحر، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم. وإن العمرة هي الحج الأصغر. ولا يمس القرآن إلا طاهر. ولا طلاق قبل إملاك، ولا عتاق «10» حتى يبتاع. ولا يصلين أحد منكم في   (1) زيد من السنن. (2) من السنن، وفي الأصل: ما فورة. (3) في الأصل: فثلاثة، وفي السنن: ففيها ثلاث. (4) من السنن، وفي الأصل: أربعمائة. (5) من السنن، وفي الأصل: عجف. (6) من السنن، وفي الأصل خمسة. (7) من السنن، وفي الأصل: أو. (8- 8) في السنن: والفقراء. (9) من السنن، وفي الأصل: صدقها. (10) من السنن، وفي الأصل: عتق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 379 ثوب واحد ليس على منكبيه شيء، ولا يحتبين في ثوب واحد [ليس بين فرجه وبين السماء شيء، ولا يصلين أحدكم في ثوب واحد] «1» وشقه باد، ولا يصلين أحد منكم عاقصا شعره. وإن من اعتبط «2» مؤمنا قتلا عن بينة فهو قود إلا أن يرضى «3» أولياء المقتول. وإن في النفس «4» الدية مائة من الإبل، [و] «1» في الأنف إذا أوعب جدعه «5» الدية، وفي اللسان الدية، وفي الشفتين «6» الدية، وفي البيضتين الدية، وفي الذكر الدية، وفي المأمومة ثلث الدية، وفي الجائفة ثلث الدية، و [في] «7» الرجل الواحدة نصف الدية، وفي الصلب الدية، وفي العينين الدية «8» ، وفي المنقلة خمس «9» عشرة من الإبل، وفي السن خمس من الإبل، وفي الموضحة خمس من الإبل. وإن الرجل يقتل بالمرأة. وعلى أهل الذهب ألف دينار» فقرئ الكتاب على أهل اليمن. ثم بعث «10» رسول الله صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل إلى اليمن وذكر أنه صلى الله عليه وسلم صلى الغداة ثم أقبل على الناس بوجهه فقال: يا معشر المهاجرين والأنصار! أيّكم ينتدب إلى اليمن؟ فقام عمر بن الخطاب فقال: أنا يا رسول الله! فسكت عنه ثم قال: «يا معشر المهاجرين والأنصار» ! أيّكم ينتدب إلى اليمن» ؟ فقام معاذ بن جبل فقال: أنا يا رسول الله! فقال: «يا معاذ أنت لها! يا بلال ائتني بعمامتي» ! فأتاه بعمامته فعمم   (1) زيد من السنن. (2) من السنن، وفي الأصل: اغتبط، والاعتباط: القتل ظلما بدون قصاص. (3) من السنن، وفي الأصل: يوصي. (4) من السنن، وفي الأصل: نفس. (5) من السنن، وفي الأصل: جدعة. (6) من هامش السنن الكبرى وسنن النسائي- ذكر حديث عمرو بن حزم في العقول من كتاب القسامة، وفي الأصل: السنتين. (7) زيد من سنن البيهقي وسنن النسائي. (8) وهنا تقديم وتأخير بالنسبة إلى سنن البيهقي وسنن النسائي. (9) من سنن البيهقي وسنن النسائي، وفي الأصل: الخمس. (10) ذكره في السيرة 3/ 70 في غاية من الاختصار. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 380 بها رأسه، ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم والمهاجرون «1» والأنصار يشيعون معاذا وهو راكب ورسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي إلى جانب راحلته «2» ، ثم قال: «يا معاذ! أوصيك بتقوى الله، وصدق الحديث، وأداء الأمانة وترك الخيانة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وخفض الجناح، وحفظ الجار، ولين الكلام ورد السلام، والتفقه في القرآن، والجزع من الحساب، وحب الآخرة على الدنيا؛ يا معاذ! لا تفسد أرضا، ولا تشتم مسلما، ولا تصدق كاذبا ولا تكذب صادقا، ولا تعص إماما، وإنك تقدم على قوم من أهل الكتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه عبادة الله، فإذا عرفوا الله فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم خمس صلوات «3» في يومهم وليلتهم فإذا فعلوا ذلك فأخبرهم أن [الله تعالى قد] «4» فرض عليهم زكاة تؤخذ من أموالهم فترد على فقرائهم، فإذا أطاعوا بها فخذ منهم وتوق كرائم أموال الناس «5» ؛ يا معاذ «6» ! إني أحب لك ما أحب لنفسي وأكره لك ما أكره لها؛ يا معاذ! إذا أحدثت ذنبا فأحدث له توبة السر بالسر والعلانية بالعلانية؛ يا معاذ! يسر ولا تعسر، واذكر الله عند [كل] «7» حجر ومدر «8» يشهد لك يوم القيامة؛ يا معاذ! عد المريض، وأسرع في حوائج الأرامل والضعفاء، وجالس المساكين والفقراء، وأنصف الناس من نفسك، وقل الحق حيث كان، ولا يأخذك في الله لومة لائم، والقني على الحال التي فارقتني عليها» . فقال معاذ: بأبي وأمي أنت يا رسول الله! لقد حملتني أمرا   (1) وقع في الأصل: المهاجرين- خطأ. (2) ذكر هذا التفصيل في منتخب كنز العمال- راجع مسند الإمام أحمد 4/ 191- 193 وفي حلية الأولياء للأصفهاني 1/ 240 و 241 بسياق قريب مما هنا مع تقديم وتأخير، وراجع أيضا هامش إنسان العيون 2/ 446. (3) من صحيح البخاري- باب لا تؤخذ كرائم أموال الناس من كتاب الزكاة، وفي الأصل: صلوة. (4) زيد من الصحيح. (5) والقصة من «وإنك تقدم» إلى هنا مسوقة في صحيح البخاري كما هنا. (6) والسياق من هنا لمنتخب كنز العمال. (7) زيد من المنتخب. (8) في المنتخب: شجر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 381 عظيما فادع الله لي على ما قلدتني عليه، فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ودعه؛ وانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وأصحابه. ثم أردفه بأبي موسى الأشعري، فلما قدم صنعاء صعد منبرها فحمد الله وأثنى عليه ثم قرأ عليهم عهده ثم نزل، فأتاه صناديد صنعاء فقالوا: يا معاذ! هذا نزل قد هيأناه لك وهذا منزل فرغناه «1» لك، قال: بهذا أوصاني حبيبي، أوصاني رسول الله صلى الله عليه وسلم «2» أن لا تأخذك «3» في الله لومة لائم، وخلع رسول الله صلى الله عليه وسلم «4» معاذ بن جبل «4» [من] «5» ماله لغرمائه حيث اشتدوا عليه وبعثه إلى اليمن وقال: «لعل الله يجبرك» «6» !. وقدم وفد كلاب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة عشر «7» نفرا فيهم لبيد بن ربيعة. ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية مع جماعة من العرب ليس فيهم من المهاجرين أحد ولا من الأنصار إلى بني تميم «8» . فأغار عليهم وسبى منهم النساء والولدان، وأخذ منهم عشرين رجلا فقدم بهم المدينة، فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم لحسان منبرا فقام عليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله يؤيد حسانا بروح القدس» ، فقال القوم: شاعرهم أشعر من شاعرنا وخطيبهم أخطب من خطيبنا «9» .   (1) في الأصل: فدعناه- كذا. (2) والعبارة من هنا إلى «صلى الله عليه وسلم» قد تكررت في الأصل. (3) في الأصل: لا تأخذ- كذا. (4- 4) في الأصل: كعب بن مالك، والتصحيح من الطبقات- القسم الثاني من الجزء الثالث 123 حيث سيق هذا الأمر وقد سيقت القصة في الحلية 1/ 231 عن طريق كعب بن مالك أيضا. (5) زيد من الطبقات. (6) من الطبقات، وفي الأصل: يحرك- كذا. (7) في الأصل: ثلاثة عشرة، والتصحيح من ترجمته في الإصابة، وقد ذكرت وفادته مع قومه في الاستيعاب أيضا- راجع ترجمته فيه. (8) من إنسان العيون 3/ 278، وفي الأصل: نعيم، وذكرت هذه القصة أيضا في السيرة بعضها في قدوم وفد بني تميم وبعضها في غزوة عيينة بن حصن، وقد صرح في إنسان العيون أن الوفد جاءوا في إثر المحبوسين. (9) وقد ألم بهذه المفاخرة في الطبري 3/ 150- 152 والسيرة 3/ 58- 60. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 382 وقدم وفد الطائف «1» ونزلوا دار المغيرة بن شعبة وطلبوا الصلح، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم خالد بن سعيد بن العاص أن يكتب لهم كتاب الصلح. ومرض «2» عبد الله بن أبي بن سلول في ليال بقين من شوال، ومات في ذي القعدة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعوده، فلما مات جاء ابنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! أعطني قميصك أكفنه فيه، فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم قميصه، وأتى قبره فصلى عليه فنزلت الآية وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ «3» . وقدم وفد بني فزارة «4» وهم بضعة [عشر] «5» رجلا فيهم خارجة بن حصن «6» . وقدم وفد بني عذرة «7» ثلاثة عشر رجلا، ونزلوا على المقداد بن عمرو. وفرض الله تعالى الحج على من استطاع إليه سبيلا، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر يحج بالناس من المدينة في ثلاثمائة نفس، وبعث معه عشرين بدنة مفتولة قلائدها، ففتلها عائشة بيدها وقلدها وأشعرها، وساق أبو بكر لنفسه خمس بدنات، وحج معه عبد الرحمن بن عوف، فلما بلغ العرج وثوب «8» بالصبح سمع أبو بكر خلفه رغوة وأراد أن يكبر الصلاة فوقف عن التكبير وقال: هذه رغوة ناقة رسول   (1) وقد ذكرت قصتهم في إنسان العيون 2/ 299 وفي السيرة النبوية بهامش الإنسان 3/ 8 بأطول مما هنا، ووفد الطائف نفس وفد الثقيف، وراجع أيضا السيرة لابن هشام 3/ 46. (2) ذكره في الطبري 3/ 153 مختصرا، وراجع للتفصيل جامع البيان للطبري تفسير آية 84 من التوبة. (3) سورة 9 آية 84. (4) ذكره في الطبري 3/ 154 بمثل ما هنا، واستوعبه في إنسان العيون 3/ 322. (5) زيد من الطبري. (6) من الطبري وإنسان العيون، وفي الأصل: خضن. (7) من إنسان العيون 3/ 326، وفي الأصل: بني غزوة، وذكره في الطبري 3/ 154 وسماه: وفد بهراء، وكلاهما واحد- راجع من جمهرة الأنساب بني بهراء وبني عذرة. (8) من سنن النسائي- باب الخطبة قبل يوم التروية من المناسك، وفي الأصل: تب، وراجع أيضا الطبري 3/ 154. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 383 الله صلى الله عليه وسلم الجدعاء، لقد بدا لرسول الله صلى الله عليه وسلم في الحج، فلعله أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم فنصلي «1» معه! فإذا عليّ عليها فقال أبو بكر: أمير أم رسول؟ فقال: [لا] «2» ، بل رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسلني ببراءة أقرأها على الناس في مواقف الحج، فقدموا مكة فقرأ على الناس سورة براءة حتى ختمها، فلما كان يوم عرفة قام أبو بكر فخطب الناس وعرفهم مناسكهم، حتى إذا فرغ قام عليّ فقرأها على الناس حتى ختمها، فلما كان يوم النحر خطب أبو بكر الناس وحدثهم «3» عن إفاضتهم ونحرهم ومناسكهم، فلما فرغ قام عليّ فقرأ على الناس براءة حتى ختمها «4» لينبذ «5» إلى كل ذي حق حقه [وذي] «6» عهد عهده و [أن] «7» لا يحج بعد هذا العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان؛ فلما كان يوم النفر الأول قام أبو بكر وخطب الناس وحدثهم كيف ينفرون [و] «8» كيف يرمون فعلمهم «9» مناسكهم، فلما فرغ قام علي فقرأ على الناس براءة حتى ختمها، ثم رجعوا إلى المدينة «10» . السنة العاشرة من الهجرة حدثنا محمد بن إسحاق بن خزيمة ثنا محمد بن بشار ثنا [أبو] «11» عامر ثنا   (1) من السنن، وفي الأصل: ليصلي. (2) زيد من السنن. (3) العبارة من هنا إلى «خطب الناس وحدثهم» تكررت في الأصل. (4) والعبارة من هنا إلى «بالبيت عريان» ليست في سنن النسائي- الخطبة يوم التروية، ولا في مسند الدارمي- باب في خطبة الموسم، ولا في سنن البيهقي- باب الخطب. (5) ف الأصل: نبذ، والتصحيح بناء على ما ورد في سمط النجوم 2/ 220: وبعث عليا خلفه بسورة براءة لينبذ إلى كل ذي عهد عهده وأن لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان. (6) زيد ولا بد منه. (7) زيد من سمط النجوم. (8) زيد من سنن النسائي. (9) من السنن، ووقع في الأصل: وعليهم- مصحفا. (10) وراجع أيضا السيرة النبوية بهامش إنسان العيون 2/ 443. (11) زيد من صحيح البخاري وفد عبد القيس من المغازي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 384 قرة «1» بن خالد عن أبي جمرة «2» الضبعي قال: قلت لابن عباس: إن لي جرة ينبذ لي فيها، فإذا أطلت الجلوس مع القوم خشيت «3» أن أفتضح من حلاوته، قال: قدم وفد عبد القيس على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «مرحبا بالوفد غير خزايا ولا ندامى» ! قالوا: يا رسول الله! إن بيننا وبينك المشركين من مضر، وإنا لا نصل [إليك] «4» إلا في أشهر الحرام فحدثنا جملا «5» من الأمر إذا أخذنا به دخلنا الجنة وندعو إليه من وراءنا، فقال: «آمركم بأربع وأنهاكم عن أربع: الإيمان بالله، وهل تدرون ما الإيمان بالله» ؟ فقالوا: الله ورسوله أعلم، قال: «شهادة أن لا إله إلا الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان، و [أن] «4» تعطوا الخمس من المغنم؛ وأنهاكم عن النبيذ في الدباء والنقير والحنتم والمزفت» «6» . قال: في أول هذه السنة قدم وفد عبد القيس «7» على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما دنوا من المدينة تركوا رواحلهم وبادروا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ونزل عبد الله بن الأشج العبدي فعقل راحلته ونزع ثيابه فلبسها ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن فيك لخصلتين يحبهما الله ورسوله: الحلم والأناة» «8» - سألوه عما ذكرنا. ثم بعث «9» رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد إلى بني عبد المدان «10» في شهر ربيع   (1) من الصحيح، وفي الأصل: فروة. (2) من الصحيح، وفي الأصل: أبي حمزة. (3) من الصحيح، وفي الأصل: خشية. (4) زيد من صحيح البخاري. (5) في الأصل: عملا، وفي الصحيح: بجمل. (6) ساقه البخاري باختلاف يسير عما هنا. (7) وفي إنسان العيون 3/ 309: وقول الواقدي: إن قدوم وفد عبد القيس كان في سنة ثمان- ليس بصحيح، لكن ذكر بعضهم أن لعبد القيس وفدتين: واحدة كانت قبل فرض الحج؛ وواحدة بعده، والقائل بالوفدتين هو ابن حجر- راجع وفد عبد القيس في فتح الباري. (8) ساقه الإمام أحمد في مسنده 3/ 23، والحلبي في إنسان العيون 3/ 308، وابن حجر في فتح الباري- وفد عبد القيس. (9) ذكره في الطبري 3/ 156 والسيرة 3/ 71 والسيرة النبوية بهامش إنسان العيون 2/ 447. (10) من السيرة النبوية، وفي الأصل: عبد المهاف- كذا، وفي السيرة النبوية بفتح الميم بوزن سحاب: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 385 الأول وهم بنو الحارث بن كعب وأسلموا، وأخذ الصدقة من أغنيائهم وردها على فقرائهم. ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو «1» بن حزم عاملا على نجران، فخرج وأقام عندهم يعلمهم السنة ومعالم الإسلام إلى أن توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على نجران «2» . وقدم عدي بن حاتم الطائي ومعه صليب من ذهب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله» «3» . وقدم بعده وفد طيء فيهم زيد الخيل وهو رأسهم «4» . ثم قدم جرير بن عبد الله البجلي، فبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هدم «5» ذي الخلصة «5» ، فهدمها. ثم قدم وفد الأزد رأسهم صرّد بن عبد الله «6» في بضعة عشر رجلا، وبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جرش فافتتحها، وكان عاملا للنبي صلى الله عليه وسلم. وولد محمد بن عمرو بن حزم بنجران، فكتب عمرو إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك وأخبره أنه سماه محمدا وكناه أبا سليمان «7» .   اسم صنم، وعبد المدان الذي نسبت القبيلة إليه هو جدهم الأعلى واسمه عمرو بن يزيد. (1) من الطبري 3/ 157 والسيرة 3/ 72، وفي الأصل: محمد. (2) ومثله في الطبري 3/ 158 إحالة على الواقدي. (3) ذكره في السيرة 3/ 65 بغير هذا السياق. (4) ذكره في السيرة 3/ 64 وإنسان العيون 3/ 312 بأطول مما هنا. (5- 5) من الطبري 3/ 173، وفي الأصل: الحليصة- كذا، وراجع أيضا صحيح البخاري- ذو الخلصة من المغازي. (6) من الطبري 3/ 158 والإصابة- راجع ترجمة صرد، وفي الأصل: عبيد الله. (7) والذي يتأتى من ترجمته في الإصابة هو أن النبي صلى الله عليه وسلم سماه محمدا وكناه بعبد الملك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 386 وقدم وفد سلامان «1» ، وهم سبعة نفر رأسهم حبيب السلاماني «2» . وقدم وفد «3» بني حنيفة فيهم مسيلمة فقال: يا محمد! إن جعلت لي الأمر بعدك آمنت بك وصدقتك، وفي يد رسول الله صلى الله عليه وسلم جريدة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لو سألتني هذه الجريدة «4» ما أعطيتكها «4» ! ولن تعدو أمر الله فيك، ولئن أدبرت ليعقرنك الله، إني لأراك «5» الذي أريت» ، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «بينا «6» أنا نائم رأيت في يدي سوارين من ذهب فأهمني شأنهما، فأوحي إليّ [في المنام أن] «7» أنفخهما، فنفختهما فطارا، فأولتهما الكذابين: أحدهما العنسي، والآخر مسيلمة صاحب اليمامة» . وقدم وفد غسان «8» ووفد عبس «9» ووفد كندة «10» ووفد محارب «11» ووفد خولان «12» ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قدم عليه الوفود لبس أحسن ثيابه وأمر أحبابه بذلك. وقدم وفد مراد «13» رأسهم فروة بن مسيك المرادي، واستعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم على مراد ومذحج. وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد على الصدقات إليهم وكتب لهم كتابا بذلك.   (1) من الطبري 3/ 158 وإنسان العيون 3/ 331، وفي الأصل: سلابان. (2) من الطبري وإنسان العيون والإصابة- راجع حبيب بن عمرو، وفي الأصل: السلامي. (3) ذكره في الطبري 3/ 162 والسيرة 3/ 64 وصحيح البخاري- المغازي وفد بني حنيفة. (4- 4) من صحيح البخاري، وفي الأصل: فأعطيتكها. (5) من الصحيح، وفي الأصل: لا أريد. (6) من الصحيح، وفي الأصل: هنا. (7) زيد من الصحيح. (8) ذكره في الطبري 3/ 158 وإنسان العيون 3/ 331. (9) ذكره في إنسان العيون 3/ 331. (10) ذكره في الطبري/ 163 وإنسان العيون 3/ 315. (11) ذكره في الطبري 3/ 163 وإنسان العيون 3/ 329. (12) ذكره في إنسان العيون 3/ 328. (13) ذكره تفصيلا في الطبري 3/ 160 والسيرة 3/ 66. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 387 ودخل «1» أبو ذر على رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد وهو [جالس] «2» وحده فقال «3» : «يا أبا ذر! إن للمسجد تحية» ، قال: وما تحيته يا رسول الله؟ قال: «ركعتان» ، فقام فركعهما، ثم قال: إنك أمرتني بالصلاة فما الصلاة؟ قال: «خير موضوع فمن شاء أقل ومن شاء أكثر» ! فقال: يا رسول الله! أي الأعمال أحب إلى الله؟ قال: «إيمان بالله وجهاد في سبيله» ، قال: فأي المؤمنين أكملهم «4» إيمانا؟ قال: «أحسنهم خلقا» ، قال: فأي المسلمين أفضل؟ قال: «من سلم المسلمون من لسانه ويده» ، قال: فأيّ الهجرة أفضل؟ قال: «من هجر السوء» ، قال: فأي الليل أفضل؟ قال: «جوف الليل الغابر» ، قال: فأي الصلاة أفضل؟ قال: «طول القنوت» ، قال «5» : فأي الرقاب أفضل، قال: «أغلاها «6» ثمنا وأنفسها عند أهلها» ، قال: فأي الجهاد أفضل؟ قال: من عقر جواده وأهريق «7» دمه» ، قال: فأي الصدقة أفضل؟ قال: «جهد من مقل إلى فقير في سر» ، قال: فما الصوم أفضل؟ قال: «فرض مجزي وعند الله أضعاف كثيرة» ، قال: فأي آية [مما] «8» أنزلها الله عليك أفضل؟ قال: «آية الكرسي» «9» ، قال: يا رسول الله! كم النبيون قال: مائة ألف وأربعة وعشرون ألف نبي، قال: كم المرسلون منهم؟ قال: «ثلاثمائة وثلاثة عشر جما غفيرا» ، قال: من كان أول الأنبياء؟ قال: «آدم» ، قال: وكان من الأنبياء   (1) هذا الحديث ذكره بطوله في الحلية 1/ 166- 168 عن الحسن بن سفيان، وأيضا عنه ذكره في كنز العمال- كتاب المواعظ من قسم الأفعال بالإحالة على صحيح ابن حبان والحلية وتاريخ ابن عساكر، وأيضا ذكره في مسند الإمام أحمد 5/ 265 مختصرا. (2) زيد من الحلية والكنز. (3) من الحلية والكنز، وفي الأصل: وقال. (4) من الحلية والكنز، وفي الأصل: اكمل. (5) وإن هنا تقدما وتأخرا بالنسبة إلى الحلية والكنز. (6) من الحلية والكنز، وفي الأصل: أعلاها. (7) من الحلية والكنز، وفي الأصل: إهراق. (8) زيد من الحلية والكنز. (9) ووردت بعده في الحلية والكنز زيادة يسيرة فلتراجع هناك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 388 مرسلا؟ قال: «نعم، خلق الله آدم بيده ونفخ فيه من روحه ثم [سواه وكلمه قبلا، ثم [ «1» قال: يا أبا ذر! أربعة من الأنبياء سريانيون «2» : آدم وشيث وخنوخ- وهو إدريس، وهو أول من خط بالقلم- ونوح؛ وأربعة من العرب «3» : هود وصالح وشعيب ونبيك محمد، وأول الأنبياء آدم وآخرهم محمد صلى الله عليه وسلم، وأول نبي من [أنبياء] «1» بني إسرائيل موسى وآخرهم عيسى، وبينهما ألف نبي» ؛ قال: يا رسول الله! كم أنزل الله من كتاب؟ قال: مائة كتاب وأربعة كتب، أنزل على شيث خمسين صحيفة، وعلى إدريس ثلاثين صحيفة، [وأنزل على إبراهيم عشر صحائف، وأنزل على موسى قبل التوراة عشر صحائف] «4» وأنزل التوراة والإنجيل والزبور والفرقان» ؛ قال: يا رسول الله! فما كانت صحف إبراهيم؟ قال: «كانت أمثالا كلها: أيها الملك [المسلط] «4» المبتلي المغرور! إني لم أبعثك لتجمع الدنيا بعضها على بعض ولكن بعثتك لترد عني دعوة المظلوم، فإني لا أردها ولو كانت من كافر؛ وعلى العاقل ما لم يكن مغلوبا [على عقله] «4» أن يكون له ساعات: ساعة يناجي فيها ربه، وساعة يحاسب فيها نفسه، وساعة يتفكر «5» فيها في صنع الله عز وجل، وساعة يخلو فيها لحاجته من الحلال «6» ؛ فإن هذه الساعة عون لتلك «7» الساعات «8» [واستجمام] «9» للقلوب «10» ، وعلى العاقل أن يكون   (1) زيد من الكنز. (2) من الحلية والكنز، وفي الأصل: سرانيون. (3) زيدت الواو بعده في الأصل، ولم تكن في الحلية والكنز فحذفناها. (4) زيد من الحلية والكنز. (5) من الكنز، وفي الأصل: تتفكر، وفي الحلية: يفكر. (6) في الحلية والكنز: المطر والمشرب، والعبارة من هنا إلى «للقلوب» ليست فيهما. (7) في الأصل: لك- كذا. (8) من الجواهر السنية لمحمد العاملي 25، وفي الأصل: الساعة. (9) كان هنا في الأصل بياض قدر إصبعين فملأناه من الجواهر. (10) من الجواهر، وفي الأصل: القلوب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 389 «1» بصيرا بزمانه «1» ، مقبلا على شأنه، حافظا للسانه «2» ، فإنه من حسب كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما يعنيه؛ وعلى العاقل أن يكون طالبا لثلاث: مرمة لمعاش، وتزود لمعاد، وتلذذ في غير محرم» ؛ وقال: يا رسول الله! فما كانت صحف موسى؟ قال: «كانت عبرا كلها: عجبت لمن أيقن بالموت ثم يفرح، وعجبت لمن أيقن بالقدر ثم ينصب، وعجبت لمن أيقن بالحساب [غدا] «3» ثم لا يعمل» ، قال: هل أنزل الله عليك شيئا مما كان في صحف إبراهيم وموسى؟ قال: «يا أبا ذر! [تقرأ] «3» قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى- الآية» ، قال: يا رسول الله! أوصني، قال: «أوصيك بتقوى الله فإنه زين لأمرك» ، قال: زدني، قال: «عليك بطول الصمت فإنه مطردة للشيطان [عنك] «4» وعون لك على أمر دينك، وإياك والضحك فإنه يميت القلوب ويذهب نور الوجه» ، قال: زدني، قال: «أحب المساكين ومجالستهم» ، قال: زدني، قال: «قل الحق ولو كان مرا» ، قال: زدني، قال: «لا تخف في الله لومة لائم» ، قال: زدني، قال: «ليحجزك «5» عن الناس ما تعلم من نفسك ولا تجد «6» عليهم فيما تأتي» ، ثم قال: «يا «7» أبا ذر! كفى للمرء غيا «8» أن يكون فيها خصال: يعرف من الناس ما يجهل من نفسه، ويتجسس «9» لهم ما هو فيه، ويؤذي جليسه فيما لا يعنيه، يا أبا ذر! لا عقل كالتدبير «10» ،   (1- 1) من الحلية والكنز، وفي الأصل: يصير لزمانه. (2) من الحلية والكنز، وفي الأصل للسان. (3) زيد من الحلية والكنز. (4) زيد من الكنز. (5) في الأصل: لا يحجزك؛ وفي الكنز: ليردك، وفي الحلية: يردك. (6) من الكنز والحلية، وفي الأصل: لا تجر. (7) زيد قبله في الأصل: لا، ويمكن أن يكون: ألا. (8) في الكنز والحلية: عيبا. (9) في الأصل: يتجسسه. (10) من الكنز والحلية، وفي الأصل: كالدبير. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 390 ولا ورع كالكف «1» ، ولا حسب كحسن الخلق» «2» . ثم بعث «3» علي بن أبي طالب رضي الله عنه سرية إلى اليمن في شهر رمضان، قال: يا رسول الله! كيف أصنع؟ قال: «إذا نزلت بساحتهم فلا تقاتلهم حتى يقاتلوك، فإن قاتلوك فلا تقاتلهم حتى «4» يقتلوا منكم قتيلا، فإن قتلوا منكم قتيلا فلا تقاتلوهم حتى «5» تروهم أناة «5» ، فإذا أتيتهم «6» فقل لهم «7» : هل لكم أن تخرجوا من أموالكم صدقة فتردونها على فقرائكم، فإن قالوا: نعم، فلا تبغ منهم غير ذلك؛ ولأن يهدي الله على يديك رجلا واحدا خير لك مما طلعت عليه الشمس» . ونزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجاهِدُونَ «8» فجاء عبد الله بن أم مكتوم فقال: [يا] «9» رسول الله صلى الله عليه وسلم! إني أحب الجهاد في سبيل الله ولكن بي ما ترى، قد ذهب بصري، قال زيد بن ثابت: فثقلت «10» فخذه على فخذي حتى خشيت أن ترضها «11» : ثم قال «غير أولي الضرر» . وقدم العاقب والسيد «12» من نجران فكتب لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابا صالحهم   (1) من الكنز والحلية، وفي الأصل: كالف. (2) من الكنز والحلية، وفي الأصل: خلقه. (3) ذكره في المغازي 3/ 1079 بأطول مما هنا، وألم به في إنسان العيون 3/ 286 مختصرا. (4) من المغازي، وفي الأصل: كتي- كذا. (5- 5) في الأصل: يردهم إياه، والتصحيح بناء على ما في المغازي: ترهم أناة. (6) في الأصل: أتيتم. (7) ولعل هذا السياق اعتوره هنا بعض خرم وورد بتمامه في المغازي فراجعها. (8) سورة 4 آية 95. (9) زيد من مسند الإمام أحمد 5/ 184 حيث سبق هذا الحديث بمثل ما هنا، وقد سبق في التفسير من صحيح البخاري معناه. (10) من المسند، وفي الأصل فتعلت- كذا. (11) من المسند، وفي الأصل: يرضها- كذا. (12) ذكرهما في مسند الإمام أحمد 1/ 414 حيث سيقت قصة وفد نجران، وأيضا سيقت في المسند 5/ 398، وراجع أيضا هامش إنسان العيون 3/ 4. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 391 عليه- فهو في أيديهم إلى اليوم، وقالا: يا رسول الله! ابعث علينا رجلا أمينا «1» نعطه «2» ما سألتنا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لأبعثن إليكم رجلا أمينا حق أمين» ، فاستشرف لها الناس فبعث أبا عبيدة بن الجراح؛ ومات [أبو] «3» عامر الراهب عند «4» هرقل، فاختلف كنانة «4» بن عبد ياليل وعلقمة بن علاثة «5» في ميراثه، فقضي «6» برسول الله صلى الله عليه وسلم لكنانة بن عبد ياليل. وقدم الأشعث بن قيس «7» وافدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في قومه، فبعث معه رسول الله صلى الله عليه وسلم زياد بن لبيد «8» البياضي إلى البحرين ليأخذ منهم الصدقات. وبينما رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد «9» مع أصحابه إذ طلع عليهم رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه منهم أحد، حتى جلس إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم فوضع ركبته إلى ركبته ووضع كفه «10» على فخذه «10» ، ثم قال: يا محمد! أخبرني عن الإسلام؟ قال: «أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا» ، قال: صدقت! فعجب المسلمون منه يسأله ويصدقه؛ ثم قال: أخبرني عن الإيمان، قال: «أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر كله خيره وشره» ، قال: صدقت؛ قال: أخبرني عن الإحسان، [قال] «11» : «أن تعبد الله   (1) من المسند 1/ 414، وفي الأصل: أمنا. (2) في الأصل: نعطيه. (3) زيد من الطبري 3/ 163 حيث ذكر موته وما تعقبه. (4- 4) وقع في الأصل: هم قل ما اختلف كتابه- مصحفا عما أثبتناه تصحيحا من الطبري. (5) من الطبري، وفي الأصل: علاة. (6) من الطبري، وفي الأصل: فعصى. (7) ذكره في الطبري 2/ 162 والسيرة 3/ 68. (8) من الإصابة، وفي الأصل: الوليد. (9) في الأصل: قاعدا، وهذا الحديث مشهور قد ورد ذكره في كتب الأحاديث كلها. (10- 10) في الأصل: إلى ركبته، والتصحيح بناء على مسند الإمام أحمد 1/ 51. (11) زيد من المسند. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 392 كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك» ؛ قال: فأخبرني عن الساعة، قال: «ما المسؤول عنها بأعلم [بها] «1» من السائل» ، قال: فأخبرني عن أمارتها «2» ، قال: «أن تلد الأمة ربتها «3» وأن ترى الحفاة «4» العراة يتطاولون «5» في البنيان» ، قال: ثم انطلق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هذا جبريل، أتاكم يعلمكم دينكم» . ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يحج حجة الوداع «6» فأذن في الناس أنه خارج، فقدم المدينة بشر كثير كلهم يلتمس أن يأتم برسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى أتى ذا الحليفة فولدت «7» أسماء بنت عميس محمد بن أبي بكر فأرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف أصنع؟ قال: «اغتسلي، واستثفري «8» بثوب وأخرى» . ثم صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد وأمر ببدنة أن تشعر وسلت عنها الدم «9» ، ثم ركب القصواء «10» فلما استوت به ناقته على البيداء أهلّ، وإن بين يديه وخلفه وعن يمينه ويساره من الناس ما بين راكب وماش «11» ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرهم، فأهلّ: لبيك! اللهم لبيك! لا شريك لك لبيك! إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك؛ وأهل الناس معه، فمنهم من أهل مفردا ومنهم من أهل قارنا، حتى قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة من الثنية، فلما دخل مكة توضأ إلى الصلاة ثم دخل من باب بني شيبة، فلما أتى الحجر   (1) زيد من المسند. (2) من المسند 1/ 52، وفي الأصل: أمارتها. (3) من المسند، وفي الأصل: ربها. (4) من المسند، وفي الأصل: الجفاة. (5) من المسند، وفي الأصل: يتكاولون. (6) ذكرها في الطبري والسيرة ولكن السياق للمغازي 3/ 1388، وراجع أيضا إنسان العيون 3/ 355، وأغلب السياق لصحيح مسلم- حجة النبي صلى الله عليه وسلم من كتاب المناسك. (7) من الصحيح، وفي الأصل: ولدت. (8) من الصحيح، وفي الأصل: استندي. (9) وأيضا راجع سنن البيهقي 5/ 332 والمغازي 3/ 1090. (10) من الصحيح، وفي الأصل: القصوى. (11) من الصحيح، وفي الأصل: ماشي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 393 استلمه، ورمل ثلاثا ومشى أربعا، ثم تقدم إلى مقام إبراهيم [فقرأ] «1» وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى وجعل المقام بينه وبين البيت وصلى ركعتين، قرأ فيهما قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وقُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ، ثم رجع إلى الركن فاستلمه؛ ثم خرج من الباب إلى الصفا، فلما رقى على الصفا قرأ إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ وقال: «أبدأ بما بدأ الله» ؛ فلما رقى عليها ورأى البيت استقبل القبلة وقال: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده- قال ذلك ثلاث مرات؛ فلما نزل [إلى] «1» المروة حتى «2» انصبت قدماه في بطن الوادي خب، حتى إذا صعد مشى، فلما أتى المروة صعد عليها وفعل عليها ما فعل على الصفا؛ حتى إذا كان آخر طواف على المروة فقال: لو استقبلت ما استدبرت لم أسق الهدي ولجعلتها عمرة، فمن كان منكم ليس معه هدي فليحل وليجعلها عمرة» ، فقال سراقة ابن مالك بن جعشم: يا رسول الله! لعامنا هذا أو للأبد؟ فشبك رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصابعه وقال: «دخلت العمرة في الحج- مرتين- لا، بل للأبد» . وقدم عليّ من اليمن فوجد «3» فاطمة قد لبست ثياب صبغ واكتحلت، فأنكر ذلك عليها فقالت: أبي أمرني بهذا! ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم [لعلي] «4» : «بم فرضت الحج» ؟ قال: قلت: اللهم! إني أهل بما أهل به رسولك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فإن معي الهدي فلا تحل» ، فكان الهدي الذي قدم به علي بن أبي طالب من اليمن والذي أتى به النبي صلى الله عليه وسلم مائة، فحل الناس وقصروا إلا النبي صلى الله عليه وسلم ومن كان معه [هدي] «5» . واعتل سعد «6» بن أبي وقاص فدخل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبكى سعد فقال له   (1) زيد من الصحيح. (2) من الصحيح، وفي الأصل: فلما. (3) من الصحيح، وفي الأصل: فوجدت. (4) زيد من الدرر لابن عبد البر 278. (5) زيد من الصحيح. (6) واعتلال سعد قد ألم به البخاري في الصحيح- باب ميراث البنات من كتاب الفرائض، والواقدي في الجزء: 1 ¦ الصفحة: 394 النبي صلى الله عليه وسلم: « [ما يبكيك] » «1» . فقال: خشيت أن أموت بالأرض التي هاجرت منها كما مات سعد بن خولة! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «اللهم اشف سعدا» - ثلاثا، فقال: يا رسول الله! إن لي مالا كثيرا، وأنعما، ومورثتي بنت لي واحدة، أفأوصي بمالي كله؟ قال: لا، قال: فالنصف؟ قال: «لا» ، قال: الثلث؟ قال: «الثلث، والثلث كثير، إنك إن صدقت مالك صدقة «2» ، وإن نفقتك على عيالك صدقة، وما تأكل امرأتك من طعامك صدقة، وأن تدع أهلك بخير [خير] «3» من أن تدعهم عالة يتكففون الناس، اللهم! أمض لأصحابي هجرتهم ولا تردهم على أعقابهم» ، لكن البائس سعد بن خولة، يرثي له رسول الله صلى الله عليه وسلم [أن مات بمكة] «4» . [فلما كان يوم التروية توجهوا] «5» إلى منى وأهلّ الناس بالحج، فصلى بهم الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح بمنى ثم مكث قليلا حتى طلعت الشمس، وأمر بقبة له فضربت له بنمرة، ثم سار رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تشك قريش [إلا] «6» أنه واقف عند المشعر الحرام كما كانت قريش تصنع في الجاهلية، فجاز «7» رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جاء عرفة «8» فوجد القبة [قد ضربت] «6» له بنمرة فنزل بها، حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء «9» فرحلت له، فلما [أتى] «10» بطن الوادي خطب الناس وقال في خطبته: «إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في   - المغازي 3/ 1115، والإمام أحمد في مسنده 1/ 168. (1) زيد لاستقامة العبارة. (2) من المسند، وفي الأصل: صدقت. (3) زيد من المسند. (4) زيد من صحيح البخاري. (5) زيد من صحيح مسلم، ويستأنف من هنا سياقه. (6) زيد من صحيح مسلم. (7) في الأصل: فجاء، وفي الصحيح: فأجاز. (8) من الصحيح، وفي الأصل: العرفة. (9) من الصحيح، وفي الأصل: بالقصوى. (10) زيد من الصحيح غير أنه هناك «فأتى» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 395 شهركم هذا في بلدكم هذا! ألا! كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع ودماء الجاهلية موضوعة؛ فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف؛ وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعدي إن اعتصمتم به: كتاب الله، وأنتم تسألون عني فماذا أنتم قائلون» ؟ قالوا: نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت، فقال بأصبعه السبابة يرفعها «1» إلى السماء: «اللهم اشهد» ! ثم أذن وأقام فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر ولم يصل بينهما شيئا، ثم ركب حتى أتى الموقف فجعل «2» بطن القصواء «2» إلى الصخرة وجعل جبل المشاة «3» بين يديه واستقبل القبلة، فلم يزل واقفا- والمسلمون معه- حتى غربت الشمس وذهبت الصفرة قليلا. ثم أردف أسامة بن زيد خلفه ودفع [رسول الله] «4» صلى الله عليه وسلم وقد «5» شفق للقصواء «5» الزمام ويقول بيده اليمنى: «أيها الناس السكينة! كلما أتى جبلا من الجبال أرخى لها قليلا «6» حتى تصعد» ، فلما أتى المزدلفة صلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين ولم يسبح بينهما شيئا، ثم اضطجع حتى طلع الفجر وصلى الفجر حين تبين له الصبح بأذان وإقامة، ثم ركب القصواء «7» حتى أتى المشعر الحرام فاستقبل القبلة ودعا وكبر وهلل، ثم لم يزل واقفا حتى أسفر جدا، ثم دفع قبل أن تطلع الشمس، وأردف الفضل بن عباس «8» حتى أتى محسر فسلك الطريق الوسطى التي «9» تخرج إلى   (1) من صحيح مسلم، وفي الأصل: يرفعهما. (2- 2) في الأصل: باطن القصوى، والتصحيح بناء على الصحيح. (3) من الصحيح، وفي الأصل: المشا. (4) زيد من الصحيح. (5- 5) من الصحيح، وفي الأصل: شق للقصوى. (6) من الصحيح، وفي الأصل: فقيلا. (7) من الصحيح، وفي الأصل: القصوى. (8) وفي الصحيح هنا زيادة فراجعه. (9) من الصحيح، وفي الأصل: الذي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 396 الجمرة الكبرى، فلما أتى الجمرة رماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة، رماها من بطن الوادي بمثل حصى الخذف، ثم انصرف إلى المنحر «1» فنحر ثلاثا «2» وستين بدنة بيده، ثم أعطى عليا فنحر ما غبر منها وأشركه في هديه، وأمر من كل بدنة ببضعة «3» فجعلت في قدر فطبخت، فأكلا من لحمها وشربا من مرقها، ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم القصواء «4» فأتى البيت فطاف الزيارة، ثم قال: «يا بني عبد المطلب انزعوا، فلولا أن يغلبكم «5» الناس لنزعت معكم» ، فناولوه دلوا من زمزم فشرب منه «6» ؛ ثم رجع صلى الله عليه وسلم إلى منى وصلى الظهر بها ثم أقام بها أيام منى، ثم ودع البيت وخرج إلى المدينة حتى دخلها والمسلمون معه فأقام بالمدينة [بقية] «7» ذي الحجة والمحرم وبعض صفر. ذكر وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرنا أبو يعلى حدثنا أحمد بن جميل المروزي «8» ثنا عبد الله بن المبارك أنا معمر عن يونس عن الزهري أخبرني أنس بن مالك أن المسلمين «9» بينما هم في صلاة الفجر يوم الإثنين وأبو بكر يصلي لهم لم يفجأهم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كشف ستر حجرة عائشة فنظر إليهم وهم صفوف في صلاتهم، ثم تبسم ونكص أبو بكر على عقبيه ليصل «10» الصف وظن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد أن يخرج إلى الصلاة،   (1) من الصحيح، وفي الأصل: الصخرة. (2) من الصحيح، وفي الأصل: ثلاثة. (3) من الصحيح، وفي الأصل: بضعة. (4) في الأصل: القصوى. (5) من الصحيح، وفي الأصل: تغلبكم. (6) وإلى هنا انتهى سياق الصحيح من حديث جابر. (7) زيد من سياق الطبري 3/ 188. (8) ذكره ابن حجر في تعجيل المنفعة وهو ممن روى عن ابن المبارك. (9) من صحيح البخاري- مرض النبي صلى الله عليه وسلم ووفاته من كتاب المغازي، وفي الأصل: المسلمون، وهذا الحديث قد رواه البخاري باللفظ الذي هنا. (10) من الصحيح، وفي الأصل: ليصلي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 397 وهمّ المسلمون أن يفتتنوا في صلاتهم فرحا برسول الله صلى الله عليه وسلم حين رأوه، فأشار إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن اقضوا صلاتكم، ثم دخل الحجرة وأرخى الستر بينه وبينهم وتوفي في ذلك «1» اليوم. قال: أول ما اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ذلك يوم الأربعاء لليلتين بقيتا من صفر «2» وهو في بيت ميمونة حتى أغمي عليه من شدة الوجع، فاجتمع عنده نسوة من أزواجه والعباس بن عبد المطلب وأم سلمة [وأسماء] » بنت عميس الخثعمية وهي أم عبد الله بن جعفر وأم الفضل بنت الحارث وهي أخت ميمونة، فتشاوروا في رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أغمي عليه فلدوه وهو مغمر، فلما أفاق قال: «من فعل بي هذا» ؟ [قالوا: يا رسول الله! عمك العباس، قال: هذا] «4» عمل نساء جئن من ههنا» - وأشار إلى أرض الحبشة، فقالوا: يا رسول الله! أشفقن أن يكون بك ذات الجنب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما كان الله ليعذبني بذلك الداء» ، ثم قال: «لا يبقين أحد في الدار إلا لد إلا العباس» . فلما ثقل برسول الله صلى الله عليه وسلم العلة استأذنت عائشة أزواجه أن تمرضه في بيتها فأذن لها «5» ، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بين رجلين تخط رجلاه في الأرض: بين عباس وعلي، حتى دخل بيت عائشة، فلما دخل بيتها اشتد وجعه فقال «6» : «أهريقوا عليّ من سبع قرب لم تحلل أوكيتهن لعلي أعهد «7» إلى الناس» ، فأجلسوه في مخضب لحفصة ثم صب عليه من تلك القرب حتى جعل يشير إليهن بيده أن قد فعلتن، ثم   (1) وراجع أيضا السيرة 3/ 98. (2) وقد ذكره في الطبري 3/ 188 نسبة إلى الواقدي، وأغلب السياق لحديث أسماء بنت عميس وقد ساقه الإمام أحمد في مسنده 6/ 438 وراجع، أيضا السيرة 3/ 67. (3) زيد ولا بد منه. (4) زيد من الطبري. (5) قد بسط ذلك كله في إنسان العيون 3/ 456 مع اختلاف الأقوال. (6) من إنسان العيون، وفي الأصل: قال. (7) من مسند الإمام أحمد 6/ 151، وفي الأصل: أعبد- كذا، ولفظ المسند: لعلي أستريح فأعهد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 398 قال: «ضعوا لي في المخضب ماء» ، ففعلوا فذهب لينوء «1» فأغمي عليه ثم أفاق قال: «ضعوا لي في المخضب [ماء] «2» » . ففعلوا، ثم ذهب لينوء فأغمي عليه فأفاق وقال: «أصلى الناس بعد» ؟ قالوا: لا يا رسول الله وهم ينتظرونك، والناس عكوف ينتظرون رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي بهم العشاء الآخرة، فقال: «مروا أبا بكر أن يصلي بالناس» ، فقالت عائشة: يا رسول الله! إن أبا بكر رجل رقيق وإنه إذا قام مقامك بكى، فقال: «مروا أبا بكر يصلي بالناس» ، ثم أرسل إلى أبي بكر فأتاه الرسول فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تصلي بالناس، فقال أبو بكر: يا عمر! صل بالناس! فقال: أنت أحق، إنما أرسل إليك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلى بهم أبو بكر تلك الأيام. ثم وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم من نفسه خفة فخرج لصلاة الظهر بين العباس وعلي وقال لهما: «أجلساني عن يساره» ، فكان أبو بكر يصلي بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس والناس يصلون بصلاة أبي بكر «3» ، ثم وجد خفة صلى الله عليه وسلم فخرج فصلى خلف أبي بكر «4» قاعدا في ثوب واحد ثم قام وهو عاصب رأسه بخرقة حتى صعد المنبر ثم قال: «والذي نفسي بيده! إني لقائم على الحوض الساعة» ، ثم قال: «إن عبدا عرضت عليه الدنيا وزينتها فاختار الآخرة» ، فلم يفطن لقوله إلا أبو بكر «5» فذرفت عيناه وبكى وقال: بأبي وأمي! نفديك بآبائنا وأمهاتنا وأنفسنا وأموالنا «6» ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن أمنّ الناس علي في بدنه «7» ودينه وذات يده أبو بكر، ولو كنت   (1) أي ذهب ليقوم بجهد ومشقة- كما في مجمع البحار، والسياق هنا للمسند 6/ 251. (2) زيد من المسند. (3) ذكره في مسند الإمام أحمد 2/ 52، وراجع أيضا السيرة 3/ 98. (4) في الأصل: أبو بكر. (5) في الأصل: أبي بكر. (6) رواه الدارمي في مقدمة سننه- راجع وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وراجع أيضا الطبري 3/ 192. (7) في الأصل: يديه، وفي مسند الإمام أحمد 1/ 270: نفسه، والسياق هنا قريب منه، وراجع أيضا الطبري 3/ 192. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 399 متخذا خليلا لا تخذت أبا بكر خليلا ولكن أخوة الإسلام، سدوا «1» كل خوخة في المسجد إلا خوخة أبي بكر» ، ثم نزل ودخل البيت وهي آخر خطبة خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم. فلما كان يوم الإثنين كشف الستارة من حجرة عائشة والناس صفوف خلف أبي بكر وكأن وجهه ورقة مصحف فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأشار إليهم أن مكانكم وألقى السجف «2» وتوفي آخر ذلك اليوم، وكان ذلك اليوم لاثنتي عشرة «3» خلون من شهر ربيع الأول. وكان مقامه بالمدينة عشر حجج سواء، وكانت عائشة تقول «4» : توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي ويومي وبين سحري ونحري، وكان أحدنا يدعو بدعاء إذا مرض فذهبت أعوذ فرفع رأسه إلى السماء وقال: في «5» الرفيق الأعلى» ! ومر عبد الرحمن ابن أبي بكر وفي يده جريدة خضراء رطبة فنظر إليه، فظننت أن له بها حاجة فأخذتها فمضغت رأسها ثم دفعتها إليه فاستن «6» بها ثم ناولنيها وسقطت من يده، فجمع الله بين ريقي وريقه في آخر يوم من الدنيا وأول يوم من الآخرة. وكان «7» أبو بكر في ناحية المدينة فجاء فدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مسجى، فوضع فاه على جبين رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعل يقبله ويبكي ويقول: بأبي وأمي! طبت حيا وطبت ميتا! فلما خرج ومر بعمر بن الخطاب وعمر يقول: [ما] «8»   (1) من المسند، وفي الأصل: سروا، وزيد بعده في المسند: عني. (2) رواه في المسند 3/ 110. (3) في الأصل: لاثني عشرة، وراجع الاختلاف في يوم وفاته صلى الله عليه وسلم في الطبري 3/ 197. (4) راجع مسند الإمام أحمد 6/ 48 والطبري 3/ 197. (5) في الطبري: بل. (6) من المسند، وفي الأصل: فاستر. (7) راجع إنسان العيون 3/ 468 والطبري 3/ 468 والطبري 3/ 197 و 199. (8) زيد ولا بد منه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 400 مات رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يموت حتى يقتل المنافقين ويخزيهم «1» ! وكانوا قد رفعوا رؤسهم لما رأوا أبا بكر فقال أبو بكر لعمر: أيها الرجل! اربع على نفسك، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات، ألم تسمع الله يقول: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ «2» ، وقال: وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ [مِتَ] «3» فَهُمُ الْخالِدُونَ، ثم أتى أبو بكر المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس! إن كان محمد «4» إلهكم الذي تعبدونه فإن إلهكم قد مات، وإن كان إلهكم الذي في السماء فإن إلهكم لم يمت، ثم تلا وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ- حتى ختم الآية؛ وقد استيقن المؤمنون بموت محمد صلى الله عليه وسلم. وقد كان لعبد المطلب بن هاشم من الأولاد ستة عشر ولدا: عشرة ذكور، منهم تسعة عمومة رسول الله صلى الله عليه وسلم وواحد والد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وست «5» من الإناث عمات رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأما أولاد عبد المطلب «6» الذكور منهم: عبد الله بن عبد المطلب والد رسول الله صلى الله عليه وسلم، والزبير بن عبد المطلب، وأبو طالب بن عبد المطلب، والعباس ابن عبد المطلب، وضرار بن عبد المطلب، وحمزة بن عبد المطلب، والمقوم بن عبد المطلب، وأبو لهب بن عبد المطلب، والحارث بن عبد المطلب، والغيداق «7» بن عبد المطلب. فأما عبد الله والد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يكن له ولد غير رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ذكر ولا   (1) في الأصل: يجزيهم. (2) سورة 39 آية 30. (3) زيد من القرآن الكريم سورة 21 آية 34. (4) في الأصل: محمدا. (5) في الأصل: ستة. (6) وقد ورد في سمط النجوم 1/ 316 ذكر أعمامه صلى الله عليه وسلم مع نقل اختلاف العلماء حول عددهم فراجعه. (7) من السمط، وفي الأصل: الغيراق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 401 أنثى، وتوفي قبل أن يولد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأما الزبير بن عبد المطلب فكنيته أبو الطاهر، «1» من أجلة القريش «1» وفرسانها من المبارزين، وكان متعالما «2» يقول الشعر فيجيد «3» . وأما أبو طالب «4» بن عبد المطلب فإن اسمه عبد مناف، وكان هو وعبد الله والد رسول الله صلى الله عليه وسلم لأم واحدة وكان أبو طالب وصى عبد المطلب لابنه في ماله بعده وفي حفظ رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعده على من كان يتعهده عبد المطلب في حياته؛ ومات أبو طالب قبل أن يهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة بثلاث سنين وأربعة أشهر. وأما العباس «5» فكنيته أبو الفضل، وكان إليه السقاية وزمزم في الجاهلية، فلما افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة دفعها إليه يوم الفتح وجعلها إليه؛ ومات العباس بن عبد المطلب سنة اثنتين وثلاثين في خلافة عثمان بن عفان. وأما ضرار فإنه كان يقول الشعر ويجيده، ومات قبل الإسلام ولا عقب له. وأما حمزة فكنيته أبو ليلى، وقد قيل: أبو عمارة، واستشهد يوم أحد، قتله وحشي بن حرب مولى جبير بن مطعم في شوال سنة ثلاث من الهجرة، وكان حمزة أكبر من النبي صلى الله عليه وسلم بسنتين. وأما المقوّم فكان من رجالات» قريش وأشدائها، هلك قبل الإسلام ولم يعقب.   (1- 1) في الأصل: بن جلة القرشيين، والتصحيح مما مضى من أول هذا الكتاب في نسبة ذكر سيد ولد آدم. (2) في الأصل: يتعالما. (3) في الأصل: فيجير. (4) وقد استوعب خبره في سمط النجوم 1/ 331- 342. (5) وقد استقصى خبره في سمط النجوم 1/ 322- 331. (6) في الأصل: رجالان- خطأ، وقد مر من قبل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 402 وأما أبو لهب فإن اسمه عبد العزى وكنيته أبو عتبة «1» ، وإنما كني أبا «2» لهب لجماله، وكان أحول، يعادي رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين عمومته ويظهر له حسده إلى أن مات عليه. وأما الحارث «3» - وهو أكبر ولد عبد المطلب- اسمه كنيته، وهو ممن شهد حفر زمزم مع عبد المطلب قديما. وأما الغيداق «4» فإنه كان من أسد قريش وأجلادها، ومات قبل الوحي ولم يعقب. وأما بنات عبد المطلب فإن إحداهن عاتكة بنت عبد المطلب، وأميمة بنت عبد المطلب، والبيضاء وهي أم حكيم، وأروى بنت عبد المطلب، وصفية بنت عبد المطلب، وبرة «5» بنت عبد المطلب. وأما عاتكة «6» فإنها كانت عند أبي أمية بن المغيرة المخزومي. وأما أميمة فإنها كانت عند جحش بن رئاب «7» الأسدي. وأما البيضاء فإنها كانت عند كريز «8» بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس. وأما صفية «9» فكانت عند العوام بن خويلد بن أسد.   (1) وقد ذكر في سمط النجوم 1/ 349 أن لأبي لهب من الأولاد ثلاثة ذكور وعد منهم عتبة. (2) في الأصل: أبو. (3) وقد بسط ترجمته في السمط 1/ 342 فراجعه. (4) ذكره في السمط 1/ 352 بأقل مما هنا. (5) من السمط 1/ 358 وطبقات ابن سعد 8/ 30، وفي الأصل: وبرة. (6) وراجع أيضا السمط 1/ 353 والطبقات 6/ 29. (7) من السمط 1/ 539 والطبقات 8/ 31، وفي الأصل: رباب. (8) بهامش الأصل: كبير- خطأ، وراجع أيضا السمط 1/ 353 والطبقات 8/ 30. (9) وراجع أيضا السمط 1/ 360 والطبقات 8/ 27. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 403 وأما برة فإنها [كانت] «1» عند عبد الأسد بن هلال المخزومي. وأما أروى «2» فكانت عند عمير بن عبد مناف بن قصي. ولم يسلم من عمات النبي صلى الله عليه وسلم إلا صفية، وهي والدة الزبير بن العوام، وتوفيت صفية في خلافة عمر بن الخطاب- فهذا ما يجب أن يعلم من ذكر عمات رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأما نساء «3» رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب بن مرة بمكة قبل الوحي ورسول الله صلى الله عليه وسلم ابن خمس وعشرين سنة، وكانت خديجة قبله تحت عتيق بن عائذ «4» بن عبد الله بن عمر ابن مخزوم، وولد له منها أولاده إلا إبراهيم، وتوفيت خديجة بمكة قبل الهجرة. ثم تزوج بعد موت خديجة سودة بنت زمعة بن قيس بن عبد شمس بن عبدود ابن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي، وأمها الشموس بنت قيس بن زيد بن عمرو بن لبيد بن خراش بن عامر بن غنم «5» بن عدي بن النجار؛ خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عمها وقدان بن عبد شمس «6» ، وكانت قبل ذلك تحت السكران بن عمرو أخي سهيل بن عمرو من بني عامر بن لؤي، وكانت امرأة «7» ثقيلة ثبطة «7» ، وهي التي وهبت يومها لعائشة وقالت: لا أريد مثل ما تريد النساء، وتوفيت «8» سودة سنة خمسين.   (1) زيد ولا بد منه. (2) وراجع أيضا السمط 1/ 356 والطبقات 8/ 28. (3) وقد اطرد ذكرهن في كتب السير والطبقات والرجال والتاريخ باستيعاب يغنينا عن التعليق عليهن. (4) من سمط النجوم 1/ 365، وفي الأصل: عائد. (5) من الإصابة، وفي الأصل: غتم. (6) من جمهرة أنساب العرب 157، وفي الأصل: جليس- كذا. (7- 7) من الطبقات 8/ 38، وفي الأصل: نقيلة تبطه- كذا. (8) في الأصل: توفي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 404 ثم تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة بنت أبي بكر بن أبي قحافة الصديق في شوال وهي بنت ست، وبنى بها وهي بنت تسع بعد الهجرة، وتوفيت عائشة ليلة الثلاثاء لسبع عشرة ليلة خلت من رمضان سنة «1» سبع وخمسين «2» ، وصلى عليها أبو هريرة، ودفنت بالبقيع «3» ، ولم يتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم بكرا غيرها. ثم تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم حفصة بنت عمر بن الخطاب في شعبان، أمها زينب بنت مظعون بن حبيب بن وهب بن حذافة «4» بن جمح وكانت قبل ذلك تحت خنيس ابن حذافة بن قيس، وذلك في سنة ثلاث من الهجرة، وتوفيت حفصة بنت عمر سنة خمس وأربعين. ثم تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه السنة في شهر رمضان زينب بنت خزيمة بن الحارث بن عبد الله بن عمرو بن عبد مناف بن هلال بن [عامر بن] «5» صعصعة التي يقال لها: أم المساكين، وكانت قبله تحت الطفيل بن الحارث، وهي أول من لحقت بالنبي صلى الله عليه وسلم من نسائه «6» . ثم تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم في السنة الرابعة من الهجرة أم سلمة بنت [أبي] «7» أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، وماتت أم سلمة سنة تسع وخمسين. ثم تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنة خمس زينب بنت جحش بن رئاب «8» بن   (1) في الأصل: ست- كذا. (2) هذا وذهب الأكثرون إلى أنها توفيت سنة ثمان وخمسين- راجع لترجمتها الإصابة وسمط النجوم والطبقات. (3) وقع في الأصل: بالتبيع- مصحفا. (4) من طبقات ابن سعد 8/ 56، وفي الأصل: حراقة. (5) زيد من الإصابة والطبقات 8/ 82. (6) وفي سمط النجوم 1/ 382: وتوفيت في حياته صلى الله عليه وسلم. (7) زيد من الطبقات 8/ 60 والسمط 1/ 382. (8) من الطبقات 8/ 71، وفي الأصل: رباب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 405 يعمر بن صبرة بن مرة بن كبير «1» بن غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة، وكانت قبل ذلك عند زيد بن حارثة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتوفيت زينب هذه سنة عشرين. ثم اصطفى رسول الله صلى الله عليه وسلم صفية بنت حييّ بن أخطب في سنة سبع وهي من بني إسرائيل، وكانت قبله عند كنانة بن أبي الحقيق، سباها رسول الله صلى الله عليه وسلم فاصطفاها وكانت «2» ممن اصطفاها «2» وأعتقها وتزوج بها، وماتت صفية بنت حيي سنة خمسين «3» . ثم تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر هذه السنة أم حبيبة «4» بنت أبي سفيان بن حرب، وكانت قبله تحت عبيد الله «5» بن جحش، وكانت بأرض الحبشة مع زوجها مهاجرة فمات زوجها عبيد الله «5» بن جحش، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن أمية الضمري إلى النجاشي ليخطبها لرسول الله صلى الله عليه وسلم وكان وليها في تلك الناحية إذ كان سلطانا ولم يكن ولى بتلك الناحية «6» ، والسلطان ولي من لا ولي له، وكان الذي تولى الخطبة عليها والسعي في أمرها سعيد بن العاص، وكان وليها حينئذ بالبعد، فخرجت أم حبيبة مع جعفر بن أبي طالب من أرض الحبشة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وماتت» أم حبيبة سنة أربع وأربعين. وتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم ميمونة بنت الحارث بن حزن بن بجير «8» بن الهرم بن رويبة «9» بن عبد الله «10» بن عامر بن صعصعة، وكانت قبله تحت أبي رهم بن عبد   (1) من الطبقات، وفي الأصل: كثير. (2- 2) في الأصل: من اصطفى- كذا. (3) وحول تاريخ وفاتها اختلاف- راجع الإصابة والطبقات والسمط. (4) واسمها رملة، وقيل: هند، والأول أصح- راجع سمط النجوم 1/ 390. (5) من الطبقات 8/ 68 والسمط 1/ 390، وفي الأصل: عبد الله. (6) في الأصل: الناجية- خطأ. (7) في الأصل: مات. (8) من الإصابة والطبقات 8/ 94، وفي الأصل: بحير. (9) من الإصابة والطبقات، وفي الأصل: ربيعة. (10) زيد بعده في الإصابة والطبقات: بن هلال. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 406 العزى من بني عامر بن لؤي، وماتت ميمونة سنة ثمان وثمانين «1» ، وهي خالة عبد الله بن عباس، لأن أم عباس أم الفضل أخت ميمونة. وتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار المصطلقية- وكانت قبله عند صفوان «2» بن تميم- سباها رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة بني المصطلق، فصارت لثابت بن قيس بن الشماس، فاشتراها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعتقها؛ وتوفيت جويرية في شهر ربيع الأول سنة ست وخمسين، فصلى عليها مروان بن الحكم. وتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أسماء بنت [النعمان] «3» الجونية ولم يدخل بها، ثم طلقها وردها إلى أهلها. وتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرة بنت يزيد «4» الكلابية، وطلقها قبل أن يدخل بها. وتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة بنت الضحاك بن سفيان الكلابية فاستعاذت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تعوذت بعظيم «5» فالحقي بأهلك» . وتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم ريحانة بنت «6» عمرو القرظية فرأى بها بياضا قدر الدرهم ثم طلقها ولم يدخل بها، فماتت بعد ذلك بأربعة أشهر. وقد أعطى المقوقس ملك «7» الإسكندرية لرسول الله صلى الله عليه وسلم جارية يقال لها مارية القبطية، فأولدها رسول الله صلى الله عليه وسلم إبراهيم ابنه.   (1) وحول تاريخ وفاتها اختلاف. (2) وحول هذا الاسم اختلاف- راجع الإصابة والطبقات 8/ 83 وسمط النجوم 1/ 389. (3) زيد من الإصابة وراجع فيها مزيدا من الاختلاف حول الجونية. (4) من الإصابة، وفي الأصل: زيد، وراجع في الطبقات 8/ 100 اختلافا حول الكلابية. (5) في الأصل: تعظيم، وقد مر التعليق عليه. (6) زيد في الطبقات 8/ 92: زيد بن. (7) في الأصل: مالك- كذا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 407 وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من الدنيا يوم خرج وعنده تسع «1» نسوة: عائشة بنت أبي بكر الصديق، وحفصة بنت عمر بن الخطاب، وسودة بنت زمعة بن قيس بن عبد شمس، وأم حبيبة بنت أبي سفيان بن حرب، وزينب بنت جحش بن رئاب «2» ، وأم سلمة بنت أبي أمية بن المغيرة، وميمونة بنت الحارث بن حزن، وجويرية بنت الحارث بن أبي ضرار، وصفية بنت حيي «3» بن أخطب. وأما أولاد رسول الله صلى الله عليه وسلم فهم كلهم من خديجة بنت خويلد بن أسد إلا إبراهيم فإنه من مارية القبطية. و [أما] «4» أولاد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأولهم عبد الله وهو أكبرهم والطاهر والطيب والقاسم، وقد قيل: إن عبد الله هو الطاهر وهو أول مولود ولد لرسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قالت قريش: صار محمد أبتر لأن ابنه توفي، أنزل الله إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ «5» . وبنات رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب وأم كلثوم ورقية وفاطمة رضي الله عنهن، فأما زينب «6» بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبي العاص بن الربيع، فولدت له أمامة بنت أبي العاص وهي التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وهو رافعها على عاتقه فإذا ركع وضعها وإذا قام رفعها «7» ، وماتت أمامة ولم تعقب. وأما رقية «8» بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فكانت عند عتبة بن أبي لهب. وأما أم كلثوم «9» فكانت عند عتيبة بن أبي لهب، فلما نزلت تبت يدا أبي لهب   (1) في الأصل: تسعة. (2) في الأصل رباب، وقد مر التعليق عليه. (3) في الأصل: حي، وقد مر التعليق عليه. (4) زدناه لاستقامة العبارة. (5) وراجع أيضا سمط النجوم 1/ 406- 412. (6) راجع أيضا السمط 1/ 413- 420. (7) ذكر ابن سعد هذه القصة في طبقاته بعدة طرق- راجع 8/ 26 منها. (8) راجع الطبقات 8/ 24، والسمط 1/ 420. (9) راجع الطبقات 8/ 25 والسمط 1/ 421. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 408 أمرهما أبوهما أن يفارقاهما «1» ، وحينئذ لم يحرم الله تزويج المسلمين من نساء المشركين ولا حرم على المسلمات أن يتزوجهن المشركون، ثم حرم الله ذلك على المسلمين والمسلمات. ثم زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم رقية بنته عثمان بن عفان ورسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ بمكة، وخرجت معه إلى أرض الحبشة، وولدت له هناك عبد الله بن عثمان وبه يكنى عثمان، ثم توفيت رقية عند عثمان بن عفان مرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من بدر، ودفنت بالمدينة، وذلك أن عثمان استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في التخلف عند خروجه إلى بدر لمرض ابنته رقية، وتوفيت رقية يوم قدوم زيد بن حارثة العقيلي من قبل يوم بدر. ثم زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان بن عفان ابنته أم كلثوم، فماتت ولم تلد. وزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة علي بن أبي طالب بالمدينة، فولدت من علي الحسن والحسين ومحسنا «2» وأم كلثوم وزينب، ليس لعلي من فاطمة إلا الخمس «3» . فأما أم كلثوم «4» فزوجها علي من عمر، فولدت لعمر زيدا ورقية، وأما زيد فأتاه حجر فقتله «5» ، وأما رقية بنت عمر فولدت لإبراهيم بن نعيم بن عبد الله النحام «6» جارية فتوفيت ولم تعقب. وأما زينب بنت علي فولدت لعبد الله بن جعفر بن أبي طالب جعفرا- وكان   (1) في الأصل: يفارقهما، والتصحيح من نص الطبقات والسمط. (2) من السمط 1/ 437، وفي الأصل: محسن. (3) وذكر الليث بن سعد من أولادها من على رقية وقال: ماتت صغيرة دون البلوغ. (4) راجع السمط 1/ 439 و 440. (5) وهذا في حنين كما صرح به في السمط. (6) في الأصل: بن النجار، والتصحيح من الإصابة- راجع ترجمة نعيم بن عبد الله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 409 يكنى به- الأكبر وأم كلثوم وأم عبد الله. وكان ولاه رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصدقات حتى توفي عدي بن حاتم على قومه، ومالك بن نويرة على بني الحنظلة، وقيس بن عاصم على بني منقر «1» ، والزبرقان بن بدر على بني سعد، وكعب بن مالك بن أبي القيس على أسلم وغفار وجهينة، والضحاك بن سفيان على بني كلاب، وعمرو بن العاص على عمان، والمهاجر بن أبي أمية على صنعاء، وزياد بن لبيد على حضرموت. ذكر وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان الطائي- يخبر بإسناد ليس له في القلب وقع- ثنا سفيان بن وكيع بن الجراح ثنا جميع بن عمر بن عبد الرحمن العجلي أملاه علينا من كتابه ثنا رجل من بني تميم من ولد أبي هالة زوج خديجة يكنى أبا عبد الله عن ابن لأبي هالة عن الحسن بن علي قال: سألت خالي هند «2» بن أبي هالة- وكان وصافا- «3» من حديث «3» النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أشتهي أن يصف لي منها شيئا أتعلق به. فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فخما مفخما يتلألأ وجهه تلألؤ القمر ليلة البدر، أطول «4» من المربوع وأقصر من المشذب «5» ، عظيم الهامة، رجل الشعر، إن انفرقت عقيصته فرق وإلا فلا يجاوز «6» شعره شحمة أذنيه إذا هو وفره، أزهر اللون، واسع الجبين، أزج الحواجب، سوابغ» في غير قرن بينهما عرق يدره الغضب، أقنى العرنين، له نور يعلوه، يحسبه من لم يتأمله أشم، كث اللحية، سهل الخدين،   (1) من الإصابة، وفي الأصل: منفر. (2) من مجمع الزوائد 8/ 273، وفي الأصل: معد. (3- 3) في المجمع: عن صفة. (4) زيدت الواو بعده في المجمع. (5) من المجمع، وفي الأصل: المشرب. (6) من المجمع، وفي الأصل: فلا تجاوز. (7) من المجمع، وفي الأصل: سوابق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 410 ضليع [الفم] «1» ، أشنب، مفلج الأسنان، دقيق المسربة، كأن عنقه جيد دمية في صفاء الفضة، معتدل الخلق، بادن «2» متماسك، سواء البطن والصدر، عريض الصدر، بعيد ما بين المنكبين، ضخم الكراديس، أنور المتجرد، موصول ما بين اللبة والسرة بشعر يجري كالخط، عاري «3» اليدين والبطن مما «3» سوى ذلك، أشعر الذراعين والمنكبين وأعالي الصدر، طويل «4» الزندين، رحب الراحة، شثن الكفين والقدمين، سائر أو سائل- شك [ابن] «5» سعيد- الأطراف. خمصان الأخمصين، مسيح القدمين، ينبو عنهما الماء، إذا زال زال قلعا، يخطو تكفيا «6» ويمشي هونا، ذريع المشية، [إذا مشى] «2» كأنما ينحط من صبب «7» ، وإذا التفت التفت جميعا، خافض الطرف، نظره إلى الأرض أكثر «8» من نظره إلى السماء، جل نظره الملاحظة، يسوق أصحابه، يبدأ من لقي بالسلام. قال: قلت: صف لي منطقه، فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم متواصل «9» الأحزان، دائم الفكرة، ليست له راحة، طويل السكت، لا يتكلم في غير حاجة، يفتتح الكلام ويختمه بأشداقه، ويتكلم بجوامع الكلم «10» فضل لا فضول ولا تقصير «10» ، دمث، ليس بالجافي ولا بالمهين، يعظم النعمة وإن دقت، لا يذم شيئا غير أنه لا يذم ذواقا ولا يمدحه، ولا تغضبه الدنيا وما كان لها، «11» فإذا نوزع «11» الحق   (1) زيد من المجمع. (2) من المجمع، وفي الأصل: باين. (3- 3) من المجمع، وفي الأصل: الثديين والبطين بما- كذا. (4) زيدت الواو بعده في الأصل، ولم تكن في الفائق للزمخشري فحذفناها- انظر الشين مع الذال. (5) زيد ولا بد منه. (6) من المجمع، وفي الأصل: تكنفا. (7) من المجمع، وفي الأصل: سبب. (8) في المجمع والفائق: أطول. (9) في المجمع: مواصل. (10- 10) من المجمع، وفي الأصل: فصل لا فصول ولا يعصر. (11- 11) من المجمع، وفي الأصل: فإن بعدي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 411 لم يعرفه أحد ولم يقم لغضبه شيء حتى ينتصر، لا يغضب لنفسه ولا ينتصر «1» لها، إذا أشار أشار بكفه كلها، وإذا تعجب قلبها، وإذا تحدث اتصل بها فضرب براحته اليمنى باطن كفه «2» اليسرى، وإذا غضب أعرض وأشاح، وإذا فرح غض طرفه، جل ضحكه التبسم، ويفتر عن مثل حب الغمام- قال الحسن: فكتمها الحسين زمانا ثم حدثته فوجدته «3» قد سبق إليه وسأله عما سألته. قال الحسين: فسألت أبي عن دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم [قال: كان دخوله] «4» لنفسه مأذون له في «5» ذلك، كان إذا أوى إلى منزله جزأ نفسه «6» ثلاثة أجزاء: جزء لله وجزءا لأهله [وجزءا] «4» لنفسه، ثم جزأ جزءا بينه وبين الناس فيرد ذلك بالخاصة على العامة ولا يدخر عنهم شيئا، وكان من سيرته في جزء الأمة إيثار أهل الفضل بإذنه وقسمه على قدر فضلهم في الدين، فمنهم ذو الحاجة، ومنهم ذو الحاجتين، [و] «7» منهم ذو الحوائج، فيتشاغل بهم ويشغلهم فيما يصلحهم «8» وإلا معه من مسألتهم «8» «9» يلائمهم ويخبرهم «9» بالذي ينبغي لهم ويقول: ليبلغ الشاهد منكم «10» الغائب، وأبلغوا في حاجة من لا يستطيع إبلاغها، فإن من أبلغ سلطانا حاجة من لا يستطيع إبلاغها يثبت الله قدميه يوم القيامة، لا يذكر عنده «11» إلا ذلك،   (1) من المجمع، وفي الأصل: لا ينتصب. (2) في المجمع 8/ 274: إبهامه. (3) من المجمع، وفي الأصل: وجدت. (4) زيد من المجمع. (5) من المجمع، وفي الأصل «و» . (6) من المجمع، وفي الأصل: دخوله. (7) زيد من المجمع 8/ 274. (8- 8) ليس ما بين الرقمين في المجمع. (9- 9) من المجمع، وفي الأصل: عنهم وأحزابهم- كذا. (10) في الأصل: منهم، وليس في المجمع. (11) من المجمع، وفي الأصل: عنه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 412 ولا يقبل من أحد غيره، يدخلون روادا «1» ولا يفترقون إلا عن ذواق ويخرجون أذلة. قال: فسألته عن مخرجه كيف كان يصنع فيه، قال: «2» كان يخزن «2» لسانه إلا فيما يعنيه ويؤلفهم ولا ينفرهم، ويكرم كريم القوم ويوليه عليهم، ويحذر الناس ويحترس منهم من غير أن يظهر على أحد بسره «3» ، ويتفقد أصحابه، ويسأل الناس عما «4» في الناس، ويحسن الحسن ويقويه، ويقبح القبيح ويوهنه، معتدل [الأمر] غير «5» مختلف، لا يغفل مخافة أن يغفلوا أو يميلوا، لكل حال عنده عتاد، ولا يقصر عن الحق ولا يجاوزه الذين يلونه من الناس خيارهم، وأفضلهم عنده أعمهم «6» نصيحة، وأعظمهم عنده منزلة أحسنهم مؤاساة ومؤازرة. قال: فسألته عن مجلسه، فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم [لا يجلس و] «7» لا يقوم إلا على ذكر، لا يوطن «8» الأماكن وينهى عن إيطانها «9» ، وإذا جلس إلى قوم جلس حيث انتهى المجلس، ويأمر بذلك، ويعطي 1» كل جلسائه نصيبه، لا يحسب جليسه أن أحدا أكرم عليه منه، من «11» جالسه أو قاومه «11» لحاجة صابره حتى يكون هو المتصرف، ومن سأله عن حاجة لم يرده إلا بها أو بميسور من القول، قد وسع   (1) من المجمع، وفي الأصل: زوار. (2- 2) من المجمع، وفي الأصل: فكان يجرن. (3) في الأصل: بشره. (4) من المجمع، وفي الأصل: عنا. (5) من المجمع، وفي الأصل: عن. (6) في المجمع: أعظمهم. (7) زيد من المجمع. (8) من المجمع، وفي الأصل: لا يعطن. (9) من المجمع، وفي الأصل: إمكانها. (10) من المجمع، وفي الأصل: يعصي. (11- 11) من المجمع وفي الأصل: جليسه أو قامه- كذا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 413 الناس منه بسطه وخلقه «1» ؛ فصار للناس أبا وصاروا في الحق «2» عنده سواء، مجلسه مجلس حلم «3» وحياء وصبر وأمانة، لا ترفع فيه الأصوات، ولا تؤبن «4» فيه الحرم «5» ولا تنثى فلتاته «5» ، متعادلين يتفاضلون «6» فيه بالتقوى متواضعين، يوقرون الكبير، ويرحمون الصغير، ويؤثرون [ذوي] «7» الحاجة، ويحفظون الغريب. قال: فسألته عن سيرته في جلسائه، فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم دائم البشر، سهل الخلق، لين الجانب، ليس بفظ ولا غليظ، ولا صخاب «8» ولا فحاش، ولا عياب ولا مزاح، يتغافل عما لا يشتهي ولا يؤنس معه، و «9» لا يخيب فئة «9» ، قد نزه نفسه من ثلاث: كان لا يذم أحدا، ولا يعيره، ولا يطلب «10» عورته؛ ولا يتكلم إلا فيما رجا ثوابه، وإذا تكلم أطرق «11» جلساؤه كأنما على رؤسهم الطير، وإذا سكت تكلموا، ولا يتنازعون عنده الحديث، من تكلم صمتوا له حتى يفرغ، جل حديثه عندهم حديث أوليهم «12» ، يضحك مما يضحكون منه، ويتعجب مما يعجبون منه، ويصبر للغريب على الجفوة «13» في منطقة حتى أن كان أصحابه يستجلبونهم،   (1) من المجمع 8/ 275. وفي الأصل خلفه. (2) من المجمع، وفي الأصل: الخلق. (3) من المجمع، وفي الأصل: حكم. (4) من المجمع، وفي الأصل: لا تومن. (5- 5) من المجمع، وفي الأصل: سافلتانه- كذا. (6) من دلائل النبوة، وفي الأصل: يتغافضلون، وفي المجمع: متواصين. (7) زيد من المجمع. (8) من المجمع، وفي الأصل: سخاب. (9- 9) من المجمع، وفي الأصل: لا يجيب فيه. (10) من المجمع، وفي الأصل: يصلب. (11) من المجمع، وفي الأصل: طرق. (12) من المجمع، وفي الأصل: أوليتهم. (13) في المجمع: الهفوة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 414 ويقول: إذا رأيتم طالب حاجة يطلبها فارفدوه، ولا يقبل [الثناء] «1» إلا من مكافىء، ولا يقطع على أحد حديثه حتى يجوره «2» فيقطعه بنهي أو قيام. قال: وسألته: كيف كان سكوت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: كان سكوته على أربعة: على الحلم [والحذر] «1» والتقدير والتفكر، فأما تقديره ففي «3» تسوية النظر والاستماع بين الناس. وأما تفكره ففيما يبقى ويفنى، وجمع له الحلم في الصبر فكان لا يغضبه شيء ولا يستفزه، وجمع له الحذر في أربعة: أخذه بالحسن ليقتدي به، وتركه القبيح ليتناهى عنه، وإجهاده «4» الرأي فيما يصلح «5» أمته، والقيام فيما [يجمع] «1» لهم فيه خير الدنيا والآخرة. قال أبو حاتم: قد ذكر جمل ما يحتاج إليه من مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومبعثه وأيامه وهجرته إلى أن قبضه الله إلى جنته، ثم إنا ذاكرون بعده الخلفاء الأربعة «6» بأيامه وجمل «7» ما يحتاج إليه من أخبارهم ليكون ذلك طريقا للمتأسين بهم إذ «8» المصطفى صلى الله عليه وسلم أمر بذلك الحديث حيث قال: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي [و] «9» عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور! فإن كل محدثة بدعة [وكل بدعة] «9» ضلالة» - جعلنا الله وإياكم من المتبعين «10» لسنته المبادرين «10» إلى لزوم طاعته، إنه الفعال لما «11» يريد بكم. آخر مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومبعثه ويتلوه كتاب الخلفاء إن شاء الله تعالى.   (1) زيد من المجمع. (2) من المجمع، وفي الأصل: يجوز. (3) من المجمع، وفي الأصل: فهو. (4) من المجمع، وفي الأصل: اجتهاده. (5) من المجمع، وفي الأصل: اصلح. (6) في الأصل: الأربع. (7) في الأصل: جعل، وما أثبتناه هو الأنسب للسياق. (8) في الأصل: إذا. (9) زيد من مسند الإمام أحمد 4 126. (10- 10) في الأصل: لسنة المبادرون- كذا. (11) وقع في الأصل: لا- خطأ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 415 الجزء الثاني بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ استخلاف أبي بكر بن أبي قحافة الصديق رضي الله عنه قال الشيخ أبو حاتم محمدبن حبان بن أحمد التميمي: واسمه عبد الله ولقبه عتيق، واسم أبي قحافة عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة ابن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة ابن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. وأم أبي بكر أم الخير بنت صخر بن عامر بن كعب- أخو عمرو بن كعب- بن سعد بن تيم بن مرة بن لؤي بن غالب. أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة اللخمي بعسقلان ثنا محمد بن المتوكل ثنا عبد الرزاق أنا معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس قال: كنت عند عبد الرحمن بن عوف في خلافة عمر بن الخطاب، فلما كان في آخر حجة حجها عمر أتاني عبد الرحمن بن عوف في منزلي عشاء فقال: لو شهدت أمير المؤمنين اليوم وجاءه رجل وقال: يا أمير المؤمنين! إني سمعت فلانا يقول: لو مات أمير المؤمنين لبايعت فلانا، فقال عمر: إني لقائم العشية في الناس ومحذرهم هؤلاء الرهط الذين يريدون أن يغتصبوا المسلمين أمرهم، فقلت: يا أمير المؤمنين: إن الموسم يجمع «1» رعاع الناس وغوغاءهم، وإنهم الذين يغلبون على مجلسك، وإني أخشى أن تقول فيهم اليوم مقالة لا يعونها ولا يضعونها مواضعها، وأن يطيروا بها كل مطير، ولكن أمهل يا أمير المؤمنين حتى تقدم المدينة فإنها دار السنة ودار   (1) من المسند، وفي الأصل: يجمع. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 419 الهجرة فتخلص بالمهاجرين والأنصار وتقول ما قلت متمكنا فيعون «1» مقالتك ويضعونها مواضعها، قال عمر: أما والله لأقومن به في أول مقام أقومه بالمدينة! قال ابن عباس: فلما قدمنا المدينة وجاء يوم الجمع هجّرت لما حدثني عبد الرحمن ابن عوف فوجدت سعيد بن زيد بن نفيل قد سبقني بالهجرة «2» جالسا إلى جنب المنبر فجلست إلى جنبه تمس ركبتي ركبته، فلما زالت الشمس خرج علينا عمر فقلت وهو مقبل: أما والله ليقولن اليوم أمير المؤمنين على هذا المنبر مقالة لم يقل [عليه أحد] «3» قبله، قال: فغضب سعيد بن زيد فقال: وأيّ مقال يقول لم يقل قبله؟ فلما ارتقى عمر المنبر أخذ المؤذن في أذانه فلما فرغ من أذانه قام عمر فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال: أما بعد! فإني أريد أن أقول مقالة قد قدر لي أن أقولها، [لا أدري لعلها بين يدي أجلى، فمن عقلها ووعاها] «3» فليحدث بها حيث تنتهي به راحلته، [و] «3» من خشى أن لا يعيها فإني لا أحل لأحد أن يكذب عليّ: إن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم [بالحق] «3» وأنزل عليه الكتاب، «4» وكان «4» مما أنزل عليه آية الرجم [فقرأناها ووعيناها] «3» فرجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده، وإني خائف أن يطول بالناس زمان فيقول قائل: ما نجد الرجم في كتاب الله، فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله، ألا! وإن الرجم على من أحصن إذا زنى وقامت عليه البينة أو كان الحمل أو الاعتراف، ثم إنا قد كنا نقرأ ولا ترغبوا عن آبائكم ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم فإنما أنا عبد فقولوا: عبد الله ورسوله» . ثم إنه بلغني أن فلانا منكم يقول: لو قد مات أمير المؤمنين لقد بايعت فلانا، فلا يغتر امرؤ أن يقول: إن بيعة أبي بكر كانت فلتة، فقد كانت كذلك، ألا وإن الله وقى شرها ودفع عن الإسلام والمسلمين ضرها، وليس فيكم   (1) من المسند، وفي الأصل: يفيعوا. (2) كذا، وليس في المسند. (3) زيد من المسند. (4- 4) من المسند، وفي الأصل: فكان. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 420 من تقطع إليه الأعناق مثل أبي بكر وإنه كان من خيرنا حين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، إن عليا والزبير ومن تبعهما تخلفوا عنا في بيت فاطمة وتخلفت عنا الأنصار في سقيفة بني ساعدة، واجتمع المهاجرون إلى أبي بكر فقلت: يا أبا بكر! انطلق بنا إلى إخواننا من الأنصار، فانطلقنا نؤمهم فلقينا رجلين صالحين من الأنصار شهدا بدرا فقالا «1» : أين تريدون يا معشر المهاجرين؟ قلنا: نريد إخواننا هؤلاء الأنصار، قالا: فارجعوا فامضوا أمركم بينكم، فقلت: والله لنأتينهم! فأتيناهم فإذا هم مجتمعون في سقيفة بني ساعدة بين أظهرهم رجل مزمل، قلت: من هذا؟ قالوا: سعد بن عبادة، قال: قلت: ما شأنه؟ قالوا: وجع» ، فقام خطيب الأنصار فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال: أما بعد! فنحن الأنصار وكتيبة الإسلام وأنتم يا معشر قريش رهط منا وقد دفت إلينا دافة منكم وإذا هم يريدون أن يختزلونا «3» [من] «4» أصلنا ويحضنونا «5» بأمر دوننا، وقد كنت زورت في نفسي مقالة أريد أن أقوم بها بين يدي أبي بكر وكنت أدارىء من أبي بكر بعض الحد وكان أوقر مني وأحلم، فلما أردت الكلام قال: على رسلك! فكرهت أن أغضبه، فحمد الله أبو بكر وأثنى عليه ووالله ما ترك كلمة قد كنت زورتها إلا جاء بها أو بأحسن منها في بديهته ثم قال: أما بعد! وأما ما ذكرتم فيكم من خير يا معشر الأنصار فأنتم له أهل ولم تعرف «6» العرب هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش هم أوسط العرب دارا ونسبا، ولقد رضيت لكم أحد هذين «7» الرجلين فبايعوا أيهما «8» شئتم، وأخذ بيدي   (1) في الأصل: فقال، والتصحيح من مسند الإمام أحمد 1/ 56. (2) من المسند، وفي الأصل: رجع. (3) من صحيح البخاري- الحدود، وفي الأصل: يختزلون، وفي المسند: يخزلونا. (4) زيد من المسند. (5) من المسند، وفي الأصل: يختصوا. (6) من المسند، وفي الأصل: لن تعرف. (7) من المسند، وفي الأصل: هذه. (8) من المسند، وفي الأصل: أيها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 421 ويد أبي عبيدة بن الجراح، فوالله ما كرهت مما قال شيئا غير هذه الكلمة؛ كنت لأن أقدم فتضرب عنقي، لا يقربني ذلك إلى إثم أحب إليّ «1» من أن أتأمر «1» على قوم فيهم أبو بكر «2» ، فلما قضى أبو بكر مقالته قام «3» رجل من الأنصار فقال: أنا جذيلها «4» المحكك وعذيقها «5» المرجب، منا أمير ومنكم أمير يا معشر قريش وإلا أجلنا «6» الحرب فيما بيننا وبينكم خدعة، قال معمر: فقال قتادة: قال عمر: فإنه لا يصلح سيفان في غمد، ولكن منا الأمراء ومنكم الوزراء، قال معمر عن الزهري في حديثه: فارتفعت الأصوات بيننا وكثر اللغط حتى أشفقت الاختلاف فقلت: يا أبا بكر! ابسط يدك أبايعك، فبسط يده فبايعته وبايعه «7» المهاجرون وبايعه «7» الأنصار، قال: ونزونا «8» على سعد بن عبادة حتى قال قائل [منهم] «9» : قتلتم سعدا، قال قلت: قتل الله سعدا! وأنا والله ما رأينا فيما حضرنا أمرا كان أقوى من مبايعة أبي بكر، خشينا إن فارقنا القوم أن يحدثوا بعدنا بيعة، فأما أن نتابعهم «10» على ما لا نرضى، وإما أن نخالفهم فيكون فسادا فلا يغرن امرأ يقول: كانت بيعة أبي بكر فلتة، وقد كانت كذلك إلا أن الله وقى شرها وليس فيكم من يقطع إليه الأعناق مثل أبي بكر، فمن بايع رجلا من غير مشورة من المسلمين فإنه لا يبايع «11» هو ولا الذي بايعه بعده؛ قال الزهري: وأخبرني عروة أن الرجلين اللذين   (1- 1) من المسند، وفي الأصل: ممن أوتر. (2) زيد في المسند: إلا أن تغير نفسي عند الموت. (3) في الأصل: فقام. (4) من المسند، وفي الأصل: جذيدها. (5) من المسند، وفي الأصل: عريقها. (6) وفي رواية سفيان: أعدنا- راجع فتح الباري- كتاب الحدود. (7) من المسند، وفي الأصل: بايعت. (8) من المسند، وفي الأصل: يزوا- كذا. (9) زيد من المسند والصحيح. (10) من المسند، وفي الأصل: نبايعهم. (11) زيد بعده في الأصل: ألا، ولم تكن الزيادة في الصحيح فحذفناها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 422 لقياهما «1» من الأنصار عويم «2» بن ساعدة ومعن «3» بن عدي، والذي قال «أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب» الحباب بن المنذر. قال أبو حاتم: نظر المسلمون إلى أعظم أركان الدين وعماد الإسلام للمؤمنين فوجدوها الصلاة المفروضة، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولّى أبا بكر إقامتها في الأوقات المعلومات، فرضي المسلمون للمسلمين ما رضي لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعوه طائعين في سائر الأركان، وبايعوه في السر والإعلان. فلما كان اليوم الثاني قام عمر بن الخطاب على المنبر فتكلم قبل أبي بكر «4» فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال: أيها الناس! إني قد قلت لكم بالأمس مقالة ما كانت [إلا] «5» مني وما وجدتها «6» في كتاب الله ولا كانت عهدا عهده إليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكني قد كنت أرى [أن] «7» رسول الله صلى الله عليه وسلم سيأمرنا بقول يكون آخرنا، وإن الله قد أبقى فيكم كتابه الذي به هدى «8» رسوله، فإن اعتصمتم به هداكم الله لما كان قد هدى به أهله، وإن الله قد جمع أمركم على خيركم: صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وثاني اثنين [إذ هما] «7» في الغار فقوموا إليه فبايعوه، فبايع الناس أبا بكر بيعة العامة بعد بيعة السقيفة. ثم تكلم أبو بكر فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال: أما بعد أيها الناس! فإني قد وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني وإن أسأت   (1) من المسند، وفي الأصل: لغياهم- كذا. (2) في المسند: عويمر. (3) في المسند: معمر. (4) في الأصل: أبو بكر. (5) زيد من تاريخ الطبري 3/ 203. (6) في الأصل: وجدبها، والتصحيح من الطبري. (7) زيد من تاريخ الطبري 3/ 203. (8) زيدت الواو بعده في الأصل: ولم تكن في الطبري فحذفناها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 423 فقوموني، الصدق أمانة والكذب خيانة، والضعيف فيكم قوي عندي حتى أريح «1» عليه حقه إن شاء الله، والقوي فيكم ضعيف عندي حتى آخذ الحق منه إن شاء الله، لا يدع قوم الجهاد في سبيل الله إلا ضربهم بالبلاء «2» ، ولا تشيع الفاحشة في قوم إلا عمهم الله بالبلاء، أطيعوني ما أطعت الله ورسوله، فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم؛ قوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله. فلما فرغ الناس من بيعة أبي بكر وهو يوم الثلاثاء أقبلوا على جهازه صلى الله عليه وسلم فاختلفوا في غسله فقالوا: والله ما ندري أنجرد رسول الله صلى الله عليه وسلم من ثيابه كما نجرد موتانا أو نغسله وعليه ثيابه، فلما اختلفوا ألقى الله عليهم السبات «3» حتى ما منهم أحد إلا وذقنه في صدره، ثم كلمهم متكلم من ناحية البيت- لا يدرى «4» من هو- أن اغسلوا «5» رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه ثيابه، فقاموا فغسلوه وعليه قميصه، فأسنده عليّ إلى صدره، فكان العباس والفضل والقثم يقلبونه، وكان أسامة بن زيد وشقران «6» مولياه يصبان عليه الماء وعليّ يغسله ويدلكه من ورائه لا يفضي بيده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: بأبي أنت وأمي! ما أطيبك حيا وميتا! ولم ير من رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاثة أثواب بيض سحولية ليس فيها قميص ولا عمامة، أدرج فيها إدراجا. ثم دخل الناس يصلون عليه أرسالا، بدأ به الرجال حتى إذا فرغوا أدخل» النساء ثم أدخل «8» الصبيان ثم أدخل العبيد، ولم يؤم الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد. وكان أبو عبيدة بن الجراح يحفر كحفر أهل مكة، وكان أبو طلحة زيد   (1) من الطبري، وفي الأصل: ارتح. (2) في الأصل: البلاء، وفي الطبري: بالذل. (3) في الطبري: السنة- بنفس المعنى الذي هنا. (4) من الطبري، وفي الأصل: لا يدروا. (5) من الطبري، وفي الأصل: اغتسلوا. (6) من الطبري، وفي الأصل: سقران. (7) من الطبري 3/ 204، وفي الأصل: شيئا. (8) من الطبري، وفي الأصل: دخل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 424 ابن سهل يحفر كحفر أهل المدينة وكان يلحد، فدعا العباس بن عبد المطلب رجلين فقال لأحدهما: اذهب إلى أبي عبيدة، وقال للآخر: اذهب إلى أبي طلحة، فقال: اللهم! خر لرسولك، فوجد صاحب أبي طلحة أبا طلحة فجاء به فلحد لرسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان المسلمون اختلفوا في دفنه فقائل يقول: ندفنه في مسجده «1» ، وقائل يقول: ندفنه مع أصحابه؛ فقال أبو بكر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما قبض نبي إلا دفن حيث يقبض» ، فرفع فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي توفي عليه، فحفر أبو طلحة تحته. ثم دفن صلى الله عليه وسلم ليلة الأربعاء حين زاغت الشمس، ونزل في قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب والفضل بن العباس وقثم بن العباس وشقران مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وطرح تحته قطيفة «2» ، وكان آخرهم عهدا به قثم بن العباس، وكان المغيرة بن شعبة يقول: لا بل أنا، وكان يحكي قصة «3» . ثم قام أبو بكر في الناس خطيبا بعد خطبته الأولى فقال: الحمد لله أحمده وأومن بوحدانيته وأستعينه على أمركم كله سره وعلانيته، ونعوذ بالله مما يأتي به الليل والنهار، وترتكب عليه السر والجهار، وأشهد أن لا إله إلا الله حافظا ونصيرا، وأن محمدا عبده ورسوله بالحق بشيرا ونذيرا قدام الساعة، فمن أطاعه رشد، ومن عصاه هلك وشرد، فعليكم أيها الناس بتقوى الله! فإن أكيس الكيس التقوى، وإن أحمق الحمق الفجور، فاتبعوا كتاب الله واقبلوا نصيحته، واقتدوا بسنة رسوله وخذوا «4» شريعته، فإن الله يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات، وهو الحكيم العليم، وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا «5» - الآية،   (1) من الطبري 3/ 205، وفي الأصل: مسجد. (2) زيد في الطبري: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبسها ويفترشها فقذفها في القبر وقال: والله لا يلبسها أحد بعدك أبدا. (3) وهي أنه كان يقول: أخذت خاتمي فألقيته في القبر وقلت: إن خاتمي قد سقط، وإنما طرحته عمدا لأمس رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكون آخر الناس به عهدا- كما في الطبري. (4) في الأصل: خذو. (5) راجع سورة 42 آية 28. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 425 واحذروا «1» الخطايا التي لكل بني آدم فيها نصيب، وتزودوا للآخرة فإن المصير إليها قريب، ولكن خيركم من اتبع طاعة الله واجتنب معصيته، فاحذروا يوما لا ينفع فيه من حميم ولا شفيع، ولا حميم يطاع، وليعمل عامل ما استطاع من عمل يقربه إلى ربه، واعملوا من قبل أن لا تقدروا على العمل، وإنّ الله لو شاء لخلقكم سدى، ولكن جعلكم أئمة هدى، فاتبعوا ما أمركم الله به واجتنبوا ما نهاكم عنه، واعملوا الخير فإن قليله كثير نام «2» مبارك، واتقوا الله حق تقاته، واحذروا ما حذركم في كتابه، وتوقوا معصيته خشية من عقابه، فليس فيها رغبة لأحد، واستعفوا عما حرم الله وأمر باجتنابه، وإياكم والمحقرات فإنها تقرب إلى الموجبات، واعملوا قبل أن لا تعملوا، وتوبوا من الخطايا التي لا يغسلها إلا الله برحمته، وصلوا على نبيكم كما أمركم ربكم؛ ثم قال: أيها الناس! إن الذي رأيتم مني لم يكن على حرص على ولايتكم، ولكني خفت الفتنة والاختلاف فدخلت فيها، وهأنذا «3» وقد رجع الأمر إلى أحسنه وكفى الله تلك الثائرة «4» ، وهذا أمركم إليكم تولوا من أحببتم من الناس وأنا أجيبكم على ذلك، وأكون كأحدكم، فأجابه الناس: رضينا بك قسما وحظا إذ أنت ثاني اثنين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أبو بكر: اللهم! صل على محمد والسلام على محمد ورحمة الله وبركاته، اللهم! إنا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك ولا نكفرك ونؤمن بك ونخلع من يكفرك. ثم نزل واستقام له الأمر بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وبايعه الناس ورضوا به وسموه «خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم» إلا شرذمة مع علي بن أبي طالب، تخلفوا عن بيعته. وكان أسامة بن زيد يقول: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أغير صباحا على أهل   (1) في الأصل: احذر. (2) في الأصل: نامي. (3) في الأصل: هاندا. (4) في الأصل: النائرة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 426 أبني «1» ثم أمر أبو بكر أن يبعثوا بعث أسامة بن زيد فقال له الناس: إن العرب قد انتقضت عليك، وإنك لا تصنع بتفرق المسلمين عنك شيئا، قال: والذي نفس أبي بكر بيده! لو ظننت أن السباع أكلتني بهذه القرية لأنفذت هذا البعث الذي أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بإنفاذه، ثم قال أبو بكر لأسامة: إن تخلف معي عمر بن الخطاب فافعل، فأذن له أسامة فتخلف عمر مع أبي بكر ومضى أسامة حتى أوطأهم، ثم رجع فسمع به المسلمون فخرجوا مسرورين بقدومه ولواءه معقود حتى دخل المسجد فصلى ركعتين ثم دخل بيته ولواءه معقود، ويقال: إنه لم يحل اللواء حتى توفي [و] «2» وضعه في بيته «3» . ثم كتب أبو بكر الصديق كتابا إلى معاذ بن جبل يخبره بموت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعثه مع عمار بن ياسر، وقد كان معاذ أتى اليمن فبينا هو ذات ليلة على فراشه إذا هو بهاتف يهتف عند رأسه: يا معاذ! كيف يهنئك العيش ومحمد في سكرات الموت؟ فوقف فزعا، ما ظن إلا أن القيامة قد قامت، فلما رأى السماء مصحية «4» والنجوم ظاهرة استعاذ بالله من الشيطان الرجيم، ثم نودي الليلة الثانية: يا معاذ! كيف يهنئك العيش ومحمد بين أطباق الثرى؟ فجعل معاذ يده على رأسه وجعل يتردد في سكك صنعاء وينادي بأعلى صوته: يا أهل اليمن! ذروني لا حاجة لي في جواركم، «5» فما شر «5» الأيام يوم جئتكم «6» وفارقت رسول الله صلى الله عليه وسلم! فخرج الشبان من الرجال والعواتق من النساء وقالوا: يا معاذ! ما الذي دهاك؟ فلم يلتفت إليهم وأتى   (1) في معجم البلدان: أبني: موضع بالشام من جهة البلقاء جاء ذكره في قول النبي صلى الله عليه وسلم لأسامة بن زيد حيث أمره بالمسير إلى الشام وشن الغارة على أبني. (2) زيد لاستقامة العبارة. (3) وقال الزهري: كان أسامة بن زيد يدعى بالأمير حتى مات، يقولون: بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم لم ينزعه حتى مات- راجع مجمع الزوائد 9/ 286. (4) أي بلا غيم، وفي الأصل: مصيحة- كذا. (5- 5) في الأصل: فاسر- كذا. (6) في الأصل: جاءتكم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 427 منزله وشد على راحلته وأخذ جرابا فيه سويق وأداوة من ماء ثم قال: لا أنزل عن ناقتي هذه إن شاء الله إلا لوقت صلاة حتى آتي المدينة، فبينا هو على ثلاثة مراحل من المدينة إذ لقيه عمار فعرفه بالبعير، قال: اعلم يا معاذ أن محمدا قد ذاق الموت وفارق الدنيا، فقال معاذ: يا أيها الهاتف في هذا الليل القار من أنت يرحمك الله! قال: أنا عمار بن ياسر، قال: وأين تريد؟ قال: هذا كتاب أبي بكر إلى معاذ يعلمه أن محمدا قد مات وفارق الدنيا، قال معاذ: فإلى من المهتدى «1» والمشتكى؟ فمن لليتامى والأرامل والضعفاء؟ ثم سار ورجع عمار معه وجعل يقول: نشدتك بالله كيف أصحاب محمد قال: تركتهم «2» كنعم بلا راع «3» ، قال: كيف تركت المدينة، قال: تركتها وهي أضيق على أهلها من الخاتم، فلما كان قريبا من المدينة سمعت عجوزا وهي تذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي تبكي، فقالت: يا عبد الله! لو رأيت ابنته فاطمة وهي تبكي وتقول: يا أبتاه! إلى جبريل ننعاه «4» ! يا أبتاه! انقطع عنا أخبار السماء، ولا ينزل الوحي إلينا من عند الله أبدا، فدخل معاذ المدينة ليلا وأتى باب عائشة فدق عليها الباب فقالت: من هذا الذي يطرق بنا ليلا؟ قال: أنا معاذ بن جبل، ففتحت الباب فقال: يا عائشة! كيف رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم عند شدة وجعه؟ قالت: يا معاذ! لو رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصفار مرة ويحمار أخرى، يرفع يدا ويضع أخرى لما هنأك العيش طول أيام الدنيا! فبكى معاذ حتى خشى أن يكون الشيطان قد استفزه ثم استعاذ بالله من الشيطان الرجيم، وأتى أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم. ثم ظهر طليحة في أرض بني أسد ومالت «5» فزارة فيها «6» عيينة بن حصن بن «6»   (1) في الأصل: الهادي. (2) في الأصل: تركتم. (3) في الأصل: راعي. (4) من إنسان العيون 3/ 468، وفي الأصل: المنعا. (5) في الأصل: قالت. (6- 6) في الأصل: بحينة بن حصين من- كذا خطأ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 428 بدر مرتدين عن الإسلام وبايعه بنو عامر على مثل ذلك، وتربصوا ينظرون الوقعة بين المسلمين وبين بني أسد وفزارة. وقد كان أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين بعثهم على الصدقات قد جمعوا ما كان على الناس منها، فلما بلغهم وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فأما عدي بن حاتم فتمسك بالإسلام وبقي في يده الصدقات، وكذلك الزبرقان بن بدر، وأما مالك بن نويرة فأرسل ما في يده وقال لقومه: قد هلك هذا الرجل فشأنكم بأموالكم، وقد كانت طيء وبنو سعد كلمهما «1» عدي بن حاتم والزبرقان بن بدر فقالا «2» - وهما كانا «3» أحزم رأيا وأفضل في الإسلام رغبة من مالك بن نويرة- لقومهما: لا تعجلوا فإنه ليكونن لهذا الأمر قائم، فإن كان ذلك كذلك ألقاكم ولم تبدلوا دينكم ولم تعزلوا أمركم، وإن كان الذي «4» تطلبون فلعمري إن ذلك أموالكم بأيديكم، لا يغلبنكم عليها أحد غيركم، وسكناهم «5» بذلك حتى أتاهم خبر الناس واجتماعهم على أبي بكر بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وبيعة المسلمين إياه فبعثا ما بأيديهم من الصدقة إلى أبي بكر، فلم يزل أبو بكر يعرف فضلهما «6» على من سواهما من المسلمين. وجاء العباس وفاطمة إلى أبي بكر يلتمسان ميراثهما من النبي صلى الله عليه وسلم وهما حينئذ يطلبان أرضه من فدك وسهمه من خيبر فقال لهما أبو بكر: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا نورث «7» ما تركناه «7» صدقة. إنما يأكل محمد من هذا المال، وإني والله لا أدع أمرا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنعه فيه إلا صنعته فيه. فهرجته فاطمة ولم تكلمه حتى ماتت.   (1) في الأصل: كله. (2) في الأصل: قتالا. (3) في الأصل: كان. (4) في الأصل: الذين. (5) في الأصل: سكتوهم- كذا. (6) في الأصل: فضلهم، وراجع أيضا الاستيعاب ترجمة عدي بن حاتم والطبري 3/ 236 و 237. (7- 7) من إنسان العيون 3/ 477، وفي الأصل: ما تركنا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 429 ثم جهز أبو بكر الجيش ليقاتل من كفر من العرب، فترك إعطاء الصدقات وارتد «1» عن الإسلام، فقال له عمر: كيف تقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله» ، فقال أبو بكر: والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة والذي نفس أبي بكر بيده! لو منعوني عقالا أو عناقا- كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليه حتى آخذها، قال عمر: فلما رأيت شرح صدر أبي بكر لقتالهم علمت أنه الحق «2» . فأمر أبو بكر على الناس خالد بن الوليد وأمر ثابت بن قيس بن شماس على الناس الأنصار» وجمع «4» أمر الناس إلى خالد بن الوليد، ثم أمرهم أن يسيروا وسار معهم مشيعا حتى نزل ذا القصة «5» من المدينة على بريد وأميال فضرب معسكره وعبأ جيشه ثم تقدم إلى خالد بن الوليد وقال: إذا غشيتم دارا من دور الناس فسمعتم أذانا للصلاة فأمسكوا عنها «6» حتى تسألوهم ما الذي يعلمون، وإن لم تسمعوا الأذان فشنوا الغارة واقتلوا وحرقوا، ثم أمر خالد بن الوليد أن يصمد «7» لطليحة وهو على ماء من مياه بني أسد؛ وكان طليحة يدعي النبوة وينسج «8» للناس الأكاذيب والأباطيل ويزعم أن جبريل يأتيه، وكان يقول للناس: أيها الناس! إن الله لا يصنع بتعفير «9» وجوهكم وقبح أدباركم شيئا، واذكروا الله «10» قعودا و «10» قياما، وجعل يعيب   (1) في الأصل: الارتداد. (2) والحديث أشهر من أن يحال عليه. (3) وراجع أيضا تاريخ الإسلام للذهبي 1/ 350. (4) في الأصل: جماع. (5) وفي الأصل: الفضة، والتصحيح بناء على الطبري وتاريخ الإسلام. (6) في الأصل: عنهما. (7) من تاريخ الطبري 3/ 228 وتاريخ الإسلام، وفي الأصل: يضمرا- كذا. (8) في الأصل: ينسخ كذا. (9) في البدء والتاريخ 5/ 158: تعفير. (10- 10) من فتوح ابن اعثم 1/ 12، وفي الأصل: اعفه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 430 الصلاة ويقول: إن الصريح تحت الرغوة «1» ، وكان أول ما ابتلى من الناس طليحة أنه أصلب هو وأصحابه العطش في منزلهم فيه، فقال طليحة فيما شجع لهم من أباطيله: اركبوا علالا يعني فرسا، واضربوا أميالا «2» تجدوا قلالا «3» ؛ ففعلوا فوجدوا ماء، فافتتن الأعراب به، ثم قال أبو بكر لخالد بن الوليد: لآتيك «4» من ناحية خيبر إن شاء الله فيمن بقي من المسلمين، وأراد بذلك أبو بكر [أن] «5» يبلغ الخبر الناس بخروجه إليهم، ثم ودع خالدا «6» ورجع إلى المدينة. ومضى خالد بالناس وكانت بنو فزارة وأسد يقولون: والله! لا نبايع أبا الفصيل «7» - يعنون أبا بكر، وكانت طيء على إسلامها، لم تزل عنه مع عدي بن حاتم ومكنف بن زيد الخيل، «8» فكانا يكالبانها ويقولان «8» لبني فزارة: والله! لا نزال نقاتلكم إن شاء الله، فلما قرب خالد بن الوليد من القوم وبعث عكاشة بن محصن وثابت بن أقرم «9» أخا بني العجلان طليعة أمامه، وخرج طليحة بن خويلد المتنبىء وأخوه سلمة بن خويلد أيضا طليعة لمن وراءهما فالتقيا عكاشة بن محصن وثابت بن أقرم «10» فانفرد طليحة بعكاشة، وسلمة بن [خويلد] «11» بثابت، فأما سلمة فلم يلبث «12» ثابتا أن قتله؛ ثم صرخ طليحة وقال: يا سلمة! أعني على الرجل فإنه قاتلي، فاكتنفا عكشاة   (1) في البدء والتاريخ: الرعوة، وفي الأصل: الدعوة. (2) من الفتوح 1/ 13، وفي الأصل: لا- كذا. (3) من الفتوح، وفي الأصل: بلالا. (4) في الأصل: لاياتك، ومبني التصحيح على الطبري 3/ 227. (5) زيد لاستقامة العبارة. (6) في الأصل: خالد. (7) من الفتوح والطبري 3/ 229، وفي الأصل: أبا الفضل. (8- 8) في الأصل: فكاذبك البانها ويقولا- كذا. (9) في الأصل: أرقم، وفي جميع المراجع ما أثبتناه. (10) في الأصل: سلمة، والصواب ما أثبتناه. (11) زيد من المراجع. (12) في الأصل: فلم يلث. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 431 حتى قتلاه، وكرا «1» راجعين إلى من وراءهما، فلما وصل خالد والمسلمون إلى ثابت بن أقرم «2» وعكاشة بن محصن وهما قتيلان عظم ذلك على المسلمين وراءهم «3» ، ثم مضى خالد حتى نزل على طيء في خللهم سلمى «4» ؛ فضرب معسكره وانضم إليه من كان من المسلمين في تلك القبائل، ثم تهيأ للقتال وسار إلى طليحة وهو على مائة، والتقى معه طليحة في سبعمائة رجل من بني فزارة، فاقتتلوا قتالا شديدا وطليحة متلفف في كساء له بفناء بيت له من شعر، يتنبأ ويسجع، فهز عيينة بن حصن الحرب وشد القتال ثم كر على طليحة فقال: هل «5» جاءك جبريل بعد؟ قال: لا، فرجع عيينة وقاتل حتى إذا هزته الحرب كر عليه ثانيا وقال: لا أبا لك! هل جاءك جبريل بعد؟ قال: نعم! قال: فماذا قال لك، قال: [قال] «6» لي: إن لك رحى كرحاه، وحديثا لا تنساه، قال عيينة: أظن الله أنه قد علم أنه سيكون لك حديث «7» لا تنساه «8» يا بني فزارة «8» هكذا، فانصرفوا فهذا والله كذاب، فانصرف وانصرفت معه فزارة وانهزم الناس، وكان طليحة قد أعد فرسا له عنده وهيأ بعيرا لا مرأته النوار، ثم اجتمعت إليه فزارة وهم مبارزون «9» فقالوا: ما تأمرنا فلما سمع منهم ذلك استوى على فرسه وحمل امرأته على البعير ثم نجابها، وقال لهم: من استطاع منكم أن يفعل كما فعلت وينجو بأهله فليفعل. ثم سلك الحوشية «10» حتى لحق بالشام وانصرفت فزارة، وقتل منهم من قتل، ثم دخلت   (1) في الأصل: كروا. كذا. (2) في الأصل: أرقم، وفي جميع المراجع ما أثبتناه. (3) ألم بهذه الوقعة في الطبري 3/ 228 كما هنا. (4) جبل في ديار طيء- راجع معجم البلدان. (5) من الطبري 3/ 229، وفي الأصل: هاه. (6) زيد من الطبري. (7) من الطبري، وفي الأصل: حديثا. (8- 8) من الطبري، وفي الأصل: فازرة- كذا. (9) في الأصل: مبارزين. (10) من الطبري، وفي الأصل: الجرسية. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 432 القبائل في الإسلام على ما كانوا عليه من قبل. فلما فرغ خالد من بيعتهم أوثق عيينة بن حصن وقرة بن هبيرة بن سلمة وبعث بهما إلى أبي بكر، فلما قدما عليه قال قرة: يا خليفة رسول الله! إني كنت مسلما، وإن عند عمرو بن العاص من إسلامي شهادة، قد مر [بي] «1» فأكرمته وقربته، وكان عمرو بن العاص هو الذي جاء بخبر الأعراب، وذلك أن عمرا كان على عمان، فلما أقبل راجعا إلى المدينة مر بهوازن وقد انتقضوا وفيهم سيدهم قرة بن هبيرة، فنزل عليه عمرو بن العاص فنحر له وأقراه وأكرمه؛ فلما أراد عمرو الرحيل خلى به قرة بن هبيرة وقال: يا عمرو! إنكم معشر قريش إن أنتم كففتم عن أموال الناس وتركتموها لهم- يريد الصدقات- فقمن أن يسمع لكم الناس ويطيعوا، فإن أنتم أبيتم إلا أخذ أموالهم فإني والله ما أرى العرب مقرة بذلك لكم ولا صابرة عليه حتى تنازعكم أمركم ويطلبوا ما في أيديكم، فقال عمرو بن العاص: أبا العرب تخوفنا موعدك، أقسم بالله! لأوطئنه «2» عليك الخيل. ثم مضى عمرو» حتى قدم المدينة على أبي بكر وأخبره الخبر قبل خروج خالد إليهم، فتجاوز أبو بكر عن قرة ابن هبيرة وعيينة بن حصن وحقن لهما دماءهما «4» . ولما فرغ خالد بن الوليد من بيعة بني عامر وبني أسد قال: إن الخليفة قد عهد إليّ أن أسير إلى أرض بني غانم، فسار حتى نزل بأرضهم وبث فيها السرايا فلم يلق بها جمعا، وأتى بمالك بن نويرة في رهط من بني تميم وبني حنظلة فأمر بهم فضربت أعناقهم وتزوج مكانه أم تميم «5» امرأة مالك بن نويرة، فشهد أبو قتادة لمالك بن نويرة بالإسلام عند أبي بكر، ثم رجع خالد يؤم المدينة فلما قدمها دخل   (1) زيد من الطبري 3/ 231. (2) من الطبري، وفي الأصل: لاوصيه. (3) وقع في الأصل: عمر- خطأ. (4) في الأصل: وما همان- كذا، والقصة مذكورة بالتفصيل في الطبري 3/ 231 و 232. (5) من الطبري 3/ 242 والإصابة- ترجمة مالك بن نويرة، وفي الأصل: أم نعيم- كذا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 433 المسجد وعليه درع معتجرا «1» بعمامة وعليه قباء عليه صدأ الحديد، قد غرز في عمامته أسهما، فقام إليه عمر بن الخطاب فانتزع الأسهم من رأسه فحطمها «2» ثم قال: أقتلت امرأ مسلما مالك بن نويرة ثم تزوجت امرأته؟ والله! لنرجمنك بأحجارك، وخالد بن الوليد لا يكلمه ولا يظن إلا [أن] «3» رأى أبي بكر على مثل [رأى] «3» عمر حتى دخل على أبي بكر فأخبره الخبر واعتذر إليه أنه لم يعلم، فعذره أبو بكر وتجاوز عنه ما كان منه في «4» حربه تلك «4» ؛ فخرج خالد من عنده وعمر جالس في المسجد فقال: هلم إليّ ابن أم شملة «5» ! فعرف أن أبا بكر قد رضي عنه، فلم يكلمه فقام فدخل بيته. ثم ماتت «6» فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أبيها بستة أشهر فدفنها عليّ ليلا ولم يؤذن به أبا بكر ولا عمر، وكان لعلي جهة من الناس حياة فاطمة، [فلما توفيت فاطمة انصرفت وجوه الناس عن عليّ، فلما رأى انصراف الناس] «7» ضرع عليّ إلى مصالحة أبي بكر فأرسل إلى أبي بكر أن ائتنا ولا تأتنا معك بأحد، وكره أن يأتيه عمر لما علم من شدته، فقال عمر: لا تأتهم وحدك، فقال أبو بكر: والله! لآتينهم وحدي، وما عسى أن «8» يصنعوا بي «8» ؟ فانطلق أبو بكر وحده حتى دخل على عليّ وقد جمع بني هاشم عنده؛ فقام عليّ وحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال: أما بعد! فإنه لم يمنعنا أن نبايعك إنكارا لفضيلتك ولا نفاسة عليك بخير «9» ساقه الله   (1) من الطبري 3/ 243، وفي الأصل: معتجر. (2) من الطبري، وفي الأصل: فحطها. (3) زيد من الطبري. (4- 4) من الطبري، وفي الأصل: جرجه مالك- كذا. (5- 5) من الطبري، وفي الأصل: أبى سلمة. (6) ألم بموتها رضي الله عنها في الطبري 3/ 202 و 220 و 221 وتاريخ الإسلام 1/ 360. (7) زدناه بناء على الطبري 3/ 200 لتستقيم العبارة. (8- 8) من الطبري، وفي الأصل: يصنعوني. (9) من الطبري، وفي الأصل: لخير. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 434 إليك، ولكنا كنا نرى أن لنا في هذا «1» حقا فاستبددت «2» به علينا، ثم ذكر قرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم وحقهم، ولم يزل عليّ يذكر ذلك حتى بكى أبو بكر، فلما صمت عليّ تشهد أبو بكر فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال: أما بعد! والله لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إليّ أن أصل من قرابتي، وإني والله ما أعلم «3» [في] «4» هذه الأمور التي كانت بيني وبين عليّ إلا الخير «5» ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا نورث ما تركنا صدقة، إنما يأكل آل محمد من هذه المال قوتا» . وإني والله لا أدع أمرا صنع فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا صنعته إن شاء الله؛ ثم قال: موعدك العشية للبيعة، فلما صلى أبو بكر الظهر أقبل على الناس ثم عذر عليّا ببعض ما اعتذر به، ثم قام عليّ فعظم من حق أبو بكر وذكر فضيلته وسابقته ثم مضى إلى أبي بكر فبايعه، وأقبل الناس على عليّ فقالوا: أصبت وأحسنت. [ثم] «6» توفي عبد الله بن أبي بكر الصديق وكان أصابه سهم بالطائف مع النبي صلى الله عليه وسلم رماه ابن محجن ثم دمل الجرح، فمات في شوال بعد الظهر، ونزل حفرته عبد الرحمن بن أبي بكر وعمر بن الخطاب وطلحة بن عبيد الله «7» ، ودخل عمر على أبي بكر وهو آخذ بلسانه ينصنصه فقال له عمر: يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم! الله الله! فقال أبو بكر: هذا أوردني «8» الموارد. فلما دخل شهر ذي الحجة حج عمر بن الخطاب سنة إحدى عشرة، واشترى مولاه أسلم في حجته تلك ثم رجع إلى المدينة.   (1) من الطبري، وفي الأصل: هذه. (2) في الأصل: استبدت، وفي الطبري: استبددتم. (3) في الطبري: ألوت. (4) زيد من الطبري. (5) من الطبري، وفي الأصل: الحرة. (6) زدناه لتنسيق العبارة. (7) راجع أيضا ترجمته في الاستيعاب وراجع أيضا تاريخ الإسلام 1/ 363. (8) من مجمع البحار- نصنص، وفي الأصل: أورد في. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 435 ثم وجه أبو بكر خالد بن الوليد إلى اليمامة وكان مسيلمة قد تنبأ بها في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان أمره ضعيفا، ثم وفد «1» إلى النبي صلى الله عليه وسلم ورجع إلى قومه فشهد رجال بن عنفوة «2» لأهل اليمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أشركه في الأمر فعظم فتنته عليهم. وخرج خالد بن الوليد بالمهاجرين والأنصار حتى إذا دنا من اليمامة نزل واديا من أوديتهم فأصاب في ذلك الوادي مجاعة بن مرارة في عشرين رجلا منهم كانوا خرجوا يطلبون رجلا من بني تميم «3» وكان أصاب لهم دما في الجاهلية فلم يقدروا عليه فباتوا «4» بذلك الوادي فلم ينبههم إلا خيل المسلمين قد وقفت عليهم فقالوا: من القوم؟ فقالوا: بنو «5» حنيفة، قال: فلا أنعم لكم علينا، ثم نزلوا فاستوثقوا منهم، فلما «6» أصبح دعاهم خالد بن الوليد فقال: يا بني حنيفة! ما تقولون؟ فقالوا: منا نبىء ومنكم نبىء، فعرضهم خالد على السيف حتى بقي سارية ابن عامر ومجاعة بن مرارة. فقال له سارية: يا أيها الرجل! إن كنت تريد هذه القرية فاستبق هذا الرجل، وأوثق مجاعة في الحديد ودفعه إلى أم تميم امرأته وقال: استوصي به خيرا، وضرب عنق سارية بن عامر، ثم سار بالمسلمين حتى نزل على كثيب «7» مشرف على اليمامة وضرب معسكره هناك، وخرج أهل اليمامة مع مسيلمة، وتصاف الناس، وكان خالد جالسا على سريره ومجاعة مكبل عنده والناس على مصافهم إذ رأى بارقة في بني حنيفة فقال خالد: أبشروا يا معشر المسلمين! قد   (1) في الأصل: وفدا. (2) من الطبري 3/ 247، وفي الأصل: عبقرة. (3) من الطبري 3/ 246، وفي الأصل: نمير. (4) في الأصل: فياتو- كذا. (5) في الأصل: بني. (6) وراجع أيضا الطبري 3/ 247. (7) من الطبري 3/ 247، وفي الأصل: كتيب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 436 كفاكم الله عدوكم واختلف القوم، فكر «1» مجاعة إليه وهو مكبل فقال: كلا والله إنها الهندوانية «2» خشوا من «3» تحطمها فأبرزوها «3» للشمس لتلين «4» لهم، فكان كما قال، فلما التقى الناس كان أول من خرج رجّال بن عنفوة «5» فقتل؛ واقتتل المسلمون قتالا شديدا حتى انهزم المسلمون، وخلص أصحاب مسيلمة إلى الرحال ودخلوا فسطاط خالد بن الوليد وفيه مجاعة مكبلا» عند أم تميم امرأة خالد، فحمل عليها رجل بالسيف فقال مجاعة: أنا لها جار فنعمت الحرة، عليكم بالرجال، فرحبلوا الفسطاط بالسيف، [ثم إن المسلمين تداعوا] «7» فقال ثابت بن قيس بن شماس: بئسما عودتم أنفسكم يا معشر المسلمين، اللهم «8» إني أبرأ إليك مما يصنع هؤلاء المسلمون، ثم أخذ سيفه حتى جالد به حتى قتل، ورأى زيد بن الخطاب انكشاف المسلمين عن رحالهم فتقدم فقاتل حتى قتل؛ وقام البراء بن مالك أخو أنس بن مالك وكان البراء- فيما يقال- إذا حضر البأس أخذه انتفاض «9» حتى يقعد عليه الرجال ثم يبول في سراويله، فإذا بال صار مثل السبع، فلما رأى ما صنع المسلمون «10» من الانكشاف وما رأى من أهل اليمامة أخذه الذي كان يأخذه حتى قعد «11» عليه الرجال، فلما بال وثب فقال: أين يا معشر المسلمين؟ أنا البراء بن مالك، هلموا إليّ فاجتمع عنده جماعة من المسلمين فقاتل القوم قتالا شديدا حتى   (1) في الأصل: فبكر، وفي الطبري 3/ 248: فنظر. (2) من الطبري: وفي الأصل: الهندوانيها. (3- 3) من الطبري، وفي الأصل: يحطمها فابزوها. (4) من الطبري، وفي الأصل: ليليني. (5) من الطبري، وفي الأصل: عبقرة. (6) في الأصل: مكبل- كذا. (7) زيد من الطبري. (8) زيد في الطبري: اللهم إني أبرأ إليك مما يعبد هؤلاء- يعني أهل اليمامة. (9) أي انتفاض الحمى. (10) في الأصل: المسلمين. (11) من الطبري، وفي الأصل: عقد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 437 خلصوا إلى محكم اليمامة، وهو محكم بن الطفيل «1» ، فلما بلغه القتال قال: يا معشر بني حنيفة! الآن والله تستحقب «2» الكرائم غير رضيات «3» وينكحن غير حظيات «4» ، فما كان عندكم من حسب فأخرجوه، ثم تقدم فقاتل قتالا شديدا فرماه عبد الرحمن بن أبي بكر بسهم فوضعه في نحره فقتله، وزحف المسلمون حتى ألجأوهم إلى الحديقة وفيها «5» مسيلمة، فقال البراء بن مالك: يا معشر المسلمين! ارموني عليهم في الحديقة، فقال الناس: لا تفعل يا براء! فقال: والله أفعل فاحتمل حتى أشرف على الجدار فاقتحم فقاتلهم حتى فتحها الله للمسلمين، ودخل عليهم المسلمون، وقتل مسيلمة، اشترك وحشي بن حرب مولى جبير بن مطعم ورجل من الأنصار في قتله، فرماه وحشي بحربته وضربه الأنصاري بسيف، فكان «6» وحشي يقول: [ربك] «7» أعلم أينا قتله! قتلت: خير الناس وشر الناس. فلما فرغ المسلمون من مسيلمة، وأتى خالدا الخبر فخرج «8» بمجاعة في الحديد «9» يرسف معه «9» ليدله على مسيلمة، وكان يكشف القتلى حتى مر بمحكم بن الطفيل، وكان رجلا جسيما وسيما فقال خالد: هذا صاحبكم، فقال مجاعة: لا! هذا والله خير منه وأكرم، هذا محكم اليمامة، ثم دخلوا الحديقة وقلبا «10» القتلى فإذا رويجل أصيفر أخينس «11» فقال مجاعة: إنه والله ما جاءك إلا سرعان الناس   (1) من الطبري، وفي الأصل: الكفيل. (2) من الطبري، وفي الأصل: يستحقب. (3) من الطبري، وفي الأصل: وضيات. (4) من الطبري، وفي الأصل: حضيات. (5) من الطبري، وفي الأصل: فيهم. (6) من الطبري، وفي الأصل: فقلل. (7) زيد من الطبري. (8) من الطبري، وفي الأصل: خرج. (9- 9) من الطبري 3/ 251، وفي الأصل: يوسف له. (10) في الأصل: اقلبا، وفي الطبري: قلب له. (11) من الطبري، وفي الأصل: حنيس- كذا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 438 وإن جماهير الناس في الحصون، قال: ويلك ما تقول؟ قال: والله إن ذلك لحق، فهلم أصالحك على قومي «1» ، فصالحه خالد بن الوليد على الصفراء والبيضاء [والحلقة] «2» ونصف السبي، ثم قال لمجاعة: امض إلى القوم فاعرض ما صنعت، فانطلق إليهم ثم قال للنساء: البسن الحديد ثم أشرفن على الحصون، ثم انتهى إلى خالد قال: إنهم لم يرضوا على مصالحتك عليه، ولكن إن شئت شيئا صنعت وعرضت على القوم! [قال: ما هو؟ قال] «2» : تأخذ ربع السبي ربعا «3» ، قال خالد: قد فعلت! قال: قد صالحتك، فلما فرغا دخلوا الحصن فإذا ليس «4» رجل واحد «4» رماهم [إلا] «5» النساء والصبيان، فقال خالد لمجاعة: خدعتني، قال: قومي «6» . ثم بعث أبو بكر إلى خالد بن الوليد بسلمة بن سلامة بن وقش يأمره أن لا يستبقي من بني حنيفة رجلا قد أنبت، فأتاه سلمة وقد فرغ خالد من الصلح. ثم إن خالدا قد بعث وفدا «7» من بني حنيفة إلى أبي بكر فقدموا عليه فقال أبو بكر: ويحكم! ما هذا الرجل الذي استزل «8» منكم [ما استزل] ، قالوا: يا خليفة رسول الله! قد كان الذي بلغك، وكان امرءا لم يبارك الله له ولا لعشيرته «9» فيه قال أبو بكر: على ذلك ما دعاكم إليه؟ «10» قالوا: كان «10» يقول: يا ضفدع نقي نقي! لا الشراب «11»   (1) من الطبري، وفي الأصل: قومك. (2) زيد من الطبري 3/ 252. (3) من الطبري، وفي الأصل: رجعا. (4- 4) في الأصل: وحن واحدا- كذا. (5) زيد من الطبري 3/ 252. (6) زيد في الطبري: ولم أستطع إلا ما صنعت. (7) من الطبري 3/ 254، وفي الأصل: وا- كذا. (8) من الطبري، وفي الأصل: استنزل. (9) من الطبري، وفي الأصل: بغيره- كذا. (10- 10) من الطبري، وفي الأصل: قال وفان- كذا. (11) في الطبري: الشارب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 439 تمنعين «1» [ولا الماء تكدرين] «2» ، لنا نصف الأرض ولقريش نصف الأرض، ولكن قريشا «3» قوم يعتدون، فقال أبو بكر: سبحان الله سبحان الله. فلما فرغ خالد من الصلح نزل واديان من أودية اليمامة، فبينما هو قاعد إذ دخل عليه رجل من بني حنيفة يقال له سلمة «4» بن عمير فقال لمجاعة» : استأذن لي على الأمير، فإن لي إليه حاجة، فأتى عليه مجاعة، ثم قال مجاعة: إني والله لأعرف الشر في وجهه، ثم نظر فإذا هو مشتمل على السيف فقال: ما لك لعنك الله! أردت أن تستأصل بني حنيفة، والله لئن قتلته ما ترك في بني حنيفة صغير ولا كبير إلا قتل، فانقلب الرجل ومعه سيفه، فوقع في حائط من «6» حوائط اليمامة وحبس به المسلمون فدخلوا خلف الحائط فقتل. وكان من استشهد من المسلمين يوم اليمامة من قريش ممن يحضرنا ذكرهم أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة، وسالم مولى أبي حذيفة، وشجاع بن وهب بن ربيعة، ومالك بن عمرو، ويزيد بن قيس، وصفوان بن أمية بن عمرو، وأخوه مالك بن أمية، والطفيل بن عمرو الدوسي، وجبير «7» بن مالك «8» وأمه بحينة «8» ، ويزيد بن أوس، وحيي بن حارثة، والوليد بن عبد «9» شمس بن المغيرة، وحكيم بن حزام بن أبي وهب، وزيد «10» بن الخطاب بن نفيل «11» ، وعبد الله بن عمرو بن بحرة، وعبد   (1) من الطبري، وفي الأصل: المعين. (2) زيد من الطبري. (3) من الطبري، وفي الأصل: قريش. (4) من الطبري 3/ 253، وفي الأصل: سلامة. (5) من الطبري، وفي الأصل: مجاعة. (6) في الأصل: في. (7) من تاريخ الإسلام 7/ 369، وفي الأصل: جر- كذا. (8- 8) من تاريخ الإسلام، وفي الأصل: بن لحينة، وفي الإصابة: جبير بن بحينة- منسوبا إلى أمه. (9) من الإصابة، وفي الأصل: عوف. (10) من الإصابة، وفي الأصل: يزيد. (11) من الإصابة، وفي الأصل: ثقيل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 440 الله بن الحارث بن قيس، وأبو قيس بن الحارث، وعبد الله بن مخرمة بن عبد العزى، وعبد الله بن سهيل «1» بن عمرو، وسليط بن سليط «2» بن عمرو، وعمرو بن أوس بن سعد بن أبي سرح، وربيعة بن أبي خرشة، ومنقذ بن عمرو بن عطية «3» ، وعبد الله بن الحارث بن رحضة «4» . واستشهد من الأنصار يوم اليمامة ثابت بن قيس بن شماس، وعباد بن بشر ابن وقش، ورافع بن سهل «5» ، وعبد الله بن عتيك «6» ، وحاجب بن زيد، وسهل بن عدي، ومالك بن أوس ومعن موليان لهم، وفروة بن العباس، وكليب بن تميم، وعامر بن ثابت، «7» وبشر بن عبد الله «7» ، وعبد الله بن عبد الله بن أبي بن سلول، وعبد الله بن عتبان، وثابت بن هزال، وأسيد «8» بن يربوع، وأوس بن ورقة، وسعد بن حارثة «9» بن لوذان «10» ، وسماك بن خرشة «11» أبو دجانة، وسعد بن حمار «12» ، وعقبة بن عامر بن نابي «13» ، وضمرة بن عياض، «14» وعبد الله بن أنيس، و «14» مسعود بن سنان، وحبيب بن زيد، و «15» أبو حبة بن غزية «15» بن عمرو،   (1) من الإصابة، وفي الأصل: سهل. (2) من الإصابة، وفي الأصل: سليك. (3) من الإصابة، وفي الأصل: نعيط. (4) من تاريخ الإسلام، وفي الأصل: رخصة. (5) من الإصابة، وفي الأصل: سهيل. (6) من الإصابة، وفي الأصل: عتيد. (7- 7) من الإصابة، وفي الأصل: بسر بن عبيد الله. (8) من الإصابة، وفي الأصل: اصعر. (9) وأيضا ورد: جارية- راجع الإصابة. (10) من الإصابة، وفي الأصل: لودان. (11) من الإصابة، وفي الأصل: حرشة. (12) من الإصابة، وفي الأصل: حمام. (13) من الإصابة، وفي الأصل: أبي. (14) من تاريخ الإسلام، وفي الأصل: بن. (15- 15) من تاريخ الإسلام، وفي الأصل: أبو حيثمة ابن عذنة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 441 و «1» عمارة بن حزم «2» بن زيد، ويزيد «3» بن ثابت بن الضحاك بن زيد «4» رمي بسهم «4» فمات في الطريق، وثابت بن خالد بن عمرو بن خنساء، وفروة بن النعمان بن الحارث، و «5» عائذ بن ماعص الزرقي «5» ، وحبيب بن عمرو بن محصن. ثم انصرف خالد بن الوليد بالمسلمين حتى قدم المدينة على أبي بكر، وارتدت ربيعة بالبحرين فيمن «6» ارتد من العرب إلا «7» الجارود بن عمرو [بن] «8» «9» خنش بن معلى فإنه «9» ثبت على الإسلام فيمن تبعه من قومه، وقالت ربيعة بعضها لبعض: نرد «10» الملك إلى المنذر بن ساوى 1» ، وكان المنذر ملكهم في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم العلاء «12» بن الحضرمي فأسلم المنذر، وأقام العلاء بها إلى أن قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم، فملك «13» ربيعة المنذر بن النعمان بن المنذر بن ساوى «12» وجمع جمعهم على الارتداد؛ فلما بلغ أبا بكر خبرهم، بعث «14» إليهم العلاء بن الحضرمي وأمره بثمامة بن أثال الحنفي وكان قد أسلم ثمامة وأسلم بنو سحيم معه، فلما مر العلاء بثمامة بن أثال معه من «15» اتبعه من قومه   (1) في الأصل: بن. (2) من تاريخ الإسلام، وفي الأصل: حزام. (3) من الإصابة، وفي الأصل مرثد. (4- 4) من الاستيعاب، وفي الأصل: ومن سهم- كذا. (5- 5) من الإصابة، وفي الأصل: عايد ماعس المرور- كذا. (6) من الطبري 3/ 255، وفي الأصل: فمن. (7) من الطبري، وفي الأصل: بن. (8) زيد من الطبري. (9- 9) من الطبري، وفي الأصل: أخنس بن يعلى بانه. (10) من الطبري، وفي الأصل: يرد. (11) من الطبري، وفي الأصل: شاوي. (12) من الطبري، وفي الأصل: العجلي. (13) في الأصل: فهلك. (14) في الأصل: فبعث. (15) في الأصل: فيمن. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 442 من بني سحيم وسارت ربيعة إليهم فحاصروهم بجواثا «1» - حصن بالبحرين، وأصاب المسلمون جهدا شديدا من الجوع حتى كادوا أن يهلكوا فخرج عبد الله بن حذف «2» ليلة من الليالي يتجسس أخبارهم ويجيء المسلمين بالخبر، فأتى الحصن واحتال في دخوله فوجدهم سكارى فرجع، فأخبر المسلمين أن القوم سكارى لا غناء بهم، فبيتهم العلاء بن الحضرمي فيمن معه من المسلمين وقاتلوهم قتالا شديدا حتى فتح الله على المسلمين حصنهم، وقسم العلاء بن الحضرمي الغنيمة بالبحرين وجمع بها صلاة الجمعة. وخرج الأسود بن كعب العنسي [في كندة] «3» فباع «4» الناس والمهاجر بن أبي أمية أميرها، وسمعت كندة بذلك واتفقت أيضا مع من اتبع الأسود على نصره «5» ، وكان على حضر موت زياد بن لبيد البياضي، فلما رأى ذلك منهم بيتهم بالليل وقتل منهم أربعة من الملوك في محاجرهم: «6» جمدا ومحوصا ومشرحا «6» وأبضعة، ثم كتب المهاجر بن أبي أمية «7» إلى أبي بكر يخبره بانتفاض الناس و «8» يستمد منه «8» ، فبعث أبو بكر عكرمة بن أبي جهل في جيش معه إلى المدينة، وكانت قطعة من كندة- ثبتت على الإسلام- مع زياد بن لبيد وقطعة مع «9» المهاجر بن أبي أمية وزياد بن أبي لبيد بالحرب، فلما اشتد عليهم الحصار نزل إليهم الأشعث بن قيس وسألهم الأمان على دمه وأهله وماله حتى يقدموه «10» على أبي بكر فيرى فيه رأيه   (1) من الطبري 3/ 256، وفي الأصل: بجاتا. (2) من الطبري 3/ 258، وفي الأصل: خلاف- كذا. (3) زيد لاستقامة العبارة. (4) في الأصل: فباعوا. (5) في الأصل: قصره- كذا، وراجع أيضا الطبري 2/ 270 وما بعده. (6- 6) من الطبري 3/ 273، وفي الأصل: حمر ونحوس ومشرح كذا. (7) زيد فوقه: وزياد. (8- 8) في الأصل: ما صورته هكذا «وتستمروا له» وعليه من الضرب والحك ما يزيده غموضا وإبهاما. (9) في الأصل: من. (10) في الأصل: قدموه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 443 [وأن] «1» يفتح النجير «2» ، ففعلوا ذلك وفتح النجير «2» ، واستنزلوا من فيه من الملوك وضربت أعناقهم، واستوثقوا من الأشعث بن قيس وبعثوا به إلى أبي بكر مع السبي، وقتل الأسود بن كعب العنسي في بيته، فلما قدم الأشعث على أبي بكر قال أبو بكر: فما تأمرني أن أصنع فيك فإنك فعلت ما علمت؟ قال الأشعث: تمن عليّ وتفكني «3» من الحديد وتزوجني أختك، فإني قد راجعت «4» وأسلمت، قال أبو بكر: قد فعلت، فزوجه أخته فروة بنت أبي قحافة. ثم قدم «5» أهل البحرين على أبي بكر يفتدون «6» سباياهم أربعمائة، فخطب أبو بكر الناس فقال: أيها الناس! ردوا على الناس سباياهم، لا يحل لامرىء يؤمن بالله واليوم الآخر أن يغيب عنه «7» منهم أحد، ثم جاء جابر بن عبد الله أبا بكر فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن جاءنا مال من البحرين أعطيناك هكذا وهكذا» ، فحرز له أبو بكر «هكذا» خمسمائة درهم، فأعطاه من مال البحرين ألفا وخمسمائة درهم. ثم اعتمر أبو بكر في رجب وخرج هو وعبد الرحمن بن صبيحة على راحلتين واستخلف على المدينة عمر بن الخطاب، وقدما مكة ضحوة، وخرج منها قبل الليل. ومات أبو مرثد الغنوي حليف حمزة بن عبد المطلب. وتزوج عمر ابن الخطاب عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل. ثم خرج أبو بكر سنة اثنتي عشرة، واستخلف على المدينة عثمان بن عفان، وخرج لليلتين بقيتا «8» من ذي القعدة، وأحرم من ذي الحليفة، وقدم مكة لسبع   (1) زيد لاستقامة العبارة. (2) هو اسم حصن، ووقع في الأصل: البحر- خطأ. (3) من الطبري 3/ 276، وفي الأصل: تكفني- كذا. (4) من الطبري، وفي الأصل: راجعك. (5) زيد بعده في الأصل: على. (6) في الأصل: يعتدرون- كذا. (7) في الأصل: عنهم. (8) في الأصل: بقين. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 444 خلون من ذي الحجة، وكان قد ساق «1» معه عشر بدنات، فخطبهم قبل التروية بيوم في المسجد الحرام، وأمرهم بتقوى الله ونهاهم عن معصيته وعظّم عليهم حرمة الإسلام وأمرهم بالقصد في مسيرهم والترفق، وتلا عليهم آيات من القرآن، ثم قال: من استطاع منكم أن يصلي الظهر بمنى غدا فليفعل، ثم حج لهم ونحر البدن ورمى الجمار ماشيا ذاهبا وجائيا. ومات أبو العاص بن الربيع في ذي الحجة وكان «2» يسمى جرو «2» البطحاء وأوصى «3» إلى الزبير بن العوام، فزوج الزبير ابنته علي بن أبي طالب. ثم قفل أبو بكر من الحج إلى المدينة، فلما قدمها كتب إلى خالد بن الوليد يريد العراق، وقد قيل: إنه قد قدم المدينة ثم خرج إلى العراق، فلما بلغ خالد بن الوليد إلى قريات «4» من السواد «5» يقال لهن [بانقياء] «6» باروسما «7» وأليبس صالح أهلها، وكان الذي صالحه عليها ابن صلوبا، فقبل منهم الجزية وكتب له كتابا «بسم الله الرحمن الرحيم: هذا كتاب من خالد بن الوليد لابن صلوبا السوادي «8» ومنزله بشاطىء «9» الفرات أنك آمن بأمان الله ممن حقن دمه بإعطاء الجزية، وقد أعطيت عن نفسك ومن كان في قريتك ألف درهم فقبلناها1» ، ورضي من معي من المسلمين بها عنك، فلك «11» ذمة الله وذمة محمد صلى الله عليه وسلم وذمم المسلمين على ذلك،   (1) في الأصل: سابق. (2- 2) من تاريخ الإسلام 1/ 373، وفي الأصل: ساحر- كذا. (3) من تاريخ الإسلام، وفي الأصل: أولى. (4) من الطبري 4/ 3، وفي الأصل: قرنات. (5) من الطبري، وفي الأصل: السوداء. (6) زيد من الطبري. (7) من الطبري، وفي الأصل: وسما. (8) من الطبري، وفي الأصل: الشواي. (9) من الطبري، وفي الأصل: شاطىء. (10) في الطبري: فقبلتها. (11) من الطبري، وفي الأصل: فلا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 445 وشهد هشام بن الوليد، ثم أقبل خالد حتى نزل الحيرة وكان عليها قبيصة بن إياس بن حية الطائي أميرا «1» لكسرى فخرج إليه بأشرافهم «2» ، فقال لهم خالد: أدعوكم إلى الله وإلى الإسلام، فإن «3» أجبتم إليه فأنتم من المسلمين، لكم ما لهم وعليكم ما عليهم، وإن أبيتم فالجزية، فإن أبيتم [الجزية] «4» فقد أتيتك بأقوام «5» أحرص على الموت منكم على الحياة، جاهدناكم حتى يحكم الله بيننا وبينكم، فقال له قبيصة بن إياس: ما لنا بحربك من حاجة، بل نقيم على ديننا ونعطيك الجزية، فصالحهم على تسعين ألف درهم كل سنة، فكانت أول جزية وقعت بالعراق هذه والتي صالح عليها ابن صلوبا. وبعث أبو بكر بعد قفوله من الحج الجنود إلى الشام فبعث عمرو بن العاص إلى فلسطين فأخذ طريق المعرقة «6» على أيلة، وبعث يزيد بن أبي سفيان وأبا عبيدة ابن الجراح وشرحبيل بن حسنة إلى الشام وأمرهم أن يسلكوا التبوكية على البلقاء [من] «7» علياء [الشام] «7» ، وبعث خالد [بن] «7» سعيد بن العاص على ربع من الأرباع، فلم يزل عمر بن الخطاب بأبي بكر حتى [عزله وأمّر] «8» مكانه ابن أبي سفيان، وخرج أبو بكر مع يزيد بن أبي سفيان يوصيه «9» ويزيد راكب «9» ، قال: أيها الأمير! إما أن تركب وإما أن أنزل! فقال: ما أنت «10» بنازل ولا أنا براكب،   (1) في الأصل: أمنو- كذا؛ وفي الطبري: وكان أمّره عليها. (2) من الطبري، وفي الأصل: بأشراهم. (3) من الطبري، وفي الأصل: وان. (4) زيد من الطبري. (5) من الطبري، وفي الأصل: بأقوامهم. (6) من الطبري 4/ 28، وفي الأصل: العزبة. (7) زيد من الطبري. (8) من الطبري، وموضعه بياض في الأصل. (9- 9) في الأصل: يزيدرا- كذا، وراجع فتوح الشام للواقدي 1/ 4. (10) في الأصل: ابت. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 446 أليست «1» خطاي هذه في سبيل الله! ثم قال: يا يزيد! إنكم ستقدمون بلادا [فإذا أكلتم] «2» الطعام فسموا الله على أولها واحمدوه على آخرها، وستجدون قوما حبسوا أنفسهم «3» في الصوامع فدعوهم وما حبسوا «4» أنفسهم، وستجدون أقواما قد اتخذ الشيطان على رؤوسهم مقاعد. يعني الشمامسة «5» - فاضربوا تلك الأعناق، ولا تقتلن «6» كبيرا هرما «6» ولا امرأة ولا وليدا ولا تعقرن بهيمة إلا لنفع، ولا تخربن عمرانا، ولا تقطعن «7» بحرا إلا لنفع، ولا تغل ولا تغدر ولا تخن «8» وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ أقرئك «9» السلام وأستودعك الله! ثم انصرف أبو بكر ومضى يزيد بن أبي سفيان وتبعه شرحبيل بن حسنة وأبو عبيدة بن الجراح «10» فردا فردا، ونزل «10» عمرو بن العاص في قصره «11» بغمر العربات «11» ، ونزل الروم «12» بثنية جلق «12» بأعلى فلسطين في سبعين ألفا عليهم تذارق «13» أخو هرقل «14» لأبيه وأمه «14» ، فكتب عمرو بن العاص إلى أبي بكر يذكر له أمر الروم ويستمده، فكتب أبو بكر   (1) في الأصل: نسيت- كذا. (2) موضعه في الأصل: لولو- كذا. (3) في الأصل: أيديهم له. (4) في الأصل: جلسوا. (5) في الأصل: السالسة، في لسان العرب؛ الشماس من رؤوس النصارى: الذي يحلق وسط رأسه ويلزم البيعة والجمع شمامسة. (6- 6) في الأصل: كثيرا هربا. (7) في الأصل: لا تقتعن. (8) في الأصل: لا نحون. (9) من البداية والنهاية 7/ 3، وفي الأصل: أفديك. (10- 10) في الأصل: مردا مرد وانزل- كذا. (11- 11) من الطبري 4/ 39، وفي الأصل: بعير القريات- كذا. (12- 12) من الطبري، وفي الأصل: يعنه خلق- كذا. (13) من الطبري، وفي الأصل: بدراق. (14- 14) من الطبري، وفي الأصل: لا وأبيه- كذا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 447 إلى خالد بن الوليد وهو يأمره أن يمد أهل الشام فيمن [معه] «1» من أهل القوة «2» ويستخلف على ضعفة الناس [رجلا] «3» منهم، فلما أتاه كتاب أبي بكر قال خالد: هذا عمل الأعيسر «4» ابن أم شملة «5» - يعني عمر بن الخطاب- حسدني «6» أن يكون فتح العراق على يدي، فسار خالد بأهل القوة من الناس، ورد الضعفاء والنساء إلى» المدينة، وأمّر عليهم عمير «8» بن سعد الأنصاري، واستخلف على [من أسلم] «9» بالعراق من ربيعة «10» وغيرهم المثنى بن حارثة «11» الشيباني، فلما بلغ خالد بمن معه عين النمر أغار على أهلها فأصاب منهم، ورابط حصنا بها فيه مقاتلة لكسرى حتى استنزلهم وضرب أعناقهم وسبى منهم سبايا كثيرة، وكان من «12» تلك السبايا «12» أبو عمرة والد عبد الأعلى [بن] «13» أبي عمرة، ويسار جد محمد بن إسحاق، وحمران بن أبان مولى عثمان، و [أبو] «13» عبيد مولى المعلى، وخير «14» مولى أبي داود الأنصاري، وأبو عبد الله مولى زهرة. فأراد خالد المسير والتمس دليلا فدل على رافع بن عميرة «15» الطائي فقال له   (1) زيد من الطبري 4/ 44. (2) من الطبري، وفي الأصل: القرد. (3) من الطبري، وفي الأصل موضعه بياض. (4) من الطبري، وفي الأصل: المعيسر. (5) من الطبري، وفي الأصل: شهده. (6) من الطبري، وفي الأصل: حسبه. (7) من الطبري، وفي الأصل: على. (8) من الطبري، وفي الأصل: عميرة. (9) زيد من الطبري 4/ 44. (10) من الطبري، وفي الأصل: العرب. (11) من الطبري وفي الأصل: خارجة. (12- 12) من الطبري، وفي الأصل: ذلك السبى. (13) زيد من الطبري 4/ 44. (14) من الطبري، في الأصل: بحمير- كذا. (15) من الطبري، وفي الأصل: عمير. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 448 خالد: «1» انطلق بالناس «1» ، فقال له رافع: إنك لا تطيق ذلك بالجنود «2» والأثقال، والله إن الراكب المفرد ليخافها على نفسه وما يسكلها إلا مغررا! إنها لخمس ليال جياد ولا يصاب «3» فيها ماء [مع مضلتها] «4» ، قال له خالد: ويحك! «5» ألا بدلي «5» منها؟ إنه قد أتاني من الأمير عزمة بذلك، فمر بأمرك، فقال رافع: استكثروا من الماء، من استطاع [منكم] «6» أن يصر أذن ناقته على ماء فليفعل «7» ، فإنها المهالك «8» إلا ما دفع الله «9» ، فتأهب المسلمون وسار خالد بمن معه، فلما بلغوا آخر يوم من المفازة قال خالد لرافع بن عميرة «10» : ويحك يا رافع! ما عندك؟ قال: أدركت الري «11» - إن شاء الله! فلما دنا «12» من العلمين «13» قال رافع للناس: انظروا [هل ترون شجيرة من عوسج كقعدة الرجل] «14» فلم يروا شيئا، فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون! هلكتم والله إذا وهلكت «15» ! انظروا فاطلبوها، [فطلبوا] «14» فوجدوها قد قطعت وبقي منها بقية، فلما رآها المسلمون كبروا وكبر رافع بن عميرة، ثم قال: احفروا في أصلها، فحفروا فاستخرجوا عينا فشربوا حتى روي الناس، ثم   (1- 1) من الطبري، وفي الأصل: ما عندك. (2) في الأصل: والجنود، وفي الطبري: بالخيل. (3) من الطبري، وفي الأصل: لا تصيب. (4) من الطبري، وفي الأصل موضعه بياض. (5- 5) في الطبري 4/ 45: إن لي بد. (6) زيد من الطبري. (7) من الطبري، وفي الأصل: فعل. (8) من الطبري، وفي الأصل: المهلك. (9) وهنا في الطبري مزيد تفصيل فراجعه. (10) من الطبري، وفي الأصل: عمير. (11) من الطبري، وفي الأصل: الراي. (12) من الطبري، وفي الأصل: دكى. (13) من الطبري، وفي الأصل: العالمين. (14) زيد من الطبري. (15) من الطبري، وفي الأصل: هلكتم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 449 اتصل بعد ذلك لخالد المنازل فقال رافع: فوالله ما وردت هذا الماء قط إلا مرة واحدة! وردتها مع أبي وأنا غلام، فلما بلغ الخالد والمسلمون إلى سوي «1» أغار على أهله «2» وهم بهراء «2» قبيل الصبح وإذا جماعة منهم يشربون الخمر في جفنة لهم قد اجتمعوا عليها «3» ومغنيهم يقول: ألا عللاني «4» قبل جيش أبي بكر ... لعل منايانا قريب «5» ولا ندري «6» فقتلهم خالد بن الوليد وقتل مغنيهم وسال دمه في تلك الجفنة «7» ، ثم سار خالد حتى أغار على غسان بمرج راهط حتى نزل على قناة «8» بصرى وعليها أبو عبيدة بن الجراح وشرحبيل بن حسنة ويزيد بن أبي سفيان؛ وخرج خالد بن سعيد ابن العاص بمرج الصفر في يوم مطير يستمطر [فيه] » فتعاوى «10» عليه أعلاج «11» الروم فقتلوه؛ واجتمع خالد بن الوليد «12» وشرحبيل بن حسنة ويزيد بن أبي سفيان معهم حتى صالحته بصرى على الجزية وفتحها الله للمسلمين، فكانت تلك أول مدينة فتحت بالشام، ثم ساروا جميعا إلى فلسطين مددا «13» لعمرو بن العاص وعمرو مقيم بالعربات «14» من غور فلسطين وسمع الروم باجتماع المسلمين لعمرو   (1) من الطبري، وفي الأصل: سواد. (2- 2) من الطبري، وفي الأصل: هو ما نهر- ووقع بعد «إلى؟؟ رى» . (3) من الطبري، وفي الأصل: عليه. (4) من الطبري، وفي الأصل: علاني. (5) من الطبري، وفي الأصل: منايا. (6) من الطبري، وفي الأصل: لا يدري. (7) من الطبري، وفي الأصل: الحقبة. (8) من الطبري، وفي الأصل: فناء. (9) زيد من الطبري 4/ 39. (10) من الطبري، وفي الأصل: فتعاوو- كذا. (11) من الطبري، وفي الأصل: علاج. (12) والعبارة من «وخرج خالد» إلى هنا متكررة في الأصل. (13) من الطبري 4/ 45، وفي الأصل: مدا. (14) من الطبري، وفي الأصل: بالقربات. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 450 ابن العاص فانكشفوا عن جلق «1» إلى أجنادين «2» ، وأجنادين «8» [بلد] «3» بين الرملة وبيت «4» جبرين من أرض فلسطين «5» وسار المسلمون إلى أجنادين «6» وكان «6» الأمراء أربعة والناس أرباعا إلا عمرو بن العاص كان يزعم أنه جميعهم ... «7» . فلما اجتمعت العساكر وتدانت، بعث صاحب الروم «8» رجلا عربيا «8» [ليأتي] «9» بخبر المسلمين، فخرج الرجل ودخل مع المسلمين وأقام فيهم يوما وليلة لا ينكر، ثم «10» أتى الروم فقالوا له: ما وراءك؟ فقال: أما بالليل فرهبان، وأما بالنهار ففرسان، «11» ولو سرق ابن «11» ملكهم قطعوا يده، ولو زنى رجموه، لإقامة الحق فيهم. ثم تزاحف الناس فاقتتلوا «10» قتالا شديدا فقال صاحبهم «12» لهم: لفوا رأسي في ثوب، قالوا له: ولم؟ قال: يوم موقف البئيس «4» «13» لا أحب أن أراه، ما رأيت في الدنيا أشد منه، وكانت الهزيمة «14» على الروم، فلقد قتل صاحبهم و «15» إنه لملفف «15»   (1) من الطبري، وفي الأصل: الجلق. (2) من الطبري، وفي الأصل: أجناد. (3) زيد من الطبري 4/ 45. (4) من الطبري، وفي الأصل: بين بعيت وبين- كذا. (5) من الطبري، وموضعه في الأصل بياض. (6- 6) موضعه بياض في الأصل. (7) موضع النقاط بياض في الأصل. (8- 8) من الطبري 4/ 46، وموضعه في الأصل بياض. (9) زيد لاستقامة العبارة. (10) من الطبري، وموضعه بياض في الأصل. (11- 11) من الطبري، وموضعه في الأصل بياض. (12) في الأصل: صاحب. (13) زيد قبله في الأصل: من، ولم تكن الزيادة في الطبري فحذفناها. (14) في الأصل: العزيمة. (15- 15) من الطبري، وفي الأصل: انطلقت- كذا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 451 في ثوبه؛ وكان لليلتين بقيتا من «1» جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة، فقتل بأجنادين من المسلمين: نعيم بن عبد الله «2» النحام، وهشام [بن] «3» العاصي «4» بن وائل [و] «5» عمرو بن [عكرمة و] «6» الطفيل بن عمرو الدوسي، وعبد الله بن عمرو حليف لهم، وجندب بن عمرو بن حممة «7» الدوسي [و] «5» ضرار بن الأزور «8» وطليب «9» بن عمرو بن وهب، وسلمة بن هشام بن المغيرة، وهبار بن سفيان بن الأسود، والحارث بن الحارث، والحجاج بن الحارث وقيس بن صخر، [و] «5» نعيم بن عامر. استخلاف عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وهو عمر بن الخطاب بن نفيل «10» بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن قرط ابن رزاح «11» بن عدي بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة ابن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، أبو حفص العدوي، وأم عمر حنتمة1» بنت هشام «13» بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم أخت أبي جهل بن هشام.   (1) من الطبري، وفي الأصل: في. (2) زيد بعده في الأصل: ابن، ولم تكن الزيادة في الطبري ولا في الإصابة فحذفناها. (3) زيد من الطبري. (4) من الطبري، وفي الأصل: عاص. (5) زيد لاستقامة العبارة. (6) زيد من الطبري 4/ 36. (7) من الطبري، وفي الأصل: حمية. (8) من الطبري والإصابة، وفي الأصل: الأرقم. (9) من الطبري والإصابة، وفي الأصل: كليب. (10) من الطبري 5/ 14 والإصابة، وفي الأصل: نوفل. (11) من الطبري والإصابة، وفي الأصل: رباح- كذا. (12) من الطبري والإصابة، وفي الأصل: حتفة- كذا. (13) في الطبري والإصابة: هاشم- كذا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 452 حدثنا محمد بن القاسم الدقاق بالمصيصة: ثنا يوسف بن سعيد بن مسلم «1» ثنا هارون بن زياد «2» الحنائي ثنا الحارث بن عمير عن حميد عن أنس قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «اقتدوا باللذين من بعدي: أبي بكر «3» وعمر» . قال أبو حاتم: فلما حانت «4» منية أبي بكر رحمة الله عليه اغتسل قبلها يوم الإثنين لسبع خلون من جمادى الآخرة وكان يوما باردا فحم «2» خمسة عشر يوما «5» حتى قطعته العلة عن حضور الصلاة وكان يأمر عمر بن الخطاب أن يصلي بالناس، وكان الناس يعودونه وهو في منزله الذي أقطع له النبي صلى الله عليه وسلم وجاه «6» دار عثمان بن عفان اليوم، فبينا هو في ليلة من الليالي عند نسائه أسماء بنت عميس وحبيبة بنت خارجة بن زيد بن أبي زهير «7» وبناته أسماء وعائشة وابنه عبد الرحمن بن أبي بكر إذ قالت عائشة: أتريد أن تعهد إلى الناس عهدا؟ قال: نعم، قالت: فبين للناس حتى يعرفوا الوالي «8» بعدك، [قال] «9» : نعم، قالت عائشة: إن أولى الناس بهذا الأمر بعدك عمر، وقال «10» عبد الرحمن بن أبي بكر: إن قريشا تحب ولاية عثمان بن عفان، وتبغض ولاية عمر لغلظه، فقال أبو بكر: نعم الوالي عمر، وما هو بخير له أن يلي أمر أمة محمد، أما إنه لا يقوى عليهم غيره، إن عمر رآني لينا فاشتد «11» ، ولو كان واليا للان لأهل اللين واشتد «11» على أهل الريب، فلما أصبح دعا نفرا من   (1) من التهذيب، وفي الأصل: سلم. (2) من الأنساب. (الحنائي) ، وفي الأصل: رباد. (3) من سمط النجوم 2/ 321، وفي الأصل: أبو بكر. (4) في الأصل: حالت. (5- 5) من الطبري 3/ 47، وفي الأصل: الناس. (6) من الطبري، وفي الأصل: لجد. (7) في الأصل: أبي زهيرة- خطأ. (8) في الأصل: اللوالي. (9) زيد ولا بد منه. (10) في الأصل: قالت. (11) في الأصل: فاشتر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 453 المهاجرين والأنصار يستشيرهم في عمر، منهم عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد فقال لعبد الرحمن بن عوف: يا أبا محمد! أخبرني عن عمر، فقال: [يا] «1» خليفة رسول الله! هو والله أفضل من رأيك فيه من رجل [ولكن] «1» فيه غلظة «2» ، فقال لعبد الرحمن بن عوف: ذلك لأنه رآني لينا فاشتد، ولو آل إليه الأمر لترك كثيرا مما هو عليه اليوم، إني إذا غضبت على الرجل أراني الرضا عنه وإذا لنت له أراني الشدة عليه، لا تذكر يا [أبا] «1» محمد مما ذكرت لك شيئا، [قال: نعم] «1» ، ثم دعا عثمان بن عفان فقال: يا أبا عبد الله! أخبرني عن عمر، فقال: أنت أخبر به، فقال أبو بكر: فعليّ ذلك، قال: إن علمي أن سريرته خير من علانيته، وأن ليس فينا مثله، قال: يرحمك الله يا أبا عبد الله! لا تذكر مما ذكرت لك شيئا، [قال: أفعل، فقال له أبو بكر] «1» : لو «3» تركته ما عدوتك، و [ما أدري] «1» لعلي تاركه، والخيرة له أن لا يلي أمركم، ولوددت «4» أني خلو من أمركم، وأني كنت فيمن مضى من سلفكم؛ ثم قال لعثمان: اكتب: هذا ما عهد عليه أبو بكر بن [أبي] «5» قحافة إلى المسلمين، أما بعد؛ ثم أغمي عليه [فذهب عنه] «5» فكتب عثمان: أما بعد، فقد استخلفت «6» عليكم عمر بن الخطاب ولم آلكم خيرا، ثم أفاق أبو بكر فقال «7» : اقرأ عليّ، فقرأ عليه ذكر عمر، فكبر أبو بكر فقال: جزاك الله عن الإسلام خيرا! ثم رفع أبو بكر يديه فقال: اللهم! وليته بغير أمر نبيك، ولم أرد بذلك إلا صلاحهم، وخفت «8»   (1) زيد من الطبري 4/ 51. (2) من الطبري، وفي الأصل: غلظ. (3) من الطبري، وفي الأصل: ولو. (4) من الطبري، وفي الأصل: لودرت. (5) زيد من الطبري 4/ 52. (6) من طبقات ابن سعد ج 3 ق 1/ 142، وفي الأصل: استخلف. (7) من الطبقات، وفي الأصل: ثم قال. (8) من الطبقات وفي الأصل: خفق. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 454 عليهم الفتنة فعملت «1» فيهم بما أنت أعلم [به] «2» ، وقد حضر من أمري ما قد حضر، فاجتهدت لهم الرأي «3» فوليت «4» عليهم خيرهم لهم وأقواهم عليهم وأحرصهم «5» على رشدهم، ولم أرد محاباة عمر، فاجعله من خلفائك الراشدين يتبع هدى نبي «5» الرحمة «6» وهدى الصالحين بعده وأصلح له رعيته «7» ، وكتب بهذا العهد [إلى] الشام إلى المسلمين إلى أمراء الأجناد أن قد وليت عليكم خيركم ولم آل لنفسي ولا للمسلمين خيرا. وأوصى أن تغسله أسماء بنت عميس «8» ، ثم نادى عمر بن الخطاب فقال له: إني مستخلفك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، يا عمر: إن لله حقا في الليل «9» لا يقبله في النهار، وحقا في النهار لا يقبله في الليل، وإنها لا تقبل نافلة حتى تؤدى «10» الفريضة، يا عمر! إنما ثقلت موازين من ثقلت موازينه يوم القيامة باتباعهم الحق وثقله عليهم، وحق لميزان لا يوضع فيه «11» غير الحق «11» أن يكون ثقيلا، يا عمر! إنما خفت موازين من خفت موازينه يوم القيامة باتباعهم الباطل، وحق لميزان لا يوضع فيه 1» غير الباطل 1» أن يكون خفيفا، يا عمر! إنما نزلت آية الرخاء «13»   (1) من الطبقات، وفي الأصل: فعلمت. (2) زيد من الطبقات. (3) في الطبقات: رأيي. (4) من الطبقات، وفي الأصل: وليت. (5) في الأصل بياض عبأناه من الطبقات. (6) من الطبقات، وفي الأصل: برحمة. (7) من الطبقات، وفي الأصل: من نوعيته. (8) راجع أيضا الكامل لابن الأثير 2/ 204. (9) في الأصل: الله، ومبنى التصحيح على الكامل 2/ 208. (10) من الكامل، وفي الأصل: تودوا. (11- 11) في الكامل: غدا ألا حق. (12- 12) في الأصل: غير الحق، وفي الكامل: إلا باطل. (13) من الكامل، وفي الأصل: الرجاء. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 455 مع آية الشدة وآية الشدة مع آية الرخاء «1» ليكون المؤمن راغبا راهبا، فلا ترغب رغبة فتتمنى على الله فيها ما ليس لك، ولا ترهب رهبة تلقى فيها يديك، يا عمر! إنما ذكر الله أهل النار بأسوإ أعمالهم ردا «2» عليهم ما كان من خير «3» ، فإذا ذكرتهم قلت: لأرجو أن [لا] «4» أكون منهم، وإنما ذكر أهل الجنة بأحسن أعمالهم لأنه تجاوز لهم عما كان من سيء «5» ، فإذا ذكرتهم قلت: أي عمل من أعمالهم أعمل! فإن حفظت وصيتي فلا يكونن «6» غائب أحب «7» إليك [من الحاضر] «4» من الموت ولست بمعجزه. وتوفي أبو بكر رضي الله عنه ليلة الإثنين لسبع عشرة خلت من جمادى الآخرة «8» ، وله يوم مات اثنتان وستون سنة «9» ، وكانت خلافته سنتين وثلاثة أشهر واثنان وعشرون يوما، وكان مرضه خمس عشرة ليلة، وغسلته أسماء بنت عميس، وكفن في ثلاثة أثواب «10» ، ونزل [في] «11» قبره عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وطلحة بن عبيد الله وعبد الرحمن بن أبي بكر، ودفن ليلا بجنب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأراد ابن عمر أن ينزل قبر أبي بكر مع أبيه فقال له عمر: قد كفيت، وكان أبو قحافة   (1) من الكامل، وفي الأصل: الرجاء. (2) في الأصل: رد. (3) في الأصل: حسيرة. (4) زيد من الكامل. (5) من الكامل، وفي الأصل: مسي. (6) من الكامل، وفي الأصل: لا يكونن. (7) من الكامل، وفي الأصل: اكره. (8) والمراجع التي بأيدينا تصرح بأنه كان توفي مساء ليلة الثلاثاء لثمان ليال بقين من جمادى الآخرة، وابن الأثير يؤكد على صحة هذا التاريخ. (9) وفي الطبقات ج 3 ق 1/ 144: وتوفي رحمه الله وهو ابن ثلاث وستين سنة مجمع على ذلك في الروايات كلها. (10) راجع الطبقات للعثور على ما ورد من الاختلاف في ذلك. (11) من الطبقات ج 3 ق 1/ 148. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 456 بمكة [فسمع الهائعة] «1» فقال: ما هذا؟ فقيل: مات ابنك، فقال: رزء جليل، فإلى من عهد؟ قالوا: لعمر، قال: صاحبه؛ وورثه أبو قحافة السدس، وكان من عمال أبي بكر يوم توفي عتاب بن أسيد «2» على مكة «2» ، وعثمان بن أبي العاص على الطائف، والعلاء بن الحضرمي على البحرين، ويعلى بن أمية «3» [على خولان، ومهاجر بن أبي أمية] «4» على صنعاء، وزياد بن لبيد على حضر موت، وعمرو بن العاص على فلسطين، وعلى الشام أربعة نفر «5» من الأجناد: خالد بن الوليد، و [أبو] «4» عبيدة بن الجراح، وشرحبيل بن حسنة، ويزيد بن أبي سفيان «6» ؛ ومات أبو كبشة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم في اليوم الذي دفن فيه أبو بكر «7» . ثم قام عمر بن الخطاب في الناس خطيبا وهي أول خطبة خطبها بعد ما استخلف، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال: أيها الناس! إني لا أعلمكم من نفسي شيئا تجهلونه، أنا عمر بن الخطاب وقد علمتم من هيئتي وشأني، وإن بلاء الله عندي في الأمور كلها حسن، وقد فارقني رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عني راض بحمد الله، ولم يجد عليّ في شيء «8» من خلقي «8» وأنا «9» أسعد [الناس] «10» بذلك إن شاء الله، وقمت «11» لخليفته من بعده بحق الطاعة وأحسنت له المؤازرة، ولم   (1) زيد بناء على رواية الطبقات 3 ق 1/ 149. (2- 2) من الطبري 4/ 50، وفي الأصل: عمل بمكة. (3) من الطبري، وفي الأصل: منبه. (4) زيد طبقا لنص الطبري. (5) في الأصل: نفرا. (6) وورد في الطبري والكامل زيادة عمرو بن العاص وأن كل رجل منهم على جند وعليهم خالد بن الوليد. (7) كما ذكره في تاريخ الإسلام 2/ 2. (8- 8) في الأصل: في خلق. (9) من سمط النجوم 2/ 360، وفي الأصل: رآنا. (10) زيد من السمط. (11) في الأصل: قعت- كذا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 457 أحرص على القيام عليكم كالذي حرص عليّ «1» ولكن خليفتكم المتوفى أوصى إليّ بالخلافة عليكم برضى منكم، وآلوه «2» الهمة، ذلكم وإياكم، ولولا الذي أرجو أن يأجرني الله في قيامي عليكم لم أقم عليكم و «3» لنحيته عن نفسي «3» ووليته غيري، وقد كنت أرى فيكم أمورا على عهد نبيكم صلى الله عليه وسلم كدت أكرهها، ويسوءني منكم، فقد رأيتم تشددي فيها، والأمر «4» الذي أمر به من فوقي، أريد طاعة الله وإقامة الدين فأطعتكم، قد علمتم- أو من علم ذلك منكم- أني قد كنت أفعل ذلك وليس لي عليكم من سلطان وأكن أهن في شيء منه، وقد ولّاني الله اليوم أمركم ولقد علمت [أني] «5» أنفع بحضرتكم لكم، فإني أسأل الله ربي أن يعينني عليه وأن يحرسني عندما بقي كما حرسني عند غيره، وأن يلقنني «6» العقل في قسمكم كالذي أمر به، ثم إني مسلم وعبد من عبيده «7» ضعيف إلا ما أعان الله، ولن «8» يغير الذي وليت من خلافتكم من خلقي شيئا إن شاء الله، وإنما العظمة لله، ليس للعباد منها شيء فلا يقولن أحد منكم: إن عمر بن الخطاب تغير لما ولي أمر المسلمين، فمن ظلمته مظلمة فإني أعطيه الحق من نفسي وأتقدم عليكم وأبين لكم أمري، أيما رجل كانت له حاجة إلى أمير المؤمنين أو ظلم بمظلمة أو عتب علينا في حق فليؤذني، فإنما أنا امرؤ منكم، ولم يحملني سلطاني الذي أنا عليه أن أتعظم عليكم، وأغلق بابي دونكم، وأترك مظالمكم بينكم، وإذا منع الله أهل الفاقة منكم اليوم شيئا [ ... ] » بعد اليوم فإنما هو فيء الله الذي أفاءه عليكم، لست وإن كنت أمير   (1) في الأصل: عنى. (2) في الأصل: الده- كذا. (3- 3) في الأصل: لننجينه عن نفسه. (4) في الأصل: أمر. (5) زيد لاستقامة العبارة. (6) في الأصل: يلفني. (7) في الأصل: عبيدة. (8) في الأصل: إن. (9) بياض في الأصل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 458 المؤمنين [ ... ] «1» ولن أخفى إبقاء، إن كان بيني وبين أحد منكم خصومة «2» أقاضيه إلى أحدكم ثم أقنع بالذي يقضي بيننا فاعلموا ذاك، وإنكم قوم مسلمون على شريعة الإسلام، ثم عليكم بتقوى الله في سركم وعلانيتكم وحرماتكم التي حرم الله عليكم من دمائكم وأموالكم وأعراضكم، وأعطوا الحق من أنفسكم، ولا يحملن بعضكم بعضا إلى أن يوقع إلى السلطان شأنه، فليستعد بي «3» فإنه ليس بيني وبين أحد من الناس هوادة «4» ، من منع من نفسه حقا واجبا عليه أو استحل من دماء المسلمين وأعراضهم وأبشارهم فأنا أقتص «5» منه وإن كان يدلي [إليّ] «6» بقرابة قريبة، ثم إنكم- معشر العرب- في كثير منكم جفاء في الدين وخرق في الأمور إلا من عصمه الله برحمة، وإني قد جعلت بسبيل «7» أمانة عظيمة أنا مسؤول عنها، وإنكم- أيها الناس- لن تغنوا «8» عني من الله شيئا، وإني حثيث «9» على صلاحكم، عزيز عليّ ما عنتم، حريص عليّ معافاتكم وإقامة أموركم، وإنكم إناء من حصل في سبيل الله، عامتكم أهل بلد لا زرع [فيها] «10» ولا «11» ضرع إلا ما جاء الله به إليه، وإن الله قد وعدكم كرامة كبيرة ودنيا بسيطة لكم، وإني مسؤول عن أمانتي و [ما] «12» أنا فيه، ولا أستطيع ما [بعد] «12» منها إلا بالأمناء وأهل النصح منكم   (1) بياض في الأصل. (2) زيد بعده في الأصل، إن. (3) في الأصل: فليستعدبني. (4) في الأصل: هواده. (5) في الأصل: اقتصر. (6) زيد لاستقامة العبارة. (7) في الأصل: بسيل. (8) في الأصل: أن تفنوا- كذا. (9) في الأصل: حيث. (10) زيد من فتوح الشام 1/ 59. (11) من الفتوح وفي الأصل: ألا. (12) ليس في الأصل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 459 للشاهد والغائب، ولست أجعل أمانتي «1» إلى أحد ليس لها بأهل، ولن أوليه ذلك ولا أجعله إلا من تكون رغبته في أداء الأمانة والتوقير للمسلمين، أولئك أحق بها ممن سواهم؛ اللهم صلى على محمد عبدك ورسولك- والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ولما ورد كتاب أبي بكر الشام على أمراء «2» الأجناد باستخلاف عمر بايعوه وأطاعوه؛ ثم ساروا إلى فحل «3» من أرض الأردن وقد اجتمع بها الروم والمسلمون عليهم الأمراء الأربعة وخالد بن الوليد على مقدمة الناس، فلما نزلت الروم «4» بيسان بثقوا «4» أنهارها وهي أرض سبخة «5» [فكانت] «6» وحلة فغشيها «7» المسلمون ولم يعلموا بما فعلت الروم، فزلقت فيها خيولهم، ثم سلمهم الله، والتقوا هم والروم بفحل فاقتتلوا فهربت الروم ودخل المسلمون فحلا، وانكشفت الروم إلى دمشق، وغنم المسلمون غنائم كثيرة. وكتب خالد بن الوليد «8» إلى عمر أن الناس قد اجترأوا على الشراب، فاستشار عمر أصحابه عليا وعثمان والزبير وسعدا فقال علي: إذا شرب سكر، وإذا سكر افترى، وإذا افترى فعليه «9» ثمانون، فأثبت عمر الحد ثمانين. ثم كانت وقعة الجسر «10» ، وذلك أن المثنى بن حارثة الشيباني قدم على عمر   (1) في الأصل: أماتي. (2) في الأصل: أمر. (3) من الطبري 4/ 55، وفي الأصل: محل. (4- 4) من الطبري، وفي الأصل: ببيسان نقبوا. (5) من الطبري، وفي الأصل: سجنه. (6) زيد من الطبري. (7) في الأصل: فغيسها- كذا، ومبنى التصحيح على الطبري. (8) وهذه المكاتبة حسب ما ورد في فتوح الشام 1/ 68 جرت بين أبي عبيدة وعمر رضي الله عنهما، ولعل هذا راجع إلى طبيعة الاختلاف الذي تعرض له التاريخ الإسلامي بشأن بعض الأحداث والوقائع. (9) في الأصل: عليه. (10) راجع أيضا الكامل 2/ 211 والبداية والنهاية 7/ 26 وتاريخ الإسلام 2/ 5. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 460 ابن الخطاب من العراق وقال: يا أمير المؤمنين! إنا بأرض فارس قد نلنا منهم واجترأنا عليهم ومعي من قومي جماعة، فابعث معي ناسا من المجاهدين والأنصار يجاهدون في سبيل الله، فقام عمر بن الخطاب فحمد الله وأثنى عليه ثم دعا الناس إلى الجهاد ورغبهم فيه وقال: إنكم- أيها الناس- قد أصبحتم في دار غير مقام بالحجاز، وقد وعدكم الله على لسان نبيه كنوز كسرى وقيصر، فسيروا إلى أرض فارس، فسكت الناس لما ذكرت فارس، فقام أبو عبيد «1» بن مسعود الثقفي فقال: يا أمير المؤمنين! أنا «2» أول من انتدب من الناس، حتى اجتمعوا وأجمعوا على المسير ثم قال: يا أمير المؤمنين! اجتمع الناس، أمر عليهم رجلا من المهاجرين أو من الأنصار، فقال: لا أومر «3» عليهم إلا أول من انتدب منهم، فأمر أبا عبيد «4» فقال: إنه لم يمنعني أن أستعمل عليهم سليط بن قيس إلا أنه رجل فيه عجلة إلى القتال، فأخاف أن يوقع الناس موقعا يهلككم، فاستشره؛ ثم سار أبو عبيد «1» مع المثنى بن حارثة الشيباني والمسلمون معهما حتى [إذا] «5» انتهى إلى بلاد قومه قام معه ربيعة فسار بهم وسار أبو عبيد «2» بالناس حتى نزلوا باليمن وفيها مسلحة الأعاجم، فاقتتلوا بها قتالا شديدا، فانهزمت العجم، ثم بعث أبو عبيد «6» بمن معه من المسلمين فالتقيا، فاقتتلوا فهزم الجالنوس «7» وأصحابه، ودخل أبو عبيد باروسما «8» حصنا لهم، ونزل هو وأصحابه فيه. ثم بعث الأعاجم ذا الحاجب وكان رئيس الأعاجم رستم، فلما بلغ أبا   (1) من الطبري 4/ 61، وفي الأصل: أبو عبيدة. (2) في الأصل: اجتمع. (3) من الطبري، وفي الأصل: لا آمر. (4) في الأصل: أبو عبيدة. (5) زيد لاستقامة العبارة. (6) في الأصل: أبو عبيدة، وراجع الطبري 4/ 65 للعثور على تفصيل المبعوثين. (7) من الطبري، وفي الأصل: جالوس. (8) من الطبري، وفي الأصل: بارسما. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 461 عبيد «1» مسيرهم إليه انحاز» بالناس حتى عبر الفرات فنزل في المروحة، وأقبلت الأعاجم حتى نزلت خلف الفرات، ثم إن أبا عبيد «1» حلف: ليقطعن إليهم الفرات، فناشده سليط بن قيس وقال: أنشدك الله في المسلمين أن تدخلهم هذا المدخل! فإن العرب تفر وتكر، فاجعل للناس مجالا، فأبي أبو عبيد «3» وقال: جبنت والله يا سليط «4» ! قال: والله ما جبنت! ولكن قد أشرت «5» عليك بالرأي، فاصنع بما بدا لك، فعمد أبو عبيد «3» إلى الجسر الذي عقد له ابن صلوبا، فعبر عليه المسلمون فلما التقوا شد عليهم الفيل، فلما رأى أبو عبيد ما يصنع [الفيل] «6» قال: هل لهذه الدابة من مقتل؟ قالوا: نعم، إذا قطع مشفرها ماتت، فشد على الفيل فضرب «7» مشفره فبرك عليه الفيل فقتله، وهرب المسلمون منهزمين فسبقهم عبد الله ابن مرثد الخثعمي إلى الجسر فقطعه، فقال له الناس: لم فعلت هذا؟ قال: لتقاتلوا «8» عن أميركم. ولما قتل أبو عبيد «3» أخذ الراية المثنى بن حارثة فانحازوا ورجعت «9» الفرس، ونزل المثنى بن حارثة أليّس «10» وتفرق الناس فلحقوا بالمدينة، فأول من قدم المدينة بخبر الناس عبد الله «11» بن حصين الخطمي «12» ، فجزع المسلمون من   (1) في الأصل: أبا عبيدة. (2) من الطبري 4/ 68، وفي الأصل: أجاز. (3) في الأصل: أبو عبيدة. (4) في الأصل: سليك. (5) في الأصل: أشرته. (6) زيد من الطبري 4/ 69. (7) من الطبري، وفي الأصل: فشد. (8) في الأصل: قاتلوا، والتصحيح بناء على الطبري. (9) من الطبري، وفي الأصل: اجتمعت. (10) من الطبري، وفي الأصل: باللميس- كذا. (11) زيد في الطبري: بن زيد. (12) من الطبري، وفي الأصل: الخثعمي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 462 المهاجرين والأنصار بالفرار، وكان عمر يقول: لا تجزعوا! أنا فئتكم «1» إنما انحزتم إليّ «1» . وكان ممن قتل بالجسر: أبو عبيد بن مسعود الثقفي، وابنه جبر «2» بن أبي عبيد، وأسعد بن سلامة، وسلمة بن أسلم بن حريش، والحارث بن عدي بن مالك، والحارث بن مسعود بن عبدة «3» ، ومسلم بن أسلم، وخزيمة بن أوس، «4» وأنيس بن أوس بن عتيك بن عامر «4» وعمر بن أبي اليسر، وسلمة «5» بن قيس، وزيد بن سراقة بن كعب، والمنذر «6» بن قيس، وضمرة بن غزية «7» بن عمرو، وسهل بن عتيك، وثعلبة بن عمرو بن محصن؛ وحج بالناس عمر بن الخطاب السنة الرابعة [عشرة] «8» . فلما دخلت السنة الرابعة عشرة سار المسلمون إلى دمشق وخالد بن الوليد على مقدمة الناس، وقد اجتمعت الروم إلى رجل منهم يقال له باهان بدمشق، فعزل عمر بن الخطاب خالد بن الوليد وأمر أبا عبيدة بن الجراح على جميع الناس، فاستحى أبو عبيدة أن «9» يقرى خالدا «9» الكتاب وقال: أصبر حتى يفتح الله دمشق، فاقتتلوا قتالا شديدا وانهزم الروم وتحصنوا، فرابطها المسلمون حتى فتحت صلحا، وأعطوا الجزية، وكان قد أخذ الأبواب عنوة، وجرى الصلح على   (1- 1) من الطبري، وفي الأصل: إلى جزعتم إلى. (2) من الطبري، وفي الأصل: جمر. (3) من الإصابة وتاريخ الإسلام 2/ 7، وفي الأصل: عبيد. (4- 4) في الأصل: أنيس بن أوس وعتيك بن عامر، وفي تاريخ الإسلام: أوس بن أوس بن عتيك، وفي الإصابة: أنيس بن عتيك بن عامر- فتحرر الخلاف. (5) الأصل: سلية- كذا. (6) من الإصابة، وفي الأصل: المقدر. (7) من الإصابة، وفي الأصل: عزية. (8) زيد ولابد منه، وراجع أيضا الطبري 4/ 82 و 152. (9- 9) في الأصل والطبري 4/ 55: يقرأ خالدا، وفي تاريخ الإسلام نقلا عن الطبري: يقرأ خالد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 463 يدي خالد «1» ، وكتب الكتاب باسمه، ولحق باهان بهرقل، وكان ذلك في رجب، ومدة حصاره دمشق ستة أشهر، فلما فرغ المسلمون من دمشق أقرأ أبو عبيدة خالدا «2» الكتاب، فانصرف خالد إلى المدينة، وقد قيل: إن الصلح جرى على يد أبي عبيدة. ثم خرج عمر على الناس فقال: إني وجدت من عبيد الله ابني ريح شراب وإني سائل عنه، فإن كان مسكرا جلدته، قال السائب بن يزيد: فشهدته «3» بعد ذلك «3» يحده، وكان الذي حده عبد الرحمن بن عبد ثم ضرب أبا محجن الثقفي وربيعة بن أمية بن خلف المخزومي، وحدهم في الخمر. ثم أمر عمر «4» من كان بالبلدان التي افتتحت أن يصلوا فيها التراويح في شهر رمضان، وصلى بالناس بالمدينة كذلك. ثم قدم جرير بن عبد الله البجلي من اليمن على عمر في ركب من بجيلة فقال لهم عمر: إنكم قد علمتم ما كان من المصيبة في إخوانكم بالعراق، فسيروا إليهم وأنا أخرج لكم من كان منكم في قبائل العرب، قالوا: نفعل يا أمير المؤمنين، فأخرج إليهم «5» قيسا وكندة «5» وعرينة، وأمر عليهم جرير بن عبد الله البجلي، فسار بهم إلى الكوفة، فلما بلغ قريبا من المثنى بن حارثة كتب له المثنى: أقبل إليّ إنما أنت لي مدد، فكتب إليه جرير: إني لست فاعلا إلا أن يأمرني بذلك أمير المؤمنين: أنت أمير وأنا أمير! ثم سار جرير نحو الجسر فلقيه «6» مهران بن باذان «6» عند النخيلة فاقتتلوا قتالا شديدا، وشد المنذر بن حسان [على مهران] «7» فطعنه فوقع عن   (1) وراجع في البداية وفي النهاية 7/ 23 اختلاف العلماء في دمشق هل فتحت صلحا أو عنوة. (2) في الأصل: خالد. (3- 3) من فتح الباري- باب الباذق من الأشربة، وفي الأصل: كالفر- كذا. (4) ألم به في الكامل 2/ 241، وفي مروج الذهب 1/ 426. (5- 5) وفي الطبري 4/ 77: قيس كبة وسحمة. (6- 6) من الطبري 4/ 78، وفي الأصل: بحران بن بازان. (7) زيد من الطبري. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 464 دابته، واقتحم عليه «1» جرير بن عبد الله فاحتز رأسه، فاشتركا جميعا في سلبه. ثم إن عمر بن الخطاب أمر سعد بن أبي وقاص على العراق ومعه ستة آلاف رجل، وكتب إلى المثنى بن حارثة وجرير بن عبد الله أن اجتمعا إلى سعد، فسار سعد بالمسلمين، وسار المنذر وجرير إليه، حتى نزل سعد «2» بشراف وشتا «2» بها واجتمع إليه الناس، وتزوج سعد امرأة [المثنى سلمى بنت] «3» حفصة «4» ؛ ثم حج بالناس عمر بن الخطاب «5» . فلما دخلت السنة الخامسة» عشرة كان فيها وقعة اليرموك، وذلك أن الروم سار بهم هرقل حتى نزل أنطاكية ومعه من المستعربة «7» لخم وجذام «8» وبلقين وبلى وعاملة وغسان، ومن معه من أهل أرمينية بشر كثير، فأقام بأنطاكية، وسار أبو عبيدة بن الجراح في المسلمين إليهم في أربعة [و] «9» عشرين ألفا، وكان الروم مائة ألف، فالتقوا باليرموك «10» فاقتتلوا قتالا شديدا حتى كانت نساء قريش يضربن بالسيوف، وكان أبو سفيان بن حرب تحت راية ابنه يزيد، فجعل ينادي في المعركة: يا نصر الله! اقترب «11» ، حتى أنزل الله نصره وهزم الروم، فقتل من الروم   (1) زيدت الواو بعده في الأصل، ولم تكن في الطبري فحذفناها. (2- 2) من الطبري، وفي الأصل: بسراف ونبنا- كذا. (3) زيد بناء على ما ورد في الطبري 4/ 136: ومات المثنى بن حارثة وتزوج سعد بن أبي وقاص امرأته سلمى. (4) في الإصابة كما هنا، وفي الطبري: خصفة، وفي البداية والنهاية 7/ 44: حفص. (5) راجع الطبري 4/ 152. (6) في الأصل: خامس. (7) من الطبري 4/ 136، وفي الأصل: المسعرية- كذا. (8) من الطبري، وفي الأصل: جزام. (9) زيد من الطبري. (10) وهذا في رجب، كما صرح به في الطبري. (11) راجع لذلك تاريخ الإسلام 2/ 10. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 465 ومن معه من أهل أرمينية والمستعربة سبعون ألفا، وقتل [الله] «1» «2» الصقلار وباهان «2» رئيسين لهم. ثم بعث أبو عبيدة بن الجراح عياض بن غنم في طلبهم، فسلك الأعماق حتى بلغ ملطية «3» ، فصالح أهلها على الجزية، فسمع هرقل بذلك فبعث إلى ملطية «4» فساق «5» من فيها من المقاتلة وأمر بها «6» فأحرقت. وكان ممن قتل باليرموك من المسلمين: عمرو بن سعيد «7» بن العاص، وأبان ابن سعيد «7» بن العاص، وعبد الله بن سفيان بن عبد الأسد، وسعيد بن الحارث بن قيس. ولما حسر عن سعد بن أبي وقاص الشتاء «8» سار بالمسلمين يريد القادسية، وكتب إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه يستمده، فبعث [إليه] «9» عمر المغيرة بن شعبة في أربعمائة رجل مددا «10» لسعد من المدينة، وكتب [إلى] «9» أبي عبيدة «11» بن الجراح أن أمد «12» سعدا بألف رجل من عندك، ففعل أبو عبيدة ذلك وأمر عليهم عياض بن غنم الفهري؛ وسمع بذلك رستم فخرج بنفسه مع من عنده «13» من   (1) زيد من الطبري 4/ 137. (2- 2) من الطبري، وفي الأصل: السقلان وهامان. (3) من الطبري وفي الأصل: ملكية. (4) في الأصل: مليكه. (5) من الطبري، وفي الأصل: نصاق. (6) في الأصل: من فيها، والتصحيح بناء على الطبري. (7) من الطبري، وفي الأصل: سعد. (8) من الطبري، وفي الأصل: الستا- كذا. (9) زيد من الطبري 4/ 137. (10) من الطبري، وفي الأصل: بردا- كذا. (11) من الطبري، وفي الأصل: أبو عبيدة. (12) من الطبري، وفي الأصل: أمر. (13) في الأصل: عمد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 466 الأعاجم يريد سعدا، وحج عمر بالناس. فلما كانت السنة السادسة «1» عشرة أراد عمر بن الخطاب أن يكتب التأريخ، فاستشار أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، منهم من قال: من النبوة، ومنهم من قال: من الهجرة، ومنهم من قال: من الوفاة «2» ، فأجمعوا على الهجرة، وكتب التأريخ لسنة ست عشرة من الهجرة. فلما وصل إلى سعد بن أبي وقاص المغيرة بن شعبة سار بالمسلمين إلى رستم حتى نزل قادس «3» [قرية] «4» إلى جنب العذيب، وأقبل رستم في ستين ألفا من المجموع ممن أحصى [في] «5» ديوانه سوى التبع والرقيق حتى نزل القادسية [و] «5» بينهم وبين المسلمين جسر القادسية، وسعد في منزله وجع قد خرج به قرح شديد، فبعث رستم إلى سعد أن ابعث إليّ رجلا جلدا أكلمه «6» ، فبعث إليه المغيرة ابن شعبة، ففرق المغيرة رأسه أربع فرق ثم عقص شعره ولبس برديه «7» ، وأقبل حتى انتهى إلى رستم من وراء الجسر مما يلي العراق والمسلمون من الناحية الأخرى مما يلي الحجاز، فلما دخل عليه المغيرة قال له رستم: إنكم معشر العرب! كنتم أهل شقاء وجهد وكنتم تأتوننا من بين تاجر وأجير ووافد، فأكلتم من طعامنا وشربتم من شرابنا واستظللتم بظلالنا فذهبتم فدعوتم أصحابكم وجئتم تؤذوننا، وإنما مثلكم مثل رجل له حائط «8» من عنب «8» فرأى فيه أثر ثعلب فقال: وما   (1) في الأصل: السادس. (2) في الأصل: الوفات، وكتابة التأريخ هذه قد ألم بها في الطبري 4/ 188. (3) من الطبري 4/ 138، في الأصل: قارس. (4) زيد من الطبري. (5) زيد من الطبري. (6) من الطبري، وفي الأصل: لكلمة. (7) في الطبري، بردا له. (8- 8) من الطبري 4/ 138، وفي الأصل: مر فيه- كذا. وراجع أيضا الطبري 4/ 110. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 467 بثعلب «1» واحد! فانطلق ذلك الثعلب حتى دعا الثعالب «2» كلها إلى ذلك الحائط، فلما اجتمعن «3» فيه جاء صاحب الحائط فرآهن، فسد الجحر الذي دخلن منه ثم قتلهن جميعا، وأنا أعلم إنما حملكم على هذا- معشر العرب! الجهد الذي أصابكم، فارجعوا عنا عامكم هذا، فإنكم شغلتمونا عن عمارة بلادنا ونحن نوقر «4» لكم ركائبكم «5» قمحا وتمرا «5» ونأمر لكم بكسوة فارجعوا عنا، فقال المغيرة بن شعبة: لا يذكر منا جهد إلا وقد كنا في» مثله أو أشد» ، أفضلنا في أنفسنا [عيشا] «7» الذي يقتل ابن عمه ويأخذ [ماله] «7» فيأكله، نأكل الميتة والدم والعظام، فلم نزل على ذلك حتى بعث الله فينا نبينا وأنزل عليه الكتاب، فدعانا إلى الله وإلى ما بعثه به، فصدقه به منا مصدق وكذبه به منا مكذب، فقاتل من «8» صدقه من كذبه حتى دخلنا في دينه من بين موقن ومقهور حتى استبان لنا أنه صادق وأنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمرنا أن نقاتل من خالفنا، وأخبرنا أن من قتل منا على ذلك «9» فله الجنة، ومن عاش ملك وظهر على من خالفه، ونحن ندعوك إلى أن تؤمن بالله وبرسوله وتدخل في ديننا، فإن فعلت كانت لك بلادك، ولا يدخل «10» عليك فيها إلا من أحببت، وعليك الزكاة والخمس، وإن أبيت [ذلك] «7» فالجزية، وإن أبيت ذلك قاتلناك حتى يحكم الله بيننا وبينك. قال [له] «7» رستم: ما كنت أظن أن أعيش حتى أسمع هذا منكم معشر   (1) في الطبري: ثعلب. (2) من الطبري، وفي الأصل: ذلك الثعاليب. (3) من الطبري، وفي الأصل: اجتمعنا. (4) من الطبري، وفي الأصل: نوف. (5- 5) من الطبري، وفي الأصل: فمخا وثمرا. (6- 6) من الطبري، وفي الأصل: مثلها وأشر- كذا. (7) زيد من الطبري. (8) من الطبري، وفي الأصل: عن. (9) في الطبري 4/ 139: دينه. (10) من الطبري، وفي الأصل: لا ندخل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 468 العرب! لا أمسي غدا حتى أفرغ منكم وأقتلكم كلكم؛ ثم أمر بالمعبر «1» أن يسكر «2» فبات ليلته يسكر بالزرع والقصب والتراب حتى أصبح وقد تركه جسرا، وعبأ سعد ابن أبي وقاص الجيش، فجعل خالد بن عرفطة على جماعة الناس، وجعل على الميمنة جرير بن عبد الله البجلي، وعلى الميسرة قيس بن مكشوح المرادي، وزحف إليهم رستم وزحف إليه المسلمون، وكان سعد في الحصن، معه أبو محجن الثقفي محبوس، حبسه سعد في شرب الخمر، فاقتتل المسلمون قتالا شديدا والخيول تجول، وكان مع سعد أم ولده «3» فقال لها أبو محجن وسعد في رأس الحصن ينظر إلى الجيش كيف يقاتلون: أطلقيني «4» ولك عهد الله وميثاقه لئن لم أقتل لأرجعن إليك حتى تجعلي «5» الحديد في رجليّ! فأطلقته «6» وحملته على فرس لسعد بلقاء وخلت سبيله، فجعل أبو محجن يشد على العدو ويكر وسعد ينظر فوق الحصن يعرف فرسه وينكره. وكان عمرو بن معد يكرب مع المسلمين فجعل يحرض الناس على القتال ويقول: يا معشر المسلمين! كونوا أسودا، إن الفارسي تيس، وكان في الأعلاج رجل [لا يكاد] «7» يسقط له نشابة فقيل لعمرو بن معد يكرب: يا أبا ثور! اتق ذلك الفارسي فإنه لا تسقط له نشابه، فقصد نحوه وجاءه الفارسي ورماه بنشابة، فأصابت ترسه «8» ، وحمل عليه عمرو فاعتنقه «9» وذبحه، فاستلبه سوارين من ذهب   (1) في الأصل: بالعبور، وفي الطبري: بالعتيق، والمراد منه الجسر العتيق. (2) يقال: سكر النهر- إذا جعل له سدا. (3) اسمها زبراء- كما صرح به في الطبري. (4) من الطبري، وفي الأصل: أطلقني. (5) من الطبري، وفي الأصل: تجعل. (6) من الطبري، وفي الأصل: وأطلقته. (7) زيد من الطبري. (8) من البداية والنهاية 7/ 45، وفي الأصل: فرسه، وفي الطبري: قوسه. (9) من الطبري، وفي الأصل: فاعتقه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 469 ومنطقة من ذهب ويلمقا «1» من ديباج، وحمل رستم على المسلمين فقصده هلال بن «2» علقمة التميمي «2» ، فرماه رستم بنشابة فأصاب قدمه فشكها إلى ركاب سرجه، وحمل عليه هلال بن علقمة فضربه فقتله واحتز «3» رأسه، وولت الفرس واتبعتهم المسلمون يقتلونهم، فلما رأى أبو محجن الهزيمة رجع إلى القصر وأدخل رجليه في قيده، فلما نزل سعد من رأس الحصن رأى فرسه قد عرقت «4» فعرف أنها قد ركبت، فسأل أم ولده عن ذلك، فأخبرته خبر أبي محجن فخلى سبيله؛ ونهض سعد بالمسلمين خلفهم وانتهى الفرس إلى دير قرة فنزل عليهم سعد بالمسلمين ووافى عياض بن غنم في مدده «5» من أهل الشام وهم ألف رجل فأسهم «6» له سعد ولأصحابه من المسلمين مما أصابوا بالقادسية، وكان الناس قد أجبنوا «7» سعدا وقالوا: أجبنت عن محاربة الأعداء، فاعتذر إلى الناس وأراهم ما به من القروح في فخذيه حتى سكت الناس. ثم أنهزم الفرس من دير قرة إلى المدائن، وحملوا ما معهم من الذهب والفضة والحرير والديباج والسلاح وخلوا ما سوى ذلك، فبعث سعد [خالد] «8» بن عرفطة في طلبهم معه أصحابه، وأردفه بعياض بن غنم في أصحابه، وجعل على مقدمة الناس هاشم بن عتبة بن أبي وقاص وعلى ميمنتهم جرير بن عبد الله البجلي، وعلى ميسرتهم زهرة بن حوية التميمي، وتخلف عنهم بنفسه لما به من الوجع، ثم أفاق سعد من وجعه وبرىء واتبع الناس بمن معه من المسلمين فأدركهم دون دجلة   (1) من الطبري، وفي الأصل: يلمق؛ واليلمق: القباء. (2- 2) في الطبري: علفة التيمي، وفي البداية والنهاية 7/ 46 كما في أصلنا. (3) من الطبري، وفي الأصل: اختر. (4) في الأصل: عرق، ومبنى التصحيح على الطبري 4/ 139. (5) من الطبري 4/ 140، وفي الأصل: مرده. (6) من الطبري، وفي الأصل: فاسهل. (7) في الأصل: وبنوا- كذا، ويقال: أجبنه: نسبه إلى الجبن. (8) زيد من الطبري 4/ 141. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 470 على بهرسير «1» ، فطلبوا «2» المخاضة فلم يهتدوا لها «2» ، فقال علج من أهل المدائن لسعد: أنا أدلكم على مخاضة «3» تدركونهم قبل أن يمعنوا «4» السير، فخرج بهم على مخاضة، فكان أول من خاض المخاضة هاشم بن عتبة بن أبي وقاص [في رجله] «5» ، فلما جاز تبعه خيله «6» ، ثم أجاز عياض بن غنم بخيله، ثم تتابع الناس فخاضوا حتى جاوزوا، ويقال: إن تلك المخاضة لم تعرف إلى الساعة، فبلغ المسلمون إلى ساباط طويل مظلم، وخشوا أن يكون فيه كمين للعدو فأخذوا يتجابنون، فكان أول من دخله بجيشه «7» هاشم بن عتبة بن أبي وقاص، فلما جاز لاح للناس بسيفه فعرفوا أنه ليس فيه شيء يخافونه «8» ، ثم أجاز خالد بن عرفطة بخيله، ثم لحق سعد بالناس حتى انتهوا إلى جلولاء وبها جماعة من الفرس، وكانت بها وقعة جلولاء وهزم الله الفرس وأصاب المسلمون بها من الغنائم أكثر مما أصابوا بالقادسية. وكتب سعد إلى عمر بن الخطاب يخبر بفتح الله على المسلمين، فكتب إليه عمر أن قف مكانك ولا تطلب غير ذلك، فكتب إليه سعد إنما هي سربة «9» أدركناها والأرض بين أيدينا، فكتب إليه عمر: أقم مكانك ولا تتبعهم، وأعد للمسلمين دار هجرة ومنزل جهاد، ولا تجعل بيني وبين المسلمين بحرا، فنزل سعد بالأنبار   (1) من الطبري ومعجم البلدان، وفي الأصل: نهر مسرين، وفي البداية والنهاية 7/ 61: نهرشير، وفي الكامل 2/ 250: بهرشير. (2- 2) من الطبري، وفي الأصل: المخاض فلم يتهبوا له- كذا. (3) في الطبري: طريق. (4) من الطبري، وفي الأصل: يمنعوا. (5) زيد من الطبري 4/ 141. (6) من الطبري، وفي الأصل: جبلة. (7) من الطبري، وفي الأصل: بجيشة. (8) في الأصل: تخافون. (9) من الطبري، وفي الأصل: سرية. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 471 فاجتووها وأصابهم بها الحمى، فكتب إلى عمر يخبره بذلك، فكتب إلى سعد أنه لا يصلح العرب «1» إلا حيث يصلح البعير» والشاء في منابت العشب، فانظر فلاة إلى جنب بحر فأنزل المسلمين «3» بها واجعلها دار هجرة، فسار سعد حتى نزل بكويفة «4» فلم يوافق الناس الكون بها من كثرة الذباب والحمى، فبعث سعد عثمان ابن حنيف فارتاد «5» لهم موضع الكوفة اليوم، فنزلها سعد بالناس وخط مسجدها، واختط «6» فيها للناس «7» الخطط وكوّف «8» الكوفة، واستعمل سعد على المدائن رجلا من كندة يقال له «9» شرحبيل بن السمط «9» . ثم كتب عمر إلى سعد أن ابعث إلى أرض الهند- يريد البصرة- جندا لينزلوها، فبعث إليها سعد عتبة بن غزوان «10» في ثمانمائة رجل حتى نزلها، وهو الذي بصر البصرة واختط المنازل، وبنى مسجد الجامع بالقصب «11» ، وكان فتح البصرة صلحا. وافتتح عتبة بن غروان الأبلة والفرات وميسان، ومن سبي ميسان والد الحسن «12» وأرطبان جد ابن عون «13» . ثم خرج عتبة حاجا، وأمر المغيرة بن شعبة [أن] «14» يصلي بالناس إلى أن   (1) من الطبري، وفي الأصل: للعرب. (2) من الطبري، وفي الأصل: للبعير. (3) في الأصل: المسلمون. (4) في الأصل: بكونيه، ومبني التصحيح على الطبري. (5) من الطبري 4/ 142، وفي الأصل: فاردتاد- كذا. (6) في الأصل: اتخذ، وفي الطبري: خط. (7) من الطبري، وفي الأصل: الناس. (8) في الأصل: كونه. (9- 9) من الطبري، وفي الأصل: بسيط بن شرحبيل. (10) من الطبري 4/ 148، وفي الأصل: غزفان. (11) من الكامل 2/ 340، وفي الأصل: بقصب. (12) البصري- كما صرح به في الطبري 4/ 152. (13) عبد الله بن عون- كما صرح به في الطبري. (14) زيد من الطبري 4/ 151. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 472 يرجع، فحج ورجع فمات في الطريق قبل أن يصل إلى البصرة، فأقر عمر المغيرة ابن شعبة على الصلاة، وولد عبد الرحمن بن أبي بكرة «1» بالبصرة، وهو أول مولود ولد بها. وخرج عمر بن الخطاب وخلف عثمان بن عفان «2» على المدينة، فلما قدم الشام نزل بالجابية فقام فيها خطيبا لهم، ثم أراد عمر الرجوع إلى الحجاز فقال له رجل من اليهود: يا أمير المؤمنين! لا ترجع إلى بلادك حتى يفتح الله [عليك] «3» إيلياء، فبينا عمر كذلك إذ «4» نظر إلى كردوس خيل مقبل، فلما دنوا من المسلمين سلوا السيوف فقال عمر: هم قوم يستأمنون [فآمنوهم، فأقبلوا] «3» وإذا هم أهل إيلياء، فصالحوه على الجزية وفتحوها له، وكتب لهم عمر كتاب عهد بذلك، ورجم بالجابية امرأة أقرت «5» على نفسها بالزنا. ثم رجع إلى المدينة ودون لهم الديوان، وغرب «6» أبا محجن الثقفي [إلى باضع] «3» ، وتزوج عمر صفية بنت أبي عبيد على مهر أربعمائة «7» درهم، وحج بالناس عمر استخلف على المدينة زيد بن ثابت «8» . فلما دخلت السنة السابعة عشرة «9» كتب عمر إلى البلدان بمواقيت الصلاة، ووضع ما بين مكة والمدينة مياها للسابلة «10» ، واتخذ دارا بالمدينة وجعل فيها   (1) من الكامل 2/ 240، وفي الأصل: أبي بكر. (2) وفي الطبري 4/ 159 أنه خلف عليا. (3) زيد من الطبري 4/ 158. (4) من الطبري، وفي الأصل: إذا. (5) في الأصل: قرت. (6) من الطبري 4/ 188، وفي الأصل: غرف. (7) في الأصل: أربعة مائة، ولم يرد في الطبري ذكر المهر. (8) من الطبري وفي الأصل: أبي ثابت. (9) زيد بعده في الأصل: السابعة عشر سنة، فحذفنا هذه الزيادة لكونها تكرارا. (10) في الأصل: السائلة، والسابلة: الطريق المسلوكة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 473 الدقيق والسويق للمنقطع والضيف إذا نزل. وولى عمر المغيرة على البصرة فسار «1» المغيرة إلى الأهواز فصالحوه على ألفي ألف درهم وثمانمائة ألف درهم، ثم ارتدوا، فغزاهم «2» بعد ذلك أبو موسى الأشعري إلى أن افتتحها، يقال: عنوة، وقد قيل: صلحا. وبعث أبو عبيدة بن الجراح عمرو بن العاص إلى قنسرين «3» فصالح أهل حلب ومنبج «4» وأنطاكية، وافتتح سائر أرض قيصر «5» عنوة، ويقال: إن في هذه السنة افتتح أبو موسى الأشعري الرهاء وسميساط صلحا. ثم أراد عمر الخروج إلى الشام فخرج حتى [إذا] «6» بلغ سرغ «7» لقيه أمراء الأجناد، أبو عبيدة بن الجراح، ويزيد بن أبي سفيان، وشرحبيل بن حسنة، وأخبروه أن الأرض وبية، فقال عمر لابن عباس: اجمع [إليّ] «7» المهاجرين الأولين، فجمعهم له واستشارهم، فاختلفوا عليه، فمنهم القائل: خرجت لوجه تريد فيه الله والدار الآخرة، ولا نرى أن «8» نصدك عنه «8» ، ومنهم من يقول: لا نرى أن تقدم عليه وتقدم الناس، فلما اختلفوا عليه قال: قوموا [عني] «9» . ثم جمع الأنصار واستشارهم فسلكوا طريق المهاجرين فلما اختلفوا عليه قال: قوموا [عني] 1» ، ثم جمع مهاجرة الفتح فاستشارهم فلم يختلف عليهم منهم اثنان، قالوا   (1) في الأصل: فصار، ومبنى التصحيح على تاريخ الإسلام 3/ 17. (2) في الأصل: فعزلهم، ومبنى التصحيح على تاريخ الإسلام. (3) من تاريخ الإسلام 2/ 20، وفي الأصل: قيصر. (4) من تاريخ الإسلام، وفي الأصل: منيح. (5) في تاريخ الإسلام: قنسرين. (6) زيد من الطبري 4/ 199. (7) من الطبري، في الأصل: صريخ- كذا. (8- 8) في الطبري: يصدك عنه بلاء. (9) زيد من الطبري 4/ 200. (10) في الأصل: فصرفوا، ومبنى التصحيح على الطبري. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 474 جميعا: ارجع بالناس فإنه بلاء وفناء، فقال عمر لابن عباس: أخبر الناس أن أمير المؤمنين يقول: إني مصبح على ظهر فاصبحوا عليه، فأصبح عمر على ظهر وأصبح الناس عليه فقال: أيها الناس! إني راجع فارجعوا، فقال [له أبو] «1» عبيدة بن الجراح: يا أمير المؤمنين! أفرارا من قدر الله؟ قال: نعم، نفر من قدر الله إلى قدر الله، لو غيرك قالها يا أبا عبيدة! أرأيت لو أن رجلا هبط واديا له عدوتان: إحداهما خصبة، والأخرى جدبة. أليس يرعى من يرعى الجدبة بقدر الله، ويرعى من يرعى الخصبة بقدر الله؟ ثم خلا به بناحية دون الناس، فبينا الناس على ذلك إذ لحقهم عبد الرحمن بن عوف وكان متخلفا ولم يشهد معهم يومهم الأمس فقال: ما شأن الناس؟ فأخبره الخبر فقال: عندي من هذا علم، فقال عمر: ما عندك؟ فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا سمعتم بهذا الوباء ببلد فلا تقدموا عليه، وإذا وقع وأنتم به فلا تخرجوا فرارا منه» [لا يخرجنكم إلا ذلك] «1» ، فقال عمر؛ فلله الحمد فانصرفوا أيها الناس! فانصرف بهم. ورجع أمراء الأجناد إلى أعمالهم. ثم اعتمر عمر في رجب، وأمر بتوسيع المسجد وتجديد أنصاب الحرم «2» ، وتزوج بمكة بنت حفص بن المغيرة فأخبر أنها عاقر فطلقها قبل أن يدخل بها، وأقام بمكة عشرين ليلة ورجع إلى المدينة. وبعث أبو عبيدة خالد بن الوليد فغلب على أرض البقاع فصالحه أهل بعلبك «3» ، ثم خرج أبو عبيدة يريد حمص، وقدم خالدا «4» أمامه فقاتلوا قتالا شديدا، ثم هزمت الروم حتى دخلوا مدينتهم فحاصرهم «5» المسلمون، فسألوه   (1) زيد من الطبري 4/ 200. (2) راجع أيضا الطبري 4/ 206 والكامل 2/ 264. (3) راجع أيضا فتوح الشام 1/ 68 وما بعده. (4) في الأصل: خالد. (5) في الأصل: فحاصروهم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 475 الصلح عن أموالهم وأنفسهم وكنائسهم، فصالح المسلمون حمص «1» على مائة ألف دينار وسبعين ألف دينار، وأخذ سائر مدائن حمص عنوة. وبعد موت عتبة بن غزوان وإلي البصرة أمر عمر على البصرة «2» أبا موسى الأشعري، وكان المغيرة على الصلاة بها «3» ، فشهد أبو بكرة وشبل بن معبد البجلي ونافع بن كلدة «4» وزياد على المغيرة بما شهدوا. فبعث عمر إلى أبي موسى الأشعري أن أشخص إليّ المغيرة، ففعل ذلك أبو موسى. ثم تزوج عمر أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب وهي من فاطمة، ودخل بها في شهر ذي القعدة، ثم حج واستخلف على المدينة زيد بن ثابت «5» . فلما دخلت السنة «6» الثامنة عشرة أصاب الناس مجاعة شديدة، فاستسقى لهم عمر وأخذ بيد العباس وقال: اللهم إنا نستسقي بعم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما زال العباس قائما إلى جنبه وعيناه تهملان وعمر يلح في الدعاء حتى سقوا؛ فسمى هذه السنة سنة الرمادة «7» ، وأجرى عمر الأقوات على المسلمين، وكان يرزق «8» الضعفاء القوت، ونهى عن الحكرة حاطبا وغيره. وكان طاعون عمواس فتفانى «9» الناس فيه، فكتب عمر إلى أبي عبيدة: إنك أنزلت الناس أرضا عميقة «10» فارفعهم إلى أرض مرتفعة، فسار أبو عبيدة بالناس   (1) في الأصل: حمصا. (2) زيدت الواو بعده في الأصل فحذفناها لاستقامة العبارة. (3) راجع الطبري 4/ 151 و 206. (4) من الطبري 4/ 206 والكامل 2/ 266، وفي الأصل: عتبة. (5) راجع لكل ذلك الطبري 4/ 206. (6) في الأصل: الثامن. (7) راجع الطبري 4/ 222 والكامل 2/ 273. (8) في الأصل: يزق. (9) من الطبري 4/ 201، وفي الأصل: فتفان. (10) من الطبري، وفي الأصل: عمقة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 476 حتى نزل بالجابية، ثم «1» قام أبو عبيدة خطيبا فقال: أيها الناس! إن هذا الوجع رحمة ربكم ودعوة نبيكم وموت الصالحين قبلكم، وإن أبا عبيدة يسأل الله أن يقسم له منه حظه، فمات من يومه، واستخلف على الناس معاذ بن جبل، فقام معاذ خطيبا بعده فقال: أيها الناس! إن هذا الوجع رحمة ربكم ودعوة نبيكم وموت الصالحين قبلكم، إن معاذا يسأل الله أن يقسم له حظه ثم لأهل بيته، فطعن ابنه عبد الرحمن بن معاذ فمات، ثم طعن معاذ في راحته فكان يقبل ظهر كفه وكان يقول: ما أحب أن لي بما فيك من الدنيا شيئا، ثم مات، واستخلف على الناس عمرو بن العاص، فقام فيهم خطيبا فقال: أيها الناس! إن هذا الوجع إذا وقع يشتعل «2» [اشتعال] «3» النار فارتفعوا عنه في الجبال. فمات في طاعون عمواس: يزيد بن أبي سفيان، والحارث بن هشام بن المغيرة، وسهيل بن عمرو، وعتبة بن سهيل. فلما بلغ عمر بن الخطاب موت أبي عبيدة بن الجراح ويزيد بن أبي سفيان أمّر معاوية بن أبي سفيان على جند دمشق وخراجها، وأمر شرحبيل بن حسنة على جند الأردن وخراجها «4» ، وغرّب عمر بن ربيعة بن أمية إلى خيبر، ولحق بأرض الروم وتنصّر، فلم يغرب عمر بعد ذلك رجلا في شيء من عمله. ولا عن عمر بين رجل وامرأته ورجم ساحرا بالبقيع، ثم حج عمر بالناس، فلما تقدم بمكة أخر المقام مقام إبراهيم- وكان ملصقا بالبيت- في موضعه الذي هو فيه اليوم، ورجع إلى المدينة. فلما دخلت السنة التاسعة «5» عشرة كتب عمر إلى سعد بن أبي وقاص أن   (1) راجع أيضا الطبري 4/ 202. (2) من الطبري 4/ 202، وفي الأصل: يشقل. (3) زيد من الطبري. (4) راجع الطبري 4/ 202. (5) في الأصل: التاسع. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 477 ابعث من عندك «1» جندا إلى الجزيرة، وأمر عليهم أحد الثلاثة «2» : خالد بن عرفطة، أو هاشم بن عتبة بن أبي وقاص، أو عياض بن غنم؛ فلما قرأ سعد الكتاب قال: لم يؤخر أمير المؤمنين عياض بن غنم آخر الثلاثة إلا أن له فيه هوى، فولاه جيشا وبعث معه عمر بن سعد وعثمان بن أبي العاص، فخرج عياض بن غنم إلى الجزيرة ونزل بجنده على الرهاء وصالح أهلها على الجزيرة، وصالحت حرّان حين صالحه الرهاء، ووجه عياض عمر بن سعد إلى رأس العين وسار بنفسه في بقية الناس إلى دارا ونصيبين فنزل عليهما «3» حتى افتتحهما «4» ، ثم افتتح الموصل، صالحه عليها أهلها. وزاد عمر في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، زاد فيه من ناحية دار مروان وأدخل فيه دار العباس، وسوى أعمدته وسقفه. وبعث سعد «5» جرير بن عبد الله البجلي إلى حلوان فافتتحها عنوة، وافتتح هاشم بن عتبة ماسبذان «6» عنوة. وفي هذه السنة فتح أبو موسى جنديسابور والسوس صلحا «7» ، ثم أمر عمر أبا موسى بجرير بن عبد [الله] «8» فافتتحوا رامهرمز صلحا، ثم سار أبو موسى إلى التستر حتى فتحها، وافتتح قم وقاشان «9» . ثم افتتح معاوية بن أبي سفيان قيسارية والرملة وما بينهما، فأقره عمر «10» عليهما. وحج «10»   (1) من الطبري 4/ 196، وفي الأصل: جندك. (2) زيد بعده في الأصل: عمرو، ولم تكن الزيادة في الطبري فحذفناها. (3) في الأصل: عليها. (4) في الأصل: افتتحها، وفي الطبري 4/ 197 صراحة بأن الأخير كان افتتح على يد أبي موسى الأشعري. (5) زيد بعده في الأصل: ابن، ولم تكن في تاريخ الإسلام 2/ 22 فحذفناها. (6) في الأصل: ما سيدان، وراجع الطبري 4/ 187. (7) راجع تاريخ الإسلام 2/ 22. (8) زيد ولا بد منه. (9) من معجم البلدان، وفي الأصل: قشان. (10- 10) في الأصل: عليها واحج. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 478 بالناس عمر. وفي هذه السنة افتتحت تكريت. فلما دخلت سنة عشرين رجفت المدينة بالزلزلة. وشكى أهل الكوفة سعدا وزعموا أنه لا يحسن يصلي «1» ، فاستقدمه عمر وسأله فقال: إني أركن» في الأوليين «3» وأحذف في الآخرتين، فقال: كذلك الظن فيك يا أبا إسحاق. ثم عزل عمر قدامة بن مظعون عن البحرين، [و] «4» دخل أبو بحرية «5» الكندي عبد الله بن قيس بلاد الروم وأغار، وهو أول من [دخلها] «6» . [و] «4» افتتح مصر [و] «4» الإسكندرية عمرو بن العاص عنوة- وقد فتحت سنة إحدى وعشرين- وغنم بها غنائم كثيرة ثم رجع، فلما بلغ بلهيب «7» قرية من قرى الريف «8» أرسل صاحب الإسكندرية إلى عمرو بن العاص أني قد كنت أخرج الجزية إلى من هو أبغض إليّ منكم: فارس والروم، فإن أحببت أن أعطيك الجزية على أن ترد عليّ من السبي فعلت، فبعث إليه عمرو بن العاص أن من ورائي أميرا «9» لا أستطيع أن أنفذ أمرا دونه، فإن شئت «10» أن أمسك «10» عنك وتمسك «11» عني حتى أكتب إليه بالذي عرضت عليّ فعلت، فإن قبل ذلك قبلته، وإن أمرني بغير ذلك مضيت لأمره، فقال: نعم، فكتب عمرو إلى عمر، فكتب إليه عمر: أما بعد «12» فقد جاءني كتابك   (1) راجع الطبري 4/ 231. (2) في تاريخ الإسلام 2/ 283: أركد. (3) في الأصل: الأولتين، والتصحيح من تاريخ الإسلام. (4) زيد لاستقامة العبارة. (5) من الطبري 4/ 231، وفي الأصل: أبو عربة- كذا. (6) زيد من الطبري. (7) من الطبري 4/ 226، وفي الأصل: بلهيت. (8) من الطبري، وفي الأصل: الريق. (9) من الطبري، وفي الأصل: أمير. (10- 10) من الطبري، وفي الأصل: امسكت. (11) من الطبري، وفي الأصل: امسكت. (12) من الطبري 4/ 227، وفي الأصل: هذا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 479 تذكر فيه أن صاحب الإسكندرية عرض عليك الجزية على أن ترد عليه ما أصبت من سبي أرضه، ولعمري لجزية قائمة [تكون] «1» لنا ولمن بعدنا من المسلمين أحب إليّ من فيء يقسم [ثم] «1» كأنه لم يكن، فاعرض على صاحب الإسكندرية أن يعطيك الجزية على أن تخيروا «2» من في أيديكم من سبيهم بين الإسلام وبين [دين] «1» قومهم، فمن اختار الإسلام فهو من المسلمين، له ما لهم وعليه ما عليهم، ومن اختار دين قومه وضع عليه من الجزية ما يوضع على أهل دينه، وأما من تفرق من سبيهم فبلغ المدينة ومكة واليمن فأنا لا نقدر على ردهم، فلا نحب أن نصالحهم على ما لا نفي به؛ فبعث عمرو بن العاص إلى صاحب الإسكندرية يعلمه بالذي كتب أمير المؤمنين، فقال: قد قبلت، فجمعوا ما بأيديهم من السبي، واجتمعت النصارى، فكانوا يخيرون الرجل بين الإسلام والنصرانية، فإن اختار الإسلام كبر المسلمون وانحاز إليهم، وإن اختار النصرانية نخرت «3» النصارى ثم حازوه «4» إليهم؛ ووضعوا عليه الجزية. ثم كتب عمرو بن العاص إلى عمر: أما بعد يا أمير المؤمنين! فإنا قدرنا على البحر وإن شئت «5» أن تركبه ركبت، فكتب إليه عمر أن صف لي كيف حاله وحال من ركبه، فكتب إليه عمرو بن العاص أنه خلق شديد؛ يحل فيه خلق ضعيف، دود على عود، إن استمسك به فزع «6» وإن خر غرق، فكتب إلى عمرو بن العاص: ما كان الله ليسألني عن أمري من المسلمين [الذين] حملتهم «7» فيه، لا حاجة لنا به «8» .   (1) زيد من الطبري. (2) من الطبري، وفي الأصل: يخيروا. (3) من الطبري، وفي الأصل: فخرت- كذا. (4) من الطبري، وفي الأصل: جاوزه. (5) في الأصل: شيئا كذا. (6) في الأصل: فزعوا. (7) في الأصل: حملته. (8) وراجع أيضا طبقات ابن سعد 3/ 1/ 204. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 480 وتوفي بلال بن رباح «1» مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بدمشق ودفن في المقبرة عند باب الصغير؛ ثم أخرج عمر يهود الحجاز من نجران إلى الكوفة وقال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «لئن عشت لأخرجن اليهود من جزيرة العرب» ؛ ثم قال لهم: من كان [له] «2» منكم عهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم فليأت بعهده حتى ننفذه، ومن لم يكن له عهد فإني أجليه «3» ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أقركم ما أقركم الله» ، وقد أذن الله بإجلائكم إلا أن يأتي رجل منكم بعهد أو بينة من النبي صلى الله عليه وسلم أنه أقره فأقره، وقد فعلتم «4» بمظهر ابن رافع الحارثي ما فعلتم؛ وذلك أن مظهر بن رافع خرج بأعلاج له من الشام حتى إذا كان بخيبر دخل قوم من اليهود وأعطوا غلمانه السلاح وحرضوهم «5» على قتله فقتلوه، فأجلى عمر اليهود من الحجاز، وقسم خيبر على ثمانية عشر سهما. ثم بعث إلى فدك أبا حبيبة «6» الحارثي ومضى إلى وادي القرى، وأنفذ ظعن خيبر [و] «2» وادي القرى على ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم سماها إلا أنه فرقها، وصارت في أيدي أهلها تباع وتورث؛ بدأ «7» بأزواج النبي صلى الله عليه وسلم ففرض لكل امرأة منهن اثني عشر ألفا، وفرض لأهل بدر صبيهم وحليفهم ومولاهم خمسة آلاف «8» خمسة آلاف، «8» ، وفرض للأنصار صبيهم وحليفهم ومولاهم أربعة آلاف أربعة آلاف. ثم مات أسيد بن حضير في شعبان ودفن بالبقيع «9» .   (1) راجع أيضا تاريخ الإسلام 2/ 31. (2) زيد لاستقامة العبارة. (3) في الأصل: يحمله- كذا. (4) وراجع أيضا لهذا الحادث الاستيعاب 1/ 300. (5) في الأصل: حرصوهم، ومبني التصحيح على الاستيعاب. (6) من الطبري 4/ 231، وفي الأصل: أبا حممة- كذا. (7) في الأصل: يدا، ومبني التصحيح على كتاب الأموال 223، وراجع أيضا الطبري 4/ 162 والكامل 2/ 247. (8) من كتاب الأموال 225، وفي الأصل: ألف. (9) راجع البداية والنهاية 7/ 101. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 481 ومات هرقل ملك الروم وأقعد مكانه قسطنطين «1» ؛ ثم أغارت الحبشة على أهل بلجة فأصابوهم، وقدم الصريخ على عمر فبعث علقمة بن مجزز «2» المدلجي في عشرين مركبا إلى الحبشة فأغاروا عليهم؛ ولم يحمل بعدها مسلما في البحر. ثم عزل عمر أبا موسى عن البصرة وولاها عثمان بن أبي العاص وأمرهما أن يطاوعا «3» ، فنزل عثمان توج «4» ومصرها، وبعث سوار بن همام» العبدي إلى سابور فقتل «6» بعقبة الطين «7» . ثم ماتت «8» زينب بنت جحش زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأل عمر: من يغسلها؟ فقالت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم: نحن نغسلها، فغسلنها، وصلى عليها عمر وكبر أربعا، فلما أتى بسريرها أمر عمر بثوب فمد على قبرها، وأمر أسامة بن زيد وابن أخيها محمد بن «9» عبد الله «9» بن جحش ومحمد بن طلحة بن عبيد الله فدخلوا قبرها ولحدوا لها، وقام عمر «10» على قبرها حتى سوى عليها، ورش على قبرها الماء ثم انصرف. وحج عمر بالناس. فلما دخلت السنة الحادية «11» والعشرون مات خالد بن الوليد بحمص وأوصى إلى عمر بن الخطاب «12» .   (1) راجع الكامل 2/ 280. (2) من الطبري 4/ 231، وفي الأصل: مجرز. (3) راجع أيضا تاريخ الإسلام 2/ 40. (4) من تاريخ الإسلام 2/ 39، وفي الأصل: نوح. (5) في تاريخ الإسلام: المثنى. (6) في الأصل: فقيل. (7) موضع بفارس. (8) وراجع لتفصيل ذلك طبقات ابن سعد 8/ 78- 81. (9- 9) من الطبقات، وفي الأصل: عبد. (10) زيد بعده في الأصل: قائم، ولم تكن الزيادة منسجمة مع السياق فحذفناها. (11) في الأصل: الحادي. (12) راجع أيضا تاريخ الإسلام 2/ 42. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 482 ثم كان فتح نهاوند [و] «1» أميرها النعمان بن مقرن، وذلك أن أهل الري وأصبهان وهمذان «2» ونهاوند تعاقدوا وتعاهدوا وقالوا: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم- نبي العرب الذي أقام لها دينها- مات، وإن ملكهم من بعده ملك «3» يسيرا- يعني أبا بكر- ثم هلك، وإن عمر قد طال ملكه ومكثه وتأخر أمره حتى جيش إليكم الجيوش في بلادكم، وليس بمنقطع عنكم حتى تسيروا إليهم في بلادهم فتقتلوهم. فلما بلغ الخبر أهل الكوفة من المسلمين كتبوا إلى عمر، فلما أخذ عمر الصحيفة مشى بها إلى منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو باك وجعل ينادي: أين المسلمون «4» ! أين المهاجرون «5» والأنصار! من ههنا من المسلمين! فلم يزل ينادي حتى امتلأ عليه المسجد رجالا؛ ثم صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد أيها الناس! فإن الشيطان قد جمع لكم جموعا كثيرة وأقبل بها عليكم، ألا! وإن أهل الريّ وأصبهان وأهل همذان «6» وأهل نهاوند أمم مختلفة ألوانها وأديانها، ألا! وإنهم تعاقدوا وتعاهدوا على أن يسيروا إليكم فيقتلوكم «7» ، ألا! وإن هذا يوم له ما بعده من الأيام، ألا! فأشيروا عليّ برأيكم؛ فقام طلحة بن عبيد الله فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد يا أمير المؤمنين! فقد حنكتك البلايا و «8» عجمتك التجارب «8» ، وقد ابتليت يا أمير المؤمنين واختبرت، فلم ينكشف «9» شيء من عواقب قضاء الله لك إلا عن «10»   (1) زيد لاستقامة العبارة. (2) من تاريخ الإسلام 2/ 39، وفي الأصل: همزان. (3) في الأصل: ملكا، وقد ورد هذا الكلام في البداية والنهاية 7/ 106 بسياق مختلف عما هنا. (4) في الأصل: المسلمين. (5) في الأصل: المهاجرين. (6) في الأصل همزان. (7) في الأصل: فيقتلونكم. (8- 8) في الأصل: أعجبتك البخارات، وراجع أيضا الطبري 4/ 238. (9) من الطبري، وفي الأصل: فلم تنكشف. (10) من الطبري، وفي الأصل: إن. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 483 خيار، وأنت يا أمير المؤمنين ميمون النقيبة «1» مبارك الأمر، «2» فمرنا نطع وادعنا نجب واحملنا «2» نركب، فأثنى عمر على طلحة خيرا ثم جلس، فقام عثمان ابن عفان فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: يا أمير المؤمنين! إني أرى أن تكتب إلى أهل الشام فيسيرون إليك من شامهم «3» ، وتكتب إلى أهل اليمن فيسيرون من يمنهم، وتسير أنت بمن معك من [أهل] «4» هذين الحرمين إلى هذين المصرين، فإنك لو فعلت ذلك كنت أنت الأعز الأكبر، وإن هذا يوم له «5» ما بعده من الأيام، وأثنى عليه عمر فجلس؛ فقام علي بن أبي طالب فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد يا أمير المؤمنين! فإنك إن تكتب إلى أهل الشام أن يسيروا إليك من شامهم إذا تسير الروم إلى ذراريهم «6» فتسبيهم «7» ، وإن تكتب إلى أهل اليمن [أن] «8» يسيروا إليك من يمنهم إذا تسير الحبشة إلى ذراريهم فتسبيهم، وإن سرت أنت بمن معك من [أهل] «8» هذين الحرمين إلى هذين المصرين إذا والله انتقضت «9» عليك الأرض من أقطارها وأكنافها، وكان والله يا أمير المؤمنين من تخلف وراءك من العورات والعيالات أهم إليك مما «10» بين يديك من العجم، والله يا أمير المؤمنين! لو أن العجم نظروا إليك عيانا إذا لقالوا: هذا عمر، هذا إريس «11» العرب [و] «8» كان والله أشد لحربهم وجرأتهم عليك، وأما ما كرهت «12» من مسير هؤلاء القوم فإن   (1) من كتاب الفتوح 2/ 35، وفي الأصل: التقية. (2- 2) من الطبري، وفي الأصل: قرنا.. عنا تحت تحملنا- كذا. (3) من الطبري، وفي الأصل: بشامهم. (4) زيد من الطبري. (5) من الطبري، وموضعه في الأصل بياض. (6) من الطبري، وفي الأصل: ديارهم. (7) في الأصل: فتبسم. (8) زيد لاستقامة العبارة. (9) من الطبري، وفي الأصل: تعصب. (10) من الطبري، وفي الأصل: ما. (11) في الأصل: أرايس، وفي الأصل: أمير؛ وفي لسان العرب: الإرّيس: الأمير. (12) في الطبري والكامل: ذكرت. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 484 الله أكره لمسيرهم منك وهو أقدر على تغيير ما كره، وأما ما ذكرت من كثرتهم فإنا كنا ما نقاتل مع نبينا بالكثرة ولكنا نقاتل معه بالنصرة من السماء، وأنا أرى يا أمير المؤمنين «1» رأيا من تلقاء نفسي، رأيي أن تكتب إلى أهل البصرة فيفترقوا على ثلاث فرق: فرقة تقيم في أهل عهودهم بأن لا ينتقضوا عليهم، وفرقة «2» تقيم من ورائهم في ذراريهم، وفرقة تسير إلى إخوانهم بالكوفة مددا لهم، فطبق» عمر ثم أهلّ مكبرا يقول: الله أكبر الله أكبر! هذا رأي هذا رأي! كنت أحب أن أتابع صدق ابن أبي طالب، لو خرجت بنفسي لنقضت عليّ الأرض من أقطارها، ولو أن العجم نظروا إليّ عيانا «4» ما زالوا عن العرص «4» حتى يقتلوني أو أقتلهم، «5» أشر عليّ يا «5» علي بن أبي طالب برجل أولّيه هذا الأمر! قال: مالي ولهم! هم أهل العراق وفدوا عليك ورأوك ورأيتهم وتوسمتهم وأنت أعلمنا «6» بهم، قال عمر: إن شاء الله لأولين الراية غدا رجلا يكون لأول أسنة يلقاها، وهو «7» النعمان بن مقرن المزني، ثم دعا عمر السائب بن الأقرع الكندي فقال: يا سائب! أنت حفيظ على الغنائم بأن تقاسمها، فإن الله أغنم هذا الجيش شيئا فلا تمنعوا أحدا حقا هو له، ثكلتك أمك يا سائب! وإن هذا الجيش هلك فاذهب عني في عرض الأرض فلا أنظر إليك بواحدة، فإنك تجيئني بذكر «8» هذا الجيش كلما رأيتك. ثم كتب إلى أهل الكوفة: سلام عليكم، أما بعد فقد استعملت عليكم النعمان بن مقرن المزني، فإن قتل النعمان فعليكم حذيفة بن اليمان العبسي، فإن   (1) في الأصل: المسلمين. (2) من الطبري، وفي الأصل: فرقتم. (3) تكرر في الأصل. (4- 4) في الأصل: ما راموا العرص، وفي الطبري: لا يفارقن العرصة. (5- 5) ما بين الرقمين في الأصل بياض. (6) في الأصل: أعلمهم. (7) في الأصل: هم. (8) في الأصل: ذكر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 485 قتل حذيفة فعليكم عبد الله بن قيس الأشعري أبو موسى، فإن قتل أبو موسى فعليكم جرير بن عبد الله البجلي، فإن قتل جرير فعليكم المغيرة بن شعبة الثقفي، فإن قتل المغيرة فعليكم الأشعث بن قيس الكندي. ثم كتب عمر إلى النعمان بن مقرن: فإن في جندك رجلين: «1» عمرو بن «1» معد يكرب المدحجي، وطليحة بن خويلد الأسدي؛ فأحضرهما «2» وشاورهما في الحرب، وإياك أن توليهما عملا فإن كل صانع أعلم بصناعته. فلما ورد عليه الكتاب سار بالناس، فالتقى المسلمون والمشركون بنهاوند، فأقبل المشركون يحمون أنفسهم وخيولهم ثلاثا، ثم نهض إليهم المسلمون يوم الأربعاء فاقتتلوا قتالا شديدا حتى كثرت القتلى وفشت الجرحى والصرعى في الفريقين جميعا، ثم حجز بينهما الليل ورجع الفريقان إلى عسكريهما، وبات المسلمون ولهم أنين [من] «3» الجراحات، يعصبون بالخرق «4» ويبكون حول مصاحفهم؛ وبات المشركون في «5» معازفهم وخمورهم. ثم غدوا يوم الخميس فاقتتل المشركون وقاتلوا قتالا شديدا حتى كثرت القتلى وفشت الجرحى في الفريقين جميعا، ثم حجز بينهما الليل ورجع الفريقان «6» إلى عسكريهما، وبات المسلمون لهم أنين من الجراحات يعصبون بالخرق «7» ويبكون حول مصاحفهم، وبات المشركون في معازفهم وخمورهم. ثم غدا النعمان بن مقرن يوم الجمعة- وكان رجلا قصيرا أبيض- على   (1- 1) تكرر ما بين الرقمين في الأصل، وراجع الإصابة والأخبار الطوال 135. (2) زيد بعده في الأصل: الناس، ولم تكن الزيادة في الإصابة فحذفناها. (3) زيد من الأخبار الطوال 136. (4) في الفتوح 2/ 46: بالزيت والحراق. (5) في الأصل «و» والتصحيح بناء على ما سيتقدم. (6) في الأصل: الفريقين. (7) في الأصل: بالخرق. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 486 برذون «1» أبيض قد أعلم بالبياض، فجعل يأتي راية راية يحرضهم على القتال ويقول: الله الله في الإسلام أن تخذلوه، فإنكم باب بين المسلمين وبين المشركين، فإن كسر هذا الباب دخلوا على المسلمين «2» ، يا أيها الناس! إني هازّ لكم الراية مرة فليتعاهد الرجل الخيل في حزمها «3» وأعنتها، ألا! وإني هازّ لكم الثانية فلينظر كل رجل منكم إلى موقف فرسه ومضرب رمحه ووجه مقاتله، ألا! وإني هازّ لكم الثالثة ومكبر، فكبروا الله واذكروه، ومستنصر فاستنصروه «4» ، ألا! فحامل «5» فاحملوا؛ فقال رجل: قد سمعنا مقالتك وحفظنا وصيتك فأخبرنا بأيّ النهار يكون ذلك يكون ذلك حتى يكونوا على آلة وعدة، قال النعمان: ليس يمنعني أن يكون ذلك من أول النهار إلا شيء شهدته من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا غزا فلم «6» يقاتل أول النهار لم «7» يعجل بالقتال حتى تزول الشمس وتهب الرياح ويطيب القتال وتحضر «8» الصلاة، وينزل النصر من السماء مع مواقيت الصلاة في الأرض «9» ؛ فمكث المسلمون ينظرون إلى الراية ويراعونها حتى إذا زالت الشمس عن كبد السماء هزّ النعمان الراية هزة، فانتزعوا المخالي عن الخيول وقرّطوها الأعنة، وأخذوا أسيافهم بأيمانهم والأترسة بشمائلهم، وصلى كل رجل منهم ركعتين يبادر بهما؛ ثم هز النعمان الراية ثانيا، فوضع كل رجل منهم رمحه بين أذني فرسه، ولزمت الرجال منهم نحور الخيل، «10» وجعل كل رجل «10»   (1) في الأصل: أبردون، والتصحيح بناء على الأخبار الطوال. (2) راجع أيضا كتاب الفتوح 2/ 47. (3) في الأصل: جرم، والتصحيح بناء على الأخبار الطوال. (4) في الأصل: فانتصروه. (5) في الأصل: فحاحل- كذا. (6) من الطبري 4/ 234، وفي الأصل: قام. (7) من الطبري، وفي الأصل: ثم. (8) في الأصل: تحضروا، وراجع كتاب الفتوح 3/ 48 أيضا. (9) والسياق من ههنا يقارب ما في الفتوح 2/ 49. (10- 10) ما بين الرقمين بياض في الأصل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 487 يقول لصاحبه: أي فلان! تنح عني، لأوطئك بفرسي، إني أرى وجه مقاتلي، إني غير راجع إن شاء الله حتى أقتل أو يفتح الله عليّ؛ ثم هز الثالثة فكبر، فجعل الناس يكبرون الأول فالأول الأدنى فالأدنى، وقذف الله الرعب في قلوب المشركين حتى أن أرجلهم كانت تخفق في الركب، فلم يستطع منهم أحد أن يوتر قوسه، ثم ولوا مدبرين؛ وحمل النعمان وحمل الناس فكان النعمان أول قتيل قتل من المسلمين، جاءه سهم فقتله، فجاء أخوه معقل بن مقرن فغطى عليه بردا له «1» ، ثم أخذ الراية وإنها لتنضح دما من دماء من قتله «2» بها النعمان قبل أن يقتل، فهزم الله المشركين وفتح على المسلمين، وبايع الناس لحذيفة بن اليمان، فجمع السائب بن الأقرع الغنائم كأنها الآكام، فجاءه دهقان من دهاقينهم «3» فقال: هل لك أن تؤمنني على دمي ودم أهل بيتي ودم كل ذي رحم لي وأدلك على كنز عظيم؟ [قال: نعم] «4» ، قال: خذوا «5» المكاتل والمعاول فامشوا، فمشوا معه حتى انتهى إلى مكان، قال: احفروا، فحفروا فإذا هم بصخرة، قال: اقلعوها، فقلعوا فإذا هم بسفطين [من] «6» فصوص يضيء «7» ضوءها كأنها شهب تتلألأ، فأعطى السائب كل ذي حق حقه من الغنائم، وحمل السفطين «8» حتى قدم بهما «9» على عمر، فلما نظر عمر إلى السائب ولى باكيا، ثم أقبل يقول: يا سائب! ويحك! ما وراءك؟ ما فعلت؟ ما فعل المسلمون؟ قال السائب: خير يا أمير المؤمنين! هزم الله المشركين «1» راجع لذلك الطبري 4/ 235.   (2) في الأصل: قتل. (3) في الأصل: دهاقنهم، وراجع الطبري 4/ 233 و 243 والأخبار الطوال 137 والفتوح 2/ 59. (4) زيد بناء على الطبري 4/ 233. (5) في الأصل: خذ. (6) زيد لاستقامة العبارة. (7) في الأصل: قضى. (8) في الأصل: الفلسطين. (9) في الأصل: بها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 488 وفتح للمسلمين، قال: ويحك يا سائب! والله ما أتت ليلة بعد ليلة بات فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فينا ميتا مثل البارحة! لا والله ما بت «1» البارحة إلا تقديرا! فما فعل النعمان ابن مقرن؟ قال: استشهد يا أمير المؤمنين، فبكى عمر ثم قال: يرحم الله النعمان- ثلاثا، ثم قال: مه! قال: لا والذي أكرمك بالخلافة وساقها إليك! ما قتل بعد النعمان أحد نعرفه، فبكى عمر بكاء شديدا ثم قال: الضعفاء لكن الله أكرمهم بالشهادة وساقها إليهم» ، أدفنتم إخوانكم؟ لعلكم غلبتم على أجسادهم [و] «3» خليتم بين لحومهم والكلاب والسباع! أخشى أن يكونوا أصيبوا بأرض مضيعة. قال السائب: هون عليك يا أمير المؤمنين! فقد أكرمهم الله بالشهادة وساقها إليهم، ثم قال عمر: أعطيت كل ذي حق حقه؟ فقال: نعم، فنفض عمر رداءه ثم ولى باكيا فأخذ السائب بطرف ردائه ثم قال: اجلس يا أمير المؤمنين! فإن لي إليك حاجة، قال: وما حاجتك «4» ؟ ألم تخبرني أنك أعطيت «5» كل ذي حق حقه؟ قال: بلى، قال: فما حاجتك إليّ؟ فأبدى له عن السفطين فصوصهما «6» كأنها شهب تتلألأ، فقال عمر: ما هذا؟ فأخبره السائب خبر الدهقان، فصعد فيها بصره وخفضه «7» ثم قال: ادع لي عليا وعبد الرحمن بن عوف وابن مسعود وعبد الله بن الأرقم، فلما اجتمعوا عنده «8» قال السائب: لم يكن لي هم [إلا] «9» أن أنفلت «10»   (1) في الأصل: بات. (2) وراجع الطبري 4/ 233 والفتوح 2/ 61 أيضا. (3) زيد لاستقامة العبارة. (4) زيد بعده في الأصل: قال، ولم تكن الزيادة منسجمة بالسياق فحذفناها. (5) في الأصل: أعطيك. (6) في الأصل: فصوصها. (7) في الأصل: حفظه- كذا. (8) والظاهر أن هنا خرما في العبارة. (9) زيد لاستقامة العبارة. (10) في الأصل: نفلت. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 489 من عمر، فركبت راحلة «1» لي وأتيت الكوفة، فو الله ما «2» جفت بردعة «2» راحلتي [حتى] «3» أتاني كتاب عمر: عزمت عليك إن كنت قاعدا لا قمت «4» وإن كنت قائما لا «5» قعدت إلا «5» على راحلتك، ثم العجل العجل! فقلت للرسول: هل كان في الإسلام حدث؟ قال: لا، قلت: فما حاجته إليّ؟ قال: لا أدري، فركبت راحلتي حتى أتيت عمر، فلما نظر إليّ، أقبل عليّ بدرته يضربني بها حتى سبقته «6» إلى غيره «6» وهو يقول: ما لي ولك يا ابن أم مليكة! أعن ديني تفارقني أم النار توردني؟ قلت: دعني عنك يا أمير المؤمنين! لا تقتلني غما، قال عمر: فإنك لما خرجت من عندي فأويت إلى فراشي جاءني ملائكة من عند ربي في جوف الليل؛ فرموني بسفطين «7» هذين، فإذا حملتهما [فإذا] «3» نار توقد على جنبي، فجعلت أتأخر و «8» جعلوا يدفعونني «8» إليهما، حتى تعاهدت ربي في «5» هذا: إن «5» هو تركني حتى أصبح لأقسمن على من أفاء الله عليه، أخرج بهما «9» من عندي، لا حاجة لي بهما ... «10» بعهما بعطية المقاتلة والذرية «11» ، فإن لم تصب إلا عطية أحد الفريقين فبع ثم اقسمهما على من أفاء الله عليه، والله لئن شكا «12» المسلمون قبل أن تقسم بينهم لأجعلنك نكالا لمن بعدك؛ قال السائب: فخرجت بهما «13» من عنده   (1) في الأصل: راحلتين. (2- 2) في الأصل: جف برده ... كذا. (3) زيد لاستقامة العبارة. (4) في الأصل: لما قعت- كذا. (5- 5) موضع الرقمين في الأصل بياض. (6- 6) في الأصل: أغيروا. (7) في الأصل: بسفطيط. (8- 8) في الأصل: جعل يدفع بي- كذا. (9) في الأصل: بها. (10) في الأصل بياض بعده كلمتان لا تتضح صورتهما. (11) في الأصل: الذربه- كذا، وراجع أيضا كتاب الأموال 252. (12) في الأصل: شا- كذا مع آثار المحو والحك. (13) في الأصل: بها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 490 حتى قدمت الكوفة فأخرجتهما «1» إلى الزحمة «2» ، فأبديت عنهما فلاح «3» ضوءهما كأنهما «4» شهب تتلألأ، فجعل لا يأتي «8» عليهما قوم «5» إلا صفقوا تعجبا منهما، حتى أتاني عمرو بن حريث «6» ، فلما نظر إليهما استامني «7» بهما «8» فقلت: بعطية المقاتلة والذرية، فما كلمني حتى صفق على يدي «9» وأوجبت له البيع، فخرج بهما «3» إلى الحيرة، فباع أحدهما بعطية المقاتلة والذرية، واستفضل الآخر ربحا، فكان أول شيء اعتقله «10» بالكوفة مالا. ثم سار المغيرة1» بالمسلمين «12» إلى مدينة آذربيجان «13» فصالحه أهلها على ثمانمائة ألف درهم في كل سنة. ثم غزا حذيفة بن اليمان الدينور فافتتحها عنوة، وكانت قبل ذلك فتحت لسعد فانتقضت «14» ؛ ثم غزا حذيفة ماه سندان «15» فافتتحها عنوة، وكانت قبل ذلك فتحت لسعد فانتقضت، ثم غزا حذيفة همذان فافتتحها عنوة.   (1) في الأصل: فأخرجتها. (2) في الأصل: الرحمة؛ والزحمة: الزحام. (3) في الأصل: فلابت. (4) في الأصل كأنها. (5- 5) في الأصل: عليها قوما. (6) من تاريخ الإسلام 2/ 41، وفي الأصل: حريت. (7) استيام السلعة: سؤال تعيينها. (8) في الأصل: بها. (9) في الأصل: يدين. (10) من الفتوح 2/ 62، وفي الأصل: اعتقره. (11) في الأصل: معيده- كذا، والتصحيح بناء على تاريخ الإسلام 2/ 45. (12) في الأصل: المسلمين. (13) من تاريخ الإسلام، وفي الأصل: نهاوند. (14) راجع تاريخ الإسلام 2/ 45. (15) من تاريخ الإسلام، وفي الأصل: ما سبل- كذا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 491 ثم «1» ولى عمر عمار بن ياسر الكوفة على الصلاة والحرب، وعبد الله بن مسعود على بيت المال، وعثمان بن حنيف على مساحة الأرض، فشكا أهل الكوفة عمارا وقالوا: رجل لا يعلم، فاستعفى عمار، ودعا عمر جبير بن مطعم خاليا ليوليه «2» الكوفة وقال له: لا تذكره لأحد، فبلغ المغيرة بن شعبة أن عمر قد خلا بجبير بن مطعم، فرجع إلى امرأته وقال لها: اذهبي «3» إلى امرأة جبير بن مطعم فاعرضي عليها متاع السفر، فأتتها «4» فعرضت عليها فاستعجمت عليها ثم قالت: ائتيني به، فلما استيقن المغيرة بذلك جاء [إلى] «5» عمر وقال: بارك الله لك فيمن وليت، وأخبره أنه ولى جبير بن مطعم، فقال عمر: لا أدري ما أصنع؟ قولى «6» المغيرة بن شعبة الكوفة «7» فلم يزل عليها إلى أن مات عمر. ثم مضى عمرو بن العاص إلى برقة طرابلس ففتحها، وصالح أهل برقة على اثني عشر ألف دينار «8» ، وبعث عقبة بن نافع الفهري فافتتح لعمر زويلة بالصلح، وكان بين برقة وزويلة «9» صلح للمسلمين. وحج عمر بالناس، واستخلف على المدينة [زيد بن ثابت] «10» . فلما دخلت السنة الثانية والعشرون فتح المغيرة بن شعبة آذربيجان صلحا   (1) راجع لهذا الطبري 4/ 250 أيضا. (2) في الطبري: فولاه. (3) من الطبري، وفي الأصل: مرى. (4) من الطبري، وفي الأصل: فانتهى. (5) زيد من الطبري. (6) من الطبري، وفي الأصل: قول. (7) من الطبري، وفي الأصل: لكوفة. (8) هذا وأما المراجع الأخرى فهي يحذا فيرها تتفق على أن هذه المصالحة تمت على ثلاثة عشر ألف دينار- راجع تاريخ الإسلام 2/ 41 والكامل 3/ 13 والبداية والنهاية 7/ 112. (9) من الكامل 3/ 10، وفي الأصل: زويل؛ وراجع أيضا الطبري 4/ 250. (10) زيد من الطبري. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 492 على ثمانمائة ألف درهم «1» ، ودخل معاوية أرض الروم الصائفة «2» في عشرة آلاف، ثم اعتمر [عمر] «3» وساق معه عشر بدنات ونحرها في منحر رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه من الصحابة عبادة بن الصامت وأبو ذر وأبو أيوب وشداد بن أوس، وكان نافع بن عبد الحارث عامله «4» على مكة فتلقاه نافع فقال عمر: من خلفت على أهل الوادي؟ فقال: ابن أبزى رجل من الموالي «5» ، قال عمر: أمولى أيضا؟ قال: يا أمير المؤمنين! إنه قارئ للقرآن عالم بالفرائض «6» ، فقال عمر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الله عز وجل يرفع بهذا القرآن أقواما ويضع به آخرين» . [فلما دخلت] «7» السنة الثالثة والعشرون فتح معاوية عسقلان صلحا «8» ، وقد قيل: إن الذي فتح في هذه السنة فتحها قرظة بن كعب الأنصاري لعمر، ولا يصح عندي. ثم كان [غزوة] «9» أصطخر الأولى، وذلك أن عثمان بن أبي العاص أقام بتوج «10» ؛ وتوفي قتادة بن النعمان الظفري فصلى عليه عمر، ونزل حفرته أخوه لأمه أبو سعيد الخدري ومحمد بن مسلمة والحارث بن خزمة «11» .   (1) راجع تاريخ الإسلام 2/ 45. (2) من تاريخ الإسلام 2/ 50، وفي الأصل: صائفة، وراجع لهذه المهمة الكامل 3/ 19 والطبري 4/ 259 و 5/ 42 أيضا. (3) زيد ولا بد منه. (4) في الأصل: عاملة. (5) في الأصل: الوالي، وراجع أيضا لهذه الوقعة ترجمة نافع في الاستيعاب. (6) في الأصل: للفرائض. (7) زيد ما بين الحاجزين بناء على ما تقدم من الأسلوب. (8) راجع الطبري 5/ 420. (9) زيد ولا بد منه. (10) هذا ويبدو أن العبارة هنا منقطعة بالرغم من اتصالها في المتن وراجع لفتح أصطخر وتوج الطبري 5/ 2 و 3. (11) من الطبقات 3/ 2/ 26، وفي الأصل: صرمة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 493 ثم حج بالناس عمر، وأذن لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم أن يحججن معه «1» ، فبينا هو بالأبطح إذ أقبل راكب يسأل عن عمر فدل عليه، فلما رآه بكى وجعل يقول: جزى الله خيرا «2» من أمير وباركت ... يد الله في ذاك «3» الأديم الممزّق قضيت أمورا ثم غادرت بعدها ... بوائج «4» في أكمامها لم تفتّق أبعد قتيل «5» بالمدينة أظلمت ... له الأرض تهتز «6» العضاة بأسوق فمن يسع» أو «8» يركب جناحي نعامة «8» ... ليدرك ما قدمت بالأمس يسبق فما كنت أخشى أن تكون «9» وفاته ... «10» بكفي سبنتي أزرق العين مطرق «10» وكان جبير بن مطعم يقول: بينا أنا واقف مع «11» عمر بعرفات «11» إذ قال رجل: يا خليفة الله! فقال رجل خلفي: قطع الله لحيتك! والله لا يقف أمير المؤمنين بعد هذا العام أبدا! قال جبير: فالتفت «12» فإذا هو رجل من لهب، ولهب بطن من الأزد، وبينا نحن نرمي الجمار وإذا رمى إنسان فأصاب رأس عمر فشجه، فقال رجل   (1) راجع الطبري 5/ 12. (2) من سمط النجوم 2/ 384، وفي الأصل: منا، وراجع أيضا الطبقات 3/ 1/ 241 وتاريخ الخلفاء 56 وصفة الصفوة 1/ 112. (3) من السمط، وفي الأصل: ذلك. (4) من الطبقات 3/ 1/ 272، وفي الأصل: لواقح، وفي المراجع: بوائق. (5) من السمط؛ وفي الأصل: قيل. (6) من السمط، وفي الأصل: يد. (7) من السمط، وفي الأصل: يسعى. (8- 8) من السمط، وفي الأصل: ير ... مة- كذا بالبياض موضع النقاط. (9) من السمط، وفي الأصل: يكون. (10- 10) من الطبقات 3/ 1/ 272 وكتاب البدء والتاريخ 5/ 194 وفي الأصل: مكفى سنتي أزرق العين مصرق- كذا، وفي المراجع: بكفي سبنتي أهرت الشدق أزرق. (11- 11) في الأصل: بين بعوفات- كذا، وراجع أيضا الطبقات 3/ 1/ 241. (12) في الأصل: فالتففت. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 494 خلفي: قطع «1» الله لحيتك «1» ! ما أرى أمير المؤمنين إلا «2» سيقتل، قال جبير: فالتفت فإذا هو ذلك اللهبي «3» . ثم رجع عمر من مكة إلى المدينة [و] «4» قام في الناس فقال. إني رأيت كأن ديكا أحمر نقرني نقرنين، ولا أراه «5» إلا «6» لحضور أجلي. ثم خرج يوما إلى السوق وهو متكئ على بد عبد الله بن الزبير «7» إذ لقيه أبو لؤلؤة غلام المغيرة بن شعبة فقال لعمر: ألا تكلم مولاي أن يضع عني من خراجي؟ قال: وكم خراجك؟ قال: دينار «8» ، قال: ما أفعل! إنك لعامل وإن هذا لشيء يسير، ثم قال له عمر: ألا تعمل لي «9» رحى؟ قال: بلى، فلما ولى عمر قال أبو لؤلؤة: أعمل لك رحى يتحدث بها من بين المشرق والمغرب؛ قال ابن الزبير: فوقع في قلبي قوله ذلك. فلما كان وقت النداء بالفجر خرج عمر إلى الصلاة، وذلك يوم الأربعاء لأربع ليال بقين من ذي الحجة «10» ، واضطجع له أبو لؤلؤة، فقام عمر فجعل يقول بين الصفوف: فاستووا استووا! فلما كبر طعنه أبو لؤلؤة ثلاث طعنات في وتينه «11» ، فقال عمر: قتلني الخبيث! ثم أخذ بيد عبد الرحمن فقدمه، فصلى عبد الرحمن بالناس الصبح وقرأ إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ وإِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ ثم دخل عبد الرحمن على عمر وعنده علي وعثمان وسعد وابن عباس، فقال:   (1- 1) موضع الرقمين في الأصل بياض. (2- 2) في الأصل: ما رأى الأمير المؤمنين. (3) وكان عائفا، كما صرح به في الطبقات. (4) زيد لاستقامة العبارة. (5) من السمط، وفي الأصل: لا أرى. (6) من السمط، وفي الأصل: بياض. (7) راجع لهذا السياق الطبقات 3/ 1/ 251. (8) ويختلف هذا العدد من بين رواية إلى أخرى. (9) في الأصل: في. (10) راجع الطبري 5/ 14. (11) في الأصل: تنيه، والوتين: عرق في القلب يجري منه الدم إلى العروق كلها، وراجع رواية ابن سيرين في الطبقات 3/ 1/ 255. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 495 يا ابن عباس: من قتلني؟ قال: أبو لؤلؤة، قال عمر: الحمد لله الذي لم يجعل موتي برجل يدعي الإسلام، ثم سكت عمر كالمطرق فقالوا: ألا ننبه للصلاة! فقيل! الصلاة يا أمير المؤمنين! فقال: نعم، ولا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة، ثم صلى وجرحه يثعب «1» دما، ثم أقبل على عليّ فقال: اتق الله يا علي! إن وليت من أمور الناس شيئا فلا تحملن بني هاشم على رقاب «2» الناس، وأنت يا عثمان إن وليت من أمور الناس شيئا فلا تحملن بني أبي معيط على رقاب «2» الناس، وأنت يا زبير ويا سعد! إن وليتما من أمر الناس [فلا تحملان أقاربكما على رقاب الناس] «3» ، ثم قال: إني نظرت في أمر الناس فلم أر «4» عندهم شقاقا [إلا] «5» أن يكون فيكم، وإن الأمر إلى الستة نفر: عثمان وعلي وعبد الرحمن وسعد وطلحة والزبير، فتشاوروا ثلاثا، وكان طلحة غائبا في مال له، فقال عمر: إني مصرت لكم الأمصار ودونت لكم الدواوين، وإني تركتكم على الواضحة، إنما أتخوف أحد رجلين، إما رجل يرى أنه أحق بالملك من صاحبه فيقاتله، أو رجل يتأول القرآن على غير تأويله، وإني قرأت في كتاب الله «الشيخ والشيخة [إذا زنيا] «6» فارجموهما البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم» ألا! فلا تهلكوا عن آية الرجم، فقد رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا معه، ولولا أن يقول الناس: زاد عمر في كتاب الله لكتبتها بيدي، فقد قرأناها بكتاب الله. ثم دعا بكتاب «بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى الخليفة «7» من بعدي «7» : سلام عليك فإني أحمد الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد فإني   (1) في الأصل: ينبث، والتصحيح بناء على الطبقات 3/ 1/ 254. (2) من الطبري 5/ 13، وفي الأصل: أرقاب. (3) زيد بناء على الطبري. (4) في الأصل: لم أر، والتصحيح بناء على الطبقات 3/ 1/ 249. (5) زيد من الطبقات. (6) زيد من الطبقات 3/ 1/ 242. (7- 7) من الطبقات 3/ 1/ 245، وفي الأصل: إلا بعده. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 496 أوصيك بتقوى الله وبالمهاجرين الَّذِينَ أُخْرِجُوا «1» مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوالِهِمْ- الآية، فتعرف فضيلتهم وتقسم عليهم فيئهم، وأوصيك ب الَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ «2» - الآية، فهؤلاء الأنصار تعرف فضلهم وتقسم عليهم فيئهم، وأولئك الَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا «3» - الآية» . وخرج «4» أبو لؤلؤة على وجه يريد البقيع وطعن في طريقه اثني عشر رجلا، فخرج خلفه عبيد الله بن عمر فرأى أبا لؤلؤة «5» [و] «6» الهرمزان وجفينة [وكان] «6» نصرانيا وهم يتناجون بالبقيع، فسقط منهم خنجر «7» له رأسان ونصابه [في] «5» وسطه، فقتل عبيد الله أبا لؤلؤة والهرمزان وجفينة ثلاثتهم. فجرى بين سعد بن أبي وقاص وبين عبيد الله في شأن جفينة ملاحاة «8» ، وكذلك بين علي بن أبي طالب وبينه في شأن الهرمزان حتى قال علي بن أبي طالب: إن وليت من هذا الأمر شيئا قتلت عبيد الله بالهرمزان. ثم أرسل عمر إلى عائشة يستأذنها في أن يدفن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر، فأذنت له فقال عمر:» أنا أخشى أن يكون ذلك» لمكان السلطان مني، فإذا مت فاغسلوني «10» فكفنوني ثم قفوا بي على بيت عائشة وقولوا: أيلج عمر؟ فإن قالت: نعم، فأدخلوني، وإن أبت فادفنوني بالبقيع.   (1) راجع سورة 59 آية 8، وفي الأصل: خرجوا. (2) راجع سورة 59 آية 9. (3) راجع سورة 59 آية 10. (4) وراجع أيضا الطبقات 3/ 1/ 258 وسمط النجوم 2/ 391 والطبري 5/ 41- 43. (5) في الأصل: أبو لولوة. (6) زيد لاستقامة العبارة. (7) في الأصل: خنجرا. (8) في الأصل: ملاحلة- كذا. (9- 9) من الطبقات 3/ 1/ 264، وفي الأصل بياض. (10) في الأصل: فاغتسلوني. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 497 ثم أرسل «1» عمر فجيء بلبن، فشربه فخرج من جرحه، فعلم أنه الموت، فقال لعبد الله بن عمر: انظر ما عليّ من الدين فاحسبه، فقال: ستة وثمانون ألفا، فقال: إن «2» وفى لها مال آل عمر فأدها «3» عني من أموالهم، وإلا فسل [بني] «4» عدي بن كعب، فإن لم تف «5» من أموالهم «6» فسل قريشا ولا «7» تعدهم إلى غيرهم وأدها عني. فتوفي عمر رضي الله عنه وله خمسة وستون سنة «8» ، وفعل به ما أمر فأذنت له عائشة، وصلى عليه صهيب، ودخل حفرته عثمان بن عفان وعبد الله بن عمر «9» ، وكانت الخلافة عشر سنين وستة أشهر وأربع ليال «10» . وكان له من العمال وقت ما توفي: على الكوفة المغيرة بن شعبة، وعلى البصرة أبو موسى، وعلى حمص وأعمالها عمير بن سعد الضمري، وعلى دمشق معاوية بن أبي سفيان، وعلى صنعاء يعلى بن منية «11» ، وعلى الجند عبد الله [بن] «12» أبي ربيعة، وعلى الطائف سفيان بن عبد الله الثقفي، وعلى مكة نافع بن عبد الحارث «13» ، وعلى مصر عمرو بن العاص- رحمهم الله تعالى أجمعين آمين!   (1) وراجع أيضا الطبقات 3/ 1/ 244. (2) زيد بعده في الأصل: لي، ولم تكن الزيادة في الطبقات فحذفناها. (3) من الطبقات، وفي الأصل: فنادها- كذا. (4) زيد من الطبقات. (5) من الطبقات، وفي الأصل: بقي. (6) زيد بعده في الأصل: وإلا، ولم تكن الزيادة في الطبقات فحذفناها. (7) من الطبقات، وفي الأصل: إلا. (8) وراجع للاختلاف في ذلك الطبقات 3/ 1/ 265 وما بعده. (9) راجع أيضا الطبقات 3/ 1/ 268. (10) مع الاختلاف في ذلك كما في الطبقات. (11) من الطبري 5/ 42، وهو يعلى بن أمية، ومنية أمه ويقال جدته- راجع تهذيب التهذيب؛ وفي الأصل: يعلى بن منبه. (12) زيد من الطبري. (13) من الطبري، وفي الأصل: الحارث. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 498 استخلاف عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه وهو عثمان بن [عفان بن] «1» أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، وكنيته أبو عمرو، وقد قيل: أبو عبد الله «2» ، ويقال: أبو ليلى «3» ، وأم عثمان أروى بنت كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس، وأمها «4» البيضاء [أم] «5» حكيم بنت عبد المطلب بن هاشم «6» بن عبد مناف. أخبرنا أبو خليفة الفضل بن الحباب «7» الجمحي بالبصرة ثنا علي بن هاشم [عن] «8» جعفر بن نجيح المديني ثنا عبد الرزاق أنا معمر عن أبي حازم عن سهل بن سعد الساعدي أن أحدا «9» ارتج وعليه النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «اثبت أحد! فما عليك إلا نبي وصديق وشهيدان» . قال أبو حاتم: لما دفن عمر رضي الله عنه تعمد «10» عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وطلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام وعبد الرحمن وسعد يتشاورون، فأشار عثمان على عبد الرحمن بالدخول في الأمر، فأبى عبد الرحمن وقال: لست   (1) زيد من الطبري 5/ 147 والطبقات 13/ 1/ 36. (2) في الطبقات: وكان عثمان في الجاهلية يكنى أبا عمرو، فلما كان الإسلام ولد له من رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم غلام سماه عبد الله واكتنى به. (3) وهذا القول قد ذكره صاحب الاستيعاب. (4) من الاستيعاب، وفي الأصل: أمه، وراجع أيضا الطبري والطبقات وسمط النجوم 2/ 396. (5) زيد من جميع المراجع. (6) من نسب قريش ص 17، وفي الأصل: هشام. (7) من تذكرة الحفاظ 670، وفي الأصل: خباب. (8) زيد ولا بد منه. (9) هذه الرواية قد ساقها الإمام أحمد في مسنده بنفس الطريق الذي عندنا- راجع 5/ 331. (10) في الأصل: فعمر- كذا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 499 بالذي أنافسكم على هذا الأمر، وإن شئتم «1» اخترت لكم منكم واحدا، فجعلوا ذلك إلى عبد الرحمن بن عوف، فلما ولي ذلك مال الناس كلهم إليه وتركوا أولئك الآخرين «2» ، فأخذ عبد الرحمن يتشاور في تلك الليالي الثلاث حتى [إذا] «3» كان من الليلة التي بايع عثمان بن عفان من غدها جاء إلى باب المسور بن مخرمة بعد هويّ «4» من الليل فضرب الباب وقال: ألا «5» أراك نائما؟ والله [ما] «3» كحلت منذ «6» الليلة بكثير نوم «7» ، ادع لي الزبير وسعدا» ، فدعاهما فشاورهما، ثم أرسله إلى عثمان بن عفان فدعاه فناجاه حتى فرق بينهما المؤذن، فلما صلوا الصبح اجتمعوا، وأرسل عبد الرحمن إلى من حضر من المهاجرين والأنصار وأمراء الأجناد، ثم خطبهم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد، فإني نظرت في أحوال «9» الناس وشاورتهم فلم أجدهم يعدلون بعثمان، ثم قال: يا عثمان! نبايعك على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم والخليفتين من بعده! قال: نعم، فبايعه عبد الرحمن وبايعه المهاجرون والأنصار وأمراء «10» الأجناد والمسلمون، وذلك لغرة المحرم. وبعد دفن عمر بثلاثة أيام في هذه السنة كان فتح همذان ثانيا. وكانت قد انتقضت على أميرها المغيرة بن شعبة على رأس ستة أشهر من مقتل عمر «11» ، وفي   (1) في الأصل: شئت، وراجع أيضا الطبري 5/ 36 وما بعده. (2) في الأصل: الآخر. (3) زيد لاستقامة العبارة. (4) يقال: مضى هوى من الليل، أي قسم منه. (5) من الطبري 5/ 36، وفي الأصل: لا. (6) في الطبري: في هذه. (7) في الأصل: قوم. (8) من الطبري، وفي الأصل: سعد. (9) في الأصل: أموال. (10) في الأصل: الأمراد وكذا. (11) راجع أيضا البداية والنهاية 7/ 120. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 500 هذه السنة سار إليها أبو موسى الأشعري بأهل البصرة حتى فتحها صلحا، معه البراء ابن عازب وقرظة بن كعب، وكان عمر بن الخطاب قد قتل وحذيفة قد افتتحها وجيشه كان عليها، ثم انتقضوا حتى غزاهم أبو موسى، وخرج عثمان بن عفان يوم الفطر إلى المصلى يكبر ويجهر بالتكبير حتى صلى العيد وانصرف، وبعث على الحج عبد الرحمن بن عوف فخطبهم عبد الرحمن قبل التروية بيوم بمكة بعد الظهر، فلما زاغت الشمس خرج إلى منى وحج ونفر النفر الأول، وكان قد ساق معه بدنات فنحرها في منحر رسول الله صلى الله عليه وسلم. فلما دخلت السنة الخامسة والعشرون غزا معاوية أرض الروم وفتح الحصون، وولد له ابن يزيد بن معاوية «1» ؛ ثم نقضت الإسكندرية الصلح الذي صالحهم عمرو بن العاص عليه «2» فغزاهم عمرو، وظفر بهم وسباهم وبعث السبي إلى المدينة، فردهم عثمان إلى ذمتهم وقال: إنهم كانوا صلحا، والذرية لا تنقض الصلح، وإنما تنقض الصلح المقاتلة، ونقض المقاتلة الصلح ليس يوقع السبي على ذراريهم «3» . ثم عزل عثمان بن عفان عمرو بن العاص عن الإسكندرية ومصر، وولاهما «4» عبد الله بن سعد بن أبي سرح، فوجد عمرو من ذلك، وكان بدء الشر بينه وبين عثمان عزله عن مصر والإسكندرية، وكان عمرو قد بعث جيشه إلى المغرب فأصابوا غنائم كثيرة، فلما دخل عبد الله بن سعد مصر واليا بعث جرائد الخيل إلى المغرب واستشار عثمان في إفريقية، وعزل عثمان سعدا عن الكوفة وولى عليها الوليد بن عقبة بن أبي معيط، فبعث الوليد سلمان بن ربيعة الباهلي في اثني عشر ألفا [إلى] «5» برذعة فافتتحها عنوة وقتل وسبى، وغزا البيلقان فصالحوه   (1) راجع الطبري 5/ 47. (2) في الأصل: عليها. (3) وراجع أيضا تاريخ الإسلام 2/ 77. (4) في الأصل: ولاها، وراجع أيضا الطبري 5/ 48 وما بعدها. (5) زيد من تاريخ الإسلام 2/ 77. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 501 قبل أن يجيء إلى برذعة «1» ، وبعث خيله إلى جرزان فصالحوه، وفي هذه السنة كانت غزوة «2» سابور الأولى «2» ؛ ثم حج عثمان بالناس «3» . فلما دخلت السنة السادسة والعشرون قدم معاوية المدينة وافدا على عثمان، وبعث عثمان بن عفان عثمان بن أبي العاص إلى فارس ففتح سائر الجنود، وغزا عبد الله بن سعد بن أبي سرح الإفريقية ومعه العبادلة: عبد الله بن عمر «4» ، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عمرو؛ فلقي جرجير «5» في مائتي ألف بموضع يقال له سبيطلة «6» على سبعين ميلا من القيروان، فقتل جرجير «5» ، وسبوا وغنموا، فبلغ سهم الفارس «7» ثلاثة آلاف مثقال ذهب، وسهم الراجل ألف مثقال، وصالحه أهل تلك المدن إلى قيروان على مائة ألف رطل من ذهب. واعتمر عثمان ودخل مكة ليلا وكان بين الصفا والمروة، وحل قبل أن يصبح، ثم رجع إلى المدينة، وأمر بتوسعة المسجد الحرام وتجديد أنصاب الحرم «8» ؛ وتزوج عثمان بنت خالد بن أسيد «9» ، ثم اعتمر عثمان في رجب، وخرج معه عبد الله بن جعفر والحسين بن علي فمرض الحسين بن علي، فأقام عبد الله بن   (1) في الأصل: بردحه، وراجع الكامل 3/ 41. (2- 2) في الأصل: نيسابور الأول، ومبني التصحيح على الكامل 3/ 42 والطبري 5/ 47. (3) راجع الكامل 3/ 42. (4) من تاريخ الإسلام 2/ 79، وفي الأصل: عمرو. (5) في الأصل: جرير، والمراجع بحذافيرها تتفق على ما أثبتناه غير أن في تاريخ اليعقوبي 2/ 165: جرجيس. (6) من تاريخ الإسلام، وفي الأصل: بسيطلة. (7) من تاريخ الإسلام، وفي الأصل: الفارسي. (8) راجع الكامل 3/ 42. (9) هذا مما لم نتأكد منه في المراجع الأخرى غير أن اليعقوبي ذكر في تاريخه أن عثمان زوج ابنته من عبد الله بن خالد بن أسيد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 502 جعفر عليه بالسقيا «1» ، وبعث إلى علي يخبره بذلك، فخرج علي في نفر من بني هاشم إلى السقيا، فلما دخلها دعا ببدنة فنحرها وحلق رأسه، وأقام على الحسين يمرضه، فلما فرغ عثمان من «2» عمرته كلموه بأن يحول الساحل إلى جدة، وكانوا قبل ذلك في الجاهلية يرسون بالشعيبة «3» وقالوا: جدة أقرب إلى مكة وأوسع وأقرب من كل ناحية، فخرج عثمان إلى جدة فرآها ورأى موضعها وأمرهم أن يجعلوها بمكان الشعيبة «4» ، فحول الساحل إلى جدة ودخل البحر وقال: إنه مبارك، وقال لمن معه: ادخلوا، ولا يدخلها إلا بمئزر، ثم خرج عثمان من جدة على طريق يخرجه إلى عسفان ثم مضى إلى الجار، فأقام بها يوما وليلة، ثم انصرف فمر بعلي بن أبي طالب رضي الله عنه في منصرفه وهو يمرض الحسين مع جماعة من بني هاشم، فقال عثمان: قد أردت المقام عليه حتى تقدم، ولكن الحسين عزم عليّ وجعل يقول: امض لرهطك، فقال علي: ما كان ذلك بشيء يفوتك «5» ، هل كانت إلا عمرة، إنما يخاف الإنسان فوت الحج، فأما العمرة فلا، فقال عثمان: إني أحببت أن أدرك عمرة في رجب، فقال علي بن أبي طالب: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر في رجب قط، وما اعتمر عمراته «6» الثلاث إلا في ذي القعدة؛ ثم رجع عثمان إلى المدينة، ثم مضى علي مع الحسين إلى مكة ... وافتتح عثمان بن أبي العاص سابور الثانية على ثلاثة آلاف [ألف] «7» وثلاثمائة ألف صلحا، ودخل في صلحهم كازرون، وبعث عثمان بن أبي العاص   (1) راجع معجم البلدان. (2) في الأصل: في. (3) من المعجم، والأصل: بالسعبية. (4) في الأصل: الشعبية. (5) في الأصل: بقولك. (6) في الأصل: عمرته. (7) زيد من تاريخ الإسلام 2/ 78 والبداية والنهاية 7/ 151. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 503 هرم بن حيان العبدي إلى «1» قلعة بجرة «1» على ذلك، وهي يقال لها قلعة الشيوخ، فافتتحها عنوة وسبى أهلها؛ وحج بالناس عثمان بن عفان «2» . فلما دخلت السنة السابعة والعشرون استشار عثمان بن عفان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في إفريقية فأشاروا عليه بذلك «3» ، وكان عثمان يكره ذلك لأن عمر كان يكرهه ويقول: إنها لا تحمل واليا مقتصدا. فخرج عبد الله بن أبي سرح، وجلب عثمان إبلا كثيرة من الربذة وسرف، وحمل عليها سلاحا كثيرا، وسار المسلمون معها يلحقون بعبد الله بن سعد بن أبي سرح، فلما التقى المسلمون والمشركون ألقى الله في قلوبهم الرعب وفض ذلك الجمع حتى طلبوا الصلح، فصالحهم عبد الله بن أبي سرح على ألفي «4» ألف وخمسمائة ألف وعشرين ألفا. فلما كان العيد خطبهم عثمان، وكان صادف العيد يوم الجمعة فقال: من كان من أهل العالية «5» وأحب أن يجتمع «5» معنا فعل، وإلا فليجلس في موضعه. فافتتح عثمان بن أبي العاص أرجان ودار ابجرد «6» ، وصالح أهلها على ألفي ألف ومائة «7» . فلما دخلت السنة الثامنة والعشرون تزوج عثمان نائلة بنت الفرافصة» وكانت على دين النصرانية، فلما دخلت   (1- 1) من الاستيعاب، وفي الأصل: قاعة بحيرة- كذا. (2) راجع الطبري 5/ 47. (3) وراجع للتفصيل كتاب الفتوح 2/ 131 وما بعدها. (4) في معجم البلدان: ألف، وفي الفتوح 2/ 136 كما هنا. (5- 5) في الأصل: واجب أن يجمع. (6) من تاريخ الإسلام 2/ 78. وفي الأصل: دار الحر- كذا. (7) هذا وفي تاريخ الإسلام ما يفيد أن صلح أرجان كان قد تم على ألفي ألف ومائتي ألف وصلح دار ابجرد على ألف ألف وثمانين ألفا. (8) من الطبري 5/ 148، وفي الأصل: الفرافضة- كذا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 504 عليه قال لها عثمان: إني شيخ كبير كما ترين، قالت: أنا من نساء أحب الأزواج إليهن الكهول، قال: تقومين إليّ أو آتيك؟ قالت: ما جئت «1» من سماوة «2» كلب «3» إليك إلا وأنا أريد القيام إليك «4» . وغزا معاوية البحر ومعه عبادة بن الصامت معه امرأته أم حرام بنت ملحان الأنصارية، فأتى قبرس، فتوفيت أم حرام بها وقبرها هناك «5» . ثم كانت فتح فارس الأول على يدي هشام بن عامر «6» . وغزا معاوية قبرس فلحقه عبد الله بن أبي سرح وأهل مصر وغنموا غنائم كثيرة. وغزا «7» حبيب بن مسلمة سورية من أرض الروم «8» ، ثم كانت قبرس الآخرة أميرها هشام بن عامر. واعتمر عثمان في رجب ومعه عمرو بن العاص، فأتى عثمان بلحم صيد فأمرهم بأكله، فقال له عمرو بن العاص: لا تأكل ولا تأمرنا به، فقال عثمان: لست آكل منه شيئا لأنه صيد من أجلي، فكان بين عثمان وعمرو كلام كان ذلك أول ملاحاة «9» كانت بينهما. وفي هذه السنة بنى عثمان دار بالزوراء، ثم حج عثمان بالناس «10» . فلما دخلت السنة التاسعة والعشرون عزل عثمان أبا موسى الأشعري عن البصرة وكان عاملا عليها سبع «11» سنين،   (1) في الأصل: حببت- كذا. (2) في معجم البلدان: السماوة: ماءة لكلب. (3) القبيلة التي هي تنتمي إليها. (4) وراجع أيضا الدر المنثور 516 وعيون الأخبار 4/ 46. (5) وقد ألم في تاريخ الإسلام 2/ 78 بمثل ما هنا. (6) راجع الطبري 5/ 54. (7) راجع الطبري 5/ 51. (8) راجع الطبري 5/ 54 وتاريخ الإسلام 2/ 81. (9) في الأصل: ملا- كذا. (10) راجع الطبري 5/ 54. (11) في الطبري 5/ 54: ست، وفي البداية والنهاية 7/ 153 كما هنا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 505 وعزل عثمان بن أبي العاص عن فارس، وولى ذلك كله عبد الله بن عامر بن كريز وهو يومئذ ابن «1» خمس و «1» عشرين سنة فقدم البصرة، ثم خرج عبد الله بن عامر «2» إلى فارس على مقدمته «3» عبيد الله بن معمر التيمي «4» ، فقتل عبيد الله، وفتح إصطخر الثانية عنوة فقتل وسبى، فكان ذلك «5» إصطخر الآخرة، وقد قيل: في هذه السنة فتح سارية بن زنيم الدئلي «6» أصبهان «7» صلحا وعنوة بأهل البصرة، بعثه ابن عامر. وضاق مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس فكلموا عثمان في توسعته، فأمر بتوسعته «8» ، فكان عثمان يركب على راحلته ويقوم «9» على العمال وهم يعملون حتى يجيء وقت الصلاة فيترك ويصلي بهم، وربما قال في المسجد ونام فيه؛ حتى جعل أعمدته من حجارة وفرش فيها الرضراض «10» ؛ وبناه بالحجارة المنقوشة والساج، وجعل له ستة أبواب. ثم نقضت حلوان الصلح فافتتحها ابن عامر عنوة «11» . ورجم عثمان امرأة من جهينة أدخلت على زوجها فولدت في ستة أشهر من يوم أدخلت عليه، فأمر بها عثمان فرجمت، فدخل «12» عليّ على عثمان فقال له: إن الله يقول: حَمْلُهُ وَفِصالُهُ   (1- 1) من الطبري، وفي الأصل بياض. (2) وقع في الأصل: أبي عامر- خطأ. (3) من تاريخ الإسلام 2/ 82، وفي الأصل: مقدمة. (4) من تاريخ الإسلام والإصابة، وفي الأصل: التميمي. (5) زيد بعده في الأصل: أول، ولا تنسجم هذه الزيادة مع السياق فحذفناها. (6) من الإصابة، وفي الأصل: الديلمي. (7) من تاريخ الإسلام، وفي الأصل: أصبحان. (8) راجع أيضا وفاء الوفا 1/ 356. (9) في الأصل: يقول. (10) في الأصل: الرضواض؛ وفي اللسان: الرضراض: الحصى الصغار. (11) راجع تاريخ الإسلام 2/ 82. (12) في الأصل: فدخلى، وراجع أيضا تاريخ اليعقوبي 2/ 174. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 506 ثَلاثُونَ شَهْراً «1» فأرسل عثمان في طلبها فوجدوها قد رجمت، فاعترف الرجل بالغلام، وكان من أشبه الناس به. وفي السنة الثلاثين زاد عثمان النداء الثاني «2» على الزوراء حيث كثر الناس. وانتقصت آذربيجان فغزاها «3» سعيد بن العاص «3» ففتحها، ثم غزا جرجان «4» ففتحها. ومات الطفيل بن الحارث بن المطلب «5» بن عبد مناف. وسقط خاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم في بئر أريس على ميلين من المدينة وكانت من أقل تلك الآبار ماء، فطلب فلم يوجد إلى الساعة «6» . وغزا «7» ابن عامر «8» في هذه السنة جور» فافتتحها، وأصاب بها غنائم كثيرة، وافتتح «10» الكاريان والفنسجان من دارابجرد «10» ولم يكونا أدخلا «11» في علم عثمان بن أبي العاص «12» ؛ ثم افتتح ابن عامر أردشير خرة «13» عنوة فقتل وسبى، وهرب يزدجرد «14» فاتبعه ابن عامر مجاشع بن مسعود السلمي حتى نزل على   (1) سورة 46 آية 15. (2) وفي جميع المراجع: الثالث. (3- 3) من تاريخ الإسلام، وفي الأصل: سعد بن أبي العاص. (4) في الأصل: حرمان، والتصحيح من الاستيعاب. (5) وقع في الأصل: المكلب- مصحفا. (6) راجع أيضا الطبري 5/ 65. (7) في الأصل: غدا. (8) زيدت الواو بعده في الأصل ولا تناسب السياق فحذفناها. (9) من تاريخ الإسلام 2/ 82، وفي الأصل: خور. (10- 10) من طبقات ابن سعد 5/ 32، وفي الأصل: الكارزين والقيسجان مرارا وبجرد- كذا. (11) في الأصل: أرعلا. (12) وقد مر في السنة السابعة والعشرين من أصلنا أن عثمان بن أبي العاص افتتح دار ابجرد. (13) من معجم البلدان، وفي الأصل: أزدشير خرود- كذا، وراجع أيضا الطبري 5/ 68. (14) من تاريخ الإسلام 2/ 83 والطبري، وفي الأصل: ابن دجرد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 507 السيرجان «1» . وبعث راشد «2» بن عمرو الجديدي «3» ففتح هرمز. ووجه «4» ابن عامر «5» زياد بن الربيع «5» الحارتي إلى سجستان فافتتح زالق وناشروذ «6» . ثم بعث زياد بن الربيع «7» إبراهيم بن بسام مولى بني ليث حتى حاصر مدينة زرنج «8» فصالحوه على ألف وصيف مع كل وصيف جام «9» من ذهب. ومات مسعود بن «10» الربيع وكان «11» من أهل بدر؛ ومات الحصين «12» بن الحارث بن المطلب بن عبد مناف أخو الطفيل «13» بن الحارث ثم حج عثمان بالناس وصلى بمنى أربعا «14» . وفي السنة «15» الحادية والثلاثين «15» فتحت أرمينية الآخرة «16» وأميرها «16» حبيب بن مسلمة الفهري، وذلك أن عثمان كتب إلى حبيب بن مسلمة أن سر من الشام في جيش إلى أرمينية، فمضى حبيب بن   (1) من الطبري، وفي الأصل: السرحان. (2) من تاريخ اليعقوبي 2/ 167، وفي الأصل: أسد. (3) من تاريخ اليعقوبي، وفي الأصل: الحديدي. (4) في الأصل: وجد. (5- 5) من تاريخ الإسلام 2/ 84، وفي الأصل: زياد بن ربيعة، وفي الكامل 3/ 63: الربيع بن زياد. (6) في تاريخ الإسلام: ناس، وراجع أيضا ناشروذ في معجم البلدان. (7) في الأصل: ربيعة. (8) في الأصل: رويح- كذا، وراجع تاريخ الإسلام والكامل. (9) من تاريخ الإسلام والكامل، وفي الأصل: خاتم. (10) في الأصل: في، وراجع تاريخ الإسلام 2/ 85. (11) في الأصل: الثاني- كذا. (12) من الاستيعاب، وفي الأصل: الحسين. (13) وتوفي هو أيضا في نفس السنة. (14) راجع أيضا الطبري 5/ 68. (15- 15) في الأصل: الحادي والثلاثون. (16- 16) في الأصل: أمرها، وراجع الطبري 5/ 71 وتاريخ اليعقوبي 2/ 168 وكتاب الفتوح 2/ 115. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 508 مسلمة من ناحية درب «1» الحدث فافتتح خلاط وسراج «2» ووادي المطامير. ومات أبو سفيان بن حرب «3» وهو ابن ثمان وثمانين سنة. ثم خرج ابن عامر إلى خراسان [و] «4» على مقدمته الأحنف بن قيس، فلقي أهل هراة «5» فهزمهم، وافتتح أبرشهر «6» صلحا، وقد قيل: عنوة؛ ثم افتتح طوس وما حولها، ثم صالح أهل سرخس «7» على «8» مائة ألف «8» وخمسين ألفا «9» . وبعث أبو عامر الأسود بن كلثوم العدوي إلى بيهق فافتتحها، وقتل بها «10» ؛ وبعث أهل مرو1» يطلبون الصلح فصالحهم ابن عامر على ألفي ألف ومائتي ألف، وكان الذي صالحه ماهويه «12» بن أو زمهر مرزبان «13» مرو. ثم بعث ابن عامر الأحنف ابن قيس [إلى] «14» مرو «15» الروذ والفارياب والطالقان «15» وافتتح طخارستان، وقتل منهم ثلاثة عشر نفسا «16» ، ثم خرج الأحنف إلى بلخ فصالحوه على أربعمائة ألف   (1) من معجم البلدان- الحدث، وفي الأصل: درث. (2) من الفتوح، وفي الأصل: سراح. (3) من الكامل 3/ 63، وفي الأصل: الحرث. (4) زيد من تاريخ الإسلام 2/ 84. (5) من تاريخ الإسلام، وفي الأصل: مراة. (6) من تاريخ الإسلام، وفي الأصل: أبو شهر. (7) من تاريخ الإسلام، وفي الأصل: ترخس. (8- 8) في تاريخ الإسلام: مائة. (9) من تاريخ الإسلام، وفي الأصل: ألف. (10) راجع تاريخ الإسلام والطبري 5/ 77. (11) من تاريخ الإسلام، وفي الأصل: المرو. (12) من الطبري 5/ 72، وفي الأصل: ماهوية. (13) في الأصل: مزبان- كذا. (14) زيد من الطبري 5/ 81. (15- 15) من الطبري، وفي الأصل: الروم وقاريات الطالقات. (16) في الأصل: فرسخا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 509 درهم؛ ثم أتى خوارزم «1» فلم يطقها فرجع. وبعث ابن عامر خليد بن عبد الله «2» بن زهير «2» الحنفي «3» إلى «4» باذغيس وهراة «4» فافتتحها ثم ارتدوا بعد. وغزا عبد الله ابن سعد بن أبي سرح أرض الروم في ناحية المصيصة وغنم ثم رجع «5» ؛ وحج بالناس عثمان «6» . وفي السنة الثانية والثلاثين «7» مات عبد الله بن مسعود بالمدينة، ودفن بالبقيع، وصلى عليه عثمان بن عفان «8» . ومات عبد الرحمن بن عوف وهو ابن خمس وسبعين سنة «9» . ومات العباس بن عبد المطلب وهو ابن خمس وثمانين سنة، لأن العباس ولد قبل الفيل بثلاثة سنين «10» . ومات عبد الله بن زيد بن عبد ربه «11» الذي أرى النداء. ومات أبو طلحة الأنصاري زيد بن «12» سهل. وغزا معاوية غزوة مضيق القسطنطينية ومعه امرأته عاتكة بنت قرظة بن عبد عمرو بن نوفل بن «13» عبد مناف، وقد قيل: إن اسمها فاختة. وفيها غزا سعيد بن العاص طبرستان «14» .   (1) من تاريخ الإسلام، وفي الأصل: بخوارزم. (2- 2) في الأصل: وزهير، وليس ما بين الحاجزين في الطبري 5/ 83. (3) من الطبري، وفي الأصل: النخعي. (4- 4) من الطبري، وفي الأصل: بادعسر وهواه. (5) يقال لها غزوة الأساود- راجع تاريخ الإسلام 2/ 95. (6) راجع الطبري 5/ 77. (7) في الأصل: الثلاثون. (8) راجع تاريخ الإسلام 2/ 100. (9) راجع تاريخ الإسلام 2/ 105. (10) راجع تاريخ الإسلام 2/ 98. (11) راجع عبد الله بن زيد بن ثعلبة في الإصابة والاستيعاب وراجع أيضا الطبري 5/ 80. (12) راجع تاريخ الإسلام 2/ 119. (13) من الطبري 5/ 77، وفي الأصل بياض. (14) راجع تاريخ الإسلام 2/ 83. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 510 وفي السنة الثالثة «1» والثلاثين مات المقداد بن عمرو بن ثعلبة «2» على ثلاثة أميال من المدينة، وحمل على أعناق الرجال إلى المدينة، وصلى عليه عثمان بن عفان، ودفن بالبقيع «3» ، وغزا معاوية ملطية وقرطبة من أرض الروم «4» . وجمع قارن جمعا كثيرا «5» بباذغيس وهراة «5» وأقبل في أربعين ألفا «6» ، وقام بأمر «7» الناس عبد الله بن خازم «8» السلمي فلقي قارن «9» وهزم أصحابه، وأصابوا «10» سبيا كثيرا «10» . ثم بعث ابن عامر عبد الرحمن بن سمرة بن حبيب إلى سجستان فصالحه صاحب زرنج فأقام عبد الرحمن بها «11» . وتحرك أهل إفريقية «12» فزحف إليهم عبد الله بن سعد بن أبي سرح فكانت إفريقية الثانية1» . وغزا معاوية حصن المرأة من بلاد الروم [من] «14» ناحية ملطية. وحج بالناس عثمان «15» .   (1) في الأصل: الثلاثة. (2) في الأصل: الحرث، والتصحيح من المراجع كلها، وراجع أيضا جمهرة أنساب العرب 412. (3) كما في الطبقات- ترجمة المقداد. (4) هذا كما في تاريخ الإسلام 2/ 116 غير أنه ليس فيه ذكر قرطبة. (5- 5) من تاريخ الإسلام 2/ 115، وفي الأصل: ببادغيسر وهرات- كذا، وراجع أيضا الطبري 5/ 84. (6) من تاريخ الإسلام، وفي الأصل: ألف. (7) من تاريخ الإسلام، وفي الأصل: يامر. (8) من تاريخ الإسلام، وفي الأصل: حازم. (9) زيد بعده في الأصل: قلعي قارون- كذا. والأغلب كون الزيادة تكرارا لما قبلها فحذفناها. (10- 10) من الطبري، وفي الأصل: شيئا كثيرة. (11) راجع تاريخ الإسلام 2/ 116. (12) في الأصل: إفريقية. (13) راجع تاريخ الإسلام والطبري 5/ 85. (14) زيد من الطبري. (15) راجع الطبري 5/ 92. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 511 وفي السنة الرابعة والثلاثين مات مسطح بن أثاثة من أهل بدر «1» . وغزا عبد الله بن سعد بن أبي [سرح] «2» الصواري من أرض مصر، وقاتل «3» منهم مقتلة عظيمة، وذلك أن المسلمين وعدوهم جميعا كانوا في البحر، فالتقوا فاقتتلوا قتالا شديدا من غير رمي بالسهم ولا طعن بالرمح، إنما كان الضرب بالسيف أو «4» الطعن بالخنجر حتى قتل من أرض الروم خلق كثير، وهزم الله الروم منكوبين، وانصرف المسلمون غانمين. ومات عبادة بن الصامت بالرملة وهو ابن اثنتين وسبعين سنة «5» . ومات عاقل بن البكير من بني سعد بن الليث من أهل «6» بدر. ومات أبو عبس بن «6» جبر بالمدينة وهو من أهل بدر. وحج عثمان بالناس «7» . وفي السنة الخامسة والثلاثين خرج جماعة من أهل مصر إلى عثمان يشكون ابن أبي سرح ويتكلمون منه، فكتب إليه عثمان كتابا وهدده فيه، فأبى ابن [أبي] «8» السرح أن يقبل من عثمان وضرب بعض من أتاه من قبل عثمان متظلما وقتل رجلا من المتظلمة، فخرج من أهل مصر سبعمائة رجل فيهم أربعة من الرؤساء: عبد الرحمن بن عديس البلوي، وعمرو بن الحمق الخزاعي، وكنانة بن بشر بن عتاب الكندي، وسودان «9» بن   (1) راجع أيضا تاريخ الإسلام 2/ 119 والطبري 5/ 98. (2) زيد من الطبري 5/ 69. (3) في الأصل: قتل. (4) في الأصل: أما- كذا. (5) راجع تاريخ الإسلام 2/ 118. (6) راجع الطبري 5/ 98. (7) من الطبري، وفي الأصل: حبر. (8) زيد من سمط النجوم 2/ 411، والسياق أقرب إليه، وراجع أيضا تاريخ الإسلام 2/ 137 وتاريخ الخلفاء 61. (9) من المراجع، وفي الأصل: سوار. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 512 حمران المرادي؛ فساروا حتى قدموا المدينة ونزلوا مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وشكوا إلى أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم [في] «1» مواقيت الصلاة ما صنع بهم ابن أبي سرح؛ فقام «2» طلحة بن عبيد الله إلى عثمان بن عفان وكلمه الكلام الشديد، وأرسلت إليه عائشة: قدم عليك أصحاب محمد وسألوك عزل هذا الرجل فأبيت ذلك بواحدة، و [هذا قد] «3» قتل منهم رجلا، فأنصفهم من عاملك؛ وكان عثمان يحب قومه. ثم دخل عليه عليّ بن أبي طالب فقال: سألوك رجلا مكان رجل وقد ادعوا قبله «4» دما، فاعزله عنهم واقض بينهم، فإن وجب عليه حق فأنصفهم [منه] «3» ، فقال لهم عثمان: اختاروا رجلا أوليه عليكم مكانه، فأشار الناس «5» عليه بمحمد «5» بن أبي بكر، فقالوا لعثمان: استعمل علينا محمد بن أبي بكر، فكتب عهده وولاه مصر، فخرج محمد بن أبي بكر واليا على مصر بعهده ومعه عدة من المهاجرين والأنصار ينظرون فيما بين أهل مصر وبين ابن أبي سرح، فلما «6» بلغوا مسيرة ثلاثة ليال من المدينة إذا هم بغلام أسود على بعير له، يخبط البعير خبطا، كأنه رجل يطلب أو يطلب، فقالوا له: ما قصتك وما شأنك كأنك هارب أو طالب؟ قال: أنا غلام أمير المؤمنين، وجهني إلى عامل مصر، قالوا: هذا عامله معنا، قال: ليس هذا أريد- ومضى؛ فأخبر محمد بن أبي بكر بأمره «7» ، فبعث في طلبه أقواما فردوه، فلما جاءوا به قال له محمد: غلام من أنت؟ فأقبل مرة يقول: أنا غلام أمير المؤمنين، ومرة يقول: أنا غلام مروان، فعرفه رجل منهم أنه لعثمان، فقال له محمد بن أبي بكر: لمن أرسلت؟ قال: إلى عامل مصر، قال: بماذا؟ قال: برسالة، [قال] «3» : أمعك   (1) زيد من تاريخ الخلفاء 61. (2) من السمط، وفي الأصل: فقال. (3) زيد من تاريخ الخلفاء. (4) في السمط: فتكه، وفي تاريخ الخلفاء وتاريخ الإسلام كما هنا. (5- 5) من السمط؛ وفي الأصل: عليهم لمحمد. (6) والسياق من ههنا أقرب إلى تاريخ الخلفاء وكتاب الفتوح 2/ 210. (7) من تاريخ الخلفاء، وفي الأصل: بمكانه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 513 كتاب؟ قال: لا، ففتشوه فلم يجدوا معه كتابا، وكان معه إداوة قد يبست وفيها شيء يتقلقل «1» ، فحركوه ليخرج فلم يخرج، فشقوا الإداوة فإذا فيها كتاب من عثمان إلى ابن أبي سرح، فجمع محمد بن أبي بكر من كان معه من المهاجرين والأنصار وغيرهم، ثم فك الكتاب بحضرتهم فإذا فيه: إذا أتاك محمد بن أبي بكر وفلان [وفلان] «2» فاحتل لقتلهم، وأبطل كتابه، وقر على عملك، واحبس من يجيء إليّ «3» يتظلم منك حتى يأتيك رأيي في ذلك إن شاء الله، فلما قرأوا الكتاب فزعوا وأزمعوا «4» ورجعوا إلى المدينة، وختم محمد بن أبي بكر الكتاب بخواتم جماعة من المهاجرين معه، ودفع الكتاب إلى رجل منهم وانصرفوا إلى المدينة، فلما قدموها جمع محمد بن أبي بكر عليا وطلحة والزبير وسعدا ومن كان بها من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم فك الكتاب بحضرتهم عليه خواتم من معه من المهاجرين، وأخبرهم بقصة الغلام، فلم يبق أحد من المدينة إلا حنق «5» على عثمان، وقام أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلحقوا بمنازلهم «6» ، وما منهم أحد إلا هو مغتم «7» ؛ وكانت هذيل وبنو زهرة في قلوبها ما فيها على عثمان لحال ابن مسعود، وكانت بنو مخزوم قد حنقت على عثمان لحال عمار بن ياسر، وكانت بنو غفار وأحلافها ومن غضب لأبي ذر في قلوبهم ما فيها، وأجلب عليه محمد بن أبي بكر من بني تيم «8» ، وأعانه على ذلك طلحة بن عبيد الله وعائشة، فلما رأى ذلك عليّ وصح عنده الكتاب بعث إلى طلحة والزبير وسعد وعمار ونفر من أصحاب رسول   (1) من تاريخ الخلفاء والفتوح، وفي الأصل: مقلقل. (2) زيد من تاريخ الخلفاء. (3) من تاريخ الخلفاء، وفي الأصل: أتى. (4) من تاريخ الخلفاء، وفي الأصل: ارمعوا. (5) من تاريخ الخلفاء، وفي الأصل: أحنق. (6) من تاريخ الخلفاء، وفي الأصل: منازلهم. (7) من تاريخ الخلفاء، وفي الأصل: مقيم. (8) من تاريخ الخلفاء، وفي الأصل: تميم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 514 الله صلى الله عليه وسلم كلهم بدريون، ثم جاء معهم حتى دخل على عثمان ومعه الكتاب والغلام والبعير، فقال له: هذا الغلام غلامك؟ قال: نعم، قال: والبعير بعيرك؟ قال: نعم، قال: فأنت كتبت هذا الكتاب؟ قال: لا، وحلف بالله أنه ما كتب هذا الكتاب ولا أمر به، فقال له علي: فالخاتم خاتمك؟ قال: نعم، قال علي: فكيف يخرج غلامك على بعيرك بكتاب عليه خاتمك لا تعلم به؟ فحلف عثمان بالله: ما «1» كتبت [هذا الكتاب] «2» ولا أمرت به، ولا وجهت هذا الغلام قط إلى مصر؛ وأما الخط فعرفوا أنه خط مروان، فلما شكوا في أمر عثمان سألوه أن يدفع إليهم مروان فأبى، وكان مروان عنده في الدار وكان خشي عليه القتل؛ فخرج من عنده عليّ وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلموا أن عثمان لا يحلف باطلا، «3» ثم قالوا «3» : لا نسكت إلا أن يدفع إلينا مروان حتى نبحث ونتعرف منه ذلك الكتاب، وكيف يؤمر «4» بقتل رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بغير حق! فإن يك عثمان كتب ذلك عزلناه، وإن يك مروان كتبه على لسان عثمان نظرنا ما يكون في أمر مروان، ولزموا بيوتهم، وفشا الخبر في المسلمين من أمر الكتاب، وفقد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عثمان، وخرج من الكوفة عدي بن حاتم الطائي والأشتر «5» مالك بن الحارث النخعي في مائتي رجل، وخرج من البصرة حكيم بن جبلة العبدي في مائة رجل، حتى قدموا المدينة يريدون خلع عثمان، وحوصر عثمان قبل هلال» ذي القعدة بليلة، وضيق عليه المصريون والبصريون وأهل الكوفة بكل حيلة ولم يدعوه يخرج، ولا يدخل إليه أحد إلا أن يأتيه المؤذن فيقول: الصلاة! وقد منعوا المؤذن   (1) من تاريخ الخلفاء، وفي الأصل: بما. (2) زيد من تاريخ الخلفاء. (3- 3) وفي تاريخ الخلفاء: إلا أن قوما قالوا. (4) في تاريخ الخلفاء: يأمر. (5) زيد بعده في الأصل: بن، فحذفنا هذه الزيادة لأجل أن الأشتر هو لقب لمالك بن الحارث ولا غير. وراجع أيضا طبقات ابن سعد 2/ 1/ 49 ومروج الذهب 1/ 440. (6) وقع في الأصل: هلاك- خطأ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 515 أن يقول: يا أمير المؤمنين، فكان إذا جاء وقت الصلاة بعث أبا هريرة يصلي بالناس، وربما أمر ابن عباس بذلك «1» ، فصعد يوما عثمان على السطح فسمع بعض الناس يقول: ابتغوا إلى قتله سبيلا، فقال: والله ما أحل الله ولا رسوله قتلي، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يحل دم امرىء مسلم إلا بإحدى ثلاث: كفر بعد إسلام، أو زنا بعد إحصان، أو قتل «2» نفس بغير نفس «2» » ؛ وما فعلت من ذلك شيئا؛ ثم قال: لا أخلف «3» رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمته بإراقة محجمة دم حتى ألقاه، يا معشر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم! أحبكم إليّ من كف عنا لسانه وسلاحه «4» ؛ ثم أشرف عليهم فقال: أفيكم عليّ؟ قالوا: لا، قال: أفيكم سعد؟ قالوا: لا، فقال: أذكركم «5» بالله هل تعلمون أن رومة لم يكن يشرب «6» منها أحد «7» إلا بشيء، فابتعتها من مالي وجعلتها للغني والفقير وابن السبيل، فقالوا: نعم، قال: فاسقوني منها، ثم قال: ألا أحد يبلغ عليا فيسقينا ماء؟ فبلغ ذلك عليا، فبعث إليه بثلاث قرب مملوءة، فما كادت تصل إليه حتى خرج «8» في سببها عدة من بني هاشم وبني أمية حتى وصل الماء إليه؛ ثم قال عثمان: والله! لو كنت في أقصى داري ما طلبوا غيري، ولو كنت أدناهم ما جاوزوني «9» إلى غيري، سنجتمع نحن وهم عند الله، وسترون بعدي أمورا تتمنون أني عشت «10» فيهم، ضعف أمري، والله، ما   (1) وراجع أيضا الطبري 5/ 149. (2- 2) من مروج الذهب 1/ 441، وفي الأصل: النفس بالنفس. (3) في الأصل: لا أحلف، والتصحيح بناء على تاريخ الإسلام 2/ 134- راجع رواية الأوزاعي فيه. (4) وراجع أيضا رواية عبد الله بن عامر في الطبقات 3/ 1/ 48. (5) في الأصل: ذكركم، وهذا الخبر مذكور في المراجع جميعها ولكن بسياق آخر. (6) في الأصل: أشرف. (7) في الأصل: أحدا. (8) في تاريخ الإسلام 2/ والسمط 2/ 409: جرح، وفي مروج الذهب كما هنا. (9) من الطبري 5/ 123، وفي الأصل: جاوز. (10) في الأصل: غشت. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 516 أرغب في إمارتهم، ولولا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لي «إذا «1» ألبسك الله قميصا وأرادوك على خلعه فلا تخلعه» لحبست في بيتي وتركتكم وإمارتكم، ووالله! لو فعلت ما تركوني وإنهم قد خدعوا وغروا، والله! لو أقتل لمت، لقد كبر سني، ورق «2» عظمي وجاوزت أسنان أهل بيتي، وهم على هذا لا يريدون تركي، اللهم «3» ! فشتت أمرهم وخالف بين كلمتهم وانتقم لي منهم واطلبهم لي طلبا حثيثا. وقد استجيب دعاءه في كل ذلك. ثم أمر عثمان بن عفان عبد الله بن عباس على الحج فحج بالناس «4» فأمّره. وبعث إلى الأشتر فدعاه فقال: يا أشتر! ما يريد الناس؟ قال: ثلاث «5» ليس من إحداهن بد، إما أن تخلع أمرهم وتقول: هذا أمركم فاختاروا له من شئتم، وإما أن تقص من نفسك، فإن أبيتهما «6» فالقوم قاتلوك؛ قال عثمان: أما أن أخلع «7» لهم أمرهم، فما كنت لأخلع سربالا سربلنيه الله، [والله] «8» «9» لأن أقدم «9» فتضرب عنقي أحب إليّ من أن أخلع «10» أمة محمد صلى الله عليه وسلم بعضها على بعض، وأما أن أقص «11» من نفسي، فو الله لقد علمتم أني لم آت شيئا يجب عليّ القصاص فيه، وأما أن تقتلوني، فو الله إن تقتلوني لا تتحابون بعدي! ولا تقاتلون بعدي «12» عدوا جميعا،   (1) في الأصل: إذ، وهذا الحديث وارد في جميع المراجع. (2) من الطبري 5/ 123، وفي الأصل: دق. (3) في الأصل: إليهم- كذا. (4) في الأصل: الناس، وراجع أيضا الطبري 5/ 139. (5) من البداية والنهاية 7/ 184، وفي الطبري 5/ 118: ثلاثا، ووقع في الأصل: قلت- كذا محرفا. (6) في الأصل: أبيتها، والتصحيح بناء على الطبري. (7) من الطبري، وفي الأصل: تخلع. (8) زيد من الطبري. (9- 9) من الطبري، وفي الأصل: لا أن أقوم. (10) زيد بعده في الأصل: أمر، ولم تكن الزيادة في الطبقات 3/ 1/ 50 فحذفناها. (11) من الطبري، وفي الأصل: انقص. (12) من الطبري، وفي الأصل: بعد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 517 ولتختلفن «1» حتى تصيروا «1» [هكذا] «2» ، يا قَوْمِ لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ ما أَصابَ قَوْمَ نُوحٍ «3» - الآية، ثم أرسل إلى عبد الله بن سلام فجاءه فقال: الكف الكف «4» ! ثم جاءه زيد بن ثابت فقال «5» : يا أمير المؤمنين! هذه الأنصار بالباب، فقال عثمان: إن شاءوا أن يكونوا أنصار الله منكم وإلا «6» فلا؛ ثم جاءه عبد الله بن «7» الزبير فقال: يا أمير المؤمنين! اخرج فقاتلهم، فإن معك من قد نصر الله بأقل منهم «8» ، فلم يعرج على قول ابن الزبير، ثم قال: ائتوني برجل منهم أقرأ عليه كتاب الله، فأتوه بصعصعة بن صوحان «9» وكان شابا فقال: ما وجدتم أحدا تأتوني به غير هذا الشاب! فتكلم صعصعة بكلام، فقال عثمان: أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ 1» لَقَدِيرٌ؛ فلما اشتد بعثمان الأمر أصبح صائما يوم الجمعة وقال: إني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقال لي: «يا عثمان! إنك تفطر عندنا «11» الليلة» ؛ ثم قال عليّ للحسن والحسين: اذهبا بسيفكما حتى تقفا على باب عثمان ولا تدعا أحدا يصل إليه «12» ، وبعث الزبير ابنه، وبعث طلحة ابنه، وبعث عدة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أبناءهم يمنعون الناس أن يدخلوا على عثمان «13» ؛   (1- 1) من الطبقات 3/ 1/ 49، وفي الأصل: على بصيرة- كذا. (2) زيد من الطبقات، وفيها بعده: وشبك بين أصابعه ثم قال. (3) سورة 11 آية 89. (4) راجع تاريخ الإسلام 2/ 131. (5) من الطبقات 3/ 1/ 48، وفي الأصل: ثم قال. (6) راجع رواية ابن سيرين في الطبقات أيضا. (7) موضعه في الأصل بياض. (8) راجع أيضا الطبقات 3/ 1/ 49. (9) من الاستيعاب، وفي الأصل: صرحان. (10) سورة 22 آية 39. (11) راجع الطبقات 3/ 1/ 52 والسمط 2/ 408. (12) راجع الطبري 5/ 126. (13) كما في تاريخ الإسلام 2/ 138. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 518 ورماه الناس بالسهام حتى [خضب] «1» الحسن بالدماء، وتخضب «2» محمد بن طلحة، وشج قنبر «3» مولى عليّ؛ ثم أخذ محمد بن أبي بكر بيد جماعة وتسور الحائط من غير أن يعلم به أحد من دار رجل من الأنصار حتى دخلوا على عثمان وهو قاعد والمصحف في حجره ومعه امرأته والناس فوق السطح لا يعلم أحد بدخولهم، فقال عثمان لمحمد بن أبي بكر «4» : والله لو رآك أبوك لساءه «5» مكانك مني! فرجع محمد، وتقدم إليه سودان بن رومان «6» المرادي ومعه مشقص فوجأه «7» حتى قتله وهو صائم، ثم خرجوا هاربين من حيث دخلوا، وذلك يوم الجمعة لثمان عشرة ليلة مضت من ذي الحجة «8» ، وكان تمام حصاره خمسة وأربعين يوما «9» ، وكانت امرأته تقول: إن شئتم قتلتموه، وإن شئتم تركتموه! فإنه كان يختم القرآن كل ليلة في ركعة «10» . ثم صعدت إلى الناس تخبرهم وهمر «11» الناس عليه فدخلوا، وأول من دخل عليه الحسن والحسين فزعين وهما «11» لا يعلمان بالكائنة «12» وكانا مشغولين «12» على الباب ينصرانه ويمنعان الناس عنه؛ فلما «13» دخلوا وجدوا عثمان مذبوحا، فانكبوا عليه يبكون، ودخل الناس فوجا   (1) زيد من تاريخ الخلفاء 62. (2) في الأصل: نخضب- كذا، وفي تاريخ الخلفاء: خضب. (3) من تاريخ الخلفاء، وفي الأصل: قنبره. (4) حينما أخذ بلحيته- كما صرح به في تاريخ الخلفاء والسياق له. (5) من تاريخ الخلفاء، وفي الأصل: لأساءه. (6) هذا كما ورد في البداية والنهاية 7/ 185 وإلا فالمشهور: سودان بن حمران. (7) وأما مراجعنا فتتفق على أن الذي اجترأ عليه بالوجأ كان كنانة بن بشر. (8) وهذا هو المشهور- راجع البداية والنهاية 7/ 190. (9) والمشهور أربعون يوما- راجع البداية والنهاية. (10) راجع رواية ابن سيرين في الطبقات 3/ 1/ 53. (11) في الأصل: هم. (12- 12) في الأصل: كان مشاغيل. (13) في الأصل: فما. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 519 فوجا، وبلغ الخبر علي بن أبي طالب وطلحة والزبير وسعدا فخرجوا مذهلين، كادت عقولهم تذهب لعظم الخبر الذي أتاهم، حتى دخلوا على عثمان فوجدوه مقتولا واسترجعوا، وقال عليّ لابنيه: كيف قتل أمير المؤمنين وأنتما على الباب؟ قالا «1» : لم نعلم، قال: فرفع يده ولطم الحسن وضرب صدر الحسين، وشتم «2» محمد بن طلحة وعبد الله بن الزبير، ثم خرج وهو غضبان يسترجع، فلقيه طلحة بن عبيد الله فقال: مالك يا أبا الحسن؟ فقال علي: يقتل أمير المؤمنين رجل من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم من غير أن تقوم عليه بينة ولا حجة! فقال له طلحة «3» : لو دفع مروان إليهم لم يقتلوه، فقال علي: لو خرج مروان إليكم لقتلتموه قبل أن يثبت عليه حكومة! ثم أتى علي منزله يسترجع، فاشتغل الناس بعضهم ببعض وفزعوا ولم يتوهموا بأن هذه الكائنة تكون؛ ثم حمل على سريره بين المغرب والعشاء، وصلى عليه جبير بن مطعم، ودلته في قبره نائلة بنت الفرافصة وأم البنين بنت عيينة «4» بن حصن بن بدر الفزاري، ودفن ليلة السبت لاثنتي عشرة ليلة بقيت من ذي الحجة؛ وكانت خلافته «5» اثنتي عشرة «5» سنة إلا اثني عشر يوما «6» . وقتل يوم قتل عثمان من قريش عبد الله بن وهب بن زمعة الأسدي، وعبد الله ابن عبد الرحمن بن العوام، والمغيرة بن الأخنس بن شريق «7» الثقفي، وقتل معهم غلام لعثمان أسود- أربعة أنفس. وكان عمال عثمان حين «8» قتل: على البصرة عبد الله بن عامر بن   (1) في الأصل: قال. (2) من السمط 2/ 411، وفي الأصل: شئتم. (3) راجع مروج الذهب 1/ 441. (4) من المراجع، وفي الأصل: ثعلبة. (5- 5) في الأصل: اثني عشر. (6) راجع التفاصيل في الطبري والطبقات. (7) من البداية والنهاية 7/ 188، وفي الأصل: شديد. (8) في الأصل: حيث. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 520 كريز «1» ، وعلى الكوفة سعد بن أبي وقاص «2» ، وعلى الشام معاوية بن أبي سفيان، وعلى مصر محمد بن أبي حذيفة، وعلى مكة عبد الله بن الحضرمي، وعلى الطائف القاسم بن ربيعة «3» الثقفي، وعلى صنعاء يعلى بن منبه، وعلى الجند عبد الله بن أبي ربيعة. استخلاف علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه ابن عبد المطلب بن هاشم «4» بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن [غالب بن] «5» فهر بن مالك بن النضر «6» بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، أبو الحسن الهاشمي، وأمه فاطمة بنت أسد بن هشام بن عبد مناف، وهاشم أخو هشام، ومن زعم أنه أسد بن هاشم بن عبد مناف فقد وهم. أخبرنا محمد بن إسحاق الثقفي ثنا قتيبة بن سعيد ثنا حاتم بن إسماعيل عن يزيد «7» بن أبي عبيد عن سلمة بن الأكوع قال: كان علي قد تخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في خيبر وكان به رمد فقال: أنا أتخلف» عن رسول الله صلى الله عليه وسلم! فخرج فلحق بالنبي صلى الله عليه وسلم، فلما كان مساء الليلة التي فتحها الله في صباحها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:   (1) من الطبري 5/ 148، وفي الأصل: كريزة. (2) هذا ما هنا وأما الذي تتمخض منه مراجعنا فهو أن سعيد بن العاص كان إذ ذاك يتقلد منصب الولاية العامة للكوفة، وكان أبو موسى على الصلاة، وجابر المزني وسماك الأنصاري على خراج السواد، والقعقاع بن عمرو على حربها. (3) من الطبري 5/ 148، وفي الأصل: أبي ربيعة. (4) من البداية والنهاية 7/ 332، وفي الأصل: هشام. (5) زيد من البداية والنهاية. (6) من البداية والنهاية، وفي الأصل: النظر. (7) من صحيح البخاري حيث ورد هذا الحديث بنفس الطريق التي هنا في مناقب علي بن أبي طالب، وفي الأصل: بريد. (8) من الصحيح، وفي الأصل: نتخلف. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 521 «لأعطين الراية- أو ليأخذن الراية- غدا رجل يحبه الله ورسوله، يفتح الله عليه» ، فإذا نحن بعليّ وما نرجوه، فقالوا: هذا عليّ، فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففتح الله عليه. قال أبو حاتم: لما كان من أمر عثمان ما كان قعد علي في بيته وأتاه الناس يهرعون إليه. كلهم يقولون: أمير المؤمنين عليّ، حتى دخلوا عليه داره وقالوا: نبايعك، فإنه لا بد من أمير وأنت أحق، فقال عليّ: ليس ذلك إليكم «1» ، إنما ذلك لأهل بدر، فمن رضي به أهل بدر فهو خليفة، فلم يبق أحد من أهل بدر إلا أتى عليا يطلبون البيعة وهو يأبى عليهم، فجاء الأشتر مالك بن الحارث النخعي إلى عليّ فقال له: ما يمنعك أن تجيب هؤلاء إلى البيعة؟ فقال: لا أفعل إلا [عن] «2» ملأ وشورى، وجاء أهل مصر فقالوا: ابسط يدك نبايعك، فو الله! لقد قتل عثمان، وكان قتله لله رضى، فقال عليّ: كذبتم، والله ما كان قتله لله رضى! لقد قتلتموه بلا قود ولا حد ولا غيره؛ وهرب مروان فطلب فلم يقدر عليه، فلما رأى ذلك علي منهم خرج إلى المسجد وصعد المنبر وحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال: يا أيها الناس! رضيتم مني أن أكون عليكم أميرا؟ فكان أول من صعد إليه المنبر طلحة فبايعه بيده، وكان إصبع طلحة شلاء فرآه أعرابي يبايع فقال: يد شلاء وأمر لا يتم «3» ، فتطير علي منها وقال: ما أخلقه أن يكون كذلك، ثم بايعه الزبير وسعد وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ثم بلغ عليا أن سعدا وابن عمر ومحمد بن مسلمة يذكرون هنات، فقام علي خطيبا فحمد الله وأثنى عليه فقال: أيها الناس! إنكم بايعتموني على ما بايعتم عليه أصحابي، فإذا بايعتموني فلا خيار لكم عليّ، وعلى الإمام الاستقامة، وعلى الرعية التسليم «4» ، وهذه بيعة عامة، فمن [ردها] «1» رغب   (1) راجع أيضا تاريخ الإسلام 2/ 139. (2) زيد لاستقامة العبارة، وراجع أيضا الطبري 5/ 57 وكتاب الفتوح 2/ 243. (3) راجع أيضا الطبري 5/ 153 و 157. (4) من الأخبار الطوال 1400، وفي الأصل: ذلك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 522 عن دين المسلمين واتبع غير سبيلهم، ولم [تكن] «1» بيعته إياي فلتة «2» ، وليس أمري وأمركم واحدا، أريد الله وتريدونني لأنفسكم، وأيم الله! لأنصحن الخصم ولأنصفن المظلوم. وقد أكثر الناس في قتل عثمان، فمنهم من قد زعم أنه قتل ظالما، ومنهم من قد زعم أنه قتل مظلوما، وكان الإكثار «3» في ذلك على طلحة والزبير، قالت قريش: أيها الرجلان! إنكما قد وقعتما في ألسن الناس في أمر عثمان فيما وقعتما فيه، فقام طلحة في الناس فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال: أيها الناس! ما قلنا في عثمان أمس إلا نقول لكم فيه اليوم مثله أنه خلف الدنيا بالتوبة، ومال عليه قوم فقتلوه، وأمره إلى الله؛ ثم قام الزبير فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال: يا أيها الناس! إن الله اختار من كل شيء شيئا، واختار من الناس محمدا صلى الله عليه وسلم، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، واختار من الشهور رمضان وأنزل فيه القرآن وفرض فيه الصيام، واختار من الأيام يوم الجمعة فجعله عيدا لأهل الإسلام، واختار من البلدان هذين الحرمين: مكة والمدينة، فجعل بمكة البيت الحرام، وجعل بالمدينة حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجعل ما بين قبره ومنبره روضة من رياض الجنة، واختار من الشورى التسليم «4» كما اختار هذه الأشياء، فأذهبت الشورى بالهوى والتسليم بالشك، وقد تشاورنا فرضينا عليا، وأما إن قتل عثمان فأمره إلى الله. فلما رأى علي اختلاف الناس في قتل عثمان صعد المنبر «5» فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس! أقبلوا عليّ بأسماعكم «6» وأبصاركم، إن الناس   (1) زيد من الأخبار الطوال. (2) من الأخبار الطوال، وفي الأصل: ملتمه- كذا. (3) في الأصل: الأكثال. (4) في الأصل: السليم، والتصحيح بناء على ما يأتي. (5) زيدت الواو بعده في الأصل: ولم تكن منسجمة مع السياق فحذفناها. (6) في الأصل: بأسمائكم- كذا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 523 بين حق وباطل، فلئن علا أمر الباطل لقديما ما فعل، وإن يكن الحق قد غاب فلعل «1» ، وإني أخاف أن أكون أنا وأنتم قد أصبحنا في فتنة، وما علينا فيها إلا الاجتهاد، الناس اثنان وثلاثة لا سادس لهم: ملك طار بجناحيه، أو نبي أخذ الله بيده، أو عامل مجتهد، أو مؤمل يرجو، أو مقصر «2» في النار؛ وإن الله أدب «3» هذه الأمة بأدبين «4» : بالسيف «5» والسوط، لا هوادة عند السلطان فيهما، «6» فاستتروا واستغفروا الله «6» فأصلحوا ذات بينكم. ثم نزل وعمد إلى بيت المال وأخرج ما فيه وفرقه على المسلمين، ثم «7» بعث إلى سعد بن أبي وقاص وعبد الله بن عمر ومحمد بن مسلمة فقال: لقد بلغني عنكم هنات، فقال سعد: صدقوا! لا أبايعك، ولا أخرج معك حيث تخرج حتى تعطيني سيفا يعرف المؤمن من الكافر، وقال له ابن عمر: أنشدك الله والرحم أن تحملني على ما لا أعرف، والله! لا أبايع حتى يجتمع المسلمون «8» على من جمعهم الله عليه، وقال محمد بن مسلمة: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرني إذا اختلف أصحابه ألا أدخل فيما بينهم، وأن أضرب بسيفي صخر «9» أحد، فإذا انقطع أقعد في بيتي حتى تأتيني يد خاطئة أو منية قاضية، وقد فعلت ذلك؛ ثم دعا عليّ أسامة بن زيد وأراده على البيعة فقال أسامة: أما البيعة فإنني أبايعك، أنت أحب إليّ وآثرهم «10» عندي، وأما القتال فإني عاهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا أقاتل رجلا يشهد أن لا إله إلا الله،   (1) راجع أيضا شرح نهج البلاغة للحديدي 1/ 52. (2) من الشرح وفي الأصل: مقصر- كذا. (3) في الأصل: أحب، وفي الشرح: داوي. (4) في الشرح: بدوائين. (5) في الأصل: بالصيف، والتصحيح بناء على الشرح. (6- 6) في الأصل: فاستبر ولم يستغفر والله، وفي الشرح: استتروا في بيوتكم. (7) راجع لذلك أيضا الأخبار الطوال 142 و 143. (8) في الأصل: المسلمين. (9) من الأخبار الطوال، وفي الأصل: خرص، وراجع أيضا طبقات ابن سعد 3/ 2/ 19 و 20. (10) في الأصل: آثارهم- كذا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 524 فلما رآهم علي مختلفين قال: أخرجوني من هذه البيعة واختاروا لأنفسكم من أحببتم، فسكتوا وقاموا وخرجوا، فدخل عليه المغيرة بن شعبة «1» فقال: يا أمير المؤمنين! إني مشير عليك بخلال ثلاث فافعل أيها شئت، فقال: ما هي يا أعور؟ فقال: إني أرى من الناس بعض التثاقل فيك؛ فأرى أن تأتي بحمل ظهر فتركبه وتركض في الأرض هاربا من الناس، فإنهم إذا رأوا ذلك منك ابتاعوا جمالا أظهر من جمالك وخيولا، ثم ركضوا في أثرك حتى يدركوك حيث ما كنت ويقلدوك هذا الأمر على اجتماع منهم شئت أو أبيت، فإن لم تفعل هذا فأقرّ «2» معاوية على الشام كله واكتب إليه كتابا بذلك تذكر فيه من شرفه وشرف آبائه وأعلمه أنك ستكون له خيرا من عمر وعثمان، واردد عمرو بن العاص على مصر، واذكر في كتابك شرفه وقدمه، فإنه رجل يقع الذكر منه موقعا، فإذا ثبت الأمر أذنت لهما حينئذ في القدوم عليك تستخبر هما عن البلاد والناس، ثم تبعث بعاملين وتقرهما «3» عندك؛ فإن أبيت فاخرج من هذه البلاد فإنها ليست ببلاد كراع وسلاح. فقال علي: أما ما ذكرت من فراري من الناس فكيف أفر منهم وقد بايعوني، وأما أمر معاوية وعمرو بن العاص فلا يسألني الله عن إقرارهما ساعة واحدة في سلطاني وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً، وأما خروجي من هذه البلاد إلى غيرها فإني ناظر في ذلك. فخرج من عنده المغيرة ثم عاد وهو عازم على الخروج إلى الشام واللحوق بمعاوية، فقال له: يا أمير المؤمنين! أشرت عليك بالأمس في رأيي بمعاوية وعمرو، إن الرأي أن تعاجلهم بالنزع، «4» فقد عرف السامع من غيره، وتستقبل «4» أمرك، ثم خرج من عنده فلقيه ابن عباس خارجا وهو داخل، فلما انتهى إليه قال: رأيت المغيرة خارجا من عندك، فيم جاءك؟ قال: جاءني أمس برأي   (1) راجع أيضا الطبري 5/ 159. (2) في الأصل: فاقدر. (3) في الأصل: تفرهما. (4- 4) وفي الطبري: فيعرف السامع من غيره ويستقبل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 525 واليوم برأي، وأخبره بالرأيين، فقال ابن عباس: أما أمس فقد نصحك، وأما اليوم فقد غشك «1» ، قال: فما الرأي؟ قال ابن عباس: كان الرأي قبل اليوم، قال علي: عليّ ذلك! قال: كان الرأي أن تخرج إلى مكة حتى تدخلها وتدخل دارا من دورها وتغلق عليك بابك، فإن الناس لم يكونوا ليدعوك «2» ، وإن قريشا كانت تضرب الصعب والذلول في طلبك، لأنها لا تجد غيرك، فأما اليوم فإن بني أمية يستحسنون الطلب بدم صاحبهم، ويشبهون «3» على الناس أن يلزموك شعبة «4» من أمره ويلطخونك من ذلك ببعض اللطخ. فهمّ علي بالنهوض إلى الشام ليزور «5» أهلها وينظر «6» ما رأى معاوية وما هو صانع، فجاءه أبو أيوب الأنصاري فقال له: يا أمير المؤمنين! لو أقمت بهذه البلاد! لأنها الدرع الحصينة ومهاجرة للنبي صلى الله عليه وسلم، وبها قبره ومنبره ومادة «7» الإسلام، فإن استقامت لك العرب كنت فيها كمن كان، وأن تشعب» عليك [قوم] «9» رميتهم بأعدائهم، وإن ألجئت «10» حينئذ إلى المسير سرت وقد أعذرت، فقال علي: إن الرجال والأموال بالعراق، ولن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا، ثم أخذ بما أشار عليه أبو أيوب الأنصاري وعزم على المقام بالمدينة؛ وبعث العمال على الأمصار، فبعث عثمان بن حنيف على البصرة أميرا، وعمارة بن حسان ابن شهاب على الكوفة، وعبيد الله بن عباس على اليمن، وقيس بن سعد على مصر، وسهل بن حنيف على الشام؛ فأما سهل بن حنيف فإنه خرج حتى إذا كان   (1) من الطبري، وفي الأصل: خشك- كذا. (2) في الأصل: يدعوك. (3) من الطبري، وفي الأصل: يشتهون. (4) من الطبري، وفي الأصل: شعبه. (5) في الأصل: ليزوراء، والتصحيح من الفتوح 2/ 267. (6) من الفتوح، وفي الأصل: ينظروا. (7) في الأصل: ماذاة. (8) من الفتوح 2/ 268، وفي الأصل: شتت. (9) زيد من الفتوح. (10) في الأصل: الحيث. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 526 بتبوك لقيه خيل من أهل الشام فقالوا له: من أنت؟ قال: أمير، قالوا «1» : على أي شيء؟ قال: على الشام، قالوا: إن كان عثمان بعثك فحي هلا بك، وإن كان بعثك غيره فارجع، قال: ما سمعتم بالذي كان؟ قالوا: بلى، ولكن ارجع إلى بلدك، فرجع إلى علي وإذا القوم أصحاب. وأما قيس بن سعد فإنه انتهى إلى إيلة فلقيه طلائع فقالوا له: من أنت؟ فقال: أنا من الأصحاب الذين قتلوا وشردوا من البلاد، فأنا أطلب مدينة آوي إليها، فقالوا: ومن أنت؟ قال: أنا قيس بن سعد بن عبادة «2» ، فقالوا: امض بنا، فمضى قيس حتى دخل مصر وأظهر لهم حاله. وأخبرهم أنه ولي على مصر، فافترق عليه أهل مصر فرقا «3» : فرقة دخلت في الجماعة وبايعت، وفرقة أمسكت واعتزلت، وفرقة قالت: إن قيد من قتلة عثمان فنحن معه وإلا فلا، فكتب قيس بن سعد بجميع ما رأى من أهل مصر إلى علي. وأما عبيد الله بن عباس فإنه خرج منطلقا إلى اليمن، لم يعانده أحد ولم يصدّه عنها صاد حتى دخلها فضبطها لعلي، وأما عمارة بن حسان بن شهاب فإنه أقبل عامدا إلى الكوفة حتى إذا كان بزبالة «4» لقيه طليحة بن «5» خويلد الأسدي وهو خارج إلى المدينة يطلب دم عثمان، فقال طليحة: من أنت؟ قال: أنا عمارة بن حسان بن شهاب، قال: ما جاء بك؟ قال: بعثت إلى الكوفة أميرا، قال: ومن بعثك؟ قال: أمير المؤمنين علي، قال: الحق بطيّتك، فإن القوم لا يريدون بأميرهم أبي موسى الأشعري بدلا، فرجع عمارة إلى علي وأخبره الخبر، وأقام طليحة بزبالة.   (1) من الطبري 5/ 161، وفي الأصل: قال. (2) في الأصل: عباد. (3) من الطبري، وفي الأصل: فرقتان. (4) من الطبري 5/ 162، وفي الأصل: بزياله. (5) في الأصل «و» . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 527 وأما عثمان بن حنيف فإنه مضى يريد البصرة وعليها عبد الله بن عامر بن كريز، وبلغ أهل البصرة قتل عثمان، فقام ابن عامر فصعد المنبر وخطب وقال: إن خليفتكم قتل مظلوما، وبيعته في أعناقكم، ونصرته ميتا كنصرته حيا، «1» واليوم ما كان أمس «1» ، وقد بايع الناس عليا ونحن طالبون بدم عثمان، فأعدوا للحرب عدتها، فقال له حارثة بن قدامة: يا ابن عامر! إنك لم تملكنا عنوة وقد قتل عثمان بحضرة المهاجرين والأنصار وبايع الناس عليا، فإن أقرك أطعناك، وإن عزلك عصيناك، فقال ابن عامر: موعدك الصبح، فلما أمسى تهيأ للخروج وهيأ مراكبه وما يحتاج إليه، واتخذ الليل جملا يريد المدينة، واستخلف عبد الله بن عامر الحضرمي على البصرة، فأصبح الناس يتشاورون في ابن عامر وأخبروا بخروجه، فلما قدم ابن عامر المدينة أتى طلحة والزبير فقالا له: لا مرحبا بك ولا أهلا! تركت العراق والأموال، وأتيت المدينة خوفا من علي، ووليتها غيرك، واتخذت الليل جملا، فهلا أقمت حتى «2» يكون لك بالعراق فئة «2» ، قال ابن عامر: فأما إذا قلتما هذا فلكما عليّ مائة ألف سيف وما أردتما من المال. ثم أتت أم كلثوم بنت علي أباها وكانت تحت عمر بن الخطاب، فقالت له: إن عبد الله «3» بن عمر رجل صالح، وأنا أتكفل ما يجيء منه لك، فلما كان من قدوم ابن عامر المدينة جاء ابن عمر إليها فقال: يا أماه! إنك قد كفّلت فيّ وأنا أريد الخروج إلى العمرة الساعة، ولست «4» بداخل في شيء يكرهه أبوك غير أني ممسك حتى يجتمع الناس، فإن شئت فأذني، وإن شئت فابعثيني إلى أبيك، قالت: لا، بل اذهب في حفظ الله وتحت كنفه، فانطلق ابن عمر معتمرا. فلما أصبح الناس أتوا عليّا فقالوا: قد حدث البارحة حدث «5» هو أشد من   (1- 1) وفي الفتوح 2/ 269: ولى عليكم اليوم ما كان لي بالأمس. (2- 2) في الفتوح 2/ 271: وافيناك بها. (3) في الأصل: عبيد الله. (4) في الأصل: ليست. (5) في الأصل: حدثا، والتصحيح من الطبري 5/ 164. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 528 طلحة والزبير ومعاوية، قال علي: وما ذاك؟ قالوا: خرج ابن عمر إلى الشام، فأتى علي السوق وجعل «1» يعد طلابا «1» ليرد ابن عمر، فسمعت أم كلثوم بذلك فركبت بغلتها حتى أتت أباها فقالت: إن الأمر على غير ما بلغك، وحدثته بما ذكر لها ابن عمر، فطابت نفس علي بذلك، فما انصرفوا من السوق حتى جاءهم بعض القدام من العمرة وأخبروه أنهم رأوا ابن عمر وآخر معه على حمارين محرمين بكساءين. ثم كتب علي إلى معاوية: «بسم الله الرحمن الرحيم- من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى معاوية بن أبي سفيان، سلام عليك! فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد! فإنه قد بلغك ما كان من مصاب عثمان وما اجتمع الناس عليه من بيعتي فادخل في السلام كما دخل الناس وإلا فأذن بحرب كما يؤذن أهل الفرقة- والسلام. وبعث كتابه مع سبرة الجهني والربيع «2» بن سبرة، فلما قدم سبرة بكتاب علي ودفعه إلى معاوية جعل يتردد في الجواب مدة، فلما طال ذلك عليه دعا معاوية رجلا من عبس يدعى قبيصة «3» فدفع إليه طومارا مختوما عنوانه «من معاوية بن أبي سفيان إلى علي بن أبي طالب» وقال له: إذا دخلت المدينة فاقبض على أسفل الطومار وأبرزه- وأوصاه بما يقول، وبعثه مع سبرة رسول علي فقدما المدينة، فرفع العبسي الطومار كما أمر معاوية، فخرج الناس ينظرون إليه وعلموا حينئذ أن [معاوية] «4» معترض معاند؛ فلما دخلا على علي دفع إليه العبسي الطومار ففض عن خاتمه فلم يجد في جوفه شيئا، فقال لسبرة: ما وراءك؟ قال: تركت قوما لا يرضون إلا بالقود، وقد تركت ستين ألف شيخ يبكون تحت قميص عثمان، فقال علي: أمني يطلبون دم عثمان. ثم كتب إلى أبي موسى الأشعري وهو على الكوفة «بسم الله الرحمن الرحيم-   (1- 1) في الأصل: يود كلابا- كذا، وبمنى التصحيح على الطبري. (2) لم يذكره في الطبري، ولعله: والد الربيع بن سبرة. (3) راجع أيضا الطبري 5/ 162. (4) زيد من الطبري. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 529 من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى عبد الله بن قيس الأشعري، سلام عليك! فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد! فإنه قد بلغك ما كان من مصاب عثمان وما اجتمع الناس عليه من بيعتي، فادخل فيما دخل فيه الناس ورغب أهل ملكك «1» في السمع والطاعة، واكتب إلي بما كان منك ومنهم إن شاء الله- والسلام عليك ورحمة الله وبركاته» . وبعث الكتاب مع عبد الأسلمي، فلما قدم معبد الكوفة دعا أبو موسى الأشعري الناس إلى طاعة علي فأجابوه طائعين، وكتب إلى علي بن أبي طالب «بسم الله الرحمن الرحيم- لعبد الله علي أمير المؤمنين من عبد الله بن قيس، سلام عليك! فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد! فقد قرأت كتابك ودعوت من قبلي المسلمين فسمعوا وأطاعوا- والسلام عليك ورحمة الله وبركاته» ودفع كتابه إلى معبد. وكانت «2» عائشة خرجت معتمرة، فلما قضت عمرتها نزلت على باب المسجد واجتمع إليها الناس فقالت: أيها الناس! إن الغوغاء من أهل الأمصار وعبيد أهل المدينة اجتمعوا على هذا الرجل المقتول بالأمس ظلما، واستحلوا البلد الحرام وسفكوا الدم الحرام. فقال عبد الله ابن عامر: ها أنا ذا أول طالب بدمه، فكان أول من انتدب لذلك. ولما كثر الاختلاف بالمدينة استأذن طلحة والزبير عليا في العمرة، فقال لهما: ما العمرة تريدان، وقد قلت لكما قبل بيعتكما لي: أيكما شاء بايعته، فأبيتما إلا بيعتي، وقد أذنت لكما، فاذهبا راشدين «3» ، فخرجا إلى مكة وتبعهما عبد الله بن عامر بن كريز فلما لحقهما قال لهما: ارتحلا فقد بلغتكما حاجتكما، فاجتمعوا مع عائشة بمكة وبها جماعة من بني أمية. ثم جمع معاوية أهل الشام على محاربة علي والطلب بالقود من دم عثمان،   (1) في الأصل: ملك. (2) راجع أيضا الطبري 5/ 165. (3) راجع أيضا الفتوح 2/ 275 و 276. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 530 واحتال في قيس بن سعد بن عبادة وكان واليا على مصر، وكتب إلى علي كتابا «1» يمرغ فيه معاوية، فلما قرأ علي الكتاب عزل قيسا وولى عليها محمد بن أبي بكر «2» . وخرج قسطنطين بن هرقل بالمراكب «3» يريد المسلمين، فسلط «4» الله عليهم «5» ريحا قاصفا فغرقهم، ونجا قسطنطين بن هرقل حتى انتهى إلى سقلية «6» ، فصنعت الروم حماما، فلما دخله «7» قتلوه فيه وقالوا له: قتلت رجالنا. ثم حج بالناس عبد الله بن عباس، أمره علي على الحج، فلما انصرف أجمع طلحة والزبير [على] «8» المسير بعائشة، فقال طلحة: ما لنا أمر أبلغ في استمالة الناس إلينا من شخوص ابن عمر معنا، وكان من أمره في عثمان وخلافه له على ما يعلمه «9» من يعلمه «9» ، فأتاه طلحة فقال: يا أبا عبد الرحمن! إن عائشة قصدت الإصلاح بين الناس فاشخص معنا فإن لك بنا أسوة، فقال ابن عمر: أتخدعونني [لتخرجوني] «10» كما تخرج «11» الأرنب [من] «12» جحرها! إن الناس إنما يخدعون بالوصيف 1»   (1) في الأصل: كتاب. (2) هذا السياق قد يعتوره قدر من الغموض، وراجع الطبري 5/ 229- 231 للعثور على الاحتيال الذي قام به معاوية لأجل إقصاء قيس عن ولاية مصر. (3) في الأصل: المراكب، وفي الطبري 5/ 161: في ألف مركب. (4) من الطبري، وفي الأصل: فسلك. (5) من الطبري، وفي الأصل: عليه. (6) من الطبري، وفي الأصل: سقيلة. (7) من الطبري، وفي الأصل: دخلها. (8) زيد لاستقامة العبارة. (9- 9) في الأصل: أيعلمه. (10) زيد بناء على الفتوح 2/ 278. (11) في الأصل: تخدع، والتصحيح بناء على الفتوح. (12) زيد من الفتوح 2/ 279. (13) في الأصل: الوصيف. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 531 والوصيفة والدنانير والدراهم، ولست من أولئك، قد تركت هذا الأمر عيانا وأنا أدعى إليه «1» في عافية، فاطلبوا لأمركم غيري، فقال طلحة: يغني الله عنك. وقدم «2» يعلى بن أمية من اليمن [وقد كان] «3» عاملا عليها بأربعمائة من الإبل، فدعاهم إلى الحملان، فقال له الزبير: دعنا من إبلك هذه، ولكن أقرضنا من هذا المال، فأعطاه ستين ألف دينار، وأعطى طلحة أربعين ألف دينار، فتجهزوا وأعطوا [من خف معهم] «4» . فلما دخلت السنة السادسة والثلاثون تشاوروا في مسيرهم فقال الزبير: [عليكم بالشام] «5» بها الأموال والرجال، وقال ابن عامر: البصرة فإن غلبتهم عليها فلكم الشام، إن معاوية قد سبقكم إلى الشام وهو ابن عم عثمان، وإن البصرة لي بها صنائع «6» ولأهلها في طلحة هوى، وكانت عائشة تقول: نقصد المدينة، فقالوا لها: يا أم المؤمنين! دعي المدينة فإن [من] «7» معك [لا يقرنون] «7» لتلك الغوغاء، واشخصي معنا إلى البصرة، فإن أصلح الله هذا الأمر كان الذي نريد، وإلا فقد بلغنا ويقضي الله فيه ما أحب، وكلموا حفصة ابنة عمر أن تخرج معهم فقالت: رأيي تبع لرأي عائشة، فأتاها عبد الله بن عمر فناشدها الله أن تخرج، فقعدت وبعثت إلى عائشة أن أخي حال بيني وبين الخروج، فقالت: يغفر الله لابن عمر. ثم نادى منادي طلحة والزبير: من كان عنده مركب وجهاز، وإلا فهذا جهاز ومركب، فحملوا على ستمائة ناقة [سوى] «7» من كان له مركب، وكانوا نحو ألف نفس، وتجهزوا بالمال، وشيعهم   (1) من الفتوح، وفي الأصل: عليه. (2) من الفتوح، وفي الأصل: قد. (3) زيد من الفتوح 2/ 279. (4) زيد بناء على الفتوح. (5) زيد من الفتوح، وراجع أيضا الطبري 5/ 166. (6) من الطبري، وفي الأصل: صنايعا. (7) زيد من الطبري 5/ 167. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 532 نساء النبي صلى الله عليه وسلم، وكان كلهن بمكة حاجّات إلا أم سلمة فإنها سارت «1» إلى المدينة، فلما بلغوا ذات عرق ودعت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وبكين وبكى الناس، فما رأوا بكاء أكثر من ذلك اليوم، وسمي يوم النحيب «2» . وجعلن يدعون على قتلة عثمان الذين سفكوا في حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم الدم الحرام، ثم انصرفن، ومضت عائشة وهي تقول: اللهم! إنك تعلم أني لا أريد إلا الإصلاح فأصلح بينهم. وبعثت أم الفضل حين خرجت عائشة ومن معها من مكة إلى علي رجلا من جهينة «3» قالت له: اقتل في كل مرحلة بعيرا «4» وعليّ ثمنه، وهذه مائة دينار وكسوة، وكتبت معه «أما [بعد! فإن] «5» طلحة والزبير وعائشة خرجوا من مكة يريدون البصرة» فقدم المدينة وأعطى عليا الكتاب، فدعا علي محمد بن أبي بكر فقال له: ألا ترى إلى أختك خرجت مع طلحة والزبير! فقال محمد بن أبي بكر: إن الله معك ولن يخذلك، والناس ناصروك «6» . ثم قام علي «7» فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: يا أيها الناس، تهيئوا للخروج إلى قتال أهل الفرقة فإني سائر إن شاء الله، إن الله بعث رسولا صادقا بكتاب «8» ناطق وأمر واضح، لا يهلك عنه «9» إلا هالك، وإن في سلطان الله عصمة «10» أمركم فأعطوه طاعتكم، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن الإسلام ليأرز «11» إلى المدينة كما   (1) في الأصل: سارة- كذا. (2) من الطبري 5/ 173، وفي الأصل: النجيب. (3) من الطبري 5/ 167 والفتوح 2/ 286. (4) من الفتوح، وفي الأصل: بعير. (5) زيد من الفتوح. (6) من الفتوح 2/ 287، وفي الأصل: لا يضرك. (7) وراجع لهذه الخطبة الطبري 5/ 163 و 164 والفتوح 2/ 287. (8) من الطفري والفتوح، وفي الأصل: كتاب. (9) من الطبري، وفي الأصل: عليه. (10) من الطبري والفتوح، وفي الأصل: عظمة. (11) من كتب الأحاديث، وفي الأصل: ليرزا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 533 تأرز «1» الحية إلى جحرها» . انهضوا إلى هؤلاء الذين يريدون تفريق جماعتكم، لعل الله يصلح بكم ذات البين. وبعث «2» علي الحسن بن علي وعمار بن ياسر إلى الكوفة لاستنفارهم «3» ، فلما قدموا الكوفة [قام] «4» أبو موسى الأشعري في الناس وكان واليا [عليها] «4» وأخبرهم بقدوم الحسن واستنفاره إياهم إلى أمير المؤمنين على إصلاح البين. وقدم زيد بن صوحان «5» من عند عائشة معه كتابان من عائشة إلى أبي موسى والي الكوفة وإذا في كل كتاب منهما «بسم الله الرحمن الرحيم- من عائشة أم المؤمنين إلى عبد الله بن قيس الأشعري- سلام عليك! فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد! فإنه قد كان من قتل عثمان ما قد علمت، وقد خرجت مصلحة بين الناس، فمر من قبلك بالقرار في منازلهم والرضا بالعافية حتى يأتيهم ما يحبون من صلاح أمر المسلمين، فإن قتلة عثمان فارقوا الجماعة وأحلوا بأنفسهم البوار» فلما قرأ الكتابين «6» وثب عمار بن ياسر «7» فقال: أمرت عائشة بأمر، وأمرنا بغيره، أمرت أن تقر في بيتها، وأمرنا أن نقاتل حتى لا تكون فتنة، فهوذا تأمرنا بما أمرت، وركبت ما أمرنا به، ثم قال «8» : هذا ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخرجوا إليه، ثم انظروا في الحق ومن الحق معه. ثم قام الحسن بن علي فقال: يا أيها الناس! أجيبوا دعوة أميركم، وسيروا إلى إخوانكم، لعل الله يصلح بينكم. ثم قام هند بن عمرو البجلي فقال: إن أمير المؤمنين قد دعانا وأرسل إلينا ابنه فاتبعوا قوله وانتهوا   (1) من كتب الأحاديث، وفي الأصل: ترزا. (2) راجع الطبري 5/ 198 والفتوح 2/ 290. (3) في الأصل: لاستنقادهم. (4) زيد من الفتوح. (5) من الطبري 5/ 188، وفي الأصل: صرحان. (6) في الأصل: الكتابان. (7) راجع أيضا الفتوح 2/ 291. (8) راجع أيضا الفتوح 2/ 292، والطبري 5/ 189. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 534 إلى أمره، فقام حجر بن عدي الكندي فقال: أيها الناس! أجيبوا أمير المؤمنين، وانفروا خفافا وثقالا بأموالكم وأنفسكم «1» . ثم قال الحسن: أيها الناس! إني غاد، فمن شاء منكم فليخرج معي على الظهر، ومن شاء فليخرج في الماء، فأجابوه، وخرج معه تسعة آلاف نفس بعضهم على البر وبعضهم على الماء، وساروا حتى بلغوا ذا قار، وخرج علي من المدينة معه ستمائة رجل، وخلف على المدينة سهل بن حنيف «2» ، فالتقى هو وابنه الحسن مع من خرج معه من الكوفة بذي قار، فخرجوا جميعا إلى البصرة ولم يدخل علي الكوفة، وكتب إلى المدينة إلى سهل بن حنيف أن يقدم «3» عليه ويولي «4» على المدينة أبا حسن المازني «5» ؛ والتقى مع طلحة والزبير وعائشة بالجلحاء» على فرسخين من البصرة، وذلك لخمس خلون من جمادى الآخرة، وكان علي كثيرا ما يقول: يا عجب كل العجب، من جمادى ورجب! فكان من أمرهم ما كان. وقتل «7» ابن جرموز الزبير ثم أتى عليا يخبره فقال عليّ: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم [يقول] «8» «قاتل ابن صفية بالنار» فقال ابن جرموز: إن قتلنا معكم فنحن في النار! وإن قاتلناكم فنحن في النار! ثم بعج «9» بطنه بسيفه فقتل نفسه. وأما طلحة «10» فرماه مروان بن الحكم بسهم من ورائه، فأثبته فيه وقتله، وحمله إلى   (1) راجع لكل ذلك الطبري 5/ 189. (2) راجع الكامل 3/ 110. (3) في الأصل: تقدم، والتصحيح من طبقات ابن سعد 3/ 1/ 20. (4) في الأصل: تولى، ومبنى التصحيح على الطبقات. (5) راجع أيضا تاريخ اليعقوبي 2/ 181. (6) من الكامل 3/ 120، وفي الأصل: بالحلحاء. (7) في الأصل: قاتل، وراجع الطبري 5/ 205 والأخبار الطوال 148 والفتوح 2/ 312. (8) زيد من الفتوح. (9) أي شق. (10) راجع أيضا الفتوح 6/ 326. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 535 البصرة فمات بها، فقبر طلحة بالبصرة، وقتل الزبير بوادي السباع؛ وكان كعب بن سور قد علق المصحف في عنقه ثم يأتي هؤلاء فيذكرهم، ويأتي هؤلاء فيذكرهم حتى قتل «1» . وكان علي ينادي مناديه: «لا تقتل مدبرا، ولا تذفف «2» على جريح، ومن أغلق بابه فهو آمن، ومن طرح السلاح فهو آمن، ولم يقتل بعد آن واحدا «3» . فلما اطمأن الناس بعث «4» علي بعائشة مع نساء من أهل العراق إلى المدينة، وأقام بالبصرة خمسة عشر يوما ثم خرج إلى الكوفة، وولى على البصرة عبد الله بن عباس، وولى الولاة في البلدان، وكتب إلى المدن بالقرار والطاعة. ثم إن أبا مسلم الخولاني «5» قال لمعاوية: على ما تقاتل عليا وهو ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وله من القدم والسابقة ما ليس لك وإنما أنت رجل من الطلقاء؟ فقال له معاوية: أجل! والله ما نقاتل عليا، وأنا [لست] «6» أدعي في الإسلام مثل الذي له، ولكن أقاتله على دم أمير المؤمنين عثمان بن عفان، وأنا أطلبه بدمه، فقال أبو مسلم: إني «7» أستخبر لك عن ذلك، فركب راحلته وانتهى إلى الكوفة، ثم نزل عن راحتله وأتى عليا ماشيا والناس عنده ولا يعرفه أحد، فقال: من قتل عثمان؟ فقال علي: الله قتل عثمان وأنا معه، فخرج أبو مسلم ولم يتكلم، ومضى حتى انتهى إلى راحلته فركبها، ولحق بالشام فانتهى إلى معاوية وهو يثقل، فقيل له: هذا أبو مسلم قد جاء، فعانقه معاوية وسأله عن سفره وخاف أن يكون «8» قد جاء بشيء مما يكره،   (1) وراجع أيضا الكامل 3/ 122 و 123 وتاريخ الإسلام 2/ 149. (2) في الأصل: يدفن، والتصحيح بناء على الطبري 5/ 223، وراجع أيضا الأخبار الطوال 151. (3) في الأصل: لواحدا. (4) راجع الطبري 5/ 225. (5) راجع أيضا الأخبار الطوال 162 وسمط النجوم 2/ 447 وتاريخ الإسلام 2/ 168. (6) زيد من الأخبار الطوال. (7) في الأصل: ان. (8) في الأصل: يكن. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 536 فقال أبو مسلم: والله لتقاتلن عليا أو لنقاتلنه، فإنه قد أقر بقتل أمير المؤمنين عثمان، فقام معاوية فرحا وصعد المنبر واجتمع إليه الناس وحمد الله وأثنى عليه، وقام أبو مسلم خطيبا وحرض الناس على قتال علي؛ فصح خروج أهل الشام قاطبة «1» على علي وطلبهم إياه بدم عثمان. ثم إن حجر بن الأدبر «2» قدم على علي فقال: يا أمير المؤمنين! الجماعة والعدد والمال مع الأشعث بن قيس بآذربيجان فابعث إليه فليقدم، فكتب إليه «3» علي «بسم الله الرحمن الرحيم- من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى الأشعث بن قيس، أما بعد! فإذا أتاك كتابي هذا فاقدم واحمل ما غللت «4» من المال» . فكتب إليه الأشعث بن قيس «أما بعد! فقد جاءني كتابك بأن أقدم عليك وأحمل «5» ما غللت من مال الله، فما أنت وذاك! والسلام» ، ثم قال الأشعث: والله! لأدعنه بحال مضيعة، ولأفسدن عليه الكوفة، ثم ارتحل من آذربيجان وهو يريد معاوية، وبلغ ذلك عليا وشق عليه خروجه إلى معاوية، فقال حجر بن الأدبر: يا أمير المؤمنين! ابعثني إلى الأشعث بن قيس فأنا أعرف به وأرفق، وإن هو خوشن لم يجب أحدا، قال له علي: سر إليه، فسار حجر إليه فأدركه بشهرزور «6» فقال له حجر: يا أبا محمد! أنشدك الله أن تأتي معاوية وتدع ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال الأشعث: أوما سمعت كتابه إليّ؟ فقال حجر: إنك [إن] «7» أتيت معاوية أقبلنا «8» جميعا إلى الشام، وأنشدك الله ألا نظرت إلى أيتام قومك وأياماهم! فإني لا   (1) في الأصل: قاضية. (2) هو حجر بن عدي- راجع الإصابة. (3) وراجع لهذه المكاتبة وما ترتب عليها الفتوح 2/ 267 وما بعده. (4) في الأصل: عملت، والتصحيح مما سيأتي. (5) في الأصل: أحل، والتصحيح مما مضى آنفا. (6) في الأصل: بشهررور، ومبني التصحيح على معجم البلدان. (7) زيد لاستقامة العبارة. (8) في الأصل: اقتلنا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 537 آمن أن يفتضحوا غدا، قال: فما تريد يا حجر؟ قال: تنحدر معي إلى الكوفة، فإنك شيخ العرب وسيدها والمطاع في قومك، وسيصير إليك الأمر، فلم يزل به حجر حتى قال: ليصرفوا «1» صدور الركائب إلى الكوفة، فتقدم «2» على علي فسرّ علي بمجيئه فقال: مرحبا وأهلا بأبي محمد على عجلته، فقال: أمير المؤمنين! إن هذا ليس بيوم عتاب، ثم أقام مع علي بالكوفة. وحج بالناس عبد الله بن عباس بأمر علي ولاه. فلما دخلت السنة السابعة والثلاثون كتب معاوية «3» إلى علي بن أبي طالب «أما بعد فإن الله اصطفى محمدا صلى الله عليه وسلم بعلمه، وجعله الأمين على وحيه، والرسول إلى «4» خلقه، واختار [له] «5» من المسلمين أعوانا، فكانوا في منازلهم عنده على قدر فضائلهم في الإسلام، كان أفضلهم في الإسلام وأنصحهم لله ولرسوله الخليفة «6» بعده وخليفة «7» خليفته والخليفة المظلوم المقتول «8» - رحمة الله عليهم! وقد ذكر لي أنك تنتفي من دمه، فإن كنت صادقا فأمكنا ممن «9» قتله حتى نقتله به، ونحن أسرع إليك إجابة وأطوعهم طاعة، وإلا فإنه ليس لك ولا لأحد من أصحابك عندنا إلا السيف، والذي لا إله غيره! لنطلبن قتلة عثمان في الجبال والرمال حتى يقتلهم الله أو تلحق أرواحنا بعثمان- والسلام» .   (1) في الأصل: لينصرفوا. (2) في الأصل: فيقدم. (3) راجع أيضا الأخبار الطوال 162 والفتوح 2/ 475. (4) من الفتوح، وفي الأصل: على. (5) زيد من الفتوح. (6) من الفتوح، وفي الأصل: للخليفة. (7) من الفتوح، وفي الأصل: لخليفة. (8) في الأصل: المنقول. (9) في الأصل: من، وراجع أيضا الأخبار الطوال 162. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 538 فكتب إليه علي «بسم الله الرحمن الرحيم- من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى معاوية بن أبي سفيان «1» - أما بعد فإن أخا خولان قدم علي بكتاب منك يذكر فيه محمدا صلى الله عليه وسلم، وما أنعم الله عليه من الهدى، والحمد لله على ذلك، وأما ما ذكرت من ذكر الخلفاء فلعمري إن مقامهم «2» في الإسلام كان عظيما، وإن المصاب بهم لجرح عظيم في الإسلام، وأما ما ذكرت من قتلة عثمان فإني قد نظرت في هذا الأمر فلم يسعني دفعهم إليك، وقد كان أبوك أتاني حين ولى الناس أبا بكر فقال لي: يا علي! أنت أحق الناس بهذا الأمر بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهات يدك حتى أبايعك، فلم أفعل مخافة الفرقة في الإسلام، فأبوك أعرف بحقي منك، فإن كنت تعرف من حقي ما كان يعرفه» أبوك فقد قصدت «4» رشدك، وإن لم تفعل فسيغني الله عنك- والسلام» . فلما قرأ معاوية الكتاب تهيأ هو ومن معه على المسير إلى علي ثم سار يريد العراق، وسار علي من العراق، وصلى الظهر بين القنطرة والجسر ركعتين، وبعث «5» على مقدمته شريح بن هانىء وزياد بن النضر بن مالك، أمر أحدهما أن يأخذ على شط دجلة والآخر على شط الفرات، معهما أكثر من عشرة آلاف نفس، واستخلف على الكوفة أبا مسعود الأنصاري «6» ، ثم أخذ على طريق الفرات وجعل يقول: إذا سمعتموني أقول «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم» فهو كما أقول، وإذا لم أقل «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم» فإنما الحرب خدعة؛ فالتقى علي وأهل الشام بصفين لسبع بقين من المحرم، فقام علي خطيبا في الناس فقال «7» : الحمد لله الذي لا يبرم ما نقض، وإن   (1) راجع أيضا الأخبار الطوال 163 والفتوح 2/ 475. (2) في الأصل: مقاماتهم. (3) من الفتوح، وفي الأصل: يعرف. (4) في الفتوح: أصبت. (5) راجع الأخبار الطوال 167. (6) راجع الأخبار الطوال 165. (7) راجع أيضا الطبري 6/ 7 و 8 والفتوح 3/ 288. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 539 أبرم أمرا لم ينقضه الناقضون، مع أن لله- وله الحمد- لو شاء لم يختلف اثنان من خلقه، ولا تنازعت الأمة في شيء من أمره، ولا جحد المفضول ذا الفضل فضله وَلَوْ شاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ وقد ساقتنا [و] «1» هؤلاء المقادير حتى جمعت بيننا في هذا المكان، فنحن من ربنا بمنظر ومستمع، ولو شاء الله لجعل الانتقام، وكان منه التغيير «2» حتى يتبين أهل الباطل ويعلم أهل الحق أين مصيره، ولكنه جعل الدنيا دار الأعمال، وجعل الآخرة هي دار القرار لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا- الآية، ألا! إنكم تلقون عدوكم غدا فأطيلوا «3» الليلة القيام، وأكثروا فيها تلاوة القرآن، وسلوه النصر، وعليكم بالجد والحزم وكونوا صادقين. ثم قعد فوثب الناس إلى سيوفهم يهيؤونها «4» ، وإلى رماحهم يثقفونها، وإلى نبالهم «5» يريشونها، ثم «6» جعل [على] «7» مقدمته شريح بن هانىء الحارثي والأشتر، وعلى الميمنة الأشعث بن قيس، وعلى الميسرة عبد الله بن عباس، وعلى الرجالة عبد الله بن بديل بن ورقاء، وعلى الساقة زياد بن النضر، وعلى ميمنة الرجالة سليمان بن صرد الخزاعي. ثم قام «8» معاوية خطيبا في أهل الشام واجتمع الناس فقال: الحمد لله الذي دنا في علوه وعلا في دنوه، وظهر وبطن فارتفع فوق كل منظر أولا وآخرا وظاهرا وباطنا، يقضي فيفصل، ويقدر فيغفر، ويفعل ما يشاء، وإذا أراد أمرا أمضاه، وإذا عزم على أمر قضاه، لا يؤامر أحدا فيما يملك ولا يسئل عما يفعل وهم   (1) زيد من الطبري. (2) من الطبري، وفي الأصل: التقيير. (3) من الطبري، وفي الأصل: فاطلبوا. (4) في الأصل: يهونها، وفي الفتوح 3/ 289: يستحدونها. (5) من الطبري، وفي الأصل: نبلهم. (6) راجع أيضا الأخبار الطوال 171- 173 والفتوح 3/ 31 و 32. (7) زيد ولا بد منه. (8) راجع أيضا الفتوح 3/ 290. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 540 يسئلون، والحمد لله رب العالمين على ما أحببنا وكرهنا، ثم كانت من قضاء الله أن ساقتنا المقادير إلى هذه الرقعة من الأرض، ولقّت بيننا وبين أهل العراق، فنحن من الله بمنظر ومستمع، وقد قال الله وَلَوْ شاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا- الآية، فانظروا يا أهل الشام، فإنما تلقون غدا العدو، فكونوا على إحدى ثلاث خلال: إما قوما تطلبون «1» ما عند الله بقتالكم «2» قوما بغوا عليكم، [وإما قوما تطلبون بدم الخليفة عثمان فإنه خليفتكم وصهر نبيكم] «3» ، وإما قوما تدفعون عن نسائكم وذراريكم؛ وعليكم بتقوى الله والصبر الجميل! نسأل الله لنا ولكم النصر، وأن يفرغ علينا وعليكم الصبر، وأن يفتح بيننا وبين قومنا بالحق وهو خير الفاتحين؛ فأجابه أهل الشام: طب نفسا! نموت معك ونحيى معك، ثم «4» جعل معاوية أبا الأعور عمرو ابن سفيان «5» السلمي على مقدمته، وحبيب بن مسلمة «6» الفهري على ميمنته، وبسر ابن أرطاة على ميسرته، و «7» مسلم بن عقبة «7» على رجالة العسكر؛ فلما كان الغد اقتتلوا قتالا شديدا، فحجز بينهم الليل حتى قاتلوا ثلاثة أيام؛ فقتل من أصحاب علي بالمبارزة: هاشم بن عتبة بن أبي وقاص، وعمار بن ياسر، وعبد الله بن بديل ابن ورقاء، وعمار بن حنظلة الكندي، وبشر بن زهير، ومالك بن كعب العامري، وطالب بن كلثوم الهمداني، والمرتفع [بن] «8» وضاح الزبيدي، وشريح بن طارق البكري، وأسلم بن يزيد الحارثي، والحارث بن اللجاج الحكمي، وعائذ بن كريب الهلالي، وواصل بن ربيعة الشيباني، وعائذ بن مسروق الهمداني، ومسلم   (1) من الفتوح، وفي الأصل: طلبتم. (2) في الأصل: بقاتلكم، ومبنى التصحيح على الفتوح. (3) زيد بناء على الفتوح. (4) راجع أيضا الفتوح 3/ 31 والطبري 6/ 6. (5) من ترجمته في الاستيعاب، وفي الأصل بياض. (6) وقع في الأصل: مسلم- خطأ. (7- 7) من الأخبار الطوال 172 والكامل 3/ 148، وفي الأصل: عقبة بن مسلم. (8) زيد ولا بد منه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 541 ابن سعيد الباهلي، ومحارب بن ضرار المرادي، وسليمان بن الحارث الجعفي، وشرحبيل بن يزيد الحضرمي. وقتل من أصحاب معاوية في المبارزة: شرحبيل بن منصور، وعبد الرزاق ابن خالد العبسي، وشريح بن الحارث الكلابي، وصالح بن المغيرة الجمحي، وحريث بن الصباح الحميري، والحارث بن وداعة الحميري، وروق بن الحارث العكي، والمطاع بن المطلب القيني، وجلهمة بن هلال الكلبي، والوضاح بن أزهر السكسكي، ووزاع بن سلامان الغساني، والمهاجر بن حنظلة الجعفي، وعبد الله بن جرير العكي، ومالك بن وديعة القرشي؛ سوى من قتل من الفريقين [من] «1» غير براز. ولما «2» قتل عمار أتى عبد الله بن عمرو معاوية فقال: قتل عمار، فقال عمرو ابن العاص: قتل عمار! فما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعمار: «تقتلك الفئة الباغية» ! فقال معاوية: أنحن قتلناه! إنما قتله أهل العراق، جاءوا به فطرحوه في سيوفنا ورماحنا، وقد قيل: إنه قتل بصفين سبعون ألفا: من أهل العراق خمسة «3» وعشرون ألفا، ومن أهل الشام خمسة وأربعون ألفا. فلما «4» اشتدت البلاء بالفريقين، وكثر بينهم القتلى قال عمرو بن العاص لمعاوية: إن هذا الأمر لا يزداد إلا شدة، فهل لك إلى أمر لا يزداد القوم به إلا فرقة، إن أعطونا اختلفوا وإن منعونا اختلفوا؟ فقال معاوية: ما هو؟ فقال: المصاحف نرفعها وندعوهم بما فيها، فإنهم لا يقاتلون إلا على ما قد علمت؛ فقال معاوية: افعل ما رأيت، فأمر بالمصاحف فرفعت في الرماح «5» ثم جعلوا ينادون: ندعوكم إلى كتاب الله والحكم بما فيه؛   (1) زيد ولا بد منه. (2) راجع أيضا تاريخ الإسلام 2/ 180 والطبقات 3/ 1/ 180. (3) في الأصل: خمس، والتصحيح من البداية والنهاية 7/ 274، وراجع أيضا تاريخ الإسلام 2/ 170. (4) راجع أيضا الطبري 6/ 27 والبداية والنهاية 7/ 272. (5) في الأصل: الرياح. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 542 فسر الناس به وكرهوا القتال، وأجابوا إلى الصلح، وأنابوا إلى الحكومة، وقالوا لعلي: إن القوم يدعونك إلى الحق وإلى كتاب الله، فإن كرهنا ذلك فنحن إذا مثلهم، فقال علي: ويحكم «1» ! ما ذلك يريدون ولا يفعلون؛ ثم مشى الناس بعضهم إلى بعض وأجابوا الصلح والحكومة، وتفرقوا إلى دفن قتلاهم، ولم يجد علي «2» بدا من أن «2» يقبل الحكومة لما رأى من أصحابه، فحكم أهل الشام عمرو بن العاص، وأراد على أن يحكم ابن عباس فقال الأشعث بن قيس- وهو يومئذ سيد الناس: لا يحكم في هذا الأمر رجلان من قريش، ولا افترق «3» الفريقان على هذا الجمع على حكومة بعد أن [كان] «4» من القتال بينهما ما كان إلا وأحد الحكمين منا؛ وتبعه أهل اليمن على ذلك، ثم قال الأشعث: لا نرضى إلا بأبي موسى الأشعري، وكتبوا بينهم كتابي «5» الصلح «بسم الله الرحمن الرحيم- هذا «6» ما تقاضى [عليه] » علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان، قاضي علي على «8» أهل العراق ومن كان معه من شيعته من المؤمنين وقاضى معاوية على أهل الشام ومن كان معه من شيعته من المسلمين أنا ننزل على حكم الله وكتابه، فما وجد الحكمان في كتاب الله فبهما يتبعانه، وما «9» لم يجدا في كتاب الله فالسنة العادلة «10» تجمعهما، وهما آمنان «11» على أموالهما وأنفسهما وأهاليهما، والأمة أنصار لهما   (1) في الأصل: يحكم. (2- 2) في الأصل: يدمن لم. (3) في الأصل: افترقا. (4) زيد ولا بد منه. (5) في الأصل: كتابا، وراجع أيضا تاريخ اليعقوبي 2/ 189. (6) راجع أيضا الطبري 6/ 29 والطوال 194. (7) زيد من الطبري. (8) عليه ضرب من الناسخ وهما منه وقوع التكرار. (9) من الطبري، وفي الأصل: من. (10) من الطبري، وفي الأصل: عادلة. (11) من مجموعة الوثائق السياسية- نص إسماعيل التيمي 402، وفي الأصل: أمينان. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 543 على الذي يقضيان عليه، وعلى المؤمنين والمسلمين- والطائفتان كلتاهما عليهما- عهد الله وميثاقه أن يفيا بما في هذه الصحيفة على أن بين المسلمين الأمن [و] «1» وضع السلاح، [و] «1» على عبد الله بن قيس وعمرو بن العاص عهد الله وميثاقه ليحكما «2» بين الناس بما في هذه الصحيفة، على أن الفريقين جميعا يرجعان سنة، فإذا انقضت السنة إن أحبا أن يردا «3» ذلك ردا، وإن أحبا زادا «4» فيهما ما شاء الله، اللهم إنا نستنصرك على من ترك ما في هذه الصحيفة» «5» . وشهد على الصحيفة فريق عشرة أنفس، فشهد من أصحاب علي الأشعث بن قيس، وعبد الله بن عباس، وسعيد بن قيس الهمداني، وحجر «6» بن الأدبر الكندي، وعبد الله بن الطفيل العامري، وعبد الله بن محل «7» العجلي، ووقاء بن سمي «8» البجلي، وعقبة بن «9» زيد الأنصاري «9» ، ويزيد بن «10» حجية التيمي «10» ، ومالك بن أوس الرحبي. وشهد من أهل الشام أبو الأعور السلمي، وحبيب بن مسلمة الفهري، والمخارق ابن الحارث الزبيدي، وعلقمة بن يزيد الحضرمي، وسبيع «11» بن يزيد الحضرمي «12»   (1) زيد من الوثائق. (2) من الوثائق، وفي الأصل: ليحكمان. (3) من الوثائق، وفي الأصل: يريدا. (4) من الوثائق، وفي الأصل: راد. (5) من الطبري، وفي الأصل: عادلة. (6) من الطبري 6/ 30، وفي الأصل: هجر. (7) من الطبري، وفي الأصل: حجل. (8) من الطبري، وفي الأصل: سفيان. (9- 9) في الطبري: زياد الخضرمي، وفي الطوال: عامر الجهني. (10- 10) من الطبري، وفي الأصل: حجر التميمي. (11) من الطوال، وفي الأصل: شفيع. (12) من الطوال، وفي الأصل: الحمري. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 544 وزمل «1» بن عمرو العذري «2» ، ويزيد بن الحر «3» العبسي، وحمزة بن مالك الهمداني، وعبد الرحمن «4» بن خالد بن الوليد، وعتبة بن أبي سفيان. وكتب يوم الأربعاء سنة سبع وثلاثين. فانصرف علي بمن معه من أهل العراق، وانصرف معاوية بمن معه إلى الشام، فقال عبد الله بن وهب الحرمي «5» - وكان من أصحاب علي: لا حكم إلا لله، فقال علي: هذه كلمة حق أريد بها باطل. فلما دخل علي الكوفة خرج من كان يقول: لا حكم إلا لله، ونزلوا بحروراء وهم قريب من اثني عشر ألفا، فسموا الحرورية، ومناديهم ينادي: أمير القتال «6» شبث بن «6» ربعي التميمي، والأمر بعد الفتح شورى، والبيعة لله. ومات «7» خباب بن الأرت «7» بالكوفة. فخرج علي من صفين، وولى علي سهل بن حنيف فارس، فأخرجه أهل فارس، فوجه زيادا فرضوا وصالحوه وأدوا إليه الخراج «8» . ثم «9» إن الخوارج اجتمعت على زيد بن حصين وقالوا له: أنت سيدنا وشيخنا وعامل عمر بن الخطاب على الكوفة، تول أمرنا، وجهروا به فقال: ما كنت لأفعلها، فلما أبى عليهم ذلك ذهبوا إلى يزيد بن عاصم المحاربي «10»   (1) من الطبري، وفي الأصل: زميل. (2) من الطبري، وفي الأصل: العدوى. (3) من الطبري، وفي الأصل: المحر. (4) زيد بعده في الأصل: ابن خلف، ولم تكن الزيادة في الطبري وغيره من المراجع فحذفناها. (5) كذا وقع في الفتوح 4/ 97 أيضا، والمشهور: الراسبي، وراجع أيضا الطوال 202. (6- 6) من الكامل 3/ 165، وفي الأصل: شئت من. (7- 7) من تاريخ الإسلام 2/ 175، وفي الأصل: حسا.. بن الأرث- كذا. (8) راجع أيضا الطبري 6/ 79. (9) راجع الطبري 6/ 42. (10) من الكامل 3/ 169، وفي الأصل: المحارمي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 545 فعرضوا «1» عليه أمرهم فأبى عليهم ذلك، ثم ذهبوا «2» إلى سعد بن وائل التميمي فأبى عليهم، فأتوا عبد الله بن وهب الراسبي «3» واجتمعوا عنده بقرب النهروان، وخرج إليهم علي في جمعية، فلما أتاهم حمد الله وأثنى عليه ثم قال: إنكم أيها القوم قد علمتم وعلم الله أني كنت للحكومة كارها حتى أشرتم عليّ بها وغلبتموني عليها والله بيني وبينكم شهيد! ثم كتبنا بيننا وبينهم كتابا وأنتم على ذلك من الشاهدين، فقالت طائفة من القوم: صدقت- ورجعوا إلى الجماعة، وبقيت طائفة منهم على قولهم، فقال علي: هل أنبئكم بالأخسرين أعمالا الَّذِينَ ضَلَّ «4» سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ «5» يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ «5» يُحْسِنُونَ صُنْعاً، منهم أهل النهروان ورب الكعبة» ! ثم إنهم عبروا الجسر إلى علي ليحاربوه، فلما عبروا الجسر نادى علي في العسكر: استقبلوهم، فاستقبلوهم والتقطوهم بالرماح، فكان مع علي جميعة يسيرة، إنما جاء علي أن يردهم بالكلام، وقد كانت الخوارج قريبا من خمسة آلاف «7» ؛ فلما فرغوا من قتلهم قال علي: اطلبوا لي المخدع «8» ، فطلبوه فلم يجدوه فقال: اطلبوا المخدع، فو الله ما كذبت ولا كذبت، ثم دعا ببغلته البيضاء فركبها وجعل يقلب القتلى حتى أتى على فضاء من الأرض فقال: قلبوا «9» هؤلاء، فإذا هم برجل ليس له ساعد، بين جنبيه ثدي فيه شعرات، إذا مدت امتدت، وإذا تركت قلصت، فقال علي: الله أكبر! سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «يخرج قوم   (1) في الأصل: فأعرضوا. (2) في الأصل: ذهب. (3) من الكامل 3/ 170، وفي الأصل: الراسي. (4) من القرآن الكريم سورة 18 آية 104، وفي الأصل بياض. (5- 5) من القرآن الكريم، وموضع الرقمين في الأصل بياض. (6) راجع الفتوح 4/ 127. (7) في الأصل: ألف. (8) في الطبري 6/ 52 ومروج الذهب 2/ 38: المخدج، وأما الكامل 3/ 176 ففيه كما هنا. (9) في الأصل: اقلبوا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 546 فيهم رجل مخدع اليد، «1» ولولا أن تنكلوا عن العمل «1» «2» لأنبأتكم بما «2» وعد الله الذين «3» يقاتلونهم على لسان محمد صلى الله عليه وسلم؛ ثم حج بالناس عبد الله بن عباس «4» . فلما دخلت السنة الثامنة والثلاثون اجتمعوا «5» لميعادهم [مع] «6» الحكمين بأذرح «7» ، وحضر فيهم من أهل المدينة سعد بن أبي وقاص، وعبد الله بن الزبير، وابن عمر، ولم يخرج علي بنفسه، ووافى معاوية في أهل الشام وكان بينه وبين أبي موسى الأشعري ما كان وافترق الناس ورجعوا إلى أوطانهم، وندم عبد الله بن عمر على حضوره أذرح، فأحرم من بيت المقدس تلك السنة «8» ورجع إلى مكة. واستشار معاوية أصحابه [في] «6» محمد بن أبي بكر وكان واليا على مصر، فأجمعوا على المسير إليه، فخرج عمرو بن العاص في أربعة «9» آلاف فيهم «9» أبو الأعور السلمي ومعاوية «10» بن حديج «10» ، فالتقوا بالمسنّاة «11» وقاتلوا قتالا شديدا، وقتل كنانة بن بشر بن «12» عتاب التجيبي «12» ، وانهزم محمد بن أبي بكر وقاتل حتى قتل، وقد قيل: إنه أدخل في جوف حمار ميت، ثم أحرق بالنار «13» ، فلما بلغ عليا   (1- 1) من الكامل، وفي الأصل: لا أن تبكروا، وراجع أيضا الطبري 6/ 50. (2- 2) في الأصل: لا ينانكم ما، وفي الكامل: لأخبرتكم بما. (3) في الأصل: بالذين. (4) كما في الطبري 6/ 53. (5) في الأصل: فاجتمعوا- وراجع أيضا الطبري 6/ 37. (6) زيد لاستقامة العبارة. (7) من الطبري 6/ 38، وفي الأصل: بادوح. (8) وراجع أيضا رواية الواقدي في الطبري 6/ 37. (9- 9) من الطبري 6/ 60، وفي الأصل: ألف فمنهم. (10- 10) من الطبري، وفي الأصل: إلى جريح. (11) من الطبري، وفي الأصل: بالمشاة. (12- 12) من الطبري، وفي الأصل: عقاب التجبي. (13) راجع الطبري 6/ 60. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 547 سرور معاوية بقتله قال: لقد حزنا «1» عليه بقدر سرورهم بقتله، ثم ولى علي الأشتر على مصر. ومات صهيب بن سنان «2» . فلما بلغ معاوية خبر مسير الأشتر إلى مصر قال: إنه ليأتي وعامة أهل مصر أهل اليمن وهو يماني، وكتب إلى دهقان «3» بالعريش: إن «4» احتلت في الأشتر فلك علي أن أخرج خراجك عشرين سنة، فقدم الأشتر على امرأة من حمير يقال «5» لها ليلى بنت النعمان، فتلطف له الدهقان وسأله: أي الشراب أحب إليك؟ قال: العسل، قال: عندي عسل من عسل برقة لم ير مثله، ثم قدمته إليه فسقته منه، فمات من ساعته، فبلغ ذلك معاوية فقال: إن لله جنودا من العسل. ومات صفوان ابن بيضاء في رمضان «6» وكان قد شهد بدرا، ومات سهل بن حنيف بالكوفة وصلي عليه. وحج بالناس قثم بن العباس «7» . فلما دخلت السنة التاسعة والثلاثون استعمل علي يزيد بن حجية التميمي على الري، ثم كتب إليه بعد مدة أن أقدم، فقدم على علي فقال له: أين ما غللت من مال الله؟ قال: ما غللت، فخفقه بالدرة خفقات وحبسه في داره، فلما كان في بعض الليالي قرب يزيد [البواب] «8» وما حله، ولحق بالرقة وأقام بها حتى أتاه إذن بمعاوية، فلما بلغ عليا لحوقه معاوية قال: اللهم! إن يزيد أذهب بمال المسلمين ولحق بالقوم الظالمين، اللهم! فاكفنا مكره وكيده.   (1) في الأصل: حزن، والتصحيح بناء على الكامل 3/ 182، والطبري 6/ 62. (2) راجع تاريخ الإسلام 2/ 185. (3) اسمه الجايستار- راجع الطبري 6/ 54. (4) في الأصل: إنه. (5) في الأصل: فقال. (6) راجع البداية والنهاية 7/ 317. (7) راجع الطبري 6/ 77. (8) زيد لاستقامة العبارة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 548 ثم وجه معاوية خيلا فيهم الضحاك بن قيس «1» الفهري، وسفيان بن عوف الدابري «2» ، فأغار سفيان على الأنبار وفيها مسلحة «3» لعلي، فلما بلغ عليا خروجهم خرج من بيته والناس في المسجد، فلما رأوه «4» صاحوا، قال: اسكتوا اسكتوا! فلما سكتوا قال: شاهت الوجوه! شاهت الوجوه! إن قلت نعم، قلتم: لا، وإن قلت: لا، قلتم: نعم، إن استنفرتكم في الحر قلتم: الحر شديد فإذا جاء الشتاء نفرنا، وإذا جاء الشتاء واستنفرتكم قلتم: البرد شديد وإذا كان الصيف نفرنا، إن عدوكم يجد من الهناء ما تجدون، ولكن لا رأي «5» لمن [لا] «6» يطاع، وددت [أن] «7» لي بجماعتكم ألف فارس. ثم بعث معاوية بسر» بن أرطاة- أحد بني عامر بن لؤي- في جيش من أهل الشام إلى المدينة وعليها أبو أيوب الأنصاري، فهرب منه أبو أيوب ولحق عليا بالكوفة، ولم يقاتله أحد بالمدينة حتى دخلها، فصعد منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعل [ينادي] «9» : يا أهل المدينة! والله لولا «10» ما عهد «10» إلي أمير المؤمنين معاوية ما تركت فيها محتلما إلا قتلته! فبايع أهل المدينة معاوية، وأرسل إلى بني سلمة: ما لكم عندي أمان حتى تأتوني «11» بجابر بن عبد الله، فدخل جابر بن عبد الله على أم سلمة   (1) من الكامل 3/ 191 والطبري 6/ 87 والفتوح 4/ 37، وفي الأصل: سفيان. (2) في البيان والتبيين: الغامدي- راجع منه 2/ 52، وليس في مراجعنا التصريح بالنسبة. (3) من الطبري، وفي الأصل: ففيها. (4) في الأصل: رآه. (5) من الكامل 14، وفي الأصل: أرى. (6) زيد من الكامل. (7) زيد من شرح نهج البلاغة- الجزء الأول/ 52. (8) في الأصل: بشر، وراجع الطبري 6/ 80. (9) زيد من الطبري. (10- 10) من الطبري، وفي الأصل: لا أعهد. (11) من الطبري، وفي الأصل: توتوني. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 549 وقال: يا أماه! إني خشيت على دمي، وهذه بيعة ضلالة، فقالت «1» : أرى أن تبايع، فخرج جابر بن عبد الله فبايع بسر «2» بن أرطاة لمعاوية كارها، ثم خرج بسر «2» حتى أتى مكة، فخافه أبو موسى الأشعري وكان والي مكة لعلي، وتنحى عن مكة حتى دخلها، ثم مضى إلى اليمن وعليها عبيد الله بن عباس بن عبد المطلب عامل علي، فلما سمع به عبيد الله هرب، واستخلف على اليمن عبد الله بن عبد المدان، وكانت ابنته «3» تحت عبيد الله بن عباس. فلما قدم بسر «2» اليمن قتل عبد الله بن [عبد] «4» المدان، وأخذ ابنين لعبيد الله بن عباس بن عبد المطلب- من أحسن الصبيان- صغيرين كأنهما درتان «5» ، ففعل بهما ما فعل. فلما حضر الموسم بعث علي على الحج عبد الله «6» بن عباس، وبعث معاوية يزيد بن شجرة «7» الرهاوي، فاجتمعا بمكة وتنازعا وأبى كل واحد منها أن يسلم لصاحبه إقامة الحج، فاجتمع الناس على «8» شيبة بن عثمان بن أبي طلحة، فحج بالناس شيبة بن عثمان. فلما دخلت السنة الأربعون وبلغ «9» الخبر عليا بما فعل بسر «10» بن أرطاة باليمن وما كان من أمر بني عبيد   (1) في الأصل: فقال. (2) في الأصل: بشر. (3) في تاريخ ابن عساكر 3/ 223: أخته. (4) زيد من الطبري. (5) في الأصل: درتين. (6) في الطبري 6/ 79: عبيد الله، وفي الكامل 3/ 191: اختلف فيمن حج في هذه السنة، فقيل: حج بالناس عبيد الله بن عباس من قبل علي، وقيل: بل حج عبد الله أخوه، وذلك باطل فإن عبد الله بن عباس لم يحج في خلافة علي، وإنما كان هذه السنة على الحج عبيد الله بن عباس. (7) من الطبري، وفي الأصل: شمر. (8) من الطبري، وفي الأصل بياض. (9) في الأصل: فلما، ولا يناسب السياق. (10) في الأصل: بشر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 550 الله بن عباس بن عبد المطلب خطبهم وقال: لقد خفت أن يظهر مولى القوم عليكم، وما يظهرون عليكم بأن يكونوا بالحق أولى منكم، ولكن بصلحهم في بلادهم وفسادكم في بلادكم، واجتماعهم على باطلهم «1» ، و «2» تفرقكم عن «2» حقكم، وأدائهم الأمانة وخيانتكم، والله والله لو استعملت فلانا لخان وغدر- ثلاثا! ولو بعثه معاوية لم يخنه ولا غدره، اللهم! قد مللتهم وملّوني، وسئمتهم «3» وسئموني، وكرهتهم وكرهوني، فأرحني «4» منهم وأرحهم مني، وأبدلني «5» بمن هو خير لي منهم وأبدلهم بمن «6» هو شر لهم مني. ثم كان قتل «7» علي بن أبي طالب. وكان السبب في ذلك [أن] «8» عبد الرحمن بن ملجم المرادي أبصر امرأة من بني [تيم] «9» الرباب يقال لها قطام «10» ، وكانت من أجمل أهل زمانها، وكانت ترى رأي الخوارج، فولع بها فقالت: لا أتزوج بك إلا على ثلاثة آلاف وقتل علي بن أبي طالب، فقال لها: لك ذلك، فتزوجها وبنى بها فقالت له: يا هذا! قد عرفت الشرط، فخرج عبد الرحمن بن ملجم ومعه سيف مسلول حتى أتى مسجد الكوفة وخرج علي من داره وأتى المسجد وهو يقول: أيها الناس! الصلاة الصلاة! أيها الناس! الصلاة الصلاة! وكانت تلك ليلة الجمعة لسبع عشرة خلت من رمضان،   (1) من شرح نهج البلاغة 1/ 52 والفتوح 4/ 67، وفي الأصل: أباطلهم. (2- 2) من الشرح والفتوح، وفي الأصل: نفركم على. (3) من الشرح، وفي الأصل: سميتهم. (4) من طبقات ابن سعد 3/ 1/ 22، وفي الأصل: فارجني. (5) من الشرح، وفي الأصل: أبلهم. (6) في الأصل: من. (7) راجع الطبقات 3/ 1/ 21 والطبري 6/ 83 وسمط النجوم 2/ 465 وتاريخ الإسلام 2/ 188 و 205. (8) زيد لاستقامة العبارة. (9) زيد من تاريخ الإسلام. (10) من تاريخ الإسلام، وفي الأصل: قطار. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 551 فصادفه عبد الرحمن بن ملجم من خلفه ثم ضربه بالسيف ضربة من قرنه إلى جبهته «1» ، وأصاب السيف الحائط فثلم فيه، ثم ألقى السيف من يده، وأقبل الناس عليه فجعل ابن ملجم يقول للناس: إياكم والسيف فإنه مسموم، وقد سمه شهرا، فأخذوه، ورجع علي بن أبي طالب إلى داره، ثم أدخل عليه عبد الرحمن بن ملجم فقالت له أم كلثوم بنت علي: يا عدو الله! قتلت أمير المؤمنين! فقال: لم أقتل إلا أباك، فقالت: إني لأرجو أن لا يكون على أمير المؤمنين من بأس، فقال عبد الرحمن بن ملجم: فلم تبكين إذا؟ فو الله سممته شهرا! فإن أخلفني «2» أبعده الله وأسحقه، فقال علي: احبسوه وأطيبوا طعامه وألينوا «3» فراشه، فإن أعش فعفو «4» أو قصاص، وإن أمت «5» فألحقوه بي أخاصمه عند رب العالمين. فمات علي بن أبي طالب غداة يوم الجمعة، فأخذ عبد الله بن جعفر والحسن ابن علي [ومحمد بن الحنفية] «6» عبد الرحمن بن ملجم، فقطعوا يديه ورجليه فلم يجزع ولم يتكلم، ثم كحلوا عينيه بملمول «7» محمي، ثم قطعوا لسانه وأحرقوه بالنار؛ وكان لعلي يوم مات اثنتان وستون سنة «8» ، وكانت خلافته خمس سنين وثلاثة أشهر» . واختلفوا في موضع قبره ولم يصح عندي شيء من ذلك فأذكره، وقد قيل: إنه   (1) راجع أيضا تاريخ الخلفاء 68. (2) من الأخبار الطوال 214 والطبقات 3/ 1/ 24، وفي الأصل: اخلف. (3) من الطبقات، وفي الأصل: لينوا. (4) راجع أيضا تاريخ اليعقوبي 2/ 212. (5) من الطبقات، وفي الأصل: مت. (6) زيد بناء على الطبقات 3/ 1/ 26. (7) أي بمكحال، وكان في الأصل: بعامول، والتصحيح من الأخبار الطوال 215. (8) وراجع الطبقات 3/ 1/ 25 والطبري 6/ 88 للعثور على الاختلاف في ذلك. (9) مع الاختلاف في ذلك- راجع الطبري والاستيعاب، وزيد بعده في الأصل: الأربعة فشربوا، ولم نكد نستقي مفهوما من هذه الزيادة بالرغم من أقصى مجهوداتنا فحذفناها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 552 دفن بالكوفة في قصر الإمارة عند مسجد الجماعة «1» ، وهو ابن ثلاث وستين. ثم قام الحسن بعد دفن أبيه خطيبا «2» في الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: والله لقد مات فيكم رجل ما سبقه الأولون ولا يدركه الآخرون! لقد «3» كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليبعثه بالبعث ويعطيه الراية فما يرجع حتى يفتح الله عليه، يقاتل جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن يساره، ولا ترك بيضاء ولا صفراء إلا سبعمائة درهم فضلت عن عطائه، أراد أن يبتاع بها خادما. وكان لعلي بن أبي طالب خمسة وعشرون ولدا، من الولد: الحسن والحسين ومحسن وأم كلثوم الكبرى وزينب الكبرى- وهؤلاء الخمسة من فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان له من غيرها: محمد بن علي [و] «4» عبيد الله وعمر وأبو بكر ويحيى وجعفر والعباس وعبد الله ورقية ورملة وأم الحسن وأم كلثوم الصغرى وزينب الصغرى وجمانة «5» وميمونة وخديجة وفاطمة وأم الكرام وأم سلمة- رضي الله عنهم أجمعين. ذكر البيان بأن من ذكرناهم كانوا خلفاء ومن بعدهم كانوا ملوكا أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى بالموصل ثنا علي بن الجعد الجوهري ثنا حماد بن سلمة عن سعيد بن جمهان عن سفينة «6» قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الخلافة بعدي ثلاثون سنة، ثم يكون ملكا، قال: أمسك خلافة أبي بكر   (1) راجع الطبري 6/ 88. (2) راجع الفتوح 4/ 146 وتاريخ الإسلام 2/ 207. (3) من الفتوح، وفي الأصل: أن. (4) زيد ولا بد منه، وراجع أيضا الطبري 6/ 89. (5) من الطبري، وفي الأصل: حمانة. (6) هو أبو عبد الرحمن مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وراجع لهذه الرواية مسند الإمام أحمد 5/ 220. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 553 سنتين، وعمر عشرا، وعثمان اثنتي عشرة، وعلي ستا. قال «1» علي بن الجعد: فقلت لحماد بن سلمة: سفينة القائل: أمسك؟ قال: نعم. قال أبو حاتم: ولى أهل الكوفة بعد علي بن أبي طالب الحسن بن علي، ولما اتصل الخبر بمعاوية ولى أهل الشام معاوية بن أبي سفيان، واسم «2» أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، وأم معاوية هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس؛ فكان معاوية نافذ «3» الأمور بالشام والأردن وفلسطين ومصر، وكان الحسن بن علي يمشّي الأمور بالعراق إلى أن دخلت «4» سنة إحدى وأربعين، فاحتال «5» معاوية في الحسن بن علي وتلطف له، وخوفه هراقه دماء المسلمين وهتك حرمهم وذهاب «6» أموالهم إن لم يسلم «7» الأمر لمعاوية؛ فاختار الحسن ما عند الله على ما في الدنيا وسلم الأمر إلى معاوية يوم الإثنين «8» لخمس ليال بقين من ربيع الأول سنة إحدى وأربعين، واستوى الأمر لمعاوية حينئذ، وسميت هذه السنة سنة الجماعة «9» ؛ وبقي معاوية في إمارته تلك إلى أن مات يوم الخميس لثمان بقين من رجب سنة ستين، وقد قيل: إن معاوية مات للنصف من رجب من هذه السنة، وكان له يوم توفي ثمان وسبعون سنة؛ وصلى عليه ابن قيس الفهري، وقد قيل: إن يزيد بن معاوية هو الذي صلى عليه «10» ، وكانت مدة معاوية   (1) موضعه في الأصل بياض. (2) زيد بعده في الأصل: معاوية بن، ولم تكن الزيادة في الطبري 6/ 183 فحذفناها. (3) في الأصل: نفذ. (4) في الأصل: دخل. (5) راجع الطبري 6/ 93. (6) في الأصل: ذهب. (7) زيد بعده في الأصل: له، ولا تنسجم الزيادة مع السياق فحذفناها. (8) ليس في الطبري 6/ 94 صراحة اليوم، وراجع أيضا 6/ 181 منه. (9) كما في الطبري 6/ 181. (10) راجع لكل ذلك الطبري 6/ 181 و 182. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 554 «1» تسع عشرة «1» سنة وثلاثة أشهر و «2» اثنتين وعشرين «2» ليلة؛ وكان معاوية يخضب بالحناء والكتم، وكان نقش خاتمه «لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم» ، وقبره بدمشق خارج باب الصغير في المقبرة، محوط عليه، قد زرته مرارا عند قصري رمادة أبي الدرداء. يزيد بن معاوية أبو خالد ثم تولى يزيد بن معاوية بن أبي سفيان يوم الخميس من شهر رجب في اليوم الذي مات فيه أبوه، وكنية يزيد أبو خالد، وكان ليزيد بن معاوية يوم ولي أربع وثلاثون وشهر «3» ، كانت أمه ميسون «4» بنت بحدل «5» بن أنيف «6» بن ولجة «7» بن قنافة الكلبي؛ وكان نقش خاتمه «آمنت بالله مخلصا» . [ولما] «8» بايع أهل الشام يزيد بن معاوية واتصل الخبر بالحسين بن علي جمع شيعته واستشارهم، وقالوا: إن الحسن لما سلم الأمر لمعاوية سكتّ وسكت معاوية، فالآن قد مضى معاوية ونحب أن نبايعك، فبايعته الشيعة؛ ووردت على الحسين كتب أهل الكوفة من الشيعة يستقدمونه إياها، فأنفذ الحسين بن علي مسلم ابن عقيل إلى الكوفة لأجل البيعة على أهلها، فخرج مسلم بن عقيل من المدينة معه «9» قيس بن مسهر «10» الصيداوي يريدان الكوفة، ونالهما في الطريق تعب شديد   (1- 1) من الطبري، وفي الأصل: تسعة عشر. (2- 2) في الأصل: اثنان وعشرين- كذا، وفي الطبري: سبعة وعشرين. (3) وراجع أيضا الطبري 7/ 15. (4) من الطبري، وفي الأصل: ميسور. (5) من الطبري، وفي الأصل: بجد. (6) من الطبري، وفي الأصل بياض. (7) من الطبري، وفي الأصل: دجله. (8) زيد لاستقامة العبارة. (9) في الأصل: معاوية. (10) من الطبري 6/ 197، وفي الأصل: مسلم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 555 وجهد جهيد، لأنهما أخذا دليلا «1» تنكب بهما الجادة، فكاد مسلم بن عقيل أن يموت عطشا إلى أن سلمه الله ودخل الكوفة، فلما نزلها دخل دار المختار بن أبي عبيد «2» ؛ واختلفت إليه الشيعة يبايعونه أرسالا، ووالي الكوفة يومئذ النعمان بن بشير، ولاه يزيد بن معاوية الكوفة؛ ثم تحول مسلم بن عقيل من دار المختار إلى دار هانىء بن عروة «3» ، وجعل الناس يبايعونه في دار هانىء حتى [بايع] «4» «5» ثمانية عشر «5» ألف رجل من الشيعة. فلما اتصل الخبر بيزيد بن معاوية أن مسلما» يأخذ البيعة بالكوفة للحسين بن علي، كتب يزيد بن معاوية إلى عبيد الله بن زياد وهو إذ ذاك بالبصرة وأمره بقتل مسلم بن عقيل أو بعثه إليه؛ فدخل عبيد الله بن «7» زياد الكوفة حتى نزل القصر واجتمع إليه أصحابه، وأخبر عبيد الله بن زياد أن مسلم بن عقيل في دار هانىء بن عروة، فدعا هانئا وسأله فأقر به، فهشم عبيد الله وجه هانىء بقضيب كان في يده حتى تركه وبه رمق «8» . ثم ركب مسلم بن عقيل في ثلاثة آلاف فارس يريد عبيد الله بن زياد، فلما قرب من قصر عبيد الله نظر فإذا معه مقدار ثلاثمائة فارس فوقف يلتفت يمنة ويسرة، فإذا أصحابه يتخلفون عنه حتى بقي معه عشرة أنفس، فقال: يا سبحان الله! غرنا هؤلاء بكتبهم ثم أسلمونا إلى أعدائنا هكذا «9» ، فولى راجعا فلما بلغ طرف الزقاق التفت فلم ير خلفه أحدا، وعبيد الله بن زياد في القصر متحصن يدبر في أمر مسلم   (1) راجع أيضا الطبري 6/ 194 و 198. (2) راجع الفتوح 5/ 57. (3) وقع في الأصل: عوف- خطأ. (4) زيد من الفتوح 5/ 68. (5- 5) في الفتوح: نيف وعشرون. (6) في الأصل: مسلم. (7) في الأصل: بياض. (8) راجع الطبري 6/ 206. (9) راجع الطبري 6/ 7- 9. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 556 ابن عقيل، فمضى مسلم بن عقيل على وجهه وحده فرأى امرأة «1» على باب دارها، فاستسقاها ماء وسألها مبيتا، فأجابته إلى ما سأل وبات عندها، وكانت للمرأة ابن «2» ، فذهب الابن وأعلم عبيد الله بن زياد أن مسلما «3» في دار والدته، فأنفذ عبيد الله بن زياد إلى دار المرأة محمد بن الأشعث بن قيس في ستين رجلا من قيس، فجاءوا حتى أحاطوا بالدار، فجعل مسلم يحاربهم عن نفسه حتى كلّ وملّ، فآمنوه فأخذوه وأدخلوه على عبيد الله، فأصعد القصر وهو يقرأ ويسبح ويكبر ويقول: اللهم احكم بيننا وبين قوم غرونا وكذبونا ثم خذلونا حتى دفعنا إلى ما دفعنا إليه، ثم أمر عبيد الله بضرب رقبة مسلم بن عقيل، فضرب رقبة مسلم بن عقيل بكير بن حمران «4» الأحمري على طرف الجدار فسقطت جثته، ثم أتبع رأسه جسده، ثم أمر عبيد الله بإخراج هانىء بن عروة إلى السوق وأمر بضرب رقبته في السوق «5» . ثم بعث عبيد الله بن زياد برأسي «6» مسلم بن عقيل بن أبي طالب وهانىء بن عروة مع هانىء بن [أبي] «7» حية الوادعي «8» والزبير بن الأورح التميمي إلى يزيد بن معاوية. فلما بلغ الحسين بن علي الخبر بمصاب الناس بمسلم بن عقيل خرج بنفسه يريد الكوفة، وأخرج عبيد الله بن زياد عمر «9» بن سعد إليه فقاتله بكربلاء قتالا   (1) اسمها طوعة- كما ورد في الطبري. (2) اسمه بلال بن أسيد- راجع الطبري 6/ 210. (3) في الأصل: مسلم. (4) من الكامل 4/ 18، وفي الأصل: حماد، وراجع أيضا الطبري 6/ 210؛ وفي الأخبار الطوال 241: وكان الذي تولى ضرب عنقه أحمر بن بكير. (5) كما في الكامل والطبري 6/ 213 فراجعهما. (6) في الأصل: براس، والتصحيح بناء على الكامل. (7) زيد من الطبري 6/ 214. (8) من الطبري، وفي الأصل: الوارعي. (9) من المراجع، وفي الأصل: عمرو. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 557 شديدا حتى قتل عطشانا، وذلك يوما عاشوراء يوم الأربعاء سنة إحدى «1» وستين، وقد قيل: إن ذلك اليوم كان يوم السبت، والذي قتل الحسين بن علي هو سنان بن «2» أنس النخعي «2» . وقتل معه من أهل بيته في ذلك اليوم: العباس بن [علي بن] «3» أبي طالب، وجعفر [بن علي] «3» بن أبي طالب، وعبد الله بن علي بن أبي طالب الأكبر، وعبد الله بن الحسن بن علي بن أبي طالب، والقاسم بن الحسن بن علي ابن أبي طالب، وعون بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، ومحمد بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، وعبد الله «4» بن عقيل بن أبي طالب، ومحمد بن [أبي] «3» سعيد بن عقيل بن أبي طالب؛ واستصغر علي بن الحسين بن علي فلم يقتل، انفلت في ذلك اليوم من القتل لصغره «5» ، وهو والد محمد بن علي الباقر، واستصغر في ذلك اليوم أيضا عمرو «6» بن الحسن بن علي بن أبي طالب فلم يقتل لصغره، وجرح في ذلك اليوم الحسن بن [الحسن بن] «7» علي بن أبي طالب جراحة شديدة حتى حسبوه قتيلا ثم عاش بعد ذلك، وقتل في ذلك اليوم سليمان «8» مولى الحسن ابن علي بن أبي طالب، ومنجح «9» مولى الحسين «10» بن علي بن طالب، وقتل في ذلك اليوم الخلق من أولاد المهاجرين والأنصار، وقبض على عبد الله بن بقطر «11» رضيع الحسين بن علي بن أبي طالب في ذلك اليوم، وقيل: حمل إلى الكوفة ثم   (1) في الأصل: أحد، وراجع أيضا تاريخ اليعقوبي 3/ 245. (2- 2) من الكامل 4/ 39، وفي الأصل: أنس الحنفي، وفي الأخبار الطوال 258: أوس النخعي. (3) زيد من الطبري 6/ 269. (4) من الطبري 6/ 270 والكامل 4/ 48، وفي الأصل: عبيد الله. (5) في الأصل: الصفر. (6) من الطبري، وفي الأصل: عمر. (7) زيد من الطبري. (8) من الطبري، وفي الأصل: سلمان. (9) في الكامل: منحج- بتقديم المهملة. (10) من الطبري، وفي الأصل: الحسن. (11) من الطبري، وفي الأصل: مقسط. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 558 رمي به من فوق القصر، أو قيد فانكسرت رجله، فقام إليه رجل من أهل الكوفة وضرب عنقه. وكانت أم الحسين بن علي بن أبي طالب فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأم العباس بن علي بن أبي طالب أم البنين بنت [حزام بن] «1» خالد بن ربيعة، والعباس يقال له: السقاء «2» ، لأن الحسين طلب الماء في عطشه وهو يقاتل، فخرج العباس وأخوه، واحتال حمل إداوة ماء ودفعها إلى الحسين، فلما أراد الحسين أن يشرب من تلك الإداوة جاء سهم فدخل حلقه، فحال بينه وبين ما أراد من الشرب فاحترشته السيوف حتى قتل، فسمي العباس بن علي «السقاء» لهذا السبب، وكانت والدة جعفر بن علي بن أبي طالب وعبد الله بن علي بن أبي طالب الأكبر ليلى «3» بنت أبي مرة «4» بن عروة بن مسعود بن معتب، وكانت أم عبد الله بن الحسين بن علي بن أبي طالب الرباب بنت «5» القاسم بن أوس «5» بن عدي بن أوس ابن جابر بن كعب «6» ، وكانت أم القاسم بن الحسن بن علي بن أبي طالب أم ولد، وكانت أم عون «7» بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب جمانة بنت المسيب بن نجبة «8» بن ربيعة، وكانت أم محمد بن عبد الله بن جعفر بن عقيل بن أبي طالب أم ولد، وكانت أم عبد الله بن مسلم بن عقيل بن أبي طالب رقية بنت علي بن أبي طالب، وكانت أم الحسن بن الحسن» بن علي بن أبي طالب خولة بنت منظور بن   (1) زيد من الطبري 6/ 269. (2) راجع أيضا نسب قريش 43. (3) هذا وأما ما يفيده مراجعنا فهو أن أم جعفر وعبد الله أم البنين، وأن ليلى هي أم علي بن الحسين بن علي. (4) من الطبري، وفي الأصل: برة. (5- 5) في مراجعنا: امرىء القيس، وراجع أيضا نسب قريش 59. (6) من نسب قريش، وفي الأصل: كليب. (7) من الطبري، وفي الأصل: عثمان. (8) من الطبري، وفي الأصل: نحبه. (9) من الطبري، وفي الأصل: الحسين. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 559 زيان «1» الفزاري، وكانت أم عمرو «2» بن الحسن بن علي بن أبي طالب أم ولد، وقد قيل: إن أبا بكر بن علي بن أبي طالب قتل في ذلك اليوم «3» ، وأمه ليلى بنت مسعود بن خالد بن مالك بن ربعي. والذي تولى في ذلك اليوم حز رأس الحسين ابن علي بن أبي طالب شمر «4» بن ذي الجوشن. ثم أنفذ عبيد الله بن زياد رأس الحسين بن علي إلى الشام مع أسارى النساء والصبيان من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على أقتاب «5» مكشفات الوجوه والشعور، فكانوا إذا نزلوا منزلا أخرجوا الرأس من الصندوق «6» وجعلوه في «6» رمح وحرسوه «7» إلى وقت الرحيل، ثم أعيد الرأس إلى الصندوق ورحلوا؛ فبيناهم كذلك إذ نزلوا بعض المنازل وإذا فيه دير راهب، فأخرجوا الرأس على عادتهم وجعلوه في الرمح وأسندوا الرمح «8» إلى الدير، فرأى الديراني بالليل نورا ساطعا من ديره إلى السماء، فأشرف على القوم وقال لهم: من أنتم؟ قالوا: نحن أهل الشام، قال: هذا رأس من هو؟ قالوا: رأس الحسين بن علي، قال: بئس القوم أنتم! والله لو كان لعيسى ولد «9» لأدخلناه أحداقنا! ثم قال: يا قوم! عندي عشرة آلاف دينار ورثتها من أبي وأبي من أبيه، فهل لكم أن تعطوني هذا الرأس ليكون عندي الليلة وأعطيكم هذه العشرة آلاف دينار؟ قالوا: بلى، فأحدر إليهم الدنانير، فجاءوا بالنقاد، ووزنت الدنانير ونقدت، ثم جعلت في جراب وختم عليه، ثم أدخل   (1) من الطبري، وفي الأصل: زنان. (2) من الطبري، وفي الأصل: عمر. (3) في الأصل بياض. (4) في الأصل: شهر- خطأ. (5) في الأصل: اكتاب، وراجع لهذه الوقعة سمط النجوم 3/ 86. (6- 6) في الأصل: جعلوا في، وفي السمط: رفعوه على. (7) من السمط، وفي الأصل: حروه. (8) في الأصل: الروح. (9) في الأصل: ولدا، والتصحيح من السمط. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 560 الصندوق، وشالوا إليه الرأس، فغسله الديراني ووضعه على فخذه وجعل يبكي الليل كله عليه، فلما أن أسفر عليه الصبح قال: يا رأس! لا أملك إلا نفسي، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن جدك رسول الله، فأسلم النصراني وصار مولى للحسين، ثم أحدر الرأس إليهم فأعادوه إلى الصندوق ورحلوا، فلما قربوا من دمشق قالوا: نحب أن نقسم تلك الدنانير، لأن يزيد إن رآها أخذها منا، ففتحوا الصندوق وأخرجوا الجراب بختمه وفتحوه، فإذا الدنانير كلها قد تحولت خزفا، وإذا على جانب من الجانبين من السكة مكتوب وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ وعلى الجانب الآخر سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ، قالوا: قد افتضحنا والله! ثم رموها في بردى «1» نهر لهم، فمنهم من تاب من ذلك الفعل لما رأى، ومنهم من بقي على إصراره، وكان رئيس من بقي على ذلك الإصرار سنان بن أنس النخعي. ثم أركب الأسارى من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم من النساء والصبيان أقتابا يابسة مكشفات الشعور، وأدخلوا دمشق كذلك «2» ، فلما وضع الرأس بين يدي يزيد بن معاوية جعل ينقر ثنيته بقضيب كان في يده ويقول: ما أحسن ثناياه «3» ! قد ذكرت كيفية هذه القصة وباليتها في أيام بني أمية وبني العباس في كتاب الخلفاء، فأغنى عن إعادة مثلها في هذا الكتاب لاقتصارنا على ذكر الخلفاء الراشدين منهم في أول هذا الكتاب. وقد بعث يزيد بن معاوية مسلم «4» بن عقبة المزني إلى المدينة لست ليال بقين من ذي الحجة سنة ست وستين، فقتل مسلم بن عقبة بالمدينة خلقا من أولاد   (1) في الأصل: بردا، وراجع أيضا معجم البلدان. (2) راجع السمط 3/ 85. (3) راجع السمط والطبري 6/ 267 أيضا. (4) من السمط 3/ 59، وفي الأصل بياض. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 561 المهاجرين والأنصار، واستباح المدينة ثلاثة أيام نهبا وقتلا، فسميت هذه الوقعة وقعة الحرة. وتوفي يزيد بن معاوية بحوارين «1» قرية من قرى دمشق لأربع عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول سنة أربع وستين وهو يومئذ ابن ثمان وثلاثين «2» ، وقد قيل: إن يزيد بن معاوية سكر ليلة وقام يرقص فسقط على رأسه وتناثر دماغه فمات، وصلى عليه ابنه معاوية بن يزيد، وكان نقش خاتم يزيد «آمنت بالله مخلصا» وقبره بدمشق. معاوية بن يزيد أبو ليلى «3» وولي معاوية بن «4» يزيد بن معاوية يوم النصف من شهر ربيع الأول سنة أربع وستين، وأمه أم خالد «5» بنت أبي هاشم بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، وكان له يوم ولي «6» إحدى وعشرون «6» سنة، وقد قيل: لا، بل سبع عشرة سنة، وكان من خير أهل بيته، فلما حضرته الوفاة قالوا له: بايع لرجل بعدك واعهد إليه، قال: ما أصبت من دنياكم شيئا فأتقلد مأثمها «7» . ومات معاوية بن يزيد اليوم «8» الخامس والعشرين من شهر ربيع الآخر سنة أربع وستين، وكانت إمارته أربعين ليلة، وصلى عليه عثمان بن عنبسة «9» بن أبي سفيان، وكان نقش خاتمه «يا الله نستعين- معاوية» وقبره بدمشق.   (1) في الأصل: بجوار، ومبني التصحيح على الطبري 7/ 15. (2) مع الاختلاف في ذلك- راجع الطبري. (3) في الأصل: أبي ليلى. (4) في الأصل بياض. (5) في الطبري 7/ 17: أم هاشم، وراجع أيضا 84. (6- 6) في الأصل: أحد وعشرين. (7) راجع أيضا تاريخ الخلفاء 82. (8) في الأصل: يوم. (9) في مروج الذهب 2/ 98: عتبة، وفي تاريخ الإسلام 2/ 363 كما في أصلنا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 562 مروان بن الحكم وولي مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس، بايعه أهل الشام بالجابية، وأمه آمنة بنت علقمة بن صفوان بن أمية بن مخدش الكعبي. ولما وصل «1» الخبر بموت معاوية الحجاز بايعوا عبد الله بن الزبير بن العوام، وكنية ابن الزبير أبو خبيب «2» ، وبايع له أهل العراق وأهل الحجاز؛ وأم عبد الله بن الزبير أسماء بنت أبي بكر، فكان يخطب لابن الزبير بالحجاز والعراق، ويخطب بالشام إلى المغرب لمروان بن الحكم إلى أن مات مروان بن الحكم في شهر رمضان سنة خمسة وستين بدمشق «3» ، وقد قيل: إن مروان مات بين دمشق وفلسطين، وكان له يوم مات ثلاث وستون سنة، وكانت ولايته عشرة أشهر إلا ثلاث ليال، وصلى عليه ابن عبد الملك بن مروان، قد عهد إليه في حياته، وكان نقش خاتم مروان «آمنت بالعزيز الحكيم» ، وقد قيل: إن نقش خاتم مروان كان «العزة لله» . عبد الملك بن مروان أبو الوليد ثم بايع أهل الشام عبد الملك بن مروان بن الحكم، وكان يكنى أبا الذبان «4» لبخر كان في فمه، وذلك في اليوم الذي مات فيه أبوه، وأم عبد الملك بن مروان عائشة بنت معاوية بن المغيرة بن أبي العاص بن أمية «5» . وأنفذ عبد الله بن الزبير أخاه مصعب بن الزبير إلى عبد الملك بن مروان محاربا له، وسار عبد الملك إلى العراق يريد مصعبا، فالتقوا بدير الجاثليق، وكان بينهما وقعات إلى أن كانت الهزيمة على أصحاب مصعب، وقتل مصعب بن   (1) في الأصل: اتصل. (2) راجع تاريخ الخلفاء. (3) راجع الطبري 7/ 83. (4) من تاريخ الخلفاء 85، وفي الأصل: الدباب. (5) راجع الطبري 8/ 57. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 563 الزبير «1» ، ثم رجع عبد الملك إلى دمشق وجمع الناس واستشارهم في أمر عبد الله ابن الزبير وقال: من له؟ فقام الحجاج بن يوسف فقال: أنا- وكان أصغر القوم وأقلهم نباهة، فقال له عبد الملك: وما يدريك؟ فقال له: إني رأيت في المنام أني خلعت ثوبه «2» ، فقال: أنت له، فأخرجه في جماعة من أهل الأردن والشام لمحاربة ابن الزبير، فوافى الحجاج مكة وحاصر الحرم، ونصب المنجنيق على الكعبة أياما إلى أن ظفر بعبد الله بن الزبير فقتله، وذلك يوم الثلاثاء «3» لثلاث عشرة ليلة بقيت من جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين، وصلبه على جذع منكسا، واستقر الأمر حينئذ لعبد الملك بن مروان، ومات عبد الملك بن مروان بدمشق لأربع ليال خلون من شوال سنة ست وثمانين، وكانت أم عبد الملك بن مروان عائشة بنت معاوية بن المغيرة بن أبي العاص بن أمية «4» ، وصلى عليه ابنه الوليد، وكان له يوم توفي اثنتان وستون سنة، وكان نقش خاتمه «آمنت بالله» . وليد بن عبد الملك أبو العباس وبايع الناس الوليد بن عبد الملك في اليوم الذي توفي أبوه بدمشق، وأم الوليد بن عبد الملك: ليلى بنت العباس بن الحسين بن الحارث بن زهير، وتوفي الوليد بن عبد الملك بدمشق للنصف من جمادى الآخرة سنة ست وتسعين بموضع يقال له دير مران» ، وكان له يوم مات تسع وأربعون سنة، وكان نقش خاتمه «يا وليد» ، مات وصلى عليه سليمان بن عبد الملك، وحمل من دير مران على أعناق الرجال إلى دمشق، ودفن في باب الصغير.   (1) راجع الطبري 7/ 187. (2) راجع الطبري 7/ 195. (3) من تاريخ الخلفاء 82، وفي الأصل: الثالث، وزيدت الواو بعده في الأصل من غير انسجام مع النص فآثرنا حذفها. (4) كما مر آنفا. (5) راجع الطبري 8/ 97. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 564 وفي ولاية الوليد بن عبد الملك مات الحجاج بن يوسف في شهر رمضان سنة خمس وتسعين وهو ابن ثلاث وخمسين سنة «1» ، وهو «2» الحجاج بن يوسف بن الحكم بن أبي عقيل بن عامر «3» بن مسعود «3» بن معتب بن مالك بن كعب بن عمرو «4» ابن سعد بن عوف بن ثقيف بن منبه «5» بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة «6» بن قيس عيلان. سليمان بن عبد الملك أبو أيوب وولي سليمان بن عبد الملك في اليوم الذي مات فيه وليد بن عبد الملك «7» ، وأمه ليلى بنت العباس بن الحسين، وكنية سليمان بن عبد الملك أبو أيوب، مات سليمان بموضع يقال له دابق «8» يوم الجمعة لعشر ليال خلون من صفر، وقد قيل: لعشر بقين من صفر «9» سنة تسع وتسعين، وكان له يوم «10» توفي خمسة وأربعون سنة، وكان نقش خاتمه «أومن بالله» . عمر بن عبد العزيز أبو حفص واستخلف عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم أبو حفص بدير سمعان «11» في اليوم الذي توفي فيه سليمان بن عبد الملك، وأم عمر بن عبد العزيز أم عاصم   (1) راجع أيضا الطبري 8/ 96. (2) راجع أيضا لعمود نسبه الكامل 4/ 80. (3- 3) من الكامل، وفي الأصل: مسعود بن عامر. (4) من الكامل، وفي الأصل: عمر. (5) من أنساب الأشراف 1/ 25، وفي الأصل: هنية. (6) من أنساب الأشراف، وفي الأصل: حفصة. (7) راجع الطبري 8/ 102. (8) من أرض قنسرين. (9) من الطبري 8/ 126، وفي الأصل بياض. (10) في الأصل بياض. (11) من الطبري 8/ 137، وفي الأصل: سنان. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 565 «1» بنت عاصم بن عمر بن الخطاب «1» واسمها ليلى، فلما ولي عمر جمع وكلاءه ونساءه وجواريه فطلقهن وأعتقهن «2» ، وأمر بثيابه «3» فبيعت كلها وتصدق بأثمانها، ولزم طريقة الخلفاء الراشدين المهديين الذين «4» «5» هو من «5» جملتهم، لا تأخذه في الله لومة لائم، وتوفي عمر بن عبد العزيز بدير سمعان [يوم] «6» الجمعة لخمس ليال بقين من رجب سنة إحدى ومائة، وكان له يوم مات إحدى وأربعون «7» سنة، وكانت خلافته سنتين «8» وخمسة أشهر وخمس ليال، وصلى عليه مسلمة بن عبد الملك «9» ، «10» وقيل «10» : صلى عليه عبد العزيز بن عمر «11» بن عبد العزيز، وكان نقش خاتم «12» عمر ابن عبد العزيز «بالله مخلصا» «13» . يزيد بن عبد الملك أبو خالد وولى أهل الشام يزيد بن عبد الملك بن مروان بعد دفن عمر بن عبد العزيز، وكنية يزيد بن عبد الملك أبو خالد، وأمه عاتكة بنت يزيد بن معاوية بن أبي سفيان «14» ، توفي يزيد بن عبد الملك بحوران من أرض دمشق يوم الجمعة أو   (1- 1) من الطبري، وفي الأصل بياض. (2) راجع صفة الصفوة 2/ 67. (3) في الأصل ما صورته: ساعة- كذا، ومبنى التصحيح على صفة الصفوة 2/ 65. (4) في الأصل: الذي. (5- 5) في الأصل بياض. (6) زيد من الطبري 8/ 137. (7) في الأصل: ستون- خطأ، وما أثبتناه هو أقرب إلى المراجع الأخرى. (8) في الأصل: سنتان. (9) راجع تاريخ اليعقوبي 2/ 308. (10- 10) بياض في الأصل. (11) في الأصل: عمرو. (12) في الأصل: خاتمة. (13) في هامش الأصل عليه علامة التصحيح. (14) راجع تاريخ اليعقوبي 2/ 310. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 566 الخميس لخمس ليال بقين من شعبان سنة خمسة ومائة «1» ، وكان له يوم توفي تسع وعشرون «2» سنة، وكانت ولايته أربع سنين وشهرا «3» ... لأنه مات بسواد الأردن، وصلى عليه ابنه الوليد بن يزيد بن «4» عبد الملك «4» ، وكان نقش خاتم ابن عبد الملك «رب قني الحساب» . هشام بن عبد الملك أبو الوليد وولى هشام بن عبد الملك بن مروان في اليوم الذي توفي فيه أخوه، وأمه عائشة بنت هشام بن إسماعيل بن هشام بن الوليد بن المغيرة المخزومي «5» ، ومات هشام بن عبد الملك بالرصافة من أرض قنسرين يوم الأربعاء لست ليال خلون من شهر ربيع الآخر سنة خمس وعشرين ومائة، وكان له يوم توفي ست «6» وخمسون سنة، وكانت ولايته» تسع عشرة «7» سنة وستة أشهر وإحدى عشرة ليلة، وصلى عليه الوليد بن يزيد بن عبد الملك، وكان نقش خاتم هشام بن عبد الملك «للحكم الحكيم» وكان هشام أحول. الوليد بن يزيد بن عبد الملك أبو العباس وولي الوليد بن يزيد بن عبد الملك بعد دفن هشام بن عبد الملك، وأمه أم محمد «8» واسمها عائشة بنت محمد بن يوسف الثقفي أخو الحجاج بن يوسف، وكنية الوليد بن يزيد أبو العباس، وقتل الوليد بن يزيد بن عبد الملك يوم الخميس   (1) راجع أيضا الطبري 8/ 178. (2) في الأصل: عشرين، وتاريخ وفاة يزيد يتعرص لغاية الاختلاف فراجع الطبري. (3) من الطبري، وفي الأصل: شهر. (4- 4) في الأصل بياض. (5) راجع الطبري 8/ 180. (6) في الأصل: سنة. (7- 7) في الأصل: تسعة عشر، وراجع أيضا الطبري 8/ 283. (8) في الكامل 5/ 136 وتاريخ اليعقوبي 2/ 331: أم الحجاج. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 567 ليلتين بقيتا من جمادى الآخرة سنة ست وعشرين ومائة «1» ، قتله يزيد الناقص «2» بالبخراء «3» من أرض دمشق، وكانت ولايته سنة [وثلاثة] «4» أشهر و «5» اثنين وعشرين «5» يوما. يزيد بن الوليد بن عبد الملك أبو خالد وولي يزيد بن الوليد «6» بعد قتل الوليد «6» بن يزيد بن عبد الملك «7» ، وأمه هند بنت عبد العزيز بن مروان «8» ، ومات يزيد بن الوليد لعشر بقين من ذي الحجة سنة ست وعشرين ومائة، وكانت ولايته خمسة أشهر، وقد قيل: خمسة أشهر وليلتين، وصلى عليه إبراهيم بن الوليد «9» بن عبد الملك «9» ، وكان يقال له: يزيد الناقص، وإنما سمي بذلك لأنه نقص عطاء الجند «10» عما [زاده الوليد] «11» فسمي بذلك الناقص. إبراهيم بن الوليد بن عبد الملك أبو إسحاق وولي إبراهيم بن الوليد بن عبد الملك بن مروان في اليوم الذي مات فيه   (1) راجع أيضا الكامل. (2) راجع أيضا الطبري 9/ 22. (3) من تاريخ اليعقوبي 2/ 334 ومعجم البلدان، وفي الأصل: بالنحران. (4) زيد من الكامل. (5- 5) في الأصل: اثنان وعشرون. (6- 6) في الأصل بياض، وفي تاريخ اليعقوبي ما يفيد أنه ولي بعد قتل الوليد بخمس. (7) في الأصل: مروان. (8) هذا وأما المراجع الأخرى فتتفق على أن أمه شاهفريد بنت فيروز بن يزدجرد بن شهريار بن كسرى- راجع أيضا جمهرة أنساب العرب 81. (9- 9) تكرر في الأصل مع بياض قدر ثلاث كلمات. (10) في الأصل: الخبر. (11) زيد ما بين الحاجزين لاستقامة العبارة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 568 أخوه، وكانت أمه أم ولد «1» ، وكان يلقب بصلبان «2» باسم مجنون «3» ، وكان عندهم بدمشق، وبقي في العمل [ثلاثة] «4» أشهر، ثم قدم مروان بن محمد دمشق، وراوده «5» «6» على أن «6» يخلع نفسه بعد أن قاتله «7» مروان فسمي المخلوع، وبقي بعد ذلك مدة «8» إلى أن مات بدمشق، وقد «9» قيل: إن مروان بن محمد هو الذي قتله وصلبه، وكان اليوم الذي خلع فيه إبراهيم بن الوليد يوم «9» الإثنين لأربع عشرة «10» ليلة خلت من شهر صفر سنة سبع وعشرين ومائة. مروان بن محمد بن مروان بن الحكم أبو عبد الملك وولي مروان بن محمد في اليوم الذي خلع فيه إبراهيم بن الوليد نفسه وذلك يوم الإثنين، وكان يقال له مروان الحمار، وإنما عرف بالحمار لقلة عقله «11» ، وأمه أم ولد جارية كردية كان يقال لها لبابة «12» . وظهر أبو مسلم واسمه عبد الرحمن بن مسلم «13» أحد بني جندع بن ليث بن بكر بن عبد مناف «14» بخراسان يوم الخميس لعشر بقين من رمضان سنة تسع   (1) يقال لها: سعار- كما في تاريخ اليعقوبي 2/ 337. (2) في الأصل: مصليان، ومبنى التصحيح على سمط النجوم 3/ 223. (3) من السمط، وفي الأصل موضعه بياض. (4) زيد من السمط. (5) في الأصل: راودوه. (6- 6) بياض في الأصل. (7) في الأصل: قتل. (8) في الأصل: مرة. (9) في الأصل بياض. (10) في الأصل: عشر. (11) ذكر السيوطي في هذا الباب وجوها أخر- راجع تاريخ الخلفاء 99. (12) في تاريخ اليعقوبي 2/ 338: ريّا، وراجع أيضا الكامل 5/ 204. (13) راجع لسان الميزان. (14) راجع جمهرة أنساب العرب 173. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 569 وعشرين ومائة. فأظهر «1» الدعوة للرضا من آل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم دخل مرو وفضّ الجموع التي كانت بها مع نصر بن سيار، وهرب نصر بن سيار من «2» أبي مسلم يريد العراق، فمات بساوة «3» ، وخرج أبو مسلم من مرو إلى نيسابور ثم قصد الري ثم خرج منها إلى الكوفة فدخلها، وأنفذ عبد الله بن علي بن «4» العباس وأهل بيته وهم بالمدينة فاستقدمهم الكوفة، وأنفذ عبد الله بن علي مع جيش جرار إلى دمشق يريد مروان بن محمد، فأنفذ عبد الله بن علي على مقدمته صالح بن علي فجعل صالح بن علي «5» على مقدمته أبا عون عبد «5» الملك بن يزيد، فواقع ابن عون مروان بن محمد بموضع يقال له أبو صير» من رستاق يدعى من صعيد مصر، لأنه هرب إلى الصعيد، فقتل مروان الحمار عامر بن إسماعيل المروزي، وذلك يوم الخميس لست ليال بقين من ذي الحجة سنة إحدى وثلاثين ومائة «7» ، وقد قيل: إن مروان بن محمد قتل «8» في بعض نواحي دمشق وانقضت مدة ملك بني «9» أمية على رأسه. السفاح أبو العباس وولي أبو مسلم أبا العباس «10» ، واسمه عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله ابن العباس، وذلك يوم الجمعة لثلاث عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول سنة   (1) في الأصل: فظهر. (2) في الأصل: بن. (3) من معجم البلدان وكتاب البدء والتاريخ 6/ 64، وفي الأصل: بالساوة. (4) في الأصل: أبي؛ وراجع البدء والتاريخ 6/ 66. (5- 5) ما بين الرقمين بياض في الأصل، وراجع أيضا سمط النجوم 3/ 227. (6) من السمط، وفي الأصل: أبو صبر، وفي الطبري 9/ 134: بوصير. (7) راجع أيضا الطبري 9/ 136 و 137. (8) في الأصل بياض. (9) في الأصل: بن. (10) في الأصل: أبو العباس. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 570 اثنتين وثلاثين ومائة «1» ، وأمه رائطة «2» بنت عبيد الله بن عبد الله بن عبد المدان الحارثي، وهو أول عباسي تولى «3» الخلافة، وتحول أبو العباس من الحيرة إلى الأنبار «4» ، وبنى مدينتها للنصف من ذي الحجة سنة أربع وثلاثين ومائة «5» ، وتوفي أبو العباس يوم الأحد بالأنبار ليلة عشر خلت من ذي الحجة سنة ست وثلاثين ومائة «6» ، وصلى عليه عيسى بن علي بن عبد الله بن عباس «7» ، وكانت ولايته أربع سنين «8» وثمانية أشهر، وكان مولده بالشام بالحميمة «9» ، وكان نقش خاتم أبي العباس «الله ثقة عبد الله وبه يؤمن» «10» . المنصور أبو جعفر أخوه وولي أبو جعفر المنصور، واسمه عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس في اليوم الذي مات فيه أخوه، وأمه أم ولد اسمها سلامة «11» ، وتوفي أبو جعفر بالأبطح بمكة لتسع خلون من ذي الحجة سنة ثمان وخمسين ومائة، ودفن ببئر ميمون، وصلى عليه إبراهيم بن يحيى بن محمد بن علي، وقد قيل: لا، بل صلى عليه عيسى بن محمد بن علي «12» ، والمنصور هو قاتل أبي مسلم، وكان أبو مسلم   (1) راجع أيضا تاريخ اليعقوبي 2/ 349. (2) من تاريخ الخلفاء 100، وفي الأصل: رابطه- غير منقوط، وفي تاريخ اليعقوبي وجمهرة أنساب العرب 18: ريطة. (3) في الأصل بياض. (4) من تاريخ الخلفاء، وفي الأصل: الإنذار. (5) راجع تاريخ اليعقوبي 2/ 358. (6) راجع تاريخ اليعقوبي 2/ 362. (7) أو إسماعيل بن علي- كما في تاريخ اليعقوبي. (8) في الأصل: سنتين. (9) راجع تاريخ الخلفاء. (10) ألم بذكر هذا النقش في تاريخ الخلفاء أيضا. (11) البربرية- كما زاد في تاريخ الخلفاء وتاريخ اليعقوبي 2/ 364. (12) وفي تاريخ اليعقوبي ما يفيد أن ابنه صالحا هو الذي صلى عليه- راجع 2/ 389 منه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 571 مولده بكرخ أصبهان، واسمه عبد الرحمن بن مسلم، قتله المنصور في آخر شعبان سنة سبع وثلاثين ومائة «1» ، وطواه في بساط لأنه ترك الرأي «2» بالرأي، وكان للمنصور يوم ولي «3» ثلاث وستون سنة، وكانت ولايته «4» اثنتين وعشرين «4» سنة غير يوم، وكان نقش خاتم المنصور «الله ثقة عبد الله» . المهدي بن المنصور أبو عبد الله وولي محمد بن عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس في اليوم الذي توفي فيه أبوه، وأمه أم موسى بنت منصور بن عبد الله بن «5» سهم بن يزيد «5» الحميري، ومات المهدي بماسبذان «6» بقرية يقال لها السواد، وذلك في المحرم ليلة الخميس لثمان بقين منه سنة تسع وستين ومائة، وكان له يوم توفي ثلاث «7» وأربعون سنة، وكانت ولايته عشر سنين وشهرا «8» و «9» أربع عشرة «9» ليلة، وصلى عليه ابنه هارون «10» ، وقد كان نقش خاتمه «استقدر الله تعالى» . الهادي بن مهدي أبو محمد وولي موسى بن محمد بن أبي جعفر المنصور في اليوم الذي مات فيه أبوه،   (1) راجع تاريخ الخلفاء 101. (2) كذا، ولعله: الري. (3) في الأصل: ولد. (4- 4) في الأصل: اثنتان وعشرون. (5- 5) في الأصل: يزيد بن سهم، والتصحيح بناء على تاريخ اليعقوبي 2/ 392 ومروج الذهب 2/ 246. (6) من الكامل 6/ 32؛ وفي الأصل: بما سيدان. (7) في الأصل: ثلاثة. (8) من الكامل 6/ 32، وفي الأصل: شهر. (9- 9) في الأصل: أربعة عشر. (10) راجع أيضا تاريخ اليعقوبي 2/ 402. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 572 وكان موسى يومئذ بجرجان «1» ، و «2» أمه الخيزران «2» أم ولد، بويع ببغداد وأنفذت «3» البيعة إليه وهو بجرجان، ثم قدم الهادي ببغداد، وتوفي موسى الهادي يوم الجمعة بموضع يقال له عيساباذ «4» من سواد العراق، وذلك يوم الجمعة لأربع عشرة ليلة مضت من شهر ربيع الأول سنة سبعين ومائة، وكان له يوم توفي خمس وعشرون «5» سنة، وكانت ولايته» أربعة عشر شهرا إلا ست ليال، وصلى عليه أخوه هارون الرشيد بن الهادي، وكان نقش خاتم «7» الهادي «الله ربي» «8» . الرشيد بن المهدي أبو جعفر وولي هارون بن محمد بن أبي جعفر المنصور في اليوم الذي توفي فيه أخوه موسى، وكنية هارون أبو جعفر، وأمه أم ولد، وتوفي هارون الرشيد بطوس بموضع يقال له سناباذ «9» بخارج النوقان «10» ، وكان قد خرج من جرجان إليها، وذلك في جمادى الأولى سنة ثلاث وتسعين ومائة «11» ، وكان مولده بمدينة السلام، وكان نقش خاتم هارون «بالله ثقتي» . ورأيت قبر هارون الرشيد تحت قبر علي بن موسى الرضا «12» بينهما مقدار   (1) وجاء التصريح بذلك في تاريخ اليعقوبي 2/ 404. (2- 2) وقع في الأصل: أم الحبرران- كذا خطأ. (3) في الأصل: انقرت. (4) من الطبري 10/ 33، وفي الأصل: عيسى أناد. (5) في الأصل: عشرين. (6) في الأصل بياض. (7) في الأصل: خاتمه. (8) وفي تاريخ الخلفاء 110 أن نقش خاتمه «الله ثقة موسى وبه أومن» . (9) من معجم البلدان والطبري 10/ 111، وفي الأصل: شاباد، وفي مروج الذهب 2/ 263: ساباذ. (10) من المعجم، وفي الأصل: التوقان. (11) راجع أيضا الكامل 6/ 85. (12) راجع أيضا سناباذ في المعجم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 573 ذراعين في رأي العين، علي في القبلة وهارون في المشرق مما «2» يليه، وكان لهارون «1» يوم توفي تسع وأربعون «3» سنة، وكانت ولايته «4» ثلاثا وعشرين سنة وشهرين «4» وسبعة عشر يوما. الأمين بن الرشيد أبو عبد الله وولي محمد بن هارون، وأمه زبيدة، وهي أم جعفر بنت جعفر بن أبي جعفر المنصور، ومحمد يومئذ ببغداد، فوقعت البيعة عليه بطوس وهو غائب ببغداد «5» ، ثم أخذ «6» بيعة الناس لابنه محمد بعده، ثم أخذ بيعة الناس لابنه عبد الله بعد محمد، فلما مات هارون وولي محمد جعل عبد الله «7» بن هارون «7» المأمون ينفذ الأعمال بطوس وخراسان بعد موت أبيه، وأنفذ طاهر بن الحسين الأعور لمحاربة أخيه ببغداد، فوافى طاهر ببغداد، وحاصر الأمين بها، وقاتله إلى أن قتله، وأنفذ رأسه إلى المأمون، وكان ذلك يوم الأحد لسبع بقين من المحرم سنة ثمان وتسعين ومائة «8» ، وكان نقش خاتم الأمين «قاصده لا يخيب» . المأمون بن الرشيد أبو العباس وولي عبد الله بن هارون المأمون أخو محمد ببغداد في اليوم الذي قتل فيه أخوه، وبايعه الناس بيعة العامة، وكانت أمه أم ولد اسمها مراجل «9» ، توفي   (1) في الأصل: من. (2) في الأصل: هارون. (3) في الأصل: أربعين، وراجع أيضا المراجع الأخرى فإنها تتفق على أن مبلغ عمره سبع وأربعون وبضعة أشهر. (4- 4) من الكامل، وفي الأصل: ثلاث وعشرون سنة وشهران. (5) راجع أيضا تاريخ اليعقوبي 2/ 433. (6) أي هارون؛ والأسلوب ينم عن تعرض العبارة لخلل أو فجوة بالرغم من التحامها في المتن. (7- 7) ما بين الرقمين موضعه في الأصل بياض. (8) راجع الطبري 10/ 196 و 208 وما بعده. (9) في الأصل: مراحل، والتصحيح من تاريخ الخلفاء 121، وفيه أنها ماتت في نفاسها به. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 574 المأمون بالبذندون «1» خارج طرسوس على طريق الروم في شهر رجب لإحدى عشرة ليلة خلت منه سنة ثمان عشرة ومائتين «2» ، وحمل إلى طرسوس وصلى عليه أخوه أبو إسحاق المعتصم، ودفن بطرسوس، وكان له يوم مات «3» ثمان وأربعون سنة وثلاثة أشهر، وكانت ولايته عشرين «4» سنة وستة أشهر وستة عشر يوما، وكان مولده بمدينة السلام. وكان نقش خاتمه «الله ثقة عبد الله وبه يؤمن» «5» . المعتصم بن الرشيد أبو إسحاق وولي محمد بن هارون أبو إسحاق المعتصم أخو المأمون بعد دفن أخيه بطرسوس، وأمه أم ولد اسمها ماردة «6» ، فأخذ المعتصم في إجبار «7» ما لا يحتاج إليه، وضرب أحمد بن حنبل بالسياط «8» وقتل أحمد بن نصر الخزاعي «9» ، حتى بقي الناس في تلك الفتنة إلى أن مات المعتصم «10» بسر من رأى «10» من أرض القاطول «11» ليلة الخميس لثمان عشرة خلت من شهر ربيع الأول سنة سبع وعشرين ومائتين «12» ، وقد قيل: لثمان بقين من شهر ربيع الأول، وصلى عليه ابنه الواثق، وكان [له] «13» يوم توفي سبع وأربعون سنة وثلاثة عشر يوما، وكانت ولايته ثمان سنين وثمانية   (1) من المراجع ومعجم البلدان، وفي الأصل: ببندر- كذا. (2) راجع أيضا الطبري 10/ 295. (3) في الأصل: قتل. (4) في الأصل: عشرون. (5) وورد في تاريخ الخلفاء 124 عن الأصمعي أن نقش خاتم المأمون كان «عبد الله بن عبد الله» . (6) راجع أيضا تاريخ الخلفاء 132 وفيه أنها كانت أحظى الناس عند الرشيد. (7) في الأصل: احيار- كذا. (8) راجع تاريخ اليعقوبي 2/ 472. (9) راجع تاريخ اليعقوبي 2/ 482 ففيه أنه قتل في أيام الواثق، وراجع أيضا تاريخ الخلفاء 135. (10- 10) من المراجع، وفي الأصل: بنشر من رائي. (11) من المراجع، وفي الأصل: العاطول. (12) راجع أيضا مروج الذهب 2/ 356. (13) زيد لاستقامة العبارة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 575 أشهر، وكان نقش خاتمه «الحمد لله الذي ليس كمثله شيء» . الواثق بن المعتصم أبو جعفر وولي هارون- وأبوه أبو إسحاق المعتصم بن الرشيد- بعد دفن أبيه، وأمه أم ولد تدعى قراطيس «1» ، وكان للواثق يوم ولي ستة وعشرون سنة وشهران وثمانية أيام «2» ، وتوفي الواثق يوم الأربعاء لست بقين من ذي الحجة سنة اثنتين وثلاثين ومائتين، وكانت ولايته خمس سنين وستة «3» أشهر وثلاثة عشر يوما، وصلى عليه أخوه جعفر المتوكل، وكان مولد الواثق بمدينة السلام، ونقش خاتمه «الله ثقة الواثق» . المتوكل بن المعتصم أبو الفضل وولي جعفر بن محمد بن هارون بعد دفن أخيه الواثق بن المعتصم، وأم المتوكل أم ولد اسمها شجاع» ، وكان له يوم ولي ثمان وعشرون سنة «5» ، فأظهر المتوكل محبة السنة والميل إليها وأنكر ما كان يفعله أبوه وأخوه في هذا الشأن، ورفع من شأن أهل العلم، ومرهم على أحمد بن نصر؛ فمالت قلوب العوام إليه، وقتل المتوكل يوم الأربعاء لخمس خلون أو «6» لسبع خلون من شهر شوال سنة سبع وأربعين ومائتين، قتله ابنه المنتصر وهو الذي صلى عليه، وكان نقش خاتم المتوكل «لا إله إلا الله، المتوكل على الله» ، وكانت ولايته «7» خمس عشرة «7» سنة وشهرين.   (1) من المراجع، وفي الأصل: قراطيش. (2) راجع أيضا مروج الذهب 2/ 356. (3) في مروج الذهب: تسعة. (4) من تاريخ اليعقوبي 2/ 484، وفي الأصل: سجاع. (5) راجع أيضا مروج، الذهب 2/ 368. (6) في الأصل «و» . (7- 7) في الأصل: خمسة عشر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 576 المنتصر بن المتوكل أبو جعفر وولي محمد بن جعفر بن محمد بن هارون المنتصر بن «1» المتوكل بن المعتصم بن الرشيد في اليوم الذي قتل فيه أبوه، وبايعه أخواه المعتز والمؤيد، وكانت أم المنتصر أم ولد يقال لها حبشية «2» ، ومات المنتصر بن المتوكل يوم الإثنين لأربع خلون من شهر ربيع الأول سنة ثمان وأربعين ومائتين «3» ، وصلى عليه المستعين بن المعتصم عمه، وكان نقش خاتم المنتصر «محمد بالله ينتصر» . المستعين بن المعتصم أبو عبد الله وولي أحمد بن محمد بن هارون، وهو أخو جعفر المتوكل وعم المستنصر ابن المتوكل، وأم المستعين اسمها مخارق أم ولد «4» ، وبويع «5» في اليوم الذي توفي [فيه] «6» المنتصر، فلما دخلت سنة إحدى وخمسين ومائتين وقع بين المعتز والمستعين الفتن الكثيرة والمناوشات الشديدة إلى أن خلع المستعين نفسه في آخر سنة إحدى وخمسين ومائتين «7» ، وذلك يوم الأربعاء للنصف من المحرم، وكان نقش خاتم المستعين «أحمد بن محمد» . المعتز بن المتوكل أبو عبد الله وبايع الناس بعد خلع المستعين نفسه الزبير «8» بن جعفر بن محمد بن محمد ابن هارون، وهو المعتز بن المتوكل، أمه أم ولد اسمها قبيحة «9» ، وقتل المعتز في   (1) في الأصل: وأبو. (2) راجع تاريخ الخلفاء 143. (3) راجع أيضا مروج الذهب 2/ 398. (4) راجع مروج الذهب 2/ 407. (5) في الأصل: بايع. (6) زيد لاستقامة العبارة. (7) راجع أيضا تاريخ الخلفاء 143. (8) راجع أيضا تاريخ الخلفاء 144. (9) من تاريخ الخلفاء وتاريخ اليعقوبي 2/ 500، وفي الأصل: صبيحة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 577 شهر رجب سنة خمس وخمسين ومائتين، وكان نقش خاتمه «المعتز بالله» . المهتدي بن الواثق أبو عبد الله وولي محمد بن هارون بن محمد بن هارون وهو المهتدي بن الواثق بن المعتصم بن الرشيد بسر من رأى ليومين بقيا من رجب سنة خمس وخمسين ومائتين، وغلب عليه الأتراك إلى «1» أن قتلوه لثلاث عشرة بقيت من رجب سنة ست وخمسين ومائتين، وكانت أمه أم ولد «2» ، ونقش خاتم المهتدي «محمد أمير المؤمنين» . المعتمد بن المتوكل أبو العباس وولي أحمد بن جعفر وهو المعتمد «3» بن المتوكل بن المعتصم بن الرشيد- في اليوم الذي قتل فيه المهتدي «4» ، وأمه أم ولد اسمها فتيان «5» ، فجعل المعتمد «3» أخاه أبا أحمد الموفق ولي عهده يوم الجمعة لاثنتي عشرة خلت من ذي القعدة سنة إحدى وستين ومائتين، فجعل الموفق يبعد «6» ويحجب الناس عن المعتمد واعتل أنه مزحور «7» ، وكان للمتوكل ثلاثة بنين: أكبرهم محمد بن جعفر وهو المنتصر، والأوسط منهم أحمد بن جعفر وهو المعتمد «3» ، والأصغر طلحة بن جعفر وهو الموفق أبو أحمد، وتوفي أبو أحمد الموفق من علة صعبة كانت به يوم الخميس «8» لثمان خلون «8» من صفر سنة ثمان وسبعين ومائتين، وتوفي المعتمد لإحدى عشرة   (1) في الأصل بياض. (2) تسمى وردة- كما في تاريخ الخلفاء 144. (3) وقع في الأصل: المعتمر- مصحفا، وراجع أيضا تاريخ الخلفاء 146. (4) راجع تاريخ اليعقوبي 2/ 507. (5) من تاريخ الخلفاء ومروج الذهب 2/ 441، وفي الأصل: قينان، وفي سمط النجوم 3/ 348: فينان. (6) في الأصل: يتعد- وهو واضح خطأه. (7) الأصل ما صورته: فرحوّ. (8- 8) في مروج الذهب 2/ 460: لثلاث بقين. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 578 ليلة بقيت من رجب سنة تسع وسبعين ومائتين «1» ، وكان له يوم توفي ستون سنة «2» . المعتضد بن الموفق بن المتوكل أبو العباس وولي أحمد بن طلحة بن جعفر- وهو ابن أبي أحمد الموفق- في اليوم الذي توفي فيه المعتمد، وكانت أمه أم ولد «3» ، وتوفي المعتضد «4» ببغداد ليلة الإثنين لثمان بقين من شهر ربيع الآخر سنة تسع وثمانين ومائتين «5» ، وقد قيل: إن المعتضد توفي يوم الأربعاء لخمس «6» خلون من جمادى الآخرة سنة تسع وثمانين ومائتين «7» ؛ وقد قيل: غسله أبو عمر محمد بن يوسف بن يعقوب، وصلى عليه أبو يوسف؛ وكان [له] «8» يوم توفي ست وأربعون سنة، وكان نقش خاتمه «المعتز بالله» . المكتفي بن المعتضد أبو محمد وولي علي بن أحمد بن طلحة بن جعفر بعد دفن أبيه، وأمه أم ولد جارية تركية «9» ، وتوفي المكتفي ليلة الأحد «10» لثلاث عشرة «11» ليلة خلت من ذي القعدة سنة خمس وتسعين ومائتين، وغسله أبو عمر، وهو الذي صلى عليه، وكان للمكتفي يوم توفي إحدى وثلاثون سنة.   (1) كما في السمط 3/ 349. (2) وفي السمط: أربعون سنة وستة أشهر، وفي مروج الذهب 2/ 441: ثمان وأربعون سنة. (3) اسمها صواب- كما صرح به في السمط 3/ 350. (4) في الأصل: المعتمد. (5) راجع أيضا مروج الذهب 2/ 462. (6) في الأصل: خمس. (7) في الأصل بياض. (8) زيد لاستقامة العبارة. (9) اسمها جيجك- كما في تاريخ الخلفاء 151. (10) في الأصل: الأحمد- خطأ. وراجع أيضا مروج الذهب 2/ 490. (11) في الأصل: عشر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 579 المقتدر بن المعتضد بن الموفق بن المتوكل أبو الفضل وولي جعفر أخو المكتفي في اليوم الذي توفي فيه أخوه المكتفي، وأم المقتدر أم ولد يقال لها: شغب» ، وكان مولد المقتدر سنة اثنتين «2» وثمانين ومائتين، وبايع الخاص لعبد الله بن المعتز في شهر ربيع الأول سنة ست وتسعين ومائتين، وبقي مع المقتدر الحجرية وجماعة من الحشم وعوام الناس، فركب الحسين بن حمدان في جماعة معه من الأعراب وجاء إلى باب المقتدر ثم ذهب قاصدا دار [ابن] «3» المعتز، فحارب أصحاب [ابن] «3» المعتز وقتل ظاهرا مكشوفا والعباس بن الحسن «4» بن أيوب وكان كاتب «5» [ابن] «3» المعتز، وظفر بأصحاب ابن المعتز فهزمهم وقبض على عبد الله بن المعتز وقتله، واستوى أمر المقتدر، وهدأت أمور الناس وصار الناس كأنهم «6» نيام لا يحسبون بفتنة، وعمرت والدته الحرمين وأنفقت عليهما في كل سنة أموالا خطيرة، وكذلك عمرت بيت المقدس، وكانت تنفق عليها وعلى الثغور في كل سنة أموالا خطيرة، وارتفع أهل العلم في كل بلد من الدنيا، ورأيت بغداد في تلك الأيام أطيب ما كانت وأجلها وأعمرها، ثم أناءت أمور المقتدر عليه سنة ست «7» عشرة وثلاثمائة، واتفق الناس على خلعه فخلعوه، وأقعدوا أخاه القاهر «8» مكانه بعد أن خلع المقتدر نفسه، فبقي القاهر ثلاثة أيام كذلك، ثم خلع القاهر نفسه وبايع الناس المقتدر ثانيا، وعمل المقتدر إلى آخر سنة عشرين وثلاثمائة، ثم اضطرب الجيش وهيجهم مؤنس «9» على المقتدر،   (1) في مروج الذهب 2/ 501: سغب، وفي تاريخ الخلفاء 152 كما هنا. (2) من تاريخ الخلفاء، وفي الأصل: اثنين. (3) زيد ولا بد منه. (4) من تاريخ الخلفاء، وفي الأصل: الحسين. (5) في الأصل: كانت. (6) في الأصل: فإنهم. (7) في الأصل: سنة. (8) في الأصل: القادر، وراجع أيضا تاريخ الخلفاء 154. (9) من تاريخ الخلفاء، وفي الأصل: يونس. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 580 فركب المقتدر بنفسه ليسكن القوم، وعليه بردة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبينا هو واقف ومعه الخلق من الجند إذ جاءه رجل بربري لا يعرف من هو، فتوهموا أنه يريد أن يسلم عليه، فلما دنا منه رماه بحربته فقتله، وذلك يوم الثلاثاء «1» لثلاث بقين من شوال سنة عشرين وثلاثمائة. القاهر بن المعتضد أبو العباس وولي محمد بن أحمد بن طلحة بن جعفر وهو أخ المقتدر والمكتفي في اليوم الذي قتل فيه أخوه المقتدر، وبقي [في] «2» الولاية سنة وستة أشهر «3» ، ثم كحل «4» وخلع، وتوفي القاهر سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة «5» . الراضي بن المقتدر أبو العباس وولي محمد «6» بن جعفر بن أحمد بن طلحة بن جعفر، وهو الراضي بن المقتدر بن المعتضد بن الموفق بن المتوكل بن المعتصم بن الرشيد بن المهدي بن المنصور بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب؛ ومات الراضي في أول سنة سبع «7» وعشرين وثلاثمائة. المتقي «8» بن المقتدر وولي إبراهيم بن جعفر بن أحمد بن طلحة بن جعفر في أول سنة   (1) في الأصل: الثلاث. (2) زيد لاستقامة العبارة. (3) راجع أيضا مروج الذهب 2/ 513. (4) في تاريخ الخلفاء 156: قال محمود الأصبهاني: كان سبب خلع القاهر سوء سيرته وسفكه الدماء، فامتنع من الخلع فسملوا عينيه. (5) راجع أيضا مروج الذهب 2/ 513. (6) من مروج الذهب 2/ 519 وتاريخ الخلفاء 157، وفي الأصل: أحمد. (7) في مرآة الجنان 2/ 296: تسع. (8) زيد بعده في الأصل: المقتدي- كذا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 581 «1» اثنتين وثلاثين «1» وثلاثمائة، وتوفي سنة «2» خمس وثلاثين «2» وثلاثمائة «3» . المطيع بن المقتدر وولي [الفضل] «4» بن جعفر بن محمد بن أحمد بن طلحة بن جعفر- وهو ابن المقتدر بعد دفن المستكفي هو باق لا أدري ما الله صانع به إلا أنه «5» خليفة يموت أو يقتل لا محالة لأن له أسوة بمن فقدهم «6» - والله أعلم. ذكر الخلفاء الراشدين والملوك الراغبين أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي ثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي ثنا الوليد بن مسلم ثنا الأوزاعي حدثني الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يكون بعدي خلفاء يعملون بما يعلمون ويفعلون ما يؤمرون، ثم يكون بعدهم خلفاء يعملون بما لا يعلمون ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن أنكر عليهم فقد برىء، ولكن من رغب «7» وتابع» . قال أبو حاتم: قد ذكرنا جمل ما يحتاج إليه من الحوادث التي كانت في أيام الخلفاء الأربعة «8» الراشدين المهديين، وأومأنا إلى ذكر من كان بعدهم من بني أمية وبني العباس، وأغضينا عن ذكر ما لو لم يذكر من أخبارهم لم يلتفت الناظر في كتابنا هذا عليه لإمعاننا في ذكرها في كتاب الخلفاء من بني أمية وبني العباس من   (1- 1) في مرآة الجنان والشذرات: تسع وعشرين. (2- 2) في الشذرات 2/ 333: سبع وخمسين. (3) وبويع المستكفي بالله بعد المتقي. (4) زيد من تاريخ الخلفاء. (5) زيد بعده في الأصل: أو- كذا. (6) مات المطيع طبيعيا في المحرم سنة أربع وستين- كما في تاريخ الخلفاء 162 وفيه أن ممن مات في أيام المطيع المسعودي صاحب مروج الذهب وابن حبان صاحب الصحيح. (7) من مسند الإمام أحمد 6/ 305، وفي الأصل بياض. (8) في الأصل: إلا ربع. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 582 كتبنا. وإنا سنذكر بعد هذا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتاب واحدا واحدا بأنسابهم وقبائلهم وما يعرف من أنسابهم وأوقاتهم، كيلا يتعذر على سالك سبيل العلم الوقف على أبنائهم إن أراد الله ذلك وشاء- نسأل الله العون على ما يقربنا إليه ويزلفنا لديه، إنه جواد كريم رؤوف رحيم. «1» أول كتاب الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين «2» بسم الله الرحمن الرحيم «2» [الحمد لله رب العالمين، والصلاة على محمد خاتم النبيين، وعلى آله وأزواجه وذريته وأصحابه أجمعين. قال أبو حاتم محمد بن حبان بن أحمد التميمي رضي الله عنه] «3» : أخبرنا «4» أبو يعلى أحمد بن علي بن المثنى ثنا خلف بن هشام البزار «5» وعبد الواحد بن غياث قالا: ثنا أبو عوانة عن قتادة عن زرارة بن أوفى عن عمران بن حضين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خير أمتي القرن الذي بعثت فيهم ثم الذين «6» يلونهم» . قال أبو حاتم «7» محمد بن حبان» بن أحمد» التميمي: خير هذه الأمة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين صحبوه ونصروه وبذلوا له «9» أنفسهم وأموالهم ابتغاء مرضاة الله من المهاجرين والأنصار ومن آمن به وصدقه «10» من غيرهم. فمنهم العشرة الذين شهد لهم   (1) ومن هنا نضيف إلى مراجعنا نسخة لأصل الكتاب محتفظة باستانبول ونرمز إليها بحرف «م» . (2- 2) ليس ما بين الرقمين في م. (3) زيد ما بين الحاجزين من م. (4) في م: حدثنا. (5) من تهذيب التهذيب، وفي الأصل: البزاز. (6) من م ومراجع الحديث، وفي الأصل: الذي. (7) زيد بعده في م: رضي الله عنه. (8- 8) تقدم ما بين الرقمين في الأصل على «حبان» مع سقوطه من م. (9) سقط من م. (10) من م، وفي الأصل: صدقهم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 583 النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وقد ذكرناهم بأيامهم وما يجب من الوقوف على أخبارهم فيما قبل «1» [في أجزاء أفردتها «2» في أخبارهم وما كان في مددهم من الفتوح] «3» . وطلحة «4» بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة ابن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر، وهو قرشي «5» ، وكنيته «6» أبو محمد، وكان يقال له: الفياض «7» ، لكثرة بذله الأموال، لحق النبي صلى الله عليه وسلم ببدر بعد فراغه من بدر، بعثه النبي صلى الله عليه وسلم إلى حوراء «8» ليتجسس أخبار العير، فضرب له النبي صلى الله عليه وسلم بسهمه وأجره، قتله مروان بن الحكم بسهم [رماه] «9» ، ومات سنة ست وثلاثين يوم الجمل لعشر ليال خلون من جمادى الأولى «10» وهو ابن أربع وستين سنة، وقد قيل: في شهر رجب، وقبره بالبصرة [مشهور] «9» يزار، وأم طلحة الصعبة بنت عبد الله بن «11» عماد بن «11» مالك بن «12» حضرموت. والزبير «13» بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي «14» بن كلاب   (1) من م، وفي الأصل: قيل. (2) في م: أفردها. (3) زيد ما بين الحاجزين من م. (4) وراجع أيضا لعمود نسبه الطبقات 3/ 1/ 152 والاستيعاب. (5) في م: قريش. (6) في م: كنية طلحة. (7) ذكر أهل النسب أن طلحة اشترى مالا بموضع يقال له بيسان فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ «ما أنت إلا فياض» ، فسمي طلحة الفياض- راجع الاستيعاب. (8) في م: حوران، وفي الطبقات 3/ 1/ 154 كما هنا. (9) زيد من م. (10) من م، وفي الأصل: الأول، وفي الطبقات 3/ 1/ 159: الآخرة. (11- 11) من م والطبقات والاستيعاب إلا أن في م: عمار، وفي الأصل بياض. (12) في س: من، وعمود نسبها ينتهي إلى حضرموت بن كندة. (13) راجع أيضا الاستيعاب والطبقات 3/ 1/ 70. (14) من م والمرجعين، وفي الأصل: نصر- كذا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 584 ابن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر، وهو قرشي، وكنيته أبو عبد الله «1» ، كان من حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم «2» . وأم الزبير صفية بنت عبد المطلب بن هاشم «3» ، وأمها هالة بنت وهيب «4» بن عبد مناف [بن زهرة] «5» ، شهد بدرا وهو ابن تسع وعشرين سنة، وقتل في شهر «6» رجب سنة ست وثلاثين «7» ، قتله عمرو بن جرموز «8» ، وكان له يوم مات أربع «9» وستون سنة، وأوصى [إلى] ابنه عبد الله صبيحة يوم الجمل فقال: يا بني! ما من عضو مني إلا وقد جرح مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتهى ذلك إلى فرجي فقتل من آخر يومه، وقبره بوادي السباع «10» [من أرض بني تميم] «5» مشهور يعرف، وللزبير عشرة من البنين وابنتان: عبد الله وعاصم وعروة والمنذر ومصعب وحمزة وخالد وعمرو «11» وعبيدة «12» وجعفر، والابنتان «13» : رملة وخديجة. وسعد بن أبي وقاص، وهو سعد بن مالك بن وهيب- ويقال: أهيب «14» - بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن   (1) راجع رواية الحنفي في الطبقات. (2) راجع لمزيد من التفصيل الطبقات 3/ 1/ 53. (3) في م: هشام. (4) من الاستيعاب والطبقات 8/ 27، وفي الأصل: أهيب. (5) زيد من م والمرجعين. (6) سقط من م. (7) من م، وفي الأصل: ثلاثون. (8) راجع لتفاصيل مقتله الأخبار الطوال 148. (9) من م، وفي الأصل: أربعة. (10) راجع الطبقات 3/ 1/ 78. (11) من م والطبقات 3/ 1/ 70، وفي الأصل: عمرة. (12) من م والطبقات، وفي الأصل: عبيد. (13) من م، وفي الأصل: ابنتان؛ وفي الطبقات: كان للزبير من الولد أحد عشر ذكرا وتسع نسوة. (14) كما في الاستيعاب، وراجع أيضا الطبقات 3/ 1/ 97. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 585 النضر، وكنيته أبو إسحاق، [و] «1» أمه: حمنة» بنت سفيان بن أمية بن عبد شمس ابن عبد مناف، مات في قصره بالعقيق «3» ، وحمل على أعناق الرجال «4» إلى المدينة [عشرة أميال] «1» سنة خمس «5» وخمسين، وقد «6» قيل: سنة ثمان [و] «1» خمسين، وصلى عليه مروان «7» بن الحكم «7» ، وكان واليها في أمارة معاوية، وله يوم مات أربع وسبعون سنة «8» ، وكان قد أسلم وهو ابن «9» تسع عشرة «9» سنة، وحمل من أولاد سعد العلم «10» عمر ومحمد وعامر وموسى ومصعب وعائشة «11» . وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل بن عبد العزى بن رباح بن عبد الله بن قرط ابن رزاح «12» بن عدي بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر، كنيته أبو الأعور، قدم من الحوراء «13» مع طلحة بعد ما انصرف النبي صلى الله عليه وسلم من بدر، فضرب له «14» النبي صلى الله عليه وسلم «14» بسهمه «15» وأجره؛ مات سنة إحدى وخمسين وهو ابن بضع   (1) زيد من م. (2) من الطبقات وتاريخ الإسلام 2/ 281، وفي الأصل: جهينة. (3) من م والطبقات 3/ 1/ 104، وفي الأصل: بالعتيق. (4) راجع أيضا تاريخ الإسلام 2/ 285. (5) من م، وفي الأصل: ست؛ وفي تاريخ الإسلام: قال الواقدي والمديني وجماعة كثيرة: توفي سنة خمس وخمسين. (6) سقط من م. (7- 7) سقط ما بين الرقمين من م. (8) راجع لكل ذلك رواية عائشة بنت سعد في الطبقات 3/ 1/ 105. (9- 9) من م، وفي الأصل: تسعة تسعة عشر- كذا؛ وراجع أيضا الاستيعاب والطبقات 3/ 1/ 98. (10) زيد بعده في م: من. (11) صرح بهذا في تاريخ الإسلام أيضا؛ وزيد بعده في الأصل: أولاد سعد بن أبي وقاص، ولم تكن الزيادة في م فحذفناها. (12) من م والاستيعاب والطبقات 3/ 1/ 275، وفي الأصل: رباح. (13) في م: الحوران، وراجع تعليقنا على هذه الكلمة في ترجمة طلحة. (14- 14) سقط ما بين الرقمين من م. (15) من م، وموضعه في الأصل بياض. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 586 وسبعين سنة «1» ودفن بالمدينة، ودخل قبره سعد بن أبي وقاص وابن عمر «2» ؛ أمه فاطمة بنت بعجة «3» بن «4» أمية بن خويلد بن «5» خالد بن «5» خزاعة. وعبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبد [بن] «6» الحارث بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر، كنيته أبو محمد، وكان اسمه في الجاهلية عبد عمرو فسماه النبي صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن «7» ، وأمه الشفاء بنت عوف بن عبد [بن] «6» الحارث بن زهرة بن كلاب من المهاجرات «8» ، مات لست بقين من خلافة عثمان وهو ابن خمس وسبعين سنة «9» ودفن بالبقيع، ولعبد الرحمن بن عوف عشرة «10» بنين: محمد وإبراهيم وحميد وزيد وأبو سلمة ومصعب وسهيل «11» وعثمان وعمر «12» والمسور سوى البنات «13» اللائي كن «13» له. وعامر بن عبد الله بن الجراح «14» بن هلال بن أهيب بن ضبة بن الحارث بن فهر بن مالك بن النضر، كنيته أبو عبيدة، [و] «15» توفي في طاعون عمواس بالشام   (1) في قول الواقدي- كما صرح به في تاريخ الإسلام 2/ 286. (2) ذكر مثل ذلك في تاريخ الإسلام أيضا. (3) من م والطبقات 3/ 1/ 276، وفي الأصل: نعجة. (4) من الطبقات، وفي الأصل: بنت. (5- 5) سقط ما بين الرقمين من م. (6) زيد من الاستيعاب والطبقات 3/ 1/ 87. (7) حين أسلم- كما صرح به في الطبقات. (8) نص على مهاجرتها في الاستيعاب فراجع ترجمتها فيه. (9) سقط من م، وراجع أيضا الطبقات 3/ 1/ 96. (10) من م، وفي الأصل: عشر. (11) من م والطبقات 3/ 1/ 90، وفي الأصل: سهل. (12) من الطبقات، وفي الأصل: وم: عمرو. (13- 13) من م، وفي الأصل: التي كانت. (14) زيد بعده في الأصل: بن سعد، وفي م: ربيعة، ولم تكن الزيادة في الطبقات 3/ 1/ 297 والاستيعاب وتاريخ الإسلام 2/ 22 فحذفناها، وراجع أيضا نسب قريش 445. (15) زيد من م. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 587 سنة ثمان عشرة في خلافة عمر وهو ابن ثمان وخمسين سنة «1» ، وكان قد شهد بدرا وهو ابن إحدى وأربعين سنة، وهو من جلة الصحابة وأمه بنت [عبد] «2» العزى «3» ابن شقيق بن سلامان من بني فهر.   (1) راجع تاريخ الإسلام 2/ 23. (2) زيد من م. (3) واسم أمه- حسب نسب قريش والمراجع الأخرى- أميمة بنت غنم بن جابر بن عبد العزى بن عامرة ابن عميرة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 588 فهارس الكتاب - فهرس الآيات القرآنية . - فهرس الأحاديث النبوية والآثار. - فهرس المواضيع. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 589 فهرس الآيات القرآنية الآية/ السورة/ رقم الآية/ الصفحة - يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ. (آل عمران) 102 5- يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها وَبَثَّ مِنْهُما رِجالًا كَثِيراً وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً. (النساء) 1 5- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِيماً. (الأحزاب) 70/ 71 5- مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْواناً، سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً. (الفتح) 29 6- لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ. (الأنفال) 42 22 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 591 الآية/ السورة/ رقم الآية/ الصفحة- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ. (النساء) 59 25- وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً. (الأحزاب) 36 25- إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ. (الفتح) 10 25- مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ. (النساء) 80 25- وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ. (النساء) 69 25- إِذا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ... فَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ. (النور) 51/ 52 26- اتَّبِعْ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ. (الأنعام) 106 26- ثُمَّ جَعَلْناكَ عَلى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْها وَلا تَتَّبِعْ. (الجاثية) 18 26- يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ ... خَبِيراً. (الأحزاب) 1/ 2 26- وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ . (النساء) 113 26- يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ. (المائدة) 67 26- وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ ... وَما فِي الْأَرْضِ. (الشورى) 52/ 53 26- أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ. (السورة كلها) . (الفيل) - 38 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 592 الآية/ السورة/ رقم الآية/ الصفحة- اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ .... ما لَمْ يَعْلَمْ. (العلق) 1/ 5 64- 67- يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ. (المدثر) 1 64- 67- وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ. (الشعراء) 214 69- تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ. (المسد) 1 70- أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ. (ص) 5 72- كهيعص. (مريم) 1 79- حم. تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ... فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ. (فصلت) 1/ 13 85- 86- طه. (طه) 1 87- 88- قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ. (الأنعام) 151 99- إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ. (النحل) 90 99- إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً وَداعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِراجاً مُنِيراً. (الأحزاب) 45/ 46 101- أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ. (الحج) 39 127- اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ. (الحج) 75 147- إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ. (الحجر) 47 149- يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ قُلْ قِتالٌ فِيهِ ... أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ. (البقرة) 217 156- قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ. (البقرة) 144 157- ما وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كانُوا عَلَيْها. (البقرة) 142 157- قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ. (البقرة) 142 157- فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ. (المائدة) 24 163- فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي. (إبراهيم) 36 178- رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً. (نوح) 26 179 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 593 الآية/ السورة/ رقم الآية/ الصفحة- يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ. (الأنفال) 1 182- لَوْلا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ ... فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالًا طَيِّباً. (الأنفال) 68/ 69 185- وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا. (النحل) 126 228- وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ. (آل عمران) 169 229- الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ ... وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ. (آل عمران) 172/ 174 231- إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيْطانُ يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ. (آل عمران) 175 231- ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوها. (الحشر) 5 236- يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ. (الحشر) 2 236- وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ. (الأحزاب) 25 258- وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتاعاً فَسْئَلُوهُنَّ مِنْ وَراءِ حِجابٍ. (الأحزاب) 53 266- فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ. (يوسف) 18 279- إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ . (النور) 11 279- وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبى. (النور) 22 279- إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ. (الفتح) 18 286- إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً. (إلى آخر السورة) . (الفتح) 1/ 29 286- يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا ... بِأَنَّا مُسْلِمُونَ. (آل عمران) 64 296- أَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي (طه) 14 310- وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا. (المطففين) 1/ 2 310- وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ. / (النساء) / 29/ 320- يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ. (الحجرات) 13 337- اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ. (الأعراف) 138 347- إِنْ تَتُوبا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما. (التحريم) 4 360 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 594 الآية/ السورة/ رقم الآية/ الصفحة- يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها ... عَظِيماً. (الأحزاب) 28/ 29 363- يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا. (الحجرات) 17 365- لَقَدْ تابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ ... إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ. (التوبة) 117/ 118 376- وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ. (النور) 6 377- وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ. (التوبة) 84 383- قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى. (الأعلى) 14/ 15 390- لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجاهِدُونَ. (النساء) 95 391- وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى. (البقرة) 125 394- قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ. (الإخلاص) 1/ 4 394- قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ. (الكافرون) 1/ 6 394- إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ. (البقرة) 158 394- إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ. (الزمر) 30 401- وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ. (الأنبياء) 34 401- وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ. (آل عمران) 144 401- إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ. (الكوثر) 3 408- وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا. (الشورى) 28 425- وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ. (الحج) 40 447- إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ. (الكوثر) 1/ 3 495- إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ. (النصر) 1/ 3 495- الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوالِهِمْ. (الحشر) 8 497- وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ. (الحشر) 9 497- الَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا. (الحشر) 10 497 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 595 الآية/ السورة/ رقم الآية/ الصفحة- حَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً. (الأحقاف) 15 507- يا قَوْمِ لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ ما أَصابَ قَوْمَ نُوحٍ. (هود) 89 518- أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ. (الحج) 39 518- وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً. (الكهف) 51 525- وَلَوْ شاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ. (البقرة) 253 540- لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا. (النجم) 31 540- الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً. (الكهف) 104 546- وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ. (إبراهيم) 42 561- سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ. (الشعراء) 227 561 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 596 فهرس الأحاديث النبوية والآثار الحديث/ صفحة- «أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن عبدا حبشيا، فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا. فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة» . - العرباض 6- 24- «إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له» . - أبو هريرة 28- «إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا؛ ألا! ليبلغ الشاهد منكم الغائب، فإن الشاهد عسى أن يبلغ من أوعى له منه» . - أبو بكرة 28- «ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفيل» . - ابن عباس 33- «إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشا من كنانة، واصطفى بني هاشم من قريش، واصطفاني من بني هاشم، فأنا سيد ولد آدم ولا فخر، وأنا أول من تنشق عنه الأرض، وأنا أول شافع وأول مشفع» . - واثلة بن الأسقع 39 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 597 الحديث/ صفحة- «إن عبد المطلب ختن النبي صلى الله عليه وسلم يوم سابعه وجعل له مأدبة سماه محمد» . - ابن عباس 58- «خرج أبو طالب إلى الشام وخرج معه رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما أشرفوا على الراهب خرج إليهم، فجعل يتخللهم حتى جاء فأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: هذا سيد العالمين! هذا رسول رب العالمين! هذا يبعثه الله رحمة للعالمين! ... » . - أبو موسى 58- 59- 60- «سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم متى وجبت لك النبوة؟ قال: «بين خلق آدم ونفخ الروح فيه» » . - أبو هريرة 63- «فجئه الحق وهو في غار حراء، فجاءه الملك فيه فقال: اقْرَأْ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت ما أنا بقارىء. قال فآخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني» . - عائشة 64- 65- «جاورت بحراء شهرا، فلما قضيت جواري نزلت فاستنبطت الوادي، فنوديت فنظرت أمامي وخلفي وعن يميني وعن شمالي فلم أر أحدا، ثم نوديت فنظرت إلى السماء فإذا هو فوقي على العرش في السماء؟ فأخذتني رجفة شديدة، فأتيت خديجة فأمرتهم فدثروني، ثم صبوا علي الماء، وأنزل الله عز وجل علي يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ إلى قوله فَطَهِّرْ» . - جابر 66- 67- «أدعوكم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأني رسول الله، وأن تؤوني وتنصروني، فإن قريشا قد تظاهرت على أمر الله فكذبت رسله واستغنت بالباطل عن الحق، والله هو الغني الحميد ... » . - علي بن أبي طالب 98- 99 100- 101- «كنا أثني عشر رجلا في العقبة الأولى، فبايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على بيعة النساء أن لا يشرك بالله شيئا، ولا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 598 الحديث/ صفحة نسرق، ولا نزني، ولا نقتل أولادنا، ولا نأتي ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا، ولا نعصيه في معروف، فمن وفى فله الجنة، ومن غشي من ذلك شيئا فأمره إلى الله، إن شاء عذبه وإن شاء غفر له» . - عبادة بن الصامت 106- «إن نبي الله صلى الله عليه وسلم حدث عن ليلة أسري به قال: بينا أنا في الحطيم- وربما قال في الحجر- مضطجع إذ أتاني جبريل فشق ما بين هذه إلى هذه فاستخرج قلبي ثم أتيت بطست من ذهب مملوءة إيمانا وحكمة فغسل قلبي ثم أعيد ثم أتيت بدابة دون البغل وفوق الحمار، يضع خطوة عند أقصى طرفه، فحملت عليه، فانطلق بي جبريل حتى أتى السماء الدنيا فاستفتح ... » . - أنس بن مالك 112- 113 114- 115 116- 117- «بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في العسر واليسر، والمكره والمنشط، وعلى أثرة علينا، وأن لا ننازع الأمر أهله، وأن نقول بالحق حيث ما كنا، لا نخاف في الله لومة لائم» . - عبادة بن الصامت 118- 119- «أريت دار هجرتكم أريت سبخة ذات نخل بين لابتين وهما حرتان ... » . - عائشة 127- 128- 129- «إني أنزل الليلة على بني النجار وأخول عبد المطلب أكرمهم بذلك» . - أبو إسحاق 140- «قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد اليهود يصومون عاشوراء فقال لهم: ما هذا؟ قالوا: يوم عظيم! نجّى الله فيه موسى وأغرق فرعون فيه وقومه، فصامه موسى شكرا لله تعالى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنا أولى بموسى وأحق بصيامه منكم، فصامه وأمر بصيامه» . - ابن عباس 152 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 599 الحديث/ صفحة- «إن الله أطلع على أهل بدر فقال: «اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم» . - أبو هريرة 185- «من لكعب بن الأشرف؟ فإنه قد آذى الله ورسوله» . - جابر بن عبد الله 212 - «دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الذين قتلوا أصحاب بئر معونة ثلاثين صباحا، يدعو على رعل وذكوان وعصية» . - أنس بن مالك 231- «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل من الهدية ولا يأكل من الصدقة ... » . - سلمان الفارسي 246- 247- 248- «إن ثمامة بن أتال الحنفي أسر فكان النبي صلى الله عليه وسلم يعوده يقول: ما عندك يا ثمامة؟ ... » . - أبو هريرة 268- «كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هرقل ملك الروم: «بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هرقل ملك الروم، سلام على من اتبع الهدى، أما بعد! فإني أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تسلم، وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فإن عليك إثم الإريسين» يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إلى قوله: بِأَنَّا مُسْلِمُونَ» . - ابن عباس 295- «يا عائشة! إني ذاكر لك أمرا فلا أراك أن تعجلي فيه حتى تستأمري أبويك ... » . - عائشة 363- «آمركم بأربع وأنهاكم عن أربع: الإيمان بالله، وهل تدرون ما الإيمان بالله؟ قال: شهادة أن لا إله إلا الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان، وأن تعطوا الخمس من المغنم؛ وأنهاكم عن النبيذ في الدباء والنقير والحنتم والمزفت» . - ابن عباس 385- «إن المسلمين بينما هم في صلاة الفجر يوم الاثنين وأبو بكر يصلي لهم لم يفجأهم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كشف ستر حجرة عائشة فنظر إليهم وهم صفوف في الجزء: 2 ¦ الصفحة: 600 الحديث/ صفحة صلاتهم، ثم تبسم ونكص أبو بكر على عقبيه ليصل الصف وظن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد ان يخرج إلى الصلاة وهمّ المسلمون أن يفتتنوا في صلاتهم فرحا برسول الله صلى الله عليه وسلم حين رأوه، فأشار إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقضوا صلاتكم، ثم دخل الحجرة وأرخى الستر بينه وبينهم وتوفي في ذلك اليوم ... » . - أنس بن مالك 397- 398 399- 400- «ذكر وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم: هيئته، منطقه، دخوله، مخرجه، مجلسه، سيرته في جلسائه، سكوته ... » . - الحسن بن علي 410- 411 412- 413 414- 415- «لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم فإنما أنا عبد فقولوا: عبد الله ورسوله» . - ابن عباس 420- «اقتدوا باللذين من بعدي: أبي بكر وعمر» . - أنس بن مالك 454- «أثبت أحد! فما عليك إلا نبي وصديق وشهيدان» . - سهل بن سعد الساعدي 499- «لأعطين الراية- أو ليأخذن الراية- غدا رجل يحبه الله ورسوله، يفتح الله عليه ... » . - سلمة بن الأكوع 522- «الخلافة بعدي ثلاثون سنة، ثم يكون ملكا» . - سفينة 553- «يكون بعدي خلفاء يعملون بما يعلمون ويفعلون ما يؤمرون، ثم يكون بعدهم خلفاء يعملون بما لا يعلمون ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن أنكر عليهم فقد برىء، ولكن من رغب وتابع» . - أبو هريرة 582- «خير أمتي القرن الذي بعث فيهم ثم الذين يلونهم» . - عمران بن حضين 583 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 601 فهرس المواضيع الموضوع/ الصفحة بين يدي الكتاب 5 ترجمة المؤلف 13 كتاب السيرة النبوية وأخبار الخلفاء 21 ذكر الحث على لزوم سنن المصطفى 23 ذكر الحث على نشر العلم 27 ذكر الخبر الدال على استحباب حفظ تاريخ المحدثين 28 ذكر مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم 33 ذكر نسب سيد ولد آدم وأول من تنشق الأرض عنه يوم القيامة صلى الله عليه وسلم 39 ذكر خروج النبي صلى الله عليه وسلم إلى الشام 58 ذكر تفضل الله على رسوله المصطفى صلى الله عليه وسلم بالكرامة والنبوة بين خلق آدم ونفخ الروح فيه 63 ذكر صفة بدء الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم 63 فشا ذكر الإسلام بمكة 69 ذكر عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه على القبائل 93 ذكر بيعة العقبة الأولى 105 أول جمعة جمعت بالمدينة 111 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 603 الموضوع الصفحة ذكر الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج 112 ذكر بيعة الأنصار بالعقبة الآخرة رسول الله صلى الله عليه وسلم 118 ذكر هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يثرب 127 ذكر قدوم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة 140 السنة الثانية من الهجرة 151- غزوة بدر 157- ذكر عدد وتسمية من شهد بدرا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم 185- غزوة بني قينقاع 209- غزوة السويق 211 السنة الثالثة من الهجرة 212- سرية الفردة 216- غزوة أحد 218 السنة الرابعة من الهجرة 231- غزوة الرجيع في صفر 233- غزوة بني النضير 234- بدر الموعد 237- سرية الخزرج إلى سلام بن أبي الحقيق 239 السنة الخامسة من الهجرة 241- غزوة ذات الرقاع في المحرم 249- غزوة دومة الجندل/ 251- غزوة المريسيع 253- غزوة الخندق 254- غزوة بني قريظة 262 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 604 الموضوع الصفحة- سرية عبد الله بن أنيس 267 السنة السادسة من الهجرة 268- غزوة الحديبية 280- غزوة ذي قرد 288 السنة السابعة من الهجرة 292- غزوة خيبر 300- قتلى المسلمين بخيبر 305 السنة الثامنة من الهجرة 315- المسير إلى هوازن 346 السنة التاسعة من الهجرة 360- غزوة الروم 366 السنة العاشرة من الهجرة 384- ذكر وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم 397- ذكر وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم 410 أخبار الخلفاء 417 استخلاف أبي بكر بن أبي قحافة الصديق رضي الله عنه 419 استخلاف عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه 452 استخلاف عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه 499- السنة السادسة والعشرون 502- السنة السابعة والعشرون 504- السنة الثامنة والعشرون 504- السنة التاسعة والعشرون 505- السنة الثلاثون 507 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 605 الموضوع الصفحة- السنة الحادية والثلاثون 508- السنة الثانية والثلاثون 510- السنة الثالثة والثلاثون 511- السنة الرابعة والثلاثون 512- السنة الخامسة والثلاثون 512 استخلاف علي بن أبي طالب رضي الله عنه 521- السنة السادسة والثلاثون 532- السنة السابعة والثلاثون 538- السنة الثامنة والثلاثون/ 547- السنة التاسعة والثلاثون/ 548- السنة الأربعون 550 ذكر البيان بأن من ذكرناهم كانوا خلفاء ومن بعدهم كانوا ملوكا 553- يزيد بن معاوية أبو خالد 555- معاوية بن يزيد أبو ليلى 562- مروان بن الحكم 563- عبد الملك بن مروان أبو الوليد 563- وليد بن عبد الملك أبو العباس 564- سليمان بن عبد الملك أبو أيوب 565- عمر بن عبد العزيز أبو حفص 565- يزيد بن عبد الملك أبو خالد 566- هشام بن عبد الملك أبو الوليد 567- الوليد بن يزيد بن عبد الملك أبو العباس 567- يزيد بن الوليد بن عبد الملك أبو خالد 568 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 606 الموضوع الصفحة- إبراهيم بن الوليد بن عبد الملك أبو إسحاق 568- مروان بن محمد بن مروان بن الحكم أبو عبد الملك 569- السفاح أبو العباس 570- المنصور أبو جعفر أخوه 571- المهدي بن المنصور أبو عبد الله 572- الهادي بن مهدي أبو محمد 572- الرشيد بن المهدي أبو جعفر 573- الأمين بن الرشيد أبو عبد الله 574- المأمون بن الرشيد أبو العباس 574- المعتصم بن الرشيد أبو إسحاق 575- الواثق بن المعتصم أبو جعفر 576- المتوكل بن المعتصم أبو الفضل 576- المنتصر بن المتوكل أبو جعفر 577- المستعين بن المعتصم أبو عبد الله 577- المعتز بن المتوكل أبو عبد الله 577- المهتدي بن الواثق أبو عبد الله 578- المعتمد بن المتوكل أبو العباس 578- المعتضد بن الموفق بن المتوكل أبو العباس 579- المكتفي بن المعتضد أبو محمد 579- المقتدر بن المعتضد بن الموفق بن المتوكل أبو الفضل 580- القاهر بن المعتضد أبو العباس 581- الراضي بن المقتدر أبو العباس 581- المتقي بن المقتدر 581 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 607 الموضوع الصفحة- المطيع بن المقتدر 582- ذكر الخلفاء الراشدين والملوك الراغبين 582- أول كتاب الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين 583 فهارس الكتاب 578 فهرس الآيات القرآنية 591 فهرس الأحاديث النبوية والآثار 597 فهرس المواضيع 603 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 608