الكتاب: الدر المنضود في الصلاة والسلام على صاحب المقام المحمود المؤلف: أحمد بن محمد بن علي بن حجر الهيتمي السعدي الأنصاري، شهاب الدين شيخ الإسلام، أبو العباس (المتوفى: 974هـ) عني به: بوجمعة عبد القادر مكري ومحمد شادي مصطفى عربش الناشر: دار المنهاج - جدة الطبعة: الأولى - 1426 هـ عدد الأجزاء: 1   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] ---------- الدر المنضود في الصلاة والسلام على صاحب المقام المحمود ابن حجر الهيتمي الكتاب: الدر المنضود في الصلاة والسلام على صاحب المقام المحمود المؤلف: أحمد بن محمد بن علي بن حجر الهيتمي السعدي الأنصاري، شهاب الدين شيخ الإسلام، أبو العباس (المتوفى: 974هـ) عني به: بوجمعة عبد القادر مكري ومحمد شادي مصطفى عربش الناشر: دار المنهاج - جدة الطبعة: الأولى - 1426 هـ عدد الأجزاء: 1   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] ـ[الدر المنضود في الصلاة والسلام على صاحب المقام المحمود]ـ المؤلف: أحمد بن محمد بن علي بن حجر الهيتمي السعدي الأنصاري، شهاب الدين شيخ الإسلام، أبو العباس (المتوفى: 974هـ) عني به: بوجمعة عبد القادر مكري ومحمد شادي مصطفى عربش الناشر: دار المنهاج - جدة الطبعة: الأولى - 1426 هـ عدد الأجزاء: 1 [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] بين يدي الكتاب (أ) بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الحمد لله رافع درجات المخبتين، ومجيب دعاء المضطرين، ومفر ّج الكرب عن المهمومين، وجاعل الصّلاة على الشّفيع سببا للغفران، وبابا لتفريج الأحزان، وحرزا من وساوس الشّيطان. فصلوات الله تترى، وسلامه يتوالى على من خصّه الله تعالى بالرّتب العليّة، والمقامات السّنيّة، وشرّفه بالمقام المحمود والحوض المورود، وحلّاه من الأخلاق بأجمل البرود، وعلى آله الأطهار الأبرار، وصحابته الغر الميامين الأخيار، والتّابعين لهم بإحسان. أمّا بعد: فإنّ الصّلاة على الحبيب الشّفيع ترياق للقلوب، وماحية للذنوب، ومرقاة إلى كلّ أمر محبوب، بها يحلّق الموفّق في أجواء العلياء، ويتدرّج في سلّم الارتقاء، حتى يبلغ مراتب الأولياء. كيف لا؟! وقد صلى عليه خالقه والملائكة الكرام، وأمرنا بذلك تنويها بعظم المقام، ثم فصّلت السّنّة الغرّاء مزايا الصّلاة والسّلام، على من بعثه الله تعالى رحمة للأنام، فاغترف الموفّقون من هذا المنهل الرّويّ، وبلغ بها المقرّبون الشّأو القصيّ، وهرولت بالمحبين نجب الأشواق، إلى تلك الآفاق، فتذوقوا من أسرار الصّلاة والسّلام، المشفوعة بالمحبة والإعظام، فأنار الله تعالى بواطنهم، وصفّى قلوبهم، وحلّقت أرواحهم في رياض الذّكر فرتعوا، واعتصموا بالله ففازوا وربحوا، فتلك تجارة لن تبور. (ب) هذا، وقد تفنن أعلام الإسلام قديما وحديثا في الإشادة بفضلها، والترغيب في الإكثار منها، وتبيان أسرارها وعوائدها، فمن بين مقلّ ومكثر، وباسط ومختصر، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 5 والكلّ يستقون من سنّة المصطفى، ويروون في فضلها أحاديث من لا ينطق عن الهوى صلّى الله عليه وسلّم، وآثار سلفنا الصالحين أولي القرون الخيّرة. وكان ممن أدلى بدلوه في هذا الشّان، وألّف في فضلها وفوائدها علّامة عصره، وفقيه مصره، ومحدث قطره، الشيخ أحمد بن حجر الهيتمي، صاحب التاليف النافعة، والمباحث الهامّة، المبرز في علمي الرواية والدّراية، فكان كتابه واسطة العقد بين المؤلفات، لما حوى من عيون الفوائد وغرر التنبيهات، وهو وإن كان خميص المباني فإنه بطين المعاني، جمع بين التحقيق وحسن السبك، وتطابق الاسم والمسمّى، فكان درّا منضودا، وأسلوبا متميزا، وسفرا حافلا بكلّ معنى بديع، ولا غرو فمحبّره من فحول المؤلفين، والأساتذة المتفقهين. (ج) ولا مراء أنّ نشر هذا الكتاب وأترابه في هذا العصر المتخم بالملاهي والمغريات، من أهم المطلوبات، فقد أصبحت الأرواح مثقلة بالنزوع إلى الملذّات والشّهوات، والأنفس موثقة بأغلال العصيان، والقلوب نافرة عن طاعة الدّيان، فكان الناس بحاجة إلى التذكير بفضل الصّلاة والسّلام على البشير النذير، فإنها دواء القلوب القاسية، وصقل للأرواح النّائية عن رياض الذّكر. (د) ولما كان لهذا الكتاب المبارك خصائصه وصداه في عالم المعرفة.. احتضنته دار المنهاج خدمة للإسلام وأهله، وأعادت طباعته في ثوب قشيب، وتحقيق مفيد، معتمدة في ذلك على أصول صحيحة، ونسخ عديدة؛ ليخرج الكتاب مبرّأ من وصمة التصحيف، وعيب التحريف، ويعانق حسن المظهر جمال المحتوى، إضافة إلى تعليقات نافعة، وإيضاحات يتطلبها السّياق في بعض المواطن. والله وليّ التّوفيق الناشر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 6 ترجمة الإمام الفقيه أحمد ابن حجر الهيتمي المكي «1» اسمه ونسبه: هو الشيخ العلامة الفقيه الإمام أحمد بن محمد بن محمد بن علي بن حجر السّلمنتي، الهيتمي، الأزهري، الوائلي، السعدي، المكي، الأنصاري، الشافعي. سمي ب (ابن حجر) لأن جده كان ملازما للصمت. والسّلمنتي: نسبة إلى (سلمنت) من بلاد حرام، من أقاليم مصر الشرقية؛ حيث كانت أسرته بها قبل انتقالها إلى محلة أبي الهيتم. والهيتمي- بالتاء المثناة الفوقية-: نسبة إلى محلة أبي الهيتم «2» ، قرية من أعمال مصر الغربية. والأزهري: نسبة للأزهر. وابن حجر- رحمه الله- من بني سعد من الأنصار الذين هاجروا إلى مصر أيام الفتوحات، وهم من بطون قبيلة وائلة.   (1) مصادر الترجمة: «النور السافر» (ص 390) ، «الأعلام» (1/ 234) ، «شذرات الذهب» (10/ 541) ، «معجم المؤلفين» (2/ 293) ، مقدمة «الفتاوى الفقهية» لابن حجر بقلم بعض تلامذته، «ابن حجر المكي وجهوده في الكتابة التاريخية» د. لمياء شافعي ط (1418 هـ) عن مكتبة ومطبعة الغد، «الإمام ابن حجر الهيتمي وأثره في الفقه الشافعي» ، أمجد رشيد محمد علي، رسالة ماجستير بالجامعة الأردنية (1420 هـ) . (2) وفي «التاج» أنها مغيّرة من أبي الهيثم، وتجمع على (الهياتم) ، وهي مجموعة قرى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 7 مولده ونشأته: ولد بمحلة أبي الهيتم في رجب أواخر سنة (909 هـ) ، ومات أبوه وهو صغير، فكفله جده لأبيه- الذي عمّر أكثر من مئة وعشرين عاما- ثم مات الجد، فكفله شيخا أبيه الإمامان: الشمس الشناوي، والشمس محمد السروي ابن أبي الحمائل. ثم إن الشناوي تولى رعايته ونقله إلى مقام السيد البدوي بطنطا، حيث تلقى مبادىء العلوم هناك. طلبه للعلم: في سنة (924 هـ) نقله الشمس الشناوي إلى الجامع الأزهر، فبدأ بقراءة الحديث، والنحو، والمعاني والبيان، والأصلين، والمنطق، والفرائض والحساب، والطب. قال ابن حجر- رحمه الله- بعد ذكره تحصيل هذه العلوم: (حتى أجاز لي أكابر أساتذتي بإقراء تلك العلوم وإفادتها، وبالتصدر لتحرير المشكل منها، بالتقرير والكتابة وإشادتها، ثم بالإفتاء والتدريس، على مذهب الإمام المطّلبيّ الشافعي ابن إدريس، ثم بالتصنيف والتأليف، فكتبت من المتون والشروح ما يغني روايته عن الإطناب في مدحه، والإعلام بشرحه، كل ذلك وسني دون العشرين) اهـ «1» شيوخه: أخذ الإمام ابن حجر عن جمع من كبار علماء عصره، ولقي عددا من كبار المعمّرين والمسندين من العلماء، وصنف في أخذه عنهم وتراجمهم «ثبتا» ضمّنه أخبارهم، وأسانيده الشهيرة إلى أمات كتب العلم، ونحن ذاكرون هنا أبرزهم وأجلهم بحسب ترتيب وفياتهم:   (1) «ثبت ابن حجر» (ق 21/ أ- ب) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 8 1- شيخ الإسلام زكريا الأنصاري (826- 926 هـ) «1» ، أشهر فقهاء مصر في عصره، وإليه انتهت مشيخة الشيوخ، وكان هو الملجأ لكل المعضلات، له مصنفات عديدة اشتهرت بالبركة، مات رحمه الله عن مئة عام. أخذ عن الحافظ ابن حجر العسقلاني، والبلقيني، والشهاب الغزي، والمراغي، والنويري، وطبقتهم. أخذ عنه ابن حجر رحمه الله حديث الأولية، وكان معظّما له جدا، وكثيرا ما يحيل على مصنفاته، قال ابن حجر: (ما اجتمعت به قط.. إلا قال: أسأل الله أن يفقهك في الدين) ، وأطنب في الثناء عليه في «ثبته» جدا، وقال في حقه: (أجلّ من وقع عليه بصري من العلماء العاملين، والأئمة الوارثين، وأعلى من عنه رويت ودريت من الفقهاء الحكماء المسندين ... ) إلخ. 2- الإمام زين الدين عبد الحق بن محمد السنباطي (842- 931 هـ) «2» ، أحد صفوة العلماء الأعلام، وكان مولده بسنباط، ووفاته بمكة. أخذ عن البدر العيني، والجلال البلقيني، وابن الهمام، والولي السنباطي، وأجاز له الحافظ العسقلاني. درس عليه ابن حجر بعض الكتب الستة في جمع كثير، وأجازه بباقيها. 3- الشمس ابن أبي الحمائل (ت 932 هـ) «3» واسمه: محمد السروي. أخذ عن الشرف المناوي يحيى بن محمد (ت 871 هـ) وبه تخرج الشمس الشناوي، ووالد ابن حجر الشيخ محمد بن علي بن حجر. 4- الشهاب الصائغ، أحمد بن الصائغ الحنفي (ت 934 هـ) «4» . كان علامة في المعقول والمنقول.   (1) «الشذرات» (10/ 187) ، «النور السافر» (ص 172) ، «الأعلام» (3/ 46) . (2) «النور السافر» (ص 213) ، «الشذرات» (10/ 248) . (3) «الشذرات» (10/ 259) . (4) «الشذرات» (10/ 280) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 9 أخذ عن أمين الدين الأقصرائي، والتقي الشّمنّي، والكافيجي. وكان مبرّزا في الطب. درس عليه ابن حجر رحمه الله علم الطب. 5- الشمس الدّلجي، محمد بن محمد بن محمد بن أحمد الدّلجي، العثماني، الشافعي، (860- 947 هـ) «1» المولود بدلجة، قرية بصعيد مصر غربي النيل. أخذ بالقاهرة والشام عن جمع؛ منهم: البرهان البقاعي، والقطب الخيضري، وابن رزيق، والسّخاوي. وله شرح على «الشفا» . أخذ عنه ابن حجر رحمه الله علم المعاني والبيان، وكذلك الأصلين والمنطق. 6- الشمس الضيروطي، محمد بن شعبان بن أبي بكر بن خلف الدمياطي، المشهور بابن عروس المصري، (870- 949 هـ) «2» . أخذ عن الكمال ابن أبي شريف، والنور المحلّي. وقد درّس بمقام الإمام الشافعي، وله شرح على «المنهاج» للنووي، وغيره. أخذ عنه ابن حجر رحمه الله علم النحو. 7- أحمد بن عبد الحق السنباطي، الشافعي، المصري (ت 950 هـ) «3» ، أخذ عن والده وتفقه به، ووعظ بالمسجد الحرام لمّا حجّ مع أبيه. أخذ عنه ابن حجر رحمه الله الأصلين أيضا. 8- أبو الحسن البكري، محمد بن محمد بن عبد الرحمن البكري، الصديقي، الشافعي (ت 952 هـ) «4» .   (1) «الشذرات» (10/ 386) ، «الأعلام» (7/ 56) ، «معجم المؤلفين» (3/ 670) . (2) «معجم المؤلفين» (3/ 344) ، «هدية العارفين» (2/ 237) . (3) «الشذرات» (10/ 402) . (4) «الشذرات» (10/ 419) ، «معجم المؤلفين» (3/ 650) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 10 أخذ عنه ابن حجر رحمه الله عدة علوم، وقرأ بمعيته «صحيح مسلم» على شيخ الإسلام زكريا الأنصاري، وحجّا معا، وجاورا سنة (934 هـ) ، له شرح على «المنهاج» ، وعلى «العباب» في الفقه. 9- الشمس الحطابي، محمد بن محمد بن عبد الرحمن الحطاب، الرعيني، الأندلسي، (ت 954 هـ) «1» . أخذ عن السخاوي، وعبد الحق، والنويري، وغيرهم. أخذ عنه ابن حجر رحمه الله علم النحو والصرف. 10- الشهاب الرملي، أحمد بن أحمد بن حمزة الرملي، المصري، الشافعي (957 هـ) «2» ، من أجل تلامذة شيخ الإسلام زكريا، وصار بعد وفاة شيخه إمام علماء مصر. قرأ عليه ابن حجر رحمه الله قبل العشرين. كما أن ابن حجر أخذ عن يوسف الأرميوني، المتوفى سنة (958 هـ) . والناصر اللقاني، المتوفى (958 هـ) ، الفقيه المالكي المعروف. وناصر الدين الطبلاوي، محمد بن سالم الأزهري، المتوفى (966 هـ) . بل إن بعض شيوخه مات بعده؛ كالعلامة الإمام محمد بن عبد الله الشنشوري الفرضي، المتوفى سنة (983 هـ) . وعدد بعض الباحثين شيوخ ابن حجر فأوصلهم إلى (31) شيخا، ذكرنا أبرزهم وأجلهم «3» .   (1) «الأعلام» (7/ 58) . (2) «الشذرات» (10/ 454) . (3) ومن أراد المزيد.. فعليه بكتاب: «ابن حجر الهيتمي وجهوده في الكتابة التاريخية» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 11 مقاساته في الطلب وخروجه إلى مكة: كان ابن حجر رحمه الله يتردد على مكة المكرمة، وقد جاور بها في بعض السنين. وأول زيارة سنة (934 هـ) مع شيخه البكري. ثم مرة ثانية سنة (938 هـ) . ثم في سنة (940 هـ) قرر الرحلة إلى مكة والإقامة بها، وكان سبب خروجه من مصر ما حصل من سرقة بعض كتبه من قبل بعض الحسّاد، وهو كتابه «بشرى الكريم» الذي شرح به العباب شرحا عظيما، ولم يزل متأثرا بذلك الحادث، حتى إنه كان كثير الدعاء بالعفو عن ذلك الفاعل، ويقول: سامحه الله وعفا عنه. وقال ذاكرا مجاهداته والشدائد التي عاناها: (قاسيت في الجامع الأزهر من الجوع ما لا تحتمله الجبلة البشرية لولا معونة الله وتوفيقه، بحيث إني جلست فيه نحو أربع سنين ما ذقت اللحم إلا في ليلة، دعينا لأكل فإذا هو لحم يوقد عليه، فانتظرناه إلى أن ابهارّ الليل، ثم جيء به، فإذا هو يابس كما هو نيء، فلم أستطع منه لقمة. وقاسيت أيضا من الإيذاء من بعض أهل الدروس التي كنا نحضرها ما هو أشد من ذلك الجوع، إلى أن رأيت شيخنا ابن أبي الحمائل قائما بين يدي سيدي أحمد البدوي، فجيء باثنين كانا أكثر إيذاء لي، فضربهما بين يديه فمزقا كل ممزق) «1» . كل هذه الأسباب كانت حاملة له على مغادرة مصر والإقامة بمكة، فسكنها لمدة (34) سنة، حتى توفي بها، وكان منزله بالحريرة قريبا من سوق الليل، كما كانت له خلوة برباط الأشرف قايتباي بقرب المسجد الحرام.   (1) مقدمة «الفتاوى الفقهية» (1/ 5) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 12 زملاؤه وأقرانه: كان لابن حجر رحمه الله أقران وزملاء كثر، منهم: 1- شمس الدين، محمد بن أحمد الرملي، (919- 1004 هـ) ، وقد شارك ابن حجر رحمه الله في الأخذ عن والده الشهاب الرملي المتقدم ذكره، وشاركه في القراءة والحضور على شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في «صحيح البخاري» . وكانا كفرسي رهان، وجرت بينهما خلافات فقهية، ومسائل علمية، وخلافهما من الخلاف المعتبر عند متأخري فقهاء الشافعية، وألفت الرسائل والكتب في ذكر الخلاف بينهما في مسائل الفقه «1» . 2- العلامة المحدث بدر الدين الغزي، الشافعي (ت 984 هـ) ، لقيه بمصر، وقرأ بمعيته بعض «صحيح البخاري» على شيخ الإسلام زكريا الأنصاري، ثم اجتمع به في مكة سنة (952 هـ) . 3- العلامة عبد العزيز بن علي الزمزمي، الشافعي، المكي (ت 976 هـ) ، كان من أعز أصحابه بعد سكناه أم القرى، وكان يسير معه للقاء الشيوخ والأعيان، وقد أصهر ابنه الشيخ محمد بن عبد العزيز عند مترجمنا ابن حجر رحمه الله وأعقب مفتي مكة العلامة عبد العزيز الثاني بن محمد الزمزمي، وقد أدرك جده، وأخذ عنه.   (1) فمن ذلك: منظومة «كشف الغطاء واللبس عن اختلاف ابن حجر والشمس» للفقيه مصطفى بن إبراهيم بن حسن العلواني، الشافعي (ت 1193 هـ) ، منه نسخة بخزانة الرباط العامة (1902 د) . «إثمد العينين في بيان اختلاف الشيخين» للشيخ الفقيه علي بن أحمد باصبرين، الدوعني، الحضرمي، ثم الحجازي (ت 1305 هـ) . «فتح العلي في الخلاف بين ابن حجر والرملي» للسيد الفقيه عمر بن حامد بن عمر بافرج، العلوي، الحسيني، التريمي، الحضرمي (1252- 1274 هـ) منه نسخة بتريم (3033) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 13 تلامذته: بعد استقرار الإمام الهيتمي رحمه الله بمكة.. شاع حديثه، وانتشر ذكره في الآفاق، فقصده طلاب العلم من كل فج، وتخرج به أكابر الفقهاء في القرن العاشر الهجري، فمن أعلام تلامذته وكبارهم: 1- الفقيه الإمام الشيخ عبد الرحمن بن عمر بن أحمد العمودي، (ت 967 هـ) ، من أهل قيدون بحضرموت «1» . قال في حقه العلامة عبد القادر الفاكهي- تلميذه-: (أخذ عنه أخذ رواية، أخذ شيخ عن شيخ، كما قيل في أخذ أحمد عن الشافعي) اهـ 2- العلامة المتفنن الشيخ عبد القادر بن أحمد بن علي الفاكهي، المكي، الشافعي (920- 982 هـ) ، له مؤلفات كثيرة، أخذ عن ابن حجر رحمه الله ولازمه طويلا، وصنف رسالة سماها: «فضائل ابن حجر الهيتمي» «2» . 3- العلامة الشيخ عبد الرؤوف بن يحيى بن عبد الرؤوف الزمزمي الواعظ (930- 984 هـ) ، من أكبر تلامذة ابن حجر، أخذ عنه فأكثر، درس على يديه عدة فنون، وهو الذي جمع فتاوى شيخه الكبرى، وشرح «مختصر الإيضاح» له، وغير ذلك، ويخطىء بعض الناس فيظنه محمد عبد الرؤوف المناوي!! «3» 4- محدث الهند الإمام العلامة محمد طاهر الفتّني، الهندي، الحنفي «4» ، (913- 986 هـ) ، له «مجمع بحار الأنوار في غرائب التنزيل ولطائف الأخبار» مطبوع، أخذ عن ابن حجر الهيتمي، وأبي الحسن البكري.   (1) «النور السافر» (ص 358) ، «الشذرات» (10/ 509) . (2) «النور السافر» (ص 464) ، «الشذرات» (10/ 582) . (3) ترجمه الشلي في «السنا الباهر» (خ 738) . (4) «النور السافر» (ص 475) ، «الشذرات» (10/ 601) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 14 5- السيد الشريف الإمام العلامة الفقيه شيخ بن عبد الله بن شيخ العيدروس، (الأوسط) مصنف «العقد النبوي» ، (919- 990 هـ) ، أخذ عن أبيه وشيوخ تريم، وجاور بمكة ثلاث سنين، من (941) إلى (944 هـ) ملازما لطلب العلم والعبادة، فأخذ عن الشيخ ابن حجر وعبد الله باقشير وآل الفاكهي وغيرهم، وله من ابن حجر إجازة فاخرة «1» . 6- الإمام شهاب الدين أحمد بن قاسم العبّادي، المصري، الشافعي، الأصولي، المتكلم، (ت 994 هـ) ، له حواش على تحفة شيخه ابن حجر، اعترض فيها على مواضع منها، وله حاشية على «الورقات» تسمى: «الآيات البينات» ، وغير ذلك «2» . 7- السيد الشريف العلامة القاضي عبد الرحمن ابن الشيخ شهاب الدين الأكبر العلوي، الحسيني، التريمي (945- 1014 هـ) ، أخذ عن شيوخ عصره، وجاور بمكة مدة، وأخذ بها عن الشيخ ابن حجر الهيتمي «3» . مؤلفاته: عدها بعض الباحثين فبلغت (117) مؤلفا في شتى فنون العلم؛ من حديث، وفقه، وسيرة، وتراجم، ونحو، وأدب، وأخلاق، وعقيدة، وغير ذلك. إلا أن أبرز الفنون التي اشتهر بها- رحمه الله- هو علم الفقه، وله في ذلك اليد الطولى، وما «تحفته» التي عليها المدار والاعتماد في الإفتاء عند الشافعية.. إلا أصدق دليل على ذلك. ومن مؤلفاته رحمه الله: 1- «الفتح المبين بشرح الأربعين» ، يعني: «الأربعين النووية» ، طبع   (1) ترجمته عند ابنه في «النور السافر» (ص 488) ، و «شذرات الذهب» (10/ 620) . (2) «الشذرات» (10/ 636) . (3) «المشرع الروي» (2/ 127) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 15 بمصر سنة (1307 هـ) ، وعليه حاشية للشيخ حسن المدابغي المصري، وهو شرح مفيد ونافع. 2- «الفتاوى الحديثية» ، طبع عدة مرات، وفيها فوائد عزيزة المنال، وليست خاصة بعلم الحديث، بل اشتملت على عدة فنون. 3- «فتح الإله بشرح المشكاه» مخطوط، صنفه سنة (954 هـ) بعد إلحاح وطلب من بعض علماء الهند، وهو شرح على «مشكاة المصابيح» في الحديث. 4- «الفتاوى الفقهية الكبرى» ، جمعها بعض كبار تلامذته- وهو عبد الرؤوف الواعظ الزمزمي- طبعت بمصر قديما، وهي في (4) مجلدات، وبهامشه فتاوى الشهاب الرملي. 5- «تحفة المحتاج بشرح المنهاج» ، صنفه ابن حجر رحمه الله في ستة أشهر فقط، وهو كتاب مهم ومحقق في فقه السادة الشافعية، وعليه مدار الفتوى في حضرموت خصوصا وبعض بلدان المسلمين، وقد وضعت عليها الحواشي العديدة، واعتنى بها علماء الشافعية من شتى البلدان، واختصرها البعض، وحشّى عليها البعض «1» .   (1) فمن ذلك: - حاشية لابن حجر نفسه تسمّى: «طرفة الفقير بتحفة القدير» ، ذكرها صاحب «النور السافر» وغيره. - «حاشية» للفقيه أحمد بن قاسم العبّادي (ت 994 هـ) تلميذه، وهي مطبوعة بهامش «التحفة» . - «حاشية» لحفيده رضي الدين بن عبد الرحمن بن حجر، ردّ بها اعتراضات العبّادي. - «حاشية» للسيد عمر بن عبد الرحيم البصري الحسيني المكي الشافعي، وهو من تلامذة ابن حجر، وحاشيته هذه طبعت مستقلة بهامش التحفة في (4) مجلدات كبيرة بمصر. - «حاشية» العلامة عبد الله سعيد باقشير المكي، (ت 1076 هـ) ، وهي في ربع العبادات فقط. - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 16 6- «المنهج القويم بشرح مسائل التعليم» ، وهو شرح ل «المقدمة الحضرمية» ، صنفه ابن حجر رحمه الله سنة (944 هـ) بطلب من الفقيه عبد الرحمن العمودي، وقد انتفع به طلاب العلم أيما انتفاع، حتى إن بعض تلامذة ابن حجر يقول فيه «1» : (قلّ أن ترى طالبا ليس عنده منه نسخة) اهـ وقد اهتم أهل العلم والفقهاء بهذا الشرح، فوضعت عليه الحواشي والتعليقات الكثيرة «2» .   - «حاشية» العلامة عبد الحميد الشرواني الداغستاني الشافعي، وهي شاملة لحواشي من تقدمه، طبعت بمصر في (10) مجلدات، ومعها «حاشية» ابن قاسم. - حواش ونكت على «التحفة» للعلامة الإمام مفتي حضرموت الأكبر الشيخ: عبد الله بن عمر بامخرمة الهجراني السيباني الشافعي ثم العدني، (ت 972 هـ) ، ذكرها معظم من ترجم له؛ كصاحب «النور السافر» وابن العماد في «الشذرات» . - «الإتحاف» مختصر «التحفة» للفقيه العلامة علي بن محمد بن مطير الحكمي اليمني الشافعي، (ت 1041 هـ) ، وهو ممن أدرك ابن حجر وأخذ عنه إجازة. - حاشية العلامة السيّد عبد الرحمن بن عبيد الله السقاف (ت 1375 هـ) ضبط فيها المهمل، وقيّد فيها الشرائد، وزينها بالفوائد والإيرادات والفرائد. وقد أوصل بعض الباحثين الأعمال التي وضعت على «تحفة المحتاج» إلى (27) عملا بين حاشية وتعليق وغير ذلك كما جاء في كتاب «الإمام ابن حجر الهيتمي وأثره في الفقه الشافعي» . (1) وهو: باعمرو السيفي في «نفائس الدرر» (ق 3/ ب) . من «ابن حجر وجهوده» (ص/ 185) . (2) فمن ذلك: «حاشية الجرهزي» للعلامة الفقيه عبد الله بن سليمان الجرهزي اليمني (ت 1201 هـ) ، طبعت لأول مرة في دار المنهاج بجدة سنة (1424 هـ- 2004 م) . - تقريرات للعلامة الفقيه المفتي الشيخ سالم بن عبد الرحمن بن محمد باصهي الشبامي الحضرمي، المتوفى سنة (1035 هـ) ، أو (1065 هـ) ، صاحب «الفتاوى» . - «الحواشي المدنية الكبرى» للعلامة الفقيه محمد بن سليمان الكردي المدني الشافعي (ت 1194 أو 1203 هـ) ، طبعت بهامش حاشية الترمسي الآتية. - «الحواشي المدنية الصغرى» وهي المطبوع استقلالا مع الشرح المذكور، وتعرف ب «حاشية الكردي» ، طبعت أول مرة سنة (1284 هـ) ، ومعها تعليقات من «الكبرى» ، - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 17 7- «المنح المكية في شرح الهمزية» شرح فيه همزية الإمام البوصيري رحمه الله تعالى (ت 695 هـ) ، وقد عنيت دار المنهاج بطباعته بحلّة جديدة بتحقيق علمي مميز. 8- «الدر المنضود في الصلاة والسلام على صاحب المقام المحمود» وهو هذا الكتاب الذي أكرمنا الله تعالى بخدمته. هذا ذكر لبعض مصنفات ابن حجر رحمه الله، أما بقية كتب ابن حجر الفقهية؛ «كالإيعاب» ، و «الإمداد» ، و «فتح الجواد» ، و «شرح الإيضاح» ، وبقية الكتب الآخرى؛ ك «الصواعق» ، و «الزواجر» ، و «كف الرعاع» ، و «الإعلام بقواطع الإسلام» ، وغيرها.. فالكلام عنها يطول، ومن أراد التوسع ومعرفة هذه الكتب ووصفها وما يتعلق بها.. فعليه بالبحث الموسع عن ابن حجر المذكور ضمن مصادر الترجمة. ونكتفي أن نشير هنا إلى كتابه الفريد الجامع المسمّى «أسنى المطالب في صلة الأقارب» ، وهو كتاب كبير، حوى نفائس الفوائد، وهام في بابه، وقد طبع مؤخرا «1» .   - ثم أخرى سنة (1288 هـ) بالأميرية ببولاق. - «حاشية الترمسي» ، وهي المسماة: «موهبة ذي الفضل» للعلامة الفقيه محمد محفوظ بن عبد الله الترمسي الجاوي ثم المكي الشافعي، (ت 1338 هـ) ، طبعت حاشيته بمصر بالمطبعة العامرة الشرقية، سنة (1326 هـ) في (4) مجلدات ضخمة. - «المسلك القويم على حل ألفاظ المنهج القويم» للعلامة الفقيه الشيخ محمد صالح بن محمد بافضل المكي الشافعي، (ت 1333 هـ) ، تقع في (4) أجزاء، طبع منها المجلد الأول في (479) صفحة بالمطبعة الأميرية بمكة سنة (1326 هـ) . - «تقريرات على المنهج القويم» للعلامة الفقيه أحمد نحراوي الجاوي، (ت 1291 هـ) ، طبعت بهامش «المسلك» السابق الذكر. (1) وقد اختصره العالم الفقيه المفتي الشيخ عبد الله بن سعد بن سمير الحضرمي، (ت 1262 هـ) ، وذلك بأمر من السيد الإمام أحمد بن عمر بن سميط الحسيني الشبامي (ت 1257 هـ) ، واسم هذا المختصر «كافي الطالب من أسنى المطالب» ، منه نسخة- الجزء: 1 ¦ الصفحة: 18 وفاته: ولمّا كبرت سنه رحمه الله.. ابتدأ به مرض ألجأه إلى ترك التدريس لمدة نيف وعشرين يوما، وكتب وصيته في الحادي والعشرين من رجب (974 هـ) ، وفي ضحوة الإثنين (23) من الشهر المذكور لبى نداء ربه راضيا مرضيا. وصلي عليه تحت باب الكعبة الشريفة، ودفن في المعلاة بقرب من موضع صلب ابن الزبير رضي الله عنهما، في التربة المعروفة بتربة الطبريين. ورثاه الشعراء، وبكى عليه الناس زمنا، وكان لموته رنة حزن وأسف عمت بلاد الحرمين واليمن ونواحيها. رحمه الله رحمة الأبرار، وأسكنه جنات تجري من تحتها الأنهار. وهذه أبيات أوردها العلامة العيدروس في «النور السافر» لصاحبه الفقيه أحمد باجابر، يمدح بها ابن حجر قال فيها [من الكامل] : قد قيل من حجر أصمّ تفجرت ... للخلق بالنص الجلي أنهار وتفجرت يا معشر العلماء من ... حجر العلوم فبحرها زخار أكرم به قطبا محيطا بالعلا ... ورحاؤه حقا عليه تدار «1»   - بالأحقاف رقمها (2602) . (1) «النور السافر» (ص 396) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 19 وصف النسخ الخطّيّة اعتمدنا في إخراج هذا الكتاب المبارك على ثلاث نسخ خطّيّة: الأولى: نسخة مكتبة باريس الوطنية (فايدا) ، ذات الرقم (1153/ 1) ، وهي نسخة كاملة ضمن مجموع. عدد أوراقها (89) ورقة، متوسط عدد أسطرها (21) سطرا، متوسط عدد كلمات السطر الواحد (12) كلمة، خطها نسخي معتاد، يعود تاريخ نسخها إلى القرن العاشر. ورمزنا لها ب (أ) . الثانية: نسخة المكتبة الرفاعية المحفوظة في المكتبة الوقفية الإسلامية بحلب، والتي آلت إلى مكتبة الأسد الوطنية بدمشق برقم (17520) ، وهي نسخة كاملة. عدد أوراقها (55) ورقة، متوسط عدد أسطرها (35) سطرا، متوسط عدد كلمات السطر الواحد (12) كلمة، خطها نسخي مستعجل، وعليها تملكات، وناسخها السيد محمد إدريس الأنبابي المصعدي رحمه الله تعالى. في آخرها إجازة بخط المؤلف رحمه الله تعالى لمالكها العلامة محمود بن محمد بن حسن البابي الحلبي المعروف بابن البيلوني. ورمزنا لها ب (ب) . الثالثة: نسخة مكتبة الملك عبد العزيز بالمدينة المنورة، ذات الرقم (188) ، وهي نسخة كاملة. عدد أوراقها (117) ورقة، متوسط عدد أسطرها (19) سطرا، متوسط عدد كلمات السطر الواحد (10) كلمات، خطها نسخي معتاد، وعليها تملكات. ورمزنا لها ب (ج) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 20 منهج العمل في الكتاب - عارضنا الكتاب على ثلاث نسخ خطّيّة. - ضبطنا النصّ ضبطا نسأل الله تعالى فيه السداد والتوفيق، وأن يكون على النحو الذي أراده المؤلف رحمه الله تعالى. - رصّعنا الكتاب بعلامات الترقيم المناسبة وفق المنهج المعتمد في الدار. - خرّجنا أحاديث الكتاب وآثاره بحسب الوسع. - أحلنا النصوص إلى مظانها التي ذكرها المصنف ما أمكننا. - أضفنا ما كان مناسبا من العبارة لتقويم المعنى، وجعلناه بين معقوفين [] . - شرحنا بعض الكلمات الغامضة. - صنعنا فهارس للكتاب على النحو التالي: فهرس الأحاديث والآثار. فهرس تفصيلي للموضوعات. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 21 خاتمة الحمد لله الذي بحمده والصلاة على نبيه تبتدأ الأمور وتختتم، الذي أسبغ علينا جلائل النعم، والصلاة والسلام على صاحب الفضل الأعم، والنور الأتم، المبعوث رحمة لسائر الأمم، وعلى آله ذوي الفضائل والشيم، وأصحابه أولي المحاسن والكرم. وأخيرا: هذا كتاب «الدر المنضود في الصلاة والسلام على صاحب المقام المحمود» نقدمه بهذا التحقيق العلمي الدقيق، والشكل الفني الأنيق لكل طالب علم وكل محب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، راجين من الله القبول. وكتابنا هذا قد جمع من الفوائد نفائسها، ومن المسائل شواردها، ومن المواعظ مؤثّرها، ومن الأقوال أزكاها، ومن الأحوال أصفاها؛ فجاء درّة برّاقة في سلك درر مؤلفات العلامة ابن حجر رحمه الله تعالى. وقد عشنا مع هذا الكتاب في رحلة التحقيق والتدقيق، والبحث والتعليق حقبة من الزمن نتقلب في رياض الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ونتفيأ في ضلال الرحمة والسكينة، ونعبق من روح فوائده العطرة، ونجني من لذيذ ثماره الدانية. وفي الختام: نتوجه إلى المولى سبحانه أن يتقبل منا، وأن يحققنا بالمحبة الصادقة لهذا الحبيب صلى الله عليه وسلم، والحمد لله رب العالمين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 22 صور المخطوطات المستعان بها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 23 راموز ورقة العنوان للنسخة (أ) راموز الورقة الأولى للنسخة (أ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 25 راموز الورقة قبل الأخيرة للنسخة (أ) راموز الورقة الأخيرة للنسخة (أ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 26 راموز ورقة العنوان للنسخة (ب) راموز الورقة الأولى للنسخة (ب) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 27 راموز الورقة الأخيرة للنسخة (ب) راموز ورقة العنوان للنسخة (ج) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 28 راموز الورقة الأولى للنسخة (ج) راموز الورقة الأخيرة للنسخة (ج) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 29 الدّرّ المنضود في الصّلاة والسّلام على صاحب المقام المحمود للإمام العلّامة الفقيه المحقّق شهاب الدّين أحمد بن محمّد بن عليّ بن حجر الهيتميّ الشّافعيّ رحمه الله تعالى (909- 974 هـ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 31 بسم الله الرّحمن الرّحيم [خطبة الكتاب] الحمد لله الذي اختصّ نبيّنا محمدا صلّى الله عليه وسلّم بما امتاز به على سائر الأنبياء والمرسلين، والملائكة المقرّبين، وأوجب على الكافّة توقيره وتعظيمه والقيام بحقوقه سرّا وعلنا؛ ليكونوا من المهتدين. وأشهد ألاإله إلا الله وحده لا شريك له شهادة أنتظم بها في سلك الأئمة الوارثين. وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، الّذي شرّفه الله تعالى بصلاته وسلامه عليه في الملأ الأعلى من ملائكته، وبأمره بذلك لعباده المؤمنين. صلّى الله وسلّم عليه وعلى آله وأصحابه وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين، صلاة وسلاما دائمين بدوام ربّ العالمين. أمّا بعد: فإن خدمة الجناب المحمّديّ من آكد الواجبات، وأهمّ المطلوبات، وأشرف الوسائل، وأفضل الشمائل؛ فلذلك أردت أن أنتظم في سلك من فاز بهذا الفخر الأعظم، وسلك سنن هذا الصراط الأقوم، بجمع كتاب في فضائل الصلاة والسلام عليه؛ ليكون وسيلة لي أقدّمها بين يديه، رجاء أن يقابلها بباهر جوده، وأن يثيب عليها بالتأهيل لاستجلاء ماثره وشهوده، وأن يلحظها منه بعين القبول، وأن يبلّغني بسببها أعظم المأمول، حتى تصير كفاية لي في المهمّات، وعدّة أتحصّن بها من جميع المحن والنائبات، وقربة أكتسب بها مواهبه السنية، وسوابغ نعمه العليّة. فقصدت إلى ذلك على غاية من الإيجاز، حتى إنها بالنسبة إلى غيرها تكاد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 33 أن تعدّ من الألغاز، لمّا أنّ همم أبناء الزمان آلت إلى الدّعة والرفاهية، ومالت عن المعالي الباقية، إلى الأعراض الفانية، فلا ترى منهم من أحاط ببعض كتب هذا المقصد الأسنى إلا الشاذّ النادر، الذي خلّصه الله تعالى من الحظوظ والعنا؛ لاشتمالها على بعض البسط وزيادة التأصيل والتفريع، ككتاب الحافظ «1» المسمى ب «القول البديع» ، هذا مع أنه أحسنها جمعا، وأحكمها وضعا، وأحقّها بالتقديم، وأولاها بالإحاطة، بما فيه من التحقيق والتقسيم. فمن ثمّ أدرجات مقاصده في كتابي هذا، مع زيادات عليه، إليها يفتقر العاملون، وعليها يعوّل المحققون، وتحقيق لما أهمله، وتقييد لما أرسله، وإيضاح لما أغفله، بتحرير بديع، وأسلوب منيع «2» ، سائلا من ذي الجلال والإكرام بجاه من جعلت هذا خدمة لجنابه الرفيع: أن يتقبله مني بفضله، ويجعله متكفّلا لي بجميع ما أؤمّله من جوده الوسيع؛ إنه بكل خير كفيل، وهو حسبي ونعم الوكيل. وسميته: «الدر المنضود في الصلاة والسلام على صاحب المقام المحمود» وقد رتّبته على مقدّمة، وفصول، وخاتمة.   (1) يعني: الإمام الحافظ محمد بن عبد الرحمن بن محمد شمس الدين السخاوي رحمه الله تعالى، المتوفى سنة (902 هـ) . (2) في هامش (ج) : (تحرير الكتاب: تقويمه، وبديع: غير مسبوق بمثله، الأسلوب: الطريق، المنيع: العزيز) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 34 مقدّمة في الكلام على قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً في هذه الآية فوائد: [ فوائد هذه الآية: ] [الفائدة] الأولى: أنها مدنية، ووجه مناسبتها لما قبلها: أنها كالتعليل له، لاشتماله على أمر أصحابه خصوصا «1» ، وأمّته عموما بتعظيم حرمته، ولزوم الأدب معه ظاهرا وباطنا، وبالانقياد له، وبالنهي عن فعل ما يخلّ بتعظيمه واحترامه إلى قيام الساعة. فكأنّ قائلا يقول: ما سبب هذا التشريف العظيم الذي لم يعهد له نظير؟ فقيل له: سبب ذلك ما تفضّل الله تعالى به عليه بقوله: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً إعلاما منه تعالى لعباده؛ حتى يتمّ انقيادهم لما أمروا به ونهوا عنه؛ بذكره لهذه المنزلة الرفيعة لنبيّه محمد صلى الله عليه وسلم عنده، من أنه يصلّي عليه هو وملائكته، ثم أمرنا معشر المؤمنين بالصلاة عليه والتسليم، ليجتمع الثناء عليه من أهل العالمين العلويّ والسفليّ. وفي «الكشاف» : (روي: أنها لمّا نزلت.. قال أبو بكر: ما خصّك الله تعالى يا رسول الله بشرف.. إلا وقد أشركنا فيه، فنزل: هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ) «2» ، قال الحافظ السخاوي: (لم أقف على أصله إلى الآن) «3» .   (1) في هامش (ج) : (خصوصا: ضد عموما؛ أي: تعينا) . (2) الكشاف (3/ 555) . (3) القول البديع (ص 85) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 35 قلت: يوافقه ما أخرجه أبو نعيم في «الحلية» في ترجمة سفيان بن عيينة: (أنه سئل عن: «اللهم صلّ على محمد وعلى آل محمد كما صلّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ... » إلخ، فقال: أكرم الله تعالى أمّة محمد صلى الله عليه وسلم فصلّى عليهم، كما صلّى على الأنبياء، فقال: هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ، وقال لنبيه صلى الله عليه وسلم: إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ، والسكن: من السكينة، فصلى عليهم كما صلى على إبراهيم [وعلى إسماعيل] وإسحاق ويعقوب والأسباط، وهؤلاء الأنبياء المخصوصون منهم، وعمّ الله تعالى هذه الأمة بالصلاة، وأدخلهم فيما أدخل فيه نبيّهم صلى الله عليه وسلم، ولم يدخل في شيء.. إلا دخلت فيه أمّته، ثم تلا: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً، وقال: هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَكانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً، وذكر قوله تعالى: إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً إلى تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) «1» . وحكمة تغاير أسلوبي الآيتين؛ أعني: هذه وقوله تعالى: هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ.. الإشارة إلى مزيد الخصوصية له صلى الله عليه وسلم على سائر أمته؛ فإن إسناد الفعل إلى اثنين ليس كإسناده إلى واحد، ثم عطف آخر عليه، لإشعاره في الأول بأنه مسند إليهما أصالة، والثاني بأنه أصالة للأوّل وتبعا للثاني؛ فصلاة الملائكة على المؤمنين تابعة لصلاة الله تعالى عليهم، لا توجد بدونها؛ ضرورة التبعية، وصلاتهم عليه صلى الله عليه وسلم بطريق الأصالة، فتوجد مطلقا؛ فالآيتان وإن استوتا في صلاة الله تعالى.. فهما متفاوتتان في صلاة الملائكة، وكفى بهذا تمييزا وإشادة بعليّ مرتبته، وإشارة لباهر رفعته صلى الله عليه وسلم وشرّف وكرّم، على أنه يأتي أن معنى الصلاة في الآيتين مختلف؛ فحينئذ لا جامع بين الصلاتين إلّا الاسم فقط.   (1) حلية الأولياء (7/ 303) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 36 [الفائدة] الثانية: أصل الصلاة لغة يرجع إلى الدعاء، ومنه قوله تعالى: وَصَلِّ عَلَيْهِمْ، وقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا دعي أحدكم إلى طعام: فإن كان صائما.. فليصلّ» «1» ؛ أي: فليدع، كما قاله الأكثرون، وهو: دعاء عبادة، ودعاء مسألة، فالعابد داع كالسائل، وبهما فسّر ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ أي: أطيعوني.. أثبكم، أو سلوني.. أعطكم، وبهذا- إن سلّم- اتضح أن اسم الصلاة الشرعية ليس حقيقة شرعية ولا مجازا شرعيّا، بل هو باق على موضوعه اللغويّ، وهو الدعاء بقسميه المذكورين؛ لأن المصلي من تحرّمه إلى سلامه بين دعاء العبادة ودعاء المسألة، فهو في صلاة لغوية حقيقة، فلا نقل ولا تجوّز، وإنما غاية ما فيه أن الشّارع خصّ لفظها ببعض موضوعه، وهو ذات الأركان، فهو كالدابة لذات الأربع، وهو لا يوجب نقلا ولا خروجا عن موضوعه الأصليّ. وبيّن الإمام المجد صاحب «القاموس» أن مادة (ص ل و) و (ص ل ي) موضوعة لأصل واحد هو الضم والجمع، وجميع تفاريعها وتقاليبها كيفما تصرّفت وتقلّبت.. راجعة لذلك، وذكر أمثلة ذلك مبسوطة موضّحة، منها: (الصّلا) أي: وسط الظّهر، أو ما انحدر من الوركين، والانضمام فيهما واضح. و (صلاه بالنار) : شواه؛ لأنه ينضم وتجتمع أجزاؤه. و (الصّلاية) لمدقّ الطّيب. و (المصلّي من أفراس الحلبة) : يجمع مع السابق. و (الصّلوات) «2» : كنائس اليهود لاجتماعهم فيها.   (1) أخرجه مسلم (1431) ، وابن حبان (5306) ، وأبو داود (2460) ، والنسائي في «الكبرى» (3257) وأحمد (2/ 279) . (2) في هامش (ج) : (أصلها في اللغة العبرانية: صلوتا) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 37 و (المصولة) «1» : المكنسة تجمع الكناسة. و (الصّيلة) بالكسر: عقدة في العذبة. و (التّصويل) : كنس نواحي البيدر؛ أي: جمع ما تفرق منها. و (اللّوص) : اللّمح من خلل باب، أو الانحراف عن الطريق، كأنه طلب الاختفاء والانجماع. و (الولص) : الانضمام لريبة. و (الوصول للشيء) : الاجتماع به. فظهر وجه تسمية ذات الأركان صلاة؛ لما فيها من اجتماع الظاهر والباطن، أو لاشتمالها على جميع المقاصد والخيرات «2» . وبهذا الذي حقّقه اندفع قول جمع: إن الصلاة مأخوذة من المصلّي، وهو الفرس السابق؛ لأنه يتبع غيره، والمصلّي يتبع الإمام. ووجه ردّه: أن تبع الإمام ليس أمرا لازما ولا مطّردا فيها، بخلاف الدعاء أو ما يقوم مقامه. وقول الزمخشري «3» : إنها من الصلوين- بالسكون-: عرقان، وقيل: عظامان ينحنيان في الركوع والسجود، متفرقان من الصّلا، وهو عرق مستبطن في الظهر، منه يتفرق الصلوان عند عجب الذّنب، وذلك أن المصلي يحرك صلويه، ومنه المصلّي في حلبة السّباق لمجيئه ثانيا عند صلوي السابق. ووجه ردّه: ما مرّ من قصور هذا المعنى، بل بالغ الرازي في ردّ هذا: (بأنه يفضي إلى طعن عظيم في كون القرآن حجة؛ لأن لفظ الصلاة من أشد الأشياء شهرة وأكثرها دورانا على ألسنة المسلمين، وهذا الاشتقاق من أبعد   (1) في النسخ: (مصول) وهو شيء ينقع فيه الحنظل لتذهب مرارته، والصواب: ما أثبت، والله أعلم. (2) الصّلات والبشر في الصلاة على خير البشر (ص 7) . (3) أي: واندفع قول الزمخشري؛ عطفا على قوله: (اندفع قول جمع) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 38 الأشياء شهرة فيما بين أهل النقل، فلو جوّزنا أن مسمّى الصلاة في الأصل ما ذكر، ثم إنه خفي واندرس حتى صار بحيث لا يعرفه إلا الآحاد.. لجاز مثله في سائر الألفاظ، وبتجويزه ينتفي القطع بأن مراد الله تعالى منها معانيها التي يتبادر الفهم إليها؛ لاحتمال أنها كانت في زمانه صلى الله عليه وسلم موضوعة لمعان أخر، وكان مراد الله تعالى تلك المعاني، إلا أنها خفيت في زماننا واندرست، كما وقع مثله في هذه اللفظة، ولمّا كان ذلك باطلا بإجماع المسلمين.. علمنا أن الاشتقاق الذي ذكره مردود باطل) اهـ «1» والحقّ أن هذا لا يلزم الزّمخشريّ؛ لأن المشتق قد يشتهر اشتهارا تامّا ويخفى المشتقّ منه، إذ لا تلازم بينهما في الاشتهار؛ لأن الاشتقاق أمر اعتباريّ لا يعرفه إلا أهل الصناعة، وأمّا تبادر الفهم إلى معنى اللفظ.. فهو أمر بديهيّ يعرفه الخاص والعام بالسّليقة من غير تكلف؛ وحينئذ لا يلزم على كلام الزّمخشري شيء مما ألزمه، وإنما غاية ما فيه: أن شأن المعنى الحامل على الاشتقاق أو المقتضي له الاطّراد، والدعاء هو الأمر الظاهر المطّرد؛ فكان اعتباره في الاشتقاق أولى وأظهر. وللصلاة معان أخر استعملت فيها، لكنها ترجع إلى ما مرّ كالاستغفار، ومنه: «إني بعثت إلى أهل البقيع لأصلّي عليهم» «2» أي: أستغفر لهم، كما في رواية أخرى. والبركة، ومنه: «اللهم؛ صلّ على آل أبي أوفى» «3» . والقراءة، ومنه: وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ، والرحمة، والمغفرة. والحاصل: أن معناها يختلف بحسب حال المصلي، والمصلّى له، والمصلّى عليه، كما يأتي قريبا.   (1) التفسير الكبير (2/ 29) . (2) أخرجه ابن حبان (3748) ، والحاكم (1/ 488) ، والنسائي في «الكبرى» (2176) . (3) أخرجه البخاري (1497) ، ومسلم (1078) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 39 [الفائدة] الثالثة: اختلفوا في معنى الصلاة من الله تعالى ومن ملائكته على نبيّه صلى الله عليه وسلم على أقوال: - فقيل: هي منه تعالى ثناؤه عليه عند ملائكته وتعظيمه، ورواه البخاري عن أبي العالية، وغيره عن الرّبيع بن أنس، وجرى عليه الحليميّ فقال في «شعب الإيمان» ما حاصله: (هي في اللسان التعظيم، وسمّيت بها ذات الأركان لما فيها من حني الصّلا، وهو وسط الظهر؛ لأن انحناء الصغير به للكبير تعظيم منه له عادة، ثم سمّوا قراءتها صلاة أيضا؛ لأن جميع ما اشتملت هي عليه من نحو قيام وقعود إنما أريد به تعظيم الربّ، ثم توسّعوا فسمّوا كل دعاء صلاة؛ لأن فيه تعظيم المدعوّ بالرغبة إليه، والمدعوّ له بابتغاء ما ينبغي له. ومعنى «الصلوات لله» أي: الأذكار المراد بها تعظيمه، والاعتراف له بجلالة القدر وعلوّ المرتبة.. مستحقة له، لا تليق بأحد سواه. فمعنى «اللهم صلّ على محمد» : اللهم عظّمه في الدنيا بإعلاء ذكره، وإظهار دينه، وإبقاء شريعته، وفي الآخرة بتشفيعه في أمته، وإجزال أجره ومثوبته، وإبداء فضله للأولين والآخرين بالمقام المحمود، وتقديمه على كافة المقربين الشهود) اهـ «1» وتفسير (صلّ عليه) بالتعظيم لا ينافي عطف آله وأصحابه عليه في ذلك؛ لأن تعظيم كلّ أحد بحسب ما يليق به. - وقيل: رحمته، ونقله التّرمذي عن الثّوري وغير واحد من أهل العلم، ونقل عن أبي العالية أيضا، وعن الضحاك، وجرى عليه المبرّد وابن الأعرابي، والإمام الماوردي وقال: (إن ذلك أظهر الوجوه) ، والفخر الرازي والآمدي، والزمخشري حيث قال: (لما كان من شأن المصلي أن   (1) شعب الإيمان (2/ 133- 134) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 40 ينعطف في ركوعه وسجوده.. استعير لمن ينعطف على غيره حنوّا عليه وترؤّفا، كعائد المريض في انعطافه عليه، والمرأة في حنوّها على ولدها، ثم كثر حتى استعمل في الرحمة والترؤّف، ومنه قولهم: «صلى الله عليك» أي: ترحّم وترأّف) اهـ «1» ، والراغب حيث قال: (هي التزكية) «2» . وأخرج الطبراني في «الأوسط» و «الصغير» حديثا يومىء إليه، وهو: «قلت: يا جبريل؛ أيصلي ربّك جلّ ذكره؟ قال: نعم، قلت: ما صلاته؟ قال: سبّوح قدّوس، سبقت رحمتي غضبي» «3» ، وهذا السياق صريح في أن (سبّوح قدّوس) من كلامه تعالى؛ تنزيها لنفسه بنفسه، ولا بعد فيه، وكأنه أعجم على من زعم أنه من كلامه صلى الله عليه وسلم قدّمه تنزيها بين يدي إخباره بصلاته تعالى على عبيده؛ حذرا من أن يتوهّم منه ما لا يليق به تعالى. واعترض هذا القول «4» بأنه تعالى غاير بينهما بقوله: أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ. وبأن الصحابة رضي الله عنهم لولا فهموا المغايرة بينهما.. ما سألوا عن كيفية الصلاة، مع كونهم علّموا الدعاء بالرحمة في التشهد: (السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته) ، وأقرهم صلى الله عليه وسلم، وإلا.. لقال لهم: قد علمتم ذلك؟! وبأن (رحم) متعدّ، و (صلى) قاصر، ولا يحسن تفسير القاصر بالمتعدي. وبأنه يستلزم جواز: (رحم عليه) .   (1) الكشاف (3/ 555) . (2) مفردات ألفاظ القرآن، مادة (صلا) . (3) المعجم الأوسط (114) ، المعجم الصغير (43) . (4) أي: القول بأنها الرحمة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 41 ويجاب بأنه لا مانع من أن الصلاة رحمة خاصة، فلما فيها من ذلك الخصوص غوير بينهما بالعطف. ثم رأيت الزمخشري صرح بما يؤول لذلك، حيث قال في تفسير الآية: (الصلاة: الحنو والتعطّف، فوضعت موضع الرأفة، وجمع بينها وبين الرحمة كقوله: رَأْفَةً وَرَحْمَةً لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ والمعنى: عليهم رأفة بعد رأفة، ورحمة أيّ رحمة) «1» . وبأنه إنما احتيج إلى السؤال عن كيفيتها ليحيطوا بذلك الخصوص، وليس المراد بتفسير (صلّى) ب (رحم) إلا بيان أن المعنى الموضوع له (صلّى) هو الموضوع له (رحم) ، مع قطع النظر عن معنى التعدّي واللزوم؛ فإن الرّديفين قد يختلفان في ذلك، وهو غير ضار، فزعم أن ذلك لا يحسن، وأنه يلزم جواز (رحم عليه) .. ليس في محله، على أنه يحسّن تعدية (صلّى) ب (على) دون (رحم) ما في الأول من ظهور معنى التحنّن والتّعطّف؛ بدليل ما مرّ عن الزمخشري. ولا يرد على هذا القول عطف الملائكة في: هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ إما لما يأتي في معناها من الملائكة، أو لأن الملائكة لمّا كانوا مستجابي الدعوة.. جعلوا كأنهم فاعلون للرحمة والرأفة، قاله الزمخشري «2» ، وفيه جمع بين الحقيقة والمجاز. فالأولى أنها موضوعة هنا للقدر المشترك، وهو الاعتناء بالمصلّى عليه، كما يأتي عن الغزالي وغيره «3» ، أو إرادة وصول الخير؛ فالله تعالى يريد وصوله إليهم برحمته إياهم، وملائكته يريدون ذلك بالاستغفار لهم. ولا يرد عليه أيضا إجماعهم على جواز الترحم على غير الأنبياء،   (1) الكشاف (1/ 234) . (2) الكشاف (1/ 234) . (3) انظر (ص 44) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 42 واختلافهم في جواز الصلاة؛ لما قرّرته من أن الصلاة أخص، ففيها معنى زائد على مطلق الرحمة، فجازت مطلقا اتفاقا، وامتنعت الصلاة على غير الأنبياء- على قول- رعاية لذلك المعنى الأخص، ومن ثم وجبت بعد التشهد مع اشتماله على الدعاء بالرحمة. وبهذا إن تأملته يظهر لك أنه لا خلاف في الحقيقة، وأن مال هذا القول والذي قبله إلى شيء واحد، والتخالف بينهما إنما هو في اللفظ فقط؛ إذ لا يسع أحدا أن يقول: إن صلاة الله تعالى على نبيه أو رحمته له صلى الله عليه وسلم بمعنى صلاته على بقية المؤمنين أو رحمته لهم؛ لأن القدر اللائق به صلى الله عليه وسلم من ذلك أرفع مما يليق بغيره، فالرحمة وإن شملت الأمرين، لكنها بالنسبة للأنبياء أجل وأرفع، وهذا الأجلّ الأرفع فيه من الخصوص ما ليس في مطلق الرحمة، فخصّ باسم الصلاة، وخصّ اسمها باستعماله في الأنبياء؛ تمييزا له ولهم، وتنويها بشرفه صلى الله عليه وسلم وشرفهم، فافهم ذلك وأعرض عن غيره. ثم رأيت عياضا ذكر ما يصرح بما ذكرته، حيث قال نقلا عن أبي بكر القشيري: (الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من الله عز وجل تشريف وزيادة تكرمة، وعلى من دون النبي صلى الله عليه وسلم رحمة، وبهذا التقرير: يظهر الفرق بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين سائر المؤمنين في أن الله وملائكته يصلّون على النبي، مع قوله قبله: هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ، ومن المعلوم أن القدر الذي يليق به صلى الله عليه وسلم من ذلك أرفع مما يليق بغيره، والإجماع منعقد على أن في هذه الآية من تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم والتنويه به ما ليس في غيرها) اهـ ملخصا - وقيل: هي الاستغفار، ونقله ابن أبي حاتم عن ابن جبير ومقاتل، وروي عن الضحاك، ورجحه القرافي، وجرى عليه البيضاوي وغيره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 43 ولك أن تقول: هذا لا ينافي القولين الأولين «1» ؛ لأن المغفرة فيه بمعنى الرحمة المخصوصة المراد بها تعظيمه، والثناء عليه وتشريفه، والتنويه بعليّ قدره وشرفه بين ملائكته، مع مزيد الإفضال عليه من سوابغ إنعامه بما يليق بعظيم كماله. فاتضح أنه لا مخالفة في الحقيقة بين هذه الأقوال الثلاثة، وأن مالها ومرجعها إلى ما ذكرته، فتدبره «2» . ثم رأيت في كلام ابن عطية ما يومىء إليه؛ فإنه قال: (صلوات الله على عبيده.. رحمته وبركته وتشريفه إياهم في الدنيا والآخرة، ونشره الثناء الجميل عليهم؛ أي: فهي تشمل ذلك كله، لكن الذي لنبينا صلى الله عليه وسلم منه هو أكمله وأعلاه وأشرفه وأتمه) . ومن ثمّ قال بعضهم: (صلاة الله تعالى على خلقه خاصة وعامة، فهي على أنبيائه الثناء والتعظيم، وعلى غيرهم الرحمة، فهي التي وسعت كل شيء) اهـ ويؤيد ذلك قول الغزالي وغيره: (إن لفظ الصلاة موضوع للقدر المشترك، وهو الاعتناء بالمصلّى عليه) «3» . وأما صلاة الملائكة عليه صلى الله عليه وسلم: فقيل: هي الدعاء، ورواه البخاري عن أبي العالية، وغيره عن الربيع بن أنس والضحاك، وجرى عليه ابن الأعرابي وابن عطية وغيرهما. - وقال ابن عباس رضي الله عنهما: الدعاء بالبركة، علّقه عنه البخاري «4» .   (1) أي: مجيء الصلاة بمعنى الثناء، وبمعنى الرحمة. (2) الذي اعتمده المؤلف رحمه الله تعالى في «التحفة» (1/ 27) : أنها من الله الرحمة المقرونة بالتعظيم. (3) المستصفى من علم الأصول (2/ 143) . (4) صحيح البخاري (كتاب التفسير) ، باب (قوله: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ ... ) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 44 - وقال المبرّد: رقة تبعث على استدعاء الرحمة، وهو معنى قول غيره: رقة ودعاء. - وقال الراغب: (الاستغفار) «1» ، وجرى عليه الماوردي. ولا خلاف في الحقيقة بين هذه الأقوال أيضا، كما هو ظاهر؛ لأنها منهم بمعنى الدعاء الشامل للدعاء بالبركة وبالمغفرة؛ أي: اللائقة بمقامه صلى الله عليه وسلم، وبغيرهما من سائر المراتب اللائقة به صلى الله عليه وسلم، والباعث عليها منهم ما ركّبه الله عز وجل فيهم من الرقة والمعرفة بحقوقه صلى الله عليه وسلم، ومن خصّص الدعاء بالبركة أو المغفرة لم يرد أنهم لا يدعون له بغير ذلك؛ إذ لا دليل له على هذا الحصر، وإنما أراد النصّ على أظهر مقاصد الدعاء عنده، فاجتمعت الأقوال، واتضح المراد منها، وهو أنهم يطلبون له صلى الله عليه وسلم من ربّه سبحانه وتعالى مزيد الثناء عليه وتعظيمه، والإفضال عليه من بركته ومغفرته، وغيرهما من سائر المراتب العليّة، مما يليق بباهر كماله وعليّ حاله، صلى الله عليه وسلم وشرّف وكرّم. وأما صلاة مؤمني الإنس والجنّ عليه .. فهي بمعنى الدعاء؛ أي: طلب ما ذكر له صلى الله عليه وسلم من الله تبارك وتعالى. فائدة: عامة القرّاء على نصب (الملائكة) عطفا على اسم (إنّ) ، ثم قيل: (يصلّون) خبر عنهما، وقيل: عن الثاني، وخبر الجلالة محذوف لدلالة (يصلون) عليه، قيل: ويرجّحه تغاير الصّلاتين، وظاهر كلام أبي حيان ترجيح الأول، وعليه فتردّ حجة الثاني بأنه لا نظر للتغاير مع استعمال لفظ الصلاة للقدر المشترك كما مرّ بيانه، ثم رأيت بعضهم اعتمد ذلك أيضا، بل صوّبه فقال عقب حكايته أن (يصلّون) ليس خبرا عنهما للتغاير السابق:   (1) مفردات ألفاظ القرآن، مادة (صلا) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 45 (والصواب عندي: أن الصلاة لغة بمعنى واحد وهو العطف، ثم هو بالنسبة إليه تعالى الرحمة، وإلى الملائكة الاستغفار، وإلى الآدميين دعاء بعضهم لبعض) اهـ وقرىء بالرفع «1» ، وعليه فيحتمل أنه عطف على محل اسم (إن) «2» ، و (يصلون) خبر عنهما، وأن يكون (يصلون) خبر الملائكة، وخبر الجلالة محذوف، وهو مذهب البصرييّن لما مرّ «3» ، ولئلا يتوارد عاملان على معمول واحد، ولئلا يلزم الاشتراك والأصل عدمه، ولأنا لا نعرف في العربية فعلا واحدا يختلف معناه باختلاف المسند إليه إذا كان الإسناد حقيقة. وبما قدّمناه من وضعها للقدر المشترك يردّ الأخيران؛ إذ لا اشتراك حينئذ، ولا اختلاف باختلاف المسند إليه. ثم القول بأن الضمير لله عزّ وجلّ وملائكته.. لا ينافيه قوله صلى الله عليه وسلم لمن قال: من يطع الله ورسوله.. فقد رشد، ومن يعصهما.. فقد غوى: «بئس خطيب القوم أنت، قل: ومن يعص الله ورسوله» «4» وذلك لأن حكمة التشريك هنا: أن هذا قول من الله عزّ وجلّ شرّف به ملائكته، فلا يتوهم منه نقص البتّة، ومن ثمّ جمع صلى الله عليه وسلم نفسه مع ربّه في قوله: «لا يؤمن أحدكم حتى يكون الله ورسوله أحبّ إليه مما سواهما» «5» ، وأما الخطيب.. فمنصبه قابل للزّلل، فنطقه بهذه العبارة ربّما يتوهم منه- لنقصه- أنه إنما جمع بينهما في الضمير لتساويهما عنده.   (1) وهي قراءة شاذة قرأ بها أبو عمرو من رواية عبد الوارث. (2) أي: باعتبار محله قبل دخول (إن) ، وهو منسوب إلى الكوفيين وبعض البصريين، انظر «حاشية الصبّان على الأشموني» (1/ 284) . (3) قوله: (وأن يكون «يصلون» خبر الملائكة ... ) هذا هو الاحتمال الثاني في إعراب قراءة الرفع، ومراد المؤلف رحمه الله تعالى: أنّ (الملائكة) مرفوع على الإبتداء، وجملة (يصلون) خبر عنه، ففي العبارة اختصار. (4) أخرجه مسلم (870) ، والنسائي (6/ 91) ، وأحمد (4/ 256) . (5) أخرجه أحمد (3/ 278) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 46 وقيل: الفرق أن ما مرّ عن الله ورسوله جملة واحدة، فلا يحسن فيها الإتيان بالمظهر، وما وقع في كلام ذلك الخطيب جملتا مدح وذمّ، فحسن الإظهار. ويردّ بأن هذا تحسين لفظيّ، فتركه لا يوجب أنه صلى الله عليه وسلم يقول له: «قم- أو اذهب- بئس الخطيب أنت» فالحق هو الجواب الأول. وقال جماعة: سبب الزّجر أنه وقف على (يعصهما) ، وسكت سكتة، واستدلّوا بخبر لأبي داود «1» . [الفائدة] الرابعة: قال الحليمي ما حاصله: (القصد بالصلاة عليه صلى الله عليه وسلم التقرّب بأدائها إلى الله عزّ وجلّ، وقضاء حقّه؛ فإنه تعالى وإن أوجب له تلك الأمور- أي: السابقة في قولنا عنه آنفا: فمعنى «اللهم صلّ على محمد» اللهم عظّمه في الدنيا ... إلخ- لكن ما هو منها ذو درجات يجوز إذا صلّى عليه أحد فاستجيب له.. أن يزاد به في كل ما ذكر رتبة ودرجة، ويدل على أن قولنا: اللهم صلّ على محمد صلاة منّا عليه.. أنّا لا نملك إيصال ما يعظم به أمره ويعلو به قدره إليه، إنما ذلك بيد الله تبارك وتعالى، فصحّ أن صلاتنا عليه الدعاء له بذلك، وابتغاؤه له من الله جل ثناؤه، قال: وقد تكون بمعنى السلام عليه؛ أي: كانت أو لتكن الصلاة من الله عليه؛ لأن التمني على الله عز وجل سؤال له، كما في غفر الله له؛ أي: اللهم اغفر له) اهـ «2» ويردّ ما ذكره آخرا بأن الأحاديث الآتية مصرحة بالفرق بين الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم. وتبعه ابن عبد السلام فقال: (ليست صلاتنا عليه شفاعة منا له؛ فإن مثلنا لا يشفع لمثله، ولكن الله تعالى أمرنا بالمكافأة لمن أحسن إلينا وأنعم علينا،   (1) أبو داود (1099) . (2) شعب الإيمان (2/ 134) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 47 فإن عجزنا عنها.. كافأناه بالدعاء، فأرشدنا لمّا علم عجزنا عن مكافأة نبينا إلى الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم، لتكون صلاتنا عليه مكافأة بإحسانه إلينا، وإفضاله علينا؛ إذ لا إحسان أفضل من إحسانه صلى الله عليه وسلم) اهـ وقال جمع: فائدتها للمصلي لدلالتها على نصوح العقيدة، وخلوص النية، وإظهار المحبة، والمداومة على الطاعة، والاحترام للواسطة الكريمة، فهي محبة له، وتوقير من أعظم شعب الإيمان، لما فيها من أداء شكره الواجب علينا، لعظيم منّته علينا بنجاتنا من الجحيم، وفوزنا بالنعيم المقيم، فالمصلّي داع ومكمّل لنفسه حقيقة؛ لأنا إذا صلّينا عليه صلى الله عليه وسلم.. صلى الله علينا، ولأنا إنما نذكره بإذكار الله عز وجل لنا، فهو الذاكر في الحقيقة، ومن أحبّ شيئا.. أكثر من ذكره. والحاصل: أن في الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم فائدة له بطلب زيادة ما مرّ له بزيادة درجاته فيه؛ إذ لا غاية لفضل الله تعالى وإنعامه، وهو صلى الله عليه وسلم لا يزال دائم الترقّي في حضرات القرب، وسوابغ الفضل، فلا بدع أن تحصل له بصلاة أمته زيادات في ذلك لا غاية لها ولا انتهاء «1» ، وفائدة للمصلّي بحصول ما مرّ له. ومن حصر الفائدة في الثاني.. إنما أراد بذلك تنبيه المصلّي، وحثّه على تحصيل الكمال المسبّب له عن صلاته، ولم يرد خلوّها عن فائدة تحصل له صلى الله عليه وسلم منها، ومن أراد ذلك- كما أومأ إليه كلام بعضهم-.. فقد شذّ وأبعد واستروح وتقوّل، وكيف! وهو صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث المشهور: «ثم سلوا الله لي الوسيلة؛ فإنها لا تكون إلا لعبد،   (1) في هامش (ج) : (البدع- بكسر الباء وسكون المهملة-: الأمر الذي يكون أولا، والغاية في كل شيء. ومعنى قوله: «فلا بدع أن تحصل له بصلاة أمته زيادات» أي: ليس بأمر أول من أموره صلى الله عليه وسلم حصول زيادات ذلك، هذا إذا كان بمعنى أمر أول، وإن كان بمعنى غاية.. كان المعنى: ليس بغاية أمره صلى الله عليه وسلم حصول زيادات، بل آخر أمره وغايته غير ذلك مما يليق بقدره) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 48 وأرجو أن أكون أنا هو ذلك العبد، فمن سأل لي الوسيلة.. حلّت له شفاعتي يوم القيامة» «1» . ثم رأيت ما سأذكره قريبا عن الغزالي، وناهيك به نفاسة وتحقيقا، وهو صريح فيما ذكرته، فتأمل آخره.. يظهر لك الصواب في ذلك. ويؤيّده أيضا قول بعضهم: الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم من العبد دعاء، ودعاء العبد إما بقضاء الله تعالى لحوائجه، أو بأن يثني على حبيبه، ويزيد في تشريفه وإشهار ذكره ورفعته، ولا شك أن الله تعالى يحب ذلك، وكذا رسوله، فالمصلّي عليه قد صرف سؤاله ورغبته إلى طلب محابّ الله تعالى ورسوله، وآثر ذلك على طلب حوائجه، فقد آثر الله ومحابّه على ما سواه، والجزاء من جنس العمل. قيل: ولم يتركه صلى الله عليه وسلم ربّه سبحانه وتعالى تحت منّة أمّته حتى عوّضهم منه بأمره بالصلاة عليهم بقوله جلّ وعلا: وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ. تنبيه: سئل ابن سيرين عن الدعاء بالمغفرة للميت الصغير- مع أنه لا ذنب له- فأجاب بأنه صلى الله عليه وسلم غفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر، وأمرنا بالصلاة عليه، وكأنه يشير إلى أن الدعاء بالمغفرة لا يستلزم وجود ذنب، بل قد يكون لزيادة درجات القرب «2» ، كما يشير إليه استغفاره صلى الله عليه وسلم في اليوم والليلة مئة مرّة، فاندفع قول بعضهم: يحتمل أن المراد بطلبها للطفل في قولهم في دعاء صلاة الجنازة: (اللهم اغفر لصغيرنا وكبيرنا) ..   (1) أخرجه مسلم (384) ، وابن حبان (1690) ، وأبو داود (523) ، والترمذي (3614) والنسائي (2/ 25) . (2) اعتمد هذا المؤلف رحمه الله تعالى في «التحفة» (3/ 137) حيث قال: (والطفل في ذلك- أي: في وجوب الدعاء له- كغيره؛ لأنه وإن قطع له بالجنة تزيد مرتبته فيها بالدعاء له، كالأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 49 تعليقها ببلوغه وفعله الذنب، أو طلبها لوالديه، أو لأحدهما، أو لمن ربّاه. فائدة: سئل الغزالي رحمه الله تعالى عن معنى صلاة الله تعالى على من صلى عليه صلى الله عليه وسلم في الحديث الآتي: «من صلى عليّ واحدة.. صلى الله عليه عشرا» «1» ، وعن صلاتنا عليه، وعن معنى استدعاء أمته الصلاة، أيرتاح بذلك، أم شفقة على الأمة؟ فأجاب: أما صلاة الله تعالى على نبيّه صلى الله عليه وسلم وعلى المصلين عليه: فمعناه إفاضة أنواع الكرامات، ولطائف النعم عليهم، وأما صلاتنا عليه وصلاة الملائكة في قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ.. فهو سؤال وابتهال في طلب تلك الكرامة، ورغبة في إفاضتها عليه. ثم قال: وأما استدعاؤه الصلاة من أمته.. فلثلاثة أمور: أحدها: أن الأدعية مؤثّرة في استدرار فضل الله تعالى ونعمته ورحمته سيّما في الجمع الكثير كعرفة والجمعة، فإن الهمم إذا اجتمعت وانصرفت إلى طلب ما في الإمكان وجوده على قرب كالمطر ودفع الوباء وغيره.. فاض ما في الإمكان من الفيض الحق بوسائط الرّوحانيات المسخرين لتدبير العالم الأسفل، المقيمين لتفقدهم، وإنما أثرّت الهمم لما بين الأرواح البشرية والرّوحانيات العالية من المناسبة الذاتية؛ فإن هذه الأرواح مجانسة لتلك الجواهر، وإنما يقطع مجانستها التدنس بكدورات الشهوات، ولذلك تكون همة القلوب الزكية الطاهرة أسرع تأثيرا، وتكون في حال التضرع والابتهال أنجح؛ لأن حرقة التضرّع تذيب كدورة الشهوات عن القلب في الحال، أو تضعفها وتكسر من ظلمتها، ولذلك قلّما يخطىء دعاء الجمع؛ إذ لا يخلو   (1) أخرجه مسلم (408) ، وابن حبان (906) ، وأبو داود (1530) ، والترمذي (485) ، والنسائي في «الكبرى» (1220) ، وأحمد (2/ 485) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 50 عن قلوب طاهرة، ثمّ يزيدها التعاون تأثيرا دائما، وإنما كان في يوم الجمعة وقت مبهم يستجاب فيه الدعاء؛ لأن اجتماع القلوب الصافية فيه في وقت واحد مبهم، لا يدرى متى يتفق، لكن الغالب أن اليوم لا يخلو عنه، وهو وقت النفحات التي يتعرض لها، وربما كان اجتماع الهمم يوم الجمعة عند الأسباب الجامعة كابتداء الخطبة وابتداء الصلاة وهو أولى، وإن كان الأولى عدم الجزم بتعيين وقت، ولذلك تتوقع النفحات في الأسحار لصفاء القلوب، فإذا كانت الأدعية مؤثرة في استجلاب مزايا الفضل، وكان ما وعد به صلى الله عليه وسلم من نحو الحوض والشفاعة وسائر المقامات المحمودة غير محدود على وجه لا تتصوّر الزيادة فيها.. كان استمداده من الأدعية استزادة لتلك الكرامات. الأمر الثاني: ارتياحه به كما قال صلى الله عليه وسلم: «إني أباهي بكم الأمم» «1» كما يرتاح العالم في مدة الحياة بكثرة تلامذته، وكثرة ثنائهم وثباتهم، ودعائهم الدالّ على رشدهم، وعلى كمال تأثير إرشاده فيهم، وعلى كمال محبتهم له؛ بسبب إرشاده إياهم، فكذلك الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين يرتاحون. ولا يبعد أن يكون لهم جزء في الدعاء والصلاة، مع سقوط الحواس الخمس، فليس الإدراك محصورا فيها، بل في القلب باب مفتوح في الباطن إلى الملكوت «2» ، تغلقه الشواغل والشهوات، وربما يفتحه الندم الدافع لهما حتى يطلعه على الغيب، بل على أحوال الموتى حتى يعرف ما يفعل الله بهم من عقوبة أو رحمة، فإذا لم يبعد أن تحصل لنا معرفة بأحوالهم مع انغماسنا في هذا العالم المظلم.. لم يبعد أن تحصل لهم معرفة بمجاري أحوالنا، مع أنهم في عالم القدس والصفاء ودار الحيوان، ولاطلاع النائم على أحوال الموتى،   (1) أخرجه الديلمي في «الفردوس» (2663) ، وعبد الرزاق (10391) . (2) الملكوت: عالم الغيب المختصّ بأرواح النفوس. الملك: عالم الشهادة من المحسوسات الطبيعية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 51 واطلاعهم على أحوال الناس [ما] يطول ذكره، ولكن أصله أن في الموجودات الرّوحانيات موجودا، جميع تفاصيل الأمور الجزئية مما كان وسيكون منقوشة فيه، لا نقشا يدرك بالحس الظاهر، بل كنقش القرآن في دماغ المقرىء، ويعبّر عن ذلك باللّوح المحفوظ أو الكتاب، ويستعد قلب النائم بسبب النوم لمطالعته ذلك اللّوح، فيتجلّى له من الأمور المستقبلة، وأحوال الموتى شيء خاصّ؛ بسبب حصول استعداده، ومناسبة لا يوقف عليها بالقوة البشرية. الأمر الثالث: الشفقة على الأمة بتحريضهم على ما هو حسنة في حقهم وقربة لهم، بل الصلاة ليست حسنة واحدة، بل قربات؛ إذ فيها تجديد الإيمان بالله تعالى أولا، ثم برسوله صلى الله عليه وسلم ثانيا، ثم بتعظيمه ثالثا، ثم بالعناية بطلب الكرامات له رابعا، ثم بتجديد الإيمان باليوم الآخر وأنواع كراماته خامسا، ثم بذكر آله سادسا، ثم عند ذكر الصالحين تنزل الرحمة، ثم بتعظيم الله بسبب نسبته إليه تعالى سابعا، ثم بإظهار المودة لهم ثامنا، ولم يسأل صلى الله عليه وسلم من أمته أجرا.. إلّا المودة في القربى، ثم بالابتهال والتضرّع في الدعاء تاسعا، والدعاء مخّ العبادة، ثم بالاعتراف- عاشرا- بأن الأمر كله إليه، وإنما النبي صلى الله عليه وسلم وإن جلّ قدره فهو عبد محتاج إلى فضله ورحمته تعالى، وإلى مدد الله تعالى له، وأنه ليس له من الأمر شيء، وأن الله عز وجل لو أراد أن يهلك المسيح ابن مريم وأمّه، والأنبياء ومن في الأرض جميعا، ويحرمهم من فضله ورحمته.. فلن يملك لهم أحد من الله شيئا. فهذه عشر حسنات سوى ما ورد الشّرع الشريف به من أن الحسنة الواحدة بعشر أمثالها، والسيئة بمثلها فقط. وسرّه أيضا: أن الجوهر الإنسانيّ بطبعه حنّان إلى ذلك العالم العلوي؛ لأنه مقتبس منه، وهبوطه إلى العالم الجسماني غريب عن طبيعته، والسيئة تضبطه عن الرّقيّ إلى ذلك العالم على خلاف طبعه، والحسنة ترقّيه إلى موافقة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 52 الطبع، والقوة التي تحرك الحجر إلى فوق ذراعا واحدا هي بعينها إن استعملت في تحريكه إلى أسفل.. حرّكته عشرة أذرع وزيادة؛ فلذلك كانت الحسنة بعشر أمثالها إلى سبع مئة ضعف، ومنها أنه يوفّى أجره بغير حساب، وهي الحسنة التي لا يدافع تأثيرها، كحجر إن هوى من شاهق لا يصادمه دافع، فإنه لا يتقدّر مقدار هويّه بحساب حتى يبلغ الغاية والنهاية، والله أعلم. [الفائدة] الخامسة : عبّر بالجملة الاسمية المفيدة للدوام والاستمرار؛ لتدل على دوام صلاة الله تعالى وملائكته على نبيّه صلى الله عليه وسلم، وهذه مرتبة عليّة باهرة لم توجد لغيره صلى الله عليه وسلم وإن وجد أصل الصلاة لإبراهيم عليه السلام وآله، كما يفيده حديث التشهد الرادّ على من زعم أنه ليس في القرآن ولا في غيره- فيما علم- صلاة من الله على غير نبينا صلى الله عليه وسلم، وفي ذلك تلويح أيّ تلويح، وإرشاد أتمّ إرشاد للمؤمنين بأنهم ينبغي لهم إدامة الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم؛ تأسّيا بالله وملائكته في ذلك. وكما أفادت الجملة الدّوام لكونها اسمية.. كذلك تفيد التجدّد؛ نظرا لخبرها، كما قالوا: حكمة العدول عن (الله مستهزىء بهم) إلى يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ: قصد استمرار الاستهزاء، وتجدّده وقتا فوقتا. وهذا أتم وأجمع من تشريف الله تعالى لآدم صلّى الله على نبينا وعليه وسلّم بأمر الملائكة بالسجود له لاختصاصه بالملائكة، والصلاة شاركهم تعالى فيها، والتشريف الصادر عنه تعالى أبلغ مما يختص به الملائكة. وأيضا: فسجودهم لآدم كان تأديبا، وأمرهم بالصلاة على نبينا صلى الله عليه وسلم كان توقيرا وتعظيما. وأيضا: فذاك وقع مرة وانقطع، وهذا دائم إلى يوم القيامة. وأيضا: فأمرهم بالسجود لآدم إنما هو لأجل ما كان بجبهته من نور محمد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 53 صلى الله عليه وسلم، قاله الرازي «1» . وعدّيت الصلاة هنا ب (على) مع أنها تعدّى لغة ب (اللّام) للخير وب (على) للشر؛ لأنها ضمّنت معنى الإنزال؛ أي: ينزل عليه رحمته، أو اللهم أنزل عليه رحمتك، أو معنى الاستعطاف؛ أي: يعطف عليه رحمته، أو اللهم اعطف عليه رحمتك، ورجّح هذا لما بين الصلاة والعطف من المناسبة، بخلافها مع الإنزال. تنبيه: حكى الإمام أبو بكر بن فورك: (أن المراد بالصلاة في خبر «وجعلت قرّة عيني في الصلاة» «2» : صلاة الله عز وجل عليه وملائكته، وأمره الأمة بذلك إلى يوم القيامة؛ لأنه تعالى لما قطع حكمه بالصلاة عليه، وأخبر عن ملائكته بمثله.. تحقّق صلى الله عليه وسلم ذلك، فاعتمده وقرّت عينه فيها بالقطع بما له عند الله تعالى من تمام الرحمة وكمال النعمة. وعبّر بالجعل ليدلّنا أنه فعل به، لا أنه بنفسه مدّع فيه، أو ناظر إليه من حيث هو، فلا يعجب به، ولا يعدل عنه. وكما أنه حبّب إليه من الدنيا ما حرس فيه.. كذلك جعل ثمّ قرّة عينه فيما عظّم به؛ ليكون في ظاهر الدنيا والدين جميعا محروسا محفوظا منظورا إليه مكلوآ محوطا «3» صلى الله عليه وسلم) اهـ ملخّصا وهذا وإن احتمل، لكن الأصحّ: أن المراد الصلاة المعهودة ذات الأركان، لما فيها من المناجاة، وكشف المعارج، وشرح الصدر. وعبّر بالنبيّ دون اسمه على خلاف الغالب في حكايته تعالى عن أنبيائه؛   (1) التفسير الكبير (6/ 200) . (2) أخرجه النسائي (1/ 61) ، وأحمد (3/ 285) ، وأبو يعلى (3530) . (3) في هامش (ج) : (محروسا: مرعيا بجند الله، منظورا: مهابا، محوطا: مصونا) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 54 إشعارا بما اختصّ به صلى الله عليه وسلم من مزيد الفخامة «1» والكرامة وعلوّ القدر، كما أشير لذلك أيضا بقوله تعالى: إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ ثم أكّد ذلك الإشعار ب (أل) التي هي للصلة «2» ؛ إشارة إلى أنه صلى الله عليه وسلم المعروف الحقيق بهذا الوصف، المقدّم به على سائر الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين. وفيه الهمز من النّبأ؛ أي: الخبر، فهو فعيل بمعنى فاعل أو مفعول؛ لأنه مخبر ومخبر عن الله عز وجل. وتركه من النّبوة وهي المكان المرتفع، لا الرفعة- خلافا لمن زعمه كالزّمخشريّ ومن تبعه، كما حقّقه صاحب «القاموس» - سمّي به لارتفاع مكانته عند ربّه تعالى، وبهما قرىء في السبع، وقرأ نافع بالهمز في جميع القرآن إلا في موضعين: إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ، لكن قال سيبويه: الهمز رديء لقلة استعماله، لا لمخالفته القياس، ويؤيّده أن أعرابيا قال له صلى الله عليه وسلم: يا نبيء الله- بالهمز- فقال صلى الله عليه وسلم: «لست بنبيء الله، ولكن نبيّ الله» «3» ، وفي رواية «المستدرك» للحاكم: «لا يغيّر اسمي» ، أي: لإيهامه خلاف المراد، وهو أنه أخرج من مكة إلى المدينة، من قولهم: نبأت من أرض إلى أرض إذا أخرجت منها إليها، ويؤيّد ذلك ما في رواية أنه لما أنكر عليه.. قال له: «إنا معشر قريش لا ننبر» «4» ، وأشار الزمخشريّ إلى أن سبب النهي أن عدم الهمزة يستلزم الرّفعة بخلاف الهمز؛ إذ ليس كل منبأ رفيع المحل، والأظهر الأول «5» .   (1) في هامش (ج) : (الفخامة: عظم القدر) . (2) أي: (أل) التي هي اسم موصول، وهي التي تدخل على أسماء الفاعلين والمفعولين. (3) أخرجه الحاكم (2/ 231) ، والديلمي في «الفردوس» (5284) . (4) النبر في الكلام: الهمز، نبرت الحرف أي: همزته. (5) قال المؤلف رحمه الله تعالى في كتابه «المنح المكية في شرح الهمزية» : (ونهيه- الجزء: 1 ¦ الصفحة: 55 [الرسول أخصّ مطلقا من النبيّ] والرسول أخصّ مطلقا من النبيّ؛ إذ هو: من أوحي إليه بشرع، لا مطلقا- فلا تدخل أمّ موسى ومريم عليهما السلام- ولم يؤمر بتبليغه، فإن أمر به.. فرسول، سواء أكان له كتاب، أو نسخ لبعض شرع من قبله، أو لا كيوشع، هذا هو المشهور. [قول ابن عبد السلام: النبوّة أفضل من الرسالة] واختار ابن عبد السلام: (أن نبوّة الرسول أفضل من رسالته؛ لأن النبوة متعلقة بالحقّ من طرفيها، إذ هي إخبار عما يستحقه الربّ تعالى من صفات الجلال ونعوت الكمال، فهي راجعة إلى التعريف بالإله وما يجب له، والرسالة متعلقة بالحق من طرف، وبالخلق من طرف، وما تعلق بالحق من طرفيه أفضل، وأيضا فالنبوة متقدّمة) «1» والجمهور على خلافه. ويردّ ما احتج به بأن الرسالة متضمنة لطرفي النبوة؛ لاندراجها فيها اندراج الأعم في الأخص؛ فهي مشتملة عليها مع زيادة وصف الرسالة، وعلى فرض التغاير، فوصف الرسالة فيه الإقبال بالناس على الحق، وتعريفهم إيّاه، والنبوة قاصرة عن ذلك، فكانت الرسالة أفضل على كل تقدير، وتقدّم النبوة لكونها وسيلة.. لا يقتضي أفضليتها، بل مفضوليتها «2» . [ بلاغة قوله تعالى: وملائكته ] وعبّر ب (ملائكته) دون الملائكة؛ إشارة إلى عظيم قدرهم، ومزيد شرفهم بإضافتهم إليه تعالى، وذلك مستلزم لتعظيمه صلى الله عليه وسلم بما   صلى الله عليه وسلم عن المهموز بقوله: «لا تقولوا: يا نبيء الله» أي: بالهمز «بل قولوا: يا نبي الله» أي: بلا همز؛ لأنه قد يرد بمعنى الضرير، فخشي صلى الله عليه وسلم في الابتداء سبق هذا المعنى إلى بعض الأذهان، فنهاهم عنه، فلما قوي الإسلام وتواترت به القراءة.. نسخ النهي عنه؛ لزوال سببه) . (1) القواعد الكبرى (2/ 386) . (2) قال المؤلف رحمه الله تعالى في «التحفة» (1/ 26) : (وهو- أي: الرسول- أفضل من النبي إجماعا؛ لتميّزه بالرسالة التي على الأصح- خلافا لابن عبد السلام- أفضل من النبوة فيه، وزعم تعلقها بالحقّ.. يردّه أن الرسالة فيها ذلك مع التعلق بالخلق، فهو زيادة كمال فيها) قال الإمام الشرواني: (والكلام في نبوة رسول ورسالته، وإلا.. فالرسول أفضل من النبي قطعا) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 56 يصل إليه منهم؛ فإن العظيم لا يصدر عنه إلا عظيم. ثم فيه التنبيه على كثرتهم، وأن الصلاة من هذا الجمع الكثير الذي لا يحيط بمنتهاه غير خالقه وبارئه.. واصلة إليه صلى الله عليه وسلم على ممرّ الأيام والدهور، مع تجددها من سائر أفرادهم عليه كل وقت وحين، وهذا أبلغ تعظيم وأنهاه، وأشمله وأكمله وأزكاه. وقد ورد في كثرتهم ما يبهر العقل ويفوق الحصر، ومنه حديث الطبري: «إن لكل آدمي عشرة منهم موكلون به ليلا، وعشرة نهارا» . وصحّ: «إن الله عز وجل جزّأ الخلق عشرة أجزاء، فجعل الملائكة تسعة أجزاء، وجزآ سائر الخلق ... » الحديث «1» . وفي حديث المعراج المتفق على صحته: «إن البيت المعمور يصلّي فيه كل يوم سبعون ألف ملك، إذا خرجوا.. لم يعودوا إليه آخر ما عليهم» «2» . وفي حديث الترمذي وغيره: «أطّت السماء وحقّ لها أن تئطّ «3» ، ما فيها موضع أربع أصابع.. إلا وعليه ملك واضع جبهته ساجدا» «4» ، زاد الطبراني والطبري في حديثيهما: «ما في السماوات السبع موضع قدم ولا شبر ولا كفّ.. إلا وفيه ملك قائم أو راكع أو ساجد» «5» . وروى ابن المبارك، وإسماعيل القاضي، وابن بشكوال، والبيهقي، والدارمي عن كعب أنه قال: «ما من يوم وليلة.. إلا وينزل عند الفجر سبعون   (1) أخرجه الحاكم (4/ 490) . (2) صحيح البخاري (3207) ، صحيح مسلم (162) . (3) الأطيط: الصوت؛ أي: أن كثرة ما فيها من الملائكة قد أثقلتها حتى أطّت، وهذا مثل وإيذان بكثرة الملائكة، وإن لم يكن ثمّ أطيط، وإنما هو كلام تقريب أريد به تقرير عظمة الله تعالى. (4) أخرجه الحاكم (2/ 510) ، والترمذي (2312) ، وابن ماجه (4190) وأحمد (5/ 173) . (5) الطبراني في «الأوسط» (3592) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 57 ألفا يحفون بقبره صلى الله عليه وسلم، ويصلون عليه إلى الليل، ثم ينزل سبعون ألفا إلى الفجر، وهكذا حتى يقوم من قبره صلى الله عليه وسلم في سبعين ألفا يزفونه» «1» ، وفي لفظ: «يوقرونه» «2» . فتأمل هذه الخصّيصة التي اختص بها نبينا صلى الله عليه وسلم من بين سائر الخلق، وهي إدامة تتابع صلوات الملائكة، مع ما هم به من الكثرة البالغة الباهرة عليه كل وقت.. تعلم أن صلوات الأمة عليه صلى الله عليه وسلم بالنسبة لذلك قليل من كثير. [بلاغة قوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا] وعبّر ب (الَّذِينَ آمَنُوا) دون الناس الشامل للكفار؛ إشارة إلى أن الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم من أجلّ الوسائل وأنفعها، والكافر لا وسيلة له، فلم يؤت بلفظ يشمله. [ الكفار مخاطبون بالفروع المجمع عليها ] فإن قلت: هو مخاطب بالفروع على الصحيح، قلت: هو ذلك بالنسبة لعقابه عليها في الآخرة فحسب، على أن محل تكليفه بها حيث أجمع عليها، كما بينته في «شرح الإرشاد» «3» وغيره، ومن ثمّ استثني من مخاطبتهم بها معاملتهم الفاسدة المقبوضة، وأنكحتهم الفاسدة، وعدم الحدّ في شرب الخمر. قال الحليمي: (أمر الله تعالى عباده بها بعد إخبارهم أن الملائكة يصلون؛ لتنبيههم بأن الملائكة مع انفكاكهم عن التقيد بشريعته.. يتقرّبون إلى الله تعالى بالصلاة والتسليم عليه، فنحن أولى وأحقّ وأحرى وأخلق) اهـ «4» [ أنه صلى الله عليه وسلم مرسل للخلق عامة ] وزعمه عدم إرساله إليهم مبنيّ على رأيه الذي وافق فيه المعتزلة: أنهم أفضل من الأنبياء مطلقا، والذي عليه محققو أهل السنة: أن خواصّنا وهم   (1) فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم (ص 102) ، شعب الإيمان (4170) ، سنن الدارمي (94) . (2) أخرجه ابن بشكوال في «القربة» (123) . (3) فتح الجواد (1/ 97) . (4) شعب الإيمان (2/ 131) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 58 الأنبياء أفضل منهم مطلقا، وعوامّنا وهم الصلحاء كأبي بكر وعمر رضي الله عنهما أفضل من عوامهم، وخواصّهم كجبريل أفضل من عوامّنا. نعم؛ تبع الحليميّ على عدم إرساله إليهم جمع، منهم الفخر الرازي، بل نقل الإجماع على ذلك، وتبعه النّسفي، وليس كما زعما؛ إذ لا إجماع في ذلك، على أن عبارة الفخر: (أجمعنا) ، وهي تقال لإجماع الخصمين، فليس في كلامه تصريح بإجماع الأمة «1» ، ومن ثمّ اختار المحققون أنه مرسل إليهم؛ ويدل له خبر مسلم: «وأرسلت إلى الخلق كافة» «2» بل أخذ منه البارزي أنه مرسل حتى إلى الجمادات والحيوانات بأن ركّب فيها إدراك حتى آمنت به صلى الله عليه وسلم؛ إعلانا بعظيم شرفه، ومزيد خصوصيته. [ الأنبياء أفضل من الملائكة والأدلة على ذلك ] قال الفخر الرازي: (وقع الإجماع على أن أفضل النوع الإنساني نبيّنا محمد صلى الله عليه وسلم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم «أنا سيد ولد آدم ولا فخر» «3» ، واستثنوه من الخلاف في التفضيل بين الملك والبشر، والبشر أفضل من الجن اتفاقا) اهـ وما ذكره من استثنائه ينازعه فيه كلام الزمخشري؛ فإنه من المعتزلة وهو قائل بأفضلية الملك عليه. ووجه الدليل في الخبر الذي ذكره: أنه إذا فضل جميع أولاد آدم، ومنهم من هو أفضل من آدم اتفاقا.. فأولى أن يفضل آدم، ويدل له أيضا: «آدم فمن دونه تحت لوائي» «4» .   (1) في هامش (ج) : (قوله: «وهي تقال لإجماع الخصمين» يعني: كلمة «أجمعنا» تقال، ويعبر بها إذا اتفق الخصمان من بعض الأمة، وكلمة «أجمعوا» أو «إجماع» إذا اتفقت أمته صلى الله عليه وسلم، ومراد الفخر: أن الخصمين المتقاولين اتفقا، لا أن الأمة جميعها اتفقت؛ لأن الفخر لما اتفق مع الحليمي على هذا القول.. قال: أجمعنا) . (2) صحيح مسلم (523) . (3) أخرجه الحاكم (2/ 605) ، وابن حبان (6242) ، وابن ماجه (4308) . (4) أخرجه أحمد (1/ 281) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 59 وبيّن بعضهم ذلك بوجه آخر هو: أنه تعالى بعد أن ذكر الأنبياء المشهور كل منهم بخصلة معينة من خصال الشرف.. أمره أن يقتدي بجميعهم بقوله عز قائلا: فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ، ومحال أن يقصر عن عدم امتثال ذلك، ويلزم من امتثاله جمعه لجميع ما تفرق فيهم من صفات الكمال، فيكون أفضل منهم بنص هذه الآية. ولمسألة التفضيل بين الملك والبشر تتمّات ذكرتها أول «شرح الأربعين حديثا» التي جمعها الإمام النووي قدّس الله روحه، ونور ضريحه، آمين «1» . واحتج بعضهم لأفضلية الملك على البشر بهذه الآية، زاعما أن تقديم الملائكة عليه صلى الله عليه وسلم في الذّكر يقتضي تقديمهم في الأفضلية، وليس كما زعم. أمّا أولا: ف (الواو) لا تفيد ترتيبا، والتقديم الذّكري ليس نصّا في ذلك، لكنه ظاهر فيه، إلا أن يقوم دليل على خلافه، وهنا قامت الأدلة على تفضيل نبينا صلى الله عليه وسلم، بل سائر الأنبياء على الملائكة: منها: قوله تعالى بعد ذكر جمع من الأنبياء: وَكلًّا فَضَّلْنا عَلَى الْعالَمِينَ، والملائكة من جملة العالمين. وقوله: أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ. جَزاؤُهُمْ إلخ، والبرية: الخليقة، والملائكة من جملتهم، والَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لا يشملون الملائكة بقرينة قوله: جَزاؤُهُمْ والملائكة لا يجازون، بل منهم خدم لأهل الجنة، والموكلون بجهنم وغيرهم، وأيضا فلفظ: الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مخصوص شرعا- كما قاله ابن عبد السلام- بمن آمن من البشر، فلا تندرج فيه الملائكة بعرف الاستعمال. وقوله تعالى: وَسَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ وهذا يشملهم، ولا شك أن المسخّر له مقصود بالذات، وغيره بالعرض.   (1) فتح المبين لشرح الأربعين (ص 20) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 60 ومنها: اختصاص الأنبياء بأنهم الذين قامت بهم حجة الله على خلقه ، وبأن آدم منهم سجد له الملائكة، والمسجود له أفضل من الساجد. ومنها: أن للبشر طاعات لم يثبت مثلها للملائكة كالجهاد والغزو، ومخالفة الهوى، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والصبر على البلايا والمحن. ومنها: أن طاعات البشر أكمل ؛ لأن الله تعالى كلفهم بها مع وجود صوارف عنها قائمة بهم وخارجة عنهم، ولا شك أن فعل الشيء مع مشقته ووجود الصارف عنه.. أبلغ في الطاعة والإذعان من فعله مع عدم ذلك؛ إذ لا امتحان فيه بوجه. لا يقال: جعلت صلواتهم كالتشريف له صلى الله عليه وسلم، وذلك يدل على أفضليتهم عليه؛ لأنا نقول: يبطل ذلك أمر المؤمنين بالصلاة عليه أيضا؛ بل ربما يعكس ذلك، ويقال: جعلت صلواتهم قربة منهم إليه، وهذا صريح في أفضليته عليهم. واحتج كثيرون لأفضليتهم بقوله تعالى: وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا لأن اشتغالهم بالاستغفار لغيرهم دالّ على استغنائهم عن الاستغفار لأنفسهم، وإلا لبدؤوا بأنفسهم لخبر: «ابدأ بنفسك» «1» ، والأنبياء محتاجون للاستغفار، قال تعالى: وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ. ولك ردّه بمنع دلالته على ذلك الاستغناء؛ لأن عدم الإخبار عنهم به لأنفسهم لا يدل على عدم وقوعه منهم، ولو سلمناه.. فالاشتغال به يحتمل أنه لإيثارهم المرتبة العليا، وهي النفع المتعدي الأفضل غالبا من النفع القاصر، فدعاؤهم لغيرهم متعدّ، ولأنفسهم نفع قاصر، وليس لعصمتهم؛ فإن الأنبياء معصومون مع أنهم مأمورون به؛ لأنه لا يستلزم ذنبا، بل قد يكون في حقهم للترقي في درجات القرب، والمراد بالذنب في وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ: مخالفة   (1) أخرجه ابن أبي شيبة (7/ 33) عن ابن عمر رضي الله عنهما موقوفا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 61 الأولى والأفضل الصادرة منه صلى الله عليه وسلم في نادر من الأحيان لاجتهاد ظهر له، فأمر بتدارك ذلك بالاستغفار منه؛ حتى يترقى إلى ما لا يصل إليه غيره من درجات الكمال، ونهايات الإجلال. على أنه قيل: إن استغفارهم للبشر كالعذر لمّا طعنوا فيهم بقولهم: أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ أي: فبان خلاف ما ظنوه، ولا سيّما «1» لما تميز عليهم آدم بمرتبة الخلافة الكبرى، والعلم المحيط بسائر الأسماء ومسمياتها، المقتضي لخضوعهم له، ودخولهم تحت تلمذته وتبعيّته، حتى علّمهم وأنبأهم من تلك العلوم بما بهرهم واستصغرهم، حتى أمروا بالسجود له، وهذه شواهد لأفضليته وتميّزه عنهم. وقيّد الإمام الخلاف في الملائكة بالسماوية، وظاهر كلام غيره أنه لا فرق. نعم؛ قال ابن عبد السلام: (محل الخلاف في أرواح الأنبياء والملائكة، أما أجساد الملائكة.. فهي لكونها خلقت من نور أفضل) «2» ، ويؤيده قول ابن المنيّر «3» : (مذهب أهل السنة: أن الرسول أفضل من الملك باعتبار الرسالة، لا باعتبار عموم الأوصاف البشرية، ولو كانت البشرية بمجردها أفضل من الملائكة.. لكان كل بشر أفضل من الملائكة، معاذ الله تعالى) اهـ   (1) فائدة: قال ابن هشام في «مغني اللبيب» [1/ 186] : (ولا سيّما: تشديد يائه، ودخول «لا» عليه، ودخول الواو على «لا» .. واجب، قال ثعلب: من استعمله على خلاف ذلك.. فهو مخطىء) . قال الرضي في «شرح الكافية» (2/ 136) : (وتصرّف في هذه اللفظة تصرفات كثيرة لكثرة استعمالها، فقيل: «سيّما» و «لا سيما» بتخفيف الياء مع وجود «لا» وحذفها) وبقول الرضي رحمه الله تعالى يخرّج استعمال الفقهاء رحمهم الله تعالى ل (سيّما) غير مقترنة ب (الواو) ولا ب (لا) . (2) القواعد الكبرى (2/ 377) . (3) في (أ) : (ابن المنذر) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 62 نعم؛ ما اقتضاه كلامه من قصر المفاضلة على الرسول دون النبي.. غير مراد. وقال الشيخ عز الدين: (لا يفضّل الملائكة إلا هجّام بنى التفضيل على حالات توهمها، ولا شك أن القليل من أعمال الأعرف خير من الكثير من أعمال العارف، قال: وليس لأحد أن يفضّل أحدا على أحد، ولا أن يسوّي أحدا بأحد حتى يقف على أوصاف التفضيل والتساوي) اهـ «1» هذا، وبقي في المسألة أقوال أخر، أحدها مذهب المعتزلة: أن الملائكة أفضل مطلقا، ووافقهم أئمة من أهل السنة كالباقلّاني، والأستاذ أبي إسحاق، وأبي عبد الله الحاكم، والحليمي، والرازي في «المعالم» ، وأبي شامة، ولمّا روى البيهقي في «الشعب» أحاديث المفاضلة.. قال: (ولكلّ دليل ووجه، والأمر فيه سهل، وليس فيه من الفائدة إلا معرفة الشيء على ما هو عليه) اهـ «2» واستفيد منه: أن ذلك لا يجب اعتقاده، لكن قضيّة كلام التاج السبكي وجوبه، ويؤيد الأول قول صاحب «التعريف» : (مذهبهم السكوت عن التفاضل، وقالوا: الفضل لمن فضّله الله تعالى، ليس بجوهر ولا عمل، ولم يروا أحد الأمرين أوجب من الآخر بخبر ولا عقل، وليست المسألة مما كلفنا الله تعالى بمعرفة الحكم فيها، فلنفوّض إلى الله تعالى، ونعتقد أن الفضل لمن فضّله الله تعالى) اهـ وقال الإمام أبو المظفر الإسفراييني: (اتفقوا على أن عصاة المؤمنين دون الأنبياء والملائكة، واختلفوا في المفاضلة بين المطيعين والملائكة على قولين) ، قال ابن يونس في «مختصر الأصول» بعد ذكر القولين: (وقال الأكثرون منا: المؤمن الطائع أفضل من الملائكة) ، والمعتمد من هذا   (1) القواعد الكبرى (2/ 379) . (2) شعب الإيمان (1/ 182) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 63 الخلاف ما قدمته أولا عن محققي أهل السنة من التفصيل. وناداهم ب (يا) إشارة إلى تنزيل القريب الغافل منهم منزلة البعيد، وأما قول العبد: (يا الله) مع أنه أقرب إليه من حبل الوريد.. فهو لاستصغاره نفسه، استبعادا لها عن مظان القرب؛ لما سبق من التفريط في جنب الله تعالى. و (أي) وصلة لنداء ما فيه (أل) ، والاسم التابع له صفة دائما؛ لأن (أيا) لا يستقل بنفسه، وفيه تدريج من الإبهام إلى التوضيح لضرب من التأكيد، ولأنه أوقع في النفس. وفصل بينهما ب (ها) التي للتنبيه؛ معاضدة لحرف النداء، وتأكيدا لمعناه، وعوضا عما تستحقه (أي) من الإضافة، ولاستقلال هذه الصيغة بأوجه من التوكيد كما تقرر كثرت في القرآن؛ لأن كل ما نادى الله سبحانه وتعالى به عباده من نحو أمر أو نهي أو وعد أو وعيد.. أمور عظام، وخطوب جسام، ويبعد الميل والتفطن إليها مع غفلتهم عنها، فاقتضى الحال نداءهم على الوجه الأبلغ، ليحملهم على الانقياد لما قصد منهم. واعلم: أن للأصوليين في دخوله صلى الله عليه وسلم في نحو هذه الصيغة أقوالا: عدمه مطلقا، وهو شاذ. ودخوله مطلقا، وهو الأصح. [بلاغة قوله تعالى يا أَيُّهَا] والدخول إلا فيما صدّر بأمره بالتبليغ نحو قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ، وتوقف بعضهم في دخوله هنا من حيث إن قرينة سياق: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إلى هنا ظاهرة في اختصاص هذا الحكم بالمؤمنين دونه، وفيه نظر؛ لأن ما قبل هذه الآية صريح في اختصاصه بالمؤمنين، وأما هي.. فلا قرينة فيها على الاختصاص، مع صحة تناول الأمر له صلى الله عليه وسلم، لما يأتي أنه كغيره في وجوب الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم في الصلاة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 64 [اختلاف الأصوليين في دخوله ص في صيغة: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ونحوها] واختلفوا أيضا في تناول هذه الصيغة للإناث، وجمهور الأصوليين على عدم دخولهن، ونص عليه الشافعي رضي الله تعالى عنه، ومن انتقد بأنه يلزم عليه ألا يشاركن الذكور في ذلك الحكم.. فقد أبعد؛ لأنا نلتزم ذلك، ونقول: لم تستفد المشاركة إلا من خارج كإجماع أو قياس جليّ؛ أي: أنه لا فارق إلا الذكورة والأنوثة، ولا معنى لها في نحو ما نحن فيه، بخلاف الجهاد ونحوه. [الفائدة] السادسة: [في حكم الصلاة عليه ص] استفيد من قوله تعالى: صَلُّوا عَلَيْهِ أنّا مأمورون بالصلاة عليه، وقد اختلف العلماء في ذلك على عشرة أقوال: 1- مستحبة، وزعم ابن جرير الإجماع عليه.. مردود، ويتعين حمل هذا القول على ما زاد على المرة؛ لقول القرطبي المفسر: (لا خلاف في وجوبها في العمر مرة) «1» . 2- واجبة في الجملة بغير حصر، وأقل ما يحصل به الإجزاء مرة في العمر، وزعم بعض المالكية الإجماع عليه، ولا دليل له في قول ابن عبد البر: (أجمع العلماء على أنها فرض على كل مؤمن بهذه الآية) . 3- واجبة مرة في العمر ككلمة التوحيد؛ لأن الأمر مطلق لا يقتضي تكرارا، والماهية تحصل بمرة، وعليه جمهور الأمة، منهم أبو حنيفة ومالك وغيرهما. 4- واجبة في التشهد. 5- واجبة في مطلق الصلاة، وتفرد بعض الحنابلة بتعين دعاء الافتتاح لها. 6- يجب الإكثار منها من غير تعيين بعدد. 7- تجب في كل مجلس مرة، وإن تكرر ذكره مرارا.   (1) تفسير القرطبي (14/ 232) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 65 8- تجب في كل دعاء. 9- تجب كلما ذكر، وبه قال جمع من الحنفية، منهم الطحاوي، وعبارته: (تجب كلما سمع ذكره من غيره، أو ذكره بنفسه) ، وجمع من الشافعية، رضي الله تعالى عنهم، منهم الأئمة المجتهدون: الحليمي، والأستاذ أبو إسحاق الإسفراييني، والشيخ أبو حامد الإسفراييني، وجمع من المالكية، منهم: الطّرطوشي «1» ، وابن العربي، والفاكهاني، وبعض الحنابلة، وقيل: وهو مبني على القول الضعيف في الأصول: إن الأمر المطلق يفيد التكرار، وليس كذلك، بل له أدلة أخرى كالأحاديث الآتية التي فيها الدعاء بالرغم والإبعاد والشقاء، والوصف بالبخل والجفاء «2» ، وغير ذلك مما يقتضي الوعيد، وهو على الترك من علامات الوجوب. واعترض هذا القول كثيرون بأنه مخالف للإجماع المنعقد قبل قائله؛ إذ لم يعرف عن صحابي ولا تابعي. وبأنه يلزم على عمومه ألا يتفرغ السامع لعبادة أخرى. وأنها تجب على المؤذن، وسامعه، والقارىء المارّ بذكره، والمتلفظ بكلمتي الشهادة، وفيه من الحرج ما جاءت الشريعة السمحة بخلافه. وبأنّ الثناء على الله تعالى كلما ذكر أحق بالوجوب، ولم يقولوا به. وبأنه لا يحفظ عن صحابي أنه قال: يا رسول الله صلى الله عليك. وبأن تلك الأحاديث المحتج بها للوجوب خرجت مخرج المبالغة في تأكيد   (1) في هامش (ج) : (بضم الطاءين وبالشين نسبة إلى طرطوشة مدينة بالأندلس) . (2) في هامش (ج) : (معنى الحديث الوارد بلفظ «رغم أنف من لم يصل عليّ» : ذل، وبلفظ «أبعده الله» : نحّاه عن الخير ولعنه، وبلفظ «أشقاه» : عالجه في حرب ونحوه من الشدائد، وبلفظ «شقي» : وقع في شدة وعسرة، وبلفظ «جفاني» : لم يلزم مكاني؛ أي: تخلف عن حقي وما أستحقه، وبلفظ «بخيل» أي: لئيم؛ أي: موصوف بالمذمة، ومعنى «رغم أنف» : لصق بالرّغام، وهو التراب، أي: أذله الله حتى يصير كالذي يلصق أنفه بالتراب لذله وحقارته) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 66 ذلك وطلبه، وفي حق من اعتاد ترك الصلاة ديدنا. ويمكن الانتصال عن جميع ذلك «1» : أما الأول: فلأن القائلين بالوجوب من أئمة النقل، فكيف يسعهم خرق الإجماع؟! على أنه لا يكفي في الرد عليهم كونه لم يحفظ عن صحابي أو تابعي، وإنما يتم الرد إن حفظ إجماع مصرّح بعدم الوجوب كذلك، وأنّى بذلك؟!. وأما الثاني: فممنوع، بل يمكن التفرغ لعبادات أخر. وأما الثالث: فللقائلين بالوجوب التزامه، وليس فيه كبير حرج. وأما الرابع: فلأن جمعا صرحوا بالوجوب في حقه تعالى أيضا. وأما الخامس: فلأنه ورد في عدة طرق عن عدة من الصحابة رضي الله تعالى عنهم: أنهم لمّا قالوا: يا رسول الله.. قالوا صلى الله عليك. وأما السادس: فلأن حمل الأحاديث على ما ذكر لا يكفي إلا مع بيان سنده، ولم يبينوه. ثم القائلون بالوجوب كلما ذكر.. أكثرهم على أن ذلك فرض عين على كل فرد فرد، وبعضهم على أنه فرض كفاية. واختلفوا أيضا هل يتكرّر الوجوب بتكرّر ذكره صلى الله عليه وسلم في المجلس الواحد؟ قال بعض شراح «الهداية» من الحنفية: (يكفي مرة على الصحيح) ، وقال صاحب «المجتبى» منهم: (يتكرر، وفي تكرر ذكر الله تعالى لا يتكرر) ، وفرّق بينهما هو وغيره بما فيه نظر، ويمكن الفرق بأن حقوق الله تعالى مبنية على المسامحة والتوسعة، وحقوق العباد مبنية على المشاحّة والتضييق ما أمكن. 10- وعاشر الأقوال: أنها تجب حتى عليه صلى الله عليه وسلم في القعود   (1) في هامش (ج) : (الانتصال: التخلص والتخلي) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 67 آخر الصلاة بين التشهد وسلام التحلّل، وهذا هو مذهب الشافعي رضي الله تعالى عنه، ومن نسب إليه قولا بعدم الوجوب.. فقد أغرب، ووافقه عليه جماعة من الصحابة والتابعين، ومن بعدهم من فقهاء الأمصار. فمن الصحابة رضوان الله عليهم: ابن مسعود، فقد صح عنه أنه قال: (يتشهد الرجل في الصلاة، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يدعو لنفسه) «1» ، وعنه أيضا: (لا صلاة لمن لم يصلّ فيها على النبي صلى الله عليه وسلم) «2» ، وأبو مسعود البدري، وابن عمر، فقد صح عنه: (لا تكون صلاة إلا بقراءة وتشهّد وصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فإن نسيت من ذلك شيئا.. فاسجد سجدتين بعد السلام) «3» . ومن التابعين: الشعبي، فقد صح عنه: (كنا نعلّم التشهد، فإذا قال: «وأن محمدا عبده ورسوله» .. يحمد ربه ويثني عليه، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يسأل حاجته) «4» ، وأخرج البيهقي عنه: (من لم يصلّ على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد.. فليعد صلاته) ، أو قال: (لا تجزىء صلاته) «5» ، والإمام أبو جعفر محمد الباقر، فقد روى البيهقيّ عنه نحو ما ذكر عن الشعبي، وصوّبه الدارقطني، ومحمد بن كعب القرظيّ، ومقاتل بن حيّان، بل قال شيخ الإسلام والحفّاظ الشهاب ابن حجر: (لم أر عن أحد من الصحابة والتابعين التصريح بعدم الوجوب إلا ما نقل عن إبراهيم   (1) أخرجه الحاكم (1/ 268) ، والبيهقي في «الصغرى» (479) ، وابن أبي شيبة (1/ 331) . (2) أخرجه ابن عبد البر في «التمهيد» (16/ 195) عن سهل بن سعد الساعدي مرفوعا. (3) قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في «فتح الباري» (11/ 164) : (أخرجه اليعمري في «عمل اليوم والليلة» عن ابن عمر بسند جيد) . (4) قال الحافظ ابن حجر في «فتح الباري» (11/ 164) : (أخرج الطبري بسند صحيح عن مطرف بن عبد الله بن الشخير وهو من كبار التابعين قال: كنا نعلم التشهد ... ) وذكره. (5) السنن الكبرى (2/ 379) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 68 النّخعي، مع أنه يشعر بأن غيره كان قائلا بالوجوب) «1» . ومن فقهاء الأمصار: أحمد، فإنه جاء عنه روايتان، والظاهر أن رواية الوجوب هي الأخيرة؛ فإنه قال: كنت أتهيّب ذلك، ثم تبيّنت؛ فإذا الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم واجبة، قال صاحب «المغني» : (فظاهر هذا: أنه رجع عن قوله الأول إلى هذا) «2» ، وإسحاق بن راهواه فقال في آخر الروايتين عنه: (إذا تركها عمدا.. بطلت صلاته، أو سهوا.. رجوت أن تجزئه) ، وهو قول عند المالكية اختاره ابن العربي منهم، وهو لازم للقائلين بوجوبها كلما ذكر صلى الله عليه وسلم؛ لتقدم ذكره في التشهد، وقد صرح به من الحنفية أصحاب «المحيط» و «التحفة» و «الغنية» و «المفيد» . [ أدلة وجوب الصلاة عليه ص في التشهد عند الشافعية ] نعم؛ وجوبها بعد التشهد لتقدم ذكره آخره لا يستلزم كونه شرطا لصحة الصلاة، إلا أنه يردّ على القائلين بأن الشافعي رضي الله عنه شذّ في قوله بالوجوب. إذا تقرر ذلك.. فالأدلة على الوجوب متظاهرة متكاثرة. منها: أن رجلا قال: يا رسول الله؛ أما السلام عليك.. فقد عرفناه، فكيف نصلي عليك إذا نحن صلينا في صلاتنا صلى الله عليك؟ فصمت صلى الله عليه وسلم، ثم قال: «إذا أنتم صليتم.. فقولوا: اللهم صلّ على محمد النبي الأميّ وعلى آل محمد ... » الحديث «3» ، رواه جماعات وصححه الترمذي وابن خزيمة والحاكم، وقال الدارقطني: إسناده حسن متصل، والبيهقي: إسناده صحيح، وابن إسحاق وإن كان فيه، لكنّه صرّح بالتحديث في رواية؛ فصار حديثه مقبولا صحيحا على شرط مسلم، كما ذكره الحاكم، فتأمل قوله: «إذا نحن صلينا في صلاتنا» ، وجوابه صلى الله عليه   (1) فتح الباري (11/ 165) . (2) المغني (2/ 229) . (3) أخرجه ابن خزيمة (711) ، وابن حبان (1985) ، والحاكم (1/ 268) ، والترمذي (3220) ، والبيهقي (2/ 378) ، والدارقطني (1/ 355) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 69 وسلم بقوله: «إذا أنتم صليتم.. فقولوا اللهم صلّ ... » إلخ. ونوزع فيه: (بأنه إنما يفيد إيجاب الإتيان بهذه الألفاظ على من صلى على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد، وعلى تقدير أن يدل على إيجاب الصلاة.. فلا يدل على هذا المحل المخصوص) اهـ ويردّ بأن الأحاديث الآتية ناصّة على الوجوب، وعلى محله؛ بقوله: «إذا صليت فقعدت ... » «1» إلخ، فعلى تسليم ألادلالة في هذا.. فالدلالة في غيره الآتي، بل ثمّ دليل آخر أبداه البيهقي، وهو: أن الآية لمّا نزلت وكان صلى الله عليه وسلم قد علّمهم كيفية السلام عليه في التشهد- وهو داخل الصلاة- فسألوا عن كيفية الصلاة فعلّمهم.. فدل على أن المراد بذلك إيقاع الصلاة عليه في التشهد بعد الفراغ من التشهد الذي تقدم تعليمه لهم، واحتمال كونه خارج الصلاة بعيد، كما قاله عياض وغيره، وقول ابن دقيق العيد: (ليس فيه تنصيص على أن الأمر به مخصوص بالصلاة) .. يجاب عنه بأن فيه إيماء إلى ذلك كما تقرر، وعلى التنزّل فالدلالة في غيره كما مرّ، وإنما لم تجب الصلاة على الآل بهذا الحديث؛ لما يأتي في مبحثها. ومنها: حديث ابن مسعود أنه صلى الله عليه وسلم قال: «إذا تشهد أحدكم في الصلاة.. فليقل: اللهم صلّ على محمد وعلى آل محمد» «2» وصححه جماعة، ووهّموا بأن فيه مجهولا عن مبهم، وله طريق أخرى فيها ضعيف، وأخرى فيها مختلط، لكنه ثقة، وقد يؤخذ من تعدد طرقه: أنه حسن، وبه مع ما هو مقرر: أن الحسن عند جمع مرادف للصحيح.. يردّ على من وهّم المصححين له. ومنها: للشافعي رضي الله عنه عن كعب بن عجرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول في الصلاة: «اللهم صلّ على محمد وآل   (1) أخرجه الترمذي (3476) ، والطبراني في «الكبير» (18/ 307) . (2) أخرجه الحاكم (1/ 269) ، والبيهقي (2/ 379) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 70 محمد ... » الحديث «1» ، أخرجه البيهقي من طريقه، وزعم أنه يحتمل أن المراد بقوله: (في الصلاة) أي: في صفة الصلاة عليه؛ لأن أكثر الطرق تدل على أن السؤال وقع عن صفة الصلاة، لا عن محلها.. يردّ بأنه لا أثر لهذا الاحتمال البعيد، على أن الحديث الذي قبله والذي بعده يبطل هذا الاحتمال؛ للتصريح فيهما بالصلاة ذات الأركان. وإذا ثبت أنه كان يقول ذلك في صلاته.. فيلزمنا التأسي به فيه؛ لقوله في الحديث الصحيح: «صلوا كما رأيتموني أصلي» «2» ، ومن المقرر أن الأصل وجوب مثل فعله إلا ما خصه الدليل. ومنها: حديث فضالة أنه صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يدعو في صلاته لم يمجّد الله، ولم يصلّ على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال صلى الله عليه وسلم: «عجل هذا» ، ثم دعاه فقال له- أو لغيره-: «إذا صلى أحدكم.. فليبدأ بتحميد ربه والثناء عليه، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يدعو بعد بما شاء» أخرجه أبو داود والترمذي وصححه، وكذا ابن خزيمة، وابن حبّان، والحاكم وقال: هو على شرط مسلم، وفي موضع آخر: على شرطهما، ولا أعرف له علة «3» . وفي رواية للترمذي: «ثم ليصلّ على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ليدع بعد بما شاء» «4» . وفي أخرى له أيضا وللطبراني وابن بشكوال- ورجالها ثقات إلا رشدين بن سعد، لكن حديثه مقبول في الرقائق-: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم   (1) أخرجه البيهقي (2/ 147) ، والشافعي في «مسنده» (142) . (2) أخرجه البخاري (631) ، وابن حبان (1658) ، والبيهقي (2/ 345) ، والدارقطني (1/ 273) . (3) أخرجه ابن خزيمة (710) ، وابن حبان (1960) ، والحاكم (1/ 230) ، وأبو داود (1481) . (4) الترمذي (3477) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 71 قاعد؛ إذ دخل رجل فصلّى، فقال: اللهم اغفر لي وارحمني، فقال صلى الله عليه وسلم: «عجلت أيّها المصلّي، إذا صليت فقعدت.. فاحمد الله بما هو أهله، ثم صلّ عليّ، ثم ادعه» ، ثم صلى رجل آخر بعد ذلك، فحمد الله وصلّى على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال صلى الله عليه وسلم: «أيها المصلّي، ادع تجب» ، وفي رواية: «سل تعطه» «1» ، ففي هذه الأحاديث الصحيحة دلالة ظاهرة، بل صريحة لما ذهب إليه الشافعي من إيجابها وتعين محلها. وبقيت أحاديث أخر منها، لكنها لا تقوم بها الحجة وحدها، وإنما تفيد التقوية بانضمامها إلى الأولى، كحديث: «كان صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد: التحيات لله ... إلخ، ثم يصلّي على النبي صلى الله عليه وسلم» وفيه ضعيف «2» . وحديث: «يا بريدة؛ إذا جلست في صلاتك.. فلا تتركنّ الصلاة عليّ» وسنده ضعيف أيضا «3» . وحديث: «لا صلاة إلا بطهور، وإلا بالصلاة عليّ» وفيه متروك وضعيف «4» . وحديث: «لا صلاة لمن لم يصلّ على نبيه صلى الله عليه وسلم» وفيه من ليس بالقوي «5» ، ولكن له طريق أخرى صححها المجد الشيرازي «6» ، لكن نظر فيه بأنه إنما يعرف من الأولى.   (1) المعجم الكبير (794) ، القربة (31) . (2) أخرجه الدارقطني (1/ 351) . (3) أخرجه الدارقطني (1/ 355) ، والديلمي في «الفردوس» (8527) . (4) أخرجه الدارقطني (1/ 355) . (5) أخرجه الدارقطني (1/ 355) ، والبيهقي في «معرفة الآثار والسنن» (3720) . (6) الصّلات والبشر (ص 62) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 72 وحديث: «من صلّى صلاة لم يصلّ فيها عليّ وعلى أهل بيتي.. لم تقبل منه» وفيه ضعيف «1» . إذا علمت ما ذكرته من أن الشافعي لم يتفرّد بالقول بوجوبها في الصلاة، بل وافقه جماعة من الصحابة، وجماعة من التابعين، وكثيرون ممن بعدهم، ومن أن الأحاديث الصحيحة الكثيرة مصرحة بما قاله.. ظهر لك بطلان قول ابن جرير وابن المنذر والخطابي والطحاوي تشنيعا عليه: (لا سلف له في هذا القول، ولا سنّة يتبعها) ، وأن الشناعة والشذوذ بهم أحق وألصق، وأنهم تساهلوا في ذلك ولم ينصفوا. وممن شذّ وتساهل وتقوّل: ابن بطال المالكي، حيث زعم: (أن من أوجبها.. فقد رد الآثار، وما مضى عليه السلف، وأجمع عليه الخلف، وروته الأمة عن نبيّها) اهـ وكذلك ما وقع لعياض في «الشفا» من إنكاره على الشافعي رضي الله تعالى عنه، ونسبته إلى الشذوذ بنحو هذا التعصب والتساهل «2» ، ومن ثم شنّع عليه جماعة، منهم: ابن القيّم الحنبلي، فقال: (قوله: «إن الناس شنعوا على الشافعي رضي الله تعالى عنه» .. لا معنى له، فأيّ شناعة في ذلك؛ وهو لم يخالف نصا ولا إجماعا ولا قياسا ولا مصلحة راجحة؟! بل القول بالوجوب من محاسن مذهبه، وأما نقله للإجماع.. فقد تقدم رده، وأما دعواه أن الشافعي رضي الله تعالى عنه اختار تشهّد ابن مسعود.. فيدل على عدم معرفته باختيارات الشافعي رضي الله تعالى عنه؛ فإنه إنما اختار تشهّد ابن عباس) اهـ «3» قال ابن الصلاح: (قد نسبوا الشافعي رضي الله تعالى عنه للتفرد، وليس كذلك، ولو تفرد بذلك.. لكفى بتفرده) اهـ   (1) أخرجه الدارقطني (1/ 355) . (2) الشفا بتعريف حقوق المصطفى (ص 547) . (3) جلاء الأفهام (ص 256) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 73 وزعم أنه لا دلالة في حديث فضالة؛ لأنها لو كانت واجبة لأمر تاركها بالإعادة، كما أمر المسيء صلاته.. مردود باحتمال أن الصلاة هنا نافلة، أو أنه لمّا سمع ذلك الأمر.. بادر إلى الإعادة من غير أن يؤمر بها، أو أن الوجوب وقع عند فراغه. وبه ردّ على من زعم أيضا: أنه يلزم من وجوبها تأخير البيان عن وقت الحاجة؛ لأنه علّمهم التشهد، وقال: «ثم ليتخيّر من الدعاء ما شاء» «1» ، ولم يذكر الصلاة عليه. ووجه رده: احتمال أن فرضيته إنما طرأت بعد تعليمهم التشهد. وقول الخطابي: إن في آخر حديث ابن مسعود: «إذا قلت هذا- أي: التشهد- فقد قضيت صلاتك» «2» .. مردود بأن هذه زيادة مدرجة، وعلى تقدير ثبوتها.. فتحمل على أن مشروعية الصلاة عليه وردت بعد تعليم التشهد. وأجاب بعضهم عما مرّ من عدم الأمر بالإعادة: (بأن الترك نشأ عن اعتقاد عدم الوجوب جهلا، والأمر إنما يفيد الوجوب عليه من حينئذ؛ ففيه دليل على عذر الجاهل بعدم الوجوب، ومن ثم لم يأمر المسيء صلاته بإعادة ما مضى من الصلوات، مع إخباره له بأنه لا يحسن غير تلك الصلاة عذرا له بالجهل) اهـ وفيه نظر؛ لأن قضية كلام أئمتنا أن محل العذر بالجهل إنما هو في نحو الكلام القليل وغيره مما لا يخلّ بأجزاء ماهية الصلاة، وأما ما يخلّ بذلك، كترك ركن من أركانها.. فلا عذر بجهله مطلقا، سواء أعذر الجاهل لقرب إسلامه ونشأته ببادية بعيدة أم لا، والفرق: أن الأركان ونحوها يجب تعلّم   (1) أخرجه البيهقي (2/ 153) ، وأحمد (1/ 382) . (2) أخرجه ابن حبان (1961) ، وأبو داود (968) ، والدارمي (1380) والدارقطني (1/ 353) ، والبيهقي (2/ 174) ، وأحمد (1/ 422) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 74 جميعها على كل أحد، فلا يعذر أحد بالجهل بها، بخلاف ما عدا ذلك؛ لأنه يضايق في نحو الركن لتوقف وجود الماهية عليه ما لا يضايق في غيره، فتأمل ذلك؛ فإنه مهمّ. واستدل بعضهم لوجوبها في الصلاة بأنها واجبة عليه إجماعا، وليست خارج الصلاة واجبة إجماعا، فتعين أن تجب في الصلاة، وليس في محله؛ إذ كلّ من إجماعيه ممنوع، كما علم مما قدمته. ومن زعم أن الشافعي رضي الله تعالى عنه هو المستدل بذلك.. فقد وهم، والذي استدل به في «الأمّ» قريب مما قدمته آنفا عن البيهقي. تتمة: [في صلاة رسول الله ص على نفسه] اختلف في وجوبها عليه صلى الله عليه وسلم في أماكن أخرى وستأتي، وتجب أيضا بالنذر؛ لأنها من أعظم القربات، ولو خاطب صلى الله عليه وسلم مصلّيا.. لزمه أن يجيبه فورا بالنطق، وإن كان في فرض؛ لقوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ، وتخصيص بعض المالكية الوجوب بالنفل، أو بلفظ الصلاة عليه، أو بلفظ القرآن.. لا دليل عليه، ومرّ وجوبها عليه صلى الله عليه وسلم في صلاته، وكان صلى الله عليه وسلم يصلّي على نفسه خارجها، كما هو ظاهر أحاديث، كقوله صلى الله عليه وسلم حين ضلت ناقته وتكلم منافق فيها: «إن رجلا من المنافقين شمت أن ضلت ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم» «1» ، وقوله حين عرض على المسلمين ردّ ما أخذ من أبي العاصي زوج ابنته زينب قبل إسلامه: «وإن زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم سألتني ... » الحديث «2» ، واحتمال أن الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم فيهما من الراوي بعيد جدا.   (1) أخرجه البيهقي في «دلائل النبوة» (4/ 59) ، وأبو نعيم في «دلائل النبوة» (2/ 660) ، والنميري في «تاريخ المدينة» (1/ 349) . (2) أخرجه الحاكم (4/ 45) ، والبيهقي (9/ 95) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 75 [ حكم السلام عليه ص ] والسلام فيما ذكر كالصلاة لوجوبه في التشهد، وتصريح الحليمي بوجوبه كلما ذكر.. يوافق ما مرّ عنه في الصلاة، وسوّى ابن فارس اللغوي بينه وبين الصلاة في الفرضية؛ أي: لأن كلّا منهما مأمور به في الآية، والأمر للوجوب حقيقة، إلا إذا ورد ما يصرفه عنه، ويجب بالنذر كالصلاة. وبما تقرر من تساويهما.. سقط ما قيل: (هما متعاطفان في الآية؛ فلم اختلف في وجوبها دون وجوبه، وكان القياس العكس أو التشارك؟!) اهـ وسقط أيضا جواب هذا بأن بينهما عموما وخصوصا مطلقا، كالإنسان والحيوان؛ فالخاص وهو الصلاة هنا يستلزم العام الذي هو السلام هنا، من غير عكس. السابعة: إنما أكد التسليم بالمصدر دون الصلاة؛ لأنها مؤكّدة ب (إن) ، وبإعلامه تعالى أنه يصلّي عليه وملائكته، ولا كذلك السلام، فحسن تأكيده بالمصدر؛ إذ ليس ثمّ ما يقوم مقامه، وإلى هذا يؤول قول ابن القيّم: (التأكيد فيهما وإن اختلفت جهته؛ فإنه تعالى أخبر في الأول بصلاته وصلاة ملائكته عليه مؤكدا له ب «إن» ، وبالجمع المفيد للعموم في الملائكة، وفي هذا من تعظيمه صلى الله عليه وسلم ما يوجب المبادرة إلى الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم من غير توقف على أمر؛ موافقة لله وملائكته في ذلك، وبهذا استغني عن تأكيد «يصلّي» بمصدر، ولمّا خلا السلام عن هذا المعنى، وجاء في حيّز الأمر المجرد.. حسن تأكيده بالمصدر تحقيقا للمعنى؛ وإقامة لتأكيد الفعل مقام تقريره، وحينئذ فكما حصل التكرير في الصلاة خبرا وطلبا.. كذلك حصل التكرير في السلام فعلا ومصدرا) «1» . وأيضا: فهي مقدّمة عليه لفظا، والتقديم يفيد الاهتمام، فحسن تأكيد السلام؛ لئلا يتوهم قلة الاهتمام به لتأخره، وأضيفت إلى الله تعالى وملائكته   (1) بدائع الفوائد (2/ 188) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 76 دونه، وأمر المؤمنون بهما؛ لأن له معنيين: التحية والانقياد، فأمرنا بهما لصحتهما منا، ولم يضف هو لله تعالى ولا لملائكته؛ حذرا من إيهام أنه فيهما بمعنى الانقياد المستحيل في حقهما. وقد يقال أيضا: الصلاة منهما متضمنة للسلام بمعنى التحية الذي لا يتصور منهما غيره، فكان في إضافة الصلاة إليهما استلزام لوجود السلام منهما بهذا المعنى، وأما الصلاة منا.. فهي وإن استلزمت التحية أيضا، إلا أنا مخاطبون بالانقياد، وهي لا تستلزمه، فاحتيج إلى التصريح به فينا؛ لأن الصلاة لا تغني عن معنييه المتصوّرين في حقنا المطلوبين منا، وهذا أولى مما قبله؛ لأن ذلك يرد عليه قوله تعالى: سَلامٌ عَلى إِبْراهِيمَ، وقوله: وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ. سَلامٌ عَلَيْكُمْ ولا يرد هذان على ما ذكرته، فتأمله. وبما تقرر من أن السلام يأتي بمعنى التحية- وهذا هو المراد من سلام الله تعالى على أنبيائه-.. اندفع استشكال سلام الله تعالى عليهم بأنه دعاء، وهو لا يتصور من الله تعالى؛ لأنه الطلب، والله تعالى مدعو ومطلوب منه، لا داع وطالب. وسقط أيضا قول بعضهم: (هذا إشكال له شأن، فينبغي الاعتناء به، ولا يهمل أمره، فقلّ من يدرك سرّه) ، وجوابه: أن الطلب يتضمن ثلاثة: طالبا، ومطلوبا، ومطلوبا منه؛ فهذه الثلاثة أركان، وتغايرها ظاهر في الطالب لشيء من غيره، أما الطالب لشيء من نفسه.. فيتّحد فيه الطالب والمطلوب منه، وهذا هو الموجب لغموض هذه المسألة؛ لأن حقيقة الطالب مغايرة لحقيقة المطلوب منه، فيتعذر طلب الإنسان من نفسه، وكشفه: أن الطلب من باب الإرادات، والمريد كما يريد من غيره أن يفعل شيئا، فكذلك يريد من نفسه هو أن يفعله، والطلب النفسي وإن لم يكن الإرادة، فهو أخص منها، وهي كالجنس له، فكما يعقل أن المريد يريد من نفسه.. فكذلك يطلب منها؛ إذ لا فرق بين الطلب والإرادة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 77 والحاصل: أن طلب الحيّ من نفسه أمر معقول يعلمه كل واحد من نفسه، بدليل أنه يأمرها وينهاها، قال تعالى: إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ، وَأَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى، والأمر والنهي طلب، فتصوّرا من الإنسان لنفسه بالنص، فكذا بقية أنواع الطلب. وحكمة مجيئه في حقه تعالى بلفظ التنكير، مع كون التعريف في حق العبد أفضل، بل واجب في سلام التحلل من الصلاة.. أن في صدوره منه تعالى على من مرّ غاية التعظيم والتشريف لهم، فلم يحتج إلى مؤكد بخلافه من العبد؛ فإنه لم يقترن به ما يغني عن طلب تأكيده بالتعريف، فكان أولى في حقه، بل يلزمه فيما مرّ للاتباع، مع عدم قيام المنكّر مقام المعرّف. ويأتي السلام أيضا بمعنى: السلامة من النقائص، وهو العصمة، وبمعنى السلام الذي هو اسم من أسمائه تعالى؛ فمعنى السلام على محمد صلى الله عليه وسلم على الأول: اللهمّ سلّمه من النقائص، وعلى الثاني: حفظ السلام- أي: الله- عليه؛ أي: اللهمّ احفظه، فهو على حذف مضاف، ومعناه على أنه بمعنى الانقياد: اللهم صيّر العباد منقادين مذعنين له صلى الله عليه وسلم ولشريعته. قال ابن دقيق العيد في «شرح الإلمام» : (قد يتمحض السلام لمعنى التحية ولمعنى الانقياد، وقد يتردد بينهما كقوله تعالى: وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً أي: التحية أو السلامة، وكقوله: وَلَهُمْ ما يَدَّعُونَ. سَلامٌ، فإذا أبدل سلام من «ما» .. احتمل الأمرين أيضا؛ أي: لهم سلامة أو تحية من الله تعالى أو ملائكته) اهـ وفي السلام من أسمائه تعالى ستة أقوال: أي: ذو السلامة من كل آفة ونقيصة؛ أي: من كل وجه ذاتا وصفة وفعلا، فيكون من أسماء التنزيه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 78 أو مالك تسليم العباد من المهالك؛ أي: فهو المعطي له، فيرجع لصفة القدرة. أو ذو السلام على المؤمنين في الجنة، فيرجع للكلام القديم. أو الذي سلّم خلقه من ظلمه. أو سلّم المؤمنين من العذاب. أو المسلّم على المصطفين من عباده في الدنيا. واختار ابن فورك وغيره الأول، وعليه يفارق القدوس بأن السلام للتنزيه عن أفعال النقص، والقدوس للتنزيه عن صفاته، كذا قيل، وهو غفلة عما مرّ في معنى السلام على القول الأول، فالوجه أن يفرق بأن السلام للمعنى الأعم كما مرّ «1» ، والقدوس لأخصّ من ذلك، وهو التنزيه عن صفات النقص. تنبيه: نقل ابن عرفة عن ابن عبد السلام: أنه يكفي أن يقال: صلى الله عليه وسلم، وعن غيره: أنه أنكر ذلك، وقال: لا بد أن يزيد (تسليما) ، وكأنه أخذ بظاهر: وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً، وليس أخذا صحيحا كما يظهر بأدنى تأمّل. وإذ انتهت المقدمة، فلنشرع في فصول الكتاب بعون الملك الوهاب، فنقول وبالله التوفيق:   (1) أي: من أنه يدل على التنزيه عن النقص من كل وجه ذاتا وصفة وفعلا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 79 الفصل الأول في الأمر بالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم في أي وقت كان وفي الأمر بتحسينها، وأن علامة أهل السّنة الإكثار منها، وغير ذلك قال تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً؛ مرّ أن الآية مدنية، وذكر أبو ذر الهروي: أن الأمر بها كان في السنة الثانية من الهجرة، وقيل: في ليلة الإسراء. أخرج ابن عدي في «الكامل» وغيره: أنه صلى الله عليه وسلم قال: «صلوا عليّ صلى الله عليكم» «1» . وقال صلى الله عليه وسلم: «صلوا عليّ؛ فإن الصلاة عليّ كفارة لكم وزكاة، فمن صلى عليّ صلاة.. صلى الله عليه عشرا» «2» سنده صحيح على ما قاله العراقي، لكنه معترض بأن فيه انقطاعا وعلّة. وقال صلى الله عليه وسلم: «صلوا عليّ؛ فإنها لكم أضعاف مضاعفة» ذكره الديلمي بلا إسناد تبعا لأبيه. وقال أبو ذر رضي الله تعالى عنه: (أوصاني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أصلّيها- أي: الضحى- في السفر والحضر، وألّا أنام إلّا على وتر، وبالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم) وهو ضعيف «3» .   (1) الكامل (4/ 312) . (2) أخرجه ابن أبي عاصم في «الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم» (40) . (3) أخرجه ابن عدي في «الكامل» (7/ 288) ، وابن عساكر في «تاريخه» (8/ 416) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 80 ويروى مما لم يعرف له أصل: «الصلاة عليّ نور يوم القيامة عند ظلمة الصراط، ومن أراد أن يكتال بالمكيال الأوفى يوم القيامة.. فليكثر من الصلاة عليّ» . ويروى أيضا: «أكثروا من الصلاة عليّ؛ لأن أول ما تسألون في القبر عني» قال الحافظ السخاوي: (لم أقف له على سند، وربما يستدل له بثبوت السؤال للمرء في قبره عنه صلى الله عليه وسلم) «1» . وعن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا صليتم عليّ.. فأحسنوا الصلاة؛ فإنكم لا تدرون لعلّ ذلك يعرض عليّ، قولوا: اللهم اجعل صلاتك ورحمتك وبركاتك ... » الرواية الآتية بتخريجها «2» . وفي رواية مرسلة: «إنكم تعرضون عليّ بأسمائكم وسيماكم، فأحسنوا الصلاة عليّ» «3» . وروى التّيمي عن زين العابدين عليّ بن الحسين بن علي رضي الله تعالى عنهم أنه قال: (علامة أهل السنة كثرة الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم) . وذكر ابن الجوزي في كتابه «سلوة الأحزان» : (أن آدم لمّا رام القرب من حواء.. طلبت منه المهر، فقال: يا ربّ؛ ماذا أعطيها؟ قال: يا آدم؛ صلّ على صفيي محمد بن عبد الله عشرين مرة، ففعل صلّى الله عليهما وعلى سائر الأنبياء والمرسلين) . وجاء بسند ضعيف جدّا أنه صلى الله عليه وسلم قال: «بكاء الصغير إلى شهرين شهادة ألاإله إلا الله، وإلى أربعة أشهر الثقة بالله تعالى، وإلى ثمانية   (1) القول البديع (ص 100) . (2) انظر (ص 86) . (3) أخرجها عبد الرزاق في «مصنفه» (3111) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 81 أشهر الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ولسنتين استغفار لوالديه، فإذا استسقى.. أنبع الله تعالى له من ضرع أمه عينا من الجنة، فيشرب فتجزئه من الطعام والشراب» ، وفي رواية: «وأن محمدا رسول الله» ، و «اليقين» بدل «الثقة» «1» . وفي رواية: «لا تضربوا أولادكم على بكائهم سنة؛ فإن أربعة أشهر منها يشهد ألاإله إلّا الله، وأربعة أشهر يصلي عليّ، وأربعة أشهر يدعو لوالديه» «2» . وجاء بسند صحيح- على ما قاله المجد اللغوي-: «إذا صليتم على المرسلين.. فصلوا عليّ معهم؛ فإني رسول من المرسلين» «3» ، وفي لفظ: «إذا سلمتم عليّ.. فسلموا على المرسلين» «4» . وللأول طريق أخرى إسنادها حسن جيد، لكنه مرسل. وجاء من طرق ضعيفة: «صلوا على أنبياء الله تعالى ورسله؛ فإن الله عز وجل بعثهم كما بعثني» «5» . صلّى الله عليهم وسلم تسليما. وأما ما حكي عن مالك: أنه لا يصلّى على غير نبينا من الأنبياء.. فأوّله أصحابه بأن معناه: أنا لا نتعبّد بالصلاة عليهم كما تعبّدنا بالصلاة عليه صلى الله عليه وسلم.   (1) أخرجه الديلمي في «الفردوس» (2142) ، وانظر «اللآلىء المصنوعة» (1/ 99) . (2) أخرجه الخطيب في «تاريخه» (11/ 336) ، وقد ردّه الحافظ ابن حجر في «لسان الميزان» (5/ 478) ، وانظر «اللآلىء المصنوعة» (1/ 98) ، و «تنزيه الشريعة» (1/ 171) . (3) أخرجه ابن أبي عاصم في «الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم» (69) . (4) أخرجه أبو نعيم في «تاريخ أصبهان» (1/ 311) . (5) أخرجه البيهقي في «الشعب» (131) ، والديلمي في «الفردوس» (3710) ، وعبد الرزاق (3118) ، والقاضي إسماعيل الجهضمي في «فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم» (ص 48) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 82 والصلاة على الملائكة لا يعرف فيها نص، وإنما تؤخذ من الحديث المذكور: «صلوا على أنبياء الله تعالى ورسله» ، وقد ثبت أن الله سبحانه وتعالى سماهم رسلا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 83 الفصل الثاني في كيفية الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم على اختلاف أنواعها عن أبي مسعود الأنصاري البدري- واسمه عقبة بن عمرو «1» - رضي الله تعالى عنه قال: أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في مجلس سعد بن عبادة، فقال له بشير بن سعد: أمرنا الله أن نصلي عليك يا رسول الله، فكيف نصلّي عليك؟ قال: فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى تمنينا أنه لم يسأله، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قولوا: اللهم؛ صلّ على محمد وعلى آل محمد، كما صلّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين، إنك حميد مجيد، والسلام كما قد علمتم» رواه مسلم وغيره «2» ، و «علمتم» فيه فتح العين وتخفيف اللام، وضمها وتشديد اللام. وفي لفظ صحيح أيضا- كما مر في أحاديث أدلة الشافعي رضي الله تعالى عنه على وجوبها في الصلاة-: «إذا أنتم صليتم.. فقولوا: اللهم؛ صلّ على محمد النبيّ الأميّ، وعلى آل محمد، [كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم] ، وبارك على محمد [النبي الأمّي] وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد» «3» .   (1) في النسخ: (ابن مسعود الأنصاري البدري واسمه عقبه بن عامر ... ) وصوابه ما أثبت، والله أعلم، انظر «الإصابة» (2/ 483) ، و «الإستيعاب» (3/ 105) . (2) أخرجه مسلم (405) ، وابن حبان (1958) ، وأبو داود (979) ، والترمذي (3220) ، وغيرهم. (3) تقدم (ص 69) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 84 وفي لفظ مرسل: قيل: يا رسول الله؛ أمرنا أن نسلم عليك، وأن نصلّي عليك، فقد علمنا كيف نسلّم عليك، فكيف نصلّي عليك؟ قال: «تقولون: اللهمّ؛ صلّ على آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم، اللهم؛ بارك على آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم» «1» . وعن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: لقيني كعب بن عجرة رضي الله تعالى عنه، فقال: ألا أهدي لك هدية؛ إن النبيّ صلى الله عليه وسلم خرج علينا، فقلنا: يا رسول الله؛ قد علمنا كيف نسلّم عليك، فكيف نصلي عليك؟ - وفي رواية للحاكم: كيف الصلاة عليكم أهل البيت؟ - قال: «قولوا: اللهمّ؛ صلّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم؛ بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد» متفق عليه «2» . وفي لفظ للبخاري: «على إبراهيم وعلى آل إبراهيم» في الموضعين «3» . وفي رواية للبيهقي: أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول في الصلاة: «اللهم؛ صلّ على محمد وآل محمد، كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم، وبارك على محمد وآل محمد، كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم، إنك حميد مجيد» «4» . وصح أن سبب هذا السؤال: أنه لما نزلت آية: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ.. قال رجل: يا رسول الله؛ هذا السلام عليك قد عرفناه، فكيف الصلاة عليك؟ ... الحديث «5» .   (1) أخرجه القاضي إسماعيل الجهضمي في «فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم» (ص 67) . (2) البخاري (6357) ، مسلم (406) ، الحاكم (3/ 149) . (3) البخاري (3370) . (4) السنن الكبرى (2/ 147) . (5) أخرجه أحمد (4/ 244) والطبراني في «الكبير» (19/ 125) وابن بشكوال في «القربة» (14) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 85 وفي رواية مرسلة: أنها لمّا نزلت.. قالوا: يا رسول الله، هذا السلام عليك قد علمنا كيف هو، فكيف تأمرنا أن نصلي عليك؟ قال: «تقولون: اللهم اجعل صلاتك وبركاتك على محمد، كما جعلتها على إبراهيم، إنك حميد مجيد» ، زاد ابن أبي شيبة، وسعيد بن منصور: «آل» في الموضعين «1» . وفي أخرى مرسلة أيضا: «قولوا: اللهم؛ صلّ على محمد عبدك ورسولك وأهل بيته، كما صليت على إبراهيم، إنك حميد مجيد» «2» . وفي لفظ للبخاري وغيره عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه: قلنا: يا رسول الله؛ هذا السلام عليك قد عرفناه، فكيف نصلي عليك؟ قال: «قولوا: اللهم؛ صلّ على محمد عبدك ورسولك، كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم» ، وفي رواية: «وآل إبراهيم» «3» . وفي أخرى متفق عليها: «قولوا: اللهم؛ صلّ على محمد وعلى أزواجه وذريته، كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وأزواجه وذرّيّته، كما باركت على إبراهيم، إنك حميد مجيد» ، زاد أحمد وغيره: «آل إبراهيم» في الموضعين، وابن ماجه: «كما باركت على آل إبراهيم في العالمين» «4» . وفي أخرى- في سندها مختلط واختلاف، والمعروف وقفها، وحسّن المنذري سند الموقوف، وصححه مغلطاي، لكن اعترضا بأن فيه من اختلط بأخرة، ولم يتميز حديثه الأول من الآخر فاستحق الترك-: «قولوا: اللهم؛   (1) أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 391) ، والقاضي إسماعيل الجهضمي في «فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم» (ص 63) . (2) أخرجه القاضي إسماعيل الجهضمي في «فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم» (ص 62) . (3) البخاري (6358) . (4) أخرجه البخاري (3369) ، ومسلم (407) ، وابن ماجه (905) ، وأحمد (5/ 374) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 86 اجعل صلاتك ورحمتك وبركاتك على سيد المرسلين، وإمام المتقين، وخاتم النبيين محمد عبدك ورسولك، إمام الخير، وقائد الخير، ورسول الرحمة، اللهم؛ ابعثه مقاما محمودا يغبطه الأولون والآخرون، اللهم؛ صلّ على محمد وأبلغه الوسيلة والدرجة الرفيعة من الجنة، اللهم؛ اجعل في المصطفين محبته، وفي المقربين مودته، وفي الأعلين ذكره- أو قال: داره- والسلام عليه ورحمة الله وبركاته، اللهم؛ صلّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم؛ بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم، إنك حميد مجيد» «1» . وفي أخرى غريبة: «قولوا: اللهم؛ صلّ على محمد وعلى آل محمد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما صليت وباركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد» «2» . وفي أخرى- في سندها اختلاف على راويها-: «قولوا: اللهم؛ صلّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم، إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد» «3» . وفي رواية أبي داود: «اللهم؛ صلّ على محمد النبي، وأزواجه أمهات   (1) أخرجه ابن ماجه (906) موقوفا على ابن مسعود، وذكره المنذري في «الترغيب» (2492) والإمام السخاوي في «القول البديع» (ص 106) ، وعزاه لابن أبي عاصم، وقال: (فيه المسعودي، وهو ثقة، ولكنه اختلط) ، والمسعودي: هو عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود المسعودي الكوفي، انظر «تهذيب الكمال» (17/ 219) . (2) عزاه الإمام السخاوي في «القول البديع» (ص 106) للنميري في «فضل الصلاة» . (3) أخرجه البخاري (3370) ، ومسلم (406) ، وابن حبان (912) ، والترمذي (483) ، وأحمد (4/ 241) ، وغيرهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 87 المؤمنين، وذريته وأهل بيته» «1» . وفي أخرى صحيحة لكنها معلولة: «قولوا: اللهم؛ صلّ على محمد، كما صليت على إبراهيم، إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد» «2» . وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: أنه قال: يا رسول الله؛ كيف نصلّي عليك؟ - يعني: في الصلاة- قال: «تقولون: اللهم؛ صلّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم، ثم تسلّمون عليّ» أخرجه الشافعي رضي الله تعالى عنه، وشيخه فيه ضعيف، وهو عند البزار والسرّاج من وجه إسناده صحيح على شرط الشيخين «3» . وله طريق أخرى عند الطبري: «قولوا: اللهمّ؛ صلّ على محمد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما صليت وباركت على إبراهيم وآل إبراهيم في العالمين، إنك حميد مجيد، والسلام كما علمتم» . وفي رواية أخرى ضعيفة: «قولوا: اللهم؛ اجعل صلاتك ورحمتك وبركاتك على محمد وعلى آل محمد، كما جعلتها على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد» «4» . وفي رواية زيادة: «وارحم محمدا وآل محمد، كما صليت وباركت وترحّمت على إبراهيم ... » إلخ «5» ، وفي سندها مجهول عن رجل مبهم، فتصحيح قوم لها اغترارا بذكر الحاكم لها في «المستدرك» شاهدا.. وهم.   (1) سنن أبي داود (982) . (2) أخرجه أحمد (4/ 244) . (3) أخرجه البزار في مسنده (942) ، والشافعي في «الأم» (2/ 270) ، وشيخه فيه إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي، انظر «الكامل في الضعفاء» (217) . (4) أخرجه أحمد (5/ 353) . (5) أخرجه الحاكم (1/ 269) ، والبيهقي (2/ 379) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 88 وفي أخرى ضعيفة: «اللهم؛ صلّ على محمد وعلى آل بيته، كما صليت على إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهمّ؛ صلّ علينا معهم، اللهم؛ بارك على محمد وعلى أهل بيته، كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم؛ بارك علينا معهم، صلاة الله وصلوات المؤمنين على محمد النبيّ الأميّ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته» «1» . وفي أخرى- ضعيفة أيضا- زيادة: «وارحم محمدا وآل محمد، كما رحمت على إبراهيم، إنك حميد مجيد» «2» . وفي أخرى- عن علي كرم الله وجهه- زيادة: «اللهمّ؛ وترحّم على محمد وعلى آل محمد، كما ترحمت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم؛ وتحنّن على محمد وعلى آل محمد، كما تحنّنت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، اللهمّ؛ وسلّم على محمد وعلى آل محمد، كما سلمت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد» ، وسندها ذاهب؛ إذ فيه مجهولان وآخر متروك الحديث يضع على أهل البيت، وله طرق أخرى كلها غريبة، وفي بعضها تسلسل بالعدّ؛ أي: أنه صلى الله عليه وسلم عدّ تلك الكلمات في يد عليّ رضي الله تعالى عنه، وقال صلى الله عليه وسلم: «عدّهن في يدي جبريل، وقال: عدّهن في يدي ميكائيل، وقال: عدّهن في يدي إسرافيل، وقال: عدّهن في يدي ربّ العالمين جل جلاله» «3» ولا يخلو سندها عن متّهم بالكذب والوضع؛ فهو بسبب ذلك تالف، بل قال بعض   (1) أخرجه الدارقطني (1/ 354) . (2) قال الإمام الدميري في «النجم الوهاج» (2/ 165) : (نقل الصيدلاني: أن من الناس من يزيد: «وارحم محمدا كما ترحمت على إبراهيم» وربما يقول: «كما رحمت» .. قال: وهذا لم يرد في الخبر، وهو غير فصيح؛ فإنه لا يقال: رحمت عليه) ، وانظر «تلخيص الحبير» (1/ 273) . (3) أخرجه البيهقي في «الشعب» (2/ 222) ، والحاكم في «معرفة علوم الحديث» (ص 33) ، وابن عساكر في «تاريخه» (48/ 316) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 89 محققي الفقهاء والحفاظ من المتأخرين: إن سائر الطرق التي فيها زيادة الرحمة والتحنن لا تخلو عن ذلك، ولشيخ الإسلام الوليّ أبي زرعة إفتاء طويل في ذلك لخّصت حاصله في «شرح الإرشاد» . نعم؛ أخرج البخاري في «الأدب المفرد» وابن جرير والعقيلي: أنه صلى الله عليه وسلم قال: «من قال: اللهم؛ صلّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم، وترحّم على محمد وعلى آل محمد، كما ترحمت على إبراهيم وآل إبراهيم.. شهدت له يوم القيامة بالشهادة، وشفعت له» «1» وهو حديث حسن، ورجاله رجال الصحيح إلا واحدا، لكن ذكره ابن حبان في «الثقات» على قاعدته «2» . وفي رواية ضعيفة: «اللهم؛ اجعل صلاتك ورحمتك وبركاتك على محمد وعلى آل محمد، كما جعلتها على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد» «3» . وفي أخرى سندها هالك: أنه صلى الله عليه وسلم قال لمن قال: اللهم؛ صلّ على محمد حتى لا تبقى صلاة، اللهم؛ بارك على محمد حتى لا تبقى بركة، اللهم؛ سلّم على محمد حتى لا يبقى سلام، وارحم محمدا حتى لا تبقى رحمة: «إني أرى الملائكة قد سدّوا الأفق» «4» . وورد بسند حسن: «من قال: اللهم؛ صلّ على محمد، وأنزله المقعد المقرّب عندك يوم القيامة.. وجبت له شفاعتي» ، وفي رواية: «عندك في الجنة» «5» .   (1) الأدب المفرد (641) . (2) هو سعيد بن عبد الرحمن الأموي مولى سعيد بن العاصي، «الثقات» (3/ 391) . (3) هذه الرواية تقدمت قريبا بلفظها وتقدم تخريجها. (4) أخرجه الطبراني في «الكبير» (5/ 141) . (5) أخرجه الطبراني في «الكبير» (5/ 25) ، وأحمد (4/ 108) ، والبزار (6/ 299) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 90 فالمقعد المقرّب على الرواية الأولى يحتمل أنه المقام المحمود؛ لأنه أظهر فضائله التي يتميز بها ذلك اليوم، وعلى الرواية الثانية يحتمل أنه الوسيلة؛ لأنها أرفع درجاته التي يتميز بها على جميع أهل الجنة. وبسند ضعيف: «من قال: جزى الله عنّا محمدا صلى الله عليه وسلم بما هو أهله.. أتعب سبعين ملكا ألف صباح» «1» ، وضمير (أهله) يحتمل أنه لله تعالى، وأنه لمحمد صلى الله عليه وسلم، وتعب السبعين هذا الزمن الطويل بكتابة ما يقابل ذلك من الثواب، أو بالاستغفار له. ويروى: «من صلى على روح محمد في الأرواح، وعلى جسده في الأجساد، وعلى قبره في القبور.. رآني في منامه، ومن رآني في منامه.. رآني يوم القيامة، ومن رآني يوم القيامة.. شفعت له، ومن شفعت له.. شرب من حوضي، وحرم الله جسده على النار» ، قال الحافظ السخاوي: (لم أقف على أصله إلى الآن) «2» . وروى أبو داود في «سننه» ، وعبد بن حميد في «مسنده» وغيرهما: أنه صلى الله عليه وسلم قال: «من سرّه أن يكتال بالمكيال الأوفى إذا صلى علينا أهل البيت.. فليقل: اللهم صلّ على محمد النبيّ، وأزواجه أمهات المؤمنين، وذريته وأهل بيته، كما صليت على إبراهيم، إنك حميد مجيد» «3» . وفي رواية في سندها مجهول، وآخر مختلط: «فليقل: اللهم؛ اجعل صلواتك وبركاتك على محمد النبي» «4» .   (1) أخرجه الطبراني في «الكبير» (11/ 165) ، و «الأوسط» (237) . (2) ذكره الحافظ السخاوي في «القول البديع» (ص 116) ، وعزاه إلى أبي القاسم السبتي في كتابه «الدر المنظم في المولد المعظم» . (3) أخرجه أبو داود (982) ، والبيهقي (2/ 151) . (4) أخرجه ابن عدي في «الكامل» (2/ 424) والمختلط: هو حيان بن يسار، وانظر «تهذيب الكمال» (5/ 348) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 91 وفي رواية موقوفة على عليّ رضي الله عنه وكرم وجهه: (من سرّه أن يكتال بالمكيال الأوفى.. فليقرأ سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ الآية) «1» . [في حديث سيدنا علي رضي الله عنه: «اللهم؛ داحي المدحوات ... » ] وجاء عن علي رضي الله عنه بسند ضعيف- وله طريق أخرى رجالها رجال الصحيح، إلا أنها مرسلة؛ لأن راويها لم يدرك عليّا رضي الله عنه-: أنه كان يعلّم الناس الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فيقول: (اللهم داحي المدحوّات) ، ويروى: (المدحيات) ؛ أي: الأرضين، قال تعالى: وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها أي: بسطها؛ لأنها كانت أولا ربوة، (وبارىء المسموكات) أي: موجد السماوات لا على مثال سابق، ويروى: (سامك) أي: رافع، (وجبّار القلوب على فطرتها شقيّها وسعيدها) أي: من جبر وأجبر بمعنى قهر؛ أي: قهر القلوب جميعها، وأثبتها على ما فطرها عليه من معرفته، (اجعل شرائف صلاتك، ونوامي بركاتك، ورأفة تحننك على عبدك ورسولك الخاتم لما سبق، والفاتح لما أغلق) أي: بضم أوله وكسر ثالثه، (والمعلن الحق بالحق، والدامغ) أي: المهلك، (لجيشات الأباطيل) أي: جمع جيشة، وهي: المرة من جاش إذا ارتفع، (كما حمّل) أي: بضم فكسر مع التشديد، (فاضطلع) أي: بالمعجمة، (بأمرك) أي: نهض به لقوته عليه، (بطاعتك، مستوفزا في مرضاتك) أي: ماضيا فيها، (بغير نكل عن قدم) أي: بغير جبن وإحجام عن الإقدام فيها (ولا وهن في عزم) أي: ضعف في رأي، ويروى: (واهيا) بالمثناة التحتية، (واعيا لوحيك، حافظا لعهدك، ماضيا في نفاذ أمرك) أي: بالفاء والمعجمة، (حتى أورى) أي: من ورى الزند يري وريا إذا خرجت ناره، ويجوز وري يري بالكسر فيهما، وأوريته، ووريته، (قبسا لقابس) أي:   (1) ذكره الإمام السخاوي في «القول البديع» (ص 118) وعزاه إلى ابن زنجويه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 92 شعلة من نار، وفيه تشبيه سعيه صلى الله عليه وسلم في إظهار ما جاء به، حتى صار لا يخفى على أحد بإيقاد نار وجعلها على علم، حتى صارت كذلك، فهو استعارة بالكناية، يتبعها استعارة ترشيحية، ويصح أن يكون من مجاز التمثيل، (آلاء الله تصل بأهله أسبابه) أي- بالمد- نعمه، جمع ألى بالفتح والتنوين كرحى، وبالكسر والتنوين كمعى، وبالكسر وسكون اللام والتنوين كنحي، وبالكسر أو الفتح بغير تنوين، (به هديت) أي: بالبناء للفاعل والمفعول، (القلوب بعد خوضات الفتن والإثم، وأنهج) أي: قوم (موضحات الأعلام، ومنيرات الإسلام، ونايرات الأحكام) أي: بنون ثم تحتية، (فهو أمينك المأمون، وخزّان علمك المخزون، وشهيدك يوم الدين، وبعيثك نعمة، ورسولك بالحق رحمة، اللهم افسح له فسحا في عدنك) أي- بفتح فسكون-: جنتك، من عدن: أقام، (واجزه) أي: بوصل الهمزة وكسر الزاي، قال تعالى: وَجَزاهُمْ بِما صَبَرُوا وفيه ضبط غير ذلك، لكنه تحريف، (مضاعفات الخير من فضلك، مهنّئات «1» له غير مكدرات، من فوز ثوابك المضنون) أي: الذي يضن به لنفاسته، (وجزيل عطائك المعلول) أي: من العلل- وهو بفتحتين-: الشّرب الثاني بعد النّهل- بفتحتين- وهو: الشّرب الأول، وأراد العطاء بعد العطاء، (اللهم أعل على بناء البانين بناءه، وأكرم مثواه لديك ونزله) أي- بضم فسكون، أو ضم-: ما يهيّأ للضيف، (وأتمم له نوره، واجزه من ابتغائك له مقبول الشهادة، ومرضيّ المقالة، ذا منطق عدل، وخطّة فصل) أي: أمر قطع؛ أي: مقطوع به، (وحجة وبرهان عظيم صلى الله عليه وسلم) ، زاد أبو بكر بن أبي شيبة في رواية فيها مجهول: (اللهم اجعلنا سامعين مطيعين، وأولياء مخلصين، ورفقاء مصاحبين، اللهم أبلغه منّا السلام، واردد عليه منّا السلام) «2» .   (1) في (ب) : (مهيئات) . (2) أخرجه الطبراني في «الأوسط» (9085) ، وابن أبي شيبة في «مصنفه» (7/ 82) ، وقال الإمام السخاوي في «القول البديع» (ص 120) : (أخرجه الطبراني، وابن أبي- الجزء: 1 ¦ الصفحة: 93 وفي «الشفا» : (عن علي أيضا في الصلاة على النبيّ صلى الله عليه وسلم- لكن قال السخاوي: لم أقف على أصله-: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً لبيك اللهم ربي وسعديك، صلوات الله البرّ الرحيم، والملائكة المقربين، والنبيين والصديقين، والشهداء والصالحين، وما سبّح لك من شيء يا رب العالمين على محمد بن عبد الله خاتم النبيين، وسيد المرسلين، وإمام المتقين، ورسول رب العالمين، الشاهد البشير، الداعي إليك بإذنك السراج المنير، وعليه السلام) «1» . وأخرج أبو سعد في «شرف المصطفى صلى الله عليه وسلم» : «لا تصلوا عليّ الصلاة البتيراء» قالوا: وما الصلاة البتيراء يا رسول الله؟ قال: «تقولون اللهم صلّ على محمد وتمسكون، بل قولوا: اللهم؛ صلّ على محمد وعلى آل محمد» «2» ، قال السخاوي: (لم أقف له على إسناد) «3» . وعنده بسند تالف: «اللهم؛ صلّ على محمد كما أمرتنا أن نصلّي عليه، وصلّ عليه كما ينبغي أن يصلّى عليه» «4» . وصح عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: أنه كان يقول في صلاته: (اللهم؛ تقبل شفاعة محمد الكبرى، وارفع درجته العليا، وأعطه سؤله في الآخرة والأولى، كما آتيت إبراهيم وموسى) «5» .   - عاصم، وسعيد بن منصور، والطبري في (مسند طلحة) من «تهذيب الآثار» له، وأبو جعفر أحمد بن سنان القطان في «مسنده» ، وعنه يعقوب بن شيبة في «أخبار علي» ، وابن فارس، وابن بشكوال [القربة (87) ] هكذا موقوفا بسند ضعيف) . (1) الشفا بتعريف حقوق المصطفى (ص 562) ، وانظر «القول البديع» (ص 121) . (2) شرف المصطفى صلى الله عليه وسلم (2047) . (3) القول البديع (ص 121) . (4) كذلك عزاه الإمام السخاوي في «القول البديع» (ص 122) لأبي سعد في «شرف المصطفى» . (5) أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» (3104) ، والقاضي إسماعيل الجهضمي في «فضل- الجزء: 1 ¦ الصفحة: 94 وفي رواية ضعيفة: أنه صلى الله عليه وسلم قال: «اللهم؛ إني أسألك يا ألله، يا رحمن، يا رحيم، يا جار المستجيرين، يا مأمن الخائفين، يا عماد من لا عماد له، يا سند من لا سند له، يا ذخر من لا ذخر له، يا حرز الضعفاء، يا كنز الفقراء، يا عظيم الرجاء، يا منقذ الهلكى، يا منجي الغرقى، يا محسن، يا مجمل، يا منعم، يا مفضل، يا عزيز، يا جبار، يا منير، أنت الذي سجد لك سواد الليل، وضوء النهار، وشعاع الشمس، وحفيف الشجر، ودويّ الماء، ونور القمر يا ألله، أنت الله لا شريك لك.. أسألك أن تصلّي على محمد عبدك ورسولك» «1» . تنبيه: اشتملت هذه الرواية على وصف الله تعالى بأوصاف لم ترد من حديث صحيح، والمشهور عند أهل السنة أن أسماء الله تعالى توقيفية، وأنها لا تثبت بحديث ضعيف؛ وحينئذ فلا يجوز النطق بما في هذه، مما لم يرد في الأحاديث الصحيحة، فتفطّن لذلك. وفي أخرى ضعيفة أيضا: أنه صلى الله عليه وسلم لما جمع فاطمة وعليّا والحسن والحسين تحت ثوبه.. قال: «اللهم؛ قد جعلت صلاتك ورحمتك ومغفرتك ورضوانك على إبراهيم وآل إبراهيم، اللهم؛ إنهم مني وأنا منهم، فاجعل صلاتك ورحمتك ومغفرتك ورضوانك عليّ وعليهم» ، فقال واثلة: وعليّ يا رسول الله بأبي أنت وأمي، فقال: «اللهم وعلى واثلة» «2» . وفي رواية موضوعة: «أن من قال: اللهم؛ صلّ على محمد وعلى آل محمد في الأولين والآخرين، وفي الملأ الأعلى إلى يوم الدين.. لو كانت   - الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم» (ص 52) ، وصححه الإمام السخاوي في «القول البديع» (ص 122) . (1) أخرجه الديلمي في «الفردوس» (1831) عن أبي هريرة. (2) عزاه الإمام السخاوي في «القول البديع» (ص 124) للديلمي في «مسنده» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 95 البحار مدادا، والأشجار أقلاما، والملائكة كتّابا يكتبون.. لفني المداد، وتكسرت الأقلام، ولم تبلغ الملائكة ثواب هذه الصلاة» «1» . وفي «الشفا» لابن سبع، و «شرف المصطفى» لأبي سعد: أنه صلى الله عليه وسلم أجلس رجلا بينه وبين أبي بكر رضي الله تعالى عنه، فعجب الصحابة رضي الله تعالى عنهم منه؛ إذ كان لا يجلس بينهما أحد، فقال صلى الله عليه وسلم بعد أن ذهب: «هذا يقول في صلاته: اللهم؛ صلّ على محمد كما تحب وترضى له» ، قال السخاوي: (لم أقف على سنده) «2» . وعلى تقدير ثبوته، فإجلاسه صلى الله عليه وسلم لذلك الرجل بينهما لتأليفه، أو لترغيب الحاضرين في فعل تلك الكيفية. وجاء عن زين العابدين علي بن الحسين رضي الله تعالى عنهم، والحسن البصري، ومعروف الكرخي وغيرهم كيفيات أخر حذفتها اختصارا؛ لأن القصد بيان ما ورد عنه صلى الله عليه وسلم، وكذلك حذفت منامات فيها كيفيات أخر. ونقل السخاوي عن بعض المعتمدين من شيوخه: أن الكيفية المشهورة: «اللهم؛ صلّ على سيدنا محمد السابق للخلق نوره، والرحمة للعالمين ظهوره ... » إلخ «3» [لها] قصة تفيد أن كل مرة منها بعشرة آلاف صلاة، والله تعالى أعلم «4» .   (1) عزاه الإمام السخاوي (ص 125) لابن الجوزي في «المطرب» . (2) القول البديع (ص 125) . (3) وتمام هذه الكيفية ( ... عدد من مضى من خلقك ومن بقي، ومن سعد منهم ومن شقي، صلاة تستغرق العدّ، وتحيط بالحدّ، صلاة لا غاية لها ولا انتهاء، ولا أمد لها ولا انقضاء، صلاة دائمة بدوامك، وعلى آله وصحبه كذلك، والحمد لله على ذلك) . (4) القول البديع (ص 130) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 96 الفصل الثالث في مسائل وفوائد تتعلق بما مضى في الفصلين الأولين [المسألة] الأولى: مرّ في المقدمة الكلام على معنى الصلاة والسلام بما يغني عن إعادته هنا، وصح عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: أنه قال: (لا تنبغي الصلاة من أحد على أحد إلا على النبي صلى الله عليه وسلم) «1» . وفي رواية عنه: (ما أعلم الصلاة تنبغي على أحد من أحد إلا على النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن يدعى للمسلمين والمسلمات بالاستغفار) «2» . وفي أخرى عنه: (لا تصلح على أحد إلا على النبي صلى الله عليه وسلم) «3» . وأخرج البيهقي وعبد الرزاق عن الثوري: (يكره أن يصلّى إلا على نبيّ) «4» . وجاء عن عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه بسند حسن أو صحيح: أنه كتب لعامله: (إن ناسا من القصاص قد أحدثوا في الصلاة على خلفائهم وأمرائهم عدل صلاتهم على النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا جاءك كتابي هذا.. فمرهم أن تكون صلاتهم على النبيين صلى الله عليهم وسلم خاصة،   (1) أخرجه البيهقي (2/ 153) ، والطبراني في «الكبير» (11/ 242) . (2) أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (2/ 401) . (3) قال الحافظ في «فتح الباري» (8/ 534) : (أخرج إسماعيل بن إسحاق الجهضمي في «كتاب أحكام القرآن» عن ابن عباس بإسناد صحيح قال: «لا تصلح ... » ) وذكره. (4) شعب الإيمان (2/ 219) ، مصنف عبد الرزاق (2/ 216) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 97 ودعاؤهم للمسلمين عامة، ويدعوا ما سوى ذلك) «1» . وكلام ابن عباس وعمر يحتمل الكراهة والحرمة. [ حكم السلام على غير الأنبياء ] وهذه المسألة- أعني: الصلاة على غير الأنبياء والملائكة- وقع فيها اضطراب بين العلماء: فقيل: تجوز مطلقا، قال القاضي عياض: (وعليه عامة أهل العلم) اهـ «2» ، ويدل له قوله تعالى: هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ، وما صح من قوله صلى الله عليه وسلم: «اللهم؛ صلّ على آل أبي أوفى» «3» ، ومن قوله صلى الله عليه وسلم وقد رفع يديه: «اللهم؛ اجعل صلاتك ورحمتك على آل سعد بن عبادة» «4» ، وصحح ابن حبان خبر: (أن امرأة قالت للنبيّ صلى الله عليه وسلم صلّ عليّ وعلى زوجي، ففعل) «5» ، وفي خبر مسلم: «إن الملائكة تقول لروح المؤمن: صلى الله عليك وعلى جسدك» «6» ، وفي حديث معضل: (أنه صلى الله عليه وسلم صلّى على كلّ من الخلفاء الأربعة وعمرو بن العاصي رضي الله تعالى عنهم) «7» .   (1) أخرجه القاضي إسماعيل الجهضمي في «فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم» (ص 70) . (2) الشفا بتعريف حقوق المصطفى (ص 577) . (3) تقدم (ص 39) . (4) أخرجه أبو داود (5185) ، والنسائي في «الكبرى» (10084) ، وأحمد في «مسنده» (3/ 421) ، والطبراني في «الكبير» (18/ 353) . (5) صحيح ابن حبان (984) . (6) أخرجه مسلم (2872) بنحوه. (7) قال الإمام السخاوي في «القول البديع» (ص 138) : (وروينا في «فوائد الخلعي» من حديث ابن يخامر السّكسكي معضلا، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «اللهم صلّ على أبي بكر؛ فإنه يحبّك ويحبّ رسولك، اللهم صلّ على عمر؛ فإنه يحبّك ويحبّ رسولك، اللهم صل على عثمان؛ فإنه يحبّك ويحبّ رسولك، اللهم صل على عليّ؛ فإنه يحبّك ويحبّ رسولك، اللهم صل على أبي عبيدة بن الجراح؛ فإنه يحبّك ويحبّ رسولك، اللهم صل على عمرو بن العاصي؛ فإنه يحبّك ويحبّ رسولك» ) ، وأخرجه ابن- الجزء: 1 ¦ الصفحة: 98 وقيل: لا تجوز إلّا على النبي صلى الله عليه وسلم خاصة، وحكي عن مالك رحمه الله تعالى كما مر آخر (الفصل الأول) «1» . وقيل: لا تجوز مطلقا استقلالا، وتجوز تبعا فيما ورد به النص، أو ألحق به، واختاره القرطبي وغيره. وقيل: تجوز تبعا مطلقا، ولا تجوز استقلالا، وهو قول أبي حنيفة وجمع. وقيل: تكره استقلالا لا تبعا، وهي رواية عن أحمد. ومذهبنا: أنه خلاف الأولى. قال عياض: (والذي أميل إليه قول مالك وسفيان، وهو قول المحققين من المتكلمين والفقهاء، قالوا: يذكر غير الأنبياء بالرضا والغفران، والصلاة على غير الأنبياء- يعني استقلالا- لم تكن من الأمر المعروف، وإنما أحدثت في دولة بني هاشم) اهـ «2» ويوافقه قول الإمام أبي اليمن بن عساكر: (قد اختصّ الأنبياء بها يوقّرون بها، كما اختصّ الله تعالى عند ذكره بالتنزيه، فينبغي ألا يشاركهم فيه غيرهم، هذا هو مذهب أهل التحقيق) اهـ واستدل المانعون بأن لفظ الصلاة صار شعارا لتعظيم الأنبياء وتوقيرهم، فلا يقال لغيرهم استقلالا، وإن صح معناه، كما لا يقال: محمد عز وجل وإن صح معناه؛ لأن هذا الثناء صار شعارا لله سبحانه وتعالى، فلا يشاركه فيه غيره. وأجابوا عما مرّ بأنه صدر من الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم،   - عساكر في «تاريخه» (46/ 136) بنحوه. (1) انظر (ص 82) . (2) الشفا بتعريف حقوق المصطفى (ص 581) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 99 ولهما أن يخصّا من شاآ بما شاآ، وليس ذلك لغيرهما إلا بإذنهما، ولم يثبت عنهما إذن في ذلك. ومن ثمّ قال أبو اليمن بن عساكر: (له صلى الله عليه وسلم أن يصلي على غيره مطلقا؛ لأنه حقه ومنصبه، فله التصرف فيه كيف شاء، بخلاف أمته صلى الله عليه وسلم؛ إذ ليس لهم أن يؤثروا غيره صلى الله عليه وسلم بما هو له) لكن نازع فيه صاحب «المعتمد» «1» من أئمتنا بأنه لا دليل على الخصوصية، وحمل البيهقي القول بالمنع على ما إذا جعل ذلك تعظيما وتحية، وبالجواز على ما إذا كان دعاء وتبركا. واختار بعض الحنابلة أنها على الآل مشروعة تبعا، وجائزة استقلالا، وعلى الملائكة وأهل الطاعة عموما جائزة أيضا، وعلى شخص معيّن أو جماعة مكروهة، ولو قيل بتحريمها لم يبعد، سيما إذا جعله شعارا له وحده دون مساويه ومن هو خير منه، كما يفعله الرافضة بعليّ رضي الله تعالى عنه، ولا بأس بها أحيانا، كما صلى صلى الله عليه وسلم على المرأة وزوجها، وكما صلى عليّ على عمر رضي الله تعالى عنهما لمّا دخل عليه وهو مسجّى، قال: (وبهذا التفصيل تتفق الأدلة) اهـ ويردّ بأنها متفقة بما قدمناه من الجواب عما استدل به المجوّزون. والسلام كالصلاة فيما ذكر إلا إذا كان لحاضر، أو تحية على غائب. وفرّق آخرون بأنه يشرع في حق كل مؤمن بخلافها، وهو فرق بالمدّعى، فلا يقبل، ولا شاهد في (السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين) لأنه وارد في محل مخصوص، وليس غيره في معناه، على أنه تبع لا استقلال. وحقق بعضهم فقال ما حاصله مع الزيادة عليه: (السلام الذي يعم الحي والميت.. هو الذي يقصد به التحية، كالسلام عند تلاق، أو زيارة قبر، وهو مستدع للرد وجوب كفاية أو عين، بنفسه في الحاضر، ورسوله أو كتابه في   (1) في (ج) : (صاحب «التتمة» ) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 100 الغائب، وأما السلام الذي يقصد به الدعاء منّا بالتسليم من الله تعالى على المدعو له، سواء أكان بلفظ غيبة أو حضور.. فهذا هو الذي اختص به صلى الله عليه وسلم عن الأمة، فلا يسلّم على غيره منهم إلا تبعا، كما أشار إليه التقي السبكي في «شفاء السّقام» «1» ، وحينئذ فقد أشبه قولنا: «عليه السلام» قولنا: «عليه الصلاة» من حيث إن المراد: عليه السلام من الله تعالى؛ ففيه إشعار بالتعظيم الذي في الصلاة من حيث الطلب لأن يكون المسلّم عليه الله تعالى، كما في الصلاة، وهذا النوع من السلام هو الذي جوز الحليمي كون الصلاة بمعناه) اهـ [المسألة] الثانية: استدل بتعليمه صلى الله عليه وسلم لأصحابه كيفية الصلاة عليه بعد سؤالهم عنها: أنها أفضل الكيفيات في الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لا يختار لنفسه إلا الأشرف والأفضل. ومن ثمّ صوّب في «الروضة» : (أنه لو حلف ليصلين على النبي صلى الله عليه وسلم أفضل الصلاة.. لم يبرّ إلا بتلك الكيفية) «2» . ووجّهه السبكي بأن من أتى بها.. فقد صلى على النبي صلى الله عليه وسلم بيقين، وكان له الجزاء الوارد في أحاديث الصلاة بيقين، وكل من جاء بلفظ غيرها.. فهو من إتيانه بالصلاة المطلوبة في شك؛ لأنهم قالوا: كيف نصلي عليك؟ قال: «قولوا ... » فجعل الصلاة عليه منهم هي قول ذا. اهـ ونقل الرافعي رحمه الله تعالى عن المروزي: أنه يبرّ ب (اللهم؛ صلّ على محمد وآل محمد كلما ذكره «3» الذاكرون، وكلما سها عنه الغافلون) ، وأخذ   (1) شفاء السقام (ص 44) . (2) روضة الطالبين (11/ 65) . (3) في النسخ: (ذكرك) ، وصوابه ما أثبت. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 101 ذلك من ذكر الشافعي رضي الله تعالى عنه لها في خطبة «الرسالة» «1» ، لكن بلفظ (غفل) بدل (سها) وأوثرا على (سكت) ؛ لأن الساكت قد يكون ذاكرا بقلبه، والساهي والغافل من لم يذكر بقلبه ولا لسانه. وظاهر سياق «الرسالة» : أن ضمير (ذكره) و (غفل عنه) راجع إلى الله تعالى، قال الأذرعي رحمه الله تعالى: وهو الوجه، وبيّنه غيره بأن الرب سبحانه وتعالى هو الذي يوصف بكثرة الذكر عادة، وبغافلة الذاكر عنه، وإن كان الكل صحيحا والمعنى لا يختلف، ولو استحضر المصلي الأمرين جميعا.. لكان حسنا. وقول بعضهم: ذاكر النبي صلى الله عليه وسلم يعدّ من الذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِراتِ، والغافل عن ذكره يعدّ من الغافلين.. لا يجدي توجيها؛ لأن ذاكر الله تعالى كذلك. قال النووي رضي الله تعالى عنه: (ولعل الشافعي رضي الله تعالى عنه أول من استعمل تلك الكيفية) «2» . وقال القاضي حسين وغيره: طريق البرّ: (اللهم؛ صلّ على محمد كما هو أهله ومستحقه) . ونحوه قول بعضهم: أفضل الحمد والصلاة: (اللهم؛ لك الحمد كما أنت أهله، فصلّ على محمد كما أنت أهله، وافعل بنا ما أنت أهله؛ فإنك أهل التقوى وأهل المغفرة) . واختار البارزي أن الأفضل: (اللهم؛ صلّ على محمد وعلى آل محمد أفضل صلاتك وعدد معلوماتك) ؛ فإنه أبلغ. وقيل: هو: (اللهم؛ صلّ على سيدنا محمد النبي الأمي، وعلى كل نبي وملك وولي، عدد الشفع والوتر، وعدد كلمات ربنا التامات المباركات) .   (1) الرسالة (ص 16) . (2) روضة الطالبين (11/ 66) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 102 وقيل: هو: (اللهم؛ صلّ على محمد عبدك ونبيك ورسولك النبي الأمي، وعلى آله وأزواجه وذريته، وسلّم عدد خلقك، ورضا نفسك، وزنة عرشك، ومداد كلماتك) ، قال بعض المحققين: وهذه أبلغ. وقيل: هو: (اللهم؛ صلّ على محمد وعلى آل محمد وسلم، عدد خلقك، ورضا نفسك، وزنة عرشك، ومداد كلماتك) ، قال بعض المحققين: وهذا مأخوذ من الحديث الصحيح في التسبيح، وإنه أفضل من غيره. وقيل: هو: (اللهم؛ صلّ على محمد وعلى آل محمد صلاة دائمة بدوامك) . وقيل: هو: (اللهم؛ يا رب محمد وآل محمد؛ صلّ على محمد، وآل محمد، واجز محمدا صلى الله عليه وسلم ما هو أهله) . وقيل: هو: (اللهم؛ صلّ على محمد النبي، وأزواجه أمهات المؤمنين ... ) إلخ ما مر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في حديثه: «من سرّه أن يكتال بالمكيال الأوفى.. فليقل ذلك» «1» . [ الصيغة التي مال إليها المصنف في الصلاة عليه ص ] والذي أميل إليه وأفعله منذ سنين: أن الأفضل ما يجمع جميع ما مر بزيادة، وهو: (اللهم؛ صلّ على محمد عبدك ورسولك النبي الأمي، وعلى آل محمد وأزواجه أمهات المؤمنين، وذريته وأهل بيته، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين، إنك حميد مجيد، وبارك على محمد عبدك ورسولك النبي الأمي، وعلى آل محمد وأزواجه أمهات المؤمنين، وذريته وأهل بيته، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين، إنك حميد مجيد، وكما يليق بعظيم شرفه وكماله ورضاك عنه، وما تحب وترضى له، دائما أبدا، عدد معلوماتك، ومداد كلماتك، ورضا نفسك، وزنة عرشك، أفضل صلاة وأكملها وأتمها، كلما ذكرك وذكره الذاكرون،   (1) تقدم تخريجه (ص 91) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 103 وغفل عن ذكرك وذكره الغافلون، وسلم تسليما كذلك، وعلينا معهم) . فهذه الكيفية قد جمعت الوارد في معظم كيفيات التشهد التي هي أفضل الكيفيات كما مرّ، وسائر ما استنبطه العلماء رضي الله تعالى عنهم من الكيفيات، وادّعوا أنها أفضل، وزادت عليهم زيادات بليغة، تميزت بها، فلتكن هي الأفضل على الإطلاق. ثم رأيت اليافعي رحمه الله تعالى قال: (ينبغي أن يجمع بين الكيفيات الثلاث فيقول ... ) ، وذكر بعض هذه الكيفية. وبعض المحققين قال: (لو جمع بين ما في الحديث، وأثر الشافعي رضي الله تعالى عنه، وما قاله القاضي حسين.. لكان أشمل) اهـ وهذه الثلاث مذكورة في هذه الكيفية التي استنبطتها، مع ما فيها من الزيادات. وقال المحقق الكمال بن الهمام: (كل ما ذكر من الكيفيات موجود في: «اللهم؛ صلّ أبدا أفضل صلاتك على سيدنا عبدك ونبيك ورسولك محمد وآله وسلم عليه تسليما كثيرا، وزده شرفا وتكريما، وأنزله المنزل المقرب عندك يوم القيامة» ) اهـ ولا شك أن الكيفية التي ذكرتها مشتملة على جميع ما في هذه وزيادة، فلتكن أولى منها وأفضل. ونقل ابن مسدي عن جمع من الصحابة رضي الله تعالى عنهم أجمعين ومن بعدهم: أن هذا لا يوقف فيه مع المنصوص، وأن من رزقه الله تعالى بيانا، فأبان عن المعاني بالألفاظ الفصيحة المباني، الصريحة المعاني، مما يعرب عن كمال شرفه صلى الله عليه وسلم، وعظيم حرمته.. كان ذلك واسعا، واحتجوا بقول ابن مسعود رضي الله تعالى عنه: (فأحسنوا الصلاة على نبيكم صلى الله عليه وسلم؛ فإنكم لا تدرون لعل ذلك يعرض عليه) . وحاول بعضهم كيفية تجمع جميع ما مر من الوارد، وهي: (اللهم؛ صلّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 104 وبارك وترحم على محمد عبدك ونبيك ورسولك النبي الأمي، سيد المرسلين، وإمام المتقين، وخاتم النبيين، إمام الخير، وقائد الخير، ورسول الرحمة، وعلى أزواجه أمهات المؤمنين، وذريته وأهل بيته، وآله وأصهاره وأنصاره، وأتباعه وأشياعه ومحبيه، كما صليت وباركت وترحمت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين، إنك حميد مجيد. وصلّ وبارك وترحم علينا معهم، أفضل صلاتك، وأزكى بركاتك، كلما ذكرك الذاكرون، وغفل عن ذكرك الغافلون، عدد الشفع والوتر، وعدد كلماتك التامات المباركات، وعدد خلقك، ورضا نفسك، وزنة عرشك، ومداد كلماتك، صلاة دائمة بدوامك. اللهم؛ ابعثه يوم القيامة مقاما محمودا، يغبطه به الأولون والآخرون، وأنزله المقعد المقرب عندك يوم القيامة، وتقبّل شفاعته الكبرى، وارفع درجته العليا، وأعطه سؤله في الدنيا والآخرى، كما آتيت إبراهيم وموسى. اللهم؛ اجعل في المصطفين محبته، وفي المقربين مودته، وفي الأعلين ذكره، واجزه عنا ما هو أهله، خير ما جزيت نبيّا عن أمته، واجز الأنبياء كلهم خيرا. صلوات الله وصلوات المؤمنين على محمد النبي الأمي، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ومغفرته ورضوانه، اللهم؛ أبلغه منا السلام، واردد علينا منه السلام، وأتبعه من أمته وذريته ما تقرّ به عينه، يا رب العالمين) . وهذه وإن جمعت الألفاظ الواردة، لكن الكيفية التي قدمتها أبلغ منها؛ لاشتمالها على أصح الكيفيات، مع زيادة أبلغيّة متضمنة لمعاني جميع هذه الألفاظ وزيادة. واعلم أن صلاة التشهد التي مرّت عن النووي رحمه الله تعالى أنها أفضل الكيفيات.. لها كيفيات جاءت في الأحاديث الصحيحة وغيرها، كما قدمتها في (الفصل الثاني) ، فيحصل بكل منها المقصود، لكن قال الشافعي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 105 رضي الله تعالى عنه: الأفضل أن يقول- يعني في التشهد-: (اللهم؛ صلّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم، وبارك على محمد وآل محمد، كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم، إنك حميد مجيد) . ونقله النووي في «شرح المهذب» عن الأصحاب أيضا، وقال: (إنه الأولى، لكن بزيادة «على» قبل «آل» في الموضعين لثبوتها في روايات، قال: وينبغي أن يجمع ما في الأحاديث الصحيحة، فيقول: «اللهم؛ صلّ على محمد النبي الأمي، وعلى آل محمد وأزواجه وذريته، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمد النبي الأمي، وعلى آل محمد وأزواجه وذريته، كما باركت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم في العالمين، إنك حميد مجيد» ) «1» . زاد في «الأذكار» بعد (محمد) في (صلّ) فقط: (عبدك ورسولك) «2» ، وأسقط في «الفتاوى» : (النبي الأمي) في (وبارك) «3» ، واعترض بأنه فاته أشياء واردة تفضل ما زاده، أو تزيد عليه ك (أمهات المؤمنين) بعد (وأزواجه) ، ونحو (وأهل بيته) بعد (وذريته) ، وك (عبدك ورسولك) في (وبارك) ، ونحو (في العالمين) في الأولى، ونحو (إنك حميد مجيد) قبل (وبارك) ، ونحو (وترحم على محمد) ... إلخ (وصلّ علينا معهم) آخر التشهد؛ لورودها عند الترمذي وغيره. ومنازعة ابن العربي فيها بأنها تكرار بلا فائدة؛ لجريان قول في (الآل) بأنهم كل الأمة، وبالخلاف في الصلاة على غير الأنبياء، وبأن روايها انفرد بها.. مردودة بأن راويها ثبت، فلا يضر انفراده على أنه لم ينفرد.   (1) المجموع (3/ 430) . (2) الأذكار (170) . (3) فتاوى الإمام النووي (ص 48) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 106 [ الصلاة على غير الأنبياء تبعا ] والصلاة على غير الأنبياء تبعا لا خلاف في جوازها، وقد شرع الدعاء للآحاد بما دعا به النبي صلى الله عليه وسلم لنفسه في الحديث الصحيح: «اللهم؛ إني أسألك من خير ما سألك منه محمد صلى الله عليه وسلم» ، والتكرار إنما يأتي عند القائل بأن (الآل) كل الأمة، على أنه لا محذور في ذلك على هذا؛ لأنه من عطف الخاص على العام، ونكتته الاهتمام بالخاص، كما في: وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكالَ. واعترض الأذرعي ما مرّ عن النووي رحمه الله تعالى أيضا بأن التلفيق يستلزم إحداث صفة في التشهد لم ترد مجموعة في حديث واحد، فالأولى أن يأتي بأكمل الروايات، ويقول كل ما ثبت مرة، وسبقه لنحو ذلك بعض الحنابلة. وللعزّ بن جماعة اعتراض عليه في قوله: (ينبغي أن يأتي ب «إني ظلمت نفسي ظلما كبيرا كثيرا» ليجمع بين الروايتين) ، ورددته عليه في «حاشية الإيضاح» في (مبحث الوقوف) «1» ، فاستحضر نظيره هنا.. يظهر لك صحة   (1) قال المؤلف رحمه الله تعالى في «حاشيته على الإيضاح» (ص 330) : (قال المصنف- يعني الإمام النووي-: «ينبغي أن يجمع بينهما، أي: لأنه حينئذ يتيقن النطق بما نطق به صلى الله عليه وسلم، وزيادة لفظة على الوارد لا تخرجه عن كونه نطق بالوارد، وبذلك يندفع قول ابن جماعة: ليس فيما ذكره إتيان بالسّنّة؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لم ينطق بهما، وإنما الذي ينبغي: أن يدعو مرة بالمثلاثة، ومرة بالموحدة؛ لنطقه حينئذ بالوارد يقينا» اهـ على أن ما قاله المصنف فيه إتيان بالوارد يقينا في كل مرة بخلاف ما ذكره ابن جماعة؛ فإنه ليس فيه إتيان به إلا في مرة من كل مرتين. فإن قلت: لا يحتاج إلى ذلك- أي: إلى الجمع بين اللفظتين- ويحتمل اختلاف الروايتين على أنه صلى الله عليه وسلم نطق بكل منهما، فالنطق بكل سنة وإن لم ينطق بالآخرى؛ فلا يحتاج للجمع، ولا أن يقول هذا مرة وهذا مرة.. قلت: هو محتمل، لكن ما ذكراه أحوط فقط؛ لاحتمال أن أحد الروايتين بالمعنى وإن كان بعيدا، كيف؟! وقد قال المصنف في «شرح مسلم» (1/ 178) في قول ابن الصلاح في رواية تقديم الحج على الصوم في خبر «بني الإسلام على خمس» : يحتمل أنها رواية بالمعنى: «هذا- الجزء: 1 ¦ الصفحة: 107 اتجاه ما ذكره النووي رحمه الله تعالى. واعترضه الإسنوي بأنه يلزمه أن يجمع الأحاديث الواردة في التشهد، ورددته عليه في «شرح العباب» ، ويفرق بين ما هنا والقراآت؛ حيث لم يقل أحد من الأئمة باستحباب التلاوة بجميع الألفاظ المختلفة في الحرف الواحد، وإن أجازه بعضهم عند التعلم للتمرن.. بأنا متعبّدون بالإتيان بألفاظ القرآن على الكيفية الواردة، فلم يشرع لنا تغييرها بخلاف نحو ألفاظ الصلاة؛ فإن القصد بالذات معاني ألفاظها، دون نفس ألفاظها، فلم يتعين رعاية ذلك، وشرع لنا الإتيان بكل ما فيه زيادة في المعنى المطلوب من ذلك، وهو زيادة تعظيمه صلى الله عليه وسلم وتوقيره. إذا تقرر ذلك.. فالذي يظهر: أنه متى كان بين لفظين واردين ترادف.. تخيّر بين أن يأتي بهذا أو بهذا، وإلا: فإن أفاد كلّ ما لا يفيده الآخر.. أتى بكل منهما، وإن أفاد أحدهما معنى الآخر وزيادة.. أتى بما يفيد الزيادة، هذا كله إن استويا صحة، وإلا آثر الصحيح. واعلم أن مذهبنا أنه لا يتعين اللفظ الوارد في الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم في الصلاة، وقيل: يتعين؛ فعلى الأول: يكفي (اللهم؛ صلّ على محمد) وكذا (صلى الله على محمد) على الأصح؛ لأن الدعاء بلفظ الخبر آكد، بخلاف (الصلاة على رسول الله) صلى الله عليه وسلم لا يجزىء اتفاقا؛ لأنه ليس فيه إسناد الصلاة إلى الله سبحانه وتعالى، فليس في معنى الوارد.   - ضعيف؛ إذ باب احتمال التقديم والتأخير في مثل هذا قدح في الرواة والروايات؛ فإنه لو فتح ذلك.. لم يبق لنا وثوق بشيء من الروايات إلا القليل، ولا يخفى بطلان هذا وما يترتب عليه من المفاسد، وتعلق من يتعلق به ممن في قلبه مرض، ولأن الروايتين قد ثبتتا في الصحيح، هما صحيحتا المعنى، لا تنافي بينهما» اهـ ملخصا. وبتأمله يعلم قوة ما ذكرته من أن النطق بكل سنة، وأنه لا يحتاج للجمع المذكور إلا لمجرد الاحتياط) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 108 ومن ثمّ قال النيسابوري: لا يكفي صليت على محمد؛ لأن مرتبة العبد تقصر عن ذلك، بل يسأل ربه أن يصلّي عليه، وحينئذ فالمصلّي حقيقة هو الله تعالى، وتسمية العبد مصليا عليه مجاز عن سؤاله الصلاة من الله تعالى عليه. ويؤيده قول أبي اليمن ابن عساكر: (حسن قول من قال: لمّا أمرنا الله تعالى بالصلاة على رسوله صلى الله عليه وسلم.. لم نبلغ معرفة فضيلتها، ولم ندرك حقيقة مراد الله عزّ وجل فيه، فأحلنا ذلك إلى الله سبحانه وتعالى، فقلنا: اللهم؛ صل أنت على رسولك؛ لأنك أعلم بما يليق به، وبما أردته له صلى الله عليه وسلم) . [ عدم جواز إبدال لفظ (محمد) ب (أحمد) ، وبالضمير في التشهد ] ويجوز إبدال لفظ (محمد) ب (النبي) و (رسول الله) ، لا ب (أحمد) ، ولا بالضمير، وإن سبق ما يعود عليه؛ لأن العلم يشبه المتعبد به؛ فلم يجزىء نظيره، وأجزأ عنه الوصف؛ لأنه أعلى منه، وظاهر أنه لا يجزيء (الرسول) بدل (النبي) لقول الشافعي رضي الله عنه، كما نقله البيهقي والعبّادي: (يكره أن يقال: «قال الرسول» ، ولكن «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم» تعظيما له) «1» أي: لأن لفظ الرسول يشمل غير النبي، فلا تعظيم فيه، ولا ينافيه قوله تعالى: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ لأنه سبحانه وتعالى يخاطب عبده بما شاء، على أن فيه غاية التعظيم؛ إذ معناه: يا أيها الرسول عنّي، بخلافه من غيره؛ فإنه ليس نصّا في ذلك، وإن قال عقبه: صلى الله عليه وسلم. ولا تجزىء الصلاة إلا بعد فراغ جميع التشهد، لأنها ركن مستقل، فوجب الترتيب بينهما، ووقع لبعضهم هنا وهم، فاحذره. وإنما اكتفي في الوجوب ب (اللهم؛ صلّ على محمد) مثلا، مع مخالفته للكيفيات الواردة في تعليم الصلاة؛ لأن الوجوب ثبت بنص القرآن بقوله   (1) مناقب الشافعي (1/ 224) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 109 تعالى: صَلُّوا عَلَيْهِ فلما سأل الصحابة عن الكيفية، وعلّمها النبيّ صلى الله عليه وسلم لهم، واختلف النقل لتلك الألفاظ.. اقتصر على ما اتفقت عليه الروايات، وترك الزائد عليه، كما في التشهد؛ إذ لو وجب المتروك.. لما سكت عنه. وقيل: يجب ذكر إبراهيم؛ لأن أقل ما وقع في الروايات: «اللهم؛ صلّ على محمد، كما صليت على إبراهيم» ، وردّ بأنه ورد بدون ذكره في حديث زيد بن خارجة عند النسائي بسند قويّ، ولفظه: «صلوا عليّ، وقولوا: اللهم؛ صلّ على محمد، وعلى آل محمد» «1» ، ونظر فيه بأنه من اختصار بعض الرواة؛ فإن النسائي أخرجه من هذا الوجه تامّا، ويردّ بأن إخراجه له كذلك لا يعيّن الاختصار؛ لجواز أن يكون سمعه مرتين، مختصرا وتامّا، فتمت الحجة به؛ لأن الأصل عدم الاختصار. [ الصلاة عليه ص خارج الصلاة بصيغة الطلب أفضل منها بصيغة الخبر ] والإتيان خارج الصلاة بصيغة الطلب.. أفضل منه بصيغة الخبر؛ لأنها الواردة عقب التشهد، وأجيب عن إطباق المحدثين على الإتيان بها خبرا بأنه مما أمرنا به من تحديث الناس بما يعرفون؛ إذ كتب الحديث يجتمع عند قراءتها أكثر العوام، فخيف أن يفهموا من صيغة الطلب أن الصلاة عليه لم توجد من الله سبحانه وتعالى بعد، وإنما طلبنا حصولها له، فأتي بصيغة يتبادر إلى أفهامنا منها الحصول، وهي مع إبعادهم من هذه الورطة متضمنة للطلب الذي أمرنا به. [ الحكمة من اقتصاره ص في كثير من الروايات على اسمه العلم ] وحكمة اقتصاره صلى الله عليه وسلم في كثير من الروايات السابقة على اسمه العلم بقوله: «قولوا: اللهم؛ صلّ على محمد» ، مع أنه في مقام تعليمهم ما هو اللائق به صلى الله عليه وسلم.. أنه آثر التواضع لربه سبحانه وتعالى، أو مع أبيه إبراهيم فإنه ذكره باسمه العلم، ولم يأت له بوصف؛ إشارة إلى أن شهرة عظيم أوصافه تغني عن ذكرها، وإتباعه في بعض الروايات   (1) أخرجه النسائي في «الكبرى» (1216) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 110 السابقة ب «عبدك ونبيك ورسولك ... » إلخ؛ لبيان ما يقتضيه حق مقام النبوة من مزيد التأدب معه بذكر عظيم أوصافه. والحاصل: أن شهوده صلى الله عليه وسلم كان يتفاوت، فتارة يؤثر مقام التواضع وهو الأكثر في الروايات، وتارة يؤثر بيان ما هو الواقع؛ مبالغة في نصح الأمة وإرشادهم إلى الأولى والأكمل، وقد يجب هذا كما في (السلام عليك أيها النبي) في التشهد؛ فإنه لا يجزىء غير هذا اللفظ، اقتصارا على الوارد لتطابق جميع روايات التشهد عليه، بخلاف روايات تعليم كيفية الصلاة؛ فإنها اختلفت كما مرّ. وحكمة اتفاقها ثمّ واختلافها هنا: أنه هنا مقتض للتواضع، وهو مقابلة اسمه باسم أبيه إبراهيم صلى الله عليهما وسلم، فاثره في الأكثر كما مرّ، وفي التشهد لا مقتضى له، فاثر ما هو الأنفع للأمة، وهو إتيانهم بما هو الأليق بكماله صلى الله عليه وسلم. واقتصر صلى الله عليه وسلم على اسمه محمد في حديث الترمذي الآتي في (الخامس والثلاثين من الأحوال التي تستحب فيها الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم) ، حيث علّم الأعمى أن يقول: «يا محمد؛ إني متوجه بك إلى ربي ... » إلخ «1» ؛ لأنه في مقام الدعاء والتوسل به صلى الله عليه وسلم، فكان التواضع أليق به، على أنه بيّن حق المقام بقوله قبل (يا محمد) : (نبيك نبي الرحمة) فتأمل ذلك، وأعرض عمّا سواه. وحكمة قول عيسى في حديث الشفاعة: «اذهبوا إلى محمد» .. الإعلام بمقامه المحمود الذي اختص به ذلك اليوم، ولهذا يقال له صلى الله عليه وسلم لمّا يخر ساجدا لربه سبحانه وتعالى: «يا محمد؛ ارفع رأسك» «2» إشعارا بذلك، وبقبول شفاعته صلى الله عليه وسلم، ومن ثم قيل له عقبه:   (1) سيأتي تخريجه (ص 242) . (2) أخرجه البخاري (4712) ، ومسلم (194) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 111 «قل.. يسمع لك» «1» ، ولمّا خلا نداؤنا له صلى الله عليه وسلم في حياته وبعد موته ب (يا محمد) عن التعظيم.. كان حراما، كما يأتي أواخر الكتاب. [المسألة] الثالثة: صرح النووي رحمه الله تعالى في «أذكاره» وغيره بكراهة إفراد الصلاة عن السلام وعكسه، واستدل بورود الأمر بهما معا في الآية «2» ، واعترض بما مرّ في الأحاديث من أن تعليم التسليم تقدم قبل تعليم الصلاة، فأفرد التسليم مدة قبل الصلاة في التشهد، ويردّ بأن الإفراد في ذلك الزمن لا حجة فيه؛ لأنه لم يقع منه صلى الله عليه وسلم قصدا، كيف والآية ناصّة عليهما؟! وإنما يحتمل أنه علّمهم السلام، وظن أنهم يعلمون الصلاة، فسكت عن تعليمهم إياها، فلما سألوه عن تعليمها.. أجابهم لذلك، على أنه لا إفراد حقيقة، لما يأتي في معنى قولهم: (كيف نصلي عليك) ، والحق أن المراد بالكراهة خلاف الأولى؛ إذ لم يوجد هنا مقتضيها من النهي المخصوص، وما وقع في «الأم» وغيرها من الإفراد خطا لا دليل فيه؛ لاحتمال الجمع لفظا. فإن قلت: الإفراد خطا مكروه أيضا على ما صرح به غير واحد.. قلت: هو وإن صرح به الزين العراقي وغيره.. فيه نظر؛ فقد وقع من الشافعي وغيره كما تقرر، وهو يرد على من ادعى الكراهة. قيل: والمراد بالسلام في قولهم: (أما السلام عليك فقد عرفناه) .. سلام التحلل من الصلاة، وهو بعيد جدا، والأظهر- بل الصواب-: أنه ما علّمه لهم في التشهد، وهو: (السلام عليك أيها النبي) . ومما ورد في فضل السلام عليه صلى الله عليه وسلم حديث: «لمّا كانت ليلة بعثت.. ما مررت بشجر ولا حجر إلا قال: السلام عليك يا رسول الله» «3» .   (1) أخرجه البخاري (7510) ، ومسلم (193) . (2) الأذكار (ص 214) . (3) ذكره الإمام السخاوي في «القول البديع» (ص 159) ، وأخرجه البيهقي بنحوه في «دلائل- الجزء: 1 ¦ الصفحة: 112 وحديث: «إني لأعرف حجرا بمكة كان يسلم عليّ قبل أن أبعث» «1» ، وفي لفظ: «إن بمكة حجرا كان يسلم عليّ ليالي بعثت، إني لأعرفه إذا مررت عليه» «2» ، وفيه إيماء إلى ما اشتهر على ألسنة الخلف عن السلف أنه الحجر البارز الآن بزقاق المرفق؛ لأنه كان على ممرّه صلى الله عليه وسلم إلى بيت خديجة. [ معنى السلام عليه ص ] وحديث: «علّم جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يتوضأ، فتوضأ ثم صلى ركعتين ثم انصرف؛ فلم يمر على حجر ولا مدر.. إلا وهو يسلم عليه يقول: سلام عليك» «3» . واختلف في معناه: فقيل: (السلام) الذي هو من أسماء الله تعالى (عليك) أي: لا خلوت من الخير والبركة، وسلمت من كل مكروه؛ لأن اسم الله تعالى المنقول من معنى إذا ذكر على شيء.. أفاده ذلك. وقيل: بمعنى السلامة من المذام والنقائص؛ فمعنى (اللهم سلم عليه) : اللهم اكتب له في دعوته وأمته وذكره السلامة من كل نقص؛ لتزداد دعوته على ممر الأيام علوا، وأمته تكاثرا، وذكره ارتفاعا. وقيل: من المسالمة والانقياد، وعلى الأخيرين إنما عدّي ب (على) لأنّ المعنى: قضى الله به عليك، وقضاؤه تعالى إنما ينفذ في العبد من أجل ملكه وسلطانه الذي عليه؛ فلإفادة (على) ذلك كانت أبلغ من (لك) . [ حكمة الالتفات من الغيبة إلى الخطاب في التشهد ] وخوطب بالحضور مع أن سياق التشهد يقتضي الغيبة؛ لأن المصلي لمّا   - النبوة» (6/ 69) . (1) أخرجه مسلم (2277) ، وابن حبان (6482) ، وأحمد (5/ 89) ، وغيرهم. (2) أخرجه الترمذي (3624) ، والطبراني في «الكبير» (2/ 245) ، وأحمد (5/ 105) . (3) لم نجده بتمامه، وعزا الإمام الهيثمي في «مجمع الزوائد» (8/ 262) شطره الثاني إلى البزار. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 113 استفتح باب الملكوت بالتحيات.. أذن له بالدخول في حرم الحي الذي لا يموت، فقرّت عينه بالمناجاة، فنبّه على أن ذلك بواسطة نبي الرحمة وبركة متابعته، فالتفت فإذا الحبيب حاضر ثمّ، فأقبل عليه قائلا (السلام عليك ... ) إلخ. ولا يعارض وجوب الخطاب الخبر الدالّ على اختصاص ذلك بحياته صلى الله عليه وسلم، وهو ما صح عن ابن مسعود: (أنهم كانوا في حياته صلى الله عليه وسلم يقولون في التشهد: السلام عليك أيها النبي، فلما قبض.. قالوا السلام على النبي) «1» لما بينته في «شرح العباب» «2» . وأيضا: فلفظه ليس صريحا في أن هذا إجماع، وإنما هو حكاية عن جمع، وليس حجة على غيرهم، على أنه يلزمهم أحد أمرين: إما أنهم في بعدهم عنه في حياته بنحو سفر كانوا لا يخاطبونه، فينافي عموم قوله: (كانوا   (1) أخرجه البخاري (6265) ، والبيهقي (2/ 138) ، وأبو عوانة (2022) ، وغيرهم. (2) في هامش (ج) : (قال شيخنا في «شرحه على العباب» : وخوطب صلى الله عليه وسلم كأنه إشارة إلى أنه تعالى يكشف له عن المصلين من أمته حتى يكون كالحاضر معهم بأفضل أعمالهم، وليكون بذلك حضوره سببا لمزيد الخشوع والحضور، ثم رأيت الغزالي قال في «الإحياء» : «وقبل قولك: السلام عليك أيها النبي.. أحضر شخصه الكريم في قلبك، وليصدق أملك في أنه يبلغه ويرد عليك بما هو أوفى» اهـ ولا ينافي ما تقرر قول ابن مسعود: «كنا نقول في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم: السلام عليك أيها النبي، فلما قبض صلى الله عليه وسلم.. قلنا: السلام على النبي» وذلك؛ لأن هذا اللفظ رواية أبي عوانة، ورواية البخاري الأصح منها بينت أن ذلك ليس في قول ابن مسعود، بل من فهم الراوي عنه، ولفظها: «فلما قبض.. قلنا: سلام» يعني: على النبي، فقوله: «قلنا: سلام» يحتمل أنه أراد به استمررنا على ما كنا عليه في حياته، ويحتمل أنه أراد أعرضنا عن الخطاب، وإذا احتمل اللفظ.. لم يبق فيه دلالة، وحيث لم يبق فيه دلالة.. لم يصح لمعارضة وجوب الخطاب؛ إذ وجوب الخطاب عرف واستمر، إذ لم يعارضه ما يستدل به على الإعراض.. الخطاب في لفظ ابن مسعود على رواية البخاري، ولا ينظر إلى لفظ أبي عوانة؛ إذ رواية البخاري أصح، وقد بينت أن لفظ ابن مسعود ليس فيه على النبي، وإنما هو: «قلنا: سلام» ففهم الراوي أن المراد: سلام على النبي، فقال: على النبي) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 114 في حياته يقولون: السلام عليك) ، وإما أنهم يخاطبونه، فهو في مماته كهو حال بعدهم عنه في حياته؛ إذ هو حي في قبره يصلي كما يأتي «1» . ووصف أولا بالنبوة هنا، ثم بالرسالة آخر التشهد؛ لأنهما كذلك وجدتا في الخارج لتقدم نبوته على رسالته بنحو ثلاث سنين، كما بينته في أول «شرح الشمائل» «2» . وقدم السلام على الصلاة هنا عكس الآية؛ لأن الغرض المقصود منها التعليم والإتيان بالمأمور به، وذلك يبدأ فيه بالأهم الأحق بالمعرفة والفعل، وهو الصلاة؛ لأنها لعلوّ مقامها اختصت بالله تعالى وملائكته، ولأنها تستلزم السلام بمعنى التحية بخلاف السلام؛ فإن من معانيه ما لا يتأتى في حق الله تعالى وملائكته، وهو الانقياد والإذعان كما مرّ، وأيضا: فهو لا يستلزم الصلاة، فكان دونها في الرتبة. ومبنى الصلاة ذات الأركان على أنه يترقى فيها من الأدنى إلى الأعلى في كل مقام من مقاماتها، وتشهّدها الأخير هو غايتها، فبدىء فيه بالثناء على الله تعالى بأكمل الأوصاف وأجمعها، وهو إثبات التحيات وما بعدها لله تعالى على الوجه الأكمل الأبلغ، وهذا هو الغاية المطلوبة من الصلاة بالنسبة إلى تعظيم الله سبحانه وتعالى والخضوع [له] .   (1) قول المصنف رحمه الله تعالى: (كهو حال بعدهم) .. كثيرا ما يستعمله الفقهاء، وهو قليل، فإن الكاف لا تجرّ إلا الظاهر فقط، وجرها ضمير الغائب المرفوع والمنصوب.. شاذ من جهتين: كون مدخولها ضميرا، وكون ذلك الضمير ضمير رفع أو نصب. انظر «حاشية الصبان على الأشموني» (2/ 209) . (2) قال المؤلف رحمه الله تعالى في كتابه «أشرف الوسائل إلى فهم الشمائل» (ص 46) بعد أن ساق قصة نزول الوحي عليه صلى الله عليه وسلم في غار حراء، وفتور الوحي بعد ذلك ثلاث سنين، ثم نزول (يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ) : (وبان بما تقرر أن نبوته كانت متقدمة على رسالته، وبه صرح أبو عمر وغيره، وعليه يحمل قول صاحب «الأصول» : «الصحيح عند أهل العلم بالأثر أنه بعث على رأس ثلاث وأربعين سنة» اهـ فكان في (اقرأ) نبوته، وفي (المدثر) رسالته بالنذارة والبشارة والتشريع؛ لأن هذا قطعا متأخر عن الأول) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 115 ثم لمّا تمّ هذا المقام.. انتقلنا لمقام من وصلت لنا تلك الهداية الباهرة على يديه، فابتدأناه بمخاطبته بالسلام عليه؛ إشارة إلى حضوره معنا بالمعنى، ثم بالسلام على خلفائه في الهداية والبلاغ، وهم الصالحون، ثم ختمنا ذلك بمقام التوحيد الذي به ينتظم شمل تينك المرتبتين؛ مرتبة الثناء على الله تعالى، والثناء على رسوله صلى الله عليه وسلم وخلفائه. ثم لمّا تمّ ذلك انتقلنا إلى أعلى ما يستحقه صلى الله عليه وسلم علينا من الثناء، وهو الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم، فختمنا به، وجعلناه وصلة إلى استجابة دعائنا الذي أمرنا به عقبه، فتأمل ذلك وتدبره.. تعلم فرقان ما بينه وبين غيره مما أطيل به في الجواب عن ذلك، مع أنه لا يجدي شيئا، كما يعلمه من وقف عليه. [المسألة] الرابعة: اختلف في المراد بقولهم: كيف نصلّي عليك؟ فقيل: هو سؤال عن صفتها لا عن جنسها؛ لأنهم فهموا أصلها، فسألوا عن الصفة اللائقة به صلى الله عليه وسلم ليستعملوها. وقيل: عن معناها، وبأي لفظ تؤدّى؛ لأن لفظها المأمور به في قوله تعالى: صَلُّوا عَلَيْهِ يحتمل الرحمة والدعاء والتعظيم، فسألوا: بأيّ لفظ يؤدّى ذلك؟ والأرجح الأول، كما قاله الباجي وغيره، وجزم به القرطبي؛ لأن لفظ (كيف) ظاهر في الصفة، وأما الجنس فيسأل عنه ب (ما) . والحامل لهم على ذلك أن السلام لمّا ورد في التشهد بلفظ مخصوص.. فهموا أن الصلاة أيضا تقع بلفظ مخصوص، ولم يفروا إلى القياس لتيسر الوقوف على النص، سيما والأذكار يراعى فيها اللفظ ما أمكن، فوقع الأمر كما فهموه؛ فإنه لم يقل لهم: كالسلام، بل علّمهم صفة أخرى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 116 [المسألة] الخامسة: في بيان ألفاظ مرّت في صلاة التشهد: منها: [معنى قوله: (اللهم) ] (اللهم) كلمة كثر استعمالها في الدعاء، وهي بمعنى: يا ألله، ف (الميم) عوض عن (يا) ، ومن ثمّ لا يجمع بينهما إلا نادرا، ولا يقال: اللهم عفو، بل اعف، أو عفوا بالنصب، وقيل: ميمها ك (واو) الجمع؛ أي: يا من اجتمعت له الأسماء الحسنى، وشدّدت لتكون عوضا عن علامة الجمع، ومن ثمّ جاء عن الحسن البصري: أنها مجتمع الدعاء، وعن النضر بن شميل: من قالها.. فقد سأل الله تعالى بجميع أسمائه، وعن أبي رجاء: أن في مادتها تسعة وتسعين اسما من أسمائه تعالى. [ معنى قوله: (محمد) ] و (محمّد) : علم منقول من اسم مفعول المضعّف، لمن كثرت خصاله المحمودة، وقد كثرت محامده صلى الله عليه وسلم حتى صار هو صاحب المقام المحمود، الذي يغبطه به الأولون والآخرون، ويحمده فيه أهل الموقف كلّهم، فجمعت له معاني الحمد وأنواعه، وجعل لواؤه صلى الله عليه وسلم لواء الحمد، وهو اللواء الجامع الذي دخل تحته آدم ومن دونه، ومما يدل على عظم موقعه: أنه تعالى يلهمه نبيّه صلى الله عليه وسلم حين يخر ساجدا. ولم يسمّ ب (أحمد) أحد قبله صلى الله عليه وسلم ولا ب (محمد) ، لكن لما شاع قبيل ولادته صلى الله عليه وسلم أن نبيا يبعث اسمه محمد.. سمّى قوم من العرب أبناءهم بذلك؛ رجاء أن يكون أحدهم هو، والله أعلم حيث يجعل رسالته، وعدتهم خمسة عشر، خلافا لما في «الشفا» و «الروض» «1» ، وفيه كبقية أسمائه صلى الله عليه وسلم أبحاث بينت المهم   (1) قال الإمام محمد بن يوسف الصالحي الشامي في «سبل الهدى والرشاد» (1/ 503) : (والذين سمّوا محمدا في الجاهلية دون العشرين، وحمى الله تعالى هؤلاء أن يدّعي أحد منهم النبوة، أو يدعيها أحد له، أو يظهر عليه شيء من سماتها، حتى تحققت لنبينا صلى الله عليه وسلم) وذكرهم ستة عشر: - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 117 منها في «شرح الشمائل» «1» .   - محمّد بن أحيحة بن الجلاح بن الحريش، ومحمّد بن أسامة بن مالك بن حبيب بن العنبر، ومحمّد بن البرّ بن طريف بن عتوارة، ومحمّد بن الحارث بن حديج بن حويص، ومحمّد بن حرماز، ومحمّد بن حمران بن أبي حمران، ومحمّد بن خزاعي، ومحمّد بن خولي الهمداني، ومحمّد بن سفيان بن مجاشع جدّ جدّ الفرزدق، ومحمّد بن عديّ بن ربيعة بن سواد بن جشم، ومحمّد بن عمر بن مغافل، ومحمّد بن اليحمد، ومحمّد بن يزيد بن عمرو بن ربيعة، ومحمّد الأسديّ، ومحمّد الفقيمي، ومحمّد بن عقبة بن أحيحة بن الجلاح الأوسي، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في «فتح الباري» (6/ 556) في الأخير والأول: (لا أدري أهما واحد نسب مرة إلى جده، أم هما اثنان) . وذكرهم القاضي عياض ستة لا سابع لهم فقال في «الشفا» (ص 287) : (هم: محمد بن أحيحة بن الجلاح الأوسي، ومحمد بن مسلمة الأنصاري، ومحمد بن براء البكري، ومحمد بن سفيان بن مجاشع، ومحمد بن حمران الجعفي، ومحمد بن خزاعيّ السّلمي) . وذكرهم السهيلي في «الروض الأنف» (2/ 95) ثلاثة: (هم: محمد بن سفيان بن مجاشع جد الفرزدق الشاعر، والآخر محمد بن أحيحة بن الحريش، والآخر محمد بن حمران بن ربيعة) . (1) في هامش (ج) : (قال شيخنا المؤلف في «شرحه على الشمائل» : إذ صيغة التفعيل في محمد منبئة على التضعيف والتكثير إلى ما لا نهاية له، وصيغة أفعل في أحمد منبئة عن الوصول لغاية ليس وراءها منتهى؛ إذ معنى أحمد: أحمد الحامدين لربه بما يفتح عليه يوم القيامة بمحامد لم يفتح بها على أحد قبله، فيحمد ربه بها؛ ولذا يعقد له لواء الحمد ثمّ، ولم يكن محمدا حتى كان أحمد، حمد ربه فكناه وشرفه؛ ولذلك تقدم في قول موسى: «اللهم؛ اجعلني من أمة أحمد» ، وقول عيسى: اسْمُهُ أَحْمَدُ [الصف: 6] على محمد؛ لأن حمده لربه كان قبل خلق حمد الناس له، فلما وجد وبعث.. كان محمدا بالفعل، فبأحمد ذكر قبل أن يذكر بمحمد، وكذلك في الشفاعة يحمد ربه بتلك المحامد التي لم يفتح بها على أحد قبله، فيكون أحمد الحامدين لربه، ثم يشفع فيحمد على شفاعته، فتقدم أحمد ذكرا ووجودا ودنيا وأخرى. هذا حاصل كلام السهيلي [الروض (2/ 96) ] ، وجرى عليه القاضي في «الشفا» [ص 286] وغيره، وهو أظهر من دعوى ابن القيم في أحمد: أنه قيل فيه: إنه بمعنى مفعول؛ أي: إنه أولى الناس بأن يحمد، فهو بمعنى: محمد وإن تفارقا: أن محمدا كثير خصال يحمد عليها، وأحمد: هو الذي يحمد أفضل مما يحمد غيره، ولو أريد أكثر حمدا لربه.. لكان أولى به الحمّاد، ومن مزاياهما مساواتهما لحروف الجلالة، ومن مزايا محمد موافقته لمحمود من أسمائه تعالى، ومن ثمّ- الجزء: 1 ¦ الصفحة: 118 [ معنى قوله: (الأمي) ] و (الأميّ) - بالتشديد-: منسوب إلى الأم، وهو الذي لا يكتب ولا يقرأ المكتوب، كأنه على أصل ولادة أمه أو مثلها؛ إذ الغالب في النساء عدم الكتابة، وقيل: نسبة لأم القرى، وقيل: للأمة التي لا تقرأ ولا تكتب في الأغلب، وهم العرب، وقيل: للأمة لكثرة اهتمامه بها، وقيل: لأم الكتاب لنزولها عليه، أو لدعائه إلى التصديق بها، وقد كان عدم الكتابة معجزة لنبينا صلى الله عليه وسلم مع ما أوتيه من العلوم التي لا حدّ لها ولا غاية، ووقوع الكتابة منه في قصة الحديبية على الخلاف فيه.. معجزة له أيضا. [ معنى قوله: (أزواجه) ] و (أزواجه) صلى الله عليه وسلم: - أولهن: خديجة رضي الله تعالى عنها، تزوجها وهي بنت أربعين، وهو ابن خمس وعشرين سنة، وبقيت معه إلى أن أكرمه الله تعالى برسالته، فامنت به ونصرته، وكلّ أولاده عليه الصلاة والسلام منها إلا إبراهيم؛ فإنه من سرّيّته مارية القبطية، وماتت قبل الهجرة بثلاث سنين في الأصح. - ثم سودة بنت زمعة، تزوجها قبل أن تفرض الصلاة على الجنازة بعد موت خديجة بأيام، وماتت سنة ثلاث وعشرين. - ثم عائشة رضي الله تعالى عنها، ولم يتزوج صلى الله عليه وسلم بكرا غيرها، وبنى بها في شوال- ثامن شهور الهجرة- وهي بنت تسع، ماتت في رمضان سنة ثمان وخمسين. - ثم حفصة بنت عمر رضي الله تعالى عنهما، تزوجها في شعبان بعد ثلاثين شهرا من الهجرة، توفيت رضي الله تعالى عنها في شعبان سنة خمس وأربعين.   - قال حسان [في «ديوانه» (1/ 306) من الطويل] : وشقّ له من إسمه ليجلّه ... فذو العرش محمود وهذا محمد قيل عن كعب: إن اسم محمد مكتوب على ساق العرش في السماوات السبع، وفي قصور الجنة، وورق طوبى، وسدرة المنتهى، وأطراف الحجب، وبين أعين الملائكة، وعلى ورد الدنيا بالهند، وعلى جنب سمكة، وأذن أخرى) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 119 - ثم زينب بنت خزيمة الهلالية، وتكنى: أمّ المساكين؛ لكثرة نفقتها عليهم، تزوجها في رمضان من السنة الثالثة، ثم ماتت بعد ثمانية أشهر، ولم يمت منهن بعد الهجرة بالإجماع في حياته غيرها. - ثم أمّ سلمة، تزوجها أواخر شوال سنة أربع، وماتت سنة اثنتين وستين. - ثم زينب بنت جحش تزوجها لهلال ذي القعدة سنة أربع على الأصح، وماتت سنة عشرين. - ثم جويرية بنت الحارث المصطلقيّة تزوجها سنة ست، وماتت سنة ست وخمسين. - ثم ريحانة بنت شمعون من بني النضير إخوة قريظة، وقعت في سبي بني قريظة، فأعتقها صلى الله عليه وسلم وتزوجها بصداق خمس مئة درهم كبقية نسائه، وقيل: كانت سرّيّة، وماتت في حياته، وقيل: بعده. - ثم أم حبيبة بنت أبي سفيان الأموية، تزوجها صلى الله عليه وسلم وهي عند النجاشي سنة سبع، وأصدقها عنه أربع مئة دينار، وماتت بالمدينة بعد الأربعين. - ثم صفية الإسرائيلية، من ولد هارون أخي موسى صلى الله على نبينا وعليهما وسلم، تزوجها سنة سبع، وماتت سنة خمس- وقيل: اثنتين- وخمسين. - ثم ميمونة بنت الحارث الهلالية، تزوجها بسرف، وماتت سنة إحدى وخمسين، ودفنت به. فهؤلاء الاثنتا عشرة جملة من دخل بهن، وعقد على سبع ولم يدخل بهن «1» .   (1) لتمام الفائدة انظر «سبل الهدى والرشاد» (12/ 140- 155) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 120 تنبيه: جاء في رواية الاقتصار على (أزواجه) ، وفي أخرى وصفهن ب (أمهات المؤمنين) ، والأولى تشمل غير المدخول بهن بخلاف الثانية. وقاعدة أن المقيّد يحكم به على المطلق، والخاصّ يحكم به على العام.. تبين أن المراد المدخول بهن. [ معنى قوله: (الذرية) ] و (الذّرّية) - بضم المعجمة وقد تكسر-: نسل الإنسان من ذكر وأنثى، وقد تخص بالنساء والأطفال، ومنه ذراري المشركين من الذرء، وهو الخلق، ولكثرتها أسقط الهمز، وقيل: من ذرّ فرّق، أو من الذّر؛ لأنهم خلقوا أولا مثل الذر، وهو النّمل الصغير، وعليهما فلا أصل له في الهمز. ويدخل فيهم أولاد البنات اتفاقا على ما قاله ابن الحاجب، لكن ردّ بأن مذهب أبي حنيفة: أنهم لا يدخلون، وهو رواية عن أحمد. نعم؛ أجمعوا على دخول أولاد فاطمة في ذريته صلى الله عليه وسلم؛ خصوصية لهم لشرف هذا الأصل العظيم، والمحتد الكريم «1» . [ معنى قوله: (الآل) ] و (الآل) قيل: أصله أهل، قلبت الهاء همزة ثم سهلت، بدليل أهيل، وهذا هو المشهور، وهو مذهب سيبويه ومحققي النحاة، وقيل: أول من آل يؤول إذا رجع، بدليل أويل، حكاه الكسائي «2» ، ويختص بالإضافة إلى معظّم ك (حملة القرآن آل الله) «3» ، وإنما قيل: آل فرعون لتصوره بصورة   (1) المحتد: الأصل. (2) وفي ذلك يقول بعضهم من الرجز: قال الإمام سيبويه العدل ... ألأصل في آل لديهم أهل فأبدلوا الها همزة والهمزا ... قد أبدلوها ألفا ويعزى إلى الكسائي أن الاصل أول ... والواو منها ألفا قد أبدلوا وشاهد لأوّل أهيل ... وشاهد لآخر أويل (3) ذكره الحافظ ابن حجر في «لسان الميزان» (7/ 12) ، والكناني في «تنزيه الشريعة» - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 121 العظماء، ويضاف للضمير على الأصح، لا لغير العاقل، ويدخل المضاف إليه فيه ك (فعل آل فلان كذا) إلا بقرينة، ومنه «1» : قوله صلى الله عليه وسلم للحسن: «إنّا آل محمد لا تحل لنا الصدقة» «2» فإن ذكرا معا.. فلا كالفقير والمسكين. والمراد بهم هنا عند الشافعي والجمهور رضي الله تعالى عنهم: من حرمت عليهم الزكاة، وهم مؤمنو بني هاشم والمطلب، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم للحسن ما ذكر، وقوله: «وإنها لا تحل لمحمد، ولا لآل محمد» «3» . وقيل: أزواجه وذريته للتعبير بهما في رواية مكان «آله» ، وردّ بأنه صح الجمع بين الثلاثة، فدل على تغايرها. وقد يطلق الآل على الزوجات، كما في خبر عائشة: (ما شبع آل محمد من خبز مأدوم ثلاثا) «4» . وقيل: ذرية فاطمة خاصة. وقيل: ذرية عليّ والعباس وجعفر وعقيل وحمزة، وهم ورّاثه لو فرض أنه يورث، وبالغ بعضهم في الانتصار لهذا القول، فقال: من فسر الآل بغير هؤلاء.. فقد غلط، وليس كما زعم. وقيل: جميع قريش. وقيل: جميع أمة الإجابة، ومال إليه مالك، واختاره الأزهري وبعض   - (1/ 101) ، والعجلوني في «كشف الخفاء» (1/ 18) ، كلهم بلفظ: «أهل القرآن آل الله» . (1) أي: من دخول المضاف إليه في المضاف. (2) أخرجه ابن خزيمة (2347) ، وابن حبان (722) ، والطبراني في «الكبير» (3/ 76) . (3) أخرجه مسلم (1072/ 168) ، وابن خزيمة (2342) ، وابن حبان (4526) . (4) أخرجه البخاري (5438) ، ومسلم (2970) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 122 الشافعية، ورجّحه النووي في «شرح مسلم» «1» ، لكن قيده القاضي حسين وغيره بالأتقياء منهم، ويؤيده قوله تعالى: إِنْ أَوْلِياؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ، قيل: فيحمل كلام من أطلق عليه، وقيل: يبقى على إطلاقه بأن يراد بالصلاة الرحمة المطلقة، وخبر «آل محمد كل تقي» .. سنده واه جدا «2» ، وروي عن جابر من قوله بسند ضعيف «3» . وأفتى ابن عبد السلام (بأن الأولى الاقتصار على ما ورد من ذكر الآل والأزواج والذرية دون الأصحاب) «4» ، وهو ظاهر بالنسبة لصلاة التشهد، أما الصلاة خارج الصلاة.. فالأولى ذكر الصحب فيها؛ لأنها إذا أطلقت على جميع الآل ومنهم من ليس بصحابي.. فعلى الصحابي أولى. [ معنى قوله: (البركة) ] و (البركة) : النمو وزيادة الخير والكرامة، وقيل: التطهير من العيب، وقيل: استمرار ذلك، ومنه بركة الماء لإقامته فيها، وبرك البعير إذا لزم محله الذي أنيخ فيه، ويقال: للميمون مبارك؛ أي: محبوب مرغوب فيه؛ فمعنى (اللهم بارك على محمد) : اللهم أعطه من الخير أوفاه، وأدم ذكره وشريعته، وكثّر أتباعه، وعرّفهم من يمنه وسعادته أن تشفّعه فيهم، وتحلّهم دار رضوانك؛ فيجمع التبريك عليه الدوام والزيادة والسعادة، (وعلى آله) أن يعطوا من الخير ما يليق بهم، ويدام لهم ذلك. [ معنى قوله: (إبراهيم) ] و (إبراهيم) صلّى الله على نبينا وعليه وسلّم: هو ابن آزر على ما نطق به القرآن، وقيل: آزر عمه، كما أجمع عليه أهل الكتابين، والعمّ يسمى أبا، كما في: قالُوا نَعْبُدُ إِلهَكَ وَإِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ إذ إسماعيل عم   (1) «شرح مسلم» (4/ 124) . (2) أخرجه الطبراني في «الأوسط» (3356) ، والديلمي في «الفردوس» (1692) ، وانظر «كشف الخفاء» (1/ 19) . (3) عزاه الإمام السخاوي في «القول البديع» (ص 194) للبيهقي. (4) الفتاوى الموصلية (ص 36) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 123 يعقوب صلّى الله وسلّم على نبينا وعليهم «1» . [ معنى قوله: (آل إبراهيم) ] و (آله) : ذريته من ولديه إسماعيل وإسحاق؛ أي: المتقون منهم، ولا تجب الصلاة على الآل عند الشافعي والجمهور، بل نقل كثير الإجماع على ذلك، لكن فيه رواية عن أحمد، ونقل عن الشافعي رضي الله تعالى عنه، وقال به من أصحابه أبو إسحاق المروزي وغيره، قال البيهقي: وفي الأحاديث الصحيحة دلالة له، وأجيب عنه بجوابين أحسنهما، بل أصوبهما: أن جوابه صلى الله عليه وسلم ورد بزيادات ونقص، وإنما يحمل على الوجوب ما اتفقت الروايات عليه؛ إذ لو وجب الكل.. لما اقتصر في بعض الأوقات على بعضه. وإسقاط الصلاة على الآل جاء في رواية للبخاري في حديث أبي سعيد، لكنه أثبتها في البركة، مع أنهم لم يسألوه عن البركة، ولا أمر بها في الآية «2» . وأيضا: فحديث أبي حميد المتفق عليه ليس فيه الصلاة على الآل، ولا فيه ذكر البركة، وإنما فيه: «وعلى أزواجه وذريته» «3» . وبين الأزواج والآل عموم وخصوص من وجه، وبين الذرية والآل عموم وخصوص مطلق، وبنظير ذلك استدل على عدم وجوب التشبيه؛ لسقوطه في حديث خارجة، كما مر مع حكاية وجه فيه بالوجوب «4» . ومذهبنا: سنّ الصلاة على الآل في التشهد الأخير، دون الأول،   (1) استشهد المصنف رحمه الله تعالى- كما في النسخ التي بين أيدينا- بقوله تعالى: وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبائِي إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ [يوسف: 38] ، أضف إلى ذلك أنه وقع (إسماعيل) بدل قوله: (إسحاق) ، ولعل محل الاستشهاد هو في الآية التي أثبتت في النص، فليتنبه، والله أعلم. (2) البخاري (4798) . (3) البخاري (3369) ، مسلم (407) . (4) انظر (ص 110) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 124 واستشكله النووي بأنه ينبغي أن يسنّا جميعا أو لا يسنّا جميعا، ولا يظهر فرق مع الأحاديث الصحيحة المصرحة بالجمع بينهما، واستظهره غيره. ويجاب عنه: بأن من القواعد أنه يستنبط من النص معنى يخصّصه، وهو هنا أنه يلزم من ندب الصلاة على الآل في الأول.. ندب بقية الكيفية من التشبيه بإبراهيم وآله للأمر بالكل؛ فلا مخصص لبعضها، وفي ذلك تطويل للتشهد الأول، وهو خلاف المعروف. وأيضا: فقد جرى قول بوجوب ذلك في التشهد الأخير؛ ففي ندبه في الأول قياسا نقل ركن قوليّ على قول، وهو مبطل على قول، ولا شك أن الاحتياط للإبطال أولى وآكد. وظاهر كلام بعض الحنابلة وجوب (وبارك على محمد) في الصلاة، وابن حزم وجوبه ولو مرة في العمر، كذا قيل، والظاهر: أن أحدا من الفقهاء لا يوافق على ذلك. [ معنى قوله: (العالمون) ] و (العالمون) : جمع عالم، وهو: ما سوى الله تعالى، وقيل: العقلاء، وقيل: الإنس والجن، وقيل: والملائكة والشياطين، ولا واحد له، وجمع باعتبار أصنافه بالواو والنون؛ تغليبا للعقلاء لشرفهم. وأشار بقوله: «في العالمين» إلى اشتهار الصلاة والبركة على إبراهيم وآله فيهم، وانتشار شرفه وتعظيمه، وأن المطلوب لنبينا صلى الله عليه وسلم صلاة وبركة يشبهان ذينك فيما ذكر. [ معنى قوله: (الحميد) ] و (الحميد) : فعيل بمعنى محمود وأبلغ منه، وهو: من جمع أكمل صفات الحمد، وقيل: بمعنى حامد لأفعال عباده. [ معنى قوله: (المجيد) ] و (المجيد) : من المجد، وهو: الكرم، فهو بمعنى ماجد؛ أي: كريم. وختم بهما؛ لأن معناهما: أنه تعالى فاعل ما يستوجب به الحمد من النعم المترادفة، كريم بكثرة الإحسان إلى جميع عباده، فناسبا المطلوب قبلهما، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 125 من طلب ثناء الله تعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم وشرّف وكرّم، والتنويه به، وتكريمه بزيادة تقريبه، فهما كالتعليل لذلك، أو التذييل له. [ معنى قوله: (الأعلون) ] و (الأعلون) في الرواية السابقة- بفتح اللام-: الملائكة؛ لأنهم يسكنون السماوات، والأسفلون: الجن لسكناهم أسفل الأرض. [ معنى قوله: (المصطفون) ] و (المصطفون) فيها أيضا- بفتح الفاء-: المختارون من أبناء جنسهم، فهم بقية أولي العزم: نوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، وقيل: هم المصفّون من الدنس، وقيل: الصحابة، وقيل: الأمة. [ معنى قوله: (المقربون) ] و (المقرّبون) فيها أيضا هم: من الملائكة: خواصّهم المعنيون بقوله تعالى: لَا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ واختلف فيهم، فقيل: حملة العرش، وجزم به البغوي، وقيل: الكروبيّون الذين حوله «1» ، كجبريل وميكائيل، وقيل: مدبّر والأجرام السماوية، وقيل: هم سبعة: إسرافيل، وجبرائيل، وميكائيل، وعزرائيل، ورضوان، ومالك، وروح القدس بناء على أنه غير جبرائيل. ومن البشر: السابقون؛ لقوله تعالى: وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ. أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ. [ معنى قوله: (المكيال الأوفى) ] و (المكيال الأوفى) في الرواية السابقة أيضا: كناية عن كثرة الثواب؛ إذ التقدير به يغلب في الكثير، وبالوزن يغلب في القليل، وأكد ذلك بقوله: (الأوفى) ، وقيل: التقدير أن يكتال بالمكيال الأوفى الماء من حوضه صلى الله عليه وسلم؛ لأثر عن الحسن يدل له، وهو تقدير بعيد. [المسألة] السادسة: وجه تخصيص إبراهيم صلّى الله على نبينا وعليه وسلّم بالتشبيه به وباله.. أنه لم يجمع لأحد غيرهم بين الرحمة والبركة؛ قال تعالى: رَحْمَتُ اللَّهِ   (1) الكروبيون: سادة الملائكة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 126 وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ. وأيضا: فإبراهيم أفضل الأنبياء بعد محمد صلّى الله عليهما وسلّم؛ فلذا أوثر بالذكر، أو أنه كوفىء بذلك على دعائه صلى الله عليه وسلم لهذه الأمة بقوله: اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ كذا قيل، وأنصّ منه دعاؤه لهم بقوله: وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ، وأجيب بأجوبة أخرى فيها نظر، على أنها تحتاج إلى صحة النقل بما ادعاه قائلوها. ووجه ذلك التشبيه مع ما هو مقرر: أن المشبّه دون المشبّه به، ومحمد صلى الله عليه وسلم أفضل من إبراهيم وآله: - إمّا أنه قاله قبل أن يعلم أنه أفضل؛ لخبر مسلم: أن رجلا قال له: يا خير البرية، قال: «ذاك إبراهيم» «1» ، واعترض بأنه لو كان كذلك.. لغيّر صفة الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم بعد أن علم أنه الأفضل. - وإمّا أنه قاله تواضعا، وشرع لأمته ليكتسبوا به الفضيلة. - وإمّا أنه تشبيه لأصل الصلاة بالصلاة، دون القدر بالقدر؛ أي: قد تقدمت منك الصلاة على إبراهيم وآله، فنسألها منك على سيدنا محمد وآله بالأولى؛ إذ ما ثبت للفاضل.. أولى أن يثبت للأفضل؛ فالتشبيه للتهييج ونحوه. - وإمّا أن الكاف للتعليل، كما في: وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ. - وإما أنه لطلب أن يضاف لما اختص به صلى الله عليه وسلم من المحبة الخلة ولِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ اللذان امتاز بهما إبراهيم، فأضيفا له، كما أخبر عن أولهما بقوله: «ولكن صاحبكم خليل الله» «2» .   (1) أخرجه مسلم (2369) ، وأبو داود (4672) ، والترمذي (3352) ، وأحمد (3/ 178) . (2) أخرجه مسلم (2383/ 6) ، والطبراني في «الكبير» (3/ 246) وغيرهما. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 127 ومثال ذلك رجلان يملك أحدهما ألفا والآخر ألفين، فيسأل صاحب الألفين: أن يعطى ألفا أخرى نظير ألف الأول، فيجتمع له أضعاف ما للأول. - وإما أن التشبيه عائد لآل محمد فقط، وفي «البيان» عن الشيخ أبي حامد: أن الشافعي رضي الله تعالى عنه نص عليه «1» ، وغير الأنبياء وإن لم يساوهم، لكن المطلوب هنا صلاة على آل محمد صلى الله عليه وسلم مثل الصلاة على إبراهيم- صلّى الله على نبينا وعليه وسلّم- وآله في أصل الثواب والتعظيم، دون كمالهما لاستحالة مساواة غير النبي صلى الله عليه وسلم له فيه. وزعم ابن القيم بطلان ذلك عن الشافعي رضي الله تعالى عنه؛ لأن فصاحته تأباه؛ لأنه تركيب ركيك «2» .. ليس في محله، وليس بركيك؛ إذ التقدير: وصلّ على آل محمد كما صليت على إبراهيم؛ فهو متعلق بالجملة الثانية، وليس مخالفا لقاعدة الشافعي رحمه الله تعالى: أن المتعلقات ترجع إلى جميع الجمل، خلافا للزركشي؛ لأن محله ما لم يمنع منه مانع، وهنا المانع إيهام أن إبراهيم أفضل. نعم؛ جاء التشبيه في رواية من غير ذكر الآل. - وإما أن التشبيه للمجموع بالمجموع؛ فإن الأنبياء من آل إبراهيم كثيرون، فإذا قوبلت تلك الذوات الكثيرة من إبراهيم وآله بالصفات الكثيرة التي لمحمد صلى الله عليه وسلم.. أمكن انتفاء التفاضل، ويقرب منه قول أبي اليمن بن عساكر، وابن عبد السلام ما حاصله: (أن الصلاة على النبي وآله شبهت بالصلاة على إبراهيم وآله، فيحصل لنبينا صلى الله عليه وسلم وآله من آثار الرضوان ما يقارب الحاصل لإبراهيم وآله، الذين هم معظم الأنبياء،   (1) البيان (2/ 240) . (2) انظر «جلاء الأفهام» (ص 215) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 128 ثم تقسم الجملة، فلا يحصل لآله منها ما حصل لآل إبراهيم؛ إذ غير الأنبياء لا يساويهم، فيتوفر ما بقي من آثار الرضوان الشاملة لمحمد وآله على محمد صلى الله عليه وسلم، وهذا يشعر بأنه أفضل من إبراهيم) اهـ «1» واعترض بأنه جاء في رواية مقابلة الاسم بالاسم فقط، ولفظها: «اللهم؛ صلّ على محمد، كما صليت على إبراهيم» «2» . - وإما أن التشبيه هنا إنما وقع بين عطية تحصل لرسول الله صلى الله عليه وسلم لم تكن حصلت له قبل؛ إذ الدعاء إنما يتعلق بمعدوم مستقبل، وبين عطية حصلت لإبراهيم، وحينئذ فالذي حصل له قبل الدعاء لم يدخل في التشبيه، وهو الذي فضل به سيدنا إبراهيم عليهما الصلاة والسلام، فسقط الإشكال من أصله، وإنما يرد لو وقع التشبيه في الخبر بأن يقال: العطية الحاصلة لمحمد صلى الله عليه وسلم كالعطية الحاصلة لإبراهيم صلى الله عليه وسلم. - وإما أن التشبيه باعتبار ما يحصل لمحمد وآله من صلاة كل فرد فرد، فيحصل من مجموع ذلك أضعاف ما لإبراهيم وآله، مما لا يحصيه إلا الله تعالى. وبيّنه السبكي وولده بأن كل من صلّى بهذه الكيفية يستجاب له؛ إذ الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم دعوة مستجابة، وما طلبه كلّ غير ما طلبه الآخر، وإلا كان تحصيلا للحاصل، وحينئذ فالله تعالى يصلّي على نبيه صلى الله عليه وسلم صلاة مماثلة لصلاته على إبراهيم صلى الله على نبينا وعليه وسلم وآله كلما صلّي عليه؛ فلا تنحصر الصلوات عليه من ربه عز وجل، التي كل واحدة منها بقدر ما حصل لإبراهيم وآله؛ إذ لا ينحصر عدد من صلّى عليه بهذه الصلاة.   (1) مقاصد الصلاة (ص 35) . (2) أخرجه النسائي في «الكبرى» (1215) ، وأبو يعلى (653) ، والطبراني في «الكبير» (17/ 250) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 129 - وإما أن التشبيه راجع للمصلي؛ أي: أعطني ثوابا على صلاتي على النبي صلى الله عليه وسلم مثل ثواب المصلي على إبراهيم، وفيه من البعد والتكلف ما لا يخفى. - وإما أن التشبيه بالأعلى غير مطرد، بل قد يكون بالأدون، كما في قوله تعالى: مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ وأين يقع نورها من نوره تعالى؟! ولكن لمّا كان المراد ثمّ الظهور والوضوح للسامع.. حسن تشبيه النور بالمشكاة، وكذا هنا لمّا كان تعظيم إبراهيم وآله مشهورا عند سائر الطوائف.. حسن أن يطلب لمحمد وآله مثل ذلك، ويؤيده قوله في خبر مسلم وغيره: «في العالمين» عقب ذكر آل إبراهيم دون آل محمد «1» ؛ أي: كما أظهرت الصلاة على إبراهيم وآله في العالمين، فالتشبيه من باب إلحاق ما لم يشتهر بما اشتهر، لا من باب إلحاق ناقص بكامل. - وإما أن سببه أن محمدا صلى الله عليه وسلم من آل إبراهيم صلّى الله على نبينا وعليه وسلّم، كما صح عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، فكأنه أمرنا أن نصلّي على محمد وآله خصوصا بقدر ما صلينا عليه مع إبراهيم وآله عموما، فيحصل لآل محمد صلى الله عليه وسلم ما يليق بهم، ويبقى الباقي كله له، وهو أزيد مما لغيره من آل إبراهيم قطعا، فحينئذ ظهرت فائدة التشبيه، وأن المطلوب له بهذا اللفظ أفضل من المطلوب بغيره من الألفاظ. - وإما أن المراد ب (اللهم صلّ على محمد) : اجعل من أتباعه من يبلغ النهاية في أمر الدين، (كما صليت على إبراهيم) بأن جعلت في آله أنبياء يخبرون بالمغيّبات، (وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم) بما أعطيتهم من التشريع والوحي، فأعطاهم التحديث؛ فمنهم محدّثون- بفتح الدال- وشرع لهم الاجتهاد، وقرره حكما شرعيّا، فأشبهوا الأنبياء في ذلك، وفيه من البعد ما لا يخفى.   (1) أخرجه مسلم (405) ، وابن حبان (1958) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 130 واستحسن النووي جواب الشافعي، وتشبيه الأصل بالأصل، والمجموع بالمجموع، وغيره المجموع بالمجموع، وزيّف أكثر ما مر، وليس كما زعم. [المسألة] السابعة: مرّ في أحاديث زيادة الترحم في صلاة التشهد، وبهذا أخذ بعض الشافعية والمالكية والحنفية، لكن بالغ جمع في الرد عليهم، وأن ذلك بدعة، منهم الصيدلاني من أئمتنا، فإنه قال: ومن الناس من يزيد (وارحم محمدا، كما ترحمت- أو رحمت- على آل إبراهيم) ، وهذا لم يرد، وهو غير صحيح؛ إذ لا يقال: رحمت عليه، بل رحمته، وأما الترحم.. ففيه معنى التكلف والتصنع، فلا يحسن إطلاقه في حق الله تعالى، والنوويّ وابن العربي وغيرهما فجعلوها بدعة لا أصل لها، وانتصر لهم بعض المتأخرين ممن جمع بين الفقه والحديث، فقال: ولا يحتج بالأحاديث الواردة في زيادتها؛ فإنها كلها واهية جدّا «1» ، إذ لا يخلو سندها من كذاب، أو متهم بالكذب، ويؤيده ما ذكره السبكي: (أن محل العمل بالحديث الضعيف ما لم يشتد ضعفه، وبذلك يردّ على من أيّد الآخذين بتلك الروايات بأنها ضعيفة، والضعيف يعمل به في الفضائل) . نعم؛ قول الصيدلاني: (لا يقال: رحمت عليه) .. مردود بأن الرحمة ضمّنت معنى الصلاة، وبنقل الصغاني عن بعض المتقدمين من أئمة اللغة: أن قول الناس: (ترحمت عليه) لحن وخطأ، وإنما الصواب: (رحّمت عليه) بتشديد الحاء ترحيما، قال المجد اللغوي: (ورحمت عليه- بكسر الحاء   (1) في هامش (أ) : (قوله: «فإنها كلها واهية» : يرد على ذلك ما قدمه [ص 90] بقوله: أخرج البخاري في «الأدب المفرد» وابن جرير والعقيلي: أنه صلى الله عليه وسلم قال: «من قال: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم، وترحم على محمد وعلى آل محمد، كما ترحمت على إبراهيم وآل إبراهيم.. شهدت له يوم القيامة بالشهادة وشفعت له» . وهو حديث حسن، ورجاله رجال الصحيح إلا واحدا) اهـ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 131 المخففة- لم يقله أحد من أئمة اللغة المشاهير فيما علمناه، وإن صح نقله.. فهو في غاية الشذوذ والضعف) «1» . اهـ وقال ابن يونس شارح «الوجيز» : (قوله: «لا يقال ذلك» .. ممنوع؛ فقد نقل الجوهري: أنه يقال، وقوله: «يشعر بالتكلف» .. منتقض بالتكبر والتفضل) . واعلم: أن ابن عبد البر ذهب إلى منع الدعاء له صلى الله عليه وسلم بالرحمة، وردّوه بوروده في الأحاديث الصحيحة، أصحها حديث التشهد: «السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته» «2» ، ومنها قول الأعرابي: (اللهمّ؛ ارحمني ومحمدا) «3» ، وتقريره صلى الله عليه وسلم لذلك، وقوله صلى الله عليه وسلم: «اللهم؛ إني أسألك رحمة من عندك» «4» ، «اللهم؛ أرجو رحمتك» «5» ، «يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث» «6» ، وفي خطبة «رسالة الشافعي» رضي الله تعالى عنه: (صلى الله عليه وسلم ورحم وكرّم) . نعم؛ قضية كلامه كحديث التشهد: أن محل الجواز إن ضم إليها لفظ الصلاة والسلام، وإلا.. لم تجز، وبه أخذ جمع، بل نقله القاضي عياض في «الإكمال» عن الجمهور «7» ، قال القرطبي: وهو الصحيح. وجزم بعدم جوازه- يعني منفردا- الغزاليّ، فقال: لا يجوز (ترحّم)   (1) الصّلات والبشر (ص 175) . (2) أخرجه البخاري (831) ، ومسلم (402) وغيرهما. (3) أخرجه البخاري (6010) ، وابن خزيمة (864) وغيرهما. (4) أخرجه ابن خزيمة (1119) ، والترمذي (3419) ، والطبراني في «الكبير» (10/ 283) . (5) أخرجه ابن حبان (970) ، وأبو داود (5090) ، والنسائي في «الكبرى» (10412) ، وأحمد (5/ 42) بنحوه. (6) أخرجه الحاكم (1/ 409) ، والترمذي (3524) والنسائي في «الكبرى» (10330) . (7) إكمال المعلم بفوائد مسلم (2/ 304) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 132 أي: استقلالا، ويدل له قوله تعالى: لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً، والصلاة وإن كانت بمعنى الرحمة، إلا أنه كالأنبياء صلّى الله عليهم وسلّم خصّوا بها تعظيما لهم، وتمييزا لمرتبتهم الرفيعة على غيرهم، على أنها في حقهم ليست بمعنى مطلق الرحمة، بل المراد بها ما هو أخص من ذلك، كما مر في المقدمة. نعم؛ ظاهر قول الأعرابي السابق: (اللهم؛ ارحم محمدا) وتقريره صلى الله عليه وسلم له.. الجواز، ولو بدون انضمام صلاة أو سلام إليها، وهو الذي يتجه، وتقريره المذكور خاص، فيقدم على العموم الذي اقتضته الآية، وينبغي حمل قول من قال: (لا يجوز ذلك) على أن مرادهم نفي الجواز المستوي الطرفين، فيصدق بأن ذلك مكروه، أو خلاف الأولى، وإنما دعي له بالرحمة مع أنه عينها بنص: وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ؛ لأن كونه رحمة لهم من جملة رحمة الله عز وجل له صلى الله عليه وسلم، ولله عليه رحمات أخر، فطلب له بالدعاء بالرحمة حصول نظائر تلك. [المسألة] الثامنة: في زيادة (سيدنا) قبل (محمد) خلاف، فأما في الصلاة: فقال المجد اللغوي: (الظاهر أنه لا يقال؛ اقتصارا على الوارد) «1» ، وقال الإسنوي: (في حفظي: أن الشيخ عز الدين بن عبد السلام بناه على أن الأفضل امتثال الأمر أو سلوك الأدب؟ فعلى الثاني: يستحب) اهـ وهذا هو الذي ملت إليه في «شرح الإرشاد» وغيره؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لما جاء وأبو بكر رضي الله تعالى عنه يؤم الناس فتأخر.. أمره أن يثبت مكانه، فلم يمتثل، ثم سأله بعد الفراغ عن ذلك، فأبدى له أنه إنما فعله تأدبا بقوله: (ما كان ينبغي لابن أبي قحافة أن يتقدم بين يدي رسول الله صلى الله   (1) الصّلات والبشر (ص 157) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 133 عليه وسلم) ، فأقره صلى الله عليه وسلم على ذلك «1» ، وهذا فيه دليل أيّ دليل على أن سلوك الأدب أولى من امتثال الأمر الذي علم من الآمر عدم الجزم بقضيته، ثم رأيت عن ابن تيمية أنه أفتى بتركها وأطال فيه، وأن بعض الشافعية والحنفية ردوا عليه، وأطالوا في التشنيع عليه، وهو حقيق بذلك. وورد عن ابن مسعود مرفوعا وموقوفا- وهو أصح-: «حسّنوا الصلاة على نبيكم» ، وذكر الكيفية، وقال فيها: «على سيد المرسلين» «2» ، وهو شامل للصلاة وخارجها. وعن المحقق الجلال المحلي أنه قال: (الأدب مع من ذكر مطلوب شرعا بذكر السيد؛ ففي حديث «الصحيحين» : «قوموا إلى سيدكم» «3» أي: سعد بن معاذ، وسيادته بالعلم والدين، وقول المصلي: «اللهمّ؛ صلّ على سيّدنا محمد» فيه الإتيان بما أمرنا به وزيادة الإخبار بالواقع الذي هو أدب؛ فهو أفضل من تركه فيما يظهر من الحديث السابق وإن تردد في أفضليته الشيخ جمال الدين الإسنوي، وذكر أن في حفظه قديما أن الشيخ ابن عبد السلام بناه على أن الأفضل سلوك الأدب أو امتثال الأمر؟) اهـ ووقع لبعض من كتب على «الحاوي» أنه قال «4» : إن زيادة (سيدنا) مبطلة للصلاة، وهو غلط واضح فاجتنبه. وأما خارجها: فمنعه بعضهم أيضا محتجا بأنه صلى الله عليه وسلم أنكر على من قال له: أنت سيدنا، وليس كما زعم، والإنكار إنما هو للإفراط في المدح بأوصاف ذكروها بعد ذلك، ويدل له قوله صلى الله عليه وسلم لهم: «قولوا بقولكم، ولا تستهوينّكم الشياطين» «5» ، وقد صح قوله صلى الله عليه   (1) أخرجه البخاري (684) ، ومسلم (421) . (2) أخرجه ابن ماجه (906) ، وأبو يعلى (5267) . (3) البخاري (3043) ، ومسلم (1768) . (4) في هامش (ج) : (هو الطوسي) . (5) أخرجه النسائي في «الكبرى» (1004) ، وعبد الرزاق في «المصنف» (11/ 272) ، - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 134 وسلم: «أنا سيد ولد آدم» «1» ، وقوله للحسن: «إن ابني هذا سيد» «2» ، وقوله لسعد: «قوموا لسيدكم» .   - وفي هامش (ج) : (أي: قولوا: يا سيدنا مدحا، ولا تزين الشياطين لكم هواكم في المحبة والعشق، فتحسّن لكم الإفراط إلى حدّ لا يجوز شرعا فلا أرضاه، بل يكفيكم في المدح والتعظيم ما شرعه الله، وإن أفرطتم بالقول.. فلا يكن بالقلب والاعتقاد، ولا تعتقدوا حسن الإفراط) . (1) أخرجه مسلم (2278) ، وابن حبان (6242) ، والحاكم (2/ 604) . (2) أخرجه البخاري (2704) ، وابن حبان (6964) ، والحاكم (3/ 175) ، والترمذي (3773) وغيرهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 135 الفصل الرابع في فوائد الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي كثيرة: - منها: صلاة الله تعالى وملائكته ورسوله صلى الله عليه وسلم ، ورفع الدرجات وتكفير السيئات، وأنها تعدل عتق عشر رقاب، فقد صح في «مسلم» وغيره: «من صلّى عليّ صلاة واحدة.. صلى الله عليه عشرا» «1» . وفي رواية صحيحة: «كتب الله له عشر حسنات، ومحا عنه عشر سيئات» «2» زاد ابن حبان في «صحيحه» : «ورفعت له عشر درجات» «3» . وفي رواية سندها حسن: «ما من عبد مؤمن يذكرني فيصلّي عليّ.. إلا كتب الله له عشر حسنات، ومحا عنه عشر سيئات، ورفع له عشر درجات» «4» . وفي أخرى بسند لا بأس به: «من صلّى عليّ عشرا.. صلّى الله عليه مئة، ومن صلّى عليّ مئة.. صلّى الله عليه ألفا، ومن زاد صبابة وشوقا.. كنت له شفيعا وشهيدا يوم القيامة» «5» .   (1) أخرجه مسلم (408) ، وابن حبان (906) ، وأبو داود (1530) ، والنسائي (2/ 25) وغيرهم. (2) أخرجه أحمد (4/ 29) ، وأبو يعلى (1425) ، والطبراني في «الكبير» (5/ 101) ، وعبد الرزاق في «المصنف» (2/ 214) . (3) هذه الزيادة هي في رواية النسائي (3/ 50) . (4) أخرجه تمام الرازي في «الفوائد» (703) ، وذكره ابن نقطة في «تكملة الإكمال» (1607) . (5) قال الإمام السخاوي في «القول البديع» (ص 232) : (أخرجه أبو موسى المديني بسند- الجزء: 1 ¦ الصفحة: 136 وفي رواية- في سندها مجهول- بعد «مئة» : «ومن صلّى عليّ مئة.. كتب الله بين عينيه براءة من النفاق، وبراءة من النار، وأسكنه الله يوم القيامة مع الشهداء» «1» . وفي أخرى بعد «ألفا» : «ومن صلّى عليّ ألفا.. زاحمت كتفه كتفي على باب الجنة» ، قال الحافظ السخاوي: (ولم أقف على أصلها إلى الآن) «2» . وفي أخرى: «صلّوا عليّ؛ فإن الصلاة عليّ كفارة لكم وزكاة، فمن صلّى عليّ صلاة.. صلّى الله عليه عشرا» «3» . وفي أخرى: «فإن الصلاة عليّ درجة لكم» ، قال العراقي: سندها صحيح، وردّ بأن فيه علة وانقطاعا «4» . وفي أخرى عند الدارقطني: «البخيل من ذكرت عنده.. فلم يصلّ عليّ من صلّى عليّ ... » الحديث «5» . وصح: «من ذكرت عنده.. فليصلّ عليّ، ومن صلّى عليّ مرة.. صلّى الله عليه عشرا» «6» . وصحح الحاكم خبر: إن عبد الرحمن بن عوف رأى النبي صلى الله عليه وسلم وقد استقبل فخرّ ساجدا، فأطال السجود حتى ظن أنه توفّي، فدنا منه فرفع رأسه وقال: «من هذا؟» ، فسأله عن ذلك، فقال: «إن جبريل أتاني فبشرني فقال: إن الله عز وجل يقول: من صلّى عليك.. صليت عليه، ومن   - قال الشيخ مغلطاي: لا بأس به) . (1) أخرجه الطبراني في «الأوسط» (7231) . (2) انظر «القول البديع» (ص 242) . (3) تقدم (ص 80) . (4) ذكره الإمام السخاوي في «القول البديع» (ص 234) من طريق أبي إسحاق السبيعي عن أنس وقال: (قال أبو حاتم: إن أبا إسحاق لا يصح له من أنس سماع، بل ولا رؤية) . (5) عزاه الإمام السخاوي في «القول البديع» (ص 235) للدارقطني في «العلل» . (6) أخرجه النسائي في «الكبرى» (9806) ، وفي «عمل اليوم والليلة» (61) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 137 سلّم عليك.. سلمت عليه، فسجدت لله شكرا» «1» . وفي رواية: «إن جبريل لقيني فقال: أبشّرك أن الله يقول: من صلّى عليك.. صليت عليه، ومن سلم عليك.. سلمت عليه» «2» . وفي أخرى عنه: «فتوضأ ثم صلى ركعتين، فسجد سجدة، فأطال السجود فيها ... » فذكره «3» ، ولا مانع من تعدد القصة. وفي أخرى: «سجدت شكرا؛ لأن جبريل أخبرني: أنه من صلّى عليّ.. صلى الله عليه» «4» . وفي أخرى: «سجدت شكرا لربي فيما أبلاني- أي: فيما أنعم عليّ- في أمتي، من صلّى عليّ صلاة من أمتي.. كتب الله له عشر حسنات، ومحا عنه عشر سيئات» «5» . وفي أخرى سندها حسن: أنه صلى الله عليه وسلم خرج عليهم يوما وفي وجهه البشر، فقال: «إن جبريل جاءني فقال: ألا أبشرك يا محمد بما أعطاك ربك من أمتك، وبما أعطى أمتك منك: من صلى عليك منهم صلاة.. صلى الله عليه، ومن سلم عليك منهم.. سلم الله عليه» «6» . وفي أخرى سندها جيد، بل صححه بعضهم: أنه صلى الله عليه وسلم خرج يتبرّز، فتبعه عمر بمطهرة، فوجده ساجدا، فتنحى عنه حتى رفع رأسه، فشكره إذ تنحى، ثم قال: «إن جبريل أتاني فقال: من صلى عليك من أمتك واحدة.. صلى الله عليه عشرا، ورفعه عشر درجات» «7» .   (1) أخرجه الحاكم في «المستدرك» (1/ 550) ، وأحمد (1/ 191) . (2) أخرجه الضياء في «المختارة» (929) . (3) أخرجه أبو يعلى (847) ، والبيهقي في «الشعب» (1555) . (4) أخرجه ابن أبي عاصم في «الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم» (57) . (5) أخرجه أبو يعلى (858) ، وابن أبي شيبة (1/ 400) . (6) أخرجه الضياء في «المختارة» (932) ، وابن عساكر في «تاريخه» (56/ 72) . (7) أخرجه البخاري في «الأدب المفرد» (642) ، وابن عساكر في «تاريخه» - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 138 وفي أخرى رجالها ثقات: «ما صلى عليّ عبد من أمتي صلاة صادقا من قلبه.. إلا صلى الله عليه بها عشر صلوات، ورفعه بها عشر درجات، وكتب له بها عشر حسنات، ومحا عنه بها عشر سيئات» «1» . وفي أخرى في سندها غير مشهور، لكن وثّقه ابن حبان على قاعدته فيمن لم يجرّح: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مسرور، فقال: «الملك جاءني فقال لي: يا محمد؛ إن الله تعالى يقول لك: أما ترضى- وفي لفظ: أما يرضيك- يا محمد ألّا يصلي عليك أحد من عبادي- وفي لفظ: من أمتك- إلا صلّيت عليه عشرا، ولا يسلّم أحد من عبادي- وفي لفظ: من أمتك- إلا سلّمت عشرا؟ - وفي لفظ: «عليه» فيهما- قال: بلى يا ربّ» «2» . وفي رواية ضعيفة: أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما طيب النفس، يرى في وجهه البشر، فقالوا: يا رسول الله؛ أصبحت طيب النفس، يرى في وجهك البشر، فقال: «أجل؛ أتاني آت من ربي، فقال: من صلّى عليك من أمتك صلاة.. كتب الله له بها عشر حسنات، ومحا عنه عشر سيئات، ورفع له عشر درجات، وردّ عليه مثلها» «3» . وفي أخرى: «أتاني آت من ربي فأخبرني: أنه لن يصلّي عليّ أحد من أمتي.. إلا ردّ الله عليه عشر أمثالها» «4» .   - (56/ 362) . (1) أخرجه الطبراني في «الكبير» (22/ 195) ، وأبو نعيم في «الحلية» (8/ 373) . (2) أخرجه ابن حبان في «صحيحه» (3/ 196) ، والنسائي في «الكبرى» (1207) ، وابن أبي شيبة (2/ 398) . (3) أخرجه أحمد (4/ 29) ، وذكره المنذري في «الترغيب والترهيب» (2471) . (4) أخرجه البيهقي في «الشعب» (2/ 212) ، والقاضي إسماعيل الجهضمي في «فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم» (1) ، وابن أبي عاصم في «الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم» (49) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 139 وفي أخرى لأبي نعيم عن أبي طلحة رضي الله تعالى عنه: دفعنا «1» إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو أطيب شيء نفسا، فقلنا له، فقال: «ما يمنعني؛ وإنما خرج جبريل عليه السلام آنفا، فأخبرني: أنه من صلّى عليّ صلاة.. كتب الله له عشر حسنات، ومحا عنه عشر سيئات، ورد عليه مثل ما قال؟!» «2» . وفي أخرى عنه للتيمي وابن عساكر: دخلت على النبيّ صلى الله عليه وسلم، فلم أره أشد استبشارا منه يومئذ، ولا أطيب نفسا، قلت: يا رسول الله؛ ما رأيتك قط أطيب نفسا، ولا أشد استبشارا منك اليوم؟! فقال: «ما يمنعني؛ وهذا جبريل قد خرج من عندي آنفا، فقال: قال الله تعالى: من صلّى عليك صلاة.. صليت عليه بها عشرا، ومحوت عنه عشر سيئات، وكتبت له عشر حسنات؟!» «3» . وفي أخرى عنه للطبراني وغيره: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متهلل وجهه مستبشر، فقلت: يا رسول الله؛ إنك على حالة ما رأيتك على مثلها، قال: «وما يمنعني؛ أتاني جبريل عليه السلام، فقال: بشّر أمتك أنه من صلّى عليك صلاة.. كتب الله له بها عشر حسنات، وكفّر عنه بها عشر سيئات» «4» زاد ابن شاهين: «ورفع له بها عشر درجات، وردّ الله عز وجل عليه مثل قوله، وعرضت عليّ يوم القيامة؟!» «5» . وفي أخرى عنه للطبراني: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم   (1) في هامش (ج) : (أي: سرنا) . (2) أخرجه أبو نعيم في «الحلية» (8/ 131) . (3) عزاه الإمام السخاوي في «القول البديع» (ص 244) للتيمي في «ترغيبه» ، ولأبي القاسم ابن عساكر، ولأبي اليمن بن عساكر، كلهم من رواية عبد الحكم. (4) أخرجه الطبراني في «الكبير» (5/ 101) وفي «الأوسط» (6410) ، وأبو يعلى (1425) . (5) هذه الزيادة هي للطبراني في «الكبير» (5/ 101) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 140 وأسارير وجهه تبرق، فقلت: يا رسول الله؛ ما رأيتك أطيب نفسا، ولا أظهر بشرا من يومك هذا؟ قال: «وكيف لا تطيب نفسي، ويظهر بشري؛ وإنما فارقني جبريل عليه السلام الساعة، فقال: يا محمد؛ من صلّى عليك من أمتك صلاة.. كتب الله له بها عشر حسنات، ورفعه بها عشر درجات، وقال له الملك مثل ما قال لك؟! قلت: يا جبريل؛ وما ذاك الملك؟ قال: إن الله عز وجل وكّل ملكا منذ خلقك إلى أن يبعثك، لا يصلّي عليك أحد من أمتك.. إلا قال: وأنت صلّى الله عليك» «1» . وفي أخرى: «ما من مسلم يصلّي عليك صلاة واحدة.. إلا صليت أنا وملائكتي عليه عشرا» «2» زاد أبو يعلى الصابوني: «فأكثروا من الصلاة عليّ يوم الجمعة، وإذا صليتم عليّ.. فصلوا على المرسلين؛ فإني رجل من المرسلين» «3» . وفي أخرى: «ولا يكون لصلاته منتهى دون العرش، لا تمرّ بملك.. إلا قال: صلّوا على قائلها كما صلّى على النبي محمد صلى الله عليه وسلم» «4» . وفي أخرى سندها حسن- وقيل: صحيح-: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإذا بأبي طلحة، فقام إليه فتلقاه، فقال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله؛ إني لأرى السرور في وجهك، قال: «أجل؛ أتاني جبريل آنفا، فقال: يا محمد؛ من صلّى عليك مرة- أو قال: واحدة- كتب الله له بها عشر حسنات، ومحا عنه بها عشر سيئات، ورفع له بها عشر درجات» «5» .   (1) أخرجه الطبراني في «الكبير» (5/ 100) . (2) أخرجه الطبراني في «الكبير» (5/ 99) . (3) هذه الزيادة عزاها أيضا الإمام السخاوي في «القول البديع» (ص 245) لأبي يعلى الصابوني في «فوائده» من طريق أبي ظلال عن أنس. (4) أخرجه الخطيب في «تاريخه» (8/ 41) ، وعزاه الإمام السخاوي في «القول البديع» (ص 245) لأبي الفرج في كتاب «الوفا» له. (5) أخرجه ابن الجعد في «مسنده» (2948) ، والبغوي في «جزئه» (1/ 26) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 141 وعن عبد الله بن عمرو بن العاصي رضي الله تعالى عنهما بسند حسن: (من صلّى على النبي صلى الله عليه وسلم واحدة.. صلّى الله تعالى عليه وملائكته بها سبعين صلاة) «1» ، وحكمه الرفع؛ إذ لا مجال للاجتهاد فيه. وروى ابن أبي عاصم في بعض طرق حديث عبد الرحمن بن عوف رضي الله تعالى عنه الآتي: «سجدت شكرا لربي فيما أبلاني في أمتي، من صلّى عليّ صلاة.. صلت عليه الملائكة مثل ما صلى عليّ، فليقلّ عبد أو ليكثر» «2» . وفي رواية: «من صلّى عليّ صلاة.. صلّى الله عليه وملائكته عشرا، ومن صلّى عليّ عشرا.. صلّى الله عليه وملائكته مئة، ومن صلّى عليّ مئة.. صلى الله عليه وملائكته ألف صلاة، ولم تمس جسده النار» «3» . وفي أخرى ضعيفة: «من صلّى عليّ.. صلّى الله عليه وملائكته، فليكثر عبد أو فليقلّ» «4» . وفي أخرى ضعيفة أيضا: «من صلّى عليّ صلاة.. صلّت عليه الملائكة ما صلّى عليّ، فليكثر عبد أو ليقلّ» «5» . نعم؛ في رواية سندها حسن: «من صلّى عليّ صلاة.. لم تزل الملائكة تصلّي عليه ما صلّى عليّ، فليقلّ عبد من ذلك أو ليكثر» «6» .   (1) أخرجه أحمد (2/ 172) . (2) الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم (48) . (3) أخرجه ابن بشكوال في «القربة» (93) . (4) أخرجه ابن أبي عاصم في «الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم» (55) . (5) أخرجه الضياء في «المختارة» (216) ، والخطيب في «الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع» (1341) ، وابن أبي عاصم في «الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم» (37) . (6) أخرجه ابن ماجه (907) ، وأبو داود الطيالسي (1142) ، وأحمد (3/ 445) ، وغيرهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 142 وجاء بإسناد لا بأس به: «من صلّى عليّ.. بلغتني صلاته، وصليت عليه، وكتب له سوى ذلك عشر حسنات» «1» . وسيأتي: «ومن صلّى عليّ، ثم بلغتني صلاته.. صليت عليه، كما صلى عليّ، ومن صليت عليه.. نالته شفاعتي» «2» . وروى ابن أبي عاصم: «من صلّى عليّ.. كتب الله له بها عشر حسنات، ومحا عنه بها عشر سيئات، ورفعه بها عشر درجات، وكنّ له عدل عشر رقاب» ، وفيه من لم يسم «3» . وأخرج جمع: «من صلّى عليّ صلاة تعظيما لحقي.. جعل الله عز وجل من تلك الكلمة ملكا، جناح له في المشرق، وجناح له في المغرب، ورجلاه في تخوم الأرض، وعنقه ملويّ تحت العرش، يقول الله عز وجل له: صلّ على عبدي، كما صلّى على نبيّي؛ فهو يصلي عليه إلى يوم القيامة» ، وهو حديث منكر «4» . ويروى: «إن لله ملكا له جناحان، أحدهما بالمشرق، والآخر بالمغرب، فإذا صلّى العبد عليّ حبّا.. انغمس في الماء، ثم ينتفض، فيخلق الله من كل قطرة تقطر منه ملكا يستغفر لذلك المصلي إلى يوم القيامة» ، قال الحافظ السخاوي: (لم أقف على سنده، وفي صحته نظر) «5» . وكذا قال فيما روي عن مقاتل أنه قال: (إن لله تعالى ملكا تحت العرش على رأسه ذؤابة قد أحاط بالعرش، ما من شعرة على رأسه إلا مكتوب عليها: لا إله إلا الله محمد رسول الله، فإذا صلّى العبد على النبي صلى الله عليه   (1) أخرجه الطبراني في «الأوسط» (1663) . (2) انظر (ص 175) . (3) الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم (52) . (4) أخرجه الديلمي في «الفردوس» (1124) . (5) القول البديع (ص 251) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 143 وسلم.. لم تبق شعرة منه إلا استغفرت لصاحبها) «1» يعني: قائلها. ويروى عنه صلى الله عليه وسلم، عن جبريل، عن ميكائيل، عن إسرافيل، عن الرفيع، عن اللوح المحفوظ، عن الله عز وجل: «من صلّى عليك في اليوم والليلة مئة مرة.. صليت عليه ألفي صلاة، ويقضى له ألف حاجة، أيسرها أن يعتق من النار» أخرجه ابن الجوزي عن الخطيب، ونقل عنه أنه قال: هذا حديث باطل «2» . وأخرج الطبراني وابن مردويه والثعلبي وغيرهم بسند فيه متروك: قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله؛ أرأيت قول الله عز وجل: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ؟ فقال عليه الصلاة والسلام: «إن هذا من العلم المكنون، ولولا أنكم سألتموني عنه.. ما أخبرتكم به؛ إن الله عز وجل وكّل بي ملكين، فلا أذكر عند عبد مسلم فيصلّي عليّ.. إلا قال ذانك الملكان: غفر الله لك، وقال الله عز وجل وملائكته جوابا لذينك الملكين: آمين» «3» . تنبيه: من تفضّل الله تعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم أن حباه بأنه كما قرن ذكره بذكره في الشهادتين، وفي جعل طاعته طاعته، ومحبته محبته.. كذلك قرن ثواب الصلاة عليه بذكره تعالى، فكما أنه قال: فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ، وقال: «إذا ذكرني عبدي في نفسه.. ذكرته في نفسي، وإذا ذكرني في ملأ.. ذكرته في ملأ خير منهم» ، كما ثبت في الصحيح «4» .. كذلك فعل في حق نبينا   (1) عزاه الإمام السخاوي في «القول البديع» (ص 251) لصاحب «شرف المصطفى صلى الله عليه وسلم» (5/ 80) ، وابن سبع في «شفاء الصدور» عن مقاتل بن سليمان. (2) أخرجه الخطيب في «تاريخه» (2/ 247) ، وانظر «لسان الميزان» (4/ 581) ، و «الموضوعات» لابن الجوزي (1/ 223) . (3) المعجم الكبير (3/ 89) ، تفسير الثعلبي (8/ 62) . (4) أخرجه البخاري (7405) ، ومسلم (2675) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 144 محمد صلى الله عليه وسلم؛ بأن قابل صلاة العبد عليه بأن يصلّي عليه سبحانه عشرا، وكذلك إذا سلّم.. يسلم عليه عشرا. وبهذا علم الجواب عما يقال: كل حسنة بعشر أمثالها بالنصّ، فما مزيّة الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم؟ وإيضاحه: أن لها مزيّة، وهي: أن غيرها بعشر درجات من الجنة، وهي بصلاة الله تعالى عشرا، وذكر الله تعالى للعبد مرة.. أعظم من الحسنة مضاعفة، على أنه تعالى لم يقتصر على ذلك، بل ضمّ إليه رفع عشر درجات، وحط عشر سيئات، وكتابة عشر حسنات، وكونها كعتق عشر رقاب. فتأمل شرف هذه العبادة، وعظم تميّزها على غيرها بأضعاف مضاعفة.. لعل ذلك يحملك على الإكثار منها؛ لتفوز بخيري الدنيا والآخرة، وسبق أول المقدمة عن ابن عيينة ما له تعلّق بذلك «1» . ومن علامة صلاة الله تعالى على عبده أن يزينه بأنوار الإيمان، ويحليه بحلية التوفيق، ويتوّجه بتاج الصدق، ويسقط عن نفسه الأهواء والإرادات الباطلة، ويبدله به الرضا بالمقدور. وذكر البيهقي وغيره: أن مظالم العباد إنما توفّى من أصول الحسنات، وأما التضعيف- وهو ما زاد على الواحد بالنسبة لكل حسنة- فيدّخر للعبد حتى يدخل الجنة، فيعطى ثوابه، وهي فائدة جليلة إن عضدها حديث صحيح. - ومنها: أنها سبب لمحبة الملائكة وإعانتهم وترحيبهم ، وأنهم يكتبونها بأقلام الذهب في قراطيس الفضة، ويقولون للمصلين: زيدوا زادكم الله؛ فقد جاء بسند ضعيف: «إن للمساجد أوتادا جلساؤهم الملائكة، إن غابوا.. تفقّدوهم، وإن مرضوا.. عادوهم، وإن رأوهم.. رحّبوا بهم، وإن طلبوا حاجة.. أعانوهم، وإذا جلسوا.. حفّت بهم الملائكة من لدن أقدامهم إلى   (1) انظر (ص 36) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 145 عنان السماء، بأيديهم قراطيس الفضة وأقلام الذهب، يكتبون الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ويقولون: اذكروا رحمكم الله، زيدوا زادكم الله، فإذا استفتحوا الذكر.. فتحت لهم أبواب السماء، واستجيب لهم الدعاء، وتطلع عليهم الحور العين، وأقبل الله عز وجل عليهم بوجهه ما لم يخوضوا في حديث غيره ويتفرقوا؛ فإذا تفرقوا.. قام الزوّار يلتمسون حلق الذكر» «1» أي: بكسر ففتح جمع حلقة بفتح فسكون. - ومنها: أنها سبب لشفاعته وشهادته صلى الله عليه وسلم ؛ ففي الخبر السابق: «ومن زاد صبابة وشوقا.. كنت له شفيعا وشهيدا يوم القيامة» «2» ، ومرّ في (الفصل الثاني) رواية: «شهدت له يوم القيامة وشفعت» ، ورواية: «وجبت له شفاعتي» «3» ، وفي رواية: «من صلّى عليّ حين يصبح عشرا، وحين يمسي عشرا.. أدركته شفاعتي يوم القيامة» رواها الطبراني بإسنادين أحدهما جيّد، لكن فيه انقطاع «4» . وفي أخرى ضعيفة: «من صلّى عليّ.. كنت شفيعه يوم القيامة» «5» . ومما يدل على أن الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم سبب لشفاعته.. قوله تعالى: وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها. قال الرازي: (معناه أن الله تعالى أمر الكل بأنه إذا حياهم أحد بتحية أن يقابلوا تلك التحية بأحسن منها، أو بأن يردوها، ثم أمرنا بتحية محمد صلى الله عليه وسلم حيث قال: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ، والصلاة من الله الرحمة، فطلبها له صلى الله عليه وسلم تحية له، فأوجب هذا   (1) أخرجه ابن بشكوال في «القربة» (118) . (2) تقدم تخريجه (ص 136) . (3) أخرجه أحمد (4/ 108) ، والبزار في «مسنده» (2315) ، والطبراني في «الكبير» (5/ 25) وفي «الأوسط» (3039) . (4) ذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (10/ 123) ، وعزاه كذلك للطبراني. (5) أخرجه ابن بشكوال في «القربة» (19) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 146 بمقتضى الأمر بمقابلة التحية بما ذكر: أن يفعل محمد صلى الله عليه وسلم مثلها، وهو أن يطلب لكل من صلّى عليه الرحمة له من الله تعالى، وهذا هو معنى الشفاعة، ثم هو صلى الله عليه وسلم غير مردود الدعاء، فوجب أن يقبل الله تعالى شفاعته في الكل، وهو المطلوب) اهـ ملخصا «1» ويؤيده قول بعضهم: (لم يترك الله تعالى النبي صلى الله عليه وسلم تحت منّة أمته بصلاتهم عليه.. حتى عوّضهم منه بأمره بالصلاة عليهم بقوله عز قائلا: وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ) . وسئل الغزالي رحمه الله تعالى: ما معنى صلاة الله تعالى على من صلّى على نبيّه صلى الله عليه وسلم عشرا؟ فأجاب: معنى صلاة الله تعالى على نبيه وعلى المصلّين عليه.. إفاضة أنواع الكرامات، ولطائف النعم عليهم، ثم أطال في شرح ذلك وبيانه، وقد قدمته آخر الفائدة الرابعة من فوائد الآية المذكورة في المقدمة، فراجعه فإنه مشتمل على نفائس، فيها بيان سرّ كون الله تعالى يصلي على من صلّى على نبيه صلى الله عليه وسلم عشرا، وما يناسب ذلك من النفائس «2» . - ومنها: أنها سبب للبراءة من النفاق ومن النار ، وللرّقيّ إلى منازل الشهداء؛ ففي الخبر السابق أيضا: «ومن صلّى عليّ مئة.. كتب الله تعالى له بين عينيه براءة من النفاق، وبراءة من النار، وأسكنه الله يوم القيامة مع الشهداء» «3» . - ومنها: أنها كفارة لنا وزكاة لأعمالنا ، روى التّيمي: «صلّوا عليّ؛ فإن الصلاة عليّ كفارة لكم وزكاة، فمن صلّى عليّ.. صلّى الله عليه عشرا» «4» .   (1) التفسير الكبير (3/ 61) . (2) تقدم (ص 50) . (3) تقدم تخريجه (ص 137) . (4) تقدم تخريجه (ص 80) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 147 وفي رواية: «فإن الصلاة عليّ درجة لكم» «1» وسندها صحيح على ما قاله العراقي، لكن اعترض بأن فيه انقطاعا وعلة. وجاء بسند ضعيف: «صلوا عليّ؛ فإن الصلاة عليّ زكاة لكم» «2» . وفي رواية: «أكثروا من الصلاة عليّ؛ فإنها لكم زكاة، وسلوا الله عز وجل لي الوسيلة- أعلى درجة في الجنة- لا ينالها إلا رجل واحد، وأرجو أن أكون أنا هو» «3» . ويروى: «صلاتكم عليّ محرزة لدعائكم، ومرضاة لربكم، وزكاة لأعمالكم» ذكره الديلمي وغيره بلا إسناد «4» . وأخرج التّيمي: «إن لله سيارة من الملائكة، إذا مروا بحلق الذكر.. قال بعضهم لبعض: اقعدوا، فإذا دعا القوم.. أمّنوا على دعائهم، فإذا صلوا على النبي صلى الله عليه وسلم.. صلوا معهم حتى يفرغوا، ثم يقول بعضهم لبعض: طوبى لهؤلاء؛ يرجعون مغفورا لهم» «5» . وفي رواية- قال الذهبي: (سندها مظلم ومتنها باطل) «6» -: «من صلّى عليّ كل يوم ثلاث مرات، وكل ليلة ثلاث مرات؛ حبّا لي وشوقا إليّ.. كان حقّا على الله تعالى أن يغفر له ذنوبه تلك الليلة وذلك اليوم» «7» وهي بعض من حديث طويل يشتمل على ثلاث عشرة خصلة. - ومنها: أنها سبب لمزاحمة كتفه صلى الله عليه وسلم على باب الجنة؛   (1) تقدم تخريجها (ص 137) . (2) أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (2/ 399) . (3) أخرجه أبو يعلى في «مسنده» (6414) . (4) الفردوس بمأثور الخطاب (3739) . (5) كذلك عزاه الإمام السخاوي في «القول البديع» (ص 254) لأبي القاسم التيمي في «ترغيبه» . (6) ميزان الاعتدال (3/ 354) . (7) أخرجه الطبراني في «الكبير» (18/ 361) ، والعقيلي في «الضعفاء» (3/ 1138) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 148 ففي الرواية السابقة: «ومن صلى عليّ ألفا.. زاحمت كتفه كتفي على باب الجنة» ومرّ ما فيها «1» . - ومنها: أنها تستغفر لقائلها ، وتقرّ بها عينه. أخرج الديلمي وغيره بسند فيه ضعيف: «ما من عبد صلّى عليّ صلاة.. إلا عرج بها ملك حتى يجيء بها وجه الرحمن عز وجل، فيقول ربّنا تبارك وتعالى: اذهبوا بها إلى قبر عبدي تستغفر لقائلها، وتقرّبها عينه» «2» . - ومنها: أن المرة الواحدة منها بقيراط كجبل أحد. أخرج عبد الرزاق بسند ضعيف: أنه صلى الله عليه وسلم قال: «من صلّى عليّ صلاة.. كتب الله له قيراطا، والقيراط مثل أحد» «3» . - ومنها: أن ملكا قائما على قبره يبلغه إياها ، وأن لله ملائكة آخرين يبلغونه إياها أيضا، وأنه صلى الله عليه وسلم يرد سلام من سلم عليه. أخرج جمع: أنه صلى الله عليه وسلم قال: «إن لله ملكا أعطاه أسماع الخلائق، فهو قائم على قبري إذا متّ، فليس أحد يصلي عليّ صلاة.. إلا قال: يا محمد؛ صلّى عليك فلان بن فلان، فيصلي الرب تبارك وتعالى على ذلك الرجل بكل واحدة عشرا» . وفي أخرى: «فهو قائم على قبري حتى تقوم الساعة، ليس أحد من أمتي يصلّي عليّ صلاة.. إلا قال: يا أحمد؛ فلان بن فلان- باسمه واسم أبيه- يصلّي عليك كذا وكذا، وضمن لي الرب أن من صلّى عليّ صلاة.. صلّى الله عليه عشرا، وإن زاد.. زاده الله تعالى» . وفي أخرى: «إن الله وكّل بقبري ملكا أعطاه أسماع الخلائق، فلا يصلّي   (1) تقدم تخريجها (ص 137) . (2) الفردوس بمأثور الخطاب (6026) . (3) مصنف عبد الرزاق (1/ 51) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 149 عليّ أحد إلى يوم القيامة.. إلا بلّغني باسمه واسم أبيه: هذا فلان بن فلان قد صلّى عليك» . وفي أخرى زيادة: «وإني سألت ربي عزّ وجل ألّا يصلّي عليّ واحد منهم صلاة.. إلا صلّى عليه عشر أمثالها، وأن الله عز وجل أعطاني ذلك» وفي سند الجميع راو ليّنه البخاري ووثقه ابن حبّان، وآخر ضعفه بعضهم «1» . وفي أخرى: «من صلّى عليّ صلاة.. صلّى الله عليه بها عشرا بها ملك موكّل حتى يبلغنيها» وفي سندها انقطاع، وراو كذبه أبو حاتم «2» . وأخرج أبو موسى المديني: «من صلّى عليّ صلاة.. جاءني بها ملك، فأقول: أبلغه عني عشرا، وقل له: لو كانت من هذه العشر واحدة.. لدخلت معي الجنة كالسبابة والوسطى، وحلت لك شفاعتي، ثم يصعد الملك حتى ينتهي إلى الرب جل وعلا، فيقول: إن فلانا بن فلان صلّى على نبيك مرة واحدة، فيقول تبارك وتعالى: أبلغه عنّي عشرا، وقل له: لو كانت من هذه العشرة واحدة.. لما مسّتك النار، ثم يقول: عظّموا صلاة عبدي، ثم اجعلوها في علّيّين، ثم يخلق من صلاته بكل حرف ملكا له ثلاثة وستون رأسا ... » الحديث، وهو موضوع بلا ريب، قاله الحافظ السخاوي «3» . ويروى: «إن الله تعالى أعطاني ما لم يعط غيري من الأنبياء، وفضلني عليهم، وجعل لأمتي في الصلاة عليّ أفضل الدرجات، ووكّل بقبري ملكا يقال له: منطروس؛ رأسه تحت العرش، ورجلاه في تخوم الأرضين السفلى، وله ثمانون ألف جناح، في كل جناح ثمانون ألف ريشة، تحت كل   (1) عزاه الإمام السخاوي في «القول البديع» (ص 246) لأبي الشيخ، وأبي القاسم التيمي في «ترغيبه» ، والحارث في «مسنده» ، وابن أبي عاصم في «الصلاة» (51) ، والطبراني في «الكبير» ، وابن الجراح في «أماليه» ، وأبي علي الطوسي في «أحكامه» ، والبزار في «مسنده» (1425) ، وانظر «القول البديع» (ص 246) . (2) أخرجه الطبراني في «الكبير» (8/ 134) . (3) القول البديع (ص 250) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 150 ريشة ثمانون ألف زغبة، تحت كل زغبة لسان يسبح الله عز وجل ويحمده، ويستغفره لمن يصلي عليّ من أمتي، ومن لدن رأسه إلى بطون قدميه أفواه وألسن وريش وزغب، ليس فيه موضع شبر.. إلا وفيه لسان يسبح الله عز وجل ويحمده، ويستغفره لمن يصلي عليّ من أمتي حتى يموت» ، قال الحافظ المذكور: (وهو غريب منكر، كما صرح به المجد اللغوي، بل لوائح الوضع لائحة عليه) «1» . وصح: «إن لله ملائكة سياحين يبلغوني عن أمتي السلام» «2» . وفي رواية: «إن لله ملائكة يسيحون في الأرض يبلغوني صلاة من صلّى عليّ من أمتي» «3» . وفي أخرى سندها حسن- وقيل: فيه من لم يعرف-: «حيثما كنتم.. فصلّوا عليّ؛ فإن صلاتكم تبلغني» «4» صلى الله عليه وسلم. وفي أخرى عند البيهقي موقوفة على ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: (ليس أحد من أمة محمد صلى الله عليه وسلم يصلّي عليه صلاة.. إلا وهي تبلغه؛ يقول الملك: فلان يصلّي عليك كذا وكذا صلاة) «5» . وفي أخرى: ( ... يصلّي أو يسلّم عليه.. إلا بلّغه؛ يصلّي عليك فلان أو يسلم عليك فلان) «6» .   (1) القول البديع (ص 251) ، وانظر «الصّلات والبشر» (ص 71) . (2) أخرجه ابن حبان (914) ، والحاكم (2/ 421) ، والنسائي (3/ 43) ، وفي «الكبرى» (9811) ، وأحمد (1/ 387) وغيرهم. (3) قال الإمام السخاوي في «القول البديع» (ص 311) : (أخرجه الدارقطني فيما انتقاه من حديث أبي إسحاق المزكي من روايته، من طريق زاذان عن علي، وهو وهم، وإنما رواه زاذان عن ابن مسعود) . (4) أخرجه الطبراني في «الكبير» (3/ 82) و «الأوسط» (367) . (5) أخرجه البيهقي في «الشعب» (1584) . (6) قال الإمام السخاوي في «القول البديع» (ص 312) : (رواه إسحاق بن راهواه في «مسنده» هكذا موقوفا) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 151 وفي أخرى: «لا تجعلوا بيوتكم قبورا، ولا تجعلوا قبري عيدا، صلّوا عليّ؛ فإن صلاتكم تبلغني حيثما كنتم» ، صححها النووي في «أذكاره» «1» . وفي رواية سندها حسن: «سلّموا عليّ؛ فإن تسليمكم يبلغني أينما كنتم» «2» . وفي أخرى في سندها من لم يسمّ: «وصلّوا عليّ وسلّموا حيثما كنتم، فستبلغني صلاتكم وسلامكم» «3» . وفي أخرى: «صلّوا عليّ؛ فإن صلاتكم وتسليمكم يبلغني حيثما كنتم» «4» . وفي أخرى: «حيثما كنتم فصلّوا عليّ؛ فإن صلاتكم تبلغني» «5» . وروى ابن بشكوال: «ما من أحد يسلم عليّ.. إلا ردّ الله عليّ روحي- أي: نطقي- حتى أردّ عليه السلام» «6» . وفي رواية: «ما من أحد يسلّم عليّ.. إلا ردّ الله إليّ روحي حتى أردّ عليه السلام» وسندها حسن، بل صححه النووي في «الأذكار» وغيره «7» ، ولكن نظر غيره فيه.   (1) الأذكار (345) ، والحديث أخرجه أبو داود (2042) ، وأحمد (2/ 368) ، والبيهقي في «الشعب» (4162) وغيرهم. (2) قال الإمام السخاوي في «القول البديع» (ص 314) : (رواه أبو بكر بن أبي شيبة، وعنه أبو يعلى، وهو حديث حسن) . (3) قال الإمام السخاوي في «القول البديع» (ص 314) : (أخرجه إسماعيل القاضي) . (4) أخرجه ابن أبي عاصم في «الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم» (27) . (5) تقدم تخريجها قريبا. (6) أخرجه ابن بشكوال في «القربة» (91) ، وأبو داود (2041) ، والبيهقي في «الشعب» (4161) ، وأبو نعيم في «تاريخ أصبهان» (2/ 332) . (7) الأذكار (ص 346) ، والحديث أخرجه البيهقي (5/ 245) ، وأحمد (2/ 527) ، والطبراني في «الأوسط» (3116) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 152 وزيادة (عند قبري) بعد (عليّ) .. قال الحافظ السخاوي: (لم أقف عليها فيما رأيته من طرق الحديث) «1» . وجاء بسند ضعيف، لكن يتقوّى بشواهده: «أكثروا الصلاة عليّ في الليلة الزهراء واليوم الأغر؛ فإن صلاتكم تعرض عليّ» «2» . وبسند جيد وإن قيل: إنه غريب: «من صلّى عليّ عند قبري.. سمعته، ومن صلّى عليّ من بعيد.. علمته» «3» . وفي رواية في سندها متروك: «من صلّى عليّ عند قبري.. سمعته، ومن صلّى عليّ نائيا- أي: بعيدا-.. وكّل الله به ملكا يبلغني، وكفي أمر دنياه وآخرته، وكنت له يوم القيامة شهيدا أو شفيعا» «4» . وفي رواية: «ما من عبد يسلّم عليّ عند قبري.. إلا وكّل الله بها ملكا يبلغني ... » «5» . وفي أخرى في سندها ضعيف: «أكثروا الصلاة عليّ؛ فإن الله وكّل بي ملكا عند قبري، فإذا صلّى عليّ رجل من أمتي.. قال لي ذلك الملك: يا محمد؛ إن فلان بن فلان صلّى عليك الساعة» «6» . وفي رواية: «ما من مسلم يسلّم عليّ في شرق ولا غرب.. إلا أنا وملائكة ربي نردّ عليه السلام» ، فقال له قائل: يا رسول الله؛ فما بال أهل المدينة؟   (1) القول البديع (ص 316) . (2) أخرجه الطبراني في «الأوسط» (243) . (3) قال الإمام السخاوي في «القول البديع» (ص 313) : (أخرجه أبو الشيخ في «الثواب» له من طريق أبي معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عنه، ومن طريقه الديلمي ... قلت: وسنده جيد، كما أفاده شيخنا) . (4) ذكره ابن الجوزي في «الموضوعات» (1/ 224) ، والسيوطي في «اللآلىء» (1/ 258) ، وانظر «القول البديع» (ص 313) . (5) أخرجه البيهقي في «الشعب» (4156) . (6) ذكره السيوطي في «اللآلىء» (1/ 260) ، وعزاه الإمام السخاوي في «القول البديع» (ص 315) للديلمي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 153 قال: «وما يقال لكريم في جيرانه وجيرته؟! إنه مما أمر الله به من حفظ الجوار حفظ الجيران» ، وسندها غريب، بل فيه من اتهمه الذهبي بوضعه «1» . وفي أخرى سندها ضعيف: «إن أقربكم منّي يوم القيامة في كل موطن أكثركم عليّ صلاة في الدنيا، من صلى عليّ في يوم الجمعة وليلة الجمعة مئة مرة.. قضى الله له مئة حاجة، سبعين من حوائج الآخرة، وثلاثين من حوائج الدنيا، ثم يوكّل الله بذلك ملكا يدخله في قبري، كما تدخل عليكم الهدايا، يخبرني بمن صلّى عليّ باسمه ونسبه إلى عشيرته، فأثبته عندي في صحيفة بيضاء» «2» . وفي رواية زيادة: «إن علمي بعد موتي كعلمي في الحياة» «3» . وفي أخرى رجالها ثقات إلا واحدا لم يعرف: «من صلّى عليّ.. بلغتني صلاته وصليت عليه، وكتب له سوى ذلك عشر حسنات» «4» . وفي أخرى لابن بشكوال بسند لا يصح: «لقّن السمع ثلاثة؛ فالجنة تسمع، والنار تسمع، وملك عند رأسي يسمع، فإذا قال عبد من أمتي كائنا من كان: اللهمّ إني أسألك الجنة.. قالت الجنة: اللهم أسكنه إياي، وإذا قال عبد من أمتي كائنا من كان: اللهمّ أجرني من النار.. قالت النار: اللهم أجره منّي، وإذا سلم عليّ رجل من أمتي.. قال الملك الذي عند رأسي: يا محمد؛ هذا فلان يسلّم عليك، فرد عليه السلام، ومن صلّى عليّ صلاة.. صلّى الله عليه وملائكته عشرا، ومن صلّى عليّ عشرا.. صلّى الله عليه وملائكته مئة، ومن صلّى عليّ مئة.. صلّى الله عليه وملائكته ألف   (1) أخرجه أبو نعيم في «الحلية» (6/ 349) . (2) أخرجه البيهقي في «الشعب» (3035) ، وابن عساكر في «تاريخه» (54/ 301) . (3) أخرجها ابن منده في «فوائده» (56) ، وعزاها الإمام السخاوي في «القول البديع» (ص 317) للتيمي في «ترغيبه» وعنه ابن عساكر، ومن طريقه أبو اليمن بن عساكر، وللديلمي في «الفردوس» . (4) تقدم (ص 143) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 154 صلاة، ولم تمس جسده النار» «1» . وفي أخرى- أخرجها ابنا خزيمة وحبّان، والحاكم في «صحاحهم» وقال: (هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يخرجاه) ، وصححه النووي في «أذكاره» «2» ، وحسنه عبد الغني والمنذري، وقال ابن دحية: (إنه صحيح محفوظ بنقل العدل عن العدل، ومن قال: إنه منكر أو غريب لعلة خفية به.. فقد استروح؛ لأن الدارقطني ردها) -: «من أفضل أيامكم يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه قبض، وفيه النفخة، وفيه الصعقة؛ فأكثروا عليّ من الصلاة فيه؛ فإن صلاتكم معروضة عليّ» قالوا: يا رسول الله؛ وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت؟! - يعني: بليت- قال: «إن الله عز وجل حرّم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء» «3» . وفي أخرى سندها حسن- قيل: وراويه مكحول لم يسمع من أبي أمامة في قول الجمهور، ولكن أثبت الطبراني سماعه منه-: «أكثروا من الصلاة عليّ في كل يوم جمعة؛ فإن صلاة أمتي تعرض عليّ في كل يوم جمعة، فمن كان أكثرهم عليّ صلاة.. كان أقربهم مني منزلة» «4» . وفي أخرى بسند ضعيف: «من صلّى عليّ.. صلّى عليه ملك حتى يبلغنيها» . وفي أخرى رجالها ثقات إلا أنها منقطعة: «أكثروا من الصلاة عليّ يوم الجمعة؛ فإنه يوم مشهود تشهده الملائكة، وإن أحدا لن يصلّي عليّ.. إلا عرضت عليّ صلاته حين يفرغ منها» ، قال راويه أبو الدرداء رضي الله تعالى عنه: وبعد الموت؟ قال: «وبعد الموت، إن الله حرم على الأرض أن تأكل   (1) أخرجه ابن بشكوال في «القربة» (93) . (2) الأذكار (ص 344) . (3) أخرجه ابن خزيمة (1733) ، وابن حبان (910) ، والحاكم (1/ 278) ، والبيهقي في «حياة الأنبياء» (10) وغيرهم. (4) أخرجه البيهقي في «الكبرى» (3/ 249) ، وفي «الشعب» (3032) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 155 أجساد الأنبياء؛ فنبيّ الله حيّ يرزق» «1» . وفي أخرى للطبراني: «ليس من عبد يصلّي عليّ.. إلا بلغني صوته حيث كان» ، قلنا وبعد وفاتك؟ قال: «وبعد وفاتي، إن الله تعالى حرّم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء» «2» . وفي أخرى للنميري: قلنا: يا رسول الله؛ كيف تبلغك صلاتنا إذا تضمّنتك الأرض؟ قال: «إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء» ، قال العراقي: (إسناده لا يصح) . وفي أخرى: «ليس أحد يصلّي عليّ يوم الجمعة.. إلا عرضت عليّ صلاته» ، صححها الحاكم والبيهقي «3» ، وفي سندها راو وثّقه البخاري وضعّفه غيره. وفي أخرى سندها ضعيف: «أكثروا الصلاة علي في الليلة الزهراء واليوم الأغر؛ فإن صلاتكم تعرض عليّ؛ فأدعو لكم وأستغفر» «4» . والزهراء: ليلة الجمعة، والأغر: يومها. تنبيه: علم من هذه الأحاديث أنه صلى الله عليه وسلم يبلّغ الصلاة والسلام عليه إذا صدرا من بعد، ويسمعهما إذا كانا عند قبره الشريف بلا واسطة، سواء ليلة الجمعة وغيرها، وأفتى النووي رحمه الله تعالى فيمن حلف بالطلاق الثلاث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمع الصلاة عليه هل يحنث؟ بأنه لا يحكم عليه بالحنث للشك في ذلك، والورع أن يلتزم الحنث.   (1) أخرجه ابن ماجه (1637) . (2) كذلك عزاه الإمام السخاوي في «القول البديع» (ص 321) للطبراني في «الكبير» . (3) الحاكم في «المستدرك» (2/ 421) ، والبيهقي في «الشعب» (3030) . (4) ذكره العجلوني في «كشف الخفاء» (1/ 166) ، وقال الإمام السخاوي في «القول البديع» (ص 322) : (ذكره ابن بشكوال في كتابه في «الصلاة النبوية» ) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 156 وما قيل: إن رده صلى الله عليه وسلم على المسلّم عليه مختص بسلام زائره.. مردود بعموم الحديث، فدعوى التخصيص تحتاج إلى دليل، ويرده أيضا: الخبر الصحيح: «ما من أحد يمر بقبر أخيه المؤمن، كان يعرفه في الدنيا، فيسلّم عليه.. إلا عرفه وردّ عليه السلام» «1» ، فلو اختص رده صلى الله عليه وسلم بزائره.. لم يكن له خصوصية به لما علمت أن غيره يشاركه في ذلك. قال أبو اليمن بن عساكر: وإذا جاز رده على من يسلم عليه من الزائرين لقبره.. جاز رده على من يسلم عليه من جميع الآفاق من جميع أمته صلى الله عليه وسلم على بعد مشقته. و (أرمت) بفتح أوليه وسكون ثالثه وفتح آخره، أصله: أرممت؛ أي: صرت رميما، قاله الخطابي، حذفت إحدى الميمين تخفيفا كأظلت؛ أي: أظللت، والرميم والرّمة: العظام البالية، وقال غيره: الميم مشددة والتاء آخره ساكنة؛ أي: أرمّت العظام، وقيل: يروى بضم أوله وكسر ثانيه. [ مطلب في الحث على زيارة القبر الشريف ] وقال أبو طالب المكي صاحب «قوت القلوب» : (أقل الإكثار ثلاث مئة مرة) «2» ، وكأنه أخذ ذلك عن صالح، أو تجربة، أو جنح إلى من يجعل أقل عدد التواتر ثلاث مئة، وألغى الكسر وهو بضعة عشر. ونهيه صلى الله عليه وسلم عن جعل قبره الشريف عيدا يحتمل أنه للحث على كثرة الزيارة، ولا يجعل كالعيد الذي لا يؤتى في العام إلا مرتين. والأظهر: أنه إشارة إلى النهي الوارد في الحديث الآخر عن اتخاذ قبره مسجدا؛ أي: لا تجعلوا زيارة قبري عيدا من حيث الاجتماع لها كهو للعيد، وقد كانت اليهود والنصارى يجتمعون لزيارة قبور أنبيائهم، ويشتغلون باللهو والطرب، فنهى صلى الله عليه وسلم أمته عن ذلك، أو عن أن يتجاوزوا في   (1) أخرجه الخطيب في «تاريخه» (6/ 135) ، وابن عساكر في «تاريخه» (10/ 380) . (2) قوت القلوب (1/ 144) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 157 تعظيم قبره صلى الله عليه وسلم ما أمروا به. والحثّ على زيارة قبره الشريف قد جاء في عدة أحاديث بينتها في «حاشية الإيضاح» مع الرد على من أنكر ذلك، وهو ابن تيمية، عامله الله تعالى بعدله «1» . كيف وقد أجمعت الأمة- كما نقله غير واحد من الأئمة- على أن ذلك من أفضل القربات، وأنجح المساعي؟! ومعنى: «ولا تتخذوا بيوتكم قبورا» «2» قيل: كراهة الصلاة في المقبرة؛ أي: لا تجعلوا القبور محل صلاتكم كالبيوت، وعليه يدل كلام البخاري. وقيل: معناه لا تجعلوها قبورا؛ أي: كالقبور في أن من صار إليها لا يصلّي ولا يعمل، ورجّحه جمع للرواية الآخرى: «اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم، ولا تتخذوها قبورا» «3» . وقيل: معناه النهي عن دفن الموتى في البيوت، وهو ظاهر اللفظ، ودفنه صلى الله عليه وسلم في بيته من خصائصه. وقيل: معناه من لم يصلّ في بيته.. جعل نفسه كالميت، وبيته كالقبر، ويؤيده خبر مسلم: «مثل البيت الذي يذكر الله عز وجل فيه والبيت الذي لا يذكر الله فيه كمثل الحيّ والميّت» «4» . وعلم من هذه الأحاديث أيضا: أنه صلى الله عليه وسلم حيّ على الدوام؛ إذ من المحال العادي أن يخلو الوجود كله عن واحد يسلّم عليه صلى الله عليه وسلم في ليل أو نهار، فنحن نؤمن ونصدّق بأنه صلى الله عليه وسلم حيّ يرزق، وأن جسده الشريف لا تأكله الأرض، والإجماع على هذا.   (1) حاشية الإيضاح (ص 481) . (2) أخرجه ابن ماجه (1377) ، وأحمد (4/ 114) ، والطبراني في «الكبير» (5/ 258) . (3) أخرجه البخاري (432) ، ومسلم (777) ، وابن خزيمة (1205) وغيرهم. (4) صحيح مسلم (779) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 158 قيل: وكذا العلماء والشهداء والمؤذنون، وصحّ أنه كشف عن غير واحد من الأولين، فوجدوا لم تتغير أجسادهم. وقد جمع البيهقي جزآ في حياة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام في قبورهم، واستدل بكثير من الأحاديث السابقة، وبالحديث الصحيح: «الأنبياء أحياء في قبورهم يصلون» «1» . ويشهد له خبر مسلم: «مررت بموسى ليلة أسري بي عند الكثيب الأحمر وهو قائم يصلّي في قبره» «2» . ودعوى أن هذا خاص به.. يبطلها خبر مسلم أيضا: «لقد رأيتني في الحجر وقريش تسألني عن مسراي ... » الحديث، وفيه: «وقد رأيتني في جماعة من الأنبياء؛ فإذا موسى قائم يصلّي، فإذا رجل ضرب جعد» «3» ، وفيه: «إذا عيسى ابن مريم قائم يصلّي، أقرب الناس به شبها عروة بن مسعود، وإذا إبراهيم قائم يصلّي أشبه الناس به صاحبكم- يعني نفسه صلى الله عليه وسلم- فحانت الصلاة فأممتهم» «4» . وفي حديث آخر: (أنه لقيهم ببيت المقدس) «5» . وفي آخر: (أنه لقيهم في جماعة من الأنبياء بالسماوات، فكلّمهم وكلّموه) «6» . قال البيهقي: (وكل ذلك صحيح، فقد يرى موسى قائما يصلّي في قبره،   (1) أخرجه البيهقي في «حياة الأنبياء» (1) ، وأبو يعلى (3425) ، والديلمي في «الفردوس» (403) ، وابن عساكر في «تاريخه» (13/ 326) . (2) صحيح مسلم (2375) . (3) في هامش (ب) و (ج) : (رجل ضرب- بفتح الضاد وسكون الراء- أي: خفيف اللحم، وجعد- بفتح الجيم- أي: كريم، أو المراد: جعد شعره؛ أي: غليظ الشعر) . (4) صحيح مسلم (172) . (5) أخرجه البخاري (3394) . (6) أخرجه مسلم (163) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 159 ثم يسرى بموسى وغيره إلى بيت المقدس، كما أسري بنبينا فيراهم فيه، ثم يعرج بهم إلى السماوات كما عرج بنبينا فيراهم فيها، كما أخبر، وحلولهم في أوقات مختلفة بأمكنة مختلفة.. جائز عقلا كما ورد به خبر الصادق، وفي كل ذلك دلالة على حياتهم) اهـ «1» وقد ثبتت حياة الشهداء بنص القرآن، وصرح ابن عباس وابن مسعود رضي الله تعالى عنهم بأنه صلى الله عليه وسلم مات شهيدا، والمراد- كما مر بالروح-: النطق، صرح به جماعة. فهو صلى الله عليه وسلم حيّ على الدوام، لكن لا يلزم من حياته دوام نطقه، وإنما يردّ عليه عند سلام كل مسلّم عليه، وعلاقة التجوز بالروح عن النطق ما بينهما من التلازم غالبا. [ مطلب في معنى رد الروح إليه ص ] وأجاب البيهقي بأن معنى رد الروح إليه: أنها ردت إليه عقب دفنه؛ لأجل سلام من يسلّم عليه، واستمرت في جسده الشريف صلى الله عليه وسلم، لا أنها تعاد لردّ السلام ثم تنزع ثم تعاد لرد السلام وهكذا؛ أي: لما يلزم عليه من تعدد حياته ووفاته في أقل من ساعة مرات كثيرة، وأجيب بأنه لا محظور فيه؛ إذ لا نزع ولا مشقة في ذلك الرّد وإن تكرر. وأجاب السبكي بأنه يحتمل أن يكون ردّا معنويّا، وأن تكون روحه الشريفة مشتغلة بشهود الحضرة الإلهية والملأ الأعلى عن هذا العالم، فإذا سلّم عليه.. أقبلت روحه الشريفة على هذا العالم؛ لتدرك سلام من يسلّم عليه وترد عليه «2» . ولا يلزم عليه استغراق الزمان كله في ذلك؛ نظرا لاتصال الصلاة عليه في أقطار الأرض؛ لأن أمور الآخرة لا تدرك بالعقل، وأحوال البرزخ «3» أشبه   (1) حياة الأنبياء (ص 85) . (2) شفاء السقام (ص 51) . (3) في هامش (ج) : (البرزخ: الوقت الذي من الموت إلى القيامة، فمن مات.. دخله، وقد يطول وقد يقصر) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 160 بأحوال الآخرة، وقال بعضهم: المراد بالرّوح: الملك الموكّل به. وقال ابن العماد: (يحتمل أن يراد به هنا السرور مجازا؛ فإنه قد يطلق ويراد به ذلك) . ولا ينافي ما تقرر من حياتهم ما في «صحيح ابن حبّان» في قصة عجوز بني إسرائيل: أنها دلّت موسى على الصندوق الذي فيه عظام يوسف على نبينا وعليهما أفضل الصلاة والسلام، فاستخرجه وحمله معهم عند قصدهم الذهاب من مصر إلى الأرض المقدسة «1» ؛ إما لأنها أرادت بالعظام كل البدن، أو لأن الجسد لمّا لم تشاهد فيه روح.. عبّر عنه بالعظم الذي من شأنه عدم الإحساس، أو أن ذلك باعتبار ظنها أن أبدان الأنبياء كأبدان غيرهم في البلى. وخبر: «أنا أكرم على ربي من أن يتركني في قبري بعد ثلاث» .. قال البيهقي: (إن صح.. فالمراد: أنهم لا يتركون لا يصلون إلا هذا القدر، ثم يكونون مصلين بين يدي الله سبحانه وتعالى) «2» . وفي خبر غير ثابت أيضا: «إن الأنبياء لا يتركون في قبورهم بعد أربعين ليلة، ولكنهم يصلون بين يدي الله تعالى حتى ينفخ في الصور» «3» ، وكأن هذا مستند ما رواه عبد الرزاق عن ابن المسيّب: أنه رأى قوما يسلمون على النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: (ما مكث نبي في الأرض أكثر من أربعين يوما) «4» ، وقد علمت أن مستند هذه المقالة لا أصل له، فمن ثمّ لم يعول العلماء عليها، بل أجمعوا على خلافها كما مر آنفا. قيل: وإذا تقرر أنه حيّ.. فلا يقال: عليه السلام، ولا عليك السلام؛ فإنها تحية الموتى، وقد امتلأت كتب كثيرين من المصنفين بذلك!! فليجتنب.   (1) صحيح ابن حبان (723) . (2) حياة الأنبياء (ص 76) . (3) أخرجه الديلمي في «الفردوس» (852) ، والبيهقي في «حياة الأنبياء» (4) . (4) مصنف عبد الرزاق (6725) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 161 وروى ابن أبي شيبة: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: عليك السلام يا رسول الله، فقال: «لا تقل: عليك السلام؛ فإن عليك السلام تحية الموتى» «1» . وروى الترمذي بسند حسن: أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: عليك السلام يا رسول الله ثلاث مرات، فقال له: «إن (عليك السلام) تحية الميت» ، ثم قال: «إذا لقي الرجل أخاه المسلم.. فليقل: السلام عليك ورحمة الله» ، ثم ردّ عليه صلى الله عليه وسلم فقال: «وعليك ورحمة الله» ثلاثا اهـ «2» . وليس بصحيح؛ لأن رده صلى الله عليه وسلم السلام يدل على أنه سلام صحيح، والفصل بين الابتداء والرد بكلام يسير لغرض صحيح.. لا يضر، كما بينته في «شرح الإرشاد» . وأيضا: فقد صح أنه صلى الله عليه وسلم قال للموتى: «السلام عليكم دار قوم مؤمنين» «3» فدل على أن معنى كون (عليك السلام تحية الموتى) أي: موتى القلوب؛ وأنها عادة الجاهلية، وعلى كلّ فالسلام عليكم أفضل في حق الحيّ والميّت. خاتمة: ذكر البيهقي وغيره: أن سليمان بن سحيم رآه صلى الله عليه وسلم يوما، فسأله: هل يفقه سلام المسلّمين عليه؟ قال: «نعم، وأردّ عليهم» «4» .   (1) أخرجه أبو داود (5209) ، والنسائي في «الكبرى» (10078) ، وابن أبي شيبة (6/ 28) وغيرهم. (2) سنن الترمذي (2721) . (3) أخرجه مسلم (249) ، وأبو داود (3237) ، والنسائي (1/ 93) وفي «الكبرى» (143) وغيرهم. (4) شعب الإيمان (4165) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 162 وقال إبراهيم بن شيبان: تقدمت إلى القبر الشريف، فسلّمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسمعته من داخل [القبر] يقول: «وعليك السلام» . ووقع للسيد نور الدين بن العفيف الإيجي «1» : أنه سمع جواب سلامه من داخل القبر الشريف: «عليك السلام يا ولدي» . وفي «مسند الدارمي» : أن الأذان والإقامة تركا أيام الحرّة «2» ، وأن ابن المسيّب لم يبرح مقيما في المسجد، فكان لا يعرف وقت الصلاة.. إلا بهمهمة «3» يعرفها، يسمعها من قبره صلى الله عليه وسلم «4» . وروى أبو عبد الرحمن السلمي عن أبي الخير الأقطع: أنه مكث خمسة أيام لا يأكل، فجاء للقبر الشريف وشكا، ثم تنحى ونام خلف المنبر، فرآه صلى الله عليه وسلم وأبو بكر عن يمينه، وعمر عن يساره، وعليّ بين يديه، فحرّكني عليّ وقال: قم، قد جاء النبي صلى الله عليه وسلم، فقمت إليه وقبلت بين عينيه، فدفع إليّ رغيفا، فأكلت نصفه، وانتبهت فإذا في يدي نصف رغيف «5» . ووقع للحفاظ أبي بكر مسند أصبهان، والطبراني، وأبي الشيخ: أنه نزلت بهم فاقة، فجاء الأول للقبر وشكا الجوع، فقال له الطبراني: اجلس؛ إما الرزق أو الموت، فلم يلبثوا أن جاءهم علويّ بشيء كثير مع غلاميه، وأخبرهم أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم فأمره بحمل شيء إليهم «6» .   (1) في هامش (ج) : (نسبة إلى إيج بلد بفارس) . (2) في هامش (ب) و (ج) : (الحرّة: اسم لوقعة أيام يزيد) . (3) في هامش (ج) : (الهمهمة: الكلام الخفي) . (4) مسند الدارمي (94) . (5) ذكره ابن عساكر في «تاريخه» (66/ 161) . (6) انظر «تذكرة الحفاظ» (3/ 974) ، و «سير أعلام النبلاء» (16/ 400) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 163 - ومنها: أنها سبب للكيل بالمكيال الأوفى من الثواب ، ومرت أحاديثه في (الفصل الثاني) «1» . - ومنها: أنها سبب لكفاية المهمات في الدنيا والآخرة ، ولمغفرة الذنوب. أخرج الترمذي وحسّنه عن أبيّ بن كعب رضي الله تعالى عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذهب ثلثا الليل.. قام فقال: «يا أيّها الناس؛ اذكروا الله، اذكروا الله، جاءت الراجفة تتبعها الرادفة، جاء الموت بما فيه، جاء الموت بما فيه، جاء الموت بما فيه» ، قال أبيّ: فقلت: يا رسول الله؛ إني أكثر الصلاة عليك، فكم أجعل لك من صلاتي؟ قال: «ما شئت» ، قلت: الربع؟ قال: «ما شئت، وإن زدت.. فهو خير لك» ، قلت: فالنصف؟ قال: «ما شئت، وإن زدت.. فهو خير لك» ، قلت: فالثلثين؟ قال: «ما شئت، وإن زدت.. فهو خير لك» ، قلت: أجعل لك صلاتي كلها؟ قال: «إذن تكفى همّك، ويغفر لك ذنبك» ، وقال الحاكم في «المستدرك» : صحيح الإسناد «2» . وفي رواية: (إذا ذهب ربع الليل) «3» . وفي أخرى: يخرج في ثلث الليل، وقال: (إني أصلّي من الليل) بدل: (أكثر الصلاة عليك) «4» . وفي أخرى: أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: (كم أجعل لك من صلاتي؟ ... ) الحديث «5» .   (1) انظر (ص 91) . (2) سنن الترمذي (2457) ، والمستدرك (2/ 421) . (3) أخرجه الحاكم في «المستدرك» (2/ 421) ، والبيهقي في «الشعب» (1499) ، وأبو نعيم في «الحلية» (1/ 256) . (4) أخرجه القاضي إسماعيل الجهضمي في «فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم» (1/ 21) ، وفيه (ثلثي) بدل: (ثلث) . (5) أخرجه البيهقي في «الشعب» (1579) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 164 وفي أخرى عند أحمد وابن أبي عاصم وابن أبي شيبة: قال رجل يا رسول الله: أرأيت إن جعلت صلاتي كلها عليك؟ قال: «إذن يكفيك الله تبارك وتعالى ما أهمك من دنياك وآخرتك» ، وأخرجها البيهقي بسند جيد، لكن فيه إرسال «1» . وفي أخرى: أن رجلا قال: يا رسول الله؛ أجعل لك ثلث صلاتي عليك؟ قال: «نعم إن شئت» قال: الثلثين؟ قال: «نعم» ، قال: فصلاتي كلها؟ قال صلى الله عليه وسلم: «إذن يكفيك الله ما أهمك من أمر دنياك وآخرتك» ، وفي إسنادها راويان ضعفهما الجمهور، لكن الهيثمي كالمنذري حسّنا الحديث لشواهده «2» . وفي أخرى: أجعل شطر صلاتي دعاء لك؟ قال: «نعم» ، قال: فأجعل صلاتي كلها دعاء لك؟ قال صلى الله عليه وسلم: «إذن يكفيك الله همّ الدنيا والآخرة» «3» . وفي أخرى: «أتاني آت من ربي فقال: ما من عبد يصلّي عليك صلاة.. إلا صلّى الله عليه بها عشرا» ، فقام إليه رجل فقال: يا رسول الله؛ أجعل لك نصف دعائي؟ قال: «ما شئت» ، قال: الثلثين؟ قال: «ما شئت» ، قال: أجعل دعائي كله لك؟ قال: «إذن يكفيك الله همّ الدنيا والآخرة» «4» ، وأفادت- وإن كانت مرسلة أو معضلة- التصريح بأن المراد بالصلاة في الأحاديث السابقة: الدعاء؛ فلا يحتاج إلى تأويل. والمعنى: إني أكثر الدعاء، فكم أجعل لك من دعائي صلاة عليك؟   (1) أخرجه أحمد (5/ 136) ، وابن أبي شيبة (7/ 441) ، والبيهقي في «الشعب» (1580) . (2) أخرجه الطبراني في «الكبير» (4/ 35) ، وانظر «الترغيب والترهيب» (2/ 499) ، و «مجمع الزوائد» (10/ 163) . (3) أخرجه ابن أبي عاصم في «الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم» (59) . (4) عزاه الإمام السخاوي في «القول البديع» (ص 258) لإسماعيل القاضي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 165 أي: إن لي زمانا أدعو فيه لنفسي، فكم أصرف من ذلك الزمان للصلاة عليك؟ فلم ير صلى الله عليه وسلم أن يعيّن له في ذلك الزمن حدّا؛ لئلا يغلق عليه باب المزيد، فلم يزل يفوّض الاختيار إليه مع مراعاة الحث على المزيد.. حتى قال: أجعل لك صلاتي كلها؛ أي: أصلّي عليك بدل ما أدعو به لنفسي؟ فقال: «إذن تكفى همّك» أي: ما أهمّك من أمر دينك ودنياك؛ لأنها مشتملة على ذكر الله تعالى وتعظيم رسوله صلى الله عليه وسلم. وهي في المعنى إشارة له بالدعاء لنفسه، كما في الحديث القدسي: (من شغله ذكري عن مسألتي.. أعطيه أفضل ما أعطي السائلين) «1» فنتج من ذلك: أن من جعل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم معظم عباداته.. كفاه الله تعالى همّ دنياه وآخرته، وفقنا الله سبحانه وتعالى لذلك، آمين. وقيل: المراد الصلاة حقيقة، والمراد: نفس ثوابها، أو مثل ثوابها، وتردّه الرواية السابقة. قيل: وهذا الحديث أصل عظيم لمن يدعو عقب قراءته فيقول: اجعل ثواب ذلك لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ حيث قال فيه: أجعل لك صلاتي كلها؟ قال: «إذن تكفى همّك» . وأما من يقول: مثل ثواب ذلك زيادة في شرفه صلى الله عليه وسلم مع العلم بكماله في الشرف.. فلعله لحظ أن معنى طلب الزيادة: أن يتقبل قراءته فيثيبه عليها، وإذا أثيب أحد من الأمة على فعل طاعة.. كان للذي علّمه نظير أجره وهكذا، وللمعلّم الأول وهو الشارع صلى الله عليه وسلم نظير جميع ذلك، فهذا معنى الزيادة في شرفه صلى الله عليه وسلم، وإن كان شرفه صلى الله عليه وسلم مستقرّا حاصلا، وقد ورد عند رؤية الكعبة: «اللهم؛ زد هذا البيت تشريفا» «2» اهـ   (1) أخرجه الترمذي (2926) ، والبيهقي في «الشعب» (573) ، والبخاري في «التاريخ» (2/ 115) . (2) أخرجه البيهقي (5/ 73) ، والشافعي في «مسنده» (ص 178) ، وابن أبي شيبة- الجزء: 1 ¦ الصفحة: 166 والاستدلال بالحديث لما ذكر إنما يأتي على القول الضعيف: إن المراد الصلاة حقيقة؛ أي: ثوابها أو مثله، وقد علم رده بصريح الحديث السابق كما مر «1» . نعم؛ قول القائل ذلك.. صحيح؛ لأنه لا محظور فيه. وأما الدعاء بزيادة الشرف.. فأنكره بعض المتأخرين، وقد بالغت في بيان الرد عليه في إفتاءين طويل ومختصر «2» ، وبينت أن المحققين خالفوه، بل إمام المذهب النووي رحمه الله تعالى استعمل ذلك في خطب كتب من كتبه ك «المنهاج» «3» و «الروضة» «4» و «شرح مسلم» . وشرفه صلى الله عليه وسلم وإن كان كاملا.. إلا أنه يقبل زيادة الكمال؛ لأنه دائم الترقي في حضرات القرب، فلا نهاية لترقّيه، وما كان كذلك قابلا للزيادة.. فلا منع من طلبها له صلى الله عليه وسلم. ومعنى (اجعل مثل ثواب ذلك زيادة في شرفه) : طلب حصول مثل ذلك الثواب له، وبحصوله له يزيد شرفه؛ ضرورة أن حصوله كمال، فإذا انضم إلى كمال شرفه المستقرّ.. زاده كمالا آخر وترقّيا فيه لم يكن حاصلا قبل، وكذا نقول في الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم يحصل له بها زيادة كمال وترقّ فيه، لم يكن حاصلا له قبل ذلك، كما أشرت إليه في المقدمة، فراجعه «5» . وإن أردت أبسط من ذلك.. فعليك بالإفتاء الطويل الذي أشرت لك إليه، المسطّر فيما جمع لي من الفتاوى، فإن فيه شفاء للغليل إن شاء الله تعالى «6» .   - (7/ 102) . (1) أي: المصرّح بالدعاء: «أجعل شطر صلاتي دعاء لك» وقد مرت قريبا. (2) الفتاوى الحديثية (ص 15- 18) . (3) المنهاج (1/ 37) . (4) روضة الطالبين (1/ 34) . (5) انظر (ص 49) . (6) الفتاوى الحديثية (ص 15) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 167 وفي رواية: أن ذلك وقع لغير أبيّ أيضا، وهو أيوب بن بشير، وأنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: «إني قد أجمعت أن أجعل ثلث صلاتي دعاء لك ... » الحديث «1» ، فإن صحت.. فلا مانع من سؤالهما معا عن ذلك. - ومنها: أنها أمحق للخطايا من الماء للنار ، وأن السلام عليه صلى الله عليه وسلم أفضل من عتق الرقاب. أخرج النميري وابن بشكوال عن أبي بكر رضي الله تعالى عنه وكرم وجهه موقوفا عليه قال: (الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمحق للخطايا من الماء للنار، والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم أفضل من عتق الرقاب، وحبّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل من مهج الأنفس) أو قال: (من ضرب السيف في سبيل الله تعالى) «2» وله حكم المرفوع؛ إذ مثله لا يقال من قبل الرأي. وأخرجه التيمي وعنه أبو القاسم بن عساكر، ومن طريقه أبو اليمن بن عساكر بلفظ: (الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أفضل من عتق الرقاب، وحبّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل من مهج الأنفس) أو قال: (من ضرب السيف في سبيل الله تعالى) وسنده ضعيف «3» . قيل: وإنما كان السلام عليه صلى الله عليه وسلم أفضل من عتق الرقاب؛ لأن ثواب العتق إنما علم من جهته صلى الله عليه وسلم وعلى لسانه صلى الله عليه وسلم، ولأن العتق يقابله العتق من النار؛ لما في الحديث الصحيح: «من أعتق رقبة.. أعتق الله بكل عضو منها عضوا منه، حتى الفرج بالفرج» «4» .   (1) عزاه الإمام السخاوي في «القول البديع» (ص 257) : لعبدان المروزي في «الصحابة» ، ومن طريقه أبو موسى المديني في «الذيل» ، وانظر «الإصابة» (1/ 108) . (2) أخرجه الخطيب في «تاريخه» (7/ 172) ، وابن بشكوال في «القربة» (17) . (3) كذلك عزاه الإمام السخاوي في «القول البديع» (ص 258) للتيمي في «ترغيبه» ، وأبي القاسم بن عساكر، وأبي اليمن بن عساكر. (4) أخرجه مسلم (1509) ، والترمذي (1541) ، وأحمد (2/ 447) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 168 والسلام عليه صلى الله عليه وسلم يقابله سلام الله تعالى على المصلّي عليه عشرا، وسلام من الله عز وجل أفضل من مئة ألف ألف ألف جنّة، فناهيك بها من منّة وأي منّة. - ومنها: أن المرة الواحدة منها تمحو ذنوب ثمانين سنة ، وتكفّ الحافظين عن أن يكتبا عليه ذنبا ثلاثة أيام، وتحفظ من دخول النار. أخرج أبو الشيخ وأبو سعد في «شرف المصطفى صلى الله عليه وسلم» : «من صلّى عليّ مرة واحدة فتقبّلت «1» .. محا الله عنه ذنوب ثمانين سنة» «2» . ويروى: «من صلّى عليّ صلاة واحدة.. أمر الله تعالى حافظيه ألّا يكتبا عليه ذنبا ثلاثة أيام» . ويروى أيضا: «من صلّى عليّ صلاة واحدة.. لم يلج النار حتى يعود اللبن في الضرع» ، قال الحافظ السخاوي: (وفي ثبوتهما نظر) ، وقال أيضا في أولهما: (لم أقف له على سند) «3» . - ومنها: أنها سبب للنجاة من أهوال يوم القيامة. أخرج جمع لكن بسند ضعيف جدا: أنه صلى الله عليه وسلم قال: «يا أيها الناس؛ إنّ أنجاكم يوم القيامة من أهوالها ومواطنها.. أكثركم عليّ صلاة في دار الدنيا، إنه قد كان في الله وملائكته كفاية إذ يقول: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ الآية، فأمر بذلك المؤمنين ليثيبهم عليه» «4» .   (1) في هامش (ب) : (قوله: «فتقبّلت» أي: بأن كانت من مسلم لا كافر، ولو مسلم فاجر) . (2) كذلك عزاه الإمام السخاوي في «القول البديع» (ص 259) لأبي الشيخ وأبي سعد في «شرف المصطفى صلى الله عليه وسلم» وقال: (ولم أعرف سنده) . (3) القول البديع (ص 259) . (4) قال الإمام السخاوي في «القول البديع» (ص 259) : (أخرجه أبو القاسم التيمي في «الترغيب» له، وعنه ابن عساكر، وأبو اليمن من طريقه، والخطيب، ومن طريقه ابن بشكوال [في «القربة» (45) ] ، وأخرجه الديلمي في «مسند الفردوس» [8175] من طريق ابن لال) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 169 - ومنها: أنها سبب لرضا الله تعالى. أخرج جمع بسند ضعيف، بل فيه من اتّهم بالكذب: أنه صلى الله عليه وسلم قال: «من سرّه أن يلقى الله راضيا- وفي لفظ: وهو عنه راض-.. فليكثر من الصلاة عليّ» «1» . - ومنها: أنها سبب لغشيان الرحمة. أخرج البزار بسند حسن- وإن كان فيه راو منكر الحديث، وآخر ضعيف؛ لأن له شواهد، مع أنهما قد وثّقا-: أنه صلى الله عليه وسلم قال: «إن لله سيارة من الملائكة يطلبون حلق الذكر، فإذا أتوا عليهم.. حفّوا بهم، ثم بعثوا رائدهم إلى السماء إلى رب العزة تبارك وتعالى» أي: إلى محل مناجاته لتعاليه تعالى عن الجهة، كما أشار لذلك صلى الله عليه وسلم بقوله: (تبارك وتعالى) ، «فيقولون: ربّنا أتينا على عباد من عبادك يعظّمون آلاءك، ويتلون كتابك، ويصلّون على نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، ويسألونك لآخرتهم ودنياهم، فيقول تبارك وتعالى: غشّوهم رحمتي، فيقولون: يا رب؛ إن فيهم فلانا الخطّاء إنما اعتبقهم اعتباقا «2» ، فيقول تبارك وتعالى: غشّوهم رحمتي، فهم الجلساء لا يشقى بهم جليسهم» «3» . - ومنها: أنها سبب للأمان من سخط الله تعالى. جاء عن علي كرم الله تعالى وجهه بسند فيه رجل متّهم: أنه قال: لولا أن   (1) قال الإمام السخاوي في «القول البديع» (ص 262) : (أخرجه الديلمي في «مسند الفردوس» له، وابن عدي في «الكامل» [5/ 18] ، وأبو سعد في «شرف المصطفى صلى الله عليه وسلم» له) . (2) في هامش (ب) و (ج) : (اعتبق- بالعين المهملة- أي: لزق ولحق بغيره) . (3) كذا عزاه الإمام السخاوي في «القول البديع» (ص 262) فقال: (رواه البزار، وسنده حسن وإن كان فيه زائدة بن أبي الرقاد، وهو منكر الحديث، وزياد النميري وهو ضعيف؛ فإن لحديثهما شواهد، مع أنهما قد وثقا أيضا، والله أعلم) ، وذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (10/ 80) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 170 النبي صلى الله عليه وسلم ذكر الله عز وجل.. ما تقرّبت إلى الله تعالى إلا بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم؛ فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «قال جبريل: يا محمد؛ إن الله عز وجل يقول: من صلّى عليك عشر مرات.. استوجب الأمان من سخطي» «1» . - ومنها: أنها سبب للدخول تحت ظل العرش. يروى: أنه صلى الله عليه وسلم قال: «ثلاثة تحت ظل عرش الله يوم القيامة، يوم لا ظل إلا ظله» ، قيل: من هم يا رسول الله؟ قال: «من فرّج عن مكروب من أمتي، وأحيا سنتي، وأكثر الصلاة عليّ» ، قال الحافظ السخاوي: (ذكره صاحب «الدر المنظم» ، ولم أقف له على أصل معتمد، إلا أن صاحب «الفردوس» عزاه لأنس بن مالك، ولم يسنده ولده، وعزاه غيره ل «فوائد الخلعي» من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، والله تعالى أعلم) «2» . - ومنها: أنها سبب لثقل الميزان والنجاة من النار. أخرج ابن أبي الدنيا بسند هالك عن عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما قال: إن لآدم من الله موقفا في فسيح العرش، عليه ثوبان أخضران، كأنه نخلة سحوق «3» ، ينظر إلى من ينطلق به من ولده إلى الجنة، وينظر إلى من ينطلق به من ولده إلى النار، قال: فبينا آدم على ذلك؛ إذ نظر إلى رجل من أمة محمد صلى الله عليه وسلم منطلق به إلى النار، فينادي آدم يا أحمد، يا أحمد، فيقول: «لبيك يا أبا البشر، فيقول: هذا رجل من أمتك منطلق به إلى النار، فأشدّ المئزر، وأسرع في إثر الملائكة، فأقول: يا رسل ربي قفوا، فيقولون: نحن الغلاظ الشداد الذين لا نعصي الله ما أمرنا ونفعل   (1) أخرجه ابن بشكوال في «القربة» (5) ، وانظر «سير أعلام النبلاء» (13/ 296) . (2) القول البديع (ص 263) . (3) نخلة سحوق: طويلة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 171 ما نؤمر» فإذا أيس النبي صلى الله عليه وسلم.. قبض على لحيته الشريفة بيده اليسرى، واستقبل العرش، فيقول: «يا ربّ العرش؛ قد وعدتني ألا تخزيني في أمتي، فيأتي النداء من عند العرش، أطيعوا محمدا، وردوا هذا العبد إلى المقام، فأخرج من حجزتي «1» بطاقة بيضاء كالأنملة، فألقيها في كفة الميزان اليمنى وأنا أقول: باسم الله، فترجح الحسنات، فينادى سعد وسعد جدّه «2» ، وثقلت موازينه، انطلقوا به إلى الجنة، فيقول العبد: يا رسل ربي؛ قفوا حتى أكلّم هذا العبد الكريم على ربه، فيقول بأبي وأمي ما أحسن وجهك، وأحسن خلقك! فقد أقلتني عثرتي، ورحمت عبرتي، فيقول: أنا نبيك محمد، وهذه صلاتك عليّ، قد وفيتك أحوج ما كنت إليها» «3» . - ومنها: أنها سبب للأمن من العطش يوم القيامة. فعن كعب الأحبار قال: (أوحى الله عز وجل إلى موسى عليه السلام في بعض ما أوحى إليه: يا موسى؛ لولا من يحمدني.. ما أنزلت من السماء قطرة، ولا أنبتّ من الأرض ورقة، يا موسى؛ لولا من يعبدني.. ما أمهلت من يعصيني طرفة عين، يا موسى؛ لولا من يشهد ألاإله إلا الله.. لسيّبت جهنم على الدنيا، يا موسى؛ إذا لقيت المساكين.. فسائلهم كما تسائل الأغنياء، فإن لم تفعل ذلك.. فاجعل كل شيء علمت- أو قال: عملت- تحت التراب، يا موسى؛ أتحب ألا ينالك عطش يوم القيامة؟ قال: إلهي نعم، قال: فأكثر الصلاة على محمد صلى الله عليه وسلم) «4» رواه أبو القاسم التيمي في «ترغيبه» . وهو في ترجمة كعب من «حلية الأولياء» لأبي نعيم مطوّل لكن بلفظ:   (1) في هامش (ج) : (الحجزة- بضم الحاء المهملة وسكون الجيم وبالزاي-: معقد الإزار، وموضع التكة من السراويل) . (2) في هامش (ج) : (بكسر الجيم: الاجتهاد) . (3) حسن الظن بالله (1/ 93) . (4) أخرجه ابن عساكر في «تاريخه» (61/ 150) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 172 (يا موسى؛ أتريد أن أكون لك أقرب من كلامك إلى لسانك، ومن وساوس قلبك إلى قلبك، ومن روحك إلى بدنك، ومن نور بصرك إلى عينك؟ قال: نعم يا رب، قال: أكثر الصلاة على محمد صلى الله عليه وسلم) «1» . - ومنها: أنها تأخذ بيد من يعثر على الصراط حتى يمر عليه. أخرج جمع من طرق بعضها حسن عن عبد الرحمن بن سمرة رضي الله تعالى عنه قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «إني رأيت البارحة عجبا، رأيت رجلا من أمتي يزحف على الصّراط مرة، ويحبو مرة، ويتعلق مرة، فجاءته صلاته عليّ فأخذت بيده، فأقامته على الصّراط حتى جاوزه» «2» . وله طريق أخرى مطولة فيها: «ورأيت رجلا من أمتي يرعد على الصّراط، كما ترعد السعفة، فجاءته صلاته عليّ فسكنت رعدته» «3» . - ومنها: أن من صلى عليه صلى الله عليه وسلم في يوم ألف مرة .. لم يمت حتى يرى مقعده من الجنة. أخرج جمع- لكن مع ذلك هو حديث منكر-: أنه صلى الله عليه وسلم قال: «من صلّى عليّ في يوم ألف مرة.. لم يمت حتى يرى مقعده من الجنة» ، وفي لفظ: «لم يمت حتى يبشّر بالجنة» «4» . - ومنها: أنها سبب لكثرة الأزواج في الجنة.   (1) حلية الأولياء (6/ 32) . (2) أخرجه الطبراني في «الأحاديث الطوال» (1/ 281) ، وابن عساكر في «تاريخه» (34/ 407) ، وذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (7/ 182) . (3) قال الإمام السخاوي في «القول البديع» (ص 267) : (أخرجه مطولا الباغبان في «فوائده» عن أبي عمرو بن منده بسنده إلى مجاهد عن عبد الرحمن بن سمرة، وقال: غريب) . (4) قال الإمام السخاوي في «القول البديع» (ص 267) : (رواه ابن شاهين في «ترغيبه» وغيره، وابن بشكوال [في «القربة» (23) ] من طريقه، وابن سمعون في «أماليه» ، وهو عند الديلمي من طريق أبي الشيخ الحافظ، وأخرجه الضياء في «المختارة» ) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 173 ذكر صاحب «الدر المنظم» : أنه صلى الله عليه وسلم قال: «أكثركم عليّ صلاة.. أكثركم أزواجا في الجنة» ، قال الحافظ السخاوي: (لم أقف عليه إلى الآن) «1» . - ومنها: أنها تعدل عشرين غزوة في سبيل الله تعالى. أخرج الديلمي بسند ضعيف: أنه صلى الله عليه وسلم قال: «حجّوا الفرائض؛ فإنها أعظم أجرا من عشرين غزوة في سبيل الله، وإن الصلاة عليّ تعدل ذلك» «2» . ويروى: «من حج حجة الإسلام، وغزا بعدها غزاة.. كتبت غزاته بأربع مئة حجة، فانكسرت قلوب قوم لا يقدرون على الجهاد ولا الحج، فأوحى الله عزّ وجل إليّ: ما صلّى عليك أحد.. إلا كتبت صلاته بأربع مئة غزاة، كل غزاة بأربع مئة حجة» ، قال الحافظ السخاوي: (وهو تالف، لوائح الوضع عليه ظاهرة) «3» . - ومنها: أنها تعدل الصدقة. أخرج جمع بسند حسن: أنه صلى الله عليه وسلم قال: «أيّما رجل مسلم لم يكن عنده صدقة.. فليقل في دعائه: اللهمّ؛ صلّ على محمد عبدك ورسولك، وصلّ على المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات؛ فإنها زكاة» ، وقال: «لا يشبع مؤمن خيرا حتى يكون منتهاه الجنة» «4» . وفي رواية: «أيّما رجل كسب مالا من حلال، فأطعم نفسه أو كساها فمن دونه من خلق الله.. فإنه له زكاة، وأيّما رجل لم يكن عنده صدقة.. فليقل في   (1) القول البديع (ص 268) . (2) الفردوس بمأثور الخطاب (2662) . (3) القول البديع (ص 268) . (4) أخرجه ابن حبان في «صحيحه» (903) ، والبخاري في «الأدب المفرد» (640) دون قوله: وقال: «لا يشبع مؤمن ... » ، وذكره المنذري في «الترغيب والترهيب» (2/ 500) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 174 دعائه: اللهمّ؛ صلّ على محمد عبدك ورسولك، وعلى المؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات؛ فإنه له زكاة» «1» . وذهب بعضهم إلى أنها أفضل من الصدقة حتى المفروضة، قال: لأن ما افترضه الله تعالى على عباده وفعله هو وملائكته.. ليس كالذي افترضه على عباده فقط. - ومنها: أن صلاة مئة في يوم بألف ألف حسنة ، وبمئة صدقة مقبولة، وتمحو ألف ألف سيئة. أخرج أبو سعد في «شرف المصطفى» - لكن قال الحافظ السخاوي: (وأحسبه لا يصح) «2» -: أنه صلى الله عليه وسلم قال: «من صلّى عليّ في يوم مئة مرة.. كتب الله له بها ألف ألف حسنة، ومحا عنه ألف ألف سيئة، وكتب له مئة صدقة مقبولة، ومن صلّى عليّ، ثم بلغتني صلاته.. صليت عليه كما صلّى عليّ، ومن صلّيت عليه.. نالته شفاعتي» . - ومنها: أن صلاة مئة كل يوم سبب لقضاء مئة حاجة ، سبعين للآخرة، وثلاثين للدنيا. أخرج ابن منده- قال أبو موسى المديني: وهو حديث غريب حسن-: أنه صلى الله عليه وسلم قال: «من صلّى عليّ في كل يوم مئة مرة.. قضى الله له مئة حاجة، سبعين لآخرته، وثلاثين لدنياه» «3» . - ومنها: أن صلاة واحدة سبب لقضاء مئة حاجة. أخرج التيمي بسند منقطع: «من صلّى عليّ صلاة واحدة.. قضيت له مئة حاجة» «4» . وفي «الفرودس» بلا إسناد عن عليّ يرفعه: «من صلّى على محمد وعلى   (1) أخرجه الحاكم (4/ 130) ، والديلمي في «الفردوس» (1395) ، والبيهقي في «الشعب» (1231) . (2) القول البديع (ص 269) . (3) كذلك عزاه الإمام السخاوي في «القول البديع» (ص 271) لابن منده. (4) كذلك عزاه الإمام السخاوي في «القول البديع» (ص 272) إلى التيمي في «ترغيبه» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 175 آل محمد مئة مرة.. قضى الله عز وجل له مئة حاجة» . - ومنها: أن من صلى عليه صلى الله عليه وسلم مئة مرة في اليوم.. كان كمن داوم العبادة طول الليل والنهار، قاله أبو غسان المدني. وأخرج جمع عن وهب قال: (الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عبادة) «1» . - ومنها: أنها أحبّ الأعمال إلى الله تعالى. أخرج الديلمي بسند ضعيف: أنه صلى الله عليه وسلم قال: «قلت لجبريل: أيّ الأعمال أحبّ إلى الله عز وجل؟ قال: الصلاة عليك يا محمد، وحبّ عليّ بن أبي طالب» «2» . - ومنها: أنها زينة للمجالس ، وأنها نور يوم القيامة على الصراط. أخرج الديلمي بسند ضعيف أيضا: أنه صلى الله عليه وسلم قال: «زيّنوا مجالسكم بالصلاة عليّ؛ فإن صلاتكم عليّ نور يوم القيامة» «3» . ويروى عن عائشة وعمر رضي الله تعالى عنهما: (زيّنوا مجالسكم بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم) «4» . وأخرج أبو سعد في «شرف المصطفى» : أنه صلى الله عليه وسلم قال: «صلاة عليّ نور يوم القيامة على الصراط ... » الحديث، ويأتي في الجمعة نحوه «5» .   (1) قال الإمام السخاوي في «القول البديع» (ص 272) : (أخرجه التيمي في «ترغيبه» ، والنميري وابن بشكوال) . (2) ذكره الكناني في «تنزيه الشريعة» (1/ 398) . (3) الفردوس بمأثور الخطاب (3330) . (4) لم نجده من قول سيدنا عمر رضي الله تعالى عنه، ولكن قال الإمام السخاوي في «القول البديع» (ص 272) : (وعن عائشة رضي الله عنها قالت: «زينوا مجالسكم بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وبذكر عمر بن الخطاب» رواه النميري) . (5) انظر (ص 112) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 176 - ومنها: أنها تنفي الفقر. أخرج أبو نعيم بسند ضعيف عن سمرة رضي الله تعالى عنه أنه صلى الله عليه وسلم جاءه رجل فقال: يا رسول الله؛ ما أقرب الأعمال إلى الله؟ قال: «صدق الحديث، وأداء الأمانة» ، قلت: يا رسول الله؛ زدنا، قال: «صلاة الليل، وصوم الهواجر» ، قلت: يا رسول الله؛ زدنا، قال: «كثرة الذكر، والصلاة عليّ تنفي الفقر ... » الحديث «1» . وجاء بسند ضعيف: أن رجلا شكا إلى النبي صلى الله عليه وسلم الفقر، وضيق العيش- أو المعاش- فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا دخلت منزلك.. فسلّم إن كان فيه أحد أو لم يكن فيه أحد، ثم سلّم عليّ، واقرأ (قل هو الله أحد) مرة واحدة» ، ففعل الرجل، فأدرّ الله تعالى عليه الرزق، حتى أفاض على جيرانه وقراباته «2» . وجاء بسند ضعيف عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من قرأ القرآن، وحمد الرب سبحانه وتعالى، وصلّى على النبي صلى الله عليه وسلم، واستغفر ربه.. فقد طلب الخير من مظانّه» «3» . - ومنها: أن من أكثر منها.. يكون أولى الناس به صلى الله عليه وسلم. أخرج الترمذي وقال حسن غريب: أنه صلى الله عليه وسلم قال: «إن أولى الناس بي يوم القيامة.. أكثرهم عليّ صلاة» «4» ، وقول النسائي في بعض رواته «5» :   (1) كذلك عزاه الإمام السخاوي في «القول البديع» (ص 273) لأبي نعيم. (2) عزاه الإمام السخاوي في «القول البديع» (ص 273) : لأبي موسى المديني. (3) أخرجه البيهقي في «الشعب» (3084) ، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (8/ 698) . (4) أخرجه ابن حبان (911) ، والترمذي (484) ، وابن أبي شيبة في «مصنفه» (7/ 442) . (5) هو موسى بن يعقوب الزمعي الأسدي، انظر «الثقات» لابن حبان (4/ 287) ، و «الكامل» لابن عدي (6/ 342) ، و «ميزان الاعتدال» (4/ 227) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 177 ليس بالقويّ.. مردود بأن ابن معين وثّقه، وكذا وثقه أبو داود وابن حبان وابن عديّ وجماعة. وذكر صاحب «الدر المنظم» : أنه صلى الله عليه وسلم قال: «أكثركم عليّ صلاة.. أقربكم مني غدا» ، قال الحافظ السخاوي: (لم أقف على سنده، ولا من أخرجه) «1» . نعم؛ يأتي حديث: «أقربكم مني يوم القيامة في كل موطن.. أكثركم عليّ صلاة في الدنيا» «2» . قال ابن حبان عقب الحديث الأول: (وفيه دليل على أن أولى الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم في القيامة- أي: أقربهم منه- أصحاب الحديث؛ إذ ليس من هذه الأمة قوم أكثر صلاة عليه صلى الله عليه وسلم منهم) «3» . وكذا قال غيره: فيه بشارة عظيمة لأصحاب الحديث؛ لأنهم يصلون على النبي صلى الله عليه وسلم قولا وفعلا، نهارا وليلا، وعند القراءة والكتابة؛ فهم أكثر الناس صلاة لذلك، واختصوا بهذه المنقبة من بين سائر فرق العلماء. - ومنها: أن بركتها وفائدتها تدرك الرجل وولده وولد ولده. وجاء بسند ضعيف عن حذيفة رضي الله تعالى عنه قال: (الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم تدرك الرجل، وولده وولد ولده) «4» . - ومنها: أن أحبّ ما يكون العبد إلى الله تعالى وأقربه إذا أكثر منها. جاء عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما بسند ضعيف قال: (أوحى الله   (1) القول البديع (ص 276) . (2) أخرجه البيهقي في «الشعب» (3035) ، وابن عساكر في «تاريخه» (54/ 301) . (3) صحيح ابن حبان (3/ 193) . (4) أخرجه الإمام أحمد (5/ 400) ، وذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (8/ 271) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 178 تبارك وتعالى إلى موسى عليه السلام: إنني جعلت فيك عشرة آلاف سمع حتى سمعت كلامي، وعشرة آلاف لسان حتى أجبتني، وأحب ما تكون إليّ وأقربه إذا أكثرت الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم) ، وفي لفظ: (وأقرب ما تكون أنت مني إذا صليت على محمد صلى الله عليه وسلم) «1» . - ومنها: أن الآتي بها قد لا يسأله الله تعالى فيما افترض عليه . عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من حج حجة الإسلام، وزار قبري، وغزا غزوة، وصلّى عليّ في بيت المقدس.. لم يسأله الله فيما افترض عليه» ذكره المجد اللغوي، وعزاه لأبي الفتح الأزدي في الثامن من «فوائده» ، قال الحافظ السخاوي: (وفي ثبوته نظر) «2» . - ومنها: أن من صلّى عليه صلى الله عليه وسلم في يوم خمسين مرة.. صافحه يوم القيامة. أخرج ابن بشكوال: أنه صلى الله عليه وسلم قال: «من صلّى عليّ في يوم خمسين مرة.. صافحته يوم القيامة» «3» . وذكر أبو الفرج عبدوس رواية عن أبي المطرف: أنه سأله عن كيفية ذلك فقال: (إن قال: اللهمّ؛ صلّ على محمد خمسين مرة.. أجزأه إن شاء الله تعالى، وإن كرر ذلك.. فهو أحسن) اهـ ويؤيده أنه صلى الله عليه وسلم لما دخل على بعض نسائه فرآها تسبّح وتعدّ بالحصى.. فقال: «لقد قلت كلمة عدلت جميع ما قلتيه: سبحان الله   (1) قال الإمام السخاوي في «القول البديع» (ص 276) : (أخرجه أبو القاسم القشيري في «الرسالة» ، ومن طريقه ابن العديم في ترجمة موسى عليه السلام من «تاريخ حلب» ، وذكره أبو الفرج البغدادي في «المطرب» ) . (2) ذكره الحافظ ابن حجر في «لسان الميزان» (2/ 265) ، وانظر «الصّلات والبشر» (ص 87) ، و «القول البديع» (ص 281) . (3) أخرجه ابن بشكوال في «القربة» (90) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 179 وبحمده عدد خلقه ... » الحديث «1» ؛ فإنه نصّ في أن من قال: اللهمّ؛ صلّ على محمد ألف مرة، أو عدد خلقك.. يكتب له بهذا اللفظ الواحد صلوات عدد الألف، أو عدد الخلق. - ومنها: أنها طهارة للقلوب من الصدأ. جاء بسند معضل عن محمد بن القاسم رضي الله تعالى عنهما رفعه: «لكل شيء طهارة وغسل، وطهارة قلوب المؤمنين من الصدأ.. الصلاة عليّ» «2» صلى الله عليه وسلم. وفوائد الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم أكثر من أن تحصى، وأشهر من أن تستقصى. وقد ذكر ابن القيم منها جملة علمت مما مرّ وغيره، وهي: امتثال أمر الله تعالى، وموافقته في الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم، وإن اختلفت الصلاتان، وموافقة ملائكته فيها، وحصول عشر صلوات منه تعالى على المصلّي مرة، ورفع عشر درجات له، وكتابة عشر حسنات له، ورجاء إجابة الدعاء إذا قدمها، ورجاء شفاعته بسؤال الوسيلة له، وغفران ذنوبه، وكفاية ما أهمه من أمر دنياه وآخرته، وقربه منه صلى الله عليه وسلم يوم القيامة، وقضاء حوائجه، وصلاة الله وملائكته على المصلّي، وطهارته، وتبشيره بالجنة، ونجاته من أهوال يوم القيامة، وردّه صلى الله عليه وسلم الصلاة والسلام عليه، وتأنّسه بذكره صلى الله عليه وسلم، وطيب المجلس بذكره، ونفي فقره، ونجاته من الدعاء عليه برغم الأنف، ومن إخطائه طريق الجنة إذا تركها، ومروره على الصراط، وخروجه عن الجفاء، ونشر الثناء الحسن عليه بين أهل السماء والأرض، والبركة في ذاته وعمله وعمره وأسباب مصالحه،   (1) أخرجه مسلم (2726) ، وابن حبان (832) ، والنسائي في «الكبرى» (9916) بنحوه. (2) انظر «القول البديع» (ص 281) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 180 ورضا الله تعالى عنه، ودوام محبته للنبي صلى الله عليه وسلم، وزيادتها وتضاعفها، وذلك عقد من عقود الإيمان الذي لا يتم إلا به، ومحبته صلى الله عليه وسلم للمصلّي عليه؛ إذ أقل قليل من حقه صلى الله عليه وسلم شكره على النعمة التي أنعم الله تعالى بها علينا، مع أن الذي يستحقه في ذلك لا يحصى علما ولا قدرة ولا إرادة. اهـ ملخصا «1» وقد سرد السخاوي رحمه الله تعالى فوائدها التي قدمتها مفرقة سردا حسنا، لكن نقل بعض من تأخر عنه تلك الفوائد بلفظها المذكور في «كتاب السخاوي» عن «تفسير العلائي» ، فإن كان السخاوي اطلع عليه «2» ، وإلا.. فهو توافق عجيب.   (1) جلاء الأفهام (ص 335- 344) . (2) في النسخ (فإن لم يكن ... ) والتصويب من هامش (أ) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 181 خاتمة في ذكر منامات ونحوها، لا بأس بالإشارة إلى بعضها لأن فيها حثا لمن سمعها على الإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم قال ابن هبيرة: كنت أصلّي على النبي صلى الله عليه وسلم وعيناي مطبقتان، فرأيت من وراء جفني كاتبا يكتب بمداد أسود صلاتي على النبي صلى الله عليه وسلم في قرطاس، وأنا أنظر مواقع الحروف في ذلك القرطاس، ففتحت عيني لأنظره ببصري، فرأيته وقد توارى عني حتى رأيت بياض ثوبه. ورئي إنسان عليه حلة، وعلى رأسه تاج مكلل بالجواهر، فقيل له: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي وأكرمني وتوّجني وأدخلني الجنة، فقيل له: بماذا؟ قال: بكثرة صلاتي على رسول الله صلى الله عليه وسلم «1» . ورئي ماجن فقيل له: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي، فقيل: بماذا؟ قال: استمليت على بعض المحدثين حديثا مسندا، فصلّى الشيخ على النبي صلى الله عليه وسلم، فسمع أهل المجلس، فصلّوا عليه صلى الله عليه وسلم، فغفر لنا في ذلك اليوم كلّنا «2» . ورأى الحافظ أبو الحسن الدارمي من يعرفه، فسأله عن حاله، فقال: غفر لي، وسأله عن عمل يدخل به الجنة، فقال: ألف ركعة في كل ركعة ألف   (1) أخرجه ابن بشكوال في «القربة» (51) ، والمرئي عنده أبو العباس أحمد بن منصور الشيرازي. (2) أخرجه ابن بشكوال في «القربة» (63) ، والمرئي عنده الملقب بالمشطاح. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 182 (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) ، فقال: لا أطيق ذلك، فقال: ألف مرة صلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كل ليلة، قال الدارمي: فأنا أفعل ذلك كل ليلة «1» . ورئي بعض الصالحين فسئل، فقال: رحمني وغفر لي وأدخلني الجنة، فقيل له: بماذا؟ قال: حسبت الملائكة ذنوبي وصلاتي على النبي صلى الله عليه وسلم فرأوها أكثر، فقال لهم المولى جلّت قدرته: (حسبكم يا ملائكتي، لا تحاسبوه، واذهبوا به إلى جنتي) . ويروى: أن مسرفا من بني إسرائيل لمّا مات.. رموا به، فأوحى الله عز وجل لموسى على نبينا وعليه أفضل الصلاة والسلام: أن غسّله وصلّ عليه؛ فإني قد غفرت له، قال: يا ربّ؛ وبم ذلك؟ قال: إنه فتح التوراة يوما فوجد فيها اسم محمد صلى الله عليه وسلم، فصلّى عليه، فغفرت له بذلك. ورأى بعض الصالحين صورة قبيحة في النوم، فقال لها: من أنت؟ قالت: أنا عملك القبيح، قال لها: فبم النجاة منك؟ قالت: بكثرة الصلاة على المصطفى صلى الله عليه وسلم. ورأى بعض الصالحين صالحا على هيئة حسنة، فاستخبره عما عندهم، فقال: كنت من الهالكين لولا كثرة صلاتي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له: أين أنتم من الرؤية واللقاء؟ فقال: هيهات! قد رضينا منه بدون ذلك. ورأى الشّبليّ جارا له فسأله، فقال: مرّت بي أهوال عظيمة أرتج عليّ عند السؤال، فقلت في نفسي: من أين أتى عليّ؟! ألم أمت على الإسلام؟! فنوديت: هذه عقوبة إهمالك للسانك في الدنيا، فلما همّ بي الملكان.. حال بيني وبينهما رجل جميل طيب الرائحة، فذكّرني حجتي، فذكرتها، فقلت: من أنت يرحمك الله؟ قال: أنا شخص خلقت لكثرة صلاتك على النبي صلى الله عليه وسلم، وأمرت أن أنصرك في كل كرب.   (1) أخرجه ابن بشكوال في «القربة» (73) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 183 وحكي عن العارف أبي الحسن الشاذلي رحمه الله ورضي عنه: أنه جاءه السباع بمفازة فخافهم، ففزع إلى الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم؛ مستندا إلى ما صح من أنه من صلّى عليه صلى الله عليه وسلم.. صلّى الله عليه عشرا، وأن الصلاة من الله الرحمة، ومن رحمه.. كفاه همه، فنجا بذلك. وقال أبو بكير: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم، فقلت: يا رسول الله؛ إن رجلا يكثر الصلاة عليك، قال: «من هو؟» ، قلت: فلان، قال: «لا جرم أنّ الله أعدّ له مقاما كريما» . وتوفّي تاجر عن مال وابنين وثلاث شعرات من شعره صلى الله عليه وسلم، فاقتسما المال نصفين وشعرتين، وبقيت واحدة، فطلب الأكبر قطعها نصفين، فأبى الأصغر؛ إجلالا له صلى الله عليه وسلم، فقال له الأكبر: تأخذ الثلاث بحظّك من المال؟ قال: نعم، ثم جعل الثلاث في جيبه، وصار يخرجها ويشاهدها ويصلّي على النبي صلى الله عليه وسلم، فعن قريب كثر ماله، وفني مال الأكبر، ولمّا توفي الصغير.. رآه بعض الصالحين، ورأى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: «قل للناس: من كانت له إلى الله عز وجل حاجة.. فليأت قبر فلان هذا ويسأل الله تعالى قضاء حاجته» ، فكان الناس يقصدون قبره، حتى بلغ أن كل من عبر على قبره ينزل ويمشي راجلا «1» . وجاء أبا الفضل بن زيرك خراسانيّ فقال: أتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم في منامي وأنا بمسجد المدينة وقال: «اقرأ على أبي الفضل منّي السلام» ، فقلت: يا رسول الله؛ لماذا؟ قال: «لأنه يصلّي عليّ في كل يوم مئة مرة» ، ثم سأل أبا الفضل أن يعلمه إياها، فعلمه: (اللهم؛ صلّ على محمد النبي الأمي، وعلى آل محمد، جزى الله محمدا صلى الله عليه وسلم عنّا ما هو أهله) .   (1) ذكر القصة الإمام المجد اللغوي في «الصّلات والبشر» (ص 135) وعزاها لأبي حفص عمر بن حسين السمرقندي في «رونق المجالس» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 184 ورأى أبو عبد الله القسطلاني النبي صلى الله عليه وسلم في النوم، وشكا إليه الفقر، فقال له: «قل: اللهمّ؛ صلّ على محمد وعلى آل محمد، وهب لنا اللهم من رزقك الحلال الطيّب المبارك ما تصون به وجوهنا عن التعرض إلى أحد من خلقك، واجعل لنا اللهم إليه طريقا سهلا من غير تعب ولا نصب، ولا منّة ولا تبعة، وجنبنا اللهم الحرام حيث كان، وأين كان، وعند من كان، وحل بيننا وبين أهله، واقبض عنا أيديهم، واصرف عنا قلوبهم، حتى لا نتقلب إلا فيما يرضيك، ولا نستعين بنعمك إلا على ما تحب، يا أرحم الراحمين» . وجاءت امرأة إلى الحسن البصري فقالت: توفّيت لي بنت، وأريد أن أراها في النوم، فأمرها أن تصلّي أربع ركعات بعد صلاة العشاء، [تقرأ] في كل ركعة (الفاتحة) و (ألهاكم التكاثر) مرة، ثم تضطجع وتصلّي على النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن تنام، ففعلت فرأتها في أقبح العذاب وأشده، فانتبهت وجاءت الحسن، فأمرها بصدقة عنها لعل الله عز وجل يعفو عنها، ونام الحسن تلك الليلة، فرأى امرأة في أحسن النعيم، فقالت له: أتعرفني؟ أنا ابنة تلك المرأة التي أمرتها بالصلاة على محمد صلى الله عليه وسلم، فقال لها: إن أمك قد وصفت حالك بغير هذه الرؤية؟ فقالت: هو كما قالت، قال: فبماذا بلغت هذه المنزلة؟ قالت: كنا سبعين ألفا في العقوبة، فعبر رجل من الصالحين على قبورنا، وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم مرة، وجعل ثوابها لنا، فقبلها الله عز وجل منه، وأعتقنا كلنا من تلك العقوبة ببركته، وبلغ نصيبي ما قد رأيته وشاهدته. وذكر العلامة المجد الفيروز اباذي عن ابن الخيام: أنه اجتمع بالخضر وإلياس، وأنهما أخبراه: أنهما رأيا النبي صلى الله عليه وسلم وسمعاه يقول: «ما من مؤمن صلّى عليّ.. إلا نضّر به قلبه، ونوّره الله عز وجل» . وسمعاه أيضا يقول: «من صلّى على محمد صلى الله عليه وسلم.. طهر قلبه من النفاق، كما يطهّر الثوب الماء» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 185 ويقول: «ما من مؤمن يقول: صلّى الله على محمد.. إلا أحبه الناس وإن كانوا أبغضوه، ووالله لا يحبونه حتى يحبه الله عز وجل» . ويقول على المنبر: «من قال: صلّى الله على محمد.. فقد فتح على نفسه سبعين بابا من الرحمة» . ويقول: «من قال سبع ليال: صلى الله على محمد.. رآني في المنام» . ويقول: «إذا جلستم مجلسا.. فقولوا: بسم الله الرحمن الرحيم، وصلى الله على محمد، يوكّل الله بكم ملكا يمنعكم من الغيبة، فإذا قمتم.. فقولوا ذلك؛ فإن الناس لا يغتابونكم، ويمنعهم الملك من ذلك» . وأخبراه أيضا: أن نبيا من بني إسرائيل لم ينصر على عدوّ له حتى أمر قومه بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. اهـ «1» . والمجد وإن ذكر ذلك بسنده إلى ابن الخيام، لكن قال الذهبي وغيره: إنها موضوعة «2» ؛ أي: وإن كان الصحيح أن الخضر حيّ. ومن أوضح الأدلة على ذلك ما صح عن إمام الهدى عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه: أن الخضر اجتمع به، وأنه رئي عنده، فسئل، فقال: هذا الخضر، وقد ذكرت ذلك في أواخر كتابي «الصواعق المحرقة على إخوان الشياطين والضلال والابتداع والزندقة» «3» . وحكي عن إبراهيم التيمي: أنه اجتمع بالخضر عند الكعبة، وأنه أخبره بكيفية طويلة من فعلها.. رأى النبي صلى الله عليه وسلم في منامه، وأنه فعلها فرآه صلى الله عليه وسلم، ورأى الجنة ونعيمها وتنعّم به، فإن عمل ذلك ولم يره.. غفر له جميع كبائره، قال الحافظ السخاوي عقبها: (وهذا منكر، بل   (1) الصّلات والبشر (ص 83- 86) . (2) ميزان الاعتدال (3/ 602) . (3) الصواعق المحرقة (ص 226) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 186 لوائح الوضع ظاهرة عليه) «1» ، وقال أوّلها: (وروينا في «الصلاة» لعبد الرازق الطبسي بسند لا أشك في بطلانه) «2» . وجعل بعض الصالحين كل ليلة على نفسه عددا معلوما يصلّي على النبي صلى الله عليه وسلم عند النوم، فأخذته عيناه ليلة، فرأى النبي صلى الله عليه وسلم داخلا عليه، فامتلأ بيته نورا، فقال له: «هات هذا الفم الذي يكثر الصلاة عليّ.. أقبّله» ، قال: فاستحييت، فأدرت له خدي فقبّله، فانتبهت؛ فإذا البيت يفوح مسكا من رائحته صلى الله عليه وسلم، وبقيت رائحة المسك من قبلته في خدي نحو ثمانية أيام «3» . ويروى: أنه من أراد رؤيته صلى الله عليه وسلم نوما، فليقل: (اللهم؛ صلّ على محمد كما هو أهله، اللهم؛ صلّ على محمد كما تحب وترضى، فمن قال ذلك عددا وترا.. رآه صلى الله عليه وسلم، قيل: ويزيد معه: اللهم؛ صلّ على روح محمد في الأرواح، اللهم؛ صلّ على جسد محمد في الأجساد، اللهم؛ صلّ على قبر محمد في القبور، اللهم؛ صلّ على محمد إلى يوم البعث والنشور) .   (1) القول البديع (ص 280) . (2) القول البديع (ص 279) . (3) ذكرها المجد اللغوي في «الصّلات والبشر» (ص 131) ، والرائي هو محمد بن سعيد بن مطرف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 187 الفصل الخامس في ذكر عقوبات وقبائح لمن لم يصلّ على النبي ص - منها: أن من ذكر صلى الله عليه وسلم عنده فلم يصلّ عليه.. كان شقيّا راغم الأنف، مستحقا الدخول في النار، بعيدا من الله عز وجل ومن رسوله صلى الله عليه وسلم، مدعوّا عليه من جبريل ومن النبي صلّى الله عليه وسلّم بذلك وبالسّحق. أخرج كثيرون بسند رجاله ثقات- ومن ثمّ قال الحاكم في «المستدرك» : صحيح الإسناد- عن كعب بن عجرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «احضروا المنبر» ، فحضرنا، فلما ارتقى درجة.. قال: «آمين» ، ثم ارتقى الثانية وقال: «آمين» ، ثم ارتقى الثالثة فقال: «آمين» ، فلما نزل.. قلنا: يا رسول الله؛ قد سمعنا منك اليوم شيئا ما كنا نسمعه! فقال: «إن جبريل عرض لي فقال: بعد- أي بالضم: عن الخير، وحكي الكسر؛ أي: هلك- من أدرك رمضان.. فلم يغفر له، قلت: آمين، فلما رقيت- أي: بكسر القاف- الثانية.. قال: بعد من ذكرت عنده.. فلم يصلّ عليك، فقلت: آمين، فلما رقيت الثالثة.. قال: بعد من أدرك أبويه الكبر عنده أو أحدهما.. فلم يدخلاه الجنة، قلت: آمين» «1» . وفي رواية في سندها راو ضعّفه غير واحد ووثّقه ابن حبان: «ومن ذكرت   (1) أخرجه الحاكم (4/ 153) ، والطبراني في «الكبير» (19/ 144) ، والبيهقي في «الشعب» (1572) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 188 عنده فلم يصلّ عليك.. فأبعده الله، قل: آمين، فقلت: آمين» «1» . وفي أخرى ضعيفة، لكن لها شواهد تصيّرها حسنة: أنهم سألوه لمّا جلس على المنبر.. قال: «أتاني جبريل فقال: رغم أنف رجل أدرك أبويه أو أحدهما.. فلم يدخل الجنة، فقلت: آمين، قال: ورغم أنف امرىء أدرك رمضان.. فلم يغفر له، قلت: آمين، قال: ورغم أنف من ذكرت عنده.. فلم يصلّ عليك، قلت: آمين» «2» . وفي أخرى- عند أحمد والترمذي وصححها الحاكم، وقال الترمذي: حسن غريب-: «رغم أنف رجل» في الثلاثة بمعنى التي قبلها «3» . وفي أخرى: «رغم الله أنف رجل» في الثلاثة «4» . يقال: رغم- بكسر ثانيه المعجم وفتحه- رغما بتثليث أوله، وأرغم الله أنفه؛ أي: ألصقه بالرّغام، وهو التراب، هذا هو الأصل، ثم استعمل في الذل والعجز عن الانتصاف والانقياد على كره، وقيل: رغم بالكسر: لصق بالتراب ذلّا وهوانا، وبالفتح: ذلّ. وفي أخرى سندها حسن: «لمّا رقيت الدرجة الأولى.. جاءني جبريل فقال: شقي عبد أدرك رمضان.. فانسلخ منه ولم يغفر له، فقلت: آمين، ثم قال: شقي عبد أدرك والديه أو أحدهما.. فلم يدخلاه الجنة، فقلت: آمين، ثم قال: شقي عبد ذكرت عنده.. فلم يصلّ عليك، فقلت: آمين» «5» .   (1) أخرجه ابن حبان (409) ، والبزار (1405) ، والطبراني في «الكبير» (19/ 291) . (2) أخرجه القاضي إسماعيل الجهضمي في «فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم» (ص 33) ، وذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (10/ 169) . (3) المستدرك (1/ 549) ، وسنن الترمذي (3545) ، والمسند (2/ 254) . (4) عزاه في «القول البديع» (ص 297) لابن أبي عاصم مرفوعا. (5) أخرجه البخاري في «الأدب المفرد» (644) ، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (6/ 651) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 189 وفي أخرى عند البيهقي: لما بنى صلى الله عليه وسلم المنبر.. جعل له ثلاث عتبات، فلما صعدها صلى الله عليه وسلم- أي بكسر العين- أمّن عند كلّ، فسئل فقال: «إن جبريل عليه السلام صعد قبلي العتبة الأولى، فقال: يا محمد؛ فقلت: لبيك وسعديك، فقال: من أدرك أبويه أو أحدهما، فلم يغفر له.. فأبعده الله، قل: آمين، فقلت: آمين، فلما صعد العتبة الثانية.. قال: يا محمد؛ قلت: لبيك وسعديك، قال: من أدرك شهر رمضان فصام نهاره وقام ليله، ثم مات ولم يغفر له.. فأبعده الله، قل: آمين، فقلت: آمين، فلما صعد العتبة الثالثة.. قال: يا محمد؛ قلت: لبّيك وسعديك، قال: من ذكرت عنده فلم يصلّ عليك، فمات ولم يغفر له، فدخل النار.. فأبعده الله عز وجل، قل: آمين، فقلت: آمين» «1» . وفي أخرى ضعيفة: ثم قال: «أتدرون لم أمّنت؟» ، قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: «جاءني جبريل، فقال: إنه من ذكرت عنده فلم يصلّ عليك.. دخل النار، فأبعده الله عز وجل وأسحقه «2» ، فقلت: آمين، ومن أدرك والديه أو أحدهما فلم يبرّهما.. دخل النار، فأبعده الله عز وجل وأسحقه، فقلت: آمين، ومن أدرك رمضان فلم يغفر له.. دخل النار، فأبعده الله عز وجل وأسحقه، فقلت: آمين» «3» . وفي أخرى- رجالها ثقات إلا واحدا اختلف فيه-: بينما النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر؛ إذ قال: آمين (ثلاث مرات) ، فسئل عن ذلك، فقال: «أتاني جبريل ... » الحديث «4» .   (1) أخرجه البيهقي في «الشعب» (3622) ، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (1/ 448) . (2) في هامش (ج) : (أسحقه بإبلائه وإذهاب أثره) . (3) أخرجه الطبراني في «الكبير» (12/ 65) ، وذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (10/ 168) . (4) أخرجه الطبراني في «الكبير» (11/ 68) ، وذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (10/ 168) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 190 فيحتمل تعدد الواقعة، أو أراد الراوي بهذا ما يشمل كونه على درجه، والأول أقرب لما مرّ أنه سئل في رواية وهو على المنبر، وفي أخرى بعد أن نزل. وفي أخرى- في سندها ابن لهيعة لكن لها شواهد كما ترى-: أنه لمّا انصرف.. سئل فقال: «إن جبريل تبدّى لي في أول درجة فقال: يا محمد؛ من أدرك والديه فلم يدخلاه الجنة.. فأبعده الله ثم أبعده، فقلت: آمين، ثم قال لي في الدرجة الثانية: ومن أدرك شهر رمضان فلم يغفر له.. فأبعده الله ثم أبعده، فقلت: آمين، ثم تبدّى لي في الدرجة الثالثة فقال: ومن ذكرت عنده فلم يصلّ عليك.. فأبعده الله ثم أبعده، فقلت: آمين» «1» . وجاء بسند ضعيف: «من ذكرت عنده فلم يصلّ عليّ.. فقد شقي» «2» . وفي لفظ: «شقي عبد ذكرت عنده فلم يصلّ عليّ» «3» . وروى الديلمي: «من ذكرت عنده فلم يصلّ عليّ.. دخل النار» «4» . وعلم مما تقرر أنه صلى الله عليه وسلم لم يبادر إلى التأمين حتى أمر به كما في رواية، أو أنه بادر إليه قبل الأمر به في الثلاث، وفي رواية: أنه بادر إليه قبل الأمر فيما عدا ما يتعلق به صلى الله عليه وسلم، ولم يقله فيما يتعلق به.. إلا بعد الأمر به، وحكمة هذه واضحة، وهو أنه ترك الانتصار لنفسه صلى الله عليه وسلم؛ لأن الكمّل لا يرون لهم حقا حتى ينتصروا له، وإنما انتصارهم لله تعالى وبالله عز وجل، ومن ثمّ لم ينتصر قط صلى الله عليه وسلم لنفسه، وإنما كان ينتصر إذا انتهكت حرمات الله تعالى، وبه يظهر هنا سرّ   (1) أخرجه البزار (3790) ، وذكره المنذري في «الترغيب والترهيب» (2/ 505) ، والهيثمي في «مجمع الزوائد» (10/ 168) . (2) أخرجه الطبراني في «الأوسط» (3883) ، وذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (3/ 142) . (3) عزاه الإمام السخاوي في «القول البديع» (ص 298) للطبري. (4) الفردوس بمأثور الخطاب (1635) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 191 مبادرته صلى الله عليه وسلم إلى التأمين من غير أمر في الروايات الثلاث؛ لأنه لم يجعله انتصارا لنفسه، بل انتقاما ممن ترك أمر الله تعالى لعباده بقوله: صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً، وتركه ذلك في الثلاث حتى أمر به كأنه لغلبة شفقته صلى الله عليه وسلم على أمته فرجا العفو لهم، فلما أمر.. لم يسعه التخلف، وهذه الروايات الثلاث مما يؤيد تعدد الواقعة الذي أشرت إليه آنفا. - ومنها: أن من ذكر عنده فلم يصلّ عليه.. خطىء طريق الجنة. عن الحسين بن علي رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من ذكرت عنده فخطىء الصلاة عليّ.. خطىء طريق الجنة» أخرجه الطبراني والطبري «1» ، ورواه ابن أبي عاصم وغيره مرسلا عن محمد بن الحنفية وغيره- قال المنذري: وهو أشبه- ولفظه: «من ذكرت عنده فنسي الصلاة عليّ» «2» . وفي أخرى ضعيفة، بل منكرة: « ... فلم يصلّ عليّ.. فقد خطىء طريق الجنة» «3» . وفي أخرى: «من نسي الصلاة عليّ.. خطىء طريق الجنة» «4» . وفي أخرى: «من ذكرت عنده فنسي الصلاة عليّ.. خطىء طريق الجنة» «5» ، قال الرشيد العطار: إسنادها حسن. وأخرجه ابن أبي حاتم من طريق الرشيد العطار: «من نسي الصلاة عليّ..   (1) الطبراني في «الكبير» (3/ 128) . (2) الترغيب والترهيب (2/ 507) . (3) أخرجه القاضي إسماعيل الجهضمي في «فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم» (ص 48) ، والبيهقي في الشعب (2/ 215) بنحوه. (4) أخرجه ابن ماجه (908) ، والطبراني في «الكبير» (12/ 180) عن ابن عباس رضي الله عنهما. (5) أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (7/ 443) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 192 خطىء طريق الجنة» «1» وقال: (حديث حسن متصل) . اهـ ولا يعارضه قول أبي اليمن بن عساكر: (الإرسال فيه أصح) ؛ لأن الاتصال مقدم على الإرسال؛ لأن مع الأول زيادة علم، على أن كثرة طرقه تؤيد من حسّنه ووصله. وهذه الأحاديث ينبغي أن تحمل على أنه لمّا سمع ذكره صلى الله عليه وسلم.. تلاهى عن الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم حتى نسيها، ولا يعكّر عليه أن الناسي غير مكلف؛ لأن محله ما لم ينسب إلى تقصير، ومن ثم يأثم من تشاغل بلعب الشطرنج عن الصلاة حتى نسيها إلى أن خرج وقتها؛ لأنه تسبب بهذا اللهو المؤدّي للتشاغل والنسيان إلى الاستهتار بها حتى خرج وقتها. ثم رأيت بعضهم استشكله، وأجاب عنه بأن (نسي) بمعنى: ترك، كقوله سبحانه وتعالى: نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ، كَذلِكَ أَتَتْكَ آياتُنا فَنَسِيتَها وهو غفلة عن التحقيق الذي ذكرته. و (خطىء) : بفتح فكسر وهمز آخره، يقال: خطىء في دينه.. إذا أثم فيه، والخطء: الذنب والإثم، وأخطأ يخطىء.. إذا سلك سبيل الخطأ عمدا أو سهوا، ويقال: خطىء بمعنى: أخطأ أيضا، وقيل: خطىء.. إذا تعمد، وأخطأ.. إذا لم يتعمد. - ومنها: أن من ذكر عنده فلم يصلّ عليه صلى الله عليه وسلم.. فقد جفاه. صح عن قتادة مرسلا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من الجفاء أن أذكر عند رجل فلا يصلّي عليّ» «2» صلى الله عليه وسلم.   (1) عزاه الإمام السخاوي في «القول البديع» (ص 300) لابن أبي حاتم من طريق جابر رضي الله عنه. (2) قال الإمام السخاوي في «القول البديع» (ص 300) : (أخرجه النميري هكذا من وجهين من طريق عبد الرزاق، وهو في «جامعه» ، ورواته ثقات) ، و «جامع عبد الرزاق» هو «الجامع الكبير» وهو غير «المصنف» ، وعزاه الحافظ ابن حجر في «الفتح» - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 193 والجفا: ترك البرّ والصّلة، ويطلق أيضا على غلظ الطبع والبعد عن الشيء. ويروى: «من ذكرت بين يديه ولم يصلّ عليّ صلاة تامة.. فليس منّي، ولا أنا منه- ثم قال: - اللهمّ صل من وصلني، واقطع من لم يصلني» ، قال الحافظ السخاوي: (ولم أقف على سنده) «1» . - ومنها: أن البخيل كلّ البخيل الذي لا يراه يوم القيامة ، والذي هو أبخل الناس.. من ذكر عنده فلم يصلّ عليه صلى الله عليه وسلم. أخرج جمع عن الحسن بن علي رضي الله تعالى عنهما: أنه صلى الله عليه وسلم قال: «بحسب امرىء من البخل أن أذكر عنده فلا يصلّي عليّ» «2» . وعن أخيه الحسين بن علي رضي الله تعالى عنهم، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «البخيل من ذكرت عنده فلم يصلّ عليّ» «3» أخرجه كثيرون، وصححه الحاكم، قال: ولم يخرجاه، وله شواهد عن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة أيضا، والبيهقي في «الشّعب» ولفظه: «البخيل كل البخيل من ذكرت عنده فلم يصلّ عليّ» «4» . وأخرج جمع عن أبيهما عليّ رضي الله تعالى عنهم، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «البخيل من ذكرت عنده فلم يصلّ عليّ» ، قال الترمذي: حسن صحيح، وزاد في نسخة: غريب «5» ، ولمّا أشار الحافظ السخاوي إلى   - (11/ 168) إلى عبد الرزاق عن قتادة مرسلا. (1) القول البديع (ص 300) . (2) أخرجه القاضي إسماعيل الجهضمي في «فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم» (ص 45) ، وذكره ابن كثير في «تفسيره» (3/ 512) . (3) أخرجه ابن حبان (909) ، والحاكم (1/ 549) ، والنسائي في «الكبرى» (8046) ، وأحمد (1/ 201) ، والبزار (1342) ، والطبراني في «الكبير» (3/ 127) ، والبيهقي في «الشعب» (1567) ، والديلمي في «الفردوس» (2230) . (4) الشعب (1565) . (5) أخرجه الترمذي (3546) وابن بشكوال في «القربة» (116) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 194 كثرة الاختلاف في طرقه.. قال: (وفي الجملة فلا يقصر هذا الحديث عن درجة الحسن) «1» . وروي: «ألا أنبئكم بأبخل البخلاء؟ ألا أنبئكم بأعجز الناس؟ من ذكرت عنده فلم يصلّ عليّ، ومن قال له ربه في كتابه: ادعوني، فلم يدعه، قال الله تعالى: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ» ، قال الحافظ السخاوي: (ولم أقف على سنده) «2» . وفي «شرف المصطفى» لأبي سعد: أن عائشة رضي الله تعالى عنها كانت تخيط شيئا في وقت السحر، فضلّت الإبرة، وطفىء السراج، فدخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم، فأضاء البيت بضوئه صلى الله عليه وسلم، ووجدت الإبرة، فقالت: ما أضوأ وجهك يا رسول الله! قال: «ويل لمن لا يراني يوم القيامة» ، قالت: ومن لا يراك؟ قال: «البخيل» ، قالت: ومن البخيل؟ قال: «الذي لا يصلي عليّ إذا سمع باسمي» «3» . وأخرج الديلمي: «حسب العبد من البخل إذا ذكرت عنده ألّا يصلي عليّ» «4» . وعن الحسن البصري مرسلا: «بحسب المرء من البخل أن أذكر عنده فلا يصلّي عليّ» «5» . وفي لفظ: «كفى به شحّا أن أذكر عند رجل فلا يصلّي عليّ» «6» صلى الله عليه وسلم، ورواته ثقات.   (1) القول البديع (ص 302) . (2) القول البديع (ص 302) . (3) شرف المصطفى صلى الله عليه وسلم (314) . (4) كذلك عزاه الإمام السخاوي في «القول البديع» (ص 303) للديلمي من طريق الحاكم في غير «المستدرك» . (5) أخرجه ابن المبارك في «الزهد» (1025) . (6) أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (2/ 399) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 195 وفي رواية: «ألا أخبركم بأبخل الناس؟» ، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: «من ذكرت عنده فلم يصلّ عليّ ... فذاك أبخل الناس» «1» . وفي أخرى: «إن أبخل الناس من ذكرت عنده فلم يصلّ عليّ» «2» صلى الله عليه وسلم، والحديث غريب، ورجاله رجال الصحيح، إلا أن فيهم مبهما. والبخل معناه اللغوي: إمساك ما يقتنى عمن يستحقه، وأريد به هنا: التكاسل عن هذه العبادة العظيمة. - ومنها: أن من لم يصلّ عليه صلى الله عليه وسلم عند ذكره.. ملعون. ذكر أبو نعيم في «الحلية» : (أن رجلا مرّ بالنبي صلى الله عليه وسلم ومعه ظبي قد اصطاده، فأنطق الله سبحانه وتعالى الذي أنطق كل شيء الظبي، فقال: يا رسول الله؛ إن لي أولادا وأنا أرضعهم، وإنهم الآن جياع، فأمر هذا أن يخليني حتى أذهب فأرضع أولادي وأعود، قال: «فإن لم تعودي؟» ، قالت: إن لم أعد.. فلعنني الله عز وجل كمن تذكر بين يديه فلا يصلّي عليك، أو كنت كمن صلّى ولم يدع، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أطلقها وأنا ضامنها» ، فذهبت الظبية، ثم عادت، فنزل جبريل عليه السلام وقال: يا محمد؛ الله يقرئك السلام، ويقول لك: وعزتي وجلالي؛ أنا أرحم بأمتك من هذه الظبية بأولادها، وأنا أردهم إليك، كما رجعت الظبية إليك صلى الله عليه وسلم) «3» . - ومنها: أن من ذكر صلى الله عليه وسلم عنده فلم يصلّ عليه ألأم الناس.   (1) أخرجه ابن أبي عاصم في «الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم (29) ، وذكره المنذري في «الترغيب والترهيب» (2/ 805) . (2) أخرجه ابن عساكر في «تاريخه» (59/ 335) ، والقاضي إسماعيل الجهضمي في «فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم» (ص 45) ، وذكره ابن كثير في «تفسيره» (3/ 512) . (3) كذلك عزاه الإمام السخاوي في «القول البديع» (ص 303) لأبي نعيم في «الحلية» ، وانظر لتمام الفائدة قول الحافظ ابن حجر عن هذا الحديث في «الفتح» (6/ 592) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 196 أخرج أبو سعد: أنه صلى الله عليه وسلم قال: «ألا أدلّكم على خير الناس، وشرّ الناس، وأبخل الناس، وأكسل الناس، وألأم الناس، وأسرق الناس؟» ، قيل: يا رسول الله؛ بلى، قال: «خير الناس من انتفع به الناس، وشرّ الناس من يسعى بأخيه المسلم، وأكسل الناس من أرق في ليلة فلم يذكر الله بلسانه وجوارحه، وألأم الناس من إذا ذكرت عنده فلم يصلّ عليّ، وأبخل الناس من بخل بالتسليم على الناس، وأسرق الناس من سرق صلاته» ، قيل: يا رسول الله؛ كيف يسرق صلاته؟ قال: «لا يتمّ ركوعها وسجودها» «1» . ولا ينافي تفسير الأبخل هنا بغير ما مرّ لاحتمال أن المراد: أن ذاك أبخلهم على الإطلاق، وهذا أبخلهم بعد ذاك. - ومنها: أن كل مجلس خلا عن ذكره صلى الله عليه وسلم كان على أهله ترة من الله عز وجل يوم القيامة ، وقاموا عن أنتن جيفة. أخرج كثيرون- منهم الترمذي واللفظ له، وقال: حسن-: أنه صلى الله عليه وسلم قال: «ما جلس قوم مجلسا لم يذكروا الله تعالى فيه، ولم يصلوا على نبيه صلى الله عليه وسلم.. إلا كان عليهم ترة من الله يوم القيامة، فإن شاء عذبهم، وإن شاء غفر لهم» «2» . وأخرجه الحاكم موقوفا بلفظ: «ما جلس قوم مجلسا، ثم تفرقوا قبل أن يذكروا الله ويصلّوا على نبيّه.. إلا كان عليهم حسرة إلى يوم القيامة» «3» . وفي رواية: «أيّما قوم جلسوا، فأطالوا الجلوس، ثم تفرقوا قبل أن يذكروا الله ويصلّوا على نبيّه.. إلا كان عليهم ترة من الله، إن شاء عذّبهم،   (1) كذلك عزاه الإمام السخاوي في «القول البديع» (ص 303) لأبي سعد في «شرف المصطفى» . (2) سنن الترمذي (3380) . (3) المستدرك (1/ 492) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 197 وإن شاء غفر لهم» ، صحّحها الحاكم، واعترضه الذهبي بأن في سندها ضعيفا «1» . وفي أخرى: «ما جلس قوم يذكرون الله لم يصلّوا على نبيّهم.. إلا كان ذلك المجلس عليهم ترة، ولا قعد قوم لم يذكروا الله.. إلا كان عليهم ترة» ، قال الحاكم: صحيح على شرط البخاري «2» . وفي أخرى عند أحمد: «ما جلس قوم مجلسا لم يذكروا الله عز وجل.. إلا كان عليهم ترة، وما من رجل مشى طريقا فلم يذكر الله عز وجل.. إلا كان عليه ترة، وما من رجل أوى إلى فراشه فلم يذكر الله عز وجل.. إلا كان عليه ترة» «3» . وفي أخرى بسند رجاله ثقات: «ما من قوم جلسوا مجلسا، ثم قاموا منه لم يذكروا الله، ولم يصلّوا على النبي صلى الله عليه وسلم.. إلا كان ذلك المجلس عليهم ترة» » . وفي أخرى: « ... إلا كان عليهم حسرة يوم القيامة، وإن دخلوا الجنة للثواب» «5» . وفي أخرى بسند صحيح: «لا يجلس قوم مجلسا لا يصلّون فيه على رسول الله صلى الله عليه وسلم.. إلا كان عليهم حسرة، وإن دخلوا الجنة لما يرون من الثواب» «6» .   (1) المستدرك (1/ 496) . (2) المستدرك (1/ 550) . (3) مسند الإمام أحمد (2/ 432) . (4) أخرجه الطبراني في «الكبير» (8/ 181) ، وفي «مسند الشاميين» (882) . (5) أخرجه ابن حبان (591) ، وأحمد (2/ 463) ، والقاضي إسماعيل الجهضمي في «فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم» (ص 54) بنحوه. (6) أخرجه البيهقي في «الشعب» (1571) ، والخطيب البغدادي في «الجامع لأخلاق الراوي» (1236) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 198 فمعنى: (وإن دخلوا الجنة) : أنهم يتحسرون على ترك الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الموقف؛ لما فاتهم من ثوابها، وإن كان مصيرهم إلى الجنة، وأن الحسرة تلازمهم بعد دخولها. وجاء بسند صحيح على شرط مسلم: «ما اجتمع قوم ثم تفرقوا عن غير ذكر الله عز وجل، وصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.. إلا قاموا عن أنتن جيفة» «1» . والتّرة- بفوقية مكسورة فراء مخففة مفتوحة فتاء-: الحسرة، كما في الرواية الآخرى، وقيل: هي النار، وقيل: الذنب، وقال ابن الأثير: (هي النقص، وقيل: التّبعة، والهاء فيه عوض عن الواو المحذوفة، مثل وعدته عدة، ويجوز رفعها ونصبها على أنه اسم كان أو خبرها) «2» . - ومنها: أن من لم يصلّ عليه صلى الله عليه وسلم.. فلا دين له. أخرج المروزيّ بسند فيه من لم يسمّ: أنه صلى الله عليه وسلم قال: «من لم يصلّ عليّ.. فلا دين له» «3» . - ومنها: أن من لم يصلّ عليه صلى الله عليه وسلم.. لا يرى وجهه. روي عن عائشة رضي الله تعالى عنها مرفوعا: «لا يرى وجهي ثلاثة أنفس: العاقّ لوالديه، والتارك لسنتي، ومن لم يصلّ عليّ إذا ذكرت بين يديه» «4» . فصلّى الله وسلّم عليه وعلى آله وأصحابه أبدا دائما بلا غاية ولا انتهاء، عدد معلومات الله تعالى، ومداد كلماته.   (1) أخرجه البيهقي في «الشعب» (1570) ، والطيالسي (1756) . (2) النهاية في غريب الحديث (1/ 189) . (3) كذلك عزاه الإمام السخاوي في «القول البديع» (ص 307) لمحمد بن حمدان المروزي. (4) قال الإمام السخاوي في «القول البديع» (ص 307) : (لم أقف على سنده) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 199 الفصل السادس في ذكر أمور مخصوصة تشرع الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فيها الأول: بعد الفراغ من الوضوء والغسل والتيمم ، كما نقله النّووي رحمه الله تعالى عن الشيخ نصر في الأول، وأشار إليه فيما بعده، ودليله: الحديث الضعيف: «إذا فرغ أحدكم من طهره.. فليقل: أشهد ألاإله إلّا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، ثم ليصلّ عليّ، فإذا قال: ذلك.. فتحت له أبواب الرحمة» «1» . وفي رواية ضعيفة أيضا: «إذا تطهّر أحدكم.. فليذكر اسم الله؛ فإنه يطهر جسده كله، وإن لم يذكر أحدكم اسم الله على طهوره.. لم يطهر منه إلا ما مرّ عليه الماء، فإذا فرغ أحدكم من طهوره.. فليشهد ألاإله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، ثم ليصلّ عليّ، فإذا قال ذلك.. فتحت له أبواب الرحمة» «2» ، وفي رواية: «الجنة» «3» ، وله طرق ربما ترقّى بها إلى الحسن. وفي أخرى ضعيفة: «لا وضوء لمن لم يصلّ على النبي صلى الله عليه وسلم» «4» أي: لا وضوء كامل. الثاني: في الصلاة إذا مرّ فيها باية فيها ذكره صلى الله عليه وسلم ، فيسنّ   (1) ذكره الإمام السخاوي في «القول البديع» (ص 342) وقال: (رواه أبو الشيخ الحافظ في «كتاب الثواب وفضائل الأعمال» له، ومن طريقه أبو موسى المديني) . (2) أخرجه الدارقطني (1/ 73) ، والبيهقي (1/ 44) . (3) أخرجه أبو الحسن الصيداوي في «معجم الشيوخ» (ص 292) . (4) أخرجه الطبراني في «الكبير» (6/ 121) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 200 لقارئها وسامعها الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، كما نقله صاحب «الأنوار» عن العجلي ورجّحه «1» ، لكن الذي أفتى به النووي عدم ندب ذلك «2» . وعلى الأول: فيصلّي بالضمير؛ كصلّى الله عليه؛ حتى يخرج من نقل ركن قوليّ وهو مبطل للصلاة على قول، وفي ذلك مزيد ذكرته في «شرح العباب» ، ونصّ أحمد على ندب ذلك في النفل، وأطلق الحسن البصري ندبه، ومرّ الكلام عليها في التشهد الأخير، وتسن عندنا في التشهد الأول، وتدل له الأحاديث السابقة في ذم من ذكر عنده ولم يصلّ عليه، وقد ذكره المصلّي آخر التشهد، فيسن له الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم عقبه؛ حتى يخرج من ذلك الذم الشامل لمن في الصلاة وخارجها، وبه يتأيد ما مر عن «الأنوار» ، على أن الحليمي أشار إلى وجوبها؛ بناء على القول بوجوبها كلما ذكر. وتسن آخر القنوت لورودها في قنوت الوتر، وقيس به قنوت الصبح، ولفظه: (وصلى الله على النبيّ) من غير زيادة، ووهم من زاد عليه: (محمد وسلّم) ونسبه ل «سنن النسائي» إذ ليس فيها عند جميع رواته ذلك «3» ، قال النووي: (وحديثه صحيح أو حسن) «4» ، لكن اعترض بأنه   (1) الأنوار لأعمال الأبرار (1/ 91) . (2) فتاوى الإمام النووي (ص 49) . (3) الحديث عند النسائي فيه ذكر للاسم الكريم، ففي «الصغرى» (3/ 248) : «وصلى الله على النبي محمد» ، وفي «الكبرى» (1447) : «وصلى الله على محمد النبي» ، وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في «تلخيص الحبير» (1/ 248) بعد أن ذكر الحديث في آخره «وصلى الله على النبي» : (ليس في السنن غير هذا، ولا فيه «وسلّم» ولا «وآله» ، ووهم المحبّ الطبري في «الأحكام» فعزاه إلى النسائي بلفظ: «وصلى الله على النبي محمد» ، وقال النووي في شرح المهذب: «إنها زيادة بسند صحيح أو حسن، قلت: وليس كذلك؛ فإنه منقطع» ) . (4) المجموع (3/ 462) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 201 منقطع، مع ما فيه من الاختلاف على رواته وشذوذه. وصح عن بعض الصحابة رضي الله تعالى عنهم موقوفا عليه: أنه كان يصلّي على النبي صلى الله عليه وسلم في القنوت «1» . وصح عن الزهري: أنهم كانوا يصلون على النبي صلى الله عليه وسلم في قنوت وتر رمضان. وعن بعض الصحابة رضي الله تعالى عنهم: أنه كان إذا دخل العشر- أي: الأخير من رمضان- زاد فيه: اللهمّ؛ صلّ على محمد كما صليت على إبراهيم، اللهمّ؛ بارك على محمد كما باركت على إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم؛ صلّ على محمد عبدك ورسولك، والسلام عليه ورحمته وبركاته «2» . الثالث: عقبها [عقب الصلاة] ؛ للحديث الضعيف: «من دعا بهؤلاء الدعوات في دبر كل صلاة مكتوبة.. حلّت له الشفاعة مني يوم القيامة، اللهمّ؛ أعط محمدا الوسيلة، واجعل في المصطفين محبته، وفي العالمين درجته، وفي المقربين داره» «3» . ورأى بعض الأكابر النبي صلى الله عليه وسلم في النوم وقد أقبل الشّبلي فقام إليه وقبّل بين عينيه، قال: فقلت: يا رسول الله؛ أتفعل هذا بالشبلي؟! فقال: «هذا يقرأ بعد صلاته لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ إلى آخرها، ويتبعها بالصلاة عليّ» .   (1) وهو معاذ بن الحارث القارىء، والحديث أخرجه موقوفا عليه القاضي إسماعيل الجهضمي في «فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم» (ص 89) ، وانظر «السير» (18/ 502) . (2) قال الإمام السخاوي في «القول البديع» (ص 359) عن هذا الأثر والذي قبله: (أخرجهما محمد بن نصر في «قيام الليل» له، وسندهما صحيح) ، وذكر أن الذي كان يزيد ذلك في العشر الأخير: أيوب بن بشير. (3) أخرجه الطبراني في «الكبير» (8/ 237) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 202 وفي رواية: أنه أخبره بأنه من أهل الجنة، وأمره بإكرامه ففعل، فرآه قائلا له: «أكرمك الله كما أكرمت رجلا من أهل الجنة» ، فسأله بم استحق ذلك؟ فقال له: «يفعل- ما مرّ- عقب صلاته منذ ثمانين سنة، أفلا أكرم من يفعل هذا؟!» . وجاء بسند ضعيف: «من صلّى عليّ مئة صلاة حين يصلّي الصبح قبل أن يتكلم.. قضى الله له مئة حاجة، يعجّل له منها ثلاثين، ويدّخر له سبعين، وفي المغرب مثل ذلك» ، قالوا: كيف الصلاة عليك يا رسول الله؟ قال: «إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ إلى تَسْلِيماً؛ اللهم صلّ على محمد، حتى تعدّ مئة» «1» . الرابع: عقب إقامتها ، وعقب الأذان، فتسن عقبهما: (اللهمّ؛ ربّ هذه الدعوة التامة ... ) إلخ. روى مسلم وغيره: «إذا سمعتم المؤذن ... فقولوا: مثل ما يقول، ثم صلّوا عليّ؛ فإنه من صلّى عليّ صلاة.. صلّى الله عليه بها عشرا، ثم سلوا الله تعالى لي الوسيلة؛ فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله تعالى، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل الله لي الوسيلة.. حلّت له الشفاعة» «2» ، وفي رواية: «حلت له شفاعتي يوم القيامة» «3» ، وفي رواية لمسلم: «حلّت عليه» . وحلّت: وجبت كما صرح به في روايات صحيحة، ومعنى وجبت: أنها ثابتة لا بدّ منها بالوعد الصادق، أو نزلت به؛ فعلى الأول: مضارعه يحل بكسر الحاء، وعلى الثاني: يحل بضمها، وليس من الحل ضد الحرمة؛ لأنها   (1) عزاه الإمام السخاوي في «القول البديع» (ص 348) للحافظ أحمد بن موسى. (2) أخرجه مسلم (384) ، وابن خزيمة (418) ، وابن حبان (1690) ، وأبو داود (523) وغيرهم. (3) أخرجه ابن حبان (1691) ، والطبراني في «مسند الشاميين» (246) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 203 لم تكن محرّمة قبل، وفيه بشرى عظيمة لقائل ذلك: أنه يموت على الإسلام؛ إذ لا تجب الشفاعة إلا لمن هو كذلك، وشفاعته صلى الله عليه وسلم لا تختص بالمذنبين، بل تكون برفع الدرجات وغير ذلك كما يأتي. فالشفاعة الواجبة لسائل الوسيلة: إما برفع درجات، أو تضعيف حسنات، أو بإكرامه بإيوائه إلى ظلّ العرش، أو كونه في مروج، أو على منابر، أو الإسراع بهم إلى الجنة، أو غير ذلك من خصوص الكرامات الواردة لبعض دون بعض. وقوله: (له) أي: يخص بشفاعة ليست لغيره، أو يفرد بشفاعة مما يحصل لغيره تشريفا له، أو أن دخوله في الشفاعة لا بدّ منه. وقوله: (شفاعتي) أي: أنه يشفع فيه بنفسه، والشفاعة تعظم بعظم الشافع، وقيّد القاضي عياض ذلك عن بعض شيوخه بمن قاله مخلصا مستحضرا إجلاله صلى الله عليه وسلم، دون من قصد به مجرد الثواب «1» ، وردّ بأنه تحكم غير مرض، ولو أخرج الغافل اللّاهي.. لكان أشبه، ويأتي جميع ما تقرر في خبر الدارقطني والبيهقي وغيرهما: «من زار قبري.. وجبت له شفاعتي» «2» وفي رواية: «حلّت له» . وفائدة طلبه الوسيلة مع رجائه لها، ورجاؤه لا يخيب.. إعلامنا بأن الله تعالى لا يجب عليه لأحد من خلقه شيء، وأنّ له أن يفعل بمن شاء- وإن جلت مرتبته- ما شاء، ففي ذلك عظيم إظهار تواضعه وخوفه المقتضي لمزيد رقيّه وعلوّه، ففيه فائدة عائدة عليه صلى الله عليه وسلم وعلينا، ولقد غفل من لم يمعن النظر في هذا المقام عما ذكرته، فأجاب بانحصار فائدة ذلك لنا بامتثال ما أمرنا به في جهته الكريمة. وروى أحمد: «من قال حين ينادي المنادي: اللهمّ؛ ربّ هذه الدعوة   (1) إكمال المعلم (2/ 253) . (2) الدارقطني (2/ 278) ، الشعب (4159) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 204 التامة والصلاة القائمة؛ صلّ على محمد، وارض عنه رضا لا سخط بعده.. استجاب الله دعوته» «1» . وروى البخاري: «من قال حين يسمع النداء: اللهمّ؛ ربّ هذه الدعوة التامة ... » «2» إلخ ما ذكره، المراد منهما بعد فراغه، لرواية مسلم السابقة: «ثم صلّوا عليّ، ثم سلوا الله ... » إلخ. وأخرج ابن أبي عاصم عن أبي الدّرداء: أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا سمع المؤذن يقيم: «اللهمّ؛ ربّ هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة؛ صلّ على محمد، وآته سؤله يوم القيامة» «3» وكان يسمعها من حوله صلى الله عليه وسلم، ويحبّ أن يقولوا مثل ذلك إذا سمعوا المؤذن، ومن قال مثل ذلك إذا سمع المؤذن.. وجبت له شفاعة محمد صلى الله عليه وسلم يوم القيامة. وأخرجه الطبراني لكن بلفظ: «كان إذا سمع النداء.. قال: اللهمّ؛ ربّ هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة؛ صلّ على محمد عبدك ورسولك، واجعلنا في شفاعته يوم القيامة» ، قال صلى الله عليه وسلم: «من قال هذا عند النداء.. جعله الله في شفاعتي يوم القيامة» «4» . وسؤله: حاجته من نحو: الشفاعة العظمى، والحوض، ولواء الحمد، والوسيلة، وغير ذلك مما أعدّه الله تعالى له صلى الله عليه وسلم. وأخرج الطبراني بسند فيه راو ليّن الحديث: «من قال حين يسمع النداء: أشهد ألاإله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله،   (1) أخرجه أحمد (3/ 337) ، والطبراني في «الأوسط» (196) ، والنسائي في «عمل اليوم والليلة» (46) . (2) أخرجه البخاري (614) ، وابن حبان (1689) ، وأبو داود (529) ، والترمذي (211) وغيرهم. (3) أخرجه ابن أبي عاصم في «الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم» (75) . (4) المعجم الأوسط (3675) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 205 اللهم؛ صلّ على محمد، وبلّغه درجة الوسيلة عندك، واجعلنا في شفاعته يوم القيامة.. وجبت له الشفاعة» «1» . واعلم أنه مر تفسيره صلى الله عليه وسلم للوسيلة بأنها أعلى منزلة أو درجة في الجنة، وأصلها لغة: ما يتقرب به للكبير، قال سبحانه وتعالى: وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ، قال جمع: هي القربة، وقال آخرون: كلّ ما يتوسّل- أي: يتقرب به- كالتوسل إلى الله تعالى بنبيه صلى الله عليه وسلم. و (المقام المحمود) : هو الشفاعة العظمى في فصل القضاء، يحمده فيه الأولون والآخرون، ومن ثمّ فسّر في أحاديث بالشفاعة، وعليه إجماع المفسرين على ما قاله الواحدي، وقيل: شهادته لأمته وعليهم، وقيل: إعطاؤه لواء الحمد يوم القيامة، وقيل: هو أن يجلسه الله عز وجل على العرش، وفي «صحيح ابن حبان» : «يبعث الله الناس، فيكسوني ربي حلة خضراء، فأقول ما شاء الله أن أقول، فذلك المقام المحمود» «2» . ولا ينافي الأول، لاحتمال أن هذه الكسوة علامة على الإذن له في الشفاعة العظمى. ثم رأيت بعض المحققين ذكر ما يقرب منه، فقال: يظهر أن المراد بالقول المذكور: هو الثناء الذي يقدمه بين يدي الشفاعة، وأن المقام المحمود: هو جميع ما يحصل له في تلك الحالة. وله صلى الله عليه وسلم شفاعات غير العظمى، كالشفاعة لمن يدخل من أمته صلى الله عليه وسلم الجنة بغير حساب، وهذه كالعظمى من خصائصه صلى الله عليه وسلم. - ولعصاة أدخلتهم ذنوبهم النار فيخرجون، وإنكار المعتزلة لهذه من   (1) المعجم الكبير (12/ 66) . (2) أخرجه ابن حبان (6479) ، والحاكم (2/ 363) ، وأحمد (3/ 456) ، والديلمي في «الفردوس» (8769) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 206 ضلالاتهم، كيف وقد صحت الأحاديث الكثيرة بها من غير معارض لها؟! - ولقوم استحقوا دخولها فلم يدخلوها، قال النووي: ويجوز أن يشركه في هذه الأنبياء والعلماء والأولياء. - وفي قوم حبستهم الأوزار ليدخلوا الجنة. - ولبعض أهل الجنة في رفع درجاتهم، فيعطى كل منهم ما يناسبه، قال: وهذه يجوز أن يشركه فيها من ذكر أيضا. - ولمن مات بالمدينة الشريفة. - ولمن زار قبره صلى الله عليه وسلم. - ولفتح باب الجنة كما رواه مسلم «1» . - ولمن أجاب المؤذّن. - ولقوم كفار لهم سابق خدمة له صلى الله عليه وسلم في تخفيف عذابهم. - والشفاعة لأهل المدينة الشريفة بالمعنى السابق في الشفاعة لسائل الوسيلة. واعلم أن للغزالي رحمه الله تعالى في معنى الشفاعة وسببها كلاما نفيسا، حاصله: (أنها نور يشرق من الحضرة الإلهية على جوهر النبوة، وينتشر منه إلى كل جوهر استحكمت مناسبته مع جوهر النبوة، لشدة المحبة، وكثرة المواظبة على السنن، وكثرة الذكر له بالصلاة عليه صلى الله عليه وسلم. ومثاله: نور الشمس إذا وقع على الماء؛ فإنه ينعكس منه إلى محل مخصوص من الحائط دون جميعه، وسبب الاختصاص المناسبة بينه وبين الماء في الموضع الذي إذا خرج منه خط إلى موضع النور من الماء.. حصلت   (1) الحديث بتمامه كما في «مسلم» (197) : عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «آتي باب الجنة يوم القيامة فأستفتح، فيقول الخازن: من أنت؟ فأقول: محمد، فيقول: بك أمرت، لا أفتح لأحد قبلك» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 207 منه زاوية على الأرض مساوية للزاوية الحاصلة من الخط الخارج من الماء إلى قرص الشمس، بحيث لا يكون أوسع منها ولا أضيق، وهذا لا يمكن إلا في موضع مخصوص من الجدار، فكما أن المناسبات الوضعية تقتضي الاختصاص بانعكاس النور، فالمناسبات المعنوية العقلية تقتضي ذلك أيضا في الجواهر المعنوية، ومن استولى عليه التوحيد.. فقد تأكدت مناسبته مع الحضرة الإلهية، وأشرق عليه النور من غير واسطة، ومن استولى عليه السنن، والاقتداء به صلى الله عليه وسلم، ومحبته ومحبة أتباعه، ولم تترسخ قدمه في ملاحظة الوحدانية.. لم تستحكم مناسبته إلا مع الواسطة، فافتقر إلى واسطة، في اقتباس النور، كما يفتقر الحائط الذي ليس مكشوفا للشمس إلى واسطة الماء المكشوف للشمس. وإلى مثل هذا ترجع حقيقة الشفاعة في الدنيا، فالوزير الأقرب لملك.. يحمله على العفو عن جرائم أصحابه، لا لمناسبة بينهم وبين الملك، بل بينهم وبين الوزير المناسب للملك، ففاضت عليهم العناية بواسطة الوزير لا بأنفسهم، ولو ارتفعت الواسطة.. لم تشملهم العناية أصلا؛ لأن الملك لا يعرفهم، ولا يعرف اختصاصهم بالوزير إلا بتعريفه وإظهاره الرغبة في العفو عنهم، فسمّي لفظه من التعريف إظهارا للرغبة: شفاعة مجازا، وإنما الشفيع مكانته عند الملك، واللفظ لإظهار الغرض، والله سبحانه وتعالى مستغن عن التعريف، ولو عرف الملك حقيقة اختصاص غلام الوزير به.. لاستغنى عن التعريف، وحصل العفو بشفاعة لا نطق فيها ولا كلام، والله سبحانه وتعالى عالم به، ولو أذن للأنبياء عليهم الصلاة والسلام بما هو معلوم له.. لكانت ألفاظهم أيضا ألفاظ الشفعاء. وإذا أراد الله تعالى أن يمثل حقيقة الشفاعة بمثال يدخل في الحسّ والخيال.. لم يكن ذلك التمثيل إلا بألفاظ مألوفة في الشفاعة، ويدلّك على انعكاس النور بطريق المناسبة: أن جميع ما ورد من الأخبار عن استحقاق الشفاعة معلّق بما يتعلّق به صلى الله عليه وسلم من صلاة عليه، أو زيارة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 208 لقبره، أو جواب المؤذن، والدعاء له عقيبه، وغير ذلك مما يحكم علاقة المحبة والمناسبة معه صلى الله عليه وسلم) اهـ وقال الرازي: (الشفاعة أن يستوهب أحد لأحد شيئا، ويطلب له حاجة، وأصلها: من الشفع ضد الوتر، كأن صاحب الحاجة كان فردا، فصار الشفيع له شفعا؛ أي: صار زوجا) «1» . فائدة: ما اعتيد على المنائر من الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم عقب الأذان إلا الصبح والجمعة؛ فإنهم يقدمونه عليهما، وإلا المغرب؛ فإنه لا يفعل فيها لضيق وقتها.. أحدثه السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب. وذكر بعض المؤرخين: أن ابتداءه بمصر والقاهرة سنة إحدى وتسعين وسبع مئة لرؤية رآها بعض المعتقدين، ولا يخالف ما قبله لاحتمال أنه ترك بعد موت السلطان صلاح الدين إلى هذا التاريخ، أو كان أمره به في ليلة الجمعة خاصة «2» . وصوّب بعض المتأخرين: أن ذلك بدعة حسنة يؤجر فاعله بحسن نيته، وقريب منه قول شيخنا شيخ الإسلام زكريا سقى الله تعالى عهده ورضي عنه في «فتاويه» : (الأصل مستحب، والكيفية بدعة) .   (1) التفسير الكبير (3/ 55) . (2) قال ابن علّان في «الفتوحات الربانية» (2/ 113) : (أول ما زيدت الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم بعد كل أذان على المنارة في زمن السلطان المنصور حاجي بن الأشرف شعبان بن حسين بن محمد بن قلاوون، بأمر المحتسب نجم الدين الطنبدي، في شعبان سنة إحدى وتسعين وسبع مئة، وكان حدث قبل ذلك في أيام صلاح الدين بن أيوب أن يقال قبل الفجر كل ليلة بمصر والشام: «السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم» ، واستمر إلى سنة سبع وستين وسبع مئة، فزيد فيه بأمر المحتسب صلاح الدين البرلسي أن يقال: «الصلاة والسلام عليك يا رسول الله» إلى أن جعل عقب كل أذان) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 209 [ الخامس: عند القيام لصلاة الليل من النوم ] . صح: أنه صلى الله عليه وسلم قال: «يضحك الله إلى رجلين؛ رجل لقي العدوّ وهو على فرس من أمثل خيل أصحابه فانهزموا وثبت؛ فإن قتل.. استشهد، وإن بقي.. فذاك الذي يضحك الله إليه. ورجل قام في جوف الليل لا يعلم به أحد، فتوضأ فأسبغ الوضوء، ثم حمد الله ومجّده، وصلّى على النبيّ صلى الله عليه وسلم، واستفتح القرآن، فذاك الذي يضحك الله إليه، يقول: انظروا إلى عبدي قائما لا يراه أحد غيري» » . [السادس: بعد الفراغ من التهجّد] . أخرج النسائي وابن ماجه عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: (كنا نعدّ لرسول الله صلى الله عليه وسلم سواكه وطهوره، فيبعثه الله عز وجل لما شاء أن يبعثه من الليل، فيستاك ويتوضأ، ويصلّي تسع ركعات لا يجلس فيهن إلا عند الثامنة، ويحمد الله، ويصلّي على نبيه صلى الله عليه وسلم، ويدعو بينهن ولا يسلّم، ثم يصلّي التاسعة، ويقعد- وذكر كلمة نحوها- ويحمد الله، ويصلّي على النبي صلى الله عليه وسلم، ويدعو، ثم يسلّم تسليما يسمعنا، ثم يصلّي ركعتين وهو قاعد) «2» . كذا استدلّ بهذا على الترجمة، وهو عجيب؛ فإن الذي فيه هو الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم في التشهد، وليس فيه صلاة بعد الفراغ! [ السابع: عند المرور بالمساجد ودخولها والخروج منها ] . أخرج إسماعيل القاضي عن عليّ كرم الله وجهه: أنه أمر به في الأوّل «3» .   (1) أخرجه النسائي في «الكبرى» (10637) ، وفي «عمل اليوم والليلة» (873) . (2) أخرجه النسائي (3/ 241) ، وابن ماجه (1191) ، والبيهقي (2/ 499) ، وأبو عوانة (2060) . (3) فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم (ص 72) ، ولفظه: (إذا مررتم بالمساجد..- الجزء: 1 ¦ الصفحة: 210 وجاء بسند حسن لكن غير متصل: أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل المسجد.. صلّى على محمد وسلّم، ثم قال: «اللهمّ؛ اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب رحمتك» ، وإذا خرج.. صلّى على محمد وسلّم، ثم قال: «اللهم؛ اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب فضلك» «1» . وأخرج الطبراني والبيهقي وأبو داود والنسائي وابن ماجه وابن السّنّي وأبو عوانة وابن خزيمة وابن حبّان في «صحاحهم» - وأصله في «مسلم» -: «إذا دخل أحدكم المسجد.. فليسلّم على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ليقل: اللهمّ؛ افتح لي أبواب رحمتك، وإذا خرج.. فليسلّم على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ليقل: اللهمّ؛ افتح لي أبواب فضلك» «2» . وفي رواية ضعيفة: كان صلى الله عليه وسلم إذا دخل المسجد.. قال: «باسم الله، اللهمّ؛ صلّ على محمد» ، وإذا خرج.. قال: «باسم الله، اللهمّ؛ صلّ على محمد» «3» . وفي أخرى: «إذا دخل أحدكم المسجد.. فليسلّم على النبي صلى الله عليه وسلم، وليقل: اللهمّ؛ افتح لي أبواب رحمتك، وإذا خرج.. فليسلّم على النبي صلى الله عليه وسلم، وليقل: اللهمّ؛ اعصمني من الشيطان» «4» ، قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، وردّ بأن فيه علة خفيت عليه، لكنه حسن بشواهده.   - فصلوا على النبي صلى الله عليه وسلم) . (1) أخرجه الترمذي (314) ، وأحمد (6/ 282) ، وأبو يعلى (6822) . (2) أخرجه ابن حبان (2048) ، وأبو داود (465) ، والنسائي في «الكبرى» (810) ، وابن ماجه (772) ، والبيهقي (2/ 441) ، وأبو عوانة (1234) ، والطبراني في «الدعاء» (426) ، وابن السني في «عمل اليوم والليلة» (87) بنحوه، وأصل الحديث في «صحيح مسلم» (713) بدون التسليم على النبي صلى الله عليه وسلم. (3) أخرجه ابن السني في «عمل اليوم والليلة» (88) . (4) أخرجه ابن خزيمة (452) ، وابن حبان (2047) ، والحاكم (1/ 207) ، وابن ماجه (773) ، والنسائي في «عمل اليوم والليلة» (90) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 211 [ الثامن: في يوم الجمعة وليلتها ] . مرّ في ذلك أحاديث أوائل (الفصل الرابع) في مبحث (أنه صلى الله عليه وسلم يبلغه سلام من يسلّم عليه، وأنه يردّ على من يسلّم عليه) «1» ، وبقيت في ذلك أحاديث كثيرة، ومن ثمّ كتب عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه: أن انشروا العلم يوم الجمعة، فإن غائلة العلم النسيان، وأكثروا الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة «2» . قال الشافعي رضي الله تعالى عنه: (أحبّ كثرة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في كل حال، وأنا في يوم الجمعة وليلتها أشد استحبابا) اهـ «3» منها: «من صلّى عليّ يوم الجمعة مئتي صلاة.. غفر له ذنب مئتي عام» أخرجه الديلمي، ولا يصح «4» . وفي رواية ضعيفة: «الصلاة عليّ نور على الصراط، ومن صلّى عليّ يوم الجمعة ثمانين مرة.. غفرت له ذنوب ثمانين عاما» «5» . وفي أخرى للدارقطني: «من صلّى عليّ يوم الجمعة ثمانين مرة.. غفر الله له ذنوب ثمانين سنة» ، قيل: يا رسول الله؛ كيف الصلاة عليك؟ قال: «تقول: اللهمّ؛ صلّ على محمد عبدك ونبيك ورسولك النبي الأمّي، وتعقد واحدة» «6» وحسّنها العراقي، ومن قبله أبو عبد الله بن النعمان، قيل: ويحتاج إلى نظر. وفي أخرى للخطيب: «من صلّى عليّ يوم الجمعة ثمانين مرة.. غفر الله   (1) انظر (ص 154) . (2) أخرجه ابن بشكوال في «القربة» (111) . (3) الأم (2/ 432) . (4) كذلك عزاه الإمام السخاوي في «القول البديع» (ص 378) إلى الديلمي. (5) أخرجه الديلمي في «الفردوس» (3814) ، وابن بشكوال في «القربة» (109) . (6) كذلك عزاه الإمام السخاوي في «القول البديع» (ص 381) للدارقطني مرفوعا، وذكره الكناني في «تنزيه الشريعة» (2/ 331) ، والعجلوني في «كشف الخفاء» (1/ 167) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 212 له ذنوب ثمانين عاما» ، فقيل له: يا رسول الله؛ كيف الصلاة عليك؟ قال: «قولوا: اللهمّ؛ صلّ على محمد عبدك ونبيك ورسولك النبي الأمّي، وتعقد واحدة» «1» ، وذكره ابن الجوزي في «الأحاديث الواهية» «2» . وفي أخرى: «من صلّى صلاة العصر من يوم الجمعة، فقال قبل أن يقوم من مكانه: اللهمّ؛ صلّ على محمد النبي الأمّي، وعلى آله وسلّم تسليما ثمانين مرة.. غفرت له ذنوب ثمانين عاما، وكتبت له عبادة ثمانين سنة» «3» . وفي أخرى: «من قال في يوم الجمعة بعد العصر: اللهم؛ صلّ على محمد النبي الأمي، وعلى آله وسلّم ثمانين مرة.. غفرت له ذنوب ثمانين عاما» «4» . وأخرج الديلمي: «من صلّى عليّ يوم الجمعة.. كانت شفاعة له عندي يوم القيامة» «5» . وفي لفظ آخر أخرجه أبو نعيم وقال: غريب، عن علي رضي الله تعالى عنه قال: «من صلّى على النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة مئة مرة.. جاء يوم القيامة ومعه نور لو قسم ذلك النور بين الخلق كلهم.. لوسعهم» «6» . وفي أخرى بسند ضعيف: «من صلّى عليّ في يوم الجمعة ألف مرة.. لم يمت حتى يرى مقعده من الجنة» «7» .   (1) تاريخ بغداد (13/ 463) . (2) العلل المتناهية (1/ 464) . (3) عزاه الإمام السخاوي في «القول البديع» (ص 381) لابن بشكوال من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. (4) أخرجه ابن بشكوال في «القربة» (114) . (5) كذلك عزاه الإمام السخاوي في «القول البديع» (ص 378) للديلمي من حديث عائشة رضي الله عنها. (6) حلية الأولياء (8/ 46) . (7) عزاه الإمام السخاوي في «القول البديع» (ص 379) : لابن شاهين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 213 وفي أخرى بسند ضعيف أيضا: «من صلّى عليّ في كل يوم جمعة أربعين مرة.. محا الله عنه ذنوب أربعين سنة، ومن صلّى عليّ مرة واحدة فتقبّلت منه.. محا الله عنه ذنوب ثمانين سنة، ومن قرأ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ حتى يختم السورة.. بنى الله له منارا في جسر جهنم؛ حتى يجاوز الجسر» «1» . وفي أخرى عند أبي موسى المديني، وذكرها ابن النعمان وغيره: «من صلّى عليّ يوم الجمعة ألف مرة.. لم يمت حتى يرى مقعده من الجنة» «2» . وفي أخرى للديلمي: «من صلّى عليّ يوم الجمعة مئة صلاة.. غفر له خطيئة ثمانين عاما» ، قال السخاوي: (لم أقف على أصله مرفوعا، وذكر بعض رواته: أنه رأى النبيّ صلى الله عليه وسلم في المنام، وعرضه عليه فصدقه، والله أعلم، وفي أخرى مثله وزاد: «ومن صلّى عليّ ليلة الجمعة مئة مرة.. غفر له خطيئة عشرين سنة» ، والظاهر عدم صحته) «3» . وفي أخرى في سندها لين عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه: أنه قال لزيد بن وهب: (يا زيد؛ لا تدع إذا كان يوم الجمعة أن تصلّي على النبي صلى الله عليه وسلم ألف مرة، تقول: اللهم؛ صلّ على محمد النبي الأميّ) «4» . وفي أخرى: «من صلّى عليّ يوم الجمعة صلاة واحدة.. صلّى الله عليه وملائكته ألف ألف صلاة، وكتب له ألف ألف حسنة، وحطّ عنه ألف ألف خطيئة، ورفع له ألف ألف درجة في الجنة» ، قال الحافظ السخاوي: (ولم   (1) عزاه الإمام السخاوي في «القول البديع» (ص 379) : للتيمي في «ترغيبه» ، وأبي الشيخ ابن حيان في بعض أجزائه، والديلمي في «مسنده» من طريقه. (2) كذلك عزاه الإمام السخاوي في «القول البديع» (ص 383) إلى أبي موسى المديني وقال: (لم أقف على أصله) . (3) القول البديع (ص 379) . (4) أخرجه أبو نعيم في «الحلية» (8/ 237) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 214 أقف على أصله، وأحسبه غير صحيح، بل أجزم ببطلانه) اهـ «1» وفي أخرى في سندها مجهول: «إذا كان يوم الخميس.. بعث الله ملائكة معهم صحف من فضة، وأقلامهم من ذهب يكتبون يوم الخميس وليلة الجمعة أكثر الناس صلاة على النبي صلى الله عليه وسلم» «2» . وفي أخرى بسند ضعيف: «إن لله ملائكة خلقوا من النور، لا يهبطون إلا ليلة الجمعة ويوم الجمعة، بأيديهم أقلام من ذهب، ودويّ من فضّة «3» ، وقراطيس من نور، لا يكتبون إلا الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم» «4» . وأخرج البيهقي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: سمعت نبيكم صلى الله عليه وسلم يقول: «أكثروا الصلاة على نبيّكم في الليلة الغرّاء واليوم الأزهر» «5» . وعن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما مثله، وفي سنده كذاب «6» . وعن أبي بكر رضي الله تعالى عنه وكرم وجهه مثله «7» . وفي رواية: «أكثروا الصلاة عليّ في الليلة الغرّاء؛ فإن صلاتكم تعرض عليّ» «8» . وفي أخرى: «أكثروا الصلاة عليّ يوم الجمعة؛ فإنه أتاني جبريل آنفا عن ربه عز وجل فقال: ما على الأرض من مسلم يصلّي عليك مرة واحدة.. إلا   (1) القول البديع (ص 382) . (2) أخرجه ابن عساكر في «تاريخه» (43/ 142) . (3) دوي- جمع دواة- وهي: المحبرة. (4) أخرجه الديلمي في «الفردوس» (688) ، وابن بشكوال في «القربة» (108) . (5) أخرجه البيهقي في «الشعب» (3/ 111) ، والديلمي في «الفردوس» (215) . (6) ذكره الحافظ ابن حجر في «لسان الميزان» (6/ 366) . (7) أخرجه ابن عساكر في «تاريخه» (58/ 374) . (8) أخرجه أبو سعد في «شرف المصطفى صلى الله عليه وسلم» (2043) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 215 صلّيت أنا وملائكتي عليه عشرا» ، وسندها لا بأس به في المتابعات «1» . وفي أخرى: «أكثروا من الصلاة عليّ يوم الجمعة وليلة الجمعة، فمن فعل ذلك.. كنت له شهيدا أو شفيعا يوم القيامة» «2» ، و (أو) فيه: إما للتقسيم؛ أي: شفيعا للعاصي، وشهيدا للطائع، أو بمعنى (الواو) فيكون شفيعا وشهيدا للكل، أو للشك؛ فإن كانت اللفظة الصحيحة (شهيدا) فواضح؛ لأن الشهادة خصوصية زائدة على الشفاعة المدّخرة المخبوءة لغيرهم، وإن كانت (شفيعا) حمل على أن من فعل ذلك.. اختصّ بنوع من أنواع شفاعاته صلى الله عليه وسلم السابقة غير العظمى. وفي أخرى بسند ضعيف: «أكثروا من الصلاة عليّ يوم الجمعة؛ فإن صلاتكم تعرض عليّ» «3» . ويروى: «اتخذ الله إبراهيم خليلا، وموسى نجيّا، واتخذني حبيبا، ثم قال: وعزّتي وجلالي؛ لأوثرنّ حبيبي على خليلي ونجيّي؛ فمن صلّى عليّ ليلة جمعة ثمانين مرة.. غفرت له ذنوب مئتي عام متقدمة، ومئتي عام متأخرة» ، قال السخاوي: (لم أقف على أصله، وأحسبه غير صحيح) «4» . وأخرج الشافعي رضي الله تعالى عنه مرسلا: «إذا كان يوم الجمعة وليلة الجمعة.. فأكثروا الصلاة عليّ» «5» . ويروى: «ما من مؤمن يصلّي ليلة الجمعة ركعتين يقرأ في كل ركعة بعد (الفاتحة) خمسا وعشرين مرة (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) ، ثم يقول ألف مرة:   (1) ذكره العجلوني في «كشف الخفاء» (1/ 167) ، والمنذري في «الترغيب والترهيب» (2472) وعزاه للطبراني. (2) أخرجه البيهقي في «الشعب» (3033) . (3) أخرجه البيهقي في «الشعب» (3032) . (4) القول البديع (ص 381) ، أما الجزء الأول منه؛ أي: من أوله إلى قوله: (ونجيي) .. فقد أخرجه البيهقي في «الشعب» (1494) ، والديلمي في «الفردوس» (1716) . (5) «الأم» (2/ 432) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 216 صلّى الله على محمد النبي الأمي؛ فإنه لا تتم الجمعة القابلة حتى يراني في المنام، ومن رآني.. غفر الله له الذنوب» أخرجه أبو موسى المديني، ولا يصحّ «1» . ويروى أيضا: «من قال ليلة الجمعة عشر مرار: يا دائم الفضل على البرية، يا باسط اليدين بالعطية، يا صاحب المواهب السنية؛ صلّ على محمد خير الورى بالتحية، واغفر لنا يا ذا العلا في هذه العشية ... » مع كلمات أخر، وهو مكذوب «2» . وفي رواية بسند باطل عن علي رضي الله عنه: (من صلّى على النبي صلى الله عليه وسلم بهؤلاء الكلمات في كل يوم ثلاث مرات، ويوم الجمعة مئة مرة، وهي: صلوات الله وملائكته وأنبيائه ورسله وجميع خلقه على محمد وآل محمد، وعليه وعليهم السلام ورحمة الله وبركاته.. فقد صلّى عليه بصلاة جميع الخلائق، وحشر يوم القيامة في زمرته، وأخذ بيده حتى يدخله الجنة) «3» . قيل: كان خلاد بن كثير رحمه الله تعالى في النزع، فوجد تحت رأسه رقعة مكتوب فيها: هذه براءة من النار لخلاد بن كثير، فسألوا أهله: ما كان عمله؟ فقال أهله: كان يصلّي على النبي صلى الله عليه وسلم كل يوم جمعة ألف مرة: (اللهم؛ صلّ على محمد النبيّ الأميّ) . وروي في طلب الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم في خصوص يوم السبت والأحد حديث وفيه: أن اليهود والنصارى يكثرون سبّه صلى الله عليه وسلم فيهما، وحديث فيه ذكر: (صلاة عشرين ركعة ليلة الأحد يصلّي عليه صلى الله عليه وسلم في كل ركعة مئة مرة) قال الحافظ السخاوي: (وآثار   (1) كذلك عزاه الإمام السخاوي في «القول البديع» (ص 383) لأبي موسى المديني، وذكره ابن الجوزي في «الموضوعات» (2/ 58) . (2) عزاه الإمام السخاوي في «القول البديع» (ص 383) لأبي موسى المديني. (3) عزاه الإمام السخاوي في «القول البديع» (ص 384) لأبي موسى المديني. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 217 الوضع لائحة عليه، ولا حول ولا قوة إلا بالله) «1» . وكذلك ذكر الغزالي رحمه الله تعالى وغيره حديثا بلا إسناد فيه ذكر: (صلاة أربع ركعات ليلة الإثنين، يصلّي على النبي صلى الله عليه وسلم في كلّ خمسا وسبعين- مع أشياء أخر- ثم يسأل الله تعالى حاجته.. كان حقا على الله تعالى أن يعطيه ما سأل) «2» ، وتسمّى صلاة الحاجة. وذكر المديني حديثا في ليلة الثلاثاء، في سنده من اتّهم بالكذب، فيه: (صلاة أربع ركعات بعد العتمة قبل الوتر- يقرأ في كل ركعة أشياء مخصوصة- ثم بعد الفراغ يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم خمسين مرة) «3» ، وذكر لذلك ثوابا كثيرا. [ التاسع: في الخطب ] ؛ كخطبة الجمعة، والعيدين، والكسوفين، والاستسقاء، وهي ركن فيها عند الشافعي وأحمد، خلافا لمالك وأبي حنيفة رضي الله تعالى عنهم، ودليل الوجوب: فعل الخلفاء الراشدين ومن بعدهم؛ فإنه لم ينقل عن أحد منهم، ولا ممن بعدهم خطبة في أمر مهم فضلا عن الجمعة.. إلا بدأ فيها بالحمد والصلاة، وكان السّلف يسمّون الخطبة بغير الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم: البتراء. وفي «الصّحاح» : (وخطب زياد خطبته البتراء؛ لأنه لم يحمد الله تعالى فيها، ولم يصلّ على النبي صلى الله عليه وسلم) «4» ، ونحوه في «نهاية ابن الأثير» «5» .   (1) القول البديع (ص 384- 385) . (2) إحياء علوم الدين (1/ 199) ، وعزاه الإمام السخاوي في «القول البديع» (ص 385) لأبي موسى المديني في «وظائف الليالي والأيام» . (3) كذلك عزاه الإمام السخاوي في «القول البديع» (ص 385) لأبي موسى المديني في كتاب «وظائف الليالي والأيام» . (4) الصحاح، مادة (بتر) . (5) النهاية في غريب الحديث والأثر (1/ 93) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 218 فثبت بهذا الإجماع النطقيّ من السلف على الوجوب، وإلا.. لتركوها في بعض الأحيان. وممن حفظت عنه في خطبته: - عليّ كرم الله تعالى وجهه، أخرجه أحمد «1» . - وابن مسعود، أخرجه النميري وغيره «2» . - وعمرو بن العاصي، أخرجه الدارقطني من طريق ابن لهيعة «3» . - وأبو موسى الأشعري رضي الله تعالى عنهم. وأخرج ابن بشكوال عن محمد بن عبد الحكم: (أن أميرا خطبهم بالمدينة يوم الجمعة فأنسيها، فلما انقضت خطبته ونهض للصلاة.. صاح الناس عليه من كل جانب) «4» ، فصياحهم به كذلك يدلّ لما قلناه، من أنها في الخطبة كانت من الأمور المشهورة المعروفة عندهم، التي لا يسوغ تركها. والاستدلال للوجوب بأن كل عبادة افتقرت إلى ذكر الله تعالى.. افتقرت إلى ذكر رسوله صلى الله عليه وسلم كالأذان، وتفسير جمع قوله تعالى: وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ بأن معناه: لا أذكر إلّا وتذكر معي.. لا ينهض؛ لاحتمال أن يراد بذكره الشهادة له بالرسالة إذا شهد لمرسله تعالى بالوحدانية، وهذا مشروع في كل خطبة قطعا؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «كل خطبة ليس فيها تشهّد.. فهي كاليد الجذماء» «5» . وما روي عن السبيعي: (أنه رآهم لا ينصتون للخطيب إنما هو قصص   (1) المسند (1/ 106) . (2) كذلك عزاه الإمام السخاوي في «القول البديع» (ص 387) للنميري، ولمحمد بن الحسن بن صقر الأسدي. (3) أخرجه ابن عساكر في «تاريخه» (46/ 162) . (4) القربة إلى رب العالمين (77) . (5) أخرجه ابن حبان (2796) ، وأبو داود (4841) ، والترمذي (1106) ، والبيهقي (3/ 209) ، وأحمد (2/ 343) وغيرهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 219 وصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم) «1» .. فهو بعد تسليم صحته يحتمل أن يكون عدم الإنصات فيه للقصص، وذكرت الصلاة معه؛ لأنها لازمة له في العادة الغالبة من فعل القصّاص، أو أن عدم الإنصات لبعدهم بحيث لا يسمعون، والأول أقرب، على أن هذا ليس فيه نقل إجماع، ولأنه حكاية عمن رآهم فقط. العاشر: في أثناء تكبيرات صلاة العيدين ؛ لما صح عن ابن مسعود: (أنه علّم الوليد بن عقبة حين سأله عن ذلك أن يحمد الله ويصلّي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يدعو بين كل تكبيرتين، وصدّقه على ذلك حذيفة وأبو موسى رضي الله تعالى عنهم) «2» . [ الحادي عشر: في صلاة الجنازة ] ، فهي مشروعة فيها بعد التكبيرة الثانية بلا خلاف، ثم المشهور عند الشافعي وأحمد: أنها ركن، خلافا لمالك وأبي حنيفة رضي الله تعالى عنهم، ويدل للأول ما جاء عن أبي أمامة: أنه أخبره بعض الصحابة رضوان الله تعالى عليهم: (أنها كالتكبير سنّة في صلاة الجنازة) ، رواه جماعة منهم الشافعي رضي الله تعالى عنه «3» . وتضعيف روايته بمطرّف.. ردّه البيهقي بأنه جاء عن الزهري بمعنى رواية مطرف «4» ، ورواه في «سننه» والحاكم في «صحيحه» عنه: أنه أخبره رجال من الصحابة في الصلاة على الجنازة: (أن يكبّر، ثم يصلّي على النبي صلى الله عليه وسلم) ، قال الزهري: حدثني بذلك أبو أمامة وابن المسيّب يسمع، فلم ينكر عليه، فذكرت الذي أخبرني أبو أمامة من السنة في الصلاة على الميت لمحمد بن سويد، فقال: وأنا سمعت الضحاك بن قيس يحدث   (1) أخرجه القاضي إسماعيل الجهضمي في «فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم» (ص 87) . (2) أخرجه البيهقي (3/ 291) ، والقاضي إسماعيل الجهضمي في «فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم» (ص 77) . (3) أخرجه الشافعي في «مسنده» (1219) ، والأم (2/ 608) . (4) معرفة السنن والآثار (7602) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 220 عن حبيب بن سلمة في صلاة صلاها على الميت مثل الذي حدثنا أبو أمامة «1» . وجاء عن الزهري أيضا: أنه سمع أبا أمامة يحدث ابن المسيب: (أن السنة في الصلاة على الجنازة: أن يقرأ بفاتحة الكتاب، ويصلّي على النبي صلى الله عليه وسلم) أخرجه «2» ابن الجارود والنميري كلاهما من طريق عبد الرزاق عن معمر «3» ، ورجال هذا الإسناد مخرّج لهم في «الصحيحين» ، لكن قال الدارقطني: وهم فيه عبد الواحد بن زياد، فرواه عن معمر عن الزهري عن سهل بن سعد؛ أي: وإنما هو عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، كما مر. وأخرج البيهقي في «سننه» أن أبا هريرة قال لعبادة بن الصامت لمّا سأله عن الصلاة على الميت: (أنا والله أخبرك، تبدأ فتكبّر، ثم تصلّي على النبي صلى الله عليه وسلم، وتقول: اللهمّ؛ إن هذا عبدك ... ) إلخ «4» . وأخرج مالك وغيره عنه: أنه سئل كيف تصلّي على الجنازة؟ فقال: (أتّبعها من أهلها، فإذا وضعت.. كبّرت وحمدت الله، وصليت على نبيّه صلى الله عليه وسلم، ثم أقول: اللهمّ؛ إنه عبدك ... إلخ) «5» ، وجاء ذلك عن ابن عباس وابن مسعود ومجاهد رضي الله تعالى عنهم. قيل: وتسنّ عند إدخال الميت القبر للحديث الحسن: أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا وضع الميت في القبر.. قال: «باسم الله، وعلى سنة   (1) المستدرك (1/ 360) ، والسنن الكبرى (4/ 39) . (2) في النسخ: (وأخرجه) ، والصواب ما أثبتناه، والله أعلم. (3) وأخرجه أيضا ابن أبي شيبة في «مصنفه» (3/ 180) عن عبد الأعلى عن معمر عن الزهري، والقاضي إسماعيل الجهضمي في «فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم» (ص 81) عن معمر عن الزهري. (4) السنن الكبرى (4/ 40) . (5) أخرجه مالك (1/ 228) ، والطبراني في «الدعاء» (1200) ، والقاضي إسماعيل الجهضمي في «فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم» (ص 80) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 221 رسول الله صلى الله عليه وسلم» اهـ «1» ولا دلالة فيه؛ لأن الصلاة هنا لذكره صلى الله عليه وسلم. ولم يصح في الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم في رجب بخصوصه شيء. وفي «موضوعات ابن الجوزي» في ذلك أحاديث واهية، لا يعتدّ بها، وفي بعضها: (ثواب عظيم لمن يصوم أول خميس منه، ثم يصلّي بين العشاءين ليلة الجمعة ثنتي عشرة ركعة، وذكر ما يقول فيها، وبعد فراغها) «2» ، (ولمن صلّى ليلة نصف رجب أربع عشرة ركعة) «3» ، (ولمن صلّى ثنتي عشرة ركعة في ليلة لثلاث بقين منه) «4» . وكذا لم يصح في شعبان بخصوصه شيء، وإن عقد ابن أبي الصيف من أئمتنا المتأخرين بابا لذلك في جزء له في فضل شعبان، وذكر فيه عن جعفر وأبي اليمان ما لم يعرف له أصل يعتمد عليه. [ الثاني عشر: في الحج عقب التلبية ] ، جاء عن القاسم: كان يستحب ذلك، وسنده ضعيف «5» . وعلى الصفا والمروة؛ لما صح عن عمر رضي الله تعالى عنه: أنه خطب الناس بمكة فقال: (إذا قدم الرجل منكم حاجّا.. فليطف بالبيت سبعا، وليصلّ عند المقام ركعتين، ثم ليبدأ بالصفا، فيستقبل البيت فيكبّر سبع تكبيرات بين كل تكبيرتين حمد لله، وثناء عليه، وصلاة على النبي صلى الله   (1) أخرجه الحاكم (1/ 366) ، وابن حبان (3110) ، وأبو داود (3213) ، والترمذي (1046) ، والنسائي في «الكبرى» (10860) ، وغيرهم. (2) الموضوعات (2/ 47) . (3) الموضوعات (2/ 49) . (4) أخرجه البيهقي في «الشعب» (3812) ، وفي «فضائل الأوقات» (ص 97) ، وانظر «تنزيه الشريعة» (2/ 90) . (5) أخرجه البيهقي (5/ 46) ، والدارقطني (2/ 238) ، والشافعي في «الأم» (3/ 396) ، والقاضي إسماعيل الجهضمي في «فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم» (ص 72) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 222 عليه وسلم، وسله لنفسك، وعلى المروة مثل ذلك) «1» . وجاء عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: أنه (كان يكبّر على الصفا ثلاثا، ثم يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له ... إلخ، ثم يصلّي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يدعو ويطيل القيام والدعاء، ثم يفعل على المروة مثل ذلك) «2» . وعند استلام الحجر؛ لما صح عن ابن عمر: أنه كان إذا أراده.. قال: (اللهمّ؛ إيمانا بك ... إلخ، ثم يصلّي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يستلمه) «3» ، ورواه الواقدي في «مغازيه» مرفوعا «4» ، والأول أصح. وفي الطواف؛ لما في «منهاج الحليمي» : (عن سفيان بن عيينة: سمعت [منذ] أكثر من سبعين سنة يقولون في الطواف: اللهمّ؛ صلّ على محمد وعلى أبينا إبراهيم، وهذا إنما يقوله ولد إبراهيم، فغيره يقول: اللهمّ؛ صلّ على محمد نبيك وإبراهيم خليلك، وهذا حسن؛ لأن المناسك كلها إرث إبراهيم عليه الصلاة والسلام، والبيت من بنائه، وتلبية الناس إجابة لدعائه) اهـ ملخصا «5» . وفي الموقف؛ أخرج البيهقي: «ما من مسلم يقف عشية عرفة بالموقف، فيستقبل القبلة بوجهه، ثم يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير مئة مرة، ثم يقرأ: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) مئة مرة، ثم يقول: اللهمّ؛ صلّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت   (1) أخرجه البيهقي (5/ 94) ، والقاضي إسماعيل الجهضمي في «فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم» (ص 73) . (2) أخرجه القاضي إسماعيل الجهضمي في «فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم» (ص 76) . (3) أخرجه الطبراني في «الأوسط» (5482) ، وفي «مسند الشاميين» (2/ 315) . (4) المغازي (3/ 1098) . (5) المنهاج في شعب الإيمان (2/ 440) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 223 على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، وعلينا معهم مئة مرة.. إلا قال الله تبارك وتعالى: يا ملائكتي؛ ما جزاء عبدي هذا؟! سبّحني وهلّلني، وكبّرني وعظّمني، وعرفني وأثنى عليّ، وصلّى على نبيّي، اشهدوا أني قد غفرت له وشفّعته في نفسه، ولو سألني عبدي هذا.. لشفّعته في أهل الموقف كلهم» «1» . قال البيهقي: هذا غريب ليس في إسناده من ينسب إلى الوضع، قال غيره: بل كلهم موثقون إلا رجلا منهم فإنه مجهول، ورواه الديلمي وزاد فيه: «قراءة (الفاتحة) مئة مرة» ، وبعد «وله الحمد» : «يحيي ويميت بيده الخير» «2» . وذكر المحب الطبري في «أحكامه» دعاء طويلا فيه: أنه يلبّي ثلاثا، ويكبر ثلاثا، ثم يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له ... إلخ مئة مرة، إن الله قد أحاط بكل شيء علما مئة مرة، والتعوذ ثلاثا، و (الفاتحة) ثلاثا، و (الإخلاص) مئة، ويصلّي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يدعو لنفسه ووالديه وأقاربه وإخوانه المؤمنين، وذكر لذلك ثوابا عظيما، قال المحب: أخرجه أبو منصور في «جامع الدعاء الصحيح» ، قال غيره: وهو عجيب؛ أي: لأن ابن الجوزي ذكره في «الموضوعات» «3» . وفي الملتزم، ذكر النووي في «أذكاره» وغيره في الدعاء المأثور فيه: (اللهم؛ صلّ وسلّم على محمد وعلى آل محمد) «4» ، والشافعي والأصحاب: (أنه يسن لمن فرغ من طواف الوداع أن يقف فيه ويقول: اللهمّ   (1) أخرجه البيهقي في «الشعب» (4074) ، وفي «فضائل الأوقات» (ص 376) . (2) الفردوس بمأثور الخطاب (6044) . (3) الموضوعات (2/ 123) . (4) الأذكار (ص 330) ، وقال ابن علان في «الفتوحات» (4/ 391) : (قال الحافظ: قلت: لم أقف له على أصل، والله المستعان) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 224 البيت بيتك ... إلخ، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، قالوا: لأنه أرجى لإجابة الدعاء) «1» . الثالث عشر: الصلاة والسلام عليه عند قبره الشريف صلى الله عليه وسلم. جاء عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما من طرق متعددة أنه: (كان إذا وقف هناك.. صلّى وسلّم على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم على أبي بكر، ثم على أبيه، مستقبلا للقبر الشريف على ساكنه أفضل الصلاة وأشرف التسليم، مستدبرا للقبلة) «2» ، وفي رواية أنه: (كان يمسّ القبر المكرّم بيمينه) «3» ، وفي أخرى: (كان لا يمسّه) «4» ، ولعله كان تارة يمسّه وأخرى لا يمسّه. وجاء السلام عن غيره من الصحابة رضوان الله تعالى عليهم، وذكر أئمتنا أنه يسن لقاصده صلى الله عليه وسلم الإكثار من الصلاة والسلام عليه في طريقه، وكلّما قرب من المدينة الشريفة وعمرانها.. زاد من ذلك، ويستحضر من غايات تعظيمها وإجلالها ما يمكنه. وكذا يسن- كما قاله بعض المتأخرين- لمن رأى أثرا من آثاره صلى الله عليه وسلم سيما منازله.. أن يصلي ويسلم عليه، فقد كانت أسماء رضي الله تعالى عنها كلما مرّت بالحجون «5» .. قالت: (صلى الله على رسوله، لقد نزلنا معه ههنا) رواه البخاري «6» .   (1) الأم (3/ 575) ، وأخرجه عنه البيهقي (5/ 164) . (2) أخرجه مالك (1/ 166) ، والبيهقي (5/ 245) ، والقاضي إسماعيل الجهضمي في «فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم» (ص 83) . (3) أخرجه القاضي إسماعيل الجهضمي في «فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم» (ص 84) . (4) أخرجه البيهقي في «الشعب» (4150) . (5) الحجون: جبل بأعلى مكة المكرمة عند مدافن أهلها. (6) أخرجه البخاري (1796) ، ومسلم (1237) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 225 وأخرج أحمد: (أن أنسا رضي الله تعالى عنه أخرج لجماعة ما بقي من قدحه صلى الله عليه وسلم وفيه ماء، فشربوا وصبّوا على رؤوسهم ووجوههم، وصلّوا عليه صلى الله عليه وسلم) «1» . وبقي للزيارة أحكام وآداب ذكر النووي كثيرا منها في «مناسكه الكبرى» ، واستوفيت في «حاشيتها» معظم ما بقي من ذلك «2» . قال المجد اللغوي: (والسلام عليه صلى الله عليه وسلم عند قبره أفضل من الصلاة؛ لخبر: «ما من مسلم يسلّم عليّ ... » السابق) «3» . وأخرج البيهقي عن ابن فديك: (سمعت بعض من أدركت يقول: بلغنا أنه من وقف عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم فتلا: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ الآية، ثم قال: صلّى الله عليك يا محمد، حتى يقولها «سبعين مرة» .. ناداه ملك صلّى الله عليك يا فلان، لم تسقط لك حاجة) «4» . ولا دليل فيه لجواز ندائه صلى الله عليه وسلم باسمه، فقد صرح أئمتنا بحرمة ذلك؛ لما فيه من ترك التعظيم، ولقوله تعالى: لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً وإنما ينادى بنحو: (يا نبي الله) ، فقول الزين المراغي: الأولى لمن عمل بالأثر أن يقول: (يا رسول الله) .. وهم، بل الصواب أن ذلك واجب لا أولى. وظاهر قول «فتح الباري» : (أنه صلى الله عليه وسلم وإن كان ذا أسماء وكنى، ولكن لا ينبغي أن ينادى بشيء منها) «5» .. أن الكنية كالاسم، فيحرم   (1) المسند (3/ 187) . (2) انظر حاشية المصنف على «الإيضاح» (ص 479- 510) . (3) الصّلات والبشر (ص 164) ، وانظر الحديث (ص 153) . (4) شعب الإيمان (4196) . (5) فتح الباري (6/ 561) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 226 النداء بها أيضا، ويؤيده قول الضحاك عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: (كانوا يقولون: يا محمد، يا أبا القاسم، فنهاهم الله عز وجل؛ إعظاما لنبيه صلى الله عليه وسلم، فقال: قولوا: يا نبيّ الله، يا رسول الله) ، وهكذا قال مجاهد وسعيد بن جبير «1» . وقال مقاتل: (لا تسمّوه إذا دعوتموه: يا محمد، ولا تقولوا: يا ابن عبد الله، ولكن شرّفوه فقولوا: يا رسول الله، يا نبي الله) «2» . وقال قتادة: (أمر الله سبحانه وتعالى أن يهاب نبيه صلى الله عليه وسلم، وأن يبجّل، وأن يعظّم، وأن يسوّد) «3» . وقال مالك عن زيد بن أسلم: (أمرهم أن يشرّفوه) «4» . فهذه الآثار كلها دالّة على أن الكنية كالاسم فيما ذكر، ولا يعارض ذلك ما في الحديث الصحيح الآتي «5» في دعاء الحاجة: «يا محمد؛ إني متوجّه بك إلى ربي» لأنه صلى الله عليه وسلم صاحب الحق، فله أن يتصرف فيه كيف يشاء، فلا يقاس به غيره، وتعليم بعض الصحابة ذلك لغيره يحتمل أنه رأى أن ألفاظ الدعوات والأذكار يقتصر فيها على الوارد. [ الرابع عشر: عند الذبيحة ] ، كما ذكره الشافعي رضي الله تعالى عنه؛ حيث قال: (والتسمية في الذبيحة باسم الله، وما زاد بعد ذلك من ذكر الله تعالى.. فالزيادة خير، ولا أكره مع التسمية على الذبيحة أن يقول: صلّى الله على محمد، بل أحب ذلك، وأحب أن يكثر الصلاة عليه على كل الحالات؛ لأن ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصلاة عليه إيمان بالله سبحانه وتعالى،   (1) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره (14924) ، وانظر «تفسير ابن كثير» (3/ 306) . (2) أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسيره» (14928) . (3) أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسيره» (14927) . (4) ذكره ابن كثير في «تفسيره» (3/ 307) . (5) انظر (ص 243) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 227 وعبادة له يؤجر عليها إن شاء الله تعالى من قالها) ، وبسط الكلام في الاستدلال لذلك «1» . وخالفه الحنفية وجمع من أصحاب مالك وأحمد، فقالوا: بكراهتها؛ لأن فيها إيهام الإهلال لغير الله تعالى، ولما روي من خبر: «موطنان لا حظّ لي فيهما، عند العطاس والذّبح» ، وسيأتي معناه في (مبحث العطاس) «2» ، وأنه غير صحيح، بل في سنده من اتّهم بالوضع. ودعوى الإيهام مدفوعة بأنها إنما تتأتى أن لو قيل: باسم الله، واسم محمد، وهذا غير مشروع اتفاقا، بخلاف باسم الله وصلّى الله على رسوله؛ فإنه لا إيهام فيها البتّة، والاستدلال بالخبر يتوقف على إثبات صحته، على أنها لو سلمت.. أمكن حملها على ذكر على وجه لا يشرع، كما مثلناه، فلا دليل فيه لمنع الصلاة عليه هنا بوجه. [ الخامس عشر: عند عقد البيع ] ، كما اقتضاه كلام «الأنوار» وغيره «3» ، ويدل له عموم رواية: «كل أمر ذي بال» الآتية «4» . [ السادس عشر: عند كتابة الوصية ] ، على ما قاله بعض المتأخرين، واستدل له بأمر أبي بكرة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن يكتب في وصيته: (هذا ما أوصى به نفيع- يعني: اسمه- وهو يشهد ألاإله إلا الله، وأن محمدا صلى الله عليه وسلّم نبيّه) «5» . ولا دليل فيه، نظير ما مر في إدخال الميت القبر «6» .   (1) الأم (3/ 621) . (2) انظر (ص 237) . (3) الأنوار لأعمال الأبرار (1/ 304) . (4) انظر (ص 251) . (5) أخرجه الربعي في «وصايا العلماء» (ص 55) ، وابن عساكر في «تاريخه» (62/ 219) . (6) انظر (ص 221) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 228 [ السابع عشر: في خطبة التزويج ] ، كما في «الأذكار» وغيره «1» ، وجاء عن ابن عباس بسند ضعيف: أنه قال في [قوله تعالى] : يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ: (أثنوا عليه صلى الله عليه وسلم في صلاتكم، وفي مساجدكم، وفي كل موطن، وفي خطبة النساء، فلا تنسوه) «2» ، وفعله عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه. الثامن عشر: في طرفي النهار، وعند إرادة النوم ، ولمن قلّ نومه. جاء بسند ضعيف: أنه صلى الله عليه وسلم قال: «من صلّى عليّ مئة صلاة حين يصبح قبل أن يتكلم.. قضى الله تعالى له مئة حاجة، يعجّل له منها ثلاثين، ويدّخر له سبعين، وفي المغرب مثل ذلك ... » الحديث السابق «3» . وبسند غريب جدا، وفي رواته من فيه بعض المقال: «من أوى إلى فراشه، ثم قرأ (تبارك الملك) ، ثم قال: اللهمّ؛ ربّ الحلّ والحرام، وربّ البلد الحرام، وربّ الركن والمقام، وربّ المشعر الحرام، بحق كل آية أنزلتها في شهر رمضان؛ بلّغ روح محمد صلى الله عليه وسلم تحية وسلاما (أربع مرات) .. وكّل الله عز وجل به ملكين حتى يأتيا محمدا، فيقولا له: إن فلانا بن فلان يقرأ عليك السلام ورحمة الله، فأقول: على فلان بن فلان مني السلام ورحمة الله وبركاته» «4» . ووصف بعضهم لمن قلّ نومه أن يقرأ: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ الآية. ويروى: «من صلّى عليّ مساء.. غفر له قبل أن يصبح، ومن صلّى عليّ صباحا.. غفر له قبل أن يمسي» ، قال السخاوي: (ولم أقف على أصله) «5» .   (1) الأذكار (ص 456) . (2) عزاه الإمام السخاوي في «القول البديع» (ص 409) للقاضي إسماعيل الجهضمي. (3) انظر (ص 203) . (4) أخرجه أبو الشيخ في «طبقات المحدثين بأصبهان» (597) . (5) القول البديع (ص 411) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 229 [ التاسع عشر: عند إرادة السفر ] ، كما في «أذكار النووي» فإنه قال: (ويفتتح دعاءه بالتحميد لله تعالى، والصلاة والتسليم على رسول الله صلى الله عليه وسلم) اهـ «1» ، ويدل له رواية: «كل أمر ذي بال ... » الآتية «2» . [ العشرون: عند ركوب الدابة ] . أخرج الطبراني أنه صلى الله عليه وسلم قال: «من قال إذا ركب دابة: باسم الله الذي لا يضرّ مع اسمه شيء، سبحان من ليس له سميّ، سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين، وإنا إلى ربنا لمنقلبون، والحمد لله رب العالمين، وصلّى الله على محمد، وعليه السلام.. قالت الدابة: بارك الله عليك من مؤمن، خفّفت عن ظهري، وأطعت ربّك، وأحسنت إلى نفسك، بارك الله لك في سفرك، وأنجح حاجتك» «3» . [ الحادي والعشرون: عند الخروج إلى السوق، وحضور دعوة ] ونحوها. أخرج جمع عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه أنه: (ما جلس في مأدبة ولا ختان- وفي لفظ: ولا جنازة- ولا غير ذلك فيقوم.. حتى يحمد الله تعالى ويثني عليه، ويصلّي على النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو، وكذا كان إذا خرج إلى السوق.. يأتي أغفلها مكانا، فيجلس ويفعل ذلك) «4» . [ الثاني والعشرون: عند دخول المنزل ] ، وإلمام الفقر، أو الحاجة، أو خوف وقوع ذلك، مرّ في مبحث (كون الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم تنفي الفقر) ما يدلّ لذلك «5» . الثالث والعشرون: في الرسائل وبعد البسملة ، فهو من سنة الخلفاء   (1) الأذكار (ص 302) . (2) انظر (ص 251) . (3) أخرجه الطبراني في «الدعاء» (776) . (4) أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (7/ 131) . (5) انظر (ص 177) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 230 الراشدين؛ لما جاء من طريق الواحدي عن أبي بكر رضي الله تعالى عنه خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه كتب إلى بعض عماله: (بسم الله الرحمن الرحيم، من أبي بكر خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى طريفة بن حاجز، سلام عليك، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، وأسأله أن يصلّي على محمد صلى الله عليه وسلم، أما بعد ... ) إلخ الكتاب «1» . وقد مضى عليه عمل الأمة في أقطار الأرض من أول ولاية بني هاشم، ولم ينكر ذلك، ومنهم من يختم به الكتب، وهذا يردّ ما قيل: إن أول من صدّر الرسائل بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم هارون الرشيد. وفي «أذكار النووي» : (يروى عن حماد بن سلمة: أن مكاتبة المسلمين كانت من فلان إلى فلان، أما بعد، سلام عليك، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، وأسأله أن يصلّي على محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آل محمد، وأن الزنادقة أحدثوا المكاتبات التي أولها أطال الله بقاءك) «2» . [الرابع والعشرون: عند الهمّ، والشدائد] ، والكروب، ووقوع الطاعون، مرّ فيه حديث في مبحث (أن الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم سبب لكفاية المهمات في الدنيا والآخرة) «3» . ويروى: «من عسر عليه شيء.. فليكثر من الصلاة عليّ؛ فإنها تحلّ العقد، وتكشف الكرب» ، قال السخاوي: (لم أقف على أصله) «4» . وأخرج الطبراني عن جعفر الصادق قال: (كان أبي إذا كربه أمر.. قام فتوضأ وصلّى ركعتين، ثم قال في دبر صلاته: اللهمّ؛ أنت ثقتي في كل كرب، وأنت رجائي في كل شدّة، وأنت لي في كل أمر نزل بي ثقة وعدّة، فكم من كرب قد يضعف عنه الفؤاد، وتقل فيه الحيلة، ويرغب عنه الصّديق،   (1) ذكره الكلاعي في «الإكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله والثلاثة الخلفاء» (3/ 80) . (2) الأذكار (ص 596) . (3) انظر (ص 164) . (4) القول البديع (ص 414) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 231 ويشمت به العدو.. أنزلته بك وشكوته إليك ففرّجته وكشفته؛ فأنت صاحب كل حاجة، ووليّ كل نعمة، وأنت الذي حفظت الغلام بصلاح أبويه، فاحفظني بما حفظته به، ولا تجعلني فتنة للقوم الظالمين، اللهمّ؛ وأسألك بكل اسم هو لك، سميته في كتابك، أو علمته أحدا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، وأسألك بالاسم الأعظم الأعظم الأعظم، الذي إذا سئلت به كان حقا عليك أن تجيب: أن تصلّي على محمد وعلى آل محمد، وأسألك أن تقضي حاجتي» «1» ، ويسأل حاجته. قيل: ويدلّ لرفعها الطاعون: أنها من الله تعالى رحمة، وهو عذاب في الأصل، وإن كان رحمة للمؤمنين، والرحمة والعذاب لا يجتمعان. وأيضا: مرّ أنها تنجي من أهوال يوم القيامة، فالطاعون الذي هو من أهوال الدنيا أولى. وأيضا: فالمدينة الشريفة معصومة من دخوله كالدّجال لها ببركته صلى الله عليه وسلم، فكذا الصلاة عليه. اهـ ويردّ بأن الكلام في المؤمنين، وهو رحمة في حقهم، فلا عذاب فيه، ولا هول حقيقة، وعصمة المدينة منه معجزة له صلى الله عليه وسلم ورد بها النص، فلا يقاس عليها. نعم؛ المعتمد كما بينته في شرحي «الإرشاد» و «العباب» وغيرهما: أنه يقنت له، فعليه يتضح الاستدلال السابق، ودعاؤه صلى الله عليه وسلم به لأمته.. لا ينافي طلب رفعه، ألا ترى أن قتل الكفار شهادة ورحمة كما وردت به النصوص؛ ومع ذلك يستعاذ منه ويسأل رفعه؛ لما فيه من عدم ملاءمة النفوس، وضعف الإسلام بذهاب العلماء والشّجعان؟! فهما وإن كان كل منهما رحمة خاصة.. إلا أن فيه نقمة عامة، فاتضح ذلك فيهما، واندفع ما لكثيرين من الاعتراض في ذلك.   (1) أخرجه الطبراني في «الدعاء» (1039) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 232 الخامس والعشرون: عند خوف الغرق. حكى الفاكهانيّ عن بعض الصالحين: أنه كان في سفينة مشرفة على الغرق في البحر الملح، فنام فرأى النبيّ صلى الله عليه وسلم يأمره أن يأمر أهلها أن يقولوا ألف مرة: (اللهمّ؛ صلّ على محمد صلاة تنجينا بها من جميع الأهوال والآفات، وتقضي لنا بها جميع الحاجات، وتطهّرنا بها من جميع السيئات، وترفعنا بها عندك أعلى الدرجات، وتبلّغنا بها أقصى الغايات، في الدنيا وبعد الممات) ، فأخبرهم بذلك، فقالوها، فحين بلغوا ثلاث مئة مرة.. فرّج الله تعالى عنهم، وساقها المجد بإسناده «1» ، وزاد عن بعضهم: أن من قالها في كل مهمّ ونازلة وبلية ألف مرة.. فرج الله تعالى عنه، وأدرك مأمولاه. السادس والعشرون: في أول الدعاء ووسطه وآخره. أجمع العلماء على ندب ابتدائه بالحمد، ثم بالصلاة عليه صلى الله عليه وسلم، وجاء بسند رجاله رجال الصحيح: «إذا أراد أحدكم أن يسأل الله شيئا.. فليبدأ بمدحه والثناء عليه بما هو أهله، ثم يصلّي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يسأل بعد؛ فإنه أجدر أن ينجح أو يصيب» «2» . وفي رواية: «إذا أراد أحدكم أن يدعو فأحبّ أن يستجاب له.. فليحمد الله، وليثن عليه، وليصلّ على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ليدع بحاجته؛ فإنه أجدر أن يستجاب له» «3» . وبسند ضعيف غريب: «لا تجعلوني كقدح الراكب» ، قيل: وما قدح الراكب؟ قال: «إن المسافر إذا فرغ من حاجته.. صبّ في قدحه ماء، فإن كان له إليه حاجة.. توضأ منه أو شربه، وإلا.. أهراقه؛ اجعلوني في أول الدعاء ووسطه وآخره» «4» .   (1) الصّلات والبشر (ص 171) . (2) أخرجه الطبراني في «الكبير» (9/ 155) ، وعبد الرزاق في «مصنفه» (19642) . (3) عزاه الإمام السخاوي في «القول البديع» (ص 419) لابن أبي الدنيا في «الذكر» . (4) أخرجه عبد بن حميد في «مسنده» (1142) ، والشهاب في «مسنده» (944) ، - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 233 وفي رواية مرسلة أو معضلة: «لا تجعلوني كقدح الراكب، اجعلوني في أول دعائكم وأوسطه وآخره» «1» . والمراد بالنهي عن التشبيه بالقدح: ألا يؤخّر في الذكر؛ فإن الراكب يعلق قدحه في آخرة رحله ويجعله خلفه، وفي رواية بدل (أهراقه) السابقة: (هراقه) ، وهاؤه مبدلة من ألف؛ إذ أصله (أراق) (فأهراق) ، مما جمع فيه بين البدل والمبدل منه. وأخرج النسائي وغيره: «الدعاء كله محجوب حتى يكون أوله ثناء على الله عز وجل، وصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يدعو فيستجاب لدعائه» «2» . والديلميّ: «كل دعاء محجوب حتى يصلّى على النبي صلى الله عليه وسلم» «3» . وفي لفظ له: «الدعاء يحجب عن السماء، ولا يصعد إلى السماء من الدعاء شيء حتى يصلّى على النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا صلّي على النبي صلى الله عليه وسلم.. صعد إلى السماء» «4» . وهو في «الشفا» بلفظ: «الدعاء والصلاة معلّق- أي: كل منهما- بين السماء والأرض، ولا يصعد إلى الله عز وجل حتى يصلّى على النبي صلى الله عليه وسلم» «5» .   - والديلمي في «الفردوس» (7452) ، وعبد الرزاق في «مصنفه» (3117) ، والبيهقي في «الشعب» (1578) . (1) قال الإمام السخاوي في «القول البديع» (ص 418) : (رواه سفيان بن عيينة في «جامعه» ) . (2) أخرجه ابن بشكوال في «القربة» (3) ، وكذلك عزاه الإمام السخاوي في «القول البديع» (ص 419) للنسائي، وانظر «تذكرة الحفاظ» (3/ 1026) . (3) أخرجه الديلمي في «الفردوس» (4754) ، والطبراني في «الأوسط» (725) ، والبيهقي في «الشعب» (1575) . (4) كذلك عزاه الإمام السخاوي في «القول البديع» (ص 420) للديلمي. (5) كذلك عزاه الإمام السخاوي في «القول البديع» (ص 420) إلى «الشفا» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 234 ويقوّيه ما جاء بسند فيه من لا يعرف عن عمر رضي الله تعالى عنه- مما لا يقال من قبل الرأي، فيكون في حكم المرفوع-: (ذكر لي أن الدعاء يكون بين السماء والأرض، لا يصعد منه شيء حتى يصلّى على النبي صلى الله عليه وسلم) «1» . وبسند فيه من ضعّفه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وسلم: «ما من دعاء إلا وبينه وبين السماء حجاب حتى يصلّى على محمد، وعلى آل محمد، فإذا فعل ذلك.. انخرق ذلك الحجاب ودخل الدعاء، وإذا لم يفعل.. رجع الدعاء» «2» . وأخرجه آخرون موقوفا باختصار: «كل دعاء محجوب حتى يصلّى على محمد وآل محمد» والموقوف أشبه «3» . قال ابن عساكر: (لا يثبت في هذا الباب حديث مرفوع عن النبي صلى الله عليه وسلم) . وعن عطاء: (أن أركان الدعاء: حضور القلب، والرقة، والاستكانة، والخشوع، وتعلّق القلب بالله عز وجل، وقطعه من الأسباب. وأجنحته: الصدق. ومواقيته: الأسحار. وأسبابه: الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم) . [ السابع والعشرون: عند طنين الأذن ] . أخرج جمع بسند ضعيف: «إذا طنّت أذن أحدكم.. فليصلّ عليّ، وليقل: ذكر الله بخير من ذكرني بخير» ، وفي رواية: «فليذكرني، وليصلّ عليّ» «4» ، وإخراج ابن خزيمة له في «صحيحه» .. متعجب منه؛ فإن إسناده   (1) أخرجه البيهقي (486) ، وابن بشكوال في «القربة» (4) . (2) أخرجه ابن بشكوال في «القربة» (2) ، والديلمي في «الفردوس» (6148) . (3) أخرجه الطبراني في «الأوسط» (725) ، وابن بشكوال في «القربة» (1) كلاهما موقوفا على سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه. (4) أخرجه الديلمي في «الفردوس» (1321) ، والطبراني في «الكبير» (1/ 321) ، وابن- الجزء: 1 ¦ الصفحة: 235 غريب، بل قال العقيلي: (ليس له أصل) «1» . [الثامن والعشرون: عند خدر الرّجل] . جاء عن كل من عمر وابنه وابن عباس رضي الله تعالى عنهم: أن رجله خدرت، فقال له آخر: اذكر أحب الناس إليك، فقال الأول: يا محمد صلّى الله عليك، والثاني: يا محمد، والثالث: محمد صلى الله عليه وسلم، فذهب خدره «2» . [ التاسع والعشرون: عند العطاس ] استحبّها جماعة؛ لما جاء بسند ضعيف: «من عطس فقال: الحمد لله على كل حال ما كان من حال، وصلّى الله على محمد وعلى أهل بيته.. أخرج الله من منخره الأيسر طائرا يقول: اللهمّ؛ اغفر لقائلها» «3» . وفي رواية- سندها لا بأس به إلا أن فيها راويا ضعّفه كثيرون، وأخرج له مسلم متابعة-: « ... طيرا أكبر من الذباب، وأضعف من الجراد يرفرف تحت العرش يقول: اللهم؛ اغفر لقائلها» «4» . وجاء عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: أنه استحبها عند العطاس «5» ، وأنه قال لمن قال عنده: الحمد لله والسّلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليس هكذا علّمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم) «6» ، ورجّح   - السني في «عمل اليوم والليلة» (166) ، وابن عدي في «الكامل» (6/ 113) وابن بشكوال في «القربة» (98) . (1) الضعفاء (4/ 1263) ، وإخراج ابن خزيمة له لم نجده في المطبوع منه، وعزاه له الحافظ ابن كثير في «تفسيره» (3/ 516) وساق سند ابن خزيمة. (2) حديث ابن عمر أخرجه البخاري في «الأدب المفرد» (964) ، وابن السني في «عمل اليوم والليلة» (168) . (3) عزاه الإمام السخاوي في «القول البديع» (ص 424) للديلمي في «الفردوس» . (4) أخرجه ابن بشكوال في «القربة» (79) من حديث ابن عباس مرفوعا. (5) أخرجه البيهقي في «الشعب» (9326) . (6) أخرجه الحاكم (4/ 265) ، والبيهقي في «الشعب» (9327) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 236 البيهقي الأول، وقال غيره: (سند الثاني ضعيف، وإن أخرجه الحاكم في «صحيحه» ) . وقال آخرون: لا يسن ذلك لخبر: «لا تذكروني في ثلاث مواطن: عند العطاس، وعند الذبيحة، وعند التعجّب» «1» ، وفي رواية: «عند تسمية الطعام» بدل «التعجب» «2» ، ولا دليل لهم فيه؛ لأنه غير صحيح، بل في سنده من اتّهم بالوضع. وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: أنه قال: (موطنان لا يذكر فيهما رسول الله صلى الله عليه وسلم: عند العطاس، والذبيحة) «3» ، ولا يصح أيضا. تنبيه: قال جماعة: مما يفرد فيه ذكر الله تعالى: الأكل، والشرب، والوقاع، والعطاس، ونحوها مما لم ترد السنة بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فيه، وقد علم ردّ ما ذكروه في العطاس، ويردّ البقية رواية: «كل أمر ذي بال ... » السابقة «4» . فائدة: كره سحنون المالكي الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم عند التعجب، وقال الحليمي من أئمتنا: (لا يكره ذلك كسبحان الله، لا إله إلا الله؛ أي: لا يأتي بالنادر وغيره إلا الله، فإن صلّى عليه صلى الله عليه وسلم عند ما يستقذر أو يضحك منه.. فأخشى على صاحبه، فإن عرف أنه جعلها عجبا   (1) أخرجه الديلمي في «الفردوس» (7371) . (2) أخرجه البيهقي (9/ 286) . (3) عزاه الإمام السخاوي في «القول البديع» (ص 426) إلى «فوائد المخلص» من طريق نهشل عن الضحاك. (4) بل الآتية (ص 251) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 237 ولم يجتنبه.. كفر) اهـ «1» ، ونظر فيه القونوي. والذي يتجه: أنه لا بدّ في الكفر من قيد زائد على ذلك، ومما يومىء إليه فحوى كلامه، وهو: أن يذكرها عند المستقذر أو المضحوك منه بقصد استقذارها أو جعلها ضحكة، فيكفر حينئذ كما هو ظاهر. وجزم البدر العيني من الحنفية بحرمتها كالتّسبيح والتّكبير عند عمل محرّم، أو عرض سلعة، أو فتح متاع، ولا يؤمر بها أحد عند الغضب خوفا من أن يحمله الغضب على الكفر، نقله النووي رحمه الله تعالى في «أذكاره» وأقرّه «2» . الثلاثون: عند تذكّر منسيّ، أو خوف نسيان. جاء بسند ضعيف: «إذا نسيتم شيئا.. فصلّوا عليّ؛ تذكروه إن شاء الله» «3» . وبسند ضعيف مرسل: «من أراد أن يحدّث بحديث فنسيه.. فليصلّ عليّ؛ فإن في صلاته عليّ خلفا من حديثه، وعسى أن يذكره» «4» . وبسند منقطع عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: «من خاف على نفسه النسيان.. فليكثر الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم» «5» . [ الحادي والثلاثون: عند استحسان الشيء ] ، على ما ذكره ابن أبي حجلة، لكن مرّ ما يرده في الكلام عليها عند التعجب «6» . [ الثاني والثلاثون: عند أكل الفجل ] ، أخرج الديلمي: «إذا أكلتم الفجل   (1) المنهاج في شعب الإيمان (2/ 148- 149) . (2) الأذكار (ص 589) . (3) عزاه الإمام السخاوي في «القول البديع» (ص 427) لأبي موسى المديني. (4) أخرجه ابن السّني في «عمل اليوم والليلة» (287) ، وابن بشكوال في «القربة» (100) . (5) عزاه الإمام السخاوي في «القول البديع» (ص 427) لابن بشكوال. (6) انظر (ص 237) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 238 وأردتم ألا يوجد له ريح.. فاذكروني عند أول قضمة» ولا يصح مرفوعا «1» ، والأشبه: أنه من كلام ابن المسيّب. [ الثالث والثلاثون: عند نهيق الحمير ] ، أخرج الطبراني وابن السّنّي: «لا ينهق الحمار حتى يرى شيطانا أو يتمثّل له شيطان، فإذا كان ذلك.. فاذكروا الله وصلوا عليّ» «2» ، ومن ثمّ سنّ التعوّذ حينئذ كما في حديث «3» ؛ لما يخشى من شر ذلك الشيطان وشر وسوسته، فيلجأ إلى الله في دفعه متوسلا إليه بالصلاة على نبيه صلى الله عليه وسلم. الرابع والثلاثون: عقب الذنب لتكفّره ، كما مر في مبحث (كونها كفارة للذنوب) «4» ومرّ ثمّ أيضا: أنها زكاة لنا، والزكاة تتضمن: النماء، والبركة، والطهارة، والتكفير يتضمن محق الذنوب، فتضمّن الحديثان: أنها تطهر النفس من رذائلها، وتنمّيها وتزيد في كمالها، وإلى هذين يرجع كمال النفس، فعلم أنه لا كمال لها إلا بالصلاة عليه صلى الله عليه وسلم، التي هي من لوازم محبته ومتابعته وتقديمه على كل من سواه من المخلوقين صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا دائما أبدا. [ الخامس والثلاثون: عند عروض حاجة ] مرّ فيه حديث في (الثامن عشر) «5» ، وحديث في مبحث (كون الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم تنفي الفقر) «6» ، وجاء عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه كيفية صلاة ثنتي عشرة   (1) ذكره الديلمي في «الفردوس» (1068) ، وانظر «تنزيه الشريعة» (2/ 261) إتماما للفائدة. (2) عمل اليوم والليلة (314) ، وعزاه الحافظ ابن حجر في «الفتح» (6/ 353) للطبراني. (3) حديث التعوذ لسماع النهيق أخرجه البخاري (3303) ومسلم (2729) ولفظه: «إذا سمعتم صياح الدّيكة.. فاسألوا الله من فضله؛ فإنها رأت ملكا، وإذا سمعتم نهيق الحمار.. فتعوذوا بالله من الشيطان فإنه رأى شيطانا» . (4) انظر (ص 147) . (5) انظر (ص 229) . (6) انظر (ص 177) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 239 ركعة (ثم عقب التشهّد يصلّي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يكبّر ويسجد، ويقرأ ساجدا «الفاتحة» سبعا، وآية الكرسي سبعا، ولا إله إلا الله وحده لا شريك له ... إلى قدير عشرا، ثم يقول: اللهمّ؛ إني أسألك بمعاقد العز من عرشك، ومنتهى الرحمة من كتابك، واسمك الأعظم، وجدّك الأعلى، وكلماتك التامة، ثم يسأل حاجته، ثم يرفع رأسه، ثم يسلّم) . وسندها واه بمرّة، وذكره ابن الجوزي في «كتابه» «1» . وروي عن ابن جريج من حديث أبي هريرة وطرقه كلها واهية، لا سيما وهو معارض بالنهي الصحيح عن القراءة في الركوع والسجود، وأيضا ففيه السجود بين التشهد والسلام من غير سهو، وهو مبطل للصلاة. ومعنى (معاقد العز من عرشك) : أنه كما يقال: عقدت هذا الأمر بفلان؛ لكونه قويّا عالما.. فالأمانة والقوة والعلم معاقد الأمر به، وسبب ذلك؛ أي: بالأسباب التي أعززت بها عرشك حتى أثنيت عليه بقولك: الْعَرْشِ الْعَظِيمِ والْعَرْشِ الْكَرِيمِ والْعَرْشِ الْمَجِيدُ. و (منتهى الرحمة من كتابك) : كأنه أراد به آيات سعة رحمته سبحانه وتعالى وكثرة أفضاله، أو الآيات التي يستوجب قارئها أو العامل بها ذلك، ذكره المدينيّ. وجاء: «من كانت له إلى الله حاجة، أو إلى أحد من بني آدم.. فليتوضأ، وليحسن وضوءه، وليصلّ ركعتين، ثم يثني على الله تعالى، ويصلّي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ليقل: لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله رب العرش العظيم، والحمد لله رب العالمين، أسألك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، والغنيمة من كل برّ، والسلامة من كل ذنب، لا تدع لي ذنبا.. إلا غفرته، ولا همّا.. إلا فرجته، ولا حاجة هي لك رضا.. إلا قضيتها يا أرحم الراحمين» أخرجه الترمذي وابن ماجه   (1) انظر «الموضوعات» (2/ 63) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 240 والطبراني وغيره، وقال الترمذي: (غريب وفي إسناده مقال، وفائد راويه ضعيف) اهـ «1» وذكر ابن الجوزي له في «الموضوعات» «2» .. مردود؛ فقد قال الحاكم: (حديث فائد مستقيم؛ إلا أن الشيخين لم يخرّجا له، وإنما أخرجت حديثه شاهدا) «3» ، وقال ابن عديّ: (هو مع ضعفه يكتب حديثه) «4» ، وفي الجملة هو حديث ضعيف جدا، يكتب في فضائل الأعمال، وأما كونه موضوعا.. فلا، قاله السخاويّ «5» ، لكن قال السبكيّ وغيره: محل العمل بالحديث الضعيف ما لم يشتد ضعفه، وإلا.. لم يعمل به في الفضائل أيضا. وجاء بسند ضعيف: «من كانت له حاجة إلى الله.. فليسبغ الوضوء وليصلّ ركعتين، يقرأ في الأولى ب (الفاتحة) و (آية الكرسي) ، وفي الثانية ب (الفاتحة) و (آمن الرسول) ، ثم يتشهّد ويسلّم ويدعو بهذا الدعاء: اللهمّ؛ يا مؤنس كلّ وحيد، ويا صاحب كلّ فريد، ويا قريبا غير بعيد، ويا شاهدا غير غائب، ويا غالبا غير مغلوب، يا حيّ يا قيوم، يا ذا الجلال والإكرام، يا بديع السماوات والأرض؛ أسألك باسمك الرحمن الرحيم، الحيّ القيوم، الذي عنت له الوجوه، وخشعت له الأصوات، ووجلت له القلوب من خشيته: أن تصلّي على محمد، وعلى آل محمد، وأن تفعل بي كذا؛ فإنه تقضى حاجته» «6» .   (1) أخرجه الترمذي (479) ، وابن ماجه (1384) ، والطبراني في «الأوسط» (3422) . (2) الموضوعات (2/ 61) . (3) المستدرك (1/ 320) . (4) الكامل (6/ 26) . (5) القول البديع (ص 432) . (6) ذكره الإمام السيوطي في «اللآلىء المصنوعة» (2/ 41) ، وعزاه الإمام السخاوي في «القول البديع» (432) للديلمي في «الفردوس» ، ولأبي القاسم التيمي في «الترغيب» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 241 وفي رواية سندها واه بمرّة: أنه صلى الله عليه وسلم علّم [أم] أيمن كيفية أخرى مخالفة للكيفية السابقة؛ فلشدة ضعفها لا حاجة لنا بذكرها «1» ، على أن فيها تعمّد السجود بين التشهد والسلام لغير سهو يقتضيه، وهو مبطل للصلاة كما مر. وفي أخرى موقوفة على ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: (من كانت له حاجة إلى الله.. فليصم يوم الإثنين والخميس والجمعة، فإذا كان يوم الجمعة.. تطهّر وراح إلى المسجد، فتصدّق بصدقة قلّت أو كثرت، فإذا صلّى الجمعة.. قال: اللهمّ؛ إني أسألك باسمك، بسم الله الرحمن الرحيم، الذي لا إله إلا هو، عالم الغيب والشهادة، الرحمن الرحيم، أسألك باسمك، بسم الله الرحمن الرحيم، الذي لا إله إلا هو، الحيّ القيوم، الذي لا تأخذه سنة ولا نوم، الذي ملأت عظمته السماوات والأرض، وأسألك باسمك، بسم الله الرحمن الرحيم، الذي لا إله إلا هو، الذي عنت له الوجوه، وخشعت له الأصوات، ووجلت القلوب من خشيته: أن تصلّي على محمد صلى الله عليه وسلم، وأن تقضي حاجتي، وهي كذا وكذا، فإنه يستجاب له إن شاء الله تعالى، قال: وكان يقال: لا تعلّموها سفهاءكم؛ لئلا يدعوا بها في مأثم، أو قطيعة رحم) «2» . وأخرج كثيرون- منهم: الترمذي وقال: حسن صحيح، والحاكم وقال: صحيح على شرطهما-: أن رجلا كان يختلف إلى عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه في حاجة، فكان عثمان لا يلتفت [إليه] ، فلقي عثمان بن حنيف فشكا إليه ذلك، فقال له: ائت الميضأة فتوضأ، ثم ائت المسجد فصلّ فيه ركعتين، ثم قل: اللهم؛ إني أسألك وأتوجّه إليك بنبيّك محمد صلى الله عليه   (1) حديث أم أيمن عزاه الإمام السخاوي في «القول البديع» (ص 432) لعبد الرزاق الطبسي. (2) في جميع النسخ: (موقوفة على ابن عمر) ، وعزاه الإمام السخاوي في «القول البديع» (ص 433) لأبي موسى المديني والنميري موقوفا على ابن عمرو. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 242 وسلم نبي الرحمة، يا محمد إني أتوجّه بك إلى ربي، فتقضي لي حاجتي، واذكر حاجتك، ثم رح حتى أروح، فانطلق الرجل، فصنع ذلك، ثم أتى باب عثمان بن عفان، فجاءه البوّاب، فأخذ بيده وأدخله على عثمان، وأجلسه معه على الطّنفسة «1» ، فقال: ما حاجتك؟ فذكر حاجته، فقضاها له، ثم قال: ما فهمت حاجتك حتى كان الساعة، وما كانت لك من حاجة فسل. ثم إن الرجل خرج من عنده، فلقي عثمان بن حنيف، فقال له: جزاك الله تعالى خيرا، ما كان ينظر في حاجتي، ولا يلتفت إليّ حتى كلّمته، فقال له عثمان بن حنيف: ما كلمته ولا كلّمني، ولكنّي شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه رجل ضرير البصر «2» ، فشكا إليه ذهاب بصره، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «ائت الميضأة فتوضأ، ثم ائت المسجد فصلّ ركعتين، ثم قل: اللهمّ؛ إني أسألك وأتوجّه إليك بنبيّك نبيّ الرحمة، يا محمد إني أتوجّه بك إلى ربّي، فيجلّي لي عن بصري، اللهمّ؛ شفّعه فيّ، وشفعني في نفسي» ، قال عثمان: فوالله؛ ما تفرّقنا وطال بنا الحديث.. حتى دخل الرجل كأن لم يكن به ضرر، وفي لفظ: «اللهمّ؛ إني أسألك وأتوجّه إليك بنبيك محمد صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة، يا محمد إني متوجّه بك إلى ربي في حاجتي هذه تقضيها لي، اللهم؛ شفّعه فيّ، وشفّعني فيه» أي: في قضائها، وهذه القصة ذكرت استطرادا «3» . وفي «الإحياء» مرفوعا: «إذا سألتم الله عز وجل حاجة.. فابدؤوا بالصلاة عليّ؛ فإن الله تعالى أكرم من أن يسأل حاجتين، فيقضي إحداهما   (1) الطّنفسة- بكسر الطاء والفاء، وبضمهما، وبكسر الطاء وفتح الفاء-: البساط الذي له خمل رقيق. (2) في النسخ: (وأتاه رجل) ، والتصويب من الطبراني. (3) أخرجه الحاكم (1/ 526) ، والترمذي (3578) ، والنسائي في «الكبرى» (10419) ، وأحمد (4/ 138) ، وأخرجه مطولا بذكر القصة البيهقي في «دلائل النبوة» (6/ 168) ، والطبراني في «الكبير» (9/ 30) و «الدعاء» (1050) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 243 ويردّ الآخرى» «1» ، والمعروف: أنه من قول أبي الدرداء، ولعل أبا سليمان الداراني أخذ منه قوله: (إذا أردت أن تسأل الله تعالى حاجة.. فصلّ على محمد صلى الله عليه وسلم، ثم سل حاجتك، ثم صلّ عليه صلى الله عليه وسلم؛ فإن الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم مقبولة، والله عز وجل أكرم من أن يرد ما بينهما) . وأخرج الديلمي قصة طويلة عن جعفر الصادق رضي الله تعالى عنه وقعت له مع المنصور، وخلاصه منه على خلاف القياس بواسطة دعاء دعا به، وذكره، لكن سند ذلك ضعيف جدّا «2» . وفي «ربيع الأبرار» : (أن رجلا خاف من عبد الملك بن مروان، فلم يقرّ به مكان، فسمع هاتفا من واد: أين أنت من السّبع؟ فقال: وأيّ سبع يرحمك الله تعالى؟ فقال: سبحان الواحد الذي ليس غيره إله، سبحان الدائم الذي لا نفاد له، سبحان القديم الذي لا ندّ له، سبحان الذي يحيي ويميت، سبحان الذي هو كلّ يوم في شأن، سبحان الذي يخلق ما يرى وما لا يرى، سبحان الذي علم كلّ شيء بغير تعليم، اللهمّ؛ إني أسألك بحق هؤلاء الكلمات وحرمتهن: أن تصلّي على محمد، وأن تفعل بي كذا) «3» . وأمر ابن طولون بضرب عنق شخص، فطلب أن يمكّن من صلاة ركعتين فمكّن، ثم سمع يقول وهو يشير بإصبعيه: يا لطيفا فيما يشاء، يا فعّالا لما يريد؛ صلّ على محمد وآله، والطف بي في هذه الساعة، وخلّصني من يديه، ثم فتّش عليه فلم يوجد، ولم يكن بالمحل الذي هو فيه طاق، فقيل   (1) الإحياء (1/ 307) . (2) ذكر القصة بطولها الإمام السخاوي في «القول البديع» (ص 436) ، وعزاها للديلمي أيضا، وأخرجها كذلك ابن عساكر في «تاريخه» (18/ 87) ، وفي الدعاء الذي دعا به: ( ... ويا ذا النعماء التي لا تحصى عددا؛ أسألك أن تصلي على محمد وعلى آل محمد، وبك أدرأ في نحور الأعداء والجبارين ... ) إلخ. (3) ربيع الأبرار (2/ 526) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 244 لابن طولون، فقال للسياف: صدقت، هذه دعوة مستجابة. وبقي في الباب آثار عن ابن عباس وغيره. والحاصل: أن من توسّل بالصلاة عليه صلى الله عليه وسلم أنجح قصده، وبلّغ مراده؛ فإنه ذو الجاه الرّفيع، والجود الوسيع، وكيف لا؛ وقد برىء الأكمه بواسطة التّوسل به؟! وهذا من أعظم المعجزات، بل إجابة المتوسلين بجاهه صلى الله عليه وسلم تتضمن معجزات لا حصر لها ولا انقضاء. فنتوسّل إليك اللهم بجاهه الأعظم، وبقربه الأكمل الأفخم: أن تتفضّل علينا بجميع ما نحبه من الخير، إنك على كل شيء قدير، وبالإجابة جدير. [ السادس والثلاثون: في سائر الأحوال ] ، مرّ في (الفصل الثالث) أحاديث كثيرة دالّة على طلبها في كل وقت، ومرّ قريبا «1» عن ابن مسعود: (أنه ما جلس في مأدبة ولا غيرها فيقوم.. حتى يحمد الله تعالى، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم) . وحكي: أن رجلا حجّ، فكان يكثر الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم في مواقف الحج وأعماله، فقيل له: لم لم تشتغل بالدعاء المأثور؟! فاعتذر بأنه خرج للحج هو ووالده، فمات بالبصرة، فكشف عن وجهه؛ فإذا هو صورة حمار، فحزن حزنا شديدا، ثم أخذته سنة فرآه صلى الله عليه وسلم وتعلّق به، وأقسم ليخبرنّه بقصة والده فقال: «إنه كان يأكل الرّبا، وآكله يقع له ذلك دنيا وأخرى، ولكنه كان يصلّي [عليّ] كل ليلة عند نومه مئة مرة، فلمّا عرض له ذلك.. أخبرني به الملك الذي يعرض عليّ أعمال أمتي، فسألت الله، فشفّعني فيه» ، فاستيقظ فرأى وجه والده كالبدر، ثم لمّا دفنه.. رأى هاتفا يقول له: سبب العناية التي حفّت والدك.. الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاليت على نفسي ألا أتركها على أيّ حال كنت، وفي أيّ مكان كنت.   (1) انظر (ص 230) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 245 ونظيره: أن شخصا كان يكثرها، فسئل فذكر: أنه خرج حاجّا ومعه أبوه، فبينا هو نائم في بعض المنازل، وإذا قائل يقول له: قم فقد أمات الله أباك، وسوّد وجهه، فاستيقظ فرآه كذلك، فدخله منه رعب شديد، ثم نام، فرأى أربعة سودان محدقين بأبيه ومعهم أعمدة من حديد، فأقبل رجل حسن الوجه فنحّاهم عنه، ورفع الثوب عن وجهه ومسحه بيده، ثم أتاني فقال: «قم قد بيّض الله تعالى وجه أبيك» ، فقلت: من أنت بأبي أنت وأمي؟ قال: «محمد» صلى الله عليه وسلم، فكشفت الثوب عن وجه أبي؛ فإذا هو أبيض «1» فدفنته، ثم ما تركت بعد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم «2» . ونظير ذلك أيضا: ما حكاه سفيان الثوريّ رضي الله تعالى عنه: أنه رأى حاجّا يكثرها، فقال له: هذا موضع الثناء على الله تعالى؟! فأخبره أن أخاه لمّا حضرته الوفاة.. اسودّ وجهه فأحزنه ذلك، فبينا هو كذلك؛ إذ دخل عليه رجل وجهه كالسراج المضيء، فمسح بيده وجهه، فزال سواده، وصار كالقمر، ففرح وسأله عن اسمه، فقال: أنا ملك موكّل بمن يصلّي على النبي صلى الله عليه وسلم، أفعل به هكذا، وقد كان أخوك يكثر الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وكان قد حصل له محنة، فعوقب بسواد الوجه، ثم أدركه الله عز وجل ببركة صلاته على النبي صلى الله عليه وسلم، فأزال عنه ذلك السواد، وكساه هذا. وأخرج أبو نعيم وغيره عن سفيان قصة أخرى فيها: أنه حج فرأى شابّا لا يرفع قدما ولا يضع أخرى.. إلّا وهو يصلّي على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له: أبعلم تقول هذا؟ قال: نعم، ثم ذكر له: أنه حجّ بوالدته، فسألته أن يدخلها البيت ففعل، فوقعت وتورّم بطنها، واسودّ وجهها، فحزن ثم رفع يديه وقال: يا ربّ؛ هكذا تفعل بمن دخل بيتك؛   (1) في النسخ: (أبي) ، والتصويب من هامش (أ) . (2) أخرجها ابن بشكوال في «القربة» (96) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 246 فإذا بغمامة قد ارتفعت من قبل تهامة، وإذا رجل عليه ثياب بيض، فدخل البيت وأمرّ يده على وجهها فابيضّ، وأمرّ يده على بطنها فابيضّ فسكن المرض، ثم مضى ليخرج، فتعلقت بثوبه فقلت: من أنت الذي فرّجت عني؟ قال: «أنا نبيك محمد» صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله؛ فأوصني، قال: «لا ترفع قدما ولا تضع أخرى.. إلا وأنت تصلّي على محمد وعلى آل محمد صلى الله عليه وسلم» . السابع والثلاثون: لمن اتّهم وهو بريء ، فيها أحاديث لم يصح منها شيء. منها: أن رجلا شهدوا عليه أنه سرق ناقة لهم، فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقطع، فولّى وهو يصلّي عليه صلى الله عليه وسلم، فتكلم الجمل وقال: يا محمد؛ إنه بريء من سرقتي، فأمر به صلى الله عليه وسلم فأحضر، فقال له: «ماذا قلت آنفا وأنت مدبر؟» ، فأخبره، فقال صلى الله عليه وسلم: «لذلك نظرت إلى الملائكة يخترقون سكك المدينة، حتى كادوا يحولون بيني وبينك» ، ثم قال: «لتردنّ عليّ الصراط ووجهك أضوأ من القمر ليلة البدر» أخرجه الديلمي ولا يصح، والطبراني وفي سنده راو اتّهم بوضعه «1» . ومنها: جاء أعرابي آخذ بخطام بعيره حتى وقف على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، فردّ عليه صلى الله عليه وسلم، فقال: «كيف أصبحت؟» ، قال: ورغا البعير وجاء رجل كأنه حرسيّ، فقال الحرسيّ: يا رسول الله؛ هذا الأعرابي سرق البعير، ورغا البعير ساعة وحنّ، فأنصت له رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسمع رغاءه وحنينه، فلما هدأ البعير.. أقبل صلى الله عليه وسلم على الحرسيّ، فقال: «انصرف عنه؛ فإن البعير يشهد عليك أنك كاذب» ،   (1) أخرجه الطبراني في «الدعاء» (1055) ، وكذلك عزاه الإمام السخاوي في «القول البديع» (ص 447) للديلمي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 247 فانصرف الحرسيّ، فأقبل صلى الله عليه وسلم على الأعرابي وقال له: «أيّ شيء قلت حين جئتني؟» ، قال: قلت- بأبي أنت وأمي-: اللهم؛ صلّ على محمد حتى لا تبقى صلاة، اللهم؛ وبارك على محمد حتى لا تبقى بركة، اللهم؛ وسلّم على محمد حتى لا يبقى سلام، اللهم؛ وارحم محمدا حتى لا تبقى رحمة، فقال صلى الله عليه وسلم: «إن الله تعالى أبداها لي، والبعير ينطق بعذره، وإن الملائكة قد سدّوا أفق السماء» أخرجه الطبراني، لكنه ظاهر النكارة كما قاله شيخ الإسلام في «لسان الميزان» «1» . ويروى: أن جماعة شهدوا عنده صلى الله عليه وسلم على رجل بسرقة جمل، فأمر بقطعه، فصاح الجمل: لا تقطعوه، فقيل له: بم نجوت؟ فقال: بصلاتي على النبي صلى الله عليه وسلم في كل يوم مئة مرة، فقال صلى الله عليه وسلم: «نجوت من عذاب الدنيا والآخرة» «2» . [ الثامن والثلاثون: عند لقاء الإخوان ] ، جاء بسند ضعيف جدّا: «ما من متحابّين يستقبل أحدهما صاحبه فيصافحه، ويصلّي على النبي صلى الله عليه وسلم.. إلا لم يبرحا حتى يغفر لهما ذنوبهما، ما تقدم منها وما تأخر» ، وفي رواية: «ما من مسلمين» «3» . وحكي عن بعض المباركين أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم قائلا ذلك. التاسع والثلاثون: عند تفرّق القوم بعد اجتماعهم ، وعند القيام من المجلس، وفي كل محل يجتمع فيه لذكر الله تعالى، مرّ في مبحث (قبائح تارك الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم) «4» حديث أنّ كل مجلس خلا عن   (1) أخرجه الطبراني في «الكبير» (5/ 141) ، وفي «الدعاء» (1054) ، وانظر «لسان الميزان» (8/ 314) إتماما للفائدة. (2) عزاه الإمام السخاوي في «القول البديع» لابن بشكوال. (3) أخرجه البيهقي في «الشعب» (8944) ، وأبو يعلى (2960) ، وابن السنّي في «عمل اليوم والليلة» (194) ، وابن عدي في «الكامل» (3/ 103) . (4) انظر (ص 197) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 248 ذكره صلى الله عليه وسلم.. كان على أهله ترة من الله يوم القيامة، وقاموا عن أنتن جيفة. وجاء عن سفيان الثوري رضي الله تعالى عنه: (أنه كان إذا أراد القيام يقول: صلّى الله وملائكته على محمد وعلى أنبيائه وملائكته) . ومرّ في الفوائد حديث: «إن لله سيّارة من الملائكة» «1» . [ الأربعون: عند ختم القرآن ] العظيم، كما دلت عليه الآثار الواردة بأن هذا المحل من آكد مواطن الدعاء، وأحقّها بالإجابة، وأنه محل تنزّل الرحمة، وحينئذ فهو من آكد مواطن الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم. [ الحادي والأربعون: في الدعاء لحفظ القرآن ] الكريم، جاء فيه: أن عليّا كرم الله تعالى وجهه شكا إلى النبي صلى الله عليه وسلم تفلّت القرآن، فعلّمه صلى الله عليه وسلم: أنه إذا كان ثلث ليلة الجمعة الآخر.. فإنها ساعة مشهودة، والدعاء فيها مستجاب، وقد قال يعقوب على نبيّنا وعليه الصلاة والسلام لبنيه: سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي يقول: حتى تأتي ليلة الجمعة، فإن لم تستطع.. فوسطه، فإن لم تستطع.. فأوّله تصلّي أربع ركعات في الأولى بعد (الفاتحة) : (يس) ، وفي الثانية: (الدّخان) ، وفي الثالثة: (آلم تنزيل السجدة) ، وفي الرابعة: (تبارك المفصّل) . ثم علّمه إذا فرغ من التشهّد.. يحمد الله، ويحسن الثناء عليه، ويصلّي على النبيّ صلى الله عليه وسلم وعلى سائر الأنبياء، ويستغفر للمؤمنين والمؤمنات، ولمن سبقه بالإيمان، ثم يقول: اللهمّ؛ ارحمني بترك المعاصي أبدا ما أبقيتني، وارحمني أن أتكلّف ما لا يعنيني، وارزقني حسن النظر فيما يرضيك عني، اللهمّ؛ بديع السماوات والأرض، ذا الجلال والإكرام، والعزة التي لا ترام؛ أسألك يا ألله يا رحمن بجلالك ونور وجهك: أن تلزم قلبي حفظ كتابك، كما علمتني، وارزقني أن أتلوه على   (1) انظر (ص 148) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 249 النحو الذي يرضيك عني، اللهم؛ بديع السماوات والأرض، ذا الجلال والإكرام، والعزة التي لا ترام؛ أسألك يا ألله يا رحمن بجلالك ونور وجهك: أن تنوّر بكتابك بصري، وأن تطلق به لساني، وأن تفرّج به عن قلبي، وأن تشرح به صدري، وأن تغسل به بدني؛ فإنه لا يعينني على الحق غيرك، ولا يؤتيه إلا أنت، ولا حول ولا قوة إلا بالله العليّ العظيم» ، ثم قال له: «يا أبا الحسن؛ تفعل ذلك ثلاث جمع- أو خمسا، أو سبعا- تجاب بإذن الله» . ثم أخبر النبيّ صلى الله عليه وسلم: أنه كان يثقل عليه نحو أربع آيات، وأنه الآن يتعلم نحو الأربعين، وأخبره: أنه في الحديث كذلك، فقال له صلى الله عليه وسلم: «مؤمن وربّ الكعبة يا أبا الحسن» أخرجه جماعة منهم الترمذيّ، وقال: (غريب) ، والحاكم وقال: (صحيح على شرطهما) ، وجزم الذهبي في موضع بأنه موضوع، وفي آخر بأنه باطل، وقال مرة: (أخاف أن يكون مصنوعا، وقد حيّرني والله جودة إسناده!) ، وذكره ابن الجوزي في «الموضوعات» ، واتّهم بوضعه من هو بريء من ذلك حسبما يظهر من جمع طرق الحديث قاله السخاويّ، ثم ذكر له طريقا آخر قريبا من الأول، وقال عقبه عن المنذري: (طرق أسانيد هذا الحديث جيدة، ومتنه غريب جدّا) ، ونحوه قول العماد بن كثير: (في المتن غرابة، بل نكارة) ، ثم قال: (قلت: والحق أنه ليست له علة، إلا أنه عن ابن جريج عن عطاء بالعنعنة، أفاده شيخنا، وأخبرني غير واحد: أنهم جرّبوا الدعاء به فوجدوه حقّا، والعلم عند الله تعالى) اهـ «1»   (1) أخرجه الحاكم (1/ 316) ، والترمذي (3570) ، والطبراني في «الكبير» (11/ 367) وقول الذهبي في «سير أعلام النبلاء» (9/ 218) وفي «تلخيص المستدرك» (1/ 316) ، قال ابن الجوزي في «الموضوعات» (2/ 59) بعد ذكر الحديث: (لا أتهم به إلا النقاش شيخ الدارقطني) ، قال المناوي في «فيض القدير» (3/ 114) : (وأورده ابن الجوزي في «الموضوعات» فلم يصب في إيراده؛ لأن غايته أنه ضعيف) ، وانظر «الترغيب والترهيب» (2/ 337) و «القول البديع» (ص 452) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 250 الثاني والأربعون: عند افتتاح كل كلام ، كما نصّ عليه الشافعي رضي الله تعالى عنه حيث قال: (أحبّ أن يقدّم المرء بين يدي خطبته وكلّ أمر طلبه حمد الله، والثناء عليه سبحانه وتعالى، والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم) اهـ «1» ودليله: ما أخرجه جماعة بسند ضعيف: أنه صلى الله عليه وسلم قال: «كل كلام لا يذكر الله تعالى فيه فيبدأ به وبالصلاة عليّ.. فهو أقطع ممحوق من كل بركة» ، وفي رواية لابن منده: «كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بذكر الله، ثم بالصلاة عليّ.. فهو أقطع أكتع، ممحوق البركة» «2» . [ الثالث والأربعون: عند ذكره صلى الله عليه وسلم ] كما مرّ حكما ودليلا «3» ، وحكى القاضي عياض عن التّجيبي: (أنه قال: واجب على كل مؤمن ذكره صلى الله عليه وسلم، أو ذكر عنده أن يخضع ويخشع ويتوقّر ويسكّن من حركته، ويأخذ من هيبته وإجلاله صلى الله عليه وسلم، بما كان يأخذ به نفسه لو كان بين يديه، ويتأدب بما أدبنا الله تعالى به، قال: وهذه كانت سيرة سلفنا الصالح، وأئمتنا الماضين) «4» . وكان مالك رضي الله تعالى عنه إذا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم يتغيّر لونه، وينحني حتى يصعب ذلك على جلسائه، فقيل له في ذلك، فقال: لو رأيتم ما رأيت.. لما أنكرتم عليّ ما ترون، وحكى عن أئمة السلف الذين لقيهم: أنه كان يحصل لهم عند سماع ذكره صلى الله عليه وسلم نحو ذلك من كثرة البكاء، واصفرار اللون، وجفاف اللسان في الفم؛ هيبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فتأمل ذلك.. تعرف ما يتأكد عليك من الخشوع   (1) الأم (6/ 106) . (2) أخرجه الخليلي في «الإرشاد» (119) ، ولتمام الفائدة انظر «فيض القدير» للإمام المناوي (5/ 14) . (3) انظر (ص 65) . (4) الشفا بتعريف حقوق المصطفى (ص 519) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 251 والخضوع والهيبة والإجلال له صلى الله عليه وسلم، مع إدامة الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم عند سماع اسمه أو حديثه أو بعض آثاره صلى الله عليه وسلم. الرابع والأربعون: عند نشر العلم والوعظ وقراءة الحديث ابتداء وانتهاء؛ ففي «أذكار النووي» : (يستحب لقارىء الحديث وغيره ممن في معناه إذا ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم.. أن يرفع صوته بالصلاة عليه والتسليم، ولا يبالغ في الرفع مبالغة فاحشة، وممن نصّ على رفع الصوت الإمام الحافظ أبو بكر الخطيب البغدادي وآخرون، وقد نقلته إلى «علوم الحديث» ، ونصّ العلماء من أصحابنا وغيرهم: على أنه يستحب أن يرفع صوته بالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد التلبية) اهـ «1» فعلم منه مع ما مرّ في (الثاني والأربعين) وغيره «2» : أنه يتأكد لمن بلّغ عنه صلى الله عليه وسلم بعد أن يفتتح كلامه بالحمد لله والثناء عليه إمكانه: أن يعقّب ذلك بالصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم، وأن يختم ما هو فيه بذلك. وما حكاه النووي رحمه الله تعالى واعتمده من ندب الرفع غير الفاحش.. هو الأصح. وقيل: لا ينبغي الرفع؛ لأنه قد يكون سببا لفوات سماع حديثه صلى الله عليه وسلم، ويردّه تقييد الرفع بغير الفاحش؛ أي: بألا يضر به نفسه ولا غيره، فعلم أنه لا خلاف في المعنى؛ إذ ما فيه ضرر مكروه أو حرام، وما لا ضرر فيه مندوب. ومما يؤكد طلب ما ذكر ما حكي: أن شابّا دخل على أبي علي بن شاذان، فسأل عنه، فأشير له إليه، فقال له: أيّها الشيخ رأيت رسول الله صلى الله عليه   (1) الأذكار (ص 214) . (2) انظر (ص 251) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 252 وسلم في المنام فقال لي: «سل عن مسجد أبي علي بن شاذان، فإذا لقيته.. فأقرئه منّي السلام» ، فلما انصرف الشاب.. بكى أبو علي، وقال: ما أعرف لي عملا أستحق به هذا، إلا أن يكون صبري على قراءة الحديث، وتكرير الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كلما جاء ذكره صلى الله عليه وسلم «1» . وقال وكيع: لولا الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في كل حديث، ولولا أن الحديث عندي أفضل من التسبيح، ولو أعلم أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أفضل من الحديث.. ما حدّثت أحدا «2» . وقال أبو أحمد الزاهد: أبرك العلوم وأفضلها وأكثرها نفعا في الدين والدنيا بعد كتاب الله تعالى.. أحاديث رسوله صلى الله عليه وسلم؛ لما فيها من كثرة الصلاة عليه؛ فإنها كالرياض والبساتين، تجد فيها كل خير وبرّ وفضل. وروى أبو نعيم عن الأوزاعي قال: كتب عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه إلى عمّاله أن يأمروا القصّاص أن يكون جلّ إطنابهم ودعائهم.. الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم «3» . قال الليث بن سعد رضي الله تعالى عنه: هما قصصان: قصص العامة يجتمع إليه النفر من الناس يعظهم ويذكرهم، وقصص الخاصة هو الذي أحدثه   (1) أخرجه الخطيب البغدادي في «تاريخه» (7/ 289) ، وابن بشكوال في «القربة» (60) . (2) كلام وكيع رحمه الله تعالى جاء عنه بروايات جمع المصنف بينها؛ ففي رواية: أخرجها ابن بشكوال في «القربة» (55) ، وابن عساكر في «تاريخه» (49/ 126) : (لولا الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.. ما حدثت أحدا) ، وفي أخرى أخرجها الخطيب في «شرف أصحاب الحديث» (ص 83) : (لولا أن الحديث عندي أفضل من التسبيح.. ما حدثت أحدا) ، وفي أخرى أخرجها الخطيب في «شرف أصحاب الحديث» أيضا (ص 84) : (لو أعلم أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أفضل من الحديث.. ما حدثت أحدا) . (3) حلية الأولياء (5/ 338) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 253 معاوية رضي الله تعالى عنه ولّى رجلا على القصص إذا سلّم الإمام من صلاة الصبح.. جلس فذكر الله تعالى وحمده ومجّده، وصلّى على نبيّه وسلّم صلى الله عليه وسلم، ودعا للخليفة ولأهله، ولأهل ولايته وجنوده، وعلى أهل حربه، وعلى الكفار كافة. [ الخامس والأربعون: عند الإفتاء ] كما في «الروضة» ، وفيها: (أنه يندب له أيضا: الاستعاذة، والتسمية، والحوقلة، ورَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي. وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي. وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي. يَفْقَهُوا قَوْلِي، وأن المفتي يلحق بخطه ما أغفله السائل آخر السؤال من الدعاء والحمد والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لجريان العادة به) «1» . وظاهر أن قياس ندب الصلاة للمفتي قبل الإفتاء.. ندبها للحاكم قبل الحكم. [ السادس والأربعون: عند كتابة اسمه صلى الله عليه وسلم ] ؛ فقد استحب العلماء أن يكرر الكاتب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كلما كتبه. ومن ثمّ قال ابن الصلاح: (ينبغي أن يحافظ على كتبه الصلاة والتسليم على رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذكره، ولا يسأم من تكرير ذلك عند تكرره، فإن ذلك من أكبر الفوائد التي يتعجلها طلبة الحديث وكتبته، ومن أغفل ذلك.. حرم حظا عظيما، وقد روّينا لأهل ذلك منامات صالحة، وما يكتبه من ذلك.. فهو دعاء يثبته لا كلام يرويه؛ فلذلك لا يتقيد فيه بالرواية، ولا يقتصر فيه على ما في الأصل، وهكذا الأمر في الثناء على الله سبحانه وتعالى عند ذكر اسمه نحو «عز وجل» و «تبارك وتعالى» ، وما ضاهى ذلك) «2» . ثم حذّر رحمه الله تعالى من التقصير فيها صورة، كما يفعله بعض   (1) روضة الطالبين (11/ 113- 114) . (2) مقدمة ابن الصلاح (ص 372) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 254 المحرومين، يشيرون إليها بنحو (صلعم) بدلا عن صلى الله عليه وسلم، ومعنى بأن لا يضم إليها التسليم؛ أي: لما مرّ من كراهة إفراد أحدهما عن الآخر، ووقع لجماعة محدّثين أنهم كانوا لا يكتبون (وسلّم) ، فرأوا النبي صلى الله عليه وسلم في النوم وهو منقبض، أو عاتب، أو موبّخ على ترك ذلك، ويقول لبعضهم: «لم تحرم نفسك أربعين حسنة؟» لأن (وسلّم) أربعة أحرف، كل حرف بعشر حسنات «1» . وروى كثيرون: «من صلّى عليّ في كتاب.. لم تزل الملائكة يستغفرون له ما دام اسمي في ذلك الكتاب» وسنده ضعيف، وقال ابن الجوزي: (إنه موضوع) ، وقال ابن كثير: (إنه لا يصح) ، وفي لفظ: «تستغفر له» «2» . وفي آخر: «من كتب في كتابه صلى الله عليه وسلم.. لم تزل الملائكة تستغفر له ما دام في كتابه» «3» . وفي رواية عند جماعة أيضا عن أبي بكر كرم الله وجهه: «من كتب عني علما، فكتب معه صلاة عليّ.. لم يزل في أجر ما قرىء ذلك الكتاب» «4» . وفي أخرى عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: «من صلّى عليّ في كتاب.. لم تزل الصلاة جارية له ما دام اسمي في ذلك الكتاب» «5» وفي سنده من اتّهم بالكذب، وقد قال ابن كثير: (ليس هذا الحديث بصحيح من وجوه كثيرة، وقد روي من حديث أبي هريرة، ولا يصحّ أيضا، وقال الذهبيّ:   (1) مقدمة ابن الصلاح (ص 374) . (2) أخرجه الطبراني في «الأوسط» (1856) ، والخطيب في «شرف أصحاب الحديث» (ص 36) ، وابن بشكوال في «القربة» (42) ، وابن عساكر في «تاريخه» (6/ 81) ، والتيمي في «أدب الإملاء والاستملاء» (ص 64) وابن الجوزي في «الموضوعات» (1/ 164) وانظر «تفسير ابن كثير» (3/ 516) . (3) ذكره الإمام السيوطي في «اللآلىء المصنوعة» (1/ 262) . (4) أخرجه الخطيب في «شرف أصحاب الحديث» (ص 35) ، وابن عدي في «الكامل» (3/ 249) ، وذكره ابن الجوزي في «الموضوعات» (1/ 164) . (5) ذكره الإمام السيوطي في «اللآلىء المصنوعة» (1/ 187) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 255 أحسبه موضوعا) اهـ «1» وروي موقوفا من كلام جعفر الصادق. قال ابن القيّم: (وهو أشبه برواية محمد بن حمير، قال: من صلّى على رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتاب.. صلّت عليه الملائكة غدوة ورواحا ما دام اسم رسول الله صلى الله عليه وسلم في الكتاب) «2» . وأخرج الطبرانيّ: أنه صلى الله عليه وسلم قال: «إذا كان يوم القيامة.. يجيء أصحاب الحديث ومعهم المحابر، فيقول الله تعالى لهم: أنتم أصحاب الحديث، طالما كنتم تكتبون الصلاة على نبيّي صلى الله عليه وسلم، انطلقوا إلى الجنة» ، لكن قال الخطيب: (إنه موضوع) ، ورواه الديلمي من طريق آخر، والنميري كذلك بلفظ قريب من الأول وهو ضعيف، وقد ذكره ابن الجوزي في كتابه «3» . نعم؛ جاء عن الثوري: (لو لم يكن لصاحب الحديث فائدة إلا الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.. كفاه؛ فإنه يصلّى عليه ما دام في ذلك الكتاب) «4» صلى الله عليه وسلم. [ في ذكر منامات حسنة لأصحاب الحديث ] وقد رئي لأصحاب الحديث منامات حسنة صالحة، فيها المغفرة أو النعيم العظيم لهم بسبب كتابتهم الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم. وقد رئي أحمد يقول: لو رأيت صلاتنا على النبي صلى الله عليه وسلم في الكتب كيف تزهر بين أيدينا «5» .   (1) تفسير ابن كثير (3/ 516) . (2) «جلاء الأفهام» (ص 90) . (3) أخرجه الخطيب في «تاريخه» (4/ 180) ، وابن عساكر في «تاريخه» (56/ 338) ، وابن بشكوال في «القربة» (43) ، والديلمي في «الفردوس» (983) ، وابن الجوزي في «الموضوعات» (1/ 189) . (4) أخرجه الخطيب في «شرف أصحاب الحديث» (ص 36) ، وابن بشكوال في «القربة» (48) . (5) أخرجه ابن بشكوال في «القربة» (68) ، والرائي هو الحسن بن محمد البغدادي الزعفراني. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 256 وما حكي عن خطّه رضي الله تعالى عنه: أنه كثيرا ما يغافل فيه عن كتابة (صلى الله عليه وسلم) .. فمحمول على أنه تركه لضرورة استعجال. ورئي محمد بن الإمام زكي الدين المنذري عند وصول الملك الصالح، وتزيين المدينة له، فقال للرائي: فرحتم بالسلطان؟ قلت: نعم، فرح الناس به، فقال: أما نحن.. فدخلنا الجنة وقبّلنا يديه- يعني: النبي صلى الله عليه وسلم- وقال: أبشروا، كل من كتب بيده: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.. فهو معي في الجنة. ورئي أبو زرعة رحمه الله تعالى يصلّي بالملائكة في السماء، فقيل له: بم نلت هذا؟ قال: كتبت بيدي ألف ألف حديث، وكنت إذا ذكرت النبي صلى الله عليه وسلم.. أصلّي عليه، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «من صلّى عليّ مرة.. صلّى الله عليه عشرا» «1» . وأخرج جماعة عن ابن عبد الحكم قال: رأيت الشافعي رضي الله تعالى عنه في النوم، فقلت له: ما فعل الله بك؟ قال: رحمني وغفر لي، وزففت إلى الجنة كما تزف العروس، ونثر عليّ كما ينثر على العروس، فقلت له: بم بلغت هذه الحالة؟ فقال لي قائل: يقول لك: بما في كتاب «الرسالة» من الصلاة على محمد صلى الله عليه وسلم، قلت: وكيف ذلك؟ قال: قال: وصلّى الله على محمد عدد ما ذكره الذاكرون، وعدد ما غفل عن ذكره الغافلون، قال: فلما أصبحت.. نظرت في «الرسالة» فوجدت الأمر كما رأيت صلى الله عليه وسلم وشرّف وكرّم «2» . ورآه المزني وسأله بم غفر له؟ فقال بذلك أيضا. وأخرج جمع عن أبي الحسن الشافعي: أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم   (1) أخرج الرؤيا الخطيب البغدادي في «تاريخه» (10/ 334) ، وابن عساكر في «تاريخه» (38/ 39) ، والرائي هو حفص بن عبد الله. (2) أخرجه ابن بشكوال في «القربة» (72) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 257 في النوم، فقال له: بم جوزي الشافعي عنك حيث يقول في كتاب «الرسالة» وذكر الصلاة السابقة، فقال: «جزي عني أنه لا يوقف للحساب يوم القيامة» «1» . ورآه صلى الله عليه وسلم بعضهم، فقال: يا رسول الله؛ محمد بن إدريس الشافعي ابن عمك، هل خصصته بشيء، أو هل نفعته بشيء؟ قال: «نعم سألت الله عز وجل ألا يحاسبه» ، فقلت: يا رسول الله؛ بم؟ قال صلى الله عليه وسلم: «لأنه كان يصلّي عليّ صلاة لم يصلّ عليّ أحد مثلها ... » وذكر ما مر «2» . وعند البيهقي: أن الشافعي رضي الله تعالى عنه رئي فقيل له: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي، فقيل له: بماذا؟ قال: بخمس كلمات كنت أصلّي بهنّ على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقيل له: وما هنّ؟ قال: كنت أقول: اللهمّ؛ صلّ على محمد عدد من صلّى عليه، وصلّ على محمد عدد من لم يصلّ عليه، وصلّ على محمد كما أمرت أن يصلّى عليه، وصلّ على محمد كما تحبّ أن يصلّى عليه، وصلّ على محمد كما ينبغي أن يصلّى عليه. ورأى أبو طاهر المخلص النبيّ صلى الله عليه وسلم في النوم، فسلّم عليه، فأدار وجهه عنه، فدار إليه من الجانب الآخر، فأدار وجهه عنه، فاستقبله وقال: يا نبي الله؛ لم تدير وجهك عني؟ قال: لأنك إذا ذكرتني في كتابك.. لا تصلّي عليّ، قال: فمن ذلك الوقت إذا كتبت: (النبي) .. كتبت: (صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا كثيرا كثيرا) «3» . وكان رجل يكتب الحديث ولا يكتب الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم؛ شحّا على الورق، فوقعت الأكلة في يده اليمنى «4» .   (1) أخرجه البيهقي في «مناقب الشافعي» (2/ 304) . (2) عزاه الإمام السخاوي في «القول البديع» (ص 467) لابن الصلاح في «جزئه» ، ولابن مسدي في «مسلسلاته» . (3) أخرجه ابن بشكوال في «القربة» (54) . (4) أخرجه ابن بشكوال في «القربة» (78) ، والأكلة: الحكّة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 258 خاتمة: في العمل بالحديث الضعيف والموضوع قال النووي رحمه الله تعالى في «أذكاره» : (قال العلماء من المحدّثين والفقهاء وغيرهم: يجوز ويستحب العمل في الفضائل، والترغيب والترهيب بالحديث الضعيف ما لم يكن موضوعا، وأما الأحكام كالحلال والحرام، والبيع والنكاح والطلاق، وغير ذلك.. فلا يعمل فيها إلا بالحديث الصحيح أو الحسن، إلا أن يكون في احتياط في شيء من ذلك، كما إذا ورد حديث ضعيف بكراهة بعض البيوع أو الأنكحة.. فإن المستحب أن يتنزه عنه، ولكن لا يجب) اهـ «1» وظاهر قوله: (قال العلماء ... ) إلخ: أن هذا اتفاق منهم، وبه صرح في «شرح المهذب» «2» وغيره، فقول ابن العربي المالكي: (لا يعمل بالضعيف مطلقا) .. ليس في محله. وقيل: يعمل به مطلقا إذا لم يكن في الباب غيره، ولم يكن ثمّ ما يعارضه، ونقل عن أحمد رضي الله تعالى عنه. ونقل ابن حزم إجماع الحنفية على أن مذهب أبي حنيفة: أن ضعيف الحديث عنده أولى من الرأي والقياس. وعن أبي داود صاحب «السنن» وهو من تلامذة الإمام أحمد: أنه يخرّج الإسناد الضعيف إذا لم يجد في الباب غيره، وأنه أقوى عنده من رأي الرجال. وعلى الأول المعتمد: فيشترط أن يكون الضعف غير شديد، فيخرج من   (1) الأذكار (ص 36) . (2) المجموع (3/ 129) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 259 انفرد من الكذّابين والمتّهمين بالكذب، ومن فحش غلطه، وهذا الشرط متفق عليه، كما قاله شيخ الإسلام العلائي وأقرّوه. واشترط ابن عبد السلام وابن دقيق العيد: أن يكون مندرجا تحت أصل عام، فيخرج ما يخترع بحيث لا يكون له أصل أصلا، وألا يعتقد عند العمل به ثبوته؛ لئلا ينسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم ما لم يقله. أما الموضوع.. فلا يجوز العمل به بحال، وكذا روايته إلا إن قرن ببيانه. وفي حديث مسلم أن: «من روى حديثا وهو يظنّه كذبا.. فهو أحد الكاذبين» «1» روي بالتثنية والجمع؛ أي: لأنه إذا حدّث به مع ظنّه كذبه.. صار مشاركا لكاذبه الحقيقي في الإثم الشديد المبيّن بقوله صلى الله عليه وسلم: «من كذب عليّ متعمّدا.. فليتبوأ مقعده من النار» «2» . ومن ثم قال مسلم في مقدمة «صحيحه» : (اعلم أن الواجب على كل أحد عرف التمييز بين صحيح الروايات وسقيمها، وثقات الناقلين لها من المتّهمين.. ألّا يروي إلا ما عرف صحة مخارجه، والستارة في ناقليه، وأن ينفي عنها ما كان عن أهل التّهم، والمعاندين من أهل البدع) «3» . وقيّد ابن الصلاح جواز رواية الحديث باحتمال صدقه في الباطن «4» ؛ وعليه: فالظاهر كما قاله شيخ الإسلام ابن حجر: (الظاهر من كلام مسلم، ومما دل عليه الحديث: أن احتمال الصدق إذا كان احتمالا ضعيفا.. لا يعتدّ به) . ثم حكم أئمة النقل بالصحة وغيرها إنما هو بحسب الظاهر، دون القطع، فقد يكون المحكوم بصحته غير صحيح في نفس الأمر، وعكسه.   (1) أخرجه مسلم في مقدمته (1/ 9) ، وابن حبان (29) والترمذي (2662) ، وابن ماجه (39) ، وأحمد (4/ 255) . (2) أخرجه البخاري (1291) ، ومسلم (3) وغيرهما. (3) مقدمة مسلم (1/ 8) . (4) مقدمة ابن الصلاح (ص 279) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 260 قال النووي رحمه الله تعالى: (وينبغي لمن بلغه شيء من فضائل الأعمال أن يعمل به ولو مرة؛ ليكون من أهله، وقد قال صلى الله عليه وسلم في الخبر المتفق على صحته: «وإذا أمرتكم بشيء.. فافعلوا منه ما استطعتم» «1» ) اهـ «2» وجاء بسند فيه من فيه مقال ومن لا يعرف: «من بلغه عن الله عز وجل شيء فيه فضيلة فأخذ به؛ إيمانا به ورجاء ثوابه.. أعطاه الله ذلك، وإن لم يكن كذلك» «3» ، وذكره ابن عدي في «كامله» واستنكره، وأخرجه أبو يعلى والطبراني بلفظ: «من بلغه عن الله فضيلة فلم يصدّق بها.. لم ينلها» «4» ولهذا الحديث شواهد. بلّغنا الله تعالى من فضله حقائق شهوده، وأدام علينا من كرمه سوابغ جوده، وأحلّنا حمى نبيه صلى الله عليه وسلم الآمن، حتى لا يعتورنا من المخاوف والمحن متحرك ولا ساكن. وبلّغني ما أمّلته بجمع هذا الأنموذج البديع الجامع من النجاة به من كل فتنة ومحنة وهمّ وغمّ، إنه هو المجيب النافع، وجعله أعظم وسيلة أتقرب بها إليه في الشدائد، وأفزع إليها يوم لا ينفع ولد ولا والد، وأفوز بسببها من غوائل الردى، وأنتظم بها في سلك من أحلّ عليه رضوانه، فلا يسخط عليه بعده أبدا. هذا آخر ما أردت، وتمام ما قصدت، والمولى سبحانه وتعالى هو   (1) أخرجه البخاري (7288) ، ومسلم (1337) وغيرها. (2) الأذكار (ص 35) . (3) أخرجه الخطيب في «تاريخه» (8/ 293) ، والديلمي في «الفردوس» (5757) ، وابن حبان في «المجروحين» (1/ 228) ، وابن الجوزي في «الموضوعات» (1/ 188) . (4) أخرجه الطبراني في «الأوسط» (5125) ، والديلمي في «الفردوس» (5758) ، وأبو يعلى في «مسنده» (3443) ، وابن عدي في «الكامل» (2/ 59) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 261 المحقق للمأمول، والمانّ بالمسؤول، فله الحمد أولا وآخرا، ظاهرا وباطنا، حمدا يوافي نعمه، ويكافىء مزيده. يا ربنا؛ لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ملء السماوات والأرض، وملء ما شئت من شيء بعد، أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد- وكلّنا لك عبد-: لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجدّ منك الجدّ. وصلّ اللهمّ وسلّم وبارك على سيدنا وحبيبنا وشفيعنا وهادينا محمد عبدك ونبيّك ورسولك النبيّ الأميّ، وعلى آله وأزواجه وذريته، كما صليت وسلمت وباركت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم في العالمين، إنك حميد مجيد، وكما يليق بعظيم شرفه وكماله ورضاك عنه، وما تحبّ وترضى له، عدد معلوماتك، ومداد كلماتك، كلّما ذكرك وذكره الذّاكرون، وكلّما غفل عن ذكرك وذكره الغافلون، وحسبنا الله ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، ما شاء الله لا قوة إلا بالله على نفسي وجميع آثاري. دَعْواهُمْ فِيها سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله ربّ العالمين. سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ. وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ. وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ. يقول مؤلفه عفا الله تعالى عنه: ابتدأت في هذا الكتاب أواخر صفر الخير، سنة إحدى وخمسين وتسع مئة، وفرغت منه ثامن ربيع الأول من السنة المذكورة، ختمها الله تعالى بخير، مع السلامة من كل محنة وضير، آمين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 262 وصلّى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم «1» .   (1) جاء في خاتمة (ب) : (يقول مؤلفه شيخنا وسيدنا الإمام العالم العلّامة، البحر الحبر الفهامة، جامع أشتات الفضائل، بقية السّلف الأماثل، الشهاب على المبتدعة والخوارج، والقامع لهم بالأدلة الواضحة في المناهج، شهاب الدين أحمد بن حجر الشافعي الهيتمي، نزيل مكة المشرفة ومفتيها، من عم نفع فتواه وتصانيفه جميع الأمصار ونواحيها، أمدّنا الله تعالى بمدده العميم، وأدخلنا ببركته وبركات علومه جنات النعيم، إنه هو السميع العليم، ببركة سيد المرسلين، وخاتم النبيين محمد الأمين صلى الله عليه وسلم: ابتدأت في هذا الكتاب أواخر صفر الخير سنة إحدى وخمسين وتسع مئة، وفرغت منه ثامن ربيع الأول من السنة المذكورة، ختمها الله تعالى بخير، مع السلامة من كل محنة وضير. وأقول: كان الفراغ من تعليق هذا المصنّف من خط مؤلفه نفعنا الله تعالى به في يوم الثلاثاء المبارك، ثاني عشر محرم الحرام، ابتداء عام تسع وستين وتسع مئة، وأنا الفقير الحقير، المعترف بالعجز والتقصير، محمد إدريس الأنبابي المصعدي أسأل الله تعالى أن يغفر لي ولوالديّ، ولإخواني في الله، ولجميع المسلمين أجمعين، وأن يمنّ علينا بعفوه والعافية، آمين. وذلك بمكة المشرفة، زادها الله تعالى شرفا، برباط سيدنا العباس عم النبي صلى الله عليه وسلم، آمين) . وفي هامشها بخط العلّامة ابن حجر رحمه الله تعالى: (الحمد لله وحده يقول مؤلفه أحمد بن حجر عفا الله عنه: قد أجزت مالك هذه النسخة الشيخ العلّامة محمود البيلوني نفع الله المسلمين ببركة علومه وإخلاصه، وهي «الدر المنضود في الصلاة والسلام على صاحب المقام المحمود» بأن يرويها عني، هي وجميع ما تجوز لي وعني روايته، والله تعالى يوفقنا أجمعين لمحابّه، وكتب بمكة المشرفة، ثاني محرم الحرام، سنة سبعين وتسع مئة) . وجاء في خاتمة (ج) : (انتهى ما قاله شيخنا وأستاذنا وملاذنا، شيخ الإسلام، مفتي الأنام، علامة الأيام، سراج بلد الله الحرام، الحبر البحر، الحجة العمدة، جامع أشتات الفضائل، بقية السادة الأفاضل، الحسن الشمائل، عالم مكة ومفتيها، العامّ نفعه في الفتوى والتصانيف في سائر الأمصار ونواحيها، شهاب الملة والدين، العلّامة الشيخ أحمد بن الشيخ محمد حجر الشافعي الهيتمي الأنصاري السعدي الوائلي، ولي الله بلا نزاع، ومحرر مذهب الشافعي وسائر العلوم بلا دفاع، أعاد الله علينا من بركاته، ونفعنا به وبمؤلفاته، والحمد لله وحده، وصلى الله على خير خلقه سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 263 أهم مصادر ومراجع التحقيق «1» - الأحاديث الطوال، الإمام الحافظ سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني (ت 360 هـ) ، تحقيق حمدي بن عبد المجيد السلفي، ط 2، (1404 هـ) ، مكتبة العلوم والحكم، العراق. - الأحاديث المختارة، الإمام الحافظ محمد بن عبد الواحد المقدسي (ت 643 هـ) ، تحقيق عبد الملك دهيش، ط 1، (1410 هـ) ، مكتبة النهضة الحديثة، السعودية. - أدب الإملاء والاستملاء، الإمام عبد الكريم بن محمد السمعاني (ت 562 هـ) ، تحقيق ماكس فايسفايلر، ط 1، (1401 هـ) ، دار الكتب العلمية، لبنان. - الأدب المفرد، الإمام الحافظ محمد بن إسماعيل البخاري (ت 256 هـ) ، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، ط 4، (1997 م) ، دار البشائر الإسلامية، لبنان. - الأذكار، الإمام الحافظ يحيى بن شرف النووي (ت 676 هـ) ، عني به صلاح الدين الحمصي- عبد اللطيف عبد اللطيف- محمد شعبان، ط 1، (2005) ، دار المنهاج، السعودية. - أشرف الوسائل إلى فهم الشمائل، الإمام العلامة أحمد بن محمد بن حجر الهيتمي (ت 974 هـ) ، تحقيق أحمد بن فريد المزيدي، ط 1، (1998 م) ، لبنان. - الأعلام، الأديب خير الدين الزركلي (ت 1976 م) ، ط 12، (1997 م) ، دار العلم للملايين، لبنان. - الأم، الإمام محمد بن إدريس الشافعي (ت 204 هـ) ، تحقيق الدكتور رفعت فوزي عبد المطلب، ط 1، (2001 م) ، دار الوفاء، مصر. - الأنوار لأعمال الأبرار، الإمام يوسف بن إبراهيم الأردبيلي (ت 776 أو 799) ، بدون تحقيق، (1969 م) ، مؤسسة الحلبي، مصر.   (1) اعتمدنا في فهرسة المصادر على التالي: اسم الكتاب، اسم المؤلف وتاريخ وفاته، اسم المحقق، سنة طبع الكتاب، اسم الدار الناشرة ومقرها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 265 - الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان، الأمير الحافظ علاء الدين علي بن بلبان الفارسي (ت 739 هـ) ، تحقيق شعيب الأرناؤوط، ط 3، (1997 م) ، مؤسسة الرسالة، لبنان. - إحياء علوم الدين، الإمام محمد بن محمد الغزالي (ت 505 هـ) ، بدون تحقيق، (1982 م) ، طبعة مصورة لدى دار المعرفة، لبنان. - الإرشاد في معرفة علماء الحديث، الإمام الحافظ الخليل بن عبد الله بن أحمد الخليلي القزويني (ت 446 هـ) ، تحقيق الدكتور محمد سعيد بن عمر إدريس، ط 1، (1989 م) ، مكتبة الرشد، السعودية. - الإصابة في تمييز الصحابة، الإمام الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت 852 هـ) ، بدون تحقيق، بدون تاريخ، طبعة مصورة لدى دار الكتاب العربي، لبنان. - إكمال المعلم بفوائد مسلم، الإمام القاضي عياض بن موسى اليحصبي (ت 544 هـ) ، تحقيق الدكتور يحيى إسماعيل، ط 2، (2004 م) ، دار الوفاء، مصر. - الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم والثلاثة الخلفاء، الإمام العلامة سليمان بن موسى الكلاعي الأندلسي (ت 634 هـ) ، تحقيق الدكتور كمال الدين عز الدين علي، ط 1، (1997 م) ، عالم الكتب، لبنان. - البحر الزخار- مسند البزار، الإمام الحافظ أحمد بن عمرو العتكي البزار (ت 292 هـ) ، تحقيق الدكتور محفوظ الرحمن زين الله، ط 1، (1988 م) ، مكتبة العلوم والحكم، السعودية. - بدائع الفوائد، الإمام محمد بن أبي بكر الزرعي الدمشقي المعروف بابن قيم الجوزية (ت 751 هـ) ، بدون تحقيق، بدون تاريخ، طبعة مصورة لدى دار الكتاب العربي، لبنان. - البيان في مذهب الإمام الشافعي، الإمام العلامة يحيى بن أبي الخير العمراني (ت 558 هـ) ، عني به نخبة من طلبة العلم بإشراف قاسم محمد النوري، ط 1، (2000 م) ، دار المنهاج، السعودية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 266 - تاج العروس من جواهر القاموس، الإمام السيد محمد مرتضى الزبيدي (ت 1205 هـ) ، تحقيق عبد الستار أحمد فراج وجماعة من أئمة التحقيق، (1385 هـ) ، وزارة الإرشاد والأنباء، الكويت. - تاريخ أصبهان، الإمام الحافظ أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني (ت 430 هـ) ، تحقيق سيد كسروي حسن، ط 1، (1990) ، لبنان. - التاريخ الكبير، الإمام الحافظ محمد بن إسماعيل البخاري (ت 256 هـ) ، تحقيق هشام الندوي، دار الفكر، لبنان. - تاريخ المدينة المنورة، الإمام العلامة عمر بن شبة النميري البصري (ت 262 هـ) ، تحقيق فهيم محمد شلتوت، (1348 هـ) ، دار الفكر، إيران. - تاريخ بغداد، الإمام الحافظ أحمد بن علي الخطيب البغدادي (ت 463 هـ) ، تحقيق مصطفى عبد القادر عطا، ط 1، (1997 م) ، لبنان. - تاريخ مدينة دمشق، علي بن الحسن ابن عساكر (ت 571 هـ) ، تحقيق عمر بن غرامة العمري، (1995 م) ، دار الفكر، لبنان. - تذكرة الحفاظ، الإمام الحافظ محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي (ت 748 هـ) ، تصحيح عبد الرحمن بن يحيى المعلمي، بدون تاريخ، طبعة مصورة لدى دار إحياء التراث العربي، لبنان. - الترغيب والترهيب من الحديث الشريف، الإمام الحافظ عبد العظيم بن عبد القوي المنذري (ت 656 هـ) ، تحقيق محيي الدين ديب مستو وسمير أحمد العطار ويوسف علي بديوي، ط 3، (1999 م) ، دار ابن كثير، سورية. - تفسير القرآن العظيم، الإمام الحافظ إسماعيل بن كثير الدمشقي (ت 774 هـ) ، تصحيح مجموعة من العلماء، (1969 م) ، طبعة مصورة لدى دار المعرفة، لبنان. - تفسير القرطبي- الجامع لأحكام القرآن، الإمام محمد بن أحمد القرطبي (ت 671 هـ) ، بدون تحقيق، (1985 م) ، طبعة مصورة لدى دار إحياء التراث العربي، لبنان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 267 - تفسير بن أبي حاتم، الإمام عبد الرحمن بن محمد بن إدريس الرازي (ت 327 هـ) ، تحقيق أسعد محمد الطيب، المكتبة العصرية، لبنان. - تكملة الإكمال، الإمام الحافظ محمد بن عبد الغني البغدادي المعروف بابن نقطة (ت 629 هـ) ، تحقيق الدكتور عبد القيوم عبد رب النبي، ط 1، (1987 م) ، جامعة أم القرى، السعودية. - تلخيص الحبير، الإمام الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت 852 هـ) ، تحقيق عبد الله هاشم اليماني المدني، (1384 هـ) ، السعودية. - تلخيص المستدرك، الإمام الحافظ محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي (ت 748 هـ) ، دار المعرفة، لبنان. - التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد، الإمام الحافظ يوسف بن عبد الله النمري المعروف بابن عبد البر (ت 463 هـ) ، تحقيق مجموعة من المحققين، ط 1، (1967 م) ، وزارة الأوقاف، المغرب. - تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأحاديث الشنيعة الموضوعة، الإمام العلامة علي بن محمد بن عراق الكناني (ت 963 هـ) ، تحقيق عبد الوهاب عبد اللطيف وعبد الله محمد الصديق، ط 2، (1981 م) ، طبعة مصورة لبنان. - تهذيب الكمال في أسماء الرجال، الإمام الحافظ يوسف بن عبد الرحمن المزي (ت 742 هـ) ، تحقيق الدكتور بشار عواد معروف، ط 1، (1980 م) ، مؤسسة الرسالة، لبنان. - الثقات، الإمام الحافظ محمد بن حبان البستي (ت 354 هـ) ، تحقيق إبراهيم شمس الدين وتركي فرحان المصطفى، ط 1، (1998 م) ، لبنان. - الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع، الإمام الحافظ أحمد بن علي الخطيب البغدادي (ت 463 هـ) ، تحقيق الدكتور محمد عجاج الخطيب، ط 1، (1991 م) ، مؤسسة الرسالة، لبنان. - جزء البغوي، الإمام الحافظ عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي (ت 317 هـ) ، تحقيق محمد ياسين محمد إدريس، ط 1، (1407 هـ) ، مكتبة ابن الجوزي، السعودية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 268 - جلاء الأفهام في فضل الصلاة والسلام على محمد خير الأنام، الإمام محمد بن أبي بكر الزرعي الدمشقي المعروف بابن قيم الجوزية (ت 751 هـ) ، تحقيق محيي الدين ديب مستو، ط 3، (1996 م) ، دار الكلم الطيب ودار ابن كثير، سورية. - حاشية الصبان على شرح الأشموني، العلامة محمد بن علي الصبان (ت 1206 هـ) ، بدون تحقيق، ط 3، (1419 هـ) ، طبعة مصورة لدى إنتشارات زاهدي، إيران. - حاشية الهيتمي على شرح الإيضاح في مناسك الحج، الإمام العلامة أحمد ابن حجر الهيتمي (ت 974 هـ) ، تحقيق عبد المنعم إبراهيم، ط 2، (2000 م) ، المكتبة العصرية، لبنان. - حسن الظن بالله، الإمام الحافظ عبد الله بن محمد بن عبيد ابن أبي الدنيا (ت 281 هـ) ، تحقيق مخلص محمد، ط 1، (1408 هـ) ، دار طيبة، السعودية. - حلية الأولياء، الإمام الحافظ أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني (ت 430 هـ) ، بدون تحقيق، ط 5، (1987 م) ، دار الريان ودار الكتاب العربي، مصر ولبنان. - حواشي الشرواني وابن قاسم العبادي على تحفة المحتاج، الشيخ عبد الحميد الشرواني، الشيخ أحمد بن قاسم العبادي (ت 992 هـ) ، بدون تحقيق، (1315 هـ) ، طبعة مصورة لدى دار صادر، لبنان. - حياة الأنبياء بعد وفاتهم، الإمام الحافظ أحمد بن الحسين بن علي البيهقي (ت 458 هـ) ، تحقيق الدكتور أحمد بن عطية الغامدي، ط 2، (2001 م) ، مكتبة العلوم والحكم، السعودية. - الدر المنثور في التفسير بالمأثور، الإمام الحافظ عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي (ت 911 هـ) ، بدون تحقيق، (2002 م) ، دار الفكر، لبنان. - الدعاء، الإمام الحافظ سليمان بن أحمد الطبراني (360 هـ) ، تحقيق مصطفى عبد القادر عطا، ط 1، (1413 هـ) ، لبنان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 269 - دلائل النبوة، الإمام الحافظ أحمد بن الحسين بن علي البيهقي (ت 458 هـ) ، تحقيق الدكتور عبد المعطي قلعجي، ط 1، (1988 م) ، دار الريان، مصر. - دلائل النبوة، الإمام الحافظ أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني (ت 340 هـ) ، عني به عبد البر عباس ومحمد رواس قلعة جي، ط 1، (1970 م) ، دار ابن كثير، سورية. - ديوان حسان بن ثابت، الصحابي الجليل حسان بن ثابت (ت 40 هـ) ، تحقيق الدكتور وليد عرفات، (1974 م) ، دار صادر، لبنان. - ربيع الأبرار ونصوص الأخيار، الإمام المفسر محمود بن عمر الزمخشري (ت 538 هـ) ، الدكتور سليم النعيمي، ط 1، (1990) ، طبعة مصورة لدى دار الذخائر، إيران. - الرسالة، الإمام محمد بن إدريس الشافعي (ت 204 هـ) ، تحقيق وشرح أحمد محمد شاكر، (1939 م) ، طبعة مصورة بدون ناشر، لبنان. - الروض الأنف، الإمام عبد الرحمن بن عبد الله السهيلي (ت 581 هـ) ، تحقيق الشيخ عمر عبد السلام السلامي، ط 1، (2000 م) ، دار إحياء التراث العربي، لبنان. - روضة الطالبين وعمدة المفتين، الإمام الحافظ يحيى بن شرف النووي (ت 676 هـ) ، إشراف زهير الشاويش، ط 3، (1991 م) ، المكتب الإسلامي، لبنان. - الزهد، الإمام الحافظ عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت 181 هـ) ، تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي، لبنان. - سبل الهدى والرشاد- السيرة الشامية، الإمام العلامة محمد بن يوسف الصالحي (ت 942 هـ) ، تحقيق مجموعة من المحققين بإشراف الأستاذ محمد أبو الفضل إبراهيم، ط 1، (1997 م) ، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، مصر. - سنن أبي داود- كتاب السنن، الإمام الحافظ أبو داود سليمان بن الأشعث الأزدي السجستاني (ت 275 هـ) ، محيي الدين عبد الحميد، بدون تاريخ، المكتبة العصرية، لبنان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 270 - سنن ابن ماجه، الإمام الحافظ محمد بن يزيد ابن ماجه القزويني (ت 275 هـ) ، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، بدون تاريخ، دار إحياء الكتب العربية، مصر. - سنن الترمذي- الجامع الصحيح، الإمام الحافظ محمد بن عيسى بن سورة الترمذي (ت 279 هـ) ، تحقيق أحمد شاكر ومحمد فؤاد عبد الباقي وإبراهيم عطوة، بدون تاريخ، طبعة مصورة لدى دار إحياء التراث العربي، لبنان. - سنن الدارقطني، الإمام الحافظ علي بن عمر الدارقطني (ت 385 هـ) ، تحقيق عبد الله هاشم يماني المدني، (1966 م) ، طبعة مصورة لدى دار المعرفة، لبنان. - سنن الدارمي- مسند الدارمي، الإمام الحافظ عبد الله بن عبد الرحمن بن بهرام الدارمي (ت 255 هـ) ، تحقيق حسين سليم أسد الداراني، ط 1، (2000 م) ، دار المغني، السعودية. - السنن الصغرى، الإمام الحافظ أحمد بن الحسين بن علي البيهقي (ت 458 هـ) ، تحقيق الدكتور محمد ضياء الرحمن الأعظمي، ط 1، (1410 هـ) ، مكتبة الدار، السعودية. - السنن الكبرى، الإمام الحافظ أحمد بن شعيب النسائي (ت 303 هـ) ، تحقيق حسن عبد المنعم شلبي، ط 1، (2001 هـ) ، مؤسسة الرسالة، لبنان. - السنن الكبرى، الإمام الحافظ أحمد بن الحسين بن علي البيهقي (ت 458 هـ) ، بدون تحقيق، (1356 هـ) ، طبعة مصورة لدى دار المعرفة، لبنان. - سنن النسائي- المجتبى، الإمام الحافظ أحمد بن شعيب النسائي (ت 303 هـ) ، بدون تحقيق، بدون تاريخ، طبعة مصورة لدى دار الكتاب العربي، لبنان. - سير أعلام النبلاء، الإمام محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي (ت 748 هـ) ، إشراف شعيب الأرناؤوط، ط 11، (1996 م) ، مؤسسة الرسالة، لبنان. - شذرات الذهب في أخبار من ذهب، الإمام المؤرخ عبد الحي بن أحمد المعروف بابن العماد (ت 1089 هـ) ، أشرف على تحقيقه محمود الأرناؤوط، ط 1، (1986 م) ، دار ابن كثير، سورية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 271 - شرح صحيح مسلم- المنهاج في شرح صحيح مسلم بن الحجاج، الإمام الحافظ يحيى بن شرف النووي (ت 676 هـ) ، بدون تحقيق، (1349 هـ) ، طبعة مصورة لدى مكتبة الغزالي، سورية. - شرف أصحاب الحديث، الإمام الحافظ أحمد بن علي الخطيب البغدادي (ت 463 هـ) ، تحقيق الدكتور محمد سعيد أوغلي، دار إحياء السنة، تركية. - شرف المصطفى، الإمام الحافظ أبو سعد عبد الملك بن أبي عثمان الخركوشي (ت 406 هـ) ، تحقيق السيد نبيل بن هاشم الغمري آل باعلوي، ط 1، (2003 م) ، دار البشائر الإسلامية، لبنان. - شعب الإيمان، الحافظ أحمد بن الحسين بن علي البيهقي (ت 458 هـ) ، تحقيق محمد السعيد بن بسيوني زغلول، ط 1، (1990 م) ، لبنان. - الشفا بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم، الإمام القاضي عياض بن موسى اليحصبي (ت 544 هـ) ، تحقيق عبده علي كوشك، ط 1، (2000 م) ، مكتبة الغزالي ودار الفيحاء، سورية. - شفاء السقام في زيارة خير الأنام، الإمام الفقيه علي بن عبد الكافي تقي الدين السبكي (ت 756 هـ) ، إشراف السيد شرف الدين أحمد، ط 3، (1982) ، مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية، الهند. - الصّحاح- تاج اللغة وصحاح العربية، العلامة إسماعيل بن حماد الجوهري الفارابي (ت 398 هـ) ، بدون تحقيق، ط 1، (1999 م) ، دار إحياء التراث العربي، لبنان. - صحيح ابن خزيمة، الإمام الحافظ محمد بن إسحاق بن خزيمة (ت 311 هـ) ، تحقيق الدكتور محمد مصطفى الأعظمي، ط 3، (2003 هـ) ، المكتب الإسلامي، لبنان. - صحيح البخاري- الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه، الإمام الحافظ محمد بن إسماعيل البخاري (ت 256 هـ) ، عني به الدكتور محمد زهير بن ناصر الناصر، ط 1، (1422 هـ) ، دار طوق النجاة ودار المنهاج، لبنان- السعودية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 272 - صحيح مسلم- الجامع الصحيح، الإمام الحافظ مسلم بن الحجاج النيسابوري (ت 261 هـ) ، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، (1954 م) ، دار إحياء الكتب العربية، مصر. - الصّلات والبشر في الصلاة على خير البشر صلى الله عليه وسلم، مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزاباذي (ت 817 هـ) ، تحقيق محمد نور الدين الجزائري وعبد القادر الخياري ومحمد مطيع الحافظ، دار القرآن، سورية. - الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، الإمام الحافظ أحمد بن عمر بن أبي عاصم (ت 287 هـ) ، حمدي عبد المجيد السلفي، ط 1، (1995) ، دار المأمون للتراث، سورية. - الصواعق المحرقة، الإمام العلامة أحمد ابن حجر الهيتمي (ت 974 هـ) ، تحقيق عبد الوهاب عبد اللطيف، ط 2، (1965 م) ، مكتبة القاهرة، مصر. - الضعفاء، الإمام الحافظ محمد بن عمرو بن موسى العقيلي (ت 322 هـ) ، تحقيق حمدي بن عبد المجيد السلفي، ط 1، (2000 م) ، دار الصميعي، السعودية. - طبقات المحدثين بأصبهان، عبد الله بن محمد بن جعفر الأنصاري المعروف بأبي الشيخ (ت 369 هـ) ، تحقيق عبد الغفور البلوشي، ط 2، (1412 هـ) ، مؤسسة الرسالة، لبنان. - العلل المتناهية، الإمام الحافظ عبد الرحمن بن علي المعروف بابن الجوزي (ت 597 هـ) ، تحقيق خليل الميس، ط 1، (1403 هـ) ، لبنان. - عمل اليوم والليلة، الإمام الحافظ أحمد بن شعيب النسائي (ت 303 هـ) ، بدون تحقيق، ط 1، (1988 م) ، مؤسسة الكتب الثقافية، لبنان. - عمل اليوم والليلة، الإمام الحافظ أحمد بن محمد الدينوري الشهير بابن السني (ت 364 هـ) ، تحقيق بشير محمد عيون، ط 3، (1994 م) ، مكتبة دار البيان، سورية. - فتاوى الإمام النووي- المسائل المنثورة، ترتيب تلميذه الإمام العلامة علاء الدين ابن العطار (ت 724 هـ) ، تحقيق محمد الحجار، ط 6، (1996 م) ، دار البشائر الإسلامية، لبنان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 273 - الفتاوى الحديثية، الإمام العلامة أحمد بن محمد بن حجر الهيتمي (ت 974 هـ) ، بدون تحقيق، ط 3، (1989 م) ، مطبعة البابي الحلبي، مصر. - الفتاوى الفقهية الكبرى وبهامشها فتاوى محمد بن احمد الرملي، الإمام العلامة أحمد ابن حجر الهيتمي (ت 974 هـ) ، بدون تحقيق، (1983 م) ، دار الفكر، سورية. - الفتاوى الموصلية، الإمام عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام (ت 660 هـ) ، تحقيق إياد خالد الطباع، ط 1، (1999 م) ، دار الفكر، سورية. - فتح الباري بشرح صحيح البخاري، الإمام الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت 852 هـ) ، عني به محمد فؤاد عبد الباقي ومحب الدين الخطيب، بدون تاريخ، طبعة مصورة لدى مكتبة الغزالي، سورية. - فتح الجواد بشرح الإرشاد، الإمام العلامة أحمد ابن حجر الهيتمي (ت 974 هـ) ، بدون تحقيق، ط 2، (1971 م) ، مطبعة مصطفى البابي الحلبي، مصر. - فتح المبين لشرح الأربعين، الإمام العلامة أحمد ابن حجر الهيتمي (ت 974 هـ) ، بدون تحقيق، (1978 م) ، بدون ناشر، لبنان. - الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية، الإمام العلامة محمد بن علان الصديقي الشافعي (ت 1057 هـ) ، بدون تحقيق، بدون تاريخ، طبعة مصورة لدى دار إحياء التراث العربي، لبنان. - الفردوس بمأثور الخطاب، الإمام الحافظ شيرويه بن شهردار الديلمي الهمذاني (ت 509) ، تحقيق السعيد بن بسيوني زغلول، ط 1، (1986 م) ، لبنان. - فضائل الأوقات، الإمام الحافظ أحمد بن الحسين بن علي البيهقي (ت 458 هـ) ، تحقيق عدنان عبد الرحمن القيسي، ط 1، (1990 م) ، مكتبة المنارة، السعودية. - فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، الإمام القاضي إسماعيل بن إسحاق الجهضمي (ت 282 هـ) ، تحقيق محمد ناصر الدين الألباني، ط 3، (1977 م) ، المكتب الإسلامي، لبنان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 274 - الفوائد، الإمام الحافظ تمام بن محمد بن عبد الله الرازي (ت 414 هـ) ، تحقيق حمدي عبد المجيد السلفي، ط 1، (1412 هـ) ، مكتبة الرشد، السعودية. - الفوائد، الإمام الحافظ محمد بن إسحاق بن محمد ابن منده (ت 395 هـ) ، تحقيق مجدي السيد إبراهيم، مكتبة القرآن، مصر. - فيض القدير شرح الجامع الصغير، الإمام العلامة عبد الرؤوف المناوي (ت 1031 هـ) ، بدون تحقيق، (1357 هـ) ، طبعة مصورة لدى دار المعرفة، لبنان. - القواعد الكبرى- قواعد الأحكام في إصلاح الأنام، الإمام عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام (ت 660 هـ) ، تحقيق الدكتور نزيه كمال حماد والدكتور عثمان جمعة ضميرية، ط 1، (2000 م) ، دار القلم، سورية. - قوت القلوب في معاملة المحبوب، الإمام محمد بن علي بن عطية الحارثي المعروف بأبي طالب المكي (ت 386 هـ) ، تحقيق سعيد نسيب مكارم، ط 1، (1995 م) ، دار صادر، لبنان. - القول البديع في الصلاة على الحبيب الشفيع، الإمام الحافظ محمد بن عبد الرحمن السخاوي (ت 902 هـ) ، تحقيق محمد عوامة، ط 1، (2002 م) ، مؤسسة الريان، السعودية. - الكامل في ضعفاء الرجال، الإمام الحافظ عبد الله بن عدي الجرجاني (ت 365 هـ) ، تحقيق الدكتور سهيل زكار ويحيى مختار غزاوي، ط 3، (1988 م) ، دار الفكر، لبنان. - كتاب المغازي، العلامة محمد بن عمر الواقدي (ت 207 هـ) ، تحقيق الدكتور مارسدن جونس، بدون تاريخ، طبعة مصورة لدى مؤسسة الأعظمي للمطبوعات، لبنان. - الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل، الإمام محمود بن عمر الزمخشري (ت 538 هـ) ، تحقيق عبد الرزاق المهدي، ط 2، (2001 هـ) ، دار إحياء التراث العربي، لبنان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 275 - كشف الخفاء ومزيل الإلباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس، الإمام العلامة إسماعيل بن محمد العجلوني الجراحي (ت 1162 هـ) ، بدون تحقيق، ط 3، (1351 هـ) ، طبعة مصورة لدى دار إحياء التراث العربي، لبنان. - الكشف والبيان- تفسير الثعلبي، الإمام المفسر أحمد بن محمد الثعلبي (ت 427 هـ) ، تحقيق الشيخ أبو محمد بن عاشور، ط 1، (2002 م) ، دار إحياء التراث العربي، لبنان. - اللآلىء المصنوعة في الأحاديث الموضوعة، الإمام الحافظ عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي (ت 911 هـ) ، تحقيق صلاح بن محمد بن عويضة، ط 1، (1417 هـ) ، لبنان. - لسان الميزان، الإمام الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت 852 هـ) ، عني به الشيخ عبد الفتاح أبو غدة، ط 1، (2002 م) ، دار البشائر الإسلامية، لبنان. - المجروحين من المحدثين، الإمام الحافظ محمد بن حبان البستي (ت 354 هـ) ، تحقيق حمدي عبد المجيد السلفي، ط 1، (2000 م) ، دار الصميعي، السعودية. - مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، الإمام الحافظ علي بن أبي بكر الهيثمي (ت 807 هـ) ، بدون تحقيق، (1986 م) ، مكتبة المعارف، لبنان. - المجموع شرح المهذب، الإمام الحافظ يحيى بن شرف النووي (ت 676 هـ) ، تحقيق الدكتور محمود مطرجي، ط 1، (1996) ، دار الفكر، لبنان. - المستدرك على الصحيحين، الإمام الحافظ محمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري (ت 405 هـ) ، بدون تحقيق، بدون تاريخ، طبعة مصورة لدى دار المعرفة، لبنان. - المستصفى من علم الأصول، الإمام محمد بن محمد الغزالي (ت 505 هـ) ، تحقيق الدكتور محمد سليمان الأشقر، ط 1، (1997 م) ، مؤسسة الرسالة، لبنان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 276 - مسند أبي داود الطيالسي، الإمام الحافظ سليمان بن داود بن الجارود الشهير بأبي داود الطيالسي (ت 204 هـ) ، بدون تحقيق، (1321 هـ) ، طبعة مصورة لدى دار المعرفة، لبنان. - مسند أبي عوانة، الإمام الحافظ أبو عوانة يعقوب بن إسحاق الأسفرائني (ت 316 هـ) ، تحقيق أيمن بن عارف الدمشقي، ط 1، (1998 م) ، دار المعرفة، لبنان. - مسند أبي يعلى الموصلي، الإمام الحافظ أبو يعلى أحمد بن علي الموصلي (ت 307 هـ) ، تحقيق حسين سليم أسد الداراني، ط 2، (1989 م) ، دار المأمون للتراث، سورية. - مسند ابن الجعد، الإمام الحافظ علي بن الجعد بن عبيد الجوهري البغدادي (ت 230 هـ) ، تحقيق عامر أحمد حيدر، ط 1، (1410 هـ) ، مؤسسة نادر، لبنان. - مسند الإمام أحمد ابن حنبل، الإمام أحمد بن محمد بن حنبل (ت 241 هـ) ، تحقيق مجموعة من العلماء، ط 1، (1995 هـ) ، مؤسسة الرسالة، لبنان. - مسند الإمام الشافعي، الإمام محمد بن إدريس الشافعي (ت 204 هـ) ، تحقيق أيوب أبو خشريف، ط 1، (2002 م) ، دار الثقافة العربية، سورية. - مسند الشاميين، الإمام الحافظ سليمان بن أحمد الطبراني (ت 360 هـ) ، تحقيق حمدي عبد المجيد السلفي، ط 1، (1989 م) ، مؤسسة الرسالة، لبنان. - مسند الشهاب- شهاب الأخبار في الحكم والأمثال والآداب، العلامة القاضي محمد بن سلامة القضاعي (ت 454 هـ) ، تحقيق حمدي عبد المجيد السلفي، ط 1، (1985) ، مؤسسة الرسالة، لبنان. - مسند عبد بن حميد، الإمام الحافظ عبد بن حميد بن نصر الكسي (ت 249 هـ) ، تحقيق صبحي السامرائي ومحمود الصعيدي، ط 1، (1408 هـ) ، مكتبة السنة، مصر. - المشرع الروي في مناقب السادة الكرام آل أبي علوي، العلامة السيد محمد بن أبي بكر الشّلّي باعلوي (ت 1093 هـ) ، بدون تحقيق، بدون تاريخ، طبع على نفقة من يعلمه الله ويراه، مصر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 277 - مصنف ابن أبي شيبة، الإمام الحافظ عبد الله بن محمد بن أبي شيبة (ت 235 هـ) ، تحقيق سعيد محمد اللحام، (1994 م) ، دار الفكر، لبنان. - المصنف، الإمام الحافظ عبد الرزاق بن همام الصنعاني (ت 211 هـ) ، تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي، ط 2، (1983 م) ، المكتب الإسلامي، لبنان. - المعجم الأوسط، الإمام الحافظ سليمان بن أحمد الطبراني (ت 360 هـ) ، تحقيق الدكتور محمود الطحان، ط 1، (1985 م) ، مكتبة المعارف، السعودية. - معجم الشيوخ، محمد بن أحمد بن جميع الصيداوي (ت 402 هـ) ، تحقيق د. عمر عبد السلام التدمري، ط 1، (1405 هـ) ، مؤسسة الرسالة، لبنان. - المعجم الصغير، الإمام الحافظ سليمان بن أحمد الطبراني (ت 360 هـ) ، بدون تحقيق، (1983 م) ، طبعة مصورة، لبنان. - المعجم الكبير، الإمام الحافظ سليمان بن أحمد الطبراني (ت 360 هـ) ، تحقيق حمدي عبد المجيد السلفي، ط 2، بدون تاريخ، دار إحياء التراث العربي، لبنان. - معجم المؤلفين، الأستاذ المؤرخ عمر رضا كحالة (ت 1408 هـ) ، ط 1، (1993 م) ، مؤسسة الرسالة، لبنان. - معرفة السنن والآثار، الإمام الحافظ أحمد بن الحسين بن علي البيهقي (ت 458 هـ) ، تحقيق الدكتور عبد المعطي أمين قلعجي، ط 1، (1991 م) ، دار قتيبة ودار الوعي ودار الوفاء، سورية ومصر. - معرفة علوم الحديث، الإمام الحافظ محمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري (ت 405 هـ) ، تحقيق السيد معظم حسين، ط 2، (1397 هـ) ، لبنان. - مغني اللبيب عن كتب الأعاريب، الإمام العلامة عبد الله بن يوسف بن هشام الأنصاري (ت 761 هـ) ، تحقيق علي حمد الله والدكتور مازن المبارك، ط 1، بدون تاريخ، طبعة مصورة لدى مؤسسة الصادق، إيران. - المغني عن حمل الأسفار في الأسفار، الإمام الحافظ عبد الرحيم بن الحسين العراقي (ت 806 هـ) ، (1402 هـ) ، دار المعرفة، لبنان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 278 - المغني، الإمام العلامة عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي (ت 620 هـ) ، تحقيق الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي وعبد الفتاح محمد الحلو، ط 1، (1986 م) ، هجر للطباعة، مصر. - مفردات ألفاظ القرآن، الإمام العلامة الحسين بن محمد المعروف بالراغب الأصفهاني (ت 425 هـ) ، تحقيق صفوان عدنان داودي، ط 3، (2002 م) ، دار القلم، سورية. - مقاصد الصلاة، الإمام عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام (ت 660 هـ) ، تحقيق إياد خالد الطباع، ط 1، (2000 م) ، دار الفكر، سورية. - مقدمة ابن الصلاح ومعه محاسن الاصطلاح في تضمين ابن الصلاح، الإمام الحافظ عثمان بن عبد الرحمن ابن الصلاح (ت 643 هـ) والإمام عمر بن رسلان البلقيني المصري (ت 805 هـ) ، تحقيق الدكتورة عائشة عبد الرحمن، بدون تاريخ، دار المعارف، مصر. - مناقب الشافعي، الإمام الحافظ أحمد بن الحسين بن علي البيهقي (ت 458 هـ) ، تحقيق أحمد صقر، بدون تاريخ، دار التراث، مصر. - منهاج الطالبين، الإمام الحافظ يحيى بن شرف النووي (ت 676) ، تحقيق الدكتور أحمد بن عبد العزيز الحداد، ط 1، (2000 م) ، دار البشائر الإسلامية، لبنان. - المنهاج في شعب الإيمان، العلامة القاضي الحسين بن الحسن الحليمي (ت 403 هـ) ، تحقيق حلمي محمد فودة، ط 1، (1979 م) ، دار الفكر، لبنان. - الموضوعات، الإمام الحافظ عبد الرحمن بن علي المعروف بابن الجوزي (ت 597 هـ) ، عني به توفيق حمدان، ط 1، (1995 م) ، لبنان. - الموطأ، الإمام مالك بن أنس الأصبحي (ت 179 هـ) ، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، بدون تاريخ، دار إحياء الكتب العربية، مصر. - ميزان الاعتدال في نقد الرجال، الإمام الحافظ محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي (ت 748 هـ) ، تحقيق علي محمد البجاوي، ط 1، (1963 م) ، طبعة مصورة لدى دار المعرفة، لبنان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 279 - النجم الوهاج في شرح المنهاج، الإمام العلامة محمد بن موسى بن عيسى الدميري (ت 808 هـ) ، لجنة علمية بإشراف محمد غسان نصوح عزقول، ط 1، (2004 م) ، دار المنهاج، السعودية. - النهاية في غريب الحديث والأثر، الإمام العلامة المبارك بن محمد الجزري الشهير بابن الأثير (ت 606 هـ) ، تحقيق محمود محمد الطناحي وطاهر أحمد الزاوي، بدون تاريخ، طبعة مصورة لدى دار إحياء التراث العربي، لبنان. - النور السافر عن أخبار القرن العاشر، العلامة السيد عبد القادر بن شيخ العيدروس (ت 1038 هـ) ، تحقيق الدكتور أحمد حالو ومحمود الأرناؤوط وأكرم البوشي، ط 1، (2001 م) ، دار صادر، لبنان. - هدية العارفين أسماء المؤلفين وأثار المصنفين من كشف الظنون، الأديب إسماعيل باشا البغدادي، بدون تاريخ، طبعة مصورة، لبنان. - وصايا العلماء، الإمام محمد بن عبد الله بن أحمد بن زبر الربعي (ت 379 هـ) ، تحقيق صلاح محمد الخيمي وعبد القادر الأرناؤوط، ط 1، (1406 هـ) ، دار ابن كثير، سورية ولبنان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 280 فهرس الأحاديث والآثار الواردة في الكتاب - آدم فمن دونه تحت لوائي 59 - آل محمد كل تقي 123 - أتاني آت من ربي فأخبرني 139 - أتاني آت من ربي فقال 165 - أتاني جبريل فقال 189 - أتبعها من أهلها فإذا وضعت، أبو هريرة (ث) 221 - أتدرون لم أمنت؟ 190 - أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متهلل وجهه 140 - أثنوا عليه صلى الله عليه وسلم في صلاتكم، ابن عباس (ث) 229 - أجعل شطر صلاتي دعاء لك؟ 165 - أجعل لك ثلث صلاتي؟ 165 - أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما طيّب النفس 139 - أطّت السماء وحقّ لها أن تئطّ 57 - أقربكم مني يوم القيامة في كل موطن أكثركم عليّ صلاة 178 - أكثركم عليّ صلاة أقربكم مني غدا 178 - أكثركم عليّ صلاة أكثركم أزواجا في الجنة 174 - أكثروا الصلاة على نبيكم في الليلة الغراء واليوم الأزهر 215 - أكثروا الصلاة عليّ فإن الله وكّل بي ملكا عند قبري 153 - أكثروا الصلاة عليّ في الليلة الزهراء واليوم الأغرّ فإنّ صلاتكم تعرض عليّ 153 - أكثروا الصلاة عليّ في الليلة الزهراء واليوم الأغر فإنّ صلاتكم تعرض عليّ فأدعوا 156 - أكثروا الصلاة عليّ في الليلة الغرّاء 215 - أكثروا الصلاة عليّ يوم الجمعة 215 - أكثروا من الصلاة عليّ فإنها لكم زكاة وسلوا الله عز وجل 148 - أكثروا من الصلاة عليّ في كل يوم جمعة 155 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 281 - أكثروا من الصلاة عليّ لأن أول 81 - أكثروا من الصلاة عليّ يوم الجمعة فإن صلاتكم 216 - أكثروا من الصلاة عليّ يوم الجمعة فإنه يوم مشهود 155 - أكثروا من الصلاة عليّ يوم الجمعة وليلة الجمعة 216 - ألا أخبركم بأبخل الناس؟ 196 - ألا أدلكم على خير الناس وشر الناس؟ 197 - ألا أنبئكم بأبخل البخلاء؟ 195 - ألا أهدي لك هدية، كعب بن عجرة (ث) 85 - أمر الله سبحانه وتعالى أن يهاب نبيه، قتادة (ث) 227 - أن أنسا رضي الله تعالى عنه أخرج لجماعة، أنس (ث) 226 - أن السنة في الصلاة على الجنازة أن يقرأ، ابن المسيب (ث) 221 - أن امرأة قالت للنبي صلى الله عليه وسلم صلّ عليّ 98 - أن رجلا شهدوا عليه أنه سرق ناقة 247 - أن رجلا كان يختلف إلى عثمان بن عفان 242 - أن رجلا مر بالنبي صلى الله عليه وسلم ومعه ظبي 196 - أن عليا كرم الله تعالى وجهه شكا إلى النبي صلى الله عليه وسلم تفلت القرآن 249 - أن من قال اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد 95 - أنا أكرم على ربي من أن يتركني 161 - أنا سيد ولد آدم ولا فخر 59 - أنا سيد ولد آدم 135 - أنا والله أخبرك تبدأ فتكبر ثم تصلي، أبو هريرة (ث) 221 - الأنبياء أحياء في قبورهم يصلون 159 - أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا سمع المؤذن يقيم 205 - أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول في الصلاة 85 - أنه كان يقول في الصلاة «اللهم صل على محمد» ، كعب بن عجرة (ث) 70 - أوحى الله تبارك وتعالى إلى موسى عليه السلام إنني جعلت، ابن عباس (ث) 178 - أوحى الله عز وجل إلى موسى عليه السلام في بعض ما أوحى إليه، كعب (ث) 172 - أوصاني رسول الله صلى الله عليه وسلم 80 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 282 - أيما رجل كسب مالا من حلال فأطعم نفسه 174 - أيما رجل مسلم لم يكن عنده صدقة فليقل 174 - أيما قوم جلسوا فأطالوا الجلوس 197 - إذا أراد أحدكم أن يدعو فأحبّ أن يستجاب له 233 - إذا أراد أحدكم أن يسأل الله شيئا فليبدأ 233 - إذا أكلتم الفجل وأردتم ألا يوجد له ريح فاذكروني 238 - إذا أنتم صليتم فقولوا 69 - إذا تشهد أحدكم في الصلاة 70 - إذا تطهر أحدكم فليذكر اسم الله 200 - إذا دخل أحدكم المسجد فليسلم على النبي صلى الله عليه وسلم 211 - إذا دخلت منزلك فسلّم 177 - إذا دعي أحدكم إلى طعام 37 - إذا ذكرني عبدي في نفسه ذكرته في نفسي 144 - إذا سألتم الله عز وجل حاجة فابدؤوا 243 - إذا سلمتم عليّ فسلموا على المرسلين 82 - إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلّوا عليّ 203 - إذا صليت فقعدت 70 - إذا صليتم على المرسلين فصلوا عليّ 82 - إذا صليتم علي فأحسنوا الصلاة 81 - إذا طنت أذن أحدكم فليصل عليّ 235 - إذا فرغ أحدكم من طهره فليقل 200 - إذا قدم الرجل منكم حاجا فليطف، عمر (ث) 222 - إذا قلت هذا فقد قضيت صلاتك 74 - إذا كان يوم الجمعة وليلة الجمعة 216 - إذا كان يوم الخميس بعث الله ملائكة 215 - إذا كان يوم القيامة يجيىء أصحاب الحديث 256 - إذا نسيتم شيئا فصلوا عليّ تذكروه إن شاء الله 238 - إذن يكفيك الله تبارك وتعالى ما أهمك 165 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 283 - إن أبخل الناس من ذكرت عنده فلم يصل عليّ 196 - إن أقربكم مني يوم القيامة في كل موطن أكثركم 154 - إن أولى الناس بي يوم القيامة أكثركم عليّ صلاة 177 - إن ابني هذا سيد 135 - إن الأنبياء لا يتركون في قبورهم 161 - إن البيت المعمور يصلي فيه كل يوم 57 - إن الله تعالى أعطاني ما لم يعط غيري من الأنبياء 150 - إن الله حرّم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء 156 - إن الله عز وجل جزأ الخلق 57 - إن الله وكل بقبري ملكا أعطاه أسماع الخلائق 149 - إن الملائكة تقول لروح المؤمن صلى الله عليك 98 - إن بمكة حجرا كان 113 - إن جبريل أتاني فبشرني فقال إن الله 137 - إن جبريل أتاني فقال من صلى عليك من أمتك واحدة 138 - إن جبريل تبدى لي في أول درجة 191 - إن جبريل جاءني فقال ألا أبشرك يا محمد 138 - إن جبريل عليه السلام صعد قبلي العتبة الأولى 190 - إن جبريل لقيني فقال أبشرك أن الله يقول 138 - إن رجلا من المنافقين شمت 75 - إن علمي بعد موتي كعلمي في الحياة 154 - إنّ عليك السلام تحية الميت 162 - إن لآدم من الله موقفا في فسيح العرش 171 - إن لكل آدمي عشرة منهم 57 - إن للمساجد أوتادا جلساؤهم الملائكة 145 - إن لله تعالى ملكا تحت العرش على رأسه ذؤابة 143 - إن لله سيارة من الملائكة إذا مروا 148 - إنّ لله سيارة من الملائكة يطلبون حلق الذكر 170 - إن لله ملائكة خلقوا من النور 215 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 284 - إنّ لله ملائكة سياحين يبلغوني عن أمتي السلام 151 - إن لله ملائكة يسيحون في الأرض يبلغوني صلاة 151 - إن لله ملكا أعطاه أسماع الخلائق 149 - إن لله ملكا له جناحان أحدهما بالمشرق 143 - إن ناسا من القصاص قد أحدثوا في الصلاة، عمر بن عبد العزيز (ث) 97 - إن هذا من العلم المكنون 144 - إنا آل محمد لا تحل لنا الصدقة 122 - إنا معشر قريش لا ننبر 55 - إنكم تعرضون عليّ بأسمائكم 81 - إني أباهي بكم الأمم 51 - إني أرى الملائكة سدّوا الأفق 90 - إني بعثت إلى أهل البقيع 39 - إني رأيت البارحة عجبا 173 - إني قد أجمعت أن أجعل شطر صلاتي 168 - إني لأعرف حجرا بمكة كان 113 - ائت الميضأة فتوضأ ثم ائت المسجد 243 - ابدأ بنفسك 61 - اتخذ الله إبراهيم خليلا وموسى نجيا 216 - اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم ولا تتخذوها قبورا 158 - احضروا المنبر فحضرنا فلما ارتقى درجة قال آمين 188 - بئس خطيب القوم أنت 46 - باسم الله وعلى سنة رسول الله 221 - بحسب المرء من البخل أن أذكر عنده فلا يصلي عليّ 195 - بحسب امرىء من البخل 194 - البخيل كل البخل من ذكرت عنده فلم يصل عليّ 194 - البخيل من ذكرت عنده فلم يصل عليّ من صلى عليّ 137 - البخيل من ذكرت عنده فلم يصل عليّ 194 - بكاء الصغير إلى شهرين 81 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 285 - بينما النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر إذ قال 190 - تقولون اللهم اجعل صلاتك وبركاتك 86 - تقولون اللهم صل على آل محمد 85 - تقولون اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وبارك 88 - ثلاثة تحت ظل عرش الله يوم القيامة 171 - ثم سلوا الله لي الوسيلة 48 - ثم ليتخير من الدعاء ما شاء 74 - حجّوا الفرائض فإنها أعظم أجرا من عشرين غزوة 174 - حسب العبد من البخل إذا ذكرت عنده ألا يصلي عليّ 195 - حسنوا الصلاة على نبيكم 134 - حملة القرآن آل الله 121 - حيثما كنتم فصلوا عليّ فإن صلاتكم تبلغني 151 - خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا بأبي طلحة 141 - خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مسرور فقال الملك جاءني 139 - دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم فلم أره أشد 140 - دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسارير وجهه تبرق 140 - الدعاء كله محجوب حتى يكون أوله ثناء على الله عز وجل 234 - الدعاء والصلاة معلق بين السماء والأرض 234 - الدعاء يحجب عن السماء 234 - دفعنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو أطيب شيء نفسا 140 - ذاك إبراهيم 127 - ذكر لي أن الدعاء يكون بين السماء والأرض، عمر (ث) 235 - زينوا مجالسكم بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، عائشة (ث) 176 - زينوا مجالسكم بالصلاة عليّ 176 - سجدت شكرا لأن جبريل أخبرني 138 - سجدت شكرا لربي فيما أبلاني في أمتي من صلى عليّ صلاة من أمتي كتب 138 - سجدت شكرا لربي فيما أبلاني في أمتي من صلى عليّ صلاة صلت عليه الملائكة 142 - السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته 132 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 286 - السلام عليكم دار قوم مؤمنين 162 - سلموا عليّ فإن تسليمكم يبلغني أينما كنتم 152 - شقي عبد ذكرت عنده فلم يصل عليّ 191 - الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أفضل من عتق الرقاب، أبو بكر (ث) 168 - الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم تدرك الرجل وولده، حذيفة (ث) 178 - الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عبادة، وهب (ث) 176 - الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمحق للخطايا، أبو بكر (ث) 168 - الصلاة عليّ نور على الصراط 212 - الصلاة عليّ نور يوم القيامة 176 - الصلاة عليّ نور يوم القيامة 81 - صلاتكم عليّ محرزة لدعائكم 148 - صلوا على أنبياء الله تعالى ورسله 82 - صلوا عليّ صلى الله عليكم 80 - صلوا عليّ فإن الصلاة عليّ درجة لكم 137 - صلوا عليّ فإن الصلاة عليّ زكاة لكم 148 - صلوا عليّ فإن الصلاة عليّ كفارة لكم وزكاة 80 - صلوا عليّ فإن صلاتكم وتسليمكم يبلغني حيثما كنتم 152 - صلوا عليّ فإنها لكم أضعاف مضاعفة 80 - صلوا عليّ وقولوا اللهم صل على محمد 110 - صلوا كما رأيتموني أصلي 71 - صلى الله على رسوله لقد نزلنا معه ههنا، أسماء (ث) 225 - عجل هذا 71 - عجلت أيها المصلي 72 - عدّهن في يدي جبريل وقال عدّهن 89 - علم جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف 113 - فأحسنوا الصلاة على نبيكم صلى الله عليه وسلم فإنكم، ابن مسعود (ث) 104 - قال جبريل يا محمد إن الله عز وجل يقول 171 - قلت لجبريل أيّ الأعمال أحب إلى الله عز وجل؟ 176 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 287 - قلت يا جبريل أيصلي 41 - قولوا اللهم اجعل صلاتك ورحمتك وبركاتك على سيد المرسلين 87 - قولوا اللهم اجعل صلاتك ورحمتك وبركاتك على محمد 88 - قولوا اللهم صل على محمد عبدك ورسولك كما صليت 86 - قولوا اللهم صل على محمد عبدك ورسولك وأهل 86 - قولوا اللهم صل على محمد كما صليت على إبراهيم 88 - قولوا اللهم صل على محمد وبارك على محمد وعلى آل محمد 88 - قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وآل 87 - قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل 84 - قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وبارك على محمد 87 - قولوا اللهم صل على محمد وعلى أزواجه 86 - قولوا بقولكم ولا تستهوينكم الشياطين 134 - قوموا إلى سيدكم 134 - قوموا لسيدكم 135 - كان أبي إذا كربه أمر، جعفر الصادق (ث) 231 - كان إذا دخل المسجد قال باسم الله 211 - كان إذا سمع النداء قال اللهم 205 - كان إذا وقف هناك صلى وسلم على النبي، ابن عمر (ث) 225 - كان لا يمسّ القبر، ابن عمر (ث) 225 - كان يعلمنا التشهد التحيات 72 - كان يكبر على الصفا ثلاثا، ابن عمر (ث) 223 - كان يمس القبر المكرم، ابن عمر (ث) 225 - كانوا في حياته صلى الله عليه وسلم يقولون 114 - كانوا يصلون على النبي صلى الله عليه وسلم في قنوت وتر رمضان، الزهري (ث) 202 - كانوا يقولون يا محمد يا أبا القاسم فنهاهم الله، ابن عباس (ث) 227 - كفى به شحا أن أذكر عند رجل فلا يصلي عليّ 195 - كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بذكر الله ثم بالصلاة عليّ 251 - كل خطبة ليس فيها تشهد فهي كاليد الجذماء 219 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 288 - كل دعاء محجوب حتى يصلّى على النبي صلى الله عليه وسلم 234 - كل دعاء محجوب حتى يصلى على محمد وآل محمد 235 - كل كلام لا يذكر الله تعالى فيه فيبدأ به وبالصلاة عليّ 251 - كم أجعل لك من صلاتي؟ 164 - كنا نعدّ لرسول الله صلى الله عليه وسلم سواكه وطهوره، عائشة (ث) 210 - كنا نعلّم التشهد، الشعبي (ث) 68 - لا تجعلوا بيوتكم قبورا ولا تجعلوا قبري عيدا 152 - لا تجعلوني كقدح الراكب اجعلوني في أول دعائكم 234 - لا تجعلوني كقدح الراكب قيل وما قدح الراكب؟ 233 - لا تذكروني في ثلاث مواطن 237 - لا تسموه إذا دعوتموه يا محمد، مقاتل (ث) 227 - لا تصلح على أحد إلا على النبي صلى الله عليه وسلم، ابن عباس (ث) 97 - لا تصلوا عليّ الصلاة البتيراء 94 - لا تضربوا أولادكم على بكائهم سنة 82 - لا تقل عليك السلام فإن عليك السلام تحية الموتى 162 - لا تكون صلاة إلا بقراءة وتشهد، ابن عمر (ث) 68 - لا تنبغي الصلاة من أحد على أحد إلا، ابن عباس (ث) 97 - لا صلاة إلا بطهور 72 - لا صلاة لمن لم يصل على نبيه 72 - لا صلاة لمن لم يصل فيها على النبي صلى الله عليه وسلم، ابن مسعود (ث) 68 - لا وضوء لمن لم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم 200 - لا يؤمن أحدكم حتى يكون الله ورسوله أحبّ إليه 46 - لا يجلس قوم مجلسا لا يصلون فيه على رسول الله صلى الله عليه وسلم 198 - لا يرى وجهي ثلاثة أنفس 199 - لا ينهق الحمار حتى يرى شيطانا 239 - لبيك اللهم ربي وسعديك صلوات الله البرّ الرحيم 94 - لست بنبيء الله 55 - لقد رأيتني في الحجر وقريش تسألني 159 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 289 - لقد قلت كلمة عدلت جميع ما قلتيه 179 - لقن السمع ثلاثة 154 - لكل شيء طهارة وغسل 180 - لما رقيت الدرجة الأولى جاءني جبريل 189 - لما كانت ليلة بعثت 112 - لما نزلت آية إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ قال رجل 85 - اللهم أرجو رحمتك 132 - اللهم إني أسألك يا الله يا رحمن 95 - اللهم إيمانا بك، ابن عمر (ث) 223 - اللهم اجعل صلاتك ورحمتك على آل سعد بن عبادة 98 - اللهم اجعل صلاتك ورحمتك وبركاتك على محمد 90 - اللهم ارحمني ومحمدا 132 - اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك 211 - اللهم تقبل شفاعة محمد الكبرى، ابن عباس (ث) 94 - اللهم داحي المدحوات وبارىء المسموكات 92 - اللهم زد هذا البيت تشريفا 166 - اللهم صل على آل أبي أوفى 39 - اللهم صل على أبي بكر فإنه يحبك 98 - اللهم صل على محمد النبي وأزواجه أمهات المؤمنين 87 - اللهم صل على محمد كما أمرتنا أن نصلي عليه 94 - اللهم صل على محمد كما صليت على إبراهيم 129 - اللهم صل على محمد وعلى آل بيته كما صليت 89 - اللهم قد جعلت صلاتك ورحمتك ومغفرتك 95 - ليس أحد من أمة محمد صلى الله عليه وسلم يصلي عليه صلاة إلا، ابن عباس (ث) 151 - ليس أحد يصلي عليّ يوم الجمعة إلا عرضت عليّ صلاته 156 - ليس من عبد يصلي عليّ إلا بلغني صوته حيث كان 156 - ليس هكذا علمنا رسول الله، ابن عمر (ث) 236 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 290 - ما أعلم الصلاة تنبغي على أحد من أحد إلا، ابن عباس (ث) 97 - ما اجتمع قوم ثم تفرقوا عن غير ذكر الله عز وجل 199 - ما جلس في مأدبة ولا ختان، ابن مسعود (ث) 230 - ما جلس قوم مجلسا ثم تفرقوا 197 - ما جلس قوم مجلسا لم يذكروا الله تعالى فيه ولم 197 - ما جلس قوم مجلسا لم يذكروا الله عز وجل إلا كان 198 - ما جلس قوم يذكرون الله لم يصلوا على نبيهم 198 - ما خصّك الله تعالى يا رسول الله بشرف إلا، أبو بكر (ث) 35 - ما شبع آل محمد من خبز 122 - ما صلى عليّ عبد من أمتي صلاة صادقا من قلبه إلا 139 - ما في السماوات السبع موضع 57 - ما كان ينبغي لابن أبي قحافة 133 - ما مكث نبي في الأرض أكثر من أربعين يوما، ابن المسيب (ث) 161 - ما من أحد يسلم عليّ إلا ردّ الله إليّ روحي 152 - ما من أحد يسلم عليّ إلا ردّ الله عليّ روحي 152 - ما من أحد يمر بقبر أخيه المؤمن كان يعرفه في الدنيا 157 - ما من دعاء إلا وبينه وبين السماء 235 - ما من عبد صلى عليّ صلاة إلا عرج بها ملك 149 - ما من عبد مؤمن يذكرني فيصلي عليّ إلا كتب 136 - ما من عبد يسلم عليّ عند قبري إلا وكّل الله بها ملكا 153 - ما من قوم جلسوا مجلسا ثم قاموا منه 198 - ما من مؤمن يصلي ليلة الجمعة ركعتين 216 - ما من متحابين يستقبل أحدهما صاحبه 248 - ما من مسلم يسلم عليّ في شرق ولا غرب إلا 153 - ما من مسلم يصلي عليك صلاة واحدة إلا صليت أنا 141 - ما من مسلم يقف عشية عرفة 223 - ما من يوم وليلة إلا وينزل 57 - مثل البيت الذي يذكر الله عز وجل فيه والبيت الذي لا يذكر 158 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 291 - مررت بموسى ليلة أسري بي عند الكثيب الأحمر 159 - من أراد أن يحدث بحديث فنسيه فليصل عليّ 238 - من أعتق رقبة أعتق الله بكل عضو منها عضوا منه 168 - من أفضل أيامكم يوم الجمعة فيه خلق آدم 155 - من أوى إلى فراشه ثم قرأ تبارك الملك 229 - من الجفاء أن أذكر عند رجل فلا يصلي عليّ 193 - من بلغه عن الله عز وجل شيء فيه فضيلة 261 - من بلغه عن الله فضيلة فلم يصدق بها لم ينلها 261 - من حجّ حجة الإسلام وزار قبري وغزا غزوة 179 - من حجّ حجة الإسلام وغزا بعدها غزاة كتبت 174 - من خاف على نفسه النسيان فليكثر الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم 238 - من دعا بهؤلاء الدعوات في دبر كل صلاة 202 - من ذكرت بين يديه ولم يصل عليّ صلاة تامة فليس مني 194 - من ذكرت عنده فخطىء الصلاة عليّ خطىء طريق الجنة 192 - من ذكرت عنده فلم يصل عليّ دخل النار 191 - من ذكرت عنده فلم يصل عليّ فقد خطىء طريق الجنة 192 - من ذكرت عنده فلم يصلي عليّ فقد شقي 191 - من ذكرت عنده فليصل عليّ ومن صلى عليّ مرة 137 - من ذكرت عنده فنسي الصلاة عليّ خطىء 192 - من روى حديثا وهو يظنه كذبا فهو أحد الكاذبين 260 - من زار قبري وجبت له شفاعتي 204 - من سره أن يكتال بالمكيال الأوفى إذا صلى 91 - من سره أن يكتال بالمكيال الأوفى فليقرأ سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ 92 - من سرّه أن يلقى الله راضيا فليكثر من الصلاة عليّ 170 - من شغله ذكري عن مسألتي 166 - من صلى صلاة العصر من يوم الجمعة فقال 213 - من صلى صلاة لم يصل فيها عليّ 73 - من صلى على النبي صلى الله عليه وسلم بهؤلاء الكلمات، علي (ث) 217 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 292 - من صلى على النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة مئة مرة 213 - من صلى على النبي واحدة صلى الله تعالى عليه وملائكته بها 142 - من صلى على روح محمد في الأرواح 91 - من صلى على محمد وعلى آل محمد مئة مرة قضى الله عز وجل له مئة حاجة 175 - من صلى عليّ بلغتني صلاته وصليت عليه 143 - من صلى عليّ حين يصبح عشرا وحين يمسي عشرا 146 - من صلى عليّ صلاة تعظيما لحقي جعل الله 143 - من صلى عليّ صلاة جاءني بها ملك فأقول 150 - من صلى عليّ صلاة صلت عليه الملائكة ما صلى 142 - من صلى عليّ صلاة صلى الله عليه بها 150 - من صلى عليّ صلاة صلى الله عليه وملائكته عشرا ومن صلى 142 - من صلى عليّ صلاة كتب الله له قيراطا 149 - من صلى عليّ صلاة لم تزل الملائكة تصلي عليه 142 - من صلى عليّ صلاة واحدة أمر الله تعالى حافظيه ألا يكتبا عليه ذنبا 169 - من صلى عليّ صلاة واحدة صلى الله عليه عشرا 136 - من صلى عليّ صلاة واحدة قضيت له مئة حاجة 175 - من صلى عليّ صلاة واحدة كتب الله له عشر حسنات 136 - من صلى عليّ صلاة واحدة لم يلج النار حتى يعود اللبن في الضرع 169 - من صلى عليّ صلى الله عليه وملائكته فليكثر عبد 142 - من صلى عليّ صلى عليه ملك حتى يبلغنيها 155 - من صلى عليّ عشرا صلى الله عليه مئة 136 - من صلى عليّ عند قبري سمعته ومن صلى علي من بعيد علمته 153 - من صلى عليّ عند قبري سمعته ومن صلى عليّ نائيا وكل الله 153 - من صلى عليّ في كتاب لم تزل الصلاة جارية له 255 - من صلى عليّ في كتاب لم تزل الملائكة يستغفرون له 255 - من صلى عليّ في كل يوم جمعة أربعين مرة 214 - من صلى عليّ في كل يوم مئة مرة قضى الله له مئة حاجة 175 - من صلى عليّ في يوم ألف مرة لم يمت حتى يرى مقعده 173 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 293 - من صلى عليّ في يوم الجمعة ألف مرة 213 - من صلى عليّ في يوم خمسين مرة صافحته يوم القيامة 179 - من صلى عليّ في يوم مئة مرة كتب الله له بها ألف ألف 175 - من صلى عليّ كتب الله له بها عشر حسنات 143 - من صلى عليّ كنت شفيعه يوم القيامة 146 - من صلى عليّ مئة صلاة حين يصلي الصبح 203 - من صلى عليّ مرة واحدة فتقبلت محا الله عنه ذنوب ثمانين سنة 169 - من صلى عليّ مساء غفر له قبل أن يصبح 229 - من صلى عليّ واحدة صلى الله عليه عشرا 50 - من صلى عليّ يوم الجمعة ألف مرة 214 - من صلى عليّ يوم الجمعة ثمانين مرة غفر الله له ذنوب ثمانين سنة 212 - من صلى علي يوم الجمعة ثمانين مرة غفر الله له ذنوب ثمانين عاما 212 - من صلى عليّ يوم الجمعة صلاة واحدة صلى الله عليه وملائكته 214 - من صلى عليّ يوم الجمعة كانت شفاعة له 213 - من صلى علي يوم الجمعة مئة صلاة 214 - من صلى عليّ يوم الجمعة مئتي صلاة 212 - من صلى عليك في اليوم والليلة مئة مرة صليت عليه 144 - من عسر عليه شيء فليكثر من الصلاة عليّ 231 - من عطس فقال الحمد لله على كل حال 236 - من قال إذا ركب دابة باسم الله 230 - من قال اللهم صل على محمد وأنزله المقعد 90 - من قال اللهم صل على محمد وعلى آل محمد 90 - من قال اللهم صل على محمد وعلى آل 131 - من قال جزى الله عنا محمدا صلى الله عليه وسلم بما هو أهله 91 - من قال حين يسمع النداء أشهد ألاإله إلا الله 205 - من قال حين يسمع النداء 205 - من قال حين ينادي المنادي 204 - من قال في يوم الجمعة بعد العصر اللهم 213 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 294 - من قال ليلة الجمعة عشر مرار يا دائم الفضل 217 - من قرأ القرآن وحمد الربّ 177 - من كانت له إلى الله حاجة أو إلى أحد 240 - من كانت له حاجة إلى الله فليسبغ الوضوء 241 - من كتب عني علما فكتب معه صلاة عليّ لم يزل في أجر 255 - من كتب في كتابه صلى الله عليه وسلم لم تزل الملائكة 255 - من كذب عليّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار 260 - من لم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد، الشعبي (ث) 68 - من لم يصل عليّ فلا دين له 199 - من نسي الصلاة عليّ خطىء طريق الجنة 192 - موطنان لا يذكر فيهما رسول الله صلى الله عليه وسلم، ابن عباس (ث) 237 - نعم وأردّ عليهم 162 - هذا يقول في صلاته اللهم صل على محمد كما تحبّ 96 - وأرسلت إلى الخلق كافة 59 - وإذا أمرتكم بشيء فافعلوا منه ما استطعتم 261 - وإن زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم سألتني 75 - وإنها لا تحل لمحمد ولا لآل محمد 122 - وجعلت قرة عيني في الصلاة 54 - وصلوا عليّ وسلموا حيثما كنتم 152 - ولا تتخذوا بيوتكم قبورا 158 - ولكن صاحبكم خليل لله 127 - ومن ذكرت عنده فلم يصل عليك فأبعده الله قل أمين 188 - ومن صلى عليّ ألفا زاحمت كتفه 137 - ومن صلى عليّ ثم بلغتني صلاته صليت عليه كما صلى عليّ 143 - ومن صلى عليّ مئة كتب الله بين عينيه 137 - ويل لمن لا يراني في القيامة 195 - يا أيها الناس إنّ أنجاكم يوم القيامة من أهوالها 169 - يا أيها الناس اذكروا الله 164 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 295 - يا بريدة إذا جلست في صلاتك 72 - يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث 132 - يا رسول الله ما أقرب الأعمال إلى الله؟ 177 - يا زيد لا تدع إذا كان يوم الجمعة 214 - يا محمد إني متوجه بك إلى ربي 111 - يا محمد ارفع رأسك 111 - يا موسى أتريد أن أكون لك أقرب من كلامك 173 - يبعث الله الناس فيكسوني ربي حلة خضراء 206 - يتشهد الرجل في الصلاة، ابن مسعود (ث) 68 - يضحك الله إلى رجلين 210 - يكره أن يصلى إلا على نبي، سفيان الثوري (ث) 97 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 296 الفهرس التفصيلي لموضوعات الكتاب الموضوع الصفحة بين يدي الكتاب 5 ترجمة المؤلف رحمه الله تعالى 7 وصف النسخ الخطية 20 منهج العمل في الكتاب 21 صور المخطوطات المستعان بها 23 خاتمة التحقيق 32 الدر المنضود في الصلاة والسلام على صاحب المقام المحمود خطبة الكتاب 33 مقدمة في الكلام على قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ وما فيه من فوائد 35 - الفائدة الأولى: في وجه مناسبة الآية لما قبلها 35 - الفائدة الثانية: في أصل معنى الصلاة لغة 37 - الفائدة الثالثة: في معنى صلاة الله وملائكته على النبي صلى الله عليه وسلم 40 فائدة في إعراب قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ 45 - الفائدة الرابعة: في المقصود بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم 47 تنبيه: الدعاء بالمغفرة لا يستلزم وجود ذنب 49 فائدة في معنى قوله صلى الله عليه وسلم: «من صلّى عليّ واحدة ... » 50 - الفائدة الخامسة: في بلاغة قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ 53 تنبيه: المراد بقوله صلى الله عليه وسلم: «وجعلت قرة عيني في الصلاة» 54 مطلب: الرسول أخص مطلقا من النبي 56 مطلب: قول ابن عبد السلام: النبوة أفضل من الرسالة 56 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 297 مطلب: بلاغة قوله تعالى: وَمَلائِكَتَهُ 56 مطلب: بلاغة قوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا 58 مطلب: الكفار مخاطبون بالفروع المجمع عليها 58 مطلب: أنه صلى الله عليه وسلم مرسل للخلق عامة 58 مطلب: الأنبياء أفضل من الملائكة والأدلة على ذلك 59 مطلب: بلاغة قوله تعالى يا أَيُّهَا 64 مطلب: اختلاف الأصوليين في دخوله صلى الله عليه وسلم في صيغة: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ونحوها 64 - الفائدة السادسة: في حكم الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم 65 مطلب: أدلة وجوب الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم في التشهد عند الشافعية 69 تتمة: في صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم على نفسه 75 مطلب: حكم السلام عليه صلى الله عليه وسلم 76 - الفائدة السابعة: وجه البلاغة في تأكيد السلام عليه صلى الله عليه وسلم دون الصلاة في قوله تعالى: صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً 76 تنبيه: في قول ابن عبد السلام: إنه يكفي أن يقال: (صلى الله عليه وسلم) 79 الفصل الأول: في الأمر بالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم في أي وقت كان، وفي الأمر بتحسينها، وأن علامة أهل السنة الإكثار منها، وغير ذلك 80 الفصل الثاني: في كيفية الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم على اختلاف أنواعها 84 مطلب: في حديث سيدنا علي رضي الله عنه: «اللهم؛ داحي المدحوات ... » 92 تنبيه: أسماء الله تعالى توقيفية 95 الفصل الثالث: في مسائل وفوائد تتعلق بما مضى في الفصلين الأولين 97 - المسألة الأولى 97 مطلب: في حكم السلام على غير الأنبياء 98 - المسألة الثانية: أفضل الكيفيات في الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم 101 مطلب: في الصيغة التي مال إليها المصنف في الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم 103 مطلب: في الصلاة على غير الأنبياء تبعا 107 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 298 مطلب: في عدم جواز إبدال لفظ (محمد) ب (أحمد) ، وبالضمير في التشهد 109 مطلب: يكره أن يقال: (قال الرسول) ، بل: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم) 109 مطلب الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم خارج الصلاة بصيغة الخبر أفضل منها بصيغة الطلب 110 مطلب: الحكمة من اقتصاره صلى الله عليه وسلم في كثير من الروايات على اسمه العلم 110 - المسألة الثالثة: في كراهة إفراد الصلاة عن السلام وعكسه 112 مطلب: في معنى السلام عليه صلى الله عليه وسلم 113 مطلب: حكمة الالتفات من الغيبة إلى الخطاب في التشهد 113 - المسألة الرابعة: في المراد بقولهم: (كيف نصلي عليك؟) 116 - المسألة الخامسة: في بيان ألفاظ مرت في صلاة التشهد 117 معنى قوله: (اللهم) 117 معنى قوله: (محمد) 117 معنى قوله: (الأمي) 119 معنى قوله: (أزواجه) 119 تنبيه: فيمن تصدق عليها تسمية أم المؤمنين من أزواجه صلى الله عليه وسلم 121 معنى قوله: (الذرية) 121 معنى قوله: (الآل) 121 معنى قوله: (البركة) 123 معنى قوله: (إبراهيم) 123 معنى قوله: (آل إبراهيم) 124 معنى قوله: (العالمون) 125 معنى قوله: (الحميد) 125 معنى قوله: (المجيد) 125 معنى قوله: (الأعلون) 126 معنى قوله: (المصطفون) 126 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 299 معنى قوله: (المقربون) 126 معنى قوله: (المكيال الأوفى) 126 - المسألة السادسة: في وجه تخصيص سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام بالتشبيه به وباله 126 - المسألة السابعة: اختلاف العلماء في زيادة الترحم في الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم 131 - المسألة الثامنة: في زيادة (سيدنا) قبل (محمد) 133 الفصل الرابع: في فوائد الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم 136 - صلاة الله تعالى وملائكته ورسوله، ورفع الدرجات، وتكفير السيئات، وأنها تعدل عتق عشر رقاب 136 تنبيه: في اقتران ثواب الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم بثواب ذكر الله تعالى 144 - أنها سبب لمحبة الملائكة وإعانتهم وترحيبهم 145 - أنها سبب لشفاعته وشهادته صلى الله عليه وسلم 146 - أنها سبب للبراءة من النفاق ومن النار، وللرقيّ إلى منازل الشهداء 147 - أنها كفارة لنا وزكاة لأعمالنا 147 - أنها سبب لمزاحمة كتفه صلى الله عليه وسلم على باب الجنة 148 - أنها تستغفر لقائلها وتقرّ بها عينه 149 - أن المرّة الواحدة منها بقيراط كجبل أحد 149 - أن ملكا قائما على قبره صلى الله عليه وسلم يبلغه إياها 149 تنبيه: أنه صلى الله عليه وسلم تبلغه الصلاة والسلام من بعد ويسمعها من قرب 156 مطلب في الحث على زيارة القبر الشريف 157 مطلب في حياة النبي صلى الله عليه وسلم في قبره الشريف 158 مطلب في معنى رد الروح إليه صلى الله عليه وسلم 160 خاتمة 162 - أنها سبب للكيل بالمكيال الأوفى من الثواب 164 - أنها سبب لكفاية المهمات في الدنيا والآخرة ولمغفرة الذنوب 164 - أنها أمحق للخطايا من الماء للنار، وأن السلام عليه أفضل من عتق الرقاب 168 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 300 - أن المرة الواحدة منها تمحو ذنوب ثمانين سنة، وتحفظ من دخول النار 169 - أنها سبب للنجاة من أهوال يوم القيامة 169 - أنها سبب لرضا الله تعالى 170 - أنها سبب لغشيان الرحمة 170 - أنها سبب للأمان من سخط الله تعالى 170 - أنها سبب للدخول تحت ظل العرش 171 - أنها سبب لثقل الميزان، والنجاة من النار 171 - أنها سبب للأمن من العطش يوم القيامة 172 - أنها تأخذ بيد من يعثر على الصراط حتى يمر عليه 173 - أن من صلى عليه في يوم ألف مرة.. لم يمت حتى يرى مقعده من الجنة 173 - أنها سبب لكثرة الأزواج في الجنة 173 - أنها تعدل عشرين غزوة في سبيل الله تعالى 174 - أنها تعدل الصدقة 174 - أن صلاة مئة في يوم بألف ألف حسنة، وبمئة صدقة مقبولة، وتمحو ألف ألف سيئة 175 - أن صلاة مئة كل يوم سبب لقضاء مئة حاجة سبعين للآخرة وثلاثين للدنيا 175 - أن صلاة واحدة سبب لقضاء مئة حاجة 175 - أن من صلّى عليه مئة مرة في اليوم.. كان كمن داوم العبادة طول الليل والنهار 176 - أنها أحب الأعمال إلى الله تعالى 176 - أنها زينة للمجالس، ونور يوم القيامة على الصراط 176 - أنها تنفي الفقر 177 - أن من أكثر منها يكون أولى الناس به صلى الله عليه وسلم 177 - أن بركتها وفائدتها تدرك الرجل وذريته 178 - أن أحب ما يكون العبد إلى الله تعالى وأقربه إذا أكثر منها 178 - أن الآتي بها قد لا يسأله الله فيما افترض عليه 179 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 301 - أن من صلّى عليه في يوم خمسين مرة صافحه يوم القيامة 179 - أنها طهارة للقلوب من الصدأ 180 خاتمة: في ذكر منامات فيها الحث على الإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم 182 الفصل الخامس: في ذكر عقوبات من لم يصلّ عليه صلى الله عليه وسلم 188 - شقاوة وبعد من ترك الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم 188 - من لم يصلّ عليه.. خطىء طريق الجنة 192 - من لم يصلّ عليه.. فقد جفاه 193 - من لم يصلّ عليه عند ذكره.. فهو أبخل الناس 194 - من لم يصلّ عليه عند ذكر اسمه.. فهو ملعون 196 - من لم يصلّ عليه عند ذكر اسمه.. فهو ألأم الناس 196 - كل مجلس خلا عن ذكره.. كان على أهله ترة 197 - من لم يصلّ عليه.. فلا دين له 199 - من لم يصلّ عليه.. لا يرى وجه النبي صلى الله عليه وسلم 199 الفصل السادس: في ذكر أمور مخصوصة تشرع الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فيها 200 - الأول: بعد الفراغ من الوضوء والغسل والتيمم 200 - الثاني: في الصلاة إذا مرّ فيها باية فيها ذكره صلى الله عليه وسلم 200 - الثالث: عقب الصلاة 202 - الرابع: عقب إقامة الصلاة وعقب الأذان 203 مطلب: في معنى الشفاعة الواجبة لسائل الوسيلة له صلى الله عليه وسلم 204 مطلب: في معنى المقام المحمود 206 مطلب: في شفاعاته صلى الله عليه وسلم 206 مطلب: قول الغزالي في شفاعته صلى الله عليه وسلم 206 فائدة: في الصلاة على رسول صلى الله عليه وسلم عقب الأذان 209 - الخامس: عند القيام لصلاة الليل من النوم 210 - السادس: بعد الفراغ من التهجّد 210 - السابع: عند المرور بالمساجد ودخولها والخروج منها 210 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 302 - الثامن: في يوم الجمعة وليلتها 212 - التاسع: في الخطب 218 - العاشر: في تكبيرات صلاة العيدين 220 - الحادي عشر: في صلاة الجنازة 220 - الثاني عشر: في الحج عقب التلبية، ومع الصفا والمروة، وعند استلام الحجر، وفي الطواف، وفي الموقف، وفي الملتزم 222 - الثالث عشر: عند قبره الشريف صلى الله عليه وسلم 225 - الرابع عشر: عند الذبيحة 227 - الخامس عشر: عند عقد البيع 228 - السادس عشر: عند كتابة الوصية 228 - السابع عشر: في خطبة التزويج 229 - الثامن عشر: في طرفي النهار، وعند النوم 229 - التاسع عشر: عند إرادة السفر 230 - العشرون: عند ركوب الدابة 230 - الحادي والعشرون: عند الخروج إلى السوق، وحضور دعوة، ونحوها 230 - الثاني والعشرون: عند دخول المنزل 230 - الثالث والعشرون: في الرسائل، وبعد البسملة 230 - الرابع والعشرون: عند الهمّ، والشدائد، والكروب، ووقوع الطاعون 231 - الخامس والعشرون: عند خوف الغرق 233 - السادس والعشرون: في أول الدعاء، ووسطه، وآخره 233 - السابع والعشرون: عند طنين الأذن 235 - الثامن والعشرون: عند خدر الرّجل 236 - التاسع والعشرون: عند العطاس 237 تنبيه: فيما يفرد فيه ذكر الله 237 فائدة: في كراهة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عند التعجب 237 - الثلاثون: عند تذكر منسيّ، أو خوف نسيان 238 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 303 - الحادي والثلاثون: عند استحسان الشيء 238 - الثاني والثلاثون: عند أكل الفجل 238 - الثالث والثلاثون: عند نهيق الحمير 239 - الرابع والثلاثون: عقب الذّنب 239 - الخامس والثلاثون: عند عروض حاجة 239 - السادس والثلاثون: في سائر الأحوال 245 - السابع والثلاثون: لمن اتهم وهو بريء 247 - الثامن والثلاثون: عند لقاء الإخوان 248 - التاسع والثلاثون: عند تفرق القوم بعد اجتماعهم، وعند القيام من المجلس 248 - الأربعون: عند ختم القرآن 249 - الحادي والأربعون: في الدعاء لحفظ القرآن 249 - الثاني والأربعون: عند افتتاح الكلام 251 - الثالث والأربعون: عند ذكره صلى الله عليه وسلم 251 - الرابع والأربعون: عند نشر العلم، والوعظ، وقراءة الحديث ابتداء وانتهاء 252 - الخامس والأربعون: عند الإفتاء 254 - السادس والأربعون: عند كتابة اسمه صلى الله عليه وسلم 254 مطلب: في ذكر منامات حسنة لأصحاب الحديث بسبب كتابتهم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم 256 خاتمة: في العمل بالحديث الضعيف والموضوع 259 مصادر ومراجع التحقيق 265 الفهارس العامة - فهرس الأحاديث والآثار 281 - الفهرس التفصيلي لموضوعات الكتاب 297 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 304