الكتاب: جواب الحافظ أبى محمد عبد العظيم المنذري المصري عن أسئلة فى الجرح والتعديل المؤلف: عبد العظيم بن عبد القوي بن عبد الله، أبو محمد، زكي الدين المنذري (المتوفى: 656هـ) المحقق: عبد الفتاح أبو غدة الناشر: مكتب المطبوعات الإسلامية بحلب عدد الأجزاء: 1   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] ---------- جواب الحافظ المنذري عن أسئلة في الجرح والتعديل عبد العظيم المنذري الكتاب: جواب الحافظ أبى محمد عبد العظيم المنذري المصري عن أسئلة فى الجرح والتعديل المؤلف: عبد العظيم بن عبد القوي بن عبد الله، أبو محمد، زكي الدين المنذري (المتوفى: 656هـ) المحقق: عبد الفتاح أبو غدة الناشر: مكتب المطبوعات الإسلامية بحلب عدد الأجزاء: 1   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] جواب الحافظ المنذري عن أسئلة في الجرح والتعديل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 3 بسم الله الرحمن الرحيم تقدمة بين يدي رسالة المنذري : كتب الحافظ المنذري رحمه الله هذه الرسالة، جوابا عن سؤال مطول ورد إليه من أحد علماء عصره، وقد أطال السائل السؤال ونوعه، بغية ازدياد الاستفادة له، وقد سال عن بعض المعضلات التي تعترض المشتغلين بالحديث، عند قيامهم بالتخريج والجرح والتعديل ونقد الرواة. والرسالة على صغر حجمها ولطافة قدرها، تضمنت فوائد جلى واجابات مؤصلة، فلذا كانت جديرة بالعناية والنشر، لسدها ثغرة من ثغرات البحث الحديثي لدى المشتغلين بالسنة المشرفة وعلومها. وهذه الرسالة مخطوطة محفوظة في المكتبة الظاهرية بدمشق، ضمن مجموع، برقم 9 (ق 28 1 - 37 ا) وخطها حسن مقروء، ولم يذكر اسم كاتبها ولا تاريخ كتابتها فيها. وقد وقفت على مصورة هذه الرسالة من مدة بعيدة، وكنت أعزم على خدمتها ونشرها، لتكون ضمن الرسائل الحديثية الأربع التي خدمتها واعتنيت بها، مما يتصل بعلم الجرح والتعديل، وهي رسالتا التاج السبكي: قاعدة في الجرح والتعديل، وقاعدة في المؤزخين، ورسالة الحافظ السخاوي: المتكلمون في الرجال، ورسالة الحافظ الذهبي: ذكر من يعتمد قوله في الجرح والتعديل، فتكون رسالة الحافظ المنذري خامسة هذه الرسائل، ولكن لم يقدر لي ذلك في حينه. ثم وقفت عليها مطبوعة في سنة 1406 بمطبعة الفيصل بالكويت، بالعنوان التالي: (رسالة في الجرح والتعديل للإمام الحافظ المنذري، حققه وعلق عليه - كذا - عبد الرحمن عبد الجبار الفريوائي - مكتبة دار الأقصى) . فصرفت النظر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 5 عن خدمتها والعناية بها، اكتفاء بهذه النشرة التي قام بها الأستاذ عبد الرحمن عبد الجبار الفريوائي جزاه الله خيرا. ثم عرضت لي مراجعة فيها، فقرأتها في المطبوعة وتوقفت في كثير من كلماتها التي أثبتت على غير وجهها، وظهر لي فيها أخطاء علمية فاحشة، فقابلت المطبوعة بالأصل الوحيد المطبوعة عنه، فرأيتها مثلومة مكلومة في مواضع كثيرة، ساقطا منها الكلمة والكلمتان، والجملة والجملتان، بل الصفحة والصفحتان! فقد وقع فيها سقط كبير يبلغ في المطبوعة نحوثلاثين سطرا، مما يلغي النشرة ويجعلها مرفوضة منبوذة. فاسفت لذلك جدا، وما كنت أظن بالأستاذ الكريم أن تقع له تلك الأخطاء لولاوقوعها ووقوفي عليها. فتحركت همتي من جديد إلى نشرها تامة كاملة، سليمة مستقيمة، بقراءة صحيحة، أرجو أن لا تكون خاطئة ولا واهمة، وعلقت عليها بإيجاز بالغ في مواضع، وبإسهاب في مواضع، نظرا لمقتضى المقام. وجعلت لشرح قول أبي حاتم الرازي: (يكتب حديثه ولا يحتج به) ، ونقده (تتمة) في اخر الرسالة، ووضعت لمباحثها عناوين تتقدمها بين هلالين، إضافة مني لتيسير فهمها، وترجمت للحافظ المنذري ترجمة لائقة بسمو مقامه وإمامته رحمه الله تعالى. وأرجو أن تكون هذه النشرة أو الطبعة مؤدية الغاية التي كتب الإمام المنذري الرسالة من أجلها. ونبهت في تعليقي على الرسالة إلى مواضع التحريف والخطأ والسقط والنقص في نشرة الأستاذ الفريوائي، رامزأ إلى اسمه بحرف (ف) . ورأيت أن أذكر هنا جملة ماوهم فيه، ليتبئين عظم الخلل الذي وقع منه في تلك الطبعة، ولتظهر مزية هذه الطبعة وتمامها وسلامتها من الأخطاء التي وقعت في تلك النشرة، ومن الله العون والتوفيق: ا - جاء في عنوان الرسالة: "رسالة في الجرح والتعديل. .. حققه وعلق عليه عبد الرحمن. . . ". وهذا الخطأ ظاهر لا يحتاج إلى تعليق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 6 2 - ذكر في ص 4 أن النسخة الخطية لهذه الرسالة (قد كتبت في سنة 871 هـ) . وهذا غير صحيح، فالواقع أن المخطوطة لا تاريخ لكتابتها إطلاقا، وهذا التاريخ مكتوب على خاتمة رساله قبلها، مكتوبة بخط مغاير لخطها تمام المغايرة، فالتاريخ لكتابتها بهذا التاريخ خطأ متبرع به! . 3- ترجم للحافظ المنذري ترجمة طويلة من ص 5حتى 19، بلغت 15 صفحة من تلك الطبعة، استقاها واستفادها من كتاب الأستاذ الدكتور بشار عواد معروف: "المنذرى وكتابه التكملة لوفيات النقلة"، المطبوع في العراق سنة 1388. ولم يشر إلى ذلك بكلمة واحدة، وهذا إخلال بالأمانة العلمية، فما يضره وينقصه أن لو قال استقيت هذه الترجمة أو جلها من كتاب. . . لفلان، بل يكون ذلك عنوان أمانته العلمية، ففي هذا الذي سلكه غمط الحق! . 4 - قال في ص 9 أثناء ذكره شيوخ الحافظ المنذري، ما يلي: (7 - الحافظ الكبير علي بن المفضل المقدسي، توفي سنة 611 هـ، وبه تخرج) . وقال في ص 10 ما يلي: (15 - الحافظ أبو الحسن المقدسي) . وهو المذكور برقم 7 عينة، فهما شيخ واحد! . 5 - وقال في ص 9 أيضا أثناء ذكره شيوخ الحافظ المنذري، ما يلي: (12 - أبو اليمن الكندي بدمشق 130 - أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي) . وقال في ص 10 ما يلي: (17 -التاج الكندي) . وهؤلاء الثلاثة جميعا شيخ واحد وشيخ واحد! ! ! . 6- وفي ص 13 س 15 جاء قوله: (وكان مجاب الدعوة وقال السبكي عنه: نرتجي الرحمة بذكره ويستنزل رضا الرحمن بعلمه) . وفي العبارة تحريف عن أصلها في "طبقات الشافعية الكبرى" للسبكي 8: 259، وهي (ترتجى الرحمة بذكره، ويستنزل رضا الرحمن بدعائه) . 7- وفي ص 21 س 7 سقطت هذه الجملة بعد قوله وهوصدوق (ويقول الأخر لاباس به) ! انظر ص 37 من هذه الطبعة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 7 8- وفي ص 21 س 12 جاء: (اذا قال واحد منهم) ، سقط منها: (وهل اذا قال. 00) ، انظر ص 39 من هذه الطبعة. 9 - وفي ص 21 س 14 جاء: (فإن قال: ليس بشيء يقدم على من قال: هوثقة) ، سقط من هذه الجملة كلمة (من) وبسقوطها فسدت العبارة! وهي في الأصل: (فان من قال: ليس بشيء 000) ، انظرص 39 من هذه الطبعة. 10 - جاء في ص 24 س 4: (وقال ابن سعيد: كان ثقة. . .) . وقد وقع في الأصل هكذا (ابن سعيد) بالياء، وهوخطا وتحريف عن (ابن سعد) فتابعه وقرره. اا- وفي ص 24 س. ا (كيف يقبل. . .) . في الأصل (وكيف يقبل. . .) ، فاسقط الواو. 2 ا- وفي ص 24 س 10 وا او 12 (من غيرتعيين) . وهكذاوقع في الأصل، وهوخطا فتابعه وقرره، وصوابه: (من غير تبيين) بالباء الموحدة في المواضع الثلاثة. 13 - وفي ص 24 س هـ ا (فإن الشخص لا يكون صادقا كاذبا في حاله) . كذا وقع في الأصل: (في حاله) . فتابعه وهوخطأ، صوابه: (في حالة) بالتاء المنقوطة. 14 - جاء في ص 26 س 14، تفسيرا لقول السائل: (وقال أحمد بن عبد الله: لا باس به) . قول الأستاذ الفريوائي: (هوأبو نعيم الأصفهاني صاحب الحلية) 0 انتهى. وهوغلط فاحش! فليس هو أبا نعيم الأصفهاني، لانما هو: (أحمد بن عبد الله بن صالح العجلي، صاحب كتاب الثقات) . وأوضحت هذا بيانا ودليلا في موضعه من هذه الطبعة في ص 43. 5ا- في ص 27 س 7 جاء مايلي: (أمابعدحمدا لله العلي العظيم والصلاة على خير خلقه محمد النبي الكريم) . فنصب (حمدا) وجعل لفظ الجلالة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 8 مجرورا هكذا (الله) ، وهي قراءة خاطئة مكشوفة الخطا، والصواب فيها: (أما بعد حمد الله العلي! العظيم والصلاة. 00) ، انظر ص 45 من هذه الطبعة. 16 - في ص 27 س 13 جاء (أن يعمنا ببركات سيد المرسلين) . سقط هنا كلمة وهي: (أن يعمنا أجمعين ببركات. 00) انظرص 45 من هذه الطبعة. 17 - في ص 35 س اجاء (هذا ما ذكره ابن أبي حاتم عندما وجده من عباراتهم) . وجاء في الأصل: (عن ما وجده. . .) . وكلاهما تحريف! صوابه: (هذا ما ذكره ابن أبي حاتم مما وجده من عباراتهم) انظر ص 53. 18 - في ص 33 س اجاء (قلت له: إذا أقيل أ: فلان لين أيش تريد به؟ قال: لا يكون. 00) انتهى، وعبارة الأصل هكذا (قلت له: إذا فلان لين. . .) . ففيها سقط كلمة (قلت) بعد لفظ (إذا) . فاثبتها الأستاذ الفريوائي أقيل، وأخطا في ذلك، والصواب: (قلت) كما أثبتها، بدليل قوله بعد: (قال: لا يكون. 00) 0 انظر ص 61. 19 - فى ص 33 س 4 جاء (قال: لان نبهوه ويرجع عنه فلا يسقط. . .) . هكذا وقع في الأصل: (ويرجع عنه) . وتابعه وقرره الأستاذ الفريوائي، وهوخطأ وتحريف، صوابه: (ورجع عنه) ، كما جاء في أول (سؤالات السهمي للدارقطني " ص 72. 20 - في ص 33 س 9 جاء (وأنا أسمع بنسأ) ، بهمزة فوق الألف، وهو في الأصل غير مهموز، وهو الصواب، لاثبات الهمزة هنا خطا. انظر ص 62. 21- في ص 33 س 13 ضبط (00. الحسن بن عليك) بكسرالياء المشددة مشكولا، وهو ضبط خاطىء، وصوابه بفتح الياء المشددة: (عليك) 0 انظر ص 63. 22 - في ص 35 س 5جاء (أنبانا أبوالقاسم عبد الملك. . .) . وهكذا وقعت كنيته في الأصل، وهوخطا أو سهو نظر، وصوابه: أبو الفتح، كما في غير الجزء: 1 ¦ الصفحة: 9 كتاب ترجم له فيه، ولم يذكروا هذه الكنية. فاثبته الأستاذ الفريوائي وقرره! انظر ص 64. 23 - في ص 2 4 س 2 جاء (قد أكثر الأئمة الكلام فيه -أي: في ابن اسحاق - في الطرفين: الثناء والذم) . وفي هذا سقط بالغ، وهوكما في الأصل: (. . . فمحمد بن إسحاق بن يسار قد أكثر الأئمة الكلام فيه. . .) . انظر مر، 73. 24 - في ص 4 4 س 4 جاء (وإن لم يقتض عنده حجة في رد حديثه) . وهذه قراءة خاطئة مخالفة لما في الأصل، الذي هو: (لان لم يتيقن عنده حجة في رد حديثه) 0 انظرص 76. 25- في ص 44 س 5جاء (غيرأنه أحدث ريبة منعته من. . .) ، سقط هنا لفظ (ما) الثابت في الأصل هكذا: (غير أنه أحدث ريبة ما منعته. 00) 0 انظر ص 76. 26- في ص 4 4 س 9 جاء (ومامن الكلام فيه. . .) . كذا وقع في الأصل، فتابعه وأقره! وفيه سقط هو: (وما جاء من الكلام فيه.. .) . انظر ص 77. 27 - في ص 5 4 س 2 -3 جاء (وحدث عنه ثلاثة من الأئمة) ، وهوتحريف فاحش وقراءة خاطئة! وصوابه كما رسم في الأصل: (وحدث عنه ثلة من الأئمة. 00) 0 انظر ص 78. 28 - في ص 45 س 7 جاء (فقال: أيش نقدر نقول في ذاك) ، كذا وقع في الأصل فتابعه وقرره، وصوابه وتمامه هكذا: (فقال علي: أيش تقدر أن تقول في ذاك) كما جاءت هذه العبارة في غير كتاب كتهذيب الكمال وتهذيب التهذيب وغيرهما. ثم سقط من طبعة (ف) أيضا لفظ (علي) بعد (فقال) ! انظر ص 79. 29 - في ص 47 س 7 جاء (ويجري الكلام عنده فيه ما يكون الجزء: 1 ¦ الصفحة: 10 جرحا. . .) ، ولفظ (فيه) مكتوب في الأصل، ثم ضرب عليه وكتب بدلا عنه (في ما يكون جرحا) . والصواب إثباتها هكذا (فيما يكون جرحا) انظر ص 83. 30- في ص 55-57سقط بعد قول المنذري في ص هـ ه سطر 10 (. . . ولا فرق بين أن يكون الجارح مخبرا بذلك للمحدث مشافهة، أوناقلا له عن غيره، والله عزوجل أعلم) ، وقبل قول المنذري في ص 57س 2 (وأما شرط الشيخين فقد ذكر الأئمة أن البخاري ومسلما لم ينقل عن واحد منهما. ..) ، سقط نحو ثلاثين سطرا! ! وهذا نص السقط الواقع في طبعة الأستاذ الفريوائي، وهوفي الأصل موجود بتمامه: "واما مانقل عن يحيى بن معين من توثيق شجاع مرة، وتوهينه أخرى، فهذان القولان في زمانين بلا شك، ولا يعلم السابق منهما، ويحتمل أنه وثقه ثم وقف على شئ من حاله بعد ذلك يسوغ له الإقدام على ما قاله، وبحتمل أن يكون تكلم فيه أولا، ثم وقف من حاله بعد ذلك على ما اقتضى توثيقه. وقد نقل مثل هذا عن يحيى بن معين في غير شجاع بن الوليد من الرواة، ونقل مثله أيضا عن غير يحيى بن معين من الحفاظ، في حق بعض الرواة، وكل هذا محمول على اختلاف الأحوال. وقد قال الحافظ أبو بكر أحمد بن إبراهيم الجرجاني: قد يخطر على قلب المسئول عن الرجل، من حاله في الحديث وقتا: ما ينكره قلبه، فيخرج جوابه على حسب النكرة التي في قلبه، وبخطر له ما يخالفه في وقت اخر، فيجيب على ما يعرفه في الوقت منه ويذكره، وليس ذلك تناقضا ولا إحالة، ولكنه قولم صدر عن حالين مختلفين، يعرض أحدهما في وقت والأخر في غيره. ومذاهب النقاد للرجال: مذاهبئ غامضة دقيقة، فإذا سمع أحدهم في بعضهم أدنى مغمز -وإن لم يكن ذلك موجبا رد خبر ولا إسقاط عدالة - رأى أن ذلك مما لا يسع إخفاؤه عن أهله، رجاء إن كان صاحبه حيا أن يحمله ذلك على الجزء: 1 ¦ الصفحة: 11 الارعواء وضبط نفسه عن الغميزة، و (ن كان ميتا أنزله من سمع ذلك منه منزلته، فلم يلحقه ملحق من سلم من تلك الغميزة، وقصربه على درجة مثله. ومنهم من رأى أن ذكره ذلك، لينظر: "هل له من أخوات؟ فان أحوال الناس وطبائعهم جارية على إظهار الجميل و (خفاء ما خالفه، فإذا ظهر مما خالفه شيء، لم يؤمن أن يكون وراءه له مشبة". انتهى السقط! ! ! انظر ص 86 -88. كل هذا الكلام الطريل المفيد الهام سقط من طبعة الأستاذ الفريوائي! ثم رأيته قد جعله تعليقا من كلامه! في ص 56 - 57، فذكره في الحاشية، فزاد الأمر سوءا، ووقع فيه جملة تحريفات أيضا. 31- جاء في ص 57س 4 (وانما عرف ذلك من سبركتابيهما واعتبر ماجرحاه) . وضبط لفظ (عرف) هكذا بالبناء للمجهول، وهوضبط خاطىء، إذ هوبالبناء للمعلوم هكذا: (وانما عرف ذلك من سبركتابيهما. . .) . ووقع هنا في طبعة (ف) تبعا للأصل! "واعتبر ما جرحاه ا. وهوتحريف صوابه: (واعتبر ما خرجاه) . ولا دخل للجرح هنا إطلاقا. انظر ص 90. 32- في ص 59س 4 جاء (وإذا قيل له قد خرج في "الصحيح) . . .) ، والواو هنا قبل (إذا) زيادة من الأستاذ الفريوائى، ليست في الأصل، وبها يفسد تركيب الكلام. انظر ص 91. 33- في ص 59س 4 أيضا جاء (قد خرج في الصحيح.. .) . وضبط بالشكل (خرج) بالبناء للمعلوم، وهوخطا، صوابه بالبناء للمجهول. انظر ص ا 9. وما كانت تقع هذه الأخطاء الكثيرة للأستاذ الفريوائي لولا العجلة! وفي الختام: أشكر الأستاذ الفريوائي المعروف بعلمه ودقته، على تواضعه وأمانته، في عزوه وإحالته في كثير من المواضع من تعليقاته، إلى كتاب "الرفع والتكميل في الجرح والتعديل " للإمام عبد الحي اللكنوي، الذي أكرمي الله تعالى بخدمته والتعليق عليه، وجعله منهلا ثرا للواردين في موضوعه، وقد صرخ باسمي في بعض المواضع، محيلا إلى تعليقاتي بكل وفاء وانصاف، فاشكره على ذلك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 12 ولقد شهدت غير واحد يرجعون إلى هذا الكتاب الفذ، ويستقون الكثير منه ومن تعليقاتي عليه، وينقلون منه كثيرا من العبارات بحروفها، ولا يشيرون لذلك، غمطا لأمانة العلم وخادميه! وقديما قالوا: من الأمانة في العلم عزوه إلى قائله أو ناقله، ولكن الأمانة اليوم قلت بتسلط غير أهل العلم على كتب العلم، فإنا لله. . . كلمة عن رسالة: أمراء المؤمنين في الحديث: كنت أثناء مطالعاتي ومراجعاتي، أقف في كتب التراجم على تلقيب بعض المحدثين الكبار بلقب (أمير المؤمنين في الحديث) ، وهو أشرف ألقاب الرواية، فرأيت جمع أسماء من قيل فيهم هذا اللقب في رسالة لطيفة، لمعرفتهم وسمو منزلتهم، وذكرت فيها شروط هذا اللقب، وماخذه من الحديث وبطلانه، ثم بينت بطلان ماقيل: إن (الحافظ) و (الحجة) و (الحاكم) لقب لمن يحفظ كذا مئة ألف حديث. كلمة عن رسالة: كلمات في كشف أباطيل وافتراءات هذا، وكنت منذ15 سنة كتبت رسالة في كشف أباطيل الشيخ ناصر الألباني، فيما كتبه نحوي - في تقدمة "شرح العقيدة الطحاوية" من الطبعة الرابعة سنة 1391 وما بعدها - هو وصاحبه (سابقا) زهير الشاويش ومن ازرهما، وسميتها (كلمات في كشف أباطيل وافتراءات "، وطبعتها في مدينة الرياض سنة 1394، فاسكتتهم إلى حين، ولم أوزعها إلا لمن طلبها مني، ولم أسم فيها أحدا باسمه من الألباني أو مؤازريه، أدبا في الرد وترفعا. ثم لما عاود الألباني فكتب رسالة مطولة في الرد عليها بتوقيعه الصريح خاصة، سماها "كشف النقاب عما في كلمات أبي غدة من الأكاذيب والافتراءات "، ملأها بالإساءة والتجريح والتحامل، والنبز واللمز والتحقير، وتمادى كما سولت له نفسه وهواه، كعادته التي صارت طابعا له في كثير من كتبه التي يرد في مقدماتها على مخالفيه (1) .   (1) انظر لزاما خاتمة"تنبيه المسلم الى تعدي الألباني على صحيح مسلم " لمحمود سعيد ص 205 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 13 ولما كتب متحامل اخر، وهو الدكتور بكر بن عبد الله أبوزيد رسالة بروح رسالة الألباني ومقدمته، شحنها بالكيد والعداء والإساءة إلي، وكان في رسالتي: (كلمات) بعض الرد على رسالته: رأيت أن أعيد طبع تلك الرسالة، فقد طلبها مني كثيرون استكشافا للحقيقة. استهل الألباني كلامه بوصفي في مقدمة "شرح العقيدة الطحاوية" ص 15، باني "أحد أعداء عقيدة أهل السنة والجماعة من متعصبة الحنفية"، وكنت عنده في "اداب الزفاف " ص 160 - 165 من الطبعة السابعة سنة 1404 والطبعات قبلها (بعض أصدقائنا من فضلاء الحنفية) و (حضرة الصديق) و (حضرة الصديق الفاضل) ، فانقلبت (أحد أعداء عقيدة أهل السنة والجماعة من متعصبة الحنفية) ! ! ولقد وصفني في تلك المقدمة لشرح العقيدة الطحاوية -ثم في تلك الرسالة - باقبح الأوصاف والشتائم وقذفني بالعظائم، فقد حشاها بالألفاظ التالية التي أضعها بين قوسين هنا، ورماني فيها (بالتعصب، وتعشد الكذب، والتزوير، والافتراء، والجور، والضلال، والتخرص، والاختلاق، والجهل، وضيق الفكر والعطن، وسوء القصد، وفساد الطوية، والتقليد، والتجاهل، والتدليس الخبيث، والحقد، والحسد، والنفاق، واللعب على الحبلين، وأني أجمع وأتصف باكثر الصفات الست التي تجوز الغيبة لمن اتصف بها، وأني كحاطب ليل. ووصفني المرات تلو المرات بأني (حنفي) ، مسوقة مساق التعيير والمسبة، إذ يرى الانتساب إلى الإمام أبي حنيفة أو غيره من الأئمة المتبوعين الأجلة - رضى الله تعالى عنهم - سبة ونقصا، ووصفني أني مخبر! . ثم لما استنفد ما عنده من مثل هذه الألفاظ، الدائة على طوية قائلها، والتي تكررت في هذه المقدمة المرات تلو المرات، ختمها برميي بالجاسوسية فزعم في ص 57من المقدمة، بقوله عن نفسه وشركائه: أنه نالهم الأذى بسبب هذه التقارير التي يقدمها الجواسيس والمخبرون المنتشرون في كل مكان مثل مقدم ذلك التقرير الجائر". وهويعنيني بهذا كله. وقد صرح بذلك في ص 43 من المقدمة، فذكر: اسمي، ونسبي، واسم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 14 بلدي، ومذهبي، واسم ولدي، وصرت أنا عنده بما كتبه في تلك المقدمة! صاحب ثلاثين وصفا: من (التعصب، وتعمد الكذب، والتزوير، والافتراء، والجور، والضلال. . .،. . .، إلى المخبر، والجاسوس "، كما ستقرؤه في رسالة الكلمات! بنصه مطولا، وهي بين يديك. وسبب ذلك اني غلطته في طريقته التي يصحح بها على البخاري ومسلم أحاديثهما في صحيحيهما، كما شرحته في أول رسالتي (كلمات) ، فيا ويل من غلطه او رد عليه أو اختلف معه! ! فقدصار هذا الأسلوب خلقه وديدنه في ردوده ومقدمات كتبه! وإنا أرجو القارىء الكريم ان يقرأ تلك المقدمة بعد قراءة رسالتي هذه، ليرى فيها أن الألباني في نزاعه لم يسلك خطة أدب الخلاف عند العلماء، ولم يكن لسانه بالعف النزيه، ولا خلقه بالرادع له عن الإقذاع والشتم لمخالفيه، وأن نقاشه لأهل العلم يقوم على تجهيل غيره وتضليله، فقد كشف فيها عن سلوك وأخلافي لايحسد عليها، وتصرفات مزرية محزنة! بل لقد تمادى به الأمر في الهزء والسخرية بي ومني: أن وصفني في صدد معرفتي بالكتب، باني (الله تبارك وتعالى) ! وزعم أن ذلك قاله أحد الظرفاء الأذكياء في، كما تراه في حاشية ص 48 من مقدمته على "شرح العقيدة الطحاوية"، في كلامه على (نشرة) زعم أني نشرتها، أو نشرها بعض أصحابي بإشرافي. وكل ذلك علم الله وشهد -وهوعلى كل شي شهيد-لم يكن بعلمي أو موافقتي أو إشرافي، وإنما هي نشرة خاصة جدا كتبها عني بعض الإخوان حين كنت معتقلا في بلدة تدمر، فأخذها الألباني - وصاحبه (سابقا) وعميل لهذا الصاحب - وتزيدوا فيها ما شاؤوا بحسب ما يشفي غيظهم مني، وبحسب ما قدروا أنه يكيدني ويؤذيني عند العارفين بي حيث أقوم بالتعليم الجامعي في الرياض، ونسجوا فيها ما هوظاهر الدس والبطلان. فعلق الألباني على قول من كتب عني: "ما ذكر أمامه مخطوط أومطبوع، إلا بسط لك خصائص الكتاب، ومجمل محتواه، وأين طبع، وكم طبعة له إن كان مطبوعا، ومكان وجوده وتاريخ نسخه إن كان مخطوطا"، علق عليه بقوله: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 15 "قلت: ومن الطرائف أن أحد الظرفاء الأذكياء، لما سمع هذا الوصف الأخير قال: هذا هو الله تبارك وتعالى، يشيرالى ما فيه من الغلو والإطراء بالحفظ الذي لا يبلغه البشر". وما أدري كيف استساغ الألباني وصفي بان يقال في (هذا هو الله تبارك وتعالى) ! شرعا وعقيدة وفقها وأدبا وعقلا؟! وكيف سجله في كلامه على لسان (أحد الظرفاء الأذكياء) ؟! وأقره؟! وغاب عنه أوجهل أن هذا منكر كبير جدا يرتكبه هووصاحبه أحد الظرفاء الأذكياء في جنب الله تعالى، وهزء مكشوف بمقام إجلال الله سبحانه يؤذي الى ترد في هوة الجهل، فقد وصل به الأمر إلى أن يصفني بانني الله تبارك وتعالى. فهذا مقياس معرفته بتنزيه الخالق جل شانه! فكيف يقر الألباني أن يوصف انسان مخلوق ضعيف بانه (هو الله تبارك وتعالى؟ وهو يرى نفسه معيار الحق في العلم والعقيدة والسنة المطهرة؟ . كيف يقر الألباني وصف من يتوصل الى معرفة تلك الأمور، بطريق القراءة والنظر، والبحث والتتبع، والحفظ والاستذكار، والنصب والتعب، وغيرها من لوازم المخلوق الضيف، بانه (هو الله تبارك وتعالى) ! ولم يزجر أو ينبه ذلك الواصف الذي زعم أنه قال ذلك، بانه قال كلاما حراما ومنكرا جسيما جدا، ارتكبه في جنب الله تعالى، فهل يسوغ ذلك في النقل أوفي العقل؟ . نعم عند الألباني يجوز ذلك في باب الاستهزاء بمخالفه والتشفي منه، وهذا نموذخ ناطق ودال على مدى معرفة الألباني بما يجوز أن يوصف به الله جل جلاله وما لا يجوز، ودليل صريح على مستوى أدب الألباني مع الله سبحانه وتعالى! وهذا الموقف في دلالته على مستوى معرفة الألباني بتنزيه الله تعالى: يذكرنا بقول الألباني في كتبه مرارا وتكرارا: (العصمة لله وحده) ، ومنها قوله في المقدمة على "شرح العقيدة الطحاوبة" نفسها ص 27 (ان العصمة لله وحده) ، ومنها قوله في "الأحاديث الصحيحة" 4: 429 (والعصمة لله وحده) ، ومنها قوله في الأحاديث الضعيفة" ا: 152 (والعصمة لله وحده) ، ومنها قوله في مقدمته لكتاب "رياض الصالحين " للإمام النووي في الصفحة (س) مرتين: (والعصمة لله وحده.) ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 16 فكيف يقول هذا ويكرره مرارا؟ ومن قدوتة في وصف الله تعالى بهذا التعبير الخطير؟ ! فمن الذي يعصم الله تعالى؟ ومم يعصم سبحانه وما الذي كان يمكن أن يقع منه سبحانه حتى عصم منه؟ ثم مقتضى قوله هذا أيضا حصر العصمة بالله وحده حصرا، ونفي العصمة جزما عن الأنبياء والرسل الكرام، ومنهم النبي! محمد عليهم الصلاة والسلام، فهل هوقاصد قائل بذلك؟ ! أم لا يدري مدلول الألفاظ حتى في أشد المباحث خطورة! ولو وقع هذا التعبير أو ذاك من أحد مخالفيه، لكان حكمه عليه بما يشبه التكفير أو ما يدانيه، نسال الله العافية. وبذكرنا أيضا بقول الألباني - وهو محدث -: (بان كيس الكاوتشوك يمنع الحمل منعا باتا) ، علق ذلك على قول الرسول الصادق المصدوق سيدنا محمد صلى الله عيه وسلم: "ليست نفس مخلوقة إلا الله خالقها"، وقوله عليه الصلاة والسلام: "ما من نسمة كائنة إلى يوم القيامة إلا هي كائنة". وهذه عبارته في كتابه "اداب الزفاف في السنة المطهرة" ص 55 -57. قال الألباني: في حديث أبي سعيد الخدري قال: ذكر العزل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ولم يفعل ذلك أحدكم؟ اولم يقل: فلا يفعل ذلك أحدكم، فانه ليست نفسن مخلوقة إلا الله خالقها. وفي رواية: لانكم لتفعلون؟ وإنكم لتفعلون؟ وإنكم لتفعلون؟ (ثلاثا) ، - ووقع في كتاب "اداب الزفاف " تكرار الجملة مرتين فقط! - ما من نسمة كائنة إلى يوم القيامة إلا هي كائنة. رواه مسلم (4 /58 1، 59 1) بالروايتين، والنسائي في "العشرة" (82/ 1) ، وابن منده في " التوحيد" (60 / 2) بالأولى، والبخاري (9 / 251 - 252) بالأخرى. قال الحافظ في "الفتح " في شرح الرواية الأولي: أشار إلى أنه لم يصرح لهم بالنهي، لانما أشار إلى أن الأولى ترك ذلك، لأن العزل إنما كان خشية حصول الولد، فلا فائدة في ذلك، لأن الله إن كان قدر خلق الولد لم يمنع العزل ذلك، فقد يسبق الماء ولا يشعر العازل، فيحصل العلوق ويلحقه الولد، ولا راد لما قضى الله ". انتهى كلام الألباني. ثم علق على قول الرسول صلى الله عليه وسلم السابق بقوله: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 17 "قلت: وهذه الإشارة -أي التي في الحديث - إنما هي بالنظر إلى العزل المعروف يومئذ، وأما في هذا العصر، فقد وجدت وسائل يستطيع الرجل بها أن يمنع الماء عن زوجته منعا باتا، مثل كيس الكاوتشوك الذي يوضع على العضو عند الجماع، ونحوه، فلا يرد عليه حينئذ هذا الحديث وما في معناه ". انتهى كلام الألباني بحروفه وألفاظه. وهذا الذي قاله من منع (الكيس) الماء عن زوجته منعا باتا، يعارض صريح قول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم - الذي نقله هو-: "ليست نفس مخلوقة إلا الله خالقها"، وصريح قوله صلى الله عليه وسلم: (ما من نسمة كائنة إلى يوم القيامة الا هي كائنة"، نعم يعارض قوله هذين الحديثين الصحيحين كل المعارضة! ! . كما يعارض الروايات الأخرى الصحيحة من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عند مسلم أيضا: 10: 10 بشرح الإمام النووي: ". . . فقال صلى الله عليه وسلم: لا عليكم أن لاتفعلوا، ماكتب الله خلق نسمة هي كائنة إلى يوم القيامة إلا ستكون "، وفي رواية ثانية عند مسلم 10: 11 الا عليكم أن لا تفعلوا، فإنما هو القدر" (1) . وفي رواية عند البخاري 13: 391 بشرح "فتح الباري " في كتاب التوحيد، ني (باب قوله تعالى: هو الله الم خالق البارىء المصور) : ". . . فقال: ما عليكم أن لا تفعلوا، فإن الله كتب من هوخالق إلى يوم القيامة، وليست نفس مخلوقة إلا الله خالقها. وعند الإمام أحمد في االمسند" 3: 26، "عن أبي سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وسلم في العزل: اصنعوا ما بدا لكم، فإن قدر الله شيئا كان ".   (ا) قال الإمام النووي في شرح صحيح مسلم " 10: 10، شارحا قولة صلى الله عليه وسلم: (لا عليكم أن لا تفعلوا، ما كتب اللة خلق نسمة هي كائنة الى يوم القيامة الا ستكون) : "معناة ما عليكم ضرر في ترك العزل، لان كل نفس قدر الله تعالى خلقها، لا بد أن يخلقها، سواء عزلتم أم لا، وما لم يقدر خلقها لا يقع، سواء عزلتم أم لا، فلا فائدة من عزلكم، فإنه إن كان الله تعالى قدرخلقها سبقكم الماء، فلا ينفع حرصكم في منع الخلق،. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 18 وقال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري " 9: 307، - بعد عبارته السابقة التي نقلها الألباني - مؤيدا حديث أبي سعيد: أن العزل لا يمنع من الحمل قال رحمه الله تعالى: "وقد أخرج أحمد والبزار، وصححه ابن حبان، من حديث أنس: أن رجلا سال عن العزل؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لوأن الماء الذي يكون منه الولد، أهرقته على صخرة، لأخرج الله منها ولدا. وله شاهدان في "الكبير" للطبراني عن ابن عباس، وفي "الأوسط " عن ابن مسعود". انتهى كلام الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى. فبعد هذه الأحاديث الصريحة الصحيحة، الناطقة الصادقة، هل يسع إنسانا يشتغل بالحديث الشريف أن يقول في مواجهة هذه الأحاديث بكل ارتياح وانشراح: ما قاله الألباني؟ وهوقوله معلقا على قول الرسول صلى الله عليه وسلم بما يلي: "قلت: وهذه الإشارة -أي التي في حديث النبي صلى الله عليه وسلم - إنما هي بالنظر إلى العزل المعروف يومئذ، وأما في هذا العصر، فقد وجدت وسائل يستطيع الرجل بها أن يمنع الماء عن زوجته منعا باتا، مثل كيس الكاوتشوك الذي يوضع على العضو عند الجماع، ونحوه، فلا يرد عليه حينئذ هذا الحديث وما في معناه ". انتهى كلام الألباني. ولو صدر هذا الكلام من إنسان عادي، أو طبيب ملحد، أو إنسان لا يؤمن بالسنة المطهرة، أو لا صلة له بالسنة النبوية الشريفة: لهان الخطب! ولكنه صدر ممن يدعي تمسكه بالسنة، والغيرة عليها، ويرى نفسه معيار الحق فيما يقوله ويذهب إليه فيها وفي فهمها، فإنا الله وإنا إليه راجعون، فهذه بعض النماذج من مبلغ علم الألباني مما يتعلق بالعقيدة وتنزيه الله تعالى، والله المستعان. وفي الختام: أرجو من الله تعالى أن تقع رسالة "الكلمات " موقعها من نفوس القراء، فتؤذي الحق على وجهه، ويعلموا منها ما لم يكونوا يعلمون، والله يقول الحق، وهو يهدي السبيل. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم والحمدلله رب العالمين. وكتبه في الرياض. 10/9/1409 وكتبه عبد الفتاح ابو غدة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 19 ترجمة الحافظ المنذري (1) : هو الإمام الحافظ المحذث الناقد الفقيه المؤرخ اللغوي البارع، الضابط الثبت المتقن، الورع الزاهد، شيخ الإسلام، زكن الدين أبومحمد عبد العظيم بن عبد القوي بن عبد الله بن سلامة بن سعد بن سعيد، المنذري، المصري. وأصله من بلاد الشام، ووالده مصري المولد والدار. ولد في غرة شعبان من سنة 581بفسطاط مصر بكوم الجارح، وبها نشأ وترعرع، وكان لوالده عناية بالعلم ومحبة، فأسمعه الحديث بإفادته في أواخر سنة 591، أي حين بلغ عشر سنوات من العمر، ثم لم يلبث والده أن مات بعد سنة من هذا التاريخ، في رمضان سنة 592، فنشأ عبد العظيم يتيما، واستمر على حضور مجالس العلماء والأخذ عنهم. وكان والده حنبلي المذهب، فنشا هوحنبلي المذهب، ثم تحول إلى المذهب الشافعي، وغدا من فقهائه وعلمائه والمؤلفين في فقهه. شيوخ الحافظ المنذري : تلقى الحديث وغيره من شيوخ بلده ومصره بالسماع منهم، وفيهم كثرة بالغة جدا وكان أول سماعه الحديث من أحد شيوخ الحنابلة بمصر، وهو أبو عبد الله محمد بن حمد بن حامد الأنصاري، الأرتاحى الأصل، المصري المولد والدار، المتوفى بمصر سنة 601، قال المنذري في ترجمته في "التكملة" 2: 72 برقم 900: "وهوأول شيخ سمعت منه الحديث بإفادة والدي رضي الله عنه، وأجاز لي في شهررمضان المعظم سنة 591، وسمعت منه قبل ذلك ". وكان بالقرب من بيتهم مسجد يعرف بمسجد الوزير ابن الفرات، يؤم به   (ا) هذه الترجمة على طولها وشمولها خلها مستفاد ومقتبس من كتاب الأخ العلامة المحقق الأستاذ الدكتور بشار عواد معروف: "المنذري وكتابة التكملة لوفيات النقلة، المطبوع في العراق بمطبعة الأداب في النجف عام 1388= 968 1. فجزاه الله خيرا، وقد عزا فيه كل نقل فيها إلى مصدره، فمن أراد الوقوف على المصادر فليعد إليها هناك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 20 شيخ حنبلي صالح، هوأبوالثناء محمود بن عبد الله بن مطروح المصري المقرىء المؤدب، فقرأ عليه المنذري القران مدة. وحضر في هذا المسجد أيضا على الإمام أبي محمد عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي الحنبلي المشهور، المتوفى بالمسجد المذكور سنة 600، وأجازه في رجب من سنة 596. وتلقى في محيط الجامع العتيق مسجد عمرو بن العاص: القران الكريم بالقراء ات السبع، وتفقه بفقه الإمام الشافعي رضي الله عنه. ودرس علم العروض وغيره من العلوم التي كانت تعمر بها حلق هذا الجامع العتيد وهذه الدوحة المباركة في مدينة الفسطاط. ثم رحل إلى الإسكندرية عدة مرات، وسمع من كبار شيوخها والقادمين عليها، وكتب بها عن جماعة من العلماء ذكرهم وترجم لهم في كتابه "التكملة". وجال في بلاد أخرى من القطر المصري، فدخل ثغر دمياط وسمع به، ومدينة المنصورة وسمع بها، وبلبيس وسمع بها، وكتب عن شيوخها، وبلدة سمنود، ورحل إلى الصعيد المصري، فدخل مدينة قنا وسمع بها وكتب، ومدينة قوص، ودهروط، وغيرها. وسافر إلى مدينة غزة وبلاد الشام وقراها، وبيت المقدس مرات متعددة. وهذا يدل على كثرة ترحاله إلى بلدان العلم والعلماء، والاهتمام بتلقي الحديث عنهم. ولاتساع رحلاته وكثرة تطوافه في البلاد كثرت شيوخه كثرة وافرة، ومن أبرز شيوخه في بلده مصر الذين تاثر بهم وانتفع بصحبتهم: الإمام الحافظ المحدث المتقن الضابط، الجامع لفنون من العلم، أبوالحسن علي بن المفضل المقدسي الإسكندري، المولود سنة 544، والمتوفى سنة 611، فقد لازمه المنذري ملازمة تامة، وقرأ عليه، وكتب عنه، وقال: انتفعت به انتفاعا كبيرا. وكان هذا الشيخ حاذقا لجملة من العلوم، فاقتبسها المنذري منه معرفة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 21 وحذاقة وضبطا ودقة؛ فهو من حسنات الإمام الجليل ومن الباقيات الصالحات من اثاره الطيبة. وشيوخة المصريون فيهم كثرة بالغة، ليسر لقائهم وقرب انتقاله إليهم، ففي تعدادهم طول طويل، وكان ينتقي الشيوخ الماهرين ويتقصدهم ليكسب المهارة منهم، كما يمر بالشيوخ العلماء فيستفيد منهم ويكتب عنهم، فما قصر في جنب الرحلة والاستفادة من شيخ وعالم، وذلك مما يدل على شدة نهمه العلمي واتساع أفقه الذهني، وقوة تمكنه من فرز ما يتلقاه، فيخرج منه ما يرتضيه، ويدع منه ما لا يرتضيه، شأن العالم القدير الناقد الناخب لما يحصله ويسمعه. وإلى جانب الكثرة البالغة التي لقيها من شيوخ العلم، استجاز ممن لم يتمكن من لقائهم بالمراسلة والمكاتبة، فكانوا في عداد شيوخه ومفيديه، فاستجاز من البغداديين -إذ لم يرحل إلى بغداد -، ومن الدمشقيين زيادة على من لقيهم فيها، ومن علماء البلدان الذين لم يقدر له لقاؤهم ومشافهتهم. وسمع الحديث وكتبة من النساء المحدثات العالمات. ومن أبرز شيوخه الذين لقيهم وتلقى عنهم في دمشق: المحدث المسند أبوحفص عمر بن محمد بن معمر البغدادي الدارقزي المؤدب، المعروف بابن طبرزذ -وطبرزد -، المولود سنة 516، والمتوفى سنة 607، فقد كان هذا الشيخ من المكثرين في التلقي عن الشيوخ، وتفرد بالرواية عن غير واحد منهم، قال المنذري: لقيته بدمشق، وسمعت منه كثيرا من الكتب الكبار والأجزاء والفوائد. . . وطبرزد: اسم لنوع من السكر. ومن أبرز شيوخه الذين أخذ عنهم في دمشق أيضا: تاج الدين أبو اليمن زيد بن الحسن بن زيد الكندئ، البغدادئ المولد والمنشأ، الدمشقي الدار والقرار الإمام النحوئ العالم الأديب، المولود سنة 520، والمتوفى سنة 613، وقد عمر هذا الشيخ طويلا، فانفرد باشياء من القراءات والمسموعات، وتميز بمزايا من العلوم، قال المنذري: وكان أحد البارعين في علم الأدب، وانتهى التقدم فيه إليه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 22 ومن شيوخه البارزين الذين لقيهم بدمشق أيضا: الحافظ المحدث أبو الحسن علي بن المبارك الواسطي البرجوني، المقرىء الفقيه الشافعي، المعروف بابن باسوية، المولود سنة 556، والمتوفى سنة 632، فقد كان من كبار المحدثين وكبارالقراء، وممن شدت إليه الرحال، فتلقى عنه الحديث وغيره مما تميز به من العلوم. ومن شيوخه البارزين الذين تخرج بهم في دمشق أيضا: الإمام الفقيه البارع الواسع الموفق ابن قدامة الحنبلي، أبومحمد عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي الجماعيلي، المولود سنة 541، والمتوفى سنة 620، وقد كان هذا الشيخ خزانة الفقه الإسلامي بمذاهبه واختلافات المجتهدين فيه. ومن شيوخه البارزين الذين لقيهم في بلاد الشام أيضا: الإمام العالم العلامة الأديب المؤرخ الرحالة النسابة البلداني، أبوعبد الله ياقوت بن عبد الله الرومي الحموي، المتفنن المتقن الثقة الضابط الأمين، المولود سنة 574، والمتوفى سنة 626. وهناك شيوخ كبار اخرون كثيرون، لقيهم المنذري في بلاد الشام، لا أطيل بذكرهم روما للاختصار. ورحل المنذري إلى الحرمين الشريفين، بغية الحج إلى بيت الله تعالى وزيارة منازل الوحي الشريف، وبنية لقاء علماء الحرمين والعلماء الواردين عليهما من بقاع الإسلام، وكان ذلك منه في سنة 656، وسمع في هذه الرحلة من علماء الحجاز، ومن علماء كثيرين من أقطار العالم الإسلامي الذين حجوا في هذا العام، فكان له من ذلك مزيد كثرة في الشيوخ، ومزيد وفرة في العلم وتلقيه عن رجاله، من مختلف الأصقاع، وسمع وكتب وأوعب عن الشيوخ في ذهابه وإيابه وقراره في الحرمين. وعاد إلى بلده مصر في سنة 657، وأمضى معظم حياته في فسطاط مصر والقاهرة، وهناك تولى الإمامة بالمدرسة الصالحية، والتدريس بالجامع الظافري، ثم ولي مشيخة دار الحديث الكاملية، التي انقطع بها قرابة عشرين عاما إلى اخر حياته، ومات فيها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 23 ولم يقتصر المنذري على السماع من شيوخ الحديث، بل كتب الكثير عن العلماء، وعلق عنهم الفوائد، سواء كانوا محدثين أم أدباء أم شعراء أم صوفية أم غيرهم من أهل عصره، وقد ذكر من ذلك جملة صالحة في كتابه "التكملة"، وأغلبهم كتب عنهم بمصر والقاهرة والمنصورة، أو البلدان القريبة من هذه المدن الكبرى، أو استجاز منهم. ولم يقتصر المنذري في تحصيله على السماع واللقاء، بل كاتب العلماء واستجاز منهم من البلدان المختلفة، فكان له شيوخ إجازة كثيرون، كما له شيوخ سماع كثيرون، وكان هناك ناس يقومون بحمل الإجازات من بلد إلى اخر، قال في "التكملة" ص 322، في ترجمة أبي الحسن علي بن النفيس البغدادي الإجازاتي، المعروف بابن النفيس، المتوفى بالقاهرة سنة 640: "وسعى في حمل الإجازات للناس، من بغداد إلى الإسكندرية سنين. وقال جمال الدين أبوحامد بن الصابوني فيه أيضا: كان يسافر من بغداد إلى الإسكندرية، مترددا في أخذ خطوط الشيوخ للناس في الإجازات المسيرة على يده، ليس له "حاجة ولا بضاعة إلا ذلك، وما له قصد سوى الإفادة، وبقي على هذا الأمر سنين، فجزاه الله خيرا". وكان الزملاء في الطلب والرفاق في الرحلة، يتفقون على أن ياخذ كل واحد منهم الإجازات من شيوخ بلده، ويبعث بها إلى صاحبه وزميله في البلد الاخر، استكثارا من الشيوخ ومن ربط الصلة بينهم وتوسيع المعرفة بهم. وقد كان المستجيز يستجيز الشيخ عدة مرات، ليكون له الحق في رواية أكبر عدد ممكن من روايات الشيخ المجيز، وهكذا كان يفعل المنذري رحمه الله تعالى. ولم يكتب للمنذري الرحلة إلى بغداد كما سبقت الإشارة إلى ذلك، فاستجاز من كثير من شيوخها ومحدثيها الكبار والمغمورين، ابتداء من سنة 593، وما زال يستجيز إلى اخر حياته، حتى بلغ عدد شيوخه البغداديين بالإجازة أزيد من 335 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 24 شيخ وشيخة، وأكثرهم مذكورون في كتابه "التكملة"، وبلغ عدد شيوخه الدمشقيين الذين استجاز منهم - غير الذين لقيهم وتلقى عنهم - أزيد من 135 شيخ وشيخة، وبينهم علماء أعلام ومحدثون وفقهاء وشعراء. واستجاز من شيوخ بلدان أخرى، كانوا في مصر أو الإسكندرية أو ما يتصل بهما أو يبعد عنهما، من علماء حران، والرها، وحلب، والموصل، واربل، وخرسان، وهمذان، وأصبهان، ومن علماء مكة المكرمة والمدينة المنورة، والقادمين عليهما والمجاورين بهما، وغيرها، حتى استجاز من بعض علماء الأندلس، فاستجاز من حافظ بلنسية محدث الأندلس وبليغها أبي الربيع سليمان بن موسى الكلاعي الأندلسي البلنسي الخطيب، المولود سنة565، والمتوفى شهيدا سنة 634، فبلغوا أزيد من 92 شيخا، فكان عدد شيوخه بالإجازة قرابة 600 شيخ. واستجاز من الشيخات العالمات في البلاد التي لم يرحل إليها، وما فرط في سماع أو إجازة استطاع الوصول إليها منهن، استكثارا من ربط نفسه بقافلة خدمة سنة النبي صلى الله عليه وسلم، فاستجاز من ابنة الحافظ السلفي بالإسكندرية، ومن عدد كبير من الشيخات البغداديات، ومن شيخات أصبهان ونيسابور وهمذان ودمشق وحران. توليه مشيخة دار الحديث الكاملية: حكم الملك الكامل محمد ابن الملك العادل أبي بكر محمد بن أيوب: البلاد المصرية قرابة أربعين عاما، كان في النصف الأول منها نائبا عن والده، ثم استقل بها بعد وفاة والده سنة615 حتى وفاته سنة635. وكان الملك الكامل ممن عني بالعلم أتم عناية، فقد طلبه لنفسه، وسمع الحديث ورواه، وكان يحب العلماء ويحضرهم مجلسه في كل أسبوع، ويلقي عليهم المشكلات من المسائل، ويتكلم معهم، وتكلم على صحيح مسلم بكلام مليح ولفظ فصيح، وكان معظما للسنة النبوية وأهلها، راغبا في نشرها والتمسك بها. ونتيجة لهذا الاهتمام بالعلم وحمت السنة النبوية، أسس "دار الحديث الجزء: 1 ¦ الصفحة: 25 الكاملية" في خط (بين القصرين) من القاهرة سنة 621، ووقفها على المشتغلين بالحديث النبوي الشريف، ثم من بعدهم على فقهاء الشافعية، وجعل فيها منازل يسكن فيها الطلبة والمدرسون، وجعل فيها خزانة كتب. وكان أول من أسس دارا للحديث هو الملك نور الدين الشهيد، المتوفى سنة 569 رحمه الله تعالى، أسسها بدمشق، ثم تلاها تاسيس دور للحديث في بلدان أخرى، فدار الحديث الكاملية ليست هي ثاني دار للحديث اسست كما وهم بعض العلماء في ذلك. وتولى المنذري مشيخة دار الحديث الكاملية، بعد وفاة شيخها الأول: أبي الخطاب عمر بن الحسن المعروف بابن دحية الكلبي الأندلسي ثم القاهري، المتوفى سنة 634، وبعد أخيه أبي عمرو عثمان بن الحسن شيخها الثاني، فكان المنذري شيخها الثالث، وكان قد بلغ بين علماء عصره وزاد على الخمسين نحو ثلاث سنين، فولاه الملك الكامل شياخة هذه الدار الحديثية. فانقطع بها وسكنها إلى اخر يوم من حياته، نحو العشرين سنة) عاكفا على التصنيف والتحديث والإفادة والتخريج، فما كان يخرج منها إلا لصلاة الجمعة، حتى إنه لما مات أكبر أولاده الحافظ رشيد الدين محمد سنة 643، صلى عليه فيها، وشيعه إلى باب المدرسة، وقال له: أودعتك يا ولدي الله تعالى، وفارقة (1) . تلاميذ الحافظ المنذري : للحافظ المنذري تلاميذ تخرجوا به لا يحصون كثرة، لما كان عليه من الصلاح والورع والفقه في الدين والإمامة في الحديث والإتقان فيه تحديثا وتخريجا، وتعديلا وتجريحا، وضبطا وإتقانا، وفهما وشرحا، ورجالا وشيوخا، وتاريخا   (1) بمثل هذا الانقطاع الذي يدل على عشق العلم والاحتراق به، يكون النبوغ والإمامة في العلم، لا بدراسة ساعات معدودة بعشرين ساعة، محدودة ب 45 دقيقة أو 50دقيقة للعلم الواحد، وبعدها يقال له: هذا فراق بيني وبيك! ! . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 26 وحفظا، فقد غدا في مصره وعصره قبلة أنظار طلاب الحديث وأهله، حتى أخد عنه بعض شيوخه الكبار وأقرانه المشهورين، كما أخذ عنه كل من استطاع الوصول إليه من طلبة الحديث ورواته، ويحسن أن أذكر بعض من أخذ عنه من أولئك، ليظهر للقارىء علو مرتبته في الحديث وعلومه. فاخذ عنه من شيوخه: الإمام الفقيه أبو البركات عبد الرحمن بن الحسن الأنصاري الخزرجي الدمياطي، المعروف بابن القصار، المتوفى سنة 613. وأخذ عنه من شيوخه: الإمام أبو الغنائم مسافر بن يعمر بن مسافر الجيزي الحنبلي المؤدب الصوفي، المتوفى بمصر سنة 620. وأخذ عنه من شيوخه: زكي الدين أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الوهاب، المعروف بابن وهيب القوصي، المتوفى بحماة سنة 631 وغيرهم. وروى عنه من أقرانه: الحافظ أبو بكر محمد بن عبد الغني البغدادي الحنبلي، المعروف بابن نقطة الحنبلي، المتوفى 629، صاحب "إكمال الإكمال ". وذكر أخذه عن المنذري فيه في ترجمة أبي محمد عبد الله بن محمد بن المجتي، المتوفى سنة 613. كما سمع منه رفيقه: الإمام المحدث أبو عبد الله محمد بن يوسف البرزالي الأندلسي، العالم المشهور، المتوفى سنة 636. وسمع منه أيضا وحضر مجالسه الحديثية الإمام عز الدين بن عبد السلام المجتهد الفقيه. وتخرج به من أعلام المحدثين تلميذه: الشريف عز الدين أحمد بن محمد الحسيني، المتوفى سنة695، وهو الذي ذيل على كتاب شيخه بكتابه "صلة التكملة لوفيات الثقلة"، وقال فيه: قرأت عليه قطعة حسنة من حديثه، وكتبت عنه جملة صالحة، وانتفعت به انتفاعا كبيرا. وممن نجب ولمع من تلامذته الذين لازموه: الإمام العالم العظيم الحافظ شرف الدين عبد المؤمن بن خلف الدمياطي، المولود سنة 613، والمتوفى سنة 705، فقد لازمه مدة طويلة، وعينه المنذري بعد وفاة ولده رشيد الدين محمد سنة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 27 643 معيدا له في دار الحديث، قال الدمياطي: هوشيخي ومخرجي، أتيته مبتدئا، وفارقته معيدا له في الحديث. ومن العلماء الأعلام الذين تخرجوا به، وتمثلوا سيرته وورعه وفضائله: الإمام ابن دقيق العيد، تقي الدين أبو الفتح محمد بن علي بن وهب القشيري، المولود سنة625، والمتوفى سنة 702. كما سمع من المنذري أيضا أخوه تاج الدين أحمد بن علي بن وهب القشيري القوصي، المتوفى سنة 723، مدرس المدرسة النجيبية بقوص. ومن العلماء الذين تلقوا عنه واقتبسوا منه: الإمام المؤرخ المحقق الأديب النسابة قاضي القضاة شمس الدين بن خلكان، التراجمي المشهور، صاحب وفيات الأعيان، المتوفى سنة 681. ومن المحدثين المشهورين الذين أخذوا عنه ولازموه وتخرجوا به: الإمام الحافظ الفقيه المحدث المتقن الضابط الدقيق شرف الدين أبو الحسين علي بن محمد بن أحمد بن عبد الله اليونيني، المتوفى سنة 701 (ا) ، صاحب النسخة المضبوطة المتقنة من "صحيح البخاري "، المعروفة بالنسخة اليونينية. وأخذ! عنه غيرهم كثير-وكثير ممن سمعوا منه أو أجازهم من رجال ونساء.   "ا) هذا هو الصواب في سنة وفاة الشيخ علي بن محمد بن أحمد اليونيني الحنبلي المذكور، ووقع خطا في اخر كتاب "شواهد التوضيح والتصحيح، لمشكلات الجامع الصحيح) للإمام ابن مالك النحوي شيخ العربية، وصاحب الحافظ اليونيني المذكور، في ص 221 فجاء فيه: (مات سنة تسع وسبع مئة) 0 انتهى. وهوتحريف وخطا ناشىء عن قراءة رقم اتسعة، فإنه توفي يوم الخميس ليلة الجمعة الحادي عشر من رمضان سنة 701 إحدى وسبع مئة، كما في غير كتاب، مثل "تذكرة الحفاظ " للذهبي 4: 1500، وهوشيخ الذهبي، وقد أثنى عليه، وذكره في طليعة شيوخه، و"الدرر الكامنة" لابن حجر 4: 7 1 1، و"ذيل طبقات الحنابلة" لابن رجب الحنبلي 2: 6 34. وله فيه ترجمة حسنة مطولة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 28 مكانة الحافظ المنذري في العلم : احتل الحافظ المنذري في النصف الأول من القرن السابع الهجري: مكانة عظيمة مرموقة، وعده العلماء حافظ عصره دون منازع، قال الحافظ عز الدين الحسين! تلميذه: كان عديم النظير في معرفة علم الحديث على اختلاف فنونه، عالما بصحيحه وسقيمه ومعلوله، متبحرا في معرفة أحكامه ومعانيه ومشكله، قيما بمعرفة غريبه وإعرابه واختلاف ألفاظه، ماهرا في معرفة رواته وجرحهم وتعديلهم، ووفياتهم ومواليدهم وأخبارهم، إماما حجة، ثبتا ورعا، متحريا فيما يقوله وينقله، متثبتا فيما يرويه ويتحمله. انتهى. وكان مجلسه في الحديث مضرب الأمثال، قال الشيخ أبو الحسن الشاذلي: قيل لي: ما على وجه الأرض مجلس في الفقه أبهى من مجلس الشيخ عزالدين بن عبد السلام، وما على وجه الأرض مجلس في الحديث أبهى من مجلس الشيخ زكي الدين عبد العظيم المنذري، وما على وجه الأرض مجلس في علم الحقائق أبهى من مجلسك. وقد أطلق عليه (الحافظ) قبل وفاته بأكثر من ثلاثين عاما. ومرتبة (الحافظ) هذه قال فيها الخطيب البغدادي في "الجامع لأخلاق الراوي واداب السامع " 2: 172 هي أعلى صفات المحدثين، وأسمى درجات الناقلين، من وجدت فيه قبلت أقاويله، وسلم له تصحيح الحديث وتعليله، غير أن المستحقين لها يقل معدودهم، ويعز بل يتعذر وجودهم. وقد وصفه بالحفظ تلميذه القاضي ابن خلكان، فقال فيه: حافظ مصر، وقال فيه مؤرخ الإسلام الحافظ الذهبي: لم يكن في زمانه أحفظ منه، وقال ابن دقماق: حافظ الوقت. وكان المنذري مفيدا، والمفيد هو الذي يفيد الناس الحديث عن المشايخ، فيكون عارفا بهم وبعلو إسنادهم، حتى إذا جاء الطالب دله على شيوخ ذلك البلد من ذوي الإسناد العالي وما إليهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 29 أما كلامه على رجال سنن أبي داود، فكيفيه أنه نال إعجاب الناقد الحافظ الذهبي، وذكره في ترجمته له في "سير أعلام النبلاءا، ويكفي لبيان سمو إمامته في الحديث أن الإمام عز الدين بن عبد السلام الفقيه المجتهد، كان يحضر مجالسه ويسمع الحديث منه. أما في الفقه فقد شرح المنذري كتاب "التنبيه" لأبي إسحاق الشيرازي في إحدى عشرة مجلدة، وذلك مما يدل على فقاهته الواسعة، وقد وصفه غير واحد ممن ترجموا له بالفقيه. وكان يفتي الناس في الديار المصرية، فلما قدم الإمام عز الدين بن عبد السلام مصر، بالغ الشيخ المنذري في الأدب معه، وامتنع عن الإفتاء لأجله، وقال: كنا نفتي قبل حضوره، وأما بعده فمنصب الفتيا متعين فيه. وبراعته في علم الرجال تبدو في كتابه"التكملة لوفيات النقلة" و"المعجم المترجم " و"تاريخ من دخل مصر" وغيرها من تواليفه. وكتبه هذه تعد في كثير مما حوته المصادر الأولى، تفردت بكثير من تراجم الرجال وأحوالهم. ولقي الأدباء والشعراء وأخذ عنهم أو استجاز منهم كما سبقت الإشارة إلى ذلك، ولهذا تبدو مسحة الأدب وطلاوته في عبارته وكلامه، ولم يحفظ له من النظم سوى هذين البيتين اللطيفين الحكيمين: اعمل لنفسك صالحا لاتحتفل بظهورقيل في الأنام وقال فالخلق لايرجى اجتماع قلوبهم لابد من مثن عليك وقالي وأما زهده وورعه وتدينه فقد كان مشهورا مذكورا، قال التاج السبكي: سمعت أبي يحكي عن الحافظ الدمياطي -تلميذ المنذري -، أن الشيخ خرج مرة من الحمام، وقد أخذ منه حرها، فما أمكنه المشي، فاستلقى على الطريق إلى جانب حانوت، فقال له الدمياطي: يا سيدي أنا أقعدك على مسطبة الحانوت، وكان مغلقا، فقال له، وهو في تلك الشدة: بغير إذن صاحبه كيف يكون؟! وما رضي. ويكفي شهادة على ورعه وشدة تقواه قول تلميذه الإمام ابن دقيق العيد، الذي كان يضرب به المثل في الزهد والتحري والخوف من الله تعالى، إذ قال فيه: كان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 30 أدين مني، وأنا أعلم منه. وقول الحافظ الذهبي فيه: كان الإمام الثبت، وكان شيخ الإسلام متين الديانة، ذا نسك وتوزع وسمت وجلالة. وقال تاج الدين السبكي فيه في "طبقات الشافعية الكبرى": الحافظ الكبير، الورع الزاهد، زكي الدين أبومحمد المصري، ولي الله، والمحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والفقيه على مذهب ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ترتجى الرحمة بذكره، ويستنزل رضا الرحمن بدعائه. كان رحمه الله تعالى قد أؤتي بالمكيال الأوفى من الورع والتقوى، والنصيب الوافر من الفقه، وأما الحديث فلا مراء في أنه كان أحفظ أهل زمانه، وفارس أقرانه، له القدم الراسخ في معرفة صحيح الحديث من سقيمه، وحفظ أسماء الرجال حفظ مفرط الذكاء عظيمه، والخبرة باحكامه، والدراية بغريبه وإعرابه واختلاف كلامه. وفاته له: توفي الإمام المنذري رحمه الله تعالى في داخل دار الحديث الكاملية بالقاهرة، يوم السبت رابع ذي القعدة من سنة 656، وصلي عليه يوم الأحد بعد الظهر في موضع تدريسه بدار الحديث الكاملية، ثم صلي عليه مرة أخرى تحت القلعة، ودفن بسفح جبل المقطم، وقد رثاه غيرواحد من الشعراء بقصائد حسنة، رحمات الله تعالى عليه ورضوانه العظيم. مؤلفاته واثارة العلمية: أولا - في الحديث وعلومه: قام المنذري باختصار مجموعة من كتب الحديث الأصول، مثل صحيح مسلم، وسنن أبي داود، وسنن الخطيب البغدادي. وكان عمله في مثل هذه الكتب يقوم على حذف الأسانيد والأحاديث المكررة، والتعليق على بعض الأحاديث تعليقات مفيدة مهمة، تدل على غزارة علمه في هذا الفن وتبحره فيه، وعلى شفوف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 31 ذوقه العلمي. وجمع (أربعينيات) في الحديث، وكان هذا النمط في التأليف قد شاع قبله فتابع فيه، فمن تاليفه: ا - أربعون حديثا في الأحكام، وتسمى أيضا: (الأربعون الأحكامية) . 2 - أربعون حديثا في اصطناع المعروف بين المسلمين وقضاء حوائجهم. طبع. 3 - أربعون حديثأ في فضل العلم والقران والذكر والكلام والسلام والمصافحة. 4 - أربعون حديثا في قضاء الحوائج. وربما كان هذا هو الكتاب الثاني المذكور هنا، اختصر اسمه، فيكون الاسمان لمسمى واحد. 5 - أربعون حديثا في هداية الإنسان لفضل طاعة الإمام والندى والإحسان. هكذا الاسم في كتاب الدكتور بشار ص 180، وقد أشار إلى وجود نسختين منه في دار الكتب المصرية. ووقع في مقدمة الأستاذ الفريوائي في ص 17 كما يلي: "أربعون حديثا في هداية الإنسان بفضل طاعة الإمام العدل والإحسان ". وهوتحريف. 6 - الأمالي في الحديث. كما في "هدية العارفين " ا: 586. 7 - الترغيب والترهيب. الكتاب الفذ في موضوعه. طبع مرات. 8- جزء المنذري. جمع فيه ما ورد فيمن غفر له ما تقدم من ذنبه وما تاخر. كما في "كشف الظنون " ا: 589. 9 - جزء فيه حديث الطهور شطر الإيمان. 10 - الجمع بين الصحيحين. 11 - زوال الظما في ذكر من استغاث برسول الله من الشدة والعمى. 12 - صحيح المنذري. كذا. 13 - عمل اليوم والليلة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 32 14 - كفاية المتعبد وتحفة المتزهد. طبع. 15 - مجالس في صوم يوم عاشوراء. 16 - مختصر سنن أبي داود. طبع. وسماه في "كشف الظنون " 2: 1004 "المجتبى من السنن ". قال الحافظ ابن كثير في "البداية والنهاية" 13: 225: هوأحسن اختصارا من اختصار صحيح مسلم. 17 - مختصر سنن الخطيب البغدادي. 8 ا- مختصرصحيح مسلم. طبع. 19 - الموافقات. وهو قسم من أقسام الإسناد العالي في الحديث. 20 - تخريج بعض أحاديث " المهذب " لأبي إسحاق الشيرازي، الى قبيل البيوع. 21 - تخريج فوائد شيخه صدر الدين أبي الحسن محمد بن عمر بن حمويه الحقوئي الجويني، المتوفى بالموصل سنة 617. 22 - جزء خرج فيه عن جماعة من شيوخ شيخته أم محمد خديجة بنت الفضل المقدسية الإسكندرية، المتوفاة سنة 618. 23 - جزء خرج فيه حديث قاضي القضاة تاج الدين أبي محمد عبد السلام بن علي الكتاني الدمياطي، المتوفى سنة 619. ثانيا - في الفقه: 24 - الخلافيات ومذاهب السلف. 25 - شرح التنبيه لأبي إسحاق الشيرازي. ثالثا - في التاريخ: تدورالكتب التي ألفها المنذري في التاريخ حول علم الرجال، وهو علم مساعد لعلوم الحديث، وكتب المنذري في هذا الموضوع بين كتاب يضم ترجمة لشخص واحد، وكتاب يشتمل على الاف التراجم، وإليك أسماءها: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 33 26 - الإعلام باخبار شيخ البخاري محمد بن سلام. 27 - تاريخ من دخل مصر. 28 - ترجمة أبي بكر الطرطوشي. 29 - التكملة لوفيات النقلة. وكتاب (وفيات النقلة) هو لشيخه الحافظ أبي الحسن علي بن المفضل المقدسي الإسكندراني المالكي، المتقدم ذكره في شيوخه البارزين، وكان قد انتهي فيه الى سنة 581، فذيل الحافظ المنذري على كتاب شيخه المذكور، من حيث انتهى فيه من سنة 581الى سنة 642. 30- المعجم المترجم، بكسر الجيم. ذكر فيه شيوخه وأوسع في تراجمهم. هذه جل اثاره الي غرفت وذكرت عند من ترجم له او تعرض لتاليفه، ولم تذكر فيها رسالتة أو فتواه في مسائل الجرح والتعديل تحديدا فتكون الأثر 31 من اثاره، فرحمه الله تعالى رحمة واسعة، وأغدق عليه دائم رضوانه واحسانه، وجزاه عن السنة وعلومها وأهلها خير الجزاء. يقول العبد الضعيف عبد الفتاح أبو غدة: فرغت من كتابة هذه التقدمة والترجمة في مدينة فانكوفر في كندا، يوم الثلاثاء 17 من ذي الحجة سنة 1408، والحمد لله رب العالمين، وصلى لله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم. *** الجزء: 1 ¦ الصفحة: 34 جواب الحافظ ابى محمدعبد العظيم المنذري المصري عن اسئلة فى الجرح والتعديل ولد سنة 581 وتوفي سنه 656 رحمه الله تعالى اعتنى به عبد الفتاح ابو غدة الناشر مكتب المطبوعات الاسلامية بحلب1111،،،، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 35 بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اله وسلم ما تقول السادة العلماء، والأئمة الفضلاء، في هذه العبارات التي يعبر بها أئمة الحديث عن الرواة؟ مثاله: أن يقول يحيى بن معين رحمه الله: هوصالح الحديث. ويقول أبوحاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به (1) . ويقول أحمد بن حنبل: هوثقة. ويقول الأخر: هو صدوق. ويقول الأخر: لا باس به (2) .   (ا) لم يتعرض المؤلف الحافظ المنذري، في جوابه الأتي، لهذه العبارة من كلام أبي حاتم الرازي، فلذا أفردت لها في اخر هذه الرسالة (تتمة) في ص 93 - 99، فلتنظر هناك. (2) جملة (ويقول الأخر: لا بأس به) سقطت كلها من طبعة الأستاذ الفريوائي ص 21! وهي موجودة في الأصل المخطوط. هذا، واعلم أن الأئمة المحدثين النقاد رحمهم الله تعالى، قالوا كلماتهم في الرواة جرحا وتعديلا، تبعا لاجتهادهم في الحكم على الراوي، من تتبعهم لمروياته، ومعرفتهم بتمام عدالته أو نقصها، ومتانة ضبطه وحفظه أو ضعفهما، وكثرة وهمه أو قلته، ومن مراعاة نحو ذلك من الأمور التي تدعوهم إلى إصدار ذلك الحكم عليه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 37 ................................................   =فقد تتفق أحكامهم على الراوي مع اتفاق ألفاظهم، وقد تتفق أحكامهم عليه مع اختلاف ألفاظهم، وقد تختلف أحكامهم عليه بحسب إحاطتهم ودراستهم لمروياته، وسلامتها - وسلامته - من الجرح أو وقوعه فيها، في نظرهم، لأنهم لم يكن بينهم اصطلاح موحد مقرر، فلذا يقول كل واحد منهم عبارته التي يراها مؤدية للحكم الذي حكم به على الراوي. ولذا قال الحافظ الذهبي رحمه الله تعالى، في اخر رسالته: "الموقظة" ص 81، وما بعدها: "فصل: ومن الثقات الذين لم يخرج لهم في "الصحيحين " خلق، منهم: من صحح لهم الترمذي وابن خزيمة، ثم من روى لهم النسائي وابن حبان وغيرهما،،،، ثم لم يضعفهم أحد، واحتج هؤلاء المصنفون بروايتهم. وقد قيل في بعضهم: فلان ثقة، فلان صدوق، فلان لا بأس به، فلان ليس به باس، فلان محله الصدق، فلان شيخ، فلان مستور، فلان روى عنه شعبة، أو مالك، أو يحيى - بن سعيد القطان -، وأمثال ذلك، ك: فلان حسن الحديث، فلان صالح الحديث، فلان صدوق إن شاء الله. فهذه العبارات كلها جيدة، ليست مضغفة لحال الشيخ -أي الراوي -، نعم ولا مرقية لحديثه إلى درجة الصحة الكاملة المتفق عليها، لكن كثير ممن ذكرنا متجاذب بين الاحتجاج به وعدمه. . . ثم نحن نفتقر إلى تحرير عبارات التعديل والجرح، وما بين ذلك من العبارات المتجاذبة. ثم أهم من ذلك أن نعلم بالاستقراء التام: عرف ذلك الإمام الجهبذ، واصطلاحه، ومقاصده بعباراته الكثيرة. أما قول البخاري: (سكتوا عنه) ، فظاهرها أنهم ما تعرضوا له بجرح ولا تعديل، وعلمنا مقصده بها بالاستقراء: أنها بمعنى تركوه. وكذا عادته إذا قال: (فيه نظر) ، بمعنى أنه متهم، أو: ليس بثقة، فهوعنده أسوأ حالا من (الضعيف) . وبالاستقراء: إذا قال أبو حاتم: (ليس بالقوي) ، يريد بها: أن هذا الشيخ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 38 فقولهم: ثقة، هومثل قولهم: يكتب حديثه؟ ومامعنى قولهم: يكتب حديثه ولايحتج به؟ وما الفرق بين قولهم: لا يحتج بحديثه، و: هومتروك الحديث؟ وهل (1) إذا قال واحد منهم: فلان ثقة، وقال اخر: ليس بشيء، يؤخذ بقول من منهما؟ فان من (2) قال: ليس بشيء، يقدم على من قال: هوثقة؟ ففد رأينا في رواة الكتب الستة التي عليها اعتماد علماء الإسلام من وقع فيه الاختلاف. مثاله: محمد بن اسحاق، فشعبة وسفيان يقولان عنه: أمير المؤمنين في الحديث، فيما نقله عنهما ابن مهدي (3) . ومالك بن أنس ويحيى بن سعيد يجرحانه. وسئل، يحيى بن معين عنه فقال: ثقة وليس بحجة. وقال مرة أخرى: هوصدوق ولكنه ليس بحجة، إنما الحجة عبيد الله بن عمر ومالك بن أنس.،،،،،،،،   =لم يبلغ درجة القوي الثبت. والبخاري قد يطلق على الشيخ: (ليس بالقوي) ، ويريد أنه ضعيف. ومن ثم قيل: تجب حكاية -ألفاظ - الجرح والتعديل، فمنهم من نفسه حاد في الجرح، ومنهم من هومعتدل، ومنهم من هومتساهل. . . ". انتهى. (ا) لفظ (هل) سقط من طبعة الأستاذ الفريوائي ص 21، وهو في الأصل المخطوط. (2) لفظ (من) سقط من طبعة الأستاذ الفريوائي ص 21، وهوثابت في الأصل المخطوط. وبعد الان سارمز للأستاذ الفريوائي بحرف (ف) . (3) انظر رسالة أمراء المؤمنين في الحديث، مطبوعة تلو هذه الرسالة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 39 وأحمد بن حنبل يقول فيه: لو قال رجل: إن محمد بن إسحاق كان حجة لما كان مصيبا (ا) ، ولكنه ثقة. وقال يعقوب بن شيبة: سالت يحيى بن معين فقلت: كيف محمد بن إسحاق عندك؟ فقال: ليس هوعندي بذاك، ولم يثبته (2) ، وضعفه، ولم يضعفه جدا، فقلت له: ففي نفسك من صدقه شيء؟ قال: لا، كان صدوقا. فهذه العبارات كيف تنتظم؟ مع أنه في رواة الكتب المعتمدة؟ . وقال ابن عدي: لو لم يكن لابن إسحاق من الفضل إلا أنه صرف الملوك عن الاشتغال بكتب لا يحصل منها شيء، إلى الاشتغال بمغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم ومبعثه ومبتدأ الخلق، لكانت هذه فضيلة لابن إسحاق سبق بها، ثم بعده صنفها قوم اخرون فلم يبلغوا مبلغ ابن إسحاق فيها (3) . وقد فتشت أحاديثه الكثيرة (4) ، فلم أجد في أحاديثه ما يتهيا أن يقطع عليه بالضعف، وربما أخطا أووهم في الشيء بعد الشيء، كما   (ا) وقع في الأصل: (لكان مصيبا) . وسياق العبارة يقتضي ما أثبته. (2) أي لم يجعله من الأثبات المعروفين بالضبط التام. (3) جاء في الأصل: (لكانت هذه فضيلة سبق بها ابن إسحاق، بعده صنفها فقوم اخرون، ولم يبلغوا مبلغ اين إسحاق منها) 0 انتهى. وأثبتها كما ترى أخذا من الأصل ومن "الكامل " المطبوع 6: هـ 2 1 2، وجاء في تعليق (ف) ص 23 قوله: (في،،،، الأصل: من بعده ممن صنفها قوم اخرون) . انتهى. وهي قراءة غير دقيقة مخالفة لما في الأصل. (4) لفظ (الكثيرة) زيادة على الأصل من "الكامل " الطبوع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 40 يخطىء غيره (ا) ، ولم يتخلف في الرواية عنه الثقات والأئمة، وهولا باس به. هذه عبارة ابن عدي فيه. وهذا الاختلاف يوقع الحيرة (2) . وهذا شبابة بن سوار، روى له البخاري ومسلم في (كتابيهما"، وغيرهما من الأئمة. . قال فيه أبو حاتم: هو صدوق يكتب حديثه ولا يحتج به. وقال عبد الرحمن بن يوسف بن خراش: كان أحمد بن حنبل لا يرضاه. وقيل ليحيي بن معين: شبابة أحب إليك أم الأسود بن عامر؟ فقال: شبابة، وقال أيضا: هوصدوق (3) . وقال ابن سعد (4) : كان ثقة صالح الأمر في الحديث، إلا أنه كان مرجئا. وقد روى عن شبابة هذا: إسحاق بن راهويه، وأحمد بن حنبل،   (1) هكذا عبارة "الكامل االطبوع، ووقع في الأصل: (وربما أخطا أو يهم كمايخطىء غيره) . وهي عبارة محرفة ومبتورة. (2) هكذا في الأصل، ومعناه: يسبب الحيرة. أويكون سقط لفظ (في) من الناسخ؟ فتكون العبارة: (يوقع في الحيرة) . (3) الذي وصفه بلفظ (صدوق) هوزكريا بن يحيى الساجي، كما في "تهذيب الكمال " للمزي 2: 571، و"تهذيب التهذيب " لابن حجر 4: 301. واما يحيى بن معين فنقل عنه جعفربن أبي عثمان الطيالسي وعثمان بن سعيد الدارمي وصفه له بلفظ (ثقة) ، كما في "تهذيب الكمال ". (4) وقع في الأصل (ابن سعيد) ، أي بالياء بعد العين، وهوتحريف، وتابعه واقره (ف) في طبعته ص 24! وصوابه (ابن سعد) ، والنص في "الطبقات " لابن سعد 7: 0 32، وفي "تهذيب التهذيب، 4: 1 0 3. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 41 ويحيي بن معين، وأبوخيثمة، وأحمد بن سنان القطان، وخلق سواهم. فهذا الاختلاف فيه، على ماذا يحمل؟ وعلى قول من يعتمد؟ وكيف يقبل -الجرح (1) -من غير تبيين مايجرح الشخص به؟ ومتى انقطع قبول الجرح من غيرتبيين؟ وما السبب في قبول جرح ،،،، أولئك الأئمة من غيرتبيين ما يجرح به الشخص، وترك غيرهم (2) ؟ وهل اختلاف هؤلاء الأئمة مثل اختلاف الفقهاء؟ فإن قيل: نعم، قيل: ذاك الاختلاف أوجبه الاجتهاد (3) ، وهذا ليس فيه سوى النقل، فإن الشخص لا يكون صادقا كاذبا في حالة (4) . وجماعة من الرواة يقولون عنهم: ليسوا بشيء، ونجد حديثهم في "البخاري " و"مسلم! و"غيرهما"، فما معنى قويهم: فلان ليس بشيء؟ وهل لهذه العبارات معنى سوى ظاهرها أم لا؟ وهل قولهم: فلان حجة، مثل قويهم: هوثقة؟ وهذا شجاع بن الوليد بن قيس السكوني (5) ، روى عنه أبوهمام   (1) لفظ (الجرح) زيادة مني على الأصل لاستقامة العبارة. (2) جاء في الأصل لفظ (تعيين) واضحا في المواضع الثلاثة، وهومحرف فيها عن لفظ (تبيين) بالباء، ويعني السائل به: التفسير للجرح، وهو اللائق في هذا المقام، فلذا أثبته، والله تعالى أعلم. (3) وقع في الأصل: (قيل: ذاك للاختلاف أوجه الاجتهاد) ، والصواب فيه كما أثبته، والله تعالى أعلم. (4) أي حالة واحدة. (5) أي الكوفي أبو بدر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 42 الوليد بن شجاع، وأحمد بن حنبل، ومسلم بن إبراهيم، ويحيى بن معين، وأبوعبيد القاسم بن سلام، ومحمد بن عبد الله بن نمير، وإسحاق بن راهويه، وعلي بن المديني، وغيرهم من الأئمة. قال فيه أبوحاتم: عبد الله بن بكر السهمي (ا) أحب إلي من شجاع بن الوليد، وهوشيخ ليس بالمتين، لايحتج بحديثه. وقال أبو بكر المروذي: قلت لأحمد بن حنبل: شجاع بن الوليد ثقة؟ قال: أرجو أن يكون صدوقا، قد جالس قوما صالحين. وقال وكيع: سمعت سفيان (2) يقول: ما بالكوفة أعبد منه. وقال حنبل بن إسحاق: قال أبوعبد الله: كان شيخا صالحا صدوقا كتبنا عنه. قال: ولقيه يحيى بن معين يوما، فقال له: يا كذاب! فقال له الشيخ: إن كنت كاذبا وإلا فهتكك الله. ونقل عن يحيى بن معين أنه قال فيه أيضا: هو ثقة. وقال أحمد بن عبد الله (3) : لا بأس به. -   (ا) وقع في الأصل: (عبد الله بن بكير، وهو تحريف صوابه (بكر من غير ياء، كما في "الجرح والتعديل " لابن أبي حاتم 2/ 1: 379، و"تهذيب التهذيب، 4: 4 31، وفي ترجمته 62: 5 1. (2) هو سفيان الثوري. (3) هو الإمام الحافظ أبو الحسن أحمد بن عبد الله بن صالح العجلي، المولود سنة 182، والمتوفى سنة 261، وهوصاحب كتاب "ثقات العجلي إ، وقد ذكر فيه (شجاع بن الوليد) ص 250 من طبعة، وا: 450 من الطبعة ذات الجزءين، وجاء مصرحا بأنه (العجلي) في "تاريخ بغداد" 9: 250. وغلط الأستاذ الفريوائي في تعيينه، فقال في ص 26: "هوأبونعيم الأصبهاني صاحب الحلية" الجزء: 1 ¦ الصفحة: 43 فانظر إلى هذا الاختلاف فيه، فقد روى له البخاري ومسلم والترمذي وأبو داود والنسائي وابن ماجه. فكيف هذا من هؤلاء الأئمة القدوة؟ مع أن الذي رسموه في الحديث - الصحيح (ا) - هو: نقل العدل الضابط، عن العدل الضابط إلى رسول الله في. كذا قال ابن الصلاح رحمه اللة تعالى في كتابه: "علوم الحديث، وغيره (2) . وإن كان هذا القيد لا يمشي عند من عرف شرط "الصحيحين أ (3) . ولعلكم اجركم الله، تذكرون شرط "الصحيحين "، لتتئم الفائدة   انتهى. وأبونعيم متاخر الطبقة، ولم يذكر، (شجاع بن الوليد) في "الحلية" له ولا في االضعفاء" أيضا، فذكر أبي نعيم هنا: خطا صرف! (1) لفظ (الصحيح) زيادة مني على الأصل، لاستقامة الكلام. (2) الذي رسمه ابن الصلاح -وغيره - في تعريف الحديث الصحيح هو: "الحديث المسند الذي يتصل إسناده بنقل العدل الضابط، عن العدل الضابط إلى منتهاه، ولا يكون شاذا ولا معللا". (3) يقصد السائل - والله أعلم - أن هذا الراوي (شجاع بن الوليد السكوني) مثلا، قال فيه أبوحاتم: لا يحتج بحديثه، وقال أحمد: أرجو أن يكون صدوقا، وقال ابن معين: كذاب، وقال أيضا: هوثقة، وقال أحمد العجلي: لا باس ومع هذا أخرج حديثه هؤلاء الأئمة القدوة أصحاب الكتب الستة: البخاري ومسلم وأبوداود والترمذي والنسائي وابن ماجه. فكيف الجمع والتوفيق بين روايتهم عنه وقد وصف بما تقدم، وشرطهم في الحديث الصحيح أن يكون راويه عدلا عن عدل. . .؟ فمقتضى هذا أن في رواة الشيخين في االصحيحين " من ليس عدلا، وهومشكل؟ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 44 شاء اللة ببركتكم، فبينوا بما عندكم من العلم، نفع اللة بكم المسلمين، ورزقكم مرافقة الطيبين الطاهرين، امين امين. وصلى الله على محمد النبي الامي! وعلى اله وأصحابه أجمعين، وسلم تسليا كثيرا. الجوا ب فكتب الشيخ الإمام الحافظ العلامة زكي الدين أبو محمد عبد العظيم بن عبد القوي بن عبد اللة المنذري الشافعي رضي الله عنه جوابا عن المسائل المذكورة بسم الله الرحمن الرحيم -و-صلى الله على محمد وعلى اله وسلم تسليمأ. أما بعد حمد الله العلي العظيم، والصلاة على خيرخلقه محمد النبي الكريم (ا) ، وعلى اله وأصحابه وتابعيه الجدراء بالتفضيل والتفخيم. فقد وقفت على ما أشرتم إليه، أدام الله بكم الانتفاع، وأحسن عنكم الدفاع، وأجراكم في جميع الأمور على أجمل الأوضاع، ورغبت إلى اللة سبحانه وتعالى أن يعمنا أجمعين (2) ، ببركات سيد المرسلين، صلى اللة عليه وسلم وعليهم أجمعين.   (ا) هكذا العبارة في الأصل، وقرأها (ف) ص 27 هكذا: (أما بعد حمدا لله العلي العظيم، والصلاة على خير خلقه محمد النبي الكريم) ، فنصب (حمد) ، وجعل لفظ الجلالة المضاف إليه مجرورا هكذا: (لله) ، وهي قراءة خاطئة! فإن لفظة (الصلاة) إذا قرئت بالنصب عطفا على (حمدا) ، تنافرت مع سابقتها! في بالتعريف، وتلك بالتنكير، وهذا تنافر بين، يرد الذهن إلى القراءة الصحيحة لزاما! ولكن الكمال الله تعالى، والفهم عرض يطرأ ويزول. كما قاله شيخ شيوخنا العلامة الإمام الشيخ محمد الزرقا رحمه الله تعالى. (2) لفظ (أجمعين) هنا ثابت في الأصل بين، وسقط من طبعة (ف) ص 27! الجزء: 1 ¦ الصفحة: 45 وها أنا أذكر (ا) بين يدي ذلك ما يكون جوابا عن بعضها، وتمهيدا لبعضها، راغبا إلى الله جل جلاله في التوفيق في القول والعمل، ومستعيذا به من الخطا والزلل، إنه ماشاء فعل. ( مراتب ألفاظ الجرح والتعديل عند ابن أبي حاتم ) أخبرنا الحافظ أبو محمد القاسم بن الحافظ أبي القاسم علي بن الحسن الدمشقى (2) ، في كتابه إلى منها.   (ا) هكذا في الأصل، والفصحى: وها أنا ذا. كما تراه مشروحا في (خاتمة) : (باب اسم الإشارة) في شرح الألفية المسئى "منهج السالك إلى ألفية ابن مالك " للعلامة نور الدين الأشمونى ا: 145 - 146، بحاشية الضبان. وجاء في "صحيح البخاري " ا: 141، في أول كتاب العلم في (باب من سئل علما وهو مشتغل في حديثه. . .) : "عن أبي هريرة رضي الله عنه.. . قال -أي النبي صلى الله عليه وسلم -: أين السائل عن الساعة؟ قال: ها أنا يا رسول الله، قال: فإذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة. . . ". انتهى. وانفرد به البخاري ولم يخرجه غيره من أصحاب الكتب الستة. ولم يعلق الحافظ ابن حجر ولا العيني على لفظ (ها أنا . . .) شيئا. وجاء في حديث عند الطبراني، رجاله رجال الصحيح، قول عمر رضي الله عنه: "ها أنا عمر"، كما في "مجمع الزوائد" للهيثمي 213: 5. فلعل الحافظ المنذري استند إلى مثل هذا، فقال: (وها أنا أذكر. . .) . (2) هو الحافظ المحدث الفاضل بهاء الدين أبومحمد القاسم بن علي بن الحسن بن عساكر الدمشقي، ابن الحافظ الكبير أبي القاسم بن عساكر الدمشقي، ولد سنة 527، ومات سنة 600، نسخ بخطه تاريخ أبيه "تاريخ مدينة دمشق "، وله من المؤلفات "فضل المدينة"، و"الجامع المستقص في فضائل الأقصى "، و"الجهاد"، وغير ذلك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 46 قال أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد (ا) ، في كتابه إلف من ثغر الاسكندرية قال: أخبرنا أبو مكتوم عيسى بن الحافظ أبي ذر عبد بن أحمد الهروفي إذنا (2) . قال: أنبانا أبي (3) ،. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   (1) هو الحافظ العلامة شيخ الإسلام عماد الدين أبوطاهر أحمد بن محمد السلفي الأصبهاني ثم الإسكندري، ولد سنة 472، ومات سنة 576، المحدث الجوال، وأحد من شدت اليه الرحال، وتبرك به الملوك والأقيال، مات وله مئة وأربع سنين من العمر، وحدث ليلة موته، له ثلاثة معاجم: "معجم لمشيخة أصبهان "، و"معجم لمشيخة بغداد"، ومعجم لباقي البلاد سماه "معجم السفر" وغيرها من المؤلفات. (2) هو أبو مكتوم عيسى بن الحاقظ أبي ذر عبد بن أحمد الهروي ثم السروي الحجازي، ولد سنة415 بسراة بني شبابة، وروى عن أبيه صحيح البخاري، وعن أبي عبد الله الضنعاني جملة من تاليف عبد الرزإق، ومات سنة 497، كذا في "شذرات الذهب " لابن العماد 3: 6 0 4. ووقع فيه (ابن الحافظ أبي ذر عبد الرحمن بن أحمد الهروي) ، وإقحام لفظ (الرحمن) هنا خطا وغلط، كما وقع اقحام لفظ الجلالة بعد (عبد) في سلسلة الإسناد اليه في أول "فتح الباري " ا: 6 في الطبعة البولاقية وما بعدها، وهوخطا محض، ووقع مثله في "البداية والنهاية" لابن كثير 12: 55، وغيرها من الكتب. (3) هو الإمام العلامة الحافظ عبد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن غفيرالهروي، ابن السماك، الأنصاري الفقيه المالكي، ولد في هراة نحو سنة 355، ومات بمكة سنة 434، أخذ عن علماء بلده هراة، ثم جال في البلدان ثم جاور بمكة، وتزوج في العرب وسكن السروات، أخذ عنه ولده أبومكتوم عيسى وخلائق لا يحصون، وبالإجازة أبو بكر الخطيب وأبوعمر بن عبد البر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 47 قال: أنبانا أبوعلي حمد بن عبد الله الأصبهاني (1) . قال: أنبانا الإمام أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم محمد بن إدريس الحنظلي (2) ، قال (3) :   = وله تصانيف منها: المستدرك على الصحيحين، وكتاب السنة والصفات، وكتاب الجامع، وكتاب الدعاء، وفضائل القران، ودلائل النبوة، وفضائل مالك، وغيرها. وبقع في اسمه الخطا في كثير من الكتب، فيكتب (عبد الله بن أحمد) أو (عبد الرحمن. . .) كما سبق التنبيه إليه؟ وهو (عبد بن أحمد) . (ا) ترجم له الخطيب في "تاريخ بغداد" 8: 291، فقال: "حمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن، أبوعلي الرازي، وهوأصبهاني الأصل، سمع عبد الرحمن بن أبي حاتم، وأحمد بن محمد بن الحسن الكاغدي، حدثنا عنه غير واحد، وورد إلى بغداد قديما، وحدث بها فسمع منه الدارقطني، حدثني أبو الفتح سليم بن أيوب الفقيه الرازئ بمكة أن حمد بن عبد الله الأصبهاني، مات في سنة 399 أو سنة 400 شك في ذلك ". (2) هو الإمام أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي، وهو معروف، صاحب كتاب "الجرح والتعديل " وغيره، ولد سنة 0 4 2، ومات سنة 327 رحمه الله تعالى. (3) في كتابه "الجرح والتعديل " 1 / 1: 37، في (باب بيان درجات رواة الاثار) . وقد أشار الإمام ابن أبي حاتم إلى السبب الداعي إلى تصنيف هذه المراتب من الجرح والتعديل، في أول كتابه "تقدمة الجرح والتعديل" ص 2 - 3، 5 - 7، فقال رحمه الله تعالى: "فإن قيل: فبماذا تعرف الاثار الصحيحة والسقيمة؟ قيل بنقد العلماء الجهابذة، الذين خصهم الله عز وجل بهذه الفضيلة، ورزقهم هذه المعرفة في كل دهر وزمان، قيل لابن المبارك: هذه الأحاديث المصنوعة؟ قال: يعيش لها الجهابذة. = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 48 وجدت الألفاظ في الجرح والتعديل على مراتب شتى. ( مراتب التعديل ) 1- فإذا قيل للواحد: إنه ثقة، أو: متقن ثبت، فهو ممن يحتج بحديثه. 2 - وإذا قيل: إنه صدوق، أو: محله الصدق، أو: لا باس به، فهوممن يكتب حديثه وينظر فيه، وهي المنزلة الثانية (1) . فلما لم نجد سبيلا إلى معرفة شيء من معاني كتاب اللة، ولامن سنن رسول الله صليالله عليه وسلم إلا من جهة النقل، وجب أن نميز بين عدول الناقلة والرواة وثقاتهم وأهل الحفظ والثبت والإتقان منهم، وبين أهل الغفلة والوهم وسوء الحفظ والكذب واختراع الأحاديث الكاذبة - فكانوا على أربع مراتب -: ا - ويعرف من كان منهم عدلا في نفسه، من أهل الثبت في الحديث والحفظ له والإتقان فيه، فهؤلاء هم أهل العدالة. 2 - ومنهم الصدوق في روايته، الورع في دينه، الثبت الذي يهم أحيانا، وقد قبله الجهابذة النقاد، فهذا يحتج بحديثه أيضا. 3 - ومنهم الصدوق الورع المغفل، الغالب عليه الوهم والخطأ والسهو والغلط، فهذا يكتب من حديثه الترغيب والترهيب والزهد والاداب، ولا يحتج بحديثه في الحلال والحرام. 4 - ومنهم من قد ألصق نفسه بهم، ودنسها بينهم، ممن قد ظهر للنقاد العلماء بالرجال منه الكذب، فهذا يترك حديثه، وتطرح روايته، ويسقط ولا يشتغل به ". انتهى باختصار مع تصويب (منهم الكذب) إلى (منه الكذب) .   (ا) قال عبد الفتاح: تعرض الحافظ ابن أبي حاتم إلى (الصدوق غير كثير الغلط) في ثلاثة مواضع، في موضعين من "تقدمة الجرح والتعديل "، وقرر فيهما = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 49 ...........................................................   = أنه (يحتج به) ، وفي موضع من "الجرح والتعديل "، وقرر فيه أنه (يكتب حديثه وينظر فيه) ، ولا تنافي في كلامه بين هذه المواضع الثلاثة، كما ياتي بيانه: قال في الموضع الأول في ص 6، بعدما عنون بلفظ (طبقات الرواة) : "ثم احتيج الى تبيين طبقاتهم، ومقادير حالاتهم، وتباين درجاتهم، ليعرف من كان منهم في منزلة الانتقاد والجهبذة والتنقير والبحث عن الرجال والمعرفة بهم، وهؤلاء هم أهل التزكية والتعديل والجرح. ا - ويعرف من كان منهم عدلا في نفسه، من أهل الثبت في الحديث والحفظ له والإتقان فيه، فهؤلاء هم أهل العدالة. 2 - ومنهم الصدوق في روايته، الورع في دينه، الثبت الذي يهم أحيانا، وقد قبله الجهابذة النقاد، فهذا يحتج بحديثه أيضا. 3 - ومنهم الصدوق الورع المغفل، الغالب عليه الوهم والخطا والسهو والغلط، فهذا يكتب من حديثه الترغيب والترهيب والزهد والاداب، ولا يحتج بحديثه في الحلال والحرام. 4 - ومنهم من قد ألصق نفسه بهم، ودلسها بينهم، ممن قد ظهر للنقاد العلماء بالرجال، منه الكذب، فهذا يترك حديثه، وتطرح روايته، ويسقط ولا يشتغل به ". انتهى مع تصوب (منهم الكذب) الى (منه) هنا وفي النص التالي. ثم قال في الموضع الثاني ص 9، بعدما عنون بلفظ (أتباع التابعين) : "وهم خلف الأخيار، وأعلام الأمصار، في دين الله عزوجل ونقل سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم وحفظه واتقانه، والعلماء بالحلال والحرام، والفقهاء في أحكام الله عز وجل وفروضه، وأمره ونهيه، فكانوا على مراتب أربع: 1 - فمنهم الثبت الحافظ الورع المتقن الجهبذ الناقد للحديث، فهذا الذي لا يختلف فيه، ويعتمد على جرحه وتعديله، ويحتج بحديثه وكلامه في الرجال. 2 - ومنهم العدل في نفسه، الثبت في روايته، الصدوق في نقله، الورع في دينه، الحافظ لحديثه، المتقن فيه، فذلك العدل الذي يحتج بحديثه ويوثق في نفسه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 50 ..................................................................   = 3 - ومنهم الصدوق الورع الثبت الذي يهم أحيانا، وقد قبله الجهابذة النقاد، فهذا يحتج بحديثه. 4 - ومنهم الصدوق الورع المغفل الغالب عليه الوهم والخطأ والغلط والسهو، فهذا يكتب من حديثه الترغيب والترهيب والزهد والأداب، ولا يحتج بحديثه في الحلال والحرام. 5 - وخامس قد ألصق نفسه بهم، ودلسها بينهم، ممن ليس من أهل الصدق والأمانة، ومن قد ظهر للنقاد العلماء بالرجال أولي المعرفة، منه الكذب، فهذا يترك حديثه، وتطرح روايته ". انتهى. فقد حكم فى الموضعين بأن (الصدوق غير كثير الغلط يحتج بحديثه) . وأما عبارته في الموضع الثالث ففي "الجرح والتعديل " 1 / 1: 37، في (باب بيان درجات رواة الأثار) ، وهي لا تعارض هذا الذي صرح به مرتين، بل جاءت مسكوتا فيها عن (يحتج به) او (لايحتج به) ، وهي في الواقع تتلاقى -بشيء من التوضيح - مع قوله في الموضعين السابقين: (يحتج به) ، وهذا نصها، قال رحمه الله تعالى: "وجدت الألفاظ في الجرح والتعديل على مراتب شتى - هي في كلامه الأتي أربع مراتب -: 1 - فاذا قيل للواحد: إنه ثقة، أو متقن ثبت، فهو ممن يحتج بحديثه. 2 - واذا قيل: إنه صدوق، أومحله الصدق، أو لا بأس به، فهو ممن يكتب حديثه وينظر فيه. وهي المنزلة الثانية. 3 - واذا قيل: شيخ، فهو بالمنزلة الثالثة، يكتب حديثه وينظر فيه، إلأ أنه دون الثانية. 4 - واذا قيل: صالح الحديث، فهو ممن يكتب حديثة للاعتبار". انتهى كلام ابن أبي حاتم. فهو قد قرر أن من كان من المرتبة الأولى (ثقة، متقن، ثبث) : يحتج = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 51 3 - وإذا قيل: شيخ، فهو بالمنزلة الثالثة، يكتب حديثه وينظر فيه، إلا أنه دون الثانية. 4 - وإذا قيل: صالح الحديث، فإنه يكتب حديثه للاعتبار.   = بحديثه. ومن كان من المرتبة الثانية (صدوق، أو محلة الصدق. . .) : (يكتب حديثة وينظرفيه) . وقوله هنا في (الصدوق) : (يكتب حديثه وينظر فيه) ، أي ليعرف أهو كثير الخطأ فلا يحتج بحديثه، أم قليل الخطأ فيحتج بحديثه، كما قرره وصرح به في التقسيم السابق لمن ذكره فيه في المرتبة الثالثة في الموضعين، إذ قال: الصدوق الذي يهم أحيانا يحتج بحديثه ". وقال في الرابعة فيهما: "الصدوق المغفل الغالب عليه الخطأ لا يحتج بحديثه ". فلا تنافي بين كلاميه بل تلاق وتوافق. ومن هذا تبين أن ابن أبي حاتم يقرر أن (الصدوق) إذا كان قليل الخطأ يحتج به، وإذا كان كثير الخطأ لا يحتج به، وهوحكم عدل، وقول فصل، لا يصح النزاع فيه. وقد انتهيت من عشرين سنة الى نحو هذا الحكم في (الصدوق) ، الذي استخرجته الان من الجمع بين أقوال ابن أبي حاتم، فيما علقته على "قواعد في علوم الحديث " للتهانوي، وأسهبت في نقل عبارات المحدثين المؤيدة لذلك، فانظر منه ص 244- 248. ومن الغريب أن كل من وقفت على نقله كلام ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل، رأيته نقل كلامه في الموضع الثالث، ولم ينتبه أويتعرض إلى كلامه في الموضع الأول والثانى، وبالله التوفيق. هذا، وللأخ الفاضل الدكتور أحمد نور سيف بحث واسع جيد في بيان مرتبة (الصدوق) الذي جاء في كلام ابن أبي حاتم، نشره في (مجلة البحث العلمي والتراث الإسلامي) ، الصادرة عن مركز البحث العلمي في جامعة الملك عبد العزيز بمكة المكرمة، في العدد الثانى لعام1399 ص 53 - 62، ينبغي الوقوف عليه لأهميته. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 52 ( مراتب الجرح ) ا - وإذا أجابوا في الرجل بلين الحديث، فهو ممن يكتب حديثه وينظر فيه اعتبارا. 2 - وإذا قالوا: ليس بقوي، فهو بمنزلة الأول في كتبة حديثه (1) ، إلا أنه دونه. 3 - واذا قالوا: ضعيف الحديث، فهو دون الثاني، لا يطرح حديثه بل يعتبر به. 4 - لاذا قالوا: متروك الحديث، أو: ذاهب الحديث، أو: كذاب، فهو ساقط الحديث، لا يكتب حديثه، وهي المنزلة الرابعة. هذا ما ذكره ابن أبي حاتم مما وجده من عباراتهم (2) .   (ا) كذا جاء في الأصل وفي "الجرح والتعديل " أيضا: (في كتبة) بالتاء في اخره، ومعناه (في كتب) ، وأثبت في طبعة (ف) ص 29 (في كتب حديثه) ، وهومخالف للأصل ولما في "الجرح والتعديل "، وموافق لما في "الكفاية و"مقدمة ابن الصلاح ". (2) وقع في الأصل مرسوما: (عن ماوجده) ، ووقع في طبعة (ف) ص 30، (عندما وجده) ، وكلاهما تحريف عما أثبته. هذا، ونقل هذه المراتب عن ابن أبي حاتم الحافظ الخطيب البغدادي في "الكفاية" ص 23، في (معرفة ما يستعمل أصحاب الحديث من العبارات) ، ولم يضف إليها شيئا، وقال قبل ذكرها: "فاما أقسام العبارات بالإخبار عن أحوال الرواة، فارفعها أن يقال: حجة أوثقة، وأدونها أن يقال: كذاب أو ساقط ". انتهى. فوافقه في الدرجة الأولى تعديلا، وفي الدرجة الرابعة جرحا. وكذلك نقلها الحافظ ابن الصلاح في "معرفة أنواع علم الحديث " ص 133، في النوع 23، (معرفة صفة من تقبل روايته ومن ترد) ، ولكنه أضاف إليها بعض = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 53 . .. . . . . .. . . . . . .. . .. . ... . .. . . . .. . . . . . .. . . .. . .   = الألفاظ في بعض المراتب، فقال: "المسالة الخامسة عشرة في بيان الألفاظ المستعملة من أهل هذا الشان في الجرح والتعديل، وقد رتبها أبومحمد عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي، في كتابه في الجرح والتعديل، فاجاد وأحسن، ونحن نرتبها كذلك، ونورد ما ذكره، ونضيف إليه ما بلغنا في ذلك عن غيره إن شاء الله تعالى". ثم ذكر ابن الصلاح في ختام المسالة -مما لم يذكره ابن أبي حاتم وغيره من الألفاظ المستعملة في هذا الباب - جملة وافرة، أكثر مما نقله عن ابن أبي حاتم. وتابع الحافظ الذهبى في مقدمة "الميزان ": التقسيم الرباعي في مراتب التعديل، ولكنه أضاف إليها صيغة أرفع تعديلا من التي ذكروها، فتردد الحافظ العراقي في اعتبارها مرتبة تسبق المراتب الأربع التي ذكروها، أو هى أرفع ألفاظ المرتبة الأولى من المراتب الأربع، فقال في "شرح الألفية" 2: 3 "مراتب التعديل على أربع أوخمس طبقات "، وحكى في خلالها صيغة الحافظ الذهبي. وقرر الحافظ الذهبى مراتب الجرح خمسا، فزاد على سابقيه مرتبة، وتابعه الحافظ العراقي فقال: 2: 10 "مراتب التجريح على خمس مراتب ". وأما الحافظ ابن حجر فلم يذكر في "نخبة الفكر" وشرحها مراتب معددة لألفاظ الجرح والتعديل، وإنما قال في (الخاتمة) ص 134 بحاشية "لقط الدرر": "ومن الأهم معرفة مراتب الجرح، وأسوأها: الوصف بأفعل، كأكذب الناس. ..، وأسهلها لين أو سيء الحفظ أو فيه مقال، وبين أسوأ الجرح وأسهله مراتب لا تخفى. ومن الأهم معرفة مراتب التعديل، وأرفعها الوصف بأفعل، كاوثق الناس. . .، وأدناها ما أشعر بالقرب من أسهل التجريح كشيخ. . . ". انتهى. وأما المراتب الاثنتا عشرة، التي ذكرها الحافظ ابن حجر في أول كتابه = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 54 ....................................................   = "تقريب التهذيب "، فهى خاصه بالكتاب نفسه، واصطلاح له فيه وليست عامه لمراتب الجرح والتعديل مطلقا في كتب المحدثين، كما ألمعت الى ذلك فيما علقته على "الرفع والتكميل " ص 183 - 184 من الطبعة الثالثة، وكما شرحه وبسطه بالاستدلال والشواهد تلميذي الأستاذ الشيخ محمد عوامة، في (دراسته) التي قدم بها للطبعة التي حققها من "تقريب التهذيب " ص 23 - 31، فجزاه الله خيرا ونفع به وسها الحافظ السيوطي في "تدريب الراوي " ص 29 2 وا: 342فجعل مراتب "التقريب " مراتب عامة لا خاصة بكتاب "تقريب التهذيب " فقط، فقال رحمه الله تعالى: "فالفاظ التعديل مراتب، ذكرها المصنف - النووى - كابن الصلاح تبعا لابن أبي حاتم: أربعة، وجعلها الذهبي والعراقي خمسة، وشيخ الإسلام -ابن حجر_ سته، اعلاها ... ". انتهى. وقد قدمت أن الحافظ ابن حجر لم يعدد المراتب في "النخبة" وشرحها، وانما عددها فى " التقريب "، فالمعنى فى كلام السيوطى: المراتب الست التى ذكرها الحافظ ابن حجر في "التقريب "، فوهم السيوطي رحمه الله تعالى فى هذا، إذ جعلها عامة. ثم جاء الحافظ السخاوي في "فتح المغيث " ا: 361، وتبعه العلامه محمد اكرم السندى فى شرح النخبة، المسمى: " امعان النظر فى شرح شرح نخبة الفكر" ص 256، فجعلا لكل من الجرح والتعديل ست مراتب، واستقر الأمر على هذا الترتيب. وتجد الألفاظ التي ذكروها في المراتب كلها، من عند ابن أبي حاتم إلى السخاوي والسندي مشروحة مفصلة على أتم وجه، في كتاب "الرفع والتكميل " وما علقته عليه، وقد اضفت اليها الفاظ كثيره جمعتها من كتب الرجال، ادخلتها فى مراتبها الملائمة لها، وبلغ ذلك كله من "الرفع والتكميل " 57صفحة، من ص 129 - 186 من الطبعة الثالثة، فانظره ففيه فوائد فريدة إن شاء الله تعالى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 55 ( الثقة دون الحجة ) وقول يحيى بن معين في محمد بن إسحاق: ثقة وليس بحجة، يشبه أن يكون هذا رأيه في أن الثقة دون الحجة، وهوخلاف المحكي عنهم في ذلك (1) .   (ا) قلت: عبارات المحدثين النقاد التي نراها في كتب الرجال، تشهد بأن (الحجة) فوق (الثقة) ، من حيث التوثيق به، ومن حيث وصفهم للحفاظ الكبار بلفظ (الحجة) . وكذلك التداول العام للفظ (الحجة) يدل على أنه فوق (الثقة) . وسأورد من كلامهم بعض النصوص والشواهد على ذلك. فقول الحافظ المنذري رحمه الله تعالى هنا: (يشبه أن يكون رأي ابن معين أن الثقة دون الحجة، وهوخلاف المحكى عنهم في ذلك) : غريب لم أقف على ما يؤيده، بل الذي وقفت عليه خلافه، والله أعلم. وأورد عن ابن معين رحمه الله تعالى تفسير ما يعنيه بالحجة، ثم أورد بعض نصوص المحدثين وعباراتهم، الدالة على أن (الحجة) فوق (الثقة) ، مما حضرني الأن. ففي "تهذيب التهذيب " 9: 44، في ترجمة (محمد بن إسحاق المدني) ، الذي هوموضوع المسألة: "قال ابن معين: محمد بن إسحاق ثقة وليس بحجة. قال أبوزرعة الدمشقي: قلت لابن معين وذكرت له: الحجة محمد بن إسحاق، فقال: كان ثقة، إنما الحجة مالك وعبيد الله بن عمر". انتهى. وبهذا يتبين المعنى بالحجة عند ابن معين، وهومحل اتفاق أن يوصف بما فوق الثقة، وما أظن أحدا يخالف ابن معين في ترفيع (مالك) و (عبيد الله بن عمر) على (محمد بن إسحاق) 0 أما النصوص والعبارات الدالة على ذلك فاليك: ا - قال الحافظ الذهبي في "تذكرة الحفاظ " 3: 979، في ترجمة (المفيد محدث جرجرايا أبي بكر محمد بن أحمد) : "الحافظ أعلى من المفيد في العرف، كما أن الحجة فوق الثقة". انتهى. والذهبي -كما قال الحافظ ابن حجر فيه - من = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 56 ..................................................................   = أهل الاستقراء التام في نقد الرجال. فكلامه كلام جهبذ نقاد مطلع مشهود له بالاستقراء التام. 2 - في "تهذيب التهذيب " 9: 118، في ترجمة (محمد بن الحسن الأسدي) : "قال ابن شاهين في "الثقات ": قال عثمان بن أبي شيبة: هوثقة صدوق، قيل: هو حجة، قال: أما حجة فلا". 3- في (تهذيب التهذيب) 1: 40، في ترجمة (أحمد بن صالح المصري) : "قال يعقوب بن سفيان الفسوى: كتبت عن ألف شيخ وكسر، كلهم ثقات، ما أحد منهم أتخذه عند الله حجة إلا أحمد بن صالح بمصر، وأحمد بن حنبل بالعراق ". 4 - وجاء في (سؤالات أبي عبد الرحمن السلمي للدارقطني ص 185، قول الدارقطني: "حدثنا أبو طالب الحافظ -احمد بن نصر البغدادي -، ثنا أبوداود، قال: سمعت عباسا العنبرى يقول: ثلاثة جعلتهم حجة بيني وبين الله عز وجل: أحمد بن حنبل، وزيد بن المبارك الصنعاني، وصدقة المروزي ". 5 - في "تهذيب التهذيب " 10: 8، في ترجمة (مالك بن أنس) الإمام المتبوع: "قال ابن سعد: مالك كان ثقة مأمونا ثبتا ورعا فقيها عالما حجة. وقال حرملة عن الشافعي: مالك حجة الله تعالى على خلقه بعد التابعين ". 6- وفي "تهذيب التهذيب " 7: 39 و 0 4، في ترجمة (عبيد الله بن عمر العمري) : "قال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث حجة، قال جعفر الطيالسي: سمعت يحيى بن معين يقول: عبيد الله بن عمر، عن القاسم، عن عائشة، الذهب المشبك بالدر، فقلت: هو أحب إليك أو الزهرى، عن عروة، عن عائشة، قال: هو أحب إلى ". انتهى. ففضله على الزهري. 7 - وقال الحافظ الخطيب البغدادي في "الكفاية" ص 22، "أرفع العبارات أن يقال: حجة، أو ثقة". انتهى. فبدأ بالأقوى والأعلى كما هو الواضح من المقام. = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 57 ....................................................   8 " وقال الحافظ السخاوي في "فتح المغيث، 1: 364 -وتابعه السندي في "إمعان النظر" ص 261 -: "كلام أبي داود يقتضي أن الحجة أقوى من الثقة، وذلك أن الأجرى سأله عن سليمان بن بنت شرحبيل، فقال: ثقة يخطىء كما يخطىء الناس، قال الأجرى: فقلت: هوحجة، قال: الحجة أحمد بن حنبل. وكذا قال عثمان بن أبي شيبة في أحمد بن عبد الله بن يونس: ثقة وليس بحجة، وقال ابن معين في محمد بن إسحاق: ثقة وليس بحجة، وفي أبي أويس: صدوق وليس بحجة، وكأن لهذه النكتة قدمها الخطيب حيث قال: أرفع العبارات أن يقال: حجة أوثقة". انتهى كلام السخاوي. ونظرت في الجزء الأول والثانى من "تذكرة الحفاظ " للذهبي نظرة عجلى، فوجدته وصف غير واحد من الحفاظ الكبار بصفة (الحجة) ، في بيان مقام رفعة طبقته وإمامته في الحديث، وساق هذا الوصف مساقا يشعر السياق فيه أنه أعلى رتبة من (الثقة) . وقد بلغ عدد من وصفهم بالحجة في الجزءين 53 محدثا، من أصل 771. وأورد هنا بعض النصوص من كلام الذهبي كنماذج، ثم أشير إلى مواضع البقية في "تذكرة الحفاظ ". ا: 125 "ثابت بن أسلم البنانى البصري، الإمام الحجة القدوة". ا: 142 "منصور بن المعتمر الكوفي، الإمام الحافظ الحجة أحد الأعلام ". ا: 144 "هشام بن عروة بن الزبير، الإمام الحافظ الحجة المدنى الفقيه ". ا: 145 "يونس بن عبيد العبدي البصري، الإمام القدوة الحجة الحافظ ". ا: 161 "عقيل بن خالد بن عقيل الأموي الأيلي، الحافظ الحجة". ا: 162 "الزبيدي الحافظ الحجة المتقن، محمد بن الوليد". ا: 164 "هشام الدستوائي البصري التاجر، الحافظ الحجة". ا: 174 "الحسين بن ذكوان البصري المعلم، الحافظ الحجة أحد الثقات ". ا: 190 "معمر بن راشد البصري، الإمام الحجة أحد الأعلام ". ا: 193 "شعبة بن الحجاج، الحجة الحافظ شيخ الإسلام ". = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 58 ...................................................................................................   ا: 215 "زائدة بن قدامة الكوفي، الإمام الحجة". ا: 218 "شيبان بن عبد الرحمن التميمي، الإمام الحافظ الحجة". ا: 221 "شعيب بن أبي جمرة الحمصي، الإمام الحجة المتقن ". ا: 230 "ورقاء بن عمر الكوفي، الإمام الحجة شيخ السنة". ا: 233 "زهير بن معاوية الكوفي أبو خيثمة الحافظ الحجة". ا: 251 "المفضل بن فضالة، الإمام الحجة القدوة قاضي مصر". ا: 271 "جرير بن عبد الحميد الضبي الكوفي، الحافظ الحجة". ا: 273 "أبو إسحاق الفزاري، الإمام الحجة شيخ الإسلام ". ا: 292 "عمر بن علي بن عطاء البصري، الإمام الحجة". ا: 344 "عبد الصمد بن عبد الوارث البصري، الحافظ الحجة،. ا: 403 "حجاج بن منهال البصري، الحافظ الحجة". 2: 416 "سعيد بن منصور المروزي، الحافظ الإمام الحجة". 2: 421 "مسدد بن مسرهد، الحافظ الحجة". 2: 431 "أحمد بن حنبل شيخ الإسلام، الحافظ الحجة". 2: 447 "محمد بن المنهال البصري الضرير، الحافظ الحجة". وهذه أرقام باقي المواضع من الجزء الثاني، لمن وصفوا بالحجة: 2: 460، 472، 481، 489، 490، 494، 508، 512، 515، 517، 521، 544، 551، 564، 573، 582، 853، 588، 596، 605، 621، 623، 663، 665، 669، 725، 766. ثم إن القاعدة في الكلام تقديم أدنى الأوصاف على أعلاها في الإثبات، فتقول: عالم إمام، وتقديم أعلى الأوصاف على أدناها في النفي، فتقول: ليس بامام ولا عالم، لأنك إذا قدمت الأعلى في الإثبات ثم أردفته بالأدنى كان تكرارا ولغوا، لحصول الأدنى بالأعلى، اذا قدمت الأعلى في النفي ثم أتبعته الأدنى كان أبلغ ولا تقع في التكرار. ثم من حيث التداول العام للفظ (الحجة) ، فانه يفيد أنه فوق (الثقة) ، فلذا = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 59 (بيان الدارقطني المراد من قوله: لين أوكثير الخطأ) وأخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن معمر البغدادي (ا) ، قراءة عليه وأنا أسمع بدمشق، قال: أخبرنا الوزير الأجل أبو القاسم علي بن   = يقولون في وصف العالم الكبير: حجة الإسلام، ولا يقولون: ثقة الإسلام، ففي ترجمة (مسلم بن الحجاج القشيري) في "تذكرة الحفاظ " 2: 588"الإمام الحافظ حجة الإسلام " واشتهر وصف الإمام الغزالي بانه حجة الإسلام، وهكذا غيره من العلماء الأئمة الكبار، إذا أريد بيان جلالتهم في العلم وعظمتهم في خدمة الدين والذود عنه، وصف الواحد منهم بانه حجة الإسلام. ومن هذا كله يتبين أن كون (الثقة) دون (الحجة) ، وأن (الحجة) فوق الثقة، ليس رأيا خاصا بابن معين رحمه الله تعالى، بل هومعنى معروف عند المتقدمين والمتأخرين، كما أفادته العبارات والنصوص التي أوردتها من كلامهم، والله تعالى أعلم. وهذا لا يمنع أن يرد في بعض عباراتهم على قلة، إطلاق (الثقة) على الحافظ الكبير الناقد الإمام، فيكون بمعنى (الحجة) في مقام سياقه، قال الحافظ العراقي في "شرح الألفية" 2: 7 "وللثقة مراتب، فالتعبير بثقة، أرفع من التعبير بلا بأس به، وإن اشتركا في مطلق الثقة، ويدل على ذلك أن ابن مهدي قال: حدثنا أبوخلدة - خالد بن دينار الشيباني التابعي -، فقيل له: أكان ثقة؟ فقال: كان صدوقا وكان مأمونا وكان خيرا، الثقة: شعبة وسفيان. وحكى المروذى قال: -سالت ابن حنبل: عبد الوهاب بن عطاء ثقة؟ قال: لا تدري ما الثقة؟! إنما الثقة يحيى بن سعيد القطان ". (ا) هو الشيخ المسند المشهور بابن طبرزذ، ولد سنة 516، ومات سنة 607، وقد ترجم له المؤلف في كتابه "التكملة في وفيات النقلة" 2: 207 - 208، وتقدمت ترجمته في شيوخه ص 22. و (طبرزد) ويف ال (طبرزد) : اسم لنوع من السكر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 60 نقيب النقباء أبي الفوارس طراد بن محمد الزينبي قراءة عليه وأنا أسمع، قال: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن منده الجرجاني ح. وأخبرنا الشيخ أبو الفضل جعفر بن علي المقرىء (1) ، قراءة عليه وأنا أسمع واللفظ له، قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد، قال: أخبرنا الحافظ أبو نصر المؤتمن بن أحمد الساجى، قال: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن مسعدة، قال: سمعت أبا القاسم حمزة بن يوسف السهمى الحافظ يقول: سالت أبا الحسن الدارقطنى قلت له: إذا قلت (2) : فلان لين، أيش تريد به (3) ؟ قال: لا يكون ساقطا متروك الحديث، ولكن يكون مجروحا بشيء لايسقطه عن العدالة (4) .   (ا) ولد سنة 546، ومات سنة 636، وترجم له المؤلف في "التكملة" 3: 500. (2) لفظ (قلت) ساقط من الأصل سهوا من الكاتب، وأثبت في طبعة (ف) ص 33: (اذا قيل. . .) . وهوخطأ، بدليل (أيش تريد به) . (3) لفظ (أيش) هكذا يضبط وهكذا يقرأ: بفتح الهمزة وسكون الياء وتنوين الشين سواء اعتبرت (أيش) كلمة واحدة من أصلها، أم مختصرة من أى شيء، اختصروها لكثرة دورانها على الألسنة، وجعلوها كلمة واحدة، ويخطىء من يضبطه أوينطقه بكسر الهمزة. قال أبوعلي الفارسي: أصله أى شيء، حذفت الهمزة من شيء، فالقيت حركتها على الياء، فتحركت الياء بالكسر، فكرهوا الكسرة عليها فسكنت الياء، ولحقها التنوين فحذفت الياء، فصارت (أيش) 0 انتهى ملخصا من "بذل المجهود في حل سنن أبي داود" ا: 324. (4) جاءت هذه العبارة على نحو اخر، في "الرفع والتكميل " ص 182 - 183 من الطبعة الثالثة، فانظره. وجاءت في الأصل: (. . . لا يسقطه عن = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 61 وسألته عمن يكون كثير الخطأ؟ قال: إن نبهوه عليه ورجع عنه فلايسقط (ا) ، لان لم يرجع سقط. أخبرنا الأصيل (2) أبو المظفر عبد الرحيم الحافظ (3) بن أبي سعد عبد الكريم بن الحافظ أبي بكر محمد بن الإمام أبي المظفر منصور بن محمد السمعاني، في كتابه إلى من خراسان. قال: أخبرنا الإمام أبو بكر عبد الله بن إبراهيم التفتازاني قراءة عليه وأنا أسمع بنسا (4) ، في شوال سنة أربع وأربعين وخمس مئة.   = العدالة) . وهي في "سؤالات السهمي " وغير كتاب: (. . . لايسقط عن العدالة) ، من غيرضمير. (ا) وقع في الأصل: (ويرجع عنه) ، وهوتحريف عن (ورجع عنه) كما جاء في أول "سؤالات السهمي للدارقطني " ص 72. (2) هذا الوصف: (الأصيل) يستعمله المؤلف كثيرا في كتابه "التكملة"، لذوي البيوتات العريقة بالعلم، ومنهم بيت السمعاني، الذي شيخه عبد الرحيم السمعاني منهم، ويريد به الأصالة العلمية المتسلسلة في بيت السمعاني، كما أشار إلى ذلك بذكر سلسلة نسبه، ولم يصفه بالأصيل كل من ترجم له كابن خلكان في " الوفيات " 3: 212، والذهبي في "العبر" 3: 74 1، وابن العماد في "شذرات الذهب " 5: 76، والمعلمي في مقدمة كتاب "الأنساب " للسمعاني ص 23، قال ابن العماد: "وختم به بيت السمعاني، عدم في كائنة التتر سنة 617". انتهى. وكانت ولادته سنة 537رحمه الله تعالى. (3) لفظ (ابن) سقط من الأصل. (4) قال العلامة ياقوت في "معجم البلدان " 5: 281 "نسا: بفتح أوله، مقصور، لفظ أعجمي فيما أحسب، والنسبة إليها: نسائي ونسوي، مدينة بخراسان، بينها وبين سرخس يومان، منها أبوعبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي الحافظ، صاحب كتاب السنن ". ووقع في طبعة (ف) : (بنسأ) ، أي بالهمزة وهوخطأ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 62 قال: أخبرنا أبو اسحاق ابراهيم بن محمد بن ابراهيم الجرجاني، قال: أخبرنا أبو شريح إسماعيل بن أحمد الشاشي، - قال -: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد الميداني، قال: أخبرنا أبو سعد عبد الرجمن بن الحسن بن عليك (ا) ، فذكر مسائل سأل عنها الأستاذ أبا اسحاق إبراهيم بن محمد الأسفراييني (2) ، منها: اذا سمع من شيوخه أن انسانا غير ثقة في الحديث، أو يرى ذلك في كتب الحفاظ، هل له أن يحكم بجرحه بهذا التقليد؟ وهل يكون من المغتابين أم لا؟ الجواب: إذا سمع شيوخه كان ذلك جرحا، ولا يكون تقليدا في   (ا) لفظ (عليك) تصغير (علي) فى لغة العجم، قال الذهبي في "المشتبه " 2: 469 "الكاف في لغة العجم حرف التصغير". انتهى. فيقولون من هذا الباب: جعفرك، وحسينك، وعبدك، وعليك، ونصرك، وأمثالها. و (عليك) بفتح الياء المشددة، -وضبطه (ف) في ص 33 بكسر الياء المشددة، وهوخطأ. (2) نسبة الى بلدة بخراسان من نواحي نيسابور، وفي ضبطها وجوه كثيرة: ا - اسفراين بكسر الهمزة والفاء وياء مكسورة بعد الألف، 2 - واسفراين بفتح الهمزة، 3 - واسفراين بكسر الهمزة وفتح الفاء، 4 - واسفراين بفتح الهمزة وفتح الفاء، وبالهمزة بدل الياء فيها جميعا، فتصير ثمان لغات، كما يستفاد من "تاج العروس " للزبيدي 9: 235، وفي مثلها قالوا: أعجمية فالعب بها كيفما شئت. واللغة التاسعة: أسفرايين بفتح الهمزة وفتح الفاء وياء أولى مكسورة، وياء أخرى ساكنة. وهذه اللغة هي الي ذكرها ياقوت في "معجم البلدان " ا: 177، واقتصر عليها، وقال الزبيدي: "وهو المشهور المعروف ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 63 جرحه، لأن هذا دليله وحجته، ولا يحكم بشيء يجده في الكتب إلا أن يكون سماعه من نفسين عند أصحاب الحديث (1) . ( اختلاف المحدثين في تضعيف الرجال وتعديلهم (2)) أخبرنا الأشياخ: أبو حفص عمر بن معمر بن محمد البغدادي قراءة عليه وأنا أسمع بدمشق، و: أبو الحسن علي بن نصر الواسطي بقراءتي عليه، قدم علينا، و: أبوالفضل محمد بن يوسف النعماني إذنا واللفظ له، قالوا: أنبا أبو الفتح عبد الملك (3) بن أبي سهل قراءة عليه ونحن   (ا) صريح كلام الشيخ منع الاعتماد على ما ينقل في الكتب من جرح أوتعديل في الراوي، حتى يكون عند الناقل رواية ذلك الكتاب من طريقين. وهذا لم أقف عليه لغيره، وهومخالف للمعمول به من الاعتماد على الكتب الموثوق بنسبتها إلى مؤلفيها. فتأمل. (2) هذه الاختلافات التي سيذكرها المؤلف رحمه الله تعالى هنا وهي أربعة: من الاختلافات الواقعة بين المحدثين النقاد، وانما يذكرها المؤلف تأسيسا هنا، ليبني عليها فيما بعد جوابه عن اختلافهم في الاحتجاج بمحمد بن إسحاق - وغيره - وتركه. (3) وفع في الأصل: (أبوالقاسم عبد الملك. . .) ، والذي في ترجمته في غير كتاب (أبو الفتح) ، ولم يذكروا له كنية غيرها، فلفظ (أبو القاسم) سهو قلم أو سبق نظر إلى ما بعده من الناسخ، وقد جاء (أبو الفتح) في "الأنساب " لتلميذه السمعانى 1 1: 1 9 - 2 9، وترجم له ترجمة وافية، وذكر ولادته في هراة سنة 462. وهذه سياقة نسبه وترجمته باختصار عند السمعافي: "الكروخي بفتح الكاف وضم الراء -وسكون الواو- وفي اخرها الخاء المعجمة: نسبة إلى كروخ بلدة = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 64 نسمع، قال: أخبرنا أبو عامر محمود بن القاسم وأبو بكر الغورجي (1) ، قالا: أخبرنا أبو محمد الجراحي، - قال -: أخبرنا أبو العباس بن محبوب، - قال -: أخبرنا الإمام أبوعيسى محمد بن عيسى الترمذي، قال: وقد اختلف الأئمة من أهل العلم في تضعيف الرجال، كما اختلفوا فيما سوى ذلك من العلم. هذا اخركلامه (2) .   = بنواحي هراة، منها أبو الفتح عبد الملك بن أبي القاسم عبد الله بن أبي سهل بن القاسم بن أبي منصور الكروخي، شيخ صالح. . . سمعت منه ببغداد، وقرأت عليه جميع جامع الترمذي، وانتقل إلى مكة وجاور إلى أن توفي سنة 548". انتهى. ونحوه في اللباب " 3: هـ 9. وهو (أبو الفتح) أيضا في "اللباب " 2: 393، و "العبر" 3: 6 و "تذكرة الحفاظ " 4: 1313، ووقع فيها محرفا إلى (الكروجي) ! ، و "شذرات الذهب " 4: 48 1 و "معجم البلدان " 4: 58 4، و "الكامل " لابن الأثير 9: 43، و"السير" 25: 273، وغير كتاب. (1) الغورجي بضم الغين وسكون الواو وفتح الراء وفي اخرهاجيم، هذه النسبة إلى غورة، وهي قرية من قرى هراة، منها أبو بكر أحمد بن عبد الصمد الغورجي، روى عن عبد الجبار بن محمد بن أحمد الجراحي، روى عنه أبو الفتح عبد الملك بن أبي سهل الكروخي، وتوفي سنة 0481 انتهى من "اللباب " لابن الأثير 2: 393. (2) قول أبي عيسى الترمذي هذا هو في كتابه االعلل " الصغير باخر كتابه "الجامع " 4: 398 من طبعة الهند. والمراد من إيراد المنذري له هنا: أن حكم المحدث الناقد على الراوي بجرحه أوتعديله حكم اجتهادي، فلذا يقع فيه الاختلاف بين المحدثين، كحكمهم على محمد بن إسحاق وغيره، كما يقع الاختلاف فيما هو اجتهادي بين الفقهاء وغيرهم، أي فلا غرابة إذا حكم ناقذ بترك = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 65 ............................................................   = راو، وحكم ناقد اخر باعتماده والرواية عنه. ويتضح هذا المراد من باقي كلام الترمذي هناك. قال الترمذي رحمه الله تعالى بعد العبارة المنقولة هنا: "ذكر عن شعبة أنه ضغف: ا - أبا الزبير المكي، 2 - وعبد الملك بن أبي سليمان، 3- وحكيم بن جبير، وترك الرواية عنهم. وقد ثبت غير واحد من الأئمة وحدثوا عن أبي الزبير، وعبد الملك بن أبي سليمان، وحكيم بن جبير-أي جعلوهم ثقات أثباتا ورووا عنهم -: ا - حدثنا أحمد بن منيع، حدثنا هشام، حدثنا حجاج وابن أبي ليلى، عن عطاء بن أبي رباح، قال: كنا إذا خرجنا من عند جابربن عبد الله، تذاكرنا حديثه، وكان أبو الزبير أحفظنا للحديث. حدثنا محمد بن يحيى بن أبي عمر المكي، حدثنا سفيان بن عيينة، قال: قال أبو الزبير: كان عطاء يقدمني إلى جابر بن عبد الله، أحفظ لهم الحديث. حدثنا ابن أبي عمر، حدثنا سفيان، قال: سمعت أيوب السختيانى يقول: حدثني أبو الزبير، وأبو الزبير أبو الزبير، قال سفيان بيده يقبضها. قال أبوعيسى: إنما يعني به الإتقان والحفظ. 2 - ويروى عن عبد الله بن المبارك قال: كان سفيان الثوري يقول: كان عبد الملك بن أبي سليمان ميزانا في العلم. 3- حدثنا أبو بكر، عن علي بن عبد الله -هو ابن المديني -، قال: سألت يحيى بن سعيد -القطان -، عن حكيم بن جبير، فقال: تركه شعبة من أجل الحديث الذي روى في الصدقة - وساقه -، قال علي: وقد حدث عن حكيم سفيان الثورى وزائدة، ولم ير علي بحديثه بأسا". انتهى كلام الترمذي. فهؤلاء الرواة الثلاثة ضعفهم شعبة وترك الرواية عنهم، ووثقهم غيره واعتمدهم، فهذا نموذج مما عناه الترمذي من اختلاف الأئمة المحدثين النقاد في = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 66 ( اختلاف المحدثين قي قبول رواية المبتدعة وردها ) وقد اختلف أهل العلم في أهل البدع كالقدرية، والرافضة، والخوارج: فقالت طائفة: لايحتج بحديثهم جملة. وذهبت طائفة إلى قبول أخبار أهل الأهواء، الذين لا يعرف منهم استحلال الكذب، ولا الشهادة لمن وافقهم بما ليس عندهم فيه شهادة. وذهبت طائفة إلى قبول غير الدعاة من أهل الأهواء، فأما الدعاة فلا يحتج بأخبارهم. ومنهم من ذهب إلى أنه يقبل حديثهم إذا لم يكن فيه (ا) تقوية لبدعتهم (2) .   = الرجال، وذلك لأن الحكم عليهم اجتهادي، فيقع فيه الاختلاف كما يقع الاختلاف في الأحكام الاجتهادية في سوى ذلك من أهل العلم. (ا) لفظ (ذهب) و (فيه) ساقط من الأصل، فأثبته. ووقع في الأصل (حديثه) ، فعدلتها إلى (حديثهم) لتوائم السياق. (2) قبول رواية المبتدعة أو ردها موضوع أخذ حيزا كبيرا من كتب المصطلح وأصول الفقه، وخير من نقحه وحرره من المحدثين الإمام الحافظ ابن حجر، في "شرح النخبة" ص 88 - 91 بحاشية "لقط الدرر"، و "هدي الساري " 2: 111. وتابعه تلميذه الحافظ السخاوي في "فتح المغيث " ا: 326 - 335، والحافظ السيوطي في "تدريب الراوي " ص 6 1 2 - 0 2 2 وا: 4 32 - 329، وشيخنا أحمد شاكر رحمه الله تعالى، في "الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث " ص 110 - 111. ونقلت خلاصة كلام الحافظ ابن حجر وكلام شيخنا أحمد شاكر، فيما علقته = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 67 ..................................................   = على "قواعد في علوم الحديث " للتهانوي ص 27 2 - 0 23، وعلى "الرفع والتكميل " ص 144 - 146، من الطبعة الثالثة، وعلى "الموقظة" للحافظ الذهبي ص 85 - 87، وأتبعته في اخر "الموقظة" ص 47 1 - 65 1، بكتابة (تتمة) تتصل بهذا الموضوع المهم، وهي مسالة تكفير المبتدعة أو عدمه، بلغت 18 صفحة، فعد إليها إذا شئت، ففيها تجلية هذه المسالة عن الشيخ ابن تيمية رحمه الله تعالى. وأورد هنا - زيادة على ما علقته على الكتب المذكورة - نصين هامين في الموضوع، أحدهما للحافظ الذهبي، والاخر للعلامة الفقيه الأصولي الشيخ محمد بخيت المطيعي مفتي الديار المصرية رحمهما الله تعالى. وهذا النص الثاني يعد تلخيصا دقيقا لما قرره وحرره الحافظ ابن حجر، فيكون شرحا لهذه المسالة في هذا الموضع، والله ولى التوفيق. ا - جاء في "سير أعلام النبلاء" للحافظ الذهبي 153: 7، في ترجمة الإمام الحافظ (أبي بكر هشام الدستوائي البصري) ، المولود سنة 74، والمتوفى سنة 154 رحمه الله تعالى، وحديثه في الكتب الستة، ما يلي: "قال الحافظ محمد بن البرقي: قلت ليحيى بن معين: أرأيت من يرمى بالقدر يكتب حديثه؟ قال: نعم، قد كان قتادة، وهشام الدستوائي، وسعيد بن أبي عروبة، وعبد الوارث - وذكر جماعة - يقولون بالقدر، وهم ثقات، يكتب حديثهم مالم يدعوا إلى شيء. قلت - القائل الذهبي -: هذه مسألة كبيرة، وهي: القدرى والمعتزلى والجهمى والرافضي، إذا علم صدقه في الحديث وتقواه، ولم يكن داعيا إلى بدعته، فالذي عليه أكثر العلماء: قبول روايته، والعمل بحديثه. وترددوا في الداعية، هل يؤخذ عنه؟ فذهب كثير من الحفاظ إلى تجنب حديثه، وهجرانه، وقال بعضهم: إذا علمنا صدقه، وكان داعية، ووجدنا عنده سنة تفرد بها، فكيف يسوغ لنا ترك تلك السنة؟ فجميع تصرفات أئمة الحديث تؤذن بأن = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 68 .........................................................   = المبتدع إذا لم تبح بدعته خروجه من دائرة الإسلام، ولم تبح دمة، فإن قبول ما رواه سائغ. وهذه المسالة لم تتبرهن لي كما ينبغي، والذي اتضح لي منها أن من دخل في بدعة، ولم يعد من رؤوسها، ولا أمعن فيها، يقبل حديثه كما مثل الحافظ أبو زكريا - يحيى بن معين - بأولئك المذكورين، وحديثهم في كتب الإسلام لصدقهم وحفظهم ". 2 - قال العلامة المحقق الفقيه الأصولي الشيخ محمد بخيت المطيعي، مفتي الديار المصرية رحمه الله تعالى، في حاشيته على "نهاية السول للأسنوي " من كتب الأصول 3: 28 1 و5 3 1 - 1 3 1، في مباحث شروط قبول الخبر: "قال الجلال السيوطي في "تدريب الراوي " ص 6 1 2 وا: 4 32، نقلا عن الحافظ ابن حجر: التحقيق أنه لا ترد رواية كل مكفر ببدعته، لأن كل طائفة تدعي أن مخالفيها مبتدعة، وقد تبالغ في ذلك فتكفرهم، فلوأخذ ذلك على الإطلاق، لاستلزم تكفير جميع الطوائف. والمعتمد أن الذي ترد روايته: من أنكر أمرا متواترا من الشرع، معلوما من الدين بالضرورة، أو اعتقد عكسه، اما من لم يكن كذلك، وانضم إلى ذلك ضبطة لما يرويه، مع ورعه وتقواه: فلا مانع من قبوله ". " انتهى. ثم حكى الشيخ بخيت قول من رد رواية المبتدعة وفصل فيها، ثم رده وقال رحمه الله تعالى: وعلى كل حال: فلورددنا الروايات بمثل هذا، لم نقبل رواية قط إلا ممن أجمع الكل على أنه غير مبتدع،. . .، ثم قال: "ومن ذلك تعلم أن الحق قبول رواية كل من كان من أهل القبلة، يصلي بصلاتنا، ويؤمن بكل ما جاء به رسولنا مطلقا، متى كان يقول بحرمة الكذب، فإن كل من هوكذلك لا يمكن أن يبتدع بدعة إلا وهو متأول فيها، مستند في القول فيها إلى كتاب الله أوسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، بتأويل راه باجتهاده، وكل مجتهد مأجور وإن أخطأ. = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 69 ( اختلات المحدثين في اشتراط عدد المزكي والجارح ) واختلفوا أيضا في اشتراط العدد في المزكي والجارح، والشاهد والراوي (1) . ا - فاشترط بعضهم العدد فيهما. 2 - ومنهم من قال: لايشترط فيهما، وإن كان الأحوط في الشهادة الاستظهار بعدد المزكي.   = نعم إذا كان ينكر أمرا متواترا من الشرع، معلوما من الدين بالضرورة، أو اعتقد عكسه، كان كافرا قطعا، لأن ذلك ليس محلا للاجتهاد بل هومكابرة فيما هو متواتر من الشريعة، معلوم من الدين بالضرورة، فكان كافرا مجاهرا، فلا يقبل مطلقا: حرم الكذب أولم يحرمه ". ثم أورد كلاما لبعض الأصوليين في رد رواية صاحب البدعة الجلية الداعية إليها، وقبول رواية صاحب البدعة الخفية غير الداعية إليها، ثم رده بقوله رحمه الله تعالى: "وقد علمت أن المدار على أنه يحرم الكذب أو لا يحرمه، فإن كان يحرمه خصوصا على الله ورسوله، فكونه يدعو إلى بدعته الجلية أو غيرها أو لا يدعو، فلا يمكنه أن يجرأ على الكذب، خصوصا إذا كان ممن يرى الكفر بارتكاب الكبائر، التي منها الكذب على الله ورسوله، فإنه يتباعد عن ذلك تباعده عن الكفر. وكونه مخاصما لغيره فيما يتعلق ببدعته شيء، وكونه يكذب على الله ورسوله شيء اخر، فإنه إن خاصم فيما يكون دليله سمعا، فاحترازه عن الكذب يلزمه أن لا يستدل إلا بما يصح ثبوته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالطريق المعروف عند أئمة الحديث، فالمعول عليه هوما نقله الإمام السيوطي عن الحافظ ابن حجر، فاحرص عليه، وخذ هذا التحقيق ". (1) حرف (و) من لفظ (والشاهد) ساقط من الأصل، فأثبته. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 70 3- وقال بعضهم: يشترط في الشاهد ولا يشترط في الراوي، لأن العدد ليس بشرط في قبول الخبر، فلم يكن شرطا في الراوي، بخلاف الشهادة، فإن العدد يشترط في قبول الشهادة والحكم بها، فكان شرطا في الشهادة (1) .   (ا) هذا القول الثالث في المسألة واضح تماما، وأما الأول والثاني ففيهما إيجاز اقتضى الغموض قليلا، فأسوق هنا عبارة الحافظ العراقي في "شرح الألفية" ا: 295، لوضوحها في عرض الأقوال في هذه المسالة، ولبيانها الراجح منها، وهو الثالث، قال رحمه الله تعالى: "اختلفوا هل تثبت العدالة والجرح بالنسبة إلى الرواية، بتعديل عدل واحد أو جرحه، أولا يثبت ذلك إلا باثنين كما في الجرح والتعديل في الشهادة؟ على قولين، وإذا جمعت الرواية مع الشهادة صار في المسألة ثلاثة أقوال: أحدها: أنه لا يقبل في التزكية إلا رجلان، سواء التزكية للشهادة والرواية، وهو الذي حكاه أبو بكر الباقلاني عن أكثر الفقهاء من أهل المدينة وغيرهم. والثاني: الاكتفاء بواحد في الشهادة والرواية معا، وهو اختيار القاضي أبي بكر المذكور، لأن التزكية بمثابة الخبر، قال القاضي: والذي يوجبه القياس وجوب قبول تزكية كل عدل مرضى، ذكر أو أنثى، حر أو عبد، لشاهد ومخبر. والثالث: التفرقة بين الشهادة والرواية، فيشترط اثنان في الشهادة، ويكتفى بواحد في الرواية، ورجحه الإمام فخر الدين - الرازي - والسيف الامدي ونقله عن الأكثرين، وكذلك نقله أبو عمرو بن الحاجب عن الأكثرين، وهو مخالف لما نقله القاضي عنهم. قال ابن الصلاح: والصحيح الذي اختاره الخطيب وغيره: أنه يثبت - الجرح والتعديل - في الرواية بواحد، لأن العدد لم يشترط في قبول الخبر، فلم يشترط في جرح راويه وتعديله، بخلاف الشهادات ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 71 ( اختلاف المحدثين في قبول الجرح المفسر والمبهم ) واختلفوا أيضا في المجرح (1) إذا لم يفسر ما جرح به، فمنهم من قال: لا يقبل الجرح إلا مفسرا، ومنهم من قال (2) : لا يستفسر الجارح إلا إذا كان عاميا لا يعرف الجرح، فاما إذا كان الجارح عالما فلايستفسر (3) .   (ا) هكذا في الأصل (واختلفوا أيضا في المجرح) أي بالميم قبل الجيم واضحة الخط. وأثبتها (ف) كذلك في ص 40، ولكنه ضبط باقي الجملة هكذا: (واختلفوا أيضا في المجرح إذا لم يفسر ما جرح به) 0 انتهى. وهوضبط خاطىء يتنافر مع لفظ (المجرح) ، وينسجم مع لفظ (الجرح) ، لكن اللفظ هنا: (المجرح) ، فالضبط المذكور خطأ. (2) لفظ (من) ساقط من الأصل، فاثبته. (3) حكى المؤلف رحمه الله تعالى في هذه المسالة هنا قولين، وهما القولان الراجحان من أقوال أربعة، وهي: ا - يقبل التعديل من غير ذكر سببه، لأن أسبابه كثيرة، فيثقل ذكرها، ولا يقبل الجرح إلا مفسر السبب، لأن الجرح يحصل بامر واحد، فلا يشق ذكره، ولأن الناس مختلفون في أسباب الجرح، فيطلق أحدهم الجرح بناء على ما اعتقده جرحا، وليس هوبجرح في واقع الأمر، فلا بد من بيان سبب الجرح، ليظهر أهو قادح أم لا؟ وهو قول راجح. 2 - عكسه، وهو يجب بيان سبب العدالة، ولا يجب بيان سبب الجرح، لأن أسباب العدالة يكثر التصنع فيها، فيجب بيانها، بخلاف أسباب الجرح. وهذا القول مرجوح. 3- أنه لا بد من ذكر سبب الجرح وسبب العدالة كليهما، للعلة السابقة في لزوم بيان سبب الجرح، ولزوم بيان سبب العدالة، وهذا القول مرجوح أيضا. 4 - عكسه، وهو: لا يجب بيان سبب كل من الجرح والعدالة، إذا كان = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 72 ( اختلاف المحدثين في الاحتجاج بمحمد بن إسحاق ) فإذا تقرر ما ذكرناه عن الأئمة في هذا (ا) ، فمحمد بن إسحاق بن يسار (2) ، قد أكثر الأئمة الكلام فيه في الطرفين: الثناء والذم. واما البخاري ومسلم فلم يحتجا به في "صحيحيهما" البتة، وإنما أخرج له مسلم أحاديث في المتابعات لا في الأصول، وكذلك البخارى   = الجارح والمعدل عارفا بصيرا باسبابهما. وهو قول راجح بل هو الأرجح، كما بينته فيما علقته على "الرفع والتكميل " ص 107 -158 من الطبعة الثالثة، فانظره. 5 - وقد استوفى العلامة اللكنوي في "الرفع والتكميل " ص 79 - 115 شرح الأقوال الأربعة، وبيان الأمثلة لها والراجح منها، ثم أورد في ص 110 عن الحافظ ابن حجر في "النخبة" وشرحها ما يعد قولا خامسا في المسالة، وهوأن الجرح المبهم يقبل في حق من خلا عن التعديل، لأنه لما خلا عن التعديل صار في حيز المجهول، واعمال قول المجرح أولى من إهماله في حق هذا المجهول، وأما في حق من وثق وعدل فلايقبل الجرح المجمل. وقال اللكنوي عقبه: "وهذا وإن كان مخالفا لما حققه ابن الصلاح وغيره، من عدم قبول الجرح المبهم بإطلاقه، لكنه تحقيق مستحسن، وتدقيق حسن، ومن هنا علم أن المسالة فيها خمسة أقوال ". (1) أي في الأسباب التي دعتهم إلى أن يختلفوا في أحكامهم على الراوي جرحا وتعديلا ردا وقبولا، فمحمد بن إسحاق وقع اختلافهم فيه، من جراء اختلاف أنظارهم إلى تلك الأسباب. (2) من قول المؤلف هنا: (فإذا تقرر) إلى قوله (فمحمد بن إسحاق بن يسار) ، سقط هذا السطركله من صفحة 42 في طبعة (ف) ، وهوثابت في الأصل! ! الجزء: 1 ¦ الصفحة: 73 أيضا لم يخرج له شيئا في الأصول البتة، وإنما ذكره في الاستشهاد، جريا على عادتهما فيمن لا يحتجان بحديثه، كما فعله البخاري في أبي الزبير المكي، وسهيل بن أبي صالح، ونظرائهما، وكما فعله مسلم في عكرمة مولى عبد الله بن عباس، وشريك بن عبد اللة القاضي، ونظرائهما. وقد قال أبوبكر أحمد بن علي الخطيب (ا) : وقد أمسك عن الاحتجاج بروايات ابن إسحاق غير واحد من العلماء، لأسباب: منها: أنه كان يتشيع، وينسب إلى القدر، ويدلس في حديثه. وأما الصدق فليس بمدفوعء عنه. وقال سليمان بن داود (2) : قال لي يحى بن سعيد القطان: أشهد أن محمد بن إسحاق كذاب.   (1) في ترجمة (محمد بن إسحاق) في "تاريخ بغداد" ا: 224، إلى قوله: (فليس بمدفوع عنه) ووقعت في طبعة (ف) ص 42 الإحالة إلى "تاريخ بغداد" هكذا: ا: 214، وهي خطأ. (2) هو-كما سياتي عن ابن القيم - أبو أيوب سليمان بن داود الشاذكوني المنقري البصري، الحافظ الشهير، المتوفى سنة 234، مترجم له بإسهاب في "تاريخ بغداد" 9: 0 4، و "تذكرة الحفاظ " 2: 488، و "ميزان الاعتدال " 2: 5 0 2، وغيرها. ذكر الحافظ ابن القيم في كتابه "تهذيب سنن أبي داود" 7: 95 - 97 (محمد بن إسحاق) ، ونقل توثيق الحفاظ الأئمة له، واعتمده، وذكر هذه الحكاية ثم عقب عليها بقوله رحمه الله تعالى: "قيل: هذه الحكاية وأمثالها هي التي غرت من اتهمه بالكذب. وجوابها من وجوه: أحدها: أن سليمان بن داود راويها عن يحيى: هو الشاذكوبي، وقد اتهم = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 74 قال: قلت: ما يدريك؟ قال: قال لي وهيب بن خالد: إنه كذاب. قال: قلت لوهيب: ما يدريك؟ قال: قال لي مالك بن أنس: أشهد أنه كذاب. قلت لمالك: ما يدريك؟ قال: قال لي هشام بن عروة: أشهد أنه كذاب. قلت لهشام: ما يدريك؟ قال: حدث عن امرأتي فاطمة بنت المنذر، وأدخلت على وهي بنت تسع سنين، وماراها رجل حتى لقيت الله. قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: فحدثت أبي بحديث ابن إسحاق، فقال: وما ينكر هشام؟! لعله جاء واستاذن عليها وأذنت له،   = بالكذب، فلا يجوز القدح في الرجل بمثل رواية الشاذكوني. الثاني: أن في الحكاية ما يدل على أنها كذب، فإنه قال -أي هشام بن عروة-: أدخلت فاطمة على وهي بنت تسع سنين. وفاطمة أكبر من هشام بثلاث عشرة سنة، ولعلها لم تزف إليه إلا وقد زادت على العشرين، ولما أخذ عنها ابن إسحاق كان لها نحو بضع وخمسين سنة. والثالث: أن هشاما إنما نفى رؤيته لها، ولم ينف سماعه منها، ومعلوم أنه لا يلزم من انتفاء الرؤية انتفاء السماع، قال الإمام أحمد: لعله سمع منها في المسجد، أودخل عليها فحدثته من وراء حجاب، فائ شيء في هذا؟ فقد كانت امرأة كبرت وأسنت ". انتهى. ثم ذكر الإمام ابن القيم غير هذا مما يؤكد وثاقة (محمد بن إسحاق) ، عن علي بن المديني، مما يطول نقله. وانظر لتوثيق (محمد بن إسحاق) واعتماده عند الأئمة النقاد "الرفع والتكميل اوما علقته عليه ص 411 - 413 من الطبعة الثالثة، ففيه ذكر توثيقه عن مصادر غير المشهورة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 75 أحسبه قال: ولم يعلم هو، وقال الإمام أحمد مرة أخرى: وقد يمكن أن يسمع منها تخرج إلى المسجد أوخارجة فسمع، والله أعلم (1) . وقال علي بن المدينى: الذي قال هشام (2) ، ليس بحجة، لعله دخل على امرأته وهوغلام فسمع منها. فمن ترك الاحتجاج بحديث ابن إسحاق، احتمل أن يكون تركه للقدر، أو للتشيع، أو للتدليس على رأي من يرى ذلك قادحا، أويكون هذا أوغيره من الكلام فيه إن لم يتيقن عنده حجة في رد حديثه (3) ، غير أنه أحدث ريبة ما (4) منعته من الاحتجاج به. وقد أشار إلى ذلك الحافظان أحمد بن إبراهيم الجرجانى وأحمد بن علي الخطيب (5) .   (ا) هكذا جاءت العبارة في "الكامل " لابن عدي 6: 2120 "وقد يمكن أن يسمع منها تخرج إلى المسجد، أوخارجة، فسمع، والله أعلم ". وهي عبارة سليمة قويمة، ووقع في الأصل هكذا: "وقد يمكن أن يكون يسمع منها تخرج إلى المسجد. . . ". فوقع فيها زيادة (يكون) سهوا من الناسخ، فاضطربت العبارة، فلذا طويتها. (2) لفظ (الذي) ساقط من الأصل، فاثبته. (3) كلمة (لم يتيقن) غيرمنقوطة في الأصل، ولكنها مطابقة في رسمها لما أثبته، وقد أثبتها (ف) في ص 44 (لم يقتض) ، وهي قراءة بعيدة عن الرسم وا لسياق! (4) لفظ (ما) سقط في نسخة (ف) ص 244، وهوثابت في الأصل! (5) أشار إلى إلك الخطيب في ترجمته في "تاريخ بغداد) 1: 224، وأما (أحمد بن إبراهيم الجرجاني) فهو: الإمام الحافظ أبو بكر الإسماعيلي أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن العباس الجرجاني، ولد سنة 277، ومات سنة 371، = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 76 ومن احتج بحديثه احتمل أن يكون لا يرى البدعة مانعة ولا التدليس. وقصة هشام قد وقع الجواب عنها. وما جاء (ا) من الكلام فيه غيرمفسر: لايؤثر عنده، وما جاء أيضا عن واحد -وهويشترط العدد - لا يؤثر عنده، والله عز وجل أعلم (2) .   = مترجم له في "تذكرة الحفاظ " 3: 947. ولم أقف على قوله المشار إليه هنا، فيما رجعت إليه من المصادر. وجاء في "الكامل " لابن عدي 6: 2117، في ترجمة (محمد بن إسحاق) : "قال الشيخ -أي ابن عدي -: وحضرت مجلس الفريابي وقد سئل عن حديث لمحمد بن إسحاق، وكان يأبى عليهم، فلما كرروا عليه قال: محمد بن إسحاق، فذكركلمة شنيعة فقال: زنديق "! . انتهى. أي ملحد! قال عبد الفتاح: فانظر ما أوسع ما بين طرفي توثيق ابن إسحاق وجرحه! فسبحان الله، الفريابى يقول في أمير المؤمنين في الحديث: زنديق! كبرت كلمة هو قائلها! ! ! فإنا لله وانا إليه راجعون، وكم في كتب الرجال من مثل هذا الشطط الأسود المنبوذ؟ ! وما أسهل التكفير على ألسنة بعض الناس في القديم والحديث! يظنونه علامة متانة إيمانهم، وقوة تدينهم، ونعمة تفردهم بالإيمان الصحيح زعموا، وفي الحديث الشريف (وقد باء بها أحدهما) . وبهذا التكفير وأمثاله في كتب الرجال، يتجلى لك صدق كلمة الإمام ابن دقيق العيد رحمه الله تعالى، في كتابه "الاقتراح " ص 344: "أعراض المسلمين حفرة من حفر النار، وقف على شفيرها طائفتان من الناس: المحدثون والحكام ". انتهى. قال الحافظ الصالحي في اعقود الجمان " ص 405، بعد أن نقل فيه كلمة الإمام ابن دقيق العيد هذه: "وليس الحكام والمحدثون سواء فان الحكام أعذر، لأنهم لا يحكمون إلا بالبينة المعتبرة، وغيرهم يعتمد مجرد النقل ". انتهى. وهو استدراك وجيه رفيع. (ا) لفظ (جاء) ساقط من الأصل، فاثبته. (2) لم يتعرض الحافظ المنذرى إلى الجواب عن سؤال السائل عن التعارض = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 77 ...........................................................   =بين قول شعبه وسفيان فى محمد بن اسحاق: امير المؤمنين فى الحديث، وجرح مالك ويحيى بن سعيد له، سؤال جدير بالجواب والبيان. وقبل ذكر الجواب بما سأنقله عن الأمير الصنعاني أقول: لا يكون الجرح والتعديل متعارضا إلا إذا كان كل من الجرح والتعديل للراوي خاليا من السبب القادح فيه، أما إذا كان الجرح -مثلا - غير سليم، بأن كان ناشئا عن الغضب، أو الكراهية، أو نحوهما، وكان التعديل سليما: على الجادة، فلا يلتفت إلى ذلك التعارض، بل إن التعارض في تلك الحال منتف، فاعرفه، فإنه مهم. قال العلامة محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني صاحب "سبل السلام "، في أوائل رسالته "إرشاد النقاد إلى تيسير الاجتهاد" ص 13 - 15 من الجزء الأول من "مجموعة الرسائل المنيرية" ما خلاصته بتصرف يسير: "قد يختلف كلام إمامين من أئمة الحديث في الراوي الواحد، وفي الحديث الواحد، فيضعف هذا حديثا، وهذا يصححه، ويرمي هذا رجلا الرواة بالجرح، واخر يعدله. وذلك مما يشعر بأن التصحيح ونحوه من مسائل الاجتهاد التي اختلفت فيها الأراء. فقد قال مالك في (ابن إسحاق) : إنه دجال من الدجاجلة. وقال فيه شعبة: إنه أمير المؤمنين في الحديث. وشعبة إمام لا كلام في ذلك. وإمامة مالك في الدين معلومة لا تحتاج إلى برهان. فهذان إمامان كبيران اختلفا في رجل واحد من رواة الأحاديث. ويتفرع على هذا: الاختلاف في صحة حديث من رواية ابن إسحاق، وفي ضعفه، فإنه قد يجد العالم المتأخر عن زمان هذين الإمامين: كلام شعبة وتوثيقه لابن إسحاق، فيصحح حديثا يكون من رواية ابن إسحاق، قائلا: قد ثبتت الرواية عن إمام من أئمة الدين وهو شعبة، بأن ابن إسحاق حجة في روايته، فهذا خبر رواته ثقات يجب قبوله. وقد يجد العالم الاخر كلام مالك وقدحه في ابن إسحاق، القدح الذي ليس وراءه وراء، ويرى حديثا من رواية ابن إسحاق فيضعف الحديث لذلك، قائلا: قد روى لي إمام وهو مالك، بأن ابن إسحاق غير مرضي الرواية، ولا يساوي فلسا، = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 78 .......................................................   = فيجب رد خبر فيه ابن إسحاق. فبسبب هذا الاختلاف حصل اختلاف الأئمة في التصحيح والتضعيف، المتفرعين عن اختلاف ما بلغهم من حال بعض الرواة. فإذا جاء من له فحولة في العلم، وقوة في النقد، ودراية بحقائق الأمور، وحسن نظر، وسعة اطلاع على كلام الأئمة، فإنه يرجع إلى الترجيح بين التعديل والتجريح، فينظر في مثل هذه المسألة إلى كلام الجارح ومخرجه، فيجده كلاما خرج مخرج الغضب، الذي لا يخلو عنه البشر، ولا يحفظ لسانه حال حصوله إلا من عصمه الله تعالى. فإنه لما قال ابن إسحاق: اعرضوا على علم مالك فانا بيطاره، فبلغ مالكا فقال تلك الكلمة الجافية، التي لولا جلالة من قالها، وما نرجوه من عفوالله عن فلتات اللسان عند الغضب، لكان القدح بهافيمن قالها أقرب إلى القدح فيمن قيلت فيه. فلما وجدناه خرج مخرج الغضب، لم نره قادحا في ابن إسحاق، فإنه خرج مخرج جزاء السيئة بالسيئة. على أن ابن إسحاق لم يقدح في مالك، ولا في علمه، غاية ما أفاد كلامه أنه أعلم من مالك، وأنه بيطار علومه، وليس فيه قدح على مالك. ونظرنا كلام شعبة في ابن إسحاق، فقدمنا قوله، لأنه خرج مخرج النصح للمسلمين، ليس له حامل عليه إلا ذلك. وأما الجامد في ذهنه، الأبله في نظره، فإنه يقول: قد تعارض هنا الجرح والتعديل، فيقدم الجرح، لأن الجارح أولى، وإن كثر المعدل. وهذه القاعدة لو أخذت كلية -على عمومها وإطلاقها - لم يبق لنا عدل إلا الرسل، فإنه ما سلم فاضل من طاعن، لامن الخلفاء الراشدين، ولا أحد من أئمة الدين. فالقاعدة: (الجرح مقدم على التعديل) ظاهرية، يعمل بها فيما تعارض فيه الجرح والتعديل من المجاهيل -أو فيما كان التعارض فيه صحيحا على قاعدته وشرطه -. على أن لك أن تقول: كلام مالك ليس بقادح في ابن إسحاق، لما علمت أنه خرج مخرج الغضب، لا مخرج النصح للمسلمين، فلم يعارض في ابن إسحاق جرح. واعلم أن ذكرنا لابن إسحاق والكلام فيه مثال وطريق يسلك منه إلى نظائره ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 79 ( اختلاف المحدثين في الاحتجاج بشبابة بن سوار ) وأما شبابة بن سوار، فقد احتج به البخارى ومسلم في "صحيحيهما "، وحدث عنه ثلة من الأئمة (1) .   (1) أي جماعة كثيرة من الأئمة، و (ثلة) بالثاء المثلثة ثم اللام المشددة ثم التاء، كما جاءت في الأصل لمن تامله جيدا ووقع في طبعة (ف) ص 44: (وحدث عنه ثلاثة من الأئمة. . .) . ولفظ (ثلاثة) هنا تحريف فاحش! والصواب فيه: (وحدث عنه ثلة من الأئمة. . .) ، كما جاء في الأصل المخطوط. (والثلة) : الجماعة، وليسوا ثلاثة، بل هم كثرة بالغة، قال الله تعالى في سورة الواقعة في أصحاب اليمين: "ثلة من الأولين. وقليل من الاخرين "، وقال أيضا فيها: "ثلة من الأولين. وثلة من الأخرين ". والأئمة الذين رووا عن (شبابة بن سوار) كثيرون جدا، ذكر الحافظ ابن حجر في " تهذيب التهذيب" 4: 300، في ترجمة (شبابة) المتوفى سنة 206 منهم ما يلي: "روى له الستة، وروى عنه أحمد بن حنبل، وعلى بن المديني، ويحيى بن معين، وإسحاق بن راهويه، وعبد الله بن محمد المسندي، وابنا أبي شيبة، وأحمد بن الحسن بن خراش، وأحمد بن سريج الرازي، وحجاج بن الشاعر، وحجاج بن حمزة الخشابي. . . " حتى أوصلهم إلى ثلاثين ثم قال: "وجماعة". (تنبيه على تحريف) : وقع في "تهذيب التهذيب " 4: 302، في ترجمة (شبابة بن سوار) تاريخ وفاته هكذا: "قال البخاري: يقال: مات سنة 4 أو255، وقال أبوموسى وغيره: مات سنة 256". انتهى. وهذا تحريف! صوابه سنة 4 أو205، وقال أبو موسى وغيره: مات سنة 206، كما ضبطه الحافظ المزى بالعبارة في "تهذيب الكمال " 2: 57، فقال: "قال البخاري: يقال: مات سنة أربع أوخمس ومئتين، وقال أبوموسى. . . مات سنة ست ومئتين ". انتهى. وبهذا الأخير أرخ وفاته الحافظ الذهبي في "الكاشف " 2: 3، والخزرجي في "الخلاصة" ص 168. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 80 وتكلم فيه بعضهم، وقال الإمام أحمد بن حنبل: تركته ولم أرو عنه للإرجاء، فقيل: يا أبا عبد الله، وأبومعاوية (ا) ؟ قال: شبابة كان داعية. وقيل لعلي بن المديني عن حديث شبابة الذي رواه عن شعبة في الدباء، فقال علي: أي شيء تقدر أن تقول في ذاك (2) ؟ يعني شبابة، كان شيخا صدوقا، إلا أنه كان يقول بالإرجاء، ولا ينكر لرجل سمع من رجل ألفا أوألفين أن يجىء بحديث غريب. وقال أبو أحمد الجرجاني (3) : الذي أنكرته عليه الخطأ، ولعله حدث به حفظا؟ .   (1) أي أبومعاوية الضرير (محمد بن خازم الكوفي) بالخاء والزاي المعجمتين، المولود سنة 113، والمتوفى سنة195. روى له الستة وقد رمي بالإرجاء. (2) وقع في الأصل رسم هذه الجملة هكذا: (فقال على: أيش نقدر نقول في ذاك) . وفيها تحريف وسقط (أن) قبل (تقول) . وقد جاءت على الصحة كما أثبتها في غير كتاب: "تهذيب الكمال " 2: 570و"تهذيب التهذيب " 4: 305 وغيرهما. ووقعت في طبعة (ف) ص 45، على التحريف والسقط الذي جاء في الأصل! وسقط في طبعة (ف) أيضا لفظ (علي) ! ! (3) هو الحافظ ابن عدى أبو أحمد عبد الله بن عدى، المولود سنة 277، والمتوفى سنة365وهو صاحب كتاب "الكامل "، قال ذلك فيه 4: 366 1. وجاءت العبارة في الأصل: (الذي أنكرت عليه الخطا ولعله. . .) ، وجاء في نسخة مخطوطة موثقة من "الكامل ": (الذي أنكرته عليه الخطا، ولعله. . .) فاثبتها، وجاءت العبارة في "الكامل " المطبوع و"تهذيب الكمال " 2: 575و"تهذيب التهذيب " 4: 301 (والذي أنكر عليه الخطا، ولعله حدث به حفظا) ، أي ولعله حدث بالحديث الذي أخطا فيه من حفظه، فاخطأ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 81 وقيل لأبي زرعة في أبي معاوية: كان يرى الإرجاء؟ قال: نعم كان يدعو إليه، قيل: فشبابة بن سوار أيضا؟ قال: نعم، قيل: رجع عنه؟ قال: نعم، قال: الإيمان قول وعمل. فهذا الإمام أحمد قد صرح بانه إنما تركه لكونه داعية إلى الإرجاء، وهذا علي بن المديني لم ير قوله بالإرجاء وتفرده بشيء مؤثرا في حقه، والخطأ فلا يكاد يسلم منه أحد (1) . فمن احتج بحديثه يرى أن الإرجاء (2) والدعاء إليه والتفرد بشيء غيرقادح، سيما وقد نقل عنه الرجوع عن الإرجاء. ومن لم يحتج بحديثه يرى أن ذلك مانع من الاحتجاج به، وحصل عنده من ذلك ريبة وقفته عن الاحتجاج به على ما تقدم، والله عز وجل أعلم.   (ا) قال الإمام يحيى بن معين رحمه الله تعالى، في "تاريخه "، في الفقرة 52 (لست أعجب ممن يحدث فيخطىء، إنما العجب ممن يحدث فيصيب "، وقال فيه أيضا، في الفقرة 2682 "من لايخطىء في الحديث -أي من يزعم أنه لايخطىء في الحديث - فهوكذاب". انتهى. وهوعنه في "لسان الميزان" ا: 17. (2) انظر التفصيل الوافي الشامل، في شرح معنى (الإرجاء) السني والبدعي، ومنشا الإرجاء وما يتصل بذلك، في "الرفع والتكميل " للعلامة اللكنوي رحمه الله تعالى وما علقته عليه في الطبعة الثالثة ص 81-83 وص 2 35- 373، فانك واجد فيه النفائس إن شاء الله تعالى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 82 (اختلاف المحدثين في الجرح والتعديل كاختلاف الفقهاء عن اجتهاد) واختلاف هؤلاء كاختلاف الفقهاء، كل ذلك يقتضيه الاجتهاد، فأن الحاكم إذا شهد عنده بجرح شخص، اجتهد في أن ذلك القدرمؤثر أم لا؟ وكذلك المحدث إذا أراد الاحتجاج بحديث شخص ونقل إليه فيه جرح، اجتهد فيه هل هو مؤثر أم لا؟ ويجري الكلام عنده فيما يكون جرحا (ا) ، في تفسير الجرح وعدمه، وفي اشتراط العدد في ذلك، كما يجري عند الفقيه، ولا فرق بين أن يكون الجارح مخبرا بذلك للمحدث مشافهة أو ناقلا له عن غيره بطريقه، والله عز وجل أعلم. (اختلاف المحدثين في الاحتجاج بشجاع بن الوليد) وأما شجاع بن الوليد أبو بدر، فقد احتج به البخاري ومسلم في "صحيحيهما" وجماعة من المصنفين، ومحله من العبادة والصلاح معروف. وقال الإمام أحمد بن حنبل في قصة ذكرها: إنما كان يقول لنا: ذكره سليمان بن مهران، ولم يكن يقول: الأعمش، وذكره مغيرة، وذكره سعيد بن أبي عروبة، ولم يكد يقول لنا (2) : حدثنا، ثم كان بعد ذلك   (ا) وقع في طبعة (ف) ص 47 هكذا (ويجري الكلام عنده فيه ما يكون جرحا. 00) 0 انتهى. ولفظ (فيه) مكتوب في الأصل المخطوط، ثم ضرب عليه وكتب بدلا عنه (في ما يكون جرحا. . .) ، فأثبتها كما ترى. (2) وقع في الأصل: (ولم يكاد يقول لنا) . وهو خطأ من الناسخ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 83 يقول: حدثنا فلان، وأخبرنا موسى بن عقبة، ولم يكن يقول لنا إلا: ذكره. وسئل وكيع بن الجراح عن أبي بدر شجاع بن الوليد؟ فقال: كان جارنا ها هنا، ما عرفناه بعطاء بن السائب ولا بمغيرة، وذكر غيره أنه حدث عنهما. وأخذ عليه رواية حديث سلمان الفارسي رضي الله عنه في بعض العرب، وهوحديث منكر (ا) ، وأخذ عليه أنه رفع حديث شريك عن أبي حصين في الحصاة ومناشدتها (2) ، وهوموقوف.   (ا) ولفظه: "يا سلمان، لا تبغضني، فتفارق دينك، قال: كيف أبغضك وبك هدانا الله؟ قال: تبغض العرب فتبغضني ". أخرجه الترمذي في "جامعه " 5: 723 في كتاب المناقب (باب فضل العرب) ، من طريق أبي بدر شجاع، عن قابوس بن أبي ظبيان، عن أبيه، "عن سلمان، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا سلمان، لا تبغضني. . . ". وقال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب، لا يعرف إلا من حديث أبي بدر شجاع بن الوليد. وسمعت محمد بن إسماعيل - البخارى - يقول: أبو ظبيان لم يدرك سلمان، مات سلمان قبل على". وأخرجه أحمد في "المسند" 5: 0 4 4، والحاكم في "المستدرك " 4: 86، في كتاب معرفة الصحابة (باب فضل كافة العرب) ، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وتعقبه الذهبي فقال: "قابوس تكلم فيه ". انتهى. فالحديث ضعيف لانقطاعه وضعف قابوس. (2) أبوحصين هذا بفتح الحاء وكسر الصاد بوزن أمير، وهوعثمان بن عاصم الأسدي الكوفي، كما في "تهذيب الكمال " 2: 580في ترجمة (شريك بن عبد الله النخعي الكوفي) ، وكما في ترجمة (عثمان بن عاصم) فيه أيضا 2: 911. وفي "تهذيب التهذيب " 7: 126. روى له الجماعة. قال الإمام النووي في مقدمة = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 84 فمن احتج بحديثه لا يرى شيئا من ذلك مانعا من الاحتجاج به. ويمكن أن يقال: إنه تذكر السماع بعد ذلك فصرخ بالتحديث، أوإن الراوي ينشط مرة فيسند، ويفتر مرة فلا يسند، ويسكت عن ذكر الشخص مرة، ويذكره أخرى لما يقتضيه الحال. ومن امتنع من الاحتجاج به، يكون قد حصل عنده من ذلك مغمز وإن لم يثبت به جرح، فتوقف لذلك، والله عزوجل أعلم. ( بيان المراد من قولهم: فلان ليس بشيء ) وأما قولهم: فلان ليس بشيء، ويقولون مرة: حديثه ليس بشيء (1) . فهذا ينظر فيه:   =شرحه " صحيح مسلم " 1: 40، في "فصل فى ضبط جمله من الاسماء المتكررة في صحيحي البخاري ومسلم المثتبهة": "حصين كله بضم الحاء وفتح الصاد المهملتين، إلا أبا حصين عثمان بن عاصم فبالفتح ". انتهى. وضبطه ابن ماكولا في "الإكمال " 2: 480، أيضا "بفتح الحاء وكسر الصاد". والحديث المشار إليه رواه أبوداود في "سننه " ا: 316، في كتاب الصلاة في الباب هـ ا (باب في حصى المسجد) ، وسنده فيه "حدثنا محمد بن إسحاق أبو بكر يعني الصاغانى، حدثنا أبو بدر شجاع بن الوليد، حدثنا شريك، حدثنا أبوحصين، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال أبو بدر: أراه قد رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الحصاة لتناشد الذي يخرجها من المسجد". انتهى. تفرد به أبو داود. (ا) لفظ (ليس) ساقط من الأصل، فأثبته. وموضع (ليس) بعد (حديثه) كما في الأصل، ووقعت العبارة في طبعة (ف) ص 55هكذا: (ويقولون مرة: ليس حديثه بشيء) ، فخالفت الأصل! الجزء: 1 ¦ الصفحة: 85 فإن كان الذي قيل فيه هذا، قد وثقه غير هذا القائل، واحتج به، فيحتمل أن يكون قوله محمولا على أنه ليس حديثه بشيء يحتج به، بل يكون حديثه عنده يكتب للاعتبار وللاستشهاد وغير ذلك. وإن كان الذي قيل فيه ذلك مشهورا بالضعف، ولم يوجد من الأئمة من يحسن أمره، فيكون محمولا على أن حديثه ليس بشيء يحتج به (ا) ولا يعتبر به ولا يستشهد به، ويلتحق هذا بالمتروك، والله عز وجل أعلم. (2) وأما مانقل عن يحيى بن معين من توثيق شجاع مرة، وتوهينه أخرى، فهذان القولان في زمانين بلا شك، ولا يعلم السابق منهما، ويحتمل أنه وثقه ثم وقف على شي من حاله بعد ذلك يسوغ له الإقدام على ما قاله، ويحتمل أن يكون تكلم فيه أولا، ثم وقف من حاله بعد ذلك على ما اقتضى توثيقه. وقد نقل مثل هذا عن يحيى بن معين في غيرشجاع بن الوليد من الرواة، ونقل مثله أيضا عن غير (3) يحيى بن معين من الحفاظ، في حق بعض الرواة، وكل هذا محمول (4) على اختلاف. . . . . . . . . . . . . . .   (ا) لفظ (به) هنا ساقط من الأصل، فأثبته. (2) من هنا إلى قول المؤلف: (وأما شرط الشيخين) وهو نحو ثلاثين سطرا، سقط كله من طبعة (ف) ! وهونقص فاحش ملغ للطبعة إ! وما أدري كيف وقع وسكت عليه؟! ثم رأيت هذا السقط الطويل أدخل في التعليق ص 56، وجعل حاشية من كلام (ف) ، فزاد الأمر سوءا وخللا! ووقع فيه جملة تحريفات أيضا! (3) لفظ (غير) ساقط من الأصل، فأثبته. (4) وقع في الأصل: (وكل هذا محمولا على. . .) . وهوخطا من الناسخ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 86 الأحوا ل (1) .   (ا) قلت: قد بسط الحافظ أبوالوليد الباجي القول في هذه المسالة، وأوضحها بالأمثلة، وأشار إلى كلامه واعتمدة الحافظ ابن حجر في، (بذل الماعون في فضل الطاعون "، وقال: "وهذه قاعدة جليلة فيمن اختلف النقل عن ابن معين فيه، نبه عليها أبو الوليد الباجي في كتابه "رجال البخاري "، كما نقل ذلك عنه شيخنا العلامة التهانوي في "قواعد في علوم الحديث " ص 264. وها أنا ذا أنقل كلام الحافظ الباجي على طوله -وإن غاظ ذلك الطول بعض المنفوخين والمتعالمين -، لنفاسته واتصاله التام بهذا المقام، قال رحمه الله تعالى في كتابه "التعديل والتجريح لمن خرج له البخارى في الجامع الصحيح " ا: 283 - 288، تحت عنوان (باب الجرح والتعديل) : "اعلم أنه قد يقول المعدل: فلان ثقة، ولا يريد به أنه ممن يحتج بحديثه، ويقول: فلان لا بأس به، ويريد أنه يحتج بحديثه. وإنما ذلك على حسب ما هوفيه ووجه السؤال له، فقد يسأل عن الرجل الفاضل في دينه المتوسط حديثه، فيقرن بالضعفاء، فيقال: ما تقول في فلان وفلان؟ فيقول: فلان ثقة، نريد أنه ليس من نمط من قرن به، وأنه ثقة بالإضافة إلى غيره. وقد يسأل عنه على غير هذا الوجه، فيقول: لا باس به، فإذا قيل: أهوثقة؟ قال: الثقة غير هذا. يدل على ذلك ما رواه. . . عمرو بن علي قال: أخبرنا عبد الرحمن بن مهدي: حدثنا أبوخلدة، فقال رجل: يا أبا سعيد أكان ثقة؟ فقال: كان خيارا، وكان مسلما، وكان صدوقا، الثقة شعبة وسفيان. وانما أراد عبد الرحمن بن مهدي رحمه الله: التناهي في الإمامة، -إذ- لولم يوثق من أصحاب الحديث إلا من كان في درجة شعبة وسفيان الثوري لقل الثقات، ولبطل معظم الاثار وأبوخلدة هذا: خالد بن دينار البصري، أخرج البخاري في الجمعة، والتعبير، والعلم، عن حرمي بن عمارة، عنه، عن أنس. وقال عمرو بن علي: = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 87 .............................................................   = سمعت يزيد بن زريع يقول: أخبرنا أبوخلدة وكان ثقة. ولكن عبد الرحمن لم يرد أن يبلغه مبلغ غيره، ممن هوأتقن منه وأحفظ وأثبت، وذهب الى أن يبين أن درجته دون ذلك، ولذلك قال: كان خيارا، كان صدوقا، وهذا معنى الثقة، اذا جمع الصدق والخير مع الإسلام. وقد روى عباس الدورى عن ابن معين أنه قال: محمد بن إسحاق ثقة وليس بحجة، وأصل ذلك أنه سئل عنه وعن موسى بن عبيدة الربذي، أيهما أحب اليك؟ فقال: محمد بن اسحاق ثقة وليس بحجة. فانما ذهب الى أنه أمثل في نفسه من موسى بن عبيدة الزبذي. وقال عبد الرحمن الرازي - ابن أبي حاتم -: قيل لأبي حاتم: أيهما أحب اليك: يونس بن يزيد الأيلي أو عقيل بن خالد الأيلي؟ فقال: عقيل لا باس به. فقد قال في مثل عقيل: لا باس به، ويريد بذلك تفضيله على يونس، ولوقرن له بعبد الجبار بن عمر لقال: عقيل ثقة ثبت متقدم متقن. وقد سئل عنه أبوزرعة الرازي فقال: ثقة صدوق. فوصفه بصفته لمالم يقرن بغيره. وقد ذكر لأبي عبد الرحمن النسوي تفضيل ابن وهب: الليث على مالك، فقال: وأئ شيء عند الليث؟ لولا أن الله تداركه لكان مثل ابن لهيعة. ولا خلاف أن الليث من أهل الثقة والتثبت، ولكنه إنما أنكر تفضيله على مالك أو مساواته به. فهذا كله يدل على أن ألفاظهم في ذلك تصدر على حسب السؤال، وتختلف بحسب ذلك، وتكون بحسب اضافة المسؤول عنهم بعضهم الى بعض، وقد يحكم بالجرحة على الرجل بمعنى لووجد في غيره لم يجرح به، لما شهرمن فضله وعلمه، وأن حابه يحتمل مثل ذلك. فعلى هذا يحمل ألفاظ الجرح والتعديل من فهم أقوالهم وأغراضهم، ولا يكون ذلك الا لمن كان من أهل الصناعة والعلم بهذا الشان، وأما من لم يعلم .... ذلك، وليس عنده من أحوال المحدثين الا ما ياخذه من ألفاظ أهل الجرح = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 88 وقد قال الحافظ أبو بكر أحمد بن إبراهيم الجرجاني (ا) : قد يخطر على قلب المسؤول عن الرجل، من حاله في الحديث وقتا: ما ينكره قلبه، فيخرج جوابه على حسب النكرة التي في قلبه، ويخطر له ما يخالفه في وقت اخر، فيجيب على ما يعرفه في الوقت منه ويذكره، وليس ذلك تناقضا ولا إحالة (2) ، ولكنه قول صدر عن حالين مختلفين (3) ، يعرض أحدهما في وقت والأخر في غيره.   = والتعديل، فإنه لا يمكنه تنزيل الألفاظ هذا التنزيل، ولا اعتبارها بشيء مما ذكرنا، وانما يتبع في ذلك ظاهر ألفاظهم فيما وقع الاتفاق عليه، ويقف عند اختلافهم واختلاف عباراتهم! والله الموفق للصواب برحمته ". انتهى. بقي بعد هذا أنه إذا صدر عن المحدث الناقد قولان متعارضان، فإذا علم المتأخر من القولين فالعمل عليه، وان لم يعلم فالواجب التوقف، قاله الزركشي في "نكته" على كتاب ابن الصلاح. لكن قال شيخنا العلامة ظفر أحمد التهانوي رحمه الله تعالى في "قواعد في علوم الحديث " ص 29 4 - 0 43 "إذا اختلف قول الناقد في رجل، فضعفه مرة وقواه أخرى، فالذي يدل عليه صنيع الحافظ ابن حجر أن الترجيح للتعديل، ويحمل الجرح على شيء بعينه ". انتهى. وهوأوجه مما قاله الزركشي رحمه الله تعالى. (ا) تقدم بيان أنه أبوبكر الإسماعيلى الحافظ، في ص 76. (2) يعني ولا باطلا. ووقع في الأصل: (وليس ذلك تناقض.. .) ، وهوخطأ من الناسخ! ! (3) جاء في الأصل: (ولكنه صدر قول عن حالين. . .) ، فاثبته كما ترى، تقديرا أن تقديم (صدر) على (قول) من سبق القلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 89 ومذاهب النقاد للرجال (ا) : مذاهب غامضة دقيقة: فإذا سمع أحدهم في بعضهم أدنى مغمز-وإن لم يكن ذلك موجبا رد خبر ولا إسقاط عدالة - رأى أن ذلك مما لا يسع إخفاؤه عن أهله، رجاء إن كان صاحبه حيا أن يحمله ذلك على الارعواء وضبط نفسه عن الغميزة، وإن كان ميتا أنزله من سمع ذلك منه منزلته، فلم يلحقه ملحق من سلم من تلك الغميزة، وقصربه على درجة مثله. ومنهم من رأى أن ذكره ذلك، لينظر: هل له من أخوات؟ فإن أحوال الناس وطبائعهم جارية على إظهار الجميل وإخفاء ما خالفه، فإذا ظهر مما خالفه شيء، لم يؤمن أن يكون وراءه له مشبه (2) . وأما شرط "الصحيحين " فقد ذكر الأئمة أن البخارى ومسلما لم ينقل عن واحد منهما أنه قال: شرطت أن أخرج في كتابي ما يكون على الشرط الفلاني، وإنما عرف ذلك من سبر "كتابيهما"، واعتبر مما خرجاه (3) ، وللأئمة في ذلك أجوبة.   (ا) وقع في الأصل: (ومذهب النقاد. . .) ، وهو خطأ من الناسخ. (2) هنا نهاية السقط الكبير الذي وقع في طبعة (ف) ص 55، كما بتنته (3) وقع في طبعة (ف) ص 57ضبط هذه العبارة كما يلي: (. . . وإنما عرف ذلك من سبر كتابيهما واعتبر ما جرحاه) 0 انتهى. والصواب فيها كما أثبتها، والجملة الأخيرة: (واعتبر ما جرحاه) ، هكذا وقعت في الأصل فتابعه (ف) ! وهي محرفة عن (واعتبر ما خرجاه) 0 أي بسبره أحاديثهما التي ذكراها: عرف السابر شرطهما، ولا دخل للجرح هنا إطلاقا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 90 ومن قال (1) : هو الحديث المسند الذي يتصل سنده بنقل العدل الضابط عن العدل الضابط إلى منتهاه، إذا قيل له (2) : قد خرج في الصحيح " عن فلان (3) ، وقد قيل فيه كذا وكذا؟ يقول: هوعند من احتج به في "صحيحه " عدل ضابط، ويجيب عماقيل فيه بنحو مما قدمناه، والله عز وجل أعلم. اخره، الحمد الله حق حمده، وصلواته على خيرته من خلقه محمد نبيه وعبده، وعلى أهله وأصحابه من بعده، وسلم تسليما كثيرا كثيرا كثيرا، حسبنا الله وبعم الوكيل. ***** يقول العبد الضعيف عبد الفتاح بن محمد أبو غذة: فرغت من خدمة هذه الرسالة والتعليق عليها صباح يوم السبت 25 من ذي القعدة سنة 1408 في مدينة الرياض، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا. ***   (1) أي في بيان شرط الشيخين في "صحيحهما". (2) وقع في طبعة (ف) ص 59: (وإذا قيل له. ..) . وذكر الواو هنا خطأ، وليست هي في الأصل، وبها يفسد تركيب الكلام! (3) ضبط لفظ (قد خرج في الصحيح عن فلان) في طبعة (ف) ص 59، هكذا: (قد خرج في الصحيح عن فلان) 0 انتهى. وهو سهوخاطر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 91 تتمة في بيان قول الإمام أبي حاتم الرازي في الراوي: يكتب حديثه ولا يحتج به تقدم في فاتحة هذه الرسالة ص 37، -في الأسئلة الموجهة إلى الحافظ المنذري رحمه الله تعالى - ذكر عبارة من أقوال الإمام أبي حاتم الرازي في الجرح والتعديل، وهي قوله رحمه الله تعالى في تضيف الراوي "يكتب حديثه ولايحتج به ". ولم يتعرض الحافظ المنذري في جوابه لخصوص هذه الجملة وبيان معناها، وقد أوردها السائل طالبا بيانه، فاردت ذكر ما يتصل بها، ولطول الكلام جعلته (تتمة) في اخر الرسالة هنا، وأرجو من الله التوفيق والسداد. هذه العبارة (يكتب حديثه ولا يحتج به) ، سال الحافظ عبد الرحمن بن أبي حاتم أباه عن تفسير مرادو منها فاجابه عن ذلك. جاء في "الجرح والتعديل " 1 /1: 133، و"تهذيب التهديب " ا: 168، في ترجمة (إبراهيم بن مهاجر البجلي الكوفي) ما يلي: "قال أبوحاتم: ليس بالقوي، هووحصين وعطاء بن السائب قريب بعضهم من بعض، ومحلهم عندنا محل الصدق، يكتب حديثهم ولا يحتج به. قال عبد الرحمن بن أبي حاتم: قلت لأبي: ما معنى (لا يحتج به) ؟ قال: كانوا قوما لا يحفظون، فيحدثون بما لا يحفظون، فيغلطون، ترى في أحاديثهم اضطرابا ما شئت ". انتهى. فبين أبوحاتم في إجابته لابنه: السبب في أنه لا يحتج بحديثهم، وهو ضعف حفظهم، واضطراب حديثهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 93 وفسر الإمام ابن تيمية رحمه الله تعالى، في بعض المواضع من كتبه قول أبي حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به، فقال في "الصارم المسلول على شاتم الرسول) ص 577: "قال أبوحاتم 2/3: 2 29 في (محمد بن طلحة التيمي) : محله الصدق، يكتب حديثه ولا يحتج به. ومعنى هذا الكلام أنه يصلح حديثه للاعتبار والاستشهاد به، فإذا عضده اخر مثله جاز أن يحتج به، ولا يحتج به على انفراده". انتهى كلام الشيخ ابن تيمية مصححا. وعند تحقق وصف الراوي بضعف حفظه واضطراب حديثه: لا يحتج به، كما قاله أبوحاتم وغيره، وكما شرحه الشيخ ابن تيمية أيضا. ولكن هل كل من قال فيه أبوحاتم: (يكتب حديثه ولا يحتج به) ، أوقال فيه: (لا يحتج به) ، هل هوحقيقة لا يحتج به أم ينازع أبوحاتم في هذا الحكم على الراوي، فلا يعمل بحكمه هذا فيه لعدم تحقق ما يقتضيه في الراوي؟ الذي يبدو من تتبع النقاد لأقوال أبي حاتم الرازي هو الشق الثاني: ا - قال الحافظ الذهبي في "سير أعلام النبلاء" 13: 260، في ترجمة (أبي حاتم) : "إذا وثق أبوحاتم رجلا فتمسك بقوله، فإنه لا يوثق إلا رجلا صحيح الحديث، لاذا ليق رجلا أوقال فيه: لا يحتج به، فتوقف حتى ترى ما قال غيره فيه، فإن وثقه أحد، فلا تبن على تجريح أبي حاتم، فانه متعنت في الرجال، قد قال في طائفة من رجال "الصحاح ": ليس بحجة، ليس بقوي، أونحوذلك ". انتهى. 2 - قال الشيخ ابن تيمية: "وأما قول أبي حاتم - في أبي صالح باذام - يكتب حديثه ولا يحتج به، فابوحاتم يقول مثل هذا في كثير من رجال "الصحيحين"، وذلك أن شرطه في التعديل صعب، و (الحجة) في اصطلاحه ليس هو (الحجة) في اصطلاح جمهور أهل العلم ". انتهى من "مجموع فتاوى ابن تيمية" 24: 350. 3- وجاء في "هدي الساري " 2: 59ا، في ترجمة (محمد بن جعفر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 94 المعروف بغندر) : "روى له الجماعة، أحد الأثبات المتقنين من أصحاب شعبة، اعتمده الأئمة كلهم حتى قال علي بن المديني: هوأحب الى من عبد الرحمن بن مهدي في شعبة، وقال ابن المبارك: إذا اختلف الناس في شعبة فكتاب غندر حكم بينهم لكن قال أبو حاتم: يكتب حديثه عن غير شعبة ولا يحتج به! قلت - القائل ابن حجر-: أخرج له البخاري عن شعبة كثيرا، وأخرج له حديثا عن معمر، واخر عن عبد الله بن سعيد بن أبي هندة، توبع فيهما، وروى له الباقون ". انتهى كلام ابن حجر، وفي هذا رد صريح لقول أبي حاتم: (يكتب حديثه عن غير شعبة ولايحتج به) . 4 - وجاء أيضأ في "هدي الساري " 2: 162، في ترجمة (محمد بن أبي عدى البصري) : اروى له الجماعة، من شيوخ أحمد، قال عمرو بن علي -الفلاس-: أحسن عبد الرحمن بن مهدي الثناء عليه، وقال أبوحاتم والنسائي وابن سعد: ثقة. وفي االميزان " أن أبا حاتم قال: "لا يحتج به ". فينظر في ذلك. وأبوحاتم عنده عنت، وقد احتج به الجماعة". انتهى. 5 - ونقل الحافظ الزيلعي رحمه الله تعالى، في "نصب الراية" 2: 439 عن ابن أبي حاتم - في "الجرح والتعديل " 4 / 1: 383 - عن أبي حاتم قوله في (معاوية بن صالح الحضرمي الحمصي ثم الأندلسي) : "لا يحتج به "، ثم تعقبه بقول الحافظ ابن عبد الهادي في "التنقيح ": "قول أبي حاتم: لا يحتج به، غير قادح، فإنه لم يذكر السبب، وقد تكررت هذه اللفظة منه في رجال كثيرين من أصحاب الصحيح، الثقات الأثبات من غيربيان السبب، كخالد الحذاء وغيره. ومعاوية بن صالح ثقة صدوق، وثقه أحمد وابن مهدي وأبوزرعة، وقال ابن أبي حاتم: سالت أبي عنه، فقال: حسن الحديث، صالح الحديث. واحتج به مسلم في "صحيحه"، ولم يرو شيئا خالف فيه الثقات. وكون يحيى بن سعيد كان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 95 لا يرضاه، غير قادح فيه، فإن يحيى شرطه شديد في الرجال، ولذلك قال: لولم أرو الاعمن أرضى ما رويت الا عن خمسة". 6 - وجاء في "الجرح والتعديل " لابن أبي حاتم 2/1: 353، في ترجمة (خالد الحذاء: خالد بن مهران البصري) : (سمعت أبي يقول: خالد الحذاء يكتب حديثه ولايحتج به ". انتهى. وأورد ابن أبي حاتم قبل هذا في الترجمة نفسها "قال الأثرم: سمعت أبا عبد الله -أحمد بن حنبل - يقول: خالد الحذاء ثبت. قال عبد الرحمن - ابن أبي حاتم -: ذكره أبي، عن إسحاق بن منصور، عن يحيى بن معين أنه قال: خالذ الحذاء ثقة". انتهى. وجاء في "تهذيب التهذيب، 3: 121، في ترجمة (خالد الحذاء) زيادة على ما تقدم من التوثيق: "وقال النسائي: ثقة، وقال ابن سعد: كان ثقة مهيبا كثير الحديث. وذكره ابن حبان في "الثقات ". وقال العجلي: بصري ثقة. وقرأت بخط الذهبي: ما خالد في الثبت بدون هشام بن عروة وأمثاله. وحكى العقيلي في "تاريخه " -أي كتاب الضعفاء 2: 4 - من طريق يحيى بن ادم، عن أبي شهاب، قال: قال لي شعبة: عليك بحجاج بن أرطاة ومحمد بن إسحاق، فانهما حافظان، واكتم على عند البصريين في خالد الحذاء وهشام. قال يحيى: وقلت لحماد بن زيد: فخالد الحذاء؟ قال: قدم علينا قدمة من الشام، فكانه أنكرنا حفظه. وقال عباد بن عباد: أراد شعبة أن يقع في خالد فاتيته أنا وحماد بن زيد، فقلنا له: مالك؟ أجننت؟! وتهددناه فسكت. وحكى العقيلي من طريق أحمد بن حنبل: قيل لابن علية في حديث كان خالد يرويه، فلم يلتفت إليه ابن علية، وضعف أمر خالد. قلت - القائل ابن حجر-: والظاهر أن كلام هؤلاء فيه، من أجل ما أشار إليه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 96 حماد بن زيد، من تغير حفظه باخره، أو من أجل دخوله في عمل السلطان، والله أعلم ". انتهى كلام ابن حجر في "تهذيب التهذيب ". فلم يلتفت الحافظ الذهبي ولا ابن حجر هنا وفي "تقريب التهذيب "، إلى قول أبي حاتم فيه، كيف وقد وثقه المعروفون بالتشدد، كابن معين والنساني، كما وثقه أحمد والعجلى. وقال الحافظ الذهبي في "تذكرة الحفاظ " ا: 149، في ترجمة (خالد الحذاء) : "هو الحافظ الثبت، محدث البصرة، حدث عنه محمد بن سيرين شيخه، وشعبة، وبشر بن المفضل، وأبو إسحاق الفزاري، وسماعيل بن علية، وسفيان بن عيينة، وخلق. وثقه أحمد بن حنبل وابن معين، واحتج به أصحاب الصحاح. وقال أبوحاتم: لا يحتج به. مات سنه41 ا". انتهى. فاورد الذهبي هنا كلام أبي حاتم مورد الإنكار والنقد والاستدراك على أبي حاتم رحمهما الله تعالى. وقال الذهبي أيضا، في "الكاشف "ا: 274، في ترجمة (خالد الحذاء) : "الحافظ، ثقة إمام ". وقال أيضا في ترجمته في "المغني في الضعفاء"ا: 206 "ثقة جبل، والعجبن من أبي حاتم يقول: لا أحتج بحديثه ". -وفي نسخة من "الكاشف ": "لا يحتج به ". انتهى. واذاكان (ثقة جبلا) ، فيكون الذهب ما ذكره في "الضعفاء"إلا ليرد على أبي حاتم قوله فيه: "لا يحتج به ". 7 - وجهاء في "سير أعلام النبلاء" للذهبي 13: 81، في ترجمة الإمام أبي زرعة الرازي (عبيد الله بن عبد الكريم) ، قول الذهبي: "يعجبني كثيرا كلام أبي زرعة في الجرح والتعديل، يبين عليه الورع والمخبرة، بخلاف رفيقه أبي حاتم، فانه جراح ". 8 - وجلاء في "نصب الراية" للحافظ الزيلعي 3: 310، عقب حديث رواه (بهز بن حكيم بن معاوية بن حيدة القشيري) ، وأخرجه الترمذي في "جامعه " وقال: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 97 "حديث حسن "، ورواه الحاكم في "المستدرك " وقال: "صحيح الإستاذ ولم يخرجاه " ما يلي: "قال ابن القطان في كتاب " الوهم والإيهام ": اختلف الناس في (بهز بن حكيم) ، فحكى ابن أبي حاتم - في "الجرح والتعديل" 1 / 1: 430 - عن أبيه: أنه شيخ يكتب حديثه ولا يحتج به، وعن أبي زرعة أنه قال فيه: صالح ولكن ليس بالمشهور، وجعله الحاكم في أقسام الصحيح المختلف فيه. وقول أبي حاتم: لا يحتج به. لا ينبغي أن يقبل إلا بحجة، وبهز ثقة عند من علمه، وقد وثقه ابن الجارود والنساثي، وصحح الترمذي روايته عن أبيه، عن جده (1) . وقال ابن عدي: روى حديثه ثقات الناس كالزهري، ولم أر له حديثا منكرا، وأرجو أنه إذا حدث عنه ثقة فلا باس بحديثه، وقال أبوجعفر السبتي: إسنا بهز عن أبيه، عن جده صحيح ". انتهى كلام الحافظ الزيلعي. قال عبد الفتاح: وقد وثقه أيضا يحيى بن معين وابن المديني، وحسبك بهما، كما نقله عنهما ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " ا: ا: 430، في ترجمة (بهز) وجاء في "تهذيب التهذيب " ا: 498، في ترجمة (بهز) أيضا، زيادة على ما تقدم من التوثيق: "وقال النسائي: ثقة، وقال أبوداود: هو عندي حجة، وقال ابن حبان: كان يخطىء كثيرا، فاما أحمد واسحاق هما يحتجان به. . .، وقال الترمذي: هوثقة عند أهل الحديث، وقال ابن قتيبة - في "المعارف " ص 482 -: وكان من خيار الناس ". انتهى.   (1) وانظر ما كتبه شيخنا العلامه احمد شاكر رحمه الله تعالى فى شرحه على " الفيه السيوطى" في علم الحديث " ص 248، في تصحيح رواية (بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده) معاوية بن حيدة القشيري، وهو صحابي معروف، فقد رجحها بعضهم على رواية (عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 98 قلت: وقد يقتصر أبو حاتم على قوله في بعض الرواة: (يكتب حديثه) ، فيكون عنده أقوى ممن قال فيه: (يكتب حديثه ولا يحتج به) . جاء في "الجرح والتعديل " 2/4: 14، في ترجمة (الوليد بن كثير المزني) قوله فيه: "شيخ يكتب حديثه ". انتهى. ونقله الذهبي في ترجمته في "الميزان " 4: هـ 34، وعلق عليه فقال: "الوليد بن كثير المزني، روى له النسائي، وثق، وقال أبوحاتم: يكتب حديثة، مع أن قول أبي حاتم هذا ليس بصيغة توثيق، ولا هوبصيغة إهدار". انتهى كلام الذهبي. قلت: (ليس بصيغة توثيق) لأن من قيل فيه ذلك ضعيف نازل عن رتبة الاحتجاج بحديثه، و (لا هو بصيغة إهدار) لأنه ليس ضعيفا جدا، بحيث لا يصلح حديثة للمتابعات والشواهد، بل يكتب حديثه لصلاحيته لذلك، فهو بمثابة قولهم في المرتبة السادسة اخر مراتب التعديل المشعر بالقرب من التجريح: (يعتبر به) ، ويقابله قولهم في المرتبة الرابعة من مراتب الجرح: (لا يكتب حديثه) قال عبد الفتاح: ولعل في هذا الذي قدمته من كلام الأئمة النقاد، حول عبارة الإمام أبي حاتم الرازي رحمه الله تعالى، ما يفيد الجواب عن سؤال السائل عنها في فاتحة هذه الرسالة، والله الهادي إلى الصواب. وفي الحقيقة أن ألفاظ الجرح والتعديل في كتاب "الجرح والتعديل "، للإمام أبي حاتم وابنه رحمهما الله تعالى، تحتاج إلى استقراء تام وجمع وتصنيف، ثم استخلاص ما يشير إليه كل لفظ من تلك الألفاظ، حتى تضبط اصطلاحاتهما فيه، وأرجو من الله تعالى أن يوفق لذلك فطنا ذكيا، وحاذقا ألمعيا، فيفرزها ويصنفها على أحسن وجه وأدقه وأوفاه، فيقدم لخدمه السنة المطهرة محبيها لبنه تزيد فى اكتمال صرحها وايفاء شرحها، والله ولى التوفيق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 99