الكتاب: معجم الأدباء = إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب المؤلف: شهاب الدين أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله الرومي الحموي (المتوفى: 626هـ) المحقق: إحسان عباس الناشر: دار الغرب الإسلامي، بيروت الطبعة: الأولى، 1414 هـ - 1993 م عدد الأجزاء: 7   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو ضمن خدمة التراجم] ---------- معجم الأدباء = إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب الحموي، ياقوت الكتاب: معجم الأدباء = إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب المؤلف: شهاب الدين أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله الرومي الحموي (المتوفى: 626هـ) المحقق: إحسان عباس الناشر: دار الغرب الإسلامي، بيروت الطبعة: الأولى، 1414 هـ - 1993 م عدد الأجزاء: 7   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو ضمن خدمة التراجم] [ الجزء الأول ] مقدّمة التحقيق بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* ليس هذا موطن الحديث التفصيلي عن ياقوت ومعجم الأدباء؛ ولكن لا بدّ في هذه الكلمة الموجزة من تبيان أمور أساسية: أولها أن أهمية هذا الكتاب كانت لا تفتأ تتمثل لعيني في دور مبكر، وكنت أراه حريا بالعناية والتقدّم على كلّ ما قمت به من قبل في ميدان التحقيق، فهو أصل كبير، ومصدر لا غنى عنه، أفاد منه أكثر من وجّه همته بعد ياقوت نحو التأليف في التراجم، فهو جدير بالتحقيق والتدقيق وتسهيل الحصول على ما يحتاجه الباحثون من معلومات فيه، وقد تكون الخطوة الأولى- لعدم ظهور مخطوطات جديدة- أن يقرأ على المصادر التي نقل عنها أو التي نقلت عنه، لضبط نصوصه، وتحرير ما فيه من مادة، وتخليصه من بعض الاشكالات التي لم تحلّ في طبعاته السابقة. وتلك خطوة مهمة، وهي على اتساع نطاقها ضرورية مهما تتطلب من عناء وجهد. ولكن لابدّ بعدها من وسائل أخرى تعين على العمل، وقد عرضت هذه الوسائل نفسها على نحو متتابع: 1- فقد كنت في أيام الطلب أقرأ لأديب فلسطين الكبير إسعاف النشاشيبي رحمه الله مقالات حول معجم الأدباء ينشرها متتابعة في مجلة الرسالة (المصرية) وكان يحاول أن يصوّب فيها ما يستطيع تصويبه من قراءات خاطئة، إما اجتهادا، وإما بالمقارنة مع المصادر الأخرى، وكان عمله هذا كثير الفائدة حين أردت أن أوجه العناية نحو معجم الأدباء، على الرغم من أن إسعافا أسرف كثيرا في الجري وراء استطرادات، على فائدتها، لا تتصل كثيرا بالهدف الرئيسي الذي من أجله كتب تلك المقالات. 2- اهتم الدكتور مصطفى جواد رحمه الله بمعجم الأدباء، فنشر مقالات متتابعة في مجلة المجمع العلمي العراقي [1] أوضحت أمرين كبيرين أولهما: أن هناك تراجم كثيرة قد ضاعت من معجم الأدباء، والدليل على ذلك أن المؤلف وعد بايرادها ولم ترد، وأن النقول عن ياقوت تتناول تراجم لا وجود لها في ما نشره مرغوليوث؛ وقد جمع منها (46) ترجمة ضائعة، ملتزما لدى النقل ما صرّحت به المصادر من منقولات عن ذلك المعجم؛ ولكن مراجعة الوافي بالوفيات للصفدي (مثلا) تدلّ على أنه نقل كثيرا من التراجم عن ياقوت دون تصريح؛ لكن كان عمل الدكتور جواد أكثر حيطة حين التزم بما وجده منقولا مشفوعا بالتصريح الواضح الدقيق؛ وثانيهما: أن هناك تراجم قد أدرجت في معجم الأدباء، وهي ليست من شرط المؤلف (كما وضحه في المقدمة) وإنما هي مستمدة من كتاب له آخر اسمه «معجم الشعراء» . إذ لما كان المؤلف قد أفرد الشعراء بمعجم مستقل فمن المستبعد أن يترجم في معجم الأدباء لحميد بن ثور الهلالي ومسكين الدارمي وأبي زبيد الطائي وحمزة بن بيض ونصيب بن رباح والفرزدق والخبز أرزي وغيرهم كثيرين. وقد كان رصد هاتين الظاهرتين مفيدا على مستوى التحقيق، إذ نبه من يحاول الاقتراب من معجم الأدباء إلى البحث عن ترجمات أخرى ضاعت غير تلك التي وقع عليها مصطفى جواد، كما نبّه الخاطر إلى ما في الكتاب من مادة دخيلة، وقد تساءلت هل يمكن فرز تلك المادة عن أصل الكتاب، فوجدت أن هذا عمل قد يتحمل الخطأ لأنّ ياقوتا نفسه كرر بعض التراجم في معجميه، كما فعل في ترجمة العتابي حين صرّح أنه استوفى أخباره في معجم الشعراء ومع ذلك أعاد ذكره في معجم الأدباء؛ وقد ترجم للبحتري لأنه إلى جانب شهرته في الشعر ألّف الحماسة، ولكن ترجمة أبي تمام لم ترد فيه، فهل سقطت من الكتاب أو اكتفى المؤلف بذكره في أحد المعجمين؟ ثم إن إسقاط الشعراء من هذا الكتاب قد يعني تحريرا لمعجم الأدباء من مادة دخيلة، ولكن وجود هذه التراجم أمر مفيد للدارس والباحث، خصوصا وأن حذفها يقوم على التحكم المحض لا على تصور واضح لطبيعة كل معجم من المعجمين؛ ولهذا أبقيت تراجم الشعراء، ووضحت في هامش كل ترجمة أنها- على الترجيح- ليست من أصل الكتاب؛ ولست أرى لها أن تحذف إلا حين يكتشف «معجم الشعراء» .   [1] جمعت هذه المقالات في كتاب بعنوان «الضائع من معجم الأدباء» (بغداد: 1990) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 1 3- وما كدت أنجز اعادة النظر في الكتاب حتى بلغ صديقي العلامة الكبير الشيخ حمد الجاسر نبأ اهتمامي به، فأرسل إلي- حفظه الله- يقول إن مختصرا لمعجم الأدباء موجود في مسقط قد يفيدني كثيرا في التحقيق. وبعد محاولات كثيرة للحصول على ذلك المختصر باءت بالاخفاق سافرت إلى الرياض في بعض الشؤون، ولقيت الأستاذ الجاسر، وحدثته بأن ضالتي المنشودة لم تقترن ببشرى العثور عليها، وما كان أشدّ سروري حين لقيته في اليوم التالي وهو يقدم إليّ صورة مكبرة من المختصر، فحملته معي عائدا إلى عمّان، دون أن أكتشف ما يحمله من قيمة بالغة، هوّنت عليّ إعادة العمل في الكتاب من نقطة الصفر. وجدت الموجز يحمل عنوان «بغية الألباء من معجم الأدباء» اختصره لنفسه أحمد بن علي بن عبد السلام التكريتي، ويقع في 238 ورقة، وقد صدر بفهرست للمحتويات حديث الصنع، وبخط مغاير، ثم بفهرست ثان بخط الناسخ. وفي كل صفحة من صفحاته 21 سطرا ومعدل الكلمات في السطر الواحد 15 كلمة، وهو بخط شرقي واضح ذي حظ من جمال، ولكن بعض أوراقه مضطرب، وهذا الاضطراب أدى الى سقوط أوراق؛ وقد كتبت تراجم كثيرة (موجزة) في الهامش (بخط الأصل) ومعظمها يبدأ بالظهور بعد انتهاء حرف الحاء؛ وعلى الهوامش تعليقات كثيرة لا علاقة لها بالمتن وفيها أحيانا إضافات متأخرة ذات علاقة، لكنها ليست من أصل الكتاب، وكثرة الخطوط في هذه الهوامش تدل على كثرة التملكات. وفي المختصر اضطراب من نوع آخر كأن ترد معلومات في ترجمة ما، وحقيقة أمرها أنها تابعة لترجمة أخرى، ولكن هذا قليل. ويعني الاختصار لدى من قام به حذف ترجمات كاملة، أو حذف جوانب من الترجمة الواحدة، أو حذف السند؛ وفي أغلب الأحيان تحذف أسماء الكتب، فإذا لم تحذف وضعت في الهامش الى جانب الترجمة. ثم إن هذا المختصر لا يمثل جميع معجم الأدباء، بل يتوقف القسم الذي وصلنا منه عند نهاية ترجمة «عبد الله بن محمد بن هارون التوزي» (رقم: 667) فإذا كان هو الجزء الأول فإن ما تبقى من المعجم قد يجيء في جزء أو جزءين (بحسب اعتماد الحذف والايجاز) . وعلى الرغم من كل هذه الصفات السلبية التي تعتور المختصر، فإن قيمته تبدو عزيزة على التقدير، إذ كشف لدى فحصه ومقارنته بالمطبوعة عن حقائق يمكن أن توصف بأنها خطيرة: 1- لقد أظهر أنّ مطبوعة مرغوليوث (م) قد سقطت منها ترجمات كثيرة، بلغ عددها في هذا الجزء من المختصر فقط حوالي 160 ترجمة، لا يدخل فيها أكثر الضائع الذي عدّه الدكتور مصطفى جواد. 2- حين انتهى الجزء الأول بترجمة عبد الله بن محمد بن هارون دلّ ذلك على أن ما سيتبعه لابدّ أن يتناول بقية حرف العين من العبادلة، وذلك ما لم يرد في (م) وهذا يعني أن ما سقط من (م) يفوق ما عثر عليه مصطفى جواد بكثير؛ إذ هنالك أسماء أعلام لا يمكن أن يغفلهم ياقوت، مثل عبد الله بن المقفع (في عبد الله- وقد وعد ياقوت بايراده) ثم أسماء عبد الرحمن (ومن أهم هؤلاء: عبد الرحمن بن إسحاق الزجاجي- عبد الرحمن بن أخي الأصمعي- عبد الرحمن بن عتيق بن الفحام الصقلي- عبد الرحمن بن عيسى الكاتب الهمذاني- عبد الرحمن بن محمد بن دوست- عبد الرحمن ابن محمد أبو البركات الأنباري) وأسماء عبد السلام (وفي مقدمتهم عبد السلام بن الحسين البصري الذي أفاد ياقوت من منقولات كثيرة بخطه) وأسماء عبد القاهر (ولا يمكن له أن يغفل عبد القاهر الجرجاني) وأسماء عبد الملك (وأبرزهم عبد الملك بن قريب الأصمعي) وأنا هنا إنما أذكر المشهورين من النحويين واللغويين، ولكن كتاب ياقوت يضم الأدباء من كل نوع: المؤرخين والخطاطين والنسابين وغيرهم ممن حددهم في المقدمة. 3- مع أنّ «بغية الألباء» يعد مختصرا فإن فيه تراجم مسهبة قد ضاعت أكثر مادتها من المطبوعة (م) وما عليك إلا أن تقارن بعض التراجم في المختصر بما يقابلها في المطبوعة مثل: الوزير المهلبي- ابن خالويه- الوزير المغربي- حمدان الأثاربي- الخليل بن أحمد الفراهيدي- الزبير بن بكار- سليمان النهرواني- أبو حاتم السجستاني- طلحة النعماني- أبو الأسود الدؤلي- الرياشي- أبو هفان- ابن بري ... الخ عندئذ تجد أن ما طبع باسم معجم الأدباء قد لا يعدو أن يكون مختصرا آخر له من أصل كبير. 4- إن المختصر لم يهتمّ بايراد كل ترجمة وردت في الأصل؛ وحين اعتمد الحذف فقد تراجم كثيرة ورد بعضها في المطبوعة (مثل الترجمة رقم 2، 3، 4، 5، 7، 8، 13، 14، 18، 19، 20، 22) ولكن أليس من الطبيعي أن يكون قد حذف تراجم أخرى لم تذكر في المطبوعة نفسها؟ فإذا كان الأمر كذلك ارتفع عدد الضائع من معجم الأدباء إلى حد أكبر. 5- إن المختصر والمطبوعة قد يشتركان في الترجمة الواحدة، ولكن تكاد الصلة تكون واهية بين الصورتين في السياق العام والمعلومات المدونة والترتيب؛ (مثل ترجمة الوزير المغربي أو وجود ترجمتين متفاوتين لشخص واحد- ابن الخشاب مثلا) . ترى هل هذا يعني أن المؤلف كتب غير صورة واحدة من كتابه؟ أو من بعض التراجم فيه؟ أغلب الظنّ أن الأمر كان كذلك. 6- ولا ترد في المختصر ترجمات لمن انفردوا بالشعر ولم يضيفوا إليه فنا أدبيا آخر، وهذا يعني أن التكريتي صاحب المختصر قد اطّلع على نسخة من معجم الأدباء سلمت من الاختلاط بين تراجمها وتراجم معجم الشعراء. 7- وتدل بعض التراجم في المختصر (والمطبوعة) على أن المؤلف كان ينحو في عمله نحو الشمول بحيث يتفوق في معجمه على من عداه من المصنفين بالعدد والتنوع؛ كما تدلّ على أنّ «التطويل» في بعض التراجم لم يكن يمثل عقبة لديه، بل كان يراه ميزة له؛ ومع ذلك فإن مقارنة عابرة بينه وبين معاصره القفطي صاحب إنباه الرواة (على الرغم من الصلة بينهما ومن رؤية الأول لعمل الثاني) تدل على انفراد كل منهما بأشياء لم ترد عند الآخر، هذا مع التسليم بأن نطاق معجم الأدباء كان أوسع بكثير من نطاق إنباه الرواة، إذ الثاني مقصور على النحاة. 8- وسوى المختصر لم أستطع أن أحصل على نسخ جديدة، غير أني حصلت على مخطوطة كوبريللي من معجم الأدباء، وهي نسخة يقول مرغوليوث أنه اطلع عليها، ومع ذلك فإن هذه المخطوطة أفادت في توجيه كثير من القراءات، وأضافت ترجمة واحدة أغفلها مرغوليوث، هي ترجمة ابن نصر (رقم: 821) . وقد سقطت منها بعض التراجم، كما أن الترتيب فيها يختلف أحيانا عما جاء في (م) وتبتدىء بترجمة «عبيد الله بن محمد بن أبي بردة القصري» وآخر ترجمة فيها هي ترجمة «علي بن محمد بن علي الفصيحي» وتقع في 219 ورقة، وعدد السطور في الصفحة الواحدة 19 سطرا ومعدل الكلمات في السطر الواحد 13 كلمة، وخطها نسخي واضح مشكول الجزء: 1 ¦ الصفحة: 2 جزئيا، ولصحتها الغالبة وحسن ضبطها نجد أنّ القسم الذي تمثله في المعجم هو أكثر أقسامه استواء وأقلّها ترجمات ضائعة. ولقد يسأل سائل: ما هذا الذي أقدمه اليوم؟ وقبل الأجابة على هذا السؤال لابد لي من أن أقول: هناك عشرات التراجم التي لا تزال مفقودة من معجم الأدباء، وقد كان بامكاني أن أجري ترميما لأكثرها، ولكني لم أحاول ذلك، لأن حدود ما قام به ياقوت ليست واضحة في كل ترجمة منقولة عنه. ولهذا لم أقم بالترميم إلا في 32 ترجمة، واكتفيت في ترميم معظمها بإعادة ما نقل عن ياقوت (تصريحا) إلى مواضعها من معجمه. فأنا أعرف مثلا أن ترجمة الأصمعي لابد أن تكون واحدة من تراجم معجم الأدباء، ومع ذلك لم أحاول «إقامة» ترجمة للأصمعي تضاف إلى هذه الطبعة، أولا لأني لم أجد نقولا عن ياقوت في ترجمة الأصمعي، وثانيا لأن لياقوت طريقته في النقل ومصادره التي ينقل عنها، وكثيرا ما ينفرد بمعلومات لا توجد عند غيره. ومثل ذلك يقال في تراجم كثيرة نقلت أجزاء منها عنه دون تصريح فاكتسبت حيث وردت وضعا جديدا. ومع ذلك ما أقدمه اليوم يعد أقرب صورة لمعجم الأدباء في حالته الأولى؛ ولكن معجم الأدباء- بتمامه- سيظل مطلبا بعيدا، يصعب نيله؛ وإذا كنت قد سميته «معجم الأدباء» - وهو ليس بالضبط كذلك- فعذري في ذلك أن تلك هي التسمية التي عرفت بها صورة أقل شمولا وأكثر بعدا عنه من هذه الصورة التي أنشرها اليوم، وبهذا الاسم عرفه الناس وميزوه. لقد أنفقت جهدا كبيرا في محاولة ضبط هذا النصّ، بعد إذ علمت عملها فيه اجتهادات متفاوتة لم يكن أكثرها صائبا، وحين يجيء هذا الكتاب مزودا بفهارس تحليلية دقيقة، ودراسة للمؤلف وكتابه من جميع نواحيه، فإني أرجو أن تكون فائدته محققة لدى الباحثين والدارسين والقراء. وإذا كان لي أن أتوجه بالشكر لمن أعانني في هذا العمل، وأنا أعيش في عزلة مبهمة خرساء، فأجزل الشكر وأتمه يتوجه إلى من أهداني «المختصر» ، صديقي العالم البحاثة الجليل الشيخ حمد الجاسر الذي جعل خدمة العلم غاية له، كما أشكر ابنتي السيدة نرمين عباس على ما قدّمته من عون حين حملت عني كثيرا من عبء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 3 التصحيح والتدقيق وصنع الفهارس؛ وقد كان للابن العزيز الدكتور ياسين عايش الفضل في إنجاز جوانب من هذا العمل ومراجعة أصوله لدى الطباعة، فله الشكر الجزيل على ما قدّمه. أما الصديق الحاج الحبيب اللمسي فقد كان دائما يتحرى بحدس الرجل المؤمن تقديم الكتب التراثية المفيدة، ويبذل في سبيل ضبطها وإعلاء حظها من الصحة ما يملك من جهد ومال. ولولا حماسته لنشر صورة من هذا المعجم- هي أقرب الى الصحة مما سبقها- لوجدتني قد ملت إلى ما تمليه السنّ من طلب للراحة ومجانبة للارهاق؛ وفق الله الحبيب لما يحبه ويرضاه، وأقدرني على إيفائه حقه من الشكر وعرفان الجميل. وأدعو الله مخلصا أن يوفقني إلى إكمال هذا العمل، الذي أرجو أن يحسب في باب العمل الصالح، إنه سميع مجيب. عمان في آذار (مارس 1992) . احسان عباس (بيان بالرموز) م: المطبوعة (بتحقيق مرغوليوث) وعنها أخذت طبعة دار المأمون (الطبعة المصرية) فتعرضت للشكل التام، والتعليقات الخاطئة، وحذف بعض التراجم. ش: النشاشيبي، إسعاف (مقالاته في مجلة الرسالة) . ر: المختصر أي بلغة الألباء. ك: مخطوطة كوبريللي رقم: 1104. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 4 مقدّمة المؤلف [ خطبة الكتاب ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* وبه الإعانة الحمد لله ذي القدرة القاهرة، والآيات الباهرة، والآلاء الظاهرة، والنّعم المتظاهرة، حمدا يؤذن بمزيد نعمه، ويكون حصنا مانعا من نقمه، وصلّى الله على خير الأولين والآخرين من النبيين والصدّيقين، محمد النبي، والرسول الأمّي، ذي الشرف العليّ، والخلق السنيّ، والكرم المرضيّ، وعلى آله الكرام، وأتباعه سرج الظلام، وشرّف وعظم وبجّل وكرم. وبعد فما زلت منذ غذيت بغرام الأدب، وألهمت حبّ العلم والطلب، مشغوفا بأخبار العلماء، متطلعا إلى أنباء الأدباء، أسائل عن أحوالهم، وأبحث عن نكت أقوالهم بحث المغرم الصبّ، والمحبّ عن الحبّ، وأطوف على مصنّف فيهم يشفي الغليل، ويداوي لوعة العليل، فما وجدت في ذلك تصنيفا شافيا، ولا تأليفا كافيا؛ مع أنّ جماعة من العماء، والأئمة القدماء [1] ، أعطوا ذلك نصيبا من عنايتهم وافرا، فلم يكن عن صبح الكفاية سافرا، كأبي بكر محمد بن عبد الملك التاريخي [2] ، وأرى أنه أول من أعارهم طرفه، وسوّد في تبييض أخبارهم صحفه، لأنه قال في مقدمة كتابه: «وقد اجتهد أبو العباس محمد بن مبرد الأزدي وأبو العباس أحمد بن يحيى   [1] زاد في طبعة دار المأمون: أصحاب كتب التراجم. [2] محمد بن عبد الملك السراج التاريخي النحوي، أخذ عن المبرد وثعلب، وكان فاضلا متقنا حسن الأخبار، وله كتاب تاريخ النحويين (تاريخ بغداد 2: 348 والوافي 5: 45- 46) . ترجم له ياقوت، ولكن سقطت ترجمته. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 5 الشيباني في مثل ما أودعناه كتابنا من أخبار النحويين فما وقعا ولا طارا» ، هذا مع أن كتابه صغير الحجم قليل التراجم محشوّ بالنوادر التي رووها، لا يختصّ بأخبارهم أنفسهم. ثم ألف بعده في هذا الأسلوب أبو محمد عبد الله بن جعفر بن درستويه كتابا فلم يقع إلينا إلا أننا نظنه كذلك. ثم صنّف فيه أبو عبيد الله محمد بن عمران المرزباني كتابا حفيلا كبيرا [1] على عادته في تصانيفه، إلا أنه حشاه بما رووه وملأه بما وعوه، فينبغي أن يسمّى مسند النحويين. وقد وقفت على هذا الكتاب وهو تسعة عشر مجلدا، ونقلت فوائده إلى هذا الكتاب مع أنه أيضا قليل التراجم بالنسبة إلى كبر حجمه. ثم ألف فيه أبو سعيد الحسن بن عبد الله بن المرزبان السيرافي القاضي كتابا صغيرا في نحاة البصرة [2] نقلنا أيضا فوائده إلى هذا الكتاب. ثم جمع في ذلك أبو بكر محمد بن حسن الاشبيلي الزبيدي كتابا [3] لم يقصّر فيه، وهو أكثر هذه الكتب فوائد، وأكثرها تراجم وفرائد، وقد نقلنا فوائده أيضا إلى هذا الكتاب. ثم ألف فيه القاضي أبو المحاسن المفضل بن محمد بن مسعر المعري كتابا لطيفا [4] نقلنا فوائده. ثم ألف فيه علي بن فضال المجاشعي [5] كتابا وسماه «شجرة الذهب في أخبار أهل الأدب» وقع إليّ منه شيء فوجدته كثير التراجم إلا أنه قليل الفائدة لكونه لا يعتني   [1] هو كتاب المقتبس، ولم يصلنا إلا في صورة موجزة باسم نور القبس، حققه رودلف زلهايم، فيسبادن 1964. [2] نشر بعنوان أخبار النحويين البصريين بتحقيق طه محمد الزيني وعبد المنعم خفاجي، القاهرة 1955. [3] طبقات النحويين واللغويين تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، القاهرة 1973 (الطبعة الثانية وهي أكثر دقة من الأولى) . [4] تاريخ العلماء النحويين من البصريين والكوفيين وغيرهم، تحقيق الدكتور عبد الفتاح محمد الحلو، المملكة العربية السعودية 1981. [5] علي بن فضال المجاشعي: قيرواني الأصل هاجر موطنه وجال في الأرض ثم خدم نظام الملك بالعراق، وتوفي سنة 479 وسيترجم له ياقوت. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 6 بالأخبار ولا يعبأ بالوفيات والأعمار. ثم ألف فيه الكمال عبد الرحمن بن محمد بن الأنباري كتابا سماه «نزهة الألباء في أخبار الأدباء» [1] نقلنا فوائده أيضا. وكنت مع ذلك أقول للنفس مماطلا، وللهمة معاضلا، ربّ غيث غبّ البارقة، ومغيث تحت الخافقة [2] ، إلى أن هزم اليأس الطمع، واستولى الجدّ على اللعب والولع، وعلمت أنه طريق لم يسلك، ونفيس لم يملك، فاستخرت الله الكريم، واستنجدت بحوله العظيم، وجمعت [3] في هذا الكتاب ما وقع إليّ من أخبار النحويين، واللغويين، والنسابين، والقراء المشهورين، والأخباريين، والمؤرخين، والوارقين المعروفين، والكتاب المشهورين، وأصحاب الرسائل المدوّنة، وأرباب الخطوط المنسوبة والمعينة، وكلّ من صنّف في الأدب تصنيفا، أو جمع في فنه تأليفا، مع إيثار الاختصار، والإعجاز في نهاية الإيجاز. ولم آل جهدا في إثبات الوفيات، وتبيين المواليد والأوقات، وذكر تصانيفهم، ومستحسن أخبارهم، والإخبار بأنسابهم وشيء من أشعارهم. فأما من لقيته أو لقيت من لقيه فأورد [4] لك من أخباره وحقائق أموره ما لا أترك لك بعده تشوفا إلى شيء [5] من خبره، وأما من تقدّم زمانه، وبعد أوانه، فأورد [6] من خبره ما أدّت الاستطاعة إليه، ووقفني النقل عليه، في تردادي إلى البلاد، ومخالطتي للعباد. وحذفت الأسانيد إلا ما قلّ رجاله، وقرب مناله، مع الاستطاعة لإثباتها سماعا وإجازة، إلا أنني قصدت صغر الحجم وكبر [7] النفع، وأثبتّ مواضع نقلي ومواطن أخذي من كتب العلماء المعوّل في هذا الشأن عليهم، والمرجوع في صحة النقل إليهم.   [1] طبع غير مرة، ونعتمد هنا على طبعة عراقية بتحقيق الدكتور إبراهيم السامرائي 1955. [2] الخافقة صفة للراية. [3] انظر تاريخ اربل: 320- 322. [4] ر: فسأورد. [5] ر: أترك لنفسك بعده أن تشوف لشيء. [6] ر: فإني أورد. [7] ر: وكثر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 7 وكنت قد شرعت عند شروعي في هذا الكتاب، أو قبله، في جميع كتاب في «أخبار الشعراء» المتأخرين والقدماء. ونسجتها على هذا المنول، وسبكتها على هذا المثال في الترتيب، والوضع والتبويب، فرأيت أكثر أهل العلم المتأدبين، والكبراء المتصدرين، لا تخلو قرائحهم من نظم شعر، وسبك نثر، فأودعت ذلك الكتاب كلّ من غلب عليه الشعر فدوّن ديوانه، وشاع بذلك ذكره وشانه، ولم يشتهر برواية الكتب وتأليفها، والآداب وتصنيفها. وأما [1] من عرف بالتصنيف، واشتهر بالتأليف، وصحّت روايته، وشاعت درايته، وقلّ شعره، وكثر نثره، فهذا الكتاب عشّه ووكره، وفيه يكون ثناؤه وذكره، واجتزىء به عن التكرار هناك، إلا النفر اليسير الذين دعت الضرورة إليهم، ودلّت [2] عنايتهم بالصناعتين عليهم. ففي هذين الكتابين أكثر أخبار الأدباء، من العلماء والشعراء. وقصدت بترك التكرار، خفّة محمله في الأسفار، وحيازة ما أهواه من هذا النشوار. وجعلت ترتيبه على حروف المعجم: أذكر أوّلا من أوّل اسمه ألف، ثم من أول اسمه باء ثم تاء ثم ثاء إلى آخر الحروف، وألتزم ذلك في أول حرف من الاسم وثانيه وثالثه ورابعه، فأبدأ بذكر من اسمه آدم، ألا ترى أن أوّل اسمه همزة ثم ألف، ثم من اسمه إبراهيم لأن أول اسمه ألف وبعد الألف باء، ثم كذلك إلى آخر الحروف، وألتزم ذلك في الآباء أيضا فاعتبره، فإنك إذا أردت الاسم تجد له موضعا واحدا لا يتقدم عليه [3] ولا يتأخر عنه اللهم إلا أن تتفق أسماء عدة رجال وأسماء آبائهم فإن ذلك مما لا حصر فيه إلا بالوفاة، فإني أقدّم من تقدّمت وفاته على من تأخّرت. وأفردت في آخر كلّ حرف فصلا أذكر فيه من اشتهر بلقبه أو نسبه أو كنيته وخفي عن أكثر الناس اسمه فأذكر من لقبه [4] على ذلك الحرف، من غير أن أورد شيئا من أخباره فيه، إنما أدلّ على اسمه واسم أبيه لتطلبه [5] في موضعه. ولم أقصد أدباء قطر، ولا علماء عصر، ولا إقليم معيّن، ولا بلد مبيّن، بل   [1] ر: فأما. [2] م ر: ودلنا. [3] ر: يتقدم عنه. [4] أو نسبه ... من لقبه: سقط من م. [5] ر: ليطلبه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 8 جمعت البصريين والكوفيين والبغداديين والخراسانيين والحجازيين واليمنيين والمصريين والشاميين والمغربيين وغيرهم على اختلاف البلدان، وتفاوت الأزمان، حسب ما اقتضاه الترتيب، وحكم بوضعه التبويب، لا على قدر أقدارهم في القدمة والعلم، والتأخر والفهم. وابتدأته بفصل يتضمن أخبار قوم من متخلّفي النحويين والمتقعرين المجهولين. وإني لجدّ عالم ببغيض يندّد ويزري عليّ، ويقبل بوجه اللائمة إليّ، ممن قد أشرب الجهل قلبه، واستعصى على كرم السجيّة لبّه، يزعم أن الاشتغال بأمر الدين أهم، ونفعه في الدنيا والآخرة أعم [1] ؛ أما علم أن النفوس مختلفة الطبائع، متلونة النزائع؟ ولو اشتغل الناس كلّهم بنوع من العلم واحد لضاع باقيه، ودرس الذي يليه. وإن الله جل وعز جعل لكلّ علم من يحفظ جملته، وينظم جوهرته، والمرء ميسّر لما خلق له. ولست أنكر أني لو لزمت مسجدي ومصلّاي، واشتغلت بما يعود بعاقبة دنياي في أخراي [لكان] أولى، وبطريق السلامة في الآخرة أحرى، ولكنّ طلب الأفضل مفقود، واعتماد الأحرى غير موجود. وحسبك بالمرء فضلا أن لا يأتي محظورا، ولا يسلك طريقا مخطورا [2] . [وقال السري الرفاء: كن للعلوم مصنّفا أو جامعا ... يبقى لك الذكر الجميل مخلدا كم من أديب ذكره بين الورى ... غضّ وقد أودى به ذكر الردى وأرى الأديب يهابه أعداؤه ... وتعدّه السادات فيهم سيدا ينسى الأواخر والأوائل كلهم ... إلا أخا العلم الذي حاز المدى وقال بعض الأدباء: أرى العلماء أطولنا حياة ... وإن أضحوا رفاتا في القبور   [1] ر: أتمّ. [2] مخطورا: سقطت من م. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 9 أناس غيّبوا وهم شهود ... بما ابتدعوه من علم خطير كأنهم حضور حين تجري ... محاسن ذكرهم عند الحضور لئن ملئت قبورهم ظلاما ... فإن ضياءهم ملء الصدور] [1] وبعد فهذه أخبار قوم أخذ عنهم علم القرآن المجيد، والحديث المفيد [وهم أنهجوا طريق العربية، وأناروا سرجه المضيّة] [1] وبصناعتهم تنال الإمارة، وببضاعتهم يستقيم أمر السلطان والوزارة، وبعلمهم يتمّ الإسلام، وباستنباطهم يعرف الحلال من الحرام. ألا ترى أنّ القارىء إذا قرأ إن الله بريء من المشركين ورسوله- بالرفع- فقد سلك طريقا من الصواب واضحا، وركب منهجا من الفضل لائحا، فإن كسر اللام من «رسوله» كان كفرا بحتا [2] وجهلا قحّا؟ وقد روي أن أبا عمرو بن العلاء كان يقول: لعلم العربية هو الدين بعينه، فبلغ ذلك عبد الله بن المبارك فقال: صدق لأني رأيت النصارى قد عبدوا المسيح لجهلهم بذلك، قال الله تعالى: أنا ولّدتك من مريم وأنت نبيي، فحسبوه يقول: أنا ولدتك وأنت بنيي. فبتخفيف اللام وتقديم الباء وتعويض الضمة بالفتحة كفروا. وحسبك من شرف هذا العلم أنّ كلّ علم على الإطلاق مفتقر إلى معرفته، محتاج إلى استعماله في محاورته، وصاحبه فغير مفتقر إلى غيره، وغير محتاج إلى الاعتضاد والاعتماد على سواه، فإن العلم إنما هو باللسان، فإذا كان اللسان معوجّا متى يستقيم ما هو به؟ وإن أردت إقامة الدليل على شأن أهل هذا الشان، وإيضاح فضلهم بالدلائل والبرهان، كنت كمن تكلّف دليلا على ضياء النهار، وإشراق الشمس وإحراق النار، فإن ذلك لا يخفى على الصامت من الحيوان فكيف الناطق، وعلى كل كهّ فهّ [3] فكيف الحاذق. فقد جمعت من أخبار هذه الطائفة بين حكم وأمثال وأخبار وأشعار ونثر وآثار، وهزل وجدّ، وخلاعة وزهد، ومبك ومضحك، وموعظة ونسك:   [1] ما بين معقفين زيادة من ر. [2] ر: محضا. [3] ر: فهّ كهّ: والفه: العيي؛ وأما الكه فلعله مذكر «كهة» بمعنى الثقيل الضخيم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 10 من كلّ معنى يكاد الميت يفهمه ... حسنا ويعبده القرطاس والقلم فهو لا ينفق إلا على من جبل على العلم طبعه، وعمر بحبّ الفضل ربعه، فظلّ للآداب خدينا، ولصحة العقل قرينا، قد عجنت بالظرافة طينته، وسيّرت باللطافة سيرته. وأما أهل الجهل [1] والغي، والفهاهة والعيّ، فليس ذا عشّك فادرجي [2] . ولا مبيتك فأدلجي. فليعفني المفنّد البغيض، وليعرض عن التعريض. على أنني معترف بقول [3] يحيى بن خالد: لا يزال الرجل في فسحة من عقله ما لم يقل شعرا أو يصنّف كتابا. وقد كتب جعفر بن يحيى إلى بعض عماله، وقد وقف على سهو في كتاب ورد منه: «اتخذ كاتبا متصفحا [4] لكتبك، فإن المؤلف للكتاب [5] تنازعه أمور وتعتوره صروف [6] تشغل قلبه وتشعّب فكره، من كلام ينسّقه، وتأليف ينظّمه، ومعنى يتعلّق به يشرحه، وحجة يوضحها. والمتصفّح للكتاب أبصر بمواضع الخلل من مبتدي تأليفه» . وأنا فقد اعترفت بقصوري فيما اعتمدت عن الغاية، وتقصيري عن الانتهاء إلى النهاية، فأسأل الناظر فيه أن لا يعتمد العنت ولا يقصد قصد من إذا رأى حسنا ستره، وعيبا أظهره. وليتأمّله بعين الإنصاف لا الانحراف، فمن طلب عيبا وجدّ وجد، ومن افتقد زلل أخيه بعين الرضى فقد فقد. فرحم الله امرءا قهر هواه، وأطاع الانصاف ونواه، وعذرنا في خطأ إن كان منا، وزلل إن صدر عنّا، فالكمال محال لغير ذي الجلال، فالمرء غير معصوم، والنسيان في الإنسان غير معدوم. وإن عجز عن الاعتذار عنا والتصويب، فقد علم أن كلّ مجتهد مصيب، فانّا وإن أخطأنا في مواضع يسيرة، فقد أصبنا في مواطن كثيرة، فما علمنا   [1] ر: الجهالة. [2] في المثل: ليس بعشك فادرجي، أي ليس هذا مما ينبغي لك فزل عنه، جمهرة العسكري 2: 197 وفصل المقال: 403. [3] ر: بفضل قول. [4] م: منصفا. [5] للكتاب: سقطت من م. [6] م: خروق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 11 فيمن تقدّمنا من العلماء [1] وأمنا من الأئمة القدماء أحدا [2] إلا وقد نظم في سلك أهل الزلل، وأخذ عليه شيء من الخطل، وهم هم، فكيف بنا مع قصورنا واقتصارنا وصرف جلّ زماننا في نهمة الدنيا وطلب المعاش [3] ، وتنميق [4] الرياش، الذي مرادنا منه [5] صيانة العرض، وبقاء ماء الوجه لدى العرض. وإنما تصديت [6] لجمع هذا الكتاب لفرط الشّغف والغرام، والوجد بما حوى والهيام، لا لسلطان أجتديه، ولا لصدر أرتجيه. غير أني أرغب إلى الناظر فيه أن يترحّم عليّ، ويعطف جيد دعائه إليّ، فذلك ما لا كلفة فيه عليه، ولا ضرر يرجع به إليه، فربما انتفعت بدعوته، وفزت بما قد أمن هو من معرّته. ومع ما تقدّم من اعتذارنا، ومرّ من تنصّلنا واستغفارنا، فقد رآني جماعة من أهل العصر وقد نظمت لآلىء هذا الكتاب، وأبرزته في أبهى من الحليّ على ترائب الكعاب، فاستحسنوه والتمسوه لينسخوه، فوجدت في نفسي شحّا عليهم، وبخلا بعطف جيده إليهم، لأنه مني بمنزلة الروح من جسد الجبان، والسوداوين من العين والجنان، مع كوني غير راض لنفسي بذلك المنع، ولا حامد لها على ذلك الصنع، لكنها طبيعة عليها جبلت، وسجيّة إليها جبرت، حتى قلت فيه مع اعترافي بقلة بضاعتي في الشعر، وعلمي بركاكة نظمي والنثر [7] : فكم قد حوى من فصل قول محبّر ... ومن نثر مصقاع ومن نظم ذي فهم ومن خبر حلو ظريف جمعته ... على قدم الأيام للعرب والعجم يرنّح أعطافي إذا ما قرأته ... كما رنّحت شرّابها إبنة الكرم ولو أنني أنصفته في محبّتي ... لجلّدته جلدي وصندقته عظمي   [1] من العلماء: سقطت من م. [2] أحدا: سقطت من م. [3] ر: في النهمة الدنيا وطل المعاش. [4] م: وتنمو. [5] ر: مرادنا به. [6] م: تصاديت. [7] وردت الأبيات في تاريخ اربل: 321. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 12 عزيز على فضلي بأن لا أطيعه ... على بذله للطائفين على العلم ولو أنني أسطيع من فرط حبّه ... لما زال من كفّي ولا غاب عن كمي وقد قرأت بخط أبي سعد السمعاني لأبي عبد الله محمد بن سلامة المقرىء [1] في هذا النشوار: إني لما أنا فيه من منافستي ... فيما شغفت به من هذه الكتب لقد علمت بأن الموت يدركني ... من قبل أن ينقضي من حبّها أربي [ولله درّ القائل] [2] : ومجموعة فيها علوم كثيرة ... تقرّ بما فيها عيون الأفاضل ألذّ من النّعمى وأحلى من المنى ... وأحسن من وجه الحبيب المواصل حكت روضة حاكت يد القطر وشيها ... ومسّك ريّاها نسيم الأصائل أطالعها في كلّ وقت فأجتلي ... عقائل يغلي مهرها كلّ عاقل وأمنعها الجهال فهي حبيبة ... «جرى حبّها مجرى دمي في مفاصلي» (تضمين نصف بيت للمتنبي) . واعلم [3] أنني لو أعطيت حمر النّعم وسودها، ومقانب [4] الملوك وبنودها، لما سرّني أن ينسب هذا الكتاب إلى سواي، وأن يفوز بقضب سبقه إلّاي، لما قاسيت في تحصيله من المشقة، وطويت في تكميله من طول الشّقّة، فإنني علم الله لم أقف على باب أحد من العالم أجتديه، ولا أحصي عدد ما وقفت على الأبواب للفوائد فيه، فلا غرو أن أمنعه من ملتمسيه، وأحجبه من الراغبين فيه. على أنّي ما زلت أعاتب نفسي على هذا الصنيع، وأعدّه من الأمر الفظيع والخلق الشنيع، إلى أن وقفت على الكتاب الذي ألفه محمد بن عبد الملك التاريخي في أخبار النحويين، وقد قال في   [1] هو- فيما استظهره- محمد بن سلامة بن جعفر بن علي أبو عبد الله القضاعي الشافعي قاضي مصر، مصنف كتاب الشهاب، انظر ترجمته في الوافي 3: 116 وابن خلكان 3: 349 وعبر الذهبي 3: 233 وطبقات الشافعية للسبكي 4: 150 (وفي حاشيته ذكر لمصادر أخرى) والبيتان في تاريخ اربل: 321. [2] زيادة تقديرية، وفي الأصل بياض. [3] من هنا حتى نهاية هذه المقدمة تختلف ر عن م بالتقديم والتأخير. [4] المقانب: جمع مقنب وهو جماعة الخيل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 13 ديباجته [1] : «ولم أقصد بهذا الكتاب لهوا ولا لعبا، ولا سمحت نفسي ببذله، ولا طابت ببثه وإخراجه إلى غير أبي الحسين محمد بن عبد الرحمن الروذباري الكاتب [2]- أطال الله بقاءه- فإنه لي كما قال معاوية بن قرّة في ابنه إياس بن معاوية، وقد قيل له [3] : كيف ابنك؟ فقال: خير ابن كفاني أمر الدنيا وفرّغني لأمر الآخرة» . ثم قال: «وما أحصي عدد من انقطع بيننا وبينه من الإخوان في ردّنا إياه عن هذا الكتاب» . فحينئذ خفّفت عن نفسي اللوم، إذ كان التأسّي من أخلاق القوم، وعلمت أنّ النفوس بخيلة بالنفائس، شحيحة بابراز العرائس. هذا وإنما يشتمل كتابه على ثلاث وعشرين ترجمة نقلت زبدها إلى هذا الكتاب، فلم ألام إذا أخفيته عن طالبيه، وحجبته [4] عن خاطبيه؟ وقد أقسمت أن لا أسمح باعارته ما دام في مسوّدته لئلا يلحّ طالب بالتماسه، ولا يكلّفني إبرازه من كناسه، فحملهم منعي على احتذائه، وتصنيف شرواه في استوائه، وما أظنّهم يشقّون غباره، ولا يحسنون ترتيبه وأسطاره، وان وقفت لنظر الجميع، ستعرف الظالع من الضليع. فإذا هذّبته ونقّحته وبيّضته، فتمتع به فإنه كتاب أسهرت لك فيه طرفي، وأنضيت في تحصيله طرفي وطرفي. وقد حصّلته عفوا، وملكته صفوا، فاجعل جائزتي دعاء يزكو غرسه عند ذي العرش، واحمدني في بسطه والفرش، واذكرني في صالح دعائك: وربّ دعوة صادفت إجابة، ورمية حصّلت إصابة. ولو أنصف أهل الأدب، لاستغنوا به عن المأكل والمشرب؛ ولكنّني أخاف أن يأتيه النقص من جهة زيادة فضله، وأن يقعد بقيام جدّه عظم خطره ونبله. وأستشعر له أمرين منبعهما من قلّة الإنصاف، واجتناب الحقّ والانحراف: أحدهما أن يقال هل هو إلا تصنيف رومّي مملوك، وما عسى أن يأتي به وليس في أبناء جنسه له نظير، وما كان في أمته رجل خطير، لاستيلاء [5] التقليد على العالم والبليد، فهم لا ينظرون ما   [1] ر: وقد ذكر في ديباجته فقال. [2] هو صاحب الفضل بن جعفر بن حنزابة وولي كتابة مصر قبله (الوافي 4: 46) . [3] انظر تهذيب ابن عساكر 3: 179. [4] ر: وسترته. [5] ر: لشمول. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 14 قيل، إنما يسألون عمن قال، ونعم العون للعالم القؤول، حسن الاعتقاد والقبول. والأمر الآخر قصور الهمم، الغالب على أكثر الأمم، إذ كلّ همّه تحصيل المأكول والملبوس، ولا تسمو همته [1] إلى تشريف النفوس. واعلم حباك الله بحسن رعايته، وأمدّك بفضل هدايته، أنّ هذا الفن من العلم ليس من بابة من يطلب العلم للمعاش، أو ليحصّل الزينة والرياش، ولا من رغبات من ينظر فيه وقلبه يجول في طلب المحصول فهو يسأل عما ينفق [2] . ولا هو مما ينفق في المدارس، أو يناظر به في المجالس، إنما هو علم الملوك [3] والوزراء، والجلة من الناس والكبراء، يجعلونه ربيعا لقلوبهم، ونزهة لنفوسهم، ترتاح إليه أرواحهم، وتشتمل عليه أفراحهم، فهو ربيع النفوس النفيسة، ورأس مال العلوم الرئيسة. وقد سمّيت هذا الكتاب إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب [4] ، ومن الله أستمد المعونة، وإياه أسأل التوفيق لما يرضيه، والهداية إلى ما يحبه ويزلف إليه، إنه جواد كريم، رؤوف رحيم.   [1] ر: همتهم. [2] في م: والرياش ولا هو مما ينفق. [3] ر: إنما هذا للملوك. [4] غير ذلك من بعد وسماه: إرشاد الألباء إلى معرفة الأدباء (تاريخ اربل: 322) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 15 الفصل الأول في فضل الأدب وأهله وذمّ الجهل وحمله قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه [1] : كفى بالعلم شرفا أنه يدّعيه من لا يحسنه، ويفرح إذا نسب إليه من ليس من أهله، وكفى بالجهل خمولا أنه يتبرأ منه من هو فيه ويغضب إذا نسب إليه، فنظم بعض المحدثين ذلك فقال: كفى شرفا للعلم دعواه جاهل ... ويفرح أن يدعى إليه وينسب ويكفي خمولا بالجهالة أنني ... أراع متى أنسب إليها وأغضب وقال رضي الله عنه: قيمة كل إنسان [2] ما يحسن، فنظمه شاعر وقال [3] : لا يكون الفصيح مثل العييّ ... لا ولا ذو الذكاء مثل الغبيّ قيمة المرء قدر ما يحسن المر ... ء قضاء من الإمام عليّ وقال كرم الله وجهه [4] : كلّ شيء يعزّ إذا نزر ما خلا العلم فإنه يعز إذا غزر. ومرّ [5] عمر بن الخطاب رضي الله عنه على قوم يسيئون الرمي فقرّعهم فقالوا: إنا قوم   [1] المحاسن والمساوىء: 399 وورد هنالك البيت الثاني المتصل بالخبر. [2] ر: امرىء. [3] قول علي ومعه البيتان في أدب الدنيا والدين: 42 وورد البيتان منسوبين للخليل في قطعة طويلة في بهجة المجالس 1: 65 وهما في جامع بيان العلم: 162 وكلمة عليّ في البيان والتبيين 1: 83، 2: 77 والتذكرة الحمدونية 1: 241 وربيع الأبرار 3: 192. وسترد الأبيات في ترجمة الخليل. [4] ورد القول دون نسبة في محاضرات الراغب 1: 51. [5] الخبر في محاضرات الراغب 1: 67 (عن عثمان) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 16 متعلمين، فأعرض مغضبا وقال: والله لخطأكم في لسانكم أشدّ عليّ من خطأكم في رميكم، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «رحم الله امرءا أصلح من لسانه» . وروي أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه لما قرأ وَنادَوْا يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ (الزخرف: 77) أنكر عليه عبد الله بن عباس [1] فقال عليّ: هذا من الترخيم في النداء، فقال ابن عباس: ما أشغل أهل النار في النار عن الترخيم في النداء، فقال علي: صدقت. فهذا يدل على تحقّق الصحابة بالنحو وعلمهم به. استأذن رجل على إبراهيم النّخعيّ فقال: أبا عمران في الدار؟ فلم يجبه، فقال: أبي عمران في الدار؟ فناداه: قل الثالثة وادخل. وكان الحسن بن أبي الحسن يعثر لسانه بشيء من اللحن فيقول: أستغفر الله، فقيل له فيه، فقال: من أخطأ فيها فقد كذب على العرب، ومن كذب فقد عمل سوءا وقال الله تعالى وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً (النساء: 110) . وذكر أبو حيان في «كتاب محاضرات العلماء» حدثنا القاضي أبو حامد أحمد بن بشر [2] قال: كان الفراء يوما عند محمد بن الحسن، فتذاكروا في الفقه والنحو، ففضّل الفراء النحو على الفقه، وفضّل محمد بن الحسن الفقه على النحو، حتى قال الفراء: قلّ رجل أنعم النظر في العربية وأراد علما غيره إلّا سهل عليه، فقال محمد بن الحسن: يا أبا زكريا قد أنعمت النظر في العربية وأسألك عن باب من الفقه، فقال: هات على بركة الله تعالى، فقال له: ما تقول في رجل صلّى فسها في صلاته، وسجد سجدتي السهو فسها فيهما؟ فتفكر الفراء ساعة ثم قال: لا شيء عليه، فقال له محمد: لم؟ قال: لأن التصغير عندنا ليس له تصغير، وإنما سجدة السهو تمام الصلاة وليس للتمام تمام، فقال محمد بن الحسن: ما ظننت أن آدميا يلد مثلك.   [1] في ر عند ذكر علي يرد «عليه السلام» وعند ذكر ابن عباس هنا: رضي الله عنه. [2] هو أحمد بن عامر بن بشر المروروذي (362) أستاذ التوحيدي الذي يكثر النقل عنه في كتبه وبخاصة البصائر والذخائر (ابن خلكان 1: 69 والتخريج) وكتاب المحاضرات مما لم يصلنا من كتب أبي حيان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 17 وحكي عن بعض الفقهاء أنه كان يقول: حبّ من الناس حبّ من الله، وما صلح دين إلا بحياء، ولا حياء الا بعقل، وما صلح حياء ولا دين ولا عقل إلا بأدب. وأنشد أبو الفضل الرياشي [1] : طلبت يوما مثلا سائرا ... فكنت في الشعر له ناظما لا خير في المرء إذا ما غدا ... لا طالب العلم ولا عالما وفي الخبر [2] : ارحموا ثلاثة: عزيز قوم ذلّ، وغنيّ قوم افتقر، وعالما يلعب الجهال بعلمه؛ فنظمه شاعر فقال: إني من النفر الثلاثة حقّهم ... أن يرحموا لحوادث الأزمان مثر أقلّ وعالم مستجهل ... وعزيز قوم ذلّ للحدثان ويقال: فقدان الأديب الطبع كفقدان ذي النجدة السلاح، ولا محصول لأحدهما دون الآخر. وقال [3] : نعم عون الفتى إذا طلب ... العلم ورام الآداب صحة طبع فإذا الطبع فاته بطل السعي ... وصار العناء في غير نفع ومما يقارب ذلك قول بعضهم [4] : من كان ذا عقل ولم يك ذا غنى ... يكون كذي رجل وليس له نعل ومن كان ذا مال ولم يك ذا حجى ... يكون كذي نعل وليس له رجل   [1] العقد 2: 215 (أربعة أبيات) . [2] ورد في مسند الشهاب (رقم: 486 ص: 428) : ارحموا ثلاثة ... وأورده ابن الجوزي في الموضوعات 1: 236 وانظر محاضرات الراغب 1: 44 وأدب الدنيا والدين: 76 يقوله الرسول حين قابلته ابنة حاتم. [3] ورد البيتان في روضة العقلاء: 39. [4] ورد البيتان في روضة العقلاء: 23. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 18 وقال آخر: أرى العلم نورا والتأدب حلية ... فخذ منهما في رغبة بنصيب وليس يتمّ العلم في الناس للفتى ... إذا لم يكن في علمه بأديب وأنشد أبو حاتم سهل بن محمد السجستاني [1] : إنّ الجواهر درّها ونضارها ... هنّ الفداء لجوهر الآداب فإذا اكتنزت أو ادّخرت ذخيرة ... تسمو بزينتها على الأصحاب فعليك بالأدب المزيّن أهله ... كيما تفوز ببهجة وثواب فلربّ ذي مال تراه مبعدا ... كالكلب ينبح من وراء حجاب وترى الأديب وإن دهته خصاصة ... لا يستخفّ به لدى الأتراب وقال آخر [2] : ما وهب الله لامرىء هبة ... أحسن من عقله ومن أدبه هما جمال الفتى وإن فقدا ... ففقده للحياة أجمل به وحدث أبو صالح الهروي قال: كان عبد الله بن المبارك يقول: أنفقت في الحديث أربعين ألفا، وفي الأدب ستين ألفا وليت ما أنفقته في الحديث أنفقته في الأدب، قيل له: كيف؟ قال: لأنّ النصارى كفروا بتشديدة واحدة خففوها، قال تعالى يا عيسى إني ولّدتك من عذراء بتول، فقال النصارى ولدتك [3] . شاعر [4] : ولم أر عقلا صحّ إلّا بشيمة ... ولم أر علما صحّ إلّا على أدب   [1] في م: سهل بن يحيى، وصوبناه اعتمادا على ما ورد في المصادر في ترجمته، انظر إنباه الرواة 2: 58 (وفي الحاشية ذكر لمصادر كثيرة) . وسيترجم له ياقوت رقم: 576. [2] البيتان في عين الأدب والسياسة: 126. [3] انظر روضة العقلاء: 221- 222 حيث ورد جانب من هذه القصة مرويا عن الأصمعي. [4] البيت في ربيع الأبرار 3: 261 وروضة العقلاء: 222. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 19 وقال آخر [1] : لكلّ شيء حسن زينة ... وزينة العالم حسن الأدب قد يشرف المرء بآدابه ... فينا وإن كان وضيع النسب وقال آخر: من كان مفتخرا بالمال والنسب ... فإنما فخرنا بالعلم والأدب لا خير في رجل حرّ بلا أدب ... لا لا وإن كان منسوبا إلى العرب قالوا [2] : والفرق بين الأديب والعالم أن الأديب من يأخذ من كلّ شيء أحسنه فيألفه، والعالم من يقصد لفنّ من العلم فيعتمله [3] ، ولذلك قال علي كرّم الله وجهه [4] : العلم أكثر من أن يحصى فخذوا من كلّ شيء أحسنه. شاعر: ذخائر المال لا تبقى على أحد ... والعلم تذخره يبقى على الأبد والمرء يبلغ بالآداب منزلة ... يذلّ فيها له ذو المال والعقد وحدث سفيان، قال سمعت الخليل بن أحمد يقول: إذا أردت أن تعلم العلم لنفسك فاجمع من كلّ شيء شيئا، وإذا أردت أن تكون رأسا في العلم فعليك بطريق واحد، ولذلك قال الشعبي: ما غلبني إلا ذو فنّ. شاعر: لا فقر أكبر من فقر بلا أدب ... ليس اليسار بجمع المال والنّشب ما المال إلا جزازات ملفّقة ... فيها عيون من الأشعار والخطب ويقال: من أراد السيادة فعليه بأربع، العلم والأدب والعفة والأمانة.   [1] البيتان في غرر الخصائص: 144. [2] محاضرات الراغب 1: 51. [3] في ر: فيقتله، دون إعجام. [4] محاضرات الراغب 1: 51 (دون نسبة) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 20 شاعر [1] : كم من خسيس وضيع القدر ليس له ... في العزّ أصل ولا ينمى إلى حسب قد صار بالأدب المحمود ذا شرف ... عال وذا حسب محض وذا نشب وقال بزرجمهر [2] : من كثر أدبه كثر شرفه وإن كان وضيعا، وبعد صوته وإن كان خاملا، وساد وإن كان غريبا، وكثرت الحاجة إليه وإن كان فقيرا. ويقال [3] : عليكم بالأدب فإنه صاحب في السفر، ومؤنس في الحضر، وجليس في الوحدة، وجمال في المحافل، وسبب إلى طلب الحاجة. ويقال [4] : مروءتان ظاهرتان: الفصاحة والرياش. وكلم شبيب بن شيبة رجلا من قريش فلم يحمد أدبه وقال [5] . وكم من ماجد أضحى عديما ... له حسن وليس له بيان وما حسن الرجال لهم بزين ... إذا لم يسعد الحسن اللسان وقال أبو نواس: ما استكثر أحد من شيء إلّا ملّه وثقل عليه، إلا الأدب فإنه كلما استكثر منه كان أشهى له وأخفّ عليه. وقال: الشّره في الطعام دناءة، وفي الأدب مروءة. ويقال: الأديب نسيب الأديب، قال أبو تمام [6] : إن يكد مطّرف الإخاء فإننا ... نسري ونغدو في إخاء تالد   [1] ورد البيتان في غرر الخصائص: 145. [2] قول بزرجمهر في غرر الخصائص: 144 وهو دون نسبة في لباب الآداب: 233 وفي عين الأدب والسياسة: 127. [3] قريب من هذا قول شبيب بن شيبة: اطلبوا الأدب فإنه عون على المروءة وزيادة في العقل وصاحب في الغربة وحلية في المجالس (بهجة المجالس 1: 112) وعين الأدب والسياسية: 123 وقارن بروضة العقلاء: 220. [4] البيان والتبيين 1: 296 وعيون الأخبار 1: 296 ونثر الدر 3: 25 والامتاع والمؤانسة 2: 149 وشرح النهج 18: 129 ومحاضرات الراغب 2: 365 والتذكرة الحمدونية 1: 254. [5] ورد الثاني في أدب الدنيا والدين: 266 ومعه بيتان آخران. وكذلك في عين الأدب والسياسة: 122. [6] ديوان أبي تمام 1: 407. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 21 أو نفترق نسبا يؤلف بيننا ... أدب أقمناه مقام الوالد أو يختلف ماء الوصال فماؤنا ... عذب تحدّر من غمام بارد [1] وقال ابن السكيت: خذ من الأدب ما يتعلق بالقلوب وتشتهيه الآذان، وخذ من النحو ما تقيم به الكلام، ودع الغوامض، وخذ من الشعر ما يشتمل على لطيف المعاني، واستكثر من أخبار الناس وأقاويلهم وأحاديثهم ولا تولعنّ بالغثّ منها. وقال أبو عمرو بن العلاء: قيل لمنذر بن واصل: كيف شهوتك للأدب؟ فقال أسمع الحرف منه لم أسمعه فتودّ أعضائي أنّ لها أسماعا تتنعم مثل ما تنعمت الآذان؛ قيل: وكيف طلبك له؟ قال: طلب المرأة المضلّة ولدها وليس لها غيره؛ قيل: وكيف حرصك عليه؟ قال: حرص الجموع المنوع على بلوغ لذته في المال. وقال الأصمعي، قال لي أعرابي: ما حرفتك؟ قلت: الأدب، قال: نعم الشيء، فعليك به فإنه ينزل المملوك في حد الملوك. وقال أرسطاطاليس: ليت شعري أيش [2] فات من أدرك الأدب، وأي شيء أدرك من فاته الأدب. وقال البحتري [3] : رأيت القعود على الإقتصاد ... قنوعا به ذلة في العباد وعزّ بذي أدب أن يضيق ... بعيشته وسع هذي البلاد إذا ما الأديب ارتضى بالخمول ... فما الحظّ في الأدب المستفاد وقال عمر رضي الله عنه [4] : تعلموا العربية فإنها تثّبت العقل، وتزيد في المروءة. وقال عبد الملك: ما الناس إلى شيء من العلوم أحوج منهم إلى إقامة ألسنتهم التي بها يتحاورون الكلام، ويتهادون الحكم، ويستخرجون غوامض العلم من   [1] الديوان: واحد. [2] ر: أي شيء. [3] لم أجدها في ديوانه. [4] نور القبس: 2. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 22 مخابئها، ويجمعون ما تفرّق منها. إن الكلام قاض يجمع بين الخصوم، وضياء يجلو الظلام، وحاجة الناس إلى موادّه كحاجتهم إلى موادّ الأغذية. وقال الزهري [1] ما أحدث الناس مروءة أحبّ إليّ من تعلم النحو. وقال شاعر يصف النحو: اقتبس النحو ونعم المقتبس ... والنحو زين وجمال ملتمس صاحبه مكرّم حيث جلس ... من فاته فقد تعمّى وانتكس كأنما فيه من العيّ خرس ... شتّان ما بين الحمار والفرس وقال آخر: لولاكم كان يلقى كلّ ذي خطل ... للنحو مدعيا بين النحارير لم لا أشدّ على من لا يقوم بها ... من وقعة السّمر والبيض المآثير قرع رجل على الحسن البصري الباب وقال: يا أبو سعيد فلم يجبه، فقال: أبي سعيد، فقال الحسن: قل الثالثة وادخل. وحدث النضر بن شميل قال، أخبرنا الخليل بن أحمد قال: سمعت أيوب السختياني [2] يحدّث بحديث فلحن فيه، فقال: استغفر الله، يعني أنه عد اللحن ذنبا. وكان ابن سيرين يسمع الحديث ملحونا فيحدث به على لحنه، وبلغ ذلك الأعمش فقال: إن كان ابن سيرين يلحن فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يلحن فقوّمه. قال [3] : وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يضرب أولاده على اللحن ولا يضربهم على الخطأ، ووجد في كتاب عامل له لحنا فأحضره وضربه درة واحدة. ودخل [4] أعرابي السوق فسمعهم يلحنون فقال: العجب يلحنون ويربحون. وكان معاوية بن بجير عامل البصرة لا يلحن فمات بجير بالبصرة ومعاوية بفارس خليفة أبيه، فقال الفيج [5] الذي جاء بنعيه مات بجيرا، فقال له لحنت لا أم لك، فقال   [1] بهجة المجالس 1: 65 ونسب القول لابن سلام. [2] م: السجستاني. [3] انظر بهجة المجالس 1: 64 والخبر فيه عن ابن عمر. [4] نور القبس: 3 وعيون الأخبار 2: 159 وتتمته: «ونحن لا نلحن ولا نربح» . [5] الفيج: الرسول أو عامل البريد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 23 أخوه عبد الله بن بجير: ألم تر أنّ خير بني بجير ... معاوية المحقق ما ظننتا أتاه مخبر ينعى بجيرا ... علانية فقال له لحنتا وقال الجاحظ: عيوب المنطق التصحيف وسوء التأويل والخطأ في الترجمة، فالتصحيف يكون من وجوه من التخفيف والتثقيل ومن قبل الإعراب ومن تشابه صور الحروف، وسوء التأويل من الأسماء المتواطئة أي أنك تجد اسما لمعان فتتأول على غير المراد، وكذلك سوء الترجمة. واعلم أنّ مذاكرة العلم عون على أدائه وزيادة في الفهم، ولا بد للعالم من جهل أي أن يجهل كثيرا مما يسأل عنه، إما لأنه ما سمعه أو نسيه. وقد قال بعض الفرس: ليس يحسن الأشياء كلّها إنسان، ولكن يحسن كلّ إنسان شيئا. ومن الأدب قول القائل: إذا ما روى الراوي حديثا فلا تقل ... سمعنا بهذا قبل أن يتتمما ولكن تسمّع للحديث موهّما ... بأنك لم تسمعه فيما تقدّما وقال الأصمعي: من حق من يقبسك علما أن ترويه عنه. قال أبو عمرو ابن العلاء: إنما سمي النحويّ نحويا لأنه يحرّف الكلام إلى وجوه الإعراب، واللحن مخالفة الاعراب. واللحن على جهة أخرى أن يكلّم الرجل صاحبه بالكلام يعرفانه بينهما ولا يعرفه سواهما. وأنشد الكلبيّ لمالك ابن أسماء [1] : منطق صائب وتلحن أحيا ... نا وخير الحديث ما كان لحنا أمغطّى مني على بصري بالحبّ أم أنت أكمل الناس حسنا وحديث ألذّه هو ممّا ... ينعت الناعتون يوزن وزنا وقد روي أن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه كان لحنا أي فطنا.   [1] العقد 2: 480 والبيان والتبيين 1: 147، 1: 228. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 24 وفي حديث أبي الزناد أن رجلا قرأ عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فلحن، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أرشدوا صاحبكم. وحدث أبو العيناء عن وهب بن جرير أنه قال لفتى من باهلة: يا بني اطلب النحو فإنك لن تعلم منه بابا إلّا تدرّعت من الجمال سربالا. وفي حديث سعيد بن العاص [1] قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما نحل والد ولده أفضل من أدب حسن. وعن ابن شهاب أنه قال: ما أحدث الناس مروءة أعجب إليّ من تعلّم الفصاحة. وحدث يحيى بن عتيق قال: سألت الحسن فقلت: يا أبا سعيد الرجل يتعلم العربية يلتمس بها حسن المنطق ويقيم بها قراءته، قال: حسن يا بني، فتعلمها فإنّ الرجل يقرأ الآية فيعيا بوجهها فيهلك فيها. وعن سعيد بن سلم قال: دخلت على الرشيد فبهرني هيبة وجمالا فلما لحن خفّ في عيني. وعن الشعبي قال [2] : حلي الرجال العربية وحلي النساء الشحم. وحدث التاريخي بإسناد [3] رفعه إلى سلم [4] بن قتيبة قال: كنت عند ابن هبيرة الأكبر قال: فجرى الحديث حتى ذكر العربية فقال: والله ما استوى رجلان دينهما واحد وحسبهما واحد ومروءتهما واحدة، أحدهما يلحن والآخر لا يلحن، إن أفضلهما في الدنيا والآخرة الذي لا يلحن، قال فقلت: أصلح الله الأمير هذا أفضل في الدنيا لفضل فصاحته وعربيته، أرأيت الأخرة ما باله فضّل فيها؟ قال: إنه يقرأ كتاب الله على ما أنزله الله، والذي يلحن يحمله لحنه على أن يدخل في كتاب الله ما ليس فيه، ويخرج منه ما هو فيه، قلت: صدق الأمير وبرّ.   [1] بهجة المجالس 1: 109. [2] عيون الأخبار 2: 157 (لابن سيرين) وروضة العقلاء: 219 (لابن شبرمة) . [3] روضة العقلاء: 220. [4] سلم: لم ترد في م. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 25 وحدث عن أبي توبة عن عمرو بن أبي عمرو الشيباني عن أبيه قال [1] : تكلم أبو جعفر المنصور في مجلس فيه أعرابيّ فلحن، فصرّ الأعرابي أذنيه، فلحن مرة أخرى أعظم من الأولى، فقال الأعرابي: أفّ لهذا ما هذا؟ ثم تكلم فلحن الثالثة، فقال الأعرابي. أشهد لقد وليت هذا الأمر بقضاء وقدر. وحدث بإسناد رفعه إلى الواقدي قال: صلى رجل من آل الزبير خلف أبي جعفر المنصور وقرأ أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ (التكاثر: 1) فلحن في موضعين، قال: فلما سلم التفت الزبيري إلى رجل كان إلى جانبه فقال له: ما كان أهون هذا القرشيّ على أمله. وقال بعض الشعراء [2] : النحو يبسط من لسان الألكن ... والمرء نعظمه إذا لم يلحن وإذا طلبت من العلوم أجلّها ... فأجلّها عندي مقيم الألسن وقال آخر [3] : إما تريني وأثوابي مقاربة ... ليست بخزّ ولا من حرّ كتّان فإنّ في المجد همّاتي وفي لغتي ... علويّة ولساني غير لحان وحدث قال [4] : قدم طاهر بن الحسين والعباس بن محمد بن موسى على الكوفة، فرادّه طساسيج من سوادها، فوجّه العباس كاتبه إليه، فلما دخل على طاهر قال له: أخيك أبي موسى يقرأ عليك السلام، قال: وما أنت منه؟ قال: كاتبه الذي يطعمه الخبز، قال: نعم عليّ بعيسى بن عبد الرحمن، قال: فجاء- وكان عيسى كاتب طاهر- فقال: اكتب وأنت قائم بصرف العباس بن محمد بن موسى عن   [1] ورد الخبر بإيجاز في عيون الأخبار 2: 160. [2] عيون الأخبار 2: 157 والعقد 2: 479 وبهجة المجالس: 1: 66 والكامل للمبرد 1: 248 وزهر الآداب: 720 لإسحاق بن خلف البهراني وغرر الخصائص: 172 وعين الأدب والسياسة: 123 لبزرجمهر. [3] البيان والتبيين 1: 167 والمحاسن والمساوىء: 426 وغرر الخصائص: 186 وعين الأدب والسياسة: 122- 123 . [4] الخبر في كتاب بغداد: 73. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 26 الكوفة إذ لم يتخذ كاتبا يحسن الأداء عنه. وحدث في ما أسنده إلى الضحاك بن زمل السكسكي، وكان من أصحاب المنصور، قال [1] : كنا مع سليمان بن عبد الملك بدابق إذ قام إليه الشحاج الأزدي الموصلي فقال: يا أمير المؤمنين إنّ أبينا هلك وترك مال كثير، فوثب أخانا على مال أبانا فأخذه، فقال سليمان: فلا رحم الله أباك ولا نيّح عظام أخيك [2] ، ولا بارك الله لك فيما ورثت، أخرجوا هذا اللحّان عني، فأخذ بيده بعض الشاكرية [3] وقال: قم فقد آذيت أمير المؤمنين، فقال: وهذا العاضّ بظر أمه اسحبوا برجله. وحدث قال، قال رجل للحسن [4] : يا أبا سعيد ما تقول في رجل مات وترك أبيه وأخيه؟ فقال له الحسن: ترك أباه وأخاه، فقال له: فما لأباه وأخاه فقال له الحسن: إنما هو فما لأبيه وأخيه، قال يقول الرجل للحسن: يا أبا سعيد ما أشدّ خلافك عليّ، قال: أنت أشدّ خلافا عليّ أدعوك إلى الصواب وتدعوني إلى الخطأ. وحدث فيما رفعه عبد الله بن المبارك قال [5] : بعث الحجاج إلى والي البصرة أن اختر لي عشرة ممن عندك فاختار رجالا منهم كثير بن أبي كثير، قال: وكان رجلا عربيا، قال كثير: وقلت في نفسي لا أفلت من الحجاج إلا باللحن، قال: فلما دخلنا عليه دعاني ما اسمك؟ قلت: كثير قال: ابن من؟ فقلت في نفسي: إن قلتها بالواو لم آمن أن يتجاوزها قال قلت: أنا ابن أبا كثير، فقال عليك لعنة الله وعلى من بعث بك، جؤوا [6] في قفاه، قال: فأخرجت. وحدث في ما أسنده إلى الأصمعي قال [7] : سمعت مولى لعمر بن الخطاب   [1] نور القبس: 3 وعيون الأخبار 2: 159 والبيان والتبيين 2: 222 ومحاضرات الراغب 1: 67 وصبح الأعشى 1: 169 (وهو في أكثر المصادر متصل بزياد بن أبي سفيان) والمحاسن والأضداد: 6 ومصورة ابن عساكر 8: 401. [2] أي لا صلبها ولا شدّ منها. [3] الشاكرية: الخدم. [4] قارن بالعقد 2: 481 (والقول موجه لشريح) . [5] زهر الآداب: 906. [6] جؤوا فعل أمر من «وجأ» . [7] عيون الأخبار 2: 155 والمحاسن والأضداد: 85. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 27 يقول: أخذ عبد الملك بن مروان رجلا كان يرى رأي الخوارج، رأي شبيب، فقال له: ألست القائل: ومنا سويد والبطين وقعنب ... ومنا أمير المؤمنين شبيب قال: إنما قلت أمير المؤمنين أي يا أمير المؤمنين، فأمر بتخلية سبيله. قال التاريخي: حدثنا أبو بكر الدولابي حدثنا أبو مسهر قال: سألت سعيد بن عبد العزيز التنوخي عن حديث إذا سمعته ملحونا فقال: اللحن يفسد الحديث، وذلك أنه يغيّر معناه، ولم يلف أحد من العلماء إلا مقوّم اللسان. قال [1] : وقد كان عمر بن عبد العزيز أشدّ الناس في اللحن على ولده وخاصته ورعيته وربما أدّب عليه. قال وقال نافع مولى ابن عمر [2] : كان ابن عمر يضرب ولده على اللحن كما يضربهم على تعليم القرآن. وحدث في ما أسنده إلى شريك عن جابر قال: قلت للشعبي أسمع الحديث بغير إعراب فأعربه؟ قال: نعم لا بأس به. قال: قال حماد بن سلمة [3] : مثل الذي يكتب الحديث ولا يعرف النحو مثل الحمار عليه مخلاة ولا شعير فيها. وروي عن الشعبي أنه قال: لأن أقرأ وأسقط أحبّ إلي من أن أقرأ وألحن. وقال محمد بن الليث [4] : النحو في الأدب كالملح في الطعام فكما لا يطيب الطعام إلا بالملح لا يصلح الأدب إلّا بالنحو. وروي عن عبد الله بن المبارك أنه قال: تعلموا العلم شهرا والأدب شهرين. وقال رجل لبنيه: يا بني أصلحوا من ألسنتكم فإن الرجل تنوبه النائبة يحتاج أن يتجمل فيها فيستعير من أخيه دابة ومن صديقه ثوبا ولا يجد من يعيره لسانا.   [1] نور القبس: 3. [2] يروى هذا عن عمر نفسه رضي الله عنه. [3] التذكرة الحمدونية 2: 162 وروضة العقلاء: 223. [4] قارن بعيون الأخبار 2: 157. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 28 لما قال الفرزدق: إن الذي سمك السماء بنى لنا ... بيتا دعائمه أعزّ وأطول فقال الحاضرون: أعزّ وأطول من ماذا؟ فتفكر الفرزدق فوافق ذلك قول المؤذن في الأذان: الله أكبر، فرفع الفرزدق رأسه فقال: يا فلان أكبر من ماذا؟ وقال الخطفى جد جرير [1] : عجبت لإزراء العييّ بنفسه ... وصمت الذي قد كان بالقول أعلما وفي الصمت ستر للعييّ وإنما ... صحيفة لبّ المرء ان يتكلما وحدّث عن الأصمعي أنه قال [2] : أخوف ما أخاف على طالب العلم إذا لم يعرف النحو أن يدخل في جملة قول النبي صلى الله عليه وسلم: «من كذب عليّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار» ، لأنه لم يكن يلحن فمهما رويت عنه ولحنت فقد كذبت عليه.   [1] في الأصل: جد الفرزدق، وانظر البيان والتبيين 1: 220 (والحاشية) واللسان (خطف) وعيون الأخبار 1: 175، 2: 275 والعقد 2: 266 وبهجة المجالس 1: 62 وتاريخ بغداد 14: 248 (دون نسبة) ونسب البيتان في الموشى: 9 للخطفى بن بدر. [2] روضة العقلاء: 223. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 29 فصل [ثان] في فضيلة علم الأخبار قال أبو الحسن علي بن الحسين [1] ، قالوا: لولا تقييد العلماء خواطرهم بالأخبار وكتبهم للآثار [2] لبطل أول العلم وضاع آخره، إذ كان كلّ علم من الأخبار يستخرج، وكلّ حكمة منها تستنبط، والفقر منها تستثار [3] ، والفصاحة منها تستفاد، وأصحاب القياس عليها يبنون، وأهل المقالات بها يحتجّون، ومعرفة الناس منها تؤخذ، وأمثال الحكماء فيها توجد، ومكارم الأخلاق ومعاليها منها تقتبس، وآداب سياسة الملك والحزم منها تلتمس، فكلّ غريبة بها تعرف، وكلّ عجيبة منها تستطرف، وهو علم يستمتع بسماعه العالم والجاهل [4] ، ويستعذب موقعه الأحمق والعاقل ويأنس مكانه، وينزع إليه الخاصيّ والعامي، ويميل إلى روايته العربيّ والعجمي؛ وبعد فإنه يوصل به إلى كلّ [5] كلام، ويتزين به في كلّ مقام، ويتجمّل به في كلّ مشهد، ويحتاج إليه في كلّ محفل. ففضيلة علم الأخبار تتيه على كلّ علم، وشرف منزلته صحيحة [6] في كلّ فهم؛ فلا يصبر على علمه ويتقن ما فيه من إيراده وإصداره إلا إنسان قد تجرد للعلم، وفهم معناه، وذاق ثمرته، واستشعر من عزه، ونال من سروه، وقديما قيل: إن علم النّسب والأخبار من علوم الملوك وذوي الأخطار، ولا تسمو إليه إلا النفوس الشريفة، ولا تأباه إلا [النفوس الدنية   [1] م: الحسن. [2] ر: بالآثار. [3] م: تستشاد. [4] والجاهل: سقطت من م. [5] كل: سقطت من م. [6] الأصوب أن يقول: صحيح. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 30 و] [1] العقول السخيفة وقد قالت الحكماء [2] : الكتاب نعم الجليس والذخر، إن شئت ألهتك بوادره، وأضحكتك نوادره، وإن شئت أشجتك مواعظه، وإن شئت تعجبت من غرائب فوائده، وهو يجمع لك الأول والآخر، والناقص والوافر، والغائب والحاضر، والشكل وخلافه، والجنس وضده، وهو ميت ينطق عن الموتى، ويترجم عن الأحياء، وهو مؤنس ينشط بنشاطك، وينام بنومك، ولا ينطق إلا بما تهوى، ولا يعلم جار ولا خليط أنصف، ولا رفيق أطوع، ولا معلّم أخضع، ولا صاحب أظهر كفاية ولا أجلّ جباية [3] ولا أشدّ [4] نفعا، ولا أحمد أخلاقا، ولا أدوم سرورا، ولا أسلم غيبة، ولا أحسن مواتاة، ولا أعجل مكافاة، ولا أخف مؤونة منه، إن نظرت فيه أطال إمتاعك، وشحذ طباعك، وأكثر علمك، وتعرف منه في شهر ما لا تعرف من أفواه الرجال في دهر، يغنيك عن كدّ الطلب [5] وعن الخضوع إلى من أنت أثبت منه أصلا، وأرسخ منه فرعا، وهو المعلم [6] الذي لا يجفوك، وإن قطعت عنه المادة لم يقطع عنك الفائدة. وكان عبيد الله بن محمد [7] بن عائشة القرشي يقول: الأخبار تصلح للدين والدنيا، قلنا: الدنيا عرفنا فما للآخرة؟ قال: فيها العبر يعتبرها الرجل. وقال الله تعالى مخبرا عن قصة يوسف وإخوته لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبابِ (يوسف: 111) وقال تعالى: وَمَثَلًا مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (النور: 34) وقال عزّ وجلّ: كَذلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ ما قَدْ سَبَقَ (طه: 99) ولذلك قال بعضهم لولده: عليك بالأخبار فإنها لا تعدمك كلمة   [1] النفوس الدنية و: سقط من م. [2] قارن بما جاء لدى الجاحظ في الحيوان 1: 38- 42 والمحاسن والأضداد: 4- 6. [3] ر: ولا أقل خيانة. [4] ر: ولا أبدا. [5] م: الطالب. [6] ر: العالم. [7] ر: محمد بن عبيد الله، وهو خطأ انظر الأغاني 2: 170 وعبيد الله هو ولد محمد ابن عائشة المغني. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 31 تدل [1] على هدى، وأخرى تنهى عن ردى [2] . وعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه [3] أجمّوا هذه القلوب والتمسوا لها طرائف الحكمة فإنها تملّ كما تملّ الأبدان. وكان أبو زيد الأنصاري لا يعدو النحو، فقال له خلف الأحمر: قد ألححت على النحو لم تعده ولقلّما ينبل منفرد به، فعليك بالأخبار والأشعار. وقال ابن المقفع في كتابه في الأدب [4] : ثم انظر الأخبار الرائعة فتحفّظ منها، فإن من شأن الإنسان الحرص على الأخبار، ولا سيما على ما يرتاح له الناس، وأكثر الناس من يحدّث بما يسمع ولا يبالي ممن سمع، وذلك مفسدة للصدق ومزراة بالرأي، فإن استطعت أن لا تخبر بشيء إلا وأنت به مصدّق وألا يكون تصديقك إلّا ببرهان، فافعل. قال الأخفش علي بن سليمان أنشدني أبو سعيد السكري: وذكرني حلو الزمان وطيبه ... مجالس قوم يملأون المجالسا حديثا وأشعارا وفقها وحكمة ... وبرّا ومعروفا وإلفا مؤانسا وقال ابن عتاب [5] : يكون الرجل نحويا عروضيا، حسن الكتاب، جيّد الحساب، حافظا للقرآن، راوية للشعر، وهو راض [بأن] يعلم أولادنا بستين درهما، ولو أن رجلا كان حسن البيان حسن التخريج للمعاني ليس عنده غير ذلك لم يرض بألف درهم، لأنّ النحوي ليس عنده إمتاع، كالنجار الذي يدعى ليغلق بابا، فلو كان أحذق الناس ثم فرغ من تغليق ذلك الباب قيل له انصرف، وصاحب الإمتاع يراد في الحالات كلّها. وقال معاوية [6] : ليس ينبغي للرجل أن يستغرق شيئا من العلم إلا علم الأخبار، فأما غير ذلك فالنتف والشدو [من القول] .   [1] تدل: سقطت من م. [2] ردى: سقطت من م وموضعها بياض. [3] انظر بهجة المجالس 1: 115. [4] رسائل البلغاء: 94. [5] البيان والتبيين 1: 403. [6] البيان والتبيين 1: 402 (لرجل من ولد العباس) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 32 وكتب عبد الملك بن مروان الى الحجاج: انظر لي رجلا عالما بالحلال والحرام، عارفا بأشعار العرب وأخبارها، أستأنس به وأصيب عنده معرفة فوجّهه إليّ من قبلك، فوجّه إليه الشعبي، وكان أجمع أهل زمانه، قال الشعبي: فلم ألق [1] واليا ولا سوقة إلّا وهو يحتاج [2] إليّ ولا أحتاج إليه ما خلا عبد الملك، ما أنشدته شعرا ولا حدثته حديثا إلا وهو يزيدني فيه، وكنت ربما حدثته وفي يده اللقمة فيمسكها [3] فأقول يا أمير المؤمنين أسغ طعامك، فإن الحديث من ورائه، فيقول: ما تحدثني به أوقع بقلبي من كلّ لذة وأحلى من كل فائدة. وكتب عبد الملك إلى الحجاج [4] : أنت عندي كقدح ابن مقبل، فلم يدر الحجاج ما عنى، فسأل قتيبة بن مسلم وكان راوية عالما عن ذلك فقال: قد مدحك، فإن ابن مقبل نعت قدحه فقال: مفدّى مؤدّى باليدين منعم ... خليع قداح فائز متمنّح [5] خروج من الغمّى إذا صكّ صكّة ... بدا والعيون المستكفّة تلمح [6] قال: فكانت في نفس الحجاج حتى ولّاه خراسان. وقال محمد بن عبد الملك الزيات في رجل خلو من الأدب [7] : يا أيها العائبي ولم تر بي ... عيبا ألا تنتهي وتزدجر هل لك وتر لديّ تطلبه ... أم لست مما أتيت تعتذر إن كان قسم الإله فضّلني ... وأنت صلد ما فيك معتصر   [1] ر: أجد. [2] ر: محتاج. [3] م: فأمسكها. [4] قارن بجمهرة العسكري 2: 120 وسرح العيون: 192 وديوان ابن مقبل: 29، 30 وأمالي القالي 1: 15 وثمار القلوب: 173. [5] مفدى عند صاحبه، يفديه إذا فاز، متمنح: مستعار، يستعيرونه لمعرفتهم بفوزه. [6] الغمى: الشدة والضيق؛ والعيون المستكفة، عيون الذين حوله يستكفون أي يضعون أيديهم على حواجبهم حين ينظرون إليه. [7] ديوان ابن الزيات: 29- 30 ومنها أبيات في الأغاني 22: 486- 487. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 33 فالحمد والشكر والثناء له ... وللحسود التراب والحجر اقرأ لنا سورة تخوّفنا ... فإن خير المواعظ السور أو ارو فقها تحي القلوب به ... جاء به عن نبينا أثر أو هات ما الحكم في فرائضنا ... ما يستحقّ الاناث والذكر أو ارو عن فارس لنا مثلا ... فإن أمثال فارس عبر أو من أحاديث جاهليتنا ... فإنها عبرة ومعتبر أو هات كيف الصواب [1] في الرفع والخفض وكيف التصريف والصور [2] أو ارو شعرا أو صف لنا غرضا [3] ... يبلى صحيح منه ومنكسر فإذ جهلت الآداب مرتغبا ... عنها وخلت العمى هو البصر ولم تعوّض من ذاك ميسرة ... عليك منها لبهجة أثر فغنّ صوتا تلهي الفؤاد به ... وكلّ ما قد جهلت مغتفر تعيش فينا ولا تلائمنا ... فاذهب ودعنا حتّام تنتظر تغلي علينا الأسعار أنّى [4] وما ... عندك نفع يرجى ولا ضرر همّك في مرتع ومغتبق ... كما تعيش الحمير [5] والبقر   [1] ر: الإعراب. [2] ر: الصدر. [3] ر: أو صف عروضا. [4] الديوان: أنت. [5] م: يعيش الحمار. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 34 حرف الالف - 1- آدم بن أحمد بن أسد الهروي أبو سعد النحوي اللغوي : حاذق مناظر، ذكره الحافظ أبو سعد السمعاني فقال: هو من أهل هراة سكن بلخ، كان أديبا فاضلا عالما بأصول اللغة صائنا حسن السيرة، قدم بغداد حاجا سنة عشرين وخمسمائة ومات في الخامس والعشرين من شوال من سنة ست وثلاثين وخمسمائة. ولما ورد بغداد اجتمع إليه أهل العلم وقرأوا عليه الحديث والأدب، وجرى بينه وبين الشيخ أبي منصور موهوب بن أحمد بن الخضر الجواليقي [1] ببغداد منافرة في شيء اختلفا فيه، فقال له الهروي: أنت لا تحسن أن تنسب نفسك، فإن الجواليقي نسبة إلى الجمع، والنسبة إلى الجمع بلفظه لا تصحّ. قال: وهذا الذي ذكره الهرويّ نوع مغالطة فإن لفظ الجمع إذا سمّي به جاز أن ينسب إليه بلفظه كمدائني ومعافريّ وأنماري وما أشبه ذلك. قال مؤلف هذا الكتاب: وهذا الاعتذار ليس بالقويّ لأن الجواليق ليس باسم رجل فيصحّ ما ذكره، وإنما هو نسبة إلى بائع ذلك، والله أعلم؛ وإن كان اسم رجل أو قبيلة أو موضع نسب إليه صحّ ما ذكره.   [1] ينقل ياقوت عن كتاب آخر للسمعاني غير الانساب، ونقل الصفدي هذه الترجمة في الوافي 5: 293 حتى قوله: «صحّ ما ذكره» وانظر بغية الوعاة 1: 404 وما ورد في الإنباه 1: 236 مشبه لما ذكره ياقوت. وقال القفطي إنه عاد إلى بلخ وتصدر للافادة بها حتى توفي. [1] ستأتي ترجمته رقم: 1169. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 35 وقال الحافظ الإمام السمعاني: سمعت أبا القاسم الطريفي يقول: سمعت أبا سعد الهرويّ المؤدب يقول: سئل سفيان الثوريّ عن التقوى فأنشد: إني وجدت فلا تظنّوا غيره ... هذا التورّع عند هذا الدرهم فإذا قدرت عليه ثم تركته ... فاعلم بأن هناك تقوى المسلم وكان الرشيد محمد بن محمد بن عبد الجليل الملقب بالوطواط [1] كاتب الإنشاء لخوارزمشاه [2] من تلاميذ الشيخ أبي سعد آدم بن أحمد الهروي وانتقل الرشيد من بلخ إلى خوارزم وأقام بها في خدمة خوارزمشاه أشهرا. وكان يكاتب الشيخ أبا سعد ويخضع له ويقر بفضله فمما كتب إليه رسالة نسختها [3] : كتابي وفي الأحشاء وجد على وجد ... إلى الصدر مولانا الأجلّ أبي سعد أشمّ طويل الباع أصبح رافعا ... إلى قمة الأفلاك ألوية المجد سراة بني الإسلام عقد جواهر ... وفيهم أبو سعد كواسطة العقد سقى الله أيامنا بالعقيق ودهورنا [4] باللوى، وأعوامنا بالخليصاء وشهورنا بالحمى؛ فإن هذه المعاني، لألفاظ المسرّات كالمعاني: جنينا [5] فيه أثمار أطايب الأماني، من أشجار وصال الغواني؛ لا بل سقى مواقفنا ببلخ في المدرسة النظامية، واجتماعنا في المجالس الأجليّة الإمامية: مجالس مولانا أبي سعد الذي ... به سعد الأيام والدين والدنيا همام حوى يوم الفخار بنانه ... على رغم آناف العدى قصب العليا   [1] ستأتي ترجمته رقم: 1107. [2] لعلّ المعنيّ هنا هو سلطان شاه أبو القاسم محمود بن ايل أرسلان الذي تولى السلطنة سنة 568 ولابنه أبي المظفر تكش ألف رشيد الدين «حدائق السحر في رقائق الشعر» حين كان- فيما يبدو- وليا للعهد، اذ إن رشيد الدين توفي سنة 573 وجاء أبو المظفر إلى الحكم سنة 589. [3] وردت الرسالة في مجموعة رسائل الوطواط (مصر 1315) 2: 29. [4] ر: ودهرنا. [5] جنينا: سقطت من م. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 36 الامام أبو سعد، وما أدراك ما الإمام أبو سعد، سعد كلّه، خير قوله وفعله، صاحب جيوش الفصاحة، ومالك رقاب البلاغة، وناظم عقد المحامد، وجامع شمل المكارم، وناشر أردية الفضل والكرم، وعامر أبنية الأدب والحكم: لله درّ إمام كلّه أدب ... بفضله يتحلّى العجم والعرب [1] الله يعلم أني وإن شطّ المزار، وشحطت الديار، لا أقطع أكثر أوقاتي، ولا أزجي أغلب ساعاتي، إلا في مدح معاليه، وشرح أياديه، لو أنفقت جميع عمري في ذلك، وسلكت طول دهري تلك المسالك: لما كنت أقضي بعض واجب حقه ... ولا كنت أحصي من صنائعه عشرا وكيف لا أبالغ في ثنائه، ولا أواظب على دعائه، وهو الذي رفع قدري وشرح للآداب صدري، وسقاني كؤوس العلم وأحشائي صادية، وكساني حلل الفضل وعوراتي بادية، اغترفت ما اغترفت من بحاره، واقتطفت ما اقتطفت من ثماره: وأنت الذي عرفتني طرق العلا ... وأنت الذي هدّيتني كلّ مقصد وأنت الذي بلّغتني كلّ رتبة ... مشيت إليها فوق أعناق حسّدي عبد مجلسه الشريف أخي عمر، أيده الله، ورد من خراسان ذاكرا لما يجري على لسانه الكريم في المجالس والمحافل، بين أيدي الأكابر والأماثل، من مدحي وثنائي، وتقريظي وإطرائي، فما استبدعت ذلك من خصائص [2] كرمه، ولا استغربته من لطائف شيمه. وكانت كلماته حاملة إياي على هذا التصديع، لمجلسه الرفيع، ورأيه في سحب ذيل العفو على هذا التجاسر، وتبليغ تحيتي الى القارئين عليه والمختلفين إليه من أبناء جنسي، وشركاء درسي، يقتضي الشرف، والسلام.   [1] ر: العرب والعجم. [2] ر: خصيص. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 37 - 2- أبان بن تغلب بن رياح الجريري أبو سعيد البكري مولى بني جرير بن عباد بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن عليّ بن بكر بن وائل: ذكره أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي [1] في مصنفي الإمامية [2] ومات أبان في سنة إحدى وأربعين ومائة. قال أبو جعفر: هو ثقة جليل القدر عظيم المنزلة في أصحابنا لقي أبا محمد علي بن الحسين وأبا جعفر وأبا عبد الله عليهم السلام [3] وروى عنهم، وكانت له عندهم حظوة وقدم، قال له أبو جعفر: اجلس في مسجد [4] المدينة وأفت الناس فإني أحبّ أن أرى في شيعتي مثلك. وقال أبو عبد الله لما أتاه نعيه: أما والله لقد أوجع قلبي موت أبان [قال] : وكان قارئا فقيها لغويا نبيها [5] تبدّى وسمع من العرب وحكى عنهم، وصنف كتاب الغريب في القرآن وذكر شواهده من الشعر، فجاء فيما بعد عبد الرحمن بن محمد الأزدي الكوفي فجمع من كتاب أبان ومحمد بن السائب الكلبي وأبي روق عطية بن الحارث فجعله كتابا واحدا وبيّن ما اختلفوا فيه وما اتفقوا عليه، فتارة يجيء كتاب أبان مفردا، وتارة يجيء مشتركا على ما عمله عبد الرحمن. ولأبان أيضا كتاب الفضائل.   [2] نقل الصفدي هذه الترجمة في الوافي 5: 300 والسيوطي في البغية 1: 404 (بإيجاز) وانظر الفهرست: 276 وذكر له أيضا كتاب القراءات وكتاب فن الأصول في الرواية على مذاهب الشيعة؛ وانظر طبقات ابن الجزري 1: 4 والبلغة: 2 ولم ترد هذه الترجمة في المختصر (ر) . [1] محمد بن الحسن الطوسي (- 460) خراساني النشأة، انتقل إلى بغداد سنة 408 وعاش فيها أربعين سنة ثم استوطن النجف وبها توفي؛ له مؤلفات كثيرة منها معالم العلماء وكتابه «فهرست كتب الشيعة» أو ما يعرف بفهرست الطوسي قد طبع في كلكتا سنة 1853- 1855 وأعيد تصويره عن هذه الطبعة في أزنابروك سنة 1981 وطبع في بيروت سنة 1983 وبين الطبعتين اختلافات. [2] انظر فهرست الطوسي: 5 (كلكتا) 44 (بيروت) . [3] يعني بأبي جعفر: موسى الكاظم، وبأبي عبد الله محمد الباقر. [4] الصفدي: اجلس في مجلس في مسجد. [5] الطوسي: لغويا نبيلا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 38 - 3- أبان بن عثمان بن يحيى بن زكريا اللؤلؤي يعرف بالأحمر البجليّ أبو عبد الله مولاهم: ذكره أبو جعفر الطوسي في «كتاب أخبار مصنّفي الإمامية» [1] وقال: أصله الكوفة [2] وكان يسكنها تارة والبصرة أخرى، وقد أخذ عنه من أهل البصرة أبو عبيدة معمر بن المثنّى وأبو عبد الله محمد بن سلّام الجمحي، وأكثروا الحكاية عنه في أخبار الشعراء [3] والنسب والأيام. روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن موسى بن جعفر، وما عرف من مصنّفاته إلا كتاب جمع فيه المبدأ والمبعث والمغازي والوفاة والسقيفة والردّة. - 4- إبراهيم بن أحمد بن محمد توزون الطبري النحوي : أحد أهل الفضل والأدب، سكن بغداد وصحب أبا عمر الزاهد، وكتب عنه كتاب الياقوتة، وعلى النسخة التي بخطه الاعتماد من كتاب أبي عمر [4] كما ذكرناه في ترجمة أبي عمر [5]   [3] الوافي 5: 302 عن ياقوت والبلغة: 2 وبغية الوعاة 1: 405 ولسان الميزان 1: 24 (عن ياقوت) وقال: وذكره ابن حبان في الثقات وقال: يخطىء ويهم. ولم ترد الترجمة في المختصر. [4] تاريخ بغداد 6: 17 ونزهة الألباء: 227 وإنباه الرواة 1: 158 وبغية الوعاة 1: 406 والبلغة: 4 ويقال فيه أيضا «تيزون» . وكانت وفاته سنة 355 حسبما نصّ على ذلك القفطي؛ ولم ترد هذه الترجمة في المختصر. [1] فهرست الطوسي: 76 (كلكتا) 46 (بيروت) . [2] لسان الميزان: وكان أصله من الكوفة. [3] في لسان الميزان: وأخذ عنه أبو عبيدة ومحمد بن سلام وأكثر عنه في طبقات الشعراء؛ قلت: وهذا صحيح، انظر فهرسة طبقات فحول الشعراء. [4] يعني محمد بن عبد الواحد المطرز غلام ثعلب، وانظر في مراحل تصنيفه «الياقوتة» إنباه الرواة 3: 175 قال: ثم جمع الناس على قراءة أبي إسحاق الطبري له، يعني توزون هذا. [5] ترجمة المطرز ستأتي رقم: 1073. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 39 ولقي أكابر العلماء من هذه الطبقة، وكان صحيح النقل جيّد الخطّ والضبط. ذكر أبو القاسم [بن] الثلاج أنه حدثه عن إبراهيم بن عبد الوهاب الأبزاري الطبري صاحب أبي حاتم السجستاني. لا أعرف له تصنيفا غير جمعه لشعر أبي نواس فإنها رواية مشهورة بأيدي الناس. وقال أبو القاسم التنوخي: حدثني أبو الحسن الطبري غلام الزاهد غلام ثعلب. وكان منقطعا إلى بني حمدان، وقرأت بخطه قصيدة شبيل بن عزرة الضّبعي [1] وقد قرأها على أبي عمر الزاهد وتناولها من أبي محمد عبد الله بن جعفر بن درستويه وقد قرأ عليه إلى «سيبا من حر سئل» [2] ثم قال: بلغت بقراءتي إلى هاهنا، وقال لي ابن درستويه قد دفعت إليك كتابي بخطي من يدي إلى يدك، وقد أجزت لك القصيدة فاروها عنّي فإن هذا ينوب عن السماع والقراءة- فقبلت ذلك منه- وكتب إبراهيم بن محمد الطبري الروياني بخطه والاعتماد عليه أولى، ولكن الخطيب قال: إبراهيم بن أحمد بن محمد المعروف بتيزون، فإن كان نسب نفسه الى جدّه فذاك، والله أعلم. - 5- إبراهيم بن أحمد بن الليث الأزدي اللغوي الكاتب : لا أعرف من حاله إلا ما قاله السّلفيّ: أنشدني أبو القاسم الحسن بن أبي الفتح الهمذاني قال: أنشدني أبو المظفر إبراهيم بن أحمد بن الليث الأزدي اللغوي الكاتب، قدم علينا همذان وقد حضر مجلسه الأدباء والنحاة لمحلّه من الأدب:   [5]- الوافي 5: 310 (عن ياقوت) وانظر بغية الوعاة 1: 406 ولم ترد ترجمته في المختصر. [1] شبيل بن عزرة الضبعي من خطباء الخوارج وعلمائهم، كان شيعيا ثم انتقل إلى الشراة (إنباه الرواة 2: 76 والفهرست: 51) وله قصيدة في الغريب، ولعلها التي يقول فيها: كان تجاوب اللقاح فيها ... وعنترة وأهمجة رئال انظر ديوان شعر الخوارج: 227 وستأتي ترجمة شبيل رقم: 585. [2] كذا ورد في الطبعة المصرية: وهو مصحف مضطرب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 40 وقد أغدو وصاحبتي محوص ... على عذراء ناء بها الرهيص [1] كان بني النحوص على ذراها ... حوائم ما لها عنه محيص - 6- إبراهيم بن إسحاق الحربي : نقلت من كتاب أبي بكر الخطيب قال: إبراهيم بن إسحاق بن بشير بن عبد الله بن ديسم أبو إسحاق الحربي، ولد سنة ثمان وتسعين ومائة، ومات ببغداد سنة خمس وثمانين ومائتين في ذي الحجة، ودفن في بيته في شارع باب الأنبار، وكان الجمع كثيرا جدا. وكان قد سمع أبا نعيم الفضل بن دكين وعفّان بن مسلم وعبيد الله بن محمد بن عائشة وأحمد بن حنبل وعثمان بن أبي شيبة وعبيد الله القواريري وخلقا من أمثالهم. روى عنه موسى بن هارون الحافظ ويحيى بن صاعد وأبو بكر ابن أبي داود والحسين المحاملي ومحمد بن مخلد وأبو بكر الأنباري النحوي وأبو عمر الزاهد صاحب ثعلب وخلق كثير غيرهم. وكان إماما في العلم رأسا في الزهد، عارفا بالفقه بصيرا بالأحكام، حافظا للحديث مميزا لعلله، قيما بالأدب جماعا للغة، وصنّف كتبا كثيرة منها: كتاب غريب الحديث [2] ، وأصله من مرو؛ وكان يقول أمي تغلبية وأخوالي نصارى أكثرهم. وقيل: لم سمّيت إبراهيم   [6]- ترجمة إبراهيم الحربي في تاريخ بغداد 6: 27 وعنه ينقل ياقوت وعن ياقوت ينقل الوافي 5: 320 والفوات 1: 14 وبغية الوعاة 1: 408؛ وانظر الفهرست وإنباه الرواة 1: 155 وطبقات السبكي 2: 256 وطبقات الشيرازي: 171 وصفة الصفوة 2: 228 وطبقات أبي يعلى 1: 86 وتذكرة الحفاظ: 584 وسير أعلام النبلاء 13: 356 وعبر الذهبي 2: 74 والبلغة: 4 والشذرات 2: 190 وانظر مقدمة كتاب «المناسك» بتحقيق صديقنا العلامة الشيخ حمد الجاسر ففيها دراسة عن الحربي ومؤلفاته ص 9- 256 (وفي حاشية سير أعلام النبلاء مزيد من التخريج) . [1] صاحبته يعني الفرس؛ المحوص: السريعة العدو، أو الشديدة الخلق. ناء بها: أتعبها؛ الرهيص: المرهوصة وهي التي أثر فيها الحصى فأوهن حوافرها. [2] طبع هذا الكتاب في ثلاثة أجزاء بتحقيق الدكتور سليمان بن إبراهيم بن محمد العايد، جامعة أم القرى بمكة المكرمة 1405/1985. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 41 الحربي؟ فقال: صحبت قوما من الكرخ على الحديث وعندهم ما جاز القنطرة العتيقة من الحربية [1] فسموني الحربي بذلك. وحدّث [2] أحمد بن عبد الله بن خالد بن ماهان المعروف بابن أسد قال: سمعت إبراهيم الحربيّ يقول: أجمع عقلاء الأمة أنه من لم يجر مع القدر لم يهنأ بعيشه، كان يكون قميصي أنظف قميص وإزاري أوسخ إزار، ما حدثت نفسي أنهما يستويان قط، وفرد عقبي مقطوع، وفرد عقبي الآخر صحيح، أمشي بهما وأدور بغداد كلّها هذا الجانب وذاك الجانب، لا أحدّث نفسي أني أصلحهما، وما شكوت إلى أمي ولا إلى أختي ولا إلى امرأتي ولا إلى بناتي قطّ حمّى وجدتها؛ الرجل هو الذي يدخل غمه على نفسه ولا يغمّ عياله، كان بي شقيقة خمسا وأربعين سنة ما أخبرت بها أحدا قط، ولي عشر سنين أبصر بفرد عين ما أخبرت به أحدا، وأفنيت من عمري ثلاثين سنة برغيفين [3] في اليوم والليلة إن جاءتني بهما امرأتي أو إحدى بناتي أكلت وإلا بقيت جائعا عطشان إلى الليلة الأخرى، والآن آكل نصف رغيف وأربع عشرة تمرة إن كان برنيا، أو نيفا وعشرين إن كان دقلا [4] . ومرضت ابنتي فمضت امرأتي فأقامت عندها شهرا فقام إفطاري في هذا الشهر بدرهم ودانقين ونصف. ودخلت الحمام واشتريت لهم صابونا بدانقين فقام نفقة شهر رمضان كلّه بدرهم وأربعة دوانيق ونصف، ولا تروّحت [5] ولا روّحت قطّ ولا أكلت من شيء واحد في يوم مرتين. وحدث [6] أحمد بن سليمان القطيعي قال: أضقت إضاقة شديدة فمضيت إلى إبراهيم الحربي لأبثّه ما أنا فيه، فقال لي: لا يضيق [7] صدرك فإنّ الله من وراء المعونة. وإني أضقت مرة حتى انتهى أمري في الإضافة إلى أن عدم عيالي القوت،   [1] في م: صحبت قوما من الحربية، وما هنا مطابق للمختصر وتاريخ بغداد. [2] تاريخ بغداد 6: 30- 31 وقارن بسير الذهبي 13: 367. [3] م: برغيف. [4] البرني: نوع جيد من التمر، والدقل رديء. [5] هو كذلك في تاريخ بغداد وسير الذهبي: 367، وفي ر: تزوجت ولا زوجت. [6] تاريخ بغداد: 31- 32 وسير الذهبي: 368. [7] كذا هو أيضا في تاريخ بغداد وسير الذهبي، والأصوب: لا يضق؛ وقارن بإنباه الرواة 1: 156- 157. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 42 فقالت لي الزوجة: هب أني وإياك نصبر فكيف نصنع بهاتين الصبيتين؟ فهات شيئا من كتبك حتى نبيعه أو نرهنه، فضننت بذلك وقلت: اقترضي لهما شيئا وأنظريني بقية اليوم والليلة، وكان لي بيت في دهليز داري فيه كتبي، فكنت أجلس فيه للنسخ والنظر، فلما كان في تلك الليلة إذا داقّ يدقّ الباب، فقلت: من هذا؟ فقال: رجل من الجيران، فقلت: ادخل، فقال أطف السراج حتى أدخل، فكببت على السراج شيئا وقلت: ادخل، فدخل وترك إلى جانبي شيئا وانصرف، فكشفت عن السراج ونظرت فإذا منديل له قيمة وفيه أنواع من الطعام وكاغد فيه خمسمائة درهم، فدعوت الزوجة وقلت: أنبهي الصبيان حتى يأكلوا. ولما كان من الغد قضينا دينا كان علينا من تلك الدراهم. وكان [وقت] [1] مجيء الحاجّ من خراسان، فجلست على بابي من غد تلك الليلة، وإذا جمّال يقود جملين عليهما حملان ورقا وهو يسأل عن منزل إبراهيم الحربي، فانتهى إليّ فقلت: أنا إبراهيم الحربي، فحطّ الحملين وقال: هذان الحملان أنفذهما لك رجل من أهل خراسان، فقلت: من هو؟ فقال: قد استحلفني ألا أقول لك من هو. وحدث [2] أبو عثمان الرازي قال: جاء رجل من أصحاب المعتضد إلى إبراهيم الحربي بعشرة آلاف درهم من عند المعتضد يسأله عن [أمر] أمير المؤمنين تفرقة ذلك، فردّه وانصرف الرسول ثم عاد فقال له: إن أمير المؤمنين يسألك أن تفرّقة في جيرانك، فقال له: عافاك الله، هذا مال لم نشغل أنفسنا بجمعه فلا نشغلها بتفرقته، قل لأمير المؤمنين إن تركتنا وإلّا تحوّلنا من جوارك. وحدث أبو القاسم الجبّلي [3] قال: اعتلّ إبراهيم بن إسحاق الحربيّ علة حتى أشرف على الموت، فدخلت عليه يوما فقال: يا أبا القاسم أنا في أمر عظيم مع   [1] زيادة من تاريخ بغداد سقطت من ر. [2] تاريخ بغداد: 32 وقارن بإنباه الرواة 1: 157. [3] هو الحافظ أبو القاسم إسحاق بن إبراهيم الجبلي (وجبل بليدة من سواد العراق) عاش ببغداد وكان يفتي بالحديث ويذاكر ولا يحدث، توفي سنة 281 (تاريخ بغداد 6: 378 وطبقات أبي يعلى 1: 110 والوافي 8: 395 وسير أعلام النبلاء 13: 343) والخبر عن تاريخ بغداد: 33 وقارن بسير الذهبي: 369 وإنباه الرواة 1: 157. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 43 ابنتي، ثم قال لها: قومي واخرجي إلى عمك، فخرجت وألقت على وجهها خمارها، فقال إبراهيم: هذا عمّك كلميه، فقالت لي: يا عمّ نحن في أمر عظيم لا في الدنيا ولا في الآخرة، والشهر والدهر ما لنا طعام إلا كسر يابسة وملح، وربما عدمنا الملح، وبالأمس قد وجّه إلينا المعتضد مع بدر [1] بألف دينار فلم يأخذها، ووجّه إليه فلان وفلان فلم يأخذ منها شيئا، وهو عليل، فالتفت الحربيّ إليها وتبسّم وقال: يا بنية إنما خفت الفقر؟ فقالت: نعم، فقال لها: انظري إلى تلك الزاوية، فنظرت فإذا كتب، فقال لها: هناك اثنا عشر ألف جزء لغة وغريب كتبته بخطي، إذا مت فوجّهي في كلّ يوم بجزء تبيعينه بدرهم، فمن كان عنده اثنا عشر ألف درهم ليس هو فقيرا. وحدث أبو عمر الزاهد وابن المنادي [2] : سمعت ثعلبا مرارا يقول: ما فقدت إبراهيم الحربي في مجلس لغة أو نحو خمسين سنة. وحدث أبو بكر الشافعّي قال [3] ، قال إبراهيم الحربيّ: ما أخذت على علم قطّ أجرا إلّا مرة واحدة فإني وقفت على بقال فوزنت له قيراطا إلا فلسا، فسألني عن مسألة فأجبته فقال للغلام: أعط بقيراط ولا تنقصه شيئا، فزادني فلسا. وحدث [4] إبراهيم الحربي وقد سألوه عن حديث عباس البقال فقال: خرجت إلى الكبش [5] ووزنت لعباس البقال دانقا إلا فلسا فقال لي: يا أبا إسحاق حدثني حديثا في السخاء فلعلّ الله يشرح صدري فأعمل شيئا، قال: قلت له نعم، روي عن الحسن بن عليّ رضي الله عنهما أنه كان مارا في بعض حيطان المدينة فرأى أسود وبيده رغيف يأكل منه لقمة ويطعم الكلب لقمة إلى أن شاطره الرغيف، فقال له الحسن: ما   [1] بدر غلام المعتضد، ولي الشرطة حين بويع المعتضد سنة 279 وكان ذا نفوذ في دولته (فهرسة تاريخ الطبري) . [2] هو أبو الحسين ابن المنادي، والخبر عن تاريخ بغداد 6: 33 وقد أفرد لثعلب رواية، ولابن المنادي رواية أخرى؛ وانظر إنباه الرواة 1: 158. [3] تاريخ بغداد: 34. [4] المصدر نفسه. [5] كان اسم شارع في بغداد يتفرع عن درب الأنبار داخل باب الأنبار نفسه مباشرة ويتجه نحو ضفة قناة الصراة الصغرى؛ والحيّ هنالك كان يعرف بحيّ الكبش والأسد (133.) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 44 حملك على أن شاطرته فلم تغابنه فيه بشيء؟ فقال: استحيت عيناي من عينيه أن أغابنه، فقال له الحسن: غلام من أنت؟ فقال: غلام أبان بن عثمان، فقال: والحائط؟ فقال: لابان بن عثمان. فقال له الحسن: أقسمت عليك لا برحت حتى أعود إليك، فمرّ اشترى الغلام والحائط، وجاء إلى الغلام فقال: يا غلام قد اشتريتك، فقام قائما فقال: السمع والطاعة لله ولرسوله ولك يا مولاي، قال: وقد اشتريت الحائط وأنت حرّ لوجه الله تعالى، والحائط هبة منّي إليك، فقال الغلام: يا مولاي قد وهبت الحائط للذي وهبتني له. قال إبراهيم، فقال عباس البقال: حسن والله يا أبا إسحاق، يا غلام لأبي إسحاق دانق إلا فلسا أعطه بدانق ما يريد ولا تنقصه شيئا، فقلت: والله لا أخذت إلا بدانق إلا فلسا. وحدث [1] عبد الله بن أحمد بن حنبل قال، كان أبي يقول لي: امض إلى إبراهيم الحربيّ يلقي عليك الفرائض. قال: ولما مات سعيد [2] بن أحمد بن حنبل جاء إبراهيم الحربي إلى عبد الله فقام إليه عبد الله فقال: تقوم إليّ؟ فقال: لم لا أقوم إليك؟ والله لو رآك أبي لقام إليك، قال: والله لو رأى ابن عيينة أباك لقام إليه. وقال إبراهيم الحربي [3] : في كتاب «غريب الحديث» الذي صنّفه أبو عبيد ثلاثة وخمسون حديثا ليس لها أصل وقد أعلمت عليها في كتاب السروي، منها: أتت امرأة النبيّ صلى الله عليه وسلم وفي يدها مناجد [4] ، ونهى النبيّ صلى الله عليه وسلم عن لبس السراويلات المخرفجة [5] ، وأتى النبي صلى الله عليه وسلم أهل قاهة [6] ، وقال عمر للنبي صلى الله عليه وسلم: لو أمرت بهذا   [1] تاريخ بغداد 6: 35. [2] في م: سعد؛ انظر تاريخ بغداد 9: 96. [3] تاريخ بغداد 6: 35- 36. [4] في الحديث أنه عليه السلام رأى امرأة تطوف بالبيت عليها مناجد من ذهب فقال: أسرّك أن يحليك الله مناجد من نار؟ قالت: لا، قال: فأدي زكاتها. قال أبو عبيد: أراه أراد الحلي المكلل بالفصوص، وأصله من النجود وكل شيء زخرفته فقد نجدته (غريب أبي عبيد 3: 113) . [5] المخرفجة: الواسعة الطويلة. [6] في غريب أبي عبيد 3: 116 أن رجلا من أهل اليمن قال للرسول: إنّا أهل قاه، وشرح أبو عبيد القاه بأنه سرعة الإجابة وحسن المعاونة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 45 البيت فسفروا [1] ، عن النبي أنه قال للنساء [2] : «إذا جعتنّ دقعتن وإذا شبعتن خجلتن» . وحدث أبو العباس ابن مسروق قال [3] ، قال لي إبراهيم الحربي: لا تحدّث فتسخن عينك كما سخنت عيني، قلت له: فما أعمل؟ قال: تطأطىء رأسك وتسكت، قلت له: فأنت لم تحدث؟ قال: ليس وجهي من خشب. وحدث محمد بن عبد الله الكاتب [4] قال كنت يوما عند المبرد فأنشدنا: جسمي معي غير أنّ الروح عندكم ... فالجسم في غربة والروح في وطن فليعجب الناس مني أنّ لي بدنا ... لا روح فيه ولي روح بلا بدن ثم قال: ما أظن أن الشعراء قالوا أحسن من هذا، قلت: ولا قول الآخر؟ قال: هيه، قلت: الذي يقول [5] : فارقتكم وحييت بعدكم ... ما هكذا كان الذي يجب فالآن ألقى الناس معتذرا ... من أن أعيش وأنتم غيب قال: ولا هذا، قلت: ولا قول خالد الكاتب [6] : روحان لي روح تضمنها ... بلد وأخرى حازها بلد وأظنّ غائبتي كشاهدتي ... بمكانها تجد الذي أجد قال: ولا هذا، قلت: أنت إذا هويت الشيء ملت إليه ولم تعدل إلى غيره، قال: لا ولكنّه الحق، فأتيت ثعلبا فأخبرته، فقال ثعلب: ألا أنشدته:   [1] غريب أبي عبيد 1: 63 وفسّر سفر بمعنى كنس (عن الأصمعي) [2] غريب أبي عبيد 1: 119 قال أبو عمرو: الدقع: الخضوع في طلب الحاجة والحرص عليها، وقال غيره: أخذ من الدقعاء وهو التراب، يعني أنكن تلصقن بالأرض من الخضوع؛ والخجل مأخوذ من الإنسان يبقى ساكنا لا يتحرك، وقيل خجلتن بمعنى بطرتنّ. [3] تاريخ بغداد: 36. [4] تاريخ بغداد (37) محمد بن عبيد الله الكاتب؛ والقصة في مصارع العشاق 2: 260- 261. [5] ورد البيتان في البصائر 4 رقم: 734 (ص: 202) منسوبين لابن الجهم وهما في مصارع العشاق 2: 260. [6] لم يردا في الجزء الثاني من مجمع الذاكرة (في شعر خالد الكاتب) وهما في مصارع العشاق 2: 260. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 46 غابوا فصار الجسم من بعدهم ... لا تنظر العين له فيّا بأيّ وجه أتلقاهم ... إذا رأوني بعدهم حيّا يا خجلتي منهم ومن قولهم ... ما ضرّك الفقد لنا شيّا قال: فأتيت إبراهيم الحربي فأخبرته، فقال: ألا أنشدته [1] : يا حيائي ممن أحبّ إذا ما ... قلت بعد الفراق إني حييت لو صدقت الهوى حبيبا ... على الصّحة لما نأى لكنت أموت قال: فرجعت إلى المبرد، فقال: أستغفر الله إلا هذين البيتين يعني بيتي إبراهيم. قال [2] : وأنشد رجل إبراهيم قول الشاعر: أنكرت ذلّي فأيّ شيء ... أحسن من ذلّة المحبّ أليس شوقي وفيض دمعي ... وضعف جسمي شهود حبّي فقال إبراهيم: هؤلاء شهود ثقات. قال [3] : وأنشد بعضهم لإبراهيم الحربّي: هما [اثنان] إذا عدّا ... فخير لهما الموت فقير ما له زهد ... وأعمى ما له صوت وروي عن إبراهيم الحربي أنه قال: ما أنشدت شيئا من الشعر قط إلا قرأت بعده قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ثلاث مرات. وحدث الطوماري قال: دخلت على إبراهيم الحربيّ وهو مريض، وقد كان يحمل ماؤه إلى الطبيب وكان يجيء إليه ويعالجه [فجاءت الجارية] [4] وردّت الماء وقالت: مات الطبيب، فقال:   [1] مصارع العشاق 2: 261. [2] تاريخ بغداد: 38 ومصارع العشاق 2: 261. [3] تاريخ بغداد: 39. [4] زيادة من تاريخ بغداد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 47 إذا مات المعالج من سقام ... فيوشك للمعالج أن يموتا ودخل عليه قوم يعودونه فقالوا: كيف تجدك يا أبا اسحاق؟ قال: أجدني كما قال [الشاعر] [1] : دبّ في السقام سفلا وعلوا ... وأراني أذوب عضوا فعضوا بليت جدّتي بطاعة نفسي ... وتذكرت طاعة الله نضوا قال أبو الحسن الدارقطني [2] : إبراهيم الحربي ثقة، وكان إماما يقاس بأحمد بن حنبل في زهده وعلمه وورعه، وهو إمام مصنّف عالم بكلّ شيء، بارع في كلّ علم، صدوق، وذكر وفاته كما تقدم. هذا آخر ما نقلته من تاريخ الخطيب. نقلت [3] من خط الإمام الحافظ أبي نصر عبد الرحيم بن وهبان صديقنا ومفيدنا قال، نقلت من خطّ أبي بكر محمد بن منصور السمعاني، سمعت أبا المعالي ثابت بن بندار البقال يقول، حكى لنا البرقانّي رحمه الله قال: كان إسماعيل بن إسحاق القاضي [4] يشتهي رؤية إبراهيم الحربي، وكان إبراهيم لا يدخل عليه، يقول: لا أدخل دارا عليها بواب، فأخبر إسماعيل بذلك فقال: أنا أدع بابي كباب الجامع، فجاء إبراهيم إليه، فلما دخل عليه خلع نعليه، فأخذ أبو عمر محمد بن يوسف القاضي [5] نعليه ولفّهما في منديل دبيقيّ وجعله في كمه، وجرى بينهما علم كثير، فلما قام إبراهيم التمس نعليه، فأخرج أبو عمر النعل من كمّه، فقال له إبراهيم: غفر الله   [1] هو أبو نواس، انظر ديوانه: 987. [2] تاريخ بغداد 6: 40. [3] نقله الصفدي 5: 321 وعنه الكتبي في الفوات. [4] أبو إسحاق اسماعيل بن إسحاق القاضي أصله من البصرة، جمع القراءات والحديث والفقه والمعرفة بالعربية، وكان مالكي المذهب، توفي ببغداد سنة 282 (طبقات الشيرازي: 164- 165 وترتيب المدارك والديباج المذهب: 92 وعبر الذهبي 2: 67 وسير الذهبي 13: 339 وفي حاشيته تخريج مستفيض، وستأتي ترجمة اسماعيل في معجم الأدباء رقم: 236. [5] أبو عمر محمد بن يوسف القاضي: هو ابن عم أبي اسحاق المذكور قبله، انظر طبقات الشيرازي: 165 والديباج المذهب: 241. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 48 لك كما أكرمت العلم، فلما مات أبو عمر القاضي رؤي في المنام، فقيل له: ما فعل الله بك؟ فقال: أجيبت فيّ دعوة إبراهيم الحربي رحمه الله. وحدثني [1] صديقنا الحافظ أبو عبد الله محمد بن محمود بن النجار [2] حرسه الله قال، حدثني أبو بكر أحمد بن سعيد بن أحمد الصباغ الأصبهاني بها قال، حدثنا أحمد بن عمر بن الفضل الحافظ الأصبهاني، ويعرف بجنك، إملاء قال، أخبرنا الحسن بن أحمد المقرىء يعني أبا علي الحداد [3] ، قال: أظنه عن أبي نعيم: إنه كان يحضر في مجلس إبراهيم الحربي جماعة من الشبان للقراءة عليه، ففقد أحدهم أياما، فسأل عنه من حضر فقالوا: هو مشغول، فسكت، ثم سألهم مرة أخرى في يوم آخر، فأجابوه بمثل ذلك، وكان الشاب قد ابتلي بمحبّة شخص شغله عن حضور مجلسه، وعظّموا إبراهيم الحربيّ أن يخبروه بجليّة الحال، فلمّا تكرّر السؤال عنه وهم لا يزيدونه على أنه مشغول قال لهم: يا قوم إن كان مريضا فقوموا بنا لعيادته [4] ، أو مديونا اجتهدنا في مساعدته، أو محبوسا سعينا في خلاصه، فخبّروني عن جليّة حاله [5] ، فقالوا: نجلّك عن ذلك، فقال: لا بدّ أن تخبروني، فقالوا: إنه رجل قد ابتلي بعشق صبّي، فوجم إبراهيم ساعة ثم قال: هذا الصبّي الذي ابتلي بعشقه مليح هو أم قبيح؟ فعجب القوم من سؤاله عن مثل ذلك مع جلالته في أنفسهم وقالوا: أيها الشيخ مثلك يسأل عن مثل هذا؟ فقال: إنه بلغني أنّ الانسان إذا ابتلي بمحبة صورة قبيحة كان بلاء يجب الاستعاذة من مثله، وإن كان مليحا كان ابتلاء يجب الصبر عليه واحتمال المشقة فيه، قال: فعجبنا مما أتى به. قلت: هذه الحكاية مع الإسناد حدثنيه مفاوضة بحلب ولم يكن أصله معه فكتبته بالمعنى واللفظ يزيد وينقص.   [1] الصفدي 6: 322. [2] هو صاحب ذيل تاريخ بغداد؛ توفي سنة 643 (انظر الفوات 2: 522 والوفيات 5: 9) وحاشيتيهما وسيترجم له ياقوت رقم: 1114. [3] الحسن بن أحمد المقرىء أبو علي الحداد شيخ أصبهان في القراءات والحديث: كان ثقة صالحا جليل القدر، وتوفي سنة 515 (طبقات الجزري 1: 206) . [4] الوافي والفوات: قوموا بنا لنعوده. [5] ر: أمره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 49 وكان [1] فيه ملح وفكاهة، وربما جاء في أثناء كلامه أشياء سخيفة، منها، قال إبراهيم الحربي: كنت يوما جالسا فجاءني رجل فقال لي: هل يجوز أن يجامع الرجل حموه؟ فقلت: عساه يريد حماته، فقال: لا، تلك أعرف أنها حلال، إنما سؤالي عن الحمو، فقلت: اخرج قبحك الله؟ هكذا قاله حمو ملحونا. وقال: جاءني يوما رجل آخر فقال لي: يا سيدي أنا شاب وطلبت نفسي الجماع حتى قام ذكري، فكشفته وجعلت ألعب به، فما أحسست إلا بصبي وقد قعد عليه، فلما أحسست بذلك أخذت بأكتافه ولم أزل حتى فرغت منه، أأكون زانيا؟ قال، فقلت له: أما زان أو غير زان فلا أقول فيه شيئا، ولكني أقول: إن أيرك هذا أير مرزوق. ومن [2] مصنفات إبراهيم الحربي: كتاب غريب الحديث. كتاب سجود القرآن. كتاب مناسك الحج. كتاب الهدايا والسنّة فيها. كتاب الحمّام وآدابه. والذي خرج من تفسيره لغريب الحديث: مسند أبي بكر رضي الله عنه. مسند عمر رضي الله عنه. مسند عثمان رضي الله عنه. مسند علي بن أبي طالب رضي الله عنه. مسند الزبير رضي الله عنه. مسند طلحة رضي الله عنه. مسند سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه. مسند عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه. مسند العباس رضي الله عنه. مسند شيبة بن عثمان رضي الله عنه. مسند عبد الله بن جعفر. مسند المسور بن مخرمة. مسند المطّلب بن ربيعة. مسند السائب. مسند خالد بن الوليد. مسند أبي عبيدة بن الجراح. مسند ما روي عن معاوية. مسند ما روي عن عاصم بن عمر. مسند صفوان ابن أمية. مسند جبلة بن هبيرة. مسند عمرو بن العاص. مسند عمران بن الحصين. مسند حكيم بن حزام. مسند عبد الله بن زمعة. مسند عبد الرحمن بن سمرة. مسند عبد الله بن عمرو. مسند عبد الله بن عمر.   [1] هذه الفقرة والتي تليها من المختصر (ر) . [2] نقله الصفدي 5: 323 وعنه الكتبي؛ وانظر الفهرست: 287 ففي ما ورد هنا زيادة، وأضاف ابن النديم أن له من الكتب: كتاب الأدب، كتاب المغازي، كتاب التيمم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 50 - 7- إبراهيم بن إسحاق الأديب اللغوي أبو إسحاق الضرير البارع : سمع الحديث بالبصرة والأهواز وببغداد بعد الأربعين والثلاثمائة، وكان من الشعراء المجودين [1] ، طاف بعض الدنيا ثم استوطن نيسابور إلى أن مات بها في سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة. وكان من الشعراء المجودين [1] وممن تعلم الفقه والكلام، قال ذلك كله الحاكم ولقيه وروى عنه شيئا. - 8- إبراهيم بن إسماعيل بن أحمد بن عبد الله الطرابلسي : يعرف بابن الاجدابي، وأجدابية من نواحي افريقية، له أدب وحفظ ولغة وتصانيف، ومن مشاهيرها كتاب كفاية المتحفظ، صغير الحجم كثير النفع، وكتاب الأنواء. - 9- إبراهيم بن السري بن سهل أبو إسحاق النحوي : قال الخطيب: كان من أهل الدين والفضل حسن الاعتقاد جميل المذهب، وله مصنفات حسان في الأدب،   [7]- ترجمته في الوافي 5: 324 ونكت الهميان: 87 (نقلا عن ياقوت) وبغية الوعاة 1: 407 والبلغة: 6 ولم ترد هذه الترجمة في المختصر. [8]- ترجمته في إنباه الرواة 1: 158 وبغية الوعاة 1: 408 ولم ترد الترجمة في المختصر. وكتاباه اللذان ذكرهما ياقوت مطبوعان. [9]- ترجمة الزجاج في الفهرست: 66 وأخبار النحويين البصريين: 108 ومراتب النحويين: 136 وطبقات الزبيدي: 111- 112 ووفيات الأعيان 1: 49 وإنباه الرواة 1: 159 وتاريخ بغداد 6: 89 ونور القبس: 342 ونزهة الألباء: 167 والمنتظم 6: 176 وتاريخ أبي المحاسن: 38 وعبر الذهبي 2: 148 وسير الذهبي 14: 360 والوافي 5: 347 والشذرات 2: 259 وروضات الجنات 1: 158 والمقفى 1: 155 [1] وكان ... المجودين: مكرر أيضا في المصادر التي نقلت النص. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 51 مات في جمادى الآخرة سنة أحدى عشرة وثلاثمائة. وحكى ابن مهذب في تاريخه [1] حدثني الشيخ أبو العلاء المعري أنه سمع عنه ببغداد أنه لما حضرته الوفاة سئل عن سنه فعقد لهم سبعين، وآخر ما سمع منه: اللهم احشرني على مذهب أحمد بن حنبل. وأبو إسحاق هو أستاذ أبي علي الفارسي، قال الخطيب [2] باسناده قال أبو محمد عبد الله بن درستويه النحوي، حدثني الزجاج قال: كنت أخرط الزجاج، فاشتهيت النحو فلزمت المبرد لتعلّمه، وكان لا يعلّم مجانا ولا يعلم بأجرة إلا على قدرها، فقال لي: أيّ شيء صناعتك، قلت: أخرط الزجاج وكسبي في كل يوم درهم ودانقان، أو درهم ونصف، وأريد أن تبالغ في تعليمي، وأنا أعطيك في كلّ يوم درهما، وأشرط لك أن أعطيك إياه أبدا إلى أن يفرّق الموت بيننا، استغنيت عن التعليم أو احتجت إليه. قال: فلزمته وكنت أخدمه في أموره مع ذلك وأعطيه الدرهم، فينصحني في العلم حتى استقللت، فجاءه كتاب بعض بني مارمة [3] من الصراة يلتمسون معلّما نحويا لأولادهم، فقلت له: أسمني لهم فأسماني، فخرجت فكنت أعلمهم وأنفذ إليه في كلّ شهر ثلاثين درهما وأتفقده بعد ذلك بما أقدر عليه. ومضت مدة على ذلك، فطلب منه عبيد الله بن سليمان مؤدبا لابنه القاسم، فقال له: لا أعرف لك إلّا رجلا زجّاجا بالصراة مع بني مارمة، قال: فكتب إليهم عبيد الله فاستنزلهم عني فنزلوا له، فأحضرني وأسلم القاسم إليّ، فكان ذلك سبب غناي. وكنت أعطي المبرد ذلك الدرهم في كلّ يوم إلى أن مات ولا أخليه من التفقد بحسب طاقتي، قال: فكنت أقول للقاسم بن عبيد الله [4] إن بلّغك الله مبلغ أبيك ووليت الوزارة ماذا تصنع بي؟ فيقول: ما أحببت، فأقول له: تعطيني عشرين ألف دينار، وكانت غاية أمنيتي. فما   [1] هو أبو غالب همام بن الفضل بن جعفر بن علي بن المهذب التنوخي (وأسرة بني المهذب كانت من الأسر المرموقة في المعرة) وقد أكمل تاريخا بدأه جدّ والده، جمعه مما وجده بخط ذلك الجد وما سمعه ممن أدركهم من المعريين، وقد اعتمد عليه ابن العديم كثيرا في بغية الطلب؛ انظر شذرات من كتب مفقودة (91- 109، 461- 463) . [2] تاريخ بغداد 6: 90 والوافي 5: 348 وإنباه الرواة 1: 159- 160 ونشوار المحاضرة 1: 274. [3] في بعض المصادر: مازمة؛ وفي بعض آخر: مارقة، وفي النشوار: مارية، وفي المقفى: مازن [4] وزر للمعتضد. وأقره المكتفي بعده على الوزارة ومات وهو وزير له؛ وهذه القصة في النشوار 1: 75. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 52 مضت إلّا سنون حتى ولي القاسم الوزارة وأنا على ملازمتي له وصرت [3] نديمه، فدعتني نفسي إلى إذكاره بالوعد ثم هبته، فلما كان في اليوم الثالث من وزارته قال لي: يا أبا إسحاق لم أرك أذكرتني بالنذر، فقلت: عوّلت على رعاية الوزير أيده الله وأنه لا يحتاج إلى إذكار بنذر عليه في أمر خادم واجب الحقّ، فقال لي: إنه المعتضد ولولاه ما تعاظمني دفع ذلك إليك في مكان واحد، ولكنّي أخاف أن يصير لي معه حديث فاسمح بأخذه متفرقا، فقلت: يا سيدي أفعل، فقال: اجلس للناس وخذ رقاعهم في الحوائج الكبار واستجعل [2] عليها ولا تمتنع من مسألتي شيئا تخاطب فيه، صحيحا كان أو محالا، إلى أن يحصل لك مال النذر، قال: ففعلت ذلك، وكنت أعرض عليه كلّ يوم رقاعا فيوقّع لي فيها، وربما قال لي: كم ضمن لك على هذا؟ فأقول: كذا وكذا، فيقول لي غبنت، هذا يساوي كذا وكذا، ارجع فاستزد، فأراجع القوم، فلا أزال أماكسهم ويزيدوني حتى أبلغ الحدّ الذي رسمه. قال وعرضت عليه شيئا عظيما فحصلت عندي عشرون ألف دينار وأكثر منها في مديدة، فقال لي بعد شهور: يا أبا إسحاق حصل مال النذر؟ فقلت: لا، فسكت، وكنت أعرض عليه فيسألني في كلّ شهر أو نحوه حصل المال؟ فأقول: لا، خوفا من انقطاع الكسب، إلى أن حصل لي ضعف ذلك المال، وسألني يوما فاستحييت من الكذب المتّصل فقلت: قد حصل ذلك ببركة الوزير، فقال: فرّجت والله عني فقد كنت مشغول القلب إلى أن يحصل لك، قال: ثم أخذ الدواة فوقع إلى خازنه بثلاثة آلاف دينار صلة لي فأخذتها وامتنعت أن أعرض عليه شيئا ولم أدر كيف أقع منه، فلما كان من الغد جئته وجلست على رسمي، فأومأ إليّ أن هات ما معك- يستدعي مني الرقاع على الرسم- فقلت: ما أخذت من أحد رقعة لأن النذر وقع الوفاء به ولم أدر كيف أقع من الوزير، فقال: يا سبحان الله أتراني أقطع عنك شيئا قد صار لك عادة وعلم به الناس وصارت لك به منزلة عندهم وجاه وغدوّ ورواح إلى بابك ولا يعلم سبب انقطاعه فيظنّ ذلك لضعف جاهك عندي أو تغير رتبتك عندي، أعرض عليّ رسمك وخذ بلا   [1] المختصر: وأنا. [2] استجعل: اطلب جعلا أي مكافأة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 53 حساب، فقبّلت يده وباكرته من غد بالرقاع، فكنت أعرض عليه كلّ يوم شيئا إلى أن مات وقد تأثّلت حالي هذه. وحدث [1] أبو علي الفارسيّ النحوي قال: دخلت مع شيخنا أبي إسحاق الزجاج على القاسم بن عبيد الله الوزير، فورد عليه خادم وسارّه بشيء استبشر له، ثم تقدم إلى شيخنا أبي إسحاق بالملازمة إلى أن يعود ثم نهض فلم يكن بأسرع من أن عاد وفي وجهه أثر الوجوم، فسأله شيخنا عن ذلك لأنس كان بينه وبينه، فقال له: كانت تختلف إلينا جارية لإحدى المغنّيات فسمتها أن تبيعني إياها فامتنعت من ذلك، ثم أشار عليها أحد من ينصحها أن تهديها إليّ رجاء أن أضاعف لها ثمنها، فلما وردت أعلمني الخادم بذلك فنهضت مستبشرا لافتضاضها فوجدتها قد حاضت فكان مني ما ترى، فأخذ شيخنا الدواة من بين يديه وكتب: فارس ماض بحربته ... حاذق بالطعن في الظّلم رام أن يدمي فريسته ... فاتقته من دم بدم وحدث [2] أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسي النحوي، قال: قال أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج: أتيت أبا العباس ابن يزيد المبرد حين دخل بغداد لأقرأ عليه الكتاب- يعني كتاب سيبويه- فقال لي: ما صنعتك؟ فقلت: زجاج، فقال لي: كم تكسب في كلّ يوم؟ قلت: عشرة فما دونها، قال: جىء كلّ يوم بنصف ما تعمل فتطرحه في هذا الصندوق، وكان عنده صندوق معمول لهذا، قال: فبدأت بقراءة الكتاب، وكلما جئت بشيء طرحته في الصندوق، ولما فرغت من الكتاب وختمته رمى بمفتاح الصندوق إليّ وقال لي: افتح وخذ ما تركت فيه، ففتحت وأخذت جميع ما فيه وكان قد اجتمع شيئا كثيرا كبيرا، فرحم الله أبا العباس، فلقد آساني وأغناني وعلمني.   [1] تاريخ بغداد 6: 92 وإنباه الرواة 1: 162 وابن خلكان 1: 50. [2] هذه الفقرة كلها من المختصر (ر) ولم ترد في م. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 54 قال: وجرى بين الزجاج وبين المعروف بمسينة [1] ، وكان من أهل العلم، شرّ فاتصل ونسجه إبليس وأحكمه حتى خرج إبراهيم بن السريّ إلى حدّ الشتم فكتب إليه مسينة: أبى الزجاج إلا شتم عرضي ... لينفعه فآثمه وضرّه وأقسم صادقا ما كان حرّ ... ليطلق لفظة في شتم حره ولو أني كررت لفرّ مني ... ولكن للمنون عليّ كرّه فأصبح قد وقاه الله شرّي ... ليوم لا وقاه الله شرّه فلما اتصل هذا الشعر بالزجاج قصده راجلا حتى اعتذر إليه وسأله الصفح؛ كل هذا من تاريخ الخطيب. أنبأنا زيد بن الحسين الكندي [2] عن أبي منصور الجواليقي عن المبارك الصيرفي [3] عن علي بن أحمد بن الدهان عن عبد السلام بن حسين البصري [4] قال: كتب إلينا أبو الحسن علي بن محمد الشمشاطي [5] من الموصل قال: قال أبو إسحاق ابن السري الزجاج رحمه الله [6] : دخلت على أبي العباس ثعلب رحمه الله في أيام أبي العباس محمد بن يزيد المبرد وقد أملى شيئا من «المقتضب» فسلمت عليه وعنده أبو موسى الحامض وكان يحسدني شديدا ويجاهرني بالعداوة، وكنت ألين له وأحتمله لموضع الشيخوخة، فقال لي أبو العباس: قد حمل إليّ بعض   [1] مسينة: تضطرب صورته في المصادر، وفي حاشية على شرح بانت سعاد: بمسيبة، والحكاية والشعر في تاريخ بغداد 6: 92 وإنباه الرواة 1: 163. [2] هو أبو اليمن تاج الدين زيد بن الحسن الكندي النحوي الأديب، توفي سنة 613 بدمشق. (انظر ابن خلكان 2: 339 وإنباه الرواة 2: 10 وذيل الروضتين: 95 وطبقات الجزري 1: 297 والخريدة (قسم الشام 1: 100 والجواهر المضية 1: 246 وبغية الوعاة 1: 570) . وستأتي ترجمته رقم: 504. [3] الأرجح أنه المبارك بن عبد الجبار الصيرفي البغدادي المحدث، توفي سنة 500 وكان أمينا صحيح الأصول (عبر الذهبي 3: 356) . [4] عبد السلام بن الحسين أمين دار الكتب ببغداد أيام المعري، وإليه أرسل المعري قصيدته التائية «هات الحديث عن الزوراء أو هيتا» وكانت وفاته سنة 405 (إنباه الرواة 2: 175 وتاريخ بغداد 11: 57 وطبقات الجزري 1: 385) وهو من شرط المؤلف ولكن لم ترد له ترجمة. [5] توفي سنة 377 وسيترجم له ياقوت رقم: 813. [6] نقلها السيوطي (المزهر 1: 202- 207) برواية أبي حفص الضرير عن أبي الفتح ابن المراغي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 55 ما أملاه هذا الخلدي [يعني المبرد] فرأيته لا يطوع لسانه بعبارة فقلت له: إنه لا يشكّ في حسن عبارته اثنان، ولكن سوء رأيك فيه يعيبه عندك، فقال: ما رأيته إلا ألكن متغلقا، فقال أبو موسى: والله إن صاحبكم ألكن- يعني سيبويه- فأحفظني ذلك. ثم قال: بلغني عن الفراء أنه قال: دخلت البصرة فلقيت يونس وأصحابه فسمعتهم يذكرونه بالحفظ والدراية وحسن الفطنة فأتيته فإذا هو أعجم لا يفصح، سمعته يقول لجارية له هات ذيك الماء من ذاك الجرة، فخرجت من عنده ولم أعد إليه. فقلت له: هذا لا يصحّ عن الفرّاء، وأنت غير مأمون في هذه الحكاية، ولا يعرف أصحاب سيبويه من هذا شيئا، وكيف تقول هذا لمن يقول في أول كتابه: هذا باب علم ما الكلم من العربية، وهذا يعجز عن إدراك فهمه كثير من الفصحاء فضلا عن النطق به؟ فقال ثعلب: قد وجدت في كتابه نحوا من هذا، قلت: ما هو؟ قال يقول في كتابه، في غير نسخة: «حاشا» حرف يخفض ما بعده كما تخفض حتى وفيها معنى الاستثناء، فقلت له: هذا كذا في كتابه وهو صحيح، ذهب في التذكير إلى الحرف وفي التأنيث إلى الكلمة، قال: والأجود أن يحمل الكلام على وجه واحد، قلت: كلّ جيد، قال الله تعالى: وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صالِحاً (الأحزاب: 31) وقرىء وتعمل صالحا وقال عز وجل: وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ (يونس: 42) ذهب إلى المعنى ثم قال وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ (يونس: 43) إلى اللفظ. وليس لقائل أن يقول: لو حمل الكلام على وجه واحد في الاثنين كان أجود، لأن كلّا جيد، فأما نحن فلا نذكر «حدود» الفراء لأنّ خطأه فيه أكثر من أن يعد، ولكن هذا أنت عملت «كتاب الفصيح» للمبتدىء المتعلم وهو عشرون ورقة، أخطأت في عشرة مواضع منه، قال لي: اذكرها، قلت له: نعم، قلت وهو عرق النّسا [1] ولا يقال عرق النسا كما لا يقال عرق الأبهر ولا عرق الأكحل، قال امرؤ القيس [2] . فأنشب أظفاره في النسا ... فقلت هبلت ألا تنتصر   [1] الفصيح: 43. [2] ديوان امرىء القيس: 161. والعقد الثمين: 127 والمختار من شعر بشار: 226 وقال الأصمعي: لا تقول العرب عرق النسا إنما تقول النسا وأجاز غيره أن يقال: عرق النسا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 56 وقلت حلمت في النوم أحلم حلما [1] [وحلم] ليس بمصدر وإنما هو اسم، قال الله تعالى: وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ (النور: 58) وإذا كان للشيء مصدر واسم لم يوضع الاسم موضع المصدر، ألا ترى أنك تقول حسبت الشيء أحسبه حسبا وحسبانا والحسب المصدر والحساب الاسم، ولو قلت ما بلغ الحسب إليك ورفعت الحسب إليك لم يجز وأنت تريد ورفعت الحساب إليك وقلت: رجل عزب وامرأة عزبة [2] : وهذا خطأ إنما يقال رجل عزب وامرأة عزب لأنه مصدر وصف به فلا يجمع ولا يثنى ولا يؤنث، كما يقال رجل خصم وامرأة خصم. وقد أتيت بباب من هذا النوع في الكتاب وأفردت هذا منه قال الشاعر [3] : يا من يدلّ عزبا على عزب وقلت كسرى بكسر الكاف [4] وهذا خطأ إنما هو كسرى، والدليل على ذلك أنا وإياكم لا نختلف في النسب إلى كسرى يقال كسروي، بفتح الكاف، وليس هذا مما يغير بالنسب لبعده منها ألا ترى أنك لو نسبت إلى معزى لقلت معزوي وإلى درهم قلت درهمي ولا يقال معزوي ولا درهمي. وقلت وعدت الرجل خيرا أو شرا [5] فإذا لم تذكر الشرّ قلت أوعدته بكذا نقضا لما أصّلت لأنك قلت بكذا، وقولك بكذا كناية عن الشر، والصواب أن تقول إذا لم تذكر الشر قلت أوعدته. وقلت: وهم المطوعة [6] وإنما هم المطّوعة بتشديد الطاء كما قال الله تعالى: يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقاتِ (التوبة: 79) فقال: ما قلت إلا المّطوّعة، فقلت: هكذا قرأته عليك وقرأه غيري وأنا حاضر أسمع مرارا. وقلت: هو لرشدة وزنية كما قلت هو لغيّة [7] الباب فيها واحد، لأنه إنما يريد المرة الواحدة، ومصادر الثلاثي إذا أردت المرة الواحدة لم   [1] الفصيح: 33. [2] الفصيح: 66. [3] هو شطر من رجز لعمرة بنت الحمارس كما في عيون الأخبار 2: 27 والمختار من شعر بشار: 237. [4] الفصيح: 50. [5] الفصيح: 25. [6] الفصيح: 91. [7] الفصيح: 49- 50. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 57 تختلف، تقول ضربته ضربة وجلست جلسة وركبت ركبة، لا اختلاف في ذلك بين أحد من النحويين، وإنما تكسر من ذلك ما كان هيئة حال فتصفها بالحسن والقبح وغيرهما فتقول: هو حسن الجلسة والسيرة والركبة وليس هذا من ذلك. وقلت أسنمة للبلدة [1] ورواه الأصمعي بضم الهمزة أسنمة، فقال: ما روى ابن الأعرابي وأصحابنا إلا أسمنة، فقلت: قد علمت أنت أن الأصمعيّ أضبط لما يحكي وأوثق فيما يروي. وقلت إذا عزّ أخوك فهن [2] ، والكلام فهن، وهو من هان يهين إذا لان، ومنه قيل هين لين، لأنّ هن من هان يهون من الهوان، والعرب لا تأمر بذلك، ولا معنى لهذا الكلام يصحّ لو قالته العرب، ومعنى عزّ ليس من العزة التي هي المنعة والقدرة وإنما هو من قولك عزّ الشيء إذا اشتد، ومعنى الكلام: اذا صعب أخوك واشتدّ فذلّ من الذلّ له ولا معنى للذلّ هاهنا كما تقول اذا صعب أخوك فلن له. قال فما قرىء عليه «كتاب الفصيح» بعد ذلك علمي. ثم بلغني أنه سئم ذلك فأنكر كتاب الفصيح أن يكون له. قال المؤلف: وهذه المآخذ التي أخذها الزجاج على ثعلب لم يسلّم إليه العلماء باللغة فيها، وقد ألفوا تآليف في الانتصار لثعلب يضيق هذا المختصر عن ذكرها. وحدث الزجاج قال: أنشدنا أبو العباس المبرد: فيّ انقباض وحشمة فإذا ... رأيت أهل الوفاء والكرم أرسلت نفسي على سجيتها ... وجئت ما جئت غير محتشم قال عبيد الله الفقير: وهذان البيتان يرويان لمحمد بن كناسة، وقد رواهما آخرون لأبي نواس. قال الزجاج: فقلت له: أليس يقول الأصمعي الحشمة الغضب فقال: الحشمة: الغضب، والحشمة الاستحياء، لأن الغضب والاستحياء جميعا نقصان في النفس وانحطاط عن الكمال فلذلك كان مخرجهما واحدا، قال فقلت له: أليس الحياء محمودا والغضب مذموما، وقد روي أن الحياء شعبة من الايمان، وقد قيل إذا لم تستح فاصنع ما شئت، فقال: الحياء محمود في الدين وفي اجتناب المحارم وفي   [1] الفصيح: 47. [2] الفصيح: 77. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 58 الإفضال، وأما في ترك الحقوق والنكوص عن الخصوم عند الحجاج فهو نقصان في النفس. قال أبو العباس وسمعت المازني يقول: معنى قولهم إذا لم تستح فاصنع ما شئت، أي إذا صنعت ما لا تستحي من مثله فاصنع منه ما شئت، وليس على ما يذهب إليه العوامّ، وهذا تأويل حسن. قال حمزة بن الحسن الأصبهاني في «كتاب الموازنة» [1] : كان الزجاج يزعم أن كل لفظتين اتفقتا ببعض الحروف، وإن نقص حروف إحداهما عن حروف الأخرى، فإن إحداهما مشتقة من الأخرى، فيقول: الرجل مشتق من الرجل [2] ، والثور إنما يسمّى ثورا لأنه يثير الأرض، والثوب إنما سمي ثوبا لأنه ثاب لباسا بعد أن كان غزلا، حسيبه الله كذا قال. قال: وزعم أن القرنان إنما سمي قرنانا لأنه مطيق لفجور امرأته كالثور القرنان أي المطيق لحمل قرنه، وفي القرآن وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ (الزخرف: 13) أي مطيقين. قال: وحكى يحيى بن علي بن يحيى المنجم أنه سأله بحضرة عبد الله بن أحمد بن حمدون النديم: من أي شيء اشتق الجرجير؟ قال: لأنّ الريح تجرجره، قال: وما معنى تجرجره؟ قال: تجرره، قال: ومن هذا قيل للحبل الجرير لأنه يجر على الأرض، قال: والجرة لم سميت جرة؟ قال: لأنها تجرّ على الأرض، فقال: لو جرت على الأرض لانكسرت، قال: فالمجرة لم سميت مجرة؟ قال: لأن الله جرها في السماء جرا، قال: فالجرجور الذي هو اسم المائة من الابل لم سميت به؟ قال: لأنها تجرّ بالأزمة وتقاد، قال: فالفصيل المجرّ الذي يشقّ طرف لسانه لئلا يرتضع أمه ما قولك فيه؟ قال: لأنهم جروا لسانه حتى قطعوه، قال: فان جروا أذنيه فقطعوه تسميه مجرا؟ قال: لا يجوز ذلك، فقال يحيى بن علي: قد نقضت العلة التي أتيت بها على نفسك، ومن لم يدر أنّ هذا مناقضة فلا حسّ له. قال خيرة: وشهدت ابن العلاف الشاعر وعنده من يحكي عن كتاب الزّجاج   [1] نقله السيوطي في المزهر 1: 354. [2] المزهر: الرحل من الرحيل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 59 أشياء من شنيع الاشتقاق الذي فيه، ثم قال: إني حضرته وقد سئل عن اشتقاق القصعة، قال: لأنها تقصع الجوع أي تكسره، قال ابن العلاف: يلزمه أن يقول الخضض مشتق من الخضيض، والعصفر مشتق من العصفور، والدب مشتق من الدبّ، والعذب من الشراب مشتق من العذاب، والخريف من الخروف، والعقل مشتق من العاقول، والحلم مشتق من الحلمة، والاقليم مشتق من القلم، والخنفساء من الفساء، والخنثى من الأنثى، والمخنث من المؤنث، ضرط إبليس على ذا من أدب!! وقال ابن بشران [1] : كان أبو إسحاق الزجاج ينزل بالجانب الغربي من بغداد في الموضع المعروف بالدويرة وأنشدت له: قعودي لا يردّ الرزق عني ... ولا يدنيه إن لم يقض شيّ قعدت فقد أتاني في قعودي ... وسرت فعافني والسير ليّ فلما أن رأيت القصد أدنى ... إلى رشدي وأن الحرص غيّ تركت لمدلج دلج الليالي ... ولي ظلّ أعيش به وفيّ حكي أن [2] عبيد الله بن سليمان الوزير وجّه أبا إسحاق الزجاج إلى أبي خازم عبد الحميد بن عبد العزيز بن عبد المجيد وأبي عمر محمد بن يوسف يسألهما في رجل محبوس بدين ثابت عندهما، فبدأ الزجاج بأبي خازم، فجاء إليه وقد علا النهار ودخل داره فقال أبو إسحاق للبواب: استأذن لإبراهيم الزجّاج، فقال: إن القاضي الآن دخل الدار، وليست العادة بعد أن يقوم من مجلسه ويدخل الدار أن يستأذن عليه حتى تصلّى العصر، فقال أبو إسحاق: تعلمه أنّ الزجاج بالباب، فقال: لو جاء الوزير الساعة لم أستأذن عليه، فانصرف أبو إسحاق وقعد في المسجد مغتاظا مما جرى، غير أنه لا يشتهي الانصراف إلى الوزير إلا بعد قضاء الحاجة، وقعد إلى وقت العصر، فخرج البواب وكنس الباب ورشّ الماء وقال للزجّاج: القاضي قد جلس،   [1] نقله الصفدي في الوافي 5: 350 والشعر في المقفى 1: 156. [2] هذه القصة من المختصر، وسيرد جانب منها في ترجمة الحسن بن بشر الآمدي رقم: 311. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 60 فإن كان لك رأي في الدخول إليه فقم. فقام أبو إسحاق فدخل على أبي خازم فسلّم عليه وتعرّف كلّ واحد منهما خبر صاحبه، غير أنه لم يكن منه من الإقبال ما كان أبو إسحاق يعتقد منه، فأدّى أبو إسحاق رسالة الوزير، فقال أبو خازم: تقرأ على الوزير- أعزّه الله- السلام وتقول له: إن هذا الرجل محبوس لخصمه في دينه وليس بمحبوس لي، فإن أراد الوزير إطلاقه فإما أن يسأل خصمه إطلاقه أو يقضي دينه، فإن الوزير لا يعجزه ذلك. قال أبو إسحاق: جئت إلى هاهنا قبل الظهر فامتنع البواب من الاستئذان على القاضي، فجلست إلى الآن للدخول عليك. (وهو يقصد بهذا أن ينكر القاضي على البواب) . فقال له: نعم، هكذا عادتي، إذا قمت من مجلسي ودخلت داري اشتغلت ببعض الحوائج التي تخصّني، فإن القاضي لا بدّ له من خلوة وتودّع. فاغتاظ أبو إسحاق من ذلك أكثر وقال له: كنت بحضرة الوزير في بعض الليالي، فأنشد بين يديه [1] : أدلّ فيا حبذا من مدلّ ... ومن سافك لدمي مستحلّ إذا ما تعزّز قابلته ... بذلّ وذلك جهد المقلّ فسأل عن ذلك فقيل: إنها للقاضي- أعزه الله- فقال القاضي أبو خازم: نعم، هذه أبيات قلتها في والدة هذا الصبيّ- لغلام قاعد بين يديه، في يده كتاب من الفقه يقرأ عليه وهو ابنه- فإني كنت ضعيف الحال أوّل ما عرفتها، وكنت مائلا إليها، ولم يمكن إرضاؤها بالمال، فكنت أطيّب قلبها بالبيت والبيتين. فقام أبو إسحاق وودّعه ومضى إلى أبي عمر، فاستقبله حجّابه من باب الدار، وأدخلوه إلى الدار، فاستقبله القاضي من مجلسه خطوات وأجلسه في موضعه وأكرمه كما يكرم من يكون خصّيصا بوزير إذا جاء إلى ناظر من قبله، فقال له: في أيّ معنى وأي شيء ترسم؟ فأدّى إليه رسالة الوزير في باب الرجل المحبوس، فقال أبو عمر: السمع والطاعة لأمر الوزير، أنا أسأل صاحب الحقّ حتى يفرج عنه، فإن فعل وإلا وزنت الدين من مالي إجابة لمسألة الوزير- أعزه الله- فقام أبو إسحاق وودعه وانصرف إلى الوزير ضيّق الصّدر   [1] انظر نشوار المحاضرة 1: 89- 90. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 61 من أبي خازم مسرورا بصنيع أبي عمر، فاستبطأه الوزير، فحكى ما جرى من كلّ واحد منهما، فقال له الوزير: فأيّ الرجلين أفضل عندك يا أبا إسحاق؟ فقال: أبو عمر في عقله وسداده وحسن عشرته ومعرفته بحقوق الوزير (يغري بأبي خازم) فقال الوزير: دع هذا عنك، أبو خازم دين كله، وأبو عمر عقل كله. حدث أبو القاسم عبيد الله بن محمد بن جعفر الأزدي البصري قال: لما مات أبو العباس أحمد بن يحيى بكى أبو إسحاق الزجاج، فقلت: ما بكاؤك؟ فقال لي: أين يذهب بك؟ أليس كان يقال أحمد بن يحيى جالس وإبراهيم الزجاج اليوم، فقال الزجاج ونفطويه وابن الأنباري: مات الناقد ونفقت البهارج. وحدث المرزباني في كتابه المقتبس [1] ولم يذكر من خبره غير هذه القصة وذكرها ابن النديم في فهرسته [2] قالا جميعا: كان السبب في اتصال أبي إسحاق الزجاج بالمعتضد أن بعض الندماء وصف للمعتضد «كتاب جامع النطق» الذي عمله محبرة النديم، (قال محمد بن إسحاق خاصة: واسم محبرة محمد بن يحيى بن أبي عباد ويكنى أبا جعفر، واسم أبي عباد: جابر بن زيد بن الصباح العسكري، وكان حسن الأدب ونادم المعتضد وجعل كتابه جداول) . رجع الكلام إلى اتفاقهما: فأمر المعتضد القاسم بن عبيد الله أن يطلب من يفسّر تلك الجداول، فبعث إلى ثعلب وعرضه عليه، فلم يتوجه إلى حساب الجداول وقال: لست أعرف هذا، وإن أردتم كتاب العين فموجود ولا رواية له. فكتب ابن عبيد الله إلى المبرد أن يفسّرها فأجابهم إنه كتاب طويل يحتاج إلى تعب وشغل، وإنه قد كبر [3] وضعف عن ذلك، وإن دفعتموه إلى صاحبي إبراهيم بن السريّ رجوت أن يفي بذلك. فتغافل القاسم عن مذاكرة المعتضد بالزجاج حتى ألحّ عليه المعتضد، فأخبره بقول ثعلب والمبرد وأنه أحال على الزجاج، فتقدم إليه بالتقدم إلى الزجاج بذلك، ففعل القاسم، فقال الزجاج: أنا أعمل ذلك على غير نسخة ولا نظر في جدول، فأمره بعمل الثنائي، فاستعار الزجاج كتب اللغة من ثعلب والعسكري وغيرهما   [1] لم ترد في نور القبس. [2] الفهرست: 66. [3] الفهرست: أسن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 62 لأنه كان ضعيف العلم باللغة، ففسر الثنائيّ كلّه وكتبه بخط الترمذي الصغير أبي الحسن وجلّده وحمله إلى الوزير، وحمله الوزير إلى المعتضد فاستحسنه وأمر له بثلاثمائة دينار وتقدم إليه بتفسيره كله، ولم يخرج لما عمله الزجاج نسخة إلى أحد إلا إلى خزانة المعتضد ووزيره. (وقال ابن النديم: ثم ظهر في كتاب [1] السلطان هذا التفسير منقطعا ورأيناه في طلحيّ لطيف) . وصار للزجاج بهذا السبب منزلة عظيمة وجعل له رزق في الندماء ورزق في الفقهاء ورزق في العلماء نحو ثلاثمائة دينار. قال ابن النديم [2] : وللزجاج من الكتب: كتاب ما فسره من جامع النطق. كتاب معاني القرآن (قرأت على ظهر كتاب المعاني: ابتدأ أبو إسحاق بإملاء كتابه الموسوم بمعاني القرآن في صفر سنة خمس وثمانين ومائتين وأتمه في شهر ربيع الأول سنة إحدى وثلاثمائة) . كتاب الاشتقاق. كتاب القوافي. كتاب العروض. كتاب الفرق. كتاب خلق الإنسان. كتاب خلق الفرس. كتاب مختصر النحو. كتاب فعلت وأفعلت. كتاب ما ينصرف وما لا ينصرف [3] . كتاب شرح أبيات سيبويه. كتاب النوادر. - 10- إبراهيم بن سعدان بن حمزة الشيباني المؤدب : ذكره المرزباني في كتابه وقال: كان أبو [علي] الحسن العنزي [4] كثير الرواية عنه، يروي عنه الأخبار   [10]- ترجمة ابن سعدان في تاريخ بغداد 6: 99 وفي الوافي 5: 350- 351 نقل عن ياقوت وانظر إنباه الرواة 1: 169 وبغية الوعاة 1: 413. (ولم ترد له ترجمة في نور القبس) . [1] في الفهرست: نكبات؛ وفي بعض أصوله: بقيات. [2] الفهرست: 66 والوافي 5: 349- 350. والمقفى 1: 155. [3] نشر ماجد الذهبي «فعلت وأفعلت» (دمشق 1984) ونشرد. ابراهيم السامرائي «خلق الانسان» ضمن رسائل في اللغة (بغداد: 1964) ونشرت هدى قراعة «ما ينصرف وما لا ينصرف» (القاهرة: 1971) ونشر ابراهيم الابياري كتابا منسوبا إليه هو: «اعراب القرآن» في ثلاثة أجزاء (القاهرة: 1963- 1965 ) . [4] هو الحسن بن عليل بن الحسين العنزي أبو علي أديب لغوي إخباري. توفي سنة 290 بسرمن رأى (إنباه 1: 317- 318) وفي ر: العنبري، وسترد ترجمته رقم: 331. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 63 ومستحسن الأشعار، وكان لسعدان بن المبارك النحوي [1] ابن يسمى إبراهيم روى عن أبيه النقائض ورواها عنه أبو سعيد السكري، ولست أعلم أهو هذا الذي نسبه العنزي إليه أو غيره، لأن العنزي نسبه إلى سعدان بن حمزة الشيباني، والله أعلم. كل هذا كلام المرزباني. وكان إبراهيم بن سعدان النحوي فيما رواه أحمد بن أبي طاهر يؤدب المؤيد، وكان ذا منزلة عنده، وحدث المرزباني في ما رفعه إلى أبي إسحاق الطلحي أحمد بن محمد بن حسان في حمار إبراهيم بن سعدان [2] : الا أيها العير المصرّف لونه ... بلونين في قرّ الشتاء وفي الصيف هلمّ وقاك الله من كلّ آفة ... إلى مجد مولاك الشفيق على الضيف وحدث المرزباني عن عبد الله بن يحيى العسكري عن أبي إسحاق الطلحي قال: أخبرنا إبراهيم بن سعدان قال: حرفان فيهما أربع وعشرون نقطة لا يعرف مثلهما حكاهما أبو الحسن اللحياني «تتقتقت» أي صعدت في الجبل و «تبشبشت» من البشاشة، وحرف في القرآن هجاؤه عشرة أحرف متصلة ليس في القرآن مثله في سورة النور لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ (النور: 55) . وحدث المرزباني عن الصولي عن أبي العيناء قال، قال لي المتوكل [3] : بلغني أنك رافضي، فقلت: يا أمير المؤمنين وكيف أكون رافضيا وبلدي البصرة، ومنشأي مسجد جامعها، وأستاذي الأصمعي، وجيراني باهلة، وليس يخلو الناس من طلب دين أو دنيا، فإن أرادوا دينا فقد أجمع المسلمون على تقديم من أخروا وتأخير من قدموا، وإن أرادوا دنيا فأنت وآباؤك أمراء المؤمنين لا دين إلا بك ولا دنيا إلا معك، أبوك مستنزل الغيث، وفي يديك خزائن الأرض، وأنا مولاك، فقال: إن ابن سعدان زعم ذلك فيك، فقلت: ومن ابن سعدان؟ والله ما يفرّق ذلك بين الإمام والمأموم والتابع والمتبوع، إنما ذاك حامل درّة، ومعلّم صبية، وآخذ على كتاب الله أجرة،   [1] سعدان بن المبارك الضرير النحوي المتوفى سنة 220 ستأتي ترجمته رقم: 520. [2] أورد البيتين كل من القفطي والصفدي. [3] نثر الدرّ 3: 228. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 64 فقال: لا تفعل لأنه مؤدب المؤيد، فقلت: يا أمير المؤمنين إنه لم يؤدّبه حسبة وإنما أدّبه بأجرة، فإذا أعطيته حقّه فقد قضيت ذمامه. فقام ابن سعدان فقال: يا أبا العيناء لا والله ما صدق أمير المؤمنين في شيء مما حكاه عني، ثم أقبل على المتوكل فقال: أيّ شيء أسهل عليك يا أمير المؤمنين من أن ينقضي مجلسك على ما تحبّ ثم يخرج هذا فيقطعني؟! قال: فضحك المتوكل. - 11- إبراهيم بن سعيد بن الطيب أبو إسحاق الرفاعي : قال أبو طاهر السلفي [1] وسألته يعني أبا الكرم الحوزي [2] عن الرفاعي فقال: هو من عبد السي [3] وكان ضريرا، قدم صبيا ذا فاقة إلى واسط، فدخل الجامع إلى حلقة عبد الغفّار الحضيني [4] فتلقن القرآن، فكان معاشه من أهل الحلقة، ثم أصعد إلى بغداد فصحب أبا سعيد السيرافي وقرأ عليه «كتاب شرح سيبويه» وسمع منه كتب اللغة والدواوين، وعاد إلى واسط. وقد مات عبد الغفار، فجلس صدرا يقرىء الناس في الجامع، ونزل الزيدية من واسط، وهناك تكون الرافضة والعلويون، فنسب إلى مذهبهم ومقت على ذلك وجفاه الناس: وكان شاعرا حسن الشعر جيده. وجدت في كتاب أبي غالب محمد بن أحمد بن سهل النحوي [5] أنشدني أبو إسحاق الرفاعي لنفسه:   [11]- الوافي 5: 354 ونكت الهميان: 88 (والنقل عن ياقوت) وإنباه الرواة 1: 167 وبغية الوعاة 1: 413 (وفيه عن ياقوت أيضا) وطبقات ابن الجزري 1: 15. [1] سؤالات الحافظ السلفي رقم 93 (ص 83- 86) . [2] هو أبو الكرم خميس بن علي الحوزي، توفي سنة 520 (والحوز قرية قرب واسط) وترجمته رقم: 467. [3] في السؤالات: عبد أمي؛ وعند القفطي: فقال هو من عبد القيس (من ربيعة الفرس) وينقل الأستاذ مطاع طرابيشي عن الأستاذ مصطفى جواد أنه يرجح: عبدسي، وهو اسم قرية في البطائح. [4] هو أبو الطيب عبد الغفار بن عبيد الله الحضيني، كان متصدرا بجامع واسط للاقراء، وتوفي سنة 367 (السؤالات رقم: 25 وفي الحاشية ذكر لمصادر ترجمته) . [5] هو ابن بشران المتوفى سنة 462 وسيترجم له ياقوت رقم: 981. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 65 وأحبة ما كنت أحسب أنني ... أبلى بينهم فبنت وبانوا نأت المسافة فالتذكر حظّهم ... مني وحظّي منهم النسيان ومات سنة إحدى عشرة وأربعمائة. سمعت [1] أبا نعيم أحمد بن علي بن أخي سكّرة [2] المقرىء الإمام يقول: رأيت جنازة أبي إسحاق الرفاعيّ مع غروب الشمس تخرج إلى الجبانة وخلفها رجلان، فحدثت بها شيخنا أبا الفتح ابن المختار النحوي [3] فقال: سمّى لك الرجلين؟ فقلت: لا، فقال: كنت أنا أحدهما وأبو غالب ابن بشران الآخر، وما صدقنا أنا نسلم خوفا أن نقتل. ومن عجائب [4] ما اتفق أن هذا الرجل توفي، وكان على هذا الوصف من الفضل فكانت هذه حاله، وتوفي في غد يوم وفاته رجل من حشو العامة يعرف بدبّاءة [5] كان سواديا [6] فأغلق البلد لأجله وصلّى عليه الناس كافة ولم يوصل إلى جنازته من كثرة الزحام. آخر كلام الحوزي. وذكر لي أبو عبد الله محمد بن سعيد الذهبي- وذكره في «أخبار النحويين الواسطيين» - أنه توفي في سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة، فذاكرته بما قاله الحوزي فقال: الرجوع إلى الحقّ خير من التمادي في الباطل؛ الذي ذكره الحوزي هو الحق، وأنا واهم. وحدث أبو غالب ابن بشران قال أنشدنا أبو إسحاق الرفاعيّ، وما رأيت قط أعلم منه، قال أنشدنا عبد الغفار بن عبد الله، قال أنشدنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد نفطويه:   [1] النقل مستمر عن السؤالات. [2] ذكره السلفي في السؤالات (رقم: 9) وقال: كان صدرا في الجامع، يعني جامع واسط. [3] أبو الفتح محمد بن محمد بن المختار النحوي المتوفى سنة 474 سيترجم له ياقوت رقم: 1103 (وانظر سؤالات الحافظ السلفي رقم: 10) وفي ر: العلوي. [4] النقل مستمر عن السؤالات. [5] سؤالات الحافظ: بدبا. [6] ر: سوداويا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 66 اقبل معاذير من يأتيك معتذرا ... إن برّ عندك فيما قال أو فجرا فقد أطاعك من أرضاك [1] ظاهره ... وقد أجلّك من يعصيك مستترا - 12- إبراهيم بن سفيان الزيادي : هو إبراهيم بن سفيان بن سليمان بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن زياد بن أبيه، كان نحويا لغويا راوية، قرأ كتاب سيبويه على سيبويه ولم يتمه، وروى عن الأصمعيّ وأبي عبيدة ونظرائهما، وكان شاعرا مات سنة تسع وأربعين ومائتين، ومن شعره الذي رواه المرزباني في حجر النار الهاشميّ [2] : دفع الرحمن [لي] عن ... ك فذاك الدفع عنّي وأراني فيك من يع ... ذلني قارع سنّ إن تكن برّزت في ... الحسن فقد برّز حزني حدّث المرزباني عن المبرد عن الزياديّ قال: كان في جواري حقّ قد دعيت [إليه] فحضرت وجيء بنبيذ وطنبور فغنّى مغنيهم: قولا لمن يتعرّى ... ومن يبدد سرّا تركت فتيان صدق ... يجلون في الحسن درّا وصرت إلف خسيس ... يعيد خيرك شرّا ضهيهات فاتك واللّ هـ من يغرك غرّا فقلت: لمن هذا الشعر أصلحك الله؟ قال: لي يا سيدي، وأنا جوان بن دست الباهليّ سيدي، قلت: ليس جوان ودست عافاك الله من أسماء العرب، قال:   [12]- ترجمته في الفهرست: 63 وإنباه الرواة 1: 166 والوافي 5: 356 ونور القبس: 219 وبغية الوعاة 1: 414. [1] ر: يرضيك. [2] وردت الأبيات في نور القبس. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 67 أيش عليك من ذا سيدي؟ قلت: فردّد الصوت، قال: تريد تقمشه كنّك عقاب أو كنّي [1] ما أعرفك، ما تركت على كبد ابن عمي الأصمعي الماء وقد جئت إليّ، طارت فراخ برجك طارت، قال: فوثبت مما حلّ بي فلم أعد إليهم. وحدث قال: كان الزيادي يشبّه بالأصمعي في معرفته للشعر ومعانيه، وكان فيه دعابة ومزاح، فمن شعره في ذلك: قد خرج الهجر على الوصل ... وانقطع الحبل من الحبل ودبّق الهجر جناح الهوى ... وانفلت الوصل من البخل فليت ذا الهجر قبيل الهوى ... فيسلم الوصل من القتل وقال الجمّاز يهجو الزياديّ: ليس بكذّاب ولا آثم ... من قال إبراهيم ملعون حكم رسول الله في جدّه ... ما ناله إلا الملاعين وبعد هذا كلّه إنه ... يعجبه القثّاء والتين وللزيادي من التصانيف: كتاب النقط والشكل. كتاب الأمثال. كتاب تنميق الأخبار. كتاب أسماء السحاب والرياح والأمطار. كتاب شرح نكت [2] كتاب سيبويه. وقال إبراهيم الزيادي في جارية سوداء كان يحبها: ألا حبّذا حبّذا حبذا ... حبيب تحملت فيه الأذى ضويا حبّذا برد أنيابه ... إذا الليل أظلم واجلوّذا - 13- إبراهيم بن سليمان بن عبد الله بن حبان [3] النّهمي ، بطن من همدان،   [13]- ترجمته في معجم الطوسي: 13 (كلكتا) 33 (بيروت) ولم ترد في المختصر. [1] كنّك وكنّي: عامية محرفة عن كأنك وكأني. [2] ر: شرح ثلث. [3] الطوسي: حيان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 68 الخزاز الكوفي أبو إسحاق، أخباري، ذكره أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي في «كتاب مصنفي الإمامية» وقال: هو ثقة في الحديث، سكن الكوفة في بني تميم فربما قيل التميمي؛ قال: ثم سكن في بني هلال فربما قيل الهلالي، ونسبه في نهم. له من الكتب: كتاب النوادر. كتاب الخطب. كتاب الدعاء. كتاب المناسك. كتاب أخبار ذي القرنين. كتاب إرم ذات العماد. كتاب قبض روح المؤمن والكافر. كتاب الدفائن. كتاب خلق السماوات. كتاب أخبار جرهم. - 14- إبراهيم بن صالح الوارق أبو إسحاق تلميذ أبي نصر إسماعيل بن حماد الجوهري: ذكره الباخرزي في «كتاب دمية القصر» [1] فقال: أنشدني له الأديب يعقوب بن أحمد، وهو أحسن ما قيل في معنى دود القز: وبنات جيب ما انتفعت بعيشها ... ووأدتها فنفعنني بقبور ثم انبعثن عواطلا فإذا لها ... قرن الكباش إلى جناح طيور قال: ومن المعاني المثارة من دود القز قول أبي الفتح البستي: ألم تر أن المرء طول حياته ... معّنى بأمر لا يزال يعالجه [تراه] كدود القز ينسج دائبا ... ويهلك غما وسط ما هو ناسجه ولأبي إسحاق يهجو ابن زكريا المتكلم الأصبهاني [2] : أبا أحمد يا أشبه الناس كلهم ... خلاقا وخلقا بالرّخال النواسج [3] لعمرك ما طالت بتلك اللحى لكم ... حياة ولكن بالعقول الكواسج   [14]- ترجمته في إنباه الرواة 1: 169 ولم ترد في المختصر. [1] انظر الدمية 3: 1511. [2] دمية القصر 3: 1512. [3] الرخال: جمع رخل وهي الأنثى من أولاد الضأن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 69 - 15- إبراهيم بن أبي عباد اليمني : وهو ابن أخي الحسن بن إسحاق بن أبي عباد النحوي، ذكر في موضعه [1] ، وإبراهيم هذا من أعيان النحويين باليمن وله تصنيفان في النحو مختصران سمّى أحدهما التلقين والآخر يعرف بمختصر إبراهيم، وكان متأخرا بعد الخمسمائة. - 16- إبراهيم بن العباس الصولي أبو إسحاق الكاتب: هو إبراهيم بن العباس بن محمد بن صول مولى يزيد بن المهلب كنيته أبو إسحاق، مات في شعبان سنة ثلاث وأربعين ومائتين بسامرا وهو يتولى ديوان النفقات والضياع، مولده سنة ست وسبعين ومائة وقيل: سنة سبع وستين. وكان صول رجلا تركيا، وكان هو وأخوه فيروز ملكي جرجان وتمجّسا بعد التركية وتشبّها بالفرس، فلما حضر يزيد بن المهلب بن أبي صفرة جرجان أمنهما، فأسلم صول على يده، ولم يزل معه حتى قتل يزيد يوم العقر [2] . وكان يزيد بن المهلب لما دعا إلى نفسه لحق به صول وغيره فصادفه قد قتل. وذكر الصولي أن صولا [جدّه] شهد الحرب مع يزيد بن المهلب، وأن يزيد وجد مقتولا بلا طعنة ولا ضربة بل انسدّت أذناه ومنخراه وامتلأ فمه بغبار العسكر فمات، فلا يعرف مثله   [15]- ترجمته في بغية الوعاة 1: 426 وسمّاه إبراهيم بن محمد، وذكر أنه كان موجودا في أول المائة الخامسة؛ ولم ترد هذه الترجمة في المختصر. [16]- ترجمة إبراهيم الصولي في الفهرست: 136 وتاريخ بغداد 6: 117 والأغاني 10: 43 ومروج الذهب 5: 23- 28 وابن خلكان 1: 44 وإعتاب الكتاب: 146 والوافي 6: 24 والنجوم الزاهرة 2: 315، وله أخبار منثورة في الكتب الأدبية، وديوانه مضمن في الطرائف الأدبية: 126- 194 بعناية العلامة الميمني رحمه الله. [1] انظر الترجمة رقم: 309. [2] كان عمر بن عبد العزيز قد حبس يزيد بن المهلب في أموال لبيت المال قبله، فلما توفي عمر، خاف ابن المهلب أن ينكّل به يزيد بن عبد الملك، فهرب من سجنه وأعلن الخروج على الدولة الأموية، فقتل يوم العقر (مكان بين واسط وما أصبح يسمّى بغداد من بعد) سنة 102. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 70 قتيل غبار، قال: ومعه قتل صول وجماعة من أصحابه وغلمانه وقيل: بل انحاز إلى العباس بن الوليد في جماعة من غلمانه فأعطاه العباس أمانا وبعض أولاد المهلب معه، فلما حصلوا في يده غدر بهم وقتلهم جميعا، وكان [1] يقاتل كلّ من بينه وبين يزيد من جيوش بني أمية ويكتب على سهامه: صول يدعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيّه، فبلغ ذلك يزيد بن عبد الملك فاغتاظ وجعل يقول: ويلي على ابن الغلفاء ما له وللدعاء إلى كتاب الله وسنة نبيّه، ولعله لا يفقه صلاته. وكان محمد بن صول من رجال الدولة العباسية ودعاتها وكان يكنى أبا عمارة، وقتله عبد الله بن علي لما خالف مع مقاتل بن حكيم العكي. وكان بعض أهليهم ادّعوا أنهم عرب وأنّ العباس بن الأحنف الشاعر خالهم. وكان إبراهيم بن العباس وأخوه عبد الله من وجوه الكتّاب، وكان عبد الله أسنّهما وأشدّهما تقدما، وكان إبراهيم آدبهما وأحسنهما شعرا، وكان إذا قال شعرا اختاره وأسقط رذله وأثبت نخبته، فمن ذلك قوله [2] : ولكنّ الجواد أبا هشام ... وفيّ العهد مأمون المغيب بطيء عنك ما استغنيت عنه ... وطلّاع عليك مع الخطوب وهذا من نادر الشعر وجيده. ومن ذلك قوله لأخيه عبد الله [3] : ولكنّ عبد الله لما حوى الغنى ... وصار له من بين إخوانه مال رأى خلّة منهم تسدّ بماله ... فساهمهم حتى استوت بهم الحال وهذا يدل على أن قبله غيره، ولولا أن يكون قبله غيره لقال: «ألا إن الجواد أبا هشام» و «ألا إنّ عبد الله» أو يكون قصد الإيهام بمدح قد تقدم هذه الأبيات من جملته والله أعلم. وكان إبراهيم كاتبا حاذقا بليغا فصيحا منشئا. وإبراهيم [4] وأخوه عبد الله من   [1] يتفق مع ما في الأغاني 10: 43 (مع بعض تفاوت قليل) . [2] مروج الذهب 5: 25 والطرائف الأدبية: 129. [3] الطرائف الأدبية: 136. [4] قارن بالأغاني 10: 44. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 71 صنائع ذي الرياستين الفضل بن سهل، اتصلا به فرفع منهما، وتنقل إبراهيم في الأعمال الجليلة والدواوين إلى أن مات وهو متولّي ديوان الضياع والنفقات بسرّ من رأى سنة ثلاث وأربعين ومائتين للنصف من شعبان. وكان دعبل يقول: لو تكسّب إبراهيم بالشعر لتركنا في غير شيء، ويعجب من قوله [1] : إنّ امرءا ضنّ بمعروفه ... عني لمبذول له عذري ما أنا بالراغب في خيره ... إن كان لا يرغب في شكري وكان إبراهيم صديقا لمحمد بن عبد الملك الزيات فولي محمد الوزارة وإبراهيم على الأهواز فقصده ووجّه إليه بأبي الجهم أحمد بن سيف [2] وأمره بكشفه، فتحامل عليه تحاملا شديدا، فكتب إبراهيم إلى محمد بن عبد الملك [3] : واني لأرجو بعد هذا محمدا ... لأفضل ما يرجى أخ ووزير فأقام محمد على أمره، ولجّ أبو الجهم في التحامل عليه، فكتب [4] إبراهيم إلى ابن الزيات يشكو إليه أبا الجهم ويقول: هو كافر لا يبالي ما عمل، وهو القائل لما مات غلامه يخاطب ملك الموت: تركت عبيد بني طاهر ... وقد ملأوا الأرض عرضا وطولا وأقبلت تسعى إلى واحدي ... ضرارا كأني قتلت الرسولا فسوف أدين بترك الصلاة ... وأصطبح الخمر صرفا شمولا فكان محمد لعصبيته على إبراهيم وقصده له يقول: ليس هذا الشعر لأبي الجهم وإنما إبراهيم قاله ونسبه إلى أبي الجهم. وكتب [5] إبراهيم إلى ابن الزيات يستعطفه: كتبت وقد بلغت المدية المحزّ، وعدت الأيام عليّ بعد عدواني بك عليها، وكان أسوأ ظنّي وأكثر خوفي أن تسكن في   [1] الطرائف الأدبية: 185. [2] يعني أن محمد بن عبد الملك هو الذي وجه بأبي الجهم. [3] الطرائف الأدبية: 132. [4] قارن بالأغاني 10: 51- 52. [5] الأغاني 10: 57- 58. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 72 وقت حركتها، وتكفّ عند أذاتها، فصرت أضرّ عليّ منها، فكفّ الصديق عن نصرتي خوفا منك، وبادر إليّ العدوّ تقربا إليك، وكتب تحت ذلك [1] : أخ بيني وبين الدّهر صاحب أيّنا غلبا ... صديقي ما استقام وإن نبا دهر عليّ نبا ... وثبت على الزمان به فعاد به وقد وثبا ... ولو عاد الزمان لنا لعاد به أخا حدبا وكتب إليه [2] : أما والله لو أمنت ودّك لقلت، ولكني أخاف منك عتبا لا تنصفني فيه، وأخشى من نفسي لائمة لا تحتملها لي، وما قدّر فهو كائن، وعن كلّ حادثة أحدوثة، وما استبدلت بحالة كنت فيها مغتبطا حالا أنا في مكروهها وألمها أشدّ علي من أني فزعت إلى ناصري عند ظلم لحقني فوجدت من ظلمني أخفّ نية في ظلمي منه، وأحمد الله كثيرا، وكتب تحتها [3] : وكنت أخي بإخاء الزمان ... فلما نبا صرت حربا عوانا وكنت أذمّ إليك الزمان ... فأصبحت فيك أذمّ الزمانا وكنت أعدّك للنائبات ... فها أنا أطلب منك الأمانا قال [4] : ثم وقف الواثق على تحامله عليه فرفع يده عنه، وأمره أن يقبل منه ما رفعه ويردّ إلى الحضرة مصونا، فلما أحسّ إبراهيم بذلك بسط لسانه في ابن الزيات وهجاه هجاء كثيرا، منه [5] : قدرت فلم تضرر عدوا بقدرة ... وسمت بها إخوانك الذلّ والرغما وكنت مليا بالتي قد يعافها ... من الناس من يأبى الدنية والذما   [1] الطرائف الأدبية: 155. [2] الأغاني 10: 58. [3] الطرائف الأدبية: 166. [4] الأغاني 10: 58. [5] الطرائف الأدبية: 165. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 73 وقال أيضا فيه [1] : أبا جعفر خف خفضة بعد رفعة ... وقصّر قليلا عن مدى غلوائكا فإن كنت قد أوتيت عزا ورفعة ... فإن رجائي في غد كرجائكا وقال أيضا فيه [2] : دعوتك في بلوى ألمّت صروفها ... فأوقدت من ضغن عليّ سعيرها وإني إذا أدعوك عند ملمة ... كداعية بين القبور نصيرها ولما مات ابن الزيات قال إبراهيم [3] : لما أتاني خبر الزيات ... وأنه قد عدّ في الأموات أيقنت أن موته حياتي ولما انحرف [4] محمد بن عبد الملك عن إبراهيم تحاماه الناس أن يلقوه، وكان الحارث بن بسخنّر الزريم المغني صديقا له مصافيا وهجره في من هجره من الإخوان، فكتب إليه [5] : تغيّر لي في من تغير حارث ... وكم من أخ قد غيرته الحوادث أحارث إن شوركت فيك فطالما ... غنينا وما بيني وبينك ثالث ومن مستحسن شعر إبراهيم بن العباس قوله [6] : خلّ النفاق لأهله ... وعليك فالتمس الطريقا وارغب بنفسك أن ترى ... إلّا عدوا أو صديقا ومنه [7] : أميل مع الصديق على ابن أمّي ... وأقضي للصديق على الشقيق وأفرق بين معروفي ومنّي ... وأجمع بين مالي والحقوق   [1] الطرائف الأدبية: 161. [2] الطرائف الأدبية: 184. [3] الطرائف الأدبية: 182. [4] الأغاني 10: 45. [5] الطرائف الأدبية: 182. [6] الطرائف الأدبية: 161. [7] زهر الآداب: 1021 والطرائف الأدبية: 154. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 74 فإن ألفيتني حرّا مطاعا ... فإنك واجدي عبد الصديق وكان [1] إبراهيم يهوى جارية لبعض المغنين بسرّ من رأى يقال لها ساهر [2] شهر بها، وكان منزله لا يخلو منها، ثم دعيت في وليمة لبعض أهلها فغابت عنه ثلاثة أيام، ثم جاءته ومعها جاريتان لمولاها وقالت له: قد أهديت صاحبتيّ إليك عوضا عن مغيبي عنك، فقال: أقبلن يحففن مثل الشمس طالعة ... قد حسّن الله أولاها وأخراها ما كنت فيهنّ إلا كنت واسطة ... وكنّ دونك يمناها ويسراها وجلس [3] يوما مع إخوانه للشرب وبعث خلفها فابطأت عليه، وتنغّص عليه وعلى جلسائه يومه، وكان عندهم عدة من القيان، ثم وافت فسرّي عنه وطابت نفسه وشرب وطرب، وقال [4] : ألم ترنا يومنا إذ نأت ... ولم تأت من بين أترابها وقد غمرتنا دواعي السرور ... بإشعالها وبالهابها ونحن فتور إلى أن بدت ... وبدر الدجى تحت أثوابها ولما نأت كيف كنّا بها ... ولما دنت كيف صرنا بها فتغضبت [5] فقالت: ما القصة كما ذكرت، وقد كنتم في قصفكم مع من حضر، وإنما تجملتم لي لما حضرت فقال [6] : يا من حنيني إليه ... ومن فؤادي لديه ومن إذا غاب من بي ... نهم أسفت عليه   [1] الأغاني 10: 48 والوافي 6: 25- 26. [2] الأغاني: سامر؛ المختصر: ساهره. [3] الأغاني 10: 46. [4] الطرائف الأدبية: 140. [5] الأغاني: فتجنّت. [6] الطرائف الأدبية: 152. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 75 إذا حضرت فمن بى ... نهم أصبّ إليه من غاب غيرك منهم فإذنه في يديه فرضيت، فأقاموا يومهم على أحسن حال. ثم طال [1] العهد بينهما فملّها، وكانت شاعرة وكانت تهواه أيضا، فكتبت إليه تعاتبه: بالله يا ناقض العهود بمن ... بعدك من أهل ودّنا نثق وا سوءتا ما استحيت لي أبدا ... إن ذكر العاشقون من عشقوا لا غرّني كاتب له أدب ... ولا ظريف مهذّب لبق كنت بذاك اللسان تختلني ... دهرا ولم أدر أنه ملق فاعتذر إليها وراجعها فلم تر منه ما تكره حتى فرّق الموت بينهما. وحدث [2] علي بن الحسن الاسكافي قال: كان لإبراهيم ابن قد يفع وترعرع وكان به معجبا، فاعتلّ علة لم تطل حتى مات، فرثاه مراثي كثيرة وجزع عليه جزعا شديدا، فمن مراثيه فيه [3] : أنت السواد لمقلة ... تبكي عليك وناظر من شاء بعدك فليمت ... فعليك كنت أحاذر وقال أيضا فيه [4] : وما زلت مذلد أعطيته ... أدافع عنه حمام الأجل أعوّذه دائبا بالقران ... وأرمي بطرفي إلى حيث حل فأضحت يدي قصدها واحد ... إلى حيث حلّ فلم يرتحل ومرّ [5] إبراهيم برجل يستثقله فسلّم عليه فقال لبعض من معه: إنه جرميّ،   [1] الوافي 6: 26. [2] الأغاني 10: 50. [3] الطرائف الأدبية: 169. [4] الطرائف الأدبية: 179. [5] الأغاني 10: 53. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 76 فقال له: ما كان عندي إلا أنه من أهل السواد، فضحك إبراهيم وقال: إنما أردت قول الشاعر: يسائل عن أخي جرم ... ثقيل والذي خلقه وكتب [1] إبراهيم شفاعة لرجل إلى بعض إخوانه: فلان ممن يزكو شكره. ويعنيني أمره، والصنيعة عنده واجدة موضعها [2] وسالكة طريقها: وأفضل ما يأتيه ذو الدين والحجى ... إصابة شكر لم يضع معه أجر ونظر [3] إبراهيم إلى الحسن بن وهب وهو مخمور فقال له [4] : عيناك قد حكتا مبى ... تك كيف كنت وكيف كانا ولربّ عين قد أرت ... ك مبيت صاحبها عيانا قال [5] ورفع أحمد بن المدبر على بعض عمال إبراهيم فحضر إبراهيم دار المتوكل فرأى هلال الشهر على وجهه ودعا له وضحك وقال له: إنّ أحمد بن المدبر رفع على عاملك كذا وكذا فاصدقني عنه، قال إبراهيم: فضاقت عليّ الحجة، وخفت أن أحقق قوله إن اعترفت ثم لا أرجع منه إلى شيء فيعود علي الغرم، فعدلت عن الحجّة إلى الحيلة فقلت: أنا في هذا يا أمير المؤمنين كما قلت فيك [6] : ردّ قولي وصدّق الأقوالا ... وأطاع الوشاة والعذّالا أتراه يكون شهر صدود ... وعلى وجهه رأيت الهلالا فقال: لا يكون ذلك والله، لا يكون ذلك أبدا، والتفت إلى الوزير وقال له: كيف تقبل في المال قول صاحبه؟   [1] الأغاني 10: 54. [2] الأغاني: واقعة موقعها. [3] الأغاني 10: 55. [4] الطرائف الأدبية: 175. [5] الأغاني: 59- 60 والوافي 6: 27. [6] الطرائف الأدبية: 149. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 77 وكان [1] أحمد بن يحيى ثعلب يقول: إبراهيم بن العباس أشعر المحدثين، وما روى شعر كاتب غيره، وكان يستجيد قوله [2] : لنا إبل كوم يضيق بها الفضا ... ويفترّ عنها أرضها وسماؤها فمن دونها أن تستباح دماؤنا ... ومن دوننا أن تستذمّ ذماؤها حمى وقرى فالموت دون مرامها ... وأيسر خطب يوم حقّ فناؤها ويقول: والله لو أن هذا لبعض الأوائل لاستجيد له. وقال [3] إبراهيم في قينة كان يهواها: وعلّمتني كيف الهوى وجهلته ... وعلّمكم صبري على ظلمكم ظلمي وأعلم ما لي عندكم فيردّني ... هواي إلى جهلي فأرجع عن علمي ومن أحسن ما قيل في قصر الليل قول إبراهيم بن العباس [4] : وليلة من الليالي الزّهر ... قابلت فيها بدرها ببدر لم تك غير شفق وفجر ... حتى تولّت وهي بكر الدهر وقال [5] أبو العيناء: كنت عند إبراهيم بن العباس وهو يكتب كتابا، فنقطت [من] القلم نقطة مفسدة فمسحها بكمه فعجبت فقال: لا تعجب، المال فرع والقلم أصل، ومن هذا السواد جاءت هذه الثياب، والأصول أحوج إلى المراعاة من الفرع، ثم فكّر قليلا وقال [6] : إذا ما الفكر ولّد حسن لفظ ... وأسلمه الوجود إلى العيان ووشّاه فنمنمه بيان ... فصيح في المقال بلا لسان ترى حلل البيان منشّرات ... تجلّى بينها حلل المعاني   [1] الأغاني 10: 61 ومروج الذهب 5: 25. [2] زهر الآداب: 1020 والطرائف الأدبية: 153. [3] الأغاني 10: 62 والقينة هي ساهر (أو سامر) وزهر الآداب: 1020 وانظر الطرائف: 150. [4] الأغاني 10: 62 والطرائف: 145 والوافي 6: 27 وزهر الآداب: 299. [5] الأغاني 10: 63. [6] زهر الآداب: 518- 519 (باختلافات في الرواية) والطرائف الأدبية: 188. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 78 وقال إبراهيم في الفضل بن سهل [1] : يقضي الأمور على بديهته ... وتريه فكرته عواقبها فيظلّ يصدرها ويوردها ... فيعمّ حاضرها وغائبها وإذا ألمّت صعبة عظمت ... فيها الرزيئة كان صاحبها المستقلّ بها وقد رسبت ... ولوت على الأيام جانبها سست الخلافة إذ نصبت لها ... فحميتها ومنعت جانبها وعدلتها بالعدل فاعتدلت ... ووسعت راغبها وراهبها وإذا الحروب غلت بعثت لها ... رأيا تفلّ به كتائبها رأيا اذا نبت السيوف مضى ... عزم به يسقي مضاربها أجرى إلى فئة بدولتها ... وأقام في أخرى نوادبها واذا الخطوب تأثّلت ورست ... هدّت فواضله نوائبها وإذا جرت بضميره يده ... أبدت له الدنيا مناقبها قال [2] واجتمع هارون بن محمد بن عبد الملك بن الزيات وابن برد الخيار في مجلس عبيد الله بن سليمان، فجعل هارون ينشد من شعر أبيه محاسنه ويفضله ويقدمه، فقال له ابن برد الخيار: إن كان لأبيك مثل قول ابراهيم بن العباس الصولي [3] : أسد ضار إذا هيّجته ... وأب برّ إذا ما قدرا يعرف الأبعد إن أثرى ولا ... يعرف الأدنى إذا ما افتقرا أو مثل قوله [4] : تلج السنون بيوتهم وترى لهم ... عن جار بيتهم ازورار مناكب   [1] الأغاني 10: 64- 65 والطرائف الأدبية: 128. [2] الأغاني 10: 67. [3] الطرائف الأدبية: 133 مروج الذهب 5: 26 وزهر الآداب: 399. [4] الطرائف الأدبية: 129. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 79 وتراهم بسيوفهم وشفارهم ... مستشرفين لراغب أو راهب حامين أو قارين حيث لقيتهم ... نهب العفاة ونهزة للراغب فاذكره وفاخر به، وإلّا فأقلل، فخجل هارون. قال [1] : ودخل عليه أحمد بن المدبر بعد خلاصه من النكبة مهنئا، وكان استعان به في أمر النكبة فقعد عنه وبلغه أنه كان يسعى ويحرّض عليه ابن الزيات [2] : وكنت أخي بالدهر حتى إذا نبا ... نبوت فلما عاد عدت مع الدهر فلا يوم إقبالي عددتك طائلا ... ولا يوم إدباري عددتك من وتر وما كنت إلا مثل أحلام نائم ... كلا حالتيك من وفاء ومن غدر وله أيضا فيه [3] : لو قيل لي خذ أمانا ... من أعظم الحدثان لما أخذت أمانا ... إلا من الخلان وأنا أستحسن قوله [4] : حتى متى أنا في حزن وفي غصص ... إذا تجدّد حزن هوّن الماضي وقد غضبت فما باليتم غضبي ... حتى رجعت بقلب ساخط راضي ومما كتب إبراهيم بن العباس إلى ابن الزيات [5] : من رأى في المنام مثل أخ لي ... كان عوني على الزمان وخلّي رفعت حاله فحاول حطّي ... وأبى أن يعزّ إلّا بذلّي   [1] الأغاني 10: 69. [2] الطرائف الأدبية: 158. [3] الأغاني 10: 69 ومروج الذهب 5: 25 والطرائف: 166. [4] الطرائف الأدبية: 146 وهو في تاريخ بغداد 6: 117 وزهر الآداب: 1020. [5] خاص الخاص: 99 وأحسن ما سمعت: 33 والطرائف الأدبية: 163. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 80 وكتب إليه يستعطفه [1] : فهبني مسيئا كالذي قلت ظالما ... فعفوا جميلا كي يكون لك الفضل فإن لم أكن بالعفو منك لسوء ما ... جنيت به أهلا فأنت له أهل ومن منثور كلامه: أتاني فلان في وقت أستثقل فيه لحظة الفرح. وحدث [2] الصولي عن العباس بن محمد قال: أنشدني إبراهيم بن العباس في مجلسه في ديوان الضياع: ربما تجزع النفوس من ... الأمر لها فرجة كحلّ العقال ونكت بقلمه ثم قال [3] : ولربّ نازلة يضيق بها الفتى ... ذرعا وعند الله منها المخرج كملت فلما استحكمت حلقاتها ... فرجت وكان يظنّها لا تفرج قال فعجبنا من سرعة طبعه وجوده قريحته. وحدث الصولي عن أحمد بن يزيد المهلبي قال: حدثني أبي قال [4] : لما قرأ إبراهيم بن العباس على المتوكل رسالته إلى أهل حمص [5] أما بعد فإنّ أمير المؤمنين يرى من حقّ الله عليه مما قوّم به من أود، وعدّل به من زيغ، ولمّ به من منتشر، استعمال ثلاث يقدّم بعضهنّ أمام بعض: أولاهن ما يتقدم به من تنبيه وتوقيف، ثم [ما] يستظهر به من تحذير وتخويف، ثم التي لا ينفع لحسم الداء غيرها: أناة فان لم تغن عقّب بعدها ... وعيدا فإن فلم يغن أغنت عزائمه عجب المتوكل من حسن ذلك، وأومأ إلى عبيد الله: أما تسمع، فقال: يا أمير المؤمنين إن إبراهيم فضيلة خبأها الله لك واحتبسها على أيامك. وهذا أول شعر نفذ في كتاب عن خلفاء بني العباس.   [1] الطرائف الأدبية: 186- 187. [2] الخبر والشعر في أمالي المرتضى 1: 486. [3] الوافي 6: 27 والطرائف، 171. [4] قارن بالوافي 6: 25. [5] رسالة إبراهيم إلى أهل حمص في نثر الدر 5: 104. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 81 وحدث عن ميمون بن هارون عن أبيه قال قلت لإبراهيم بن العباس: إن فلانا يحبّ أن يكون لك وليا، فقال لي: أنا والله أحبّ أن يكون الناس جميعا إخواني، ولكني لا آخذ منهم إلّا من أطيق قضاء حقّه وإلا استحالوا أعداء، وما مثلهم إلا كمثل النار قليلها مقنع وكثيرها محرق. وقال الحسين بن علي الباقطائي: شاورت أبا الصقر قبل وزارته في أمر لي فعرفني الصواب فيه، فقلت له: أنت أيدك الله كما قال إبراهيم بن العباس في هذا المعنى [1] : أتيتك شتّى الرأي لابس حيرة ... فسدّدتني حتى رأيت العواقبا على حين ألقى الرأي دوني حجابه ... فجبت الخطوب واعتسفت المذاهبا فقال: لا تبرح والله حتى أكتب البيتين، فكتبتهما له بين يديه بخطي. وحدث أبو ذكوان قال: لما توفي المعتصم بالله وقام ابنه الواثق خليفة بعده كتب إليه إبراهيم بن العباس يعزّيه بأبيه ويهنئه بالخلافة: إن أحقّ الناس بالشكر من جاء به عن الله، وأولاهم بالصبر من كان سلفه رسول الله، وأمير المؤمنين أعزّه الله وآباؤه نصرهم الله أولو الكتاب الناطق عن الله بالشكر، وعترة رسوله المخصوصون بالصبر، وفي كتاب الله أعظم الشفاء، وفي رسوله أحسن العزاء، وقد كان من وفاة أمير المؤمنين المعتصم بالله ومن مشيئة الله في ولاية أمير المؤمنين الواثق بالله ما عفّى على أوّله آخره، وتلافت بدأته عاقبته، فحقّ الله في الأولى الصبر، وفرضه في الأخرى الشكر، فإن رأى أمير المؤمنين أن يستنجز ثواب الله بصبره ويستدعي زيادته بشكره، فعل، إن شاء الله تعالى وحده. ومن كلامه: ووجد أعداء الله زخرف باطلهم وتمويه كذبهم سرابا بقيعة يحسبه الظّمآن ماء حتّى إذا جاءه لم يجده شيئا، وكوميض برق عرض فأسرع، ولمع فأطمع، حتى انحسرت مشرّقة مغاربه، وتشعّبت مولّية مذاهبه، وأيقن راجيه وطالبه، ألّا ملاذ ولا وزر، ولا مورد ولا صدر، ولا من الحرب محيص، هنالك ظهرت عواقب   [1] الطرائف: 127. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 82 الحقّ منجية، وخواتم الباطل مردية، سنة الله فيما أزاله واداله، ولن تجد لسنّة الله تبديلا، ولا عن قضائه تحويلا. وحدثني الصولي، قال حدثني يحيى بن البحتري قال: رأيت أبي يذاكر جماعة من شعراء الشام بمعان من الشعر، فمرّ فيها قلة نوم العاشق وما قيل في ذلك، فأنشدوا إنشادات فيها، فقال لهم أبي: فرغ من هذا كاتب العراق إبراهيم بن العباس فقال [1] : أحسب النوم حكاكا ... إذ رأى منك جفاكا منّي الصبر ومنك ال ... هجر فابلغ بي مداكا كذبت همّة عين ... طمعت في أن تراكا أوما حظّ لعين ... أن ترى من قد رآكا ليت حظّي منك أن تعلم ... ما بي من هواكا ثم قال البحتري: تصرفت هذه الأبيات في معان من الشعر أحسن في جميعها، قال: فكتبها عنه أجمعهم. ومما روى له الصولي [2] : أولى البرية [3] طرّا أن تواسيه ... عند السرور الذي واساك في الحزن إنّ الكرام إذا ما أسهلوا ذكروا ... من كان يألفهم في المنزل الخشن وروى له وهو في الحماسة [3] : لا يمنعنّك خفض العيش في دعة ... نزوع نفس الى أهل وأوطان تلقى بكلّ بلاد إن حللت بها ... أرضا بأرض وجيرانا بجيران   [1] الخبر والشعر في أمالي المرتضى 1: 483 وانظر الزهرة: 101 والطرائف الأدبية: 148. [2] ينسبان لغيره أيضا؛ انظر عيون الأخبار 3: 20 ومروج الذهب 5: 26 وابن خلكان 1: 46 والطرائف: 177. [3] هما في معاني العسكري 1: 192 وعيون الأخبار 1: 234 وابن خلكان 1: 46 وذكر أنه رآهما في ديوان مسلم بن الوليد، وانظر الطرائف: 151- 152 والمرزوقي رقم: 82. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 83 قال الصولي حدثني جرير بن أحمد بن أبي داود قال: كان إبراهيم أصدق الناس لأبي، فعتب على ابنه أبي الوليد في شيء فقال فيه أحسن قول: ذمّه ومدح أباه وما أحسن هذا من جهة جرير [1] : عفّت مساو تبدّت منك واضحة ... على محاسن أبقاها [2] أبوك لكا لئن تقدمت أبناء الكرام به ... فقد تقدّم آباء الكرام بكا وروي لإبراهيم في محمد بن عبد الملك [3] : إن كان رزقي عليك فارم به ... في ماضغي حيّة على رصد لو كنت حرا كما زعمت وقد ... كررتني بالمطال لم أعد لكنني عدت ثم عدت فإن ... عدت إلى مثلها إذا فعد أعتقني سوء ما أتيت من ... الرقّ فيا بردها على كبدي فصرت عبدا للسوء فيك وما ... أحسن سوء قبلي إلى أحد وله فيه [4] : وقائل لا أبدا ... إن جدّ أو إن هزلا فهو إذا اضطر إلى ... قول نعم قال بلى تعودوا منه لما ... ضمت بلى من قول لا ومما يستحسن من شعر إبراهيم بن العباس [5] : ابتداء بالتجني ... وقضاء بالتظني واشتفاء بتجنى ... ك لأعدائك منّي   [1] البيتان عند ابن خلكان 1: 89 وأمالي المرتضى 1: 487 والطرائف: 162. [2] م: نقاها. [3] الثابت: أنها ليست للصولي بل هي لأبي الأسد، انظر معاني العسكري 2: 203. [4] الطرائف الأدبية: 164. [5] الطرائف الأدبية: 151. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 84 بأبي قل لي كي أعل ... م لم أعرضت عنّي قد تمنّى ذاك أعدا ئي فقد نالوا التمني وقال أبو زيد البلخي، وذكر إبراهيم بن العباس، فقال: كان من أبلغ الناس في الكتابة حتى صار كلامه مثلا، كتب كتاب فتح عجيبا، أثنى على الله وحمده، ثم قال في خلال ذلك: وقسم الله الفاسق أقساما ثلاثة: روحا معجلة إلى نار الله، وجثة منصوبة بفناء معلقه، وهامة منقولة إلى دار خلافته. وحدث الجهشياري [1] عن وهب بن سليمان بن وهب قال: كنت أكتب لابراهيم بن العباس على ديوان الضياع، وكان رجلا بليغا ولم يكن له في الخراج تقدم، وكان بينه وبين أحمد بن المدبر تباعد، وكان أحمد مقدّما في الكتابة، فقال أحمد بن المدبر للمتوكل: قلدت إبراهيم بن العباس ديوان الضياع وهو متخلّف، آية من الآيات لا يحسن قليلا ولا كثيرا، وطعن عليه طعنا قبيحا، فقال المتوكل: في غد أجمع بينكما، واتصل الخبر بإبراهيم فأيقن بحلول المكروه، وعلم أنه لا يفي بأحمد بن المدبر في صناعته، وغدا الى دار السلطان آيسا من نفسه ونعمته، وحضر أحمد فقال له المتوكل: قد حضر ابراهيم وحضرت، ومن أجلكم قعدت، فهات اذكر ما كنت فيه أمس فقال أحمد: أيّ شيء أذكر عنه، فإنه لا يعرف أسماء عماله في النواحي، ولا يعلم ما في دساترهم من تقديراتهم وكيولهم وحمل من حمل منهم ومن لم يحمل، ولا يعرف أسماء النواحي التي تقلّدها، وقد اقتطع صاحبه بناحية كذا كذا ألفا، واختلّت ناحية كذا في العمارة، وأطال في ذكر هذه الأمور؛ فالتفت المتوكل إلى إبراهيم فقال: ما سكوتك؟ فقال: يا أمير المؤمنين جوابي في بيتي شعر قلتهما، فإن أذن أمير المؤمنين أنشدتهما، فقال: هات، فأنشده البيتين المذكورين: ردّ قولي وصدّق الأقوالا فقال المتوكل: زه زه أحسنت، إيتوني بمن يعمل في هذا لحنا، وهاتوا ما   [1] سقطت الحكاية مع ما سقط من كتاب الجهشياري وأثبتها ميخائيل عواد في نصوص ضائعة ص: 76- 79. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 85 نأكل، وجيئوا بالنساء، ودعونا من فضول ابن المدبر، واخلعوا على إبراهيم بن العباس، فخلع عليه وانصرف الى منزله. قال الحسن: فمكث يومه مغموما، فقلت له: هذا يوم سرور وجذل بما جدّد الله لك من الانتصار على خصمك، فقال يا بنيّ الحقّ أولى بمثلي وأشبه، إني لم أدفع أحمد بحجة ولا كذب في شيء مما ذكر، ولا أنا ممن يعشره في الخراج، كما أنه لا يعشرني في البلاغة، وإنما فلجت برطازة ومخرقة، أفلا أبكي فضلا عن أن أغتمّ من زمان يدفع ذلك كلّه؟ وقال الجهشياري [1] : رأيت دفترا بخط إبراهيم بن العباس الصولي فيه شعر قاله وهو في حبس موسى بن عبد الملك يصف ما هو فيه من ضيق الحبس وثقل الحديد والقيد، ويذكر موسى في شعره، وكان يكنى بأبي الحسن فكناه بأبي عمران، فقال في قصيدة طويلة: كم ترى يبقى على ذا بدني ... قد بلي من طول همّي وفني أنا في أسر وأسباب ردى ... وحديد فادح يكلمني وأبو عمران موسى حنق ... حاقد يطلبني بالإحن ليس يشفيه سوى سفك دمي ... أو يراني مدرجا في كفني وقد كتب أحمد بن مدبر بخطه في ظهر هذا الدفتر: أبا إسحاق إن تكن الليالي ... عطفن عليك بالخطب الجسيم فلم أر صرف هذا الدهر يجري ... بمكروه على غير الكريم ولإبراهيم بن العباس من التصانيف فيما ذكره محمد بن إسحاق النديم: كتاب ديوان رسائله. كتاب ديوان شعره. كتاب الدولة كبير. كتاب الطبيخ. كتاب العطر [2] . ومات إبراهيم بن العباس الصولي في سنة ثلاث وأربعين ومائتين في شعبان، وهو يتولى ديوان الضياع والنفقات بسامرّا.   [1] انظر نصوص ضائعة: 79. [2] ر: القطر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 86 - 17- إبراهيم بن عبد الله النجيرمي أبو إسحاق النحوي اللغوي : أخذ عنه أبو الحسين المهلبي وجنادة اللغوي الهروي وكثير من أهل العلم، وكان مقامه بمصر، قال أبو سعد السمعاني: النّجيرميّ نسبة إلى نجيرم، ويقال نجارم، وهي محلّة بالبصرة. قال المؤلف: لم يصب السمعانيّ في قوله، إلا أن يكون طائفة من أهل هذا الموضع أقاموا بموضع من محالّ البصرة فنسب إليهم، ونجيرم قرية كبيرة على ساحل بحر فارس بينها وبين سراف نحو خمسة عشر فرسخا، رأيتها، يسمونها أهلها والنجار نيرم فيسقطون الجيم تخفيفا أو تخلفا، وليس مثلها يحتمل أن يكون لأهلها محلة بالبصرة، وهم فرس من فرس الحال [1] أكثر أكلهم النبق والسمك. حدثني بعض أهل مصر عند كوني بها في سنة اثنتي عشرة وستمائة قال: حدثت أن الفضل بن عباس [2] دخل على كافور الإخشيدي فقال له: أدام الله أيام سيدنا الأستاذ، فخفض الأيام، فتبسم كافور إلى أبي إسحاق النجيرمي، فقال أبو إسحاق [3] : لا غرو أن لحن الداعي لسيدنا ... وغصّ من هيبة بالريق والبهر فمثل سيدنا حالت مهابته ... بين البليغ وبين القول بالحصر فان يكن خفض الأيام عن دهش ... من شدّة الخوف لا من قلّة البصر فقد تفاءلت في هذا لسيدنا ... والفأل نأثره عن سيّد البشر بأن أيامه خفض بلا نصب ... وأن دولته صفو بلا كدر   [17]- ترجمة النجيرمي في إنباه الرواة 1: 170 والوافي 6: 34 وبغية الوعاة 1: 414 والنجوم الزاهرة 4: 3 وأورد له ابن سعيد في المغرب (قسم مصر: 167) رسالة طويلة كتبها عن الاخشيد إلى ملك الروم، وأعجب بها فنسخ منها عدة نسخ بعث بها إلى البصرة، كما أورد له الحصري في زهر الآداب: 617- 619 رسالة في وصف القلم، وانظر المقفى 1: 239. [1] كذا، ولعل الصواب: من فقيري الحال. [2] في بعض المصادر: عياش. [3] وردت الأبيات أيضا في زهر الآداب: 619 والغيث الذي انسجم 1: 120 والمقفى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 87 قال فأمر له بثلاثمائة دينار ولابن عباس بمثلها، هكذا أخبرني المصري في خبر هذا الشعر وأنه لأبي إسحاق النّجيرمي [1] . ووجدت في أخبار رواها أبو الجوائز الواسطي قال، حدثني أبو الحسين ابن أذين النحوي، وكان شيخا قد نيف على الثمانين في سنة أربعمائة، قال: حضرت مع والدي وأنا طفل مجلس كافور الاخشيدي وهو غاصّ بأهله، فدخل رجل غريب فسلّم ودعا له، وذكر القصة ولم يذكر الفضل بن عباس، قال: فقام رجل فأنشد- ولم يذكر النجيرمي- وأنشد الشعر بعينه وجهل الرجلين. قرأت في كتاب من إملاء النّجيرمي، قال كاتبه: أنشدني أبو إسحاق وهي له: بدّلني الدهر أميرا معورا ... بسيّد كان خضمّا كوثرا [2] إذا شممت كفّه مذ أمّرا ... شممت منها غمرا مقتّرا [3] بما أشمّ مسكا وعنبرا ... يا بدلا كان لفاء أعورا [4] وأنشدهم أيضا لنفسه: وأيّ فتى صبر على الأين والوجى ... إذا اعتصروا للّوح ماء فظاظها [5] إذا ضربوها ساعة بدمائها ... وحلّ عن الكوماء عقد شظاظها [6]   [1] جاء في (ر) بعد حكاية اللحن هذه ما نصه: قال كاتبه عفا الله عنه: كتب أبو الفتح اسحاق بن أبي البركات بن الشويخ رأس مثيبة اليهود في زمن المستعصم بالله إلى تاج الدين معلى بن الدباهي، وهو يومئذ صدر المخزن رقعة تتضمن سؤالا لبعض يهود حربى فكتب على رأسها: «يجاب سؤال رافعوها» فلما وقف على هذا اللحن كتب إليه من نظمه: قد كان همكم في جبر منكسر ... أو رفد مفتقر أو بسط منقبض حذا يراعكم في الفعل مثلكم ... فليس ينكر منه رفع منخفض توفي سنة خمس وأربعين وستمائة. [2] المعور: الناقص؛ الكوثر: الرجل الكثير العطاء. [3] الغمر: السهك وريح اللحم؛ مقتر: ساطع الرائحة. [4] اللفاء: الخسيس؛ وفي المثل «بدل أعور» يضرب في المذموم يجيء بعد المحمود، انظر فصل المقال: 183 ومجمع الميداني 1: 59. [5] الأين: التعب؛ الوجى: الألم الناشىء عن الحفاء؛ اللوح: العطش: الفظاظ: الكروش. [6] الكوماء: الناقة ذات السنام المرتفع؛ الشظاظ: العود الذي يدخل في عروة الجوالق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 88 فانك ضحّاك إلى كلّ صاحب ... وأنطق من قسّ غداة عكاظها إذا اشتغب المولى مشاغب مغشم ... فعروة فيها آخذ بكظاظها [1] - 18- إبراهيم بن عبد الله الغزال اللغوي : لا أعرف من حال شيئا إلا أن السلفي قال: أنشدني أبو القاسم الحسن بن الفتح بن حمزة بن الفتح الهمذاني قال: أنشدني إبراهيم بن عبد الله الغزال اللغوي لنفسه وكان يتبجّح بهما: والبرق في الديجور أهطل مزنة ... أبدت نباتا أرضها كالزّرنب [2] فوجدت بحرا فيه نار فوقه ... غيم يرى فيه بليل غيهب - 19- إبراهيم بن عبد الرحيم العروضي حكى عنه أبو العباس أحمد بن محمد النامي في «كتاب القوافي» فهو من طبقة ابن درستويه وعلي بن سليمان الأخفش. - 20- إبراهيم بن عثمان أبو القاسم ابن الوزان القيرواني النحوي : كان فقيها   [18]- ترجمته في الوافي 6: 35 (عن ياقوت) وإنباه الرواة 1: 154 وبغية الوعاة 1: 416 ولم ترد في المختصر. [19]- الوافي 6: 46 (عن ياقوت) وبغية الوعاة 1: 418 (كذلك) ولم ترد في المختصر. [20]- ترجمة ابن الوزان في طبقات الزبيدي: 247- 249 وإنباه الرواة 1: 172 والديباج المذهب 1: 278 والوافي 6: 50 والشذرات 2: 372 وبغية الوعاة 1: 419 وروضات الجنات 1: 162 ولم ترد في المختصر. [1] المغشم: الذي يركب رأسه لا يثنيه شيء، عروة: اسم الممدوح؛ آخذ بكظاظها: أي هو من يلازم خصمه ويلجمه عن مشاغبه. [2] الزرنب: الزعفران. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 89 على مذهب العراقيين وإماما في النحو واللغة والعربية والعروض غير مدافع، مع قلّة ادّعاء وخفض جناح. وكان عبد الله بن محمد المكفوف [1] يقرّ له بالفضل، وانتهى من العلم إلى ما لعله لم يبلغه أحد قبله، وأما في زمانه فلا يشك فيه. مات سنة ست وأربعين وثلاثمائة، وكان يحفظ [2] «كتاب العين» للخليل بن أحمد و «غريب المصنف» لأبي عبيد و «إصلاح المنطق» لابن السكيت، وغيرها من كتب اللغة؛ وحفظ قبل ذلك «كتاب سيبويه» ثم كتب الفراء، وكان يميل إلى مذهب البصريين مع إتقانه معرفة مذاهب الكوفيين؛ قال: ولو قال قائل إنه كان أعلم من المبرد وثعلب لصدّقه من وقف على علمه ونفاذه، وكان مع ذلك مقصرا في صناعة الشعر، وله تصانيف كثيرة في النحو واللغة. - 21- إبراهيم بن علي أبو إسحاق الفارسي النحوي : من تلاميذ أبي علي الفارسي، وله كتاب «شرح الجرمي» معروف متداول بأيدي الناس. ذكره الثعالبي [3] في البخاريين وقال: هو من الأعيان في علم اللغة والنحو، ورد بخارى في أيام السامانية فأجلّ وبجّل ودرس عليه أبناء الرؤساء والكتّاب بها وأخذوا عنه، وولي التصفّح في ديوان الرسائل، ولم يزل يليه إلى أن استأثر الله به. وله شعر لم يقع إليّ منه إلا قوله في بعض الرؤساء بالحضرة يستهدي منه جبّة خزّ بيضاء غير لبيس من قصيدة: وأعن على برد الشتاء بجبة ... تذر الشتاء مقيّدا مسجونا   [21]- ترجمته في إنباه الرواة 1: 171 والوافي 6: 58 وبغية الوعاة 1: 420. [1] ذكر الزبيدي (وعنه القفطي) أن أبا محمد عبد الله بن محمد الأموي كان إذا وردت عليه مسائل من النحو سأله عنها. [2] من هنا حتى آخر الترجمة ورد في المختصر في ترجمة الزجاج. [3] يتيمة الدهر 4: 150. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 90 سوسية بيضاء يترك لونها ... ألوان حسّادي شواحب جونا عذراء لم تلبس فكفّك في العلا ... تؤتي عذراها وتأبى العونا تسبي ببهجتها عيونا لم تزل ... تسبي قلوبا في الهوى وعيونا مثل القلوب من العداة حرارة ... مثل الخدود من الكواعب لينا قال أبو حيان في «كتاب الوزيرين» [1] وقد ذكر ابن العميد- فقال: وقد اجتاز به أبو إسحاق الفارسّي، وكان من غلمان أبي سعيد السيرافي، وكان قيّما بالكتاب وقريض الشعر وصنّف وأملى وشرح وتكلّم في العروض والقوافي والمعاني وناقض المتنبي وحفظ الطمّ والرمّ فما زوّده درهما ولا تفقده برغيف بعد أن أذن له حتى حضره وسمع كلامه وعرف فضله واستبان سعيه. - 22- إبراهيم بن عقيل بن جيش بن محمد بن سعيد أبو إسحاق القرشي المعروف بابن المكبري النحوي الدمشقي: مات فيما ذكره ابن عساكر في تاريخ دمشق في سنة أربع وسبعين وأربعمائة ودفن بالباب الصغير، وذكر أنه حدث عن أبي الحسن علي بن أحمد بن محمد الشرابي النحوي، وروى عنه أبو بكر أحمد بن ثابت الخطيب وأبو محمد ابن الأكفاني، قال الخطيب: وكان صدوقا، قال ابن عساكر: وفي قوله نظر. قال: وذكره الخطيب في كتابه الذي سماه «تلخيص المتشابه» [2] قيده كما كتبناه في أول الترجمة. قال ابن عساكر: وكان أبو إسحاق يذكر أن عنده تعليقة أبي الأسود   [22]- ترجمته في مصورة ابن عساكر 2: 470 وتهذيبه 2: 231 والوافي 6: 56 وبغية الوعاة 1: 419 ولم ترد في المختصر. [1] أخلاق الوزيرين: 352. [2] هو تلخيص المتشابه في الرسم وحماية ما أشكل منه عن بوادر التصحيف والوهم؛ وإنما ذكره فيه بسبب ضبط عقيل بفتح العين أو بضمها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 91 الدؤلي التي ألقاها إليه علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، وكان كثيرا ما يعد بها أصحابه، لا سيما أصحاب الحديث ولا يفي إلى أن كتبها عنه بعض تلاميذه الذين يقرأون عليه [1] وإذا به قد ركّب عليها إسنادا لا حقيقة له [2] اعتبر فوجد موضوعا مركبا، بعض رجاله أقدم ممن روى عنه ولم يكن الخطيب علم بذلك ولا وقف عليه فلذلك وثقه، قال: وهذه التعليقة فهي في أمالي أبي القاسم عبد الرحمن بن إسحاق الزجاجي [3] النحوي نحو من عشرة أسطر، فجعلها هذا الشيخ إبراهيم قريبا من عشرة أوراق. وله كتاب في النحو رأيته قدر «اللمع» وقد أجاد فيه. - 23- إبراهيم بن الفضل الهاشمي اللغوي : قال الحاكم في «تاريخ نيسابور» : أبو إسحاق الأديب اللغوي أقام بنيسابور سنة خمس وسبعين وثلاثمائة وسمعته يذكر سماعه من أبي محمد ابن صاعد وأقرانه، وسمعته يقول، سمعت أبا بكر ابن دريد ينشد لنفسه [4] : ودّعته حين لا تودّعه ... نفسي ولكنها تسير معه ثم افترقنا وفي القلوب له ... ضيق مكان وفي الدموع سعه   [23]- ترجمته في إنباه الرواة 1: 174 والوافي 6: 91 وبغية الوعاة 1: 422. [1] في ابن عساكر: دفعها إليّ الخطيب الشيخ الفقيه أبو العباس أحمد بن منصور المالكي رحمه الله وكان كتبها عنه وحملها إلى المعروف برزين الدولة المصمودي. [2] أورد ابن عساكر هذا الإسناد. [3] سقطت من الأمالي والحقها المحقق (ص 238) نقلا عن الاشباه والنظائر للسيوطي. [4] ديوانه (صنعة ابن سالم) : 39 (عن ياقوت) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 92 - 24- إبراهيم بن قطن المهري القيرواني ، أخو أبي الوليد عبد الملك المذكور في بابه [1] : ذكره الزبيدي في كتابه وقال: قرأ إبراهيم النحو قبل أخيه أبي الوليد، وكان سبب طلب أبي الوليد النحو أن أخاه إبراهيم رآه يوما وقد مدّ يده إلى بعض كتبه يقلبها، فأخذ أبو الوليد كتابا منها ينظر فيه فجذبه من يده وقال له: مالك ولهذا وأسمعه كلاما، فغضب أبو الوليد لما قابله به أخوه، وأخذ في طلب العلم حتى علا عليه وعلى أهل زمانه كلّهم واشتهر ذكره وسما قدره، فليس أحد يجهل أمره، ولا يعرف إبراهيم إلا القليل من الناس. وكان إبراهيم يرى رأي الخوارج الاباضية. - 25- إبراهيم بن ماهويه الفارسي : رجل أديب لا أعرف من حاله الا ما ذكره المسعودي فقال [2] : له كتاب عارض فيه المبرد في كتابه الملقب ب «الكامل» . - 26- إبراهيم بن محمد بن أبي حصن الحارث بن أسماء بن خارجة بن حصن بن حذيفة بن بدر الفزاري أبو إسحاق: كوفي الأصل نزل ثغر المصيصة حتى مات به في عدة روايات ذكرها ابن عساكر في «تاريخ دمشق» أصحّها أنه مات سنة ثمان وثمانين   [24]- ترجمة ابن قطن المهري في طبقات الزبيدي: 229 وإنباه الرواة 1: 175 والوافي 6: 94 وبغية الوعاة 1: 423 ولم ترد في المختصر. [25]- الوافي 6: 100 (نقلا عن ياقوت) ولم ترد الترجمة في المختصر. [26]- ترجمة أبي اسحاق الفزاري في طبقات ابن سعد 7: 488 ومصورة ابن عساكر 2: 498 وتهذيبه 2: 255 وسير الذهبي 8: 473 وتذكرة الحفاظ للذهبي: 273 والوافي 6: 104 وتهذيب التهذيب 1: 151 وقد وجدت قطعة من كتابه «السير» نشرت بتحقيق الدكتور فاروق حمادة، (بيروت 1987) فانظر مقدمة المحقق. [1] عبد الملك بن قطن سقطت ترجمته وجعلتها في الملحق. [2] مروج الذهب 1: 16. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 93 ومائة، وقد روي أنه مات سنة ست وقيل سنة خمس وثمانين. وكان خيّرا فاضلا ورعا صاحب سنّة وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر، وله فضائل جمة نذكر منها في هذا الكتاب ما انتخبناه من كتاب دمشق، وكان أبو إسحاق مع ما اشتهر من فضله كثير الغلط وله «كتاب السير» في الأخبار والأحداث، رواه عنه أبو عمرو ومعاوية بن عمرو الرومي، وتوفي أبو عمرو هذا ببغداد سنة خمس عشرة وثلاثمائة. قال ابن عساكر: أبو إسحاق أحد أئمة المسلمين وأعلام الدين روى عن الأعمش وسليمان البتي [1] وأبي إسحاق سليمان بن فيروز الشيباني وعبد الملك بن عمير وعطاء بن السائب ويحيى بن سعيد الأنصاري وموسى بن عقبة وهشام بن عروة وحميد الطويل وسفيان الثوري، وذكر خلقا كثيرا. وروى عنه سفيان الثوري وأبو عمرو عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي وهما أكبر منه، وذكر خلقا رووا عنه. وحدث فيما رفعه إلى رباح بن الفرج الدمشقي قال، سمعت أبا مسهر يقول: قدم علينا إبراهيم بن الفزاريّ فاجتمع الناس يسمعون منه، فقال لي: اخرج إلى الناس فقل لهم من [كان] يرى رأي القدرية فلا يحضر مجلسنا، ومن كان يأتي السلطان فلا يحضر مجلسنا، قال: فخرجت فأخبرت الناس. قال وقال عبد الرحمن النسائي [2] : أبو إسحاق الفزاري ثقة مأمون أحد الأئمة، وكان يكون بالشام، روى عنه ابن المبارك. وحدّث الاوزاعي بحديث فقال رجل: من حدثك يا أبا عمرو؟ فقال: حدثني الصادق المصدّق [3] أبو إسحاق إبراهيم الفزاري. وحدث فيما رفعه إلى أبي صالح محبوب بن موسى الفراء قال: سألت ابن عيينة قلت: حديث سمعت أبا إسحاق رواه عنك أحببت أن أسمعه منك، فغضب عليّ فانتهرني وقال: لا يقنعك أن تسمعه من أبي إسحاق؟ والله ما رأيت أحدا أقدّمه على أبي إسحاق. وقال أبو صالح أيضا [4] : ولقيت الفضيل بن عياض فعزّاني بأبي   [1] ابن عساكر: وسليمان التيمي. [2] ابن عساكر: 499. [3] ابن عساكر: الصدوق (وقد تقرأ: المصدوق) . [4] ابن عساكر: 501 (500) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 94 إسحاق وقال لي: والله لربما اشتقت إلى المصيصة ما بي فضل الرباط إلا لأرى أبا إسحاق. وحدث فيما رفعه إلى أبي مسلم صالح بن أحمد العجلي عن أبيه قال: أبو إسحاق الفزاري كوفي اسمه إبراهيم بن محمد نزل الثغر بالمصيصة، وكان ثقة رجلا صالحا صاحب سنة، وهو الذي أدّب أهل الثغر وعلّمهم السنة، وكان يأمر وينهى، وإذا دخل الثغر رجل مبتدع أخرجه، وكان كثير الحديث، وكان له فقه، أمر سلطانا يوما ونهاه فضربه مائتي سوط، وتكلم فيه [1] . وسئل عنه يحيى بن معين فقال: ثقة ثقة. قال أبو صالح الحسين بن محمد بن موسى الفراء، سمعت علي بن بكار يقول [2] لقيت الرجال الذين لقيهم أبو إسحاق ابن عون وغيرهم والله ما رأيت فيهم أفقه منه. قال أبو صالح، قال عطاء الخفاف [3] : كنت عند الأوزاعي فأراد أن يكتب إلى أبي إسحاق، فقال للكاتب: اكتب إليه وابدأ به فإنه والله خير مني، قال: وكنت عند الثوريّ فأراد أن يكتب إلى أبي إسحاق فقال للكاتب: أكتب إليه فابدأ به فإنه والله خير مني. وحدث فيما رفعه إلى إسماعيل بن إبراهيم قال [4] : أخذ الرشيد زنديقا فأمر بضرب عنقه، فقال له الزنديق: لم تضرب عنقي يا أمير المؤمنين؟ قال: أريح الناس منك، قال: فأين أنت من ألف حديث وضعتها على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما فيها حرف نطق به رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فأين أنت يا عدوّ الله من أبي إسحاق الفزاري وعبد الله بن المبارك ينخلانها نخلا فيخرجانها حرفا حرفا. وحدث فيما رفعه إلى عبد الرحمن بن مهدي قال [5] : كان الأوزاعيّ والفزاريّ إمامين في السنّة، إذا رأيت الشاميّ يذكر الأوزاعي والفزاريّ فاطمئن إليه، كان هؤلاء الأئمة في السنة. وحدث أبو علي الروذباري [6] : كان أربعة في زمانهم: واحد كان لا يقبل من   [1] ابن عساكر: فغضب له الأوزاعي فتكلم في أمره. [2] ابن عساكر: 500. [3] ابن عساكر: 500. [4] ابن عساكر: 501. [5] ابن عساكر: 502. [6] المصدر السابق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 95 السلطان ولا من الإخوان، يوسف بن أسباط، ورث سبعين ألف درهم لم يأخذ منها شيئا وكان يعمل الخوص بيده. وآخر كان يقبل من الإخوان والسلطان جميعا أبو إسحاق الفزاريّ، فكان ما يأخذه من الإخوان ينفقه في المستورين الذين لا يتحركون، والذي يأخذه من السلطان ينفقه [1] في أهل طرسوس. والثالث كان يأخذ من الاخوان ولا يأخذ من السلطان وهو عبد الله بن المبارك يأخذ من الإخوان ويكافىء عليه. والرابع كان يأخذ من السلطان ولا يأخذ من الاخوان وهو مخلد بن الحسين، كان يقول: السلطان لا يمنّ والاخوان يمنّون. وحدث ابن عساكر فيما رفعه إلى الأصمعي قال [2] : كنت جالسا بين يدي هارون الرشيد أنشده شعرا، وأبو يوسف القاضي جالس على يساره، فدخل الفضل بن الربيع فقال: بالباب أبو إسحاق الفزاري، فقال: أدخله، فلما دخل قال: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، فقال له الرشيد: لا سلّم الله عليك ولا قرّب دارك ولا حيا مزارك، قال: لم يا أمير المؤمنين؟ قال: أنت الذي تحرّم السواد؟ فقال: يا أمير المؤمنين من أخبرك بهذا؟ لعل هذا أخبرك- وأشار إلى أبي يوسف وذكر كلمة- والله يا أمير المؤمنين لقد خرج إبراهيم على جدك المنصور فخرج أخي معه، وعزمت على الغزو فأتيت أبا حنيفة فذكرت له ذلك فقال لي: مخرج أخيك أحبّ إليّ مما عزمت عليه من الغزو، وو الله ما حرّمت السواد، فقال الرشيد: فسلّم الله عليك وقرّب دارك وحيّا مزارك، اجلس أبا إسحاق، يا مسرور ثلاثة آلاف دينار لأبي إسحاق، فأتي بها فوضعت في يده وانصرف بها، فلقيه ابن المبارك فقال له: من أين أقبلت؟ قال: من عند أمير المؤمنين وقد أعطاني هذه الدنانير وأنا عنها غنيّ، قال: فإن كان في نفسك منها شيء تصدّق بها، فما خرج من سوق الرافقة حتى تصدّق بها كلها. وفضائل أبي إسحاق كثيرة اختصرت منها حسب ما شرطت من الإيجاز من «تاريخ دمشق» لابن عساكر.   [1] ابن عساكر: كان يخرجه إلى. [2] ابن عساكر 2: 502- 503. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 96 - 27- إبراهيم بن محمد بن سعدان بن المبارك النحوي : أحد من كتب وصحّح، ونظر وحقّق، وروى وصدق، وقد صنّف كتبا حسنة منها كتاب الخيل، لطيف. كتاب حروف القرآن. وأبوه محمد بن سعدان المكفوف أحد أعيان أهل العلم من القراء وله باب يذكر فيه. - 28- إبراهيم بن القاسم الكاتب : يعرف بالرقيق القيرواني، والرقيق لقب له، رجل فاضل أديب له تصانيف كثيرة في علم الأخبار ومنها كتاب تاريخ أفريقية والمغرب، عدة مجلدات. وكتاب النساء، كبير. وكتاب الراح والارتياح. وكتاب نظم السلوك في مسامرة الملوك أربع مجلدات. وكتاب الاختصار البارع للتاريخ الجامع، عشر مجلدات. وكان في سنة تسعين وثلاثمائة. وذكره ابن رشيق فقال: هو شاعر سهل الكلام محكمه، لطيف الطبع قويه، تلوح الكتابة على ألفاظه، قليل صنعة الشعر، غلب عليه اسم الكتابة وعلم التاريخ وتأليف الأخبار، وهو بذلك أحذق الناس. وكاتب الحضرة منذ نيّف وعشرين سنة إلى   [27]- ترجمته في إنباه الرواة 1: 185 والفهرست: 87 وبغية الوعاة 1: 426 ولم ترد في المختصر وتأتي ترجمة أبيه رقم: 1050. [28]- ترجمة الرقيق في الوافي 6: 92 (وضبط اسمه بأنه بقافين بينهما ياء آخر الحروف فعيل من الرقة) والفوات 1: 41 ومسالك الابصار 11: 333 وفيه نقل عن الأنموذج لابن رشيق (أنموذج الزمان: 55) والمقفى 1: 256. ومقدمة قطب السرور (القسم الثاني) بتحقيق أحمد الجندي، دمشق 1969 ومقدمة المختار منه، تحقيق عبد الحفيظ منصور 1976 ومقدمة قطعة من كتابه تاريخ المغرب والأندلس، تحقيق المنجي الكعبي، وهذه القطعة أعاد تحقيقها عز الدين عمر موسى وعبد الله الزيدان، دار الغرب الاسلامي، بيروت 1990. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 97 الآن. ومن شعره جوابا عن أبيات كتبها إليه عمار بن جميل [1] وقد انقطع عن مجالس الشراب [2] : قريض كابتسام الرّو ... ض جمّشه نسيم صبا كعقد من جمان الطلّ منظوم وما ثقبا ... ومنثور كنثر الد رّ من أسلاكه انسربا ... فأهدى نشر زهرته فتيت المسك منتهبا ... إذا أثماره جنيت جنيت العلم والأدبا ... بهزل حين ينشده كأنك منتش طربا ... حباك به أخ يرعى من العهد الذي وجبا ... صديق مثل صفو الما ء بالصهباء قد قطبا ... كنزت مودة منه كفت أن أكنز الذهبا ... إذا عدّ امرؤ حسبا فحسبي ذكره نسبا ... ألذّ من الحياة لد يّ لكن قبله قلبا ... فهان عليه ما ألقى وظنّ تجلدي لعبا ... جفوت الراح عن سبب وكان لجفوتي سببا ... فصرت لوحدتي كلّا على الإخوان مجتنبا ... وذاك لتوبة أمّلت أن أقضي بها أربا فها أنا تائب منها ... فزرني تبصر العجبا وكان قدم مصر في سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة بهدية من نصير الدولة باديس بن زيري إلى الحاكم، فقال قصيدة يذكر فيها المناهل ثم قال [3] :   [1] عمار بن جميل: ترجم له ابن رثيق في الأنموذج: 305 وقال: كان متوسط الطبع، مرّ المذاق، شرس الأخلاق، يتشبه بمحمد بن عبد الملك الزيات. [2] الأبيات في الأنموذج: 55- 56. [3] القصيدة في الأنموذج: 57 (وتخريجها) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 98 إذا ما ابن شهر قد لبسنا شبابه ... بدا آخر من جانب الأفق يطلع إلى أن أقرّت جيزة النيل أعينا ... كما قرّ عينا ظاعن حين يرجع يقول فيها بعد مدح كثير ووصف جميل: هدية مأمون السريرة ناصح ... أمين إذا خان الأمين المضيّع وما مثل باديس ظهير خلافة ... إذا اختير يوما للظهيرة موضع نصير لها من دولة حاتمية ... إذا ناب خطب أو تفاقم مطمع حسام أمير المؤمنين وسهمه ... وسمّ ذعاف في أعاديه منقع قال: ومن مليح كلامه قوله من قصيدة [1] : إذا ارجحنّت بما تحوي مآزرها ... وخفّ من فوقها خصر ومنتطق ثنى الصّبا غصنا قد غازلته صبا ... على كثيب له من ديمة لثق للشمس ما سترت عنّا معاجرها ... وللغزال احورار العين والعنق مظلومة أن يقال البدر يشبهها ... والبدر يكسف أحيانا وينمحق يجلل المتن وحف من ذوائبها ... جبينها تحت داجي ليله فلق كأنها روضة زهراء حالية ... بنورها، ترتعي في حسنها الحدق وقال ومن أعجب ما سمعت قوله من قصيدة يمدح محمد بن أبي العرب [2] : أظالمة العينين لحظهما [3] سحر ... وإن ظلم الخدّان واهتضم الخصر أعوذ ببرد من ثناياك قد ثنى ... إليك قلوبا حشو أثنائها [4] جمر لقد ضمنت [عيناك] أنّ ضمانتي ... ستبري عظامي بالنحول ولا تبرو وما أمّ ساجي الطرف خفّاقة الحشا ... أطاع لها الحوذان والسّلم النضر   [1] الأنموذج: 58. [2] محمد بن أبي العرب الكاتب عمل على أفريقية أيام المنصور الصنهاجي وتوفي سنة 396 (الكامل في التاريخ 9: 90، 152) وانظر الأبيات في الأنموذج: 59. [3] في م: يخلطها. [4] المسالك: أثوابها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 99 إذا ما دعاها نصّت الجيد نحوه ... أغنّ قصير الخطو في لحظه [1] فتر بأملح منها ناظرا ومقلّدا ... ولكن عداني عن تقنّصها الهجر يقول في مديحها: تصبّاه أبكار العلا ليس أنها ... منعمة هيفاء أو غادة بكر يخال بأن العرض غير موفّر ... عن الذمّ إلا أن يدال له الوفر يقول فيها يصف بلاغته وكتابته: يوشّح ديباج البلاغة أحرفا ... يكاد يري روضا يوشّحه الزهر ويفصح لفظا خطّها من فصاحة ... ويشرق من تحبير ألفاظها الحبر يصيب عيون المشكلات بديهه ... ويبدي له أعقاب ما غيّب الفكر ثم ذكر الممدوح فقال: وملمومة شهباء يسعى أمامها ... شهاب عزيم من طلائعه الذعر يزجّي بنات الأعوجية شزّبا ... عليها بنو الهيجا دروعهم الصبر أسود وغى تحت العجاجة غابها ... سريجّية بيض وخطّية سمر صبحت بها دهماء قوم أرتهم ... وجوه الردى حمرا خوافقها الصّفر قال: ومثل هذه القصيدة في الجودة قصيدة طويلة تشوق فيها إخوانه بمصر، وهي [2] : هل الريح إن سارت مشرّقة تسري ... تؤدّي تحياتي إلى ساكني مصر فما خطرت إلّا بكيت صبابة ... وحمّلتها ما ضاق عن حمله صدري تراني [3] إذا هبّت قبولا بنشرهم ... شممت نسيم المسك في ذلك النشر وما أنس من شيء خلا العهد دونه ... فليس بخال من ضميري ولا فكري ليال أنسناها [4] على غرّة الصّبا ... فطابت لنا إذ وافقت غرّة الدهر   [1] المسالك: عظمه. [2] وردت هذه القصيدة في المسالك وخطط المقريزي 1: 370 وانظر الأنموذج: 61. [3] ر: لأني. [4] المسالك: لبسناها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 100 لعمري لئن كانت قصارا أعدّها ... فلست بمعتدّ سواها من العمر أخادع دهري أن يعود بفرصة ... فينقذ روح الوصل من راحة الهجر وترجع أيام خلت بمعاهد ... من اللهو لا تنفكّ مني على ذكر فكم لي بالأهرام أو دير نهية ... مصايد غزلان المكانس [1] والقفر إلى الجيزة الدنيا وما قد تضمّنت ... جزيرتها ذات المواخير والجسر وبالمقس فالبستان للعين منظر ... أنيق إلى شاطي الخليج إلى القصر وفي سردوس [2] مستراد وملعب ... إلى دير مر حنّا إلى ساحل البحر وكم بين بستان الأمير وقصره ... إلى البركة الزهراء من زهر نضر تراها كمرآة بدت في رفارف ... من السندس الموشيّ ينشر للتّجر وكم بتّ في دير القصير [4] مواصلا ... نهاري بليلي لا أفيق من السكر تباكرني بالراح بكر غريرة ... إذا هتف الناقوس في غرة الفجر مسيحية خوطّية كلما انثنت ... تشكّت أذى الزنّار من دقة الخصر وكم ليلة لي بالقرافة خلتها ... لما نلت من لذاتها ليلة القدر سقى الله صوب القطر تلك مغانيا ... وإن غنيت بالنيل عن سبل القطر وله أيضا في الغزل [5] : ريم إذا ما معاريض المنى خطرت ... أجلّه المتمنّي عن تمنّيه يا إخوتي أأقاحي فيه أقبل لي ... أم خطّ راءين من مسك [6] على فيه أم حسن ذاك التراخي في تكلّمه ... أم حسن ذاك التهادي في تثنيه   [1] دير نهيا: بالجيزة قرب القاهرة؛ وفي م: المكابد. [2] سردوس: أحد فروع النيل. [3] دير مرحنا: كان يقع على شاطىء بركة الحبش. [4] دير القصير: كان قريبا من القاهرة. [5] قارن بالفوات 6: 93 والأنموذج: 63. [6] المختصر (ر) : أم خط آس على مسك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 101 أم سخطه أم رضاه أم تجنّيه ... أم عطفه أم نواه أم تدانيه نفسي فداؤك ما لي عنك مصطبر ... يا قاتلي كلّ معنى من معانيه وقال يرثي [1] : وهوّن ما ألقى وليس بهيّن ... بأن المنايا للنفوس بمرصد وأني وإن لم ألقك اليوم رائحا ... لصرف رزاياها لقيتك في غد فلا يبعدنك الله ميتا بقفرة ... معفّر خدّ في الثرى لم يوسّد تردّى نجيعا حين بزّت ثيابه ... كأنّ على أعطافه فضل مجسد مضاء سنان في سنان مذلّق ... وفتك حسام في حسام مهند - 29- إبراهيم بن محمد بن عبيد الله بن المدبر أبو إسحاق : الكاتب الأديب الفاضل، الشاعر الجواد المترسل، صاحب النظم الرائق والنثر الفائق، تولى الولايات الجليلة، ثم وزر للمعتمد على الله لما خرج من سرّ من رأى يريد مصر، ومات في سنة تسع وسبعين ومائتين وهو يتقلد للمعتضد ديوان الضياع ببغداد. وأصلهم من دستميسان، وكان يدّعي أنه من ضبّة. وأخوه أحمد [2] من جلة [الكتاب] وأفاضلهم وكرامهم، وحسدته الكتاب على منزلته من السلطان فأغروه به حتى أخرجه إلى دمشق متوليا عليها وناظرا في تحصيل أموالها، وقتله ابن طولون في أمر قد ذكرته في كتابي التاريخ.   [29]- تجد بعض أخبار ابن المدبر في تاريخ الطبري (صفحات متفرقة) ، وفي علاقاته بشعراء عصره، يمكن مراجعة ديوان البحتري وديوان ابن الرومي، وله أخبار منثورة في كتب الأدب، انظر نشوار المحاضرة 1: 270- 273 وله ترجمة في المقفى 1: 309. [1] انظر المسالك والأنموذج: 63. [2] تجد أخبارا لأحمد بن المدبر في وفيات الأعيان 7: 56 وخطط المقريزي 1: 314 والمغرب (قسم مصر) 123 وصفحات أخرى والنجوم الزاهرة 3: 43. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 102 وإبراهيم بن المدبر هو القائل في إبراهيم بن العباس الصولي يهجوه: عزل الطويل عن الأزمّه ... لا ردّه ربّي بذمّه إن كان طال فإنه ... من أقصر الثقلين همّه هب كنت صولا نفسه ... من كان صول ناك أمّه ومن شعره أيضا [1] : يا كاشف الكرب بعد شدته ... ومنزل الغيث بعد ما قنطوا لا تبل قلبي بشحط بينهم ... فالموت دان إذا هم شحطوا من «كتاب نظم الجمان» للمنذري، قال العطوي الشاعر: أتيت إبراهيم بن المدبر فاستأذنت عليه فلم يأذن لي حاجبه، فأخذت ورقة وكتبت فيها: أتيتك مشتاقا فلم أر جالسا ... ولا ناظرا إلّا بوجه قطوب كأني غريم مقتض أو كأنني ... نهوض حبيب أو حضور رقيب فسألت الحاجب حتى أوصلها إليه، فلما قرأها قال: ويحك أدخل عليّ هذا الرجل، فدخلت فأكرمني وقضى حوائجي. قال أبو علي [2] : سمعت أبا محمد المهلبي يتحدث وهو وزير في مجلس أنس أن رجلا كان ينادم بعض الكتاب الظراف، وأحسبه قال ابن المدبر، قال: كنت عنده ذات يوم فرجع غلام له أنفذه في شيء لا أدري ما هو، فقال له رب الدار: ما صنعت؟ فقال: ذهبت ولم يكن فقام ليجيء فجاء فلم يجىء فجئت، قال: فتبينت في ربّ الدار تغيّرا وهمّا، ولم يقل للغلام شيئا، فعجبت من ذلك، ثم أخذ بيدي وقال: قد ضيّق صدري ما جاء به هذا الغلام فقم حتى ندور في البستان الذي في دارنا ونتفرج فلعله يخفّ ما بي، فقلت: والله لقد توهمت أن صدرك قد ضاق بانقلاب كلام الغلام عليك، فأما وقد فهمته فهو ظريف، فقال: إن هذا الغلام من أحصف وأظرف غلام يكون، وذاك أنني ممتحن بعشق غلام أمرد، وهو ابن نجاد في جيراننا، والغلام يساعدني عليه، وأبوه يغار عليه ويمنعه مني، فوجّهت بهذا الغلام   [1] المقفى 1: 312. [2] يعني- في الأرجح- ابن مقلة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 103 وقلت له: إن لم يكن أبوه هناك فقل له يصير إلينا، فرجع، فلما رآك عندي ورآني احتشمك ردّ هذا الجواب الظريف الذي سمعته، فقلت: أعده عليّ أنت لأفهمه، فقال: إنه يقول ذهبت إلى الغلام ولم يكن أبوه هناك، فقام الغلام ليجيء، فجاء أبوه فلم يجىء الغلام، فجئت أنا. فقلت له: هذا الغلام يجب أن يكون أخا أو صديقا لا غلاما. وقال مخلد بن علي الشامي الحوراني يهجو ابن المدبر: على أبوابه من كلّ وجه ... قصدت له أخو مرّ بن أدّ يعني ضبّة بن أد، يعني أبوابه مضببة باللؤم أو محكمة عن الخير، وكان ابن المدبّر ينسب إلى ضبة: أخو لخم أعارك منه ثوبا ... هنيئا بالقميص لك الأجدّ وأخو لخم يريد جذاما: أبوك أراد أمك حين زفّت ... فلم توجد لأمّك بنت سعد بنت سعد: يريد عذرة بن سعد بن هذيم القبيلة المعروفة. وزبد في الهجاء بغير دال ... أحبّ إليك من عسل بزبد رأيتك لا تحبّ الودّ إلا ... إذا ما كان من عصب وجلد أراني الله عرّك في الجعبّى ... وعينك عين بشار بن برد العر: الجرب، والجعبى الاست، وعين بشار يعني أعمى، لأن بشار بن برد كان أعمى. - 30- إبراهيم بن محمد بن سعيد بن هلال بن عاصم بن سعد بن مسعود بن عمرو بن عمير بن عوف بن عقدة بن غبرة بن عوف بن ثقيف الثقفي : أصله كوفي،   [30]- ترجمته في الوافي 6: 120 (عن ياقوت) ، وانظر فهرست الطوسي: 16 (كلكتا) 31 (بيروت) ولم ترد هذه الترجمة في المختصر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 104 وسعد بن مسعود هو أخو عبيد بن مسعود صاحب يوم الجسر في أيام عمر بن الخطاب مع الفرس، وسعد هو عمّ المختار بن أبي عبيد الثقفي، ولّاه علي كرّم الله وجهه المدائن وهو الذي لجأ اليه الحسن يوم ساباط. وكنية ابراهيم أبو إسحاق وكان جبارا من مشهوري الإمامية، ذكره أبو جعفر محمد بن الحسين الطوسي في «مصنفي الإمامية» وذكر أنه مات في سنة ثلاث وثمانين ومائتين، قال: وانتقل من الكوفة إلى أصفهان وأقام بها، وكان زيديا أوّلا وانتقل إلى القول بالإمامية. وله مصنفات كثيرة منها: كتاب المغازي. كتاب السقيفة. كتاب الردة. كتاب مقتل عثمان. كتاب الشورى. كتاب بيعة أمير المؤمنين. كتاب الجمل. كتاب صفين. كتاب الحكمين. كتاب النهر [1] . كتاب الغارات. كتاب مقتل أمير المؤمنين. كتاب رسائل أمير المؤمنين وأخباره وحروبه غير ما تقدم. كتاب قيام الحسن بن علي رضي الله عنهما. كتاب مقتل الحسين. كتاب التوابين وعين الوردة. كتاب أخبار المختار. كتاب فدك. كتاب الحجة في فعل [2] المكرمين. كتاب السرائر. كتاب المودة في ذوي القربى. كتاب المعرفة. كتاب الحوض والشفاعة. كتاب الجامع الكبير في الفقه. كتاب الجامع الصغير. كتاب ما نزل من القرآن في أمير المؤمنين. كتاب فضل الكوفة ومن نزلها من الصحابة. كتاب الإمامة كبير. كتاب الامامة صغير. كتاب المتعتين. كتاب الجنائز. كتاب الوصية. كتاب المبتدا. كتاب أخبار عمر. كتاب أخبار عثمان. كتاب الدار. كتاب الأحداث. كتاب الحروري. كتاب الاستيفاء والغارات [3] . كتاب السير. كتاب يزيد. كتاب ابن الزبير. كتاب التعبير [4] . كتاب التاريخ. كتاب الرؤيا. كتاب الأشربة الكبير والصغير. كتاب محمد وإبراهيم. كتاب من قتل من آل محمد. كتاب الخطب.   [1] الطوسي: النهروان [2] الطوسي: فضل (أو فعل) . [3] الطوسي: كتاب الجزور أو كتاب الاستفسار والغارات. [4] الطوسي: التفسير. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 105 - 31- إبراهيم بن محمد بن أحمد بن أبي عون ابن هلال أبي النجم الكاتب أبو إسحاق صاحب «كتاب التشبيهات» [1] : وكان من أصحاب أبي جعفر محمد بن علي الشلمغاني المعروف بابن أبي العزاقر وأحد ثقاته وممن كان يغلو في أمره ويدّعي أنه إلهه- تعالى الله عن ذلك. وكان ابن أبي العزاقر من أهل قرية من قرى واسط تعرف بشلمغان، وكان كاتبا ببغداد، ذكر ثابت [2] أنّ المحسّن بن الفرات كان له عناية به فاستخلفه ببغداد لجماعة من العمال بنواحي السلطان، وكانت صورته صورة الحلاج، وكان له قوم يدّعون أنه إلههم وأنّ روح الله عز وجل حلّ في آدم ثم في شيث ثم في واحد واحد من الأنبياء والأوصياء والأئمة حتى حلّ في الحسن بن علي العسكري، وأنه حل فيه. ووضع كتابا سماه الحاسة السادسة [3] ، وأباح الزنا والفجور، فظفر به الراضي بالله فقتله في سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة، وكان قد استغوى جماعة منهم ابن أبي عون صاحب «كتاب التشبيهات» وكانوا يبيحونه حرمهم وأموالهم يتحكم فيها، وكان يتعاطى الكيمياء، وله كتب معروفة. ولما أخذ ابن أبي العزاقر أخذ معه، فلما قتل ابن أبي العزاقر عرض على إبراهيم بن أبي عون أن يشتمه أو يبصق عليه، فأبى وأرعد وأظهر خوفا من ذلك للحين والشقاء، فقتل وألحق بصاحبه. وكان من أهل الأدب وتأليف الكتب، وكان ناقص العقل متهوّرا، قال ثابت: قيل إن أبا جعفر محمد بن علي الشلمغاني المعروف بابن أبي العزاقر ادّعى الربوبية فقتل هو   [31]- ترجمة ابن أبي عون في الفهرست: 164 (وانظر بعض خبر ابن ابي العزاقر ص: 225، 425) ومادة «الشلمغاني» في معجم البلدان وتاريخ ابن الأثير 8: 290 والانساب واللباب «الشلمغاني» وابن خلكان 2: 155- 157 (وفيه نقل عن ابن النجار في ترجمة ابن أبي عون) ومختصر أبي الفدا 2: 80 وقد ذكره المعري في رسالة الغفران: 455. [1] طبع بتحقيق صديقنا محمد عبد المعيد خان رحمه الله (كيمبردج 1950) . [2] يريد ثابت بن سنان الطبيب صاحب التاريخ الذي ما كتب كتاب في التاريخ أكثر مما كتب- كما يقول القفطي- وهو من سنة نيف وتسعين ومائتين وإلى حين وفاته سنة 363 وعليه ذيل ابن أخته هلال بن المحسن. [3] المختصر: الحاسة الساكنة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 106 وإبراهيم بن محمد بن أحمد بن أبي النجم المعروف بابن أبي عون صاحبه ضربا بالسوط، ثم ضربت أعناقهما وصلبا، ثم أحرقت جثتهما، وذلك يوم الثلاثاء لليلة خلت من ذي القعدة سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة، نقلته من خطه. وله من التصانيف: كتاب النواحي والبلدان. كتاب الجوابات المسكتة [1] . كتاب التشبيهات. كتاب بيت مال السرور. كتاب الدواوين. كتاب الرسائل. قال المرزباني [2] : أبو عون أحمد بن أبي النجم الكاتب الأنباري مولى لبني سليم، وأبو عون وعمّاه صالح وماجد ابنا أبي النجم شعراء كلهم، وماجد يكنى أبا الدميل، وأبو عون هو القائل في حاتم بن الفرج، وكان أبو شبل البرجمي الشاعر في قدمته سرّ من رأى نزل عليه، وكان أبو شبل أهتم، فقال فيه أبو عون [3] : لحاتم في بخله فطنة ... أدقّ حسّا من خطى النمل قد جعل الهتمان ضيفانه ... فصار في أمن من الأكل ليس على خبز امرىء ضيعة ... أكيله عصم أبو شبل [4] كم قدر ما تحمله كفّه ... إلى فم من سنّه عطل ضفحاتم الجود أخو طيء كان وهذا حاتم البخل وذكر أبو محمد عبد الله بن أحمد الفرغاني [قال] [5] وكان ابن أبي عون أحد القواد ممن قرّبه إليه أبو الهيثم العباس بن محمد بن ثوابة وأكسبه مالا، فلما قبض على أبي الهيثم صار ابن أبي عون عونا عليه مع أعدائه، وكان في من وكل بدار أبي   [1] تقوم بتحقيقه الدكتورة وداد القاضي، وما نشر منه لا يعدو أن يكون قطعة. [2] هذا النقل من معجم الشعراء، كما ذكر الصفدي في الوافي 8: 209- 210. [3] الأغاني 14: 192. [4] يعني عاصم بن وهب المكنىّ بأبي الشبل البرجمي، وهو شاعر عاصر المتوكل العباسي ومدحه (انظر ترجمته في الأغاني 14: 184- 201) . [5] هو المؤرخ الذي كتب صلة لتاريخ الطبري وكانت وفاته سنة 362 ثم إن ابنه أحمد كتب صلة لتاريخ أبيه، وتوفي الابن سنة 398. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 107 الهيثم، ولم يحسن إليه أبو الهيثم إلّا على بصيرة فيه بظلمه وفسقه فسلّطه الله عليه كما كان هو يسلّطه على الناس؛ قال ابن أبي عون: أظنّ أنّ أبا الهيثم كان يهوديا، قيل: وكيف ذلك؟ قال: لأني أخذت غلاما له ففسقت به في دبره وسكرت، وطلبت أمّ ولده لأفجر بها ولم أقدر عليها، ولو كان أبو الهيثم مسلما لغضب الله له. وهذا قول متمرّد على الله مستغرّ بإمهال الله تعالى له، ولم يهمله الله عز وجل ثم أخذه بسوء عمله. وكان ممن آمن بالحلّاج وآمن بربوبيته وأخذ مع من أخذ من أصحاب الحلاج وقتل شر قتلة؛ كذا قال «الحلاج» ، إنما هو ابن أبي العزاقر وإن كانت علّتهما واحدة. وقرأت بمرو رسالة كتبت من بغداد عن أمير المؤمنين الراضي رضي الله عنه إلى أبي الحسين نصر بن أحمد الساماني إلى خراسان بقتل العزاقري لخصت [منها] ما يتعلق بابن أبي عون، قال فيها بعد أن ذكر أول من أبدع مذهبا في الإسلام من الرافضة وأهل الأهواء «وآخر من أظفره الله منهم به: المقتدر بالله، رحمه الله، فانتقم من المعروف بالحلّاج وخبره أرفع وأشهر من أن يوصف ويذكر- وأراق دمه وأزال تمويهه وحسمه. ولما ورث أمير المؤمنين ميراث أوليائه، وأحلّه [الله] محلّ خلفائه، اقتدى بسنتهم، وجرى على شاكلتهم في كلّ أمر قاد إلى مصلحة ودفع ضرر، وعاد إلى الإسلام وأهله بمنفعة، وجعل الغرض الذي يرجو الإصابة بتيمّمه والمثوبة بتعمّده أن يتتبع هذه الطبقة من الكفار، ويطهّر الأرض من بقيتهم الفجار، فتبحّث عن أخبارهم، وأمر بتقصّي آثارهم، وأن ينهى إليه ما يصحّ من أمورهم، ويحصّل له من يظهر عليه من جمهورهم، فلم يبعد أن أحضر أبو علي محمد [1] وزير أمير المؤمنين رجلا يقال له محمد بن علي الشلمغاني، ويعرف بابن أبي العزاقر، فأعلم أمير المؤمنين أنه من غمار الناس وصغارهم، ووجوه الكفّار وكبارهم، وأنه قد استزلّ خلقا من المسلمين، واستركّ طوائف من العمهين، وأنّ الطلب قد كان لحقه في الأيام الخالية فلم يدرك، وأودعت المحابس قوما [ممن] ضلّ وأشرك فلما رفع حكمه عنه، وأذن في استنقاذ العباد منه واطّلع من أبي عليّ على صفاء نية ونقاء طويّة في ابتغاء   [1] يعني الوزير ابن مقلة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 108 الأجر وطلابه، ورضى الله عز وجل واكتسابه، والامتعاض من أن ينازع في الالهية، أو يضاهى في الربوبية، أنّسه بناحيته فاسترسل، وحبّبه بالمصير إلى حضرته فتعجّل، ففحص أمير المؤمنين عنه ووكل [إليه] همه، ففتش أمره تفتيش الحائط للمملكة، المحامي عن الحوزة، القائم بما فوّضه الله إليه من رعاية الأمة، ووقف أمير المؤمنين على أنه لم يزل يدخل على العقول من كلّ مدخل، ويتوصّل إلى ما فيها من كلّ متوصّل، ويعتزي إلى الملّة وهو لا يعتقدها، وينتمي إلى الخلّة وهو عار منها، ويدّعي العلوم الإلهية وهو عم عنها، ويتحقّق استخراج الحكم الغامضة وهو جاهل بها، ويتّسم بالقدرة على المعجزات وهو عاجز عن ممكن الأشياء ومتهيئها، وينتحل التقيّة في دين آل محمد وهو يضمر التبرؤ منها، ويشنأه ويسبّه صلى الله عليه وسلم ويعضهه، ترمق ظاهره العيون، فتنصرف عنه الظنون، إلى أن دلّ بالحيلة، والمكر والغيلة، على قوم من ذوي الجدة واليسار، والثروة والاحتكار، قد أترفهم النعيم فبطروا، وألهاهم فأشروا، ولجّجهم في بحار اللذة، فتولجوها على كلّ علة، والتمسوا في ذلك رخصة يجعلونها لأنفسهم عمدة وعصمة، وآخرين لا جدة عندهم ولا سعة، قد قويت شهواتهم، وضعفت حالاتهم، فهم يطلبون أقواتهم بالحقّ والباطل، ويخوضون في نيلها مع الجادّ والهازل، فأباحهم المحظورات، وأحلّ لهم المحرّمات، وامتطى لهم مركب الغرور، وتهوّر بهم غايات الأمور، ولم يدع فنّا من الفنون [المردية] ولا نوعا من الأنواع المخزية، إلّا فسح لهم فيه، وشحذ عزائمهم عليه، حتى ادّان له واتّبعه وأطاعه وشايعه خلق رين على قلوبهم فهم لا يفقهون، وضرب على آذانهم فهم لا يسمعون، وغطّي على أعينهم فهم لا يبصرون، وحيل بينهم وبين الرشد فهم لا يرعوون، وأنسوا التدبر والتفكر في خلق أنفسهم، والسماء التي تظلّهم، والأرض التي تقلّهم، فأصفقوا بأجمعهم على أنه خالقهم وربهم ورازقهم ومحييهم، يحلّ فيما شاء من الصور، ويحدث ما شاء من الغير، ويفعل ما يريد، ولا يعجزه قريب ولا بعيد، وادّعوا له الدعاوى الباطلة، وزعموا أنهم عاينوا منه الآيات المعضلة. واستظهر أمير المؤمنين بأن تقدم إلى أبي عليّ بمواقفة هذا اللعين على تمويهاته وقبائح تلبيساته لتكون إقامة أمير المؤمنين حدّ الله عليه بعد الإنعام في الاستبصار، وانكشاف الشّبهة فيه عن القلوب والأبصار، فتجرّد أبو علي في ذلك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 109 وتشمّر، وبلغ منه وما قصّر، وانثال عليه كلّ من اطلع على الحقيقة، وتعرّف جليّة الصورة، فوقف أبو علي على أنّ العزاقريّ يدّعي أنه لحقّ الحقّ وأنه إله الآلهة، الأول القديم الظاهر الباطن الخالق الرازق التامّ الموصى إليه بكلّ معنى، ويدعى بالمسيح كما كانت بنو إسرائيل تسمي الله عزّ وجل المسيح، ويقول إن الله جلّ وعلا يحلّ في كلّ شيء على قدر ما يحتمل، وانه خلق الضدّ ليدلّ به على مضدوده، فمن ذلك أنه جلي في آدم عليه السلام لما خلقه وفي إبليس، وكلاهما لصاحبه يدلّ عليه لمضادته إياه في معناه، وإن الدليل على الحقّ أفضل من الحقّ، وأن الضدّ أقرب إلى الشيء من شبهه، وأن الله عز وجل إذا حلّ في هيكل جسد ناسوتي أظهر من القدرة المعجزة ما يدلّ على أنه هو، وأنه لما غاب آدم عليه السلام ظهر اللاهوت في خمسة ناسوتية، كلما غاب منهم واحد ظهر مكانه غيره، وفي خمسة أبالسة أضداد لتلك الخمسة، ثم اجتمعت اللاهوتية في إدريس عليه السلام وإبليسه، وتفرقت بعدهما كما تفرقت بعد آدم عليه السلام، واجتمعت في نوح عليه السلام وإبليسه وتفرقت عند غيبتهما حسب ما تقدم ذكره، واجتمعت في صالح وإبليسه عاقر الناقة وتفرقت بعدهما، واجتمعت في إبراهيم وإبليسه نمرود وتفرقت بعدهما، واجتمعت في هارون وإبليسه فرعون وتفرقت على الرسم بعدهما، واجتمعت في داود عليه السلام وإبليسه جالوت وتفرقت لما غابا، واجتمعت في سليمان عليه السلام وإبليسه وتفرقت كعادتها بعدهما، واجتمعت في عيسى عليه السلام وإبليسه ولما غابا تفرقت في تلامذة عيسى كلهم عليهم السلام والأبالسة معهم، واجتمعت في عليّ بن أبي طالب وإبليسه وتفرقت بعدهما إلى أن اجتمعت في ابن أبي العزاقر وإبليسه. ويصف أن الله عز وجل يظهر في كلّ شيء بكلّ معنى، وأنه في كلّ أحد بالخاطر الذي يخطر بقلبه فيتصور له ما يغتب عنه كأنه يشاهده، وأن الله اسم لمعنى ومن احتاج إليه الناس فهو إلاههم، وبهذا يستوجب [في] كل لغة أن يسمى الله، وأن كلّ واحد من أشياعه لعنه الله يقول إنه ربّ [لمن] دون درجته، وأن الرجل منهم يقول إني ربّ فلان، وفلان ربّ فلان، حتى الانتهاء إلى ابن أبي العزاقر لعنه الله، فيقول: أنا ربّ الأرباب وإله الآلهة لا ربوبية لربّ بعدي، وأنهم لا ينسبون الحسن والحسين رضي الله عنهما إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه لأن من اجتمعت له اللاهوتية لم يكن له والد ولا ولد، وأنهم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 110 يسمون موسى ومحمدا صلى الله عليهما الخائنين لأنهم يدّعون أن هارون أرسل موسى عليهما السلام وأنّ عليا رضي الله عنه أرسل محمدا صلى الله عليه وسلم فخاناهما، ويزعمون أن عليا أمهل النبيّ صلى الله عليه وسلم عدة أيام أصحاب الكهف سنين، فإذا انقضت هذه المدة وهي خمسون وثلاثمائة سنة تنقلب الشريعة؛ ويصفون أن الملائكة كلّ من ملك نفسه وعرف الحقّ ورآه، وأن الحقّ حقهم، وأن الجنة معرفتهم وانتحال نحلتهم، والنار الجهل بهم والصدوف عن مذهبهم، ويغتفرون ترك الصلاة والصيام والاغتسال، ويذكرون أنّ من نعم الله على العبد أن يجمع له اللذتين، وأنهم لا يتناكحون بتزويج على السنّة ولا بحال تأوّل أو رخصة، ويبيحون الفروج، ويقولون: إن محمدا عليه السلام بعث إلى كبراء قريش وجبابرة العرب وقلوبهم قاسية ونفوسهم آبية، فكان من الحكمة ما طالبهم به من السجود، وأنّ من الحكمة الآن أن يمتحن الناس في إباحة فروج حرمهم، وأن لا شيء عندهم في ملامسة الرجل نساء ذوي رحمه وفي حرم صديقه وأبيه بعد أن يكون على مذهبه، ولا ينكرون أن يطلب أحدهم من صاحبه حرمته ويردّها إليه فيبعث بها طيبة نفسه، وأنه لا بدّ للفاضل منهم أن ينكح المفضول ليولج النور فيه، وابن أبي العزاقر له في هذه الخصلة كتاب سماه «كتاب الحاسة السادسة» وقال: إنه متى أبى ذلك آب قلب في الكون الذي يجيء بعد هذا امرأة إذ كان يحقق التناسخ، وأنه ومن معه يرون إبادة الطالبيين كما يرونها في العباسيين، ويدعون إلى أنفسهم دون غيرهم إذ كان الحقّ عندهم ويظهر فيهم. ووجد كتاب من الحسين بن القاسم بن عبيد الله بن سليمان بن وهب قيل إنه إلى إبراهيم بن محمد بن أحمد بن أبي النجم المعروف بابن أبي عون أحد وجوه العزاقرية ترجمته: إلى مولاي بشرى من غلامه مرزوق الثلّاج المسكين الفقير الذي بفضل الله يجمع الله بينه وبينه في خير وعافية برحمته، يقول في فصل منه: على مولاي أعتمد وهو حسبي. وفي فصل آخر: ومولاي أهل للتفضّل عليّ ورحمة ضعفي، وأرجو ألا يتأخر بفضله عني وينجزني وعده، وعيني ممدودة إلى تفضّل مولاي وأسأله به إعانتي. فسئل ابن أبي العزاقر عن ذلك الكتاب فكتب بيده: إنه بخط الحسين بن القاسم إلى ابن أبي عون، ووافق ابن أبي عون على ذلك، لأنّ الله أظفر به ومكّن منه، وردّاه رداء ما عمل، ووفّاه غاية ما كتب له من المهل، واعترف بأنه كتاب الحسين بن القاسم إليه، وأن ما الجزء: 1 ¦ الصفحة: 111 على عنوانه صحيح، وأنه هو بشرى، وأن مرزوقا الثلّاج هو الحسين بن القاسم، وكتب ذلك بخطه، وأشهد جماعة من العدول على ما اعترف به. ووجدت رقعة لابن أبي عون هذا بخطّه إلى بعض نظرائه يخاطبه فيها كما يخاطب الإنسان ربّه تبارك وتعالى، ويقول في بعض فصولها: لك الحمد وكلّ شيء وما شئت كان ربي. وفي فصل آخر منها: ولك الحمد على تشريفك وتقريبك. فوقف عليها واعترف بها وأشهد على نفسه عدة من العدول بصحّتها. ووجدت رقعة من المعروف بابن شيث [1] الزيات إلى ابن أبي عون هذا يقول فيها: يا مولاي، عوائد مولاي عندي لطيفة، ورحمته وتفضّله وجميل إحسانه بامتنانه عليّ على كلّ حال، وإيناسي تفضل منه ورحمة، فأسأله بجوده أن يتمم ما تفضّل به ولا يسلبني إياه فإن نعمه عليّ ظاهرة وباطنة، قد ألبسني عافيته، وأصلح شأني، وأصلح ولدي، ورزقني القناعة، وفي ذلك الغناء الأكبر، وأكبر منه تفضّله عليّ بأمر عظيم لا يجازى بشكر، ولا يسعه إلا تفضّله، فإن مولاي الكبير دعاني ابتداء فصرت إليه، فقرّبني وأدناني ومنّ عليّ بحديثه، وسقاني بعد جهد بيده، وقرّبني غاية القرب، ومع هذه الحالة العظيمة وإعطائه لي الملك الخفيّ فقد صحّ قلبي من كلّ كسر كان فيه، وكل شدة جرت [عليه] ، وفعل بي ما لم يفعله بالثلّاج، وأرجو أن يمنّ مولاي بإتمام صلاحي دينا ودنيا، والمنة لمولاي، وأسأل مولاي الإحسان والتفضل، فإني فقير على كلّ حال، وأرجو منه توسعة في كلّ ضيق، وأمنا في كلّ خوف، وعزا في كلّ ذلّ، وأمانا [من] الشدائد، وما هو أولى به ممّا لا أعلمه، وهو القادر عليه والرحيم فيه بمنّه وجميل إحسانه، وهو حسبي ونعم الوكيل. واعترف ابن أبي عون أنها إليه، وأن المخاطبة فيها له، وأن ابن شيث أراد بقوله مولاي الكبير ابن أبي العزاقر، وبقوله الثلّاج الحسين بن القاسم، وأعطى بذلك خطّه وأشهد به؛ ووجد هذا الرجل مستبصرا في كفره، مستظهرا في أمره، مستقصيا في طريق غيّه، ماضيا في عنان شركه وإفكه، حتى إنه كلّف التبرؤ من ابن أبي العزاقر لعنه الله ونيله بهنة [2] يصغّر بها قدره فامتنع من ذلك وأبى وحاد عنه واستعصى إلى أن لم يجد محيصا، فمدّ يده إلى لحيته على سبيل توقير وتكريم وإجلال وتعظيم   [1] ربما قرئت: شبيب. [2] م: بمهنة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 112 وصرف القذى وإماطة الأذى، وقال- معلنا غير مخافت-: مولاي مولاي. هذا إلى ما وجد بخطّه وخطوط نظرائه من الكبائر التي لا تسوغ في الدين، ولا يحتملها ذو يقين، وإلى ما رسمته هذه الفرقة من الأدعية التي موّهت بها على أهل الركاكة والغباوة، وإذا تأمّلتها أولو الروية والرواية وجدت مباينة لما ألف في الشريعة، مشوبة بالمكر والتدليس، مشحونة بالختل والتلبيس، محلّة دم مبتدعها والمتمسك بها. واستفتى أبو عليّ القضاة والفقهاء في أمر ابن أبي العزاقر، وصاحبه هذا الكافر، وسائر من على مذهبه ممن وجدت له كتب ومخاطبة ومن لم يوجد له ذلك، فأفتى من استفتي منهم بقتلهم وأباحوا دماءهم وكتبوا بذلك خطوطهم، فأمر أمير المؤمنين بإحضار ابن أبي العزاقر اللعين وابن أبي عون صاحبه وضريبه وتابعه، وأن يجلدا ليراهما من سمع بهما، ويتّعظ بما نزل من العذاب بساحتهما، ويتبين من دان بربوبية ابن أبي العزاقر عجزه عن حراسة نفسه، وأنه لو كان قادرا لدفع عن مهجته، ولو كان خالقا دفع [الإهانة] وكشف الضرّ عن جسده، ولو كان ربا لقبض الأيدي عن التنكيل [به] ، وجدّد أمير المؤمنين الاستظهار والحزم والرويّة فيما يمضيه من العزم، وأحضر عمر بن محمد القاضي بمدينة السلام [1] والعدول بها والفقهاء من أهل مجلسه، وسألهم عما عندهم مما انكشف من أمر ابن أبي العزاقر وأمور أهل دعوته وغيّه وضلالته، فأقامت الكافة على رأيها في قتله وتطهير الأرض من رجسه ورجس مثله، وزال الشكّ في ذلك عن أمير المؤمنين بالفتيا وإجماع القاضي والفقهاء، وبما وضح من إخلال هذا الضلال بالمسلمين [2] وإفساد الدين، وذلك أعظم وأثقل وزرا من الإفساد في الأرض والسعي فيها بغير الحق، وقد استحقّ من جرى هذا المجرى القتل، فأوعز أمير المؤمنين بصلبه وصلب ابن أبي عون بحيث يراهما المنكر والعارف، ويلحظهما المجتاز والواقف، فصلبا في أحد جانبي مدينة السلام، ونودي عليهما بما حاولاه من إبطال الشريعة ورأياه من إفساد الديانة، ثم تقدم أمير المؤمنين بقتلهما ونصب   [1] هو عمر بن محمد بن يوسف (من نسل حماد بن زيد) أبو الحسين الأزدي، ولي القضاء بمدينة السلام في حياة أبيه ثم مات أبوه فأقر على القضاء إلى آخر عمره، وكان نسيج وحده في العلم والفضل والنجابة، توفي سنة 328 (تاريخ بغداد 11: 229- 232) . [2] م: اذلال ... المسلمين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 113 رؤوسهما وإحراق أجسامهما، ففعل ذلك بمشهد من الخاصّة والعامة والنّظارة والمارة» . - 32- إبراهيم بن محمد نفطويه : هو إبراهيم بن محمد بن عرفة بن سليمان بن المغيرة بن حبيب بن المهلب بن أبي صفرة العتكي الأزدي من أهل واسط، وكنيته أبو عبد الله. قال الثعالبي [1] : لقّب نفطويه تشبيها إياه بالنفط لدمامته وأدمته، وقدّر اللقب على مثال سيبويه، لأنه كان ينسب في النحو إليه ويجري في طريقته ويدرس شرح كتابه، وأنشدوا: لو أنزل النحو على نفطويه قال: وقد صيّره ابن بسام نفطويه- بضم الطاء وتسكين الواو وفتح الياء- فقال: رأيت في النوم أبي آدما ... صلّى عليه الله ذو الفضل فقال أبلغ ولدي كلّهم ... من كان في حزن وفي سهل بأنّ حوّا أمّهم طالق ... إن كان نفطويه من نسلي كان عالما بالعربية واللغة والحديث، أخذ عن ثعلب والمبرد وغيرهما، روى عنه أبو عبيد الله [2] المرزباني وأبو الفرج الأصفهاني وابن حيويه وغيرهم. ذكره المرزباني في «المقتبس» [3] فقال ولد في سنة أربع وأربعين ومائتين، قال: ومات رحمه الله يوم الأربعاء لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول سنة ثلاث   [32]- ترجمة نفطويه في تهذيب الأزهري 1: 13 والفهرست: 90 وطبقات الزبيدي: 154 وتاريخ بغداد 6: 159 وإنباه الرواة 1: 176 وابن خلكان 1: 47 ونزهة الألباء: 178 وطبقات الجزري 1: 25 والوافي 6: 129، 130 (ترجم له مرتين) وابن كثير 11: 183 ومختصر أبي الفدا 2: 83 والشذرات 2: 298 وبغية الوعاة 1: 428 (واكثره منقول عن ياقوت) وروضات الجنات 1: 154 وسير الذهبي 15: 75. [1] لطائف المعارف: 48 (ونقله ابن خلكان والصفدي) . [2] تضطرب نسبته فأحيانا أبو عبيد الله وأحيانا أبو عبد الله. [3] انظر نور القبس: 344 ولم يورد فيه كثيرا مما نقله ياقوت. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 114 وعشرين وثلاثمائة، وحضرت جنازته عشاء، ودفن في مقابر باب الكوفة وصلّى عليه البربهاري [1] . وكان يخضب بالوسمة. قال [2] : وكان من طهارة الأخلاق وحسن المجالسة والصّدق فيما يرويه على حال ما شاهدت عليها أحدا ممن لقيناه. وكان يقول: جلست إلى هذه الأسطوانة مذ خمسون- يعني محلّته بجامع المدينة- وكان حسن الحفظ للقرآن، أول ما يبتدىء به في مجلسه بمسجد الأنباريين بالغدوات إلى أن يقرىء القرآن على قراءة عاصم ثم الكتب بعده. وكان فقيها عالما بمذهب داود الأصبهاني رأسا فيه يسلّم له ذلك جميع أصحابه، وكان مسندا في الحديث من أهل طبقته، ثقة صدوقا لا يتعلّق عليه بشيء من سائر ما رووه، وكان حسن المجالسة للخلفاء والوزراء، متقن الحفظ للسير وأيام الناس وتواريخ الزمان ووفاة العلماء، وكانت له مروءة وفتوة وظرف. ولقد هجم علينا يوما ونحن في بستان كان له بالزبيدية [3] في سنة عشرين أو إحدى وعشرين وثلاثمائة فرآنا على حال تبذّل، فانقبضت وذهبت أعتذر إليه فقال: في التعاقل على النبيذ سخف، ثم أنشدنا لنفسه: لنا صديق غير عالي الهمم ... يحصي على القوم سقاط الكلم ما استمتع الناس بشيء كما ... يستمتع الناس بحسم الحشم قال المرزباني [4] : وكان يقول من الشعر المقطعات في الغزل وما يجري مجراها كما يقول المتأدبون، وسنورد من ذلك فيما بعد إن شاء الله حسب الكفاية. وكان بين أبي عبد الله نفطويه وبين محمد بن داود الأصبهاني مودة أكيدة وتصاف تام، وكان ابن داود يهوى أبا الحسين محمد بن جامع الصيدلاني هوى أفضى به إلى التلف، قال ابن عرفة نفطويه: فدخلت عليه في مرضه الذي مات فيه فقلت: يا   [1] البربهاري: هو أبو محمد الحسن بن علي بن خلف، شيخ الحنابلة بالعراق، توفي سنة 329 (عبر الذهبي 2: 216- 217) . [2] تجد هذا النص عند القفطي 1: 181. [3] الزبيدية: محلة ببغداد. [4] نقله القفطي 1: 182. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 115 سيدي ما بك؟ فقال: حبّ من تعلم أورثني ما ترى، فقلت: ما يمنعك من الاستمتاع به مع القدرة عليه؟ فقال: الاستمتاع نوعان محظور ومباح، أما المحظور فمعاذ الله منه، وأما المباح فهو الذي صيّرني إلى ما ترى. ثم قال: حدثني سويد بن سعيد الحدثاني عن أبي يحيى القتّات عن مجاهد عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من حبّ فعفّ وكتم ثم مات مات شهيدا» [1] ؛ ثم غشي عليه ساعة وأفاق ففتح عينيه، فقلت له: أرى قلبك قد سكن، وعرق جبينك قد انقطع، وهذا أمارة العافية، فأنشأ يقول: أقول لصاحبّي وسلّياني ... وغرّهما سكون حمى جبيني تسلّوا بالتعزي عن أخيكم ... وخوضوا في الدعاء وودّعوني فلم أدع الأنين لضعف سقم ... ولكنّي ضعفت عن الأنين ثم مات من ليلته وذلك في سنة سبع وتسعين ومائتين، فيقال إن نفطويه تفجع عليه وجزع جزعا عظيما، ولم يجلس للناس سنة كاملة، ثم ظهر بعد السنة فجلس، فقيل له في ذلك فقال: إن أبا بكر ابن داود قال لي يوما وقد تجارينا حفظ عهود الأصدقاء، فقال: أقلّ ما يجب للصديق أن يتسلّب على صديقه سنة كاملة عملا بقول لبيد [2] : إلى الحول ثم اسم السلام عليكما ... ومن يبك حولا كاملا فقد اعتذر فحزنّا عليه سنة كاملة كما شرط. قال المؤلف لهذا الكتاب: وأخبار أبي بكر ابن داود كثيرة مليحة رائقة، وقد أفردنا له بابا في هذا الكتاب فقف عليه تطرب وتعجب [3] .   [1] عده ابن حزم- وهو العارف بالحديث- اثرا (رسائل ابن حزم 1: 257) وقد وهنه ابن القيم (زاد المعاد 3: 324) واعتبره ابن الجوزي صحيحا (ذم الهوى: 326) وانظر الموشى: 75 وتزيين الأسواق 1: 6. [2] شرح ديوان لبيد: 214. [3] سقطت ترجمة ابن داود من كتاب معجم الأدباء المطبوع وسأثبتها في موضعها (رقم: 1046) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 116 قال المرزباني: ومما أنشدنا لنفسه في سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة [1] : غنج الفتور يجول في لحظاته ... والورد غضّ النبت في وجناته وتكلّ ألسنة الورى عن وصفه ... أو أن تروم بلوغ بعض صفاته لا يعرف الإسعاف إلا خطرة ... لكنّ طول الصدّ من عزماته لا يستطيع «نعم» ولا يعتادها ... بل لا تسوغ «لعل» في لهواته قال وأنشدنا لنفسه [2] : تشكو الفراق وأنت تزمع رحلة ... هلّا أقمت ولو على جمر الغضا فالآن عذ بالصبر أو مت حسرة ... فعسى يردّ لك النوى ما قد مضى قال وأنشدنا لنفسه [3] : أتخالني من زلة أتعتّب ... قلبي عليك أرقّ مما تحسب قلبي وروحي في يديك وإنما ... أنت الحياة فأين منك المذهب قال مؤلف الكتاب: ولم يورد أبو عبيد الله إلا هذين البيتين، وأنشدني بعض الأصدقاء البيت الأول منهما وأتبعه بما لا أعلم أهو من قول نفطويه أو غيره وهو: لا يوحشنّك ما صنعت فتنثني ... متجنبا فهواك لا يتجنّب أنت البريء من الإساءة كلّها ... ولك الرضى وأنا المسيء المذنب وحياة وجهك وهو بدر طالع ... وسواد شعرك وهو ليل غيهب ما أنت إلا مهجني وهي التي ... أحيا بها فترى على من أغضب قال المرزباني، وأنشدني لنفسه: كفى بالهوى بلوى وبالحبّ محنة ... وبالهمّ تعذيبا وبالعذل مغرما أما والذي يقضي الأمور بأمره ... فما شاء أمضاه وما شاء أحكما   [1] إنباه الرواة 1: 182. [2] المصدر السابق نفسه ونور القبس: 345 وبغية الوعاة 1: 430. [3] نور القبس: 345. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 117 لقد حمّلتني صبوتي وصبابتي ... من الشوق ما أضنى الفؤاد وتيّما قال وأنشدنا لنفسه: تجلّ بلواي عن البلوى ... ويذهل القلب عن الشكوى يظلمني من لا أرى ظلمه ... وما عليه لي من عدوى عذّبني الحبّ ولكنني ... لا أطلب الراحة بالسلوى [1] سلّط من أهوى عليّ الضنى ... لا واخذ الله الذي أهوى قال وله: لك خدّ تذيبه الأبصار ... يخجل الورد منه والجلّنار لا تغيبن عن ناظريّ فإني ... أنا من لحظتي عليك أغار وكان بين نفطويه وابن دريد مماظّة، فقال فيه لما صنف «كتاب الجمهرة» . ابن دريد بقره ... وفيه لؤم وشره قد ادّعى بجهله ... جمع كتاب الجمهره وهو كتاب العى ... ن إلّا أنه قد غيره فبلغ ذلك ابن دريد فقال يجيبه [2] : لو أنزل الوحي على نفطويه ... لكان ذاك الوحي سخطا عليه وشاعر يدعى بنصف اسمه ... مستأهل للصفع في أخدعيه أحرقه الله بنصف اسمه ... وصيّر الباقي صراخا عليه ضو حدث ابن شاذان قال [3] : بكّر نفطويه يوما إلى درب الرواسين فلم يعرف الموضع، فتقدم إلى رجل يبيع البقل فقال له: أيها الشيخ، كيف الطريق إلى درب الرواسين؟ قال: فالتفت البقليّ إلى جار له فقال: يا فلان ألا ترى الى الغلام- فعل الله به وصنع- قد احتبس علي، فقال: وما الذي تريد منه؟ فقال عوّق السلق عليّ   [1] م: بالبلوى. [2] بغية الوعاة 1: 429 وروضات الجنات 1: 154. [3] نقله الصفدي في الوافي: 131. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 118 فما عندي ما أصفع به هذا العاضّ بظر أمه، فانسلّ ابن عرفة ولم يجبه. وأنشد الخطيب لنفطويه [1] : كم قد خلوت بمن أهوى فيمنعني ... منه الحياء وخوف الله والقدر [2] كم قد خلوت بمن أهوى فتقنعني ... منه الفكاهة والتحديث والنظر أهوى الملاح وأهوى أن أجالسهم ... وليس لي في حرام منهم وطر كذلك الحبّ لا إتيان معصية ... لا خير في لذة من بعدها سقر ومنه [3] : أستغفر الله مما يعلم الله ... إنّ الشقيّ لمن لم يرحم الله هبه تجاوز لي عن كلّ مظلمة ... واسوءتا من حيائي يوم ألقاه وذكره الزبيدي في كتابه فقال [4] : كان بخيلا ضيقا في النحو واسع العلم بالشعر. قال أبو هلال في «كتاب الأوائل» [5] حدثني أبو أحمد قال: كنا في مجلس نفطويه وهو يملي، فدخل غلام وضيء الوجه [فقطع الاملاء] وقال: قال رجل من أهل عصرنا: كم خاس ميعادك يا مخلف ... كم تخلف الوعد وكم تحلف قد صرت لا أدعو على كاذب ... ولا ظلوم الفعل لا ينصف فما شكّ أحد ممن حضر أن الغلام كان وعده وأخلفه، وأن الشعر له. وكان [6] نفطويه، مع كونه من أعيان العلماء وعلماء الأعيان، غير مكترث   [1] تاريخ بغداد 6: 161 ونور القبس: 345 والقفطي 1: 182 والوافي 129 ومصارع العشاق 1: 159. [2] في م والمصادر: والحذر. [3] تاريخ بغداد 6: 161. [4] لم يرد هذا في طبقات الزبيدي. [5] الأوائل 2: 148. [6] الوافي 6: 131- 132. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 119 باصلاح نفسه، فكان يفرط به الصّنان فلا يغيّره، فحضر يوما مجلس حامد بن العباس وزير المقتدر فتأذى هو وجلساؤه بكثرة صنانه، فقال حامد: يا غلام أحضرنا مرتكا [1] فجاء به، فبدأ الوزير بنفسه فتمرتك وأداره على الجلساء فتمرتكوا، وفطنوا ما أراد بنفطويه، وأنه أراد من نفطويه أن يتمرتك فيزول صنانه من غير أن يجبهه بما يكره، فقال نفطويه: لا حاجة بي إليه فراجعه فأبى، فاحتدّ حامد واغتاظ وقال له: يا عاضّ كذا من أمه إنما تمرتكنا جميعا لتأذينا بصنانك، قم لا أقام الله لك وزنا، ثم قال: أخرجوه عني، أو أبعدوه إلى حيث لا أتأذى به. وقال ابن بشران أبو محمد عبيد الله في تاريخه: ومن شعر نفطويه: الجدّ أنفع من عقل وتأديب ... إن الزمان ليأتي بالأعاجيب كم من أديب يزال الدهر يقصده ... بالنائبات ذوات الكره والحوب وآخر غير ذي دين ولا أدب ... معمّر بين تأهيل وترحيب ما الرزق من حيلة يحتالها فطن ... لكنّه من عطاء غير محسوب قال: وكان كثير النوادر، ومن نوادره: قيل لبهلول في كم يوسوس الانسان فقال: ذاك إلى صبيان المحلة. قال: وقيل لبعض الشيعة: معاوية خالك فقال: لا أدري أمي نصرانية والأمر إليه. بخط الوزير المغربي: قال نفطويه [2] : أما سائر العلوم فهاهنا من يشركنا فيها، وأما الشعر فإذا متّ مات على الحقيقة. وقال: من أغرب عليّ ببيت لجرير لا أعرفه فأنا عبده. وقال ابن خالويه، وقال لي يوما وقد حضرته الوفاة: قد جالستني فما رأيت منك إلا خيرا فادع لي، ثم قال: وضئوني. وقد كنت آخذ بيده فمرّ بمسجد هشام بن خلف البزار فقال: هذا مسجد هشام مقرىء أهل بغداد، والله ما كان بأعلم مني، ولكنه أطاع الله فرفع [منه] وعصيت الله فوضع مني.   [1] المرتك: المرداسنج ويتخذ لقطع رائحة العرق. [2] روضات الجنات 1: 154. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 120 قال الحسين بن أبي قيراط: انصرفت من عند أبي عبد الله نفطويه وقد كتبت عنه شيئا، فجئت إلى أبي إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج فقال لي: ما هذا الكتاب؟ فأريته إياه، وكان على ظهره مقطوعتان أنشدنيهما نفطويه لنفسه، فلما قرأهما الزجاج استحسنهما وكتبهما بخطه على ظهر «كتاب غريب الحديث» وكان بحضرته: تواصلنا على الأيام باق ... ولكن هجرنا مطر الربيع يروعك صوته لكن تراه ... على روعاته داني النزوع كذا العشّاق هجرهم دلال ... ومرجع وصلهم حسن الرجوع معاذ الله أن نلفى غضابا ... سوى دلّ المطاع على المطيع والأخرى: وقالوا شانه الجدريّ فانظر ... إلى وجه به أثر الكلوم فقلت ملاحة نثرت عليه ... وما حسن السماء بلا نجوم وذكر الفرغاني أن نفطويه كان يقول بقول الحنابلة: إن الاسم هو المسمّى وجرت بينه وبين الزجاج مناظرة أنكر الزجاج عليه موافقته الحنابلة على ذلك. قرأت في «تاريخ خوارزم» قال أبو سعيد الحمديجي [1] ، سمعت نفطويه يقول: إذا سلّمت على اليهوديّ والنصراني فقلت له: أطال الله بقاءك وأدام سلامتك وأتمّ نعمته عليك فإنما أريد به الحكاية أي أن الله قد فعل بك إلى هذا الوقت وأعتقد به الدعاء للمسلم. قال الحمديجي، وأنشدنا نفطويه لنفسه: إذا ما الأرض جانبها الأعادي ... وطاب الماء فيها والهواء وساعد من تحبّ بها وتهوى ... فتلك الأرض طاب بها الثّواء يرى الأحباب ضنك العيش وسعا ... ولا يسع البغيضين الفضاء وعقل المرء أحسن حليتيه ... وزين المرء في الدنيا الحياء   [1] م: أبو سعد الحمدلجي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 121 قال محمد بن إسحاق النديم [1] : وله من الكتب: كتاب التاريخ. كتاب الاقتصارات [2] . كتاب البارع. كتاب غريب القرآن. كتاب المقنع في النحو. كتاب الاستثناء والشرط في القراءة [3] . كتاب الوزراء [4] . كتاب الملح. كتاب الأمثال. كتاب الشهادات. كتاب المصادر. كتاب القوافي. كتاب أمثال القرآن. كتاب الرد على من يزعم أن العرب يشتقّ كلامها بعضه من بعض. كتاب الردّ على من قال بخلق القرآن. كتاب الردّ على المفضّل بن سلمة في نقضه [5] على الخليل. كتاب في أن العرب تتكلم طبعا لا تعلما. - 33- إبراهيم بن محمد الكلابزي : أدرك المازني وأخذ عن المبرد ومات في سنة ست عشرة وثلاثمائة. قال الزبيدي [6] : وإبراهيم بن محمد بن العلاء الكلابزي اللغوي من أهل العراق بصريّ المذهب؛ حكي عن [ابن] [7] المبرد أنه قال: في تلاميذ أبي رجلان أحدهما يسفل والآخر يعلو، فقيل: ومن هما؟ قال المبرمان [8] يقرأ على أبي ويأخذ عنه «كتاب سيبويه» ثم يقول قال الزجاج، فهذا يسفل، والكلابزيّ يقرأ عليه ثم يقول قال المازني، فهذا يعلو. وكان الكلابزي قد أدرك المازني.   [33]- ترجمته في إنباه الرواة 1: 185 وطبقات الزبيدي: 183 والوافي 6: 122 وبغية الوعاة 1: 432 ومادة «الكلابزي» في أنساب السمعاني واللباب (وسماه السمعاني إبراهيم بن حميد) والكلابزي نسبة إلى تربية الكلاب وتدريبها؛ ولم ترد هذه الترجمة في المختصر. [1] الفهرست: 90. [2] الفهرست: الاقتصامات. [3] الفهرست: كتاب الاستيفاء في الشروط؛ ر: كتاب الاستيفاء في القراءات. [4] لم يذكره ابن النديم. [5] ر: في تعصبه. [6] انظر طبقات الزبيدي: 114 ولم يرد فيه كل ما أورده ياقوت. [7] في طبقات الزبيدي: قال ولد أبي العباس محمد بن يزيد. [8] هو أبو بكر محمد بن علي بن إسماعيل العسكري. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 122 وقال ابن بشران: إبراهيم بن حميد الكلابزي مات بالبصرة سنة اثنتي عشرة وثلاثمائة [1] وكان متقدما في النحو واللغة وقد ولي القضاء بالشام. - 34- إبراهيم بن محمد بن زكريا الزهري الاندلسي أبو القاسم ، يعرف بابن الافليلي: حدث عن أبي بكر محمد بن الحسن الزبيدي النحوي بكتاب «النوادر» عن القالي، وكان متصدرا في العلم ببلده يقرأ عليه الأدب ويختلف إليه، وله كتاب شرح معاني شعر المتنبي حسن جيد. قال الحميدي: وكان مع علمه بالنحو واللغة يتكلم في معاني الشعر وأقسام البلاغة والنقد لها، روى عنه جماعة. وحكي عنه باسناد له أنه قال: كان شيوخنا من أهل الأدب يتعالمون أنّ الحرف إذا كتب عليه صحّ- بصاد وحاء- أن ذلك علامة لصحة الحرف لئلا يتوهم متوهم عليه خللا ولا نقصا، فوضع حرف كامل على حرف صحيح، وإذا كان عليه صاد ممدودة دون حاء كان علامة على ان الحرف سقيم إذ وضع عليه حرف غير تام ليدلّ نقص الحرف على اختلال الحرف، ويسمى ذلك الحرف أيضا ضبة أي أن الحرف مقفل بها لم يتّجه لقراءة كما أن الضبة مقفل بها. قال المؤلف: وهذا كلام عليه طلاوة من غير فائدة تامة، وإنما قصدوا بكتبهم على الحرف «صحّ» إن كان شاكّا في صحّة اللفظة، فلما صحّت له بالبحث خشي أن يعاوده الشكّ فكتب عليها «صح» ليزول شكّه فيما بعد ويعلم هو أنه لم يكتب عليها صح الا وقد انقضى اجتهاده في تصحيحها، وأما الضبّة التي صورتها (ص) فانما هو نصف «صح» كتبه على شيء فيه شكّ ليبحث عنه فيما يستأنفه، فإذا صحّت له أتمها   [34]- ترجمة ابن الافليلي في الجذوة: 142 وبغية الملتمس رقم: 485 والصلة 1: 93 والذخيرة لابن بسام 1/1: 281 وإنباه الرواة 1: 183 وابن خلكان 1: 51 والوافي 6: 114 وبغية الوعاة 1: 426. [1] عند الزبيدي أنه توفي سنة ست عشرة وثلاثمائة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 123 بحاء فيصير صح، ولو علّم عليها بغير هذه العلامة لتكلّف الكشط وإعادة كتبة «صح» مكانها. قال أبو مروان ابن حيان [1] : كان أبو القاسم المعروف بابن الإفليلي فريد أهل زمانه بقرطبة في علم اللسان العربي والضبط لغريب اللغة في ألفاظ الأشعار الجاهلية والاسلامية والمشاركة في بعض معانيها، وكان غيورا على ما يحمل من ذلك الفنّ كثير الحسد فيه راكبا رأسه في الخطأ البين إذا تقلده أو نشب فيه، يجادل عليه ولا يصرفه صارف عنه، وعدم علم العروض ومعرفته مع احتياجه إليه وإكمال صناعته به، ولم يكن له شروع فيه، وكان لحق الفتنة البربرية بقرطبة، ومضى الناس بين حائن وظاعن [2] ، فازدلف إلى الأمراء المتداولين بقرطبة من آل حمّود ومن تلاهم إلى أن نال الجاه، واستكتبه محمد بن عبد الرحمن المستكفي [3] بعد ابن برد [4] فوقع كلامه جانبا من البلاغة لأنه كان على طريقة المعلمين المتكلّفين، فلم يجر في أساليب الكتاب المطبوعين، فزهد فيه. وما بلغني أنه ألف في شيء من فنون المعرفة إلا كتابه في شعر المتنبي لا غير، ولحقته تهمة في دينه في أيام هشام المرواني [5] في جملة من تتبع من الأطبّاء في وقته كابن عاصم والشبانسي [6] والحمار [7] وغيرهم، وطلب ابن الافليلي وسجن بالمطبق، ثم أطلق، وفيه يقول موسى بن الطائف [8] من قصيدة:   [1] قارن بما جاء في الذخيرة. [2] قضت الفتنة البربرية على عمران قرطبة بين سنتي 399- 403 ولقي كثير من العلماء مصارعهم، كما ظعن عدد غير قليل منهم عن المدينة. [3] محمد بن عبد الرحمن المستكفي كان في غاية التخلف، بويع بالخلافة فأقام ستة عشر شهرا وأياما إلى أن خلع وهرب ومات مسموما سنة: 416. [4] يعني أبا حفص ابن برد الأصغر، وله ترجمة في الذخيرة 1/1: 486 وفي الحاشية ذكر لمصادر أخرى. [5] يعني هشام بن الحكم المستنصر الملقب بالمؤيد. [6] الشبانسي: هو قاسم بن محمد القرشي المرواني، ذكر ابن حزم أنه قرف وشهد عليه فسجن. الجذوة: 310 والبغية رقم: 1296. [7] الحمار هو سعيد بن فتحون السرقسطي امتحن من قبل المنصور بن أبي عامر وسجن مدة، انظر الجذوة: 216 والبغية رقم: 813 وطبقات صاعد: 68 والذيل والتكملة 4: 40. [8] موسى بن الطائف، كان شاعرا مشهورا أيام الحكم والمنصور بن أبي عامر، انظر الجذوة: 317 والبغية رقم: 1325. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 124 يا مبصرا عميت نواظر فهمه ... عن كنه عرضي في البديع وطولي لو كنت تعقل ما جهلت مقاومي ... من ضاق فرسخه بخطوة ميلي ولئن ثلبت الشعر وهو أباطل ... فلقد ثلبت حقائق التنزيل وخلعت ربق الدين عنك منابذا ... ولبست ثوب الزيغ والتعطيل فأقمت للجهال مثلك في الغبا ... علما مشيت أمامه برعيل ومن المغايظ أن تكون مقلّدا ... علما ولو مقدار وزن فتيل تعتلّ في الأمر الصحيح معاندا ... أبدا وفهمك علة المعلول وتظن أنك من فنوني موسر ... وكثير شأنك لا يفي بقليلي سيسلّ روحك من خبيث قراره ... تأثير هذا الصارم المصقول وأخصّ سيف الدولة الملك الرضى ... ليعيد عقد رباطك المحلول وأريك رأي العين أنك ذرّة ... عبثت بها منّي قوائم فيل - 35- إبراهيم بن محمد بن محمد بن أحمد بن علي بن الحسين بن علي بن حمزة بن يحيى بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب أبو علي، والد أبي البركات عمر النحوي صاحب «كتاب شرح اللمع» : من أهل الكوفة، له معرفة حسنة بالنحو واللغة والأدب وحظّ من الشعر جيد من مثله؛ مات فيما ذكره السمعاني عن ابنه أبي البركات في شوّال سنة ست وستين وأربعمائة، ودفن بمسجد السهلة عن ست وستين سنة، وكان قد سافر إلى الشام ومصر وأقام بها مدة، ونفق على الخلفاء بمصر، ثم رجع إلى وطنه الكوفة إلى أن مات بها. وجدت بخط أبي سعد السمعاني، سمعت أبا البركات عمر بن إبراهيم، سمعت والدي يقول: كنت بمصر وضاق صدري بها فقلت [1] :   [35]- ترجمة الشريف إبراهيم والد أبي البركات في مصورة ابن عساكر 2: 544 وتهذيبه 2: 296 وإنباه الرواة 1: 185 والوافي 6: 119 وبغية الوعاة 1: 430. [1] إنباه الرواة 1: 186. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 125 فإن تسأليني كيف أنت فإنني ... تنكرت دهري والمعاهد والصحبا وأصبحت في مصر كما لا يسرّني ... بعيدا من الأوطان منتزحا غربا وإنّي فيها كامرىء القيس مرة ... وصاحبه لما بكى ورأى الدربا فإن أنج من بابي زويلا فتوبة ... إلى الله أن لا مسّ خفّي لها تربا قال السمعاني، قال لي الشريف، قال أبي: قلت هذه الأبيات بمصر، وما كنت ضيق اليد، وكان قد حصل لي من المستنصر خمسة آلاف دينار مصرية. قال وقال الشريف: مرض أبي إما بدمشق أو بحلب، فرأيته يبكي ويجزع، قلت له: يا سيدي ما هذا الجزع فانّ الموت لا بدّ منه، قال: أعرف ذلك، ولكن أشتهي أن أموت بالكوفة وأدفن بها، حتى إذا نشرت يوم القيامة أخرج رأسي من التراب فأرى بني عمي ووجوها أعرفها، قال الشريف: وبلغ ما أراد. قال: وانشدني أبو البركات لوالده [1] : راخ لها زمامها والأنسعا ... ورم بها من العلا ما شسعا وارحل بها مغتربا عن العدا ... توطئك من أرض العدا متّسعا يا رائد الظّعن بأكناف الحمى ... بلّغ سلامي إن وصلت لعلعا وحيّ خدرا بأثيلات الغضا ... عهدت فيه قمرا مبرقعا كان وقوعي في يديه ولعا ... وأوّل العشق يكون ولعا ماذا عليها لو رثت لساهر ... لولا انتظار طيفها ما هجعا تمنّعت من وصله فكلّما ... زاد غراما زادها تمنعا أنا ابن سادات قريش وابن من ... لم يبق في قوس الفخار منزعا وابن عليّ والحسين وهما ... أبرّ من حجّ ولبّى وسعى نحن بنو زيد وما زاحمنا ... في المجد إلّا من غدا مدسّعا الأكثرين في المساعي عددا ... والأطولين في الضراب أذرعا   [1] هذه الأبيات في ترجمة الشريف في ابن عساكر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 126 من كلّ بسّام المحيّا لم يكن ... عند المعالي والعوالي ورعا طابت أصول مجدنا في هاشم ... فطال فيها عودنا وفرعا قال: وأنشدني لأبيه [1] : لما أرقت بجلّق ... وأقضّ فيها مضجعي نادمت بدر سمائها ... بنواظر لم تهجع وسألته بتوجّع ... وتخضّع وتفجّع صف للأحبة ما ترى ... من فعل بينهم معي واقر السلام على الحبي ... ب ومن بتلك الأربع - 36- إبراهيم بن محمد بن إبراهيم النسوي أبو إسحاق الشيخ العميد: مات فجأة في شهور سنة تسع عشرة وخمسمائة بنيسابور، رجل فاضل شاعر كاتب، حسن المحاورة كريم الصحبة، سمع الحديث الكثير في أسفاره وصنّف في «غريب الحديث» (لأبي عبيد) [2] تصنيفا مفيدا. - 37- إبراهيم بن مسعود بن حسان : المعروف بالوجيه الصغير، ويعرف جده بالشاعر، وإنما سمي بالوجيه الصغير لأنه كان ببغداد حينئذ نحويّ آخر يعرف بالوجيه   [36]- ترجمته في بغية الوعاة 1: 425 (عن ياقوت) ولم ترد ترجمته في المختصر. [37]- ترجمة الوجيه الصغير في إنباه الرواة 1: 189 والوافي 6: 146 ونكت الهميان: 91 وبغية الوعاة 1: 432 (وفيه نقل عن ابن النجار) . [1] وردت الأبيات عند ابن عساكر. [2] لأبي عبيد: حذفه السيوطي، وإذا أثبت فالمعنى أنه ألف معلقا أو مستدركا على غريب الحديث لأبي عبيد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 127 الكبير، وهو شيخي رحمه الله وقد ذكرته في باب المبارك بن المبارك، وكانا ضريرين معا. وكان هذا من أهل الرصافة ببغداد، وكان عجبا في الذكاء وسرعة الحفظ، وكان قد حفظ كتاب سيبويه، وقيل بل حفظ أكثره، وكان يحفظ غير ذلك من كتب الأدب، وأخذ النحو عن مصدق بن شبيب، وكان أعلم منه وأصفى ذهنا، واعتبط شابا في جمادى الأولى سنة تسعين وخمسمائة ولو قدّر الله أن يعيش لكان آية من الآيات. - 38- إبراهيم بن محمد بن حيدر بن علي أبو إسحاق نظام الدين المؤذن الخوارزمي: سألته عن مولده فقال: كانت ولادتي في ذي الحجة سنة تسع وخمسين وخمسمائة وله من التصانيف: كتاب ديوان الانشاء. كتاب شرح كليلة بالفارسية. كتاب الوسائل إلى الرسائل من نثره. كتاب ديوان شعره بالعربية. كتاب ديوان شعره بالفارسية. كتاب الخطب في دعوات ختم القرآن سماه يتيمة اليتيمة. كتاب الطرفة في التحفة بالفارسية. رسائل. وكتاب أساس نامه في المواعظ بالفارسية. كتاب تعريف شواهد التصريف. كتاب انموذار [1] نامه يشتمل على أبيات غريبة من كليلة ودمنة شرحها بالفارسية. كتاب كفتار نامه منطق. كتاب مرتع الوسائل ومربع الرسائل. - 39- إبراهيم بن ممشاذ أبو إسحاق المتوكلي الأصبهاني ، قال حمزة: ومن بلغاء أصبهان أبو إسحاق المتوكلي وكان من رستاق جي، من قرية اسيجان، فخرج الى العراق وكتب للمتوكل، ثم صار من ندمائه فسمي المتوكلي، ولم يكن بالعراق في أيامه أبلغ منه، وله رسالة طويلة في تقريظ المتوكل والفتح بن خاقان يتداولها كتّاب العراق الى الآن. وتسخّط صحبة أولاد المتوكل فتركهم ولحق بيعقوب بن الليث. وقال حمزة أيضا فيما رواه عن عمارة بن حمزة: حضر المتوكليّ مجلس المتوكل   [38]- ترجمته في الوافي 6: 139 والجواهر المضية 1: 45. [39]- الوافي 6: 149 (عن ياقوت) . [1] ر: ازموذار. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 128 وقد نثر على المنتصر مال جليل تناهبه الأمراء والقوّاد بين يديه، وإبراهيم لا يتحرك، فقال له المتوكل: ولم لا تنبسط فيه؟ فقال: جلالة أمير المؤمنين منعتني منه، ونعمته عليّ أغنتني عنه، فأقطعه إقطاعات. وكان أحد البلغاء في زمانه حتى لم يتقدمه أحد، ونفذ في أيام المعتمد رسولا عنه وعن الموفق إلى يعقوب بن الليث فاحتبسه عنده وقدّمه على كل من ببابه حتى حسده قواد يعقوب وحاشيته، فأخبروا يعقوب أنه يكاتب الموفق في السرّ فقتله. قلت والأولى من هاتين الروايتين أوضح في أنه هو الذي لحق بيعقوب، يدلّ على ذلك أنه كتب من عند يعقوب إلى المعتمد: أنا ابن الأكارم من نسل جم ... وحائز إرث ملوك العجم ومحيي الذي باد من عزّهم ... وعفّى عليه طوال القدم وطالب أوتارهم جهرة ... فمن نام عن حقّهم لم أنم يهمّ الأنام بلذاتهم ... ونفسي تهمّ بسوق الهمم إلى كلّ أمر رفيع العماد ... طويل النجاد منيف العلم وإني لآمل من ذي العلا ... بلوغ مرادي بخير القسم معي علم الكائنات الذي ... به أرتجي أن أسود الأمم فقل لبني هاشم أجمعين ... هلمّوا إلى الخلع قبل الندم ملكناكم عنوة بالرماح ... طعنا وضربا بسيف خذم وأولادكم الملك آباؤنا ... فما إن وفيتم بشكر النعم فعودوا إلى أرضكم بالحجاز ... لأكل الضباب ورعي الغنم فإني سأعلو سرير الملوك ... بحدّ الحسام وحرف القلم وقال يرثي الفضل بن العباس بن مافروخ [1] : أخ لم تلدني أمّه كان واحدي ... وأنسي وهمّي في الفراغ وفي الشّغل مضى فرطا لما استتمّ شبابه ... ومن قبل أن يحتلّ منزلة الكهل   [1] نقل الصفدي هذه الأبيات. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 129 فعلّمني كيف البكاء من الجوى ... وكيف حزازات الفؤاد من الثكل إذا ندب الأقوام إخوان دهرهم ... بكيت أخي فضلا أخا الجود والفضل وقال يهجو إسحاق بن سعد القطربلي عامل أصبهان وقد كان أساء معاملة إخوته بأصبهان: أين الذين تقوّلوا أن لا يروا ... ضدّين مختلفين في ذا العالم هذا ابن سعد قد أزال قياسكم ... وأباد حجّتكم بغير تخاصم أبدى لنا متحرّكا في ساكن ... منه وأظهر قائما في نائم وإذا تذكر أصلعا هشم استه ... يبكي يقول فديت أصلع هاشم بالله ما اتخذ الإمامة مذهبا ... إلا لكي يبكي لذكر القائم قال حمزة: ومن هذا أخذ ابن الناصر قوله: قل لمن كان إمامي ... اإلى كم تتردّد التمس ما في سراوي ... ل فتى الناصر أحمد فهو القائم يا ... مغرور من آل محمد - 40- إبراهيم بن موسى الواسطي الكاتب له كتاب في أخبار الوزراء عارض فيه كتاب محمد بن داود بن الجراح في الوزراء، قاله المسعودي. - 41- إبراهيم بن هلال بن زهرون أبو إسحاق الحراني : أوحد الدنيا في إنشاء   [40]- مروج الذهب 1: 16 ولم ترد ترجمته في المختصر. [41]- ترجمة أبي إسحاق الصابي في الفهرست: 149 ويتيمة الدهر 2: 242 وتاريخ الحكماء: 75 وابن خلكان 1: 52، 392- 393 والوافي 6: 158 ومعاهد التنصيص 2: 61 وروضات الجنات 1: 163. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 130 الرسائل والاشتمال على جهات الفضائل، مات يوم الخميس لاثنتي عشرة ليلة خلت من شوال سنة أربع وثمانين وثلاثمائة عن إحدى وسبعين سنة، ومولده في سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة، كذا ذكره حفيده أبو الحسين هلال بن المحسن بن إبراهيم في تاريخه. وكان قد خدم الخلفاء والأمراء من بني بويه والوزراء، وتقلد أعمالا جليلة، ومدحه الشعراء، وعرض عليه عز الدولة بختيار بن معز الدولة بن بويه الوزارة إن أسلم فامتنع، وكان حسن العشرة للمسلمين عفيفا في مذهبه، وكان ينوب أوّلا عن الوزير أبي محمد المهلبي في ديوان الإنشاء وأمور الوزارة. ولما ورد عضد الدولة بغداد في سنة سبع وستين وثلاثمائة نقم عليه أشياء من مكتوباته عن الخليفة وعن عز الدولة بختيار فحبسه، فسئل فيه وعرّف فضله، وقيل له: مثل مولانا لا ينقم على مثله ما كان منه، فإنه كان في خدمة قوم لا يمكنه إلا المبالغة في نصحهم، ولو أمره مولانا بمثل ذلك إذا استخدمه في ابنه ما أمكنه المخالفة، فقال عضد الدولة: قد سوّغته نفسه فإن عمل كتابا في مآثرنا وتاريخنا أطلقته، فشرع في محبسه في «كتاب التاجي» في أخبار بني بويه. وقيل إنّ بعض أصدقائه دخل عليه الحبس وهو في تبييض وتسويد في هذا الكتاب، فسأله عما يعمله فقال: أباطيل أنمقها وأكاذيب ألفّقها، فخرج الرجل وأنهى ذلك إلى عضد الدولة فأمر بإلقائه تحت أرجل الفيلة، فأكب أبو القاسم عبد العزيز بن يوسف ونصر بن هارون على الأرض يقبّلانها ويشفعان إليه في أمره حتى أمر باستحيائه، وأخذ أمواله واستصفائه، وتخليق السجن بدمائه، فبقي في السجن بضع سنين إلى أن تخلّص في أيام صمصام الدولة ابن عضد الدولة. وكان بينه وبين الصاحب أبي القاسم إسماعيل بن عباد مراسلات ومواصلات ومتاحفات، وكذلك بينه وبين الرضّي أبي الحسن محمد بن الحسين الموسوي مودة ومكاتبات- أذكر منها ما يليق باختصارنا هذا [1]- مع اختلاف الملل وتباين النّحل، وإنما كان ينظمهم سلك الأدب، مع تبدد الدين والنسب. وذكر أبو منصور الثعالبي في كتابه [2] أنه بلغ من العمر تسعين سنة، والذي   [1] لم يرد هذا الذي وعد به المؤلف. [2] يعني اليتيمة، وفيها يقول: وكان قد خنق التسعين (أي قاربها) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 131 أوردته من تاريخ حفيده وهو أعلم به، فأما بلاغته وحسن ألفاظه فقد أغنتنا شهرتها عن صفتها، وذكرتها الشعراء فقال [بعض أهل عصره] : أصبحت مشتاقا حليف صبابة ... برسائل الصابي أبي إسحاق صوب البلاغة والحلاوة والحجى ... ذوب البراعة سلوة العشاق طورا كما رقّ النسيم وتارة ... تحكي لنا الأطواق في الأعناق لا يبلغ البلغاء شأو مبرّز ... كتبت بدائعه على الأحداق ولآخر فيه: يا بؤس من يمنى بدمع ساجم ... يهمي على حجب الفؤاد الواجم لولا تعلّله بكاس مدامة ... ورسائل الصابي وشعر كشاجم قال أبو منصور: وكان يصوم شهر رمضان مساعدة وموافقة للمسلمين وحسن عشرة منه لهم، ويحفظ القرآن حفظا يدور على طرف لسانه، وبرهان ذلك في رسائله. قال: وكان أبو إسحاق في عنفوان شبابه أحسن حالا منه في أيام اكتهاله، وفي ذلك يقول [1] : عجبا لحظّي إذ أراه مصالحي ... عصر الشباب وفي المشيب مغاضبي أمن الغواني كان حتى خانني [2] ... شيخا وكان على صباي [3] مصاحبي أمع [4] التضعضع ملّني متجنبا ... ومع الترعرع كان غير مجانبي يا ليت صبوته إليّ تأخّرت ... حتى تكون ذخيرة لعواقبي من قصيدة في فنّها فريدة، كتبها إلى الصاحب يشكو فيها عجره وبجره، ويستمطر سحبه ودرره، بعد أن كان يخاطبه بالكاف، ولا يرفعه عن رتبة الأكفاء. وكان المهلبّي لا يرى إلا به الدنيا، ويحنّ إلى براعته ويصطنعه لنفسه، ويستدعيه في أوقات أنسه، وتوفي المهلبي وأبو إسحاق يلي ديوان الرسائل والخلافة على ديوان   [1] اليتيمة 2: 243. [2] اليتيمة: ملّني. [3] ر: هواي. [4] ر: أمن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 132 الوزارة لأنّ المهلبي مات بعمان، وكان قد مضى لافتتاحها، واستخلف أبا إسحاق على ديوان الوزارة فاعتقل في جملة عمال المهلبي وأصحابه، فقال وهو معتقل [1] : يا أيّها الرؤساء دعوة خادم ... أربت [2] رسائله على التعديد أيجوز في حكم المروءة عندكم ... حبسي وطول تهدّدي ووعيدي قلّدت ديوان الرسائل فانظروا ... أعدلت في لفظي عن التسديد أعليّ رفع حساب ما أنشأته ... فأقيم فيه أدلّتي وشهودي أنسيتم كتبا شحنت فصولها ... بفصول درّ عندكم منضود ورسائلا نفذت إلى أطرافكم ... عبد الحميد بهنّ غير حميد قال الثعالبي: وكانت الرسالة التي نقمها عليه عضد الدولة كتابا أنشأه عن الخليفة في شأن عز الدولة بختيار وهو: «وقد جدّد له أمير المؤمنين مع هذه المساعي السوابق، والمعالي السوامق، التي يلزم كلّ دان وقاص، وعامّ وخاصّ، أن يعرف له حقّ ما كرّم به منها، ويتزحزح له عن رتبة المماثلة فيها» فإن عضد الدولة أنكر هذه اللفظة أشدّ الإنكار [3] وأسرّها في نفسه إلى أن ملك العراق فحبسه كما تقدم ذكره. وقال حفيده هلال بن المحسن في «أخبار الوزراء» : حدثني أبو إسحاق جدي قال: لما توفي أبو الحسين هلال أبي جاءني أبو محمد المهلبي معزيا به، فحين عرفت خبره في تعديته [إلى] مشرعة داري الشاطئة بالزاهر بادرت لتلقيه واستعفائه من الصعود فامتنع من الإجابة الى ذلك، وصعد وجلس ساعة يخاطبني فيها بكلّ ما يقوّي النفس ويشرح الصدر، ويصف والدي ويقرظه لي ويقول: ما مات من كنت له خلفا، ولا فقد من كنت منه عوضا، ولقد قرّت عين أبيك بك في حياته، وسكنت مضاجعه الى مكانك بعد وفاته، فقبّلت يده ورجله، وأكثرت من الثناء عليه والدعاء له، وحضرتني في الحال ثلاثة أبيات أنشدته إياها وهي: لو وثقنا بأن عمرك يمت ... دّ بأعمارنا قتلنا النفوسا   [1] اليتيمة 2: 244. [2] ر: أوفت. [3] ر: أشد إنكار. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 133 قد تركت الموت الزؤام مغيظا ... يتلظّى لجرحه كيف يوسى فغدت عندنا المصيبة نعمى ... بأياديك وهي من قبل بوسى ثم نهض، وأقسم علينا ألا يتبعه أحد منا، وأنفذ إليّ في بقية ذلك اليوم خمسة آلاف درهم وقال: استعن بها على أمرك. ولم يبق أحد من أهل الدولة إلا جاءني بعده معزيا. ثم اجتاز بي من الغد في طيّاره ووقف واستدعاني وأمرني بالنزول معه، فبعد جهد ما تركني بقية اليوم. حدث أبو منصور قال [1] ، حكى أبو إسحاق الصابىء قال: طلب مني رسول سيف الدولة ابن حمدان عند قدومه الحضرة شيئا من شعري وذكر أنّ صاحبه رسم له ذلك فدافعته أياما ثم ألحّ عليّ وقت الخروج فأعطيته هذه الثلاثة الأبيات: إن كنت خنتك في المودة [2] ساعة ... فذممت سيف الدولة المحمودا وزعمت أن له شريكا في العلا ... وجحدته في فضله التوحيدا قسما لو اني حالف بغموسها ... لغريم دين ما أراد مزيدا فلما عاد الرسول إلى الحضرة ودخلت عليه مسلّما أخرج لي كيسا بختم سيف الدولة مكتوبا عليه اسمي وفيه ثلاثمائة دينار. ووجدت بخط أبي علي بن أبي إسحاق قال: لما غنّي ابن حمدان بهذا الشعر سأله عن قائله فعرفه، قال والدي رحمه الله: فأنفذ إليّ في الوقت عشرة دنانير من دنانير الصلة وزنها خمسمائة مثقال، وأضاف إلى ذلك رسما كان ينفذه إليّ في كلّ سنة إلى أن مات رحمه الله. قال [3] : وأهدى أبو إسحاق الصابىء إلى عضد الدولة في يوم مهرجان الصطرلابا بقدر الدرهم محكم الصنعة، وكتب إليه (وفي «كتاب الوزراء» لحفيده أنه أهدى الاصطرلاب إلى المطهر بن عبد الله وزير عضد الدولة وكتب إليه) بهذه الأبيات:   [1] اليتيمة 1: 35. [2] اليتيمة: الأمانة. [3] اليتيمة 2: 280. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 134 أهدى إليك بنو الحاجات واحتفلوا ... في مهرجان جديد أنت مبليه لكنّ عبدك إبراهيم حين رأى ... علوّ قدرك لا شيء يباريه لم يرض بالأرض يهديها إليك فقد ... أهدى لك الفلك الأعلى بما فيه ولقابوس أبيات تشبه هذه مذكورة في بابه. ذكر القبض على أبي إسحاق الصابىء والسبب فيه، وما جرى عليه من أمره إلى أن أطلق: قال هلال بن المحسن: قبض عليه في يوم السبت لأربع بقين من ذي العقدة سنة سبع وستين وثلاثمائة، وأفرج عنه يوم الأربعاء لعشر بقين من جمادى الأولي سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة، فكان مدة حبسه ثلاث سنين وسبعة أشهر وأربعة عشر يوما. قال [1] : وكان السبب في القبض عليه أنه كان قد خدم عضد الدولة عند كونه بفارس بالشعر والمكاتبة والقيام بما يعرض من أموره بالحضرة، فقبله وأنفق عليه وأرفده في أكثر نكباته بمال حمله إليه. وورد عضد الدولة في سنة أربع وستين وثلاثمائة فزاد قربه منه وخصوصه به وتأكّد حاله عنده، فلما أراد العود إلى فارس عمل على الخروج معه إشفاقا من المقام بعده، ثم علم أنه متى فعل ذلك أسلم أهله وولده وتعجّل منهم ما عسى الله أن يدفعه عنه، فاستظهر له عضد الدولة بأن ذكره في الاتّفاق الذي كتب بينه وبين عزّ الدولة وعمدتها [2]- أخيه-، واليمين التي حلفا بها، وشرط عليهما حراسته في نفسه وماله، وترك تتبعه في شيء من أحواله، وانحدر عضد الدولة فلم يأمن على نفسه من عز الدولة وأبي طاهر ابن بقية وزيره [3] واستتر وأقام على الاستتار مدة، ثم توسط أبو محمد ابن معروف [4] أمره معهما، وأخذ له العهد عليهما والأمان منهما، واستوثق بغاية ما يستوثق به من مثلهما، وظهر فتركاه مديدة ثم قبضا   [1] قارن بما ورد في ذيل تجارب الأمم: 20- 24. [2] وعمدتها: يعني عمدة الدولة وهو أخو عز الدولة. [3] هو محمد بن محمد بن بقية وزير عز الدولة بختيار والمحرض له على عضد الدولة. انتهى به الأمر إلى أن اعتقل وسملت عيناه ثم قتل تحت أرجل الفيلة سنة 367 (انظر صفحات متفرقة من تجارب الأمم وتاريخ ابن الأثير ووفيات الأعيان والوافي 1: 100) . [4] كان أبو محمد عبيد الله بن أحمد بن معروف البغدادي قاضي القضاة في زمانه، وكان من ألباء الرجال، ناهضا بالأحكام معتزليا، توفي سنة 381 (تاريخ بغداد 10: 366 وعبر الذهبي 3: 18) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 135 عليه، وذلك بإغراء ابن السراج [1] لهما به، وتجدد منه في العداوة له أمور تجنّى فيها عليه، وجرت له في هذه النكبة خطوب أشفى فيها على ذهاب النفس، ثم كفاه الله بأن فسد أمر ابن السّراج مع ابن بقية بما عامله بالعلة التي عرضت له، فقبض عليه ونقل القيد من رجل أبي إسحاق إلى رجله، وعاد إلى خدمة عز الدولة، وكتب عنه في أيام المباينة بينه وبين عضد الدولة الكتب التي تضمّنت الوقيعة والاستهتار عليه ومنها: الكتاب عن الطائع لله بتقديم عز الدولة وإنزاله منزلة ركن الدولة، وهو أعظم ما نقمه عليه. فلما ورد عضد الدولة إلى بغداد في الدفعة الثانية وحصل بواسط، استظهر بأن خرج إلى أبي سعد بهرام بن أردشير، وهو يتردّد في الرسائل، بما يتخوّفه من تشعب رأي عضد الدولة، وسأله إجراء ذكره، وإقامة عذره، والاحتياط له بأمان تسكن إليه نفسه، وكتب على يده كتابا عاد جوابه بما نسخته: «كتابنا، أيدك الله، من المعسكر بجبل يوم الجمعة لست ليال بقين من شهر ربيع الأول عن سلامة ونعمة، والحمد لله ربّ العالمين، ووصل كتابك، أيدك الله، وفهمناه وعرفنا ما يحمل، واستمعنا من أبي سعد بهرام بن أردشير، أعزه الله، ما أورده عنك، ومن كانت به حاجة إلى إقامة معذرة أو استقالة من عثرة، أو الاستظهار في مثل هذه الأحوال بوثيقة، فأنت مستغن عن ذلك بسابقتك في الخدمة، ومنزلتك من الثقة، وموقعك لدينا من الخصوص والزلفة. وذكر أبو سعد، أعزه الله، التماسك أمانا، فقد بذلناه لك على غناك عنه، وأنت آمن على نفسك ودمك وشعرك وبشرك وأهلك وولدك وسائر ما تحويه يدك، حالّ في كلّ حال بكنف الأثرة والخصوص والإحسان والقبول عندنا، محروس في جاهك وموقعك وحالك، فاسكن إلى ذلك واعتمده، ولك علينا في الوفاء به عهد الله وميثاقه. وقد حمّلنا أبا سعد، أعزه الله، في هذا الباب ما يذكره لك، والله نستعين على النية فيك، وهو حسبنا» والتوقيع بخط عضد الدولة: «اعتمد ذلك واسكن إليه وثق بالله إن شاء الله تعالى» . ودخل عضد الدولة إلى بغداد فأجراه على رسمه، ووقع بإقرار إقطاعه وإمضاء   [1] يعد أبو نصر ابن السراج من أقوى المؤازرين لابن بقية، ثم انقلب هذا عليه ونكل به (انظر صفحات متفرقة من تجارب الأمم) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 136 تقريراته. فلما حصل بالموصل كتب إلى أبي القاسم المطهر بالقبض عليه؛ فحدثني أبو الحسن فهد بن عبد الله، وكان يكتب لأبي عمرو بن [ ... ] عند نظره في الموصل، قال: أخرج في الموصل إلى الديوان ما وجد في قلاع أبي تغلب من الحسابات ليتأمّل ويميّز، وكان فيها الشيء الكثير من كتب عزّ الدولة إلى أبي تغلب بخطّ أبي إسحاق جدك، فكان أبو عمرو إذا رأى ما فيه ذكر عضد الدولة أيام المباينة بينه وبين عز الدولة [نحّاه] حتى جمع من ذلك شيئا كثيرا وحمله إلى عضد الدولة لعداوة كانت بينه وبينه فأظنّ ما وقف عليه حرّك ما كان في نفسه حتى كتب من هناك بالقبض عليه. قال: وحدثني جدّي قال: كنت جالسا بحضرة أبي القاسم المطهر بن عبد الله وزير عضد الدولة في يوم القبض عليّ إذ وردت النوبة ففضّت بين يديه، وبدأ منها بقراءة كتاب عضد الدولة، فلما انتهى إلى فصل منه وجم وجوما بان في وجهه، فقال لي أبو العلاء صاعد بن ثابت: أظنّ في هذا الكتاب ما ضاق صدرا به. وقمت من مجلسه لأنصرف فتبعني بعض حجّابه وعدل بي إلى بيت من داره، ووكل بي، وراسلني يقول: «لعلك قد عرفت مني الانزعاج عند الوقوف على الكتاب الوارد من الحضرة اليوم، وكان ذلك لما تضمّن من القبض عليك وأخذ مائة ألف درهم منك، وينبغي أن تكتب خطّك بهذا المال، ولا تراجع فيه، فوالله لا تركت ممكنا في معونتك وتخليصك إلّا بذلته، وقد جعلت اعتقالك في داري، ومقامك في ضيافتي، فطب نفسا بقولي، وثق بما يتبعه من فعلي» . وقبض على ولديه أبي علي المحسن والدي وأبي سعيد سنان عمي، فلما تقدم عضد الدولة إلى أبي القاسم المطهر بالانحدار لقتال صاحب البطيحة سأل عضد الدولة إطلاقه والإذن له في استخلافه بحضرته فقال له: أما العفو فقد شفّعناك فيه، وينبغي أن تعرّفه ذلك وتقول له: إننا قد غفرنا لك عن ذنب لم نعف عما دونه لأهلنا- يعني عز الدولة والديلم- ولأولاد نبيّنا- يعني أبا الحسن محمد بن عمر وأبا أحمد الموسوي [1] ، ولكنا وهبنا إساءتك لخدمتك   [1] أبو الحسن محمد بن عمر الحسني العلوي رئيس العلوية بالعراق صادره عضد الدولة وحبسه، (كانت وفاته سنة 390) وأبو أحمد الموسوي نقيب الطالبيين ووالد الرضي والمرتضى غرّبه عضد الدولة وحبسه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 137 وغلّبنا المحافظة فيك على الحفيظة منك؛ وأما استخلافك إياه بحضرتنا فكيف يجوز أن ننقله من السخط والنكبة إلى النظر في الوزارة، ولنا في أمره تدبير. وبالعاجل فتحمل إليه من عندك ثيابا ونفقة، وتطلق ولديه، وتقدّم إليه عنّا بعمل كتاب في مفاخرنا. فحمل إليه المطهر ثيابا ونفقة، وأطلق ولديه والدي وعمي، ورسم له تأليف الكتاب في الدولة الديلمية. وانحدر المطهر وبقي أبو إسحاق في محبسه، وعمل الكتاب، فكان إذا ارتفع جزء منه حمل إلى الحضرة العضدية حتى يقرأه ويتصفحه ويزيد فيه وينقص منه، فلما تكامل على ما أراده حرّر وحمل كلاما محررا فيقال إنه قرىء عليه في أسبوع، وتركه في الحبس بعد ذلك سنة، واتفق أن خرج إلى الزيارة وعاد، فعمل فيه قصيدة يهنئه فيها بمقدمه ويذكّره بأمره، منها [1] : أهلا بأشرف أوبة وأجلّها ... لأجلّ ذي قدم يلاذ بنعلها شاهانشاه تاج ملّته التي ... زيدت به في قدرها ومحلّها يا خير من زهت المنابر باسمه ... في دولة علقت يداه بحبلها وأقمت فينا سيرة عمرية [2] ... هيهات لا تأتي الملوك بمثلها يردى غويّ فاجر في بأسها ... ويعيش برّ صالح في فضلها مولاي عبدك حالف لك حلفة ... تعيا مناكب يذبل عن حملها لقد انتهى شوقي إليك إلى التي ... لا أستطيع أقلّها من ثقلها طوبى لعين أبصرتك ومن لها ... بغبار دارك جازيا عن كحلها ضلو بعتني بجميع عمري لفظة ... أو لحظة بالطرف لم أستغلها أترى أمرّ بخطرة من بالها ... أترى أعود إلى كثافة ظلها لي ذمّة محفوظة في ضمنها ... ووثائق محروسة في كفلها وإذا رأيت سحائبا لك ثرّة ... تروي النفوس الحائمات بهطلها لا في الرجال الناقعين بوبلها ... كلّا ولا في القانعين بطلّها   [1] اليتيمة 2: 275 وأورد منها أربعة أبيات فقط. [2] م: عضدية والتصويب عن المختصر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 138 قابلت بالزفرات هبّة ريحها ... وحكيت بالعبرات درّة سجلها فلو أن عيني راهنت بدموعها ... يمناك في السقيا لفزت بخصلها قال: قد كان أبو إسحاق يكاتب عضد الدولة في الحبس بالأشعار ويرقّقه، فما رققه شيء كقصيدته القافيّة، ومنها: أجل في البنين الزّهر طرفك إنهم ... حووا كلّ مرأى للأحبة مؤنق وتمّت لك النعمى بقرب كبيرهم ... فأهلا به من طارق خير مطرق موال لنا مثل النجوم مطيفة ... بمولى موال منك كالبدر مشرق وقد ضمّهم شمل لديك مؤلّف ... فأرث لذي الشمل الشتيت المفرق وإن كنت يوما عنهم متصدّقا ... فمن مثل ما خوّلت فيهم تصدّق فلي مقلة تقذى إذا ما مددتها ... إلى حلّة ممن أعول ودردق إناث وذكران أبيت من أجلهم ... على كمد بين الحجابين مقلق رسائلهم تأتي بما يلذع الحشا ... ويصدع قلب النازع المتشوق فباكية ترثي أباها ولم يمت ... وبائنة من بعلها لم تطلّق وزغب من الأطفال أبناء منزل ... شوارد عنه كالقطا المتمزق إذا حرّقوا قلبي بنجواهم انثنت ... علاك تناجيني فتطفي تحرّقي شهدت لئن أنكرت أنك صنتني ... ولم أرع ما أوليتني من ترفّق لقد ضيّع المعروف عندي وأصبحت ... ودائعه مودوعة عند أحمق وحبسك لي جاه عريض ورفعة ... وقيدك في ساقيّ تاج لمفرقي وما موثق لم تطّرحه بموثق ... ولا مطلق لم تصطنعه بمطلق خلا أن أعواما كملن ثلاثة ... تعرقت البقيا أشدّ تعرق وقد ظمئت عيني التي أنت نورها ... إلى نظرة من وجهك المتألق فيا فرحتي إن ألقه قبل ميتتي ... ويا حسرتي إن متّ من قبل نلتقي خدمتك مذ عشرون عاما موفقا ... فهب لي يوما واحدا لم أوفّق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 139 فإن يك ذنب ضاق عندي عذره ... فعندك عفو واسع غير ضيق قال: وسمعت أبا الريان حامد [1] بن محمد الوزير يقول لجدي، وهما في مجلس أنس وأنا حاضر معهما، لما أنفذت القصيدة اللامية [2] بالتهنئة عند قدوم عضد الدولة من الزيارة عرضتها عليه في وقت كان عبد العزيز بن يوسف غير حاضر فيه، فقرأها ثمّ رفع رأسه إليّ وإلى [أبي] عبد الله ابن سعدان، وكنت آمنه عليك وأعلم أنّ اعتقاده يوافق اعتقادي فيك، فقال: قد طال حبس هذا المسكين ومحنته، فقبّلت أنا وهو الأرض عند ذلك، فقال لنا: كأنكما تؤثران إطلاقه، قلنا: إنّ من أعظم حقوقه علينا وذرائعه عندنا أن عرفناه في خدمتك وخالطناه في أيامك، قال: فإذا كان هذا رأيكما فيه فانفذا وأفرجا عنه، وتقدّما إليه عنا بملازمة منزله إلى أن يرسم له ما [يليق] بمثله. قال أبو الريان، فخرجت مبادرا وأنفذت لشكرستان صاحبي، وأنفذ ابن سعدان محمدا لاواتيه [؟] وانتظرت عودهما بما فعلاه من صرفك إلى دارك، فأبطا عليّ، وكنت أعرف من عادة عضد الدولة أنه يتقدم بالأمر ثم يسأل عنه، فإن كان قد فعل أمضاه ولم يرجع، وإن تأخر فربما بدا له رأي مستأنف في التوقف عنه، فدخلت إلى عضد الدولة في عرض ما أطالعه به [وقلت] : سمع الله في مولانا ما دعي له، فقال: ما تجدد؟ قلت: شاهد الناس أبا إسحاق الصابىء وقد أخرج من محبسه ومضى إلى داره فأكثروا من الدعاء والشكر، فسكت. وشغلت عضد الدولة علته وما أفضى إليه من منيته عن النظر في أمره إلا أنه وصل إلى حضرته فيما بين الإطلاق واشتداد العلة في أيام متفرقة فتفقده بثياب ونفقات عدة دفعات. وكان [3] الصاحب ابن عباد يحبّه أشدّ الحبّ ويتعصّب له ويتعاهده على بعد الدار بالمنح، وكان الصابىء منذ حبسه عضد الدولة متعطلا إلى أن مات، فكان يواصل حضرة الصاحب بالمدح؛ قال أبو منصور: فقرأت له فصلا من كتاب في ذكر صلة وصلت منه إليه استطرفته جدا وهو: «ورد- أطال الله بقاء سيدنا- أبو العباس أحمد بن   [1] ذيل التجارب: حمد. [2] الأرجح أنها القصيدة التي مطلعها: «أهلا بأشرف أوبة وأجلها» . [3] اليتيمة 2: 245- 246. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 140 الحسن [1] وأبو محمد جعفر بن شعيب حاجّين، فعرّجا إليّ ملمّين، وعاجا عليّ مسلّمين، فحين عرفتهما وقبل أن أردّ السلام عليهما مددت اليد إلى ما معهما [2] ، كما مدّها حسان بن ثابت إلى رسول جبلة بن الأيهم، ثقة مني بصلته، وتشوقا إلى تكرمته، واعتيادا لإحسانه، وإلفا لموارد إنعامه، وتيقنا أن الخطرة مني على باله مقرونة [3] بالنصيب من ماله، وأن ذكراه لي مشفوعة بجدواه علي، وقمت عند ذلك قائما، وقبّلت الأرض ساجدا، وكررت الدعاء والثناء مجتهدا، وسألت الله أن يطيل له البقاء كطول يده بالعطاء، ويمدّ له في العمر كامتداد يده على الحر، وأن يحرس [على] هذا البدد القليل العدد من مشيخة الكتاب ومنتحلي الآداب ما كنفهم به من ذراه، وأفاءه عليهم من نداه، وأسامهم فيه من مراتعه، وأعذبه لهم من شرائعه التي هم محلأون إلا عنها ومحرومون إلا منها» . وكان [4] الصاحب يتمنى انحياز أبي إسحاق إلى جنبته، وقدومه إلى حضرته، ويضمن له الرغائب على ذلك إما تشوقا وإما تشرفا. وكان أبو إسحاق يحتمل ثقل الخلّة وسوء أثر العطلة ولا يتواضع للاتصال بجملة الصاحب بعد كونه من نظرائه وتحلّيه بالرياسة في أيامه. قال [5] وأخبرني ثقات منهم أبو القاسم علي بن محمد الكرخي، وكان شديد الاختصاص بالصاحب أنه كثيرا ما كان يقول: كتاب الدنيا وبلغاء العصر أربعة: الأستاذ ابن العميد وأبو القاسم عبد العزيز بن يوسف وأبو إسحاق الصابىء، ولو شئت لذكرت الرابع، يعني نفسه. فأما الترجيح بين هذين الصدرين [6] ، أعني الصاحب والصابىء، في الكتابة فقد خاض فيه الخائضون وأطنب المحصلون [7] ؛ ومن أشفى [8] ما سمعته في ذلك أن الصاحب كان يكتب كما يريد، وأبو إسحاق يكتب   [1] اليتيمة: الحسين. [2] اليتيمة: مددت اليد إليهما. [3] اليتيمة: الخطور ... بباله ... مقرون. [4] اليتيمة 2: 246. [5] المصدر نفسه. [6] المختصر: صادي الصّادين. [7] اليتيمة: وأخب فيه المخبون. [8] ر: أشفّ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 141 كما يؤمر، وبين الحالين بون بعيد. وكيف جرى الأمر فهما هما، ولقد وقف فلك البلاغة بعدهما. ومما يدلّ على إناخة كلكل الزمان عليه، وصرف صروفه بعد النباهة إليه، فصل كتبه إلى صديق له يستميحه وهو [1] : «ولما صارت صروف الدهر تتوغل بعد التطرّف، وتجحف بعد التحيّف، وصادف ما تجدّد عليّ في هذا الوقت منها أشلاء مني منهوكة، وعظاما مبرية، وحشاشة مشفية، وبقيّة مودية، جعلت أختار الجهات، وأعتام الجنبات، لأنحو منها ما لا يعاب سائله إذا سأل، ولا يخيب آمله إذا أمل، وكان سيّدي أوّلها إذا عدّدت وأولاها إذا اعتمدت، وكتبت كتابي هذا بيد يكاد وجهي، يتظلّم منها إذ تخطه، إشفاقا على مائه مما يريقه، لولا الثقة بأنه يحقن مياه الوجوه ويحميها، ويجمّها ولا يقذيها» . فصل من كتاب إلى عضد الدولة في تهنئة بتحويل سنته [2] : «أسأل الله مبتهلا لديه، مادّا يدي إليه، أن يحيل على مولانا هذه السنة وما يتلوها من أخواتها بالصالحات الباقيات، والزيادات الغامرات، ليكون كلّ دهر يستقبله وأمد يستأنفه موفيا [3] على المتقدّم له، قاصرا عن المتأخر عنه، ويوفّيه من العمر أطوله وأبعده، ومن العيش أعذبه وأرغده، عزيزا منصورا، محميّا موفورا [4] باسطا يده فلا يقبضها إلا على نواصي أعداء وحسّاد، ساميا طرفه فلا يغضّه إلا على لذة غمض ورقاد، مستريحة ركابه فلا يعملها إلا لاستضافة عزّ وملك، فائزة قداحه فلا يجيلها إلا لحيازة مال وملك، حتى ينال أقصى ما تتوجّه إليه أمنيته جامحة، وتسمو له همّته طامحة» . وحدث هلال بن المحسن، حدثني جدي أبو إسحاق- ثم وجدت هذا الخبر بخطّ المحسن بن ابراهيم- قال حدثني والدي أبو إسحاق قال: كان والدي أبو الحسن يلزمني في الحداثة والصبا قراءة كتب الطبّ والتحلّي بصناعته، وينهاني عن التعرّض   [1] اليتيمة 2: 251 والمختار من رسائل الصابي: 281- 282. [2] اليتيمة 2: 247. [3] م: موفرا. [4] م: منصورا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 142 لغير ذلك، فقويت فيها قوة شديدة، وجعل لي برسم الخدمة في البيمارستان عشرون دينارا في كلّ شهر، وكنت أتردد إلى جماعة من الرؤساء خلافة له ونيابة عنه، وأنا مع ذلك كاره للطب ومائل إلى قراءة كتب الأدب كاللغة والشعر والنحو والرسائل والأدب، وكان إذا أحسّ بهذا مني يعاتبني عليه وينهاني عنه، ويقول: يا بني لا تعدل عن صناعة أسلافك. فلما كان في بعض الأيام ورد عليه كتاب من بعض وزراء خراسان يتضمّن أشياء كثيرة كلّفه إياها ومسائل في الطبّ وغيره سأله عنها، وكان الكتاب طويلا بليغا قد تأنّق [فيه] منشئه وتغارب. فأجاب عن تلك المسائل، وعمل جملا لما يريده، وأنفذها على يديّ إلى كاتب لم يكن في ذلك العصر أبلغ منه، وسأله إنشاء الجواب عنه، قال: فمضيت وأنشأت أنا الجواب وأطلته وحرّرته وجئت به إليه، فلما قرأه قال: يا بني سبحان الله ما أفضل هذا الرجل وأبلغه، قلت له: هذا من إنشائي، فكاد يطير فرحا وضمّني إليه وقبّل بين عيني وقال: قد أذنت لك الآن فامض فكن كاتبا. كان أبو إسحاق الصابىء واقفا بين يدي عضد الدولة وبين يديه كتب قد وردت عليه من ابن سمجور صاحب خراسان، وعلى رأسه غلام تركي حسن الوجه جميل الخلقة، وكان مائلا إليه، ورأيت الشمس إذا وجبت عليه حجبها عنه إلى أن استتمّ قراءة ما كان في يده، ثم التفت إليه فقال له: هل قلت شيئا يا إبراهيم؟ فقال: وقفت لتحجبني عن الشمس ... نفس أعزّ عليّ من نفسي ظلّت تظللني ومن عجب ... شمس تغيّبني عن الشمس فسرّ بذلك وطوى الكتب، وجعله مجلسا للشرب، وألقى على الجواري الستائر يغنّونه به في ذلك اليوم، وهو الخامس من شوّال سنة إحدى وستين وثلاثمائة. وكتب إلى بعض أصدقائه: «ولو حملت نفسي على الاستشفاع والسؤال، لضاق علي فيه المرتكض والمجال، لأنّ الناس عندنا- ما خلا الأعيان الشواذّ الذين أنت بحمد الله أولهم- طائفتان: مجاملة ترى أنها قد وفّتك خيرها إذا كفتك شرها، وأجزلت لك رفدها إذا جنبتك كيدها، ومكاشفة تنزو إلى القبيح نزو الجنادب، أو تدبّ دبيب العقارب، فإن عوتبوا حسروا قناع الشقاق، وإن غولظوا تلثّموا بلثام الجزء: 1 ¦ الصفحة: 143 النفاق، والفريقان في ذاك كما قلت منذ أيام: أيا ربّ كلّ الناس أبناء علّة ... أما تعثر الدنيا لنا بصديق وجوه بها من مضمر الغلّ شاهد ... ذوات أديم في النفاق صفيق اذا اعترضوا عند اللقاء فانهم ... قذى لعيون أو شجى لحلوق وإن أظهروا برد الودود وظلّه ... أسرّوا من الشحناء حرّ حريق أخو وحدة قد آنستني كأنني ... بها نازل في معشر ورفيق فذلك خير للفتى من ثوائه ... بمسبعة من صاحب وصديق ومن خط أبي علي المحسن بن إبراهيم بن هلال: حدثني والدي رحمه الله قال: وصفت وأنا حدث للوزير أبي محمد المهلبي، وهو يومئذ يخاطب بالأستاذ، فاستدعى عمي أبا الحسن ثابت بن إبراهيم وسأله عني، والتمس منه [إلحاقي به] ووعده فيّ بكلّ جميل، فخاطبني عمي في ذلك وأشار عليّ به، فامتنعت لانقطاعي إلى النظر في العلوم. وكنت مع هذه الحال شديد الحاجة إلى التصرّف لقرب العهد بالنكبة من توزون التي أتت على أموالنا، فلم يزل بي أبي حتى حملني إليه، فلما رآني تقبّلني وأقبل عليّ ورسم لي الملازمة، وبحضرته في ذلك الوقت جماعة من شيوخ الكتّاب، فلما كان في بعض الأيام وردت عليه عدة كتب من جهات مختلفة، فاستدعاني وسلّمها إليّ، وذكر لي المعاني التي تتضمنها الأجوبة، وأطال القول، فمضيت وأجبت عن جميعها من غير أن أخلّ بشيء من المعاني التي ذكرها، فقرأها حتى أتى على آخرها، وتقدّم إليّ في الحال بإحضار دواتي والجلوس بين يديه متقدما على الجماعة، فلزم بعضهم منزله وجدا وغضبا، وأظهر بعضهم التعالل، فلم أزل أتلطّف وأداري وأغضي على قوارص تبلغني حتى صارت الجماعة إخواني وأصدقائي. وقرأت بخطه أيضا، وفي «كتاب الوزراء» لابنه- قال المحسن: حدثني والدي، وقال هلال: حدثني جدي، واللفظ والمعنى يزيد وينقص، والاعتماد على ما في كتاب هلال لأنه أتم- قال أبو إسحاق: كنت في مجلس الوزير أبي محمد المهلبي في بعض أيام الحداثة جالسا في مجلس أنسه، وبين يديه أبو الفضل العباس ابن الحسين وأبو أحمد الفضل بن عبد الرحمن وأبو علي الحسين بن محمد الأنباري الجزء: 1 ¦ الصفحة: 144 وأبو الفرج ابن أبي هشام وغيرهم من خلفائه وكتابه، وقد أخذ الشراب من الجماعة، وزاد بهم على حدّ النشوة، وكانت لي في ذلك مزية لأنني شربت معه أرطالا عدة، إذ حضر رسول الأمير معزّ الدولة يذكر أن معه مهما، فقال أبو محمد: يدخل، فدخل وقال: الأمير يقول: تكتب عني الساعة كتابا إلى محمد بن إلياس صاحب كرمان تخطب فيه ابنته لبختيار، فقال الوزير: هذا كتاب يحتاج إلى تأمل وتثبت، وما في الكتّاب من فيه مع السكر فضل له، ثم التفت إلى أبي علي [ابن] الأنباري فقال له: تتمكن يا أبا علي من كتبه؟ فقال: أما الليلة وعلى مثل هذه الحالة والصورة فلا، ورآني الوزير مصغيا إلى القول متشوفا لما يرسمه لي في ذلك فقال: تكتبه يا أبا إسحاق؟ قلت: نعم، قال: افعل، فقمت إلى صفّة يشاهدني فيها واستدعيت دواتي ودرجا منصوريا وكتبت كتابا اقتضبته بغير رويّة ولا نسخة، والوزير والحاضرون يلاحظوني، ويعجبون من إقدامي ثم اقتضابي و [عدم] إطالتي، فلما فرغت منه أصلحته وعنونته وحملته إليه، فوقف عليه ووجهه متهلّل في أثناء القراءة والتأمّل، ورمى به إلى أبي علي ابن الأنباري ثم قال للجماعة: هذا كتاب حسن دالّ على الكفاية المبرّزة، ولو كتبه صاحيا مروّيا لكان عجبا، فكيف إذ يكتبه منتشيا مقتضبا، ولكنه كاتبي وصنيعتي، قم يا أبا إسحاق من موضعك واجلس هاهنا حيث أجلستك الكفاية، وأومأ إلى جانب أبي الغنائم ابنه، فقبّلت يده ورجله وشكرته ودعوت له، وجلست بحيث أجلسني، وشرب لي سارا، ثم استدعى حاجبه وقال: تقدّم دابته إلى حيث تقدّم دوابّ خلفائي، ويوفّى من الإكبار والإكرام ما يوفونه؛ فحسدني على ذلك كلّ من كان حاضرا، ووفوني من الغد حكم المساواة في المخاطبة والمعاملة، واستشعروا عندها أسباب العداوة والمنافسة. ثم قلدني دواوين الرسائل والمظالم والمعاون تقليدا سلطانيا كتب به عن المطيع لله إلى أصحاب الأطراف. وحدث هلال بن المحسن، قال حدثني جدي أبو إسحاق قال: كان أبو طاهر ابن بقية واقفا بين يدي عضد الدولة في سنة أربع وستين وثلاثمائة التي ورد فيها للمعاونة على الأتراك، فقال لي عضد الدولة: لو عرضت علينا أبياتك إلى أبي القاسم عبد العزيز بن يوسف التي هي- وأنشدها وكانت-: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 145 يا راكب الجسرة العيرانة الأجد ... تدمى مناسمها في الحزن والجدد أبلغ أبا قاسم نفسي الفداء له ... مقالة من أخ للحقّ معتمد أنصفت فيها ولم أظلم وما حسن ... بالمرء إلا مقال الحقّ والسدد في كلّ يوم لكم فتح له خطر ... يشاد فيه بذكر السّيد العضد وما لنا مثله لكننا أبدا ... نجيبكم بجواب الحاسد الكمد فأنت أكتب منّي في الفتوح وما ... تجري مجيبا إلى شأوي ولا أمدي إذ لست تعرفها تأتيك من أحد ... ولست أعرفها تمضي إلى أحد وما ذممت ابتدائي إذ بدأتكم ... ولا جوابكم في القرب والبعد وإنما رمت أن أثني على ملك ... مستطرد بدليل فيه مطرد قال: فلما استتمها قال لأبي طاهر: ما قصد أبو إسحاق في هذه الأبيات؟ وسمعها أبو طاهر صفحا، وقد كان شرب أقداحا ولم يعلق بذكره من الأمر إلا ذكر المجلس، واشتهر خبرها عند كلّ أحد، فلما عاد عضد الدولة إلى شيراز سألني أبو طاهر ابن بقية عنها، وطالبني بإنشادها إياه فلم يمكنّي إنكارها فغيرتها في الحال على هذا [الوجه] : يا راكب الجسرة العيرانة الأجد ... تدمى مناسمها في الحزن والجدد أبلغ أبا قاسم نفسي الفداء له ... مقالة من أخ للودّ معتقد أنصفت فيها ولم أظلم ولا حسن ... بالمرء إلا مقال الحقّ والسدد قد أعجبتك فتوح أنت كاتبها ... تردّد السجع فيها غير متئد خلا لك الجوّ إذ أصبحت منتشيا ... تشدو بها طربا كالطائر الغرد تروعني كلّ يوم منك رائعة ... تبغي الجواب لها من موجع كمد فأنت أكتب مني في الفتوح وما ... تجري مجيبا إلى شأوي ولا أمدي أعطيتني شرّ قسميها وفزت بما ... فيه الفوائد من قرب ومن بعد فاشكر إلاهك واعذرني فقد صدئت ... قريحتي من زمان مقرف نكد ثم سعي بأبي إسحاق إلى عزّ الدولة حتى قبض عليه بعد أن أعطانا أمانا كتبه ابن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 146 بقية بيده، ولم يستقص ابن بقية عليه لحقّ كان قد أوجبه عليه أيام كون عضد الدولة ببغداد، فكتب أبو إسحاق إلى ابن بقية من الحبس: ألا يا نصير الدين والدولة التي ... رددت إليها العزّ إذ فات ردّه أيعجزك استخلاص عبدك بعدما ... تخلّصت مولاك الذي أنت عبده وكتب أبو إسحاق إلى المطهر بن عبد الله وزير عضد الدولة، وقد عرضت له شكاة: ولو استطعت أخذت علّة جسمه ... فقرنتها مني بعلّة حالي وجعلت صحّتي التي لم تصف لي ... بدلا له من صحة الإقبال فتكون عندي العلّتان كلاهما ... والصحتان له بغير زوال قرأت بخط أبي علي ابن إبراهيم الصابىء، كتب والدي إلى بعض إخوانه: «كانت رقعتك يا سيدي وصلت إليّ مشتملة من لطيف تفضلك وبرّك، وأنيق نظمك ونثرك، على ما شغلني الاستحسان له، والاسترواح إليه، وتكرير الطرف في مبانيه، والفكر في معانيه، عن الشروع في الإجابة عنه، ثم تعاطيتها فوجدتني بين حالين: إما أوجزت إيجازا يظنّ معه التقصير، أو أطلت إطالة يظهر فيها القصور، فرأيت أولى الأمرين بذل الممكن واستنفاد الجمهود، بعد تقديم الإقرار والاعتراف بفضلك: فسبحان ربّ كريم حباك ... بطول اللسان وطول البنان ووفّاك من فضل إنعامه ... كمالا تقصّر عنه الأماني فما كنت أحسب أنّ الزمان ... يزان [1] بمثلك لولا عياني ومن خطه: حدثني والدي أبو إسحاق قال: راسلت أبا الطيب المتنبي رحمه الله في أن يمدحني بقصيدتين وأعطيه خمسة آلاف درهم، ووسطت بيني وبينه رجلا من وجوه التجار، فقال: قل له والله ما رأيت بالعراق من يستحقّ المدح غيرك، ولا أوجب عليّ في هذه البلاد أحد من الحق ما أوجبت، وإن أنا مدحتك تنكّر لك الوزير- يعني أبا محمد المهلبي- وتغير عليك. لأنني لم أمدحه، فإن كنت لا تبالي   [1] ر: يوات (يواتي) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 147 بهذه الحالة فأنا أجيبك إلى ما التمست، وما أريد منك منالا ولا عن شعري عوضا، قال والدي: فتنبهت على موضع الغلط، وعلمت أنه قد نصح، فلم أعاوده. ومن شعر أبي إسحاق قوله [1] : جرت الجفون دما وكاسي في يدي ... شوقا إلى من لجّ في هجراني فتخالف الفعلان شارب قهوة ... يبكي دما وتشاكل اللونان فكأنّ ما في الجفن من كاسي جرى ... وكأن ما في الكاس من أجفاني وله أيضا: أيها اللائم المضيّق صدري ... لا تلمني فكثرة اللوم تغري قد أقام القوام حجّة عشقي ... وأبان العذار في الحبّ عذري وله أيضا وهو في غاية الجودة: حذّرت قلبي أن يعود إلى الهوى ... لما تبدّل بالنزاع نزوعا فأجابني لا تخش مني بعد ما ... أفلتّ من شرك الغرام وقوعا حتى إذا داع دعاه إلى الهوى ... أصغى إليه سامعا ومطيعا كذبالة أخمدتها فكما دنا ... منها الضّرام تعلقته سريعا وله أيضا: مرضت من الهوى حتى إذا ما ... بدا ما بي لإخواني الحضور تكنّفني ذوو الإشفاق منهم ... ولا ذوا بالدعاء وبالنذور وقالوا للطبيب أشر فإنا ... نعدّك للعظيم من الأمور فقال شفاؤه الرمان مما ... تضمنه حشاه من السعير فقلت لهم أصاب بغير قصد ... ولكن ذاك رمّان الصدور وله أيضا: إلى الله أشكو ما لقيت من الهوى ... بجارية أمسى بها القلب يلهج   [1] هذه القطعة وما يليها نقلت من اليتيمة 2: 257، 258، 259. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 148 إذا امتزجت أنفاسنا بالتثامنا ... توهمت أن الروح بالروح يمزج كأني وقد قبلتها بعد هجعة ... ووجدي ما بين الجوانح يلعج أضفت إلى النفس التي بين أضلعي ... بأنفاسها نفسا إلى الصدر تولج فإن قيل لي اختر أيما شئت منهما ... فإني إلى النفس الجديدة أحوج وله أيضا: أقول وقد جرّدتها من ثيابها ... وعانقتها كالبدر في ليلة التمّ وقد آلمت صدري لشدّة ضمها ... لقد جبرت قلبي وإن أوهنت عظمي وله أيضا: إن نحن قسناك بالغصن الرطيب فقد ... خفنا عليك به ظلما وعدوانا لأنّ أحسن ما نلقاه مكتسيا ... وأنت أحسن ما نلقاك عريانا وله أيضا [1] : فديت من لا حظني طرفها ... من خيفة الناس بتسليمته لما رأت بدر الدجى تائها ... وغاظها ذلك من شيمته نضت له البرقع عن وجهها ... فردّت البدر إلى قيمته وكتب أبو إسحاق إلى الوزير أبي نصر سابور بن أردشير جوابا عن كتاب إليه: أتتني على بعد المدى منك نعمة ... تشاكل ما قدّمت من نعم عندي كتابك مطويا على كلّ منّة ... يمنّ بها المولى الكريم على العبد فقبّلت إجلالا له الأرض ساجدا ... وعفّرت قدّام الرسول بها خدي وقابلت ما فيه من الطّول والندى ... بما فيّ من شكر عليه ومن حمد وعاليت نحو العرش طرفي باسطا ... يدي بدعاء قد بذلت به جهدي وكم لك عندي من يد قد حفظتها ... ولم ينسنيها ما تطاول من عهد   [1] هذه القطعة لم ترد في اليتيمة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 149 وقال في غلام له اسمه رشد أسود [1] : قد قال رشد وهو أسود للذي ... ببياضه استعلى علوّ الخاتن ما فخر خدّك بالبياض وهل ترى ... أن قد أفدت به مزيد محاسن ولو أنّ مني فيه خالا زانه ... ولو أنّ منه فيّ خالا شانني وله فيه أيضا [2] : لك وجه كأنّ يمناي خطته ... بلفظ تملّه آمالي فيه معنى من البدور ولكن ... نفضت صبغها عليه الليالي لم يشنك السواد بل زاد حسنا ... إنما يلبس السواد الموالي وله في البق [3] : وللة لم أذق من حرّها وسنا ... كأنّ في جوها النيران تشتعل حاط بي عسكر للبق ذو لجب ... ما فيه إلا شجاع فاتك بطل من كلّ شائلة الخرطوم طاعنة ... لا تحجب السّجف [4] مسراها ولا الكلل صامو علينا وحرّ الصيف يطبخنا ... حتى إذا نضجت أجسادنا أكلوا وقال يذمّ البصرة وكان قد خرج إليها لاستيفاء مال السلطان: ليس يغنيك في التطهر بالبص ... رة إن حانت الصلاة اجتهاد إن تطهرت فالمياه سلاح ... أو تيممت فالصعيد سماد وقال عند رحيله عنها: تولّيت عن ارض البصيرة راحلا ... وأفئدة الفتيان حشو حقائبي ؟؟؟ ضيفها كلّ ليلة ... بأمثال غزلان الصريم الربائب اقمت بها سوق الصبا والندى معا ... لعاشقة حيرى وحيران لاغب   [1] اليتيمة 2: 266- 267. [2] المصدر السابق. [3] هذه القطعة والأربع التي تليها من اليتيمة 2: 268، 269، 270. [4] ر: يحجب الستر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 150 فما تظهر الأسواق إلا صنائعي ... ولا تستر الجدران إلا حبائبي وقال وقد عتب على بعض ولده: أرضى عن ابني إذا ما عقنى حدبا ... عليه أن يغضب الرحمن من غضبي ولست أدري لم استحققت من ولدي ... إقذاء عيني وقد أقررت عين أبي وكتب إلى بعض الرؤساء يلتمس منه إشغال بعض ولده وإجراء رزق عليه: وما أنا إلا دوحة قد غرستها ... وسقّيتها حتى تراخى بها المدى فلما اقشعرّ العود منها وصوّحت ... أتتك بأغصان لها تطلب الندى وكتب إليه أبو عليّ المحسن ابنه تسلية في إحدى نكباته: لا تأس للمال إن غالتك غائلة ... ففي جنابك من فقد اللهى عوض إذ أنت جوهرنا الأعلى وما جمعت ... يداك من طارف أو تالد عرض وأجابه أبو إسحاق: يا درة أنا من دون الورى صدف ... لها أقيها المنايا حين تعترض قد قلت للدهر قولا كان مصدره ... عن نية لم يشب إخلاصها مرض دع المحسّن يحيا فهو جوهرة ... جواهر الأرض طرّا عندها عرض والنفس لي عوض عما أصيب به ... وإن أصبت بنفسي فهو لي عوض اتركه لي وأخاه ثم خذ سلبي ... ومهجتي فهما مغزاي والغرض وقال يمدح المهلبي [1] : وكم من يد بيضاء حازت جمالها ... يد لك لا تسودّ إلا من النّقس إذا رقشت بيض الصحائف خلتها ... تطرّز بالظلماء أردية الشمس وله فيه وقد فصد من غير علة [2] :   [1] اليتيمة 2: 274. [2] هذه القطعة وما يليها واردة في اليتيمة 2: 275، 276، 279، 280، 282، 285، 286، 287، 290، 293، 260. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 151 لهجت يمينك بالندى فبنانها ... أبدا يفيض على العفاة عطاء حتى فصدت وما بجسمك علة ... كيما تسبّب للطبيب حباء ولقد أرقت دما زكيا من يد ... حقنت بتدبير الأمور دماء يجري العلا في عرقه جري الندى ... في عوده فهو اللباب صفاء لو تقدر الأحرار حين أرقته ... جعلوا له حبّ القلوب وعاء فانعم وعش في صحة وسلامة ... تحيي الوليّ وتكبت الأعداء وله أيضا فيه: لا تحسب الملك الذي أعطيته ... يفضي وإن طال الزمان إلى مدى كالروح في أفق السماء فروعه ... وعروقه متولجات في الندى في كلّ عام يستجدّ شبيبة ... فيعود ماء العود فيه كما بدا حتى كأنك دائر في حلقة ... فلكية في منتهاها المبتدا وله في ابن سعدان: ومازلت من قبل الوزارة جابري ... فكن رائشي إذ أنت ناه وآمر أمنت بك المحذور إذ كنت شافعا ... فبلّغني المأمول إذ أنت قادر لعمري لقد نلت المنى بك كلّها ... وطرفي إلى نيل المنى لك ناظر عكس قول المهلبي: بلغت الذي قد كنت آمله بكم ... وإن كنت لم أبلغ لكم ما أؤمّل وله إلى الصاحب: لما وضعت صحيفتي ... في بطن كفّ رسولها قبّلتها لتمسّها ... يمناك عند وصولها وتودّ عيني أنها ... اكتحلت ببعض فصولها حتى ترى في وجهك ... الميمون غاية سولها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 152 وقال لأبي القاسم عبد العزيز بن يوسف: أبو قاسم عبد العزيز بن يوسف ... عليه من العلياء عين تراقبه روى ورعى لما رأى قول قائل ... «وشبع الفيى لؤم إذا جاع صاحبه» وله تهنئة بالعيد: يا سيدا أضحى الزما ... ن بأسره منه ربيعا أيام دهرك لم تزل ... للناس أعيادا جميعا حتى لأوشك بينها ... عيد الحقيقة أن يضيعا فاسلم لنا ما أشرقت ... شمس على أفق طلوعا واسعد بعيد ما يزا ... ل إليك معتقدا رجوعا وله أيضا يهنىء عضد الدولة بالأضحى: صلّ ياذا العلا لربّك وانحر ... كلّ ضد وشانيء لك أبتر أنت أعلى من أن تكون ... أضاحيك قروما من الجمال لتعقر بل قروما من الملوك ذوي السؤ ... دد تيجانها أمامك تنثر كلما خرّ ساجدا لك رأس ... منهم قال سيفك الله اكبر وله أيضا: ولما رأيت الله يهدي وخلقه ... تجاسرت واستفرغت جهد جهيد فكان احتفالي في الهدية درهما ... يطير على الأنفاس يوم ركود وجزءا لطيفا ذرعه ذرع محبسي ... وتقييده بالشكل مثل قيودي ألاطف مولانا وكالماء طبعه ... تسلسل من عذب النطاف برود وكتب إلى الوزير أبي نصر سابور بن أردشير وقد أعيد إلى الوزارة: قد كنت طلّقت الوزارة بعدما ... زلّت بها قدم وساء صنيعها فغدت بغيرك تستحلّ ضرورة ... كيما يحلّ إلى ذراك رجوعها والآن آلت ثم آلت حلفة ... ألّا يبيت سواك وهو ضجيعها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 153 وله يهجو: أيها النابح الذي يتصدّى ... بقبيح يقوله لجوابي لا تؤمّل أني أقول لك اخسأ ... لست أسخو بها لكلّ الكلاب وله يهجو: وراكب فوق طرف ... كأنه فوق طرفي له قذال متين ... يجلّ عن كلّ وصف يذوب شوقا إليه ... نعلي وخفّي وكفي وله يهجو: يبدي اللواط مغالطا وعجانه ... أبدا لأعواد الورى مستهدف فكأنه ثعبان موسى إذ غدا ... لحبالهم وعصيّهم يتلقّف وله يصف الشعر: لقد شان شأن الشعر قوم كلامهم ... إذا نظموا شعرا من الثلج أبرد فيا ربّ إن لم تهدهم لصوابه ... فأضللهم عن وزن ما لم يجوّدوا وله أيضا: إذا جمعت بين امرأين صناعة ... فأحببت أن تدري الذي هو أحذق فلا تتفقد منهما غير ما جرت ... به لهما الأرزاق حين تفرّق فحيث يكون النقص فالرزق واسع ... وحيث يكون الفضل فالرزق ضيق وله أيضا: كلّ الورى من مسلم ومعاهد ... للدين منه فيك أعدل شاهد فإذا رآك المسلمون تيقنوا ... حور الجنان لدى النعيم الخالد وإذا رأى منك النصارى ظبية ... تعطو ببدر فوق غصن مائد أثنوا على تثليثهم واستشهدوا ... بك إذ جمعت ثلاثة في واحد وإذا اليهود رأوا جبينك لامعا ... قالوا لدافع دينهم والجاحد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 154 هذا سنا الرحمن حين أبانه ... لكليمه موسى النبيّ العابد ويرى المجوس ضياء وجهك فوقه ... مسودّ فرع كالظلام الراكد فتقوم بين ظلام ذاك ونور ذا ... حجج أعدّوها لكلّ معاند أصبحت شمسهم فكم لك فيهم ... من راكع عند الظلام وساجد والصابئون يرون أنك فردة ... في الحسن إقرارا لفرد ماجد كالزهرة الزهراء أنت لديهم ... مسعودة بالمشتري وعطارد فعلى يديك جميعهم مستبصر ... في الدين من غاوي السبيل وراشد أصلحتهم وفتنتني فتركتني ... من بينهم أسعى بدين فاسد قرأت بخط أبي على المحسن بن إبراهيم بن هلال الصابىء، حدثني أبو الحسن محمد بن عبد الله بن سكرة الهاشمي الشاعر قال: أعانني والدك أبو إسحاق إبراهيم بن هلال في هجائي خمرة المجنونة بالشيء الكثير فمن ذلك [1] : لخمرة عندي حديث يطول ... رأتني أبول فكادت تبول وقالت تقول بنا يا فتى ... فقلت وأدليت لم لا أقول فلما نهضت أتتني رقاع ... وجاءت هدايا ووافى رسول ومن ذلك أيضا: نام أيري وقد تولّج فيها ... قائلا فيه من هجير وحرّ بيت خيش في برده ونداه ... سجفت دونه شريحة بظر نعم مستبرد الغراميل لولا ... أنه منتن خبيث المقرّ ومن ذلك أيضا: ألا هل قائل مني لخمره ... فقدتك كلّ شيء منك عبره ألا كلّ النوى في السر يخفى ... وقد أخفت نواتك كلّ بسره إذا وردتك فيشة ذي جمام ... ترفّ نضارة وتروق حمره   [1] اليتيمة 3: 13. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 155 تولّت عنك صفراء النواحي ... عليها من ثياب حشاك صدره فتدخل وهي فيشة جيسوان ... وتخرج وهي كالبرنيّ صفره ومن خط أبي علي المحسن، حدثني السري بن أحمد الشاعر الرفاء قال: أنشدني والدك لنفسه: مازلت في سكري ألمّع كفّها ... وذراعها بالقرص والآثار حتى تركت أديمها وكأنما ... غرس البنفسج منه في الجمّار وأخذت هذا المعنى فقلت [1] : أحبب [2] إليّ بفتية نادمتهم ... بين المحلّة والقباب البيض من كلّ محض الجاهلية معرق ... في الخرّميّة بالعدا عرّيض وسموا الأكفّ بخضرة فكأنما ... غرسوا بها الريحان في الإغريض ومن خطّه لأبي الحسن ابن سكرة الهاشمي من قصيدة إلى والدي وعمي أبي العلاء رحمهما الله: إيمنوا يا بني هلال جميعا ... نوب الدهر والزمان المعاند وارتقوا كيف شئتم في المعالي ... وأذلّوا وأهبطوا كلّ حاسد لكم في أبي العلاء علو ... وصعود ببدره التمّ صاعد زاد في عزكم وما زال منكم ... كلّ يوم يزيد في الصّيد واحد وكتب من الحبس إلى ابنه المحسّن وهو أكثر من هذا في ترجمة أبيه [2] : كتبت أقيك السوء من مجلس ضنك ... وعين عدوّي رحمة منه لي تبكي وقد ملكتني كفّ فظّ مسلّط ... قليل التقى ضار على الفتك والإفك صليت بنار الهمّ فازددت صفوة ... كذا الذهب الابريز يصفو على السبك   [1] لم ترد في ديوانه (ط. القدسي) . [2] اليتيمة 2: 294. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 156 وكتب إلى صديق له من الحبس [1] : نفسي فداؤك غير معتدّ بها ... إذ قد مللت حياتها وبقاءها ولو أن لي مالا سواها لم أكن ... أرضى لنفسك أن تكون إزاءها لكن صغرت فلم أجد إلا التي ... قد آن لي أن استطيل ذماءها وإذا شكرت لمن فداك فإنني ... لك شاكر أن قد قبلت فداءها وكأنني المفديّ حين أرحتني ... من نائبات ما أطيق لقاءها وقال في الحبس [2] : إذا لم يكن للمرء بد من الردى ... فأسهله ما جاء والعيش أنكد وأصعبه ما جاءه وهو راتع ... تطيف به اللذات والحظّ مسعد فان أك شرّ العيشتين أعيشها ... فإني إلى خير المماتين أقصد وسيان يوما شقوة وسعادة ... إذا كان غبا واحدا لهما الغد كان [3] أبو الحسن محمد بن عبد الله بن سكرة ملازما لأبي إسحاق، فتأخر عنه فكتب إليه أبو إسحاق يتعرف خبره ويستبطىء حضوره، فأجابه: لست ممن يخاف منك حؤولا ... فألاقيك بكرة وأصيلا عزّ لقياي أنّ عندي نبيذا ... فإذا ما فني أتيت ذليلا وقال في الشيب [4] : يقول الناس لي في الشيب عزّ ... يزيد به جلال المرء ضعفا ولولا أنه ذلّ وهون ... لما احتكم المزّين فيه نتفا أخذه من ابن الرومي [5] : كفاك من ذلتي للشيب حين أتى ... أني توليت نتفا لحيتي بيدي   [1] المصدر السابق. [2] اليتيمة 2: 296. [3] هذه الفقرة من المختصر. [4] اليتيمة 2: 299. [5] البيت في اليتيمة 2: 299؛ وهو في ديوان ابن الرومي 2: 806. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 157 وله أيضا [1] : وجع المفاصل وهو أى ... سر ما لقيت من الأذى جعل الذي استحسنته ... واليأس من حظي كذا والعمر مثل الكاس ير ... سب في أواخرها القذى حدّث الرئيس أبو الحسن هلال قال: قلت لجدّي أبي إسحاق- تجاوز الله عنه- وهو يشكو زمانه: يا سيدي ما نحن بحمد الله تعالى إلا في خير وعافية، ونعمة كافية، فما معنى هذه الشكوى التي تواصلها، ويضيق صدرك بها، ويتنغّص عيشك معها؟ فضحك وقال: يا بني نحن كدود العسل قد نقلنا منه إلى الخل، فهوذا نحسّ بحموضته ونأسى ونحزن على ما كنّا فيه من العسل ولذته، وأنتم كدود الخلّ ما ذقتم حلاوة غيره، ولا رأيتم طلاوة ضدّه. ولأبي إسحاق من التصانيف: كتاب رسائله وهو مشهور نحو ألف ورقة. كتاب التاجي في أخبار آل بويه. كتاب أخبار أهله. كتاب اختيار شعر المهلبي. كتاب ديوان شعره. - 42- إبراهيم بن علي الحصري القيرواني الأنصاري : قال ابن رشيق في كتاب «الأنموذج» مات بالمنصورة من أرض القيروان سنة ثلاث عشرة وأربعمائة [2] وقد جاوز الأشد، قال: وكان شاعرا نقادا عالما بتنزيل الكلام وتفصيل النظام، يحبّ المجانسة   [42]- ترجمة الحصري في الذخيرة لابن بسام 4/2: 584 وابن خلكان 1: 54 والوافي 6: 61 ومسالك الابصار 11: 309 (عن الأنموذج) وأنموذج الزمان: 45 وعنوان الأريب 1: 43. [1] اليتيمة 2: 300. [2] كذا ورد هنا نقلا عن الأنموذج ورجّحه ابن خلكان من غير تعليل؛ وقال ابن بسام إنه توفي سنة 453 ونقل الصفدي عن كتاب الجنان لابن الزبير أن الحصري ألف زهر الآداب سنة 450 فإن صحّ ذلك، كان ما ذكره ابن بسام في تاريخ وفاته هو الصواب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 158 والمطابقة، ويرغب في الاستعارة تشبها بأبي تمام في اشعاره وتتبعا لآثاره، وعنده من الطبع ما لو أرسله على سجيته لجرى جري الماء، ورقّ رقة الهواء، كقوله في بعض مقطعاته [1] : يا هل بكيت كما بكت ... ورق الحمائم في الغصون هتفت سحيرا والربى ... للقطر رافعة العيون فكأنها صاغت على ... شجوي شجى تلك اللحون ذكّرنني عهدا مضى ... للأنس منقطع القرين فتصرمت أيامه ... وكأنها رجع الجفون وله في الغزل: كتمت هواك حتى عيل صبري ... وأدنتني مكاتمتي لرمسي ولم أقدر على إخفاء حال ... يحول بها الأسى دون التأسي وحبك مالك لحظي ولفظي ... وإظهاري وإضماري وحسي فإن أنطق ففيك جميع نطقي ... وإن أسكت ففيك حديث نفسي وقوله أيضا [2] : إني أحبّك حبا ليس يبلغه ... همّي ولا ينتهي فهمي إلى صفته أقصى نهاية علمي فيه معرفتي ... بالعجز مني عن إدراك معرفته وله تآليف [3] جيدة في ملح الشعر والخبر، قال ابن رشيق [4] : وقد كان أخذ في عمل طبقات الشعراء على رتب الأسنان وكنت أصغر القوم سنا فصنعت: رفقا أبا إسحاق بالعالم ... حصلت في أضيق من خاتم لو كان بالسّن تنال العلا [5] ... فضّل إبليس على آدم   [1] نقله الصفدي في الوافي 6: 62 وهو في المسالك 11: 311 والأنموذج: 46 وسرور النفس: 99. [2] ورد في الذخيرة والوافي والأنموذج. [3] ر: تصانيف. [4] ورد في الوافي؛ وانظر ديوان ابن رشيق: 174 وتمام المتون: 117. [5] م: فضل السبق (السنّ) مندوحة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 159 فبلغه البيتان فأمسك عنه واعتذر منه، ومات وقد سدّ عليه باب الفكرة فيه ولم يصنع شيئا. والذي أعرف أنا من تصانيفه: كتاب زهر الآداب. وكتاب النورين [1] اختصره منها، وهما يتضمنان أخبارا وأشعارا حسانا. وكتاب المصون والدر المكنون. وله عندي كتاب الجواهر في الملح والنوادر، كتبه عبد القادر البغدادي [2] . - 43- إبراهيم بن يحيى بن المبارك بن المغيرة اليزيدي أبو إسحاق بن أبي محمد العدوي: قد ذكر السبب الذي من أجله سمي باليزيدي في خبر أبيه، وكان إبراهيم عالما بالأدب شاعرا مجيدا نادم الخلفاء، وقدم دمشق صحبة المأمون، كذا ذكر ابن عساكر في «تاريخ دمشق» . مات فيما ذكره أبو الفرج ابن الجوزي في «كتاب المنتظم» سنة خمس وعشرين ومائتين. قال ابن عساكر: وكان قد سمع أباه أبا محمد اليزيدي وأبا زيد سعيد بن أوس الأنصاري والأصمعي، روى عنه أخوه أبو علي إسماعيل بن يحيى بن المبارك وابنا أخيه أحمد وعبيد الله ابنا محمد بن أبي محمد. قال الخطيب: وهو بصريّ سكن بغداد، وكان ذا قدر وفضل وحظّ وافر من الأدب، وله كتاب مصنّف يفتخر به اليزيديون وهو «ما اتفق لفظه واختلف معناه» نحو من سبعمائة ورقة، رواه عنه ابن أخيه عبيد الله بن محمد بن أبي محمد، وذكر إبراهيم أنه بدأ بعمله وهو ابن سبع عشرة سنة، ولم يزل يعمله إلى أن أتت عليه ستون سنة. وله كتاب مصادر القرآن، قال ابن النديم [3] : بلغ فيه إلى سورة الحديد   [43]- ترجمة إبراهيم اليزيدي في تاريخ بغداد 6: 209 والأغاني 20: 217 ونور القبس: 89 ومصورة ابن عساكر 2: 567 وتهذيبه 2: 311 وإنباه الرواة 1: 189 ونزهة الألباء: 114 وطبقات الجزري 1: 29 والوافي 6: 165 وبغية الوعاة 1: 434. والمقفى 1: 332. [1] هو نور الظرف ونور الطرف. [2] هذه العبارة تستوقف النظر. فإذا كان عبد القادر هو صاحب الخزانة فهي جملة مزيدة ألحقها بعض المعلقين. وقد طبع الكتاب باسم «جمع الجواهر» . [3] الفهرست: 56. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 160 ومات. وكتاب في بناء الكعبة وأخبارها. وكتاب النقط والشكل. وله كتاب المقصور والممدود. حدث ابن عساكر [1] في تاريخه بإسناد رفعه إلى إبراهيم بن أبي أحمد عن أبيه قال: كنت مع أبي عمرو بن العلاء في مجلس إبراهيم بن عبد الله بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام، فسأل عن رجل من أصحابه فقده، فقال لبعض من حضره: اذهب فاسأل عنه، فرجع فقال: تركته يريد أن يموت، فضحك منه بعض القوم وقال: في الدنيا إنسان يريد أن يموت؟! فقال إبراهيم: لقد ضحكتم منها عربية إذ يريد هاهنا بمعنى يكاد قال الله تعالى: يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَ (الكهف: 77) قال: فقال أبو عمرو بن العلاء: لا نزال بخير مادام فينا مثلك. وحدث أيضا قال، قال إبراهيم اليزيدي: كنت يوما عند المأمون وليس معنا إلا المعتصم، قال: فذكر كلاما فلم أحتمله منه- يعني من المعتصم- وأجبته، قال: فأخفى ذلك المأمون ولم يظهره ذلك الإظهار، فلما صرت من غد إلى المأمون كما كنت أصير قال لي الحاجب: أمرت أن لا آذن لك، فدعوت بدواة وقرطاس فكتبت [2] : أنا المذنب الخطّاء والعفو واسع ... ولو لم يكن ذنب لما عرف العفو سكرت فأبدت منّي الكاس بعض ما ... كرهت وما إن يستوي السكر والصحو ولا سيما إذ كنت عند خليفة ... وفي مجلس ما إن يليق به اللغو ولولا حميّا الكاس كان احتمال ما ... بدهت به لا شكّ فيه هو السرو تنصّلت من ذنبي تنصّل ضارع ... إلى من لديه [3] يغفر العمد والسّهو فإن تعف عني ألف [4] خطوي واسعا ... وإلا يكن عفو فقد قصر الخطو   [1] نقل السيوطي هذه القصة في الأشباه والنظائر 6: 189 عن ياقوت. [2] الأبيات في الأغاني وابن عساكر والوافي والإنباه ونور القبس والمقفى. [3] ابن عساكر: إليه. [4] م ر: تلف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 161 قال: فأدخلها الحاجب ثم خرج إليّ فأدخلني، فمدّ المأمون باعيه فأكببت على يديه أقبلهما [1] فضمني إليه وأجلسني. قال المرزباني: إن المأمون وقّع على ظهر هذه الأبيات: إنما مجلس الندامى بساط ... للمودات بينهم وضعوه فإذا ما انتهوا إلى ما أرادوا ... من حديث ولذة رفعوه وحدث أبو الفرج الأصبهاني في كتابه [2] ورفعه إلى إبراهيم بن اليزيدي قال: كنت مع المأمون في بلد الروم، فبينا أنا أسير في ليلة مظلمة شاتية ذات غيم وريح وإلى جانبي قبة إذ برقت بارقة [3] فإذا في القبة عريب المغنية جارية المأمون، فقالت: إبراهيم بن اليزيدي؟ فقلت: لبيك، فقالت: قل في هذا البرق أبياتا أغني فيها، فقلت: ماذا بقلبي من أليم الخفق ... إذا رأيت لمعان البرق من قبل الأردنّ أو دمشق ... لأنّ من أهوى بذاك الأفق فارقته وهو أعزّ الخلق ... عليّ والزّور خلاف الحق ذاك الذي يملك منّي رقّي ... ولست أبغي ما حييت عتقي فتنفّست نفسا ظننت أنه قد قطع حيازيمها، فقلت: ويحك على من هذا؟! فضحكت وقالت: على الوطن، فقلت: هيهات ليس هذا كله للوطن، فقالت: ويحك أفتراك ظننت أنك تستفزني؟ والله لقد نظرت نظرة مريبة في مجلس فادعاها أكثر من ثلاثين رئيسا، والله ما علم أحد منهم لمن كانت إلى هذا الوقت. ووجدت في بعض الكتب أن إبراهيم اليزيديّ دخل يوما على المأمون وعنده يحيى بن أكثم القاضي، فأقبل يحيى على إبراهيم يمازحه وهم على الشراب، فقال له فيما قال: ما بال المعلمين ينيكون الصبيان؟ فرفع إبراهيم رأسه فإذا المأمون يحرّض   [1] م وابن عساكر: فقبلتهما، وما هنا رواية ر. [2] الأغاني 22: 217 ونقله ابن عساكر. والمقريزي. [3] ابن عساكر: برقة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 162 يحيى على العبث به، فغاظ ذلك إبراهيم، فقال: أمير المؤمنين أعلم خلق الله بهذا، فإن أبي أدبه، فقام المأمون من مجلسه مغضبا، ورفعت الملاهي وكلّ ما كان بحضرته. فأقبل يحيى بن أكثم على إبراهيم فقال له: أتدري ما خرج من رأسك؟ إني لأرى هذه الكلمة سببا في انقراضكم يا آل اليزيدي، قال إبراهيم: فزال عني السكر وسألت من أحضر لي دواة ورقعة فأحضرهما وكتبت إليه معتذرا بقولي: أنا المذنب الخطّاء والعفو واسع الأبيات المتقدمة، قال: فرضي وعفا عنه. قال إبراهيم [1] : وكنت يوما بحضرة المأمون فقالت لي عريب على سبيل الولع: يا سلعوس، قال: وكان من يريد العبث بإبراهيم لقبه سلعوس، قال إبراهيم: فقلت لها: قل لعريب لا تكوني مسلعسه ... وكوني كتتريف وكوني كمؤنسه هذه أسماء جواري المأمون، قال: فقال المأمون على الفور: فإن كثرت منك الأقاويل لم يكن ... هنالك شكّ أنّ ذلك وسوسه فقال إبراهيم: كذا والله يا أمير المؤمنين قدّرت، وإياه أردت، وعجبت من فطنة المأمون وذهنه. - 44- الأثرم الفابجاني الأصبهاني : ذكره في «كتاب أصبهان» فقال: كان أحد   [44]- ورد في الفهرست: 62 من اسمه علي بن المغيرة الاثرم، وكنيته أبو الحسن، وقال فيه: روى عن جماعة من العلماء وعن فصحاء الأعراب وروى كتب أبي عبيدة والأصمعي؛ وقد وردت ترجمته في مصادر أخرى؛ وهذا الأثرم الاصبهاني- في تقديري- شخص آخر، لأن المؤلف نفسه سيترجم لعلي بن المغيرة في العليين (رقم: 838) ولهذا أرى أن مرغوليوث قد وهم في الاشارة إلى عليّ هذا وبذلك ضلّل ناشري الطبعة المصرية، وفابجان من قرى أصبهان. [1] الأغاني 22: 225. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 163 علماء اللغة وممن جال بلدان العراق يجمع اللغة والشعر وتصحيحهما من علمائهما. - 45- أحمد بن أبان بن سيّد اللغوي الأندلسي : أخذ عن أبي علي القالي وغيره من علماء بلاده، وكان عالما حاذقا أديبا، مات فيما ذكره أبو القاسم خلف بن عبد الملك بن بشكوال القرطبي في تاريخه [1] في سنة اثنتين وثمانين وثلاثمائة وكان يعرف بصاحب الشرطة. قال أبو نصر الحميدي في آخر كتابه [2] في باب من يعرف بأحد آبائه: ابن سيد إمام في اللغة والعربية، وكان في أيام الحكم المستنصر، وهو مصنف كتاب العالم في اللغة في نحو مائة مجلد، مرتب على الأجناس، بدأ بالفلك وختم بالذرة. وله في العربية كتاب العالم والمتعلم على المسألة والجواب، وكتاب شرح كتاب الأخفش، وله غير ذلك. ذكره أبو محمد علي بن أحمد [3] وأثنى عليه ولم يسمّه لنا، ولعله أحمد بن أبان بن سيد المذكور في بابه. - 46- أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن داود بن حمدون النديم أبو عبد الله:   [45]- ترجمة ابن سيد في إنباه الرواة 1: 30 والوافي 6: 198 وبغية الوعاة 1: 291 (وانظر الاشارات التالية إلى المصادر التي ينقل عنها المؤلف) . ولم ترد الترجمة في المختصر. [46]- ترجمة ابن حمدون النديم في إنباه الرواة 1: 25 والوافي 6: 209 وبغية الوعاة 1: 291. [1] الصلة: 7. [2] جذوة المقتبس: 11، 381. [3] هو ابن حزم الظاهري أستاذ الحميدي وعنه كثير من مرويات الجذوة؛ وقد جرى ذكر ابن حزم لابن سيد في رسالته في فضل الأندلس (رسائل ابن حزم 2: 182) حيث قال ذاكرا أهم كتب اللغة التي ألفها الأندلسيون، «ومنها كتاب أحمد بن أبان بن سيد في اللغة المعروف بكتاب العالم نحو مائة سفر على الأجناس في غاية الايعاب بدأ بالفلك وختم بالذرة» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 164 ذكره أبو جعفر الطوسي في «مصنفي الإمامية» [1] وقال: هو شيخ أهل اللغة ووجههم، وأستاذ أبي العباس ثعلب، قرأ عليه قبل ابن الأعرابي وتخرّج به مديدة [2] ، وكان خصيصا بأبي محمد الحسن بن علي [3] عليهما السلام وأبي الحسن قبله، وله معه مسائل وأخبار. وله كتب منها: كتاب أسماء الجبال والمياه والأودية. كتاب بني مرة بن عوف. كتاب بني نمر بن قاسط. كتاب بني عقيل. كتاب بني عبد الله بن غطفان. كتاب طيء. كتاب شعر العجير السلولي وصنعته. كتاب شعر ثابت قطنة. قال الشابشتي [4] وكان خصيصا بالمتوكل ونديما له، وأنكر منه المتوكل ما أوجب نفيه عن بغداد ثم قطع أذنه، وكان السبب في ذلك أن الفتح بن خاقان كان يعشق شاهك خادم المتوكل، واشتهر الأمر فيه حتى بلغه، وله فيه أشعار ذكرت بعضها في ترجمة الفتح، وكان أبو عبد الله يسعى فيما يحبّه الفتح، ونمي الخبر إلى المتوكل فاستدعى أبا عبد الله وقال له: إنما أردتك وأدنيتك لتنادمني ليس لتقود على غلماني، فأنكر ذلك وحلف يمينا حنث فيها، فطلّق من كانت حرة من نسائه، وأعتق من كان مملوكا ولزمه حجّ ثلاثين سنة فكان يحج في كلّ عام. قال: فأمر المتوكل بنفيه إلى تكريت فأقام فيها أياما، ثم جاءه زرافة [5] في الليل على البريد فبلّغه ذلك، فظنّ أن المتوكل لما شرب بالليل وسكر أمر بقتله، فاستسلم لأمر الله، فلما دخل إليه قال له: قد جئتك في شيء ما كنت أحبّ أن أخرج [6] في مثله، قال: وما هو؟ قال: أمير المؤمنين أمر بقطع أذنك، وقال قل له: لست أعاملك إلا كما يعامل الفتيان، فرأى ذلك هينا في جنب ما كان توهّمه من إذهاب مهجته [7] فقطع غضروف أذنه من خارج   [1] فهرس الطوسي: 20 (كلكتا) 55 (بيروت) . [2] كذا في الوافي، وفي م والطوسي: وتخرج من يده. [3] يعني به الحسن العسكري. [4] قصة نفي المتوكل له تجدها في الديارات: 6 وما بعدها. [5] زرافة: اسم سياف المتوكل. [6] ر والديارات: أجيء. [7] الديارات: فرأى ذلك أسهل مما ظنه من القتل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 165 ولم يستقصه، وجعله في كافور كان معه وانصرف به، وبقي منفيا مدة، ثم أحدر إلى بغداد فأقام بمنزله مدة. قال أبو عبد الله: فلقيت إسحاق بن إبراهيم الموصلي ثمّ لما كفّ بصره، فسألني عن أخبار الناس والسلطان فأخبرته، ثم شكوت إليه غمي بقطع أذني، فجعل يسلّيني ويعزيني، ثم قال لي: من المتقدم اليوم عند أمير المؤمنين الخاصّ من ندمائه؟ قلت: محمد بن عمر البازيار، قال: من هذا الرجل وما مقدار علمه وأدبه؟ فقلت: أما أدبه فلا أدري، ولكني أخبرك بما سمعت منه منذ قريب: حضرنا الدار يوم عقد المتوكل لأولاده الثلاثة، فدخل مروان بن أبي الجنوب بن أبي حفصة فأنشده قصيدته التي يقول فيها [1] : بيضاء في وجناتها ... ورد فكيف لنا بشمّه فسرّ المتوكل بذلك سرورا كثيرا شديدا، وأمر فنثر عليه بدرة دنانير وأن تلقط وتطرح [2] في حجره، وأمره بالجلوس وعقد له على اليمامة والبحرين، فقال: يا أمير المؤمنين ما رأيت كاليوم ولا أرى، أبقاك الله ما دامت السماوات والأرض، فقال محمد بن عمر: هذا بعد عمر طويل إن شاء الله [3] . قال له: فما بلغك من أدبه؟ فقال: أكثر ما يقول للخليفة أبقاك الله يا أمير المؤمنين إلى يوم القيامة وبعد القيامة بشيء كثير. فقال إسحاق: ويلك جزعت على أذنك وغمّك قطعها، لم؟ حتى تسمع مثل هذا الكلام؟ ثم قال: لو أن لك مكّوك آذان أيش كان ينفعك مع هؤلاء؟! قال: ثم أعاده المتوكل إلى خدمته، وكان إذا دعا به قال له: يا عبيد على جهة المزاح. وقال له يوما: هل لك في جارية أهبها لك فأكبر ذلك وأنكره، فوهب له جارية يقال لها «صاحب» من جواريه حسنة كاملة إلا أن بعض الخدم ردّ الطشت [4] على فمها وقد أرادت أن ترميه فصدع ثنيّتها فاسودّت فشانها ذلك عنده، وحمل كلّ ما كان لها وكان شيئا كثيرا عظيما، فلما مات أبو عبد الله تزوجت «صاحب» بعض   [1] هذا البيت مما فات جامع ديوانه. [2] ر: وتترك. [3] زاد هنا في م: وقبل. [4] الديارات: السبطانة، وهي من آلات الصيد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 166 العلويين، قال علي بن يحيى بن المنجم فرأيته في النوم وهو يقول: أيا عليّ ما ترى العجائبا ... أصبح جسمي في التراب غائبا واستبدلت صاحب بعدي صاحبا ومن شعر أبي عبد الله يعاتب فيه علي بن يحيى [1] : من عذيري من أبي حسن ... حين يجفوني ويصرمني كان لي خلا وكنت له ... كامتزاج الروح بالبدن فوشى واش فغيّره ... وعليه كان يحسدني إنما يزداد معرفة ... بودادي حين يفقدني قال: واتصل بنجاح بن سلمة [2] أن أبا عبد الله ابن حمدون يذكره بحضرة المتوكل ويتنادر به، فلقيه نجاح يوما فقال له: يا أبا عبد الله قد بلغني ذكرك لي بغير الجميل في حضرة أمير المؤمنين، أتحبّ أن أنهي إليه قولك إذا خلوت: «أتراني أحبه وقد فعل بي ما فعل؟! والله ما وضعت يدي على أذني الا تجدّدت له عندي بغضة» ، فقال ابن حمدون: الطلاق له لازم إن كان قال هذا قط، وامرأته طالق إن ذكره بغير ما يحبه أبدا. وكان [3] أبوه إبراهيم- وأظنّ أنه الملقب بحمدون- ينادم المعتصم ثم الواثق بعده، وكان يعابث المتوكل في أيام أخيه الواثق، وجاءه مرّة بحيّة وأخرج رأسها من كمه تعريضا بأمّه شجاع، وكان ذلك يعجب الواثق. ولما مات الواثق نادم حمدون المتوكل، فلما كان في بعض الأيام أمر المتوكل باحضار «فريدة» جارية أخيه الواثق، فأحضرت مكرهة ودفع إليها عود فغنّت غناء كالنّدبة، فغضب المتوكل وأمرها أن تغني غناء، فغنّت بتحزّن وشجى، فزاد ذلك في طيب غنائها، فوجم حمدون للرقة التي تداخلته، فغضب المتوكل ورأى أنه فعل ذلك بسبب أخيه الواثق حزنا عليه، وكان   [1] ورد الشعر في الديارات. [2] نجاح أحد كتاب الدولة العباسية، قتل ستة 245 (انظر فهرست تاريخ الطبري) والنصّ في الديارات. [3] النقل عن الديارات: 11. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 167 يبغض كلّ من مال إليه، فأمر بنفيه إلى السند وضربه ثلاثمائة سوط، فسأل أن يكون الضرب من فوق الثياب لضعفه عن ذلك، فأجيب إلى ذلك، وأقام منفيا ثلاث سنين، وتزوج المتوكل «فريدة» بعد ذلك فولدت له ابنه أبا الحسن. وحدث حمدون بن إسماعيل قال: دعاني المعتصم يوما فدخلت إليه وهو في بعض مجالسه، وإلى جنبه باب صغير، فحادثته مليا إلى أن رأيت الباب قد حرّك وخرجت منه جارية بيضاء مقدودة حسنة الوجه، وبيدها رطل وعلى عنقها منديل، فأخذ الرطل من يدها فشربه، ثم قال: اخرج يا حمدون، فخرجت فكنت في دهليز الحجرة، فلم ألبث أن دعاني، فدخلت وهو جالس على حاله، فحادثته مليا ثم حرك ذلك الباب فخرجت جارية كأحسن ما يكون من النساء سمراء رقيقة اللون بيدها رطل، فأخذه وشربه، وقال: ارجع إلى مكانك، فخرجت فلبثت ساعة هناك، ثم دعاني فأتيته وحادثته ساعة، وحرك الباب فخرجت أحسن الثلاث بيدها رطل ومعها منديل، فأخذ الرطل فشربه، وقال: ارجع إلى مكانك، فخرجت فلبثت ساعة، ثم دعاني فدخلت فقال لي: أتعرف هؤلاء؟ قلت: معاذ الله أن أعرف أحدا ممن هو داخل دار أمير المؤمنين، فقال: إحداهن ابنة بابك الخرّمي، والأخرى ابنة المازيار، والثالثة ابنة بطريق عمورية، افترعتهن الساعة، وهذا نهاية الملك يا حمدون. وأما أبو محمد ابن حمدون فذكر جحظة أن مولده في سنة سبع وثلاثين ومائتين، وتوفي ببغداد في رمضان سنة تسع وثلاثمائة، ونادم المعتمد وخصّ به وكان من ثقاته المتقدمين عنده، وله معه أخبار. وأما أبو العنبس بن أبي عبد الله بن حمدون أحد المشهورين بجودة الغناء والصنعة فيه، وابنه إبراهيم بن أبي العنبس أيضا من المجيدين في الغناء وشجاء الصوت، فهؤلاء المعروفون بمنادمة الخلفاء من بني حمدون. وحدث أحمد بن أبي طاهر أن ابن حمدون النديم حدثه أن الواثق بالله بسط جلّاسه وأمرهم أن لا ينقبضوا في مجلسه وأن يجروا النادرة على ما اتفقت عليه غير محتشمين، وان اتفق وقوعها عليه احتمل، قال: فغبرنا على ذلك مدة، وكان على إحدى عيني الواثق نكتة بياض، فلما كان في بعض الأيام أنشد الواثق أبيات أبي حية النميري: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 168 نظرت كأني من وراء زجاجة ... إلى الدار من فرط [1] الصبابة أنظر فقلت: وإلى غير الدار يا أمير المؤمنين، فتبسم ثم قال لوزيره: قد قابلني هذا الرجل بما لا أطيق أن أنظر إليه بعدها فانظر كم مبلغ جاريه وجرايته وأرزاقه وصلاته فاجمعها، وأقطعه بها إقطاعا بالأهواز، وأخرجه إليها ليبعد عن ناظري، ففعل. قال: وأخرجت إليها وتبيّغ [2] بي الدم، فالتمست حجاما كان في خدمتي، فقيل لم يخرج في الصحبة لعلّة لحقته، فقلت: التمسوا حجاما نظيفا حاذقا وتقدموا إليه بقلّة الكلام وترك الانبساط، فأتوني بشيخ حسن على غاية النظافة وطيب الريح، فجلس بين يديّ وأخذ الغلام المرآة، فلما أخذ في إصلاح وجهي قلت له: اترك في هذا الموضع واحذف في هذا الموضع وعدّل هذه الشعرات وسرّح هذا المكان، وأطلت الكلام وهو ساكت، فلما قعد للحجامة قلت له: اشرط في الجانب الأيمن اثنتي عشرة شرطة، وفي الجانب الأيسر أربع عشرة شرطة، فإن الدم في الجانب الأيسر أقلّ منه في الأيمن، لأن الكبد في الأيمن والحرارة هناك أوفر والدم أغزر، فإذا زدت في شرط الأيمن اعتدل خروج الدم من الجانبين، ففعل وهو مع ذلك ساكت، فعجبت من صمته وقلت للغلام: ادفع إليه دينارا، فدفعه إليه فردّه، فقلت: استقلّه ولعمري إن العيون إلى مثلي ممتدة والطمع مستحكم في نديم الخليفة وصاحب إقطاعه، أعطه دينارا آخر، ففعل فردّهما وأبى أن يأخذهما، فاغتظت وقلت: قبحك الله أنت حجّام سواد، وأكثر من يجلس بين يديك يدفع لك نصف درهم، وأنت تستقلّ ما دفعت اليك؟! فقال: وحقك ما رددتها استقلالا، ولكن نحن أهل صناعة واحدة، وأنت أحذق منّي وما كان الله ليراني وأنا آخذ من أهل صناعتي أجرة أبدا، فأخجلني وانصرف ولم يأخذ شيئا. فلما كان في العام القابل خرجت لمثل ما خرجت إليه في العام الماضي واحتجت إلى نقص الدم، فقلت لغلامي: اذهب فجئنا بذلك الحجام فقد عرف الخدمة، وقد انصرف تلك الدفعة ولم يأخذ شيئا، ولعله أيضا قد نسيها فيقع برّنا منه على حاجة منه إليه، قال: فلما جلس بين يديّ أصلح وجهي الإصلاح الذي كنت أوقفته عليه وحجمني أحسن حجامة فلما فرغ قلت: سبحان الله   [1] م: ماء. [2] تبيغ به الدم وتبوغ: هاج. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 169 أنت صانع سواد، فمن أين لك هذا الحذق بهذه الصنعة؟ فقال: وحقّك ما كنت أحسن من هذا شيئا، ولكنّ حجام الخليفة اجتاز بنا بهذا الموضع في العام الماضي فتعلمت منه هذا، فضحكت منه وأمرت له بثلاثين دينارا مع ما تمّ له من معاريض كلامه في الدفعتين جميعا. وأنشد جحظة في أماليه لنفسه يرثي حمدون النديم، كذا قال ولم يعينه: أيعذب من بعد ابن حمدون مشرب ... لقد كدّرت بعد الصفاء المشارب أصبنا به فاستأسد الضّبع بعده ... ودبّت إلينا من أناس عقارب وقطّب وجه الدهر بعد وفاته ... فمن أيّ وجه جئته فهو قاطب بمن ألج الباب السديد حجابه ... إذا ازدحمت يوما عليه المواكب بمن أبلغ الغايات [1] أم من بجاهه ... أنال وأحوي كلّ ما أنا طالب فأصبحت حلف البيت خلف جداره ... وبالأمر مني تستعيذ النجائب وقال جحظة في أبي جعفر ابن حمدون، ولا أعرفه إلا أنه كذا أورده في أماليه: أبا جعفر لا تنال العلا ... بتيهك في المجلس الحاشد ولا بغلام كبدر التمام ... ركّب في غصن مائد ولا بازيار إذا ما أتاك ... يخطر بالزّرق الصائد [2] فكيف وما لك من شاكر ... وكيف وما لك من حامد أتذكر إذ أنت تحت الزمان ... وحيدا بلا درهم واحد وتحدّث جحظة في أماليه قال، قال لي أبو عبد الله ابن حمدون: حسبت ما وصلني به المتوكل في مدة خلافته وهي أربع عشر سنة وشهور فوجدته ثلاثمائة وستين ألف دينار، ونظرت فيما وصلني به المستعين في مدة خلافته وهي ثلاث سنين ونيف فكان أكثر مما وصلني به المتوكل، ثم خلع المستعين وحدر إلى واسط ومنع من كلّ شيء الا القوت، فاشتهى نبيذا فخرجت دايته إلى أهل واسط فتشكّت ذلك اليهم،   [1] الوافي: العلياء. [2] م: بالذر والصائد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 170 فقال لها رجل من التجار: له عندي كلّ يوم خمسة أرطال نبيذ دوشاب، فكانت تمضي إليه في كلّ يوم فتجيئه به سرا إلى أن حمل من واسط فقتل بالقاطول. - 47- أحمد بن إبراهيم بن أبي عاصم اللؤلؤي [قال] أبو بكر الزبيدي: ومن نحاة القيروان ابن أبي عاصم وكان من العلماء النقاد في العربية والغريب والنحو والحفظ والقيام بشرح أكثر دواوين العرب. مات فيما ذكره الزبيدي سنة ثماني عشرة وثلاثمائة وله ست وأربعون سنة. وكان كثير الملازمة لأبي محمد المكفوف النحوي [1] وعنه أخذ، وكان صادقا في علمه وبيانه لما يسأل عنه [2] ، وله تأليف في الضاد والظاء حسن بين [3] ، وكان شاعرا مجيدا، وكان أبوه موسرا فلم يكن يمدح أحدا لمجازاة، وترك الشعر في آخر عمره وأقبل على طلب الحديث والفقه، وهو القائل: أيا طلل الحيّ الذين تحملوا ... بوادي الغضا كيف الأحبّة والحال وكيف قضيب البان والقمر الذي ... بوجنته ماء الملاحة سيّال [4] كأن لم تدر ما بيننا ذهبية ... عبيريّة الأنفاس عذراء سلسال ولم أتوسّد ناعما بطن كفّه ... ولم يحو جسمينا مع الليل سربال فبانت به عنّي ولم أدر بغتة ... طوارق صرف البين والبين مغتال [5] فلما استقلّت ظعنهم وحدوجهم ... دعوت ودمع العين في الخدّ هطال   [47]- ترجمة اللؤلؤي في إنباه الرواة 1: 27 والوافي 6: 198 وبغية الوعاة 1: 293، وطبقات الزبيدي: 243 وذكره باسم «أبو بكر بن إبراهيم بن أبي عاصم» . [1] يعني عبد الله بن محمود المكفوف، وقد تقدم ذكره. [2] الزبيدي: حسن البيان لما يسأل عنه. [3] الزبيدي: حسنه وبينه. [4] الزبيدي: يختال. [5] الزبيدي: قتّال. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 171 «حرمت مناي منك [1] إن كان ذا الذي ... تقوّله الواشون عني كما قالوا» وهذا البيت الأخير تضمين من أبيات لها قصة أنا ذاكرها: ذكر أبو الفرج علي بن الحسين في كتابه [2] قال: كان عبد الله بن محمد القاضي المعروف بالخلنجي ابن أخت علويه المغني، وكان تيّاها صلفا، فتقلّد في خلافة الأمين قضاء الشرقية، وكان يجلس إلى أسطوانة من أساطين الجامع فيستند إليها بجميع بدنه ولا يتحرك، فإذا تقدّم إليه الخصمان أقبل عليهما بجميع جسده، وترك الاستناد حتى يفصل بينهما ثم يعود لحاله، وعمد بعض المجّان إلى رقعة من الرقاع التي تكتب فيها الدعاوى فألصقها في موضع دنيّته بالدّبق، فلما جلس الخلنجي إلى السارية وتمكّن منها وتقدم إليه الخصوم وأقبل إليهم بجميع جسده كما كان يفعل انكشف رأسه وبقيت الدنيّة موضعها مصلوبة ملتصقة، فقام الخلنجي مغضبا وعلم أنها حيلة عليه وقعت، فغطّى رأسه بطيلسانه وتركها مكانها حتى جاء بعض أصحابه فأخذها، فقال بعض شعراء عصره: إن الخلنجيّ من تتايهه ... أثقل باد لنا بطلعته ما تيه ذي نخوة [3] مناسبه ... بين أخاوينه وقصعته يصالح الخصم من يخاصمه ... خوفا من الجور في قضيته لو لم تدبّقه كفّ قانصه ... لطار فيها على رعيته واشتهرت الأبيات والقصة ببغداد، وعمل لها علويه حكاية أعطاها الزفّانين والمخنثين فأخرجوه فيها، وكان علويه يعاديه لمنازعة كانت بينهما ففضحه، واستعفى الخلنجي من القضاء ببغداد، وسأل أن يولّى بعض الكور البعيدة، فولّي جند دمشق أو حمص، فلما ولي المأمون الخلافة غناه علويه بشعر الخلنجي وهو: برئت من الإسلام إن كان ذا الذي ... تقوّله الواشون عنّي كما قالوا   [1] الزبيدي: سقيت نجيع السمّ. [2] انظر الأغاني 11: 318- 320 وبعضه في كتاب بغداد: 152. [3] الأغاني: ما إن لذي نخوة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 172 ولكنّهم لما رأوك غريّة ... بهجري تساعوا [1] بالنميمة واحتالوا فقد صرت أذنا للوشاة سميعة ... ينالون من عرضي ولو شئت ما نالوا فقال له المأمون: من يقول هذا الشعر؟ قال: قاضي دمشق، فأمر المأمون بإحضاره فكتب إلى والي دمشق بإحضاره [2] فأشخص، وجلس المأمون للشرب، وأحضر علويه ودعا بالقاضي. فقال له: أنشدني قولك: برئت من الإسلام إن كان ذا الذي ... تقوّله الواشون عنّي كما قالوا فقال: يا أمير المؤمنين هذا شيء قلته منذ أربعين سنة وأنا صبي، والذي أكرمك بالخلافة وورّثك ميراث النبوة ما قلت شعرا منذ أكثر من عشرين سنة إلا في زهد أو عتاب صديق، فقال له: اجلس فجلس، فناوله قدحا من نبيذ كان في يده، فقال: يا أمير المؤمنين ما غيّرت الماء بشيء قطّ مما يختلف في تحليله، فقال: لعلك تريد نبيذ التمر أو الزبيب، فقال: لا والله يا أمير المؤمنين ما أعرف شيئا منها، فأخذ القدح من يده وقال: أما والله لو شربت هذا لضربت عنقك، ولقد ظننت أنك صادق في قولك كلّه، ولكن لا يتولى لي [القضاء] أبدا رجل بدأ في قوله بالبراءة من الإسلام، انصرف إلى منزلك، وأمر علويه أن يغير ذلك ويقول: حرمت مناي منك إن كان ذا الذي - 48- أحمد بن إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن الحسن الفارسي أبو حامد المقرىء الأديب نزيل نيسابور: جمع في القراءات مصنفات كثيرة. قال الحاكم:   [48]- ترجمته في الوافي 6: 211 (عن ياقوت) . [1] الأغاني: تواصوا. [2] الأغاني: باشخاصه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 173 وكان من العباد، أقام في منزل أبي إسحاق المزكي سنين لتأديب أولاده وحفظ سماعاتهم عليهم. سمع في بلده من أصحاب أبي الأشعث وعمر بن شبة وأقرانهم، مات بنيسابور سنة ست وأربعين وثلاثمائة [1] . قال الحاكم: حدثني أبو حامد الفارسي قال حدثنا أبو الحسين ابن زكريا قال: كنت عند أبي بكر محمد بن داود بن علي الأصبهاني الفقيه وهو يكتب إلى بعض إخوانه بهذه الأبيات: جعلت فداك قد طال اشتياقي ... وليس تزيدني إلا مطالا كتبت إليك أستدعي نوالا ... فلم تكتب إليّ نعم ولا لا نصحت لكم حذارا أن تعابوا ... فعاد عليّ نصحكم وبالا سأصبر إن أطعت الصبر حتى ... يملّ الصبر أو تهوى الوصالا - 49- أحمد بن إبراهيم بن معلى بن أسد العمّي أبو بشر: ذكره أبو جعفر الطوسي في «مصنفي الإمامية» قال: والعمّ هو مرة بن مالك بن حنظلة بن زيد مناة، وهو ممن دخل في تنوخ بالحلف وسكنوا الأهواز، وكان مستملي أبي أحمد الجلودي، وسمع كتبه كلها ورواها، وكان ثقة في حديثه حسن التصنيف، وأكثر الرواية عن العامة والاخباريين، وكان جده المعلّى بن أسد من أصحاب صاحب الزنج المختصين به، وروى عنه وعن عمه أسد بن المعلى أخبار صاحب الزنج، وله تصانيف منها: كتاب التاريخ الكبير. كتاب التاريخ الصغير. كتاب مناقب علي عليه السلام. كتاب أخبار صاحب الزنج. كتاب الفرق وهو كتاب حسن غريب. كتاب أخبار السيد الحميري. شعر [السيد الحميري] [2] . كتاب عجائب العالم.   [49]- ترجمته في الوافي 6: 212 (عن ياقوت) وفهرس الطوسي: 21. [1] هنا ينتهي نقل الصفدي. [2] زيادة عن الوافي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 174 - 50- أحمد بن إبراهيم الضبي أبو العباس الملقب بالكافي الأوحد الوزير بعد الصاحب أبي القاسم ابن عباد لفخر الدولة أبي الحسن علي بن ركن الدولة بن بويه: مات في صفر سنة تسع وتسعين وثلاثمائة ببروجرد من أعمال بدر بن حسنويه على ما نذكره. ذكره الثعالبي فقال: هو جذوة من نار الصاحب أبي القاسم، ونهر من بحره، وخليفته النائب منابه في حياته، القائم مقامه بعد وفاته، وكان الصاحب استنجبه [1] منذ الصبا، واجتمع فيه الرأي والهوى، فاصطنعه لنفسه وأدّبه بآدابه، وقدّمه بفضل الاختصاص على سائر صنائعه وندمائه، وخرّج منه صدرا يملأ الصدور كمالا، ويجري في طريقه ترسما وترسلا، وفي ذرى المعالي توقلا، ويحقق قول أبي محمد [الخازن] [2] فيه من قصيدة: تزهى بأترابها كما زهيت ... ضبّة بالماجد ابن ماجدها سمائها شمسها غمامتها ... هلالها بدرها عطاردها يروي كتاب الفخار أجمع عن ... كافي كفاة الورى وواحدها وقد كانت بلاغة العصر بعد الصاحب والصابىء بقيت متماسكة بأبي العباس، فأشرفت على التهافت بموته، وكادت تشيب بعده لمم الأقلام، وتجف غدر محاسن الكلام، لولا أنّ الله سدّ ببقاء الأمير أبي الفضل عبيد الله بن أحمد ثلم الآداب والكتابة. ثم وصفه بكلام كثير. ومن شعر أبي العباس الضبي [3] :   [50]- ترجمة الكافي الأوحد أحمد بن إبراهيم الضبي في المنتظم 7: 240 والوافي 6: 204 واليتيمة 3: 291. [1] م واليتيمة: استصحبه. [2] أبو محمد عبد الله بن أحمد الخازن أصبهاني من خواص الصاحب، كان يتولى خزانة كتبه في شبابه، ثم ذهب مغاضبا أو هاربا، ثم عاد إلى حضرة الصاحب (اليتيمة 3: 325) . [3] اليتيمة 3: 295. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 175 لا تركنن إلى الفرا ... ق فإنه مر المذاق والشمس عند غروبها ... تصفرّ من ألم الفراق وكتب إلى الصاحب كافي الكفاة [1] : أكافي كفاة الأرض ملكك خالد ... وعزّك موصول فأعظم بها نعمى نثرت على القرطاس درا مبددا ... وآخر نظما قد فرعت به النجما جواهر لو كانت جواهر نظّمت ... ولكنها الأعراض لا تقبل النظما وهذه رسالة من نثره كتبها إلى أبي سعيد الشيبي [2] : أتاني كتاب شيخ الدولتين فكان في الحسن روضة حزن بل جنة عدن، وفي شرح النفس وبسط الأنس برد الأكباد والقلوب، وقميص يوسف في أجفان يعقوب. ومنها: وبعد فإن المنازعين للأمير حسام الدولة نسور قد أفنتها [3] العصور، ودولته حرسها الله في إبان شبابها واعتدالها، وريعان إقبالها واقتبالها، قد أسّست على صلاح وسداد، وعمارة دنيا ومعاد، وهي مؤذنة بالدوام في ظلّ السلامة والسلام. وأما سبب هربه إلى بروجرد فإن أمّ مجد الدولة اتهمته أنه سم أخاه، وطلبت منه مائتي ألف دينار نفقة في مأتمه، فلم يفعل والتجأ إلى بروجرد، وهي من أعمال بدر بن حسنويه الكردي، ثم بدا له في الرجوع إلى الوزارة، فبذل مائتي ألف دينار ليعاد إلى وزارته لمجد الدولة، فلم يجب إلى ذلك، فلما مات احتوى ابنه أبو القاسم سعد على تركته، وكانت عظيمة، ومات بعده بشهور، فاحتوى أبو بكر محمد بن عبد العزيز بن رافع على المال، وورد تابوت أبي العباس إلى بغداد مع أحد حجابه، وكتب ابنه إلى أبي بكر الخوارزمي شيخ أصحاب أبي حنيفة يعرّفه أنه وصّى بدفنه في مشهد الحسين بن علي رضي الله عنهما، ويسأله القيام بأمره وابتياع تربة له، فخاطب الشريف الطاهر أبا أحمد في ذلك وسأله أن يبيعهم تربة بخمسمائة دينار، فقال: هذا   [1] المصدر نفسه. [2] اليتيمة 3: 292. [3] اليتيمة: اقتنصتها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 176 رجل التجأ الى جوار جدي ولا آخذ لتربته ثمنا، وكتب [على] نفسه الموضع الذي طلب منه، وأخرج التابوت إلى براثا، وخرج الطاهر أبو أحمد ومعه الأشراف والفقهاء وصلّى عليه، وأصحب خمسين رجلا من رجاله حتى أوصلوه ودفنوه هنالك. وقد مدحه مهيار بقصائد منها [1] : أجيراننا بالغور والركب متهم ... أيعلم خال كيف بات المتيم رحلتم وعمر الليل فينا وفيكم ... سواء ولكن ساهرون ونوم بنا أنتم من ظاعنين وخلّفوا ... قلوبا أبت أن تعرف الصبر عنهم يقون الوجوه الشمس والشمس فيهم ... ويسترشدون النجم والنجم منهم أناشد نعمان الأخابير عنهم ... كفى حيرة مستفصح وهو أعجم ولما جلا التوديع عمّن أحبّه ... ولم يبق إلا نظرة تتغنّم بكيت على الوادي فحرّمت ماءه ... وكيف يحلّ الماء أكثره دم ونفّرت بالأنفاس عنّي حدوجهم ... كأن مطاياهم بهنّ توسم وإن ملوكا في بروجرد كرمت ... هم بذلوا الإنصاف حين تكرموا يميّز من أعدائهم أولياؤهم ... إذا انتقموا يوم الجزاء وانعموا أسادتنا والجود صيّرنا لكم ... عبيدا وعن قوم نعز ونكرم إلام وكان البرّ منكم سجية ... تواصلنا يجفى وكم نتظلم من اعتضتم عنا خطيبا لفضلكم ... وهل مثل شعري عن علاكم يترجم وهل غير مدحي طبّق الأرض فيكم ... وإن كان ملء الأرض ما قد مدحتم ولما مات رثاه مهيار أيضا بقصيدة منها [2] : أبكيك لي ولمن بلين بفرقة الأيتام بعدك والنساء أرامل   [1] ديوان مهيار 3: 344. [2] ديوان مهيار: 3: 28- 30. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 177 ولمستجير والخطوب تنوشه ... مستطعم والدهر فيه آكل ولمعشر طرق العلوم ذنوبهم ... في الناس وهي لهم إليك وسائل قد كنت ملتحفا بمدحك حلّة ... فخرا تجرّ لها عليك ذلاذل فاليوم أشكرك الصنيع مراثيا ... خرس المشبّب عندها والعاذل قال هلال [1] : في عصر الجمعة لست بقين من صفر سنة خمس وثمانين وثلاثمائة توفي الصاحب كافي الكفاة أبو القاسم إسماعيل بن عباد بالريّ، ودفن من غد في داره، ونظر في الأمور بعده أبو العباس أحمد بن إبراهيم الضبي المتلقب بالكافي الأوحد، ومنزلة الصاحب وعلو قدره وما شاع من ذكره يغني عن الإطالة في وصف أمره. فحدثني [2] القاضي أبو العباس أحمد بن محمد الباوردي قال: اعتلّ الصاحب أبو القاسم فكان أمراء الديلم ووجوه الحواشي وأكابر الناس يغادون بابه ويراوحونه، ويخدمونه بالدعاء وتقبيل الأرض وينصرفون، وجاءه فخر الدولة عدة دفعات، فيقال إن الصاحب قال له وهو على يأس من نفسه: قد خدمتك أيها الأمير الخدمة التي استفرغت فيها الوسع، وسرت في دولتك وأيامك السيرة التي حصّلت لك حسن الذكر بها، فإن أجريت الأمور بعدي على رسومها علم أن ذلك منك، ونسب الجميل فيه إليك، واستمرت الأحدوثة الطيّبة لك، ونسيت أنا في أثناء ما يثنى به عليك، وإن غيّرت ذلك وعدلت عنه، وسمعت أقوال من يحملك على خلافه ويسلك به في طريقه، كنت المذكور بما تقدم والمشكور عليه، وقدح في دولتك وذكرك ما يشيع آنفا عنك، فقال له في جواب [3] ذلك ما أراه به قبول رأيه. فلما كان وقت غروب الشمس من ليلة الجمعة المذكورة قضى نحبه، وكان أبو محمد خازن الكتب ملازما داره على سبيل الخدمة له وهو عين لفخر الدولة في مراعاة الدار وما فيها، فأنفذ في الحال وعرّفه الخبر، فأنفذ فخر الدولة خواصّه وثقاته حتى احتاطوا على الدار والخزائن ووجدوا له كيسا فيه رقاع أقوام بمائة ألف وخمسين ألف دينار مودعة عندهم، فاستدعاهم وطالبهم بذلك فأحضروه، وكان فيه ما هو بختم مؤيد الدولة، ورجّمت الظنون فيه فقيل إنه   [1] انظر ذيل تجارب الأمم لأبي شجاع: 261. [2] ر: فحدث. [3] ر: أثناء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 178 أخذه من خيانة، وقيل: إنه أودعه لولد مؤيد الدولة عن وصية منه إليه، ونقل ما كان في الدار والخزائن إلى دار فخر الدولة، وجهّز الصاحب وأخرج تابوته وسط الناس، وقد جلس أبو العباس الضبي للعزاء به، فلما بدا على أيدي الحاملين له قامت الجماعة إعظاما له وقبلوا الأرض، ثم وقعت الصلاة عليه وعلّق بالسلاسل في بيت كبير إلى أن نقل إلى تربته بأصبهان. وكان القاضي أبو الحسن عبد الجبار بن أحمد قد قال: لا أرى الرحمة عليه لأنه مات من غير توبة ظهرت منه، فطعن عليه بذلك، ونسب إلى قلّة الرعاية فيه. وقبض فخر الدولة على القاضي عبد الجبار وأسبابه وقرر أمرهم على ثلاثة آلاف ألف درهم، فأدّوا ذلك ورقا وعينا وقيمة عقار سلّموه، وباع في جملة ما باع ألف طيلسان محشّى وألف ثوب مصري، وقلد القضاء بعده علي بن عبد العزيز، وطالب أبا العباس الضبي أن يحصّل من الأعمال [1] والمتصرفين فيها ثلاثين ألف ألف درهم، وقال له: إن الصاحب أضاع الأموال وأهمل الحقوق، وينبغي أن يستدرك ما فات ويتتبّع ما مضى، فامتنع من ذاك مع تردّد القول فيه. وكتب أبو علي الحسن بن أحمد بن حمولة، وكان من أعلام [2] الكتاب المتقدمين الذين استخصهم [3] الصاحب وأقر لهم بالفضل، وقد قاد الجيوش الكثيرة فهزمهم، فقامت له الهيبة التامة في قلوب العساكر والملوك المجاورين، وكان عند موت الصاحب بجرجان مقيما مع الجيوش لمدافعة قابوس بن وشمكير وجيوش خراسان، فكتب يخطب الوزارة ويضمن ثمانية آلاف ألف درهم عنها، فأجيب بالحضور، فلما قرب قال فخر الدولة لأبي العباس الضبي: قد ورد أبو علي وعزمت على الخروج من غد لتلقّيه، وأمرت الجماعة من قوادي وأصحابي بالنزول له، ولا بد من خروجك وفعلك مثل ذلك، فثقل هذا القول على أبي العباس، وقال له خواصه وأصحابه: هذا ثمرة امتناعك عليه وتقاعدك عما دعاك له، وسيكون لهذه الحال ما بعدها، فراسل فخر الدولة وبذل له ستة آلاف ألف درهم على إقراره على الوزارة وإعفائه من تلقي أبي علي، وخرج فخر الدولة وتلقاه ولم يخرج أبو العباس، ورأى فخر الدولة أن من الصلاح لأمره الإشراك بينهما في وزارته، فسامح أبا علي بألفي ألف درهم من جملة الثمانية التي بذلها،   [1] فوقها في: العمال. [2] ر: أعيان. [3] ر: استنصحهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 179 وسامح أبا العباس بألفي ألف درهم من جملة الستة التي ذكرناها، وقرر عليهما عشرة آلاف ألف درهم، وجمع بينهما في النظر، وخلع عليهما خلعتين متساويتين، ورتب أمرهما على أن يجلسا في دست واحد، ويكون التوقيع لهذا في يوم والعلامة للآخر وتجعل الكتب باسمهما يقدم هذا على عنواناتها يوما وهذا يوما، ووقع التراضي بذلك، وجرت الحال عليه، ونظرا في الأعمال وتحصيل الأموال، وقبضا على أصحاب الصاحب أبي القاسم ومن لحقته المسامحة في أيامه، وقرّرا عليهم المصادرات. وذكر القاضي أبو العباس عن أبي العلاء ابن المقرن أنه حدثه أنهما استخرجا من أصبهان وحدها جملة وافرة، وجرت حال غيرها من النواحي إلى مصادرة أهلها إلى مثل هذه الصورة، وأنفذا أبا بكر ابن رافع إلى استراباذ ونواحيها لاستيفاء ما يستوفيه من المعاملين والتنّاء فيها، فقيل إنه جمع الوجوه وأرباب الأحوال وأخّر الإذن لهم حتى تعالى النهار واشتد الحر، ثم أطعمهم طعاما أكثر ملحه ومنعهم الماء عليه وبعده، وقدّم إليهم الدواة والكاغد وطالبهم بكتب خطوطهم بما يصححونه، ولم يزل يستام عليهم فيه وهم يتلهفون عطشا إلى أن التزموا له عشرة آلاف ألف درهم، وتوقّف العمال والمتصرفون عن الخروج إلى قزوين لأن أهلها أهل امتناع وقوة، فبذل الفاراضي بن شير مردي الخروج إليها، وذكر أنه يعرف وجوه أموال فيها، وخرج وحاول مطالبة أهلها ومعاملتهم بمثل ما عومل به غيرهم، فاجتمعوا وهجموا عليه في داره وقتلوه. واجتمع لفخر الدولة من الأموال في الخزائن والقلاع ما كثّره المقللون، ثم تمزق بعد وفاته فلم يبق منه بقية في أسرع وقت. ثم مات فخر الدولة وولي الأمر بعده ابنه مجد الدولة أبو طالب رستم، واستولت السيدة والدته على الأمر. وأجري أمر الوزيرين على حاله في أيام فخر الدولة من التشارك في تدبير المملكة، ومزقا أموال فخر الدولة وبذّراها غاية التبذير، ثم نجم قابوس واستولى على جرجان وضام جيوش خراسان. فدعت الضرورة إلى تجهيز [1] جيش إليه وأن يخرج معه أحد الوزيرين، فتقارعا على من يخرج منهما، فوقعت القرعة على الجليل أبي علي الحسن بن أحمد بن حمولة، فخرج ومعه العساكر الحميلة، ووقعت بينه وبين قابوس وقائع   [1] ر: تسريب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 180 استنفدت الأموال التي صحبته واحتاج إلى الإمداد من الريّ، فتقاعد به أبو العباس الضبي فرجع إلى الري مفلولا، وأقاما على أمرهما من الاشتراك مدة، ثم سعت بينهما السعاة وقالوا: فساد الأمر إنما هو من اشتراكهما واختلاف آرائهما، والرأي أن يعزل أحدهما ويبقى الآخر. وكان ابن حمولة شديد الثقة بنفسه معتقدا أن العساكر لا تختار غيره ولا تريد سواه، فكان متغافلا، حتى دبّر أبو العباس الضبى عليه، وقبض عليه بأمر السيدة، وحمله إلى قلعة استوناوند، ثم أنفذ [1] إليه من قتله. واستبد أبو العباس بالأمر وجرت له خطوب عجز في أمرها، ومات قرابة للسيدة فاتهم أنه سقاه السم [2] ، فهرب حتى لحق بروجرد في سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة ملتجئا إلى بدر بن حسنويه، فلم يزل عنده إلى أن مات في بروجرد في سنة سبع وتسعين أو ثمان وتسعين، وتبعه ابنه أبو القاسم سعد لاحقا به، وكانت المدة قريبة بينهما. وقيل: إن أبا بكر ابن رافع واطأ أحد غلمانه فسقاه سما كان فيه حتفه، ونهض أبو بكر من همذان إلى بروجرد لاحتمال تركته، فذكر أنه حصل له ما زاد على ستمائة ألف دينار. - 51- أحمد بن إبراهيم أبو رياش : وجدت بخطّ الحميدي فيما رواه عن التنوخي في كتاب «نشوار المحاضرة» قال: هو أبو رياش أحمد بن أبي هاشم القيسي. ووجدت بخط بعض أدباء مصر قال: أبو رياش أحمد بن إبراهيم الشيباني، ولعل أبا هاشم كنية إبراهيم. مات فيما ذكره أبو غالب همام بن الفضل بن مهذب المعرّي في تاريخه في سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة. قال أبو علي المحسن بن علي التنوخي: ومن رواة الأدب الذين شاهدناهم   [51]- ترجمة أبي رياش في يتيمة الدهر 2: 352 وإنباه الرواة 1: 25، 4: 118 والوافي 6: 205 وبغية الوعاة 1: 409 ولم ترد ترجمته في المختصر. [1] ر: بعث. [2] ر: قتله بالسمّ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 181 أبو رياش أحمد بن أبي هاشم القيسي، وكان يقال إنه يحفظ خمسة آلاف ورقة لغة، وعشرين ألف بيت شعر، إلا أن أبا محمد المافروخي أبرّ عليه لأنهما اجتمعا أول ما تشاهدا بالبصرة، فتذاكرا أشعار الجاهلية، وكان أبو محمد يذكر القصيدة فيأتي أبو رياش على عيونها فيقول أبو محمد: لا، إلا أن تهذّها من أولها إلى آخرها، فينشد معه ويتناشدان إلى آخرها، ثم أتى أبو محمد بعدة قصائد لم يتمكن أبو رياش أن يأتي بها إلى آخرها، وفعل ذلك في أكثر من مائة قصيدة. حدثني بذلك من حضر ذلك المجلس معهما. وحكى أبو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان المعري في كتابه المعروف ب «الرياش المصطنعي» أن أبا رياش كان طويل الشخص جهير الصوت يتكلّم بكلام البادية، ويظهر أنه على مذهب الزيدية، ويتزوج كثيرا ويطلق، وكان يقول: ولدت بالبادية، ولعبت بالخضرمة، وتأدبت بالبصرة- والخضرمة بستان في ناحية اليمامة له خاصية في عظم البصل. والريش والرياش حسن الهيئة والشارة. وقال أبو منصور عبد الملك بن محمد الثعالبي في اليتيمة [1] : كان أبو رياش باقعة في حفظ أيام العرب وأنسابها وأشعارها، غاية بل آية في هذّ دواوينها وسرد أخبارها، مع فصاحة وبيان، وإعراب واتقان، ولكنه كان عديم المروءة وسخ اللبسة كثير التقشّف وقليل التنظف. وفيه يقول أبو عثمان الخالدي [2] : كأنما قمل أبي رياش ... ما بين صئبان قفاه الفاشي وذا وذا قد لجّ في انتعاش ... شهدانج بدّد في خشخاش وكان مع ذلك شرها على الطعام، رجيم شيطان المعدة حوتيّ الالتقام، ثعبانيّ الالتهام، سيء الأدب في المواكلة، دعاه أبو يوسف البريدي [3] والي البصرة إلى مائدته، فلما أخذ في الأكل مدّ يده إلى بضعة لحم فانتهشها ثم ردّها إلى القصعة، فكان بعد ذلك إذا حضر مائدته أمر بأن يهيأ له طبق ليأكل عليه وحده. ودعاه يوما المهلبي الوزير   [1] تقدمت الاشارة إليه في مصادر الترجمة أعلاه (وهو داخل في ترجمة ابن لنكك) ونقله القفطي في 4: 118. [2] ديوان الخالديين: 137. [3] م: اليزيدي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 182 إلى طعامه فبينما هو يأكل إذ امتخط في منديل الغمر [1] وبصق فيه، ثم أخذ زيتونة من قصعة فغمزها بعنف حتى طفرت نواتها فأصابت وجه الوزير، فتعجّب من سوء أدبه، فاحتمله لفرط علمه، ففي شره أبي رياش يقول ابن لنكك: يطير إلى الطعام أبو رياش ... مبادرة ولو واراه قبر أصابعه من الحلواء صفر ... ولكنّ الأخادع منه حمر وله فيه: أبو رياش بغى والبغي مصرعه [2] ... فشدّد الغين ترميه بآبدته عبد ذليل هجا للحين سيّده ... تصحيف كنيته في صدغ والدته وله فيه وقد ولّاه المافروخي عملا بالبصرة: قل للوضيع أبي رياش لا تبل ... ته كلّ تيهك بالولاية والعمل ما ازددت حين وليت إلا خسة ... كالكلب أنجس ما يكون إذا اغتسل [3] ولابن لنكك فيه أشعار كثيرة، بعضها في أخبار ابن لنكك من «كتاب الشعراء» . وجدت في موضع آخر من كتاب «نشوار المحاضرة» للقاضي التنوخي: كان أبو رياش أحمد بن أبي هاشم القيسي اليماميّ رجلا من حفاظ اللغة، وكان جنديا في أول أمره مع المسمعيّ برسم العرب، ثم انقطع إلى العلم والشعر وروايته لنا بالبصرة، وأنا حدث مع عمي حتى صرت رجلا وكتبت عنه وأخذت منه علما صالحا، وكان يتعصب على أبي تمام الطائي. وقال بعض الحاضرين لأبي إن من عيون شعر أبي رياش قوله في أبيات عند ذكر امرأة شبّب بها: لها فخذا بختيّة تعلف النوى ... على شفة لمياء أحلى من التمر   [1] منديل الغمر: ما يستعمل لمسح الأيدي بعد الأكل. [2] اليتيمة: مهلكة. [3] نهاية النقل عن اليتيمة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 183 فغضب أبو رياش ونهض، فأمر أبي بإجلاسه وقال للحاضر القائل: ولا كلّ ذا، وترضّاه ووهب له دراهم صالحة القدر. قال: وأخبرني من حضر مجلس أبي محمد المافروخيّ عامل البصرة، وقد تناظرا في شيء من اللغة اختلفا فيه، فقال أبو رياش: كذا أخبرتني عمتي أو جدتي في البادية عن العرب ووجدتها تتكلم به، فقال له أبو الحسين محمد بن محمد بن جعفر بن لنكك الشاعر، وكان حاضرا: اللغة لا تؤخذ عن البغيّات، فأمسك خجلا. وكان أبو محمد المافروخي قد ولّاه الرسم على المراكب بعبادان بحار سابع [؟] وأحسن إليه واختاره عصبية منه للعلم والأدب، فقال ابن لنكك: أبو رياش ولي الرسما ... وكيف لا يصفع أو يعمى يا ربّ جدي دقّ في خصره ... ثم أتانا بقفا يدمى قال: وحدثني أبو رياش قال مدحت الوزير المهلبي فتأخرت صلته وطال ترددي إليه، فقلت [1] : وقائلة قد مدحت الوزير ... وهو المؤمّل والمستماح فماذا أفادك ذاك المديح ... وهذا الغدوّ وذاك الرواح فقلت لها ليس يدري امرؤ ... بأيّ الأمور يكون الصلاح عليّ التقلب والإضطراب ... جهدي وليس علي النجاح قال المؤلف: وأما أبو محمد المافروخي الذي تقدم ذكره مكررا فهو أبو محمد عبد العزيز بن أحمد المافروخي، كان يتقلّد عمالة البصرة، وكان من العلم والجلالة على ما تقدم ذكره، وكان مع ذلك تمتاما يكرّر الحرف في كلامه، وهو الذي تسميه العامة فأفاء، وكان مستغلقا جدا. فحدث التنوخي أنه اعترض جملا يسير في صحن الدار بحضرته ووقف ليخاطب عليه، فلم يرضه فقال: أخرجوه عني، وكرر أخ أخ لأجل عقلة لسانه، فبرك الجمل لأنه ظنّ أنه يقال له ذلك، كما يقال إذا أريد منه البروك. قال: وكان إذا أنشد الشعر أو قرأ القرآن قرأه وأورده على أحسن ما يكون من   [1] نشوار المحاضرة 2: 158. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 184 حسن الأداء وطيب الحنجرة، فقيل له: لو كان كلامك كله شعرا أو كقراءة القرآن تخلّصت من هذه الشدة، فقال: يكون ذلك طنزا. قال: وكان أحد خلفائه قد خرج إلى بعض الأعمال واستخلف بحضرته ابنا له كان مثل المافروخي في التمتمة، فخاطبه المافروخي أول ما دخل إليه في أمر شيء قال فيه ووو مرارا، فأجابه ذلك الابن بمثل كلامه، فقال: يا غلمان، قفاه، كأنه يحكيني، فصفع صفعا محكما حتى حضره أقوام وحلفوا له أن ذلك عادته، فأخذ يعتذر إليه، قال: الذنب لأبيه لما ترك في حضرتي مثله. فهذا خبر المافروخي لتعرفه. - 52- أحمد بن إبراهيم الأديبي الخوارزمي أبو سعيد: من مشاهير فضلاء خوارزم وأدبائها وشعرائها، قال أبو محمد في «تاريخ خوارزم» : ذكره أبو الفضل الصفّاري في كتابه، قرأت بخطه أنه كان كاتبا بارعا حسن التصرّف في الترسّل، وافر الحظ من حسن الكتابة وفصاحة البلاغة، وكان خطه في الدرجة العليا من أقسام الحسن والجودة. فمن كلامه: الزيادة فوق الحدّ نقصان، والإساءة بلسان الحق إحسان. قال: وكان إذا رأى كتابة متعقدة متكلفة قال: الكتابة تسكن سكة أخرى. وكتب إلى بعض الرؤساء في شكاية رجل ثقيل: قد منيت من هذا الكهل الرازيّ صاحب الجبة الكهباء، واللحية الشهباء، بالداهية الدهياء، والصيلم الصماء، جعل لسانه سنانه، وأشفار عينيه الصلبة شفاره، فإذا تكلم كلم بلسانه أكثر مما يكلم بسنانه، وإذا لمح ببصره جرح القلوب بلحظه أشدّ مما جرح الآذان بلفظه، يظهر للناس في زي مظلوم وإنه لظالم، ويشكو إليهم وجع السليم وإنه لسالم. وكتب إلى بعض الرؤساء وقد حجب عنه: ومحجّب بحجاب عزّ شامخ ... وشعاع نور جبينه لا يحجب حاولته فرأيت بدرا طالعا ... والبدر يبعد بالشعاع ويقرب   [52]- ترجمة الأديبي في الوافي 6: 207 (عن ياقوت) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 185 قبّلت نور جبينه متعززا ... باللحظ منه وقد زهاه الموكب كالشمس في كبد السماء ونورها ... من جانبيه مشرّق ومغرّب إن بان شخصي عن مجالس غيره ... فالنفس في ألطافه تتقلب وإذا تقاربت النفوس وإن نأت ... أشخاصها فهو الجوار الأقرب وكتب إلى واحد وقد بعث إليه شاة: وصلت الشاة فكانت شاة الشياه، حسنة الحلي والشّيات، ففرح الفراريج بمكانها وملأوا منها حواصلهم، وثنوا بالثناء والدعاء أناملهم. وله: ساعدت الأيام بالمراد، ووفت بالميعاد، وجمعت لي بين طرفي الإصعاد والإسعاد. وله: حضرة مولانا الحضرة التي تضرب إليها أكباد الابل من كلّ فجّ عميق، وتمدّ نحوها أعناق الأمل من كلّ فوج وفريق. وله: أيام مولانا مشرقة كأخلاقه، وأخباره عبقة كأعراقه، تزهى بجلال مكانه الرتب والمعارج، وتزّيّن بكرم وجهه وبهائه الأعياد والمهارج. وله: لا يليق خاتم العزّ والجلال إلا بخناصره، ولا يرجع الباطل إلى الحق إلا عند ناصره. وله: من لحظته عين إقباله، وسقته عين أفضاله، قابلته سعودها بإشراق، وآذنت عوده بإيراق. وله: إن كانت الوزارة دثرت رسومها وآثارها، ودرست أعلامها ومنارها، فلقد قيض الله لها مولانا فمدّ باعها، وعمر رباعها، فأنّست بتدابيره الثاقبة من وحشة نفارها، واستروحت من آرائه الصائبة إلى كنفها وقرارها. وله: كتابي وأنا في سلامة إلّا من الشوق إلى طلعته المسعودة، والنزاع إلى أخلاقه المشهودة، وملاحظة تلك الهمم العلية، ومطالعة تلك الحركات الشهية، ومجاري تلك الأنامل بالأقلام فإنها إذا جرت نثرت الدرر، وأسالت على جباه الأنام الغرر، وسنّت للبلغاء والكتاب، سنن الفقر والآداب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 186 - 53- أحمد بن إبراهيم بن محمد السجزي أبو نصر، أحد الأدباء الفضلاء: قرأ على أبي بكر عبد القاهر، ثم قرأت بخط سلامة بن عياض الكفرطابي النحوي ما صورته: وجدت في آخر نسخة «المقتصد» لعبد القاهر الجرجاني بالري مكتوبا ما حكايته: قرأ عليّ الأخ الفقيه أبو نصر أحمد بن إبراهيم بن محمد السجزي، أيده الله، هذا الكتاب من أوله إلى آخره قراءة ضبط وتحصيل، وكتبه عبد القاهر بن عبد الرحمن بخطه في شهر الله المبارك من شهور سنة أربع وخمسين وأربعمائة. - 54- أحمد بن إبراهيم بن أبي خالد الطبيب، يعرف بابن الجزار القيرواني: كان طبيبا حاذقا دارسا، كتبه جامعة لتواليف الأوائل، فيه حسن الفهم لها. وله مصنفات فيه وفي غيره. فمن أشهر كتبه في الطب: كتابه في علاج الأمراض سماه «زاد المسافر» وكتابه في الأدوية المفردة المعروف ب «الاعتماد» وكتابه في الأدوية المركبة المعروف ب «البغية» ورسائله في النفس وذكر اختلاف الأوائل فيها. وكان أيضا له عناية بالتاريخ [1] ألف فيه كتابا رأيته في مجلد يزيد [2] على العشر سماه «التعريف بصحيح التاريخ» وذاك الذي أوجب ذكره في هذا الكتاب. وكان مع ذلك حسن المذهب فاضل [3] السيرة، صائنا لنفسه منقبضا عن الملوك ذا ثروة، ولم يكن يقصد   [53]- أحمد بن إبراهيم السجزي: وقع ذكره ضمن ترجمة شيخه عبد القاهر الجرجاني في انباه الرواة 2: 190 ونسبته فيه «الشجري» . [54]- ترجمة ابن الجزار في عيون الأنباء 2: 37 والوافي: 6: 208- 209 وابن جلجل: 88 وطبقات الأمم: 61 وقد كتبت عنه دراسات حديثد كثيرة، انظر مقدمة كتاب سياسة الصبيان وتدبيرهم تحقيق الدكتور محمد الحبيب الهيلة (ط. دار الغرب الإسلامي، بيروت 1984) وفيها أيضا ثبت ضاف بمؤلفاته الموجودة والمفقودة. [1] هناك نقول كثيرة عن أحد كتبه التاريخية في العيون والحدائق. [2] لعل الصواب: في مجلدات تزيد. [3] م: باصل؛ وصوبته بحسب السياق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 187 أحدا إلى بيته، وكان له معروف وأدوية يفرّقها، وكان في أيام المعز بالله [1] في حدود سنة خمسين وثلاثمائة أو ما قاربها. - 55- أحمد بن أحمد ابن أخي الشافعي : هو رجل من أهل الأدب، رأيت جماعة من أعيان العلماء يفتخرون بالنقل من خطه، ورأيت خطه وليس بجيد المنظر لكن متقن الضبط، ولم أر أحدا ذكر شيئا من خبره، لكني وجدت خطّه في آخر كتاب وقد قال فيه: كتبه أحمد بن أحمد المعروف بابن أخي الشافعي وراق ابن عبدوس الجهشياري، والجهشياري هذا قد ذكر في بابه [2] ، وقد جمع ديوان البحتري وغيره [3] . - 56- أحمد بن إسحاق بن البهلول بن حسان بن سنان أبو جعفر التنوخي: أنباري الأصل، ولي القضاء بمدينة المنصور عشرين سنة، ومات لأحدى عشرة ليلة بقيت من شهر ربيع الآخر سنة ثمان عشرة وثلاثمائة ومولده بالأنبار سنة إحدى وثلاثين ومائتين عن ثمان وثمانين سنة. قال أبو بكر الخطيب [4] : وحدث حديثا كثيرا، وكان عنده عن أبي كريب محمد بن العلاء حديث واحد، وروى عنه الدارقطني وأبو حفص ابن شاهين   [55]- ترجمة ابن أخي الشافعي في الوافي 6: 229 (عن ياقوت) . [56]- ترجمة ابن البهلول في المنتظم 6: 231 ونزهة الالباء: 172 والجواهر المضية 1: 57 والوافي 6: 235 وبغية الوعاة 1: 295 وسير الذهبي 14: 497 والشذرات 2: 276. [1] يعني المعز الفاطمي. [2] ترجمة الجهشياري رقم: 1077. [3] زاد الصفدي نقلا عن الذهبي أنه يرجح أن يكون هو أحمد بن أحمد بن زياد الفارسي صاحب ابن عبدوس وابن سلام وله كتاب أحكام القرآن في عشرة أجزاء وكتاب مواقيت الصلاة، وكانت وفاته سنة 310. [4] تاريخ بغداد 4: 30- 32 ونقله محقق النشوار 5: 212- 216. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 188 والمخلص [1] وجماعة، وكان ثقة. قال: وذكر طلحة بن محمد بن جعفر في تسمية قضاة بغداد أحمد بن إسحاق بن البهلول [وقال] : عظيم القدر، واسع الأدب، تامّ المروءة، حسن الفصاحة، حسن المعرفة بمذهب أهل العراق، ولكن غلب عليه الأدب. وكان لأبيه إسحاق مسند كبير حسن، وكان ثقة، وحمل الناس عن جماعة من أهل هذا البيت منهم البهلول بن حسان ثم ابنه إسحاق ثم أولاد إسحاق. ولم يزل أحمد بن إسحاق على قضاء المدينة من سنة ست وتسعين ومائتين إلى شهر ربيع الآخر سنة ست عشرة وثلاثمائة، ثم صرف؛ وكان ثبتا في الحديث ثقة مأمونا جيد الضبط لما حدّث به، وكان متفننا في علوم شتى منها الفقه على مذهب أبي حنيفة وأصحابه، وربما خالفهم في مسيلات يسيرة. وكان تامّ العلم باللغة حسن القيام بالنحو على مذهب الكوفيين، وله فيه كتاب ألفه، وكان تامّ الحفظ للشعر القديم والمحدث والأخبار الطوال والسير والتفسير، وكان شاعرا كثير الشعر جدا، خطيبا حسن الخطابة والتفوّه بالكلام لسنا، صالح الحظ في الترسل والمكاتبة، والبلاغة في المخاطبة، وكان ورعا متخشّنا في الحكم، تقلّد القضاء بالأنبار وهيت وطريق الفرات من قبل الموفق بالله الناصر لدين الله في سنة ست وسبعين ومائتين، ثم تقلده للناصر دفعة أخرى، ثم تقلده للمعتضد، ثم تقلد بعض كور الجبل للمكتفي في سنة اثنتين وتسعين ولم يخرج إليها، ثم قلده المقتدر بالله في سنة ست وتسعين بعد فتنة ابن المعتز القضاء بمدينة المنصور من مدينة السلام وطسّوجي قطر بّل ومسكن والأنبار وهيت وطريق الفرات، ثم أضاف له إلى ذلك بعد سنين القضاء بكور الأهواز مجموعة لما مات قاضيها إذ ذاك محمد بن خلف المعروف بوكيع، فما زال على هذه الأعمال إلى أن صرف عنها في سنة سبع عشرة وثلاثمائة. وحدث [2] أبو نصر يوسف بن عمر ابن القاضي أبي عمر محمد بن يوسف قال: كنت أحضر دار المقتدر بالله وأنا غلام حدث، بالسواد، مع أبي الحسين [3] ، وهو   [1] اسمه محمد بن عبد الرحمن. [2] عن تاريخ بغداد 4: 32 ونقله محقق النشوار 4: 15 وما بعدها (عن معجم الأدباء) . [3] أبو الحسين عمر بن أبي عمر محمد قلد القضاء في حياة أبيه، وتوفي سنة 328 (المنتظم 6: 307) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 189 يومئذ قاضي القضاة، فكنت أرى في بعض المواكب القاضي أبا جعفر يحضر بالسواد، فإذا رآه أبي عدل إلى موضعه فجلس عنده، فيتذاكران الشعر والأدب والعلم حتى يجتمع عليهما من الخدم عدد كثير كما يجتمع على القصّاص استحسانا لما يجري بينهما، فسمعته يوما وقد أنشد بيتا لا أذكره الآن، فقال له أبي: أيها القاضي إني أحفظ هذا البيت بخلاف هذه الرواية، فصاح عليه صيحة عظيمة وقال: اسكت، ألي تقول هذا؟ أنا أحفظ لنفسي من شعري خمسة عشر ألف بيت، وأحفظ للناس أضعاف ذلك وأضعافه وأضعفاه، يكررها مرارا؛ وفي رواية ابن عبد الرحيم [1] عن التنوخي قال، قال له: هات ألي تقول هذا وأنا أحفظ من شعري نيفا وعشرين ألف بيت سوى ما أحفظه للناس؟ قال: فاستحيى أبي منه لسنّه ومحلّه وسكت. قال [2] : وحدثني القاضي أبو طالب محمد ابن القاضي أبي جعفر بن البهلول قال: كنت مع أبي في جنازة بعض أهل بغداد من الوجوه، وإلى جانبه في الحقّ [3] جالس أبو جعفر الطبري، فأخذ أبي يعظ صاحب المصيبة ويسلّيه وينشده أشعارا ويروي له أخبارا، فداخله الطبريّ في ذلك ودأب معه، ثم اتسع الأمر بينهما في المذاكرة وخرجا إلى فنون كثيرة من الأدب والعلم استحسنها الحاضرون وعجبوا منها، وتعالى النهار وافترقنا، فلما جعلت أسير خلفه قال: يا بني هذا الشيخ الذي داخلنا اليوم في المذاكرة من هو أتعرفه؟ فقلت: يا سيدي كأنك لم تعرفه؟ فقال: لا، فقلت: هذا أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، فقال: إنا لله ما أحسنت عشرتي يا بني، فقلت: كيف يا سيدي؟ فقال: ألا قلت لي في الحال فكنت أذاكره غير تلك المذاكرة، هذا رجل مشهور بالحفظ والاتساع في صنوف من العلم وما ذاكرته بحسبها. قال: ومضت على هذا مدة فحضرنا في حقّ آخر، وجلسنا وإذا بالطبري يدخل إلى الحقّ، فقلت له قليلا قليلا: أيها القاضي هذا أبو جعفر الطبري قد جاء مقبلا، قال: فأومأ إليه بالجلوس عنده، فعدل إليه، فأوسعت له حتى جلس إلى   [1] هو أبو بكر محمد بن عبد الرحيم المازني، توفي سنة 308 (تاريخ بغداد 5: 365) . [2] عن تاريخ بغداد 4: 32- 33 ونقله محقق النشوار 4: 17. [3] الحق- فيما يبدو- تعني هنا «واجب العزاء» ، وسمّي به المكان الذي يجتمع فيه الناس لذلك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 190 جنبه، وأخذ أبي يجاريه، فكلّما جاء إلى قصيدة ذكر الطبري منها أبياتا، قال أبي: هاتها يا أبا جعفر إلى آخرها، فيتلعثم الطبري فينشدها أبي إلى آخرها، وكلما ذكر شيئا من السير قال أبي: كان هذا في قصة فلان ويوم بني فلان مرّ يا أبا جعفر، فربما مرّ وربما تلعثم، فيمرّ أبي في جميعه حتى يسبقه، قال: فما سكت أبي يومه ذاك إلى الظهر، وبان للحاضرين تقصير الطبري، ثم قمنا فقال لي أبي: الآن شفيت صدري. ولأبي جعفر هذا كتاب في النحو على مذهب الكوفيين. حدث أبو عليّ التنوخي [1] حدثني أبو الحسين علي بن هشام بن عبد الله المعروف بابن أبي قيراط كاتب ابن الفرات وأبو محمد عبد الله بن علي دلويه كاتب نصر القشوري [2] وأبو الطيب محمد بن أحمد الكلوذاني كاتب ابن الفرات قالوا: كنّا مع أبي الحسن ابن الفرات في دار المقتدر في وزارته الثالثة في يوم الخميس لخمس ليال بقين من جمادى الآخرة من سنة إحدى عشرة وثلاثمائة وقد استحضر ابن قليجة رسول علي بن عيسى إلى القرامطة في وزارته الأولى، فواجه عليّ بن عيسى في المجلس بحضرتنا بأنه وجّهه إلى القرامطة مبتدئا، فكاتبوه يلتمسون منه المساحي والطلق وعدة حوائج، فأنفذ جميع ذلك إليهم، وأحضر ابن الفرات معه خطه (أي ابن عيسى) في نسخة أنشأها ابن ثوابة إلى القرامطة جوابا عن كتابهم إليه، وقد أصلح علي بن عيسى فيها بخطه، ولم يقل إنكم خارجون عن ملة الإسلام بعصيانكم أمير المؤمنين، ومخالفتكم إجماع المسلمين، وشقكم العصا، ولكنكم خارجون عن جملة أهل الرشاد والسداد، وداخلون في جملة أهل العناد والفساد، فهجّن ابن الفرات عليا بذلك وقال: ويحك تقول القرامطة مسلمون والإجماع قد وقع على أنهم أهل ردة لا يصلون ولا يصومون، وتوجّه إليهم بالطلق وهو الذي إذا طلي به البدن أو غيره لم تعمل فيه النار، قال: أردت بهذا المصلحة واستعادتهم إلى الطاعة بالرفق وبغير حرب، فقال ابن الفرات لأبي عمر القاضي: ما عندك في هذا يا أبا عمر؟   [1] وردت القصة في الوزراء للصابي: 317 ونقلها محقق النشوار 4: 19 عن ياقوت. [2] كان نصر القشوري حاجبا للمقتدر، وتوفي سنة 316 (المنتظم 6: 220) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 191 اكتب به، فأفحم وجعل مكان ذلك أن أقبل على علي بن عيسى فقال: يا هذا لقد أقررت بما لو أقرّ به إمام لما وسع الناس طاعته، قال: فرأيت عليّ بن عيسى وقد حدّق إليه تحديقا شديدا لعلمه بأنّ المقتدر في موضع يقرب منه بحيث يسمع الكلام ولا يراه الحاضرون، فاجتهد ابن الفرات بأبي عمر أن يكتب بخطّه شيئا فلم يفعل، وقال: قد غلط غلطا وما عندي غير ذلك، فأخذ خطه بالشهادة عليه بأنّ هذا كتابه. ثم أقبل على أبي جعفر أحمد بن إسحاق بن البهلول القاضي فقال: ما عندك يا أبا جعفر في هذا؟ فقال: إن أذن الوزير أن أقول ما عندي فيه على شرح [1] قلته، قال: افعل، قال: صحّ عندي أن هذا الرجل- وأومأ إلى علي بن عيسى- افتدى [2] بكتابين كتبهما إلى القرامطة في وزارته الأولى ابتداء وجوابا ثلاثة آلاف رجل من المسلمين كانوا مستعبدين وهم أهل نعم وأموال، فرجعوا إلى أوطانهم ونعمهم، فإذا فعل الإنسان مثل هذا الكتاب [3] على جهة طلب الصلح والمغالطة للعدوّ لم يجب عليه شيء [4] ، قال: فما عندك فيما أقرّ به أن القرامطة مسلمون؟ قال: إذا لم يصحّ عنده كفرهم وكاتبوه بالتسمية لله ثم الصلاة على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم وانتسبوا إلى أنهم مسلمون وإنما ينازعون في الإمامة فقط لم يطلق عليهم الكفر، قال: فما عندك في الطلق ينفذ إلى أعداء الإمام فإذا طلي به البدن أو غيره لم تعمل فيه النار، وصاح بها كالمنكر على أبي جعفر، فأخبرني؛ فأقبل ابن البهلول على علي بن عيسى فقال له: أنفذت الطلق الذي هذه صفته [5] إلى القرامطة؟ فقال علي بن عيسى: لا، فقال ابن الفرات: هذا رسولك وثقتك ابن قليجة قد أقرّ عليك بذلك، فلحق عليّ بن عيسى دهشة فلم يتكلم، فقال ابن الفرات لأبي جعفر ابن البهلول: احفظ إقراره بأن ابن قليجة ثقته ورسوله وقد أقر عليه بذلك، فقال: أيها الوزير لا يسمّى هذا مقرا، هذا مدّع وعليه البينة، فقال ابن الفرات: فهو ثقته بإنفاذه إياه، قال: إنما وثقه في حمل كتاب   [1] الصابي: بيان. [2] الصابي: استخلص. [3] الصابي: فإذا كتب ... هذه الكتب. [4] الصابي: حكم. [5] الصابي: صورته. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 192 فلا يقبل قوله عليه في غيره، فقال ابن [الفرات: يا] أبا جعفر أنت وكيله ومحتجّ عنه لست إلا حاكما، فقال: لا ولكنّي أقول الحقّ في هذا الرجل كما قلته في حقّ الوزير- أيده الله- لما أراد حامد بن العباس في وزارته ومن ضامّه الحيلة على الوزير- أعزه الله- بما هو أعظم من هذا الباب، فإن كنت لم أصب حينئذ فلست مصيبا في هذا الوقت. فسكت ابن الفرات والتفت إلى عليّ بن عيسى وقال: أقرمطي؟ فقال له علي بن عيسى: أيها الوزير، أنا قرمطي، أنا قرمطي!! يعرض به، (وذكر قصة طويلة ليست من خبر ابن البهلول في شيء) . وحدث أبو الحسن [1] علي بن هشام بن أبي قيراط قال: دخلت مع أبي إلى أبي جعفر أحمد بن إسحاق بن البهلول عقيب عيد لنهنئه به، وتطاول الحديث، فقال له أبي: قد كنت أكاتب الوزير- أيده الله- إلى محبسه، يعني ابن الفرات لأنه هو كان الوزير إذ ذاك الوزارة الثالثة، وأعرّفه ما عليه القاضي من موالاته في كذا وكذا، والآن هو على شكر القاضي والاعتداد به، قال: فلما سمع ذلك فرّق الغلمان ومن كان في مجلسه من أصحابه حتى خلا وقال: ليس يخفى عليّ التغير في عين الوزير، وإن كان لم ينقصني من رتبة ولا عمل، وبالله أحلف لقد لقيت حامد بن العباس بالمدائن لما جيء به للوزارة فقام لي في حرّاقته قائما، وقال لي: هذا الأمر لك ولولدك، وسيبين لك ما أفعله في زيادتك من الأعمال والأرزاق، ثم لقيته يوم الخلع عليه بعد لبسه إياها فتطاول [لي] ، فلما فعلت به في أمر الوزير أيده الله ما فعلته بحضرة أمير المؤمنين عاداني وصار لا يعير لي طرفه، وتعرّضت منه لكلّ بلية، فكنت خائفا له حتى أراح الله منه بتفرّد علي بن عيسى بالأمور، واشتغاله هو بالضمان، وسقوط حاجتنا إلى لقائه؛ وما لي إلى هذا الوزير أيده الله ذنب يوجب انقباضه إلا أني أدّيت الوديعة التي كانت له عندي، وبالله لقد ورّيت عن ذكرها جهدي، ودافعت بما يدافع به مثلي ممن لا يمكنه الكذب، فلما جاء ابن حماد كاتب موسى بن خلف [2] أقرّ بها وأحضر الدليل باحضار   [1] وردت القصة في كتاب الوزراء 113- 116 (باختلافات يسيرة) ونقلها محقق النشوار 4: 28 (عن ياقوت) . [2] كان موسى بن خلف من المقربين إلى ابن الفرات، وقد ضربه حامد بن العباس عندما قبض على ابن الفرات سنة 306 ومات تحت الضرب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 193 المرأة التي حملتها لم أجد بدّا عن أدائها، وقد فعل مثلي أبو عمر في الوديعة التي كانت له عنده، إلا أن أبا عمر فعل ما قد علمته من حيلة بشراء فصّ بنصف درهم نقش عليه علي بن محمد، ووضع مالا من عنده في أكياس ختمها به، وقال للوزير: وديعتك عندي بحالها، وإنما غرمت ما أدّيت عنك من مالي، وأراد التقرب إليه ففعل هذا، وأنت تعلم فرق ما بيني وبين أبي عمر في كثرة المال فأريد أن تسلّ سخيمته، وتستصلح لي نيته، وتذكّره بحقي القديم عليه، ومقامي له بين يدي الخليفة إذ ذاك، وأن مثل ذلك لا ينسى بتجنّ لا يلزم. فقال له أبي: أنا أفعل ولا أقصّر، وقد اختلفت الأخبار علينا فيما جرى ذلك اليوم، فإن رأى القاضي- أعزه الله- أن يشرحه لي فعل، فقال أبو جعفر: كنت أنا وأبو عمر وعلي بن عيسى وحامد بن العباس بحضرة الخليفة مع جماعة من خواصّه، وكلهم منحرف عن الوزير- أيده الله- ومحبّ لمكروهه، إذ أحضر حامد الرجل الجندي الذي ادّعى أنه وجده راجعا من أردبيل إلى قزوين ثم إلى أصبهان ثم إلى البصرة، وأنه أقرّ له عفوا أنه رسول ابن الفرات إلى ابن أبي الساج [1] في عقد الامامة لرجل من الطالبيين المقيمين بطبرستان ليقوّيه ابن أبي الساج ويسيره إلى بغداد ويعاونه ابن الفرات بها، وأنه مخبر أنه تردّد في ذلك دفعات، ويخاطبه بحضرة الخليفة في أن يصدق عما عنده في ذلك، فذكر الرجل مثل ما أخبر به عنه حامد، ووصف أن موسى بن خلف كان يتخبّر لابن الفرات لأنه من الدعاة الذين يدعون إلى الطالبيين، وأنه كان يمضي في وقت من الأوقات الى ابن أبي الساج في شيء من هذا، فلما استتم الخليفة سماع هذا الكلام اغتاظ غيظا شديدا، وأقبل على أبي عمر وقال: ما عندك فيمن فعله هذا؟ فقال: لئن كان فعل ذلك لقد أتى أمرا فظيعا، وأقدم على أمر يضرّ بالمسلمين جميعا واستحقّ كذا- كلمة عظيمة لا أحفظها- قال أبو جعفر: وتبينت في عليّ بن عيسى كراهية لما جرى، والانكار للدعوى، والطنز [2] بما قيل فيها، فقويت بذلك نفسي، وأقبل الخليفة عليّ فقال: ما عندك يا أحمد في من فعل هذا؟ فقلت: إن رأى أمير المؤمنين أن يعفيني، فقال: ولم؟   [1] هو يوسف بن أبي الساج، قائد في عهد المقتدر قتل في حرب القرامطة سنة 315. [2] الطنز: الهزء والسخرية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 194 فقلت: لأن الجواب ربما أغضبت به من أنا محتاج إلى رضاه أو خالف ما يوافقه من ذلك ويهواه ويضرّبي، فقال: لا بدّ أن تجيب، فقلت: الجواب ما قال الله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ (الحجرات: 6) ومثل هذا يا أمير المؤمنين لا يقبل فيه خبر واحد والتمييز [1] يمنع من قبول مثل هذا على ابن الفرات، أتراه يظن به أنه رضي أن يكون تابعا لابن أبي الساج، ولعله ما كان يرضى وهو وزير أن يستحجبه، ثم أقبلت على الرجل فقلت له: صف لي أردبيل، عليها سور أم لا؟ فإنك على ما تدعيه من دخولها لا بدّ أن تكون عارفا بها، واذكر لنا صفة باب دار الإمارة: هل هو حديد أم خشب؟ فتلجلج فقلت له: كاتب ابن أبي الساج- ابن محمود- ما اسمه ما كنيته؟ فلم يعرف ذلك، فقلت له: فأين الكتب التي معك؟ فقال: لما أحسست بأني قد وقعت في أيديهم رميت بها خوفا من أن توجد معي فأعاقب، قال: فأقبلت على الخليفة وقلت: يا أمير المؤمنين هذا جاهل متكسّب مدسوس من قبل عدوّ غير محصل، فقال علي بن عيسى مؤيدا لي: قد قلت هذا للوزير فلم يقبل قولي، وليس يهدّد هذا فضلا عن أن ينزل به مكروه إلا أقرّ بالصورة، فأقبل الخليفة على نذير الحرمي وعدل عن أن يأمر نصرا الحاجب بذلك لما يعرفه بينه وبين ابن الفرات: بحقنا عليك لما ضربته مائة مقرعة أشدّ الضرب إلى أن يصدق عن الصورة، فعدّي بالرجل عن حضرة الخليفة ليبعد ويضرب، فقال: لا إلا هاهنا، فضرب بالقرب منه دون العشرة، فصاح: غررت وضمنت لي الضمانات وكذبت، والله ما دخلت أردبيل قط. فطلب نزار بن محمد الضبي أبو معد، وكان صاحب الشرطة وقد انصرف، فقال الخليفة لعلي بن عيسى: وقّع إليه بأن يضرب هذا مائة سوط، ويثقله بالحديد، ويحبس في المطبق، فوالله لقد رأيت حامدا وقد كاد يسقط انخزالا وانكسارا ووجدا واشفاقا، وخرجنا وجلسنا في دار نصر الحاجب، وانصرف حامد، وأخذ علي بن عيسى ينظر في الحوائج، وأخّر أمر الرجل، فقال له حاجبه ابن عبدوس [2] : قد وجّه نذير [3]   [1] الصابي: والعقل. [2] هو الجهشياري صاحب كتاب الوزراء والكتاب. [3] لعل الصواب «نزار» الضبي صاحب الشرطة، وليس نذير الحرمي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 195 بالمضروب المتكذب، فقلت له: إنه وإن كان قد جهل فقد غمّني ما لحقه خوفا من أن أكون سببه، فإن أمكنك أن تسقط عنه المكروه أو بعضه أجرت، فقال: ما في هذا لعنه الله أجر، ولكن أقتصر على خمسين مقرعة وأعفيه من السياط، ثم وقع بذلك الى نزار وانصرفنا. فصار حامد من أعدى الناس لي. وقال ابن عبد الرحيم [1] حدثني القاضي أبو القاسم التنوخي، وله بأمره الخبرة التامة لما يجمعهما من النسب في الصناعة قال: كان أبو جعفر من جلّة الناس وعظمائهم وعلمائهم، وتقلد قضاء الأنبار وهيت والرحبة وسقي [2] الفرات في أيام المعتمد بعد كتبة الموفق أبي أحمد سنة سبعين ومائتين وأقام يليها إلى سنة ست عشرة وثلاثمائة، وأضيف له إليها الأهواز وكورها السبع [3] وخلفه عليها جدّي أبو القاسم علي بن محمد التنوخي في سنة إحدى عشرة وثلاثمائة، وقلّده ماه الكوفة وماه البصرة [4] مضافات إلى ما تقدم ذكره، ثم ردّ عليه مدينة المنصور وطسّوج مسكن وقطر بل بعد فتنة ابن المعتز في سنة ست وتسعين ومائتين، ولم يزل على هذه الولايات إلى سنة ست عشرة وثلاثمائة، وأسنّ وضعف، فتوصل أبو الحسين الأشناني [5] إلى أن ولي قضاء المدينة، فكانت له أحاديث قبيحة، وقيل إن الناس سلموا عليه بالقبا [6] إيماء الى البغاء، وكان اليه الحسبة ببغداد، فصرف في اليوم الثالث وأعيد العمل إلى أبي جعفر فامتنع من قبوله، ورفع يده عن النظر في جميع ما كان إليه وقال: أحبّ أن يكون بين الصرف والقبر فرجة، ولا أنزل من القلنسوة [7] إلى الحفرة، وقال في ذلك:   [1] نقله الأستاذ الشالجي في النشوار 4: 23. [2] في م: طريق، وصوبه الشالجي. [3] كور الأهواز السبع هي: سوق الأهواز ورامهرمز وإيذج وعسكر مكرم وتستر وجنديسابور وسوس وسرق ونهرتيرى ومناذر (معجم البلدان 1: 411) . [4] ماه الكوفة هي الدينور، وماه البصرة نهاوند. [5] هو عمر بن الحسن بن علي محدث بغدادي ولي القضاء بنواحي الشام (انظر مادة الأشناني في الأنساب والمنتظم 6: 166) . [6] يرجح الأستاذ الشالجي أن تكون بالبقا (أي يدعون له بالبقاء وهم ينوون قلب القاف غينا) . [7] القلنسوة: رمز للقضاء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 196 تركت القضاء لأهل القضاء ... وأقبلت أسمو إلى الآخره فإن يك فخرا جليل الثناء ... فقد نلت منه يدا فاخره وان كان وزرا فأبعد به ... فلا خير في إمرة وازره فقيل له: فابذل شيئا حتى يردّ العمل إلى ابنك أبي طالب [1] فقال: ما كنت لأتحمّلها حيا وميتا، وقد خدم ابني السلطان وولاه الأعمال، فإن استوفق خدمته قلّده، وإن لم يرتض مذاهبه صرفه، وهذا يفتضح ولا يخفى، وأنشدهم: يقولون همّت بنت لقمان مرّة ... بسوء وقالت يا أبي ما الذي يخفى فقال لها ما لا يكون فأمسكت ... عليه ولم تمدد لمنكرة كفا وما كلّ مستور تغلّق دونه ... مصاريع أبواب ولو بلغت الفا بمستتر والصائن العرض سالم ... وربتما لم يعدم الذمّ والقرفا على أن أثواب البريء نقية ... ولا يلبث الزور المفكك أن يطفا قال: ولست أعلم هذا الشعر له أم تمثل به. قال التنوخي: وكان أبو جعفر يقول الشعر تأدبا وتطربا [1] ، وما علمت أنه مدح أحدا بشيء منه، وله قصيدة طردية مزدوجة طويلة، وحمل الناس عنه علما كثيرا، ومن شعره: رأيت العيب يلصق بالمعالي ... لصوق الحبر في يقق الثياب ويخفى في الدنيء فلا تراه ... كما يخفى السواد على الإهاب وله في الوزير ابن الفرات [3] : قل لهذا الوزير قول محقّ ... بثّه النصح أيّما إبثاث قد تقلّدتها ثلاثا [4] ثلاثا ... وطلاق البتات عند الثلاث   [1] هو ابنه محمد بن أحمد بن اسحاق. [2] ر: وتظرفا. [3] ورد البيتان أيضا في كتاب الوزراء: 245. [4] الصابي: مرارا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 197 وكان الأمر على ما قاله، فإن ابن الفرات قتل بعد الوزارة الثالثة في محبسه. وله أيضا: أقبلت الدنيا وقد ولّى العمر ... فما أذوق العيش إلا كالصّبر لله أيام الصبا لو تفتكر ... لاقت لدينا لو تؤوب ما يسر وله أيضا: ويجزع من تسليمنا فيردنا ... مخافة أن نبغي نداه فيبخلا [1] وما ضره ان يجتبينا ببشره ... فنقنع بالبشر الجميل ونرحلا وله أيضا: وحرقة أورثتها فرقة دنفا ... حيران لا يهتدي إلا إلى الحزن في جسمه شغل عن قلبه وله ... في قلبه شغل عن سائر البدن وله أيضا: أبعد الثمانين أفنيتها ... وخمسا وسادسها قد نما ترجّي الحياة وتسعى لها ... لقد كاد دينك أن يكلما وله أيضا: إلى كم تخدم الدنيا ... وقد جزت الثمانينا لئن لم تك مجنونا ... لقد فقت المجانينا وقد ذكر أبو عبد الله ابن بشران في تاريخه قال: دخل على القاضي أحمد بن إسحاق بن البهلول أبو القاسم عمر بن شاذان الجوهري فقال له: ارتفع يا أبا حفص، فقال له بعض من حضر: هو أبو القاسم، فأنشأ ابن البهلول يقول: فإن تنسني الأيام كنية صاحب ... كريم فلم أنس الإخاء ولا الودا ولكن رأيت الدهر ينسيك ما مضى ... إذا أنت لم تحدث إخاء ولا عهدا   [1] القافية: فيبخل (مرفوعة) في المختصر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 198 - 57- أحمد بن إسحاق ، يعرف بالجفر: حميريّ النسب مصريّ الدار، لم أجد له ذكرا إلا في كتاب أبي بكر الزبيدي فإنه ذكره في نحاة مصر وقال: مات سنة إحدى وثلاثمائة. - 58- أحمد بن إسماعيل بن سمكة ، أبو عبد الله أبو علي: بجلي عربي من أهل قمّ: ذكره أبو جعفر في مصنّفي الامامية، من أهل الفضل والأدب والعلم، وعليه قرأ أبو العباس محمد بن الحسين بن العميد، وله عدة كتب لم يصنّف مثلها، منها كتاب العباسي، وهو كتاب عظيم في عشرة آلاف ورقة في أخبار الخلفاء والدولة العباسية مستوفى لم يصنّف مثله وغير ذلك. وكان نحويا لغويا أخباريا. من شعره في أبي الفضل ابن العميد: خلّط فهذا زمان فيه تخليط ... والناس إثنان محسود ومغبوط ولا تقيمن بأرض لا انتفاع بها ... فالأرض واسعة والرزق مبسوط فأجابه ابن العميد: لا تضجرن بزمان فيه تخليط ... إن القضاء بجدّ المرء مربوط واصبر على الدهر لا تغضب على أحد ... فلن ترى غير ما في اللوح مخطوط - 59- أحمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن الخصيب نطاحة من أهل الأنبار: كان   [57]- ترجمة الجفر في طبقات الزبيدي: 377 وفيه «يعرف بالجبر» . [58]- هذه الترجمة من المختصر ولم ترد في مطبوعة مرغوليوث، وانظر فهرست الطوسي: 23 (كلكتا) 59 (بيروت) . [59]- ترجمة نطاحة في فهرست ابن النديم: 138 والوافي 6: 248. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 199 كاتب عبيد الله بن عبد الله بن طاهر [1] ، وكان بليغا مترسلا شاعرا أديبا متقدما في صناعة البلاغة، وكان في الأكثر يكتب عن نفسه إلى إخوانه، وبينه وبين ابن المعتز مراسلات وجوابات عجيبة. ذكره محمد بن إسحاق النديم وقال: له من التصانيف: كتاب ديوان رسائله نحو ألف ورقة يحتوى على كلّ حسن من الرسائل. كتاب الطبيخ. كتاب طبقات الكتاب. كتاب أسماء المجموع المنقول من الرقاع يشتمل على سماعاته من العلماء وما شاهد من أخبار الجلة. كتاب صفة النفس. كتاب رسائله إلى إخوانه. قال المرزباني في «المعجم» وجدّه الخصيب بن عبد الحميد صاحب مصر وأصلهم من المذار [2] ، وهو القائل: خير الكلام قليل ... على كثير دليل والعيّ معنى [3] قصير ... يحويه لفظ طويل وفي الكلام عيون ... وفيه قال وقيل وللبليغ فصول ... وللعييّ فضول وله أيضا: لا تجعلن بعد داري ... مخسّسا لنصيبي فربّ شخص بعيد ... إلى الفؤاد قريب وربّ شخص قريب ... إليه غير حبيب ما القرب والبعد إلا ... ما كان بين القلوب وله يمدح كاتبا: وإذا نمنمت بنانك خطّا ... معربا عن إصابة وسداد عجب الناس من بياض معان ... يجتنى من سواد ذاك المداد   [1] كتب قبله لمحمد بن طاهر. [2] ر: المداد. [3] ر: شيء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 200 وله أيضا: ماذا أقول لمن إن زرته حجبا ... وان تخلّفت عنه مكرها عتبا وان أردت خلاصا من تعتّبه ... ظلما فعاتبته في فعله غضبا قال أحمد بن يحيى: كان أحمد بن إسماعيل بن إبراهيم الكاتب علّامة شاعرا حسن المعرفة بالشعر، وكان من الظرفاء الخلعاء، قال لي مرة: يا أبا العباس ما بنات مخر؟ فقلت: بنات مخر سحائب بيض يأتين قبل الصيف تشبّه النساء في بياضهنّ وحسنهنّ بها، لأنّ سحاب الصيف لا ماء فيه فيسودّ ويتغير، فقال لي: قلبك عربي. واستهدى من أحمد بن إسماعيل كتاب «حدود الفراء» فأهداه وكتب على ظهره: خذه فقد سوّغت منه مشبها ... بالروض أو بالبرد في تفويفه نظمت كما نظم السحاب سطوره ... وتأنّق الفرّاء في تأليفه وشكلته ونقطته فأمنت من ... تصحيفه ونجوت من تحريفه بستان خطّ غير أن ثماره ... لا تجتنى إلا بشكل حروفه - 60- أحمد بن أبي الأسود القيرواني : ذكره الزبيدي فقال: كان غاية في النحو واللغة، وهو من أصحاب عبد الملك المهري [1] ، وله تصانيف في النحو والغريب ومؤلفات حسان، وكان شاعرا مجيدا.   [60]- ترجمته في إنباه الرواة 1: 31 وبغية الوعاة 1: 297 وطبقات الزبيدي: 229. [1] هو عبد الملك بن قطن المهري، وقد مرّ ذكره في ترجمة أخيه إبراهيم، وسقطت ترجمته. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 201 - 61- أحمد بن أعثم الكوفي أبو محمد الأخباري المؤرخ : كان شيعيا وهو عند أصحاب الحديث ضعيف وله كتاب المألوف، وكتاب الفتوح [1] معروف، ذكر فيه إلى أيام الرشيد، وله كتاب التاريخ إلى آخر أيام المقتدر ابتدأه بأيام المأمون ويوشك أن يكون ذيلا على الأول، رأيت الكتابين. وقال أبو علي الحسين بن أحمد السلامي البيهقي أنشدني ابن أعثم الكوفي: إذا اعتذر الصديق إليك يوما ... من التقصير عذر أخ مقرّ فصنه عن جفائك وارض عنه ... فإنّ الصفح شيمة كلّ حرّ - 62- أحمد بن بختيار بن علي بن محمد الماندائي أبو العباس الواسطي: وكان له معرفة جيدة بالأدب والنحو واللغة، مات ببغداد في جمادى الآخرة سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة ومولده في ذي الحجة سنة ست وسبعين وأربعمائة بأعمال واسط، وقد ولي القضاء بواسط، وكان فقيها فاضلا له معرفة تامة بالأدب واللغة ويد باسطة في كتب السجلات والكتب الحكمية. سمع أبا القاسم ابن بيان وأبا علي ابن نبهان وغيرهما. قال أبو الفرج ابن الجوزي [2] : وكان يسمع معنا على الفضل بن ناصر. صنف كتبا منها: كتاب القضاة. كتاب تاريخ البطائح. قرأت بخط حجة الاسلام أبي محمد عبد الله بن أحمد بن أحمد بن الخشاب،   [61]- ترجمة ابن أعثم في الوافي 6: 256. [62]- ترجمته الماندائي في طبقات السبكي 6: 14 والوافي 6: 261 وبغية الوعاة 1: 297 وطبقات الاسنوي 2: 436 والمشتبه: 624 والكامل لابن الاثير (حوادث 552) وتاريخ ابن كثير 12: 236 (وتكتب نسبته أيضا: المندائي باسقاط الالف الأولى) . [1] طبع في ثمانية أجزاء (حيدر أباد الدكن) . [2] المنتظم 10: 177. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 202 أنشدني صديقنا الشيخ أبو العباس أحمد بن بختيار بن علي بن محمد الماندائي لنفسه في ابن المرخم: قد نلت بالجهل أسبابا لها خطر ... يضيق فيها على العقل المعاذير مصيبة عمّت الاسلام قاطبة ... لا يقتضي مثلها حزم وتدبير إذا تجارى ذوو الألباب جملتها ... قالوا جهول أعانته المقادير وقال ابن الخشاب: ومما انشده ابن بختيار في مجلس ابن ناصر لنفسه: خلق أرقّ من النسيم إذا جرى ... سحرا على نور الربيع الزاهر لو جاور البحر الأجاج أعاده ... عذبا يروق صفاؤه للناظر وله: لما كسا وجهه عذار ... خلعت في وصله العذارا داريته فاستقام حتى ... صار إذا لم أدره دارا - 63- أحمد بن أمية بن أبي أمية أبو العباس الكاتب : ذكره المرزباني فقال: من أهل بيت الكتابة والغزل والظرف والأدب، حدثنا أحمد بن القاسم النيسابوري أنه لقيه بعد الخمسين والمائتين أو حواليها وأخذ عنه علما كثيرا وأدبا. قلت: وأمية مولى لهشام بن عبد الملك واتصل في دولة بني العباس بالربيع حاجب المنصور وكتب بين يديه، وله شعر حسن، وولده أهل بيت علم منهم أحمد هذا وأخوه محمد وقد ذكرته في «أخبار الشعراء» . قال المرزباني وأحمد هو القائل: خبّرت عن تغيري الأترابا ... ومشيبي فقلن بالله شابا نظرت نظرة إليّ فصدّت ... كصدود المخمور شمّ الشرابا   [63]- تاريخ بغداد 4: 43 والورقة لابن الجراح: 50 والوافي 6: 259. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 203 إن أدهى مصيبة نزلت بي ... أن تصدّي وقد عدمت الشبابا وكان أبو هفان يقول: ليس في الدنيا هجاء أشرف ولا أظرف من قول أحمد بن أمية: إذا ابن شاهك قد ولّيته عملا ... أضحى وحقّك عنه وهو مشغول بسكة أحدثت ليست بشارعة ... في وسطها عرصة في وسطها ميل يرى فرانقها في الركض مندفعا ... تهوي خريطته والبغل مشكول - 64- أحمد بن بشر بن علي التجيبي : يعرف بابن الأغبس، ذكره الحميدي وقال: مات سنة ست وعشرين وثلاثمائة، وكان فقيها على مذهب الشافعي مائلا إلى الحديث عالما بكتب القرآن، قد أتقن كلّ ما قيل فيها من جهة العربية والتفسير واللغة والقراءة، وكان حافظا للغة العربية كثير الرواية جيّد الخط والضبط للكتب، وأخذ عن العجلي والخشنّي وابن الغازي. - 65- أحمد بن بكران بن الحسين الزجاج : كتب عنه علي بن محمد الأزدي في سنة خمس وخمسين وثلاثمائة. - 66- أحمد بن بكر العبديّ أبو طالب ، صاحب كتاب «شرح الايضاح» لأبي علي   [64]- ترجمة ابن الأغبس في تاريخ ابن الفرضى 1: 44 وجذوة المقتبس: 111 وطبقات الزبيدي: 282 والمقتبس (انطونية) : 48 وإنباه الرواة 1: 33 والوافي 6: 265 والديباج المذهب 1: 157 وبغية الوعاة 1: 298. [65]- ترجمته في تاريخ بغداد 4: 56. [66]- ترجمة العبدي في نزهة الألباء: 230 وابن خلكان 1: 101 والوافي 6: 267 وبغية الوعاة 1: 298. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 204 الفارسي: كان نحويا لغويا قيما بالقياس والافتنان في العلوم العربية، أخذ عن القاضي أبي سعيد السيرافي وأبي الحسن الرماني وأبي علي الفارسي، ومات في سنة ست وأربعمائة في خلافة القادر بالله، لم أجد له خبرا فأحكيه إلا ما حكى هو عن نفسه في كتاب «شرح الإيضاح» أنه تكلم مع أبي محمد يوسف بن أبي سعيد الحسن السيرافي (قال العبدي: وكان ابن السيرافي مكينا في هذا الشأن على شهرته عند الناس في اللغة) في تاء تفعلين فقال: هي علامة التأنيث والفاعل مضمر، فقلت له: ولو كانت بمنزلة التاء في ضربت علامة للتأنيث فقط لثبتت مع ضمير الاثنين وعلم أن فيها مع دلالتها على التأنيث معنى الفاعل، فلما صار للاثنين بطل ضمير الواحد الذي هو الياء وجاءت الألف وحدها، فقال هذا إذا زبيل الحوالج كذا وكذا، وانقطع الوقت بالضحك من ابن شيخنا في قلة تصرفه. وقرأت في فوائد نقلت عن أبي القاسم المغربي الوزير أن العبدي أصيب بعقله واختل في آخر عمره. وله من التصانيف كتاب شرح الايضاح. كتاب شرح الجرمي. - 67- أحمد بن أبي بكر بن أبي محمد الخاوراني ، النحوي الأديب أبو الفضل يلقب بالمحدويه: لقيته بعرف سرين [1] ، وهو شاب فاضل بارع متفنن قيّم بعلم النحو محترق بالذكاء حافظ للقرآن، كتب بخطه العلوم وقرأها على مشايخه، ورأيته قد صنّف كتابين صغيرين في النحو، وشرع في أشياء لم تمهله المنية ليتمها، منها فيما ذكر لي «شرح المفصل» للزمخشري، وكتب عني الكثير وفارقته في سنة سبع عشرة   [67]- ترجمته الخاوراني في الوافي 6: 268 وبغية الوعاة 1: 299؛ والخاوراني نسبة إلى خاوران وهي قرية من نواحي خلاط، وقال ياقوت في معجم البلدان: ومنها صديقنا أديب تبريز أحمد بن أبي بكر بن أبي محمد، مات شابا في سنة 620. [1] يذكر ياقوت أن العرف من مخاليف اليمن بينه وبين صنعاء عشرة فراسخ ويذكر في مادة «سرّين» أنها قرية من أعمال صنعاء؛ ولكني لست واثقا من أن هذا الموضع هو الذي يعنيه هنا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 205 وستمائة ثم بلغني أنه اعتبط فمات في سنة عشرين وستمائة وعمره نحو ثلاثين سنة، وله رسالة صالحة. - 68- احمد بن جعفر الدينوري ختن ثعلب على ابنته، يكنى أبا علي: أحد النحاة المبرزين المصنفين [ذكره الزبيدي] في نحاة مصر وقال: انه مات بمصر سنة تسع وثمانين ومائتين قال: وكان أبو عليّ الدينوري يخرج من منزل ثعلب وهو جالس على باب داره فيتخطى أصحابه ومعه محبرته فيقرأ كتاب سيبويه على أبي العباس المبرد، فيعاتبه ثعلب ويقول: إذا رآك الناس تمضي إلى هذا الرجل وتقرأ عليه وتتركني يقولون ماذا؟ فلم يكن يلتفت إلى قوله. قال: وكان أبو علي هذا حسن المعرفة، قال قال المصعبي: فسألت أبا علي كيف صار المبرد أعلم بكتاب سيبويه من ثعلب؟ فقال: لأن المبرد قرأه على العلماء وثعلب قرأه على نفسه. قال الزبيدي: وأصله من الدينور، وقدم البصرة وأخذ عن المازني وحمل عنه كتاب سيبويه، ثم دخل إلى بغداد فقرأ على المبرد، ثم قدم مصر، وألف «كتاب المهذب» في النحو، وكتب في صدره اختلاف البصريين والكوفيين وعزا كلّ مسألة إلى صاحبها، ولم يعتلّ لكلّ واحد منهم ولا احتجّ لمقالته، فلما أمعن في الكتاب ترك الاختلاف ونقل مذهب البصريين، وعوّل في ذلك على كتاب الاخفش سعيد بن مسعدة. وله كتاب مختصر في ضمائر القرآن استخرجه من «كتاب المعاني» للفراء. ولما قدم علي بن سليمان الأخفش إلى مصر خرج أبو علي منها، فلما رجع الأخفش إلى بغداد عاد أبو علي إلى مصر فأقام بها حتى مات في السنة المقدم ذكرها. وله كتاب إصلاح المنطق.   [68]- ترجمة ختن ثعلب في إنباه الرواة 1: 33 والوافي 6: 285 وبغية الوعاة 1: 301 وطبقات الزبيدي: 215. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 206 - 69- أحمد بن جعفر جحظة : هو أبو الحسن أحمد بن جعفر بن موسى بن يحيى بن خالد بن برمك البرمكي النديم. قال أبو عبد الله الحسن بن علي بن مقلة: سألت جحظة عمّن لقّبه بهذا اللقب فقال: ابن المعتز لقبني به، فإنه لقبني يوما فقال لي: ما حيوان إذا قلب [1] صار آلة للبحرية؟ فقلت: علق إذا عكس صار قلعا، فقال: أحسنت يا جحظة، فلزمني هذا اللقب، وهو من في عينيه نتوء جدا؛ وكان قبيح المنظر وكان له لقب آخر يلقبه به المعتمد، وهو خنياكر [2] ، وما أدري أيّ شيء معناه. كان حسن الأدب كثير الرواية للأخبار متصرفا في فنون من العلم كالنحو واللغة والنجوم، مليح الشعر مقبول الألفاظ حاضر النادرة، وكان طنبوريا حاذقا فيه فائقا، مات في شعبان سنة أربع وعشرين وثلاثمائة [3] بجبّل ومولده سنة أربع وعشرين ومائتين. ذكره محمد بن إسحاق النديم فقال: ولجحظة من التصانيف: كتاب الطبيخ، لطيف. كتاب الطنبوريين. كتاب فضائل السكباج. كتاب الترنم. كتاب المشاهدات. كتاب ما شاهده من أمر المعتمد على الله. كتاب ما جمعه مما جرّبه المنجمون فصحّ من الأحكام. كتاب ديوان شعره. قال [4] : كان جحظة وسخا قذرا دنيء النفس في دينه قلّة، وهو القائل: إذا ما ظمئت إلى ريقه ... جعلت المدامة منه بديلا وأين المدامة من ريقه ... ولكن أعلّل قلبا عليلا   [69]- ترجمة جحظة في الفهرست: 162 وتاريخ بغداد 4: 65 ووفيات الأعيان 1: 133 والوافي 6: 286 وفي الأغاني والديارات والبصائر وغيرها من الكتب الأدبية أخبار منثورة عنه، وقد ألف فيه الدكتور مزهر السوداني كتابه: جحظة البرمكي الأديب الشاعر (النجف: 1977) . [1] م: عكس. [2] لعلّ معناه: المغني. [3] في الفهرست: سنة 326 (وأثبت ابن خلكان التاريخين) . [4] أي صاحب الفهرست. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 207 ومن سائر شعره قوله: لي صديق مغرى بقربي وشدوي ... وله عند ذاك وجه صفيق قوله إن شدوت أحسنت زدني ... وبأحسنت لا يباع الدقيق حدث الخطيب قال [1] ، قال جحظة: أنشدت عبيد الله بن عبد الله بن طاهر قولي: قد نادت الدنيا على نفسها ... لو كان في العالم من يسمع كم واثق بالعمر أوثقته [2] ... وجامع بددت ما يجمع فقال لي: ذنبك إلى الزمان الكمال. ومن شعر جحظة [3] : أقول لها والصبح قد لاح ضوءه ... كما لاح ضوء البارق المتألق شبيهك قد وافى ولاح افتراقنا ... فهل لك في صوت وكأس مروّق فقالت شفائي في الذي قد ذكرته ... وان كنت قد نغصته بالتفرّق قال جحظة: صك لي بعض الملوك بصلة [4] ، فدافعني الجهبذ به حتى ضجرت، فكتبت إليه [5] : إذا كانت صلاتكم رقاعا ... تخطّط بالأنامل والأكفّ ولم تكن الرقاع تجرّ نفعا ... فها خطّي خذوه بألف ألف وأنشد جحظة لنفسه في أماليه: طرقنا بزوغى [6] حين أينع زهرها ... وفيها لعمر الله للعين منظر   [1] تاريخ بغداد 4: 66. [2] م: واثقته؛ ر: واريته. [3] الإمتاع والمؤانسة 2: 167- 168 والوافي 6: 288. [4] م: بصك. [5] تاريخ بغداد 4: 68 والمنتظم 6: 284 (وانظر جحظة: 288- 289) . [6] بزوغى: من قرى بغداد، بينها وبين بغداد نحو فرسخين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 208 وكم من بهار يبهر العين حسنه ... ومن جدول بالبارد العذب يزخر ومن مستحثّ بالمدام كأنه ... وإن كان ذميا أمير مؤمّر وفي كفّه اليمنى شراب مورّد ... وفي كفّه اليسرى بنان معصفر شقائق تندى بالندى فكأنها ... خدود عليهنّ المدامع تقطر وكم ساقط سكرا يلوك لسانه ... وكم قائل هجرا وما كان يهجر وكم منشد بيتا وفيه بقيّة ... من العقل إلا أنه متحير «فكان مجنّي دون من كنت أتقي ... ثلاث شخوص كاعبان ومعصر» وكم من حسان جسّ أوتار عوده ... فألهب نارا في الحشا تتسعر يغنّي وأسباب الصواب تمدّه ... بصوت جليل ذكره حين يذكر أحنّ حنين الواله الطّرب الذي ... ثنى شجوه بعد الغداء التذكر أجحظة إن تجزع على فقد معشر ... فقدت بهم من كان للكسر يجبر وأصبحت في قوم كأنّ عظامهم ... إذا جئتهم في حاجة تتكسّر فصبرا جميلا إن في الصبر مقنعا ... على ما جناه الدهر والله أكبر وأنشد أيضا لنفسه: يا من بعدت من الكرى ببعاده ... الصبر مذ غيّبت عنّي غائب أصبحت أجحد أنني لك عاشق ... والعين مخبرة بأني كاذب وأنشد أيضا لنفسه: قد قلّل الإدمان أكلي فما ... أطعم زادا قيس إبهام فالحمد لله وشكرا له ... قد صرت من بابة أقوام قوم ترى أولادهم بينهم ... للجوع في حلية أيتام وأنشد أيضا لنفسه: أرى الأيام ترمز لي بخير ... ولكن بعد أيام طوال فمن ذا ضامن لدوام عمري ... إلى دهر يغيّر سوء حالي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 209 هي التسعون قد عطفت قناتي ... ونفّرت الغواني عن وصالي وفيها لو عرفت الحق شغل ... عن الأمر الذي أضحى اشتغالي كأني بالنوادب قائلات ... وجسمي فوق أعناق الرجال ألا سقيا لجسمك كيف يبلى ... وذكرك في المجالس غير بالي وأنشد أيضا لنفسه [1] : أنفق ولا تخش إقلالا فقد قسمت ... بين العباد مع الآجال أرزاق لا ينفع البخل مع دنيا مولية ... ولا يضرّ مع الإقبال إنفاق وأنشد أيضا لنفسه: تعجبت إذ رأتني فوق مكسور ... من الحمير عقير الظهر مضرور من بعد كلّ أمين الرّسغ معترض ... في السير تحسبه إحدى التصاوير فقلت لا تعجبي منّي ومن زمن ... أنحى عليّ بتضييق وتقتير بل فاعجبي من كلاب قد خدمتهم ... تسعين عاما بأشعاري وطنبوري ولم يكن في تناهي حالهم بهم ... حرّ يعود على حالي بتغيير وقيل لجحظة: كيف حالك؟ فقال: كما قال الشاعر [2] : أيّ شيء رأيت أعجب من ذا ... إن تفكرت ساعة في الزمان كلّ شيء من السرور بوزن ... والبلايا تكال بالقفزان وأنشد جحظة لنفسه: الحمد الله ليس لي كاتب ... ولا على باب منزلي حاجب ولا حمار إذا عزمت على ... ركوبه قيل جحظة راكب ولا قميص يكون لي بدلا ... مخافة من قميصي الذاهب   [1] بخلاء الخطيب: 191 وشرح المضنون به: 113 ولسان الميزان 1: 146. [2] الوافي 6: 288 ومعاهد التنصيص 2: 299. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 210 وأجرة البيت فهي مقرحة ... أجفان عيني بالوابل الساكب إن زارني صاحب عزمت على ... بيع كتاب لشبعة الصاحب أصبحت في معشر تشمتهم ... فرض من الله لازب واجب فيهم صديق في عرسه عجب ... إذا تأملت أمرها عاجب تحسبها حرة وحافرها ... أرقّ من شعر خالد الكاتب وأنشد لنفسه: أحمد الله لم أقل قطّ يا بد ... رويا منصفا ويا كافور لا ولا قلت أين أين الشواهين ... ووزّاننا [1] وأين البدور لا ولا قيل قد أتاك من الضي ... عة برّ موفّر وشعير وأتاك العطّار بالند لما ... قيل ما في الخزانتين بخور أنا خلو من المماليك و ... الأملاك جلد على البلاء صبور ليس إلا كسيرة وقديح ... وخليق أتت عليه الدهور قال جحظة: ومررت بوقاد يوقد في التنور ويغني [2] : أنا أهواك بنور الله ... فافعل ما بدا لك إن تكن تمنعني شخ ... صك فابذل لي خيالك قد أخذت الدن والطن ... بور والكلب فمالك قل لمن جنبك القم ... عوث من دسّك والك وله أيضا [3] : ولي صاحب زرته للسلام ... فقابلني بالحجاب الصّراح وقالوا تغيّب عن داره ... لخوف غريم ملحّ وقاح ولو كان عن داره غائبا ... لأدخلني أهله للنكاح   [1] ر: ورراننا (دون إعجام) . [2] البصائر للتوحيدي 4: 140 (رقم: 482) . [3] البصائر 2: 45 (رقم: 109) وجحظة البرمكي: 278. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 211 وقال يستزير بعض إخوانه [1] : لنا يا أخي زلّة وافره ... وقدر معجّلة حاضره وراح تريك [2] إذا صفّقت ... سنا البرق في الليلة الماطره وما شئت من زهر يانع ... أطافت به الديمة الماطره ومسمعة [3] لم يخنها الصواب ... وزامرة أيما زامره وما شئت من خبر نادر ... ونادرة بعدها نادره فايت ولو كنت يا ابن الكرام ... وحاشاك من ذاك في الآخره وأنشد لنفسه أيضا: ما زارني في الحبس من نادمته ... كأسين كاس مودة ومدام بخلوا عليّ وقد طلبت سلامهم ... فكأنني طالبتهم بطعام وأنشد أيضا لنفسه: وذي جدة طلبت إليه برّا ... من الجلساء مذموم الخلائق فأقسم أنه رجل فقير ... أرانيه المهيمن وهو صادق كأني بالمنازل عن قليل ... خلون من المطرّزة النمارق وقد ظفر النساء بما تركتم ... فصار لماهر بالنيك حاذق وأنشد أيضا لنفسه في أماليه: وقائل قال لي من أنت قلت له ... مقال ذي حكمة دانت له الحكم لست الذي تعرف البطحاء وطأته ... والبيت يعرفه والحلّ والحرم أنا الذي دينه إسعاف سائله ... والضرّ يعرفه والبؤس والعدم انا الذي حبّ أهل البيت أفقره ... فالعدل مستعبر والجور مبتسم   [1] الديارات: 22 ومحاضرات الراغب 1: 307 (ط. الشرفية) وهو يدعو ابن طرخان. [2] م: تزيل. [3] الديارات: ومحسنة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 212 وله أيضا [1] : ولى كبد لا يصلح الطبّ سقمها ... من الوجد لا تنفكّ دامية حرّى فياليت شعري والظنون كثيرة ... أيشعر بي من بتّ أرعى له الشعرى وله أيضا: شكري لإحسانك شكر امرىء ... يستوهب الإحسان من واهبه وكيف لا أشكر من لا أرى ... في منزلي إلا الذي جاد به وأنشد جحظة لنفسه في أماليه: حسبي ضجرت من الأدب ... ورأيته سبب العطب وهجرت إعراب الكلام ... وما حفظت من الخطب ورهنت ديوان النقا ... ئض واسترحت من التعب وله أيضا [2] : لا تعجبي يا هند من ... حالي فما فيها عجب إن الزمان بمن تقدّ ... م في النباهة منقلب فالجهل يضطهد الحجى ... والراس يعلوه الذنب حدث غرس النعمة في كتاب الهفوات [3] قال: كان جحظة لما أسنّ يفسو في مجالسه فيلقى من يعاشره منه جهدا، قال أبو الحسين ابن عياش [4] : وكنت أحبّ غناءه والكتابة عنه لما عنده من الآداب، وكان يستطيب عشرتي، وكنت إذا جلست عنده أخذت عليه الريح، [وجلست فوقها] ، فجئته يوما في مجلس الأدب والناس عنده وهو يملي، فلما خفّوا قال لي ولآخر كان معي، اجلسا عندي حتى أقعدكما على   [1] البصائر 2: 47 (رقم: 117) والبيت الثاني في المنتحل: 238. [2] محاضرات الراغب 1: 13 (الشرفية) . [3] الهفوات: 157- 158 ونشوار المحاضرة 2: 195- 196. [4] أبو الحسين عبد الله بن أحمد بن عياش، كان على الفتيا بسوق الأهواز، ويروي عنه التنوخي في النشوار والفرج بعد الشدة قصصا كثيرة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 213 لبود، وأطعمكما طباهجة بكبود، وأسقيكما من معتقة اليهود، وأبخّركما بعنبر وعود، أطيب من الندود، وأغنيكما غناء المسدود [1] . فقلت: هذا موضع السجود. وجلسنا وصديقي لا يعرف خلّته في الفساء، وأنا قد أخذت الريح [2] ، فوفى لنا بجميع ما ذكره، وقال لنا وقد غنى وشربنا: نحن بالغداة علماء وبالعشي في صورة المخنكرين [3] . فلما أخذ النبيذ منه أخذ يفسو وصديقي يغمزني ويتعجب، فأقول له: إن ذلك عادته وخلّته، وأن سبيله أن يحتمل إلى أن غنّى صوتا من الشعر والصنعة له فيه وكان يجيده: إن بالحيرة قسا قد مجن ... فتن الرهبان فيها وافتتن ترك الإنجيل حينا للصبا ... ورأى الدنيا مجونا فركن قال: فطرب عليه صديقي طربا شديدا واستحسنه كثيرا وأراد أن يقول له: أحسنت والله يا أبا الحسن، فقال له ما في نفسه يتردد من أمر الفساء: افس عليّ يا أبا الحسن كيف شئت، فخجل جحظة وخجل الفتى وانصرفنا. وحدث الخطيب عن أبي الفرج الاصبهاني قال [4] : حدثني جحظة قال: اتصلت عليّ إضافة أنفقت فيها كلّ ما أملكه حتى بقيت ليس في داري سوى البواري [5] فأصبحت يوما وأنا أفلس من طنبور بلا وتر- كما يقال في المثل- ففكرت كيف أعمل فوقع لي أن أكتب إلى محبرة بن أبي عباد [6] الكاتب، وكنت أجاوره، وكان قد ترك التصرّف قبل ذلك بسنتين وحالفه النقرس فأزمنه حتى صار لا يتمكن من التصرف إلا محمولا على الأيدي أو في محفة، وكان مع ذلك على غاية الظّرف وكبر النفس وعظم   [1] المسدود: مغنّ (انظر الأغاني 20: 250) . [2] زاد هنا لفظة «فوقي» ولم ترد في الهفوات والنشوار (وهي تكرار للكلمة التالية) . [3] المخنكرون: المجان. [4] تاريخ بغداد 4: 66- 67 والفرج بعد الشدة 2: 365. [5] البواري: الحصر، المفرد: بارية. [6] هو محمد بن يحيى بن أبي عباد جابر العسكري. وقد مرّ ذكره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 214 النعمة ومواصلة الشرب والقصف، فأردت أن أتطايب عليه ليدعوني فآخذ منه ما أنفقه مدة، فكتبت إليه: ماذا ترى في جديّ ... وفي غضار بوارد [1] وقهوة ذات لون ... يحكي خدود الخرائد ومسمع يتغنّى ... من آل يحيى بن خالد إن المضيع لهذا ... نزر المروءة بارد فما شعرت إلا بمحفة محبرة يحملها غلمانه إلى داري، وأنا جالس على بابي، فقلت له: لم جئت؟ ومن دعاك؟ فقال: أنت، فقلت: إنما قلت لك ماذا ترى في هذا، وعنيت في بيتك، وما قلت لك إنه في بيتي، وبيتي والله أفرغ من فؤاد أمّ موسى، فقال: الآن قد جئت ولا أرجع، ولكن أدخل إليك وأستدعي من داري ما أريد، قلت: ذاك إليك، فدخل فلم ير في بيتي إلا بارية، فقال يا ابا الحسن هذا والله فقر نصيح، هذا ضرّ مدقع، ما هذا؟ قلت: هو والله ما ترى، فأنفذ إلى داره فاستدعى فرشا وآلة وقماشا وغلمانا، وجاء فراشوه ففرشوا ذلك، وجاءوا من الصفر والشمع وغير ذلك بما يحتاج إليه، وجاء طباخه بما كان في مطبخه، وهو شيء كثير بآلات ذلك، وجاء شرابيّه بالأواني والمخروط والفاكهة وآلة التبخير والبخور وألوان الأنبذة، وجلس يومه ذلك وليلته عندي يشرب على غنائي وغناء مغنية أحضرتها كنت ألفتها، فلما كان من الغد سلّم إلى غلامه كيسا فيه ألف درهم ورزمة ثياب صحاح ومقطوعة من فاخر الثياب، واستدعى محفته فجلس فيها وشيعته، فلما بلغ آخر الصحن قال: مكانك يا أبا الحسن، احفظ بابك فكلّ ما في دارك لك، فلا تدع أحدا يحمل منه شيئا، وقال للغلمان: اخرجوا، فخرجوا بين يديه، وأغلقت الباب على قماش بألوف كثيرة. وأنشد السلامي لجحظة في سعد الحاجب [2] : يا سعد إنك قد خدمت ثلاثة ... كلّ عليه منك وسم لائح   [1] الفرج: وبرمة وبوارد. [2] الأبيات في البصائر 6: 58 (رقم: 169) ومنها بيتان في محاضرات الراغب 1: 318. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 215 وأراك تخدم رابعا لتميته ... رفقا به فالشيخ شيخ صالح يا خادم الوزراء انك عندهم ... سعد ولكن أنت سعد الذابح وحدث جحظة قال: دخلت وأنا في بقايا علة على كاتب (قال ابن بشران: على هارون بن غريب الخال) فقدم إلينا مضيرة عصبان فأمعنت فيها، فقال: جعلت فداك أنت عليل، وبدنك نحيل، والعصب ثقيل، واللبن يستحيل، فقلت له: والعظيم الجليل، المفضل المنيل، لا تركت منها كثير ولا قليل، وحسبنا الله ونعم الوكيل. فغضب عليّ فضربني عشرين مقرعة فقلت [1] : ولي صاحب لا قدّس الله روحه ... وكان من الخيرات غير قريب أكلت عصيدا عنده في مضيرة ... فيا لك من يوم عليّ عصيب قال: ودخلت إليه يوما آخر فقدم إليّ لوزينجا لها أيام وقد حمضت، فأخذت أمعن في أكلها، فقال لي: إن اللوزينج إذا كان بالجوز أسخن، وإذا كان باللوز ألحم، فقلت: نعم يا سيدي إذا كان لوزينجا وأما إذا كانت مصوصا فلا. وحدث عبد الله بن المعتز قال: عربد ابن أبي العلاء على جحظة بحضرتي فأمرت بتنحية جحظة إلى أن رضي أحمد، فكتب إليّ جحظة: أليس من العجائب أن مثلي ... يقام لأحمد بن أبي العلاء ولي نفس أبت الا ارتفاعا ... فأضحت كالسماء على السماء لقد غضب الزمان على أناس ... فأبلاهم بأولاد الزناء في «تاريخ دمشق» قال جحظة سلمت على بعض الرؤساء وكان مبخلا، فلما أردت الانصراف قال لي: يا أبا الحسن أيش تقول في قطائف بائتة؟ ولم يكن له بذلك عادة، فقلت: ما آبى ذلك، فأحضر لي جاما فيه قطائف قد خمّت، فأوجعت فيها وصادفت مني مسغبة، وهو ينظر إليّ شزرا، فقال لي: يا أبا الحسن إن القطائف إذا كانت بجوز أتخمتك، وإذا كانت بلوز أبشمتك، قال فقلت: هذا إذا كانت قطائف،   [1] بخلاء الخطيب: 148. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 216 فأما إذا كانت مصوصا فلا، وعملت لوقتي هذه الأبيات [1] : دعاني صديق لي لأكل القطائف ... فأمعنت فيها آمنا غير خائف فقال: وقد أوجعت بالأكل قلبه ... رويدك مهلا فهي إحدى المتالف فقلت له: ما إن سمعنا بهالك ... ينادى عليه يا قتيل القطائف قال عبد الله بن المعتز: كتب إليّ جحظة في يوم مطير: انصرفت من عندك جعلني الله فداك وقد كنّا عقدنا موعدا للقاء، ثم منعني من المصير إليك ما نحن فيه من انقطاع شريان الغمام، فتفضّل ببسط العذر لعبدك إن شاء الله. ومن شعر جحظة [2] : وليل في جوانبه حران ... فليس لطول مدته انقضاء عدمت مطالع الإصباح فيه ... كأنّ الصبح جود أو وفاء وله أيضا: رحلتم فكم من أنة بعد زفرة ... مبيّنة للناس شوقي إليكم وقد كنت أعتقت الجفون من البكا ... فقد ردّها في الرقّ حزني عليكم وحدث أبو الفرج الأصبهاني قال: دعاني أبو محمد ابن الشار يوما ودعا جحظة، وأطال حبس الطعام جدا، وجاع جحظة فأخذ دواة وبياضا وكتب [3] : مالي وللشار وأولاده ... لا قدّس الوالد والوالده قد حفظوا القرآن واستعملوا ... ما فيه إلا سورة المائده ورمى بها إليّ فقرأتها ودفعتها إلى ابن الشار، فقرأها ووثب مسرعا فقدم المائدة، فقاطعه جحظة فكان يجهد جهده أن يجيئه فلا يفعل، فإذا عاتبناه قال: لا والله حتى يحفظ تلك السورة.   [1] الوافي 6: 289. [2] سرور النفس: 29 ورسالة الطيف: 110 وربيع الأبرار (الورقة 3/أ) والبيت الثاني في مجموعة المعاني: 191. [3] بخلاء الخطيب: 149 والتمثيل والمحاضرة: 303. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 217 وله أيضا: يطول عليّ الليل حتى أملّه ... فأجلس والنوام في غفلة عني فلا أنا بالراضي من الدهر فعله ... ولا الدهر يرضى بالذي ناله مني قال أبو علي حدثني أبو القاسم الحسين بن علي البغدادي، وكان أبوه ينادم ابن الحواري ثم نادم البريديين بالبصرة وأقام بها سنين، قال: كان جحظة سخيف الدين، وكان لا يصوم شهر رمضان، وكان يأكل سرا، فكان عند أبي يوما في شهر رمضان مسلما فاحتبسه، فلما كان نصف النهار سرق من الدار رغيفا ودخل المستراح وجلس على المقعدة، واتفق أن دخل أبي فرآه فاستعظم ذلك وقال: ما هذا يا أبا الحسن؟ فقال: أفتّ لبنات وردان ما يأكلون فقد رحمتهم من عذاب الجوع. ومن شعر جحظة [1] . إن كنت ترغب في الزيا ... رة عند أوقات الزياره فدع الشتيمة للغلا ... م إذا دنوت من الغضاره ومن مطبوع شعر جحظة: وإذا جفاني صاحب ... لم أستجز ما عشت قطعه وتركته مثل القبو ... ر أزورها في كلّ جمعه وحدث جحظة في أماليه: دخلت إليّ عريب المأمونية مع شروين المغني وأبي العنبس المغني وأنا يومئذ غلام عليّ قباء ومنطقة وأنكرتني وسألت عني فأخبرها شروين وقال لها: هذا فتى من أهلك. هذا ابن جعفر بن موسى بن يحيى بن خالد البرمكي، وهو يغني بالطنبور، فأدنتني وقربت مجلسي ودعت بطنبور وأمرتني أن أغني، فغنيت أصواتا فقالت: أحسنت يا بنيّ ولتكوننّ مغنيا، ولكن إذا حضرت بين هذين الأسدين ضعت أنت وطنبورك- تعني بين عوديهما- وأمرت لي بمائة دينار. وأنشد لنفسه في أماليه: دعيني من العذل أين الكبير ... بحرمة معبودك الأكبر   [1] محاضرات الراغب 1: 317 (الشرفية) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 218 فلست بباك على ظاعن ... ولا طلل محول مقفر ولكن بكائي على ماجد ... أراد نوالا فلم يقدر وأنشد فيه لنفسه: مرضت فلم يعدني في شكاتي ... من الإخوان ذو كرم وخير فإن مرضوا وللأيام حكم ... سينفذ في الكبير وفي الصغير غدوت على المدامة والملاهي ... وإن ماتوا خريت [1] على القبور وأنشد فيه لنفسه: يا راقدا ونسيم الورد منتبه ... في رقّة القفص [2] والأطيار تنتحب الورد ضيف فلا تجهل كرامته ... وهاتها قهوة في الكاس تلتهب سقيا له زائرا تحيا النفوس به ... يجود بالوصل حينا ثم يجتنب تبا لحرّ رآه وهو ذو جدة ... لم يقض من حقّه بالشرب ما يجب وقال جحظة: ناديت عمرا وقد مالت بجانبه ... مدامة أخذت بالرأس والقدم قد لاح في الدير نار الراهبين وقد ... ناداك بالصبح ناقوساهما فقم فقام يعثر في أثواب نعسته ... لبزل صافية كالنجم في الظلم فاستلّها وشدا والكأس في يده ... «سلّم على الربع من سلمى بذي سلم» لو دام لي في الورى خلّ وعاتقة ... لما حفلت بذي قربى ولا رحم ولا بكرت إلى جلف [3] لنائله ... ولا التفتّ إلى شيء من النعم حدث أبو علي المحسن بن علي بن محمد قال [4] : كان الحسن بن مخلد أكرم الناس في بذل المال وأبخلهم بطعامه، فكان يحضر ندماؤه على مائدته فلا يستجرىء   [1] م: حزنت. [2] القفص: قرية بين بغداد وعكبرا كانت من مواطن النزهة واللهو. [3] م: حلو. [4] نشوار المحاضرة 2: 190- 194. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 219 أحد منهم أن يشعّث شيئا البتة، وينزهون أنفسهم عند رفع المائدة بمسح أيديهم بلحاهم، وله في ذلك قصص عجيبة؛ قال جحظة: ربحت بأكلة أقريتها مع الحسن بن مخلد خمسمائة دينار وخمسمائة درهم وخمسة أثواب فاخرة وعتيدة طيب سريّة، فقيل له: كيف كان ذلك؟ فقال: كان الحسن بن مخلد بخيلا على الطعام سمحا بالمال، وكان يأخذ ندماءه بغتة فيسقيهم النبيذ ويواكلهم، فمن أكل قتله قتلا، ومن شرب معه على الخسف [1] حظي عنده، قال: فكنت عنده يوما فقال لي: يا أبا الحسن قد عملت غدا على الصبوح الجاشريّ فبت عندي، فقلت: لا يمكنني ولكني أباكرك قبل الوقت، فعلى أيّ شيء عملت أن تصطبح؟ فقال: قد أعدّ لنا كذا وكذا، ووصف ما تقدم به إلى الطباخ بعمله، فعقدنا الرأي على أن أباكره، وقمت وجئت إلى منزلي ودعوت طباخي فتقدمت إليه بأن يصلح لي مثل ذلك بعينه ويفرغ منه وقت العتمة، ففعل، ونمت وقمت وقد مضى نصف الليل، فأكلت ما أصلح، وغسلت يدي، وأسرج [لي] وأنا عامل على المضيّ إليه إذا طرقتني رسله، فجئته فقال: بحياتي أكلت؟ قلت: أعيذك بالله، انصرفت من عندك قبل الغروب، وهذا نصف الليل، فأيّ وقت أصلح لي شيء؟ أو أي وقت أكلت شيئا؟ اسأل غلمانك على أيّ حال وجدوني، فقالوا: وجدناه يا سيدنا وقد لبس ثيابه، هو ينتظر أن يفرغ له من إسراج بغلته ليركبها، فسرّ بذلك سرورا شديدا وقدّم الطعام فما كان فيّ فضل أشمه، فأمسكت عن تشعيثه ضرورة وهو يستدعي أكلي، ولو أكلت أحلّ دمي، قال: وكذا كانت عادته، فأقول هو ذا آكل يا سيدي، وفي الدنيا أحد يأكل أكثر من هذا؟! وانقضى الأكل وجلسنا على الشرب، فجعلت أشرب بأرطال وهو يفرح، وعنده أني أشرب على الريق أو على ذلك الأكل الذي خلست معه، ثم أمرني بالغناء فغنيت، فاستطاب ذلك وطرب وشرب أرطالا، فلما رأيت النبيذ قد عمل فيه قلت: يا سيدي تطرب أنت على غنائي فأنا على أي شيء أطرب؟ فقال: يا غلام هات دواة، فأحضرت فكتب لي رقعة ورمى بها إليّ وإذا هي على صيرفيّ يعامله بخمسمائة دينار، فأخذتها وشكرته، ثم غنيته وطرب وزاد سكره، فطلبت منه ثيابا فخلع عليّ خمسة   [1] على الخسف: على غير أكل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 220 أثواب، ثم أمر أن يبخّر كلّ من بين يديه، فأحضرت عتيدة حسنة سريّة فيها طيب كثير، فأخذ الغلمان يبخّرون منها الناس، فلما انتهوا إليّ قلت: يا سيدي وأنا أرضى أن أتبخر حسب؟ فقال لي: ما تريد؟ قلت: أريد نصيبي من العتيدة، قال: قد وهبتها لك، فأخذتها، وشرب بعد ذلك رطلا واتكأ على مسورته، وكذا كانت عادته إذا سكر، فقام الناس من مجلسه وقمت وقد طلع الفجر وأضاء، وهو وقت يبكر الناس في حوائجهم، فخرجت كأني لصّ قد خرج من بيت قوم على قفا غلامي الثياب والعتيدة كارة، فصرت إلى منزلي ونمت نومة ثم ركبت إلى درب عون أريد الصيرفي، فأوصلت إليه الرقعة، فقال: يا سيدي أنت الرجل المسمّى في التوقيع؟ قلت: نعم، قال: أنت تعلم أن أمثالنا يعاملون للفائدة، قلت: أجل، قال: ورسمنا أن نعطى في مثل هذا ما يكسر في كلّ دينار، درهما، فقلت له: لست أضايقك في هذا القدر، فقال: ما قلت هذا لأربح عليك الكثير، أيما أحبّ إليك أن تأخذ كما يأخذ الناس وهو ما قد عرّفتك، أو تجلس مكانك إلى الظهر حتى أفرغ من شغلي ثم تركب معي إلى داري فتقيم عندي اليوم والليلة تشرب، فقد والله سمعت بك وكنت أتمنى أن أسمعك، ووقعت الآن لي رخيصا، فإذا فعلت هذا دفعت إليك الدنانير من غير خسران، فقلت: أقيم عندك، فجعل الرقعة في كمه وأقبل على شغله، فلما دنت الظهر جاء غلامه ببغلة فارهة فركب وركبت معه، وصرنا إلى دار سريّة حسنة بفاخر الفرش والآلات ليس فيها إلا جوار روم للخدمة من غير فحل، فتركني في مجلسه ودخل ثم خرج بثياب أولاد الخلفاء من حمام داره وتبخر وبخرني بيده بندّ عتيق جيد، وأكلنا أسرى الطعام وأنظفه، وقمنا إلى مجلس سريّ للشرب فيه فواكه وآلات بمال، وشربنا ليلتنا، فكانت ليلتي عنده أطيب من أختها عند الحسن بن مخلد، فلما أصبحنا أخرج كيسين في أحدهما دنانير وفي الآخر دراهم، فوزن خمسمائة دينار وخمسمائة درهم وقال: يا سيدي تلك ما أمرت به وهذه الدراهم هدية مني إليك، فأخذتها وانصرفت، وصار الصيرفي صديقي وداره لي. وقال [1] وحدثني أبو الحسن أحمد بن يوسف التنوخي قال حدثني أبو علي   [1] نشوار المحاضرة 2: 292. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 221 ابن الأعرابي الشاعر قال: كنت في دعوة جحظة، فأكلت وجلسنا نشرب وهو يغني، إذ دخل رجل فقدّم إليه جحظة زلّة كان زلّها من طعامه ونحن نأكل، وكان بخيلا على الطعام، قال: وكأنّ الرجل كان طاويا، طاوي سبع، فأتى على الزلّة، ورفع الطيفورية فارغة وجحظة يرمقه بغيظ، ونحن نلمح جحظة ونضحك، فلما فرغ قال له جحظة: تلعب معي بالنرد؟ قال: نعم فوضعاه بينهما ولعبا، فتوالى اللعب على جحظة من الرجل بأن تجيء الفصوص على ما يريد من الأعداد، ويكره جحظة، فأخرج جحظة رأسه من قبّة الخيش رافعا له إلى السماء، وقال كأنه يخاطب الله جلّ وعزّ: لعمري إني أستحقّ هذا لأني أشبع من أجعته. قلت: ما. شد تباعد ما بين هذين الخبرين وخبر رواه التنوخي [1] أيضا عن أبي العباس ابن المنجم [2] قال: سمعت أبا عبد الله الموسوي العلوي [3] يقول: قصدني أبو جعفر محمد بن يحيى بن شيرزاد [4] في أيام تدبيره الأمر قصدا قبيحا، وعمل لي كتّابه مؤامرة [5] في خراجاتي بمائة ألف درهم، أكثرها واجب [عليّ] وباقيها كالواجب، وأحضرني للمناظرة عليها واعتقلني في داره، فضقت ذرعا بما نزل بي، وعلمت أن المال سيلزمني إذا نوظرت، وأنه يؤثر في حالي ويهتك جاهي، فلم أدر ما أصنع، فشاورت بعض من يختصّ به فقال: طمعه فيك والله قويّ وما ينفعك معه شيء غير المال، فقلت له: ففكّر في حيلة أو مخادعة، ففكر ثم قال: لا أعرف لك دواء إلا شيئا واحدا إن سمحت به نفسك وتركت العلوية عنك وفعلته نجوت، قلت: ما هو؟ قال: هو رجل سمح على الطعام محبّ لآكله على مائدته موجب لحرمته،   [1] نشوار المحاضرة 2: 336- 338. [2] هو أبو العباس هبة الله بن المنجم. [3] هو أخو أبي أحمد الموسوي نقيب الطالبيين، نفاهما عضد الدولة واعتقلهما وبقيا في الاعتقال ثلاث سنوات، وأطلقا سنة 372. [4] كان ابن شيرزاد كاتبا لهارون بن غريب الخال (خال المقتدر) وتقلبت به الأحوال في مناصب مختلفة (انظر صفحات متفرقة من تجارب الأمم وتاريخ ابن الأثير) . [5] المؤامرة: عمل تجمع فيه الأوامر الخارجة في مدة أيام الطمع ويوقع السلطان في آخره بإجازة ذلك (مفاتيح العلوم: 38) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 222 وأرى لك إذا وضع طعامه أن تخرج إليه فإنك معه في الدار، ولا يمنعك الموكلون من ذلك، فتجيء بغير إذن فتجلس على المائدة وتأكل وتنبسط، وتخاطبه في أمرك عقيب الأكل، وتسأله وترفق به وتخضع له، فإنه يسامحك بأكثرها ويقرب ما بينك وبينه، فشقّ ذلك عليّ، ثم نظرت فإذا وزن المال أشقّ منه، وكان أبو جعفر لا يأكل إلا بعد المغرب في كلّ يوم أكلة، فلم آكل ذلك اليوم شيئا، وراعيت مائدته، فلما وضعت قمت فقال الموكلون: إلى أين؟ قلت: الى مائدة الوزير، فما قدروا أن يمنعوني، فلما رأى أبو جعفر أكبر ذلك وتهلّل وجهه وقال: إلى عندي يا سيدي، وأجلسني إلى جنبه، فأقبلت آكل وأنبسط في الأكل والحديث إلى أن رفعت المائدة واستدعاني إلى موضعه، فغسلت يدي بحضرته، فلما فرغت أردت أن أبتدئه بالخطاب، فقال لي: قد آذيتك يا سيدي يا أبا عبد الله بتأخرك عن منزلك، فامض إلى بيتك وما أخاطبك بشيء مما في نفسي ولا مما أردت مخاطبتك به، ولا مطالبة عليك من جهتي بعدما تفضلت به، فشكرته وقلت: إن رأى سيدنا أيده الله أن يتمم معروفه بتسليم المؤامرة إليّ فعل، فقال: هاتموها، فما برحت إلا وهي في خفي، وانصرفت إلى منزلي وقد سقط المال عني، ولزمته للسلام، وصرت أتعمّد مواكلته والتخصص به، فسلمت طول أيامه وسلم جاهي ومالي عليّ إلى أن مضى لسبيله. قلت: هذا حسن من فعله مع عسف كان فيه بالرعية في جباية المال لم يسبق إليها، ولا تبعه بعده أحد في مثلها، فكانت له أفعال منكرة منها أنه استدعى العيارين وضمّنهم ما يسرقونه من أموال الناس. وكتب جحظة إلى أبي إسحاق إبراهيم بن عبد الله المسمعي، وكان قائدا جليلا تقلد البصرة وفارس [1] : إليك أبا اسحاق مني رسالة ... تزين الفتى إن كان يعشق زينه لقد كنت غضبانا على الدهر زاريا ... عليه فقد أصلحت بيني وبينه وكان أبو إسحاق هذا أديبا شاعرا، ومن شعره: ألاطف من أجله أهله ... وكلّ إليّ حبيب قريب   [1] الوافي 6: 289. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 223 وأسأل عن غيره قبله ... لأبطل ظنّ الذي يستريب وأنشد جحظة لنفسه في أماليه: قد نلتم صحة ما نالها بشر ... وحزتم نعمة ما نالها [1] ملك فليت شعري أمقدار تعمّدكم ... بما أتاكم به أم وسوس الفلك وأنشد جحظة في أماليه [2] : يا من دعاني وفرّ مني ... أخلفت والله حسن ظني قد كنت أرضى بخبز رزّ ... ومالح أو قليل بن وسكرة من نبيذ دبس ... أقام يوما بقعر دن فكيف يغلو بما ذكرنا ... مساعد شاعر مغنّي وحدث جحظة في أماليه قال [3] : كنت أشرب عند بعض إخواني بباب حرب في ناعورة ثابت الرصاصي في يوم قطر، ومعنا شيخ خضيب حسن البزة متصدر، فتجارينا ذكر المطر وما جاء فيه من الخبر، فقال الشيخ: حدثوا يا سيدي عن النبي صلى الله عليه وسلم وعلى صاحبيه بابكر وبا حفص وعلى النبيين السريين منكر ونكير وعلى عمرو بن العاص قاتل الكفار يوم غدير خم وصاحب راية النبي يوم القطائف (يريد يوم الطائف) ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما من قطرة تنزل من السماء إلا ومحّا ملك يتّبحّا حتى يضحّا في موضحّا ثم يصعد ويدحّا» ، فقلت له: يا شيخ فالقطر يقع في الكنيف والملك ينزل معه؟ قال: نعم يا سيدي فيهم ما في الناس من الدناءة والخسة. وأنشد جحظة لنفسه في أماليه: قالت غلالته القصب ... لما تثنّى واضطرب أترى جنيت جناية ... حتى صلبت على الخشب قال جحظة في أماليه: استهديت من بعض إخواني دواة فأخّرها عني، ثم   [1] ر: حازها. [2] لطائف المعارف: 49. [3] الوافي 6: 287 والمتحدث جاهل ويقلب العين حاء (محّا معها وهكذا) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 224 اجتمعنا في مجلس أبي العباس ثعلب فقلت لأبي العباس: ما أراد الشاعر بقوله: أحاجيك ما قبر عديم ترابه ... به معشر موتى وإن لم يكفّنوا سلوت عن التبيان مدة قبرهم ... فإن نبشوا يوما من الدهر بينوا فسكت ساعة ثم قال: الدواة، فلما انصرفت إلى منزلي إذا الدواة قد سبقتني إليه. قال جحظة: دعوت فضيلا الأعرج، وكان عندنا جماعة، فكتب إلينا: أنا في منزلي وقد رزق الله ... نديما ومسمعا وعقارا فاعذروني بأن تخلفت عنكم ... «شغل الحلي أهله أن يعارا» ومثله لغيره [1] : حيّ طيفا من الأحبة زارا ... بعد أن نوّم الكرى السّمارا داعيا في الوصال تحت دجى ... الليل عيونا عن الوصال سهارى قلت ما بالنا جفينا وكنّا ... قبل ذاك الأسماع والأبصارا قال إنا كما عهدت ولكن ... «شغل الحلي أهله أن يعارا» قال جحظة: وسألت الحسن بن مخلد حاجة فقال: إذا كان بعد ثلاث عرّفتك، فقلت: يا سيدي تعدني أن تعدني. قال جحظة في أماليه: كنت جالسا عند صديق لي، فجاءه رقعة من منزله فلما نظر فيها ضرط، فحادثته ساعة واغتفلته وأخذتها وإذا فيها: قد فني الدقيق وغدا الخبزة. وأنشد لنفسه في أماليه يقول: يقول لي مالكي والدمع منحدر ... لا خفّف الله ربّ العرش بلواكا وإن دعوت عليه عند معتبة ... يقول قلبي له في السرّ حاشاكا   [1] البصائر 4 رقم: 126 (ص: 54) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 225 وأنشد أيضا لنفسه في أماليه: ما أنصفتني يد الزمان ولا ... أدركني غير حرفة الأدب لا حفظ الله حيثما سلكت ... أمي وأير الحمار في است أبي ما تركا درهما أصون به ... وجهي يوما عن ذلّة الطلب - 70- أحمد بن جميل بن الحسن بن جميل أبو منصور : أديب أريب فاضل كامل، له يد باسطة في النظم والنثر، وهو من أهل بغداد وكان يسكن باب الأزج، ذكره أبو الفرج ابن الجوزي في مذيّله على صدقة بن الحسن فقال: كانت له معرفة بالأدب جيدة وله كتاب مقامات حذو الحريري [1] . وله فضل، ومات في شهر ربيع الآخر سنة سبع وسبعين وخمسمائة. - 71- أحمد بن حاتم أبو نصر الباهلي صاحب الأصمعي : روى عن الأصمعي كتبه، وقال أبو العباس محمد بن أحمد القمري [2] الإسكافي النحوي: كان أبو نصر ابن أخت الأصمعي؛ وقال أبو الطيب في «كتاب مراتب النحويين» [3] : زعموا أن أحمد بن حاتم كان ابن أخت الأصمعي وليس هذا بثبت، رأيت جعفر ابن باسويه [4]   [70]- ترجمة ابن جميل في الوافي 6: 293 (وهو لا ينقل عن ياقوت) . [71]- ترجمة أبي نصر الباهلي في الفهرست: 61 وتاريخ بغداد 4: 114 وطبقات الزبيدي: 180 وإنباه الرواة 1: 36، 4: 180 والوافي 6: 295 وبغية الوعاة 1: 301. [1] قال الصفدي: أنشأ «المقامات العشرين» نظما ونثرا، رواها عنه ولده يوسف. [2] لعله «المعمري» كما سيأتي رقم: 969. [3] مراتب النحويين: 82 وأبو الطيب اللغوي اسمه عبد الواحد بن علي (توفي سنة 351) . [4] في مراتب النحويين: بابتويه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 226 ينكره. وكان أثبت من عبد الرحمن يعني ابن أخي الأصمعي وأسنّ، وكان يضيق على ابن الأعرابي مسكه [1] . وقد أخذ عن الأصمعي وأبي عبيدة وأبي زيد، وأقام ببغداد، وربما حكى الشيء بعد الشيء عن أبي عمرو الشيباني، ومات فيما ذكره هو وأبو عبد الله بن الأعرابي وعمرو بن أبي عمرو الشيباني في سنة احدى وثلاثين ومائتين وقد نيف على السبعين. وحدث المرزباني [2] عن أبي عمر الزاهد، قال، قال ثعلب: دخلت على يعقوب بن السكيت وهو يعمل «إصلاح المنطق» فقال: يا أبا العباس رغبت عن كتابي فقلت له: كتابك كبير وأنا عملت الفصيح للصبيان، ثم قال لي: سر معي إلى أبي نصر صاحب الأصمعي، فمضيت معه فلما كنا في الطريق قال: قد سألت أبا نصر عن بيت شعر فأجابني جوابا لم أرضه، أفأعيده عليه؟ فقلت: لا تفعل فإن عنده أجوبة، وقد أجابك ببعضها فلما دخلت عليه سأله عن البيت فقال له: يا مؤاجر ما أنت وهذا؟ وأنا قربتك حتى رموني بك؟! عندي عشرون جوابا في هذا، وخجل من ذلك وخرجنا، فقلت له، لا مقام لك هاهنا، اخرج من سرّ من رأى واكتب إليّ بما تحتاج إليه لأسأل عنه وأعرفك إياه. وحكي عن الأصمعي انه كان يقول: ما يصدق عليّ الا أبو نصر، وكان ثقة مأمونا. ولأبي نصر من التصانيف: كتاب الشجر والنبات. كتاب اللبأ واللبن. كتاب الابل. كتاب أبيات المعاني. كتاب اشتقاق الأسماء. كتاب الزرع والنخل. كتاب الخيل. كتاب الطير. كتاب ما يلحن فيه العامة. كتاب الجراد. وذكره حمزة في «كتاب أصبهان» قال: ولما أقدم الخصيب بن أسلم [3] أبا محمد الباهليّ صاحب الأصمعي إلى أصبهان نقل معه مصنفات الأصمعي وأشعار شعراء الجاهلية وشعراء الاسلام مقروءة على الأصمعي، وكان قدومه اصبهان بعد سنة   [1] المسك: الجلد، والمعنى أنه كان يرهقه ويعنته، قال أبو الطيب (92) وكان أبو نصر الباهلي يتعنت ابن الأعرابي ويكذبه ويدعي عليه التزيد ويزيفه. [2] نقلها الصفدي: وقارن بحكاية مماثلة أوردها الزبيدي والقفطي. [3] البغية: الخصيب بن سالم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 227 عشرين ومائتين فأقام أشهرا، ثم تأهب منها للحج، فدخل إلى عبد الله بن الحسن وسأله أن يدله على رجل يسلّم إليه دفاتره إلى أن يرجع، فقال له: عليك بمحمد بن العباس وكان مؤدب أولاد عبد الله بن الحسن مقبول القول، فسلم الباهلي إليه دفاتره وخرج، فانسخها محمد بن عبد الله الناس، فقدم الباهلي وقامت قيامته، ودخل إلى عبد الله بن الحسن وذكر له ما كان يأمل في دفاتره من التكسب بها، فجمع له عبد الله بن الحسن من أهل البلد عشرة آلاف درهم، ووصله الخصيب بعشرين ألفا فتناولها ورجع إلى البصرة. - 72- أحمد بن الحارث بن المبارك الخراز أبو جعفر راوية أبي الحسن المدائني والعتابي: كان راوية مكثرا موصوفا بالثقة وكان شاعرا، وهو من موالي المنصور. ومات الخراز- فيما ذكره قانع ورواه المرزباني عنه- في ذي الحجة سنة ثمان وخمسين ومائتين وكان ينزل في باب الكوفة فدفن في مقابرها، وقيل مات في سنة تسع وخمسين. وذكره المرزباني في «المقتبس» [1] فقال: حدثني علي بن هارون قال أخبرني عبيد الله بن أحمد بن أبي طاهر عن أبيه عن محمد بن صالح بن النطاح مولى بني هاشم عن أبيه قال: طلب المنصور رجالا يجعلهم بوابين له، فقيل له لا يضبطهم إلا قوم لئام الأصول أنذال النفوس صلاب الوجوه، ولا تجدهم إلا في رقيق اليمامة، فاشتري له مائتا غلام من اليمامة فصيّر بعضهم بوابين وبقي الباقون، فكان ممن بقي خلال جد أبي العيناء محمد بن القاسم بن خلال وحسان بن إبراهيم بن عطار جد أحمد بن الحارث الخراز. وقال المرزباني، أخبرني محمد بن يحيى، قال حدثني الحسين بن إسحاق،   [72]- ترجمة أبي جعفر الخراز في الفهرست: 117 وتاريخ بغداد 4: 122 والوافي 6: 297. [1] لم يرد له ذكر في نور القبس. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 228 قال أنشدت أحمد بن الحارث شعرا للبحتري، فعاب منه شيئا، فبلغ البحتري فقال [1] : الحمد لله على ما أرى ... من قدر الله الذي يجري ما كان ذا العالم من عالمي ... يوما ولا ذا الدهر من دهري يعترض الحرمان في مطلبي ... ويحكم الخراز في شعري وروى محمد بن داود لأحمد بن الحارث في إبراهيم بن المدبّر وحاجبه بشر: وجه جميل وصاحب صلف ... كذاك أمر الملوك يختلف فأنت تلقى بالبشر واللّط ... ف وبشر يلقاهم به جنف يا حسن الوجه والفعال ويا ... أكرم وجه سما به شرف ويا قبيح الفعال بالحاجب ال ... غثّ الذي كلّ أمره نطف فأنت تبني وبشر يهدمه ... والمدح والذمّ ليس يأتلف وذكره أبو بكر الخطيب فقال [2] : كان الخراز ذا فهم ومعرفة صدوقا سمع من المدائني كتبه كلها، وهو بغداديّ روى عنه السكري وابن أبي الدنيا وغيرهما. وكان [3] كبير الرأس طويل اللحية كبيرها حسن الوجه كبير الفم ألثغ، خضب قبل موته بسنة خضابا قانئا، فسئل عن ذلك فقال: بلغني أن منكرا ونكيرا إذا حضرا ميتا فرأياه خضيبا قال منكر لنكير: تجاف عنه. ومن سائر شعره قوله: إني امرؤ لا أرى بالباب أقرعه ... إذا تنمّر دوني حاجب الباب ولا ألوم امرءا في ردّ ذي شرف ... ولا أطالب ودّ الكاره الآبي ولما قتل بغا التركي باغرا التركيّ وهاجت الأتراك على المستعين بالله وخافهم   [1] ديوان البحتري 2: 1015. [2] تاريخ بغداد 4: 123. [3] هذا عن ابن النديم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 229 وانحدر من سرّ من رأى إلى بغداد في سنة احدى وخمسين ومائتين في المحرم [1] قال أحمد بن الحارث [2] : لعمري لئن قتلوا باغرا ... لقد هاج باغر حربا طحونا وفرّ الخليفة والقائدان ... بالليل يلتمسون السفينا وحلّ ببغداد قبل الشروق ... فحلّ بهم منه ما يكرهونا فليت السفينة لم تأتنا ... وغرّقها الله والراكبينا هي قصيدة يذكر فيها الحرب وصفتها. وقال أحمد بن الحارث في بشر حاجب إبراهيم بن المدبر: قد تركناك لبشر ... وتركنا لك بشرا وذكره محمد بن إسحاق النديم في كتابه وقال: له من الكتب: كتاب المسالك والممالك. كتاب أسماء الخلفاء وكتابهم [3] والصحابة. كتاب مغازي البحر في دولة بني هاشم وذكر أبي حفص صاحب أقريطش. كتاب القبائل. كتاب الأشراف. كتاب ما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنه. كتاب أبناء السراري. كتاب نوادر الشعراء. كتاب مختصر كتاب البطون. كتاب مغازي النبي صلى الله عليه وسلم وسراياه وأزواجه. كتاب أخبار أبي العباس. كتاب الأخبار والنوادر. كتاب سجية [4] البريد. كتاب النسب [5] . كتاب الحلائب والرهان. كتاب جمهرة نسب الحارث بن كعب وأخبارهم في الجاهلية [6] .   [1] انظر في مقتل باغر: تاريخ الطبري 3: 1235 وما بعدها. [2] أورد الطبري ستة عشر بيتا من هذه المرثية 3: 1540- 1541. [3] الفهرست: وكناهم. [4] الفهرست: شحنة. [5] الفهرست: النسيب. [6] من الغريب أن أسماء هذه الكتب وردت في (ر) في ترجمة بديع الزمان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 230 - 73- أحمد بن الحسن بن إسماعيل أبو عبيد الله السكوني الكندي النسابة: كان له اختصاص بالمكتفي ثم بالمقتدر، ذكره أبو الحسن محمد بن جعفر بن النجار الكوفي في «تاريخ الكوفة» وقال: انه كان ممن أخذ عن ثعلب الأدب، وكان مليح المجلس حسن الترسّل متمكنا من نفسه، هذا لفظ ابن النجار بعينه. وحكى ابن النجار عن أبي عبيد الله قال، قال [لي] ابن عبدة [1] النساب: ما عرف النسّاب أنساب العرب على حقيقة حتى قال الكميت النزاريات فأظهر بها علما كثيرا، ولقد نظرت في شعره فما رأيت أحدا أعلم منه بالعرب وأيامها. قال أبو عبيد الله: فلما سمعت هذا جمعت شعره فكان عوني على التصنيف لأيام العرب. ورأيت أنا لأبي عبد الله كتابا في أسماء مياه العرب، ونقلته، غير تامّ [2] . - 74- أحمد بن الحسين بن القاسم بن الحسن أبي علي ، أبو بكر، يلقب الفلكي، جدّ أبي الفضل الفلكي الحافظ الهمذاني: قال شيرويه: روى عن الحسن بن الحسين التميمي وأبي الحسن علي بن الحسن بن سعد البزاز وأبي بكر عمر بن سهل الحافظ، روى عنه ابناه أبو عبد الله الحسين وأبو الصقر الحسن، قال: وكان إماما جامعا في كل فنّ عالما بالأدب والنحو والعروض وسائر العلوم، وخصوصا في علم الحساب فإنه كان يقال له الحاسب، وكذلك لقب بالفلكي، وكان هيوبا [3] ذا حشمة ومنزلة عند الناس، مات في ذي القعدة سنة أربع وثمانين وثلاثمائة وهو ابن خمس وثمانين سنة.   [73]- ترجمة أبي عبيد الله السكوني في الوافي 6: 309 (عن ياقوت) . [74]- ترجمته في الوافي 6: 305 وبغية الوعاة 1: 303 وفيهما أن اسم أبيه «الحسن» . [1] الوافي: عبيدة. [2] انظر فهرست معجم البلدان فقد نقل عنه كثيرا، وكذلك البكري في معجمه. [3] الوافي: مهوبا، والصواب «مهيبا» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 231 - 75- أحمد بن الحسن بن محمد بن اليمان بن الفتح الديناري أبو عبد الله: رجل أديب إلا أن الغالب عليه الخط، وذكرنا له إنما لحسن خطّه الذي بلغ فيه الغاية، وقال الوزير عميد الدولة أبو سعد ابن عبد الرحيم في أخبار ابنه عبد الجبار بن أحمد: وكان والده أبو عبد الله الديناري مقدّما مكرّما يزوّر بحسن خطّه على أبي عبد الله ابن مقلة تزويرا لا يكاد يفطن له. وله ولد أديب يقال له أبو يعلى عبد الجبار ذكر في بابه [1] . - 76- أحمد بن الحسين يعرف بابن شقير أبو بكر : هو أحمد بن الحسين بن العباس بن الفرج النحوي، أخذ عن أحمد بن عبيد بن ناصح، وكان مشهورا برواية كتب الواقدي عن أحمد بن عبيد عنه، ومات في صفر سنة سبع عشرة وثلاثمائة في خلافة المقتدر، وهو في طبقة أبي بكر السراج. وله تصانيف منها: كتاب مختصر في النحو. كتاب المقصور والممدود. كتاب المذكر والمؤنث. قرأت في كتاب ابن مسعر [2] أنّ الكتاب الذي ينسب إلى الخليل ويسمى «الجمل» أنه من تصنيف ابن شقير هذا، قال يقول فيه: النصب على أربعين وجها [3] .   [75]- ترجمة الديناري في الوافي 6: 310 (عن ياقوت) . [76]- أخبار النحويين البصريين: 109 وتاريخ بغداد 4: 89 وإنباه الرواة 1: 34 والوافي 6: 349 وبغية الوعاة 1: 302 (احمد بن الحسن) وورد ذكره في نزهة الألباء: 142 في ترجمة شيخه ابن ناصح. [1] سقطت ترجمته من أصل الكتاب. [2] م: مسعدة. [3] قد نشر هذا الكتاب (بيروت 1985) باسم الخليل ولم يقل ناشره إنه منسوب إلى الخليل (في العنوان) والمحقق ليس ناسخا ينفق الكتاب ليكسب مالا؛ غفر الله لمحققه فقد ظن أن العنعنات التي أوردها في المقدمة تغني. وقد كتب الدكتور محمود حسني بحثا نفى فيه نسبة الكتاب إلى الخليل (مجلة جامعة دمشق، عدد: 9) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 232 - 77- أحمد بن الحسين بن مهران المقرىء أبو بكر النيسابوري قال الحافظ أبو القاسم: أصله من أصبهان، سكن نيسابور. قال الحاكم: هو إمام عصره في القراءات وأعبد من رأينا من القراء، وكان مجاب الدعوة، مات في السابع والعشرين من شوال سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة، وهو يوم مات ابن ستّ وثمانين سنة، وصلينا عليه في ميدان الطاهرية، وتوفي ذلك اليوم أبو الحسن العامري صاحب الفلسفة [1] . قال الحاكم: فحدثني عمر بن أحمد الزاهد قال: سمعت الثقة من أصحابنا يذكر أنه رأى أبا بكر ابن الحسين بن مهران، رحمه الله، في المنام في الليلة التي دفن فيها، قال فقلت: أيها الأستاذ ما فعل الله بك؟ فقال: إن الله عز وجل أقام أبا الحسن العامري بحذائي وقال: هذا فداؤك من النار. ثم ذكر الحاكم باسناد رفعه الى أبي موسى الأشعري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا كان يوم القيامة أعطى الله كلّ رجل من هذه الأمة رجلا من الكفار فيقول هذا فداؤك من النار. وهذا الخبر إذا قرن بالرؤيا صار من براهين الشرع. قال الحاكم: سمع ابن مهران بنيسابور أبا بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة وأبا العباس السراج الثقفي وأبا العباس الماسرجسي. وله من التصانيف: كتاب الشامل. كتاب الغاية [2] . كتاب قراءة أبي عمرو. كتاب غرائب القراءات. كتاب وقوف القرآن. كتاب الانفراد. كتاب شرح المعجم. كتاب شرح التحقيق. كتاب اختلاف عدد السور. كتاب رؤوس الآيات. كتاب الوقف والابتداء. كتاب قراءة عبد الله بن عمرو. كتاب علل كتاب الغاية. كتاب المبسوط. كتاب آيات القرآن. كتاب الاتفاق والانفراد. كتاب المقطع والمبادىء.   [77]- ترجمة ابن مهران في طبقات الجزري 1: 49 وسير الذهبي 16: 406 والنجوم الزاهرة 4: 160 والشذرات 3: 98. [1] أبو الحسن العامري: محمد بن أبي ذر يوسف العامري النيسابوري، صاحب الأمد على الأبد، والإعلام بمناقب الإسلام وغيرهما من المؤلفات، ذكره التوحيدي في الإمتاع والمقابسات، وأورد له مسكويه في جاويدان خرد مختارات من حكمه وكانت وفاته سنة 381. [2] هو في القراءات العشر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 233 قال الحاكم: سمعت أبا بكر ابن مهران يقول: قرأت على أبي علي محمد بن أحمد بن حامد الصفار المقرىء القرآن من أوله إلى آخره، وقال: قرأت القرآن من أوله إلى آخره على أبي بكر محمد بن سليمان بن موسى الهاشمي ببغداد، وقال: قرأت على قنبل بن عبد الرحمن بن محمد بن خالد بن سعيد بن خروجة المكي، وقال: قرأت على أبي الحسن النبال، وأخبرني أنه قرأ على ابن الاخريط وهب بن واضح، وقرأ ابن الاخريط على إسماعيل بن عبد الله بن قسطنطين، وقرأ ابن قسطنطين على شبل بن عباد ومعروف بن مسكان، فأخبراه أنهما قرءا على عبد الله بن كثير عن مجاهد عن ابن عباس عن أبيّ بن كعب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال الحاكم: ومحمد بن الحسين بن مهران الأديب الفقيه الكاتب أخو أبي بكر سمع عبد الله بن شيرويه و. قرانه، وسمع الكتب من أبي بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة وأقرانه، ومات في شعبان سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة، وهو ابن نيّف وثمانين سنة. - 78- أحمد بن الحسين بن يحيى بن سعيد بديع الزمان الهمذاني أبو الفضل: قال أبو شجاع شيرويه بن شهردار في «تاريخ همذان» إن أحمد بن الحسين بن يحيى بن سعيد بن بشر أبا الفضل الملقب ببديع الزمان سكن هراة، روى عن أبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريا وعيسى بن هشام الأخباري، وكان أحد الفضلاء والفصحاء، متعصبا لأهل الحديث والسنة، ما أخرجت همذان بعده مثله، وكان من مفاخر بلدنا، روى عنه أخوه أبو سعد ابن الصفار والقاضي أبو محمد عبد الله بن الحسين النيسابوري. قال: وتوفي في سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة. قال شيرويه: ومحمد بن الحسين بن يحيى بن سعيد بن بشر الصفار الفقيه أبو سعد أخو بديع الزمان أبي الفضل أحمد بن الحسين بن يحيى لأبيه وأمه مفتي البلد. روى عن ابن لال وابن تركان وعبد الرحمن   [78]- ترجمة بديع الزمان في وفيات الأعيان 1: 127 (وص 402) والوافي 6: 355 والشريشي 1: 22 ومعاهد التنصيص 3: 113 وروضات الجنات 1: 238 (وأكثرهم عالة على ما أورده الثعالبي في يتيمة الدهر 4: 256) وسير الذهبي 17: 67 والنجوم الزاهرة 4: 218. وقد كتبت حول مقاماته في العصر الحديث دراسات كثيرة تتطلب إفراد ببلبوغرافيا خاصة بها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 234 الامام وأبي بكر محمد بن الحسين الفراء وابن جائحان، وذكر جماعة وافرة. قال: وأدركته ولم يقض لي عنه السماع، وكان في الحديث ثقة، ويتهم بمذهب الأشعرية، ويقال جنّ في آخر عمره إلى أن مات. وسمعت بعض أصحابنا يقول: كان يعرف الرجال والمتون، ولد في ثالث عشر جمادى الآخرة سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة ومات- ولم يذكره وذكره الثعالبي- في سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة، وكذا قال أبو نصر عبد الرحمن بن عبد الجبار الفامي في «تاريخ هراة» . قال المؤلف: وقد رأيت ذكر البديع في عدّة تصانيف من كتب العلماء، فلم يستقص أحد خبره أحسن مما اقتصّه الثعالبي، وكان قد لقيه وكتب عنه، فنقلت خبره من كتابه ولخصته من بعض سجعه قال: بديع الزمان، ومعجزة همذان، ونادرة الفلك، وبكر عطارد، وفرد الدهر وغرة العصر، ولم نر نظيره في الذكاء وسرعة الخاطر وشرف الطبع وصفاء الذهن وقوة النفس، ولم ندرك نظيره في طرف النثر وملحه، وغرر النظم ونكته، وكان صاحب عجائب وبدائع، فمنها أنه كان ينشد الشعر لم يسمعه قط، وهو أكثر من خمسين بيتا، إلا مرة واحدة فيحفظها كلّها ويؤديها من أولها إلى آخرها لا يخرم حرفا، وينظر في الأربعة والخمسة الأوراق من كتاب لم يعرفه ولم يره، نظرة واحدة خفيفة، ثم يهذّها عن ظهر قلبه هذّا ويسردها سردا، وهذا حاله في الكتب الواردة وغيرها، وكان يقترح عليه عمل قصيدة وإنشاء رسالة في معنى بديع وباب غريب فيفرغ منها في الوقت والساعة، وكان ربما كتب الكتاب المقترح عليه فيبتدىء بآخره ثم هلم جرا إلى أوله، ويخرجه كأحسن شيء وأملحه، ويوشّح القصيدة الفريدة من قيله بالرسالة الشريفة من إنشائه، فيقرأ من النظم النثر ويروي من النثر النظم، ويعطى القوافي الكثيرة فيصل بها الأبيات الرشيقة، ويقترح عليه كلّ عويص وعسير من النظم والنثر فيرتجله أسرع من الطرف، على ريق لا يبلعه ونفس لا يقطعه، وكلامه كله عفو الساعة وفيض اليد ومسارقة القلم ومسابقة اليد للفم. وكان يترجم ما يقترح عليه من الأبيات الفارسية المشتملة على المعاني الغريبة بالأبيات العربية، فيجمع فيها بين الإبداع والإسراع، إلى عجائب كثيرة لا تحصى، ولطائف تطول أن تستقصى. وكان مع ذلك مقبول الصورة حسن العشرة، وفارق همذان سنة ثمانين وثلاثمائة وهو مقتبل الشبيبة، غضّ الحداثة، وقد درس على أبي الحسين ابن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 235 فارس وأخذ عنه جميع ما عنده واستنفد علمه. وورد حضرة الصاحب ابن عباد فتزود من ثمارها وحسن آثارها، ثم قدم جرجان وأقام بها مدة على مداخلة الإسماعيلية والتعيش في أكنافهم، واختصّ بالدهخداه [1] أبي سعد محمد بن منصور، ونفقت بضاعته لديه، وتوفر حظه من عادته المعروفة في إسداء الإفضال على الأفاضل. ولما أراد ورود نيسابور أعانه بما سيره إليها فوردها في سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة ونشر بها بزّه وأظهر طرزه، وأملى أربعمائة مقامة [2] نحلها أبا الفتح الاسكندري في الكدية وغيرها، وضمنها ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين. ثم شجر بينه وبين الأستاذ أبي بكر الخوارزمي ما كان سببا لهبوب ريح الهمذاني وعلوّ أمره، إذ لم يكن في الحساب أن أحدا من العلماء ينبري لمساجلته، فلما تصدى الهمذاني لمباراته وجرت بينهما مقامات ومبادهات ومناظرات، وغلّب قوم هذا وغلّب آخرون ذاك، طار ذكر الهمذاني في الآفاق، وشاع ذكره في الأفّاق، ودرّت له أخلاف الرزق، فلما مات الخوارزميّ خلا له الجوّ وتصرفت به أحوال جميلة وأسفار كثيرة، ولم يبق من بلاد خراسان وسجستان وغزنة بلدة إلا دخلها وجنى ثمارها، ولا ملك له ولا وزير إلا واستمطر بنوئه وسرى في ضوئه، فحصلت له نعمة حسنة وثروة جميلة، وألقى عصاه بهراة فاتخذها دار قراره، وصاهر بها أبا علي الحسين بن محمد الخشنامي، وهو الفاضل الكريم الأصيل، وانتظمت أحواله بمصاهرته، واقتنى بمعونته ضياعا فاخرة، وحين بلغ أشدّه وأربى على أربعين سنة ناداه الله فلباه، وفارق دنياه في سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة. وهذا أنموذج من رسائله: فصل [3] من رقعة كتبها إلى الخوارزمي، وهو أول ما كاتبه به: أنا لقرب الأستاذ: كما طرب النشوان مالت به الخمر [4] .   [1] الدهخداه: سيد القرية أو رئيسها. [2] في هذا العدد مجال للنظر، إذ ليس لدينا منها إلا أربعون، ومنهم من جعلها إحدى وخمسين مقامة (بعدد رسائل إخوان الصفا الإسماعيلية الذين كان البديع يلابسهم ويداخلهم في جرجان) . [3] اليتيمة 4: 259 ورسائل البديع: 128. [4] من الواضح أنه يضمن رسالته أشطارا من الشعر، وقوله: «كما انتفض العصفور ... » عجز بيت، وصدره: وإني لتعروني لذكراك هزة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 236 ومن الارتياح للقائه: كما انتفض العصفور بلله القطر. ومن الامتزاج بولائه: كما التقت الصهباء والبارد العذب. ومن الابتهاج بمزاره: كما اهتز تحت البارح الغصن الرطب. ومن رقعة إلى غيره [1] : يعزّ علي أن ينوب- أيد الله الشيخ- في خدمته قلمي عن قدمي، ويسعد برؤيته رسولي دون وصولي، ويرد مشرع الأنس به كتابي قبل ركابي، ولكن ما الحيلة والعوائق جمة: وعليّ أن أسعى ولى ... س عليّ إدراك النجاح وقد حضرت داره، وقبلت جداره، وما بي حبّ الحيطان، ولكن شغف بالقطّان، ولا عشق الجدران، ولكن شوق إلى السكان. وقال البديع وأراد التحميض- كما يقول أهل بغداد- ومعناه عندهم غير ذلك كقوله [2] : ولقد دخلت ديار فارس مرة ... أبتاع ما فيها من الأعراض فإذا فسا فيها رجال سادة ... لهفي على ذاك الزمان الماضي فالسامع يرى أنه أراد فسا مدينة بفارس التي منها أبو علي الفسوي النحوي وإنما أراد فسا من الفسو، والضمير في «فيها» يريد به اللحية. وذكر أبو إسحاق الحصري في كتاب «زهر الآداب» [3] وقد ذكر أبا الفضل الهمذاني بديع الزمان فقال: وهذا اسم وافق مسمّاه ولفظ طابق معناه، كلامه غضّ المكاسر أنيق الجواهر، يكاد الهواء يسرقه لطفا والهوى يعشقه ظرفا. ولما رأى أبا بكر محمد بن الحسن بن دريد الأزدي أغرب بأربعين حديثا وذكر أنه استنبطها من ينابيع صدره، وانتخبها من معادن فكره، وأبداها للأبصار والبصائر، وأهداها إلى الأفكار والضمائر، في معارض حوشية، وألفاظ عنجهية، فجاء أكثرها تنبو عن قبوله الطباع،   [1] اليتيمة: 259 والرسائل: 103. [2] ديوان البديع: 47. [3] زهر الآداب: 261. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 237 ولا ترفع له حجب الأسماع، وتوسّع فيها، إذ صرّف ألفاظها ومعانيها، في وجوه مختلفة، وضروب منصرفة، عارضه بأربعمائة مقامة في الكدية تذوب ظرفا وتقطر حسنا، لا مناسبة بين المقامتين لفظا ولا معنى، عطف مساجلتها، ووقف مناقلتها، بين رجلين سمّى أحدهما عيسى بن هشام والآخر أبا الفتح الاسكندري، وجعلهما يتهاديان الدرّ ويتنافثان السحر، في معان تضحك الحزين، وتحرّك الرصين، وتطالع منها كل طريفة، ويوقف منها على كل لطيفة، وربما أفرد بعضهما بالحكاية، وخصّ أحدهما بالرواية. [وقد ذكره] أبو نصر عبد الرحمن بن عبد الجبار الفامي في «تاريخ هراة» من تأليفه، وأنشد للبديع: خرج الأمير ومن وراء ركابه ... غيري وعزّ عليّ أن لم أخرج أصبحت لا أدري أأدعو طغمشي ... أم يكتليني أم أصيح بنذغجي وبقيت لا أدري أأركب أبرشي ... أم أدهمي أم أشبهي أم ديزجي يا سيد الأمراء ما لي خيمة ... إلا السماء إلى ذراها ألتجي كتفي بعيري إن ظعنت، ومفرشي ... كمّي، وجنح الليل مطرح هودجي وكتب بديع الزمان إلى مستميح عاوده مرارا وقال له: لم لا تديم الجود بالذهب، كما تديمه بالادب؟ فكتب البديع [1] : عافاك الله، مثل الإنسان في الإحسان، مثل الأشجار في الإثمار، وسبيل من ابتدأ بالحسنة، أن يرفّه إلى السنة، وأنا كما ذكرت لا أملك عضوين من جسدي، وهما فؤادي ويدي، أما اليد فتولع بالجود، وأما الفؤاد فيتعلق بالوفود [2] ، ولكنّ هذا الخلق النفيس، لا يساعده الكيس، وهذا الخلق الكريم، لا يحتمله الغريم، ولا قرابة بين الأدب والذهب، فلم جمعت بينهما؟ والأدب لا يمكن ثرده في قصعة، ولا صرفه في ثمن سلعة، قد جهدت جهدي بالطباخ أن يطبخ لي من جيمية الشماخ [3] لونا فلم يفعل، وبالقصّاب أن يذبح   [1] اليتيمة: 262 والرسائل: 221. [2] ر: بالرفود. [3] جيمية الشماخ هي التي يقول فيها: وأشعث قد قدّ السفار قميصه ... يجرّ شواء بالعصا غير منضج الجزء: 1 ¦ الصفحة: 238 «أدب الكتّاب» فلم يقبل، وأنشدت في الحمام ديوان أبي تمام فلم ينجع، ودفعت إلى الحجّام مقطّعات اللحام فلم يأخذ، واحتيج في البيت إلى شيء من الزيت فأنشدت ألفا ومائتي بيت من شعر الكميت فلم تغن، ودفعت أرجوزة العجاج في توابل السكباج فلم تنفع، وانت لم تقنع فما أصنع؟ فإن كنت تحسب اختلافك إليّ إفضالا منك عليّ، فراحتي ألّا تطرق ساحتي، وفرجي ألّا تجي، والسلام. وحدث أبو الحسن ابن أبي القاسم البيهقي صاحب كتاب «وشاح الدمية» وقد ذكر أبا بكر الخوارزمي: وقد رمي بحجر البديع الهمذاني في سنة ثلاث وثمانين وثلاثمائة، وأعان البديع الهمذاني قوم من وجوه نيسابور كانوا مستوحشين من أبي بكر، فجمع السيد نقيب السادة بنيسابور أبو علي بينهما [1] ، وأراده على الزيارة، وداره بأعلى ملقباذ [2] ، فترفّع، فبعث اليه السيد مركوبه، فحضر أبو بكر مع جماعة من تلامذته، فقال له البديع [3] : إنما دعوناك لتملأ المجلس فوائد، وتذكر الأبيات الشوارد، والأمثال الفوارد، ونباحثك فنسعد بما عندك، وتسألنا فتسر بما عندنا ... ونبدأ بالفنّ الذي ملكت زمامه وطار به صيتك، وهو الحفظ إن شئت، والنظم ان أردت، والنثر إن اخترت، والبديهة إن نشطت، فهذه دعواك التي تملأ منها فاك، فأحجم الخوارزميّ عن الحفظ لكبر سنه ولم يجل في النثر قداحا وقال: أبادهك، فقال البديع: الأمر أمرك يا أستاذ، فقال له الخوارزمي: أقول لك ما قال موسى للسحرة (قال بل ألقوا) فقال البديع: الشعر أصعب مذهبا ومصاعدا ... من أن يكون مطيعه في فكّه والنظم بحر والخواطر معبر ... فانظر إلى بحر القريض وفلكه فمتى توانى في القريض مقصر ... عرّضت أذن الامتحان لعركه   [1] قال البديع في رسائله (ص 39) واتفق أن السيد أبا علي نشط للجمع بيني وبينه، فدعاني فأجبت، ثم عرض عليّ حضور أبي بكر فطلبت ذلك وقلت: هذه عدة كنت أستنجزها، وفرصة لا أزال أنتهزها، فتجشم السيد أبو الحسين وكاتبه يستدعيه فاعتذر أبو بكر بعذر في التأخر ... [2] هي ملقاباذ عند ياقوت. [3] الرسائل: 41- 82، وما هنا مبني على الإيجاز والتلخيص (ومن الواضح أن ما يورده ياقوت إنما هو حكاية البديع للقصة، وهي من طرف واحد) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 239 قال: وهذه أبيات كثيرة فيها مدح الشريف أبي علي والمفاخرة وتهجين الخوارزمي، فقال الخوارزمي أيضا أبياتا ولكن ما أبرزها من الغلاف، فقال له البديع: أما تستحي أن يكون السنور أعقل منك لانه يجعر فيغطيه بالتراب، فقال لهما الشريف: انسجا على منوال المتنبي: أرق على أرق ومثلي يأرق فابتدا أبو بكر وكان إلى الغايات سباقا وقال: فإذا ابتدهت بديهة يا سيدي ... فأراك عند بديهتي تتقلّق ما لي أراك ولست مثلي في الورى ... متموها بالترّهات تمخرق ونظم أبياتا ثم اعتذر فقال: هذا كما يجيء لا كما يجب، فقال البديع: قبل الله عذرك، لكن وقفت بين قافات خشنة كلّ قاف كجبل قاف، فخذ الآن جزاء عن قرضك وأداء لفرضك: مهلا أبا بكر فزندك أضيق ... واخرس فإن أخاك حيّ يرزق يا أحمقا وكفاك تلك فضيحة ... جرّبت نار معرّتي هل تحرق فقال له أبو بكر: يا أحمقا لا يجوز فإنه لا ينصرف، فقال البديع: لا نزال نصفعك حتى ينصرف وتنصرف معه، وللشاعر أن يردّ ما لا ينصرف [إلى الصرف] وإن شئت قلت: يا كودنا. ثم قولك في البيت «يا سيدي» ثم قلت «تتقلق» مدحت أم قدحت؟ فإن اللفظين لا يركضان في حلبة، فقال لهما الشريف: قولا على منوال المتنبي: أهلا بدار سباك أغيدها قال البديع: يا نعمة لا تزال تجحدها ... ومنة لا تزال تكندها فقال أبو بكر: الكنود قلة الخير لا الكفران، فكذبه الجمع وقالوا: ما قرأت قوله تعالى إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ (العاديات: 6) أي لكفور، فقال له أبو بكر: أنا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 240 اكتسبت بفضلي [1] دية أهل همذان فما الذي اكتسبت أنت بفضلك [2] فقال له البديع: أنت في حرفة الكدية أحذق، وبالاستماحة أحرى وأخلق، فقطعه الكلام. ثم أنشد القوّال: وشبهنا بنفسج عارضيه ... بقايا اللطم في الخدّ الرقيق فقال الخوارزمي: أنا أحفظ هذه القصيدة، فقال البديع: أخطأت فإن البيت على غير هذه الصيغة وهي: وشبهنا بنفسج عارضيه ... بقايا الوشم في الوجه الصفيق فقال له أبو بكر: والله لأصفعنك ولو بعد حين، فقال البديع: أنا أصفعك اليوم وتضربني غدا، اليوم خمر وغدا أمر، وأنشد قول ابن الرومي [3] : رأيت شيخا سفيها ... يفوق كلّ سفيه وقد أصاب شبيها ... له وفوق الشبيه ثم أنشد البديع [4] : وأنزلني طول النوى دار غربة ... إذا شئت لاقيت امرءا لا أشاكله أحامقه حتى يقال سجية ... ولو كان ذا عقل لكنت أعاقله فأمال النعاس الرؤوس، وسكنت الألحان والنفوس، وسلب الرقاد الجلوس، فنام القوم كعادتهم في ضيافات نيسابور، وأصبحوا فتفرقوا، وبعض القوم يحكم بغلبة البديع، وبعضهم يحكم بغلبة الخوارزمي، وسعى الفضلاء بينهما بالصلح ودخل عليه البديع واعتذر وتاب واستغفر مما تقدم من ذنبه وما تأخر، وقال له البديع: بعد الكدر صفو، وبعد الغيم صحو، فعرض عليه الخوارزمي الاقامة عنده سحابة يومه، فأجابه   [1] الرسائل: بعقلي. [2] الرسائل: بعقلك. [3] ديوان ابن الرومي 6: 2634 (في هجاء خالد القحطبي) . [4] البيتان في البيان والتبيين 1: 245، 2: 4235: 21 وعيون الأخبار 3: 24 والأول منهما في بهجة المجالس 1: 234. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 241 البديع وأضافه الخوارزمي. وكان بعض الرؤساء مستوحشا من الخوارزمي، وهيأ مجمعا في دار الشيخ السيد أبي القاسم الوزير، وكان أبو القاسم فاضلا ملء إهابه، وحضر أبو الطيب سهل الصعلوكي والسيد أبو الحسين العالم، فاستمال البديع قلب السيد أبي الحسين بقصيدة قالها في مدائح أهل البيت أولها: يا معشرا ضرب الزما ... ن على معرّسهم خيامه ثم حضر المجلس القاضي أبو عمر البسطامي وأبو القاسم ابن حبيب والقاضي أبو الهيثم والشيخ أبو نصر ابن المرزبان، ومع الامام أبي الطيب الفقهاء والمتصوفة، وحضر أبو نصر [1] الماسرجسي مع أصحابه والشيخ أبو سعد [2] الهمذاني، ودخل مع الخوارزمي جمع غفير من أصحابه، فقيل لهما أنشدا على منوال قول أبي الشيص [3] : أبقى الزمان به ندوب عضاض ... ورمى سواد قرونه ببياض فابتدر الخوارزمي فقال: يا قاضيا ما مثله من قاض ... أنا بالذي تقضي علينا راض منها: ولقد بليت بشاعر متهتك ... لا بل بليت بناب ذئب غاض فقال البديع: ما معنى قولك ذئب غاض؟ فقال أبو بكر: ما قلته، فشهد عليه الحاضرون أنه قاله، فقال أبو بكر: الذئب الغاضي الذي يأكل الغضا، فقال البديع: استنوق الذئب، صار الذئب جملا يأكل الغضا. ثم دخل الرئيس أبو جعفر والقاضي أبو بكر الحيري [4] والشيخ أبو زكريا [5] والشيخ أبو الرشيد المتكلم [6] ، فقال الرئيس قولا على هذا النمط:   [1] الرسائل: أبو الحسن [2] الرسائل: أبو سعيد. [3] أشعار أبي الشيص: 71. [4] الرسائل: القاضي أبو بكر الحربي. [5] الرسائل: أبو زكريا الحيري. [6] الرسائل: مع عدة من الأراذل فيهم أبو رشيدة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 242 برز الربيع لنا برونق مائه ... فانظر لمنظر [1] أرضه وسمائه والترب بين ممسّك ومعنبر ... من نوره بل مائه وروائه ثم أنشد الخوارزمي على هذا النمط، فلما فرغ من انشاده قال البديع للوزير والرئيس: لو أن رجلا حلف بالطلاق أني لا أقول شعرا ثم نظم تلك الأبيات التي قالها الخوارزمي [هل كنتم تطلقون امرأته عليه؟ فقالت الجماعة: لا يقع بهذا طلاق، ثم قلت: انقد عليّ في ما نظمت، واحكم عليه كما حكمت، فأخذ الابيات وقال:] [2] لا يقال نظرت لكذا [3] ويقال نظرت إلى كذا، وأنت قلت فانظر لمنظر، وشبهت الطير بالمحصنات، وهذا تشبيه فاسد، ثم شبهتها بالمغنيات حين قلت: والطير مثل المحصنات صوادح ... مثل المغني شاديا بغنائه المحصنات كيف توصف بالغناء؟ (ثم) قلت: «كالبحر في تزخاره والغيث في أمطاره» [4] والغيث هو المطر، فقال البديع: الغيث المطر والسحاب، وصدقه الحاضرون وأنكروا على الخوارزمي. فقال الامام أبو الطيب: علمنا أي الرجلين أفضل وأشعر، فقام البديع وقبل رأس الخوارزمي ويده وقال: اشهدوا أن الغلبة له، قال ذلك على سبيل الاستهزاء، وتفرق الناس واشتغلوا بتناول الطعام، وأبو بكر ينطق عن كبد حرّى، والوزير يقول للبديع: ملكت فأسجح. فلما قام أبو بكر أشار إلى البديع وقال: لأتركنّك بين الميمات، فقال: ما معنى الميمات: فقال: بين مهدوم مهزوم مغموم محموم مرجوم محروم، فقال البديع: لأتركنك بين الهيام والسقام والسام والبرسام والجذام والسرسام، وبين السينات بين منحوس ومنخوس ومنكوس ومعكوس، وبين الخاءات من مطبوخ ومسلوخ ومشدوخ ومفسوخ وممسوخ، وبين الباءات بين مغلوب ومسلوب ومصلوب ومنكوب. فخرج البديع وأصحاب الشافعي   [1] الرسائل: لروعة. [2] زيادة ضرورية من الرسائل (ص: 72) . [3] يشير الى قول البديع «فانظر لروعة (المنظر) أرضه وسمائه» . [4] يريد قول البديع: كالبحر في تزخاره والغيث في ... إمطاره والجو في أنوائه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 243 يعظمونه بالتقبيل والاستقبال، والاكرام والاجلال، وما خرج الخوارزمي حتى غابت الشمس، وعاد إلى بيته وانخزل انخزالا شديدا، وانكسف باله وانخفض طرفه، ولم يحل عليه الحول حتى خانه عمره وذلك في شوال سنة ثلاث وثمانين وثلاثمائة. قال أبو الحسن البيهقي: وبديع الزمان أبو الفضل أحمد بن الحسين الحافظ كان يحفظ خمسين بيتا بسماع واحد، ويؤديها من أولها إلى آخرها، وينظر في كتاب نظرا خفيفا ويحفظ أوراقا ويؤديها من أولها إلى آخرها، فارق همذان في سنة ثمانين وثلاثمائة، وكان قد اختلف إلى أحمد بن فارس صاحب «المجمل» وورد حضرة الصاحب وتزود من ثمارهما، واختصّ بالدهخداه أبي سعد محمد بن منصور، ونفقت بضاعته لديه، ووافى نيسابور في سنة اثنتين وثمانين وثلاثمائة، وبعد موت الخوارزمي خلا له الجوّ، وجرت بينه وبين أبي علي الحسين بن محمد الخشنامي مصاهرة، وألقى عصا المقام بهراة، ثم فارق دنياه في سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة. وحدث الثعالبي في أخبار أبي فراس قال [1] : حكى أبو الفضل الهمذاني قال، قال الصاحب أبو القاسم يوما لجلسائه وأنا فيهم، وقد جرى ذكر أبي فراس الحارث بن سعيد بن حمدان: لا يقدر أحد أن يزوّر على أبي فراس شعرا فقلت: من يقدر على ذلك، وهو الذي يقول: رويدك لا تصل يدها بباعك ... ولا تغز السباع إلى رباعك ولا تغر العدوّ عليّ إني ... يمين إن قطعت فمن ذراعك فقال الصاحب: صدقت، فقلت: أيد الله مولانا فقد فعلت [2] . ويقال إن السبب في مفارقة البديع الهمذاني حضرة الصاحب أنه كان في مجلسه فخرجت منه ريح، فقال البديع: هذا صرير التخت، فقال الصاحب: أخشى أن يكون صرير التحت، فأورثه ذلك خجلا كان سبب مفارقته إياه ووروده إلى خراسان.   [1] اليتيمة 1: 102. [2] من الواضح أن البديع نظم البيتين على المكان وأنشدهما الصاحب، وجازت عليه نسبتهما إلى أبي فراس أو تظاهر بذلك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 244 وكانت أول رقعة كتبها البديع إلى الخوارزمي عند وروده نيسابور [1] : «أنا لقرب الأستاذ أطال الله بقاءه: كما طرب النشوان مالت به الخمر. ومن الارتياح للقائه: كما انتفض العصفور بلله القطر. ومن الامتزاج بولائه: كما التقت الصهباء والبارد العذب. ومن الابتهاج بمزاره: كما اهتز تحت البارح الغصن الرطب. فكيف ارتياح الأستاذ لصديق طوى إليه ما بين قصبتي العراق وخراسان بل [ما بين] عتبتي الجبل ونيسابور، وكيف اهتزازه لضيف في بردة حمال وجلدة جمال: رث الشمائل منهج الأثواب ... بكرت عليه مغيرة الأعراب كمهلهل وربيعة بن مكدّم ... وعتيبة بن الحارث بن شهاب وهو وليّ إنعامه بانفاذ غلامه الى مستقرّي، لأفضي إليه بما عندي إن شاء الله تعالى وحده. ثم اجتمع إليه فلم يحمد لقيه فانصرف عنه وكتب إليه [2] : الأستاذ- والله يطيل بقاءه، ويديم تأييده ونعماءه- أزرى بضيفه أن وجده يضرب آباط القلة في أطمار الغربة، فأعمل في ترتيبه أنواع المصارفة، وفي الاهتزاز له أصناف المضايقة، من إيماء بنصف الطرف، وإشارة بشطر الكفّ، ودفع في صدر القيام عن التمام، ومضغ الكلام وتكلّفه لرد السلام، وقد قبلت هذا الترتيب صعرا، واحتملته وزرا، واحتضنته نكرا، وتأبطته شرا، ولم آله عذرا، فإن المرء بالمال وثياب الجمال، وأنا مع هذه الحال وفي هذه الأسمال أتقزز صفّ النعال، ولو حاملته العتاب وناقشته الحساب وصدقته المصاع لقلت: إن بوادينا ثاغية صباح وراغية رواح، وقوما يجرّون المطارف ولا يمنعون المعارف [3] : وفيهم مقامات حسان وجوههم ... وأندية ينتابها القول والفعل على مكثريهم حقّ من يعتريهم ... وعند المقلين السماحة والبذل   [1] ورد بعض هذه الرسالة في ما تقدم. [2] الرسائل: 31. [3] ديوان زهير: 113، 114. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 245 ولو طوّحت بالأستاذ أيدي الغربة إليهم لوجد منال البشر قريبا، ومحطّ الرّحل رحيبا، ووجه المضيف خصيبا، ورأيه- أيده الله، في أن يملأ من هذا الضيف أجفان عينه ويوسع أعطاف ظنه، ويجيبه بموقع هذا العتاب الذي معناه ود، والمر الذي يتلوه شهد، موفق إن شاء الله تعالى. الجواب من الخوارزمي: إنك إن كلفتني ما لم أطق ... ساءك ما سرّك مني من خلق فهمت ما تناوله سيّدي من خشن خطابه ومؤلم عتبه وعتابه، وصرفت ذلك منه إلى الضجر الذي لا يخلو منه من نبا به دهر ومسّه من الأيام ضر، والحمد لله الذي جعلني موضع أنسه، ومظنّة مشتكى ما في نفسه. أما ما شكاه سيدي من مضايقتي إياه- زعم- في القيام وتكلّفي لردّ السلام، فقد وفّيته حقّه كلاما وسلاما وقياما على قدر ما قدرت عليه ووصلت إليه، ولم أرفع عليه غير السيد أبي القاسم [1] ، وما كنت لأرفع أحدا على من أبوه الرسول وأمه البتول، وشاهداه التوراة والانجيل، وناصراه التأويل والتنزيل، والبشير به جبرائيل وميكائيل. وأما عدم الجمال ورثاثة الحال فما يضعان عندي قدرا ولا يضرّان نجرا، وإنما اللباس جلدة والزيّ حلية بل قشرة، وإنما يشتغل بالجلّ من لا يعرف قيمة الخيل، ونحن بحمد الله نعرف الخيل عارية من جلالها، ونعرف الرجال بأقوالها وأفعالها، لا بآلاتها وأحوالها. وأما القوم الذين صدر سيدي عنهم وانتمى اليهم ففيهم لعمري فوق ما وصف: حسن عشرة وسداد طريقة وجمال تفصيل وجملة، ولقد جاورتهم فنلت المراد وأحمدت المراد: فإن أك قد فارقت نجدا وأهله ... فما عهد نجد عندنا بذميم والله يعلم نيتي للأحرار عامة [2] ولسيدي من بينهم خاصة، فإن أعانني على مرادي له ونيتي فيه بحسن العشرة بلغت له بعض ما في المنية [3] وجاوزت مسافة القدرة، وإن قطع علي طريق عزمي [4] بالمعارضة وسوء المؤاخذة صرفت عناني عن   [1] الرسائل: الا السيد أبا البركات. [2] الرسائل: للأخوان كافة. [3] الرسائل: الفكرة. [4] الرسائل: عشرتي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 246 طريق الاختيار بيد الاضطرار [1] : فما النفس إلا نطفة بقرارة ... إذا لم تكدّر كان صفوا غديرها وعلى هذا فحبذا عتاب سيدي إذا صادف ذنبا واستوجب عتبا، فأما أن يسلفنا العربدة ويستكثر المعتبة والموجدة فتلك حالة نصونه عنها ونصون أنفسنا عن احتمال مثلها، فليرجع بنا إلى ما هو أشبه به وأجمل له، ولست أسومه أن يقول: اسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا إِنَّا كُنَّا خاطِئِينَ (يوسف: 97) ولكن أسأله أن يقول: لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (يوسف: 92) . رقعة البديع الثالثة إلى الخوارزمي [2] : أنا أرد من الأستاذ سيدي شرعة وده، وإن لم تصف، وألبس خلعة برّه وإن لم تضف، وقصاراي أن أكيله صاعا بصاع ومدّا عن مدّ، وإن كنت في الأدب دعيّ النسب ضعيف السبب ضيّق المضطرب سيء المنقلب، أمتّ إلى أهله بعشرة رشيقة [3] ، وأنزع إلى خدمة أصحابه بطريقة. ولكن بقي أن يكون الخليط منصفا في الإخاء عادلا في الوداد، إذا زرت زار وإن عدت عاد، والأستاذ سيدي- أيده الله- ضايقني في القبول أولا وناقشني [4] في الإقبال ثانيا، فأما حديث الاستقبال وأمر الإنزال والإنزال فنطاق الطمع ضيّق عنه غير متسع لتوقعه منه، وبعد فكلفة الفضل هيّنة وفروض الودّ متعيّنة، وطرق المكارم بينة، وأرض العشرة لينة، فلم اختار قعود التعالي مركبا، وصعود التغالي مذهبا؟ وهلّا ذاد الطير عن شجر العشرة إذا كان ذاق الحلو من ثمرها؛ وقد علم الله أن شوقي إليه قد كدّ الفؤاد برحا على برح، ونكأه قرحا على قرح، فهو شوق داعيته محاسن الفضل وجاذبته بواعث العلم، ولكنها مرّة مرة ونفس حرة، ولم تقد إلا بالإعظام ولم تلق إلا بالاكرام. وإذا استعفاني سيدي الأستاذ   [1] البيت لعمارة بن عقيل كما في الكامل للمبرد 1: 29 وحماسة الخالديين 1: 230 ومعجم المرزباني: 78 والبصائر 6 (رقم: 632 ص 205) من أبيات رائية، ووردت قافيته في الرسائل «معينها» . [2] الرسائل: 35 (ويلاحظ بعض التباين بين النص في الرسائل والنص عند ياقوت وقد أشرت الى بعضه في ما تقدم، وسأقتصر في الاشارة فيما يلي على الفروق المهمة) . [3] الرسائل: أمت إلى عشرة أهله بنيقة. [4] الرسائل: وصارفني. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 247 من معاتبته واستعادته، ومؤاخذته إذا جفا واستزادته، وأعفى نفسه من كلف الفضل يتجشمها، فليس إلا غصص الشوق أتجرعها، وحلل الصبر أتدرّعها، فلم أعره من نفسي، وأنا لو أعرت جناحي طائر لما رنّقت إلا إليه، ولا حلّقت إلا عليه [1] : أحبّك يا شمس النهار وبدره ... وإن لا مني فيك السّها والفراقد وذاك لأن الفضل عندك باهر ... وليس لأن العيش عندك بارد جواب الخوارزمي عنها: شريعة ودّي لسيدي- أدام الله عزه- إذا وردها صافية، وثياب بري إذا قبلها ضافية، هذا ما لم يكدّر الشريعة بتعنته وتعصّبه، ولم تخرّق الثياب بتجنيه وتسحّبه، فأما الإنصاف في الإخاء فهو ضالّتي عند الأصدق، ولا أقول [2] : وإني لمشتاق إلى ظلّ صاحب ... يروق ويصفو إن كدرت عليه فإن قائل هذا البيت قاله والزمان زمان، والاخوان إخوان، وحسن العشرة سلطان، ولكني أقول: وإني لمشتاق إلى ظلّ: رجل يوازنك المودّة جاهدا ... يعطي ويأخذ منك بالميزان فإذا رأى رجحان حبّة خردل ... مالت مودّته مع الرجحان وقد كان الناس يقترحون الفضل فأصبحنا نقترح العدل، وإلى الله المشتكى لا منه. ذكر الشيخ سيدي- أيده الله- حديث الاستقبال، وكيف يستقبل من انقضّ علينا انقضاض العقاب الكاسر، ووقع بيننا وقوع السهم العائر: وتكليفك المرء ما لا يطيق ... يجوز على مذهب الأشعري وقد زاد سيدي على أستاذه الأشعري، فإن أستاذه كلّف العاجز ما لا يطيق مع عجزه عنه، وسيدي كلّف الجاهل علم الغيب مع الاستحالة منه. والمنزل بما فيه قد عرضته عليه، ولو أطقت حمله لحملته إليه، والشوق الذي ذكره سيدي فعندي منه الكثير الكبير، وعنده منه الصغير اليسير، وأكثرنا شوقا أقلّنا عتابا وأليننا خطابا. ولو   [1] الشعر للمتنبي، انظر ديوانه. 314. [2] البيت لأبي العتاهية، الأغاني 11: 326 غنى فيه علويه للمأمون، وانظر الصداقة والصديق للتوحيدي: 50- 51 . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 248 أراد سيدي أن أصدّق دعواه في شوقه إليّ لغضّ من حجم عتبه عليّ، فإنما اللّفظ زائد واللحظ وارد، فإذا رقّ اللفظ دقّ اللحظ، وإذا صدق الحبّ ضاق العتاب والعتب: فبالخير لا بالشرّ فارج مودتي ... وأيّ امرىء يقتال منه الترهّب عتاب سيدي قبيح ولكنه حسن، وكلامه ليّن ولكنه خشن، أما قبحه فلأنه عاتب بريئا، ونسب إلى الإساءة من لم يكن مسيئا. وأما حسنه فلألفاظه الغرر، ومعانيه التي هي كالدرر، فهي كالدنيا ظاهرها يغرّ وباطنها يضرّ، وكالمرعى على دمن الثرى منظره بهيّ ومخبره وبيّ، ولو شاء سيدي نظم الحسن والإحسان، وجمع بين صواب الفعل واللسان: يا بديع القول حاشا ... لك من هجو بديع ولحسن القول عوّذ ... تك من سوء الصنيع لا يعب بعضك بعضا ... كن مليحا في الجميع رقعة أخرى للبديع إلى الخوارزمي: أنا وإن كنت مقصّرا في موجبات الفضل من حضور مجلس الاستاذ سيدي فما أفري إلا جلدي، ولا أبري إلا قدحي، ولا أبخس إلا حظّي، وإن يكن ذاك جرما فكفى هذا عقابا، ومع ذاك فما أعمر أوقاتي إلا بمدحه ولا أطرّز ساعاتي إلا بذكره، ولا أركض إلا في حلبة وصفه حرس الله فضله. نعم وقد رددت «كتاب الأوراق» للصولي وتطاولت لكتاب «البيان والتبيين» للجاحظ، وللأستاذ سيدي في الفضل والتفضل به رأيه. وقال البديع يمدح الصحابة ويهجو الخوارزميّ ويجيبه عن قصيدة رويت له في الطعن عليهم: وكّلني بالهمّ والكآبه ... طعّانة لعّانة سبّابه للسلف الصالح والصحابه ... أساء سمعا فأساء جابه ... تأملوا يا كبراء الشيعه ... لعشرة الاسلام والشريعه أتستحلّ هذه الوقيعه ... في بيع الكفر وأهل البيعه ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 249 فكيف من صدّق بالرساله ... وقام للدين بكلّ آله وأحرز الله يد العقبى له ... ذلكم الصديق لا محاله ... إمام من أجمع في السقيفه ... قطعا عليه أنه الخليفه ناهيك من آثاره الشريفه ... في ردّه كيد بني حنيفه ... سل الجبال الشمّ والبحارا ... وسائل المنبر والمنارا واستعلم الآفاق والأقطارا ... من أظهر الدين بها شعارا ... ثم سل الفرس وبيت النار ... من الذي فلّ شبا الكفار هل هذه البيض من الآثار ... إلا لثاني المصطفى في الغار ... وسائل الاسلام من قوّاه ... وقال إذ لم تقل الأفواه واستنجز الوعد فأومى الله ... من قام لما قعدوا إلا هو ... ثاني النبيّ في سني الولاده ... ثانيه في الغارة بعد العاده ثانيه في الدعوة والشهاده ... ثانيه في القبر بلا وساده ... ثانيه في منزلة الزعامه ... نبوة أفضت إلى إمامه أتأمل الجنة يا شتّامه ... ليست بمأواك ولا كرامه ... ان امرءا أثنى عليه المصطفى ... ثمّت والاه الوصيّ المرتضى واجتمعت على معاليه الورى ... واختاره خليفة ربّ العلى ... واتبعته أمة الأمّيّ ... وبايعته راحة الوصيّ وباسمه استسقى حيا الوسميّ ... ما ضرّه هجو الخوارزميّ ... سبحان من لم يلقم الصخر فمه ... ولم يعده حجرا ما أحمله يا نذل يا مأبون أفطرت فمه ... لشدّ ما اشتاقت إليك الحطمه ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 250 إن أمير المؤمنين المرتضى ... وجعفرا الصادق أو موسى الرضى لو سمعوك بالخنا معرّضا ... ما ادخروا عنك الحسام المنتضى ... ويلك لم تنبح يا كلب القمر ... ما لك يا مأبون تغتاب عمر سيد من صام وحجّ واعتمر ... صرّح بإلحادك لا تمش الخمر ... يا من هجا الصديق والفاروقا ... كيما يقيم عند قوم سوقا نفخت يا طبل علينا بوقا ... فما لك اليوم كذا موهوقا ... إنك في الطعن على الشيخين ... والقدح في السيّد ذي النورين لواهن الظهر سخين العين ... معترض للحين بعد الحين ... هلا شغلت باستك المغلومه ... وهامة تحملها مشؤومه هلا نهتك الوجنة الموشومه ... عن مشتري الخلد ببئر رومه ... كفى من الغيبة أدنى شمّه ... من استجاز القدح في الأئمه ولم يعظم أمناء الأمه ... فلا تلوموه ولوموا أمه ... ما لك يا نذل وللزكيّه ... عائشة الراضية المرضيّه يا ساقط الغيرة والحميّه ... ألم تكن للمصطفى حظيه ... من مبلغ عنّي الخوارزميا ... يخبره أن ابنه عليا قد اشترينا منه لحما نيا ... بشرط أن يفهمنا المعنيا ... يا أسد الخلوة خنزير الملا ... مالك في الحرّى تقود الجملا يا ذا الذي يثلبني إذا خلا ... وفي الخلا أطعمه ما في الخلا ... وقلت لما احتفل المضمار ... واحتفّت الأسماع والأبصار سوف ترى إذا انجلى الغبار ... أفرس تحتي أم حمار ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 251 وكتب البديع إلى معلمه جوابا [1] : الشيخ الإمام يقول: فسد الزمان، أفلا يقول متى كان صالحا؟ أفي الدولة العباسية وقد رأينا آخرها وسمعنا بأولها، أم في المدة المروانية وفي أخبارها: لا تكسع الشّول بأغبارها ... انك لا تدري من الناتج ام السنين الحربية: والسيف يغمد في الطّلى ... والرمح يركز في الكلى ومبيت حجر بالفلا ... والحرّتان وكربلا أم الأيام العدوية، وصاحبها [يقول] : هل بعد البزول الا النزول، أم الأيام التيمية [وصاحبها] يقول طوبى لمن مات في نأنأة الاسلام، أم على عهد الرسالة وقيل اسكني يا فلانة فقد ذهبت الأمانة، أم في الجاهلية ولبيد يقول: ذهب الذين يعاش في أكنافهم ... وبقيت في خلف كجلد الأجرب أم قبل ذلك وأخو عاد يقول: بلاد بها كنا وكنا نحبها ... إذ الأهل أهل والبلاد بلاد أم قبل ذلك وقد قال آدم عليه السلام: تغيرت البلاد ومن عليها ... فوجه الأرض مغبرّ قبيح أم قبل ذلك والملائكة تقول أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ (البقرة: 30) واني على توبيخه لي لفقير إلى لقائه، شفيق على بقائه، ما نسيته ولا أنساه، وإن له بكل كلمة علمنا منارا، ولكل حرف أخذته منه نارا، ولو عرفت لكلامي موقعا من قلبه لاغتنمت خدمته به، ولكني خشيت أن يقول هذِهِ بِضاعَتُنا رُدَّتْ إِلَيْنا (يوسف: 65) واثنتان قلما تجتمعان الخراسانية والانسانية، وإني وإن لم أكن خراسانيّ الطينة فإني خراساني المدينة، والمرء من حيث يوجد لا من حيث يولد، والانسان من حيث يثبت لا من حيث ينبت، فإذا انضاف إلى تربة خراسان ولادة همذان ارتفع القلم وسقط التكليف، والجرح جبار والجاني حمار، فليحملني   [1] الرسالة موجهة الى أستاذه أحمد بن فارس، انظر الرسائل: 414. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 252 على هناتي، أليس صاحبنا يقول: لا تلمني على ركاكة عقلي ... إن تصورت أنني همذاني [1] - 79- أحمد بن الحسين بن عبيد الله بن إبراهيم بن عبد الله الأسدي الغضاري : كان من الأدباء والفضلاء الاذكياء، وله خط يزري بخط ابن مقلة على طريقته. - 80- أحمد بن خالد أبو سعيد الضرير البغدادي : رأيت في فوائد أبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريا اللغوي صاحب كتاب «المجمل» ما صورته: وجدت في تفسير أبي موسى محمد بن المثنى العنزي ولم أسمعه، حدثني أبو معاوية الضرير محمد بن حازم، حدثنا إسماعيل روى عن أبي صالح، هكذا أسماه، وقد سماه السلامي كما ذكرناه في الترجمة، والذي ترجمناه أصحّ لأني رأيته في مواضع أخر موافقا له، والله أعلم. قال الازهري [2] : كان طاهر بن عبد الله بن طاهر استقدمه من بغداد إلى خراسان وأقام بنيسابور وأملى بها المعاني والنوادر، ولقي أبا عمرو الشيباني وابن الأعرابي، وكان يلقى الأعراب الفصحاء الذين استوردهم ابن طاهر نيسابور فيأخذ عنهم وكان شمر [3] وأبو الهيثم [4] يوثّقانه.   [79]- هو من الخطاطين الذين لم تهتم بهم كثيرا كتب التراجم. [80]- ترجمة أبي سعيد الضرير في إنباه الرواة 1: 41 والوافي 6: 369 ونكت الهميان: 96 وبغية الوعاة 1: 305. [1] بعد هذا في الموجز رسالة من البديع الى مسكويه وسترد في ترجمة مسكويه. [2] تهذيب اللغة 1: 24. [3] يعني شمر بن حمدويه الهروي اللغوي (وسيترجم له المؤلف رقم: 589) . [4] هو أبو الهيثم الرازي النحوي قدم هراة قبل وفاة شمر (توفي سنة 255) وكان أعلم بالنحو من شمر وله تصانيف (إنباه الرواة 4: 182) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 253 ونقلت من كتاب «نتف الطرف» تأليف أبي علي الحسين بن أحمد السلامي البيهقي صاحب كتاب «ولاة خراسان» - وقد ذكرناه في بابه [1]- قال: خرّج أبو سعيد الضرير عن أبي عبيد من «غريب الحديث» جملة مما غلط فيه، وأورد في تفسيره فوائد كثيرة ثم عرض ذلك على عبد الله بن عبد الغفار وكان أحد الأدباء فكأنه لم يرضه، فقال لأبي سعيد: ناولني يدك فناوله يده فوضع الشيخ في كفّه متاعه وقال له: اكتحل بهذا يا أبا سعيد حتى تبصر فكأنك لا تبصر. ثم قال: سمعت أبا جعفر محمد بن سليمان الشرمقاني قال: سمعت أبا سعيد الضرير يقول: كان يقال إذا أردت أن تعرف خطأ أستاذك فجالس غيره. وله تصانيف منها: كتاب الردّ على أبي عبيد في غريب الحديث. وكتاب الأبيات. قال السلامي: حدثني أبو العباس محمد بن أحمد الغضاري قال حدثني عمي محمد بن الفضل، وكان قد بلغ مائة وعشرين سنة قال: لما قدم عبد الله بن طاهر نيسابور وأقدم معه جماعة من فرسان طرسوس وملطية وجماعة من أدباء الأعراب منهم عرّام وأبو العميثل وأبو العيسجور وأبو العجنّس وعوسجة وأبو العذافر وغيرهم فتفرّس أولاد قواده وغيرهم بأولئك الفرسان، وتأدبوا بأولئك الأعراب، وبهم تخرّج أبو سعيد الضرير، واسمه أحمد بن خالد، وكان وافى نيسابور مع عبد الله بن طاهر، فصار بهم إماما في الأدب. وقد كان صحب بالعراق أبا عبد الله محمد بن زياد الأعرابي وأخذ عنه، فبلغ ابن الأعرابي أن أبا سعيد يروي عنه أشياء كثيرة مما يفتي فيه، فقال لبعض من لقيه من الخراسانية: بلغني أن أبا سعيد يروي عني أشياء كثيرة فلا تقبلوا منه من ذلك غير ما يرويه من أشعار العجاج ورؤبة، فإنه عرض ديوانهما عليّ وصحّحه. وحدّث عن الغضاري عن عمه قال: اختصم بعض الأعراب الذين كانوا مع عبد الله بن طاهر في علاقة بينهم إلى صاحب الشرطة بنيسابور فسألهم بيّنة وشهودا يعرفون، فأعجزهم ذلك، فقال أبو العيسجور: إن يبغ منا شهودا يشهدون لنا ... فلا شهود لنا غير الأعاريب وكيف يبغي بنيسابور معرفة ... من داره بين أرض الحزن واللّوب   [1] ترجمته رقم: 366. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 254 قرأت [1] بخط عبد السلام البصري في كتاب محمد بن أبي الأزهر قال، حدثني وهب بن إبراهيم خال عبيد الله بن سليمان بن وهب قال: كنا يوما بنيسابور في مجلس أبي سعيد المكفوف، وكان أبو سعيد عالما باللغة جدا، إذ هجم علينا مجنون من أهل قمّ، فسقط على جماعة من أهل المجلس، فاضطرب الناس لسقطته، ووثب أبو سعيد لا يشكّ أن آفة قد لحقتنا من سقوط جدار أو شرود بهيمة، فلما رآه المجنون على تلك الحال قال: الحمد لله ربّ العالمين، على رسلك يا شيخ لا ترع، آذاني هؤلاء الصبيان وأخرجوني عن طبعي إلى ما لا أستحسنه من غيري، فقال أبو سعيد: امنعوا منه عافاكم الله، فوثبنا وشرّدنا من كان [يعبث به] ورجعنا، فسكت ساعة لا يتكلم، إلى أن عدنا إلى ما كنّا فيه من المذاكرة، وابتدأ بعضنا بقراءة قصيدة من شعر نهشل بن حري التميمي حتى بلغ قوله: غلامان خاضا الموت من كلّ جانب ... فآبا ولم تعقد وراءهما يد متى يلقيا قرنا فلا بدّ أنه ... سيلقاه مكروه [2] من الموت أسود فما استتم هذا البيت حتى قال [المجنون] : قف أيها القارىء، تتجاوز المعنى ولا تسأل عنه؟ ما معنى قوله ولم تعقد وراءهما يد؟ فأمسك من حضر عن القول، فقال: قل يا شيخ فإنك المنظور إليه والمقتدى به، فقال أبو سعيد: يقول إنهما رميا بأنفسهما في الحرب أقصى مراميها ورجعا موفورين لم يؤسرا فتعقد أيديهما كتفا [3] ، فقال: يا شيخ أترضى لنفسك بهذا الجواب؟ فأنكرنا ذلك على المجنون، فنظر بعضنا إلى بعض، فقال أبو سعيد: هذا الذي عندنا فما عندك؟ فقال: المعنى يا شيخ آبا ولم تعقد يد بمثل فعلهما بعدهما لأنهما فعلا ما لم يفعله أحد، كما قال الشاعر: قرم [4] إذا عدّت تميم معا ... ساداتها عدّوه بالخنصر   [1] أورد السيوطي هذه القصة في الأشباه والنظائر 6: 191- 193 نقلا عن ياقوت. [2] م: مكروب. [3] كتفا: ربطا بالكتاف. [4] م: قوم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 255 ألبسه الله ثياب النّدى ... فلم تطل عنه ولم تقصر أي خلقت له، وقريب من الأول قوله: قومي بنو مذحج من خير الأمم ... لا يصعدون قدما على قدم يعني أنهم يتقدمون الناس ولا يطأون على عقب أحد، وهذان فعلا ما لم يفعله أحد. فلقد رأيت أبا سعيد وقد احمرّ وجهه واستحيا من أصحابه، ثم غطّى المجنون رأسه وخرج وهو يقول: يتصدّرون ويغرّون الناس من أنفسهم. فقال أبو سعيد بعد خروجه: اطلبوه فإني أظنه إبليس، فطلبناه فلم نظفر به. قال الشافعي حدثني أبو جعفر الشرمقاني قال: كان أبو سعيد الضرير مثريا ممسكا لا يكسر رأس رغيف له، إنما يأكل عند من يختلف إليهم، لكنه كان أديب النفس عاقلا، حضر يوما مجلس عبد الله بن طاهر فقدّم إليه طبق عليه قصب السكر، وقد قشر وقطّع كاللقم، فأمره عبد الله بن طاهر أن يتناول منه، فقال أبو سعيد: إن لهذا لفاظة ترتجع من الأفواه وأنا أكره ذلك في مجلس الأمير- أيده الله، فقال عبد الله: تناول فليس بصاحبك من احتشمك واحتشمته، أما إنه لو قسم عقلك على مائة رجل لصار كلّ رجل منهم عاقلا. وقيل إن هذا الكلام جرى بين الضرير وبين أبي دلف في مجلسه. وحدث قال حدثني الغضاري قال: كان أبو سعيد الضرير يختار المؤدبين لأولاد قواد عبد الله بن طاهر، ويبيّن مقدار أرزاقهم، ويطوف عليهم، ويتعهد من بين أيديهم من أولئك الصبيان. فاستقبله يوما في ميدان الحسين بعض أولئك المؤدبين فقال له: يا فلان من أين وجهك؟ قال: من شاذياخ، قال: زد فيه ألفا ولاما، فقال: من شاذياخال، فقال أبو سعيد: اللهم غفرا زدهما في أول الحرف ويلك، فقال: ألف لام شاذياخ، فقال: صمّ صداك، كم رزقك؟ قال: سبعين درهما، فقال: يصرف ويبدل به غيره وهو صاغر قميء [1] . وحدث الحاكم في «كتاب نيسابور» سمعت أبا زكريا يحيى بن محمد العنبري يقول: سمعت أبي يقول: لما قلّد المأمون عبد الله بن طاهر ولاية خراسان في سنة   [1] م: صدى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 256 سبع عشرة ومائتين وناوله العهد بيده قال: حاجة يا أمير المؤمنين، قال: مقضية، قال: يسعفني أمير المؤمنين في استصحاب ثلاثة من العلماء، قال: من هم؟ قال: الحسين بن الفضل البجلي وأبو سعيد الضرير وأبو إسحاق القرشي، فأجابه إلى ذلك، فقال عبد الله: وطبيب يا أمير المؤمنين، فليس في خراسان طبيب حاذق، قال: من؟ قال: أيوب الرهاوي، فقال: يا أبا العباس لقد أسعفناك بما التمسته، وقد أخليت العراق من الأفراد. قال: فقدم الحسين بن الفضل نيسابور وابتاع بها دارا مشهورة بباب عزرة، فبقي يعلّم الناس العلم ويفتي إلى أن مات في شعبان سنة اثنتين وثمانين ومائتين وهو ابن مائة سنة وأربع سنين، ودفن في مقبرة الحسين بن معاذ، قال: ولو كان في بني إسرائيل لكان من عجائبهم يعني الحسين بن الفضل، ذكر ذلك كله في ترجمة الحسين بن الفضل. قرأت بخط الأزهري من كتاب «نظم الجمان» للمنذري، سمعت أبا عبد الله المعقلي المزني يقول، سمعت أبا سعيد الضرير يقول: كنت أعرض على ابن الأعرابي أصول الشعر أصلا أصلا، وعرض عليه وأنا أحضر شعر الكميت في المجالس التي كان يحضرها، قال: فحفظته بعرضه وحفظت النكت التي أفاد فيها، فقال لي ابن الأعرابي يوما: لم تعرض عليّ فيما عرضت شعر الكميت، فقلت له: عرضه عليك فلان فحفظته بعرضه، وحفظت ما أفدت فيه من الفوائد والنكت والمعاني، وجعلت أنشده وأعرّفه من تلك النكت، فعجب. وقال أبو سعيد الضرير [1] : سألني أبو دلف عن بيت امرىء القيس [2] : كبكر المقاناة البياض بصفرة قال: أخبرني عن البكر هي المقاناة أم غيرها؟ قال قلت: هي هي، قال: أفيضاف الشيء إلى صفته؟ قلت: نعم، قال: وأين؟ قلت: قد قال الله تعالى: وَلَدارُ الْآخِرَةِ* (يوسف: 109) فأضاف الدار إلى الآخرة وهي هي بعينها، والدليل على ذلك أنه قال في سورة أخرى: وَالدَّارُ الْآخِرَةُ* (الأعراف: 169) قال: أريد   [1] هذه القصة نقلها السيوطي في الأشباه والنظائر 6: 189. [2] عجز البيت: جواهرها في صرة لم تزيل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 257 أشفى من هذا، فأنشدته لجرير [1] : يا ضبّ إنّ هوى القيون أضلكم ... كضلال شيعة أعور الدجّال - 81- أحمد بن داود بن ونند أبو حنيفة الدينوري : أخذ عن البصريين والكوفيين، وأكثر أخذه عن ابن السكيت، وكان نحويا لغويا مهندسا منجما حاسبا، راوية ثقة فيما يرويه ويحكيه، مات في جمادى الأولى سنة اثنتين وثمانين ومائتين، وجدت ذلك على ظهر «كتاب النبات» من تصنيفه، ووجدت في كتاب عتيق: مات أحمد بن داود أبو حنيفة الدينوري قبل سنة تسعين ومائتين، ثم وجدت على ظهر النسخة التي بخط ابن المسيح بكتاب النبات من تصنيف أبي حنيفة: توفي أبو حنيفة أحمد بن داود الدينوري ليلة الاثنين لأربع بقين من جمادى الأولى سنة اثنتين وثمانين، ووجدت في «كتاب الوفيات» لأبي عبد الله محمد بن سفيان بن هارون ابن بنت جعفر بن محمد الفريابي البغدادي: مات أبو حنيفة أحمد بن داود بن ونند صاحب «كتاب النبات» في سنة إحدى وثمانين ومائتين. قال أبو حيان في «كتاب تقريظ الجاحظ» [2] ومن خطه الذي لا أرتاب فيه نقلت، قال: قلت لأبي محمد الأندلسي- يعني عبد الله بن حمود الزبيدي، وكان من غرر أصحاب السيرافي، وله في هذا الكتاب ذكر [3]-: قد اختلف أصحابنا في مجلس أبي سعيد السيرافي في بلاغة الجاحظ وأبي حنيفة صاحب النبات ووقع الرضى بحكمك فما قولك؟ فقال: أنا أحقر نفسي عن الحكم لهما وعليهما، فقال لا بدّ من قول، قال: أبو حنيفة أكثر بداوة وأبو عثمان أكثر حلاوة، ومعاني أبي عثمان لائطة   [81]- ترجمة أبي حنيفة الدينوري في إنباه الرواة 1: 41 والوافي 6: 377 وبغية الوعاة 1: 306 وخزانة الأدب 1: 60 والبلغة: 20 وسير الذهبي 13: 422 والفهرست: 86. [1] ديوان جرير: 962. [2] لم يصلنا هذا الكتاب من كتب أبي حيان. [3] ترجمته رقم: 646. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 258 بالنفس سهلة في السمع، ولفظ أبي حنيفة أغرب وأعرب وأدخل في أساليب العرب. قال أبو حيان: والذي أقوله وأعتقده وآخذ به واستهام عليه أني لم أجد في جميع من تقدّم وتأخر ثلاثة لو اجتمع الثقلان على تقريظهم ومدحهم ونشر فضائلهم في أخلاقهم وعلمهم ومصنفاتهم ورسائلهم مدى الدنيا إلى أن يأذن الله بزوالها لما بلغوا آخر ما يستحقه كلّ واحد منهم، أحدهم هذا الشيخ الذي أنشأنا له هذه الرسالة وبسببه جشّمنا هذه الكلفة، أعني أبا عثمان عمرو بن بحر، والثاني أبو حنيفة أحمد بن داود الدينوري فإنه من نوادر الرجال، جمع بين حكمة الفلاسفة وبيان العرب، له في كلّ فنّ ساق [1] وقدم ورواء وحكم [2] ، وهذا كلامه في «الأنواء» يدلّ على حظّ وافر من علم النجوم وأسرار الفلك، فأما كتابه في «النبات» فكلامه فيه في عروض كلام أبدى بدويّ وعلى طباع أفصح عربيّ، ولقد قيل لي إن له في القرآن كتابا يبلغ ثلاثة عشر مجلدا ما رأيته، وأنه ما سبق إلى ذلك النمط، هذا مع ورعه وزهده وجلالة قدره. وقد وقف الموفّق عليه وسأله وتحفّى به، والثالث أبو زيد أحمد بن سهل البلخي فإنه من لم يتقدم له شبيه في الأعصر الأول، ولا يظنّ أنه يوجد له نظير في مستأنف الدهر، ومن تصفح كلامه في «كتاب أقسام العلوم» وفي «كتاب أخلاق الأمم» وفي «كتاب نظم القرآن» وفي «كتاب اختيار السيرة» وفي رسائله إلى إخوانه وجوابه عما يسأل عنه ويبده به، علم أنه بحر البحور، وأنه عالم العلماء. وما رئي في الناس من جمع بين الحكمة والشريعة سواه، وإن القول فيه لكثير، ولو تناصرت إلينا أخبارهما لكنا نحبّ أن نفرد لكلّ واحد منهما تقريظا مقصورا عليه، وكتابا منسوبا إليه، كما فعلت بأبي عثمان. قرأت في كتاب ابن فورجة المسمى ب «الفتح على أبي الفتح» في تفسير قول المتنبي [3] :   [1] ر: شان. [2] ر: وسلم. [3] انظر الفتح: 245- 247 وقد ذهب ابن جني إلى أن التشبيه بما يعني أن السائل يقول: بما يشبه فلان؟ فيقال: كأنه الأسد، وهذا ما يستنكره ابن فورجة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 259 فدع عنك تشبيهي بما وكأنه ... فما أحد فوقي ولا أحد مثلي وقال فيه ما لم يرضه ابن فورجة، ونسبه إلى أنه سأل عنه أبا الطيب، فأجاب بهذا الجواب، فأورد ابن فورجة هذه الحكاية: زعموا أن أبا العباس المبرد ورد الدينور زائرا لعيسى بن ماهان، فأول ما دخل عليه وقضى سلامه قال له عيسى: أيها الشيخ ما الشاة المجثّمة التي نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن أكل لحمها؟ فقال: هي الشاة القليلة اللبن مثل اللجبة، فقال: هل من شاهد؟ قال: نعم قول الراجز: لم يبق من آل الحميد نسمه ... إلا عنيز لجبة مجثّمه فإذا بالحاجب يستأذن لأبي حنيفة الدينوري، فلما دخل قال له: أيها الشيخ ما الشاة المجثّمة التي نهينا عن أكل لحمها؟ فقال: هي التي جثمت على ركبها وذبحت من خلف قفاها، فقال: كيف تقول وهذا شيخ أهل العراق- يعني أبا العباس المبرد- يقول هي مثل اللجبة، وهي القليلة اللبن، وأنشده البيتين، فقال أبو حنيفة: أيمان البيعة تلزم أبا حنيفة إن كان هذا التفسير سمعه هذا الشيخ أو قرأه، وإن كان البيتان إلا لساعتهما هذه، فقال أبو العباس: صدق الشيخ أبو حنيفة، فإنني أنفت أن أرد عليك من العراق وذكري ما قد شاع فأول ما تسألني عنه لا أعرفه، فاستحسن منه هذا الإقرار وترك البهت. قال ابن فورجة: وأنا أحلف بالله العليّ إن كان أبو الطيب قطّ سئل عن هذا البيت فأجاب هذا الجواب الذي حكاه ابن جني، وإن كان إلّا متزيدا مبطلا في ما يدعيه، عفا الله عنه وغفر له، فالجهل والإقرار به أحسن من هذا. وذكره محمد بن إسحاق النديم فقال [1] : وله من الكتب المصنفة: كتاب الباه. كتاب ما يلحن فيه العامة. كتاب الشعر والشعراء. كتاب الفصاحة. كتاب الأنواء. كتاب في حساب الدور [2] . كتاب البحث في حساب الهند. كتاب الجبر والمقابلة. كتاب البلدان. كتاب النبات [3] لم يصنّف في معناه مثله. كتاب الردّ على لغدة   [1] الفهرست: 86. [2] ر: حساب الدينور. [3] طبعت من هذا الكتاب قطعتان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 260 الأصفهاني. كتاب الجمع والتفريق. كتاب الأخبار الطوال [1] . كتاب الوصايا. كتاب نوادر الجبر. كتاب إصلاح المنطق. كتاب القبلة والزوال. كتاب الكسوف. قال أبو حيان: وله كتاب في تفسير القرآن. - 82- أحمد بن رشيق الاندلسي الكاتب أبو العباس : ذكره الحميدي وقال: كان أبوه من موالي بني شهيد، ونشأ هو بمرسية، وانتقل إلى قرطبة وطلب الأدب فبرّز فيه، وبسق في صناعة الرسائل، مع حسن الخطّ المتفق على نهايته، وتقدم فيهما، وشارك في سائر العلوم، ومال إلى الفقه والحديث، وبلغ من رياسة الدنيا أبلغ [2] منزلة، وقدمه الأمير الموفق أبو الجيش مجاهد بن عبد الله العامريّ على كلّ من في دولته لأسباب أكّدت له ذلك عنده: من المودّة والثقة والنصيحة والصحبة في النشأة. وكان ينظر في أمور الجهة التي كان فيها [3] نظر العدل والسياسة، ويشتغل بالفقه والحديث، ويجمع العلماء والصالحين ويؤثرهم، ويصلح الأمور جهده، وما رأينا من أهل الرياسة من يجري مجراه من هيبة مفرطة وتواضع وحلم عرف به مع القدرة، مات بعد الأربعين وأربعمائة عن سنّ عالية. وله كتاب رسائل مجموعة متداولة منها رسالة إلى أبي عمران موسى بن عيسى بن أبي حاج نجح الفاسي وأبي بكر ابن عبد الرحمن فقيهي القيروان في الاصلاح بينهما، وكتاب على تراجم كتاب الصحيح للبخاري ومعاني ما أشكل منه. وقد رأيته غير مرة إذا غضب في مجلس الحكم أطرق ثم قام ولم يتكلم بين اثنين، فظننته كان يذهب إلى حديث أبي بكرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:   [82]- ترجمة ابن رشيق الكاتب الأندلسي في جذوة المقتبس: 114 والحلة السيراء 2: 128؛ وقد تولى جزيرة ميورقة لمجاهد العامري، وهو الذي آوى ابن حزم، وفي حضرته جرت المناظرة بينه وبين أبي الوليد الباجي. [1] هو من كتبه المطبوعة (من ذلك طبعة القاهرة 1960 بتحقيق عبد المنعم عامر) . [2] الجذوة: ارفع. [3] يعني جزيرة ميورقة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 261 «لا يحكم حاكم بين اثنين وهو غضبان» ، وظننت [1] أن قيامه عند الغضب شيء ما سبق إليه، حتى رأيت بعض المصنفين القدماء قد حكى عن يزيد بن أبي حبيب أنه قال: إنما غضبي في نعليّ، إذا سمعت ما أكره أخذتهما ومضيت. - 83- أحمد بن رضوان أبو الحسن النحوي : أظنه ممن أخذ النحو من أصحاب أبي علي الفارسي. - 84- أحمد بن زهير أبي خيثمة : هو أبو بكر أحمد بن أبي خيثمة زهير بن حرب بن شداد النسائي الأصل، سمع أبا نعيم الفضل بن دكين ويحيى بن معين وأحمد بن حنبل، وأخذ علم النسب عن مصعب بن عبد الله الزبيري، وأيام الناس عن أبي الحسن المدائني، والأدب عن محمد بن سلام الجمحي، ومات في شوال سنة تسع وسبعين ومائتين في خلافة المعتمد على الله عن أربع وتسعين سنة، ذكر ذلك كله الخطيب. قال: وله «كتاب التاريخ» الذي أحسن تصنيفه وكثّر فائدته، قال: ولا أعرف أغزر فوائد من كتاب التاريخ الذي ألفه أحمد بن أبي خيثمة، وكان لا يرويه إلا على الوجه، فسمعه منه الشيوخ الأكابر، كأبي القاسم البغوي ونحوه. قال: واستعار أبو العباس محمد بن إسحاق السراج من أبي بكر ابن أبي خيثمة شيئا من التاريخ فقال: يا أبا العباس عليّ يمين أن لا أخذت بهذا الكتاب إلا على الوجه، فقال أبو العباس: وعليّ عزيمة ألا اكتب الا ما أستفيد فردّه عليه ولم يحدّث في تاريخه عنه بحرف. وأنشد الخطيب لابن أبي خيثمة:   [83]- بغية الوعاة 1: 307 (عن ياقوت) . [84]- ترجمته في تاريخ بغداد 4: 162 وتذكرة الحفاظ: 596 والوافي 6: 376 (وفيه نقل عن معجم الشعراء لم يورده ياقوت) وسير الذهبي 11: 492 والفهرست: 286 وطبقات الحنابلة 1: 44 وطبقات الجزري 1: 54 ولسان الميزان 1: 174. [1] من هنا حتى آخر الترجمة لم يرد في جذوة المقتبس. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 262 قالوا اهتجارك من تهواه تسلاه ... فقد هجرت فما لي لست أسلاه من كان لم ير في هذا الهوى أثرا ... فليلقني ليرى آثار بلواه من يلقني يلق مرهونا بصبوته ... متيّما لا يفكّ الدهر قيداه متيم شفّه بالحبّ مالكه ... ولو يشاء الذي أدواه داواه قال الخطيب: وكان ابن أبي خيثمة كثير الكتاب، أكثر الناس عنه السماع. في كتاب الفرغاني انه مات سنة سبع وتسعين قال: وفي آخر شوال مات ابن أبي خيثمة صاحب التاريخ من سكتة، وكانت له معرفة بأخبار الناس وأيامهم، وله مذهب كان الناس ينسبونه إلى القول بالقدر، وكان مختصا بعليّ بن عيسى. - 85- أحمد بن سعد أبو الحسين الكاتب : ذكره حمزة في أهل أصبهان فقال: ندب في أيام القاهر بالله إلى عمل الخراج أبو الحسين أحمد بن سعد، فورد أصبهان غرّة جمادى الأولى سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة، ثم صرف بأبي علي ابن رستم في جمادى الآخرة من هذه السنة، ثم قدم أبو الحسين ابن سعد من فارس متقلدا لتدبير البلد وعمل الخراج من قبل الأمير علي بن بويه يعني عماد الدولة في جمادى الأولى سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة ثم صرف في سنة أربع وعشرين. قال: ثم ردت جباية الخراج في سنة أربع وعشرين إلى أبي القاسم سعد بن أحمد بن سعد. قال: ثم إن أبا الحسين عزل في شوال من هذه السنة، ولم يذكره بعد ذلك. وعدّ فضلاء أصبهان من أصحاب الرسائل ثم قال: وأما أبو مسلم محمد بن [ ... ] وأبو الحسين أحمد بن سعد فقد استغنينا بشهرة هذين وبعد صوتهما في كور المشرق والمغرب وعند كتّاب الحضرة وإجماع أهل الزمان عن وصفهما وسياقة [1] الرسائل لهما.   [85]- ترجمته في الوافي 6: 385 وبغية الوعاة 1: 308 وروضات الجنات 1: 211. [1] م: وعامة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 263 ثم ذكره في المصنفين فقال: له من الكتب كتاب الاختيار من الرسائل لم يسبق إلى مثله، وكتاب آخر في الرسائل سماه «فقر البلغاء» . وكتاب الحلي والشيات [1] . وكتاب المنطق. وكتاب الهجاء. قرأت في كتاب عتيق: حدثني سرح دسر [2] قال: تنبأ في مدينة أصبهان رجل في زمن أبي الحسين ابن سعد، فأتي به وأحضر العلماء والعظماء والكبراء كلهم، فقيل له: من أنت؟ فقال: أنا نبي مرسل، فقيل له: ويلك إن لكل نبي آية فما آيتك وحجتك؟ فقال: ما معي من الحجج لم يكن لأحد قبلي من الأنبياء والرسل، فقيل له: أظهرها، فقال: من كان منكم له زوجة حسناء أو بنت جميلة أو أخت صبيحة فليحضرها إليّ أحبلها بابن في ساعة واحدة. فقال أبو الحسين ابن سعد: أما أنا فأشهد أنك رسول وأعفني من ذلك، فقال له رجل: نساء ما عندنا ولكن عندي عنز حسناء فأحبلها لي، فقام يمضي، فقيل له: إلى أين؟ قال: أمضي إلى جبرئيل وأعرّفه أن هؤلاء يريدون تيسا ولا حاجة بهم إلى نبيّ، فضحكوا منه وأطلقوه [3] . وأنشد للاصبهاني أبي الحسين هذا أشعارا منها في جواب معمّى: رماني أخ أصفي له الودّ جاهدا ... ومن يتطوّع بالمودة يحمد بداهية تعيا على كلّ عالم ... بوجه المعمّى بالصواب مؤيد وحمّل سرّ الوحش والطير سرّه ... وأرسلها نكرا ببيداء قردد فأنهضت قلبي في هوى نفس جارح ... ومن يغد يوما بالجوارح يصطد فحاش لي الصنفين من بين أرنب ... يقود الوحوش طائعات وهدهد يسوق لنا أسراب طير تتابعت ... على نسق مثل الجمان المنضد وفرّقتها بالزّجر حين تجاوبت ... وعادت عباديدا بشمل مبدّد وراوضتها بالفكر حتى تذلّلت ... فمن مسمح طوعا ومن متجلد   [1] م: الحلي والثياب. [2] كذا في م. ولعل صوابه: سرخ سر، اسم علم معناه «أحمر الرأس» . [3] ر: وأكرموه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 264 فأخرجت السرّ الخفّي وأنشدت ... قريض رهين بالصبابة ذي دد وإني وإياها لكالخمر والفتى ... متى يستطع منها الزيادة يزدد وله في أبي الفضل محمد بن الحسين ابن العميد: البين أفردني بالهمّ والكمد ... والبين جدّد حرّ الثّكل في كبدي فارقت من صار لي من واحدي عوضا ... يا ربّ لا تجعلنها فرقة الأبد أمسك حشاشة نفسي أن يطيف بها ... كيد من الدهر بعد الفقد للولد لا في الحياة فانّي غير مغتبط ... بالعيش بعد انقصاف الظهر والعضد بل أبق لي الخلف المأمول حيطته ... على عيال وأطفال ذوي عدد من أن يروا ضيعة في عرصة البلد ... وأن يروا نهزة في كفّ مضطهد ربّي رجائي، وحسب المرء معتمدا ... نجل العميد وصنع الواحد الصمد وله إلى أبي الحسين ابن لرة في مملوك له أسود كان تبناه: حذّر فديتك «بشرى» من تبرّزه ... إني أخاف عليه لقعة العين إذا بدت لك منه طرّة سبلت ... على الجبين وتحذيف كنونين حسبت بدرا بدا تمّا فأكلفه ... غمامة نشرت في الأرض ثوبين كأنما خطّ في أصداغه قلم ... بالحبر خطّين جاءا لفق قوسين لكنّ ذلك منه غير دافعه ... عن الفتون وعن بعد من الشّين وهذه قطعة شعر لأبي الحسين ابن سعد على أربع قواف كلما أفردت قافية كان شعرا برأسه إلى آخر الأبيات: وبلدة قطعتها. بضامر. خفيدد. عيرانة ركوب ... وليلة سهرتها. لزائر. ومسعد. مواصل حبيب وقينة وصلتها. بطاهر. مسوّد. ترب العلا نجيب ... إذا غوت أرشدتها. بخاطر. مسدّد. وهاجس مصيب وقهوة باكرتها. لتاجر. ذي عند. في دينه وحوب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 265 سورتها كسرتها. بماطر. مبرّد. من جمّة القليب ... وحرب خصم هجتها. بكاثر. ذي عدد. في قومه مهيب معودا بل سقتها. بباتر. مهند. يفري الطّلى رسوب ... وكم حظوظ نلتها. من قادر. ممجّد. بصنعه الغريب كافيت إذ شكرتها. في سامر. ومشهد. للملك الرقيب - 86- أحمد بن سعيد بن عبد الله الدمشقي أبو الحسن : نزل بغداد وحدث عن الزبير بن بكار ب «الموفقيات» وغيرها من مصنفاته، وكان مؤدّب ولد المعتز، واختص بعبد الله بن المعتز. روى عنه إسماعيل الصفار وغيره، وكان صدوقا، مات سنة ست وثلاثمائة. ذكره المرزباني في كتابه فقال: [قال] أبو بكر محمد بن القاسم الانباري حدثني أحمد بن سعيد قال: كنت أؤدب أولاد المعتز، فتحمّل أحمد بن يحيى بن جابر الفلاذري [1] على قبيحة أم المعتز بقوم سألوها أن تأذن له في أن يدخل إلى ابن المعتز وقتا من النهار، فأجابت أو كادت تجيب، فلما اتصل الخبر بي جلست في منزلي غضبان مسكّرا لما بلغني عنها، فكتب إليّ أبو العباس عبد الله بن المعتز وله إذ ذاك ثلاث عشرة سنة: أصبحت يا ابن سعيد حزت مكرمة ... عنها يقصّر من يحفى وينتعل سربلتني حكمة قد هذّبت شيمي ... وأجّجت غرب ذهني فهو مشتعل أكون إن شئت قسّا في خطابته ... أو حارثا وهو يوم الفخر مرتجل [2]   [86]- ترجمته في تاريخ بغداد 4: 171 ونور القبس: 340 وإنباه الرواة 1: 44 والوافي 6: 388. [1] الفلاذري: هكذا بالفاء، وهو بالباء أشهر. [2] سيوضح المؤلف أسماء هؤلاء الذين ذكرهم ابن المعتز بعد القصيدة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 266 وإن أشأ فكزيد في فرائضه ... أو مثل نعمان ما ضاقت بي الحيل أو الخليل عروضيا أخا فطن ... أو الكسائيّ نحويا له علل تغلي بداهة ذهني في مركّبها ... كمثل ما عرفت آبائي الأول وفي فمي صارم ما سلّه أحد ... من غمده فدرى ما العيش والجذل عقباك شكر طويل لا نفاد له ... تبقى معالمه ما أطّت الإبل قسّ هو ابن ساعدة الأيادي، والحارث بن حلزة كان ارتجل قصيدته: آذنتنا ببينها أسماء وزيد بن ثابت الأنصاري، والنعمان أبو حنيفة صاحب الرأي والفقه. وحدث أيضا قال: كتب ابن المعتز إلى أحمد بن سعيد الدمشقي جوابا عن كتاب استزاره فيه: قيّد نعمتي عندك بمثل ما كنت استدعيتها به، وذبّ عنها أسباب الظن، واستدم ما تحبّ مني بما أحبّ منك. وكتب ابن المعتز إلى الدمشقي جوابا عن اعتذار كان من الدمشقي في شيء بلغ ابن المعتز عنه [1] : والله لا قابل إحسانك مني كفر، ولا تبع إحساني إليك منّ، فلك منّي يد لا أقبضها عن نفعك، وأخرى لا أبسطها إلى ظلمك، ومهما تسخطني فإني أصون وجهك عن ذلّ الاعتذار. - 87- أحمد بن سعيد بن شاهين البصري أبو العباس : هو أحمد بن سعيد بن شاهين بن علي بن ربيعة، ذكره محمد بن إسحاق النديم فقال: هو من أهل الأدب، وله من الكتب كتاب ما قالته العرب وكثر في أفواه العامة.   [87]- ترجمة ابن شاهين في الفهرست: 88 والوافي 6: 389 وبغية الوعاة 1: 310. [1] الصداقة والصديق: 426. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 267 - 88- أحمد بن سعيد بن حزم الصدفي الاندلسي المنتجيلي أبو عمر: ذكره الحميدي فقال: سمع بالأندلس جماعة منهم محمد بن أحمد الزرّاد، وذكر غيره [1] ورحل فسمع إسحاق بن إبراهيم بن النعمان وأحمد بن عيسى المصري المعروف بابن أبي عجينة وغيرهما، وألف «كتاب تاريخ الرجال» كبيرا، جمع فيه جميع ما أمكنه من أقوال الناس في أهل العدالة والتجريح، سمعه منه خلف بن أحمد المعروف بابن أبي جعفر وأحمد بن محمد الاشبيلي المعروف بابن الحرار، قال ابن عبد البر: ويقال إنه لم يكمل سماعه إلا لهما. ومات أبو عمر الصدفي سنة خمسين وثلاثمائة، كل هذا من كتاب الحميدي. وذكر بعض الناس [2] أنه من ولد جعفر بن الحارث من أهل قرطبة ويكنى أبا عمر، وعني بالآثار والسنن وجمع الحديث والتاريخ، وروى عن جماعة بالأندلس منهم أحمد بن ثوابة وأسلم بن عبد العزيز وطبقتهم، ورحل إلى المشرق سنة إحدى عشرة وثلاثمائة مع أحمد بن عبادة الرعيني فسمع بمكة من أبي جعفر العقيلي وأبي بكر ابن المنذر صاحب الإشراق والدبيلي أبي جعفر محمد بن إبراهيم وأبي سعيد ابن الأعرابي وغيرهم. وسمع بمصر على جماعة منهم أبو عبد الله محمد بن الربيع بن سليمان، وبالقيروان من أحمد بن نصر ومحمد بن محمد بن اللباد، ثم انصرف الى الأندلس فصنف تاريخا في المحدّثين بلغ فيه الغاية، قرىء عليه، ولم يزل يحدّث إلى أن مات ليلة الخميس لتسع بقين من جمادى الآخرة سنة خمسين وثلاثمائة، ومولده يوم الجمعة لخمس خلون من شهر ربيع الآخر سنة أربع وثمانين ومائتين.   [88]- ترجمته في جذوة المقتبس: 117 (وبغية الملتمس رقم: 411) وتاريخ ابن الفرضي 1: 55 والوافي 6: 389 وسير الذهبي 16: 104 وفهرسة ابن خير: 227. [1] ذكر أبا عثمان سعيد بن عثمان الأعناقي ومحمد بن قاسم. [2] هذا موافق لما أورده ابن الفرضي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 268 - 89- أحمد بن سليمان الطوسي أبو عبد الله : هو أبو عبد الله أحمد بن سليمان بن داود بن محمد بن أبي العباس الطوسي، واسم أبي العباس الفضل بن سليمان بن المهاجر بن سنان بن حكيم، وكان فاضلا مات في ما ذكره الخطيب في صفر سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة عن ثلاث وثمانين سنة. قال ابن شاذان قال الطوسي: ولدت سنة أربعين ومائتين. روى عنه أبو حفص ابن شاهين وأبو الفرج الأصبهاني صاحب «كتاب الأغاني» وأبو عبيد الله المرزباني، وكان صدوقا. حدث محمد بن طاهر الناشي [1] أبو عبد الله المعروف بقتيبة [2] ، سمعت الخضر بن داود بمكة يقول: قدم علينا سليمان بن داود الطوسي وهو على البريد، وكان الزبير قد فرغ من كتاب النسب، فأهدى إليه الطوسي هدايا كثيرة، فأهدى إليه الزبير «كتاب النسب» فقال له سليمان: أحبّ أن تقرأه عليّ، فقرأه عليه، وسمع ابنه أحمد بن سليمان مع أبيه جميع الكتاب. روى عنه أبو بكر ابن شاذان وأبو حفص ابن شاهين وأبو عبيد الله المرزباني والمخلص. - 90- أحمد بن سليمان بن وهب بن سعيد الكاتب أبو الفضل : وأبوه أبو أيوب سليمان بن وهب الوزير وعمه الحسن بن وهب معروفان مشهوران مذكوران في هذا الكتاب [3] ، ونسب هذا البيت مستقصى في ترجمة الحسن بن وهب. مات في ما ذكره أبو عبيد الله في كتاب «معجم الشعراء» في سنة خمس وثمانين ومائتين، وكان أبو الفضل هذا بارعا فاضلا ناظما ناثرا قد تقلد الأعمال ونظر للسلطان في جباية الأموال،   [89]- ترجمته في تاريخ بغداد 4: 177 والوافي 6: 405. [90]- ترجمته في الوافي 6: 401. [1] م: المباشر، وأثبت ما في تاريخ الخطيب. [2] م: بقنينة؛ تاريخ بغداد: بابن قتيبة. [3] ترجمة الحسن رقم: 357 ولم ترد لسليمان ترجمة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 269 وأخوه عبيد الله بن سليمان والقاسم بن عبيد الله وزيرا المعتضد والمكتفي. ولأحمد من التصنيفات كتاب ديوان شعره وكتاب ديوان رسائله. حدث الصولي قال: وجدت بخطّ بعض الكتاب أن أحمد بن سليمان سأل صديقا له حاجة فلم يقضها له فقال: قل لي نعم مرة إني أسرّ بها ... وإن عداني ما أرجوه من نعم فقد تعودت لا حتى كأنك لا ... تعدّ قولك لا إلا من الكرم قال: وحدثني الطالقاني [قال] : كنا عند أحمد بن سليمان على شرب ومعنا رجل من الهاشميين ورجل من الدهاقين، فعربد الهاشميّ على الدهقان فأنشد أحمد بن سليمان: إذا بدأ الصديق بيوم سوء ... فكن منه لآخر ذا ارتقاب وأمر باخراج الهاشمي، فقال له: أتخرجني وتدع نبطيا؟ فقال: نعم رأس كلب أحبّ إليّ من ذنب أسد. وحدث عن الحسين بن إسحاق قال: كنت عند أحمد بن سليمان بن وهب ونحن على شراب، فوافته رقعة فيها أبيات مدح، فكتب الجواب فنسخته، ولم أنسخ الرقعة الواردة عليه، وكان جوابه: وصلت رقعتك- أعزك الله- فكانت كوصل بعد هجر، وغنى بعد فقر، وظفر بعد صبر، ألفاظها درّ مشوف، ومعانيها جوهر مرصوف، وقد اصطحبا أحسن صحبة، وتآلفا أقرب ألفة، لا تمجّها الآذان، ولا تتعب بها الأذهان. وقرأت في آخرها من الشعر ما لم أملك نفسي أن كتبت لجلالته عندي، وحسن موقعه من نفسي، بما لا أقوم به مع تحيّف الصهباء لبي وشربها من عقلي مقدار شربي، ولكني واثق منك بطيّ سيئتي ونشر حسنتي: نفسي فداؤك يا أبا العباس ... وافى كتابك بعد طول الياس وافى وكنت بوحشتي متفردا ... فأصارني للجمع والإيناس وقرأت شعرك فاستطلت لحسنه ... فخرا على الخلفاء والجلّاس عاينت منه عيون وشي سدّيت ... ببدائع في جانب القرطاس الجزء: 1 ¦ الصفحة: 270 فاقت دقائقة وجلّ لحسنه ... عن أن يحدّ بفطنة وقياس شعر كجري الماء يخرج لفظه ... من حسن طبعك مخرج الأنفاس لو كان شعر الناس جسما لم يكن ... لكماله إلا مكان الراس وكان لأحمد خادم يقال له عرّام، ويكنى أبا الحسام، وكان يهواه جدا، فخرج مرة إلى الكوفة بسبب رزقه مع إسحاق بن عمران، فكتب إلى إسحاق: دموع العين مذروفه ... ونفس الصبّ مشغوفه من الشوق إلى البدر ال ... ذي يطلع بالكوفه فلما قرأ كتابه وفّاه رزقه وأنفذه إليه سريعا. ومن كلامه: النعم- أيدك الله- ثلاث: مقيمة ومتوقّعة وغير محتسبة، فحرس الله لك مقيمها، وبلّغك متوقّعها، وآتاك ما لم تحتسب منها. قال: ودخل أحمد بن سليمان إلى صديق له ولم يره كما ظنّ من السرور، فدعا بدواة وكتب: قد أتيناك زائرين خفافا ... وعلمنا بأنّ عندك فضله من شراب كأنه دمع مرها ... ء أضاءت لها من الهجر شعله ولدينا من الحديث هنات ... معجبات نعدّها لك جمله إن يكن مثل ما تريد وإلا ... فاحتملنا فإنما هي أكله ومن مشهور شعره الذي لا تخلو مجاميع أهل الفضل منه قوله يصف السرو من أبيات، وربما نسبوه إلى غيره: حفّت بسرو كالقيان تلحّفت ... خضر الحرير على قوام معتدل فكأنها والريح حين تميلها ... تبغي التعانق ثم يمنعها الخجل وكتب في صدر كتاب إلى ابن أخيه الحسن بن عبيد الله بن سليمان: يا ابني ويا ابن أخي الأدنى ويا ابن أبي ... والمرتدي برداء العقل والأدب ومن يزيد جناحي من قواك به ... ومن إذا عدّ مني زان لي حسبي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 271 ومن منثوره: كتب إلى ابن أبي الاصبع: لو أطعت الشوق إليك والنزاع نحوك لكثر قصدي لك وغشياني إياك، مع العلّة القاطعة عن الحركة، الحائلة بيني وبين الركوب، فالعلة إن تخلّفت مخلّفتي، وإيثار التخفيف يؤخّر مكاتبتي، فأما مودة القلب وخلوص النية ونقاء الضمير والاعتداد بما يجدده الله لك من نعمة ويرفعك إليه من درجة ويبلغك إياه من رتبة، فعلى ما يكون عليه الأخ الشقيق وذو المودة الشقيق. وأرجو أن يكون شاهدي على ذلك من قلبك أعدل الشهود، ووافدي باعلامك إياه أصدق الوفود، وبحسب ذلك انبساطي إليك في الحاجة تعرض قبلك، ويعنى بالنجاح فيها عندك، وعرضت حاجة ليس تمنعني قلتها من كثير الشكر عليها، والاعتداد بما يكون من قضائك اياها، وقد حمّلتها يحيى [1] لتسمعها منه وتتقدم بما أحبّ فيها، جاريا على كرم سجيتك وعادة تفضلك [2] ، إن شاء الله. وكتب الى أخيه الوزير عبيد الله وقد سافر ولم يودّعه: أطال الله بقاء الوزير مصحبا له السلامة الشاملة، والغبطة المتكاملة، والنعم المتظاهرة، والمواهب المتواترة، في ظعنه ومقامه، وحلّه وترحاله، وحركته وسكونه، وليله ونهاره، وعجّل إلينا أوبته، وأقرّ عيوننا برجعته، ومتّعها بالنظر إليه. كان شخوص الوزير- أعزه الله- في هذه المدة بغتة أعجل عن توديعه فزاد ذلك في ولهي وأضرم لوعتي، واشتدت له وحشتي، وذكرت قول كثير [3] : وكنتم تزينون البلاد ففارقت ... عشية بنتم زينها وجمالها فقد جعل الراضون إذ أنتم بها ... بخصب البلاد يشتكون وبالها والوزير- أعزه الله- يعلم ما قيل في يحيى بن خالد: ينسى صنائعه ويذكر وعده ... ويبيت في أمثاله يتفكّر [4]   [1] ر: فلان. [2] ر: فضلك. [3] ديوان كثير: 75. [4] حاشية ر بخط مغاير: أكرم بذلك من ذكور ناس. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 272 وكتب إلى صديق له: ليس عن الصديق المخلص والأخ المشارك في الأحوال كلّها مذهب، ولا وراءه للواثق به مطلب، والشاعر يقول [1] : وإذا يصيبك والحوادث جمّة ... حدث حداك إلى أخيك الأوثق وأنت الأخ الأوثق، والوليّ المشفق، والصديق الوصول، والمشارك في المكروه والمحبوب، قد عرّفني الله من صدق صفائك، وكرم وفائك، على الأحوال المتصرفة والأزمنة المتقلبة، ما يستغرق الشكر ويستعبد الحر. وما من يوم يأتي عليّ إلا وثقتي بك تزداد استحكاما، واعتمادي عليك يزداد توكّدا والتئاما، أنبسط في حوائجي، وأثق بنجح مسألتي، والله أسأل لك طول البقاء في أدوم النعمة وأسبغها، وأكمل العوافي وأتمها، وألّا يسلب الدنيا نضرتها بك، وبهجتها ببقائك، فما أعرف بهذا الدهر المتنكر في حالاته حسنة سواك، ولا حلية غيرك، فأعيذك بالله من العيون الطامحة، والألسن القادحة، وأسأله أن يجعلك في حرزه الذي لا يرام، وكنفه الذي لا يضام، وأن يحرسك بعينه التي لا تنام، إنه ذو المنّ والإنعام. - 91- أحمد بن سليمان المعبدي أبو الحسين : ذكره محمد بن إسحاق النديم فقال: روى عن علي بن ثابت عن أبي عبيد، وعن ابن أخيه أبي الوزير عن الأعرابي. روى عنه أبو بكر محمد بن الحسين بن مقسم، وخطه يرغب فيه، وهو أحد العلماء المشاهير الثقات. قرأت بخط ابن أبي نواس قال أبو عمر ابن حيويه، قال لي أبو عمران: مات المعبدي ليلة الأربعاء، ودفن يوم الأربعاء لثمان بقين من صفر سنة اثنتين وتسعين ومائتين.   [91]- ترجمته في الفهرست: 87. [1] ورد البيت في الصداقة والصديق: 430 (دون نسبة) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 273 - 92- أحمد بن سهل البلخي أبو زيد : كان فاضلا قائما بجميع العلوم القديمة والحديثة، يسلك في مصنفاته طريقة الفلاسفة، إلا أنه بأهل الأدب أشبه. وكان معلما للصبيان ثم رفعه العلم إلى مرتبة علية، كما اقتصصنا في أخباره. وقد وصفه أبو حيان في كتابه في «تقريظ الجاحظ» بوصف ذكرته في أخبار أبي حنيفة أحمد بن داود [1] فاحتسبت به كعادتي في الايجاز وترك التكرير. مات في سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة على ما اذكره فيما بعد، عن سبع أو ثمان وثمانين سنة. حكي عنه أنه قال [كان] الحسين بن علي المروروذي وأخوه صعلوك [2] يجريان عليّ صلات معلومة دائمة، فلما صنفت كتابي «في البحث عن التأويلات» قطعاها عني. وكان لأبي علي محمد بن أحمد بن جيهان من خرخان الجيهاني وزير نصر بن أحمد الساماني جوار [3] يدرّها عليّ، فلما أمليت كتاب «القرابين والذبائح» حرمنيها، قال: وكان الحسين قرمطيا، وكان الجيهانيّ ثنويّا. وكان أبو زيد يرمى بالإلحاد، ذكر ذلك كله محمد بن إسحاق النديم. قال [4] : ولأبي زيد من الكتب: كتاب أقسام العلوم. كتاب شرائع الأديان. كتاب اختيارات السير. كتاب السياسة الكبير. كتاب السياسة الصغير. كتاب كمال الدين. كتاب فضل صناعة الكتابة. كتاب مصالح الأبدان والأنفس، يعرف بالمقالتين. كتاب أسماء الله تعالى وصفاته. كتاب صناعة الشعر. كتاب فضيلة علم الأخبار. كتاب الأسماء والكنى والألقاب. كتاب أسامي الأشياء. كتاب النحو   [92]- ترجمة أبي زيد البلخي في الفهرست: 153 والوافي 6: 409 وبغية الوعاة 1: 311. [1] انظر الترجمة رقم: 81. [2] هو أحمد بن علي المعروف بصعلوك. [3] الفهرست: جوائز. [4] يعني صاحب الفهرست. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 274 والتصريف. كتاب الصورة والمصور. كتاب رسالته [في] حدود الفلسفة. كتاب ما يصحّ من أحكام النجوم. كتاب الردّ على عبدة الأوثان. كتاب فضيلة علوم الرياضيات. كتاب في أقسام علوم الفلسفة. كتاب القرابين والذبائح. كتاب عصمة الأنبياء. كتاب نظم القرآن. كتاب قوارع القرآن. كتاب الفتاك والنساك. كتاب ما أغلق من [1] غريب القرآن. كتاب في أن سورة الحمد تنوب عن جميع القرآن. كتاب أجوبة أبي القاسم الكعبي. كتاب النوادر في فنون شتى. كتاب أجوبة أهل فارس. كتاب تفسير صور كتاب السماء والعالم لأبي جعفر الخازن. كتاب أجوبة أبي علي ابن محتاج. كتاب أجوبة أبي إسحاق المؤدب. كتاب المصادر. كتاب أجوبة مسائل أبي الفضل السكّري. كتاب الشطرنج. كتاب فضائل مكة على سائر البقاع. كتاب جواب رسالة أبي علي ابن المنير الزيادي. كتاب منية الكتاب. كتاب البحث عن التأويلات كبير. كتاب الرسالة السالفة إلى العاتب [عليه] . كتاب رسالته في مدح الوراقة. كتاب وصية. كتاب صفات الأمم. كتاب القرود. كتاب فضل الملك. كتاب المختصر في اللغة. كتاب صولجان الكتبة. كتاب نثارات من كلامه. كتاب أدب السلطان والرعية. كتاب فضائل بلخ. كتاب تفسير الفاتحة والحروف المقطعة في أوائل السور. كتاب رسوم الكتب. كتاب كتبه إلى أبي بكر ابن المستنير عاتبا ومنتصفا في ذمّه المعلمين والوراقين. كتاب كتبه إلى أبي بكر ابن المظفر في شرح ما قيل في حدود الفلسفة. كتاب أخلاق الأمم. وقرأت بخط أبي سهل أحمد بن عبيد الله بن أحمد مولى أمير المؤمنين وتصنيفه كتابا في أخبار أبي زيد البلخي [وأبي القاسم الكعبي البلخي] وأبي الحسن شهيد البلخي فلخّصت منه ما ذكرته في تراجم الثلاثة، قال في أخبار أبي زيد: ولد أبو زيد أحمد بن سهل ببلخ بقرية تدعى شامستيان من رستاق نهر غربنكي من جملة اثني عشر نهرا من أنهار بلخ، وكان أبوه سجزيا يعلم الصبيان، هذا ما ذكره أبو محمد الحسن بن محمد الوزيري، وله كتاب في أخبار أبي زيد البلخي، وسمعت أنه كان يعلّم بهذه القرية المدعوة شامستيان- أعني   [1] الفهرست: كتاب جمع فيه ما علق عنه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 275 أباه- وكان أبو زيد يميل إليها ويحبّها لأجل مولده بها ونزعه إليها حبّ المولد ومسقط الرأس والحنين إلى الوطن الأول، ولذلك لما حسنت حاله ودعته نفسه إلى اعتقاد الضياع والأسباب، والنظر للأولاد والأعقاب، اختارها من قرى بلخ، فاعتقد بها ضيعته، ووكل بها همته، وصرف إلى اتخاذ العقد بها عنايته. وقد كانت تلك الضياع بعد باقية إلى قريب من هذا الزمان في أيدي أحفاده وأقاربه بها وبالقصبة، ثم إنهم- كما أقدّر- قد فنوا وانقرضوا في اختلاف هذه الحوادث ببلخ وغيرها من سائر البلدان، فلا أحسب أنه بقي منهم نافخ ضرم ولا عين تطرف هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً (مريم: 98) سمعت أن الأمير أحمد بن سهل بن هاشم كان ببلخ، وعنده أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن محمود الكعبي وأبو زيد ليلة من الليالي وفي [يد] الأمير عقد لآلىء نفيسة ثمينة تتلألأ كاسمها ويتوهج نورها، وكان حمل إليه من بعض بلاد الهند حين افتتحت، فأفرد الأمير منها عشرة أعداد وناولها أبا القاسم، وعشرة أعداد أخر وناولها أبا زيد، وقال: هذه اللآلىء في غاية النفاسة، فأجببت أن أشرككما فيها ولا أستبدّ بها دونكما، فشكرا له ذلك. ثم إنّ أبا القاسم وضع لآلئه بين يدي أبي زيد وقال: إن أبا زيد من هو مهتمّ بشأنهنّ فأردت أن أصرف ما برّني به الأمير إليه لينتظم في عقدهن، فقال الأمير: نعمّا فعلت ورمى بالعشرة الباقية إلى أبي زيد وقال: خذها فلست في الفتوة بأقلّ حظا ولا أوكس سهما من أبي القاسم، ولا تغبننّ عنها فانها ابتيعت للخزانة من الفيء بثلاثين ألف درهم، فاجتمعت الثلاثون عند أبي زيد برمّتها، وباعها بمال جليل، وصرف ثمنها إلى الضيعة التي اشتراها بشامستيان. قال: وكان أبو زيد كما ذكر أبو محمد الحسن الوزيري- وكان رآه واختلف إليه- ربعة نحيفا مصفارّا أسمر اللون جاحظ العينين فيهما تأخر وقبل، بوجهه آثار جدريّ، صموتا سكّيتا ذا وقار وهيبة. وقد وصفه أبو علي أحمد المنيري الزيادي في رسالته التي كتبها إليه وأراد أن يهدم بنيانه، ويضع شانه، ويوهي أركانه، فردّ عليه أبو زيد في جوابها ما ألبسه الشّنار والصّغار، ونبّه العالم أنّ حظه من العلوم حظّ منكود، وأنه فيما أجرى له من كلامه غير سديد، قرأت على أبي محمد الوزيري كلتا الرسالتين فزعم أنه قرأهما عليهما- أعني أبا زيد والمنيري كليهما- فذكر المنيري في رسالته في جملة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 276 ما هجّنه به: و «إنك لا تصلح إلا أن تكون زامرا أو مغبّرا [1] أو مخنكرا» ، فدلّ هذا الكلام على أنه كان جاحظ العين أشدق مع قصر قامة ودنّو هامة. قال: ثم حدّثت أنه كان في عنفوان شبابه وطراءة زمانه وأول حداثته ومائه دعته نفسه إلى أن يسافر ويدخل إلى أرض العراق ويجثو بين يدي العلماء، ويقتبس منهم العلوم، فتوجّه إليها راجلا مع الحاجّ، وأقام بها ثماني سنين، وجازها فطوّف البلدان المتاخمة لها، ولقي الكبار والأعيان، وتتلمذ لأبي يوسف يعقوب بن إسحاق الكندي وحصّل من عنده علوما جمة، وتعمّق في علم الفلسفة، وهجم على أسرار علم التنجيم والهيئة، وبرز في علم الطب والطبائع، وبحث عن أصول الدين أتمّ بحث وأبعد استقصاء حتى قاده ذلك إلى الحيرة وزلّ به عن النهج الأوضح، فتارة كان يطلب الإمام، ومرّة كان يسند الأمر إلى النجوم والأحكام، ثم انه لما كتبه الله في الأول من السعداء، وحكم بأنه لا يتركه يتسكّع [2] في ظلمات الأشقياء، بصّره أرشد الطرق وهداه لأقوم السبل، فاستمسك بعروة من الدين وثيقة، وثبت من الاستقامة على بصيرة وحقيقة؛ فذكر أبو الحسن الحديثي قال: كان أبو بكر البكري فاضلا خليعا لا يبالي ما قال، وكان يحتمل عنه لسنّه [3] قال: أذكر إذ كنا عنده وقد قدّمت المائدة وأبو زيد يصلّي، وكان حسن الصلاة، فضجر البكريّ من طول صلاته، فالتفت إلى رجل من أهل العلم يقال له محمد الخجندي فقال: يا أبا محمد ريح الإمامة بعد في رأس أبي زيد، فخفّف أبو زيد الصلاة وهما يضحكان، قال أبو الحسن: فلم أدر ما ذلك، حتى سألت لا أدري الخجندي أو أبا بكر الدمشقي، فقال أحدهما: اعلم أنّ أبا زيد في أول أمره كان خرج في طلب الإمام إلى العراق، إذ كان قد تقلّد مذهب الإمامية، فعيّره البكريّ بذلك. قال: وكان حسن الاعتقاد، ومن حسن اعتقاده انه كان لا يثبت من علم النجوم الأحكام، بل كان يثبت ما يدلّ عليه الحسبان. ولقد جرى ذكره رحمه الله في مجلس الامام أبي بكر أحمد بن محمد بن العباس البزار، وهو الامام ببلخ والمفتي بها، فأثنى عليه خيرا وقال: إنه كان قويم المذهب حسن الاعتقاد، لم يقرف بشيء في ديانته كما   [1] م: مغيرا. [2] م: يتبلغ وصوبته بحسب المعنى. [3] الوافي: لعلوّ سنه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 277 ينسب إليه من نسب إلى علم الفلسفة، وكلّ من حضر من الفضلاء والأماثل أثنى عليه ونسبه إلى الاستقامة والاستواء، وأنه لم يعثر له مع ما له من المصنفات الجمة على كلمة تدلّ على قدح في عقيدته. ثم لما قضى وطره من العراق وصار في كلّ فنّ من فنون العلم قدوة، وفي كلّ نوع من أنواعه إماما قصد العود إلى بلده، فتوجّه إليها مقبلا على طريق هراة حتى وصل إلى بلخ وانتشر بها علمه. فلما ورد أحمد بن سهل بن هاشم المروزي بلخ واستولى على تخومها، راوده على أن يستوزره فأبى عليه، واختار سلامة الأولى والعقبى، فاتخذ أبا القاسم الكعبيّ وزيرا، وأبا زيد كاتبا. وكان أبو القاسم الوزير وأبو زيد من الكتاب، وعظم محلّهما عنده، وأصبحا بأرفع طرف عنده مرموقين، وبأروى كأس من جنابه مصبوحين ومغبوقين، وكان رزق أبي القاسم في الشهر ألف درهم ورقا، ولأبي زيد خمسمائة درهم ورقا، وكان أبو القاسم يأمر الخازن بزيادة مائة درهم لأبي زيد من رزقه ونقصان مائة درهم من رزق نفسه، فكان يصل إلى أبي زيد ستمائة درهم، وإلى أبي القاسم تسعمائة درهم، وكان يأخذ لنفسه مكسّرة ويأمر لأبي زيد بالوضح الصحاح، فبقوا على ذلك مدة غير طويلة، وعاشوا على جملة جميلة، حتى فتك بهم يد المنون، وهلك أحمد بن سهل عن عمر قصير واستمتاع بامامة غير كبير. قال: أخبرني أبو محمد الحسن بن [محمد] الوزيري، وكان لقي أبا زيد وتتلمذ له، قال: كان أبو زيد ضابطا لنفسه ذا وقار وحسن استبصار، قويم اللسان جميل البيان، متثبتا نزر الشعر قليل البديهة، واسع الكلام في الرسائل والتأليفات، إذا أخذ في الكلام أمطر اللآلىء المنثورة، وكان قليل المناظرة حسن العبارة، وكان يتنزه عما يقال في القرآن إلا الظاهر المستفيض من التفسير والتأويل والمشكل من الأقاويل، وحسبك ما ألفه من كتاب «نظم القرآن» الذي لا يفوقه في هذا الباب تأليف. قرأت في «كتاب البصائر» لأبي حيان الفارسي [1] من ساكني بغداد قال، قال أبو حامد القاضي: لم أر كتابا في القرآن مثل كتاب لأبي زيد البلخي، وكان فاضلا   [1] البصائر 8: 66 (رقم 227/ج) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 278 يذهب في رأي الفلاسفة، لكنه تكلم في القرآن بكلام لطيف دقيق في مواضع، وأخرج سرائره وسمّاه «نظم القرآن» ولم يأت على جميع المعاني فيه. قال: وللكعبيّ كتاب في التفسير يزيد حجمه على كتاب أبي زيد. قال الوزيري: وكان أيضا يتحرّج عن تفضيل الصحابة بعضهم على بعض، وكذلك عن مفاخرة العرب والعجم ويقول: ليس في هذه المناظرات الثلاث ما يجدي طائلا ولا يتضمن حاصلا، لأن الله تعالى يقول في معنى القرآن أنزلناه قُرْآناً عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ (الزمر: 28) الآية. وأما معنى الصحابة وتفضيل بعضهم فقوله عليه السلام: أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم، وكذلك العربي والشعوبي فإنه سبحانه يقول فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ (المؤمنون: 101) ويقول في موضع آخر إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ (الحجرات: 13) . قال: وسمعت بعض أهل الأدب يقول: اتفق أهل صناعة الكلام أن متكلمي العالم ثلاثة الجاحظ وعلي بن عبيدة اللطفي وأبو زيد البلخي، فمنهم من يزيد لفظه على معناه وهو الجاحظ، ومنهم من يزيد معناه على لفظه وهو علي بن عبيدة، ومنهم من توافق لفظه ومعناه وهو أبو زيد. وقال أبو حيان في «كتاب النظائر» : أبو زيد البلخيّ يقال له بالعراق جاحظ خراسان. وحكى ان أبا زيد لما دخل على أحمد بن سهل أول دخوله عليه سأله عن اسمه فقال له: أبو زيد، فعجب أحمد بن سهل من ذلك حين سأله عن اسمه فأجاب عن كنيته، وعدّ ذلك من سقطاته، فلما خرج ترك خاتمه في مجلسه عنده، فأبصره أحمد بن سهل فازداد تعجبا من غفلته، فأخذه بيده ونظر في نقش فصّه فإذا عليه «أحمد بن سهل» فعلم حينئذ أنه إنما أجاب عن كنيته للموافقة الواقعة بين اسمه واسمه، وانه أخذ بحسن الأدب، وراعى حدّ الاحتشام، واختار وصمة التزام الخطأ والمحال في الوقت والحال على أن يتعاطى اسم الأمير بالاستعمال والابتذال. وحكى أنّ أبا زيد في حداثته وحال فقره وخلّته كان التمس من أبي علي المنيري حنطة، فأمره بحمل جراب إليه ففعل، فلم يعطه حنطة وحبس الجراب، ومضى على هذا أعوام كثيرة، وخرج شهيد بن الحسين إلى محتاج بن أحمد بالصغانيان، وكتب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 279 إلى أبي زيد كتبا لم يجبه أبو زيد عنها، فكتب إليه شهيد بهذين البيتين يعيّره بحديث الجراب: أمنّي النفس منك جواب كتبي ... وأقطعها لتسكن وهي تابى إذا ما قلت سوف يجيب قالت ... إذا ردّ المنيريّ الجرابا قال: وقرأت بخط أبي الحسن الحديثي على ظهر كتاب «كمال الدين» لأبي زيد: قال أبو بكر الفقيه: ما صنّف في الإسلام كتاب أنفع للمسلمين من كتاب «البحث عن التأويلات» صنّفه أبو زيد البلخي، وهذا الكتاب- يعني كتاب «كمال الدين» . وكان لأبي زيد حافد يقال له علي بن محمد بن أبي زيد. قال: ولأبي زيد نحو من ستين تأليفا. قال: ولقي أحمد بن سهل الأمير أبا زيد في طريق وقد أجهده السير فقال له: عييت أيها الشيخ، فقال له أبو زيد: نعم أعييت أيها الأمير، فنبهه أنه لحن في قوله «عييت» إذ العيّ في الكلام والإعياء في المشي. وأنشد أبو زيد: لكلّ امرىء ضيف يسرّ بقربه ... وما لي سوى الأحزان والهمّ من ضيف تناءت بنا دار الحبيب اقترابها ... فلم يبق إلا رؤية الطيف للطيف وقال أبو زيد: كان ببلخ مجنون من عقلاء المجانين، وكان يعرف بأبي إبراهيم إسحاق بن اسحاق البغداذي دخل اليّ وكنت ألاعب الأهوازيّ بالشطرنج، فقال: أبو زيد والأهوازي لك، فتحيرت في هذا الكلام، فقال لي: احسب فحسبت بحروف الجمل فكان ستون، قال فصل بين كنيتك والأهوازي، قال: فوصلت فإذا أبو زيد ثلاثون والأهوازي ثلاثون، فقضيت عجبا من اختراعه في تلك الوهلة هذا الحساب. وأما خبر وفاته، قال صاحب الكتاب المذكور، ذكر أبو بكر الدمشقي قال: دخلت على أبي زيد رحمه الله يوم الجمعة ضحوة لعشر بقين من ذي القعدة سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة فوجدته ثقيلا من علته، فسلّمت عليه سلاما ضعيفا، ثم قال: يا أبا بكر قد انقطع السبب، وما هو إلا فراق الاخوان، ودمعت عينه وبكيت أنا، وقلت: أرجو أن يشفّع الله الشيخ فينا وفي غربتنا بعافيته، فقال: أيهات، وقرأ هذه الآية الجزء: 1 ¦ الصفحة: 280 أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْناهُمْ سِنِينَ ثُمَّ جاءَهُمْ ما كانُوا يُوعَدُونَ ما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يُمَتَّعُونَ (الشعراء: 205) ثم قال: لا تغب عنّي وكن بالقرب، فلما كان عند العتمة قال: انصرفوا حتى أدعوكم، وقال لابنه الحسين: إذا طلع القمر ونزل في الدار فأعلمني، فلما طلع القمر أعلمه، فصاح بهم فجاءوا، وقال: أطلع القمر؟ فقالوا: نعم، قال: اجتمعوا كلّ من في المنزل فاجتمعوا عليه، فسأل كلّ واحد منهم عن حاله وعن كسوته وعن آلة الشتاء، ثم قال: بقي شيء لم أصلحه لكم؟ قالوا: لا، فاستحلّهم، ثم قال: عليكم السلام، هذا آخر اجتماعي معكم، ثم جعل يتشهّد ويستغفر، ثم قال: قوموا فقد جاء نوبة غيركم، فخرجوا من باب الطارمة وهم يسمعون تشهده، ثم سكت فرجعوا وقد قضى نحبه، رحم الله هذا العقل والتمييز، فصار كما قال أبو تمام: ثم انقضت تلك السنون وأهلها ... فكأنها وكأنهم أحلام قال المؤلف: هذا آخر ما كتبته من كتاب أبي سهل أحمد بن عبيد الله من أخبار أبي زيد، وما أرى ان أحدا جاء من خبر أبي زيد بأحسن مما جاء به، أثابه الله على اهتمامه الجنة. وسأكتب أخبار أبي القاسم عبد الله بن أحمد الكعبي البلخي عنه في موضعه [1] ، ولم أخلّ من أخبار أبي زيد التي ذكرها بشيء مما يتعلق به، إنما تركت أشياء من فوائده تتعلق بكتب المجاميع. وقال المرزباني: أحمد بن سهل البلخي محدّث معتمدي، هو القائل يرثي الحسن بن الحسين العلوي وقد توفي ببلخ: إن المنية رامتنا بأسهمها ... فأوقعت سهمها المسموم بالحسن أبو محمد الأعلى فغادره ... تحت الصفيح مع الأموات في قرن يا قبر إنّ الذي ضمّنت جثّته ... من عصبة سادة ليسوا ذوي أفن محمد وعليّ ثم زوجته ... ثم الحسين ابنه والمرتضى الحسن صلّى الاله عليهم والملائكة المقربون طوال الدهر والزمن   [1] سقطت ترجمة الكعبي، وضاع ما وعد به المؤلف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 281 قال المؤلف: هكذا قال المرزباني، ولا أدري أيريد صاحبنا هذا أو غيره فإنه لم يذكره بأكثر مما كتبناه. وقرأت في «كتاب البلدان» لأبي عبد الله البشاري أنّ صاحب خراسان استدعاه إلى بخارى ليستعين به على سلطانه، فلما بلغ جيحون ورأى تغطمط أمواجه وجرية مائه وسعة قطره كتب إليه: إن كنت استدعيتني لما بلغك من صائب رأيي فإني إن عبرت هذا النهر فلست بذي رأي، ورأيي يمنعني من عبوره. فلما قرأ كتابه عجب منه وأمره بالرجوع إلى بلخ. - 93- أحمد بن الصنديد العراقي : يكنى أبا مالك، كان من أهل الأدب والشعر، روى شعر المعرّي عنه وله فيه شرح، وله مع الحصريّ [1] مناقضات، دخل الاندلس وكان عند بني طاهر [2] ومدح الرؤساء والأكابر. - 94- أحمد بن أبي طاهر أبو الفضل واسم أبي طاهر طيفور : مروروذي الأصل أحد البلغاء الشعراء الرواة، من أهل الفهم المذكورين بالعلم، وهو صاحب «كتاب تاريخ بغداد في أخبار الخلفاء والأمراء وأيامهم» مات سنة ثمانين ومائتين ودفن بباب الشام ببغداد، ومولده سنة أربع ومائتين مدخل المأمون بغداد من خراسان، ذكر ذلك ابنه عبيد الله فيما ذيله على تاريخ والده وحكاه عنه، قال: وروى عن عمر بن شبة، روى عنه ابنه عبيد الله ومحمد بن خلف بن المرزبان.   [93]- ترجمة ابن الصنديد العراقي في الصلة 1: 89 والوافي 6: 426 وبغية الوعاة 1: 312. [94]- ترجمة ابن أبي طاهر في تاريخ بغداد 4: 211 والوافي 7: 8. [1] يعني عبد الغني الحصري الأعمى، فإنه دخل الأندلس أيضا. [2] كان بنو طاهر سادة مرسية بعد الفتنة البربرية، واشتهر منهم الكاتب ذو الوزارتين أبو عبد الرحمن ابن طاهر (انظر الذخيرة 3: 24 وما بعدها ... ) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 282 وحدث جعفر بن حمدان صاحب «كتاب الباهر» [1] كان أحمد بن أبي طاهر مؤدّب كتّاب عاميّا ثم تخصّص وجلس في سوق الوارقين في الجانب الشرقي. قال: ولم أر ممن شهر بمثل ما شهر به من التصنيف للكتب وقول الشعر أكثر تصحيفا منه ولا أبلد علما ولا ألحن، ولقد أنشدني شعرا يعرضه عليّ في إسحاق بن أيوب لحن في بضعة عشر موضعا منه، وكان أسرق الناس لنصف بيت وثلث بيت، قال: وكذا قال لي البحتريّ فيه، وكان مع هذا جميل الأخلاق ظريف المعاشرة حلوا من الكهول. وحدث أبو هفّان قال [2] : كنت أنزل في جوار المعلّى بن أيوب صاحب العرض والجيش في أيام المأمون، وكان أحمد بن أبي طاهر ينزل عندي [3] ، فأضقنا إضاقة شديدة تعذّرت علينا وجوه الحيلة، فقلت لابن أبي طاهر: هل لك في شيء لا بأس به، تدعني حتى أسجّيك وأمضي إلى منزل المعلى بن أيوب فأعمله أنّ صديقا لي قد توفي فآخذ منه ثمن كفن فننفقه، فقال: نعم، وجئت إلى وكيل المعلى فعرّفته خبرنا، فصار معي إلى منزلي، فتأمل ابن أبي طاهر ثم نقر أنفه فضرط، فقال لي: ما هذا؟ فقلت: هذه بقية من روحه كرهت نكهته فخرجت من استه، فضحك وعرّف المعلّى خبرنا فأمر لنا بجملة دنانير. والمعلّى هذا هو الذي يقول فيه دعبل وقيل أبو علي البصير [3] : لعمر أبيك ما نسب المعلّى ... إلى كرم وفي الدنيا كريم ولكنّ البلاد إذا اقشعرّت ... وصوّح نبتها رعي الهشيم وحدّث الجهشياريّ في كتاب الوزراء قال [4] : مدح أحمد بن أبي طاهر الحسن بن مخلد وزير المعتمد فأمر له بمائة دينار وقال: إيت رجاء الخادم فخذها منه   [1] النقل عن الفهرست: 163. [2] انظر هذه الحكاية في البصائر 1: 26 (رقم: 59) وجمع الجواهر: 309 وقطب السرور: 197. [3] م: عنده. [3] ديوان دعبل (الأشتر) : 320/ونسبا في عيون الأخبار 2: 36 ومعجم الشعراء (كرنكو) 185 والتمثيل والمحاضرة: 91 ونهاية الأرب 3: 93 لأبي علي البصير. [4] هذا مما لم يشتمل عليه المطبوع من كتاب الجهشياري، وقد نقله الأستاذ ميخائيل عواد عن معجم الأدباء في نصوص ضائعة: 84. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 283 فلقي أحمد رجاء فقال له: لم يأمرني بشيء، فكتب إلى الحسن: أما رجاء فأرجا [1] ما أمرت به ... فكيف إن كنت لم تأمره يأتمر بادر بجودك مهما كنت مقتدرا ... فليس في كلّ حال أنت مقتدر فأمر باضعافها له. وذكره محمد بن اسحاق النديم وقال [2] له من الكتب: كتاب المنثور والمنظوم أربعة عشر جزءا، والذي بيد الناس ثلاثة عشر جزءا. كتاب سرقات الشعراء. كتاب بغداد. كتاب الجواهر. كتاب المؤلفين. كتاب الهدايا. كتاب المشتق المختلف من المؤتلف. كتاب أسماء الشعراء الأوائل. كتاب الموشّى. كتاب ألقاب الشعراء ومن عرف بالكنى ومن عرف بالاسم. كتاب المعرقين [3] من الأنبياء. كتاب المعتذرين. كتاب اعتذار وهب من ضرطته [4] . كتاب من أنشد شعرا وأجيب بكلام. كتاب الحجاب. كتاب تربية [5] هرمز بن كسرى أنو شروان. كتاب خبر الملك العاتي في تدبير المملكة والسياسة. كتاب الملك المصلح والوزير المعين. كتاب الملك البابلي والملك المصري الباغيين والملك الحكيم [6] الرومي. كتاب المزاح والمعاتبات. كتاب مفاخرة الورد والنرجس. كتاب مقاتل الفرسان. كتاب مقاتل الشعراء. كتاب الخيل كبير. كتاب الطرد. كتاب سرقات البحتري من أبي تمام. كتاب جمهرة [نسب] بني هاشم. كتاب رسالته إلى إبراهيم بن المدبر. كتاب الرسالة في النهي عن الشهوات. كتاب الرسالة إلى علي بن يحيى. كتاب الجامع في الشعراء وأخبارهم. كتاب فضل العرب على العجم. كتاب لسان العيون. كتاب أخبار المتظرفات. كتاب اختيار أشعار الشعراء. كتاب اختيار شعر بكر بن النطاح. كتاب المؤنس. كتاب الغلة   [1] فأرجا يعني فأرجأ. [2] الفهرست: 163. [3] الفهرست: المعرفين (وفي طبعة فلوجل: المعروفين) . [4] الفهرست: من حبقته. [5] الفهرست (فلوجل) : مرتبة. [6] الفهرست: الحليم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 284 والغليل. كتاب اختيار شعر العتابي. كتاب اختيار شعر منصور النمري. كتاب اختيار شعر أبي العتاهية. كتاب أخبار بشار واختيار شعره. كتاب أخبار مروان وآل مروان واختيار أشعارهم. كتاب أخبار ابن مناذر. كتاب أخبار ابن هرمة ومختار شعره. كتاب اختيار شعر ابن الدمينة [1] . كتاب أخبار وشعر عبيد الله بن قيس الرقيات. وأنشد له ابنه عبيد الله في كتابه: وما الشعر الا السيف ينبو وحده ... حسام ويمضي وهو ليس بذي حدّ ولو كان بالإحسان يرزق شاعر ... لأجدى الذي يكدي وأكدى الذي يجدي ومن قوله أيضا: قد كنت أصدق في وعدي فصيّرني ... كذابة ليس ذا في جملة الأدب يا ذاكرا حلت عن عهدي وعهدكم ... فنصرة الصدق أفضت بي إلى الكذب حدث المرزباني في «كتاب المقتبس» [2] عن عبد الله بن محمد الحليمي قال: أنشدني أحمد بن أبي طاهر لنفسه في أبي العباس المبرد: كملت في المبرّد الآداب ... واستقلّت في عقله الألباب غير أنّ الفتى كما زعم النا ... س دعيّ مصحّف كذاب وحدّث عن الصولي عن أبي علي ابن عينويه الكاتب قال: حدثني أحمد بن أبي طاهر قال: خرجت من منزل أبي الصقر نصف النهار في تموز فقلت: ليس بقربي منزل أقرب من منزل المبرد إذ كنت لا أقدر أصل إلى منزلي بباب الشام، فجئته فأدخلني إلى حويشة له، وجاء بمائدة فأكلت معه لونين طيبين، وسقاني ماء باردا وقال لي: أحدثك إلى أن تنام، فجعل يحدثني أحسن حديث، فحضرني لشؤمي وقلة شكري بيتان فقلت: قد حضر بيتان أنشدهما؟ فقال: ذاك إليك، وهو يظن أني قد مدحته، فأنشدته: ويوم كحرّ الشوق في صدر عاشق ... على أنه منه أحرّ وأومد   [1] الفهرست: كتاب أخبار ابن الدمنية. [2] لم يرد هذا في نور القبس. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 285 ظللت به عند المبرد قائلا ... فما زلت في ألفاظه أتبرد فقال لي: قد كان يسعك إذا لم تحمد ألّا تذم، وما لك عندي جزاء الا إخراجك، والله لا جلست عندي بعد هذا، فأخرجني فمضيت إلى منزلي بباب الشام، فمرضت من الحرّ الذي نالني مدة، فعدت باللوم على نفسي. قال الخالدي: حدثنا جحظة عن أحمد بن أبي طاهر قال: قصدت سرّ من رأى زائرا بعض كتّابها بشعر مدحته به، فقبلني وأحسن إليّ وأجزل صلتي ووهب لي غلاما روميا حسن الوجه، ورحلت أريد بغداد سائرا على الظّهر ولم أركب الماء، فلما سرت نحو الفرسخ أخذتنا السماء بأمر عظيم من القطر، ونحن بالقرب من دير السّوسن [1] فقلت للغلام: اعدل بنا يا بنيّ إلى هذا الدير نقيم فيه إلى أن يخفّ هذا المطر، ففعل، وازداد القطر واشتد، وجاء الليل، فقال الراهب: أنت العشية هاهنا، وعندي شراب جيّد فتبيت وتقصف، ويسكن المطر وتجفّ الطريق وتبكّر، فقلت: أفعل، فأخرج إليّ شرابا ما رأيت قطّ أصفى منه ولا أعطر، فقلت: هات مدامك، وأمرت بحط الرحل، وبتّ والغلام يسقيني والراهب نديمي حتى متّ سكرا، فلما أصبحت رحلت وقلت: سقى سرّ من را وسكّانها ... وديرا لسوسنها الراهب سحاب تدفّق عن رعده ال ... صّفوق وبارقه الواصب فقد بتّ في ديره ليلة ... وبدر على غصن صاحبي غزال سقاني حتى الصباح ... صفراء كالذهب الذائب على الورد من حمرة الوجنتين ... وفي الآس من خضرة الشارب سقاني المدامة مستيقظا ... ونمت ونام إلى جانبي فكانت هناة لك الويل من ... جناها الذي خطّه كاتبي فيا ربّ تب واعف عن مذنب ... مقرّ بزلته تائب   [1] ذكر الشابشتي بسامرا ديرا اسمه دير السوسي (149- 162) ولكن هذه الحكاية لم ترد فيه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 286 - 95- أحمد بن الطيب السرخسي- يعرف بابن الفرانقي : أحد العلماء الفهماء المحصّلين، الفصحاء البلغاء المتقنين، له في علم الأثر الباع الوساع، وفي علوم الحكماء الذهن الثاقب الوقّاد وبسطة الذراع، وهو تلميذ الكندي، وله في كلّ فنّ تصانيف ومجاميع وتواليف. كان أحد ندماء أبي العباس المعتضد بالله والمختصّين به، فأنكر منه بعض شأنه، فأذاقه حمامه صبرا وجعله نكالا، ولم يرع له ذمة ولا إلا. وقال في «تاريخ دمشق» [1] ذكره أبو الحسن محمد بن أحمد بن القواس قال: ولي احمد بن الطيب الحسبة يوم الاثنين والمواريث يوم الثلاثاء وسوق الرقيق يوم الأربعاء لسبع خلون من رجب سنة اثنتين وثمانين ومائتين، وفي يوم الاثنين لخمس خلون من جمادى الأولى سنة ثلاث وثمانين غضب المعتضد على أحمد بن الطيب، وفي يوم الخميس لثلاث بقين من جمادى الأولى ضرب ابن الطيّب مائة سوط وحوّل إلى المطبق، وفي صفر سنة ست وثمانين ومائتين مات ابن الطيب السرخسي. حدث أبو القاسم [2] عن عبد الله بن عمر الحارثي قال حدثني أبي قال حدثني أبو محمد عبد الله بن حمدون نديم المعتضد قال [3] : كان المعتضد في بعض متصيّداته مجتازا بعسكره وأنا معه، فصاح ناطور في قراح قثّاء، فاستدعاه وسأله عن سبب صياحه، فقال: أخذ بعض الجيش من المقثأ شيئا، فقال: اطلبوهم، فجاءوا بثلاثة   [95]- ترجمة ابن الطيب السرخسي في الفهرست: 320- 321 (وتاريخ دمشق؛ وقد ضاعت) وأخبار الحكماء: 77 وبغية الطلب 1: 176 وعيون الأنباء 1: 189 والوافي 7: 5. (قلت: وأرجح أن ترجمته كما أوردها ياقوت مبتورة، إذ ليس من عادته أن يوجز حين يجد أخبارا مستفيضة يستطيع أن يقتبسها، ثم إنه لم يذكر شيئا من كتبه، ولدى ابن النديم منها عدد كثير) ثم حصلت على المختصر فوجدت فيه مادة كثيرة أضفتها. [1] ورد في بغية الطلب: 183. [2] أبو القاسم ابن عساكر صاحب تاريخ دمشق. [3] وردت هذه القصة في نشوار المحاضرة 1: 331 عن عبد الله بن عمر الحارثي عن أبيه عن ابن حمدون، وانظر المنتظم 5: 123. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 287 أنفس، فقال: هؤلاء الذين أخذوا القثاء؟ فقال الناطور: نعم، فقيدهم في الحال وأمر بحبسهم، فلما كان من الغد أنفذهم إلى القراح وضرب أعناقهم فيه وسار، فأنكر الناس ذلك وتحدّثوا به ونخبت قلوبهم منه، ومضت على ذلك مدة طويلة، فجلست أحادثه ليلة فقال لي: يا عبد الله هل يعتب الناس عليّ شيئا عرّفني حتى أزيله، فقلت: كلّا يا أمير المؤمنين، فقال: أقسمت عليك بحياتي إلّا صدقتني، قلت: يا أمير المؤمنين وأنا آمن؟ قال: نعم، قلت: إسراعك إلى سفك الدماء، فقال: والله ما هرقت دما قطّ منذ وليت هذا الأمر إلا بحقه، قال: فأمسكت إمساك من ينكر [1] عليه الكلام، فقال: بحياتي لما قلت، فقلت: يقولون إنك قتلت أحمد بن الطيب، وكان خادمك، ولم تكن له جناية ظاهرة، فقال: ويحك إنه دعاني إلى الإلحاد فقلت له: يا هذا أنا ابن عمّ صاحب هذه الشريعة، وأنا الآن منتصب منصبه، فألحد حتى أكون من؟ وكان قد قال لي: إن الخلفاء لا تغضب، وإذا غضبت لم ترض، فلم يصحّ إطلاقه. فسكتّ سكوت من يريد الكلام، فقال: في وجهك كلام، فقلت: الناس ينقمون عليك أمر الثلاثة الأنفس الذين قتلتهم في قراح القثّاء، فقال: والله ما كان أولئك المقتولون [2] هم الذين أخذوا القثاء، وإنما كانوا لصوصا حملوا من موضع كذا وكذا، ووافق ذلك أمر أصحاب القثّاء، فأردت أن أهوّل على الجيش بأنّ من عاث من عسكري وأفسد بهذا القدر كانت هذه عقوبتي له ليكفّوا عما فوقه، ولو أردت قتلهم لقتلتهم في الحال والوقت، وإنما حبستهم وأمرت باخراج اللصوص من غد مغطين الوجوه ليقال إنهم أصحاب القثاء، فقلت: فكيف تعلم العامّة؟ قال: باخراجي القوم الذين أخذوا القثاء أحياء، وإطلاقي لهم في هذه الساعة، ثم قال: هاتم القوم، فجاءوا بهم وقد تغيّرت حالهم، فقال لهم: ما قصتكم؟ فاقتصّوا عليه قصة القثّاء فاستتابهم عن فعل مثل ذلك وأطلقهم فانتشرت الحكاية فزالت التهمة [3] . وقيل إن السبب في قتل أحمد بن الطيب دعاؤه للمعتضد إلى مذهب الفلاسفة   [1] النشوار: يتبين. [2] ر: المقتولين. [3] بعد هذا الموضع إلى آخر الترجمة زيادة من المختصر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 288 والخروج عن الاسلام فاستحلّ قتله، فلما أجمع على قتله أنفذ إليه: أنت كنت عرفتنا عن الحكماء أنهم قالوا: لا يجب للملوك أن يغضبوا، فإذا غضبوا لا يجب لهم أن يرضوا، ولولا هذا لأطلقتك لسالف ذمّتك وخدمتك، ولكن اختر أيّ قتلة تحبّ أن أقتلك. قال: فاختار أن يطعم اللحم المكبّب ويسقى الشراب العتيق حتى يسكر ثم يفصد من يديه ويترك دمه يجري إلى أن يموت. فأمر المعتضد بذلك ففعل به، وظنّ أحمد أن دمه إذا انقطع مات في الحال بغير ألم، فانعكس ظنه. قال: وذلك أنه لما فصد نزف جميع دمه ثم بقيت معه من الحياة بقية فلم يمت وغلبت عليه الصفراء، فصار كالمجنون ينطح برأسه الحيطان ويصيح ويضجّ لفرط الآلام، ويعدو في مجلسه ساعات كثيرة إلى أن مات. فبلغ المعتضد ذلك فقال: هذا اختياره لنفسه، وأيش في الفساد بأكثر مما اختاره لنفسه من الرأي الذي جرّ عليه القتل. وكان المعتضد بالله يعدّد بعد قتله إياه ذنوبه إليه والأمور التي أنكرها عليه ليعلم أنه كان مستحقا لما عامله به: فمنه: أنه كان لأحمد بن الطيب مجلس يجتمع إليه فيه أهل العلم يفاوضونه ويفاوضهم، فقال المعتضد: فكنت ربما سألته عن هذا المجلس وما يجري فيه فيخبرني. وسألته في بعض الأيام على عادتي فقال لي: يا أمير المؤمنين، مرّ بي أمس شيء ظريف، قلت: ما هو؟ قال: دخل إلي [في] جملة الناس رجل لا أعرفه، حسن الرّواء والهيئة، فتوسمت فيه أنه من أهل الفضل والمعرفة، فلم ينطق من أول المجلس إلى آخره، فلما انصرف من كان حاضرا لم ينصرف معهم، فقلت له: ألك حاجة؟ قال: نعم، تخلي لي نفسك، فأنفذت غلماني، فقال لي: أنا رجل قد أرسلني الله تعالى إلى هذا البشر، وقد بدأت بك لفضلك، وأمّلت أن أجد منك معونة على ما بعثت له، فقلت له: يا هذا أما علمت أني مسلم أعتقد أنه لا نبيّ بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقال: علمت ذلك، وما جئتك إلا بأمر وبرهان، فهل لك في الوقوف على معجزتي؟ فأردت أن أعلم ما عنده فقلت له: هاتها، فقال: تحضر سطلا فيه ماء، فتقدمت باحضاره، فأخرج من كمه حجرين أبيضين صلدين كأشدّ ما يكون من الصخر، فقال: خذهما، فأخذتهما، فقال: ما هما؛ قلت: حجرين، فقال لي: رم أن تكسرهما، فلم أستطع لشدتهما وصلابتهما، فقلت: ما أستطيع، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 289 فقال: ضعهما في السطل، فوضعتهما، وقال: غطّهما، فغطيتهما بمنديل، وأقبل عليّ يحدثني، فوجدته ممتعا كثير الحديث سديد العبارة حسن البيان صحيح العقل لا أنكر منه شيئا، فلما طال الأمر قلت له: فأيّ شيء بعد هذا؟ فقال: أخرج لي الحجرين، فكشفت عنهما، فطلبتهما فلم أجدهما، وتحيرت وقلت: ليس في السطل شيء، فقال لي: أنت تركتهما بيدك ولم أقرب منهما ولا لحظت السطل بعيني فضلا عن غيره، قلت: صدقت، قال: أما في ذلك إعجاز؟ فقلت له: بقيت عليك حال واحدة، قال: وما هي؟ قلت: أنك تجيء بحجر من عندي فتفعل به مثل هذا، فقال لي: وهكذا قال أصحاب موسى له: نريد أن تكون العصا من عندنا، فتوقفت عن جوابه لأتفكر فيه، فقام وقال لي: فكّر في أمرك إلى أن أعود إليك. وانصرف، وندمت بعد انصرافه على إفراجي عنه، وأمرت الغلمان بردّه وطلبه، فتفرقوا في كلّ طريق فما وجدوه. فقال المعتضد لراوي هذا الخبر: أتدري ما أراد أحمد بن الطيب، لعنه الله، بهذا الحديث؟ فقلت: لا يا أمير المؤمنين، فقال: إنما أراد أن سبيل موسى، عليه السلام، في العصا كسبيل هذا الرجل في الحجر، وأنّ جميع ذلك بحيلة، وكان ذلك من اكثر ما نقمه عليه. قال محمد بن إسحاق النديم: أحمد بن الطيب هو أبو العباس أحمد بن محمد بن مروان السرخسي، ممن ينتمي إلى الكندي وعليه قرأ ومنه أخذ، وكان متفننا في علوم كثيرة من علوم القدماء والعرب، حسن المعرفة جيد القريحة بليغ اللسان مليح التصنيف. كان أولا معلما للمعتضد ثم نادمه وحظي به، وكان يفضي إليه بأسراره ويستشيره في أمور مملكته، وكان الغالب على بن الطيب علمه لا عقله. وكان سبب قتله أن المعتضد أفضى إليه بسرّ يتعلّق بالقاسم بن عبيد الله وبدر غلام المعتضد فأذاعه بحيلة من القاسم مشهورة، فسلمه المعتضد إليهما فاستقصيا ماله ثم أودعاه المطامير، فلما كان في الوقت الذي خرج فيه المعتضد إلى فتح آمد فقتل أحمد بن عيسى بن شيخ، ثم أفلت من المطامير جماعة من الخوارج وغيرهم، وأمر المعتضد القاسم باتيان جماعة ممن يستحق القتل ليستريح من تعلّق القلب بهم، فأثبتهم ووقع المعتضد بقتلهم، فأدخل القاسم أحمد بن الطيب في جملتهم فيما الجزء: 1 ¦ الصفحة: 290 بعد فقتل، فسأل عنه المعتضد فذكر القاسم قتله فلم ينكره. وكان الذي نقمه المعتضد على أحمد بن الطيب أن عبيد الله بن سليمان دخل يوما على المعتضد بعد تغيّظ المعتضد عليه من شيء بلغه عنه وخاطبه بما يكره، فلما خرج قال: يا أحمد ما ترى إلى هذا الفاعل الصانع وقد أخرب الدنيا واحتجن الأموال، وفي جنبه ثلاثة آلاف ألف دينار ما يمنعني من أخذها إلا الحلم عنه، وفعل الله بي وصنع إن أنا استعملته أكثر من هذا. قال: فخرج أحمد بن الطيب فوجد عبيد الله على الباب ينتظره، فحمله إلى داره وواكله وسقاه ووهب له مالا عظيما وخلع عليه خلعا كثيرة ورفق به وسأله أن يعلمه ما عساه جرى بعد خروجه من ذكره، فاستحلفه أحمد بن الطيب على كتمان ذلك. فحلف له، فخبره الخبر على حقيقته وودّعه أحمد ونهض، فركب عبيد الله من عنده بعد أن عمل ثبتا يحتوي على جميع ما له [من] تبر وورق وضيعة وحرس وقماش وعقار ودابة وبغل ومركب وغلام وآلة وسائر الأعراض، وجاء إلى المعتضد فخاطبه على الأمور كما كان يخاطبه، فلما حضر وقت انصرافه قال: أريد خلوة من أمير المؤمنين لمهمّ عارض أذكره، فأخلى مجلسه، فحلّ سيفه بين يديه ومنطقته وقبل الأرض وبكى وقال: يا أمير المؤمنين، الله الله في دمي، أقلني واعف عني وهب لي الحياة واغفر لي إجرامي وما في نفسك عليّ، فأمّا مالي فوالله- وابتدأ يحلف بالطلاق والعتاق وما تبعه من أيمان البيعة- إن كتمتك منه شيئا، وهذا ثبت بجميع ما أملكه، وطيبة من نفسي وانشراح من صدري، بارك الله لك فيه، ودعني أخدمك وأخد [م] . فقال له المعتضد: ما بك إلى هذا حاجة ولا في نفسي عليك ما يوجب هذا. فقال: الآن قد علمت أن رأي أمير المؤمنين عليّ فاسد، إذ ليس يخرج إليّ بما عنده فيّ، ولا يقبل ما بذلته، ولا يقع منه عقاب وأخذ يلجّ في البكاء والتضرّع، فرقّ له المعتضد وتغيّظ من معرفته بذلك، فقال: أتحبّ أن أقول هذا؟ قال: نعم، قال: تصدقني عن السبب الذي حملك على هذا، فعرّفه ما جرى له مع أحمد بن الطيب فرضي عنه وحلف له على ما سرّ به وخفف عن خاطره، ووثق له أنه لا يسيء إليه، وأنفذ في الحال وقبض على أحمد بن الطيب وحبسه. [وله من الكتب: كتاب مختصر قاطيغورياس. كتاب مختصر كتاب بارميناس. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 291 كتاب مختصر كتاب أنالوطيقا الأولى. كتاب مختصر أنالوطيقا الثاني. كتاب الأعشاش وصناعة الحسبة الكبير. كتاب عش الصناعات والحسبة الصغير. كتاب نزهة النفوس، ولم يخرج بأسره. كتاب اللهو والملاهي في الغناء والمغنين والمنادمة والمجالسة وأنواع الأخبار والملح. كتاب السياسة الكبير. كتاب السياسة الصغير. كتاب المدخل إلى صناعة النجوم. كتاب الموسيقى الكبير، مقالتان ولم يعمل مثله حسنا وجلالة. كتاب الموسيقى الصغير. كتاب الأرثماطيقي في الأعداد والجبر والمقابلة. كتاب المسالك والممالك. كتاب الجوارح والصيد بها. كتاب المدخل إلى صناعة الطب نقض فيه على حنين بن إسحاق. كتاب المسائل. كتاب فضائل بغداد وأخبارها. كتاب الطبيخ ألّفه على الشهور والأيام للمعتضد. كتاب زاد المسافر وخدمة الملوك مقالتان، لطيف. كتاب المدخل إلى علم الموسيقى. كتاب آداب الملوك. كتاب الجلساء والمجالسة. كتاب رسالته في جواب ثابت بن قرّة فيما سئل عنه. كتاب مقالته في النّمش والكلف. كتاب رسالته في المساكين وطريف اعتقاد العامّة. كتاب منفعة الجبال. كتاب رسالته في وصف مذاهب الصابئين. كتاب في أنّ المبدعات في حال الابداع لا متحركة ولا ساكنة] [1] . - 96- أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم بن سعيد بن أبي زرعة الزهري مولاهم:   [96]- ترجمته في المنتظم 5: 71 والوافي 7: 80 وسير الذهبي 13: 47 (وترجم لأخيه محمد 13: 46 ولأخيه عبد الرحيم 13: 48 وكانت وفاة محمد سنة 249 ووفاة عبد الرحيم سنة 286، ووفاة أحمد هذا سنة 270، قال الذهبي: رفسته دابة وكان من أبناء الثمانين، وهو الذي استمرّ فيه الوهم على الطبراني إذ يقول حدثنا أحمد بن عبد الله البرقي ولم يلقه، وإنما لقي أخاه عبد الرحيم) وانظر الجرح والتعديل 2: 61 وطبقات الحفاظ: 253 والشذرات 2: 158. وفي الوافي أنه مصري، وعلى هذا تفهم نسبته «البرقي» وعلى ذلك ورد عند السمعاني في الأنساب، ولم أجد برق رود (أو روذ) أو برقة قمّ عند ياقوت؛ ويبدو لي أنّ هذه المادة قد دخلها خلط كثير في النقل. [1] ما بين معقفين في سرد أسماء الكتب لم يرد في م كما لم يرد في ر؛ ولكني أضفته هنا اعتمادا على أن الترجمة في (م) ناقصة كثيرا حتى بالنسبة للمختصر، وأن ياقوتا حريص على ذكر المؤلفات، بينما (ر) لا تحرص على ايراد أسماء الكتب إلا قليلا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 292 يكنى أبا بكر البرقي، وقد ذكرنا فيما بعد برقيا آخر اسمه أحمد بن محمد [1] ، وهو أيضا من برقة قم، وقد اشتد عليّ أمره وأمر هذا، فنقلت كما وجدت، ولا شكّ أنهما من بيت واحد والله أعلم، وكانوا ثلاثة إخوة كلّهم من أهل العلم أبو بكر أحمد وأبو عبد الله محمد وأبو سعيد عبد الرحيم، يروي ثلاثتهم المغازي عن عبد الملك بن هشام. وفي «كتاب أصبهان» لحمزة في الفصل الذي ذكر فيه أهل الأدب واللغة قال: أحمد بن عبد الله البرقي كان من رستاق برق روذ وهو أحد الرواة للغة والشعر، واستوطن قم، فخرج ابن أخيه أبو عبد الله البرقي هناك، ثم قدم أبو عبد الله أصبهان فاستوطنها. قرأت في «كتاب جمهرة النسب» قال ابن حبيب: أخبرني أبو عبد الله البرقي وكان أعلم أهل قمّ بنسب الأشعريين أن ابن الكلبيّ قال في ثلاثة أحياء من الاشعريين «لسن» وإنما هو «أسن» وقال «امراطة» وإنما هو «مراطة» وقال «زكاز» وإنما هو «ركاز» . - 97- أحمد بن عبد الله بن مسلم بن قتيبة أبو جعفر الكاتب : ولد ببغداد ومات بمصر وهو على قضائها سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة وقد روى عن أبيه تصانيفه كلّها، حدث عنه أبو الفتح المراغي النحوي وعبد الرحمن بن إسحاق الزجاجي وغيرهما وقال أبو يعقوب يوسف بن يعقوب بن خرّزاذ إن أبا جعفر ابن قتيبة حدّث بكتب أبيه كلّها بمصر حفظا ولم يكن معه كتاب، وأحسب ذكر ذلك عن أبي الحسين المهلبي. وحدث أبو سعيد ابن يونس قال: قدم أحمد بن عبد الله بن مسلم بن قتيبة مصر   [97]- ترجمة ابن قتيبة في تاريخ بغداد 4: 229 والكندي: 485، 586 وإنباه الرواة 1: 45 وعبر الذهبي 2: 193 والوافي 7: 80 ورفع الإصر 1: 72 والديباج المذهب: 35 (1: 161) . [1] الترجمة رقم: 137. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 293 سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة وتولى بها القضاء، وتوفي بها وهو على القضاء سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة. - 98- أحمد بن عبد الله المعبدي : من ولد معبد بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم، أحد من اشتهر بالنحو وعلم العربية من الكوفيين، وجه من وجوه أصحاب ثعلب الكبار، ذكره الزبيدي. وقد تقدم ذكر آخر يقال له أحمد بن سليمان [1] لا أدري أهو هذا، ونسب إلى جدّ له أعلى يقال له سليمان أم هو غيره. قرأت بخط ابن أبي نواس قال أبو عمر ابن حيويه، قال لي أبو عمران: مات المعبدي ليلة الأربعاء لثمان بقين من صفر سنة اثنتين وتسعين ومائتين. - 99- أحمد بن عبد الله بن أحمد الفرغاني، أبو منصور بن أبي محمد عبد الله بن أحمد [بن جعفر] بن خذيان بن حامس الفرغاني: كان أبوه صاحب محمد بن جرير الطبري صاحب التفسير والتاريخ، وقد كتبنا خبره فيما بعد في بابه [2] . مات أحمد هذا في شهر ربيع الأول سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة، ومولده لثمان عشرة ليلة خلت من ذي الحجة سنة سبع وعشرين وثلاثمائة بمصر، وكتبت وفاته كما أخبرني المصريون بها في سنة اثنتي عشرة وستمائة عند كوني بها. روى أبو منصور عن أبيه تصانيف أبي جعفر محمد بن جرير الطبري، وصنّف أبو منصور أيضا عدة تصانيف منها: كتاب التاريخ وصل به تاريخ والده. وكتاب سيرة العزيز سلطان مصر المنتسب إلى العلويين. وكتاب سيرة كافور الإخشيدي، وبمصر كان مقامه.   [98]- في م: أحمد بن محمد بن عبد الله المعبدي، وهو بهذه الصورة في غير موضعه حسب الترتيب الهجائي؛ واعتمادا على الزبيدي: 153 وبغية الوعاة 1: 321 جعلته «أحمد بن عبد الله» . [99]- ترجمة أحمد الفرغاني في الوافي 7: 86 (عن ياقوت) . [1] الترجمة رقم: 91. [2] الترجمة رقم: 635 عن المختصر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 294 - 100- أحمد بن عبد الله بن بدر القرطبي النحوي أبو مروان مولى الحكم المستنصر: روى عن أبي عمر ابن أبي الحباب وأبي بكر ابن هذيل [1] وكان نحويا لغويا شاعرا عروضيا، مات سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة، حدّث عنه أبو مروان الطبني، وذكر خبره ووفاته، قاله ابن بشكوال. - 101- أحمد بن عبد الله بن سليمان أبو العلاء المعري : هو أبو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان بن [محمد بن سليمان بن أحمد بن سليمان] بن داود بن المطهر بن زياد بن ربيعة بن الحارث بن ربيعة بن أرقم بن أنور بن اسحم بن النعمان، ويقال له الساطع لجماله، ابن عديّ بن عبد غطفان بن عمرو بن بريح بن جذيمة بن تيم الله بن أسد بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة. وتيم الله مجتمع تنوخ: من أهل معرة النعمان من بلاد الشام، كان غزير الفضل شائع الذكر وافر العلم غاية في الفهم، عالما حاذقا بالنحو، جيد الشعر جزل الكلام، شهرته تغني عن صفته وفضله ينطق بسجيته. ولد بمعرة النعمان سنة ثلاث وستين وثلاثمائة واعتلّ علة الجدريّ التي ذهب فيها بصره سنة سبع وستين وثلاثمائة، وقال الشعر وهو ابن احدى عشرة سنة، ورحل إلى بغداد سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة، أقام ببغداد سنة وسبعة أشهر، ثم رجع إلى   [100]- الصلة: 45 والوافي 7: 87 وبغية الوعاة 1: 313. [101]- معظم ترجماته في المصادر قد أدرجت في «تعريف القدماء» ، ومنها هذه الترجمة ص: 67- 141 وللأستاذ مصطفى صالح كتاب بعنوان كشاف مصادر دراسة أبي العلاء المعري، دمشق 1978. [1] هو الشاعر يحيى بن هذيل وكان عالما دينا نزيها توفي سنة 389 (ابن الفرضي 1: 193 وترتيب المدارك 6: 293) وستأتي ترجمته رقم: 1243. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 295 بلده فأقام به ولزم منزله إلى أن مات يوم الجمعة الثاني من شهر ربيع الأول سنة تسع وأربعين وأربعمائة في أيام القائم. وكان في آبائه وأعمامه ومن تقدمه من أهله وتأخر عنه من ولد أبيه ونسله فضلاء وقضاة وشعراء، أنا ذاكر منهم من حضرني لتعرف نسبه في العلم كما عرفت ما أعطيه من الفهم: كان سليمان بن أحمد بن سليمان جدّه قاضي المعرة، وتولّى القضاء بحمص وبها مات في سنة تسعين ومائتين ثم ولي القضاء بعده بها ولده أبو بكر محمد عم [والد] أبي العلاء وفيه يقول الصنوبري الشاعر [1] : بأبي يا ابن سليما ... ن لقد سدت تنوخا وهم السادة شبّا ... نا لعمري وشيوخا أدرك البغية من أض ... حى بناديك منيخا واردا عندك نيلا ... وفراتا وبليخا واجدا منك متى ... استتصرخ للمجد صريخا في زمان غادر ... لهمّات في الناس مسوخا ثم بعده أخوه أبو محمد [والد] عبد الله والد أبي العلاء، ولعبد الله شعر في مرثية والده [2] : إن كان أصبح من أهواه مطّرحا ... بباب حمص فما حزني بمطّرح لو بان أيسر ما أخفيه من جزع ... لمات أكثر أعدائي من الفرح وتوفي [والد] [3] عبد الله بحمص سنة سبع وسبعين وثلاثمائة.   [1] فاتني أن أدرج هذه الأبيات في ديوان الصنوبري (في الطبعة الأولى) ، وهي واردة في الخريدة (قسم الشام) 2: 3. [2] الخريدة (قسم الشام) 2: 3. [3] ان سقوط كلمة «والد» جعل الدارسين يظنون أن عبد الله نفسه هو الذي توفي في ذلك العام، ولهذا ذهبوا يناقشون المسألة ويبنون أحكاما مختلفة، ذلك لأن من الثابت أن وفاة والد أبي العلاء إنما كانت سنة 395. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 296 ومنهم أبو المجد محمد بن عبد الله أخو أبي العلاء، وكان أسنّ من أبي العلاء، وله أيضا شعر في الزهد [1] : كرم المهيمن منتهى أملي ... لا نيّتي أرجو ولا عملي يا مفضلا جلّت فواضله ... عن بغيتي حتى انقضى أجلي كم قد أفضت عليّ من نعم ... كم قد سترت عليّ من زلل إن لم يكن لي ما ألوذ به ... يوم الحساب فإن عفوك لي ومنهم عبد الواحد أبو الهيثم أخو أبي العلاء القائل في الشمعة [2] : وذات لون كلوني في تغيره ... وأدمع كدموعي في تحدرها سهرت ليلي وباتت بي مسهّدة ... كأن ناظرها في قلب مسهرها وله أيضا: قالوا تراه سلا لأن جفونه ... ضنّت عشية بيننا بدموعها ومن العجائب أن تفيض مدامع ... نار الغرام تشبّ في ينبوعها هؤلاء من حضرني ممن كان قبل أبي العلاء وفي زمانه، وقد تأخر عن زمانه من أهله من كان عالما فاضلا، وأنا ذاكرهم هاهنا ليجيئوا على نسق واحد: فمنهم القاضي أبو المجد محمد بن عبد الله [بن] محمد أبي المجد- وأبو المجد الثاني هو أخو أبي العلاء- وذكره العماد في «الخريدة» فقال [3] : ذكر لي [ابن] ابنه القاضي أبو اليسر الكاتب أنه كان فاضلا أديبا فقيها على مذهب الشافعي، أريبا مفتيا خطيبا، أدرك عم أبيه أبا العلاء وروى عنه مصنفاته وأشعاره، وولي القضاء بالمعرة إلى أن دخلها الفرنج خذلهم الله في سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة فانتقل إلى شيزر وأقام بها مدة، ثم انتقل إلى حماة فأقام بها إلى أن مات في محرم سنة ثلاث وعشرين   [1] الابيات في الخريدة 2: 6. [2] هذه القطعة والتي تليها في الخريدة 2: 6. [3] الخريدة 2: 8 وانظر ترجمته في الانصاف والتحري (التعريف: 501) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 297 وخمسمائة ومولده سنة أربعين وأربعمائة، وله ديوان ورسائل، ومن شعره [1] : رأيتك في نومي كأنك معرض ... ملالا فداويت الملالة بالتّرك وأصبحت أبغي شاهدا فعدمته ... فعدت فغلّبت اليقين على الشك وعهدي بصحف الودّ تنشر بيننا ... فإن طويت فاجعل ختامك بالمسك لئن كانت الأيام أبلى جديدها ... جديدي وردّت من رحيب إلى ضنك فما أنا الا السيف أخلق جفنه ... وليس بمأمون الغرار على الفتك قال وأنشدني بعض أهل المعرة [2] : جسّ الطبيب يدي جهلا فقلت له ... إليك عني فإن اليوم بحراني فقال لي ما الذي تشكو فقلت له ... إني هويت بجهلي بعض جيراني فقام يعجب من قولي وقال لهم ... إنسان سوء فداووه بانسان قال: وأنشدني مؤيد الدولة أسامة بن منقذ، قال أنشدني القاضي أبو المجد المعري لنفسه [3] : وقائلة رأت شيبا علاني ... عهدتك في قميص صبا بديع فقلت وهل ترين سوى هشيم ... إذا جاوزت أيام الربيع قال الأمير أسامة [4] : ولما فارق أهله بالمعرة وبقي منفردا وكان له غلام اسمه شعيا قال: زمان غاض أهل الفضل فيه ... فسقيا للحمام به ورعيا أسارى بين أتراك وروم ... وفقد أحبة ورفاق شيعا قال وقد سبقه إلى هذا المعنى الوزير المغربي، فإنه لما تغيرت عليه الوزارة   [1] الخريدة 2: 9. [2] الخريدة 2: 10. [3] المصدر نفسه. [4] الخريدة 2: 11. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 298 وتغرب كان معه غلام اسمه داهر، فقال [1] : كفى حزنا أني مقيم ببلدة ... يعلّلني بعد الأحبة داهر يحّدثني مما يجمّع عقله ... أحاديث منها مستقيم وجائر قال الأمير أسامة: لما بليت بفرقة الأهل كتبت إلى أخي أستطرد بغلامي أبي المجد والوزير المغربي اللذين ذكراهما في شعريهما: أصبحت بعدك يا شقيق النفس في ... بحر من الهمّ المبرح زاخر متفردا بالهمّ من لي ساعة ... برفاق شعيا أو علالة داهر (الحديث شجون يذكّر الشيء بما يتصل به) . وأشعار أبي المجد المعرّي كثيرة منها [2] : قد أوسع الله البلاد وللفتى ... إلى بعضها عن بعضها متزحزح فخلّ الهوينا إنها شرّ مركب ... ودونك صعب الأمر فالصعب أنجح فإن نلت ما تهوى فذاك وان تمت ... فللموت خير للكريم وأروح ومنهم أبو اليسر شاكر [3] بن عبد الله بن محمد أبي المجد بن عبد الله بن محمد [بن عبد الله] بن سليمان، قال العماد: كان كاتب الإنشاء لنور الدين محمود بن زنكي قبلي، فلما استعفى وقعد في بيته توليت الانشاء بعده، ومولده بشيزر في جمادى الآخرة سنة ست وتسعين وأربعمائة وكان قد تولى ديوان الإنشاء سنين كثيرة. قال: وأنشدني لنفسه [4] : وردت بجهلي مورد الصبّ فارتوت ... عروقي من محض الهوى وعظامي ولم تك الا نظرة بعد نظرة ... على غرّة منها ووضع لثام فحلّت بقلبي من بثين طماعة ... أقرت بها حتى الممات غرامي [5]   [1] انظر كتابي: الوزير المغربي ص: 130. [2] الخريدة 2: 14- 15. [3] الخريدة 2: 35 وما بعدها. [4] الخريدة 2: 36. [5] م: عظامي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 299 وله أيضا: سارقته نظرة أطال بها ... عذاب قلبي وما له ذنب يا جور حكم الهوى ويا عجبا ... تسرق عيني ويقطع القلب وله: بأبي عارضان دبّا على الخ ... دّ دبيبا من تحت عقرب صدغ قعد القلب منهما في بلاء ... وعذاب ما بين قرص ولدغ وله: غريت بهم نوب الليالي فاغتدوا ... ما يستقرّ لهم بأرض دار حتى كأنهم طريف بضائع ... وكأن أحداث الزمان تجار وله: تعمّم رأسي بالمشيب فساءني ... وما سرّني تفتيح نور بياضه وقد أبصرت عيني خطوبا كثيرة ... فلم أر خطبا أسودا كبياضه ومنهم القاضي أبو مسلم وادع بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن سليمان [1] : كان أبو العلاء عمّ أبيه تولّى القضاء بمعرة النعمان وكفر طاب وحماة، وكان مشهورا بالكرم، مولده سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة، وله رسائل حسنة وشعر بديع منه: وقائلة ما بال حبّك أرمدا ... فقلت وفي الأحشاء من قولها لدغ لئن سرقت عيناه من لون خدّه ... فغير بديع ربما نفض الصبغ ومن شعره أيضا: ولما تلاقينا وهذا بناره ... حريق وهذا بالدموع غريق تقلّدت الدرّ الذي فاض جفنها ... فرصّعه من مقلتيّ عقيق   [1] الخريدة 2: 39- 40. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 300 ومنهم أبو عدي النعمان بن أبي مسلم وادع [1] من أهل العلم والفضل وهو القائل: يا أيها الملّاك لا تبرحوا [2] ال ... أملاك وارجوها إلى قابل فالعام قد صحّت ولكنها ... للعدل والمشرف والعامل ومات أبو عدي بعد سنة خمسين وخمسمائة. ومنهم أبو مرشد سليمان بن علي بن محمد بن عبد الله بن سليمان [3] : ولي القضاء بمعرة النعمان وانتقل إلى شيزر بعد أخذ الفرنج المعرة، وتوفي بها، وله رسائل وشعر منه قصيدة التزم في كلّ كلمة منها حرف النون، أولها: نزّه لسانك عن نفاق منافق ... وانصح فإن الدين نصح المؤمن وتجنّب المنّ المنكّد للنّدى ... وأعن بنيلك من أعانك وامنن ومنهم أبو سهل عبد الرحمن بن مدرك بن علي بن محمد بن عبد الله بن سليمان [4] : مولده ومنشؤه بشيزر وحماة، وتوفي في الزلزلة [التي] كانت بحماة سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة، وكان شاعرا مطبوع الشعر ومنه: جرحت بلحظي خدّ الحبيب ... فما طالب المقلة الفاعله ولكنه اقتصّ من مهجتي ... كذاك الديات على العاقله [5] ومن شعره أيضا: ولما سألت القلب صبرا عن الهوى ... وطالبته بالصدق وهو يروغ تيقّنت منه أنه غير صابر ... وأنّ سلوّا عنه ليس يسوغ فإن قال لا أسلوه قلت صدقتني ... وان قال أسلو عنه قلت دروغ   [1] الخريدة 2: 41. [2] الخريدة: لا ترتجوا. [3] الخريدة 2: 44- 45. [4] الخريدة 2: 46- 47. [5] زاد في المختصر بعد هذا مقطوعتين هما «سارقته نظرة ... » و «تعمم رأسي بالمشيب فساءني» وهما مما نسب لأبي اليسر شاكر المعري (ص: 299) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 301 (هذه كلمة عجمية معناها كذب) . ومنهم أخوه أبو المعالي صاعد بن مدرك بن علي بن محمد بن عبد الله بن سليمان [1] : مولده ومنشؤه شيزر وحماة، ومات بمعرة النعمان، ومن شعره: ألا أيا أيها الوادي المنينيّ هل لنا ... تلاق فنشكو فيه صنع التفرّق أبثّك ما بي من غرام ولوعة ... وفرط جوى يضني وطول تشوق عسى أن ترقي حين ملّكت رقّه ... وترثي له مما بهجرك قد لقي بوصل يروّي غلّة الوجد والأسى ... ويطفى به حرّ الجوى والتحرق وغير هؤلاء حذفت أسماءهم اختصارا، وإنما قصدت الإخبار عن إعراق أبي العلاء في بيت العلم. ونقلت من بعض الكتب أنّ أبا العلاء لما ورد إلى بغداد قصد أبا الحسن علي بن عيسى الربعي ليقرأ عليه، فلما دخل إليه قال علي بن عيسى: ليصعد الاصطيل، فخرج مغضبا ولم يعد إليه. والاصطيل في لغة أهل الشام الأعمى، ولعلها معرّبة. ودخل على المرتضى أبي القاسم فعثر برجل فقال: من هذا الكلب؟ فقال المعري: الكلب من لا يعرف للكلب سبعين اسما. وسمعه المرتضى فاستدناه واختبره فوجده عالما مشبعا بالفطنة والذكاء فأقبل عليه إقبالا كثيرا. وكان أبو العلاء يتعصّب للمتنبي ويزعم أنه أشعر المحدثين ويفضله على بشار ومن بعده مثل أبي نواس وأبي تمام، وكان المرتضى يبغض المتنبي ويتعصّب عليه، فجرى يوما بحضرته ذكر المتنبي فتنقّصه المرتضى وجعل يتتبع عيوبه، فقال المعري: لو لم يكن للمتنبي من الشعر إلا قوله: لك يا منازل في القلوب منازل لكفاه فضلا، فغضب المرتضى وأمر فسحب برجله وأخرج من مجلسه، وقال لمن بحضرته: أتدرون أيّ شيء أراد الأعمى بذكر هذه القصيدة؟ فإن للمتنبي ما هو أجود منها لم يذكرها، فقيل: النقيب السيد أعرف، فقال: أراد قوله في هذه القصيدة:   [1] الخريدة 2: 48. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 302 وإذا أتتك مذمّتي من ناقص ... فهي الشهادة لي بأنّي كامل ولما رجع إلى المعرة لزم بيته فلم يخرج منه، وسمّى نفسه رهين المحبسين- يعني حبس نفسه في المنزل وترك الخروج منه وحبسه عن النظر إلى الدنيا بالعمى-. وكان متهما في دينه يرى رأي البراهمة لا يرى إفساد الصورة، ولا يأكل لحما، ولا يؤمن بالرسل والبعث والنشور، وعاش شيئا وثمانين سنة لم يأكل اللحم منها خمسا وأربعين سنة. وحدّثت أنه مرض مرة فوصف الطبيب له الفرّوج، فلما جيء به لمسه بيده وقال: استضعفوك فوصفوك، هلّا وصفوا شبل الأسد؟! وقيل إنه قال: ما أريد إصلاح نفسي بإفساد هذا، ولم يتناوله. وقد أوردنا من شعره ما يستدلّ به على سوء معتقده، ويخبرك بنحلته ومستنده. وحدث غرس النعمة أبو الحسن الصابي أنه بقي خمسا وأربعين سنة لا يأكل اللحم ولا البيض ويحرّم إيلام الحيوان، ويقتصر على ما تنبت الأرض، ويلبس خشن الثياب، ويظهر دوام الصوم. قال: ولقيه رجل فقال له: لم لا تأكل اللحم؟ قال: ارحم الحيوان، قال: فما تقول في السباع التي لا طعام لها إلا لحوم الحيوان، فإن كان لذلك خالق فما أنت بأرأف منه، وإن كانت الطبائع المحدثة لذلك فما أنت بأحذق منها ولا أتقن علما، فسكت. قال ابن الجوزي: وقد كان يمكنه أن لا يذبح رحمة، وأما ما قد ذبحه غيره فأيّ رحمة بقيت؟. قال: وقد حدّثنا عن أبي زكرياء أنه قال، قال لي المعري: ما الذي تعتقد؟ فقلت في نفسي: اليوم أقف على اعتقاده، فقلت له: ما أنا إلا شاكّ، فقال: وهكذا شيخك. قال القاضي أبو يوسف عبد السلام القزويني [1] ، قال لي المعري: لم أهج أحدا قط، فقلت له: صدقت إلّا الأنبياء عليهم السلام، فتغير وجهه. وحدّث أبو زكرياء قال: لما مات أبو العلاء أنشد على قبره بعد موته أربعة   [1] هو عبد السلام بن محمد بن يوسف بن بندار القزويني المعتزلي، كانت وفاته سنة 488. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 303 وثمانون شاعرا مراثي من جملتها أبيات لعليّ بن الهمام من قصيدة طويلة: إن كنت لم ترق الدماء زهادة ... فلقد أرقت اليوم من جفني دما سيرت ذكرا في البلاد كأنه ... مسك مسامعها يضمّخ أو فما وترى الحجيج إذا أرادوا ليلة ... ذكراك أوجب فدية من أحرما كأنه يقول: ان ذكرك طيب، والطيب لا يحلّ للمحرم فيجب عليه فدية. وختم في أسبوع واحد عند القبر مائتا ختمة، وهذا مما لم يشارك فيه. وكانت الفتاوي في بيتهم على مذهب الشافعي من أكثر من مائتي سنة بالمعرة. ومن شعره في الزهد [1] : ضحكنا وكان الضحك منا سفاهة ... وحقّ لسكان البسيطة أن يبكوا يحطّمنا صرف الزمان كأننا ... زجاج ولكن لا يعاد لنا سبك ومن شعره في الزهد [2] : فلا تشرّف بدينا عنك معرضة ... فما التشرف بالدنيا هو الشرف واصرف فؤادك عنها مثلما انصرفت ... فكلّنا عن مغانيها سينصرف يا أمّ دفر لحاك الله والدة ... فيك الخناء وفيك البؤس والسّرف لو أنك العرس أوقعت الطلاق بها ... لكنّك الأمّ مالي عنك منصرف وله [3] : حدث السلفي بإسناده عن القاضي أبي المهذّب عبد المنعم بن أبي الروس السروجي قال: سمعت أخي القاضي [أبا] الفتح يقول: دخلت على الشيخ أبي العلاء التنوخي بالمعرة، وكنت أتردّد إليه وأقرأ عليه في بعض خلواته، بغير علم منه، فسمعته وهو ينشد من قوله:   [1] اللزوميات (هندية) 2: 123. [2] الثالث والرابع منها في اللزوميات 2: 97. [3] من هنا زيادة منقولة عن المختصر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 304 كم غودرت غادة كعاب ... وعمّرت أمّها العجوز أحرزها الوالدان خوفا ... والقبر حرز لها حريز يجوز أن تبطىء المنايا ... والخلد في الدهر لا يجوز ثم تأوه ثلاث مرات وتلا قوله تعالى: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خافَ عَذابَ الْآخِرَةِ ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ وَما نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ (هود 103- 105) ثم صاح وبكى بكاء شديدا، وطرح وجهه على الأرض زمانا، ثم رفع رأسه ومسح وجهه وقال: سبحان من تكلّم بهذا الكلام في القدم، سبحان من هذا كلامه، وسكت وسكن، فصبرت عليه ساعة ثم سلّمت عليه فردّ عليّ السلام، فقال لي: يا أبا الفتح متى أتيت؟ فقلت: الساعة، فأمرني بالجلوس فجلست وقلت: يا سيدي أرى في وجهك أثر غيظ، فقال: لا يا أبا الفتح، بل أنشدت شيئا من كلام المخلوق، وتلوت شيئا من كلام الخالق فلحقني ما ترى. فتحققت صحّة دينه وقوة يقينه. قال السلفي: وسألت أبا زكريا التبريزي إمام عصره في اللغة ببغداد، فقلت له: قد رأيت أبا العلاء بالمعرة وعليّ بن عثمان بن جني الموصلي بصور والقصابيّ بالبصرة وابن برهان ببغداد وغيرهم من الأدباء فمن المفضّل من بينهم؟ قال: هؤلاء أئمة لا يقال لهم أدباء، وأفضل من رأيته ممن قرأت عليه أبو العلاء. قال السلفي: حكي عن أبي العلاء المعري في الكتاب الذي أملاه وترجمه ب «الفصول والغايات» ، وكأنه معارضة منه للسور والآيات، فقيل له: أين هذا من القرآن؟ فقال: لم تصقله المحاريب أربعمائة سنة. قال السلفي: كان أبو نصر المنازي أحد وزراء نصير الدولة ابن مروان بديار بكر، فأرسله إلى مصر رسولا، فوصل إلى المعرة ودخل إلى أبي العلاء مسلّما مناشدا، وانبسط أحدهما إلى الآخر، وتذكر أبو العلاء ما يقاسي من الناس وكلامهم فيه، فقال له أبو نصر: ماذا يريدون منك وقد تركت لهم الدنيا والآخرة، فقال: والآخرة أيضا؟ قال: والآخرة أيضا، والآخرة أيضا. فأطرق ولم يكلّمه إلى أن قام. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 305 أنشد له السلفي: أبا العلاء ابن سليمانا ... إن العمى أولاك إحسانا لو أبصرت عيناك هذا الورى ... لم ير إنسانك إنسانا حدث هبة الله بن موسى المؤيد في الدين، وكان بينه وبين أبي العلاء صداقة ومراسلات، قال: كنت أسمع من أخبار أبي العلاء وما أوتيه من البسطة في علم اللسان ما يكثر تعجّبي منه، فلما وصلت المعرة داخلا إلى الديار المصرية لم أقدّم شيئا على لقائه، فحضرت إليه واتفق حضور أخي معي، وكنت بصدد أشغال يحتاج إليها المسافر، فلم أسمح بمفارقته والاشتغال بها. فتحدّث أخي معي حديثا باللسان الفارسي فأرشدته إلى ما يعمله فيها ثم عدت إلى مذاكرة أبي العلاء، فتجارينا الحديث إلى أن ذكرت ما وصف به في سرعة الحفظ وسألته أن يريني من ذلك شيئا أحكيه عنه، فقال لي: خذ كتابا من هذه الخزانة- لخزانة قريبة منه- واذكر أوله فإني أورده عليك حفظا، فقلت: كتابك ليس بغريب إن حفظته، فقال: قد دار بينك وبين أخيك كلام بالفارسية إن شئت أعدته، قلت: فأعده، فأعاد الحديث أجمع ما أخلّ بحرف منه، ولم يكن يعرف اللغة الفارسية. وهذا الخبر من العجائب. قال السلفي بإسناده: عرض على أبي العلاء التنوخي كفّ من اللوبياء، فأخذ منها واحدة ولمسها بيده وقال: ما أدري ما هي، إلا أني أشبهه بالكلية، فتعجبوا منه ومن فطنته وإصابته في حديثه [1] . وحدث أبو الكرم خميس بن علي الحوزي النحوي [2] حدثنا القاضي أبو يوسف القزويني، قال قال لي ملحد المعرة: ما سمعت في أمر الحسين بن علي رضي الله عنهما شيئا يجب أن يحفظ، فقلت له: قد قال سواديّ من أهل بلادنا أبياتا لا يقول مثلها تنوخ جدّك الأكبر: رأس ابن بنت محمد ووصيّه ... للمسلمين على قناة يرفع   [1] هنا نهاية ما نقل عن المختصر. [2] هو صاحب الجوابات على سؤالات الحافظ السلفي. وقد تقدم ذكره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 306 والمسلمون بمنظر وبمشهد ... لا جازع فيهم ولا متفجع كحلت بمنظرك العيون عماية ... وأصمّ رزؤك كلّ أذن تسمع أيقظت أجفانا وكنت لها كرى ... وأنمت عينا لم تكن بك تهجع ما روضة إلا تمنّت أنها ... لك تربة ولخطّ قبرك مضجع قال: ولم يسمّ لنا قائلا. وقال أبو منصور الثعالبي في « [تتمة] يتيمة الدهر» [1] وكان حدثني أبو الحسن الدّلفي المصّيصي الشاعر، وهو من لقيته قديما وحديثا في مدة ثلاثين سنة، قال: لقيت بمعرة النعمان عجبا من العجب، رأيت شاعرا ظريفا يلعب بالشطرنج والنرد ويدخل في كلّ فنّ من الجد والهزل، يكنى أبا العلاء، وسمعته يقول: أنا أحمد الله على العمى كما يحمده غيري على البصر، قال: وحضرته يوما وهو يملي في جواب كتاب ورد عليه من بعض الرؤساء: وافى الكتاب فأوجب الشكرا ... فضممته ولثمته عشرا وفضضته وقرأته فاذا ... أجلى كتاب في الورى يقرا فمحاه دمعي من تحدّره ... شوقا إليك فلم يدع سطرا قال: وأنشدني لنفسه [2] : لست أدري ولا المنجم يدري ... ما يريد القضاء بالانسان غير أني أقول قول محقّ ... قد يرى الغيب فيه مثل العيان إن من كان محسنا قابلته ... بجميل عواقب الإحسان حدث أبو سعد السمعاني في «كتاب النسب» [3] وقد ذكر المعري، فقال بعد وصفه: وذكر تلميذه أبو زكريا التبريزي أنه كان قاعدا في مسجده بمعرة النعمان بين   [1] تتمة اليتيمة 1: 9 (وتعريف القدماء: 3) . [2] هذه الأبيات لأبي القاسم المحسن بن عمرو المحلي في تتمة اليتيمة. [3] الأنساب (دمج) 11: 399 ولم يذكر القصة في هذه المادة وانما ذكرها في مادة (التنوخي) (الأنساب- حيدر آباد 3: 93) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 307 يدي أبي العلاء يقرأ عليه شيئا من تصانيفه، قال: وكنت قد أقمت عنده سنين، ولم أر أحدا من أهل بلدي، فدخل المسجد مغافصة [1] بعض جيراننا للصلاة، فرأيته وعرفته فتغيرت من الفرج، فقال لي أبو العلاء: أيش أصابك؟ فحكيت له أني رأيت جارا لي بعد أن لم ألق أحدا من أهل بلدي سنتين، فقال لي: قم وكلّمه، فقلت حتى أتمم السّبق [2] ، فقال: قم أنا أنتظر لك، فقمت وكلمته بلسان الأذربية شيئا كثيرا إلى أن سألت عن كلّ ما أردت، فلما رجعت وقعدت بين يديه قال لي: أيّ لسان هذا؟ قلت: هذا لسان أهل أذربيجان، فقال لي: ما عرفت اللسان ولا فهمته، غير أني حفظت ما قلتما، ثم أعاد عليّ اللفظ بعينه من غير أن ينقص عنه أو يزيد عليه جميع ما قلت وقال جاري، فتعجبت غاية التعجّب كيف حفظ ما لم يفهمه. قال المؤلف: وهذا غاية ليس بعدها شيء في حسن الحفظ. وقال المؤلف: وأنا كثير الاستحسان لقول أبي العلاء [3] : أسالت أبيّ الدمع فوق أسيل ... ومالت لظلّ بالعراق ظليل أيا جارة البيت الممّنع أهله [5] ... غدوت ومن لي عندكم بمقيل لغيري زكاة من جمال فإن تكن ... زكاة جمال فاذكري ابن سبيل وأرسلت طيفا خان لما بعثته ... فلا تثقي من بعده برسول خيالا [6] أرانا نفسه متجنبا ... وقد زار من صافي الوداد وصول نسيت مكان العقد من دهش النوى ... فعلّقته من وجنة بمسيل وكنت لأجل السنّ شمس غديّة ... ولكنّها للبين شمس أصيل أسرت أخانا بالخداع وانه ... يعدّ إذا اشتدّ الوغى بقبيل   [1] في الأنساب: فدخل معنا صفّة المسجد. [2] السبق: الدرس (وقيل هي فارسية) . [3] سقط الزند 3: 1040. [4] السقط: أتي. [5] السقط: جاره. [6] السقط: خيال. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 308 فإن تطلقيه تملكي شكر قومه ... وإن تقتليه تؤخذي بقتيل وان عاش لاقى ذلة واختياره ... وفاة عزيز لا حياة ذليل وكيف يجرّ الجيش يطلب غارة ... أسير بمجرور الذيول كحيل ومن شعره لزوم ما لا يلزم [1] : يا محلّي عليك مني سلام ... سوف أمضي وينجز الموعود فلجسمي إلى التراب هبوط ... ولروحي إلى الهواء صعود وعلى حالها تدوم الليالي ... فنحوس لمعشر وسعود أترجّون أن أعود إليكم ... لا ترجّوا فإنني لا أعود قرأت بخط أبي سعد، أنشدنا الوكيل باصبهان [2] ، أنشدنا عبيد الله القشيري، أنشدنا أبو الوليد الدربندي [3] قال: أنشدني أبو العلاء التنوخي في داره عند وداعي إياه [4] : كم بلدة فارقتها ومعاشر ... يذرون من أسف عليّ دموعا وإذا أضاعتني الخطوب فلن أرى ... لعهود إخوان الصفاء مضيعا خاللت توديع الأصادق للنوى ... فمتى أودّع خلّي التوديعا قال ابن الهبارية: أنشدني أبو زكريا الخطيب التبريزي قال، أنشدني أبو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان المعرّي لنفسه [5] : أرى جيل التصوف شرّ جيل ... فقل لهم وأهون بالحلول أقال الله حين عبدتموه ... كلوا أكل البهائم وارقصوا لي وكتب إلى خاله أبي القاسم عليّ بن سبيكة، عند طلوعه من العراق، ووجد أمّه قد توفّيت، ولم يعلم قبل مقدمه بذلك:   [1] اللزوميات: 268. [2] هو أبو محمد بن عبد الله بن إسماعيل بن عبد الله كان وكيل القضاة، توفي سنة 551. [3] هو الحسن بن محمد بن علي الصوفي البلخي محدث توفي سنة 456 (دربند في معجم البلدان) . [4] سقط الزند 4: 1721. [5] لم يردا في ما وصلنا من شعره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 309 كتابي- أطال الله بقاء سيّدي ما طلع صبير، ورسا ثبير [1]- من معرّة النّعمان، ولكلّ نبأ مستقرّ. وردتها بعد سآمة، ورود كعب بن مامة [2] ، فإنّا لله وإنا إليه راجعون، وله الحمد ممزوجا به الدّمع، مستكّا له من الوجد السّمع. وصلى الله على سيدنا محمد وعترته، صلاة يثقل بها لساني حزنا، وترجح في المحشر قدرا ووزنا. ثم أذكر قصصي بعد ذلك: ألا يا ليتني والمرء ميت ... وما تغني من الحدثان ليت ... يا ليت عمرا- وليت ضلّة سفه ... لم يغز فهما ولم يحلل بواديها ... لو أنّ صدور الأمر يبدون للفتى ... كأعقابه لم تلفه يتندّم رحمك الله من ساكنة رمس، أصبحت حياتك كأمس. فإن ينقطع منك الرّجاء فإنّه ... سيبقى عليك الحزن ما بقي الدّهر لا آمل بعدها خيرا، ولا أزيد في ... المحن إلّا إيضاعا وسيرا. صلّى الإله عليك من مفقودة ... إذ لا يلائمك المكان البلقع [3] أنّى حللت وكنت جدّ فروقة ... بلدا يمرّ به الشّجاع فيفزع لا بارك الله في الدّنيا إذا انقطعت ... أسباب دنياك من أسباب دنيانا [4] يا سلوة الأيام موعدك الحشر. موعد والله بعيد، لا سلوة حتى يؤوب عنزيّ القرظة، ويرجع النعمان إلى الحيرة، ويبعث نبيّ من مكّة [5] . لو لم تكن الآجال ذبرا [6] ، لوجب أن أقتل بها صبرا. على أنّي والله قد أعلمتها أنّي مرتحل، وأنّ عزمي   [1] الصبير: السحاب، وثبير: اسم جبل. [2] قصة كعب بن مامة وإيثاره صاحبه بالماء وموته عطشا، مشهورة، وتتردد في كتب الأمثال. [3] البيتان لشاعر اسمه مويلك المزموم، انظر ديوان شعر الخوارج: 194 وفيه تخريج. [4] البيت لجرير في ديوانه: 162. [5] هذه أمثلة على الاستحالة، والعنزي رجل ذهب يجني القرظ فلم يأب، وفيه يقول الشاعر: فرجّي الخير وانتظري إيابي ... إذا ما القارظ العنزي آبا [6] الذبر- بالذال وبالزاي- الكتابة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 310 على ذلك جادّ مزمع، فأذنت فيه، وأحسبها ظنّته مذقة الشارب، ووميض الخالب [1] ، ولكلّ أجل كتاب. وحزني لفقدها كنعيم أهل الجنّة، كلما نفد جدّد؛ وشرحه إملال سامع، وإفناء زمان. والله يجعلها وإيّاي فداءي مولاي من كلّ رزيّة، ويصيّره المخصوص عنّي بالمزية [2] . وربّ سامع خبري، لم يسمع عذري. والمعاذر مكاذب، غير أنّ الرّائد لا يكذب أهله [3] فإن قال أدام الله عزّه: يأبى الحقين العذرة، وإذا سمعت بسرى القين فآعلم أنّه مصبح، وفي النّوى يكذبك الصادق [4]- فوالذي أخرج الجذع من الجريمة، والنّار من الوثيمة [5] ، ما نكّبت حلب في الإبداء والانكفاء، إلّا كما تنكّب خريدة المحار، لما دونها من أهوال البحار. وأنا كما علم- أدام الله تأييده- وحشيّ الغريزة، إنسيّ الولادة. وكلّ أزبّ نفور [6] . عوى الذّئب فاستأنست بالذّئب إذ عوى ... وصوّت إنسان فكدت أطير [7] يرى الوحشة الانس الأنيس ويهتدي ... بحيث اهتدت أمّ النّجوم الشّوابك [8] يودّ بجدع الأنف لو أنّ ظهرها ... من النّاس أعرى من سراة أديم لو وردت حلب لتعيّنت عليّ حقوق إن قضيتها نصبت، وإن تخلّفت عنها عوتبت وقصبت [9] . ومن لم يهبط نعمان الأراك، لم يعتب عليه في إهداء المسواك. ويطلب من راكب هجر الفرض، ومن مسافر البحرين الحساس [10] . وشوقي إلى مشاهدته   [1] هذان مثلان على السرعة، فمذقة الشارب: حسوه الماء خطفا، والخالب: البرق. [2] المزية: الفضيلة. [3] هذه أمثال انظر جمهرة العسكري 1: 474، 493؛ 1: 29؛ 1: 474. [4] وهذه أمثال أيضا، كما في الجمهرة 1: 28، 1: 23، 2: 35 (عند النوى) . [5] الجريمة: النواة، والوثيمة: الحجارة المسكورة، والقول لأوس بن حارثة: «لا والذي أخرج العذق من الجريمة والنار من الوثيمة» . [6] الأزب: الكثير الشعر، وهذا مثل، انظر الجمهرة 2: 154. [7] البيت للأحيمر السعدي، كما في الشعر والشعراء في ترجمة الأحمير. [8] البيت لتأبط شرا، ديوانه: 156. [9] نصبت: تعبت؛ قصبت: ذممت وشتمت. [10] الفرض: نوع من التمر؛ والحساس: سمك صغير يجفف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 311 شوق اليفن إلى الشّباب، والشّارف إلى السّقاب [1] ؛ لو أوسقته الحمائل أضعفها عن الذّميل، أو طوّقته الحمائم لأغصّها بالهديل. كيف تزيد الحمامة الخطباء [2] ، على الحامّة [3] الخطباء. الرّياش أفضل من الرّيش المكر [4] ، والمنزل أشرف من الوكر؛ وطوق الذّهب، خير من طوق الغيهب. وأين الشّارف، من اللبيب العارف! ليس أمّ الفصيل، من ذوات التّحصيل. إنّما هي حنين بعده سلوّ، واشتغال لبّ ثمّ خلوّ. وأسفي على فائت قربه كأسف وحشيّة تربّ طلا [5] في صفاصف وفلا؛ اتّخذت بيتا كالخدر، في ظلّ الفاردة [6] من السّدر؛ ثمّ هكعت [7] في الهجير فدرج الطّفل، وهو لأبي جعدة نصيب وكفل [8] ؛ فلمّا قضت الرّقاد، نظرت فإذا بقيّة أجلاد؛ فهي بين وله وعله. والله سبحانه يسهّل اجتماعا يكون به شملنا كنجوم ذات العرش، لا ترهب فرقة ولا نقص أرش [9] . وقد كنت كاتبته كتابا من الرّقّة أشرح له فيه ما حملني على النّزول. فإن كان وصل فهو الغرض، وإن تخلّف فالإعادة لمعناه جرض [10] . ولكلّ مقام مقال، ولكلّ أوان ثمرة، وفي كلّ واد سمرة. وجدت بغداذ كجناح الأخيل [11] ، حسن وليس فيه ما حمل: إنّ العراق لأهلي لم يكن وطنا ... والباب دون أبي غسّان مسدود [12]   [1] اليفن: الشيخ الكبير؛ الشارف: الناقة المسنة، والسقاب: أولادها. [2] الخطباء: ذات لون مشرب حمرة في صفرة. [3] الحامة: الأقرباء. [4] الريش المصبوغ بالمغرة. [5] الوحشية: بقرة الوحش. ترب: تربي، الطلا: ولدها. [6] الفاردة: المنفردة. [7] هكعت: سكنت. [8] أبو جعدة: الذئب، والكفل: الحظ. [9] الأرش: أن يكون في الثوب مثلا عيب ينقص به الثمن. [10] الجرض: الغصص. [11] الأخيل: الصرد، وهو طائر. [12] الشعر لذي الرمة، ديوانه: 1359، 1361 وأبو غسان: مالك بن مسمع بن شهاب كان سيد ربيعة في زمانه، وتوفي سنة 73 هـ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 312 فانم القتود على عيرانة أجد ... مهريّة مخطتها غرسها العيد [1] ... كم دون مية من مستعمل قذف ... ومن فلاة بها تستودع العيس [2] حنّت إلى نخلة القصوى فقلت لها ... بسل حرام ألا تلك الدّهاريس [3] أمّي شآمية إذ لا عراق لنا ... قوما نودّهم إذ قومنا شوس ... فإن يك في كيل اليمامة عسرة ... فما كيل ميّافارقين بأعسرا [4] لنفسي أقول: أعييتني بأشر، فكيف بدردر. وعصيتني من شبّ إلى دبّ. ليس بعشّك فادرجي. هذا أحقّ منزل بترك. الصّيف ضيّعت اللّبن. الرّبيع أغفلت الكمأة. وعلى المفازة أرقت السّقاء [5] . عودي إلى مباركك، ألحقك الشّرّ بأهلك. فمن أناس ما أنت. ليس النّيق بموطن الظّليم، ولا الهجل بمرتع الغفر [6] . لكلّ أناس من معدّ عمارة ... عروض إليها يلجؤون وجانب [7] وكنت ظننت أنّ الأيّام تسمح لي بالإقامة هناك، فإذا الضارية أحجأ بعراقها، والأمة أبخل بصربتها [8] ، والعبد أشحّ بكراعه، والغراب أضنّ بتمرته. ووجدت العلم ببغداد أكثر من الحصى عند جمرة العقبة، وأرخص من الصّيحانيّ بالجابرة [9] ،   [1] انم: ارفع، القتود: عيدان الرحل؛ عيرانة: ناقة تشبه العير؛ أجد: موثقة الخلق، مخطتها غرسها: أزالت عنها الغرس وهو قميص يكون على الولد دون الرحم، والعيد: من مهرة، أي أنها مهرية خالصة لم تشتر. [2] الأبيات للمتلمس، جرير بن عبد المسيح (انظر نخلة القصوى في معجم البلدان) . [3] بسل هنا بمعنى حرام، الدهاريس: الدواهي. [4] البيت لابن احمر كما في المعرب: 322. [5] هذه أمثال، انظر جمهرة العسكري 1: 53، 2: 197، 1: 575 (وما لم يكن أمثالا فهو قياس عليها) . [6] النيق: أعلى موضع في الجبل، الهجل: السهل، الغفر: ولد الوعل. [7] من مفضلية للأخنس بن شهاب التغلبي، والعمارة: أصغر من القبيلة، والعروض: طريق ضيقة في الجبل. [8] الضارية: المفترسة، أحجأ: أشد ولعا وتمسكا، العراق: ما بقي من لحم وعظم، والصربة: اللبن الحقين الحامض. [9] الجابرة: اسم للمدينة، والصيحاني: نوع من التمر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 313 وأمكن من الماء بخضارة، وأقرب من الجريد باليمامة. ولكن على كلّ خير مانع، ودون كل درّة خرساء موحية، أو خضراء طامية [1] . إذا لم تستطع أمرا فذره ... وجاوزه إلى ما تستطيع [2] يكفيك ما بلّغك المحلّ. إن عجز ظلّ عن شخصك فلا يعجزنّ عن عضو منك. فلمّا زبنت الضّروس الحالب، ونزت العنود تحت الراكب [3] ، ومنعت القلوع النّازع [4] ، ولم تعمّ الفلوت شاكي الأريز [5] ، وغشّى الثّول وجه المشتار [6] ، وخيّب رائدا سحاب، وكذب شائما برق، وأخلف رويعيا مظنّة [7]- عادت لعترها لميس [8] ، وذكر وجاره ثعالة، وطرب لوكنته ابن دأية [9] . وما هبطت في طريقي واديا، ولا فرعت جبلا، ولا حملتني سفينة، ولا ذلّت لي مطيّة، إلّا بمنّ الله سبحانه ومنّة سيّدي وعنايته وجاهه. وأياديه أكبر من الشّكر، وأوسع من إحاطة الذّكر. وقد علمت أنّه يعمل ذلك معي لا يريد جزاء ولا شكورا. ولكن لمّا كان السّكوت غباوة عند الجماعة، والشّكر أذيّة لمسدي الصّنيعة، كان احتمال ملامة واحدة، أيسر من احتمال ملاوم كثيرة. وأمّا سيّدي أبو طاهر فقد حمّلني من الإنعام أوقا [10] لا آمل النّهوض بجزء منه،   [1] الخرساء: صفة للحية، موحية: معجلة، يقال إن الدرة تحرسها حية، والخضراء: الموجة، طامية: مرتفعة. [2] البيت لعمرو بن معد يكرب، ديوانه: 142. [3] زبنت: دفعت، الضروس: الناقة السيئة الخلق؛ نزت: وثبت. العنود: الناقة تتنكب الطريق من شدة نشاطها. [4] القلوع: القوس تنقلب إذا نزع فيها، والنازع: الذي يوتّر القوس للرمي. [5] الفلوت: كساء صغير لا ينضم طرفاه، الأريز: البرد. [6] الثول: جماعة النحل؛ المشتار: الذي يجني العسل. [7] هذا مثل (العسكري 1: 95) والرويعي: تصغير راعي، يضرب مثلا في الحاجة تلتمس فيحول دونها حائل وأصله أن راعيا قد عرف مكانا معشبا فقصده فصادف عارضا يمنعه من رعيه. [8] هذا مثل (العسكري 2: 49) يضرب مثلا لمن يرجع إلى خلق كان قد تركه، والعتر: الأصل. [9] ابن دأية: الغراب. [10] الأوق: الثقل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 314 وما ورث برّي عن كلالة، ولا أخذ تفقّدي من دار غربة: شنشنة من أخزم [1] ، ونشنشة من أخشن [2] . إنما تقيّل [3] أباه، والشّكير نابت من العضة، والبرم من السّلم [4] ، ومن أشبه أباه فما ظلم [5] . ما زالت كتبه تطرق أصدقاءه، محافظة على المكارم، ومراعاة لأمر غير لازم، حتّى جعلهم إليّ كعرف الفرس، أو قوى المرس. وكلّما عرضوا قضاء حاجة أعرضت عن تكليف المشقّة، لأنّي أعتقد حكمة زهير في قوله [6] : ومن لا يزل يستحمل النّاس نفسه ... ولا يعفها يوما من الذّلّ يسأم ولو علمت أنّي أرجع على قروائي، لم أتوجّه لهذه الجهة، ولكنّ البلاء موكّل بالمنطق، والخيرة مغيّبة، والخطوب مثل دوك النّوفل [8] ، يفتح بعضه عن مثل نبات الغمق، وبعضه عن ذوات النسق [9] . لا يدري الرّجل بم يولع هرمه [10] ، ولا إلى أيّ أجمة يسوقه جدّه. وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَما مَسَّنِيَ السُّوءُ (الأعراف: 188) . وجد في لوح: يا أيّها المضمر همّا لا تهمّ ... إنّك إن تقدر لك الحمّى تحمّ ورعاية الله شاملة لمن عرفته ببغداد؛ فلقد أفردوني بحسن المعاملة، وأثنوا عليّ في الغيبة، وأكرموني دون النّظراء والطّبقة. ولما آنسوا تشميري للرّحيل، وأحسّوا بتأهّبي للظّعن، أظهروا كسوف بال، وقالوا من جميل كلّ مقال، وتلفّعوا من   [1] جمهرة العسكري 1: 541 يضرب مثلا للرجل يشبه أباه، وأخزم: من جدود حاتم، فخرج حاتم على مثاله في الجود. [2] نشنشة: حجر، والأخشن: الجبل. [3] تقيل: سار على منواله. [4] الشكير: ما ينبت في أصول الشجر، والبرم: ثمر العضاه. [5] مثل، انظر العسكري 2: 244. [6] شرح ديوان زهير: 32. [7] رجع على قروائه أي على قفاه. [8] الدوك: الموج، النوفل: البحر. [9] نبات الغمق: نبات لريحه فساد؛ وذوات النسق: الأسنان المتناسقة. [10] هرمه: عقله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 315 الأسف ببرد قشيب، وذرفت عيون أشياخ شيب. فلا إله إلّا الله! أيّ نابتة ليست لها راعية! لا تخلو فاغية من سائفة [1] ، ولا تعدم الخرقاء ثلّة [2] ، ولا الثّقال سائقة، ولا السّمجة قائنة [3] . وأمروني لرغبتهم في صقبي [4] منهم بأمور تنهى عنها القناعة، وتكفّ دونها العادة. وما أبعد نضاد من جبال الضّريب [5] ، وأشدّ اختلاف الغائر والمنجدين! شتّان ما يومي على كورها ... ويوم حيّان أخي جابر [6] ... على حين أن ذكّيت وابيضّ مفرقي ... أسام الذي أعيبت إذ أنا أمرد [7] أماويّ ما يغني الثّراء عن الفتى ... إذا حشرجت يوما وضاق بها الصّدر [8] والله يحسن جزاءهم: إن كان ما فعلوه حفاظا فهو منّة عظيمة، وإن كان نفاقا فهو عشرة جميلة. وانصرفت وماء وجهي في سقاء غير سرب، ما أرقت منه قطرة في طلب أدب ولا مال. ومنذ فارقت العشرين من العمر ما حدّثت نفسي باجتداء علم من عراقيّ ولا شآم. مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِداً (الكهف: 17) . والذي أقدمني تلك البلاد مكان دار الكتب بها. ولست وإن أحببت من يسكن الغضا ... بأوّل راج حاجة لا ينالها شرفا لذلك المنزل منزلا، وللسّاكنين به نفرا، ولماء دجلة واديا ومشربا.   [1] الفاغية: كل زهرة ذات رائحة طيبة، السائفة: السّامّة. [2] في المثل: لا تعدم الخرقاء علة ولا تعدم صناع ثلة؛ والصناع: المرأة الماهرة، لا تعدم صوفا تغزل منه (جمهرة العسكري 2: 379) . [3] الثقال: البطيء من الدواب؛ السمجة: القبيحة، قائنة: ماشطة تزينها. [4] الصقب: الجوار. [5] نضاد: جبل بالعالية، الضريب: الثلج. [6] بيت للأعشى، ديوانه: 108. [7] ذكيت: كبرت، أعيبت: عددته عيبا (والقياس أعبت) . [8] البيت لحاتم الطائي، ديوانه: 210. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 316 وإنّي وتهيامي بعزّة بعد ما ... تخلّيت من حبل الهوى وتخلّت [1] لكالمبتغي ظلّ الغمامة كلّما ... تبوّأ منها للمقيل اضمحلّت وكنت إذا خبّرت رجلا بمسيري بانت فيه كآبة، وبدت عليه كبوة، فكتمت ذلك عنهم كتمان المرأة ضرّتها بالغيب، ما في جسدها من سوء وعيب. فلمّا علق حرباء البين تنضبته [2] ، ووقف صرد الفراق [3] موقفه، كنت وإيّاهم كأبي قابوس وبني رواحة: قال لهم خيرا وأثنى عليهم ... وودّعهم وداع أن لا تلاقيا وسرت عن بغداد لستّ بقين من شهر رمضان، سيرا تنحط إبله، وتئطّ نسوعه [4] ، وتوقّع الغرق سفنه، يودّ الماشي الرّجيل [5] فيه أنّه بعض الرّكب، ولو كانوا ركبان الجذوع [6] ؛ وأنه انتعل ولو بأديم الوجه والجبين، واضطجع ولو على القصد والشّبهان [7] . عند الصّباح يحمد القوم السّرى. الغمرات ثمّ ينجلين [8] . ومررت بطرف الشّهباء؛ لأنّي سلكت طريق الموصل وميّافارقين، وفيها أمواه كأمواه الطثرة والعذيب [9] فسبحان الله القديم! وردت مياها ملحة فكرهتها ... فسقيا لأهلي الأوّلين ومائيا كلّما شحجت النّواعب قلت خيرا أيّتها الطّير، لا علم لك بما كان ولا علم لك بما يكون. وراءك وراءك! فغيري من تهيّبين [10] . طالما نزل نازلك على النّبيلة [11]   [1] البيتان لكثير عزة، ديوانه: 103. [2] التنضبة: نوع من الشجر تعلق به الحرباء وهي مضرب المثل في الحزم فلا ترسل ساقا إلا ممسكة ساقا. [3] الصرد: طائر يتشاءم به ولذلك أضافه الى الفراق. [4] تنحط: تئن من التعب، تئط: تصدر أطيطا أي تصوت، والنسوع: السيور تشد بها الرحال. [5] الرجيل: الماشي على رجليه. [6] ركبان الجذوع: الذين يصلبون. [7] القصد: العوسج، الشبهان، نبات شائك. [8] هذان مثلان (جمهرة العسكري 2: 42، 2: 80) . [9] الطثرة والعذيب محلان معروفان بطيب الماء. [10] تهيبين: تخوفين. [11] النبيلة: الجيفة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 317 فهاض جناحه الوليد. من مبلغ عمرو بن لأ ... ي حيث كان من الأقاوم [1] لا يمنعنّك من بغا ... ء الخير تعقاد التّمائم فلقد غدوت وكنت لا ... أغدو على واق وحاتم [2] فإذا الأشائم كالأيا ... من والأيامن كالأشائم وكذاك لا خير ولا ... شرّ على أحد بدائم ولمّا نزلنا بالحنيّة، تساوى حامل المال وحامل الرّمال، وقلّ بلاء الغادي أين قال [3] ، والرّائح أين عرّس وبات. فلم نزل كذلك حتى بلغنا آمد، ثمّ عادت السّبيل إلى غوائلها، وسدكت [4] الرّفاق بمخاوفها. فما بلّغتنا إلّا جريضا ... بلا نقي العظام ولا سنام ولمّا فاتني المقام بحيث اخترت، أجمعت على انفراد يجعلني كالظّبي في الكناس، ويقطع ما بيني وبين النّاس، إلّا من وصلني الله به وصل الذّراع باليد، واللّيلة بالغد. وأنا أحمل إلى مولاي، أدام الله عزّه، وإلى مولاي أبي طاهر، عضدني الله ببقائه، سلاما له نضرة الألاء [5] . وصفاء الماء، وعذوبة الأري، وتتابع القطر، وخلود النّجوم، وأرج العرار، وتألّق الوميض. والسلام.   [1] ينسب الشعر لمرقش، وهو في اللسان (يمن، وقى) له وقيل لخزز بن لوذان، وانظر عيون الأخبار 1: 145 والصاهل والشاحج: 273 والحيوان 3: 436 والمختلف والمؤتلف: 143 ويعزى في حماسة البحتري إلى المرقم الذهلي وهو خزز نفسه. [2] الواقي: الصرد؛ الحاتم: الغراب، وكلاهما يتشاءم به. [3] قال: نام في القائلة. [4] سدكت: لزمت. [5] الألاء: شجر دائم الخضرة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 318 وكتب إلى أهل معرّة النعمان مقدمه من بغداد ولم يصل إليهم: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* هذا كتاب إلى السّكن المقيم بالمعرّة، شملهم الله بالسّعادة، من أحمد بن عبد الله بن سليمان، خصّ به من عرفه وداناه، سلّم الله الجماعة ولا أسلمها، ولمّ شعثها ولا آلمها. أمّا الآن فهذه مناجاتي إيّاهم منصرفي عن العراق، مجتمع أهل الجدال، وموطن بقيّة السّلف، بعد أن قضّيت الحداثة فانقضت، وودّعت الشّبيبة فمضت، وحلبت الدّهر أشطره، وجرّبت خيره وشرّه، فوجدت أوفق ما أصنعه في أيّام الحياة، عزلة تجعلني من النّاس كبارح الأروى من سانح النّعام. وما ألوت نصيحة لنفسي، ولا قصّرت في اجتذاب المنفعة إلى حيّزي. فأجمعت على ذلك، واستخرت الله فيه، بعد جلائه على نفر يوثق بخصائلهم، فكلّهم رآه حزما، وعدّه إذا تمّ رشدا. وهو أمر سري عليه بليل، قضي ببقّة [1] ، وخبّت به النّعامة، ليس بنتيج السّاعة، ولا ربيب الشّهر والسنة، ولكنّه غذيّ الحقب المتقادمة، وسليل الفكر الطّويل. وبادرت إعلامهم ذلك، مخافة أن يتفضّل منهم متفضّل بالنّهوض إلى المنزل الجارية عادتي بسكناه ليلقاني فيه، فيتعذّر ذلك عليه، فأكون قد جمعت بين سمجين: سوء الأدب وسوء القطيعة. وربّ ملوم لا ذنب له. والمثل السّائر: خلّ امرأ وما اختار. وما سمحت القرون [2] بالإياب، حتّى وعدتها أشياء ثلاثة: نبذة كنبذة فتيق النّجوم [3] ، وانقضابا من العالم كانقضاب القائبة من القوب [4] ، وثباتا في البلد إن حال أهله من خوف الرّوم. فإن أبى من يشفق عليّ أو يظهر الشّفق إلا النّفرة مع السّواد، كانت نفرة الأعفر أو الأدماء [5] . وأحلف ما سافرت أستكثر من النشب، ولا أتكثّر بلقاء الرّجال،   [1] إشارة إلى المثل ببقة تركت الرأي (في قصة الزباء) . [2] القرون: النفس. [3] النجوم: النباتات، يتفتق عنها قشرها وتنبذه. [4] القائبة: البيضة، القوب: الفرخ. [5] الأعفر: صفة للظبي. الأدماء: الظبية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 319 ولكن آثرت الإقامة بدار العلم، فشاهدت أنفس مكان لم يسعف الزّمن بإقامتي فيه. والجاهل مغالب القدر. فلهيت عمّا استأثر به الزّمان. والله يجعلهم أحلاس الأوطان، لا أحلاس الخيل والرّكاب؛ ويسبغ عليهم النّعمة سبوغ القمراء الطّلقة على الظّبي الغرير، ويحسن جزاء البغداديّين؛ فلقد وصفوني بما لا أستحقّ، وشهدوا لي بالفضيلة على غير علم، وعرضوا عليّ أموالهم عرض الجدّ، فصادفوني غير جذل بالصّفات، ولا هشّ إلى معروف الأقوام. ورحلت وهم لرحيلي كارهون. وحسبي الله وعليه يتوكل المتوكّلون. وكتب إلى أبي طاهر المشرّف بن سبيكة وهو ببغداد، يذكر له أمر شرح السيرافي وما جرى فيه من التعب: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* لله الحمد، ما أحصي خطأ وعمد؛ وصلى الله على محمد ما التأم شعب، وعلا كعبا كعب. شوقي إلى سيّدي الشيخ شوق البلاد الممحلة، إلى السّحابة المسحلة [1] . وانتفاعي بقربه انتفاع الأرض الأريضة، بالأمواه الغريضة [2] . وتشوّفي لأخباره تشوّف راعي أنعام، أجدب في عام بعد عام؛ لبارق يمان، هو له مرتقب ممان [3] . وأسفي لفقده أسف وحشيّة، رادت بالعشيّة، فخالفها السّرحان [4] إلى طلا راد فحار؛ فهي تطوف حول أميل [5] ، وترى صبرها ليس بجميل. وتذكّري لأوقاته تذكّر الفطيم ثدي الوالدة، والمقسم بالملح لبني خالدة [6] . وانتظاري لقدومه انتظار تاجر مكّة وفد   [1] مسحلة: غزيرة المطر، من قولهم مطر مسحل أي جود. [2] الأريضة: المستعدة للعطاء، الزكية الكريمة؛ الغريضة: الأمواه الطرية. [3] ممان: ممطول. [4] السرحان: الذئب. [5] أميل: جبل من الرمل. [6] الملح: الرضاع، والاشارة الى قول الشاعر: لا يبعد الله رب العباد ... والملح ما ولدت خالده الجزء: 1 ¦ الصفحة: 320 الأعاجم، وربّ الماشية ظهور النّبت النّاجم. وفزعي إلى نجدته فزع الغرق إلى سيف دان؛ والفرق إلى سيف ليس بددان [1] ؛ واعتذاري من التثقيل عليه اعتذار الورقاء [2] من الغدر، وأبي جهل من حضور بدر. وثقتي بمكارمه ثقة راكب الماء بالعامة [2] ، والحارث بالنّعامة [4] . وشكري على أياديه حبيس ليس بمحتبس، يتجدّد مع النّفس. وفي هذا اليوم، وهو يوم كذا، وصل كتابه فسررت به سرور الظّمآن ورد نميرا، والسّاهر صادف سميرا [5] . وكان ما ضمنه من ذكر سلامته بشرى لها تخفّ الأحلام، خفّة القائل ولا يلام: يا بشراي هذا غلام. والله يمنّ باجتماع، ليس بعده من إزماع [6] . وفهمت ما ذكره من أمر النّسخة المحصّلة. وهو، أدام الله عزّه، الكريم المتكّرم، وأنا المثقل المبرم، جرى في التفضّل على الرّسم، وألححت إلحاح الوسم. فإمّا الشّرح إن سمح القدر، وإلّا فهو هدر. وقد كنت قلت في بعض كتبي إلى سيّدي: إن كانت الخطوط مختلفة، والأبواب مؤتلفة، فلا بأس. يغني عن لبس السّرق، ثوب جمع من شتّى خرق. ما عدا خطّ عليّ بن عيسى؛ فإنّه رجل اتّكل على ما في صدره، فتهاون بإحكام سطره. وإنّما رجوت ببركته أن يرتفق أناس كما قال الله تعالى: وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ (يوسف: 20) فأمّا أنا فلا أقول: عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً* (يوسف: 21) . وأمّا ما ذكره من فساد النّاس فأحلف ما حلم أديم [7] : إنّ ذلك لداء قديم؛   [1] ددان: لا يقطع. [2] الورقاء: الذئبة. [3] العامة: عيدان تشد وتوضع في الماء يعبر عليها. [4] الحارث بن عباد، والنعامة فرسه. [5] السمير: المسامر. [6] إزماع: فراق. [7] حلم الأديم: فسد الجلد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 321 النّمرة بنت النّمرة، والقتادة أخت السّمرة. وهو- أدام الله تأييده- من الملامة، في أحصن لامة [1] ؛ فلا يبعثه تعذّر الحاجة، على اللجاجة. أهو الكتاب المكنون، الذي لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (الواقعة: 79) إنما هو أباطيل أتياه [2] ، وتعليل في أيام الحياة. وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ* (الحديد: 20) فأمّا سيّدي الشيخ أبو عمرو، فإنّ اسمه وافق آية، بلغت بفألها النهاية؛ وهي قوله جلّ اسمه: كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ وَفَرْعُها فِي السَّماءِ (إبراهيم: 24) وأنا والجماعة نهدي إلى سيّدي الشيخ وإلى جميع أصدقائه، سلاما تأرج الكتب بحمله، وتروض المجدبة من سبله [3] . وحسبي الله. وكتب إلى أبي عمرو الاستراباذي، في أمر شرح السّيرافي: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* سلام كالعترة [4] الهنديّة، والرّوضة النجدية؛ يتّصل بسحاب غمر، إلى الشيخ الفاضل أبي عمرو، أطال الله بقاءه ما سكنت ألف، وافتقر إلى جواب حلف، وقرنه الله بسعد دان، كما تقارن الفرقدان؛ لا يرهب منهما فراق، ما تبع الشروق إشراق. فشوقي إليه لو تذرّى [5] جبلا أتعبه، أو سلك في واد لرعبه؛ جمع الله بيننا في دار مقام، سالمة من الانتقام. وورد كتابه فأبهجني ابتهاج الطائر المحتبس بالتسريح، والأسير المصفّد بفكاك مريح، وسررت بخبر سلامته سرور الداريّين، أحدهما بنسكه، والآخر بمسكه. أدامهما الله له حتّى يصير سهيل قمرا، والدرّ في العضاه ثمرا. وقد أثنيت وشكرت، وفي إملال الصديق ابتكرت. أو غلت كلّ الإيغال، وقطعت عن مهمّ الأشغال. إذ   [1] اللامة مخفف لأمة: الدرع. [2] أتياه: جمع تيه. [3] تروض: تصبح روضة، السبل: المطر. [4] العترة: القطعة من المسك. [5] تذرى: صعد الذروة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 322 كانت عند طلّاب العلم بمدينة السلام كشجر العرى [1] لا يسقط ورقه، والماء الصّرى [2] لا يؤمن شرقه. لا سيّما من جمع نور الآداب، من كل هضب وعداب [3] . كان أيسر من عنائه في ذلك قذف الشّرح في سيح [4] ؛ حتّى يعشب خدّ شريح. فهو فيما روي ثطّ، ما أشعر وجهه قطّ [5] ، كفاني الله وله الحباء، أن تبدل من الشين الباء، فيصير الشرح من الشّقاء، البرح على الأصدقاء. أهو المصدر من قوله تعالى: أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (الشرح: 1) أم من قوله عزّ سلطانه: فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ (الأنعام: 125) إنّما هو أفانين كلام أصبح وهو مجموع، المقيس فيه والمسموع؛ لا يخلد من رواه، قد عاش النّاس بسواه. إنّي وحياته الكريمة قد خفت أن يجعلني الإخوان لأجله فيمن شرح بالكفر صدرا، ولن أخاف منهم غدرا؛ لا الصّارم صقلت، ولا في الشّامخ توقّلت. والكريم المبرّز كجواد بعيد الشأو، كلّف شأوا بعد شأو، فجاء محمود الآثار، منزّها عن كلّ عثار، دالّا على اليمن بغرّة زاهرة، ودائرة سمامة ظاهرة. ولن أقول لمن غاب: ريش سهمه اللّغاب؛ ولا أقرأ لكتاب أبي سعيد: أُولئِكَ يُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ (فصلت: 44) بل أنا من التّثقيل حذر، مشفق من ذلك معتذر. وإنّما سألت أن يستسعد برائه، لقلّة نظرائه. وهو عندي أجلّ، والكتاب أيسر وأقلّ، من أن يكلّف خطوات، ولو كنّ كدبيب القطوات. وأنا أسأل الشيخ الأديب الفاضل، أن يسعفني بكتاب منه يشتمل على أسطر، كأنّ فيه ريح القطر؛ يضمّن طيب خبر، هو أذكى من العنبر، وأوامر منه ونواه، ما أنا إن امتثلتها بواه، وأستودعه الله وديعة ضنين، عند ثقة أمين. ومن شعر أبي العلاء في الغزل [6] :   [1] العرى من الشجر ما لا يسقط ورقه في الشتاء مثل الأراك والسدر، ويعول الناس عليه إذا انقطع الكلأ. [2] الصرى: الماء الذي قد تغير طعمه. [3] العداب: جانب الرمل. [4] السيح: الماء الجاري على وجه الأرض. [5] كان القاضي شريح كوسجا أي لا شعر ينبت في وجهه، وذلك هو الثط. [6] الأبيات الآتية مما لم يرو في سقط الزند. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 323 يا ظبية علقتني في تصيّدها ... أشراكها وهي لم تعلق بأشراكي رعيت قلبي وما راعيت حرمته ... فلم رعيت ولا راعيت مرعاك أتحرقين فؤادا قد حللت به ... بنار حبّك عمدا وهو واراك أسكنته حين لم يسكن به سكن ... وليس يحسن أن تسخي بسكناك ما بال داعي غرامي حين يأمرني ... بأن أكابد حرّ الوجد ينهاك ولم غدا القلب ذا يأس وذا طمع ... يرجوك أن ترحميه ثم يخشاك ومن خطّ ابن العصار، قال أبو العلاء في رجل اسمه أبو القاسم [1] : هذا أبو القاسم أعجوبة ... لكلّ من بدري ولا يدري لا ينظم الشعر ولا يحفظ ... القرآن وهو الشاعر المقري قرأت بخطّ أبي سعد قال، سمعت المبارك بن أحمد بن الاخوة مذاكرة [2] : خرج رجل على سبيل الفرجة فقعد على الجسر فأقبلت امرأة من جانب الرصافة متوجهة إلى الجانب الغربي فاستقبلها شابّ فقال لها: رحم الله علي بن الجهم، فقالت المرأة في الحال: رحم الله أبا العلاء المعري، ولم يقفا ومرّا مشرّقا ومغرّبة، فتتبعت المرأة وقلت لها: أخبريني عافاك الله عما قال لك وعما أجبتيه، فقالت: نعم رحم الله علي بن الجهم، أراد قوله: عيون المها بين الرصافة والجسر ... جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري وأردت بترحمي على أبي العلاء قوله: فيا دارها بالحزن إن مزارها ... قريب ولكن دون ذلك أهوال قال أبو زكريا يحيى بن علي الخطيب التبريزي: أنشدني ابو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان المعري لنفسه [3] : منك الصدود ومني بالصدود رضى ... من ذا علي بهذا في هواك قضى   [1] هما في بغية الطلب 9: 176 وانظر تعريف القدماء: 297 (نقلا عن الصفدي) . [2] وردت القصة في كتاب الأذكياء لابن الجوزي، انظر تعريف القدماء: 389. [3] شروح السقط: 654. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 324 بي منك ما لو غدا بالشمس ما طلعت ... من الكآبة أو بالبرق ما ومضا جرّبت دهري وأهليه فما تركت ... لي التجارب في ودّ امرىء غرضا إذا الفتى ذمّ عيشا في شبيبته ... ماذا يقول إذا عصر الشباب مضى وقد تعوضت عن كلّ بمشبهه ... فما وجدت لأيام الصّبا عوضا وله أيضا: غدوت مريض العقل والدين فالقنى ... لتعلم أنباء الأمور الصحائح ... الأبيات. قرأت بخط عبد الله بن محمد بن سعيد بن سنان الخفاجي الشاعر في كتاب له ألفه في الصّرفة زعم فيه أن القرآن لم يخرق العادة بالفصاحة حتى صار معجزة للنبي صلى الله عليه وسلم، وأن كلّ فصيح بليغ قادر على الاتيان بمثله، إلا أنهم صرفوا عن ذلك، لا أن يكون القرآن في نفسه معجز الفصاحة، وهو مذهب الجماعة من المتكلمين والرافضة، منهم بشر المرّيسيّ والمرتضى أبو القاسم، قال في تضاعيفه: وقد حمل جماعة من الأدباء قول أصحابنا أنه لا يمكن أحد من المعارضة بعد زمان التحدّي على أن نظموا على أسلوب القرآن، وأظهر ذلك قوم وأخفاه آخرون، ومما ظهر منه قول أبي العلاء في بعض كلامه: أقسم بخالق الخيل، والريح الهابّة بليل، بين الشّرط ومطلع سهيل، إنّ الكافر لطويل الويل، وإنّ العمر لمكفوف الذيل، اتّق مدارج السيل، وطالع التوبة من قبيل، تنج وما إخالك بناج. وقوله: أذلت العائذة أباها، وأضاءت الوهدة رباها، والله بكرمه اجتباها، أولاها الشرف بما حباها، أرسل الشمال وصباها، ولا يخاف عقباها. وقال [1] : ما جار شمّاسك في كلمة [2] ... ولا يهوديّك بالطامع والطيلسان اشتق في لفظه ... من طلسة المبتكر الخامع   [1] اللزوميات 2: 143. [2] اللزوميات: في حكمه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 325 والقسّ خير لك فيما أرى ... من خاطب [1] يخطب في جامع وله أيضا [2] : قالوا فلان جيد فأجبتهم ... لا تكذبوا [3] ما في البرية جيّد فغنيّهم نال الغناء ببخله ... وفقيرهم بصلاته يتصيّد [4] والناس في أبي العلاء مختلفون، فمنهم من يقول إنه كان زنديقا وينسبون إليه أشياء مما ذكرناها، ومنهم من يقول [كان] زاهدا عابدا متقللا يأخذ نفسه بالرياضة والخشونة والقناعة باليسير والإعراض عن أعراض الدنيا. قال كمال الدين أبو القاسم عمر بن أبي جرادة [5] : قرأت بخطّ أبي اليسر شاكر بن عبد الله بن سليمان المعري أن المستنصر صاحب مصر بذل لأبي العلاء ما في بيت المال بالمعرة من الحلال فلم يقبل منه شيئا، وقال [6] : كأنّما غانة لي من غنى ... فعدّ عن معدن أسوان سرت برغمي عن زمان الصّبا ... يعجلني وقتي وأكواني صدّ أبي الطيب لما غدا ... منصرفا عن شعب بوّان وقال أيضا [7] : لا أطلب الأرزاق والمولى يفيض عليّ رزقي ... إن أعط بعض القوت أعلم أنّ ذلك ضعف حقّي   [1] اللزوميات: من مسلم. [2] اللزوميات 1: 339. [3] اللزوميات: جيد لصديقه لا يكذبوا. [4] رواية هذا البيت في اللزوميات: فأميرهم نال الامارة بالخنا ... وتقيهم بصلاته متصيد [5] هو ابن العديم صاحب بغية الطلب والإنصاف والتحري. [6] منها بيتان في تعريف القدماء: 578 (عن الإنصاف والتحري؛ وانظر ص: 269- 270 نقلا عن الوافي) . [7] تعريف القدماء: 269 (عن الوافي) 290 (عن نكت الهميان) 333 (عن بغية الوعاة) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 326 قال: وقرأت بخطّ أبي اليسر المعري في ذكره: وكان رضي الله عنه يرمى من أهل الحسد له بالتعطيل، وتعمل تلامذته وغيرهم على لسانه الأشعار يضمنونها أقاويل الملحدة قصدا لهلاكه وإيثارا لاتلاف نفسه، فقال رضي الله عنه [1] : حاول إهواني قوم فما ... واجهتهم إلا باهوان يحرّشوني بسعاياتهم ... فغيّروا نية إخواني لو استطاعوا لوشوا بي إلى المريخ في الشّهب وكيوان وقال أيضا [2] : غريت بذمّي أمة ... وبحمد خالقها غريت وعبدت ربي ما استطعت ... ومن بريته بريت وفرتني الجهال حا ... سدة عليّ وما فريت سعروا عليّ فلم أحسّ وعندهم أني هريت فهرست كتبه على ما نقلته من خط أحد مستملي أبي العلاء، فقال: الذي أملاه أبو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان التنوخي تجاوز الله عنه من الكتب على ضروب منها ما هو في الزهد؛ وقرأت في نسخة أخرى: فهرست كتبه ما صورته، قال الشيخ أبو العلاء رضي الله عنه: لزمت مسكني منذ سنة أربعمائة، واجتهدت على أن أتوفّر على تسبيح الله وتحميده إلّا أن اضطرّ إلى غير ذلك، فأمليت أشياء وتولّى نسخها الشيخ أبو الحسن علي بن عبد الله بن أبي هاشم- أحسن الله معونته- فألزمني بذلك حقوقا جمّة وأيادي بيضا، لأنه أفنى فيّ زمنه ولم يأخذ عما صنع ثمنه، فالله يحسن له الجزاء، ويكفيه حوادث الزمن والأرزاء، وهي على ضروب مختلفة فمنها ما هو في الزهد والعظات وتمجيد الله سبحانه وتعالى من المنظوم والمنثور، فمن ذلك: الكتاب المعروف بالفصول والغايات، والمراد بالغايات القوافي لأن القافية غاية البيت أي منتهاه، وهو كتاب موضوع على حروف المعجم ما خلا الألف، لأن فواصله مبنيّة   [1] تعريف القدماء: 270 (عن الوافي) 578 (عن الإنصاف والتحري) . [2] انظر التعليق السابق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 327 على أن يكون ما قبل الحرف المعتمد فيها ألف، ومن المحال أن يجمع بين ألفين ولكن تجيء الهمزة وقبلها ألف مثل العطاء والكساء، وكذلك الشراب والسراب في الباء، ثم على هذا الترتيب، ولم يعتمد فيه أن تكون الحروف التي يبنى عليها مستوية الإعراب بل تجيء مختلفة، وفي الكتاب قواف تجيء على نسق واحد وليست الملقبة بالغايات، ومجيئها على قريّ واحد مثل أن يقال عمامها وغلامها وغمامها، وأمرا وتمرا، وما أشبهه، وفيه فنون كثيرة من هذا النوع (وقيل إنه بدأ بهذا الكتاب قبل رحلته إلى بغداد وأتمه بعد عوده إلى معرة النعمان، وهو سبعة أجزاء، وفي نسخة: مقداره مائة كراسة) . وكتاب السادن أنشأه في ذكر غريب هذا الكتاب وما فيه من اللغز، مقداره عشرون كراسة. وكتاب إقليد الغايات، لطيف مقصور على تفسير اللغز مقداره عشر كراريس. الكتاب المعروف بالأيك والغصون، وهو كتاب الهمزة والردف [ومن] خطه: يبنى على إحدى عشرة حالة: الهمزة في حال إفرادها وإضافتها، ومثال ذلك السماء بالرفع، السماء بالنصب، السماء بالخفض، سماء يتبع الهمزة التنوين، سماؤه مرفوع مضاف، سماءه منصوب مضاف، سمائه مخفوض مضاف، ثم يجيء سماؤها وسماءها وسمائها على التأنيث، ثم همزة بعدها هاء ساكنة مثل عباءه وملاءه، فإذا ضربت في حروف المعجم الثمانية والعشرين خرج من ذلك ثلاثمائة فصل وثمانية فصول وهي مستوفاة في كتاب الهمزة والردف. وذكرت فيه الأرداف الأربعة بعد ذكر الألف: وهي الواو المضموم ما قبلها، والواو التي قبلها فتحة [والياء المكسور ما قبلها، والياء التي قبلها فتحة] ويذكر لكل جنس من هذه أحد عشر وجها كما ذكر للألف. ومن غير خطّه: وهو في العظات وذمّ الدنيا، وهو اثنان وتسعون جزءا نسخة أخرى. ويكون مقدار هذا الكتاب ألف ومائتا كراسة. ومن خطه: والكتاب المعروف بتضمين الآي، وهو كتاب مختلف الفصول؛ فمنه طائفة على حروف المعجم، وقبل الحرف المعتمد ألف، مثل أن يقال في الهمزة بناء ونساء، وفي الباء ثياب وعباب ثم على هذا إلى آخر الحروف. ومنه فصول كثيرة على فاعلين مثل باسطين وقاسطين، وعلى فاعلون مثل حامدون وعابدون، وفيه ما هو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 328 على غير هذا الفن، والغرض أن يأتي بعد انقضاء الكلام آية من الكتاب العزيز مثل قوله: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ وربما اقتصر على بعض الآية أو جيء بآيتين وأكثر منهما إذا كانت الآيات من ذوات القصر كآيات عبس ونحوها، ومقدار هذا الكتاب أربعمائة كراسة. وكان السبب في تأليف هذا الكتاب أن بعض الأمراء سأله أن يؤلف كتابا برسمه، ولم يؤثر أن يؤلف شيئا في غير العظات والحثّ على تقوى الله فأملى هذا الكتاب. كتاب تفسير الهمزة والردف جزء. كتاب سيف الخطبة جزءان يشتمل على خطب السنة، فيه خطب للجمع والعيدين والخسوف والكسوف والاستسقاء وعقد النكاح، وهي مؤلفة على حروف من حروف المعجم فيها خطب عمادها الهمزة، وخطب بنيت على الباء، وخطب على الدال وعلى الراء وعلى اللام وعلى الميم وعلى النون، وتركت الجيم والحاء وما يجري مجراها لأن الكلام المقول في الجماعات ينبغي أن يكون سجسجا سهلا، ومقداره أربعون كراسة، وكان سأله في هذا الكتاب رجل من المتظاهرين بالديانة فصنّف له. كتاب نشر شواهد الجمهرة ولم يتمّ، ثلاثة أجزاء. كتاب دعاء وحرز الخيل. كتاب مجد الأنصار في القوافي. كتاب تاج الحرة في عظات النساء خاصة، وتختلف فصوله: فمنها ما يجيء بعد حرفه الذي يثبت ثبات الرويّ ياء التأنيث، كقوله: شائي وتشائي وتسائي وهابي وترابي، ومنه ما هو مبنيّ على الكاف نحو غلامك وكلامك، وفيها ما يجيء على تفعلين مثل ترغبين وتذهبين، وأنواعه كثيرة فيكون هذا الكتاب نحو أربعمائة كراسة. كتاب يعرف بدعاء ساعة. وكتاب آخر يعرف بوقفة الواعظ. كتاب يعرف بسجع الحمائم يتكلم فيه على ألسن حمائم أربع، وكان بعض الرؤساء سأله أن يصنّف له تصنيفا يذكّره فيه فأنشأ هذا الكتاب وجعل ما يقوله على لسان الحمامة في العظة والحثّ على الزهد، قال غيره: هو أربعة أجزاء مقداره ثلاثون كراسة. كتاب يعرف بلزوم ما لا يلزم، وهو في المنظوم بني على حروف المعجم، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 329 يذكر كل حرف سوى الألف بوجوهه الأربعة وهي الضمة والفتحة والكسرة والوقف. ومعنى لزوم ما لا يلزم أن القافية يردّد فيها حرف لو غيّر لم يكن مخلّا بالنظم، كما قال كثير: خليليّ هذا ربع عزّة فاعقلا ... قلوصيكما ثم انزلا حيث حلّت فلزم اللام قبل التاء، وذلك لا يلزمه، ولم يفعل كما فعل الشنفرى في قصيدته التي على التاء لأنه لم يلزم فيها إلا حرفا واحدا، ولكنه خالف بين الحروف التي قبل الروي فقال: أرى أم عمرو أزمعت فاستقلّت ... وما ودّعت جيرانها يوم ولّت وقال فيها: بريحانة من نبت حلية نوّرت ... لها أرج ما حولها غير مسنت وقال فيها: لها وفضة فيها ثلاثون سيحفا ... إذا آنست أولى العديّ اقشعرّت ومن غير خطه: وهو ثلاثة أجزاء أو أربعمائة وعشرون كراسة، يحتوي على أحد عشر ألف بيت من الشعر. وكتاب زجر النابح يتعلق بلزوم ما لا يلزم، وذلك أن بعض الجهال تكلّم على أبيات من لزوم ما لا يلزم يريد بها التشرير والأذيّة، فألزم أبا العلاء أصدقاؤه أن ينشيء هذا، فأنشأ هذا الكتاب وهو كاره. ومن غير خطه: وهو شرح اللزوم، وهو جزء واحد مقداره أربعون كراسة. كتاب يتعلق بزجر النابح سماه نجر الزجر. كتاب ملقى السبيل صغير فيه نظم ونثر. كتاب الجلي والحلي، سأله فيه صديق له من أهل حلب يعرف بابن الحلي مجلد واحد أو عشرون كراسة. ومن غير هذا الجنس: كتاب لطيف فيه شعر قيل في الدهر الأول يعرف بكتاب سقط الزند وأبياته ثلاثة آلاف بيت. كتاب يعرف بجامع الأوزان، فيه شعر منظوم على معنى اللغز يعمّ به الأوزان الخمسة عشر التي ذكرها الخليل بجميع ضروبها ويذكر قوافي كلّ ضرب من ذلك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 330 مثاله أن يقال للضرب الأولى من الطويل أربع قواف: المطلقة المجردة مثل قول القائل: ألا يا أسلمي يا هند بني بدر ... وإن كان حيّانا عدى آخر الدهر والقافية المردفة مثل قول امرىء القيس: ألا انعم صباحا أيها الطلل البالي والمقيدة المجردة وذلك مفقود في الشعر القديم والمحدث، وربما جاء به المحدثون على النحو الذي يسمّى مقصورا كما قال بعض الناس وهو في السجن، هو صالح بن عبد القدوس: إلى الله أشكو إنه موضع الشكوى ... وفي يده كشف المصيبة والبلوى خرجنا من الدنيا ونحن من اهلها ... فما نحن بالأحياء فيها ولا الموتى إذا ما أتانا مخبر عن حديثها ... فرحنا وقلنا جاء هذا من الدنيا وتعجبنا الرؤيا فجلّ حديثنا ... إذا نحن أصبحنا الحديث عن الرؤيا فإن حسنت لم تأت عجلى وأبطأت ... وان قبحت لم تحتبس وأتت عجلى والقافية المقيدة المؤسسة مثل أن يكون العادل والقائل، وذلك مرفوض متروك، ثم على هذا النحو إلى آخر الكتاب، ومقداره ستون كراسة، ويكون عدد أبيات شعره نحو تسعة الآف بيت، وهو ثلاثة أجزاء. كتاب يعرف بالسجع السلطاني يشتمل على مخاطبات للجنود والوزراء وغيرهم من الولاة، وكان بعض من خدم السلطان وارتفعت طبقته ولا قدم له في الكتبة فسأل أن ينشأ له كتاب مسجوع من أوله إلى آخره، وهو لا يشعر بما يريد لقلة خبرته بالأدب فألّف له هذا الكتاب، وهو أربعة أجزاء. وكتاب يعرف بسجع الفقيه جزء، ثلاثون كراسة. وكتاب لطيف يعرف بسجع المضطرين عمله لرجل مسافر يستعين به على أمور دنياه. وكتاب مختصر يعرف بذكرى حبيب، في غريب شعر أبي تمام، سأل فيه صديق لأبي العلاء من الكتّاب، وهو أربعة أجزاء، ستون كراسة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 331 وهذه الكتب المسؤول في تأليفها إنما تكلفها مؤلفها من فرط الحياء، وهو لتأليفها كاره. وكتاب عبث الوليد فيما يتصل بشعر البحتريّ، وكان سبب إنشائه أن بعض الرؤساء أنفذ نسخة ليقابل له بها، فأثبت ما جرى من الغلط ليعرض ذلك عليه، وهو جزء واحد، عشرون كراسة. وكتاب يعرف بالرياشي المصطنعي في شرح مواضع من الحماسة الرياشيّة عمل لرجل يلقب بمصطنع الدولة ويخاطب بالإمرة، واسمه كليب بن علي، ويكنى أبا غالب، أنفذ نسخة من الحماسة الرياشية وسأل أن يخرّج في حواشيها أشياء لم يذكرها أبو رياش مما يحتاج إلى تفسيره، فخشي أن تضيق الحواشي عن ذلك، فصنع هذا الكتاب، وجمع فيه ما سنح مما لم يفسّره أبو رياش، أربعون كراسة. وكتاب يعرف بشرف السيف، عمل للرجل الذي كان مقيما بدمشق، وهو المعروف بنشتكين الدزبري، وكان السبب في عمله أنه كان يوجه إلى أبي العلاء بالسلام ويحفي المسألة عنه، فأراد جزاءه على ما فعل، جزءان. وكتاب يعرف بتعليق الجليس مما يتصل بكتاب أبي القاسم عبد الرحمن بن إسحاق الزجاجي المعروف بالجمل، جزء. وكتاب إسعاف الصديق ثلاثة أجزاء يتعلّق بالجمل أيضا. وكتاب قاضي الحق يتصل بالكتاب المعروف بالكافي الذي ألفه أبو جعفر النحاس. وكتاب الحقير النافع مختصر في النحو خمس كراريس. وكتاب يتصل به، يعرف بالطل الطاهري، أنشىء لرجل يعرف بأبي طاهر، حلبي. وكتاب المختصر الفتحي يتصل بكتاب محمد بن سعدان، صنعه لرجل يكنى أبا الفتح محمد بن علي بن أبي هاشم، وكان أبو هذا الرجل تولّى إثبات ما ألفه أبو العلاء من جميع هذه الكتب، فألزمه بذلك حقوقا جمة وأيادي بيضا. وكتاب في الرسائل الطوال فيها رسالة الغفران [1] .   [1] سيأتي الحديث عن الرسائل ولهذا يعد هذا المذكور هنا دخيلا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 332 وكتاب سميته «خطب الخيل» يتكلم على ألسنتها، ومقداره عشر كراريس. كتاب يعرف بخطبة الفصيح يتكلّم فيه على أبواب الفصيح مقداره خمس عشرة كراسة. وكتاب شرح فيه ما جاء في الذي قبله من الغريب يعرف بتفسير خطبة الفصيح. وكتاب رسيل الراموز نحو ثلاثين كراسة. وكتاب راحة اللزوم ويشرح فيه ما في كتاب لزوم ما لا يلزم من الغريب نحو مائة كراسة. وكتاب لطيف يعرف بخماسية الراح في ذم الخمر، ومعنى هذا الوسم أنه بني على حروف المعجم، فذكر لكل حرف تمكن حركته خمس سجعات مضمومات، وخمسا مفتوحات، وخمسا مكسورات، وخمسا موقوفات، يكون مقداره عشر كراريس. وكتاب المواعظ الست، وهو لطيف، ومعنى هذا التلقيب أن الفصل الأول منه في خطاب رجل، والثاني في خطاب اثنين، والثالث في خطاب جماعة، والرابع في خطاب امرأة، والخامس في خطاب امرأتين، والسادس في خطاب نسوة، نحو خمس عشرة كراسة. كتاب ضوء السقط، تفسير غريب سقط الزند، مقداره عشرون كراسة. وكتاب الصاهل والشاحج يتكلم فيه على لسان فرس وبغل، مقداره أربعون كراسة، صنفه لأبي شجاع فاتك الملقب بعزيز الدولة والي حلب من قبل المصريين وكان روميا. كتاب لسان الصاهل والشاحج في تفسير الكتاب الذي قبله. كتاب القائف على معنى كليلة ودمنة، ألفت منه أربعة أجزاء ثم انقطع تأليفه لموت من أمر بعمله وهو عزيز الدولة فاتك المقدم ذكره، ومقداره ستون كراسة. وكتاب منار القائف في تفسير الكتاب الذي قبله فيما جاء فيه من اللغز والغريب، عشر كراريس. كتاب دعاء الأيام السبعة. وكتاب رسالة على لسان ملك الموت عليه السلام. وكتاب بعض فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه. وكتاب رسالة العصفورين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 333 وكتاب السجعات العشر، موضوع على كل حرف من حروف المعجم عشر سجعات في المواعظ. كتاب شرح سيبويه لم يتمّ، مقداره خمسون كراسة. كتاب يتصل بكتاب الزجاجيّ يعرف بعون الجمل، عمل أيضا لابي الفتح محمد بن علي بن أبي هاشم المذكور آنفا، وهو آخر شيء أملاه. وكتاب في النحو يتصل بالكتاب المعروف بالعضدي ولقبه «ظهير العضدي» . وكتاب ديوان الرسائل وهو ثلاثة أقسام: الأوّل رسائل طوال تجري مجرى الكتب المصنفة مثل كتاب «رسالة الملائكة» وكتاب «الرسالة السندية» جزء، وكتاب «رسالة الغفران» جزء، وكتاب «رسالة الفرض» جزء ونحو ذلك. والثاني: رسائل دون هذه في الطول مثل كتاب رسالة المنيح. وكتاب رسالة الأغريض. والثالث: كتاب الرسائل القصار كنحو ما تجري به العادة في المكاتبة، قيل إنه أربعون جزءا، وقيل إنه ثمانمائة كراسة. وكتاب خادم الرسائل في تفسير ما تضمّنته هذه الرسائل مما يحتاج إليه المبتدئون في الأدب. كتاب تظلم السور. وكتاب عظات السور. وكتاب الراحلة ثلاثة أجزاء في تفسير كتاب لزوم ما لا يلزم. وكتاب في المنظوم يعرف بكتاب استغفر واستغفري، مقداره مائة وعشرون كراسة، فيه نحو من عشرة آلاف بيت. وكتاب يعرف بالرسالة الحضية. وكتاب رسائل المعونة وهي ما كتبت على ألسن قوم. وكتاب مثقال النظم في العروض، جزء. وكتاب اللامع العزيزي في تفسير شعر المتنبي عمل للأمير عزيز الدولة وغرسها ابن تاج الأمراء أبي الدوام ثابت بن ثمال بن صالح بن مرداس بن إدريس بن نصر بن حميد بن شداد بن عبد قيس بن ربيعة بن كعب بن عبد الله بن أبي بكر بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة ويقال له أيضا «الثابتي العزيزي» مقداره مائة وعشرون كراسة. هذا ما وجدناه وأثبتناه عن جماعة من أصحاب أبي العلاء. قالوا: وله بعض الجزء: 1 ¦ الصفحة: 334 كتب في العروض والشعر بدأ بها ولم تتمّ أو تمت وشذّ عنّا أسماؤها. ومن شعره الدالّ على سوء عقيدته من لزوم ما لا يلزم [1] : ألا فانعموا واحذروا في الحياة ... ملمّا يسمّى زوال النعم أتوكم بأقوالهم [2] والحسام ... فشدّ به زاعم ما زعم تلوا باطلا وجلوا صارما ... وقالوا صدقنا فقلنا [3] نعم زخارف ما ثبتت في القلوب [4] ... عمّى عليكم بهنّ المعم ومن ذلك أيضا [5] : فقد طال العناء فكم تعاني ... سطورا عاد كاتبها بطمس دعا موسى وزال وقام عيسى ... وجاء محمد بصلاة خمس وقيل يجيء دين غير هذا ... فأودى الناس بين غد وأمس إذا قلت المحال رفعت صوتي ... وان قلت اليقين أطلت همسي ومن ذلك أيضا [6] : وجدت الشرع تخلقه الليالي ... كما خلق الرداء الشرعبيّ هي العادات يجري الشيخ منها ... على شيم تعوّدها الصبيّ وأشوى الحقّ غاو مشرقي ... ولم يرزقه آخر مغربيّ فذا عمر يقول وذا سواه ... كلا الرجلين في الدعوى غبي ومن ذلك أيضا: إذا ما ذكرنا آدما وفعاله ... وتزويجه بنتيه لابنيه في الدنا علمنا بأن الخلق من أصل ريبة ... وأنّ جميع الناس من عنصر الزنا   [1] اللزوميات 2: 490 (صادر) . [2] اللزوميات: باقبالهم. [3] اللزوميات: فقلتم. [4] اللزوميات: في العقول. [5] اللزوميات 2: 55. [6] اللزوميات 2: 641. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 335 وقال في «رسالة الغفران» [1] ولما أجلى عمر بن الخطاب أهل الذمة عن جزيرة العرب شقّ ذلك على الجالين، فيقال إن رجلا من يهود خيبر يعرف بسمير بن أدكن قال في ذلك: يصول أبو حفص علينا بدرّة ... رويدك إنّ المرء يطفو ويرسب كأنك لم تتبع حمولة مأقط ... لتشبع إنّ الزاد شيء محبب فلو كان موسى صادقا ما ظهرتم ... علينا ولكن دولة ثم تذهب ونحن سبقناكم إلى المين فاعرفوا ... لنا رتبة البادي الذي هو أكذب مشيتم على آثارنا في طريقنا ... وبغيتكم في أن تسودوا وترهبوا وهذا يشبه أن يكون شعره قد نحله هذا اليهودي، أو أن إيراده لمثل هذا واستلذاذه به من أمارات سوء عقيدته وقبح مذهبه. ومن أشعاره الدالة على سوء اعتقاده قوله في لزوم ما لا يلزم أيضا [2] : وهيهات البرية في ضلال ... وقد نظر اللبيب لما اعتراها تقدّم صاحب التوراة موسى ... وأوقع في الخسار من اقتراها [3] فقال رجاله وحي أتاه ... وقال الناظرون بل افتراها وما حجّي إلى أحجار بيت ... كؤوس الخمر تشرب في ذراها إذا رجع الحليم إلى حجاه ... تهاون بالمذاهب وازدراها ومنها أيضا [4] : خذ المرآة واستخبر نجوما ... تمرّ بمطعم الأري المشور تدلّ على الممات بلا ارتياب ... ولكن لا تدلّ على النشور   [1] رسالة الغفران: 433- 434. [2] اللزوميات: 622. [3] اقتراها: تتبعها. [4] اللزوميات 1: 556 (صادر) (1: 392) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 336 ومنها أيضا [1] : هفت الحنيفة والنصارى ما اهتدوا ... ويهود حارت والمجوس مضلّله اثنان أهل الأرض ذو عقل بلا ... دين وآخر ديّن لا عقل له ومنها أيضا [2] : إن الشرائع ألقت بيننا إحنا ... وأورثتنا أفانين العداوات وما أبيحت نساء الروم عن عرض ... للعرب إلا بأحكام النبوات ومنها أيضا [3] : تناقض مالنا إلا السكوت له ... وأن نعوذ بمولانا من النار يد بخمس مئين عسجدا فديت ... ما بالها قطعت في ربع دينار قال المؤلف: كأنّ المعري حمار لا يفقه شيئا، وإلا فالمراد بهذا بيّن: لو كانت اليد لا تقطع إلا في سرقة خمسمائة دينار لكثر سرقة ما دونها طمعا في النجاة، ولو كانت اليد تفدى بربع دينار لكثر من يقطعها ويؤدّي ربع دينار دية عنها، نعوذ بالله من الضلال. ومنها أيضا [4] : ضحكنا وكان الضحك منا سفاهة ... وحقّ لسكان البسيطة أن يبكوا تحطّمنا الأيام حتى كأننا ... زجاج ولكن لا يعاد لنا سبك ومما يدل على كفره تصريحا قوله [5] : عقول يستخفّ بها سطور ... ولا يدري الفتى لمن الثبور كتاب محمد وكتاب موسى ... وإنجيل ابن مريم والزبور   [1] اللزوميات 2: 301 (صادر) (2: 201) . [2] اللزوميات 1: 228 (صادر) 1: 186. [3] اللزوميات 1: 544 (صادر) 1: 286. [4] قد مرّ البيتان. [5] اللزوميات 1: 324. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 337 ومن ذلك أيضا: صرف الزمان مفرّق الإلفين ... فاحكم إلهي بين ذاك وبيني أنهيت عن قتل النفوس تعمدا ... وبعثت أنت لقتلها ملكين وزعمت أن لها معادا ثانيا ... ما كان أغناها عن الحالين ومن ذلك أيضا: إذا كان لا يحظى برزقك عاقل ... وترزق مجنونا وترزق أحمقا فلا ذنب يا ربّ السماء على امرىء ... رأى منك ما لا يشتهي فتزندقا ومن ذلك أيضا قوله [1] : في كل أمرك تقليد تدين به ... حتى مقالك ربي واحد أحد وقد أمرنا بفكر في بدائعه ... فان تفكّر فيه معشر لحدوا [ومن ذلك أيضا] [2] : لولا التنافس في الدنيا لما وضعت ... كتب التناظر لا المغني ولا العمد [3] ومن ذلك أيضا قوله [4] : قلتم لنا خالق قديم ... صدقتم هكذا نقول زعمتموه بلا زمان ... ولا مكان ألا فقولوا هذا كلام له خبيء ... معناه ليست لكم عقول ومن ذلك أيضا قوله [5] : دين وكفر وأنباء تقال وفر ... قان ينصّ وتوراة وإنجيل في كلّ جيل أباطيل ملفّقة ... فهل تفرّد يوما بالهدى جيل   [1] اللزوميات 1: 252. [2] اللزوميات 1: 249 (1: 321 صادر) . [3] المغني للقاضي عبد الجبار وكذلك العمد. [4] اللزوميات 2: 179 (2: 270 صادر) . [5] اللزوميات 2: 177 (2: 268 صادر) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 338 ومن ذلك أيضا [1] : الحمد لله قد أصبحت في لجج ... مكابدا من هموم الدهر قاموسا قالت معاشر لم يبعث إلاهكم ... إلى البرية عيساها ولا موسى وإنما جعلوا الرحمن مأكلة ... وصيروا دينهم للملك ناموسا ولو قدرت لعاقبت الذين بغوا ... حتى يعود حليف الغيّ مرموسا ومن ذلك أيضا قوله: ولا تحسب مقال الرسل حقّا ... ولكن قول زور سطّروه وكان الناس في عيش رغيد ... فجاؤوا بالمحال فكدّروه قال المؤلف: نقلت هذا كلّه من تاريخ غرس النعمة محمد بن هلال بن المحسن الصابي، وحمدت الله تعالى على ما ألهم من صحة الدين وصلاح اليقين، واستعذت به من استيلاء الشيطان على العقول. قرأت في كتاب «فلك المعاني» : إن كثيرا من الجهّال يعدّ الموت ظلما من البارىء عز وجل ويستقبحه بما فيه من النعمة والحكمة والراحة والمصلحة، وقد قال أبو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان المعري مع تحذلقه ودعواه الطويلة العريضة وشهرة نفسه بالحكمة ومظاهرته: ونهيت عن قتل النفوس تعمّدا ... وبعثت أنت لقتلها ملكين وزعمت أن لنا معادا ثانيا ... ما كان أغناها عن الحالين وهذا كلام مجنون معتوه يعتقد أنّ القتل كالموت والموت كالقتل، فليت هذا الجاهل لما حرم الشّرع وبرده، والحقّ وحلاوته، والهدى ونوره، واليقين وراحته، لم يدّع ما هو بريء منه بعيد عنه، ولم يقل: غدوت مريض العقل والرأي فالقني ... لتخبر أنباء العقول الصحائح حتى سلّط الله عليه أبا نصر بن أبي عمران داعي الدعاة بمصر فقال له: أنا ذلك   [1] اللزوميات 2: 22 (2: 34 صادر) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 339 المريض رأيا وعقلا، وقد أتيتك مستشفيا فاشفني، وجرت بينهما مكاتبات كثيرة أمر في آخرها بإحضاره حلب، ووعده على الإسلام خيرا من بيت المال، فلما علم أبو العلاء أنه يحمل للقتل أو الإسلام سمّ نفسه ومات، وليته لما ادّعى العقل خرس ولم يقل مثل هذه الترهات التي يخلد إليها من لا حاجة لله تعالى فيه. قال المؤلف: لما وقفت على هذه القصة اشتهيت أن أقف على صورة ما دار بينهما على وجهه حتى ظفرت بمجلّد لطيف وفيه عدّة رسائل من أبي نصر هبة الله بن موسى بن أبي عمران إلى المعري في هذا المعنى [1] ، انقطع الخطاب بينهما على المساكتة، ولم يذكر فيها ما يدلّ على ما ذهب إليه ابن الهبارية من سمّ المعريّ نفسه. ونقلها على الوجه يطول فلخّصت منها الغرض دون تفاصح المعرّي وتشدّقه. 1- كتب ابن أبي عمران إليه: الشيخ- أحسن الله توفيقه- الناطق بلسان الفضل والأدب، الذي ترك من عداه صامتا، مشهود له بهذه الفضيلة من كلّ من هو فوق البسيطة. غير أن الأدب الذي هو جالينوس طبّه، وعنده مفاتح غيبه، ليس مما يفيده كبير فائدة في معاشه أو معاده سوى الذكر السائر به الركبان، مما هو إذا تسامع المذكور به علم أنه له بمكانه الجمال والزينة ما دام حيا، فإذا رمت به يد المنون من ظهر الأرض إلى بطنها فلا بحسن ذكره ينتفع، ولا بقبحه يستضرّ. وإذ كانت الصورة هذه كان مستحيلا منه- أيده الله- مع وفور عقله أن جعل موادّه كلّها منصبّة إلى إحكام اللغة العربية والتقعّر فيها، واستيفاء أقسام ألفاظها ومعانيها، ووفر عمره على ما لا نتيجة لها منها، وترك نفسه المتوقدة نار ذكائها خلوا من النظر في شأن معاده وأن يمتار من علمه ما هو أنفع، فيمكث إذا ذهب الزبد جفاء من غيره، فإذا هو حرسه الله بمقتضى هذا الحكم مرتو من عذب مشرب هذا العلم، وإنما ليس يبوح به لضرب من ضروب السياسة. والدليل على كونه ناظرا لمعاده سلوكه سبيل [شظف] العيش والتزهد، وعدوله عن الملاذّ من المأكول والمشروب والملبوس، وتعفّفه عن أن يجعل جوفه للحيوان   [1] طبعت هذه الرسائل غير مرة، وقد قمت بتحقيقها في الجزء الأول من رسائل أبي العلاء، بيروت 1982 (ص: 99 وما بعدها) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 340 مدفنا، أو أن يذوق من درّها لبنا، أو يستطعم من [طعام] استكدّت عليه في حرثه وإنشائه، وهذه طريقة من يعتقد أنه إذا آلمها جوزي بألمها، وهذا غاية في الزهد. ولما رأيت ذلك وسمعت داعية البيت الذي يعزى إليه وهو: غدوت مريض الدين والعقل فالقني ... لتعلم أنباء الأمور الصحائح شددت إليه راحلة العليل في دينه وعقله إلى الصحيح الذي ينبئني أنباء الأمور الصحائح. وأنا أول ملبّ لدعوته معترف بخبرته، وهو حقيق أن لا يوطئني العشوة فيسلك بي في المجاهل، ولا يعتمد فيما يورده تلبيس الحقّ بالباطل. وأوّل سؤالي عن أمر خفيف فإن استنشقت نسيم الشفاء سقت السؤال إلى المهمّ: أسأله عن العلّة في تحريمه على نفسه اللحم واللبن وكلّ ما صدر إلى الوجود من منافع الحيوان فأقول: أليس النبات موضوعا للحيوان يمتار منه، وبوجوده وجوده، وبقوة في الحيوان حساسة ما استولى على الانتفاع بالنبات؟ ولو لم يكن الحيوان لكان موضوع النبات باطلا لا معنى له، وعلى هذه القضية فإن القوة الإنسانية مستولية على الحيوان استيلاء الحيوان على النبات لرجحانها عليه بالنطق والعقل، فهي مسخّرة له على أنواع من التسخير ولولا ذلك لكان موضوع الحيوان باطلا. فتجافي الشيخ- وفقه الله- عن الانتفاع بما هو موضوع له مخلوق لأجله إبطال لتركيب الخلقة. ثم امتناعه من أكل الحيوان ليس يخلو القصد به من أحد أمرين. إما أنه تأخذه رأفة بها فلا يرى تناولها بالمكروه، وما ينبغي له أن يكون أرأف بها من خالقها، فإذا ادّعى أنّ تحليلها وتحريمها إنما كان من بعض البشر، يعني به أصحاب الشرائع، وأن الله لم يبح إراقة دم حيوان وأكله، كان الدليل على بطلان قوله وقوع المشاهدة لجنس السباع وجوارح الطير التي خلقها الله سبحانه على صيغة لا تصلح إلا لنتش اللحوم وفسخها، وتمزيق الحيوانات وأكلها. وإذا كان هذا الشكل قائم العين في الفطرة كان جنس البشر وسيع العذر في أكل اللحوم، وكان من أحلّ لهم ذلك محقا. والثاني أنه يرى سفك دماء الحيوان خارجا عن أوضاع الحكمة، وذلك اعتراض منه على خالقه الذي أوجده، وإذا أنعم الشيخ وساق إليّ حجة أعتمدها رجوت كشف المرض الذي وقع اعترافي به. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 341 2- الجواب من أبي العلاء المعري إليه: قال العبد الضعيف العاجز أحمد بن عبد الله بن سليمان: أول ما أبدأ به أني أعدّ سيدنا الرئيس الأجلّ المؤيد في الدين- أطال الله بقاءه- ممن ورث حكمة الأنبياء، وأعدّ نفسي الخاطئة من الأغبياء. وهو بكتابه إليّ متواضع، ومن أنا حتى يكتب مثله إلى مثلي؟! مثله في ذلك مثل الثريا كتبت إلى الثرى. وقد علم الله أن سمعي ثقيل، وبصري عن الابصار نقيل [1] . قضي عليّ وأنا ابن أربع، لا أفرق بين البازل والرّبع [2] ، ثم توالت محني، فأشبه شخصي العود المنحني، ومنيت في آخر عمري بالإقعاد، وعداني عن النهضة عاد. وأما ما ذكره سيدنا الرئيس الأجلّ المؤيد في الدين فالعبد الضعيف العاجز يذكر له مما عاناه طرفا فأقول: إنّ الله جلّت عظمته حكم عليّ بالإزهاد، فطفقت من العدم في جهاد. وأما قول العبد الضعيف العاجز: غدوت مريض العقل والدين فالقني فإنما خاطب به من هو في غمرة الجهل، لا من هو للرياسة علم وأصل، وقد علم أنّ الحيوان كلّه حساس يقع به الألم، وقد سمع العبد الضعيف [شيئا] من اختلاف القدماء، وأول ما يبدأ به لو أن قائلا من البشر قال: إذا بنينا القضية البتيّة المركبة من المسند والمسند إليه، ولها واسطتان إحداهما نافية والأخرى استثنائية، فقلنا: الله لا يفعل إلا الخير، أفهذه القضية كاذبة أم صادقة؟ فإن قيل إنها صادقة فقد رأينا الشرور غالبة، فعلمنا أنّ ذلك أمر خفي. ولم يزل من ينسب إلى الدين يرغب في هجران اللحوم لأنها لم يوصل إليها إلا بإيلام حيوان، يفرّ منه في كلّ أوان، وأن الضائنة تكون في محلّ القوم وهي حامل، فإذا وضعت وبلغ ولدها شهرا أو نحوه اعتبطوه فأكلوه، ورغبوا في اللبن، وباتت أمه ثاغية، لو تقدر سعت له باغية. وقد   [1] رسائل المعري: كليل: والنقيل: الغريب. [2] البازل: الجمل إذا استكمل الثامنة، والربع: الفصيل الذي ينتج في الربيع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 342 تردّد في كلام العرب ما يلحق الوحشية من الوجد والناقة إذا فقدت الفصيل، فقال قائلهم [1] : فما وجدت كوجدي أمّ سقب ... أضلّته فرجّعت الحنينا وللسائل أن يقول: إن كان الخير لا يريد ربّنا سواه، فالشرّ لا يخلو من أحد أمرين: إما أن يكون قد علم به أولا، فإن كان عالما به فلا يخلو من أحد أمرين، إما أن يكون مريدا له أولا، فإن كان مريدا له فكأنه الفاعل، كما أن القائل يقول: قطع الأمير يد السارق، وإن لم يباشر ذلك بنفسه، وإن كان غير مريد فقد جاز عليه ما لا يجوز على أمير مثله في الأرض إنه إذا فعل في ولايته شيء لا يرضاه أنكره وأمر بزواله، وهذه عقدة قد اجتهد المتكلمون في انحلالها فأعوزهم. وقد ذكرت الأنبياء أنّ البارىء جلّت عظمته رؤوف رحيم، ولو رأف ببني آدم وجب أن يرأف بغيرهم من أصناف الحيوان الذي يجد الألم بأدنى شيء، وقد علم أن الوحش الراتعة يبكر إليها الفارس فيطعن العير أو الأتان، وهنّ ما أسدين إليه ذنبا. ولأيّ حال استوجب من يفعل بها هذا الرأفة وهي لم تشرب من الماء بذنوب، ولم تجن ما يكتب من الذنوب. وقد رأيت الجيشين المنتسب كلّ واحد منهما إلى الشرع المنفرد، يلتقيان وكلاهما في مدد، ويقتل بينهما آلاف عددا. فهذا محسوب من أي الوجهين؟ فليس عند النظر بهين. فلما بلغ العبد الضعيف العاجز اختلاف الأقوال وبلغ ثلاثين عاما، سأل ربه إنعاما، ورزقه صوم الدهر، فلم يفطر في السنة ولا الشهر، إلا في العيدين، وصبر على توالي الجديدين، وظنّ اقتناعه بالنبات يثبت له جميل العافية. وقد علم سيدنا الرئيس الأجلّ المؤيد في الدين ولا ريب أنه قد نظر في الكتب المتقدمة ما حكي عن جالينوس وغيره من اعتقاد يدلّ على الحيرة، وإذا قيل إن البارىء رؤوف رحيم فلم سلّط الأسد على افتراس نسمة إنسية، ليست بالمفسدة ولا القسيّة؟ وكم مات بلدغ الحيات جماعة مشهورة، وسلّط على الطير الراضية بلقط الحبة البازي والصقر، وإن القطاة لتدع فراخها ظماء وتبتكر لترد ماء تحمله إليها في   [1] هو عمرو بن كلثوم، والبيت من معلقته. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 343 حوصلتها، فيصادفها دونهنّ أجدل فيأكلها فيهلك فراخها عطشا، وذكر أشياء من هذا الباب ثم قال: وأعوذ بالله وأتبرأ من قول الكافر [1] : ألمت بالتحية أمّ بكر ... فحيّوا أمّ بكر بالسلام وكائن بالطويّ طويّ بدر ... من الأحساب والقوم الكرام وكائن بالطويّ طويّ بدر ... من الشيزى تكلّل بالسنام ألا يا أمّ بكر لا تكرّي ... عليّ الكاس بعد أخي هشام وبعد أخي أبيه وكان قرما ... من الأقرام شرّاب المدام ألا من مبلغ الرحمن عني ... بأني تارك شهر الصيام إذا ما الرأس زايل منكبيه ... فقد شبع الأنيس من الطعام أيوعدنا ابن كبشة أن سنحيا ... وكيف حياة أصداء وهام أيترك أن يردّ الموت عني ... ويحييني إذا بليت عظامي ولعن الله القائل، ويقال إنه الوليد بن يزيد بن عبد الملك [2] : أدنيا مني خليلي ... عند لا دون الإزار فلقد أيقنت أني ... غير مبعوث لنار سأروض الناس حتى ... يركبوا دين الحمار وأرى من يطلب ... الجنة يسعى في خسار وويل لابن رغبان إن كان قال [3] : هي الأولى وقد نعموا بأخرى ... وتسويف الظنون من السواف [4] فإن يك بعض ما قالوه حقا ... فإن المبتليك هو المعافي   [1] هو أبو بكر شداد بن الأسود الليثي ويعرف بابن شعوب وأبياته في سيرة ابن هشام 2: 29 وأنساب الاشراف 1: 307 ورسالة الغفران: 413. [2] ديوان الوليد: 41- 42 ورسالة الغفران: 435 وانظر رسائل المعري 1: 114. [3] هو عبد السلام بن رغبان المشهور بديك الجن، انظر رسالة الغفران: 438 ورسائل المعري 1: 116. [4] السواف: الهلاك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 344 ومما حثني على ترك أكل الحيوان أنّ الذي لي في السنة نيف وعشرون دينارا، فإذا أخذ خادمي بعض ما يجب، بقي لي ما لا يعجب؛ فاقتصرت على فول وبلسن [1] ، وما لا يعذب على الألسن. فأما الآن فإذا صار إلى من يخدمني كبير عندي وعنده هين، فما حظّي إلا اليسير المتعيّن. ولست أريد في رزقي زيادة، ولا أوثر لسقمي عيادة، والسلام. 3- الجواب من ابن أبي عمران: حوشي الشيخ- أدام الله سلامته- من أن يكون ممن فطن في مرض دينه وعقله لعلته، وأجاب دعوة الداعي منه، بالبيت الشائع عنه لينال شفاء علته، جوابا يزيده إلى غلّته غلة، إذا يكون كما قال المتنبي: أظمتني الدنيا فلما جئتها ... مستسقيا مطرت عليّ مصائبا كان سؤالي له- حرسه الله- في شيء يختصّ بنفسه في هجره ما يشدّ الجسم من اللحم الذي ينبت اللحم، فأجاب بما أقول في جوابه: أهذه أنباء الأمور الصحائح؟ وهل زاد السقيم بدوائه هذا إلا سقما، والأعمى الأصمّ في دينه وعقله بما قال إلا عمى وصمما، على أن جميع ما ذكره بنجوة عن سؤالي الأول ومعزل عنه، ولا مناسبة بينها وبينه. وأما القول بأن اللحوم لا يوصل إليها إلا بإيلام الحيوان فقد سبق الجواب: لا يكوننّ الشيخ أرأف بها من خالقها، فليس يخلو من كونه عادلا أو جائرا، فإن كان عادلا فإنه سبحانه يقبض أرواح الآكل والمأكول جميعا، وذلك مسلّم له، وإن كان جائرا لم ينبغ أن نرجح على خالقنا بعدلنا وجوره. وأما قوله: وللسائل أن يقول إن كان الخير هو الذي لا يريد ربنا سواه فالشرّ لا يخلو من أحد أمرين إما أن يكون قد علم به أولا إلى آخره، فأقول: قيل إن إنسانا ضاع له مصحف فقيل له اقرأ: وَالشَّمْسِ وَضُحاها (الشمس: 1) فإنك تجده، فقال   [1] البلسن: العدس. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 345 وهذه السورة أيضا فيه. فأقول أيضا إن هذا أيضا من ذلك، وجميعه ظلمات فأين النور؟ وإنما قصدنا أن نعرف أنباء الأمور الصحائح كما قاله. وأما قوله لما رأى اختلاف الأقوال، وأيقن بنفاد وزوال، سأل ربّه أن يرزقه صوم الدهر، واقتنع بالنبات، فما صحّ لي أن الربّ الذي سأله هو الذي يريد الخير وحده، أو الذي يريد الشر وحده، أو الذي يريدهما جميعا. والصوم فرع على أصل من شرع يأتي به رسول، والرسول يتعلّق بمرسل، وقصتنا في المرسل مشتبهة: يبعث رسولا يريد أن يطاع أم لا يطاع؛ فإن كان يريد أن يطاع فهو مغلوب على إرادته لأن من لا يطيعه أكثر، وإن كان يريد أن لا يطاع فإرساله إياه محال وطلبه حجّة على الضعفاء ليعذبهم. فإن كان موضوع صومه على هذا فلم يفعل شيئا، وإن كان على غيره مما هو أجلى وأوضح فهو الذي أطلبه. وأما حكايته قول بعض الملحدين واستعاذته بالله أن يكون من المعترضين في قوله تعالى: وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عاداً الْأُولى وَثَمُودَ فَما أَبْقى (النجم: 51) الآيات: إن كان البارىء سبحانه خلقهم وهو يعلم أنهم مجرمون، وللتوبة والإنابة يحرمون فكان الأولى به- وهو الرؤوف الرحيم- أن لا يخلقهم لئلا يعذّبهم، وإن كان لا يعلم فهو كأمثالنا ولا يدري ما يكون منه. وقول الشيخ بعده: معاذ الله أن نقول ذلك بل نسلّم ونتلو الآية: مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِداً (الكهف: 17) فليس الملحد إذا قال: إن السكر حلو والخلّ حامض لا يقبل منه لكونه ملحدا، وقوله يقتضي جوابا. فإن كان عند الشيخ جواب فهو الذي نبغي، وإلا فما التسليم في هذا الموضع إلا التسليم للملحد لا شيء غيره. وأما إنشاده: ألمت بالتحية أم عمرو وما بعده من الأشعار وذمّه من قال ولعنه، فمن الذي اتهمه بشيء من ذلك حاشاه؟ وما الذي أوجب الإذكار بكفريات شعرهم؟ وأما ختمه الرسالة بقوله: إن الذي حثّه على ترك أكل الحيوان أن الذي له في السنة نيف وعشرون دينارا يصير إلى خادمه معظمها ويبقى له أيسرها، فمحمل مؤونة القدر الذي يطعمه لو كان ثقيلا لوجب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 346 تحمله، فكيف وهو الخفيف محمله؟ وقد كاتبت مولاي تاج الأمراء [1]- حرس الله عزه- أن يتقدم بازاحة العلة فيما هو بلغة مثله من ألذّ الطعام، ومراعاته به على الإدرار والدوام، ليتكشّف عنه غاشية هذه الضرورة، ويجري أمره في معيشته على أحسن ما يكون من الصورة. ثم إن قام من الشيخ نشطة لجواب أعفاني فيه عن قصد الأسجاع ولزوم ما لا يلزم فإن ملتمسي فيه المعاني لا الألفاظ. 4- الجواب من أبي العلاء: سيدنا الرئيس الأجل المؤيد في الدين عصمة المؤمنين، هدى الله الأمم بهدايته، وسلك بهم طريق الخير على يده: قد بدأ المعترف بجهله المقرّ بحيرته، والداعي إلى الله سبحانه أن يرزقه ما قلّ من رحمته في أول ما خاطبه به أن ذكر اعتقاده في سيدنا الرئيس الأجلّ المؤيد في الدين، ضوّأ الله الظلم ببصيرته، وأذهب شكوك الأفئدة برأيه وحكمته، وما نفسه عليه من الذلّة والحقرّية عنده، وأنه يحسبها ساكنة في بعض السوام. وعجب أن مثله يطلب الرشد ممن لا رشد عنده، فيكون كالقمر الذي هو دائب في خدمة ربّه ليلا ونهارا، يطلب الحقيقة من أقمر [2] بفلاة يرد الماء على الصائد ويصيب قلبه بسهم. وقد ذكر- أيد الله الحقّ بحياته- بيتا من أبيات على الحاء، ذكر وليّه ليعلم غيره ما هو عليه من الاجتهاد في التدين، وما حيلته في الآية المنزلة التي هي قوله: مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي (الأعراف: 178) وأولها: غدوت مريض العقل والدين فالقني ... لتعلم أنباء الأمور الصحائح فلا تأكلن ما أخرج الماء ظالما ... ولا تبغ قوتا من غريض الذبائح ولا يقدر أحد يدفع أنّ الحيوان البحريّ لا يخرج من الماء إلا وهو كاره، وإذا سئل المعقول عن ذلك لم يقبّح ترك أكله وإن كان حلالا، لأن المتدينين لم يزالوا   [1] تاج الأمراء لقب الأمير ثمال بن صالح المرداسي، ويلقب أيضا معز الدولة. [2] الأقمر: صفة للحمار. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 347 يتركون ما هو لهم حلال مطلق: وأبيض أمّات أرادت صريحه ... لأطفالها دون الغواني الصرائح والمراد بالأبيض اللبن، ومشهور أنّ الأم إذا ذبح ولدها وجدت عليه وجدا عظيما، وسهرت لذلك ليالي، وقد أخذ لحمه وتوفّر على أصحاب أمّه ما كان يرضع من لبنها، فأيّ ذنب لمن تحرّج عن ذبح السليل، ولم يرغب في استعمال اللبن، ولا يزعم أنه محرم، وإنما تركه اجتهادا في التعبّد ورحمة للمذبوح رغبة أن يجازى عن ذلك بغفران خالق السماوات والأرض؟! وإذا قيل إن الله سبحانه يساوي بين عباده في الأقسام فأيّ شيء أسلفته الذبائح من الخطأ حتى تمنع حظّها من الرأفة والرفق؟ فلا تفجعنّ الطير وهي غوافل ... بما وضعت فالظلم شرّ القبائح وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن صيد الليل، وذلك أحد القولين في قوله عليه الصلاة والسلام: «أقرّوا الطير في وكناتها» ، وفي الكتاب العزيز: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ (المائدة: 95) إلى غيرها من الآي في المعنى، فإذا سمع من له أدنى حسّ هذا القول فلا لوم عليه إذا طلب التقرّب إلى ربّ السموات والأرضين بأن يجعل صيد الحلّ كصيد الحرم، وإن كان ذلك ليس بمحظور. ودع ضرب النحل الذي بكرت له ... كواسب من أزهار نبت فوائح لما كانت النحل تحارب الشائر عن العسل بما تقدر عليه، وتجتهد أن تردّه عن ذلك، فلا غرو إن أعرض عن استعماله رغبة في أن تجعل النحل كغيرها مما يكره فيه ذبح الأكيل وأخذ ما كان يعيش به لتشربه النساء كي يبدنّ، وغيرها من بني آدم. وقد وصفت الشعراء ذلك فقال أبو ذؤيب يصف مشتار العسل [1] : إذا لسعته النحل لم يرج لسعها ... وخالفها في بيت نوب عواسل [2] وروي عن علي عليه السلام حكاية معناها أنه كان له دقيق شعير في وعاء يختم   [1] شرح أشعار الهذليين 1: 144. [2] لم يرج لسعها: لم يبال به؛ النوب التي تذهب وتجيء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 348 عليه، فإذا كان صائما لم يختم على شيء من ذلك الدقيق، وقد كان عليه السلام يصل إلى غلّة كثيرة، ولكنه كان يتصدّق بها ويقتنع أشدّ اقتناع. وروي عن بعض أهل العلم أنه قال في بعض خطبه إن غلته تبلغ في السنة خمسين ألف دينار. وهذا يدلّ على أن الأنبياء والمجتهدين من الأئمة يقصرون نفوسهم ويؤثرون بما يفضل منهم أهل الحاجة. وقد عدل سيدنا الرئيس إلى الإيماء بأنّ من ترك أكل اللحم ذميم، ولو أخذ بهذا المذهب لوجب على الإنسان أن لا يصلّي صلاة إلا ما افترض عليه، لأن ما زاد على ذلك أدّاه إلى كلفة، والله تبارك وتعالى لا يريد ذلك، ولوجب [أن] الذي له مال كثير، إذا أخرج عن الذهب ربع العشر، لا يحسن به أن يزيد على ذلك، وقد حثّ الناس على النفقات في غير موضع من الكتاب الأشرف. والعبد الضعيف العاجز قد افتقر الى مثل ذلك، ولو مثل بحضرته السامية لعلم أنه لم يبق فيه بقية لأن يسأل ولا أن يجيب لأن أعضاءه متخاذلة، وقد عجز عن القيام في الصلاة، فإنما يصلّي قاعدا، والله المستعان. وكيف له أن يكون يصل إلا أن يدبّ على عكاز (ثم استشهد على عجزه بأشعار العرب) وإني لأعجز إذا اضطجعت عن القعود، فربما استعنت بانسان، فإذا همّ بإعانتي وبسط يديه لنهضتي ضربت عظامي لأنهن عاريات من كسوة كانت عليهن. وأما استشهاده ببيت أبي الطيب فمن استرشد بمثل العبد الضعيف العاجز مثله مثل من طلب في القتادة ثمر النخلة، وإنما حمل سائله على ذلك حسن الظنّ الذي هو دليل على كرم الطبع وشرف النفس وطهارة المولد وخالص الخيم. وأما ما ذكره من المكاتبة في توسيع الرزق عليّ فيدلّ على إفضال ورثه عن أب فأب وجدّ في إثر جد حتى يصل النسب إلى التراب، فالعبد الضعيف العاجز ما له رغبة في التوسّع ومعاودة الأطعمة، وتركها صار له طبعا ثانيا، وأنه ما أكل شيئا من حيوان خمسا وأربعين سنة: والشيخ لا يترك أخلاقه ... حتى يوارى في ثرى رمسه [1]   [1] البيت لصالح بن عبد القدوس، انظر نكت الهميان: 171 وتهذيب ابن عساكر 6: 371. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 349 وقد علم أن السيد الأجلّ تاج الأمراء فخر الملك عمدة الإمامة وعدّة الدولة ومجدها ذا الفخرين نصيف أولاد سام وحام ويافث. وودّ العبد الضعيف العاجز لو أن قلعة حلب وجميع جبال الشام جعلها الله ذهبا لينفقه تاج الأمراء نصير الدولة النبوية- على إمامها السلام وكذلك على الأئمة الطاهرين من آبائه- من غير أن يصير إلى العبد الضعيف من ذلك قيراط، وهو يستحيي من حضرة تاج الأمراء أن ينظر إليه بعين من رغب في العاجلة بعدما ذهب، وهو رضي أن يلقى الله- جلت قدرته- وهو لا يطالب إلا بما فعل من اجتناب اللحوم، فإن وصل إلى هذه الرتبة فقد سعد (ثم اعتذر عن السجع بأخبار أوردها واحتجاجات ذكرها) . وسيدنا الرئيس الأجل المؤيد في الدين- لا زالت حجّته باهرة ودولته عالية- كما قال ثعلبة بن صعير [1] : ولربّ قوم ظالمين ذوي شذى ... تغلي صدورهم بهتر هاتر [2] لدّ ظأرتهم على ما ساءهم ... وخسأت باطلهم بحقّ ظاهر [3] ولو ناظر أرسطاليس لجاز أن يفحمه، أو أفلاطون لنبذ حججه خلفه، والله يجمّل بحياته الشريعة، وينصر بحججه الملة، وحسبي الله ونعم الوكيل. 5- الجواب من ابن أبي عمران: ما فاتحت الشيخ- أحسن الله توفيقه- بالقول إلا مفاتحة متناكر عليه فيه، مؤثر لأن يخفى من أين جاء السؤال، فيكون الجواب عنه باسترسال ورفض حشمة وحذف تكلّف للخطاب بسيّدنا والرئيس وما يجري هذا المجرى، إذ كان حكم ما يتجارى فيه موجبا أن لا يتخلله شيء من زخارف الدنيا، ولأنني أعتقد أن سيدي بالحقيقة من تستفل دون يده يداي أخذا منه للدنيا، أو تمتار نفسي من نفسه استفادة من معالم الأخرى. فما أدري كيف انعكست الحال حتى صار الشيخ- أدام الله تأييده- يخاطبني   [1] ثعلبة بن صعير شاعر جاهلي قديم، وبيتاه من قصيدة له مفضلية، انظر شرح ابن الأنباري: 254- 256. [2] الشذى: الأذى، الهتر الهاتر: الكلام القبيح. [3] لد: شديد والخصومة، ظأرتهم: عطفتهم: خسأت: زجرت ودفعت. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 350 بسيدنا والرئيس، ولست مفضلا عليه في دنيا ولا دين، بل شادّ راحلتي إليه لاستفادة إن وردت موردها أو صادفت نهلا أو علّا منها قابلتها بالشكر لنعمته والإسجال على نفسي بأستاذيته. وبعد، فإني أعلمه- أدام الله سلامته- أني شققت جيب الأرض من أقصى دياري إلى مصر، وشاهدت الناس بين رجلين: إما منتحل لشريعة صبا إليها ولهج بها إلى الحدّ الذي إن قيل له من أخبار شرعه: إن فيلا طار أو جملا باض لما قابله إلا بالقبول والتصديق، ولكان يكفّر من يرى غير رأيه فيه ويسفّهه ويلعنه، والعقل عند من هذه سبيله في مهواة وفي مضيعة، فليس يكاد ينبعث [لأن يعلم] ان هذه الشريعة التي هو منتحلها لم يطوّق طوقها ولم يسوّر سوارها الا بعد لموع نور العقل منه، فكيف يصحّ تولّيه أولا وعزله آخرا؟ [أو منتحل للعقل يقول إنه حجة لله تعالى على عباده، مبطل لجميع ما للناس فيه، مستخفّ بأوضاع الشرائع] ... [1] . فلما رمت بي المرامي إلى الشام وسمعت أن الشيخ- وفقه الله- بفضل في الأدب والعلم قد اتفقت عليه الأقاويل، ووضح به البرهان والدليل، ورأيت الناس في ما يتعلّق بدينه مختلفين، وفي أمره متبلبلين، فكلّ يذهب فيه مذهبا، وحضرت مجلسا جليلا أجري فيه ذكره، فقال الحاضرون فيه غثا وسمينا فحفظته في الغيب، وقلت: إن المعلوم من صلابته في زهده يحميه من الظنة والريب، وقام في نفسي أن عنده من حقائق دين الله سرّا قد أسبل عليه من البقية سترا، وأمرا يميز به عن قوم يكفّر بعضهم بعضا، ولما سمعت البيت: غدوت مريض العقل ... توثقت من خلدي فيما حدثت عقوده، وتأكدت عهوده، وقلت: إن لسانا يستطيع بمثل هذه الدعوى نطقا، ويفتق من هذا الفخر العظيم رتقا، للسان صامت عنده كلّ ناطق، من ذروة جبل للعلم شاهق، فقصدته قصد موسى للطور أقتبس منه نارا، وأحاول أن أرفع بالفخر منارا، لمعرفة ما تخلّف عن معرفته المتخلفون، واختلف في حقيقته المختلفون، فأدليت دلوي بالمسألة الخفيفة التي سألت عنها ترقّيا من دون إلى فوق، وتدرّجا من   [1] لا بد من هذه الزيادة بناء على قوله من قبل: وشاهدت الناس بين رجلين ... الخ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 351 صغير إلى كبير، فكان جوابه أنه يصغر عن أن يكون للاسترشاد محلا، فقلت: هذه زيادة في فضله، وما يجوز صدور مثله عن مثله. ثم انتهى إلى الإحالة على كون الناس ممن تقدّم أو تأخر في وادي الحيرة تائهين، وفي أذيالها متعثرين، من قائل يقول إن الخير والشرّ من الله، ومجيب يجيبه هل كان ما كان يستعيذ منه رسول الله صلى الله عليه وسلم من وعث السفر وكلّ مستعاذ منه خيرا أو شرا؟ فإن كان خيرا فالاستعاذة منه باطلة، وان كان شرا والله مريده فالاستعاذة منه كذلك فضول وزيادة في المعنى. وسؤال من يسأل هل كان سمّ الحسن وقتل الحسين عليهما السلام خيرا أو شرا؟ فإن كان خيرا فاللعنة على القاتل من أي جهة، وان كان شرا والله مريده زال اللوم عن القاتل. وقائل يقول: إنّ الخير من الله والشرّ من غيره، ومجيب يجيب بالجواب الذي يقطع به الأسباب، وغير ذلك مما أطال به الخطاب من أشعار الملحدة وأقوالهم، فكان جوابي- أدام الله سلامته- أنني من هؤلاء الذين [ذكرتهم] تبريت اليك، وتطارحت عليك، وان كلامهم عندي قبل أن علّلته عليل، وهو على مسامع القبول منّي ثقيل، فافتح لي إلى ما عندك بابا، وافسح لي من لدنك جنابا، فلم يفعل. ثم خاطبته على امتناعه من أكل اللحوم فاحتجّ بكونه متحرجا من قصدها- أعني البهائم- بالمضرّة والايلام، متعففا عنها لهذه الجهة، فقطعت لسان حجته بعد تناهيها وقلت: إذا كان الله تعالى سلّط بعضها ليأكل بعضا، وهو أعرف بوجوه الحكمة وأرأف بالخليقة، فلا يكن أرأف بها من ربها ولا أعدل فيها من خالقها. ثم عدل إلى قصور يد الاستطاعة دون ذلك، إذ كان القدر الذي هو له في السنة منصرفا إلى من يتولّى خدمته أكثره وخالصا له أقلّه، فقطعت الحجة في هذا الباب أيضا، وعيّنت له على جهة كريمة من الذين لا يتبعون ما أنفقوا منّا ولا أذى من يقوم بقدر كفايته من أطيب ما يأكلون، وأزكى ما في البيوت يدّخرون؛ فتجافت نفسه- وقاها الله السوء- عن هذا الباب أيضا، وكتب في الجواب الثاني بأنه لا يؤثر ذلك ولا يرغب فيه ولا يخرق عادته المستمرة في الترك، وابتدأ يقول إني طلبت الرشد ممن لا رشد عنده وان البيت الذي قاله مما تعلقت به وجعلته محجة إلى استقراء طريقته ومذهبه، إنما أراد الإعلام باجتهاده في التديّن، وما حيلته في الآية المنزلة مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِداً (الكهف: 17) فجمع بين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 352 المتضادّين في كلمة واحدة. إنه إن كانت الآية حقا كان الاجتهاد باطلا، وقال: إن لله سبحانه أسرارا لا يقف عليها إلا الأولياء، فنحن على ذلك السرّ ندور، وعلى باب من هو عنده نطوف. فإن قلنا إنه- حرسه الله- من أصحابه بدعوى صحّته في دينه وعقله ومرض الناس على موجب قوله، قال: لا رشد عندي، فنظمه في هذا المعنى يناقض نثره، ونثره يخالف نظمه، فكيف الحيلة؟ ثم قال إن البيت المقول: غدوت مريض العقل والدين فالقني ... لتعلم أنباء العقول الصحائح يؤدي معناه البيت الثاني: فلا تأكلن ما أخرج الماء ظالما ... ولا تبغ قوتا من غريض الذبائح فكان مرض الدين والعقل من جهة أكل اللحوم وشرب الألبان وتناول العسل، فمن ترك هذه المطاعم كان صحيحا دينه وعقله، وهو يعلم أن مصحّة الأديان والعقول لا تقوم بذلك، ولا يجوز أن يكون هذا البيت الثاني ناسخا لحكم الأول، فيكون محصول دعواه في فقر الناس إلى أن يصحّ دينهم وعقلهم هو أن يقول لهم: لا تأكلوا اللحم واللبن. وأما قوله: إنّ الحيوان البحريّ كاره أن يخرج إلى البرّ وأنه ليس يقبح في العقول ترك أكله، وإن كان حلالا، لأن المتدينين لم يزالوا يتركون ما لهم طلق، فما من حيوان بحريّ ولا برّي هو أجلّ من هذا الانسان الحيّ العاقل، وهو كاره للموت، فيموت، وكاره لأن يأكله شيء، والدود تأكله في قبره، فإن كان ذلك صادرا عن موضع حكمة كان ما ذكره من الحيوان البريّ والبحري جاريا في مضمار هذا مثلا بمثل، وان كان معدولا به عن وجه الحكمة كان محالا أن يكون صانعي سفيها، وأكون وأنا مصنوعه حكيما. وأما قوله إن النبي صلى الله عليه وسلم صلّى إلى أن تقرّحت قدماه، فقيل له فيه فقال: أفلا أحبّ أن أكون عبدا شكورا، فما هذا مما نحن عليه في شيء، والانسان له أن يصلّي ما شاء من الصلوات في الأوقات التي تجوز فيها الصلاة على أن لا يزيد في الفرائض ولا ينقص منها، وهذا الكلام شرعيّ، وكانت النصبة للتكلّم على العقليات. وأما قوله إنه عليه السلام حرّم صيد الحرم، وان لغيره أن يحرّم صيد الحلّ تقربا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 353 إلى الله سبحانه، فليس لأحد أن يحلّل أو يحرّم غيره. وأما قوله إن عليا عليه السلام لما قدّم الخبيص سأل: هل أكل النبي صلى الله عليه وسلم منه؟ فلما قالوا: لا، رفعه ولم يأكله، فهذه الحجة عليه لا له، فإن الناس مجمعون على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفارق أكل اللحم، وهو يهجره دهره، وذلك بالضدّ سواء، ولو أنه حرسه الله لم يستظهر عليّ بالشريعة ولم يتجاوز نصبة العقل لصنته عن هذا الجواب الذي عسى أن يشغل سرّه، ويعز عليّ ذلك. وأما ما شكاه من ضعفه وقصور حركته وأنه لم يبق فيه بقية لأن نسأل ولا أن يجيب، فما هو- حرسه الله- على علّاته من الضعف والقوة إلا من محاسن الزمان، وممن سارت بذكر فضله الركبان، إلا أنه على عدوان الدهر عليه عدا على نفسه بحرمانها ملاذّ دنياها، فإن وثقت نفسه بملاذّ تعتاض عنها مما هو خير وأبقى منها فما خسرت صفقته وقام مصداق قوله بالبيت المقدم ذكره، وان كان يوسم بميسم الشحّ بمنع المنتجعين وردّ السائلين. وان كان شقّ على نفسه من غير بصيرة، كما يدّعيه الآن، خوضا مع الخائضين، وتحيرا مع أمثالنا من المتحيرين، فقد أضاعها وجنى عليها وادعى في البيت المقدّم ذكره ما لا برهان له. والغرض في السؤال والجواب الفائدة، وإذا عدمت فقد خفّف الله عنه أن يتكلّف جوابا. واما الأسجاع ومسألتي التخلي عنها فما كانت إلّا شحا بالمعاني ان نضلّ بتتبعها، ولأنني إذا تتبعت فضله بصناعته في الأدب والشعر وجدت في أرضه مراغما كثيرا وسعة، ومن أين لي أن أظهر على مكنون جواهر علوم دينه كظهوري على مصنفّات أدبه وشعره. وقبل وبعد فأنا أعتذر عن سرّ له أدام الله حراسته أذعته، وزمان منه بالقراءة والاجابة شغلته، لأنني من حيث ما نفعته ضررته، والله تعالى يعلم أني ما قصدت به غير الاستفادة من علمه، والاغتراف من بحره، والسلام. وكنا بحضرة القاضي الأكرم الوزير جمال الدين أبي الحسن علي بن يوسف بن إبراهيم الشيباني- حرس الله مجده- وفيه جماعة من أهل الفضل والأدب، فقال أبو الحسن علي بن عدلان النحوي الموصلي: حضرت بدمشق عند محمد بن نصر بن عنين الشاعر وزير المعظم، فجاءته رقعة طويلة عريضة خالية من معنى، فارغة من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 354 فائدة فألقاها إليّ قائلا: هل رأيت قطّ رقعة أسقط أو أدبر من هذه، مع طول وعرض، فتناولتها فوجدتها كما قال، وشرعت أخاطبه فأومأ إليّ بالسكوت وهو مفكر، ثم أنشدني لنفسه: وردت منك رقعة أسأمتني ... وثنت صدري الحمول ملولا كنهار المصيف ثقلا وكربا ... وليالي الشتاء بردا وطولا فاستحسن أهل المجلس هذه البديهة وعجبوا من حسن المعنى، فقال القاضي الأكرم: ما زلت أستحسن كلاما وجدته على ظهر كتاب ديوان الأعشى في مدينة قفط في سنة خمس وثمانين يتضمن لأبي العلاء المعري [شعرا] يشبه ما في هذين البيتين من المقابلة ضدا بضدّ في موضعين، ولعل هذين البيتين يفضلان على ذلك، فقلنا له: وما ذلك الكلام؟ فقال: حكي أن صالح بن مرداس صاحب حلب نزل على معرّة النعمان محاصرا ونصب عليها المناجيق، واشتدّ في الحصار لأهلها، فجاء أهل المدينة إلى الشيخ أبي العلاء لعجزهم عن مقاومته، لأنه جاءهم بما لا قبل لهم به، وسألوا أبا العلاء تلافي الأمر بالخروج إليه بنفسه، وتدبير الأمر برأيه، إما بأموال يبذلونها أو طاعة يعطونها، فخرج ويده في يد قائده، وفتح له بابا من أبواب معرّة النعمان وخرج منه شيخ قصير يقوده رجل، فقال صالح: هو أبو العلاء فجيئوني به، فلما مثل بين يديه سلّم عليه ثم قال: الأمير أطال الله بقاءه كالنهار الماتع قاظ وسطه وطاب أبرداه، وكالسيف القاطع لان متنه وخشن حدّاه، خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ (الأعراف: 199) فقال صالح (لا تثريب عليكم اليوم) قد وهبت لك المعرة وأهلها وأمر بتقويض الخيام والمناجيق فنقضت ورحل، ورجع أبو العلاء وهو يقول: نجّى المعرة من براثن صالح ... ربّ يعافي كلّ داء معضل ما كان لي فيها جناح بعوضة ... الله ألحفهم جناح تفضل قال أبو غالب ابن مهذب المعري في تاريخه: في سنة سبع عشرة وأربعمائة صاحت امرأة يوم الجمعة في جامع المعرة، وذكرت أن صاحب الماخور أراد أن يغتصبها نفسها، فنفر كلّ من في الجامع وهدموا الماخور، وأخذوا خشبه، ونهبوه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 355 وكان أسد الدولة في نواحي صيدا، فوصل الأمير أسد الدولة فاعتقل من أعيانها سبعين رجلا، وذلك برأي وزيره تادرس بن الحسن الأستاذ، وأوهمه أنّ في ذلك إقامة للهيبة. قال: ولقد بلغني أنه دعي لهؤلاء المعتقلين بآمد وميافارقين على المنابر، وقطع تادرس عليهم ألف دينار، وخرج الشيخ أبو العلاء المعري إلى أسد الدولة صالح وهو بظاهر المعرة، وقال له الشيخ أبو العلاء: مولانا السيد الأجلّ أسد الدولة ومقدّمها وناصحها كالنهار الماتع اشتدّ هجيره وطاب أبراده، وكالسيف القاطع لان صفحه وخشن حداه، خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ (الأعراف: 199) فقال صالح: قد وهبتهم لك أيها الشيخ، ولم يعلم أبو العلاء أنّ المال قد قطع عليهم، والا كان قد سأل فيه، ثم قال الشيخ أبو العلاء بعد ذلك شعرا وهو [1] : تغيبت في منزلي برهة ... ستير العيون فقيد الحسد فلما مضى العمر إلا الأقلّ ... وحمّ لروحي فراق الجسد بعثت شفيعا إلى صالح ... وذاك من القوم رأي فسد فيسمع منّي سجع الحمام ... وأسمع منه زئير الأسد فلا يعجبنّي هذا النّفاق ... فكم نفّقت محنة ما كسد - 102- أحمد بن عبد الرحمن بن نخيل الحميري أبو العباس الشنتمري: يقول فيه أبو العباس أحمد بن عبد العزيز بن غزوان [2] الكاتب الشنتمري، وقد حضر القراءة عليه هو وجماعة من طلبته بشنتمرية: ومجلس ليس لعمري به ... باغ، وباع الخير فيه مديد   [102]- نسبته إلى شنتمرية تدل على أنه أندلسي، ولكني لم أستطع الوقوف على المصدر الذي ينقل عنه ياقوت. ولابن غزوان الشنتمري ترجمة في التكملة 1: 47. [1] اللزوميات 1: 302 (1: 404 صادر) . [2] م: غنزوان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 356 وربما تقضى حياة به ... وينثني العالم فيه بليد يزينه في جمعه فتية ... غرّ كما تدري صباح الخدود ما منهم في جمعهم واحد ... إلا أخو نبل وذهن حديد تجمعوا حول فقيه حوى ... حلما وعلما مع رأي سديد إن خانك التفكير في مشكل ... فانه يبلغ ما قد تريد وإن يقل كان الذي قاله ... ولم يكن فيه لخلق مزيد كأنه بين تلاميذه ... بدر بدا بين نجوم السعود - 103- أحمد بن عبد الله المهاباذي الضرير : من تلاميذ عبد القاهر الجرجاني، له شرح كتاب اللمع. - 104- أحمد بن عبد السيد بن علي يعرف بابن الأشقر النحوي أبو الفضل: متأخر من ساكني قطيعة باب الأزج، ذكره أبو عبد الله ابن الدبيثي في كتابه الذي ذيله على تاريخ السمعاني وقال: هو أديب فاضل، قرأ على أبي زكريا يحيى بن علي الخطيب التبريزي ولازمه حتى برع في فنه، وسمع على علوّ سنه من أبي الفضل محمد بن ناصر السلامي؛ قال: وسمعت من يذكر أنه رأى أبا محمد ابن الخشّاب النحويّ بالقطيعة من باب الازج وهو يسأله عن مسائل من النحو ويباحثه. وقد روى [ابن] الأشقر وأقرأ العربية إلا أن الروايات عنه قليلة.   [103]- ترجمة المهاباذي في الوافي 7: 112 ونكت الهميان: 110 وبغية الوعاة 1: 320. [104]- ترجمة ابن عبد السيد في إنباه الرواة 1: 87 والوافي 7: 64 وبغية الوعاة 1: 324. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 357 - 105- أحمد بن عبد الملك بن أحمد بن عبد الملك بن عمر بن محمد بن عيسى بن شهيد أبو عامر : أشجعي النسب من ولد الوضاح بن رزاح الذي كان مع الضحاك يوم المرج، ذكره الحميدي وقال: إنه مات في جمادى الأولى سنة ست وعشرين وأربعمائة بقرطبة ومولده سنة اثنتي عشرة وثلاثمائة، وأبوه عبد الملك بن أحمد شيخ من شيوخ وزراء الدولة العامرية ومن أهل الأدب والشعر، وجدّه أحمد بن عبد الملك ذو الوزارتين من أهل الأدب وكان في أيام عبد الرحمن الناصر له شعر وبديهة ولم يخلف لنفسه نظيرا في علمي النظم والنثر. قال: وهو من العلماء بالأدب ومعاني الشعر وأقسام البلاغة، وله حظ من ذلك، بسق فيه، ولم ير لنفسه في البلاغة أحدا يجاريه، وله كتاب «حانوت عطار» في نحو من ذلك، وسائر رسائله وكتبه نافعة الجد كثيرة الهزل، وشعره كثير مشهور. وقد ذكره أبو محمد علي بن أحمد [1] مفتخرا به فقال: ولنا من البلغاء أحمد بن عبد الملك بن شهيد، وله من التصرّف في وجوه البلاغة وشعابها مقدار ينطق فيه بلسان مركّب من لساني عمرو وسهل [2] ومن شعر أبي عامر المختار [3] : وما ألان قناتي غمز حادثة ... ولا استخفّ بحلمي قطّ إنسان أمضي على الهول قدما لا ينهنهني ... وأنثني لسفيهي وهو حردان   [105]- ترجمة ابن شهيد في الجذوة: 124 (بغية الملتمس رقم: 437) والمطمح: 16 والمطرب: 147 والذخيرة 1: 191 واليتيمة 2: 35 واعتاب الكتاب: 203 وابن خلكان 1: 116 والمغرب 1: 78 والخريدة 2: 555 والوافي 7: 144 والمسالك 11: 206 وقد جمع شعره كل من شارل بلا (بيروت 1963) ويعقوب زكي (القاهرة 1969) ولشارل بلا محاضرات عنه (عمان: 1966) وانظر فصلا عنه في كتابي تاريخ الأدب الأندلسي- عصر سيادة قرطبة: 270 (الطبعة الثانية) . [1] يعني ابن حزم الفقيه، وقوله هذا في رسالته في فضل أهل الأندلس (رسائل ابن حزم 2: 188) . [2] أي الجاحظ عمرو بن بحر وسهل بن هارون. [3] الديوان (زكي) : 161. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 358 ولا أقارض جهالا بجهلهم ... والأمر أمري والأيام أعوان أهيب بالصبر والشحناء ثائرة ... وأكظم الغيظ والأحقاد نيران وقوله [1] : ألمت بالحبّ حتى لو دنا أجلي ... لما وجدت لطعم الموت من ألم وذادني كرمي عمن ولهت به ... ويلي من الحبّ أو ويلي من الكرم قال، وقال أبو محمد علي بن أحمد: ولم يعقب أبو عامر، وانقرض عقب الوزير أبيه بموته، وكان جوادا لا يليق شيئا ولا يأسى على فائت، عزيز النفس مائلا إلى الهزل، وكان له من علم الطبّ نصيب وافر. - 106- أحمد بن عبد الملك بن علي بن أحمد بن عبد الصمد بن بكر المؤذن أبو صالح النيسابوري : الحافظ الأمين الخيّر الثقة المحدّث الصوفي نسيج وحده في طريقته وجمعه وإفادته. ولد في سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة ومات لتسع خلون من شهر رمضان سنة سبعين وأربعمائة، وذكره أبو سعد السمعاني في «المذيل» فقال، ومن خطه نقلت: كان عليه الاعتماد في الودائع من كتب الحديث المجموعة في الخزائن الموروثة عن المشايخ، الموقوفة على أصحاب الحديث، وكان يصونها ويتعهّد حفظها ويتولّى أوقاف المحدثين من الحبر والكاغد وغير ذلك، ويقوم بتفرقتها عليهم وإيصالها إليهم، وكان يؤذّن على منارة المدرسة البيهقية سنين احتسابا، ووعظ المسلمين وذكرهم، وكان يأخذ صدقات الرؤساء والتجار ويوصلها إلى ذوي الحاجات، ويقيم مجالس الحديث. وكان إذا فرغ جمع وصنّف وأفاد. وكان حافظا ثقة دينا خيرا كثير السماع واسع الرواية، جمع بين الحفظ والإفادة والرحلة وكتب الكثير بخطه.   [106]- ترجمة المؤذن النيسابوري في تاريخ بغداد 4: 267 والوافي 7: 156. [1] الديوان: 151. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 359 ثم ذكر أبو سعد جماعة كثيرة ممن سمع عليه بجرجان والريّ والعراق والحجاز والشام ثم قال: كما تنطق به تصانيفه وتخريجاته، ولم يتفرغ للإملاء لاشتغاله بالمهمات التي هو بصددها. ثم ذكر جماعة رووا عنه، ثم قال: وصنّف التصانيف وجمع الفوائد وعمل التواريخ، منها: كتاب التاريخ لبلدنا مرو، ومسوّدته عندنا بخطّه، وأثنى عليه ثناء طويلا، وذكر أن الخطيب أبا بكر ذكره في تاريخه، وأنه كتب عنه وكتب هو عن الخطيب [1] ، ووصفه بالحفظ والمعرفة والذبّ عن حديث النبي صلى الله عليه وسلم، ثم روى عنه أخبارا وأسانيد لغيره منها ما أسنده إليه، وقال: أنشد الشريف أبو الحسن عمران بن موسى المغربي لنفسه: جزيت وفائي منك غدرا وخنتني ... كذاك بدور التمّ شيمتها الغدر وحاولت عند البدر والشمس سلوة ... فلم يسلني يا بدر شمس ولا بدر وفي الصدر منّي لوعة لو تصورت ... بصورة شخص ضاق عن حملها الصدر أمنت اقتدار البين من بعد بينكم ... فما لفراق بعد فرقتكم قدر - 107- أحمد بن عبد الوهاب بن هبة الله بن محمد بن علي بن الحسين بن يحيى بن السيبيّ أبو البركات بن أبي الفرج مؤدب الخلفاء: كانت له معرفة حسنة بالآداب، ومات في سادس عشري المحرم سنة أربع عشرة وخمسمائة عن ست وخمسين سنة وثلاثة أشهر. قال أبو الفرج ابن الجوزي: كان أبو البركات يعلّم أولاد المستظهر، وكان له أنس بالمسترشد، فلما قبض على ابن الجزري صاحب المخزن ولي ابن السيبي مكانه   [107]- ترجمة ابن السيبي في المنتظم 9: 219 ونزهة الألباء: 268 ومرآة الزمان 8: 91 والوافي 7: 162. [1] قال الخطيب: قدم علينا وهو شاب في حياة أبي القاسم ابن بشران، ثم عاد إلى نيسابور وقدم علينا مرة ثانية في سنة 434 فكتب عني في ذلك الوقت وكتبت عنه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 360 النظر في المخزن سنة وثمانية أشهر، وكان عالما بالأدب والشعر، كثير الإفضال على أهل العلم، وخلّف من المال ما حزر بمائة ألف دينار، ووقف وقوفا على مكة والمدينة. - 108- أحمد بن عبيد بن ناصح بن بلنجر أبو جعفر النحوي الكوفي : يعرف بأبي عصيدة، ديلمي الأصل من موالي بني هاشم، حدّث عن الواقديّ والأصمعي وأبي داود الطيالسي وزيد بن هارون وغيرهم، وروى عنه القاسم بن محمد بن بشار الأنباري وأحمد بن حسن بن شهير، ومات فيما ذكره أبو عبد الله محمد بن شعبان بن هارون ابن بنت الفريابي في «تاريخ الوفيات» له في سنة ثلاث وسبعين ومائتين. قالوا: وكان ضعيفا فيما يرويه. وله من التصانيف: كتاب المقصور والممدود. وكتاب المذكر والمؤنث. وكتاب الزيادات في معاني الشعر لابن السكيت في إصلاحه. وكتاب عيون الأخبار والأشعار. وحدث محمد بن إسحاق النديم قال: كان أبو عصيدة وابن قادم يؤدّبان ولد المتوكل، قال: لما أراد المتوكل أن يتخذ المؤدبين لولده جعل ذلك إلى إيتاخ، فأمر إيتاخ كاتبه أن يتولّى ذلك، فبعث إلى الطوال والأحمر وابن قادم وأبي عصيدة هذا وغيرهم من أدباء ذلك العصر، فأحضرهم مجلسه وحضر أبو عصيدة فقعد في آخر الناس، فقال له من قرب منه: لو ارتفعت، فقال: بل أجلس حيث انتهى بي المجلس، فلما اجتمعوا قال لهم الكاتب: لو تذاكرتم وقفنا على موضعكم من العلم واخترنا، فألقوا بينهم بيت ابن غلفاء [2] الفزاري:   [108]- ترجمة أبي عصيدة في طبقات الزبيدي: 204 والفهرست: 79- 80 ومراتب النحويين: 97 وتاريخ بغداد 4: 258 وإنباه الرواة 1: 84 ونزهة الألباء: 142 والوافي 7: 166 وبغية الوعاة 1: 333 وتهذيب التهذيب 1: 60. [1] م: عنقاء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 361 ذريني إنما خطأي وصوبي ... عليّ وإن ما أنفقت مال فقالوا: ارتفع مال بانما إذ كانت ما بمعنى الذي، ثم سكتوا، فقال لهم أحمد بن عبيد من آخر الناس: هذا الإعراب فما المعنى؟ فأحجم الناس عن القول، فقيل له: فما المعنى عندك؟ قال: أراد ما لومك إياي وإنما أنفقت مالا ولم أنفق عرضا، فالمال لا ألام على إنفاقه؛ فجاءه خادم من صدر المجلس فأخذ بيده حتى تخطّى به إلى أعلاه وقال له: ليس هذا موضعك، فقال: لأن أكون في مجلس أرتفع منه إلى أعلاه أحبّ إليّ من أن أكون في مجلس أحطّ عنه. فاختير هو وابن قادم. قرأت بخطّ أبي منصور الأزهري في «كتاب التهذيب في اللغة» [1] له، أخبرني المنذري عن القاسم بن محمد الأنباري عن أحمد بن عبيد بن ناصح قال: كنا نألف مجلس أبي أيوب ابن أخت الوزير، فقال لنا يوما- وكان ابن السكيت حاضرا- ما تقول في الأدم من الظباء؟ فقال: هي البيض البطون السّمر الظهور، يفصل بين لون ظهورها وبطونها جدّتان مسكيّتان، قال: فالتفت إليّ وقال: ما تقول يا أبا جعفر؟ فقلت: الأدم على ضربين، أما التي مساكنها الجبال في بلاد قيس فهي على ما وصف، وأما التي مساكنها الرمل في بلاد تميم فهي البيض الخوالص البياض [فأنكر يعقوب] . واستأذن ابن الأعرابي على أثر ذلك، فقال أبو أيوب: قد جاءكم من يفصل بينكم، فدخل فقال له أبو أيوب: يا أبا عبد الله، ما تقول في الأدم من الظباء، فتكلم كأنما ينطق عن لسان ابن السكّيت، فقلت: يا أبا عبد الله، ما تقول في ذي الرمة؟ قال: شاعر، قلت: ما يقول في قصيدته صيدح؟ قال: هو بها أعرف منّا بها. قال: فأنشدته قوله: من المؤلفات الرمل أدماء حرّة ... شعاع الضّحى في متنها يتوضّح فسكت ابن الأعرابي وقال: هي العرب تقول ما شاءت. وبخط عبد السلام البصري، حدثنا أبو الحسن محمد بن يوسف بن موسى سبط [ ... ] قال حدثنا أبو القاسم عبيد الله بن محمد بن جعفر الأزدي قال: سمعت أحمد بن   [1] التهذيب 14: 215. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 362 عبيد بن ناصح يقول: لما أراد المتوكل أن يعقد للمعتز ولاية العهد حططته عن مرتبته [1] قليلا وأخّرت غداءه عن وقته، فلما كان وقت الانصراف قلت للخادم: احمله، فضربته من غير ذنب، فكتب بذلك إلى المتوكل، فأنا في الطريق منصرفا إذ لحقني صاحب رسالة، فقال: أمير المؤمنين يدعوك، قال: فدخلت على المتوكل وهو جالس على كرسيّ، والغضب يتبيّن في وجهه، والفتح بن خاقان قائم بين يديه متكئا على السيف، فقال لي: ما هذا الذي فعلته يا أبا عبد الله؟ قلت: أقول يا أمير المؤمنين؟ فقال: قل فاني إنما سألتك لتقول، قلت: بلغني ما عزم عليه أمير المؤمنين- أطال الله بقاءه- فدعوته وحططت منزلته، ليعرف هذا المقدار فلا يعجل بزوال نعمة أحد، وأخّرت غداءه ليعرف هذا المقدار من ألم الجوع فإذا شكي إليه الجوع عرف ذلك، وضربته من غير ذنب ليعرف مقدار الظلم فلا يعجل على أحد، قال فقال لي: أحسنت، وأمر لي بعشرة آلاف درهم ثم لحقني رسول قبيحة بعشرة آلاف أخرى، فانصرفت بعشرين ألفا. قال وحدثنا أبو القاسم الأزدي قال: سمعت أحمد بن عبيد بن ناصح يحدث أبي قال، قال لي المعتز يوما: يا مؤدبي تصلّي جالسا وتضربني قائما؟ قال فقلت له: كيف تراني أؤدي فرضي؟ قائما أو قاعدا؟ قال فقال لي: بل تؤدي الفرض قائما، فقلت له: وضربك أيضا من الفروض ولا أؤدي فرضي إلا قائما. وقال عبد الله بن عدي الحافظ: أحمد بن عبيد أبو عصيدة النحوي كان بسرّ من رأى يحدّث عن الأصمعيّ ومحمد بن مصعب القرقساني بمناكير. وقال أبو أحمد الحافظ النيسابوري وذكره فقال: لا يتابع على جلّ حديثه. قال أبو بكر محمد بن القاسم الأنباري أنشدني أبي قال: أنشدنا أحمد بن عبيد: ضعفت عن التسليم يوم فراقها ... فودّعتها بالطّرف والعين تدمع وأمسكت عن ردّ السلام فمن رأى ... محبا بطرف العين قبلي يودع رأيت سيوف البين عند فراقها ... بأيدي جنود الشّوق بالموت تلمع [2] عليك سلام الله مني مضاعفا ... إلى أن تغيب الشمس من حيث تطلع   [1] ر: رتبته [2] ر: ترفع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 363 - 109- أحمد بن عبيد الله بن محمد بن عمار أبو العباس الثقفي الكاتب المعروف بحمار العزيز: كذا قال الخطيب قال: وله مصنفات في مقاتل الطالبيين وغير ذلك، وكان يتشيع، ومات في سنة أربع عشرة وثلاثمائة، حدث عن عثمان بن أبي شيبة وسليمان بن أبي شيخ وعمر بن شبة ومحمد بن داود بن الجراح وغيرهم. روى عنه القاضي الجعابي وابن زنجي الكاتب وأبو عمرو ابن حيويه وأبو الفرج علي بن الحسين الأصفهاني وغيرهم. وفيه يقول ابن الرومي [1] : وفي ابن عمّار عزيريّة ... يخاصم الله بها والقدر ما كان لم كان وما لم يكن ... لم لم يكن فهو وكيل البشر هذا ما ذكره الخطيب. ووجدت في كتاب ألفه أبو الحسن علي بن عبيد الله بن المسيب الكاتب في «أخبار ابن الرومي» - وكان ابن المسيّب هذا صديقا لابن الرومي وخليطا له- قال: كان أحمد بن محمد بن عبيد الله بن عمار (هكذا قال في نسبه بتقديم محمد على عبيد الله) صديقا لابن الرومي كثير الملازمة له، وكان ابن الرومي يعمل له الأشعار وينحله إياها يستعطف بها من يصحبه، وكان ابن عمار محدودا فقيرا وقّاعة في الأحرار، وكان أيام افتقاره كثير التسخّط لما تجري به الأقدار، في آناء الليل والنهار، حتى عرف بذلك، فقال له علي بن العباس بن الرومي يوما: يا أبا العباس قد سمّيتك العزير، قال له: وكيف وقعت لي على هذا الاسم؟ قال: لأن العزير خاصم ربه بأن أسال من دماء بني إسرائيل على يدي بخت نصر سبعين ألف دم، فأوحى الله [إليه] لئن لم تترك مجادلتي في قضائي لأمحونّك من ديوان النبوة. وقال فيه: وفي ابن عمار عزيرية   [109]- ترجمة ابن عمار في تاريخ بغداد 4: 252 والوافي 7: 171 وقد اعتمد الآمدي في الموازنة على احدى رسائله. [1] ديوان ابن الرومي 3: 913. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 364 وذكر البيتين اللذين في كتاب الخطيب، وزاد: لا بل فتى خاصم في نفسه ... لم لم يفز قدما وفاز البقر وكلّ من كان له ناظر ... صاف فلا بدّ له من نظر وكتب ابن الرومي إلى أحمد بن محمد بن بشر المرثدي قصيدة يمدحه بها ويهنئه بمولود ولد له، ويحضه على برّ ابن عمار والاقبال عليه، يقول فيها [1] : ولي لديكم صاحب فاضل ... أحبّ أن يبقى [2] وأن يصحبا مبارك الطائر ميمونه ... خبّرني عن ذاك من جرّبا بل عندكم من يمنه شاهد ... قد أفصح القول وقد أعربا جاء فجاءت معه غرّة ... تقيّل الناس بها كوكبا إن أبا العباس مستصحب ... يرضي أبا العباس مستصحبا لكنّ في الشيخ عزيرية ... قد تركته شرسا مشغبا فاشدد أبا العباس كفّا به ... فقد ثقفت المخطب المحربا باقعة إن أنت خاطبته ... أعرب أو فاكهته أغربا أدّبه الدهر بتصريفه ... فأحسن التأديب إذ أدبا وقد غدا ينشر نعماءكم ... في كلّ ناد موجزا مطنبا والقصيدة طويلة. قال: وصار محمد بن داود بن الجراح يوما إلى ابن الرومي مسلّما عليه، فصادف عنده أبا العباس أحمد بن محمد بن عمار، وكان من الضيق والإملاق في النهاية، وكان علي بن العباس مغموما به، فقال محمد بن داود لابن الرومي ولأبي عثمان الناجم: لو صرتما إليّ وكثرتما بما عندي لأنس بعضنا ببعض، فأقبل ابن الرومي على محمد بن داود فقال: أنا في بقية علة، وأبو عثمان مشغول بخدمة صاحبه   [1] ديوان ابن الرومي 1: 235. [2] الديوان: يرعى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 365 - يعني إسماعيل بن بلبل- وهذا أبو العباس ابن عمار له موضع من الرواية والأدب، وهو على غاية الإمتاع والإيناس بمشاهدته، وأنا أحبّ أن تعرف مثله، وفي العاجل خذه معك لتقف على صدق القول فيه. فأقبل محمد بن داود على أحمد بن عمار وقال له: تفضل بالمصير إليّ في هذا اليوم، وقبله قبولا ضعيفا، فصار إليه ابن عمار في ذلك اليوم، ورجع إلى ابن الرومي فقال له: إني أقمت عند الرجل وبتّ، وأريد أن تقصده وتشكره وتؤكّد أمري معه، ومحمد بن داود في هذا الوقت متعطّل ملازم منزله، فصار إليه وأكّد له الأمر معه، وطال اختلافه إليه إلى أن ولي عبيد الله بن سليمان وزارة المعتضد واستكتب محمد بن داود بن الجراح وأشخصه معه، وقد خرج إلى الجبل، ورجع وقد زوّجه بعض بناته وولّاه ديوان المشرق، فاستخرج لابن عمار أقساطا أغناه بها وأجرى عليه أيضا من ماله، ولم يزل يختلف إليه أيام حياة محمد بن داود، وكان السبب في أن نعشه الله بعد العثار، وانتاشه من الإقتار ابن الرومي، فما شكر ذلك له، وجعل يتخلّفه ويقع فيه ويعيبه، وبلغ ابن الروميّ ذلك فهجاه باهاج كثيرة، منها وهو مصحّف [1] : قل لعمّار بن عمّار ... ألا تعظم قدري بخراجيك وخرؤ الد ... يك لا تعرض لشعري وتذكّر حين تنسى ... حرّ عمّيك وأثري وأذقني فرح الرّو ... حة منقادا لأمري حر حالاتك للجييران ... لكن لست تدري قال ابن المسيّب: ومن عجيب أمر عزير هذا أنه كان يتنقص ابن الرّومي في حياته، ويزري على شعره، ويتعرّض لهجائه، فلمّا مات ابن الروميّ عمل كتابا في تفضيله ومختار شعره وجلس يمليه على النّاس.   [1] ديوان ابن الرومي 3: 1126 وبناء الألفاظ على التصحيف، وهو من فاحش القول، ومثال ذلك أن تقرأ البيت الثاني: بحر أختك وحر والدتك لا تعرض لشعري، والثالث: وتذكّر حين تنسى حر عمتك الخ؛ وإذا كتبت الأبيات دون التصحيف المقصود جاءت غير موزونة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 366 وذكره محمد بن إسحاق النديم في كتاب الفهرست [1] فقال: كان يصحب محمد بن داود بن الجراح ويروي عنه، ثمّ توكّل للقاسم بن عبيد الله بن سليمان وولده. وله من الكتب: كتاب المبيّضة، وهو في مقاتل الطالبيين. كتاب الأنواء. كتاب مثالب أبي نواس. كتاب أخبار سليمان بن أبي شيخ. كتاب الزّيادة في أخبار الوزراء لابن الجراح. كتاب أخبار حجر بن عديّ. كتاب أخبار أبي نواس. كتاب أخبار ابن الرومي ومختار شعره. كتاب المناقضات. كتاب أخبار أبي العتاهية. كتاب الرّسالة في بني أميّة. كتاب الرسالة في تفضيل بني هاشم ومواليهم وذمّ بني أميّة وأتباعهم. كتاب الرسالة في المحدب والمحدث، كتاب أخبار عبد الله بن معاوية الجعدي، كتاب الرسالة في مثالب معاوية. وذكره أبو عبد الله [2] المرزباني في «كتاب المعجم» فقال: وذكر أنه مات في سنة عشر وثلاثمائة قال: وهو القائل: وعيّرتني النّقصان والنّقص شامل ... ومن ذا الّذي يعطى الكمال فيكمل؟ وأقسم أنّي ناقص غير أنني ... إذا قيس بي قوم كثير تقلّلوا تفاضل هذا الخلق بالعلم والحجى ... ففي أيّما هذين أنت فتفضل ولو منح الله الكمال ابن آدم ... لخلّده والله ما شاء يفعل وذكر ابن زنجيّ أبو القاسم الكاتب قال: كان الوزير أبو الحسن عليّ بن محمد بن الفرات قد أطلق في وزارته الأخيرة للمحدّثين عشرين ألف درهم، فأخذت لأبي العبّاس أحمد بن عبيد الله بن عمّار، لأنّه كان يجيئني ويقيم عندي، وسمعت منه أخبار المبيّضة، ومقتل حجر، وكتاب صفّين، وكتاب الجمل، وأخبار المقدّمي، وأخبار سليمان بن أبي شيخ وغير ذلك، خمسمائة درهم.   [1] الفهرست: 166. [2] هنا أبو عبد الله، وقد ورد أبو عبيد الله من قبل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 367 - 110- أحمد بن عبد الله بن أحمد أبو الحسين الكلوذاني المعروف بابن قرعة: من أهل الأدب والفضل الغزير، كتب بخطّه الكثير من المصنّفات الطّوال، ولازم أبا بكر الصّوليّ، وتضلّع عليه من أدبه، وروى عنه، وطلب الأدب طول عمره، ثمّ عاد إلى بلده كلواذى، فأقام بها طول عمره، وقصده الناس، فكان أديبها وفاضلها، ولم يزل بها إلى آخر عمره. - 111- أحمد بن عبيد الله بن الحسن بن شقير، أبو العلاء البغدادي ّ : ذكره الحافظ أبو القاسم في «تاريخ دمشق» [1] وقال: حدّث عن أبي بكر محمّد بن هارون بن المحدوّ [2] ، وحامد بن شعيب البلخيّ والهيثم بن خلف وأبي بكر الباغندي والبغوي وأبي عمر الزاهد وأبي بكر ابن الأنباري وابن دريد وأحمد بن فارس وأبي بكر أحمد بن عبد الله بن سيف السجستاني. روى عنه تمام الرازي ومكي بن محمد بن الغمر وأبو نصر عبد الوهاب ابن عبد الله بن الحيان ومحمد بن عبد الله بن الحسن الدوري.   [110]- ترجمة ابن قرعة في تاريخ بغداد 4: 254 والوافي 7: 174. [111]- ترجمة ابن شقير في الوافي 7: 119 (أحمد بن عبد الله بن شقير) وأعاد ترجمته 7: 175 (أحمد بن عبيد الله بن شقير) وعلى هذا فيمكن الرجوع إلى تاريخ بغداد 4: 254 وإنباه الرواة 1: 84 وبغية الوعاة 1: 333. [1] انظر مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 3: 148 (تحقيق رياض مراد) . [2] ابن عساكر: المجدد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 368 - 112- أحمد بن علي بن يحيى بن أبي منصور المنجم أبو عيسى : نذكر كلّ واحد من آبائه وأعمامه وأهل بيته في بابه إن شاء الله تعالى وحده، وأما نسبهم وولاؤهم وأوليتهم فنذكره في باب جده يحيى بن أبي منصور المنجم إن شاء الله. وكان أحمد هذا نبيلا فاضلا، وذكره محمد بن إسحاق النديم فقال: وله كتاب تاريخ سني العالم. - 113- أحمد بن علي أبو بكر الميموني البرزندي النحوي : ذكره أبو الفتح منصور بن المعذر النحوي الأصفهاني المتكلم، وقد ذكر جماعة من المعتزلة النحويين، فذكر أبا سعيد السيرافي وأبا علي الفارسي وعلي بن عيسى الرماني وغيرهم ثم قال: وأبو بكر أحمد بن علي النحوي البرزندي الشافعي النحوي [1] المعتزلي القائل: إذا مت فانعيني إلى العلم والنهى ... وما حبّرت كفّي بما في المحابر فاني من قوم بهم يفخر الهدى ... إذا أظلمت بالقوم طرق البصائر - 114- أحمد بن علي بن وصيف المعروف بابن خشكنانجه : يكنى أبا الحسين، وكان أبوه علي الملقب بخشكنانجه فاضلا، وقد ذكر في بابه [2] . مات أحمد ببغداد. وذكره محمد بن اسحاق النديم [3] وقال: كان كاتبا بليغا فصيحا شاعرا، وله من الكتب: كتاب النثر الموصول بالنظم. كتاب صناعة البلاغة. كتاب الفوائد.   [112]- ترجمة أبي عيسى ابن المنجم في الفهرست: 161 وانظر ما يأتي رقم 116. [113]- ترجمة الميموني النحوي في الوافي 7: 236 وبغية الوعاة 1: 349. [114]- ترجمة ابن خشكنانجة في الوافي 7: 227 وقال فيه: «كان من متأدبي الكتاب ويذهب مذهب الشيعة ويحضر مجالس النظر ويتكلم، نادم الوزراء ومدحهم منذ أيام المهلبي» وأورد له قصيدة كتب بها إلى أبي اسحاق الصابي. [1] النحوي: مكررة. [2] ترجمته رقم: 848. [3] الفهرست: 155 (وكناه أبا الحسن) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 369 - 115- أحمد بن علي القاساني اللغوي أبو العباس : يعرف بلوه وقيل بابن لوه، لا أعرف من أمره إلا ما قرأته بخطّ بديع بن عبد الله فيما كتبه عن أبي الحسين أحمد بن فارس اللغوي، أنشدني أحمد بن علي القاساني اللغوي: اغسل يديك من الثقات ... فاصرمهم صرم البتات واصحب أخاك على هوا ... هـ وداره بالترّهات ما الودّ الا باللسا ... ن فكن لسانيّ الصفات وقال في موضع آخر منه: سمعت أبا العباس أحمد بن علي القاساني يقول: سمعت أعرابيا بالبادية يقول: قل لدنيا أصبحت تلعب بي ... سلّط الله عليك الآخره قلت أنا: هذا البيت معروف للحسين بن الضحاك مع بيت آخر هو [1] : إن أكن أبرد من قنينة ... أو من الريش فأمي فاجره وقال في موضع آخر: أخبرني أبو العباس أحمد بن علي القاساني، يعرف بلوه، وقال في موضع آخر: يعرف بابن لوه، بقزوين قال: كنت بالبصرة وبها أبو بكر ابن دريد، فبينا نحن في مجلسه ورد علينا رجل من أهل الكوفة فجعل يسأله عن مسائل يظهر فيها لنا أنه يتعنته ويتسقّطه، فأقبل عليه أبو بكر فقال له: يا هذا قد عرفت مغزاك وأحبّ أن تجمع ما تريد أن تسألني عنه في قرطاس وتأتيني به وتأخذ مني الجواب بديهة إن شئت أو روية، فمضى الرجل وجاءه بعد ثلاث، وقد جمع له، فما سأله عن مسألة إلا وأبو بكر يبادره بالجواب والرجل يكتب، ثم إنا سألنا الرجل فأعطانا المسائل والجواب فكتبتها وهي هذه سماعي من أبي بكر لفظا: القهوسة: مشية بسرعة. القعسرة: الصلابة والشدة. القعنسة: الانتصاب في الجلسة، ويقال   [115]- ترجمة القاساني في بغية الوعاة 1: 349. [1] البيتان في الأغاني 7: 200. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 370 القعنسة: أن يرفع الرجل رأسه وصدره. القعوسة: التذلل. العرطسة: استرخاء وبلادة في الإنسان. البحدلة: القصر. بهدل: طائر. الكهدل: الشابة الناعمة. غطمش من قولنا تغطمش علينا إذا ظلمنا. هجعم من الهجعمة وهي الجرأة. خضارع من الخضرعة: وهي التسمح بأكثر مما عند الانسان. التخثعم: الانقباض. الخثعمة: التلطخ بالدم. الشغفر. المرأة الحسناء. الكلحبة: العبوس، ويقال كلحبت النار إذا مدّت لسانها. سنبس من الصلابة واليبس. البلندي: الغليظ الصلب. القرثعة: تقرّد الصوف، في حروف نحو هذه. قال ابن فارس، أنشدني أبو العباس أحمد بن علي القاساني، وكان يعرف بابن لوه، قال أنشدني أبو عبد الله نفطويه لبعض الأعراب: إذا واله حنّت من الليل حنّة ... إلى إلفها جاوبتها بحنين هنالك لا روّادهم يبلغوننا ... ولا خبر يجلو العمى بيقين وقال، قال أبو العباس: حججت فوقفت على أعرابية فقلت لها: كيف أصبحت؟ فقالت: بخير على أنّ النوى مطمئنة ... بليلى وان العين باد معينها وإني لباك من تفرّق شملهم ... فمن مسعد للعين أم من يعينها قال وأنشدني: ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة ... بواد به الجثجاث والسّلم النّضر قال ابن فارس، وأنشدني أحمد بن علي القاساني: وأمست أحبّ الناس قربا ورؤية ... إلى قلبه سلمى وإن لم تحبّب حببت إليه كلّ واد تحلّه ... سليمى خصيبا كان أو غير مخصب قال وأنشدني: وإذا دعا داع بها فدّيتها ... وعضضت من جزع لفرقتها يدي لا تبعدن تلك الشمائل والحلى ... منها وإن سكنت محلّ الأبّد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 371 - 116- أحمد بن علي بن هارون بن علي بن يحيى بن أبي منصور المنجم، أبو الفتح : أحد من سلك سبيل آبائه في طرق الأداب واهتدى بهم في التولج إلى الفضائل من كلّ فن، روى عنه أبو علي التنوخي في «نشواره» فأكثر، ووصفه بالفضل وما قصّر، وأنشد له أشعارا قال: أنشدني أبو الفتح أحمد بن علي بن هارون بن يحيى المنجم في الوزير أبي الفرج محمد بن العباس بن فسانجس في وزارته، وقد عمل على الانحدار إلى الأهواز لنفسه: قل للوزير سليل المجد والكرم ... ومن له قامت الدنيا على قدم ومن يداه معا تجري ندى وردى ... يجريهما عدل حكم السيف والقلم ومن إذا همّ أن تمضي عزائمه ... رأيت ما تفعل الأقدار في الأمم ومن عوارفه تهمي وعادته ... في ربّ بدأته تنمي على القدم لأنت أشهر في رعي الذمام وفي ... حكم التكرّم من نار على علم العبد عبدك في قرب وفي بعد ... وأنت مولاه إن تظعن وإن تقم فمره يتبعك أو لا فاعتمده بما ... تجري به عادة الملّاك في الخدم قال: وأنشدني لنفسه، وذكر أنه لا يوجد لها قافية رابعة من جنسها في الحلاوة [1] :   [116]- انظر رقم: 112 حيث ترجم ياقوت لأحمد بن علي بن يحيى وهو الذي يكنى بأبي عيسى؛ وقد ترجم الصفدي 7: 228 لواحد كنيته أبو عيسى وسماه أحمد بن علي بن هارون بن علي بن يحيى والمفروض أنه غير أبي الفتح الذي يترجم له ياقوت هنا؛ فأبو الفتح هذا ترجم له الخطيب 4: 318 وذكره الثعالبي 3: 394 وهو الذي يروي عنه التنوخي (انظر النشوار 3: 204، 284، 285) ؛ وهناك أبو عيسى ابن المنجم (من رجال القرن الرابع ومن ندماء الصاحب) وهو الذي ترجم له الصفدي، كما ذكرت، وأشار إليه أبو حيان في الامتاع 1: 56- 57 وذكر أنه لا يقرض مصراعا ولا يزن بيتا ولا يذوق عروضا. وذكره في أخلاق الوزيرين: 160 (وأخطأ المعلّق في تحديد من هو المقصود هنا من بني المنجم) . ولعلّ أبا عيسى هو أحمد بن يحيى بن علي بن يحيى بن المنجم. [1] أصل هذا في نشوار المحاضرة 3: 204 وذكر التنوخي أنها وردت أيضا في جزء آخر من كتابه (وقد وقعت في الجزء الرابع نقلا عن معجم الأدباء، فهو جزء مجموع) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 372 سيدي أنت ومن عادته ... باعتداء وبجور جاريه أنصف المظلوم وارحم عبرة ... بدموع ودماء جاريه ربما أكني بقولي سيدي ... عند شكواي الهوى عن جاريه قال: وأنشدني لنفسه والقافية كلها «عود» باختلاف المعنى: العيش عافية والراح والعود ... فكلّ من حاز هذا فهو مسعود ضهذا الذي لكم في مجلس أنق ... أشجاره العنبر الهندي والعود وقينة وعدها بالخلف مقترن ... بما يؤمّله راج وموعود وفتية كنجوم الليل دأبهم ... إعمال كأس حذاها النار والعود فاغدوا عليّ بكاس الراح مترعة ... عودا وبدءا فإن أحمدتم عودوا - 117- أحمد بن علي أبو الحسن البتي الكاتب : كان يكتب للقادر بالله عند مقامه بالبطيحة، ولما وصلته البيعة كتب عنه إلى بهاء الدولة. وكان البتي حافظا للقرآن تاليا له مليح المذاكرة بالأخبار والآداب، عجيب النادرة ظريف المزح والمجون. قال ابن عبد الرحيم: كان البتي في بدء أمره يلبس الطيلسان ويسمع الحديث ويقرأ القرآن على شيوخ عصره، وكان يذكر أنه قرأ القرآن على زيد بن أبي بلال، وكان غاية في جميع [1] خلال الأدب، يتعلق بصدور وافرة من فنون العلم، ويكتب خطا جيدا، ويترسّل ترسلا لا بأس به، وينظم شعرا دون ما كان حظي به من العلم؛ ثم لبس من بعد الدرّاعة وسلك في لبسه مذاهب الكتاب القدماء، وكان يلبس الخفّين والمبطّنة ويتعمم العمّة الثغرية وإن لبس لالجة [2] لم تكن إلا مربدية [3] ، وكان لا   [117]- ترجمة البتي في تاريخ بغداد 4: 320 والمنتظم 7: 263 والوافي 7: 231. [1] الوافي: في جمع. [2] اللالجة أو اللالكة: ضرب من النعال. [3] الوافي: مريدية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 373 يتعرض لحلق شعره جريا على السنة السالفة. وكتب من بعد في ديوان الخلافة، وكان له حرمة بالقادر بالله رعاها له، ثم غلب على أخلاقه الهزل وتجافى الجدّ بالواحدة وانقطع إلى اللعب، وكان شكله ولفظه وما يورده من النوادر يدعو إلى مكاثرته والرغبة إلى مخالطته، فحضر مجلس بهاء الدولة في جملة الندماء، ونفق عليه نفاقا لا مزيد عليه، ولم يكن لأحد من الرؤساء مسرّة تتمّ ولا أنس يكمل إلا بحضوره، فكانوا يتداولونه ولا يفارقونه، ونادم الوزراء حتى انتهى إلى منادمة فخر الملك، وأعجب به غاية الإعجاب وأحسن إليه غاية الاحسان، ومات في أيامه. وكانت له نوادر مضحكة وجوابات سريعة لا يكاد يلحقه فيها أحد، وتعرّض لغيبة الناس تعرضا قلّ ما أخلّ به على الوجه المضحك الذي يكون سببا إلى تدارك تلك المنقصة وطريقا إلى [تغمد] زلته فيها بما اعتمده من التطايب. وكان يذهب مذهب المعتزلة ويميل إلى فقه أبي حنيفة، ويتعصّب للطائيّ تعصبا شديدا، ويفضل البحتريّ على أبي تمام ويغلو فيه غاية الغلو. فمن نوادره الشائعة أنه انحدر مع الرضيّ والمرتضى وابن أبي الريان الوزير وجماعة من الأكابر لاستقبال بعض الملوك، فخرجوا عليهم اللصوص ورموهم بالحذّافات، وجعلوا يقولون: ألا حلوا يا أزواج القحاب؛ فقال البتي: ما خرج هؤلاء علينا إلا بعين، قالوا: ومن أين علمت؟ قال: وإلا فمن أين علموا أنا أزواج قحاب؟!. وكان البتي صاحب الخبر والبريد في الديوان القادري ومات في شعبان سنة ثلاث وأربعمائة؛ وله تصانيف منها: كتاب القادري. وكتاب العميدي. كتاب الفخري. قال الوزير أبو القاسم المغربي: كان أبو الحسن البتي أحد المتفننين في العلوم لا يكاد يجارى في فنّ من فنون العلوم فيعجز عنه، وكان مليح المحاضرة كثير المذاكرة طيّب النادرة مقبول المشاهدة، رأيته على باب أحد رؤساء العمال وقد حجب عنه فكتب اليه: على أي باب أطلب الإذن بعدما ... حجبت عن الباب الذي أنا حاجبه فخرج الاذن له في الحال. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 374 وحدث الرئيس أبو الحسين هلال بن المحسن قال: كنت مع فخر الملك أبي غالب ابن خلف بالأهواز فكتب الى أبي ياسر عمار بن أحمد الصيرفي: احمل إلى أبي الحسن البتي مائتي دينار مع امرأة لا يعرفها، واكتب معها رقعة غير مترجمة، وقل فيها: قد دعاني ما آثرته من مخالطتك، ورغبت فيه من مودتك، الى استدعاء المواصلة منك، وافتتاح باب الملاطفة بيني وبينك، وقد أنفذت مع الرسول مائتي دينار. فأخذها أبو الحسن وكتب على ظهر الرقعة: مال لا أعرف مهديه فأشكر له ما يوليه، إلا أنه صادف إضاقة دعت إلى أخذه والاستعانة في بعض الأمور به، وقلت [1] : ولم أدر من ألقى عليه رداءه ... سوى أنه قد سلّ عن ماجد محض وإذا سهّل الله لي اتساعا رددت العوض موفورا، وكان المبتدىء بالبر مشكورا. وكان أبو الحسن قد فطن للقصة، وكتب ما كتب على بصيرة. ولما أنفذ أبو ياسر بالجواب أقرأنيه فخر الملك، فاستحسنت وقوع هذا البيت موقعه من التمثل. ومن شعر الرضيّ الموسوي إليه الأبيات المشهورة [2] : أبا حسن أتحسب أن شوقي ... يقلّ على مكاثرة [3] الخطوب يهشّ لكم على العرفان قلبي ... هشاشته إلى الزّور الغريب وألفظ غيركم ويسوغ عندي ... ودادكم مع الماء الشروب ورثاه الرضيّ الموسوي بقوله [4] : ما للهموم كأنها ... نار على قلبي تشبّ والدمع لا يرقا له ... غرب كأن العين غرب ما كنت أحسب أنني ... جلد على الأرزاء صعب ما أخطأتك النائبا ... ت إذا أصابت من تحبّ   [1] البيت لأبي خراش الهذلي (شرح أشعار الهذليين: 1231) . [2] ديوان الرضي (بيروت) 1: 193. [3] الديوان: معارضة. [4] ديوان الرضي 1: 170. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 375 ورثاه المرتضى أخو الرضي بقوله [1] : عرّج على الدار مغبرّا جوانبها ... فاسأل بها عجلا عن ساكن الدار وقل لها أين ما كنّا نراه على ... مرّ المدى بك من نقض وإمرار وأين أوعية الآداب فاهقة ... تجري خلالك جري الجدول الجاري يا أحمد بن عليّ والردى عرض ... يزور بالرغم منّا كلّ زوار علقت منك بحبل غير منتكث ... عند الحفاظ وعود غير خوّار وقد بلوتك في سخط وعند رضى ... وبين طيّ لأنباء وإظهار فلم تفدني إلا ما أضنّ به ... ولم تزدني إلا طيب أخبار لا عار فيما شربت اليوم غصّته ... من المنون وهل بالموت من عار ولم ينلك سوى ما نال كلّ فتى ... عالي المكان ولاقى كلّ جبار وأمر بهاء الدولة أبا الحسن البتي أن يعمل شعرا يكتب على تكة إبريسم فقال [2] : لم لا أتيه ومضجعي ... بين الروادف والخصور وإذا قسمت فإنني ... بين الترائب والنحور ولقد نشأت صغيرة ... بأكفّ ربّات الخدور وله يصف كوز الفقاع [3] : يا ربّ ثدي مصصته بكرا ... وقد عراني خمار مغبوق له هدير إذا شربت به ... مثل هدير الفحول في النوق كأن ترجيعه إذا رشف ... الراشف فيه صياح مخنوق   [1] ديوان المرتضى 2: 78 (وفي العنوان أنه يرثي أبا الحسن أحمد بن علي البيهقي، وفي لفظة «البيهقي» تصحيف) . [2] وردت الأبيات في تاريخ بغداد. [3] انظر المصدر السابق، والوافي 7: 233. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 376 وله أيضا: ما احمرت العين من دمع أضرّ بها ... في عرصتي طلل أو إثر مرتحل لكن رآها الذي يهوى وقد نظرت ... في وجه آخر فاحمرّت من الخجل قال ابن عبد الرحيم: وكان القادر بالله استتر عنده لما طلبه الطائع قبل انحداره، وأخذ يده أن يستلينه، فلما ولي وقضي الأمر صرف ابن حاجب النعمان ورتبه في كتابته، واتفق أن كان ذلك في وقت الأضحى، فخرج إليه خادم على العادة في مثل ذلك فقال له: رسم أن تحصى أسقاط الأضاحي، فقال لغلامه: خذ الدواة فإنّ القوم يريدون كيرعانيا [1] ولا يريدون كاتبا، وانصرف بهذا المزح من الخدمة، وكان الهزل قد غلب عليه وعزب عنه الجدّ جملة. وكان بينه وبين الرضيّ مقارضة لكلام جرى بينهما، فاتفق أن اجتاز بقرب دار الرضيّ عند مسجد الأنباري، فقال لغلامه: مل بنا عن تلك الدار فإني أكره المرور بها، فالتفت فوقعت عينه على الرضي، فتمم كلامه من غير أن يقطعه وقال: فإنني لا وجه لي في لقائه لطول جفائه، فاستحسن هذا من بديهته، ودخل دار الرضيّ واصطلحا. ومن نوادره أنه سمع يوما أصوات الملاحين وارتفاع ضجة فقال: ما هذا؟ فقالوا: هؤلاء أولاد أبي الفضل ابن حاجب النعمان وأبي سعيد ابن أبي الخطاب وجماعة أولادهم، فقال: ما بيننا وبين هؤلاء إلا موت الآباء؟ ورأى معلما قبيح الوجه يعرف بنفّاط الجن، وكان وحشا انكشفت سوءته، فقال له: يا هذا استر عورتك السفلى، فإنك قد أدليت ولكن بغير حجّة. واستقبل أبا عبد الله ابن الدرّاع في ميدان بستان فخر الدولة، وهو متكىء على يد غلام أسود، فقال أبو عبد الله: هذا الأسود يصلح لخدمة سيدنا، فقال البتي: أي الخدم؟ فقال: خدمة الفراش، فقال: اللهم غفرا أرمى بالبغاء وليس في منزلي خنفساء ويعرى منه سيدنا وفي داره جميع بني حام؟!   [1] لعلّه: يريدون كراعيا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 377 بشر ابن الحواري بمولود، وكان ابن الحواري سمج الخلقة، فقال له البتي: إن كان هذا المولود يشبهك فويه ثم ويه. وسقاه الفقاعي في دار فخر الدولة فقاعا فلم يستطبه، فردّ الكوز مفكرا، فقال له الفقاعي: في أيّ شيء تفكر؟ فقال: في دقة صنعتك، كيف أمكنك أن تخرى في هذه الكيزان كلّها مع ضيق رأسها. واتاه غلامه في مجلس حفل فقال له: ان ابنك وقع من ثلاث درج، فقال: ويلك من ثلاث بقين أو خلون؟ فلم يفهم عنه، فقال: إن كان خلون فسهل وان بقين فيحتاج إلى نائحة. ودخل الرقي العلويّ على فخر الملك فقال: أطال الله بقاء مولانا وأسعده بهذا اليوم، فقال له: وأيّ يوم هذا؟ فقال: أيلون، فقال البتي، بالنون؟ فقال: ما قرأت النحو، فقال البتي: أنت إذا معذور فإنك ثلاثة أرباع رقيع (أراد رقيّ إذا ألحقت به العين وهو الحرف الرابع صار رقيع) . قال ابن عبد الرحيم: وكان بين البتي وبين أبي القاسم ابن فهد ملاحاة ومنابذة ثم أصلح فخر الملك بينهما، فعمل فيه أبياتا يقول فيها: قلت للبتيّ لما ... رام صلحي من بعيد وكان يرمى بالبخر ويزنّ بالأبنة أيضا. وقال فيه أيضا: وكلّ شرط للصلح أقبله ... إن أنت أعفيتني من القبل وحدث ابن عبد الرحيم قال: وكان البتي مقبولا مستملحا في جميع أحواله ولم يكن فيه أقلّ من شعره، فإنه كان في غاية البرد وعدم الطبع، وكان قد عمل في فخر الملك وهو يسدّ بثق النهروان قصيدة يصف فيها السّكر قال فيها: إذا أتاه الماء من جانب ... عاجله بالسدّ من جانب فقال له: هذا والله أيها الاستاذ بارد، وأعاده فحكى البيت وتأمله، وقال: نعم والله هو بارد، وجعل يعوج على نفسه ويكرر الانشاد مستبردا له، فضحك فخر الملك منه وقطع الإنشاد ولم يتممه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 378 قال: ولم يكن يسلم أحد من لسانه وتعويجه وثلبه له، وإذا اتفق أن يسمعه من يقول ذلك فيه التفت إليه كالمعتذر وقال: مولاي هاهنا؟ ما علمت بحضوره، ويجعل كونه ما علم بحضوره اعتذارا كأنه مباح له ثلبه بالغيبة. قال: وكان مع ذكائه وتوقده وكثرة طنزه وتولّعه أشدّ الناس غباوة في الأمور الجديات وأبعدهم من تصورها، وكان له معرفة تامة بالغناء وصنعته، ولا تكاد المغنية تغنّي بصوت إلا ذكر صنعته وشاعره وجميع ما قيل في معناه. وله من قصيدة في ابن صالحان: سل الربع بالخبتين كيف معاهده ... وأنّى برجع القول منه هوامده عفت حقبا بعد الأنيس رسومه ... فلم يبق إلا نؤيه وخوالده ديار نزفت الدمع في عرصاتها ... تؤاما إلى أن أقرح الجفن فارده أرقت دما بعد الدموع نزحته ... من القلب حتى غيّضته شوارده سأستعتب الدهر الخؤون بسيّد ... يردّ جماح الدهر إذ هو قائده سواء عليه طارف المال في الندى ... إذا ما انتحاه السائلون وتالده وله فيه: قرم إذا اعتذرت نوافل برّه ... لم يلف دافع حقّها بمعاذر من معشر ورثوا المكارم والعلا ... وتقسّموها كابرا عن كابر قوم يقوم حديثهم بقديمهم ... ويسير أولهم بمجد الآخر وكان أبو إسحاق الصابيء قد عمل لأبي بشر ابن طازاد نسخة كتاب أراد إنشاءه ونحله اياه، فكتب إليه أبو الحسن البتي يعرّض بذلك: زكاة العلوم زكاة الندى ... وعرف المعارف بذل الحجى ولكن يجرّ به أهله ... فأجر بنيلك فضل التقى لئن كنت أوجبته قربة ... لما وقع الموقع المرتضى وما صدقاتك مقبولة ... إذا ما تنكبت فيها الهدى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 379 قد عرفت- أطال الله بقاء سيدي- العارية والمستعير وكيف جرى الأمر في ذلك، وما ظننت أن هذا يجري مجرى الماعون الذي لا يحسن منعه ولا يقع المعرض موقعه بل يسلّ لوقته عن لابسه. - 118- أحمد بن علي بن محمد أبو عبد الله الرماني النحوي المعروف بابن الشرابي: ذكره أبو القاسم [1] فقال: سمع عبد الوهاب بن حسن الكلابي وأبا الفرج الهيثم بن أحمد الفقيه وأبا القاسم عبد الرحمن بن الحسين بن الحسن بن علي بن يعقوب بن أبي العقب. حدث بكتاب «اصلاح المنطق» ليعقوب بن السكيت عن أبي جعفر محمد بن أحمد الجرجاني عن أبي علي الحسن بن إبراهيم الآمدي عن أبي الحسن علي بن سليمان الأخفش عن ثعلب عن ابن السكيت. روى [2] عنه ابو نصر ابن طلاب الخطيب. قال ابن الاكفاني: حدثنا عبد العزيز بن أحمد الكناني توفي أبو عبد الله احمد بن علي الرماني الشرابي النحوي يوم الجمعة ليومين مضيا من ربيع الآخر سنة خمس عشرة وأربعمائة. - 119- أحمد بن علي بن خيران الكاتب المصري أبو محمد : الملقب بوليّ الدولة، صاحب ديوان الانشاء بمصر بعد أبيه، وكان أبوه أيضا فاضلا بليغا أعظم قدرا من ابنه   [118]- ترجمة ابن الشرابي في إنباه الرواة 1: 88 والوافي 7: 212 وبغية الوعاة 1: 347. [119]- ترجمة ابن خيران في الوافي 7: 234 والاشارة لابن الصيرفي: 34، 35، والمغرب (قسم القاهرة) : 244 وانظر صبح الأعشى 1: 96. وقال ابن سعيد إنه وقع له ديوان شعره وانه وقف على رسائله في مجلدين واكثرها من طبقة المغسول المسبوع لا تقف منها على غريبة ولا تظفر بنادرة (قارن هذا برأي هلال بن المحسن في ما يلي) . [1] يعني ابن عساكر، انظر تهذيبه 1: 411 وكأنه سقط من مختصر ابن منظور. [2] إنباه: رواه (يعني إصلاح المنطق) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 380 وأكثر علما، وكان أبو محمد هذا يتقلّد ديوان الانشاء للظاهر ثم للمستنصر، وكان رزقه في كلّ سنة ثلاثة آلاف دينار، وله عن كلّ ما يكتبه من السجلات والعهود وكتب التقليدات رسوم يستوفيها من كل شيء يحسبه، وكان شابا حسن الوجه جميل المروءة واسع النعمة طويل اللسان جيّد العارضة. وسلّم إلى أبي منصور ابن الشيرازي رسول [أبي] كاليجار إلى مصر من بغداد جزءين من شعره ورسائله، واستصحبهما إلى بغداد ليعرضهما على الشريف المرتضى أبي القاسم وغيره ممن يأنس به من رؤساء البلد، ويستشير في تخليدهما دار العلم، لينفذ بقية الديوان والرسائل إن علم أنّ ما أنفذه منها ارتضي واستجيد، وانه فارقه حيا، ثم ورد الخبر بأنه مات في شهر رمضان سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة في أيام المستنصر. قال ابن عبد الرحيم: ووقع إليّ الجزء من الشعر فتأملته فما وجدته طائلا، وعرّفني الرئيس أبو الحسين هلال بن المحسن أن الرسائل صالحة سليمة، قال: وقد انتزعت من المنظوم، على خلوّه إلا من الوزن والقافية. فمن شعره: عشق الزمان بنوه جهلا منهم ... وعلمت سوء صنيعه فشنئته نظروه نظرة جاهلين فغرّهم ... ونظرته نظر الخبير فخفته ولقد أتاني طائعا فعصيته ... وأباحني أحلى جناه فعفته ومن شعره أيضا: ولي لسان صارم حدّه ... يدمي إذا شئت ولا يدمى ومنطق ينظم شمل العلا ... ويستميل العرب والعجما ولو دجا الليل على أهله ... فأظلموا كنت لهم نجما ومن شعره أيضا: أخذ المجد يميني ... ليفيضنّ يميني ثم لا أرجىء إحسا ... نا إلى [من] يرتجيني ومن شعره أيضا: ولقد سموت على الأنام بخاطر ... الله أجرى منه بحرا زاخرا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 381 فإذا نظمت نظمت روضا حاليا ... وإذا نثرت نثرت درا فاخرا وقال على لسان بعض العلويين يخاطب العباسيين [1] : وينطقنا فضل البدار إلى الهدى [2] ... ويخرسكم عن ذكر فضل [لكم] بدر وقد كانت الشورى علينا غضاضة ... ولو كنتم فيها استطاركم الكبر ومن شعره أيضا: يا من إذا أبصرت طلعته ... سدّت عليّ مطالع الحزم قد كفّ لحظي عنك مذ كثرت ... فينا الظنون فكفّ عن ظلمي ومن شعره أيضا: حيّوا الديار التي أقوت مغانيها ... واقضوا حقوق هواها بالبكا فيها ديار فاترة الألحاظ فاتنة ... جنت عليك ولجّت في تجنيها ظلّت تسحّ دموعي في معاهدها ... سحّ السحاب إذا جادت عزاليها ومن شعره أيضا: أيها المغتاب لي حسدا ... مت بداء البغي والحسد حافظي من كلّ معتقد ... فيّ سوءا حسن معتقدي ومن شعره أيضا: أما ترى الليل قد ولّت كواكبه ... والصبح قد لاح وانبثت مواكبه ومنهل العيش قد طابت موارده ... والدهر وسنان قد أغفت نوائبه فقم بنا نغتنم صفو الزمان فما ... صفا الزمان لمخلوق يصاحبه ومن شعره أيضا [3] : خلقت يدي للمكرمات ومنطقي ... للمعجزات ومفرقي للتاج   [1] وردا من جملة أبيات في المغرب: 246. [2] المغرب: فضل البدار عليكم. [3] البيتان في المغرب: 245. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 382 وسموت للعلياء أطلب غاية ... يشقى بها الغاوي ويحظى الراجي ومن شعره [1] : أنا شيعيّ لآل المصطفى ... غير أني لا أرى سبّ السلف ضأقصد الإجماع في الدين ومن ... قصد الاجماع لم يخش التلف لي بنفسي شغل عن كلّ من ... للهوى قرّظ قوما أو قذف ومن شعره: فقام يباهي غرة الشمس نوره ... وتنصف من ظلم الزمان عزائمه أغرّ له في العدل شرع يقيمه ... وليس له في الفضل ندّ يقاومه وقال على لسان ذلك الملك يخاطب الظاهر لاعزاز دين الله حين أمر بالختم على جميع ما له هذين البيتين، وكانا السبب في الإفراج عما أخذ منه والرضى عنه: من شيم المولى الشريف العلي ... ألّا يرى مطّرحا عبده وما جزا من جنّ من حبكم ... أن تسلبوه فضلكم عنده وكان ابن خيران قد خرج إلى الجيزة متنزها ومعه جماعة من أصحابه المتقدمين في الأدب والشعر والكتابة، وقد احتفوا به يمينا وشمالا، فأدّى بهم السير إلى مخاضة مخوفة، فلما رأى إحجام الجماعة من الفرسان عنها وظهور جزعهم منها قنّع بغلته فولّجها حتى قطعها، وانثنى قائلا مرتجلا: ومخاضة يلقى الردى من خاضها ... كنت الغداة إلى العدا خوّاضها وبذلت نفسي في مهاول خوضها ... حتى تنال من العلا أغراضها وله أيضا: من كان بالسيف يسطو عند قدرته ... على الأعادي ولا يبقى على أحد ضفإن سيفي الذي أسطو به أبدا ... فعل الجميل وترك البغي والحسد   [1] ورد الأول من هذه الأبيات في المغرب: 247. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 383 وله أيضا: قد علم السيف وحدّ القنا ... أنّ لساني منهما أقطع والقلم الأشرف لي شاهد ... بأنني فارسه المصقع قال ابن عبد الرحيم: وهو كثير الوصف لشعره والثناء على براعته ولسنه، وجميع ما في الجزء بعد ما ذكرته لا حظّ فيه، وليس فيه مدح إلا في سلطانهم المستنصر، والباقي على نحو ما ذكرته في مراثي أهل البيت عليهم السلام، ولو كان فيه ما يختار لاخترته. - 120- أحمد بن علي بن ثابت بن أحمد بن مهدي الخطيب أبو بكر البغدادي : الفقيه الحافظ أحد الأئمة المشهورين المصنفين المكثرين، والحفاظ المبرزين، ومن ختم به ديوان المحدّثين. سمع ببغداد شيوخ وقته، وبالبصرة وبالدينور وبالكوفة، ورحل إلى نيسابور في سنة خمس عشرة وأربعمائة وقدم دمشق سنة خمس وأربعين وأربعمائة حاجّا فسمع بها، ثم قدمها بعد فتنة البساسيري لاضطراب الأحوال ببغداد، فآذاه الحنابلة بجامع المنصور سنة إحدى وخمسين فسكنها مدة وحدث بها بعامّة كتبه ومصنفاته إلى صفر سنة سبع وخمسين، فقصد صور فأقام بها، وكان يتردد إلى القدس للزيارة ثم يعود إلى صور، إلى أن خرج من صور في سنة اثنتين وستين وأربعمائة وتوجه إلى طرابلس وحلب، فأقام في كل واحدة من البلدتين أياما قلائل، ثم عاد إلى بغداد في أعقاب سنة اثنتين وستين وأقام بها سنة إلى أن توفي وحينئذ روى «تاريخ بغداد» . وروى عنه من شيوخه أبو بكر البرقاني والأزهري وغيرهما.   [120]- ترجمة الخطيب البغدادي في مصورة تاريخ ابن عساكر 7: 22 وتهذيب ابن عساكر 1: 399 ووفيات الأعيان 1: 76 ومختصر ابن منظور 1: 173- 176 والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد (ج 18 من التاريخ وذيوله) : 54 وطبقات السبكي 4: 29 والمنتظم 8: 265 والوافي 7: 190 وتذكرة الحفاظ: 1135 وعبر الذهبي 3: 253 والشذرات 3: 311 والبداية والنهاية 12: 101 وتبيين كذب المفتري: 268 وطبقات ابن هداية الله: 57 والنجوم الزاهرة 5: 87 وللأستاذ يوسف العش كتاب عنه بعنوان: الخطيب البغدادي مؤرخ بغداد ومحدثها (دمشق 1945) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 384 وقال غيث بن علي الصوري [1] : سألت أبا بكر الخطيب عن مولده فقال: ولدت يوم الخميس لست بقين من جمادى الآخرة سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة. وكان [2] الخطيب يذكر انه لما حجّ شرب من ماء زمزم ثلاث شربات، وسأل الله عز وجل ثلاث حاجات، أخذ بقول النبي صلى الله عليه وسلم ماء زمزم لما شرب له، فالحاجة الأولى أن يحدّث بتاريخ بغداد ببغداد، والثانية أن يملي الحديث بجامع المنصور، والثالثة أن يدفن إذا مات عند قبر بشر الحافي. فلما عاد إلى بغداد حدّث بالتاريخ بها، ووقع إليه جزء فيه سماع الخليفة القائم بأمر الله، فحمل الجزء ومضى إلى باب حجرة الخليفة وسأل أن يؤذن له في قراءة الجزء فقال الخليفة: هذا رجل كبير في الحديث فليس له إلى السماع مني حاجة، ولعل له حاجة أراد أن يتوصّل إليها بذلك، فسلوه ما حاجته، فسئل فقال: حاجتي أن يؤذن لي أن أملي بجامع المنصور، فتقدم الخليفة إلى نقيب النقباء بأن يؤذن له في ذلك، فحضر النقيب وأملى. ولما مات أرادوا دفنه عند قبر بشر بوصيّة منه، قال ابن عساكر [3] : فذكر شيخنا إسماعيل بن أبي سعد الصوفي- وكان الموضع الذي بجنب بشر قد حفر فيه أبو بكر أحمد بن علي الطّريثيثي [4] قبرا لنفسه وكان يمضي إلى ذلك الموضع فيختم فيه القرآن ويدعو، ومضى على ذلك عدة سنين- فلما مات الخطيب سألوه أن يدفنوه فيه فامتنع فقال: هذا قبري قد حفرته وختمت فيه عدة ختمات، ولا أمكن أحدا من الدفن فيه، وهذا مما لا يتصور. فانتهى الخبر إلى والدي فقال له: يا شيخ لو كان بشر في الأحياء ودخلت أنت والخطيب إليه أيكما كان يقعد إلى جنبه أنت أو الخطيب؟ فقال: لا بل الخطيب، فقال له: كذا ينبغي أن يكون في حالة الموت، فإنه أحقّ به منك، فطاب قلبه ورضي بأن يدفن الخطيب في ذلك الموضع فدفن فيه. وقيل إنه كان يذهب إلى مذهب أبي الحسن الأشعري.   [1] يعني في تاريخ صور من تأليفه. [2] النقل مستمر عن ابن عساكر 7: 24 (وتهذيبه 1: 400) . [3] انظر المصدر السابق نفسه. [4] مسند صوفي يعرف بابن زهراء، توفي سنة 497 (طبقات السبكي 4: 39 والمنتظم 9: 138 والشذرات 3: 405) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 385 عن أبي الفرج الاسفرايني، كان الشيخ أبو بكر الخطيب معنا في طريق مكة، فكان يختم كل يوم ختمة إلى قرب الغياب، قراءة ترتيل، ثم يجتمع عليه الناس وهو راكب يقولون حدثنا فيحدثهم. وقال المؤتمن الساجي: ما أخرجت بغداد بعد الدارقطني أحفظ من الخطيب. وذكر في «المنتظم» [1] ان الخطيب لقي في مكة أبا عبد الله ابن سلامة القضاعي فسمع منه بها، وقرأ صحيح البخاري على كريمة بنت أحمد المروزي في خمسة أيام، ورجع إلى بغداد فقرب من رئيس الرؤساء أبي القاسم ابن المسلمة وزير القائم بأمر الله تعالى. وكان قد أظهر بعض اليهود كتابا وادّعى أنه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم باسقاط الجزية عن أهل خيبر، وفيه شهادات الصحابة، وأنه خطّ عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه، فعرضه رئيس الرؤساء على أبي بكر الخطيب فقال: هذا مزوّر، فقيل له: من أين لك ذلك؟ قال: في الكتاب شهادة معاوية بن أبي سفيان، ومعاوية أسلم يوم الفتح وخيبر كانت في سنة سبع، وفيه شهادة سعد بن معاذ وكان قد مات يوم الخندق في سنة خمس، فاستحسن ذلك منه. وذكر محمد بن عبد الملك الهمذاني أن رئيس الرؤساء تقدّم إلى القصّاص والوعّاظ أن لا يورد أحد حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يعرضه على أبي بكر الخطيب، فما أمرهم بايراده أوردوه، وما منعهم منه ألغوه. ومن «المنتظم» [2] قال: ولما جاءت نوبة البساسيري استتر الخطيب وخرج من بغداد إلى الشام وأقام بدمشق، ثم خرج إلى صور ثم إلى طرابلس وإلى حلب ثم عاد إلى بغداد في سنة اثنتين وستين فأقام بها سنة ثم مات. قال: وله ستة وخمسون مصنفا بعيدة المثل منها كتاب تاريخ بغداد. كتاب شرف أصحاب الحديث [3] . كتاب الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع. كتاب الكفاية في معرفة علم الرواية. كتاب المتفق   [1] المنتظم 8: 265. [2] المنتظم 8: 266. [3] طبع شرف أصحاب الحديث، وكذلك طبع من كتبه: الجامع لأخلاق الراوي والسامع، وكتاب الكفاية، وكتاب الرحلة في طلب الحديث، وكتاب اقتضاء العلم العمل وكتاب تقييد العلم، وكتاب البخلاء، وكتاب التطفيل، وكتاب السابق واللاحق، وكتاب الفقيه والمتفقه، وكتاب الأسماء المبهمات ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 386 والمفترق. كتاب السابق واللاحق. كتاب تلخيص المتشابه في الرسم. كتاب في التلخيص. كتاب الفصل والوصل. كتاب المكمل في بيان المهمل. كتاب الفقيه والمتفقه. كتاب الدلائل والشواهد على صحة العمل باليمين مع الشاهد. كتاب غنية المقتبس في تمييز الملتبس. كتاب الأسماء المبهمة في الأنباء المحكمة. كتاب الموضح وهو أوهام الجمع والتفريق. كتاب المؤتنف تكملة المختلف والمؤتلف. كتاب نهج الصواب في أن التسمية من فاتحة الكتاب. كتاب الجهر بالبسملة. كتاب الخيل. كتاب رافع الارتياب في القلوب من الأسماء والالقاب. كتاب القنوت. كتاب التبيين لأسماء المدلّسين. كتاب تمييز المزيد في متصل الأسانيد. كتاب من وافق كنيته اسم أبيه. كتاب من حدّث فنسي. كتاب رواية الآباء عن الابناء. كتاب الرحلة في طلب الحديث. كتاب الرواة عن مالك بن أنس. كتاب الاحتجاج للشافعي فيما أسند إليه والردّ على الجاهلين بطعنهم عليه. كتاب التفصيل لمبهم المراسيل. كتاب اقتضاء العلم العمل. كتاب تقييد العلم. كتاب القول في علم النجوم. كتاب روايات الصحابة عن التابعين. كتاب صلاة التسبيح. كتاب مسند نعيم بن همار [1] جزء. كتاب النهي عن صوم يوم الشك. كتاب الاجازة للمعلوم والمجهول. كتاب روايات السنة من التابعين. كتاب البخلاء. كتاب الطفيليين. كتاب الدلائل والشواهد. كتاب التنبيه والتوقيف على فضائل الخريف. قال ابن الجوزي: فهذا الذي ظهر لنا من تصانيفه، ومن نظر فيها عرف قدر الرجل وما هيّء له مما لم يهيأ لمن كان أحفظ منه كالدارقطني وغيره. وحدث أبو سعد السمعاني [2] ، قرأت بخطّ والدي، سمعت أبا الحسين ابن الطيوري ببغداد يقول: أكثر كتب الخطيب سوى التاريخ مستفاد من كتب الصوريّ [3] ، كان الصوري بدأ بها ولم يتمها، وكانت للصوريّ أخت بصور، مات   [1] م: هماز؛ وصاحب المسند هو نعيم بن حماد. [2] ترجم السمعاني للخطيب البغدادي في مادة «الخطيب» من كتاب الأنساب، ولكن هذا النص لم يرد فيه، فهو منقول من مؤلف آخر للسمعاني. [3] هذا الصوري هو أبو عبد الله محمد بن علي الحافظ، وكان على صلة بالخطيب لأنه سكن بغداد (انظر الأنساب: الصوري) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 387 وخلّف عندها اثني عشر عدلا محزوما من الكتب، فلما خرج الخطيب إلى الشام حصّل من كتبه ما صنف منها كتبه. قال: وكان سبب وفاة الصوري أنه افتصد، وكان الطبيب الذي فصده قد أعطي مبضعا مسموما ليفصد به غيره، فغلط ففصده فقتله. قال ابن الجوزي [1] عند سماع هذه الحكاية: وقد يضع الانسان طريقا فتسلك، وما قصّر الخطيب على كلّ حال. وكان حريصا على علم الحديث، كان يمشي في الطريق وفي يده جزء يطالعه، وكان حسن القراءة فصيح اللهجة عارفا بالأدب، يقول الشعر الحسن. قال ابن الجوزي [2] : ونقلت من خطه من شعره قوله: لعمرك ما شجاني رسم دار ... وقفت بها ولا ذكر المغاني ولا أثر الخيام أراق دمعي ... لأجل تذكري عهد الغواني ولا ملك الهوى يرما قيادي ... ولا عاصيته فثنى عناني رأيت فعاله بذوي التصابي ... وما يلقون من ذلّ الهوان فلم أطمعه فيّ وكم قتيل ... له في الناس لا يحصى وعان طلبت أخا صحيح الودّ محضا ... سليم الغيب مأمون اللسان فلم أعرف من الإخوان إلا ... نفاقا في التباعد والتداني وعالم دهرنا لا خير فيه ... ترى صورا تروق بلا معاني ووصف جميعهم هذا فما إن ... أقول سوى فلان أو فلان ولما لم أجد حرّا يؤاتي ... على ما ناب من صرف الزمان صبرت تكرما لفراغ دهري ... ولم أجزع لما منه دهاني ولم أك في الشدائد مستكينا ... أقول لها ألا كفّي كفاني ولكني صليب العود عود ... ربيط الجأش مجتمع الجنان أبيّ النفس لا أختار رزقا ... يجيء بغير سيفي أو سناني   [1] المنتظم 8: 266- 267. [2] المصدر السابق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 388 لعزّ في لظى باغيه يشوى ... ألذّ من المذلة في الجنان ومن طلب المعالي وابتغاها ... أدار لها رحى الحرب العوان ومن شعره أيضا [1] : لا تغبطنّ أخا الدنيا لزخرفها ... ولا للذة وقت عجّلت فرحا فالدهر أسرع شيء في تقلّبه ... وفعله بيّن للخلق قد وضحا كم شارب عسلا فيه منيّته ... وكم تقلّد سيفا من به ذبحا قال أبو الفرج ابن الجوزي [2] : وكان الخطيب قديما على مذهب أحمد بن حنبل، فمال عليه أصحابنا لما رأوا من ميله إلى المبتدعة وآذوه، فانتقل إلى مذهب الشافعي وتعصّب في تصانيفه عليهم، فرمز إلى ذمّهم وصرّح بقدر ما أمكنه، فقال في ترجمة أحمد بن حنبل: سيّد المحدّثين، وفي ترجمة الشافعي تاج الفقهاء فلم يذكر أحمد بالفقه. وقال [3] في ترجمة حسين الكرابيسي انه قال عن أحمد: أيش نعمل بهذا الصبي، إن قلنا لفظنا بالقرآن مخلوق قال بدعة، وان قلنا غير مخلوق قال بدعة، ثم التفت إلى أصحاب أحمد فقدح فيهم بما أمكن. وله دسائس في ذمهم عجيبة، وذكر شيئا مما زعم أبو الفرج أنه قدح في الحنابلة وتأول له، ثم قال: أنبأنا أبو زرعة طاهر بن محمد بن طاهر المقدسي عن أبيه قال سمعت إسماعيل بن أبي الفضل القومسي، وكان من أهل المعرفة بالحديث يقول: ثلاثة من الحفاظ لا أحبّهم لشدة تعصبهم وقلة إنصافهم: الحاكم أبو عبد الله، وأبو نعيم الأصبهاني، وأبو بكر الخطيب. قال أبو الفرج: وصدق إسماعيل، وكان من أهل المعرفة [4] فإن الحاكم كان متشيعا ظاهر التشيّع، والآخران كانا يتعصبان للمتكلمين والأشاعرة. قال: وما يليق هذا بأصحاب الحديث، لأن الحديث جاء في ذمّ الكلام، وقد أكدّ الشافعيّ في هذا حتى قال: رأيي في أصحاب الكلام أن يحملوا على البغال ويطاف بهم. قال:   [1] تهذيب ابن عساكر 1: 401. [2] المنتظم 8: 267- 268. [3] المنتظم 8: 269. [4] المنتظم، وقد كان من كبار الحفاظ ثقة صدوقا له معرفة حسنة بالرجال ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 389 وكان للخطيب شيء من المال، فكتب إلى القائم بأمر الله، إني إذا متّ كان مالي لبيت المال، وأنا استأذن أن أفرّقه على من شئت، فأذن له ففرقه على أصحاب الحديث، وكان مائتي دينار، ووقف كتبه على المسلمين وسلّمها إلى أبي الفضل ابن خيرون فكان يعزها، ثم صارت إلى ابنه الفضل فاحترقت في داره. ووصّى الخطيب أن يتصدق بجميع ما عليه من الثياب. قال ابن طاهر: سألت أبا القاسم هبة الله بن عبد الوارث الشيرازي قلت: هل كان أبو بكر الخطيب كتصانيفه في الحفظ؟ فقال: لا، كنا إذا سألناه عن شيء أجابنا بعد أيام، وإن ألححنا عليه غضب، وكانت له بادرة وحشة، وأما تصانيفه فمصنوعة مهذّبة، ولم يكن حفظه على قدر تصانيفه. وذكر أبو سعد السمعاني في ترجمة عبد الرحمن بن محمد بن عبد الواحد القزاز قال: سمع جميع كتاب تاريخ مدينة السلام من مصنفه أبي بكر الخطيب الحافظ إلا الجزء السادس والثلاثين فإنه قال: توفيت والدتي واشتغلت بدفنها والصلاة عليها، ففاتني هذا الجزء وما أعيد لي، لأن الخطيب كان قد شرط في الابتداء أن لا يعاد الفوت لأحد، فبقي الجزء غير مسموع. قال السمعاني: لما رجعت إلى خراسان حصل لي تاريخ الخطيب بخطّ شجاع بن فارس الذهلي الأصل الذي كتبه بخطّه لأبي غالب محمد بن عبد الواحد القزاز، وعلى وجه كلّ واحد من الأجزاء مكتوب سماع لأبي غالب ولابنه أبي منصور عبد الرحمن ولأخيه عبد المحسن، الا هذا الجزء السادس والثلاثين [والجزء ... ] فإنه كتب على وجهيهما إجازة لأبي غالب وابنه أبي منصور، وشجاع أعرف الناس فيكون قد فاته الجزءان المذكوران لا جزء واحد. ونقلت من خط أبي سعد السمعاني ومنتخبه لمعجم شيوخ عبد العزيز بن محمد النخشبي قال [1] : ومنهم أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب، يخطب في بعض قرى بغداد، حافظ فهم، ولكنه كان يتّهم بشرب الخمر، كنت كلما لقيته بدأني   [1] نقله الصفدي 7: 194. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 390 بالسلام، فلقيته في بعض الأيام فلم يسلّم علي، ولقيته شبه المتغير، فلما جاز عنّي لحقني بعض أصحابنا وقال لي: لقيت أبا بكر الخطيب سكران، فقلت له: قد لقيته متغيرا واستنكرت حاله ولم أعلم أنه سكران، ولعله قد تاب إن شاء الله. قال السمعاني: ولم يذكر عن الخطيب رحمه الله هذا إلا النخشبي مع أني لحقت جماعة كثيرة من أصحابه. وقال في «المذيل» [1] والخطيب رحمه الله في درجة القدماء من الحفاظ والأئمة الكبار، كيحيى بن معين وعلي بن المديني وأحمد بن أبي خيثمة وطبقتهم، وكان علّامة العصر، اكتسى به هذا الشأن غضارة وبهجة ونضارة، وكان مهيبا وقورا نبيلا خطيرا ثقة صدوقا متحريا، حجة فيما يصنفه ويقوله وينقله ويجمعه، حسن النقل والخط، كثير الشكل والضبط، قارئا للحديث فصيحا، وكان في درجة الكمال والرتبة العليا خلقا وخلقا وهيئة ومنظرا، انتهى إليه معرفة علم الحديث وحفظه، وختم به الحفاظ رحمه الله. بدأ سماع الحديث سنة ثلاث وأربعمائة وقد بلغ احدى عشرة سنة من عمره. قال: وسمعت بعض مشايخي يقول: دخل بعض الأكابر جامع دمشق أو صور ورأى حلقة عظيمة للخطيب، والمجلس غاصّ، يسمعون منه الحديث، فقعد إلى جانبه وكأنه استكثر الجمع، فقال له الخطيب: القعود في جامع المنصور مع نفر يسير أحبّ إلي من هذا. قال: وسمعت أبا الفتح مسعود بن محمد بن أحمد أبي نصر الخطيب بمرو يقول، سمعت أبا عمر النسوي يعرف [بابن] ليلى يقول: كنت في جامع صور عند الخطيب، فدخل عليه بعض العلوية وفي كمه دنانير وقال للخطيب: فلان، وذكر بعض المحتشمين من أهل صور، يسلّم عليك ويقول: هذا تصرفه في بعض مهماتك، فقال الخطيب: لا حاجة لي فيه، وقطّب وجهه، فقال العلوي: فتصرفه إلى بعض أصحابك، قال قل له: يصرفه إلى من يريد، فقال العلوي: كأنك تستقلّه ونفض كمه على سجادة الخطيب وطرح الدنانير عليها وقال: هذه ثلاثمائة دينار، فقام الخطيب محمر الوجه وأخذ السجادة ونفض الدنانير على الأرض وخرج من المسجد.   [1] المصدر السابق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 391 قال الفضل ابن ليلى: ما أنسى عزّ خروج الخطيب وذلّ ذلك العلوي وهو قاعد على الأرض يلتقط الدنانير من شقوق الحصر ويجمعها. وحدث باسناد رفعه إلى الخطيب قال: حدثت ولي عشرون سنة، حين قدمت من البصرة كتب عني شيخنا أبو القاسم الأزهري أشياء أدخلها في تصانيفه وسألني فقرأتها عليه وذلك في سنة اثنتي عشرة وأربعمائة. وحدث قال: ذكر أبو الفضل ناصر السلامي قال: كان أبو بكر الخطيب من ذوي المروءات، حدثني أبو زكريا يحيى بن علي الخطيب اللغوي قال: لما دخلت دمشق في سنة ست وخمسين كان بها إذا ذاك الامام أبو بكر الحافظ، وكانت له حلقة كبيرة يجتمعون في بكرة كلّ يوم فيقرأ لهم، وكنت أقرأ عليه الكتب الأدبية المسموعة له، فكان إذا مر في كتابه شيء يحتاج إلى إصلاح يصلحه ويقول: أنت تريد مني الرواية وأنا أريد منك الدراية، وكنت أسكن منارة الجامع، فصعد إليّ يوما وسط النهار وقال: أحببت أن أزورك في بيتك، وقعد عندي وتحدثنا ساعة، ثم أخرج قرطاسا فيه شيء وقال لي: الهدية مستحبّة وأسألك أن تشتري به الاقلام، ونهض ففتحت القرطاس بعد خروجه فإذا فيه خمسة دنانير صحاح مصرية، ثم إنه مرة ثانية صعد وحمل إليّ ذهبا وقال لي: تشتري به كاغدا، وكان نحوا من الأول أو أكثر، قال: وكان إذا قرأ الحديث في جامع دمشق يسمع صوته في آخر الجامع، وكان يقرأ معربا صحيحا. وقال أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السلفي الحافظ الاصبهاني يمدح مؤلفات الخطيب [1] : تصانيف ابن ثابت الخطيب ... ألذّ من الصبا الغضّ الرطيب يراها إذ حواها من رواها ... رياضا تركها رأس الذنوب [2] ويأخذ حسن ما قد صاغ منها ... بقلب الحافظ الفطن الأريب فأيّة راحة ونعيم عيش ... يوازي كتبه أم أيّ طيب   [1] الأبيات في طبقات السبكي وتذكرة الحفاظ والوافي والمستفاد. [2] السبكي: رياضا للفتى اليقظ اللبيب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 392 وحدث محمد بن طاهر المقدسي، سمعت أبا القاسم مكي بن عبد السلام الرميلي يقول: كان سبب خروج أبي بكر الخطيب من دمشق إلى صور أنه كان يختلف إليه صبيّ صبيح الوجه- وقد سمّاه مكي أنا نكّبت عن ذكره- فتكلّم الناس في ذلك، وكان أمير البلدة رافضيا متعصبا، فبلغته القصة، فجعل ذلك سببا للفتك به، فأمر صاحب شرطته أن يأخذه بالليل ويقتله، وكان صاحب الشرطة من أهل السنة، فقصده صاحب الشرطة تلك الليلة مع جماعة من أصابه ولم يمكنه أن يخالف الأمير، فأخذه وقال له: قد أمرت بكذا وكذا، ولا أجد لك حيلة، إلا أني أعبر بك على دار الشريف ابن أبي الحسن العلوي، فإذا حاذيت الباب فادخل الدار، فإني أرجع إلى الأمير وأخبره بالقصة، ففعل ذلك ودخل دار الشريف، وذهب صاحب الشرطة إلى الأمير وأخبره الخبر، فبعث الأمير إلى الشريف أن يبعث به، فقال الشريف: أيها الأمير أنت تعرف اعتقادي فيه وفي أمثاله، ولكن ليس في قتله مصلحة، هذا رجل مشهور بالعراق وإن قتلته قتل به جماعة من الشيعة بالعراق وخرّبت المشاهد، قال: فما ترى؟ قال: أرى ان يخرج من بلدك، فأمر باخراجه فخرج إلى صور وبقي بها مدة إلى أن رجع إلى بغداد فأقام بها إلى أن مات. ومن شعر الخطيب أيضا: قد شاب رأسي وقلبي ما يغيّره ... كرّ الدهور عن الإسهاب في الغزل وكم زمانا طويلا ظلت أعذله ... فقال قولا صحيحا صادق المثل حكم الهوى يترك الألباب حائرة ... ويورث الصبّ طول السقم والعلل وحبّك الشيء يعمي عن مقابحه ... ويمنع الأذن أن تصغي إلى العذل لا أسمع العذل في ترك الصبا أبدا ... جهدي فما ذاك من همي ولا شغلي من ادّعى الحبّ لم تظهر دلائله ... فحبّه كذب قول بلا عمل وله أيضا: تغيّب الخلق عن عيني سوى قمر ... حسبي من الخلق طرا ذلك القمر محلّه في فؤادي قد تملّكه ... وحاز روحي وما لي عنه مصطبر فالشمس أقرب منه في تناولها ... وغاية الحظّ منها للورى النظر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 393 أردت تقبيله يوما مخالسة ... فصار من خاطري في خدّه أثر وكم حليم رآه ظنّه ملكا ... وراجع الفكر فيه أنه بشر قال عبد الخالق بن يوسف: أنشدني من لفظه الشيخ أبو العز أحمد بن عبد الله بن كادش عن الخطيب، وقال: هي في أبي منصور ابن النقور [1] : الشمس تشبهه والبدر يحكيه ... والدرّ يضحك والمرجان من فيه ومن سرى وظلام الليل معتكر ... فوجهه عن ضياء البدر يغنيه زوي له الحسن حتى حاز أحسنه ... لنفسه وبقي للخلق باقيه فالعقل يعجز عن تحديد غايته ... والوهم يقصر عن فحوى معانيه يدعو القلوب فتأتيه مسارعة ... مطيعة الأمر منه ليس تعصيه سألته زورة يوما فأعجزني ... وأظهر الغضب المقرون بالتيه وقال لي دون ما تبغي وتطلبه ... تناول الفلك الأعلى وما فيه رضيت يا معشر العشاق منه بأن ... أصبحت تعلم اني من محبيه وأن يكون فؤادي في يديه لكي ... يميته بالهوى منه ويحييه وله أيضا: بنفسي عاتب في كلّ حال ... وما لمحبه ذنب جناه حفظت عهوده ورعيت منه ... ذماما مثله لي ما رعاه حرمت وصاله إن كنت يوما ... جرى لي خاطر بهوى سواه ولو تلفي رضاه لهان عندي ... خروج الروح في طلبي رضاه وله أيضا: خمار الهوى يربي على نشوة الخمر ... وذو الحزم فيه ليس يصحو من السكر وللحبّ في الأحشاء حرّ أقلّه ... وأبرده يوفي على لهب الجمر أخبركم يا أيها الناس أنني ... عليم بأحوال المحبين ذو خبر   [1] البيتان الاولان في طبقات السبكي 4: 37 والأبيات كلها في المستفاد: 55- 56. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 394 سبيل الهوى سهل يسير سلوكه ... ولكنه يفضي إلى مسلك وعر ويجمع أوصاف الهوى ونعوته ... لحرفين سعد الوصل أو شقوة الهجر وله أيضا: إلى الله أشكو من زماني حوادثا ... رمت بسهام البين في غرض الوصل أصابت بها قلبي ولم أقض منيتي ... ولو قتلتني كان أجمل بالفعل متى تتمايل بين قتل وفرقة ... تجد فرقة الأحباب شرا من القتل قال أبو بكر الخطيب: كتب معي أبو بكر البرقاني إلى أبي نعيم الأصبهاني الحافظ كتابا يقول في فصل منه: وقد نفذ إلى ما عندك عمدا متعمدا أخونا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت- أيده الله وسلمه- ليقتبس من علومك، ويستفيد من حديثك، وهو بحمد الله ممن له في هذا الشأن سابقة حسنة، وقدم ثابت، وفهم به حسن. وقد رحل فيه وفي طلبه وحصل له منه ما لم يحصل لكثير من أمثاله الطالبين له، وسيظهر لك منه عند الاجتماع من ذلك، مع التورّع والتحفظ وصحة التحصيل، ما يحسن لديك موقعه، ويجمل عندك منزلته. وأنا أرجو إذا صحت منه لديك هذه الصفة أن يلين له جانبك، وأن تتوفر له وتحتمل منه ما عساه يورده من تثقيل في الاستكثار، أو زيادة في الاصطبار، فقديما حمل السلف عن الخلف ما ربما ثقل، وتوفروا على المستحقّ منهم بالتخصيص والتقديم والتفضيل ما لم ينله الكلّ منهم. وقال الرئيس أبو الخطاب ابن الجراح يمدح الخطيب [1] : فاق الخطيب الورى صدقا ومعرفة ... وأعجز الناس في تصنيفه الكتبا حمى الشريعة من غاو يدنّسها ... بوضعه ونفى التدليس والكذبا جلا محاسن بغداد فأودعها ... تاريخه مخلصا لله محتسبا وقام في الناس بالقسطاس منحرفا [2] ... عن الهوى وأزال الشكّ والريبا سقى ثراك أبا بكر على ظمأ ... جون ركام يسحّ الواكف السربا   [1] تهذيب ابن عساكر 1: 401 (والتاريخ 7: 27) . [2] م وابن عساكر: منزويا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 395 ونلت فوزا ورضوانا ومغفرة ... إذا تحقق وعد الله واقتربا يا أحمد بن عليّ طبت مضطجعا ... وباء شانيك بالأوزار محتقبا وقال ابو القاسم: حدثني أبو محمد ابن الاكفاني حدثني أبو القاسم مكي بن عبد السلام المقدسي قال [1] : مرض الشيخ أبو بكر الخطيب ببغداد في نصف رمضان إلى ان اشتد به الحال غرّة ذي الحجة وأيسنا منه، وأوصى إلى أبي الفضل ابن خيرون، ووقف كتبه على يده، وفرّق جميع ما له في وجوه البر وعلى أهل العلم والحديث، وأخرجت جنازته من حجرد تلي المدرسة النظامية من نهر المعلى، وحمل جنازته أبو إسحاق الشيرازي [2] وتبعه الفقهاء والخلق العظيم، وعبرت الجنازة على الجسر وحملت إلى جامع المنصور، وكان بين الجنازة جماعة ينادون: هذا الذي كان يذبّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذا الذي كان ينفي الكذب عن رسول الله، هذا الذي كان يحفظ حديث رسول الله. وعبرت الجنازة بالكرخ ومعها ذلك الخلق العظيم. - 121- أحمد بن علي بن قدامة ابو المعالي قاضي الأنبار : أحد العلماء بهذا الشأن المعروفين المشهورين به، وله من الكتب كتاب في علم القوافي. كتاب في النحو. مات في شوال سنة ست وثمانين وأربعمائة. - 122- أحمد بن علي بن عمر بن سوار المقرىء أبو طاهر : مات فيما ذكره   [121]- ترجمته في نزهة الألباء: 254 والوافي 7: 201 وبغية الوعاة 1: 344 وزاد الصفدي في ترجمته: «روى عنه محمد بن عقيل الكاتب الدسكري وأحمد بن محمد بن غالب العطاردي» . [122]- ترجمة ابن سوار المقرىء في طبقات الجزري 1: 86 وعبر الذهبي 3: 343 والوافي 7: 204 والشذرات 3: 403. [1] المصدر السابق: 402. [2] تاريخ ابن عساكر 7: 28. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 396 السمعاني في رابع شعبان سنة ست وتسعين وأربعمائة ودفن عند قبر معروف الكرخي. قال، وقال ابن ناصر أبو الفضل: أظنّ أن مولد ابن سوار في سنة ست عشرة وأربعمائة. قال: وسمعت أبا المعمر المبارك بن أحمد الأنصاري [يقول] : سألت ابن سوار عن مولده فقال ولدت سنة اثنتي عشرة وأربعمائة. قال: وهو والد شيخينا أبي الفوارس هبة الله ومحمد، وكان ثقة أمينا مقرئا فاضلا، وكان حسن الأخذ للقرآن العظيم، ختم عليه جماعة كتاب الله، وكتب الكثير بخطه من الحديث، وصنف في القرآن «كتاب المستنير» وغيره، سمع [محمد بن] عبد الواحد بن رزمة صاحب أبي سعيد السيرافي النحوي وأبا القاسم علي بن المحسن التنوخي وأبا طالب محمد بن محمد بن إبراهيم بن غيلان البزاز وغيرهم، وروى عنه عبد الوهاب الأنماطي ومحمد بن ناصر الحافظان وغيرهما. قال: وسألت عنه الأنماطي فقال ثقة مأمون فيه خير ودين. وسألت عنه الحافظ ابن ناصر فأحسن الثناء عليه وقال: شيخ نبيل عالم ثبت متقن، رحمه الله. وأنشد السمعاني باسناده إلى ابن سوار المقرىء قال: أنشدني أبو الحسن علي بن محمد السمسار، أنشدنا أبو نصر عبد العزيز بن نباتة السعدي لنفسه [1] : نعلّل بالدواء إذا مرضنا ... وهل يشفي من الموت الدواء ونختار الطبيب وهل طبيب ... يؤخر ما يقدمه القضاء وما أنفاسنا إلا حساب ... ولا حركاتنا إلا فناء وذكره أبو علي الحسين بن محمد بن فيّره الصدفي في شيوخه، فذكر نسبه ثم قال، البغدادي الضرير المقرىء، ولعله أضر على كبر، فإن المحب ابن النجار أخبرني أنه رأى خطه تحت الطباق متغيرا. سمع الصدفي منه كتابه المستنير وكتابه في المفردات، أفرد ما جمعه في المستنير. وقال: هو شيخ فاضل في الحنفية سمع كثيرا وحبس نفسه على إقراء القرآن.   [1] ديوان ابن نباتة 1: 610. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 397 وذكره أبو بكر ابن العربي في شيوخه فقال: واقف على اللغة مذاكر ثقة فاضل قرأ على أبوي علي الشرمقاني والعطار وأبي الحسن ابن فارس الخياط وابي الفتح ابن المقدر وأبي الفتح ابن شيطا وغيرهم. - 123- أحمد بن علي بن مخلد البيّادي الأديب أبو العباس : ذكره عبد الغافر فقال: أحد وجوه أفاضل النواحي المشهورين باللهجة الفصيحة في النظم والنثر، سمع الأحاديث وعني بجمعها. - 124- أحمد بن علي بن أبي جعفر محمد بن أبي صالح البيهقي ، أبو جعفر المقرىء اللغوي ويعرف ببو جعفرك، ومعنى هذه الكاف المزيدة في آخر الاسم الفارسي التصغير، يقولون في تصغير علي عليك، وفي تصغير حسن حسنك، وفي تصغير جعفر جعفرك، وما أشبهه: مات فيما ذكره أبو سعد السمعاني في مشيخة أبيه في سلخ شهر رمضان سنة أربع وأربعين وخمسمائة، أخبرني بذلك الشيخ الامام أبو المظفر عبد الرحيم بن أبي سعد السمعاني عن والده، وأخبرني أيضا أن مولده في حدود سنة سبعين وأربعمائة. قال السمعاني: كان إماما في القراءة والتفسير والنحو واللغة، صنف التصانيف في ذلك، وانتشرت عنه في البلاد، وظهر له أصحاب نجباء وتخرج به خلق وكان   [123]- ينقل ياقوت عن ذيل تاريخ نيسابور، ولم ترد له ترجمة في المنتخب. [124]- ترجمة بو جعفرك في إنباه الرواة 1: 89 والوافي 7: 214 وطبقات المفسرين: 4 وبغية الوعاة 1: 346. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 398 ملازما لبيته والمسجد القديم بنيسابور وكان إمامه، لا يخرج منه [1] إلا في أوقات الصلاة، وكان لا يزور أحدا إنما يقصده الناس إلى منزله للتعلم منه والتبرك به. سمع أبا نصر أحمد بن محمد بن صاعد القاضي وأبا الحسن علي بن الحسن بن العباس الصندلي الواعظ وغيرهما، وذكر وفاته كما تقدم. وذكر تاج الدين محمود بن أبي المعالي الخواريّ [2] في مقدمة «كتاب ضالة الأديب» قال: أحمد بن علي البيهقي كان إماما في القراءات والأدب، حفظ «كتاب الصحاح» في اللغة عن ظهر قلب بعدما قرأه على أبي الفضل أحمد بن محمد الميداني وكتبا كثيرة، وله مؤلفات منها: كتاب المحيط بلغات القرآن. كتاب ينابيع اللغة جرّد فيه صحاح اللغة من الشواهد وضمّ إليه من تهذيب اللغة والشامل لأبي منصور الجبّان والمقاييس لابن فارس قدرا صالحا من الفوائد والفرائد، وهو كتاب صالح كبير الحجم يقرب حجمه من الصحاح. وله أيضا كتاب تاج المصادر. كتاب المحيط بعلم القرآن [3] . وقال علي بن محمد بن علي زله الجويني يمدح بو جعفرك ويذكر كتابه «تاج المصادر» وقد راعى اللزوم: أبا جعفر يا من جعافر فضله ... موارد منها قد صفت ومصادر كتابك ذا غيل تأشّب نبته ... وأنت به ليث بخفّان خادر لبست صدار الصبر يا خير مصدر ... مصادر لا تنهى إليها المصادر فقل لرواة الفضل والأدب انتهوا ... اليها ونحو الريّ منها فبادروا - 125- أحمد بن علي بن إبراهيم بن الزبير الغساني الأسواني المصري يلقب   [125]- ترجمة ابن الزبير الاسواني في وفيات الأعيان 1: 160- 164 والخريدة (قسم مصر) 1: 200 والطالع السعيد: 52 والوافي 7: 220 والمقفى 1: 533 وقد طبع باسمه كتاب «الذخائر والتحف» . [1] يعني من بيته. [2] الخواري: نسبة إلى خوار بقرب نيسابور. [3] ذكر قبل ذلك: المحيط بلغات القرآن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 399 بالرشيد، وكنيته أبو الحسين: مات في سنة اثنتين وستين وخمسمائة مخنوقا- على ما نذكره. وكان كاتبا شاعرا فقيها نحويا لغويا ناشيا عروضيا مؤرخا منطقيا مهندسا عارفا بالطبّ والموسيقى والنجوم متفننا. قال السلفي [1] : أنشدني القاضي أبو الحسين [2] أحمد بن علي بن إبراهيم الغساني الاسواني لنفسه بالثغر: سمحنا لدنيانا بما بخلت به ... علينا ولم نحفل بجلّ أمورها فيا ليتنا لما حرمنا سرورها ... وقينا أذى آفاتها وشرورها قال: وكان ابن الزبير هذا من أفراد الدهر فضلا في فنون كثيرة من العلوم، وهو من بيت كبير بالصعيد [من] الممولين، وولي النظر بثغر الاسكندرية والدواوين السلطانية بغير اختياره، وله تآليف ونظم ونثر التحق فيها بالأوائل المجيدين، قتل ظلما وعدوانا في محرم سنة اثنتين وستين وخمسمائة. وله تصانيف معروفة لغير أهل مصر منها: كتاب منية الالمعي ومنيّة المدعي [3] تشتمل على علوم كثيرة. كتاب المقامات. كتاب جنان الجنان وروضة الذهان في أربع مجلدات، يشتمل على شعر شعراء مصر ومن طرأ عليهم. كتاب الهدايا والطرف. كتاب شفاء الغلة في سمت القبلة. كتاب رسائله نحو خمسين ورقة. كتاب ديوان شعره نحو مائة ورقة. ومولده باسوان، وهي بلدة من صعيد مصر، وهاجر منها إلى مصر فأقام بها، واتصل بملوكها ومدح وزراءها وتقدّم عندهم، وأنفذ إلى اليمن في رسالة، ثم قلد قضاءها وأحكامها ولقب بقاضي قضاة اليمن وداعي دعاة الزمن. ولما استقرت بها داره سمت نفسه إلى رتبة الخلافة فسعى فيها، وأجابه قوم وسلّم عليه بها، وضربت له السكة، وكان نقش السكة على الوجه الواحد: قل هو الله أحد الله الصمد، وعلى الوجه الآخر الامام الأمجد أبو الحسين أحمد، ثم قبض عليه ونفذ مكبلا إلى قوص، فحكى من حضر دخوله إليها أنه رأى رجلا ينادي بين يديه: هذا عدو السلطان   [1] معجم السفر: 47 (رقم: 154) . [2] معجم السفر: الحسن. [3] هو مقامة طويلة وصف فيها عشرين علما وشرحها، ومنه نسخة بالمكتبة الخالدية كتبت 849 وطبع مع شرحه المختصر سنة 1320. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 400 أحمد بن الزبير وهو مغطّى الوجه حتى وصل إلى دار الامارة، والأمير بها يومئذ طرخان سليط [1] ، وكان بينهما ذحول قديمة، فقال: احبسوه في المطبخ الذي كان يتولّاه قديما، وكان ابن الزبير قد تولى المطبخ، وفي ذلك يقول الشريف الأخفش من أبيات يخاطب الصالح بن رزيك: يولّي على الشيء أشكاله ... فيصبح هذا لهذا أخا أقام على المطبخ ابن الزبير ... فولّى على المطبخ المطبخا فقال بعض الحاضرين لطرخان: ينبغي أن تحسن إلى الرجل فإن أخاه يعني المهذب حسن بن الزبير قريب من قلب الصالح، ولا أستبعد أن يستعطفه عليه فتقع في خجلة؛ قال: فلم يمض على ذلك غير ليلة أو ليلتين حتى ورد ساع من الصالح بن رزيك إلى طرخان بكتاب يأمره فيه باطلاقه والاحسان إليه، فأحضره طرخان من سجنه مكرما. قال الحاكي: فلقد رأيته وهو يزاحمه في رتبته ومجلسه. وكان السبب في تقدمه في الدولة المصرية في أول أمره ما حدّثني به الشريف أبو عبد الله محمد بن أبي محمد عبد العزيز الادريسي الحسني الصعيدي قال، حدثني زهر الدولة حدثنا [ ... ] أن احمد بن الزبير دخل إلى مصر بعد مقتل الظافر وجلوس الفائز وعليه أطمار رثة وطيلسان صوف، فحضر المأتم وقد حضر شعراء الدولة فأنشدوا مراثيهم على مراتبهم، فقام في آخرهم وأنشد قصيدته التي أولها: ما للرياض تميل سكرا ... هل سقّيت بالمزن خمرا إلى أن وصل إلى قوله: أفكر بلاء بالعرا ... ق وكربلاء بمصر أخرى فذرفت العيون، وعج القصر بالبكاء والعويل، وانثالت عليه العطايا من كلّ جانب، وعاد إلى منزله بمال وافر حصل له من الأمراء والخدم وحظايا القصر، وحمل إليه من قبل الوزير جملة من المال، وقيل له لولا أنه العزاء والمأتم لجاءتك الخلع.   [1] الوافي: سليط اللسان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 401 قال: وكان على جلالته وفضله ومنزلته من العلم والنسب قبيح المنظر أسود الجلدة جهم الوجه سمج الخلقة ذا شفة غليظة وأنف مبسوط كخلقة الزنوج قصيرا؛ حدثني الشريف المذكور عن أبيه قال: كنت أنا والرشيد بن الزبير والفقيه سليمان الديلمي نجتمع في القاهرة في منزل واحد، فغاب عنا الرشيد يوما وطال انتظارنا له، وكان ذلك في عنفوان شبابه وإبّان صباه وهبوب صباه، فجاءنا وقد مضى معظم النهار، فقلنا له: ما أبطأ بك عنا؟ فتبسم وقال: لا تسألوا عما جرى عليّ اليوم، فقلنا: لا بدّ من ذلك، فتمنع وألححنا عليه فقال: مررت اليوم بالموضع الفلاني وإذا امرأة شابة صبيحة الوجه وضيئة المنظر حسّانة الخلق ظريفة الشمائل، فلما رأتني نظرت إليّ نظر مطمع لي في نفسها، فتوهمت أنني وقعت منها بموقع ونسيت نفسي، وأشارت إليّ بطرفها فتبعتها وهي تدخل بي سكة وتخرج من أخرى حتى دخلت دارا، وأشارت إليّ فدخلت ورفعت النقاب عن وجه كالقمر في ليلة تمامه، ثم صفقت بيديها منادية يا ستّ الدار، فنزلت إليها طفلة كأنها فلقة قمر، فقالت لها: إن رجعت تبولين في الفراش تركت سيدنا القاضي يأكلك، ثم التفتت [إليّ] وقالت: لا أعدمني الله إحسانه بفضل سيدنا القاضي أدام الله عزه، فخرجت وأنا خزيان خجل لا أهتدي الطريق. وحدثني قال: اجتمع ليلة عند الصالح بن رزيك هو وجماعة من الفضلاء فألقى عليهم مسألة في اللغة، فلم يجب عنها بالصواب سواه، فأعجب الصالح، فقال الرشيد ما سئلت قطّ عن مسألة إلا وجدتني أتوقّد فهما، فقال ابن قادوس وكان حاضرا: إن قلت من نار خلق ... ت وفقت كلّ الناس فهما قلنا صدقت فما الذي ... أطفاك حتى صرت فحما وأما سبب مقتله فلميله إلى أسد الدين شيركوه عند دخوله إلى البلاد ومكاتبته له، واتصل ذلك بشاور وزير العاضد فطلبه، فاختفى بالاسكندرية، واتفق التجاء الملك صلاح الدين يوسف بن أيوب إلى الاسنكدرية ومحاصرته لها، فخرج ابن الزبير راكبا متقلدا سيفا وقاتل بين يديه، ولم يزل معه مدة مقامه بالاسكندرية إلى أن خرج منها، فتزايد وجد شاور عليه، واشتد طلبه له، واتفق أن ظفر به على صفة لم تتحقق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 402 لنا فأمر باشهاره على جمل وعلى رأسه طرطور ووراءه جلواز ينال منه. واخبرني الشريف الادريسي عن أبي الفضل بن أبي الفضل أنه رآه على تلك الحال الشنيعة وهو ينشد [1] : ان كان عندك يا زمان بقية ... مما تهين به الكرام فهاتها ثم جعل يهمهم شفتيه بالقرآن، وأمر به بعد إشهاره بمصر والقاهرة ان يصلب شنقا، فلما وصل به إلى الشنّاقة [2] جعل يقول للمتولّي ذلك منه: عجّل عجّل، فلا رغبة لكريم في الحياة بعد هذه الحال، ثم صلب. حدثني الشريف المذكور قال: حدثني الثقة حجاج بن المسبح الاسواني أن ابن الزبير دفن في موضع صلبه، فما مضت الأيام والليالي حتى قتل شاور وسحب، فاتفق أن حفر له ليدفن فوجد الرشيد بن الزبير في الحفرة مدفونا فدفنا معا في موضع واحد، ثم نقل كلّ واحد منهما بعد ذلك إلى تربة له بقرافة مصر والقاهرة. ومن شعر الرشيد قوله يجيب أخاه المهذب عن قصيدته التي أولها: يا ربع أين ترى الأحبة يمموا ... رحلوا فلا خلت المنازل منهم ونأوا فلا سلت الجوانح عنهم ... وسروا وقد كتموا العداة مسيرهم وضياء نور الشمس ما لا يكتم ... وتبدلوا أرض العقيق عن الحمى روّت جفوني أيّ أرض يمموا ... نزلوا العذيب وإنما في مهجتي نزلوا وفي قلب المتيم خيّموا ... ما ضرّهم لو ودعوا من أودعوا نار الغرام وسلّموا من أسلموا ... هم في الحشا إن أعرقوا أو أشأموا أو أيمنوا أو أنجدوا أو اتهموا ... وهم مجال الفكر من قلبي وإن بعد المزار فصفو عيشي معهم ... أحبابنا ما كان أعظم هجركم عندي ولكنّ التفرق أعظم ... غبتم فلا والله ما طرق الكرى جفني ولكن سحّ بعدكم الدم ... وزعمتم أني صبور بعدكم هيهات لا لقّيتم ما قلتم   [1] البيت لمهيار، ديوانه 1: 164. [2] ر: السيافة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 403 وإذا سئلت بمن أهيم صبابة ... قلت الذين هم الذين هم هم النازلين بمهجتي وبمقلتي ... وسط السويدا والسواد الأكرم لا ذنب لي في البعد أعرفه سوى ... أني حفظت العهد لما خنتم فأقمت حين ظعنتم وعدلت ... لما جرتم وسهدت لما نمتم يا محرقا قلبي بنار صدودهم ... رفقا ففيه نار شوق تضرم أسعرتم فيه لهيب صبابة ... لا تنطفي إلّا بقرب منكم يا ساكني أرض العذيب سقيتم ... دمعي إذا ضنّ الغمام المرزم بعدت منازلكم وشطّ مزاركم ... وعهودكم محفوظة مذ غبتم لا لوم للأحباب فيما قد جنوا ... حكّمتهم في مهجتي فتحكموا أحباب قلبي أعمروه بذكركم ... فلطالما حفظ الوداد المسلم واستخبروا ريح الصّبا تخبركم ... عن بعض ما يلقى الفؤاد المغرم كم تظلمونا قادرين وما لنا ... جرم ولا سبب بمن يتظلم ورحلتم وبعدتم وظلمتم ... ونأيتم وقطعتم وهجرتم هيهات لا أسلوكم أبدا وهل ... يسلو عن البيت الحرام المحرم وأنا الذي واصلت حين قطعتم ... وحفظت أسباب الهوى إذ خنتم جار الزمان عليّ لما جرتم ... ظلما ومال الدهر لما ملتم وغدوت بعد فراقكم وكأنني ... هدف تمرّ بجانبيه الأسهم ونزلت مقهور الفؤاد ببلدة ... قلّ الصديق بها وقلّ الدرهم في معشر خلقوا شخوص بهائم ... يصدا بها فكر اللبيب ويبهم إن كورموا لم يكرموا أو علّموا ... لم يعلموا أو خوطبوا لم يفهموا لا تنفق الآداب عندهم ولا ال ... إحسان يعرف في كثير منهم صمّ عن المعروف حتى يسمعوا ... هجر الكلام فيقدموا ويقدّموا فالله يغني عنهم ويزيد في ... زهدي لهم ويفكّ أسري منهم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 404 - 126- أحمد بن علي الصفاري الخوارزمي أبو الفضل : قال محمد بن أرسلان: كان من فضلاء خوارزم وبلغائهم وكتابهم، وله أشعار مونقة لطيفة، ورسائل لبقة خفيفة، جمع رسائله أبو حفص عمر بن الحسن [1] بن المظفر الأديبي وجعلها على خمسة عشر بابا، وذكر في أول جمعه: وبعد فإني رغبت في مطالعة رسائل، تكون إلى التخريج في البراعة وسائل، ثم تقلبت وتطلبت، فلم أر أعذب في السمع وأعلق بالطبع وأجرى في ميدان أهل الزمان من غرر أبي الفضل الصفاري، ثم ذكرت ما كان بينه وبين والدي رحمه الله من المحبة المشتبكة اشتباك الرحم الجارية في عروقها مجرى الدم، والأخوة الصافية من الكدر الباقية على الغير، فاقترحت عليه أن يلقي إليّ ما حصل لديه من رقاعه الصادرة إليه، فأجابني إلى ملتمسي، فدونت ما ألقاه إليّ من إنشائه، وألحقت به ما وجدته عند غيره من أودّائه، وهذا أنموذج من كلامه: كتب عن أبي سعيد سهل بن أحمد السهلي إلى عميد الملك أبي نصر الكندري حين أنهض ولده إلى حضرته: كتابي- أطال الله بقاء الشيخ السيد- وأنا معترف برقّ ولائه، متصرف في شكر سوابق آلائه، حامد الله تعالى على تظاهر أسباب عزه وعلائه، ولم أزل منذ حرمت التشرف بخدمته أنطوي على مبايعته وأتلظى شوقا إلى التسعد بخدمة حضرته التي هي مجمع الوفود، ومطلع الجود، وعصرة المنجود [2] ، وأتمنى على الله تعالى حالا تدنيني من جنابه الرحب، ومشرعه العذب، ومتى تذكرت تلك الأيام التي كانت تسعفني بالتمكن من خدمته التي هي مادة الجمال وغاية الآمال انثنيت بحسرة مرّة، وانطويت على غصّة مستمرة، وكم كاتبت شريف حضرته- لا زالت محسودة مأنوسة- فلم أؤهل لجواب، ولم أشرف بخطاب، فأمسكت عن العادة في المعاودة جريا على طريقة الأصاغر، في مراعاة حشمة الأكابر، ولو جريت في مكاتبة حضرته   [126]- ترجمته في الوافي 7: 215. [1] الوافي: الحسين. [2] عصرة المنجود: ملجأ المكروب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 405 على حكم الاعتقاد، والنية الخالصة في الوداد، لأكثرت حتى أضجرت، وهو بحمد الله أحسن أخلاقا وأوفر في الكرم والمجد خلاقا، من أن يرى عن قدماء خدمه متجافيا، ولخواصّ أصاغره جافيا، ولو كان رحيلي ممكنا لاستعملت في الخدمة قدمي دون قلمي، وحين عجزت عن ذلك لما أنا مدفوع إليه من اختلال الحال وتضاعف الاعتلال، أنهضت ولدي أبا الحسين خادمه نائبا عني في إقامة رسم حضرته التي من فاز بها فقد فاز وسعد، وعلا نجمه وصعد، فلا زال مولانا منيع الأركان، رفيع القدر والمكان، سابغ القدرة والإمكان، محروس العزّ والسلطان، تدين المقادير لأحكامه، وتجري السعود تحت راياته وأعلامه، آمين إن شاء الله. - 127- أحمد بن علي بن المعمر بن محمد بن المعمر بن أحمد بن محمد بن محمد بن عبيد الله بن علي بن عبيد الله بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أبو عبد الله النقيب الطاهر، نقيب نقباء الطالبيين ابن النقيب الطاهر أبي الغنائم: أديب فاضل شاعر منشىء، له رسائل مدونة حسنة مرغوب فيها يتداولها [1] الناس، في مجلدين، وكان من ذوي الهيئات والمنزلة الخطيرة التي لا يجحدها أحد، وكان فيه كيس ومحبة لأهل العلم، وبينه وبين محمد بن الحسن بن حمدون مكاتبات كتبناها في ترجمته [2] ، وكان وقورا عاقلا جدا، تولى النقابة بعد أبيه في سنة ثلاثين وخمسمائة، ولم يزل على ذلك إلى أن مات في سنة تسع وستين وخمسمائة تاسع عشر جمادى الآخرة، فيكون قد ولي النقابة تسعا وثلاثين سنة، وبداره بالحريم الطاهري كانت وفاته، وصلّى عليه جمع كثير، وتقدم في الصلاة عليه شيخ الشيوخ أبو القاسم   [127]- ترجمته في المنتظم 10: 60، 62 ومختصر ابن الدبيثي: 194 وتاريخ ابن الأثير (حوادث 569) وعبر الذهبي 4: 205 والوافي 7: 211 والشذرات 4: 231 والنجوم الزاهرة 6: 72. [1] م: يتناولها. [2] هذا يعني أنه سيترجم لمحمد بن الحسن بن حمدون، ولكن هذه الترجمة مما سقط من معجم الأدباء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 406 عبد الرحيم بن اسماعيل النيسابوري بوصية منه بذلك بعد مشاجرة جرت بينه وبين قثم بن طلحة نقيب الهاشميين، ودفن بداره المذكورة، ثم نقل بعد ذلك إلى المدائن فدفن بالجانب الغربي منها في مشهد أولاد الحسين بن علي عليه السلام. وكان قد سمع الحديث من أبي الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي وأبي الحسن علي بن محمد بن العلاف وأبي الغنائم محمد بن علي الزينبي وغيرهم، وحدث عنهم. سمع منه أبو الفضل أحمد بن صالح بن شافع وأبو اسحاق إبراهيم بن محمود بن الشعار والشريف أبو الحسن علي بن أحمد اليزيدي وغيرهم. وله كتاب ذيله على «منثور المنظوم» لابن خلف النيرماني، وكتاب آخر مثله في انشائه. وكانت حرمته في الأيام المقتفوية وأمره لم ير أحد من النقباء مثلهما مقدرة وبسطة، ثم مرض مرضة شارف فيها التلف، فولي ولده الأسنّ النقابة موضعه، ثم أفاق من مرضه واستمرّ ولده على النقابة حتى عزل عنها، ومات ولده في سنة ثلاث وخمسين ولم تعد منزلته إلى ما كانت عليه في أيام المستنجد لأسباب جرت من العلويين. - 127 ب- أحمد بن علويه الأصبهاني الكراني : قال حمزة: كان صاحب لغة يتعاطى التأديب ويقول الشعر الجيد، وكان من أصحاب أبي علي لغذة [1] ، ثم رفض صناعة التأديب وصار في ندماء أحمد بن عبد العزيز ولد ابن أبي دلف العجلي، وله رسائل [2] مختارة، دوّنها أبو الحسن أحمد بن سعد في كتابه المصنّف في الرسائل [3] . وله ثمانية كتب في الدعاء من إنشائه، ورسالة في الشيب والخضاب، وله شعر جيد كثير منه في أحمد بن عبد العزيز العجلي:   (127 ب) - ترجمته في الوافي 7: 235 وبغية الوعاة 1: 336 وفي المختصر: أحمد بن علي بن علويه. [1] هو الحسن بن عبد الله أبو علي الأصبهاني يعرف بلغذة ولكذه (وسيترجم له ياقوت رقم: 320) ، وانظر الفهرست: 89. [2] الوافي: رسالة. [3] انظر الترجمة: رقم: 85. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 407 يرى مآخير ما يبدو أوائله ... حتى كأنّ عليه الوحي قد نزلا ركن من العلم لا يهفو لمحفظة ... ولا يحيد وإن أبرمته جدلا إذا مضى العزم لم ينكث عزيمته ... ريب ولا خيف منه نقض ما قبلا بل يخرج الحيّة الصمّاء مطرقة ... من جحرها ويحطّ الأعصم الوعلا وله فيه: اذا ما جنى الجاني عليه جناية ... غفا كرما عن ذنبه لا تكرّما ويوسعه رفقا يكاد لبسطه ... يودّ بريء القوم لو كان مجرما وله يهجو زامرا اسمه حمدان: حذار يا قوم من حمدان وانتبهوا ... حذار يا سادتي من زامر زاني فما يبالي إذا ما دبّ مغتلما ... بدا بصاحب دار أو بضيفان يلهي الرجال بمزمار فإن سكروا ... ألهى النساء بمزمار له ثاني ومن شعره: حكم الغناء تسمّع ومدام ... ما للغناء مع الحديث نظام لو أنني قاض قضيت قضية ... إنّ الحديث مع الغناء حرام قال حمزة: وله وأنشدنيها في سنة عشر وثلاثمائة، وله ثمان وتسعون سنة: دنيا مغبّة من أثرى بها عدم ... ولذة تنقضي من بعدها ندم وفي المنون لأهل اللبّ معتبر ... وفي تزوّدهم منها التقى غنم والمرء يسعى لفضل الرزق مجتهدا ... وما له غير ما قد خطّه القلم كم خاشع في عيون الناس منظره ... والله يعلم منه غير ما علموا قال: وقال بعد أن أتت عليه مائة: حنى الدهر من بعد استقامته ظهري ... وأفضى إلى ضحضاح عيشته عمري ودبّ البلى في كلّ عضو ومفصل ... ومن ذا الذي يبقى سليما على الدهر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 408 قال: ولأحمد بن علويه قصيدة على ألف قافية، شيعية، عرضت على أبي حاتم السجستاني فأعجب بها وقال: يا أهل البصرة غلبكم أهل أصبهان. وأول هذه القصيدة: ما بال عينك ثرّة الإنسان ... عبرى اللحاظ سقيمة الأجفان وقال أحمد بن علويه يهجو الموفق لما أنفذ الأصبغ رسولا إلى أحمد بن عبد العزيز العجلي يأمره بانفاذ قطعة من جيشه: أدّى رسالته وأوصل كتبه ... وأتى بأمر لا أبا لك معضل قال اطّرح ملك اصبهان وعزّها ... وابعث بعسكرك الخميس الجحفل فعلمت أن جوابه وخطابه ... عضّ الرسول ببظر أمّ المرسل - 128- أحمد بن عمر البصري النحوي : روى عن أبي عبد الله محمد بن المعلى بن عبد الله الأزدي عن أبي بشر عن أبي المفرج الأنصاري عن ابن السكيت. - 129- أحمد بن عمران بن سلامة الألهاني أبو عبد الله النحوي يعرف بالأخفش [1] : قديم ذكره أبو بكر الصولي في الكتاب الذي ألفه في «شعراء مصر» فقال: كان نحويا لغويا، وأصله من الشام وتأدّب بالعراق، فلما قدم مصر أكرمه   [128]- بغية الوعاة 1: 350 (عن ياقوت) . [129]- ترجمته في تاريخ بغداد 4: 333 والوافي 7: 270 وبغية الوعاة 1: 351 وروضات الجنات 1: 196. [1] ذكر السيوطي أن الأحافش من النحاة أحد عشر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 409 إسحاق بن عبد القدوس وأخرجه إلى طبرية فأدّب ولده، وله أشعار كثيرة في أهل البيت عليهم السلام، منها: إن بني فاطمة الميمونه ... الطيبين الأكرمين الطينه ربيعنا في السنة الملعونه ... كلهم كالروضة المهتونه قال: وحدثني علي بن سراج قال، حدثني جعفر بن أحمد قال قال لي أحمد بن عمران، قال الهيثم بن عدي: ممن أنت؟ قلت: أنا من ألهان أخي همدان، قلت: نعم هم غرس الجن يسمع به ولا يرى، ما رأيت ألهانيا قبلك. قال: وكان الألهاني قد نزل على رعل، حيّ من بني سليم، فلم يقروه فقال: تضيفت بغلتي والأرض معشبة ... رعلا وكان قراها عندهم عدس [1] وأكلبا كأسود الغاب ضارية ... وواقفات [2] بأيدي أعبد عبس والعام أرغد والأيام فاضلة ... وما ترى في سواد الحيّ من قبس يستوحشون من الضيف الملمّ بهم ... ويأنسون إلى ذي السّوءة الشرس وله يمدح جعفر بن جدلة: إذا استسلم المال عند الهذيل ... فمال الفتى جعفر خاسر وإن ضنّ جازره بالمدى ... فإن الحسام له حاضر - 130- أحمد بن فارس بن زكريا اللغوي ، وقال ابن الجوزي: أحمد بن زكريا بن   [130]- ترجمة ابن فارس في إنباه الرواة 1: 92 والمنتظم 7: 103 ودمية القصر 3: 1479 ونزهة الألباء: 219 والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد: 65 وترتيب المدارك 7: 84 ووفيات الأعيان 1: 100 وسير الذهبي 17: 103 واليتيمة 3: 400 والديباج المذهب: 37 (1: 163) والوافي 7: 278 والشذرات 3: 132 وبغية الوعاة 1: 352 والبلغة: 28 وطبقات المفسرين: 4 وروضات الجنات 1: 232 وإشارة التعيين: 43. [1] عدس: كلمة زجر للبغال خاصة. [2] الوافي: وواقبات. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 410 فارس، ولا يعاج به. مات سنة تسع وستين وثلاثمائة، وقال قبل وفاته بيومين: يا ربّ إن ذنوبي قد أحطت بها ... علما وبي وباعلاني وإسراري أنا الموحّد لكنّي المقرّ بها ... فهب ذنوبي لتوحيدي وإقراري ووجد بخط الحميدي أن ابن فارس مات في حدود سنة ستين وثلاثمائة، وكل منهما لا اعتبار به، لأني وجدت خطّ كفه على «كتاب تتمة الفصيح» من تصنيفه، وقد كتبه في سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة. وذكره الحافظ السلفي في «شرح مقدمة معالم السنن» للخطابي فقال: أصله من قزوين [1] . وقال غيره: أخذ أحمد بن فارس عن أبي بكر أحمد بن الحسن الخطيب راوية ثعلب وأبي الحسن علي بن إبراهيم القطان وأبي عبد الله أحمد بن طاهر المنجم وعلي بن عبد العزيز المكي صاحب أبي عبيد وأبي القاسم سليمان بن أحمد الطبراني. وكان ابن فارس يقول: ما رأيت مثل أبي عبد الله أحمد بن طاهر ولا رأى هو مثل نفسه. وكان ابن فارس قد حمل إلى الريّ بأخرة ليقرأ عليه مجد الدولة أبو طالب ابن فخر الدولة علي بن ركن الدولة الحسن بن بويه الديلمي صاحب الري، فأقام بها قاطنا [2] ، وكان الصاحب بن عباد يكرمه ويتتلمذ له ويقول: «شيخنا أبو الحسين ممن رزق حسن التصنيف وأمن فيه من التصحيف» . وكان كريما جوادا لا يبقي شيئا، وربما سئل فوهب ثياب جسمه وفرش بيته. وكان فقيها شافعيا فصار مالكيا وقال: دخلتني الحمية لهذا البلد- يعني الريّ- كيف لا يكون فيه رجل على مذهب هذا الرجل المقبول القول على جميع الألسنة. وله من التصانيف: كتاب المجمل. وكتاب متخير الألفاظ. كتاب فقه اللغة. كتاب غريب إعراب القرآن. كتاب تفسير أسماء النبي عليه السلام. كتاب مقدمة [نحو] . كتاب دارات العرب. كتاب حلية الفقهاء. كتاب الفرق. كتاب مقدمة   [1] قال في الإنباه: قيل كان من قزوين ولا يصح ذلك، وإنما قالوه لأنه كان يتكلم بكلام القزاونة. [2] ر: قاضيا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 411 الفرائض. كتاب ذخائر الكلمات. كتاب شرح رسالة الزهري إلى عبد الملك بن مروان. كتاب الحجر. كتاب سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، كتاب صغير الحجم. كتاب الليل والنهار. كتاب العمّ والخال. كتاب أصول الفقه. كتاب أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم. كتاب الصاحبي صنفه لخزانة الصاحب. كتاب جامع التأويل في تفسير القرآن، أربع مجلدات. كتاب الشيات والحلى. كتاب خلق الإنسان. كتاب الحماسة المحدثة. كتاب مقاييس اللغة، وهو كتاب جليل لم يصنف مثله. كتاب كفاية المتعلمين في اختلاف النحويين [1] . وحدث ابن فارس، سمعت أبي يقول: حججت فلقيت بمكة ناسا من هذيل فجاريتهم ذكر شعرائهم فما عرفوا أحدا منهم، ولكني رأيت أمثل الجماعة رجلا فصيحا وأنشدني [2] . إذا لم تحظ في أرض فدعها ... وحثّ اليعملات على وجاها ولا يغررك حظّ أخيك فيها ... إذا صفرت يمينك من جداها ونفسك فز بها إن خفت ضيما ... وخلّ الدار تحزن من بناها [3] فإنك واجد أرضا بأرض ... ولست بواجد نفسا سواها ومن شعر ابن فارس: وقالوا كيف أنت فقلت خير ... تقضّى حاجة وتفوت حاج إذا ازدحمت هموم القلب [4] قلنا ... عسى يوما يكون لها انفراج نديمي هرتي وسرور قلبي ... دفاتر لي ومعشوقي السراج   [1] من كتبه المطبوعة: الصاحبي، ومعجم مقاييس اللغة، وكتاب متخير الألفاظ، وقد حقق كتاب «المجمل» أيضا وطبع مرتين. [2] البيتان الأول والثاني منها في البصائر 4: 245 (رقم: 874) دون نسبة. [3] م: بكاها. [4] ر واليتيمة: الصدر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 412 ومن شعره في همذان [1] : سقى همذان الغيث لست بقائل ... سوى ذا وفي الأحشاء نار تضرّم وما لي لا أصفي الدعاء لبلدة ... أفدت بها نسيان ما كنت أعلم نسيت الذي أحسنته غير أنني ... مدين وما في جوف بيتي درهم وله أيضا: إذا كنت في حاجة مرسلا ... وأنت بها كلف مغرم فأرسل حكيما ولا توصه ... وذاك الحكيم هو الدرهم وله أيضا: مرّت بنا هيفاء مقدودة ... تركيّة تنمى لتركيّ ترنو بطرف فاتن فاتر ... كأنها حجّة نحوي قال الثعالبي: حدثني ابن عبد الوارث النحوي قال: كان الصاحب منحرفا عن أبي الحسين ابن فارس لانتسابه إلى خدمة آل العميد وتعصبه لهم، فأنفذ إليه من همذان «كتاب الحجر» من تأليفه، فقال الصاحب: «ردّ الحجر من حيث جاءك» [2] . ثم لم تطب نفسه بتركه فنظر فيه وأمر له بصلة. ولابن فارس في «اليتيمة» [3] : يا ليت لي ألف دينار موجهة ... وأن حظّي منها فلس فلّاس قالوا فما لك منها قلت تخدمني ... لها ومن أجلها الحمقى من الناس   [1] هذه الأبيات في اليتيمة والوفيات وإنباه الرواة والديباج وسير الذهبي. [2] هو مثل، انظر الميداني 1: 206 أي لا تقبل الضيم وارم من رماك. [3] اليتيمة 3: 405- 407 والمدارك: 85 (القطعة الأولى) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 413 وله أيضا: اسمع مقالة ناصح ... جمع النصيحة والمقه إياك واحذر أن تبيت من الثقات على ثقه وله أيضا: وصاحب لي أتاني يستشير وقد ... أراد في جنبات الأرض مضطربا قلت اطّلب أيّ شيء شئت واسع ورد ... منه الموارد إلا العلم والأدبا وله أيضا: إذا كان يؤذيك حرّ المصيف ... وكرب الخريف وبرد الشتا ويلهيك حسن زمان الربيع ... فأخذك للعلم قل لي متى وله أيضا: عتبت عليه حين ساء صنيعه ... وآليت لا أمسيت طوع يديه فلما خبرت الناس خبر مجرّب ... ولم أر خيرا منه عدت إليه وله أيضا: تلبّس لباس الرضا بالقضا ... وخلّ الأمور لمن يملك تقدّر أنت وجاري القضاء ... مما تقدّره يضحك قال يحيى بن منده الاصبهاني: سمعت عمي عبد الرحمن بن محمد بن العبدي يقول، سمعت أبا الحسين أحمد بن زكريا بن فارس النحوي يقول: دخلت بغداد طالبا للحديث، فحضرت مجلس بعض أصحاب الحديث وليست معي قارورة، فرأيت شابا عليه سمة جمال، فاستأذنته في كتب الحديث من قارورته فقال: من انبسط إلى الإخوان بالاستئذان فقد استحقّ الحرمان. قال عبد الرحمن بن منده: وسمعت ابن فارس يقول: سمعت أبا أحمد [1] بن   [1] ر: أبا محمد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 414 أبي التيار يقول: أبو أحمد العسكري يكذب على الصولي، مثلما كان الصولي يكذب على الغلابي، مثلما كان الغلابي يكذب على سائر الناس. قرأت بخط الشيخ أبي الحسن علي بن عبد الرحيم السلمي، وجدت بخطّ ابن فارس على وجه المجمل، والأبيات له، ثم قرأتها على سعد الخير الانصاري، وأخبرني أنه سمعها من ابن شيخه أبي زكريا عن سليمان بن أيوب عن ابن فارس: يا دار سعدى بذات الضال من إضم ... سقاك صوب حيا من واكف العين العين: سحاب ينشأ من قبل القبلة. إني لأذكر أياما بها ولنا ... في كلّ إصباح يوم قرة العين العين هاهنا: عين الانسان وغيره. تدني معشّقة منا معتقة ... تشجّها عذبة من نابع العين العين هاهنا: ما ينبع منه الماء. إذا تمززها شيخ به طرق ... سرت بقوتها في الساق والعين العين هاهنا: عين الركبة، والطرق: ضعف الركبتين. والزقّ ملآن من ماء السرور فلا ... نخشى تولّه ما فيه من العين العين هاهنا: ثقب يكون في المزادة، وتوله الماء أن يتسرب. وغاب عذّالنا عنّا فلا كدر ... في عيشنا من رقيب السوء والعين العين هاهنا: الرقيب. يقسم الودّ فيما بيننا قسما ... ميزان صدق بلا بخس ولا عين العين هاهنا: العين في الميزان. وفائض المال يغنينا بحاضره ... فنكتفي من ثقيل الدين بالعين العين هاهنا: المال الناضّ. والمجمل المجتبى تغني فوائده ... حفّاظه عن كتاب الجيم والعين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 415 قال: وبخطه أيضا، سمعت أبي يقول: حججت فلقيت بمكة ناسا من هذيل فجاريتهم ذكر شعرائهم. وجدت على نسخة قديمة بكتاب «المجمل» من تصنيف ابن فارس ما صورته: تأليف الشيخ أبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريا الزهراوي الأستاذ خرذي [1] ، واختلفوا في وطنه فقيل كان من رستاق الزهراء من القرية المعروفة كرسف وجيانا باذ، وقد حضرت القريتين مرارا، ولا خلاف أنه قرويّ. حدثني والدي محمد بن أحمد، وكان من جملة حاضري مجالسه قال: أتاه آت فسأله عن وطنه فقال: كرسف، قال فتمثل الشيخ: بلاد بها شدّت عليّ تمائمي ... وأول أرض مسّ جلدي ترابها وكتبه مجمع بن محمد بن أحمد بخطه في شهر ربيع الأول سنة ست وأربعين وأربعمائة. وكان في آخر هذا الكتاب ما صورته أيضا: قضى الشيخ أبو الحسين أحمد بن فارس رحمه الله في صفر سنة خمس وتسعين وثلاثمائة بالريّ، ودفن بها مقابل مشهد قاضي القضاة أبي الحسن علي بن عبد العزيز يعني الجرجاني. أنشد أبو الريحان البيروني في «كتاب الآثار الباقية عن القرون الخالية [2] لأحمد بن فارس: قد قال فيما مضى حكيم ... ما المرء إلا بأصغريه فقلت قول امرىء لبيب ... ما المرء إلا بدرهميه من لم يكن معه درهماه ... لم تلتفت عرسه إليه وكان من ذلّه حقيرا ... تبول سنّورة عليه وحدث هلال بن المظفر الريحاني قال: قدم عبد الصمد بن بابك الشاعر إلى   [1] عند ياقوت في معجم البلدان: الأستاذ خرذي والأشتاجردي. وفي الانباه: الاشتاجردي. [2] الآثار الباقية: 338. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 416 الري في أيام الصاحب، فتوقع أبو الحسين أحمد بن فارس أن يزوره ابن بابك ويقضي حقّ علمه وفضله، وتوقع ابن بابك أن يزوره ابن فارس ويقضي حقّ مقدمه، فلم يفعل أحدهما ما ظنّ صاحبه، فكتب ابن فارس إلى أبي القاسم ابن حسول: تعديت في وصلي فعدّي عتابك ... وأدني بديلا من نواكم إيابك تيقنت أن لم أحظ والشمل جامع ... بأيسر مطلوب فهلا كتابك ذهبت بقلب عيل بعدك صبره ... غداة أرتنا المرقلات ذهابك وما استمطرت عيني سحابة ريبة ... لديك ولا ثنّت يميني سخابك ولا نقبت والصبّ يصبو لمثلها ... عن الوجنات الغانيات نقابك ولا قلت يوما عن قلى وسآمة ... لنفسك «سلّي عن ثيابي ثيابك» وأنت التي شيّبت قبل أوانه ... شبابي سقى الغرّ الغوادي شبابك تجنّيت ما أوفى وعاتبت ما كفى ... ألم يأن سعدى أن تكفّي عتابك وقد نبحتني من كلابك عصبة ... فهلّا وقد حالوا زجرت كلابك تجافيت من مستحسن البرّ جملة ... وجرت على بختي جفاء ابن بابك فلما وقف أبو القاسم الحسولي على الأبيات أرسلها إلى ابن بابك، وكان مريضا، فكتب جوابها بديها: وصلت الرقعة أطال الله بقاء الأستاذ وفهمتها، وأنا أشكو اليه الشيخ أبا الحسين فإنه صيرني فصلا لا وصلا، وزجا لا نصلا، ووضعني موضع الخلال من الموائد، وتمّت من أواخر القصائد، وسحب اسمي منها مسحب الذيل، وأوقعه موقع الذنب المحذوف من الخيل، وجعل مكاني مكان القفل من الباب، وفذلك من الحساب، وقد أجبت عن أبياته بأبيات أعلم ان فيها ضعفا لعلتين، علتي وعلتها، وهي: أيا أثلات الشّعب من مرج يابس ... سلام على آثاركنّ الدوارس لقد شاقني والليل في شملة الحيا ... اليكنّ توليع النسيم المخالس ولمحة برق مستميت كأنه ... تردّد لحظ بين أجفان ناعس فبتّ كأني صعدة يمنيّة ... تزعزع في نقع من الليل دامس الجزء: 1 ¦ الصفحة: 417 ألا حبّذا صبح اذا ابيضّ أفقه ... تصدّع عن قرن من الشمس وارس ركبت من الخلصاء تركب سيلها ... ورود المطيّ الحائمات الكوانس فيا طارق الزوراء قل لغيومها اس ... تهلّي على متن من الكرخ آنس وقل لرياض القفص تهدي نسيمها ... فلست على بعد المزار بآيس ألا ليت شعري هل أبيتنّ ليلة ... لقى بين أقراط المها والمحابس وهل أرينّ الريّ دهليز بابل ... وبابل [1] دهليز إلى أرض فارس ويصبح ردم السدّ قفلا عليهما ... كما صرت قفلا في قوافي ابن فارس فعرض أبو القاسم الحسولي المقطوعين على الصاحب وعرفه الحال فقال: البادي أظلم والقادم يزار، وحسن العهد من الإيمان. - 131- أحمد بن الفضل بن شبانة الكاتب أبو الصقر النحوي الهمذاني: من أهل همذان، ذكره شيرويه. كان يلقب بساسي دوير، مات سنة خمسين وثلاثمائة، روى عن إبراهيم بن الحسين بن ديزيل وأبي خليفة الفضل بن الحباب الجمحي وأبي القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي وأبي سعيد الحسن بن علي بن زكريا العدوي وأبي بكر محمد بن خلف وكيع وأبي العباس أحمد بن يحيى ثعلب وأبي العباس محمد بن يزيد المبرد وأبي بكر ابن دريد النحوي وأبي الحسن علي بن سعيد السكّري وعلي بن الفضل الرشيدي وغيرهم. روى عنه أبو بكر أحمد بن علي بن لال [2] وأبو العباس أحمد بن إبراهيم بن تركان وأبو الحسن إبراهيم بن جعفر الأسدي وأبو بكر خلف بن محمد الخياط وأبو عبد الله أحمد بن عمر الكاتب وابن روزبه وغيرهم. حدثنا عبد الملك بن عبد الغفار الفقيه لفظا، أخبرنا عبد الله بن عيسى الفقيه،   [131]- ترجمة ابن شبانة (بالنون كما ضبطه الصفدي) في الوافي 7: 287 وبغية الوعاة 1: 353 (شبابة- بباءين) . [1] م: بابك. [2] م: بلال. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 418 حدثنا محمد بن أحمد قال، سمعت أبا الصقر ابن شبانة الكاتب يقول: كنت بالبصرة فاستأذنت على أبي خليفة وعنده جماعة من الهاشميين يتغدون، فحبسني البواب، فكتبت في رقعة فناولتها بعض غلمانه، فناولها أبا خليفة: أبا خليفة تجفو من له أدب ... وتتحف الغرّ من أولاد عباس ما كان قدر رغيف لو سمحت به ... شيئا وتأذن لي في جملة الناس فلما وصلت إليه الرقعة قال: عليّ بالهمذاني صاحب الشعر، فأدخلت إليه فقدّم إليّ طبقا من رطب وأجلسني معه. - 132- أحمد بن الفضل بن محمد بن أحمد بن محمد بن جعفر الباطرقاني المقرىء : مات في الثاني والعشرين من صفر سنة ستين وأربعمائة بأصبهان، قال السمعاني: كان مقرئا فاضلا ومتحدثا مكثرا من الحديث، كتب بنفسه الكثير، وكان حسن الخطّ دقيقه. قرأ القرآن على جماعة من مشاهير القدماء بالروايات وصنّف التصانيف فيه منها: كتاب طبقات القراء. كتاب الشواذ. وصلّى بالناس إماما في الجامع الكبير سنين بعد المظفر بن الشبيب. سمع الحديث من أبي عبد الله محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن عبد الله بن خرشيدة التاجر وجماعة، وروى لنا عن جماعة كثيرة. قال ابن منده: جرى ذكر الباطرقاني عند الامام عمي رحمه الله، والشيخ الحافظ أبو محمد عبد العزيز بن محمد النخشبي وجماعة حاضرون، فقال عبد العزيز: صنّف مسندا ضمّنه ما اشتمل عليه صحيح البخاري، إلا أنه كتب المتن من الأصل ثم ألحقه الاسناد، وهذا ليس من شرط أصحاب الحديث وأهله، يتكلم في مسائل لا يسع الموضع ذكرها، لو اقتصر على الإقراء والحديث كان خيرا له.   [132]- ترجمة الباطرقاني المقرىء في طبقات الجزري 1: 96 وعبر الذهبي 3: 246 وسير الذهبي 18: 182 والأنساب (الباطرقاني) والوافي 7: 288 والشذرات 3: 308. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 419 - 133- أحمد بن كامل بن شجرة بن منصور بن كعب بن يزيد أبو بكر القاضي : قال الخطيب: قال القاضي ابن كامل ولدت في سنة ستين ومائتين، قال: ومات في المحرم سنة خمسين وثلاثمائة. قال الخطيب: وكان ينزل في شارع عبد الصمد، وهو أحد أصحاب محمد بن جرير الطبري، وتقلّد قضاء الكوفة من قبل أبي عمر محمد بن يوسف، وكان من العلماء بالأحكام وعلوم القرآن والنحو والشعر وأيام الناس والتواريخ وأصحاب الحديث، وله مصنفات في أكثر ذلك. قال النديم منها: كتاب غريب القرآن. كتاب القراءات. كتاب التقريب في كشف الغريب. كتاب موجز التأويل عن محكم التنزيل. كتاب التنزيل. كتاب الوقوف. كتاب التاريخ. كتاب المختصر في الفقه. كتاب الشروط الكبير. كتاب الشروط الصغير. كتاب البحث والحث. كتاب أمهات المؤمنين. كتاب الشعر. كتاب الزمان. كتاب أخبار القضاة. وكان قد اختار لنفسه مذهبا. قال الخطيب: وحدث ابن كامل عن محمد بن سعد العوفي ومحمد بن الجهم السمري وأبي قلابة الرقاشي وأحمد بن أبي خيثمة وأبي إسماعيل الترمذي. روى عنه الدارقطني وأبو عبد الله [1] المرزباني وحدثنا عنه ابن رزقويه وغيره، وقال ابن رزقويه: لم تر عيناي مثله. ولما بلغ الثمانين أنشدنا: عقد الثمانين عقد ليس يبلغه ... إلا المؤخّر للأخبار والغير قال: وأنشد القاضي ابن كامل لنفسه: صرف الزمان تنقل الأيام ... والمرء بين محلّل وحرام وإذا تقشعت الأمور تكشّفت ... عن فضل أيام وقبح أنام   [133]- ترجمة ابن شجرة في الفهرست: 35، 292 وتاريخ بغداد 4: 357 وإنباه الرواة 1: 97 وعبر الذهبي 2: 285 وطبقات الجزري 1: 98 والوافي 7: 298 وتاج التراجم: 14 وبغية الوعاة 1: 354 وسير الذهبي 15: 544 (ويعتمد ياقوت في نقله على تاريخ بغداد والفهرست) . [1] الوافي: أبو عبيد الله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 420 وسئل الدارقطني عن ابن كامل فقال: كان متساهلا ربما حدث من حفظه بما ليس عنده في كتابه، وأهلكه العجب فإنه كان يختار ولا يضع لأحد من الأئمة أصلا. قيل له: أكان جريريّ المذهب؟ فقال: بل خالفه واختار لنفسه، وأملى كتابا في السير وتكلم على الاختيار [1] . أنبأنا الخطيب أبو الفضل عبيد الله بن أحمد بن عبد الله المنصوري قال، حدثنا أبو منصور موهوب بن الجواليقي، حدثنا ثابت بن بندار، حدثنا أبو علي الحسن بن أحمد بن شاذان، حدثنا أبو بكر أحمد بن كامل بن شجرة القاضي في سنة تسع وأربعين وثلاثمائة، حدثني عبد الله بن أحمد بن عيسى المقرىء يعرف بالفسطاطي، قال حدثنا أحمد بن سهل أبو عبد الرحمن، قال قدم علينا سعد بن زنبور فأتيناه فحدثنا قال: كنا على باب الفضيل بن عياض فاستأذنّا عليه فلم يؤذن لنا، قال فقيل لنا: إنه لا يخرج اليكم أو يسمع القرآن، قال: وكان معنا رجل مؤذن وكان صيّتا، فقلنا له: اقرأ، فقرأ أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ (التكاثر: 1) ورفع بها صوته، قال: فأشرف علينا الفضيل وقد بكى حتى بلّ لحيته بالدموع ومعه خرقة ينشّف بها الدموع من عينه، وأنشأ يقول: بلغت الثمانين أو جزتها ... فماذا أؤمّل أو أنتظر أتاني ثمانون من مولدي ... وبعد الثمانين ما ينتظر؟ علتني السنون فأبلينني قال: ثم خنقته العبرة، قال وكان معنا علي بن خشرم فأتمه له فقال: فدقّت عظامي وكلّ البصر قال: ثم قال القاضي أحمد بن كامل: ولدت سنة ستين ومائتين، وأنشدنا: عقد الثمانين عقد ليس يبلغه ... إلا المؤخر للأخبار والغير   [1] تاريخ بغداد والوافي: الأخبار. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 421 - 134- أحمد بن كليب النحوي : صاحب أسلم، الأندلسيّين، ذكر أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزي في «المنتظم» ان أحمد بن كليب مات سنة ست وعشرين وأربعمائة، وذكر قصته التي أذكرها فيما بعد بعينها، ولا أدري من أين له هذه الوفاة، فإن الحميديّ ذكره في كتابه ولم يذكر وفاته. قال الحميدي: هو شاعر مشهور الشعر ولا سيما شعره في أسلم، وكان قد أفرط في حبّه حتى أدّاه ذلك إلى الموت، وخبره في ذلك طريف رواه محمد بن الحسن المذحجي قال: كنت أختلف في النحو إلى أبي عبد الله محمد بن خطاب النحويّ [1] في جماعة، وكان معنا عنده أبو الحسن أسلم بن أحمد بن سعيد ابن قاضي الجماعة أسلم بن عبد العزيز صاحب المزني والربيع، قال محمد بن الحسن: وكان من أجمل من رأته العيون، وكان يجيء معنا إلى محمد بن خطاب: أحمد بن كليب، وكان من أهل الأدب البارع والشعر الرائق، فاشتدّ كلفه بأسلم وفارق صبره، وصرّف فيه القول متسترا بذلك إلى أن فشت أشعاره فيه وجرت على الألسنة وتنوشدت في المحافل، فلعهدي بعرس وفيه زامر يزمر في البوق بقول أحمد بن كليب في أسلم: أسلمني في هوا ... هـ أسلم هذا الرشا غزال له مقلة ... يصيب بها من يشا وشى بيننا حاسد ... سيسأل عمّا وشى ولو شاء أن يرتشي ... على الوصل روحي ارتشى فلما بلغ هذا المبلغ انقطع أسلم عن جميع مجالس الطلب ولزم بيته والجلوس   [134]- ترجمة أحمد بن كليب في إنباه الرواة 1: 96 والبداية والنهاية 12: 38 والنجوم الزاهرة 4: 281 والوافي 7: 299 وبغية الوعاة 1: 354 وقصته في عشقه لأسلم في صورتها الكاملة إنما هي رواية ابن حزم كما أوردها الحميدي في الجذوة: 134 (وبغية الملتمس رقم: 462) وقد نقلت في المنتظم 8: 83 ومصارع العشاق 1: 297- 300 وتزيين الأسواق 2: 339. [1] محمد بن خطاب، له ترجمة في الجذوة: 50 وبغية الوعاة 1: 99. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 422 على بابه، فكان أحمد بن كليب لا شغل له إلّا المرور على باب أسلم سائرا ومقبلا نهاره كلّه، فانقطع أسلم عن الجلوس على باب داره نهارا، فإذا صلّى المغرب واختلط الظلام خرج مستروحا وجلس على باب داره، فعيل صبر أحمد بن كليب، فتحيّل في بعض الليالي ولبس جبة من جباب أهل البادية، واعتمّ بمثل عمائمهم، وأخذ باحدى يديه دجاجا وبالأخرى قفصا فيه بيض، وتحيّن جلوس أسلم عند اختلاط الظلام على بابه، فتقدم إليه وقبّل يده وقال: يأمر مولاي بأخذ هذا، فقال له أسلم: ومن أنت؟ قال: صاحبك في الضيعة الفلانية، وقد كان تعرّف أسماء ضياعه وأصحابه فيها، فأمر أسلم بأخذ ذلك منه، ثم جعل أسلم يسأله عن الضيعة، فلما جاوبه أنكر الكلام، وتأمله فعرفه، فقال: يا أخي وهنا بلغت بنفسك وإلى هاهنا تبعتني؟! أما كفاك انقطاعي عن مجالس الطلب وعن الخروج جملة وعن القعود على باب داري نهارا حتى قطعت عليّ جميع ما لي فيه راحة؟! قد صرت في سجنك، والله لا فارقت بعد هذه الليلة قعر منزلي [1] ولا قعدت ليلا ولا نهارا على بابي، ثم قام. وانصرف أحمد بن كليب حزينا كئيبا. قال محمد بن الحسن: واتصل ذلك بنا فقلنا لأحمد بن كليب: قد خسرت دجاجك وبيضك، فقال: هات كلّ ليلة قبلة يده وأخسر أضعاف ذلك، قال: فلما يئس من رؤيته ألبتة نهكته العلة وأضجعه المرض، قال: فأخبرني شيخنا محمد بن خطاب قال: فعدته فوجدته بأسوأ حال، فقلت له: ولم لا تتداوى؟ فقال: دوائي معروف، وأما الأطباء فلا حيلة لهم فيّ البتة، فقلت له: وما دواؤك؟ قال: نظرة من أسلم، فلو سعيت في أن يزورني لأعظم الله أجرك، وكان هو والله أيضا يؤجر. قال: فرحمته وتقطعت نفسي له، ونهضت إلى أسلم، فتلقاني بما يجب، فقلت له: لي حاجة قال: وما هي؟ قلت له: قد علمت ما جمعك مع أحمد من ذمام الطلب عندي، فقال: نعم ولكن قد تعلم أنه أشهر اسمي وآذاني، فقلت له: كلّ ذلك مغتفر في الحال التي هو فيها، والرجل يموت، فتفضل بعيادته، فقال: والله ما أقدر على ذلك، فلا تكلّفني هذا، فقلت له: لا بدّ، فليس عليك في ذلك شيء،   [1] ر: داري. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 423 فإنما هي عيادة مريض، قال: ولم أزل به حتى أجاب، فقلت: فقم الآن فقال لي: لست والله أفعل ذلك، ولكن غدا، فقلت له: ولا خلف، فقال: نعم. قال: فانصرفت إلى أحمد بن كليب وأخبرته بوعده بعد تأبيه، فسرّ بذلك وارتاحت نفسه. قال: فلما كان من الغد بكّرت إلى أسلم وقلت له: الوعد، فوجم وقال: والله لقد تحملني على خطّة صعبة، وما أدري كيف أطيق ذلك، فقلت له: لا بد من أن تفي بوعدك. فأخذ رداءه ونهض معي راجلا، فلما أتينا منزل أحمد بن كليب، وكان يسكن في آخر درب طويل، فلما توسط الدرب وقف واحمرّ وخجل وقال لي: الساعة والله أموت وما أستطيع أن أنقل قدمي ولا أن أعرض هذا على نفسي، فقلت: لا تفعل، بعد أن بلغت المنزل تنصرف؟ قال: لا سبيل والله إلى ذلك البتة، قال: ورجع مسرعا فاتبعته وأخذت بردائه فتمادى وتمزّق الرداء وبقيت قطعة منه في يدي، ومضى ولم أدركه، فرجعت ودخلت إلى أحمد بن كليب، وقد كان غلامه دخل إليه إذ رآنا من أول الدرب مبشّرا، فلما رآني دونه تغير لونه وقال: وأين أبو الحسن؟ فأخبرته بالقصة فاستحال من وقته واختلط، وجعل يتكلم بكلام لا يعقل منه أكثر من الترجع، فاستبشعت الحال وجعلت أترجّع وقمت، فثاب إليه ذهنه وقال لي يا أبا عبد الله: اسمع، وأنشد: أسلم يا راحة العليل ... رفقا على الهائم النحيل وصلك أشهى إلى فؤادي ... من رحمة الخالق الجليل فقلت له: اتق الله، ما هذه العظيمة؟! فقال لي: قد كان ما كان. فخرجت عنه، فوالله ما توسطت الدرب حتى سمعت الصراخ عليه وقد فارق الدنيا، هذا قتيل الحبّ لا دية ولا قود. قال: وهذه قصة مشهورة عندنا، والرواة ثقات. وأسلم هذا من بيت جليل، وهو صاحب الكتاب المشهور في أغاني زرياب، وكان شاعرا أديبا. قال الحميدي: وقد رأيت ابنه أبا الجعد، قال: وذكرت هذه القصة لمحمد بن سعيد [1] الخولاني الكاتب فعرفها وقال لي: أخبرني الثقة، قال: لقد رأيت أسلم هذا   [1] ر: لسعيد بن أحمد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 424 في يوم شديد المطر لا يكاد أحد يمشي في طريق، وهو قاعد على قبر أحمد بن كليب زائرا له وقد تحيّن غفلة الناس في مثل ذلك الوقت. وكان أحمد بن كليب قد أهدى إلى أسلم في أول أمره «كتاب الفصيح» وكتب عليه: هذا كتاب الفصيح ... بكلّ لفظ مليح وهبته لك طوعا ... كما وهبتك روحي وقرأت في «كتاب الديارات» للخالدي [1] حكاية أعجبني أمر صاحبها، وأحببت أن يكون لها موضع من كتابي هذا، وكأن المثل يذكر بالمثل، ذكرتها عقيب خبر أحمد بن كليب فانهما خبران متقاربان، قال حدثني أبو الحسين يحيى بن الحسين الكندي الحراني الشاعر، قال حدثني أبو بكر أحمد بن محمد الصنوبري قال: كان بالرها ورّاق يقال له سعيد، وكان في دكانه مجلس كلّ أديب، وكان حسن الأدب والفهم يعمل شعرا رقيقا، وما كنّا نفارق دكانه أنا وأبو بكر المعوّج الشامي الشاعر وغيرنا من شعراء الشام وديار مصر، وكان لتاجر بالرها نصرانيّ من كبار تجارها ابن اسمه عيسى من أحسن الناس وجها وأحلاهم قدا وأظرفهم طبعا ومنطقا، وكان يجلس إلينا ويكتب عنا من أشعارنا، وجميعنا نحبّه ونميل إليه، وهو حينئذ صبي في الكتّاب، فعشقه سعيد الوراق عشقا مبرحا، وكان يعمل فيه الأشعار، فمن ذلك وقد جلس عنده في دكانه: اجعل فؤادي دواة والمداد دمي ... وهاك فابر عظامي موضع القلم وصيّر اللوح وجهي وامحه بيد ... فإن ذلك برء لي من السقم ترى المعلّم لا يدري بمن كلفي ... وأنت أشهر في الصبيان من علم ثم شاع بعشق الغلام في الرها خبره، فلما كبر وشارف الاحتلام [2] أحبّ الرهبنة، وخاطب أباه وأمه في ذلك، والحّ عليهما حتى أجاباه وخرجا به إلى دير زكّى بنواحي الرقة، وهو في نهاية حسنه، فابتاعا له قلّاية، ورفعا إلى رأس الدير جملة من المال عنها، فأقام الغلام فيها. وضاقت على سعيد الوراق الدنيا بما رحبت، وأغلق   [1] وردت في تزيين الأسواق 2: 354. [2] م: الاشلاف؛ وما أثبته ورد في ر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 425 دكانه وهجر إخوانه ولزم الدير مع الغلام، وسعيد في خلال ذلك يعمل فيه الأشعار، فمما عمل فيه وهو في الدير، وكان الغلام قد عمل شماسا: يا جمّة قد علت غصنا من البان ... كأن أطرافها أطراف ريحان قد قايسوا الشمس بالشّماس فاعترفوا ... بانما الشمس والشماس سيان فقل لعيسى بعيسى كم هراق دما ... إنسان عينك من عين لانسان ثم إن الرهبان أنكروا على الغلام كثرة إلمام سعيد به ونهوه عنه، وحرموه إن أدخله قلايته، وتوعدوه باخراجه من الدير إن لم يفعل، فأجابهم إلى ما ساموه من ذلك، فلما رأى سعيد امتناعه منه شقّ عليه وخضع للرهبان ورفق بهم فلم يجيبوه وقالوا: في هذا علينا إثم وعار، ونخاف السلطان، فكان إذا وافى الدير أغلقوا الباب في وجهه، ولم يدعوا الغلام يكلمه فاشتدّ وجده وزاد عشقه حتى صار إلى الجنون، فخرق ثيابه، وانصرف إلى داره فضرب جميع ما فيها بالنار، ولزم صحراء الدير وهو عريان يهيم ويعمل الأشعار ويبكي. قال أبو بكر الصنوبري: ثم عبرت يوما أنا والمعوج الشامي من بستان بتنا فيه فرأيناه جالسا في ظلّ الدير وهو عريان، وقد طال شعره وتغيرت خلقته، فسلّمنا عليه وعذلناه وعنّفناه فقال: دعاني من هذا الوسواس، أتريان ذلك الطائر الذي على هيكل الدير- وأومأ بيده إلى طائر هناك- فقلنا: نعم، فقال: أنا وحقكما يا أخويّ أناشده منذ الغداة أن يسقط فاحمّله رسالة إلى عيسى، ثم التفت إليّ وقال: يا صنوبريّ معك ألواحك؟ قلت: نعم، قال: اكتب: بدينك يا حمامة دير زكّى ... وبالانجيل عندك والصليب قفي وتحمّلي عني سلاما ... إلى قمر على غصن رطيب عليه مسوحه وأضاء فيها ... وكان البدر في حال المغيب حماه جماعة الرهبان عني ... فقلبي ما يقرّ من الوجيب وقالوا رابنا إلمام سعد ... ولا والله ما أنا بالمريب وقولي سعدك المسكين يشكو ... لهيب جوى أحرّ من اللهيب فصله بنظرة لك من بعيد ... إذا ما كنت تمنع من قريب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 426 وان أنا متّ فاكتب حول قبري ... محبّ مات من هجر الحبيب رقيب واحد تنغيص عيش ... فكيف بمن له مائتا رقيب ثم تركنا وقام يعدو إلى باب الدير وهو مغلق دونه، وانصرفنا عنه. وما زال كذلك زمانا، ثم وجد في بعض الأيام ميتا إلى جانب الدير، وكان أمير البلد يومئذ العباس بن كيغلغ، فلما اتصل ذلك به وبأهل الرها خرجوا إلى الدير وقالوا: ما قتله غير الرهبان، وقال لهم ابن كيغلغ: لا بدّ من ضرب رقبة الغلام واحراقه بالنار، ولا بد من تعزير جميع الرهبان بالسياط، وتصعّب في ذلك، فافتدى النصارى نفوسهم وديرهم بمائة ألف درهم. وكان الغلام بعد ذلك إذا دخل الرها لزيارة أهله صاح به الصبيان: يا قاتل سعيد الوراق، وشدّوا عليه بالحجارة يرجمونه، وزاد عليه الأمر في ذلك حتى امتنع من دخول المدينة، ثم انتقل إلى دير سمعان وما أدري ما كان منه. ومثل هذه الحكاية خبر مدرك بن علي الشيباني [1] ، وكان مدرك شاعرا أديبا فاضلا، وكان كثيرا ما يلم بدير الروم ببغداد ويعاشر نصاراه، وكان بدير الروم [2] غلام من أولاد النصارى يقال له عمرو بن يوحنا، وكان من أحسن الناس وجها وأملحهم صورة وأكملهم خلقا، وكان مدرك بن علي يهواه، وكان لمدرك مجلس يجتمع فيه الأحداث لا غير، فإن حضر شيخ أو ذو لحية قال له مدرك: انه قبيح بك ان تختلط مع الأحداث والصبيان، فقم في حفظ الله، فيقوم. وكان عمرو ممن يحضر مجلسه، فعشقه وهام به، فجاء عمرو يوما إلى المجلس فكتب مدرك رقعة وطرحها في حجره، فقرأها فإذا فيها: بمجالس العلم التي ... بك تمّ حسن جموعها إلا رثيت لمقلة ... غرقت بفيض دموعها بيني وبينك حرمة ... الله في تضييعها   [1] انظر تزيين الأسواق 2: 341 وورد طرف من القصة في مصارع العشاق 1: 242، 2: 258. [2] ذكر ياقوت دير الروم (معجم البلدان 2: 662) وقال: بيعة كبيرة حسنة البناء محكمة الصنعة للنسطورية خاصة، وهي ببغداد في الجانب الشرقي منها، وتجاورها بيعة لليعقوبية حسنة المنظر عجيبة البناء، ثم ذكر لمدرك بن علي شعرا في التغزل بذوي الوجوه الحسان في دير الروم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 427 فقرأ الأبيات عمرو، ووقف عليها من كان في المجلس وقرأوها، فاستحيا عمرو وانقطع عن الحضور، وغلب الأمر على مدرك فترك مجلسه وتبعه، وقال فيه قصيدته المزدوجة المشهورة التي أولها: من عاشق ناء هواه دان ... ناطق دمع صامت اللسان موثق قلب مطلق الجثمان ... معذّب بالصدّ والهجران وهي طويلة. وكتب إليه لما هجره وقطع مجلسه: فيض الدموع وشدة الأنفاس ... شهدا على ما في هواه أقاسي لبس الملاحة وهو ألبسني الضنا ... شتان بين لباسه ولباسي يا من يريد وصالنا ويصدّه ... ما قد يحاذر من لباس [1] الناس صلني فإن سبقت إليك مقالة ... منهم فعصّب ما يقال براسي ثم خرج مدرك إلى الوسواس وسلّ جسمه وتغير عقله وترك مجلسه وانقطع عن الاخوان ولزم الفراش. قال حسان بن محمد بن عيسى بن شيخ: فحضرته عائدا في جماعة من إخوانه فقال: ألست صديقكم والقديم العشرة لكم؟ أفما فيكم أحد يسعدني بالنظر إلى وجه عمرو؟ قال: فمضينا إلى عمرو فقلنا له: إن كان قتل هذا الرجل دينا فإن إحياءه مروءة، قال: وما فعل؟ قلنا: قد صار إلى حال لا نحسبك تلحقه، قال: فنهض معنا، فلما دخلنا عليه سلم عليه عمرو فأخذ بيده وقال: كيف تجدك يا سيدي، فنظر إليه ثم أغمي عليه وافاق وهو يقول: أنا في عافية ... الّا من الشوق إليكا أيها العائد ما بي ... منك لا يخفى عليكا لا تعد جسما وعد قلبا رهينا في يديكا ... كيف لا يهلك مرشو ق بسهمي مقلتيكا ثم شهق شهقة فارق فيها الدنيا، فما برحنا حتى دفناه، رحمه الله.   [1] كذا ولعل الصواب: من كياد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 428 - 135- أحمد المحرر يعرف بالأحول : قديم كان في أيام الرشيد والمأمون وبعد ذلك، قال أبو عبد الله ابن عبدوس: ذكر أبو الفضل ابن عبد الحميد في كتابه أن الأحول المحرر شخص مع محمد بن يزداد بن سعيد وزير المأمون عند شخوص المأمون إلى دمشق، وأنه شكا يوما إلى أبي هارون خليفة محمد بن يزداد الوحدة والغربة وقلة ذات اليد، وسأله أن يكلّم له محمدا في كلام المأمون في أمره ليبرّه بشيء، ففعل أبو هارون ذلك، ورأى محمد بن يزداد من المأمون طيب نفس فكلمه فيه وعطفه عليه، فقال له المأمون: أنا أعرف الناس به، ولا يزال بخير ما لم يكن معه شيء، فإذا رزق فوق القوت بذّره وأفسده، ولكن أعطه لموضع كلامك أربعة آلاف درهم. فدعا ابن يزداد بالأحول وعرّفه ما جرى ونهاه عن الفساد، وأمر له بالمال، فلما قبضه ابتاع غلاما بمائة دينار، واشترى سيفا ومتاعا، وأسرف فيما بقي بعد ذلك حتى لم يبق معه شيء، فلما رأى الغلام ذلك أخذ كلّ ما كان في بيته وهرب، فبقي عريانا بأسوأ حال، وسار إلى أبي هارون خليفة ابن يزداد فأخبره، فأخذ أبو هارون نصف طومار ونشره ووقع في آخره: فرّ الغلام فطار قلب الأحول ... وأنا الشفيع وأنت خير معوّل ثم ختمه ودفعه إليه وقال له: امض به إلى محمد بن يزداد فأوصله إليه، فلما رآه ابن يزداد قال له: ما في كتابك؟ قال: لا أدري، فقال: هذا من حمقك، تحمل كتابا لا تدري ما فيه، ثم فضّه فلم ير فيه شيئا، فجعل ينشره وهو يضحك حتى أتى على آخره، فوقف على البيت ووقّع تحته: لولا تعبّث أحمد بغلامه ... كان الغلام ربيطة بالمنزل ثم ختمه وناوله [إياه] وأمره أن يردّه إلى خليفته، فقال له: الله الله فيّ جعلت فداك، ارحمني من الحال التي صرت اليها، فرقّ له ووعده أن يكلم المأمون، فلما وجد بعد ذلك خلوة من المأمون كلمه فيه وشرح له ما جرى أجمع، ووصف له ضعف   [135]- انظر نصوص ضائعة من كتاب الوزراء والكتاب للجهشياري: 45 وبدائع البدائه: 46- 48. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 429 عقل الأحول ووهي عقدته وسخفه، فأمر المأمون باحضاره، فلما وقف بين يديه قال له: يا عدوّ الله تأخذ مالي فتشتري به غلاما حتى يفرّ منك؟! فارتاع لذلك وتلجلج لسانه فقال: جعلت فداك يا أمير المؤمنين ما فعلت، فقال له: ضع يدك على رأسي واحلف أنك لم تفعل، فجعل ابن يزداد يأخذ بيده لذلك والمأمون يضحك ويشير إليه أن ينحيها، ثم أمر له باجراء رزق واسع في كلّ شهر، ووصله مرة بعد مرة حتى أغناه، وكان يعجبه خطه. - 136- أحمد بن محمد بن حميد بن سليمان بن حفص بن عبد الله بن أبي الجهم بن حذيفة بن غانم بن عامر بن عبد الله بن عبيد بن عوتج بن عدي بن كعب العدوي الجهمي، أبو عبد الله من بني عدي بن كعب القرشي، ينسب إلى جده أبي الجهم بن حذيفة : حجازي دخل العراق وبها تأدّب ونشأ، وكان أديبا راوية شاعرا متقنا عالما بالنسب والمثالب، ويتناول جلة الناس، وله في ذلك كتب. مات [ ... ] . ذكره المرزباني ومحمد بن إسحاق النديم فقالا: وقع بينه وبين قوم من العمريين والعثمانيين شر، فذكر سلفهم بأقبح ذكر، فكلّمه بعض الهاشميين في ذلك، فذكر العباس بأمر عظيم، فانتهى خبره إلى المتوكل فأمر بضربه مائة سوط، تولى ضربه إياها إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم، فلما فرغ من ضربه قال فيه: تبرا الكلوم وينبت الشّعر ... ولكلّ مورد غلّة [1] صدر واللؤم في أثواب منبطح ... لعبيده ما أورق الشجر قال: وله من الكتب: كتاب أنساب قريش وأخبارها. كتاب المعصومين. كتاب المثالب. كتاب الانتصار في الردّ على الشعوبية. كتاب فضائل مضر.   [136]- الفهرست: 124. [1] الفهرست: محنة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 430 - 137- أحمد بن أبي عبد الله محمد بن خالد بن عبد الرحمن بن محمد بن علي البرقي، أبو جعفر الكوفي الأصل : وكان يوسف بن عمر الثقفي والي العراق من قبل هشام بن عبد الملك قد حبس جده محمد بن علي بعد قتل زيد بن علي ثم قتله، وكان خالد صغير السن، فهرب مع أبيه عبد الرحمن إلى برقة قمّ فأقاموا بها، وكان ثقة في نفسه غير أنه أكثر الرواية عن الضعفاء واعتمد المراسيل. وصنف كتبا كثيرة منها المحاسن وغيرها، وقد زيد في المحاسن ونقص، فمما وقع إليّ منها: كتاب الابلاغ. كتاب التراحم والتعاطف. كتاب أدب النفس. كتاب المنافع. كتاب أدب المعاشرة. كتاب المعيشة. كتاب المكاسب. كتاب الرفاهية. كتاب المعاريض. كتاب السفر. كتاب الأمثال. كتاب الشواهد من كتاب الله عزّ وجلّ. كتاب النجوم. كتاب المرافق. كتاب الدواجن. كتاب المشوم [1] . كتاب الزينة. كتاب الأركان. كتاب الزي. كتاب اختلاف الحديث. كتاب المآكل. كتاب الفهم. كتاب الإخوان. كتاب الثواب. كتاب تفسير الأحاديث واحكامها. كتاب العلل. كتاب العقل. كتاب التخويف. كتاب التحذير. كتاب التهذيب. كتاب التسلية. كتاب التاريخ. كتاب التبصرة. كتاب غريب كتب المحاسن. كتاب مذامّ الاخلاق. كتاب النساء. كتاب المآثر والأحساب. كتاب أنساب الامم. كتاب الزهد والموعظة. كتاب الشعر والشعراء. كتاب العجائب. كتاب الحقائق. كتاب المواهب والحظوظ. كتاب الحياة، وهو كتاب النور والرحمة. كتاب التعيين. كتاب التأويل. كتاب مذامّ الأفعال. كتاب الفروق. كتاب المعاني والتحريف. كتاب العقاب. كتاب الامتحان. كتاب العقوبات. كتاب العين. كتاب الخصائص. كتاب النحو. كتاب العيافة والقيافة. كتاب الزجر والفأل. كتاب الطيرة. كتاب المراشد. كتاب   [137]- ترجمته في الوافي 7: 390- 392 وانظر الفهرست 276، 277 ويبدو أن النديم ينسب أكثر هذه الكتب (وهي فصول من كتاب المحاسن) إلى أبيه محمد بن خالد البرقي ولم يعد لأحمد إلا ثلاثة كتب. [1] الوافي: الشؤم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 431 الأفانين. كتاب الغرائب. كتاب الخيل. كتاب الصيانة. كتاب الفراسة. كتاب العويص. كتاب النوادر. كتاب مكارم الأخلاق. كتاب ثواب القرآن. كتاب فضل القرآن. كتاب مصابيح الظّلم. كتاب المنتخبات. كتاب الدعابة والمزاح. كتاب الترغيب. كتاب الصفوة. كتاب الرؤيا. كتاب المحبوبات والمكروهات. كتاب خلق السموات والأرض. كتاب بدء خلق ابليس والجن. كتاب الدواجن والرواجن [1] . كتاب مغازي النبي صلى الله عليه وسلم. كتاب بنات النبي صلى الله عليه وسلم وازواجه. كتاب الأجناس والحيوان. كتاب التأويل [2] . كتاب طبقات الرجال. كتاب الأوائل. كتاب الطب. كتاب التبيان. كتاب الجمل. كتاب ما خاطب الله به خلقه. كتاب جداول الحكمة. كتاب الأشكال والقرائن. كتاب الرياضة. كتاب ذكر الكعبة. كتاب التهاني. كتاب التعازي. - 138- أحمد بن محمد بن يوسف الاصبهاني : قال حمزة في «كتاب أصبهان» وذكره في جملة الأدباء الذين كانوا بها وقال: له كتاب في طبقات البلغاء. وكتاب في طبقات الخطباء لم يسبق إلى مثلهما. وكتاب أدب الكتاب [3] . وأنشد الأصبهاني في القاضي الوليد بن أبي الوليد: لعمرك ما حمدنا غبّ ودّ ... بذلنا الصفو منه للوليد رجونا أن يكون لنا ثمالا ... إذا ما المحل أذوى كلّ عود ويحيي أحمد بن أبي دواد ... سليل المجد والشرف العتيد فزرناه فلم نحصل لديه ... على غير التهدّد والوعيد   [138]- الوافي 7: 392 (وفيه؟؟ - في موضع يوسف- دون إعجام للحرف الأول) . [1] الوافي: الدواحن والدواحر (كذا) . [2] قد مرّ ذكره. [3] الوافي: أدب الكاتب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 432 تورّد حوضه الآمال منّا ... فآبت غير حامدة الورود يظلّ عدوّه يحظى لديه ... بنيل الحظّ من دون الودود رضينا بالسلامة من جداه ... وأعفيناه من كرم وجود وقال في مثل للفرس قلبه إلى العربية شعرا: إني إذا ما رأيت فرخ زنى ... فليس يخفى عليّ جوهره لو في جدار يخطّ صورته ... لماج في كفّ من يصوره وقال في رجل عدل عن انتحال علم الاسلام إلى علم الفلسفة: فارقت علم الشافعيّ ومالك ... وشرعت في الإسلام رأي برقلس وأراك في دين الجماعة زاهدا ... ترنو إليه بمثل طرف الأشوس وكتب إلى بعض إخوانه: نفسي فداؤك من خليل مصقب ... لم يشفني منه اللقاء الشافي عندي غدا فئة تقوم بمثلها ... لله حجّته على الأصناف مثل النجوم يلذّ حسن حديثهم ... ليسوا بأوباش ولا أجناف أو روضة زهراء معشبة الثرى ... كال الربيع لها بكيل واف من بين ذي علم يصول بعلمه ... أو شاعر يعصى بحد قواف منهم أبو حسن برقلس دهره ... وأبو الهذيل وليس بالعلّاف والهرمزانيّ الذي يسمو به ... شرف أناف به على الأشراف فاجعل حديثك عندنا يشفي الجوى ... فنفوسنا ولهى إلى الإيلاف وكن الجواب فليس يعجبني أخ ... في الدين شاب وفاقه بخلاف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 433 - 139- أحمد بن محمد بن أبي محمد اليزيدي أبو جعفر : ذكره الحافظ أبو القاسم ابن عساكر في «تاريخ دمشق» فقال: أحمد بن محمد بن يحيى بن المبارك بن المغيرة أبو جعفر العدوي النحوي المعروف أبوه باليزيدي: كان من ندماء المأمون، وقدم معه دمشق وتوجه منها غازيا للروم. سمع جده أبا محمد يحيى وأبا زيد الأنصاري، وكان مقرئا، روى عنه أخوه عبيد الله والفضل ابنا محمد وابن أخيه محمد بن العباس ومحمد بن أبي محمد وعون بن محمد الكندي ومحمد بن عبد الملك الزيات. مات قبيل سنة ستين ومائتين. قرأت في كتاب أبي الفرج الاصبهاني [1] : حدثنا محمد بن العباس حدثني أبي عن أخيه أبي جعفر قال: دخلت يوما على المأمون بقارا وهو يريد الغزو فأنشدته شعرا مدحته به أوله: يا قصر ذا النخلات من بارا [2] ... إني حننت إليك من قارا أبصرت أشجارا على نهر ... فذكرت أنهارا وأشجارا لله أيام نعمت بها ... في القفص أحيانا وفي بارا إذ لا أزال أزور غانية ... ألهو بها وأزور خمارا لا أستجيب لمن دعا لهدى ... وأجيب شطّارا ودعّارا أعصي النصيح وكلّ عاذلة ... وأطيع أوتارا ومزمارا   [139]- هو أحمد بن محمد بن يحيى بن المبارك بن المغيرة، انظر الفهرست: 56 والأغاني 20: 226- 232 وطبقات الزبيدي: 82- 86 وبغية الطلب 2: 13 وتاريخ بغداد 5: 117 وانباه الرواة 1: 127 والوافي 7: 388 وطبقات ابن الجزري 1: 133 وبغية الوعاة 1: 386 وشعر اليزيديين لمحسن غياض: 157، 168. ومصورة تاريخ ابن عساكر 2: 223 وتهذيب ابن عساكر 2: 82- 83 ومختصر ابن منظور 3: 289. [1] الأغاني 20: 229 وبغية الطلب؛ وقوله «قرأت» هو كلام ابن عساكر نفسه. [2] بارا: من أعمال كلواذى من نواحي بغداد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 434 قال: فغضب المأمون وقال: أنا في وجه عدو [1] وأحضّ الناس على الغزو وأنت تذكرهم نزه [2] بغداد؟! قلت: الشيء بتمامه، ثم قلت: فصحوت بالمأمون من سكري ... ورأيت خير الأمر ما اختارا ورأيت طاعته مؤدية ... للفرض إعلاناو إسرارا فخلعت ثوب الهزل من عنقي ... ورضيت دار الخلد لي دارا وظللت معتصما بطاعته ... وجواره وكفى به جارا إن حلّ أرضا فهي لي وطن ... وأسير عنها حيثما سارا فقال له يحيى بن أكثم: ما أحسن ما قال يا أمير المؤمنين، أخبر أنه كان في سكر وخسار، فترك ذلك وارعوى وآثر طاعة خليفته، وعلم أنّ الرشد فيها فسكن وأمسك. ولأحمد بن اليزيدي هذا بيت جمع فيه حروف المعجم كلها وهو: ولقد شجتني طفلة برزت ضحى ... كالشمس خثماء العظام بذي الغضا وذكره أبو بكر الزبيدي فقال [3] : هو أمثل أهل بيته في العلم، وهو القائل يهجو غلاما [4] : [نفسي تحدثني بأنك غادر ... وهواي فيك على ذنوبك ساتر تعد الوفاء وأنت تظهر غيره ... ولقد يدلّ على الضمير الظاهر لك مقلة طماحة مقسومة ... بين الجميع كما يدور الدائر لو زار بيتك كل يوم عسكر ... أرضاهم لحظ بعينك فاتر ومن البلاء بأن وجهك [5] فاتن ... للعالمين وأن طرفك ساحر وإذا برزت فكل قلب طائر ... شوقا إليك وكل طرف ناظر   [1] بغية الطلب: غزو. [2] بغية الطلب: نزهة. [3] لم يرد هذا في ترجمته في طبقات الزبيدي. [4] بعد هذا بياض في م؛ وقد أضفت الأبيات من طبقات الزبيدي. [5] م والزبيدي: عينك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 435 ولديك إسعاف لهم وإجابة ... وهو الذي ما زلت منك أحاذر في دون هذا للمتيم سلوة ... عن إلفه لو أن قلبي صابر ولأهجرنك جازعا أو صابرا ... إني إذا إلف تنكر هاجر - 140- أحمد بن محمد بن عبد الكريم بن سهل ، ويقال ابن أبي سهل الأحوال أبو العباس: ذكره محمد بن إسحاق النديم فقال: هو من متقدمي الكتاب وأفاضلهم، وكان عالما بصناعة الخراج متقدما في ذلك على أهل عصره، مات سنة سبعين ومائتين. وله كتاب الخراج. - 141- أحمد بن محمد بن ثوابة بن خالد الكاتب أبو العباس : قال محمد بن إسحاق النديم: هو أحمد بن محمد بن ثوابة بن يونس أبو العباس الكاتب، أصلهم نصارى وقيل إن يونس يعرف بلبابة، وكان حجاما، وقيل أمهم لبابة. ومات أبو العباس سنة سبع وسبعين ومائتين. وقال الصولي: مات في سنة ثلاث وسبعين. قال [1] : وحدثني أبو سعيد وهب بن إبراهيم بن طازاذ قال: كان بين علي بن الحسين وبين أبي العباس ابن ثوابة منازعة في ضيعة، فاجتمعا في مجلس بعض الرؤساء، وأحسبه عبيد الله بن سليمان، فردّ عليّ بن الحسين مناظرة أبي العباس إلى أخيه أبي القاسم [جعفر] بن الحسين، فناظر أبا العباس، فأقبل أبو العباس يهاتره ويطنز به، وقال في جملة قوله: من أنتم؟ إنما نفقتم بالبذيذة [2] ، قال: فالتفت   [140]- ترجمته في الفهرست: 150 وابن خلكان 1: 84 والوافي 7: 390. [141]- ترجمة أبي العباس ابن ثوابة في الفهرست: 143 والوافي 7: 368. [1] النقل عن الفهرست. [2] الفهرست: بالبزبزة (ف: نفقتم بالبربرة) ر: فقتم بالبزبرة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 436 عليّ بن الحسين إلى صبيّ كان معه كأنه الدنيا المقبلة، فأخذ بيده وقام قائما في موضعه وكشف عن رأسه وقال بأعلى صوته: يا معشر الكتاب قد عرفتموني، وهذا ولدي من فلانة بنت فلان الفلاني، وهي مني طالق طلاق الحرج والسنة على سائر المذاهب إن لم يكن هذا الشرط الذي في أخدعي شرط جدّه فلان المزين، لا يكني عن جد ابن ثوابة، قال: فاستخذى [1] أبو العباس ولم يحر جوابا ولا أجرى بعد ذلك كلاما في الضيعة، وسلّمها من غير منازعة ولا محاورة. قال [2] : وكان أبو العباس من الثقلاء البغضاء، وله كلام مدوّن مستهجن مستثقل، منه: عليّ بماء الورد أغسل فمي من كلام الحاجم. ومنه: لما رأى أمير المؤمنين الناس قد تدرأسوا وتدقلموا وتدبسقوا وتذوذروا تدسقن. وله من التصانيف. كتاب رسائله المجموعة. كتاب رسالته في الكتابة والخط. وأخوه جعفر بن محمد بن ثوابة تولّى ديوان الرسائل في أيام عبيد الله بن سليمان الوزير، وابنه أبو عبد الله أحمد بن جعفر تولى ديوان الرسائل في أيام المطيع، وله ابن اسمه محمد بن أحمد [3] كان أيضا مترسلا بليغا وله كتاب رسائل. وأبو الحسين محمد بن جعفر بن ثوابة وابنه أبو عبد الله أحمد بن محمد بن جعفر وله أيضا ديوان رسائل، وهو آخر من بقي من فضلائهم. ومن كلام أبي العباس: من حقّ المكاتبة أن يسبقها أنس، وينعقد قبلها ودّ، ولكن الحاجة أعجلت عن ذلك، فكتبت كتاب من يحسن الظنّ إلى من يحققه. ومن فصل له إلى عبيد الله بن سليمان: لم يؤت الوزير من عدم فضيلة، ولم أوت من عدم وسيلة، وغلّة الصادي تأبى له انتظار الورد وتعجل عن تأمل ما بين الغدير والوادي، ولم أزل أترقّب أن يخطرني بباله ترقّب الصائم لفطره، وأنتظره انتظار الساري لفجره، إلى أن برح الخفاء، وكشف الغطاء، وشمت الأعداء، وان في تخلفي وتقدّم المقصرين لآية للمتوسمين، والحمد لله رب العالمين. وقيل لابن ثوابة: قد تقلد إسماعيل بن بلبل الوزارة فقال: إنّ هذا عجز قبيح من   [1] ر: فاستحال. [2] النقل مستمر عن الفهرست. [3] ذكره في الفهرست: 144 ولكن لم يذكر الآخرين، والأرجح أن نسخة الفهرست التي وصلتنا ناقصة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 437 الأقدار. وكان محمد بن أحمد بن ثوابة [كاتبا] لبايكباك التركي فلما أغري المهتدي بالرافضة قال المهتدي لبايكباك: كاتبك والله أيضا رافضي، فقال بايكباك: كذب والله على كاتبي ما كان يقول هؤلاء، فشهدت الجماعة عليه، فقال بايكباك: كذبتم ليس كاتبي كما تقولون، كاتبي خيّر فاضل يصلّي ويصوم وينصحني، ونجاني من الموت، لأ أصدّق قولكم عليه، فغضب المهتدي وردّ الأيمان على صحّة القول في ابن ثوابة وهو يقول لا لا. فلما انصرف القوم من حضرة المهتدي أسمعهم بايكباك وشتمهم ونسبهم إلى أخذ الرشا والمصانعات، وأغلظ لهم، وأمر ببعضهم فنيل بمكروه إلى أن تخلصوا من يده. واستتر ابن ثوابة، وقلّد المهتدي كتابة بايكباك سهل بن عبد الكريم الأحول، ونودي على ابن ثوابة، ثم تنصّل بايكباك إلى المهتدي واعتذر إليه، فقبل عذره وصفح عنه. فلما قدم موسى بن بغا سرّ من رأى من الجبل تلقاه بايكباك وسأله التلطف في المسألة في الصفح عن كاتبه ابن ثوابة، فلما جدّد المهتدي البيعة في دار أناجور التركي عاود بايكباك المسألة في كاتبه، فوعده بالرضى عنه وقال: الذي فعلته بابن ثوابة لم يكن لشيء كان في نفسي عليه يخصّني لكن غضبا لله تعالى وللدين، فإن كان قد نزع عما أنكر منه وأظهر تورعا فإني قد رضيت عنه، ثم رضي عنه الخليفة في يوم الجمعة النصف من محرم سنة خمسين ومائتين، وخلع عليه أربع خلع، وقلّده سيفا، ورجع إلى كتابة بايكباك. ميمون بن هارون [قال] قال لي أبو الحسن علي بن محمد بن الأخضر: كنا يوما في مجلس أبي العباس ثعلب إذ جاءه أبو هفان البصري للسلام عليه، فسأله عن أمره وسبب قدومه من سامرّا وأين يريد، فقال: أريد ابن ثوابة- يعني أحمد بن محمد بن ثوابة بن خالد- وكان بالرقة، وكان ذلك في أيام عيد فقال أبو العباس: كيف رضاك عن بني ثوابة؟ فقال: إني والله أكره هجاءهم في يوم مثل هذا، ولكنّي أقمت هجائي لهم مقام الزكاة وقلت: ملوك ثناهم كأحسابهم ... وأخلاقهم شبه آدابهم فطول قرونهم أجمعين ... يزيد على طول أذنابهم وقال الصولي: كانت بين أبي الصقر إسماعيل بن بلبل الوزير وبين أبي العباس أحمد بن محمد بن ثوابة وحشة شديدة لأسباب: منها أشياء جرت في مجلس صاعد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 438 في آخر أيامه، فقد حدثني رشيق الموساي الخادم، وما رأيت خادما أعقل منه ولا أكتب يدا، قال: كنا في مجلس صاعد، فسأل عن رجل فقال أبو الصقر: قد كان أنفي- يريد نفي- فقال ابن ثوابة: في الخر، فسمعها فقال أبو الصقر: كيف نكلّم من حقه أن يشدّ ويحد؟! فقال ابن ثوابة: من جهلك أنك لا تعلم أن من يشدّ لا يحد، ومن يحدّ لا يشد، ثم ضرب الدهر من ضربه فرأيت ابن ثوابة قد دخل إلى أبي الصقر بواسط فوقف بين يديه ثم قال: أيها الوزير لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنا وَإِنْ كُنَّا لَخاطِئِينَ (يوسف: 91) فقال له أبو الصقر لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ (يوسف: 92) يا أبا العباس، ثم رفع مجلسه وقلّده طساسيج بابل وسورا وبربسما، فضاعف وزاد في الدعاء له، فما زال واليا إلى أن توفي في سنة ثلاث وسبعين ومائتين، هكذا ذكر الصولي، والأول منقول من كتاب محمد بن إسحاق، وهذا أولى بالصواب. قال الصولي [1] وحدثني الحسين بن علي الكاتب قال: كان أبو العيناء في جملة أبي الصقر، قال: وكان يعادي ابن ثوابة لمعاداة أبي الصقر، فاجتمعا في مجلس بعقب ما جرى بين أبي الصقر وبين ابن ثوابة في مجلس صاعد فتلاحيا، فقال له ابن ثوابة: أما تعرفني؟ قال: بلى أعرفك ضيّق العطن، كثير الوسن، قليل الفطن، خارّا على الذقن، قد بلغني تعدّيك على أبي الصقر، وإنما حلم عنك لأنه لم ير عزّا فيذله، ولا علوّا فيضعه، ولا حجرا فيهدمه، فعاف لحمك أن يأكله وسهك دمك أن يسفكه، فقال له: اسكت فما تسابّ اثنان إلا غلب الأمهما، قال أبو العيناء: فلهذا غلبت بالأمس أبا الصقر، فأسكته. ومن «كتاب الوزراء» لهلال بن المحسن، حدّث علي بن سليمان الأخفش قال [2] ذكر لي المبرد أنه كان في يوم نوبة له عند أبي العباس أحمد بن محمد بن ثوابة حين دخل عليه غلامه وفي يده رقعة البحتري، فقرأها أبو العباس ووقّع فيها توقيعا خفيفا وأمر باصلاحها، فأصلحت وأعيدت إليه، قال المبرد: فرمى بها إليّ فإذا فيها [3] :   [1] وردت في البصائر: 8 رقم 617 (ص: 174) مع بعض اختلاف، ونثر الدر 3: 196. [2] أدب الكتاب للصولي: 177. [3] ديوان البحتري 3: 1574. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 439 اسلم أبا العباس وابق ... فلا أزال الله ظلّك وكن الذي يبقى لنا ... ونموت حين نموت قبلك لي حاجة أرجو لها ... إحسانك الأوفى وفضلك والمجد مشترط على ... ك قضاءها والشرط أملك فلئن كفيت ملمّها ... فلمثلها أعددت مثلك قال: وإذا قد وقع أبو العباس «مقضيّة والله الذي لا إله إلا هو ولو أتلفت المال وأذهبت الحال، فقل رعاك الله ما شئت منبسطا، وثق بما أنا عليه لك مغتبطا، ان شاء الله تعالى» . وقال أحمد بن علي الماذرائي الكاتب الأعور الكردي صديق المبرد يهجو ابن ثوابة من قصيدة: تعست أبا الفضل الكتابه ... من أجل مقت بني ثوابه وسألت أهل المهنتي ... ن من الخطابة والكتابه عن عادل في حكمه ... فعليك أجمعت العصابه فاسمع فقد ميزتهم ... ولكلّهم طرز وبابه أما الكبير فمن جلا ... لته يقال له لبابه وإذا خلا فممدّد ... في البيت قد شالوا كعابه وارفضّ عنه زهوه ... وتقشّعت تلك المهابه نقلت من خط عبد السلام البصري، ثنا أبو العباس التميمي، ثنا جحظة في «أماليه» قال: حضرت مجلس أبي العباس ثعلب وعنده جماعة من أصحابه، وحضر أحمد بن علي الماذرائي، فسأله عن أبي العباس ابن ثوابة وقال له: متى عهدك به؟ فقال: لا عهد ولا عقد، ولا وفاق ولا ميثاق، فقال له ثعلب: عهدي بك إذا غضبت هجوت، فهل من شيء؟ فأنشد: بني ثوابة أنتم أثقل الأمم ... جمعتم ثقل الأوزار والتخم أهاض حين أراكم من بشامتكم ... على القلوب وإن لم أوت من بشم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 440 كم قائل حين غاظته كتابتكم ... لو شئت يا ربّ ما علّمت بالقلم فقال ثعلب: أحسنت والله في شعرك وأسأت إلى القوم. وعن أبي الفرج الأصبهاني [1] حدثني أبو الفضل العباس بن أحمد بن محمد بن ثوابة قال: قدم البحتريّ النيل على أحمد بن علي الاسكافي مادحا له فلم يثبه ثوابا يرضاه بعد أن طالت مدته عنده، فهجاه بقصيدته التي يقول فيها: ما كسبنا من أحمد بن عليّ ... ومن النيل غير حمّى النيل وهجاه بقصيدة أخرى أولها: قصة النيل فاسمعوها عجابه فجمع إلى هجائه إياه هجاء بني ثوابة. وبلغ ذلك أبي فبعث إليه بألف درهم وثيابا ودابة بسرجه ولجامه فردّه وقال: قد أسلفتكم إساءة لا يجوز معها قبول صلتكم، فكتب إليه أبي: أما الاساءة فمغفورة، والمعذرة فمشكورة، والحسنات يذهبن السيئات، وما يأسو جراحك مثل يدك، وقد رددت إليك ما رددته عليّ وأضعفته، فإن تلافيت ما فرط منك أثبنا وشكرنا، وإن لم تفعل احتملنا وصبرنا، فقبل ما بعث به وكتب إليه: كلامك والله أحسن من شعري، وقد أسلفتني ما أخجلني وحمّلتني ما أثقلني وسيأتيك ثنائي، ثم غدا عليه بقصيدة أولها: ضلال لها ماذا أرادت من الصد [2] وقال فيه بعد ذلك: برق أضاء القيق من ضرمه [3] وقال فيه أيضا [4] : أن دعاه داعي الهوى فأجابه   [1] الأغاني 21: 47- 48 والتذكرة الحمدونية 2: 136. [2] عجز البيت: ونحن وقوف من فراق على حدّ. [3] عجزه: يكشف الليل عن دجى ظلمه. [4] عجزه: ورمى قلبه الهوى فأصابه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 441 فلم يزل أبي يصله بعد ذلك ويتابع برّه لديه حتى افترقا. وكتب أحمد بن محمد بن ثوابة إلى إسماعيل بن بلبل حين صاهر الناصر لدين الله الموفق بالله: بسم الله الرّحمن الرّحيم بلغني للوزير- أيده الله- نعمة زاد شكرها على مقادير الشكر، كما أربى مقدارها على مقادير النعمة، فكان مثلها قول إبراهيم بن العباس: بنوك غدوا آل النبيّ ووارثو ... الخلافة والحاوون كسرى وهاشما وأنا أسأل الله تعالى أن يجعلها موهبة ترتبط ما قبلها، وتنتظم ما بعدها، وتصل جلال الشرف، حتى يكون الوزير- أعزه الله- على سادة الوزراء موفيا، ولجميل العادة مستحقا، ولمحمود العاقبة مستوجبا، وأن يلبس خدمه وأولياءه من هذه الحلل العالية ما يكون لهم ذكرا باقيا وشرفا مخلدا. وكان يلقب «لبابة» وكان عبيد الله بن سليمان قد صرف أحمد بن محمد بن ثوابة عن طساسيج كان يتقلدها بأبي الحسن ابن مخلد، فقال أحمد بن علي الماذرائي الأعور الكردي: إني وقفت بباب الجسر في نفر ... فوضى يخوضون في غرب من الخبر قالوا لبابة أضحت وهي ساخطة ... قد قدّت الجيب من غيظ ومن ضجر فقلت حقا وقد قرّت بقولهم ... عيني وأعين إخواني بني عمر لا تعجبوا لقميص قدّ من قبل ... فإن صاحبه قد قدّ من دبر ولأبي سهل فيه يخاطب عبيد الله بن سليمان: يا أبا القاسم الذي قسم الله ... له في الورى الهوى والمهابه كدت تنفي أهل الكتابة عنها ... حين أدخلت فيهم ابن ثوابه أنت ألحقته وما كان فيهم ... بهم ظالما به للكتابه هل رأينا مخنثا كاتبا أو ... هل يسمّى أديب قوم لبابه وله فيه: أقصرت عن جدّي وعن شغلي ... والمكرمات وعدت في هزلي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 442 لما أراني الدهر من تصريفه ... غيرا يغيّر مثلها مثلي بلغ أحمد بن ثوابة بجنونه ... ما ليس يبلغه ذوو عقل إن كان نقص المرء يجلب حظه ... فالعقل يرفع رزق ذي فضل قال أبو حيان في «كتاب الوزيرين» [1] : حدثنا أبو بكر الصميري قال، حدثنا ابن سمكة قال، حدثنا ابن محارب قال، سمعت أحمد بن الطيب يقول: إنّ صديقا لابن ثوابة الكاتب أبي العباس يكنى أبا عبيدة قال له ذات يوم: إنك بحمد الله ومنّه ذو أدب وفصاحة وبراعة [وبلاغة] فلو أكملت فضائلك بأن تضيف إليها معرفة البرهان القياسي وعلم الأشكال الهندسية الدالة على حقائق الأشياء، وقرأت أقليدس وتدبّرته، فقال لي ابن ثوابة: وما كان اقليدس ومن هو؟ قال: رجل من علماء الروم يسمّى بهذا الاسم وضع كتابا فيه أشكال كثيرة مختلفة تدلّ على حقائق الأشياء المعلومة والمغيّبة يشحذ الذهن ويدقّق الفهم ويلطّف المعرفة ويصفّي الحاسة ويثبت الرويّة، ومنه افتتح الخط وعرفت مقادير حروف المعجم، قال له أبو العباس ابن ثوابة: وكيف ذلك؟ قال: لا تعلم كيف هو حتى تشاهد الأشكال وتعاين البرهان، قال: فافعل ما بدا لك، فأتاه برجل يقال له قويري [2] مشهور ولم يعد إليه بعد ذلك. قال أحمد بن الطيب: فاستظرفت ذلك وعجبت منه، فكتبت إلى ابن ثوابة رقعة نسختها: بسم الله الرّحمن الرّحيم، اتصل بي- جعلت فداك- أن رجلا من إخوانك أشار عليك بتكميل فضائلك وتقويتها بشيء من معرفة القياس البرهانيّ وطمأنينتك إليه، وأنك أصغيت إلى قوله وأذنت له، فأحضرك رجلا كان غاية في سوء الأدب، معدنا من معادن الكفر، وإماما من أئمة الشرك، لاستغرارك واستغوائك، يخادعك عن عقلك الرصين، وينازلك في ثقافة فهمك المبين، فأبى الله العزيز إلا جميل عوائده الحسنة قبلك، ومننه السوابق لديك، وفضله الدائم عندك بأن أتى على قواعد برهانه من ذروته، وحطّ عوالي أركانه من أقصى معاقد أسّه، فأحببت استعلامي ذلك على كنهه من جهتك، ليكون شكري لك على ما كان منك حسب لومي لصاحبك على   [1] أخلاق الوزيرين: 235- 247. [2] قويري: اسمه إسحاق بن إبراهيم (أخبار الحكماء: 55) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 443 ما كان منه، ولأتلافى الفارط في ذلك بتدبّر المشيئة، إن شاء الله تعالى. قال: فأجابني ابن ثوابة برقعة نسختها: بسم الله الرّحمن الرّحيم، وصلت رقعتك- أعزك الله- وفهمت فحواها، وتدبرت متضمنها، والخبر كما اتصل بك، والأمر كما بلغك، وقد لخّصته وبيّنته حتى كأنك معنا وشاهدنا. وأول ما أقول الحمد لله مولي النعم، والمتوحّد بالقسم، إليه يردّ علم الساعة وإليه المصير، وأنا أسأل إيزاع الشكر على ذلك، وعلى ما منحنا من ودّك وإتمامه بيننا بمنّه. ومما أحببت إعلامك وتعريفك بما تأدّى إليك أنّ أبا عبيدة لعنه الله تعالى، بنحسه ودسّه وحدسه اغتالني ليكلم ديني من حيث لا أعلم، وينقلني عما أعتقده وأراه وأضمره من الإيمان بالله عز وجل وبرسوله صلى الله عليه وسلم موطّدا إليّ الزندقة بسوء نيته إلى [1] الهندسة، وأنه يأتيني برجل يفيدني علما شريفا تكمل به فضائلي، فيما زعم، فقلت: عسى أفيد به براعة في صناعة، أو كمالا في مروءة، أو فخارا عند الأكفاء، فأجبته بأن هلمّ، فأتاني بشيخ ديرانيّ شاخص النظر منتشر عصب البصر، طويل مشذّب، محزوم الوسط، متزمّل في مسكه، فاستعذت بالرحمن إذ نزغني الشيطان، ومجلسي غاصّ بالأشراف من كلّ الأطراف، وكلّهم يرمقه ويتشوّف إلى رفعي مجلسه وإدنائه وتقريبه، ويعظمونه ويحيّونه، والله محيط بالكافرين. فأخذ مجلسه ولوى أشداقه وفتح أوساقه، فتبينت في مشاهدته النفاق، وفي ألفاظه الشقاق، فقلت: بلغني أن عندك معرفة من الهندسة، وعلما واصلا إلى فضل يفيد الناظر فيه حكمة وتقدما في كلّ صناعة، فهلمّ أفدنا شيئا منها عسى أن يكون عونا لنا على دين أو دنيا، في مروءة ومفاخرة لدى الأكفاء، ومفيدا زهدا ونسكا فذلك هو الفوز العظيم فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ (آل عمران: 185) وَما ذلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ* (فاطر: 17) قال: فأحضرني دواة وقرطاسا، فأحضرتهما، فأخذ القلم ونكت نكتة نقط منها نقطة تخيّلها بصري وتوهّمها طرفي كأصغر من حبة الذر، فزمزم عليها من وساوسه، وتلا عليها من محكم أسفار أباطيله، ثم أعلن عليها جاهرا بافكه، وأقبل عليّ وقال: أيها الرجل، إن هذه النقطة شيء لا جزء له، فقلت: أضللتني وربّ الكعبة، وما الشيء الذي لا   [1] أخلاق الوزيرين: فوطد في الزندقة بتزيينه الهندسة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 444 جزء له؟ فقال: كالبسيط، فأذهلني وحيّرني وكاد يأتي على عقلي لولا أن هداني ربي، لأنه أتاني بلغة ما سمعتها والله من عربيّ ولا عجميّ، وقد أحطت علما بلغات العرب وقمت بها، واستبرتها جاهدا، واختبرتها عامدا، وصرت فيها إلى ما لا أجد أحدا يتقدمني إلى المعرفة به، ولا يسبقني إلى دقيقه وجليله، فقلت أنا: وما الشيء البسيط؟ فقال: كالله وكالنفس، فقلت له: إنك من الملحدين، أتضرب لله الأمثال والله يقول فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (النحل: 74) لعن الله مرشدا أرشدني إليك، ودالا دلّني عليك، فما ساقك إليّ إلّا قضاء سوء، ولا كسعك نحوي إلا الحين، وأعوذ بالله من الحين وأبرأ اليه منكم ومما تلحدون والله وليّ المؤمنين إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ* (الانعام: 78) لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم. فلما سمع مقالتي كره استعاذتي فاستخفّه الغضب، فأقبل عليّ مستبسلا وقال: إني أرى فصاحة لسانك سببا لعجمة فهمك، وتذرّعك بقولك آفة من آفات عقلك، فلولا من حضر والله المجلس وإصغاؤهم إليه مستصوبين أباطيله، ومستحسنين أكاذيبه، وما رأيت من استهوائه إياهم بخدعه، وما تبينت من توازرهم لأمرت بسلّ لسان اللكع الألكن، وأمرت باخراجه إلى أحرّ نار الله وسعيره وغضبه ولعنته. ونظرت إلى أمارات الغضب في وجوه الحاضرين فقلت: ما غضبكم لنصرانيّ يشرك بالله، ويتّخذ من دونه الأنداد ويعلن بالالحاد؟! لولا مكانكم لنهكته عقوبة، فقال لي رجل منهم: إنه إنسان حكيم، فغاظني قوله فقلت: لعن الله حكمة مشوبة بكفر، فقال لي آخر: إن عندي مسلما يتقدم أهل هذا العلم، ورجوت بذكره الاسلام خيرا فقلت: إيتني به، فأتاني برجل قصير دحداح آدم مجدور الوجه أخفش العينين أجلح أفطس سيّء المنظر قبيح الزيّ، فسلم فرددت عليه السلام، فقلت: ما اسمك؟ فقال: أعرف بكنية قد غلبت عليّ، فقلت: أبو من؟ فقال: أبو يحيى، فتفاءلت بملك الموت عليه السلام، وقلت: اللهم إني أعوذ بك من الهندسة، اللهم فاكفني شرّها فإنه لا يصرف السوء إلا أنت، وقرأت الحمد لله والمعوذتين وقل هو الله أحد وقلت: إن صديقا لي جاءني بنصرانيّ يتخذ الأنداد، ويدّعي أن لله الأولاد، ليغويني، فهلمّ أفدنا شيئا من هندستك، وأقبسنا من طرائف حكمتك، ما يكون لي سببا إلى رحمة الله ووسيلة إلى غفرانه، فإنها أربح تجارة وأعود بضاعة، فقال: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 445 أحضرني دواة وقرطاسا، فقلت: أتدعو بالدواة والقرطاس وقد بليت منهما ببلية كلمها لم يندمل عن سويداء قلبي؟ فقال: وكيف كان ذلك؟ فقلت: إن النصراني نقط نقطة كأصغر من سمّ الخياط وقال لي: إنها معقولة كربّك الأعلى، فوالله ما عدا فرعون وكفره وإفكه فقال: إني أعفيك من النقطة، لعن الله قويري، وما كان يصنع بالنقطة؟ وهل بلغت أنت أن تعرف النقطة؟ فقلت: استجهلني وربّ الكعبة وقد أخذت بأزمّة الكتابة ونهضت بأعبائها واستقللت بثقلها، يقول لي لا تعرف فحوى النقطة، فنازعتني نفسي في معالجته بغليظ العقوبة، ثم استعطفني الحلم إلى الأخذ بالفضل، ودعا بغلامه وقال: ايتني بالتخت، فو الله ما رأيت مخلوقا بأسرع إحضارا له من ذلك الغلام، فأتاه به، فتخيلته هيئة منكرة ولم أدر ما هو، وجعلت أصوّب الفكر فيه [تارة] وأصعّد أخرى وأجيل الرأي مليّا وأطرق طويلا، لأعلم أيّ شيء هو: أصندوق هو فإذا ليس بصندوق، أتخت [هو] فإذا ليس بتخت، فتخيلته كتابوت، فقلت لحد لملحد يلحد به الناس عن الحق. ثم أخرج من كمه ميلا عظيما فظننته متطببا وانه لمن شرار المتطببين، فقلت له: إن أمرك لعجب كله، ولم أر أميال المتطببين كميلك، أتفقا به العين؟ قال: لست بمتطبب ولكن أخطّ به الهندسة على هذا التخت، فقلت له: إنك وإن كنت مباينا للنصرانيّ في دينه لمؤازر له في كفره، أتخطّ على تخت بميل لتعدل بي عن وضح الفجر إلى غسق الليل، وتميل بي إلى الكذب باللوح المحفوظ وكاتبيه الكرام، إياي تستهوي أم حسبتني كمن يهتز لمكايدكم؟! فقال: لست أذكر لوحا محفوظا ولا مضيّعا، ولا كاتبا كريما ولا لئيما، ولكن أخطّ فيه الهندسة وأقيم عليها البرهان بالقياس والفلسفة، قلت له: اخطط فأخذ يخطّ وقلبي مروّع يجب وجيبا، وقال لي غير متعظم: ان هذا الخط طول بلا عرض، فتذكرت صراط ربي المستقيم وقلت له: قاتلك الله، أتدري ما تقول؟ تعالى صراط ربّي المستقيم عن تخطيطك وتشبيهك وتحريفك وتضليلك، انه لصراط مستقيم، وإنه لأحدّ من السيف الباتر والحسام القاطع، وأدقّ من الشعر وأطول مما تمسحون، وأبعد مما تذرعون، ومداه بعيد، وهو له شديد، أتطمع أن تزحزحني عن صراط ربي وحسبتني غرا غبيا لا أعلم ما في باطن ألفاظك ومكنون معانيك؟! والله ما خططت الخطّ وأخبرت انه طول بلا عرض إلّا ضلة بالصراط المستقيم لتزلّ قدمي عنه وأن ترديني في جهنم، أعوذ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 446 بالله وأبرأ إليه من الهندسة، ومما تدلّ عليه وترشد إليه، إني بريء من الهندسة ومما تعلنون وتسرون، ولبئسما سوّلت لك نفسك أن تكون من خزنتها بل من وقودها، وإن لك فيها لأنكالا وسلاسل وأغلالا، وطعاما ذا غصة. فأخذ يتكلم فقلت: سدّوا فاه مخافة أن يبدر من فيه مثل ما بدر من المضلل الأول، وأمرت بسحبه فسحب إلى أليم عذاب وناراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ عَلَيْها مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ (التحريم: 6) ثم اخذت قرطاسا وكتبت بيدي يمينا آليت فيها بكلّ عهد مؤكّد وعقد مردّد ويمين ليست له كفّارة أني لا أنظر في الهندسة أبدا، ولا أطلبها ولا أتعلمها من أحد سرا ولا جهرا، ولا على وجه من الوجوه، ولا على سبب من الأسباب، وأكدت بمثل ذلك على عقبي وعقب أعقابهم: لا تنظروا فيها ولا تتعلموها ما دامت السموات والأرض إلى أن تقوم الساعة لميقات يوم معلوم. وهذا بيان ما سألت- أعزك الله- عنه فيما دفعت إليه وامتحنت به، ولتعلم ما كان منّي. ولولا وعكة أنا في عقابيلها لحضرتك مشافها وأخذت بحظ المتمني [من الأنس] بك والاستراحة إليك، فمهّد على ذلك عذري، فإنك غير مباين لفكري والسلام. قال عبد الله الفقير إليه مؤلف هذا الكتاب: لا شكّ أن أكثر ما في هذه الرسالة مفتعل مزوّر وما أظنّ برجل مثل ابن ثوابة- وهو بمكانه من العلم بحيث تلقى إليه مقاليد الخلافة فيخاطب عنها بلسانه القاصي والداني، ويرتضيه العقلاء والوزراء، بحيث لا يرون له نظيرا في زمانه في براعة لسانه، تولّى كتابة الإنشاء السنين الكثيرة- أن يكون منه هذا كله، ولكن عسى أن يكون منه ما كان من ابن عبّاد وهو الذي ساق أبو حيان خبر ابن ثوابة لأجله، وهو أن قال [1] كان ابن عباد يسبّ أصحاب الهندسة ويقول: جاءني بعض هؤلاء الحمقى ورغّبني في الهندسة، فابتدأ فأثبت خمسة وعشرين وخطّ خطا ووضع شكلا وطوّل وزعم أنه يعمل برهانا على ذلك، فقلت له: كنت أعرف أنّ هذا خمسة وعشرون ضرورة، وقد شككت الآن، فأنا مجتهد حتى أعلم بالاستدلال وهذا هو الخسار.   [1] أخلاق الوزيرين: 234. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 447 قلت: ومثل هذا لا يبعد أن يقول مثله من لم يتدرب بهذه الصناعة، فأما ما تقدم من حديث ابن ثوابة فهو غاية في التجلّف، والرجل كان أجلّ من ذلك، وإنما أتي من جهة أحمد بن الطيب لأنه كان فيلسوفا، وكان ابن ثوابة متعجرفا كما ذكرنا، فأخذ يسخر منه ليضحك المعتضد، فإن أحمد بن الطيب كان من جلساء المعتضد، وإما أن يكون أبو حيان جرى على عادته في وضع ما أكثر من وضعه من مثل ذلك، والله أعلم. - 142- أحمد بن علي بن المأمون النحوي اللغوي القاضي صاحب الخط المليح والنقل الصحيح: مات في تاسع عشر شعبان سنة ست وثمانين وخمسمائة ومولده في ذي القعدة سنة تسع وخمسمائة. سألت ولده أبا محمد عبد الله بن أحمد عنه فأعطاني جزءا بخط والده هذا، وقد ضمّنه ذكر نفسه وذكر ولده، فنقلت منه جميع ما أذكره في هذ الترجمة إلا ما أبينه. قال: «أنا أحمد بن علي بن هبة الله بن علي الزوال (وأصله الزول، وإنما غيره المتكلمون به وزادوا ألفا، والزول الرجل الشجاع، وقد ذكر ذلك في «كتاب الألفاظ» لابن السكيت) [1] ابن محمد بن يعقوب بن الحسين بن عبد الله المأمون بالله الخليفة، ابن هارون الرشيد بالله الخليفة، ابن محمد المهدي بالله الخليفة، ابن عبد الله المنصور بالله الخليفة، ابن محمد الكامل بن علي السجاد بن عبد الله حبر [2] الأمة، ابن العباس سيد العمومة، ابن عبد المطلب شيبة الحمد، ابن هاشم عمرو العلى، ابن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر، هو قريش، بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن   [142]- انباه الرواة 1: 88 ومختصر ابن الدبيثي: 196 والوافي 7: 212 وبغية الوعاة 1: 348 (رقم: 668) (والترجمة يجب أن تكون متقدمة عن هذا الموضع بحسب الترتيب الهجائي) . [1] تهذيب الألفاظ: 166. [2] م: خير. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 448 مضر بن نزار بن معد بن عدنان بن أد بن أدد بن اليسع بن الهميسع بن سلامان بن ثبت بن جميل بن قيدار بن إسماعيل بن إبراهيم الخليل بن آزر بن تارح بن ناحور بن ساروغ بن أرغو بن فالغ بن عابر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح بن لمك بن متوشلخ بن أخنوخ، وهو إدريس، بن ليارد بن مهلائيل بن قينان بن أنوش بن شيث بن آدم أبي البشر، فطرة الله عز وجل. ومولدي في ضحى نهار الثلاثاء ثالث عشر ذي القعدة سنة تسع وخمسمائة، ولدت بدرب فيروز في الدار المعروفة الآن بورثة ابن الثقفي القاضي عز الدين، قاضي القضاة رحمه الله، وكان والدي يومئذ كاتب الزمام في الأيام المستظهرية وبعد ذلك في الأيام المسترشدية مدة. وكنت منذ نشأت ختمت القرآن وقرأته للعشرة على المرزوقي رحمه الله الأمين أبي بكر، أنا وحجة الإسلام أبو محمد إسماعيل بن الجواليقي وفقه الله، وكنا نترافق حين الحداثة في القراءة على الشيوخ، ويتكثر بعضنا ببعض ونتعاضد في القراءة. وكتبت الخطّ على أبي سعيد الحسن بن منصور أبي الحسن الجزري رحمه الله، وكان صالحا أديبا صائم الدهر عالما في فنون من العلم فقيها، وكان والدي يؤثرني من دون إخواني لما يراه من اشتغالي بالعلم، فإنني منذ انفصلت من المكتب رجعت بقراءة النحو واللغة إلى شيخنا أوحد الزمان أبي منصور ابن الجواليقي رحمه الله، وصحبته إحدى عشرة سنة، وقرأت عليه كتبا كثيرة من حفظي وغير حفظي، حتى توليت القضاء سنة أربع وثلاثين وخمسمائة» . «وكان الحكم والقضاء على دجيل إلى والدي المقدم ذكره مضافا إلى الخطابة، فحين ولي أمر ديوان الزمام ببغداد ردّ القضاء إلى ولده هبة الله الملقب بتاج العلى، وكان يخاطب من الديوان العزيز مجّده الله بالأجلّ الأوحد زين الإسلام نجم الكفاة تاج العلى جمال الشرف مجد القضاة عين الكفاة، وكان بعد ذلك أضيف إليه نظر دجيل أجمع مع المخزنيات، وكان ذا سطوة وشجاعة، وثروة كبيرة، ومماليك من الأتراك والاماء والعبيد، والقرايا والأملاك، والرياسة التامة، والصيت والذكر الجميل بين العرب والعجم، وكان له معروف كبير ودار مضيف بحربيّ [1] يجتمع إليها أمراء   [1] حربي: اسم قرية بين بغداد وتكريت. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 449 العجم على طبقاتهم وغيرهم من الغرباء، وكان له نواب في القضاة بحربي والحظيرة [1] وغيرهما، وكانت ولايته من قاضي القضاة الدامغاني إلى أن درج بالموصل مسموما مخافة منه لما شوهد من رئاسته وتبع العرب والتركمان له وحمل السلاح والجند والاستطالة العظيمة، ونفذ ميتا في شفارة [2] حتى دفن بحربي في أواخر سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة، وانحدار ولده علي بن هبة الله بن علي طالبا مكانه ببذل المال الجمّ، وكان وزير الزمان يومئذ شرف الدين علي بن طراد الزينبي في أوائل الأيام المقتفوية، فترك مع بذله، ووليت بعد أن أحضرت، وقيل لي قد رسم توليك من غير قربة لتميزك بالعلم، وكان لي من العمر يومئذ أربع وعشرون سنة» . «واعتزى ابن أخي بعد ذلك إلى ديوان السلطنة، وخاطب الديوان العزيز في ذلك فلم يجب، ودخل في النوبة جماعة من الأهل والأكابر من ولاة الأمر، فتوسط الحال على أن يكون لولده مجلس وساطة وحكم بحربي في المداينات، وما عداها إليّ مع الخطابة وذلك نصر يقين، فكتبت رسالة إلى المواقف المقدّسة النبوية المقتفوية قدّسها الله، ومنها: «ومعاذ الله أن يقارن هذا الفتى بالعبد ولا يعرف قبيلا من دبير، ولا يؤلّف بين كلمتين في تعبير، لو سيم قراءة الفاتحة أخجلته، أو ريم منه التماس حاجة في التطهر أخفرته، وعدّ عن أسباب لا يمكن بسطها، ولا يروق خطّها. وأما العبد فطرائقه معلومة، ومآخذه مفهومة، ومحلّ الشيء عنده قابل، والجمهور إليه مائل، وسحاب الاستحقاق لما أهّل له في أرضه هاطل، ومعاذ الله أن يتغير من كريم الآراء الشريفة في حقّه رأي، أو ينفصم من تلك الوعود فيما أهّل له وأي، والوعود كالعهود، ومواقع الكلم الشريفة كالترتق في الجلمود، وهو واثق من الانعام، بما سار بين الأنام، ليغدو مستحكم الثقة بالإكرام، والأمر أعلى والسلام» . فبرز التوقيع الأشرف المقتفوي يؤمر فيه بالعمل بسابق التوقيع، وخرجت إلى العمل، وبقيت مدة. فتولى القضاء بمدينة السلام وفاء بن المرخّم وكان على حالة جليلة من الاختصاص واستخدام قضاة الأطراف من جانبه، فأبيت ذلك وخاطبت في الخروج عن   [1] الحظيرة: قرية من أعمال بغداد من جهة تكريت من ناحية دجيل. [2] كذا ورد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 450 يده وإضافة باقي دجيل مع ما والاه وقاربه من لدن تكريت إلى الانبار وإلى الجبل وما والاه من بلد خانقين وروشن قبادوا إلى الحربية من الجانب الغربي ببغداد» . «وكنت أحكم في ذلك أجمع، حتى ولي المستنجد بالله رضي الله عنه وقصر القضاة [1] وغيرهم، وأنا في الجملة، وبقيت إحدى عشرة سنة مقصورا إلى أن توفي إلى رحمة الله بعد أن استوعب ما كنت أملكه سائره فلم أضيّع من زماني شيئا، وكتبت في الحبس ثمانين مجلدة منها «الجمهرة» لأبي بكر ابن دريد مجلدتان، «وشرح سيبويه» ثلاث مجلدات، و «إصلاح المنطق» محشّى مجلدة واحدة، و «الغريبان» للهروي مجلدة واحدة، و «أشعار الهذليين» ثلاث مجلدات، و «شعر المتنبي» مجلدة، و «غريب الحديث» لأبي عبيد مجلدتان، وأشياء يطول شرحها من الكتب الكبار، وحفّظت أولادي الختمة، وأيضا حفظتهم كتبا كثيرة في علم العربية والتفاسير وغريب القرآن والخطب والأشعار، وشرحت لهم «كتاب الفصيح» ، وجمعت لهم كتابا سميته «أسرار الحروف» يبين فيه مخارجها ومواقعها من الزوائد والمنقلب والمبدل والمتشابه والمضاعف وتصريفها في المعاني الموجودة فيها والمعاني الداخلة عليها، وذكرت فيه من اشتقاق الأسماء كلّ ما تكلمت به علماء البصريين والكوفيين وغيرهم من أهل اللغة، وهو مجلدة ضخمة تحتوي على عشرين كراسة في كلّ وجهة عشرون سطرا» . «ولما درج الإمام المستنجد بالله وأتاح الله الخروج من ذلك الضيق، وولي بعده الإمام العادل الرحيم المستضيء بالله أمير المؤمنين، وشملت رحمته من كان في السجن من الأمة حتى لم يبق فيه أحدا إلّا أفرج عنه، ومن وجد له بخزانته المعمورة من ماله شيئا عليه اسمه أعاده عليه، وكل من كان في ولاية أعاده إليها، ومن وجد من ملكه شيئا تحت الاعتراض أفرج عنه وأعاده إليه، وأنا ممن أنعم في حقه بإعادة خرقة كان ختمها باقيا عليها واسمي، فيها ثلاثمائة دينار إمامية صحاح من جملة ما أخذ من مالي، فأعادها عليّ، وأعاد عليّ سهاما في ثلاث قرايا بالراذان، وقراحا ببلدة الحظيرة، وما كان فات وبيع لم يرجع، وأنعم في حقي بإعادة ولايتي عليّ وتقريبي   [1] قصر القضاة: أي حبسهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 451 واستخدامي في مهامّ عدة، وكان الوسيط في ذلك كله الوزير عضد الدولة أبو الفرج ابن رئيس الرؤساء وكان محبا لاسداء العوارف والاصطناع وجذب الأتباع، وإدخال المكارم عند الرجال، وكان كريما رحب الفناء لأرباب الحوائج بعيدا ما ينفصل من بابه محروم» . هذا آخر ما نقلته من خطه. واجتمعت بولده قوام الدين أبي محمد عبد الله ابن أحمد، وقد أفردت له ترجمة في هذا الكتاب [1] ، فأنشدني لوالده من حفظه: فؤاد المشوق كثير العنا ... ومن كتم الوجد أبدى الضنا وكم مدنف في الهوى بعدهم ... وكانوا الأماني له والمنى لقد خلّفوه أخا لوعة ... مولّه شوق يعاني المنا ينادي من الشوق في إثرهم ... إذا آده ما به قد منا بيا جسدا ناحلا بالعراق ... مقيما وقلبا بوادي منى تحرّقه زفرات الحنين ... ويغدو بهنّ الشجى ديدنا وهي طويلة قالها في زعيم الدين ابن جعفر عند عوده من مكة. وقرأت على ظهر كتاب ما صورته لأحمد بن المأمون: قد كنت أركب للخيل العتاق فما ... أبقى لي الدهر لا بغلا ولا فرسا وكنت أنهض بالعبء الثقيل فقد ... أصدّني الدهر عن نهضي به فرسا وكم فرست أسودا عنوة عرضا ... وعضّني الدهر حتى خلته فرسا فأفّ من دهرنا أفّ له فلقد ... أضاع حرا كريما بئسما فرسا وله: أهديت درجا مليحا ... كمثل خطّ ابن مقله العين فيه كعين ... والميم فيه كمقله والنون فيه كنون ... ما بين صدغ ومقله   [1] سقطت، واستدركتها من ابن الفوطي، انظر رقم: 633. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 452 - 143- أحمد بن أبي عمر المقرىء المعروف بأحمد الزاهد أبو عبد الله الأندرابي : مات في العشرين من ربيع الأول سنة سبعين وأربعمائة. ذكره عبد الغافر وقال: شيخ زاهد عابد عالم بالقراءات له التصانيف الحسنة في علم القراءات، سمع الحديث، وأكثر سماعه مع السيد أبي المعالي جعفر بن حيدر العلوي الهروي الصوفي، وكان رفيقه، سمعا صحيح مسلم وغيره، وروى عن محمد بن يحيى بن الحسن الحافظ. روى عنه أبو الحسن الحافظ. - 144- أحمد بن محمد بن بشر بن سعد المرثدي أبو العباس : ذكره الخطيب فقال: كنيته أبو علي، ومات في صفر سنة ست وثمانين ومائتين، وذكر ابن بنت الفريابي أنه مات في سنة أربع وثمانين وسمع علي بن الجعد والهيثم بن خارجة في آخرين، وروى عنه أبو بكر الشافعي وغيره وكان عبد الرحمن بن يوسف يثني عليه. وقال ابن المنادي: هو أحد الثقات. وذكره محمد بن اسحاق النديم فقال: كنيته أبو العباس الكبير، وهو الذي كان ابن الرومي يكاتبه في السمك [1] ، وكان المرثدي يكتب للموفق في خاصته [2] . وله من الكتب: كتاب الأنواء في نهاية الحسن. كتاب رسائله. كتاب أشعار قريش، وعليه عول أبو بكر الصولي في كتاب الأوراق وله انتحل، وقد ذكرت ذلك في أخبار الصولي.   [143]- المنتخب (الثاني) من السياق، الورقة: 33 ب. [144]- ترجمة المرثدي في الوافي 7: 393 وهو في الفهرست: 143 (أبو أحمد بن بشر المرثدي) وتاريخ بغداد 5: 41. [1] انظر ديوان ابن الرومي: 702. [2] الفهرست: في خاص أمره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 453 قال [1] عبد الله بن المعتز: كتب إليّ [ابن] بشر المرثدي: يا بعيد الشأو في الحسب ... وقريع الناس في الأدب والذي ما مثله بشر ... في صنوف الجدّ واللعب كنت بي برّا وذا صلة ... في رسالات وفي كتب وقبيح بالكريم إذا ... حال عن عهد بلا سبب وقال ابن المعتز: وكتب إليّ المرثدي أيضا: لي امير إذا جفا يتجنّى ... وإذا ملّ قال كان وكنّا وإذا غاب عنه ذو الودّ حولا ... لم يقل ما له لقد غاب عنّا - 145- أحمد بن محمد بن عاصم أبو سهل الحلواني : ذكره محمد بن إسحاق النديم وقال: بينه وبين أبي سعيد السكري نسب قريب، فروى عن أبي سعيد كتبه وكان كثيرا ما توجد بخطه وخطه في نهاية القبح إلّا انه من العلماء. وله من الكتب كتاب المجانين الأدباء. - 146- أحمد بن محمد ابن بنت الشافعي : هو صحيح الخط متقن الضبط من أهل الأدب يعتمد على خطه وضبطه، لا أعرف من خطه إلا ما رأيته بخطه بكتاب تفسير القرآن لابن جرير الطبري وقد ذكر عند خاتمته: «وكتبه أحمد بن محمد ابن بنت الشافعي ورّاق الجهشياري» .   [145]- الفهرست: 88 وتاريخ بغداد 5: 76 وإنباه الرواة 1: 98 والوافي 7: 394. وذكر الخطيب أنه توفي سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة. [146]- طبقات السبكي 2: 186 وتهذيب الأسماء واللغات 2: 296 (رقم: 557) . [1] من هنا إلى آخر الترجمة منقول من المختصر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 454 - 147- أحمد بن محمد بن سليمان بن بشار الكاتب : ذكره محمد بن إسحاق النديم فقال: هو أستاذ أبي عبد الله الكوفي الوزير، وكان أحد الأفاضل من الكتاب بلاغة وفصاحة وصناعة، وله كتاب الخراج نحو ألف ورقة وكتاب الشراب والمنادمة. - 148- أحمد بن محمد المهلبي أبو العباس : كذا ذكره محمد بن إسحاق النديم في كتابه وقال: هو مقيم بمصر ويعرف بالبرجاني [1] ، وله من الكتب كتاب شرح علل النحو. كتاب المختصر في النحو. وكان بمصر نحوي يعرف بالمهلبي اسمه علي بن أحمد وكان في هذا العصر، فإن كان هذا فقد وهم النديم في اسمه، وإلّا فهو غيره، والله أعلم. وقد كتبنا لذلك ترجمة في بابه [2] . - 149- أحمد بن محمد بن نصر الجيهاني أبو عبد الله ، وزير نصر بن أحمد بن نصر الساماني، صاحب خراسان: كان أديبا فاضلا، ذكره محمد بن إسحاق النديم وقال: له من الكتب: كتاب آيين. كتاب العهود للخلفاء [3] والأمراء. كتاب المسالك والممالك. كتاب الزيادات في كتاب الناشىء من المقالات.   [147]- ترجمته في الفهرست: 150. [148]- ترجمته في الفهرست: 93. [149]- الفهرست: 153 والوافي 8: 53 (وسيترجم ياقوت لمحمد بن أحمد بن نصر الجيهاني أبي عبد الله وزير نصر بن أحمد رقم: 963) . [1] الفهرست: بالرجائي (ف: بالرحابي) ونصّ الفهرست: وآخر يعرف بالرجائي (فكأنه شخص غيره) . [2] ترجمته رقم: 717. [3] م: والخلفاء، والتصويب عن الفهرست. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 455 ولأحمد ابن أبي بكر الكاتب يهجو أبا عبد الله الجيهاني: أيا ربّ فرعون لما طغى ... وتاه وأبطره ما ملك لطفت وأنت اللطيف الخبير ... فأقحمته اليمّ حتى هلك فما بال هذا الذي لا أراه ... يسلك إلا الذي قد سلك مصونا على نائبات الدهور ... يدور بما يشتهيه الفلك ألست على أخذه قادرا ... فخذه وقد خلص الملك لك فقد قرب الأمر من أن يقال ... ذا الأمر بينهما مشترك والا فلم صار يملى له ... وقد لجّ في غيّه وانهمك ولن يصفو الملك ما دام فيه ... شريك وإن شك [ .... ] ذكر هذه الأبيات أبو الحسن محمد بن سليمان بن محمد في «كتاب مزيد [1] التاريخ في أخبار خراسان» . وقال فيه بعضهم يهجوه قال، وأظنه اللحام: لا لسان لا رواء ... لا بيان لا عباره لا ولا ردّ سلام ... منك إلا بالاشاره أنا أهواك ولكن ... أين آثار الوزاره قال: ثم مات السديد منصور بن نوح، وقام مقامه الرضى أبو القاسم نوح بن منصور، والجيهاني على وزارته، ثم صرفت عنه الوزارة في شهر ربيع الأخر سنة سبع وستين وثلاثمائة، ووليها أبو الحسين عبد الله بن أحمد العتبي.   [1] م: فريد، وأرجح أنه مزيد التاريخ لأنه زاده على تاريخ السلامي في ولاة خراسان، وسيأتي اسمه كذلك في ترجمة ابن خلاد الرامهرمزي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 456 - 150- أحمد بن محمد بن يزداد [1] بن رستم أبو جعفر النحوي الطبري : سكن بغداد، قال الخطيب: وحدّث بها عن نصير بن يوسف وهاشم بن عبد العزيز صاحبي علي بن حمزة الكسائي. روى باسناده قال، قال عبد الله بن مسعود: إني قد سمعت القراء فوجدتهم متقاربين فاقرءوا كما علمتم، فإنما هو كقول أحدكم هلمّ وتعال. قال عمر بن محمد بن سيف الكاتب: سمعت من ابن رستم في سنة أربع وثلاثمائة. قال محمد بن اسحاق النديم: وله من الكتب: كتاب غريب القرآن. كتاب المقصور والممدود. كتاب المذكر والمؤنث. كتاب صورة الهمز. كتاب التصريف. كتاب النحو. وقرأت في «كتاب الغاية» لأبي بكر ابن مهران النيسابوري في القراءات قرأت على أبي عيسى بكار بن أحمد المقرىء قال: قرأت على أبي جعفر أحمد بن محمد بن رستم الطبراني [2] ، وكان مؤدبا في دار الوزير ابن الفرات، ووصلنا إليه بالحيل والشفعاء، وكان بصيرا بالعربية حاذقا في النحو، أخذ القراءات عن نصير بن يوسف أبي المنذر النحوي صاحب الكسائي وأخذ نصير عن الكسائي. - 151- أحمد بن محمد بن عبد الله بن صالح بن شيخ بن عمير أبو الحسن، أحد أصحاب أبي العباس ثعلب : ذكره المرزباني في كتاب «المقتبس» وقال ابن بشران في «تاريخه» : في سنة عشرين وثلاثمائة مات أبو بكر ابن أبي شيخ ببغداد، وكان   [150]- ترجمته في تاريخ بغداد 5: 125 والفهرست: 65 وإنباه الرواة 1: 128 وطبقات الجزري 1: 114 والوافي 8: 111 وبغية الوعاة 1: 387. [151]- ترجمته في نور القبس: 336- 337 وتاريخ بغداد 5: 42 والوافي 8: 31، وفي نسبه «عميرة» في ر. [1] تاريخ بغداد والانباه والفهرست: يزديار. [2] نسبه مرة الطبري ومرة الطبراني ولم يفرق بينهما مع أن الطبري نسبة إلى طبرستان، والطبراني نسبة إلى طبرية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 457 محدثا اخباريا، وله مصنفات، ولا أدري أهو هذا أم غيره، فإن الزمان واحد وكلاهما اخباري، والله أعلم. ولعل ابن بشران غلط في جعله ابن أبي شيخ أو جعله أبا بكر، والله أعلم. وحدث المرزباني عن عبد الله بن يحيى العسكري قال: أنشدني أبو الحسن أحمد بن محمد بن صالح بن شيخ بن عمير الأسدي لنفسه وكتب بها إلى بعض إخوانه: كنت يا سيدي على التطفيل ... أمس لولا مخافة التثقيل وتذكرت دهشة القارع البا ... ب إذا ما أتى بغير رسول ونخوفت أن أكون على القو ... م ثقيلا فقدت كلّ ثقيل لو تراني وقد وقفت أروّي ... في دخول إليك أو في قفول لرأيت العذراء حين تحايا ... وهي من شهوة على التعجيل وحدث عن عمر بن بنان الأنماطي عن أبي الحسن الأسدي قال: تركت النبيذ، وأخبرت أبا العباس ثعلبا بتركي إياه، ثم لقيت محمد بن عبد الله بن طاهر فسقاني، فمررت على ثعلب وهو جالس على باب منزله عشيا، فلما رآني أتكفأ في مشيتي علم أني شارب، فقام ليدخل إلى منزله ثم وقف على بابه، فلما حاذيته وسلّمت عليه أنشأ يقول: فتكت من بعد ما نسكت وصا ... حبت ابن سهلان صاحب السّقط إن كنت أحدثت زلة غلطا ... فالله يعفو عن زلة الغلط قال عمر: فسألت ثعلبا عن ابن سهلان صاحب السّقط فقال: أهل الطائف يسمون الخمار صاحب السّقط. وحدث عن الصولي قال: أنشدني أبو الحسن أحمد بن محمد الانباري لنفسه في قصيدته المزدوجة التي تمم بها قصيدة علي بن الجهم التي ذكر فيها الخلفاء إلى زمانه: ثم تولى المستعين بعده ... فحاز بيت ماله وجنده ثم أتى بغداد في محرّم ... إحدى وخمسين برأي مبرم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 458 وذكر قطعة من أخباره ثم قال: وثبتت خلافة المعتز ... ولم يشب أموره بعجز وذكر طرفا من أموره ثم قال: وقلدوا محمد بن الواثق ... في رجب من غير أمر عائق المهتدي بالله دون الناس ... جاء به الرحمن بعد الياس ثم قال بعد أبيات: وقام بالأمر الامام المعتمد ... إمام صدق في صلاح مجتهد وساق قطعة من سيرته. - 152- أحمد بن محمد جراب الدولة : هو أحمد بن محمد بن علويه، من أهل سجستان، ويكنى أبا العباس، وكان طنبوريا أحد الظرفاء الطياب، كان في أيام المقتدر وأدرك دولة بني بويه فلذلك سمى نفسه بجراب الدولة لأنهم كانوا يفتخرون بالتسمية في الدولة، وكان يلقب بالريح أيضا، وله كتاب ترويح الأرواح ومفتاح السرور والافراح لم يصنّف في فنه مثله اشتمالا على فنون الهزل والمضاحك. - 153- أحمد بن محمد بن إسحاق بن إبراهيم الهمذاني أبو عبد الله : يعرف بابن الفقيه، أحد أهل الأدب، ذكره محمد بن إسحاق في كتابه الذي ألفه في سنة سبع وسبعين وثلاثمائة قال: وله كتاب البلدان نحو ألف ورقة أخذه من كتب الناس، وسلخ كتاب الجيهاني. وكتاب ذكر الشعراء المحدثين والبلغاء منهم والمفحمين. وقال شيرويه: محمد بن إسحاق بن إبراهيم الفقيه أبو أحمد والد أبي عبيد الأخباري روى عن إبراهيم بن حميد البصري وغيره، روى عنه ابنه أبو عبد الله.   [152]- ترجمة جراب الدولة في الفهرست: 170 والوافي 8: 7 وكتابه ترويح الأرواح منه نسخة بالمكتبة الوطنية بباريس. [153]- ترجمته في الفهرست: 171 وقد طبع مختصر كتاب البلدان (ليدن 1885) بتحقيق دي خويه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 459 وقال شيرويه: أحمد بن محمد بن إسحاق بن إبراهيم الأخباري أبو عبد الله، يعرف بابن الفقيه، ويلقب بحالان، صاحب «كتاب البلدان» روى عن أبيه وإبراهيم بن الحسين بن ديزيل ومحمد بن أيوب الرازي وأبي عبد الله الحسين بن أبي السرح الأخباري، وذكر جماعة، قال: وروى عنه أبو بكر ابن لال وأبو بكر ابن روزبة، ولم يذكر وفاته. - 154- أحمد بن محمد بن الوليد بن محمد ، يعرف بولاد: من أهل بيت علم، ولأبيه وجده ذكر في هذا الكتاب وتراجم في مواضعها [1] ، وكنية أحمد هذا أبو العباس، مات فيما ذكره الزبيدي في كتابه سنة اثنتين وثلاثمائة. قال: وكان بصيرا بالنحو أستاذا فيه، ورحل إلى بغداد من موطنه مصر، ولقي إبراهيم الزجاج وغيره، وكان الزجاج يفضّله ويقدمه على أبي جعفر النحاس، وكانا جميعا تلميذيه. وكان الزجاج لا يزال يثني عليه عند كلّ من قدم إلى بغداد من مصر، ويقول لهم: لي عندكم تلميذ من حاله وصفته كذا، فيقال له: أبو جعفر النحاس، فيقول: بل أبو العباس ابن ولاد. قال: وجمع بعض ملوك مصر بين ابن ولاد وابن النحاس وأمرهما بالمناظرة، فقال ابن النحاس لابن ولاد: كيف تبني مثال افعلوت من رميت فقال ابن ولاد: أقول ارمييت، فخطأه أبو جعفر وقال: ليس في كلام العرب افعلوت ولا افعليت، فقال أبو العباس: إنما سألتني أن أمثّل لك بناء ففعلت وإنما تغفّله أبو جعفر بذلك. قال الزبيدي: ولقد أحسن في قياسه حين قلب الواو ياء، وقد كان أبو الحسن سعيد بن مسعدة الأخفش يبني من الأمثلة ما لا مثال له في كلام العرب. وله كتاب المقصور والممدود [2] . وكتاب الانتصار لسيبويه فيما ذكره المبرد.   [154]- ترجمته في طبقات الزبيدي: 219- 220 وإنباه الرواة 1: 99 والوافي 8: 101 ومرآة الجنان 2: 311 وحسن المحاضرة 1: 531 وبغية الوعاة 1: 386 وإشارة التعيين: 44. [1] ترجمة محمد بن ولاد رقم: 1130 وليس للوليد ترجمة. [2] طبع كتاب بهذا الاسم يحمل اسم «أحمد» ولكن المؤلف سيذكر كتابا في المقصور والممدود لمحمد أيضا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 460 - 155- أحمد بن محمد البشتي الخارزنجي : قال السمعاني: خارزنج قرية بنواحي نيسابور بناحية بشت، والمشهور من هذه القرية أبو حامد أحمد بن محمد الخارزنجي، إمام [1] أهل الأدب بخراسان في عصره بلا مدافعة، فإن فضلاء عصره لما حجّ بعد الثلاثين وثلاثمائة شهد له أبو عمر الزاهد صاحب ثعلب ومشايخ العراق بالتقدم، وكتابه المعروف ب «التكملة» [هو] البرهان في تقدمه وفضله. ولما دخل بغداد تعجّب أهلها من تقدمه في معرفة اللغة، فقيل: هذا الخراساني لم يدخل البادية قط وهو من آدب الناس فقال: أنا بين عربين بشت وطوس. سمع الحديث من أبي عبد الله محمد بن إبراهيم البوشنجي، وحدّث، سمع منه الحاكم أبو عبد الله الحافظ، ومات في رجب سنة ثمان وأربعين وثلاثمائة، وهذا كله نقله السمعاني من كتاب الحاكم أبي عبد الله. قال الأزهري [2] : وممن ألف وجمع من الخراسانيين في زماننا هذا فصحّف وأكثر فغير، رجلان: أحدهما يسمّى أحمد بن محمد البشتي ويعرف بالخارزنجي، والآخر أبو الأزهر البخاري. فأما الخارزنجي فإنه ألف كتابا سماه «التكملة» أراد أنه كمل «كتاب العين» المنسوب إلى الخليل بن أحمد بكتابه، وأما البخاري فإنه سمى كتابه «الحصائل» فأعاره هذا الاسم لأنه أراد تحصيل ما أغفله الخليل، ونظرت في أول كتاب البشتي فرأيته أثبت في صدره الكتب المؤلفة التي استخرج كتابه منها، وعدّد كتبا، قال الخارزنجي: استخرجت ما وضعت في كتابي هذا من الكتب المذكورة، قال: ولعلّ بعض الناس يبتغي العيب [3] بتهجينه والقدح فيه لأني أسندت ما فيه إلى   [155]- إنباه الرواة 1: 107 والوافي 8: 7 والأنساب واللباب (الخارزنجي) وبغية الوعاة 1: 388 وروضات الجنات 1: 220. [1] هذا النصّ ينقله القفطي عن تاريخ نيسابور للحاكم: وهذا يؤكده قول ياقوت: «وهذا كله نقله السمعاني من كتاب الحاكم» . [2] تهذيب اللغة 1: 32- 33 (ونقله القفطي أيضا) . [3] التهذيب: العنت. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 461 هؤلاء العلماء من غير سماع وإنما إخباري عنهم إخبار عن صحفهم ولا يزري ذلك على من عرف الغثّ من السمين، وميز بين الصحيح والسقيم، وقد فعل مثل ذلك أبو تراب صاحب «كتاب الاعتقاب» فإنه روى عن الخليل بن أحمد وأبي عمرو بن العلاء والكسائي وبينه وبين هؤلاء فترة، وكذلك القتيبي روى عن سيبويه والأصمعي وأبي عمرو وهو لم ير منهم أحدا. قال المؤلف: وردّ عليه الأزهري في هذا الفصل بما يطول عليّ كتبه [1] . وله من الكتب: كتاب التكملة. كتاب التفصلة. كتاب تفسير أبيات أدب الكاتب. - 156- أحمد بن محمد بن إسحاق بن أبي خميصة : يعرف بالحرمي بن أبي العلاء، أبو عبد الله، من أهل مكة، سكن بغداد، ذكره الخطيب فقال: مات سنة سبع عشرة وثلاثمائة وكان كاتب أبي عمر محمد بن يوسف القاضي، وحدث عن الزبير ب «كتاب النسب» وغيره [وروى] عنه أبو حفص ابن شاهين وأبو عمر ابن حيويه وأكثر [عنه] أبو الفرج علي بن الحسين الأصبهاني وغيره. - 157- أحمد بن محمد بن موسى بن العباس أبو محمد : ذكره ابن الجوزي في «المنتظم» وقال: كان معتنيا بأمر الأخبار وطلب التواريخ، وولي حسبة سوق الرقيق، وكتب عنه، ومات في محرم سنة أربع وعشرين وثلاثمائة.   [156]- ترجمة الحرمي في تاريخ بغداد 4: 390 وعبر الذهبي 2: 169 والوافي 8: 9 والشذرات 2: 275. [157]- المنتظم 6: 283 والوافي 8: 130. [1] قد أطال الأزهري في ما استدركه على البشتي من أخطاء، انظر تهذيب اللغة 1: 34- 40؛ وأما أبو الأزهر البخاري فقال فيه الأزهري: إنه أقلّ معرفة من البشتي وأكثر تصحيفا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 462 - 158- أحمد بن محمد بن عبد الله الزردي اللغوي العلامة النيسابوري أبو عمرو الزردي: والزرد من قرى اسفرائين من رساتيق نيسابور. ذكره الحاكم، وقال: مات أبو عمرو الزردي في شعبان سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة. قال: وكان واحدا في هذه الديار في عصره بلاغة وبراعة وتقدما في معرفة أصول الأدب، وكان رجلا ضعيف البنية مسقاما، يركب حمارا ضعيفا، ثم إذا تكلم تحير العلماء في براعته. سمع الحديث الكثير من أبي عبد الله محمد بن المسيب الأرغياني وأبي عوانة يعقوب بن إسحاق وأقرانهما. قال الحاكم: سمعت الأستاذ أبا عمرو الزردي في منزلنا يقول: إن الله إذا فوّض سياسة خلقه إلى واحد يخصه بها منهم وفّقه لسداد السيرة، وأعانه بالهامه من حيث رحمته تسع كلّ شيء، ولمثل ذلك كان يقول ابن المقفع: تفقدوا كلام ملوككم إذ هم موفّقون للحكمة، ميسّرون للاجابة، فإن لم تحط به عقولكم في الحال فإن تحت كلامهم حيّات فواغر وبدائع جواهر. وكان بعضهم يقول: ليس لكلام سبيل أولى من قبول ذلك، فإن ألسنتهم ميازيب الحكمة والاصابة. قال: وسمعت أبا عمرو الزردي يقول: العلم علمان: علم مسموع وعلم ممنوح [1] . - 159- أحمد بن محمد بن عبد ربه بن حبيب بن حدير بن سالم مولى هشام بن   [158]- ترجمة الزردي في الوافي 8: 30 وبغية الوعاة 1: 369 وفي المختصر أن وفاته: 333. [159]- ترجمة ابن عبد ربه في تاريخ ابن الفرضي 1: 49 وجذوة المقتبس: 94 (وبغية الملتمس رقم: 327) ومطمح الأنفس: 51 ووفيات الأعيان 1: 92 وسير الذهبي 15: 283 والوافي 8: 10 وبغية الوعاة 1: 371 وللدكتور جبرائيل جبور فيه كتاب ابن عبد ربه وعقده وقد عقدت له فصلا في كتابي: تاريخ الأدب الأندلسي- عصر سيادة قرطبة، كما قام الدكتور رضوان الداية بجمع شعره (بيروت 1979) وكذلك جمعه الدكتور التونجي. [1] ر: ممنوع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 463 عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان: كنيته أبو عمر، ذكره الحميدي وقال: إنه مات سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة ومولده سنة ست وأربعين ومائتين عن إحدى وثمانين سنة وثمانية أشهر وثمانية أيام، وهو من أهل بلاد الأندلس. قال الحميدي: وأبو عمر من أهل العلم والأدب والشعر وهو صاحب «كتاب العقد» في الأخبار، مقسم على عدة فنون، وسمّى كلّ باب منه على نظم العقد كالواسطة والزبرجدة والياقوتة والزمردة وما أشبه ذلك. وبلغني أنّ الصاحب ابن عباد سمع بكتاب «العقد» فحرص حتى حصل عنده، فلما تأمله قال: هذه بضاعتنا ردّت إلينا، ظننت أن هذا الكتاب يشتمل على شيء من أخبار بلادهم، وإنما هو مشتمل على أخبار بلادنا، لا حاجة لنا فيه فردّه. قال الحميدي: وشعره كثير مجموع، رأيت منه نيفا وعشرين جزءا من جملة ما جمع للحكم بن عبد الرحمن الملقب بالناصر الأموي سلطان المغرب، وبعضها بخطه. قال: وكانت لأبي عمر بالعلم جلالة وبالأدب رياسة وشهرة، مع ديانته وصيانته، واتفقت له أيام ولايات للعلم فيها نفاق، فتسوّد بعد الخمول وأثرى بعد فقر، وأشير بالتفضيل إليه، إلا أنه غلب عليه الشعر. ومن شعره وكان بعض من يألفه قد أزمع على الرحيل في غداة عيّنها، فأتت السماء في تلك الغداة بمطر جود منعته من الرحيل، فكتب إليه أبو عمر ابن عبد ربه [1] : هلا ابتكرت لبين أنت مبتكر ... هيهات يأبى عليك الله والقدر ما زلت أبكي حذار البين ملتهفا ... حتى رثى لي فيك الريح والمطر يا برده من حيا مزن على كبد ... نيرانها بغليل الشوق تستعر آليت ألّا أرى شمسا ولا قمرا ... حتى أراك فأنت الشمس والقمر   [1] انظرها أيضا في المطرب: 154 والمطمح: 58 والنفح 3: 447. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 464 ومن شعره السائر [1] : الجسم في بلد والروح في بلد ... يا وحشة الروح بل يا غربة الجسد إن تبك عيناك لي يا من كلفت به ... من رحمة فهما سهماك في كبدي قال: ووقف ابن عبد ربه تحت روشن لبعض الرؤساء فرشّ بماء وكان فيه غناء حسن ولم يعرف فقال [2] : [يا من يضنّ بصوت الطائر الغرد ... ما كنت أحسب هذا البخل في أحد] لو أن أسماع أهل الأرض قاطبة ... أصغت إلى الصوت لم ينقص ولم يزد فلا تضنّ على سمعي تقلده ... صوتا يجول مجال الروح في الجسد لو كان زرياب حيا ثم أسمعه ... لذاب من حسد أو مات من كمد أما النبيذ فإني لست أشربه ... ولست آتيك إلا كسرتي بيدي وزرياب عندهم يجري مجرى إسحاق بن إبراهيم الموصلي في صنعة الغناء ومعرفته، وله أصوات مدونة ألفت الكتب فيها وضربت به الأمثال. قال: ولأبي عمر أيضا أشعار كثيرة سماها «الممحصات» وذلك أنه نقض كلّ قطعة قالها في الصبا والغزل بقطعة في المواعظ والزهد، وأرى أن من ذلك قوله [3] : إلا إنما الدنيا غضارة أيكة ... إذا اخضرّ منها جانب جفّ جانب هي الدار ما الآمال إلا فجائع ... عليها ولا اللذات الا مصائب وكم سخنت بالأمس عين قريرة ... وقرّت عيون دمعها الآن ساكب فلا تكتحل عيناك منها بعبرة ... على ذاهب منها فإنك ذاهب ومن شعره وهو آخر شعر قاله فيما قيل: بليت وأبلتني الليالي بكرّها ... وصرفان للأيام معتوران وما بي لا أبكي لسبعين حجة ... وعشر أتت من بعدها سنتان وقد أجاز لي رواية كتابه الموسوم ب «العقد» الحافظ ذو النسبين، بني دحية   [1] المطمح: 59 والمطرب: 153 والنفح 7: 51. [2] المطرب: 152- 153 والمطمح: 58. [3] العقد 3: 175 والمطرب: 155. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 465 والحسين، أبو الخطاب عمر بن الحسن المعروف بابن دحية المغربي السبتي [1] ، فإنه رواه عن شيخه أبي محمد عبد الحق بن عبد الملك بن بونه العبدي، عن شيخه أبي عبد الله محمد بن معمر، عن شيخه أبي بكر محمد بن هشام المصحفي، عن أبيه، عن زكريا بن بكير بن الأشجّ عن المصنف. وقسم كتاب العقد على خمسة وعشرين كتابا، كل كتاب منها جزءان، فذلك خمسون جزءا في خمسة وعشرين كتابا، كلّ كتاب باسم جوهرة من جواهر العقد، فأولها كتاب اللؤلؤة في السلطان، ثم كتاب الفريدة في الحروب، ثم كتاب الزبرجدة في الأجواد، ثم كتاب الجمانة في الوفود، ثم كتاب المرجانة في مخاطبة الملوك، ثم كتاب الياقوتة في العلم والأدب، ثم كتاب الجوهرة في الأمثال، ثم كتاب الزمردة في المواعظ، ثم كتاب الدرّة في التعازي والمراثي، ثم كتاب اليتيمة في الأنساب، ثم كتاب العسجدة في كلام الأعراب، ثم كتاب المجنبة في الأجوبة، ثم كتاب الواسطة في الخطب، ثم كتاب المجنبة الثانية في التوقيعات والفصول والصدور وأخبار الكتبة، ثم كتاب العسجدة الثانية في الخلفاء وأيامهم، ثم اليتيمة الثانية في أخبار زياد والحجاج والطالبيين والبرامكة، ثم الدرة الثانية في أيام العرب ووقائعهم، ثم الزمردة الثانية في فضائل الشعر ومقاطعه ومخارجه، ثم الجوهرة الثانية في أعاريض الشعر وعلل القوافي، ثم الياقوتة الثانية في (علم) الألحان واختلاف الناس فيه، ثم المرجانة الثانية في النساء وصفاتهن، ثم الجمانة الثانية في المتنبئين والممرورين والطفيليين، ثم الزبرجدة الثانية في التحف والهدايا والنتف والمفاكهات والملح، ثم الفريدة الثانية في الهيئات والبنايين والطعام والشراب، ثم اللؤلؤة الثانية في طبائع الانسان وسائر الحيوان وتفاضل البلدان [2] . وهو آخر الكتاب. ومن شعر ابن عبد ربه [3] : ودّعتني بزورة [4] واعتناق ... ثم نادت متى يكون التلاقي   [1] هو مؤلف كتاب المطرب، انظر ترجمته في وفيات الأعيان 3: 448. [2] هذه التقسيمات غير متفقة تماما والعقد المطبوع. [3] العقد 5: 412 والمطمح: 52 وابن خلكان 1: 92 والنفح 5: 599. [4] ر: بزفرة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 466 وبدت لي فأشرق الصبح منها ... بين تلك الجيوب والأطواق يا سقيم الجفون من غير سقم ... بين عينيك مصرع العشاق إن يوم الفراق أفظع يوم ... ليتني متّ قبل يوم الفراق ومن شعره أيضا [1] : يا ذا الذي خطّ الجمال بخدّه ... خطين هاجا لوعة وبلا بلا ما صحّ عندي أن لحظك صارم ... حتى لبست بعارضيك حمائلا قال [2] : أخبرني بعض العلية أن الخطيب أبا الوليد ابن عسال [3] حجّ فلما انصرف، تطلّع إلى لقاء المتنبي واستشرف، ورأى أن لقيته فائدة يكتسبها، وجملة فخر لا يحتسبها، فصار إليه فوجده في مسجد عمرو بن العاص ففاوضه قليلا ثم قال: ألا انشدني لمليح الاندلس- يعني ابن عبد ربه- فأنشده [4] : يا لؤلؤا يسبي العقول أنيقا ... ورشا بتقطيع القلوب رفيقا ما إن رأيت ولا سمعت بمثله ... درّا يعود من الحياء عقيقا وإذا نظرت إلى محاسن وجهه ... أبصرت وجهك في سناه غريقا يا من تقطّع خصره من رقة ... ما بال قلبك لا يكون رقيقا فلما أكمل إنشاده استعادها منه، ثم صفق بيديه وقال: يا ابن عبد ربه لقد يأتيك العراق حبوا. ثم ان ابن عبد ربه أقلع في آخر عمره عن صبوته وأخلص لله في توبته، فاعتبر أشعاره التي قالها في الغزل واللهو، وعمل على أعاريضها وقوافيها في الزهد، وسماها «الممحصات» فمنها القطعة التي أولها: هلا ابتكرت لبين انت مبتكر   [1] المطمح: 52 وابن خلكان 1: 92 والنفح 3: 565. [2] المطمح: 52 وفيه الأبيات. [3] ر: عباد. [4] العقد 5: 399. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 467 محّصها بقوله [1] : يا قادرا ليس يعفو حين يقتدر ... ماذا الذي بعد شيب الرأس تنتظر عاين بقلبك إنّ العين غافلة ... عن الحقيقة واعلم أنها سقر سوداء تزفر من غيظ إذا سعرت ... للظالمين فما تبقي ولا تذر لو لم يكن لك غير الموت موعظة ... لكان فيه عن اللذات مزدجر أنت المقول له ما قلت مبتدئا ... «هلا ابتكرت لبين أنت مبتكر» - 160- أحمد بن محمد بن إسماعيل النحاس أبو جعفر : من أهل مصر، رحل إلى بغداد فأخذ عن المبرد والأخفش علي بن سليمان ونفطويه والزجاج وغيرهم، ثم عاد إلى مصر فأقام بها إلى أن مات بها فيما ذكره أبو بكر الزبيدي في كتابه في سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة. وأبو جعفر هذا صاحب الفضل الشائع، والعلم المتعارف الذائع، يستغني بشهرته عن الاطناب في صفته. قال الزبيدي [2] : ولم يكن له مشاهدة فإذا خلا بقلمه جوّد وأحسن، وكان لا ينكر أن يسأل أهل النظر والفقه ويفاتشهم عما أشكل عليه في تصانيفه. قال الزبيدي: فحدثني قاضي القضاة بالاندلس وهو المنذر بن سعيد البلوطي قال: أتيت ابن النحاس في مجلسه فألفيته يملي في أخبار الشعراء شعر قيس بن معاذ المجنون حيث يقول: خليليّ هل بالشام عين حزينة ... تبكّي على نجد لعلي أعينها   [160]- ترجمة ابن النحاس في طبقات الزبيدي: 220- 221 وإنباه الرواة 1: 101 والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد: 72 وابن خلكان 1: 82 وعبر الذهبي 2: 246 وسير الذهبي 15: 401 والشذرات 2: 346 والوافي 7: 362 وبغية الوعاة 1: 362. [1] المطرب: 154 والمطمح: 61 والنفح 7: 53. [2] نقله في المستفاد: 73 قائلا: ذكره أبو عبد الله الزبيدي المغربي في كتابه أخبار أهل الأدب؛ وهو موهم لأن النقل عن طبقات الزبيدي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 468 قد اسلمها الباكون إلا حمامة ... مطوقة باتت وبات قرينها تجاوبها أخرى على خيزرانة ... يكاد يدنّيها من الأرض لينها فقلت: يا أبا جعفر ماذا أعزك الله باتا يصنعان، فقال لي: وكيف تقوله أنت يا أندلسي؟ فقلت: بانت وبان قرينها، فسكت وما زال يستثقلني بعد ذلك حتى منعني «كتاب العين» وكنت ذهبت إلى الانتساخ من نسخته، فلما قطع بي قيل لي: [أين] أنت عن أبي العباس ابن ولاد؟ فقصدته فلقيت رجلا كامل العلم حسن المروءة، فسألته الكتاب فأخرجه إليّ، ثم تندم أبو جعفر لما بلغه إباحة أبي العباس الكتاب لي، وعاد إلى ما كنت أعرفه منه. قال: وكان أبو جعفر لئيم النفس شديد التقتير على نفسه، وكان ربما وهبت له العمامة فيقطعها ثلاث عمائم، وكان يأبى شرى حوائجه بنفسه، ويتحامل فيها على أهل معرفته. وصنف كتبا حسانا مفيدة منها: كتاب الانوار. كتاب الاشتقاق لأسماء الله عز وجل. كتاب معاني القرآن. كتاب اختلاف الكوفيين والبصريين، سماه المقنع. كتاب أخبار الشعراء. كتاب أدب الكتاب. كتاب الناسخ والمنسوخ [1] . كتاب الكافي في النحو. كتاب صناعة الكتاب. كتاب إعراب القرآن. كتاب شرح السبع [2] الطوال. كتاب شرح أبيات سيبويه [3] . كتاب الاشتقاق. كتاب معاني الشعر. كتاب التفاحة في النحو. كتاب أدب الملوك. وسمعت من يحكي أن تصانيفه تزيد على الخمسين مصنفا [4] . وقد ذكر أبو عبد الله الحميدي القاضي المذكور في قصة ابن النحاس [5] ، وقال: هو أبو الحكم المنذر بن سعيد يعرف بالبلوطي ينسب إلى موضع هناك قريب من   [1] طبع بمصر: 1323. [2] كذا وهو شرح التسع كما نشر بتحقيق أحمد خطاب (بغداد 1973) . [3] حققه زهير زاهد (بيروت 1986) . [4] طبع له كتاب الوقف والائتناف (بغداد 1978) . [5] الجذوة: 326، والقاضي البلوطي المنذر بن سعيد تتردد ترجمته في المصادر الأندلسية والمشرقية انظر أيضا: ابن الفرضي 2: 142 وقضاة الخشني: 175 والمرقبة العليا: 66 والمطمح: 37 وطبقات الزبيدي: 319 وأزهار الرياض 2: 272 ونفح الطيب 2: 16 (وفي حاشيته ذكر لمصادر أخرى) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 469 قرطبة يقال له فحص البلوط، ولي قضاء الجماعة بقرطبة في حياة الحكم المستنصر، وذكر له قصة استحسنتها فأثبتها هاهنا إذ لم أجعل له ترجمة [1] لأنه لم يذكره بالتصنيف في الأدب فقال: كان الحكم المستنصر مشغوفا بأبي علي القالي يؤهله لكلّ مهمّ في بابه، فلما ورد رسول ملك الروم أمره عند دخول الرسول الحضرة أن يقوم خطيبا بما كانت العادة جارية به، فلما كان في ذلك الوقت وشاهد أبو علي الجمع وعاين الحفل جبن ولم تحمله رجلاه ولا ساعده لسانه، وفطن له أبو الحكم منذر بن سعيد القاضي، فوثب وقام مقامه وارتجل خطبة بليغة على غير أهبة، وأنشد لنفسه في آخرها: هذا المقال الذي ما عابه فند ... لكنّ صاحبه أزرى به البلد لو كنت فيهم غريبا كنت مطّرفا ... لكنني منهم فاغتالني النكد لولا الخلافة أبقى الله بهجتها ... ما كنت أبقى بأرض ما بها أحد واتفق الجمع على استحسانه وجمال استدراكه، وصلّب العلج وقال: هذا كبش رجال الدولة، ثم ذكر قصته مع ابن النحاس بعينها. - 161- أحمد بن محمد بن حمادة أبو الحسن الكاتب : حسن الأدب، من أفاضل الكتاب، صنف الكتب ولقي الأدباء وله: كتاب امتحان الكتاب وديوان ذوي الالباب. كتاب شحذ الفطنة. كتاب الرسائل، ذكره محمد بن إسحاق. - 162- أحمد بن محمد بن عبد الله بن هارون أبو الحسين : أظنه من عسكر مكرم لأنه اعتنى بشرح مختصر محمد بن علي بن إسماعيل المبرمان، ثم قرأت في بعض المجموعات: تقدّم رجلان إلى القاضي أبي أحمد ابن أبي علان رحمه الله، فادّعى   [161]- ترجمته في الفهرست: 144- 145 والوافي 7: 388. [162]- الوافي 8: 29 وبغية الوعاة 1: 368. [1] تأمل هذا؛ فإن له ترجمة برقم: 1160. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 470 أحدهما على الآخر شيئا، فقال المدّعى عليه: ما له عندي حق، فقال القاضي: من هذا؟ فقالوا: ابن هارون النحويّ العسكري، فقال القاضي: فاعطه ما أقررت له به [1] . له شرح كتاب التلقين رأيته وسمّاه «البارع» وكتاب شرح العيون. وكتاب شرح المجاري. رأيت كتاب شرح التلقين بخطه وقد كتبه في رجب سنة تسع وستين وثلاثمائة. - 163- أحمد بن محمد بن أحمد بن نصر بن ميمون بن مروان بن الأسلمي الكفيف النحوي أبو عمرو : قال ابن الفرضي هو من أهل قرطبة، ويقال له إشكابة، سمع من قاسم بن أصبغ ومحمد بن محمد الخشني وغيرهما، وكان صالحا عفيفا، أدب عند الرؤساء والجلة من الملوك، ومات لأحدى عشرة ليلة خلت من شوّال سنة تسعين وثلاثمائة. - 164- أحمد بن محمد بن أحمد أبو الحسن العروضي معلم أولاد الراضي بالله: وجدت على كتابه في العروض بخطه: وقد قرىء عليه في سنة ست وثلاثين وثلاثمائة، وكان إماما في علم العروض، حتى قال أبو علي الفارسي في بعض كتبه وقد احتاج إلى الاستشهاد ببيت قد تكلم عليه في التقطيع: وقد كفانا أبو الحسن العروضي الكلام في هذا الباب. ولقي أبو الحسن ثعلبا وأخذ عنه، وروى عنه أبو عبيد الله محمد بن عمران المرزباني.   [163]- تاريخ ابن الفرضي 1: 72 والوافي 7: 329 ونكت الهميان: 114 وبغية الوعاة 1: 358. [164]- تاريخ بغداد 5: 140 (وذكر أن وفاته سنة 342) والوافي 7: 328. [1] يريد أن «ما» هنا ليست نافية، بل المعنى «الذي له عندي حق» ، ويرى الأستاذ النشاشيبي أنه جاء بها عامية أي «ماله» عندي حق، وما دام نحويا فهو يؤخذ بلفظه، إذ ليس يحمل كلامه على اللحن، قلت: وذلك وجه جيد في التخريج. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 471 نقلت من كتاب ألفه أبو القاسم عبيد الله بن جرو الأسدي في العروض، وكان الكتاب بخطّ أبي الحسن السمسماني، يقول فيه: وكان أبو الحسن ابن أحمد العروضي عمل كتابا كبيرا وحشاه بما قد ذكر أكثره، ونقل كلام أبي إسحاق الزجاج وزاد فيه شيئا قليلا، وضمّ إليه بابا في علم القوافي، وذاك علم مفرد مثل علم العروض، وفيه مسائل لطيفة واختلاف كثير يحتاج إلى كشف واستقصاء نظر، ولم أره كبير عمل، ولو نسخ كتاب أبي الحسن الأخفش في القوافي لكان أعذر عندي. ثم ضمّ إليه بابا في استخراج المعمّى وهذا لا يتعلق بالعروض، وضمّ إليه بابا في الايقاع ونسبه، وغيره به أحذق، وختمه بقصيدة في العروض ولم يفد بها غير التكرير، وكان ينبغي أن يوفّي صناعته حقها ولا يخلّ بشيء منها ثم [لا] يتعرض لما قد ضمه إليها. - 165- أحمد بن محمد التاريخي الرعيني الاندلسي : قال الحميدي: عالم بالأخبار ألف في مآثر المغرب كتبا جمة، منها كتاب ضخم ذكر فيه مسالك الأندلس ومراسيها وأمهات مدنها وأجنادها الستة وخواصّ كلّ بلد منها، ذكره أبو محمد علي بن أحمد [1] وأثنى عليه. - 166- أحمد بن محمد بن موسى بن بشير بن حماد [2] بن لقيط الرازي الأندلسي :   [165]- جذوة المقتبس: 96 (وبغية الملتمس رقم: 329) وقد ترجم الحميدي لاثنين أحدهما هو أحمد بن محمد الرعيني (رقم: 173) والثاني هو أحمد بن محمد التاريخي، فهل خلط ياقوت بينهما في ترجمة واحدة؛ وانظر أيضا الوافي 7: 402، والترجمة التالية (رقم: 166) فلعل الترجمتين لشخص واحد. [166]- طبقات الزبيدي: 302 وجذوة المقتبس: 97 وإنباه الرواة 1: 136 والوافي 8: 131 وبغية الوعاة 1: 385. [1] في م: ذكره ابن جرير (وهو مصحف عن ابن حزم) . [2] في م: جناد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 472 أصله من الري، ذكره أبو نصر الحميدي قال: له كتاب في أخبار ملوك الأندلس وكتابهم وخططها [1] على نحو كتاب أحمد بن أبي طاهر في أخبار بغداد. وكتاب في أنساب مشاهير أهل الأندلس في خمس مجلدات ضخم من أحسن كتاب وأوسعه. كتاب تاريخه الأوسط. كتاب تاريخه الأصغر. كتاب مشاهير أهل الأندلس في خمسة أسفار من جيد كتبه. وقال ابن الفرضي: أصله رازي قدم أبوه على الإمام محمد، وكان أبوه من أهل اللسن والخطابة، وولد أحمد هذا بالأندلس يوم الاثنين عاشر ذي الحجة سنة أربع وسبعين ومائتين ومات لاثنتي عشرة ليلة خلت من رجب سنة أربع وأربعين وثلاثمائة. - 167- أحمد بن محمد بن فرج الجياني الاندلسي : أبو عمر، وقد ينسب إلى جده فيقال أحمد بن فرج، وكذلك أخوه. وهو وافر الأدب كثير الشعر معدود في العلماء والشعراء، وله الكتاب المعروف «بكتاب الحدائق» ألفه للحكم المستنصر، عارض فيه «كتاب الزهرة» لابن داود الأصبهاني، إلا أن ابن داود ذكر مائة باب في كل باب مائة بيت، وأبو عمر ذكر مائتي باب في كل باب مائتي [2] بيت ليس منها باب تكرر اسمه لأبي بكر، ولم يورد فيه لغير الاندلسيين شيئا، وأحسن الاختيار ما شاء. وله أيضا «كتاب المنتزين والقائمين بالأندلس وأخبارهم» . وكان الحكم قد سجنه لأمر   [167]- ترجمة ابن فرج صاحب كتاب الحدائق في المطمح: 79 والصلة 1: 12 واليتيمة 1: 368 والمغرب لابن سعيد 2: 56 والوافي 8: 77 ومسالك الأبصار 11: 195 (وياقوت يعتمد في الترجمة على جذوة المقتبس: 97 أو بغية الملتمس رقم: 331) . وانظر رسالة ابن حزم في فضل الأندلس (رسائل 2: 183) . [1] في الجذوة: له في أخبار ملوك الأندلس وخدمتهم وركبانهم وغزواتهم كتاب كبير. وألف في صفة قرطبة وخططها ومنازل العظماء بها كتابا ... (فهما كتابان لا واحد) والحميدي ينقل عن رسالة ابن حزم في فضل الأندلس (رسائل ابن حزم 2: 183) وقد جاء فيها: تواريخ الرازي في ملوك الأندلس وخدمتهم وغزواتهم ونكباتهم وكتاب في صفة قرطبة ... الخ. [2] في م ورسائل ابن حزم: مائة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 473 نقمه عليه، قال الحميدي: وأظنه مات في سجنه. وله في السجن أشعار كثيرة مشهورة، منها: ما سمعنا سقما يداوى بسقم ... غير ما في جفون ليلى وجسمي ناضلتني يوم الكثيب ولكن ... أين من وقع سهمها وقع سهمي لي منها حظّا عتاب وإعتا ... ب هما معنيا سروري وهمي - 168- أحمد بن محمد بن سعيد بن عبيد الله بن أحمد بن سعيد بن أبي مريم، أبو بكر القرشي الوراق، وراق ابي الحسن أحمد بن عمير بن جوصا الحافظ الدمشقي : ويعرف بابن فطيس، قال ابن عساكر في «تاريخ دمشق» : ومات في شوّال سنة خمسين وثلاثمائة ومولده في رمضان سنة احدى وسبعين أو اثنتين وسبعين ومائتين وهو صاحب الخط الحسن المشهور، مولى جويرية بنت أبي سفيان. روى الحديث عن جماعة من أهل الشام. قال ابن عساكر [1] وقد ذكره عبد العزيز الكناني وقال: كان ثقة مأمونا يورّق للناس بدمشق، له خط حسن. قال المؤلف: وإنما ذكرناه لما اشترطنا في أول الكتاب من ذكر أرباب الخطوط المنسوبة، فذكرناه لما وصفه به ابن عساكر من جودة الخط، وأما أنا فلم أر من خطه شيئا.   [168]- ترجمة ابن فطيس في مصورة تاريخ ابن عساكر 2: 172 (وتهذيب ابن عساكر 2: 55 ومختصر ابن منظور 3: 262) والوافي 7: 403. [1] لم يرد هذا في مصورة ابن عساكر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 474 محتويات الجزء الأوّل الموضوع الصفحة مقدمة المحقق أ [مقدمة المؤلف] 5 [خطبة الكتاب] 5 الفصل الأول: في فضل الأدب وأهله وذم الجهل وحمله 16 فصل ثان: في فضيلة علم الأخبار 30 [تراجم] حرف الألف 35 1- آدم بن أحمد بن أسد الهروي 35 2- أبان بن تغلب بن رياح الجريري 38 3- أبان بن عثمان بن يحيى اللؤلؤي 39 4- ابراهيم بن أحمد بن توزون الطبري 39 5- ابراهيم بن أحمد بن الليث الأزدي 40 6- ابراهيم بن إسحاق الحربي 41 7- ابراهيم بن اسحاق اللغوي 51 8- ابراهيم بن اسماعيل ابن الأجدابي 51 9- ابراهيم بن السري بن سهل الزجاج 51 10- ابراهيم بن سعدان بن حمزة الشيباني 63 11- ابراهيم بن سعيد بن الطيب الرفاعي 65 12- ابراهيم بن سفيان الزيادي 67 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 475 13- ابراهيم بن سليمان بن عبد الله النهمي 68 14- ابراهيم بن صالح الوراق 69 15- ابراهيم بن أبي عباد اليمني 70 16- إبراهيم بن العباس الصولي 70 17- إبراهيم بن عبد الله النجيرمي 87 18- إبراهيم بن عبد الله الغزال 89 19- إبراهيم بن عبد الرحيم العروضي 89 20- إبراهيم بن عثمان ابن الوزان القيرواني 89 21- إبراهيم بن علي الفارسي 90 22- إبراهيم بن عقيل بن جيش ابن المكبري 91 23- إبراهيم بن الفضل الهاشمي 92 24- إبراهيم بن قطن المهري القيرواني 93 25- إبراهيم بن ماهويه الفارسي 93 26- إبراهيم بن محمد بن الحارث الفزاري 93 27- إبراهيم بن محمد بن سعدان بن المبارك 97 28- إبراهيم بن القاسم، الرقيق 97 29- إبراهيم بن محمد ابن المدبر 102 30- إبراهيم بن محمد بن سعيد الثقفي 104 31- إبراهيم بن محمد بن أبي عون 106 32- إبراهيم بن محمد نفطويه 114 33- إبراهيم بن محمد الكلابزي 122 34- ابراهيم بن محمد الزهري، ابن الافليلي 123 35- إبراهيم بن محمد بن محمد الشريف 125 36- إبراهيم بن محمد بن إبراهيم النسوي 127 37- إبراهيم بن مسعود بن حسان، الوجيه الصغير 127 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 476 38- إبراهيم بن محمد بن حيدر نظام الدين الخوارزمي 128 39- إبراهيم بن ممشاذ المتوكلي الأصبهاني 128 40- إبراهيم بن موسى الواسطي 131 41- إبراهيم بن هلال بن زهرون، أبو إسحاق الصابي 131 42- إبراهيم بن علي الحصري القيرواني 158 43- إبراهيم بن يحيى بن المبارك اليزيدي 160 44- الأثرم الفابجاني الأصبهاني 163 45- أحمد بن أبان بن سيد الأندلسي 164 46- أحمد بن إبراهيم ابن حمدون النديم 164 47- أحمد بن إبراهيم بن أبي عاصم اللؤلؤي 171 48- أحمد بن إبراهيم بن محمد الفارسي المقرىء 173 49- أحمد بن إبراهيم بن معلّى العمّي 174 50- أحمد بن إبراهيم الضبي، الكافي الأوحد 175 51- أحمد بن إبراهيم أبو رياش 181 52- أحمد بن إبراهيم الأديبي الخوارزمي 185 53- أحمد بن إبراهيم بن محمد السجزي 187 54- أحمد بن إبراهيم، ابن الجزار القيرواني 187 55- أحمد بن أحمد بن أخي الشافعي 188 56- أحمد بن اسحاق بن البهلول التنوخي 188 57- أحمد بن اسحاق يعرف بالجفر 199 58- أحمد بن اسماعيل بن سمكة 199 59- أحمد بن اسماعيل، نطّاحة 199 60- أحمد بن أبي الأسود القيرواني 201 61- أحمد بن أعثم الكوفي المؤرخ 202 62- أحمد بن بختيار بن علي الماندائي 202 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 477 63- أحمد بن أمية بن أبي أمية 203 64- أحمد بن بشر بن علي التجيبي 204 65- أحمد بن بكران بن الحسين الزجاج 204 66- أحمد بن بكر العبدي 204 67- أحمد بن أبي بكر الخاوراني 205 68- أحمد بن جعفر الدينوري 206 69- أحمد بن جعفر، جحظة 207 70- أحمد بن جميل بن الحسن 226 71- أحمد بن حاتم أبو نصر الباهلي 226 72- أحمد بن الحارث بن المبارك الخراز 228 73- أحمد بن الحسن بن اسماعيل السكوني 231 74- أحمد بن الحسين بن القاسم الفلكي 231 75- أحمد بن الحسن بن محمد الديناري 232 76- أحمد بن الحسين يعرف بابن شقير 232 77- أحمد بن الحسين بن مهران النيسابوري 233 78- أحمد بن الحسين، بديع الزمان الهمذاني 234 79- أحمد بن الحسين بن عبيد الله الغضاري 253 80- أحمد بن خالد أبو سعيد الضرير البغدادي 253 81- أحمد بن داود، أبو حنيفة الدينوري 258 82- أحمد بن رشيق الأندلسي 261 83- أحمد بن رضوان أبو الحسن النحوي 262 84- أحمد بن زهير أبي خيثمة النسائي 262 85- أحمد بن سعد أبو الحسين الكاتب 263 86- أحمد بن سعيد بن عبد الله الدمشقي 266 87- أحمد بن سعيد بن شاهين البصري 267 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 478 88- أحمد بن سعيد بن حزم الصدفي 268 89- أحمد بن سليمان الطوسي 269 90- أحمد بن سليمان بن وهب 269 91- أحمد بن سليمان المعبدي 273 92- أحمد بن سهل البلخي 274 93- أحمد بن الصنديد العراقي 282 94- أحمد بن أبي طاهر طيفور 282 95- أحمد بن الطيب السرخسي 287 96- أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم الزهري 292 97- أحمد بن عبد الله بن مسلم بن قتيبة 293 98- أحمد بن عبد الملك المعبدي 294 99- أحمد بن عبد الله بن أحمد الفرغاني 294 100- أحمد بن عبد الله بن بدر القرطبي 295 101- أحمد بن عبد الله بن سليمان، أبو العلاء المعري 295 102- أحمد بن عبد الرحمن بن نخيل الحميري 356 103- أحمد بن عبد الله المهاباذي 357 104- أحمد بن عبد السيد، ابن الأشقر 357 105- أحمد بن عبد الملك ابن شهيد 358 106- أحمد بن عبد الملك بن علي النيسابوري 359 107- أحمد بن عبد الوهاب بن هبة الله، مؤدب الخلفاء 360 108- أحمد بن عبيد بن ناصح بن بلنجر 361 109- أحمد بن عبيد الله، ابن عمار حمار العزير 364 110- أحمد بن عبد الله الكلوذاني، ابن قرعة 368 111- أحمد بن عبيد الله بن الحسن بن شقير 368 112- أحمد بن علي بن يحيى المنجم 369 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 479 113- أحمد بن علي الميموني البرزندي 369 114- أحمد بن علي بن وصيف، ابن خشكنانجة 369 115- أحمد بن علي القاساني، ابن لوه 370 116- أحمد بن علي بن هارون المنجم 372 117- أحمد بن علي أبو الحسن البتي 373 118- أحمد بن علي بن محمد، ابن الشرابي 380 119- أحمد بن علي بن خيران، ولي الدولة 380 120- أحمد بن علي، أبو بكر الخطيب 384 121- أحمد بن علي بن قدامة، قاضي الأنبار 396 122- أحمد بن علي بن عمر بن سوار 396 123- أحمد بن علي بن مخلد البيادي 398 124- أحمد بن علي بن محمد البيهقي، بوجعفرك 398 125- أحمد بن علي، ابن الزبير الأسواني 399 126- أحمد بن علي الصفاري الخوارزمي 405 127- أحمد بن علي بن المعمر، أبو عبد الله النقيب 406 127 ب- أحمد بن علي بن علويه الأصبهاني 407 128- أحمد بن عمر البصري 409 129- أحمد بن عمران بن سلامة الألهاني 409 130- أحمد بن فارس بن زكريا 410 131- أحمد بن الفضل بن شبانة الهمذاني 418 132- أحمد بن الفضل بن محمد الباطرقاني 419 133- أحمد بن كامل بن شجرة 420 134- أحمد بن كليب النحوي 422 135- أحمد المحرر، يعرف بالأحول 429 136- أحمد بن محمد بن حميد العدوي الجهمي 430 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 480 137- أحمد بن محمد بن خالد البرقي 431 138- أحمد بن محمد بن يوسف الأصبهاني 432 139- أحمد بن محمد بن أبي محمد اليزيدي 434 140- أحمد بن محمد بن عبد الكريم 436 141- أحمد بن محمد بن ثوابة 436 142- أحمد بن علي بن المأمون 448 143- أحمد بن أبي عمر المقرىء الأندرابي 453 144- أحمد بن محمد بن بشر المرثدي 453 145- أحمد بن محمد بن عاصم الحلواني 454 146- أحمد بن محمد ابن بنت الشافعي 454 147- أحمد بن محمد بن سليمان 455 148- أحمد بن محمد المهلبي 455 149- أحمد بن محمد بن نصر الجيهاني 455 150- أحمد بن محمد بن يزداد الطبري 457 151- أحمد بن محمد بن عبد الله، صاحب ثعلب 457 152- أحمد بن محمد جراب الدولة 459 153- أحمد بن محمد الهمذاني، ابن الفقيه 459 154- أحمد بن محمد، أبو العباس ابن ولاد 460 155- أحمد بن محمد البشتي الخارزنجي 461 156- أحمد بن محمد بن أبي خميصة الحرمي 462 157- أحمد بن محمد بن موسى 462 158- أحمد بن محمد بن عبد الله الزردي 463 159- أحمد بن محمد ابن عبد ربه الأندلسي 463 160- أحمد بن محمد، أبو جعفر النحاس 468 161- أحمد بن محمد بن حمادة 470 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 481 162- أحمد بن محمد بن عبد الله بن هارون 470 163- أحمد بن محمد بن أحمد الأسلمي 471 164- أحمد بن محمد بن أحمد العروضي 471 165- أحمد بن عبد محمد التاريخي 472 166- أحمد بن محمد بن موسى الرازي المؤرخ 472 167- أحمد بن محمد بن فرج الجياني 473 168- أحمد بن محمد بن سعيد وراق ابن جوصا 474 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 482 [ الجزء الثاني ] [ تتمة حرف الالف ] بسم الله الرحمن الرحيم* [- 169-] أحمد بن محمد بن الفضل بن جعفر بن محمد بن الجراح، أبوبكر الخزاز: سمع أبا بكر ابن دريد وأبا بكر ابن السراج وأبا بكر ابن الانباري وروى كثيرا من مصنفاتهم، ومات في سنة احدى وثمانين وثلاثمائة. ومكان ثقة حسن الأدب والخط والاتقان والضبط، فاضلا أديبا كثير الكتب، حسن الحال ظاهر الثروة. روى عنه القاضي أبو العلاء الواسطي والصيمري والتنوخي وأبو الحسين هلال بن المحسن وأولاد الصابىء كلهم كثيرا من كتب الأدب متصلة الرواية إلى الآن، وقد روى شيخنا تاج الدين أبو اليمن من طريقه عدة كتب أدبية. قال أبو القاسم التنوخي: سمعت ابن الجراح يقول: كتبي بعشرة آلاف درهم ودوابّي بعشرة آلاف درهم، [وسلامي بعشرة آلاف درهم] . قال التنوخي: وكان أحد الفرسان يلبس أداته ويركب فرسه ويخرج إلى الميدان ويطارد الفرسان. [- 170-] أحمد بن محمد بن أحمد بن الحسن بن سعيد ، أبو علي الاصبهاني المقرىء: سكن دمشق وصنف تصانيف في القراءات، وقرأ القرآن على أبي القاسم زيد بن علي بن أحمد بن أبي بلال الكوفي وأبي بكر النقاش وأبي العباس الحسن بن   [169]- تاريخ بغداد 5: 81 والوافي 8: 80. [170]- تاريخ ابن عساكر (ط) 7: 161 (مصورة 2: 88) وتهذيب ابن عساكر 1: 445 (ولم يرد في مختصر ابن منظور) وطبقات الجزري 1: 101 والوافي 7: 307. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 483 سعيد الفارسي وأبي عبد الله صالح بن مسلم بن عبيد الله المقرىء وأبي الفتح المظفر بن أحمد بن إبراهيم بن برهان، وسمع بدمشق أبا محمد عبد الله بن عطية وعبد الوهاب بن الحسن الكلابي والحسين بن علي [بن عبيد الله الرهاوي وروى عنه] أبو القاسم ابن الفرات وأبو نصر ابن الجبّان، ومات سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة بدمشق في شهر ربيع الآخر، وكان لجنازته مشهد عظيم. [- 171-] أحمد بن محمد بن هاشم بن خلف بن عمرو بن سعيد بن عثمان بن سلمان بن سليمان القيسي القرطبي الأعرج: يكنى أبا عمر، سمع محمد بن عمر بن لبابة وأسلم بن عبد العزيز وأحمد بن خالد، ومال إلى النحو وغلب عليه وأدب به، وكان وقورا مهيبا لا يقدم [أحد] عليه ولا عنده بالهزل «1» ، وكان يلقب بالقاضي لوقاره، مات سنة خمس وأربعين وثلاثمائة قال ابن الفرضي: ذكره محمد بن حسن «2» . [- 172-] أحمد بن محمد بن جعفر بن ثوابة ، يكنى أبا عبد الله: أحد البلغاء الفهماء وأرباب الاتساع في علم البلاغة، ولي ديوان الرسائل بعد أبيه محمد بن جعفر في سنة اثنتي عشرة وثلاثمائة في أيام المقتدر، ولم يزل على ديوان الرسائل إلى أن مات وهو متوليه في أيام معز الدولة في سنة تسع وأربعين وثلاثمائة، فولي ديوان الرسائل بعده أبو إسحاق الصابىء. حدث أبو الحسين علي بن هشام الكاتب قال، سمعت الوزير أبا الحسن علي بن عيسى يقول لأبي عبد الله أحمد بن محمد بن محمد «3» بن جعفر بن ثوابة: ما   [171]- طبقات الزبيدي: 299 وابن الفرضي 1: 55 والوافي 8: 93 وبغية الوعاة 1: 385. [172]- ترجمة ابن ثوابة في الوافي 7: 370. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 484 قال «أما بعد» أحد على وجه الأرض أكتب من جدك، وكان أبوك أكتب منه، وأنت أكتب من أبيك. قال أبو علي المحسن التنوخي: وقد رأيت أنا أبا عبد الله هذا في سنة تسع وأربعين «1» وإليه ديوان الرسائل، وكان نهاية في حسن الكلام والكتبة. [- 173-] أحمد بن محمد بن الفضل الأهوازي ، يعرف بابن كثير: صاحب بلاغة وفضل، ذكره محمد بن إسحاق النديم وقال: له من الكتب كتاب مناقب الكتّاب. [- 174-] أحمد بن محمد الافريقي المعروف بالمتيم أبو الحسن: أحد الأدباء الفضلاء الشعراء، له من التصانيف كتاب الشعراء الندماء. كتاب الانتصار المنبي عن فضل المتنبي، وغير ذلك، وله ديوان شعر كبير. قال الثعالبي: رأيته ببخارى شيخا رثّ الهيئة تلوح عليه سيماء الحرفة، وكان يتطبب وينجّم، فأما صناعته التي يعتمد عليها فالشعر، ومما أنشدني لنفسه: وفتية أدباء ما علمتهم ... شبهتهم بنجوم الليل إذ نجموا فرّوا إلى الراح من خطب يلمّ بهم ... فما درت نوب الأيام ابن هم قال وأنشدني أيضا لنفسه: تلوم على تركي الصلاة حليلتي ... فقلت اعزبي عن ناظري أنت طالق فو الله لا صلّيت لله مفلسا ... يصلّي له الشيخ الجليل وفائق لماذا أصلي ابن باعي ومنزلي ... وأين خيولي والحلى والمناطق أصلي ولا فتر من الارض تحتوي ... عليه يميني إنني لمنافق   [173]- ترجمة ابن كثير في الفهرست: 155. [174]- ترجمة المتيم في اليتيمة 4: 157 والوافي 8: 156 والفوات 1: 150 والزركشي: 62. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 485 بلى إن عليّ الله وسَّع لم أزل ... أصلّي له ما لاح في الجو بارق وله في تركي: قلبي أسير في يدي مقلة ... تركية ضاق لها صدري كأنها من ضيقها عروة ... ليس لها زرّ سوى السحر [- 175-] أحمد بن محمد بن إبراهيم بن الخطاب الخطابي أبو سليمان: من ولد زيد بن الخطاب أخي عمر بن الخطاب، كذا ذكر أبو عبيد الهروي وكان تلميذه، وأبو منصور الثعالبي وكان صديقه. مات الخطابي فيما ذكره عبد الرحمن بن عبد الجبار الفامي الهروي في «تاريخ هراة» من تصنيفه (وسماه حمدا) في سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة ومولده في رجب سنة تسع عشرة وثلاثمائة. نقلت من خط أبي سعد السمعاني قال: نقلت من خط الشيخ ابن عمر: توفي الامام أبو سليمان الخطابي ببست في رباط على شاطىء هندمند يوم السبت السادس عشر من شهر ربيع الآخر سنة ست وثمانين وثلاثمائة. وذكر أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزي في «كتاب المنتظم» أنه توفي سنة تسع وأربعين وثلاثمائة وهذا ليس بشيء. قال السمعاني: كان الخطابي حجّة صدوقا، رحل إلى العراق والحجاز، وجال في خراسان، وخرج إلى ما وراء النهر، وكان يتجر في ماله الحلال، وينفق على الصّلحاء من إخوانه. وقد ذكره الثالبي في «كتاب يتيمة الدهر» وقال: كان يشبّه في زماننا بأبي عبيد القاسم بن سلام.   [175]- ترجمة الخطابي في اليتيمة 4: 334 وإنباه الرواة 1: 125 والمنتظم 6: 367 وتذكرة الحفاظ: 1018 وسير الذهبي 17: 23 والعبر 3: 39 والبداية والنهاية 11: 236 وطبقات السبكي 3: 282 والوافي 7: 317 والشذرات 3: 127 وخزانة الأدب 1: 282 وبغية الوعاة 1: 546 (حمد) والأنساب (الخطابي) والنجوم الزاهرة 4: 199 (ويعتمد ياقوت على السمعاني والثعالبي والمنتظم وشرح مقدمة السنن للسلفي وتاريخ نيسابور للحاكم وغير ذلك) وسيترجم له ياقوت باسم «حمد» رقم: 428. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 486 وذكره الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السلفي في «شرح مقدمة كتاب معالم السنن» له فقال: وذكر الجمّ الغفير والعدد الكثير أن اسمه حمد، وهو الصواب وعليه الاعتماد. قال المؤلف: وإنما ذكرته أنا في هذا الباب لأن الثعالبي وأبا عبيد الهروي وكانا معاصريه وتلميذيه سمياه أحمد «1» وقد سماه الحاكم ابن البيّع في «كتاب نيسابور» حمدا، وجعله في باب من اسمه حمد؛ وذكر أبو سعد السمعاني في «كتاب مرو» : سئل أبو سليمان عن اسمه فقال: اسمي الذي سمّيت به حمد، لكنّ الناس كتبوه أحمد، فتركته عليه. قال: ورثاه أبو بكر عبد الله بن إبراهيم الحنبلي ببست في شعر فسماه حمدا فقال: وقد كان حمدا كاسمه حمد الورى ... شمائل فيها للثناء ممادح خلائق ما فيها معاب لعائب ... إذا ذكرت يوما فهن مدائح تغمّده الله الكريم بعفوه ... ورحمته والله عاف وصافح ولا زال ريحان الإله وروحه ... قرى روحه ما حنّ في الأيك صادح قال: وقد أخذ العلم عن كثير من أهله، ورحل في طلب الحديث، وطوّف وألف في فنون من العلم وصنّف، وأخذ الفقه عن أبي بكر القفال الشاشي وأبي علي ابن أبي هريرة ونظرائهما من فقهاء أصحاب الشافعي. ومن تصانيفه: كتاب معالم السنن في شرح كتاب السنن لابي داود. كتاب غريب الحديث «2» ذكر فيه ما لم يذكره أبو عبيد ولا ابن قتيبة في كتابيهما، وهو كتاب ممتع مفيد، رواه عنه أبو الحسين عبد الغافر بن محمد بن عبد الغافر الفارسي ثم النيسابوري. كتاب تفسير أسامي الرب عزّ وجل. شرح الأدعية المأثورة. كتاب شرح البخاري. كتاب العزلة «3» . كتاب إصلاح الغلط. كتاب العروس. كتاب أعلام الجزء: 2 ¦ الصفحة: 487 الحديث. كتاب الغنية عن الكلام. كتاب شرح دعوات لابن خزيمة. ومن شيوخ الخطابي في الأدب وغيره إسماعيل الصفار وأبو عمر الزاهد وأبو العباس الأصم وأحمد بن سليمان النجار وأبو عمرو السماك ومكرم القاضي وجعفر الخلدي، كل هؤلاء بغداديون، وبها كتب عنهم، سوى الأصم فإنه نيسابوري عالي الاسناد جدا، وروى عنه خلق منهم عبد بن أحمد بن عفير الهروي وأبو مسعود الحسن بن محمد الكرابيسي البستي، روى عنه ببست، وأبو بكر محمد بن الحسن المقرىء، روى عنه بغزنة، وأبو الحسن علي بن الحسن الفقيه السجزي، روى عنه بسجستان، وأبو عبد الله محمد بن علي بن عبد الله «1» الفسوي، روى عنه بفارس، وآخرون. وقد روى عنه الامام الفقيه أبو حامد الاسفرايني فقيه العراق والحاكم أبو عبد الله محمد بن البيع النيسابوري، روى عنه بخراسان. وقد حدث عنه أبو عبيد الهروي في «كتاب الغريبين» . وأنشد أبو منصور عبد الملك بن محمد الثعالبي لأبي سليمان الخطابي في «اليتيمة» «2» أشعارا منها: وما غربة الانسان في شقّة النوى ... ولكنّها والله في عدم الشكل وإني غريب بين بست وأهلها ... وإن كان فيها أسرتي وبها أهلي ولأبي منصور الثعالبي في الخطابي شعر منه: أبا سليمان سر في الأرض أو فأقم ... فأنت عندي دنا مثواك أو شطنا ما أنت غيري فأخشى أن تفارقني ... فديت روحك بل روحي فأنت أنا نقلت من خط أبي سعد السمعاني أنبأنا اسماعيل بن أحمد الحافظ أنبأنا أبو القاسم سعد بن علي بن محمد الريحاني إذنا أنبأنا أبو سعد «3» الخليل بن محمد الخطيب قال: كنت مع أبي سليمان الخطابي فرأى طائرا على شجرة، فوقف ساعة يستمع ثم أنشأ يقول: يا ليتني كنت ذاك الطائر الغردا ... من البرية منحازا ومنفردا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 488 في غصن بان زهته الريح تخفضه ... طورا وترفعه أفنانه صعدا خلو الهموم سوى حبّ تلمّسه ... في الترب أو نغبة يروي بها كبدا ما إن يؤرقه فكر لرزق غد ... ولا عليه حساب في المعاد غدا طوباك من طائر طوباك ويحك طب ... من كان مثلك في الدنيا فقد سعدا وحدث أبو بكر محمد بن علي بن الحسن بن البراغوثي اللغوي فيما ذكره السلفي قال: أنشدني أبو منصور الثعالبي بنيسابور للخطابي يقوله في الثعالبي: قلبي رهين بنيسابور عند أخ ... ما مثله حين تستقرى البلاد أخ له صحائف أخلاق مهذبة ... منها التقى والنهى والحلم ينتسخ قال أبو طاهر السلفي: وقلت أنا فيه في سنة خمسين وخمسمائة لشغفي بتآليفه، ورغبتي في تحصيل تصانيفه: ظنّ هذا الخطّاء في الخطابي ... شيخ أهل العلوم والآداب من على كتبه اعتماد ذوي الفضل ... ومن قوله كفصل الخطاب أن يحوز الفردوس اذ أتعب النفس ... لذي العرش غاية الاتعاب وتعنّى في الأخذ جدا وفي التصنيف ... من بعد رغبة في الثواب نضر الله وجهه من إمام ... ألمعيّ أتى بكلّ ثواب ولعمري قد فاز بالرّوح والريحان ... من غير شبهة وارتياب فلقد كان شمس متّبعي الشرع ... على الزائغين سوط عذاب وللسلفي فيه أشعار غير هذا في نهاية الضعف والسقط كما ترى «1» ، ومن شعره في اليتيمة «2» : الجزء: 2 ¦ الصفحة: 489 وليس اغترابي في سجستان أنني ... عدمت بها الإخوان والدار والأهلا ولكنني «1» ما لي بها من مشاكل ... وإن الغريب الفرد من يعدم الشكلا وله: شرّ السباع العوادي دونه وزر ... والناس شرهم ما دونه وزر كم معشر سلموا لم يؤذهم سبع ... وما ترى بشرا لم يؤذه بشر ومنه أيضا: ما دمت حيا فدار الناس كلّهم ... فإنما أنت في دار المداراة من يدر دارى ومن لم يدر سوف يرى ... عما قليل نديما للندامات ومنه أيضا: وقائل ورأى من حجبتي عجبا ... كم ذا التواري وأنت الدهر محجوب فقلت حلّت نجوم السعد «2» منذ بدا ... نجم المشيب ودين الله مطلوب فلذت من وجل بالاستتار عن الأبصار إنّ غريم الموت مرهوب ومنه أيضا: تغنّم سكون الحادثات فإنها ... وإن سكنت عما قليل تحرّك وبادر بأيام السلامة إنها ... رهون وهل للرّهن عندك مترك ومنه أيضا: تسامح ولا تستوف حقّك كلّه ... وأبق فلم يستقص قطّ كريم ولا تغل في شيء من الأمر واقتصد ... كلا طرفي قصد الأمور ذميم «3» وقال أبو القاسم الداودي الهروي، قال الثعالبي له في مرثية الخطابي رحمه الله: انظروا كيف تخمد الأنوار ... انظروا كيف تسقط الأقمار انظروا هكذا تزول الرواسي ... هكذا في الثرى تغيض البحار الجزء: 2 ¦ الصفحة: 490 [- 176-] أحمد بن محمد بن عبد الرحمن أبو عبيد الهروي الباشاني : المؤدب صاحب «كتاب غريبي القرآن والحديث» والسابق إلى الجمع بينهما في علمنا. قرأ على جماعة منهم أبو سليمان الخطابي وكان اعتماده وشيخه الذي يفتخر به أبا منصور محمد بن أحمد الأزهري صاحب كتاب «التهذيب في اللغة» . مات أبو عبيد هذا فيما ذكره المليحي سنة إحدى وأربعمائة في رجبها. روى عنه «كتاب الغريبين» أبو عمرو عبد الواحد بن أحمد المليحي وأبو بكر محمد بن إبراهيم بن أحمد الأردستاني، وله من الكتب: كتاب الغريبين. كتاب ولاة هراة. [- 177-] أحمد بن محمد بن عبد الله بن يوسف بن محمد بن مالك السهلي الأديب، أبو الفضل العروضيّ الصفّار الشافعي: ذكره عبد الغافر في «السياق» فقال: مات بعد سنة ست عشرة وأربعمائة ومولده سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة. وهو شيخ أهل الأدب في عصره، حدّث عن الأصم والكازرلي وأبي الفضل المزكي وأبي منصور الأزهري وأقرانهم، وتخرج به جماعة من الأئمة منهم علي بن أحمد الواحدي وغيره. وذكره أبو منصور الثعالبي فقال: إمام في الأدب، خنّق التسعين في خدمة الكتب، وأنفق عمره على مطالعة العلوم وتدريس مؤدبي نيسابور وإحراز الفضائل والمحاسن، وهو القائل في صباه:   [176]- نسبه عند ابن خلكان وغيره أحمد بن محمد بن محمد بن أبي عبيد (وفي م: أحمد بن محمد بن عبد الرحمن ... ) الهروي الباشاني (أو الفاشاني) نسبة إلى فاشان إحدى قرى هراة؛ واستدرك ابن خلكان بقوله: ورأيت على ظهر كتابه «الغريبين» أنه أحمد بن محمد بن عبد الرحمن، والله أعلم. انظر ابن خلكان 1: 95 وعبر الذهبي 3: 75 وطبقات السبكي 4: 84 والشذرات 3: 161 والوافي 8: 114 وروضات الجنات 1: 241. [177]- ترجمته في السياق (المنتخب 2) : 24 وتتمة اليتيمة 2: 23- 24. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 491 أوفى على الديوان بدر الدجى ... فسل نجوم السعد ما حظّه أخدّه أملح أم خطّه «1» ... ولحظه أفتن أم لفظه قال: وأنشدني لنفسه: لعزة الفضة المبرّه ... أودعها الله قلب صخره حتى إذا النار أخرجتها ... بألف كدّ وألف كرّه أودعها الله كفّ وغد ... أقسى من الصخر ألف مره [- 178-] أحمد بن محمد بن أحمد بن سلمة بن شرام الغساني: أحد النحاة المشهورين بالشام، صحب أبا القاسم الزجاجي وأخذ عنه وكتب تصانيفه، وكان جيد الخطّ والضبط صحيح الكتابة، وجدت خطّه في «كتاب أمالي الزجاجي» وقد فرغ من كتابتها في سنة ست وأربعين وثلاثمائة. ذكره أبو القاسم «2» فقال: أحمد بن محمد بن أحمد بن سلمة أبو بكر بن أبي العباس الغساني المعروف بابن شرّام النحوي، سمع أبا بكر الخرائطي وأبا الدحداح أحمد بن محمد بن إسماعيل التميمي وأبا الحسن أحمد بن جعفر بن محمد الصيدلاني وعبد الغافر بن سلامة الحمصي وأبا القاسم عبد الرحمن بن إسحاق الزجاجي وأبا بكر أحمد بن محمد بن سعيد بن عبيد الله بن فطيس والحسن بن حبيب الحظائري «3» وأبا الطيب أحمد بن إبراهيم بن عبادل الشيباني وإبراهيم بن محمد بن أبي ثابت وأبا علي   [178]- ترجمة ابن شرام في إنباه الرواة 1: 104 (ابن سرام- بالسين المهملة) والوافي 7: 328 وبغية الوعاة 1: 357 ويعتمد ياقوت على تاريخ ابن عساكر (ط) 7: 162- 163 (تهذيب ابن عساكر 1: 445، وفيه بن أبي شرام) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 492 محمد بن القاسم بن أبي نصر. روى عنه رشأ بن نظيف وأبو بكر أحمد بن الحسن بن أحمد بن الطبال «1» وأبو الحسن الربعي وأبو نصر ابن الجبان. قال ابن الأكفاني: رأيت في كتاب عتيق: توفي أبو بكر ابن شرام يوم الثلاثاء لعشر خلون من شعبان سنة سبع وثمانين وثلاثمائة. [- 179-] أحمد بن محمد بن الحسن الخلال الوراق الأديب : صاحب الخط المليح الرائق، والضبط المتقن الفائق، أظنه ابن أبي الغنائم الأديب، وقد ذكرنا في باب علي بن محمد آخر ونراه أخا هذا، والله أعلم. وجدت بخطه على كتاب قد كتبه في سنة خمس وستين وثلاثمائة ... [- 180-] أحمد بن محمد بن يعقوب الملقب مسكويه ، أبو علي الخازن صاحب «التجارب» : مات فيما ذكره يحيى بن منده في تاسع صفر سنة إحدى وعشرين وأربعمائة. قال أبو حيان في: «كتاب الأمتاع» «2» وقد ذكر طائفة من متكلمي زمانه، ثم قال: وأما مسكويه ففقير بين أغنياء، وعييّ بين أبيناء، لأنه شاذ، وإنما أعطيته في هذه الأيام «صفو الشرح» لا يساغوجي وقاطيغورياس من تصنيف صديقنا بالريّ، قال الوزير: ومن هو؟ قلت: أبو القاسم الكاتب غلام أبي الحسن العامري، وصحّحه   [179]- لم أجد له ترجمة. [180]- ترجمة مسكويه في تتمة اليتيمة 1: 96 وتاريخ الحكماء: 331 وعيون الأنباء 1: 245 والوافي 8: 109 وروضات الجنات 1: 254. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 493 معي، وهو الآن لائذ بابن الخمار، وربما شاهد أبا سليمان المنطقي، وليس له فراغ لكنه محسّ في هذا الوقت للحسرة التي لحقته مما فاته من قبل، فقال: يا عجبا لرجل صحب ابن العميد أبا الفضل ورأى ما عنده، وهذا حظه، قلت: قد كان هذا، ولكنه كان مشغولا بطلب الكيمياء مع أبي الطيب الكيميائي الرازي، مملوك الهمة في طلبه والحرص على إصابته، مفتونا بكتب أبي زكريا وجابر بن حيان، ومع هذا كان إليه خدمة صاحبه في خزانة كتبه، هذا مع تقطيع الوقت في الحاجات الضرورية والشهوية، والعمر قصير، والساعات طائرة، والحركات دائمة، والفرص بروق تأتلق، والأوطار في عرضها تجتمع وتفترق، والنفوس على فوائتها تذوب وتحترق. ولقد قطن العامريّ الريّ خمس سنين ودرّس وأملى وصنّف وروى فما أخذ عنه مسكويه كلمة واحدة، ولا وعى مسألة، حتى كأنه كان بينه وبينه سد، ولقد تجرّع على هذا التواني الصاب والعلقم، ومضغ بفمه «1» حنظل الندامة في نفسه، وسمع بأذنه قوارع الملامة من أصدقائه حين لم ينفع ذلك كله، وبعد هذا فهو ذكيّ، حسن الشعر، نقيّ اللفظ، وإن بقي عساه أن يتوسّط هذا الحديث، وما أرى ذلك مع كلفه بالكيمياء، وإنفاق زمانه وكدّ بدنه وقلبه في خدمة السلطان، واحتراقه في البخل بالدانق والقيراط والكسرة والخرقة، نعوذ بالله من مدح الجود باللسان، وإيثار الشحّ بالفعل، وتمجيد الكرم بالقول ومفارقته بالعمل. قال أبو منصور الثعالبي «2» : كان في الذروة العليا من الفضل والأدب والبلاغة والشعر، وكان في ريعان شبابه متصلا بابن العميد مختصّا به، وفيه يقول: لا يعجبنّك حسن القصر تنزله ... فضيلة الشمس ليست في منازلها لو زيدت الشمس في أبراجها مائة ... ما زاد ذلك شيئا في فضائلها ثم تنقلت به أحوال جليلة في خدمة بني بويه والاختصاص ببهاء الدولة، وعظم شأنه وارتفع مقداره، فترفع عن خدمة الصاحب ولم ير نفسه دونه، ولم يخل من نوائب الدهر حتى قال ما هو متنازع بينه وبين نفر من الفضلاء: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 494 من عذيري من حادثات الزمان ... وجفاء الإخوان والخلان قال: وله قصيدة في عميد الملك تفنّن فيها، وهنأه باتفاق الأضحى والمهرجان في يوم، وشكا سوء أثر الهرم وبلوغه إلى أرذل العمر: قل للعميد عميد الملك والأدب ... اسعد بعيديك عيد الفرس والعرب هذا يشير بشرب ابن الغمام ضحى ... وذا يشير عشيا بابنة العنب خلائق خيّرت في كلّ صالحة ... فلو دعاها لغير الخير لم تجب أعدن شرخ شباب لست أذكره ... بعدا وردّت عليّ العمر من كثب فطاب لي هرمي والموت يلحظني ... لحظ المريب ولولا أنت لم يطب فإن تمرّس بي خصم تعصّب لي ... وإن أساء إليّ الدهر أحسن بي ومنها: وقد بلغت الى أقصى مدى عمري ... وكلّ غربي واستأنست بالنوب إذا تملأت من غيظ على زمني ... وجدتني نافخا في جذوة اللهب ومنها: وإن تمنيت عيش الدهر أجمعه ... وأن تعاين ما ولّى من الحقب فانظر إلى سير القوم الذين مضوا ... والحظ كتابتهم من باطن الكتب تجد تفاوتهم في الفضل مختلفا ... وإن تقاربت الأحوال في النسب هذا كتاج على رأس يعظّمه ... وذاك كالشعر الجافي على الذنب قال المؤلف: وكان مسكويه مجوسيا وأسلم، وكان عارفا بعلوم الأوائل معرفة جيدة، وله في ذلك: كتاب الفوز الأكبر. كتاب الفوز الأصغر. وصنف كتاب تجارب الأمم في التاريخ «1» ، ابتداؤه من بعد الطوفان وانتهاؤه إلى سنة تسع وستين وثلاثمائة. وله كتاب أنس الفريد، وهو مجموع يتضمن أخبارا وأشعارا وحكما وأمثالا غير مبوب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 495 وكتاب ترتيب العادات. وكتاب المستوفي أشعار مختارة. وكتاب الجامع. وكتاب جاوذان خرد «1» . وكتاب السير أجاده ذكر فيه ما يسير به الرجل نفسه من أمور دنياه، مزجه بالأثر والآية والحكمة والشعر «2» . وللبديع الهمذاني إلى أبي علي مسكويه يعتذر من شيء بلغه عنه بعد مودة كانت بينهما «3» : ويا عزّ إن واش وشى بي عندكم ... فلا تمهليه أن تقولي له مهلا كما لو وشى واش بعزة عندنا ... لقلنا تزحزح لا قريبا ولا سهلا بلغني- أطال الله بقاء الشيخ- أن قيضة كلب وافته بأحاديث لم يعرها الحقّ نوره، ولا الصدق ظهوره، وأن الشيخ أذن لها على حجاب أذنه، وفسح لها فناء ظنّه، ومعاذ الله أن أقولها، وأستجيز معقولها. بلى، قد كان بيني وبينه عتاب لا ينزع كتفه، ولا يجذب أنفه، وحديث لا يتعدّى إلى النفس وضميرها، ولا يعرف الشفة وسميرها، وعربدة كعربدة أهل الفضل لا تتجاوز الدّلال والإدلال، ووحشة يكشفها عيان لحظة، كعتاب جحظة «4» . فسبحان من ربّى هذا الأمر حتى صار إمرا «5» ، وتأبّط شرّا، وأوحش حرّا، وأوجب عذرا، بل سبحان من جعلني في حيّز العذر أشيم بارقته، وأستجلي صاعقته، أنا المساء إليه، والمجنيّ عليه، والمستخفّ به. لكن من بلي من الأعداء كما بليت، ورمي من الحسدة بما رميت، ووقف من الوجد والوحدة حيث وقفت، واجتمع عليه من المكاره ما وصفت، اعتذر مظلوما، وأحسن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 496 ملوما، وضحك مشتوما. ولو علم الشيخ عدد أبناء الحدد، وأولاد العدد «1» ، بهذا البلد، ممن ليس له همة إلا في شكاية أو حكاية أو سعاية أو نكاية، لضنّ بعشرة غريب إذا بدر، وبعيد إذا حضر، ولصان مجلسه عمّن لا يصونه عما رقي إليه؛ فهبني قلت ما حكي له: أليس الشاتم من أسمع؟ أليس الجاني من أبلغ؟ فقد بلغ من كيد هؤلاء القوم أنهم حين صادفوا من الأستاذ نفسا لا تستفزّ، وحبلا لا يهزّ، دسّوا إلى خدينه «2» بما حرّشوا به نارهم، وورد عليّ ما قالوه فما لبثت أن قلت: فإن تك حرب بين قومي وقومها ... فإني لها في كلّ نائبة سلم فليعلم الشيخ الفاضل أن في كبد الأعداء مني جمرة، وأن في أولاد الزنا عندنا كثرة، قصاراهم نار يشبّونها، أو عقرب يدبّونها، أو مكيدة يطلبونها، ولولا أن العذر إقرار بما قيل، وأكره أن أستقيل، لبسطت في الاعتذار شاذروانا، ودخلت في الاستقالة ميدانا. لكنه أمر لم أضع أوله فلا أتدارك آخره، وقد أبى الشيخ أبو محمد إلا أن يوصل هذا النثر الفاتر بنظم مثله، فهاكه يلعن بعضه بعضا: مولاي إن عدت ولم ترض لي ... أن أشرب البارد لم أشرب امتط خدّي وانتعل ناظري ... وصد بكفّي حمة العقرب بالله ما أنطق عن كاذب ... فيك ولا أبرق عن خلّب فالصفو بعد الكدر المفترى ... كالصحو بعد المطر الصيّب إن أجتن الغلظة من سيدي ... فالشوك عند الثمر الطيب أو ينفذ الزور على ناقد ... فالخمر قد تعصب بالثيّب «3» الجزء: 2 ¦ الصفحة: 497 ولعلّ الشيخ أبا محمد يقوم من الاعتذار بما قعد عنه القلم والبيان فنعم رائد الفضل هو، والسلام: (وجاء الجواب من أبي علي) : وإذا الواشي أتى يسعى بها ... نفع الواشي بما جاء يضرّ فهمت خطاب الشيخ الفاضل الأديب البارع الذي لو قلت إنه السحر الحلال والعذب الزلال لنقصته حظه، ولم أوفّه حقه. أما البلاغات «1» التي أومأ إليها فوالله ما أذنت لها ولا أذنت فيها، وما أذهبني عن هذه الطريقة وأبعدني عنها، وقد نزه الله لسانه عن الفحشاء وسمعي عن الإصغاء، وما يتخذ العدو بينهما مجالا؛ وأما الأبيات فقد تكلفت الجواب عنها لا مساجلة له، ولكن لأبلغ المجهود في قضاء حقه: يا بارعا في الأدب المجتنى ... منه ضروب الثمر الطيب لو قلت إنّ البحر مستغرق ... في بحرك الفياض لم أكذب أحمدتني الشعر وأعتبتني ... فيه ولم أذمم ولم أعتب والعذر يمحو ذنب فعّاله ... فكيف يمحوه ولم يذنب أنا الذي آتيك مستغفرا ... من زلة لم تك من مذهبي وأنت لا تمنع مستوهبا ... مالا فهب ذنبا لمستوهب قال أبو حيان في «كتاب الوزيرين» «2» : فإن ابن العميد اتخذه خازنا لكتبه، وأراد أيضا أن يقدح ابنه به، ولم يكن من الصنائع المقصودة، والمهمات اللازمة، وكان يحتمل ذلك لبعض العزازة بظله والتظاهر بجاهه. نسخة وصية أبي علي مسكويه «3» : بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما عاهد عليه أحمد بن محمد، وهو يومئذ آمن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 498 في سربه، معافى في جسمه، عنده قوت يومه، لا تدعوه إلى هذه المعاهدة ضرورة نفس ولا بدن، ولا يريد بها مراءاة مخلوق، ولا استجلاب منفعة، ولا دفع مضرة منهم: عاهده على أن يجاهد نفسه، ويتفقد أمره، فيعفّ ويشجع ويحكم، وعلامة عفته أن يقتصد في مآرب بدنه حتى لا يحمله الشره على ما يضرّ جسمه أو يهتك مروءته، وعلامة شجاعته أن يحارب دواعي نفسه الذميمة حتى لا تقهره شهوة قبيحة ولا غضب في غير موضعه، وعلامة حكمته أن يستبصر في اعتقاداته حتى لا يفوته بقدر طاقته شيء من العلوم والمعارف الصالحة، ليصلح أولا نفسه ويهذّبها، ويحصل له من هذه المجاهدة ثمرتها التي هي العدالة. وعلى أن يتمسك بهذه التذكرة ويجتهد في القيام بها والعمل بموجبها، وهي خمسة عشر بابا: إيثار الحق على الباطل في الاعتقادات، والصدق على الكذب في الأقوال، والخير على الشر في الأفعال، وكثرة الجهاد الدائم لأجل الحرب الدائمة بين المرء وبين نفسه، والتمسك بالشريعة ولزوم وظائفها، وحفظ المواعيد حتى ينجزها، وأول ذلك ما بيني وبين الله جلّ وعز، وقلة الثقة بالناس بترك الاسترسال، ومحبة الجميل لأنه جميل لا لغير ذلك، والصمت في أوقات حركات النفس للكلام حتى يستشار فيه العقل، وحفظ الحال التي تحصل في شيء شيء حتى تصير ملكة ولا تفسد بالاسترسال، والإقدام على كل ما كان صوابا، والإشفاق على الزمان الذي هو العمر ليستعمل في المهمّ دون غيره، وترك الخوف من الموت والفقر لعمل ما ينبغي، وترك التواني، وترك الاكتراث لأقوال أهل الشرّ والحسد لئلا يشتغل بمقابلتهم، وترك الانفعال لهم، وحسن احتمال الغنى والفقر والكرامة والهوان لجهة وجهة، وذكر المرض وقت الصحة والهمّ وقت السرور والرضى عند الغضب ليقلّ الطغي والبغي، وقوة الأمل وحسن الرجاء والثقة بالله عز وجل وصرف جميع البال إليه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 499 [- 181-] أحمد بن محمد الصخري أبو الفضل : قتل في أواخر سنة ست وأربعمائة، هكذا ذكر أبو محمد ابن أرسلان في «تاريخ خوارزم» وقال: هو أحد مفاخر خوارزم، أديب كامل، وعالم ماهر، وكاتب بارع، وشاعر ساحر. قال أبو منصور الثعالبي في كتابه: له ظرف حجازي، وخطّ عراقي، وبلاغة جزلة سهلة، ومروءة ظاهرة، ومحاسن متظاهرة، وله شعر كثير يجمع فيه بين الإسراع والإبداع، ويأخذ بطرفي الإتقان والإحسان، ثم هو في الارتجال فرد الرجال، لسرعة خاطره، وسلامة طبعه، وحصول أعنّة القوافي في يده. وكان في عنفوان شبابه ألمّ بحضرة الصاحب إسماعيل بن عباد، فاقتبس من نورها، واغترف من بحورها، وانخرط في سلك أعيان أهل الفضل بها، وتزود من ثمارها، فحسن أثره، وطاب خبره، ورجع إلى أوطانه، وأقام بحضرة سلطانه، في أجلّة الكتّاب، ووجوه العمال، وهو الآن من أخصّ جلساء الأمير وأقرب ندمائه، وأفضل كتّابه وأجلّ شعرائه، ولا تكاد تخلو منه مجالس أنسه، ولا تتقشع عنه سحائب جوده، وما أكثر ما يقترح عليه الأشعار في المعاني البديعة فيتكفّل بها «1» ويفي، ويعلّقها «2» في الوقت والساعة بين يديه، ويعرضها عليه. وعهدي بذلك المجلس العالي ليلة من الليالي وقد جرى فيه ذكر أبي الفضل الهمذاني بديع الزمان وإعجاز لطائفة وخصائصه في الارتجالات، وسرعة إتيانه وإثباته بالاقتراحات، وأنه كان يكتب الكتاب المقترح عليه ويبتدىء بآخر سطر ثم هلم جرّا إلى السطر الأول، حتى يخرجه مستوفى الألفاظ والمعاني، كأملح شيء وأحسنه، فانتدب الصخريّ لهذه البادرة، وضمن الاستقلال بهذه الغريبة الصعبة، فرسم له على لسان الشيخ أبي الحسين السهلي «3» أن يكتب في معنى مؤلف الكتاب كتابا إلى الدهخداه أبي سعيد محمد بن منصور الحوالي يذكر فيه   [181]- ترجمة الصخري في الوافي 8: 145 ولم أجد له ترجمة بين الخوارزميين في اليتيمة أو التتمة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 500 أن أخبار فلان في محاسن أدبه وبديع تأليفاته لم تزل تأتينا، ثم تشوقنا إلى مشاهدته ... الفصل، فأخذ القلم والقرطاس، وكتب أولا السطر الذي يقع في آخره إن شاء الله تعالى، ثم لم يزل يمضي قدما في الكتاب ويرتفع من عجزه إلى صدره ومن سفله إلى علوه ويصل أواخره بأوائله حتى أتمّ المعنى المقترح عليه، مع جودة الألفاظ وسهولتها وحسن مطالعها، وفرغ من الكتاب في زمان قصير المدة، وقد أخذ منه الشراب وأثرت فيه الكاسات، فوقع ذلك أحسن موقع، وعدّ من محاسنه. وله: كتاب رسائل مدونة. كتاب ديوان شعر، مجلد. فمن منثور كلامه: الشيخ أصدق لهجة، وأبين في الكرم محجّة، من أن يخلف برق ضمانه، ولا يمطر سحاب إحسانه، فليت شعري ما الذي فعله في أمر وليّه القاصر عليه أمله، وهل بلغ الكتاب أجله، وقد استهل الشهر الثامن استهلالا، ولا بدا لأفق مواعده هلالا. آخر: طبع كرمه أغلب من أن يحتاج إلى هزّ، وحسام فضله أقطع من أن يهزّ لحز. آخر: أما إني لا أرضى من كرمه العدّ، أن تجرّ أولياؤه على شوك الردّ، فبحقّ مجده المحض، الذي فاق به أهل الأرض، أن يرفع عن حاجتي قناع الخجل، ولا يقبر أملي فيها قبل حلول الأجل. وهذا قسم أرجو أن يصونه عن الحنث، وعهد أظنّ أنه لا يعرّضه للنكث. آخر: لا أدري أأهنّىء الشيخ بعوده إلى مركزه، ومستقرّ عزه، سالما في نفسه التي سلامتها سلامة المعالي والمكارم، وهي أجسم المتاع وأنفس الغنائم، أم أهنّىء الحضرة به، فقد عاد إليها ماؤها، ورجع برجوعه حسنها وبهاؤها، أم أهنّىء الملك- ثبت الله أركانه، كما نضر بمكانه منه زمانه- فقد آب إليه رونقه، وزوال عن أمره رنقه، أم أهنّىء الفضل فقد كان ذوى عوده ثم اخضرّ وأورق، وهوى نجمه ثم أنار وأشرق، أم أهنّىء جماعة الأولياء والخدم وكافة أنشاء الكتّاب فقد عاشوا، وانتعشوا وارتاشوا، وارتفعت نواظرهم بعد الانخفاض، وانشرحت صدورهم غبّ الانقباض. وأنا أعدّ نفسي من جملتهم، ولا أنحرف مع طول العهد عن قبلتهم. وله: كتابي وقد عرتني علّة منعتني من استغراق المعاني واستيعابها، وإشباع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 501 الكلم في وجوهها وأبوابها. فاختصرت وقصرت، وعلى النّبذ القصير «1» اقتصرت، وما أعرف هذه العلة إلا من عوادي فراقه، ودواعي اشتياقه، ولئن كانت النعمة بمكانه خارجة عن القياس، غير خافية من جميع الناس، إنها ازدادت الآن ظهورا، وإن لم يكن قدرها مستورا، وقدر النعمة لا يعرف إلا بعد الزوال، ولا يتحقق إلا مع الانتقال. أهّلنا الله لعودها، لنحسن جوارها بالشكر لها وحمدها. وأصحبه السلامة حالّا ومرتحلا، ومقيما ومنتقلا، إنه خير صاحب، يصحب كلّ غائب. وله: وصل كتاب الشيخ فيما حلّاني به من صفاته التي هو بها حال، وأنا منها خال، وقد كان أعارني منها عارية، وجدت نفسي منها عارية، لكنه نظر إليّ بعين رضاه، وشهد لي بقلب هواه. فلا ينظرنّ بعين الرضى فنظرتها ربما تجنح، ولا يشهدنّ بقلب الهوى فإنها شهادة تجرح. وله: كلّ من ورد جناب الشيخ من أمثالي إنما ورد بأمل منفسح، ثم صدر بصدر منشرح، إذ ما امتدت إليه يد فارتدت عاطلا، ولا توجّه تلقاءه رجاء فعاد باطلا. وأنا أجلّه أن يفسخ من بينهم ذريعة رجائي، وينسخ شريعة ولائي، بل أظنّ إن لم يفضّلني «2» عليهم في المراتب «3» ، لم ينقصني عنهم في الواجب، ثم ليس طمعي في ماله، فكفاني ما شملني من إفضاله، بل كفاه ما تكلّفه في هذا الوقت من كلفة المروّة، التي تنوء بالعصبة أولي القوّة، ولكن طمعي في جاهه ومن ضنّ به ملوم، إذ البخل به لوم. ومن أشعاره يمدح أبا العباس خوارزمشاه: أشبه البدر في السنا والسناء ... وحوى رقة الهوى والهواء وأتى الشيب بعدها منذرا «4» لي ... عن يد الدهر بالبلى والبلاء وإذا شاء بالندى الملك العا ... دل في المجد والعلا والعلاء أبدل الشين منه سينا وأوطا ... ني الثريا من الثرى والثراء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 502 ومن شعره أيضا في الهجاء: أيا ذا الفضائل واللام حاء ... وياذا المكارم والميم هاء ويا أنجب الناس والباء سين ... ويا ذا الصيانة والصاد خاء ويا أكتب الناس والتاء ذال ... ويا أعلم الناس والعين ظاء تجود على الكلّ والدال راء ... فأنت السخيّ ويتلوه فاء لقد صرت عيبا لداء البغاء ... ومن قبل كان يعاب البغاء وله يستهدي ماء الورد: يا من حكى الورد الجنيّ بعرفه ... وبظرفه وبلطفه وبهائه إن شئت والإفضال منك سجية ... أهديت لي قارورة من مائه وله من قصيدة في أبي الفتح البستي: نسب كريم فاضل أنسى به ... من كان معتمدا على أنسابه قد كنت في نوب الزمان وصرفه ... إذ عضّني صرف الزمان بنابه فاليوم جانبت الحوادث جانبي ... إذ قد نسبت إلى كريم جنابه ومن قصيدة في أبي الحسين السهلي: نفس مصدّقة جميع عداتها ... لكن مكذّبة ظنون عداتها همّاته حكمت على هاماتها ... أن أصبحت للوحش من أقواتها يا أحمد بن محمد يا خير من ... ولي الوزارة عند خير ولاتها ما دامت الأيام في الغفلات عن ... عرصات مجدك فاغتنم غفلاتها وله من قصيدة: لئن بخلت بإسعادي سعاد ... فإني بالفؤاد لها جواد وإن نفد اصطباري في هواها ... فدمع العين ليس له نفاد أرى ثلجا بوجنتها ونارا ... لتلك النار في قلبي اتقاد فهب من نارها كان احتراقي ... فلم بالثلج ما برد الفؤاد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 503 لاجتهدنّ في طلب المعالي ... بسعي ما عليه مستزاد فإن أدركت آمالي وإلا ... فليس عليّ إلا الاجتهاد وله في بعض الصدور: جمعت إلى العلا شرف الأبوه ... وحزت إلى الندى فضل المروه أتيتك خادما فرفعت قدري ... إلى حال الصداقة والأخوه فما شبّهتني إلا بموسى ... رأى نارا فشرّف بالنبوه وله من قصيدة: أسمعت يا مولاي ده ... ري بعد بعدك ما صنع أخنى عليّ بصرفه ... فرأيت هول المطّلع [182] أحمد بن محمد أبو الحسين السهلي الخوارزمي : قال محمود بن محمد الإسلامي في «تاريخ خوارزم» : إنه مات بسرّ من رأى في سنة ثمان عشرة وأربعمائة على ما نذكره، قال: وهو من أجلة خوارزم، وبيته بيت رئاسة ووزارة وكرم ومروءة. قال الثعالبي: وهو وزير ابن وزير: ورث الوزارة كابرا عن كابر ... موصولة الإسناد بالإسناد قال: وكان يجمع بين آلات الرئاسة والآداب والوزارة، ويضرب في العلوم والآداب بالسهام الغائرة، ويأخذ من الكرم وحسن الشيم بالحظوظ الوافرة. وله «كتاب الروضة السهلية في الأوصاف والتشبيهات» ، وبأمره والتماسه صنّف   [182]- ترجمة السهلي (م ر: السهيلي) في بغية الطلب 2: 49 (وفيه السهلي) أبو الحسن وقيل أبو الحسين وفيه أيضا نقل عن معجم الأدباء والوافي 8: 147؛ وينقل ياقوت عن كتاب للثعالبي لعله اليتيمة أو التتمة ولكني لم أجد فيهما ترجمة للسهلي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 504 الحسن بن الحارث الحسوني «1» في المذهب «كتاب السهلي» يذكر فيه المذهبين مذهب الشافعي والحنفي. وله شعر، فمن ذلك ولم يسبق إلى معناه «2» : ألا سقّنا الصهباء صرفا فإنها ... أعزّ علينا من عناق الترحّل وإني لأقلي النقل حبا لطعمها ... لئلا يزول الطعم عند التنقل وله في النجوم: والشهب تلمع في الظلام كأنها ... شرر تطاير من دخان النار فكأنها فوق السماء بنادق ... الكافور فوق صلاية العطار وله في النجوم أشعار منها في شعاع القمر على الماء: كأنما البدر فوق الماء مطّلعا ... ونحن بالشطّ في لهو وفي طرب ملك رآنا فأهوى للعبور فلم ... يقدر فمدّ له جسر من الذهب خرج السهلي من خوارزم في سنة أربع وأربعمائة إلى بغداد وتوطنها وترك وزارة خوارزم شاه أبي العباس مأمون [بن مأمون] خوفا من شره، فلما قدم بغداد أكرمه فخر الملك أبو غالب محمد بن خلف، وهو والي العراق يومئذ، وتلقاه بالجميل، فلما مات فخر الملك خرج من بغداد هاربا أيضا حتى لحق بغريب بن مقن «3» خوفا على ماله، وكان غريب صاحب البلاد العليا تكريت ودجيل وما لاصقها، فأقام عنده إلى أن مات، وخلف عشرين ألف دينار سلّمها غريب إلى ورثته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 505 [- 183-] أحمد بن محمد بن الحسن المرزوقي أبو علي : من أهل أصبهان، كان غاية في الذكاء والفطنة وحسن التصنيف وإقامة الحجج وحسن الاختيار، وتصانيفه لا مزيد عليها في الجودة. مات فيما ذكره أبو زكريا يحيى بن منده في ذي الحجة سنة إحدى وعشرين وأربعمائة. قال: وكتب عنه سعيد البقال وأخرجه في «معجمه» . وجدت خطه على كتاب شرح الحماسة من تصنيفه، وقد قرىء عليه في شعبان سنة سبع عشرة وأربعمائة، وكان قد قرأ كتاب سيبويه على أبي علي الفارسي وتتلمذ له بعد أن كان رأسا بنفسه. وله من الكتب: كتاب شرح الحماسة «1» أجاد فيه جدا. كتاب شرح المفضليات. كتاب شرح الفصيح. كتاب شرح أشعار هذيل. كتاب الأزمنة «2» . كتاب شرح الموجز. كتاب شرح النحو. قال الصاحب بن عباد: فاز بالعلم من أصبهان ثلاثة: حائك وحلّاج وإسكاف، فالحائك هو المرزوقي، والحلاج أبو منصور ابن ما شدّة، والإسكاف أبو عبد الله الخطيب بالري صاحب التصانيف في اللغة. ووجدت في مجموع «3» بخطّ بعض فضلاء العجم نقلت من خطّ الأبيوردي: أبو علي المرزوقي صاحب شرح الحماسة والهذليين قرأ على أبي علي، وهو يتفاصح في تصانيفه كابن جني، وكان معلّم أولاد بني بويه بأصبهان، ودخل إليه الصاحب فما قام له، فلما أفضت الوزارة إلى الصاحب جفاه.   [183]- ترجمة المرزوقي في إنباه الرواة 1: 106 والوافي 8: 5 وبغية الوعاة 1: 365 وروضات الجنات 1: 244 وسير الذهبي 17: 475. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 506 [- 184-] أحمد بن محمد بن إبراهيم أبو إسحاق الثعلبي : المفسر، صاحب الكتاب المشهور بأيدي الناس المعروف بتفسير الثعلبي، مات فيما ذكره عبد الغني بن سعيد الحافظ المصري، ونقلته من حاشية «كتاب الإكمال» لابن ماكولا في محرم سنة سبع وعشرين وأربعمائة. وقال: أبو إسحاق الثعلبي المفسر جليل خراساني، وذكر وفاته. وذكره عبد الغافر في «السياق» فقال: أحمد بن محمد بن إبراهيم أبو إسحاق الثعلبي المقرىء المفسّر الواعظ الأديب الثقة الحافظ، صاحب التصانيف الجليلة: من التفسير الحاوي أنواع الفرائد «1» من المعاني والإشارات، وكلمات أرباب الحقائق، ووجوه الإعراب والقراءات، ثم كتاب العرائس والقصص «2» وغير ذلك مما لا يحتاج إلى ذكره لشهرته، وهو صحيح النقل موثوق به. حدث عن أبي طاهر ابن خزيمة «3» وأبي بكر ابن مهران المقرىء وأبي بكر ابن هانىء وأبي بكر ابن الطرازي والمخلدي والخفاف وأبي محمد ابن الرومي وطبقتهم. وهو كثير الحديث كثير الشيوخ، وذكر وفاته كما تقدم. قال: وسمع منه الواحديّ التفسير وأخذه عنه وأثنى عليه، وحدّث عنه بإسناد رفعه إلى عاصم قال: الرئاسة بالحديث رئاسة نذلة إن صحّ الشيخ وحفظ وصدق فأصمى يقال: هذا شيخ كيّس وإذا وهم قالوا شيخ كذاب. وله كتاب ربيع المذكرين.   [184]- يقال له الثعلبي والثعالبي، وترجمته في السياق (المنتخب: 2) : 26 وإنباه الرواة 1: 119 وابن خلكان 1: 79 وطبقات المفسرين: 5 والوافي 7: 307 وبغية الوعاة 1: 356 وطبقات السبكي 4: 58 والعبر 3: 161 وطبقات الجزري 1: 100 والشذرات 3: 230 والنجوم الزاهرة 4: 238 وروضات الجنات 1: 245 واللباب (الثعلبي) وسير الذهبي 17: 435. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 507 [- 185-] أحمد بن محمد بن أحمد بن محمود بن دلويه أبو حامد الأستوائي: مات فيما ذكره الخطيب في سنة أربع وثلاثين وأربعمائة، وقال: يعرف بالدلوي، وأستوى التي نسب إليها قرية من قرى نيسابور. قدم بغداد فسمع من الدارقطني واستوطنها إلى حين وفاته، وولي القضاء بعكبرا من قبل القاضي أبي بكر ابن الطيب الباقلاني، وكان ينتحل في الفقه مذهب الشافعي وفي الأصول مذهب الأشعري. وله حظّ في معرفة الأدب والعربية، وحدث بشيء يسير. قال الخطيب: كتبت عنه، وكان صدوقا، ولما مات دفن بالشونيزية. قال المؤلف: كان الدلوي أديبا فاضلا، وكثيرا ما توجد كتب الأدب بخطه، وكان صحيح النقل جيد الضبط معتبر الخط في الغالب. [- 186-] أحمد بن محمد بن عمار بن مهدي بن إبراهيم المهدوي أبو العباس «1» المقرىء: ذكره الحميدي فقال: أصله من المهدية من بلاد القيروان، ودخل الاندلس في حدود الثلاثين وأربعمائة أو نحوها، وكان عالما بالقراءات والأدب متقدما، ذكره لي بعض أهل العلم بالقراءات وأثنى عليه، وأنشدني له في ظاءات القرآن:   [185]- ترجمة الدلوي في تاريخ بغداد 4: 377 والوافي 7: 351 وطبقات السبكي 4: 60 وبغية الوعاة 1: 358. [186]- هو عند الحميدي (106) أحمد بن محمد، وعلّق محقق الجذوة أنه وجد بحاشية الأصل ... «هو أحمد بن عمار التميمي» ، ولهذا ترجم له في إنباه الرواة 1: 91 وطبقات الجزري 1: 92 والوافي 7: 257 وبغية الوعاة 1: 351 باسم أحمد بن عمار؛ وذلك كله اعتمادا عل ما ذكره ابن بشكوال في الصلة: 88 وقد جمع ياقوت بينهما، والمهدوي نسبة إلى بلد المهدية، وكنيته في المصادر أبو العباس. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 508 ظنت عظيمة ظلمنا من حظها ... فظللت أوقظها لتكظم «1» غيظها وظعنت أنظر في الظلام وظله ... ظمآن أنتظر الظهور لوعظها ظهري وظفري ثم عظمي في لظى ... لا ظاهرنّ لحظّها ولحفظها لفظي شواظ أو كشمس ظهيرة ... ظفر لدى غلظ القلوب وفظّها [وله كتب في علم القرآن منها كتاب التحصيل في تفسير القرآن. وكتاب التفصيل في تفسيره أيضا، وله غير ذلك] «2» . [- 187-] أحمد بن محمد بن أحمد بن برد الأندلسي : ذكره الحميدي وقال: هو مولى أحمد بن عبد الملك بن عمر بن محمد بن شهيد، أبو حفص الكاتب، مليح الشعر بليغ الكتابة، من أهل بيت أدب ورياسة، له رسالة في السيف والقلم والمفاخرة بينهما، وهو أول من سبق إلى القول في ذلك بالاندلس. وقد رأيته بالمرية بعد الأربعين وأربعمائة غير مرة.   [187]- هذا هو المعروف بابن برد الأصغر تمييزا له عن جده، وقد ترجم له ابن بسام في الذخيرة 1: 486 وله ترجمة في المطمح: 24 (وعنه نفح الطيب 3: 545) والمغرب 1: 86 والوافي 7: 350 والمسالك 8: 311 وجذوة المقتبس: 107 (وبغية الملتمس رقم: 354) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 509 وكان جده أحمد بن برد «1» وزيرا في الأيام العامرية وكاتبا بليغا أيضا مات سنة ثماني عشرة وأربعمائة- أعني الوزير- ومن شعر أحمد بن محمد هذا «2» : تأمل فقد شقّ البهار مغلّسا ... كماميه عن نوّاره الخضل الندي مداهن تبر في أنامل فضة ... على أذرع مخروطة من زبرجد ومن شعره أيضا «3» : لما بدا في لازور ... ديّ الحرير وقد بهر كبرت من فرط الجما ... ل وقلت ما هذا بشر فأجابني لا تنكرن ... ثوب السماء على القمر ومن شعره أيضا: قلبي وقلبك لا محالة واحد ... شهدت بذلك بيننا الألحاظ فتعال فلنغظ الحسود بوصلنا ... إنّ الحسود بمثل ذاك يغاظ [- 188-] أحمد بن محمد بن هارون النزلي أبو الفتح النحوي : أخذ عن أبي الحسن علي بن عيسى الربعي، وهو من أقران أبي يعلى ابن السراج.   [188]- ترجمة النزلي في الوافي 8: 96 وبغية الوعاة 1: 385. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 510 [- 189-] أحمد بن محمد العمركي «1» الهمذاني أبو عبد الله اللغوي : ذكره شيرويه بن شهردار فقال: روى عن عبد الرحمن بن حمدان الجلاب وأبي الحسين محمد بن الحريري «2» صاحب أبي شعيب الحراني وغيرهما، روى عنه أبو عبد الله الامام وغيره. [- 190-] أحمد بن محمد بن أحمد بن شهردار المعلم الأصبهاني : كان أديبا فاضلا بارعا في الأدب، فصيحا كثير السماع حسن الخطّ صاحب أصول، مات في شوّال سنة ست وأربعين وأربعمائة. قال يحيى بن منده: سمعت من الثقات، منهم أبو غالب ابن هارون تلميذه، أنه كان رجلا فاضلا إلا أنه كان لا يصلّي الصلوات كما قيل. [- 191-] أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم الميداني : أبو الفضل النيسابوري- والميدان محلة من محالّ نيسابور كان يسكنها فنسب إليها- ذكر ذلك عبد الغافر. وهو أديب فاضل عالم نحوي لغوي، مات فيما ذكره عبد الغافر بن إسماعيل الفارسي في «السياق» في رمضان سنة ثماني عشرة وخمسمائة، ليلة القدر، ودفن بمقبرة الميدان. قرأ على أبي الحسن علي بن أحمد الواحدي وعلى يعقوب بن أحمد النيسابوري وله من التصانيف كتاب جامع الأمثال جيّد بالغ «3» . كتاب السامي في   [189]- ترجمته في إنباه الرواة 1: 129 والوافي 8: 149 وبغية الوعاة 1: 388. [190]- ترجمته في الوافي 7: 362 (وفي نسبه شهمردان بدلا من شهردار) . [191]- ترجمة الميداني في نزهة الألباء: 272 وإنباه الرواة 1: 121 وابن خلكان 1: 148 والبداية والنهاية 12: 194 والوافي 7: 326 وبغية الوعاة 1: 356 وإشارة التعيين: 46 وسير الذهبي 19: 489. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 511 الأسامي «1» . كتاب الأنموذج في النحو. كتاب الهادي للشادي. كتاب النحو الميداني. كتاب نزهة الطرف في علم الصرف. كتاب شرح المفضليات. كتاب منية الراضي في رسائل القاضي. وفي كتاب السامي في الأسامي يقول أسعد بن محمد المرساني: هذا الكتاب الذي سمّاه بالسامي ... درج من الدرّ بل كنز من السام ما صنّفت مثله في فنّه أبدا ... خواطر الناس من حام ومن سام فيه قلائد ياقوت مفصّلة ... لكل أروع ماضي العزم بسام فكعب أحمد مولاي الامام سما ... فوق السماكين من تصنيفه السامي وسمعت في المفاوضة ممن لا أحصي أن الميداني لما صنّف كتاب الجامع في الأمثال وقف عليه أبو القاسم الزمخشري فحسده على جودة تصنيفه، وأخذ القلم وزاد في لفظة الميداني سينة، فصار النميداني، ومعناه بالفارسية الذي لا يعرف شيئا؛ فلما وقف الميداني على ذلك أخذ بعض تصانيف الزمخشري فزاد في نسبته سينة فصار الزنخشري، ومعناه بائع زوجته. وذكر محمد بن [أبي] المعالي بن الحسن الخواري في كتابه «ضالّة الأديب من الصحاح والتهذيب» وقد ذكر الميداني فقال: وسمعت غير مرة من كبار أصحابه يقولون: لو كان للذكاء والشهامة والفضل صورة لكان الميداني تلك الصورة، ومن تأمل كلامه واقتفى أثره علم صدق دعواهم. وكان ممن قرأ عليه وتخرّج به الامام أبو جعفر أحمد بن علي المقرىء البيهقي وابنه سعيد، وكان إماما بعده. قال عبد الغافر بن اسماعيل: ومن أشعاره: تنفّس صبح الشيب في ليل عارضي ... فقلت عساه يكتفي بعذاري فلما فشا عاتبته فأجابني ... ألا هل يرى صبح بغير نهار وذكره أبو الحسن البيهقي في كتاب «وشاح الدمية» فقال «2» : الامام أستاذنا صدر الافاضل أبو الفضل أحمد بن محمد بن أحمد الميداني، صدر الادباء وقدوة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 512 الفضلاء، قد صاحب الفضل في أيام نفد زاده، وفني عتاده [وضاعت] عدته، وبطلت أهبته، فقوّم سناد العلوم بعد ما غيّرتها الأيام بصروفها، ووضع أنامل الأفاضل على خطوطها وحروفها، ولم يخلق الله تعالى فاضلا في عهده إلا وهو في مائدة آدابه ضيف، وله بين بابه وداره شتاء وصيف، وما على من عام لجج البحر الخضمّ واستنزف الدرر ظلم وحيف. وكان هذا الامام يأكل من كسب يده، ومما أنشدني رحمه الله لنفسه: حننت إليهم والديار قريبة ... فكيف إذا سار المطيّ مراحلا وقد كنت قبل البين لا كان بينهم ... أعاين للهجران فيهم دلائلا وتحت سجوف الرقم أغيد ناعم ... يميس كخوط الخيزرانة مائلا وينضو علينا السيف من جفن مقلة ... تريق دم الأبطال في الحبّ باطلا ويسكرنا لحظا ولفظا كأنما ... بفيه وعينيه سلافة بابلا وله أيضا: شفة لماها زاد في آلامي ... في رشف ريقتها شفاء سقامي قد ضمّنا جنح الدجى وللثمنا ... صوت كقطّك أرؤس الأقلام ثم ذكر البيتين اللذين أولهما: تنفس صبح الشيب في ليل عارضي وقد مرّ ذكرهما آنفا، ثم قال، وله: يا كاذبا أصبح في كذبه ... أعجوبة أيّة أعجوبه وناطقا ينطق في لفظة ... واحدة سبعين أكذوبه شبّهك الناس بعرقوبهم ... لما رأوا أخذك أسلوبه فقلت كلّا إنه كاذب ... عرقوب لا يبلغ عرقوبه ثم ذكر وفاته كما تقدم في رواية عبد الغافر، ثم ذكر ولده سعيدا، وقد ذكرناه في بابه «1» . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 513 [- 192-] أحمد بن محمد الصلحي أبو الخطاب : كان أديبا فاضلا كاتبا حسن الخط، وله شعر رقيق سائر، ذكره أبو سعد في «المذيل» وأورد له هذين البيتين وهما: يا راقد العين عيني فيك ساهرة ... وفارغ القلب قلبي فيك ملآن إني أرى منك عذب الثغر عذّبني ... وأسهر الجفن جفن منك وسنان [- 193-] أحمد بن محمد بن القاسم بن أحمد بن خذيو الاخسيكثي ، أبو رشاد الملقب بذي الفضائل: مات ليلة الأحد الثامن من جمادى الأولى سنة ثمان وعشرين وخمسمائة، وأخسيكث مدينة من فرغانة- يقال بالثاء والتاء- وكان هو وأخوه ذو المناقب محمد أديبي مرو غير مدافعين، يقرّ لهما بذلك كلّهم، قدما مرو وسكناها إلى أن ماتا. وكان ذو الفضائل هذا شاعرا أديبا مصنفا كاتبا مترسلا في ديوان السلاطين، وله تصانيف منها: كتاب في التاريخ. كتاب في قولهم كذب عليك كذا. كتاب زوائد في شرح سقط الزند. وغير ذلك. قرأت في ديوان شعره بخطّه: أنشدت لأبي العلاء: هفت الحنيفة والنصارى ما اهتدت ... ومجوس حارت واليهود مضلله اثنان أهل الأرض ذو عقل بلا ... دين وآخر ديّن لا عقل له فقلت مجيبا له: الدين آخذه وتاركه ... لم يخف رشدهما وغيهما رجلان أهل الأرض قلت، فقل ... يا شيخ سوء أنت أيهما   [192]- ترجمة الصلحي في الوافي 8: 138. [193]- ترجمة الأخسيكثي في إنباه الرواة 1: 132 والوافي 8: 81 وبغية الوعاة 1: 374 وانظر «الأخسيكثي» في الأنساب واللباب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 514 ذكره السمعاني في مشيخته فقال: كان أديبا فاضلا بارعا له الباع الطويل في معرفة النحو واللغة، واليد العليا الباسطة في النظم والنثر، وله ردود «1» على جماعة من قدماء الفضلاء، ومشاعرات ومنافرات مع الفحول والكبراء، وكان أكثر فضلاء خراسان قرأوا الأدب عليه وتلمذوا له. سمع بأخسيكث أبا القاسم محمود بن محمد الصوفي، وبمرو جدّي أبا المظفر السمعاني. سمعت منه كتاب الآداب والمواعظ للقاضي أبي سعد الخليل بن أحمد السجزي بروايته عن محمود الصيرفي عن أبي عبيد الكرواني عن المصنف. كانت ولادته في حدود سنة ست وستين وأربعمائة، وتوفي بمرو فجأة ليلة الاثنين لأربع ليال بقين من جمادى الآخرة سنة ثمان وعشرين وخمسمائة. [- 194-] أحمد بن محمد الآبي أبو العباس : كان من أهل آبة من ناحية برقة، وسافر إلى اليمن تاجرا، واجتمع بأبي بكر السعيدي بعدن. وحدثني المولى المفضل جمال الدين بقصته مع السعيدي عنه أنه سمعها منه، ثم قدم الاسكندرية وأقام بها، فجرى بينه وبين القاضي شرف الدين عبد الرحمن بن [شكر] قاضي الاسكندرية ما أحوجه إلى قدومه إلى القاهرة، وشكا منه إلى الصاحب صفي الدين ابن شكر فلم يشكه، فأقام بالقاهرة إلى أن مات، وكان شكواه من قطع رزقه من مسجد كان يصلّي فيه أو نحو ذلك. وكان قدومه إلى القاهرة في سنة ست وستين وخمسمائة، ومات بعد ذلك في نحو سنة ثمان وتسعين، وصنّف كتابا في النحو رأيته بخطه، وهي مسائل منثورة. حدثني المولى القاضي المفضل جمال الدين قال: دخلت إلى الصاحب أبي بشر وهو في مجلسه، فجلست إلى جانبه فانشدني متمثلا: إنّك لا تشكو إلى مصمّت ... فاصبر على الحمل الثقيل أو مت إشارة إلى أنه لم يشكه.   [194]- ترجمة الآبي في الوافي 8: 148 وبغية الوعاة 1: 387. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 515 قال أبو زياد الكلابي: ومثل من أمثال العرب «إنك لا تشكو إلى مصمت» «1» والتصميت أن تقول المرأة إذا بكى صبيها الرضيع، وهي مشغولة عنه لبعض صبيانها أو لزوجها، صمّت هذا الصبيّ، فيأتيه فيحتضنه «2» بيده حتى يسكت. قال، وحدثني قال: دخلت إلى مجلس الشيخ الموفق أبي الحجاج يوسف المعروف بابن الخلال كاتب الانشاء في أيام المصريين، وكان الموفق قد عمل معمّى في المرآة نثرا، فقال لمن بحضرته: ما تقولون في قولي: شيء شديد الباس، يغيره الضعيف الأنفاس، وذكر كلاما بعده، فاستدللت بهذه الفاتحة على أنه المرآة، لأن الشديد الباس هو الحديد، ويغير صقالها النفس، فقلت له ذلك، فاستحسن حدة خاطري. أنشدني مولانا القاضي الإمام جمال الدين أبو الحجاج يوسف ابن القاضي الأكرم علم الدين أبي طاهر إسماعيل بن عبد الجبار بن أبي الحجاج قال: أنشدني أبو العباس أحمد بن محمد الآبي ممتدحا لي، وكتبته أنا من خطه بيده: يا خير من فاق الأفاضل سؤددا ... وامتاز خيما «3» في الفخار ومحتدا وسما لأعلام المعالي فاحتوى ... فضلا به يهدى وفضلا يجتدى وإذا الرياسة لم تزن بمعارف ... وعوارف يسدى بها كانت سدى لا تنس من لم ينس ذكرك أحمدا ... وافى جنابكم الكريم فأحمدا يهدي إلى الأسماع من أوصافكم ... ملحا كزهر الروض باكره الندى مستحسنات كلّما كررتها ... لم تسأم الأسماع منها موردا والفضل فيه لكم ومنكم إنما ... يعزى المضاعف في الجميل لمن بدا كالزّهر تسقي الزّهر صيّب أفقها ... فيعود منه نشره متصعّدا جاد الغمام على الكمام بمائه ... عذبا فنضّر ما حوته ونضدا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 516 وإذا امرؤ أسدى لحرّ نعمة ... بدءا تملكه بها واستعبدا دعي المفضل إذ تسامى فضله ... شرفا على نظرائه واستمجدا [- 195-] أحمد بن محمد بن جعفر بن مختار الواسطي أبو علي النحوي العدل ابن أخي أبي الفتح محمد بن محمد بن جعفر بن مختار النحوي الذي يأتي ذكره فيما بعد «1» إن شاء الله تعالى: مات بعد سنة خمسمائة وله عقب بواسط. أخذ النحو عن أبي غالب ابن بشران، وكان منزله مألفا لأهل العلم، وكان من الشهود المعدّلين، وكان طحانا بمشرعة التنانيريين بواسط. حدثني أبو عبد الله محمد بن سعد بن الحجاج الدبيثي قال، حدثني عبد الوهاب بن غالب عن الشريف أبي العلاء ابن التقي قال: قدم إلى واسط في بعض الأعوام عسكر الأعاجم فنهبوا قطعة من البلد، ونهبوا دكان الشيخ أبي علي ابن مختار ونزلوا بداره، قال الشريف: فدخلت معه إليهم نستعطفهم أن يردّوا عليه بعض ما أخذوا منه، فلم نر لذلك وجها، وخرجنا وهو يقول: تذكرت ما بين العذيب وبارق ... مجرّ عوالينا ومجرى السوابق ثم التفت إليّ فقال: ما العامل في الظرف في هذا البيت؛ فقلت له: يا سيدي ما شغلك ما أنت فيه عن النحو والنظر فيه؟ فقال: يا بني وما يفيدني إذا حزنت؟! وحدث الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي قال، أنشدني الشيخ أبو علي أحمد بن محمد بن مختار المعدل بواسط لنفسه، وأفادنيه خميس بن علي الحافظ «2» :   [195]- ترجمته في إنباه الرواة 1: 133 وسؤالات الحافظ السلفي: 55- 56 والوافي 8: 14 وبغية الوعاة 1: 364. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 517 كم جاهل متواضع ... ستر التواضع جهله ومميّز في علمه ... هدم التكبر فضله فدع التكبر ما حيي ... ت ولا تصاحب أهله فالكبر عيب للفتى ... أبدا يقبّح فعله وأنشد له: ما هذه الدنيا بدار مسرّة ... فتخوّفي مكرا لها خدّاعا بينا الفتى فيها يسرّ بنفسه ... وبماله يستمتع استمتاعا حتى سقته من المنية شربة ... وحمته منها بعد ذاك رضاعا فغدا بما كسبت يداه رهينة ... لا يستطيع لما عراه دفاعا لو كان ينطق قال من تحت الثرى ... فليحسن العمل الفتى ما اسطاعا [- 196-] أحمد بن مروان المؤدّب أبو مسهر : من أهل الرملة، عالم باللغة، كان في أيام المتوكل، وهو القائل: غيث وليث فغيث حين تسأله ... عرفا وليث لدى الهيجاء ضرغام يحيا الأنام به في الجدب إن قحطوا ... جودا وتشقى به يوم الوغى الهام حالان ضدّان مجموعان فيه فما ... ينفكّ بينهما بؤسى وإنعام كالمزن تجتمع الحالات فيه معا ... ماء ونار وإرهام وإضرام   [196) - الوافي 8: 175 وبغية الوعاة 1: 391. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 518 [197] أحمد بن مطرّف بن إسحاق القاضي، أبو الفتح المصري : كان في الدولة المصرية في أيام الحاكم، وله تآليف في الأدب منها: كتاب النوائح. كتاب كبير في اللغة. ورسالة في الضاد والظاء، كتب بها إلى الشريف أبي الحسن محمد بن القاسم الحسيني عامل تنيس. [198] أحمد بن مطرّف أبو الفتح العسقلاني : كان يلي القضاء بدمياط، ومات في سنة ثلاث عشرة وأربعمائة، ومولده سنة نيف وعشرين وثلاثمائة. وكان أديبا فاضلا، وله كتب كثيرة مصنّفة في الأدب وفي اللغة وغيرهما. وديوان شعره جمعه على نسختين إحداهما معربة، والأخرى مجردة، يكون دون ألف ورقة- قال ذلك كله أبو عبد الله الصوري الحافظ، وحكى أنه أنشده قطعة من شعره، وناوله بقيته، وأذن له في روايته عنه ورواية سائر مصنفاته، قال: ومما أحفظ له من قطعة أنشدنيها لنفسه أولها: علمي بعاقبة الأيام يكفيني ... وما قضى الله لي لا بدّ يأتيني يقول فيها: ولا خلاف بأن الناس مذ خلقوا ... فيما يرومون معكوسو القوانين إذ ينفق العمر في الدنيا مجازفة ... والمال ينفق فيها بالموازين [199] أحمد بن موسى بن أبي عمار الحناط صاحب أبي عبيد القاسم بن سلام: مات فيما ذكره ابن بنت الفريابي في سنة إحدى وثمانين ومائتين.   [197]- الوافي 8: 181 وبغية الوعاة 1: 391. [198]- الوافي 8: 181 وبغية الوعاة 1: 391 وفي ر: العمري من ولد محمد بن زيد بن عبد الله بن عبد الله ابن عمر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 519 [200] أحمد بن موسى بن العباس بن مجاهد المقرىء أبو بكر : قال الخطيب: كان شيخ القرّاء في وقته، والمقدم منهم على أهل عصره، مات فيما ذكره الخطيب في شعبان سنة أربع وعشرين وثلاثمائة، ودفن في مقبرة باب البستان من الجانب الشرقي، ومولده في ربيع الآخر سنة خمس وأربعين ومائتين. قال الخطيب: وحدث عن عبد الله بن أيوب المخرمي «1» ومحمد بن الجهم السمري وخلق غيرهما. وحدث عنه الدارقطني وأبو بكر الجعابي وأبو بكر ابن شاذان وأبو حفص ابن شاهين وغيرهم. وكان ثقة مأمونا يسكن بالجانب الغربي نحو مربعة الخرسي. حدث أبو بكر الخطيب قال، قال ثعلب النحوي في سنة ست وثمانين ومائتين: ما بقي من عصرنا هذا أعلم بكتاب الله من أبي بكر ابن مجاهد. وحدث أبو بكر المحبري «2» قال: صليت خلف أبي بكر ابن مجاهد صلاة الغداة فاستفتح بقراءة الحمد، ثم سكت، ثم استفتح ثانية ثم سكت، ثم ابتدأ بالقراءة فقلت: أيها الشيخ رأيت اليوم منك عجبا، فقال لي: شهدت المكان؟ فقلت: نعم، فقال: أشهدك الله إن حدثت به عني إلى أن أوارى تحت أطباق الثرى، ثم قال لي: يا بني ما هو إلا أن كبّرت تكبيرة الإحرام حتى كأني بالحجب قد انكشفت ما بيني وبين ربّ العزة تعالى سرّا بسرّ، ثم استفتحت بقراءة الحمد فاستجمع كلّ حمد لله في كتابه ما بين عينّي فلم أدر بأيّ الحمدلة ابتدىء. وحدث عيسى بن علي بن عيسى الوزير قال: أنشدني أبو بكر ابن مجاهد، وقد   [200]- ترجمة ابن مجاهد في الفهرست: 34 وتاريخ بغداد 5: 144- 148 والمنتظم 6: 282 وطبقات الجزري 1: 139 وسير الذهبي 15: 272 وعبر الذهبي 2: 201 والوافي 8: 200 والشذرات 2: 302 ومرآة الجنان 2: 288 وطبقات السبكي 3: 57. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 520 جئته عائدا، وأطال عنده قوم كانوا قد حضروا لعيادته، فقال لي: يا أبا القاسم عيادة ثم ماذا؟ فصرف من حضر، ثم هممت بالانصراف معهم فأمرني بالرجوع إليه، ثم أنشدني عن محمد «1» بن الجهم السمري: لا تضجرنّ مريضا جئت عائده ... إنّ العيادة يوم إثر يومين بل سله عن حاله وادع الإله له ... واقعد بقدر فواق بين حلبين من زار غبّا أخا دامت مودته ... وكان ذاك صلاحا للخليلين وحدث الحسين بن محمد بن خلف المقرىء قال: سمعت أبا الفضل الزهري يقول: انتبه أبي في الليلة التي مات فيها أبو بكر ابن مجاهد فقال: يا بني ترى من مات الليلة؟ فإني قد رأيت في منامي كأنّ قائلا يقول: قد مات الليلة مقوّم وحي الله منذ خمسين سنة. فلما أصبحنا إذا ابن مجاهد قد مات، آخر ما نقلناه من «تاريخ الخطيب» . وذكره محمد بن إسحاق في كتابه فقال: كان ابن مجاهد مع ما عرف به من الفضل واشتهر عنه من العلم والنبل كثير المداعبة طيّب الخلق، وله من الكتب: كتاب القراءات الكبير. كتاب القراءات الصغير. كتاب الياءات. كتاب الهاءات. كتاب قراءة أبي عمرو. كتاب قراءة ابن كثير. كتاب قراءة عاصم. كتاب قراءة نافع. كتاب قراءة حمزة. كتاب قراءة الكسائي. كتاب قراءة ابن عامر. كتاب قراءة النبي صلى الله عليه وسلّم. كتاب السبعة «2» . كتاب انفرادات القراء السبعة. كتاب قراءة علي بن أبي طالب رضي الله عنه. قال ابن مجاهد: سألني الوزير علي بن عيسى عن الحجة في اظهار الميم عند قوله: لهم فيها، فقلت: ليس الحجة عليّ، أنا رأيت ميما وفاء فنطقت بهما، الحجة عليّ حين أدغم. نقلت من خط أبي سعد السمعاني واختياره لتاريخ يحيى بن منده، سمعت الإمام أبا المظفر عبد الله بن شيث المقرىء يقول، سمعت أحمد بن منصور المذكّر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 521 يقول، سمعت أبا الحسن ابن سالم البصري الصوفيّ يقول- وهو صاحب سهل بن عبد الله التستري- قال سمعت أبا بكر محمد بن مجاهد المقرىء يقول: رأيت رب العزة في المنام، فختمت عليه ختمتين، فلحنت في موضعين فاغتممت، فقال: يا ابن مجاهد الكمال لي الكمال لي. قرأت في «تاريخ خوارزم» في ترجمة أبي سعيد أحمد بن محمد بن حمديج الحمديجي قال: كنت أختلف إلى أبي بكر ابن مجاهد المقرىء البغدادي، فكان يكرمني لفقهي، فاشتهيت أن أقرأ عليه لما رأيت من ولوع الناس بالقراءة عليه، فقلت له: إني أريد أن أقرأ عليك القرآن، فقال: نعم إن كنت تريد القراءة فاجلس مجلس التلامذة، قال: فتحولت من جنبه إلى بين يديه، فلما افتتحت القراءة على رسم العامة وقلت: بسم الله الرحمن الرحيم قال: أو كذا تقرأ اذهب إلى ذلك الفتى حتى يرشدك ثم اقرأ عليّ فخجلت من ذلك وترك إكرامي كما كان يكرمني قبل ذلك لما عرف بضاعتي في القراءة. وقال التنوخي: بلغني عن أبي بكر ابن مجاهد أنه قال: الناس أربعة: مليح يتبغض لملاحته فيحتمل، وبغيض يتملّح فذاك الحمى والداء الذي لا دواء له، وبغيض يتبغض فيعذر لأنه طبعه، ومليح يتملح فتلك الحياة الطيبة. قرأت «1» بخط ابن مختار العلوي قال ابن خالويه: كنت عند أبي عمر الزاهد فجاء شابّ مقرىء من أهل باب الشام فقال: سمعت ابن مجاهد يقول: رأيت رسول الله في النوم فقرأت عليه سورة الأنعام، فلما بلغت إلى رأس خمس وثلاثين إنما يستجيب الذين يسمعون (الأنعام: 36) أومأ بيده إليّ أن قف، فوقفت فقلت: لو كان [ابن] مجاهد على مائة فرسخ وجب أن أصير إليه لأسمع هذه الحكاية منه، فصرت إليه من جامع المدينة إلى سوق العطش فسألته فقال: لا والله ما كان من هذا شيء، وهذا بالحقيقة وقف حسن. ومن تاريخ ابن بشران: كان ابن مجاهد كثيرا ما ينشد: إذا عقد القضاء عليك أمرا ... فليس يحلّه إلّا القضاء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 522 قال: وذكر عن ابن مجاهد أنه حضر وجماعة من أهل العلم في بستان، وداعب وقال وقد لاحظه بعضهم: التعاقل في البستان كالتخالع في المسجد. وروي عن أبي طالب الهاشمي صهر أبي بكر ابن مجاهد قال: كنت عند ابن مجاهد وقد حضرته الوفاة، فقال لي: أخرج من ها هنا من أهلنا، قال: ففعلت ذلك، ثم قال لي: وتباعد أنت أيضا، فوقفت عنه بعيدا فاستقبل القبلة وأقبل يتلو آيات من القرآن ثم خفت صوته فلم يزل يتشاهد إلى أن طفي. قال: وكان له جاه عريض عند السلطان، وسأله بعض أصحابه كتابا إلى هلال بن بدر في حاجة له، فكتب إليه كتابا وختمه ولم يقف عليه فلما صار إلى هلال وسلّم إليه الكتاب قضى حوائجه وبلغ له فوق ما أراد، فلما أراد أن ينصرف قال له: تدري ما في كتابك؟ قال: فأخرجه وفيه بسم الله الرحمن الرحيم حامل كتابي إليك حامل كتاب الله عني، والسلام، وصلى الله على سيدنا محمد وآله أجمعين. [201] أبو أحمد النهرجوري الشاعر العروضي «1» : له في العروض تصانيف، وهو به عارف حاذق يجري مجرى أبي الحسن العروضي والعمراني وغيرهما فيه، وهو مع ذلك شاعر متوسط الطبقة، وهو من أهل البصرة. حدثني أبو الحسن علي بن محمد بن نصر الكاتب قال: اجتمعت به بالبصرة في سنة تسع وتسعين وثلاثمائة وأنا في جملة أبي العباس ابن ماسرجيس وسافرنا عنها إلى أرّجان [مع] بهاء الدولة، وخرج النهرجوري معنا وأقام في مصاحبته إلى أن تقلد أبو الفرج محمد بن علي الخازن البصرة في أواخر سنة اثنتين وأربعمائة فعاد معه إليها، ثم وردتها في ذي القعدة   [201]- الوافي 8: 301 وقد عده البيهقي في تاريخ حكماء الإسلام: 35 أحد إخوان الصفا؛ ويرد مكانه في الإمتاع 2: 5 أبو أحمد المهرجاني (وفي أصل الإمتاع ما يشبه النهرجوري) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 523 سنة ثلاث وأربعمائة متصلا بخدمة شاهنشاه الأعظم جلال الدولة ابن بهاء الدولة وقد مات النهرجوري قبل ذلك بشهور بعلة طريفة لحقته من ظهور القمل في جسمه عند حكه إياه إلى أن مات. وكان شيخا قصيرا شديد الأدمة سخيف اللبسة وسخ الجملة سيّء المذهب متظاهرا بالإلحاد غير مكاتم له، ولم يتزوج قط ولا أعقب، وكان قويّ الطبقة في الفلسفة وعلوم الأوائل، ومتوسطا في علوم العربية وعلمه بها أكثر من شعره. وكان ثلّابة للناس هجاء قليل الشكر لمن يحسن إليه غير مراع لجميل يسدى إليه. وأنشدني أشياء كثيرة من شعره ومنه: من عاذري من رئيس ... يعدّ كسبي حسبي لما انقطعت إليه ... حصلت منقطعا بي فسمع ذلك أبو العباس ابن ماسرجيس فقال: هذا تدليس منه وأنا المقصود بالهجو، وإنما قال: من عاذري من وزير، وقد راقبني في تعبيره، فلما توفي النهرجوري حمل إلى أبي العباس مسوّداته، فوجد فيها القطعة منسوبة إليه فأخرجها ووقفني عليها وعرفني صحّة حدسه فيه. ومن شعره في أبي الوفاء ابن الصيقل: ما استخرج المال بمثل العصا ... لطالبيه من أبي الغدر أليس قد أخرج موسى بها ... لقومه الماء من الصخر وله أيضا: صاح نديمي وشفّه الطرب ... يا قومنا إنّ أمرنا عجب نار إذا الماء مسها زفرت ... كأنها لالتهابها حطب وله يهجو طبيبا من أهل الأبلّة يعرف بابن غسان، وكان قد أغري بهجائه: يا طبيبا داوى كساد ذوي الأكفا ... ن حتى أعادهم في نفاق إن تكن قد وصلت رزقهم في ... ها فكم قد قطعت من أرزاق وقّع الله في جبينك للأر ... زاق أن ودّعي وداع الفراق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 524 وله فيه أيضا: يا ابن غسان أنت ناقضت عيسى ... فهو يحيي الموتى وأنت تميت يشهد القلب أنه يقدم الغاسل ... أو أنّ دسته تابوت وقال في أبي إسحاق الصابىء يمدحه وهو بالبصرة بقصيدة أولها: لا يذهبنّ عليك في العوّاد ... ضعف القوى وتفتت الأكباد لا تسألي عني سواك فإنما ... ذكراك أنفاسي وحبّك زادي يا سمحة بدمي على تحريمه ... فيما يظنّ أصادق وأعادي حاشاك أن ألقاك غير بخيلة ... أو أن أرى ما لا يزين رشادي وله يهجو امرأة: تموت من شهوة الضراط ولا ... يسعدها دبرها بتصويت كأنها إذ تناك خابية ... تغسل ملقيّة لتزفيت وله أيضا: لو كان يورث بالمشابه ميّت ... لملكت بالأعضاء ما لا يملك نغل مخايله تخبّر أنه ... في الناس من نطف الجميع مشبّك قالوا: ولم يكن وسخه وقذارته عن فقر، فإن حاله كانت مستقيمة حسنة، بل كانت لعادة سيئة فيه، وكان الناس يتقون لسانه وكثرة هجائه. قال ابن نصر: ومدح أبو أحمد النهرجوري أبا الفرج منصور بن سهل المجوسي عامل البصرة، فأعطاه صلة حاضرة هنية والتفّ به الحواشي فطالبوه، فكتب رقعة ودفعها إلى بعض الداخلين إليه وقال: تسلّم هذه إلى الأستاذ، وكان فيها: أجازني الأستاذ عن مدحتي ... جائزة كانت لأصحابه ولم يكن حظي منها سوى ... جهبذتي يوما على بابه فلما وصلت إليه الرقعة خرّج في الحال من صرف الحواشي عنه، وصار معه حتى دخل منزله. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 525 [202] أحمد بن نصر بن الحسين البازيار أبو علي : كان نديما لسيف الدولة بن حمدان، وكان أبوه نصر بن الحسين من ناقلة سامرّا، واتصل بالمعتضد وخدمه وخفّ على قلبه، وأصله من خراسان، وكان يتعاطى لعب الجوارح، فردّ إليه المعتضد نوعا من أنواع جوارحه. ومات أبو علي بحلب في حياة سيف الدولة. وله من الكتب: كتاب تهذيب البلاغة، ذكر ذلك كله محمد بن إسحاق النديم «1» . قال ثابت بن سنان «2» : مات أبو علي أحمد بن نصر بن البازيار بالشام في سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة. وحدث أبو جعفر طلحة بن عبد الله بن قناش صاحب «كتاب القضاة» قال: كنا بحضرة سيف الدولة- وقد كان من ندمائه- قال: كان يحضر معنا مجلسه أبو نصر البنص، وكان رجلا من أهل نيسابور أقام ببغداد قطعة من أيام المقتدر وبعدها إلى أيام الراضي، وكان مشهورا بالطيبة والخلاعة وخفّة الروح وحسن المحاضرة مع العفة والستر، وتقلد الحكم في عدة نواح بالشام، فقيل له يوما بحضرة سيف الدولة: لم لقّبت البنص؟ فقال: ما هذا لقب وإنما هو اشتقاق من كنيتي، كما لو أردنا أن نشتق من أبي علي مثل هذا (وأومأ إلى ابن البازيار) لقلنا سيف الدولة منه ولم ينكر عليه. وقد استدللت بهذه الحكاية على عظم قدر ابن البازيار عند سيف الدولة إذ قرن اسمه باسمه. قال أبو علي عبد الرحمن بن عيسى بن الجراح في «تاريخه» : لما ورد ناصر الدولة إلى بغداد، وقد ردّ إليه تدبير العساكر وإمرة الأمراء، قلّد الوزير أبو إسحاق   [202]- بغية الطلب 2: 88 والوافي 8: 214 ونقل ابن العديم من كتاب «معرفة شرف الملوك» أن سيف الدولة كان يترحم على أبي علي البازيار ويقول: رحمك الله يا أبا علي كان يقول لي وأنا أفوض إلى «نجا» وأعطيه وأرفع منزلته: أيها الأمير إنك تعقد عقدا فانظر كيف تحله (ثم كان من عصيان نجا ما كان) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 526 أحمد بن محمد القراريطي إبراهيم بن أخي أبي الحسن عليّ بن عيسى أصل ديوان المشرق وزمام البرّ وزمام المغرب وزمام الضياع «1» وديوان الفراتية مدة من الزمن، ثم استشفع أحمد بن نصر البازيار إلى الوزير القراريطي «2» بابن مكرم كاتب ناصر الدولة، فقلّده ديوان المشرق وزمام البرّ وزمام المغرب «3» وعوّض أبا نصر إبراهيم بن أخي أبي الحسن مكان ما صرفه عنه: ديوان البر وديوان ضياع ورثة موسى بن بغا. الأصل: نقلت هذا من خط إبراهيم بن أخي أبي الحسن علي بن عيسى صاحب هذه القصة، فإن النسخة بالتاريخ كانت بخطه. وذكر هلال أن أحمد بن نصر البازيار كان ابن أخت أبي القاسم علي بن محمد بن الحواري. وكان أبو العباس الصفري شاعر سيف الدولة قد حبس لمحاكمة كانت بينه وبين رجل من أهل حلب، فكتب إلى ابن البازيار من محبسه: كذا الدهر بوس مرة ونعيم ... فلا ذا ولا هذا يكاد يدوم وذو الصبر محمود على كلّ حالة ... وكلّ جزوع في الأنام ملوم يقول فيها: أترضى الطهمّانيّ «4» قاض بحبسه ... إذا اختصمت يوما إليه خصوم وإنّ زمانا فيه يحبس مثله ... لمثلي زمان ما علمت لئيم يكاد فؤادي يستطير صبابة ... إذا هبّ من نحو الأمير نسيم هل أنت ابن نصر ناصري بمقالة ... لها في دجى الخطب البهيم نجوم ولائم قاض ردّ توقيع من به ... غدا قاضيا فالأمر فيه عظيم ومتخذ عندي صنيعة ماجد ... كريم نماه في الفخار كريم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 527 [203] أحمد بن هبة الله بن العلاء بن منصور المخزومي أبو العباس الأديب النحوي المعروف بالصدر ابن الزاهد: مات في الثالث عشر من رجب سنة إحدى عشرة وستمائة وقد نيف على الثمانين، وكان له اختصاص عظيم بالشيخ أبي محمد ابن الخشاب لا يفارقه، فحصل منه علما جما، وصارت له يد باسطة في العربية واللغة، وكان قرأ قبله على أبي الفضل ابن الأشقر. وكان كيسا مطبوعا خفيف الروح حسن الفكاهة، وسمع من عبد الوهاب الأنماطي وابن الماندائي وغيرهما. أنبأنا أبو عبد الله الدبيثي قال: أنشدني أبو العباس أحمد بن هبة الله الأديب لفظا، قال أنشدني الأمير أبو الفوارس سعد بن محمد الصيفي لنفسه «1» : أجنّب أهل الأمر والنهي زورتي ... وأغشى امرءا في بيته وهو عاطل وإني لسمح بالسلام لأشعث ... وعند الهمام القيل بالردّ باخل وما ذاك من كبر ولكن سجية ... تعارض تيها عندهم وتساجل ذكره العماد في الخريدة فقال «2» : هو من الفقهاء بالنظامية، ذو الخاطر الوقاد «3» ، والقريحة والانتقاد، وله يد في العربية والنحو، قرأ على شيخنا أبي محمد [ابن] الخشاب، وأنشدني لنفسه: ومهفهف يسبيك خطّ عذاره ... ويريك ضوء البدر في أزراره حسدت شمائله الشّمول وهجّنت ... لطف النسيم يهبّ في أسحاره «4» وإذا أردت جفاه قال لي الهوى ... هو في الفؤاد فداره في داره   [203]- ترجمته في إنباه الرواة 1: 138 ومختصر ابن الدبيثي: 224 والوافي 8: 223 وبغية الوعاة 1: 395. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 528 لم أضمر السلوان عنه ساعة ... إلا استعذت وتبت من إضماره دقّت معاقد خصره فكأنها ... المعنى الخفيّ يجول في أفكاره وكأن وجنته وحمرة خده ... ورد غذاه الطلّ في أسحاره وله قصيدة كتبها إلى الملك الناصر يوسف بن أيوب منها «1» : إنّ الأكاسرة الألى شادوا العلا ... بين الأنام فمفضل أو منعم يشكون أنك قد نسخت فعالهم ... حتى تنوسي ما تقدّم منهم وسننت في شرع المكارم «2» ما عموا ... عن بعضه وفهمت ما لم يفهموا وله أيضا «3» : ماذا يقول لك الراجي وقد نفدت ... فيك المعاني وبحر القول قد نزفا وما له حيلة إلا الدعاء فإن ... يسمع يظلّ عليه «4» الدهر معتكفا [204] أحمد بن الهيثم بن فراس بن محمد بن عطاء السامي : قال المرزباني: هو أحد الرواة المكثرين، روى عنه الحسن بن عليل العنزي وأبو بكر وكيع. قلت: وكان أبوه الهيثم بن فراس شاعرا مكثرا، وكان جده فراس من شيعة بني العباس، وقد أدرك دولة هشام بن عبد الملك، وله في أول الدولة أخبار. فحدّث المرزباني بإسناد رفعه إلى الهيثم بن فراس قال: أنشدت عمار بن ثمامة:   [204]- تاريخ بغداد 5: 192 والوافي 8: 228. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 529 ينادي الجار خادمه فتسعى ... مشمرة إذا حضر الطعام وأدعو حين يحضرني طعامي ... فلا أمة تجيب ولا غلام وحدّث عن محمد بن العباس عن المبرد قال، قال الهيثم بن فراس في الفضل بن مروان وزير المعتصم «1» : تجبّرت يا فضل بن مروان فاعتبر ... فقبلك كان الفضل والفضل والفضل ثلاثة أملاك مضوا لسبيلهم ... أبادهم الموت المشتّت والقتل يريد الفضل بن يحيى والفضل بن الربيع والفضل بن سهل فإنك قد أصبحت في الناس ظالما ... ستودي كما أودى الثلاثة من قبل [205] أحمد بن يحيى بن جابر بن داود البلاذري أبو الحسن، وقيل أبو بكر: من أهل بغداد، ذكره الصولي في ندماء المتوكل على الله، مات في أيام المعتمد على الله في أواخرها، وما أبعد أن يكون أدرك أول أيام المعتضد. وكان جده جابر يخدم الخصيب صاحب مصر. وذكره ابن عساكر في «تاريخ دمشق» «2» فقال: سمع بدمشق هشام بن عمار وأبا حفص عمر بن سعيد، وبحمص محمد بن مصفّى، وبأنطاكية محمد بن عبد الرحمن بن سهم وأحمد بن برد الأنطاكيين، وبالعراق عفان بن مسلم وعبد الأعلى بن حماد وعلي بن المديني وعبد الله بن صالح العجلي ومصعبا الزبيري وأبا عبيد القاسم بن سلام وعثمان بن أبي شيبة وأبا الحسن علي بن محمد المدائني   [205]- الفهرست: 125 وبغية الطلب 2: 116 وسير الذهبي 13: 162 والوافي 8: 239 (ويعتمد ياقوت على ابن عساكر، المصورة 2: 269 وابن النديم: 125 والجهشياري ومعجم المرزباني وأمالي ابن المنجم والوزراء للصولي) وزاد ابن عساكر في كناه: «أبو جعفر» . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 530 ومحمد بن سعد كاتب الواقدي وذكر جماعة. قال: وروى عنه يحيى بن البريم «1» وأحمد بن عبد الله بن عمار وأبو يوسف يعقوب بن نعيم [بن] «2» قرقارة الأرزني «3» . قال محمد بن إسحاق النديم: كان جدّه جابر يكتب للخصيب صاحب مصر، وكان شاعرا راوية، ووسوس آخر أيامه فشدّ في المارستان ومات فيه، وكان سبب وسوسته أنه شرب ثمر البلاذر على غير معرفة فلحقه ما لحقه. وقال الجهشياري في «كتاب الوزراء» «4» : جابر بن داود البلاذري كان يكتب للخصيب بمصر، هكذا ذكروا، ولا أدري أيهما شرب البلاذر أحمد بن يحيى أو جابر بن داود. إلّا ان ما ذكره الجهشياري يدلّ على أن الذي شرب البلاذر هو جده لأنه قال: جابر بن داود، ولعلّ ابن ابنه لم يكن حينئذ موجودا، والله اعلم. وكان أحمد بن يحيى بن جابر عالما فاضلا شاعرا راوية نسابة متقنا، وكان مع ذلك كثير الهجاء بذيء اللسان آخذا لأعراض الناس، وتناول وهب بن سليمان بن وهب لما ضرط فمزّقه كلّ ممزّق، فمن قوله فيه، وكانت الضرطة بحضرة عبيد الله بن يحيى بن خاقان: أيا ضرطة حسبت رعده ... تنوّق في سلّها جهده تقدّم وهب بها سابقا ... وصلّى أخو صاعد بعده لقد هتك الله ستريهما ... كذا كلّ من يطعم الفهده «5» وقال أحمد بن يحيى بن جابر يهجو عافية بن شبيب: من رآه فقد رأى ... عربيا مدلّسا ليس يدري جليسه ... أفسا أم تنفّسا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 531 وحدث علي بن هارون بن المنجم في «أماليه» عن عمه قال، حدثني أبو الحسن أحمد بن يحيى البلاذري قال: لما أمر المتوكل إبراهيم بن العباس الصولي أن يكتب فيما كان أمر به من تأخير الخراج حتى يقع في خمس من حزيران ويقع استفتاح الخراج فيه، كتب في ذلك كتابه المعروف، وأحسن فيه غاية الاحسان، فدخل عبيد الله بن يحيى على المتوكل فعرّفه حضور إبراهيم بن العباس وإحضاره الكتاب معه، فأمر بالاذن له، فدخل وأمره بقراءة الكتاب فقرأه، واستحسنه عبيد الله بن يحيى وكلّ من حضر، قال البلاذري: فدخلني حسد له فقلت: فيه خطأ، قال فقال المتوكل: في هذا الكتاب الذي قرأه عليّ إبراهيم خطأ؟ قال قلت: نعم، قال: يا عبيد الله وقفت على ذلك؟ قال: لا والله يا أمير المؤمنين ما وقفت فيه على خطأ، قال: فأقبل إبراهيم بن العباس على الكتاب يتدبّره فلم ير فيه شيئا، فقال: يا أمير المؤمنين الخطأ لا يعرى منه الناس وقد تدّبرت الكتاب خوفا من أن أكون قد أغفلت شيئا وقف عليه أحمد بن يحيى فلم أر ما أنكره، فليعرّفنا موضع الخطأ، قال فقال المتوكل: قل لنا ما هو هذا الخطأ الذي وقفت عليه في هذا الكتاب، قال فقلت: هو شيء لا يعرفه إلا عليّ بن يحيى المنجم ومحمد بن موسى، وذلك أنه أرّخ الشهر الروميّ بالليالي، وأيام الروم قبل لياليها، فهي لا تؤرّخ بالليالي وإنما يؤرخ بالليالي شهور العرب لأن لياليها قبل أيامها بسبب الأهلّة، قال فقال إبراهيم: صدق يا أمير المؤمنين هذا ما لا علم لي به ولا أدّعي فيه ما يدّعي، قال: فغير تاريخه. قال الجهشياري: وقال أحمد بن يحيى البلاذري في عبيد الله بن يحيى وقد صار إلى بابه فحجبه: قالوا اصطبارك للحجاب مذلّة ... عار عليك مدى الزمان وعاب فأجبتهم ولكلّ قول صادق ... أو كاذب عند المقال جواب إني لأغتفر الحجاب لماجد ... أمست له منن عليّ رغاب قد يرفع المرء اللئيم حجابه ... ضعة ودون العرف منه حجاب وحدث الجهشياري قال، حدثني ابن أبي العلاء الكاتب، قال حدثني أبو الحسن أحمد بن يحيى بن جابر البلاذري قال: دخلت إلى أحمد بن صالح بن شيرزاد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 532 فعرضت عليه رقعة لي فيها حاجة، فتشاغل عني، فقلت: تقدّم وهب سابقا بضراطه ... وصلّى الفتى عبدون والناس حضّر وإني أرى من بعد ذاك وقبله ... بطونا لناس آخرين تقرقر فقال: يا أبا الحسن بطن من؟ فقلت: بطن من لم يقض حاجتي، فأخذ الرقعة ووقّع فيها بما أردت. وقال أحمد بن يحيى يهجو صاعدا وزير المعتمد: أصاعد قد ملأت الأرض جورا ... وقد سست الأمور بغير لبّ وساميت الرجال وأنت وغد ... لئيم الجدّ ذو عيّ وغب «1» أضلّ عن المكارم من دليل ... وأكذب من سليمان بن وهب وقد خبّرت أنك حارثيّ ... فردّ مقالتي أولاد كعب قلت: أما سليمان بن وهب فمعروف، وأما دليل فهو دليل بن يعقوب النصراني أحد وجوه الكتاب، كان يكتب لبغا التركي ثم توكل للمتوكل على خاصه. وحدث أبو القاسم الشافعي في «تاريخ دمشق» باسناده قال، قال أحمد بن جابر البلاذري، قال لي محمود الوراق: قل من الشعر ما يبقى ذكره ويزول عنك إثمه، فقلت «2» : استعدّي يا نفس للموت واسعي ... لنجاة فالحازم المستعدّ قد تبينت «3» أنه ليس للحيّ ... خلود ولا من الموت بدّ إنما أنت مستعيرة ما سو ... ف تردّين والعواري تردّ أنت تسهين والحوادث لا تسهو ... وتلهين والمنايا تجدّ لا ترجّي البقاء في معدن الموت ... ودار حتوفها لك ورد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 533 أيّ ملك في الأرض أم أيّ حظّ ... لامرىء حظه من الارض لحد كيف يهوى امرؤ لذاذة أيا ... م عليه الانفاس فيها تعدّ ومن شعر البلاذري الذي رواه المرزباني في «معجم الشعراء» «1» : يا من روى أدبا ولم يعمل به ... فيكفّ عادية الهوى بأديب حتى يكون بما تعلّم عاملا ... من صالح فيكون غير معيب ولقلّما تجدي إصابة صائب ... أعماله أعمال غير مصيب قال ابن عساكر في كتابه «2» : وبلغني أن البلاذري كان أديبا راوية له كتب جياد، ومدح المأمون بمدائح، وجالس المتوكل، ومات في أيام المعتمد ووسوس في آخر عمره. قال المؤلف: هذا الذي ذكره ابن عساكر من كلام المرزباني في «معجم الشعراء» بعينه. وقال محمد بن إسحاق النديم «3» : وله من الكتب: كتاب البلدان الصغير. كتاب البلدان الكبير لم يتم. كتاب جمل نسب الأشراف، وهو كتابه المعروف المشهور. كتاب عهد أردشير ترجمه بشعر، قال: وكان أحد النّقلة من الفارسي إلى العربي. كتاب الفتوح. وحدث الصولي في «كتاب الوزراء» حدثني أحمد بن محمد الطالقاني قال قال لي أحمد بن يحيى البلاذري: كانت بيني وبين عبيد الله بن يحيى بن خاقان حرمة منذ أيام المتوكل، وما كنت أكلّفه حاجة لاستغنائي عنه، فنالتني في أيام المعتمد على الله إضافة فدخلت إليه وهو جالس للمظالم، فشكوت تأخّر رزقي وثقل ديني، وقلت: إنّ عيبا على الوزير- أعزّه الله- حاجة مثلي في أيامه، وغضّ طرفه عنّي، فوقع لي ببعض ما أردت وقال: أين حياؤك المانع لك من الشكوى على الاستبطاء؟ فقلت: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 534 غرس البلوى يثمر ثمر الشكوى، وانصرفت وكتبت إليه: لحاني الوزير المرتضى في شكايتي ... زمانا أحلّت للجدوب محارمه وقال لقد جاهرتني بملامة ... ومن لي بدهر كنت فيه أكاتمه فقلت: حياء المرء ذي الدين والتقى ... يقلّ إذا قلّت لديه دراهمه حياة ابن يحيى نعمة مستجدّة ... وحفظ لملك قد أضيعت سوائمه تلائمه النّعمى وتحسن عنده ... وكم من معار نعمة لا تلائمه لجأت إليه من زمان معاند ... قليل على أحداثه من يسالمه فكان كظنّي في كريم فعاله ... وأمطرت النعمى عليّ مكارمه وحدث الصولي عن محمد بن علي أن البلاذري امتدح أبا الصقر إسماعيل بن بلبل، وكتب إليه كتابا حسنا وسأله أن يطلق له شيئا من أرزاقه، فوعده فلم يفعل فقال: تجانف إسماعيل عنّي بودّه ... وملّ إخائي واللئيم ملول وإن امرءا يغشى أبا الصقر راغبا ... إليه ومغترّا به لذليل وقد علمت شيبان أن لست منهم ... فماذا الذي إن أنكروك تقول ولو كانت الدعوى تثبّت بالرّشا ... لثبّت دعواك الذين تنيل ولكنهم قالوا مقالا فكذّبوا ... وجاءوا بأمر ما عليه دليل وله فيما أورده عبد الله بن أبي طاهر: لما رأيتك زاهيا ... ورأيتني أجفى ببابك عدّيت رأس مطيّتي ... وحجبت نفسي عن حجابك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 535 [206] أحمد بن يحيى بن زيد بن سيار أبو العباس ثعلب الشيباني مولاهم النحوي اللغوي: إمام الكوفيين في النحو واللغة والثقة والديانة، ولد فيما ذكره المرزباني «1» عن مشايخه سنة مائتين، ومات لثلاث عشرة ليلة بقيت من جمادى الأولى سنة إحدى وتسعين ومائتين في خلافة المكتفي بن المعتضد وقد بلغ تسعين سنة وأشهرا. وكان رأى أحد عشر خليفة أولهم المأمون وآخرهم المكتفي، وكان قد ثقل سمعه قبل موته، ودفن في مقابر باب الشام في حجرة اشتريت له وبنيت بعد ذلك، وقبره هناك معروف، وردّ ماله على ابنته وكان خلّف أحدا وعشرين ألف درهم وألفي دينار ودكاكين بباب الشام قيمتها ثلاثة آلاف دينار، وضاع له قبل أبي أحمد الصيرفي ألف دينار، وكان يتجر له بها، ذكر ذلك عبد الله بن الحسين القطربلي في «تاريخه» . حدث المرزباني عن أبي العباس محمد بن طاهر الطاهري- وكان أبو العباس ثعلب يؤدّب أباه طاهر بن محمد بن عبد الله بن طاهر- قال «2» : كان سبب وفاة أبي العباس ثعلب أنه كان في يوم جمعة قد انصرف من الجامع بعد صلاة العصر، وكان يتبعه جماعة من أصحابه إلى منزله، أنا أحدهم، فتبعناه في تلك العشية إلى أن صرنا إلى درب قد أسماه بناحية باب الشام، واتفق أن ابنا لابراهيم بن أحمد الماذرائي يسير من ورائنا على دابة، وخلفه خادم له على دابة، قد قلق واضطرب، وكان في تلك العشية بيده دفتر ينظر فيه وقد شغله عما سواه، فلما سمعنا صوت حوافر الدوابّ خلفنا   [206]- ترجمة ثعلب في طبقات الزبيدي: 141 وتاريخ بغداد 5: 204 ونور القبس: 334 والفهرست: 80 وإنباه الرواة 1: 138 ونزهة الألباء: 157 ووفيات الأعيان 1: 102 وطبقات ابن الجزري 1: 148 وتذكرة الحفاظ: 214 وسير الذهبي 14: 5 وعبر الذهبي 2: 88 والبداية والنهاية 11: 98 والوافي 8: 243 والنجوم الزاهرة 3: 113 واشارة التعيين: 51 (ويعتمد المؤلف في الأكثر على طبقات الزبيدي وتاريخ بغداد والمقتبس والفهرست وكتاب التاريخي ومراتب النحويين وكتاب ابن أبي الأزهر، وسيشار إلى ذلك في مواضعه) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 536 تأخرنا عن جادة الطريق، ولم يسمع أبو العباس لصممه صوت الحوافر، فصدمته دابة الخادم فسقط على رأسه في هوة من الطريق قد أخذ ترابها، فلم يقدر على القيام، فحملناه إلى منزله كالمختلط يتأوه من رأسه، وكان سبب وفاته رحمه الله. وحدث المرزباني عن أحمد بن محمد العروضي قال: إنما فضل أبو العباس أهل عصره بالحفظ للعلوم التي تضيق عنها الصدور، وقد كان أبو سعيد السكري كثير الكتب جدا، فكتب بيده ما لم يكتبه أحد، فكانا في الطرفين لأن أبا سعيد كان غير مفارق للكتاب عند ملاقاة الرجال، وأبو العباس لا يمسّ بيده كتابا اتكالا على حفظه وثقة بصفاء ذهنه. قال الخطيب: سمع- يعني ثعلب- محمد بن سلام الجمحي ومحمد بن زياد الأعرابي وعلي بن المغيرة الأثرم وإبراهيم بن المنذر الحزامي وسلمة بن عاصم وعبيد الله بن عمر القواريري والزبير بن بكار وخلقا كثيرا. وروى عنه محمد بن العباس اليزيدي وعلي بن سليمان الأخفش وإبراهيم بن محمد بن عرفة نفطويه وأبو بكر ابن الأنباري وأبو عمر الزاهد وأبو الحسن ابن مقسم وأحمد بن كامل القاضي وخلق كثير. وكان يقول: سمعت من القواريري مائة ألف حديث. قرأت بخط أبي سالم الحسن بن علي قال، نقلت من خط الحسن بن علي بن مقلة، قال أبو العباس أحمد بن يحيى: ابتدأت النظر في العربية والشعر واللغة في سنة ست عشرة ومولدي سنة مائتين في السنة الثانية من خلافة المأمون. قال أبو العباس «1» : ورأيت المأمون لما قدم من خراسان في سنة أربع ومائتين وقد خرج من باب الحديد، وهو يريد قصر الرصافة، والناس صفّان إلى المصلّى. قال: وكان أبي قد حملني على يده، فلما مرّ المأمون رفعني وقال لي: هذا المأمون وهذه سنة أربع ومائتين، فحفظت ذلك إلى هذه الغاية، وحذقت العربية، وحفظت كتب الفراء كلّها حتى لم يشذّ عني حرف منها ولي خمس وعشرون سنة، وكنت أعنى بالنحو أكثر من عنايتي بغيره، فلما أتقنته أكببت على الشعر والمعاني والغريب ولزمت أبا عبد الله ابن الاعرابي بضع عشرة سنة. وأذكر يوما وقد صار إلى أحمد بن سعيد بن سلم وأنا عنده الجزء: 2 ¦ الصفحة: 537 وجماعة منهم السدريّ وأبو العالية فأقام وتذاكروا شعر الشماخ، وأخذوا في البحث عن معانيه والمساءلة عنه، فجعلت أجيب ولا أتوقف، وابن الأعرابي يسمع، حتى أتينا على معظم شعره، فالتفت إلى أحمد بن سعيد يعجّبه مني. قال أبو العباس: قلت لابن ماسويه في علة شكوتها إليه: ما تقول في الحمام؟ فقال لي: إن تهيأ لانسان بعد أربعين سنة أن يكون قيّم حمام فليفعل. قال أبو العباس: «الذي» لا ينسب إليه لأنه لا يتم إلا بصلة، والعرب لا تنسب إلا إلى اسم تامّ، والذي وما بعده حكاية، والحكاية لا ينسب إليها لئلا تتغير. قال أبو العباس: وسئل ابن قادم عنها وأنا غائب بفارس فقال «اللذوي» ، فلما قدمت وسئلت فقلت: لا ينسب إليه وأتيت بهذه العلة فبلغته، فلما اجتمعنا تجاذبنا، ثم رجع إلى قولي. وقال أبو العباس: كنت أصير إلى الرياشيّ لأسمع عنه، وكان نقي العلم، فقال لي يوما وقد قرىء عليه: ما تنقم الحرب العوان منّي ... بازل عامين حديث سني لمثل هذا ولدتني أمّي كيف تقول بازل أو بازل؟ فقلت: أتقول لي هذا في العربية؟ إنما أقصدك لغير هذا، يروى بازل وبازل وبازل: الرفع على الاستئناف، والخفض على الإتباع، والنصب على الحال، فاستحيا وأمسك. قال أبو العباس «1» : ودخلت على محمد بن عبد الله بن طاهر فإذا عنده المبرد وجماعة من أسبابه وكتّابه، وكان محمد بن عيسى وصفه له، فلما قعدت قال لي محمد بن عبد الله: ما تقول في قول امرىء القيس: لها متنتان خظاتا كما ... أكبّ على ساعديه النمر قال قلت: أما غريب البيت فإنه يقال: لحم خظا بظا إذا كان صلبا مكتنزا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 538 ووصف فرسا، وقوله: أكب على ساعديه النمر أي في صلابة ساعد النمر إذا اعتمد على يده، والمتن الطريقة الممتدة من عن يمين الصلب وشماله. وما فيه من العربية أنه [قال] : خظتا، فلما تحركت التاء أعاد الألف من أجل الحركة والفتحة، قال: فأقبل بوجهه على محمد بن يزيد، فقال له محمد: أعزّ الله الأمير إنما أراد [في] خظاتا الإضافة، أضاف خظاتا إلى «كما» قال، فقلت: ما قال هذا أحد، قال محمد بن يزيد: بلى سيبويه يقوله، فقلت لمحمد بن عبد الله: لا والله ما قال هذا سيبويه، وهذا كتابه فليحضر، ثم أقبلت على محمد بن عبد الله وقلت: ما حاجتنا إلى كتاب سيبويه؟ أيقال مررت بالزيدين ظريفي عمرو فيضاف نعت الشيء إلى غيره؟ فقال محمد لصحة طبعه: لا والله ما يقال هذا، ونظر إلى محمد بن يزيد فأمسك ولم يقل شيئا، وقمت ونهض المجلس. قال عبد الله الفقير إليه: لا أدري لم لا يجوز هذا وما أظنّ أحدا ينكر قول القائل: رأيت الفرسين مركوبي زيد، ولا الغلامين عبدي عمرو، ولا الثوبين درّاعتي زيد، ومثله مررت بالزيدين ظريفي عمرو، فيكون مضافا إلى عمرو وهو صفة لزيد، وهذا ظاهر لكل متأمّل «1» . قال أبو العباس: لما شاهدني المازني وجاراني النحو وخرج إلى سرّ من رأى كان يذكرني ويوجّه إليّ: أخيك يقرئك السلام. قال أبو العباس: قال لي محمد بن عيسى بحضرة محمد بن عبد الله: نحن نقدّمك لتقدمة الأمير، فقلت له: يا شيخ إني لم أتعلم العلم لتقدّمني الأمراء وإنما تعلمته لتقدّمني العلماء. قال أحمد بن يحيى: كان محمد بن عبد الله يكتب «ألف درهم واحدة» فإذا مرّ به «ألف درهم واحد» أصلحه «واحدة» ، فكان كتّابه ينكرون ذلك ويغلظ عليهم ويهابونه فلا يبتدئونه فيه بشيء، فقال يوما: أتدري لم عمل الفراء «كتاب البهي» ؟ قلت: لا قال: لعبد الله أبي بأمر طاهر جدي، قلت له: إنه قد كان عمل له كتبا منها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 539 «كتاب المذكر والمؤنث» قال: وما فيه؟ قلت: مثل «ألف درهم واحد» ولا يجوز «واحدة» ، ففتح عينيه وتنبّه وأقلع. وقال أبو العباس: بعث إليّ عبد الله ابن أخت أبي الوزير رقعة فيها خطّ المبرد «ضربته بلا سيف» قال: أيجوز هذا؟ فوجهت إليه: لا والله ما سمعت بهذا، قال أبو العباس: هذا خطأ بتة «1» لأن التبرئة لا يقع عليها خافض ولا غيره، لأنها أداة وما تقع أداة على أداة. قال العجوزي: صرت إلى المبرد مع القاسم والحسن ابني عبيد الله بن سليمان بن وهب، فقال لي القاسم: سله عن شيء من الشعر، فقلت: ما تقول- أعزك الله- في قول أوس: وغيّرها عن وصلها الشيب إنه ... شفيع إلى بيض الخدور مدرّب فقال بعد تمكث وتمهل وتمطّق: يريد أن النساء أنس به فصرن لا يستترن منه. ثم صرنا إلى أبي العباس أحمد بن يحيى، فلما غصّ المجلس سألته عن البيت فقال: قال لنا ابن الأعرابي: إنّ الهاء في «إنه» للشباب وإن لم يجر له ذكر لأنه علم، والتفتّ إلى الحسن والقاسم فقلت: أين صاحبنا من صاحبكم؟ وقال حمزة: لما مات المازنيّ خلفه أبو العباس المبرد، وبقي ذكره ببغداد وسامرّا لا يغضّ أحد منه إلى أن ذكره ابن الأنباريّ في بعض مصنفاته وأراد أن يضع منه ويرفع من صاحبه أبي العباس أحمد بن يحيى ثعلب، جاريا على عادته في العصبية للكوفيين على البصريين، فقال: سمعت أبا العباس- يعني ثعلبا- يقول: عزمت على المضيّ إلى المازنيّ لأناظره فأنكر ذلك عليّ أصحابنا وقالوا: مثلك لا يصلح أن يمضي إلى بصريّ فيقال غدا إنه تلميذه، فكرهت الخلاف عليهم، فأراد ابن الأنباري أن يرفع من ثعلب فوضع منه. ولم يقتصر على ذلك التقصير بالمازنيّ حتى قصّر بالخليل أيضا، وزعم أن أبا العباس أحمد بن يحيى حكى له أن أبا جعفر الرؤاسي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 540 عمل كتابا في النحو وسماه «الفيصل» فبعث الخليل إليه يستعيره فوجّه به إليه، فقال: والدليل على أن الخليل تعلّم النحو من كتاب الرؤاسي ما يوجد في كتاب سيبويه من ذكره إذ يقول: قال الكوفي، وهذا متى سمع علم أنه لا يقوله إلا عصبي. قرأت في كتاب ابن أبي الأزهر بخطّ عبد السلام البصري قال: كان بإزاء دار أبي العباس ثعلب رجل قد غلب على عقله، فكان ربما خرج فجلس على الباب- باب بيته- ينظر إلى الناس، فرأى يوما غلام أبي العباس وقد أدخل إلى داره خبزا أسود، فقال له: يا أبا العباس لم لا تشتري لك خبز حوّارى؟ ما معنى هذا الضيق والشؤم؟ فقال له: هذا أصلح من الحاجة وبذل الوجه إلى الناس، فضحك وقال: عجبت لك من هذا الكلام أمالك هذا إلا من بذل الوجه والحاجة إلى الناس والطلب منهم؟ لا تقبل برّ أحد إن كنت صادقا، فالتفت إليّ وقال: قد قال قولا، ثم أنشدني في الزهد: زماننا صعب وإخواننا ... أيديهم جامدة البذل وقد مضى الناس ولم يبق في ... عصرك إلا محكم البخل وما لنا بلغة أقواتنا ... ما فيه للإسراف من فضل فضمّ كفّيك على ملكها ... وأطرش السمع عن العذل فتعجبت من إنشاده هذا الشعر بعقب ما خوطب به. قال أحمد بن فارس اللغوي: كان أبو العباس ثعلب لا يتكلّف الإعراب في كلامه، كان يدخل المجلس فنقوم له فيقول: أقعدوا أقعدوا، بفتح الألف. قال ابن كامل القاضي: أنشدني أبو بكر ابن العلاف لنفسه لما مات المبرد «1» : ذهب المبرد وانقضت أيّامه ... وليلحقنّ مع المبرّد ثعلب بيت من الآداب أصبح نصفه ... خربا وباقي ربعه فسيخرب فابكوا لما سلب الزمان ووطّنوا ... للدهر أنفسكم على ما يسلب ذهب المبرد حيث لا ترجونه ... أبدا ومن ترجونه فمغيّب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 541 فتزوّدوا من ثعلب فبكأس ما ... شرب المبرد عن قليل يشرب واستحلبوا ألفاظه فكأنكم ... بسريره وعليه جمع مجلب وأرى لكم أن تكتبوا أنفاسه ... إن كانت الأنفاس مما يكتب فليلحقنّ بمن مضى متخلّف ... من بعده وليذهبنّ ونذهب وقال أبو الطيب عبد الواحد اللغوي في كتابه المسمى «مراتب النحويين» «1» قال: كان ثعلب يعتمد على ابن الأعرابي في اللغة، وعلى سلمة بن عاصم في النحو، ويروي عن ابن نجدة كتب أبي زيد، وعن الأثرم كتب أبي عبيدة، وعن أبي نصر كتب الأصمعي، وعن عمرو بن أبي عمرو كتب أبيه، وكان ثقة متقنا يستغني بشهرته عن نعته. وقال: وكان ثعلب حجّة دينا ورعا مشهورا بالحفظ والصدق وإكثار الرواية وحسن الدراية، كان ابن الأعرابي إذا شكّ في شيء يقول له: ما عندك يا أبا العباس في هذا؟ ثقة بغزارة حفظه. ولد سنة مائتين وطلب اللغة والعربية في سنة ست عشرة ومائتين. قال: وابتدأت بالنظر في «حدود الفراء» وسني ثماني عشرة سنة، وبلغت خمسا وعشرين سنة وما بقي عليّ مسألة للفراء إلا وأنا أحفظها وأحفظ موضعها من الكتاب، ولم يبق شيء من كتب الفراء في هذا الوقت إلا وقد حفظته. وحدث المرزباني قال عبد الله بن حسين بن سعد القطربلي في «تاريخه» «2» : كان أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب من الحفظ والعلم وصدق اللهجة، والمعرفة بالغريب، ورواية الشعر القديم، ومعرفة النحو على مذهب الكوفيين، على ما ليس عليه أحد، وكان يدرس كتب الفراء والكسائي درسا، [ولم يكن يعلم] «3» مذهب البصريين، ولا مستخرجا للقياس ولا مطالبا له، وكان يقول: قال الفراء والكسائي، فإذا سئل عن الحجة والحقيقة في ذلك لم يغرق في النظر. وكان أبو علي أحمد بن جعفر النحوي ختنه زوج ابنته يخرج من منزله، وهو جالس على باب داره، فيتخطى أصحابه ويمضي ومعه دفتره ومحبرته فيقرأ على أبي العباس المبرد كتاب سيبويه، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 542 فيعاتبه أحمد بن يحيى على ذلك ويقول له: إذا رآك الناس تمضي إلى هذا الرجل تقرأ عليه يقولون ماذا؟ فلم يكن يلتفت إلى قوله. قال «1» : وكان ختنه هذا أبو علي يعرف بالدينوري، وكان حسن المعرفة، فسمعت إسحاق المصعبي يقول له: كيف صار محمد بن يزيد أعلم بكتاب سيبويه من أحمد بن يحيى؟ قال: لأن محمد بن يزيد قرأه على العلماء، وأحمد بن يحيى قرأه على نفسه. قال «2» : ولم يزل ثعلب مقدما عند العلماء منذ أيام حداثته، وكان ضيّق النفقة مقتّرا على نفسه، حدثني أخي- وكان صاحبه ووصيه- قال: دخلت إليه يوما وقد احتجم، وبين يديه طبق فيه ثلاثة أرغفة وخمس بيضات وبقل وخلّ، وهو يأكل، فقلت له: يا أبا العباس قد احتجمت، ولو أخذ لك رطل لحم وثمن التوابل ومثله للعيال ما له معنى. قال «3» : وسمعت أحمد بن إسحاق المعروف بابن «4» المدوّر يقول: كنت أرى أبا عبد الله ابن الأعرابي يشكّ في الشيء فيقول لثعلب: ما عندك يا أبا العباس في هذا؟ ثقة بغزارة حفظه. ولم يكن مع ذلك موصوفا بالبلاغة، ولا رأيته إذا كتب كتابا إلى بعض إخوانه من أصحاب السلطان خرج عن طبع العامة، فإذا أخذته في الشعر والغريب ومذهب الفرّاء والكسائي رأيت من لا يفي به أحد ولا يتهيأ له الطعن عليه. وكان هو ومحمد بن يزيد علمين ختم بهما تاريخ الأدب «5» ، أو كانا كما قال بعض المحدثين: أيا طالب العلم لا تجهلنّ ... وعذ بالمبرد أو ثعلب تجد عند هذين علم الورى ... فلا تك كالجمل الأجرب علوم الخلائق مقرونة ... بهذين في الشرق والمغرب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 543 قال المرزباني: أخبرني الصولي أنّ عبد الله بن الحسين بن سعد القطربلي أنشده هذه الأبيات لنفسه. وحدث محمد بن أحمد الكاتب قال «1» حدثنا أحمد بن يحيى النحوي قال: سألني ابن الأعرابي كم لك من الولد؟ فقلت: ابنة وأنشدته: لولا أميمة لم أجزع من العدم ... ولم أجب في الليالي حندس الظّلم تهوى حياتي وأهوى موتها شفقا ... والموت أكرم نزّال على الحرم فأنشدني ابن الأعرابي في المعنى: أميمة تهوى عمر شيخ يسرّه ... لها الموت قبل الليل لو أنها تدري يخاف عليها جفوة الناس بعده ... ولا ختن يرجى أودّ من القبر وحدث عن أبي عبد الله الحكيمي عن يموت بن المزرّع قال: وأراد أبو العباس ثعلب أن يرحل إلى أبي حاتم السجستاني إلى البصرة، فبلغه أن أبا حاتم انتشر ذكره يوما لما رأى جماعة من المرد يكتبون في مجلسه، فرآه غلام منهم فقال له: أصلحك الله أي لام هذه؟ قال: لام كي يا بنيّ، فلم يخرج أبو العباس إليه. وحدث الصولي قال «2» : كنا عند أبي العباس أحمد بن يحيى فقال له رجل: المسجد هذا المعروف، فما المصدر؟ قال: مصدره السجود، قال: فعرّفني ما لا يجوز من ذا، فقال: لا يقال مسجد وضحك وقال: هذا يطول إن وصفنا ما لا يجوز، وإنما يوصف الجائز ليدلّ على أن غيره لا يجوز. ومثل ذلك أن ماسويه وصف لإنسان دواء ثم قال له: كل الفرّوج وشيئا من الفاكهة، فقال: أريد أن تخبرني بالذي لا آكل، فقال: لا تأكلني ولا حماري ولا غلامي، واجمع كثيرا من القراطيس وبكّر إليّ، فإن هذا يكثران وصفته لك. وحدث عن الصولي قال، قال أبو العباس ثعلب: لم أسمع من جماعة، كلّهم قد رأيته وتمكنت منه، ولو أردت ذلك ما فاتني عنهم جميع ما أطلب، منهم أبو عبيد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 544 القاسم ابن سلام وإسحاق الموصلي وأبو توبة والنضر بن حديد، وإني لأذكر موت الفراء ذكرا جيدا وأنا في الكتّاب. وحدث قال، وقال أبو العباس يوما آخر: الهرم علّة قائمة بنفسها، فإذا كان معه علة فذاك أمر عظيم، وأنشد: أرى بصري في كلّ يوم وليلة ... يكلّ وخطوي عن مداهنّ يقصر ومن يصحب الأيام تسعين حجة ... يغيرنه والدهر لا يتغير لعمري لئن أصبحت أمشي مقيّدا ... لما كنت أمشي مطلقا قبل أكثر وحدث أبو بكر محمد بن الحسن الزبيدي «1» قال، قال ثعلب: اقعدني «2» محمد بن عبد الله بن طاهر مع ابنه طاهر، وأفرد لي دارا في داره، وأقام لنا وظيفة، فكنت أقعد معه إلى أربع ساعات من النهار، ثم أنصرف إذا أراد الغداء، فنمي ذلك إلى أبيه، فكسا البهو والأروقة «3» ، وأضعف ما كان يعدّ من الألوان، فلما حضر وقت الانصراف انصرفت، فنمي ذلك إليه فقال للخادم الموكّل بنا: قد نمي إليّ انصراف أحمد بن يحيى وقت الطعام، فظننت أنه استقلّ ما يحضر ولم يستطب الموضع فأمرنا بتضعيفه، ثم نمي إليّ أنه انصرف، فقل له عن نفسك: أبيتك أبرد من بيتنا أو طعامك أطيب من طعامنا؟ وتقول له عني: انصرافك إلى بيتك وقت الغداء هجنة علينا، فلما عرّفني الخادم ذلك أقمت، فكنت على هذه الحال ثلاث عشرة سنة، وكان يقيم لي مع ذلك في اليوم سبع وظائف من الخبز الخشكار، ووظيفة من الخبز السميد، وسبعة أرطال من اللحم، وعلوفة رأس، وأجرى لي في الشهر ألف درهم. ولقد جاءت سنة الفتنة وعظم الأمر في الدقيق واللحم فكتب إليه كاتبه على المطبخ يعرّفه ما هو فيه من عظم المؤونة، ويسأله إحضار الجريدة فيقتصر على ما لا بدّ منه «4» ، فأنفذها فكانت مشتملة على ثلاثة آلاف وستمائة إنسان، فرأيت محمدا قد زاد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 545 فيها بخطه قوما آخرين ووقّع عليها: لست أقطع عن أحد ما عوّدته ولا سيما من قال لي أطعمني الخبز، فأجر الأمر على ما في الجريدة واصبر على هذه المؤونة، فإما عشنا جميعا وإما متنا جميعا. قال الزبيدي «1» : وخلف كتبا جليلة، فأوصى إلى علي بن محمد الكوفي أحد أعيان تلاميذه وتقدّم إليه في دفع كتبه إلى أبي بكر أحمد بن إسحاق القطربلي، فقال الزجاج للقاسم بن عبيد الله: هذه كتب جليلة فلا تفوتنّك، فأحضر خيران الورّاق فقوّم ما كان يساوي عشرة دنانير: ثلاثة، فبلغت أقلّ من ثلاثمائة دينار، فأخذها القاسم بها. وقال أبو الطيب عبد الواحد بن علي اللغوي في «كتاب مراتب النحويين» «2» : وانتهى علم الكوفيين إلى ابن السكّيت وثعلب، وكانا ثقتين أمينين، ويعقوب أسنّ وأقدم موتا وأحسن الرجلين تأليفا، وكان ثعلب أعلمهما بالنحو، وكان يعقوب يضعّف فيه. قال ثعلب: كنت يوما عند ابن السكيت فسألني عن شيء فصحت عليه، وكان ثعلب شديد الحدّة، قال فقال لي: لا تصح فوالله ما سألتك الا مستفهما. وحدث أبو أحمد العسكري في «كتاب التصحيف» قال «3» ، وأخبرنا أبو بكر ابن الأنباري قال، حدثني أبي قال: قرأ القطربلي على أبي العباس ثعلب بيت الأعشى: فلو كنت في حب ثمانين قامة ... ورقّيت أسباب السماء بسلّم فقال أبو العباس: خرب بيتك، هل رأيت حبا قط ثمانين قامة؟! إنما هو جب. وحدث الخطيب «4» قال، قال ثعلب: كنت أحبّ أن أرى أحمد بن حنبل فلما دخلت عليه قال لي: فيم تنظر؟ قلت: في النحو والعربية، فأنشدني أبو عبد الله وهو لبعض بني أسد: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 546 إذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل ... خلوت ولكن قل عليّ رقيب ولا تحسبنّ الله يغفل ما يرى ... ولا أن ما يخفي عليه يغيب لهونا عن الآثام حين تتابعت ... ذنوب على آثارهنّ ذنوب فيا ليت أنّ الله يغفر ما مضى ... ويأذن في توباتنا فنتوب وحدث الخطيب «1» قال، قال أبو محمد الزهري: كان لثعلب عزاء ببعض أهله، فتأخّرت عنه لأنه خفي عليّ، ثم قصدته معتذرا فقال لي: يا أبا محمد ما بك حاجة إلى أن تتكلف عذرا فإن الصديق لا يحاسب، والعدوّ لا يحتسب له. وجدت بخط أبي الحسن علي «2» بن عبيد الله السمسمي اللغوي، حدثنا أبو محمد ابن الحسن النوبختي قال، حدثنا أبو الفتح محمد بن جعفر المراغي النحوي قال، حدثنا أبو بكر ابن الخياط النحوي قال: كنت عند أبي العباس ثعلب في بعض الأيام، فسأله رجل وقد ساء سمعه فقال له: يا أبا العباس- أعزّك الله- ما الصوص؟ فقال له: الصوح أصل الجبل، فأعاد الرجل سؤاله لعلمه بأن الشيخ ما فهم، فقال ثعلب: السوح جمع ساحة، فأعاد سؤاله ثالثة فعلم ثعلب أنه ما فهم عن الرجل، قال فقال له: ادن مني فألقم أذني فاك وقل، ففعل ذلك، فلما فهم ثعلب سؤاله قال: نعم العرب تقول: رأيت صوصا على أصوص أي رجلا نذلا على ناقة كريمة. حدث الزجاجي أبو القاسم عن علي بن سليمان الاخفش قال، أخبرنا أحمد بن يحيى ثعلب قال: قدم الرياشي بغداد سنة ثلاثين ومائتين فصرت إليه لآخذ عنه، فقال لي: أسألك عن مسألة، فقلت: نعم، فقال: تجيز نعم الرجل يقوم؟ فقلت: نعم هي جائزة عند الجميع، أما الكسائي فيضمر، والتقدير عنده نعم الرجل رجل يقوم لأنّ نعم عنده فعل، والفراء لا يضمر لأنّ نعم عنده اسم فيرفع الرجل بنعم ويقوم صلة للرجل، وأما صاحبك يعني سيبويه فإنه لا يضمر شيئا ونعم عنده أيضا فعل، ولكن يجعل يقوم مترجما، وهو الذي يسمونه البدل، فسكت فقلت له: فأسألك عن مسألة، فقال: نعم، فقلت: [أتجيز] يقوم نعم الرجل فقال: جائز، فقلت: هذه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 547 خطأ عند الجميع، أما على مذهب الكسائي فإنه لا يولي الفعل فعلا، فأما على مذهب الفراء فإن يقوم عنده صلة للرجل والصلة لا تقدم على الموصول، وأما على مذهب سيبويه صاحبك فإنه لا يجوز لأنه ترجمة والترجمة إيضاح وتبيين للجملة التي تتقدمها ولا يجوز تقديمها عليها. فقال: أنا تارك للعربية فخذ فيما قصدت له، ففاتحته أيام الناس والأخبار والاشعار ففتحت به بسيح بحر. وحدث قال، أخبرنا علي بن سليمان الأخفش قال: كنت يوما بحضرة ثعلب فأسرعت القيام قبل انقضاء المجلس، فقال: إلى أين؟ ما أراك تصبر عن مجلس الخلدي- يعني المبرد- فقلت له: لي حاجة، فقال لي إني أراه يقدم البحتريّ على أبي تمام، فإذا أتيته فقل له: ما معنى قول أبي تمام: اآلفة النجيب كم افتراق ... أظلّ فكان داعية اجتماع قال أبو الحسن: فلما صرت إلى أبي العباس المبرد سألته عنه فقال: معنى هذا أن المتحابّين العاشقين قد يتصارمان ويتهاجران إدلالا لا عزما على القطيعة، فإذا حان الرحيل وأحسّا بالفراق تراجعا إلى الودّ وتلاقيا خوف الفراق وأن يطول العهد بالالتقاء بعده، فيكون الفراق حينئذ سببا للاجتماع كما قال الآخر: متّعا بالفراق يوم الفراق ... مستجيرين بالبكا والعناق كم أسرّا هواهما حذر النا ... س وكم كاتما غليل اشتياق فأظلّ الفراق فالتقيا فيه ... فراقا أتاهما باتفاق كيف أدعو على الفراق بحتف ... وغداة الفراق كان التلاقي قال: فلما عدت إلى ثعلب سألني عنه فأعدت عليه الجواب والأبيات فقال: ما أشد تمويهه، ما صنع شيئا، إنما معنى البيت أن الانسان قد يفارق محبوبه رجاء أن يغنم في سفره فيعود إلى محبوبه مستغنيا عن التصرف فيطول اجتماعه معه، ألا تراه يقول في البيت الثاني: وليست فرحة الأوبات إلّا ... لموقوف على ترح الوداع وهذا نظير قول الآخر، بل منه أخذ أبو تمام: وأطلب بعد الدار عنكم لتقربوا ... وتسكب عيناي الدموع لتجمدا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 548 هذا هو ذاك بعينه. وحكى أن ثعلبا خرج يوما على أصحابه وليس فيهم إلا كهل أو شيخ فأنشد متمثلا: ألا ربما سؤت الغيور وبرّحت ... بي الأعين النّجل المراض الصحائح فقد ساءني أن الغيور يودّني ... وأن نداماي الكهول الجحاجح قلت أنا: هذا والله مليح جدا. وحدث جحظة في «أماليه» قال: كنت يوما في مجلس ثعلب، فقال له رجل: يا سيدي ما البعجدة؟ قال: لا أعرفها في كلام العرب، فقال الرجل: فإني وجدتها في شعر عبد الصمد بن المعذل حيث يقول: أعاذلتي أقصري ... أبع جدتي بالمنن فاغتاظ أبو العباس غيظا عظيما وقال: يا قوم أجيدوا أذنيه عركا أو يحلف أنه لا يرجع يحضر حلقتي ففعلنا. حدث أبو عمر الزاهد قال «1» : كنت في مجلس أبي العباس ثعلب فسأله سائل عن شيء فقال: لا أدري، فقال له: أتقول لا أدري وإليك تضرب أكباد الأبل، وإليك الرحلة من كل بلد؟ فقال له ثعلب: لو كان لأهلي بعدد ما لا أدري بعر لا ستغنيت. قال أبو محمد عبد الرحمن بن أحمد الزهري «2» : كان بيني وبين أبي العباس ثعلب مودة وكيدة، وكنت أستشيره في أموري، فجئته يوما أشاوره في الانتقال من محلّة إلى محلة لتأذيّ بالجيران، فقال: يا أبا محمد، العرب تقول: صبرك على أذى من تعرف خير من استحداث ما لا تعرف. قال أبو عمر الزاهد: أنشدني أبو العباس ثعلب: إذا ما شئت أن تبلو صديقا ... فجرب ودّه عند الدراهم فعند طلابها تبدو هنات ... وتعرف ثمّ أخلاق المكارم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 549 وحدث الخطيب قال «1» : كان بين المبرد وثعلب منافرات كثيرة، والناس مختلفون في تفضيل كلّ واحد منهما على صاحبه، قال: وجاء رجل إلى ثعلب فقال له يا أبا العباس قد هجاك المبرد، فقال: بماذا؟ فأنشده: أقسم بالمبتسم العذب ... ومشتكى الصبّ إلى الصبّ لو أخذ النحو عن الربّ ... ما زاده الا عمى القلب فقال أنشدني من أنشده أبو عمرو بن العلاء: شاتمني عبد بني مسمع ... فصنت عنه النفس والعرضا ولم أجبه لاحتقاري له ... من ذا يعضّ الكلب إن عضّا وحدث أيضا قال «2» قال أبو العباس محمد بن عبيد الله بن عبد الله بن طاهر، قال لي أبي: حضرت مجلس أخي محمد بن عبد الله بن طاهر وحضره أبو العباس ثعلب والمبرد، فقال لي أخي محمد: قد حضر هذان الشيخان فليتناظرا، [وأنا أحب أن أعرف أيهما أعلم] قال: فتناظرا في شيء من علم النحو مما أعرفه، فكنت أشركهما فيه إلى أن دقّقا فلم أفهم، ثم عدت إليه [بعد انقضاء] «3» المجلس، فسألني فقلت: إنهما تكلّما فيما أعرف فشركتهما ثم دقّقا فلم أعرف ما قالا، ولا والله يا سيدي ما يعرف أعلمهما إلا من هو أعلم منهما، ولست ذلك الرجل. فقال لي: يا أخي أحسنت والله، هذا أحسن- يعني اعترافه بذلك. وقال لي أبو عمر الزاهد «4» : سألت أبا بكر ابن السراج فقلت: أيّ الرجلين أعلم ثعلب أم المبرد؟ فقال: ما أقول في رجلين العالم بينهما. وحدّث أبو عمر أيضا قال «5» : كنت في مجلس أبي العباس ثعلب فضجر، فقال له شيخ خضيب من الظاهرية «6» : لو علمت ما لك من الأجر في إفادة الناس لصبرت الجزء: 2 ¦ الصفحة: 550 على أذاهم، فقال: لولا ذاك ما تعذبت، ثم أنشد بعقب هذا: يعابثن بالقضبان كلّ مفلّج ... به الظّلم لم تفلل لهن غروب رضابا كطعم الشّهد يجلو متونه ... من الضّرو أو غصن الأراك قضيب أولائك لولا هنّ ما سقت نضوة ... لحاج ولا استقبلت برد جنوب وحدث أبو بكر ابن مجاهد قال «1» كنت عند أبي العباس ثعلب فقال لي: يا أبا بكر اشتغل أصحاب القرآن بالقرآن ففازوا، واشتغل أهل الفقه بالفقه ففازوا، واشتغل أصحاب الحديث بالحديث ففازوا، واشتغلت أنا بزيد وعمرو فليت شعري ما يكون حالي في الآخرة؟ فانصرفت من عنده فرأيت تلك الليلة النبيّ صلى الله عليه وسلّم في المنام فقال لي: أقرىء أبا العباس عني السلام وقل له: إنك صاحب العلم المستطيل؛ قال الروذباري «2» : أراد أن الكلام به يكمل والخطاب به يجمل، وقال مرة أخرى: أراد أن جميع العلوم مفتقرة إليه. وأنشد الخطيب «3» قال أنشد أبو العباس ثعلب: بلغت من عمري ثمانينا ... وكنت لا آمل خمسينا والحمد لله وشكرا له ... إذ زاد في عمري ثلاثينا وأسأل الله بلوغا إلى ... مرضاته آمين آمينا ونقلت من كتاب محمد بن عبد الملك التاريخي في «أخبار النحويين» قال «4» : أبو العباس أحمد بن يحيى بن زيد بن ثعلب الشيباني النحوي فاروق النحويين، والمعاير على اللغويين من الكوفيين والبصريين، أصدقهم لسانا، وأعظمهم شانا، وأبعدهم ذكرا، وأرفعهم قدرا، وأصحّهم علما، وأوسعهم حلما، وأتقنهم حفظا وأوفرهم حظا من الدين والدنيا. حدثني المفضل بن سلمة بن عاصم قال: رأس أبو الجزء: 2 ¦ الصفحة: 551 العباس أحمد بن يحيى ثعلب النحوي واختلف الناس إليه في سنة خمس وعشرين ومائتين. قال: وسمعت إبراهيم الحربي يقول، وقد تكلم الناس في الاسم والمسمّى: وقد كرهت لكم ولنفسي ما كره أحمد بن يحيى ورضيت لكم ولنفسي ما رضي أحمد بن يحيى. قال: وكان أبو الصقر إسماعيل بن بلبل الشيباني قد ذكر أبا العباس ثعلبا للناصر لدين الله الموفّق بالله، وأخرج له رزقا سنيا سلطان يا، فحسن موقع ذلك من أهل العلم والأدب، وقال قائلهم لأبي الصقر وأبي العباس في أبيات ذكرها: فيا جبلي شيبان لا زلتما لها ... حليفي فخار في الورى وتفضّل فهذا ليوم الجود والسيف والقنا ... وأنت لبسط العلم غير مبخّل عليك أبا العباس كلّ معوّل ... لأنك بعد الله خير معوّل فككت حدود النحو بعد انغلاقه ... وأوضحته شرحا وتبيان مشكل فكم ساكن في ظلّ نعمتك التي ... على الدهر أبقى من ثبير ويذبل فأصبحت للاخوان بالعلم ناعشا ... وأخصبت منه منزلا بعد منزل وذكر التاريخي وفاة ثعلب كما تقدم؛ قال وقال بعض أصحابنا يرثيه: مات ابن يحيى فماتت دولة الأدب ... ومات أحمد أنحى العجم والعرب فإن تولّى أبو العباس مفتقدا ... فلم يمت ذكره في الناس والكتب وللتاريخي في ثعلب شعر رثاه به، نذكره في بابه إن شاء الله تعالى «2» . قال التاريخي: وحدثني أبو الحصين البجلي قال: يقول أهل الكوفة لنا ثلاثة فقهاء في نسق لم ير الناس مثلهم: أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد بن الحسن، ولنا ثلاثة نحويين كذلك وهم أبو الحسن علي بن حمزة الكسائي وأبو زكريا يحيى بن زياد الفراء وأبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب. آخر ما نقلناه من كتاب التاريخي. وذكره محمد بن إسحاق النديم في «كتاب الفهرست» «1» وقال: له من الكتب: كتاب المصون في النحو جعله حدودا. كتاب اختلاف النحويين. كتاب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 552 معاني القرآن. كتاب مختصر في النحو سماه الموفّقي. كتاب القراءات. كتاب معاني الشعر. كتاب التصغير. كتاب ما ينصرف وما لا ينصرف. كتاب ما يجرى وما لا يجرى. كتاب الشواذّ. كتاب الوقف والابتداء. كتاب الهجاء. كتاب استخراج الألفاظ من الأخبار. كتاب الأوسط. كتاب غريب القرآن لطيف. كتاب المسائل. كتاب حدّ النحو. كتاب تفسير كلام ابنة الخس. كتاب الفصيح «1» . وذكر أن «الفصيح» تصنيف ابن داود الرقي وادعاه ثعلب، وهذا له ترجمة. قال: ولأبي العباس مجالسات وأمال أملاها على أصحابه في مجالسه تحتوي على قطعة من النحو واللغة والأخبار ومعاني القرآن والشعر رواها عنه جماعة. وعمل أبو العباس قطعة من دواوين العرب وفسّر غريبها كالأعشى والنابغتين وغيرهم. وسئل ثعلب عن معنى قولهم «لا أكلمك أصلا» فقال: معناه أقطع ذلك من أصله، وأنشد: بأهلي من لا يقطع البخل رغبتي ... إليه ومن يزداد عن رغبتي بخلا ومن قد لحاني الناس فيه فأكثروا ... عليّ فكلّ الناس مضطغن ذحلا وأمنحه صفو الهوى ولو انه ... على البحر يسقي ما سقيت به سجلا وما زلت تعتادين ودّي بالمنى ... وبالبخل حتى قد ذهبت به أصلا قرأت في «أمالي» أبي بكر محمد بن القاسم الأنباري: أنشدنا أبو بكر لأحمد بن يحيى النحوي: إذا كنت قوت النفس ثم هجرتها ... فكم تلبث النفس التي أنت قوتها ستبقى بقاء الضبّ في الماء أو كما ... يعيش لدى ديمومة البيد حوتها قال: وزادنا أبو الحسن ابن البراء: أغرّك أني قد تصبرت جاهدا ... وفي النفس مني منك ما سيميتها فلو كان ما بي بالصخور لهدّها ... وبالريح ما هبّت وطال خفوتها فصبرا لعلّ الله يجمع بيننا ... فأشكو هموما منك كنت لقيتها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 553 كذا كان في الكتاب، ولا أدري أهذا الشعر لثعلب أم أنشده لغيره، إلا أنه في هذا الكتاب لأحمد بن يحيى كما ترى. [207] أحمد بن يحيى بن علي بن يحيى بن أبي منصور المنجم أبو الحسن: قد ذكرنا آباءه في أبوابهم، وكان أبو الحسن هذا أديبا شاعرا فاضلا عالما، أحد رؤساء زمانه في علم الكلام وعلوم الدين والافتنان في الآداب، مات في سنة سبع وعشرين وثلاثمائة عن نيف وسبعين سنة «1» ، وله أخبار مع الراضي في منادمته إياه، ذكر ذلك كله المرزباني في «المعجم» . قال ثابت: وفي ذي الحجة كانت وفاته، ومولده في سنة اثنتين وستين ومائتين «2» وكان يحيى بن علي أبوه قد صنف كتابا في «أخبار الشعراء المخضرمين» فأتمّه ابنه هذا. وله من الكتب: كتاب أخبار أهله ونسبهم. كتاب الإجماع في الفقه على مذهب ابن جرير الطبري، وكان يرى رأيه.. كتاب المدخل إلى مذهب الطبري ونصرة مذهبه. كتاب الأوقات. وأبو الحسن هذا هو القائل فيما رواه المرزباني: يا سيّدا قد راح فر ... دا ما له في الفضل توأم عمّرت أطول مدة ... تزداد تمكينا وتسلم في صفو عيش لا تزال ... به العدى تقذى وترغم ما زلت في كلّ الأمور ... موفّقا للخير ملهم بك إن تذوكرت الأيادي ... يبتدا فيها ويختم   [207]- ترجمة أبي الحسن ابن المنجم في تاريخ بغداد 5: 215 والوافي 8: 246 وانظر الفهرست 160- 161، 292. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 554 [208] أحمد بن يحيى بن الوزير بن سليمان بن مهاجر : مولى قيسبة بن كلثوم السومي «1» ، يكنى أبا عبد الله. [روى عن] ابن كليب وعبد الله بن وهب، وكان فقيها من جلساء ابن وهب، وكان عالما بالشعر والأدب والأخبار وأيام الناس والأنساب، يقال كان مولده سنة إحدى وسبعين ومائتين، وتوفي في حبس ابن المدبر صاحب الخراج بمصر لخراج كان عليه، ودفن يوم الأحد لاثنتين وعشرين ليلة خلت من شوال سنة خمسين ومائتين، وكان من أهل مصر، ذكر ابن يونس في تاريخ مصر ذلك كله. [209] أحمد بن يحيى بن سهل بن السريّ الطائي أبو الحسن المنبجي الشاهد المقرىء النحوي الأطروش: ذكره ابن عساكر في «تاريخ دمشق» وكان وكيلا في الجامع مات سنة خمس عشرة وأربعمائة، روى عن أبي عبد الله ابن مروان «2» وأبي العباس أحمد بن فارس الأديب المنبجي وأبي الحسن نظيف بن عبد الله المقرىء وغيرهم. وكان يحفظ من أخبار أبي عبد الله ابن خالويه النحوي، وكان ثقة. قال ابن عساكر: أنشدني ابن الأكفاني عن ابن الكتاني عن أحمد بن يحيى بن سهل المنبجي، أنشدني أبو العباس أحمد بن فارس الأديب، أنشدني ابن طباطبا لنفسه «3» :   [208]- بغية الطلب 2: 122 وإنباه الرواة 1: 152 والوافي 8: 247 وبغية الوعاة 1: 398 وتهذيب التهذيب 1: 89. [209]- ترجمته في مصورة ابن عساكر 2: 270 (وتهذيب ابن عساكر 1: 112 ومختصر ابن منظور 3: 319) وإنباه الرواة 1: 151 والوافي 8: 248 وبغية الوعاة 1: 395. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 555 حسود مريض القلب يخفي أنينه ... ويضحي كئيب البال مني حزينه يلوم على أن رحت للعلم طالبا ... أقلّب من كلّ الرواة فنونه وأختار أبكار الكلام وعونه ... وأحفظ مما أستفيد عيونه ويزعم أن العلم لا يجلب الغنى ... ويحسن بالجهل الذميم ظنونه فيا لائمي دعني أغالي بقيمتي ... فقيمة كلّ الناس ما يحسنونه [210] أحمد بن يزيد بن محمد المهلبي أبو جعفر : أديب شاعر راوية، له قصيدة مدح فيها الموفق وهنأه بفتح البصرة، منها: قل للأمير هناك النصر والظفر ... وفيهما للاله الحمد والشكر ما فوق فتحك فتح في الزمان كما ... ما فوق فخرك يوم الفخر مفتخر [211] أحمد بن يعقوب بن يوسف أبو جعفر النحوي المعروف ببرزويه الأصبهاني: مات فيما ذكره الخطيب سنة أربع وخمسين وثلاثمائة في أيام المطيع فكان يعرف بغلام نفطويه، أخذ عن أبي خليفة الفضل بن الحباب ومحمد بن العباس اليزيدي وغيرهما. [212] أحمد بن يعقوب بن ناصح الأصبهاني الأديب أبو بكر النحوي: ذكره الحاكم فقال: هو نزيل نيسابور، وسمع بأصبهان محمد بن يحيى بن منده الأصبهاني   [210]- الوافي 8: 270 (وقال ذكره المرزباني في معجمه، وأورد من رائيته ستة أبيات وشفعها بمقطوعة أخرى) . [211]- تاريخ بغداد 5: 226 (وعدّ كثيرا من شيوخه) . والوافي 8: 275 وبغية الوعاة 1: 400. [212]- الوافي 8: 276 وبغية الوعاة 1: 400. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 556 وأقرانه. مات بنيسابور قبل الخمسين وبعد الأربعين والثلاثمائة، وكتب عنه الحاكم وأسند إليه في كتابه حديثين. [213] أحمد بن أبي يعقوب إسحاق بن جعفر بن وهب بن واضح الاخباري العباسي: ذكره أبو عمر محمد بن يوسف بن يعقوب المصري الكندي المؤرخ في تاريخ له ابتدأه بسنة ثمانين ومائتين قال: إن أحمد بن إسحاق بن واضح مولى بني هاشم توفي في سنة أربع وثمانين ومائتين، وله تصانيف كثيرة منها: كتاب التاريخ كبير «1» . كتاب أسماء البلدان مجلد «2» . وكتاب في أخبار الأمم السالفة صغير. كتاب مشاكلة الناس لزمانهم «3» . [214] أحمد بن أبي يعقوب يوسف بن إبراهيم يعرف بابن الداية : كان أبوه ولد داية إبراهيم بن المهدي، وأظنّ أن المعروف بابن الداية هو يوسف الراوي أخبار أبي نواس، والله أعلم. وكان أبوه يوسف بن إبراهيم يكنى أبا الحسن، وكان من جلة الكتاب بمصر، ولا أدري كيف كان انتقاله إليها عن بغداد. وكان له مروءة تامة وعصبية مشهورة. قال أبو القاسم العساكري الحافظ «4» : يوسف بن إبراهيم أبو الحسن الكاتب،   [213]- هو اليعقوبي المؤرخ، والأرجح أن وفاته متأخرة عن التاريخ المذكور (انظر الأعلام للزركلي 1: 91) . [214]- عيون الأنباء 1: 190، 207 والوافي 8: 282. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 557 وأظنه بغداديا كان في خدمة إبراهيم بن المهدي قدم دمشق سنة خمس وعشرين ومائتين، وحكى عن عيسى بن حكم «1» الدمشقي الطبيب النسطوري وشكلة أم إبراهيم بن المهدي وإسماعيل بن أبي سهل بن نوبخت وأبي إسحاق إبراهيم بن المهدي وأحمد بن رشيد الكاتب مولى سلام الأبرش وجبرئيل بن بختيشوع الطبيب وأيوب بن الحكم البصري المعروف بالكسروي وأحمد بن هارون الشرابي. روى عنه ابنه أبو جعفر أحمد ورضوان بن أحمد بن جالينوس وكان من ذوي المروءات، وصنف كتابا فيه أخبار المتطببين. قال الحافظ: وبلغني عن أبي جعفر أحمد بن يوسف قال: حبس أحمد بن طولون يوسف بن إبراهيم والدي في بعض داره، وكان اعتقال الرجل في داره يؤيس من خلاصه، فكاد ستره أن ينهتك لخوف شمله عليه، وكان له جماعة من أبناء الستر «2» يتحمل مؤنها «3» مقيمة لا تنقطع إلى غيره، فاجتمعوا وكانوا زهاء ثلاثين رجلا وركبوا إلى دار أحمد بن طولون، فوقفوا بباب له يعرف بباب الخيل، واستأذنوا عليه فأذن لهم، فدخلوا إليه وعنده محمد بن عبد الله بن عبد الحكم وجماعة من أعلام مستوري مصر، فابتدأوا كلامه بأن قالوا: قد اتفق لنا- أيد الله الأمير- من حضور هذه الجماعة- وأشاروا إلى ابن عبد الحكم والحاضرين مجلسه- ما رجونا أن يكون ذريعة إلى ما نأمله «4» ، ونحن نرغب إلى الأمير في أن يسألها عنّا ليقف على أمرنا ومنازلنا، فسألهم عنهم فقالوا: قد عرضت العدالة على أكثرهم فامتنع منها، فأمرهم أحمد بن طولون بالجلوس، وسألهم تعريفه ما قصدوا له فقالوا: ليس لنا أن نسأل الأمير مخالفة ما يراه في يوسف بن إبراهيم لأنه أهدى إلى الصواب فيه، ونحن نسأله أن يقدمنا إلى ما اعتزم عليه فيه: إن آثر قتله أن يقتلنا، وإن آثر غير ذلك أن يبلغ مأربه «5» ، فهو في سعة وحلّ منه، فقال لهم: ولم ذلك؟ فقالوا: لنا ثلاثون سنة ما أفكرنا في ابتياع شيء مما احتجنا إليه، ولا وقفنا بباب غيره، ونحن والله يا أمير نرتمض «6» [من] البقاء بعده ومن السلامة من شيء إن مكروه وقع به، وعجّوا بالبكاء بين يديه، فقال أحمد بن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 558 طولون: بارك الله عليكم فقد كافأتم إحسانه وجازيتم إنعامه، ثم قال: أحضروا يوسف بن إبراهيم فأحضر، فقال: خذوا بيد صاحبكم وانصرفوا، فخرجوا معه وانصرف إلى منزله. قال أبو جعفر أحمد بن يوسف بن إبراهيم: وبعث أحمد بن طولون في الساعة التي توفي فيها والدي يوسف بن إبراهيم بخدم فهجموا الدار وطالبوا بكتبه مقدرين أن يجدوا فيها كتابا من أحد ممن ببغداد، فحملوا صندوقين، وقبضوا عليّ وعلى أخي وصاروا بنا إلى داره، وأدخلنا إليه وهو جالس وبين يديه رجل من أشراف الطالبيين، فأمر بفتح أحد الصندوقين، وأدخل خادم يده فوقع في يده دفتر جراياته على الاشراف وغيرهم، فأخذ الدفتر بيده وتصفحه، وكان جيد الاستخراج، فوجد اسم الطالبيّ في الجراية فقال له وأنا أسمع: كانت عليك جراية ليوسف بن إبراهيم؟ فقال له: نعم يا أيها الأمير دخلت هذه المدينة وأنا مملق فأجرى عليّ في كلّ سنة مائتي دينار ومائة اردب قمحا «1» أسوة ابن الأرقط والعقيقي وغيرهما، ثم امتلأت يداي بطول الامير فاستعفيته منها فقال لي: ناشدتك «2» الله أن قطعت سببا لي برسول الله صلى الله عليه وسلّم، وتدمّع الطالبي، فقال أحمد بن طولون: رحم الله يوسف بن إبراهيم، ثم قال: انصرفوا إلى منازلكم «3» فلا بأس عليكم، فانصرفنا فلحقنا جنازة والدنا، وحضر ذلك العلويّ دفننا «4» وقضى حقنا، وقد أحسن مكافأة والدنا في مخلّفيه. وقال «5» : أبو جعفر أحمد بن أبي يعقوب يوسف بن إبراهيم، يعرف بابن الداية، من فضلاء أهل مصر ومعروفيهم، وممن له علوم كثيرة في الأدب والطب والنجامة والحساب وغير ذلك، وكان أبوه أبو يعقوب كاتب إبراهيم بن المهدي ورضيعه. ألّف كتابا في أخبار الطب. مات أحمد بن يوسف في سنة نيف وثلاثين وثلاثمائة وأظنها سنة أربعين وثلاثمائة وله من التصانيف: سيرة أحمد بن طولون «6» . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 559 كتاب سيرة ابنه أبي الجيش خمارويه. كتاب سيرة هارون ابن أبي الجيش وأخبار غلمان بني طولون. كتاب المكافأة «1» . كتاب حسن العقبى. كتاب أخبار الأطبّاء. كتاب مختصر المنطق ألّفه للوزير علي بن عيسى. كتاب ترجمة كتاب الثمرة. كتاب أخبار المنجّمين. كتاب أخبار إبراهيم بن المهدي. كتاب الطبيخ. وذكره ابن زولاق الحسن بن إبراهيم فقال «2» : كان أبو جعفر رحمه الله في غاية الافتنان، أحد وجوه الكتّاب الفصحاء والحسّاب والمنجمين، مجسطيّ أوقليدسيّ، حسن المجالسة حسن الشعر، قد خرج من شعره أجزاء. دخل يوما على أبي الحسن علي بن المظفر الكرخي عامل خراج مصر مسلّما عليه فقال له: كيف حالك يا أبا جعفر؟ فقال على البديهة: يكفيك من سوء حالي إن سألت به ... أني على طبريّ في الكوانين [215] أحمد بن يوسف بن القاسم بن صبيح الكاتب القفطي أبو جعفر: من أهل الكوفة، كان يتولى ديوان الرسائل للمأمون، وكان أخوه القاسم بن يوسف يدّعي أنه من بني عجل، ولم يدّع أحمد ذلك. قال المرزباني: هو «3» مولى لبني عجل، ومنازلهم بسواد الكوفة. وزر أحمد   [215]- ترجمة أحمد بن يوسف الكاتب في كتاب بغداد لابن أبي طاهر: 128 والأغاني 22: 565 وتاريخ بغداد 5: 216 والجهشياري: 304 والفهرست: 139 (وعده من بلغاء الناس وأنه اعتمد على أنس بن أبي شيخ ص: 140 وذكر أن أشعاره في خمسين ورقة (ص 188) ومصورة تاريخ ابن عساكر 2: 287 وتهذيب ابن عساكر 2: 124 ومختصر ابن منظور 2: 330 وبغية الطلب 2: 148 وقال إن ابن الجراح ذكره في الورقة، والوافي 8: 279 وانظر صفحات متفرقة من زهر الآداب، وله أخبار كثيرة قد نثرت في كتب الأدب، ورسائل أو منتخبات منها. وله ترجمة في كتاب الأوراق (أخبار الشعراء المحدثين) 143- 146، 206- 236. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 560 للمأمون بعد أحمد بن أبي خالد. مات في قول الصولي في شهر رمضان سنة ثلاث عشرة ومائتين وقال غيره سنة أربع عشرة ومائتين، وكان أبوه يوسف يكنى أبا القاسم، وكان يكتب لعبد الله بن علي عمّ المنصور، وله شعر حسن وبلاغة. وكان أحمد وأخوه «1» القاسم شاعرين أديبين، وأولادهما جميعا أهل أدب يطلبون الشعر والبلاغة. حكى عن المأمون وعبد الحميد بن يحيى الكاتب وحكى عنه ابنه محمد بن أحمد بن يوسف وعلي بن سليمان الأخفش وغيرهما. قال الصولي: لما مات أحمد بن أبي خالد الأحول شاور المأمون الحسن بن سهل فيمن يكتب له ويقوم مقامه، فأشار عليه بأحمد بن يوسف وبأبي عباد ثابت بن يحيى الرازي، وقال: هما أعلم الناس بأخلاق أمير المؤمنين وخدمته وما يرضيه فقال له: اخترلي أحدهما، فقال الحسن: إن صبر أحمد على الخدمة وجفا لذّته قليلا فهو أحبّهما إليّ لأنه أعرق في الكتابة وأحسنهما بلاغة وأكثر علما، فاستكتبه المأمون، وكان يعرض الكتب ويوقّع، ويخلفه أبو عباد إذا غاب عن دار المأمون مترفعا عن الحال التي كان عليها أيام أحمد بن أبي خالد، وكان ديوان الرسائل وديوان الخاتم والتوقيع والأزمّة إلى عمرو بن مسعدة، وكان أمر المأمون يدور على هؤلاء الثلاثة «2» . حدث الصولي عن أبي الحارث النوفلي قال: كنت أبغض القاسم بن عبيد الله لمكروه نالني منه، فلما مات أخوه الحسن قلت على لسان ابن بسام «3» : قل لأبي القاسم المرجّى ... قابلك الدهر بالعجائب مات لك ابن وكان زينا ... وعاش ذو الشّين والمعايب حياة هذا كموت هذا ... فليس تخلو من المصائب وإنما أخذه من قول أحمد بن يوسف الكاتب لبعض إخوانه من الكتّاب، وقد ماتت له ببغا، وكان له أخ يضعّف، فكتب إليه «4» : الجزء: 2 ¦ الصفحة: 561 أنت تبقى ونحن طرّا فداكا ... أحسن الله ذو الجلال عزاكا فلقد جلّ خطب دهر أتانا ... بمقادير أتلفت ببّغاكا عجبا للمنون كيف أتاها ... وتخطّت عبد الحميد أخاكا كان عبد الحميد أصلح للموت ... من الببغا وأولى بذاكا شملتنا المصيبتان جميعا ... فقدنا هذه ورؤية ذاكا حدث أبو القاسم عبد الله بن محمد بن ناقيا الكاتب في «كتاب ملح الممالحة» قال: لما خرج عبد الله بن طاهر من بغداد إلى خراسان قال لابنه محمد: إن عاشرت أحدا بمدينة السلام فعليك بأحمد بن يوسف الكاتب، فإن له مروءة، فما عرج محمد حين انصرف من توديع أبيه على شيء حتى هجم على أحمد بن يوسف في داره، فأطال عنده، ففطن له أحمد فقال: يا جارية غدينا، فأحضرت طبقا وأرغفة نقية وقدّمت ألوانا يسيرة وحلاوة وأعقب ذلك بأنواع من الأشربة في زجاج فاخر وآلة حسنة وقال: يتناول «1» الأمير من أيها شاء. ثم قال له: إن رأى الأمير أن يشرف عبده ويجيئه في غد أنعم بذلك، فنهض وهو متعجّب من وصف أبيه له، وأراد فضيحته فلم يترك قائدا جليلا ولا رجلا مذكورا من أصحابه إلا عرفهم أنه في دعوة أحمد بن يوسف، وأمرهم بالغدوّ معه، فلما أصبحوا قصدوا دار أحمد بن يوسف، وقد أخذ أهبته وأظهر مروءته، فرأى محمد بن النضائد والفرش والستور والغلمان والوصائف ما أدهشه، ونصب ثلاثمائة مائدة وقد حفت بثلاثمائة وصيفة، ونقل إلى كل مائدة ثلاثمائة لون في صحاف الذهب والفضة ومثارد الصين، فلما رفعت الموائد قال ابن طاهر: هل أكل من بالباب؟ فنظروا فإذا جميع من بالباب قد نصبت لهم الموائد فأكلوا، فقال: شتان بين يوميك يا أبا الحسن (كذا في هذه الرواية كناه بأبي الحسن) فقال: أيها الأمير ذاك قوتي وهذه مروءتي. وحدث الصولي قال «2» : كان من أول ما ارتفع به أحمد بن يوسف أن المخلوع لما قتل أمر طاهر الكتّاب أن يكتبوا إلى المأمون فأطالوا، فقال طاهر: أريد أخصر من الجزء: 2 ¦ الصفحة: 562 هذا، فوصف له أحمد بن يوسف فأحضره لذلك، فكتب: أما بعد فإنّ المخلوع وإن كان قسيم أمير المؤمنين في النّسب واللحمة فقد فرّق حكم الكتاب بينه وبينه في الولاية والحرمة، لمفارقته عصمة الدين، وخروجه عن إجماع المسلمين، قال الله عز وجل لنوح عليه السلام في ابنه: يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح (هود: 46) ولا صلة لأحد في معصية الله، ولا قطيعة ما كانت في ذات الله. وكتبت إلى أمير المؤمنين وقد قتل الله المخلوع، وأحصد لأمير المؤمنين أمره، وأنجز له وعده، فالأرض بأكنافها أوطأ مهاد لطاعته، وأتبع شيء «1» لمشيئته. وقد وجهت إلى أمير المؤمنين بالدنيا وهو رأس المخلوع، وبالآخرة وهي البردة والقضيب، والحمد لله الآخذ لأمير المؤمنين بحقه، والكائد له من خان عهده ونكث عقده حتى رد الألفة، وأقام به الشريعة، والسلام على أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته. فرضي طاهر ذلك وأنفذه ووصل أحمد بن يوسف وقدمه. وحدث محمد بن عبدوس «2» أنه لما حمل رأس المخلوع إليه وهو بمرو أمر المأمون بإنشاء كتاب عن طاهر بن الحسين ليقرأ على الناس، فكتبت عدة كتب لم يرضها المأمون والفضل بن سهل، فكتب أحمد بن يوسف هذا الكتاب فلما عرضت النسخة على ذي الرئاستين رجع نظره فيها ثم قال لأحمد بن يوسف: ما أنصفناك، ودعا بقهرمانه وأخذ القلم والقرطاس وأقبل يكتب بما يفرّغ له من المنازل، ويعدّ له فيها من الفرش والآلات والكسوة والكراع وغير ذلك، ثم طرح الرقعة إلى أحمد بن يوسف وقال له: إذا كان في غد فاقعد في الديوان، وليقعد جميع الكتاب بين يديك، واكتب إلى الآفاق. وحدث فيما رفعه إلى إبراهيم بن إسماعيل قال «3» ، قال: كثر الطلاب للصلات بباب المأمون، فكتب إليه أحمد بن يوسف: داعي نداك يا أمير المؤمنين ومنادي جدواك جمعا الوفود ببابك يرجون نائلك المعهود، فمنهم من يمتّ بحرمة، ومنهم من يدلي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 563 بخدمة، وقد أجحف بهم المقام، وطالت عليهم الأيام، فإن رأى أمير المؤمنين أن ينعشهم بسيبه، ويحقق حسن ظنهم بطوله فعل إن شاء الله تعالى. فوقع المأمون: الخير متبع، وأبواب الملوك مظانّ لطالبي الحاجات ومواطن لهم، ولذلك قال الشاعر: يسقط الطير حيث يلتقط الحبّ وتغشى منازل الكرماء فاكتب أسماء من ببابنا منهم، واحك مراتبهم ليصل إلى كلّ رجل قدر استحقاقه، ولا تكدّر معروفنا عندهم بطول الحجاب وتأخير الثواب، فقد قال الشاعر: فانك لن ترى طردا لحرّ ... كالصاق به طرف الهوان حدث أحمد بن أبي طاهر قال «1» : كتب صديق لأحمد بن يوسف الكاتب في يوم دجن إليه: يومنا ظريف النواحي، رقيق الحواشي، قد رعدت سماؤه وبرقت وحنت وارجحنت، وانت قطب السرور، ونظام الأمور، فلا تفردنا منك فنقلّ، ولا تنفرد عنا فنذلّ، فإن المرء بأخيه كثير وبمساعدته جدير. قال: فصار أحمد بن يوسف إلى الرجل وحضرهم من أرادوا، ثم تغيمت السماء فقال أحمد بن يوسف: أرى غيما تؤلفه «2» جنوب ... وأحسب أن سيأتينا بهطل فعين الرأي أن تدعو برطل ... فتشربه وتدعو لي برطل وتسقيه ندامانا جميعا ... فيفترقون منه بغير عقل فيوم الغيم يوم الغمّ إن لم ... تبادر بالمدامة كلّ شغل ولا تكره محرّمها عليها ... فإني لا أراه لها بأهل قال: فغنى فيه عثعث اللحن المشهور. وأهدى أحمد بن يوسف هدية في يوم نوروز إلى المأمون وكتب معها «3» : الجزء: 2 ¦ الصفحة: 564 على العبد حقّ فهو لا بد فاعله ... وان عظم المولى وجلّت فضائله ألم ترنا نهدي إلى الله ما له ... وان كان عنه ذا غنى فهو قابله ولو كان يهدى للكريم بقدره ... لقصّر فضل المال عنه وسائله ولكننا نهدي إلى من نعزه ... وان لم يكن في وسعنا ما يعادله وذكر الجهشياري قال «1» كان يكتب لعبد الله بن علي: يوسف بن صبيح مولى بني عجل من ساكني سواد الكوفة، فذكر القاسم بن يوسف بن صبيح أن أباه حدثه أن عبد الله بن علي لما استتر عند أخيه سليمان بالبصرة علم أنه لا وزر له من أبي جعفر. قال: فلم أستتر، وقصدت أصحابنا الكتاب فصرت في ديوان أبي جعفر، وأجرى لي في كل يوم «2» عشرة دراهم، قال: فبكرت يوما إلى الديوان قبل فتح بابه ولم يحضر أحد من الكتاب، وإني لجالس عليه إذ انا بخادم لأبي جعفر قد جاء إلى الباب فلم ير غيري فقال لي: أجب أمير المؤمنين، فأسقط في يدي وخشيت الموت، فقلت له: إن أمير المؤمنين لم يردني، فقال: وكيف؟ قلت: لأني لست ممن يكتب بين يديه، فهمّ بالانصراف عني، ثم بدا له فأخذني وأدخلني، حتى إذا كنت دون الستر وكّل بي ودخل، ولم يلبث أن خرج فقال لي: ادخل فدخلت، فلما صرت على باب الايوان قال لي الربيع: سلّم على أمير المؤمنين، فشممت رائحة الحياة فسلّمت، فأدناني وأمرني بالجلوس، ثم رمى إليّ بربع قرطاس وقال لي: اكتب وقارب بين الحروف، وفرّج بين السطور، واجمع خطك، ولا تسرف في القرطاس. وكانت معي دواة شامية فتوقفت عن إخراجها، فقال لي: يا يوسف وأنت تقول في نفسك أنا بالأمس في ديوان الكوفة أكتب لبني أمية ثم مع عبد الله بن علي وأخرج الساعة دواة شامية؟ إنك إنما كنت في الكوفة تحت يدي غيرك «3» وكنت مع عبد الله بن علي لي ومعي، والدويّ الشامية أدب جميل ومن أدوات الكتاب، ونحن أحق بها، قال: فأخرجتها وكتبت وهو الجزء: 2 ¦ الصفحة: 565 يملي، فلما فرغت من الكتاب أمر به فأترب وأصلح وقال: دعه وكل العنوان اليّ، ثم قال لي: كم رزقك يا يوسف في ديواننا؟ فقلت: عشرة دراهم، فقال: قد زادك أمير المؤمنين عشرة دراهم أخرى رعاية لحرمتك بعبد الله بن علي ومثوبة لك على طاعتك ونقاء ساحتك، وأشهد أنك لو اختفيت باختفائه لأخرجتك ولو كنت في جحرة النمل، ثم زايلت بين أعضائك. فدعوت له وخرجت مسرورا بالسلامة. كان للمأمون «1» جارية اسمها مؤنسة، وكانت تعتني بأحمد بن يوسف، وكان أحمد بن يوسف يقوم بحوائجها، فأدلّت على المأمون في بعض الأمور فأنكر عليها، وصار إلى الشماسية ولم يحملها معه، فاستحضرت نصرة خادم أحمد بن يوسف وحملته رسالة إلى مولاه بخبرها، وسألته التلطف لاصلاح نية المأمون، فلما عرّفه الخادم ذلك دعا بدواته وقصد الشماسية فاستأذن على المأمون، فلما وصل اليه قال: أنا رسول فأذن لي في تأدية الرسالة، فأنشده هذه الأبيات: قد كان عتبك مرّة مكتوما ... فاليوم أصبح ظاهرا معلوما نال الأعادي سؤلهم لا هنّئوا ... لما رأونا ظاعنا ومقيما هبني أسأت فعادة لك أن ترى ... متجاوزا متفضلا مظلوما قال: قد فهمت الرسالة، فكن الرسول بالرضى، ووجّه بياسر الخادم فحملها. وكان موسى بن عبد الملك في ناحية أحمد بن يوسف، وهو خرّجه وقدّمه، قال الحسن بن مخلد: حدثني موسى بن عبد الملك قال: وهب لي أحمد بن يوسف (وكان يرمى بأنه كان يعبث بموسى بن عبد الملك يتعشقه) ألف ألف درهم في مرات، وكان عاتبه فيه محمد بن الجهم البرمكيّ، فكتب إليه أحمد بن يوسف «2» : لا تعذلّني يا أبا جعفر ... لوم الأخلّاء من اللوم إن استه مشربة حمرة ... كأنها وجنة مكلوم فتقدم محمد إلى البجلي، وكان في ناحيته، فأجابه: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 566 لست بلاحيك على حبّه ... ولست في ذاك بمذموم لأنّ في أسفله سخنة ... كأنها سخنة محموم ذكر غرس النعمة في «كتاب الهفوات» «1» حدثني محمد بن علي بن طاهر بن الحسين قال: كان أحمد بن يوسف يسقط السقطة بعد السقطة فتتلف نفسه في بعض سقطاته، وذلك أنه حكى علي بن يحيى بن أبي منصور أن المأمون كان إذا تبخر طرح له العود والعنبر، فإذا تبخر أمر باخراج المجمرة ووضعها تحت الرجل من جلسائه اكراما له، وحضر أحمد بن يوسف يوما، وتبخّر المأمون على عادته ثم [أمر] بوضع المجمر تحت أحمد بن يوسف فقال: هاتوا ذا المردود، فقال المأمون: ألنا يقال هذا ونحن نصل رجلا واحدا من خدمنا بعشرة آلاف درهم (قال الصولي في كتاب الوزراء: بستة آلاف ألف دينار، وهو الصحيح) إنما قصدنا إكرامك وأن أكون أنا وأنت قد اقتسمنا بخورا واحدا، يحضر عنبر، فأحضر منه شيء في الغاية من الجودة في كلّ قطعة ثلاثة مثاقيل، وأمر أن تطرح قطعة في المجمر ويبخر بها أحمد ويدخل رأسه في زيقه حتى ينفد بخورها، وفعل به ذلك بقطعة ثانية وثالثة، وهو يستغيث ويصيح، وانصرف إلى منزله وقد احترق دماغه واعتل ومات سنة ثلاث عشرة ومائتين وقيل أربع عشرة ومائتين وكانت له جارية يقال لها نسيم لها من قلبه مكان خطير، فقالت ترثيه «2» : ولو أن ميتا هابه الموت قبله ... لما جاءه المقدار وهو هيوب ولو أن حيّا قبله صابه الردى ... إذا لم يكن للأرض فيه نصيب وقالت أيضا ترثيه «3» : نفسي فداؤك لو بالناس كلّهم ... ما بي عليك تمنّوا أنهم ماتوا وللورى موتة في الدهر واحدة ... ولي من الهمّ والأحزان موتات الجزء: 2 ¦ الصفحة: 567 ومن شعر أحمد بن يوسف، كتب به إلى صديق له «1» : تطاول باللقاء العهد منا ... وطول العهد يقدح في القلوب أراك وان نأيت بعين قلبي ... كأنّك نصب عيني من قريب فهل لك في الرواح إلى حبيب ... يقرّ بعينه قرب الحبيب قال أحمد بن يوسف، وقد شتمه رجل بين يدي المأمون، للمأمون: قد والله يا أمير المؤمنين رأيته يستملي من عينيك ما يلقاني به. وكتب إلى إسحاق بن إبراهيم الموصلي، وقد زاره إبراهيم بن المهدي: عندي من أنا عبده وحجتنا عليك إعلامنا اياك والسلام: عندي من تبهج العيون به ... فإن تخلّفت كنت مغبونا وأهدى إلى المأمون في يوم عيد هدية وكتب معها «2» : هذا يوم جرت فيه العادة، باهداء العبيد إلى السادة، وقد أهديت قليلا من كثير عندي وقلت: أهدى إلى سيده العبد ... ما ناله الإمكان والوجد وإنما أهدى له ماله ... يبدأ هذا ولذا ردّ فقال المأمون: عاقل أهدى حسنا. ومن شعره اللطيف «3» : إذا ما التقينا والعيون نواظر ... فألسننا حرب وأبصارنا سلم وتحت استراق اللحظ منا مودّة ... تطلّع سرا حيث لا يبلغ الوهم وهو القائل في محمد بن سعيد بن حماد الكاتب، وكان يميل إليه وكان صبيا مليحا «4» : صدّ عني محمد بن سعيد ... أحسن العالمين ثاني جيد صدّ عني لغير جرم إليه ... ليس الا لحسنه في الصدود الجزء: 2 ¦ الصفحة: 568 قال: وكان محمد بن سعيد يكتب بين يديه، فنظر إلى عارضه قد اختط في خدّه، فأخذ رقعة وكتب فيها «1» : لحاك الله من شعر وزادا ... كما ألبست عارضه الحدادا أغرت على تورد وجنتيه ... فصيّرت احمرارهما سوادا ورمى بها إلى محمد بن سعيد، فكتب مجيبا، عظم الله أجرك فيّ يا سيدي وأحسن لك العوض مني. ومن شعر أحمد بن يوسف «2» : كثير هموم النفس حتى كأنما ... عليه كلام العالمين حرام إذا قيل ما أضناك أسبل دمعه ... يبوح بما يخفي وليس كلام وعاش القاسم أخوه بعد، فقال يرثيه: رماك الدهر بالحدث الجليل ... فعزّ النفس بالصبر الجميل أترجو سلوة وأخوك ثاو ... ببطن الأرض تحت ثرى مهيل ومثل أخيك فلتبك البواكي ... لمعضلة من الخطب الجليل وزير الملك يرعى جانبيه ... بحسن تيقظ وصواب قيل وكتب إلى إبراهيم بن المهدي: قد أحلّك الله من الشّرف أعلى ذروته، وبلّغك من الفضل أبعد غايته، فما الآمال إلا إليك مصروفة، والأعناق نحوك معطوفة، وإليك تنتهي الهمم السامية، وعليك تقف الظنون الحسنة، وبك تثنى الخناصر، وبعدك تعدّ الأكابر، وببحرك تسافر الرغائب، وتستفتح أغلاق المطالب، لا يستعطي النجح من رجاك، ولا تعروه النوائب في ذراك «3» . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 569 [216] أخثاء : هو لقب ولا أعرف اسمه، ولم أجد له ذكرا إلا ما ذكره أبو بكر المبرمان في الباب من كتابه: «في نكت كتاب سيبويه» في الفرق بين الكلم والكلام فقال: وقال لي الملقب بأخثاء وكان أحد من رأينا من النحويين الذين صحت لهم القراءة على أبي عثمان المازني، وكان موصوفا في أول نظره بالبراعة مسلّما له استغراق الكتاب على أبي عثمان، ثم أدركته علة فقصر عن الحال الأولى أنا حاكيه، ورأيت أنا أبا العباس ثعلبا يروم ذلك وهو ان كل ما لفظ به ينقسم أقساما ثلاثة، قسم منه يكون للحدث ولأسماء المحدثين ولأسماء الأمكنة والأزمنة التي تقع فيها الأحداث ولا اسم للجنس فيه وذلك نحو الضرب والقتل والأخذ والكلام وما أشبه ذلك، فإذا سئلت عن شيء من هذا فقيل لك: ما هو؟ فجوابه أن تذكر الحدث المنقضي مع الزمان. وصنف منه يكون للأجناس ولا اسم للاحداث فيه ولا يكون حدثا وهو كقولك سفرجلة وسفرجل فإذا سئلت عن ذلك فجوابه ان تخبر عن صفة الشيء فتقول: هو الذي لونه كذا وجسمه كذا ومركّب من كذا. وصنف آخر يجمع الجنسين وذلك نحو تمرة وتمر فهذا من باب سفرجلة وسفرجل ثم تقول أتمر النخل يتمر اتمارا، فهذا إنما هو عبارة عن الحدث، فإذا سئلت ما التمر فجوابه ان تقول: هو الجسم الذي من صفته كذا ومن قدّه كذا وفي داخله كذا، وإذا سئلت ما الاتمار فجوابه ان يمرّ الزمان بحرّه وبرده وما فيه على البسر فيتغير من حال كذا إلى حال كذا، ثم يلين فيصير فيه الدبس. وانما تنبىء عن الاحداث التي تقع، وكذا كلمة وكلم في باب تمرة وتمر، فإذا قيل لك ما الكلم؟ فالجواب: هو الموضوع المتعارف بين الناس استعملوه، وهو الذي يسمونه اسم وفعل وحرف. فإن قيل: فما الكلام؟ فجواب ذلك ان تقول: هو إجراء هذا الذي يسمونه كلما وإخراجه بالصواب من الفم، فهو حدث فالكلام حدث، والكلم موضوع الكلام الذي يستعمل كزيد وضرب وهل وبل، فقد جمع الكلم أمرين، والكلام ليس كذلك إنما هو لأمر واحد.   [216]- الوافي 8: 310. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 570 [217] أسامة بن سفيان السجزي النحوي : من نحاة سجستان وشعرائها، ذكره أبو الحسن البيهقي في كتاب «الوشاح» وأنشد له: أبى النأي إلّا أن يجدّد لي ذكرى ... لمن ودعتني وهي لا تملك العبرا وقالت رعاك الله ما خلت أنني ... أراك تسلّى أو تطيق لنا هجرا وكنت ترى فرط العلاقة ساعة ... تغيّبها عنا وإن قصرت شهرا وتجزع من وشك الفراق فما لنا ... على فرقة الأحباب أن نظهر الصبرا منها في المديح: وزير يرى المعروف يجمل ذكره ... فأرسل بين الناس معروفه غمرا فما أقلعت يوما غمامة جوده ... ولا قطرت رشا ولا أخطأت قطرا وما اختصّ يوما حاضرا دون غائب ... برفد ولا ذا فاقة دون من أثرى وقد أمّه الراجون من كلّ وجهة ... فأربى مرجّاهم بواحدة عشرا وقد كان يعطيهم وهم في ديارهم ... ولكن هوى أن يجمع الرفد والبشرا رأى ماله مال العدى فأباده ... فلم يبق منه لا ولا منهم إثرا [218] أسامة بن مرشد بن علي بن مقلّد بن نصر بن منقذ بن محمد بن منقذ بن   [217]- إنباه الرواة 1: 237 والوافي 8: 377 وبغية الوعاة 1: 437. [218]- لأسامة ابن منقذ ترجمة في مصورة ابن عساكر 2: 702 وتهذيبه 2: 403 والخريدة (قسم الشام) 1: 498 وبغية الطلب 2: 205 وابن خلكان 1: 195 والوافي 8: 378 وسير الذهبي 21: 164 والمقفى 2: 40 ويمثل كتاب الاعتبار شيئا من سيرته الذاتية، كما قد كتبت عنه في العصر الحديث عدة دراسات، ونشر من كتبه سوى الاعتبار: لباب الآداب والمنازل والديار وديوان شعره وكتاب العصا والبديع في نقد الشعر. وله كتاب في التاريخ، وله أزهار الأنهار ينقل عنه ابن العديم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 571 نصر بن هاشم بن سوار بن زياد بن زغيب «1» بن مكحول بن عمرو بن الحارث بن عامر بن مالك بن أبي مالك بن عوف بن كنانة بن بكر بن عذرة بن زيد اللات بن رفيدة بن ثور بن كلب بن وبرة بن ثعلب بن حلوان بن عمرو [بن الحاف] بن قضاعة بن مالك بن حمير بن مرة بن زيد بن مالك بن حمير بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان: هكذا ذكر هو نسبه وفيه اختلاف يسير عند ابن الكلبي. ويكنى أسامة أبا المظفر، ويلقب مؤيّد الدولة مجد الدين. وفي بني منقذ جماعة أمراء شعراء، لكن أسامة أشعرهم وأشهرهم، وأنا أذكر لكلّ واحد من أهله في ترجمته ما يليق ولا أفرّقهم: ذكره عماد الدين أبو عبد الله محمد بن محمد بن حامد الأصفهاني في «كتاب خريدة القصر وجريدة العصر» وأثنى عليه كثيرا فقال «2» : ما زال بنو منقذ هؤلاء مالكي شيزر، وهي حصن قريب من حماة، معتصمين بحصانتها ممتنعين بمناعتها، حتى جاءتن الزلزلة في سنة نيف وخمسين فخربت حصنها، وأذهبت حسنها، وتملكها نور الدين محمود بن زنكي عليهم، وأعاد بناءها فتشعبوا شعبا وتفرقوا أيدي سبا. قال ابن عساكر «3» : ذكر لي أسامة أنه ولد سنة ثمان وثمانين وأربعمائة وقدم دمشق سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة ومات أسامة في ثالث عشري رمضان سنة أربع وثمانين وخمسمائة ودفن بجبل قاسيون. قال العماد «4» : وأسامة كاسمه، في قوة نثره ونظمه، يلوح في كلامه أمارة الإمارة، ويؤسّس بيت قريضه عمارة العبارة، حلو المجالسة، حالي المساجلة، ندي النديّ بماء الفكاهة، عالي النجم في سماء النباهة، معتدل التصاريف، مطبوع التصانيف، أسكنه عشق الغوطة، دمشق المغبوطة، ثم نبت به كما تنبو الدار بالكريم، فانتقل إلى مصر فبقي بها مؤمّرا مشارا إليه بالتعظيم، إلى أيام ابن رزيك، فعاد إلى الشام، وسكن دمشق مخصوصا بالاحترام، حتى أخذت شيزر من أهله، ورشقهم صرف الزمان بنبله، ورماه الحدثان الجزء: 2 ¦ الصفحة: 572 إلى حصن كيفا مقيما بها في ولده، مؤثرا لها على بلده، حتى أعاد الله دمشق إلى سلطنة الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب سنة سبعين، ولم يزل مشغوفا بذكره، مشتهرا بإشاعة نظمه ونثره، والأمير العضد مرهف ولد الأمير مؤيّد الدولة جليسه، ونديمه وأنيسه. (قال مؤلف هذا الكتاب: وقد رأيت أنا العضد هذا بمصر عند كوني بها في سنتي إحدى عشرة، واثنتي عشرة وستمائة وأنشدني شيئا من شعره وشعر والده) قال: فاستدعاه إلى دمشق- يعني مؤيّد الدولة- وهو شيخ قد جاوز الثمانين. قال «1» وأنشدني العامريّ من شعره بأصبهان، وكنت أتمنى لقياه، وأشيم على البعد حياه. حتى لقيته في صفر سنة إحدى وسبعين بدمشق، وسألته عن مولده فقال: ولدت في السابع والعشرين من جمادى الآخرة سنة ثمان وثمانين وأربعمائة وأنشدني لنفسه البيتين اللذين سارا له في قلع ضرسه «2» : وصاحب لا أملّ الدهر صحبته ... يشقى لنفعي ويسعى سعي مجتهد لم ألقه مذ تصاحبنا فحين بدا ... لناظريّ افترقنا فرقة الأبد وأنشدني لنفسه من قديم شعره «3» : قالوا نهته الأربعون عن الصبا ... وأخو المشيب يجوز ثمّت يهتدي كم حار في ليل الشباب فدلّه ... صبح المشيب على الطريق الأقصد وإذا عددت سنيّ ثمّ نقصتها ... زمن الهموم فتلك ساعة مولدي قلت أنا: هذا كلام نفيس ومعنى لطيف، ولكنه أخذ معنى البيت الثاني من قول ابن الرومي «4» . كفى بسراج الشيب في الرأس هاديا ... إلى من أضلّته المنايا لياليا فكان كرامي الليل يرمي فلا يرى ... فلما أضاء الشيب شخصي رمانيا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 573 وأخذ معنى البيت الأخير من قول أبي فراس ابن حمدان في مزدوجته «1» : ما العمر ما طالت به الدهور ... العمر ما تمّ به السرور أيام عزّي ونفاذ أمري ... هي التي أحسبها من عمري لو شئت مما قد قللن جدّا ... عددت أيام السرور عدّا ولكنّ قول أسامة أبلغ في المعنى وهذا ظاهر. قال وأنشدني من قديم شعره «2» : لم يبق لي في هواكم أرب ... سلوتكم والقلوب تنقلب أوضحتم لي سبل السلوّ وقد ... كانت لي الطرق عنه تنشعب إلام دمعي من هجركم سرب ... قان وقلبي من غدركم يجب إن كان هذا لأن تعبّدني ... الحبّ فقد أعتقتني الريب أحببتكم فوق ما توهّمه ... الناس وخنتم أضعاف ما حسبوا وقوله أيضا «3» : يا دهر مالك لا يصدّك ... عن مساءتي العتاب أمرضت من أهوى ويأ ... بى أن أمرّضه الحجاب لو كنت تنصف كانت ... الأمراض لي وله الثواب أخذ هذا المعنى من قول الشاعر: يا ليت علّته لي غير أنّ له ... أجر المريض وأني غير مأجور قال العماد: وهذا الذي أوردته من شعره نقلته من «تاريخ السمعاني» فلما وردت إلى دمشق واجتمعت به قلت له: هل لك معنى مبتكر في الشيب؟ فأنشدني «4» : الجزء: 2 ¦ الصفحة: 574 لو كان صدّ معاتبا ومغاضبا ... أرضيته وتركت خدّي شائبا لكن رأى تلك النضارة قد ذوت ... لما غدا ماء الشبيبة ناضبا ورأى النهى بعد الغواية صاحبي ... فثنى العنان يريغ غيري صاحبا وأبيه ما ظلم المشيب فإنه ... أملي فقلت عساه عني راغبا أنا كالدجى لما تناهى عمره ... نشرت له أيدي الصباح ذوائبا ومن شعره أيضا في محبوس «1» : حبسوك والطير النواطق إنما ... حبست لميزتها على الأنداد وتهيّبوك وأنت مودع سجنهم ... وكذا السيوف تهاب في الأغماد ما الحبس دار مهانة لذوي العلا ... لكنّه كالغيل للآساد ومنه قوله في الشمعة «2» : انظر إلى حسن صبر الشمع يظهر لل ... رائين نورا وفيه النار تستعر كذا الكريم تراه ضاحكا جذلا ... وقلبه بدخيل الغمّ منفطر وقوله أيضا «3» : نافقت دهري فوجهي ضاحك جذل ... طلق وقلبي كئيب مكمد باك وراحة القلب في الشكوى ولذّتها ... لو أمكنت لا تساوي ذلّة الشاكي وقوله أيضا «4» : لئن غضّ دهر من جماحي أو ثنى ... عناني أو زلّت بأخمصي النعل تظاهر قوم بالشّمات جهالة ... وكم إحنة في الصدر أبرزها الجهل وهل أنا إلا السيف فلّل حدّه ... قراع الأعادي ثم أرهفه الصقل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 575 وقوله أيضا «1» : لا تحسدنّ على البقاء معمّرا ... فالموت أيسر ما يؤول إليه وإذا دعوت بطول عمر لامرىء ... فاعلم بأنك قد دعوت عليه قال العماد «2» وتناشدنا بيت الوزير المغربي في وصف خفقان القلب وتشبيهه بظل اللواء الذي تخترقه الرياح وهو «3» : كأنّ قلبي إذا عنّ ادّكاركم ... ظلّ اللواء عليه الريح تخترق فقال لي الأمير مؤيد الدولة أسامة: فقد شبهت القلب الخافق وبالغت في تشبيهه وأربيت عليه في قولي من أبيات، وهي «4» : أحبابنا كيف اللقاء ودونكم ... عرض «5» المهامه والفيافي الفيح أبكيتم عيني دما لفراقكم ... فكأنّما إنسانها مجروح «6» وكأن قلبي حين يخطر ذكركم ... لهب الضرام تعاورته الريح فقلت له: صدقت، فإن المغربي قصد تشبيهه خفقان القلب، وأنت شبهت القلب الواجب باللهيب، وخفقانه باضطرابه عند اضطرامه لتعاور الريح فقد أربيت عليه. وأنشدني أيضا من قوله، أيام شبابه وهو معتقل، في الخيال «7» : ذكر الوفاء خيالك المنتاب ... فألمّ وهو بودّنا مرتاب نفسي فداؤك من حبيب زائر ... متعتّب عندي له الإعتاب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 576 ودّي كعهدك والديار قريبة ... من قبل أن تتقطع الأسباب ثبت فلا طول الزيارة ناقص ... منه وليس يزيده الإغباب حظر الوفاء عليّ هجرك طائعا ... وإذا اقتسرت فما عليّ عتاب قال وتذاكرنا قول أبي العلاء المعرّيّ «1» : لو حطّ رحلي فوق النجم رافعه ... ألفيت ثمّ خيالا منك منتظري وأبلغ من هذا قول المعرّيّ في بعد المسافة «2» : وذكرت كم بين العقيق إلى الحمى ... فجزعت من أمد المدى المتطاول وعذرت طيفك في الجفاء فإنه ... يسري فيصبح دوننا بمراحل وأنشدني «3» : وأعجب ما لقيت من الليالي ... وأيّ فعالها بي لم يسؤني تقلّب قلب من مثواه قلبي ... وجفوة من ضممت عليه جفني قال «4» : واجتمعنا عند الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب بدمشق ليلة، وكان يلعب بالشطرنج، فقال لي الأمير أسامة: ألا أنشدك البيتين اللذين قلتهما في الشطرنج؟ فقلت: هات، فأنشدني لنفسه: انظر إلى لاعب الشطرنج يجمعها ... مغالبا ثم بعد الجمع يرميها كالمرء يكدح للدنيا ويجمعها ... حتى إذا مات خلّاها وما فيها وأنشدني لنفسه في غرض له في نور الدين محمود رحمه الله «5» : سلطاننا زاهد والناس قد زهدوا ... له فكل على الخيرات منكمش أيامه مثل شهر الصوم خالية ... من المعاصي وفيها الجوع والعطش الجزء: 2 ¦ الصفحة: 577 قال وأنشدني لنفسه: أأحبابنا هلّا سبقتم بوصلنا ... صروف الليالي قبل أن نتفرقا تشاغلتم بالهجر والوصل ممكن ... وليس إلينا للحوادث مرتقى كأنّا أخذنا من صروف زماننا ... أمانا ومن جور الحوادث موثقا وقال أيضا: قمر إذا عاينته «1» شغفا به ... غرس الحياء بوجنتيه شقيقا وتلهّبت خجلا فلولا ماؤها ... مترقرقا فيه لصار حريقا وازورّ عني مطرقا فأضلّني ... أنى «2» اهتدى نحو السلوّ طريقا فليلحني من شاء فيه فصبوتى ... بهواه سكر لست منه مفيقا وكتب إليه ابنه أبو الفوارس مرهف إلى حصن كيفا كتابا على يد مستمنح فلم يمكّن الوقت من بلوغ الغرض من البر، فكتب أسامة جوابه: أبا الفوارس ما لاقيت من زمني ... أشدّ من قبضه كفّي عن الجود رأى سماحي بمنزور تجانف لي ... عنه وجودي به فاجتاح موجودي فصرت إن هزّني جان تعوّد أن ... يجني نداي رآني يابس العود وقال أيضا «3» : سقوف الدور في خربرت «4» سود ... كستها النار أثواب الحداد فلا تعجب إذا ارتفعت علينا ... فللحظ اعتناء بالسواد بياض العين يكسوها جمالا ... وليس النور إلا في السواد ونور الشيب مكروه وتهوى ... سواد الشعر أصناف العباد وطرس الخطّ ليس يفيد علما ... وكلّ العلم في وشي المداد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 578 وله في مدح صلاح الدين «1» : هو من عرفن «2» فلو عصاه نهاره ... لرماه نقع جيوشه بغياهب وله في الهزل «3» : خلع الخليع عذاره في فسقه ... حتى تهتّك في بغا ولواط يأتي ويؤتى ليس ينكر ذا ولا ... هذا كذلك إبرة الخياط قال العماد «4» : وكان قد سألني أن أتنجّز له مطلوبا عند الملك الناصر صلاح الدين فكتب إليّ يستحثني: عماد الدين مولانا جواد ... مواهبه كمنهلّ السحاب يحكّم في مكارمه الأماني ... ولو كلّفنه ردّ الشباب وعذرك في قضا شغلي قضاء ... يصرّفه فما عذر الجواب ولمؤيد الدولة أسامة بن منقذ تصانيف حسان منها كتاب القضاء. كتاب الشيب والشباب ألفه لأبيه. كتاب ذيل يتيمة الدهر للثعالبي. كتاب تاريخ أيّامه. كتاب في أخبار أهله، رأيته. ومن شعر الأمير الأجل مؤيّد الدولة مجد الدين أسامة بن منقذ: صديق لنا كالبحر قد أهلك الورى ... ولم تنههم أخطاره عن ركوبه مودّته تحكيه صفوا وخبرها ... كمشربه من حوبه وذنوبه ومنه أيضا: كنت بين الرجاء واليأس منه ... أقطع الدهر بين سلم وحرب ألتقي عتبه بأكرم إعتا ... ب ويلقى ذلّي بتيه وعجب فبدا للملوك أني لو رم ... ت سلوّا لما سلا عنه قلبي فتجنّى لي الذنوب ولا و ... الله مالي ذنب سوى فرط حبي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 579 ومنه أيضا «1» : انظر بعينك هل ترى ... أحدا يدوم على المودّه لترى أخلّاء الصفا ... ء عدى إذا تأتيك شدّه ومنه أيضا: تنكّرني الإخوان حتى ثقاتهم ... وحذّرني منهم نذير التجارب كأني إذا أودعت سرّي عندهم ... رفعت بنار فوق أعلى المراقب قال العماد «2» وكتبها إلى دمشق بعد خروجه إلى مصر في أيام بني الصوفي يشير إليهم: ولوا فلما رجونا عدلهم ظلموا ... فليتهم حكموا فينا بما علموا ما مرّ يوما بفكري ما يريبهم ... ولا سعت بي إلى ما ساءهم قدم ولا أضعت لهم عهدا ولا اطلعت ... على ودائعهم في صدري التهم محاسني منذ ملّوني بأعينهم ... قذى وذكري في آذانهم صمم وبعد لو قيل لي ماذا تحبّ وما ... تختار من زينة الدنيا لقلت هم هم مجال الكرى من مقلتيّ ومن ... قلبي محلّ المنى جاروا او اجترموا تبدلوا بي ولا أبغي بهم بدلا ... حسبي بهم أنصفوا في الحكم أم ظلموا يا راكبا تقطع البيداء همّته ... والعيس تعجز عمّا تدرك الهمم بلّغ أميري معين الدين مألكة ... من نازح الدار لكن ودّه أمم هل في القضية يا من فضل دولته ... وعدل سيرته بين الورى علم تضييع واجب حقّي بعد ما شهدت ... به النصيحة والإخلاص والخدم إذا نهضت إلى مجد تؤثله ... تقاعدوا وإذا شيّدته هدموا وإن عرتك من الأيام نائبة ... فكلّهم للذي يبكيك يبتسم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 580 وكلّ من ملت عنه قرّبوه ومن ... والاك فهو الذي يقصى ويهتضم اين الحمية والنفس الأبية إذ ... ساموك خطّة خسف عارها يصم هلا أنفت حياء أو محافظة ... من فعل ما أنكرته العرب والعجم أسلمتنا وسيوف الهند مغمدة ... ولم يروّ سنان السمهري دم وكنت أحسب من والاك في حرم ... لا يعتريه به شيب ولا هرم وأنّ جارك جار للسموأل لا ... يخشى الأعادي ولا تغتاله النقم هبنا جنينا ذنوبا لا يكفّرها ... عذر فماذا جنى الأطفال والحرم ومنها: لكنّ رأيك أدناهم وأبعدني ... «فليت أنّا بقدر الحبّ نقتسم» ولا سخطت بعادي إذ رضيت به ... «ولا لجرح إذا أرضاكم الم» تعلقت بحبال الشمس منك يدي ... ثم انثنت وهي صفر ملؤها ندم لكن فراقك آساني وآسفني ... ففي الجوانح نار منه تضطرم فاسلم فما عشت لي فالدهر طوع يدي ... وكلّ ما نالني من بؤسه نعم ومن شعره أيضا: الق الخطوب إذا طرقن ... بقلب محتسب صبور فسينقضي زمن الهموم ... كما انقضى زمن السرور فمن المحال دوام حال ... في مدى العمر القصير وتوفي بعد الثمانين وخمسمائة. ومنهم أخوه أبو الحسن علي بن مرشد بن علي بن مقلد بن منقذ «1» سيد بني منقذ، ورد بغداد حاجا بعد العشرين وخمسمائة وقد ذكره السمعانيّ في «تاريخه» وأنشد له «2» : الجزء: 2 ¦ الصفحة: 581 ودعت صبري ودمعي يوم فرقتكم ... وما علمت بأنّ الدمع يدّخر وضلّ قلبي من صدري فعدت بلا ... قلب فيا ويح ما آتي وما أذر ولو علمت ذخرت الصبر مبتغيا ... إطفاء نار بقلبي منك تستعر قال الامير علي بن مرشد سمعت دراجا «1» يصيح بدرب حبيب فقلت فيه: يا طائرا لعبت أيدي الفراق به ... مثلي فأصبح ذا همّ وذا حزن داني الأسى نازح الأوطان مغتربا ... عن الأحبّة مصفودا عن الوطن بلا نديم ولا جار يسرّ به ... ولا حميم ولا دار ولا سكن لكن نطقت فزال الهمّ عنك ولي ... همّ يقلقل أحشائي ويخرسني وكلّ من باح بالشكوى استراح ومن ... أخفى الجوى بثّ» عنه شاهد البدن أرّقت عيني بنوح لست أفهمه ... مع ما بقلبي من وجد يؤرّقني وما بكيت ولي دمع غواربه ... إذا ارتمت منه لم تنشقّ بالسفن قال وكتب إلى صديق له «3» : ما فهت مع متحدّث متشاغلا ... إلا رأيتك خاطرا في خاطري ولو استطعت لزرت أرضك ماشيا ... بسواد قلبي لا بأسود ناظري وكتب إلى أخيه مؤيّد الدولة أسامة وهو بالموصل: ألا هل لمحزون تذكّر إلفه ... فحنّ وأبدى وجده من يعينه وعيشا مضى بالرغم إذ نحن جيرة ... ترفّ على روض الوصال غصونه لدى منزل كان السرور قرينكم ... به فتولّى إذ تولّى قرينه فلو أعشبت من فيض دمعي محوله ... لما رضيت عن دمع عيني جفونه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 582 قال: وأنشدني له ابن أخيه الأمير مرهف بن أسامة: لأشكرنّ النوى والعيس إذ قصدت ... بي معدن الجود والاحسان والكرم فسرت في وطني إذ سرت عن وطني ... فمن رأى صحة جاءت من السقم وقد ندمت على عمر مضى أسفا ... إذ لم أكن لك جارا فيه في القدم فاسلم ولا زلت محروس العلا أبدا ... ما لاحت الشهب في داج من الظلم وقال أخوه أسامة بن مرشد: ونقلت من خطّ أخي عز الدولة أبي الحسن علي بن مرشد من شعره، وكان استشهد رحمه الله على غزة في شهر رمضان سنة خمس وأربعين وخمسمائة في حرب الفرنج لعنهم الله، قبل أن يكمل من شعره، وكان تقنطر به فرسه على باب غزة، واستعلى الفرنج على أصحابه فانكشفوا عنه، فقتل وبقي في المعركة. وأنشد له أشعارا منها قوله في مرض طال به: ظننت وظنّ الألمعيّ مصدّق ... بأن سقام المرء سجن حمامه فإن لم يكن موت صريح فإنّه ... عذاب تملّ النفس طول مقامه وكم يلبث المسجون في قبضة الأذى ... يجرّب فيه الموت غرب حسامه وأنشد له قوله عند رحيله عن بغداد إلى الحجاز: ترحلت عن بغداد لا كارها لها ... وفي القلب منها لوعة وحريق فسقيا لأيام تقضّت بربعها ... إذ العيش غضّ والزمان أنيق باخوان صدق ليس فيهم مشاقق ... وكلهم حان عليّ شفيق وأنشد له أيضا: ولما أعارتني النوى منك نظرة ... أحبّ إلى قلبي من البارد العذب تعقّبها البين المشتّ فليتنا ... بقينا على تأميلنا لذة القرب وأنشد له: ليت شعري علام صدّك عنّا ... بعد ما كنت تدّعي الأشواقا لا تجار الزمان سبقا إلى الهجر ... فما زال صرفه سبّاقا أنت غرّ بغدره فلهذا ... قد تعجلت بالصدود الفراقا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 583 وأنشد له: بني أبي إن عدا دهر ففرّقنا ... فهمّ نفسي بكم ما عشت مجتمع هل تعلمون الذي في النفس من أسف ... عليكم وحنين ليس ينقطع نزحتم أدمعي حتى لقد محلت ... جفون عيني ومات اليأس والطمع وإنّ دهرا رمى عن جيده دررا ... أمثالكم لزمان عاطل ضرع ومنهم جده سديد الملك أبو الحسن علي بن مقلد بن منقذ «1» : وكان من شرطه أن يقدّم على بنيه، قال: هو جدّ الجماعة، موفور الطاعة، أحكم آساس مجده وشادها، وفضل أمراء ديار بكر والشام وسادها. قال أبو يعلى حمزة بن أسد «2» : في سنة أربع وسبعين وأربعمائة في رجب ملك الأمير أبو الحسن علي بن المقلد بن منقذ حصن شيزر من الأسقف الذي كان فيه بمال بذله له وارغبه فيه إلى أن حصل في يده، وشرع في عمارته وتحصينه والممانعة «3» عنه إلى أن تمكنت حاله فيه، وقويت نفسه في حمايته والمدافعة عنه «4» . والأمير سديد «5» الملك هو ممدوح فحول الشعراء والذي امتدحه ابن حيّوس بقصيدته التي أولها (وكتبها إليه من طرابلس وهو بحلب) «6» : أما الفراق فقد عاصيته فأبى ... وطالت الحرب إلّا أنه غلبا أراني البين لما حمّ عن قدر ... وداعنا كلّ جدّ بعده لعبا قال: وسألت ابن ابنه الأمير أسامة بن مرشد بن علي عن وفاة جده فقال مات سنة خمس وسبعين وأربعمائة. قال: وأنشدني مجد العرب العامري باصبهان قال، أنشدني الأمير أبو سلامة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 584 مرشد لأبيه الأمير أبي الحسن علي بن مقلد في غلام له ضربه، وقد أبدع في هذا المعنى وأغرب «1» : أسطو عليه وقلبي لو تمكّن من ... كفّيّ غلّهما غيظا إلى عنقي وأستعزّ «2» إذا عاتبته حنقا ... وأين ذلّ الهوى من عزّة الحنق قال وأنشدني له أيضا «3» : ماذا النجيع بوجنتيك وليس من ... شرط الأنوف على الخدود رعاف ألحاظنا جرحتك حين تعرّضت ... لك أم أديمك جوهر شفّاف وقرأت له في مجموع: إذا ذكرت أياديك التي سلفت ... مع سوء فعلي وزلّاتي ومجترمي أكاد أقتل نفسي ثمّ يمنعني ... علمي بأنك مجبول على الكرم وله أيضا: من كان يرضى بذلّ في ولايته ... من خوف عزل فإني لست بالراضي قالوا فتركب أحيانا فقلت لهم ... تحت الصليب ولا في موضع القاضي وله أيضا: لا تعجلوا بالهجر إنّ النوى ... تحمل عنكم منّة الهجر وظاهرونا بوفاق فقد ... أغناكم البين عن الهجر وله أيضا: ألقى المنيّة في درعين قد نسجا ... من المنيّة لا من نسج داود إن الذي صوّر الأشياء صوّرني ... نارا من البأس في بحر من الجود الجزء: 2 ¦ الصفحة: 585 وهذان البيتان يرويان لعبد المؤمن ملك الغرب. ولسديد الملك من مجموع أسامة: كيف السلوّ وحبّ من هو قاتلي ... أدنى إليّ من الوريد الأقرب إني لأعمل فكرتي في سلوة ... عنه فيظهر فيّ ذلّ المذنب وله أيضا: بكرت تنظر شيبي ... وثيابي يوم عيد ثم قالت لي بهزء ... يا خليعا في جديد لا تغالطني فما تصلح إلّا للصدود قال العماد: أنشدت هذه الأبيات والقطع جميعها الأمير مؤيد الدولة أسامة في سنة اثنتين وسبعين فأنكر أن يكون لجده سوى البيتين اللذين أولهما: لا تعجلوا بالهجر إن النوى وأنشدني لجده، وكان كتب بها إلى القاضي جلال الملك أبي الحسن علي بن عمّار صاحب طرابلس: أحبابنا لو لقيتم في مقامكم ... من الصبابة ما لاقيت في ظعني لأصبح البحر من أنفاسكم يبسا ... كالبرّ من أدمعي ينشقّ بالسفن ومنهم الأمير أبو سلامة مرشد بن علي بن مقلد بن نصر بن منقذ [والد] أسامة وولد المقدم ذكره «1» ، له البيت القديم، والفضل العميم من فروع الأملاك الفارعي الأفلاك. قال السمعاني في «تاريخه» : رأيت مصحفا بخطّه كتبه بماء الذهب على الطاق الصوريّ، ما رأيت ولا أظنّ أن الرائين رأوا مثله، فقد جمع إلى فضائله حسن خطه، وتقدم بحسن تدبيره على رهطه، وأسنّ وعمّر وله أولاد نجباء أمجاد، كرماء أجواد، وكان مولده سنة ستين وأربعمائة ومات بشيزر سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة فيما حكاه ولده أسامة للسمعاني. وذكره مجد العرب أبو فراس العامري وقال: كنت مقيما مدّة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 586 بشيزر في كنفهم، حاظيا برفدهم ساميا بشرفهم. وأثنى على خلفهم وترحّم على سلفهم. قال: وكان الأمير حينئذ بقلعة شيزر أخوه أبو العساكر سلطان، وهو ممدوحي الذي حباني الإكرام والاحسان، والأمير مرشد يقرّبني ويكرمني، وقال فيّ أبياتا منها «1» : لئن نسي امرو عهدا فإني ... لعهد أبي الفوارس غير ناس وما عاش الأمير أبو فراس ... فما مات الأمير أبو فراس كنية العامري أبو فراس، وأبو فراس الآخر هو أبو فراس ابن حمدان، وكان العامري يتبجّح بالبيتين. وذكر «2» السمعاني في «تاريخه» أنشدني ولده أبو عبد الله محمد بن مرشد بن علي بن مقلد بن منقذ من حفظه، عند القبة التي فيها قبر أيوب النبي صلى الله عليه وسلّم، عند عقبة أفيق بنواحي الأردن قال: وأنا قائم أكتب، وهو وغلمانه على الخيل، قال: أنشدني والدي مرشد بن علي لنفسه بشيزر «3» : ظلوم أبت في الظلم إلا تماديا ... وفي الصدّ والهجران إلّا تناهيا شكت هجرنا والذنب في ذاك ذنبها ... فيا عجبا من ظالم جاء شاكيا وطاوعت الواشين فيّ وطالما ... عصيت عذولا في هواها وواشيا ومال بها تيه الجمال إلى القلى «4» ... وهيهات أن أمسي لها الدهر قاليا ولا ناسيا ما استودعت من عهودها ... وإن هي أبدت جفوة وتناسيا ومنها في العتاب: وقلت أخي يرعى بنيّ وأسرتي ... ويحفظ فيهم عهدتي وذماميا ويجزيهم ما لم أكلّفه فعله ... لنفسي فقد أعددته من تراثيا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 587 فأصبحت صفر الكفّ ممّا رجوته ... أرى اليأس قد غطّى سبيل رجائيا فما لك لمّا أن حنى الدهر صعدتي ... وثلّم مني صارما كان ماضيا تنكّرت حتى صار برّك قسوة ... وقربك منهم جفوة وتناسيا «1» على أنني ما حلت عمّا عهدته ... ولا غيّرت هذي الشؤون وداديا فلا زعزعتك الحادثات فإنني ... أراك يميني والأنام شماليا قال: وقرأت في بعض الكتب كلمة نظمها الخطيب أبو الفضل يحيى بن سلامة الحصكفي في جواب رسالة وصلته من الأمير «2» علي بن مرشد من شيزر وهي: حوى مرشد وابناه غرّ المناقب ... وحلّوا من العلياء أعلى المراتب ذوائب مجد ما علمت بأنهم ... من العلم أيضا في الذرى والذوائب أتت من عليّ روضة جاد روضها ... سحائب فضل لا كجود السحائب بأبيات شعر أفحمت كلّ شاعر ... وآيات نثر أعجبت كلّ خاطب وغرّ معان أعجزت كلّ عالم ... وأسطر خطّ أرعشت كل كاتب ربيع بورد وافد لمطالع ... وربع لوفد وارد بمطالب وخود رمت بالسحر عن قوس حاجب ... لها في العلا فخر على قوس حاجب فلو قطبت [راحا] لما قطّبت لها ... وجوه ولا غطّت على حكم شارب ومنهم حميد بن مالك «3» بن مغيث بن نصر بن منقذ بن محمد بن منقذ بن نصر بن هاشم، أبو الغنائم الملقب بمكين الدولة: ولد بشيزر في تاسع جمادى الآخرة سنة إحدى وتسعين وأربعمائة ونشأبها، وانتقل إلى دمشق فسكنها مدة طويلة، واكتتب في العسكر، وكان يحفظ القرآن، وله شعر جيّد وفيه شجاعة وعفاف، ومات في نصف شعبان سنة أربع وستين وخمسمائة بحلب، ومن شعره: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 588 ما بعد جلّق للمرتاد منزلة ... ولا كسكّانها في الأرض سكّان فكلّها لمجال الطرف منتزه ... وكلّهم لصروف الدهر أقران «1» وهم وإن بعدوا عنّي بنسبتهم ... إذا بلوتهم بالودّ اخوان وقال في أخيه يحيى: بالشام لي جدث وجدت بفقده ... وجدا يكاد القلب منه يذوب فيه من البأس المهيب صواعق ... تخشى ومن ماء السماء قليب فارقت حتى حسن صبري بعده ... وهجرت حتى النوم وهو حبيب قال الحافظ علي بن الحسن بن هبة الله: وأنشدنا لنفسه: يذكّرني يحيى الرماح شوارعا ... وبيض المواضي جرّدت للوقائع وأقسم ما رؤياه في العين بهجة ... بأحسن من أوصافه في المسامع قال: وأنشد لنفسه: وسلافة أزرى احمرار شعاعها ... بالورد والوجنات والياقوت جاءت مع الساقي تنير بكأسها ... فكأنّها اللاهوت في الناسوت وقال وأنشدنا لنفسه في صديق له يعاتبه: أدنو بودّي وحظّي منك يبعدني ... هذا لعمرك عين الغبن والغبن وإن توخّيتني يوما بلائمة ... رجعت باللوم إبقاء على الزمن وحسن ظنّي موقوف عليك فهل ... غيّرت بالظنّ بي عن رأيك الحسن ومنهم الأمير شرف الدين «2» أبو الفضل إسماعيل بن أبي العساكر سلطان بن علي بن منقذ «3» كان أبوه عمّ مؤيد الدولة أسامة بن مرشد أمير شيزر، وكان شابا فاضلا سكن لما أخذت منهم شيزر بدمشق، ومات بها سنة إحدى وستين وخمسمائة. قال الجزء: 2 ¦ الصفحة: 589 العماد: وسمعت من شعره: ومهفهف كتب الجمال بخدّه ... سطرا يحيّر ناظر المتأمّل بالغت في استخراجه فوجدته ... لا رأي إلّا رأي أهل الموصل «1» وذكره ابن عمه الأمير مرهف بن أسامة وأثنى عليه وأنشدني له أشعارا منها بيتان في النحل والزنبور وهما: ومغرّدين ترنّما في مجلس ... فنفاهما لأذاهما الأقوام هذا يجود بما يجود بعكسه ... هذا فيحمد ذا وذاك يذام يعني العسل من النحل وعكسه اللسع من الزنبور «2» . وأنشدني أيضا له «3» : سقيت كأس الهوى علا على نهل ... فلا تزدني كأس اللوم والعذل نأى الحبيب فبي من نأيه حرق ... لو لابست جبلا هدّت قوى الجبل ولو تطلّبت سلوانا لزدت هوى ... وقد تزيد رسوبا نهضة الوحل عفت رسومي فعج نحوي لتندبني ... فالصبّ غبّ زيال الحبّ كالطلل صحوت من قهوة تنفى الهموم بها ... لكنني ثمل من طرفه الثمل أصبّر النفس عنه وهي قائلة ... ما لي بعادية الأشواق من قبل كم ميتة وحياة ذقت طعمهما ... مذ ذقت طعم النوى لليأس والأمل والنفس إن خاطرت في غمرة وألت ... منها وإن خاطرت في الوجد لم تئل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 590 لها دروع تقيها من سهام يد ... فهل دروع تقيها أسهم المقل فانظر إليه تر الأقمار في قمر ... وانظر إليّ تر العشّاق في رجل بأيّ أمر سأنجو من هوى رشأ ... في جفنه سحر هاروت وسيف علي إذا رمى طرفه باللحظ قال له ... قلبي أعد لارماك الله بالشلل أمن بني الروم ذا الرامي الذي فتكت ... سهامه بالورى أم من بني ثعل إن خفت روعة هجران الحبيب فقد ... أمنت في حبّه من روعة العذل ومنهم الأمير أبو الفتح يحيى بن سلطان بن منقذ «1» : لقبه فخر الدولة «2» ، ذكره الأمير مرهف بن أسامة، وذكر أنه قتل على بعلبك في سنة أربعين وخمسمائة، وأنشدني من شعره ما كتبه إلى أبيه عز الدين يطلب منه رمحا: يا خير قوم لم يزل مجدهم ... في صفحات الدهر مسطورا عبدك يبغي أسمرا ذكره ... ما زال بين الناس مذكورا مسدّد والجور من شأنه ... إن نال وترا صار موتورا فإن تفضّلت به عاد عن ... صدور أعدائك مكسورا ومنهم الأمير عز الدولة ابو المرهف نصر بن علي بن مقلد بن نصر بن منقذ: عمّ مؤيد الدولة أسامة، قال العماد «3» : كنا حضرنا عند الملك الناصر ليلة بدمشق سنة إحدى وسبعين والأمير مؤيد الدولة حاضر، وتناشدنا ملح القصائد، ونشدنا ضالّة الفوائد، وجرى حديث اقتضى إنشاد الأمير أسامة بيتين لبعضهم في المشط الأسود والمشط الأبيض، وهما لأبي الحسين أحمد بن محمد بن الدويدة المعري «4» كان في زمن بني صالح: كنت أستعمل السواد من الأمشاط والشعر في سواد الدياجي أتلقّى مثلا بمثل فلمّا ... صار عاجا سرّحته بالعاج الجزء: 2 ¦ الصفحة: 591 ثم قال الأمير: قد أخذ هذا المعنى عمّي نصر وعكسه وقال: كنت أستعمل البياض من الأمشاط عجبا بلمّتي وشبابي فاتخذت السواد في حالة الشيب سلوّا عن الصبا بالتصابي وقال لي الأمير أسامة: كان عمّي نصر قد أخرج حجّة عن والدته، فرآها في النوم كأنها تنشده فانتبه والأبيات على حفظه وهي: جزيت من ولد برّ بصالحة ... فقد كسبت ثوابا آخر الزمن وقد حججت إلى البيت الحرام وقد ... أتيته زائرا يا خير محتضن فلا تنلك يد الأيام ما طلعت ... شمس وما صدحت ورقاء في فنن وكان نصر هذا صاحب قلعة شيزر بعد والده سديد الملك، وكان كريما ذا أريحية. حدثني الأمير مرهف بن أسامة بحضرة والده قال: كتب القاضي أبو مسلم وادع المعرّيّ «1» إلى الأمير نصر في نكبة نالته: يا نصر يا ابن الأكرمين ومن ... شفع التلاد بطارف الفخر هذا كتاب من أخي ثقة ... يشكو إليك نوائب الدهر فامنن بما عوّدت من حسن ... هذا أوان النفع والضر فكتب إليه نصر إنه لم يحضرني سوى ما هو عندك مودع، وهو ستة آلاف دينار، فاصرفها في بعض مصالحك واعذر. وذكر ان نصرا كان برا بوالده سديد الملك، فقال فيه سديد الملك: جزى الله نصرا خير ما جزيت به ... رجال قضوا فرض العلاء ونفّلوا هو الولد البرّ العطوف وإن رمى ... به حادث فهو الحمام المعجّل يفدّيك يا نصر رجال محلّهم ... من المجد والإحسان ان يتقوّلوا سأثني بما أوليت بالموقف الذي ... تقرّ به الأقدام أو تتزلزل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 592 وألقاك يوم الحشر أبيض ناصعا ... وأشكر عند الله ما كنت تفعل وتوفي نصر بن علي في جمادى الآخرة سنة إحدى وتسعين وأربعمائة بشيزر. ومنهم الأمير عضد الدين أبو الفوارس مرهف بن أسامة بن مرشد بن علي بن مقلد بن نصر بن منقذ «1» : قال مؤلف الكتاب: فارقته في جمادى الأولى سنة اثنتي عشرة وستمائة بالقاهرة يحيا، ولقيته بها وهو شيخ ظريف واسع الخلق شائع الكرم جمّاعة للكتب، وحضرت داره واشترى مني كتبا، وحدثني أنّ عنده من الكتب ما لا يعلم مقداره، إلا أنه ذكر لي أنه باع منها أربعة آلاف مجلد في نكبة لحقته فلم يؤثر فيها. وسألته عن مولده فقال: ولدت سنة عشرين وخمسمائة، فيكون عمره إلى وقتنا هذا اثنتين وتسعين سنة. وكان قد أقعد لا يقدر على الحركة، إلا أنه صحيح العقل والذهن والفطنة والبصر يقرأ الخطّ الدقيق كقراءة الشبان، إلا أن سمعه فيه ثقل، وكان ذلك يمنعني من مكاثرته ومذاكرته. وكان السلطان صلاح الدين، رحمه الله، قد أقطعه ضياعا بمصر فهو يصرّفها في مصالحه، وأجراه الملك العادل أخو صلاح الدين على ذلك، وكان الملك الكامل بن العادل يحترمه ويعرف له حقه. وأنشدني شيئا من شعره وشعر أهله لم يحضرني منه في هذا الوقت ما أورده. وذكر له العماد في «كتاب الخريدة» ما ذكر أنه سمعه منه وهو: سمحت بروحي في رضاك ولم يكن ... ليعجزني لولا رضاك المذاهب وهانت لجرّاك العظائم كلها ... عليّ وقد جلّت لديّ النوائب فكان ثوابي عن ولائي تجهّم «2» ... رمتني به منك الظنون الكواذب فمهلا فلي في الأرض عن منزل القلى «3» ... مسار إذا أخرجتني ومسارب وإن كنت ترجو طاعتي بإهانتي ... وقسري فإن الرأي عنك لعازب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 593 وأنشدني أيضا لنفسه (قال وهو حاضر عند والده وذكر أنه مما كتبه إلى والده) : رحلتم وقلبي بالولاء مشرّق ... لديكم وجسمي بالعناء مغرّب فهذا سعيد بالدنوّ منعّم ... وهذا شقيّ بالبعاد معذّب وما أدّعي شوقا فسحب مدامعي ... تترجم عن شوقي إليكم وتعرب ووالله ما اخترت التأخّر عنكم ... ولكن قضاء الله ما منه مهرب ومات الأمير عضد الدين مرهف في ثاني صفر سنة ثلاث عشرة وستمائة. [219] إسحاق بن إبراهيم الموصلي ابن ميمون بن بهمن بن نسك ، وكان اسم ميمون ماهان فقلبوه استثقالا؛ قال إسحاق: نحن من أرجان وموالينا من الخزيميين «1» ، وكانت لهم ضياع عندنا، وإنما نسبوا إلى الموصل لأن أبا إبراهيم سافر إليها وأقام بها مدة يعلم الغناء، فلما عاد إلى الكوفة قيل له: كيف أنت يا موصلي، فلصقت به الموصلي؛ وكنيته أبو محمد، وكان الرشيد إذا أراد أن يولع به كناه أبا صفوان، وموضعه من العلم ومكانه من الأدب والشعر لو أردنا استيعابه طال الكتاب، وخرجنا عن غرضنا من الاختصار. ومن وقف على الأخبار وتتبع الآثار علم موضعه. وأما الغناء فكان أصغر علومه وأدنى ما يوصف به، وإن كان الغالب عليه، لأنه كان له في سائر علومه «2» نظراء ولم يكن له في هذا نظير، لحق فيه من مضى وسبق من بقي، فهو إمام هذه الصناعة. على أنه كان أكره الناس لهذه الصناعة وهي الغناء والتسمّي به ويقول: وددت أن أضرب كلّما أراد منّي من يندبني أن أغنّي، وكلّما قال قائل إسحاق   [219]- ترجمة إسحاق الموصلي نقلها ياقوت عن الأغاني (وستجيء الإشارة إلى مواطن النقل) وانظر أيضا: نور القبس: 316 وطبقات ابن المعتز: 360 وتاريخ بغداد 6: 338 ومصورة ابن عساكر 2: 724 وتهذيبه 2: 417 وإنباه الرواة 1: 215 وبغية الطلب 2: 237 وذكر أنه مذكور في كتاب الورقة لابن الجراح وابن خلكان 1: 202 والوافي 8: 388 ونزهة الألباء: 116 وسير الذهبي 11: 118. ودراسة عنه لمحمود أحمد الحفني (في سلسلة أعلام العرب) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 594 الموصلي المغنّي، عشر مقارع- ولا أطيق أكثر منها «1» - وأعفى من الغناء والنسبة إليه. وكان المأمون يقول: لولا ما سبق لأسحاق على ألسنة الناس وشهر به من الغناء عندهم لولّيته القضاء بحضرتي، فإنه أولى به وأحقّ وأعفّ وأصدق تديّنا وأمانة من هؤلاء القضاة وأكثر. قال «2» : بقيت زمانا من دهري أغلّس في كل يوم إلى هشيم فأسمع منه الحديث، ثم أصير إلى الكسائي فأقرأ عليه جزءا من القرآن، وآتي الفرّاء فأقرأ عليه جزءا، ثم آتي منصور زلزل فيضاربني طريقين «3» أو ثلاثة، ثم آتي عاتكة بنت شهدة فآخذ عنها صوتا أو صوتين، ثم آتي الأصمعي فأناشده، وآتي أبا عبيدة فأذاكره، ثم أصير إلى أبي فأعلمه ما صنعت ومن لقيت وما أخذت وأتغدّى معه، وإذا كان العشاء رحت إلى الرشيد. وقال الأصمعي «4» : خرجت مع الرشيد [إلى الرقة] «5» فلقيت إسحاق الموصلي بها، فقلت له: هل حملت شيئا من كتبك؟ فقال: حملت ما خفّ، فقلت: كم مقداره؟ فقال: ثمانية عشر صندوقا، فعجبت وقلت: إذا كان هذا ما خفّ فكم يكون ما ثقل؟ فقال: أضعاف ذلك. وكان الأصمعيّ «6» يعجب بقول إسحاق: إذا كانت الأحرار أصلي ومنصبي ... ودافع ضيمي خازم وابن خازم عطست بأنف شامخ وتناولت ... يداي الثريا قاعدا غير قائم وقال «7» جعفر بن قدامة، حدثني علي بن يحيى بن المنجّم قال: سأل إسحاق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 595 الموصلي المأمون أن يكون دخوله إليه مع أهل العلم والأدب والرواة لا مع المغنين، فإذا أراد الغناء غنّاه، فأجابه إلى ذلك، ثم سأله بعد مدّة أن يكون دخوله مع الفقهاء، فأذن له في ذلك، فكان يدخل ويده في يد القضاة حتى يجلس بين يدي المأمون. ثم مضت مدة على ذلك فسأله في لبس السواد يوم الجمعة والصلاة معه في المقصورة، قال: فضحك المأمون وقال: ولا كلّ هذا يا إسحاق، قد اشتريت منك هذه المسألة بمائة ألف درهم، وأمر له بها. وحدث المرزباني عن محمد بن عطية الشاعر قال «1» : كنت عند يحيى بن أكثم في مجلس له يجتمع إليه فيه أهل العلم، وحضره إسحاق، فجعل يناظر أهل الكلام حتى انتصف منهم، ثم تكلم في الفقه فأحسن واحتج، ثم تكلم في الشعر واللغة ففاق فيها من حضر، فأقبل على يحيى بن أكثم وقال: أعزّ الله القاضي أفي شيء مما ناظرتك فيه تقصير؟ قال: لا والله، قال: فما بالي أقوم بسائر العلوم قيام أهلها وأنسب إلى فنّ واحد قد اقتصر الناس عليه؟ قال العطويّ: فالتفت إليّ يحيى بن أكثم وقال: جوابه في هذا عليك، قال- وكان العطوي من أهل الجدل والكلام- فالتفتّ إلى إسحاق وقلت: يا أبا محمد «2» أخبرني إذا قيل من أعلم الناس بالشعر واللغة؟؟ أيقولون إسحاق أم الأصمعي وأبو عبيدة؟ فقال: بل الأصمعيّ وأبو عبيدة، قال: فإن قيل من أعلم الناس بالنحو؟ أيقولون إسحاق أم الخليل وسيبويه؟ قال: بل الخليل وسيبويه، قال: فإن قيل من أعلم الناس بالأنساب؟ أيقولون إسحاق أم ابن الكلبي؟ قال: بل ابن الكلبي، قال: فإن قيل من أعلم الناس بالكلام؟ أيقولون إسحاق أم أبو الهذيل والنظام؟ قال: بل أبو الهذيل والنظام، قال: فإن قيل من أعلم الناس بالفقه؟ أيقولون إسحاق أم أبو حنيفة وأبو يوسف؟ فقال: بل أبو حنيفة وأبو يوسف، قال: فإن قيل من أعلم الناس بالحديث؟ أيقولون إسحاق أم علي بن المديني ويحيى بن معين؟ قال: بل علي بن المديني ويحيى بن معين، قال: فإذا قيل من أعلم الناس بالغناء أيجوز أن يقول قائل فلان أعلم من إسحاق؟ قال: لا، قلت: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 596 فمن ها هنا نسبت إلى ما نسبت إليه لأنه لا نظير لك فيه وأنت في غيره لك نظراء، فضحك وقام وانصرف. فقال لي يحيى بن أكثم: لقد وفّيت الحجة وفيها ظلم قليل لإسحاق، لأنه ربما ماثل أو زاد على من فضّلته عليه وإنه ليقل في الزمان نظيره. وكان إسحاق قد روى الحديث عن جماعة منهم: أبو معاوية الضرير وهشيم وابن عيينة وغيرهم. وكان مع كراهيته للغناء أحذق خلق الله به ممن تقدّم وتأخر، وأشدّ الناس بخلا به على كل أحد حتى على جواريه وغلمانه ومن يأخذ عنه منتسبا إليه متعصبا له فضلا عن غيره، وهو الذي صحّح أجناس الغناء وطرائقه وميّزها تمييزا لم يقدر عليه أحد قبله ولا تعلّق به أحد بعده، ولم يكن قديما مميّزا على هذا الجنس. وكان «1» إبراهيم بن المهدي يأكل المغنين أكلا حتى يحضر إسحاق فيداريه إبراهيم ويطلب مكافأته، ولا يدع إسحاق تبكيته ومعارضته، وكان إسحاق آفته- كما إن لكل شيء آفة- وله معه عدة مشاهد. قال إسحاق «2» : كنت يوما عند الرشيد وعنده ندماؤه وخاصته، وفيهم إبراهيم ابن المهدي، فقال لي الرشيد: يا إسحاق تغنّ: شربت مدامة وسقيت أخرى ... وراح المنتشون وما انتشيت فغنيته، فأقبل عليّ إبراهيم بن المهدي فقال: ما أصبت يا إسحاق ولا أحسنت، فقلت له: ليس هذا مما تحسنه ولا تعرفه، وإن شئت فغنه، فإن لم أوجدك أنك تخطىء فيه منذ ابتدائك إلى انتهائك فدمي حلال، ثم أقبلت على الرشيد فقلت: يا أمير المؤمنين هذه صناعتي وصناعة أبي وهي التي قرّبتنا منك واستخدمتنا إليك وأوطأتنا بساطك، فإذا نازعناها أحد بلا علم لم نجد بدّا من الإيضاح والذبّ، فقال: لا غرو ولا لوم عليك، وقام الرشيد ليبول، فأقبل عليّ إبراهيم وقال: ويلك يا إسحاق تجترىء عليّ وتقول ما قلت يا ابن الزانية؟ فداخلني ما لم أملك نفسي معه فقلت له: أنت تشتمني ولا أقدر على إجابتك، وأنت ابن الخليفة وأخو الخليفة ولولا ذلك لقد كنت أقول لك: يا ابن الزانية كما قلت لي يا ابن الزانية، ولكنّ قولي في الجزء: 2 ¦ الصفحة: 597 ذمّك ينصرف إلى خالك الأعلم، ولو لاك لذكرت صناعته ومذهبه- قال إسحاق: وكان بيطارا- وعلمت أنّ إبراهيم يشكوني إلى الرشيد، وأن الرشيد سيسأل من حضر عما جرى فيخبرونه «1» ، ثم قلت له: أنت تظنّ أنّ الخلافة تصير إليك، فلا تزال تهدّدني بذلك وتعاديني كما تعادي سائر أولياء أخيك حسدا له ولولده على الأمر، وأنت تضعف عنه وعنهم، وتستخفّ بأوليائهم تشفيا «2» ، وأرجو ألّا يخرجها الله تعالى عن يد الرشيد وولده، وأن يقتلك دونها، وإن صارت إليك والعياذ بالله فحرام عليّ العيش يومئذ والموت أطيب من الحياة معك، فاصنع حينئذ ما بدا لك. فلما خرج الرشيد وثب إبراهيم فجلس بين يديه وقال: يا أمير المؤمنين شتمني وذكر أمي واستخفّ بي، فغضب الرشيد وقال: ما تقول ويلك؟ قلت: لا أعلم، سل من حضر، فأقبل على مسرور وحسين الخادم فسألهما عن القصّة، فجعلا يخبرانه ووجهه يربدّ إلى أن انتهيا إلى ذكر الخلافة فسرّي عنه ورجع لونه وقال لابراهيم: ما له ذنب، شتمته فعرّفك أنه لا يقدر على جوابك، ارجع الى موضعك وأمسك عن هذا. فلما انقضى المجلس وانصرف الناس أمر أن لا أبرح، وخرج كلّ من حضر حتى لم يبق غيري، فساء ظنّي وهمّتني نفسي، فأقبل عليّ وقال لي: ويحك يا إسحاق، أتراني لا أعرف وقائعك؟! قد والله زنّيته دفعات، ويحك لا تعد، ويحك حدّثني عنك لو ضربك أخي إبراهيم أكنت أقتصّ لك منه فأضربه وهو أخي؟ يا جاهل أتراه لو أمر غلمانه أن يقتلوك فقتلوك أكنت أقتله بك؟ فقلت: قد والله قتلتني يا أمير المؤمنين بهذا الكلام، ولئن بلغه ليقتلنّي، وما أشكّ في أنه قد بلغه الآن، فصاح بمسرور الخادم وقال: عليّ بإبراهيم الساعة، وقال لي: قم فانصرف، فقلت لجماعة من الخدم، وكلّهم كان لي محبا وإليّ مائلا: أخبروني بما يجري، فأخبروني من غد أنّه لما دخل عليه وبّخه وجهّله وقال: لم تستخفّ بخادمي وصنيعتي ونديمي وابن خادمي وصنيعة أبي في مجلسي وتقدم عليّ وتصنع في مجلسي وحضرتي؟! هاه هاه تقدم على هذا وأمثاله وأنت مالك والغناء وما يدريك ما هو ومن أخذ لحنه وطارحك إياه حتى تظن أنك تبلغ منه مبلغ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 598 إسحاق الذي غذي به وهو صناعته، ثم تظنّ أنك تخطّئه فيما لا تدريه، ويدعوك إلى إقامة الحجة عليك فلا تثبت لذلك وتعتصم بشتمه، أليس هذا مما يدل على السقوط وضعف العقل وسوء الأدب من دخولك فيما لا يشبهك ثم إظهارك إياه ولم تحكمه؟! أليس تعلم ويحك أن هذا سوء رأي وأدب وقلة معرفة ومبالاة بالخطأ والتكذيب والردّ القبيح؟! ثم قال له: والله العظيم وحقّ رسوله الكريم وإلّا فأنا نفيّ من أبي لئن أصابه سوء أو سقط عليه حجر من السماء، أو سقط من دابته، أو سقط عليه سقف، أو مات فجأة لأقتلنك به، والله والله والله، وأنت أعلم فلا تعرض له؛ قم الآن فاخرج، فخرج وقد كاد يموت. فلما كان بعد ذلك دخلت عليه وإبراهيم عنده، فأعرضت عنه، فجعل الرشيد ينظر إليّ مرة وإلى إبراهيم أخرى ويضحك، ثم قال له: إني لأعلم محبّتك لإسحاق وميلك إليه والأخذ عنه، وإن هذا لا تقدر عليه كما تريد إلا أن يرضى، والرضى لا يكون بمكروه، ولكن أحسن إليه وأكرمه وبرّه وصله، فإذا فعلت ذلك ثم خالف ما تهواه عاقبته بيد منبسطة ولسان منطلق، ثم قال لي: قم إلى مولاك وابن مولاك فقبّل رأسه، فقمت إليه وأصلح بيننا. وحدث «1» المبرّد قال: حدّثت عن الأصمعي قال: دخلت أنا وإسحاق بن إبراهيم يوما على الرشيد فرأيته لقس النفس، فأنشده إسحاق «2» : وآمرة بالبخل قلت لها اقصري ... فذلك شيء ما إليه سبيل أرى الناس خلّان الكرام ولا أرى ... بخيلا له حتى الممات خليل وانّي رأيت البخل يزري بأهله ... فأكرمت نفسي أن يقال بخيل ومن خير أخلاق الفتى قد علمته ... إذا نال منها أن يقال «3» ينيل فعالي فعال الموسرين تكرّما ... ومالي كما قد تعلمين قليل وكيف أخاف الفقر أو أحرم الغنى ... ورأي أمير المؤمنين جميل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 599 قال فقال الرشيد: لأكفينّك إن شاء الله، ثم قال: لله درّ أبيات تأتينا بها ما أشدّ أصولها، وأحسن فصولها، وأقلّ فضولها، وأمر له بخمسين ألف درهم، فقال له إسحاق: وصفك والله يا أمير المؤمنين لشعري أحسن منه فعلام آخذ الجائزة؟ فضحك الرشيد وقال: اجعلوها لهذا القول مائة ألف درهم، قال الأصمعي: فعلمت يومئذ أن إسحاق أحذق بصيد الدراهم مني. وحدث «1» إسحاق قال: قال لي الرشيد يوما: بأيّ شيء يتحدّث الناس؟ قلت: يتحدثون أنك تقبض على البرامكة وتولّي الفضل بن الربيع الوزارة، فغضب وصاح وقال: وما أنت وذاك؟ فأمسكت، فلما كان بعد أيام دعا بنا فكان أوّل شيء غنيته: إذا نحن صدقناك ... فضرّ عندك الصدق طلبنا النفع بالباط ... ل إذ لم ينفع الحقّ فلو قدّم صبّا في ... هواه الصبر والرفق لقدّمت على الناس ... ولكن الهوى رزق - والشعر لأبي العتاهية- قال: فضحك الرشيد وقال لي: يا إسحاق قد صرت حقودا. وحدثت «2» شهوات جارية إسحاق التي كان أهداها إلى الواثق أن محمدا الأمين لما غنى إسحاق لحنه الذي صنعه في شعره: يا أيّها القائم الأمين «3» فدت ... نفسك نفسي بالأهل والولد بسطت للناس إذ وليتهم ... يدا من الجود فوق كلّ يد فأمر له بألف ألف درهم، فرأيتها قد أدخلت «4» إلى دارنا يحملها مائة فراش. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 600 وحدث «1» إسحاق قال: أقام المأمون بعد قدومه عشرين شهرا لم يسمع حرفا من الأغاني، ثم كان أول من تغنّى بحضرته أبو عيسى ابن الرشيد، ثم واظب على السماع متستّرا متشبّها في أول أمره بالرشيد، فأقام على ذلك أربع حجج، ثم ظهر للندماء والمغنين. وكان حين أحبّ السماع سأل عني فجرّحت بحضرته، وقال الطاعن عليّ: ما يقول أمير المؤمنين في رجل يتيه على الخلافة؟ فقال: ما بقّى هذا شيئا من التيه إلا استعمله، فأمسك عن ذكري، وجفاني من كان يصلني لسوء رأيه الذي ظهر فيّ، فأضرّ ذلك بي، حتى جاءني علويه يوما فقال لي: أتأذن لي في ذكرك، فإنّا قد دعينا اليوم؟ فقلت: لا، ولكن غنّه بهذا الشعر، فإنه سيبعثه على أن يسألك لمن هذا؟ فإذا سألك انفتح لك ما تريد، فكان الجواب أسهل عليك من الابتداء، وألقيت عليه لحني في شعري: يا سرحة الماء قد سدّت موارده ... أما إليك طريق غير مسدود لحائم حام حتى لا حيام له ... محلأ عن طريق الماء مطرود قال: فلما استقرّ بعلويه المجلس غنّاه الشعر الذي أمرته، فما عدا المأمون أن سمع الغناء حتى قال: ويلك يا علويه لمن هذا الشعر؟ قلت: يا سيدي لعبدك الذي جفوته واطّرحته لغير جرم، فقال إسحاق تعني؟ قلت: نعم، فقال: يحضرني الساعة، فجاءني رسوله فصرت إليه، فلما دخلت عليه قال: ادن فدنوت منه فرفع يديه مادّهما إليّ فأكببت عليه، فاحتضنني بيديه وأظهر من بري وإكرامي ما لو أظهر صديق مؤانس لصديق لسرّه. وقال «2» إسحاق غنّيت المأمون يوما: لأحسن من قرع المثاني ورجعها ... تواتر صوت الثغر يقرع بالثغر وسكر الهوى أروى لعظمي ومفصلي ... من الشرب بالكاسات من عاتق الخمر فقال لي المأمون: ألا أخبرك بأطيب من ذلك وأحسن؟ الفراغ والشباب والجدة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 601 وحدث «1» إسحاق قال: ذكر المعتصم وأنا بحضرته يوما بعض أصحابه وقد غاب عنه، فقال: تعالوا حتى نقول ما يصنع في هذا الوقت، فقال قوم كذا وقال آخرون كذا، فبلغت النوبة إليّ فقال: قل يا إسحاق، قلت: إذا أقول فأصيب، قال: أتعلم الغيب؟ قلت: ولكني أفهم ما يصنع وأقدر على معرفته، قال: فإن لم تصب؟ قلت: وإن أصبت؟ قال: لك حكمك، وإن لم تصب؟ قلت: لك دمي قال: وجب، قلت: وجب، قال: فقل، قلت: يتنفس، قال: وإن كان ميتا؟ قلت: تحفظ الساعة التي تكلمت فيها، فإن كان مات قبلها أو فيها فقد قمرتني، قال: قد أنصفت، قلت: فالحكم، قال: فاحتكم ما شئت، قلت: ما حكمي إلا رضاك يا أمير المؤمنين، قال: فإن رضاي لك وقد أمرت لك بمائة ألف درهم، أترى مزيدا؟ فقلت: ما أولاك يا أمير المؤمنين بذاك، قال: فإنها مائتا ألف أترى مزيدا؟ فقلت: ما أحوجني إلى ذاك، قال: فإنها ثلاثمائة ألف، أترى مزيدا؟ قلت: ما أولاك يا أمير المؤمنين بذاك، فقال: يا صفيق الوجه ما نزيد على هذا. وحدث «2» إسحاق قال: كنت جالسا بين يدي الواثق وهو وليّ عهد إذ خرجت وصيفة من القصر كأنّها خوط بان، أحسن من رأته عيني، يقدمها «3» عدة وصائف بأيديهن المذابّ والمناديل ونحو ذلك، فنظرت إليها نظر دهش وهو يرمقني «4» ، فلما تبيّن إلحاح نظري إليها قال لي: ما لك يا أبا محمد، قد انقطع كلامك وبانت الحيرة فيك؟ فلجلجت، فقال: رمتك والله هذه الوصيفة فأصابت قلبك، فقلت: غير ملوم، فضحك وقال: أنشدني شيئا في هذا المعنى فأنشدته قول المرار: ألكني إليها عمرك الله يا فتى ... بآية ما قالت متى أنت رائح وآية ما قالت لهنّ عشيّة ... وفي الستر حرّات الوجوه ملائح تخيرن أرماكنّ فارمين رمية ... أخا أسد إذ طوّحته الطوائح «5» فلبّسن مسلاس الوشاح كأنّها ... مهاة لها طفل برمّان راشح الجزء: 2 ¦ الصفحة: 602 فقال الواثق: أحسنت وحياتي وظرفت، فاصنع فيه لحنا فإن جاء كما أريد فالوصيفة لك، فصنعت فيه لحنا وغنّيته إياه، فانصرفت بالجارية. وحدث «1» إسحاق قال: غنّيت الواثق في شعر قلته عنده بسرّ من رأى وقد طال مقامي واشتقت إلى أهلي وهو: يا حبّذا ريح الجنوب إذا بدت ... في الصبح وهي ضعيفة الأنفاس قد حمّلت برد الندى وتحمّلت ... عبقا من الجثجاث والبسباس فاستحسنه وقال لي: يا إسحاق لو جعلت مكان الجنوب شمالا ألم تكن أرقّ وأعذى وأصحّ للأجساد وأقلّ وخامة وأطيب للأنفس؟ فقلت: ما ذهب عليّ ما قاله أمير المؤمنين، ولكن التفسير فيما بعد وهو: ماذا يهيج من الصبابة والهوى ... للصبّ بعد ذهوله والياس فقال الواثق: فإنما استطبت ما تجيء به الجنوب لنسيم بغداد لا للجنوب، وإليهم إشتقت لا إليها، فقلت: أجل يا أمير المؤمنين، وقمت فقبلت يده، فضحك وقال: قد أذنت لك بعد ثلاثة أيام فامض راشدا، وأمر لي بمائة ألف درهم. وحدث «2» إسحاق قال: ما وصلني أحد من الخلفاء قطّ بمثل ما وصلني به الواثق، ولا كان أحد يكرمني إكرامه، ولقد غنّيته: لعلك إن طالت حياتك أن ترى ... بلادا بها مبدى لليلى ومحضر فاستعاده مني جمعة «3» لا يشرب على غيره، ثم وصلني بثلاثمائة ألف درهم. ولقد استقدمني إليه فلما قدمت عليه قال لي: ويحك يا إسحاق أما اشتقت إليّ؟ فقلت: بلى والله يا سيدي، وقد قلت في ذلك أبياتا إن أمرتني أنشدتك إياها، قال: هات فأنشدته: أشكو إلى الله بعدي عن خليفته ... وما أعالج من سقم ومن كبر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 603 لا أستطيع رحيلا إن هممت به ... يوما إليه ولا أقوى على السفر أنوي الرحيل إليه ثمّ يمنعني ... ما أحدث الدهر والأيام في بصري وإنما قال: ما أحدث الدهر والأيام في بصري، لأن إسحاق لما كبر ضعف بصره ثم أضرّ. واستأذنته في إنشاد قصيدة مدحته بها فأذن لي، فأنشدته «1» : لما أمرت بإشخاصي إليك هفا ... قلبي حنينا إلى أهلي وأولادي ثم اعتزمت ولم أحفل ببينهم ... وطابت النفس عن فضل وحمّاد فلو شكرت أياديكم وأنعمكم ... لما أحاط بها وصفي وتعدادي فقال أحمد بن إبراهيم لعلي بن يحيى، وقد أخبر بهذا الخبر: أخبرني لو قال الخليفة أحضرني فضلا وحمّادا أليس كان إسحاق يفتضح من دمامة خلقتهما وتجلّف «2» شاهدهما؟! قال إسحاق «3» : وانحدرت معه إلى النجف فقلت له: يا أمير المؤمنين قد قلت في النّجف قصيدة، قال: هاتها فأنشدته: يا راكب العيس لا تعجل بنا وقف ... نحيّ دارا لسعدى ثم ننصرف حتى انتهيت فيها إلى قولي: لم ينزل الناس في سهل ولا جبل ... أصفى هواء ولا أعذى من النجف حفّت ببرّ وبحر في جوانبها ... فالبرّ في طرف والبحر في طرف وما يزال نسيم من يمانية ... يأتيك منها بريّا روضة أنف ثم مدحته فقلت: لا يحسب الجود يفني ماله أبدا ... ولا يرى بذل ما يحوي من السّرف ومضيت فيها حتى أتممتها فطرب وقال: أحسنت والله يا أبا محمد، وكناني الجزء: 2 ¦ الصفحة: 604 يومئذ، وأمر لي بمائة ألف درهم. وانحدرت معه إلى الصالحية التي يقول فيها أبو نواس: فالصالحية من أطراف كلواذى فذكرت الصبيان وبغداد فقلت: أتبكي على بغداد وهي قريبة ... فكيف إذا ما ازددت منها غدا بعدا لعمرك ما فارقت بغداد عن قلى ... لو انا وجدنا من فراق لها بدّا إذا ذكرت بغداد نفسي تقطّعت ... من الشوق أو كادت تهيم بها وجدا كفى حزنا أن رحت لم أستطع لها ... وداعا ولم أحدث بساحتها «1» عهدا فقال لي: يا موصلي اشتقت إلى بغداد؟ فقلت: لا والله يا أمير المؤمنين ولكن من أجل الصبيان، وقد حضرني بيتان فقال: هاتهما، فأنشدته «2» : حننت إلى أصيبية صغار ... وشاقك منهم قرب المزار وأبرح ما يكون الشوق يوما ... إذا دنت الديار من الديار فقال لي: يا إسحاق صر إلى بغداد فأقم مع عيالك شهرا ثم صر إلينا وقد أمرت لك بمائة ألف درهم. وحدث حمّاد «3» بن إسحاق عن إسحاق قال: دخلت يوما دار الواثق بالله بغير إذن إلى موضع أمر أن أدخله إذا كان جالسا، فسمعت صوت عود من بيت وترنما لم أسمع أحسن منه قط، فأطلع خادم رأسه وصاح فدخلت، وإذا الواثق، فقال لي: أي شيء سمعت؟ فقلت: الطلاق كاملا لازم لي وكلّ مملوك «4» لي حرّ لقد سمعت ما لم أسمع مثله قط حسنا، فضحك وقال: ما هو إلا فضلة «5» أدب وعلم مدحه الأوائل واشتهاه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم والتابعون بعدهم وكثر في حرم الله عزّ وجلّ ومهاجر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 605 رسوله صلى الله عليه وسلّم، أتحبّ أن تسمعه؟ قلت: أي والذي شرّفني بخطاب أمير المؤمنين وجميل رأيه، فقال: يا غلام هات العود وأعط إسحاق رطلا فدفع الرطل إليّ وضرب وغنّى في شعر لأبي العتاهية بلحن صنعه فيه: أضحت قبورهم من بعد عزّتهم ... تسفي عليها الصّبا والحرجف الشّمل لا يدفعون هواما «1» عن وجوههم ... كأنهم خشب بالقاع منجدل فشربت الرطل ثم قمت ودعوت له، فأجلسني وقال: أتشتهي أن تسمعه «2» ثانية؟ قلت: أي والله، فغنّانيه ثانية وثالثة وصاح ببعض خدمه وقال: احمل إلى إسحاق الساعة ثلاثمائة ألف درهم، قال: يا إسحاق قد سمعت ثلاثة أصوات وشربت ثلاثة أرطال وأخذت ثلاثمائة ألف درهم، فانصرف إلى أهلك مسرورا ليسرّوا معك، فانصرفت بالمال. وحدث «3» إسحاق بن إبراهيم قال: جاءني الزبير بن دحمان يوما مسلما فقلت له: إلى أين؟ فقال: إن الفضل بن الربيع أمرني أن أبكّر إليه لنصطبح، فقلت له: أنت تعرف أن صبوح الفضل غبوق غيره، فأقم عندي نشرب، ثم قلت له: أقم يا أبا العوّام ويحك نشرب ... ونله مع اللاهين يوما ونطرب إذا ما رأيت اليوم قد بان خيره ... فخذه بشكر واترك الفضل يغضب قال: فأقام عندي وسررنا يومنا، ثم صار إلى الفضل فسأله عن سبب تأخره عنه فحدثه الحديث وأنشده الشعر، فعتب عليّ وحوّل وجهه عني، وأمر عونا حاجبه بأن لا يدخلني ولا يستأذن لي عليه ولا يوصل لي رقعة إليه، فقلت وكتبت بها إلى الفضل «4» : الجزء: 2 ¦ الصفحة: 606 يقول أناس شامتون وقد رأوا ... مقامي وإغبابي الرواح إلى الفضل لقد كان هذا خصّ بالفضل مرّة ... فأصبح منه اليوم منصرم الحبل ولو كان لي في ذاك ذنب علمته ... لقطّعت نفسي بالملامة والعذل وتوصلت حتى عرضت الأبيات عليه، فلما قرأها قال: أعجب من ذنبه وأشدّ أنه لا يرى من نفسه ذنبا بذلك الفعل، فقلت في نفسي: لا أرى أمره يصلحه إلا حاجبه عون، فقلت لعون «1» : عون يا عون ليس مثلك عون ... أنت لي عدة إذا كان كون لك عندي والله إن رضي ... الفضل غلام يرضيك أو برذون فقال: اكتب رقعة وقل شعرا لأعرضه لك عليه، فقلت «2» : حرام عليّ الراح ما دمت غضبانا ... وما لم يعد عني رضاك كما كانا فأحسن فإني قد أسأت ولم تزل ... تعوّدني عند الإساءة إحسانا قال: فأتى الفضل بالشعرين جميعا فقرأهما وضحك وقال: ويحك إنما عرّض بقوله: «غلام يرضيك» بالسوءة، فقال: قد وعدني بما قد سمعت فإن شئت أن تحرمنيه فأنت أعلم، فأمره أن يرسل إليّ، فأتاني رسوله فصرت إليه فرضي عني ووفيت لعون. وحدث إسحاق قال «3» : عتب عليّ جعفر بن يحيى وقال: إني لا أراك ولا تغشاني، فقلت: إني أتيتك كثيرا فيحجبني خادمك نافذ، فقال: إذا حجبك عني فنكه، فكتبت إليه بعد أيام: جعلت فداءك من كلّ سوء ... إلى حسن رأيك أشكو أناسا يحولون بيني وبين السلام ... فليس أسلّم إلّا اختلاسا وأنفذت أمرك في نافذ ... فما زاده ذاك إلّا شماسا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 607 قال: فأحضرني ودعا نافذا وقرأ الأبيات عليه وقال له: فعلتها يا عدوّ الله؟! فغضب نافذ حتى كاد يبكي وجعفر يضحك ويصفّق، ثم لم يعد بعدها إلى التعرض. وحدث «1» علي بن الصباح قال: كانت امرأة من بني كلاب يقال لها زهراء تحدّث إسحاق وتناشده، وكانت تميل إليه وتكني عنه في شعرها إذا ذكرته ب «جمل» قال: فحدثني إسحاق أنها كتبت إليه وقد غابت عنه: وجدي بجمل على أني أجمجمه ... وجد السقيم ببرء بعد إدناف أو وجد ثكلى أصاب الموت واحدها ... أو وجد مغترب من بين ألّاف قال فأجبتها: اقرا السلام على زهراء إذ ظعنت «2» ... وقل لها قد أذقت القلب ما خافا أما أويت «3» لمن خلّفت مكتئبا ... يذري مدامعه سحّا وتوكافا فما وجدت على إلف فجعت به «4» ... وجدي عليك وقد فارقت ألّافا وحدث محمد بن عبد الله الخزاعي قال: أنشدني إسحاق لنفسه «5» : سقى الله يوم الماوشان ومجلسا ... به كان أحلى عندنا من جنى النحل غداة اجتنينا اللهو غضّا ولم نبل ... حجاب أبي نصر ولا غضب الفضل غدونا صحاحا ثم رحنا كأننا ... أطاف بنا شرّ شديد من الخبل فسألته ان يكتبنيها ففعل، فقلت له: ما حديث يوم الماوشان فقال: لو لم أكتبك الأبيات ما سألت عما لا يعنيك، ولم يخبرني. قال «6» : وكان ابن الأعرابي يصف اسحاق ويقرظه ويثني عليه ويذكر أدبه وحفظه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 608 وعلمه وصدقه ويستحسن قوله: هل إلى أن تنام عيني سبيل ... إنّ عهدي بالنوم عهد طويل غاب عنّي من لا أسمي فعيني ... كلّ يوم وجدا عليه تسيل إنّ ما قلّ منك يكثر عندي ... وكثير ممن تحبّ القليل وكان اسحاق إذا غنى هذه الأبيات تفيض عيناه ويبكي أحرّ بكاء فسئل عن بكائه فقال: تعشقت جارية فقلت لها هذه الأبيات ثم ملكتها وكنت مشغوفا بها حتى كبرت واعتلت عيني، فإذا غنيت هذا الصوت ذكرت أيامه المتقدمة، وأنا أبكى على دهري الذي كنت فيه. قال إسحاق «1» وأنشدني بعض الأعراب لنفسه: ألا قاتل الله الحمامة غدوة ... على الغصن ماذا هيّجت حين غنّت تغنّت بصوت أعجميّ فهيّجت ... من الوجد «2» ما كانت ضلوعي أجنّت فلو قطرت عين امرىء من صبابة ... دما قطرت عيني دما وأبلّت «3» فما سكتت حتى أويت لصوتها ... وقلت أرى هذي الحمامة جنّت ولي زفرات لو يدمن قتلنني ... بشوق إلى هاتي «4» التي قد تولّت إذا قلت هذي زفرة اليوم قد مضت ... فمن لي بأخرى في غد قد أظلّت فيا منشر الموتى أعنّي على التي ... «5» بها نهلت نفسي سقاما وعلّت لقد بخلت حتى لو اني سألتها ... قذى العين من سافي التراب لضنّت فقلت ارحلا يا صاحبيّ فليتني ... أرى كلّ نفس أعطيت ما تمنّت حلفت لها بالله ما أمّ واحد ... إذا ذكرته آخر الليل أنّت الجزء: 2 ¦ الصفحة: 609 ولا وجد أعرابية قذفت بها ... صروف النوى من حيث لم تك ظنّت إذا ذكرت ماء العذيب «1» وطيبه ... وبرد حصاه آخر الليل حنّت «2» بأكثر مني لوعة غير أنّني ... أجمجم أحشائي على ما أجنّت وحدث «3» حماد بن إسحاق: لما خرج أبي إلى البصرة وعاد أنشدني لنفسه: ما كنت أعرف ما في البين من حزن ... حتى تنادوا بأن قد جيء بالسفن لما افترقنا على كره لفرقتنا ... أيقنت أني قتيل الهمّ والحزن قامت تودعني والدمع يغلبها ... فجمجمت بعض ما قالت ولم تبن مالت عليّ تفدّيني وترشفني ... كما يميل نسيم الريح بالغصن وأعرضت ثم قالت وهي باكية ... يا ليت معرفتي إياك لم تكن وحدث «4» إسحاق قال: دخلت على الأصمعي فأنشدته أبياتا قلتها وكتبتها إلى بعض الأعراب، وهي «هل إلى أن تنام عيني سبيل» ... الأبيات، وهي متقدمة، قال: فجعل يعجب بها ويرددها، فقلت له: انها بنو ليلتها، فقال: لا جرم أن أثر التوليد فيها بيّن، فقلت: ولا جرم أن أثر الحسد فيك ظاهر. وكان «5» إسحاق يقوم على ابن الاعرابي ويبرّه، فكان ابن الأعرابي يقول: إسحاق والله أحقّ بقول أبي تمام: ترمي «6» بأشباحنا إلى ملك ... نأخذ من ماله ومن أدبه ممن قد قيل فيه. وحدث «7» إسحاق قال: بعث إليّ طلحة بن طاهر وقد انصرف من وقعة الشراة، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 610 وقد أصابته ضربة في وجهه فقال: غنّني فغنّيته في شعر بعض الأعراب: إني لأكني بأجبال عن اجبلها ... وباسم أودية عن إسم واديها عمدا ليحسبها الواشون غانية ... أخرى وتحسب أني لست أعنيها ولا يغيّر ودي أن أهاجرها ... ولا فراق نوى في الدار أنويها وللقلوص ولي منها إذا بعدت ... بوارح الشوق تنضيني وأنضيها فقال: أحسنت والله أعده، فأعدته عليه وهو يشرب، حتى صلى العتمة وأنا أغنّيه إياه، فأقبل على خادم له فقال له: كم عندك؟ فقال: مقدار سبعين ألف درهم، فقال: تحمل معه، فلما خرجت من عنده تبعني جماعة من الغلمان يسألوني، فوزّعت المال بينهم، فرفع الخبر إليه فأغضبه ولم يوجه إليّ ثلاثا، فكتبت إليه: علمني جودك السماح فما ... أبقيت شيئا لديّ من صلتك لم أبق شيئا إلا سمحت به ... كأنّ لي قدرة كمقدرتك تتلف في اليوم بالهبات و ... في الساعة ما تجتبيه في سنتك فلست أدري من أين تنفق لو ... لا أن ربّي يجزي على هبتك فلما كان في اليوم الرابع بعث إليّ فصرت إليه، فدخلت فسلمت، ورفع بصره إليّ ثم قال: اسقوه رطلا، فسقيته «1» ، فأمر لي بآخر وآخر فشربت ثلاثة ثم قال غنني: «إني لأكني بأجبال عن اجبلها» فغنيته إياه ثم أتبعته الأبيات التي قلتها فقال لي: ادن فدنوت، فقال لي: أعد الصوت فأعدته، فلما فهمه وعرف المعنى قال لخادم له: أحضرني فلانا فأحضره، فقال له: كم قبلك من مال الضياع، قال: ثمانمائة «2» ألف درهم، فقال: أحضرها الساعة، فجيء بثمانين بدرة، فقال: جئني بثمانين مملوكا، فأحضروا فقال: أحملوا المال، ثم قال: يا أبا محمد خذ «3» المال والمماليك حتى لا تحتاج إلى أحد تعطيه شيئا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 611 حدث «1» علي بن يحيى المنجم أن إسحاق لما انحدر إلى البصرة كتب إلى علي بن هشام القائد: جعلت فداك، بعث إليّ أبو نصر مولاك بكتاب منك إليّ يرتفع عن قدري ويقصّر عنه شكري، فلولا ما أعرف من معانيه لظننت أنّ الرسول غلط بي فيه، فما لنا ولك يا أبا عبد الله، تدعنا حتى إذا نسينا الدنيا وأبغضناها ورجونا السلامة من شرها أفسدت قلوبنا وعلّقت أنفسنا، فلا أنت تريدنا ولا أنت تتركنا، وما ذكرته من شوقك إليّ فلولا أنك حلفت عليه لقلت: يا من شكا عبثا إلينا شوقه ... شكوى المحبّ وليس بالمشتاق لو كنت مشتاقا إليّ تريدني ... ما طبت نفسا ساعة بفراقي وحفظتني حفظ الخليل خليله ... ووفيت لي بالعهد والميثاق هيهات قد حدثت أمور بعدنا ... وشغلت باللذات عن إسحاق قد تركت جعلت فداك ما كرهت من العتاب في الشعر وغيره، وقلت أبياتا لا أزال أخرج بها إلى ظهر المربد، وأستقبل الشمال وأتنسم أرواحكم فيها، ثم يكون ما الله أعلم به، وان كنت تكرهها تركتها إن شاء الله: ألا قد أرى أنّ الثواء قليل ... وأن ليس يبقى للخليل خليل وأني وإن ملّيت في العيش حقبة ... كذي سفر قد حان منه رحيل فهل لي إلى أن تنظر العين مرة ... إلى ابن هشام في الحياة سبيل فقد خفت أن ألقى المنايا بحسرة ... وفي النفس منه حاجة وغليل وأما بعد، فإني أعلم أنك وإن لم تسأل عن حالي تحبّ أن تعلمها وأن تأتيك عني سلامة، فأنا يوم كتبت إليك سالم البدن مريض القلب، وبعد فأنا جعلت فداك في صنعة كتاب ظريف مليح فيه تسمية القوم ونسبهم وبلادهم وأسبابهم وأزمنتهم، وما اختلفوا فيه من غنائهم، وبعض أحاديثهم وأحاديث قيان الحجاز والكوفة [والبصرة المعروفات والمذكورات] وقد بعثت إليك بأنموذج فإن كان كما قال القائل: قبّح الله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 612 كلّ دنّ أوّله درديّ، لم نتجشّم إتمامه، وإن كان كما قال العربي «إنّ الجواد عينه فراره» أعلمتنا فأتممناه مسرورين بحسن رأيك فيه. وكان «1» إسحاق يألف عليا وأحمد بن هشام وسائر أهلهم إلفا شديدا، ثم وقعت بينهم نبوة ووحشة في أمر لم يقع إلينا، فهجاهم هجاء كثيرا. فحدّث أبو أيوب المديني عن مصعب الزبيري قال، قال لي أحمد بن هشام: أما تستحي أنت وصباح بن خاقان المنقري، وأنتما شيخان من مشايخ المروءة والعلم والأدب، أن يذكر كما إسحاق في شعره فيقول: قد نهانا مصعب وصباح ... فعصينا مصعبا وصباحا عذلا ما عذلا ثم ملّا ... فاسترحنا منهما واستراحا فقلت له: إن كان قد فعل فما قال إلّا خيرا، إنما ذكر أننا نهيناه عن خمر شربها أو امرأة عشقها، وقد أشاد باسمك في الشعر بأشدّ من هذا، قال: بماذا؟ قلت: بقوله: وصافية تعشي العيون رقيقة ... رهينة عام في الدنان وعام أدرنا بها الكأس الرويّة موهنا ... من الليل حتى انجاب كلّ ظلام فما ذرّ قرن الشمس حتى كأننا ... من العيّ نحكي أحمد بن هشام قال: أو قد فعل العاضّ بظر أمّه؟ قلت: إي والله قد فعل. ومن شعر إسحاق عند علوّ سنه: سلام على سير القلاص مع الركب ... ووصل الغواني والمدامة والشّرب سلام امرىء لم تبق منه بقية ... سوى نظر العينين أو شهوة القلب لعمري لئن حلّئت عن منهل الصبا ... لقد كنت ورّادا لمشرعه العذب ليالي أغدو بين برديّ لاهيا ... أميس كغصن البانة الناعم الرطب وحدث «2» أبو بكر الصولي عن إبراهيم الشاهيني قال: كان إسحاق يسأل الله أن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 613 لا يبتليه بالقولنج لما رأى من صعوبته على أبيه، فأري في منامه كأنّ قائلا يقول له: قد أجيبت دعوتك، ولست تموت بالقولنج، ولكن تموت بضدّه، فأصابه ذرب فمات منه في شهر رمضان سنة خمس وثلاثين ومائتين في خلافة المتوكل على الله، فبلغ المتوكل نعيه فغمّه وحزن عليه وقال: ذهب صدر عظيم من جمال الملك وبهائه وزينته، ثم نعي إليه بعده أحمد بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي الخارج عليه فقال: تكافأت الحالان، ثم قال: قام الفتح بوفاة أحمد وما كنت آمن وثبته عليّ مقام الفجيعة باسحاق، والحمد لله على ذلك. ورثاه أودّاؤه وأصدقاؤه بأشعار كثيرة منها قول إدريس ابن أبي حفصة «1» : سقى الله يا ابن الموصليّ بوابل ... من الغيث قبرا أنت فيه مقيم ذهبت فأوحشت الكرام فما يني ... بعبرته يبكي عليك كريم إلى الله أشكو فقد إسحاق إنني ... وإن كنت شيخا بالعراق يتيم وقال مصعب بن [عبد الله] الزبيري يرثي إسحاق «2» : أتدري لمن تبكي العيون الذوارف ... وينهلّ منها مسبل ثم واكف لفقد امرىء لم يبق في الناس مثله ... مفيد لعلم أو صديق يلاطف تجهّز إسحاق إلى الله رائحا ... فلله ما ضمّت عليه اللفائف وما حمل النعش المولّي «3» عشيّة ... من الناس إلّا دامع العين لاهف «4» فلقّيت في يمنى يديك صحيفة ... إذا نشرت يوم الحساب الصحائف تسرّك يوم البعث عند قراتها ... ويفترّ ضحكا كلّ من هو واقف «5» الجزء: 2 ¦ الصفحة: 614 وحدث الصولي قال: كان «1» لإسحاق من الولد حميد وحماد وأحمد وحامد وإبراهيم وفضل، ولم يكن في ولد إبراهيم من يغني إلا إسحاق وطياب أخوه. ومات إسحاق وله من التصانيف التي تولّى هو بنفسه تصنيفها «2» كتاب أغانيه التي غنى فيها. كتاب أخبار عزة الميلاء. كتاب أغاني معبد. كتاب أخبار حماد عجرد. كتاب أخبار حنين الحيري. كتاب أخبار ذي الرمّة. كتاب أخبار طويس. كتاب أخبار المغنين المكيين. كتاب أخبار سعيد بن مسجح. كتاب أخبار الدلّال. كتاب أخبار محمد بن عائشة. كتاب أخبار الأبجر. كتاب أخبار ابن صاحب الوضوء. كتاب الاختيار من الأغاني للواثق. كتاب اللحظ والاشارات. كتاب الشراب، يروي فيه عن العباس بن معن وابن الجصاص وحماد بن ميسرة. كتاب جواهر الكلام. وكتاب الرقص والزفن. كتاب النغم والايقاع. كتاب أخبار الهذليين. كتاب الرسالة إلى علي بن هشام. كتاب قيان الحجاز. كتاب القيان. كتاب النوادر المتخيرة. كتاب الأخبار والنوادر. كتاب أخبار حسّان. كتاب أخبار الأحوص. كتاب أخبار جميل. كتاب أخبار كثّير. كتاب أخبار نصيب. كتاب أخبار عقيل بن علفة. كتاب أخبار ابن هرمة. وأما كتاب الأغاني الكبير فقال محمد بن إسحاق النديم: قرأت بخطّ أبي الحسن علي بن محمد بن عبيد بن الزبير الكوفي الأسدي، حدثني فضل بن محمد اليزيدي قال: كنت عند إسحاق بن إبراهيم الموصلي فجاءه رجل فقال له: يا أبا محمد أعطني كتاب الأغاني، فقال: أيّما كتاب؟ الكتاب الذي صنفته أو الكتاب الذي صنّف لي؟ يعني بالذي صنّفه كتاب أخبار المغنين واحدا واحدا، والكتاب الذي صنّف له كتاب الأغاني الكبير الذي بأيدي الناس. قال محمد بن إسحاق: وحدثني أبو الفرج الأصبهاني قال: أخبرني أبو بكر محمد بن خلف وكيع قال، سمعت حماد بن إسحاق يقول: ما ألّف أبي هذا الكتاب قطّ، يعني كتاب الأغاني الكبير، ولا رآه، والدليل على ذلك أن أكثر أشعاره المنسوبة إنما جمعت لما ذكر معها من الأخبار، وما غنّي فيها إلى وقتنا هذا، وإن أكثر نسبة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 615 المغنين خطأ. والذي ألفه أبي من دواوين غنائهم يدلّ على بطلان هذا الكتاب، وإنما وضعه وراق كان لأبي بعد وفاته، سوى الرخصة التي هي أول الكتاب فإن أبي ألفها، إلا أن أخباره كلها من روايتنا. وقال لي أبو الفرج: هذا سمعته من أبي بكر وكيع [حكاية فحفظته] واللفظ يزيد وينقص. قال: وأخبرني جحظة أنه يعرف الورّاق الذي وضعه، وكان يسمى سندي بن علي، وحانوته في طاق الزبل، وكان يورّق لاسحاق، فاتفق هو وشريك له على وضعه. وهذا الكتاب يعرف في القديم بكتاب السراة، وهو أحد عشر جزءا، ولكل جزء أول يعرف به، فالجزء الأول من الكتاب «الرخصة» هو من تأليف إسحاق لا شك فيه ولا خلف. قرأت في كتاب ألّف في أخبار أبي زيد البلخي أن أبا زيد قال، وذكر كتاب الأغاني لإسحاق، فقال: ما رأيت أعجب من الموصلي، جمع علم العرب والعجم في كتاب ثم أفسده «1» بالاسم. قال: وكان إسحاق أديبا فاضلا متقدما في كلّ شيء، بلغني أنه دخل على إسحاق بن إبراهيم بن مصعب «2» يعزّيه بعبد الله بن طاهر فقال: لم تصب أيها الأمير بعبد ... الله لكن به أصيب الأنام فسيكفيكم البكاء عليه ... أعين المسلمين والإسلام [220] إسحاق بن إبراهيم البربري المحرّر ووالده إبراهيم : ويعرف بالنديم، كذا قال عبد الرحمن بن عيسى الوزير. قال محمد بن إسحاق النديم: هو إسحاق بن إبراهيم بن عبد الله بن الصباح بن بشر بن سويد بن الأسود التميمي ثم السعدي،   [220]- الفهرست: 11 والوافي 8: 393. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 616 وكان إبراهيم أبوه أحول وكان محرّرا أيضا. وكان أول من تكلم على رسوم الخط وقوانينه وجعله أنواعا رجل يعرف بالأحول المحرّر لا أدري هل هو إبراهيم أو غيره، وكان من صنائع البرامكة، وكان يحرّر الكتب النافذة من السلطان الى ملوك الأطراف في الطوامير، وكان في نهاية الحرفة والوسخ، ومع ذلك كان سمحا لا يليق على شيء، فلما رتب الأقلام جعل أول الأقلام الثقال فمنها قلم الطومار، وهو أجلّها يكتب في طومار تامّ بسعفة، وربما كتب بقلم، وكانت تنفذ الكتب إلى الملوك به. ومن الأقلام قلم الثلثين. قلم السجلات. قلم العهود. قلم المؤامرات. قلم الأمانات. قلم الديباج. قلم المدمج «1» . قلم المرصّع. قلم التشاجي. فلما نشأ ذو الرياستين الفضل بن سهل اخترع «2» قلما وهو أحسن الأقلام، ويعرف بالرئاسي «3» ، ويتفرع إلى عدة أقلام فمن ذلك قلم الرئاسي الكبير. قلم النصف من الرئاسي. قلم الثلث. قلم صغير النصف. قلم خفيف الثلث. قلم المحقق. قلم المنثور. قلم الوشي. قلم الرقاع. قلم المكاتبات. قلم غبار الحلبة. قلم النرجس. قلم البياض. فأما إسحاق هذا فإنه كان يعلّم المقتدر وأولاده، وهو أستاذ ابن مقلة، ولأبي عليّ إليه رسالة ذكرتها في أخبار أبي علي؛ ويكنى بأبي الحسين «4» ، لم ير في زمانه أحسن خطا منه ولا أعرف بالكتابة. ولإسحاق كتاب القلم. كتاب تحفة الوامق. رسالة في الخطّ والكتابة. وأخوه أبو الحسن نظيره، ويسلك طريقته. وابنه أبو القاسم إسماعيل بن إسحاق بن إبراهيم. وابنه أبو محمد القاسم بن إسماعيل بن إسحاق. ومن ولده أيضا أبو العباس عبد الله بن إسحاق، وهؤلاء القوم في نهاية حسن الخطّ والمعرفة بالكتابة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 617 [221] إسحاق بن إبراهيم الفارابي أبو إبراهيم : خال إسماعيل بن حماد الجوهريّ صاحب «كتاب الصحاح في اللغة» ، وأبو إبراهيم هذا هو صاحب «كتاب ديوان الأدب» «1» المشهور اسمه الذائع ذكره. كتب إلينا القاضي الأشرف يوسف بن إبراهيم بن عبد الواحد الشيباني القفطي «2» من بلاد اليمن، وكان قد سافر إلى هناك وأقام، قال: مما أخبركم به أن أبا إبراهيم إسحاق الفارابي مصنف «كتاب ديوان الأدب» كان ممن ترامى به الاغتراب، وطوّح به الزمان المنتاب إلى أرض اليمن، وسكن زبيد وبها صنّف كتابه «ديوان الأدب» ومات قبل أن يروى عنه، وكان أهل زبيد قد عزموا على قراءته عليه، فحالت المنية دون ذلك. قال: وكانت وفاته فيما يقارب سنة خمسين وأربعمائة «3» والله أعلم. ووضع كتابه على ستة كتب: الأول السالم، الثاني المضاعف، الثالث المثال- وهو ما كان في أوله واو أو ياء، والرابع كتاب ذوات الثلاثة- وهو ما كان في وسطه حرف من حروف العلة، والخامس كتاب ذوات الأربعة- وهو ما كان في آخره حرف علة، والسادس كتاب الهمزة. وكل كتاب من هذه الستة أسماء وأفعال يورد الأسماء أولا ثم الأفعال بعده. وله: كتاب بيان الإعراب. كتاب شرح أدب الكاتب. كتاب ديوان الأدب. قرأت بخطّ «4» الشيخ أبي نصر إسماعيل بن حماد الجوهري الفارابي السوى   [221]- ترجمة الفارابي صاحب ديوان الأدب في الوافي 8: 395 وبغية الوعاة 1: 437 وانظر إنباه الرواة 1: 52- 53 (ذكره عرضا في ترجمة المعري) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 618 قال: قرأته على أبي إبراهيم رحمه الله بفاراب، ثم على أبي السري محمد بن إبراهيم الأصبهاني بأصبهان، ثم عرضته على القاضي أبي سعيد السيرافي ببغداد. قال الحاكم: وكنت قرأت بعضه إلى موضع البلاغ وهو آخر الأسماء على أبي يعقوب يوسف بن محمد بن إبراهيم الفرغاني النريزقاني «1» ، قال: قرأته على أبي علي الحسن بن علي بن سعد الزاميني «2» وقرأه أبو علي على أبي ابراهيم. قال الحاكم: قول الجوهري عرضته على القاضي أبي سعيد السيرافي، يريد أنه قبله ولم ينكره، فصار عنده من صحاح اللغة، فأما الردّ من قبل أبي محمد يوسف بن الحسن، بن السيرافي [فلما] أنكره من كلمات أعلم عليها. بخط الجوهري في آخر الثلث الأخير من نسخة الحاكم: قرأ عليّ أبو سعد عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن عزيز هذا الكتاب من أوّله إلى آخره، وصححته له وكتبه إسماعيل بن حمّاد الجوهريّ. وعلى النسخة أيضا في موضع آخر: سمعه مني ولداي علي والحسن من أوّله الى آخره بقراءتي إياه إلا أوراقا قرأها الحسن بنفسه عليّ، وصحّ سماعهما، والله تعالى يبارك لهما فيه ويوفقهما لصالح الأعمال، وكتب أبوهما يعقوب بن أحمد غرة المحرم سنة خمس وخمسين وأربعمائة. ثم قرأه عليّ ولدي الحسن قراءة بحث واستقصاء من أوله إلى آخره بما على حواشيه من الفوائد وشرح الأبيات في شهور سنة ثلاث وستين وأربعمائة. وعلى النسخة أيضا قبل ذلك ما صورته: سمعه مني بلفظي وصحّحه عرضا بنسختي صاحبه أبو يوسف يعقوب بن أحمد وفرغ منه في ذي القعدة سنة تسع وعشرين وأربعمائة، وكتب عبد الرحمن بن محمد بن دوست بخطه. قال مؤلف الكتاب: فهذا مع وضوحه وكون هؤلاء المذكورين مشهورين معروفين ومعرفتي بالخطوط الموجودة على النسخة كمعرفتي بما لا أشكّ فيه، يبطل ما كتب إلينا القاضي القفطي من كون هذا الكتاب صنف بزبيد وأنه لم يسمع على مصنّفه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 619 قال بعض شعراء خراسان يصف هذا الكتاب: كتاب ديوان الأدب ... أحلى جنى من الضّرب أودعه منشئه ... أكثر ألفاظ العرب ما ضرّ من يحسنه ... خمول ذكر في النسب يرفعه كتابنا ... فوق أعال في الحسب وجدت بخط الامام أبي يوسف يعقوب بن أحمد النيسابوري اللغوي على «كتاب ديوان الأدب» بخطه ما صورته: سمعت هذا الكتاب من أوله إلى آخره عن الحاكم أبي سعد عبد الرحمن بن محمد بن دوست بقراءته إياه علينا وذلك بنيسابور في شهور سنة تسع وعشرين وأربعمائة، قال: قرأت على الشيخ أبي نصر إسماعيل بن حماد الجوهري الفارابي السوى قال: قرأته على أبي إبراهيم رحمه الله بفاراب ثم علي أبي السري محمد بن إبراهيم الاصبهاني ثم عرضته على القاضي أبي سعيد السيرافي ببغداد وقرأه جماعة كثيرة ورووه. وله أيضا كتاب بيان الاعراب. كتاب شرح أدب الكاتب. [222] إسحاق بن أحمد بن شيث بن نصر بن شيث بن الحكم بن اقلذ بن عقبة بن يزيد بن سلمة بن رؤبة بن خفاتة بن وائل بن هضيم بن ذبيان الصفّار، أبو نصر الأديب البخاري من أهل بخارى: كان أحد أفراد الزمان في علم العربية، والمعرفة بدقائقها الخفيّة، وكان فقيها، وورد إلى بغداد وروى بها ومات بعد سنة خمس وأربعمائة فإنه في هذه السنة حدّث ببغداد. ذكره السمعاني أبو سعد في «تاريخ مرو» والحاكم بن البيع في «تاريخ نيسابور» والخطيب في «تاريخ بغداد» . قال تاج الإسلام ومن خطه نقلت: ورد أبو نصر الصفّار خراسان ثم خرج إلى العراق والحجاز وسكن الطائف وبها توفي، وقبره بها معروف. وله تصانيف في   [222]- ترجمته في تاريخ بغداد 6: 403 ومنتخب السياق (2) ص: 46 والوافي 8: 401 وبغية الوعاة 1: 438؛ وفي م في نسبه «شبيب» وغيرته اعتمادا على المصادر المذكورة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 620 اللغة، وكان حسن الشعر، وهو جد الزاهد الصفّار إبراهيم بن إسماعيل بن إسحاق بن أحمد الذي لقيناه بمرو. وسمع نصر بن أحمد بن إسماعيل الكشاني، وروى عنه أبو علي الحسن بن علي بن محمد بن المذهب التميمي البغدادي. وقال الحاكم: أبو نصر الفقيه الأديب البخاري الصفار- بعد ما ذكر سنّه كما تقدم- قدم علينا حاجّا وما كنت رأيت [مثله] ببخارى في سنّه في حفظ الأدب والفقه، وقد طلب الحديث في أنواع من العلم، وأنشدني لنفسه من الشعر المتين ما يطول شرحه، ثم قال: أنشدني لنفسه: العين من زهر الخضراء في شغل ... والقلب من هيبة الرحمن في وجل لو لم تكن هيبة الرحمن تردعني ... شرقت من قبلي في صحن خدّ ولي يا دمية خلقت كالشمس في المثل ... حوريّ جسم ولكن صورة الرجل لو كان صيد الدّمى والمرد من عملي ... لكنت من طرب كالشارب الثمل لكنني من وثاق العقل في عقل ... وليس لي عن وفاق العقل من حول الله يرقبني والعقل يحجبني ... فما لمثلي إذا في اللهو والغزل كلفت نفسي عزّا في صيانتها ... دين الورى لهم طرا وديني لي وقال أبو بكر ابن علي الخطيب: اسحاق بن أحمد بن شيث أبو نصر البخاري، ويعرف بالصدق، قدم بغداد في سنة خمس وأربعمائة، وحدّث بها عن نصر بن أحمد بن إسماعيل الكشاني صاحب جبريل «1» السمرقندي، حدثني عنه الحسن بن علي بن محمد بن المذهب وأثنى عليه خيرا. قال المؤلف: ورأيت أنا له كتابا في النحو عجيبا سماه «كتاب المدخل إلى سيبويه» ذكر فيه المبنيات فقط، يكون نحوا من خمسمائة ورقة، ووقفت منه على كلام من تبحّر في هذا الشأن واشتمل على غوامضه إلى أقصى مكان، وله غير ذلك من التصانيف في الأدب، وكتاب المدخل الصغير في النحو وكتاب الرد على حمزة في حدوث التصحيف. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 621 [223] إسحاق بن بشر بن محمد بن عبد الله بن سالم ، أبو حذيفة البخاري مولى بني هاشم: ولد ببلخ واستوطن بخارى فنسب إليها، وهو صاحب «كتاب المبتدأ» وغيره. مات ببخارى سنة ست ومائتين حدث عن محمد بن إسحاق بن يسار وعبد الملك بن جريج وسعيد بن أبي عروبة وجويبر بن سعيد ومقاتل بن سليمان ومالك بن أنس وسفيان الثوري وإدريس بن سنان وخلق من أئمة أهل العلم أحاديث باطلة. روى عنه جماعة من الخراسانيين ولم يرو عنه من البغداديين فيما أعلم سوى إسماعيل بن عيسى العطّار فإنه سمع منه مصنفاته ورواها عنه. وروى الحسن بن علويه القطان أن الرشيد بعث إلى أبي حذيفة فأقدمه بغداد، وكان يحدث في المسجد المعروف بابن رغبان. وقال أحمد بن سيار بن أيوب: كان ببخارى شيخ يقال له أبو حذيفة إسحاق بن بشر القرشي، وكان صنف في «بدء الخلق» كتابا وفيه أحاديث ليست لها أصول، وكان يتعرض فيروي عن قوم ليسوا ممن أدركهم مثله، فإذا سألوه عن آخرين دونهم يقول من أين أدركت هؤلاء وهو يروي عن من فوقهم، وكانت فيه غفلة مع أنه كان يزنّ بحفظ. وسمعت إسحاق بن منصور يقول: قدم علينا ها هنا وكان يحدث عن ابن طاوس ورجال كبار من التابعين ممن ماتوا قبل حميد الطويل، قال فقلت له: كتبت عن حميد الطويل؟ قال: ففزع وقال: جئتم تسخرون بي؟ حميد عن أنس جدّي لم يلق حميدا، قال فقلنا له: أنت تروي عن من مات قبل حميد بكذا كذا سنة. قال: فعلمنا ضعفه وأنه لا يعلم ما يقول. وقال أبو رجاء قتيبة بن سعيد: بلغني أن أبا حذيفة البخاري قدم مكة فجعل يقول: حدثني ابن طاوس، فقيل لسفيان بن عيينة ذلك فقال: سلوه عن مولده،   [223]- أكثر الترجمة منقول عن تاريخ الخطيب 6: 326 والفهرست: 106 وانظر مصورة تاريخ ابن عساكر 2: 745 وتهذيبه 2: 434 وسير الذهبي 9: 477 وعبر الذهبي 1: 349 وميزان الاعتدال 1: 184 والوافي 8: 405 والشذرات 2: 15. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 622 فسألوه فإذا ابن طاوس مات قبل مولده بسنين. قال: وهو متروك الحديث ساقط رمي بالكذب. قال المؤلّف: كلّ ما تقدم من كتاب الخطيب. قال محمد بن إسحاق النديم «1» : وله من الكتب: كتاب المبتدأ. كتاب الفتوح. كتاب الردة. كتاب الجمل. كتاب الألوية. كتاب صفين. كتاب حفر زمزم. [224] إسحاق بن سلمة بن إسحاق القيني : أخباريّ عالم أندلسي، له كتاب يشتمل على أجزاء كثيرة في أخبار رية- ناحية بالاندلس- وحصونها وولاتها وحروبها وفقهائها وشعرائها، ذكره أبو محمد ابن حزم. [225] إسحاق بن عمار، يعرف بابن الجصاص : يكنى أبا يعقوب، من موالي اليمن، وكان صاحب عيسى بن موسى في أول الدولة ولم يزل معه، فكان الناس يقرأون عليه الشعر في دار عيسى. قال المرزباني، قال عيسى بن جعفر: إسحاق بن عمار من موالي اليمن، ويقال هو عبد الله بن إسحاق وإسحاق أبوه هو الجصاص، وقد اختلف في ولائه أيضا. وقال الكسائي: إسحاق بن عمار الجصّاص أحد من أخذنا عنه الشعر وكان   [224]- ترجمته القيني الأخباري في تاريخ ابن الفرضي 1: 89 وجذوة المقتبس: 159 وبغية الملتمس (رقم: 556) والوافي 8: 413. [225]- نور القبس: 272 والوافي 8: 419. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 623 عالما به، ومات في آخر أيام المنصور. قال: وكان إذا تكلم في مجلس صمت الناس. وقال عبد الله بن جعفر: ذكر ابن الجصاص الكوفيّ الراوية عند أحمد بن سعيد بن سلم، قال: ذكر عند أبي فاختلفوا في ولائه، فقال أبي: حدثني من رآه وقد دخل إلى عيسى بن موسى بعد أن خلع وسلّم العهد إلى المهدي فقال: أيها الأمير، أنت والله كما قال الأحوص «1» : فمن يك عنّا سائلا بشماتة ... لما مسنّا أو ساكتا غير سائل فما عجمت منّا العواجم ماجدا ... صبورا على حرّات تلك التلاتل إذا سرّ لم يبطر وليس لنكبة ... ألمّت به بالخاشع المتضائل وحدّث المبرد عن عبد الله بن صالح المقرىء: كان ابن الجصاص وجناد بن واصل قاعدين فتذاكرا القبور، فقال ابن الجصاص متمثلا: فإن كنت لا تدرين ما الموت فانظري ... إلى دير هند كيف خطّت مقابره فقال جناد: تري عجبا مما قضى الله فيهم ... رهائن حتف أوجبته مقادره فردّ عليه أعرابي فقال: بيوت تدانى أهلها فوق أهلها ... ومستأذن لا يدخل الدهر زائره وقال ابن الكلبي: ابن الجصاص الراوية مولى لبشر بن عبد الملك بن بشر بن مروان. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 624 [226] إسحاق بن مرار أبو عمرو الشيباني الكوفي : قال الأزهري «1» : كان يعرف بأبي عمرو الأحمر «2» ومرار بكسر الميم ورائين مهملتين مخففتين «3» ، وهو مولى وليس من بني شيبان، وإنما كان مؤدبا لأولاد ناس من بني شيبان فنسب إليهم، كما نسب اليزيدي إلى يزيد بن منصور حين أدّب ولده. وقرأت في «أمالي» أبي إسحاق النجيرمي: ذكر أن يوسف الأصبهاني قال: أبو عمرو الشيباني من الدهاقين، وإنما قيل له الشيباني لأنه كان يؤدّب ولد هارون الرشيد الذين كانوا في حجر يزيد بن مزيد الشيباني فنسب إليه. قال عبد الله بن جعفر: وأبو عمرو راوية أهل بغداد واسع العلم باللغة والشعر، ثقة في الحديث كثير السماع، وله كتب كثيرة في اللغة جياد. مات في أيام المأمون سنة خمس ومائتين أو ست ومائتين وقد بلغ مائة سنة وعشر سنين. وقال ابن السكيت: مات أبو عمرو وله ثمان عشرة ومائة سنة، وكان يكتب بيده إلى أن مات، وكان ربما استعار مني الكتب وأنا إذ ذاك صبيّ آخذ عنه وأكتب من كتبه. وقال ابن كامل «4» : مات أبو العتاهية وأبو عمرو الشيباني وإبراهيم الموصلي المغنّي والد إسحاق في يوم واحد سنة ثلاث عشرة ومائتين ببغداد. قال ابن درستويه:   [226]- ترجمته في طبقات الزبيدي: 194 ومراتب النحويين: 91 ومراتب النحويين: 91 وتهذيب اللغة 1: 13 والفهرست: 75 ونور القبس: 277 وإنباه الرواة 1: 221 ونزهة الالباء: 61 وتاريخ بغداد 6: 329 وابن خلكان 1: 201 والبداية والنهاية 10: 265 وتهذيب التهذيب 12: 182 والوافي 8: 425 وبغية الوعاة 1: 439 وتاريخ أبي المحاسن: 207- 208 والبلغة: 38 (وسيعتمد المؤلف على مصادر أخرى) وروضات الجنات 2: 2 وللدكتور رزوق فرج رزوق دراسة موجزة عنه (بغداد: 1968) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 625 وله بنون وبنو بنين يروون عنه كتبه وأصحاب علماء ثقات، وكان ممن يلزم مجلسه ويكتب عنه الحديث أحمد بن حنبل رضي الله عنه. وحدث الحزنبل عن عمرو بن أبي عمرو الشيباني قال «1» : لما جمع أبي أشعار القبائل كانت نيفا وثمانين قبيلة، فكان كلما عمل منها قبيلة وأخرجها إلى الناس كتب مصحفا بخطّه وجعله في مسجد الكوفة حتى كتب نيفا وثمانين مصحفا. وكان يقول لبنيه: تعلموا العلم فإنه يوطىء الفقراء بسط الملوك. وروي عن أبي عمرو الشيباني انه قال يوما لأصحابه: لا يتمنّينّ أحد أمنية سوء، فإن البلاء موكّل بالمنطق، هذا المؤمل «2» قال: شفّ المؤمل يوم الحيرة النظر ... ليت المؤمل لم يخلق له بصر فذهب بصره، وهذا مجنون بني عامر قال: فلو كنت أعمى أخبط الأرض بالعصا ... أصمّ ونادتني أجبت المناديا فعمي وصم. وقال أبو شيل يهجو أبا عمرو الشيباني «3» : قد كنت أرجو أبا عمرو أخا ثقة ... حتى ألمّت بنا يوما ملمّات فقلت والمرء تخطيه منيّته ... أدنى عطيته إياي ميّات فكان ما جاد لي لا جاد عن سعة ... ثلاثة ناقصات مدلهمات ما الشعر ويح أبيه من صناعته ... لكن صناعته بخل وبالات ودنّ خلّ بفتل فوق عاتقه ... فيه ربيثاء «4» مخلوط وصحناة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 626 فلو رأيت أبا عمرو ومشيته ... كأنه جاحظ العينين نهّات نهات أي نهاق. وقال محمد بن إسحاق النديم «1» : وله من الكتب كتاب الجيم «2» . كتاب النوادر. كتاب أشعار القبائل، ختمه بابن هرمة. كتاب الخيل. كتاب غريب المصنف. كتاب اللغات. كتاب غريب الحديث. كتاب النوادر الكبير على ثلاث نسخ. وقال أبو الطيب اللغوي في كتاب «مراتب النحويين» «3» وأما «كتاب الجيم» فلا رواية له لأن أبا عمرو بخل به على الناس فلم يقرأه أحد عليه. وذكره أبو بكر الخطيب فقال «4» : هو كوفي نزل بغداد وحدّث بها عن دكين «5» الشامي. روى عنه ابنه عمرو وأحمد بن حنبل وأبو عبيد القاسم ابن سلام وكان ثقة. قال ثعلب «6» : وكان مع أبي عمرو الشيباني من العلم والسماع عشرة أضعاف ما كان مع أبي عبيدة ولم يكن في أهل البصرة مثل أبي عبيدة في السماع والعلم. قال المؤلف: ولقد أسرف ثعلب فيما فضّل به أبا عمرو، فإنني لا أقول إن الله خلق رجلا كان أوسع رواية وعلما من أبي عبيدة في زمانه. وحدث يونس بن حبيب قال «7» : دخلت على أبي عمرو الشيباني وبين يديه قمطر فيه أمناء من الكتب يسيرة، فقلت له: أيها الشيخ هذا علمك؟ فتبسم إليّ وقال: إنه من صدق كثير. وقال الخطيب «8» : كان أبو عمرو نبيلا فاضلا عالما بكلام العرب حافظا للغاتها، عمل كتاب شعراء مضر وربيعة ويمن إلى ابن هرمة، وسمع من الحديث سماعا واسعا، وعمّر عمرا طويلا حتى أناف على التسعين، وهو عند الخاصة من أهل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 627 العلم والرواية مشهور معروف، والذي قصّر به عند العامة من أهل العلم أنه كان مستهترا بالنبيذ والشرب له. قرأت بخط أبي منصور الأزهري في «كتاب نظم الجمان» للمنذري حدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن النضر المنني قال، حدثني سعيد بن صبيح قال، حدثني أبوك- يعني النضر- قال: كنت عشيّة الخميس عند إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة، وجاء أبو عمرو الشيباني فقال لي: من هذا الشيخ؟ قلت: هذا أبو عمرو الشيباني صاحب العربية والغريب، وكان قد أتى عليه نحو من خمس عشرة ومائة سنة، فالتفتّ إليه أسائله عن أيامه وسنه، ثم قال: ما راح بك، ألك حاجة؟ قال: نعم بلغني أنك تقول إن القرآن مخلوق، قال: نعم، قال: فمتى خلقه قبل أن يتكلم به أو بعد ما تكلم به؟ فأطرق طويلا ثم رفع رأسه وقال: أنت شيخ جدل، هذا قولي وقول أمير المؤمنين، قال سعيد: فغدوت يوم الجمعة على أبي عمرو- وكان مجلسه وكنت أقرب منه- فقلت: يا أبا عمرو وأيش كنت تصنع عند إسماعيل بن حماد؟ قال: من أخبرك؟ أحمد بن أبي غالب؟ اله عن هذا فإن هذا بي عارف- يعني المأمون- دعوا هذا لا تتكلموا به. [227] إسحاق بن نصير الكاتب البغدادي أبو يعقوب كاتب الرسائل بديوان مصر بعد محمد بن عبد الله بن عبد كان: قال ابن زولاق: مات سنة سبع وتسعين ومائتين. قال ابن زولاق: وكان أبو جعفر محمد بن عبد الله بن عبد كان على المكاتبات والرسائل منذ أيام أحمد بن طولون، ومكاتباته وأجوبته موجودة، إلى أن قدم عليه أبو يعقوب إسحاق بن نصير البغدادي من العراق والتمس التصرّف، فقال له ابن عبد كان: في ماذا تتصرف؟ فقال: في المكاتبات والأجوبة والترسل، وكان بين يدي أبي جعفر كتب قد وردت فقال له: خذ هذه وأجب عنها، فأخذها ومضى إلى ناحية من الدار فأجاب عنها، ثم وضع خفّه تحت رأسه ونام، وقام أبو جعفر إلى الحجرة التي له فاجتاز به   [227]- الوافي 8: 428. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 628 والكتب بين يديه، فأخذها وقرأها، فلما تأمّلها جعل يروّح إسحاق بن نصير حتى انتبه، فقال له: عمن أخذت الكتبة؟ وأجرى عليه أربعين دينارا في كلّ شهر، فلم يزل مع أبي جعفر إلى أن توفي أبو جعفر وانفرد بالأمر علي بن أحمد الماذرائي، فقال لإسحاق: الزم منزلك، فانصرف، فوردت كتب فأجاب عنها علي بن أحمد ودخل على أبي الجيش خمارويه بن أحمد بن طولون فعرضها عليه، فقال له: ما هذه بالألفاظ التي كانت تخرج مني وعني، فمضى علي بن أحمد وعاد إليه، فما أراد أبو الجيش الجواب ولا استجاده، فخرج علي بن أحمد وقال: هاتوا إسحاق بن نصير، فجيء به فقال: أجب عن هذه، فأجاب، ودخل علي بن أحمد على أبي الجيش فقرأ الأجوبة، فقال: نعم هذا الذي أعرف، أيش الخبر؟ فقال له: كاتب كان مع أبي جعفر فاعتزل وأحضرته الساعة، فقال: هاته، فأحضره، فقال: كم رزقك؟ فقال: أربعون دينارا، فقال لعلي بن أحمد: اجعلها أربعمائة في السنة، اجعلها له أربعمائة في الشهر، وقال لإسحاق بن نصير: لا تفارق حضرتي. فبلغ إسحاق حتى صار رزقه ألف دينار في كل شهر، فكان يجود بذلك ويفضل به على الناس، ولقد أرسل إلى بغداد إلى ثلاثة أنفس: إلى أبي العباس المبرد وإلى أبي العباس ثعلب وإلى وراق كان يجلس عنده دفعة واحدة ثلاثة آلاف دينار، لكلّ واحد منهم ألف دينار، وجرى ذلك على يدي أحمد بن الوليد التاجر خال القاضي بمصر. [228] إسحاق بن يحيى بن سريج الكاتب، أبو الحسين النصراني : ذكره محمد بن إسحاق النديم وقال: كان جيّد المعرفة بأمر الدواوين والخراج ومناظرة العمال، وله معرفة تامة بالنجوم ومولده في شعبان سنة ثلاثمائة. قال: وهو يحيا. قال المؤلف: وكان قوله هذا في سنة سبع وسبعين وثلاثمائة. قال: وله من الكتب كتاب الخراج الكبير في ألف ورقة، جزأه جزءين، وجعله   [228]- الفهرست: 151 والوافي 8: 428 (وفي م في نسبه: شريح) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 629 ستة منازل. كتاب الخراج الذي في أيدي الناس مائتا ورقة. كتاب الخراج صغير نحو مائة ورقة. كتاب عمل المؤامرات بالحضرة. كتاب تحويل سني المواليد نحو مائة ورقة. كتاب جمل التاريخ. [229] إسحاق بن موهوب بن أحمد بن محمد بن الخضر الجواليقي يكنى أبا طاهر: وهو أخو إسماعيل ومات في حادي عشر رجب سنة خمس وسبعين وخمسمائة ودفن بباب حرب عند أبيه وأخيه. سمع أبا القاسم ابن الحصين وأباه وغيرهما، وحدث بالقليل، سمع منه القاضي القرشي قال: وسألته عن مولده فقال في ربيع الأول سنة سبع عشرة وخمسمائة. [230] أسعد بن عصمة أبو البيداء الرياحي : أعرابي نزل البصرة، وكان يعلّم الصبيان بالأجرة، وأقام بها أيام عمره يؤخذ عنه العلم، زوج أم أبي مالك عمرو بن كركرة، وكان شاعرا، ومن شعره: قال فيها البليغ ما قال ... ذو العيّ وكلّ بوصفها منطيق وكذاك العدوّ لم يعد أن قال ... جميلا كما يقول الصديق [231] أسعد بن علي بن أحمد الزوزني المعروف بالبارع : أبو القاسم الأديب الشاعر الفاضل الكاتب المترسل، مات فيما ذكره عبد الغافر في «السياق» يوم عيد الأضحى سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة.   [229]- إنباه الرواة 1: 230 والوافي 8: 427. [230) - الفهرست: 49 وانباه الرواة 4: 96 والوافي 9: 30. [231]- ترجمته في السياق (المنتخب 2) : 48 ودمية القصر 2: 1403 (ألتونجي) والوافي 9: 28. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 630 قرأت بخط تاج الاسلام: البارع من أهل زوزن، سكن نيسابور وورد العراق وأكرم فضلاؤها مورده، وكان شاعر عصره وأوحد «1» دهره بخراسان والعراق، وقد شاع ذكره في الآفاق. وكان على كبر سنّه يسمع الحديث ويكتب إلى آخر عمره. سمع أبا عبد الرحمن ابن محمد الداودي وأبا جعفر محمد بن اسحاق البحّاثي، روى لنا عنه أبو البركات الفراوي وأبو منصور الشحامي وغيرهما. وذكره الباخرزي في «الدمية» وقال: الأديب أبو القاسم أسعد بن علي البارع الزوزني: هو البارع حقا، والوافر من البراعة حظا، وقد اكتسب الأدب بجدّه وكدّه، وانتهى من الفضل إلى أقصى حدّه، ولفّتني إليه نسبة الآداب، ونظمتني وإياه صحبة الكتاب، وهلم جرّا إلى الآن، ارتدينا المشيب، وخلعنا برد الشباب ذاك القشيب. ولا أكاد أنسى وأنا في الحضر، حظّي منه في السفر، وقد أخذنا بيننا بأطراف الأحاديث، ورشنا المطايا بأجنحة السير الحثيث، حتى سرنا معا إلى العراق، ونزل هو من فضلائه بمنزلة السواد من الأحداق، وعنده توقيعاتهم بتبريزه على الأقران، وحيازته قصبات الرهان، وأنا على ذلك من الشاهدين، لا أكتم من شهادتي دقّا ولا جلّا، بل أعتقد بها صكّا وعليها سجلّا، ومن يكتمها فإنه آثم قلبه، وعازب لبه. قال السمعاني: أنشدني الشحامي، أنشدنا البارع لنفسه: قد أقبل المعشوق فاستقبلته ... مستشفيا مستسقيا من ريقه نشوان والإبريق في يده ولي ... من ريقه ما ناب عن إبريقه لو كنت أعلم أنه لي زائر ... لرششت من دمعي تراب طريقه ولكنت أذكي جمر قلبي في الدجى ... بطريقه كي يهتدي ببريقه فزويت وجهي عن مدامة كأسه ... وشربت كأسا من مجاج عقيقه وله أيضا: كأن لون الهواء ماء ... أو سندس رقّ أو عمامه كأن شكل الهلال قرط ... أو عطفة النون أو قلامه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 631 وله أيضا: ألا فاشكر لربك كلّ وقت ... على الآلاء «1» والنعم الجسيمه إذا كان الزمان زمان سوء ... فيوم صالح منه غنيمه وله أيضا: أبو بكر حبا في الله مالا ... أكان لسانه يجري بلالا لقد واسى النبيّ بكلّ خير ... وأعطى من ذخائره بلالا لو ان السحر أبغضه اعتقادا ... لما أعطى الإله له بلالا ومما أورده الباخرزي في كتابه للبارع «2» : قمر سبى قلبي بعقرب صدغه ... لما تجلّى عنه قلب العقرب فأجبته ألديك قلبي قال لا ... لكنّ قلبك عند قلب العقرب قرأت في بعض الكتب، قال: الفضلاء الملقبون بالبارع في خراسان ثلاثة: أحدهم البارع الهروي، وهو صاحب «كتاب طرائف الطرف» وهو أدونهم في الفضل مرتبة، والثاني البارع البوشنجي وهو أوسطهم، والثالث البارع الزوزني وهو أفضلهم وأشهرهم. قال: وكان تلميذ القاضي أبي جعفر البحاثي «3» ، وهو الذي يقول فيه البحاثي: عفجت على اليبس البويرع مرّة ... فقال لقد أوجعت سرمي فبلّه فقلت بزاقي لا يفي بجميعه ... ومن أين لي أن أبزق الدرب كلّه قلت أنا: ينبغي أن يكون قد استعمله بمنارة اسكندرية إذا عفجه في شيء كالدرب فأوجعه. وقال البحاثي فيه أيضا: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 632 للبارع ابن العاهره ... زوجة سوء فاجره مؤاجر قد زوّجوه ... كفؤه مؤاجره وقال البارع هذا يخاطب أبا القاسم علي بن أبي نزار «1» رئيس زوزن: كفّ عليّ عندها التبر ... هان وللملك بها قدر كأنما الخال على ظهرها ... عنبرة قد مجّها البحر [232] أسعد بن مسعود بن علي بن محمد بن الحسن العتبي أبو إبراهيم: من ولد عتبة بن غزوان، وهو حفيد أبي النصر «2» العتبي، كذا ذكر السمعاني في «المذيّل» وأبو النصر هو محمد بن عبد الجبار «3» ، وليس في نسب هذا عبد الجبار كما ترى، ولا أدري ما صوابه إلّا أن يكون ابن بنته. قال السمعاني: قرأت بخط والدي: أسعد بن مسعود العتبي مولده سنة أربع وأربعمائة، ذكره أبو الحسن البيهقي في «وشاح الدمية» وقال: هو مصنف «كتاب درة التاج» و «كتاب تاج الرسائل» وكان كاتبا في الدواوين المحمودية والسلجوقية، وعاش إلى آخر أيام نظام الملك، وقال في الإمام علي الفنجكردي: يا أوحد البلغاء والأدباء ... يا سيد الفضلاء والعلماء يا من كأنّ عطاردا في قلبه ... يملي عليه حقائق الأشياء وذكره أبو سعد، ونقلت من خطّه، قال بعد ذكر نسبه: كان من أهل نيسابور،   [232]- ترجمته في السياق (المنتخب 2: 47) والوافي 9: 30 وسير الذهبي 19: 158 والمنتظم 9: 125. وتكرر «محمد» في نسبه (في ر) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 633 وكان يسكن مدرسة البيهقي؛ وهو من أولاد المنعّمين «1» ، شاعر كاتب، تصرف في الأعمال أيام شبابه، وخرج في صحبة «2» عميد خراسان إلى أسفار، وصحب الأكابر، وارتفعت به الأيام وانخفضت حتى تأخّر عن العمل، وتاب ولزم البيت وقنع بالكفاف من العيش، واستراح من الأمور، وعقد له مجلس الإملاء في الجامع المنيعي «3» فأملى مدة، وكان يحضر عنده المحدّثون والأئمة. دخل بغداد وسمع بها من أبي منصور عبد الله بن سعيد بن مهدي الكاتب الخوافي، وسمع بنيسابور ومرو وغير ذلك، وسمع جدّه أبا النصر العتبيّ وروى لنا عنه جماعة. قال: وقرأت بخط أبي جعفر محمد بن علي الحافظ الهمذاني: أسعد بن مسعود العتبي شيخ عالم ثقة ديّن، كان يثني عليه أبو صالح المؤذن الحافظ. وذكره في موضع آخر وقال: أسعد العتبي تزهّد وكان من الصالحين. قال السمعاني: أنبأنا أبو البركات الفراوي عن أسعد بن مسعود عن عبد القاهر بن طاهر التميمي، حدثني شيخ فاضل قال: دخلت المسجد الجامع بالبصرة فرأيت شيخا بهيا قد قطع مسافة العمر، فسلّمت عليه وقلت: أتفرّس أنك شاعر، فقال: أجل، فقلت: أنشدني من مقولك ما يكون لي تذكرة منك، فقال: اكتب: قالوا تغيّر شعره عن حاله ... والهمّ يشغلني عن الأشعار أما الهجاء فعنه شيبي زاجري «4» ... والمدح قلّ لقلّة الأحرار قال السمعاني: أنشدني أبو الحسين أحمد بن محمد السمناني المصري، أنشدنا أبو إبراهيم أسعد العتبي لنفسه: قد كنت فيما مرّ من أزماني ... متوانيا لتقاصر الإحسان ورأيت خلّاني وأهل مودّتي ... متوفّرين معا على الاخوان الجزء: 2 ¦ الصفحة: 634 فتغيّروا لما رأوني تائبا ... وعن التصرّف قد صرفت عناني دعهم وعادتهم فلم أر مثلهم ... إلا مجرّد صورة الإنسان واغسل يديك من الزمان وأهله ... بالطين والصابون والأشنان [233 الف] أسعد بن المهذب بن أبي المليح مماتي : أحد الرؤساء الأعيان الجلة «1» ، والكاتب الكبراء المنزلة، ومن تصرف في الأعمال، وولي رئاسة الديوان، وله أدب بارع، وخاطر وقّاد مسارع، وقد صنّف في الأدب وعرف، ومات بمدينة حلب في ثامن عشري جمادى الأولى سنة ست وستمائة، على ما نذكره إن شاء الله تعالى. وأصله من نصارى أسيوط- بليدة بصعيد مصر- قدموا مصر وخدموا وتقدموا وولوا الولايات، وهو مع ذلك من أهل بيت في الكتابة عريق، [برز جدّ أبيه ممّاتي أيام بدر الجمالي] «2» وهو كالمستولي على الديار المصرية ليس على يده يد، والمسمّون بالخلافة محجوبون ليس لهم غير السكة والخطبة. وكان إلى مماتي كثير من أعماله، فحدثني الصاحب الكبير الوزير الجليل جمال الدين الأكرم أبو الحسن علي بن يوسف الشيباني القفطي- حرس الله علاه- بمدينة حلب قال: بلغني أن بعض تجار الهند قدم إلى مصر ومعه سمكة مصنوعة من عنبر، قد تنوّق فيها وأجيد وطيّبت ورصعت بالجواهر، فعرضها على بدر الجمالي ليبيعها منه فسامها من صاحبها فقال: لا أنقصها من ألف دينار شيئا، فأعيدت إليه، فخرج بها من دار بدر، فقال له أبو المليح: أرني هذه السمكة، فأراه إياها، فقال له: كم سمت فيها؟ فقال: لا أنقصها من ألف دينار   [233]- ترجمة ابن مماتي في إنباه الرواة 1: 231 وبغية الطلب 3: 28 ووفيات الأعيان 1: 210 والخريدة (قسم مصر) 1: 100 والوافي 9: 19 والنجوم الزاهرة 6: 178 والشذرات 5: 20 وحسن المحاضرة 1: 325 والبداية والنهاية 13: 53 (وكنيته أبو المكارم) وسير الذهبي 21: 485 (وانظر مزيدا من التخريج في الحاشية) والمقفى 2: 83. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 635 درهما واحدا، فأخذ بيده وقبض ألف دينار من ماله وتركها عنده مدة، فاتفق أن شرب أبو مليح يوما وسكر وقال لندمائه: قد اشتهيت سمكا هاتم المقلى والنار حتى نقليه بحضرتنا، فجاءوه بمقلى حديد وفحم وتركوه على النار، وجاء بتلك السمكة العنبر فتركها في المقلى، فجعلت تتقلى وتفوح روائحها حتى لم يبق بمصر دار إلا ودخلتها تلك الرائحة، وكان بدر الجمالي جالسا فشمّ تلك الرائحة وتزايدت، فاستدعى الخزّان وأمرهم بفتح خزائنه وتفتيشها خوفا من حريق قد يكون وقع فيها، فوجدوا خزائنه سالمة، فقال: ويحكم انظروا ما هذا، ففتشوا حتى وقعوا على حقيقة الخبر، فاستعظم، وقال: هذا النصرانيّ الفاعل الصانع قد أكل أموالي واستبدّ بالدنيا دوني حتى أمكنه أن يفعل مثل هذا، وتركه إلى الغداة، فلما دخل إليه وهو مغضب قال له: ويحك أستعظم أنا وأنا ملك مصر شرى سمكة من العنبر فأتركها استكثارا لثمنها فتشتريها أنت، ثم لا يقنعك حتى تقليها وتذهب في ساعة ألف دينار مصرية؟! ما فعلت هذا الا وقد نقلت بيت أموالي إليك وفعلت، فقال له: والله ما فعلت هذا إلا غيرة عليك ومحبة لك، فإنك اليوم سلطان نصف الدنيا، وهذه السمكة لا يشتريها إلا ملك، فخفت ان يذهب بها إلى بعض الملوك ويخبره بأنك استعظمتها ولم تشترها، فأردت أن أعكس الأمر وأعلمه أنك ما تركتها إلّا احتقارا لها، وأنها لم يكن لها عندك مقدار، وأنّ كاتبا نصرانيا من كتابك اشتراها وأحرقها، فيشيع بذلك ذكرك، ويعظم عند الملوك قدرك. فاستحسن بدر ذلك منه وأمر له بضعفي ثمنها وزاد في رزقه. وكان مماتي مع ذلك كريما ممدّحا قد مدحه الشعراء، فذكر أبو الصلت «1» في «كتاب الرسالة المصرية» «2» له أن أبا طاهر إسماعيل بن محمد الشاعر المعروف بابن مكنسة كان منقطعا إليه، فلما مات مماتي رثاه ابن مكنسة بقصيدة منها: ماذا أرجّي من حيا ... تي بعد موت أبي المليح الجزء: 2 ¦ الصفحة: 636 ما كان بالنّكس الدنيّ ... من الرجال ولا الشحيح كفر النصارى بعد ما ... غدروا «1» به دين المسيح (كذا قال، ولعلهم اغتالوه أو قتلوه) . ولما ولي الأفضل ابن أمير الجيوش بدر الجماليّ بعد أبيه دخل إليه ابن مكنسة مادحا، فقال له: ذهب رجاؤك بموت أبي المليح فما الذي جاء بك إلينا؟ وحرمه ولم يقبل مديحه. وأما المهذّب والده، وكان يلقب بالخطير، فإنه كان كاتب ديوان الجيش بمصر في أواخر أيام المصريين وأول أيام بني أيوب مدة، فقصده الكتاب وجعلوا له حديثا عند السلطان «2» فهمّ به صلاح الدين يوسف بن أيوب أو أسد الدين شير كوه، وهو يومئذ المتولي على الديار المصرية، فخاف المهذّب فجمع أولاده ودخل على السلطان وأسلموا على يده، فقبلهم وأحسن إليهم وزاد في ولاياتهم وجبّ الاسلام ما قبله. ووجدت على ظهر كتاب من تصانيف ابن مماتي مكتوبا: كان المهذب أبوه المعروف بالخطير مرتبا على ديوان الاقطاعات، وهو على دين النصرانية، فلما علم أسد الدين شيركوه في بدء أمره بمصر أنه نصراني وأنه يتصرّف في [الديوان] بلا غيار نهاه، وأمره بغيار النصارى، ورفع الذؤابة وشدّ الزنار، وصرفه عن الديوان، فبادر هو وأولاده فأسلموا على يده، فأقرّه على ديوانه مدة ثم صرفه عنه، فقال فيه ابن الذروي «3» : لم يسلم الشيخ الخطير ... لرغبة في دين أحمد بل ظنّ أن محاله ... يبقي له الديوان سرمد والآن قد صرفوه عنه ... فدينه فالعود أحمد قال: ووجدت بخط ابن مماتي: صحّ التمثل في قديم ... الدهر أنّ العود أحمد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 637 ولما أمر شيركوه النصارى بلبس الغيار وأن يعمّموا بغير عذبة قال عمارة اليمني: يا أسد الدين ومن عدله ... يحفظ فينا سنّة المصطفى كفى غيارا شدّ أوساطنا ... فما الذي يوجب كشف القفا وجرى معه حديث النحويين وأن أحدهم ينفد عمره فيه ولا يتجاوزه إلى شيء من الأدب الذي يراد النحو لأجله: من البلاغة وقول الشعر ومعرفة الأخبار والآثار وتصحيح اللغة وضبط الأحاديث، فقال الأسعد: هؤلاء مثلهم مثل الذي يعمل الموازين وليس عنده ما يزن فيه، فيأخذها غيرهم فيزن فيها الدرّ النفيس والجوهر الفاخر والدنانير الحمر والجواهر البيض. وهذا عندي من حسن التمثيل. أنشدنا سعيد بن أبي الكرم بن هبة الله المصري- قال، أنشدني الخطير أبو سعيد ابن مماتي لنفسه في أبي سعيد ابن أبي اليمن النحال وزير العادل، وكان نصرانيا وأسلم، وكان أملح الناس وجها- أعني ابن النحّال: وشادن لما أتى مقبلا ... سبّحت ربّ العرش باريه ومذ رأيت النحل «1» في خدّه ... أيقنت أنّ الشهد في فيه وأنشدنا سعيد بن أبي الكرم المذكور قال، أنشدني الخطير أبو سعيد ابن مماتي في ابن النحال أيضا، وكان يسكن ابن النحّال في أول الدرب، وكان في آخر الدرب صبيّ مثله في الحسن يعرف بابن زنبور: حوى درب نور الدين كلّ شمردل ... مشددة أوساطهم بالزنانير فأوّله للشهد والنحل منزل ... وآخره يا سادتي للزنابير ومن عجيب ما جرى للخطير أنه كان يوما جالسا في ديوانه في حجرة موسومة بديوان الجيش من قصر السلطان بمصر، وكانت حجرة حسنة مرخّمة منمّقة، فجاءه قوم وقالوا له: قم من ها هنا: فقال لهم: ما الخبر؟ فقالوا: قد تقدم الملك العادل أبو بكر بن أيوب بأخذ رخام هذه الحجرة وأن يعمر به موضعا آخر، فخرج منكسرا كاسفا، فقيل له في ذلك فقال: قد استجيبت فينا دعوة، وما أظنني أجلس في ديوان الجزء: 2 ¦ الصفحة: 638 بعدها، أما سمعتم إذا بالغوا في الدعاء علينا قالوا: خرّب الله ديوانه، وما بعد الخراب إلا اليباب، ثم دخل منزله وحمّ فلم يخرج منه إلّا ميتا. فلما مات خلفه ابنه الأسعد هذا على ديوان الجيش وتصدّر فيه مدّة طويلة ثمّ أضيف إليه في الأيام الصلاحية والعزيزية ديوان المال، وهو أجلّ ديوان من دواوين مصر، وتصدّر فيه واختصّ بصحبة القاضي الفاضل عبد الرحيم بن علي البيساني، ونفق عليه وحظي عنده وكرم لديه، فقام بأمره وأشاع من ذكره ونبّه على فضله، وصنّف له عدة تصانيف باسمه، ولم يزل على ذلك إلى أن ملك الملك العادل أبو بكر ابن أيوب الديار المصرية، وكان وزيره والمدبّر لدولته الصفي عبد الله بن علي بن شكر، وكان بينه وبين الأسعد ذحل قديم أيام رئاسته عليه، ووقعت من الأسعد إهانة في حقّ ابن شكر فحقدها عليه إلى أن تمكن منه، فلما ورد مصر أحضر الأسعد إليه وأقبل بكلّيته عليه وفوّض إليه جميع الدواوين التي كانت باسمه قديما، وبقي على ذلك سنة كاملة، ثم عمل له المؤامرات ووضع عليه المحالات وأكثر فيه التأويلات، ولم يلتفت إلى أعذاره ولا أعاره طرفا لاعتذاره، فنكبه نكبة قبيحة، ووجه عليه أموالا كثيرة وطالبه بها، فلم يكن له وجه لأنه كان عفيفا ذا مروءة، فأحال عليه الأجناد فقصدوه وطالبوه وأكثروا عليه وآذوه «1» واشتكوه إلى ابن شكر فحكّمهم فيه؛ فحدثني المؤيد إبراهيم بن يوسف الشيباني قال: سمعت الأسعد يقول: علقت في المطالبة على باب داري بمصر على ظهر الطريق في يوم واحد إحدى عشرة مرة، فلما رأوا أنه «2» لا وجه لي قيل لي: تحيّل ونجّم هذا المال عليك في نجوم، فقلت: أما المال فلا وجه له عندي، ولكن إن أطلقت وملكت نفسي استجديت من الناس وسألت من يخافني ويرجوني فلعلّي أحصّل من هذا الوجه، فأما من وجه حاصل فليس لي بعد ما أخذتموه مني درهم واحد، فنجّم المال عليّ وأطلقت، وبقيت مديدة إلى أن حلّ بعض نجوم المال عليّ فاختفيت واستترت، وقصدت إلى القرافة وأخفيت نفسي في مقبرة الماذرائيين، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 639 وأقمت «1» بها مدة عام كامل وضاق الأمر عليّ فهربت قاصدا للشام على اجتهاد من الاستتار «2» ، فلحقني في بعض الطريق فارس مجدّ فسلّم عليّ وسلّم إليّ مكتوبا ففضضته وإذا هو من الصفّي ابن شكر يذكر فيه: لا تحسب أن اختفاءك عني كان بحيث لا أدري أين أنت ولا أين مكانك، فاعلم أن أخبارك كانت تأتيني يوما يوما «3» وأنك كنت في قبور الماذرائيين بالقرافة منذ يوم كذا، وأنني اجتزت هناك واطّلعت فرأيتك بعيني، وأنك لما خرجت هاربا عرفت خبرك، ولو أردت ردّك لفعلت، ولو علمت أنك قد بقي لك مال أو حال لما تركتك، ولم يكن ذنبك عندي مما يبلغ أن أتلف معه نفسك، وإنما كان مقصودي أن أدعك تعيش خائفا فقيرا غريبا مهجّجا «4» في البلاد، فلا تظنّ أنك هربت مني بمكيدة صحّت لك عليّ، فاذهب إلى غير دعة الله. قال: وتركني القاصد وعاد، فبقيت مبهوتا إلى أن وصلت إلى حلب. فحدثني الصاحب جمال الدين الأكرم- أدام الله علوّه-: لما ورد إلى حلب نزل في داري، فأقام عندي مدة وذلك في سنة أربع وستمائة، وعرف الملك الظاهر غازي بن صلاح الدين بن أيوب رحمه الله خبره فأكرمه وأجرى عليه في كلّ يوم دينارا صوريا وثلاثة دنانير أخرى في الشهر أجرة دار، فكان يصل إليه في كلّ شهر ثلاثة وثلاثون دينارا غير برّ وألطاف ما كان يخليه منها، وأقام عنده على قدم العطلة إلى سنة ست وستمائة كما ذكرنا، ومات فدفن بظاهر حلب بمقام بقرب قبر أبي بكر الهروي. وله تصانيف كثيرة يقصد بها قصد التأدب وفي معرض وقائع تجري، ويعرضها على الأكابر، لم تكن مفيدة إفادة علمية إنما كانت شبيهة بتصانيف «5» الثعالبي وأضرابه، فمن ذلك كتاب تلقين اليقين في الفقه. كتاب سرّ الشعر. كتاب علم النثر. كتاب الشيء بالشيء يذكر، وعرضه على القاضي فسمّاه «سلاسل الذهب» لأخذ بعضه بشعب بعض. كتاب تهذيب الأفعال لابن طريف. كتاب قرقرة الدجاج في ألفاظ ابن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 640 الحجاج. كتاب الفاشوش في أحكام قراقوش. كتاب لطائف الذخيرة، لابن بسام. كتاب ملاذ الأفكار وملاذ الاعتبار. كتاب سيرة صلاح الدين يوسف بن أيوب. كتاب أخاير الذخائر. كتاب كرم النجار في حفظ الجار، عمله للملك الظاهر لما قدم عليه. كتاب ترجمان الجمان. كتاب مذاهب المواهب. كتاب باعث الجلد عند حادث الولد. كتاب الحضّ على الرضى بالحظ. كتاب زواهر السدف وجواهر الصدف. كتاب قرص العتاب. كتاب درّة التاج. كتاب ميسور النقد. كتاب المنحل. كتاب أعلام النصر. كتاب خصائص المعرفة في المعمّيات. [كتاب روائع الوقائع] «1» . وكان علم الدين ابن الحجاج شريكه في ديوان الجيش، وكان بينهما ما يكون بين المتماثلين في العمل، فعمل فيه الكتاب المتقدم ذكره، وهجاه بعدة أشعار منها: حكى نهرين ما في الأرض ... من يحكيهما أبدا ففي أفعاله ثورا ... وفي ألفاظه بردى وكان له نوادر حسنة حادّة منها ما حدثني به الصاحب القاضي الأكرم قال: ركبت وإياه يوما «2» وخرجنا نسير بظاهر حلب، فكان خروجنا من أحد أبوابها، ودرنا سور البلد جميعه ثم دخلنا من ذلك الباب، فقال: اليوم سيرنا تدليك، قيل «3» كيف؟ قال: من برّا برّا. وكان السديد بن المنذر «4» وهو رجل فقيه اتصل بالسلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب بعض الاتصال، فجعل لنفسه بذلك سوقا، واستجلب بما يمتّ به من ذلك- وإن كان باطلا- رزقا، وكان أعور رديئا قليل الدين بغيضا. ولما أحدث الملك الظاهر غازي قناة الماء بحلب وأجراها في شوارعها ودور الناس فوّض إلى ابن المنذر النظر في مصالحها، ورزق على ذلك رزقا حسنا نحو ثلاثمائة درهم في الشهر «5» ، فسأل عنه الأمير فارس الدين ميمون القصري، والأسعد بن مماتي حاضر، فقال له مسرعا: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 641 هو اليوم مستخدم على قناة، فأعجب بحسن هذه النادرة الحاضرين. وقيل للأسعد يوما: أي شيء يشبه ابن المنذر؟ فقال: يشبه الزبّ، فاستبردوا ذلك وظنوا أنه إنما ذهب إلى عورة فقط، فقال: ما لكم لا تسألوني كيف يشبهه؟ فقالوا: كيف؟ قال: هو أقرع أصلع أعور يسمع بلا أذن، يدخل المداخل الرديئة بحدّة واجتهاد «1» ويرجع منكسرا، فاستحسن ذلك. وله شعر، من ذلك قوله في الثلج في رجب سنة خمس وستمائة: قد قلت لما رأيت الثلج منبسطا ... على الطريق إلى أن ضلّ سالكها ما بيّض الله وجه الأرض في حلب ... إلا لأنّ غياث الدين مالكها وقال أيضا فيه: لما رأت عيني الثلج ... ساقطا كالأقاحي وصار ليل الثرى ... منه أبيضا كالصباح حسبت ذلك من ذو ... ب درّ عقد الوشاح أو من حباب الحميّا ... أو من ثغور الملاح فما على داخل النا ... ر بعد ذا من جناح وقال أيضا فيه: بسيف غياث الدين غازي بن يوسف ... بن أيوب دام القتل واتصل الفتح وشاهدته في الدست والثلج دونه ... فقلت سليمان بن داود والصرح وقال أيضا فيه: مذ رأينا الصبح يزدا ... ن ويزداد انفراشا وحسبنا نوره يط ... رد من خلف الفراشا نثر الثلج علينا ... ياسمينا وفراشا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 642 ورأى أن يرسل الأس ... هم بالبرد فراشا فغدا الكافور في عنبرة ... الأرض فراشا وقال أيضا فيه: لما رأت عيني ... الثلج خلته الياسمينا وقلت من عجب منه ... أصبح الآس مينا وخلته من ثغور ... الملاح للّاثمينا فما أرادوا من الدرّ ... قطّ إلا ثمينا وقال أيضا فيه: لما رأيت الثلج قد ... أضحت به الأرض سما وأنست الصّبا الصّبا ... وأذكرت جهنما خفت فما فتحت من ... تعاظم الخوف فما فإن نمى صبري وهو ناقص فإنما وقال أيضا فيه: لما رأيت الثلج قد ... غطّى الوهاد والقنن سألت أهل حلب ... هل تمطر السما لبن «1» نقل من خطه ومن شعره أيضا: وحياء «2» ذاك الوجه بل وحياته ... قسم يريك الحسن في قسماته لأرابطنّ على الغرام بثغره ... لأفوز بالمرجوّ من حسناته وأجاهدنّ عواذلي في حبّه ... بالمرهفات عليّ من لحظاته قد صيغ من ذهب وقلّد جوهرا ... فلذاك ليس يجوز أخذ زكاته الجزء: 2 ¦ الصفحة: 643 وله أيضا: يعاهدني أن لا يخون وينكث ... ويحلف لي ألّا يصدّ ويحنث ومن أعجب الأشياء أنّك ساكن ... بقلبي وأني عن مكانك أبحث وللحسن بل لله طرف مذكّر ... يتيه به عجبا وظرف مؤنث ومنه أيضا: يا سالب الظبية لحظا وجيد ... أجر لمن تهجر أجر الشهيد متى رأى طرفك قتل أمرىء ... بأسهم اللحظ فقيد الفقيد وله دو بيت: يا غصن أراك حاملا عود أراك ... حاشاك إلى السّواك يحتاج سواك قل لي أنهاك عن محبّيك نهاك ... لو تمّ وفاك بست خدّيك وفاك كذا وجدت له في أشعار مجموعة، وأنشدني هذين الدوبيت بعض أهل الأدب وذكر أنهما للعماد الأصبهاني الكاتب، وهما به أشبه، لأنّهما في غاية الجودة، وابن مماتي في طبقة شعره انحطاط جدّا. ومن شعره أيضا: قد نهانا عن الغرام نهانا ... إذ هوانا ألا نذوق هوانا وهجرنا الحبيب خيفة أن ... يهجر بدءا فيستمرّ عنانا وتركناه للورى فكأنّا ... قد أدرناه بيننا دستكانا وأنسنا من وحشة بفراق ... فافترقنا كما ترى برضانا وسمعنا من العذول كلاما ... فأنفنا من ضحكه لبكانا أيّ خير يكون في حبّ من ... فوّق سهما من لحظه ورمانا نحن لو لم نكن هجرناه من ... قبل لأبدى صدوده وجفانا شيمة في الملاح قد أحسن الدهر ... بأعلامها بنا وأسانا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 644 وصباح المشيب يظهر ما كا ... ن طلام الشباب عنه ثنانا ما مشينا إلى الصبابة إلّا ... وخطانا معدودة من خطانا فأدرها معسجدات كؤوسا ... مطلعات من الحباب جمانا [233 ب] أسعد بن علي النحوي : نقلت من خط محمد بن أسعد بن النقيب الجواني النسابة النحوي، أنشدني مولاي الشريف القاضي الكامل الفاضل المرتضى جمال العلماء تاج الأدباء سناء الملك معتمد الدولة ذو الحسبين أبو المبارك أسعد بن علي الحسيني في مرضه الذي مات فيه، رضي الله عنه، وقد أغمي عليه في يوم حمّى كانت به فأفاق فقال: اكتب عني هذين البيتين بديها رأيت كأنني قلتهما في النوم، وكأني نجوت بهما: واتخذ حبّ النبيّ ملجأ ... ثم أصحاب النبيّ العشره فبذا أوصى أباك والد ... ثم جدّ الجدّ حتى حيدره ومات أسعد بن علي الجواني سنة تسع وخمسين وخمسمائة، فمن شعره في الثلج «1» : قد قلت لما رأيت الثلج منبسطا ... على الطريق إلى أن ضلّ سالكها ما بيّض الله وجه الأرض في حلب ... إلا لأنّ غياث الدين مالكها   [233 ب]- هذه الترجمة من (ر) ولم ترد في المطبوعة؛ والجواني نسبة إلى الجوانية وهي موضع قرب أحد. ولأسعد بن علي ترجمة في إنباه الرواة 1: 230 وبغية الوعاة 1: 441 وروضات الجنات 2: 8 وكنيته أبو البركات أو أبو المبارك، حدث بمصر عن ابن القطاع، وأصله من الموصل وهاجر إلى مصر واستوطنها، وكان ذا منزلة عند الخلفاء الفاطميين. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 645 [234] اسلم بن سهل بن أسلم بن زياد بن حبيب الرزاز أبو الحسن المعروف ببحشل الواسطي: منسوب إلى محلّة الرزّازين، المحلة السفلى بواسط، ومسجده هناك وداره، وهو ثقة إمام يصلح للصحيح «1» ، وجدّه لأمّه أبو محمد وهب بن بقية، ويقال وهبان. جمع بحشل «تاريخ واسط» وضبط أسماء أهلها ورتّب طبقاتهم، وكان لا مزيد عليه في الحفظ والإتقان. مات في سنة ثمان وثمانين ومائتين قبلها أو بعدها بقليل، حدّث عنه بتاريخه أبو بكر محمد بن عثمان بن سمعان المعدّل، وكان يضاهيه في الحفظ والاتقان، وشركه في أكثر شيوخه، ومات قبل الثلاثين والثلاثمائة، ذكر ذلك كله السلفي الحافظ في «السؤالات» التي سألها خميسا الحوزي. [235] إسماعيل بن أحمد بن عبد الله الحيري : أبو عبد الرحمن «2» الضرير المفسر المقرىء الواعظ الفقيه المحدّث الزاهد أحد أئمة المسلمين- والحيرة محلّة بنيسابور هي الآن خراب- مات فيما ذكره عبد الغافر بن إسماعيل بعد الثلاثين وأربعمائة، ومولده سنة إحدى عشرة وثلاثمائة، قال: وله التصانيف المشهورة في علوم القرآن   [234]- سؤالات السلفي: 90- 91 والوافي 9: 52. [235]- تاريخ بغداد 7: 313 والسياق (المنتخب 2) : 38 والمنتظم 8: 105 وطبقات الشافعية 4: 265 وطبقات ابن قاضي شهبة 1: 206 والوافي 9: 84 ونكت الهميان: 119 وطبقات المفسرين: 7 والشذرات 3: 246 وسير الذهبي 17: 539 (وفي م: أن كنيته أبو عبد الله، وغيرته اتباعا لما ورد في السياق وفي الوافي، والثاني ينقل عن ياقوت) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 646 والقراءات والحديث والوعظ والتذكير. سمع «صحيح البخاري» من أبي الهيثم، سمع منه ببغداد، وقد روى عن زاهر السرخسي [وأبي الفضل الحدادي وأبي العباس الأنماطي والمخلدي وأبي الحسن العبدوي وطاهر بن خزيمة والخفاف وأبي الحسن الماسرجسي وطبقتهم. وكان نفاعا للخلق مفيدا مباركا في علمه] «1» . [236] إسماعيل بن إسحاق بن إسماعيل بن حماد بن زيد بن درهم أبو إسحاق الأزدي مولى آل جرير بن حازم: من أهل البصرة، مات فيما ذكره الخطيب «2» سنة اثنتين وثمانين ومائتين ومولده سنة مائتين، مات فجأة. قال التنوخي، حدثني أبو الفرج الأصبهاني أن القاضي إسماعيل لبس سواده ليخرج إلى الجامع فيحكم، ولبس أحد خفّيه وأراد أن يلبس الآخر فمات، وهو قاض على جانبي بغداد جميعا. سمع محمد بن عبد الله الأنصاري ومسدد بن مسرهد وعلي بن المديني وغيرهم. روى عنه موسى بن هارون الحافظ وعبد الله بن أحمد بن حنبل ويحيى بن صاعد وكثيرون. وكان فاضلا عالما متقنا فقيها على مذهب مالك بن أنس، شرح مذهبه ولخصه واحتج له، وصنّف المسند وكتبا عدة في علوم القرآن، وجمع كتاب حديث مالك وكتاب يحيى بن سعيد الأنصاري وكتاب أيوب السختياني، واستوطن بغداد قديما وولي القضاء بها ولم يزل يتقلده إلى حين وفاته. قال الخطيب «3» ، قال طلحة بن محمد بن جعفر الشاهد: إسماعيل بن إسحاق   [236]- ترجمته في أخبار القضاة 3: 280، 281- 282 وطبقات الشيرازي: 164 وتاريخ بغداد 6: 284 وترتيب المدارك 4: 278- 293 والوافي 9: 91 والمنتظم 5: 151 وسير الذهبي 13: 339 وتذكرة الحفاظ: 625 وعبر الذهبي 2: 67 والديباج المذهب 1: 282 وطبقات ابن الجزري 1: 162 وطبقات الحفاظ: 275 وبغية الوعاة 1: 443 (ويعتمد ياقوت على تاريخ بغداد) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 647 منشأه البصرة، وأخذ الفقه على مذهب مالك عن أحمد بن المعذّل، وتقدم في هذا المذهب «1» حتى صار علما فيه، ونشر من مذهب مالك وفضله ما لم يكن بالعراق في وقت من الأوقات، وصنّف في الاحتجاج لمذهب مالك والشرح له ما صار لأهل هذا المذهب مثالا يحتذونه وطريقا يسلكونه، وانضاف إلى ذلك علمه بالقرآن فإنّه صنّف في القرآن كتبا تتجاوز كثيرا من الكتب المصنفة فيه، فمنها كتاب في أحكام القرآن، وهو كتاب لم يسبقه أحد من أصحابه إلى مثله. وكتاب في القراءات، وهو كتاب جليل القدر عظيم الخطر. وكتاب في معاني القرآن، وهذان الكتابان يشهد بفضله فيهما واحد زمانه «2» ، ومن انتهى إليه العلم في النحو واللغة في أوانه، وهو المبرد. ورأيت أبا بكر ابن مجاهد يصف العلم بهذين «3» الكتابين، وسمعته مرّات لا أحصيها يقول: القاضي إسماعيل أعلم مني بالتصريف. وبلغ من العمر ما صار به واحدا في عصره في علوّ الإسناد، لأن مولده في سنة تسع وتسعين ومائة، فحمل الناس عنه من الحديث الحسن ما لم يحمل عن كثير أحد، وكان الناس يصيرون إليه فيقتبس منه كلّ فريق علما لا يشاركه فيه الآخر فمن قوم يحملون الحديث، ومن قوم يحملون علم القرآن والقراءات والفقه إلى غير ذلك مما يطول شرحه، فأما سداده في القضاء، وحسن مذهبه فيه، وسهولة الأمر عليه فيما كان يلتبس على غيره، فشيء شهرته تغني عن ذكره. وكان في أكثر أوقاته وبعد فراغه من الخصوم متشاغلا بالعلم لأنه اعتمد على كاتبه «4» أبي عمر محمد بن يوسف فكان يحمل عنه أكثر أمره من لقاء السلطان وينظر في كلّ أمره، وأقبل هو على الحديث والعلم. قال أبو العباس محمد بن يعقوب الأصمّ: كان إسماعيل بن إسحاق نيفا وخمسين سنة على القضاء ما عزل عنه «5» إلا سنتين. قال الخطيب «6» : وهذا القول فيه تسامح، وذلك أنّ ولاية إسماعيل للقضاء ما الجزء: 2 ¦ الصفحة: 648 بين ابتدائها إلى حين وفاته لم تبلغ خمسين سنة، وأول ما ولي في خلافة المتوكل لمّا مات سوار بن عبد الله بن سوار بن عبد الله، وكان قاضي القضاة بسرّ من رأى جعفر ابن عبد الواحد الهاشمي، فأمره المتوكل أن يولّي إسماعيل قضاء الجانب الشرقي من بغداد سنة ست وأربعين ومائتين، ولم يعزله أحد من الخلفاء غير المهتدي، فإنه نقم على أخيه حماد بن إسحاق شيئا فضربه بالسياط وعزل إسماعيل، إلى أن قتل المهتدي «1» وولي المعتمد فأعاده إلى القضاء، فلم يزل على قضاء بغداد بالجانبين إلى أن مات، ولم يقلد قضاء القضاة لأنّ قاضي القضاة كان الحسن بن أبي الشوارب وكان يكون حينئذ بسامرّا. وحدث الخطيب قال «2» ، قال المبرد: لما توفيت والدة القاضي إسماعيل رأيت من وجهه «3» ما لم يقدر على ستره، وكان كلّ يعزّيه، وقد كاد لا يسلو، فسلّمت عليه ثم أنشدته: لعمري لئن عال ريب الزمان ... فساء لقد عال نفسا حبيبه ولكنّ علمي بما في الثواب ... عند المصيبة ينسي المصيبه فتفهم كلامي واستحسنه، ودعا بدواة وكتبه، ثم انبسط وزالت عنه تلك الكآبة والجزع. قال إبراهيم بن حماد: أنشدني عمي إسماعيل القاضي: همم الموت عاليات فمن ... ثمّ تخطّى الى لباب اللباب ولهذا قيل الفراق أخو الموت ... لإقدامه على الأحباب قال «4» : ودخل إلى القاضي إسماعيل بن إسحاق عبدون بن صاعد الوزير، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 649 وكان نصرانيا، فقام له ورحب به، فرأى إنكار الشهود ومن حضره، فلما خرج قال لهم: قد علمت إنكاركم وقد قال الله تعالى: لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم (الممتحنة: 8) وهذا الرجل يقضي حوائج المسلمين، وهو سفير بيننا وبين خليفتنا، وهذا من البر، فسكتت الجماعة. قرأت بخط أبي سعد السمعاني باسناد له رفعه إلى أبي العباس ابن الهادي قال: كنت عند إسماعيل بن إسحاق القاضي في منزله، فخرج يريد صلاة العصر ويدي في يده، فمرّ بابن البري وكان غلاما جميلا فنظر إليه فقال وهو يمشي إلى المسجد: لولا الحياء وأنني مشهور ... والعيب يعلق بالكبير كبير لحللت منزلها الذي تحتلّه ... ولكان منزلنا هو المهجور وانتهى إلى مسجد على باب داره فقال: الله أكبر الله أكبر، ثم مرّ في أذانه؛ والشعر لابراهيم بن المهدي. وحكى أبو حيان هذه الحكاية كما مرّ وزاد فيها: فقيل له افتتحت الأذان بقول الشعر؟ فقال: دعوني فو الله لو نظر أمير المؤمنين إلى ما نظرت إليه لشغله عن تدبير ملكه، قيل له: فهل قلت شيئا آخر فيه؟ قال: نعم أبيات عبثت بي وأنا في المحراب فما استتممت قراءة الحمد حتى فرغت منها، وهي: ألحاظه ترجمان منطقه ... ووجهه نزهة لعاشقه هذّبه الظرف والكمال فما ... يمرّ عيب على طرائقه قد كثرت قالة العباد فما ... تسمع إلا سبحان خالقه ومن «كتاب القضاة» لابن سمكة قال: لما مات إسماعيل بن إسحاق بقيت بغداد ثلاثة أشهر بغير قاض حتى ضجّ الناس ورفع إلى المعتضد، فاختار عبيد الله بن سليمان ثلاثة قضاة: أبا حازم وعليّ بن أبي الشوارب ويوسف، وهو ابن عم إسماعيل بن إسحاق، فولّى أبا حازم الكرخ، وابن أبي الشوارب مدينة المنصور، ويوسف الجانب الشرقي. قال: وأخبرني الثقة أن إسماعيل دخل على الموفق فقال له: ما تقول في النبيذ؟ فقال: أيها الأمير إذا أصبح الإنسان وفي رأسه شيء منه يقال له ماذا؟ فقال الموفق: يقال هو مخمور، قال: فهو كاسمه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 650 وحدث المحسن «1» قال: سمعت أبي يحكي عن أبي عمر القاضي قال: عرض القاضي إسماعيل على عبيد الله بن سليمان وزير المعتضد رقعة في حوائج الناس [فوقع فيها] فعرض أخرى وقال: إن أمكن الوزير أن يوقّع وقّع، وعرض أخرى وقال شيئا من هذا الجنس، فقال له عبيد الله: يا أبا إسحاق كم تقول: إن أمكن وإن جاز وإن سهل؟ من قال لك إنه يجلس هذا المجلس أحد ثم يتعذر عليه شيء على وجه الأرض من الأمور فقد كذبك، هات رقاعك كلّها في موضع واحد، قال: فأخرجها إسماعيل من كمه وطرحها بين يديه، فوقّع فيها فكانت مع ما وقّع فيه قبل الكلام وبعده نحو الستين «2» رقعة، رحمه الله فما أصدق ما كانت رغبته إلى الله عزّ وجل. [237] إسماعيل بن الحسن بن علي الغازي البيهقي أبو القاسم شمس الأئمة: ذكره البيهقي في «كتاب الوشاح» فقال: يعرف بالشمس البيهقي، كان جامعا لفنون الآداب، حائزا «3» لمفاتيح الحكمة وفصل الخطاب، أقام وتوطّن بمرو، وطريقه في الفقه مستقيم، وأكثر مصنفاته عن المناقص سليم، ومن منظومه: كتّاب حضرتنا دامت سلامتهم ... يهيّئون من الألقاب أسبابا وينصبون من الأطماع ألوية ... ويفتحون من الألقاب أبوابا ويبخلون بما جاد الكريم به ... وينفقون على الأقوام ألقابا تجشّأوا في نواديهم بلا شبع ... كأنّهم أكلوا الحلتيت والرابا   [237]- الوافي 9: 106. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 651 أخذه من قول الخوارزمي: قلّ الدراهم في كيسي خليفتنا ... فصار ينفق في الأقوام ألقابا قال: ومن تصانيفه كتاب نقض الاصطلام. كتاب سمط الثريا في معاني غريب الحديث. كتاب في اللغة. كتاب في الخلاف طريف «1» . [238] إسماعيل بن الحسين بن محمد بن الحسين بن أحمد بن محمد بن عزيز «2» بن الحسن بن أبي جعفر محمد الأطروش بن علي بن الحسين بن علي بن محمد الديباج بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم: كنيته أبو طالب بن أبي محمد بن أبي الحسين بن أبي أحمد بن أبي أحمد بن أبي علي بن أبي الحسين بن أبي جعفر بن أبي الفضل بن أبي جعفر الأطروش بن أبي الحسين بن أبي عبد الله بن أبي الحسين بن أبي جعفر بن أبي عبد الله الصادق بن أبي جعفر الباقر بن أبي محمد زين العابدين بن أبي عبد الله السبط بن أبي الحسن أمير المؤمنين، المروزي العلويّ النسابة الحسيني عزيز الدين حقا؛ أول من انتقل من أجداده إلى مرو من قمّ أبو علي أحمد بن محمد بن عزيز، وكان انتقل إلى بغداد من المدينة علي بن محمد الديباج، وكان علي هذا يعرف بالخارص، وابنه الحسين انتقل إلى قم، ثم أقاموا بمرو إلى هذا الأوان. وأخبرني- أحسن الله جزاءه- أن مولده ليلة الاثنين الثاني والعشرين من جمادى الآخرة سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة. ورد بغداد في سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة «3» صحبة الحجاج ولم يحجّ، وقرأ الأدب على الإمام منتجب الدين أبي الفتح محمد بن سعد بن محمد بن محمد بن أبي الفضل الديباجي والإمام برهان الدين أبي الفتح   [238]- الوافي 9: 108. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 652 ناصر بن أبي المكارم عبد السيد بن علي المطرزي الخوارزمي وأخيه الامام مجد الدين أبي الرضى طاهر، وقرأ الفقه على الامام فخر الدين محمد بن محمد بن محمد بن الحسين الطيان الماهرويّ الحنفي وقاضي القضاة منتجب الدين أبي الفتح محمد بن سليمان بن إسحاق الفقيهي، قال: وما علمت أنه ولي القضاء بمرو أحسن سيرة منه، رحمه الله. وقرأ الحديث على الامام فخر الدين إسماعيل بن محمد بن يوسف القاشاني وأبي بكر محمد بن عمر الصائغي السنجي «1» والامام شرف الدين محمد بن مسعود المسعودي والإمام فخر الدين أبي المظفر عبد الرحيم بن الامام تاج الاسلام عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني وعبد الرشيد بن محمد بن أبي بكر الزرقي المؤدب، وبنيسابور على القاضي ركن الدين إبراهيم بن علي بن حمد المعيني والإمام مجد الدين أبي سعد عبد الله بن عمر الصفار والإمام نور الدين فضل الله بن أحمد بن محمد الجليل النوقاني وعبد الرحيم بن عبد الرحمن الشعري، وبالريّ على مجد الدين يحيى بن الربيع الواسطي، وببغداد عليه وعلى عبد الوهاب بن علي بن سكينة وغيرهم بشيراز وهراة وتستر ويزد. وله من التصانيف كتاب حظيرة «2» القدس، نحو ستين مجلدا ولعله يزيد فيما بعد. وكتاب بستان الشرف، وهو مختصر ذلك يكون عشرين مجلدا. كتاب غنية الطالب في نسب آل أبي طالب، مجلد. كتاب الموجز في النسب، مجلد لطيف. كتاب الفخري صنّفه للفخر الرازي. كتاب زبدة الطالبية، مجلد لطيف. كتاب خلاصة العترة النبوية في أنساب الموسوية. كتاب المثلث في النسب. شجّر عدة كتب منها: كتاب أبي الغنائم الدمشقي. كتاب من اتصل عقبه لأبي الحسن محمد بن القاسم التميمي الأصفهاني مشجّر. وكتاب المعارف للسيد أبي طالب الزنجاني الموسوي. كتاب الطبقات للفقيه زكريا بن أحمد البزار «3» النيسابوري. كتاب نسب الشافعي خاصة. كتاب وفق الأعداد في النسب. وهذا السيد- أدام الله فضله- اجتمعت به في مرو في سنة أربع عشرة وستمائة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 653 فوجدته كما قيل: قد زرته فرأيت «1» الناس في رجل ... والدهر في ساعة والفضل في دار قد طبع من حسن الأخلاق وسجاحة «2» الأعراق وحسن البشر وكرم الطبع وحياء الوجه وحبّ الغرباء على ما لا نراه متفرّقا في خلق كثير، وهو مع ذلك أعلم الناس يقينا بالأنساب والنحو واللغة والشعر والأصول والنجوم. وقد تفرّد بهذا البلد بالتصدّر لاقراء العلوم على اختلافها في منزل ينتابه الناس على حسب أغراضهم، فمن قارىء للغة، ومتعلّم في النحو، ومصحّح للغة، وناظر في النجوم، ومباحث في الأصول وغير ذلك من العلوم. وهو مع سعة علمه متواضع حسن الأخلاق لا يرد غريب إلا عليه، ولا يستفيد مستفيد إلّا منه. وأنشدني أدام علوه لنفسه: قولوا لمن لبّي في حبّه ... قد صار مغلوبا ومسلوبا وفي صميم القلب مني أرى ... هواه والإيمان مكتوبا وصحّتي في عشقه صيّرت ... جسمي معلولا ومعيوبا ومدمعي منهمرا ماؤه ... منهملا في الخدّ مسكوبا وأنشدني أدام الله علوه لنفسه: والعين يحجبها لألاء وجنته ... من التأمّل في ذا المنظر الحسن بل عبرتي منعت لو نظرتي عبرت ... إليه من مقلتي إلا على الشّفن لولا تجشّمه بالإبتسام وما ... أمدّه الله عند النطق باللسن لما عرفت عقيقا شقّه درر ... ولم يبن فوه نطقا وهو لم يبن حدثني عزيز الدين رحمه الله قال: لما ورد الفخر الرازي إلى مرو، وكان من جلالة القدر وعظم الذكر وضخامة الهيبة بحيث لا يراجع في كلامه، ولا يتنفّس أحد بين يديه لإعظامه على ما هو مشهور متعارف، دخلت إليه، وترددت للقراءة عليه، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 654 فقال لي يوما: أحبّ أن تصنّف لي كتابا لطيفا في أنساب الطالبيين لأنظر فيه فلا أحبّ أن أموت «1» جاهلا به، فقلت له: أتريده مشجّرا أم منثورا؟ فقال: المشجر لا ينضبط بالحفظ، وأنا أريد شيئا أحفظه، فقلت له: السمع والطاعة، ومضيت وصنّفت له الكتاب الذي سميته ب «الفخري» وحملته وجئته به، فلما وقف عليه نزل عن طراحته وجلس على الحصير وقال لي: اجلس على هذه الطراحة، فأعظمت ذلك وهبته «2» ، فانتهرني نهرة [عظيمة] مزعجة وزعق فيّ قائلا «3» : اجلس بحيث أقول لك، فتداخلني علم الله من هيبته ما لم أتمالك إلا أن جلست حيث أمرني، ثم أخذ يقرأ عليّ ذلك الكتاب وهو جالس بين يديّ ويستفهمني عما يستغلق عليه إلى أن أنهاه قراءة، فلما فرغ من قراءته «4» قال: اجلس الآن حيث شئت، فإن هذا علم أنت أستاذي فيه، وأنا أستفيد منك وأتتلمذ لك، وليس من الأدب أن يجلس التلميذ إلا بين يدي الأستاذ، فقمت من مقامي «5» ، وجلس هو في منصبه، ثم أخذت أقرأ عليه وأنا جالس بحيث كان أوّلا، وهذا لعمري من حسن الأدب حسن ولا سيّما من مثل ذلك الرجل العظيم المرتبة. [239] إسماعيل الضرير النحوي أبو علي : لا أعرف من أمره الا ما ذكر أن رجلا سأل إسماعيل الضرير النحويّ عن أبي القاسم علي بن أحمد بن الفرج بن الحسين بن المسلمة الملقب برئيس الرؤساء، وزير القائم: كيف ترى رئيس الرؤساء في النحو؟ فقال: يتكلّم فيه بكلام أهل الصنعة، وسئل رئيس الرؤساء عن إسماعيل فقال: ما أرى مفتوح القلب في النحو إلا هذا المغمّض العينين.   [239]- ترجمته في إنباه الرواة 1: 198 وجعله الصفدي (الوافي 9: 229 ونكت الهميان: 119) اسماعيل ابن المؤمل، وتابعه السيوطي في البغية 1: 454. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 655 [240] إسماعيل بن حماد الجوهري أبو نصر الفارابي : ابن أخت أبي إسحاق الفارابي صاحب «ديوان الأدب» ، وكان الجوهري هذا من أعاجيب الزمان ذكاء وفطنة وعلما، وأصله من بلاد الترك من فاراب، وهو إمام في علم اللغة والأدب، وخطّه يضرب به المثل في الجودة لا يكاد يفرّق بينه وبين خطّ أبي عبد الله ابن مقلة، وهو مع ذلك من فرسان الكلام في الأصول. وكان يؤثر السفر على الحضر، ويطوف الآفاق، واستوطن الغربة على ساق، دخل العراق فقرأ علم العربية على شيخي زمانه ونور عين أوانه: أبي علي الفارسي وأبي سعيد السيرافي، وسافر إلى أرض الحجاز، وشافه باللغة العرب العاربة، وقد ذكر هو ذلك في مقدمه «كتاب الصحاح» من تصنيفه، وطوّف بلاد ربيعة ومضر، وأجهد نفسه في الطلب، ولما قضى وطره من التطواف «1» عاد راجعا إلى خراسان، وتطرّف الدامغان، فأنزله أبو علي الحسين بن علي، وهو من أعيان الكتاب وأفراد الفضلاء، عنده، وأخذ عنه وسمع منه، ثم سرّحه إلى نيسابور، فلم يزل مقيما بها على التدريس والتأليف وتعليم «2» الخط وكتابة المصاحف والدفاتر حتى مضى لسبيله عن آثار جميلة. وذكره أبو الحسين الباخرزي فقال «3» : هو صاحب «صحاح اللغة» لم يتأخر فيها عن شرط أقرانه، ولا انحدر عن درجة أبناء زمانه، أنشدني الأديب يعقوب بن أحمد قال، أنشدني الشيخ أبو إسحاق إبراهيم بن صالح الوراق تلميذ الجوهري رحمه الله له:   [240]- ترجمة الفارابي اللغوي في دمية القصر (التونجي) : 1490 وإنباه الرواة 1: 194 وسير الذهبي 17: 80 وعبر الذهبي 3: 55 ونزهة الألباء: 344 والوافي 9: 111 وبغية الوعاة 1: 446 وإشارة التعيين: 55 ومرآة الجنان 2: 446 ولسان الميزان 1: 400 وحاشية على شرح بانت سعاد 1: 461 وروضات الجنات 2: 44 وياقوت ناظر في نقله الى اليتيمة 4: 406- 407. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 656 يا ضائع العمر بالأماني ... أما ترى رونق الزمان فقم بنا يا أخا الملاهي ... نخرج إلى نهر بشتقان «1» لعلّنا نجتني سرورا ... حيث جنى الجنتين دان كأننا والقصور فيها ... بحافتي كوثر الجنان والطير فوق الغصون تحكي ... بحسن أصواتها الأغاني وراسل الورق عندليب ... كالزير والبمّ والمثاني وبركة حولها أناخت ... عشر من الدّلب واثنتان فرصتك اليوم فاغتنمها ... فكلّ وقت سواه فان «2» وله من التصانيف: كتاب في العروض جيد بالغ سماه «عروض الورقة» . كتاب المقدمة في النحو. كتاب الصحاح في اللغة. وهذا الكتاب هو الذي بأيدي الناس اليوم وعليه اعتمادهم، أحسن تصنيفه، وجوّد تأليفه، وقرّب متناوله، وأبرّ في ترتيبه على من تقدمه، يدلّ وضعه على قريحة سالمة ونفس عالمة؛ فهو أحسن من «الجمهرة» وأوقع من «تهذيب اللغة» وأقرب متناولا من «مجمل اللغة» ، فيه يقول الشيخ أبو محمد إسماعيل بن محمد بن عبدوس النيسابوري «3» : هذا كتاب الصحاح أحسن «4» ما ... صنّف قبل الصحاح في الأدب يشمل أبوابه «5» ويجمع ما ... فرّق في غيره من الكتب هذا مع تصحيف فيه في مواضع عدة أخذها عليه المحققون وتتبعها العالمون، ومن ذا الذي ما ساء قط؟ ومن له الحسنى فقط؟ فإنه رحمه الله غلط وأصاب، وأخطأ المرمى وأصاب، كسائر العلماء الذين تقدموه وتأخروا عنه، فإني لا أعلم في الدنيا كتابا سلّم إلى مؤلفه فيه، ولم يتبعه بالتتبع من يليه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 657 وذكره أبو الحسن علي بن فضال المجاشعي في كتابه الذي سماه «بحر الذهب في معرفة أئمة الادب» فقال: كان الجوهري قد صنف «كتاب الصحاح» للأستاذ أبي منصور عبد الرحيم «1» بن محمد البيشكي، وسمعه منه إلى باب الضاد المعجمة، واعترى الجوهري وسوسة فانتقل إلى الجامع القديم بنيسابور، فصعد إلى سطحه وقال: أيها الناس إني عملت في الدنيا شيئا لم أسبق [إليه] فسأعمل للآخرة أمرا لم أسبق إليه، وضمّ إلى جنبيه مصراعي باب وسّطهما «2» بحبل وصعد مكانا عاليا من الجامع وزعم أنه يطير، فوقع فمات، وبقي بقية الكتاب مسوّدة غير منقح ولا مبيض، فبيّضه أبو إسحاق إبراهيم بن صالح الوراق تلميذ الجوهري بعد موته، فغلط فيه في عدة مواضع غلطا فاحشا. وكان الجوهري يجيد قول الشعر، فمن ذلك «3» : رأيت فتى أشقرا أزرقا ... قليل الدماغ كثير الفضول يفضّل من حمقه دائبا ... يزيد بن هند على ابن البتول قال المؤلف: وكنت بحلب في سنة إحدى عشرة وستمائة في منزل القاضي الأكرم والصاحب الأعظم أبي الحسن علي بن يوسف بن إبراهيم الشيباني، فتجارينا أمر الجوهريّ وما وفّق له من حسن التصنيف، ثم قلت له: ومن العجب أني بحثت عن مولده ووفاته بحثا شافيا، وسألت عنهما الواردين من نيسابور فلم أجد مخبرا عن ذلك، فقال لي: لقد بحثت قبلك عن ذلك فلم أر مخبرا عنه، فلما كان من غد ذلك اليوم جئته فقال لي: ألا أخبرك بطريفة؟ إنني رأيت في بارحتنا في النوم قائلا يقول لي: مات إسماعيل بن حماد الجوهري في سنة ست وثمانين وثلاثمائة ولعمري وان كان المنام مما لا يقطع به ولا يعمل عليه فهذا بلا شك زمانه وفيه كان أوانه، لأن شيخيه أبا علي وأبا سعيد ماتا قبل هذه المدة بسنين يسيرة. ثم وجدت نسخة بديوان الأدب بخطّ الجوهري بتبريز وقد كتبها في سنة ثلاث وثمانين وثلاثمائة، ثم وقفت على الجزء: 2 ¦ الصفحة: 658 نسخة بالصحاح بخطّ الجوهري بدمشق عند الملك المعظم بن العادل بن أيوب صاحب دمشق وقد كتبها في سنة ست وتسعين وثلاثمائة. وقد ذكره أبو منصور عبد الملك بن محمد الثعالبي في «كتاب يتيمة الدهر» وأنشد من شعره «1» : لو كان لي بدّ من الناس ... قطعت حبل الناس بالياس العزّ في العزلة لكنّه ... لا بدّ للناس من الناس وأنشد له «2» : وها أنا يونس في بطن حوت ... بنيسابور في ظلل الغمام فبيتي والفؤاد ويوم دجن ... ظلام في ظلام في ظلام وأنشد له «3» : زعم المدامة شاربوها أنها ... تنفي الهموم وتذهب الغما صدقوا سرت بعقولهم فتوهموا ... أن السرور بها لهم تما سلبتهم أديانهم وعقولهم ... أرأيت عادم ذين مغتمّا ومن شعره «4» : يا صاحب الدعوة لا تجزعن ... فكلنا أزهد من كرز فالماء كالعنبر في قومس ... من عزّه يجعل في الحرز فسقّنا ماء بلا منّة ... وأنت في حلّ من الخبز قال مؤلف الكتاب: وذكر محمود «5» بن أبي المعالي الحواري في «كتاب ضالة الأديب من الصحاح والتهذيب» - بعد أن ذكر قصة الجوهري كما ذكرها المجاشعي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 659 سواء، من تصنيفه الكتاب للبيشكي، وقراءة الناس عليه إلى باب الضاد، وشدّه مصراعي الباب وطيرانه، ثم قال: وسألت الإمام سعيد ابن الامام أحمد بن محمد الميداني عن الخلل الواقع في هذا الكتاب فقال مثل ما ذكرناه: إن هذا الكتاب قرىء عليه إلى باب الضاد فحسب، وبقي أكثر الكتاب على سواده، ولم يقدّر له تنقيحه ولا تهذيبه، فلهذا يقول في باب السين: قيس أبو قبيلة من مضر، واسمه الياس بنقطتين تحتها، ثم يقول في فصل النون من هذا الباب: الناس بالنون اسم قيس عيلان، فالأول سهو «1» والثاني صحيح. ثم قال: ومن زعم أنه سمع عن الجوهري شيئا من الكتاب زيادة على أول الكتاب إلى باب الضاد فهو مكذوب عليه. قال: ورأيت أنا نسخة السماع وعليها خطّه إلى باب الضاد، وهي الآن موجودة في بلادنا، والله أعلم بحقيقته. قال: والكتاب بخط مؤلفه عند أبي محمد إسماعيل بن محمد بن عبدوس النيسابوري وفيه يقول، وذكر البيتين المتقدمين. قال وقال الثعالبي في أثناء كتابه يعني «يتيمة الدهر» : إن تلك النسخة بيعت بمائة دينار نيسابورية وحملت إلى جرجان، والعلم عند الله في ذلك. قال المؤلف: وأما البيشكي الذي صنّف له الكتاب فقد ذكره عبد الغافر الفارسي في «السياق» «2» فقال: هو عبد الرحيم بن محمد «3» البيشكي الأستاذ الامام أبو منصور بن أبي القاسم الأديب الواعظ الأصولي، من أركان أصحاب أبي عبد الله- يعني الحاكم بن عبد الله بن البيع- له المدرسة والأصحاب والأوقاف والأسباب والتدريس والمناظرة والنثر والنظم، توفي في جمادى الأولى سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة. ووجدت على ظهر «كتاب الصحاح» وكانت مجلدة واحدة كاملة بخطّ الحسن بن يعقوب بن أحمد النيسابوري اللغوي الأديب ما صورته: قرأ عليّ هذا الكتاب من أوله إلى آخره، بما عليه من حواشيه من الفوائد، معارضا بنسختي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 660 مصححا إياها، صاحبه الفقيه الفاضل السديد الحسين بن مسعود الصرام، بارك الله له فيه، وهو إجازة لي عن الاستاذ أبي منصور عبد الرحيم بن محمد البيشكي عن المصنف، وكتبه الحسن بن يعقوب بن أحمد في شهر الله الاصم سنة احدى وسبعين وأربعمائة؛ فهذا كما تراه مخالف لما تقدم من أنّ الجوهري لم يعمل من الكتاب إلا إلى باب الضاد. ومن كتابه الموسوم ب «الصحاح» «1» : النخيس: البكرة يتّسع ثقبها الذي يجري فيه المحور مما يأكله المحور فيعمدون إلى خشيبة فيثقبون وسطها ثم يلقمونها ذلك الثقب المتسع، ويقال لتلك الخشيبة النخاس، وسألت أعرابيا بنجد من بني تميم، وهو يستقي وبكرته نخيس، فوضعت إصبعي على النخاس فقلت: ما هذا؟ وأردت أن أتعرف منه الخاء من الحاء فقال: نخاس، بخاء معجمة، فقلت: أليس قال الشاعر: وبكرة نحاسها نحاس فقال: ما سمعنا بهذا في آبائنا الاولين «2» . ومن كتابه في باب بقّم «3» : وقلت لأبي علي الفارسي «4» : أعربيّ هو؟ فقال: معرب، قال: وليس في كلامهم اسم على فعل الا خمسة خضّم بن عمرو بن تميم وبالفعل سمّي، وبقّم لهذا الصبغ، وشلّم موضع بالشام، وهما أعجميان وبذّر اسم ماء من مياه العرب، وعثّر موضع، ويحتمل أن يكونا سميا بالفعل، فثبت أنّ فعّل ليس من أصول أسمائهم وانما يختص بالفعل، فإذا سميت به رجلا لم ينصرف في المعرفة للتعريف ووزن الفعل، وينصرف في النكرة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 661 [241] إسماعيل بن خلف أبو طاهر الصقلي المقرىء : صاحب علي بن إبراهيم بن سعيد الحوفي، من حوف مصر. وصنّف «كتاب إعراب القراءات» في تسع مجلدات كبار، وصنف في القراءات كتاب الاكتفاء. وكتاب العيون. وأرى أنه كان فيما بعد سنة عشر وخمسمائة. [242] إسماعيل بن عباد بن العباس بن عباد الوزير الملقب بالصاحب كافي الكفاة، أبو القاسم: من أهل الطالقان، وهي ولاية بين قزوين وأبهر، وهي عدة قرى يقع عليها هذا الاسم. وبخراسان بلدة تسمى الطالقان غير هذه خرج منها جماعة من أهل العلم- هكذا نسبه المحدثون، وقد قال الرستمي شاعره «1» : يهني ابن عباد بن عباس بن عبد ... الله نعمى بالكرامة تردف وقال فيه السلامي يهجوه: يا ابن عباد بن عباس ... بن عبد الله حرها تنكر الجبر وأخرجت ... إلى دنياك كرها   [241]- ترجم ابن خلكان (1: 233) لمن اسمه اسماعيل بن خلف بن سعيد بن عمران المقرىء الأندلسي السرقسطي (وليس الصقلي كما قال ياقوت) معتمدا على الصلة لابن بشكوال: 105 كما ترجم له ابن الجزري 1: 164؛ ووفاة السرقسطي كانت سنة 455؛ وليس من المقطوع به أنه الصقلي؛ وانظر الوافي 9: 116 حيث وجه الانتباه إلى الترجمتين. [242]- ترجمته في اليتيمة 3: 192 وابن خلكان 1: 228 والمنتظم 7: 179 وإنباه الرواة 1: 201 وسير الذهبي 16: 511 ونزهة الألباء: 222 والوافي 9: 125 ولسان الميزان 1: 413 وبغية الوعاة 1: 449 والشذرات 3: 113 وروضات الجنات 2: 19- 43 (ويعتمد ياقوت كثيرا على أخلاق الوزيرين والامتاع) وللشيخ محمد آل ياسين دراسة عنه، وقد نشر عددا من رسائله كما نشر ديوانه وجزءين من معجم له اسمه «المحيط» ، وحقق مجموعة من رسائله الدكتوران عبد الوهاب عزام وشوقي ضيف (القاهرة 1366) . وأخباره التاريخية متصلة بتاريخ البويهيين. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 662 قال أبو حيان في «أخلاق الوزيرين» «1» : كان عباد يلقب الأمين، وكان دينا خيرا مقدما في صناعة الكتابة. قال: وكتب الأمين لركن الدولة، كما كتب العميد لصاحب خراسان، والأمين كان ينصر مذهب الأشناني «2» تدينا وطلبا للزلفى عند ربه، والعميد كان يعمل لعاجلته. وإن قلت: كان الأمين معلما بقرية من قرى طالقان الديلم، قيل: وكان والد العميد نخالا في سوق الحنطة بقمّ. والصاحب مع شهرته بالعلوم وأخذه من كلّ فن منها بالنصيب الوافر والحظّ الزائد الظاهر، وما أوتيه من الفصاحة ووفّق لحسن السياسة والرجاحة، مستغن عن الوصف، مكتف عن الإخبار عنه والرصف. مولده في ذي القعدة سنة ست وعشرين وثلاثمائة، ووزر لمؤيد الدولة أبي منصور بويه بن ركن الدولة أبي علي الحسن بن بويه وأخيه فخر الدولة ثماني عشرة سنة وشهرا واحدا. ومات الصاحب- فيما ذكره أبو نعيم الحافظ- في رابع عشرين من صفر سنة خمس وثمانين وثلاثمائة. وكان أبوه عباد يكنى بالحسن، وكان من أهل العلم والفضل أيضا، سمع أبا خليفة الفضل بن الحباب وغيره من البغداديين والأصفهانيين والرازيين، وصنف كتابا في «أحكام القرآن» نصر فيه الاعتزال، جوّد فيه. روى عنه ابنه الوزير أبو القاسم ابن عباد وابن مردويه الأصفهاني، ومات عباد في السنة التي مات فيها ابنه سنة خمس وثمانين وثلاثمائة. كلّ ما ذكرناه من خبر عبّاد أبي الوزير فهو منقول من «كتاب المنتظم» في التاريخ من تصنيف أبي الفرج ابن الجوزي «3» . وبين عباد وبين الحسن بن عبد الرحمن بن حماد القاضي مكاتبات ومراسلات مذكورة مدوّنة. وكان الصاحب في بدء أمره من صغار الكتاب يخدم أبا الفضل ابن العميد على خاصة، فترقّت به الحال إلى أن كتب لمؤيد الدولة بن ركن الدولة بن بويه أخي عضد الدولة بن ركن الدولة الديلمي، ومؤيد الدولة حينئذ أمير، وأحسن في خدمته وحصل له عنده بقدم الخدمة قدم، وأنس منه مؤيد الدولة كفاية وشهامة فلقبه بالصاحب كافي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 663 الكفاة، فلما مات أبوه ركن الدولة وولي مؤيد الدولة بلاده بالري وأصبهان وتلك النواحي خلع على أبي الفتح ابن العميد وزير أبيه خلع الوزارة وأجراه على ما كان في أيام أبيه إلى أن قتل- كما ذكرناه في ترجمته- واستوزر الصاحب واستولى على أموره وحكّمه في أمواله، ولم يزل على ذلك إلى أن مات مؤيد الدولة. وكان فخر الدولة أخو مؤيد الدولة قد هرب من أخيه عضد الدولة والتجأ بخراسان إلى السامانية هو وقابوس بن وشمكير- في أخبار يضيق كتابنا عنها- فأنفذ الصاحب إليه وأحضره وملّكه البلاد، فأقر الصاحب على أمره، فأراد الصاحب اختباره: هل في نفسه عليه شيء مما كان في أيام مؤيد الدولة الذي أوجب هرب فخر الدولة، فاستعفاه من الخدمة والوزارة فقال له فخر الدولة: لك في هذه الدولة من إرث الوزارة كما لنا من إرث الإمارة، فسبيل كلّ واحد منا أن يحتفظ بحقه، ولم يعفه. ولم يزل على أمره معه إلى أن مات الصاحب، والأمور تصدر عن أمره، والملك يتدبر برأيه. وكان إذا قال فخر الدولة قولا وقال الصاحب قولا امتثل قول الصاحب وترك قول فخر الدولة. وللصاحب أخبار حسان في مكارم الأخلاق مع رقاعة كانت فيه، ووصفه صاحب «الامتاع» فقال «1» : كان الصاحب كثير المحفوظ حاضر الجواب فصيح اللسان، قد نتف من كلّ أدب [خفيف] شيئا وأخذ من كلّ فنّ طرفا «2» والغالب عليه كلام المتكلمين المعتزلة، وكتابته مهجّنة بطرائقهم، ومناظرته مشوبة بعبارة الكتّاب، وهو شديد التعصّب على أهل الحكمة والناظرين في أجزائها كالهندسة والطبّ والتنجم والموسيقى والمنطق والعدد، وليس له من الجزء الإلهي خبر، ولا له فيه عين ولا أثر. وهو حسن القيام بالعروض والقوافي ويقول الشعر وليس بذاك «3» . و [في] بديهته غزارة، وأما رويّته فخوارة. وطالعه الجوزاء والشعرى فقريبة منه، ويتشيع لمذهب أبي حنيفة ومقالة الزيدية، ولا يرجع إلى التألّه والرقة والرأفة والرحمة، والناس كلّهم يحجمون عنه لجراءته وسلاطته واقتداره وبسطته، شديد العقاب، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 664 طفيف الثواب، طويل العتاب، بذيء اللسان يعطي كثيرا قليلا (يعني يعطي الكثير القليل) ، مغلوب بحرارة الرأس، سريع الغضب بعيد الفيئة، قريب الطّيرة، حسود حقود، وحسده وقف على أهل الفضل، وحقده سار إلى أهل الكفاية، أما الكتّاب والمتصرّفون فيخافون سطوته، وأما المنتجعون فيخافون جفوته، وقد قتل خلقا وأهلك ناسا ونفى أمة نخوة وبغيا وتجبرا وزهوا، ومع هذا يخدعه الصبيّ، ويخلبه الغبيّ، لأن المدخل عليه واسع والمأتى إليه سهل، وذلك بأن يقال: «مولانا يتقدم بأن أعار شيئا من كلامه ورسائله، منظومه ومنثوره، فما جبت الأرض إليه من فرغانة ومصر وتفليس إلّا لأستفيد كلامه وأفصح به وأتعلّم البلاغة منه، لكأنّما رسائل مولانا سور قرآن، وفقره فيها آيات فرقان، واحتجاجه في أثنائها «1» برهان، فسبحان من جمع العالم في واحد، وأبرز جميع قدرته في شخص» . فيلين عند ذلك ويذوب، ويلهى عن كلّ مهمّ له، وينسى كلّ فريضة عليه، ويتقدّم إلى الخازن بأن يخرج إليه رسائله مع الورق والورق، ويسهّل الإذن عليه والوصول إليه والتمكّن من مجلسه، فهذا هذا، ثمّ يعمل في أوقات كالعيد والفصل شعرا ويدفعه إلى أبي عيسى ابن المنجّم ويقول له: قد نحلتك هذه القصيدة، امدحني بها في جملة الشعراء، وكن الثالث من [الهمج] المنشدين، فيفعل ذلك أبو عيسى وهو بغداديّ محكّك، قد شاخ على الخدائع وتحنّك، وينشد، فيقول له عند سماعه شعره في نفسه، ووصفه بلسانه، ومدحه من تحبيره: أعد يا أبا عيسى فإنك والله مجيد، زه يا أبا عيسى، قد صفا ذهنك وزادت قريحتك وتنقّحت قوافيك، ليس هذا من الطراز الأول حين أنشدتنا في العيد الماضي، مجالسنا تخرّج الناس وتهب لهم الذكاء وتزيدهم الفطنة وتحوّل الكودن عتيقا والمحمّر جوادا، ثم لا يصرفه عن مجلسه إلا بجائزة سنيّة وعطيّة هنية، ويغايظ الجماعة من الشعراء وغيرهم لأنهم يعلمون أن أبا عيسى لا يقرض مصراعا ولا يزن بيتا ولا يذوق عروضا. قال يوما: من في الدار؟ فقيل له: أبو القاسم الكاتب وابن ثابت، فعمل في الحال بيتين وقال لإنسان بين يديه: إذا أذنت لهذين فادخل بعد هما بساعة، وقل: قد قلت بيتين فإن رسمت لي إنشادهما أنشدتهما، وازعم أنك بدهت الجزء: 2 ¦ الصفحة: 665 بهما، ولا تجزع من تأفّفي بك ولا تفزع من نكيري عليك، ودفع البيتين إليه وأمره بالخروج إلى صحن الدار، وأذن للرجلين حتى وصلا، فلما جلسا وأنسا دخل الآخر على تفيئتهما ووقف للخدمة وأخذ يتلمّظ، يري أنه يقرض شعرا، ثم قال: يا مولانا قد حضرني بيتان فإن أذنت أنشدت، قال له: أنت إنسان أخرق سخيف لا تقول شيئا فيه خير، اكفني أمرك وشعرك، قال: يا مولانا هي بديهتي وإن كسرتني «1» ظلمتني، وعلى كلّ حال فاسمع فإن كانا بارعين وإلا فعاملني بما تحبّ، قال: أنت لجوج هات، فأنشد: يا أيها الصاحب تاج العلا ... لا تجعلنّي نهزة «2» الشامت بملحد يكنى أبا قاسم ... ومجبر يعزى إلى ثابت فقال: قاتلك الله، لقد أحسنت وأنت مسيء. قال لي أبو القاسم: وكدت أتفقأ غيظا لأني علمت أنها من فعلاته المعروفة، وكان ذلك الجاهل لا يقرض بيتا، ثم حدثني الخادم الحديث بقضه. والذي غلّطه في نفسه وحمله على الإعجاب بفضله والاستبداد برأيه أنه لم يجبهه أحد قطّ بتخطئة، ولا قوبل بتسوئة، لأنه نشأ على أن يقال: أصاب سيدنا وصدق مولانا، ولله درّه ما رأينا مثله، من ابن عبد كان مضافا إليه، ومن ابن ثوابة مقيسا عليه؟ ومن إبراهيم بن العباس الصولي؟ من صريع الغواني؟ من أشجع السلمي؟ إذا سلك طريقهما، قد استدرك مولانا على الخليل في العروض، وعلى أبي عمرو بن العلاء في اللغة، وعلى أبي يوسف في القضاء، وعلى الاسكافي في الموازنة، وعلى ابن نوبخت في الآراء والديانات، وعلى ابن مجاهد في القراءات، وعلى ابن جرير في التفسير، وعلى أرسطاطاليس في المنطق، وعلى الكندي في الجزء، وعلى ابن سيرين في العبارة، وعلى أبي العيناء في البديهة، وعلى ابن أبي خالد في الخطّ، وعلى الجاحظ في الحيوان، وعلى سهل بن هارون في الفقر، وعلى يوحنا في الطبّ، وعلى ابن ربن في الفردوس «3» ، وعلى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 666 عيسى بن دأب «1» في الرواية، وعلى الواقدي في الحفظ، وعلى النجار في البدل «2» وعلى بني ثوابة في التقفية «3» ، وعلى السريّ السقطي في الخطرات والوساوس، وعلى مزبّد «4» في النوادر، وعلى أبي الحسن العروضي في استخراج المعمّى، وعلى بني برمك في الجود، وعلى ذي الرياستين في التدبير، وعلى سطيح في الكهانة، وعلى أبي المحياة خالد بن سنان في دعواه. هو والله أولى بقول أبي شريح أوس بن حجر التميمي في فضالة بن كلدة أبي دليجة «5» : الألمعيّ الذي يظنّ لك الظنّ كأن قد رأى وقد سمعا فتراه عند هذا الهذر وأشباهه يتلوّى ويبتسم، ويطير فرحا به وينقسم، ويقول: ولا كذا، ثمرة السبق لهم وقصرنا أن نلحقهم أو نقفو أثرهم، وهو في ذلك يتشاجى ويتحايك «6» ، ويلوي شدقه ويبتلع ريقه ويردّ كالآخذ ويأخذ كالمتمنع، ويغضب في عرض الرضى ويرضى في لبوس الغضب، ويتهالك ويتمالك ويتفاتك «7» ويتمايل، ويحاكي المومسات ويخرج في أصحاب السماجات، وهو مع هذا يظن أنه خاف على نقّاد الأخلاق وجهابذة الأحوال ... » «وقد أفسده أيضا ثقة صاحبه به وتعويله عليه وقلة سماعه من الناصح فيه، وهو في الأصل مجدود لا جرم [ليس] يقلّه مكان دلالا وترفا وعجبا، واندراء على الناس، وازدراء للصغار والكبار، وجبها للصادر والوارد. وفي الجملة آفاته كثيرة وذنوبه جمة، ولكن الغنى ربّ غفور: (وهذا عجز بيت لعروة بن الورد من أبيات أولها) «8» : الجزء: 2 ¦ الصفحة: 667 ذريني للغنى أسعى فإني ... رأيت الناس شرّهم الفقير وأبعدهم وأهونهم عليهم ... وإن أمسى له حسب وخير ويقصيه النديّ وتزدريه ... حليلته وينهره الصغير وتلقى ذا الغنى وله جلال ... يكاد فؤاد صاحبه يطير قليل ذنبه والذنب جمّ ... ولكنّ الغنى ربّ غفور «قال فكيف تتمّ له الأمور مع هذه الصفات؟ قلت: والله لو أنّ عجوزا بلهاء أو أمة ورهاء أقيمت مقامه لكانت الأمور على هذا السياق «1» ، لأنه قد أمن أن يقال له: لم فعلت ولم لم تفعل؟ وهذا باب لا يتّفق لأحد من خدم الملوك إلا بجدّ سعيد ولقد نصح صاحبه الهرويّ في أموال تاوية وأمور من النظر عارية، فقذف بالرقعة إليه حتى عرف ما فيها، ثم قتل الرافع خنقا، هذا وهو يدين بالوعيد. وقال لي الثقة من أصحابه: ربما شرع في أمر يحكم فيه بالخطأ فيقلبه جدّه صوابا حتى كأنه عن وحي، وأسرار الله في خلقه عند الارتفاع والانحطاط خفية، ولو جرت الأمور على موضوع الرأي وقضية العقل لكان معلّما في مصطبة على شارع أو في دار لتان «2» فإنه يحرج «3» الانسان بتفيهقه وتشادقه، واستحقاره واستكباره، وإعادته وإبدائه، وهذه أشكال تعجب الصبيان ولا تنفّرهم عن المعلمين، ويكون فرحهم بها سببا للملازمة والحرص على التعلم والحفظ والرواية والدراسة» . هذا قول صاحب «الامتاع» فيه. ومما وجدت في بعض الكتب من مكارم الاخلاق للصاحب أنه استدعى يوما شرابا من شراب السكر فجيء بقدح منه، فلما أراد شربه قال له بعض خواصه: لا تشربه فإنه مسموم، فقال له: وما الشاهد على صحّة ذلك؟ قال: بأن: تجرّبه على من أعطاكه، قال: لا أستجيز ذلك ولا أستحلّه، قال: فجرّبه على كلب «4» ، قال: إن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 668 التمثيل بالحيوان لا يجوز وأمر بصبّ ما في القدح، وقال للغلام: انصرف عني ولا تدخل داري بعدها، وأقرّ رزقه عليه وقال: لا تدفع اليقين بالشكّ، والعقوبة بقطع الرزق نذالة. قال: ودخل إلى الصاحب رجل لا يعرفه، فقال له الصاحب: أبو من؟ فأنشد الرجل: وتتفق الأسماء في اللفظ والكنى ... كثيرا ولكن لا تلاقى الخلائق «1» فقال له: اجلس يا أبا القاسم. وكان يقول لجلسائه: نحن بالنهار سلطان وبالليل إخوان «2» . وحدث أبو الحسن النحوي قال «3» : كان مكي المنشد قديم الصحبة والخدمة للصاحب، فأساء إليه غير مرة والصاحب يتجاوز له، فلما كثر ذلك منه أمر الصاحب بحبسه، فحبس في دار الضرب، وكانت في جواره، فاتفق أن الصاحب صعد يوما سطح داره وأشرف على دار الضرب فناداه مكي: فاطلع فرآه في سواء الجحيم (الصافات: 55) فضحك الصاحب وقال اخسؤا فيها ولا تكلمون (المؤمنون: 108) ثم أمر باطلاقه. ومن كتاب «أخلاق الوزيرين» لأبي حيان التوحيدي: قال المؤلف: أما خبر أبي حيان مع ابن عباد فى ذكر في أخبار أبي حيان، وأما غيره فإن أبا حيان كان قصد ابن عباد إلى الري فلم يرزق منه، فرجع عنه ذامّا له، وكان أبو حيان مجبولا على الغرام بثلب الكرام، فاجتهد في الغضّ من ابن عباد، وكانت فضائل ابن عباد تأبى الا أن تسوقه إلى المدح وإيضاح مكارمه، فصار ذمّه له مدحا، فمن ذلك أن قال بعد أن فرغ من الاعتذار من التصدي لثلبه قال «4» : فأول ما أذكر من ذلك ما أدلّ به على سعة كلامه، وفصاحة لسانه، وقوة جأشه، وشدة منّته، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 669 وإن كان في فحواه ما يدل على رقاعته وانتكاث مريرته وضعف حوله وركاكة عقله وانحلال عقده: لما رجع من همذان سنة تسع وستين وثلاثمائة بعد أن فارق حضرة عضد الدولة استقبله الناس من الريّ وما يليها واجتمعوا بساوة، وكان قد أعدّ لكلّ واحد منهم كلاما يلقاه به عند رؤيته، فأول من دنا منه القاضي أبو الحسن الهمذاني «1» من قرية يقال لها أسد اباذ، فقال له: أيها القاضي ما فارقتك شوقا إليك، ولا فارقتني وجدا عليك، ولقد مرّت لي بعدك مجالس تقتضيك وتحظيك وترضيك، ولو شهدتني بين أهلها وقد علوتهم ببياني ولساني وجدلي وبرهاني لأنشدت قول حسان بن ثابت «2» في ابن عباس وهو: إذا ما ابن عباس بدا لك وجهه ... رأيت له في كلّ مجمعة فضلا إذا قال لم يترك مقالا لقائل ... بملتقطات لا ترى بينها فصلا كفى وشفى ما في النفوس ولم يدع ... لذي إربة في القول جدا ولا هزلا سموت إلى العلياء من غير خفّة ... فنلت ذراها لا دنيّا ولا وغلا ولذكرت أيضا أيها القاضي قول الآخر وأنشدته، فإنه قال في من وقف موقفي، وقرف مقرفي، وتصرّف تصرّفي، وانصرف منصرفي، واغترف مغترفي: إذا قال لم يترك مقالا ولم يقف ... لعيّ ولم يثن اللسان على هجر يصرّف بالقول اللسان إذا انتحى ... وينظر في أعطافه نظر الصقر ولقد أودعت صدر عضد الدولة ما يطيل التفاته إليّ ويكثر حسرته عليّ، ولقد رأى منّي ما لم ير قبله مثله ولا يرى بعده شكله، والحمد لله [الذي] أوفدني عليه على ما يسرّ الوليّ وأصدرني عنه على ما يسوء العدوّ، أيّها القاضي كيف الحال والنفس، [وكيف الامتاع والأنس] ، وكيف المجلس والدرس، وكيف القرص والجرس «3» ، وكيف الجزء: 2 ¦ الصفحة: 670 الدسّ والدعس «1» ، وكيف الفرس والمرس «2» . وكاد لا يخرج من هذا الهذيان لتهيجه واحتدامه وشدة خباله «3» وغلوائه، والهمذاني مثل الفأرة بين يدي السنور، وقد تضاءل وقمؤ لا يصعد له نفس الا بنزع تذلّلا وتقلّلا، هذا على كبره [في مجلسه ونذالته] في نفسه. ثم نظر إلى الزعفرانيّ «4» رئيس أصحاب الرأي فقال: أيها الشيخ سرّني لقاؤك، وساءني عناؤك، ولقد بلغني عدواؤك، وما خيّله إليك خيلاؤك، وأرجو ألّا أعيش حتى يردّ عليك غلواؤك، ما كان عندي أنك تقدم على ما أقدمت عليه، وتنتهي في عداوتك لأهل العدل والتوحيد إلى ما انتهيت إليه، ولي معك إن شاء الله نهار له ليل «5» وليل يتبعه ليل، وثبور يتصل به ويل، وقطر يدفع ومعه «6» سيل وسيعلم الكفار لمن عقبى الدار (الرعد: 44) فقال له الزعفراني: حسبنا الله ونعم الوكيل. ثم أبصر أبا طاهر الحنفي فقال: أيها الشيخ ما أدري أشكوك أم أشكو إليك؟ أما شكواي منك، فإنك لم تكاتبني بحرف، كانّا لم نتلاحظ بطرف، ولم نتحافظ على إلف، ولم نتلاق على ظرف؛ وأما شكواي إليك فإني ذممت الناس بعدك، وذكرت لهم عهدك، وعرضت بينهم ودك، وقدحت عليهم زندك، ونشرت عليهم غرائب ما عندك، فاشتاقوا إليك بتشويقي، واستصفوك بترويقي «7» . وأثنوا عليك بتنميقي وتزويقي «8» ، وهكذا عمل الأحباب، إذا تناءت بهم الركاب، والتوت دونهم الأعناق، واضطرمت في صدورهم نار الاشتياق، فالحمد لله الذي أعاد الشعب ملتئما، والشمل منتظما، والقلوب وادعة، والأهواء جامعة، حمدا يتصل بالمزيد، على عادة السادة مع العبيد، عند كلّ قريب وبعيد. ثم التفت إلى ابن القطّان القزويني الجزء: 2 ¦ الصفحة: 671 الحنفي، وكان من ظرفاء العلماء، فقال: كدت أيها الشيخ أحلم بك في اليقظة، وأشتمل عليك دون الحفظة؛ لأنك قد ملكت مني غاية المكانة والحظة «1» ، والله ما أسغت بعدك ريقا، إلا على جرض، ولا سلكت دونك طريقا، إلا على مضض، ولا وجدت للظرف سوقا، إلا بالعرض. سقى الله ربعا أنت ساكنه «2» بنزاهتك، وطبعا أنت طابنه «3» ببراعتك، ومغرسا أنت ينعه «4» بنباهتك [وأصلا أنت فرعه بفقاهتك] . وقال للعباداني «5» : أيها القاضي أيسرّك ان أشتاقك وتسلو عني، وأن أسأل عنك وتنسلّ مني، وأن أكاتبك فتتغافل، وأطالبك بالجواب فتتكاسل؟! وهذا ما لا أحتمله من صاحب خراسان، ولا يطمع في مثله مني ملك بني ساسان. متى كنت منديلا ليد، ومتى نزلت على هذا الحدّ لأحد؟ إن انكفأت عليّ بالعذر انكفاء، وإلّا اندرأت عليك بالعذل اندراء، ثم لا يكون لك قرار بحال، ولا يبقى لك بمكاني استكثار إلا على وبال وخبال. ثم طلع أبو طالب العلوي، فقال: أيها الشريف جعلت حسناتك عندي سيئات، ثم أضفت إليها هنات، ولم تفكّر في ماض ولا آت. أضعت العهد، وأخلفت الوعد، وحققت النحس وأبطلت السعد. وحلت سرابا للحيران، بعد ما كنت شرابا للحرّان. وظننت أنك قد شبعت مني، واعتضت عنّي هيهات وأنّى [لك] بمثلي، أو بمن يعثر في ذيلي، أو له نهار كنهاري أو ليل كليلي. وهل عائض منّي وإن جلّ عائض أنا واحد هذا العالم، وأنت بما تسمع عالم. لا إله الا الله سبحان الله، أيها الشريف، أين الحقّ الذي وكّدناه أيام كادت الشمس تزول، والزمان علينا يصول، وأنا أقول وأنت تقول، والحال بيننا يحول؟! سقى الله ليلة تشييعك وتوديعك، وأنت الجزء: 2 ¦ الصفحة: 672 متنكّر تنكّرا يسوء الوليّ وأنا متفكّر تفكّرا يسوء العدوّ، ونحن متوجّهون إلى ورامين «1» خوفا من ذلك الجاهل المهين (يعني بالجاهل المهين ذا الكفايتين حين أخرجه من الريّ بعد أن ألّب عليه وكاد أن يؤتى على نفسه الخبيثة، وهو حديث له فرش، وما أنا بصدده يمنع من اقتصاصه ولعله يأتي فيما بعد) . ثم نظر إلى أبي محمد كاتب الشروط فقال: أيها الشيخ الحمد لله الذي كفانا شرّك، ووقانا عرّك وضرّك. ونآنا فيحك وحرّك، دببت الضّراء الينا، ومشيت الخمر علينا «2» ، ونحن نحيس لك الحيس «3» ، ونصفك باللبابة والكيس، ونقول ليس مثله ليس، وأنت في خلال ذلك تقابلنا بالويح والويس، لولا أنك قرحان، لسقط بك العشاء على سرحان «4» . وقال لابن أبي خراسان الفقيه الشافعي: أيها الشيخ ألغيت ذكرنا عن لسانك، واستمررت على الخلوة بانسانك، جاريا على نسيانك، مشتهرا «5» بفتيانك وافتنانك، غير عاطف على أخدانك وإخوانك، لولا أنني أرعى قديما قد أضعته، وأعطيك من رعايتي ما قد منعته، لكان لي ولك حديث، إما طيب وإما خبيث. خلّفتك محتسبا، فخلفت مكتسبا، وتركتك آمرا بالمعروف فلحقتك راكبا للمنكر. قد يفيل الرأي ويخيب الظنّ ويكذب الأمل، وقد قال الأول: ألا ربّ من تغتشه لك ناصح ... ومؤتمن بالغيب وهو ظنين ثم نظر إلى الشادياشي «6» فقال: يا أبا علي كيف أنت، وكيف كنت؟ فقال: يا مولانا: لا كنت إن كنت أدري كيف كنت ولا ... لا كنت إن كنت أدري كيف لم أكن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 673 فقال: اغرب يا ساقط، يا هابط، يا من تذهب إلى الحائط بالغائط، ليس هذا من نحت يدك، ولا هو مما نشأ من عندك، هذا لمحمد بن عبد الله بن طاهر وأوله: كتبت تسأل عني كيف كنت وما ... لاقيت بعدك من همّ ومن حزن لا كنت إن كنت أدري كيف كنت ولا ... لا كنت إن كنت أدري كيف لم اكن وكان ينشد وهو يلوي رقبته، وتجحظ حدقته، وينزي أطراف منكبيه، ويتشايل «1» ويتمايل، كأنه الذي يتخبّطه الشّيطان من المسّ. ثم قال: يا أبا علي لا تعوّل على أير في سراويل [غيرك] لا أير إلا أير تمطى تحت عانتك، فإنك إن عوّلت على ذلك شانك وخانك، وفضح حانك ومانك «2» . ثم نظر إلى غلام قد بقل وجهه كان يتّهم به على الوجه الأقبح، فالتوى وتقلقل، وقال ادن مني يا بنيّ كيف كنت، ولم حملت على نفسك هذا العناء؟ وجهك هذا الحسن لا يبتذل للشحوب، ولا يعرّض للفحات الشمس بين الطلوع إلى الغروب، أنت يجب أن تكون [في] بذلة، بين حجلة وكلّة، تزاح بك العلة، وتغلي بك القلة، وتشفى منك الغلّة. هذا آخر حديث الاستقبال. قال أبو حيان «3» : ودخل يوما دار الإمارة الفيرزان المجوسي [فقال له] في شيء خاطبه به: إنما أنت محشّ مجش مخش «4» ، لا تهشّ ولا تبش ولا تمتشّ «5» ، فقال الفيرزان: أيها الصاحب برئت من النار إن كنت أدري ما تقول، إن كان رأيك أن تشتمني فقل ما شئت، بعد أن أعلم فانّ العرض لك، والنفس فداؤك، لست من الزنج ولا من البربر، كلّمنا على العادة التي عليها العمل، والله ما هذا من لغة آبائك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 674 الفرس، ولا من لغة أهل دينك من أهل السواد، وقد خالطنا الناس فما سمعنا منهم هذا النمط، فقام مغضبا. قال «1» : وكان ابن عباد يقول للإنسان إذا قدم عليه من أهل العلم: يا أخي تكلّم واستأنس واقترح وانبسط ولا ترع، واحسبني في جوف مرقّعة، ولا يروعك هذا الحشم والخدم والغاشية والحاشية، وهذه المرتبة والمصطبة، وهذا الطاق والرواق، وهذه المجالس والطنافس، فإن سلطان العلم فوق سلطان الولاية، فليفرخ روعك، ولينعم بالك، وقل ما شئت، وانصر ما أردت، فلست تجد عندنا إلا الإنصاف والإسعاف، والإتحاف والإطراف، والمواهبة والمقاربة، والمؤانسة والمقابسة؛ ومن كان يحفظ ما كان يهذي به في هذا وفي غيره؟ ويجري في هذا الميدان فيطيل، حتى إذا استوفى «2» ما عند ذلك الانسان بهذه الزخارف والحيل وسال «3» الرجل معه في حدوره على مذهب الثقة فحاجّه وراجعه «4» وضايقه وسابقه، ووضع يده على النكتة الفاصلة والأمر القاطع تنمّر له وتغيّر عليه ثم يقول «5» : يا غلام خذ بيد هذا الكلب إلى الحبس، وضعه فيه بعد أن تصبّ على كاهله وظهره وجنبيه خمسمائة سوط وعصا فإنه معاند ضدّ، يحتاج إلى أن يشدّ بالقدّ، ساقط هابط كلب [نباح، وقاح، متعجرف] أعجبه صبري، وغرّه حلمي، ولقد أخلف ظني، وعدت على نفسي بالتوبيخ، وما خلق الله العصا باطلا. فيقام ذلك البائس على هذه الحالة، وليس الخبر كالعيان، فمن لم يحضر ذلك المجلس لم ير منظرا رفيعا ورجلا رقيعا. قال «6» : وكان أبو الفضل ابن العميد إذا رآه قال: أحسب أن عينيه ركّبتا من زئبق، وعنقه عمل بلولب- وصدق فإنه كان ظريف التثني والتلوّي، شديد التفكّك والتفتّل، كثير التعوّج والتموّج، في شكل المرأة المومسة والفاجرة الماجنة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 675 قال «1» : وحدثني الجرباذقاني «2» الكاتب أبو بكر، وكان كاتب داره، قال: يبلغ من سخنة عين صاحبنا أنه لا يسكت عمّا لا يعرف، ولا يسالم نفسه فيما لا يفي به ولا يكمل له، ويظنّ أنه إن سكت فطن لنقصه، وإن احتال وموّه جاز ذلك وخفي واستتر، ولا يعلم أن ذلك الاحتيال طريق إلى الإغراء بمعرفة الحال وصدق القائل: «كاد المريب يقول خذوني» ؛ قلت: وما الذي حداك على هذه المقدمة؟ قال قال لي في بعض هذه الأيام: ارفع حسابك فقد أخّرته وقصّرت فيه وانتهزت سكوتي وشغلي بأمر الملك وسياسة الأولياء والجند والرعايا والمدن، وما عليّ من أعباء الدولة وحفظ البيضة ومشارفة الأطراف النائية والدانية باللسان والقلم، والرأي والتدبير، والبسط والقبض، والتتبع والنفض، وما على قلبي من الفكر في الأمور «3» الظاهرة والغامضة، وهذا باب لعمري مطمع وإمساكي عنه مغر بالفساد مولع، فبادر عافاك الله إلى عمل حساب بتفصيل باب باب، يبين فيه أمر داري وما يجري «4» عليه أمر دخلي وخرجي. قلت له: هذا كلّه بسبب قوله: هات حسابك بما نراعيه؟ فقال: أي والله، ولقد كان أكثر من هذا ولقد اختصرته. قال أبو بكر: فتفردت أياما وحرّرت الحساب على قاعدته وأصله والرسم الذي هو معروف بين أهله، وحملته إليه، فأخذه من يدي وأمرّ عينيه فيه من غير تثبّت أو فحص أو مسألة، فحذف به إليّ وقال: أهذا حساب؟ أهذا كتاب؟ أهذا تحرير؟ أهذا تقرير؟ أهذا تفصيل؟ أهذا تحصيل؟ والله لولا أني ربّيتك في داري، وشغلت بتخريجك ليلي ونهاري، ولك حرمة الصبا، ويلزمني رعاية الابنا: لأطعمتك هذا الطومار، وأحرقتك بالنفط والقار، وأدّبت بك كلّ كاتب وحاسب، وجعلتك مثلة لكلّ شاهد وغائب: أمثلي يموّه عليه؟ ويطمع فيما لديه؟ وأنا خلقت الحسابة والكتابة، والله ما أنام ليلة إلّا وأحصّل في نفسي ارتفاع العراق، ودخل الآفاق. أغرّك مني أني أجررتك رسنك؟ وأخفيت قبيحك وأبديت حسنك؟ غيّر هذا الذي رفعت، واعرف قبل وبعد ما صنعت، واعلم أنك من الآخرة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 676 قد رجعت، فزد في صلاتك وصدقتك، ولا تعوّل على قحتك وصلابة حدقتك. قال: فو الله ما هالني كلامه، ولا أحاك فيّ هذيانه، لأني كنت أعلم جهله في الحساب، ونقصه في هذا الباب، فذهبت وأفسدت وأخّرت وقدّمت، وكابرت «1» وتعمدت، ثم رددته إليه، فنظر فيه وضحك في وجهي وقال: أحسنت بارك الله عليك، هكذا أردت، وهذا بعينه طلبت، لو تغافلت عنك في أول الأمر لما تيقظت في الثاني، فهذا كما ترى، اعحب منه كيف شئت. قال أبو حيان «2» : ومن رقاعته أيضا سمعته يقول وقد جرى حديث الأبهري المتكلم، وكان يكنى أبا سعيد فقال: لعن الله ذاك الملعون المأبون المأفون، جاءني بوجه مكلّح، وأنف مفلطح، ورأس مسطّح، وسرم مفتّح، ولسان مبلّح «3» ، فكلمني في مسألة الأصلح، فقلت له: اعزب عليك غضب «4» الله الأترح، الذي يلزم ولا يبرح. وشتم يوما رجلا فقال «5» : لعن الله هذا الأهوج الأعوج «6» الأفلج الأفحج، الذي إذا قام تحلّج «7» ، وإذا مشى تدحرج، وإذا عدا تفجفج «8» . قال أبو حيان: بالله يا أصحابنا حدثوني أهذا عقل رئيس، أم بلاغة كاتب، أم كلام متماسك؟ لم تجنّون به، وتتهالكون عليه، وتغيظون أهل الفضل به؟ هل هناك إلا الجدّ الذي يرفع من هو أنذل منه ويضع «9» من هو أرفع منه؟! ولقد حدثت هذا الحديث أبا السلم «10» الشاعر فأنشدني لشاعر: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 677 سبحان من أنزل الدنيا منازلها ... وميّز الناس مشنوءا وموموقا فعاقل فطن أعيت مذاهبه ... وجاهل خرق تلقاه مرزوقا كأنّه من خليج البحر مغترف ... ولم يكن بارتزاق القوت محقوقا هذا الذي ترك الألباب حائرة ... وصيّر العاقل النحرير زنديقا قال «1» : وكان كلفه بالسجع في الكلام والقلم عند الجد والهزل يزيد على كلف كلّ من رأيناه في هذه البلاد، قلت لابن المسيبي «2» : أين يبلغ ابن عباد في عشقه للسجع؟ قال: يبلغ به ذلك لو أنه رأى سجعة تنحلّ بموقعها عروة الملك ويضطرب بها حبل الدولة ويحتاج من [أجلها] إلى غرم ثقيل وكلفة صعبة وتجشّم أمور وركوب أهوال لما كان يخفّ عليه أن يفرج عنها ويخلّيها بل يأتي بها ويستعملها ولا يعبأ بجميع ما وصفت من عاقبتها. قال «3» : وقلت للخليلي: أما كان ابن العميد يسمع كلامه؟ قال: بلى، وكان يقول: سجعه يدل على الخلاعة والمجانة، وخطه يدلّ على الشلل والزمانة، وصياحه يدلّ على أنه قد غلب بالقمار في الحانة. وهو أحمق بالطبع إلّا أنه طيب، قلت للخليلي: فهل عرفت طالعه؟ فقال حدثني بعض أصحابنا منهم الهرويّ أن طالعه الجوزاء والشعرى اليمانية (كط) وكان زحل في الحادي عشر في الحمل (كز) «4» والقمر فيه (يط) والشمس في السنبلة (يج) والزهرة فيها (ي) والمشتري في الميزان (كد) والمريخ في العقرب (ن) وسهم السعادة في القوس (يد) وسهم الغيب في الجدي (يز) والرأس في الثالث من الأسد (يا) . قال وخفي عليّ عطارد. وذكر أنه ولد سنة ست وعشرين وثلاثمائة من الهجرة لأربع عشرة ليلة من ذي القعدة، روز سروش من ماه شهرير «5» . قلت: وأين ولد؟ قال: كان عندنا أنه ولد بطالقان، وقال لنا يوما باصطخر، وقال غير الخليلي: كان عطارد في السنبلة (ط ي) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 678 قال أبو حيان «1» : وكنت بالريّ سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة وابن عباد بها مع مؤيّد الدولة قد ورد في مهمات وحوائج، وعقد ابن عباد مجلس جدل، وكنا نبيت عنده في داره في باب شير «2» ومعنا الضرير أبو العباس القاضي وأبو الحوراء «3» البرقي وأبو عبد الله النحوي الزعفراني وجماعة من الغرباء، فرأى ليلة في مجلسه وجها غريبا صاحب مرقّعة فأحبّ أن يعرفه «4» ويعرف ما عنده، وكان الشابّ من أهل سمرقند يعرف بأبي واقد الكرابيسي، فقال له: يا أخ انبسط واستأنس وتكلم، فلك منا جانب وطيء وشرب مريء، ولن ترى إلا الخير، بم تقرف، فقال: بدقاق قال: تدق ماذا؟ قال: أدقّ الخصم إذا زاغ عن سبيل الحق، فلما سمع هذا تنكّر وعجب لأنه فجىء ببديعة، فقال: دع هذا وتكلم، قال: أتكلم سائلا؟ ما بي والله حاجة إلى مسألة، أم أتكلّم مسؤولا؟ فو الله إني لأكسل عن الجواب، أم أتكلّم مقررا؟ فو الله إني لأكره أن أبدّد الدرّ في غير موضعه، وإني لكما قال الأول: لقد عجمتني العاجمات فلم تجد ... هلوعا ولا لين المجسّة في العجم وكاشفت أقواما فأبديت وصمهم ... وما للأعادي في قناتي من وصم قال له: يا هذا ما مذهبك؟ قال: مذهبي ألا أقرّ على الضيم ولا أنام على الهون ولا أعطي صمتي لمن لم يكن وليّ نعمتي ولم يصل عصمته بعصمتي، قال: هذا مذهب حسن، ومن ذا الذي يأتي الضيم طائعا ويركب الهون سامعا؟ ولكن ما نحلتك التي تنصرها؟ قال: نحلتي مطوّية في صدري لا أتقرّب بها إلى مخلوق، ولا أنادي عليها في سوق، ولا أعرضها على شاكّ، ولا أجادل فيها المؤمن، قال: فما تقول في القرآن؟ قال: ما أقول في كلام رب العالمين الذي يعجز عنه الخلق إذا أرادوا الاطلاع على غيبه، وبحثوا عن خافي سره وعجائب حكمته؟ فكيف إذا حاولوا مقابلته بمثله، وليس له مثل مظنون فضلا عن مثل متيقن؟ فقال له ابن عباد: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 679 صدقت، ولكن أمخلوق أم غير مخلوق؟ فقال: إن كان مخلوقا [كما تزعم فما ينفعك؟ وإن كان غير مخلوق] كما يزعم خصمك فما يضرّك؟ فقال: يا هذا أبهذا [العقل] تناظر في دين الله وتقوم على عبادة الله؟ قال: إن كان كلام الله نفعني إيماني به وعملي بمحكمه وتسليمي لمتشابهه، وإن كان كلام غيره- وحاش لله من ذلك- ما ضرني؟ فأمسك عنه ابن عباد وهو مغيظ، ثم قال: أنت لم تخرج من خراسان بعد. فمكث الرجل ساعة ثم نهض، فقال له ابن عباد: إلى أين يا هذا، قد تكسّر الليل، بت هاهنا، فقال: أنا بعد لم أخرج من خراسان، كيف أبيت بالريّ، وخرج فارتاب به ابن عباد فقفّاه بصاحب له وأوصاه بأن يتبع خطاه ويبلغ مداه من حيث لا يفطن به ولا يراه، فما زاغ الرجل عن باب ركن الدولة حتى وصل ودخل في ذلك الوقت الفائت إليه، فقيل لابن عباد ذلك فطار نومه وقال: أيّ شيطان هبط علينا وأحصى ما كنّا فيه بلسان سليط وطبع مريد؟ وكان هذا الكرابيسيّ عينا لركن الدولة بخراسان، فلذلك كان قريبا [منه] وكان أحد رجالات [الدنيا] . ومما «1» يدلّ على ولوع ابن عباد بالسجع ومجاوزة الحدّ فيه بالإفراط قوله يوما: حدثني [ابن] باش، وكان من سادة الناش؛- جعل السين شينا ومرّ في هذا الحديث وقال: هذه لغة، وكذب وكان كذوبا. وقال «2» ابن عباد لشيخ من خراسان في شيء جرى: والله لولا شيء لقطّعتك تقطيعا، وبضّعتك تبضيعا، ووزعتك توزيعا، ومزعتك تمزيعا، وجزّعتك تجزيعا، وأدخلتك في حر أمك «3» ، ثم وقف ساعة ثم قال: جميعا. قال وملح هذه الحكاية ينبتر في الكتابة وبهاؤها ينقص في الرواية دون مشاهدة الحال وسماع اللفظ وملاحة الشكل في التحرك والتثني والترنح والتهادي ومدّ اليد وليّ العنق وهزّ الرأس والأكتاف واستعمال الأعضاء والمفاصل. قال «4» وحدثنا ابن عباد يوما قال: ما قطعني «5» إلا شابّ ورد علينا إلى أصبهان الجزء: 2 ¦ الصفحة: 680 بغدادي فقصدني فأذنت له، وكان عليه مرقعة وفي رجليه نعل طاق، فنظرت إلى حاجبي فقال له وهو يصعد إليّ: اخلع نعلك، فقال: ولم ولعلّي أحتاج إليها بعد ساعة، فغلبني الضحك وقلت: أتراه يريد أن يصفعني. قال أبو حيان: وقال لي علي بن الحسن الكاتب: هجرني في بعض الأيام هجرا أضرّ بي وكشف مستور حالي، وذهب عليّ أمري، ولم أهتد إلى وجه حيلة في مصلحتي، وورد المهرجان فدخلت عليه في غمار الناس فلما أنشدت نوبتين «1» تقدمت فأنشدت فلم يهشّ لي ولم ينظر إليّ، وكنت ضمّنت أبياتي بيتا له من قصيدة على رويّ قصيدتي، فلما مرّ به البيت هبّ من كسله ونظر إليّ كالمنكر عليّ، فطأطأت رأسي وقلت بصوت خفيض: لا تلم ولا تزد في القرحة فما عليّ محمل، وإنما سرقت هذا من قافيتك لأزيّن به قافيتي، وأنت بحمد الله تجود بكلّ علق ثمين وتهب كلّ درّ مكنون، أتراك تشاحّني على هذا القدر وتفضحني في هذا المشهد؟! فرفع رأسه وصوته وقال: يا بني أعد هذا البيت، فأعدته، فقال: أحسنت يا هذا، ارجع إلى أوّل قصيدتك فقد سهونا عنك وطار الفكر بنا إلى شأن آخر، والدنيا مشغلة، وصار ذلك ظلما بغير قصد منا ولا تعمد. قال: فأعدتها وأمررتها وفغرت فمي بقوافيها، فلما بلغت آخرها قال: أحسنت، الزم هذا الفنّ فإنه حسن الديباجة وكأنّ البحتريّ استخلفك، وأكثر بحضرتنا وارتفع بخدمتنا وابذل نفسك في طاعتنا نكن من وراء مصالحك بأداء حقك والجذب بضبعك «2» والزيادة في قدرك على أقرانك، قال: فلم أر بعد ذلك إلا الخير حتى عراه ملل آخر فوضعني في الحبس سنة، وجمع كتبي فأحرقها بالنار، وفيها كتب الفراء والكسائي ومصاحف القرآن وأصول كثيرة في الفقه والكلام، فلم يميزها من كتب الأوائل، وأمر بطرح النار فيها من غير تثبّت بل لفرط جهله وشدة نزقه. فهلّا طرح النار في خزانته وفيها كتب ابن الراوندي «3» وكلام ابن أبي العوجاء «4» في معارضة القرآن بزعمه، وصالح بن عبد القدوس وأبي سعيد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 681 الحصيري وكتب أرسطاطاليس وغير ذلك؟! ولكن من شاء حمق نفسه. قال أبو حيان «1» : وحدثني محمد بن المرزبان قال: كنا بين يديه ليلة فنعس وأخذ إنسان يقرأ سورة الصافّات فاتفق أنّ بعض هؤلاء الأجلاف من أهل ما وراء النهر نعس أيضا وضرط ضرطة منكرة فانتبه وقال: يا أصحابنا نمنا على «والصافّات» وانتبهنا على «والمرسلات» وهذا من نوادره وملاحاته. وحدثني أيضا قال «2» : انفلتت ليلة أخرى ضرطة من بعض الحاضرين وهو في الجدل فقال على حدّته: كانت بيعة أبي بكر، خذوا فيما أنتم فيه، يعني فلتة، لأنه قيل في بيعة أبي بكر كانت فلتة. قال «3» : وقال قوم من أهل أصبهان لابن عباد: لو كان القرآن مخلوقا لجاز أن يموت، ولو مات القرآن في آخر شعبان بماذا كنّا نصلّي التراويح في رمضان؟ قال: لو مات القرآن كان رمضان يموت أيضا ويقول لا حياة لي بعدك ولا نصلّي التراويح ونستريح. قال أبو حيان «4» واسمع ما هو أعجب من هذا: ناظر بالريّ اليهوديّ رأس الجالوت في إعجاز القرآن، فراجعه اليهودي فيه طويلا وماتنه «5» قليلا، وتنكد عليه حتى احتد وكاد يتّقد «6» ، فلما علم أنه قد سجر تنّوره وأسعط أنفه احتال طلبا لمصاداته «7» ورفقا به في مخاتلته فقال: أيها الصاحب فلم تتقد وتستشيط وتلتهب وتختلط؟ كيف يكون القرآن عندي آية ودلالة ومعجزة من جهة نظمه وتأليفه؟ فإن كان النظم والتأليف بديعين وكان البلغاء فيما تدّعي عنه عاجزين وله مذعنين وها أنا أصدق عن نفسي وأقول ما عندي: إنّ رسائلك وكلامك وفقرك وما تؤلفه وتباده به نظما ونثرا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 682 هو فوق ذلك، أو مثل ذلك وقريب منه، وعلى كلّ حال فليس يظهر لي أنه دونه، وأن ذلك سيستعلي عليه بوجه من وجوه الكلام أو بمرتبة من مراتب البلاغة. فلما سمع ابن عباد هذا فتر وخمد، وسكن عن حركته، وانخمص ورمه به وقال: ولا هكذا يا شيخ، كلامنا حسن وبليغ، وقد أخذ من الجزالة حظا وافرا، ومن البيان نصيبا ظاهرا، ولكن «1» القرآن له المزية التي لا تجهل، والشرف الذي لا يخمل، وأين ما خلقه الله على أتمّ حسن وبهاء مما يخلقه العبد بطلب وتكلف. هذا كله يقوله وقد خبا حميه، وتراجع مزاجه، وصارت ناره رمادا، مع إعجاب شديد قد شاع في أعطافه، وفرح غالب قد دبّ في أسارير وجهه، لأنه رأى كلامه شبهة لليهود وأهل الملل. وقال «2» بعض الشعراء في ابن عباد يذم سجعه وخطه وعقله: متلقّب «3» كافي الكفاة وإنما ... هو في الحقيقة كافر الكفار السجع سجع مهوّس والخط خط منقرس والعقل عقل حمار وكان ذو الكفايتين ابن العميد يقول «4» : خرج ابن عباد من عندنا من الريّ متوجها إلى أصفهان ومنزله ورامين، وهي قرية كالمدينة، فجاوزها إلى قرية غامرة وماء ملح لا لشيء إلا ليكتب إلينا: «كتابي هذا من النوبهار، يوم السبت نصف النهار» . قال أبو حيان «5» : وكان ابن عباد يروي لأبي الفضل ابن العميد كلاما في رقعة إليه حين استكتبه لمؤيد الدولة وهو: بسم الله الرحمن الرحيم، مولاي وإن كان سيدا بهرتنا نفاسته، وابن صاحب تقدمت علينا رياسته، فإنه يعدّني سندا ووالدا، كما أعدّه ولدا وواحدا، ومن حقّ ذلك أن يعضد رأيي برأيه ليزداد استحكاما، ويتظاهر عقدا وابراما. وحضرت اليوم مجلس مولانا ركن الدين ففاوضني ما جرى بينه وبين مولاي طويلا ووصل به كلاما بسيطا وأطلعني على أنّ مولاي لا يزيد بعد الاستقصاء والاستيفاء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 683 على التقصي والاستعفاء وألزم عبده أن أكره مولاي إكراه المسألة وأجبره إجبار الطلبة، علما بأنه إن دافع المجلس المعمور طلبا للتحرز لم يردّ وساطتي أخذا بالتطول، وأقول بعد أن أقدّم مقدمة: مولاي غنيّ عن هذا العمل بتصوّنه وتظلّفه «1» وعزوفه بهمته عن التكثر بالمال وتحصيله، لكن العمل فقير إلى كفايته، محتاج إلى كفالته، وما أقول إن مرادي ما يعقد من حساب، وينشأ من كتاب، ويستظهر به من جمع، ويقدّر «2» من عطاء ومنع، فكل ذلك وإن كان مقصودا، وفي آلات الوزارة معدودا، ففي كتّاب مولاي من يفي به ويستوفيه، ويوفي عليه بأيسر مساعيه. ولكن وليّ النعمة يريده لتهذيب ولده ومن هو وليّ عهده من بعده، والمأمول ليومه وغده- أدام الله أيامه، وبلّغه فيه مرامه. ولا بدّ وإن كان الجوهر كريما، والسّنخ قويما، والمجد صميما، ومركب العقل سليما، من مناب من يعلم ما السياسة وما الرياسة، وكيف تدبير العامّة والخاصة، وبماذا تعقد المهابة، ومن أين تجلب الأصالة والاصابة، وكيف ترتّب المراتب، ويعالج الخطب إذا ضاقت المذاهب، وتعصى الشهوة لتحرس الحشمة، وتهجر اللذة لتحصّن الامرة. ولا بد من محتشم يقوم في وجه صاحبه فيرادّه إذا بدر منه الرأي المنقلب، ويراجعه إذا جمح به اللّجاج المرتكب، ويعاوده إذا ملكه الغضب الملتهب. فلم يكن السبب في أن فسدت ممالك جمة وبلدان عدة إلا أن خفّضت أقدار الوزارة، فانقبضت أطراف الامارة. وليس يفسد على ما أرى بقية الأرض إلا إذا استعين بأذناب على هذا الأمر. فلا يبخلنّ مولاي على وليّ نعمته بفضل معرفته، فمن هذه الدولة جرى ماء فضله، وفضل الشيخ الأمين من قبله، وإن كان مسموعا كلامي، وموثوقا باهتمامي، فلا يقعنّ انقباض عني، وإعراض عما سبق مني. ومولاي محكّم [بعد] الاجابة إلى العمل فيما يقترحه، وغير مراجع فيما يشترطه، وهذا خطّي به وهو على وليّ النعمة حجّة لا يبقى معها شبهة، وسأتبع هذه المخاطبة بالمشافهة، إما بحضوري لديه، أو بتجشمه إلى هذا العليل الذي قد ألحّ النقرس عليه. وكان ابن عباد [يحفظ] هذه النسخة ويرويها ويفتخر بها. قال أبو حيان: وقال لي أصحابنا بالريّ، منهم أبو غالب الكاتب الأعرج إن هذه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 684 المخاطبة من كلام ابن عباد افتعلها عن ابن العميد إلى نفسه تشبّعا «1» بها ونفاقا بذكرها. قال «2» : وكان ابن عباد ورد الريّ سنة ثمان وخمسين مع مؤيد الدولة وحضر مجلس ابن العميد وجرى بينه وبين مسكويه كلام ووقع تجاذب، فقال مسكويه: فدعني حتى أتكلم، ليس هذا نصفة، إذا أردت أن لا أتكلم فدع على فمي مخدة، فقال الصاحب: بل أدع فمك على المخدة، وطارت النادرة ولصقت وشاعت بين الناس وبقيت. قال «3» : ودخل الناس في مذهب ابن عباد وقالوا بقوله رغبة فيما لديه، واجتهد بالحسين «4» المتكلّم الكلّابي «5» أن ينتقل إلى مذهبه، فقال الحسين: دعني أيها الصاحب أكون مستحدّا «6» لك فما بقي غيري فإن دخلت في المذهب لم يبق بين يديك من تنثو عليه قبيحه وتبدي «7» للناس عواره، فضحك وقال: قد أعفيناك يا أبا عبد الله، وبعد فما نبخل عليك بنار جهنم، اصل بها كيف شئت. قال لنا الحسين بعد ذلك: أتراني أصلى بنار جهنم، وعقيدتي وسريرتي معروفتان، ويتبوأ هو الجنة مع قتل النفس المحرمة وركوب المحظورات العظيمة؟! إن ظنّه بنفسه لعجب، لحا الله الوقاح. وقال يوما «8» ما صدر قول الشاعر «9» ؟ والمورد العذب كثير الزحام فسكتت الجماعة فقال ابن الرازي «10» : الجزء: 2 ¦ الصفحة: 685 يزدحم الناس على بابه فأقبل عليه بغيظ وقال: ما عرفتك الا متعجرفا جاهلا، أما كان لك بالجماعة أسوة؟! قلت «1» لأبي السلم نجبة بن عليّ القحطاني الشاعر: أين ابن عباد من ابن العميد؟ فقال: زرتهما منتجعا ورزتهما جميعا، كان ابن العميد أعقل وكان يدّعي الكرم، وابن عباد أكرم ويدعي العقل، وهما في دعواهما كاذبان وعلى سجيتهما جاريان. أنشدت يوما على باب ذاك قول الشاعر: إذا لم يكن للمرء في ظلّ دولة «2» ... جمال ولا مال تمنّى انتقالها وما ذاك من بغض لها غير أنه ... يؤمّل أخرى فهو يرجو زوالها فرفع إليه إنشادي فأخذني وأوعدني وقال: انج بنفسك، فإني إن رأيتك بعد هذا أو لغت الكلاب دمك. وكنت قاعدا على باب هذا منذ أيام فأنشدت البيتين على سهو، فرفع الحديث إليه فدعاني ووهب لي دريهمات وخريقات وقال: لا تتمنّ انتقال دولتنا بعد هذا. قال: وأبو السلم هذا من أغزر «3» الناس في الشعر يحفظ الطّمّ والرّمّ. وقال الخليلي «4» : الرجل مجنون- يعني ابن عباد- وفي طباع المعلمين، سمعته يقول للتميمي الشاعر: كيف تقول الشعر؟ وإن قلت كيف تجيد؟ وان أجدت فكيف تغزر؟ وان غزرت فكيف تروم غاية وأنت لا تعرف ما الزهلق وما الهبلع وما العثلط وما الجلعلع وما القهقب وما القهبلس وما الخيسفوج وما الخزعبلة وما القذعملة وما العمرّط وما الجرفاس وما اللووس وما النعثل وما الطربال «5» ، وما الفرق بين العذم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 686 والرذم «1» ، والحدم والحذم «2» ، والقضم والخضم «3» ، والنضح والرضح «4» ، والفصم والقصم «5» ، والقصع والفصع «6» ، وما العبنقس وما الفلنقس «7» ، وما الوكواك والزونك «8» ، وما الخيتعور واليستعور «9» ، وما الستعون «10» وما الحرذون وما الحلزون، وما القفندر وما الجمعليل «11» قال الشاعر: جاءت بحفّ وحنين وزجل ... جاءت تمشّى وهي قدّام الابل مشي الجمعليلة بالخرق النّقل قال: ورأيت بعض الجهال يصحف ويقول: [بخفّ] وحنين ورخل «12» . قلت للخليلي: من عنى بهذا؟ قال: ابن فارس معلم ابن العميد أبي الفتح. قال الخليلي: أفهذا الضرب من الكلام [مما] يجب أن يفتخر بمثله ويتدفّق به؟ إنك يا أبا حيان لو رأيته يمشي وهو يهذي بهذا وشبهه، ويتفيهق [فيه] ويلوي شدقيه عليه، ويقذف بالبصاق على أهل المجلس، لحمدت الله على العافية مما بلي هذا الرجل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 687 به. وبعد فما بين الشاعر وهذا الضرب؟ الشاعر يطلب لفظا حرّا، ومعنى بديعا، ونظما حلوا، وكلمة رشيقة، ومثلا سهلا، ووزنا مقبولا. قال أبو حيان عندما قارب الفراغ من كتابه في أخلاق الوزيرين «1» : ولولا أنّ هذين الرجلين- أعني ابن عباد وابن العميد- كانا كبيري زمانهما، وإليهما انتهت الأمور، وعليهما طلعت شمس الفضل، وبهما ازدانت الدنيا، وكانا بحيث ينشر الحسن منهما نشرا، والقبيح يؤثر عنهما أثرا، لكنت لا أتسكّع في حديثهما هذا التسكع، ولا أنحي عليهما بهذا الحد، ولكنّ النقص ممن يدّعي التمام أشنع، والحرمان من السيد المأمول فاقرة، والجهل من العالم منكر، والكبيرة ممن يدّعي العصمة جائحة، والبخل ممن يتبرأ منه بدعواه عجيب، ولو أردت مع هذا كلّه أن تجد لهما ثالثا في جميع من كتب للجيل والديلم إلى وقتك هذا المؤرخ في الكتاب لم تجد. قال «2» : وقال ابن عباد يوما: كان أبو الفضل- يعني ابن العميد- سيّدا ولكن لم يشقّ غبارنا، ولا أدرك شرارنا «3» ، ولا مسح «4» عذارنا، ولا عرف غرارنا، لا في علم الدين، ولا فيما يرجع إلى نفع المسلمين؛ فاما ابنه فقد عرفتم قدره في هذا وفي غيره، طيّاش قلاش «5» ، ليس عنده إلا قاش وقماش «6» ، مثل ابن عياش والهروي الحواش ... وولدت والشعرى في طالعي، ولولا دقيقة لأدركت النبوة، وقد أدركت النبوة إذ قمت بالذبّ عنها والنصرة لها فمن ذا يجارينا ويبارينا ويغارينا ويسارينا ويشارينا «7» . قال «8» : وسمعته يقول لابن ثابت: جعلك الله ممن إذا خرىء شطّر، وإذا بال الجزء: 2 ¦ الصفحة: 688 قطّر، وإذا فسا غبّر، وإذا ضرط كبّر، وإذا عفج عبّر. قال: وهذا سخف لا يليق بأصحاب الفرضة والذين اختلفوا إلى الخندق ودار بانوكة والزبيدية والرمادة والخلد. قال «1» : وأنشد أبو دلف الخزرجي: يا ابن عباد بن عباس ... بن عبد الله حرها تنكر الجبر وقد ... أخرجت من دنياك كرها قال «2» : على أن عطاء ابن عباد لا يزيد على مائة درهم وثوب، إلى خمسمائة، وما يبلغ إلى الألف نادر، وما يوفي على الألف بديع، بلى قد نال به ناس من عرض جاهه على السنين ما يزيد قدره على هذا بأضعاف، وعدد هؤلاء قليل جدّا، وذلك بابتذال النفس وهتك الستر. قال «3» : ولقد بلغ من ركاكته أنه كان عنده أبو طالب العلوي، فكان إذا سمع منه كلاما يسجع فيه، وخبرا ينمّقه [ويرويه] يبلق «4» عينيه، وينشز «5» منخريه، ويري أنه قد لحقه غشي حتى يرشّ على وجهه ماء الورد، فإذا أفاق قيل: وما أصابك؟ ما عراك؟ ما الذي نالك وتغشّاك؟ فيقول: ما زال كلام مولاي يروقني ويؤنقني حتى فارقني لبي وزايلني عقلي «6» واسترخت «7» مفاصلي، وتخاذلت عرى قلبي، وذهل ذهني «8» ، وحيل بيني وبين رشدي، فيتهلّل وجه ابن عباد عند ذلك ويتنفّش ويضحك «9» عجبا وجهلا، ثم يأمر له بالحباء والتكرمة، ويقدّمه على جميع بني أبيه وعمه، ومن ينخدع هكذا فهو بالنساء الرّعن أشبه وبالصبيان الضعاف أمثل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 689 وذكر الوزير أبو سعد منصور بن الحسين الآبي في «تاريخه» من جلالة قدر الصاحب وعظم قدره في النفوس وحشمته ما لم يذكر لوزير قبله ولا بعده مثله، وأنا ذاكر ما ذكر على ما نسقه، قال: توفيت أمّ كافي الكفاة بأصبهان، وورد عليه الخبر فجلس للتعزية يوم الخميس للنصف من محرم سنة أربع وثمانين وثلاثمائة، وركب إليه سلطانه ووليّ نعمته فخر الدولة بن ركن الدولة معزيا، ونزل وجلس عنده طويلا يعزّيه ويسكّن منه، وبسط الكلام معه بالعربية، وكان يفصح بها، فسمعته يقول حين أراد القيام: أيها الصاحب هذا جرح لا يندمل، فأما سائر الأمراء والقواد مثل منوجهر بن قابوس ملك الجبل وفولاذ بن مانادر أحد ملوك الديلم وأبي العباس الفيروزان بن خالة فخر الدولة وغيرهم من الأكابر والأماثل فانهم كانوا يحضرون حفاة حسّرا، وكان كلّ واحد منهم إذا وقعت عينه على الصاحب قبّل الأرض، ثم يوالي بين ذلك إلى أن يقرب منه ويأمره بالجلوس فيجلس، وما كان يتحرك ولا يستوفز لأحد، بل كان جالسا على عادته في غير أيام التعزية، فلما أراد القيام من المعزّى بعد الثالث كان أول من أمر أن تقدّم إليه اللالكة «1» منوجهر بن قابوس، فإنه قال: يحمل إلى أبي منصور ما يلبسه، فقدم إليه ومنع من الخروج من الدار حافيا، ثم قدّم بعد ذلك الحجّاب والحاشية اللالكات «2» إلى الجماعة، فعتب فولاذ بن مانادر والفولاذريدية عليه ذلك وقالوا: ميز منوجهر من بين الجماعة، فاحتجّ الصاحب ببيته العظيم ورياسته القديمة. قال: وخطب كافي الكفاة ابنة أبي الفضل ابن الداعي لسبطه عباد بن الحسين، ووقع الإملاك في داره يوم الخميس لأربع خلون من شهر ربيع الأول سنة أربع وثمانين وكان يوما عظيما احتفل فيه كافي الكفاة، ونثر من الدنانير والدراهم شيئا كثيرا، ولذلك أنفذ فخر الدولة له على يدي أحد حجابه الكبار إلى هناك من النثار ما زاد على مائة طبق عينا وورقا، وحضر الفولاذريدية بأسرهم، فإن الابنة المزوجة كانت ابنة ديكونه بنت الحسن بن الفيروزان خالة فخر الدولة، وكان القوم أخوالها، وأضافهم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 690 الصاحب، ونصبت مائدة عظيمة في بيت طوله يزيد على خمسين ذراعا، وكانت بطول البيت، وأجلس عليه ستة أنفس، وكان فولاذ بن مانادر وكبات بن بلقسم في الصدر، وبجنب فولاذ أبو جعفر ابن الثائر العلوي، وبجنبه الآخر أبو القاسم ابن القاضي العلوي، ودون أحد العلويين كاكي بن يشكرزاد، ودون الآخر مرداويج الكلاري، ووقف أبو العباس الفيروزان وعبد الملك بن ما كان للخدمة، ووقف كافي الكفاة أيضا ساعة، ووقف جميع أكابر الكتاب والحجاب مثل الرئيس أبي العباس أحمد بن إبراهيم الضبي وأبي الحسين العارض وأخيه أبي علي وابنه أبي الفضل وأبي عمران الحاجب وغيرهم إلى أن فرغ القوم من الأكل، ثم أكل هؤلاء مع الصاحب على مائدة مفردة. وأما قاضي القضاة والأشراف والعدول فإنهم أطعموا على مائدة أخرى في بيت آخر. قال: وكان نصر بن الحسن بن الفيروزان، وهو خال فخر الدولة، مقداما شجاعا قليل المبالاة، قد استعصى على فخر الدولة واقتطع قطعة من بلاده وتغلب عليها، واحتال على جماعة من عساكره فقتلهم بأنواع القتل، ثم كسر له عدة عساكر، إلى أن تكاثرت عساكر فخر الدولة فكسرته وشتتت جموعه، وهرب نحو خراسان حتى صار إلى إسفرايين، ثم بدا له أن سلك طريق المفازة فيها حتى ورد الريّ ليلة الجمعة لست بقين من شوال سنة أربع وثمانين، وقصد في الليل باب كافي الكفاة مستجيرا به ومستعطفا له، فلم يلن له وردّ إلى دار بعض حجاب فخر الدولة فحبس فيها. قال الوزير أبو سعد: وكنت في هذه الليلة بحضرة كافي الكفاة، فأتاه الحاجب وقد مضى هزيع من الليل، فأخبره بوقوف نصر بن الحسن بن الفيروزان على الباب خاشعا متضرعا، فرأيته قد تحيّر في الأمر ساعة ثم راسله بأن السلطان الأعظم- يعني فخر الدولة- ساخط عليك، ولا يجوز لي أن آذن لك في دخول داري إلا بعد أن تترضاه وتستعطف قلبه، فإذا عفا عنك ورجع لك فالدار بين يديك وأنا معين لك. فعاد الحاجب إليه بذلك ورجع فقال: إنه امتنع من العود وقال: إنما جئت إلى الصاحب لائذا به ومنقطعا إليه، ولا أعرف غيره، وهو يحتاج أن يدبّر أمري ويجيرني ويحامي عليّ ويذبّ عنّي، فرأيت الصاحب وقد ميّل رأيه بين إحدى خصلتين: إما أن يستمرّ على المنع ولا يأذن له، وإما أن يأذن له ويجعل داره بما فيها من الخزائن له، وينتقل هو إلى دار كانت لحاجبه الراوندي وكان قد أضافها بعد موت هذا الحاجب إلى داره. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 691 ثم تقرر رأيه على صرفه، واستمرّ نصر على الالحاح في الخضوع والاجتهاد أن يأذن له في الدخول، وانتقل من الباب الكبير إلى باب الخاصة، وسأل واجتهد، إلى أن جاءه من قبل فخر الدولة علوسة الحاجب وحبسه وكان هذا الفعل من الصاحب مستهجنا تعجّب الناس منه، وتحدثوا به واستقبحوه مع ما اظهره نصر من الاستكانة والاستجارة به. وأظنّ أنه لم يفعل ذلك إلا لأنه جبن عن الاجتماع معه في دار واحدة مع العداوة المتأكدة بينهما والضغينة الراسخة في قلب كلّ واحد منهما. ثم ذكر وفاة الصاحب في الوقت الذي ذكره غيره، وكما ذكرناه آنفا، ثم قال: وتوفي فخر الدولة عشية يوم الثلاثاء عاشر شعبان، وكان مبلغ عمره أربعا وأربعين سنة وستة أشهر وأياما، ثم وصف أخلاقه وجيوشه وقلاعه وأمواله التي خلفها ثم قال: فاما أمر الوزارة في أيامه فكانت أشهر من أن يحتاج إلى ذكرها، فإن أوّل وزرائه كان كافي الكفاة، وأسنّة الأقلام وعذبات الألسنة تكلّ دون أيسر أوصافه وأدنى فضائله، ولولا ما آل إليه أمر الوزارة في هذه الأيام واعتقاد من لم يعلم حالها في ذلك الزمان بأن الأمر لم يزل على ما نراه أو قريبا منه وشبيها به لأمسكنا عن ذكره، ولكنا نذكر يسيرا من أحواله، فإن هؤلاء الذين ذكرناهم من أبناء الملوك والأمراء والقواد وسائر من ساواهم من الزعماء والكبار مثل أولاد مؤيد الدولة وابن عز الدولة ومنوجهر بن قابوس بن وشمكير وأبي الحجاج ابن ظهير الدولة وأسفهبذ بن أسفار وحسن بن وشمكير وفولاذ بن مانادر ونصر بن الحسن بن الفيروزان وحيدر بن وهسوذان وكيخسرو بن المرزبان بن السلار وجستان بن نوح بن وهسوذان وشيرزيل بن سلار بن شيرزيل، وكان في يد كلّ واحد من هؤلاء من الإقطاع ما يبلغ ارتفاعه خمسين الف دينار وما دونها إلى عشرين الف دينار، ومن اكابر القوّاد ما يطول تعدادهم يحضرون باب داره، فيقفون على دوابهم مطرقين لا يتكلم واحد منهم هيبة وإعظاما لموضعه، إلى أن يخرج أحد خلفاء حجابه، فيأذن لبعض أكابرهم ويصرفهم جملة، فكان من يؤذن له في الدخول يظنّ أنه قد بلغ الآمال ونال الفوز بالدنيا والآخرة، فرحا ومسرة وشرفا وتعظيما، فإذا حصل في الدار وأذن له في الدخول إلى مجلسه قبّل الأرض عند وقوع بصره عليه ثلاث مرات أو أربعا إلى أن يقرب منه فيجلس من كانت رتبته الجلوس، إلى أن يقضي كلّ واحد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 692 منهم وطره من خدمته، ثم ينصرف بعد أن يقبّل الأرض أيضا مرارا. ولم يكن يقوم لأحد من الناس، ولا يشير إلى القيام، ولا يطمع منه أحد في ذلك. ونزل بالصيمرة عند عوده من الأهواز، فدخل عليه شيخ من زهاد المعتزلة يعرف بعبد الله بن اسحاق، فقام له، فلما خرج التفت كافي الكفاة وقال: ما قمت لأحد مثل هذا القيام منذ عشرين سنة، وإنما فعل ذلك به لزهده، فإنه كان أحد أبدال دهره، فأما العلم فقد كان يرى من هو أعلم منه فلا يحفل به؛ وأما هيبته في الصدور، ومخافته في القلوب، وحشمته عند الصغير والكبير والبعيد والقريب، فقد بلغت إلى أن كان صاحبه فخر الدولة ينقبض عن كثير مما يريده بسببه، ويمسك عما تشره إليه نفسه لمكانه، وقد ظهر ذلك للناس بعد موته وانبساط فخر الدولة فيما لم يكن من عادته، فعلم أنه كان يزمّ نفسه لحشمته، ثم كان يحله محل الوالد إكراما وإعظاما، ويخاطبه بالصاحب شفاها وكتابا، فأما أكابر الدولة فكان الواحد إذا رأى أحد حجابه، بل أحد الأصاغر من حاشيته، فإن فرائصه كانت ترتعد، وجوانحه كانت تصطفق، إلى أن يعلم ما يريده منه ويخاطبه به. وتظلمت إليه امرأة من صاحب لفولاذ بن مانادر، وذكرت أنه ينازعها في حقّ لها، فما زاد على أن التفت إلى فولاذ، وكان في موكبه يسير خلفه، فبهت وتحير وارتعد، ووقف ولم يبرح إلى أن سار كافي الكفاة، ثم أرسل مع المرأة من أرضاها وأزال ظلامتها، ومثل هذا كثير يطول الكتاب ببعضه، فكيف أن نوضع «1» في كله. وأما أسبابه وحاشيته وهيبته ورتبته فإن من أيسرها كان له عدة من الحجاب منهم من على مربطه ثلاثمائة رأس من الدوابّ أو ما يقاربها، وكانت أحوال بلكا الحاجب تزيد على ذلك زيادة كثيرة، فإنه كان على مربط خليفة له يعرف بيزد مئة «2» من الخيل العتاق الموصوفة، وكان لا يستغني عنها لأنه كان موصوفا بحفظ الطرق وطلب الأكراد وأهل العيث وصيانة السابلة. وكان ما يخرج لكافي الكفاة في السنة في وجوه البرّ والصدقات والمبرّات وصلات الأشراف وأهل العلم والغرباء الزوّار ومن يجري مجرى ذلك مما يتكلفه ويريد به صيت الدنيا وأجر الآخرة يزيد على مائة الف دينار. وانتقلت الوزارة عنه إلى أبي العباس أحمد بن إبراهيم الضبي وأبي علي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 693 الحسن بن أحمد بن حمولة، والسياسة التي قد سنها هو باقية، وحشمة الوزارة ثابتة، والأمور على ما عهد في أيامه جارية. وكان لهما من الحشم والحاشية والتجمل والزينة مثل ما كان له بل كانا فوقه في الغنى والثروة، وان لم يلحقاه في الفضل والمكرمة. قال غرس النعمة: حدث أبو إسحاق إبراهيم بن عيسى النصيبي قال: كان أبو الفتح علي بن أبي الفضل بن العميد قد دبّر على الصاحب ابن عباد حتى أزاله عن كتبة الأمير مؤيد الدولة، وأبعده عن حضرته بالريّ إلى أصفهان، وانفرد هو بتدبير الأمور لمؤيد الدولة كما كان يدبرها لأبيه ركن الدولة، واستدعى يوما ندماءه وعبأ لهم مجلسا عظيما، وأظهر من الزينة وآلات الفضة والذهب والصيني وما شاكله ما يفوت الحصر، وشرب واستفزّه الطرب، وكان قد شرب يومه وليلته، فعمل شعرا غني به وهو: دعوت المنى ودعوت العلا ... فلما أجابا دعوت القدح وقلت لأيام شرخ الشباب ... ألا إنّ هذا أوان الفرح إذا بلغ المرء آماله ... فليس له بعدها مقترح فلما غني بالشعر استطابه وشرب عليه إلى أن سكر، وقال لغلمانه: غطوا المجلس ولا تسقطوا منه شيئا لأصطبح في غد عليه، وقال لندمائه: باكروني، وقام إلى بيت منامه، وانصرف عنه الندماء، فدعاه مؤيد الدولة في السحر فلم يشكّ أنه لمهمّ، فقبض عليه، وأنفذ إلى داره من استولى على جميع ما فيها وأعاد ابن عباد إلى وزارته، وتطاولت بابن العميد النكبة حتى مات فيها كما ذكرناه في ترجمته. ثم وزر ابن عباد بعد مؤيد الدولة لأخيه فخر الدولة أخي عضد الدولة، فبقي في الوزارة ثماني عشرة سنة وشهورا، وفتح خمسين قلعة سلّمها إلى فخر الدولة لم يجتمع عشر منها لأبيه ولا لأخيه. وسمع الصاحب الحديث وأملى، فحدث أبو الحسن علي بن محمد الطبري الكيا قال: لما عزم الصاحب ابن عباد على الاملاء، وهو وزير، خرج يوما متطلّسا متحنكا بزيّ أهل العلم فقال: قد علمتم قدمي في العلم، فأقرّوا له بذلك فقال: وأنا متلبّس بهذا الأمر وجميع ما أنفقته من صغري إلى وقتي هذا من مال أبي وجدي، ومع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 694 هذا فلا أخلو من تبعات أشهد الله وأشهدكم أني تائب إلى الله من ذنب أذنبته. واتخذ لنفسه بيتا وسماه بيت التوبة، ولبث أسبوعا على ذلك، ثم أخذ خطوط الفقهاء بصحة توبته، ثم خرج فقعد للاملاء، وحضر الخلق الكثير، وكان المستملي الواحد ينضاف إليه ستة، كلّ يبلّغ صاحبه، فكتب الناس حتى القاضي عبد الجبار. وأهدى إليه العميدي «1» قاضي قزوين كتبا وكتب معها: العميدي «2» عبد كافي الكفاة ... وإن اعتدّ في وجوه القضاة خدم المجلس الرفيع بكتب ... مفعمات من حسنها مترعات فوقع الصاحب تحتها: قد قبلنا من الجميع كتابا ... ورددنا لوقتها الباقيات لست أستغنم الكثير فطبعي ... قول خذ ليس مذهبي قول هات حدّث أبو الرجاء الضرير الشطرنجي العروضي الشاعر الأهوازي بالأهواز قال: قدم علينا الصاحب ابن عباد في السنة التي جاء فيها فخر الدولة، ولقيه الناس ومدحه الشعراء، فمدحته بقصيدة قلت فيها: إلى ابن عباد أبي القاسم الصاحب إسماعيل كافي الكفاه فقال: قد كنت والله أشتهي بأن تجتمع كنيتي واسمي ولقبي واسم أبي في بيت فلما انتهيت إلى قولي فيها: ويشرب الجيش هنيئا بها فقال: يا أبا الرجاء أمسك فامسكت فقال: ويشرب الجيش هنيئا بها ... من بعد ماء الريّ ماء الصّراه «3» هكذا هو؟ قلت: نعم، قال: أحسنت، قلت: يا مولاي أحسنت أنت، عملت أنا هذا في ليلة وأنت عملته في لحظة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 695 قال عبد الله الفقير إليه: وممن ذكر نسب الممدوح كاملا الحارث الدئلي في عاصم بن عمرو بن عثمان بن عفان: إليك ابن عثمان بن عفان عاصم بن عمرو سرت عيسي فطال سراها ومن مستحسن شعر الصاحب: دعتني عيناك نحو الصبا ... دعاء تكرّر في كلّ ساعه فلولا وحقّك عذر المشيب ... لقلت لعينيك سمعا وطاعه وحدث البديع الهمذاني قال «1» : كان بعض الفقهاء ويعرف بابن الحضيري يحضر مجلس الصاحب بالليالي فغلبته عينه ليلة فنام وخرجت منه ريح لها صوت، فخجل وانقطع عن المجلس، فقال الصاحب: أبلغوه عني: يا ابن الحضيريّ لا تذهب على خجل ... لحادث كان مثل الناي في العود فإنها الريح لا تسطيع تحبسها ... إذ لست أنت سليمان بن داود ولأبي بكر الخوارزمي في ابن عباد: لا تحمدنّ ابن عباد وان هطلت ... كفّاه يوما ولا تذممه إن حرما فإنها خطرات من وساوسه ... يعطي ويمنع لا بخلا ولا كرما فلما مات الخوارزمي بلغ الصاحب وفاته فقال: أقول لركب من خراسان رائح ... أمات خوارزميّكم قيل لي نعم فقلت اكتبوا بالجصّ من فوق قبره ... «ألا لعن الرحمن من كفر النّعم» وحدث أبو الحسن ابن أبي القاسم البيهقي في «كتاب مشارب التجارب» وذكر الصاحب فقال: أبو القاسم إسماعيل بن عباد بن عباس الوزير ابن الوزير ابن الوزير، كما قال الرستمي فيه: ورث الوزارة كابرا عن كابر ... موصولة الإسناد بالاسناد يروي عن العباس عباد وزا ... رته وإسماعيل عن عباد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 696 قال: وولد بكورة فارس في ذي القعدة سنة ست وعشرين وثلاثمائة، ومدحه خمسمائة شاعر من أرباب الدواوين. وممن كان ببابه قاضي القضاة عبد الجبار بن أحمد الأسداباذي، وكان قد فوّض إليه قضاء همذان والجبال. واستقبل القاضي عبد الجبار الصاحب يوما فلم يترجل له، فقال: أيها الصاحب أريد أن أترجل للخدمة ولكن العلم يأبى ذلك. وكان يكتب في عنوان كتابه «إلى الصاحب: داعيه عبد الجبار بن أحمد» ثم كتب «وليه عبد الجبار بن أحمد» ثم كتب «عبد الجبار بن أحمد» فقال الصاحب لندمائه: أظنه يؤول أمره إلى أن يكتب الجبار. وأنشد الصاحب لنفسه يرثي: يقولون لي أودى كثير بن أحمد ... وذلك رزء ما علمت جليل فقلت دعوني والعلا نبكه معا ... فمثل كثير في الرجال قليل وذكر هلال بن المحسن عن أبي طاهر ابن الحمامي عن الانبراني الكاتب، قال: ورد إلى الصاحب رجل من أهل الشأم فكان فيما استخبره عنه: رسائل من تقرأ عندكم؟ فقال: رسائل ابن عبد كان، قال: ومن؟ قال: رسائل الصابىء، وغمزه أحد جلسائه ليقول رسائل الصاحب فلم يفطن، ورآه الصاحب فقال: تغمز حمارا لا يحسّ. وكان صاحب خراسان الملك نوح بن منصور الساماني قد أرسل إلى الصاحب في السرّ يستدعيه إلى حضرته ويرغّبه في خدمته، وبذل البذول السنية، فكان من جملة اعتذاره أن قال: كيف يحسن بي مفارقة قوم بهم ارتفع قدري، وشاع بين الأنام ذكري، ثم كيف لي بحمل أموالي، مع كثرة أثقالي، وعندي من كتب العلم خاصة ما يحمل على أربعمائة جمل أو أكثر. قال أبو الحسن البيهقي: وأنا أقول: بيت الكتب الذي بالري على ذلك دليل بعد ما أحرقه السلطان محمود بن سبكتكين، فإني طالعت هذا البيت فوجدت فهرست تلك الكتب عشر مجلدات، فإن السلطان محمودا لما ورد إلى الريّ قيل له ان هذه الكتب كتب الروافض وأهل البدع، فاستخرج منها كلّ ما كان في علم الكلام وأمر بحرقه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 697 وللصاحب من التصانيف: كتاب المحيط باللغة عشر مجلدات. كتاب ديوان رسائله عشر مجلدات. كتاب الكافي رسائل. كتاب الزيدية. كتاب الأعياد وفضائل النوروز. كتاب في تفضيل علي بن أبي طالب وتصحيح إمامة من تقدمه. كتاب الوزراء، لطيف. كتاب عنوان المعارف في التاريخ. كتاب الكشف عن مساوي المتنبىء. كتاب مختصر أسماء الله تعالى وصفاته. كتاب العروض الكافي. كتاب جوهرة الجمهرة. كتاب نهج السبيل في الأصول. كتاب أخبار أبي العيناء. كتاب نقض العروض. كتاب تاريخ الملك واختلاف الدول. كتاب الزيدين. كتاب ديوان شعره. وقال «1» بعض ولد المنجم بعد وفاة الصاحب وقد استوزر أبو العباس الضبي ولقب بالرئيس وضمّ إليه أبو علي ولقب بالجليل: والله والله لا أفلحتم أبدا ... بعد الوزير ابن عباد بن عباس إن جاء منكم جليل فاقطعوا أجلي ... أو جاء منكم رئيس فاقطعوا راسي ومن شعر الصاحب «2» : وشادن جماله ... تقصر عنه صفتي أهوى لتقبيل يدي ... فقلت لا بل شفتي وله: قال لي إنّ رقيبي ... سيّء الخلق فداره قلت دعني وجهك الجن ... ة حفّت بالمكاره وله أيضا: أقول وقد رأيت له سحابا ... من الهجران مقبلة إلينا وقد سحّت عزاليها بسكب ... حوالينا الصدود ولا علينا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 698 حدث الوزير أبو العلاء ابن حسول قال: كان دينار المجوسي صدرا في ديوان الري، وكان مدنّرا مدرهما مموّلا، فكتب رجل إلى الصاحب: لم لا يفرّق في ديوان عسكره ... كافي كفاة الورى دينار دينار فإن أيسر ما في قطع شأفته ... تطهير ديوانه من عابدي النار فقبض عليه وصادره واستوفى منه مالا عظيما، والسبب في ذلك البيتان. وحدث ابن بابك قال: سمعت الصاحب يقول: مدحت والعلم عند الله بمائة ألف قصيدة شعرا عربية وفارسية، وقد أنفقت أموالي على الشعراء والأدباء والزوار والقصاد، ما سررت بشعر ولا سرني شاعر كما سرني أبو سعيد الرستمي الأصفهاني بقوله: ورث الوزارة كابرا عن كابر ... مرفوعة الإسناد بالاسناد يروي عن العباس عباد وزا ... رته وإسماعيل عن عباد وقال أبو الحسن علي بن الحسين الحسني ختن الصاحب يرثيه: ألا إنها يمنى المكارم شلّت ... ونفس المعالي إثر فقدك سلّت حرام على الظلماء إن هي قوّضت ... وحجر على شمس الضحى إن تجلت لتبك على كافي الكفاة مآثر ... تباهي النجوم الزهر في حيث حلّت لقد فدحت فيه الرزايا وأوجعت ... كما عظمت فيه العطايا وجلّت ألا هل أتى الآفاق أية غمة ... أطلّت ونعمى أيّ دهر تولت وهل تعلم الغبراء ماذا تضمّنت ... وأعواد ذاك النعش ماذا أقلّت فلا أبصرت عيني تهلّل بارق ... يحاكي ندى كفّيك إلا استهلّت ولو قبلت أرواحنا عنك فدية ... لجدنا بها عند الفداء وقلّت قال أبو حيان «1» : كان ابن عباد يأتي بالسجع في إثر كلامه مع روية طويلة، وأنفاس مديدة وحشرجة صدر، وانتفاخ منخريه، والتواء شدقيه، وتعويج عنقه، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 699 واللعب بشاربه وعنفقته، فلو رأيته يقرّر المسائل على هذه الأمثلة العجيبة والبيان الشافي، لرأيت عجبا من العجائب، وضربا من الغرائب. وقال لي يوما الشاباشي، وقد خرجنا من مجلس الصاحب: كيف رأيت مولانا الصاحب اليوم مع هذا التقرير وإظهاره البلاغة الحسنة بين الناس؟ فقلت: السكوت عن مثله احدى الحسنيين وأحرى الحالتين، ولكن نعوذ بالله ممن يزين له الشيطان عمله ويزخرف له قوله. قال لي: كأنه لم يخلق هذا الرجل إلا غيظا لأكباد الأحرار وشفاء لسقم الأنذال، لحا الله دهرا آل بنا إليه، وأنزلنا عليه، وأحوجنا إلى مقاساته، وألجأنا إلى مجالسته، وأنشد يقول: يا من تبرّمت الدنيا بطلعته ... كما تبرمت الأجفان بالرمد يمشي على الأرض مجتازا فأحسبه ... من بغض طلعته يمشي على كبدي لو كان في الأرض جزء من سماجته ... لم يقدم الموت إشفاقا على أحد قال أبو حيان، قال لي الشاباشي: أهدى ابن عباد إلى صاحبه وقت ورودهما إلى الأهواز دينارا من ضربه وزنه ألف مثقال وكتابته «1» : وأحمر يحكي الشمس شكلا وصورة ... فأوصافه مشتقة من صفاته فإن قيل دينار فقد صدق اسمه ... وإن قيل الف كان بعض سماته بديع فلم يطبع على الدهر مثله ... ولا ضربت أضرابه لسراته وصار إلى شاهانشاه انتسابه ... على أنه مستصغر لعفاته تفاءلت أن يبقى سنين كوزنه ... لتستمتع الدنيا بطول حياته تأنّق فيه عبده وابن عبده ... وغرس أياديه وكافي كفاته فقال أرأيت أكذب منه حيث قال: فلم يطبع على الدهر مثله؟ ما كان في الدنيا من خدم ملكا بألف دينار ثم قال: «وكافي كفاته» والله لو كتبت امرأة بمثله إلى زوجها لكان سمجا قبيحا، فكيف إلى فخر الدولة؟! ما أحسن ما كفاه أمر أبي العلاء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 700 النصراني حين هزمه بعدد قليل، بعد أن كان في جيش عرمرم ثقيل، ولكن الدنيا حمقاء خرقاء ولا تميل الا إلى مثلها، لو كتب المطهر أو نصر بن هارون أو أحد وزراء عضد الدولة إليه بشيء من ذلك لأحرقه بالنار والنفط. ومن كتاب الروزنامجة: قال الصاحب: ما زال أحداث بغداد يذكرونني بابن شمعون المتصوف وكلامه على الناس في مكان الشبلي، فجمّعت يوما في المدينة وعليّ طيلسان ومصمتة، ووقفت عليه وقد لبس فوطة قصب وقعد على كرسيّ ساج، بوجه حسن ولفظ عذب، فرأيته يقطع مسائله بهوس يطيله ويسهب فيه، فقلت: لا بد من أن أسأله عما أقطعه به، وابتدرت فقلت: يا شيخ ما تقول في قد سيكونيات العلم إذا وقعت قبل التوهم؟ فورد عليه ما لم يسمع به، فأطرق ساعة ثم رفع رأسه وقال: لم أؤخر إجابتك عجزا عن مسألتك بل لأعطشك إلى الجواب، وأخذ في ضرب من الهذيان، فلما سكت قلت: هذا بعد التوهم، وإنما سألتك قبله، إلى أن ضجر فانصرفت عنه. قرأت بمصر في نسخة باليتيمة للثعالبي عليها خطّ يعقوب بن أحمد بن محمد بالقراءة عليه يرويها عن مؤلفها الثعالبي فوجدت فيها زوائد لا أعرفها في النسخ المشهورة بأيدي الناس منها «1» : حدثني عوف بن الحسين الهمذاني التميمي قال كنت يوما في خزانة الخلع للصاحب فرأيت في ثبت الحسبانات لكاتبها، وكان صديقي، مبلغ عمائم الخز التي صارت في تلك الشتوة في خلع العلويين والفقهاء والشعراء سوى ما صار منها في خلع الخدم والحاشية ثمانمائة وعشرون؛ قال: وكان يعجبه الخزّ ويأمر بالاستكثار منه في داره، فنظر أبو القاسم الزعفراني يوما إلى جميع ما فيها من الخدم والحاشية عليهم الخزوز الملوّنة الفاخرة فاعتزل ناحية وأخذ يكتب شيئا، فسأل الصاحب عنه فقيل له: إنه في مجلس كذا يكتب، فقال: عليّ به، فاستمهل الزعفراني ريثما يتم مكتوبه، فأعجله الصاحب وأمر أن يؤخذ ما في يده من الدرج، فقام الزعفراني إليه وقال: أيد الله الصاحب: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 701 اسمعه ممن قاله تزدد به ... عجبا فحسن الورد في أغصانه فقال: هات يا أبا القاسم فأنشده أبياتا منها: سواك يعدّ الغنى ما اقتنى ... ويأمره الحرص أن يخزنا وأنت ابن عباد المرتجى ... تعدّ نوالك نيل المنى وخيرك، من باسط كفّه ... وممن ثناها، قريب الجنى غمرت الورى بصنوف الندى ... فأصغر ما ملكوه الغنى وغادرت أشعرهم مفحما ... وأشكرهم عاجزا ألكنا أيا من عطاياه تهدي الغنى ... إلى راحتي من نأى أو دنا كسوت المقيمين والزائرين ... كسا لم نخل مثلها ممكنا وحاشية الدار يمشون في ... ضروب من الخزّ إلا أنا فقال الصاحب: قرأت في أخبار معن بن زائدة أن رجلا قال له: احملني فأمر له بفرس وبغلة وحمار وناقة وجارية ثم قال: لو علمت أن الله خلق مركوبا غيرها لحملتك عليه، وقد أمرنا لك من الخز بجبة وقميص وسراويل وعمامة ومنديل ومطرف ورداء وجورب، ولو علمنا لباسا آخر يتخذ من الخز لأعطيناكه، ثم أمر بادخاله إلى الخزانة وصيّرت تلك الخلع عليه، وسلّم ما فضل عن لبسه في الوقت إلى غلامه. قال «1» وحدثني أبو عبد الله محمد بن حامد الحامدي قال: عهدي بأبي محمد [الخازن] ماثلا بين يدي الصاحب ينشده قصيدة أولها: هذا فؤادك نهبى بين أهواء ... وذاك رأيك شورى بين آراء هواك بين العيون النّجل مقتسم ... داء لعمرك ما أبلاه من داء لا تستقرّ بأرض أو تسير إلى ... أخرى بشخص قريب عزمه ناء يوما بحزوى ويوما بالعقيق ويو ... ما بالعذيب ويوما بالخليصاء وتارة تنتحي نجدا وآونة ... شعب العقيق وطورا قصر تيماء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 702 قال: فرأيت الصاحب مقبلا عليه بمجامعه، حسن الإصغاء إلى إنشاده مستعيدا لاكثر أبياته، مظهرا من الاعجاب به والاهتزاز له ما يعجب الحاضرين، فلما بلغ إلى قوله: أدعى بأسماء نبزا في قبائلها ... كأنّ أسماء أضحت بعض أسمائي أطلعت شعري فألقت شعرها طربا ... فألّفا بين إصباح وامساء زحف عن دسته طربا له، فلما بلغ إلى قوله في المدح: لو أن سحبان باراه لأسحبه ... على خطابته أذيال فأفاء أرى الأقاليم قد ألقت مقالدها ... إليه مستبقات أيّ إلقاء فساس سبعتها منه بأربعة ... أمر ونهي وتثبيت وإمضاء كذاك توحيده ألوى بأربعة ... كفر وجبر وتشبيه وإرجاء فجعل يحرك رأسه ويقول: أحسنت أحسنت، فلما أنهى القصيدة أمر له بجائزة وخلع. قال الأمير أبو الفضل الميكالي «1» : كتب عامل رقعة إلى الصاحب في التماس شغل وفي الرقعة. إن رأى مولانا أن يأمر بإشغالي ببعض أشغاله فعل، فوقع الصاحب تحتها: من كتب إشغالي لا يصلح لأشغالي. وحدث هلال بن المحسن: ما رئي أحد وفّي من الإعظام والاكبار بعد موته ما وفّيه الصاحب، فإنه لما جهز ووضع في تابوته وأخرج على أكتاف حامليه للصلاة عليه قام الناس بأجمعهم فقبلوا الأرض بين يديه، وخرّقوا عند ذلك ثيابهم، ولطموا وجوههم، وبلغوا في البكاء والنحيب عليه جهدهم. وكان يلبس القباء في حياته تحققا بالوزارة وانتسابا معها إلى الجندية. وحدث عن أبي الفتح ابن المقدر قال: كان أبو القاسم ابن أبي العلاء الشاعر من وجوه أهل أصبهان وأعيانهم ورؤسائهم، فحدثني أنه رأى في منامه قائلا يقول له: لو كاثرت الصاحب أبا القاسم ابن عباد مع فضلك وكثرة علمك وجودة شعرك فقلت: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 703 أفحمتني كثرة محاسنه، فلم أدر بما أبدأ منها، وخفت أن أقصّر وقد ظنّ بي الاستيفاء لها، فقال: أجز ما أقوله، قلت: قل، فقال: ثوى الجود والكافي معا في حفيرة ... فقلت: ليأنس كلّ منهما بأخيه فقال: هما اصطحبا حيّين ثم تعانقا ... فقلت: ضجيعين في لحد بباب ذريه فقال: إذا ارتحل الثاوون عن مستقرّهم ... فقلت: أقاما إلى يوم القيامة فيه (باب ذريه: المحلة التي فيها تربته أو ما يستقبلك من اصفهان) . وحدث في كتاب الروزنامجه: وانتهيت إلى أبي سعيد السيرافي، وهو شيخ البلد، وفرد الأدب، حسن التصرف، وافر الحظ من علوم الأوائل، فسلمت عليه وقعدت إليه، وبعضهم يقرأ «الجمهرة» فقرأ ألمقت فقلت إنما هو لمقت، فدافعني الشيخ ساعة ثم رجع إلى الأصل فوجد حكايتي صحيحة، واستمرّ القارىء حتى أنشد وقد استشهد: رسم دار وقفت في طلله ... كدت «أقضّي» الغداة من جلله «1» فقلت: أيها الشيخ هذا لا يجوز والمصراعان على هذا النشيد يخرجان من بحرين لأن: رسم دار وقفت في طلله ... فاعلاتن مفاعلن فعلن كدت «أقضّي» الغداة من جلله ... مفتعلن فاعلاتن مفتعلن فذاك من الخفيف وهذا من المنسرح، فقال: لم لا تقول الجميع من المنسرح والمصراع الأول مخزوم؟ فقلت: لا يدخل الخزم هذا البحر لأنه أوله مستفعلن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 704 مفاعلن، هذه مزاحفة عنه، وإذا حذفنا متحرّكا بقينا ساكنا، وليس في كلام العرب ابتداء به وانما هو: كدت أقضي الغداة من جلله بتخفيف الضاد فأمر بتغييره، ورفعني إلى جنبه، وابتدأ فقرىء عليه من «كتاب المقتضب» باب ما يجرى وما لا يجرى، إلى أن ذكر وسحر، وأنه لا ينصرف إذا كان لسحر بعينه، لأنه معدول عن الأول، فقلت: ما علامة العدل فيه؟ فقال: أنا قلنا السحر ثم قلنا سحر، فعلمنا أن الثاني معدول عن الأول، قلت: لو كان كذلك لوجب أن تطّرد العلة في عتمة، لأنك تقول العتمة، ثم تقول عتمة، فضجر واحتدّ وصاح واربدّ، وادعيت أنه ناقص والتمس التحاكم، فكتبت رسالة أخذت فيها خطوط أهل النظر، وقد أنفذت درج كتابي نسختها، وفيها خط أبي عبد الله بن رذامر عين مشايخهم، ورأيت الشيخ بعد ذلك عزيزا فاضلا متوسعا عالما فعلقت عليه، وأخذت عنه وحصلت تفسيره لكتاب سيبويه وقرأت صدرا منه. وهناك أبو بكر ابن مقسم، وما في أصحاب ثعلب أكثر دراية وما أصحّ رواية منه، وقد سمعت مجالسه وفيها غرائب ونكت، ومحاسن وطرف، من بين كلمة نادرة، ومسألة غامضة، وتفسير بيت مشكل، وحلّ عقد معضل. وله قيام بنحو الكوفيين وقراءتهم ورواياتهم ولغاتهم. والقاضي أبو بكر ابن كامل بقية الدنيا في علوم شتى، يعرف الفقه والشروط والحديث، وما ليس من حديثنا، ويتوسع في النحو توسعا مستحسنا، وله في حفظ الشعر بضاعة واسعة، وفي جودة التصنيف قوة تامة، ومن كبار رواة المبرد وثعلب والبحتري وأبي العيناء وغيره، وقد سمعت صدرا صالحا مما عنده. وكنت أحبّ أن أسمع كلام أهل النظر بالعراق لما تتابع في حذقهم من الأوصاف، وذكر أبا زكرياء يحيى بن عدّي وغيره ومناظرات جرت هناك يطول شرحها. وحدث عن أبي نصر ابن خواشاده أنه قال: ما غبطت أحدا على منزلة كما غبطت الصاحب أبا القاسم ابن عباد، فانا كنا مقيمين بظاهر جرجان مع مؤيد الدولة على حرب الخراسانية، فدخل الصاحب إلى داره في البلد آخر نهار يوم لحضور المجلس الذي يعقده لأهل العلم، وتحته دابّة رهواء وقد أرسل عنانه، فرأيت وجوه الديلم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 705 وأكابرهم من أولاد الأمراء يعدون بين يديه كما تعدو الركابية. وكان عضد الدولة يخاطب شيخنا خطابا لا يشرك معه فيه إلا أنه كان يقلّ مكاتبته، وكانت الكتب من عضد الدولة إنما ترد على لسان كاتبه أبي القاسم عبد العزيز بن يوسف. ولما وجدت الشعراء لبضائعها عند ابن عباد نفاقا وسوقا أهدوا نتائج أفكارهم إلى حضرته وساقوها نحوه سوقا. فذكر الثعالبي قال «1» : واحتفّ به من نجوم الأرض وأفراد العصر وأبناء الفضل وفرسان الشعر من يربي عددهم على شعراء الرشيد، ولا يقصّرون عنهم في الأخذ برقاب القوافي، وملك رقّ المعاني، فإنه لم يجتمع بباب أحد من الخلفاء والملوك مثل ما اجتمع بباب الرشيد من فحولة الشعراء المذكورين، كأبي نواس وأبي العتاهية والعتابي والنمري ومسلم بن الوليد وأبي شيص وابن أبي حفصة ومحمد بن مناذر، وجمعت حضرة الصاحب بأصبهان والري وجرجان مثل أبي الحسين السلامي وأبي سعيد الرستمي وأبي القاسم الزعفراني وأبي العباس الضبي والقاضي الجرجاني وأبي القاسم ابن أبي العلاء وأبي محمد الخازن وأبي هاشم العلوي وأبي الحسن الجوهري وبني المنجم وابن بابك وابن القاشاني والبديع الهمذاني وإسماعيل الشاشي وأبي العلاء الأسدي وأبي الحسن الغويري وأبي دلف الخزرجي وأبي حفص الشهرزوري وأبي معمر الاسماعيلي وأبي الفياض الطبري وغيرهم ممن لم يبلغني ذكره أو ذهب عني اسمه، ومدحه مكاتبة الرضيّ الموسوي وأبو إسحاق الصابىء وابن الحجاج وابن سكرة وابن نباتة وغيرهم ممن يطول ذكره. وكتب أبو حفص الأصفهاني «2» الوراق إلى الصاحب رقعة نسختها: لولا أن الذكرى- أطال الله بقاء مولانا الصاحب الجليل- تنفع المؤمنين، وهزّ الصمصام يعين المصلتين، لما ذكّرت ذاكرا، ولا هززت ماضيا، ولكن ذا الحاجة يستعجل النّجح، ويكدّ الجواد السمح، وحال عبد مولانا في الحنطة متخلفة، وجرذان داره عنها منصرفة، فإن رأى أن يخلط عبده بمن أخصب رحله، فلم يشدّ رحله، فعل إن شاء الله تعالى. فوقع على رقعته: أحسنت يا أبا حفص قولا، وسنحسن فعلا، فبشر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 706 جرذان دارك بالخصب، وأمنها من الجدب، فالحنطة تأتيك في الأسبوع، ولست عن غيرها من النفقة بممنوع، ان شاء الله تعالى. قال «1» : وحدثني أبو الحسن الدارمي «2» المصيصي قال: انتحل فلان- يعني بعض المتشاعرين- بحضرة الصاحب شعرا له، وبلغه ذلك فقال: أبلغوه عني: سرقت شعري وغيري ... يضام فيه ويخدع فسوف أجزيك صفعا ... يكدّ رأسا وأخدع فسارق المال يقطع ... وسارق الشعر يصفع قال: فاتخذ الليل جملا وهرب من الري. وحدث عن عون بن الحسين الهمذاني قال «3» : سمعت أبا عيسى ابن المنجم يقول: سمعت الصاحب يقول: ما استأذنت على فخر الدولة وهو في مجلس الأنس إلا وانتقل الى مجلس الحشمة فأذن لي فيه، وما أذكر أنه تبذّل بين يديّ أو مازحني قط إلّا مرة واحدة، فإنه قال لي: بلغني أنك تقول إن المذهب مذهب الاعتزال، والنيك نيك الرجال، فأظهرت الكراهة لانبساطه وقلت: بنا من الجدّ ما لا نفرغ معه للهزل ونهضت كالمغاضب، فما زال يعتذر إليّ مراسلة حتى عاودت مجلسه، ولم يعد بعدها إلى ما يجري مجرى الهزل والمزح. ولما أتت الصاحب «4» البشارة بسبطه عباد بن علي الحسني- ولم يكن للصاحب ولد غيرها، وكان قد زوّجها من أبي الحسن علي بن الحسين الحسني الهمذاني، وكان شاعرا أديبا بليغا، وله شعر منه هذان البيتان في دار لبعض الملوك بناها: دار علت دار الملوك بهمة ... كعلوّ صاحبها على الأملاك فكأنها من حسنها وبهائها ... بنيت قواعدها على الأفلاك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 707 أنشأ الصاحب يقول: أحمد الله لبشرى ... أقبلت عند العشيّ إذ حباني الله سبطا ... هو سبط للنبيّ مرحبا ثمت أهلا ... بغلام هاشمي نبويّ علويّ ... حسني صاحبي ثم قال: الحمد لله حمدا دائما أبدا ... قد صار سبط رسول الله لي ولدا وقد ذكرت ذلك الشعراء في أشعارهم، فمن ذلك قول أبي الحسن الجوهري في قصيدة منها «1» : وكان بعد رسول الله كافله ... فصار جدّ بنيه بعد كافله هلمّ للخبر المأثور مسنده ... في الطالقان فقرّت عين ناقله فذلك الكنز عباد وقد وضحت ... عنه الإمامة في أولى مخايله لما روت الشيعة أن بالطالقان كنزا من ولد فاطمة يملأ الله الأرض به عدلا كما ملئت جورا، والصاحب من الطالقان من قرى أصفهان، فلما رزق سبطا فاطميا تأولوا له هذا الخبر وأنا بريء من العهدة. هذا الذي ذكره الثعالبي أن طالقان من قرى أصفهان، والصواب ما تقدم. قال «2» : وعرض عليّ أبو الحسن الشقيقي البلخي توقيع الصاحب إليه في رقعته: من نظر لدينه نظرنا لدنياه، فإن آثرت العدل والتوحيد، بسطنا لك الفضل والتمهيد، وإن أقمت على الجبر، فليس لكسرك من جبر. وهذه رسالة «3» كتبها الصاحب إلى أبي علي الحسين بن أحمد في شأن أبي عبد الله محمد بن حامد، قال الثعالبي: وسمعت الأمير أبا الفضل عبيد الله بن أحمد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 708 الميكالي يسردها فزادني جريها على لسانه وصدورها عن فمه إعجابا بها وهي: كتابي هذا يا سيدي صدر من سحنة «1» وقد أرخى الليل سدوله، وسحب الظلام ذيوله، ونحن على الرحيل غدا إن شاء الله إذا مدّ الصباح غرره قبل أن يسبغ حجوله، ولولا ذلك لأطلته كوقوف الحجيج على المشاعر، ولم أقتصر منه على زاد المسافر، فإن المتحمّل له وسيع الحقوق لديّ، حقيق أن أتعب له خاطري ويديّ، وهو أبو عبد الله الحامدي- كان وافى مع ذلك الشيخ الشهيد أبي سعيد الشبيبي السعيد، رفع الله منازله، وقتل قاتله، بكتب له فأنسنا بفضله، وآنسنا الخير من عقله، فلما فجع بتلك الصحبة، وبما كان له فيها من القربة، لم يرض غير بابي مشرعا، وغير جنابي مرتعا، وقطع إليّ الطريق الشاقّ مؤكّدا حقا لا يشقّ فيه غباره، ولا ينسى على الزمان ذماره، فكنت على جناح هذه النهضة التي بنا لم يستقرّ نواها، ولم تلق عصاها. فإحراج الحرّ المبتدىء الأمر، القريب العهد بوطأة الدهر، تحامل عليه بالمركب الوعر، فرددته إليك يا سيدي لتسهّل عليه حجابك، وتمهّد له جنابك، وتترصد [له] عملا خفيف الثقل، نديّ الظل، فإذا اتفق عرضته عليه، ثم فوضته إليه. وهو إلى أن يتّسق ذلك ضيفي وعليك قراه، وعندك مربعه ومشتاه، ويريد اشتغالا بالعلم يزيده استقلالا، إلى أن يأتيه إن شاء الله خبرنا في الاستقرار، ثم له الخيار: إن شاء أقام على ما ولّيته، وإن شاء التحق بنا ناشرا ما أوليته. وقد وقعت له إلى فلان بما يعينه على بعض الانتظار، إلى أن تختار له كلّ الاختيار، فأوعز إليه بتعجيله، واكفني شغل القلب بهذا الحرّ الذي أفردني بتأميله، إن شاء الله تعالى وحده. وكتب «2» إلى القاضي أبي بشر الفضل بن محمد الجرجاني عند وروده باب الري وافدا عليه: تحدثت الركاب بسير أروى ... إلى بلد حططت به خيامي فكدت أطير من شوق إليها ... بقادمة كقادمة الحمام الجزء: 2 ¦ الصفحة: 709 أفحقّ ما قيل من أمر القادم؟ أم ظنّ كأمانيّ الحالم؟ لا والله بل هو درك العيان، وإنه ونيل المنى سيّان، فمرحبا أيها القاضي براحلتك ورحلك، بل أهلا بك وبكافة أهلك، ويا سرعة ما فاح نسيم مسراك، ووجدنا ريح يوسف من رياك، فحثّ المطيّ تزل غلّتي برؤياك، وتزح علتي بلقياك، ونصّ على يوم الوصول نجعله عيدا مشرّفا، ونتخذه موسما ومعرّفا «1» ، وردّ الغلام، أسرع من رجع الكلام، فقد أمرته أن يطير على جناح نسر، يترك الصّبا في عقال أسر: سقى الله دارات مررت بأرضها ... فأدّتك نحوي يا زياد بن عامر أصائل قرب أرتجي أن أنالها ... بلقياك قد زحزحن حرّ الهواجر وقال «2» بعض ندماء الصاحب له يوما: أرى مولانا قد أغار في قوله: لبسن برود الوشي لا لتجمل ... ولكن لصون الحسن بين برود على المتنبي في قوله: لبسن الوشي لا متجملات ... ولكن كي يصنّ به الجمالا فقال: كما أغار هو في قوله: ما بال هذي النجوم حائرة ... كأنها العمي ما لها قائد على العباس بن الأحنف في قوله: والنجم في كبد السماء كأنه ... أعمى تحيّر ما لديه قائد وللصاحب أيضا «3» : يقولون لي كم عهد عينك بالكرى ... فقلت لهم مذ غاب بدر دجاها ولو تلتقي عين على غير دمعة ... لصارمتها حتى يقال نفاها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 710 من قول المهلبي الوزير: تصارمت الأجفان منذ صرمتني ... فما تلتقي إلا على دمعة تجري وللصاحب أيضا «1» : ومهفهف حسن الشمائل أهيف ... يروي النفوس بفترتي عينيه ما زال يبعدني ويؤثر هجرتي ... فجذبت قلبي من إسار يديه قالوا تراجعه فقلت بديهة ... قولا أقيم مع الرويّ عليه والله لا راجعته ولو انه ... كالبدر أو كالشمس أو كبويه أخذه من قول ابن المعتز: والله لا كلّمتها ولو انها ... كالبدر أو كالشمس أو كالمكتفي قال المؤلف: هكذا ذكر الثعالبي، ونسب هذا البيت الى ابن المعتز، وهو لأبي بكر محمد بن السراج النحوي، وله قصة طريفة، وهي مذكورة في أخباره من هذا الكتاب. ومما هجي به الصاحب قول أبي العلاء الأسدي: إذا رأيت مسجّى في مرقعة ... يأوي المساجد حرّا ضرّه بادي فاعلم بأن الفتى المسكين قد قذفت ... به الخطوب الى لؤم ابن عباد وقال السلامي «2» : يا ابن عباد بن عباس بن عبد الله حرها ... تنكر الجبر وأخرجت الى دنياك كرها ومرّ أبو العباس الضبي بباب الصاحب بعد موته فقال «3» : أيها الباب لم علاك اكتئاب ... أين ذاك الحجاب والحجّاب أين من كان يفزع الدهر منه ... فهو الآن في التراب تراب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 711 ولأبي القاسم ابن أبي العلاء الأصفهاني يرثي الصاحب من قصيدة «1» : ما متّ وحدك لكن مات من ولدت ... حوّاء طرّا بل الدنيا بل الدين هذي نواعي العلا مذ متّ نادبة ... من بعد ما ندبتك الخرّد العين تبكي عليك العطايا والصلات كما ... تبكي عليك الرعايا والسلاطين «2» قام السعاة وكان الخوف أقعدهم ... واستيقظوا بعد ما نام الملاعين لا يعجب الناس منهم إن هم انتشروا ... مضى سليمان وانحلّ الشياطين وكتب الصاحب الى أبي العلاء الأسدي من أجود أبياته «3» : يقرّ بعيني أن يلمّ رسولها ... ببابي ويهدي بالعشيّ سلامها ويذكر لي دون الرجال حديثها ... وينشر عندي نطقها وكلامها ورد يا شيخي- أطال الله بقاءك- رسولك بكتاب سبق الأفكار والظنون، وحسدت عليه القلوب العيون، وترك الواصفين بين قاصر ومقصّر. ومثّل ليالينا بين اللوى فمحجّر، بكلام كالورق النضير تتأوّه منه الغصون، وكالنور المنير أفنانه فنون، فصادفني حليفا للشوق أو رهينا، وحنينا على الحنين وساء قرينا، وكيف لا وقد ألفنا القرب حولا حولنا رياض الأدب ترفّ، ودوننا رواحل الفضل تزفّ، نملك رقاب المنطق، ونتنازع أطراف الكلام المنمّق، ونقطع الليالي تناشدا وتذاكرا، وتحادثا وتسامرا، إلى أن يخلع الظلام ثيابه، ويحدر المصباح نقابه، هذا دأبنا كان إلى أن جاوزنا الشباب مراحل، ووردنا من المشيب مناهل «4» ، ثم حان الفراق فنحن حتى اليوم منه في جوّ كدر، ونجم منكدر، يقبضنا عن الموارد العذاب، ويعرضنا على لواعج العذاب، والله نسأل إعادة هاتيك الأحوال، وتلك الأيام الخضراء الظلال، وإن كان الله قد زادنا بعدك مناجح ومنائح، وأيادي غوادي وروائح، حتى فتحنا الفتوح، وذللنا القروح، ورتقنا الفتوق، ونسخنا الفروق، وأثرنا الآثار، ووطأنا الرقاب وطلبنا الثار، واصطنعنا الصنائع، وجعلنا ودائع النعم قطائع، وعقدنا في أعناق الأحرار مننا، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 712 وأحيينا من سبل الاحسان سننا، انا قد تحملنا مشاقّ مالت على القوة للضعف، وتحاملت على الأشدّ بالوهن، ودفعت الى معالجة خطوب تعجّب الدهر من صبرنا عليها فخار، وجبن الزمان عند شجاعتنا لها فحار، وها أنا أحوج ما كنت إلى أن أرفّه، ولا أستكره، وقد رميت بسهم الأربعين، وأرميت على شرف الخمسين، مدفوع الأشغال والأثقال إلى متاعب ومصاعب لو مني [بها] ابن ثلاثين قويا أزره طريّا حرصه، لقام عجزه وقعدت به نفسه، وأظنني كنت قديما قلت: وقائلة لم عرتك الهموم ... وأمرك ممتثل في الأمم فقلت دعيني وما قد عرا ... فان الهموم بقدر الهمم وما على الراحة آسف بل على أن لا أكون مشغولا بأخرى أمهد لها وأكدح، وأدأب لنفسي وأنصح، اللهم وفّق وقدّر، وسهّل ويسّر، إنك على ما تشاء قدير. والرسالة طويلة كتبت مقدمها. ذكر محمد ما فعله الصاحب مع القاضي عبد الجبار بن أحمد من حسن العناية والتولية والتمويل، فلما مات الصاحب كان يقول «1» : أنا لا أترحّم عليه لأنه لم يظهر توبته، فطعن عليه في ذلك ونسب إلى قلّة الرعاية، لا جرم أنّ فخر الدولة قبض عليه بعد موت الصاحب، وصادره فيما قيل على ثلاثة آلاف ألف درهم، وعزله عن قضاء الري، وولّى مكانه القاضي أبا الحسن علي بن عبد العزيز الجرجاني العلامة صاحب التصانيف والفضائل الجمة، وقد ذكرته أنا في بابه «2» ، فقيل إن عبد الجبار باع ألف طيلسان مصري في مصادرته، وهو شيخ طائفتهم، يزعم أن المسلم يخلّد في النار على ربع دينار، وجميع هذا المال من قضاء الظلمة بل الكفرة عنده وعلى مذهبه، وإنما ذكرت هذا للاعتبار. وقرأت في كتاب هلال بن المحسن بن إبراهيم الصابىء قال: وكان الصاحب أبو القاسم يراعي من ببغداد والحرمين من أهل الشرف وذوي المآثر من السلف، وشيوخ الكتاب والشعراء، وأولاد الأدباء والزهاد والفقهاء، بما يحمله إليهم في كلّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 713 سنة مع الحاجّ على مقاديرهم ومنازلهم، وكان يحمل إلى أبي إسحاق إبراهيم بن هلال جدي خمسمائة دينار وإليّ ألفي درهم جبلية مع جعفر بن شعيب، فأذكر وقد راسله بعد وفاة عضد الدولة بالاستدعاء إلى حضرته بالري، وبذل له النفقة الواسعة والمعونة الشاسعة عند شخوصه والإرغاب والاكثار عند حضوره، فكانت عقلة بالذيل الطويل والظهر الثقيل تمنعه من ترك موضعه ومفارقة موطنه، فمما كتبه إليه بالاعتذار عن التأخر: نكصت على أعقابهنّ مطالبي ... وتقاعست عن شأوهنّ مآربي وتبلّدت مني القريحة بعد ما ... كانت نفاذا كالشهاب الثاقب وبكيت شرخ شبيبتي فدفنتها ... دفن الأعزّة في العذار الشائب ومنها: فلو ان لي ذاك الجناح لطار بي ... حتى أقبّل ظهر كفّ الصاحب وأعيش في سقيا سحائبه التي ... ضمنت سعادة كلّ جد خائب وأراجع العادات حول قبابه ... حتى السواد من الشباب الذاهب وأعدّ من جلساء حضرته التي ... شحنت بكلّ مسائل ومحارب فيقول من ذا سائل عني له ... مستثبت فيقول: هذا كاتبي أترى أروم بهمتي ما فوق ذا ... أنّى وخدمته أجلّ مراتبي ومنها يعتذر: كثرت عوائقي التي تعتاقني ... من غيث راحته الملثّ الساكب ولد لهم ولد وبطن ثالث ... هو رابعي وعشيرتي وأقاربي والسنّ تسع بعدها خمسون قد ... شامت بوارق يومها المتقارب فالجسم يضعف عن تجشّم راجل ... والحال يقصر عن ترفّه راكب وعليّ للسلطان طاعة مالك ... كانت على المملوك ضربة لازب وتعطلي مع شهوتي كتصرفي ... كلّ سواء في حساب الحاسب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 714 وهي طويلة فلما كانت سنة أربع وثمانين التي توفي فيها جدي أحسّ بانقضاء مدته، وحضور منيته، فكتب إلى الصاحب كتابا يسأله فيه إقرار هذا الرسم المذكور على ولده، واجراءه لهم من بعده، وقرن الكتاب بقصيدة أولها: تحذّر منك النائبات فتحذر ... وتذكر للخطب الجسيم فيصغر وتكسى بك الدنيا ثياب جمالها ... فيرجوك معروف ويخشاك منكر يقول فيها: أسيدنا إنّ المنية أعذرت ... إليّ بآيات تروع وتذعر لها نذر قد آذنتني بهجمة ... على مورد ما عنه للمرء مصدر وإني لأستحلي مرارة طعمه ... إذا كنت بالتقديم لي تتأخر وحقّ لنفس كان منك معاشها ... إذا غمضت عينا وعينك تنظر ومن ورّث الأولاد بعد وفاته ... حضانك طابت نفسه حين يقبر تمرّد منك الجود حتى تمردت ... مطالبنا والماجد الحرّ يصبر أأطلب منك الرفد عمري كله ... وأطلبه والجنب مني معفر وليست بأولى بدعة لك في الندى ... لها موقف [في] الحمد [يطوى و] ينشر وهي طويلة. قال هلال بن المحسن: وأمرني بأن أنفذ ذلك فأنفذته، وكتبت عن نفسي كتابا في معناه، ووصل ونفذ من يحمل الرسم على العادة، ثم اتفق أن توفي الصاحب في أول سنة خمس وثمانين وثلاثمائة فوقف، وكانت بين وفاتهما شهور. قال هلال: وسمعت محدثا يحدّث أبا إسحاق أنه سمع الصاحب يقول: ما بقي من أوطاري وأغراضي إلا أن أملك العراق، وأتصدّر ببغداد، وأستكتب أبا اسحاق الصابىء، ويكتب عني وأغيّر عليه، فقال جدي: ويغيّر علي وإن أصبت!! قال: وحدثني أبو إسحاق جدي قال: حضر الصاحب أبو القاسم ابن عباد دار الوزير المهلبي عند وروده إلى بغداد مع مؤيد الدولة، فحجب عنه لشغل كان فيه، وجلس طويلا، فلما تأخر الإذن كتب إليّ رقعة لطيفة فيها: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 715 وأترك محجوبا على الباب كالخصى ... ويدخل غيري كالأيور ويخرج فأقرأتها الوزير المهلبيّ فأمر بإدخاله. قال: وكان الصاحب عند دخوله إلى بغداد قصد القاضي أبا السائب عتبة بن عبيد لقضاء حقه، فتثاقل في القيام له، وتحفّز تحفزا أراه به ضعف حركته وقصور نهضته، فأخذ الصاحب بضبعه وأقامه، وقال: نعين القاضي على قضاء حقوق إخوانه، فخجل أبو السائب واعتذر إليه. وذكر القاضي أبو علي التنوخي في كتاب نشوار المحاضرة «1» : حدثني أبو منصور عبد العزيز بن محمد بن عثمان المعروف بابن أبي عمرو الشرابي حاجب أمير المؤمنين المطيع لله قال: دخلت في حداثتي يوما على أبي السائب القاضي فتثاقل في القيام لي وأظهر لي ضعفا عنه للسنّ والعلل المتصلة به، قال: فتطاول فجذبت يده بيدي حتى أقمته القيام التامّ وقلت له: أعين قاضي القضاة أيده الله على إكمال البر وتوفية الإخوان حقوقهم، قال: وقد كنت عاتبا عليه في أشياء عاملني بها، وإنما جئته للخصومة، فبدأت لأخذ «2» الكلام، فحين رأى الشرّ في وجهي قال: تتفضل لاستماع كلمتين ثم تقول ما شئت، فقلت له: قل فقال: روينا عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله تعالى: فاصفح الصفح الجميل (الحجر: 85) قال: عفو بلا تقريع، فإن رأيت أن تفعل ذلك فافعل، فاستحييت من الاستقصاء عليه وانصرفت. قال المؤلف: والذي عندي أن الخبر إنما جرى بين هذا والقاضي، وبلغ أمره الصاحب فانتحله لنفسه، وحكاه في مجلس أنسه، فشاع عنه، وكان الصاحب رحمه الله ممن يحبّ الفخر وانتحال الفضائل التي ربما قصّر عنها. ومن أشعار الصاحب «3» : يا خاطرا يخطر في تيهه ... ذكرك موقوف على خاطري الجزء: 2 ¦ الصفحة: 716 إن لم تكن آثر من ناظري ... عندي فلا متّعت بالناظر وكتب إلى أبي الحسين «1» الطبيب «2» : إنا دعوناك «3» على انبساط ... والجوع قد أثّر في الأخلاط فإن عسى ملت إلى التباطي ... صفعت بالنعل قفا بقراط وله «4» : بعدت فطعم العيش بعدك علقم ... ووجه حياتي مذ تغيبت أرقم فما لك قد أدغمت قربك في النوى ... وودّك في غير النداء مرخم وقال لما حضرته الوفاة «5» : وكم شامت بي عند موتي جهالة ... بظلم يسلّ السيف بعد وفاتي ولو علم المسكين ماذا يناله ... من الذلّ بعدي مات قبل مماتي وله أيضا «6» : بدا لنا كالبدر في شروقه ... يشكو غزالا لجّ في عقوقه يا عجبا والدهر في طروقه ... من عاشق أحسن من معشوقه قال أبو بكر الخوارزمي «7» أنشدنا الصاحب هذه القوافي ليلة وقال: هل تعرفون نظيرا لمعناها في شعر المحدثين؟ فقلت لا أعرف إلا قول البحتري: ومن عجب الدهر أنّ الأمير ... أصبح أكتب من كاتبه قال فقال: جودت وأحسنت هكذا فليكن الحفظ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 717 وله ويروى لغيره «1» : رشأ غدا وجدي عليه كردفه ... وغدا اصطباري في هواه كخصره وكأنّ يوم وصاله من وجهه ... وكأن ليلة هجره من شعره إن ذقت خمرا خلتها من ريقه ... أو رمت مسكا نلته من نشره وإذا تكبّر واستطال بحسنه ... فعذار عارضه يقوم بعذره وله أيضا «2» : دبّ العذار على ميدان وجنته ... حتى إذا كاد أن يسعى به وقفا كأنه كاتب عزّ المداد له ... أراد يكتب لاما فابتدا ألفا وله أيضا «3» : وخطّ كأنّ الله قال لحسنه ... تشبّه بمن قد خطّك اليوم فائتمر وهيهات أين الخطّ من حسن وجهه ... وأين ظلام الليل من صفحة القمر وله أيضا «4» : وشادن قلت له ما اسمكا ... فقال لي بالغنج عبّاث فصرت من لثغته ألثغا ... فقلت أين الكاث والطاث وله يصف الثلج «5» : هات المدامة يا غلام مصيّرا ... نقلي عليها قبلة أو عضّه أو ما ترى كانون ينثر ورده ... وكأنما الدنيا سبائك فضّه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 718 وله أيضا «1» : وصفراء أو حمراء فهي مخيلة ... لرقّتها إلا على المتوهّم تشكّكنا في الكرم أنّ انتماءه ... إلى الخمر أم هاتا إلى الكرم تنتمي لك الوصف دون القصف مني فخيّمي ... بغير يدي وارضي بما قاله فمي وكتب إلى أبي الفضل ابن شعيب «2» : يا أبا الفضل لم تأخّرت عنّا ... فأسأنا بحسن عهدك ظنّا كم تمنت نفسي صديقا صدوقا ... فإذا أنت ذلك المتمنّى فبغصن الشباب لما تثنّى ... وبعهد الصّبا وإن بان منّا كن جوابي إذا قرأت كتابي ... لا تقل للرسول كان وكنا وله أيضا «3» : يا ابن يعقوب يا نقيب البدور ... كن شفيعي إلى فتى مسرور قل له إنّ للجمال زكاة ... فتصدّق بها على المهجور وله يمدح عضد الدولة «4» : سعود يحار المشتري في طريقها ... ولا تتأتّى في حساب المنجّم وكم عالم أحييت من بعد عالم ... على حين صاروا كالهشيم المحطم فو الله لولا الله قال لك الورى ... مقال النصارى في المسيح ابن مريم محامد لو فضّت ففاضت على الورى ... لما أبصرت عيناك وجه مذمّم وكلّا ولكن لو حظوا بزكاتها ... لما سمعت أذناك ذكر ملوّم ولو قلت إن الله لم يخلق الورى ... لغيرك لم أحرج ولم أتأثم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 719 وله يهجو «1» : سبط متّوي رقيع سفله ... أبدا يبذل فينا أسفله اعتزلنا نيكه في دبره ... فلهذا يلعن المعتزله وله في رجل كثير الشرب بطيء السكر «2» : يقال لماذا ليس يسكر بعد ما ... توالت عليه من نداماه قرقف فقلت سبيل الخمر أن تنقص الحجى ... فإن لم تجد شيئا فماذا تحيّف وله أيضا «3» : شرط الشروطيّ فتى أيّر ... وما سواه غير مشروط أبغى من الإبرة لكنّه ... يوهم قوما أنه لوطي وله أيضا «4» : تصدّ أميمة لما رأت ... مشيبا على عارضي قد فرش فقلت لها الشيب نقش الشباب ... فقالت ألا ليته ما نقش وله أيضا «5» : ولما تناءت بالأحبّة دارهم ... وصرنا جميعا من عيان إلى وهم تمكن مني الشوق غير مسامح ... كمعتزليّ قد تمكن من خصم حدث القاضي أبو عبد الله ابن الحسن بن علي السميري قال، حدث الصاحب قال «6» : لما عدت من أصبهان بعد القبض على أبي الفتح ابن العميد دعا مؤيد الدولة إلى طعامه وكنت عليه معه، فبينا الألوان توضع وترفع إذ قدمت بين يديّ طنبورية بمكبة، ثم شيلت المكبة فإذا بيد أبي الفتح ابن العميد وفي إصبعه خاتمه الذي أعرفه، فارتعت لذلك ووجمت منه، فقال لي مؤيد الدولة: إنما فعلت هذا لتسكن نفسك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 720 وتعلم إن الله قد كفاك عدوك، فدعوت له ولم أنتفع بنفسي أياما قلقا وانزعاجا. قال القاضي: وكانت والدة أبي الفتح في دار الصاحب على أتمّ حال مراعاة وحراسة فلم يعلمها ولا مكن من إعلامها بقتله حتى ماتت. [243] إسماعيل بن عبد الله بن محمد بن ميكال ، أبو العباس الميكالي، وقد ذكر هذا النسب في عدة مواضع: مات ليلة الاثنين الخامس عشر من صفر سنة اثنتين وستين وثلاثمائة بنيسابور وهو ابن اثنتين وتسعين سنة، ودفن بمقبرة باب معمر، وكان شيخ خراسان ووجهها وعينها في عصره. سمع بنيسابور أبا بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة وأبا العباس محمد بن إسحاق السراج وأبا العباس أحمد بن محمد الماسرجسي، وبكور الأهواز عبدان بن أحمد بن موسى الجواليقي الحافظ والحسين بن بهار وعليّ بن سعيد العسكري. سمع منه الحفاظ مثل أبي علي النيسابوري وأبي الحسين محمد بن محمد بن الحجاجي وأبي عبد الله محمد بن عبد الله بن البيع الحافظ وذكره في «التاريخ» وقال: ولد أبو العباس بنيسابور، فلما قلد أمير المؤمنين المقتدر بالله أباه عبد الله بن محمد الأعمال بكور الأهواز حمل إلى حضرة أبيه، فاستدعى أبا بكر محمد بن الحسن بن دريد لتأديبه، فأجيب إليه إيجابا له، وبعث بأبي بكر الدريدي إليه فهو كان مؤدبه، وكان واحد عصره. وفي عبد الله بن محمد بن ميكال وابنه أبي العباس قال الدريدي قصيدته المشهورة «1» في الدنيا التي مدحهم بها. ثم قال الحاكم: سمعت أبا العباس وسئل عن مقصورة الدريدي يقول:   [243]- يتيمة الدهر 4: 354 وإنباه الرواة 1: 199 والوافي 9: 148 وسير الذهبي 16: 156 وعبر الذهبي 2: 327 والشذرات 3: 41. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 721 أنشدنيها مؤدبي أبو بكر الدريدي ثم قرأتها عليه مرارا، فسألناه أن ينشدناها فقال: أنشدنا أبو بكر ابن دريد «1» : إمّا تري رأسي حاكى لونه إلى أن بلغ إلى الأبيات التي مدحهم الدريدي فيها، فقال: هذه الأبيات قد ذكرنا فيها، فلو أنشدها بعضكم، فقرأها عليه أبو منصور الفقيه وأقرّ بها وهي «2» : إنّ العراق لم أفارق أهله ... عن شنآن صدّني ولا قلى إلى أن بلغ قوله: لا زال شكري لهما مواصلا ... دهري أو يعتاقني صرف المنى «3» إلى ها هنا قرىء عليه، ثم أنشدنا لفظا إلى آخرها، وذلك في شهر رمضان سنة ست وأربعين وثلاثمائة. قال الحاكم: سمعت أبا بكر محمد «4» بن إبراهيم الجوري الأديب وهو يحدثنا عن أبي بكر ابن دريد، قلت له: أين كتبت عنه ولم تدخل العراق؟ قال: كتبت عنه بفارس لما قدم على عبد الله بن محمد بن ميكال لتأديب ولده أبي العباس، فقلت له: أبو العباس إذ ذاك صبي؟ فقال: لا والله إلا رجل إمام في الأدب والفروسية بحيث يشار إليه. قال: وسمعت أبا عبد الله محمد بن الحسين الوضاحي يقول «5» : سمعت أبا العباس ابن ميكال يذكر صلة الدريدي في إنشائه المقصورة فيهم؛ قال الوضاحي: فقلت له: وأيش الذي وصل إليه من خاصة الشيخ؟ فقال: لم تصل يدي إذ ذاك إلا إلى ثلاثمائة دينار صببتها في طبق كاغد ووضعتها بين يديه. قال: وسمع الميكالي من عبدان الاهوازي، وسمع «الموطأ» لمالك بن أنس، وسمع لما عاد إلى نيسابور من أبي بكر محمد بن خزيمة وأبي العباس الثقفي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 722 والماسرجسي وأقرانهم وحدث بضع عشرة سنة إملاء وقراءة. وروى عنه أبو علي الحافظ في مصنفاته وأبو الحسين الحجاجي ومشايخنا رضي الله عنهم. قال الحاكم: سمعت أبا محمد عبد الله بن إسماعيل يقول [قال أبي] : لما توفي أبي عبد الله بن ميكال أمر أمير المؤمنين أن أقلّد الأعمال التي كان يتقلّدها أبي، فأمر لي باللواء والخلعة، وأخرج في ذلك خادما من خواصّ الخدم، وكوتبت فيه فبكيت واستعفيت، والناس يتعجبون من ذلك، وقلت: لي بخراسان معاش أرجع إليه. فلما انصرفت إلى نيسابور جاءني أبو نصر ابن أبي حية غداة جمعة فقال: ينبغي ان تتأهب للركوب إلى الرئيس أبي عمرو الخفاف، فإنّ هذا رسم مشايخ البلد معه، فركبت معه إليه فلم يتحرك لي، فخرجت من عنده وأنا أبكي، فقال لي أبو نصر: ما الذي أبكاك؟ فقلت: سبحان الله، رددت على المقتدر الولاية بفارس وخوزستان وانصرفت إلى نيسابور حتى أزور أبا عمرو الخفاف فلا يتحرك لي؟ فقال لي: لا تغتمّ بهذا واعمل على الخروج إلى هراة فإن والي خراسان أحمد بن إسماعيل بها، وإذا رآك وضربك بالصولجان وعلم محلّك أجلسك على رقاب كلّ من بنيسابور. فتأهبت وأصلحت هدية له، وخرجت إلى هراة، فوصلت إلى خدمة السلطان ورضي خدمتي ودعاني إلى الصولجان ورضي مقامي، فلما استأذنت للانصراف عرض عليّ أعمالا جليلة فامتنعت عنها، فزوّدوني بجهاز وخلع، وكان الأمر على ما ذكره أبو نصر ابن أبي حية. قال: وسمعت أبا عبد الله ابن أبي ذهل يقول: قال لي الوزير أبو جعفر أحمد بن الحسين العتبي: لما أجلسني الأمير الرشيد هذا المجلس نظرت إلى جميع أهل خراسان ممن يؤهل للجلوس معي في مجلس السلطان- أيده الله- فلم أجد فيهم أجلّ من أبي العباس ابن ميكال، فسألت السلطان استحضاره، فلما حضر امتنع من تقلّد العمل، فقلت له: ديوان الرسائل هو قضاء القضاة أمر منوط بالعلم والعلماء، فتقلد ديوان الرسائل، فصار جليسي في مجلس السلطان، وكان على كره من أبي العباس. قال: وسمعت أبا يحيى حماد بن الحمادي يقول: لما قلد أبو العباس ابن ميكال أمر أن يغير زيه من التعمّم تحت الحنك والرداء وغير ذلك فلم يفعل، وراجع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 723 السلطان فيه حتى أذن فيه، فكان يجلس في الديوان متطلّسا متعمما تحت الحنكة. قال: وسمعت قاضي القضاة أبا الحسن محمد بن صالح الهاشمي يذكر آثار الميكالية ببغداد، ويصف إنشاء ابن ميكال، فوصف له بعض أحوالهم بخراسان فقال: آثارهم عندنا بالعراق أكثر منها بخراسان لأنهم ناقلة من عندنا إلى خراسان. [244] إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي ذؤيب السدّي الأعور ، وقيل عبد الرحمن بن أبي كريمة، مولى زينب بنت قيس بن مخرمة من بني عبد مناف: حجازي الأصل سكن الكوفة، مات سنة سبع وعشرين ومائة في أيام بني أمية في ولاية مروان بن محمد. روى عن أنس بن مالك وعبد خير «1» وأبي صالح «2» ورأى ابن عمر. وهو السدّي الكبير، وكان ثقة مأمونا. روى عنه الثوري وشعبة «3» وزائدة «4» وسماك بن حرب وإسماعيل بن أبي جذيمة وسليمان التيمي «5» . وكان ابن أبي خالد إسماعيل يقول: السديّ أعلم بالقرآن من الشعبي. وقال أبو بكر ابن مردويه الحافظ: إسماعيل بن عبد الرحمن السدي يكنى أبا محمد، صاحب التفسير، إنما سمّي السدي لأنه نزل بالسدة، كان أبوه من كبار أهل أصبهان، أدرك جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم منهم: سعد بن أبي وقاص وأبو   [244]- ترجمة السدّي الكبير في طبقات ابن سعد 6: 323 وتاريخ البخاري 1: 360 والجرح والتعديل 2؛ 184 وتاريخ الذهبي 5: 43 وسير الذهبي 5: 264 وتهذيب التهذيب 1: 313 وطبقات المفسرين 1: 109 والوافي 9: 142. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 724 سعيد الخدري وابن عمر وأبو هريرة وابن عباس. وقال غيره: نسب السدّي إلى بيع الخمر- يعني المقانع- في سدة الجامع- يعني باب الجامع. وقال الفلكي: إنما سمّي السدي لأنه كان يجلس بالمدينة في موضع يقال له السّدّ. وكان شريك يقول: ما ندمت على رجل لقيته أن لا أكون كتبت كلّ شيء لفظ به الا السدّي. قال يحيى بن سعيد: ما سمعت أحدا يذكر السدّيّ إلا بخير. ومحمد بن مروان بن عبد الله بن إسماعيل بن عبد الرحمن السدي «1» من أهل الكوفة، يروي عن الكلبي صاحب التفسير وداود بن أبي هند وهشام بن عروة، روى عنه ابنه علي ويوسف بن عديّ والعلاء بن عمرو وأبو إبراهيم الترجماني وغيرهم، وهو السدي الصغير. وكان يحيى بن معين يقول: السدي الصغير محمد بن مروان صاحب التفسير ليس بثقة. وقال البخاري: محمد بن مروان الكوفي صاحب الكلبيّ لا يكتب حديثه ألبتة. وسئل أبو علي صالح جزرة «2» عنه فقال: كان ضعيفا وكان يضع الحديث، وكلّ ضعّفه. وذكر الحافظ أبو نعيم في «تاريخ أصبهان» «3» من تصنيفه قال: إسماعيل بن عبد الرحمن الأعور يعرف بالسدّي صاحب التفسير، كان أبوه عبد الرحمن يكنى أبا كريمة «4» من عظماء أهل أصبهان، توفي في ولاية مروان، وذكر كما تقدم «5» ، وكان عريض اللحية إذا جلس غطى لحيته صدره، قيل إنه رأى سعد بن أبي وقاص. وقال أبو نعيم باسناده: إن السدّي قال: هذا التفسير أخذته عن ابن عباس، فإن كان صوابا فهو قاله، وان كان خطأ فهو قاله. قال أبو نعيم فيما رفعه إلى السدي أنه قال: رأيت نفرا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلّم منهم: أبو سعيد الخدري وأبو هريرة وابن عمر، كانوا يرون أنه ليس أحد منهم على الحال التي فارق عليها محمدا إلا عبد الله بن عمر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 725 [245] إسماعيل بن عبد الرحمن بن أحمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن عامر بن عابد، أبو عثمان الصابوني: مات في ثالث محرم سنة تسع وأربعين وأربعمائة. قال عبد الغافر: هو الاستاذ الإمام شيخ الاسلام أبو عثمان الصابوني الخطيب المفسر المحدث الواعظ، أوحد وقته في طريقته، وكان أكثر أهل العصر من المشايخ سماعا وحفظا ونشرا لمسموعاته وتصنيفاته وجمعا وتحريضا على السماع وإقامة لمجالس الحديث. سمع الحديث بنيسابور من أبي العباس البالوني «1» وأبي سعيد [محمد بن الحسين بن موسى] السمسار، وبهراة من أبي بكر أحمد بن إبراهيم القرّاب «2» وأبي معاذ شاه بن عبد الرحمن «3» وسمع بالشام والحجاز ودخل معرة النعمان فلقي بها أبا العلاء أحمد بن سليمان، وسمع بالجبال وغيرها من البلاد، وحدّث بنيسابور وخراسان إلى غزنة وبلاد الهند وجرجان وآمل وطبرستان وبالشام وبيت المقدس والحجاز. روى عنه أبو عبد الله القارىء وأبو صالح المؤذن. ومن «تاريخ دمشق» ان الصابوني وعظ للناس ستين «4» سنة، قال: وله شعر منه «5» : ما لي أرى الدهر لا يسخو بذي كرم ... ولا يجود بمعوان ومفضال ولا أرى أحدا في الناس مشتريا ... حسن الثناء بانعام وإفضال صاروا سواسية في لؤمهم شرعا ... كأنما نسجوا فيه بمنوال   [245]- ترجمته في السياق (المنتخب 2) : 38 ومصورة ابن عساكر 2: 855 وتهذيبه 3: 30 والوافي 9: 143 (ويعتمد ياقوت على السياق وتاريخ دمشق) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 726 وذكر من فضله كثيرا ثم قال: ومولده ببوشنج للنصف من جمادى الآخرة سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة، وذكر وفاته كما تقدم. [246] إسماعيل بن علي بن إسماعيل بن يحيى بن بنان الخطبي أبو محمد: سمع الحارث بن أبي أسامة والكديمي «1» وعبد الله بن أحمد «2» وغيرهم. وروى عنه الدارقطني وابن شاهين وابن رزقويه، وكان ثقة فاضلا نبيلا فهما عارفا بأيام الناس وأخبار الخلفاء، وصنف تاريخا كبيرا على ترتيب السنين، وكان عالما بالأدب ركينا عاقلا ذا رأي ويتحرّى الصدق. ولد الخطبي في محرم سنة تسع وتسعين ومائتين ومات في جمادى الآخرة سنة خمسين وثلاثمائة في خلافة المطيع لله. حدث الخطيب قال «3» : سمعت الأزهري يقول: جاء أبو بكر ابن مجاهد وإسماعيل الخطبي إلى منزل أبي عبد الصمد الهاشمي فقدم إسماعيل أبا بكر، فتأخر أبو بكر وقدّم إسماعيل، فلما استأذن إسماعيل أذن له فقال له: أدخل ومن أنا معه «4» ؟ وحدث عن [أبي] الحسن ابن رزقويه عن إسماعيل الخطبي قال: وجّه إليّ الراضي بالله ليلة عيد فطر فحملت إليه راكبا بغلة، فدخلت عليه وهو جالس في الشموع، فقال لي: يا إسماعيل إني قد عزمت في غد على الصلاة بالناس في المصلّى فما أقول إذا انتهيت في الخطبة إلى الدعاء لنفسي؟ قال: فأطرقت ثم قلت:   [246]- ترجمة الخطبي في المنتظم 7: 3 وتاريخ بغداد 6: 304 (وفي نسبه: بيان بدل بنان) وطبقات الحنابلة 2: 118 والوافي 9: 160 وسير الذهبي 15: 522 والشذرات 3: 3 والنجوم الزاهرة 3: 328. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 727 يقول أمير المؤمنين: رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين (النمل: 19) فقال: حسبك، ثم أمرني بالانصراف وأتبعني بخادم فدفع إليّ خريطة فيها أربعمائة دينار وكانت الدنانير خمسمائة فأخذ الخادم منها لنفسه مائة، [أو] كما قال. [247] إسماعيل بن علي الحظيري -[والحظيرة] من أعمال دجيل ثم من ناحية نهر تاب-: كان فاضلا متميزا لسنا ذا بلاغة وبراعة، وله في ذلك تصانيف معروفة متداولة، إلا أنّ الخمول كان عليه غالبا. قدم بغداد، وقرأ الأدب على أبي محمد إسماعيل بن أبي منصور موهوب بن الخضر الجواليقي وعلى أبي البركات عبد الرحمن بن الأنباري وعلى علي بن عبد الرحمن السلمي بن العصار، وأدرك ابن الخشاب أبا محمد وأخذ عنه علما جما، وقرأ على أبي الغنائم ابن حبشي، وكان ورعا زاهدا تقيا، رحل إلى الموصل وأقام بها في دار الحديث عدة سنين، ثم اشتاق إلى وطنه فرجع إلى بغداد فمات بها في صفر سنة ثلاث وستمائة. وله تصانيف ورسائل مدوّنة وخطب وديوان شعر وكتاب جيّد في علم القراءة، رأيته. ومن شعره: لا عالم يبقى ولا جاهل ... ولا نبيه لا ولا خامل على سبيل مهيع لاحب ... يودي أخو اليقظة والغافل   [247]- ترجمته في الغصون اليانعة: 76 والوافي 9: 163 وبغية الوعاة 1: 452 وفي الجامع المختصر لابن الساعي: 209 أنه إسماعيل بن علي بن محمد بن مواهب (وسماه في الغصون: إسماعيل بن مواهب) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 728 [248] إسماعيل بن عيسى بن العطار أبو إسحاق: من أهل السير، بغدادي روى عنه الحسن بن علويه. ذكره محمد بن اسحاق النديم وقال: له من الكتب كتاب المبتدأ . [249] اسماعيل بن القاسم بن عيذون بن هارون بن عيسى بن محمد بن سليمان المعروف بالقالي، أبو علي البغدادي مولى عبد الملك بن مروان: ولد بمنازجرد «1» من ديار بكر، ودخل بغداد سنة ثلاث وثلاثمائة وأقام بها إلى سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة، مات بقرطبة في ربيع الآخر سنة ست وخمسين وثلاثمائة ومولده في سنة ثمانين ومائتين، وفي أيام الحكم المستنصر كانت وفاته. سمع من أبي القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي وأبي سعيد الحسين «2» بن علي بن زكرياء بن يحيى بن صالح بن عاصم بن زفر العدوي وأبي بكر عبد الله بن أبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني، وقرأ على أبي بكر ابن دريد وأبي بكر ابن السراج وأبي عبد الله نفطويه وأبي إسحاق الزجاج وأبي الحسن علي بن سليمان الأخفش وأبي عمر الزاهد، وقرأ كتاب سيبويه على ابن درستويه «3» وسأله عنه حرفا حرفا. وأما نسبته فإنه منسوب   [248]- ذكره ابن النديم في الفهرست: 122 وذكر له كتبا أخرى هي كتاب حفر زمزم. كتاب الردة. كتاب الفتوح. كتاب الجمل. كتاب صفين. كتاب الألوية. كتاب الفتن. [249]- ترجمة القالي في طبقات الزبيدي: 185- 186 وجذوة المقتبس: 155 (بغية الملتمس رقم: 547) . وتاريخ ابن الفرضي 1: 83 وإنباه الرواة 1: 204 وابن خلكان 1: 226 وسير الذهبيّ 16: 45 والوافي 9: 190 وبغية الوعاة 1: 453 ونفح الطيب 3: 70 والشذرات 3: 18 ومرآة الجنان 2: 359 والمقفى 2: 107. وانظر مقدمة السمط، وفي فهرسة ابن خير: 395 ثبت بأسماء الكتب التي أدخلها الى الأندلس. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 729 إلى قالي قلا، بلد من أعمال أرمينية. قال القالي «1» . لما دخلت [بغداد] انتسبت إلى قالي قلا رجاء الانتفاع بذلك لأنها ثغر من ثغور المسلمين لا يزال بها المرابطون. فلما تأدّب ببغداد ورأى أنه لا حظّ له بالعراق قصد بلاد الغرب، فوافاها في أيام المتلقب بالحكم المستنصر «2» بالله بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن الحكم بن هشام بن عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف- قالوا: وهذا أول من دعي من هؤلاء بالغرب أمير المؤمنين «3» ، إنما كان المتولون قبله يدعون ببني الخلائف-. فوفد القالي إلى الغرب في سنة ثلاثين وثلاثمائة، فأكرمه صاحب الغرب وأفضل عليه إفضالا عمّه، وانقطع هناك بقية عمره، وهناك أملى كتبه أكثرها عن ظهر قلب: منها كتاب الأمالي، معروف بيد الناس كثير الفوائد غاية في معناه؛ قال أبو محمد ابن حزم: كتاب نوادر أبي علي مبار للكتاب «الكامل» الذي جمعه المبرد، ولئن كان كتاب أبي العباس أكثر نحوا وخبرا فإن كتاب أبي علي أكثر لغة وشعرا. وكتاب الممدود والمقصور رتّبه على التفعيل ومخارج الحروف من الحلق، مستقصى في بابه لا يشذّ منه شيء في معناه، لم يوضع مثله. وكتاب الإبل ونتاجها وما تصرف معها. وكتاب حلي الانسان والخيل وشياتها. وكتاب فعلت وأفعلت. كتاب مقاتل الفرسان. كتاب تفسير السبع الطوال. كتاب البارع في اللغة على حروف المعجم، جمع فيه كتب اللغة، يشتمل على ثلاثة آلاف ورقة، قال الزبيدي «4» : ولا نعلم أحدا من المتقدمين ألّف مثله. قرأت بخط أبي بكر محمد بن طرخان بن الحكم قال الشيخ الإمام أبو محمد [ابن] العربي: كتاب البارع لأبي علي القالي يحتوي على مائة مجلد لم يصنّف مثله في الإحاطة والاستيعاب؛ إلى كتب كثيرة ارتجلها وأملاها عن ظهر قلب كلها. قال الحميدي «5» : وممن روى عن القالي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 730 أبو بكر محمد بن الحسن الزبيدي النحوي صاحب كتاب «مختصر العين» و «أخبار النحويين» وكان حينئذ إماما في الأدب، ولكن عرف فضل أبي علي فمال إليه واختصّ به واستفاد منه وأقرّ له. قال الحميدي «1» : وكان أقام ببغداد خمسا وعشرين سنة ثم خرج منها قاصدا إلى المغرب سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة ووصل إلى الأندلس في سنة ثلاثين وثلاثمائة في أيام عبد الرحمن الناصر، وكان ابنه الأمير أبو العاص الحكم بن عبد الرحمن من أحبّ ملوك الأندلس للعلم وأكثرهم اشتغالا به وحرصا عليه، فتلقاه بالجميل وحظي عنده وقرب منه وبالغ في إكرامه، ويقال إنه هو الذي كتب إليه ورغّبه في الوفود عليه. واستوطن قرطبة ونشر علمه بها. قال «2» : وكان إماما في علم العربية متقدما فيها متقنا لها، فاستفاد الناس منه وعوّلوا عليه، واتخذوه حجة فيما نقلوه. وكانت كتبه على غاية التقييد والضبط والاتقان. وقد ألّف في علمه الذي اختصّ به تآليف مشهورة تدلّ على سعة علمه وروايته. وحدّث عنه جماعة منهم أبو محمد عبد الله بن الربيع بن عبد الله التميمي، ولعله آخر من حدث عنه، وأحمد بن أبان بن سيد، والزبيدي كما ذكرنا آنفا. قال: وكان أعلم الناس بنحو البصريين وأرواهم للشعر مع اللغة. قال الزبيدي «3» : وسألته لم قيل له القالي فقال: لما انحدرنا إلى بغداد كنّا في رفقة فيها أهل قالي قلا، وهي قرية من قرى منازجرد، وكانوا يكرمون لمكانهم من الثغر، فلما دخلت بغداد نسبت إليهم لكوني معهم، وثبت ذلك عليّ. قال الحميدي «4» : وكان الحكم المستنصر قبل ولايته الأمور وبعد أن صارت إليه يبعثه على التأليف، وينشطه بواسع العطاء، ويشرح صدره بالإجزال في الإكرام. ... وكانوا يسمونه بالبغدادي لكثرة مقامه [بها] ووصوله إليهم منها. قال السلفي بإسناد له: أخبرنا القاضي أبو الحكم منذر بن سعيد البلوطي قال: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 731 كتبت إلى أبي علي البغدادي القالي أستعير منه كتابا من «الغريب» وقلت: بحقّ ريم مهفهف ... وصدغه المتعطّف ابعث إليّ بجزء ... من «الغريب المصنّف» قال فأجابني وقضى حاجتي: وحقّ درّ تألّف ... بفيك أيّ تألّف لأبعثن بما قد ... حوى الغريب المصنف ولو بعثت بنفسي ... إليك ما كنت أسرف [250] إسماعيل بن محمد بن إسماعيل بن صالح بن عبد الرحمن الصفار أبو علي: علامة بالنحو واللغة، مذكور بالثقة والأمانة، صحب المبرد صحبة اشتهر بها وروى عنه، وسمع الكثير وروى الكثير، أدركه الدارقطني وقال: هو ثقة، صام أربعة وثمانين رمضان، وكان متعصّبا للسنة، مات فيما ذكره الخطيب سنة إحدى وأربعين وثلاثمائة ومولده سنة تسع وأربعين ومائتين، ودفن مقابل «1» قبر معروف الكرخي، بينهما عرض الطريق، دون قبر أبي بكر الأدمي وأبي عمر الزاهد. قال أبو عبيد الله محمد بن عمران المرزباني: أنشدني الصفار لنفسه: إذا زرتكم لقّيت أهلا ومرحبا ... وإن غبت حولا لا أرى منكم رسلا وإن جئت لم أعدم ألا قد جفوتنا ... وقد كنت زوّارا فما بالنا نقلى أفي الحقّ أن أرضى بذلك منكم ... بل الضيم أن أرضى بذا منكم فعلا ولكنّني أعطي صفاء مودّتي ... لمن لا يرى يوما عليّ له فضلا   [250]- ترجمته في تاريخ بغداد 6: 302- 304 والمنتظم 6: 371 وإنباه الرواة 1: 211 ونزهة الألباء: 195 والبداية والنهاية 11: 226 وسير الذهبي 15: 440 وعبر الذهبي 1: 256 والوافي 9: 204 وبغية الوعاة 1: 454 والشذرات 2: 358 والنجوم الزاهرة 3: 309. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 732 واستعمل الانصاف في الناس كلهم ... فلا أصل الجافي ولا أقطع الحبلا وأخضع لله الذي هو خالقي ... ولن أعطي المخلوق من نفسي الذلّا [251] إسماعيل بن محمد بن أحمد الوثّابي أبو طاهر: من أهل أصبهان، له معرفة تامّة بالأدب وطبع جواد بالشعر مات في سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة. قال السمعاني- ومن خطّه نقلت: ما رأيت بأصفهان في صنعة الشعر والترسّل أفضل منه، أضرّ في آخر عمره وافتقر، وظهر الخلل في أحواله حتى كاد أن يختلط. دخلت عليه داره بأصفهان، وما رأيت أسرع بديهة منه في النظم والنثر، اقترحت عليه رسالة فقال لي: خذ القلم واكتب، وأملى عليّ في الحال بلا تروّ ولا تفكّر كأحسن ما يكون، إلّا أني سمعت الناس يقولون إنه يخل بالصلوات المفروضة، والله أعلم بحاله. وأنشد عنه السمعاني أشعارا له منها: أشاعوا فقالوا وقفة ووداع ... وزمّت مطايا للرحيل سراع فقلت وداع لا أطيق عيانه ... كفاني من البين المشتّ سماع ولم يملك الكتمان قلب ملكته ... وعند النوى سرّ الكتوم مذاع وأنشد عنه له: فو الله لا أنسى مدى الدهر قولها ... ونحن على حدّ الوداع وقوف وللنار من تحت الضلوع تلهّب ... وللماء من فوق الخدود وكيف ألا قاتل الله الصروف فإنما ... تفرّق بين الصاحبين صروف وأنشد له عنه أيضا: طابت لعمري على الهجران ذكراها ... كأنّ نفسي ترى الحرمان إكراها «1»   [251]- ترجمة الوثابي في الوافي 9: 205. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 733 تحيا بيأس وتفنيها طماعية ... هل مهجة برد يأس الوصل أحياها قامت لها دون دعوى الحبّ بيّنة ... بشاهدين أبانا صدق دعواها إرسال شكوى وإجراء الدموع معا ... وإن تحققت مجراها ومرساها وأنشد عنه له من قصيدة: فعج صاح بالعوج الطّلاح إلى الحمى ... وزر أثلات القاع طال بها العهد تعوّض عينا بعد عين أوانسا ... وتوحش أحشاء تضمّنها الوجد وما ساءني وجد ولا ضرّني هوى ... كما ساءني هجر تعقّبه صدّ تبصّر خليلي من ثنيّة بارق ... بريقا كسقط النار عالجه الزند يدقّ وأحيانا يرقّ ويرتقي ... ويخفى كرأي الغمر امضاؤه ردّ فتقضى بها من ذكر حزوى لبانة ... ويطفى بها من نار وجد بها وقد وإن كان عهد الوصل أضحى نسيئة ... فهاك دليل البرق أن عهده نقد وشم لي نسيم الريح من أفق الحمى ... فقد عبق الوادي وفاح بها الرند [252] إسماعيل بن محمد بن عبدوس الدهان، أبو محمد النيسابوري : أنفق ماله على الأدب فتقدّم فيه، وبرع في علم اللغة والنحو العروض، وأخذ عن إسماعيل بن حماد الجوهري فاستكثر منه، وحصّل كتابه «كتاب الصحاح» في اللغة بخطّه، واختص بالأمير أبي الفضل الميكالي ومدحه وأباه بشعر كثير ثم آثر «1» الزهد والإعراض عن أعراض الدنيا، وقال لما أزمع الحج والزيارة: أتيتك راجلا «2» ووددت أني ... ملكت سواد عيني أمتطيه وما لي لا أسير على المآقي ... إلى قبر رسول الله فيه   [252]- ترجمته في الوافي 9: 206. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 734 وله أيضا: أيا خير مبعوث إلى [خير] أمة ... نصحت وبلّغت الرسالة والوحيا فلو كان في الإمكان سعي بمقلتي ... إليك رسول الله أفنيتها سعيا وله أيضا: عبد عصى ربّه ولكن ... « [ليس] سوى واحد» يقول إن لم يكن فعله جميلا ... فإنما ظنّه جميل وقال لصديق له: نصحتك يا أبا إسحاق فاقبل ... فإني ناصح لك ذو صداقه تعلّم ما بدا لك من علوم ... فما الإدبار إلّا في الوراقه قال: وسألني أن أورد شيئا من أشعاره في الغزل والمديح في كتابي هذا، فانتهيت في ذلك إلى رواية [ ... ] «1» . [253] إسماعيل بن محمد القمي النحوي: ذكره ابن النديم فقال: له من التصانيف كتاب الهمز. كتاب العلل. [254] إسماعيل بن محمد بن عامر بن حبيب أبو الوليد «2» الكاتب باشبيلية: له ولأبيه قدم في الأدب وله شعر كثير يقوله بفضل أدبه، وله كتاب في فصل الربيع. مات   [253]- الفهرست: 93 والوافي 9: 207. [254]- ترجمته في جذوة المقتبس: 152 (بغية الملتمس رقم: 534) والذخيرة 2/1: 124 والتكملة: 180 والمغرب 1: 245 والنفح 3: 427 ومسالك الأبصار 11: 215 والوافي 9: 209 وكتابه «البديع في فصل الربيع» نشره هنري بيريس في الرباط: 1940. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 735 أبو الوليد ابن محمد بن عامر قريبا من سنة أربعين وأربعمائة با شبيلية؛ ومن شعره في الربيع: أبشر فقد سفر الثرى عن بشره ... وأتاك ينشر ما طوى من نشره متحصّنا من حسنه في معقل ... عقل العيون على رعاية زهره فضّ الربيع ختامه فبدا لنا ... ما كان من سرّائه في سرّه من بعد ما سحب السحاب ذيوله ... فيه ودرّ عليه أنفس درّه [فاشكر لآذار بدائع ما ترى ... من حسن منظره النضير وخبره] شهر كأنّ الحاجب ابن محمد ... ألقى عليه مسحة من بشره [255] إسماعيل بن مجمع الأخباري : ذكره محمد بن إسحاق النديم فقال: هو أحد أصحاب السير والأخبار، ومعروف بصحبة الواقديّ المختصّ به، مات سنة سبع وعشرين ومائتين. له من التصنيف كتاب أخبار النبي صلى الله عليه وسلّم ومغازيه وسراياه. [256] إسماعيل بن موهوب بن أحمد بن محمد بن الخضر بن الجواليقي : يكنى أبا محمد، كان إمام أهل الأدب بعد أبيه أبي منصور بالعراق، واختص بتأديب ولد الخلفاء، مات في شوال سنة خمس وسبعين وخمسمائة، وكان مليح الخطّ جيّد الضبط، يشبه خطّه خطّ والده، وكانت له معرفة حسنة باللغة والأدب، وكانت له حلقة بجامع القصر يقرىء فيها الأدب كلّ جمعة. سمع منه ابن الأخضر وابن حمدون   [255]- الفهرست: 112 والوافي 9: 195. [256) - ترجمة ابن الجواليقي في إنباه الرواة 1: 210 وذيل طبقات الحنابلة 1: 346 وتاريخ الدبيثي: 250 والوافي 9: 230 وبغية الوعاة 1: 457 والشذرات 4: 249. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 736 الحسن تاج الدين «1» وغيرهما، ومولده في شعبان سنة اثنتي عشرة وخمسمائة، وكان بينه وبين أخيه إسحاق في المولد سنة ونصف وفي الوفاة ثلاثة أشهر. حدثت أن أبا الحسن جعفر بن محمد بن فطيرا ناظر واسط والبصرة وما بينهما من تلك النواحي دخل يوما إلى بعض الوزراء في أيام المستضيء بالله- سقى الله عهوده صوب الرضوان- فرأى في مجلسه الذي كان يجلسه رجلا لم يعرفه فهابه، وجلس بين يدي الوزير، وكان ابن فطيرا معروفا بالمزاح والنادرة، فتقدم حتى قال للوزير مسارّا: يا مولانا من هذا الذي قد جلس في مجلسي؟ فقال: هذا الشيخ الإمام أبو محمد ابن الجواليقي. فقال: وأيّ أرباب المناصب هو؟ قال: ليس هو من أرباب المناصب، هذا هو الإمام الذي يصلّي بأمير المؤمنين صلوات الله عليه وسلامه؛ قال: فقام مبادرا وأخذ بيده وأزاحه عن موضعه وجلس في منصبه وقال له: أيها الشيخ أنت ينبغي أن تتشامخ أمام الوزير «2» ومن دونه فتجلس فوقهم، لأنك أعلى منه منزلة، فأما عليّ أنا، وأنا ناظر واسط والبصرة وما بينهما فلا، قال: فما تمالك أهل المجلس من الضحك أن يمسكوه. [257] إسماعيل بن أبي محمد يحيى بن المبارك اليزيدي : نذكر نسبه وولادته في ترجمة أبيه يحيى «3» إن شاء الله تعالى وحده؛ وكان إسماعيل أحد الأدباء الرواة الفضلاء من ولد أبيه، وكان شاعرا مصنفا صنّف «كتاب طبقات الشعراء» . فنقلت من خطّ عمر بن محمد بن سيف الكاتب، أنشدنا اليزيدي أبو عبد الله يعني محمد بن العباس بن محمد بن أبي محمد بعد فراغه من «كتاب الوحوش» لعم أبيه إسماعيل بن   [257]- ترجمته في تاريخ بغداد 6: 283 وإنباه الرواة 1: 213 وأنساب السمعاني (اليزيدي) والوافي 9: 240 وانظر شعر اليزيديين: 149- 153. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 737 أبي محمد اليزيدي: كلّما رابني من الدهر ريب ... فاتكالي عليك يا ربّ فيه إنّ من كان ليس يدري أفي ... المحبوب صنع له أو المكروه لحريّ بأن يفوّض ما يعجز ... عنه إلى الذي يكفيه الإله البرّ الذي هو في الرأفة ... أحنى من أمّه وأبيه قعدت بي الذنوب أستغفر الله ... لها مخلصا وأستوفيه «1» كم يوالي لنا الكرامة و ... النعمة من فضله وكم نعصيه ومن شعره عن المرزباني: أتت ثمانون فاستمرّت ... بالنقص من قوتي وعزمي فرقّ جلدي ودقّ عظمي ... واختلّ بعد التمام جسمي يا ليت أني صحبت دهري ... صحبة ذي تهمة وحزم من لم يكن عاملا «2» بعلم ... رواه لم ينتفع بعلم وقال يرثي علي بن يحيى المنجم ومات علي في سنة خمس وسبعين وثلاثمائة: مات السماح ومات الجود والكرم ... إذ ضمّ شخص عليّ ذلك الرجم «3» سقّيت من جدث أنبل «4» بساكنه ... غيثا ملثّا توالي صوبه الديم عادت لنا بعدك الأيام مظلمة ... وكنت ضوءا لها تجلى به الظلم كان الزمان فتيا مشرقا نضرا «5» ... فاليوم أخلقه من بعدك الهرم قد كنت للخلق في حاجاتهم علما ... يفرّج الهمّ عنهم ذلك العلم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 738 [258] الأغر أبو الحسن : ذكره أبو بكر الزبيدي في نحاة مصر وقال: أخذ عن أبي الحسن علي بن حمزة الكسائي، ولقيه قوم من أهل الأندلس وحملوا عنه في سنة سبع وعشرين ومائتين. [259] أمان بن الصمصامة بن الطرماح بن حكيم بن الحكم بن نفر بن قيس بن جحدر بن ثعلبة بن عبد رضا بن مالك بن أمان بن عمرو بن ربيعة بن جرول بن ثعل بن عمرو بن الغوث أبي طيء، والطرماح الشاعر المشهور، ويكنى أمان هذا أبا مالك، واطّرحه ابن الأغلب إذ صار إليه الأمر لهجاء جدّه الطرماح بني تميم. قال أبو الوليد المهري «1» : أبطأت على أبي مالك وكان مريضا فكتب إليّ: أبلغ المهريّ عني مألكا ... أن دائي قد أصار المخّ ريرا كنت في المرضى مريضا مطلقا ... ولقد أصبحت في المرضى أسيرا فإذا ما متّ فانعم سالما ... وتملّ العيش في الدنيا كثيرا وأخذ عنه المهري جزءا من النحو واللغة والشعر.   [258]- طبقات الزبيدي: 213 (وكتب فيه الأعزّ) ؛ وقال الصفدي (الوافي 9: 294) إن الأعز النحوي اسمه يحيى؛ وترك السيوطي (بغية الوعاة 2: 346) موضع ترجمته بياضا، فكأنه لم يجد له ترجمة. [259]- ترجمته في طبقات الزبيدي: 225 والوافي 9: 380. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 739 [260] أمية بن عبد العزيز بن أبي الصلت، أبو الصلت : من أهل الأندلس كان أديبا فاضلا حكيما منجما، مات في سنة تسع وعشرين وخمسمائة في المحرم بالمهدية من بلاد القيروان، وهو صاحب فصاحة بارعة وعلم بالنجوم والطب، وكان قد ورد إلى مصر في أيام المسمّى بالآمر من ملوك مصر، واتصل بوزيره ومدبّر دولته الأفضل شاهنشاه ابن أمير الجيوش بدر، واشتمل عليه رجل من خواصّ الأفضل يعرف بمختار ويلقب بتاج المعالي، وكانت منزلته عند الأفضل عالية، ومكانته منه بالسعد حالية، فيحسنت حال أمية عنده، وقرب من قلبه وخدمه بصناعتي الطب والنجوم، وأنس تاج المعالي منه بالفضل الذي لا يشاركه فيه أحد من أهل عصره، فوصفه بحضرة الأفضل وأثنى عليه، وذكر ما سمعه من أعيان أهل العلم وإجماعهم على تقدمه في الفضل وتميزه عن كتّاب وقته. وكان كاتب حضرة الأفضل يومئذ رجل قد حمى هذا الباب، ومنع من أن يمرّ بمجلسه ذكر أحد من أهل العلم بالأدب، إلا أنه لم يتمكن من معارضة قول تاج المعالي، فأغضى على قذى، وأضمر لأبي الصلت المكروه، وتتابعت من تاج المعالي سقطات «1» أفضت إلى تغيّر الأفضل والقبض عليه والاعتقال، فوجد حينئذ السبيل إلى أبي الصلت بما اختلق له من المحال، فحبسه الأفضل في سجن المعونة بمصر مدة ثلاث سنين وشهر واحد على ما أخبرني به الثقة عنه «2» ، ثم أطلق فقصد المرتضى أبا طاهر يحيى بن تميم بن المعز بن باديس صاحب القيروان، فحظي عنده وحسن حاله معه. وقد ذكر ذلك في رسالة له يذمّ فيها مصر ويصف   [260]- ترجمة أمية في تحفة القادم (دار الغرب الإسلامي) 9- 13 والمغرب 1: 256 وخريدة القصر (قسم المغرب) 1: 223- 343 وتاريخ الحكماء: 80 وعيون الانباء 2: 52- 62 وابن خلكان 1: 243 والوافي 9: 402 ونفح الطيب 2: 105 والمقفى 2: 297. وقد أفرد ديوانه بالجمع الأستاذ محمد المرزوقي، تونس 1974. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 740 حاله، ويثني على ابن باديس، واستشهد فيها بهذه الأبيات في وصف ابن باديس «1» : فلم أستسغ إلا نداه ولم يكن ... ليعدل عندي ذا الجناب جناب فما كلّ إنعام يخفّ احتماله ... وإن هملت منه عليّ سحاب ولكن أجلّ الصنع ما جلّ ربّه ... ولم يأت باب دونه وحجاب «وما شئت إلا أن أدلّ عواذلي ... على أن رأيي في هواك صواب» «وأعلم قوما خالفوني وشرّقوا ... وغرّبت أني قد ظفرت وخابوا» ومن شعره أيضا «2» : لا غرو أن لحقت لهاك مدائحي ... فتدفقت نعماك ملء إنائها يكسى القضيب ولم يحن إبّانه ... وتطوّق الورقاء قبل غنائها ومنه يرثي «3» : قد كنت جارك والأيام ترهبني ... ولست أرهب غير الله من أحد فنافستني الليالي فيك ظالمة ... وما حسبت الليالي من ذوي الحسد ولأبي الصلت من التصانيف: كتاب الأدوية المفردة. كتاب تقويم الذهن في المنطق. كتاب الرسالة المصرية. كتاب ديوان شعره كبير. كتاب رسالة عمل بالاسطرلاب. كتاب الديباجة في مفاخر صنهاجة. كتاب ديوان رسائل. كتاب الحديقة في مختار من أشعار المحدثين. ومن شعر أمية منقولا من «كتاب سر السرور» «4» : حسبي فقد بعدت في الغيّ أشواطي ... وطال في اللهو إيغالي وإفراطي أنفقت في اللهو عمري غير متّعظ ... وجدت فيه بوفري غير محتاط الجزء: 2 ¦ الصفحة: 741 فكيف أخلص من بحر الذنوب وقد ... غرقت فيه على بعد من الشاطي يا ربّ ما لي لا أرجو رضاك به ... إلا اعترافي بأني المذنب الخاطي ومنه أيضا «1» : لله يومي ببركة الحبش ... والصبح بين الضياء والغبش والنيل تحت الرياح مضطرب ... كقائم في يمين مرتعش «2» ونحن في روضة مفوّفة ... دبّج بالنور عطفها ووشي قد نسجتها يد الربيع لنا ... فنحن من نسجها على فرش وأثقل الناس كلّهم رجل ... دعاه داعي الهوى فلم يطش فعاطني الراح إنّ تاركها ... من سورة الهمّ غير منتعش وسقّني بالكبار مترعة ... فهنّ أشفى لشدة العطش قال محمد بن محمود: حدثني طلحة أن أبا الصلت اجتمع في بعض متنزهات مصر مع وجوه أفاضلها، ومعهم صبيّ «3» صبيح الوجه عديم الشبه، قد نقّط نون صدغه على صفحة خدّه، فاستوصفوه إياه، فقال «4» : منفرد بالحسن والظّرف ... بحت لديه بالذي أخفي لهفي بشكر وهو من تيهه ... في غفلة عني وعن لهفي قد عوقبت أجفانه بالضنا ... لأنها أضنت ولم تشف قد أزهر الورد على خدّه ... لكنه ممتنع القطف كأنما الخال به نقطة ... قد قطرت من كحل الطّرف قال: وحدثني أبو عبد الله الشامي، وكان قد درس عليه واقتبس ما لديه، أن الأفضل كان قد تغير عليه وحبسه بالاسكندرية في دار كتب الحكيم أرسطاطاليس، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 742 قال: وكنت أختلف إليه إذ ذاك، فدخلت إليه يوما فصادفته مطرقا، فلم يرفع رأسه إليّ على العادة، فسألته فلم يردّ الجواب، ثم قال بعد ساعة: اكتب، وأنشدني «1» : قد كان لي سبب قد كنت أحسب أن ... أحظى به فإذا دائي من السبب فما مقلّم أظفاري سوى قلمي ... ولا كتائب أعدائي سوى كتبي فكتبت، وسألته عن ذلك فقال: إن فلانا تلميذي قد طعن فيّ عند الأمير الأفضل، ثم رفع رأسه إلى السماء واغرورقت عيناه دمعا ودعا عليه، فلم يحل الحول حتى استجيب له. وأنشدني الشيخ سليمان بن الفياض الاسكندراني، وكان ممن درس عليه واختلف إليه، في صفة فرس «2» : صفراء إلّا حجول مؤخرها ... فهي مدام ورسغها زبد تعطيك مجهودها فراهتها ... في الحضر والحضر عندها وتد وأنشدني له يهجو وما هو من صناعته «3» : صاف ومولاته وسيّده ... حدود شكل القياس مجموعه فالشيخ فوق الاثنين مرتفع ... والستّ تحت الاثنين موضوعه والشيخ محمول ذي وحامل ذا ... بحشمة في الجميع مصنوعه شكل قياس كانت نتيجته ... قرينة في دمشق مطبوعه وقرأت في «الرسالة المصرية» زيادة على البيتين المتقدم ذكرهما قبل: وكم تمنيت أن ألقى بها أحدا ... يسلي من الهمّ أو يعدي على النّوب فما وجدت سوى قوم إذا صدقوا ... كانت مواعيدهم كالآل في الكذب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 743 حرف الباء [261] بزرج بن محمد أبو محمد العروضي : مولى بجيلة، وقال الصولي: أظنه من موالي كندة، وقال ابن درستويه: ومن علماء الكوفة بزرج بن محمد العروضي، وهو الذي صنف كتابا في العروض ينقض فيه العروض في زعمه على الخليل، ويبطل الدوائر والألقاب والعلل التي وضعها الخليل للأوزان في كتابه، واستشهد على ذلك بأشعار رواها مولدة، وضعها «1» ، ونسبها إلى قبائل العرب، وكان كذابا. وحدث الصولي، حدّث جبلة بن محمد قال: سمعت أبي يقول: كان الناس قد أكبوا «2» على أبي محمد بزرج بن محمد العروضي لكثرة حفظه، فساء ذلك حمّادا وجنادا «3» فدسا إليه من يسقطه، فإذا هو يحدث بالحديث عن رجل فعل شيئا، ثم يحدث به عن رجل آخر بعد ذلك، ثم حدث به عن آخر، فتركه الناس حتى كان يجلس وحده. وحدث صعودا قال: سمعت سلمة يقول: كان يونس النحوي يقول: إن لم   [261]- ورد في م والوافي 10: 112 «برزخ» وضبطه ابن حجر في لسان الميزان 2: 11 بضم أوله والزاي المنقوطة بعدها راء غير منقوطة ساكنة ثم جيم (أي بزرج) وكذلك هو في إنباه الرواة 1: 241 وكتب في الفهرست: 78 «نزرّح» (وفي طبعة فلوجل برزخ) غير أن محقق الطبعة الثانية من الفهرست أدرج اسمه في مسرد الأعلام «بزرج» . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 744 يكن بزرج أروى الناس فهو أكذب الناس. قال سلمة: وصدق يونس، يقول إن كان ما أتى به حقا وإلا فقد كذب لأنه حدث عن أقوام لا يعرفهم الناس. وحدث ابن قادم قال: سئل الفرّاء عن بزرج فأنشد قول زهير «1» : أضاعت فلم تغفر لها غفلاتها ... فلاقت بيانا عند آخر معهد يريد أن الناس اجتنبوه لشيء استبانوه منه. وحدّث المازني قال: روى بزرج شعرا لامرىء القيس، فقال له جناد: عمّن رويت هذا؟ قال: عنّي وحسبك بي، فقال له جناد: من هذا أتيت يا غافل. وحدث الصولي عن أبي عبد الله أحمد بن الحسن السكوني قال: كنا نروي لبزرج أشعارا منها: ليس بيني وبين قومي إلّا ... أنني فاضل لهم في الذكاء حسدوني فزخرفوا فيّ قولا ... تتلقّاه ألسن البغضاء كنت أرجو العلاء فيهم بعلمي ... فأتاني من الرجاء بلائي شدة إستفدتها من رخاء ... وانتقاص جنيته من وفاء وحدث الحارث بن أبي أسامة قال: أنشدني عثمان بن محمد لأبي حنش واسمه خضير بن قيس يقوله في بزرج: بزرج فقدت كلّك «2» من ثقيل ... فظلّك حين يوزن وزن فيل تحبّب بالتبغّض يا مقيت ... وتختار القبيح على الجميل فما تنفكّ إنسانا تماري ... «3» جليسك منه في هم طويل وبالأشعار علمك حين تقضي ... علينا بالقضاء المستحيل يكون كعلم «4» سنّور إذا ما ... أجاعوه بأكل الزنجبيل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 745 ولبزرج من التصانيف: كتاب العروض. كتاب بناء الكلام، قال محمد بن إسحاق النديم: رأيته في جلود. وكتاب معاني العروض على حروف المعجم. كتاب النقض على الخليل وتغليطه في العروض. كتاب الأوسط في العروض. كتاب تفسير الغريب. [262] بشر بن يحيى بن علي القيني النصيبي، أبو ضياء : من أهل نصيبين، شاعر قليل الشعر وأديب كثير الأدب، وله من الكتب فيما ذكره محمد بن إسحاق: كتاب سرقات البحتري عن أبي تمام. كتاب الجواهر. كتاب الآداب. كتاب السرقات الكبير، لم يتم. [263] بقي بن مخلد الأندلسي أبو عبد الرحمن : ذكره الحميدي وقال: مات بالأندلس سنة ست وسبعين ومائتين في قول أبي سعيد ابن يونس، وقال الدارقطني: مات سنة ثلاث وسبعين والأول أصح. قال الحميدي: وبقيّ من حفاظ المحدثين، وأئمة الدين، والزهاد الصالحين، رحل إلى المشرق فروى عن الأئمة وأعلام السنة، منهم الإمام أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل وأبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة وأحمد بن إبراهيم الدورقي   [262]- الفهرست: 166. [263]- ترجمة بقي في جذوة المقتبس: 167 (وبغية الملتمس رقم: 584) وتاريخ ابن الفرضي 1: 107 والصلة 1: 116 والمرقبة العليا: 18 ومصورة ابن عساكر 3: 405 وتهذيبه 3: 280 والمنتظم 5: 100 وتذكرة الحفاظ: 629 وعبر الذهبي 2: 56 وسير الذهبي 13: 285 وطبقات المفسرين: 9 وطبقات الحفاظ: 277 وطبقات الحنابلة 1: 120 والنفح 2: 518 والشذرات 2: 169 والبداية والنهاية 11: 56 والنجوم الزاهرة 3: 75 والوافي 10: 182 ويستفاد من المختصر أن المؤلف ترجم لبقي بن مخلد مرتين بعنوانين ولذلك علق الكاتب على الثانية منهما بقوله: قال كاتبه أظنه الأول لأنه ذكر وفاته في تاريخ وفاة الأول. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 746 وخليفة بن خياط «1» وجماعة «2» أعلام يزيدون على المائتين، وكتب المصنّفات الكبار والمنثور الكثير، وبالغ في الجمع والرواية، ورجع إلى الأندلس فملأها علما جما، وألف كتبا حسانا تدلّ على احتفاله واستكثاره؛ قال لنا أبو محمد علي بن أحمد «3» : فمن مصنّفات بقي بن مخلد «كتاب تفسير القرآن» وهو الكتاب الذي أقطع قطعا لا أستثني فيه أنه لم يؤلّف في الاسلام مثله، ولا تصنيف محمد بن جرير الطبري ولا غيره؛ ومنها في الحديث كتاب مصنفه الكبير الذي رتّبه على أسماء الصحابة، فروى فيه عن ألف وثلاثمائة صاحب ونيف، ثم رتّب حديث كلّ صاحب على أسماء الفقه وأبواب الأحكام، فهو مصنف ومسند «4» ، وما أعلم هذه الرتبة لأحد قبله، مع ثقته وضبطه وإتقانه واحتفاله فيه في الحديث وجودة شيوخه، فإنه روى عن مائة «5» رجل وأربعة وثمانين رجلا ليس فيهم عشرة ضعفاء وسائرهم أعلام مشاهير؛ ومنها كتاب في فتاوى الصحابة والتابعين ومن دونهم الذي أربى فيه على مصنّف أبي بكر ابن أبي شيبة وغيره، فصارت تصانيفه قواعد الاسلام لا نظير لها، وكان متخيرا لا يقلّد أحدا، وكان خاصّا بأحمد بن حنبل وجاريا في مضمار البخاري ومسلم- كلّ هذا من كتاب الحميدي. وإنما ذكرته لتصنيفه كتابا في تفسير القرآن. وذكر له ترجمة أخرى فقال فيها: ولد بقي بن مخلد الأندلسي في رمضان سنة إحدى وثمانين وتوفي ليلة الثلاثاء لتسع وعشرين ليلة مضت من جمادى الآخرة سنة ست وسبعين ومائتين، ودفن في المقبرة المنسوبة إلى بني العباس، وكانت له رحلتان: أقام في إحداهما نحو العشرين عاما، وفي الثانية نحو الأربعة عشر عاما، فأخبرني أبي أنه كان يطوف في الأمصار على أهل الحديث، فإذا أتى وقت الحج أتى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 747 إلى مكة فحج، هذا كان فعله كلّ عام في رحلتيه جميعا. وكان يلتزم صيام الدهر، فإذا أتى يوم جمعة أفطر، وكانت له عبادات كثيرة من قراءة القرآن وغيرها من الصلوات ونشر العلم. قال: مشايخه الذين سمع منهم فكانوا مائتي رجل وأربعة وثمانين رجلا (هكذا ذكر في هذه الترجمة فما أدري أيهما الصحيح) أخبرني أسلم بن عبد العزيز، أخبرني أبو عبد الرحمن بقي بن مخلد قال: لما وضعت مسندي أتاني عبيد الله بن يحيى [بن يحيى] ومعه أخوه إسحاق فقالا لي: بلغنا أنك وضعت مسندا قدّمت فيه أبا مصعب وابن بكير وأخّرت أبانا، فقال بقي: أما تقديمي لأبي مصعب فإني قدمته لقول رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «قدّموا قريشا ولا تقدّموها» «1» ، وأما ابن بكير فإني قدمته لسنّه، وقال النبي صلى الله عليه وسلّم: «كبّر كبّر» «2» ، مع أنه سمع «الموطأ» من مالك سبع عشرة مرة ولم يسمع أبو كما إلا مرة واحدة؛ قال بقي: فخرجا عنّي ولم يعودا إليّ بعد ذلك، وخرجا إلى حد العداوة. حدثنا قاسم بن أصبغ قال: خرجت من الأندلس ولم أرو عن بقي شيئا، فلما دخلت العراق وغيره من البلدان سمعت من فضائله وتعظيمه ما أندمني على ترك الرواية عنه وقلت: إذا رجعت لزمته حتى أروي جميع ما عنده، فأتانا نعيه ونحن بأطرابلس. وحدثنا قاسم بن أصبغ قال: سمعت أحمد بن أبي خيثمة يقول، وذكر بقيّ بن مخلد، فقال: ما كنا نسميه إلا المكنسة، وهل احتاج بلد [فيه] بقيّ أن يأتي إلى هاهنا منه أحد؟ فقلنا له: ولا أنت تحدثنا عن رجال ابن أبي شيبة؟ فقال: ولا أنا. وذكر بقيّ أنه أدرك جماعة من أصحاب سفيان الثوري فلم يرو عنهم، وروى عن رجلين عن سفيان الثوري. قال: وحدثت عن بقيّ أنه قال يوما لطلبته: أنتم تطلبون العلم، أهكذا يطلب العلم؟ إنما أحدكم إذا لم يكن عليه شغل يقول: أمضي أسمع العلم، إني لأعرف الجزء: 2 ¦ الصفحة: 748 رجلا تمضي عليه الأيام في وقت طلبه للعلم لا يكون له عيش إلا من ورق الكرنب الذي يلقيه الناس، وإني لأعرف رجلا باع سراويله غير مرة في شرى كاغد حتى يسوق الله عليه من حيث يخلفها. قال الحميدي «1» : أخبرنا أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري في إجازة وصلت إليه، وذكر إسنادا، وقال: جاءت امرأة إلى بقي بن مخلد فقالت: إن ابني قد أسره الروم ولا أقدر على مال أكثر من دويرة، ولا أقدر على بيعها، فلو أشرت إلى من يفديه بشيء فإنه ليس لي ليل ولا نهار ولا نوم ولا قرار، فقال: نعم انصرفي حتى أنظر في أمره إن شاء الله، وأطرق الشيخ وحرّك شفتيه، قال: ولبثنا مدة فجاءت المرأة ومعها ابنها، فأخذت تدعو له وتقول: قد رجع سالما، وله حديث يحدّثك به، فقال الشاب: كنت في يدي بعض ملوك الروم مع جماعة من الأسارى، وكان له إنسان يستخدمنا كلّ يوم، يخرجنا إلى الصحراء للخدمة ثم يردّنا وعلينا قيودنا، فبينا نحن نجيء من العمل مع صاحبه الذي كان يحفظنا إذ انفتح القيد من رجليّ ووقع على الأرض، ووصف اليوم والساعة، فوافق الوقت الذي جاءت المرأة ودعا الشيخ، قال: فنهض إليّ الذي كان يحفظني وصاح عليّ وقال: كسرت القيد فقلت: لا إلا أنه سقط من رجلي، قال: فتحير وأخبر صاحبه وأحضر الحداد وقيدوني فلما مشيت خطوات سقط القيد من رجلي «2» فتحيّروا في أمري ودعوا رهبانهم فقالوا لي: ألك والدة؟ قلت لهم: نعم، فقالوا: وافق دعاؤها الإجابة، وقالوا: أطلقك الله ولا يمكننا تقييدك، فزودوني وأصحبوني إلى ناحية المسلمين. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 749 [264] بكر بن حبيب السهمي والد عبد الله بن بكر المحدث : ذكره الزبيدي وغيره في النحويين، أخذ عن ابن أبي إسحاق، وقال ابن أبي إسحاق لبكر بن حبيب: ما ألحن في شيء؟ قال: تفعل، فقال له: فخذ عليّ كلمة، قال: هذه واحدة، قل كلمة. وقربت منه سنورة فقال لها: اخسي، فقال له: أخطأت إنما هو اخسأي. وحدث أبو أحمد الحسين بن عبد الله العسكري في «كتاب التصحيف» «1» له عن أبيه عن عسل بن ذكوان عن الرياشي قال: توفي ابن لبعض المهالبة، فأتاه شبيب بن شيبة المنقري يعزّيه وعنده بكر بن حبيب السهمي، فقال شبيب: بلغنا أن الطفل لا يزال محبنطئا على باب الجنة يشفع لأبويه، فقال بكر بن حبيب: إنما هو محبنطيا غير مهموز، فقال له شبيب: أتقول لي هذا وما بين لابتيها أفصح مني؟! فقال بكر: وهذا خطأ ثان، ما للبصرة وللّوب؟! لعلك غرّك قولهم «ما بين لابتي المدينة» يريدون الحرة. قال أبو أحمد: والحرة أرض تركبها حجارة سود، وهي اللابة وجمعها لابات، فإذا كثرت فهي اللوب واللاب، وللمدينة لابتان من جانبيها وليس للبصرة لابة ولا حرة. قال أبو عبيدة المحبنطي بغير همز هو المنتصب «2» المستبطىء للشيء، والمحبنطىء بالهمز العظيم البطن المنتفخ. وقال أبو عبد الله المرزباني في «كتاب المعجم» : بكر بن حبيب السهمي من باهلة أحد مشايخ المحدثين قال ابنه عبد الله بن بكر: كان أبي يقول البيتين والثلاثة، وهو القائل: سير النواعج في بلاد مضلّة ... يمشي الدليل «3» بها على ملمال «4»   [264]- ترجمته في طبقات الزبيدي: 46 وإنباه الرواة 1: 244 والوافي 10: 203 وبغية الوعاة 1: 462. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 750 خير من الطمع الدنيء ومجلس ... بفناء لا طلق ولا مفضال فاقصد لحاجتك المليك فإنه ... يغنيك عن مترفّع مختال وحدث التاريخي عن أبي خالد يزيد بن محمد المهلبي عن البجلي عن قتب بن بشر قال: كنت مع بكر بن حبيب السهمي بموضع يقال له قصر زربي ونحن مشرفون على المربد، إذ مرّ بنا يونس بن حبيب النحوي، فقال: أمرّ بكم الأمير؟ قال بكر: نعم مرّ بنا عاصبا فوه، فرمى يونس بعنانه على عنق حماره ثم قال: أف أف، فقال له بكر: انظر حسنا، ثم قال: نعم وإنما ظنّ يونس بن حبيب النحوي أنه قد لحن، وأنه كان يجب أن يقول عاصبا فاه، فلما تبين أنه أراد عصب الفم صدّقه. قال: ومرّ بكر بن حبيب بدار فسمع جلبة فقال: ما هذه الجلبة، أعرس أم خرس أم إعذار أم توكير؟ فقال له قوم: قد عرفنا العرس فأخبرنا ما سوى ذاك، قال: الخرس الطعام على الولادة، والاعذار الختان، والتوكير أن يبني الرجل القبّة أو يحدث القدر الجماع فيقال: وكّر لنا طعاما. قال: والقدر الجماع الكبيرة، وقال ثعلب: الوكيرة مأخوذ من الوكر، وهي الوليمة التي يصنعها الرجل عند بناء المنزل. [265] أبو بكر ابن عياش بن سالم الكوفي الحنّاط مولى واصل بن حيان الأسدي الأحدب: واختلف في اسمه فقيل: اسمه كنيته، وقيل شعبة، وقيل عبد الله، وقيل محمد، وقيل مطرف، وقيل سالم، وقيل عنترة، وقيل أحمد، وقيل عتيق، وقيل رؤبة، وقيل حماد، وقيل حسين، وقيل قاسم، وقيل لا يعرف له اسم، وأظهر ذلك شعبة ومطرف. قال الهيثم بن عدي: اسم أبي بكر مطرف بن النهشلي، ومات ابن عياش في سنة ثلاث وتسعين ومائة في السنة التي مات فيها الرشيد بن المهدي قبله   [265]- ترجمته في تاريخ البخاري الكبير 9: 14 وتاريخ خليفة: 466 وطبقات خليفة: 170 وحلية الأولياء 7: 303 وسير الذهبي 8: 435 وميزان الاعتدال 4: 494 وعبر الذهبي 1: 304 وتهذيب التهذيب 12: 34 والوافي 10: 241 والشذرات 1: 334. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 751 بشهر، وفيها مات غندر وعبد الله بن إدريس. وروي أن ابن عياش مات في سنة اثنتين وتسعين والأول أظهر، ومولده سنة سبع وتسعين في أيام سليمان بن عبد الملك، وروي سنة أربع وتسعين وروي سنة خمس وتسعين وكان ابن عياش يقول: أنا نصف الإسلام. وقال الحسين بن فهم، وقد ذكر جماعة لا تعرف أسماؤهم: منهم أبو بكر بن أبي مريم وأبو بكر بن أبي سبرة وأبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم وأبو بكر بن عبد الرحمن وأبو بكر بن عياش وأبو بكر بن أبي العرامس. وقال أبو الحسن الأهوازي المقرىء في كتابه: وإنما وقع هذا الاختلاف في اسم أبي بكر لأنه كان رجلا هيوبا، فكانوا يهابونه أن يسألوه، فروى كلّ واحد على ما وقع له. قلت: وقد روى المرزباني في كتابه أن جماعة من أهل العلم سألوه عن اسمه واختلفت أقوالهم على ما تقدم، ولولا كراهة الإطالة لذكرته. وكان ابن عياش معظما عند العلماء، وقد لقي الفرزدق وذا الرمة وروى عنهما شيئا من شعرهما. حدث المرزباني، حدثنا أحمد بن عيسى عن أحمد بن أبي خيثمة، حدثنا محمد بن يزيد قال: سمعت أبا بكر ابن عياش يقول «1» : كان أبو بكر خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلّم في القرآن، قال الله عزّ وجلّ: للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم إلى قوله: أولئك هم الصادقون (الحشر: 8) فهؤلاء سموه خليفة رسول الله وهؤلاء لا يكذبون. وحدث المرزباني بإسناده إلى زكرياء بن يحيى الطائي قال: سمعت أبا بكر ابن عياش يقول: إني أريد أتكلم اليوم بكلام لا يخالفني فيه أحد إلا هجرته ثلاثا، قالوا: قل يا أبا بكر، قال: ما ولد لآدم عليه السلام مولود بعد النبيين والمرسلين أفضل من أبي بكر الصدّيق، قالوا: صدقت يا أبا بكر، ولا يوشع بن نون وصيّ موسى عليه السلام. قال: ولا يوشع بن نون إلا أن يكون نبيا. ثم فسره فقال: قال الجزء: 2 ¦ الصفحة: 752 الله تعالى: كنتم خير أمة أخرجت للناس (آل عمران: 110) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «خير هذه الأمة أبو بكر» . قال زكرياء بن يحيى وسمعت ابن عياش يقول: لو أتاني أبو بكر وعمر وعلي رضي الله عنهم في حاجة لبدأت بحاجة عليّ قبل حاجة أبي بكر وعمر لقرابته برسول الله، ولأن أخرّ من السماء إلى الأرض أحبّ إليّ من أن أقدّمه عليهما. وكان يقدم عليا على عثمان ولا يغلو ولا يقول إلا خيرا. وحدث المرزباني بإسناده عن أبي بكر ابن عياش عن ذر عن عبد الله قال: إن الله عزّ وجلّ نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد صلى الله عليه وسلّم خير قلوب العباد، فاصطفاه لنفسه وابتعثه برسالته، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلبه فوجد قلوب أصحابه خير القلوب بعد قلبه، فجعلهم وزراء نبيه صلى الله عليه وسلّم يقاتلون عن دينه، فما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن، وما رآه المسلمون سيئا فهو عند الله سيّء؛ قال أبو بكر ابن عياش: وأنا أقول: إنهم رأوا أن يولوا أبا بكر بعد النبي صلى الله عليه وسلّم. وحدث المرزباني، حدثنا محمد بن مخلد العطار، حدثنا أبو عمر العطاردي قال: بعث أبو بكر ابن عياش إلى أبي يوسف الأعشى، فمضيت مع أبي يوسف ومع عبد الوهاب بن عمر والعباس بن عمير، فدخلنا إليه وهو في علية له، فقال لأبي يوسف: قد قرأت عليّ القرآن مرتين، وقد نقلت عني القرآن، فاقرأ عليّ آخر الأنفال، واقرأ عليّ من رأس المائة من براءة، واقرأ عليّ كذا واقرأ كذا، فقال له أبو يوسف: يا أبا بكر هذا القرآن والحديث والفقه وأكثر الأشياء قد أفدتها بعد ما كبرت أو لم تزل فيه مذ كنت؟ ففكر هنيهة ثم قال: بلغت وأنا ابن ست عشرة سنة، فكنت فيما يكون فيه الشبان مما يعرف وينكر سنتين، ثم وعظت نفسي وزجرتها، وأقبلت على الخير وقراءة القرآن، فكنت أختلف إلى عاصم في كلّ يوم، وربما مطرنا ليلا فأنزع سراويلي وأخوض الماء إلى حقويّ، فقال له أبو يوسف: ومن أين هذا الماء كله؟ قال: كنا إذا مطرنا جاء ماء الحيرة إلينا حتى يدخل الكوفة. وكنت إذا قرأت على عاصم أتيت الكلبيّ فسألته عن تفسيره. وأخبرني أبو بكر أن عاصما أخبره أنه كان يأتي زرّ بن حبيش فيقرئه خمس آيات لا يزيد عليها شيئا، ثم يأتي أبا عبد الرحمن السلمي فيعرضها عليه، فكانت توافق قراءة زرّ قراءة أبي عبد الرحمن، وكان أبو الجزء: 2 ¦ الصفحة: 753 عبد الرحمن قرأ على عليّ عليه السلام، وكان زرّ بن حبيش الشكرمي العطاردي «1» قرأ على عبد الله بن مسعود القرآن كلّه في كلّ يوم آية واحدة لا يزيده عليها شيئا، فإذا كانت آية قصيرة استقلها زرّ من عبد الله، فيقول عبد الله: خذها، فو الذي نفسي بيده لهي خير من الدنيا وما فيها؛ ثم يقول أبو بكر: وصدق والله، ونحن نقول كما قال أبو بكر ابن عياش إذا حدثنا عن عاصم عن زر عن عبد الله، قال: هذا- والله الذي لا إله إلا هو- حقّ كما أنكم عندي جلوس، والله ما كذبت، والله ما كذب عاصم بن أبي النجود، والله ما كذب زر، والله ما كذب عبد الله بن مسعود، وإن هذا لحقّ كما أنكم عندي جلوس. وحدث عمن أسنده إلى أحمد بن عبد الله بن يونس قال: ذكر النبيذ عند العباس بن موسى فقال: إن ابن إدريس يحرمها، فقال أبو بكر ابن عياش: إن كان النبيذ حراما فالناس كلّهم أهل ردّة. وحدث المرزباني قال: قال عبد الله بن عياش: كنت أنا وسفيان الثوري وشريك نتماشى بين الحيرة والكوفة، فرأينا شيخا أبيض الرأس واللحية حسن السمت والهيئة، فظننا أنّ عنده شيئا من الحديث وأنه قد أدرك الناس، وكان سفيان أطلبنا للحديث وأشدّنا بحثا عنه، فتقدم إليه وقال: يا هذا عندك شيء من الحديث؟ فقال: أما حديث فلا، ولكن عندي عتيق سنتين، فنظرنا فإذا هو خمّار. وحدث أبو بكر ابن عياش [قال] : رأيت الفرزدق بالكوفة ينعى عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، فقال: كم من شريعة عدل قد سننت لهم ... كانت أميتت وأخرى منك تنتظر يا لهف نفسي ولهف اللاهفين معي ... على العدول التي تغتالها الحفر وحدث بإسناده عن ابن كناسة قال، حدثني أبو بكر ابن عياش قال: كنت إذ أنا شابّ إذا أصابتني مصيبة تصبّرت ورددت البكاء، فكان ذلك يوجعني ويزيدني ألما، حتى رأيت بالكناسة أعرابيا واقفا وقد اجتمع الناس حوله (فأنشد) «2» : الجزء: 2 ¦ الصفحة: 754 خليليّ عوجا من صدور الرواحل ... بجمهور حزوى وابكيا في المنازل لعلّ انحدار الدمع يعقب راحة ... من الوجد أو يشفي نجيّ البلابل فسألت عنه فقيل: ذو الرمة، قال: فأصابتني بعد ذلك مصائب فكنت أبكي فأجد راحة، فقلت في نفسي: قاتل الله الأعرابي ما كان أبصره وأعلمه. وحدث المرزباني عن الحسن النحوي عن محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال: سمعت عمّي القاسم بن محمد يقول: حدثني يحيى بن آدم قال: لما قدم هارون الرشيد الكوفة نزل الحيرة ثم بعث الى أبي بكر ابن عياش، فحملناه إليه، وكنت أنا أقتاده بعد ذهاب بصره، فلما انتهينا إلى باب الخليفة ذهب الحجّاب يأخذون أبا بكر مني، فأمسك أبو بكر بيدي وقال: هذا قائدي لا يفارقني، فقالوا: ادخل أنت وقائدك يا أبا بكر، قال يحيى: فدخلت به وإذا هارون جالسا وحده، فلما دنا منه أنذرته فسلّم عليه بالخلافة، فأحسن هارون الردّ، فأجلسته حيث أمرت، ثم خرجت فقعدت في مكان أراهما وأسمع كلامهما، قال: فجعلت أنظر إلى هارون يتلمح أبا بكر، قال: وكان أبو بكر رجلا قد كبر وضعفت رقبته، فإنما ذقنه على صدره، فسكت هارون عنه ساعة ثم قال له: يا أبا بكر، فقال: لبيك يا أمير المؤمنين، قال: إني سائلك عن أمر، فأسألك بالله لما صدقتني عنه، قال: إن كان علمه عندي، قال: إنك قد أدركت أمر بني أمية وأمرنا، فأسألك بالله أيهما كان أقرب إلى الحقّ؟ قال يحيى: فقلت في نفسي اللهم وفّقه وثبّته، قال: فأطال أبو بكر في الجواب ثم قال له: يا أمير المؤمنين أمّا بنو أمية فكانوا أنفع للناس منكم وأنتم أقوم بالصلاة منهم. قال: فجعل هارون يشير بيده ويقول: إن في الصلاة، إن في الصلاة؛ قال: ثم خرج فتبعه الفضل بن الربيع فقال: يا أبا بكرّ إن أمير المؤمنين قد أمر لك بثلاثين ألفا، فقال أبو بكر: فما لقائدي؟ فضحك الفضل وقال: لقائدك خمسة آلاف، قال يحيى: فأخذت الخمسة آلاف قبل أن يأخذ أبو بكر الثلاثين. وحدث بإسناد رفعه إلى أبي بكر ابن عياش قال: دخلت على هارون أمير المؤمنين فسلّمت وجلست، فدخل فتى من أحسن الناس وجها فسلّم وجلس، فقال لي هارون: يا أبا بكر أتعرف هذا؟ قلت: لا، قال: هذا ابني محمد، ادع الله له، فقلت: يا أمير المؤمنين جعله الله أهلا لما جعلته له أهلا، فسكت ثم قال: يا أبا بكر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 755 ألا تحدثني؟ فقلت: يا أمير المؤمنين حدثنا هشام بن حسان عن الحسن قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «إن الله فاتح عليكم مشارق الأرض ومغاربها، وإن عمّال ذلك الزمان في النار، إلا من اتّقى الله وأدّى الأمانة» ، فانتفض وتغيّر وقال: يا مسرور اكتب؛ ثم سكت ساعة وقال: يا أبا بكر ألا تحدثني؟ فقلت: يا أمير المؤمنين حدثنا هشام بن حسان عن الحسن قال: «أتدري ما قال عمر بن الخطاب للهرمزان» «1» قال: وما قال له؟ قلت: قال له ما منعك «2» من حبّ المال وأنت كافر القلب طويل الأمل؟ قال: لأني قد علمت أن الذي لي سوف يأتيني، والذي أخلّفه بعدي يكون وباله عليّ؛ ثم قال: يا مسرور اكتب ويحك. قال: ألك حاجة يا أبا بكر؟ قلت: تردّني كما جئت بي، قال: ليست هذه حاجة، سل غيرها، قلت: يا أمير المؤمنين لي بنات أخت ضعاف، فإن رأى أمير المؤمنين أن يأمر لهنّ بشيء، قال: قدّر لهن، قلت: يقول غيري قال: لا يقول غيرك، قلت: عشرة آلاف، قال: لهن عشرة آلاف وعشرة آلاف وعشرة آلاف وعشرة آلاف وعشرة آلاف، يا فضل اكتب بها إلى الكوفة وألا تحبس عليه، ثم قال: انصرف ولا تنسنا من دعائك. وحدث بإسناده عن العباس بن بنان قال: كنا عند أبي بكر ابن عياش يقرأ علينا كتاب مغيرة فغمض عينيه، فحرّكه جمهور وقال له: تنام يا أبا بكر؟ فقال: لا ولكن مرّ ثقيل فغمضت عيني حتى عبر «3» . وحدث أبو هاشم الدلال قال: رأيت أبا بكر ابن عياش مهموما فقلت له: ما لي أراك مهموما؟ قال: سيف كسرى لا أدري الى من صار. وقال محمد بن كناسة يذكر أصحاب أبي بكر ابن عياش: لله مشيخة فجعت بهم ... كانت تريغ إلى أبي بكر سرج لقوم يهتدون بها ... وفضائل تنمي ولا تحري «4» الجزء: 2 ¦ الصفحة: 756 وحدث المدائني قال: كان أبو بكر ابن عياش أبرص، وكان رجل من قريش يرمى بشرب الخمر، فقال له أبو بكر ابن عياش يداعبه: زعموا أن نبيا قد بعث بحلّ الخمرة، فقال له القرشي: إذا لا أومن به حتى يبرىء الأكمه والأبرص. أنشد أبو بكر ابن عياش المحدّث، ويقال إنهما له: إن الكريم الذي تبقى مودته ... ويكتم السرّ ان صافى وإن صرما ليس الكريم الذي إن زلّ صاحبه ... أفشى الذي كان من أسراره «1» علما [266] بكر بن محمد بن بقية المازني أبو عثمان النحوي : وقيل هو بكر بن محمد بن عدي بن حبيب، أحد بني مازن بن شيبان بن ذهل بن ثعلبة بن عكابة بن صعب «2» بن علي بن بكر بن وائل. قال الزبيدي، قال الخشني: المازني مولى بني سدوس نزل في بني مازن بن شيبان فنسب إليهم. وهو من أهل البصرة، وهو أستاذ المبرّد، روى عن أبي عبيدة والأصمعي وأبي زيد الأنصاري، وروى عنه الفضل بن محمد اليزيدي والمبرّد وعبد الله بن [أبي] سعد الورّاق. وكان إماميا يرى رأي ابن ميثم ويقول بالإرجاء، وكان لا يناظره أحد إلا قطعه لقدرته على الكلام، وكان المبرد يقول: لم يكن بعد سيبويه أعلم من أبي عثمان   [266]- ترجمة المازني في أخبار النحويين البصريين: 74 وطبقات الزبيدي: 87 ومراتب النحويين 77 ونور القبس: 220 وتاريخ بغداد 7: 93 وإنباه الرواة 1: 246 ونزهة الألباء: 182 وابن خلكان 1: 283 وطبقات ابن الجزري 1: 179 وسير الذهبي 12: 270 وعبر الذهبي 1: 448 والبداية والنهاية 10: 352 والوافي 10: 211 ولسان الميزان 2: 57 والنجوم الزاهرة 2: 329 والشذرات 2: 113 وإشارة التعيين: 61 (ويعتمد ياقوت على طبقات الزبيدي وتاريخ بغداد والفهرست والأغاني) ولرشيد العبيدي دراسة عنه (بغداد: 1969) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 757 بالنحو، وقد ناظر الأخفش في أشياء كثيرة فقطعه، وهو أخذ عن الأخفش، وقال حمزة: لم يقرأ على الأخفش، إنما قرأ على الجرمي، ثم اختلف إلى الأخفش وقد برع، وكان يناظره ويقدمه الأخفش وهو حيّ. وكان أبو عبيدة يسميه بالتّدرج والنقّار. مات أبو عثمان فيما ذكره الخطيب في سنة تسع وأربعين ومائتين أو ثمان وأربعين ومائتين وذكر ابن واضح أنه مات سنة ثلاثين ومائتين. حدث المبرد عن المازني قال: كنت عند أبي عبيدة فسأله رجل فقال له: كيف تقول عنيت بالأمر، قال: كما قلت «عنيت بالأمر» قال: فكيف الأمر منه؟ قال: فغلط وقال اعن بالأمر، فأومأت إلى الرجل ليس كما قال، فرآني أبو عبيدة فأمهلني قليلا فقال: ما تصنع عندي؟ قلت: ما يصنع غيري، قال: لست كغيرك، لا تجلس إليّ، قلت: ولم؟ قال: لأني رأيتك مع إنسان خوزي سرق مني قطيفة، قال: فانصرفت وتحمّلت عليه بأخوانه، فلما جئته قال لي: أدّب نفسك أوّلا ثم تعلّم الأدب. قال المبرد: الأمر من هذا باللام لا يجوز غيره لأنك تأمر غير من بحضرتك كأنّه ليفعل هذا. وقال الجماز يهجو المازني: كادني المازنيّ عند أبي العباس والفضل ما علمت كريم يا شبيه النساء في كل فنّ ... إن كيد النساء كيد عظيم جمع المازنيّ خمس خصال ... ليس يقوى بحملهنّ حليم هو بالشعر والعروض و ... بالنحو وغمز الأيور طبّ عليم ليس ذنبي إليك يا بكر إلا ... أنّ أيري عليك ليس يقوم وكفاني ما قال يوسف في ذا ... إنّ ربّي بكيدكنّ عليم وحدّث المبرد قال: عزّى المازني بعض الهاشميين ونحن معه فقال: إني أعزّيك لا أني على ثقة ... من الحياة ولكن سنة الدين ليس المعزّي بباق بعد ميّته ... ولا المعزّى وإن عاشا الى حين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 758 وقد روي عن المبرد أن يهوديّا بذل للمازني مائة دينار ليقرئه «كتاب سيبويه» فامتنع من ذلك، فقيل له: لم امتنعت مع حاجتك وعائلتك؟ فقال: إن في «كتاب سيبويه» كذا وكذا آية من كتاب الله، فكرهت أن أقرىء كتاب الله للذمّة، فلم يمض على ذلك إلا مديدة حتى أرسل الواثق في طلبه وأخلف الله عليه أضعاف ما تركه لله، كما حدث أبو الفرج علي بن الحسين الأصفهاني في «كتاب الأغاني» «1» بإسناد رفعه الى أبي عثمان المازني قال: كان سبب طلب الواثق لي أن مخارقا غناه في شعر الحارث بن خالد المخزومي: أظليم أن مصابكم رجلا ... أهدى السلام تحية ظلم فلحّنه قوم وصوّبه آخرون، فسأل الواثق عمن بقي من رؤساء النحويين فذكرت له، فأمر بحملي وإزاحة عللي. فلما وصلت إليه قال لي: ممن الرجل؟ قلت: من بني مازن، قال: من مازن تميم أم مازن قيس أم مازن ربيعة أم مازن اليمن؟ قلت: من مازن ربيعة، قال لي: با اسمك- يريد ما اسمك، وهي لغة كثيرة في قومنا، فقلت على القياس: اسمي مكر- وفي رواية فقلت: اسمي بكر- فضحك وأعجبه ذلك، وفطن لما قصدت أنني لم أستجرىء أن أواجهه بالمكر وضحك، وقال: اجلس فاطبئن أي فاطمئن، فجلست فسألني عن البيت فقلت: صوابه إنّ مصابكم رجلا، قال: فأين خبر إنّ؟ قلت: ظلم، وهو الحرف في آخر البيت، والبيت كله متعلق به لا معنى له حتى يتمّ بقوله ظلم، ألا ترى أنه لو قال أظليم إنّ مصابكم رجلا أهدى السلام تحية فكأنّه لم يفد شيئا حتى يقول ظلم، ولو قال أظليم إن مصابكم رجل أهدى السلام تحية لما احتاج إلى ظلم ولا كان له معنى إلا أن تجعل التحية بالسلام ظلما، وذلك محال، ويجب حينئذ أظليم إن مصابكم رجل أهدى السلام تحية ظلما ولا معنى لذلك، ولا هو لو كان له وجه مراد الشاعر فقال: صدقت، ألك ولد؟ قلت: بنية لا غير، قال: فما قالت لك حين ودّعتها؟ قلت: أنشدتني قول الأعشى: تقول ابنتي حين جدّ الرحيل ... أرانا سواء ومن قد يتم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 759 أبانا فلا رمت من عندنا ... فانا بخير إذا لم ترم أرانا إذا أضمرتك البلاد ... نجفى وتقطع منا الرّحم فقال الواثق: كأني بك وقد قلت لها قول الأعشى أيضا: تقول بنتي وقد قرّبت مرتحلا ... يا ربّ جنّب أبي الأوصاب والوجعا عليك مثل الذي صلّيت فاعتصمي ... يوما فإن لجنب المرء مضطجعا فقلت: صدق أمير المؤمنين، قلت لها ذلك وزدتها قول جرير: ثقي بالله ليس له شريك ... ومن عند الخليفة بالنجاح فقال: ثق بالنجاح إن شاء الله تعالى، إن ها هنا قوما يختلفون إلى أولادنا فامتحنهم، فمن كان عالما ينتفع به ألزمناهم إياه، ومن كان بغير هذه الصفة قطعناه عنهم، قال: فامتحنتهم فما وجدت فيهم طائلا، وحذروا ناحيتي، فقلت: لا بأس على أحد منكم، فلما رجعت إليه قال: كيف رأيتهم؟ فقلت: يفضل بعضهم بعضا في علوم ويفضل الباقون في غيرها وكلّ يحتاج إليه، فقال الواثق: إني خاطبت منهم رجلا فكان في نهاية الجهل في خطابه ونظره، فقلت: يا أمير المؤمنين أكثر من تقدم فهم بهذه الصفة، وقد أنشدت فيهم: إن المعلم لا يزال مضعّفا ... ولو ابتنى فوق السماء سماء «1» من علّم الصبيان أصبوا «2» عقله ... مما يلاقي بكرة وعشاء قال فقال لي: لله درّك كيف لي بك؟ فقلت: يا أمير المؤمنين ان الغنم لفي قربك والأمن والفوز لديك والنظر إليك، ولكني ألفت الوحدة وأنست بالانفراد، ولي أهل يوحشني البعد عنهم ويضرّ بهم ذلك، ومطالبة العادة أشدّ من مطالبة الطباع، فقال لي: فلا تقطعنا وان لم نطلبك، فقلت: السمع والطاعة، وأمر لي بألف دينار (وفي رواية بخمسمائة دينار) وأجرى عليّ في كلّ شهر مائة دينار. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 760 وزاد الزبيدي قال «1» : وكنت بحضرته يوما فقلت لابن قادم أو ابن سعدان وقد كابرني: كيف تقول نفقتك دينارا أصلح من درهم فقال: دينار بالرفع، قلت: فكيف تقول ضربك زيدا خير لك فنصب زيدا، فطالبته بالفرق بينهما فانقطع، وكان ابن السكيت حاضرا فقال الواثق «2» سله عن مسألة، فقلت له: ما وزن نكتل من الفعل؟ فقال: نفعل، فقال الواثق، غلطت، ثم قال لي: فسّره، فقلت: نكتل تقديره نفتعل، وأصله نكتيل فانقلبت الياء ألفا لفتحة ما قبلها فصار لفظها نكتال، فأسكنت اللام للجزم لأنه جواب الأمر، فحذفت الألف لالتقاء الساكنين، فقال الواثق: هذا الجواب لا جوابك يا يعقوب. فلما خرجنا قال لي يعقوب: ما حملك على هذا وبيني وبينك المودة الخالصة؟ فقلت: والله ما قصدت تخطئتك ولم أظنّ أنه يعزب عنك ذلك؛ ولهذا البيت قصة أخرى في أخبار ابن السكيت. قال المبرّد: سألت المازني عن قول الأعشى: هذا النهار بدا لها من همها ... ما بالها بالليل زال زوالها فقال: نصب النهار على تقدير هذا الصدود بدا لها النهار واليوم والليلة، والعرب تقول زال وأزال بمعنى، فتقول زال زوالها. وحدث الزبيدي قال، قال المازني «3» : وحضرت يوما عند الواثق، وعنده نحاة الكوفة، فقال لي الواثق: يا مازني هات مسألة، فقلت: ما تقولون في قوله تعالى وما كانت أمك بغيا (مريم: 28) لم لم يقل بغيّة وهي صفة لمؤنث؟ فأجابوا بجوابات غير مرضية، فقال الواثق: هات ما عندك، فقلت: لو كانت بغيّ على تقدير فعيل بمعنى فاعلة لحقتها الهاء مثل كريمة وظريفة، وإنما تحذف الهاء إذا كانت في معنى مفعولة، نحو المرأة قتيل وكفّ خضيب، وبغيّ ها هنا ليس بفعيل إنما هو فعول، وفعول لا تلحقه الهاء في وصف التأنيث، نحو امرأة شكور وبئر شطون إذا كانت بعيدة الرشاء، وتقدير بغيّ بغوي قلبت الواو ياء ثم ادغمت في الياء فصارت ياء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 761 ثقيلة نحو سيّد وميّت، فاستحسن الجواب. قال المازني «1» : ثم انصرفت إلى البصرة فكان الوالي يجري عليّ المائة دينار في كل شهر حتى مات الواثق فقطعت عني. ثم ذكرت للمتوكل فأشخصني، فلما دخلت إليه رأيت من العدد والسلاح والأتراك ما راعني، والفتح بن خاقان بين يديه، وخشيت أن سئلت عن مسألة ألّا أجيب فيها. فلما مثلت بين يديه وسلمت قلت: يا أمير المؤمنين أقول كما قال الأعرابي «2» : لا تقلواها وادلواها دلوا ... إنّ مع اليوم أخاه غدوا قال أبو عثمان: فلم يفهم عني ما أردت واستبردت فأخرجت (والقلو: أرفع السير، والدلو أدناه) ثم دعاني بعد ذلك فقال: أنشدني أحسن مرثية للعرب «3» فأنشدته قول أبي ذؤيب: أمن المنون وريبها تتوجّع وقصيدة متمم بن نويرة: لعمري وما دهري بتأبين هالك وقول كعب الغنوي: تقول سليمى ما بجسمك شاحبا وقصيدة محمد بن مناذر: كل حيّ لاقي الحمام فمودي فكان كلما أنشدته قصيدة يقول: ليست بشيء، ثم قال: من شاعركم اليوم بالبصرة؟ قلت: عبد الصمد بن المعذل، قال: فأنشدني له، فأنشدته أبياتا قالها في قاضينا ابن رياح «4» : الجزء: 2 ¦ الصفحة: 762 أيا قاضية البصرة ... قومي فارقصي قطره ومرّي برواشنك ... فماذا البرد والفتره أراك قد تثيرين ... عجاج القصف يا حرّه بتحذيفك خدّيك ... وتجعيدك للطّرّه قال: فاستحسنها واستطار لها وأمر لي بجائزة؛ قال فكنت أتعمّل له أن أحفظ أمثالها فأنشده إذا وصلت إليه فيصلني، وكان المازني يفضل الواثق. وللمازني شعر قليل منه ذكره المرزباني: شيئان يعجز ذو الرياضة عنهما ... رأي النساء وإمرة الصبيان أما النساء فانهن عواهر ... وأخو الصبا يجري بكلّ عنان ولما مات المازني اجتازت جنازته على أبي الفضل الرياشي فقال متمثلا: لا يبعد الله أقواما رزئتهم ... أفناهم حدثان الدهر والأبد نمدّهم كلّ يوم من بقيتنا ... ولا يؤوب إلينا منهم أحد قال محمد بن إسحاق «1» : وللمازني من الكتب: كتاب في القرآن كبير. كتاب علل النحو صغير. كتاب تفاسير كتاب سيبويه. كتاب ما يلحن فيه العامة. كتاب الألف واللام. كتاب التصريف. كتاب العروض. كتاب القوافي. كتاب الديباج في جوامع كتاب سيبويه. قرأت بخط الازهري أبي منصور في كتاب «نظم الجمان» تصنيف المنذري قال: سئل المازني عن أهل العلم فقال: أصحاب القرآن فيهم تخليط وضعف، وأهل الحديث فيهم حشو ورقاعة، والشعراء فيهم هوج، وأصحاب النحو فيهم ثقل، وفي رواية الأخبار الظّرف كلّه، والعلم هو الفقه. وتصانيف المازني كلها لطاف، فإنه كان يقول: من أراد أن يصنّف كتابا كبيرا في النحو بعد «كتاب سيبويه» فليستح. وتخرّق كتاب سيبويه في كمّه عدّة نوب. حدث «2» محمد بن رستم الطبري قال، أنبأنا ابو عثمان المازني قال: كنت عند الجزء: 2 ¦ الصفحة: 763 سعيد بن مسعدة الأخفش انا وأبو الفضل الرياشي، فقال الأخفش: إن «منذ» إذا رفع بها فهي اسم مبتدأ وما بعدها خبرها كقولك ما رأيته منذ يومان، فإذا خفض بها فهي حرف معنى ليس باسم كقولك ما رأيته منذ اليوم، فقال له الرياشي: فلم لا تكون في الموضعين اسما، فقد نرى الأسماء تخفض وتنصب كقولك هذا ضارب زيدا غدا وضارب زيد أمس، فلم لا تكون بهذه المنزلة؟ فلم يأت الأخفش بمقنع. قال أبو عثمان: فقلت له لا تشبه «منذ» ما ذكرت، لأنا لم نر الأسماء هكذا تلزم موضعا إلا إذا ضارعت حروف المعاني، نحو أين وكيف، فكذلك «منذ» هي مضارعة لحروف المعاني فلزمت موضعا واحدا؛ قال الطبري، فقال ابن أبي زرعة للمازني: أفرأيت حروف المعاني تعمل عملين مختلفين متضادّين؟ قال: نعم كقولك قام القوم حاشا زيد وحاشا زيدا، وعلى زيد ثوب وعلا زيد الفرس، فتكون مرة حرفا ومرة فعلا بلفظ واحد. وحدث المبرد قال: سمعت المازني يقول معنى قولهم «إذا لم تستح فاصنع ما شئت» أي إذا صنعت ما لا يستحى من مثله فاصنع منه ما شئت وليس على ما يذهب العوام إليه، قلت: وهذا تأويل حسن جدا. قال أبو القاسم الزجاجي، أخبرنا أبو جعفر أحمد بن محمد بن رستم الطبري قال: حضرت مجلس ابي عثمان المازني وقد قيل له: لم قلّت روايتك عن الأصمعي؟ قال: رميت عنده بالقدر والميل إلى مذاهب أهل الاعتزال، فجئته يوما وهو في مجلسه فقال لي: ما تقول في قول الله عز وجل إنا كل شيء خلقناه بقدر (القمر: 49) قلت: سيبويه يذهب إلى أنّ الرفع فيه أقوى من النصب في العربية لاستعمال الفعل المضمر، وأنه ليس ها هنا شيء هو بالفعل أولى، ولكن أبت عامّة القراء الا النصب، ونحن نقرؤها كذلك اتباعا لأنّ القراءة سنة، فقال لي: فما الفرق بين الرفع والنصب في المعنى؟ فعلمت مراده فخشيت أن يغري بي العامة، فقلت: الرفع بالابتداء والنصب باضمار فعل وتعاميت عليه، فقال: حدثني جماعة من أصحابنا أن الفرزدق قال يوما لأصحابه: قوموا بنا إلى مجلس الحسن البصري، فإني أريد أن أطلّق النوار وأشهده على نفسي، فقالوا له: لا تفعل فلعلّ نفسك تتبعها وتندم، فقال: لا بد من ذلك، فمضوا معه، فلما وقف على الحسن قال له: يا أبا سعيد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 764 تعلّمن ان النوار طالق ثلاثا، قال: قد سمعت فتتبعتها نفسه بعد ذلك وندم وأنشأ يقول «1» : ندمت ندامة الكسعيّ لما ... غدت منّي مطلقة نوار وكانت جنّتي فخرجت منها ... كآدم حين أخرجه الضّرار ولو أني ملكت يدي ونفسي ... لكان عليّ للقدر الخيار ثم قال: والعرب تقول: لو خيّرت لاخترت، تحيل على القدر، وينشدون: هي المقادير فلمني أو فذر ... إن كنت أخطأت فلم يخط القدر ثم أطبق نعليه وقال: نعم القناع للقدري، فأقللت غشيانه بعد ذلك. قال المبرد حدثني المازني قال: مررت ببني عقيل فإذا رجل أسود قصير أعور أبرص أكشف قائم على تلّ سماد، وهو يملأ جواليق معه من ذلك السماد، وهو يغنّي بأعلى صوته: فإن تصرمي حبلي وتستكرهي وصلي ... فمثلك موجود ولن تجدي مثلي فقلت: صدقت والله، ومتى تجد ويحها مثلك؟! فقال: بارك الله عليك، وسهّل خيرا، ثم اندفع ينشد: يا ربة المطرف والخلخال ... ما أنت من همّي ومن أشكالي مثلك موجود ومثلي غالي [267] بندار بن عبد الحميد الكرخي الأصبهاني يعرف بابن لره: ذكره محمد بن إسحاق في «الفهرست» فقال: أخذ عن أبي عبيد القاسم بن سلام وأخذ عنه ابن كيسان.   [267]- طبقات الزبيدي: 208 والفهرست: 91 وإنباه الرواة 1: 256 والوافي 10: 291 وبغية الوعاة 1: 476 وإشارة التعيين: 63 وروضات الجنات 2: 143 (ويعتمد ياقوت على الفهرست وكتاب أصبهان لحمزة) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 765 وقال ابن الانباري عن أبيه القاسم: كان بندار يحفظ سبعمائة قصيدة أول كل قصيدة بانت سعاد. قال المؤلف: وبلغني عن الشيخ الامام أبي محمد الخشاب أنه قال: أنعمت «1» التفتيش والتنقير فلم أقع على أكثر من ستين قصيدة أولها بانت سعاد. وفي «كتاب أصبهان» : كان بندار بن لره متقدما في علم اللغة ورواية الشعر، وكان ممن استوطن الكرج، ثم خرج منها إلى العراق فظهر هناك فضله، وكان الطوسيّ صاحب ابن الأعرابي يوصي أصحابه بالأخذ عن بندار ويقول: هو أعلم مني ومن غيري فخذوا عنه. قال: وحدث أبو بكر ابن الأنباريّ في أماليه ببغداد قال: سمعت أبا العباس الأموي يقول: كان بندار بن لره الأصبهاني أحفظ أهل زمانه للشعر، وأعلمهم به، أنشدني من حفظه ثمانين قصيدة أول كل قصيدة منها بانت سعاد. قال حمزة: وحدثني النوشجان بن عبد المسيح، قال سمعت المبرد يقول: كان سبب غناي بندار بن لره الأصبهاني، وذلك أني حين فارقت البصرة وأصعدت إلى سامرّا وردتها في أيام المتوكل، فآخيت بها بندار بن لره، وكان واحد زمانه في رواية دواوين شعر العرب، حتى كان لا يشذّ عن حفظه من شعر شعراء الجاهلية والاسلام إلا القليل، وأصح الناس معرفة باللغة، وكان له كلّ أسبوع دخلة على المتوكل، فجمع بيني وبين النحويين، فمرّت ليلة في داره مجالس، فرفع حديثي إلى الفتح بن خاقان، ثم توصل إلى أن وصفني للمتوكل، فأمر بإحضاري مجلسه، وكان المتوكل يعجبه الأخبار والأنساب، ويروي صدرا منها يمتحن من يراه بما يقع فيها من غريب اللغة، فلما دنوت من طرف بساطه استدناني حتى صرت إلى جانب بندار، فأقبل علينا وقال: يا ابن لره ويا ابن يزيد ما معنى هذه الأحرف التي جاءت في هذا الخبر «ركبت «2» الدجوجيّ وأمامي قبيله، فنزلت ثم سريت الصباح فمررت وليس أمامي إلا نجيم فرقصت أمامي فمنحت النحوص والمسحل والتدمرية، ثم عطفت ورائي قلّوب فلم أزل به حتى أذقته الحمام، ثم رجعت إلى ورائي فلم أزل أمارس الأغضف في الجزء: 2 ¦ الصفحة: 766 قتله، فحمل عليّ وحملت عليه حتى خرّ صريعا» قال المبرد: فبقيت متحيّرا، فبدر بندار وقال: يا أمير المؤمنين في هذا نظر ورويّة، فقال: قد أجّلتكما بياض يومي، فانصرفا وباكراني غدا، فخرجنا من عنده وأقبل بندار عليّ وقال: إن ساعدك الجد ظفرت بهذا الخبر، فاطلب فإني طالبه، فانقلبت إلى منزلي وقلبت الدفاتر ظهرا لبطن حتى وقفت على هذا الخبر في أثناء أخبار الأعراب، فتحفظته وباكرت بندار فأنهضته معي وصبّحناه، وبدأت فرويت الخبر، ثم فسرت ألفاظه فالتفت إلى بندار وقال: ابن يزيد فوق ما وصفتم، ثم قال يا غلام: عليّ بالخازن، فحضر فقال له: أخرج إلى ابن يزيد ألفي دينار وقل للحاجب يسهّل إذنه عليّ، فصار ذلك أصل مالي، وكان بندار رحمه الله أصله وسببه. قرأت بخط عبد السلام البصري في «كتاب عقلاء المجانين» لأبي بكر ابن محمد الأزهري حدثنا محمد بن أبي الأزهر قال: كنت يوما في مجلس بندار بن لره الكرخي بحضرة منزله في درب عبد الرحيم الرزامي بدكان الأبناء، وعنده جماعة من أصحابه، إذ هجم علينا المسجد برذعة الموسوس، ومعه مخلاة فيها دفاتر وجزازات، وقد تبعه الصبيان، فجلس إلى جانب بندار، وكأنّ بندارا فرق منه، فقال: اطرد ويلك هؤلاء الصبيان عنّي، فقال لنا: اطردوهم عنه، فوثبت أنا من بين أهل المجلس فصحت عليهم وطردتهم، فجلس ساعة ثم وثب فنظر هل يرى منهم أحدا، فلما لم يرهم رجع فجلس ساعة ثم قال: اكتبوا: حدثني محمد بن أحمد بن عسكر بن عبد الرزاق عن معمر قال: سئل الشعبي ما اسم امرأة ابليس فقال: هذا عرس لم أشهد إملاكه. ثم أقبل على بندار فقال: يا شيخ ما معنى قول الشاعر: وكنت إذا ما جئت ليلى تبرقعت ... فقد رابني منها الغداة سفورها فقال لنا بندار: أجيبوه، فقال: يا مجنون أسألك ويجيب غيرك؟! فقال بندار: يقول إنه لما رآها فعلت ما فعلته من سفورها، ولم تكن تعهد به، علم أنها قد حذرته من بحضرتها ليحجم عن كلامها وانبساطه إليها؛ فضحك ومسح يده على رأس بندار وقال: أحسنت يا كيّس، وكان بندار قد قارب في ذلك الوقت تسعين سنة «1» . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 767 [268] بهزاد بن أبي يعقوب يوسف بن يعقوب بن خرزاد النجيرمي: راوية نحوي في طبقة أبيه، مات قبل أبيه بما يقارب الثلاثة شهور بمصر، وذلك لسبع خلون من شوال سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة. قال السمعاني في «كتاب الأنساب» «1» نجيرم: محلة بالبصرة إليها ينسب النجيرميون.   [268]- الوافي 10: 308 وبغية الوعاة 1: 477. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 768 حرف التاء [269] تمام بن غالب بن عمرو يعرف بابن التياني أبو غالب المرسي الأندلسي: بخط ابن حلم «1» ، قال سعد الخير: مرسية بلدة حسنة من بلاد الأندلس، كثيرة التين يجلب منها إلى سائر البلدان فلعلّه نسب إليه لبيع التين. ذكره الحميدي فقال: كان إماما في اللغة وثقة في إيرادها، مذكورا بالديانة والورع، مات بالمرية في جمادى سنة ست وثلاثين وأربعمائة. وله «كتاب تلقيح العين» في اللغة «2» ، لم يؤلف مثله اختصارا وإكثارا، وله فيه قصة تدلّ على فضله «3» ، وذلك أن الأمير أبا الجيش مجاهد بن عبد الله العامري- وهو أحد المتغلبين على تلك النواحي- وجه إلى أبي غالب هذا أيام غلبته على مرسية، وأبو غالب ساكن بها، ألف دينار أندلسية على أن يزيد في ترجمة هذا الكتاب «مما ألفه تمام بن غالب لأبي الجيش مجاهد» فردّ الدنانير ولم يفعل وقال: والله لو بذل لي ملء الدنيا ما فعلت ولا استجزت الكذب، فإني لم أجمعه له خاصة لكن لكلّ طالب عامة. قال الحميدي: فاعجب لهمة هذا الرئيس وعلوّها، واعجب لنفس هذا العالم ونزاهتها «4» .   [269]- ترجمته في جذوة المقتبس: 172 (وبغية الملتمس رقم: 600) والصلة: 479 وإنباه الرواة 1: 259 وابن خلكان 1: 300 والوافي 10: 398 وبغية الوعاة 1: 478 وإشارة التعيين: 67 وروضات الجنات 2: 161 (ويعتمد ياقوت على الجذوة والصلة) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 769 وقال أبو القاسم خلف بن عبد الملك بن بشكوال الأنصاري الأندلسي في «كتاب الصلة» من تصنيفه، وهو كتاب وصل به كتاب ابن الفرضي في تاريخ الأندلسيين، قال ابن حيان: وله كتاب جامع في اللغة سماه «تلقيح العين» جم الافادة، وكان بقية شيوخ اللغة الضابطين لحروفها، الحاذقين بمقاييسها، وكان ثقة صدوقا عفيفا، وذكر وفاته كما تقدم. [270] توفيق بن محمد بن الحسين بن عبيد الله بن محمد بن زريق ، أبو محمد الأطرابلسي النحوي: كان جده محمد بن زريق يتولى أمر الثغور من قبل الطائع لله، وانتقل ابنه عبيد الله إلى الشام، وولد توفيق باطرابلس، وسكن دمشق، وكان أديبا فاضلا شاعرا، وكان يتهم بقلة الدين والميل إلى مذاهب الأوائل، ومن شعره: وجلّنار كأعراف الديوك على ... خضر تميس كأذناب الطواويس مثل العروس تجلّت يوم زينتها ... حمراء تجلى «1» على خضر الملابيس في مجلس لعبت أيدي السرور به ... لدى عريش يحاكي عرش بلقيس سقى الحيا أربعا تحيا النفوس بها ... ما بين مقرى «2» إلى باب الفراديس مات في صفر سنة عشر وخمسمائة، ودفن بمقبرة باب الفراديس.   [270]- ترجمته في مصورة ابن عساكر 3: 555 وتهذيبه 3: 363 وإنباه الرواة 1: 258 وتاريخ الحكماء: 74 والوافي 10: 448 والفوات 1: 265 وبغية الوعاة 1: 479 (ويعتمد ياقوت على ابن عساكر) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 770 حرف الثاء [271] ثابت بن الحسين بن شراعة أبو طالب التميمي الأديب : ذكره شيرويه فقال: روى عن ابن سلمة وابن عيسى وأبي الفضل محمد بن عبد الله الرشيدي ومنصور بن رامش والريحاني وغيرهم، سمعت منه وكان صدوقا، توفي في العشر الأخير من صفر سنة تسع وستين وأربعمائة. [272] ثابت بن أبي ثابت علي بن عبد الله الكوفي : قال الزبيدي: كان من أمثل أصحاب أبي عبيد القاسم بن سلام، وقيل اسم أبي ثابت سعيد، وقال النديم قال السكري: اسم أبي ثابت محمد، لغوي لقي فصحاء الأعراب وأخذ عنهم، وهو من كبار الكوفيين. قال محمد بن إسحاق: وله من الكتب: كتاب خلق الإنسان. كتاب الفرق. كتاب الزجر والدعاء. كتاب خلق الفرس. كتاب الوحوش. كتاب مختصر العربية. كتاب العروض.   [271]- الوافي 10: 467. [272]- طبقات الزبيدي: 205 (ولم يورد ما قاله ياقوت) والفهرست: 76 وإنباه الرواة 1: 261 والوافي 10: 467 وطبقات ابن الجزري 1: 188 وبغية الوعاة 1: 481 (ويعتمد ياقوت على طبقات الزبيدي والفهرست) ونشر الضامن كتاب الفرق (بيروت 1985) ومن قبله نشره الأستاذ محمود الطناحي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 771 [273] ثابت بن أبي ثابت عبد العزيز اللغوي الذي له كتاب «خلق الانسان» من علماء اللغة: يروي عن أبي عبيد القاسم بن سلام وأبي الحسن علي بن المغيرة الأثرم واللحياني وأبي نصر أحمد بن حاتم وسلمة بن عاصم التميمي وأبي عبد الله محمد بن زياد وآخرين. روى عنه أبو الفوارس داود بن محمد بن صالح المروزي النحوي المعروف بصاحب ابن السكيت وابنه عبد العزيز بن ثابت. واسم أبي ثابت أبيه عبد العزيز، من أهل العراق، جليل القدر موثوق به مقبول القول في اللغة يعرف بورّاق أبي عبيد. [274] ثابت بن عمرو بن حبيب مولى عليّ بن رائطة، روى عن أبي عبيد القاسم بن سلام. [275] ثابت بن سنان بن ثابت بن قرة بن مروان الصابىء أبو الحسن الطبيب المؤرخ: مات فيما ذكره هلال بن المحسن لإحدى عشرة ليلة خلت من ذي القعدة سنة خمس وستين وثلاثمائة، وكان قد ذكر في تاريخه إلى آخر سنة ستين، ووصل هلال بن المحسن من أول سنة إحدى وستين وثلاثمائة. وكان أبو الحسن طبيبا حاذقا وأديبا بارعا وله «كتاب التاريخ» الذي ابتدأ به من أول أيام المقتدر. وله كتاب مفرد   [273]- بغية الوعاة 1: 481 وروضات الجنات 2: 167 وهذه التفرقة بين هذا المترجم والذي قبله ربما لم تكن دقيقة، فكلاهما تتلمذ على أبي عبيد القاسم بن سلام وكلاهما ألف كتاب «خلق الانسان» (وهو كتاب قد نشر) . [274]- هذه الترجمة وردت في (ر) ولم ترد في المطبوع (مرغوليوث) . [275]- ابن جلجل: 80 وتاريخ الحكماء: 109 وطبقات صاعد: 37 وعيون الأنباء 1: 224 والوافي 10: 463. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 772 في أخبار الشام ومصر مجلد واحد. وقال أبو إسحاق إبراهيم بن هلال الصابىء يرثي خاله أبا الحسن ثابت بن سنان بن ثابت بن قرة: أسامع أنت يا من ضمّه الجدف ... نشيج باك حزين دمعه يكف وزفرة من صميم القلب صاعدة ... يكاد منها حجاب الصدر ينكشف أثابت بن سنان دعوة شهدت ... لربها أنه ذو غلّة أسف ما بال طبّك ما يشفي وكنت به ... تشفي العليل إذا ما شفّه الدنف غالتك غول المنايا فاستكنت لها ... وكنت ذائدها والروح تختطف فارقتني كفراق الكفّ صاحبها ... أطنّها ضارب من زندها ثقف فتتّ في عضدي يا من غنيت به ... أفتّ في عضد الباغي وأنتصف ثوى بمغناك في لحد سكنت به ... الدين والعقل والعلياء والشرف لهفي عليك كريما في عشيرته ... ممهدا جسمه من نعمة ترف قد أسلموه إلى غبراء يشمله ... فيها التراب فمنها الفرش واللحف [276] ثابت بن محمد الجرجاني أبو الفتوح : ذكره الحميدي في كتاب الأندلسيين فقال: دخل إلى الأندلس وجال في أقطارها «1» وبلغ إلى ثغورها واجتمع بملوكها، وكان إماما في العربية متمكنا في علم العرب. قال ابن بشكوال: قتل في محرم سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة، قتله باديس بن   [276]- ترجمته في الذخيرة 4/1: 124 والجذوة: 173 (وبغية الملتمس رقم: 602) والصلة: 125 وإنباه الرواة 1: 263 وخبر محنته ورد بتفصيل في الإحاطة 1: 462 نقلا عن تاريخ ابن حيان، وبغية الوعاة 1: 482 وقد درس عليه ابن حزم المنطق، ووصفه بالإلحاد في الفصل 1: 17، وانظر فهرسة ابن خير: 315، 387. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 773 حبوس أمير صنهاجة لتهمة لحقته عنده في القيام عليه مع ابن عمه يدّير بن حباسة. ومولده سنة خمسين وثلاثمائة. وكان مع تحققه بالأدب قيما بعلم المنطق، ودخل بغداد وأقام بها طالبا، وأملى بالأندلس كتاب «شرح الجمل» للزجاجي. روى ببغداد عن ابن جني وعلي بن عيسى الربعي وعبد السلام بن الحسين البصريّ، وروى كثيرا من علم الأدب. وحدث الحميدي عن أبي محمد علي بن أحمد عن البراء بن عبد الملك الباجي قال: لما ورد أبو الفتوح الجرجاني الأندلس كان أول من لقي من ملوكها الأمير الموفق أبا الجيش مجاهدا العامري، فأكرمه وبالغ في إكرامه، فسأله يوما عن رفيقه: من هذا معك؟ فقال: رفيقان شتّى ألّف الدهر بيننا ... وقد يلتقي الشتّى فيأتلفان قال أبو محمد: ثم لقيت بعد ذلك أبا الفتوح فأخبرني عن بعض شيوخه أن ابن الأعرابي رأى في مجلسه رجلين يتحادثان، فقال لأحدهما: من أين أنت؟ فقال: من أسبيجاب؟ وقال للآخر: من أين أنت؟ فقال: من الأندلس، فعجب ابن الأعرابي وأنشد البيت المتقدم ثم أنشدني تمامها «1» : نزلنا على قيسيّة يمنية ... لها نسب في الصالحين هجان فقالت وأرخت جانب الستر دوننا ... لأيّة أرض أم من الرجلان فقلت لها أما رفيقي فقومه ... تميم وأما أسرتي فيماني رفيقان شتّى ألّف الدهر بيننا ... وقد يلتقي الشتّى فيأتلفان الجزء: 2 ¦ الصفحة: 774 [277] أبو ثروان العكلي : أحد بني عكل، وعكل اسم امرأة حضنت ولد عوف بن وائل بن قيس بن عوف بن عبد مناة «1» بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، وهي أمة لهم، وأمهم بنت ذي اللحية بن حمير، كان ثطّا فسمّي بضدّ صفته، وبنو عوف بن وائل: الحارث وجشم وسعد وعلي وقيس، درج ولا عقب له، فكلّ من ولده واحد من هؤلاء كان عكليا. وكان أبو ثروان أعرابيا بدويا تعلم في البادية، كذا ذكر يعقوب بن السكيت ووجد بخطّه، وكان فصيحا. قال محمد بن إسحاق: وله من الكتب: كتاب خلق الفرس. كتاب معاني الشعر.   [277]- الفهرست: 52 وإنباه الرواة 4: 66 والوافي 11: 7. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 775 حرف الجيم [278] جبر بن علي بن عيسى بن الفرج بن صالح : أبو البركات الربعي الزهيري «1» ، ووالده أبو الحسن علي بن عيسى هو النحوي المشهور صاحب أبي علي الفارسيّ. وكان أبو البركات هذا أحد الأدباء البلغاء الفصحاء. قال محمد بن عبد الملك الهمذاني: كان ينوب عن الوزراء ببغداد، وله اليد الطولى في الكتابة، وجنّ في شبيبته فكان يتعمم بحبل البئر، وادعى النبوة في ذلك الوقت، وعولج حتى برأ. وللبصروي وغيره فيه مدائح، ومات في سنة تسع وأربعين وأربعمائة «2» . [279] جعفر بن أحمد المروزي، أبو العباس : ذكره محمد بن إسحاق النديم فقال: هو أحد جمّاعي ومؤلّفي الكتب في أنواع من العلم، وكتبه كثيرة «3» جدا، وهو أول من ألّف كتابا في المسالك والممالك ولم يتمّ. مات بالأهواز، وحملت كتبه إلى   [278]- ترجمته في الوافي 11: 44. [279]- الفهرست: 167 والوافي 11: 96 وأورد له في (ر) القصيدة التائية الآتية في رقم: 281. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 776 بغداد وبيعت في طاق الحراني سنة أربع وسبعين ومائتين. فمن كتبه: كتاب المسالك والممالك. كتاب الآداب الكبير. كتاب الآداب الصغير. كتاب الناجم. كتاب تاريخ [آي] القرآن لتأييد كتب السلطان. كتاب البلاغة والخطابة. [280] جعفر بن أحمد بن عبد الملك بن مروان اللغوي ، أبو مروان الاشبيلي، يعرف بابن الغاسلة: روى عن القاضي أبي بكر ابن زرب وأبي عون ابنه والمعيطي والزبيدي، وكان بارعا في الأدب واللغة ومعاني الشعر والخبر ذا حظ من علم السنّة، توفي سنة ثمان وثلاثين وأربعمائة ومولده سنة أربع وخمسين وثلاثمائة. [281] جعفر بن أحمد بن الحسين بن أحمد بن جعفر السراج أبو محمد القارىء البغدادي: سمع أبا عليّ ابن شاذان وأبا القاسم ابن شاهين وأبا محمد الخلال وأبا الفتح ابن شيطا وأبا الحسين النوري وأبا القاسم التنوخي. قال ابن عساكر «1» : قرأت [بخطّ] غيث بن علي الصوري: جعفر بن أحمد بن الحسين ذو طريقة جميلة، ومحبة للعلم والأدب، وله شعر لا بأس به، وخرّج له شيخنا الخطيب فوائد. وتكلّم عليها في خمسة أجزاء، وكان يسافر إلى مصر وغيرها، وتردّد إلى صور عدة دفعات، ثم قطن بها زمانا، وعاد إلى بغداد وأقام بها إلى أن   [280]- الصلة 1: 127 والوافي 11: 98 وبغية الوعاة 1: 485. [281]- المنتظم 9: 151 والخريدة (قسم العراق) 3/1: 283 وابن خلكان 1: 357 وعبر الذهبي 3: 355 والذيل على طبقات الحنابلة 1: 100 والوافي 11: 92 والنجوم الزاهرة 5: 194 وبغية الوعاة 1: 485 والشذرات 3: 411 والبداية والنهاية 12: 168 والتاج المكلل: 15 وإشارة التعيين: 75 وسير الذهبي 19: 228 والمستفاد: 93. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 777 توفي. كتب عنه، ولم يكن به بأس، وله تصانيف منها: مصارع العشاق. كتاب مناقب السودان «1» . ونظم أشعارا كثيرة في الزهد والفقه وغير ذلك؛ قال الصوري قال لي: ولدت سنة تسع عشرة وأربعمائة وسمعت الحديث ولي خمس سنين. وقرأت بخط أبي المعمّر الأنصاري «2» : توفي جعفر السراج في حادي عشر صفر سنة خمسمائة ودفن بمقبرة باب أبرز وكان ثقة؛ وقال السمعاني: مولده سنة سبع عشرة أو ست عشرة، ومن شعره: أفلح عبد عصى هواه ... وفاق في دينه وكاسا ولم يرح مدمنا لخمر ... ينهل طاسا يعلّ كاسا ومن شعره: يا من إذا ما رضيته حكما ... جار علينا في حكمه وسطا قد مدح الله أمة جعلت ... في محكم الذكر أمّة وسطا وقال جعفر بن أحمد السراج (نقلا من كتاب الخريدة) «3» : قضت وطرا من أرض نجد وأمّت ... عقيق الحمى مرخى لها في الأزمّة وخبّرها الروّاد أنّ بحاجر ... حيا نوّرت منه الرياض فحنّت ولاح لها برق من الغور موهنا ... كشعلة نار للطوارق شبّت فميّلن بالأعناق «4» عند وميضه ... تراقص في أرسانها واستمرّت وغنّى لها الحادي فأذكرها الحمى «5» ... وأيامها فيه وساعات «6» وجرة وقد شركتني في الحنين ركائبي ... وزدن علينا رنة بعد رنّة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 778 أقول لركب مجهشين تطوحوا «1» ... وعزّ بهم ماء ردوا ماء عبرتي ألا ليت شعري هل تعود رواجعا ... ليالي الصبا من بعد ما قد تولّت قرأت بخط الحسن بن جعفر بن عبد الصمد بن المتوكل في كتابه: حدثني الشيخ أبو الفضائل ابن الخاضبة قال: دخل الشيخ أبو سعد ابن أبي عمامة الواعظ إلى المسجد المعلّق، مقابل دار الخلافة، وكان فيه الشيخ أبو محمد ابن السراج ليسلّم عليه، فالتقاه الشيخ أبو محمد «2» بالرحب والسعة، وتعانقا وجلسا يتذاكران، فجاء الشيخ أبو نصر الأصبهاني فصعد إليهما، وقد كان في الحمام، فكشف رأسه وقعد يستريح من كرب الحمام، فقال له الشيخ أبو محمد: غطّ رأسك لا ينالك الهوا فتتأذّى، فقال الشيخ أبو سعد: لعله يجد فيه راحة. أنبأنا أبو محمد عبد العزيز بن الأخضر شيخنا رحمه الله قال، سمعت أبا الكرم المبارك بن الحسن الشهرزوري المقرىء يقول: كنت أقرأ على أبي محمد جعفر ابن أحمد السراج وأسمع منه، فضاق صدري منه لحاله، فانقطعت عنه ثم ندمت وقلت: يفوتني منه بانقطاعي عنه فوائد كثيرة، فقصدته في مسجده المعلّق المحاذي لباب النوبي، فلما وقع نظره عليّ رحّب بي وأنشدني لنفسه: وعدت بأن تزوري بعد شهر ... فزوري قد تقضّى الشهر زوري وموعد بيننا نهر المعلّى ... إلى البلد المسمى شهرزور فأشهر صدّك المحتوم حقّ ... ولكن شهر وصلك شهر زور ومن شعره: دع الدمع بالوكف يبلي «3» الخدودا ... فإن الأحبّة أضحوا خمودا دعا بهم هاتف الحادثات ... فبدّلهم بالقصور اللحودا دنت منهم نوب للردى ... فأفنت ضعيفهم والشديدا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 779 دموع يكفكفهنّ الأسى ... عليهم غزارا تروّي الصعيدا دجاهم وصبحهم واحد ... وقد مزق الدود منهم جلودا وجعل «كتاب مصارع العشاق» أجزاء، وكتب على كلّ جزء أبياتا من قوله، فكان على الجزء الأول: هذا كتاب مصارع العشاق «1» ... صرعتهم أيدي نوى وفراق تصنيف من لدغ الفراق فؤاده ... وتطلّب الراقي فعزّ الراقي وأنشد [له] السمعاني في «المذيل» «2» : حبذا طيف سليمى إذ طوى ... حذر الواشي السّرى من ذي طوى وأتى الحيّ طوقا وهم ... بين أجراع زرود فاللوى بتّ أشكو ما ألاقيه إلى ... طيفها الطارق من مسّ الجوى «3» أشكر الأحلام لما جمعت ... بيننا وهنا على رغم النوى «4» أيها العاذل دعني والهوى ... ليس مشغول وخال بالسّوا وأنشد له «5» : حبذا نجد بلادا لم نجد ... راحة للقلب في أرض سواها فإذا ما لاح منها بارق ... هاج أشواقي أو هبّت صباها لست أنسى إذ سليمى جارة ... تبذل الودّ وتصفينا هواها ثم لما شطّت الدار بها ... ورماها البين من حيث رماها أرسلت طيف كرى لكنه ... زارنا والعين قد زال كراها ومن شعره أيضا: وقفنا وقد شطّت بأحبابنا النوى ... على الدار نبكيها سقى ربعها المزن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 780 وزادت دموع الواقفين برسمها ... فلو أرسلت سفن بها جرت السفن ولم يبق صبر يستعان على النوى ... به بعد توديع الخليط ولا جفن سألنا الصبا لما رأينا غرامنا ... يزيد بسكّان الحمى والهوى يدنو أفيك لحمل الشوق يا ريح موضع ... فقد ضعفت عن حمل أشواقنا البدن [282] جعفر بن إسماعيل بن القاسم القالي : هو ولد أبي علي القالي الذي تقدم ذكره، وأبو علي والده هو صاحب «الأمالي» وغيرها من التصانيف المشهورة، وكان جعفر هذا أيضا أديبا فاضلا أريبا، وهو القائل في المنصور محمد بن أبي عامر أمير الأندلس يمدحه: وكتيبة للشيب جاءت تبتغي ... قتل الشباب ففرّ كالمذعور فكأنّ هذا جيش كلّ مثلّث ... وكأنّ تلك كتيبة المنصور [283] جعفر بن الفضل بن جعفر بن محمد بن موسى بن الحسن بن الفرات، أبو الفضل المعروف بابن حنزابة، وحنزابة اسم أمهم، كانت جارية، وكانت حنزابة حماة المحسّن بن الفرات بمصر: كان وزيرا فاضلا بارعا كاملا، وزر بمصر لأنوجور بن أبي بكر الأخشيد ثم لأخيه أبي الحسن علي ثم لكافور إلى أن انقضت دولة الاخشيدية، وإليه رحل أبو الحسن الدارقطني حتى صنّف له ما صنف في مصر. مات في سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة ومولده سنة ثمان وثلاثمائة.   [282]- جذوة المقتبس: 175 (وبغية الملتمس رقم: 611) والوافي 11: 98. [283]- ترجمة ابن حنزابة في تاريخ بغداد 7: 234 والمنتظم 7: 215 وابن خلكان 1: 346 والمغرب (قسم مصر) : 251 والوافي 11: 118 والفوات 1: 203 وعبر الذهبي 3: 49 وسير الذهبي 16: 484 وتذكرة الحفاظ: 212 ومرآة الجنان 2: 239 والنجوم الزاهرة 4: 203 وحسن المحاضرة 1: 164 والشذرات 3: 135 وسقطت ترجمته من ابن عساكر فقد قال ابن خلكان: وذكره الحافظ ابن عساكر في تاريخ دمشق، وانظر المقفى 3: 41. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 781 وفي تاريخ أبي محمد أحمد بن الحسين بن أحمد بن محمد بن عبد الرحمن الروذباري «1» أن ابن حنزابة مات في ثالث عشر صفر سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة في أيام الحاكم، وفي سنة تسع وتسعين قتل الحاكم ابنه أبا الحسين ابن جعفر بن الفضل بن الفرات، وكان يلقب بسيدوك، وفي سنة خمس وأربعمائة ولي وزارة الحاكم أبو العباس الفضل بن جعفر بن الفضل بن الفرات ابنه الآخر، وضمن ما لم يعرفه فقتل بعد خمسة أيام من ولايته. ويروى لأبي الفضل جعفر هذان البيتان، ولا يعرف له شعر غيرهما «2» : من أخمل النفس أحياها وروّحها ... ولم يبت طاويا منها على ضجر إنّ الرياح إذا اشتدّت عواصفها ... فليس تردي سوى العالي من الشجر قال يحيى بن منده: قدم أبو الفضل ابن حنزابة أصفهان، وسمع من عبد الله بن محمد بن عبد الكريم ومحمد بن عمارة بن حمزة «3» والحسن بن محمد «4» الداركي، وسمع ببغداد من محمد بن هارون الحضرمي «5» ومن في طبقته. وهو أحد الحفاظ، حسن العقل كثير السماع مائل إلى أهل العلم والفضل، نزل مصر وتقلّد الوزارة لأميرها كافور، وكان أبوه وزير المقتدر بالله، وبلغني أنه كان يذكر أنه سمع من عبد الله بن محمد البغوي مجلسا، ولم يكن عنده، وكان يقول: من جاءني به أغنيته، وكان يملي الحديث بمصر، وإليه خرج أبو الحسن الدارقطني إلى هناك، فإنه [كان] يريد أن يصنف مسندا، فخرج الدارقطني إليه وأقام عنده مدة فصنّف له المسند، وحصل له من جهته مال كثير، وروى عنه الدارقطني في «كتاب المدبّج» . قال ابن منده «6» : سمعت أبا القاسم إسماعيل بن مسعدة الجرجاني قال، قال الجزء: 2 ¦ الصفحة: 782 حمزة بن يوسف السهمي: سألت أبا الحسن علي بن عمر الحافظ الدارقطني عن محمد بن محمد بن سليمان الباغندي، فحكى عن الوزير أبي الفضل ابن الفرات المعروف بابن حنزابة حكاية، قال الشيخ حمزة: ثم دخلت مصر وسألت الوزير أبا الفضل جعفر بن الفضل عن الباغندي، وحكيت له ما كنت سمعته من الدارقطني، فقال لي الوزير: لحقت الباغندي محمد بن محمد بن سليمان وأنا ابن خمس سنين، ولم أكن سمعت منه شيئا، وكان للوزير الماضي رحمه الله [يعني أباه] حجرتان إحداهما للباغندي يجيئه يوما ويقرأ له والأخرى لليزيدي. قال أبو الفضل، سمعت أبي رحمه الله يقول: كنت يوما مع الباغندي في الحجرة يقرأ لي كتب أبي بكر ابن أبي شيبة، فقام الباغندي إلى الطهارة، فمددت يدي إلى جزء معه من حديث أبي بكر، فإذا على ظهره مكتوب «مربع» والباقي محكوك، فرجع الباغندي فرأى الجزء في يدي فتغير وجهه، وسألته وقلت: أيش هذا مربع؟ فغير ذلك ولم أفطن له، لأني أول ما كنت دخلت في كتبة «1» الحديث، ثم سألت عنه فإذا الكتاب لمحمد بن إبراهيم مربع «2» سمعه من أبي بكر ابن أبي شيبة. قرأت في تاريخ لابن زولاق الحسن بن إبراهيم في «أخبار سيبويه الموسوس» «3» قال: ورأى سيبويه جعفر بن الفضل بن الفرات بعد موت كافور، وقد ركب في موكب عظيم، فقال: ما بال أبي الفضل قد جمع كتّابه، ولفق أصحابه، وحشد بين يديه حجابه، وأشمّ «4» أنفه، وساق العساكر خلفه؟! أبلغه أن الإسلام طرق، أو أن ركن الكعبة سرق [فخرج لهذا الأمر ينكره] ؟ فقال له رجل: هو اليوم صاحب الأمر ومدبر الدولة، فقال: يا عجبا أليس بالأمس نهب الأتراك داره، ودكدكوا آثاره «5» ، وأظهروا عواره، وهم اليوم يدعونه وزيرا، ثم صيّروه أميرا، ما عجبي منهم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 783 كيف نصبوه، بل عجبي [منه] كيف تولّى أمرهم وأمن غدرهم «1» . قال الحافظ أبو القاسم: ذكر بعض أهل العلم، وأظنه محمد بن أبي نصر الحميدي، أن الوزير أبا الفضل ابن حنزابة حدث بمصر سنة سبع وثمانين وثلاثمائة مجالس إملاء خرّجها الدارقطني وعبد الغني بن سعيد، وكانا كاتبيه ومخرّجيه، وكان كثير الحديث جمّ السماع، مكرما لأهل العلم مطعما لأهل الحديث، استجلب الدارقطني من بغداد وبرّ إليه وخرّج له المسند، وقد رأيت عند أبي إسحاق الحبّال «2» من الأجزاء التي خرّجت له جملة كثيرة جدا، في بعضها الموفي ألفا من مسند كذا، والموفي خمسمائة من مسند كذا، وهكذا هي سائر المسندات. وقد أعطى الدارقطني مالا كثيرا، وأنفق عليه نفقة واسعة، ولم يزل في أيام عمره يصنع أشياء من المعروف عظيمة، وينفق نفقات كثيرة على أهل الحرمين من أصناف الأشراف وغيرهم إلى أن تم له أن اشترى بالمدينة دارا إلى جانب المسجد من أقرب الدور إلى القبر، ليس بينها وبين القبر إلا حائط وطريق في المسجد، وأوصى أن يدفن فيها، وقرر عند الأشراف ذلك فسمحوا له بذلك وأجابوه اليه، فلما مات حمل تابوته من مصر إلى الحرمين، فخرجت الأشراف من مكة والمدينة لتلقيه والنيابة في حمله، إلى أن حجّوا به وطافوا ووقفوا بعرفة، ثم ردوه إلى المدينة ودفنوه في الدار التي أعدها لذلك. قرأت بخط الشريف النسابة محمد بن أسعد بن علي الجواني المعروف بابن النحوي: كان الوزير جعفر بن الفضل بن الفرات المعروف بابن حنزابة يهوى النظر الى الحشرات من الأفاعي والحيّات والعقارب وأم أربعة وأربعين وما يجري هذا المجرى، وكان في داره التي تقابل دار الشنتكاني «3» ومسجد ورش، وكانت للماذرائي قبل ذلك قاعة لطيفة مرخّمة «4» فيها سلل الحيات «5» ، ولها قيّم فراش حاو «6» الجزء: 2 ¦ الصفحة: 784 من الحواة، ومعه مستخدمون برسم الخدمة ونقل السلل وحطّها، وكان كل حاو في مصر وأعمالها يصيد له ما يقدر عليه من الحيات، ويتباهون في ذوات العجب من أجناسها وفي الكبار وفي الغريبة المنظر، وكان الوزير يثيبهم في ذلك أوفى الثواب ويبذل لهم الجزيل حتى يجتهدوا في تحصيلها، وكان له وقت يجلس فيه على دكة مرتفعة ويدخل المستخدمون والحواة، فيخرجون ما في السلل، ويطرحونه في ذلك الرخام، ويحرشون بين الهوام، وهو يتعجب من ذلك ويستحسنه، فلما كان ذات يوم أنفذ رقعة إلى الشيخ الجليل ابن المدبر «1» الكاتب، وكان من أعيان كتّاب أيامه «2» ودولته، وكان عزيزا عنده، وكان يسكن في جوار دار ابن الفرات، يقول له فيها: نشعر الشيخ الجليل- أدام الله سلامته- أنه لما كان البارحة وعرض علينا الحواة الحشرات، الجاري بها العادات، انسابت الى داره منها الحية البتراء وذات القرنين الكبرى والعقربان الكبير وأبو صوفة، وما حصلوا لنا بعد عناء ومشقة، وبجعلة بذلناها للحواة، ونحن نأمر الشيخ- وفقه الله تعالى- بالتقدم إلى حاشيته وصبيته بصون ما وجد منها إلى أن ننفذ الحواة لأخذها وردها إلى سللها. فلما وقف ابن المدبر على الرقعة قلبها وكتب في ذيلها: أتاني أمر سيدنا الوزير- أدام الله نعمته وحرس مدته- بما أشار إليه في أمر الحشرات، والذي يعتمد عليه في ذلك أن الطلاق يلزمه ثلاثا إن بات هو أو واحد من أهله في الدار، والسلام. أنشدني أبو بكر ابن البر القيرواني «3» التميمي لصالح بن مؤنس المصري يمدح بعض آل الفرات: قد مرّ عيد وعيد ... ما اخضرّ لي فيه عود وكيف يخضرّ عود ... والماء منه بعيد يا من له عدد المجد كلّها والعديد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 785 آل الفرات نداهم ... على الفرات يزيد وأنت فضلك فيهم ... عليك منه شهود وكلّ يوم لغيري ... من راحتيك مديد هل لي إلى الرزق ذنب ... فكان منه صدود ما الناس إلا شقيّ ... في دهرنا وسعيد قال ابن الأكفاني: أنبأنا أبو محمد عبد الله بن الحسين بن النحاس، حدثنا أبو محمد عبد الله بن يوسف بن نصر من لفظه قال: حضرت عند أبي الحسين المهلبي في داره بالقاهرة فقال لي: كنت منذ أيام حاضرا دار الوزير- يعني أبا الفرج ابن كلس- فدخل عليه أبو العباس الفضل بن أبي الفضل الوزير ابن حنزابة، وكان قد زوّجه ابنته وأكرمه وأجله، فقال له: يا أبا العباس يا سيدي ما أنا بأرجل «1» من أبيك ولا بأعلم ولا بأفضل، وزاد في وصفه وإكرامه، ثم قال: أتدري ما أقعد أباك خلف الباب «2» ؟ شيل أنفه [بأبيه] وأخرج يده فعلا بها رأسه، وشال أنفه إلى فوق وقال له: بالله يا أبا العباس لا تشل أنفك [بأبيك] تدري ما الإقبال؟ نشاط وتواضع، تدري ما الإدبار؟ كسل وترافع. قرأت فيما جمعه أبو علي صالح بن رشدين «3» قال: كان أبو الفضل جعفر بن الفضل الوزير قد خرج إلى بستانه بالمقس، فكتب إليه أبو نصر ابن كشاجم على تفاحة بماء الذهب، وأنفذها إليه: إذا الوزير تخلّى ... للنيل في الأوقات فقد أتاه سميّا ... هـ جعفر بن الفرات قال محمد بن طاهر المقدسي: سمعت أبا اسحاق الحبال يقول: لما قصد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 786 هؤلاء «1» مصر ونزلوا قريبا منها لم يبق أحد من الدولة العباسية إلا خرج للاستقبال والخدمة، غير الوزير أبي الفضل ابن حنزابة، فإنه لم يخرج، فلما كان في الليلة التي صبيحتها الدخول اجتمع إليه مشايخ البلد وعاتبوه في فعله، وقيل له: إنك تغري بدماء أهل السنة، ويجعلون تأخرك عنهم سببا للانتقام، قال: الآن أخرج، فخرج للسلام، فلما دخل عليه أكرمه وبجّله وأجلسه وفي قلبه منه شيء، وكان إلى جنبه ابنه وولي عهده، وغفل الوزير عن التسليم عليه، فأراد أن يمتحنه بسبب يكون إلى الوقيعة به، فقال له: حجّ الشيخ؟ فقال: نعم يا أمير المؤمنين، قال: وزرت الشيخين؟ فقال: شغلت بالنبي صلى الله عليه وسلّم عنهما، كما شغلت بأمير المؤمنين عن ولي عهده، السلام عليك يا وليّ عهد المسلمين ورحمة الله وبركاته، فأعجب من فطنته وتداركه ما أغفله، وعرض عليه الوزارة فامتنع، فقال: إذا لم تل لنا شغلا فيجب أن لا تخرج عن بلادنا فإنّا لا نستغني أن يكون في دولتنا مثلك، فأقام بها ولم يرجع إلى بغداد. قال وسمعت أبا إسحاق الحبال «2» يقول: كان يستعمل للوزير أبي الفضل الكاغد بسمرقند، ويحمل إليه إلى مصر في كل سنة، وكان في خزانته عدة من الوراقين، فاستعفى بعضهم فأمر بأن يحاسب ويصرف، فكمل عليه مائة دينار، فعاد إلى الوراقة وترك ما كان عزم عليه من الاستعفاء. قال: وسمعت أبا إسحاق إبراهيم بن سعيد الحبال يقول «3» : خرج أبو نصر السجزي الحافظ على أكثر من مائة شيخ لم يبق منهم غيري، وكان قد خرج له عشرين جزءا في وقت الطلب، وكتبها في كاغد عتيق، فسألت الحبال عن الكاغد فقال: هذا من الكاغد الذي كان يحمل للوزير من سمرقند، وقعت إليّ من كتبه قطعة، فكنت إذا رأيت فيها ورقة بيضاء قطعتها إلى أن اجتمع هذا، فكتبت فيه هذه الفوائد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 787 [284] جعفر بن قدامة بن زياد الكاتب أبو القاسم : ذكره الخطيب فقال: هو أحد مشايخ الكتّاب وعلمائهم، وكان وافر الأدب حسن المعرفة، وله مصنفات في صنعة الكتابة وغيرها، حدث عن أبي العيناء الضرير وحماد بن إسحاق الموصليّ والمبرد ومحمد بن عبد الله بن مالك الخزاعي ونحوهم، روى عنه أبو الفرج الأصفهاني. ونقلت من خط أبي سعيد معن بن خلف البستي مستوفي بيت الزرد والفرش السلطاني الملكشاهي بتولية نظام الملك، قال قال جعفر بن قدامة الكاتب: استمع بالله يا ابن الملك والنجدة منّي يومنا في الحسن والبهجة قد جاز التمنّي فأزرني نفسك الحسرّة أو لا فاستزرني ومن خطه، قال: نقلت من خط عبد الرحمن بن عيسى الوزير لجعفر بن قدامة: كيف يخفى وإن أتاني نهارا ... كسف الشمس بالجمال البهيّ وإذا زار في الدجى طلع البد ... ر علينا من الجبين المضي فكلا حالتيه يفضح سرّي ... وينادي بكلّ أمر خفي بأبي أحسن الأنام جميعا ... تاه عقلي به وحقّ النبي وقال أبو محمد عبيد الله بن أبي القاسم عبد المجيد بن بشران الأهوازي في «تاريخه» : مات أبو القاسم جعفر بن قدامة بن زياد يوم الثلاثاء لثمان بقين من جمادى الآخرة سنة تسع عشرة وثلاثمائة. قال ابن بشران: وفي سنة عشر وثلاثمائة أخرج علي بن عيسى الوزير إلى اليمن منفيا، فقال أبو القاسم جعفر بن قدامة الكاتب في ذلك:   [284]- ترجمته في الفهرست: 194 (وذكر ان شعره يقع في مائة ورقة) وتاريخ بغداد 7: 205 والوافي 11: 124 والفوات 1: 289 والزركشي: 85 (ويعتمد ياقوت على تاريخ بغداد وينقل عن المحاضرات للتوحيدي) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 788 أصبح الملك واهي الأرجاء ... وأمور الورى بغير استواء منذ عادت نوى عليّ بن عيسى ... واستمرّت به إلى صنعاء فوحقّ الذي يميت ويحيي ... وهو الله مالك الأشياء لقد اختلّ بعده كلّ أمر ... واستبانت كآبة الأعداء ثم صاروا بعد العداوة و ... الله جميعا في صورة الأولياء يتألّون كلّهم في عليّ ... أنه قد خلا من النظراء ومن شعره أيضا: تسمّع- متّ قبلك- بعض قولي ... ولا تتسلّلن منّي لواذا نعم أسقمت بالهجران جسمي ... ومتّ بغصتي فيكون ماذا؟ ومن «كتاب الوزراء» «1» لهلال بن محسن: ولجعفر بن قدامة يمدح ابن الفرات: يا ابن الفرات ويا ... كريم الخيم محمود الفعال ضيّعت بعدك واطّرحت ... وبان للناس اختلالي وتغيّرت مذ غيّرت ... أحوالك الأيام حالي لهفا أبا حسن على ... أيامك الغرّ الحوالي لهفا عليها إنها ... بليت بأحوال بوالي قرأت في «كتاب المحاضرات» لأبي حيان «2» : قلت وقلت للعروضي أراك منخرطا في سلك ابن قدامة ومنصبّا إليه ومتوفّرا عليه، وكيف يتفق بينكما وكيف تأتلفان ولا تختلفان؟ فقال: اعلم أن الزمان وقت الاعتدال، والرجل كما تعرف على غاية البرد والغثاثة وجباسة الطبع، وأنا كما تعرفني وتثبتني، فاعتدلنا إلى أن يتغير الزمان، ثم نفترق ونختلف ولا نتفق، وأنشأ يقول: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 789 وصاحب أصبح من برده ... كالماء في كانون أو في شباط ندمانه من ضيق أخلاقه ... كأنّه في مثل سمّ الخياط نادمته يوما فألفيته ... متصل الصمت قليل النشاط حتى لقد أوهمني أنه ... بعض التماثيل التي في البساط [285] جعفر بن محمد بن أحمد بن حدار الكاتب ، أبو القاسم: ذكره الصولي في «كتاب أخبار شعراء مصر» قال: لم يكن بمصر مثله في وقته، كثير الشعر حسن البلاغة عالم له ديوان شعر ومكاتبات كثيرة حسنة. قال: وكان العباس بن أحمد بن طولون قد خرج على أبيه في نواحي برقة عند غيبة أبيه بالشام، وتابعه أكثر الناس، ثم غدر به قوم وخرج عليه آخرون من نواحي القيروان فظفر به أبوه، وكان جعفر بن حدار وزير العباس وصاحب أمره. قال ابن زولاق مؤرخ مصر: قبض على العباس بنواحي الاسكندرية وأدخل إلى الفسطاط على قتب على بغل مقيدا في سنة سبع وستين ومائتين ونصب لكتّابه ومن خرج بهم إلى ما خرج إليه دكة عظيمة رفيعة السّمك في يوم الأربعاء، لا أعرف موقعه من الشهر، وجلس أحمد بن طولون في علو يوازيها، وشرع من ذلك العلو إليها طريقا، وكان العباس قائما بين يدي أبيه في خفتان ملحم وعمامة وخفّ، وبيده سيف مشهور، فضرب ابن حدار ثلاثمائة سوط، وتقدم إليه العباس فقطع يديه ورجليه من خلاف، وألقي من الدكة إلى الأرض، وفعل مثل ذلك بالمنتوف وبأبي معشر، واقتصر بغيرهم على ضرب السوط فلم تمض أيام حتى ماتوا. وقال الصولي: مثّل أحمد بن طولون بابن حدار لما قتله، يروى أنه تولّى قطع يديه ورجليه بيده. ومن شعر ابن حدار إلى صديق له من أبيات:   [285]- ترجمته في المغرب (قسم مصر) : 251 والوافي 11: 141 والمقفى 3: 59 وفي سيرة ابن طولون للبلوي أخبار متفرقة، وخاصة عن دوره في ثورة العباس بن أحمد بن طولون، وأورد في زهر الآداب، 433 قطعة في وصف القلم لمن اسمه أحمد بن جدار فلعله جد جعفر هذا. (واسمه يتردد بين حدار وجدار وحذار) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 790 يا كسرويا في القديم ... وهاشميا في الولاء يا ابن المقفّع في البيا ... ن ويا إياسا في الذكاء يا ناظرا في المشكلا ... ت المعضلات ويا ضيائي إيها جعلت فداك فيم ... طويتني طيّ الرداء وتركتني بين الحجاب ... أعوم في بحر الجفاء ورغبت عما كنت تر ... غب فيه من لطف الإخاء من بعد اني كنت عندك ... وابن أمك بالسواء فوحقّ كفك إنها ... كفّ كأخلاق السماء لأخلّينّك والهوى ... ولأصبرنّ عن اللقاء ولأشكونّك ما استطعت ... إلى حفاظك والوفاء ولأصبرنّ على رقيّك ... في ذرى درج العلاء فهناك أجني ما غرست ... إليك من ثمر الرجاء ومن شعره أيضا: جاءت بوجه كأنه قمر ... على قوام كأنه غصن ترنو بعينين من يعاينها ... من وسن في جفونها وسن حتى إذا ما استوت بمجلسها ... وصار فيه من حسنها وثن غنّت فلم تبق فيّ جارحة ... إلا تمنيت أنها أذن ومن شعره أيضا: زارني زور ثكلتهم ... وأصيبوا حيث ما سلكوا أكلوا حتى إذا شبعوا ... حملوا الفضل الذي تركوا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 791 [286] جعفر بن محمد بن الأزهر بن عيسى الأخباري : أحد أصحاب السير ومن عني بجمع الأخبار والتواريخ، مات سنة تسع وسبعين ومائتين، ومولده سنة مائتين، سمع من ابن الأعرابي وطبقته، وله من الكتب كتاب التاريخ على السنين، وهو من جيد الكتب، ذكر ذلك محمد بن إسحاق «1» . [287] جعفر بن محمد بن خالد بن ثوابة، أبو الحسين الكاتب: أحد البلغاء الفصحاء. قال أبو علي حدثني أبو الحسين ابن قيراط، قال حدثني أبو الحسن الإيادي الكاتب صديق الكرخيين، قال أبو محمد عبد الوهاب بن الحسن بن عبيد الله بن سليمان بن وهب، وعبيد الله وسليمان هما الوزيران، قال: كان إلى والدي الحسن بن عبيد الله ديوان الرسائل وديوان المعاون وجملة الدواوين التي كانت إليه في أيام وزارة أبيه للمعتضد، فأمر عبيد الله ابنه أن يستخلف أبا الحسين ابن ثوابة على ديوان الرسائل وديوان المعاون، فصار كالمتقلّد له من قبل الوزير لكثرة استخدامه له فيه، ثم مات أبي فأقره جدّي الوزير عبيد الله على الديوان رئاسة، وبقي عليهم يتوارثونه مرة رئاسة ومرة خلافة إلى أن تسلمه الصابىء أبو إسحاق من ابن ابنه أحمد. وكتب جعفر بن محمد هذا رقعة إلى عبيد الله بن سليمان الوزير في نسختها: قد فتحت للمظلوم بابك، ورفعت عنه حجابك، فانا أحاكم الأيام إلى عدلك، وأشكو صروفها إلى عطفك، وأستجير من لؤم غلبتها بكرم قدرتك، فإنها تؤخّرني إذا قدّمت، وتحرمني إذا قسمت، فإن أعطت أعطت يسيرا، وإن ارتجعت ارتجعت   [286]- الفهرست: 126 وتاريخ بغداد 7: 197 والوافي 11: 142 (وذكر الخطيب أنه توفي سنة 299) . [287]- ترجمته في الوافي 11: 137. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 792 كثيرا، ولم أشكها إلى أحد قبلك، ولا أعددت للإنصاف منها إلا فضلك؛ ودفع ذمام المسألة وحقّ الظلامة حقّ التأميل وقدم صدق الموالاة والمحبة. والذي يملأ يدي من النصفة ويسبغ العدل عليّ حتى تكون إليّ محسنا وأكون بك للأيام معديا أن تخلطني بخواصّ خدمك الذين نقلتهم من حال الفراغ إلى الشغل، ومن الخمول إلى النباهة والذكر، فإن رأيت أن تعديني فقد استعديت، وتجيرني فقد عذت بك، وتوسع عليّ كنفك فقد أويت إليه، وتشملني بإحسانك فقد عوّلت عليه، وتستعمل يدي ولساني فيما يصلحان لخدمتك فيه فقد درست كتب أسلافك، وهم الأئمة في البيان، واستضأت برأيهم، واقتفيت آثارهم اقتفاء حصلني بين وحشيّ كلام وأنيسه، ووقفني منه على جادة متوسطة يرجع إليها الغالي ويسمو نحوها المقصر، فعلت، إن شاء الله تعالى. فكانت هذه الرقعة سبب استخلافه لأبي. [288] جعفر بن محمد بن حمدان الموصلي، أبو القاسم الفقيه الشافعي: ذكره محمد بن إسحاق فقال: هو حسن التأليف، عجيب التصنيف، شاعر أديب، فاضل ناقد للشعر كثير الرواية، مات سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة، ومولده سنة أربعين ومائتين، له عدة كتب في الفقه على مذهب الشافعي، فأما كتبه في الأدب فهي: كتاب الباهر في أشعار المحدثين «1» عارض به «الروضة» للمبرد «2» . كتاب الشعر والشعراء لم يتمّ ولو تمّ لكان غاية في معناه. كتاب السرقات لم يتمّ أيضا، وهو كتاب جيد في معناه «3» . كتاب محاسن أشعار المحدثين، لطيف.   [288]- ترجمته في الفهرست: 166 وطبقات الأسنوي 2: 430 والوافي 11: 138. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 793 قال أبو عبد الله الخالع: كان أبو القاسم جعفر بن محمد بن حمدان الموصلي ممن عمّر طويلا، وكانت بينه وبين البحتري مراسلة «1» ، ورثاه بعد وفاته، ومدح القاسم بن عبيد الله وأدرك أبا العباس النامي وتكاتبا بالشعر. وقال أبو علي ابن الزمكدم: كان ابن حمدان كبير المحلّ من أهل الرياسات بالموصل، ولم يكن بها في وقته من ينظر إليه ويفضّل في العلوم سواه، متقدما في الفقه معروفا به، قويا في النحو فيما يكتبه، عارفا بالكلام والجدل مبرزا فيه، حافظا لكتب اللغة، راوية للأخبار، بصيرا بالنجوم، عالما مطلعا على علوم الأوائل عالي الطبقة فيها، وكان صديقا لكل من وزراء عصره مدّاحا لهم، آنسا بالمبرد وثعلب وأمثالهما من علماء الوقت مفضّلا عندهم. وكانت له ببلده دار علم قد جعل فيها خزانة كتب من جميع العلوم وقفا على كلّ طالب لعلم، لا يمنع أحد من دخولها إذا جاءها غريب يطلب الأدب، وإن كان معسرا «2» أعطاه ورقا وورقا، تفتح في كلّ يوم ويجلس فيها إذا عاد من ركوبه، ويجتمع إليه الناس فيملي «3» عليهم من شعره وشعر غيره ومصنفاته، مثل الباهر وغيره من مصنفاته الحسان، ثم يملي من حفظه من الحكايات المستطابة وشيئا من النوادر المؤلفة وطرفا من الفقه وما يتعلق به. وكان جماعة من أهل الموصل حسدوه على محلّه وجاهه عند الخلفاء والوزراء والعلماء، وكان قد جحد بعض أولاده وزعم أنه ليس منه، فعاندوه بسببه وزعموا أنه نفاه ظلما واجتهدوا أن يلحقوه به فما تمّ لهم، فاجتمعوا وكتبوا فيه محضرا وشهدوا عليه فيه بكلّ قبيح عظيم «4» ، ونفوه عن الموصل فانحدر هاربا منهم إلى مدينة السلام، ومدح المعتضد بقصيدة يشكو فيها ما ناله منهم، ويصف ما يحسنه من العلوم ويستشهد بثعلب والمبرد وغيرهما، أولها: أجدّك ما ينفكّ طيفك ساريا ... مع الليل مجتابا إلينا الفيافيا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 794 يذكّرنا عهد الحمى وزماننا ... بنعمان والأيام تعطي الأمانيا ليالي مغنى آل ليلى على الحمى ... ونعمان غاد بالأوانس غانيا وعهد الصبا منهنّ فينان مورق ... ظليل الضحى من حائط اللهو دانيا قريب المدى نائي الجوى داني الهوى ... على ما يشاء المستهام مؤاتيا حلفت بأخياف المخيّم من منى ... ومن حلّ جمعا والرعان المتاليا وبالركب يأتمّون بطحاء مكة ... على أركب تحكي الحنيّ حوافيا طواهنّ طيّ البيد في غلس الدجى ... ونشر الفيافي والفيافي كما هيا ولو أنني أبثثت ما بي من الجوى ... شماريخ رضوى أو شمام رثى ليا وإن أطو ما تطوي الجوانح من هوى ... عن الناس تخبرهم بحالي حاليا أأدخل تحت الضيم والبيد والسرى ... وأيدي المطايا الناعجات عتاديا سأخرج من جلباب كلّ ملمة ... خروج المعلّى والمنيح ورائيا إذا أنا قابلت الإمام مناجيا ... له بالذي من ريب دهري عنانيا رميت بآمالي إلى الملك الذي ... أذلّت مساعيه الأسود الضواريا وما هي إلا روحة وادّلاجة ... تنيل الأماني أو تقيم البواكيا ولي في أمير المؤمنين مدائح ... ملأت بها الآفاق حسن ثنائيا وأمّت بي الآمال لا طالبا جدى ... ولا شاكيا إنفاض حالي وماليا ولكنني أشكو عدوّا مسلّطا ... عليّ عداني بغيه عن مجاليا أيا ابن الولاة الوارثين محمدا ... خلافته دون الموالي مواليا إذا ما اعتزمت الأمر أبرمت فتله ... ولم تك عن إمضائك العزم وانيا فلا تك للمظلوم ناداك في الدجى ... لغربته والدفع للظلم ناسيا [وعش سالم الأيام للملك راعيا ... ودم عالي الأحوال تعلي المعاليا] وهي مائة وخمسون بيتا، فيها بعد المدح ما يحسنه من العلوم الدينية والأدبية، ويتبجح بمعرفته أقليدس وأشكاله، وزيادات زادها في أعماله. وله في صفة الليل: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 795 ربّ ليل كالبحر هولا وكالدهر امتدادا وكالمداد سوادا خضته والنجوم يوقدن حتى ... أطفأ الفجر ذلك الإيقادا قال ابن عبد الرحيم: ونقلت من خط جعفر بن محمد الموصليّ من قصيدة في أبي سليمان داود بن حمدان: أعيجي بنا قبل انبتات حبالك ... جمالك إن الشوق شوق جمالك قفي وقفة تبلل عليك أوامها ... جوانح لا تروى بغير نوالك فقد طلعت شمس الندى بأوارها ... على مستظلات بفيء ظلالك ومنها: بأبناء حمدان الذين كأنهم ... مصابيح لاحت في ليال حوالك لهم نعم لا أستقلّ بشكرها ... وإن كنت قد سيّرته في المسالك وخلّفت فيه من قريض بدائعا ... ترى خلفا من كلّ باق وهالك وله من قصيدة في القاسم بن عبيد الله: ما شأن دارك يا ليلى نناجيها ... فما تجيب ولا ترعي لداعيها إنّا عشية عجنا بالمطيّ بها ... كنّا نحييك فيها لا نحييها لا ترسلي الطيف ان الطرف في شغل ... عن الكرى بدموع بات يجريها لأضربنّ بآمالي إلى ملك ... تقلّ في قدره الدنيا بما فيها يا ابن الوزارة والمأمول بعد لها ... وسائر الأرض دانيها وقاصيها ما بال ما اجتاب عرض الأرض من مدحي ... إليك يسري مع الركبان ساريها لم يأتني نبأ عنها ولا خبر ... واليوم كالحول لي مما أراعيها وله أيضا: وما الموت قبل الموت عندي غير أن ... يرى ضرعا بالعسر يوما لذي اليسر فدع قولهم ليس الثراء من العلا ... فما الفخر إلا أن يقال هو المثري إذا أنت لم تبل الصديق فلا تكن ... له آمنا فيما يجنّ من الأمر فإن سترت حال امرىء لؤم أصله ... أبى اللؤم ألا أن يبين مع الستر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 796 وله أيضا: على الخيف من أكناف برقة أطلال ... دوارس عفّتها ببرقة أحوال ومبنى خيام من فريق تفرّقوا ... أيادي سبا والبين للشمل مغتال وهنّ نجوم للنجوم ضرائر ... وهنّ لأقمار الحنادس أقتال ألا إن آجال الظباء سوانحا ... لمن عالج الوجد المبرّح آجال إلى ابن أبي العباس جاذبنا المنى ... ومن دونه بيد يخبّ بها الآل وما زالت الأيام تضحك عنهم ... وتشرق عنهم بالمكارم أفعال أولئك أرباب العلا وبنو الندى ... وقوّال فضل يوم مجد وفعّال هم ورّثوه الجود والبذل والندى ... فزاد على ما ورّثوه ولم يال «1» وله يرثى البحتري: تعوّلت البدائع والقصيد ... وأودى الشعر مذ أودى الوليد وأظلم جانب الدنيا وعادت ... وجوه المكرمات وهنّ سود فقل للدهر يجهد في الرزايا ... فليس وراء فجعته مزيد وله من قصيدة: تمكّن حبّ علوة في فؤادي ... وملّك «2» أمر غيّي والرشاد فوالى بين دمعي والمآقي ... وعادى بين جفني والرقاد وقد طلب السلامة في سليمى ... زمانا والسعادة في سعاد فلا هاتيك أحمدها وصالا ... ولا هذي ارتضاها في الوداد وله أيضا: أيها القرم الذي ... أعوزنا فيه الندود «3» الجزء: 2 ¦ الصفحة: 797 وأعانته على المجد ... مساع وجدود عجّل النّجح فإنّ ... المطل بالوعد وعيد قال عبيد الله الفقير إليه مؤلف هذا الكتاب: هذا معنى عنّ لي من قبل أن أقف على هذه الأبيات، وكنت أعجب كيف فات الأوائل اشتماله على مطابقة التجنيس وحسن المعنى مدة، حتى وقفت على ما ها هنا فعلمت أن أكثر ما ينسب إلى الشعراء من السرقات إنما هو توارد خواطر «1» ووقوع حافر على حافر؛ وأما أبياتي فهي: يا سيدا بذّ من يمشي على قدم ... علما وحلما وآباء وأجدادا ماذا دعاك إلى وعد تصيّره ... بالخلف والمطل والتسويف إيعادا لا تعجلنّ بوعد ثم تخلفه ... فيثمر المطل بعد الودّ أحقادا فالوعد بذر ولطف القول منبته ... وليس يجدي إذا لم يلق حصّادا [289] جعفر بن موسى، يعرف بابن الحداد ، أبو الفضل النحوي: كتب الناس عنه شيئا من اللغة وغريب الحديث وما كان من كتب أبي عبيد ما سمعه من أحمد بن يوسف التغلبي وغير ذلك، [وكان] «2» من ثقات المسلمين وخيارهم «3» . مات لثلاث خلون من شعبان سنة تسع وثمانين ومائتين، ودفن بقرب منزله ظهر قنطرة البردان. [290] جعفر بن هارون بن إبراهيم النحوي الدينوري أبو محمد: روى عنه ابن   [289]- تاريخ بغداد 7: 192 والمنتظم 6: 36 وإنباه الرواة 1: 268 والوافي 11: 155 وبغية الوعاة 1: 487. [290]- تاريخ بغداد 7: 225 وإنباه الرواة 1: 269 ونزهة الألباء: 190 وبغية الوعاة 1: 487 وقد ذكر القفطي أنه نزل بغداد مؤدبا لأولاد ابن عبد العزيز الهاشمي وسمع عليه الحديث سنة 344. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 798 شاذان «1» كان علامة بأيام العرب وأخبارها وأشعارها عارفا بأنسابها، كان «2» في شوال سنة أربع وأربعين وثلاثمائة. [291] جلد بن جمل الراوية : ما رأيت أحدا من أهل التصنيف والرواية والتأليف ذكره في كتاب ترجمة إلا أن الإسناد إليه كثير، والرواية عنه ظاهر شهير، وكان فيما تدل عليه الأخبار التي يرويها علّامة بأخبار العرب وأشعارها، عارفا بأيامها وأنسابها. [292] جنّاد بن واصل الكوفي : أبو محمد، ويقال أبو واصل، مولى بني غاضرة «3» : من رواة الأخبار والأشعار، لا علم له بالعربية، وكان يصحّف ويكسر الشعر ولا يميز بين الأعاريض المختلفة فيخلط بعضها ببعض، وهو من علماء الكوفيين القدماء، وكان كثير الحفظ في قياس «4» حماد الراوية. وحدث المرزباني قال «5» قال عبد الله بن جعفر: أخبرنا أبو عمرو أحمد بن عليّ الطوسيّ عن أبيه قال: ما كانوا يشكّون بالكوفة في شعر ولا يعزب عنهم اسم شاعر إلا سألوا عنه جنادا فوجدوه لذلك حافظا وبه عارفا، على لحن كان فيه. وكان كثير اللحن جدّا فوق لحن حماد، وربما قال من الشعر البيت والبيتين. وقال التوّزي: اتكل أهل الكوفة على حماد وجناد، ففسدت رواياتهم، من رجلين كانا يرويان لا يدريان، كثرت رواياتهما وقلّ علمهما.   [291]- لم أجد له ذكرا في ما راجعته من مصادر. [292]- الفهرست: 104 ونور القبس: 272 والوافي: 189 ولسان الميزان 2: 140. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 799 وحدث عبد الله بن جعفر عن جبلة بن محمد الكوفي عن أبيه قال: مررت بجنّاد مولى الغاضريين «1» وهو ينشد: اعلم بأنّ الحقّ مركبه ... إلا على أهل التقى مستصعب فاقدر بذرعك في الأمور فإنما ... رزق السلامة من لها يتسبب فقلت: أبرقت يا جناد قال: وأنى ذلك؟ قلت: في هذين البيتين، قال: فلم يستبن ذلك، فتركته وانصرفت. قال عبد الله: وإنما أنكر عليه أن البيت الأول ينقص من عروضه وتد والثاني تامّ، فكسره ولم يعلم، والعرب لا تغلط بمثل هذا، وإنما يغلطون بأن يدخلوا عروضين في ضرب واحد من الشعر لتشابههما، فاما هذا فالصواب فيه ان يقول: اعلم بأن الحقّ مركب ظهره ... إلّا على أهل التقى مستصعب ومعنى قوله «ابرقت» خلطت بيتا مكسورا ببيت صحيح، فصار كالحبل الأبرق على لونين، والبرقاء من الأرض والحجارة: ذات لونين سواد وبياض. [293] جنادة بن محمد بن الحسين الهروي ، أبو أسامة اللغوي النحوي: عظيم القدر شائع الذكر عارف باللغة، أخذ عن أبي منصور الأزهري وروى عنه كتبه، وروى عن أبي أحمد العسكري ثم قدم مصر فأقام بها إلى أن قتله الحاكم من الملوك المصرية المنتسبة إلى العلويين في سنة تسع وتسعين وثلاثمائة، ذكر ذلك أبو محمد أحمد بن الحسين بن أحمد بن محمد بن عبد الرحمن الروذباري في تاريخه الذي ألفه في حوادث مصر. وأخذ عنه بمصر أبو سهل الهروي وغيره من أهل مصر وغيرهم وكان مجلسه بمصر في جامع المقياس «2» ، وهو الذي فيه العمود الذي يعتبرون به زيادة النيل   [293]- ابن خلكان 1: 372 والوافي 11: 192 وبغية الوعاة 1: 488 والمقفى 3: 73. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 800 من نقصه؛ واتفق في بعض السنين أنّ النيل لم يزد زيادة تامة، فقيل للحاكم حينئذ إن جنادة رجل ميشوم «1» يقعد في المقياس ويلقي النحو ويعزم على النيل فلذلك لم يزد، وكان من حدّة الحاكم وتهوّره وما عرف من سوء سيرته لا يتثبت فيما يفعله ولا يبحث عن صحة ما يبلغه، فأمر من ساعته بقتله فقتل رحمه الله. سمعت هذا الحديث في مصر مفاوضة، حكوه عن الأثير ابن البيساني أخي القاضي الفاضل وغيره، واللفظ يزيد وينقص، والله أعلم. [294] جهم بن خلف المازني الأعرابي، من مازن تميم : له اتصال في النسب بأبي عمرو بن العلاء المازني المقرىء، وكان جهم راوية علّامة بالغريب والشعر، وكان في عصر خلف الأحمر والأصمعي، وكانوا ثلاثتهم متقاربين في معرفة الشعر، ولجهم شعر مشهور في الحشرات والجوارح من الطير، وقيل ان ابن مناذر قال يمدح جهما «2» : سمّيتم آل العلاء لأنكم ... أهل العلاء ومعدن العلم ولقد بنى آل العلاء لمازن ... بيتا أحلّوه مع النجم وجهم القائل في رواية المازني يصف الحمامة: مطوّقة كساها الله ... طوقا لم يكن ذهبا جمود العين، مبكاها ... يزيد أخا الهوى نصبا مفجّعة بكت شجوا ... فبتّ بشجوها وصبا على غصن تميل به ... جنوب مرة وصبا   [294]- الفهرست: 52 وإنباه الرواة 1: 271 والوافي 11: 209 وبغية الوعاة 1: 289 وكتب اسمه في (ر) جعفر (في العنوان) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 801 ترنّ عليه إمّا ما ... ل من شوق أو انتصبا وما فغرت فما وبكت ... بلا دمع لها انسكبا قال وله يخاطب المفضل الضبي [حين] قدم البصرة: أنت كوفيّ ولا ... يحفظ كوفيّ صديقا لم يكن وجهك يا كو ... فيّ للخير خليقا [295] جودي بن عثمان مولى لآل يزيد بن طلحة العنبسيين «1» : من أهل مورور من بلاد الغرب، ذكره الحميدي والزبيدي، رحل إلى المشرق فلقي الكسائي والفراء وغيرهما وهو أوّل من أدخل كتاب الكسائي إلى الغرب، وسكن قرطبة بعد قدومه من المشرق، وفي حلقته أنكر على عباس بن ناصح قوله: يشهد بالإخلاص نوتيّها ... لله فيها وهو نصراني فلحّن حيث لم يشدّد ياء النسب، وكان بالحضرة رجل من أصحاب عباس بن ناصح، فساءه ذلك فقصد عباسا، وكان مسكنه بالجزيرة، فلما طلع على عباس قال له: ما أقدمك- أعزك الله- في هذا الأوان؟ قال: أقدمني لحنك، قال له عباس: وأي لحن؟ فأعلمه، فقال له ألا أنشدتهم قول عمران بن حطان: يوما يمان إذا لاقيت ذا يمن ... وان لقيت معدّيا فعدناني فلما سمع البيت كرّ راجعا، فقال له عباس: لو نزلت فأقمت عندنا، فقال: ما بي إلى ذلك من حاجة، ثم قدم قرطبة واجتمع بجوديّ وأصحابه فأعلمهم ما قال ووافقوه؛ ومات سنة ثلاث وتسعين ومائة.   [295]- ترجمة جودي لم ترد لدى الحميدي كما يقول ياقوت وإنما وردت في طبقات الزبيدي: 256 والتكملة لابن الأبار: 249 وانظر أيضا إنباه الرواة 1: 271 وبغية الوعاة 1: 490 وإشارة التعيين: 77 (وكانت وفاة جودي سنة 198) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 802 حرف الحاء [296] الحارث بن أبي العلاء عمّار بن العريان أبو سفيان أخو أبي عمرو ابن العلاء. [297] حبشي بن محمد بن شعيب الشيباني، أبو الغنائم النحوي الضرير : من أهل واسط، من ناحية تعرف بالأفشولية، مات في ذي القعدة سنة خمس وستين وخمسمائة، وكان قد ورد واسط وقرأ بها القرآن وشيئا من النحو، ثم قدم بغداد وأقام بها وقرأ النحو على ابن الشجري العلوي «1» ، واللغة على الشيخ أبي منصور الجواليقي، وسمع منهما ومن قاضي المارستان. وكان عارفا بالنحو واللغة والعربية، تخرج به جماعة من أهل الأدب كمصدق بن شبيب، وكان يحسن الثناء عليه ويقول:   [296]- أرجح أن ياقوتا أورد بعد هذا ترجمة: الحارث بن علي أبو القاسم الوراق البغدادي، كان من رؤساء المعتزلة في زمانه، وله مصنفات جيدة وردود على ابن الريوندي، وله مع أبي علي الجبائي مناظرات، وكان وراقا يبيع الكتب ويورق للناس وقد روى عنه أبو علي الكوكبي الاخباري، وذكره البلخي في «كتاب المحاسن» فقال: كان من أهل الدين والورع والتقى، قليل النظير في زمانه. (الوافي 12: 260) . [297]- ترجمته في إنباه الرواة 1: 337 والوافي 12: 286 ونكت الهميان: 133 وبغية الوعاة 1: 492. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 803 به تخرجنا لأنّ الشيخ ابن الخشاب كان مشغولا عنّا وكان يضنّ علينا بعلمه، فكان انعكافنا على حبشي. وكان مع هذا العلم إذا خرج إلى الطريق بغير قائد لا يهتدي كما يهتدي العميان حتى سوق الكتب الذي كان يأتيه في كل ليلة عشرين سنة ولم يكن بعيدا عن منزله «1» . [298] حبيش بن عبد الرحمن، وقيل حبيش بن منقذ أبو قلابة الجرمي: كان أحد الرواة الفهمة، وكان بينه وبين الأصمعي مماظّة لأجل المذهب لأن الأصمعي رحمه الله كان سنّيّا حسن الاعتقاد وكان أبو قلابة شيعيّا رافضيّا، ولما بلغه وفاة الأصمعي شمت به وقال: أقول لما جاءني نعيه ... بعدا وسحقا لك من هالك يا شرّ ميت خرجت نفسه ... وشرّ مدفوع «2» إلى مالك وله أيضا فيه: لعن الله أعظما حملوها ... نحو دار البلى على خشبات أعظما تبغض النبيّ وأهل ... البيت والطّيبين والطيّبات وكان أبو قلابة صديقا لعبد الصمد بن المعذّل وبينهما مجالسة وممازحة وله معه أخبار. حدث المرزباني قال: قال عبد الصمد بن المعذل أنشدت أبا قلابة قولي فيه: يا ربّ إن كان أبو قلابه ... يشتم في خلوته الصحابه   [298]- نور القبس: 213 والوافي 12: 287 ولسان الميزان 2: 175. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 804 فابعث عليه عقربا دبّابه ... تلسعه في طرف السبابه واقرن إليه حيّة منسابه ... وابعث على جوخانه «1» سحابه قال وأبو قلابة ساكت، فلما قلت: «وابعث على جوخانه سحابه» قال: الله الله ليس مع ذهاب الخير عمل. حدث المبرد في «الروضة» حدثني عبد الصمد بن المعذل قال: جئت أبا قلابة الجرمي، وهو أحد الرواة الفهمة، ومعه الأرجوزة التي تنسب إلى الأصمعي وهي: تهزأ منّي أخت آل طيسله ... قالت أراه مملقا لا شيء له قال فسألته أن يدفعها إليّ فأبى، فعملت أرجوزتي التي أولها: تهزأ منّي وهي رؤد طلّه ... أن رأت الأحناء مقفعلّه قالت أرى شيب القذال احتلّه ... والورد من ماء اليرنّا حلّه قال: ودفعتها إليه على أنها لبعض الأعراب وأخذت منه تلك، ثم مضى أبو قلابة إلى الأصمعي يسأله عن غريبها، فقال له: لمن هذه؟ قال: لبعض الأعراب، فقال له: ويحك هذه لبعض الدجالين دلّسها عليك، أما ترى فيها كيت وكيت وكيت، قال فخزي أبو قلابة واستحيى. [299] حبيش بن موسى الصيني «2» : صاحب «كتاب الأغاني» ألفه للمتوكل، وذكر في هذا الكتاب أشياء لم يذكرها إسحاق ولا عمرو بن بانة، وذكر من أسماء المغنين والمغنّيات في الجاهلية والاسلام كلّ ظريف غريب. وله: كتاب الأغاني على حروف المعجم. كتاب مجردات المغنيات «3» .   [299]- الفهرست: 162 والوافي 12: 288. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 805 [300] حسان بن مالك بن أبي عبدة اللغوي الأندلسي «1» ، كنيته أبو عبدة، الوزير: من أئمّة اللغة والأدب وأهل بيت جلالة ووزارة، مات عن سن عالية قبل عشرين وأربعمائة «2» . له كتاب على مثال كتاب أبي السري سهل بن أبي غالب الذي ألفه في أيام الرشيد وسماه «كتاب ربيعة وعقيل» وهو من أحسن ما ألف في هذا المعنى، وفيه من أشعاره ثلاثمائة بيت، وذاك أنه دخل على المنصور بن أبي عامر وبين يديه كتاب السري وهو معجب به، فخرج من عنده وعمل هذا الكتاب، وفرغ منه تأليفا ونسخا «3» وجاء به في مثل ذلك اليوم من الجمعة الأخرى، وأراه إياه فسرّ به ووصله عليه. وكتب أبو عبدة إلى المستظهر عبد الرحمن بن هشام بن عبد الجبار بن عبد الرحمن الناصر «4» المسمّى بالخلافة أيام الفتنة وكان استوزره: إذا غبت لم أحضر وإن جئت لم أسل ... فسيان مني مشهد ومغيب فأصبحت تيميّا وما كنت قبلها ... لتيم ولكنّ الشبيه نسيب أشار في هذا البيت إلى قول الشاعر: ويقضى الأمر حين تغيب تيم ... ولا يستأذنون وهم شهود قال ابن خاقان «5» : وكان لأبي عبدة أيام الفتنة حين أدجت الفتنة ليلها، وأزجت   [300]- الجذوة 183 (وبغية الملتمس رقم: 662) والصلة 1: 153 ومطمح الأنفس (شوابكه) : 211 والوافي 12: 361 وبغية الوعاة 1: 544 (ويعتمد ياقوت على مطمح الأنفس إلى جانب اعتماده على الجذوة) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 806 إبلها وخيلها، اغتراب كاغتراب الحارث بن مضاض «1» ، واضطراب بين العوالي والمواضي كالحيّة النضناض، ثم اشتهر بعد، وافترّ له السّعد، وفي تلك المدة يقول يتشوق إلى أهله: سقى بلدا أهلي به وأقاربي ... غواد بأثقال الحيا وروائح وهبّت عليهم بالعشيّ وبالضحى ... نواسم من برد الظلال فوائح تذكرتهم والنأي قد حال دونهم ... ولم أنس لكن أوقد القلب لافح وممّا شجاني هاتف فوق أيكة ... ينوح ولم يعلم بما هو نائح فقلت اتّئد يكفيك أني نازح ... وأنّ الذي أهواه عنّي نازح ولي صبية مثل الفراخ بقفرة ... مضى حاضناها فاطّحتها الطوائح إذا عصفت ريح أقامت رؤوسها ... فلم تلقها إلا طيور بوارح [301] الحسن بن إبراهيم بن زولاق أبو محمد : هو الحسن بن إبراهيم بن الحسين بن الحسن «2» بن علي بن خلف بن راشد بن عبد الله بن سليمان بن زولاق المصري الليثي، من أعيان علماء أهل مصر ووجوه أهل العلم فيهم، وله عدة تصانيف في التواريخ المصرية. مات يوم الأربعاء لخمس بقين من ذي القعدة سنة ست وثمانين وثلاثمائة في أيام المتلقب بالعزيز بالله، وقيل إنه مات في ذي القعدة سنة   [301]- ترجمة ابن زولاق في وفيات الأعيان 2: 91 وسير الذهبي 16: 462 والبداية والنهاية 11: 321 وتاريخ ابن الوردي 1: 351 والوافي 12: 370 ولسان الميزان 2: 191 وحسن المحاضرة 1: 553 وله كتاب أخبار سيبويه المصري (وفيه حكايات له معه) واحتفظ ابن سعيد في المغرب (قسم مصر) بقطعة وافرة من كتابه «سيرة الأخشيد» وذكر ابن خلكان ان له كتاب قضاة مصر وصل به كتاب الكندي وابتدأه بذكر القاضي بكار بن قتيبة، واختتمه بذكر محمد بن النعمان (حتى سنة 386) وصرّح الصفدي بأن ابن عساكر لم يورد له ترجمة، وانظر المقفى 3: 284. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 807 سبع وثمانين وثلاثمائة في أيام الحاكم، والأول أظهر. وكان لمحبته للتواريخ والحرص على جمعها وكتبها كثيرا ما ينشد: ما زلت تكتب في التاريخ مجتهدا ... حتى رأيتك في التاريخ مكتوبا وله من الكتب: كتاب سيرة محمد بن طغج الأخشيد. كتاب سيرة جوهر. كتاب سيرة الماذرائيين. كتاب التاريخ الكبير على السنين. كتاب فضائل مصر. كتاب سيرة كافور. كتاب سيرة المعز. كتاب سيرة العزيز، وغير ذلك. وكان قد سمع الحديث ورواه، فسمع منه عبد الله بن وهبان بن أيوب بن صدقة وغيره. وحدث ابن زولاق في «كتاب سيرة العزيز» المتغلّب على مصر، المنتسب إلى العلويين، من تصنيفه حاكيا عن نفسه قال: لما خلع على الوزير يعقوب بن كلس وكان يهوديا فأسلم، وكان مكينا من العزيز، فلما أسلم قلّده وخلع عليه، قال ابن زولاق: وكنت حاضرا مجلسه فقلت: أيها الوزير روى الأعمش عن زيد بن وهب عن عبد الله بن مسعود أنه قال: حدثني الصادق رسول الله صلى الله عليه وسلّم أنّ الشقيّ من شقي في بطن أمه والسعيد من سعد في بطن أمه، وهذا علوّ سماوي. فقال الوزير: ليس الأمر كذلك، وإنما أفعالي وتوفيراتي وكفايتي ونيابتي ونيّتي وحرصي الذي كان يهجّن ويعاب، وقد مات قوم ممن كان وبقي قوم، وكان هذا القول بحضرة القوم الذين حضروا قراءة السجلّ الذي خرج من العزيز في ذكر تشريفه؛ قال ابن زولاق: فأمسكت وقلت: وفّق الله الوزير، إنما رويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم حديثا صحيحا، وقمت وخرجت وهو ينظر إليّ، وانصرف الوزير إلى داره بما حباه العزيز به، قال: فحدثني أبو عبد الله الحسين بن إبراهيم الحسيني الزينبي: عاتبت الوزير على ما تكلّم به وقلت: إنما روى حديثا صحيحا بجميع طرقه وما أراد إلا الخير، فقال لي، وخفي عنك؟ إنما هذا مثل قول المتنبي «1» : ولله سرّ في علاك وإنما ... كلام العدى ضرب من الهذيان الجزء: 2 ¦ الصفحة: 808 وأجمع الناس على أن ذلك هجو في كافور لأنه أعلمه أنه تقدّم بغير سبب، وابن زولاق هجاني على لسان صاحب الشريعة صلى الله عليه وسلّم فما أمكنني السكوت، وكان في نفسي شيء فجعلت كلامه سببا. قال أبو عبد الله الزينبي: فأشهد أن الوزير لم ينقض يومه حتى تكلّم بمثل كلامي الذي أوردته عن النبي صلى الله عليه وسلّم وذلك أن رجلا عرض عليه رقعة فقال: كم رقاع؟ كم حرص؟ هو ذا الرجل يطوف البلدان، ويتقلّب في الدول ويسافر فلا ينجح، وآخر يأتيه أمله عفوا، قد فرغ الله من الأرزاق والآجال والمراتب ومن الشقاوة والسعادة، ثم التفت إليّ وضحك وقطع كلامه. قال ابن زولاق: وكنت هنّأت ابن رشيق بهذه التهنئة في مجلس عظيم حفل حين جاءته الخلع من بغداد والتقليد وألبسوه، ورويت له هذا الخبر فبكى وشكر، وحسدني على ذلك أكثر الحاضرين، وكافأني عليه أحسن مكافأة. [302] الحسن بن أحمد بن يعقوب، يعرف بابن الحائك الهمداني ، من   [302]- رفع القفطي (إنباه 1: 279) في نسبه وأفاض في ترجمته، وقال إن تلقيبه بابن الحائك مأخوذ من حوك الشعر، كما يعرف بالنسابة وبابن ذي الدمينة (أحد اجداده) ، كان آباؤه ينزلون المواشي من بلاد بكيل ثم انتقل داود بن سليمان بن ذي الدمينة إلى الرحبة من نواحي صنعاء، ثم إلى صنعاء وبها ولد الحسن ونبغ في علوم كثيرة فهو منجم طبيب نسّابة شاعر فقيه عارف بالأحجار، وأقام زمانا في ريدة، وفترة أخرى في صعدة، وتجوّل كثيرا في البلدان؛ وسجن لأسباب سياسية فيما يبدو، ومن كتبه التي لم يذكرها ياقوت: كتاب السير والأخبار، وكتاب اليعسوب في فقه الصيد وحلاله وحرامه، وكتاب سرائر الحكمة وقد نشره الأستاذ محمد علي الأكوع؛ وانظر في ترجمته أخبار الحكماء: 113 وطبقات صاعد: 58 وبغية الوعاة 1: 498 وأعاد ترجمته 1: 531 (باسم الحسين) ومجلة المجمع العلمي العربي 25: 62 حيث أثبت الشيخ حمد الجاسر أنه لم يمت في سجن صنعاء وإنما توفي بعد خروجه من السجن؛ وفي سنة 1981 عقدت جامعة صنعاء مؤتمرا في ذكرى الهمداني، وألقيت في المؤتمر بحوث قيمة (وحتى الآن لم تظهر مجموعة) ؛ وانظر أيضا مقدمة الجزء الأول من الأكليل في ترجمته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 809 مفاخرها: له «كتاب الإكليل «1» في مفاخر «2» قحطان. وذكر اليمن» وله قصيدة سماها «الدامغة في فضل قحطان» «3» أولها: ألا يا دار لولا تنطقينا ... فانّا سائلوك فخبرينا وله كتاب جزيرة العرب وأسماء بلادها وأوديتها ومن يسكنها «4» . وقرأت بخطّ الأمير عبد الكريم بن علي البيساني أخي الفاضل عبد الرحيم في فهرست كتبه وذكر خبرا من كتاب الاكليل في أنساب حمير وأخبارها تصنيف الحسن بن أحمد بن يعقوب الهمداني وكان في سنة احدى وثلاثين وثلاثمائة «5» . [303] الحسن بن أحمد بن يعقوب بن يوسف بن داود بن سليمان الشاعر المعروف بابن الدمينة «6» ، بن عمرو بن الحارث بن أبي حبش بن منقذ بن الوليد بن الأزهر بن عمرو بن طارق بن أدهم بن قيس بن قيس «7» بن ديبع «8» بن عبد بن عليان بن أرحب ابن الذعّام بن مالك بن ربيعة «9» بن صعب بن دويثان «10» بن جشم بن خيوان بن سرف «11» بن همدان: وكان آباؤه ينزلون المواشي من بلاد بكيل، ثم انتقل داود بن   [303]- هذه هي الترجمة السابقة، وقد وردت في المختصر، كما وردت السابقة، فهما من أصل الكتاب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 810 سليمان ذي الدمينة إلى الرحبة من نواحي صنعاء، وكان رجلا عرّيضا محسّدا في أهل بلدته، وارتفع له صيت عظيم، وكان قد صحب أعلام أهل زمانه «1» . [304] الحسن بن أحمد بن عبد الغفار بن سليمان الفارسي : أبو علي الفارسي، المشهور في العالم اسمه، المعروف تصنيفه ورسمه، أوحد زمانه في علم العربية، كان كثير من تلامذته يقول: هو فوق المبرد. قال أبو الحسن علي بن عيسى الربعي: هو أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار بن محمد بن سليمان بن أبان الفارسي، وأمه سدوسية من سدوس شيبان من ربيعة الفرس، مات ببغداد سنة سبع وسبعين وثلاثمائة في أيام الطائع لله عن نيف وتسعين سنة، أخذ النحو عن جماعة من أعيان أهل هذا الشأن كأبي إسحاق الزجاج وأبي بكر ابن السراج وأبي بكر مبرمان وأبي بكر الخياط، وطوّف كثيرا من بلاد الشأم، ومضى إلى طرابلس فأقام بحلب مدة، وخدم سيف الدولة ابن حمدان، ثم رجع إلى بغداد فأقام بها إلى أن مات. حدث الخطيب «2» قال، قال التنوخي: ولد أبو علي الفارسي بفسا، وقدم   [304]- ترجمة أبي علي الفارسي في الفهرست: 69 وطبقات الزبيدي: 120 (وهي شديدة الايجاز) ونزهة الألباء: 315 والمنتظم 7: 138 وتاريخ بغداد 7: 275 وإنباه الرواة 1: 273 وبغية الطلب 4: الورقة 145 وابن خلكان 2: 80 وسير الذهبي 16: 379 وعبر الذهبي 3: 4 والوافي 11: 376 ومرآة الجنان 2: 406 والبداية والنهاية 11: 306 وطبقات ابن الجزري 1: 206 والنجوم الزاهرة 4: 151 ولسان الميزان 2: 195 وبغية الوعاة 1: 496 والشذرات 3: 88 واشارة التعيين: 83 وروضات الجنات 3: 76 وقد أورد أبو حيان في الامتاع 1: 129 بعض المعلومات عنه وتعد مؤلفات ابن جني مصدرا هاما لحياته وآرائه، وكتب دراسة عنه الأستاذ عبد الفتاح شلبي (وياقوت يعتمد تاريخ الخطيب وغيره) وقد نشر من كتبه في الأيام الاخيرة عدد غير قليل، ومما نشر المسائل العضديات، تحقيق شيخ الراشد، دمشق 1986؛ وفي مقدمات كتبه دراسات عنه لمحققي تلك الكتب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 811 بغداد واستوطنها، وعلت منزلته في النحو حتى قال قوم من تلامذته: هو فوق المبرد وأعلم منه، وصنف كتبا عجيبة حسنة لم يسبق إلى مثلها، واشتهر ذكره في الآفاق، وبرع له غلمان حذّاق مثل عثمان بن جني وعلي بن عيسى الربعي، وخدم الملوك ونفق عليهم، وتقدّم عند عضد الدولة، فكان عضد الدولة يقول: أنا غلام أبي علي النحوي في النحو وغلام أبي الحسين الرازي الصوفي في النجوم. وكان متهما بالاعتزال. وذكر أبو الحسن طاهر بن أحمد بن بابشاذ النحوي في «كتاب شرح الجمل» للزجاجي في باب التصريف منه يحكي عن أبي علي الفارسي أنه حضر يوما مجلس أبي بكر الخياط، فأقبل أصحابه على أبي بكر يكثرون عليه المسائل، وهو يجيبهم ويقيم عليها الدلائل، فلما أنفدوا أقبل على أكبرهم سنا وأكبرهم عقلا وأوسعهم علما عند نفسه فقال له: كيف تبني من سفرجل مثل عنكبوت، فأجابه مسرعا سفرروت، فحين سمعها قام من مجلسه وصفق بيديه وخرج وهو يقول سفرروت، فأقبل أبو بكر على أصحابه وقال: لا بارك الله فيكم ولا أحسن جزاءكم، خجلا مما جرى واستحياء من أبي علي. ومما يشهد بصفاء ذهنه وخلوص فهمه أنه سئل قبل أن ينظر في العروض عن خرم متفاعلن، فتفكر وانتزع الجواب فيه من النحو، فقال: لا يجوز لأن متفاعلن ينقل إلى مستفعلن إذا خبن، فلو خرم لتعرض للابتداء بالساكن لا يجوز له (الخرم حذف الحرف الأول من البيت والخبن تسكين ثانيه) . ولما خرج «1» عضد الدولة لقتال ابن عمه عز الدولة بختيار بن معز الدولة دخل عليه أبو علي الفارسي فقال له: ما رأيك في صحبتنا؟ فقال له: أنا من رجال الدعاء لا من رجال اللقاء، فخار الله للملك في عزيمته، وأنجح قصده في نهضته، وجعل العافية زاده والظفر تجاهه والملائكة أنصاره، ثم أنشده: ودّعته حيث لا تودّعه ... نفسي ولكنّها تسير معه ثم تولّى وفي الفؤاد له ... ضيق محلّ وفي الدموع سعه فقال له عضد الدولة: بارك الله فيك، فإني واثق بطاعتك وأتيقّن صفاء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 812 طويتك، وقد أنشدنا بعض أشياخنا بفارس: قالوا له إذ سار أحبابه ... فبدّلوه البعد بالقرب والله ما شطّت نوى ظاعن ... سار من العين إلى القلب فدعا له أبو علي وقال: أيأذن مولانا في نقل هذين البيتين؟ فأذن فاستملاهما منه. وكان «1» مع عضد الدولة يوما في الميدان فسأله بماذا ينتصب الاسم المستثنى في نحو قام القوم إلا زيدا، فقال أبو علي: ينتصب بتقدير أستثني زيدا، فقال له عضد الدولة: لم قدّرت «أستثني زيدا» فنصبت؟ هلّا قدرت «امتنع زيد» فرفعت؟ فقال أبو علي: هذا الذي ذكرته جواب ميدانيّ فإذا رجعت قلت لك الجواب الصحيح. وقد ذكر أبو علي في «كتاب الإيضاح» أنه انتصب بالفعل المتقدم بتقوية إلّا. قالوا: ولما صنف أبو علي «كتاب الإيضاح» وحمله إلى عضد الدولة استقصره عضد الدولة وقال له: ما زدت على ما أعرف شيئا، وإنما يصلح هذا للصبيان، فمضى أبو علي وصنّف «التكملة» «2» وحملها إليه، فلما وقف عليها عضد الدولة قال: غضب الشيخ وجاء بما لا نفهمه نحن ولا هو. وحكى ابن جني عن أبي علي الفارسي: قرأ عليّ علي بن عيسى الرماني «كتاب الجمل» و «كتاب الموجز» لابن السراج في حياة ابن السراج. وكان أبو طالب العبدي يقول: لم يكن بين أبي علي وبين سيبويه أحد أبصر بالنحو من أبي علي. قرأت بخط سلامة بن عياض النحوي ما صورته: وقفت على نسخة من «كتاب الحجة» لأبي علي الفارسي في صفر سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة بالري في دار كتبها التي وقفها الصاحب ابن عباد رحمه الله، وعلى ظهرها بخط أبي علي ما حكايته: هذا- أطال الله بقاء سيدنا الصاحب الجليل- أدام الله عزه ونصره وتأييده وتمكينه- كتابي في قراء الأمصار الذين بينت قراءتهم في كتاب أبي بكر أحمد بن موسى المعروف بكتاب السبعة، فما تضمّن من أثر وقراءة ولغة فهو عن المشايخ الذين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 813 أخذت ذلك عنهم وأسندته إليهم، فمتى آثر سيدنا الصاحب الجليل- أدام الله عزه ونصره وتأييده وتمكينه- حكاية شيء منه عنهم أو عني لهذه المكاتبة فعل، وكتب الحسن بن أحمد الفارسي بخطه. ولأبي علي من التصانيف: كتاب الحجة «1» . كتاب التذكرة، قد ذكرت حاله في ترجمة محمد بن طويس القصري. كتاب أبيات الإعراب. كتاب الإيضاح الشعري «2» . كتاب الإيضاح النحوي. كتاب مختصر عوامل الإعراب. كتاب المسائل الحلبية. كتاب المسائل البغدادية. كتاب المسائل الشيرازية. كتاب المسائل القصرية. كتاب الاغفال، وهو مسائل أصلحها على الزجاج. كتاب المقصور والممدود. كتاب نقض الهاذور. كتاب الترجمة. كتاب المسائل المنثورة «3» . كتاب المسائل الدمشقية. كتاب أبيات المعاني. كتاب التتبع لكلام أبي علي الجبائي في التفسير نحو مائة ورقة. كتاب تفسير قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة (المائدة: 6) كتاب المسائل البصرية. كتاب المسائل العسكرية «4» . كتاب المسائل المصلحة من كتاب ابن السراج. كتاب المسائل المشكلة. كتاب المسائل الكرمانية. ذكر المعرّيّ في «رسالة الغفران» «5» أن أبا علي الفارسي كان يذكر أن أبا بكر ابن السراج عمل من «الموجز» النصف الأول لرجل بزّاز ثم تقدم إلى أبي علي الفارسي بإتمامه، قال: وهذا لا يقال إنه من إنشاء أبي علي لأن الموضوع في الموجز هو منقول من كلام ابن السراج في «الأصول» وفي «الجمل» ، فكأن أبا علي جاء به على سبيل النسخ لا أنه ابتدع شيئا من عنده. نقلت من خطّ الشيخ أبي سعيد معن بن خلف البستي مستوفي بيتي الزرد والفرس الملكشاهي بتولية نظام الملك من كتاب ألّفه بخطه، وكان عالما فاضلا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 814 حاسبا، قال الأستاذ أبو العلاء الحسين بن محمد بن مهرويه في كتابه الذي سماه «أجناس الجواهر» : كنت بمدينة السلام أختلف إلى أبي علي الفارسي النحوي رحمه الله، وكان السلطان رسم له أن ينتصب لي كلّ أسبوع يومين لتصحيح «كتاب التذكرة» لخزانة كافي الكفاة، فكنا إذا قرأنا أوراقا منه تجارينا في فنون الآداب، واجتنينا من فوائد ثمار الألباب، ورتعنا في رياض ألفاظه ومعانيه، والتقطنا الدرّ المنثور من سقاط فيه. فأجرى يوما بعض الحاضرين ذكر الأصمعي، وأسرف في الثناء عليه وفضّله على أعيان العلماء في أيامه، فرأيته رحمه الله كالمنكر لما كان يورده، وكان فيما ذكر من محاسنه ونشر من فضائله أن قال: من ذا الذي يجسر أن يخطّىء الفحول من الشعراء غيره؟ فقال أبو علي: وما الذي ردّ عليهم؟ فقال الرجل: أنكر على ذي الرمة مع إحاطته بلغة العرب ومعانيها، وفضل معرفته بأغراضها ومراميها، وانه سلك نهج الأوائل في وصف المفاوز إذا لعب السراب فيها، ورقص الآل في نواحيها، ونعت الحرباء وقد سبح على جذله، والظليم وكيف ينفر من ظله، وذكر الركب وقد مالت طلاهم من غلبة المنام، حتى كأنهم صرعتهم كؤوس المدام، فطبّق مفصل الإصابة في كلّ باب، وساوى الصدر الأول من أرباب الفصاحة، وجارى القروم البزل من أصحاب البلاغة، فقال له الشيخ أبو علي: وما الذي أنكر على ذي الرمة؟ فقال قوله: وقفنا فقلنا إيه عن أمّ سالم لأنه كان يجب أن ينوّنه، فقال: أما هذا فالأصمعي مخطىء فيه وذو الرمة مصيب، والعجب أن يعقوب بن السكيت قد وقع عليه هذا السهو في بعض ما أنشده، فقلت: إن رأى الشيخ أن يصدع لنا بجلية هذا الخطأ تفضّل به. فأملى علينا، أنشد ابن السكيت لأعرابي من بني أسد: وقائلة أسيت فقلت جير ... أسيّ إنني من ذاك إنّه أصابهم الحمى وهم عواف ... وكنّ عليهم نحسا لعنّه فجئت قبورهم بدءا ولمّا ... فناديت القبور فلم يجبنه وكيف يجيب أصداء وهام ... وأبدان بدرن وما نخرنه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 815 قال يعقوب: هو جير أي حقا وهي مخفوضة غير منوّنة، فاحتاج إلى التنوين. قال أبو علي: هذا سهو منه لأنّ هذا يجري مجرى الأصوات، وباب الأصوات كلها والمبنيات بأسرها إلا ما خصّ منها لعلة الفرقان فيها بين نكرتها ومعرفتها بالتنوين، فما كان منها معرفة جاء بغير تنوين فإذا نكرته نوّنته، من ذلك أنك تقول في الأمر صه ومه تريد: السكوت يا فتى، فإذا نكرت قلت: صه ومه تريد سكوتا، وكذلك قول الغراب غاق أي صوتا، وكذلك إيه يا رجل تريد الحديث وإيه تريد حديثا، وزعم الأصمعي أن ذا الرمة أخطأ في قوله: «وقفنا فقلنا إيه عن أم سالم» وكان يجب أن ينوّنه ويقول إيه وهذا من أوابد الأصمعي التي يقدم عليها من غير علم، فقوله جير بغير تنوين في موضع قوله الحق وتجعله نكرة في موضع آخر فتنونه، فيكون معناه قلت حقا، ولا مدخل للضرورة في ذلك إنما التنوين للمعنى المذكور، وبالله التوفيق. وتنوين هذا الشاعر على هذا التقدير. قال يعقوب: قوله أصابهم الحمى يريد الحمام، وقوله: بدرن أي طعنّ في بوادرهم بالموت، والبادرة النحر، وقوله: فجئت قبورهم بدءا أي سيدا، وبدء القوم سيدهم وبدء الجزور خير أنصبائها، وقوله ولما أي ولم أكن سيدا إلا حين ماتوا فإني سدت بعدهم. قرأت في «معجم السّفر» «1» للسلفي: أنشدني أبو جعفر أحمد بن محمد بن كوثر المحاربي الغرناطي بديار مصر قال، أنشدنا أبو الحسن علي بن أحمد بن خلف النحوي لنفسه بالأندلس في «كتاب الإيضاح» لأبي علي الفارسي النحوي: أضع الكرى لتحفّظ الإيضاح ... وصل الغدوّ لفهمه برواح هو بغية المتعلّمين ومن بغى ... حمل الكتاب يلجه بالمفتاح لأبي عليّ في الكتاب إمامة ... شهد الرواة لها بفوز قداح يفضي إلى أسراره بنوافذ ... من علمه بهرت قوى الأمداح الجزء: 2 ¦ الصفحة: 816 فيخاطب المتعلمين بلفظه ... ويحلّ مشكله بومضة واحى مضت العصور فكلّ نحو ظلمة ... وأتى فكان النحو ضوء صباح أوصى ذوي الاعراب أن يتذاكروا ... بحروفه في الصّحف والألواح فإذا هم سمعوا النصيحة أنجحوا ... إن النصيحة غبّها لنجاح وكتب الصاحب إلى أبي علي في الحال المقدم ذكرها: كتابي- أطال الله بقاء الشيخ، وأدام جمال العلم والأدب بحراسة مهجته وتنفيس مهلته- وأنا سالم ولله حامد، وإليه في الصلاة على النبي وآله راغب، ولبرّ الشيخ أيده الله بكتابه الوارد شاكر. وأما أخونا أبو الحسين قريبه- أعزه الله- فقد ألزمني بإخراجه إليّ أعظم منة، وأتحفني من قربه بعلق مضنّة، لولا أنه قلّل المقام، واختصر الأيام، ومن هذا الذي لا يشتاق ذلك المجلس، وأنا أحوج من كلّ حاضريه إليه، وأحقّ منهم بالمثابرة عليه، ولكنّ الأمور مقدّرة، وبحسب المصالح ميسرة، غير أنا ننتسب إليه على البعد ونقتبس فوائده عن قرب، وسيشرح هذا الأخ هذه الجملة حقّ الشرح بإذن الله، والشيخ- أدام الله عزه- يبرّد غليل شوقي إلى مشاهدته، بعمارة ما افتتح من البرّ بمكاتبته، ويقتصر على الخطاب الوسط دون الخروج في إعطاء الرتب إلى الشطّ، كما يخاطب الشيخ المستفاد منه التلميذ الآخذ عنه، ويبسط إليّ في حاجاته، فإنني أظنني أجدر إخوانه بقضاء مهماته، إن شاء الله تعالى. قد اعتمدت على صاحبي أبي العلاء أيده الله لاستنساخ «التذكرة» وللشيخ- أدام الله عزه- رأيه الموفّق في التمكين من الأصل، والإذن بعد النسخ في العرض، بإذن الله تعالى. قال حدثني علم الدين أبو محمد القاسم بن أحمد الأندلسي- أيده الله تعالى- قال «1» : وجدت في مسائل نحوية تنسب إلى ابن جني قال: لم أسمع لأبي علي شعرا قطّ إلى أن دخل إليه في بعض الأيام رجل من الشعراء، فجرى ذكر الشعر فقال أبو علي: إني لأغبطكم على قول هذا الشعر، فإن خاطري لا يواتيني على قوله، مع تحقّقي للعلوم التي هي من موارده، فقال له ذلك الرجل: فما قلت قطّ شيئا منه البتة؟ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 817 فقال: ما أعهد لي شعرا إلا ثلاثة أبيات قلتها في الشيب، وهي قولي: خضبت الشيب لما كان عيبا ... وخضب الشيب أولى أن يعابا ولم أخضب مخافة هجر خلّ ... ولا عيبا خشيت ولا عتابا ولكنّ المشيب بدا ذميما ... فصيرت الخضاب له عقابا فاستحسناها وكتبناها عنه، أو كما قال، لأني كتبتها في المفاوضة ولم أنقل ألفاظها. أخبركم أبو الحسن علي بن عمر الفرّاء عن أبي الحسين نصر بن أحمد بن نوح المقرىء، قال: أنبأنا أبو الحسن علي بن عبيد الله السمسمي اللغوي ببغداد، أنبأنا أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسي النحوي قال: جئت إلى أبي بكر السراج لأسمع منه الكتاب، وحملت إليه ما حملت، فلما انتصف الكتاب عسر عليه في تمامه، فقطعت عنه لتمكني من الكتاب، فقلت لنفسي بعد مدة: إن سرت إلى فارس وسئلت عن تمامه، فإن قلت: نعم كذبت، وإن قلت لا سقطت الرواية والرحلة، ودعتني الضرورة فحملت إليه رزمة، فلما أبصرني من بعيد أنشد «1» : وكم تجرعت من غيظ ومن حزن ... إذا تجدّد حزن هوّن الماضي وكم غضبت فما باليتم غضبي ... حتى رجعت بقلب ساخط راضي قرأت بخط الشيخ أبي محمد الخشاب: كان شيخنا- يعني أبا منصور موهوب بن الخضر الجواليقي- قلّ ما ينبل عنده ممارس للصناعة النحوية ولو طال فيها باعه، ما لم يتمكن من علم الرواية وما تشتمل عليه من ضروبها، ولا سيما رواية الأشعار العربية وما يتعلق بمعرفتها من لغة وقصة، ولهذا كان مقدّما لأبي سعيد السيرافي على أبي علي الفارسي رحمهما الله، وأبو علي أبو عليّ في نحوه، وطريقة أبي سعيد في النحو معلومة، ويقول: أبو سعيد أروى من أبي علي، وأكثر تحققا بالرواية، وأثرى منه فيها، وقد قال لي غير مرة: لعلّ أبا علي لم يكن يرى ما يراه أبو سعيد من معرفة هذه الاخباريّات والأنساب وما جرى في هذا الأسلوب كبير أمر؛ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 818 قال الشيخ أبو محمد: ولعمري إنه قد حكي عنه- أعني أبا علي- أنه كان يقول: لأن أخطىء في خمسين مسألة مما بابه الرواية أحبّ إليّ من أن أخطىء في مسألة واحدة قياسية، هذا كلامه أو معناه، على أنه كان يقول: قد سمعت الكثير في أول الأمر وكنت أستحي أن أقول أثبتوا اسمي. قال الشيخ أبو محمد: وكثيرا ما تبنى السقطات على الحذاق من أهل الصناعة النحوية لتقصيرهم في هذا الباب فمنه يذهبون ومن جهته يؤتون- تمام هذا الكلام في أخبار ابن الخشاب. وقرأت «1» في تاريخ أبي غالب ابن مهذب المعري قال، حدثني الشيخ أبو العلاء أن أبا علي مضى إلى العراق وصار له جاه عظيم عند الملك فناخسرو، فوقعت لبعض أهل المعرة «2» حاجة في العراق احتاج فيها إلى كتاب من القاضي أبي الحسن سليمان إلى أبي علي، فلما وقف على الكتاب قال: إني قد نسيت الشام وأهله ولم يعره طرفه. قال عثمان بن جني رحمه الله: وإن وجدت فسحة وأمكن الوقت عملت بإذن الله كتابا أذكر فيه جميع المعتلّات في كلام العرب، وأميّز ذوات الهمزة من ذوات الواو والياء، وأعطي كلّ جزء منها حظّه من القول مستقصى، إن شاء الله تعالى. وذكر شيخنا أبو علي أن بعض إخوانه سأله بفارس إملاء شيء من ذلك، فأملى عليه صدرا كثيرا وتقصّى القول فيه، وأنه هلك في جملة ما فقده وأصيب به من كتبه. وحدثني أيضا أنه وقع حريق بمدينة السلام فذهب به جميع علم البصريين قال: وكنت قد كتبت ذلك كلّه بخطي وقرأته على أصحابنا فلم أجد من الصندوق الذي احترق شيئا البتة إلا نصف كتاب الطلاق عن محمد بن الحسن، وسألته عن سلوته وعزائه فنظر إليّ معجبا ثم قال: بقيت شهرين لا أكلّم أحدا حزنا وهمّا، وانحدرت إلى البصرة لغلبة الفكر عليّ وأقمت مدة ذاهلا متحيرا. انقضى كلامه في هذا الفصل. قرأت في «المسائل الحلبية» نسخة كتاب كتبه أبو علي إلى سيف الدولة جوابا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 819 عن كتاب ورد عليه منه يردّ فيه على ابن خالويه في أشياء أبلغها سيف الدولة عن أبي علي، نسخته: قرأ- أطال الله بقاء سيدنا الأمير سيف الدولة- عبد سيدنا الرقعة النافذة من حضرة سيدنا، فوجد كثيرا منها شيئا لم تجر عادة عبده به، لا سيما من صاحب الرقعة، إلا أنه يذكر من ذلك ما يدلّ على قلة تحفّظ هذا الرجل فيما يقوله، وهو قوله: «ولو بقي عمر نوح ما صلح أن يقرأ على السيرافي» مع علمه بأن ابن بهزاد السيرافي يقرأ عليه الصبيان، هذا ما لا خفاء به، كيف وهو قد خلّط فيما حكاه عني، وأني قلت إن السيرافي قد قرأ عليّ، ولم أقل هذا إنما قلت «تعلّم مني» أو «أخذ عني» هو وغيره ممن ينظر اليوم في شيء من هذا العلم، وليس قول القائل: «تعلم مني» مثل «قرأ عليّ» لأنه قد يقرأ عليه من لا يتعلم منه وقد يتعلم منه من لا يقرأ عليه. وتعلّم ابن بهزاد منّي في أيام محمد بن السريّ وبعده لا يخفى على من كان يعرفني ويعرفه كعليّ بن عيسى الوراق ومحمد بن أحمد بن يونس ومن كان يطلب هذا الشأن من بني الأزرق الكتّاب وغيرهم، وكذلك كثير من الفرس الذين كانوا يرونه يغشاني في صفّ شونيز كعبد الله بن جعفر بن درستويه النحوي، لأنه كان جاري بيت بيت قبل أن يموت الحسن بن جعفر أخوه فينتقل إلى داره التي ورثها عنه في درب الزعفراني. وأما قوله: «إني قلت إنّ ابن الخياط كان لا يعرف شيئا» فغلط في الحكاية، كيف أستجيز هذا وقد كلمت ابن الخياط في مجالس كثيرة؟ ولكني قلت: إنه لا لقاء له لأنه دخل إلى بغداد بعد موت محمد بن يزيد وصادف أحمد بن يحيى وقد صم صمما شديدا لا يخرق الكلام معه سمعه، فلم يمكن تعلم النحو منه، وإنما كان يعوّل فيما كان يؤخذ عنه على ما يملّه دون ما كان يقرأ عليه، وهذا الأمر لا ينكره أهل هذا الشأن ومن يعرفهم. وأما قوله: «قد أخطأ البارحة في أكثر ما قاله» فاعتراف بما إن استغفر الله منه كان حسنا. والرقعة طويلة فيها جواب عن مسائل أخذت عليه كانت النسخة غير مرضية فتركتها إلى أن يقع علي ما أرتضيه، وأكثر النسخ بالحلبيات لا توجد هذه الرقعة فيها. قرأت بخطّ أبي الفتح عثمان بن جني الذي لا أرتاب به قال: وسألته- يعني أبا علي- فقلت: أقرأت أنت على أبي بكر؟ فقال: نعم قرأت عليه وقرأ أبو بكر على أبي سعيد السكري، قال: وكان أبو بكر قد كتب من كتب أبي سعيد كثيرا وكتب أبي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 820 زيد. قال: وذاكرته بكتب أبي بكر وقلت: لو عاش لظهر من جهته علم كثير، وكلاما هذا نحوه، فقال: نعم إلا أنه كان يطوّل كتبه، وضرب لذلك مثلا قد ذهب عني، أظنه، بارك الله لأبي يحيى في كتبه أو شيئا نحو ذلك. قال: وفارقت أبا بكر قبل وفاته وهو يشغل بالعلة التي توفي فيها، وراجعت البلد فارس ثم عدت وتوفي. ورأيت في آخر كتابه في «معاني الشعر» خطّي الذي كان يملّه عليّ لأكتبه فيه «فعلمت أنه لم يزد فيه شيئا. قال: وكان الأصمعي يتّهم في تلك الأخبار التي يرويها، فقلت له: كيف هذا وفيه من التورع ما دعاه إلى ترك تفسير القرآن ونحو ذلك؟ فقال: كان يفعل ذلك رياء وعنادا لأبي عبيدة لأنه سبقه إلى عمل كتاب في القرآن، فجنح الأصمعي إلى ذلك. [305] الحسن بن أحمد أبو محمد الأعرابي المعروف بالأسود الغندجاني اللغوي النسابة: وغندجان بلد قليل الماء لا يخرج منه إلا أديب أو حامل سلاح، وكان الأسود صاحب دنيا وثروة، وكان علّامة نسّابة عارفا بأيام العرب وأشعارها، قيّما بمعرفة أحوالها، وكان مستنده فيما يرويه عن محمد بن أحمد أبي الندى «1» ، وهذا رجل مجهول لا معرفة لنا به، وكان أبو يعلي ابن الهبارية الشاعر يعيره بذلك ويقول: ليت شعري من هذا الأسود الذي قد وطّن «2» نفسه على الرد على العلماء، وتصدّى للأخذ على الأئمة القدماء، بماذا نصحّح قوله ونبطل قول الأوائل، ولا تعويل له فيما يرويه إلا على أبي الندى، ومن أبو الندى في العالم؟ لا شيخ مشهور ولا ذو علم مذكور.   [305]- ترجمته في الوافي 11: 380 ولسان الميزان 2: 194 وبغية الوعاة 1: 498 وخزانة الأدب 1: 21 وانظر بحثا عنه في مجلة العرب للشيخ حمد الجاسر (السنة التاسعة) ؛ وقد طبع من كتبه فرحة الأديب وأسماء خيل العرب واصلاح ما غلط فيه النمري بتحقيق الدكتور محمد علي سلطاني (دمشق) وغندجان بأرض فارس. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 821 قال المؤلف: ولعمري إنّ الأمر لكما قال أبو يعلى، هذا رجل يقول: أخطأ ابن الأعرابي في أن هذا الشعر لفلان، إنما هو لفلان بغير حجّة واضحة، ولا أدلة لائحة، أكثر من أن يكون ابن الاعرابي الذي كان يقاوم الأصمعي وقد أدرك صدرا من العرب الذين عنهم أخذ هذا العلم ومنهم استمد أولو الفهم. وكان الأسود لا يقنعه أن يرد على أئمة العلم ردّا جميلا حتى يجعله من باب السخرية والتهكم وضرب الأمثال والطنز. والحكاية عنه مستفاضة في أنه كان يتعاطى تسويد لونه وأنه كان يدّهن بالقطران ويقعد في الشمس ليحقّق لنفسه التلقيب بالأعرابي. وكان قد رزق في أيامه سعادة وذاك أنه كان في كنف الوزير العادل أبي منصور بهرام بن مافنّه وزير الملك أبي كاليجار بن سلطان الدولة بن بهاء الدولة بن عضد الدولة بن بويه صاحب شيراز، قد خطب له ببغداد بالسلطنة، فكان الأسود إذا صنّف كتابا جعله باسمه، فكان يفضل عليه إفضالا جما، فأثرى من جهته، ومات أبو منصور الوزير في سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة. وقرأت في بعض تصانيفه أنه صنّف في شهور سنة اثنتي عشرة وأربعمائة وقرىء عليه في سنة ثمان وعشرين وأربعمائة. وللأسود من التصانيف: كتاب السلّ والسرقة. كتاب فرحة الأديب في الردّ على يوسف بن أبي سعيد السيرافي في شرح أبيات سيبويه. كتاب ضالّة الأديب في الردّ على ابن الأعرابي في النوادر التي رواها ثعلب. كتاب قيد الأوابد في الردّ على ابن السيرافي أيضا في شرح أبيات إصلاح المنطق. كتاب الردّ على النمريّ في «شرح مشكل أبيات الحماسة» . كتاب نزهة الأديب في الردّ على أبي علي في «التذكرة» . كتاب الخيل مرتّب على حروف المعجم. كتاب في أسماء الأماكن. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 822 [306] الحسن بن أحمد بن عبد الله بن البناء ، أبو علي المقرىء المحدث الحنبلي: ولد سنة ست وتسعين وثلاثمائة، وقرأ القرآن على أبي الحسن الحمامي وغيره، وسمع الحديث من ابن بشران [وهلال الحفار] وغيرهما، وتفقه على القاضي أبي يعلى ابن الفراء ومات في خامس رجب سنة إحدى وسبعين وأربعمائة، وصنف في كلّ فنّ حتى بلغت تصانيفه مائة وخمسين مصنفا، منها كتاب «شرح الإيضاح» لأبي عليّ الفارسيّ في النحو، رأيته. وكان له حلقة بجامع القصر يفتي فيها ويقرأ الحديث وحلقة بجامع المنصور. وحدث السمعاني قال «1» : سمعت أبا القاسم ابن السمرقندي يقول: كان واحد من أصحاب الحديث اسمه الحسن بن أحمد بن عبد الله النيسابوري، وكان سمع الكثير، وكان ابن البنّاء يكشط من التسميع «بوري» ويمدّ السين، وقد صار الحسن بن أحمد بن عبد الله بن البناء، قال: كذا قيل إنه كان يفعل؛ قال أبو الفرج «2» : وهذا القول بعيد من الصحة [لثلاثة أوجه، أحدها] أنه قال: «كذا قيل» ولم يحك عن علمه بذلك فلا يثبت هذا، والثاني أن الرجل مكثر لا يحتاج إلى الاستزادة لما يسمع، ومتديّن ولا يحسن أن يظنّ بالمتدين الكذب، والثالث أنه قد اشتهرت كثرة رواية أبي علي ابن البناء، فأين هذا الرجل الذي يقال له الحسن بن أحمد بن عبد الله النيسابوري ومن ذكره ومن يعرفه؟ ومعلوم أنّ من اشتهر سماعه لا يخفى. وقال السمعاني، ونقلته من خطه: الحسن بن أحمد بن عبد الله بن البناء المقرىء الحافظ أبو علي أحد الأعيان، والمشار إليهم في الزمان، له في علوم القرآن   [306]- ترجمته في المنتظم 8: 319 وإنباه الرواة 1: 276 وتاريخ ابن الاثير 10: 112 وسير الذهبي 18: 380 وعبر الذهبي 3: 275 ومرآة الجنان 3: 100 والوافي 11: 381 وذيل طبقات الحنابلة 1: 32 وطبقات ابن الجزري 1: 206 ولسان الميزان 2: 195 والنجوم الزاهرة 5: 107 وبغية الوعاة 1: 495 والشذرات 3: 338. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 823 والحديث والفقه والأصول والفروع عدة مصنفات، حكى بعض أصحاب الحديث عنه أنه قال: صنف خمسمائة مصنف، وكان حلو العبارة. قال السمعاني: وقرأت بخط الامام والدي: سمعت أبا جعفر محمد بن أبي علي الهمذاني بها يقول: سمعت أبا علي ابن البناء ببغداد وقال «1» : ذكرني أبو بكر الخطيب في التاريخ بالصدق أو بالكذب؟ فقالوا: ما ذكرك في التاريخ أصلا، فقال ليته ذكرني في الكذابين. قال السمعاني أنبأنا أبو عثمان العصائدي أنبأنا أبو علي ابن البناء قال: كتب إليّ بعض إخواني من أهل الأدب كتابا وضمنه قول الخليل بن أحمد «2» : إن كنت لست معي فالذكر «3» منك معي ... يراك قلبي وإن غيّبت عن بصري العين تبصر ما تهوى وتفقده ... وباطن القلب لا يخلو من النظر فكتب إليه أبو علي لنفسه «4» : إذا غيّبت أشباحنا كان بيننا ... رسائل صدق في الضمير تراسل وأرواحنا في كلّ شرق ومغرب ... تلاقى بإخلاص الوداد تواصل وثمّ أمور لو تحققت بعضها ... لكنت لنا بالعذر فيها تقابل وكم غائب والصدر منه مسلّم «5» ... وكم زائر في القلب منه بلابل فلا تجزعن يوما إذا غاب صاحب ... أمين فما غاب الصديق المجامل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 824 [307] الحسن بن أحمد الاستراباذي، أبو علي : النحوي اللغوي الأديب الفاضل حسنة طبرستان وأوحد ذلك الزمان، وله من التصانيف: شرح الفصيح. كتاب شرح الحماسة. [308] الحسن بن أحمد بن الحسن بن أحمد بن محمد بن سهل بن سلمة بن عثكل بن حنبل بن إسحاق العطار الحافظ، أبو العلاء الهمذاني المقرىء: من أهل همذان، مات في تاسع عشر جمادى الأولى سنة تسع وستين وخمسمائة، وذكره بعض الثقات من أهل العلم فذكر له مناقب كثيرة، وذكر نسبه وولادته فقال: هو أبو العلاء الحسن بن أحمد بن الحسن بن أحمد بن محمد بن سهل بن سلمة بن عثكل بن إسحاق العطار الهمذاني، وكان عثكل من العرب. وأما ولادته فإنها كانت يوم السبت قبل طلوع الشمس الرابع عشر من ذي الحجة سنة ثمان وثمانين وأربعمائة بهمذان، وذكر من مناقبه: سمعته رحمه الله يقول: سلّمت في صغري إلى رجل معلم- قال: سمّاه ونسيت اسمه- قال: وكنت أحفظ عليه القرآن، فحفظت عليه إلى سورة يوسف، ثم أجرى الله لساني بحفظ الباقي من القرآن دفعة واحدة من غير تحفظ وتكرار فضلا منه جل جلاله. وسار في ليلة واحدة في طلب الحديث من جرباذقان الى أصفهان، وسمعته يقول: لما حججت كنت أمشي في البادية راجلا قدّام القافلة أحيانا مع الدليل، وأحيانا أخلّف الدليل، حتى عرفني الدليل واستأنس بي ومال إليّ وهو   [307]- الوافي 11: 383 وبغية الوعاة 1: 499. [308]- المنتظم 10: 248 وابن الفوطي 2: 626 ومختصر ابن الدبيثي: 276 وعبر الذهبي 4: 206 وسير الذهبي 21: 40 وتذكرة الحفاظ: 1324 والوافي 11: 384 وطبقات ابن الجزري 1: 204 ومرآة الجنان 3: 289 والنجوم الزاهرة 6: 72 وبغية الوعاة 1: 494 والشذرات 10: 248 ويقول الصفدي إنّ بعضهم جمع كتابا في أخباره وأحواله وكراماته وما مدح به من الشعر، وهذا يفسّر الاستفاضة في هذه الترجمة عند ياقوت، فهو ينقل من كتاب جمعه محمد بن محمود بن إبراهيم بن الفرج في مناقب الشيخ رحمه الله. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 825 يسير على ناقة له تكاد تردّ الريح، وكنت أرى الدليل يتعجّب من قوّتي على السير، وكان أحيانا يضرب ناقته ويمعن في السير، وكنت لا أخلّي الناقة تسبقني، فقال لي الدليل يوما: تقدر أن تسابق ناقتي هذه؟ فقلت: نعم، فضربها وعدوت معها فسبقتها. قال: وكان كثير الحفظ للعلوم، كثير المجاهدة في تحصيلها، فسمعته يقول رحمه الله: حفظت «كتاب الجمل» في النحو لعبد القاهر الجرجاني في يوم واحد من الغداة الى وقت العصر. قال: وسمعت الشيخ أبا حفص عمر بن الحسين الوشاء المقرىء يقول: سمعت الإمام الحافظ رحمه الله يقول: حفظت يوما ثلاثين ورقة من القراءة. قال: وسمعت الإمام الحافظ أبا بكر محمد بن شيخ الاسلام الحافظ أبي العلاء قال: سمعت الشيخ الصالح إبراهيم المرجي قال: سمعت الشيخ رحمه الله يقول: لو أن أحدا أتاني بحديث واحد من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلّم لم يبلغني لملأت فاه ذهبا. قال: وكان الشيخ رحمه الله حفظ «كتاب الجمهرة» لأبي بكر ابن دريد و «كتاب المجمل» لابن فارس و «كتاب النسب» للزبير بن بكار. قال: وبلغني عن الثقة أنّ الحافظ أبا جعفر رحمه الله كان يقول: لو أن الله تعالى يقول لي يوم القيامة: ماذا أتيتني به؟ أقول ربي وسيدي أتيتك بأبي العلاء العطار. قال: وكان الحافظ أبو القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل الجوزي، رحمه الله، يملي يوما في الجامع بأصفهان، وعنده جماعة من المحدثين، إذ دخل الشيخ الحافظ أبو العلاء، رحمه الله، من باب الجامع، فلما نظر الحافظ أبو القاسم إليه أمسك من الاملاء، ونظر إلى أصحابه وقال: أيها القوم إنّ الله عز وجل يبعث لهذه الأمة على رأس كلّ مائة سنة من يجدّد لها دينها، وهذا الرجل المقبل من جملتهم، قوموا نسلّم عليه، فقاموا واستقبلوه وسلّموا عليه واعتنقوه. قال: وكان يقرأ على الشيخ أبي العز المقرىء «1» القلانسي الواسطي رحمه الله، وكان يفضله على أصحابه، فشقّ ذلك عليهم، فاجتمع بعضهم يوما وفيهم الشيخ أبو العلاء رحمه الله، فسألهم الشيخ أبو العزّ عن اختلاف القرّاء في قوله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 826 تعالى: كوكب دري يوقد (النور: 35) وأقاويل الأئمة فيها، فسقط في أيديهم وتاهوا في شرحها، وما أجابوا بطائل، ثم أقبل الشيخ أبو العز على الشيخ رحمه الله وقال: تكلم أنت فيها يا أبا العلاء، فشرع فيها الشيخ وعدّ بضعة عشر قولا، وأدّى فيها حقّها بأحسن إشارة وأبلغ عبارة، فلما فرغ نظر الشيخ أبو العز إلى أصحابه الحاضرين وقال: بهذا أفضّله عليكم، لو أمهلتكم مدة لما قدرتم على الذي ذكر هو بديهة من غير عزيمة سابقة ورويّة سالفة. قال: وكان محترما عند الخلفاء والسلاطين، كتب إليه المقتفي لأمر الله «1» أمير المؤمنين كتابا من جملته: وبعد فإن الأب القدّيس النفيس خامس أولي العزم، وسابع السبعة على الجزم، وارث علم الأنبياء، حافظ شرع المصطفى أبا العلاء، ثم ذكر كلاما واستدعى منه الدعاء. قال: وسمعت ولده أبا محمد عبد الغني بن الشيخ الحافظ أبي العلاء رحمه الله يقول: لما أدخل أبي على أمير المؤمنين المقتفي لأمر الله، رضي الله عنه، بعد استدعاء أمير المؤمنين إياه، كان يأمره خواصّ الخليفة بتقبيل الأرض في المواضع، وكان يأبى ذلك، فلما أكثروا عليه قال: دعوني إنما السجود لله تعالى، فكفّوا عنه حتى وصل إليه، وسلم بالخلافة عليه، فقام له أمير المؤمنين وأجلسه، ثم كلّمه ساعة وسأل منه الدعاء فدعا، وأذن له في الرجوع فرجع، وكانوا قد أحضروا الخلعة والصلة فاستعفى عن ذلك فأعفي، وخرج من بغداد حذرا من فتنة الدنيا وآفاتها. وحدثني غير واحد أن السلطان محمدا «2» لما دخل عليه داره نصحه كثيرا ووعظه، وكان السلطان جالسا بين يديه مقبلا عليه بوجهه مصغيا إلى كلامه، فلما قام ليخرج أمره بتقدمة رجله اليمنى وأخذه الطريق من الجانب الأيمن. وسمعت الإمام أبا بشر الثاني رحمه الله يقول: سمعت عبد الغني بن سرور المقدسي يقول: كنت يوما في خدمة الحافظ أبي طاهر السلفي بثغر الاسكندرية نقرأ الحديث، فجرى ذكر الحفّاظ إلى أن انتهى الكلام إلى ذكر الحافظ أبي العلاء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 827 رحمه الله، فأطرق الحافظ أبو طاهر عند ذكره، ثم رفع رأسه وقال: قدّمه دينه، قدّمه دينه. قال: وسمعت أبا بشر محمد بن محمد بن منصور المقرىء الخطيب بشيراز يذكر الحافظ أبا العلاء، رضي الله عنه، ويثني عليه، ثم أنشد يقول: فسار مسير الشمس في كلّ موطن ... وهبّ هبوب الريح في الشرق والغرب قال: وسمعت الامام أبا نصر أحمد بن الامام الحافظ أبي الفرج ابن عبد الملك بن الشعار يقول: سمعت الامام أبا الحسن الحراني يقول: كنت أطوف بالكعبة فرأيت شيخا في الطواف، فلما نظرت إليه تفرّست فيه الخير والصلاح، وانتظرته حتى قضى طوافه، فدنوت منه وسلّمت عليه، فردّ عليّ السلام، فسألته عن الوطن فسمّى لي موضعا بعيدا، ذكره أبو الحسن ونسيه أبو نصر، قال أبو الحسن: أيّ شيء المقصد بعد بلوغك بيت ربك؟ فقال: مقصدي الحافظ أبو العلاء، فتعجبت في نفسي وقلت: ستظفر إن شاء الله بمقصودك وتنال مطلوبك، وبكيت حتى غلبني البكاء، فقال: وممّ بكاؤك؟ فقلت: ان الحافظ أبا العلاء الذي تقصده وتأمل بلوغه قد كنت مستفيدا منه كذا وكذا سنة، قرأت عليه القرآن ختما، وسمعت منه الحديث الكثير، فتعجّب من قولي وقام إليّ وقبّل بين عيني، وهو يفدّيني بأبيه وأمه، وغاب عني. قال: وسمعت أبا بشر يقول: لما دخلت على الامام أبي المبارك المقرىء بشيراز جعل يذكر شيخ الاسلام الحافظ أبا العلاء الهمذاني، رحمه الله، ويثني عليه، ثم أنشد متمثلا: فسار مسير الشمس في كلّ موطن ... وهبّ هبوب الريح في الشرق والغرب قال: رحل إليه رجل من أقصى المغرب، وكان له حظّ في كلّ علم، ومدحه بقصيدة هي من غرر القصائد، وذكر أحواله في سفرته وما أصابه من التعب والمشاقّ، ومن شعره فيه أيضا: سعى إليك على قرب ومن بعد ... من كان ذا رغبة في العلم والسّند الجزء: 2 ¦ الصفحة: 828 حتى أناخ بمغناك الكريم وقد ... كلّت ركائبه في الخبت والسّند «1» كذاك أثرى وما أوعت أنامله ... لكن وعى قلبه ما شاء من مدد وما أناخ بمغنى غيركم أحد ... إلا ونودي ما بالربع من أحد وقد قصدتك من أقصى المغارب لا ... أبغي سواك لوحي الواحد الصمد وما امتطيت سوى رجليّ راحلة ... وقد غنيت عن العيرانة الأجد وهذه رحلة بكر كشفت لها ... عن ساق ذي عزمات غير متئد عناية لم تكن قبلي لذي طلب ... وحظوة لكم في غابر الأبد هل كان قبلك حبر أمّه رجل ... وسار مدة حول سير مجتهد أبا العلاء العلاء الكلّ إنك في ... أقصى العراق مقيم منه في بلد وقد فشا لك ذكر في البلاد كما ... فاحت أزاهر روض للغمام ندي قال: وسمعت الشيخ، رحمه الله، يقول يوما لمن حضره: إن خلّف أبو العلاء دينارا أو درهما بعد موته فلا تصلّوا عليه. وكان، رحمه الله، لا يبقي على الذهب والفضة، وكلّ ما آتاه الله منها يصرفه في اليوم، وينفقه في قضاء الديون ومراعاة الناس، فمات ولم يخلّف دينارا ولا درهما، حتى بيعت داره وقضي منه دينه. قال: وكان، رحمه الله، شديد التمسك بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلّم، فكان لا يسمع باطلا أو يرى منكرا إلّا غضب لله ولم يصبر على ذلك ولم يداهن؛ قال: سمعت أبا رشيد راشد بن إسماعيل المعدّل يقول: كنت عند الشيخ يوما، فدخل عليه أبو الحسين العبادي الواعظ زائرا، وجلس عنده زمانا، وجعل يكلم الشيخ إلى أن جرى في كلامه: وعزمت غير مرة على الاتيان إلى الخدمة لكني منعني كون الكوكب الفلانيّ في البرج الفلاني، فزبره «2» الشيخ وقال: السنّة أولى أن تتّبع، فقام العباديّ خجلا وخرج. وكان من ورعه في رواية الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم أنه ما كان يترجم الحديث للعامة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 829 رعاية منه للصدق. واستدعي منه بهمذان أن يفسّر للناس حديثا واحدا فأجاب وقعد لذلك، فلما شرع في الكلام قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم. واستدعي منه ثانيا بالكرخ كذلك، فروى حديثا في فضائل الأعمال وفي بعض ألفاظه «حتى يدخل الجنة» ، ففسر لفظة الجنة قبل أن يفسر لفظة «حتى يدخل» ، كأنه قدم لفظة «الجنة» على لفظة «حتى يدخل» في ترجمته، فاستغفر ورجع وأتى بها على الوجه المنطوق به في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلّم. وكان رحمه الله يتحرّج عن القصص والكلام فيها والتنميق والتكلّف حذرا من الزيادة والنقصان. ولما قصد السلطان محمد بغداد وحاصرها، وخالف الإمام المقتفي لأمر الله أمير المؤمنين، رضي الله عنه، كان الشيخ، رحمه الله، يقرأ «صحيح البخاري» بهمذان على الشيخ عبد الأوّل، رحمه الله، على اسليهر «1» يحضره لسماع الكتاب عامّة أهل البلد من الأمراء والفقهاء والعلماء والصوفية والعوام، فصرّح القول قائما على المنبر بأنّ السلطان ومن معه من جنوده خارجة مارقة، ثم قال: لو أنّ رجلا من عسكر أمير المؤمنين رمى رجلا من أصحاب السلطان بسهم، وجاءه آخر من غير الفريقين فنزع السهم من جراحته، يكون هو أيضا خارجيا باغيا، وكرّر القول في ذلك مرارا. قال: وسئل الشيخ رحمه الله عن سبب أكثر اشتغاله بعلم الكتاب والسنة فقال: إني نظرت في ابتداء أمري فرأيت أكثر الناس عن تحصيل هذين العلمين معرضين، وعن دراستهما لاهين، فاشتغلت بهما وأنفقت عمري على تحصيلهما حسبة. قال: ورأى رحمه الله قلة رغبة الخلق في تحصيل العلم والرحلة ولقاء الشيوخ، فاتخذ مهدا وعزم على المضّي إلى بغداد وأصفهان للرواية، ورفع منائر «2» العلم وإحياء السنة حسبة، فمنعه الضعف والكبر، وأدركته المنية وهو على هذه النية. قال: سمعت الثقة يقول: سمعت الشيخ رحمه الله يقول: كنت واقفا يوما على باب دار الشيخ أبي العز القلانسي رحمه الله في حرّ شديد أنتظر الاذن، فمرّ بي إنسان فرآني على تلك الحال واقفا، فقال لي: أيها الرجل لو أنك تصير إماما يقرأ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 830 عليك ويقتدى بك، أهكذا كنت تفعل أنت بطلبة العلم ومن يأتيك من الغرباء؟ فذرفت عيناي فقلت: لا إن شاء الله، وأشهدت الله تعالى في نفسي في تلك الحال على أني لا آخذ على التعليم والاقراء والتحديث أجرا، ولا أبخل بعلمي على أحد، وأبذله حسبة، فكان كما قال، ويقعد لطلبة العلم من أول النهار إلى آخره. قال: وكان الشيخ رحمه الله لا يرى طول نهاره إلّا كاتبا لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلّم، أو مطالعا له، أو مشتغلا به، أو مصغيا إلى قراءة القرآن وطلبة العلم، هكذا كان دأبه بالنهار، ويجعل ليلته ثلاثة أثلاث، يكتب في ثلث، ويتفكر في ثلث، وينام في ثلث. وكان كثيرا ما يقول عند انتباهه من النوم: يا كريم أكرمنا، وكان من كرامته على الناس وإقبال الناس عليه والتبرك به أنه كان يصعب عليه المرور يوم الجمعة في مضيّه ورجوعه لازدحام الخلق عليه، وكان جماعة من الشبان يتحلقون حواليه يدفعون عنه زحمة الناس، وهو يمر في وسطهم مطرقا لا يشتغل بأحد، وهو يقول: يا من أظهر الجميل وستر على القبيح. قال: سمعت العدل عمر بن محمد يقول: دخلنا على الإمام الحافظ أبي العلاء رضي الله عنه وهو يكتب، فقعدنا عنده ساعة، فوضع ما في يده وقام ليتوضأ، فنظرنا فيما كتب فإذا هو قد بيّض كلّ موضع فيه اسم من أسماء الله تعالى أو ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلّم، فتعجبنا من ذلك، فلما رجع سألناه عن ذلك فقال: إني لما كنت أكتب ذلك شككت في الوضوء فما جوّزت أن أكتب بيدي أسماء الله تعالى أو ذكر الرسول صلى الله عليه وسلّم وأنا شاكّ في الوضوء. وكان الشيخ رحمه الله إذا نزل بالناس شدة أو بلاء يجيء إليه الناس ويسألونه الدعاء فيقول: اللهم إني أخاف على نفسي أكثر مما يخافون على أنفسهم. وكان كثيرا ما يقول: ليتني كنت بقّالا او حلّاجا، ليتني نجوت من هذا الأمر رأسا برأس لا عليّ ولا ليا. قال: وسمعت والدي يحكي عن الامام عبد الهادي بن علي رحمة الله عليه أنه قال: كنت أمشي يوما مع الشيخ الامام الحافظ رحمه الله في الشتاء في وحل شديد، وفي رجليه مداس خفيفة يكاد يدخل فيها الطين، فقلت له: يا أخي لو لبست مداسا غير هذا يصلح للشتاء، فقال: إذا لبست غيرها لهت عيني عن النظر إليها، فربما الجزء: 2 ¦ الصفحة: 831 نظرت إلى منكر أو فاحشة، وفي دوام نظري إليها وحفظي لها عن الوحل شغل عن ذلك وحفظ للبصر. قال: وكراماته مشهورة بين الناس، منها: ما كتب به إليّ الشيخ أبو عبد الله محمد بن إبراهيم المقرىء قال: سمعت الأستاذ بهلة الطحان يقول: حملت أحمال الحنطة من دار الشيخ رضي الله عنه لأطحنها لأهله، فلما طحنتها ووضعت بعضها على بعض قصد بعض من في الطاحونة من المستحقين أن يأخذ شيئا من ذلك الدقيق ليخبز منه رغيفا، فصحت عليه ومنعته من الأخذ، فلما رددت الأحمال إلى دار الشيخ من الغد تبسّم الشيخ في وجهي وقال: ويلك يا بهلة، لم منعت الرجل أن يأخذ قبضات من الدقيق؟! فتحيرت من قوله، وقبّلت في الحال رجليه، وتبت على يديه، واستغفرت الله عز وجل عما سلف مني من الذنوب، وصرت معتقدا في كرامات أولياء الله تعالى. قال: سمعت أبا محمد عبد الله بن عمر يقول: كنت يوما في خدمة الشيخ رضي الله تعالى عنه نأكل الغداء فدقّ الباب داقّ، فقمت وفتحت له الباب، فإذا بالشيخ الصالح مسعود النّعال، فاستأذنت له، فدخل وقعد عند الشيخ إلى الطعام، فلما كان بعد ساعة نظر إلى مسعود وقال: يا مسعود لو أن النطفة التي قدّر الله عز وجل في سابق علمه أن يخلق منها خلقا صبّت على الأرض لظهر منها ذلك الخلق، فلما سمع مسعود النعال هذا الكلام انزعج وبكى وصاح، فتعجبنا من تلك الحالة، فلما سكن سألته عن سبب انزعاجه وتواجده من كلام الشيخ، فقال لي: اعلم أني تزوجت امرأة منذ سنين كثيرة وما رزقت منها ولدا، وأني جئت اليوم لأسأل منه الدعاء حتى يرزقني الله عزّ وجل ولدا صالحا، فقبل سؤالي إياه حدّثني بما في قلبي، وأظهر لي سري، وأسمعني ما سمعتم. قال: ثم دعاه الشيخ رضي الله عنه ودعا له، وسأل الله عز وجل له الولد، وناوله شيئا من بقية الطعام وقال: أطعمها أهلك، قال: ثم رأيته بعد ذلك بمدة فقال: قد رزقني الله عز وجل والحمد لله ابنا وبنتا ببركة دعاء الشيخ وهمته. قال: وسمعت الشيخ أبا عبد الله يقول: سمعت الشيخ أبا بكر عبد الغفار بن محمد بن عبد الغفار- وكان خال ولد الشيخ رضي الله عنه- يقول لي: هل علمت الجزء: 2 ¦ الصفحة: 832 سبب وفاة أختي، يعني التي كانت حليلة الشيخ رحمة الله عليهما؟ قلت: لا، قال قالت أختي: كان للشيخ في الدار بيت مختصّ به لا يدخله غيره، وكان يأذن لي في بعض الليالي بدخولي فيه، وفي أكثر الأوقات وأغلب الليالي يغلق الباب على نفسه ويخلو فيه بنفسه، وأبيت أنا في الدار وحدي، فاشتدّ ذلك عليّ حتى أقلق نهاري وأسهر ليلي، فبينا أنا متفكرة في بعض تلك الليالي إذ قلت في نفسي: لم لا أقوم فأرتقي الرواق وأنظر إليه من كوّة البيت لأقف على حاله، فقمت وارتقيت الرواق، فقبل بلوغي الكوة رأيت نورا عظيما وضياء ساطعا من البيت أضاء منه شيء، فتقدمت ونظرت في البيت، فرأيت الشيخ جالسا في مكانه، وحوله جماعة يقرأون عليه، وكنت أرى سوادهم وأسمع حسّهم غير أني لا أرى صورهم، فهالني ذلك ووقعت مغشيّا عليّ لا أشعر شيئا، إلا أني رأيت الشيخ واقفا على رأسي، فأقامني وتلطّف بي وقال لي: ماذا دهاك؟ فقصصت عليه قصتي، فقال لي: كفي عن هذا ولا تخبري بما رأيت أحدا من الناس إن كنت تريدين رضاي، فقبلت منه ذلك وكتمت سرّه حتى أمرضني، وحملت مريضة إلى دار أبي؛ قال الامام أبو عبد الله وقال لي الشيخ أبو بكر واشتدّ عندنا مرضها، وكنا نسألها عن سبب مرضها، وكانت تعلل بأشياء، إلى أن وقعت في هول الموت وسياق النزع، ثم نظرت إلينا وبكت ثم قالت: أوصيكم بزوجي أبي العلاء واسترضائه، والآن بدا لي أن أخبركم بسبب موتي، ثم قصّت علينا هذه القصة، وفارقت الدنيا، رحمها الله. قال: وسمعت الشيخ أبا العلاء أحمد بن الحسن الحداد العارف يقول: سمعت الشيخ عمر بن سعد بن عبد الله بن حذيفة من نسل حذيفة بن اليمان رضي الله عنه يقول: كنت مع الحافظ أبي العلاء في بعض الأسفار، فأدركنا شيخا من أهل الحديث، وانتخب عليه الحافظ جزءا من مسموعه وسماعه عليه، وارتحلنا من عنده فوصلنا إلى نهر عظيم، فلما عبرنا النهر وقع ذلك الجزء منّا وضاع، وضاق قلب الحافظ لذلك ضيقا شديدا، فلما كان بعد ذلك بأيام استقبلنا رجل حسن الوجه حسن الشارة وسلّم علينا، ثم أقبل على الحافظ وقال: ما الذي أصابكم وما سبب حزنك؟ فقصّ عليه الحافظ قصة الجزء وكيفية ضياعه، فقال: خذ القلم واكتب عني جميع ما ضاع عنك في ذلك الجزء، وأخذ الحافظ القلم متعجبا ننظر إليه وهو يملي والحافظ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 833 يكتب إلى أن فرغ، فلما فرغ الحافظ أخذ ببعض ثيابه فقال: أنشدك الله من أنت؟ فقال: أنا أخوك الخضر، وبعثت إليك لهذا الأمر، ثم غاب عنا فلم نره. سمعت الشيخ الصالح سنقر بن عبد الله غلام شيخنا أبي طاهر محمد بن الحسن بن أحمد العطار، رحمه الله ابن الشيخ رضي الله عنه يقول: إني خدمت الشيخ رضي الله عنه سنين كثيرة فرأيت العجائب الكثيرة في خلواته، منها: أنه قام ليلة ليتوضأ فقال لي: استق الماء من البئر، فجئت وأرسلت الدلو فيها، فلما بلغ الدلو إلى رأس البئر نظرت فيها فإذا الدلو مملوءة ذهبا أحمر أضاء الدار حمرته، فصحت صيحة عظيمة، فقال لي: أيها الشيخ ماذا أصابك؟ فأريته الدلو فاسترجع، ثم استأخر وقال لي: اقلب الدلو في البئر فإنا نطلب الماء لا الذهب، قال: فقلبتها، ثم أخذ الدلو من يدي واستقى الماء وقال لي: يا سنقر إياك إياك أن تخبر بما رأيت أحدا من الناس ما دمت حيا. قال: رأيت بخط الثقة، ذكر أنه نقل من خط الشيخ أبي الفتح محمد بن الحسين بن وهب: سمعت الشيخ أبا عبد الله الحسين بن إبراهيم بن الحسين بن جعفر الجوزقاني يقول: كنت نائما ذات ليلة، فرأيت فيما يرى النائم كأنّ الناس يهرعون إلى رباط أبي الفرج أحمد بن علي المقرىء رحمة الله عليه، قال: فسألت ما لهؤلاء؟ فقالوا: إنّ أنس بن مالك رضي الله عنه نزل في رباط المقرىء، ففرحت وأسرعت وقصدت الإمام الحافظ أبا العلاء وأخبرته بذلك، فلما سمع مني فرح ونشط، وقام وأخذ جزءا واحدا من أحاديث أنس بن مالك رضي الله عنه وجاء معي حتى دخلنا الرباط، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلّم جالس في الرباط، ورأينا أنس بن مالك عن يساره، فقدمنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم وسلّمنا عليه وجلسنا بين يديه، فاستأذنه أبو العلاء في قراءة ذلك الجزء عليه فأذن له، فابتدأ أبو العلاء بالقراءة، وقرأ ذلك الجزء قراءة حسنة مبينة صحيحة، ورأيته صلى الله عليه وسلّم يتبسم من الفرح مرة إلى وجهه ومرة إلى وجهي، فلما قرأ الجزء انتبهت من النوم وقمت وتوضأت وصليت الصلاة شكرا لله تعالى على ما رأيت في المنام. قال: وسمعت الشيخ عمر بن أبي رشيد بن طاهر الزاهد يقول: رآني يوما الشيخ علي الشاذاني صاحب الكرامات الظاهرة فقال: يا عمر اذهب إلى الحافظ أبي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 834 العلاء وقبّل جبينه عني، فإني رأيت الليلة في المنام من قبّل جبهته موفيا محتسبا غفر الله له. قال: وسمعت الشيخ الزاهد، وكان من الأبدال إن شاء الله يقول: سمعت الشيخ سعيدا المتقي، وكان من الصالحين يقول: رأيت جنات عدن مفتوحة أبوابها، وإذا الناس كلّهم وقوف ينظرون دخول شخص، فلما قرب من الباب وكاد يدخل جنة عدن سألت من هذا الشخص الذي يدخل جنة عدن قبل دخول الخلائق؟ فقالوا: الحافظ أبو العلاء ومن كان يحبّه في الله عز وجل، فتضرعت وبكيت وقلت: وأنا أيضا ممن يحبّه في الله عز وجل، دعوني أدخل، فقال شخص: صدق دعوه يدخل، فدخلت مع القوم وهم يقولون: ادخلوها بسلام آمنين (الحجر: 46) . قال المصنف: وحكى لي الشيخ الإمام أبو عبد الله زبير بن محمد بن زبير المشكاني رحمه الله قال: رأيت ليلة من الليالي في المنام كأنّ الإمام أبا العلاء رضي الله عنه يمشي إلى الحجّ، وهو جالس في المهد متربع، والمهد يمشي في الهواء بين السماء والأرض، فعدوت خلفه، فنزل المهد من السماء إلى الأرض، وشيء مثل الوتد حتى خرج من ذلك المهد، فتعلّقت به، فقام المهد يمشي في الهواء وأنا متعلق به حتى وصلنا الفرات، فأخذني العطش، فقلت للحافظ، إني عطشان أريد أشرب، فقال لي: تعال حتى نشرب من زمزم، فمشينا حتى وصلنا مكة، فدخلت الحرم، وشربت من ماء زمزم، ورأيت في الحرم خلقا كثيرا، ورأيت رسول الله صلى الله عليه وسلّم مع الحافظ أبي العلاء جالسا على تلّ في الحرم أعلى من سطح الحرم، وما معهما أحد غيرهما، وهما يستقبلان الكعبة وينظران إلى فوق، ورأيت رسول اللهّ صلى الله عليه وسلّم يتكلّم مع أحد نحو فوق الكعبة، وإذا أراد أن يتكلم قام إليه، ورأيت شيخنا أبا العلاء شاخصا ببصره إلى الذي يكلم النبي صلى الله عليه وسلّم فوق الكعبة، ولا يلتفت يمينا ولا شمالا، فقلت في نفسي: أذهب فأبصر من الذي يكلّم النبيّ صلى الله عليه وسلّم وينظر إليه الحافظ أبو العلاء، فتقدمت ونظرت إلى فوق الكعبة فرأيت عرش الرحمن جلّ جلاله واقفا فوق الكعبة، ورأيت الرحمن جلّ جلاله عليه، فأشار إليّ النبي صلى الله عليه وسلّم أن «أسأل الله تبارك وتعالى» ، فسألت الله تعالى أربع حاجات، فسمعته يقول بالفارسية، كردم، وسألت رسول الله صلى الله عليه وسلّم حاجة ففعل، فنويت الرجوع، فقال لي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 835 رسول الله صلى الله عليه وسلّم: أتذهب؟ فوقفت أنتظر أمره، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلّم بالفارسية: شكرانه گو، فوقفت وقرأت: قل هو الله أحد (الإخلاص: 1) خمسمائة مرة، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلّم: حسن، فرجعت وتركت رسول الله صلى الله عليه وسلّم جالسا مع الحافظ أبي العلاء على ذلك التلّ وينظران إلى الله عز وجل. وقد مدحه أفاضل عصره بأشعار كثيرة، منهم أبو عبد الله محمد بن عبد الله المغربي وقد خرج الشيخ فحجبت الشمس غمامة فقال لي في ذلك: ظهرت فأخفت وجهها الشمس هيبة ... وشوقا إلى مرآك أسبلت الدمعا ولما رأت مسعاك كفّت شوؤنها ... لئلّا ترى حيّا يصدّك عن مسعى وقد كان ذاك القطر أيضا دلالة ... على أنّ مولى الجمع قد رحم الجمعا ولا شكّ أن الله يرحم أمة ... حللت بها قطعا أقول بذا قطعا وقد مدحه أبو عبد الله المغربي هذا بقصائد حسان، وقد أفردها الشيخ الإمام أبو عبد الله محمد بن محمود بن إبراهيم بن الفرج مؤلف هذه المناقب رحمه الله، والأصل يشتمل على ستة أجزاء بخطه كلّها رحمه الله، وقد ذكر فيه بعد ذكر القصائد التي ذكرتها: سمعت أبا بشر محمد بن محمد بن محمد بن هبة الله بن عبد الله بن سهل رحمه الله يقول: كان أبو عبد الله المغربي بأصفهان في مدرسة النظام وهو يقرأ القرآن، فلما بلغ قوله عز وجلّ: واعبد ربك حتى يأتيك اليقين (الحجر: 99) قام وصرخ وترك أمتعته وكتبه وأقبل إلى الصحراء هائما، وما رؤي بعد ذلك ولا سمع له خبر ولا أثر. وأنشد موفق بن أحمد المكي الخطيب في مدحه: حفظ الامام أبي العلاء الحافظ ... بالرجل ينكت هام حفظ الجاحظ عمرو بن بحر بحره من جدول ... متشعّب من بحر بحر الحافظ ما إن رأينا قبل بحرك من [له] ... بحر طفوح كالأتيّ اللافظ «1» الجزء: 2 ¦ الصفحة: 836 أحييت ما قد فاظ من سنن العلا ... والعلم قبلك في انتزاع الفائظ بهظ البرايا عبء أدنى علمه ... أعظم به من عبء علم باهظ كم واعظ لي أن أجاور مجده «1» ... لو كان ينجع فيّ وعظ الواعظ غاظ الأعادي جاهه كعلومه ... فرددت «2» غيظهم بهذا الغائظ وأنشد أيضا في مدحه: وليس اعتراف الحاسدين بفضله ... لشيء سوى أن ليس يمكنهم جحد بدا كعمود الفجر ما فيه شبهة ... فهل لهم من أن يقرّوا به بدّ وأنشد الإمام العلامة أفضل الدين أبو عمرو عثمان بن عبد الملك بن عبيد الله بن أحمد بن سعيد الدمانخير الكرخي رحمة الله عليه في مدحه: صبرا فأيام الهموم تزول ... والدهر يعطيك المنى وينيل ويبين «3» من فلك السعادة باقيا ... قمر الأماني والنحوس أفول لا تأيسنّ إذا تلمّ «4» ملمة ... إن الشدائد تعتري وتحول والفضل لا يزري به عدم الغنى ... أفليس يحسن في الرماح ذبول ما إن يضرّ العضب بعد مضائه ... يوم القراع إذا عرته فلول لا تشتغل بالعسر واطو مشمّرا ... بسط الفيافي والشعاب «5» مقيل والبس سواد الليل مرتديا به ... إنّ التجلّد للرجال جميل حتى تنيخ العيس في كنف العلا ... حيث التكرّم بالنجاح «6» كفيل كنف الإمام القرم قطب الدين من ... جوب الفلا إلا إليه فضول صدر الزمان أبي العلاء سميدع ... غرّ المعالي في ذراه تقيل وهي طويلة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 837 ولموفق الدين مكي خطيب خوارزم أشعار كثيرة في مدحه منها: بقيت بقاء الدهر في الناس خالدا ... أيا خير من في الأرض خالا ووالدا لتروي أحاديث النبيّ محمد ... وتحيي مسانيدا وتزوي معاندا فهذا دعائي بالحجون وبالصفا ... وهذا مرامي حيث ما كنت ساجدا قال: وسمعت الثقة يقول: سمعت الشيخ رضي الله عنه يقول: لما مات فلان- أحد أصدقائه ذكر اسمه ونسيته- شقّ عليّ موته، وأثر فيّ وفاته، فكنت بعد ذلك أكتب كلّ سنة كتاب الوصية، وأنا سمعت منه حينئذ صغيرا وهو يقول غدا من شهر رجب، شهر الله الأصم، وأنا أريد أن أجدّد مع ربي عهدا. وهذا كتاب وصيته: بسم الله الرحمن الرحيم أخبرنا عبد القادر اليوسفي وهبة الله بن أحمد الشيباني قالا، أخبرنا أبو علي الحسن بن علي التميمي، أخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل رضي الله عنهما، حدثنا محمد بن عبيد، حدثنا عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: ما حقّ امرىء مسلم يبيت ليلتين وله شيء يوصي فيه إلا ووصيته مكتوبة عنده. وأخبرنا الشيخ أبو القاسم زاهر بن طاهر بن محمد بن محمد الحافظ، أخبرنا أبو عثمان سعد بن محمد النّجيرمي، أخبرنا أبو الخير الحنبلي وأبو بكر محمد بن أحمد بن عقيل قالا، أخبرنا أبو بكر محمد بن حفص بن جعفر حدثنا إسحاق بن إبراهيم الغضبي، حدثنا خالد بن يزيد الأنصاري، حدثني محمد بن أبي ذئب عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: من لم يحسن الوصية عند الموت كان نقصا في مروءته وعقله، قيل: وكيف يوصي؟ قال يقول: اللهم فاطر السموات والأرض، عالم الغيب والشهادة، الرحمن الرحيم، إني أعهد إليك في دار الدنيا أني أشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، وأن محمدا صلى الله عليه وسلّم عبدك ورسولك، وأن الجنة حقّ، وأن النار حق، وأن البعث حق، والحساب والقدر حق والميزان حق، وأن الدين كما وصفت، وأن الاسلام كما شرعت، وأن القول كما حدّثت، وأن القرآن كما أنزلت، جزى الله محمدا صلى الله عليه وسلّم عنّا خير الجزاء، وحيّا محمدا منا بالسلام. اللهم يا عدتي عند كربتي، ويا صاحبي عند شدتي، ويا وليّ نعمي، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 838 إلهي وإله آبائي، لا تكلني إلى نفسي طرفة عين، فإنك إن تكلني إلى نفسي أقرب من الشرّ وأتباعد من الخير، فآنسني في قبري من وحشتي، واجعل لي عهدا يوم ألقاك، ثم يوصي بحاجته. وتصديق هذه الوصية في القرآن لا يملكون الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا (مريم: 87) فهذا عهد الميت. وهذه وصيته سنة إحدى وعشرين وخمسمائة، ونقلتها من خطه: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أوصى به الحسن بن أحمد بن الحسن بن أحمد بن محمد العطار طوعا، في صحة عقله وبدنه وجواز أمره، أوصى وهو يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له لم يتخذ صاحبة ولا ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له وليّ من الذّلّ وخلق كل شيء فقدّره تقديرا ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين (الأعراف: 54) ، ويشهد أن محمدا عبده أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدّين كله ولو كره المشركون، صلى الله عليه وعلى أصحابه وسلّم تسليما كثيرا، ويشهد أن الجنة حق، والنار حق، والبعث حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور، وأنه جلّ وعزّ جامع الأولين والآخرين لميقات يوم معلوم، في صعيد واحد، يسمعهم الداعي وينفذهم البصر، ويشهد أن صلاته ونسكه ومحياه ومماته لله ربّ العالمين، لا شريك له وبذلك أمرت وهو أول المسلمين، وأنه رضي بالله ربا، وبالاسلام دينا، وبمحمد صلى الله عليه وسلّم نبيا، وبالقرآن إماما، وبالمؤمنين إخوانا، وأنه يدين لله عزّ وجلّ بمذهب أصحاب الحديث، ويتضرّع إلى الله عزّ وجلّ ويتوسّل إليه بجميع كتبه المنزلة وأسمائه الحسنى وكلماته التامّات وجميع ملائكته المقربين وأنبيائه المرسلين، [أن] يحييه على ذلك حيا ويميته على ذلك إذا توفاه، وأن يبعثه عليه يوم الدين، وأوصى نفسه وخاصّته وقرابته ومن سمع وصيّته بتقوى الله، وأن يعبدوه في العابدين، ويحمدوه في الحامدين، ويذكروه في الذاكرين، ولا يموتنّ إلّا وهم مسلمون، وأوصى إلى الشيخ أبي مسعود إسماعيل بن أبي القاسم الخازن في جميع تركته وما يخلفه بعده، وفي قضاء ديونه واقتضاء ديونه وإنفاذ وصاياه، وذكره في ذلك بتقوى الله وإيثار طاعته، وحذّره أن يبدّل شيئا من ذلك أو يغيّره، وقد قال الله تعالى فمن بدله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه إن الله سميع عليم (البقرة: 181) وكتب هذه الوصية موصيها الحسن بن أحمد بن الحسن بن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 839 أحمد بن محمد بن العطار في يوم الثلاثاء السابع من ذي الحجة سنة إحدى وعشرين وخمسمائة. قال: وحدثني من شهد قبض روح الشيخ رضي الله عنه قال: كنا قعودا في ذلك الوقت، وكنا نحبّ أن نلقنه كلمة الشهادة رعاية للسنة، ومع هذا كنا نخشى من هيبته ونحذر سوء الأدب، فبقينا متحيّرين حتى قلنا للرجل من أصحاب الشيخ: اقرأ أنت سورة يس، فرفع الرجل صوته يقرأ السورة، وكنا ننظر إليه ونراقب حاله، فدهش القارىء وأخطأ في القراءة، ففتح الشيخ عينه وردّ عليه، فسررنا بذلك وحمدنا الله عز وجل. ثم جيء إليه بقدح فيه شيء من الدواء، ووضع القدح على شفته فولّى وجهه وردّ القدح بفيه وفتح عينه وقال: لا إله إلا الله محمد رسول الله رافعا بها صوته، وفاضت نفسه رحمه الله ورضي عنه وأرضاه، وجعل أعلى الجنان مأواه، وكان ذلك قبيل العشاء الآخرة ليلة الخميس التاسع عشر من جمادى الأولى عام سبعة وستين وخمسمائة، ودفن يوم الخميس في مسجده، وصلى عليه ابنه الإمام ركن الدين شيخ الإسلام ابو عبد الله أحمد القائم مقامه وخليفته على أولاده وأصحابه واتباعه رحمه الله. والكتاب الذي يشتمل على مناقبه كتاب ضخم جليل، وإنما كتبت هذه النبذة ليستدلّ به على فضله ومرتبته، رحمة الله عليه، والحمد لله رب العالمين، وصلّى الله على نبيه محمد وآله أجمعين. [309] الحسن بن إسحاق بن أبي عباد اليمني النحوي : من وجوه اليمن، كان يصحب الفقيه يحيى بن أبي الخير «1» ، وعمه إبراهيم بن أبي عباد نحوي أيضا يذكر في موضعه «2» ، وصنف الحسن هذا مختصرا في النحو مشهورا باليمن يقرأه المبتدئون،   [309]- إنباه الرواة 1: 290 والوافي 11: 400 وبغية الوعاة 1: 500 وروضات الجنات 3: 90. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 840 وهو قريب العهد تقارب وفاته سنة تسعين وخمسمائة، وهو القائل: لعمرك ما اللحن من شيمتي ... ولا أنا من خطإ ألحن ولكنني قد عرفت الأنام ... فخاطبت كلا بما يحسن [310] الحسن بن أسد بن الحسن الفارقي أبو نصر: شاعر رقيق الحواشي مليح النظم متمكن من القافية كثير التجنيس قلما يخلو له بيت من تصنيع وإحسان وبديع، كان في أيام نظام الملك والسلطان ملكشاه، وشمله منهما الجاه بعد أن قبض عليه وأساء إليه، فإنه كان مستوليا على آمد وأعمالها، مستبدّا باستيفاء أموالها، فخلصه الكامل الطبيب «1» . وكان نحويا رأسا وإماما في اللغة يقتدى، وصنف في الآداب تصانيف تقوم له مقام شاهدي عدل بفضله وعظم قدره، منها: كتاب شرح اللمع كبير. كتاب الإفصاح في شرح أبيات مشكلة «2» . حدثني الشيخ الإمام موفق الدين أبو البقاء يعيش بن علي بن يعيش النحوي قال: حدثني قاضي عسكر نور الدين محمود بن زنكي قال: قدم على ابن مروان صاحب ديار بكر شاعر من العجم يعرف بالغساني، وكان من عادة ابن مروان إذا قدم عليه شاعر يكرمه وينزله ولا يجتمع به إلى ثلاثة أيام ليستريح من سفره ويصلح شعره ثم يستدعيه، واتفق أن الغسانيّ لم يكن أعدّ شيئا في سفره ثقة بقريحته، فأقام ثلاثة أيام فلم يفتح عليه بعمل بيت واحد، وعلم أنه يستدعى ولا يليق به أن يلقى الأمير بغير مديح، فأخذ قصيدة من شعر ابن أسد لم يغير فيها إلا اسمه، فغضب من ذلك وقال:   [310]- ترجمته في الخريدة (قسم الشام) 2: 416 وإنباه الرواة 1: 294 والفوات 1: 321 والوافي 11: 401 وعبر الذهبي 3: 316 والنجوم الزاهرة 5: 140 وبغية الوعاة 1: 500 والشذرات 3: 380 وإشارة التعيين: 85. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 841 يجيء هذا العجمي فيسخر منا؟! ثم أمر بمكاتبة ابن أسد، وأمر أن يكتب القصيدة بخطّه ويرسلها إليه، فخرج بعض الحاضرين فأنهى القضية إلى الغساني، وكان هذا بآمد، وكان له غلام جلد، فكتب من ساعته إلى ابن أسد كتابا يقول فيه: إني قدمت على الأمير فأرتج عليّ قول الشعر مع قدرتي عليه، فادّعيت قصيدة من شعرك استحسانا لها وعجبا بها ومدحت بها الأمير، ولا أبعد أن تسأل عن ذلك، فإن سئلت فرأيك الموفق في الجواب، فوصل غلام الغساني قبل كتاب ابن مروان، فجحد ابن أسد أن يكون عرف هذه القصيدة أو وقف على قائلها قبل هذا، فلما ورد الجواب على ابن مروان عجب من ذلك وأساء إلى الساعي وشتمه وقال: إنما قصدكم فضيحتي بين الملوك، وإنما يحملكم على هذا الفعل الحسد منكم لمن أحسن إليه، ثم زاد في الإحسان إلى الغساني وانصرف إلى بلاده. فلم يمض على ذلك إلا مديدة حتى اجتمع أهل ميافارقين إلى ابن أسد، ودعوه إلى أن يؤمّروه عليهم، ويساعدوه على العصيان، وإقامة الخطبة للسلطان ملكشاه وحده، وإسقاط ابن مروان بن الخطبة، فأجابهم إلى ذلك، وبلغ ذلك ابن مروان فحشد له، ونزل على ميافارقين محاصرا فأعجزه أمرها، فأنفذ إلى نظام الملك والسلطان يستمدّهما، فأنفذا إليه جيشا ومددا مع الغساني الشاعر المذكور آنفا، وكان تقدّم عند نظام الملك والسلطان وصار من أعيان الدولة، وصدقوا في الزحف على المدينة حتى أخذوها عنوة وقبض على ابن أسد وجيء به إلى ابن مروان، فأمر بقتله، فقام الغساني وجرّد العناية في الشفاعة، فامتنع ابن مروان امتناعا شديدا من قبول شفاعته، وقال: إن ذنبه وما اعتمده من شقّ العصا يوجب أن يعاقب عقوبة من عصى وليس عقوبة غير القتل، فقال: بيني وبين هذا الرجل ما يوجب قبول شفاعتي فيه، وأنا أتكفّل به ألا يجري منه بعد شيء يكره، فاستحيى منه وأطلقه له، فاجتمع به الغسّاني وقال له: أتعرفني؟ قال: لا والله ولكني أعرف أنك ملك من ملائكة «1» السماء منّ الله بك عليّ لبقاء مهجتي، فقال له: أنا الذي ادّعيت قصيدتك وسترت عليّ، وما جزاء الإحسان إلا الاحسان، فقال ابن أسد: ما رأيت ولا سمعت بقصيدة جحدت فنفعت صاحبها أكثر من نفعها إذا ادّعاها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 842 غير هذه، فجزاك الله عن مروءتك خيرا، وانصرف الغساني من حيث جاء. وأقام ابن أسد مدة ورقّت «1» حاله، وجفاه إخوانه وعاداه أعوانه، ولم يقدم أحد على مقاربته ولا مرافدته حتى أضرّ به العيش، فعمل قصيدة مدح بها ابن مروان وتوصّل حتى وصلت إليه فلما وقف ابن مروان عليها غضب وقال: لا يكفيه ان يخلص منا رأسا برأس حتى يريد منا الرفد والمعيشة، لقد أذكرني بنفسه، فاذهبوا به فاصلبوه، فذهبوا به فصلبوه، رحمه الله. ومن شعر الحسن بن أسد الفارقي رحمه الله: بنتم فما كحل الكرى ... لي بعد وشك البين عينا ولقد غدا كلفي بكم ... أذنا عليّ لكم وعينا (رقيب) فأسلت بعد فراقكم ... من ناظري بالدمع عينا (عين الماء) فحكت مدامعها الغزار ... من الغيوم الغرّ عينا (عين السحاب) جادت على أثر شفى ... عينا لهم لم تلق عينا (شخص) من كلّ واضحة الترا ... ئب سهلة الخدين عينا (واسعة العين) غراء تحسب وجهها ... للشمس حين تراه عينا أمسيت في حيّ لها ... عبدا أضام وكنت عينا (سيد) لا حركت ركب الركائب ... إذ بهنّ سريت عينا (حر من النوق) غار الحسود من الوصال ... فلا رعاه الله عينا (مصدر) فذممت حرفا عاينت ... عيناي في أولاه عينا (عين الحرف) كانت تناصفنا وصافي ... الودّ لا ورقا وعينا (ذهب) لهفي وقد أبصرت في ... ميزان ذاك الوصل عينا (نقصان) كم من أخ فينا وعى ... ما لم نكن فيه وعينا (سمعنا) ومصاحب صنّفت في ... عدوائه للعين عينا (كتاب الخليل) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 843 وقال في الشمعة «1» : ونديمة لي في الظلام وحيدة ... مثلي مجاهدة كمثل جهادي فاللون لوني والدموع كأدمعي «2» ... والقلب قلبي والسهاد سهادي لا فرق فيما بيننا لو لم يكن ... لهبي خفيّا وهو منها بادي وله أيضا «3» : أريقا من رضابك أم رحيقا ... رشفت فلست من سكري مفيقا وللصهباء أسماء ولكن ... جهلت بأنّ في الأسماء ريقا حمتني عن حميّا الكأس نفس ... إلى غير المعالي لن تتوقا وما تركي لها شح ولكن ... طلبت فما وجدت لها صديقا وله أيضا «4» : وإخوان بواطنهم قباح ... وإن كانت ظواهرهم ملاحا حسبت مياه ودهم عذابا ... فلما ذقتها كانت ملاحا وله أيضا «5» : ووقت غنمناه من الدهر مسعد ... معار وأوقات السرور عواري معانيه مما نبتغيه جميعه ... كواس ومما لا نريد عواري أدار علينا الكاس فيه ابن أربع ... وعشر له بالكأس أي مدار تناولتها منه بكفّ كأنها ... أناملها تحت الزجاج مداري وله أيضا «6» : تيّم قلبي شادن أغيد ... ملّك «7» فالناس له أعبد لو جاز أن يعبد في حسنه ... وظرفه كنت له أعبد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 844 وله أيضا «1» : هويت بديع الحسن للغصن قدّه ... وللظبي عيناه وخدّاه للورد غزال من الغزلان لكن أخافه ... وإن كنت مقداما على الأسد الورد وله أيضا «2» : ولربّ دان منك يكره قربه ... وتراه وهو عشاء عينك والقذى فاعرف وخلّ مجرّبا هذا الورى ... واترك لقاءك ذا كفافا والق ذا وله أيضا «3» : أيا ليلة زار فيها الحبيب ... أعيدي لنا منك وصلا وعودي فإني شهدتك مستمتعا ... به بين رنة ناي وعود وطيب حديث كزهر الرياض ... تضوّع ما بين مسك وعود سقتك الرواعد من ليلة ... بها اخضرّ يابس عيشي وعودي وفي لي بوعد ولا تخلفيه ... إخلاف دهر به لي وعودي فلما تقضيت أمرضتني ... فزوري مريضك يوما وعودي وله أيضا «4» : يا من حكى «5» ثغره الدرّ النظيم ومن ... تخال أصداغه السود العناقيدا اعطف على مستهام ضمّ من أسف ... على هواك وفي حبل العنا قيدا وله أيضا «6» : بنتم فما لحظ الطرف الولوع بكم ... شيئا يسرّ به قلبي ولا لمحا فلو محا فيض دمع من تكاثره ... إنسان عين إذا إنسانه لمحا وله أيضا «7» : أيا كم أعاني الوجد في كلّ صاحب ... ولست أراه لي كوجدي واجدا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 845 إذا كنت ذا عدم فحرب مجانب ... وتلقاه لي سلما اذا كنت واجدا أحاول في دهري خليلا مصافيا ... وهيهات خلّا صافيا لست واجدا وله أيضا «1» : بعدت فأما الطرف مني فساهد ... لشوقي وأما الطرف منك فراقد فسل عن سهادي أنجم الليل إنها ... ستشهد لي يوما بذاك الفراقد قطعتك إذ أنت القريب لشقوتي ... وواصلني قوم إليّ أباعد فيا أهل ودّي إن أبى وعد قربنا ... زمان فأنتم لي به إن أبى عدوا وله أيضا «2» : لا يصرف الهمّ إلا شدو محسنة ... أو منظر حسن تهواه أو قدح والراح للهمّ أنفاها فخذ طرفا ... منها ودع أمّة في شربها قدحوا بكر تخال إذا ما المزج خالطها ... سقاتها أنهم زندا بها قدحوا وله أيضا «3» : بعدت فقد أضرمت ما بين أضلعي ... ببعدك نارا شجو قلبي وقودها وكلفت نفسي قطع بيداء لوعة ... تكلّ بها هوج المهارى وقودها وله أيضا «4» : تجلّد على الدهر واصبر بما ... عليك الإله من الرزق أجرى ولا يسخطنّك صرف القضاء ... فتعدم إذ ذاك حظا وأجرا فما زال رزق امرىء طالب ... بعيدا إليه دجى الليل يسرى توقع إذا ضاق أمر عليك ... خيرا فإنّ مع العسر يسرا وله أيضا «5» : قد كان قلبي صحيحا كالحمى زمنا ... فمذ أبحت الهوى منه الحمى مرضا فلم سخطت على من كان شيمته ... وقد أبحت له فيك الحمام رضى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 846 يا من إذا فوّقت سهما لواحظه ... أضحى لها كلّ قلب قلّب غرضا أنا الذي إن يمت حبّا يمت أسفا ... وما قضى فيك من أغراضه غرضا ما إن قضى الله شيئا في خليقته ... أشدّ من زفرات الحب حين قضى فلا قضى كلف نحبا فأوجعني ... إن قيل إن المحبّ المستهام قضى وله أيضا «1» : تراك يا متلف جسمي ويا ... مكثر إعلالي وإمراضي من بعد ما أضنيتني ساخط ... عليّ في حبّك أم راضي [311] الحسن بن بشر بن يحيى الآمدي النحوي الكاتب ، أبو القاسم: صاحب «كتاب الموازنة بين الطائيين» : كان حسن الفهم جيد الدراية والرواية، سريع الإدراك، رأيت سماعه على «كتاب القوافي» لأبي العباس المبرد، وقد سمعه على نفطويه سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة، ثم وجدت خطّه على كتاب «تبيين [غلط] قدامة بن جعفر في نقد الشعر» وقد ألفه لأبي الفضل محمد بن الحسين بن العميد، وقد قرأه عليه وكتب خطه في سنة خمس وستين وثلاثمائة. وقال ابن النديم في «الفهرست» «2» الذي ألفه في سنة سبع وسبعين وثلاثمائة: هو من أهل البصرة قريب العهد، وأحسبه يحيا إلى الآن، ثم وجدت «كتاب القوافي» للمبرد بخط أبي منصور الجواليقي ذكر في إسناده أن عبد الصمد بن حنيش النحوي قرأه على أبي القاسم الآمدي في سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة. وفي «تاريخ»   [311]- الفهرست: 173 وإنباه الرواة 1: 285 والوافي 11: 407 وبغية الوعاة 1: 500 وإشارة التعيين: 87 وروضات الجنات 3: 75 (ويعتمد ياقوت على الفهرست والنشوار) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 847 هلال بن المحسن: في هذه السنة- يعني في سنة سبعين- مات الحسن بن بشر الآمدي بالبصرة. وقال أبو علي المحسن التنوخي «1» حدثني أبو القاسم الحسن بن بشر الآمدي، كاتب القضاة من بني عبد الواحد بالبصرة، وله شعر حسن واتساع تامّ في الأدب، ودراية وحفظ وكتب مصنفة، قال: حدثني أبو إسحاق الزجاج قال: كنا ليلة بحضرة القاسم بن عبيد الله نشرب، وهو وزير، فغنت بدعة جارية عريب «2» : أدلّ فأكرم به من مدلّ ... ومن ظالم لدمي مستحلّ إذا ما تعزز قابلته ... بذلّ وذلك جهد المقلّ وأسلمت خدّي له خاضعا ... ولولا ملاحته لم أذلّ «3» فأدّت فيه صنعة حسنة جدّا، فطرب القاسم عليه طربا شديدا واستحسن الصنعة جدّا والشعر فأفرط، فقالت بدعة: يا مولاي إن لهذا الشعر خبرا حسنا أحسن منه، قال: وما هو؟ قالت: هو لأبي خازم «4» القاضي، قال: فعجبنا من ذلك، مع شدة تقشف القاضي أبي خازم وورعه وتقبّضه «5» ، فقال لي الوزير: بالله يا أبا إسحاق اركب «6» إلى أبي خازم واسأله عن هذا الشعر وسببه، فباكرته وجلست حتى خلا وجهه ولم يبق إلا رجل بزيّ القضاة عليه قلنسوة، فقلت: بيننا شيء أقوله على خلوة، فقال: ليس هذا ممن أكتمه شيئا، فقصصت عليه الخبر، وسألت عن الشعر والخبر، فتبسّم ثم قال: هذا شيء كان في الحداثة، قلته في والدة هذا- وأومأ الى القاضي الجالس وإذا هو ابنه- وكنت إليها مائلا، وكانت لي مملوكة ولقلبي مالكة، فأما الآن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 848 فلا عهد لي بمثله منذ سنين، ولا عملت شعرا منذ دهر طويل، وأنا أستغفر الله مما مضى. قال: فوجم الفتى حتى ارفضّ عرقا، وعدت إلى القاسم فأخبرته فضحك من خجل الابن وقال: لو سلم من العشق أحد لكان أبو خازم مع تقبضه «1» وكنا نتعاود ذلك زمانا. قال المؤلف: كان هذا الخبر بترجمة أبي إسحاق الزجاج أحرى إلا أنّ في أوله من إيضاح حال الآمدي ما ساق باقي الحديث «2» . قال أبو علي «3» : كان قد ولي القضاء بالبصرة في سنة نيف وخمسين وثلاثمائة رجل لم يكن عندهم بمنزلة من صرف به، لأنه ولّي صارفا لأبي الحسن محمد بن عبد الواحد الهاشمي، فقال فيه أبو القاسم الحسن بن بشر الآمدي كاتب القاضيين أبي القاسم جعفر «4» وأبي الحسن محمد بن عبد الواحد: رأيت قلنسوة «5» تستغيث ... من فوق رأس تنادي خذوني وقد قلقت فهي طورا تميل ... من عن يسار ومن عن يمين فطورا تراها فويق القفا ... وطورا تراها فويق الجبين فقلت لها أيّ شيء دهاك ... فردّت بقول كئيب حزين دهاني أن لست في قالبي ... وأخشى من الناس أن يبصروني وأن يعبثوا بمزاح معي ... وإن فعلوا ذاك بي قطعوني فقلت لها مرّ من تعرفين ... من المنكرين لهذي الشؤون [ومن كان يشهق إما رآك ... ويخرج من جوفه كالرنين] ومن كان يصفع في الدين «6» لا ... يملّ ويشتدّ في غير لين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 849 ويسلح «1» ملأك كيل التمام ... إما على صحة أو جنون ففارقها ذلك الإنزعاج ... وعادت إلى حالها في السكون وحدث ابن نصر «2» قال: حدّثت يوما أبا الفرج الببغا الشاعر أن أبا الفرج منصور بن بشر النصراني الكاتب، وكان منقطعا إلى أبي العباس ابن ماسرجس، فأنفذه مرة إلى أبي عمر إسماعيل بن أحمد عامل البصرة في بعض حاجاته، فعاد من عنده مغضبا لأنه لم يستوف له القيام عند دخوله، وأراد أبو العباس إنفاذه بعد أيام فأبى وقال: لو أعطيتني زورق ابن الخواستيني مملوءا كيمياء، كلّ مثقال منه إذا وضع على ألف مثقال صفرا صار ذهبا إبريزا ما مضيت إليه، فأمسك عنه مغيظا (وهذا زورق معروف بالبصرة، وحمله ثلاثمائة ألف رطل، وقد رأيت دواتي أبي العباس سهل بن بشر، وقد حكي له أن ابن علان قاضي القضاة بالأهواز ذكر أنه رأى قبجة «3» وزنها عشرة أرطال، فقال: هذا محال، فقيل له: تردّ قول ابن علان؟ قال: فإن قال ابن علان إن على شاطىء جيحون نخلا يحمل غضار صيني مجزّع بسواد أقبل) وقلت لأبي الفرج: وللناس عادات في المبالغات، وهذا من أعجبها، فقال لي: كان الآمدي النحويّ صاحب «كتاب الموازنة» يدّعي هذه المبالغات على أبي تمام ويجعلها استطرادا لعيبه إذا ضاق عليه المجال في ذمه، وأورد في كتابه قوله من قصيدته التي أولها «4» : من سجايا الطلول ألا تجيبا خضبت خدّها إلى لؤلؤ العقد دما أن رأت شواتي خضيبا كلّ داء يرجى الدواء له الا الفظيعين ميتة ومشيبا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 850 ثم قال: هذه من مبالغاته المسرفة؛ ثم قال أبو الفرج: هذه والله المبالغة التي يبلغ بها السماء. وله من الكتب: كتاب المختلف والمؤتلف في أسماء الشعراء «1» . كتاب نثر المنظوم. كتاب الموازنة بين أبي تمام والبحتري «2» . كتاب في أن الشاعرين لا تتفق خواطرهما. كتاب ما في عيار الشعر لابن طباطبا من الخطأ. كتاب فرق ما بين الخاصّ والمشترك من معاني الشعر. كتاب تفضيل شعر امرىء القيس على الجاهليين. كتاب في شدة حاجة الإنسان إلى أن يعرف نفسه. كتاب تبيين غلط قدامة بن جعفر في «كتاب نقد الشعر» . كتاب معاني شعر البحتري. كتاب الرد على ابن عمار فيما خطأ فيه أبا تمام. كتاب فعلت وأفعلت، غاية لم يصنف مثله. كتاب الحروف من الأصول في الأضداد، رأيته بخطه في نحو مائة ورقة. كتاب ديوان شعره نحو مائة ورقة. وقرأت في كتاب ألفه أحد بني عبد الرحيم الوزراء الذين مدحهم مهيار وغيره ولم يذكر اسمه، قال أخبرني القاضي أبو القاسم التنوخي «3» عن أبيه أبي علي المحسن أن مولد أبي القاسم الحسن بن بشر الآمدي بالبصرة وأنه قدم بغداد يحمل عن الأخفش والحامض والزجاج وابن دريد وابن السراج وغيرهم اللغة والنحو، وروى الأخبار في آخر عمره بالبصرة، وكان يكتب «4» بمدينة السلام لأبي جعفر هارون بن محمد الضبي خليفة أحمد بن هلال صاحب عمان بحضرة المقتدر بالله ووزارته ولغيره من بعده، وكتب بالبصرة لأبي الحسن أحمد وأبي أحمد طلحة بن الحسن بن المثنى، وبعدهما لقاضي البلد أبي القاسم جعفر ابن عبد الواحد الهاشمي على الوقوف التي تليها القضاة ويحضر به في مجلس حكمه، ثم لأخيه أبي الحسن محمد بن عبد الواحد لما ولي قضاء البصرة، ثم لزم بيته إلى أن مات. وكان كثير الشعر حسن الطبع جيد الصنعة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 851 مشتهرا بالتشبيهات. ولأبي القاسم تصانيف كثيرة جيدة مرغوب فيها منها «كتاب الموازنة بين البحتري وأبي تمام» في عشرة أجزاء وهو كتاب حسن، وإن كان قد عيب عليه في مواضع منه، ونسب إلى الميل مع البحتري فيما أورده، والتعصّب على أبي تمام فيما ذكره، والناس بعد فيه على فريقين: فرقة قالت برأيه حسب رأيهم في البحتري وغلبة حبّهم لشعره، وطائفة أسرفت في التقبيح لتعصّبه، فإنه جدّ واجتهد في طمس محاسن أبي تمام وتزيين مرذول البحتري. ولعمري إن الأمر كذلك، وحسبك أنه بلغ في كتابه إلى قول أبي تمام: أصمّ بك الناعي وإن كان أسمعا وشرع في إقامة البراهين على تزييف هذا الجوهر الثمين، فتارة يقول: هو مسروق، وتارة يقول: هو مرذول، ولا يحتاج المنصف إلى أكثر من ذلك؛ إلى غير ذلك من تعصباته، ولو أنصف وقال في كلّ واحد بقدر فضائله لكان في محاسن البحتري كفاية عن التعصب بالوضع من أبي تمام. وله أيضا «كتاب الخاص والمشترك» تكلم فيه على الألفاظ والمعاني التي تشترك العرب فيها ولا ينسب مستعملها إلى السرقة وإن كان سبق إليها، وبيّن الخاصّ الذي ابتدعه الشعراء وتفردوا به ومن اتبعهم، وما أقصر في إيضاح ذلك وتحقيقه، إلى غير ذلك من تصانيفه التي ذكرنا منها ما قدرنا عليه فيما تقدم. ومن شعره «1» : يا واحدا بان في الزمان ... ممن يجاريه أو يداني دعني من نائل جزيل ... يعجز عن شكره لساني فلست والله مستميحا ... ولا أخا مطمع «2» تراني وهب إذا كنت لي وهوبا ... من بعض أخلاقك الحسان الجزء: 2 ¦ الصفحة: 852 وقال في أبي محمد المافروخي، وكان عالما فاضلا لا يجارى لكنه كان تمتاما: لا تنظرنّ إلى تتعتعه إذا ... رام الكلام ولفظه المعتاص وانظر إلى الحكم التي يأتي بها ... تشفيك عند تطلّق وخلاص فالدرّ ليس يناله غوّاصه ... حتى تقطّع أنفس الغوّاص وفي «النشوار» «1» : حدثني أبو القاسم الحسن بن بشر الآمدي قال، قال أبو أحمد طلحة بن الحسن بن المثنّى، وقد تجارينا على خلوة الحديث فيما كان بينه وبين أبي القاسم البريدي وتدبير كلّ واحد منهما على صاحبه في القبض عليه، وأشرت عليه بأن يهرب ولا يقيم، وأنه لا يجب أن يغترّ «2» ، فقال: لست أفكر في هذا الرجل لأمور «3» كثيرة منها: رؤيا رأيتها منذ ليال كثيرة، فقلت: ما هي؟ فقال: رأيت ثعبانا عظيما قد خرج من هذا الحائط، وأومأ بيده إلى حائط في مجلسه، وهو يريدني، فطلبته [وضربته] فأثبتّه في الحائط، فتأولت ذلك أن الثعبان البريديّ وأني أغلبه؛ قال: فحين قال: «فأثبتّه في الحائط» سبق إلى قلبي أنّ البريديّ هو الثابت، وأن الحائط حياطة له «4» دون أبي أحمد، فأردت أن أقول له إن الخبر مستفيض بما كان عبد الملك رأى في منامه كأنه وابن الزبير اصطرعا في صعيد من الأرض، فطرح ابن الزبير عبد الملك تحته على الأرض، وأوتده بأربعة أوتاد فيها، وأنه أنفذ راكبا إلى البصرة حتى لقي ابن سيرين فقصّ عليه الرؤيا كأنها له، وكتم [ذكر] ابن الزبير، فقال له ابن سيرين: هذه الرؤيا ليست رؤياك فلا أفسّرها لك، فألحّ عليه فقال له: هذه الرؤيا يجب أن تكون لعبد الملك، فإن صدقتني فسّرتها لك، فقال: هو كما وقع لك، فقال: قل له إن صحّت رؤياك هذه فستغلب ابن الزبير على الأرض، ويملك الأرض من صلبك أربعة ملوك. فمضى الرجل إلى عبد الملك فأخبره، فعجب من فطنة ابن سيرين، فقال: ارجع إليه فقل له من أين قلت ذلك؟ فرجع الرجل إليه فقال الجزء: 2 ¦ الصفحة: 853 له: إن الغالب في النوم هو المغلوب، وتمكنه على الأرض غلبته عليها، والأوتاد الأربعة التي أوتدها في الأرض هم ملوك يتمكنون من الأرض كما تمكنت الأوتاد. قال أبو القاسم الآمدي: فأردت أن أقول لأبي أحمد هذا، وما وقع لي من القياس عليه في تفسير رؤياه، فكرهت ذلك، لأنه كان يكون سوء أدب وقباحة عشرة ونعيا «1» لنفسه، فما مضت إلا أيام حتى قبض البريديّ عليه وكان من أمره ما كان. [312] أبو الحسن البوراني : معتزلي نحويّ ذكره المقدر عند ذكره لجماعة من المعتزلة النحويين فقال: وأبو الحسن البوراني، وناهيك تدقيقا في مسائل الكتاب، وكان في أيام أبي علي الفارسي وطبقته. [313] الحسن بن الحسين بن عبيد الله بن عبد الرحمن بن العلاء بن أبي صفرة المعروف بالسكري، أبو سعيد النحوي اللغوي الراوية الثقة المكثر: مات في سنة خمس وسبعين ومائتين ومولده في سنة اثنتي عشرة ومائتين. سمع يحيى بن معين وأبا حاتم السجستاني والعباس بن الفرج الرياشي ومحمد بن حبيب والحارث بن أبي أسامة وأحمد بن الحارث الخراز وخلقا سواهم، وأخذ عنه محمد بن عبد الملك التاريخي. وكان ثقة صادقا يقرىء القرآن، وانتشر عنه في كتب الأدب ما لم ينتشر عن أحد من نظرائه، وكان إذا جمع جمعا فهو الغاية في الاستيعاب والكثرة.   [312]- بغية الوعاة 1: 527. [313]- ترجمة السكري في طبقات الزبيدي: 183 (وفيه أنه توفي سنة 290) والفهرست: 86 وتاريخ بغداد 7: 296 والمنتظم 5: 97 وإنباه الرواة 1: 291 وسير الذهبي 13: 126 والوافي 11: 424 ونزهة الالباء: 274 والبداية والنهاية 11: 154 والبلغة: 56 وبغية الوعاة 1: 502 واشارة التعيين: 88. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 854 حدث أبو الكرم خميس بن علي الحوزي النحوي الحافظ الواسطي في أماليه- وله في هذا الكتاب باب «1» قال: قدم أبو سعيد الحسن بن الحسين السكري بغداد فحضر مجلس أبي زكريا الفراء، وهو يومئذ شيخ الناس بها، فأملى الفراء بابا في التصغير قال فيه: العرب تقول: هو الهن وتصغيره الهنيّ، وتثنيته في الرفع الهنيّان، وفي النصب والجر الهنيّين، وأنشد عليه قول القتّال الكلابي «2» : يا قاتل الله صلعانا تجيء بهم ... أمّ الهنيّين من زند لها واري فأمسك أبو سعيد حتى إذا انقضى المجلس ولم يبق فيه أحد سوى الفراء تقدم أبو سعيد حتى جلس بين يديه وقال له: أكرمك الله، أنا رجل غريب، وقد مرّ شيء أتأذن لي في ذكره؟ فقال: اذكره، فقال: إنك قلت هو الهن وتثنيته في الرفع الهنيان وفي النصب والجر الهنيين، وهذا جميعه كما قلت، ثم أنشدت قول الكلابي: يا قاتل الله صلعانا تجيء بهم ... أم الهنيين من زند لها واري وليس هكذا أنشدناه أشياخنا، قال الفراء: ومن أشياخك؟ قال: أبو عبيدة وأبو زيد والأصمعي، قال الفراء: وكيف أنشده أشياخك؟ قال: فزعموا أن الهنبر بوزن الخنصر ولد الضبع، وأن القتّال قال: يا قاتل الله صلعانا تجيء بهم ... أم الهنيبر من زند لها واري على التصغير؛ ففكر الفراء ساعة وقال: أحسن الله عن الإفادة وحسن «3» الأدب جزاءك. قال المؤلف ياقوت بن عبد الله: هكذا وجدت هذا الخبر في أمالي الحوزي، وهو ما علمت من الحفاظ، إلا أنه غلط فيه من وجوه: وذلك أن السكري لم يلق الأصمعي ولا أبا عبيدة ولا أبا زيد، وإنما روى عمن روى عنهم كابن حبيب وابن أبي أسامة والخراز وطبقتهم، ثم إن السكري ولد في سنة اثنتي عشرة ومائتين، وأبو عبيدة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 855 مات سنة تسع عشرة ومائتين وأبو زيد مات سنة خمس عشرة ومائتين، والأصمعي مات في سنة ثلاث عشرة ومائتين أو خمس عشرة ومائتين فمتى قرأ عليهم، وهذه الجماعة المذكورة هم في طبقة الفراء لأن الفراء مات في سنة سبع ومائتين، ولعل هذه الحكاية عن غير السكري وأوردها خميس عنه سهوا وأوردتها أنا كما وجدتها. وللسكري من الكتب على ما ذكره محمد بن اسحاق النديم «1» : كتاب أشعار هذيل. كتاب النقائض. كتاب النبات. كتاب الوحوش، جوّد في تصنيفه. كتاب المناهل والقرى. كتاب الأبيات السائرة. وعمل أشعار جماعة من الشعراء منهم: امرؤ القيس. النابغة الذبياني. النابغة الجعدي. زهير. الحطيئة. لبيد. تميم بن أبي بن مقبل. دريد بن الصمة. الأعشى. مهلهل. متمم بن نويرة. أعشى باهلة. الزبرقان بن بدر. بشر بن أبي خازم. المتلمس. الراعي. الشماخ. الكميت. ذو الرمة. الفرزدق. ولم يعمل شعر جرير، وعمل شعر أبي نواس، وتكلم على معانيه وغريبه في نحو ألف ورقة ولم يتمّ، وإنما عمل مقدار ثلثيه؛ قال محمد بن إسحاق النديم: ورأيته بخط الحلواني، وكان الحلواني قريب أبي سعيد السكري. وعمل شعر قيس بن الخطيم وهدبة بن خشرم وابن أحمر العقيلي والأخطل وغير هؤلاء. وأما أشعار القبائل فإنه عمل منهم: أشعار بني هذيل. أشعار بني شيبان. أشعار بني ربيعة. أشعار بني يربوع. أشعار بني طيء. أشعار بني كنانة. أشعار بني ضبة. أشعار بجيلة. أشعار بني القين. أشعار بني يشكر. أشعار بني حنيفة. أشعار بني محارب. أشعار الأزد. أشعار بني نهشل. أشعار بني عدي. أشعار بني أشجع. أشعار بني نمير. أشعار بني عبد ودّ. أشعار بني مخزوم. أشعار بني سعد. أشعار بني الحارث. أشعار الضباب. أشعار فهم وعدوان. أشعار مزينة. وحدث الصولي قال: كنت عند أحمد بن يحيى ثعلب فنعي إليه السكري فتمثل «2» : الجزء: 2 ¦ الصفحة: 856 المرء يخلق وحده ... ويموت يوم يموت وحده والناس بعدك إن هلكت ... فمن رأيت الناس بعده [314] الحسن بن الخطير أبو علي الفارسي المعروف بالظهير : كان فقيها لغويا نحويا، مات بالقاهرة من الديار المصرية في شهور سنة ثمان وتسعين وخمسمائة؛ حدثني بجميع ما أورده عنه ها هنا من خبره ووفاته تلميذه الشريف أبو جعفر محمد بن عبد العزيز الادريسي الحسني الصعيدي بالقاهرة في سنة اثنتي عشرة وستمائة قال: كان الظهير يكتب على كتبه في فتاويه «الحسن النعماني» فسألته عن هذه النسبة فقال: أنا نعماني، أنا من ولد النعمان بن المنذر، ومولدي بقرية تعرف بالنعمانية، ومنها ارتحلت إلى شيراز فتفقهت بها فقيل لي الفارسي، وأنتحل مذهب النعمان «1» وأنتصر له فيما وافق اجتهادي. وكان عالما بفنون من العلم: كان قارئا بالعشر والشواذّ، عالما بتفسير القرآن وناسخه ومنسوخه والفقه والخلاف والكلام والمنطق والحساب والهيئة والطب، مبرزا في اللغة والنحو والعروض والقوافي ورواية أشعار العرب وأيامها وأخبار الملوك من العرب والعجم، وكان يحفظ في كلّ فن من هذه العلوم كتابا فكان يحفظ في علم التفسير كتاب «لباب التفسير» لتاج القراء، وفي الفقه كتاب «الوجيز» للغزالي، وفي فقه أبي حنيفة كتاب «الجامع الصغير» لمحمد بن الحسن الشيباني نظم النسفي، وفي الكلام كتاب «نهاية الاقدام» للشهرستاني، وفي اللغة كتاب «الجمهرة» لابن دريد، كان يسردها كما يسرد القارىء الفاتحة. وقال لي: كنت أكتب ألواحا وأدرسها كما أدرس القرآن، فحفظتها في مدة أربع عشرة   [314]- في أصل م: الحسن بن الظئر، وغيرته اعتمادا على الوافي 11: 427 وبغية الوعاة 1: 502 والجواهر المضية 1: 191 وتاج التراجم: 17 وحسن المحاضرة 1: 314 وروضات الجنات 3: 92 وهو في هذه المصادر: الحسين بن الخطير بن أبي الحسين النعماني- أبو علي الظهير (أو الظهيري) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 857 سنة. وكان يحفظ في النحو «كتاب الإيضاح» لأبي علي، وعروض الصاحب ابن عباد، وكان يحفظ في المنطق أرجوزة أبي علي ابن سينا، وكان قيّما بمعرفة قانون الطب له، وكان عارفا باللغة العبرانية ويناظر أهلها بها، حتى لقد سمعت بعض رؤساء اليهود يقول له: لو حلّفت أنّ سيدنا كان حبرا من أحبار اليهود لحلفت فإنه لا يعرف هذه النصوص بالعبرانية إلّا من تدرّب بهذه اللغة. وكان الغالب عليه علم الأدب، حتى لقد رأيت الشيخ أبا الفتح عثمان بن عيسى النحوي البلطي، وهو شيخ الناس يومئذ بالديار المصرية، يسأله سؤال المستفيد عن حروف من حوشيّ «1» اللغة. وسأله يوما بمحضري عمّا وقع في ألفاظ العرب على مثال شقحطب فقال: هذا يسمى في كلام العرب المنحوت، ومعناه أن الكلمة منحوتة من كلمتين كما ينحت النجار خشبتين ويجعلهما واحدة «2» ، فشقحطب منحوت من شق وحطب، فسأله البلطي أن يثبت له ما وقع من هذا المثال إليه ليعوّل في معرفتها عليه فأملاها عليه في نحو عشرين ورقة من حفظه، وسماها «كتاب تنبيه البارعين على المنحوت من كلام العرب» . قال: ورأيت السعيد أبا القاسم هبة الله بن الرشيد جعفر بن سناء الملك يسأله على وجه الامتحان عن كلمات من غريب كلام العرب وهو يجيب عنها بشواردها، وكان القاضي الفاضل عبد الرحيم بن البيساني قد وضعه على ذلك. قال: وحدثني عن نفسه قال: لما دخلت خوزستان لقيت بها المجير البغدادي تلميذ الشهرستاني، وكان مبرزا في علوم النظر، فأحبّ صاحب خوزستان أن يجمع بيننا للمناظرة في مجلسه، وبلغني ذلك فأشفقت من الانقطاع لمعرفتي بوفور بضاعة المجير من علم الكلام، وعرفت أنّ بضاعته من اللغة نزرة، فلما جلسنا للمناظرة والمجلس غاصّ بالعلماء فقلت له بعرض الكلام: إذا اشرأبت الطلّة إلى قرينها فأرّها في وبصان أو الجماد إذا تأشّب في المغث «3» ، فاحتاج إلى أن يستفسر ما قلت، فشنّعت عليه وقلت: انظر إلى المدّعي رتبة الإمامة يجهل لغة العرب التي بها نزل كلام الجزء: 2 ¦ الصفحة: 858 ربّ العالمين وجاء حديث سيد المرسلين، والمناظرة إنما اشتقّت من النظير، وليس هذا بنظيري لجهله بأحد العلوم التي يلزم المجتهد القيام بها، وكثر لغط أهل المجلس وانقسموا فريقين: فرقة لي وفرقة عليّ، وانفكّ المجلس على ذلك وشاع في الناس أني قطعته. وكان الظهير قد أقام بالقدس مدة، فاجتاز به الملك العزيز عثمان بن صلاح الدين يوسف فرآه عند الصخرة يدرس، فسأل عنه فعرّف منزلته من العلم، فأحضره عنده ورغّبه في المصير معه ليقمع به شهاب الدين أبا الفتح الطوسي لشيء نقمه عليه، فورد معه إلى القاهرة، وأجرى عليه كلّ شهر ستين دينارا ومائة رطل خبزا وخروفا وشمعة كلّ يوم، ومال إليه الناس من الجند وغيرهم من العلماء، وصار له سوق قائم إلى أن قرّر العزيز المناظرة بينه وبين الطوسي في غد عيد، وعزم الظهير أن يسلك مع الطوسيّ وقت المناظرة طريق المجير من المغالطة، لأن الطوسيّ كان قليل المحفوظ إلا أنه كان جريئا مقداما شديد العارضة، واتفق أن ركب العزيز يوم العيد، وركب معه الظهير والطوسي، فقال الظهير للعزيز، في أثناء الكلام: أنت يا مولانا من أهل الجنة، فوجد الطوسيّ السبيل إلى مقتله فقال: وما يدريك أنه من أهل الجنة؟ وكيف تزكّي على الله تعالى؟ فقال له الظهير: قد زكّى رسول الله صلى الله عليه وسلّم أصحابه فقال: أبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، فقال له: أبيت يا مسكين إلا جهلا، ما تفرّق بين التزكية عن الله والتزكية على الله، وأنت من أخبرك أن هذا من أهل الجنة؟ ما أنت إلّا كما زعموا أنّ فأرة وقعت في دنّ خمر فشربت فسكرت، فقالت: أين القطاط؟ فلاح لها هرّ فقالت: لا تؤاخذ السكارى بما يقولون. وأنت شربت من خمر دنّ نعمة هذا الملك، فسكرت فصرت تقول خاليا: أين العلماء؟ فأبلس [الظهير] ولم يحر جوابا، وانصرف وقد انكسرت حرمته عند العزيز، وشاعت هذه الحكاية بين العوامّ وصارت تحكى في الأسواق والمحافل، فكان مآل أمره أن انضوى إلى المدرسة التي أنشأها الأمير تركون الأسدي يدرّس بها مذهب أبي حنيفة إلى أن مات، وكان قد أملى كتابا في تفسير القرآن وصل منه بعد سنين إلى تفسير قوله تعالى: تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض (البقرة: 253) في نحو مائتي ورقة، ومات ولم يختم تفسير سورة البقرة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 859 وله كتاب في شرح الصحيحين على ترتيب الحميدي سمّاه «كتاب الحجة» اختصره من كتاب «الإفصاح في تفسير الصحاح» للوزير ابن هبيرة وزاد عليه أشياء وقع اختياره عليها. وكتاب في اختلاف الصحابة والتابعين وفقهاء الأمصار «1» ولم يتم. وله خطب وفصول وعظيّة مشحونة بغريب اللغة وحوشيّها. [315] الحسن بن داود الرقي أبو علي : لا أعرف من أمره إلا ما وجدته بخط أبي الحسن علي بن عبيد الله السمسمي اللغوي، حدثنا النيسابوري قال، حدثنا أبو الحسن محمد بن يوسف الناقط قال حدثنا القاضي أبو بكر أحمد بن كامل ابن خلف بن شجرة قال، قال لي أبو أحمد محمد بن موسى البردي: سمعت من الحسن بن داود أبي علي الرقي بسرّ من رأى سنة ثمان وثلاثين ومائتين كتابه الذي يسميه «كتاب الحلي» وكان وقت كتبنا عنه قد جاز الثمانين، وأخرج إليّ أبو أحمد الكتاب فإذا هو الكتاب الذي سماه أحمد بن يحيى «فصيح الكلام» . قال أبو الحسن الناقط، قال ابن كامل: وكان الحسن بن داود مؤدّب عبيد الله بن سليمان بن وهب وزير المعتضد. [316] الحسن بن داود بن الحسن القرشي المعروف بالنقاد المقرىء، يكنى أبا علي: أمويّ كوفي، قرأ على أبي محمد القاسم بن أحمد المعروف بالخياط التميمي المعروف بابن القملي أيضا، عن أبي جعفر محمد بن حبيب الشموني   [315]- ترجمته في الوافي 12: 5. [316]- الفهرست: 36 والوافي 12: 5 وبغية الوعاة 1: 503 وطبقات ابن الجزري 1: 212 ويتصحف اسمه فيصبح: النقار أو البقار أو النقاد- والصيغة الأخيرة بضبط الصفدي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 860 الكوفي، عن أبي يوسف يعقوب بن خليفة الأعشى، عن أبي بكر ابن عياش عن عاصم قراءة عاصم، ومات بالكوفة سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة وصنف كتبا منها كتاب قراءة الأعشى. كتاب اللغة في مخارج الحروف وأصول النحو. ذكر الحافظ أبو العلاء الهمذاني في «كتاب القراءات العشر» له في نسب النقاد: الحسن بن داود بن الحسن بن عون بن منذر بن صبيح القرشي النحوي، وكان موصوفا بحسن القراءة وطيب النغم جدا. وقال ابن النجار في «تاريخ الكوفة» : ومن تأريخ رجال عاصم: محمد بن غالب الصيرفي، وبينه وبين القملي اختلافات في حروف يسيرة، وقرأ عليه جماعة من أهل الكوفة، فمنهم أبو علي الحسن بن داود النقاد، وكان حاذقا بالنحو لفاظا بالقرآن صاحب ألحان، وكان يصلّي بالناس تراويح بالجامع بالكوفة، وصلى فيه ثلاثا وأربعين سنة، وكان أحد المجوّدين. [317] الحسن بن رشيق القيرواني مولى الأزد : كان شاعرا أديبا نحويا لغويا حاذقا عروضيا كثير التصنيف حسن التأليف، وكان بينه وبين ابن شرف الأديب مناقضات ومحاقدات، وصنّف في الردّ عليه عدة تصانيف. كان أبوه رشيق روميا- ذكر ذلك هو في الردّ على ابن شرف بعد ذكره نسب ابن شرف: هو اسم امرأة نائحة، ثم قال: وأما أنا فنظر الله في وجهة هذا الشيخ إليّ، وأتمّ به النعمة عليّ، فما أبغى به أبا، ولا أرضى بمذهبه مذهبا، رضيت به روميا لا دعيّا ولا بدعيّا.   [317]- ترجمة ابن رشيق في الخريدة 2: 230 والمطرب: 58 وإنباه الرواة 1: 298 والذخيرة 4: 597 وابن خلكان 2: 85 ومسالك الأبصار 11: 227 وأنموذج الزمان: 439 والوافي 12: 11 وبغية الوعاة 1: 504 والشذرات 3: 297 ومرآة الجنان 3: 78 والبلغة: 58 وروضات الجنات 3: 68 والحلل السندسية 1: 278 وإشارة التعيين: 89 وعنوان الأريب 1: 52 وللأستاذ حسن حسني عبد الوهاب كتاب البسيط في تاريخ القيروان وشاعرها ابن رشيق وقد جمع الميمني شعره في «النتف من شعر ابن رشيق وابن شرف» ثم جمع شعره صديقنا الدكتور عبد الرحمن ياغي، وكلا الجمعين قد أخلّ بأشعار كثيرة له، وبخاصة ما أورده ابن بسام في الذخيرة وما أورده عياض في ترتيب المدارك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 861 تأدب ابن رشيق على أبي عبد الله ابن جعفر القزاز القيرواني النحوي اللغوي وغيره من أهل القيروان، ومات بالقيروان سنة ست وخمسين وأربعمائة عن ست وستين سنة، ذكر ابن رشيق هذا نفسه في كتابه الذي صنفه في شعراء عصره ووسمه ب «الأنموذج» فقال في آخره: صاحب الكتاب هو حسن بن رشيق، مولى من موالي الأزد، ولد بالمحمدية سنة تسعين وثلاثمائة، وتأدّب بها يسيرا وقدم إلى الحضرة سنة ست وأربعمائة، وامتدح سيدنا خلّد الله دولته (قال المؤلف: يعني المعز بن باديس بن المنصور) سنة عشر بقصيدة أوّلها «1» : ذمّت لعينك أعين الغزلان ... قمر أقرّ لحسنه القمران ومشت ولا والله ما حقف النقا ... مما أرتك ولا قضيب البان وثن الملاحة غير أنّ ديانتي ... تأبى عليّ عبادة الأوثان منها: يا ابن الأعزّة من أكابر حمير ... وسلالة الأملاك من قحطان من كلّ أبلج واضح بلسانه ... يضع السيوف مواضع التيجان قال: ومن مدح القصيدة التي دخل بها في جملته، ونسب إلى خدمته فلزم الديوان، وأخذ الصلة والحملان «2» : لدن الرماح لما تسقى أسنّتها ... من مهجة القيل أو من ثغرة البطل لو أثمرت من دم الأعداء سمر قنا ... لأورقت عنده سمر القنا الذبل إذا توجّه في أولى كتائبه ... لم تفرق العين بين السهل والجبل فالجيش ينفض حوليه أسنته ... نفض العقاب جناحيها من البلل يأتي الأمور على رفق وفي دعة ... عجلان كالفلك الدوار في مهل قال: ومن رثائه «3» : الجزء: 2 ¦ الصفحة: 862 أما لئن صحّ ما جاء البريد به ... ليكثرنّ من الباكين أشياعي ما زلت أفزع من يأس الى طمع ... حتى ترفّع يأسي فوق أطماعي فاليوم أنفق كنز العمر أجمعه ... لمّا مضى واحد الدنيا باجماع قال: ومن هجائه «1» : قالوا رأينا فراتا ليس يوجعه ... ما يوجع الناس من هجو إذا قذفا وله من كتاب «سر السرور» «2» : معتقة يعلو الحباب متونها ... فتحسبه فيها نثير جمان رأت من لجين راحة لمديرها ... فطافت له من عسجد ببنان ومن غير كتابه، له «3» : ومن حسنات الدهر عندي ليلة ... من العمر لم تترك لأيامها ذنبا خلونا بها ننفي القذى عن عيوننا ... بلؤلؤة مملوءة ذهبا سكبا قال الأبيوردي: هذا أحسن من قول ابن المعتز: كم من عناق لنا ومن قبل ... مختلسات حذار مرتقب نقر العصافير وهي خائفة ... من النواطير يانع الرّطب وله أيضا «4» : قد أحكمت «5» مني التجارب ... كلّ شيء غير جودي أبدا أقول لئن كسبت ... لأقبضنّ يدي شديد حتى إذا أثريت عدت ... إلى السماحة من جديد إنّ المقام بمثل حالي ... لا يتمّ مع القعود لا بد لي من رحلة ... تدني من الأمل البعيد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 863 وله أيضا «1» : في الناس من لا يرتجى نفعه ... إلا إذا مس باضرار كالعود لا يطمع في طيبه ... إن أنت لم تمسسه بالنار ومما أورده ابن رشيق لنفسه في «الأنموذج» «2» : أقول كالمأسور في ليلة ... ألقت على الآفاق كلكالها يا ليلة الهجر التي ليتها ... قطّع سيف الهجر أوصالها ما أحسنت جمل ولا أجملت ... هذا وليس الحسن إلا لها وأنشد لنفسه أيضا «3» : أحبّ أخي وإن أعرضت عنه ... وقلّ على مسامعه كلامي ولي في وجهه تقطيب راض ... كما قطّبت في وجه المدام وربّ تجهم من غير بغض ... وضغن كامن تحت ابتسام وله أيضا «4» : من جفاني فإنني غير جاف ... صلة أو قطيعة في عفاف ربما هاجر الفتى من يصافيه ... ولاقى بالبشر من لا يصافي وأنشد لنفسه في كتاب «فسح اللمح» «5» : المرء في فسحة كما علموا ... حتى يرى شعره وتأليفه فواحد منهما صفحت له ... عنه وجازت له زخاريفه وآخر أنت «6» منه في غرر ... إن لم يوافق رضاك تثقيفه وقد بعثنا كيسين ملؤهما ... نقد امرىء حاذق وتزييفه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 864 فانظر وما زلت أهل معرفة ... يا من لنا علمه ومعروفه ثم قال في ورقة أخرى: تمام الأبيات العينية «1» (وما وجدتها، أعني الأبيات التي هذه تمامها) : ولو غيرك الموسوم عندي برتبة ... لأعطيت فيه مدعي القوم ما ادّعى فلا تتخالجك الظنون فإنها ... مآثم واترك للصنائع موضعا فو الله ما طوّلت باللوم فيكم ... لسانا ولا عرّضت للذمّ مسمعا ولا ملت عنكم بالوداد ولا انطوت ... حبالي ولا ولّى ثنائي مودّعا بلى ربما أكرمت نفسي فلم تهن ... وأجللتها عن أن تذلّ وتخضعا فباينت لا أنّ العداوة باينت ... وقاطعت لا أنّ الوفاء تقطعا وختم كتاب «العمدة» بهذه الأبيات «2» : إن الذي صاغت يدي وفمي ... وجرى لساني فيه أو قلمي مما عنيت بسبك خالصه ... واخترته من جوهر الكلم لم أهده إلا لتكسوه ... ذكرا يجدده على القدم لسنا نزيدك فضل معرفة ... لكنهنّ مصايد الكرم فاقبل هدية من أشدت به ... ونسخت عنه آية العدم لا تحسن الدنيا أبا حسن ... «3» تأتي بمثلك فائق الهمم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 865 [318] الحسن بن شهاب بن الحسن بن علي بن شهاب أبو علي العكبري: قال الخطيب: ولد بعكبرا في سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة، ومات في سنة ثمان وعشرين وأربعمائة، وسمع الحديث على كبر السنّ من أبي علي ابن الصوّاف وابن مالك القطيعيّ وغيرهما. وكان فاضلا يتفقّه على مذهب أحمد بن حنبل. حدث قال: كسبت بالوراقة خمسة وعشرين ألف درهم، قال: وكنت أشتري كاغدا بخمسة دراهم، فأكتب فيه ديوان المتنبي في ثلاث ليال وأبيعه بمائتي درهم وأقله بمائة وخمسين درهما، وكذلك كتب الأدب المطلوبة. وأخذ السلطان من تركة ابن شهاب ألف دينار سوى ما خلّفه من العقار والمتجر، وكان قد أوصى بثلث ماله للمتفقهة الحنابلة فلم يعطوا شيئا. [319] الحسن بن أبي الحسن صافي أبو نزار النحوي : وكان أبوه صافي مولى الحسين الأرموي «1» التاجر، وكان لا يذكر اسم أبيه إلا بكنيته لئلا يعرف أنه مولى، وهو المعروف بملك النحاة. قال أبو القاسم علي بن عساكر الحافظ «2» : ذكر لي أنه   [318]- ترجمة أبي علي العكبري في تاريخ بغداد 7: 329 وطبقات الحنابلة: 370 والمنتظم 8: 92 والوافي 12: 55 والشذرات 3: 241، وهذه الترجمة من ر. [319]- ترجمة ملك النحاة سقطت في مصورة ابن عساكر وهي في تهذيبه 4: 169 والخريدة (قسم العراق) 3/1: 89 وإنباه الرواة 1: 305 وبغية الطلب 4: 229 ومرآة الزمان: 295 وابن الدبيثي: 281 وابن خلكان 2: 92 وعبر الذهبي 4: 204 وسير الذهبي 20: 512 وطبقات السبكي 7: 63 وطبقات الاسنوي 2: 496 والوافي 12: 56 والنجوم الزاهرة 6: 68 والبداية والنهاية 12: 272 والبلغة: 59 والشذرات 4: 227 وبغية الوعاة 1: 504 واشارة التعيين: 91 وروضات الجنات 3: 85 (ويعتمد ياقوت أيضا على ابن عساكر والعماد) وللدكتور حنا حداد دراسة عنه (الأردن: 1982) بعنوان «ملك النحاة» . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 866 ولد ببغداد سنة تسع وثمانين وأربعمائة في الجانب الغربي بشارع دار الرقيق، ثم انتقل الى الجانب الشرقي الى جوار حرم الخلافت، وهناك قرأ العلم وتخرج، وسمع الحديث من الشريف أبي طالب الزينبي، وقرأ الفقه على أحمد [الأشنهي] ، وأصول الفقه على أبي الفتح ابن برهان «1» ، والخلاف على أسعد الميهني «2» ، والنحو على أبي الحسن علي بن أبي زيد الأستراباذي الفصيحي، وفتح له الجامع ودرّس، ثم سافر إلى بلاد خراسان وكرمان وغزنة، ودخل إلى الشام وقدم دمشق، ثم خرج منها وعاد إليها واستوطنها إلى أن مات بها في تاسع شوال سنة ثمان وستين وخمسمائة، ودفن بمقبرة الباب الصغير، وكان قد ناهز الثمانين. كان صحيح الاعتقاد كريم النفس، ذكر لي أسماء مصنفاته: كتاب الحاوي في النحو مجلدتان: كتاب العمد في النحو مجلدة، وهو كتاب نفيس. كتاب المقتصد في التصريف مجلدة ضخمة. كتاب أسلوب الحق في تعليل القراءات العشر وشيء من الشواذ مجلدتان. كتاب التذكرة السفرية، انتهت إلى أربعمائة كراسة. كتاب العروض، مختصر محرر. كتاب في الفقه على مذهب الشافعي سماه «الحاكم» مجلدتان. كتاب مختصر في أصول الفقه. كتاب مختصر في أصول الدين. كتاب ديوان شعره. كتاب المقامات حذا حذو الحريري. ومن شعره يمدح النبي صلى الله عليه وسلّم «3» : يا قاصدا يثرب الفيحاء مرتجيا ... أن يستجير بعليا خاتم الرسل خذ عن أخيك مقالا إن صدعت به ... مدحت في آخر الأعصار والأول قل يا من الفخر موقوف عليه فإن ... تذوكر الفخر لم يصدف ولم يمل صيت إذا طلبت غاياته خرقت ... سبعا طباقا فبذّت كلّ ذي أمل علوت وازددت حتى عاد مبتذخا ... جبريل عمّا له قد كان لم يطل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 867 وعدت والكبر قد نافى علاك فما ... عدوت شيمة سبط الخلق مبتهل أتتك غرّ قوافي المدح خاضعة ... لديك فاقبل ثناء غير منتحل ثناء من لم يجد وجناء تحمله ... إليك أو صدّ بالاقتار عن جمل ومن شعره أيضا «1» : حنانيك إن راعتك «2» يوما خصائصي ... وهالك أصناف الكلام المسخّر فسل منصفا عن قالتي «3» غير جائر ... يخبّرك أنّ الفضل للمتأخّر وقال أحمد بن منير «4» يهجو ملك النحاة وكان قد كتب أبو نزار إلى بعض القضاة «القاضويّ» «5» : أيا ملك النحو والحاء من ... تهجّيه من تحت قد أعجموها أتانا قياسك هذا الذي ... يعجم أشياء قد أعربوها ولما تصنّعت «6» في القاضويّ ... غدا وجه جهلك «7» فيه وجوها وقالوا: قفا الشيخ، إنّ الملوك ... إذا دخلوا قرية أفسدوها فبلغت أبياته ملك النحاة فأجابه بأبيات منها: أيا ابن منير حسبت الهجاء ... رتبة فخر فبالغت فيها جمعت القوافي من ذا وذا ... وأفسدت أشياء قد أصلحوها «8» وفي آخرها: فقالوا قفا الشيخ إنّ الملوك ... إذا أخطأت سوقة أدّبوها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 868 قال البلطي: كان ملك النحاة قدم إلى الشام فهجاه ثلاثة من الشعراء ابن منير والقيسراني والشريف الواسطي، واستخف به ابن الصوفي ولم يوفه قدر مدحه، فعاد إلى الموصل ومدح جمال الدين وجماعة من رؤسائها وقضاتها، فلما نبت به الموصل قيل له: لو رجعت إلى الشام، فقال: لا أرجع إلى الشام إلا أن يموت ابن الصوفي وابن منير والقيسراني والشريف الواسطي، فقتل الشريف الواسطي ومات ابن منير والقيسراني في مدة سنة، ومات الصوفي بعدهم بأشهر. وحدثني شيخنا أبو البقاء يعيش بن علي بن يعيش النحوي قال: بلغني أنه كان لملك النحاة غلام، وكان سيّء العشرة قليل المبالاة بمولاه ملك النحاة، فأرسله يوما في شغل ليتعجل في إنجازه، فأبطأ فيه غاية الإبطاء، ثم جاء بعذر غير جميل، وكان يحضر ملك النحاة جماعة من أصدقائه والتلامذة، فغضب ملك النحاة وخرج عن حدّ الوقار الذي كان يلتزمه ويتوخّاه وقال له: ويلك أخبرني ما سبب قلة مبالاتك بي واطّراحك لقبول أوامري؟ أنكتك قط؟ فبادر الغلام وقال: لا والله يا مولاي معاذ الله أن تفعل ذلك بي فإنك أجلّ من ذلك، قال: ويلك فنكتني قط؟ فحرك الغلام رأسه متعجبا من كلامه وسكت، فقال له: ويلك أدركني بالجواب، هذا موضع السكوت لا رعاك الله يا ابن الفاعلة؟ عجّل قل ما عندك قل، فقال: لا والله، قال: فما السبب في أنك لا تقبل قولي ولا تسرع في حاجتي؟ فقال له: إن كان سبب الانبساط لا يكون إلا هذين فسأعدك ولا أعود إلى ما تكره إن شاء الله. قال العماد «1» : أقام ملك النحاة بالشام في رعاية نور الدين محمود بن زنكي، وكان مطبوعا متناسب الأحوال والأفعال، يحكم على أهل التمييز بحكم ملكه فيقبل ولا يستثقل «2» . وكان يقول: هل سيبويه إلا من رعيتي؟ ولو عاش ابن جني لم يسعه إلا حمل غاشيتي، مرّ الشيمة حلو الشتيمة، يضم يده على المائة والمائتين، ويمشي وهو منها صفر اليدين، مولع باستعمال الحلاوات السكرية وإهدائها إلى جيرانه وإخوانه، مغرى بإحسانه إلى خلصانه وخلانه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 869 قال العماد: أذكره وقد وصلت إليه خلعة مصرية وجائزة سنية، فأخرج القميص الدبيقيّ إلى السوق فبلغ دون عشرة دنانير، فقال: قولوا هذا قميص ملك كبير أهداه إلى ملك كبير ليعرف الناس قدره فيحلّوا عليه البدر على البدار، وليجلّوا قدره في الأقدار، ثم قال: أنا أحق به إذا جهلوا حقه، وتنكبوا فيه سبل الواجب وطرقه. ومن طريف ما يحكى عن ملك النحاة أن نور الدين محمودا خلع عليه خلعة سنية ونزل ليمضي إلى منزله، فرأى في طريقه حلقة عظيمة، فمال إليها لينظر ما هي، فوجد رجلا قد علّم تيسا له استخراج الخبايا، وتعريفه من يقول له من غير إشارة، فلما وقف عليه ملك النحاة قال الرجل لذلك التيس: في حلقتي رجل عظيم القدر، شائع الذكر، ملك في زي سوقة، أعلم الناس وأكرم الناس وأجمل «1» الناس، فأرني إياه، فشقّ ذلك التيس الحلقة وخرج حتى وضع يده على ملك النحاة، فلم يتمالك ملك النحاة أن خلع تلك الخلعة ووهبها لصاحب التيس، فبلغ ذلك نور الدين فعاتبه وقال: استخففت بخلعتنا حتى وهبتها من طرقيّ؟! فقال: يا مولانا عذري في ذلك واضح لأنّ في هذه المدينة زيادة على مائة ألف تيس، ما فيهم من عرف قدري إلا هذا التيس، فجازيته على ذلك، فضحك منه نور الدين وسكت. وحكي عنه أنه كان يستخفّ بالعلماء، فكان إذا ذكر واحد منهم يقول: هو كلب من الكلاب، فقال رجل يوما: فلست إذا ملك النحاة، إنما أنت ملك الكلاب، فاستشاط غضبا وقال: أخرجوا عني هذا الفضولي. وقال السمعاني: دخل أبو نزار بلاد غزنة وكرمان، ولقي الأكابر وتلقي مورده بالإكرام، ولم يدخل بلاد خراسان، وانصرف إلى كرمان وخرج منها إلى الشام. قال: وقرأت فيما كتبته بواسط ولا أدري عمن سمعته لأبي نزار النحوي «2» : أراجع لي عيشي الفارط ... أم هو عني نازح شاحط ألا وهل تسعفني أوبة ... يسمو بها نجم المنى الهابط أرفل في مرط ارتياح وهل ... يطرق سمعي: هذه واسط الجزء: 2 ¦ الصفحة: 870 يا زمني عدلي فقد رعتني ... حتى عراني شيبي الواخط كم أقطع البيداء في ليلة ... يقبض ظلّي خوفها الباسط أأرقب الراحة أم لا وهل ... يعدل يوما دهري القاسط أيا ذوي ودّي «1» أما اشتقتم ... إلى إمام جأشه رابط وهل عهودي عندكم غضة ... أم أنا في ظني إذا غالط لتهنكم ما عشتم واسط ... إني لكم يا سادتي غابط وأنشد له «2» : الخيش والبرم الكبير ... منظوم ذلك والنثير «3» ودخان عود الهند و ... الشمع المكفّر «4» والعبير ورشاش ماء الورد قد ... عرفت «5» به تلك النحور ومثالث العيدان يسعد ... جسّها «6» بمّ وزير وتخافق النايات يخفق ... «7» بينها الطبل القصير والشرب بالقدح الصغير ... يحثّه القدح الكبير أحظى لديّ «8» من الأبا ... عر والحداة بها تسير للعبد أن يلتذّ في ... دنياه والله الغفور الجزء: 2 ¦ الصفحة: 871 ومن شعره أيضا «1» : يا ابن الذين ترفعوا في مجدهم ... وعلت أخامصهم فروع شمام أنا عالم ملك بكسر اللام ... فيما أدعيه لا بفتح اللام أنشدني عفيف الدين أبو عبد الله محمد بن أبي الفضل أحمد بن عبد الوهاب بن الزاكي بن أبي الفوارس السلمي الحراني المعروف بابن الصيرفي الدمشقي قال: أنشدني فتيان بن علي بن فتيان الأسدي النحوي في ملك النحاة، وكانت قد عضّت يد ملك النحاة سنّور فربطها بمنديل عظيم: عتبت على قطّ ملك النحاة ... وقلت أتيت بغير الصواب عضضت يدا خلقت للندى ... وبثّ العلوم وضرب الرقاب فأعرض عني وقال اتئد ... أليس القطاط أعادي الكلاب قال: فبلغته الأبيات فغضب منها إلا أنه لم يدر من قائلها، ثم بلغه أنني قلتها فبلغني ذلك، فانقطعت عنه حياء مدة، فكتبت إليه شعرا أعتذر إليه، فكتب إليّ: يا خليليّ نلتما النعماء ... وتسنّمتما العلا والعلاء ألمما بالشاغور والمسجد ... المعمور واستمطرا به الأنواء وامنحا صاحبي الذي كان فيه ... كلّ يوم تحية وثناء ثم قولا له اعتبرنا الذي فهت ... به مادحا فكان سماء وقبلنا فيه اعتذارك عمّا ... قاله الجاهلون عنك افتراء الشاغور: محلة بدمشق بالباب الصغير. وقال فتيان بن علي بن فتيان الأسدي المعلم الدمشقي: رأيت أبا نزار في النوم بعد موته فقلت له: ما فعل الله بك؟ فقال: أنشدته قصيدة [ما] في الجنة مثلها فتعلق بحفظي منها أبيات وهي: يا هذه أقصري عن العذل ... فلست في الحلّ ويك من قبلي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 872 يا ربّ ها قد أتيت معترفا ... بما جنته يداي من زلل ملآن كفّ بكلّ مأثمة ... صفر يد من محاسن العمل فكيف أخشى نارا مسعّرة ... وأنت يا ربّ في القيامة لي قال: فو الله منذ «1» فرغت من إنشادها ما سمعت حسيس النار. حدث «2» شمس الدين محمد بن هبة الله الشيرازي قاضي دمشق قال: سمعت ملك النحاة يقول: للحيص بيص بيتان لو باعنيهما بجميع شعري: سأرحل عن بغداد في طلب العلا ... الى بلدة يحنو عليّ أميرها إلى بلدة فيها الكلاب تخالها ... كلابا وما ردّت إليها أمورها [320] الحسن بن عبد الله المعروف بلغدة- ولكذة أيضا، الأصبهاني أبو علي: قدم بغداد، وكان جيّد المعرفة بفنون الأدب، حسن القيام بالقياس، موفقا في كلامه. وكان إماما في النحو واللغة، وكان في طبقة أبي حنيفة الدينوري، مشايخهما سواء، وكان بينهما مناقضات. قال حمزة بن حسن الأصبهاني في «كتاب أصبهان» : وأقدم علي بن رستم الديمرتي «3» من سامرّا إبراهيم بن غيث البغدادي، وكان أصبهانيا، فخرج في صغره إلى العراق، فبرع في علم النحو واللغة، وهو جدّ عبد الله بن يعقوب الفقيه، وروى عن أبي عبيدة وأبي زيد، وأقدم الخصيب بن أسلم الباهليّ صاحب الأصمعي. وعن   [320]- ترجمته في الفهرست: 89 وإنباه الرواة 3: 43 (حرف اللام) والوافي 12: 86 وبغية الوعاة 1: 509 وروضات الجنات 3: 59 (ويعتمد ياقوت على كتاب أصبهان لحمزة والفهرست) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 873 أبي إسحاق إبراهيم بن غيث وأبي عمر الخرقي- وهو أول من قدم أصبهان من أهل الأدب واللغة- وعن الباهلي صاحب الأصمعي وعن الكرماني صاحب الأخفش أخذ أبو علي لغدة علم اللغة. وكان أبو علي يحضر مجلس أبي إسحاق ويكتب عنه، ثم خالفه وقعد عنه وجعل ينقض عليه ما يمليه. قال حمزة: وأنبأنا [ ... أن] من تقدم من أهل اللغة من أصبهان، وصار فيها رئيسا يؤخذ عنه جماعة منهم: أبو علي لغدة، وكان رأسا في اللغة والعلم والشعر والنحو، حفظ في صغره كتب أبي زيد وأبي عبيدة والأصمعي، ثم تتبع ما فيها فامتحن بها الأعراب الوافدين على أصبهان، وكانوا يفدون على محمد بن يحيى بن أبان فيضربون خيمهم بفناء داره في باغ سلم بن عود، ويقصدهم أبو علي كلّ يوم، فيلقي عليهم مسائل شكوكه «1» من كتب اللغة ويثبت تلك الأوصاف عن ألفاظهم في الكتاب الذي سماه «كتاب النوادر» ثم لم يكن له في آخر أيامه نظير بالعراق. قال: وكتاب النوادر هذا كتاب كبير يقوم بإزاء كلّ ما خرج إلى الناس من كتب أبي زيد في النوادر. وله من الكتب الصغار: كتاب الصفات. كتاب خلق الانسان. كتاب خلق الفرس. وكتب أخرى كثيرة من صغار الكتب؛ وله ردود على علماء اللغة وعلى رواة الشعر والشعراء قد جمعناها نحن في كتاب وأنفذناه إلى أبي إسحاق الزجاج رحمه الله. قال محمد بن إسحاق النديم «2» : وله من التصانيف كتاب الردّ على الشعراء، نقضه عليه أبو حنيفة الدينوري. كتاب النطق. كتاب الرد على أبي عبيد في غريب الحديث. كتاب علل النحو. كتاب مختصر في النحو. كتاب الهشاشة والبشاشة. كتاب التسمية. كتاب شرح معاني الباهلي. كتاب نقض علل النحو. كتاب الرد على ابن قتيبة في غريب الحديث. وأفرد حمزة الأصبهاني في «كتاب أصبهان» أشعارا للغدة منها «3» : الجزء: 2 ¦ الصفحة: 874 ذهب الرجال المقتدى بفعالهم ... والمنكرون لكلّ أمر منكر وبقيت في خلف يزيّن بعضهم ... بعضا ليستر معور من معور ما أقرب الأشياء حين يسوقها ... قدر وأبعدها إذا لم تقدر الجدّ أنهض بالفتى من كدّه ... فانهض بجد في الحوادث أو ذر وإذا تعسرت الأمور فأرجها ... وعليك بالأمر الذي لم يعسر ومن شعره أيضا «1» : خير إخوانك المشارك في المرّ ... وأين الشريك في المرّ أينا الذي إن شهدت سرّك في القوم ... وإن غبت كان أذنا وعينا مثل تبر العقيان إن مسّه النا ... ر جلاه الجلاء فازداد زينا وأخو السوء ان يغب عنك يسبعك ... وان يحتضر يكن ذاك شينا جيبه غير ناصح ومناه ... أن يعيب الخليل إفكا ومينا فاصرمنه ولا تلهّف عليه ... إنّ صرما له كنقدك دينا ومن شعره أيضا: بذلت لك الصفاء بكلّ جهدي ... وكنت كما هويت فصرت خزّا «2» فرحت بمدية فحززت أنفي ... وحبل مودّتي بيديك حزّا ولم تترك إلى صلح مجازا ... ولا فيه لمطلبه مهزّا ستمكث نادما في العيش منّي ... وتعلم أن رأيك كان عجزا «3» وتذكرني إذا جربت غيري ... وتعلم أنني لك كنت كنزا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 875 وله من أبيات «1» : يا قصير العمر ما هذا الأمل ... كل ذا الحرص وقد حان الأجل ارتض الدنيا وكن ذا وجل ... فجنان الخلد حفّت بالوجل [321] الحسن بن عبد الله بن المرزبان السيرافي أبو سعيد النحوي القاضي: وسيراف بليد على ساحل البحر من أرض فارس، رأيته أنا، وبه أثر عمارة قديمة وجامع حسن، إلا أنه الآن الغالب عليه الخراب. وكان قد ولي القضاء على بعض الأرباع ببغداد، ومات رحمه الله يوم الاثنين ثاني رجب سنة ثمان وستين وثلاثمائة في خلافة الطائع، ودفن في مقابر الخيزران، وكان أبوه مجوسيا اسمه بهزاد فسمّاه أبو سعيد عبد الله. وكان أبو سعيد يدرس ببغداد القرآن والقراءات وعلوم القرآن والنحو واللغة والفقه والفرائض، وكان قد قرأ على أبي بكر ابن مجاهد القرآن، وعلى أبي بكر ابن دريد اللغة، ودرسا جميعا عليه النحو، وقرأ على أبي بكر ابن السراج وأبي بكر المبرمان النحو، وقرأ أحدهما عليه القرآن ودرس الآخر عليه الحساب. قال الخطيب «2» : وكان رحمه الله زاهدا ورعا لم يأخذ على الحكم أجرا إنما   [321]- ترجمة السيرافي في طبقات الزبيدي: 119 (وزعم أنه معتزلي من أصحاب الجبائي وورد ذلك لدى الخطيب ونفاه عنه بعضهم) وتاريخ بغداد 7: 341 والفهرست: 68 ونزهة الالباء: 307 والمنتظم 7: 95 وإنباه الرواة 1: 313 وبغية الطلب 4: الورقة 266 وابن خلكان 2: 78 وسير الذهبي 16: 247 وعبر الذهبي 2: 347 والوافي 12: 74 والبداية والنهاية 11: 294 ومرآة الجنان 2: 390 وطبقات ابن الجزري 1: 218 ولسان الميزان 2: 218 والنجوم الزاهرة 4: 133 وبغية الوعاة 1: 507 والجواهر المضية 2: 66 والشذرات 3: 65 والبلغة: 61 ولسان الميزان 2: 218 وروضات الجنات 3: 70 واشارة التعيين: 93 (ويعتمد ياقوت على تاريخ بغداد والفهرست ومؤلفات التوحيدي) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 876 كان يأكل من كسب «1» يمينه، فكان لا يخرج إلى مجلس الحكم ولا إلى مجلس التدريس حتى ينسخ عشر ورقات يأخذ أجرتها عشرة دراهم تكون بقدر مؤونته ثم يخرج إلى مجلسه. وصنّف كتبا: منها شرح كتاب سيبويه. قال أبو حيان التوحيدي: رأيت أصحاب أبي علي الفارسي يكثرون الطلب لكتاب «شرح سيبويه» ويجتهدون في تحصيله، فقلت لهم: إنكم لا تزالون تقعون فيه وتزرون على مؤلّفه فما لكم وله؟ قالوا: نريد أن نردّ عليه ونعرّفه خطأه فيه. قال أبو حيان: فحصّلوه واستفادوا منه ولم يردّ عليه أحد منهم، أو كما قال أبو حيان فإني لم أنقل ألفاظ الخبر لعدم الأصل الذي قرأته منه. وكان أبو علي وأصحابه كثيري الحسد لأبي سعيد، وكانوا يفضلون عليه الرماني، فحكى ابن جني عن أبي علي أن أبا سعيد قرأ على ابن السراج خمسين ورقة من أول الكتاب ثم انقطع، قال أبو علي: فلقيته بعد ذلك فعاتبته على انقطاعه فقال لي: يجب على الانسان أن يقدم ما هو أهم، وهو علم الوقت من اللغة والشعر والسماع من الشيوخ، فكان يلزم ابن دريد ومن جرى مجراه من أهل السماع. وقال أبو الفرج علي بن الحسين الأصفهاني صاحب «كتاب الأغاني» يهجو أبا سعيد السيرافي: لست صدرا ولا قرأت على صدر ... ولا علمك البكيّ بشاف «2» لعن الله كلّ شعر ونحو ... وعروض يجيء من سيراف وذكره محمد بن إسحاق النديم فقال «3» : قال لي أبو محمد «4» ولد أبي سعيد: [ولد أبي] بسيراف، وفيها ابتدأ بطلب العلم، وخرج عنها قبل العشرين، ومضى إلى عمان فتفقه بها، ثم عاد إلى سيراف ومضى إلى العسكر فأقام بها مدة (قال المؤلف: وبها قرأ فيما أحسب على المبرمان) قال: كان فقيها على مذهب العراقيين، وورد إلى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 877 بغداد فخلف أبا محمد ابن معروف قاضي القضاة على قضاء الجانب الشرقي، وكان أستاذه في النحو، ثم استخلفه على الجانبين؛ ومولده قبل التسعين ومائتين، وله من الكتب: كتاب شرح سيبويه «1» . ألفات القطع والوصل. كتاب أخبار النحويين البصريين. كتاب شرح مقصورة ابن دريد. كتاب الإقناع في النحو، لم يتم، فتممه ابنه يوسف. وكان يقول: وضع أبي النحو في المزابل ب «الاقناع» يريد أنه سهّله حتى لا يحتاج إلى مفسّر. كتاب شواهد كتاب سيبويه. كتاب الوقف والابتداء. كتاب صنعة الشعر والبلاغة. كتاب المدخل إلى كتاب سيبويه. كتاب جزيرة العرب. قرأت «2» بخط أبي حيان التوحيدي في كتابه الذي ألفه في «تقريظ عمرو بن بحر» ، وقد ذكر جماعة من الأئمة كانوا يقدّمون الجاحظ ويفضلونه فقال: ومنهم أبو سعيد السيرافي شيخ الشيوخ وإمام الأئمة معرفة بالنحو والفقه واللغة والشعر والعروض والقوافي والقرآن والفرائض والحديث والكلام والحساب والهندسة، أفتى في جامع الرصافة خمسين سنة على مذهب أبي حنيفة فما وجد له خطأ ولا عثر منه على زلة، وقضى ببغداد، وشرح «كتاب سيبويه» في ثلاثة آلاف ورقة بخطه في السليماني، فما جاراه فيه أحد ولا سبقه إلى تمامه إنسان، هذا مع الثقة والديانة والأمانة والرواية، صام أربعين سنة وأكثر الدهر كله. قال لنا الأندلسي: فارقت بلدي في أقصى الغرب طلبا للعلم وابتغاء مشاهدة العلماء، فكنت إلى أن دخلت بغداد ولقيت «3» أبا سعيد وقرأت عليه «كتاب سيبويه» نادما سادما في اغترابي عن أهلي ووطني من غير جدوى في علم أو حظّ من دنيا «4» ، فلما سعدت برؤية هذا الشيخ علمت أن سعيي قرن بسعدي، وغربتي اتصلت ببغيتي، وأن عنائي لم يذهب هدرا، وأنّ رجائي لم ينقطع يأسا. قرأت بخط أبي علي المحسن بن إبراهيم بن هلال الصابىء، قرأنا على أبي سعيد الحسن بن عبد الله في «كتاب ما يلحن فيه العامة» لأبي حاتم «هو الشّمع مفتوح الشين والميم» فسألناه عما يحكى عن أبي بكر ابن دريد أنه قال: «شمع بكسر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 878 الشين» فقال: لا يعاج عليه، قلنا له: فهو صحيح عن ابن دريد؟ فقال: نعم هو عنه بخطّي في «كتاب الجمهرة» . قال: وكان أبو الفتح ابن النحوي وأبو الحسن الدريدي سألاني عن ذلك فاستعفيت من الإجابة لئلا أنسب إلى أبي بكر حرفا أجمع الناس على خلافه. وقال أبو حيان في «كتاب محاضرات العلماء» قال: وحضرت مجلس شيخ الدهر، وقريع العصر، العديم المثل، المفقود الشكل، أبي سعيد السيرافي، وقد أقبل على الحسين بن مردويه الفارسي يشرح له ترجمة «المدخل إلى كتاب سيبويه» من تصنيفه، فقال له: علّق عليه، واصرف همتك إليه، فإنك لا تدركه إلا بتعب الحواسّ، ولا تتصوّره إلا بالاعتزال عن الناس. فقال: أيّد الله القاضي، أنا مؤثر لذلك، ولكنّ اختلال الأمر وقصور الحال يحول بيني وبين ما أريده، فقال له: ألك عيال؟ قال: لا، قال: عليك ديون؟ قال: دريهمات، قال: فأنت ريّح القلب حسن الحال ناعم البال، اشتغل بالدرس والمذاكرة والسؤال والمناظرة واحمد الله تعالى على خفّة الحاذ وحسن الحال، وأنشده: إذا لم يكن للمرء مال ولم يكن ... له طرق يسعى بهنّ الولائد وكان له خبز وملح ففيهما ... له بلغة حتى تجيء العوائد وهل هي إلا جوعة إن سددتها ... فكلّ طعام بين جنبيك واحد قال: وكان يقرأ على أبي سعيد السيرافي «الكامل» للمبرد فجاءه أبو أحمد ابن مردك «1» ، وكان هذا من ساوة واستوطن بغداد وولد [له] بها، وكان له قرب ومنزلة من أبي سعيد يوجب حقّه ويرعى له، فقال له يوما: أيها الشيخ عندي ابنة بلغت حدّ التزويج، وجماعة من الغرباء والبغداديين يخطبونها، فما ترى؟ ممن أزوجها؟ فقال: ممّن يخاف الله تعالى وأكثرهم تقية وخشية منه، فإن من يخاف الله إن أحبها بالغ في إكرامها، وإن لم يحبها تحرّج من ظلمها، فاستحسنّا ذلك وأثبتناه. ثم قال: لا تنسبوا هذا إليّ إنما هذا قول الحسن. قال: وشبيه هذه الحكاية أن رجلا وقف على الحسن فقال: علمني ما يقربني الجزء: 2 ¦ الصفحة: 879 إلى الله تعالى وإلى الناس، قال: أما ما يقربك إلى الله فمسألته، وأما ما يقرّبك إلى الناس فترك مسألتهم. وقال: وتأخر بعض أصحابه عن مجلسه في يوم السبت، وكان يرعى حقّ أبيه فيه لأنه كان وجيها شريفا، فلما كان يوم الأحد قال له: ما الذي أخّرك؟ فأشار إلى شرب الدواء ولأجله تأخر عن المجلس فأنشدنا: لنعم اليوم يوم السبت حقّا ... لصيد إن أردت بلا امتراء وفي الأحد البناء فإنّ فيه ... تبدّى الله في خلق السماء وفي الاثنين إن سافرت حقا ... يكون الأوب فيه بالنماء وان ترم الحجامة في الثلاثا ... ففي ساعاته درك الشفاء وإن شرب امرؤ يوما دواء ... فنعم اليوم يوم الأربعاء وفي يوم الخميس قضاء حاج ... ففيه الله آذن «1» بالقضاء ويوم الجمعة التزويج فيه ... ولذات الرجال مع النساء قال: ولما قبل ابن معروف شهادته عاتبه على ذلك بعض المختصين به وقال: أيها الشيخ إنك إمام الوقت وعين الزمان والمنظور إليه والصدر، وإذا حضرت محفلا كنت البدر، قد اشتهر ذكرك في الأقطار والبلاد، وانتشر علمك في كلّ محفل وناد، والألسنة مقرّة بفضلك، فما الذي حملك على الانقياد لابن معروف، واختلافك إلى مجلسه، وصرت تابعا بعد أن كنت متبوعا، ومؤتمرا بعد أن كنت آمرا؟ وضعت من قدرك، وضيّعت كثيرا من حرمتك، وأنزلت نفسك منزلة غيرك، وما فكّرت في عاقبة أمرك، ولا شاورت أحدا من صحبك، فقال: اعلموا أن هذا القاضي سبب اكتساب ذكر جميل، وصيت حسن، ومباهاة لأقرانه، ومنافسة لإخوانه، ومع ذلك له من السلطان منزلة، وبلغني أنه يستضيء برأيه ويعدّه من جملة ثقاته وأوليائه، وعرّض لي وصرّح في الأمر مرة بعد أخرى وثانية عقب أولى، فلم أجب إليه، ولم أسلس قيادي له، فخفت مع كثرة الخلاف اعتمادي بما أستضرّ به وينتفع به غيري، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 880 وإذا اتفق أمران فاتّباع ما هو أسلم جانبا وأقلّ غائلة أولى، وقد كان الآن ما كان، والكلام فيه ضرب من الهذيان. فلما كان بعد هذا بأيام ورد عليه من آمد صاحب أبي العباس ابن ماهان بكتاب يهنئه فيه بما تلبّس به من العدالة، وكان الكتاب يشتمل على كلمات وجيزة وألفاظ حسنة ومعان منتقاة، وكان أبو العباس هذا من أصحاب أبي سعيد، وممن لازمه سنين عدة، وعلّق عنه- على ما ذكره الشاشي- زهاء عشرة آلاف ورقة على شرحه لكتاب سيبويه وغيره درسا ومذاكرة، وكانت له أيضا بضاعة قوية في علم الهيئة وبصر تامّ بمذهب الكوفيين في النحو حتى ما كان يطاق. وكان من أصدر الكتاب على يده رجلا كرديا عليه جبة ثقيلة فوقها جبّاعة عظيمة، قد أضرّت به شمس الهواجر، ومقاساة السفر، وقطع المهامه والمفاوز، وكان الشيخ يبيّن لبعض أصحابه الفرق في قوله تعالى: مثل ما إنكم تنطقون (الذاريات: 23) والاحتجاج عمن نصبه ورفعه، والكرديّ ما يفهم منه القليل ولا الكثير، ثم التفت إلى أبي سعيد وقال: يا شيخ في أيّ شيء أنت؟ وفي ماذا تتكلم؟ فقال: أتكلم في شيء لا يعرفه كلّ أحد، ولا يتصوره كثير من الناس، قال: ففسّره لي لعلي أفهمه، قال: لا يكون ذلك أبدا، قال: أنت عالم ومن اقتبس منك علما لزمك الجواب، فقال له: عليك بمجلس يجري فيه حديث الفرض والنفل والسنن وظواهر أمر الشريعة لتستفيد منه وتنتفع به، فأخذ الكرديّ في المطاولة وإيراد الهذيان وما لا محصول له، وسكت عنه أبو سعيد وصمت هو أيضا، وجعل أبو سعيد على عادته يبيّن ويوضّح ويتكلم وينثر الدرّ ولا يهدأ ولا يفتر لسانه ولا يجفّ ريقه، والكرديّ ملازمه، وكأنّه كالمتبرم به والمستثقل لجلوسه وملازمته إياه إلى أن قام ومضى؛ ثم قال أبو سعيد: ما ظننت أن ثقيلا تمكّن من أحد تمكّن هذا منّا اليوم، وإنّ ألم ثقله خلص إلى الروح والبدن كما خلص إليّ، لقد هممت تارة بضربه فقلت: ربما ضربني أيضا، ثم هممت بالقيام فقلت: ضرب من الخرق، ثم كدت أصيح فقلت: نوع من الجنون، ثم بقيت أدعو سرّا وأرغب إلى الله تعالى في صرفه، فتفضل الله الكريم عليّ بذلك، ومع هذه الحالة لم تزل أبيات محمد بن المرزبان تتردد بين لهاتي ولساني، فقلنا له: وما الأبيات؟ فقال: أيا شقيق الرصاص والجبل ... ويا قريع الأيام في الثّقل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 881 أرح حياتي فقد هجمت على ... نفسي وأشرفت بي إلى أجلي والله لو كنت والدا حدبا ... وكنت تحيي الأموات في المثل وتمزج الثلج في العساس لدى ... القيظ وعند الشتاء بالعسل رحلت عن ذاك عند آخره ... واخترت أن لا أراك في الرحل فخذ طريفي وتالدي فإذا ... لم يبق شيء فخذ إذا سملي وارحل إلى الظلمة التي ذكرت ... من خلف قاف يا شرّ مرتحل قال: وكان قد ظهر بالعراق رجل من الجراد فأضرّت بالزروع والأثمار وغلت الأسعار وأثّرت في أحوال الناس، فحضرنا مجلس أبي سعيد السيرافي وكلّ منا شكا حاله وذكر خلّته، وكان فينا رجل مزارع ذكر أنه زرع بنواحي النهروان «1» أربعة آلاف جريب ملكا وضمانا وإجارة رجاء الفائدة، وقد أتى عليها الجراد، وهلك ذلك الرجل لأجله، ثم قال أبو سعيد: لا يهولنّك أمرها فأنها جند من جنود الله مأمور، بلغنا أن جرادة سقطت بين يدي عبد الله بن عباس رضي الله عنه فأخذها ونشر جناحها وقال: أتعلمون ما هو مكتوب عليها «2» ؟ قالوا: لا، قال: مكتوب عليها أنا مغلي الأسعار مع تدفّق الأنهار. وأورد في ذكر الجراد ما حيّر الناظرين ثم قال: ومن أحسن ما وصف به الجراد قول بعض الخطباء حيث يقول: إن الله سبحانه خلق خلقا وسمّاها جرادا، وألبسها أجلادا، وجنّدها أجنادا، وأدمجها إدماجا، وكساها من الوشي ديباجا، وجعل لها ذرية وأزواجا، إذا أقبلت خلتها سحابا أو عجاجا، وإذا أدبرت حسبتها قوافل وحجاجا، مزخرفة المقاديم، مزبرجة المآخير، مزوّقة الأطراف، منقطعة الأخفاف، منمنمة الحواشي، منمقة الغواشي، ذات أردية مزعفرة، وأكسية معصفرة، وأخفية مخططة، معتدلة قامتها، مؤتلفة خلقتها، مختلفة حليتها، موصولة المفاصل، مدرجة الحواصل، تسعى وتحتال، وتميس وتختال، وتطوف وتجتال، فتبارك خالقها، وتعالى رازقها، من غير حاجة منها إليها، رحمة منه عليها، أوسعها رزقا، وأتقنها خلقا، وفتق منها رتقا، ووشّح أعراقها، وألجم أعناقها، وطوّقها أطواقها، وقسم معايشها وأرزاقها، تنظر شزرا من ورائها، وترقب النازل من سمائها، وتحرس الجزء: 2 ¦ الصفحة: 882 الدائر من حوبائها، سلاحها عتيد، وبأسها شديد، ومضرّتها تعديد، وتدبّ على ست وتطير، فسبحان من خلقها خلقا عجيبا، وجعل لها من كلّ ثمر وشجر نصيبا، وجعل لها إدبارا وإقبالا، وطلبا واحتيالا، حتى دبّت ودرجت، وخرجت ودخلت، ونزلت وعرجت، مع المنظر الأنيق، والعصب الدقيق، والبدن الرقيق: هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه (لقمان: 11) ثم قال: وماذا تقولون في طير إذا طار بسط، وإذا دنا من الأرض لطع، رجلاه كالمنشار، وعيناه كالزجاج، عينه في جنبه، ورجله أطول من قامته، ألا وهي الجرادة. ثم قال: وأحسن منه: جيدها كجيد البقر، ورأسها كرأس الفرس، وقرنها كقرن الوعل، ورجلها كرجل الجمل، وبطنها كبطن الحية، تطير بأربعة أجنحة، وتأكل بلسانها، فتبارك الله ما أحسنها. وأحسن ما فيها أنها طعام ونقل، طاهر حيا وميتا، تجدب أقواما وتخصب آخرين. فقلنا له: ما معنى قولك: «تجدب أقواما وتخصب آخرين» ؟ قال: إنها إذا حلت البوادي والفيافي ومواضع الرمال فهي خصب لهم وميرة، وإذا حلت بمأوى الزرع والأشجار فهي تجدب، لأنها تأتي على الشوك والشجر والرطب واليابس فلا تبقي ولا تذر. قال: وقال أيضا في تضاعيف كلامه: خادم الملك لا يتقدم في رضاه خطوة إلا استفاد بها قدمة وحظوة. قال: وما رأيت أحدا من المشايخ كان أذكر لحال الشباب وأكثر تأسّفا على ذهابه منه، فإنه إذا رأى أحدا من أقرانه قد عاجله الشيب تسلّى به، ولم يزل يسأله عن حاله [كيف] كانت في أيام الشباب وزمن الصبا، وإذا ذكر بين يديه ما يتعلّق بالشيب والشباب بكى وجدا وحنّ، وشكا وأنّ، وتذكر عهد الشباب. وكان كثيرا ما ينشد مقطعات محمود الوراق في الشيب ويبكي عليها، وأنشد يوما: فإن يكن المشيب طرا علينا ... وولّى بالبشاشة والشباب فإني لا أعاقبه بشيء ... يكون عليّ أهون من خضاب رأيت بأنّ ذاك وذا عذاب ... فينتقم العذاب من العذاب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 883 قال وأنشدنا لمحمود الوراق في الشيب وعيناه تدمعان: ولو أن دار الشيب قرّت بصاحب ... على ضيقها «1» لم يبغ دارا بداره ولكنّ هذا الشيب للموت رائد ... يخبرنا عنه بقرب مزاره قال أبو حيان: وكان أبو سعيد يفتي على مذهب الإمام أبي حنيفة وينصره، فجرى حديث تحليل النبيذ عنده، فقال له بعض الخراسانيين: أيها الشيخ دعنا من حديث أبي حنيفة وقول الشافعي، ما ترى أنت في شرب النبيذ والقدر الذي لا يسكر ويسكر؟ فقال: أما المذهب فمعروف لا عدول عنه «2» ، وأما الذي يقضيه «3» الرأي ويوجبه العقل ويلزم من حيث الاحتياط والأخذ بالأحسن والأولى فتركه والعدول عنه، فقال له: بيّن لنا عافاك الله، فقال: اعلم أنه لو كان المسكر حلالا في كتاب الله تعالى أو سنة رسول الله صلى الله عليه وسلّم لكان يجب على العاقل رفضه وتركه بحجّة العقل والاستحسان، فإن شاربه محمول على كلّ معصية، مدفوع إلى كلّ بلية، مذموم عند كلّ ذي عقل ومروءة، يحيله عن مراتب العقلاء والفضلاء والأدباء، ويجعله من جملة السفهاء، ومع ذلك فيضرّ بالدماغ والعقل والكبد والذهن، ويولّد القروح في الجوف، ويسلب شاربه ثوب الصلاح والمروءة والمهابة حتى يصير بمنزلة المخبّط المخريق والمثبّج «4» ، يقول بغير فهم، ويأمر بغير علم، ويضحك من غير عجب، ويبكي من غير سبب، ويخضع لعدوه، ويصول على وليه، ويعطي من لا يستحقّ العطية، ويمنع من يستوجب الصلة، ويبذّر في الموضع الذي يحتاج فيه أن يمسك، ويمسك في الموضع الذي يحتاج فيه أن يبذر، يصير حامده ذاما وأفعاله ملومة «5» ، عبده لا يوقره، وأهله لا تقربه، وولده يهرب منه، وأخوه يفزع عنه، يتمزغ في قيئه، ويتقلب في سلحه، ويبول في ثيابه، وربما قتل قريبه، وشتم نسيبه، وطلق امرأته، وكسر آلة البيت، ولفظ بالخنا، وقال كلّ غليظة وفحش، يدعو عليه جاره، ويزري به الجزء: 2 ¦ الصفحة: 884 أصحابه، عند الله ملوم، وعند الناس مذموم، وربما تستولي عليه في حال سكره مخايل الهموم، فيبكي دما، ويشقّ جيبه حزنا، وينسى القريب، ويتذكر البعيد، والصبيان يضحكون منه، والنسوان يفتعلن «1» النوادر عليه، ومع ذلك فبعيد من الله قريب من الشيطان، قد خالف الرحمن في طاعة الشيطان، وتمكن من ناصيته، وزيّن في عينه إتيان الكبائر وركوب الفواحش واستحلال الحرام وإضاعة الصلاة والحنث في الايمان، سوى ما يحلّ به عند الافاقة من الندامة، ويستوجب من عذاب الله يوم القيامة. فقال الرجل: والله إن قولك ووصفك له أعلق بالقلب من كلّ دليل «2» واضح وبرهان لائح، وحجة وأثر، وقول وخبر، فقال له: لولا ذهاب الوقت ولا عوض له لاستدللت لكلّ خصلة ذكرتها ولفظة أوردتها بآية من كتاب الله أو خبر مأثور عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم، حتى يقال: إن هذه الألفاظ مشتقة من ذاك مستنبطة منه «3» ، ولكن الأمر في ذلك أظهر وأشهر من أن يبيّن ويوضح. ولأبي حنيفة مسائل لا أرتضيها له، قد خالفه فيها أعيان الصحابة والناقلة لمذهبه، ولكن لكلّ أريب هفوة، ولكلّ جواد كبوة، والكلام إذا كثر لا يخلو من الخطأ، والقول إذا تتابع لا يعرى من التناقض، والله المعين على أمر الدنيا والدين. قال أبو حيان، قال أبو سعيد: دخلت مسجدا بباب الشام يوما أنظر أبا منصور العمدي «4» ، فرأيت عربيّا قد استلقى ومخلاته تحت رأسه، وهو يترنّم بهذه الأبيات، بحلق أطيب ما يكون، وصوت أندى ما يسمع: سماء الحبّ تهطل بالصدود ... ونار الحبّ تحرق من بعيد وعين الحب تأتي بالمنايا ... فتغرسها «5» على قلب عميد وأول من عشقت عشقت ظبيا ... له في الصدر قلب من حديد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 885 فقلت له: أعد الأبيات، فقال لي: دخلت عليّ وشغلتني عما كنت عليه، خلوت بنفسي في هذا المسجد أتمنى أمانيّ دونها خرط القتاد، فأفسدتها عليّ، فحفظت الأبيات من قوله وانصرفت وتركته. قال أبو حيان: وأنشدنا أبو سعيد السيرافي في المشيب: تفكرت في شيب الفتى وشبابه ... فأيقنت أن الحقّ للشيب واجب يصاحبني شرخ الشباب فينقضي ... وشيبي إلى حين الممات مصاحب ثم قال: ما رأيت أحدا كان أحفظ لجوامع الزهد نظما ونثرا، وما ورد في الشيب والشباب، من شيخنا أبي سعيد، وذاك أنه كان دينا ورعا تقيا زاهدا عابدا خاشعا، له دأب بالنهار من القراءة والخشوع، وورد بالليل من القيام والخضوع، صام أربعين سنة الدهر كله. قال: وقال لي أبو إسحاق المدائني: ما قرأت عليه خبرا ولا شيئا قطّ فيه ذكر الموت والقبر والبعث والنشور والحساب والجنة والنار والوعد والوعيد والعقاب والمجازاة والثواب والانذار والاعذار وذم الدنيا وتقلّبها بأهلها وتغيرها على أبنائها إلا وبكى منها وجزع عندها، وربما تنغص عليه يومه وليلته، وامتنع من عادته في الأكل والشرب. وكان ينشدنا ويورد علينا من أمثاله ما كنا نستعين به ونستفيد منه ما نجعله حظّ يومنا. ورأيته يوما ينشد ويبكي: حنى الدهر من بعد استقامته ظهري ... وأفضى إلى تنغيص عيشته عمري ودبّ البلى في كلّ عضو ومفصل ... ومن ذا الذي يبقى سليما على الدهر قال: ووصّى يوما بعض أصحابه وكان يقرأ عليه «شرح الفصيح» لابن درستويه: كن كما قال الخليل بن أحمد: اجعل ما في كتبك رأس مالك، وما في صدرك للنفقة. قال: وأنشدنا: وذي حيلة للشيب ظلّ يحوطه ... يقرّضه حينا وحينا ينتّف وما لطفت للشيب حيلة عالم ... من الناس إلا حيلة الشيب ألطف قال أبو حيان: وشكا أبو الفتح القواس إليه طول عطلته، وكساد سوقه، ووقوف أمره، وذهاب ماله، ورقّة حاله، وكثرة ديونه وعياله، وتجلّف صبيانه، وسوء عشرة أهله معه، وقلة رضاهم به، ومطالبتهم له بما لا يقوم به، وأنه يقع ويقوم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 886 ويدخل كلّ مدخل حتى يحصّل لنفسه وعياله بعض كفايتهم، فقال: ثق بالله خالقك، وكل أمرك إلى رازقك، وأقلل من شغبك، وأجمل في طلبك، واعلم أنك بمرأى من الله ومسمع، قد تكفل برزقك فيأتيك من حيث لا تحتسبه، وضمن لك ولعيالك قوتهم فيدرّ عليك «1» من حيث لا ترتقبه، وعلى حسب الثقة «2» بالله يكون حسن «3» المعونة، وبمقدار عدولك عن الله إلى خلقه يكون كلّ المؤونة، وأنشد وذكر أنه لبعض المحدثين: يا طالب الرزق إنّ الرزق في طلبك ... والرزق يأتي وإن أقللت من تعبك لا يملكنّك لا حرص ولا تعب ... فيسلماك ولا تدري إلى عطبك إن تخف أسباب رزق الله عنك فكم ... للرزق من سبب يغنيك عن سببك بل ان تكن في أعزّ العزّ ذا أرب ... فلا يكن زاد من لم تبل من أربك لا تعرضنّ لزاد لست تملكه ... واقنع بزادك أو فاصبر على سغبك ولست تحمد أن تعزى إلى نشب ... إذا عزيت إلى بخل على نشبك هب جاهل القوم غرّته جهالته ... ألست ذا أدب فاعمل على أدبك لا تكلبنّ على عرض الكرام تعش ... والكلب أحسن حالا منك في كلبك ولا تعب عرض من في عرضه جرب ... إلا وأنت نقيّ العرض من جربك وإنما الناس في الدنيا ذوو رتب ... فانهض إلى الرتبة العلياء من رتبك قال أبو حيان: وكان يختلف إلى مجلس أبي سعيد عليّ بن المستنير، وكان هذا ابن بنت قطرب، وكان أبو سعيد يعرف له تقدّمه على كثير من أصحابه، وكان يرجع إلى وطأة خلق، وحسن عشرة، وحلاوة كلام، وفقر مدقع، وضرّ ظاهر، وحالة سيئة، وأمر مختلّ، ومعيشة ضيقة، وكثرة عيال ومؤونة، مع نشاط القلب، وثبات النفس، وطلاقة الوجه، والطرب والارتياح. وقرأ يوما على أبي سعيد «ديوان الجزء: 2 ¦ الصفحة: 887 المرقش» وأخذ خطّه بذلك وعجّل الانصراف من عنده، فقال له أبو سعيد: أين عزمت؟ قال: أذهب لأصلح أمر العيال، وأتمحّل وأحتال، فدعا له بالرزق والسعة والمعونة والكفاية، وهو مع ذلك ضاحك السنّ قرير العين، فلما انصرف قلنا له: هذا الرجل مع ما فيه لا يعرف الحزن في وجهه، ولا يشتدّ همه، ولا يقدر على دفعه، فالتفت بعضهم فقال: أيها الشيخ وراءه حال يخفيها عنا ويطويها منا، قال: ما أظنّ الأمر على ذلك، لكنّ الرجل عاقل، والعاقل يعلو عليه همه وحزنه فيقهرهما بعقله وعلمه، والجاهل يشتدّ همه وحزنه ويرى ذلك في وجهه ولا يقدر على دفعه لجهله، فاستحسنا ذلك وأثبتناه. قال في «كتاب الامتاع» «1» : فقال لي الوزير أين أبو سعيد من أبي علي، وأين علي بن عيسى منهما؟ وأين ابن المراغي «2» أيضا من الجماعة؟ وكذلك المرزباني وابن شاذان وابن الوراق وابن حيويه، فكان من الجواب: أبو سعيد أجمع لشمل العلم، وأنظم لمذاهب العرب، وأدخل في كلّ باب، وأخرج عن كلّ طريق، وألزم للجادّة الوسطى في الدين والخلق، وأروى للحديث، وأقضى في الأحكام، وأفقه في الفتوى، وأحضر بركة على المختلفة «3» ، وأظهر أثرا في المقتبسة، ولقد كتب إليه نوح بن نصر- وكان من أدباء ملوك آل سامان- سنة أربعين وثلاثمائة كتابا خاطبه فيه بالإمام، وسأله عن مسائل تزيد على أربعمائة مسألة، الغالب عليها الحروف وما أشبه الحروف، وباقي ذلك أمثال مصنوعة على العرب شكّ فيها فسأله عنها، وكان هذا الكتاب مقرونا بكتاب الوزير البلعمي «4» خاطبه فيه بامام المسلمين ضمنه مسائل في القرآن وأمثالا للعرب مشكلة. وكتب إليه المرزبان بن محمد ملك الديلم من أذربيجان كتابا خاطبه فيه بشيخ الاسلام، سأل عن مائة وعشرين مسألة أكثرها في القرآن وباقي ذلك في الروايات عن النبي صلى الله عليه وسلّم وعن الصحابة. وكتب إليه ابن حنزابة من مصر كتابا خاطبه فيه بالشيخ الجليل وسأله فيه عن ثلاثمائة كلمة من فنون الحديث المرويّ عن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 888 النبي صلى الله عليه وسلّم وعن السلف، وقال لي الدارقطني سنة سبعين: أنا جمعت ذلك لابن حنزابة على طريق المعونة. وكتب إليه أبو جعفر ملك سجستان على يد شيخنا أبي سليمان كتابا خاطبه فيه بالشيخ الفرد، سأل عن سبعين مسألة في القرآن ومائة كلمة في العربية وثلاثمائة بيت من الشعر، هكذا حدثني به أبو سليمان، وأربعين مسألة في الأحكام، وثلاثين مسألة في الأصول على طريق المتكلمين. قال الوزير «1» : وهذه المسائل والجوابات «2» عندك؟ قلت: نعم، قال: في كم تقع؟ قلت: لعلها تقع في ألف وخمسمائة ورقة لأن أكثرها في الظهور، قال: ما أحوجنا إلى النظر إليها والاستمتاع بها والاستفادة منها، وأين الفراغ وأين السكون ونحن في كل يوم ندفع إلى طامّة تنسي ما سلف وتوعد بالداهية. ثم قال: صل حديثك، قلت: وأما أبو علي فأشدّ تفردا بالكتاب، وأكثر «3» إكبابا عليه، وأبعد من كل ما عداه مما هو علم الكوفيين، وما تجاوز في اللغة كتب أبي زيد وأطرافا لغيره، وهو متّقد بالغيظ على أبي سعيد وبالحسد له: كيف تم له تفسير كتاب سيبويه من أوله إلى آخره بغريبه وأمثاله وشواهده وأبياته، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، لأن هذا شيء ما تمّ للمبرد ولا للزجاج ولا لابن السراج ولا لابن درستويه، مع سعة علمهم وفيض بيانهم «4» ، ولأبي علي أطراف من الكلام في مسائل أجاد فيها ولم يأتل، ولكنه قعد عن الكتاب على النظم المعروف. وحدثني [بعض] أصحابنا أن أبا علي اشترى شرح أبي سعيد بالأهواز في توجهه إلى بغداد سنة ثمان وستين لاحقا بالخدمة المرسومة به والندامة الموقوفة عليه بألفي درهم، وهذا حديث مشهور وإن كان أصحابه يأبون الإقرار به إلا من يزعم أنه أراد النقض عليه واظهار الخطأ فيه. وقد كان الملك السعيد «5» همّ بالجمع بينهما فلم يقض ذلك لأن أبا سعيد مات في رجب سنة ثمان وستين وثلاثمائة. وأبو علي يشرب ويتخالع «6» الجزء: 2 ¦ الصفحة: 889 [ويفارق] هدي سجية «1» أهل العلم وطريقة الديانين «2» ، وأبو سعيد يصوم الدهر «3» ولا يصلّي إلا في الجماعة، ويفتي «4» على مذهب أبي حنيفة، ويلي القضاء سنين، ويتأله ويتحرّج، وغيره بمعزل عن هذا، ولولا الإبقاء [على الحرمة] «5» لأهل العلم لكان القلم يجري بما هو خاف، ويخبر بما هو مجمجم، ولكنّ الأخذ بحكم المروءة أولى، والإعراض عن ما يوجب اللائمة أحرى. وكان أبو سعيد حسن الخطّ، ولقد أراده الصيمري أبو جعفر على الانشاء والتحرير فاستعفى. وقال: هذا يحتاج فيه إلى دربة وأنا عار منها، وإلى سياسة وأنا غريب فيها. ومن العناء رياضة الهرم وحدثنا النصري «6» أبو عبد الله وكان يكتب النوبة للمهلبي قال: كنت أخطّ بين يدي الصيمري أبي جعفر محمد بن أحمد بن محمد، فالتمسني يوما لأن أجيب ابن العميد أبا الفضل عن كتاب فلم يجدني، وكان أبو سعيد السيرافي بحضرته، فظنّ «7» أنه لفضل العلم أقوم بالجواب من غيره، فتقدّم إليه أن يكتب ويجيب، فأطال في عمل نسخة كثر فيها الضّرب والإصلاح، ثم أخذ يحرّر والصيمري يقرأ ما يكتبه، فوجده مخالفا «8» لجاري العادة لفظا، مباينا لما يؤثره ترتيبا، قال: ودخلت في تلك الحال فتمثل الصيمري بقول الشاعر: يا باري القوس بريا ليس يصلحه ... لا تظلم القوس أعط «9» القوس باريها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 890 ثم قال لأبي سعيد: خفف عليك «1» أيها الشيخ وادفع الكتاب إلى أبي عبد الله تلميذك ليجيب عنه، فخجل من هذا القول، فلما ابتدأت الجواب من غير نسخة تحيّر مني أبو سعيد ثم قال للصيمري: أيها الأستاذ ليس بمستنكر ما كان مني ولا بمستكثر «2» ما كان منه، إن مال الفيء «3» لا يصحّ في بيت المال إلا بين مستخرج وجهبذ، والكتّاب جهابذة الكلام، والعلماء مستخرجوه، فتبسم الصيمري وأعجبه ما سمع وقال: على كلّ حال ما أخليتنا من فائدة. وكان أبو سعيد بعيد القرين لأنّه كان يقرأ عليه القرآن والتفسير والفقه والفرائض والشروط والنحو واللغة والعروض والقوافي والحساب والهندسة والشعر والحديث والأخبار، وهو في كل هذا إما في الغاية وإما في الوسط. وأما علي بن عيسى فعليّ الرتبة «4» في النحو واللغة والكلام والعروض والمنطق، وعيب به لأنه «5» لم يسلك طريق واضع المنطق بل أفرد صناعة وأظهر براعة، وقد عمل في القرآن كتابا نفيسا، هذا مع الدين الثخين والعقل الرزين «6» . وأما ابن المراغي فلا يلحق بهؤلاء، مع براعة اللفظ وسعة الحفظ، وقوة النفس، [وبلل الريق] «7» وغزارة النفث، وكثرة الرواية «8» ، ومن نظر له في «كتاب البهجة» عرف ما أقول واعتقد فوق ما وصفت «9» . وأما المرزباني وابن شاذان والقرميسيني وابن الخلال «10» وابن حيويه فلهم رواية وجمع «11» ، ليس لهم في شيء من ذلك نقط ولا إعجام، ولا إسراج ولا إلجام. وحدثني الشيخ الامام علم الدين القاسم بن أحمد الأندلسي شيخنا قال: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 891 حدثني تاج الدين أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي شيخنا، قال «1» : بلغني أن أبا سعيد دخل على ابن دريد وهو يقول: أول من أقوى في الشعر أبونا آدم عليه السلام في قوله: تغيّرت البلاد ومن عليها ... فوجه الأرض مغبرّ قبيح تغيّر كلّ ذي طعم ولون ... وقلّ بشاشة الوجه المليح فقال أبو سعيد: يمكن إنشاده على وجه لا يكون فيه إقواء، فقال: وكيف ذلك؟ قال: بأن تنصب بشاشة على التمييز، وترفع الوجه المليح بقلّ، ويكون قد حذف التنوين لالتقاء الساكنين كما حذف في قوله: فألفيته غير مستعتب ... ولا ذاكر الله إلا قليلا وقال أبو حيان «2» : جرى ليلة ذكر أبي سعيد السيرافي في مجلس ابن عباد، وكان ابن عباد يتعصب له، ويقدمه على أهل زمانه، ويزعم أنه حضر مجلسه، وأبان عن نفسه، وصادف من أبي سعيد بحر علم وطود حلم، فقال أبو موسى الخشكي «3» : إلّا أنه لم يعمل في «شرح كتاب سيبويه» شيئا، فنظر إليه ابن عباد متنمرا ولم يقل حرفا، فعجبت من ذلك، ثم إني توصلت ببعض أصحابه حتى سأل عن حلمه عن أبي موسى مع ذبّه عن أبي سعيد فقال: والله لقد ملكني الغيظ على «4» ذلك الجاهل حتى عزب عنّي رأيي ولم أجد في الحال شيئا يشفي غيظي وغلّتي منه، فصار ذلك سببا لسكوتي عنه، فشابهت الحال الحلم، وما كان ذلك حلما، ولكن طلبا لنوع من الاستخفاف لائق به، فو الله ما يدري ذلك الكلب ولا أحد ممن خرج من قريته ورقة من ذلك الكتاب، وهل سبق أحد إلى مثله من أول الكتاب إلى آخره مع كثرة فنونه وخوافي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 892 أسراره؟! وكان أبو موسى هذا من طبرستان، فعدّ هذا التعصب من مناقب ابن عباد، وحجب أبا موسى بعد ذلك. ومن عجيب «1» ما مرّ بي ما قرأته في «كتاب الانتصار المنبي عن فضائل المتنبي» لأبي الحسين محمد بن أحمد بن محمد المغربي راوية المتنبي وكان قد ردّ فيه على بعض من زعم أن شعر المتنبي مسروق من أبي تمام والبحتري، وله قصيدة عارض بها بعض قصائد المتنبي، وأخذ المغربي يردّ عليه فقال: ورأيته وقد استشهد بأبي سعيد السيرافي مؤدّب الأمير أبي إسحاق ابن معز الدولة أبي الحسين ابن بويه وذكر أنه أعطاه خطه بأن قصيدته خير من قصيدة أبي الطيب، قال: ومن جعل الحكم في هذا إلى أبي سعيد؟ إنما يحكم في الشعر الشعراء لا المؤدّبة، وبمثل هذا جرت سنة العرب في القديم، كانت تضرب للنابغة خيمة من أدم بسوق عكاظ وتأتي الشعراء من سائر الآفاق فتعرض أشعارها عليه فيحكم لمن أجاد، وخبره مع حسان وغيره معروف، ولو كان أعلم الناس بالنحو أشعرهم لكان أبو علي الفسوي أشعر الناس، وما عرف له نظم بيت ولا أبيات ولا سمع ذلك منه. وأما إعطاء أبي سعيد خطه فيوشك أن يكون من جنس «2» ما حدثني به المعروف بابن الخزاز الوراق ببغداد وأبو بكر القنطري وأبو الحسين ابن «3» الخراساني، وهما وراقان أيضا من جلة أهل هذه الصنعة أن أبا سعيد إذا أراد بيع كتاب استكتبه بعض تلامذته حرصا على النفع منه ونظرا في دق المعيشة كتب في آخره، وإن لم ينظر في حرف منه: «قال الحسن بن عبد الله قد قرىء هذا الكتاب عليّ وصح» ليشترى بأكثر من ثمن مثله. قلت: وهذا ضد ما وصفه به الخطيب من متانة الدين، وتأبّيه من أخذ رزق على القضاء، وقناعته بما يحصل من نسخه هذه، والله أعلم بما كان. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 893 مناظرة جرت بين متى بن يونس القنائي الفيلسوف وبين أبي سعيد السيرافي رحمة الله عليه قال أبو حيان «1» : ذكرت للوزير مناظرة جرت في مجلس الوزير أبي الفتح الفضل بن جعفر بن الفرات بين أبي سعيد السيرافي وأبي بشر متى واختصرتها، فقال لي: اكتب هذه المناظرة على التمام فإن شيئا يجري في ذلك المجلس النبيه وبين هذين الشيخين بحضرة أولئك الأعلام ينبغي أن يغتنم سماعه، وتوعى فوائده، ولا يتهاون بشيء منه. فكتبت: حدثني أبو سعيد بلمع من هذه القصة، فأما علي بن عيسى النحوي الشيخ الصالح فإنه رواها مشروحة قال: لما انعقد المجلس سنة عشرين وثلاثمائة «2» قال الوزير ابن الفرات للجماعة- وفيهم الخالدي وابن الاخشيد والكندي وابن أبي بشر وابن رباح وابن كعب وأبو عمرو قدامة بن جعفر والزهريّ وعلي بن عيسى بن الجراح وأبو فراس وابن رشيد وابن عبد العزيز الهاشمي وابن يحيى العلويّ ورسول ابن طغج من مصر والمرزباني صاحب بني سامان-: أريد أن ينتدب منكم إنسان لمناظرة متّى في حديث المنطق، فإنه يقول: لا سبيل إلى معرفة الحقّ من الباطل، والصدق من الكذب، والخير من الشر، والحجة من الشبهة، والشك من اليقين، إلا بما حويناه من المنطق، وملكناه من القيام [به] ، واستفدناه من واضعه على مراتبه وحدوده، واطلعنا عليه من جهة اسمه على حقائقه. فأحجم القوم وأطرقوا، فقال ابن الفرات: والله إن فيكم لمن يفي بكلامه ومناظرته وكسر ما يذهب إليه، وإني لأعدّكم في العلم بحارا، وللدين وأهله أنصارا، وللحقّ وطلابه منارا، فما هذا التغامز والتلامز اللذان تجلّون عنهما؟! فرفع أبو سعيد السيرافي رأسه وقال: اعذر أيها الوزير، فإن العلم المصون في الصدور غير العلم المعروض في هذا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 894 المجلس على الأسماع المصيخة، والعيون المحدقة، والعقول الجامّة «1» ، والألباب الناقدة، لأن هذا يستصحب الهيبة والهيبة مكسرة، ويجتلب الحياء والحياء مغلبة، وليس البراز في معركة غاصّة، كالصراع في بقعة خاصّة «2» . فقال ابن الفرات: أنت لها يا أبا سعيد، فاعتذارك عن غيرك يوجب عليك الانتصار لنفسك، والانتصار لنفسك راجع على الجماعة بفضلك. فقال أبو سعيد: مخالفة الوزير فيما يأمره «3» هجنة، والاحتجان عن رأيه إخلاد إلى التقصير، ونعوذ بالله من زلّة القدم، وإيّاه نسأل حسن التوفيق في الحرب والسلم. ثم واجه متّى فقال: حدثني عن المنطق ما تعني به، فإنا إذا فهمنا مرادك فيه كان كلامنا معك في قبول صوابه وردّ خطأه على سنن مرضيّ وعلى طريقة معروفة. قال متى: أعني به أنه آلة من الآلات يعرف به صحيح الكلام من سقيمه، وفاسد المعنى من صالحه، كالميزان فإني أعرف به الرجحان من النقصان والشائل من الجانح. فقال له أبو سعيد: أخطأت لأن صحيح الكلام من سقيمه يعرف [بالنظم المألوف والاعراب المعروف إذا كنا نتكلم بالعربية؛ وفاسد المعنى من صالحه يعرف] بالعقل إن كنا نبحث بالعقل. وهبك عرفت الراجح من الناقص من طريق الوزن من لك بمعرفة الموزون أهو حديد أو ذهب أو شبه أو رصاص، وأراك بعد معرفة الوزن فقيرا إلى معرفة جوهر الموزون، وإلى معرفة قيمته وسائر صفاته التي يطول عدّها، فعلى هذا لم ينفعك الوزن الذي كان عليه اعتمادك، وفي تحقيقه كان اجتهادك، إلا نفعا يسيرا من وجه واحد، وبقيت عليك وجوه، فأنت كما قال الأول «4» . حفظت شيئا وضاعت منك أشياء وبعد، فقد ذهب عليك شيء ها هنا: ليس كلّ ما في الدنيا يوزن، بل فيها ما يوزن، وفيها ما يكال، وفيها ما يذرع، وفيها ما يمسح، وفيها ما يحزر، وهذا وإن 14. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 895 كان هكذا في الأجسام المرئية فإنه أيضا على ذلك في المعقولات المقرّرة «1» . والاحساسات «2» ظلال العقول، وهي تحكيها بالتبعيد والتقريب، مع الشبه المحفوظ والمماثلة الظاهرة. ودع هذا: إذا كان المنطق وضعه رجل من يونان على لغة أهلها واصطلاحهم عليها وما يتعارفونه بها من رسومها وصفاتها، من أين يلزم الترك والهند والفرس والعرب أن ينظروا فيه ويتخذوه حكما لهم وعليهم، وقاضيا بينهم، ما شهد لهم [به] قبلوه وما أنكره رفضوه؟. قال متى: إنما لزم ذلك لأن المنطق بحث عن الأغراض المعقولة والمعاني المدركة، وتصفّح للخواطر السانحة والسوانح الهاجسة، والناس في المعقولات سواء، ألا ترى أن أربعة وأربعة ثمانية عند جميع الأمم وكذلك ما أشبهه. قال أبو سعيد: لو كانت المطلوبات بالعقل والمذكورات باللفظ ترجع مع شعبها المختلفة وطرائقها المتباينة إلى هذه المرتبة البينة في أربعة وأربعة أنهما ثمانية زال الاختلاف وحضر الاتفاق، ولكن ليس الأمر هكذا، ولقد موّهت بهذا المثال، ولكم عادة في مثل هذا التمويه، ولكن ندع هذا أيضا: إذا كانت الأغراض المعقولة والمعاني المدركة لا يوصل إليها إلّا باللغة الجامعة للأسماء والأفعال والحروف أفليس قد لزمت الحاجة إلى معرفة اللغة؟ قال: نعم، قال: أخطأت، قل في هذا الموضع بلى، قال متى: بلى، أنا أقلدك في مثل هذا. قال أبو سعيد: فأنت إذن لست تدعونا إلى علم المنطق بل إلى تعلم اللغة اليونانية، وأنت لا تعرف لغة يونان، فكيف صرت تدعونا إلى لغة لا تفي بها، وقد عفت منذ زمان طويل، وباد أهلها وانقرض القوم الذين كانوا يتفاوضون بها ويتفاهمون أغراضهم بتصرفها «3» ؟ على أنك تنقل من السريانية فما تقول في معان متحوّلة «4» بالنقل من لغة يونان إلى لغة أخرى سريانية ثم من هذه إلى لغة أخرى عربية؟ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 896 قال متى: يونان وإن بادت مع لغتها فإن الترجمة قد حفظت الأغراض وأدّت المعاني وأخلصت الحقائق. قال أبو سعيد: إذا سلمنا لك أن الترجمة صدقت وما كذبت، وقوّمت وما حرّفت، ووزنت وما جزفت، وأنها ما التاثت ولا حافت، ولا نقصت ولا زادت، ولا قدمت ولا أخرت، ولا أخلّت بمعنى الخاصّ والعامّ ولا بأخصّ الخاصّ ولا بأعمّ العامّ، وإن كان هذا لا يكون، وليس في طبائع اللغات ولا في مقادير المعاني، فكأنك تقول بعد هذا: لا حجة إلا عقول يونان، ولا برهان إلا ما وصفوه «1» ، ولا حقيقة إلا ما أبرزوه. قال متى: لا ولكنهم من بين الأمم أصحاب عناية بالحكمة، والبحث عن ظاهر هذا العالم وباطنه، وعن كل ما يتّصل به وينفصل عنه، وبفضل عنايتهم ظهر ما ظهر، وانتشر ما انتشر، وفشا ما فشا، ونشا ما نشا من أنواع العلم وأصناف الصناعة «2» ، ولم نجد هذا لغيرهم. قال أبو سعيد: أخطأت وتعصبت وملت مع الهوى، فإن العلم مبثوث في العالم، ولهذا قال القائل: العلم في العالم مبثوث ... ونحوه العاقل محثوث وكذلك الصناعات مفضوضة على جميع من على جديد الأرض، ولهذا غلب علم في مكان دون مكان، وكثرت صناعة في بقعة دون صناعة، وهذا واضح والزيادة عليه مشغلة، ومع هذا فإنما كان يصح قولك وتسلم دعواك لو كانت يونان معروفة بين جميع الأمم بالعصمة الغالبة والفطرة «3» الظاهرة والبنية المخالفة، وأنهم لو أرادوا أن يخطئوا ما قدروا، ولو قصدوا أن يكذبوا ما استطاعوا، وأن السكينة نزلت عليهم، والحقّ تكفّل بهم، والخطأ تبرأ منهم، والفضائل لصقت بأصولهم وفروعهم، والرذائل بعدت عن جواهرهم وعروقهم وهذا جهل ممّن يظنه بهم، وعناد ممّن يدّعيه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 897 عليهم، بل كانوا كغيرهم من الأمم يصيبون في أشياء ويخطئون في أشياء، ويصدقون في أمور ويكذبون في أمور، ويحسنون في أحوال ويسيئون في أحوال، وليس واضع المنطق يونان بأسرها، إنما هو رجل منهم، وقد أخذ عمن قبله، كما أخذ عنه من بعده، وليس هو حجة على هذا الخلق الكثير والجمّ الغفير، وله مخالفون منهم ومن غيرهم. ومع هذا فالاختلاف في الرأي والنظر والبحث والمسألة والجواب سنخ وطبيعة، فكيف يجوز أن يأتي رجل بشيء يرفع به هذا الخلاف أو يحلحله أو يؤثر فيه، هيهات هذا محال، ولقد بقي العالم بعد منطقه على ما كان قبل منطقه، وامسح وجهك بالسلوة عن شيء لا يستطاع، لأنه مفتقد بالفطرة والطباع، وأنت فلو فرّغت بالك وصرفت عنايتك إلى معرفة هذه اللغة التي تحاورنا بها وتجارينا فيها وتدارس أصحابك بمفهوم أهلها وتشرح كتب يونان بعبارة «1» أصحابها لعلمت أنك غنيّ عن معاني يونان كما أنك غني عن لغة يونان. وها هنا مسألة: أتقول إن الناس عقولهم مختلفة وأنصباؤهم منها متفاوتة؟ قال متى: نعم، قال: وهذا التفاوت والاختلاف بالطبيعة أو الاكتساب؟ قال: بالطبيعة، قال فكيف يجوز أن يكون ها هنا شيء يرتفع به الاختلاف الطبيعيّ والتفاوت الأصليّ؟ قال متى: هذا قد مرّ في جملة كلامك آنفا، قال أبو سعيد: فهل وصلته بجواب قاطع، وبيان ناصع؟ ودع هذا: أسألك عن حرف واحد هو دائر في كلام العرب، ومعانيه متميّزة عند أهل العقل فاستخرج أنت معانيه من ناحية منطق أرسطاطاليس الذي تدلّ به وتباهي بتفخيمه- وهو الواو- وما أحكامه وكيف مواقعه؟ وهل هو على وجه واحد أو وجوه؟ فبهت متى وقال: هذا نحو، والنحو لم أنظر فيه لأن لا حاجة بالمنطقي إلى النحو، وبالنحويّ حاجة إلى المنطق، لأن المنطق يبحث عن المعنى، والنحو يبحث عن اللفظ، فإن مرّ المنطقي باللفظ فبالعرض، وإن عبر النحوي بالمعنى فبالعرض، والمعنى أشرف من اللفظ، واللفظ أوضع من المعنى. قال أبو سعيد: أخطأت لأن المنطق والنحو واللفظ والإفصاح والإعراب والإنباء والحديث والاخبار والاستخبار والعرض والتمني والحضّ والدعاء والنداء والطلب كلها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 898 من واد واحد بالمشاكلة والمماثلة، ألا ترى أن رجلا لو قال: نطق زيد بالحق ولكن ما تكلم بالحق، وتكلّم بالفحش ولكن ما قال الفحش، وأعرب عن نفسه ولكن ما أفصح، وأبان المراد ولكن ما أوضح أو فاه بحاجته ولكن ما لفظ، أو أخبر ولكن ما أنبأ، لكان في جميع هذا مخرّفا ومناقضا وواضعا للكلام في غير حقه، ومستعملا للفظ على غير شهادة من عقله وعقل غيره. والنحو منطق ولكنه مسلوخ من العربية، والمنطق نحو ولكنه مفهوم باللغة، وإنما الخلاف بين اللفظ والمعنى أنّ اللفظ طبيعي والمعنى عقلي، ولهذا كان اللفظ بائدا على الزمان يقفو أثر الطبيعية بأثر آخر من الطبيعية، ولهذا كان المعنى ثابتا على الزمان لأن مستملي المعنى عقل، والعقل إلهيّ، ومادّة اللفظ طينية، وكل طيني متهافت. وقد بقيت أنت بلا اسم لصناعتك التي تنتحلها وآلتك التي تزهى بها، إلا أن تستعير من العربية لها اسما فتعار، ويسلم لك [ذلك] بمقدار، وإن لم يكن لك بدّ من قليل هذه اللغة من أجل الترجمة فلا بدّ لك أيضا من كثيرها من أجل تحقيق الترجمة واجتلاب الثقة والتوقي من الخلة اللاحقة لك. قال متى: يكفيني من لغتكم هذا الاسم والفعل والحرف، فإني أتبلّغ بهذا القدر إلى أغراض قد هذّبتها لي يونان. قال أبو سعيد: أخطأت لأنك في هذا الاسم والفعل والحرف فقير إلى وصفها وبنائها على الترتيب الواقع في غرائز أهلها، وكذلك أنت محتاج بعد هذا إلى حركات هذه الأسماء والأفعال والحروف، فإن الخطأ والتحريف في الحركات كالخطأ والفساد في المتحركات، وهذا باب أنت وأصحابك ورهطك عنه في غفلة. على أن ها هنا سرا ما علق بك ولا أسفر لعقلك وهو: أن تعلم أن لغة من اللغات لا تطابق لغة أخرى من جميع جهاتها، بحدود صفاتها في أسمائها وأفعالها وحروفها وتأليفها وتقديمها وتأخيرها واستعارتها وتحقيقها وتشديدها وتخفيفها وسعتها وضيقها ونظمها ونثرها وسجعها ووزنها وميلها وغير ذلك مما يطول ذكره، وما أظن أحدا يدفع هذا الحكم أو يسأل في صوابه ممن يرجع إلى مسكة من عقل أو نصيب من إنصاف، فمن أين يجب أن تثق بشيء ترجم لك على هذا الوصف؟ بل أنت إلى أن تعرف اللغة العربية أحوج منك إلى أن تعرف المعاني اليونانية. على أن المعاني لا تكون يونانية ولا هندية، كما الجزء: 2 ¦ الصفحة: 899 أن اللغات تكون «1» فارسية ولا عربية ولا تركية. ومع هذا فإنك تزعم أن المعاني حاصلة بالعقل والفحص والفكر، إلا إحكام اللغة، فلم تزري على العربية وأنت تشرح كتب أرسطاطاليس بها مع جهلك بحقيقتها؟! وحدثني عن قائل قال لك: حالي في معرفة الحقائق والتصفح لها والبحث عنها حال قوم كانوا قبل واضع المنطق أنظر كما نظروا، وأتدبر كما تدبروا، لأن اللغة قد عرفتها بالمنشأ والوراثة، والمعاني نقّرت عنها بالنظر والرأي والاعتقاب والاجتهاد، ما تقول له؟ [أتقول] لا يصحّ له هذا الحكم ولا يستتب هذا الأمر لأنه لم يعرف هذه الموجودات من الطريقة التي عرفتها أنت، ولعلك تفرح بتقليده لك وإن كان على باطل، أكثر مما تفرح باستبداده وإن كان على حقّ، وهذا هو الجهل المبين والحكم غير المستبين. ومع هذا: فحدثني عن الواو ما حكمه فإني أريد أن أبيّن أن تفخيمك للمنطق لا يغني عنك شيئا وأنت تجهل حرفا واحدا من اللغة التي تدعو بها إلى الحكمة اليونانية، ومن جهل حرفا واحدا أمكن أن يجهل اللغة بكاملها، فإن كان لا يجهلها كلّها ولكن يجهل بعضها فلعله يجهل ما يحتاج إليه ولا ينفعه فيه علم ما لا يحتاج [إليه] . وهذه رتبة العامة أو هي رتبة من هو فوق العامة بقدر يسير، فلم يتأبّى على هذا ويتكبر «2» ويتوهم أنه من الخاصة وخاصة الخاصة، وأنه يعرف سرّ الكلام وغامض الحكمة وخفيّ القياس وصحيح البرهان؟ وإنما سألتك عن معاني حرف واحد، فكيف لو نثرت عليك الحروف كلها وطالبتك بمعانيها ومواضعها التي لها بالتجوّز؟ سمعتكم تقولون «في» لا يعلم النحويون مواقعها وإنما يقولون هي للوعاء كما يقولون: إن الباء للإلصاق؛ وإن «في» تقال على وجوه: يقال الشيء في الوعاء، والإناء في المكان، والسائس في السياسة والسياسة في السائس. أترى [أن] هذا التشقيق «3» هو من عقول يونان ومن ناحية لغتها، ولا يجوز أن يعقل هذا بعقول الهند والترك والعرب؟ فهذا جهل من كل من يدّعيه، وخطل من القول الذي أفاض فيه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 900 النحوي إذا قال: «في» للوعاء فقد أفصح في الجملة عن المعنى الصحيح، وكنى مع ذلك عن الوجوه التي تظهر بالتفصيل، ومثل هذا كثير وهو كاف في موضع التكنية «1» . فقال ابن الفرات. أيها الشيخ الموفق، أجبه بالبيان عن مواقع الواو حتى تكون أشد في إفحامه، وحقّق عند الجماعة ما هو عاجز عنه ومع ذلك فهو متشبّع «2» به. فقال أبو سعيد: للواو وجوه ومواقع منها: معنى العطف في قولك أكرمت زيدا وعمرا، ومنها القسم في قولك والله لقد كان كذا وكذا، ومنا الائتناف كقولك: خرجت وزيد قائم، لأن الكلام بعده ابتداء وخبر، ومنها معنى ربّ التي هي للتقليل نحو قوله: وقاتم الأعماق خاوي المخترق «3» ومنها أن تكون أصلية في الاسم كقولك: واقد واصل وافد، وفي الفعل كقولك وجل يوجل، ومنها أن تكون مقحمة نحو قول الله تعالى: فلما أسلما وتله للجبين وناديناه (الصافات: 13) أي ناديناه، ومثله قول الشاعر «4» : فلما أجزنا ساحة الحيّ وانتحى ... بنا بطن خبت ذي قفاف عقنقل المعنى: انتحى بنا، ومنها معنى الحال في قوله عز وجل: ويكلم الناس في المهد وكهلا (آل عمران: 46) أي يكلّم الناس حال صغره بكلام الكهل في حال كهولته، ومنها أن تكون بمعنى حرف الجرّ كقولك استوى الماء والخشبة أي مع الخشبة. فقال ابن الفرات لمتى: يا أبا بشر أكان هذا في نحوك؟ ثم قال أبو سعيد: دع هذا، ها هنا مسألة علاقتها بالمعنى العقلي أكثر من الجزء: 2 ¦ الصفحة: 901 علاقتها بالشكل اللفظي، ما تقول في قول القائل: زيد أفضل الاخوة؟ قال: صحيح، قال فما تقول إن قال: زيد أفضل إخوته، قال: صحيح، قال: فما الفرق بينهما مع الصحة؟ فبلّح وجنح وعصب ريقه «1» . فقال أبو سعيد: أفتيت على غير بصيرة ولا استبانة. المسألة الأولى جوابك عنها صحيح وإن كنت غافلا عن وجه صحتها، والمسألة الثانية جوابك عنها غير صحيح وإن كنت أيضا ذاهبا عن وجه بطلانها. قال متى: بين ما هذا التهجين. قال أبو سعيد: إذا حضرت المختلفة استفدت، ليس هذا مكان التدريس، هو مجلس إزالة التلبيس مع من عادته التمويه والتشبيه، والجماعة تعلم أنك أخطأت، فلم تدعي أن النحويّ إنما ينظر في اللفظ لا في المعنى والمنطقي ينظر في المعنى لا في اللفظ؟ هذا كان يصحّ لو أن المنطقي يسكت ويجيل فكره في المعاني ويرتب ما يريد في الوهم السيّاح «2» والخاطر العارض والحدس الطارىء، وأما وهو يريغ أن يبرز ما صحّ له بالاعتبار والتصفح إلى المتعلم والمناظر فلا بدّ له من اللفظ الذي يشتمل على مراده، ويكون طباقا لغرضه، وموافقا لقصده. قال ابن الفرات: يا أبا سعيد تمم لنا كلامك في شرح المسألة حتى تكون الفائدة ظاهرة لأهل المجلس والتبكيت عاملا في نفس أبي بشر. فقال: ما أكره من إيضاح الجواب عن هذه المسألة إلا ملل الوزير، فإن الكلام إذا طال ملّ. فقال ابن الفرات: ما رغبت في سماع كلامك وبيني وبين الملل علاقة، فأما الجماعة فحرصها على ذلك ظاهر. فقال أبو سعيد: إذا قلت زيد أفضل إخوته لم يجز، وإذا قلت: زيد أفضل الاخوة جاز، والفصل بينهما أنّ إخوة زيد هم غير زيد، وزيد خارج من جملتهم، ودليل ذلك أنه لو سأل سائل فقال: من إخوة زيد لم يجز أن تقول زيد وعمرو وبكر وخالد، وإنما تقول: بكر وعمرو وخالد، ولا يدخل زيد في جملتهم، فإذا كان زيد خارجا عن إخوته صار غيرهم، فلم يجز أن يكون أفضل إخوته كما لم يجز أن يكون حمارك أفضل البغال لأن الحمار غير البغال، كما أن زيدا غير إخوته، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 902 فإذا قلت: زيد أفضل الاخوة جاز لأنه أحد الاخوة والاسم يقع عليه وعلى غيره فهو بعض الاخوة، ألا ترى أنه لو قيل من الاخوة؟ عددته فيهم فقلت: زيد وعمرو وبكر وخالد، فيكون بمنزلة قولك حمارك أفره الحمير، فلما كان على ما وصفنا جاز أن يضاف إلى واحد منكور يدل على الجنس، فتقول زيد أفضل رجل وحمارك أفره حمار، فيدلّ رجل على الجنس كما دل الرجال، وكما في عشرين درهما ومائة درهم. فقال ابن الفرات: ما بعد هذا البيان مزيد، ولقد جلّ علم النحو عندي بهذا الاعتبار وهذا الإسفار «1» . فقال أبو سعيد: معاني النحو منقسمة بين حركات اللفظ وسكناته، وبين وضع الحروف في مواضعها المقتضية لها، وبين تأليف الكلام بالتقديم والتأخير وتوخّي الصواب في ذلك وتجنب الخطأ من ذلك، وإن زاغ شيء عن هذا النعت فإنه لا يخلو من أن يكون سائغا بالاستعمال النادر والتأويل البعيد أو مردودا لخروجه عن عادة القوم الجارية على فطرتهم. فأما ما يتعلق باختلاف لغات القبائل فذلك شيء مسلّم لهم ومأخوذ عنهم «2» ، وكل ذلك محصور بالتتبع والرواية والسماع والقياس المطرد على الأصل المعروف من غير تحريف، وإنما دخل العجب على المنطقيين لظنهم أنّ المعاني لا تعرف ولا تستوضح إلا بطريقهم ونظرهم وتكلفهم، فترجموا لغة هم فيها ضعفاء ناقصون بترجمة أخرى هم فيها ضعفاء ناقصون، وجعلوا تلك الترجمة صناعة وادعوا على النحويين أنهم مع اللفظ لا مع المعنى. ثم أقبل أبو سعيد على متّى فقال: ألا تعلم يا أبا بشر أن الكلام اسم واقع على أشياء قد ائتلفت بمراتب؟ مثال ذلك أنك تقول هذا ثوب، والثوب يقع على أشياء بها صار ثوبا، لأنه نسج بعد أن غزل، فسداته لا تكفي دون لحمته، ولحمته لا تكفي دون سداته، ثم تأليفه كنسجه، وبلاغته كقصارته، ورقة سلكه كرقة لفظه، وغلظ غزله ككثافة حروفه، ومجموع هذا كله ثوب ولكن بعد تقدمة كلّ ما يحتاج إليه فيه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 903 قال ابن الفرات: سله يا أبا سعيد عن مسألة أخرى، فإن هذا كلما توالى عليه بان انقطاعه، وانخفض ارتفاعه في المنطق الذي ينصره والحق الذي لا يبصره «1» . قال أبو سعيد: ما تقول في رجل قال: لهذا عليّ درهم غير قيراط، ولهذا الآخر عليّ درهم غير قيراط؟ قال متى: ما لي علم بهذا النمط. قال: لست نازعا عنك حتى يصحّ عند الحاضرين أنك صاحب مخرقة وزرق، ها هنا ما هو أخفّ من هذا: قال رجل لصاحبه: بكم الثوبان المصبوغان؟ وقال آخر: بكم ثوبان مصبوغان؟ وقال آخر: بكم ثوبان مصبوغين؟ بيّن هذه المعاني التي تضمنها لفظ لفظ. قال متى: لو نثرت أنا أيضا عليك من مسائل المنطق شيئا لكان حالك كحالي. قال أبو سعيد: أخطأت لأنك إذا سألتني عن شيء أنظر فيه، فإن كان له علاقة بالمعنى وصحّ لفظه على العادة الجارية أجبت، ثم لا أبالي أن يكون موافقا أو مخالفا، وإن كان غير متعلّق بالمعنى رددته عليك، وإن كان متصلا باللفظ ولكن على موضع لكم في الفساد- على ما حشوتم به كتبكم- رددته أيضا، لأنه لا سبيل إلى إحداث لغة مقررة بين أهلها. ما وجدنا لكم إلا ما استعرتم من لغة العرب كالسلب والإيجاب، والموضوع والمحمول، والكون والفساد، والمهمل والمحصور «2» ، وأمثلة لا تنفع ولا تجدي، وهي إلى العيّ أقرب وفي الفهاهة أذهب، ثم أنتم هؤلاء في منطقكم على نقص ظاهر لأنكم لا تفون بالكتب ولا هي مشروحة، وتدعون الشعر ولا تعرفونه، وتدعون الخطابة وأنتم عنها في منقطع التراب، وقد سمعت قائلكم يقول: الحاجة ماسّة إلى كتاب البرهان، فإن كان كما قال فلم قطع الزمان بما قبله من الكتب؟ وإن كانت الحاجة قد مسّت إلى ما قبل البرهان فهي أيضا ماسة إلى ما بعد البرهان، وإلا فلم صنّف ما لا يحتاج إليه ويستغنى عنه؟ هذا كله تخليط وزرق وتهويل ورعد وبرق، وإنما بودكم أن تشغلوا جاهلا وتستذلّوا عزيزا، وغايتكم أن تهولوا بالجنس والنوع والخاصة والفصل والعرض والشخص، وتقولوا: الهلّية والأينية والماهية والكيفية الجزء: 2 ¦ الصفحة: 904 والكمية والذاتية والعرضية والجوهرية والهيولية والصورية والأيسية والليسيّة «1» والنفسية، ثم تنمطون وتقولون: جئنا بالسحر في قولنا لا (أ) في شيء من (ب) و (ج) في بعض (ب) فلا (أ) في بعض (ج) و (أ) لا في كل (ب) ، و (ج) في بعض (ب) فاذن: لا (أ) في كل (ج) «2» . هذا بطريق الخلف «3» ، وهذا بطريق الاختصاص، وهذه كلها جزافات وترّهات ومغالق وشبكات «4» ، ومن جاد عقله وحسن تمييزه ولطف نظره وثقب رأيه وأنارت نفسه استغنى عن هذا كلّه، بعون الله وفضله، وجودة العقل وحسن التمييز ولطف النظر وثقوب الرأي وإنارة النفس من منائح الله الهنية ومواهبه السنية يختص بها من يشاء من عباده، وما أعرف لاستطالتكم بالمنطق وجها، وهذا الناشىء أبو العباس قد نقض عليكم وتتبّع طريقكم وبيّن خطأكم وأبرز ضعفكم، ولم تقدروا إلى اليوم أن تردوا عليه كلمة واحدة مما قال، وما زدتم على قولكم: لم يعرف أغراضنا ولا وقف على مرادنا وإنما تكلم على وهم. وهذا منكم لجاجة «5» ونكول، ورضى بالعجز والكلول، وكل ما ذكرتم في الموجودات فعليكم فيه اعتراض: هذا قولكم في فعل «6» وينفعل لم تستوضحوا فيهما مراتبهما ومواقعهما، ولم تقفوا على مقاسمهما، لأنكم قنعتم فيهما بوقوع الفعل من يفعل وقبول الفعل من ينفعل، ومن وراء ذلك غايات خفيت عليكم ومعارف ذهبت عنكم، وهذا حالكم في الإضافة، فأما البدل ووجوهه والمعرفة وأقسامها والنكرة ومراتبها وغير ذلك مما يطول ذكره فليس لكم فيه مقال ولا مجال. وأنت إذا قلت لإنسان كن منطقيا فإنما تريد: كن عقليا أو عاقلا أو اعقل ما تقول لأنّ أصحابك يزعمون أن المنطق هو العقل، وهذا قول مدخول لأن المنطق على وجوه أنتم منها في سهو. وإذا قال لك آخر: كن نحويا لغويا فصيحا فإنما يريد: افهم عن نفسك ما تقول ثم رم أن يفهم عنك غيرك وقدّر اللفظ على المعنى فلا يفضل عنه، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 905 وقدّر المعنى على اللفظ فلا ينقص منه- هذا إذا كنت في تحقيق شيء على ما هو به، فأما إذا حاولت فرش المعنى وبسط المراد فاجل «1» اللفظ بالروادف الموضحة والأشباه المقربة والاستعارات الممتعة، وشدّ «2» المعاني بالبلاغة، أعني لوّح منها شيئا حتى لا تصاب إلا بالبحث عنها والشوق إليها لأن المطلوب إذا ظفر به على هذا الوجه عز وجلّ، وكرم وعلا، واشرح منها شيئا حتى لا يمكن أن يمترى فيه أو يتعب في فهمه أو يعرّج «3» عنه لاغتماضه فبهذا المعنى يكون جامعا لحقائق الأشياء ولأشباه الحقائق، وهذا باب إن استقصيته خرج عن نمط ما نحن عليه في هذا المجلس. على أني لا أدري أيؤثر فيك ما أقول أم لا. ثم قال: حدثنا هل فصلتم قط بالمنطق بين مختلفين، أو رفعتم بالخلاف بين اثنين، أتراك بقوة المنطق وبرهانه اعتقدت أن الله ثالث ثلاثة، وأن الواحد أكثر من واحد، وأن الذي هو أكثر من واحد هو واحد، وأن الشرع ما تذهب إليه والحق ما تقوله؟! هيهات، ها هنا أمور ترتفع «4» عن دعوى أصحابك وهذيانهم، وتدقّ عن عقولهم وأذهانهم. ودع هذا: ها هنا مسألة قد أوقعت خلافا، فارفع ذلك الخلاف بمنطقك، قال قائل: لفلان من الحائط إلى الحائط، ما الحكم فيه وما قدر المشهود به لفلان، فقد قال ناس: له الحائطان معا وما بينهما، وقال آخرون: له ما بينهما، وقال آخرون: له النصف من كل واحد منهما، وقال آخرون: له أحدهما، هات الآن آيتك الباهرة، ومعجزتك القاهرة، وأنى لك بهما، وهذا قد بان بغير نظرك ونظر أصحابك. ودع هذا أيضا: قال قائل: من الكلام ما هو مستقيم حسن، ومنه ما هو مستقيم كذب، ومنه ما هو خطأ، فسّر هذه الجملة، واعترض عليه عالم آخر فاحكم أنت بين هذا القائل والمعترض، وأرنا قوة صناعتك التي تميز بها بين الخطأ والصواب وبين الحق والباطل، فإن قلت: كيف أحكم بين اثنين أحدهما قد سمعت مقالته الجزء: 2 ¦ الصفحة: 906 والآخر لم أحصل على اعتراضه قيل لك: استخرج بنظرك الاعتراض إن كان ما قاله محتملا له، ثم أوضح الحقّ منهما، لأن الأصل مسموع لك حاصل عندك، وما يصحّ به أو يطّرد عليه يجب أن يظهر منك، فلا تتعاسر علينا، فإن هذا لا يخفى على أحد من الجماعة. فقد بان الآن أن مركّب اللفظ لا يحوز مبسوط العقل، والمعاني معقولة ولها اتصال شديد وبساطة تامّة، وليس في قوة اللفظ من أيّ لغة كان أن يملك ذلك المبسوط ويحيط به وينصب عليه سورا ولا يدع شيئا من داخله أن يخرج ولا شيئا من خارجه أن يدخل خوفا من الاختلاط الجالب للفساد، أعني أن ذلك يخلط الحقّ بالباطل ويشبّه الباطل بالحق، وهذا الذي وقع الصحيح منه في الأول قبل وضع المنطق، وقد عاد ذلك الصحيح في الثاني بهذا المنطق. وأنت لو عرفت العلماء والفقهاء ومسائلهم ووقفت على غورهم في نظرهم، وغوصهم في استنباطهم وحسن تأويلهم لما يرد عليهم، وسعة تشقيقهم للوجوه المحتملة والكنايات المفيدة والجهات القريبة والبعيدة، لحقرت نفسك وازدريت أصحابك، ولكان ما ذهبوا إليه وتابعوا عليه أقلّ في عينك من السها عند القمر، ومن الحصى عند الجبل. أليس الكندي- وهو علم في أصحابك- يقول في جواب مسألة: «هذا من جواب عدة» «1» فعدّ الوجوه بحسب الاستطاعة على طريق الإمكان من ناحية الوهم بلا ترتيب حتى وضعوا له مسائل من هذا [الشكل] وغالطوه بها وأروه [أنها] من الفلسفة الداخلة، فذهب عليه ذلك الوضع، فاعتقد أنه مريض العقل فاسد المزاج حائل الغريزة مشوّش اللب، قالوا له: أخبرنا عن الاسطقسات الأجرام واصطكاك تضاغط الأركان «2» هل يدخل في باب وجوب الإمكان أو يخرج من باب الفقدان إلى ما يخفى عن الأذهان؟ وقالوا له أيضا: ما نسبة «3» الحركات الطبيعيّة إلى الصور الهيولانية؟ وهل هي ملابسة للكيان في حدود النظر والبيان أو مزايلة له على غاية الإحكام؟ وقالوا له: ما تأثير فقدان الوجدان في عدم الإمكان عند امتناع الواجب من وجوبه في ظاهر ما لا وجوب له لاستحالته في إمكان أصله؟ وعلى هذا فقد حفظ جوابه عن جميع هذا على غاية الركاكة والضعف الجزء: 2 ¦ الصفحة: 907 والفساد والفسالة والسخف، ولولا التوقي من التطويل لسردت ذلك كله. ولقد مرّ بي في خطه: التفاوت في تلاشي الأشياء غير محاط به لأنه يلاقي الاختلاف في الأصول والاتفاق في الفروع، وكل ما يكون على هذا النهج فالنكرة تزاحم عليه المعرفة، والمعرفة تناقض النكرة، على أن النكرة والمعرفة من باب الألسنة العارية من ملابس الأسرار الإلهية، لا من باب الإلهية العارضة في أحوال البشرية «1» . ولقد حدثني أصحابنا الصابئون عنه بما يضحك الثكلى، ويشمت العدوّ ويغمّ الصديق، وما ورث هذا كله إلا من بركات يونان وفوائد الفلسفة والمنطق، ونسأل الله عصمة وتوفيقا نهتدي بهما إلى القول الراجع إلى التحصيل، والفعل الجاري على التعديل، إنه سميع مجيب. قال أبو حيان: هذا اخر ما كتبت عن علي بن عيسى الشيخ الصالح باملائه، وكان أبو سعيد روى لمعا من هذه القصة، وكان يقول: لم أحفظ عن «2» نفسي كلّ ما قلت، ولكن كتب ذلك القوم الذين حضروا في ألواح كانت معهم ومحابر أيضا، وقد اختل [عليّ] كثير منه. قال علي بن عيسى: وتقوّض المجلس وأهله يتعجبون من جأش أبي سعيد ولسانه المتصرف ووجهه المتهلل وفوائده المتتابعة. وقال له الوزير ابن الفرات: عين الله عليك أيها الشيخ، فقد ندّيت أكبادا، وأقررت عيونا، وبيضت وجوها، وحكت طرازا لا تبليه الأيام ولا يتطرقه الحدثان. قال: قلت لعلي بن عيسى: وكم كان سن أبي سعيد يومئذ؟ قال مولده سنة ثمانين ومائتين، وكان له يوم المناظرة أربعون سنة، وقد عبث الشيب بلهازمه، هذا مع السمت والوقار والدين والجد، وهذا شعار أهل الفضل والتقدم، وقلّ من تظاهر به وتحلى بحليته إلا جلّ في العيون، وعظم في الصدور والنفوس، وأحبته القلوب وجرت بمدحه الألسنة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 908 وقلت لعلي بن عيسى: أكان أبو علي الفسوي حاضرا في المجلس؟ قال: لا، كان غائبا وحدّث بما كان، وكان [يكتم] الحسد لأبي سعيد على ما فاز به من هذا الخبر المشهور والثناء المذكور. قال أبو حيان: وقال لي الوزير عند منقطع هذا الحديث: ذكرتني شيئا كان في نفسي وأحببت أن أسألك عنه وأقف عليه، أين أبو سعيد من أبي علي وأين علي بن عيسى منهما وأين المراغي أيضا من الجماعة وكذلك المرزباني وابن شاذان وابن الوراق وابن حيويه؟ (فكان من الجواب ما تقدم ذكره) . ونظير خبر أبي سعيد مع متى خبره أيضا مع أبي الحسن العامري الفيلسوف النيسابوري، ذكره أبو حيان أيضا قال: لما ورد أبو الفتح ابن العميد إلى بغداد وأكرم العلماء استحضرهم إلى مجلسه ووصل أبا سعيد السيرافي وأبا الحسن علي بن عيسى الرماني بمال كما ذكرنا في باب أبي الفتح علي بن محمد بن العميد. قال أبو حيان «1» : انعقد المجلس في جمادى الأولى «2» سنة أربع وستين وثلاثمائة وغص بأهله، فرأيت العامري وقد انتدب فسأل أبا سعيد السيرافي فقال: ما طبيعة الباء من بسم الله، فعجب الناس من هذه المطالبة ونزل بأبي سعيد ما كاد يشده «3» به، فأنطقه الله بالسحر الحلال، وذلك أنه قال: ما أحسن ما أدبنا به بعض الموفقين المتقدمين، فقال: وإذا خطبت على الرجال فلا تكن ... خطل الكلام تقوله مختالا واعلم بأن مع السكون «4» لبابة ... ومن التكلّف ما يكون خبالا «5» والله يا شيخ لعينك أكبر من فرارك «6» ، ولمرآك أوفى من دخلتك، ولمنثورك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 909 أبين من منظومك، فما هذا الذي طوّعت له نفسك، وسدّد عليه رأيك؟ اني أظنّ أن السلامة بالسكوت تعافك، والغنيمة بالقول ترغب عنك، والله المستعان، فقال ابن العميد وقد أعجب بما قال أبو سعيد: فتى كان يعلو مفرق الحقّ قوله ... إذا الخطباء الصيد عضّل قيلها جهير وممتدّ العنان مناقل ... بصير بعورات الكلام خبيرها القائل القول الرفيع الذي ... يمرع منه البلد الماحل والتفت إلى العامري فقال: وإنّ لسانا لم تعنه لبابة ... كحاطب ليل يجمع الرذل حاطبه وذي خطل بالقول يحسب انه ... مصيب فما يلمم به فهو قائله «1» وفي الصمت ستر للعيّي وإنما ... صحيفة لبّ المرء أن يتكلما «2» وفي الصمت ستر وهو أولى بذي الحجى ... إذا لم يكن للنطق وجه ومذهب ثم أقبل على ابن فارس معلمه فقال: لسنا من كلام أصحابك في الفرضة «3» والشط «4» . قال أبو حيان: فلما خرجنا قلت لأبي سعيد: أرأيت أيها الشيخ ما كان من هذا الرجل الخطير عندنا الكبير في أنفسنا؟ قال: ما دهيت قطّ بمثل ما دهيت به اليوم، لقد جرى بيني وبين أبي بشر صاحب «شرح كتاب المنطق» سنة عشرين وثلاثمائة في مجلس أبي الفضل ابن الفرات مناظرة كانت هذه أشوس «5» وأشرس منها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 910 [322] الحسن بن عبد الله بن سعيد بن إسماعيل بن زيد بن حكيم العسكري، أبو أحمد اللغوي العلامة: مولده يوم الخميس لست عشرة ليلة خلت من شوال سنة ثلاث وتسعين ومائتين ومات سنة اثنتين وثمانين وثلاثمائة. قال السلفي الحافظ، على ما سمعت أبا عامر غالب بن علي بن غالب الفقيه الاستراباذي بقصر روناش «1» يقول: رأيت بخط أبي حكيم أحمد بن إسماعيل بن فضلان اللغوي العسكري مكتوبا: توفي أبو أحمد الحسن بن عبد الله بن سعيد العسكري يوم الجمعة لسبع خلون من ذي الحجة من سنة اثنتين وثمانين وثلاثمائة. قال مؤلف الكتاب: ولقد طال تطوافي وكثر تسآلي عن العسكريين أبي أحمد وأبي هلال، فلم ألق من يخبرني عنهما بجليّة خبر، حتى وردت دمشق في سنة اثنتي عشرة وستمائة في جمادى الآخرة، ففاوضت الحافظ تقي الدين إسماعيل بن عبد الله بن عبد المحسن بن الأنماطي النضاري المصري- أسعده الله بطاعته- فيهما، فذكر لي أن الحافظ أبا طاهر أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم السلفي الأصبهاني لما ورد إلى دمشق سئل عنهما فأجاب فيهما بجواب لا يقوم به إلا مثله من أئمة العلم وأولي الفضل والفهم، فسألته أن يفيدني في ذلك ففعل متفضلا، فكتبته على صورة ما أورده السلفي، غير المولد والوفاة فإنه كان في آخر أخبار أبي أحمد، فقدمته على عادتي. وأخبرني بذلك عن السلفي جماعة منهم الأسعد محمد بن الحسن بن محمد بن عبد الله العامري المقدسي والنبيه أبو طاهر إسماعيل بن عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الرحمن الانصاري وغيرهما إجازة، قال أبو طاهر   [322]- ترجمة أبي أحمد العسكري في ذكر أخبار اصفهان 1: 272 والمنتظم 7: 191 والأنساب واللباب (العسكري) وإنباه الرواة 1: 310 وابن خلكان 2: 83 وسير الذهبي 16: 413 وعبر الذهبي 3: 20 والوافي 12: 76 ومرآة الجنان 2: 415 والبداية والنهاية 11: 312 والنجوم الزاهرة 4: 163 وبغية الوعاة 1: 506 والشذرات 3: 102 واشارة التعيين 95 وروضات الجنات 3: 60 (وذكر في المختصر أن وفاته كانت سنة ستين وثلاثمائة) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 911 السلفي: دخل إليّ الشيخ الأمين أبو محمد هبة الله بن أحمد بن الاكفاني بدمشق سنة عشر وخمسمائة، وجرى ذكر أبي أحمد العسكري، فذكرت فيه ما يحتمل الوقت، وبعد خروجه كتبت إليه بعد البسملة: أما بعد حمد الله العلي، والصلاة على المصطفى النبي، فقد جرى اليوم ذكر الشيخ المرضي أبي أحمد العسكري، وأنشدت للصاحب الكافي لله شعرا، خاله سيدي سحرا، ورام- حرس الله نعمته وكبت بالذلّ عندته- اثباته بتمامه، فاشتغلت به بعد نهوضه وقيامه، وأضفت إليه وإلى ذكر الشيخ أبي أحمد زيادة تعريف، ليقف على جلية حاله كأنه ينظر إليه من وراء ستر لطيف. فليعلم- أطال الله لكافة الأنام بقاءه، ولا سلبهم ظله وبهاءه- أن الشيخ أبا أحمد هذا كان من الأئمة المذكورين بالتصرف في أنواع العلوم، والتبحر في فنون الفهوم، ومن المشهورين بجودة التأليف وحسن التصنيف، ومن جملته: كتاب صناعة الشعر رأيته. كتاب الحكم والأمثال. كتاب التصحيف. كتاب راحة الأرواح. كتاب الزواجر والمواعظ. كتاب تصحيح الوجوه والنظائر. وكان قد سمع ببغداد والبصرة وأصبهان وغيرها من شيوخ في عداد شيخيه أبي القاسم البغوي وابن أبي داود السجستاني، وأكثر عنهم وبالغ في الكتابة، وبقي حتى علا به السن، واشتهر في الآفاق بالدراية والاتقان، وانتهت إليه رياسة التحديث والاملاء للآداب والتدريس بقطر خوزستان، ورحل الأجلّاء إليه، للأخذ عنه والقراءة عليه، وكان يملي بالعسكر وتستر ومدن ناحيته ما يختاره من عالي روايته عن متقدمي شيوخه، ومنهم: أبو محمد عبدان الأهوازي وأبو بكر ابن دريد ونفطويه وأبو جعفر ابن زهير ونظراؤهم، ومن متأخري أصحابه الذين رووا عنه الحديث ومتقدميهم أيضا- فإني ذكرتهم على غير رتبهم كما جاء لا كما يجب-: أبو عباد الصائغ التستري وذو النون بن محمد والحسين بن أحمد الجهرمي وابن العطار الشروطي الأصبهاني وأبو بكر أحمد بن محمد بن جعفر الأصبهاني المعروف باليزدي وأبو الحسين علي بن أحمد بن الحسن البصري المعروف بالنعيمي الفقيه الحافظ وأبو علي الحسن بن علي بن إبراهيم المقرىء الأهوازي نزيل دمشق، إلا أنه قد انقلب عليه اسمه فيقول في تصانيفه أخبرنا أبو أحمد عبد الله بن الحسن بن سعيد النحوي بعسكر مكرم، قال: أخبرنا محمد بن جرير الطبري وغيره، وهو الحسن بن عبد الله بن سعيد العسكري لا عبد الله بن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 912 الحسن. وقد روى عنه أبو سعد أحمد بن محمد بن عبد الله بن الخليل الماليني وأبو الحسين محمد بن الحسن بن أحمد الأهوازي شيخا أبي بكر الخطيب الحافظ البغدادي وخلق سواهم لا يحصون كثرة، لم أثبت أسماءهم احترازا من وهم ما واحتياطا لبعد العهد بروايات تلك الديار. والنعيميّ والأهوازي روى عنهما الخطيب أيضا، وكذلك روى عن أبي نعيم الأصفهاني الحافظ، وقد روى أبو نعيم عن أبي أحمد كثيرا. وممن روى عن أبي أحمد من أقران أبي نعيم أبو بكر محمد بن أحمد بن عبد الرحمن الوادعي وعبد الواحد بن أحمد بن محمد الباطرقاني وأبو الحسن أحمد بن محمد بن زنجويه الاصفهانيون وأبو عبد الله محمد بن منصور بن جيكان التستري والقاضي أبو الحسن علي بن عمر بن موسى الايذجي وأبو سعيد الحسن بن علي بن بحر السقطي التستري. وروى عنه ممن هو أكبر من هؤلاء سنا وأقدم موتا: أبو محمد خلف بن محمد بن عليّ الواسطي وأبو حاتم محمد بن عبد الواحد الرازي المعروف باللبان، وهما من حفاظ الحديث. وقد روى عنه الشيخ أبو عبد الرحمن السلمي الصوفي بخراسان بالاجازة وكذلك القاضي أبو بكر ابن الباقلاني المتكلم بالعراق. وقد وقع حديثه لي عاليا من طرق عدة، فمن ذلك حكاية رأيتها الآن معي في جزء من تخريجي بخطي، وهي ما أخبرنا الشيخ أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار بن أحمد الصيرفي ببغداد، حدثنا الحسن بن علي بن أحمد التستري من لفظه بالبصرة، حدثنا الحسن بن عبد الله بن سعيد العسكري إملاء بتستر، حدثنا العباس بن الوليد بن شجاع بأصبهان، حدثنا محمد بن يحيى النيسابوري، حدثنا محمد بن عمرو بن مكرم، حدثني عتبة بن حميد قال، قال بشر بن الحارث لما ماتت أخته: «إذا قصّر العبد في طاعة ربّه سلبه أنيسه» . قال أبو أحمد العسكري في كتاب «شرح التصحيف» «1» من تصنيفه، وقد ذكر باب ما يشكل ويصحّف من أسماء الشعراء فقال: وهذا باب صعب لا يكاد يضبطه إلا كثير الرواية غزير الدراية. وقال أبو الحسن علي بن عبدوس الأرجاني رحمه الله، وكان فاضلا متقدما، وقد نظر في كتابي هذا، فلما بلغ إلى هذا الباب قال لي: كم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 913 عدة أسماء الشعراء الذين ذكرتهم؟ قلت: مائة ونيف، فقال: اني لأعجب كيف استتبّ لك هذا، فقد كنا ببغداد والعلماء بها متوفّرون- وذكر أبا إسحاق الزجاج وأبا موسى الحامض وأبا بكر «1» الأنباري واليزيدي «2» وغيرهم- فاختلفنا في اسم شاعر واحد، وهو حريث بن محفض، وكتبنا أربع رقاع إلى أربعة من العلماء فأجاب كلّ واحد منهم بما يخالف الآخر، فقال بعضهم: مخفض بالخاء والضاد المعجمتين، وقال بعضهم: محفص بالحاء والصاد غير معجمتين. وقال آخر: ابن محفض، وقال آخر: ابن محقص، فقلنا ليس لهذا إلا أبو بكر ابن دريد، فقصدناه في منزله وعرّفناه ما جرى، فقال ابن دريد: أين يذهب بكم؟ هذا مشهور، هو حريث بن محفّض- بالحاء غير معجمة مفتوحة والفاء مشددة والضاد منقوطة- هو من بني تميم ثم من بني مازن بن عمرو بن تميم، وهو القائل «3» : ألم تر قومي إن دعوا لملمة ... أجابوا وان أغضب على القوم يغضبوا «4» هم حفظوا غيبي كما كنت حافظا ... لقومي أخرى مثلها إن تغيبوا بنو الحرب «5» لم تقعد بهم أمهاتهم ... وآباؤهم آباء صدق فأنجبوا وتمثّل الحجاج بهذه الأبيات على منبره فقال: أنتم يا أهل الشام كما قال حريث بن محفض، وذكر هذه الأبيات، فقام حريث بن محفض فقال: أنا والله حريث بن محفض، قال: فما حملك على أن سابقتني «6» ؟ قال: لم أتمالك إذ تمثل الأمير بشعري حتى أعلمته مكاني؛ ثم قال أبو الحسن ابن عبدوس: فلم يفرّج عنا غيره. قال أبو أحمد «7» : واجتمع يوما في منزلي بالبصرة أبو رياش وأبو الحسين ابن لنكك- رحمهما الله فتقاولا، فكان فيما قال أبو رياش لأبي الحسين: أنت كيف تحكم على الشعر والشعراء ولم تفرق بين الزفيان والرقبان؟ فأجاب أبو الحسين ولم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 914 يقنع ذاك أبا رياش وقاما على شغب وجدال. قال أبو أحمد: فأما الرقبان- بالراء والقاف، وتحت الباء نقطة- فشاعر جاهلي قديم يقال له أشعر الرقبان، وأما الزفيان- بالزاي والفاء وتحت الياء نقطتان- فهو من بني تميم من بني سعد بن زيد مناة بن تميم يعرف بالزفيان السعدي، راجز كثير الشعر، وكان على عهد جعفر بن سليمان، وهو الزفيان بن مالك بن عوانة القائل: وصاحبي ذات هباب دمشق ... كأنها بعد الكلال زورق قال: وذكر أبو حاتم آخر يقال له الزفيان وأنه كان مع خالد بن الوليد حين أقبل من البحرين فقال: تهدى إذا خوت النجوم صدورها ... ببنات نعش أو بضوء الفرقد فقد أخبرنا «1» به أبو الحسين ابن الطيوري ببغداد، قال أخبرنا أبو سعيد السقطي بالبصرة، قال أخبرنا أبو أحمد الحسن بن عبد الله بن سعيد بن إسماعيل بن زيد بن حكيم العسكري إملاء سنة ثمانين وثلاثمائة بتستر، فذكر مجالس من «أماليه» هي عندي. وقرأت على أبي علي أحمد بن الفضل بن شهريار بأصبهان عن السقطي هذا فوائد عن أبي أحمد وغيره. وأما الأبيات المقصودة فعندي في أجزاء أذربيجان على نسق لا أذكر موضعها، إلا أن فيها قصة معناها أن الصاحب أبا القاسم إسماعيل بن عباد بن العباس الوزير كان يتمنى لقاء أبي أحمد العسكري ويكاتبه على ممرّ الأوقات ويستميل قلبه، فيعتلّ عليه بالشيخوخة والكبر إذا عرف أنه يعرّض بالقصد إليه والوفود عليه، فلما يئس منه الصاحب احتال في جذب السلطان إلى ذلك الصوب، وكتب إليه حين قرب من عسكر مكرم كتابا يتضمّن علوما نظما ونثرا، ومما ضمنه من المنظوم قوله «2» : ولما أبيتم أن تزوروا وقلتم ... ضعفنا فما نقوى على الوخدان أتيناكم من بعد أرض نزوركم ... إلى «3» منزل بكر لنا وعوان الجزء: 2 ¦ الصفحة: 915 نسائلكم هل من قرى لنزيلكم ... بملء جفون لا بملء جفان فلما قرأ أبو أحمد الكتاب أقعد تلميذا له فأملى عليه الجواب عن النثر نثرا وعن النظم نظما، وبعث به إليه في الحال، وكان في آخر جوابه أبياته التي ذكرها على الحال: وقد حيل بين العير والنزوان وهو تضمين إلا أن الصاحب استحسنه ووقع ذلك منه موقعا عظيما وقال: لو عرفت أن هذا المصراع يقع في هذه القافية لم أتعرض لها، وكنت قد ذهلت عنه وذهب علي. ثم إن أبا أحمد قصده وقت حلوله بعسكر مكرم بلده، ومعه أعيان أصحابه وتلامذته في ساعة لا يمكن الوصول إليه إلا لمثله، وأقبل عليه بالكلية بعد أن أقعده في أرفع موضع من مجلسه، وتفاوضا في مسائل فزادت منزلته عنده، وأخذ أبو أحمد منه بالحظ الأوفر وأدرّ على المتصلين به إدرارا كانوا يأخذونه إلى أن توفي وبعد وفاته أيضا فيما أظنّ. ولما نعي إليه أنشد فيه: قالوا مضى الشيخ أبو أحمد ... وقد رثوه بضروب النّدب فقلت ماذا فقد شيخ مضى ... لكنه فقد فنون الأدب ثم ذكر السلفي وفاته كما تقدم. هذا آخر ما ذكره من خبر أبي أحمد، هذا كلّه من كتاب السلفي. ثم وجدت مما أنبأني به أبو الفرج ابن الجوزي عن ابن ناصر عن أبي زكريا التبريزي وعن أبي عبد الله ابن الحسن الحلواني عن أبي الحسن علي بن المظفر البندنيجي قال: كنت أقرأ بالبصرة على الشيوخ فلما دخلت سنة تسع وسبعين وثلاثمائة إلى الأهواز بلغني حال أبي أحمد العسكري فقصدته وقرأت عليه، فوصل فخر الدولة والصاحب ابن عباد، فبينا نحن جلوس نقرأ عليه وصل إليه ركابيّ ومعه رقعة، ففضها وقرأها وكتب على ظهرها جوابها، فقلت: أيها الشيخ ما هذه الرقعة؟ فقال: رقعة الصاحب، كتب إليّ: ولما أبيتم أن تزوروا وقلتم ... ضعفنا فما نقوى على الوخدان الأبيات الثلاثة المتقدمة، قلت: فما كتبت إليه في الجواب؟ قال: قلت: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 916 أروم نهوضا ثم يثني عزيمتي ... تعوذ «1» أعضائي من الرجفان فضمّنت بيت ابن الشريد «2» كأنما ... تعمّد تشبيهي به وعناني «أهمّ بأمر الحزم لو أستطيعه ... وقد حيل بين العير والنزوان» قال: ثم نهض وقال لابد من الحمل على النفس، قال: فإن الصاحب لا يقنعه هذا، وركب بغلة وقصده، فلم يتمكن من الوصول إلى الصاحب لاستيلاء الحشم، فصعد تلعة ورفع صوته بقول أبي تمام: ما لي أرى القبة الفيحاء مقفلة ... دوني وقد طال ما استفتحت مقفلها كأنها جنة الفردوس معرضة ... وليس لي عمل زاك فأدخلها قال: فناداه الصاحب: ادخلها يا أبا أحمد فلك السابقة الأولى، فتبادر إليه أصحابه فحملوه حتى جلس بين يديه، فسأله عن مسألة، فقال أبو أحمد: الخبير صادفت، فقال الصاحب: يا أبا أحمد تغرب في كلّ شيء حتى في المثل السائر فقال: تفاءلت عن السقوط بحضرة مولانا- وإنما كلام العرب سقطت-. ووجدت بعد ذلك أنه توفي في سنة سبع وثمانين وثلاثمائة. وحدث ابن نصر قال: حدثني أبو أحمد العسكري بالبصرة قال: كان أبو جعفر المجوسي عامل البصرة رجلا واسع النفس، وكان يتعاهد الشعراء ويراعيهم مثل العصفري والنهرجوري وغيرهم، وهم يهجونه، وكان هذان خصوصا من أوضعهم، وقد رأيت النهرجوري. قال: فلما مات أبو جعفر رثاه النهرجوري بقوله: يا ليت شعري وليت ربتما ... صحّت فكانت لنا من العبر هل أرين شوثنا وأمّته ... راكبة حوله على البقر يقدمهم أربعون لبسهم ... مع حلية الحرب حلّة النمر وأنت فيهم قد ابترزت لنا ... كالشمس في نورها أو القمر قد نكحوا الأمهات واتكلوا ... على عتيق الأبوال في الطهر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 917 وشارفوا والنساء قد ولدت ... غسل مضاريطها من الوضر وأصبحوا أشبه البرية ... بالظرف وأولى بكلّ مفتخر شوثن عند المجوس يجري مجرى المهدي، ويزعمون أنه يخرج وقدامه أربعون نفسا على كل منهم جلد النمر فيعيدون دين النور؛ قال فقلت: يا أبا أحمد هذه بالهجاء أشبه منها بالمرثية بكثير، قال: هكذا قصد النهرجوري لا بارك الله فيه وقد عاتبته وقلت له: ما استحق أبو جعفر هذا منك، فقال: ما تعديت مذهبه الذي يعترف به. ووجدت في «تاريخ أصفهان» «1» من تأليف الحافظ أبي نعيم قال: الحسن بن عبد الله بن سعيد بن الحسين أبو أحمد العسكري «2» الأديب أخو أبي علي، قدم أصبهان مرارا، أول قدمة قدمها سنة تسع وأربعين، وقدمها أيضا سنة أربع وخمسين، وكان قدم أصبهان قديما وسمع من الفضل بن الخصيب وسمع عنه أبي وابن زهير وغيرهما، تأخر موته، توفي في صفر سنة ثلاث وثمانين. [323] الحسن بن عبد الله بن سهل بن سعيد بن يحيى بن مهران، أبو هلال اللغوي العسكري: قال أبو طاهر السلفي: وكان لأبي أحمد تلميذ وافق اسمه اسمه، واسم أبيه اسم أبيه، وهو عسكري أيضا، فربما اشتبه ذكره بذكره إذا قيل الحسن بن عبد الله العسكري الأديب، فهو أبو هلال الحسن بن عبد الله بن سهل بن سعيد بن يحيى بن مهران اللغوي العسكري؛ سألت الرئيس أبا المظفر محمد بن أبي العباس الأبيوردي، رحمه الله، بهمذان عنه فأثنى عليه ووصفه بالعلم والعفة معا وقال: كان   [323]- ترجمة أبي هلال العسكري في: دمية القصر 1: 506 والوافي 12: 78 وبغية الوعاة 1: 506 وطبقات المفسرين للسيوطي: 10 وطبقات الداودي 1: 134 واشارة التعيين 96 وروضات الجنات 3: 72. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 918 يتبزّز «1» احترازا من الطمع والدناءة والتبذل، وذكر فيه فصلا هو في سؤالاتي عنه، وكان الغالب عليه الأدب والشعر، وله كتاب في اللغة وسمه بالتلخيص «2» كتاب مفيد. وكتاب صناعتي النظم والنثر «3» وهو أيضا كتاب مفيد جدا. ومن جملة من روى عنه أبو سعد السمّان الحافظ بالريّ، وأبو الغنائم ابن حماد المقرىء إملاء بالأهواز، وأبو حكيم أحمد بن إسماعيل بن فضلان اللغوي بالعسكر، وآخرون. ومن شعره ما أنشدنا أبو طالب محمد بن [ ... ] المقرىء إملاء، أنشدني أبو هلال الحسن بن عبد الله بن سهل العسكري لنفسه: قد تعاطاك شباب ... وتغشّاك مشيب فأتى ما ليس يمضي ... ومضى ما لا يؤوب فتأهب لسقام ... ليس يشفيه طبيب لا توهّمه بعيدا ... إنما الآتي قريب ومما أنشدنا القاضي أبو أحمد الموحد بن محمد بن عبد الواحد الحنفي بتستر، قال أنشدنا أبو حكيم أحمد بن إسماعيل بن فضلان العسكري، أنشدناه أبو هلال الحسن بن عبد الله بن سهل اللغوي لنفسه بالعسكر «4» : إذا كان مالي مال من يلقط العجم ... وحالي فيكم حال من حاك أو حجم فأين انتفاعي بالأصالة والحجى ... وما ربحت كفي على العلم والحكم ومن ذا الذي في الناس يبصر حالتي ... فلا يلعن القرطاس والحبر والقلم ومما أنشدنا القاضي أبو أحمد الحنفي بتستر، قال أنشدنا أبو حكيم اللغوي، قال أنشدنا أبو هلال العسكري لنفسه: جلوسي في سوق أبيع وأشتري ... دليل على أنّ الأنام قرود الجزء: 2 ¦ الصفحة: 919 ولا خير في قوم تذلّ كرامهم ... ويعظم فيهم نذلهم ويسود ويهجوهم عني رثاثة كسوتي ... هجاء قبيحا ما عليه مزيد ومما أنشدناه أبو غالب الحسين بن أحمد بن الحسين القاضي بالسوس، قال أنشدنا المظفر بن طاهر بن الجراح الأستراباذي، قال أنشدني أبو هلال الحسن بن عبد الله بن سهل اللغوي العسكري لنفسه: يا هلالا من القصور تدلّى ... صام وجهي لمقلتيه وصلّى لست أدري أطال ليلي أم لا ... كيف يدري بذاك من يتقلّى لو تفرغت لاستطالة ليلي ... ولرعي النجوم كنت مخلّى هذا آخر ما ذكره السلفي من حال أبي هلال. قال مؤلف الكتاب: وهذه الأبيات الأخيرة التي منها «لست أدري أطال ليلي أم لا» والبيت الذي بعده رأيته في بعض الكتب منسوبا إلى خالد الكاتب «1» ، والله أعلم. هذا عن السلفي. وذكر غيره أن أبا هلال كان ابن أخت أبي أحمد وله من الكتب بعد ما ذكره السلفي: كتاب جمهرة الأمثال «2» . كتاب معاني الأدب «3» . كتاب من احتكم من الخلفاء إلى القضاة. كتاب التبصرة، وهو كتاب مفيد. كتاب شرح الحماسة «4» . كتاب الدرهم والدينار. كتاب المحاسن في تفسير القرآن، خمس مجلدات. كتاب العمدة. كتاب فضل العطاء على العسر. كتاب ما تلحن فيه الخاصة. كتاب أعلام المعاني في معاني الشعر. كتاب الأوائل «5» . كتاب ديوان شعره. كتاب الفرق بين المعاني. كتاب نوادر الواحد والجمع. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 920 قال المؤلف: وأما وفاته فلم يبلغني فيها شيء، غير أني وجدت في آخر «كتاب الأوائل» من تصنيفه: وفرغنا من إملاء هذا الكتاب يوم الأربعاء لعشر خلت من شعبان سنة خمس وتسعين وثلاثمائة. ولبعضهم: وأحسن ما قرأت على كتاب ... بخطّ العسكريّ أبي هلال فلو أني جعلت أمير جيش ... لما قاتلت إلا بالسؤال فإن الناس ينهزمون منه ... وقد ثبتوا «1» لأطراف العوالي وقال أبو هلال العسكري في تفضيل الشتاء على غيره من الأزمنة: فترت صبوتي وأقصر شجوي ... وأتاني السرور من كلّ نحو إنّ روح الشتاء خلّص روحي ... من حرور تشوي الوجوه وتكوي برد الماء والهواء كأن قد ... سرق البرد من جوانح خلو ريحه تلمس الصدور فتشفي ... وغماماته تصوب فتروي لست أنسى منه دماثة دجن ... ثم من بعده نضارة صحو وجنوبا تبشّر الأرض بالقطر ... كما بشّر العليل ببرو وغيوما مطرزات الحواشي ... بوميض من البروق وخفو كلما أرخت السماء عراها ... جمع القطر بين سفل وعلو وهي تعطيك حين هبّت شمالا ... برد ماء فيها ورقة جوّ وترى الأرض في ملاءة «2» ثلج ... مثل ريط لبسته فوق فرو واستعار العرار منها لباسا ... سوف يمنى من الرياح بنضو فكأنّ الكافور موضع ترب ... وكأنّ الجمان موضع قرو وليال أطلن مدة درسي ... مثلما قد مددن في عمر لهوي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 921 مرّ لي بعضها بفقه وبعض ... بين شعر أخذت فيه ونحو وحديث كأنه عقد ريا ... بتّ أرويه للرجال وتروي في حديث الرجال روضة أنس ... بات يرعى بأهل نبل وسرو وقال أبو الحسين محمد بن محمد بن أركل «1» في ضد ذلك «2» : قلت إذ فضّلوا الشتاء على ... الصيف ولجّوا وأكثروا الهذرا يا ربّ حرّ المصيف «3» يحرقنا ... ولا نريد الشتاء والمطرا غيم ووحل والزمهرير فما ... نعدمه رائحا ومبتكرا يحبسنا «4» الشهر في منازلنا ... هلكى نقاسي الهموم والفكرا أطول ليل له وأهوله ... نهاره لا نحسّه قصرا يا ربّ عجل لنا المصيف ولو ... أسلمنا حرّه إلى سقرا دعني مع الصيف والشمال فما ... أكرهه بكرة ولا سحرا «5» [324] الحسن بن عبد الله العثماني، أبو علي النيسابوري : ذكره عبد الغافر في «كتاب السياق» وقال: إنه مات في شهور سنة نيف وسبعين وأربعمائة، ووصفه فقال: هو الإمام الكامل البارع في فنه، المعجز في نكته، له التصانيف المشهورة في التذكير والخطب وطرف الأشعار والرسائل والموشّحات الغريبة والصناعات البديعة والترصيعات الرشيقة في النظم والنثر، بحيث يستفيد منها الأكابر والأماثل، ويستضيء   [324]- ترجمته في السياق (المنتخب: 2) : 54 والوافي 12: 87. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 922 بنورها البلغاء في المحافل، تفقّه على الجويني ثم انتقل إلى ناحية بست وسكنها، ووافى بها قبولا بالغا، فصار مشارا إليه في عصره تحترمه الصدور. قال: وافيت الناحية فرأيت ازدحاما على قبره في الموسم وتناحرا عليه، وكان أكثر ميله إلى مقولاته في تصانيفه ومجموعاته، نظما ونثرا، دون المنقول. [325] الحسن بن عبد الرحمن بن خلاد الرامهرمزي ، أبو محمد القاضي: ذكره محمد بن إسحاق النديم وقال: هو حسن التصنيف مليح التأليف، يسلك طريقة الجاحظ، وكان شاعرا، وقد سمع الحديث ورواه، مات في حدود ستين وثلاثمائة. قال: وله من الكتب: كتاب ربيع المتيم في أخبار العشاق. كتاب الفلك في مختار الأخبار والأشعار. كتاب أمثال النبي صلى الله عليه وسلّم. كتاب الريحانتين الحسن والحسين. كتاب إمام التنزيل في علم القرآن. كتاب النوادر والشوارد. كتاب أدب الناطق. كتاب الرّثي «1» والتعازي. كتاب رسالة السفر. كتاب مباسطة الوزراء. كتاب المناهل والأعطان والحنين إلى الأوطان. كتاب الفاصل بين الراوي والواعي «2» . وكان القاضي الخلادي من أقران القاضي التنوخي، وقد مدح عضد الدولة أبا شجاع بمدائح، وبينه وبين الوزير المهلبي وأبي الفضل ابن العميد مكاتبات ومجاوبات منها ما نقلته من «مزيد التاريخ» لأبي الحسن محمد بن سليمان بن محمد الذي زاده على «تاريخ السلامي» في ولاة خراسان؛ قال: حدثني عبد الله بن إبراهيم قال: لما استوزر أبو محمد المهلبي كتب إليه أبو محمد الخلادي في التهنئة:   [325]- ترجمته في الفهرست: 172 وتذكرة الحفاظ: 905 والأنساب 6: 47 واليتيمة 3: 423 والوافي 12: 64 والشذرات 3: 30، 37 (ويعتمد ياقوت على الفهرست واليتيمة والأنساب للسمعاني) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 923 بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله مانح الجزيل، ومعوّد الجميل، ذي المن العظيم، والبلاء الجسيم: الآن حين تعاطى القوس باريها ... وأبصر السمت في الظلماء ساريها «1» الآن عاد إلى الدنيا مهلّبها ... سيف الخلافة بل مصباح داجيها أضى الوزارة تزهى في مواكبها ... زهو الرياض إذا جادت غواديها تاهت علينا بميمون نقيبته ... قلّت لمقداره الدنيا وما فيها موفّق الرأي مقرون بغرّته ... نجم السعادة يرعاها ويحميها معزّ دولتها هنئتها فلقد ... أيدتها بوثيق من رواسيها تهنئة مثلي من أولياء الوزير- أطال الله بقاءه- الدعاء، وأفضله ما صدر عن نية لا يرتاب بها ولا يخشى مذقها، وكان غيب صاحبه أفضل من مشهده، فهنأ الله الوزير كرامته، وأحلى له ثمرة ما منحه، وأحمد بدأه وعاقبته ومفتتحه وخاتمته، حتى تتصل المواهب عنده اتصالا في مستقبله ومستأنفه، يوفي على متقدمه بمنّه. وكتابي هذا- أيد الله الوزير- من المنزل برامهرمز، وأنا عقيب علّة ومحنة، ولولا ذلك لم أتأخر عن حضرته- أجلّها الله- مهنّئا ومسلّما، فإن رأى الوزير شرفني بجواب هذا الكتاب. فكتب إليه المهلبي جوابه: بسم الله الرحمن الرحيم، وصل كتابك يا أخي- أطال الله بقاءك، وأدام عزك وتأييدك «2» ونعماءك- المتضمن نفيس الجواهر من بحار الخواطر، الحاوي ثمار الصفاء من منبت الوفاء، وفهمته ووقع ما أهديته من نظم ونثر، وخطاب وشعر، موقع الريّ من ذي الغلّة، والشفاء من ذي العلّة، والفوز من ذي الخيبة، والأوب من ذي الغيبة، وما طابت بي حال «3» إلا وأنت الأولى بسرورها والأغبط بحبورها، إذ كنت شريك النفس في السراء ومواسيها في الضرّاء. وتكلفت الإجابة عما نظمت على كثرة من الشغل إلّا عنك، وزهد في المطاولة إلّا فيك، والعذر في تقصيرها عن الغاية واضح، ودليل العجلة فيها لائح، وأنت بمواصلتي بكتبك وأخبارك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 924 وأوطارك مسؤول، والجري على عادتك المأثورة وسيرتك «1» المشكورة مأمول، وأنا والله على أفضل عهدك وأحسن ظنك وأوكد ثقتك، ومشتاق إليك: مواهب الله عندي لا يوازيها ... سعي ومجهود وسعي لا يدانيها «2» لكنّ أقصى المدى شكري لأنعمه ... وتلك أفضل قربى عند مؤتيها والله أسأل توفيقا لطاعته ... حتى يوافق فعلي أمره فيها وقد أتتني أبيات مهذّبة ... ظريفة جزلة رقّت حواشيها ضمّنتها حسن أوصاف «3» وتهنئة ... أنت المهنّى بباديها وتاليها ودعوة صدرت عن نية خلصت ... لا شكّ فيها أجاب الله داعيها وأنت أوثق «4» موثوق بنيّته ... وأقرب الناس من حال نرجيها فثق بنيل المنى في كلّ منزلة ... أصبحت تعمرها عندي وتبنيها وكتب أبو الفضل محمد بن الحسين بن العميد إلى القاضي أبي محمد الخلادي: بسم الله الرحمن الرحيم، أيها القاضي الفاضل- أطال الله بقاءك، وأدام عزك ونعماءك- من أسرّ داءه، وستر ظماءه، بعد عليه أن يبلّ من غلته، وقد غمرني منذ قرأت كتابك إلى الشريف- أيده الله- شوق استجذب نفسي واستفزّها ومدّ جوانحي وهزها، ولا شفاء إلا قربك ومجالستك، ولا دواء إلا طلعتك ومؤانستك، ولا وصول إلى ذلك إلا بزيارتك واستزارتك، فإن رأيت أن تؤثر أخفهما عليك، وتعلمني آثرهما لديك، وتقدم ما استنسبته «5» في ذلك، فعلت، فإني أراعيه أشد المراعاة، وأتطلعه في كلّ الأوقات، وأعدّ على الفوز به الساعات. فأجابه الخلادي: بسم الله الرحمن الرحيم، قرأت التوقيع- أطال الله بقاء الأستاذ الرئيس- فشحذ الفطنة وآنس الوحدة، وألبس العزة وأفاد البهجة، وقلت كما قال رؤبة لما استزاره أبو مسلم صاحب الدعوة: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 925 لبيك إذ دعوتني لبيكا ... أحمد ربا ساقني «1» إليكا فأما الإجابة عن أفصح بيان، خطّ بأكرم بنان، واضح كالزهر المؤنق، مالك لرقاب المنطق، فما أنا منها بقريب، وهيهات أنى لي التّناوش من مكان بعيد، لكني على الأثر، ولا أتأخر عن الوقت المنتظر، إن شاء الله تعالى. قال: وكان أبو محمد الخلادي ملازما لمنزله قليل البروز لحاجته، وقيل له في ذلك فروى عن أبي الدرداء «2» : نعم صومعة الرجل بيته، يكفّ فيه سمعه وبصره. وروى عن ابن سيرين أنه قال: العزلة عبادة، وقال: خلاؤك أقنى لحيائك، وقال: عزّ الرجل في استغنائه عن الناس، والوحدة خير من جليس السوء «3» ، وأنشد لابن قيس الرقيات «4» : اهرب بنفسك واستأنس بوحدتها ... تلق السعود إذا ما كنت منفردا ليت السباع لنا كانت معاشرة ... وأننا لا نرى ممن نرى أحدا إن السباع لتهدا في مرابضها ... والناس ليس بهاد شرّهم أبدا ثم صار الخلادي إلى أبي الفضل ابن العميد، فلما فتشه شدا منه علما غزيرا، وقبس أدبا كثيرا، وقال الخلادي: إن أعجب الأستاذ معرفتي صحبته وتعلقت به وأقمت عنده وبين يديه. وكتب الخلادي إلى منزله برامهرمز: بسم الله الرحمن الرحيم، قد وردت من الأستاذ الرئيس على ضياء باهر، وربيع زاهر، ومجلس قد استغرق جميع المحاسن، وحفّ بالأشراف والأكارم، وجلساء أقران أعداد عام، كأنهم نجوم السماء، من طالبيّ رخو المعاطف، صلب المكاسر، جامع إلى شرف الحسب دينا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 926 وظرفا، وإلى كرم المحتد حرمة وفضلا، وكاتب حصيف، وشاعر مفلق، وسمير أنيق «1» ، وفقيه جدل، وشجاع بطل: كرام المساعي لا يخاف جليسهم ... إذا نطق العوراء غرب لسان إذا حدّثوا لم تخش سوء استماعهم ... وإن حدّثوا أدّوا بحسن بيان ووضعنا الزيارة حيث لا يزري بنا كرم المزور، ولا يعاب الزور، يجدّ الأستاذ عندي كلّ يوم مكرمة وميرة، تطويان مسافة الرجاء، وتتجاوزان غايات الشكر والثناء، والبشر والدعاء، فزاد الله في تبصيره حقوق زوّاره، وتيسيري لشكر مبارّه. قال الثعالبي «2» : ومن ملح ابن خلاد قوله: قل لابن خلّاد إذا جئته ... مستندا في المسجد الجامع هذا زمان ليس يحظى به ... «حدثنا الأعمش عن نافع» وقوله وقد طولب بالخراج «3» : يا أيها المكثر فينا الزّمجره ... ناموسه دفتره والمحبره قد أبطل الديوان كتب السحره ... والجامعين وكتاب الجمهره هيهات لن يعبر تلك القنطره ... نحو الكسائيّ وشعر عنتره ودغفل وابن لسان الحمّرة ... ليس سوى المنقوشة المدوّره ذكر السمعاني في «كتاب النسب» «4» قال: القاضي أبو محمد الحسن بن عبد الرحمن بن خلاد الرامهرمزي كان فاضلا مكثرا من الحديث، ولي القضاء ببلاد الخوز، ورحل قبل التسعين ومائتين، وكتب عن جماعة من أهل شيراز، ذكره أبو عبد الله محمد بن عبد العزيز الشيرازي القصّار في «تاريخ فارس» وقال: بلغني أنه [عاش] برامهرمز إلى قرب الستين وثلاثمائة. 15. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 927 [326] الحسن بن عثمان بن حماد بن حسان بن عبد الرحمن بن يزيد، أبو حسان الزيادي البغدادي القاضي: من أعيان أصحاب الواقدي، روى عن الهيثم بن عدي وهشيم بن بشير وغيرهما، وكان أديبا فاضلا نسابة أخباريا جوادا كريما سمحا، مات سنة اثنتين وأربعين ومائتين أو ثلاث وأربعين عن تسع وثمانين سنة، مات هو والحسن بن علي بن الجعد في وقت واحد، وكان الزيادي حينئذ على قضاء مدينة المنصور. وكان الزيادي يصنّف الكتب ويصنّف له، وكانت له خزانة كتب حسنة كثيرة، وله من الكتب على ما ذكر محمد بن إسحاق «1» ، كتاب عروة بن الزبير. كتاب طبقات الشعراء. كتاب الآباء والأمهات. وقال الحافظ أبو القاسم: سمع بدمشق الوليد بن مسلم وشعيب بن إسحاق وعمر بن عبد الواحد وعمر بن سعيد والوليد بن محمد الموقري ومعروف بن عبد الله الخياط «3» وهارون بن عمر الدمشقي ومحمد بن إسحاق بن بلال بن أبي الدرداء وسفيان «2» بن عيينة وشعيب بن صفوان «4» ومعتمر بن سليمان وجرير بن عبد الحميد وحماد بن زيد ووكيع بن الجراح وأبا داود الطيالسي. روى عنه أبو العباس الكديمي وإسحاق بن الحسن الحربي ومحمد بن محمد الباغندي وأبو بكر ابن أبي الدنيا.   [326]- ترجمة الزيادي في الفهرست: 123 ومصورة ابن عساكر 4: 468 وتهذيب ابن عساكر 4: 194 وتاريخ بغداد 7: 356 والأنساب 6: 359 وعبر الذهبي 1: 437 وسير الذهبي 11: 496 وتاريخ الطبري 3: 1117 والجرح والتعديل 3: 25 والوافي 12: 98 والبداية والنهاية 10: 244 ومرآة الجنان 2: 134 والجواهر المضية 1: 197 والشذرات 2: 100 (ويعتمد ياقوت على الفهرست والجهشياري وابن عساكر) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 928 وذكر الجهشياري في «كتاب الوزراء» «1» أن رجلا من أهل خراسان أودع أبا حسان الزياديّ القاضي عشرة آلاف درهم، وأنها صادفت منه خلّة فأنفقها، وقدّر أن يأتي ما يردّ على الخراساني مكانها إلى أن ينصرف الخراساني من الحج، فحدث للخراساني أمر قطعه عن الحج، وعزم على الانصراف إلى بلده، فصار إلى أبي حسان يلتمس منه ماله، فتعلّل عليه ودافعه وتحيّر وضاقت الحيلة عليه، وعاد الخراساني مرارا فدافعه، ثم وعده في يوم بعينه، واشتد غمّه وقلقه وأجمع على بذل وجهه إلى بعض إخوانه، فلما كان في ليلة اليوم الذي وعد الرجل فيه امتنع عليه النوم من شدة قلقه، فقام في بعض الليل فقصد دينار بن عبد الله، فلما صار في بعض الطريق تلقّاه رسول لدينار يسأل عن أبي حسان، فلما سمع ذكره سأله عن سببه وتعرّف إليه، فقال له: أبو علي دينار يقرأ عليك السلام ويقول لك: قسمت شيئا على عيالنا وذكرت من في منزلك منهم فوجهت إليهم بعشرة آلاف درهم، فقبلها وحمد الله، وصار إلى منزله فسلمها إلى الخراساني، وصار إلى دينار بن عبد الله شاكرا له وعرّفه خبره، فقال له دينار: فأرانا إنما وجّهنا بمال الخراساني فعلى ماذا يعتمد العيال؟ وأمر له بعشرة آلاف درهم أخرى. وفي سنة ثماني عشرة ومائتين كتب المأمون من الثغر إلى إسحاق بن إبراهيم المصعبي والي بغداد في امتحان القضاة والشهود والفقهاء والمحدثين بالقرآن، فمن أقرّ أنه مخلوق محدث خلّى سبيله، ومن أبي عليه أعلمه به ليأمر فيه برأيه، فأحضر إسحاق أبا حسّان الزيادي وبشر بن الوليد الكندي وعلي بن أبي مقاتل والفضل بن غانم والذيال بن هيثم وسجّادة والقواريري وأحمد بن حنبل وقتيبة وسعدويه الواسطي وعلي بن الجعد وسعد بن أبي إسرائيل وابن الهرش وابن علية الأكبر ويحيى بن عبد الرحمن الرياشي «2» ، وشيخا آخر من ولد عمر بن الخطاب كان قاضي الرقة، وأبا نصر التمار وأبا معمر القطيعي ومحمد بن حاتم بن ميمون ومحمد بن نوح المضروب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 929 وابن الفرّخان وجماعة منهم: النضر بن شميل وأبو علي «1» ابن عاصم وأبو العوام البزاز وابن شجاع وعبد الرحمن بن إسحاق، فأدخلوا على إسحاق فقرأ عليهم كتاب المأمون مرتين حتى فهموه، ثم كلّم رجلا رجلا منهم، فيجيب بما يغالط به أو يصرّح، حتى قال لأبي حسان الزيادي «2» ما عندك؟ وقرأ عليه كتاب المأمون، فأقرّ بما فيه، ثم قال: من لم يقل هذا القول فهو كافر، فقال له إسحاق: القرآن مخلوق هو؟ قال: القرآن كلام الله، والله خالق كل شيء «3» ، وأمير المؤمنين إمامنا، وبسببه سمعنا عامة العلم، وقد سمع ما لم نسمع وعلم ما لم نعلم، وقد قلّده الله أمرنا، فصار يقيم حجّنا وصلاتنا، ونؤدي إليه زكوات أموالنا، ونجاهد معه ونرى إمامته، فإن أمرنا ائتمرنا وإن نهانا انتهينا، قال: القرآن مخلوق، فأعاد مقالته، قال إسحاق: فإن هذه مقالة أمير المؤمنين، قال: قد تكون مقالته ولا يأمر بها الناس، وإن أخبرتني أن أمير المؤمنين أمرك أن أقول قلت ما أمرتني به، فإنك الثقة فيما أبلغتني عنه. قال: ما أمرني أن أبلغك شيئا، قال أبو حسان: وما عندي إلا السمع والطاعة فأمرني آتمر، قال: ما أمرني أن آمرك، وإنما أمرني أن أمتحنكم، فتركه والتفت إلى أحمد بن حنبل فسأله. قال الحافظ أبو القاسم: وليس كما يظنه الناس من ولد زياد بن أبيه، وإنما تزوج [أحد] أجداده أم ولد لزياد فقيل له الزيادي، قال ذلك أحمد بن أبي طاهر صاحب «كتاب بغداد» . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 930 [327] الحسن بن علي الحرمازي أبو علي : هو مولى بني هاشم ثم مولى آل سليمان بن علي بن عبد الله بن عباس، وإنما نزل بالبصرة في بني الحرماز فنسب إليهم، والحرماز لقب واسمه الحارث «1» بن مالك بن عمرو بن تميم بن مرّ. نشأ بالبادية ثم قدم البصرة فأقام بها. وحدث المبرد قال: كان التوزي والحرمازي والجرمي يأخذون عن أبي عبيدة وأبي زيد سعيد بن أوس الأنصاري والأصمعي، وكان هؤلاء الثلاثة أكبر أصحابهم، وكان من دون هؤلاء في السن إبراهيم الزيادي والمازني والرياشي. قال أبو الطيب اللغوي صاحب كتاب «مراتب النحويين» «2» : كان الحرمازي في ناحية عمرو بن مسعدة فخرج عمرو إلى الشام فقال الحرمازي: أقام بأرض الشام فاختلّ جانبي ... ومطلبه بالشام غير قريب ولا سيما من مفلس حلف نقرس ... أما نقرس في مفلس بعجيب وحدث أبو العيناء قال: اعتلّ الحرمازي وكان له صديق من الهاشميين فلم يعده، فكتب إليه «3» : متى تنفكّ واجبة الحقوق ... إذا كان اللقاء على الطريق إذا ما لم يكن إلّا سلام ... فما يرجو الصديق من الصديق مرضت فلم تعدني عمر شهر ... وليس كذاك فعل أخ شقيق وقال الحرمازي، وكتب بها إلى محمد بن عبيد الله العتبي: بنفسي أنت قد جاء ... ك ما عندي من كتبك   [327]- ترجمة الحرمازي في الفهرست 54 ومراتب النحويين: 75 ونور القبس: 208 والوافي 12: 142 وبغية الوعاة 1: 515. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 931 فلا تبعد من الإفضا ... ل ما نرجوه من قربك فما زلت أخا جود ... وإفضال على صحبك وسل قلبك عما لك ... في قلبي من حبك فقد أخبرني قلبي ... عما لي في قلبك وأني لك راض بي ... وأني لي راض بك وكان بعض الهاشميين قد وعد الحرمازي وعدا فأخّره، فكتب إليه «1» : رأيت الناس قد صدقوا ومانوا ... ووعدك كلّه خلف ومين وعدت فما وفيت لنا بوعد ... وموعود الكريم عليه دين ألا يا ليتني استبقيت وجهي ... فإن بقاء وجه الحرّ زين [328] الحسن بن علي المدائني النحوي : قال أبو إسحاق إبراهيم بن سعيد الحبال: مات لثلاث بقين من جمادى الأولى سنة تسع وسبعين وثلاثمائة، وكان إماما فاضلا تخرج به جماعة وافرة العدد. [329] الحسن بن علي بن عمر، ويقال عمار ، المعروف بابن المصحح، أبو محمد التيمي النحوي: سمع أبا بكر عبد الله بن محمد بن عبد الله الحنائي وأبا بكر ابن أبي الحديد وأبا نصر حديد بن جعفر الرماني. روى عنه عبد العزيز الكتاني ونجاء بن   [328]- إنباه الرواة 1: 315 والوافي 12: 142 وبغية الوعاة 1: 516 وقال فيه القفطي: متحقق بهذا الشأن (أي النحو) متصدر للافادة مذكور بين أهله، كنيته أبو محمد. [329]- مصورة ابن عساكر 4: 559 (وفيه التميمي) وتهذيب ابن عساكر 4: 232 والوافي 12: 143 وبغية الوعاة 1: 512. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 932 أحمد وأبو القاسم النسيب «1» ، وسئل عنه فقال: ثقة، ومات لسبع بقين من رجب سنة أربع وأربعين وأربعمائة، ذكر ذلك كلّه أبو القاسم علي بن الحسن بن عساكر في «تاريخ دمشق» . [330] الحسن بن علي بن الحسن بن عبد الله بن مقلة : أبو عبد الله، ومقلة اسم أم لهم كان أبوها يرقّصها فيقول يا مقلة أبيها فغلب عليها، وأبو عبد الله هو أخو الوزير أبي علي محمد بن علي، وهو المعروف بجودة الخط الذي يضرب به المثل. كان الوزير أوحد الدنيا في كتبه قلم الرقاع والتوقيعات، لا ينازعه في ذلك منازع، ولا يسمو إلى مساماته ذو فضل بارع، وكان أبو عبد الله هذا أكتب من أخيه في قلم الدفاتر والنسخ، مسلما له فضيلته، غير مفاضل في كتبته. ومولد أبي عبد الله في سلخ رمضان سنة ثمان وسبعين ومائتين، ومات في شهر ربيع الآخر سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة، ومات أبوه أبو العباس علي بن الحسن في ذي الحجة سنة تسع وثلاثمائة، وله يوم مات سبع وستون سنة وأشهر، وصلى عليه ابنه أبو علي (ولأخيه أبي علي ترجمة في بابه مفردة لما اشترطنا في ذكر أرباب الخطوط المنسوبة) «2» وكان أبو هما الملقب بمقلة أيضا كاتبا مليح الخطّ، وقد كتب في زمانهما وبعدهما جماعة من أهلهما وولدهما فلم يقاربوهما وإنما يندر للواحد منهم الحرف بعد الحرف والكلمة بعد الكلمة، وإنما كان الكمال لأبي علي وأبي عبد الله أخيه. فممن كتب من أولادهما أبو عبد الله وأبو الحسن ابنا أبي علي وأبو أحمد سليمان بن أبي الحسن، وأبو الحسين علي بن أبي علي، وأبو الفرج العباس بن علي بن مقلة، ومات أبو الفرج هذا في سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة، ومات أبو   [330]- الوافي 12: 143. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 933 الحسين علي بالفالج والسكتة في سنة ست وأربعين وثلاثمائة ومولده سنة خمس وثلاثمائة. حدث ابن نصر قال: وجدت بخطّ أبي عبد الله ابن مقلة على ظهر جزء: وغنتني ابنة الحفار: إلى سامع الأصوات من أبعد المسرى ... شكوت الذي ألقاه من ألم الذكرى فيا ليت شعري والأمانيّ ضلّة ... أيشعر بي من بتّ أرعى له الشعرى قال ابن نصر: فقلت كفى ابنة الحفار هذا الصوت أن يذكرها، ويكتبه أبو عبد الله ابن مقلة بخطه. وحدث ابن «1» نصر قال، حدثني أبو القاسم ابن الرقي منجم سيف الدولة قال: كنت في صحبة سيف الدولة في غداة المصيبة المعروفة «2» وكان سيف الدولة قد انكسر يومئذ كسرة قبيحة، ونجا بحشاشته بعد أن قتلت عساكره، قال: فسمعت سيف الدولة يقول وقد عاد إلى حلب: هلك مني من عرض ما كان في صحبتي خمسة آلاف ورقة بخطّ أبي عبد الله ابن مقلة، قال: فاستعظمت ذلك وسألت بعض شيوخ خدمه الخاصة عن ذلك، فقال لي: كان أبو عبد الله منقطعا إلى بني حمدان سنين كثيرة يقومون بأمره أحسن القيام، وكان ينزل في دار قوراء حسنة، وفيها فروش، يشاكلها مجلس دست، وله شيء للنسخ وحوض فيه محابر وأقلام، فيقوم ويتمشى في الدار إذا ضاق صدره، ثم يعود فيجلس في بعض تلك المجالس وينسخ ما يخفّ عليه، ثم ينهض ويطوف على جوانب البستان، ثم يجلس في مجلس آخر وينسخ أوراقا أخر على هذا، فاجتمع في خزائنهم من خطّه ما لا يحصى. وجدت بخطّ بعض أهل الفضل عن بعضهم قال: حضرت مجلس أبي علي محمد بن علي بن مقلة في أيام وزارته، وقد عرضت عليه رقاع وتوقيعات وتسبيبات قد زوّر على خطّه أخوه أبو عبد الله وارتفق عليها، فكان ينظر فيها ويمضيها وقد عرف الجزء: 2 ¦ الصفحة: 934 صورتها، وكان أبو عبد الله حاضرا، فلما كثرت عليه التفت إليه فقال: يا أبا عبد الله قد خفّفت عنا حتى ثقّلت، وخشينا أن نثقل عليك، فأحبّ أن تخفّف عن نفسك هذا التعب، فضحك أبو عبد الله وقال: السمع والطاعة. وقال ثابت بن سنان: لما ولي أبو علي ابن مقلة [الوزارة قلد أخاه أبا عبد الله] ديوان الضياع الخاصّة، وديوان الضياع المستحدثة، وديوان الدار الصغيرة. وصودر أبو عبد الله في أيام القاهر على خمسين ألف دينار بعد أن حلف أنه لا يملك إلا بساتين وما ورثه من زوجته، وقيمة الجميع نحو مائة ألف درهم «1» . [331] الحسن بن عليل بن الحسين بن علي بن حبيش بن سعد العنزي «2» : واسم عليل عليّ، وعليل لقب غلب عليه، وكنيته أبو علي. لقي يحيى بن معين وأحمد بن [إبراهيم الموصلي] وأبا خيثمة [زهير بن حرب] وحدث عنهم، وكان صاحب أدب وأخبار. مات في سنة تسعين ومائتين، وكان أحد الرواة الثقات الذين لا مطعن عليهم في الصدق، وكان مقيما بسرّ من رأى وبها دفن. فمن شعره: كلّ المحبين قد ذمّوا السهاد وقد ... قالوا بأجمعهم طوبى لمن رقدا وقلت يا ربّ لا أبغي الرقاد ولا ... ألهو بشيء سوى ذكري له أبدا إن نمت نام فؤادي عن تذكرهم ... وإن سهرت شكا قلبي الذي وجدا   [331]- هذه الترجمة وردت في المختصر. ولابن عليل ترجمة في إنباه الرواة 1: 317 وتاريخ بغداد 7: 398. ولكن اضطراب التصوير جعلها في 6: 398، وهذا الاضطراب يشمل عدة تراجم، وقد أفسد مصدرا مهما. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 935 [332] الحسن بن علي بن إبراهيم بن يزداد بن هرمز بن شاهويه، أبو علي الأهوازي المقرىء صاحب التصانيف المشهورة: قال ابن عساكر: قدم دمشق في ذي الحجة سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة وسكنها، وقرأ القرآن بروايات كثيرة وأقرأه، وصنف كتابا في القرآن «1» ، وحدّث عن خلق كثير منهم: نصر بن أحمد المرجى وأبو حفص الكتاني والمعافى بن زكريا بن طرارا وروى عنه الخطيب أبو بكر ابن ثابت وغيره. قال ابن عساكر «2» : أنبأنا أبو طاهر ابن الحنّائي، أنبأنا أبو علي الأهوازي، حدثنا أبو زرعة أحمد بن محمد بن عبد الله بن سعيد القشيري، حدثني جدّي لأبي الحسن بن سعيد، حدثنا أبو علي الحسين بن إسحاق الدقيقي، حدثنا أبو زيد حماد بن دليل عن سفيان الثوري عن قيس بن مسلم عن عبد الرحمن بن سابط عن أبي أمامة الباهلي قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: إذا كانت عشية عرفة هبط الله عز وجل إلى السماء الدنيا، فيطلع إلى أهل الموقف فيقول: مرحبا بزوّاري الوافدين إلى بيتي، وعزّتي لأنزلن إليكم ولأساوينّ مجلسكم بنفسي، فينزل إلى عرفة فيعمهم بمغفرته، ويعطيهم ما يسألون إلا المظالم، ويقول: يا ملائكتي أشهدكم أني قد غفرت لهم، ولا يزال كذلك إلى أن تغيب الشمس، ويكون امامهم إلى المزدلفة، ولا يعرج إلى السماء تلك الليلة، فإذا أسفر الصبح ووقفوا عند المشعر الحرام غفر لهم حتى المظالم، ثم يعرج إلى السماء وينصرف الناس إلى منى.   [332]- ترجمته في بغية الطلب 4: 278 ومصورة تاريخ ابن عساكر 4: 475 وتهذيب ابن عساكر 4: 197 وميزان الاعتدال 1: 512 (ولسان الميزان 2: 237) وسير الذهبي 18: 13 وعبر الذهبي 3: 210 وطبقات ابن الجزري 1: 220 والوافي 12: 122 والنجوم الزاهرة 5: 56 ومرآة الجنان 3: 63 والشذرات 3: 274 (ويعتمد ياقوت على تاريخ ابن عساكر) وذكر ابن العديم من كتبه: الموجز في القراءات السبعة. كتاب في القراءات العشرة. كتاب الوجيز في القراءات الثمانية، وله كتاب يطعن فيه على الأشعري ويعد كتاب تبيين كذب المفتري لابن عساكر ردا عليه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 936 هذا الحديث «1» منكر وفي إسناده غير واحد من المجهولين. وللأهوازي أمثاله في كتاب جمعه في الصفات سماه «كتاب البيان في شرح عقود أهل الايمان» أودعه أحاديث منكرة كحديث: إنّ الله تعالى لما أراد أن يخلق نفسه خلق الخيل، فأجراها حتى عرقت، ثم خلق نفسه من ذلك العرق، مما لا يجوز أن يروى ولا يحلّ أن يعتقد. وكان «2» مذهبه مذهب السالمية، يقول بالظاهر ويتمسك بالأحاديث الضعيفة التي تقوّي له رأيه. وحديث إجراء الخيل موضوع، وضعه بعض الزنادقة ليشنّع به على أصحاب الحديث في روايتهم المستحيل «3» ، فيقبله بعض من لا عقل له «4» ، وهو مما يقطع ببطلانه شرعا وعقلا. قال الأهوازي: ولدت في سابع عشر محرم سنة اثنتين وستين وثلاثمائة، ومات في رابع ذي الحجة سنة ست وأربعين وأربعمائة. قال ابن عساكر «5» : وسمعت أبا الحسن علي بن أحمد بن منصور يحكي عن أبيه قال: لما ظهر من الأهوازي الاكثار من الروايات في القراءات اتهم في ذلك، فسار رشأ بن نظيف وأبو القاسم ابن الضراب «6» وابن القماح إلى العراق لكشف ما وقع في نفوسهم منه، ووصلوا إلى بغداد، وقرأوا على بعض الشيوخ الذين روى عنهم الأهوازي، وجاءوا بالاجازات عنهم وبخطوطهم، فمضى الأهوازي إليهم وسألهم أن يروه تلك الخطوط التي معهم، ففعلوا ودفعوها إليه، فأخذها وغيّر أسماء من سمّى ليستر دعواه، فعادت عليه بركة القرآن فلم يفتضح. وبلغني أنهم سألوا عنه بعض المقرئين الذين ذكر أنه قرأ عليهم وحكوه له فقال: هذا الذي تذكرونه قد قرأ عليّ جزءا أو نحوه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 937 قال «1» وقال حدثني أبي قال: عاتبت- أو عوتب- أبو طاهر الواسطيّ المقرىء في القراءة على الأهوازي فقال: أقرأ عليه العلم ولا أصدقه في حرف واحد. قال: وحدثني أبو طاهر محمد بن الحسن بن علي بن المليحي «2» قال: كنت عند رشأ بن نظيف في داره على باب الجامع وله طاقة إلى الطريق، فاطلع فيها وقال: قد عبر رجل كذّاب، فاطلعت فوجدته الأهوازي. قال، وقال ابن الاكفاني، قال لنا الكتاني: كان الأهوازي مكثرا من الحديث، وصنف الكثير في القراءات، وكان حسن التصنيف، وجمع في ذلك شيئا كثيرا، وفي أسانيد القراءات غرائب، كان يذكر في مصنفاته أنه أخذها رواية وتلاوة، وأن شيوخه أخذوها رواية وتلاوة، ولما توفي كانت له جنازة عظيمة. [333] الحسن بن علي بن إبراهيم الصقلي النحوي : مات بمكة في ذي الحجة سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة، ودفن بها. روى عن الزجاجي وأبي بكر الأنباري وغيرهما. فمن شعره: في سبيل الله ودّ حسن ... دام من قلبي لوجه حسن وهوى ضيّعته في سكن ... ليس حظي منه غير الحزن يرقد الليل ويستعذبه ... وإذا ما رمت طيب الوسن زارني منه خيال ما له ... أرب في غير أن يوقظني وقيل إنه مات بمكة بعد أن حج ودخل مكة، وطيف بتابوته حول البيت وذلك لاثنتي عشرة ليلة من ذي الحجة سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة.   [333]- هذه الترجمة وردت في المختصر، وللصقلي ترجمة في مصورة ابن عساكر 4: 570، وكنيته أبو علي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 938 [334] الحسن بن علي بن بركة بن عبيدة : أبو محمد «1» المقرىء النحوي الفرضي، من ساكني الكرخ بدرب رياح. مات في ثامن عشر شوال سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة، وكان فاضلا قارئا نحويا لغويا فرضيا، قرأ القرآن بالروايات على الشيخ أبي محمد ابن بنت الشيخ، وبالكوفة على عمر بن إبراهيم العلوي، وقرأ النحو على أبي السعادات ابن الشجري، ولازمه حتى برع في فنه، وتصدّر مدة طويلة لإقراء القرآن والنحو واللغة والفرائض، وأنشد له العماد في «الخريدة» شعرا قاله في المستضيء بأمر الله أمير المؤمنين وهو: يا خير مستخلف عمّت نوافله ... وطبّق الأرض بعد المحل نائله أحيت لنا سيرة المهدي سيرته ... عدلا وبذلا فما تحصى فواضله إمام حقّ بعهد الله محتفظ ... وكلّ شيء حواه فهو باذله خير الخلائف «2» أضحى لا ينازعه ... منهم إمام وان جلّت أوائله كالمصطفى «3» جاء بعد الأنبياء وما ... فيهم على فضلهم خلق يعادله وله في المستضيء أيضا: هذه دولة تخيّرها الله ... فدامت لنا سجيس الليالي دولة روّضت «4» رباها وجادت ... من لهاها بوابل متوالي واستقادت صعب المقادة بالعدل ... ودانت لها قلوب الرجال   [334]- الخريدة (قسم العراق) 3/1: 216- 218 وإنباه الرواة 1: 316 ومختصر ابن الدبيثي 1: 285 والوافي 12: 130 ومرآة الزمان: 390 وطبقات ابن الجزري 1: 224 وبغية الوعاة 1: 224 والنجوم الزاهرة 6: 104 (ويعتمد ياقوت على الخريدة) وقد ضبط اسمه في بعض المصادر بفتح العين. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 939 وأضاءت بالمستضيء بأمر الله ... لا زال ملكه في اتصال ملك عمّ برّه كلّ برّ ... وأباح الآمال في الأموال «1» وأغاث الأنام منه سجال ... بعد إمحالهم عقيب سجال طبّق الأرض منه فضل وعدل «2» ... وكفاها بوائق الزلزال جعل الله ودّكم يا بني العباس ... فرضا من أشرف الأعمال وعليكم صلاتنا في التحيات ... توالى لأنكم خير آل «3» يا بني عمّ أحمد طاب محيا ... كم ومن قبل طبتم في الظلال «4» [335] الحسن بن علي الجويني الكاتب ، أبو علي صاحب الخط المليح المنسوب: كان مقيما ببغداد ولا أدري أولد بها أم انتقل اليها، لأنه لما انتقل إلى مصر كان يعرف بها بالبغدادي، وكان يلقب فخر الكتاب. مات بمصر لعشر خلون من صفر سنة ست وثمانين وخمسمائة. سمعت جماعة من أهل الكتابة المتحققين بها يقولون: لم يكتب   [335]- ترجمته في بغية الطلب 4: 275 وسير الذهبي 21: 233 وابن خلكان 2: 131 وتلخيص مجمع الآداب 4/3: 143 والوافي 12: 127 (وفيه نقل عن ابن النجار) وقال ابن خلكان: وذكره العماد الكاتب في الخريدة (قسم العراق 3/2: 58) وكان من ندماء أتابك زنكي بالشام، وأقام بعده في ظل محمود نور الدين، ثم سافر إلى مصر وتوطّن بها. ولم يورد العماد من شعره إلا أبياتا يتشوق فيها إلى القاضي الفاضل، وأورد له ابن العديم عددا من مقطعاته. وأورد المنذري ترجمته في وفيات سنة 584 ثم قال: وقيل انه توفي سنة 586 وقال الذهبي يعرف بابن اللعيبة؛ وراجع تعليق محقق سير الذهبي هنا ففيه فوائد مهمة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 940 أحد بعد أبي الحسن علي بن هلال بن البواب أجود من الجويني، وكان أستاذه في الكتابة يعقوب الغزنوي، كتب عليه ببغداد إلا أنه أبرّ عليه وزاد حتى لا تناسب بين خطيهما. وكان من شيمة الجويني أنه قطّ ما كتب شيئا بخطّه كثر أو قلّ، دق أو جلّ، إلا ويكتب في آخره: كتبه الحسن بن علي الجويني. وكتب عليه جماعة من الكتاب وافتخروا بأستاذيته كابن القيسراني وغيره، وكان يتنقل في البلاد، حتى حطّ بركه بالديار المصرية، ونفق بها سوقه، وعلا على أبناء جنسه قدره، وعظم شانه وارتفع مكانه، وكان مع ذلك لا يترك هيئته وسمته، فإنه كان يتزيا زيّ أهل التصوف. وبلغ من علو قدره بالديار المصرية إلى أن ولي ولده عز الدين إبراهيم ولاية القاهرة بعد ما ولي ولاية اسكندرية مدة، وكان محمود السيرة، رأيت أهل مصر ممن شاهد ولايته يحسن الثناء عليه، وكان ملوكيّ الهمة شريف النفس، أعني عز الدين إبراهيم. وكان فخر الكتاب يقول الشعر ويتعاناه إلا أنه لم يكن فيه بذاك، ومن شعره يمدح القاضي الفاضل وهو من أجود شعره: لولا انقطاع الوحي كان منزّلا ... في الفاضل بن عليّ البيساني نثني عليه بمثل ما يثني على ... أفعاله المرضيّة الملكان ومن شعره في الزهد: كم كادت الأوطان تشغلنا ... بزخارف الدنيا عن الله حتى تغرّ بنا فكم غيرا ... يقطعن عقل الغافل اللاهي [336] الحسن بن علي بن إبراهيم بن الزبير ، أبو محمد المصري، أخو الرشيد أحمد بن علي- وقد تقدم ذكره «1» -: وكان من أهل أسوان من غسان، وكان الحسن هذا   [336]- ترجمته في الخريدة (قسم مصر) 1: 204 وكتاب الروضتين 1: 147 والوافي 12: 131 والفوات 1: 243 والطالع السعيد: 100 وطبقات الداودي 1: 135 وحسن المحاضرة 1: 242 والشذرات 4: 197 والمقفى 3: 346. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 941 يلقب بالقاضي المهذب، مات في ربيع الآخر سنة إحدى وستين وخمسمائة بمصر، وكان كاتبا مليح الخطّ، فصيحا جيد العبارة، وكان أشعر من أخيه الرشيد، وكان قد اختص بالصالح ابن رزيك وزير المصريين، وقيل إن أكثر الشعر الذي في ديوان الصالح إنما هو عمل المهذب ابن الزبير، وحصل له من الصالح مال جمّ، ولم ينفق عنده أحد مثله. وكان القاضي عبد العزيز بن الجباب «1» المعروف بالجليس هو الذي قرّظه عند الصالح حتى قدمه، فلما مات الجليس شمت به ابن الزبير، ولبس في جنازته ثيابا مذهبة، فنقص عند الناس بهذا السبب واستقبحوا فعله، ولم يعش بعد الجليس إلا شهرا واحدا. وصنف المهذب «كتاب الأنساب» وهو كتاب كبير أكثر من عشرين مجلّدا، كل مجلد عشرون كراسا، رأيت بعضه فوجدته مع تحقّقي هذا العلم وبحثي عن كتبه غاية في معناه لا مزيد عليه يدلّ على جودة قريحة مؤلفه وكثرة اطلاعه، إلا أنه حذا فيه حذو أحمد بن يحيى بن جابر البلاذري، وأوجز في بعض أخباره عن البلاذري، إلا أنه إذا ذكر رجلا ممن يقتضي الكتاب ذكره لا يتركه حتى يعرّفه بجهده مع إيراد شيء من شعره وخبره. وكان المهذب قد مضى إلى بلاد اليمن في رسالة من بعض ملوك مصر، واجتهد هناك في تحصيل كتب النسب، وجمع منها ما لم يجتمع عند أحد حتى صحّ له تأليف هذا الكتاب. وكان أخوه الرشيد لما مضى إلى اليمن وادّعى الخلافة- كما ذكرناه في ترجمته- نمي خبره إلى المعروف بالداعي، فقبض عليه قبضا لا نعلم كيفيته وهمّ بقتله، فكتب المهذّب هذا إلى الداعي بقصيدته المشهورة يمدحه ويستعطفه حتى أطلقه، والقصيدة «2» : يا ربع أين ترى الأحبّة يمموا ... هل أنجدوا من بعدنا أم أتهموا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 942 نزلوا من العين» السواد وإن نأوا «2» ... ومن الفؤاد مكان ما أنا أكتم رحلوا وفي القلب المعنّى بعدهم ... وجد على مرّ الزمان مخيم رحلوا وقد لاح الصباح وإنما ... تسري إذا جنّ الظلام الأنجم وتعوّضت بالأنس روحي وحشة ... لا أوحش الله المنازل منهم لولا هم ما قمت بين ديارهم ... حيران أستاف التراب «3» وألثم أمنازل الأحباب أين هم و ... أين الصبر من بعد التفرّق عنهم يا ساكني البلد الحرام وإنما ... في الصدر مع شحط المزار سكنتم يا ليتني في النازلين عشية ... بمنى وقد جمع الرفاق الموسم فأفوز إن غفل الرقيب بنظرة ... منكم إذا لبّى الحجيج «4» وأحرموا إني لأذكركم إذا ما أشرقت ... شمس الضحى من نحوكم فأسلّم لا تبعثوا لي في النسيم تحية ... إني أغار من النسيم عليكم إني امرؤ قد بعت حظي راضيا ... من هذه الدنيا بحظّي منكم فسلوت إلا عنكم وقنعت ... الا منكم وزهدت إلا فيكم ورأيت كلّ العالمين بمقلة ... لو ينظر الحساد ما نظرت عموا ما كان بعد أخي الذي فارقته ... ليبوح إلا بالشكاية لي فم هو ذاك لم يملك علاه مالك ... كلا ولا وجدي عليه متمم «5» أقوت مغانيه وعطّل ربعه ... ولربما هجر العرين الضيغم ورمت به الأهوال همة ماجد ... كالسيف يمضي غربه ويصمّم يا راحلا بالمجد عنّا والعلا ... أترى يكون لكم إلينا مقدم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 943 يفديك قوم كنت واسط عقدهم ... ما إن لهم مذ غبت شمل ينظم لك في رقابهم وإن هم أنكروا ... منن كأطواق الحمام وأنعم جهلوا فظنّوا أنّ بعدك مغنم ... لما رحلت وإنما هو مغرم فلقد أقرّ العين أن عداك قد ... هلكوا ببغيهم وأنت مسلّم لم يعصم الله ابن معصوم من ... الآفات واخترم اللعين الأخرم «1» واعتضت بعدهم بأكرم معشر ... بدأوا لك الفعل الجميل وتمّموا فلعمر مجدك إن كرمت عليهم ... إن الكريم على الكرام مكرم أقيال بأس خير من حملوا القنا ... وملوك قحطان الذين هم هم متواضعون ولو ترى ناديهم ... ما اسطعت من إجلالهم تتكلم وكفاهم شرفا ومجدا باذخا «2» ... أن أصبح الداعي المتوّج منهم هو بدر تمّ في سماء علاهم ... وبنو أبيه بنو زريع «3» أنجم ملك حماه جنّة لعفاته ... لكنّه للحاسدين جهنم أثني عليك بما مننت وأين من ... أوصاف مجدك يا مليكا أعظم فاغفر لي التقصير فيه وعدّه ... مع ما تجود به عليّ وتنعم مع أنني سيرت فيك شواردا ... كالدرّ بل أبهى لدى من يفهم تغدو وهوج الذاريات رواكد ... وتبيت تسري والكواكب نوّم وإذا المآثر عدّدت في مشهد ... فبذكرها يبدا المقال ويختم وإذا تلا الراوون محكم آيها «4» ... صلّى عليك السامعون وسلّموا وكفى برأي إمام عصرك ناقضا ... ما أحكم الأعداء فيك وأبرموا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 944 وأنشدني أبو طاهر إسماعيل بن عبد الرحمن الأنصاري المصري بمصر في سنة اثنتي عشرة وستمائة قال: أنشدني أبو محمد الحسن بن علي بن الزبير مطلع قصيدة: أعلمت حين تجاور الحيّان ... أنّ القلوب مواقد النيران وعلمت أن صدورنا قد أصبحت ... في القوم وهي مرابض الغزلان وعيوننا عوض العيون أمدّها ... ما غادروا فيها من الغدران ما الوجد هزّ قناتهم بل هزّها ... قلبي لما فيه من الخفقان وتراه يكره أن يرى أظعانهم ... فكأنّما أصبحت في الاظعان وكان لما جرى لأخيه الرشيد ما جرى من اتّصاله بالملك صلاح الدين يوسف بن أيوب عند كونه محاصرا بالاسكندرية- كما ذكرناه في بابه- قبض شاور على المهذب وحبسه، فكتب إلى شاور شعرا كثيرا ليستعطفه فلم ينجع، حتى التجأ إلى ولده الكامل أبي الفوارس شجاع بن شاور ومدحه بأشعار كثيرة، وهو في الحبس، حتى قام بأمره واستخرجه من حبسه، وضمّه إليه واصطنعه، فمن ذلك قوله من قصيدة: يا صاحبي سجن الخزانة خلّيا ... نسيم الصبا ترسل إلى كبدي نفحا وقولا لضوء الصبح هل أنت عائد ... إلى ناظري أم لا أرى بعدها صبحا ولا تيأسا من رحمة الله أن أرى ... سريعا «1» بفضل الكامل العفو والصفحا فإن تحبساني في النجوم تجبّرا ... فلن تحبسا مني له الشكر والمدحا وكتب إليه: وما كنت أخشى قبل سجنكما على ... دموعي أن يقطرن خوف المقاطر وما لي من أشكو إليه أذاكما ... سوى ملك الدنيا شجاع بن شاور ومما قاله فيه، وهو لعمري من رائق الشعر وجيّده: إذا أحرقت في القلب موضع سكناها ... فمن ذا الذي من بعد يكرم مثواها وإن نزفت ماء العيون بهجرها «2» ... فمن أيّ عين تأمل العيس سقياها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 945 وما الدمع يوم البين إلّا لآلىء ... على الرسم في رسم الديار نثرناها وما أطلع الزهر الربيع وإنما ... رأى الدمع أجياد الغصون فحلّاها ولمّا أبان البين سرّ صدورنا ... وأمكن فيها الأعين النّجل مرماها عددنا دموع العين لما تحدرت ... دروعا من الصبر الجميل نزعناها ولما وقفنا للوداع وترجمت ... لعينيّ عمّا في الضمائر عيناها بدت صورة في هيكل فلو آننا ... ندين بأديان النصارى عبدناها وما طربا صغنا القريض وإنما ... جلا اليوم مرآة القرائح مرآها وليلة بتنا: في ظلام شبيبتي ... سراي، وفي ليل الذوائب مسراها تأرّج أرواح الصّبا كلما سرى ... بأنفاس ريا آخر الليل رياها ومهما أدرنا الكأس باتت جفونها ... من الراح تسقينا الذي قد سقيناها [ومنها] : ولو لم يجد يوم الندى في يمينه ... لسائله غير الشبيبة أعطاها فيا ملك الدنيا وسائس أهلها ... سياسة من قاس «1» الأمور وقاساها ومن كلّف الأيام ضدّ طباعها ... وعاين أهوال الخطوب فعاناها عسى نظرة تجلو بقلبي وناظري «2» ... صداه فإني دائما أتصداها وحدثني الشريف أبو جعفر محمد بن عبد العزيز الادريسي أن السبب في حبسه كان أنه كاتب شيركوه الملقب بأسد الدين، وهو نازل على بلبيس بعساكره في محاربة شاور، فلما رحل أسد الدين عن بلبيس وجدت الكتب في منزله، فحملت إلى شاور فحبسه وهمّ بصلبه لو لم يستنقذه ابنه الكامل. وأنشدني المصريون للمهذب في رفّاء: بليت برفّاء «3» لواحظ طرفه ... بنا فعلت ما ليس يفعله النّصل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 946 يجور على العشّاق والعدل دأبه ... ويقطعني ظلما وصنعته الوصل ومن شعره أيضا «1» : ولئن ترقرق دمعه يوم النوى ... في الطرف منه وما تناثر عقده فالسيف أقطع ما يكون إذا غدا ... متحيّرا في صفحتيه فرنده ومنه أيضا «2» : لقد طال هذا الليل بعد فراقه ... وعهدي به قبل الفراق قصير فكيف أرجّي الصبح بعدهم وقد ... تولّت شموس بعدهم وبدور ومنه أيضا: يعنّفني من لو تحقّق ما الهوى ... لكان إلى من قد هويت رسولي بنفسي بدر لو رآه عواذلي ... على الحبّ فيه فاد كلّ عذول ومنه أيضا «3» : أقصر فديتك عن لومي وعن عذلي ... أو لا فخذ لي أمانا من ظبا المقل من كلّ طرف مريض الجفن ينشدني ... «يا ربّ رام بنجد من بني ثعل» إن كان فيه لنا وهو السقيم شفا ... «فربّما صحّت الأجسام بالعلل» «4» وقال يرثي صديقا له وقد وقع المطر يوم موته «5» : بنفسي من أبكى السماوات فقده ... بغيث ظنّناه نوال يمينه فما استعبرت إلا أسى وتأسّفا ... وإلا فماذا القطر في غير حينه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 947 وله أيضا: لا ترج ذا نقص ولو أصبحت ... من دونه في الرتبة الشمس كيوان أعلى كوكب موضعا ... وهو إذا أنصفته نحس وله أيضا: فدع التمدح بالقديم فكم عفا ... في هذه الآكام قصر داثر إيوان كسرى اليوم عند خرابه ... خير لعمرك منه خصّ عامر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 948 محتويات الجزء الثّاني الموضوع الصفحة [تتمة تراجم حرف الألف] 483 169- أحمد بن محمد بن الفضل الخزاز 483 170- أحمد بن محمد بن أحمد أبو علي الأصبهاني 483 171- أحمد بن محمد بن هاشم القرطبي الأعرج 483 172- أحمد بن محمد بن جعفر بن ثوابة 484 173- أحمد بن محمد بن الفضل الأهوازي 485 174- أحمد بن محمد الافريقي، المتيم 485 175- أحمد بن محمد، أبو سليمان الخطابي 486 176- أحمد بن محمد بن عبد الرحمن الهروي الباشاني 491 177- أحمد بن محمد بن عبد الله، العروضي الصفار 491 178- أحمد بن محمد، ابن شرام الغساني 492 179- أحمد بن محمد بن الحسن الخلال 493 180- أحمد بن محمد الملقب مسكويه 493 181- أحمد بن محمد الصخري 500 182- أحمد بن محمد السهلي الخوارزمي 504 183- أحمد بن محمد، أبو علي المرزوقي 506 184- أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي 507 185- أحمد بن محمد بن أحمد، أبو حامد الاستوائي 508 186- أحمد بن محمد بن عمار المهدوي 508 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 949 الموضوع الصفحة 187- أحمد بن محمد، ابن برد الأصغر 509 188- أحمد بن محمد بن هارون النزلي 510 189- أحمد بن محمد العمركي 511 190- أحمد بن محمد بن أحمد بن شهردار 511 191- أحمد بن محمد، أبو الفضل الميداني 511 192- أحمد بن محمد الصلحي 514 193- أحمد بن محمد بن القاسم الأخسيكثي 514 194- أحمد بن محمد الآبي 515 195- أحمد بن محمد بن جعفر الواسطي 517 196- أحمد بن مروان المؤدب أبو مسهر 518 197- أحمد بن مطرف بن إسحاق القاضي 519 198- أحمد بن مطرف أبو الفتح العسقلاني 519 199- أحمد بن موسى بن أبي عمار الحناط 519 200- أحمد بن موسى بن العباس، ابن مجاهد 520 201- أبو أحمد النهرجوري 523 202- أحمد بن نصر بن الحسين البازيار 526 203- أحمد بن هبة الله بن العلاء المخزومي 528 204- أحمد بن الهيثم بن فراس السامي 529 205- أحمد بن يحيى بن جابر البلاذري 530 206- أحمد بن يحيى بن زيد، أبو العباس ثعلب 536 207- أحمد بن يحيى بن علي المنجم 554 208- أحمد بن يحيى بن الوزير 555 209- أحمد بن يحيى بن سهل الطائي المنبجي 555 210- أحمد بن يزيد بن محمد المهلبي 556 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 950 الموضوع الصفحة 211- أحمد بن يعقوب بن يوسف، برزويه الاصبهاني 556 212- أحمد بن يعقوب بن ناصح الاصبهاني 556 213- أحمد بن إسحاق بن جعفر، ابن واضح اليعقوبي 557 214- أحمد بن يوسف بن إبراهيم، ابن الداية 557 215- أحمد بن يوسف بن القاسم الكاتب 560 216- أخثاء 570 217- أسامة بن سفيان السجزي 571 218- أسامة بن مرشد ابن منقذ 571 219- إسحاق بن إبراهيم الموصلي 594 220- إسحاق بن إبراهيم البربري 616 221- إسحاق بن إبراهيم الفارابي اللغوي 618 222- إسحاق بن أحمد بن شيث البخاري 620 223- إسحاق بن بشر بن محمد، أبو حذيفة البخاري 622 224- إسحاق بن سلمة بن إسحاق القيني 623 225- إسحاق بن عمار، ابن الجصاص 623 226- إسحاق بن براء، أبو عمرو الشيباني 625 227- إسحاق بن نصير الكاتب البغدادي 628 228- إسحاق بن يحيى بن سريج الكاتب 629 229- إسحاق بن موهوب بن الخضر الجواليقي 630 230- أسعد بن عصمة، أبو البيداء الرياحي 630 231- أسعد بن علي بن أحمد الزوزني، البارع 630 232- أسعد بن مسعود بن علي العتبي 633 233- أسعد بن المهذب، ابن مماتي 635 233 ب- أسعد بن علي النحوي 645 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 951 الموضوع الصفحة 234- أسلم بن سهل الرزاز، بحشل الواسطي 646 235- اسماعيل بن أحمد بن عبد الله الحبري 646 236- اسماعيل بن اسحاق، ابن حماد الأزدي 647 237- إسماعيل بن الحسن بن علي الغازي، شمس الأئمة 651 238- إسماعيل بن الحسين بن محمد العلوي النسابة 652 239- إسماعيل الضرير النحوي أبو علي 655 240- إسماعيل بن حماد الجوهري، صاحب الصحاح 656 241- إسماعيل بن خلف الصقلي أبو طاهر 662 242- إسماعيل بن عباد، الصاحب ابن عباد 662 243- إسماعيل بن عبد الله، أبو العباس الميكالي 721 244- إسماعيل بن عبد الرحمن، السدي الكبير 724 245- إسماعيل بن عبد الرحمن بن أحمد الصابوني 726 246- إسماعيل بن علي بن إسماعيل الخطبي 727 247- إسماعيل بن علي الحظيري 728 248- إسماعيل بن عيسى العطار 729 249- إسماعيل بن القاسم، أبو علي القالي 729 250- إسماعيل بن محمد بن إسماعيل الصفار 732 251- إسماعيل بن محمد بن أحمد الوثابي 733 252- إسماعيل بن محمد بن عبدوس الدهان 734 253- إسماعيل بن محمد القمي 735 254- إسماعيل بن محمد بن عامر، أبو الوليد ابن حبيب 735 255- إسماعيل بن مجمع الأخباري 736 256- إسماعيل بن موهوب بن أحمد الجواليقي 736 257- إسماعيل بن يحيى بن المبارك اليزيدي 737 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 952 الموضوع الصفحة 258- الأغر أبو الحسن 739 259- أمان بن الصمصامة بن الطرماح 739 260- أمية بن عبد العزيز بن أبي الصلت 740 [تراجم حرف الباء] 744 261- بزرج بن محمد العروضي 744 262- بشر بن يحيى بن علي القيني النصيبي 746 263- بقي بن مخلد الأندلسي 746 264- بكر بن حبيب السهمي 750 265- أبو بكر ابن عياش الحناط الكوفي 751 266- بكر بن محمد، أبو عثمان المازني 757 267- بندار بن عبد الحميد الكرخي، ابن لره 765 268- بهزاد بن يوسف بن يعقوب النجيرمي 768 [تراجم حرف التاء] 769 269- تمام بن غالب، ابن التياني المرسي 769 270- توفيق بن محمد بن الحسين الأطرابلسي 770 [تراجم حرف الثاء] 771 271- ثابت بن الحسين بن شراعة التميمي 771 272- ثابت بن أبي ثابت علي الكوفي 771 273- ثابت بن أبي ثابت عبد العزيز اللغوي 772 274- ثابت بن عمرو بن حبيب 772 275- ثابت بن سنان الصابىء 772 276- ثابت بن محمد الجرجاني 773 277- أبو ثروان العكلي 775 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 953 الموضوع الصفحة [تراجم حرف الجيم] 776 278- جبر بن علي بن عيسى الزهيري 776 279- جعفر بن أحمد المروزي 776 280- جعفر بن أحمد بن عبد الملك الاشبيلي 777 281- جعفر بن أحمد بن الحسين، ابن السراج 777 282- جعفر بن إسماعيل بن القاسم القالي 781 283- جعفر بن الفضل ابن الفرات، ابن حنزابة 781 284- جعفر بن قدامة بن زياد الكاتب 788 285- جعفر بن محمد بن أحمد بن حدار 790 286- جعفر بن محمد بن الأزهر الأخباري 792 287- جعفر بن محمد بن خالد بن ثوابة 792 288- جعفر بن محمد بن حمدان الموصلي 793 289- جعفر بن موسى، أبو الفضل ابن الحداد 798 290- جعفر بن هارون بن إبراهيم الدينوري 798 291- جلد بن جمل الراوية 799 292- جناد بن واصل الكوفي 799 293- جنادة بن محمد بن الحسين الهروي 800 294- جهم بن خلف المازني 801 295- جودي بن عثمان الموروري 802 [تراجم حرف الحاء] 803 296- الحارث بن أبي العلاء، أخو أبي عمرو 803 297- حبشي بن محمد الشيباني 803 298- حبيش بن عبد الرحمن، أبو قلابة الجرمي 804 299- حبيش بن موسى الصيني 805 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 954 الموضوع الصفحة 300- حسان بن مالك بن أبي عبدة 806 301- الحسن بن إبراهيم بن زولاق 807 302- الحسن بن أحمد بن يعقوب، الهمداني 809 303- الحسن بن أحمد بن يعقوب (ترجمة ثانية) 810 304- الحسن بن أحمد، أبو علي الفارسي 811 305- الحسن بن أحمد، الأسود الغندجاني 821 306- الحسن بن أحمد بن عبد الله بن البناء 823 307- الحسن بن أحمد الاستراباذي 825 308- الحسن بن أحمد بن الحسن الهمذاني 825 309- الحسن بن إسحاق بن أبي عباد اليمني 840 310- الحسن بن أسد بن الحسن الفارقي 841 311- الحسن بن بشر بن يحيى الآمدي 847 312- أبو الحسن البوراني 854 313- الحسن بن الحسين، أبو سعيد السكري 854 314- الحسن بن الخطير، الظهير الفارسي 857 315- الحسن بن داود الرقي 860 316- الحسن بن داود بن الحسين القرشي النقاد 860 317- الحسن بن رشيق القيرواني 861 318- الحسن بن شهاب بن الحسن العكبري 866 319- الحسن بن صافي، ملك النحاة 866 320- الحسن بن عبد الله، لغدة الأصبهاني 873 321- الحسن بن عبد الله، أبو سعيد السيرافي 876 322- الحسن بن عبد الله، أبو أحمد العسكري 911 323- الحسن بن عبد الله، أبو هلال العسكري 918 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 955 الموضوع الصفحة 324- الحسن بن عبد الله العثماني 922 325- الحسن بن عبد الرحمن بن خلاد الرامهرمزي 923 326- الحسن بن عثمان بن حماد الزيادي 928 327- الحسن بن علي الحرمازي 931 328- الحسن بن علي المدائني 932 329- الحسن بن علي بن عمر، ابن المصحح 932 330- الحسن بن علي بن الحسن، ابن مقلة 933 331- الحسن بن عليل بن الحسين العنزي 935 332- الحسن بن علي بن إبراهيم الأهوازي 936 333- الحسن بن علي بن إبراهيم الصقلي 938 334- الحسن بن علي بن بركة بن عبيدة 939 335- الحسن بن علي الجويني الكاتب 940 336- الحسن بن علي، ابن الزبير الاسواني 941 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 956 [ الجزء الثالث ] [ تتمة حرف الحاء ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* - 337- الحسن بن علي بن أبي سالم المعمر بن عبد الملك بن ناهوج الاسكافي الأصل البغدادي المولد والدار، أبو البدر ابن أبي منصور: من أهل باب الأزج، أحد الكتاب المتصرفين في خدمة الديوان الامامي هو وأبوه، وكان فيه فضل وأدب بارع وعربية وتصرف في فنونها، ويكتب خطا على طريقة أبي علي ابن مقلة قلّ نظيره فيه، وله خصائص، ولقي المشايخ، وصنف عدّة تصانيف في الأدب حسنة، وتنقّل في الولايات إلى أن رتّب مشرفا بالديوان العزيز في سادس شهر رمضان سنة ست وثمانين وخمسمائة، فكان على ذلك إلى أن عزل في سابع ذي الحجة سنة ثمان وثمانين. وكان صحب أبا محمد ابن الخشاب النحوي، وقرأ عليه وبحث معه وعلّق عنه تعاليق وقفت على بعضها فوجدتها منبئة عن يد باسطة في هذا الفن من العلم، ورأيت بخطه في حلب تعاليق وكتبا واختيارات ونظما ونثرا تدلّ على قريحة سالمة، ونفس عالمة، تقلل النظير، وتؤذن بالعلم الغزير، ومما بلغني من شعره: وعلى الكثيب مخمّر من تيهه ... كالبدر من حسن وليس بآفل حجبوه بالبيض القواصل مادروا ... من حسنه وسيوفهم كالقاصل رشأ كأنّ لحاظه مطرورة ... قذفت بها غرضا حنيّة نابل   [337]- ترجمته في مختصر ابن الدبيثي 2: 19 والوافي 12: 139 وبغية الوعاة 1: 514 وقال الصفدي: «وطوّل ياقوت ترجمته إلى الغاية وأورد من رسائله إلى القاضي الفاضل جملة» وهذا القول قد يشير إلى أن الصفدي اطلع على نسخة اختلطت فيها ترجمة الاسكافي بترجمة القطان بعده. وقد فصلت بينهما، ولكني أقدر أن هذا الاختلاط كان السبب في السقوط رسائل أخرى في ترجمة الاسكافي. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 957 وكأنّ سحر بلاغة في لفظه ... أخذ تعقّدها نوافث بابل وكان خرج من بغداد حاجّا في سنة تسع وثمانين وخمسمائة أو نحوها فجاور بمكة، ثم صار منها إلى الشام وأقام بحلب مدة، ثم انتقل إلى مصر فسكنها إلى أن مات بها في ثامن عشر رمضان سنة ست وتسعين وخمسمائة عن سبع وستين سنة، ودفن بالقرافة، حدث بذلك ابنه أبو منصور علي. وقرأت بخط ابن أبي سالم الذي لا أرتاب به ما صورته: نسخة كتاب كتبته إلى القاضي الفاضل عند قدومي من الحجاز إلى مصر في جمادى الآخرة سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة: لو كانت المودات- أطال الله بقاء المجلس السامي في نعمة خصيبة المرتع، وعيشة عذبة المنبع، وأدام علاه في سعادة لا تتطرق إلى ضافي بردها السابغ حوادث الأقدار، ولا يتطرّق صافي وردها السائغ بحوادث الأكدار، وحرس مواهبه لديه ما لزم السكون أول المشدّدين، ولا زالت ثاوية بجنابه حتى يلتقي المخفّفان من كلمتين، ولا فتئت منح التوفيق مصاحبة له ما اشتبه الذاتي بالعرض اللازم، وذم المفرط أمره وأحمده الحازم- لا تقرع أبوابها، ولا يتدرع زينة لبوسها وأثوابها إلا عن معرفة في المشاهد سابقة، أو ماتّة قائدة أو ذريعة سائقة ... [1] التعاضد والتضافر .... [1] سابق للصفة، وإنما للنفوس سرائر أهواء تحنّ إلى التداني وإن تباعدت الشعوب وتنازحت الديار، كما لتباينها أسباب تتنافر من أجلها وإن تقاربت الأنساب وتناوحت المقارّ، والفضائل الفاضلية القريرة، والمناقب الشهيرة، التي قد سار ذكرها في الآفاق سير القمر، وعطل مزيتها مرويّ السير، وتليت محاسنها كما تتلى السور، وصار الفوز بمناسمة ريّاها من أفضل ما أسفر عنه سفر، ولو عاينها الصّدر الأول لمدح في دراستها السهر، وما جدب السمر، فلا غرو أن تحنّ النفوس إلى محلّ كمالها، ومأوى توافر أضدادها التي انفرد بجمالها، ومثوى مواهبها التي هبطت اليه من المحلّ الأرفع لما سمّي لها وسما لها، ومن هو أمينها المصدق لظنونها ويمينها إذا كان غيره يمينها وشمالها، وقد زادها إفراط حبّ التبيان، فلله درّ ذلك   [1] بياض في م. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 958 البيان، فلكم استفاءت حجته إلى أمر الله من الطوائف والفرق، وكم فضّ كتابه من كتائب الضلال وفرق. ثم ذكر وصف بلاغته بما أطال فيه ووصف البحر الذي ركبه حتى خلص إلى مصر ثم قال: وقد أرسل هذه الخدمة مستخرجة للإذن في الحضور والتشرف بميمون اللقاء، وإن زاحم به أوقات الطاعات ومواقيت الأذكار، وشغل على اختصاره عن شيء من المهام والأوطار، فللمتوكل لنفسه أن يدّعي أنّ في ذلك ضربا من ضروب البرّ، فإنه قد أصبح ولله الحمد في هذا الطرف لقاطنيه وطارقيه كالأب البرّ. والمنشود من الأريحية الكريمة إكرام مثوى خدمته وتلقّيها بما يزيل عنها انقباض الغريب ووحشته، وحيرة القادم ودهشته، فعنده حياء طبيعيّ لعلة متجاوزة للقدر المحدود. غذيت به طفلا فإن رمت غيره ... عصاني وأغرتني به ألفة المهد وكتب إليه بعد الحضور عنده رقعة منها: وحضر الشيخ النفيس وصحبته ما قابل كريم الاهتمام الذي صدر عنه من الأدعية والأثنية بما لا يزال يواليه ويرفعه ويهديه، ولقد أخجله أن يرى نفسه في صورة مثقّل، أو يرى بعين غير موحّد في دين هواه متنقّل. ومقترحه أن يخصّ من حسن الرأي العالي بشعار يبهج ولا ينهج، ويشرع له سبيلا في الفخر وينهج، وأن يشير بأسطر بالخط الكريم تفوق المال، وتبقي الجمال، فأبقى السمات ما خطّته يمينه، وأثبت الصفات ما دلّ عليه تزيينه، وأزكى الشهادات ما تطوّع به كرمه، وأعطر رياض الحمد ما أنبته ديمه. وقد حصل الخادم بين نزاع يحضّه على حضور الخدمة وينشطه، وخوف إبرام يقبضه ويثبّطه؛ وقد ترجم عن حاله هذه بأبيات الشاعر أبي عبد الله وهي: حالة قد حصلت أخبط [1] منها ... حول دار الأستاذ في عشواء إن تأخّرت أو تقدّمت فيها ... ساء ظنّي في الموضعين برائي لست أدري من الضلال أقدّا ... مي خير في ذاك أم من ورائي أوثر الخدمة التي تثبت [2] اسمي ... عندكم في جريدة الأولياء ثم أخشى من أن [3] أعدّ إذا ... جئت من المبرمين والثقلاء   [1] م: للخوف. [2] م: توثر. [3] م: أني. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 959 قد تحيرت فاجعلوا أنتم اسمي ... حيث شئتم من هذه الأسماء ومن خطه: ومن عبث الخاطر وهوسه أبيات تشوقت فيها الحجاز بعد مجاورتي بالحرم الشريف بمكة، قدسها الله سنة اثنتين أو ثلاث وسبعين: خليليّ هل تشفي من الوجد وقفة ... بخيف منى والسامرون هجوع وهل للييلات [1] المحصّب عودة ... وعيش مضى بالمأزمين رجوع وهل سرحة بالسفح من أيمن الصفا ... رعت من عهودي ما أضاع مضيع وهل قوّضت خيم على أبرق الحمى ... وما ذاك من غدر الزمان بديع وهل تردن ماء بشعب ابن عامر ... حوائم لو يقضى لهنّ شروع وما ذاك إلا عارض من طماعة ... له بقلوب العاشقين ولوع وإني متى أعص التجلّد والأسى ... فللشوق مني والغرام مطيع فيا جيرتي إذ للزمان نضارة ... وعودي نضار والخيام جميع بنعمان والأيام فينا حميدة ... ووادي الهوى للنازلين مريع وما أزمع الحيّ اليمانون نيّة ... ولا ريع بالبين المشتّ مروع كفى حزنا أني أبيت وبيننا ... من البيد ممتدّ [2] الفجاج وسيع أعالج نفسا قد تولّى بها الأسى ... وطرفا يجفّ المزن وهو هموع ومن خطّه أيضا: بيتان صدرت بهما كتابا في هذه الرقعة إلى بعض الإخوان بمكة حرسها الله تعالى: ألا قل لجيران الصفا ليت ... داعي التفرق أعمى يوم راح مناديا لعمري لقد ودّعت يوم وداعكم ... بشعب المنقّى شعبة من فؤاديا ومن خطّه رسالة كتبها إلى الفاضل أيضا يسأله شيئا من رسائله، قال في آخرها: فصار مثل هذه العوارف التي أقتصر في ذكرها على الإيماء وقوفا مع مجد سيدنا- أطال   [1] م: لليلات. [2] الوافي: معروض؛ م: معد. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 960 الله بقاءه مبسوط اليد في عباد الله بالفرض، مقرضا له عناء همه فيهم أحسن القرض، منجزا لهم ما وعد: وَأَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ (الرعد: 17) - عند الخادم، ومثله كالبيت من القريض قبل القافية، والمريض الذي مطلته الأيام بالعافية، فلا يكمل ذلك ولا يروق، ولا يتطرّب به المشوق، ولا يترنّم به الكئيب، ولا يتسلّى به الغريب، دون تمامه، وتكافي أجزاء نظامه، وعبقه بمسك ختامه، ولا يحسّ هذا بلذة على الحقيقة، وإن شرفت، حتى تجد روحه روح الشفاء فيدرك مزيتها بطرق الصحة ومروءتها بحاسة سمعها، وتساعفه الأقدار بتكميلها لك وجمعها: وما أسفي إلّا عليها فإنني ... بقرطاسها لا بالدنانير أكلف فجد لي بما أهواه منها فإنني ... سألحف في استيهابها وأكلّف وما هذه الأهواء إلا غرائز ... قبيح لدى نقادها المتكلف وإن كان الخادم عن حال من شرّف بهذا من أفناء الناس، ولم يكمل بعدته الاستئناس، فليس له أن يكون معترضا، ولا أن يتلقى ذلك بغير التسليم والرضى، فإن الخدمة السامية هي التي تبين لديها الأقدار، وبأفعالها تترتب المنازل وتتفاوت الأخطار. - 338- الحسن بن علي بن محمد بن إبراهيم بن أحمد القطان، أبو علي المروزي: أصله من بخارى، وولد بمرو سنة خمس وستين وأربعمائة. ومات مقتولا، قتله الغز لما وردوا خراسان وتغلّبوا على مرو، فقبضوا عليه في من قبضوا، فجعل يشتمهم وجعلوا يحثون التراب في فمه، حتى مات سنة ثمان وأربعين وخمسمائة.   [338]- سقط أول هذه الترجمة من ياقوت، واختلطت بترجمة الاسكافي السابقة ونبّه على ذلك الدكتور مصطفى جواد رحمه الله (ص: 19) فاعدت صدر الترجمة اعتمادا على المختصر والصفدي (الوافي 12: 140- 141) وبغية الوعاة 1: 513 وانظر ترجمة أخرى له في تاريخ الحكماء للبيهقي: 156 (ط. دمشق) وقال البيهقي: إن له رسائل في الطبّ، واكثر معالجاته يؤول إلى تقليل الطعام وتلطيفه، وربما ينهى المريض عن الدواء الغذائي فضلا عن الغذاء، وأورد له أقوالا حكيمة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 961 وكان شيخا فاضلا، كبيرا محترما، قد أخذ بأطراف العلوم على اختلافها، وغلب عليه اسم الطّبّ، وله في كل نوع تصنيف مأثور. وكان له دكان برأس المربّعة يقعد فيه للتطبب يؤذي الناس ويشتمهم إذا سئل عن شيء من المداواة. وكان ينظر في الخزانة التي عملت يرسم الكتب في المدرسة الخاتونيّة وهي يومئذ معمورة بالكتب ينتابها الفضلاء ويلتذ بها العلماء، حتى أغار خوارزمشاه على مرو وفي صحبته الرشيد الوطواط كاتبه فدخلها وانتخب من محاسن كتبها ونقلها الى خوارزم وتركها صفرا. وكان القطان قد وقف فيها من كتب نفسه الكثير، فبين القطان والوطواط في ذلك رسائل معروفة وأجوبة مشهورة يدعي القطان عليه أنه انتهب كتبه وأغار على ثمرة عمره وما جمعه في سالف أيامه، والرشيد يتبرأ من ذلك ويحلف له أنه ما فعل. وكنت عند كوني بمرو عرض عليّ شيخنا فخر الدين أبو المظفر عبد الرحيم بن تاج الاسلام أبي سعد السمعاني- تغمدهما الله برحمته- جزءا يشتمل على رسائل للحسن القطان إلى الرشيد الوطواط، محشوة بالسبّ له والثلب تصريحا لا تعريضا، ويلزمه الحجة في أنه نهب كتبه وسلبه نتيجة عمره، ويستحسب الله عليه، وضاق نطاق الزمان من تحصيلها وكتبها، وقلت: وكم منية خلّفت خلفي وبغية ... ومن حاج نفس حال من دونها الترك إذا ذكرتها النفس حنّت وأرزمت ... وودّت لفرط الوجد أدركها الفتك سلام على تلك الديار وقدّست ... نفوس بمثواها ثوى العلم والنسك وبقيت نفسي إليها متطلعة، وإلى مكنونها ملتفتة، فظفرت برسائل الرشيد محمد بن محمد بن عبد الجليل العمري البلخي المعروف بالوطواط متضمنة الأجوبة عنها يدلّ آخرها على إضراب الحسن القطّان عن تهمته والإذعان بابراء ساحته. نسخة الرسالة الأولى [1] : بسم الله الرّحمن الرّحيم، قرع سمعي من أفواه الواردين وألسنة الطارئين على خوارزم أنّ سيدنا- أدام الله فضله- كلّما تفرّغ من مهمّات نفسه، ووظائف درسه، يقبل بمجامعه على أكل لحمي، والإطناب في سبّي   [1] راجع رسائل الوطواط 2: 18 (ط. مصر 1315) . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 962 وشتمي، وينسبني إلى الإغارة على كتبه، ويبالغ في هتك أستار الكرم وحجبه. أهذا يليق بالفضل والمروّة؟ أو يجمل بالكرم والفتوة أن يفتري على أخيه المسلم، بمثل هذا الكذب المقلق والبهتان المؤلم؟ والله إذا نفخ في الصور يوم النشور، وبعثت هذه الرمم البالية، من الأجداث متدرعة ملابس الحياة الثانية، وجمعت عباد الله في مواقف العرصات، وتطايرت صحائف الأعمال إلى أربابها، وسئلت كلّ نفس عما كسبت، فمن مسيء يسحب على وجهه إلى النار، ومن محسن يحمل على أعطاف الملائكة إلى الجنة، لم يتعلق في ذلك المقام الهائل أحد بذيلي طالبا مني ملكا غصبته، ولا مالا نهبته، أو دما سفكته، أو سترا هتكته، أو شخصا قتلته، أو حقا أبطلته. وها أنا ذا قد آتاني الله من الوجه الحلال قريبا من ألف مجلد من الكتب النفيسة، والدفاتر الفائقة والنسخ الشريفة، وقد وقفت الكلّ [1] على خزائن الكتب المبنية في بلاد الاسلام- عمرها الله- لينتفع المسلمون بها، ومن كانت عقيدته هكذا كيف يستجيز من نفسه أن يغير على كتب إمام من شيوخ العلم، أنفق جميع عمره حتى حصّل أوراقا [2] يسيرة لو بيعت في الأسواق لما أحضر بثمنها مائدة لئيم؟! الله الله لا يفترينّ سيدنا- أدام الله فضله- فافتراء الكذب على مثلي ذنب [3] يتعثر في أذياله يوم القيامة، وليخافنّ الله [4] الذي لا إله إلا هو، وليتذكرن يوما يثاب الصادق فيه على صدقه، ويعاقب الكاذب على كذبه، والسلام. فورد على الرشيد جواب عن هذه الرسالة يكون في نحو كراستين يغلظ له في القول، ويصرّح فيه بالسبّ والتهمة، فكتب إليه الرشيد [5] : بسم الله الرحمن الرحيم، ورد كتاب سيدنا- أطال الله بقاءه في دولة مفترّة المباسم، ونعمة متجددة المراسم- مشتملا من الإيذاء والإيحاش، والإبذاء والإفحاش [6] ، على كلمات، بل   [1] الرسائل: وأنا وقفت الكلّ؛ م: ووقفت كلها. [2] الرسائل: أو يراقا. [3] الرسائل: والله لا إله إلا هو ليقترفن ... بافتراء الكذب ... ذنبا. [4] ر: وليخش من الله. [5] الرسائل 2: 19. [6] الرسائل: مشتملا من الإيذاء والافحاش. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 963 على ظلمات، لو أطفأ أدام الله علوّه بعض لهبه، وسكّن نائرة غضبه، ثم عاد إليه متصفحا لألفاظه ومعانيه، متفحّصا عن مقاطعه ومبانيه، لما ارتضى ذلك من دينه وعقله، ولما استحسنه من كرمه وفضله. إلا أني أعذره فيما قال، قصر كلامه أو طال، لعلمي أنه أدام الله علوّه مسلوب مغلوب، جريح أسنّة القهر، طريح صدمات الدهر، عضّته أنياب النوائب، وخدشته أظفار المصائب. نهبت كتبه وأمواله، وغصبت رحاله وأثقاله، وطالب الثأر يقصد كلّ راجل وفارس، وصاحب الضالّة يتّهم كل قائم وجالس. ولقد علم سيدنا- أدام الله علوه- أن وقعة مرو عمرها الله كانت واقعة عامّة شملت كلّ جبهة وحافر، وطبقت كلّ صائح وصافر، وكان قد لحقت في ذلك الوقت بعسكر خوارزمشاه من طبقات الناس أوزاع وأخياف، ومن حشرات [1] الأرض أنواع وأصناف، قصارى همّهم القتل والإغارة، ومنتهى أربهم الإحراق والإبارة، وأوباش مرو أيضا كانوا يخرجون من مكامنهم في الليالي، ويتعرضون لبيوت السادات والموالي، فليس بمستبعد أن يكون قد ظفر بكتبه من أولئك الأقوام أحد لا يعرف شانه، ولا يعلم مكانه. أما أنا فالله تعالى يعلم- وقد خاب من استشهده باطلا- أني ما فتحت للإغارة بابا، ولا نهبت كتابا [2] ، بل ذهبت يوما على مقتضى إشارته الكريمة لأحمل كتبه إلى المعسكر [3] ، فلما دخلت داره الرفيعة، ورأيت كتبا كثيرة فوق ما يحيط به عدّ، أو يشتمل عليه حدّ، فقلت: نقل هذه أمر مشكل، وحمل هذه خطب معضل، فتركتها بحالتها [4] في أماكنها، وخليتها برمتها في معادنها، وخرجت كما دخلت خالي الحقائب، فارغ الزكائب. فإن كنت غصبت [5] يوم وقعة مرو أو قبلها أو بعدها من كتبه- أدام الله علوه- كتابا أو جزءا أو دفترا [6] ، أو من سائر أمواله شيئا صغر أو جل، كثر أو قلّ، أو رضيت أن يغصبه أحد من أتباعي والمنتمين إليّ، أو عرفت غاصبا غصبه، أو ناهبا نهبه، فأخفيت ذلك عنه، أو كتمته منه، فأنا بريء من الله وهو بريء مني، وإن كنت فعلت بنفسي شيئا مما ذكرت، أو رضيت أن يفعله أحد من   [1] المختصر: ومن خرّاب. [2] م ر: بابه ... كتابه. [3] الرسائل: العسكر. [4] ر: بحالها. [5] ر: أصبت. [6] ر: رقا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 964 المتعلقين بي، أو عرفت فاعلا فعله، فعليّ لله أن أحجّ بيته المعظم المكرم راجلا حافيا وعلى عاتقي الزاد والمزادة عشر مرات، وإن كنت فعلت شيئا من ذلك، أو رضيت أن يفعله أحد من المتعلقين بي أو عرفت فاعلا فعله، فكلّ مال ملكته يميني فهو في سبيل الله على مساكين الحرمين، وإن كنت فعلت شيئا من ذلك، أو رضيت أن يفعله أحد من المتعلقين بي، أو عرفت فاعلا فعله، فكلّ عبد ملكته أو أملكه فهو حرّ، وإن كنت فعلت شيئا من ذلك، أو رضيت أن يفعله أحد من المتعلقين بي، أو عرفت فاعلا فعله، فكلّ امرأة تزوّجتها أو أتزوّجها فهي طالق مني ثلاث تطليقات [1] ؛ هذه الأيمان والنذور كتبتها ببناني، وأجريتها على لساني، لا خوفا من غوائله، ولا هربا من حبائله، فإن الصلح آمن أهله، والإسلام جبّ ما قبله، ولكن إظهارا لخلوّ راحتي، وبراءة ساحتي، وشفقة عليه- أدام الله علوّه- وصيانة لفاضل مثله [وهو] الذي لا مثيل له في أقطار الشرق والغرب وأقاصي البر والبحر، أن يسلك طريقة غير مستصوبة، ويختار شريعة غير مستعذبة. عصمنا الله وإياه مما يورث ذمّا، ويعقب إثما. وقد بعثت في قران هذه الخدمة خدمة أخرى مفرطة في الطول، مجررة الذيول [2] ، منسوجة على منوال آخر كالكي للداء إذا استحكمت شدته، وتطاولت مدته، وعجز الأساة عن معالجته، والأطبّاء عن مداواته، وهديته- أدام الله علوه- فيها النّجدين، وأريته الطريقين، ودفعت عنان الاختيار إليه، ووضعت زمام الإيثار في يديه، ليسلك منهما ما يشاء، إما ما يسرّ [به] وإما ما يساء، وفقه الله للأصوب والأصلح، وأسعده بالأرشد والأنجح، وجعله من الصالحين المصلحين، والفائزين المفلحين، والسلام. وكتب إليه مع الكتاب المتقدم ذكره [3] : بسم الله الرحمن الرحيم، صادفني- أطال الله بقاءك في دولة مشرقة الكواكب، ونعمة هاطلة السحائب، وسلامة طيبة المشارع والمشارب- خطابه الكريم وكتابه الشريف بخوارزم وأنا ناعم البال، منتظم   [1] م ر: طلقات. [2] م: الذيل. [3] رسائل الوطواط: 21. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 965 الحال، من النفس في دعة، ومن العيش في سعة، والحمد لله على ذلك وبه الثقة والحول، وله المنّة والطول، وحين تنسمت من يد حامله رياه، وثبت من مكاني مستقبلا إياه، ومددت إليه يميني مدّ معزّ مكرم، وأخذته بطرف كمي أخذ مجلّ معظم، وقلت في نفسي: كرامة ساقها الله تعالى إليّ، وسعادة ألقت أنوارها عليّ، وأرسلت في الحال قاصدا إلى دارات [1] الأشراف وسروات الأطراف، وبعثت في الساعة مسرعا إلى رجالات الأخبية والأبنية، وساكنة الأباطح والأودية، ودعوت من كلّ حلة رئيسها وزعيمها، ومن كل خطّة كبيرها وعظيمها، حتى اجتمع عندي البدويّ والحضري، واحتشد في ربعي الربعي والمضري، ثم عرضت عليهم كتابا شريفا [2] بختمه، وحنيت ظهري لتقبيله ولثمه، وطلبت خطيبا مصقعا من بلغاء بني معدّ صحيح اللسان، فصيح البيان، ووضعت له في منزلي منبرا من الساج، مغشّى بالأطلس [3] والديباج، ليصعد به ذرى الأعواد، ويقرأه على رؤوس الأشهاد، فرفع الكلّ أبصارهم [4] يمنة ويسرة، وسألوني خفية وجهرة، ما هذا الذي تظهره لنا وتعرضه، وتوجب علينا سماعه وتفرضه؟ فقلت: كتاب إمام [5] لم تلمح عين الزمان بمثله، ولم تسمح يد الليالي [6] بشكله، كتاب إمام هو في العلم صاحب آيات، وفي الفضل سابق غايات، إمام تطلع نجوم الجوّ دون قدره، وتحسد رياض الخلد أطايب صدره، كتاب إمام تمّ به حساب العلماء، كما تمّ برسول الله صلى الله عليه وسلم حساب الأنبياء، صحيفة فخر حررتها يد بيضاء، وقلادة مجد رصّعتها همة روعاء. ونشرت من معالي سيدنا- أدام الله علوه- ومفاخره، وذكرت من مناقبه ومآثره، ما امتلأ بنشره النادي، وسال من ذكره الوادي، فسكنوا وسكتوا، وأنصفوا وأنصتوا، فلما فضضت ختامه، وحدرت لثامه، شاهدت في أثنائه من الفزع الأكبر، وعاينت في أدراجه من أهوال يوم المحشر، ما أطال السهاد، وأطار الرقاد، وشقّ جلباب الصبر ومريطاء الجلد، وجرح سواد العين وسويداء الخلد، حسبته حلّة خسروانية، فوجدته حربة هندوانية. كتاب لا   [1] م: دروات. [2] ر: كتابه الشريف. [3] م: مغشيا بالدرر. [4] م: أصواتهم. [5] إمام: سقطت من م. [6] م ر: الزمان. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 966 بل كتائب تفلّ كلّ جيش، وخطاب لا بل خطوب تكدّر كلّ عيش، وكلام لا بل في الأضالع كلام، وفصول لا بل في الجوانح نصول، وأسجاع مؤنقة، لا بل أوجاع موبقة، كأنّه نازلة الدهر، وقاصمة الظهر، كأنما ألفاظه أنياب الأراقم، ولمعانيه أظفار الضراغم. هو- أدام الله علوه- دفّاع الأمراض بطبّه، فلم أمرضني بفضائح سبّه؟ ونطاسيّ الجراح بعلمه، فلم جرحني بقبائح ظلمه؟ وممّن أرجّي شفاء السقام ... ومسقمتي جفوات الطبيب ما هذا الإنذار والإيعاد؟ وما هذا الإبراق والإرعاد؟ كأنه صاحب دلدل، أو فارس بلبل [1] ، أو كأنه من أقيال اليمن، وأبطال الزمن، أو كأنه ثعبان الحرب، وشيطان الطّعن والضرب [2] ، وذكر البول أولى به من ذكر الهول، وحديث البراز أولى به من حديث البراز: إن للهجر رجالا ... ورجالا للوصال قال- أدام الله علوّه- مصصت دمي من عرقي، أو ليس يدري أنّ امتصاص الدماء من خصائص بضاعته، والتصرف في اللحوم والعظام [3] من لوازم صناعته؟! رحم الله امرءا عرف قدره، ولم يتعدّ طوره. وشر ما في بني آدم من الخصال الذميمة، والأفعال اللئيمة، إيذاء الصغار للكبار، وإيحاش العبيد للأحرار [4] . وهذا له- أدام الله فضله- جبلّة فطر عليها، وطبيعة استرسل معها، وسجية شهر بين العامة والخاصة بها، يشتم كلّ يوم [5] في منزله ومكانه، وعلى سدّة داره وطرف دكانه، خلقا كثيرا، وجما غفيرا، من الرافعين قصصهم إليه، والعارضين عللهم عليه، فيرجعون وجفونهم تتصوّب عبراتها، وقلوبهم تتصعّد زفراتها، لما يلاقون من سوء خلقه،   [1] الرسائل: يليل. [2] الرسائل، ثعبان الحرب والطعن، وشيطان الطغي والظعن. [3] ر: والطعام. [4] الرسائل: والكبار ... والأحرار؛ ر: الصفاء للأكابر ... للاحتراز. [5] ر: كل من. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 967 ويقاسون من خشونة نطقه، ويقفلون وألم ذلك التهجم [1] والإعراض، والوقيعة في الأحساب والأعراض، أشدّ عليهم من ألم الأسقام والأمراض. ولهذا جعل شخصه، وصيّر نفسه- مع أنه أفضل زمانه، وأعلم أولاد أقرانه- ضحكة الأداني والأقاصي، وسخرة للأذناب والنواصي، حتى صار بحيث إذا مشى في الأسواق تعادى صبيان البلد حوله فيسخرون منه ويضحكون عليه وينعرون في قفاه. ولا أقول فيه- أدام الله علوه- إلا ما قال الخليل بن أحمد الفراهيدي في ابن المقفع حين رأى كمال فضله، ونقصان عقله. «علم وافر، وعقل قاصر» . ومن قصور عقل ابن المقفع أنه مرّ ببيت النار، وكان من أولاد كسرى، فتنفس الصعداء وتمثّل ببيت الأحوص بن محمد الأنصاري: يا بيت عاتكة الذي أتعزل ... حذر العدى وبه الفؤاد موكّل فاتهم بالمجوسية، فألقي في تنور مسجور، فأحرق. وما أصدق من قال: قيراط عقل، خير من قنطار فضل، ومثقال حلم، أنفع من مكيال علم. أنكر- أدام الله علوه- رشاد مذهبي وإنكاره ضلال، وجحد سداد سيرتي وجحوده باطل محال، فيا طيّر الله جمجمة فرّخت فيها الأضاليل وباضت، ويا أسكت الله شقشقة دفقت منها الأباطيل وفاضت. ولا أعني بهذه الجمجمة إلا جمجمته التي لا عقل فيها، ولا أريد بهذه الشقشقة إلا شقشقته التي يباينها الصدق وينافيها. حتى متى يتهمني بظنّه؟ وإلى كم يجرّعني درديّ دنّه؟ أيحسب- أدام الله علوّه- أن ظنّه الباطل وخياله الفاسد ووهمه الكاذب وحي من السماء إلهي؟ أو إلهام في الحقيقة رباني؟ أو آية نفث بها روح القدس في روعه؟ لا بل هو واحد من أبناء زماننا وهذا شرّ الأزمنة، عجم الشيطان عوده فاستلانه، فصير خزانة خياله مكانه، فهذه الخطرات التي تختلج في جنانه، وتدور حول حسبانه، من تلك الخيالات الشيطانية، لا من الإلهامات الربانية. ولقد بلغني من أفواه الرواة، وألسنة الثقات أنه- أدام الله علوّه- أخذ بعين هذه التهمة الكاذبة قبل هذا واحدا من أعيان أهل جلدته، وسكّان بلدته، وهو مسعود بن المنتجب- رحمة الله- فأغار على أهله وبيته، وتعرّض لحيّه وميته، وخرّب دوره ورباعه،   [1] الرسائل: التهجم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 968 وغصب أثاثه ومتاعه [1] ، من غير حجّة صحّحها، ولا بيّنة أوضحها. اللهم اصرع الظالم على الهامة، وخذ منه للمظلوم حتى يرضى عنه يوم القيامة. ومما أقضي منه العجب أن عهدي به- أدام الله عزه- قد كان يخرب الأبدان، فها هو الآن يخرب الأوطان، وما أسرع الدهر إلى تغيير البشر، وما أقدره على تبديل الصور والسير. قرأت في بعض الكتب [2] أنّ خليفة من الخلفاء رأى في منامه أن واحدا من ندمائه وثب عليه ليقتله، فلما أصبح استدعى النديم وأمر بقتله، فقال له النديم: ماذا فعلت حتى استوجبت هذه العقوبة، قال الخليفة: ما فعلت شيئا، ولكني رأيت في المنام أنك تقتلني وأنا أقتلك لذلك، فقال له النديم: إن يوسف بن يعقوب- صلوات الله عليهما- مع كونه صدّيقا نبيا احتاجت رؤياه إلى تعبير، وافتقرت أحاديثه إلى تأويل وتفسير، أفتستغني رؤياك عن مثل ذلك؟ فضحك الخليفة وخلاه. وأنا أقول: هكذا ظنون جميع ذوي الألباب، معرضة للخطأ والصواب. كأنّه- أدام الله علوه- تفرّد من بينهم بذاته، وتوّحد بعظمة صفاته [3] ، فتنزهت ظنونه عن السهو، وتقدّست أحاديثه عن اللغو. عصمنا الله من الكبر البائن، والعجب الشائن. أما حان أن ينتبه- أدام الله علوه- من غفلته، ويستيقظ من رقدته، وقد بلغ غاية شيبه، وأخذ الموت بلحيته وجيبه، يقرع كلّ ساعة منادي الفناء، في أذنه الصمّاء: أن اترك أوطانك، واهجر أهلك وجيرانك، وارحل إلى جهنم بخيلك ورجلك، فإنها قد أوقدت نيرانها لأجلك. وما حرص جهنم على شي، كحرصها على إحراق [4] شيخ غويّ، وهمّ غبي، سيّء الخليقة، مذموم الطريقة، يتظاهر بالإثم والعدوان، ويتبع خطوات الشيطان. هو- أدام الله علوّه- بلغ ساحل الحياة ووقف على ثنية الوداع، وهمّ بحر عمره بالنضوب، ومال نجم بقائه للغروب، فما ظنّه: هل في الحياة مطمع وقد بليت جدّته، وفنيت مدته، وتراجع أمره، وأتى على الثمانين عمره؟! أيرجو الفتى عودا إلى طيّباته ... وقد جاوزت رأس الثمانين سنّه   [1] م: وباعه. [2] الرسائل: في كتب أهل الأدب. [3] ر: بعظمته وصفاته. [4] الرسائل: احتراق. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 969 كتبت هذه الأحرف على سبيل الأنموذج، والجواب بعد في الجراب، والسيف لم يسلّ من القراب، فإن انزجر- أدام الله علوه- واتعظ، وترك الفظاظة والغلظ، وعاد إلى كرم العهد وصفاء الود، فانا خادم مخلص وعبد مطيع وتلميذ معتقد: والا فعندي للعدوّ وقائع ... تريه المنايا لا ينادى وليدها فجاء جواب القطان بالاعتذار وبراءة ساحته من التهمة [1] . ومن تصانيفه: كتاب دوحة الشّرف في نسب أبي طالب- ثماني مجلدات، كتاب بخطّه مشجّر. رسالة سارحة الرّموز وفاتحة الكنوز. سبائك الذهب. العروض- مشجّر. كتاب «كيهان شناخت» في الهيئة؛ وقد رأيته وهو جيّد في بابه. ومن شعره في كتاب: «الدّوحة في النسب» : حداني لحصر الطالبيّين حبّهم ... وشدّ إلى مرقى علاهم تشوّفي ففيهم ذراريّ النبيّ محمد ... فهم خير أخلاف تلوا خير مخلف مضى بعد تبليغ الرّسالات موصيا ... بإكرام ذي القربى وإعظام مصحف وما رام أجرا غير ودّ أقارب ... وأهون به أجرا فهل من به يفي قال أبو سعد السّمعاني؛ كان فاضلا عالما بالطّبّ واللغة والأدب، وعلوم الأوائل المهجورة، وكان ينصر مذهبهم ويميل إليهم، واشتغل بالفقه والحديث في ابتداء عمره، ثم أعرض عنه، وكان يسمع الحديث على كبر سنّه ويشتغل به، ويصححه على من يعلم من الغرباء الواردين إلى مرو تستّرا وإظهارا للرغبة في العلوم الشرعية، والله أعلم بالعقيدة الباطنة. سمع كتاب فضائل القرآن من أبي القاسم عبد الله بن محمد بن عليّ القرشي. ومن شعر أبي علي القطان: كانوا يعيشون دهرا في ديانتهم ... لا يلفتون إلى شيء من الرتب فرقّ دين فعاشوا في مروءتهم ... حتى خلت عنهم الأوطان عن كثب فالآن عيش مداراة وتزجية ... إما إلى رغب إما إلى رهب   [1] من هنا حتى آخر الترجمة مأخوذ عن الوافي. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 970 - 339- الحسن بن علي بن غسان أبو عمرو ويعرف بالشاكر [1] [البصري] : كان من أكبر أهل البصرة فضلا، وأوفرهم حجى وعقلا، له في جميع العلوم اليد البيضاء والهمة العلياء، وكان يغشى مجلسه رؤساء أهل البصرة وفضلاؤها وعلماؤها يقرأون عليه الحديث والفقه وعلوم القرآن وكتب الأدب. وكان حسن الهيئة، نظيف الثوب، مليح الخطّ، ظريف الشكل، حسن الخلق، أبيّ النفس، متين الدين، كثير الورع. وكان شافعيّ المذهب، وله عدة مصنّفات في عدّة فنون، وله شعر في فنون مختلفة وغير ذلك من الأدعية والخطب ما ليس لغيره من أبناء عصره وأهل زمانه. وكان يبذل جهده في تأديب ولد اسمه عبد الرحمن ويحسن تربيته، فأبى الله إلا أن ينشأ على أقبح صفة، واشتغل في حياة أبيه مع الكناسين ومن أشبههم. وبالغ أبوه في استنقاذه من ذلك فلم يصل إلى مقصوده، ومات أبوه وهو على تلك الحال. فمن كلامه في مخاطبة ولده هذا: أما بعد فإن العلم أفضل ما التمس، وأنفع ما اقتبس، به يحاز الجمال والأجر، وهو الغاية في الشرف والفخر: إذا ما فاخر المثرون يوما ... بما حازوه من مال ووفر فخرت عليهم بالعلم إني ... وجدت العلم غاية كلّ فخر وقال أيضا: أما بعد فإن الأدب قوام اللسان وقيمة الانسان، صاحبه محبّب مكرّم، جليل في العيون مفخم، إن قال أصغى إليه الأقوام، وإن صال صال بنطق كالحسام: لساني أمضى من سنا السيف مرهفا ... وأبعد في الأغراض من ظبة السهم به أتّقي قذع الغواة وأرتقي ... بسلطانه يوم الفخار إلى النجم أما بعد فإن الأدب ملبس جميل، ومفخر جليل، يعلو بصاحبه إلى أشرف   [339]- هذه الترجمة من المختصر وانظر إنباه الرواة 1: 316 والوافي 12: 140 وطبقات الداودي 1: 137. [1] ر: بالشاكرة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 971 الرتب، وينهض به إلى أقعد الحسب: إذا الفتى فاته مال يجمّله ... ففي التأدّب مما فاته خلف هو اللباس الذي لا شيء يعدله ... والمفخر الزين فيه العزّ والشرف - 340- الحسن بن عمر بن المراغي، أبو علي الأديب: أحد محاسن أذربيجان فضلا عن المراغة، له الأدب البارع والفضل الذائع، والتصانيف المفيدة والاشعار الرائقة. وجدت من تصانيفه: كتاب في رسائل من إنشائه. وكتاب الديباجة في النحو، مفيد حسن. ومن منثور كلامه مشفوعا بشيء من نظمه: حررت هذا الخطاب- أطال الله بقاء سيدنا الأستاذ الرئيس، وأدام علوه- عن سلامة مشفوعة بصبابة، وزفرات للفراق مقرونة بكآبة، فأنا أسيرها، وفرط الأسى أميرها، أجود بالدمعة، من شدة اللوعة، على خدّ مخدّد لما أقاسيه من شوق مجدد، إلى حضرته، آنسها الله تعالى، وعزته حرسها الله. وهذا من غاية [الجودة] في الرسائل ولا أدري أهو من كلامه أو كلام غيره ولو تحققت انه من [ ... ] [1] . - 341- الحسن بن عمرو الحلبي النحوي المعروف بابن دهن الحصى: أقام بحلب واتخذها دارا وصار له بها أهل وولد، بقي مدة يقرىء النحو بجامعها، ومات بحلب   [340]- ترجمة المراغي. لم ترد في الطبعة المصرية، وهي في م. [341]- يعتمد ياقوت في هذه الترجمة على ابن العديم، وبنهاية الجزء الرابع من بغية الطلب يسقط عدد ممن اسمه «حسن» ويبدأ الجزء الخامس بمن اسمه «الحسين» . ولهذا لم ترد ترجمة ابن دهن الحصى في بغية الطلب الموجود بين أيدينا. وانظر في ما يلي الترجمة رقم: 405 والحصى بالحاء المهملة أو المعجمة إذ ترد الصورتان. [1] بياض بالأصل. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 972 سنة ثلاث وستمائة، وله تصانيف منها: [ ... ] . أنشدني كمال الدين عمر بن أبي جرادة- أدام الله علوه- قال أنشدني ابن دهن الحصى لنفسه عقيب برئه من نقرس كان يعتريه: من لصبّ فوق فرش ضنا ... أبدا يبرا وينتكس جفنه بالدمع منطلق ... وكراه عنه محتبس جهل العوّاد موضعه ... فهداهم نحوه النفس وأنشدني أيضا، قال أنشدني المذكور لنفسه: برد ولا قلب من أهوى إذا ذكرت ... له حرارة قلب الهائم الدنف جسمي دقيق به عار كما عريت ... من نقطها ثم دقّت صورة الألف وأنشدني، قال أنشدني المذكور لنفسه: وما أنا في الشكوى عن البين عاجز ... ولا ضاق في حمل الرزايا بكم صدري ولا خانني حسن اصطباري وإنما ... رميت من البلوى بأكثر من صبري قال وأنشدني لبعضهم: ما شانها والله زرقة عينها ... بل كان ذاك زيادة في زينها كادت أساود شعرها تسطو على ... مهج الورى لولا زمرّد عينها قال وأنشدني لبعضهم [ ... ] [1] . أنشدني بدر الدين بن الشيزري أبو الحسن محمد بن هبة الله بن علي التميمي، أنشدنا ضياء الدين الحسن بن عمرو بن دهن الحصى لنفسه في التجنيس: ولما تجلّى الدار عنا وقد جرت ... حميّا الغوادي في معاطف عود وأخفى وميض البرق دمع مدامة ... وأخرس صوت الرعد ناطق عود أعادت سماء الدّجن فينا نبيذها ... مباخر عود في مباخر عود   [1] بياض بالأصل. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 973 وله، أنشدني له عنه: إذا كنت ذا علم فكن ذا سماحة ... فما أنت فيما قلته بملوم ولا تك ممن يبرز القال وهو في ... مدار علوم في مدارع لوم وله أيضا، أنشدنيه له: بأبي من شادن فمه ... لحميا ريقه قدح قاتل الله الوشاة بنا ... كم سعوا فينا وكم قدحوا وأنشدنيه له: مرضى من الهجر لا يعتادهم أحد ... ما كان أسعدهم لو أنهم عيدوا صاموا لغيبة بدر التم عن غضب ... ويوم يبدو لهم وجه الرضى عيد وأنشدنيه له: تطالبني عيني بكم بعد بعدكم ... وأنتم على حكم الهوى في سوادها وتطمعني في طيفكم برقادها ... وإذخرها كحلا بميل سهادها إذا لم تكونوا عون عيني على الكرى ... فلا حاجة لي في لذيذ رقادها ولي مهجة لم تبق منها بقية ... سوى ما سكنتم من صميم فؤادها وله: حاكمتني إليك أطماع نفسي ... أنت ما بينهنّ خصم وقاض إن أكن أمس بالتواصل حيا ... فأنا اليوم بالقطيعة راض وأنشدني أيضا له رحمه الله: تمثلتم لي والديار بعيدة ... فخيّل لي ان الفؤاد بكم مغنى وناجاكم قلبي على البعد بيننا ... فأوحشتم لفظا وآنستم معنى وكان له جامكية فأخّرت، فكتب إلى السلطان، أنشدنيه بدر الدين المذكور، قال أنشدني ابن دهن الحصى لنفسه: ابني الندى من آل أيوب الأولى ... بنوالهم فاقوا على الأمطار الجزء: 3 ¦ الصفحة: 974 من كلّ منبجس البنان كأنما ... يهمي عليك بديمة مدرار لا غار دركم العميم ولا خلت ... يوما صحائفكم من الإدرار فأطلقها في الحال، وكتب: يوفّى على سياقة قبضه. وأنشدني قال أنشدني لنفسه: منّي لا منك الذي أشتكي ... يا من له العتبى أنا المذنب ما غبت عن عيني ولم تحتجب ... لكن بعينيّ قذى يحجب فخذ يدي في الحبّ يا من به ... منه إليه في الهوى أهرب - 342- الحسن بن القاسم الرازي، أبو علي: كان يلازم مجلس الصاحب ابن عباد، وكان نحويا لغويا، وله «كتاب المبسوط» في اللغة. - 343- الحسن بن مالك أبو العالية الشامي: مولى العمّيين، وبنو العمّ قوم من فارس نزلوا البصرة في بني تميم أيام عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وأسلموا وغزوا مع المسلمين فحمدوا بلاءهم فقالوا لهم: أنتم وإن لم تكونوا من العرب إخوتنا وأهلنا، وأنتم الأنصار وبنو العمّ، فلقبوا بذلك. وقدم [أبو العالية] بغداد وأدّب العباس بن المأمون، وكان من أصحاب الاصمعي. فمن شعره: فلو أنني أعطيت من دهري المنى ... وما كلّ من يعطى المنى بمسدّد لقلت لأيام مضين ألا ارجعي ... إلينا وأيام مضين ألا ابعدي   [342]- الحسن بن القاسم الرازي أبو علي: سقطت هذه الترجمة من م ر، وهي مما نبه عليه الدكتور جواد (ص: 20) وقد أشار السيوطي في بغية الوعاة (1: 517) إلى أنه ينقل عن ياقوت، وانظر الوافي 12: 203. [343]- ترجمة أبي العالية الشامي من المختصر، وانظر نور القبس: 210 والوافي 12: 209 والفوات 1: 254. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 975 وحدث محمد بن يزيد المبرد: [قال] قال الجماز لأبي العالية: كيف أصبحت؟ قال: أصبحت على غير ما يحبّ الله وغير ما أحبّ أنا وغير ما يحبّ إبليس، لأن الله عز وجل يحبّ أن أطيعه ولا أعصيه ولست كذلك، وابليس يحبّ أن أعصي الله عز وجل وأطيعه ولست كذلك، وأنا أحب أن أكون على غاية الجدة والثروة ولست كذلك. وأنشد المبرد لأبي العالية: أذمّ بغداد والمقام بها ... من بعد ما خبرة وتجريب ما عند سكّانها لمختبط ... رفد ولا فرجة لمكروب قوم مواعيدهم مطرّزة ... بزخرف القول والأكاذيب خلّوا سبيل العلا لغيرهم ... ونازعوا في الفسوق والحوب يحتاج راجي النوال عندهم ... إلى ثلاث بغير تكذيب كنوز قارون أن تكون له ... وعمر نوح وصبر أيوب - 344- الحسن بن محمد المهلبي الوزير: هو أبو محمد الحسن بن محمد بن هارون بن إبراهيم بن عبد الله بن يزيد بن حاتم بن قبيصة بن المهلب بن أبي صفرة، وزير معزّ الدولة أبي الحسين ابن أحمد بن بويه، ومات وهو على الوزارة في سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة. وكان المهلبيّ من ارتفاع القدر واتساع الصّدر ونبل الهمّة وفيض الكفّ على ما هو مذكور مشهور، وأيامه معروفة في وزارته لمعزّ الدولة وتدبيره أمور العراق، مع أنه [كان] غاية في الأدب والمحبة لأهله والإقبال عليهم والاحسان إليهم، وكان يترسّل ترسلا بليغا ويقول الشعر قولا لطيفا يضرب بحسنه المثل، كما قال بعض أهل العصر:   [344]- سقط صدر هذه الترجمة في م وهي واردة في المختصر والصفدي 12: 223 وانظر ترجمة المهلبي أيضا في اليتيمة 2: 223 والمنتظم 7: 9 وابن خلكان 2: 124 والفوات 1: 353 والبداية والنهاية 11: 241 وعبر الذهبي 2: 294 والشذرات 3: 9 وله أخبار كثيرة في نشوار المحاضرة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 976 بأبي من إذا أراد سراري ... عبّرت لي أنفاسه عن عبير وسباني ثغر كدرّ نظيم ... تحته منطق كدرّ نثير وله طلعة كنيل الأماني ... أو كشعر المهلبيّ الوزير وقال ابن الحجاج في ضد ذلك: قيل إن الوزير قد قال شعرا ... يجمع الجهل شمله ويضمّه ثم أخفاه فهو كالهرّ يخرا ... في زوايا البيوت ثم يطمّه ليتني كنت حاضرا حين يروي ... هـ فأفسو في راحتي وأشمّه قال [الثعالبي] [1] : وحدثني أبو بكر الخوارزمي وأبو نصر ابن سهل بن المرزبان وأبو الحسن المصيصي، دخل حديث بعضهم في بعض فزاد ونقص، قالوا: كانت حال المهلبي قبل الاتصال بالسلطان حال ضعف وقلّة، وكان يقاسي منها قذى عينه وشجى صدره، فبينا هو ذات يوم في بعض أسفاره مع رفيق له [2] من أصحاب الحراب والمحراب، إلا أنه من أهل الأدب، إذا لقي من سفره نصبا واشتهى اللحم فلم يقدر على ثمنه، فقال ارتجالا: ألا موت يباع فأشتريه ... فهذا العيش ما لا خير فيه إذا أبصرت قبرا من بعيد ... وددت لو آنني فيما يليه ألا رحم المهيمن نفس حرّ ... تصدّق بالوفاة على أخيه فاشترى له رفيقه بدرهم واحد ما سكّن قرمه، وتحفّظ الأبيات وتفارقا؛ وضرب الدهر ضربانه حتى ترقّت حال المهلبي إلى أعظم درجة من الوزارة فقال: رقّ الزمان لفاقتي ... ورثى لطول تحرقي فأنالني ما أرتجي ... وأفاتني ما أتقي   [1] اليتيمة 2: 223 وانظر ابن خلكان والوافي والفوات. [2] اسم هذا الرفيق أبو عبد الله الصوفي وقيل أبو الحسن العسقلاني. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 977 فلأصفحن عن ما أتا ... هـ من الذنوب السّبق حتى جنايته لما ... فعل المشيب بمفرقي وحصل الرفيق تحت كلكل من كلاكل الدهر ثقل عليه بركه، وهاضه عركه، فقصد حضرته وتوصل إلى إيصال رقعة تتضمن أبياتا منها: ألا قل للوزير بلا احتشام [1] ... مقالة مذكر ما قد نسيه أتذكر إذ تقول لضنك عيش ... «ألا موت يباع فأشتريه» فلما نظر فيها تذكره وهزته أريحية الكرم للحنين إليه، ورعاية [2] حق الصحبة فيه، والجري على حكم من قال: إنّ الكرام إذا ما أسهلوا ذكروا ... من كان يألفهم في المنزل الخشن فأمر له في العاجل بسبعمائة درهم، ووقع في رقعته: مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ (البقرة: 261) [ثم دعا به، وخلع عليه وقلده عملا يرتفق به ويرتزق منه] [3] . قيل [4] : كان لمعز الدولة غلام تركيّ يدعى تكين الجمدار، أمرد وضيء الوجه، فلفرط [ميل] معزّ الدولة إليه وشدة إعجابه به جعله رئيس سريّة جرّدها لحرب بعض بني حمدان، وكان المهلّبي يستظرفه ويستحسن صورته ويرى أنه من عدد الهوى لا من عدد الوغى، فقال فيه: طفل [5] يرقّ الماء في ... وجناته ويرفّ عوده ويكاد من شبه العذا ... رى فيه أن تبدو نهوده   [1] م واليتيمة: فدتك نفسي، وأثبت ما في (ر) . [2] م: ورعي. [3] زيادة من اليتيمة. [4] اليتيمة 2: 226 عن كتاب التاجي. [5] اليتيمة: ظبي. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 978 ناطوا بمعقد خصره ... سيفا ومنطقة تؤوده جعلوه قائد عسكر ... ضاع الرعيل ومن يقوده فما كان بأسرع من أن كانت الدائرة على هذا القائد. وكتب إلى ابن العميد في جواب كتاب ورد منه [1] : طلع الفجر من كتابك عندي ... فمتى باللقاء يبدو الصباح ذاك إن تمّ لي فقد عذب العيش ونيل المنى وريش الجناح وكتب القاضي أبو القاسم علي بن محمد التنوخي إلى المهلبي، وقد منعه المطر عن زيارته: سحاب أتى كالأمن بعد تخوّف ... له في الثرى فعل الشفاء بمدنف ومدّ جناحيه على الأرض جانحا ... فراح عليها كالغراب المرفرف غدا البرّ بحرا زاخرا وانثنى الضحى ... بظلمته في ثوب ليل مسجّف تحاول منه الشمس في الجوّ مخرجا ... كما حاول المغلوب تجريد مرهف فأفرغ ماء قال وارد حوضه ... أسلسال ماء أم سلافة قرقف أتى رحمة للناس غيري فإنه ... عليّ عذاب ماله من تكشّف سحاب عدا بي عن سحاب وعارض ... منعت به عن عارض متكفكف فأجابه المهلبي: أتت رقعة الشيخ [3] الجليل فكشّفت ... وساوس محزون الفؤاد ملهّف فأهدت نظاما من قريض كأنه ... نظام لآل أو كوشي مفوّف تكامل فيه الشكل والظّرف مثلما ... تكامل في مهديه كلّ التظرف حوى منتهى الحسنى بأول خاطر ... تكلّفه في الشعر ترك التكلّف   [1] اليتيمة 2: 232. [2] اليتيمة 2: 341- 342. [3] اليتيمة: القاضي. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 979 ودخل رسول معز الدولة على المهلبي يدعوه وهو على شرابه فقال بديها: إذا قيل طعم الوصل ثمّ تنمرت ... عليك بوجه لم يكن يعرف القطبا وما جاءني منه رسول وإن أتى ... بما سرّني إلا ملئت به رعبا قيل: صحب أبو محمد المهلّبي في أول أمره أبا زكريا يحيى بن سعيد السوسي ونظر في ضياعه بالأهواز وكانت جليلة القدر، ثم اتصل بأبي الحسن عليّ بن محمد الطبري وكان واليا كبيرا من قبل معز الدولة وناب عنه على باب معزّ الدولة بحضرة أبي جعفر الصيمريّ، وكانت فيه مداخلة ومعرفة بخدمة الرؤساء. وكان بين أبي جعفر وأبي الحسن الطبري عداوة، فجرى بين المهلبي وبين أبي الحسن منافرة نكبه لأجلها ثم رضي عنه بعد ذلك. ثم لازم أبا جعفر وصحبه إلى بغداد والجبل، وشرع في سدّ بثق النهروان، فندب له المهلبي، فقام فيه أحسن قيام. ولأبي [ .... ] قصيدة يخاطب فيها أبا جعفر الصميري ويذكر المهلبي وكان في صحبته: ماذا لقينا من القاطول لا هطلت ... فيه السحاب ولا سقّته تهتانا فقد سددناه وارتدّت غواربه ... حسرى ولم نأل إحكاما وإتقانا وقد دعمنا له سكرا سما وطما ... حتى توهّمه راءوه ثهلانا واستفرغ الوسع حتى طمّ خا ... دمك المهلّبي وقاسى فيه أشجانا نجاه منه بآراء مثقّفة ... تخالها في ظلام الليل نيرانا رميت بحرا بطود فاستكان له ... كرها وأيقظت فيما ناب يقظانا وما تقابل بالإقبال ممتنعا ... إلا تبدّل بالعصيان إذعانا ثم خرج معزّ الدولة والصميري إلى الموصل لقتال ناصر الدولة، فاستخلف الصيمريّ المهلبيّ وأبا الحسن طازاد بن عيسى على الأمور بمدينة السلام إلى أن عاد. ثم خرج الصميريّ إلى البطيحة لطلب عمران بن شاهين، فاستناب بحضرة معزّ الدولة أبا محمد وحده في سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة، فخدم أبو محمد بين يدي معز الدولة خدمة حسنة خفّف بها عنه وخفّ على قلبه بها، فمال إليه وقربه، وبلغ أبا جعفر ذلك الجزء: 3 ¦ الصفحة: 980 فثقل عليه، فتطلّب لأبي محمد الذنوب، وتمحّل ما أنكره عليه، وأطلق فيه لسانه بالوقيعة والتهدد، وبلغ أبا محمد ذلك فقلق له واستشعر النكبة والهلكة لأنه لم يطمع من معز الدولة في نصرته عليه وعصمته منه، فما راعه إلا ورود كتاب الطائر بوفاة الصميري، فجلس له في العزاء وأظهر له الحزن الشديد ولزم منزله، فاستدعاه معز الدولة وأمره بالحضور وتمشية الأمور إلى أن يقلّد من يرى تقليده الوزارة. وترشح للوزارة جماعة منهم: أبو علي الحسن بن هارون بن نصر وأبو علي الحسن بن محمد الطبري وأبو الحسن محمد بن أحمد المافروخي وأبو عبد الله محمد بن أحمد الخوميني، وبذلوا البذول وضمنوا الأموال، ووسّط أبو عليّ الطبري في أمره والدة عز الدولة وبذل مائتي ألف درهم عاجلة على سبيل الهدية فطالبه معز الدولة بالمال، فحمل منه مائة وثمانين ألف درهم وقال: قد بقي بقية يسيرة إذا ظهر حملتها، فقال معز الدولة: لا أفعل إلا بعد استيفاء المال، فعلم الطبري أنه خدع، وندم على ما فعله. ثم حضر الجماعة المترشحون الخاطبون وكل يعتقد أنه المختار المقلّد، وجلسوا في خركاه ينتظرون الإذن، ثم أوصل القوم ووقفوا على مراتبهم، ودخل أبو محمد بعدهم وقام في أخرياتهم، فلما تجمع الناس أسرّ معز الدولة إلى أبي علي الحسن بن إبراهيم الخازن قولا لم يسمع، فمشى إلى أبي محمد المهلبي وقبّل يده وخاطبه بالاستاذية، على ما كان أبو جعفر يخاطب به، وحمله إلى الخزانة فخلع عليه الخلعة التي هي رسم أمثاله: القباء والسيف والمنديل والمنطقة. قال هلال، قال جدي: فو الله يا بنيّ لقد رأيت الناس على طبقاتهم ممن أسميناه، ومن يتلوهم من الجند وغيرهم، والسعيد منهم من وصل إلى يده فقبّلها. وعاد أبو محمد إلى حضرة معز الدولة فخاطبه بالتعويل عليه في تقلّد وزارته وتدبير دولته، وشكره أبو محمد شكرا   [1] م: حمله. [2] ر: يتوقعون. [3] الخلعة ... أمثاله: زيادة من ر. [4] ر: ممن كان مترشحا للوزارة. [5] ر: أبو نصر. [6] ر: وغشي عليه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 981 أطال فيه وخرج منصرفا إلى داره، فقدّم له شهريّ بمركب ذهب، وسار أبو محمد وسبكتكين الحاجب بين يديه، والقواد والناس في موكبه، وذلك لثلاث بقين من جمادى الأولى سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة، ثم جددت له الخلع من دار الخلافة بالسواد والسيف والمنطقة فأثقلته هذه الخلع وكان ذا جثّة، والزمان صيف، وقد مشى في تلك الصحون الكثيرة، فسقط عند دخوله إلى حضرة المطيع لله ووقع على ظهره، وظنّ أنه يحصر لما جرى، فقال يا أمير المؤمنين: خرسنوه وما درى ما خراسا ... ن بلبس القباء والموزجين ثم أكثر الشكر وأطال فيه، فاستحسنت منه هذه البديهة على تلك الصورة، وركب إلى داره وجميع الجيش معه، وحجاب الخلافة ومعز الدولة بين يديه. فلما كانت سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة لهج معز الدولة بذكر عمان، وحدّث نفسه بأخذها، وأغراه بذلك المعروف بكرك، أحد النقباء الأصاغر [1] ، فأمر المهلبيّ بالخروج إليها، فدافعه ووضع عليه من يزهّده فيها، فلم يزدد إلا لجاجا، وكاد أبو محمد الوزير [2] حاشية معز الدولة إذ ألزمهم تقسيطا في نفقة البناء الذي استحدثه من غير أن يخرج بأحد منهم إلى عسف، فأحفظهم فعله، فبعثوا معزّ الدولة على إخراجه، فلما ألحّ عليه ضمن له أن يستخرج من هؤلاء جملة كبيرة يستعين بها في هذا الوجه، فمكّنه من ذلك بعد أن شرط عليه أخذ العفو وتجنّب الإجحاف، فقبض على جماعة وأخذ منهم ألفي ألف درهم، منها خمسمائة ألف درهم من أبي علي الحسن بن إبراهيم النصراني الخازن، ومعزّ الدولة على غاية العناية بأمره والثقة بأنه لا مال له، وأظهر أبو علي الفقر وسوء الحال وأنه اقترض المال الذي أدّاه من الناس، فشقّ ذلك على معزّ الدولة وظنه حقا، واعتلّ أبو علي عقيب ذلك ومات، فاعتقد معزّ الدولة أن أبا محمد قتله لما عامله به، وأقبل عليه يلومه ويحلف له أنه يقيده به، فلم يلتفت أبو محمد إلى ذلك، وبادر إلى دار أبي علي وقبض على خادم له ضغير   [1] ر: وأغراه بذلك أحد النقباء الأصاغر. [2] م: وكان أبو محمد وزير حاشية معز الدولة بأن ألزمهم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 982 كان يختصّه ويثق به، ومنّاه ووعده، فدلّه على دفين كان لأبي علي في الدار [1] ، فاستخرج منه عدة قماقم فيها نيف وتسعون ألف دينار وحملها إلى معز الدولة وقال له: هذا قدر أمانة خازنك الذي ظننت أني قد قتلته باليسير الذي أخذته لك منه، وما فيه درهم من ماله [2] ، وإنما افترصه [3] من أولادك وحرمك وغلمانك وشنّع عليك، ثم تتبع أسبابه فأخذ منهم تمام مائتي ألف دينار، وقدّر أبو محمد أن معز الدولة يمكنه من الحاشية الباقين ويعفيه من الخروج فلم يقبل [4] ، وجدّ به جدّا شديدا في الانحدار فانحدر في جمادي الآخرة من سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة، وتمادت أيامه بالبصرة للتأهب والاستعداد، وامتنع العسكر المجرد من ركوب البحر، فبلغ معزّ الدولة ذلك، فاتهمه بأنه بعث العسكر على الشغب [5] ، فكاتبه بالجدّ والإنكار عليه في توقفه وألزمه بالمسير [6] ، ووجد أعداؤه طريقا للطعن عليه، فاغتنموا تنكّر معز الدولة عليه، وأقاموا في نفسه أنه انحدر من مدينة السلام وهو لا يعتقد العود إليها، وأنه سيغلب على البصرة كما تغلّب البريديون، وأن العسكر الذي معه والعشائر هناك على طاعته [7] ، عظّموا عنده أمواله، فتدوخ معزّ الدولة بأقاويلهم، وعرف أبو محمد ذلك فأطلق لسانه فيهم، وخرق الستر بينه وبينهم، وتطابقت الجماعة في المشورة على معز الدولة بالقبض عليه، والاعتياض بأمواله عما تعذّر [8] حصوله من عمان، وجعلوه على ثقة من أنهم يسدون مسدّه، فمال إلى قولهم، وكتب إلى أبي محمد يعفيه من الانحدار [9] إلى عمان، ويرسم له الانكفاء إلى مدينة السلام، وعلم أبو محمد بالحال ووطّن نفسه على الصبر وركوب أصعب المراكب فيه، وأن يدخل فيما دخل فيه القوم، ويتولى هو   [1] ر: في داره. [2] ر: من مالك. [3] م، اقترضه. [4] م: يفعل. [5] ر: بأن ذلك من غائلته وامتناع العسكر من جهته. [6] م: والزام المسير. [7] م: طاعة له. [8] م: يقدر. [9] م: الاتمام. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 983 مصادرة نفسه وأصحابه وخصومه وأعدائه، وكان مليّا بذلك، فهجمت عليه علته التي مات منها، وتردد بين إفاقة ونكسة إلى أن وردت الكتب باليأس منه، فأنفذ معزّ الدولة حينئذ أحد ثقاته على ظاهر العيادة له وباطن الاستظهار على ماله وحاشيته، فألفاه في طريقه محمولا في محفة كبيرة مملوءة بالفرش الوثيرة، ومعه فيها من يخدمه ويعلّله، ويتناوب في حملها جماعة من الحمالين، فلما انتهى إلى زاوطا [1] قضى نحبه ومضى لسبيله، وسقط الطائر بمدينة السلام بذلك، فقبض على أسبابه وحرمه وولده، فصودرت الجماعة، ووقع السّرف في الاستقصاء عليهم، فلم يظهر لأبي محمد مال صامت ولا ذخيرة باطنة، وبانت لمعزّ الدولة نصيحته وبطلان التكثيرات [2] عليه، وقد كان يصل إليه من حقوق الرقاب في ضياعه وما يأخذه من إقطاعه ويستثني به على عماله مال كثير يستوفيه جهرا، من غير أن توقع فيه أمانة، ويصرف جميعه في مؤونته ونفقاته وصلاته وهباته، إلى هدايا جليلة كان يتكلّفها لمعز الدولة في أيام النواريز والمهاريج، وعطف معز الدولة على الجماعة يطالبهم بالضمانات التي ضمنوها، فاحتجوا بوفاته، ووعدوا بالبحث عن ودائعه، وتدافعت الأيام واندرج الأمر فكان الذي صحّ من مال أبي محمد ومال حرمه وأولاده وأسبابه خمسة آلاف ألف درهم، فيها الصامت والناطق والباطن وأثمان الغلات وارتفاع الأملاك والأموال وأموال جماعة من التجار أخذت بالتأويلات، وكانت وفاته سببا لصيانته عن عاجل ابتذالهم له، وصيانتهم عن آجل بلواهم به. وكانت مدة وزارته ثلاث عشرة سنة وثلاثة أشهر، ووفاته في يوم السبت لثلاث ليال بقين من سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة. ولأبي محمد: قضيت نحبي فسرّ قوم ... حمقى لهم غفلة ونوم كأنّ يومي عليّ حتم ... وليس للشامتين يوم قال هلال بن المحسن بن أبي إسحاق الصابي: وحدثني أبو إسحاق جدي   [1] ر: رواطه (ويقال فيها زاوطة) . [2] ر: النكرات. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 984 قال: صاغ أبو محمد دواة ومرفعا وحلّاهما حلية كثيرة مشرقة، وكانت ذرعا وكسرا في عرض شبر، وكذلك كانت آلاته عظاما حتى إن مخادّ دسته مثل مساند الدسوت، إلى ما يجري هذا المجرى من آلات الاستعمال، وقدّمت الدواة بين يديه في مرفعها وأبو أحمد الفضل بن عبد الرحمن الشيرازي وأنا إلى جانبه، فتذاكرنا سرّا حسن الدواة وجلالتها وعظمها، ثم قال لي: ما كان أحوجني إليها لأبيعها وأتسع بثمنها، فقلت: وأي شيء يعمل الوزير؟ قال: يدخل في حر أمه. وسمع أبو محمد ما جرى بيننا بالإصغاء منه إلينا وذهب ذاك علينا [1] ، فاجتمعت مع أبي أحمد من غد فقال لي: عرفت خبر الدواة؟ قلت: لا، قال: جاءني البارحة رسول الوزير ومعه الدواة ومرفعها ومنديل فيه عشر قطع ثيابا حسانا وخمسة آلاف درهم، وقال: الوزير يقول أنا عارف بأمرك في قصور الموادّ عنك، وتضاعف المؤن عليك، وأنت تعرف شغلي وانقطاعي به عن كل حق يلزمني، وقد آثرتك بهذه الدواة لما ظننته من استحسانك إياها اليوم عند مشاهدتك، وحملت معها ما تجدّد به كسوتك وتصرفه في بعض نفقتك [2] ، وانصرف الرسول وبقيت متحيّرا متعجبا من اتفاق ما تجارينا به أمس وحدوث هذا على أثره. وتقدم أبو محمد بصياغة دواة أخرى على شكلها ومرفع مثل مرفعها، فصيغت في أقرب مدة، ودخلنا إلى مجلسه وقد فرغ منها وتركت بين يديه وهو يوقع منها، ونظر أبو محمد إليّ وإلى أبي أحمد ونحن نلحظها فقال: هيه من منكما يريدها بشرط الإعفاء من الدخول في حر الأمّ؟ فخجلنا وعلمنا أنه كان قد سمع قولنا، وقلنا: بل يمتع الله مولانا وسيدنا الوزير بها ويبقيه حتى يهب ألفا مثلها، اللهم أنت جدد الرحمة والرضوان عليه في كلّ ساعة، بل لحظة، بل لمحة، وعلى كل نفس شريفة وهمة عالية، إنك العلي تحب معالي الأمور وأشرافها وتبغض سفسافها. قال: وحدث إبراهيم بن هلال قال: كان أبو محمد المهلبي يناصف العشرة أوقات خلوته، ويبسطنا في المزح إلى أبعد غاية، فإذا جلس للعمل كان امرءا وقورا مهيبا محذورا آخذا في الجد الذي لا يتخوّنه نقص، ولا يتداخله ضعف، فاتفق أن   [1] ر: وذهب ذلك عنا. [2] ر: نفقاتك. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 985 صعد يوما من طيّاره إلى داره وقد حقنه البول وما كان يعتريه من سلسه، فقصد بعض الأخلية فوجده مقفلا، وكذلك كانت عادته جارية في أخلية داره حفاظا لها عن الابتذال، فأبى أن يدعو الفرّاش ويحضر فقال لي متنادرا على نفسه: فهبك طعامك استوثقت منه ... فما بال الكنيف عليه قفل فقلت: لعمري إنه موضع عجب، وإذا وقع الإحتياط في الأصل فقد استغني عنه في الفرع، فضحك وقال: أوسعتنا هجاء، فقلت: وجدت مقالا، فقال: اسكت يا فاعل يا صانع. قال أبو إسحاق: وأجلسني معز الدولة لأكتب بين يديه، وأبو محمد المهلبي قائم فحجبني عن الشمس، فقال: كيف ترى هذا الظل؟ فقلت: ثخين، فقال وا عجبا أحسن وتسيء، وضحك. ومن شعر المهلبي [1] : يا هلالا يبدو فيزداد شوقي [2] ... وهزارا يشدو فيزداد عشقي زعم الناس أن رقّك ملكي ... كذب الناس أنت مالك رقّي وحدث أبو محمد المهلبي قال: كنت أيام حداثتي وقصر حالي وصغر تصرّفي أسكن دارا لطيفة، ونفسي مع ذلك تنازع في الأمور العظيمة، إلا أن الجد قاعد والمقدور غير مساعد، فأصبحت يوما وقد جاء المطر، وازدادت الحجرة إظلاما وصدري بها ضيقا، فقلت: أنا في حجرة تجلّ عن الوصف ... ويعمى البصير فيها نهارا هي في الصبح كالظلام وفي ... الليل يولّي الأنام عنها فرارا أنا منها كأنني جوف بئر ... أتقي عقربا وأحذر فارا وإذا ما الرياح هبّت رخاء ... خلت حيطانها تميد انتشارا   [1] اليتيمة 2: 239. [2] م: لتهتاج نفسي. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 986 ربّ عجّل خرابها وأرحني ... من حذاري فقد مللت الحذارا وتحدث أبو الحسين هلال بن المحسن قال: حدث القاضي أبو بكر ابن محمد بن عبد الرحمن بن قريعة [1] قال: كنت مع الوزير أبي محمد المهلبي بالأهواز فاتفق أن حضرت عنده في يوم من شهر رمضان، والزمان صائف والحرّ شديد، ونحن في مجلس بارد، فسمع صوت رجل ينادي على الناطف فقال: أما تسمع أيهذا [2] القاضي صوت هذا البائس في مثل هذا الوقت، والشمس على رأسه وحرّها تحت قدمه، ونحن نقاسي في مكاننا هذا البارد ما نقاسيه من الحر؟! وأمر بإحضاره فأحضر، فرآه شيخا ضعيفا عليه قميص رثّ، وهو بغير سراويل، وفي رجله تاسومة مخلقة، وعلى رأسه مئزر، ومعه نبيخة فيها ناطف لا يساوي خمسة دراهم، فقال له: ألم يكن لك أيها الشيخ في طرفي النهار مندوحة عن مثل هذا الوقت؟! فتنفس وقال: ما أهون على الراقد سهر الساهد، وقال: ما كنت بائع ناطف فيما مضى ... لكن قضت لي ذاك أسباب القضا وإذا المعيل تعذّرت طلباته ... رام المعاش ولو على جمر الغضا فقال له الوزير: أراك متأدّبا فمن أين لك ذلك؟ فقال: إني أيها الوزير من أهل بيت لم يكن فيهم من صناعته ما ترى، وأسرّ إليه أنه من ولد معن بن زائدة، فأعطاه مائة دينار وخمسة أثواب، وجعل ذلك رسما له في كلّ سنة. وحدث القاضي أبو علي التنوخي قال [3] : شاهدت أبا محمد المهلبي وقد ابتيع له في ثلاثة أيام ورد بألف دينار فرش به مجالسه [4] وطرحه [5] في بركة عظيمة كانت في داره، ولها فوّارات عجيبة يطرح ورق الورد في مائها وتنفضه، وبعد شربه عليه وبلوغه ما أراده منه أنهبه. ولأبي عبد الله الحسين بن أحمد بن الحجاج يرثي أبا محمد: يا معشر الشعراء دعوة موجع ... لا يرتجى فرح السلوّ لديه   [1] م: خزيمة. [2] م: أيها. [3] النشوار 1: 303. [4] م: مجالس. [5] ر: وتركه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 987 عزّوا القوافي بالوزير فإنها ... تبكي دما بعد الدموع عليه مات الذي أمسى الثناء وراءه ... وجميل عفو الله بين يديه هدم الزمان بموته الحصن الذي ... كنّا نفرّ من الزمان إليه وتضاءلت همم المكارم والعلا ... وانبتّ حبل المجد من طرفيه عمري لئن قادته أسباب الردى ... مثل الجواد يقاد في شطنيه فليعلمنّ بنو بويه أنما ... فجعت به أيام آل بويه ولأبي محمد المهلبي [1] : أمثلي يا أخي وقسيم نفسي ... يفارق عهده عند الفراق ويسلو سلوة من بعد بعد ... وينسبه الشقيق إلى الشقاق فأقسم بالعناق وتلك أشفى ... وأوفى من يميني بالعتاق لقد ألصقت بي طلبا قبيحا ... تجافى جانباه عن التصاق وحدث أبو النجيب شداد بن إبراهيم الجزري الشاعر الملقب بالظاهر قال: كنت كثير الملازمة للوزير أبي محمد المهلبي، فاتفق أني غسلت ثيابي، وأنفذ إليّ يدعوني، فاعتذرت بعذر فلم يقبله وألحّ في استدعائي، فكتبت إليه: عبدك تحت الحبل عريان ... كأنه لا كان شيطان يغسل أثوابا كأن البلى ... فيها خليط وهي أوطان أرقّ من ديني إن كان لي ... دين كما للناس أديان كأنها حالي من قبل أن ... يصبح عندي لك إحسان يقول من يبصرني معرضا ... فيها وللأقوال برهان هذا الذي قد نسجت فوقه ... عناكب الحيطان إنسان فأنفذ لي جبة وقميصا وعمامة وسراويل وكيسا فيه خمسمائة درهم وقال: قد أنفذت لك ما تلبسه وتدفعه إلى الخياط ليصلح لك الثياب على ما تريده، فإن كنت   [1] النشوار 3: 187. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 988 غسلت التكّة واللالكة عرّفني لأنفذ لك عوضها. ولأبي محمد المهلبي: ويوم كأن الشمس والغيم دونها ... حجاب به صينت فما يتهتك عروس بدت في زرقة من ثيابها ... تجلّلها فيها رداء ممسّك قرأت بخط المحسن بن إبراهيم الصابىء، أنشدني والدي قال: أنشدني الوزير أبو محمد المهلبي لنفسه: إذا تكامل لي ما قد ظفرت به ... من طيب مسمعة وظرف رمّان وقهوة لو تراها خلت رقتها ... ديني وحافر من ان شئت غناني فما أبالي بما لاقى الخليفة من ... بغا الخصيّ وعصيان ابن حمدان وقال الصاحب ابن عباد: أنشدني الأستاذ أبو محمد المهلبي لنفسه [1] : قال لي من أحبّ والبين قد ج ... دّ وفي مهجتي لهيب الحريق ما الذي في الطريق تصنع بعدي ... قلت أبكي عليك طول الطريق حدث أبو علي التنوخي قال [2] : كان أبو محمد المهلبي يكثر الحديث على طعامه، وكان طيب الحديث، وأكثره مذاكرة بالأدب وضروب الحديث على المائدة لكثرة من يجمعهم عليها من العلماء والكتاب والندماء، وكنت كثيرا ما أحضر، فقدّم إليه في بعض الأيام [طيهوج] [3] فقال لي: أذكرني هذا حديثا ظريفا، وهو ما أخبرني به بعض من كان يعاشر الراسبيّ الأمير [4] ، قال: كنت آكل معه يوما وعلى المائدة خلق عظيم فيهم رجل من رؤساء الأكراد المجاورين لعمله، وكان ممن يقطع الطريق، ثم استأمن إليه فأمنه واختصّه وطالت أيامه، وكان في ذلك اليوم على مائدته إذ قدم حجل فألقى الراسبي منه واحدة إلى الكردي كما يلاطف الرؤساء مؤاكليهم، فأخذها الكردي وجعل يضحك، فتعجب الراسبي من ذلك وقال: ما سبب هذا الضحك وما جرى ما يوجبه؟ فقال: خبر كان لي، فقال: أخبرني به، فقال: شيء ظريف ذكرته لما رأيت   [1] اليتيمة 2: 239. [2] نشوار المحاضرة 3: 208. [3] طيهوج: ذكر الحجل. [4] هو علي بن أحمد (توفي 301) . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 989 هذه، قال: فما هو؟ قال: كنت أيام قطع الطريق قد اجتزت في المحجة الفلانية في الجبل الفلاني، وأنا وحدي في طلب من آخذ ثيابه، فاستقبلني رجل وحده، فاعترضته وصحت عليه فاستسلم إليّ ووقف، فأخذت ما كان معه، وطالبته أن يتعرّى ففعل، ومضى لينصرف فخفت أن يلقاه في الطريق من يستفزّه عليّ، فأطلب وأنا وحدي فأوخذ، فقبضت عليه وعلوته بالسيف لأقتله، فقال: يا هذا أي شيء بيني وبينك؟ أخذت ثيابي ولا فائدة لك في قتلي، فكتفته ولم ألتفت إلى قوله، وأقبلت أقنّعه بالسيف، فالتفت كأنه يطلب شيئا، فرأى حجلة قائمة على الجبل، فصاح يا حجلة اشهدي لي عند الله تعالى أني أقتل مظلوما، فما زلت أضربه حتى قتلته، وسرت فما ذكرت هذا الحديث حتى رأيت هذه الحجلة فذكرت حماقة هذا الرجل فضحكت، فانقلبت عينا الراسبيّ في رأسه حردا وقال: لا جرم والله أن شهادة الحجلة عليك لا تضيع اليوم في الدنيا قبل الآخرة، وما أمنتك إلا على ما كان منك من إفساد السبيل، فأما الدماء فمعاذ الله أن أسقطها عنك يا ابن الفاعلة بالأمان، وقد أجرى الله على لسانك الاقرار عندي، يا غلمان اضربوا عنقه، قال: فبادر الغلمان إليه بسيوفهم يخبطونه حتى تدحرج رأسه بين أيديهم على المائدة وجرّت جثته، ومضى الراسبي حتى أتمّ غداءه. قال أبو علي [1] : حضرت أبا محمد في وزارته وقد دفع إليه شاعر رقعة صغيرة فقرأها وضحك، وأمر له بألف درهم، وطرح الرقعة فقرأتها وإذا فيها: يا من إليه النفع والضرّ ... قد مسّ حال عبيدك الضرّ لا تتركنّ الدهر يظلمني ... ما دام يقبل قولك الدهر قال إبراهيم بن هلال الصابىء: كان أبو محمد يخاطب بالاستاذية. قال أبو علي: كنت في سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة ببغداد، فحضر أول يوم من شهر رمضان فاصطحبت أنا وأبو الفتح عبد الواحد بن أبي علي الحسين بن هارون الكاتب [2] إلى دار أبي الغنائم الفضل بن الوزير أبي محمد المهلبي لتهنئته بالشهر،   [1] نقله محقق النشوار 3: 49. [2] ر: مع أبي الفتح عبد الواحد بن مروان الكاتب (وسيرد كما هو في م بعد قليل) . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 990 عند توجه أبيه إلى عمان، وبلغ أبو محمد إلى موضع من أنهار البصرة يعرف بعلياباذ ففترت نيّته عن الخروج إلى عمان، واستوحش معز الدولة منه وفسد رأيه فيه، واعتلّ المهلبي هناك، ثم أمره معز الدولة بالرجوع عن علياباذ وان لا يتجاوزه، وقد اشتدت علته، والناس بين مرجف بانه يقبض عليه إذا حصل بواسط أو عند دخوله إلى بغداد، وقوم يرجفون بوفاته، وخليفته إذ ذاك على الوزارة ببغداد أبو الفضل العباس بن الحسين بن عبد الله وأبو الفرج محمد بن العباس بن فسانجس. فجئنا إلى أبي الغنائم ودخلنا إليه وهو جالس في عرضيّ بداره التي كانت لأبيه على دجلة على الصراة عند شباك على دجلة، وهو في دست كبير عال جالس، وبين يديه الناس على طبقاتهم، فهنأناه بالشهر وجلسنا وهو إذا ذاك صبي غير بالغ إلا أنه محصّل، فلم يلبث أن جاء أبو الفضل وأبو الفرج خليفتا أبيه فدخلا إليه وهنآه بالشهر، فأجلس أحدهما عن يمينه والآخر عن شماله، على طرف دسته في الموضع الذي فيه فضلة المخادّ إلى الدست، ما تحرك لأحد منهما ولا انزعج، ولا شاركاه في الدست، وأخذا معه في الحديث، وزادت مطاولتهما، وأبو الفضل يستدعي خادم الحرم فيسارّه، فيمضي ويعود ويخاطبه سرّا إلى أن جاءه بعد ساعة فسارّه فنهض أبو الفضل، فقال له أبو الفرج: إلى أين يا سيدي؟ فقال: أهنىء من يجب تهنئته وأعود إليك، وكان أبو الفضل زوج زينة ابنة الوزير المهلبي أخت أبي الغنائم من أبيه وأمه تجنّي، فحين دخل واطمأنّ قليلا وقع الصراخ، وتبادر الخدم والغلمان، ودعي الصبي وكان يتوقع أن يرد عليه خبر موت أبيه لأنه كان عالما بشدة علته، فقام فمسكه أبو الفرج وقال: اجلس اجلس وقبض عليه، وخرج أبو الفضل وقد قبض على تجني أم الصبي ووكّل بها خدما وختم الأبواب، ثم قال للصبي: قم يا أبا الغنائم إلى مولانا يعني معز الدولة فقد طلبك، وقد مات أبوك، فبكى الصبيّ وسعى إليه وعلق بدراعته وقال: يا عم الله الله فيّ، يكررها، فضمّه أبو الفضل إليه واستعبر وقال: ليس عليك بأس ولا خوف، وانحدروا إلى زبازبهم، فجلس أبو الفرج في زبزبه، وجلس أبو الفضل في زبزبه، وأجلس الغلام بين يديه، وأصعدت الزبازب تريد معزّ الدولة بباب الشماسية، فقال أبو الفتح ابن الحسين بن هارون: ما رأيت مثل هذا قط ولا سمعت، لعن الله الدنيا، أليس الساعة كان هذا الغلام في الصدر معظّما، وخليفتا أبيه بين يديه، وما افترقا حتى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 991 صار بين أيديهما ذليلا حقيرا. ثم جرى من المصادرات على أهله وحاشيته ما لم يجر على أحد. وله [1] : لقد واظبت نفسي على الحبّ والهوى ... بجارية ترعى الهوى وتواظب صفا لي منها الودّ والشيب شامل ... كما كان يصفو والشباب مصاحب وله: إني ليعصمني هواك عن الهوى ... حتى كأنّ علي منك رقيبا وأجول في غمرات حبّك جاهدا ... طورا فيحسبني الجليس رهيبا ما إن هممت بشمّ نحرك ساعة ... إلا ملأت من الدموع جيوبا قال أبو حيان، قال ابن أبي طرخان: دخلت إلى المهلبيّ في أيام نكبته، فرأيته يذمّ صنائعه ومن قدّمه في أيامه وأولاهم الجميل، وقال: ما علمت أن الدهر بهذه الأفعال يعامل الأحرار، وإلا كنت أحسنت لنفسي الاختيار، وبكى وقال: لئن قعدت بي قلة المال قعدة ... فما أنا عن كسب المعالي بقاعد وما أنا بالساعي إلى الجهل والخنا ... ولا عن مكافاة الصديق براقد أكافي أخي بالودّ أضعاف وده ... وأبذل للمولى طريفي وتالدي وما صاحبي عند الرخاء بصاحب ... إذا لم يكن عند الأمور الشدائد فقلت له: أدام الله حراسة الوزير كفكف عبرتك، وهوّن على نفسك، فمذ كانت الدنيا كانت غدّارة مكارة، تقصد الأحرار بالمكاره، وتلقى أهل المروات بالنوائب، وترميهم بالأوابد، وأكثر من ترى من هذا الوري فهم عبيد الطمع وأسراء الجشع، يخونون الاخوان ويميلون مع الرجحان، فدمعت عيناه وأنشد: الناس أتباع من دامت له النعم ... والويل للمرء ان زلّت به القدم مالي رأيت أخلائي وحاصلهم ... اثنان مستكبر عنّي ومحتشم لما رأيت الذي يجفون قلت لهم ... أذنبت ذنبا؟ فقالوا ذنبك العدم   [1] اليتيمة 2: 237. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 992 قال أبو علي محمد بن وشاح الكاتب، قال لي أبو الحسن محمد بن عبيد الله ابن سكرة الهاشمي، من ولد المهدي: خرجت إلى الأهواز قاصدا للوزير أبي محمد الحسن بن محمد المهلبي مادحا له فلما وصلت إليه أنشدته: قفي حيث انتهيت من الصدود ... ولا تتعمدي قتل العميد فقد وهواك وهو أجلّ حلفي ... حميت نظيرتيك من الهجود هجرت مقيمة وظعنت غضبي ... فحربت الحديد على الحديد فراق ظعينة وفراق رأي ... يكرّهما عليّ فراق جود ثلاث ما اجتمعن على ابن حبّ ... صدود في صدود في صدود قال: وانصرفت، فلما كان من الغد استدعاني وقال: اسمع وأنشدني لنفسه: أتاني في قميص اللاذ يمشي ... عدوّ لي يلقّب بالحبيب وقد عبث الشراب بوجنتيه ... فصير خده كسنا اللهيب فقلت له فديتك كيف هذا ... بلا واش أتيت ولا رقيب وما هذا الذي أحدثت بعدي ... لقد أمسيت في زي عجيب فقال الشمس أهدت لي قميصا ... رقيق الجسم من شقق الغروب فثوبي والمدام ولون خدي ... قريب من قريب من قريب - 345- الحسن بن محمد بن وكيع التنيسي أبو محمد: أديب فاضل شاعر مجيد عارف بفنون العلم؛ مات في سنة تسعين وثلاثمائة، وكان سمسارا في بلده متأدبا ظريفا، وكان قد صنف «كتاب سرقات المتنبي» وحاف عليه. وعذله بعض أهل   [345]- ترجمة ابن وكيع في اليتيمة 1: 372 وابن خلكان 2: 104 والشذرات 3: 141 والمقفى 3: 410 وقد جمع ديوانه الدكتور حسين نصار (مصر 1953) جمعا لا يفي إلا ببعض شعره، ولهلال ناجي استدراك عليه (المورد 2/1 (1973) 198- 205 وطبع كتابه المصنف مرتين: مرة بتحقيق د. محمد رضوان الداية، دمشق 1984 ومرة بتحقيق د. محمد يوسف نجم، بغداد 1984 (وهذه الترجمة من ر) . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 993 الأدب فلم يرجع عن ذلك، فقال له: هل تثقل عليك الموافقة؟ قال: لا، قلت: هذه الأبيات التي لك مأخوذة من قول المتنبي؛ وأبيات ابن وكيع: لو كان كلّ عليل ... يزداد مثلك حسنا لكان كلّ مريض ... يودّ لو كان مضنى يا أكمل الناس حسنا ... صل أكمل الناس حزنا غنيت عني وما لي ... وجه به عنك أغنى وأبيات المتنبي [1] : فلو كان المريض يزيد حسنا ... كما تزداد أنت على السقام لما عيد المريض إذن وعدّت ... شكايته من النّعم العظام فقال: والله ما سمعت هذا، فقلت: إذا كان الأمر على هذا فاعذر بمثله المتنبي. ومن شعره: وحديث كأنه ... أوبة من مسافر كان أحلى من الرقا ... د إلى طرف ساهر وله: من أين للظبي الغرير الأحور ... في الخدّ مثل عذاره المتحدّر رشأ كأن بعارضيه كليهما ... مسكا تساقط فوق ورد أحمر قيل ان ابن وكيع كان قد مال إلى غلام أمرد حسن الوجه، فقيل لأبيه: إنه قد شغف بمن لا يستحقّ أن يشغف به، فعاتبه على ذلك، واتفق أنّ الغلام اجتاز عليه وهو لا يعرفه، فقال: لو هويت مثل هذا كنت معذورا، فقال في الحال [2] : أبصره عاذلي عليه ... ولم يكن قبلها رآه فقال لي لو هويت هذا ... ما لامك الناس في هواه   [1] لم يردا في ديوان المتنبي. [2] الأبيات في اليتيمة 1: 396- 397 والمقفى: 413. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 994 قل لي إلى من عدلت عنه ... فليس أهل الهوى سواه وظلّ من حيث ليس يدري ... يأمر بالحبّ من نهاه - 346- الحسن بن محمد السهواجي أبو علي: أديب أريب، شاعر لبيب مشهور مذكور. وسهواج من قرى مصر، ومات بمصر سنة أربعمائة، فمن شعره: كرام المساعي في اكتساب محامد ... وأهدى إلى طرق المعالي من القطا وأبوابهم معمورة بعفاتهم ... وأيديهم ما تستريح من العطا وله: وقد كنت أخشى الحبّ لو كان نافعي ... من الحب أن أخشاه قبل وقوعه كما حذر الانسان من نوم عينه ... ونام ولم يشعر أوان هجوعه وله: نطقت بالضحى حمامة أيك ... فأثارت أسى وأجرت دموعا ذكرت إلفها فحنت إليه ... فبكينا من الفراق جميعا وله: قوم كرام إذا سلّوا سيوفهم ... في الرّوع لم يغمدوها في سوى المهج إذا دجا الخطب أو ضاقت مذاهبه ... وجدت عندهم ما شئت من فرج   [346]- هذه الترجمة لم ترد في (م) ووردت في المختصر، وصرّح الصفدي (12: 243) بنقلها عن ياقوت، ولهذا مزجت بين ما ورد في المختصر وما أورده الصفدي. وانظر أيضا ترجمة السهواجي في يتيمة الدهر 1: 397 والفوات 1: 262. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 995 - 347- الحسن بن محمد بن الحسن بن حبيب أبو القاسم: الواعظ المفسر ذكره عبد الغافر فقال: إمام عصره في معاني القرآن وعلومه، وقد صنف التفسير المشهور به، وكان أديبا نحويا عارفا بالمغازي والقصص والسير، مات في ذي القعدة سنة ست وأربعمائة وصنف في القراءات والأدب وفي عقلاء المجانين. وكان يدرس لأهل التحقيق ويعظ العوام، وانتشر عنه بنيسابور العلم الكثير، وسارت تصانيفه في الآفاق. حدث عن الأصم وعبد الله بن الصفار وأبي الحسن الكارزي، وكان أبو إسحاق الثعلبي من خواص تلاميذه؛ وكان كرامي المذهب ثم تحول شافعيا. ومن شعره: في علم علّام الغيوب عجائب ... فاصبر فللصبر الجميل عواقب ومصائب الأيام إن غاديتها ... بالصّبر ردّت عنك وهي مواهب لم يدج ليل العسر قطّ بغمة ... إلا بدا لليسر فيه كواكب وله أيضا: بمن يستغيث العبد إلا بربّه ... ومن للفتى عند الشدائد والكرب ومن مالك الدنيا ومالك أهلها ... ومن كاشف البلوى على البعد والقرب ومن يدفع الغماء وقت نزولها ... وهل ذاك إلا من فعالك يا ربي [وجدت على حاشية الأصل المنقول منه هذا الاختيار: إذا ضاقت بك الأسباب يوما ... فثق بالواحد الصمد العليّ فكم لله من لطف خفيّ ... يدقّ خفا عن الفهم الذكي وكم أمر تساء به صباحا ... فتعقبه المسرّة بالعشي   [347]- ترجمة ابن حبيب هذه تمثل الجمع بين ما ورد في المختصر وما أورده الصفدي (الوافي 12: 239) وانظر بغية الوعاة 1: 519 وطبقات المفسرين للسيوطي: 11 وعبر الذهبي 3: 93 وسير الذهبي 17: 237 وطبقات الداودي 1: 140. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 996 وكم عسر أعاد الله يسرا ... يفرّج همّ ذي قلب شجيّ وقيل إنه كان ذا ثروة، وكان في داره بستان وبئر، وكان إذا قصده إنسان من الغرباء إن كان ذا ثروة طمع في ماله، وإن كان فقيرا أمره بنزح الماء لبستانه حتى يقيده، وكان لا يفعل بأهل بلده ذلك. - 348- الحسن بن محمد [بن علي] بن رجا بن الدهان اللغوي: أخذ عن الربعي والسيرافي، وأخذ عنه أبو زكريا التبريزي، مات في سنة سبع وأربعين وأربعمائة، وكان من أصحاب الرماني، وكان سيّء الحال قشفا محالفا للفقر. وذكروا أنه كان يوما جالسا لأصحابه وعليه ثوب خلق تبدو منه عورته فقال له بعض أصحابه مشيرا إلى ذلك العضو: أيها الشيخ غرمولك، أي استر ذكرك، فتجمع الدهان ثم استرسل فبدا العضو، فقال له ذاك الرجل: أيها الشيخ قمدّك، فعاد وتجمع مستترا ثم مرّ في الإقراء وعاد مسترسلا، فبدا العضو فقال له: أيها الشيخ قهبلسك، وجرى معه في هذا الميدان من التنبيه على الاستتار بذكر الغريب من أسماء الذكر، فأقبل عليه الشيخ الدهان متضجرا وقال له: ويلك ما أتقنت من الغريب إلا حفظ أسماء هذا المردريك؟! فتضاحك الجماعة من قوله وانقطع المجلس. قال المصنف: هذه حكاية مشهورة صحيحة عن هذا الصدر الذي يتعذر أن يكون في زماننا مثله، وقد كان يقصد وتقرأ عليه علوم الأدب، وأهل زماننا يذمون زمانهم، ولم يكن له ثوب يواريه، ولا في تلاميذه ذو أريحية يواسيه، فضلا عن أن يفضل عليه ويبره. ولكن ذم الناس لزمانهم لقلة رضاهم بأرزاقهم وأن كلّ أحد يرجو الغاية لا الكفاية، ويرى أنه مستحق للملك، لا لما يمشّي أمره في دار الهلك، والله المستعان.   [348]- ترجمة ابن الدهان من المختصر، ولم يصرح الصفدي بنقلها عن ياقوت، ولهذا لم أجمع بينهما؛ وانظر ترجمة ابن الدهان في إنباه الرواة 1: 304 والجواهر المضية 1: 202 والبلغة: 64 والوافي 12: 230 وبغية الوعاة 1: 523. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 997 - 349- الحسن بن محمد التميمي القاضي التاهرتي: يعرف بابن الربيب، أصله من تاهرت، وطلب العلم بالقيروان ومات بها سنة عشرين وأربعمائة وقد جاوز الخمسين، وتولّى القضاء. وكان محمد بن جعفر القزاز معنيا به محبا له، فبلغ النهاية في الأدب وعلم الخبر والنسب وله في ذلك تأليف مشهور. وكان خبيرا باللغة شاعرا مقدما قويّ الكلام يتكلف بعض التكلف، وكان عبد الكريم بن إبراهيم النهشلي يروي له ما لا يروي لأحد من الشعراء، سئل عن أشعر أهل بلده فقال: أنا ثم ابن الربيب. ومن شعره [1] : فلما التقى الجمعان واسنمطر الأسى ... مدامع منا تمطر الموت والدما لدى مأتم للبين غنّى به الهوى ... بشجو وحنّ الشوق فيه فأرزما تصدّت فأشجت ثم صدّت فأسلمت ... ضميرك للبلوى عقيلة أسلما ومن شعره يرثي المنصور بن محمد بن أبي العرب [2] : لله أيّ محافظ ومحامي ... فجعت به الدنيا وأيّ همام ومصرّف للملك راح مصرّفا ... في الترب بين صفائح ورجام حلّت عليه الحادثات وطالما ... نزلت به قسرا على الأحكام وتناولته يد الردى ولربما ... نالت به الأرواح وهي سوامي يا قبر لا تظلم عليه فطالما ... جلّى بغرّته دجى الاظلام أعجب بقبر قيس شبر قد حوى ... ليثا وبحر ندى وبدر تمام   [349]- ترجمة ابن الربيب من المختصر، وانظر إنباه الرواة 1: 318 والوافي 12: 237 وبغية الوعاة 1: 525 وأنموذج الزمان: 111 واستدركه جواد في الضائع: 18. [1] أنموذج الزمان: 112 والانباه والوافي. [2] منها بيتان في الانموذج والانباه والوافي. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 998 ومنها: ولطالما اصطكت لدى أبوابه ... ركب الملوك وجلّة الأقوام يا ويح أيد أسلمتك إلى الثرى ... ما كنت تسلمها إلى الاعدام - 350- الحسن بن محمد بن عزيز أبو منصور اللغوي: لا أعرف من حاله شيئا، غير أني وجدت له كتابا في اللغة في عشر مجلدات مرتبا على حروف المعجم سماه «ديوان العرب وميدان الأدب» وخطّه عليه بالقراءة في شعبان سنة سبع وثلاثين وأربعمائة. - 351- الحسن بن القاسم بن علي الواسطي المعروف بغلام الهراس: أبو علي المقرىء، إمام الحرمين، مات سنة ثمان وستين وأربعمائة بواسط. سافر في طلب الاسناد للقراءات وأتعب نفسه في التجويد والتحقيق حتى صار طبقة أهل العصر، ورحل إليه الناس من أقطار الأرض، وكفّ بصره بأخرة؛ وقد قدح قوم في قراءته وقالوا: ادّعى الاسناد في شيء لا حقيقة له، ذكر ذلك عن ابن خيرون الأمين وغيره. - 352- الحسن بن محمد بن عبد الصمد بن أبي الشخباء، أبو علي العسقلاني: صاحب الرسائل، مات في ما ذكره علي بن بسام في كتاب الذخيرة في سنة اثنتين   [350]- هذه الترجمة من الوافي (12: 244) وهو يصرح بالنقل عن ياقوت، وانظر بغية الوعاة 1: 523. [351]- ترجمة غلام الهراس من الوافي (12: 204) وقد صرح الصفدي بالنقل عن ياقوت وانظر مصورة ابن عساكر 4: 578 وتهذيب ابن عساكر 4: 239 وعبر الذهبي 3: 266 وميزان الاعتدال 1: 518 ولسان الميزان: 245 وطبقات ابن الجزري 1: 228 والشذرات 3: 329. [352]- ترجمته في ابن خلكان 2: 89 والوافي 12: 68 وذكره العماد في الخريدة في العسقلانيين وهو قسم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 999 وثمانين وأربعمائة معتقلا بمصر في خزانة البنود، وكان يلقب بالمجيد ذي الفضيلتين، أحد البلغاء الفصحاء الشعراء، له رسائل مدونة مشهورة قيل إن القاضي الفاضل عبد الرحيم بن [علي] البيساني منها استمدّ وبها اعتدّ، وأظنه كتب في ديوان الرسائل للمستنصر صاحب مصر لأن في رسائله جوابات إلى الفساسيري، إلا أن أكثر رسائله إخوانيات وما كتبه عن نفسه إلى أصدقائه ووزراء وأمراء زمانه، وها أنا أكتب منها ما سنح لتعرف قدر بضاعته ومغزى صناعته، نظما ونثرا؛ قال من قصيدة: أخذت لحاظي من جنى خديك ... أرش الذي لاقيت من عينك هيهات إني إن وزنت بمهجتي ... نظري إليك فقد ربحت عليك غضّي جفونك وانظري تأثير ما ... صنعت لحاظك في بنان يديك هو ويك نضح دمي وعزّ عليّ أن ... ألقاك في عرض الخطاب بويك وسلكت في فيض الدموع مسالكا ... قصرت بها يد عامر وسليك صانوك بالسمر اللدان وصنتهم ... بنواظر فحميتهم وحموك لو يشهرون سيوف لحظك في الورى [1] ... ما استنفروا [2] فيها قنا أبويك وهم المغاوير الكماة وإنما ... ألقوا مقاليد القلوب إليك [3] وقد كتب إلى صديق له: لما حديت ركاب مولاي، أخذ صبري معه، وصحبه قلبي وتبعه: فعجبت من جسم مقيم سائر ... كمسير بيت الشعر وهو مقيّد وبقيت بعده أقاسي أمورا تخفّ الحليم وترعي الهشيم، إن رجوت منها غفلة   تابع لشعراء مصر. الورقة 14 (نسخة باريس رقم: 3328) ويعتمد ياقوت على الذخيرة (4/2: 627) وهناك مجموعة من رسائله في جمهرة الاسلام للشيزري، ومجموعة من رسائله وخطبه في الريحان والريعان؛ وذكره المقريزي (في اتعاظ الحنفا 2: 328) وذكر أنه توفي سنة 486. [1] الوغى. [2] م: استقرأوا. [3] البيت من ر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1000 اقتحمت، وإن رمت منها فرجة تضايقت والتحمت. وأما الوحشة فقد اصطبحت منها كأسا مترعة، وتجرعت من صابها أمرّ جرعة. ورأيت فؤادي إذا مرّ ذكر مولانا به [1] يكاد يخرج من خدره، ويرغب في مفارقة صدره، حنينا يجدّده السماع، وصدودا تنتقض منه الأضلاع، وزفرة تدمي في عذارها، ويطلع في الترائب شرارها: أداري شجاها كي تخلّي مكانها ... وهيهات ألقت رحلها واطمأنت وأما ما أعاني بعد مسيره فأشياء منها عيث الألم مرة بعد مرة [2] ، وزوال الاستمتاع بما يعرفه من تلك المسرة؛ ومنها اضطراري إلى كثرة مكاثرة من أعلم دخل سرائره، واختلاف باطنه وظاهره، وتكلف اللقاء له بصفحة مستبشرة، وأخلاق غير متوعرة. والله يعلم نفور طباعي ممن رآه أهل الأدب من الأدب غفلا، ومن ذخائره مقفلا، لكن السياسة تقتضي اعتماد ما ذكرت، وتوجب قصد ما شرحت، وإن كان موردا غير عذب، وثقيلا على العين والقلب: ولربما ابتسم الفتى وفؤاده ... شرق الضلوع برنّة وعويل ومنها انعكاس كثير من الآمال، وارتشاف الزمن [3] الصبابة الباقية من الحال، بجوائح مصرية وشامية، وفوادح أرضية وسمائية. ولا أشكو بل أسلّم له مذعنا، وأرى فعله كيف تصرفت الأحوال جميلا حسنا: ومن لم يسلّم للنوائب أصبحت ... خلائقه طرّا عليه نوائبا والله تعالى المسؤول أن يهب لي من قرب مولاي ما يأسو هذه الكلوم، ويجدد من المسرّة عافي الرسوم، فجميع الحوادث، وسائر النوائب الكوارث، إذا قربت الخطوة، واستجيبت هذه الدعوة، تمسي غير مذكورة، وبجناح التجاوز مكفورة. وكتب [4] إلى أبي الفرج الموفقي جوابا عن رقعة: وصلت رقعة مولاي والصبح   [1] م: مولاي. [2] بعد مرة: زيادة من ر. [3] الزمن: زيادة من ر. [4] وردت الرسالة في الذخيرة 4/2: 654، ولأبي الفرج ترجمة في الدمية 1: 185 والخريدة (قسم مصر) 2: 218 (وفيه الموقفي- بتقديم القاف) . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1001 قد سل على الأفق مقضبه، وأزال بأنوار الغزالة غيهبه، فكانت بشهادة الله صبح الآداب ونهارها، وثمار البلاغة وأزهارها، قد توشحت بضروب من الفضل تقصر [1] قاصية المدى، وتجري به في مضمار الأدب مفردا: فكأن روض الحزن تنشره الصبا ... ما ظلت من قرطاسها أتصفح [2] فأما ما تضمنته من وصفي فقد صارت حضرته السامية تتسمح في الشهادة بذلك مع مناقشتها في هذه الطريقة، وأنها لا توقع ألفاظها إلا مواقع الحقيقة، فإن كنت قد بهرجت عليها فلتراجع نقدها، تجدني لا أستحق من ذلك الإسهاب فصلا، ولا أعدّ لكلمة واحدة منه أهلا. وبالجملة فالله ينهضني بشكر هذا الانعام الذي يقف عند الثناء ويظلع، ويحصر دونه الخطيب [3] المصقع: هيهات تعيي الشمس كلّ مرامق ... ويعوق دون منالها العيّوق وأما الفصل الذي أودعه الرقعة الكريمة من قوله: «فأما فلان فيحلّ في قومه ويفرح بالضيوف فرح حنيفة بابن الوليد، قدوره عمارية، وعطسات جواريه أسدية، تراهنّ أبدا يمشين [4] في حلل الشباب ويهوين لو خلق الرجال خلق الضباب، يتضوّعن النشر العبقسي، ويرضعن مراضع ثعالة المجاشعي» وما أمرت حضرته السامية من ذكر ما عندي فيه، فقد تأمّلته طويلا وعثر الخادم فيه بما أنا ذاكره، راغبا في الرضى بما بلغت اليه المقدرة، وتجليل ذلك بسجوف الصفح. أما قوله: «يفرح بالضيوف فرح حنيفة بابن الوليد» فيقع لي أنه أراد خالد بن الوليد المخزومي، وذلك أن مسيلمة الحنفي كان قد تنبأ بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه مشهور، فبعث إليه أبو بكر رضي الله عنه خالد بن الوليد المقدم ذكره في جيش كثيف من المسلمين، ففتح اليمامة وقتل مسيلمة وأباد جماعة كثيرة من بني حنيفة.   [1] الذخيرة: تعطيه. [2] البيت مضطرب في م. [3] الذخيرة: البليغ. [4] هكذا في الذخيرة، وأرجح «يمسن» . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1002 وأما قوله «قدوره عمّاريّة» فإن هذا الفصل لما كان مبنيا على الذمّ وجب أن يتطلب لهذا السبب معنىّ يجب حمله عليه، ولم يجد ما ينسب إليه إلا قول الفرزدق [1] : لو أن قدرا بكت من طول ما حبست ... على الحقوق بكت قدر ابن عمار ما مسّها دسم مذ فضّ معدنها ... ولا رأت بعد نار القين من نار وأما قوله «عطسات جواريه أسدية» فيقوى في وهمي أنه أراد قول الأول في هجائه [2] : إذا أسدية عطست فنكها ... فإن عطاسها طرف الوداق وأما قوله: «يهوين لو خلق الرجال خلق الضباب» فإن الجاحظ ذكر في «كتاب الحيوان» أن للضب أيرين وللضبة حرين، وحكى أن أير الضبّ أصله واحد، وإنما يتفرق فيصير أعلاه اثنين، واستشهد على ذلك بقول الفزاري [3] : رعين الدبا والبقل حتى كأنما ... كساهن سلطان ثياب مراجل [4] سبحل له نزكان كانا فضيلة ... على كلّ حاف في البلاد وناعل [5] والنزك: اسم أير الضب، وأنشد الأصمعي لأبي درماء فيما رواه أبو خالد النميري [6] : تفرقتم لا زلتم قرن واحد ... تفرّق أير الضبّ والأصل واحد ومن ها هنا قالت حبّى المدنية لما عذلها أبوها في تزوجها ابن أم كلاب [7] :   [1] ديوان الفرزدق 1: 326. [2] هو في الأغاني 12: 181 لكثير، وانظر ديوانه: 389 وروايته «إذا ضمرية» . [3] م: الفرزدق: والتصويب عن الحيوان 6: 73 ونسبت الأبيات في اللسان (سبحل) لأبي الحجاج، وقال ابن بري إنها لحمران ذي الغصة. [4] الدبا: الجراد؛ والمراجل، ثياب يمنية فيها صور، ويقال فيها أيضا مراحل. [5] السّبحل: المسن من الضباب. [6] الحيوان 6: 74 بإنشاد الكسائي، والخبر كله (لا البيت وحده) رواية أبي خالد (أو أبي خلف) النميري عن أبي حية النميري. [7] الحيوان 6: 75 (2: 200) ، وعند الجاحظ أن الذي عذلها هو ابنها (لا أبوها) . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1003 وددت بأنه ضبّ وأني ... ضبيبة كدية وجدت خلاء وأما قوله: «يتضوعن النشر» فمن أمثال العرب: «هو أخسر صفقة من شيخ مهو» [1] وهو بطن من عبد القيس بن أفصى بن دعميّ بن جديلة بن أسد بن نزار بن معد بن عدنان، وكان من خبره أن إيادا كانت أفسى العرب، فوفد وافدهم إلى الموسم بسوق عكاظ ومعه حلة نفيسة، فقال: يا معشر العرب من يشتري مني مثلبة قوم لا تضرّه بحلتي هذه؟ فقال الشيخ المهوي: أنا أشتريها، فقال الإيادي: أشهدكم يا معشر العرب أني قد بعت فساء إياد لوافد عبد القيس بحلّتي هذه، وتصافحا وافترقا متراضيين، وقد شهد عليهما أهل الموسم فصارت عبد القيس أفسى العرب. وقيل لابن مناذر: كيف الطريق إلى عبد القيس؟ فقال: شمّ ومرّ: فإن عبد القيس من لؤمها ... تفسو فساء ريحه تعبق من كان لا يدري لها منزلا ... فقل له يمشي ويستنشق وأما قوله: «أعطش من ثعالة المجاشعيّ» [2] فمن أمثال العرب فيما ذكره الكلبي قال: هما رجلان من بني مجاشع عطشا، فالتقم كلّ واحد منهما أير صاحبه يشرب بوله، فلم يغن عنهما شيئا وماتا عطشا، ووجدا على تلك الحال، قال جرير يهجو بني دارم [3] : رضعتم ثم سال على لحاكم ... ثعالة حين لم تجدوا شرابا هذا ما وقع لي في هذا الفصل، وأرجو أن تكون قد ذهبت إلى ما قصده قائله. ومن كلامه يهنىء بكسر أتسز الغزّي، وكان ذلك لثمان ساعات مضين من يوم الاثنين في العشر الأخير من جمادى الآخرة سنة تسع وستين وأربعمائة: الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً وَقالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (آل عمران: 173)   [1] المثل في الدرة الفاخرة: 140 (أحمق من ... ) وجمهرة العسكري 1: 388 والمستقصى 1: 82 وثمار القلوب: 106 واللسان (فسا) واسم الشيخ: عبد الله بن بيدرة. [2] المثل في الدرة الفاخرة: 309 وجمهرة العسكري 2: 70 والميداني 2: 49 والمستقصى 1: 248. [3] ديوان جرير: 818. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1004 قد ارتفع الخلاف بين الكافة أن الله ذخر للدولة الفاطمية- ثبّت الله أركانها- من الحضرة العليّة المنصورة الجيوشية- خلد اله سلطانها- من حمى سوادها، ونصر أعلامها، وضمّ نشرها، وحفظ سريرها ومنبرها، بعد أن كان الأعداء الذين ارتضعوا درّ إنعامها، وتوسموا بشرف أيامها، فطردت يد الاصطناع إملاقهم، وأثقلت قلائد الإحسان أعناقهم، خفروا ذمم الولاء، وكفروا سوابغ الآلاء، ففجأتهم الحوادث من كلّ طريق، ونعب بهم غراب الشتات والتفريق، واستباحتهم يد الشدائد فَأَتَى اللَّهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ (النحل: 26) . ولم تزل النفوس منذ طرق أتسز بن أوق اللعين هذه البلاد، وأنجم فيها أنجم الفساد، وتعدّى حدود الله وكلماته، وتعرض لمساخطته ونقماته، عالمة بأن إملاء الحضرة العلية- مد الله ظلها على الكافة- لم يكن عن استعمال رخصة في هذه الحال، ولا سكون الى عوارض من الإغفال والإهمال، بل هو أمر ركب فيه متن التدبير، وجرت بنقله المقادير. واتبع فيه قوله تعالى: فَأَمْلَيْتُ لِلْكافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ (الحج: 44) وحين خدمته المطالع المردية إلى الأعمال القاهرة مؤملا انفصام عروة الله المتينة، وأفول ما توقّد من شجرة مباركة زيتونة، سكنت النفوس إلى [أن] الحضرة العلية- ثبت الله مجدها- ستجرّد له من عزماتها الباقية ما يعجّل دماره، وتنتضي له [من] آرائها الكاملة ما يعفّي آثاره. وحين توالت الأنباء، واصطلمت الرجال بانكسار اللعين، وما منحته الحضرة من النصر المبين، حتى نهبت الأموال وتحكّمت السيوف بحكم القادر الغالب، وأكلتهم الحرب أكل الغرثان الساغب، وأنشبت فيهم أظافرها المنية، وكسيت الأرض من دمائهم حلّة عسجدية، وولّى المخذول على أدباره، ونكص على أعقابه بوبيل أوزاره، يخاف من نجوم الليل أن ترجمه، ومن شمس النهار [أن] تصطلمه، وترك ما معه يقسّم يمينا وشمالا، ومن حشده يقتّل ركبانا ورجالا، علم أن لله تعالى عناية بالدولة الزاهرة، وتحقق أن له سبحانه رعاية بالملة الطاهرة، تحوط أقطارها، وتضاعف أنوارها، ولطفا خفيا بهذه الرعية، ومشيئته نافذة في هذه البرية، التي لولا مقام الحضرة العلية لمزّق أديمها، واستبيح حريمها. والله المحمود على ما منح الأمة من هذه النعمة، والمسؤول أن يشدّ ببقاء الحضرة العلية قواعد الاسلام، ويسم بمحامدها أغفال الأيام، ويستخدم لها الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1005 السيوف والأقلام، حتى لا يبقى على الأرض مفحص قطاة إلا وقد دوخها سنابك خيولها، ولا مسقط نواة إلّا وقد ركزت فيه صدور رماحها ونصولها. فقد دفعت- أدام الله جمال الدنيا ببقائها، وأعز كمال الدين ببأسها وأصالة رائها- خطبا جسيما، واستلقحت من السياسة أمرا عقيما، وأعادت شمل الأمة ملموما نظيما. ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء وكان فضل الله عليك عظيما. فأما العبد المملوك فقد تلاعبت به أيدي الأقدار، وقذفته العطلة في هوّة بعيدة الأقطار، وهو يعد نفسه ويوفيها، ويسوّفها ويمنيها، أنّ مراحم الحضرة- نصر الله أعلامها- تعيد كساد بضاعته نفاقا، واضطراب حاله انتظاما واتساقا، وسكون ريحه خفوقا، وغروب حظه شروقا، إن شاء الله تعالى. وكتب الى بعض إخوانه: أغبّ كتاب مولاي حتى أضرم نارا في الفؤاد، وحالف بين جفني والسهاد: ثم وافى بلفظه الرائق العذ ... ب وأغنى عن الزلال البرود وقرأته متنزها ... في روضه وغديره جمع البلاغة كلّها ... تختال بين سطوره فالدرّ في منظومه ... والسحر في منثوره وعرفت ذكر الشوق الذي هيّج أحزانا، ونكأ قرحا لا يندمل زمانا، وإن عندي بشهادة الله ما يضرم ناره، ويشب أواره، والله تعالى يسهل من ألطافه الخفية ما يجمع الشمل، ويصل الحبل، ويقرّب الدار، ويدني المزار، بمحمد وآله والأئمة الأطهار. وأما حالي بعده، وارتياحي إلى ما عنده، وتأسفي على الفائت من أخلاقه التي هي من الحسن أدقّ، ومن الماء أصفى وأرقّ، فحال صبّ أخذ ما في فؤاده، وحولف بين طرفه وسهاده، فحرم لذلك لذيذ رقاده. وأما عتبه عليّ لتأخّر كتبي عنه، وبعدها منه، فهو يعلم- حرس الله مدته- أنني إذا واصلت أو أغببت، أنه سمير خاطري، وإن غاب عن ناظري، وهو نازل بضمائري، وإن بان من بين مخالطي ومعاشري: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1006 يا غائبا عن ناظري ... وحاضرا في خاطري لا تخش مني جفوة ... فباطني كظاهري [1] والله يعلم أني لم أغفل كتابه صرما وهجرا، ولا أهملت مجاوبته نقضا لمودته الكريمة ولا غدرا، فإنه من العين بمكان السواد، ومن الصدر بموضع الفؤاد، وبسبب هذا الاعتقاد، وما ذكرت من محض الوداد، أبثّه أشجانا، وأطلعه على أسراري إسرارا واعلانا، ثقة بودّه، وتمسكا بوثيق عهده وعقده، لو رآني فسح الله مدته، وضاعف عليّ مودّته، لرأى صبا قلبه خفيق، ودمعه طليق: قلق الضمير بظبية وهنانة ... فلها بقلبي هزة وعلوق الوجه طلق والوشاح مهفهف ... والردف دعص والقوام رشيق وتبسمت عن واضح فضحت به ... سطع البروق ونمّ منه رحيق هذه الأبيات تغني عما أردت أن أشرحه، وتنبىء عن مكنون ما سبيلي أن أثبته وأوضحه، والله المسؤول أن يقضي مأربي بسعادة جده، ويزيل عني ما أخشاه بتمام إقباله ومجده، وكتابه هو فسحة للصدر، ومنية ما يطلب من الدهر، ولرأيه علوه في إمضائه إليّ، ووفوده عليّ. وكتب إلى ابن المغربي يهنئه بالفتوح: أطال الله بقاء سيدنا الوزير الأجلّ ما سطع الصبح بعموده، وهمهم السحاب برعوده، وطلعت في الافق أنجم سعوده: نعتدّه ذخر العلا وعتادها ... ونراه من كرم الزمان وجوده والدهر يضحك من بشاشة بشره ... والعيش يطرب من نضارة عوده فقد ألبس الله الدهر من مناقب الحضرة السامية ما أخرس اللائمة [2] ، وأفاض على الكافة من آلائها ما تملك به رقّ المآثر، ويعجز عنه كلّ ناظم وناثر: يقصّر عنه لسان البليغ ... ويفضل عن مقلة الناظر   [1] م: كالظاهر. [2] ر: لائمه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1007 فما تنفكّ- خلد الله أيامها- تذود [1] عن الدولة برأي صائب، وحساب قاضب، يتحاسد عليه الدرع والدراعة، ويتنافس فيه الصمصامة واليراعة، والملك بين هذين متين العماد، مستبحر [2] الثماد: ما زال قائد كتبة وكتيبة ... بأصيل رأيي منصل وفؤاد شبهان من قلم ومن صمصامة ... شهرا ليوم ندى ويوم جلاد وما وقفت في هذا المقام موقفا وحشيا، ولا وقع عندها موقعا أجنبيا، بل اقتفت آثار أسلاف خفقت عليهم ألوية المعالي وبنودها، ووسمت بأسمائهم جباه الممالك وخدودها، وتحيف الكرم أموالهم وهي أثيثة الجناح، وذللت عزائمهم من النّوب وهي شديدة الجماح: كتّاب ملك يستقيم برأيهم ... أود الخلافة أو أسود صباح بصدور أقلام يردّ إليهم ... شرف الرياسة أو صدور رماح قد كان العبد خدم المجلس السامي بخدمة قصرها على [3] التهنئة بما فتح الله تعالى من الظفر بالعدو الذي أطاع شيطانه، ومدّ في مضمار الغيّ أشطانه، واتبع ما أسخط الله وكره رضوانه، وجرى الله تعالى على جميل عادته في زلزلة أطواده، واستئصال أحزابه وأجناده، الذين غدت الرماح تستقي مياه نحورهم، والسيوف تنتهب ودائع صدورهم، والحمام يجول عليهم كلّ مجال، ويستدني إليهم نوازح الآجال: ما طال بغي قطّ إلا غادرت ... فعلاته الأعمار غير طوال فتح أضاء به الزمان وفتّحت ... فيه الأسنة زهرة الآمال وأرجو أن يكون التوفيق قضى بوصولها، وأذن في قبولها، فيمتدّ ظل، ويثري مقلّ، ويصوب عارض مستهل: أيعجز فضلك عن خادم ... وأنت بأمر الورى مستقل   [1] ر: الضمير يعود على «الحضرة» . [2] م: مستجبر. [3] م: قصدها عن. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1008 وبحكم ما العبد عليه من تطلّع الأمل القويّ، وتوقع الإنعام الكسروي، عززها بهذه المناجاة، وإن كان على ثقة أن رشاه قد ألقي في الغدير القريب، ورائده قد خيّم بالمرتع الخصيب: لو رأينا التوكيد خطة عجز ... ما شفعنا الأذان بالتثويب وله- أدام الله عزه- الرأي العالي فيه، إن شاء الله تعالى. وكتب إلى صارم الدولة ابن معروف: أطال الله بقاء الحضرة الصارمية يجري القدر على حسب أهويتها، ويعقد الظفر بعزائم ألويتها، وتحلّى بذكرها ترائب الأيام العاطلة، وتنجز بكرمها عدات الحظوظ المماطلة، ما أصحب الجامح، وأضاء السماك الرامح، وعافت الماء الإبل القوامح [1] : وما سحبت في مفرق الأرض ذيلها ... خوافق ريح للسحاب لواقح إذا رفض الناس المديح وطلّقوا ... بنات العلا زفّت إليه المدائح أيام الناس شهود مختلفة الأقوال، وصنوف متباينة الأحوال، فيوم تؤرخ السير بسؤدده وسنائه، وينطق بمحامد قوم ألسنة أبنائه، ويوم يخبو في موقف الجد شهابه، ويعبق بمسك المدام إهابه، فالحمد لله الذي جعل الحضرة السامية عقال الخطوب العوارم، ونظام المحاسن والمكارم، يعتدها الزمن نسيم أصائله، وزهر خمائله، وشموس مشارقه، وتيجان مفارقه، فيجب على كلّ من ضمّ اليراعة بنانه، وأطلق في ميدان البراعة عنانه، أن لا يخلي مجلسه من مدح معروضة، وخدم مفروضة، يسهب فيها الواصف، ويوجبها الإنعام المتراصف [2] : عسى منّة تقوى على شكر منّة ... وهيهات أعيا البحر من هو راشف ولو كنت لا تولي يدا مستجدة ... إلى أن توفّى شكر ما هو سالف حميت حريم المال من سطوة الندى ... وغاضت وحاشاها لديك العوارف وكم عزمة في الشكر كانت قوية ... فأضعفها إحسانك المتضاعف   [1] م: الطوامح، وصوبته. والقوامح التي ظمئت حتى فترت. [2] لعل الأصوب: المترادف. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1009 رعى الله من عمّ البرية عدله ... فأنصف مظلوم وأومن خائف له منن في حرب خطب معاطف ... دماث وفي صدر الخطوب عواطف فكم داهل [1] هدته- نصر الله عزائمها- بعد الضلال، وحرّ استنقذته من حبائل الإقلال، ومرهق خفّفت عنه وطأة الزمن المتثاقل، وطريق [2] بوّأته من حرمها أمنع المعاقل: منازل عزّ لو يحلّ ابن مزنة [3] ... بها لسلا عما له من منازل فيا صارما يعطي وينسى عطاءه ... ولم نر سيفا ذا وفاء ونائل يكاد يفيض البرق من وجناته ... إذا ما أتاه سائل بوسائل إذا هو عرّى سيفه من غموده ... وأفضى بفضفاض من السّرد ذابل وقد صبغ النقع النهار بصبغة ... ترى ناصلا منها بياض المناصل رأيت متون الخيل تحمل ضيغما ... مرير مذاق الكيد حلو الشمائل يلذّ له طعن الكماة كأنما ... جرى الشّنب المعسول فوق العواسل [4] وكم أخرست أطرافها من غماغم ... لأقرانه واستنطقت من ثواكل من القوم لم تترك لهم عند كاشح ... طوال ردينياتهم من طوائل إذا ما سروا خلف العدوّ وهجّروا ... تظلّل من أرماحهم في ظلائل وما ذبلت يوما خميلة عزة ... إذا زرعت فيها كعوب الذوابل أوائل مجد لم يزل فاخرا بها ... تميم بن مرّ أو كليب بن وائل ثم جاءته مناقب الحضرة العلية فتمّ بها مناقب تميم، وحكم لآل القعقاع أمر حكيم، ونصر لواء بني نصر، وأبدرت أهلة بني بدر، ونبه منبه هوازن، وظهرت   [1] م: أهل؛ وصوبته. والداهل: المتحير، وربما كانت «ذاهل» . [2] طريق هنا بمعنى مطروق: وهو الضعيف (ولعلها «وطريد» ) . [3] ابن مزنة: الهلال. [4] العواسل: الرماح لأنها تعسل أي تهتز؛ م: طعم الكماة (وصوّبه النشاشيبي) . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1010 مزينة ومازن، وضحك لعبس عابس الدهر، وراحت الكلمة [1] كاملة الفخر، وزادت مغايظ الأزد، وقشرت قشيرا عن بلوغ المجد، وأغمدت سيوف بني غامد، وصارت همدان كالجمر الهامد، وعنس مذحج كالعنس [2] مذللة، وحمير بالراية الحمراء متظللة، وطوت طيء عملها استخذاء، وغضت جفنة جفونها استحياء، فحرس الله محاسن الحضرة السامية التي جباه الأنام بها موسومة، وتمم نعمها التي هي بينها وبين الناس مقسومة. ولا زالت الدولة الفاطمية تحمد عزائمها التي شهدت لها بمداومة الكفاة، وأنشرت من النصائح كلّ رميم رفات: كأنك حين ظلّ الناس عنها ... هديت إلى رضى هادي الدعاة [3] مزيل المال من ملك الاعادي ... وناظم شمله بعد الشتات سينطق بالثناء على عليّ ... وعترته المنابر صامتات فقاد له إلى بغداد قودا ... تجلّى لحمها جنب الفرات عليها كلّ داني الحلم ثبت ... سفيه [4] السيف من بعد الثبات كأنهم [وهم] [5] لحم المنايا ... يفيدون الحياة من الممات يسابقون إلى العدوّ الأعنة، فتطعن عزائمهم قبل الأسنة، ويقتدون بالحضرة السامية في خوض الرّهج، وإرخاص المهج، وتحمّل الأعباء، في موالاة أصحاب العباء [6] ؛ ولا سلب الله هذا الثغر وأهله ما وهب لهم من إنعامه الذي يتهافت إليهم متناسقا، ويعيد غصن مجدهم ناضرا باسقا: إذا ما قلى الناس السماح عشقته ... وأحسن من يسدي المكارم عاشقا   [1] الكملة جمع كامل وهم أولاد بنت الخرشب الأنمارية. [2] العنس: النوق. [3] م: الرعاة، وصوبته. [4] م: سيفه. [5] زيادة لازمة. [6] أصحاب العباء: آل الرسول. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1011 حمى الله من كيد الزمان خلائقا ... وسعت بها يا ابن الكرام خلائقا إذا أظلموا كانت شموسا طوالعا ... وان أجدبوا كانت غيوثا دوافقا وقد زار شهر الصوم ربعك صابحا ... له بأفاويق السعود وغابقا تنوّر بالقرآن أسداف ليله ... فيبيضّ منها كلّ ما كان غاسقا تأرّج من تقواك فيه لطائم ... يظلّ لها عرنين عامك ناشقا فعش أبدا ما شوهد الأفق أورقا ... وراح قضيب الأيك أخضر وارقا [1] إذا عدّ قوم للمعالي أخامصا ... عددناك تيجانا لها ومفارقا - 353- الحسن بن محمد بن الحسن بن محمد بن حمدون أبو سعد بن أبي المعالي بن أبي سعد الكاتب: قد تقدّم ذكر أبيه [2] صاحب الديوان بهاء الدين أبي المعالي وذكر عمه أبي نصر محمد بن الحسن كاتب الإنشاء. وكان أبو سعد هذا يلقب تاج الدين. مات أبو سعد هذا في حادي عشر محرم سنة ثمان وستمائة كما نذكره فيما بعد، ومولده في صفر سنة سبع وأربعين وخمسمائة. وكان رحمه الله من الأدباء العلماء الذين شاهدناهم، زكيّ النفس، طاهر الأخلاق، عالي الهمة، حسن الصورة، مليح الشبية، ضخم الجثة، كث اللحية طويلها، طويل القامة، نظيف اللبسة، ظريف الشكل. وهو ممن صحبته فحمدت صحبته وشكرت أخلاقه، وكان قد ولي عدة ولايات عاينت منها النظر في البيمارستان العضدي، وكانت هيبته فيه ومكانته منه أعظم من مكانة أرباب الولايات الكبار، لأن الناس يرونه بعين العلم   [353]- ترجمته في مختصر ابن الدبيثي 2: 23 وذيل الروضتين: 79 وعبر الذهبي 5: 27 والوافي 12: 221 وتكملة المنذري 2: 220 وهو ابن مؤلف التذكرة الحمدونية، وقد حققت منها- حتى كتابة هذه السطور- عدة أجزاء، صدر منها جزءان. ببيروت 1983- 1984. [1] م: أورقا. [2] بل سيأتي في المحمدين، ولعل «تقدم» تشير إلى ما قبل الترتيب النهائي. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1012 والبيت القديم في الرئاسة. ثم ولي عند الضرورة كتابة السكة بالديوان العزيز ببغداد، يرزق برزق مقداره عشرة دنانير في الشهر، وسألته فقلت: من هو حمدون الذي تنسبون إليه؟ أهو حمدون نديم المتوكل ومن بعده من الخلفاء؟ فقال: لا نحن من آل سيف الدولة بن حمدان بن حمدون من بني تغلب، هذا صورة لفظه. وكان من المحبين للكتب واقتنائها، والمبالغين في تحصيلها وشرائها، وحصل له من أصولها المتقنة وأمهاتها المعينة ما لم يحصل لكثير أحد، ثم تقاعد به الزمان [1] وبطل عن العمل، فرأيته يخرجها ويبيعها وعيناه تذرفان الدموع عليها كالمفارق لأهله الاعزّاء، والمفجوع بأحبابه الأودّاء، فقلت له: هوّن عليك- أدام الله أيامك- فإن الدهر ذو دول، وقد يصحب الزمان ويساعد، وترجع دولة العز وتعاود، فتستخلف ما هو أحسن منها وأجود؛ فقال: حسبك يا بني هذه نتيجة خمسين سنة من العمر أنفقتها في تحصيلها، وهب أن المال يتيسر والعمر [2] يتأخر، وهيهات، فحينئذ لا أحصل من جمعها بعد ذلك إلا على الفراق الذي ليس بعده تلاق، وأنشد بلسان الحال: هب الدهر أرضاني وأعتب صرفه ... وأعقب بالحسنى وفكّ من الأسر فمن لي بأيام الشباب التي مضت ... ومن لي بما قد مرّ في البؤس من عمري ثم أدركته منيته ولم ينل أمنيته. وكان حريصا على العلم، فجمع من أخبار العلماء، وصنّف من أخبار الشعراء، وألف كتبا كان لا يجسر على إظهارها خوفا مما طرق أباه مع شدة احتراز. وبالجملة فعاش في زمن سوء وخليفة غشوم جائر، كان إذا تنفس خاف أن يكون على نفسه رقيب يؤدي به إلى العطب، وهو كان آخر من بقي من هذا البيت القديم والركن الدعيم، ولم يخلّف إلا ابنة مزوجة من ابن الدوامي، وما أظنها معقبة أيضا. وكان مع اغتباطه بالكتب ومنافسته ومناقشته فيها جوادا باعارتها، ولقد قال لي يوما، وقد عجبت من مسارعته إلى إعارتها للطلبة: ما بخلت باعارة كتاب قط ولا أخذت عليه رهنا. ولا   [1] م: الدهر. [2] م: والأجل. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1013 أعلم أني مع ذلك فقدت كتابا في عارية قط، فقلت: الأعمال بالنيات، وخلوص نيتك في إعارتها لله حفظها عليك. وكتب بخطه الرائق الكتب الكثيرة الكبار والصغار المروية، وقابلها وصححها وسمعها على المشايخ، فكان ممن لقي من المشايخ أبو بكر محمد بن عبيد الله الزاغوني والنقيب أبو جعفر أحمد بن محمد بن العباس المكي وأبو حامد محمد بن الربيع الغرناطي، مغربيّ قدم عليهم، وأبو المعالي محمد بن محمد بن اللحاس [1] العطار ووالده أبو المعالي ابن حمدون وأبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن سليمان المعروف بابن البطي [2] ، وجماعة بعدهم كثيرة: كابن كليب الحراني [3] وابن بوش [4] وغيرهم. وروى شيئا من مسموعاته يسيرا. وكان مؤيد الدين محمد بن محمد القمي نائب الوزارة ببغداد قد خرج إلى ناحية خوزستان حيث عصى سنجر مملوك الخليفة بها حتى قبض عليه وعاد به وفي صحبته عز الدين نجاح الشرابي، فخرج الناس لتلقيه عند عوده في محرم سنة ثمان وستمائة، وكان تاج الدين في من خرج لتلقيه، وكان عبلا ترفا معتادا للدعة والراحة، ملازما لقعر داره وكان الحر شديدا والوقت صائفا، فلما انتهى إلى المدائن اشتدّ عليه الحر وتكاثف حتى أفضى به إلى التلف، فمات رحمه الله في الوقت المقدم ذكره بالمدائن، بينه وبين بغداد سبعة فراسخ، فحمل إلى بغداد ودفن بمقبرة موسى بن جعفر بباب التبن، رحمه الله ورضي عنه.   [1] م: النحاس؛ وهو أبو المعالي محمد بن محمد بن الجبان الحريمي العطار، كان صالحا ثقة، وتوفي سنة 562 وعمره أربع وتسعون سنة (عبر الذهبي 4: 179) . [2] في الوافي: محمد بن أحمد بن البطي؛ وهو خطأ؛ وابن البطي هو أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن أحمد بن سليمان البغدادي مسند العراق، توفي سنة 564 (عبر الذهبي 4: 188) . [3] هو مسند العراق أبو الفرج عبد المنعم بن عبد الوهاب الحراني الحنبلي، توفي سنة 596 (عبر الذهبي 4: 293) . [4] ابن بوش اسمه يحيى بن أسعد، توفي سنة 593 (عبر الذهبي 4: 283) . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1014 - 354- الحسن بن محمد الصغاني النحوي: ويقال صاغان من بلاد ما وراء النهر: قدم العراق وحجّ ثم دخل اليمن ونفق له بها سوق، وكان وروده إلى عدن سنة عشر وستمائة. وله تصانيف في الأدب منها: تكملة العزيزي. وكتاب في التصريف. ومناسك الحج ختمه بأبيات قالها وهي: شوقي الى الكعبة الغرّاء قد زادا ... فاستحمل القلص الوخّادة الزادا أراقك الحنظل العاميّ منتجعا ... وغيرك انتجع السّعدان وارتادا [1] أتعبت سرحك حتى آض عن كثب ... نياقها رزّحا والصعب منقادا فاقطع علائق ما ترجوه من نشب ... واستودع الله أموالا وأولادا وكان يقرأ عليه بعدن «معالم السنن» للخطابي، وكان معجبا بهذا الكتاب وبكلام مصنفه ويقول: إن الخطابيّ جمع لهذا الكتاب جراميزه [2] . وقال لأصحابه: احفظوا غريب أبي عبيد القاسم بن سلام فمن حفظه ملك ألف دينار، فإني حفظته فملكتها، وأشرت على بعض أصحابي بحفظه فحفظه وملكها. وفي سنة ثلاث عشرة وستمائة كان بمكة وقد رجع من اليمن وهو آخر العهد به. وكان الغالب عليه علم اللغة والأحاديث النبوية وصنف كتابا في اللغة سماه   [354]- ترجمة الصغاني في عبر الذهبي 5: 205 والوافي 12: 240 والفوات 1: 358 والنجوم الزاهرة 7: 26 ومرآة الجنان 4: 121 وبغية الوعاة 1: 519 والشذرات 5: 250 والجواهر المضية 1: 201 والعقد الثمين 4: 176 وإشارة التعيين: 98 والبلغة: 63 والبدر الطالع 1: 210 والفوائد البهية: 63 وقد رفعت بعض المصادر في نسبه فهو الحسن بن محمد بن الحسن بن حيدر بن علي الصغاني ولقبه رضي الدين وكنيته أبو الفضائل وهو قرشي عدوي عمري حنفي المذهب؛ وهو مصنف مجمع البحرين والعباب الزاخر (وهذا الثاني طبعت منه أجزاء) وقال الذهبي إنه ولد بمدينة لوهور سنة 577 ونشأ بغزنة ودخل بغداد ... وكانت وفاته سنة 650 وقد ذكر الصفدي عددا كبيرا من مؤلفاته. [1] م: والرادا؛ والحنظل العاميّ: الذي أتى عليه عام. [2] جمع له جراميزه: استعدّ له وشمر عن ساق. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1015 «مجمع البحرين» جمع له فيه ما لم يجمع لأحد من أهل هذا العلم، وله من الفضائل ما شاع وذاع وما نرى ذكر له شيء في ذلك [1] . - 355- الحسن بن المظفر النيسابوري، أبو علي: أديب نبيل شاعر مصنف، ذكره أبو أحمد محمود بن أرسلان في «تاريخ خوارزم» فقال: مات أبو علي الحسن بن المظفر الأديب الضرير النيسابوري ثم الخوارزمي في الرابع من شهر رمضان سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة، وأثنى عليه ثناء طويلا زعم فيه أنه كان مؤدب أهل خوارزم في عصره ومخرّجهم وشاعرهم ومقدمهم والمشار إليه منهم، وهو شيخ أبي القاسم الزمخشري [2] قبل أبي مضر، وله نظم ونثر وتصانيف، وذكر أن له ولدا اسمه عمر وكنيته أبو حفص أديب فقيه فاضل، وله شعر منه: سبحان من ليس في السماء ولا ... في الأرض ندّ له وأشباه أحاط بالعالمين مقتدرا ... أشهد أن لا إله إلا هو وخاتم المرسلين سيدنا ... أحمد ربّ السماء سماه أشرقت الأرض بعد بعثته ... وحصحص الحقّ من محياه ومات أبو حفص هذا في شعبان سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة. ووجدت للحسن بن المظفر من التصانيف: كتاب تهذيب ديوان الأدب. وكتاب تهذيب إصلاح المنطق. وكتاب ذيله على تتمة اليتيمة لم أقف على اسمه. كتاب ديوان شعره مجلدتان. كتاب ديوان رسائله. كتاب محاسن من اسمه الحسن. كتاب زيادات أخبار خوارزم.   [355]- ترجمته في الوافي 12: 271 (ولم يذكره في نكت الهميان) وبغية الوعاة 1: 526. [1] وكان الغالب ... من ذلك: زيادة من (ر) . [2] توفي ابن المظفر هذا قبل أن يولد الزمخشري بسنوات. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1016 نقلت من الكتاب الذي وصل به «تتمة اليتيمة» وذكر فيه أشياء من شعره ورسائله ختم بها كتابه وهو أنه قال: الحسن بن المظفر النيسابوري مؤلف الكتاب نيسابوري المحتد خوارزمي المولد، وممن كان عارفا بنفسه غير مفتون بنظمه ونثره، فإنه سلك طريق أبي منصور الثعالبي رحمه الله فيما أورده من شعره في آخر كتاب «تتمة اليتيمة» ، فأورد نبذا مما يستحسن من كلامه ويستبدع من نظامه: فمن نثره الساذج رقعة له: عرّف الله الشيخ الرئيس بركة شهر رمضان، ووفقه من طاعته لما يكتسب به العفو والغفران، ولولا العذر الواقع من الوحول، لقصدت مجلسه أعلاه الله بالتهنئة والتسليم، وقضاء حقه العظيم، هذا أدام الله تمكينه وعهدي به يعدّني من جملة عياله، ويخصّني كلّ وقت بأفضاله، فليت شعري لم عدل إلى الفطام عن ذلك الانعام؟ فإن كان نسيان فقد جاءه ذكري، وإن كان هجران فحاشاه من هجري. وله من أخرى: الشيخ يسترقّ الأحرار بعوائد فضله وبواديه، حتى لا حرّ بواديه [1] . ومن نظمه: أهلا بعيش كان جدّ موات ... أحيا من اللذات كلّ موات أيام سرب الأنس غير منفّر ... والشمل غير مروّع بشتات عيش تحسّر ظلّه عنّا فما ... أبقى لنا شيئا سوى الحسرات ولقد سقاني الدهر ماء حياته ... والآن يسقيني دم الحيّات لهفي لأحرار منيت بفقدهم [2] ... كانوا على غير الزمان ثقاتي قد زالت البركات عنّي كلّها ... بزيال سيدنا أبي البركات ركن العلا والمجد والكرم الذي ... قد فات في الحلبات أيّ فوات فارقت طلعته المنيرة مكرها ... فبقيت كالمحصور في الظلمات   [1] أخذه من المثل: لا حرّ بوادي عوف. [2] الوافي: ببعدهم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1017 أضحي وأمسي صاعدا زفراتي ... لفراقه متحدرا عبراتي وأنشد فيه لنفسه: جبينك الشمس في الأضواء والقمر ... يمينك البحر في الإرواء والمطر وظلّك الحرم المحفوظ ساكنه ... وبابك الركن للقصّاد والحجر وسيبك الرزق مضمون لكلّ فم ... وسيفك الأجل الجاري به القدر أنت الهمام بل البدر التمام بل ... السيف الحسام الهذام الصارم الذكر وأنت غيث الأنام المستغاث به ... إذا أغارت على أبنائها الغير وأنشد لنفسه: أريّا شمال أم نسيم من الصّبا ... أتانا طروقا أم خيال لزينبا أم الطالع المسعود طالع أرضنا ... فأطلع فيها للسعادة كوكبا [1] قال أبو علي الضرير: رأيت ابن هودار في المنام بعد موته فقلت له: لقد تحوّلت من دار إلى دار، فهل رأيت قرارا يا ابن هودار؟ قال: فأجابني لا بل وجدت عذابا لا انقطاع له ... مدى الليالي وربا غير غفّار ومنزلا مظلما في قعر هاوية ... قرنت فيها بكفّار وفجار فقل لأهلي موتوا مسلمين فما ... للكافرين لدى الباري سوى النار - 356- الحسن بن ميمون النصري: أحد بني نصر بن قعين بن طريف بن أسد بن خزيمة، روى عنه محمد بن النطاح، وكان أخباريا عارفا. ذكره محمد بن إسحاق وقال: له من الكتب كتاب الدولة. كتاب المآثر.   [356]- الوافي 12: 281 (والاعتماد على الفهرست: 121) . [1] م: للسعاد كواكبا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1018 - 357- الحسن بن وهب بن سعيد بن عمرو بن حصين بن قيس بن قنان [1] بن متى، أبو علي الكاتب السديد العالم: ولي الولايات الجليلة، وتقلد الأعمال النبيلة، وكان يكتب أولا لمحمد بن عبد الملك الزيات الوزير وولي ديوان الرسائل. وسليمان بن وهب الوزير هو أخوه. مات الحسن بن وهب في آخر أيام المتوكل بالشام وهو يتقلد البريد بنواحيها ومولده سنة ست وثمانين ومائة. قال محمد بن إسحاق النديم [2] : كتب قنان بن متى جد الحسن ليزيد بن أبي سفيان أخي معاوية لما ولي الشام من قبل عمر بن الخطاب، ثم كتب لأخيه معاوية بعده، ثم وصله معاوية بابنه يزيد وفي أيامه مات، فاستكتب يزيد ابنه قيس بن قنان ثم كتب قيس بعد يزيد لمروان بن الحكم، ثم لابنه عبد الملك، ثم لهشام بن عبد الملك، وفي أيامه مات، فاستكتب هشام ابنه الحصين بن قيس ثم استكتبه من بعده إلى أيام مروان، وخرج معه إلى مصر، فلما قتل مروان صار ابن هبيرة إلى المنصور وأخذ للحصين أمانا، فخدم المنصور والمهديّ، وتوفي مع المهدي في طريق الريّ، فاستكتب المهدي ابنه عمرا، ثم كتب لخالد بن برمك، ثم توفي وخلّف سعيدا، فما زال في خدمة آل برمك، وتحرك ابنه وهب فكتب بين يدي جعفر بن يحيى، ثم صار في جملة ذي الرياستين الفضل بن سهل، فكان ذو الرياستين يقول: عجبت لمن معه وهب كيف لا تهمه نفسه، فلما قتل الفضل استكتبه أخوه الحسن بن سهل بعده، وقلّده كرمان وفارس فأصلحها، ثم وجّه به إلى المأمون في رسالة من فم الصّلح، فغرق في طريقه بين بغداد وفم الصلح، وكتب ابنه   [357]- ترجمة الحسن بن وهب في الفهرست: 136 والأغاني: 22، 533، والسمط: 506 وابن خلكان 2: 15- 18 ومصورة ابن عساكر 4: 604 وتهذيب ابن عساكر 4: 256 والوافي 12: 297 والفوات 1: 367 (ولم ترد في طبعة دار المأمون) . [1] م: قيان. [2] الفهرست: 136. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1019 سليمان بن وهب للمأمون وهو ابن أربع عشرة سنة، ثم كتب لإيتاخ التركي، ثم لأشناس التركي، وكانا عظيمي القدر، ثم ولي وزارة المعتمد على الله. وللحسن ولسليمان ابني وهب شعر مليح ورسائل بليغة مدونة؛ قال المرزباني: بنو وهب أصلهم نصارى من خسرو سابور من أعمال واسط، تعلقوا بنسب في اليمن في بني الحارث بن كعب، وكان عبيد الله وابنه القاسم يدفعان ذلك. والحسن بن وهب هو القائل [في بنات جارية محمد بن حماد كاتب] راشد، وغنّت عليها: سأكرم نفسي عنك حسب إهانتي ... لها فيك إن قرّت وكفّ نزاعها [1] هي النفس ما كلّفتها قطّ خطة ... من [الأمر] إلا قلّ عنها امتناعها صدقت لعمري أنت أكبر همّها ... فما جهدها إذ قلّ منك انتفاعها وقال في رواية المرزباني أيضا: أما الفراق فحين جدّ ترحلت ... مهج النفوس له عن الأجساد من لم يبت والبين يصدع قلبه ... لم يدر كيف تفتّت الأكباد قال بعضهم: مررت بقبر الحسن بن وهب بدمشق وعليه مكتوب [2] : مقيم بالمجازة من قنونا ... وأهلك بالأجيفر والثماد [3] ألا فاصبر [4] فكلّ فتى سيأتي ... عليه الموت يطرق أو يغادي قال الصولي: كان من أول أمر الحسن بن وهب اتصاله بمحمد بن عبد الملك الزيات في آخر أيام المأمون، وكان محمد يلي النفقات وغير ذلك، ثم علا أمره في أيام المعتصم فكان لا يبرح من داره إلى أن وزر ابن عمار للمعتصم، وكان محمد بن عبد الملك ينوب عنه، وأمّر محمد على الكتابة الحسن بن وهب.   [1] م: مراعها. [2] البيتان لكثير، ديوانه: 222 ومعجم البلدان 4: 1007 والأغاني 12: 173- 174. [3] البيت في م: شديد الاضطراب. [4] الديوان: فلا تبعد. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1020 ولما نكب الواثق سليمان بن وهب، كما هو مذكور في بابه، قال الحسن بن وهب [1] : خليليّ من عبد المدان تروّحا ... ونصّا صدور العيس حسرى وطلّحا فإن سليمان بن وهب بمنزل ... أصاب صميم القلب [مني فأقرحا] أسائل عنه الحارسين بحسبه ... إذا ما أتوني [كيف أمسى وأصبحا] وكتب إلى أخيه سليمان وهو بالحبس، ونكبه الواثق [2] : اصبر أبا أيوب صبرا يرتضى ... فإذا جزعت من الخطوب فمن لها الله يفرج بعد ضيق كربها ... ولعلها أن تنجلي ولعلها وقال وقد رآني فارغا من الهوى والشرب: نراك فارغا في هذا اليوم، فقال: نعم، ولذلك لا أعده من عمري: إذا كان يومي غير يوم مدامة ... ولا يوم فتيان فما هو من عمري وإن كان معمورا بعود وقهوة ... فذلك مسروق لعمري من الدهر وكان أشد الناس شغفا ببنات جارية محمد بن حماد، فجاءت يوما إليه وهو مخمور، فسلمت عليه وقبلت يده، فأراد تقبيل يدها فارتعش فقال: أقول وقد حاولت تقبيل كفها ... وبي رعدة أهتزّ منها وأسكن فديتك إني أشجع الناس كلهم ... لدى الحرب إلا أنني عنك أجبن وكان في أهل الحسن بن وهب عجوز اسمها منى، فعذلته في بنات هذه، فأحضرها مجلسه وسمعت غناءها، فقال الحسن: ويوم سها عنه الزمان فأصبحت ... نواظره قد حار عنها بصيرها خلوت بمن أهوى به فتكاملت ... سعودا ودار النحس عنها مديرها أما تعذريني يا منى في صبابتي ... بمن وجهها كالشمس يلمع نورها فقالت: لست أعاود لومك بعدها.   [1] الأغاني 22: 537، (535) . [2] ما سيجيء حتى آخر الترجمة مأخوذ عن المختصر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1021 وحدث أحمد بن سليمان بن وهب قال: رآني عمي الحسن وأنا أبكي لفراق بعض من ألفته، فقال وجوّد: ابك فما أنفع ما في البكا ... لأنه للوجد تسهيل وهو إذا أنت تأملته ... حزن على الخدين محلول وحدث أيضا قال قال لي عمي في يوم غيم: اكتب إلى فلان فادعه، فأطلت الخطاب، فقال دع ذاك واكتب: بحسن هذا الضباب ... وحرمة الأصحاب وطيب يوم التلاقي ... بطاعة الأحباب إلّا أطعت رسولي ... وكنت أنت جوابي وكتب الحسن إلى مالك بن طوق في حاجة: كتابي هذا بخطي بعد أن فرّغت له ذهني، فما ظنك بحاجة هذا موقعها مني؟ فإن أحسنت لم أقصر في الشكر، وإن قصرت لا أقبل العذر. ولأحمد بن الدورقي يهجو الحسن بن وهب: لا بدّ يا نفس من سجودي ... للقرد في دولة القرود هبت لك الريح يا ابن وهب ... فخذ لها أهب ة الركود وللحسن بن وهب: بنفسي وأهلي فاتن الطرف فاتره ... محكمة أجفانه ومحاجره يباشر خدي خده فكأنني ... بناظر أحشائي وقلبي أباشره وقيل: كان على باب الحسن مسجد يصلى فيه أيام، فاتفق أن بنات التي كان يتعشقها جاءت إليه واشترطت عليه أن تمضي وقت صلاة عشاء الآخرة، فكتب إلى الإمام: قل لداعي الصلاة أخّر قليلا ... قد قضينا حقّ الصلاة طويلا ليس في ساعة تؤخرها إث ... م يجازى بها وتحيي قتيلا وتراعي حق المودة فينا ... وتعافى من أن تكون ثقيلا فحلف أن لا يؤذن العتمة شهرا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1022 - 358- الحسن بن وهب الموصلايا، أبو علي، الكاتب المجرد النصراني: أصله من الموصل، كاتب ديوان الإنشاء في أيام القائم والمعتمد، وكان يكتب خطا [يحكي] خطّ أبي عبد الله ابن مقلة. مات سنة سبع وعشرين وأربعمائة. - 359- الحسن بن يسار البصري: هو الحسن بن أبي الحسن البصري الفقيه القارىء العابد المشهور، مات في سنة عشر ومائة، وهو مولى أم سلمة، يكنى أبا سعيد، وكان مولده لسنتين خلتا من خلافة عمر رضي الله عنه، فعمره ست وتسعون سنة. وقيل إنه كان من سبي ميسان، سبي لما فتحها المغيرة بن شعبة في عهد عمر رضي الله عنه. وقيل إنّ عرض زنده كان شبرا. وكان يتكلم في شيء من القدر ثم رجع عنه، وكان يأتيه أصحابه فيقولون له: يا أبا سعيد، إن هؤلاء الملوك يسفكون دماء المسلمين ويأخذون الأموال ويقولون: إنما نجري على قدر الله عز وجل، فيقول: كذبوا أعداء الله. كان فصيحا بليغا زاهدا عابدا عالما عاملا واعظا صادقا قائلا فاعلا، تؤخذ عنه فنون الشرع، ويشبه رؤبة بن العجاج في فصاحة لهجته، وكان أوحد زمانه في معناه. وقيل ليونس: أتعرف أحدا يعمل مثل عمل الحسن؟ فقال: والله ما أعرف أحدا يقول مثل قوله فكيف يعمل بعمله؟! وقال: كان إذا أقبل فكأنه أقبل من دفن حميمه، وإذا جلس فكأنه أسير يضرب   [358]- ترجمة ابن الموصلايا من المختصر. [359]- ترجمة الحسن البصري في ابن خلكان 2: 69 وحيلة الأولياء 2: 131- 161 وطبقات ابن سعد 7: 156 وذكر أخبار أصبهان 1: 254 وطبقات الشيرازي: 68 والوافي 12: 306 وطبقات الجزري 1: 235 والشذرات 1: 136؛ وأخباره وأقواله منثورة في كتب الأدب، وانظر كتابي الحسن البصري (القاهرة 1952) وكتاب الحسن البصري مفسرا لأحمد البسيط (عمان 1985) والحسن البصري لمصلح بيومي (القاهرة 1980) وهذه الترجمة من المختصر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1023 عنقه، وإذا ذكرت له النار فكأنها لم تخلق إلا له، وكان من فزعه قوله الحقّ عند من يخاف شرّه. قيل: وكان الحسن ابن جارية لأمّ سلمة، فكانت أم سلمة تبعث بأمه في الحاجة، فتأخذه أم سلمة وترضعه، فيرون أن تلك الحكمة إنما كانت من لبن أم سلمة. قال الشيخ: أم سلمة هذه ليست أمّ المؤمنين زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلّم، تلك أم سلمة بنت أمية بن المغيرة المخزومية، وهذه أمّ سلمة بنت مطية بن عامر بن كعب بن سلمة، كانت عند زيد بن ثابت. قال حماد بن زيد: جالست الحسن أربع سنين فما سألته عن شيء هيبة له. وقيل إنه أدرك من الصحابة مائة وثلاثين. وكان بعض الأعراب يجالس الحسن ولا يسأله عن شيء، فقال له يوما: ما أراك تسأل شيئا من أمر دينك، فقال: مهما جهلت فقد علمت ... بأنني عبد أموت والناس في طلب الغنى ... وغناؤهم في ما يفوت شاءوا لغيرهم ونا ... دوا والقبور هي البيوت فكان الحسن يتمثل بهذه الأبيات غدوة وعشية. قيل: كان بين الحسن البصري وبين ابن سيرين هجرة، فكان إذا ذكر ابن سيرين يقول: دعونا من ذكر الحاكة؛ وكان بعض أهل سيرين حائكا. فرأى الحسن في منامه كأنما [هو] عريان قائما على مزبلة يضرب بالعود، فأصبح مهموما برؤياه، فقال لبعض أصحابه: امض إلى ابن سيرين فقصّ عليه رؤياي على أنك أنت رأيتها، فدخل على ابن سيرين وذكر له الرؤيا، فقال له ابن سيرين: قل لمن رأى هذه الرؤيا لا يسأل الحاكة عن مثل هذا، فأخبر الرجل الحسن بمقاله فعظم لديه وقال: قوموا بنا إليه، فلما رآه ابن سيرين قام له وتصافحا وسلّم كلّ واحد منهما على صاحبه وجلسا يتعاتبان، فقال له الحسن: دعنا من هذا فقد شغلت الرؤيا قلبي، فقال له ابن سيرين: لا تشغل قلبك فإن العري عريّ من الدنيا، ليس عليك منها علقة، وأما الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1024 المزبلة فهي الدنيا قد انكشفت لك أحوالها، فأنت تراها كما هي في ذاتها، وأما ضربك العود فإنها الحكمة التي تتكلم بها وتنفع بها الناس. فقال له الحسن: فمن أين لك أني رأيت هذه الرؤيا؟ قال ابن سيرين: لما قصّها عليّ فكرت فلم أر أحدا يصلح أن يكون رآها غيرك. قيل: فقد أصحاب الحسن الحسن فجعلوا يطلبونه حتى وجدوه جائيا من خارج البصرة فقالوا: يا أبا سعيد أين كنت فقد طال طلبنا لك؟ فقال: كنت عند إخوان لي جلست إليهم، إن قمت عنهم لا يغتابوني، وإن جلست إليهم ذكّروني، قال: فنظرنا فإذا هو قد جاء من الجبانة. وقيل له: فلان في النزع، قال: وما معنى النزع؟ قالوا: خروج النفس، قال: هو في هذا منذ خلق. وكتب عمر بن عبد العزيز إلى الحسن أن عظني، فكتب إليه: أما بعد فلو كان لك عمر نوح وملك سليمان وتفنن إبراهيم وحكمة لقمان فإن وراءك عقبة وهي الموت، ومن ورائها داران إن أخطأتك هذه صرت إلى هذه، والسلام. وقيل إنه كان ممن خرج مع ابن الأشعث على الحجاج وولى معه. وكتب للربيع بن زياد والي خراسان، وكتب لأنس بن مالك بسابور. - 360- الحسن بن يحيى بن أبي منصور المنجم: كان فاضلا أديبا شاعرا، مات في سنة تسع وتسعين ومائتين في أيام المقتدر، لما مات أخوه علي بن يحيى رثاه ابن المعتز بقصيدة، فكتب الحسن إلى ابن المعتز: قرأت لك يا مولاي شعرا رثيت به وليّك المحبّ لك القائل بفضلك، أخي، فبعثني استحسانه على أن أجيب عنه بجواب إن قصّرت فيه فلم تقصّر نيتي ومحبتي وإخلاصي، وقد كتبت به إليك آخر كتابي هذا، واجترأت على إجابتك ثقة بفضلك أن لا تصرف عيبا إن أتى به وليّك إلا إلى الذي هو أجمل، وهو:   [360]- هذه الترجمة من المختصر ولم ترد في م. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1025 لا قطعت الأيام إلا بعيش ... ترتضيه ونعمة وسرور وأطال الاله عمرك للعلم ... وطلّابه وجبر الكسير يا ضياء ذلّت له الشمس والبد ... ر ونورا أوفى على كلّ نور يا جمال الدنيا ويا زينة الملك ... ومفتاح كلّ أمر عسير يا كريما يفوق كلّ كريم ... وجوادا يفيض فيض البحور قد نظمت الأبيات نظم مجيد ... ونسجت القريض نسج قدير ورثيت الميت الذي كان في ودّ ... ك مستبصرا صحيح الضمير قائلا بالذي يقول به الأحرار ... من بثّ فضلك المشكور ناصح الجيب صادعا فيك بالحقّ ... بمدح محبّر مشهور أينما كنت فهو منك قريب ... في مقام أزمعته أو مسير لا تبالي إذا بقيت سليما ... أن ترى في جوار أهل القبور وقليل لك المديح وأن ند ... عو لك الله بالبقا والحبور وتكون النفوس منا فدا نف ... سك من كلّ حادث محذور فكتب إليه ابن المعتز: لئن جذّ منه الموت فرع أراكة ... فمزق ظلّ الودّ منه فعرّاني لقد نشرت أوراق آخر بعده ... عليّ فعاد الظلّ منه فغطاني ومن شعر الحسن بن يحيى: رأيت الهلال على وجهه ... فلم أدر أيهما أنور سوى أن ذاك بعيد المزار ... وهذا قريب لمن ينظر وذاك يغيب وذا حاضر ... وما من يغيب كمن يحضر ونفع الهلال قليل لنا ... ونفع الحبيب لنا أكثر الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1026 - 361- الحسن بن يعقوب بن أحمد بن محمد أبو بكر الأديب ابن الأديب: كان أستاذ أهل نيسابور في عصره. كان عالما في الاعتزال داعيا إلى الشيعة. رأيت شيئا من خطه وصورة سماع تاريخه سنة سبع عشرة وخمسمائة وفيها مات. - 362- الحسن بن أبي المعالي بن مسعود بن الحسين أبو علي الحلّي المعروف بابن الباقلاني النحوي: ولد سنة ثمان وستين وخمسمائة، وهو أحد أئمة العربية في العصر، سمع من أبي الفرج أبن كليب وغيره، وقرأ العربية على أبي البقاء العكبريّ، واللغة على أبي محمد ابن المأمون [1] ، وقرأ الكلام والحكمة على الامام نصير الدين الطوسي [2] ، وانتهت إليه الرياسة في هذه الفنون وفي علم النحو، وأخذ فقه الحنفية عن أبي المحاسن يوسف بن إسماعيل اللمغاني [3] الحنفي، ثم انتقل إلى مذهب الإمام الشافعي، وكان ذا فهم ثاقب وذكاء وحرص على العلم، وكان كثير المحفوظ، وكتب الكثير بخطه، ذا وقار مع التواضع ولين الجانب، لقيته ببغداد سنة ثلاث وستمائة وكان آخر العهد به.   [361]- ترجمته في الوافي 12: 308 ولسان الميزان 2: 259 وما أثبته هنا نص المختصر، والترجمة موجزة، ولكن الصفدي لم يصرّح بنقله عن ياقوت، وإنما نقل عن دمية القصر، ولذلك لم أغير في نص المختصر. [362]- ترجمته في تلخيص مجمع الالقاب 4/3: 151 والوافي 12: 273 والجواهر المضية 1: 205 وبغية الوعاة 1: 526 وفيه «الحسن بن معالي» وكانت وفاته سنة 637؛ وفي ابن الفوطي أنه توفي سنة 683 والأغلب أن هذا ابن المترجم هنا. [1] هو أبو محمد عبد الله بن أحمد بن المأمون. [2] في الوافي أنه قرأ الكلام على النصير الطوسي وقرأ الحكمة على المسعودي غلام عمر بن سهلان الساوي. [3] م: الدامغاني؛ الوافي: اللامغاني. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1027 - 363- أبو الحسن البوراني النحوي: ذكره محمد بن إسحاق [1] في نحاة المعتزلة ووصفه بالتدقيق في مسائل الكتاب لسيبويه، وكان من طبقة أبي علي الفارسي. - 364- الحسين بن إبراهيم بن أحمد النطنزي أبو عبد الله النحوي اللغوي: منسوب إلى نطنزة، بليد بنواحي أصبهان، مات سنة سبع [2] وتسعين وأربعمائة، وكان يلقب بذي اللسانين، قرأ عليه أبو سعد السمعاني، وأنشد من شعره: قالوا يزورك أحمد وتزوره ... قلت الفضائل لا تفارق منزله إن زارني فبفضله أو زرته ... فلفضله فالفضل في الحالين له وله: أيا لهفي على زمن التصابي ... إذ الرشأ الرشيق لنا عشيق وغصن شبابنا غضّ وريق ... ونقل شرابنا عضّ وريق [3] - 365- الحسين بن إبراهيم بن خطاب أبو عبد الله: أحد العلماء البلغاء الفضلاء   [363]- ترجمته في بغية الوعاة 1: 527. [364]- ترجمة النطنزي في إنباه الرواة 1: 320 والأنساب واللباب (النطنزي) والوافي 12: 319 وبغية الوعاة 1: 528 وهذه الترجمة من المختصر، وأورد له في الوافي عددا غير قليل من المقطعات. [365]- ترجمته في الوافي 12: 316 وسير الذهبي 20: 295 ولسان الميزان 2: 272 وذكر الصفدي أنه كان صاحب الخبر بالديوان الزمامي وكان كاتبا حاذقا؛ أنشأ احدى وخمسين مقامة حاكى بها بديع الزمان وصنف كتاب «جوامع الانشاء» وكان يلقب «خطير الدولة» . وقد سقطت هذه الترجمة من م ووردت في المختصر. [1] لم أعثر على ذكر له في الفهرست. [2] الوافي: تسع. [3] الشطران معكوسان في الوافي. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1028 الثقلاء [1] . بغداديّ الأصل والمنشأ، قرأ الأدب على أبي زكريا يحيى بن علي التبريزي وتخرّج به، وسمع مصنفاته. مات سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة. - 366- الحسين بن أحمد بن محمد السلامي أبو علي البيهقي الحواري، الأديب المؤرّخ: مات في سنة ثلاثمائة، وهو من تلاميذ إبراهيم بن محمد البيهقي، وكان أبو بكر الخوارزمي من تلاميذه. فمن شعره من قصيدة: لهفي على عمر أفنيته هدرا ... في خدمة لك لم أكسب به غنما ما اعتضت من طول أيامي التي سلفت ... في صحبتي لك إلا الخسر والندما لأجشمنّ اختراق الأرض ذا خبب ... يشجّ بي في بعادي دونك الأكما محوّلا عنك آمالي برمّتها ... مستغنيا بعطاء الله معتصما حتى يهيّء ربّ العرش لي سببا ... في حين لا ذلة أخشى ولا غرما فالحرّ يبذل دون الذلّ مهجته ... والعبد يخنع مهما ضيم واهتضما الله يعقب من يرجوه خير غنى ... والله أعون ذي نصر لمن ظلما ومن أبيات: فراقكم أبقى بقلبي حرارة ... وضاق بها عنّي مقامي ومقعدي وكيف يطيب العيش لي في مغيبكم ... وأنتم منى نفسي وغاية مقصدي ورد أبو القاسم جعفر بن الحسين الأطروش العلوي المقلب بالناصر جرجان مستوليا عليها، وكان أديبا شاعرا خطيبا ومعه ابن أبي دهمان الأديب، فقال ابن أبي   [366]- ترجمة السلامي هذه من المختصر؛ وأرجح أنه أبو علي السلامي الذي ترجم له الثعالبي في اليتيمة 4: 95 فهو بيهقي وهو مؤرخ وله كتاب في أخبار ولاة خراسان. [1] كذا، ولعلها النبلاء. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1029 دهمان يوما للسلامي: إن الناصر مائل إليك مقرّب لك فضل تقريب، فأهد إليه من قولك هدية تكون لك عنده تحية، فأنفذ إليه السلامي بهذين البيتين: شكا الدين والجود حاليهما ... فأشكاهما الله بالناصر فأيّد ركن الهدى بالتقى ... وعمّ الورى بالندى الغامر فلما دخل السلاميّ من الغد إلى أبي القاسم قال: قد حملوا إليّ هديتك وتحيتك، ووجدت حروفها قليلة جامعة، ومعانيها جليلة رائعة، كالجوهر الخفيف وزنه الغالي ثمنه، فبرّك بها عندنا مقبول، وحبلك موصول، وذمامك محفوظ. فقال السلامي: إيها أيها السيد، قد زينت تلك الهدية بجميل وصفك، وشهّرتها بلطيف رصفك، وأعطيتني بها غاية الأعطية، وحبوتني بها نهاية الأحبية، فما ربح أحد من متحلّي [1] هذه الصناعة ما ربحته على هذه الصناعة، فعمل مبرور، وسعي مشكور، فأنا بحسن العوض مغمور، وبكريم المثوبة مبهور، فالتفت أبو القاسم إلى من حضره وقال: لا يكمل الفضل للمذكور بالحسب ... إلا بزينة فضل العلم والأدب - 367- الحسين بن أحمد بن خالويه بن حمدان أبو عبد الله اللغوي النحوي: من كبار أهل اللغة والعربية أصله من همذان، ودخل بغداد طالبا للعلم سنة أربع عشرة   [367]- ترجمة ابن خالويه في الفهرست: 92 وإنباه الرواة 1: 324 (وفيه الحسين بن محمد) ويتيمة الدهر 1: 107 ونزهة الألباء: 214 وابن خلكان 2: 178 وطبقات ابن الجزري 1: 237 وعبر الذهبي 2: 356 والبداية والنهاية 11: 297 والوافي 12: 323 وبغية الوعاة 1: 529 ولسان الميزان 2: 267 ومرآة الجنان 2: 394 وطبقات السبكي 3: 269 والشذرات 3: 71 وطبقات الداودي 1: 148 والنجوم الزاهرة 4: 139 وروضات الجنات 3: 152 وقد أضاف المختصر زيادات كثيرة إلى الترجمة التي وردت في الأصل. [1] ر: مستحلي. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1030 وثلاثمائة فلقي فيها أكابر العلماء وأخذ عنهم، فقرأ القرآن على الإمام ابن مجاهد، والنحو والأدب على أبي بكر ابن دريد وأبي بكر ابن الأنباري ونفطويه، وأخذ اللغة عن أبي عمر الزاهد، وسمع من محمد بن مخلد العطار وغيره، وقرأ على أبي سعيد السيرافي وأخذ عنه المعافى بن زكريا النهرواني وآخرون، وانتقل إلى الشام ثم إلى حلب فاستوطنها ونفق بها سوقه وتقدم في العلوم حتى كان أحد أفراد عصره، وكانت الرحلة إليه من الآفاق، واختصّ بسيف الدولة بن حمدان فحظي لديه ونفق عليه وأفضل عليه أفضالا، وعاش في بلهنية إلى أن مات في سنة احدى وسبعين وثلاثمائة، وقرأ عليه آل حمدان وكانوا يجلونه ويكرمونه فانتشر علمه وفضله وذاع صيته، وله مع أبي الطيب المتنبي مناظرات. ودخل يوما على سيف الدولة فلما مثل بين يديه قال له: اقعد ولم يقل اجلس، قال ابن خالويه: فعلمت بذلك اعتلاقه بأهداب الأدب، واطّلاعه على أسرار كلام العرب. (قلت: قال ابن خالويه هذا لانه يقال للقائم اقعد وللنائم والساجد اجلس) . وقال أبو عمرو الداني في «طبقات القراء» : كان ابن خالويه عالما بالعربية حافظا للغة بصيرا بالقراءة ثقة مشهورا روى عنه غير واحد من شيوخنا: عبد المنعم بن غلبون والحسن بن سليمان وغيرهما. وروي أنّ رجلا جاء إلى ابن خالويه وقال له أريد أن أتعلّم من العربية ما أقيم به لساني فقال: أنا منذ خمسين سنة أتعلم النحو فما تعلمت ما أقيم به لساني. وذكر ابن خالويه في «أماليه» [1] أن سيف الدولة سأل جماعة من العلماء بحضرته ذات ليلة: هل تعرفون اسما ممدودا وجمعه مقصور فقالوا لا، فقال لي: ما تقول أنت؟ قلت: أنا أعرف اسمين، قال: ما هما؟ قلت: لا أقول لك إلا بألف درهم لئلا تؤخذ بلا شكر وهما صحراء وصحارى وعذراء وعذارى. وقال: سمعت ابن الأنباري يقول: اللئيم الراضع الذي يتخلّل ويأكل خلاله. وقال: حدثنا نفطويه عن أبي الجهم عن الفراء أنه سمع أعرابيا يقول: قضت   [1] ينقل ابن العديم عن أمالي ابن خالويه في أماكن مختلفة من بغية الطلب، وقد وردت هذه القصة في 1: 24. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1031 علينا السلطان، قلت: السلطان يذكر ويؤنث والتذكير أعلى، ومن أنثه ذهب به إلى الحجة. وحكى عن أبي عمر الزاهد أنه قال في معنى قوله صلى الله عليه وسلم: «إذا أكلتم فرازموا» أي افصلوا بين اللقمة والطعام باسم الله تعالى. وحكى عنه أبو بكر الخوارزمي وهو من تلامذته أنه قال: كل عطر مائع فهو الملاب، وكل عطر يابس فهو الكباء، وكل عطر يدق فهو الألنجوج. وكان إذا تكلم قصد التقعير في كلامه، واستعمل وحشيّ اللغة: وجدت على ظهر كتاب بإسناد مرفوع إلى أحمد بن كاشقر قال: جئت أبا عبد الله ابن خالويه فلما نظرني من بعيد قال لي: ما تبغي من علومنا نحوا أم لغة؟ فقلت: لا أحرم شيئا، فقال: اجعل حندورتك في قهبلي، وخذ المزبر بشناترك، فلا أنغو بنغوة إلا جعلتها في حماطة جلجلانك، ونحّ الكنفشة على الحذنّة، واجعل اللّمص في العرين [1] ، واشرب ثم اشرب. فقلنا: إن رأى الأستاذ، أيده الله، أن يأمر غلامه بإسراج الشمعة فقد ادلهمّ النهار فاندفع، فقال [2] : حدثنا أبو العباس الأرزق قال: جئت الشافعي رحمة الله عليه، فقلت له: يا أبا عبد الله تتحقق هذا الفقه فتأخذ الجوائز عليه، والأرزاق السنية، ونحن، فليس لنا إلا هذا الشعر وقد جئت تداخلنا فيه، والآن جئتك بأبيات قلتها إن أجزتها ببيت من الشعر فلك الحكم، وإن عجزت عنها تتوب. فقال لي الشافعي: إيه، قال أبو العباس: فأنشدته: ما همتي إلا مقارعة العدا ... خلق الزمان وهمتي لم تخلق والناس أعينهم إلى سلب الغنى ... لا يسألون عن الحجى والأولق لكنّ من رزق الحجى حرم الغنى ... ضدان مفترقان أيّ تفرّق لو كان بالحيل الغنى لوجدتني ... بنجوم أقطار السماء تعلقي فقال الشافعي، رضي الله عنه: ألا قلت كما أقول ارتجالا:   [1] كذا ورد؛ ولعله: العرش. [2] القصة (بإيجاز) والشعر في طبقات السبكي 1: 304- 305 وفيه عياش الأزرق. وانظر ديوان الشافعي (يكن) : 132- 133 ومناقب الشافعي: 198. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1032 إن الذي رزق اليسار ولم يصب ... حمدا ولا أجرا لغير موفّق فالجدّ يدني كلّ أمر شاسع ... والجدّ يفتح كلّ باب مغلق فإذا سمعت بأن مجدودا أتى ... عودا فأورق في يديه فصدّق ومتى سمعت بأن مجدودا حوى ... ماء ليشربه فغاض فحقق ومن الدليل على القضاء وكونه ... بؤس اللبيب وطيب عيش الأحمق تفسير غريب هذه الحكاية: الحندورتان: العينان. والقهبل: الوجه. والمزبر: القلم. والشناتر: الأصابع. ولا أنغو نغوة: أي لا ألفظ بلفظة إلا جعلتها في حماطة جلجلانك: يعني في سويداء قلبك. والكنفشة: العمامة. والحذنّة: الأذن. واللمص: الفالوذ. والعرين: اللهوات. واشرب: احفظ. واشرب: اجعله في وعاء. قيل: حضر المتنبي مجلس أبي علي الحسن بن نصر البازيار وزير سيف الدولة، وهناك ابن خالويه، فتماريا في أشجع السلمي وأبي نواس، فقال ابن خالويه: أشجع أشعر إذ قال في هارون الرشيد [1] : وعلى عدوّك يا ابن عمّ محمد ... رصدان ضوء الصبح والإظلام فإذا تنبّه رعته وإذا غفا ... سلّت عليه سيوفك الأحلام فقال المتنبي: لأبي نواس ما هو أحسن من هذا، قوله في آل برمك [2] : لم يظلم الدهر إذ توالت ... فيهم مصيباته دراكا كانوا يجيرون من يعادي ... منه فعاداهم لذاكا ثم قال المتنبي: أبو نواس أشهر في الدنيا من الدنيا: قل للذي قاس به غيره ... أقست يسراك إلى اليمنى فابك على عقلك من نقصه ... بكاء قيس من هوى لبنى نقلت من خطّ ابن خالويه في نسخة كتاب كتبه إلى سيف الدولة يخبره بما يقرىء ولديه: أبا المكارم وأبا المعالي، قال في أثنائه: فإن قيل لنا كيف صرّفت الفعل من   [1] انظر اشجع السلمي: 253. [2] لم أجدهما في ديوان أبي نواس. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1033 بسم الله، والأسماء لا تتصرف حيث قلت: لقد بسملت ليلى غداة لقيتها ... فيا حبذا ذاك الحبيب المبسمل فالجواب أنّ العرب فعلت ذلك في سبع كلمات شذّت وكثر استعمالهم إياهن، وهن: بسمل إذا قال: بسم الله، وحمدل إذا قال: الحمد لله، وحيعل إذا قال: حيّ على الفلاح، وجعفل إذا قال: جعلت فداك، وحولق: إذا قال: لا حول ولا قوة إلا بالله. وأما حوقل الشيخ فمعناه دنا للفناء إذا ادرهمّ [1] وخرف وصار همّا إنقحلا [2] ونيّف على المائة شررى قال الراجز: يا قوم قد حوقلت أو دنوت والحرف السابع: هيلل إذا قال: لا إله إلا الله، لا ثامن لها. قال المؤلف، رفق الله به: الذي ذكره ابن خالويه سبعة، ونسي الثامن وهو حسبل إذا قال: حسبنا الله. وفي الخبر المنقول من خطّه ما يدلّ على أن ابن خالويه جاوز المائة من عمره، والله أعلم. ومما مدح به ابن خالويه: إن غاب عنّا شخص سيبويه ... وثعلب أو فاد نفطويه فنحن نغنى بابن خالويه ... زمام هذا الأمر في يديه ومرجع الحكم بنا إليه ... أثني بما أعلمه عليه وكتب إلى سيف الدولة في أول رقعة: أصبحت كالوالد البرّ الرحيم بنا ... وهل يخاف جفاء الوالد الولد يا غرة الدين إنّ الناس قد علموا ... أن لا يقوم بهم إلا بك الأود لولا تراث [من الإسلام] وسطهم ... لكفّروا لك معذورين أو سجدوا قال كمال الدين أبو القاسم عمر بن أحمد بن هبة الله بن أبي جرادة أدام الله علوه: وجدت بخطّ بعض أصحاب ابن خالويه على جزء، وعليه خطه: سأل سيف   [1] ادرهمّ: سقط من الكبر. [2] انقحلا: يبس، وفي الأصل: انخلا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1034 الدولة جماعة من العلماء بحضرته ذات ليلة: هل تعرفون اسما ممدودا وجمعه مقصور؟ فقالوا: لا. فقال: يا ابن خالويه، ما تقول أنت؟ فقال: أنا أعرف اسمين [ممدودين] وجمعهما مقصور. قال: ما هما؟ قال: صحراء وصحارى وعذراء وعذارى. فلما كان بعد شهر كتبت إليه: إني قد أصبت حرفين آخرين ذكرهما الجرمي في كتاب [التثنية والجمع] وهما صلفاء وصلافى، وهي الأرض الغليظة، وخبراء وخبارى، وهي أرض فيها ندوة. فلما كان بعد عشرين سنة من هذا الحديث: أمليت هذه الأحرف على أبي القاسم العقيقي، أيده الله، فلما مضى إلى دمشق كتبت إليه: إنه بإقبال الشريف ويمنه لما استعبر [ت] هذه الأحرف وجدت حرفا خامسا ذكره ابن دريد في «الجمهرة» وهو سبتاء وسباتى وهي الأرض الخشنة [1] . ومن شعر ابن دريد يصف برد همذان [2] : إذا همذان اعتادها القرّ وانثنى ... برغمك أيلول وأنت مقيم فعينك عمشاء وأنفك سائل ... ووجهك مسوّد البياض بهيم وأنت أسير البرد تمشي تعلة ... على [الأين] تحبو مرة وتقوم بلاد إذا ما الصيف أقبل جنّة ... ولكنها عند الشتاء جحيم قرأت بخط ابن خالويه نسخة كتاب إلى سيف الدولة: ذكر الله أكبر، والشعر أحقر وأصغر، وثناء الله أسنى وأشرف، وبقاؤه أولى وأطرف، ومديح مولانا سنّة بل واجب فرض: ملك كأنّ الله قبل كتابه ... أعطاه مما شاء فوق مراده أحيا الندى كرما ونفّق محسنا ... بالجود سوق العلم بعد كساده وسما بهمّته التي لو أنها ... للصبح ما انتفع الدجى بسواده فالدهر حين يصول من خدّامه ... والبدر حين يلوح من حسّاده ألف الثناء فما يقرّ نداه من ... إتهامه في الأرض أو إنجاده   [1] انظر كتاب «ليس» : 131. [2] لا معنى لورود شعر ابن دريد هنا إلا أن يكون مما رواه ابن خالويه ولم ترد الابيات في ديوان ابن دريد (جمع ابن سالم) أو لعله أراد ابن خالويه فوهم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1035 والمجد ليس يصون طارفه امرؤ ... ما لم يهن بالجود عزّ تلاده من لم ينل رتب العلاء لنفسه ... لم يعلم الميراث من أجداده أعطى فخلنا الغيث من سؤّاله ... وسطا فقلنا الموت من أنجاده هو غاية الأمل الذي ما خلفه ... طلب لطالبه ولا مرتاده فإذا دهيت من الزمان فواله ... وإذا سئمت من الزمان فعاده ولابن خالويه من التصانيف كتاب أسماء الأسد، ذكر له فيه خمسمائة اسم. وكتاب إعراب ثلاثين سورة [1] . وكتاب البديع في القراءات [2] . وكتاب اشتقاق خالويه. وكتاب ليس وهو كتاب جيد نفيس [3] يدل على سعة علم مؤلفه، وذاك أنه يقول: ليس في كلام العرب على مثال كذا إلا كذا، وهذا تحكم عظيم. وكتاب الاشتقاق. وكتاب الجمل في النحو. وكتاب أطرغش وأبرعش. وكتاب في القراءات [4] . وكتاب المبتدأ. وكتاب المقصور والممدود. وكتاب المذكر والمؤنث. وكتاب شرح مقصورة ابن دريد. وكتاب شرح السبع الطوال. وكتاب الألفات. وكتاب الآل، ذكر في أوله ان الآل ينقسم إلى خمسة وعشرين قسما وذكر فيه الأئمة الاثني عشر ومواليدهم ووفياتهم. وكتاب في غريب القرآن قيل إنه صنّف في خمس عشرة سنة. وكتاب ديوان أبي فراس ابن حمدان جمعه وذكر فيه جملة من أخباره وفسر أشعاره [5] . وكتاب الأفق فيما تلحن فيه العامة. وكتاب شرح الفصيح، وغير ذلك [6] .   [1] ظهر عن مطبعة دار الكتب سنة 1941. [2] نشر منه «مختصر في شواذ القرآن» بعناية برجشتراسر، مصر 1934، وقد نقل ابن العديم خاتمة هذا الكتاب في بغية الطلب 4: 259. [3] لعلّ آخر تحقيق له تمّ على يد أحمد عبد الغفور عطار، مكة المكرمة 1979 وقد تعقب هذه الطبعة د. محمود جاسم محمد الدرويش في كتابه: ابن خالويه وجهوده في اللغة (بغداد) ص 39- 80. [4] لعله «الحجة» حققه د. عبد العال سالم مكرم (بيروت 1977) . [5] ورد بعض هذا الشرح في الطبعة التي أصدرها الدكتور سامي الدهان رحمه الله، وفي نقول ابن العديم زيادات عما ورد في تلك الطبعة. [6] حقق الدكتور محمود جاسم محمد الدرويش لابن خالويه شرح مقصورة ابن دريد في كتابه «ابن خالويه وجهوده في اللغة» . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1036 ومن شعره: الجود طبعي ولكن ليس لي مال ... فكيف يبذل من بالقرض يحتال فهاك خطّي فخذه اليوم تذكرة ... إلى اتساعي فلي في الغيب آمال وقال: إذا لم يكن صدر المجالس سيدا ... فلا خير في من صدّرته المجالس وكم قائل ما لي رأيتك راجلا ... فقلت له من أجل أنك فارس وقال: أيا سائلي عن قدّ محبوبي الذي ... كلفت به وجدا وهمت غراما رأى قصر الأغصان ثم رأى القنا ... طوالا فأضحى بين ذاك قواما - 368- الحسين بن أحمد بن يعقوب بن يوسف بن داود بن سليمان المعروف بابن دمينة: مصنف كتاب «الإكليل» [1] وهو الكتاب المؤلف في أنساب حمير وأيام ملوكها، عظيم القدر والفائدة يشتمل على عشرة فنون: الفن الأول في اختصار المبتدأ وأصول أنساب العرب والعجم، وأنساب ولد حمير. الفن الثاني: في نسب ولد الهميسع بن حمير. الفن الثالث: فضائل قحطان إلى عهد أبي كرب أسعد الكامل، وهو الأوسط. الفن الخامس: في السيرة الوسطى من عهد أبي كرب إلى عهد ذي نواس. الفن السادس: في السيرة الآخرة من عهد ذي نواس إلى عهد الإسلام. الفن   [368]- وردت له ترجمتان من قبل (302، 303) باسم: الحسن بن أحمد بن يعقوب، ويلاحظ هنا أنه وصف محتويات الاكليل ولكن أغفل الجزء التاسع، وهو يضمّ «النقوش» ، وهذا يعني أن النساخ من بعد أهملوه لعجزهم عن نسخه؛ وكذلك أغفل الحديث عن محتويات الجزء الرابع. [1] قال مختار هذه الأجزاء: لست بصدد ذكر هذه الكتب المصنفة، وإنما ذكر هذا الكتاب العظيم الشأن يجب، لأنه من غرائب الكتب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1037 السابع: في التنبيه على الأخبار الباطلة والحكايات المستحيلة. الفن الثامن: في ذكر قصور حمير وحكمها وحروبها. الفن العاشر: في معارف همدان، وفي أثناء هذا الكتاب جمل حسان من حساب القرانات وأوقاتها، ونبذ من علم الطبيعة وأحكام النجوم، وآراء الأوائل في قدم العالم وحدوثه، واختلافهم في أدواره وفي تناسل الناس ومقادير أعمارهم، وغير ذلك. وله بعد هذا تواليف حسان، ومات في سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة. - 369- الحسين بن أحمد الزوزني النحوي الضرير أبو عبد الله: ويخاطب بالقاضي. مات في سنة ست وثمانين وأربعمائة ومن مليح منظومه: فتى لا يقتني غير المعالي ... ولا يرضى سوى العلياء جارا حوى من كلّ مكرمة نصيبا ... فأنجد في العلوم كما أغارا فلو كانت مكارمه هلالا ... لما لاقى محاقا أو سرارا ولو كانت فضائله نجوما ... لما رضيت لها الفلك المدارا ولو كانت شمائله شمولا ... لما ألقت لساريها الخمارا مصنفاته: كتاب المصادر. كتاب القانون في علم الأصول. كتاب «شرح نحو أبي الحسن الضرير النحوي» . كتاب شرح السبع الطوال. - 370- الحسين بن أحمد بن بطويه أبو عبد الله النحوي: لا أعلم من أمره شيئا. ومما أنشدت من شعره:   [369]- ترجمة الزوزني هذه من المختصر، ولم يترجم له الصفدي في نكت الهميان، وهذا قد يعني عدم ورودها في الوافي أيضا. وهو شارح المعلقات السبع، وشرحه طبع كثيرا، ومخطوطاته كثيرة جدا. [370]- ترجمته في الوافي 12: 330 (وهو ينقل عن ياقوت) وبغية الوعاة 1: 529. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1038 وماذا عليهم لو أقاموا فسلموا ... وقد علموا أني مشوق متيّم سروا ونجوم الليل زهر طوالع ... على أنهم في الليل للناس أنجم وأخفوا على تلك المطايا مسيرهم ... فنمّ عليهم في الظلام التبسم وقال: وإذا الدرّ زان حسن وجوه ... كان للدرّ حسن وجهك زينا وتزيدين أطيب الطيب طيبا ... إن تمسيه أين مثلك أينا وحدث أبو عبد الله نفطويه قال [1] : كنت بالكوفة ملازما للشريف أبي علي عمر بن محمد بن عمر فقدم علينا فتى من أهل الحجاز أديب ظريف، وقصد أبا علي وتردد إليه ونادمه، وكان يقول شعرا مطبوعا فخاطبته في معناه وقلت له: هذا فتى غريب وقد دخل دارك وتحرّم بطعامك، فبرّه وتفقده فقال: ما مدحني، فقلت: ليس الرجل منتدبا لهذا، وإنما يقول الشعر تأدّبا لا تكسبا ولعلك إذا أحسنت إليه أن يقول؛ فأعرض عني، ونقل المجلس إلى الرجل فحضرني واستخبرني عما جرى فذكرته له وجمّلت الحال. فقال: قد بلغني الحال على وجهه، والله يحسن جزاءك، وأنشدني: عثمان يعلم أن الحمد ذو ثمن ... لكنه يشتهي حمدا بمجّان والناس أكيس من أن يحمدوا رجلا ... حتى يروا عنده آثار إحسان وانصرف من الكوفة وكان آخر عهدي به.   [1] هذه الحكاية من المختصر، ولا أدري لم أوردها في ترجمة ابن بطويه إلا أن تكون مما رواه ابن بطويه؛ أو كتب نفطويه بدلا من بطويه سهوا. وصاحب المختصر يحذف السند في كثير من الأحيان. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1039 - 371- الحسين بن أحمد بن محمد بن جعفر بن محمد المعروف بابن الحجاج الكاتب الشاعر أبو عبد الله: شاعر مفلق، قالوا إنه في درجة امرىء القيس، لم يكن بينهما مثلهما، وإن كان جلّ شعره [مبنيّا على] مجون وسخف. وقد أجمع أهل الأدب على أنه مخترع طريقته في الخلاعة والمجون ولم يسبقه إليها أحد ولم يلحق شأوّه فيها لاحق، قدير على ما يريده من المعاني [التي هي] الغاية في المجون مع عذوبة الألفاظ وسلاستها. وله مع ذلك في الجدّ أشياء حسنة لكنها قليلة، ويدخل شعره في عشر مجلدات أكثره هزل مشوب بألفاظ المكدين والخلديين والشطّار ولكنه يسمعه أهل الأدب على علاته، ويتفكهون بثمراته، ويستمحلون بنات صدره المتهتكات، ولا يستثقلون حركاتهن لخفتها وان بلغت في الخفة غاية الغايات. وإني لأقول كما قال أبو منصور [1] : لولا قول إبراهيم بن المهدي إن جدّ الأدب جدّ وهزله هزل، لصنت كتابي هذا عن مثل هذا المجون، وحديث كله ذو شجون. ولقد مدح الملوك والأمراء، والوزراء والرؤساء، فلم يخل شعره فيهم مع هيبة المقام من هزل وخلاعة. فلم يعدّوه مع ذلك من الشناعة. وكان عندهم مقبولا مسموعا غالي المهر والسعر، وكان يتحكم على الأكابر والرؤساء بخلاعته. ولا يحجب عن الأمراء والوزراء مع سخافته: يستقبلونه بالبشاشة والاكرام، ويقابلون إساءته بالاحسان والانعام. وناهيك برجل يصف نفسه بمثل قوله [2] :   [371]- ترجمة ابن حجاج في تاريخ بغداد 8: 14 ويتيمة الدهر 3: 31 والامتاع 1: 137 والمنتظم 7: 216 وابن خلكان 2: 168 وعبر الذهبي 3: 50 والبداية والنهاية 11: 329 والوافي 12: 331 ومرآة الجنان 2: 444 ومطالع البدور 1: 39 والشذرات 3: 136 وروضات الجنات 3: 158؛ وهذه الترجمة دخيلة على معجم الأدباء، لأن المؤلف جعل للشعراء معجما آخر، ويبدو أن كثيرا من تراجم الجزء الرابع (بحسب طبعة مرغوليوث) إنما هي في الأصل من «معجم الشعراء» كما قال الأستاذ مصطفى جواد رحمه الله، بحقّ، وسأشير إلى ذلك بإيجاز في التراجم اللاحقة. [1] يتيمة الدهر 3: 31- 32. [2] اليتيمة 3: 33. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1040 رجل يدّعي النبوّة في السّخ ... ف ومن ذا يشك في الأنبياء جاء بالمعجزات يدعو إليها ... فأجيبوا يا معشر السخفاء حدث السنّ لم يزل يتلهّى ... علمه بالمشايخ الكبراء خاطر يصفع الفرزدق في الشع ... ونحو ينيك أمّ الكسائي غير أني أصبحت أضيع في القو ... م من البدر في ليالي الشتاء وقوله في وصف شعره [1] : بالله يا أحمد بن عمرو ... تعرف للناس مثل شعري شعر يفيض الكنيف منه ... من جانبي خاطري وفكري [2] فلفظه منتن المعاني ... كأنه فلتة بجحر لو جدّ شعري رأيت فيه ... كواكب الليل كيف تسري وإنما هزله مجون ... يمشي به في المعاش أمري وقال [3] : فإنّ شعري ظريف ... من بابة الظرفاء ألذّ معنى وأشهى ... من استماع الغناء وقال [4] : إن عاب ثعلب شعري ... أو عاب خفة روحي خريت في باب أفعل ... ت من كتاب الفصيح وقال في الأمير عز الدولة بختيار [5] : فديت وجه الأمير من قمر ... يجلو القذى نوره عن البصر   [1] المصدر نفسه. [2] اليتيمة: ونحري. [3] اليتيمة 3: 32. [4] اليتيمة 3: 33. [5] اليتيمة 3: 48. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1041 فديت من وجهه يشكّكني ... في أنّه من سلالة البشر إن زليخا لو أبصرتك لما ... ملّت إلى الحشر لذة النظر ولم تقس يوسفا إليك كما ... نجم السّهى لا يقاس بالقمر وكان يا سيدي قميصك إن ... هربت منها ينقدّ من دبر بل وحياتي لو كنت يوسفها ... لم تك من تهمة العزيز بري لأنني عالم بأنك لو ... شممت ريّا نسيمها العطر سبقتها وانزبقت تتبعها ... ما بين تلك البيوت والحجر وقد علمنا بأن سيدنا ال ... أمير ممن يقول بالبظر ولم تكن تلك تشتكي أبدا ... ما كان من يوسف من الحذر طبعك كالماء في سهولته ... لكن أبو الزبرقان من حجر إن الملوك الشباب ما خلقوا ... إلا صلاب الفياش والكمر وقال يشكو سوء حاله وبعث بها إلى ابن العميد [1] : فداؤك نفس عبد أنت مولى ... له يرجوك يا خير الموالي حديثي منذ عهدك بي طويل ... فهل لك في الأحاديث الطوال فاني بين قوم ليس فيهم ... فتى ينهي إلى الملك اختلالي فلحمي ليس تطبخه قدوري ... وحوتي ليس تقليه المقالي ومائي قد خلت منه حبابي ... وخبزي قد خلت منه سلالي وكيسي الفارغ المطروح خلفي ... بعيد العهد بالقطع الحلال أفكّر في مقامي وهو صعب ... وأصعب منه عن وطني ارتحالي فبي مرضان مختلفان حالي ال ... عليلة منهما تمسي بحال إذا عالجت هذا جفّ كبدي ... وان عالجت ذاك ربا طحالي   [1] اليتيمة 3: 57. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1042 وقال في مثل ذلك أيضا [1] : يا سيد الناس عشت في نعم ... تأوي إليها موابذ العجم بديهتي في الخصام حاضرة ... أشهر في الفيلقين من علم والخطّ خطي كما تراه ولا ال ... زهرة بين القرطاس والقلم هذا وخبزي حاف بلا مرق ... فكيف لو ذقت لذة الدسم ما لي وللحم إنّ شهوته ... قد تركتني لحما على وضم وما لحلقي والخبز يجرحه ... بالملح يشكو مرارة اللقم وقال في مثل ذلك [2] : خليلي قد اتسعت محنتي ... عليّ وضاقت بها حيلتي عذرت عذاري في شيبه ... وما لمت إذ شمطت لمتي إلى كم يخاصمني دائما ... زماني المقبّح في عشرتي تحيّفني ظالما غاشما ... وكدّر بعد الصفا عيشتي وكنت تماسكت فيما مضى ... فقد خانني الدهر في مسكتي إلى منزل لا يواري إذا ... تربعت فيه سوى سوأتي مقيما أروح إلى حجرة ... كقبري وما حضرت ميتتي إذا ما ألمّ صديقي به ... على رغبة منه في زورتي فرشت له فيه بسط الحديث ... من باب بيتي إلى صفّتي ومعدته في خلال الكلام ... تشكو خواها إلى معدتي وقد فتّ في عضدي ما به ... ولكن به غلبت علتي وأغدو غدوّا مليّا بأن ... يزيد به الله في شقوتي فأيّة دار تيمّمتها ... تيمّم بوابها حجبتي   [1] اليتيمة 3: 61- 62. [2] اليتيمة 3: 58- 59. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1043 وإن أنا زاحمت حتى أموت ... دخلت وقد زهقت مهجتي فيرفعني الناس عند الوصول ... إليهم وقد سقطت عمتي وإن نهضوا بعد للإنصراف ... أسرعت في إثرهم نهضتي وإن قدّموا خيلهم للركوب ... خرجت فقدمت لي ركبتي وفي جمل الناس غلمانهم ... وليس سوائي في جملتي ولا لي غلام فأدعو به ... سوى من أبوه أخو عمّتي وكنت مليحا أروق العيون ... قبلا فقد قبحت خلقتي وقوّسني الهمّ حتى انطويت ... فصرت كأني أبو جدّتي وكان المزيّن فيما مضى ... تكسّر أمشاطه طرتي وكنت برأس كلون الغداف ... فقد صرت أصلع من فيشتي ويا ربّ بيضاء رود الشباب ... كانت تحنّ إلى وصلتي فصارت تصدّ إذا أبصرت ... مشيبي وتغضب من صلعتي على أنني قلت يوما لها ... وقد أمضت العزم في هجرتي دعي عنك ما فوقه عمّتي ... فإن جمالي ورا تكّتي هنا لك شيء يسرّ العيون ... طويل عريض على دقّتي وقال [1] : ويحكم يا كهول أو يا شيوخ ال ... فسق أو يا معاشر الفتيان اشربوها حمراء مما اقتناها ... آل دير القابون للقربان بكؤوس كأنها ورق النس ... رين فيها شقائق النعمان اشربوها وكلّ إثم عليكم ... إن شربتم بالرطل في ميزان في ليال لو أنها دفعتني ... وسط ظهري وقعت في رمضان   [1] الوافي 12: 337. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1044 وقال يستهدي أبا تغلب ابن حمدان فرسا [1] : اسمع المدح الذي لو قيل في ... أحد غيرك قالوا سرقا جاء يستهديك مهرا أدهما ... يركب الفارس منه غسقا كالدجى تبصر من غرّته ... فوق أطباق دجاه فلقا جلّ ان يلحق مطلوبا ومن ... طلب الرّيح عليه لحقا فتراه واقفا في سرجه ... يتلظّى من ذكاه قلقا فإذا طاب به المشي مضى ... وهو كالرّيح يشقّ الطرقا كالسحاب الجون إلا أنه ... ليس يسقي الأرض إلا عرقا جمع الأمرين يعدو المرطا ... في مدى السبق ويمشي العنقا واستدعاه الوزير للخروج معه إلى القتال فقال من قصيدة [2] : يا سائلي عن بكاي حين رأى ... دموع عيني تسابق المطرا ساعة قيل الوزير منحدر ... أسرع دمعي وفاض منحدرا وقلت يا نفس تصبرين وهل ... يعيش بعد الفراق من صبرا شاورته والهوى يفتّته ... والرأي رأي الصواب قد حضرا أهوى انحداري والحزم يكرهه ... وتارك الحزم يركب الغررا لأنني عاقل ويعجبني ... لزوم بيتي وأكره السفرا الخيش نصف النهار يعجبني ... والماء بالثلج باردا خصرا والشرب في روشني أقول به ... كيما أرى الماء منه والقمرا ولا أقود الخيل العتاق بلى ... أسوق بين الأزقة البقرا من كلّ جاموسة لعنبلها ... رأس بقرنيه يفلق الحجرا قد نفخ الشحم جوفها فغدا ... كأنه بطن ناقة عشرا   [1] اليتيمة 3: 101. [2] اليتيمة 3: 45- 46. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1045 تركض مثل الحصان نافرة ... ومن يردّ الحصان إن نفرا أحسن في الحرب من صفوفكم ... غدا قعودي أصفّف الطّررا هيهات أن أحضر القتال وأن ... ترى بعينيك فيه لي أثرا بل الذي لا يزال يعجبني ال ... دبيب بالليل خائفا حذرا الدفّ عند الصباح دبدبتي ... وبوقي النّاي كلّما زمرا هذا اعتقادي وهكذا أبدا ... أرى لنفسي وأنت كيف ترى ومن مقطعاته [1] : ملك لو لم يكن من ملكه ... غير دار وشّحت بالنّعم لو رمى شداد فيها طرفه ... زهّدته بعدها في إرم وقال: صنعت في دارك فوّارة ... أغرقت في الأرض بها الأنجما فاض على نجم السّهى ماؤها ... فأصبحت أرضك تسقي السّما وقال [1] : واستوف عمر الدهر في نعمة ... دون مداها موقف الحشر مصيبة الحاسد في مكثها ... مصيبة الخنساء في صخر وقال [1] : هذا حديثي تنمي عجائبه ... بكثرة القال فيه والقيل أعجزني دفنه فشاع كما ... أعجز قابيل دفن هابيل وقال [2] : قد وقع الصلح على غلّتي ... واقتسموها كارة كاره لا يفلس البقال إلا إذا ... تصالح السّنّور والفاره   [1] اليتيمة 3: 52، 51، 51. [2] وردت المقطعات هذه في اليتيمة 3: 54، 56، 82، 92، 92، 103، 48، 52. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1046 وقال: عجبت من الزمان وأيّ شيء ... عجيب لا أراه من الزمان يصادر قوت جرذان عجاف ... فيجعله لأوعال سمان وقال: يا رائحا في داره غاديا ... بغير معنى وبلا فائده قد جنّ أضيافك من جوعهم ... فاقرأ عليهم سورة المائده وقال: فديت من لقّبني مثل ما ... لقبته والحقّ لا يغضب إن قلت يا عرقوب خادعتني ... يقول لم نفسك يا أشعب وقال: قد قلت لما غدا مدحي فما شكروا ... وراح ذمّي فما بالوا ولا شعروا «عليّ نحت القوافي من معادنها ... وما عليّ إذا لم تفهم البقر» وقال: الصبح مثل البصير نورا ... والليل في صورة الضرير فليت شعري بأيّ رأي ... يختار أعمى على بصير وقال: إن بني برمك لو شاهدوا ... فعلك بالغائب والشاهد ما اعترف الفضل بيحيى أبا ... ولا انتمى يحيى إلى خالد وقال: مولاي يا من كلّ شيء سوى ... نظيره في الحسن موجود إن كنت أذنبت بجهلي فقد ... أذنب واستغفر داود ولطائف ابن الحجاج كثيرة وفيما أوردناه منها كفاية. توفي يوم الثلاثاء سابع عشري جمادى الآخرة سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة، ودفن في بغداد عند مشهد موسى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1047 الكاظم بن جعفر الصادق رضي الله عنهما، وكان أوصى أن يدفن عند رجليه ويكتب على قبره وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ (الكهف: 18) وكان من كبار شعراء الشيعة، وقد رآه بعض أصحابه في المنام بعد موته فقال له: ما حالك؟ فأنشد: أفسد سوء مذهبي ... في الشعر حسن مذهبي لم يرض مولاي علي ... سبّي لأصحاب النبي ورثاه الشريف الرّضيّ الموسوي بقصيدة ارتجلها حين أتاه نعيه فقال [1] : نعوه على ضنّ قلبي به ... فلله ماذا نعى الناعيان رضيع صفاء [2] له شعبة ... من القلب مثل رضيع اللبان بكيتك للشّرّد السائرات ... تعبث [3] ألفاظها بالمعاني مواسم ينهلّ منها الحيا [4] ... بأشهر من مطلع الزبرقان جوائف تبقى أخاديدها ... عماقا وتعفو ندوب الطعان [5] تبضّ إلى اليوم آثارها ... بأحمر من عاند الطعن قاني [6] قعاقعهنّ تشنّ الحتوف ... إذا هنّ أوعدن لا بالشنان وما كنت أحسب أن المنون ... تفلّ مضارب ذاك اللسان لسان هو الأزرق القعضبيّ ... تمضمض في ريقه الأفعوان [7] له شفتا مبرد الهالكيّ ... أنحى بجانبه غير واني [8] إذا لزّ بالعرض مبراته ... تصدّع صدع الرّداء اليماني   [1] ديوان الشريف الرضي 2: 441- 442. [2] الديوان: ولاء. [3] الديوان: تعبق. [4] الديوان: تعلط منها الجباه، وتعلط: توسم، والزبرقان: القمر. [5] الجوائف: جمع جائفة وهي الطعنة تنفذ في الجوف، يشبه شعره بها. [6] تبضّ: تنزف، العاند: العرق الذي لا يرقأ دمه. [7] القعضبي: الشديد، شبهه بالنصل. [8] الهالكي: الحداد. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1048 يرى الموت أن قد طوى مضغة ... ولم يطو إلا غرار السنان فأين تسرّعه للنضال ... وهبّاته للطوال اللّدان يشلّ الجوائح شلّ السياط ... ويلوي الجوامح ليّ العنان فإن شاء كان حران الجماح ... وإن شاء كان جماح الحران يهاب الشجاع غذاميره ... على البعد منه مهاب الجبان [1] وتعنو الملوك له خيفة ... إذا راع قبل اللظى بالدّخان وكم صاحب كمناط الفؤاد ... عناني من يومه ما عناني قد انتزعت من يديّ المنون ... ولم يغن ضمّي عليه بناني فزال زيال الشباب الرطيب ... وخانك يوم لقاء الغواني ليبك الزمان طويلا عليك ... فقد كنت خفّة روح الزمان - 372- الحسين بن الحسن بن واسان بن محمد أبو القاسم الواساني الدمشقي توفي سنة أربع وتسعين وثلاثمائة شاعر مجيد برع وبرز في الهجاء، وله فيه نفس طويل، فهو في عصره كابن الرومي في زمانه، وله أهاج كثيرة في ابن القزاز لعداوة تأصّلت بينهما، وكان هجاؤه له سببا لعزل الواساني عن عمله. ومن أجود شعره قصيدته النونيّة التي وصف بها دعوة عملها في خمرايا من قرى دمشق قال [2] :   [372]- هذه الترجمة أيضا موضعها «معجم الشعراء» وترجمة الواساني في اليتيمة 1: 351 وفيه «الحسين بن الحسين بن واسانة» وذكره صاحب جمهرة الاسلام: 158 وسمّاه «الحسين بن محمد» وأورد له قصيدة طويلة في هجاء الفصيصي، مطلعها: ويلك يا وجه الخشب ... يا جرذا بلا ذنب [1] الغذامير: الغضب. [2] اليتيمة 1: 355- 364. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1049 من لعين تجود بالهملان ... ولقلب مدلّه حيران يا خليليّ أقصرا عن ملامي ... وارثيا لي من نكبتي وارحماني ومتى ما ذكرت دعوة أبنا ... ء [1] البغايا والعاهرات الزواني فانتفا لحيتي وجزّا سبالي ... وبنعل الكنيف فاستقبلاني ما الذي ساقني لحيتي إلى حتفي ... وما غالني وماذا دهاني من عذيري من دعوة أو هنت عظمي ... وهدّت بوقعها أركاني كنت في منظر ومستمع منها ... ومن ذا ينجو من الحدثان [2] فنزت بطنتي وهاجت على نفسي ... بلاء ما كان في حسباني كان عيشي صاف فكدّره أهل ... صفائي بنو أبي صفوان فارثوا لي يا معاشر الناس من ضرّي ... ومن طول محنتي وامتحاني ضرب البوق في دمشق ونادوا ... لشقائي في سائر البلدان النفير النفير بالخيل والرّجل ... إلى قفر ذا الفتى الواساني جمعوا لي الجموع من جيل جيلا ... ن وفرغانة ومن ديلمان ومن الروم والصقالب والتر ... ك وبعض البلغار واليونان ومن الهند والأعاجم والبر ... بر والكيلجوج والبيلقان لم يحاشوا ممن عددت من الآ ... فاق من مسلم ولا نصراني والبوادي من الحجاز إلى نج ... د معدّيّها مع القحطاني كلّ شكل ما بين حدب وحول ... وأصمّ والعمي والعوران [3] وشيوخ قبّ البطون [4] وشبّا ... ن رحاب الأشداق والمصران   [1] اليتيمة: أولاد. [2] اليتيمة: يغتر بالحدثان. [3] روايته في اليتيمة: كل ضرب فمن طوال ومن حد ... ب قصار والحول والعوران [4] اليتيمة: مثل الفراخ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1050 كل ذي معدة تقعقع جوعا ... وهو شاكي السلاح بالأسنان [1] كل ذي اسم مستغرب أعجميّ ... منعت صرف إسمه علتان [2] كمرند وطغتكين وطرخا ... ن وكسرى وخرّم وطوغان وخمار وزيرك وخوند ... ومميش وطشتم وجوان وطراد وجهبل وزناد ... وشهاب وعامر وسنان غمر جمّعوا بغير عقول ... وازعات عنّي [3] ولا أديان هل سمعتم بمعشر جمعوا الخي ... ل وساروا بالرّجل والفرسان رحلوا من بيوتهم ليلة المر ... فع من أجل أكلة مجان شره بارد وحرص على الأكل ... فويلي من معشر مجّان لست أنسى مصيبتي يوم جاءو ... ني وقد ضاق عنهم الواديان وردوا ليلة الخميس علينا ... في خميس ملء الربى والمغاني متوال كالسيل لا يلتقي منه ... لفرط انتشاره الطرفان أشرفوا بي على زروع وأحطا ... ب وبيت بخيره ملآن لبن قارس وخبز طريّ ... وقدور تغلي على الداركان [4] وشواء من الجداء ومعلو ... ف دجاج وفائق الحملان وشراب ألذّ من زورة المعشوق ... بعد الصدود والهجران يخجل الورد في الروائح والطعم ... ويحكي شقائق النعمان أذكرتني جيوشهم يوم جاءو ... ني بيوم الكلاب والرّحرحان يقدم القوم أرحبيّ [5] هريت ال ... شدق رحب المعى طويل اللسان هو نمس الدجاج والبطّ والو ... ز وذئب النعاج والخرفان   [1] معد جوعت ثلاثين يوما ... بسلاح شاك من الأسنان [2] سقط هذا البيت من اليتيمة. [3] اليتيمة: قمش جمعوا ... ردعتهم عني. [4] الداركان: نوع من الخشب. [5] اليتيمة: هاشمي. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1051 بسواد من عظمه طبّق الأر ... ض وخيل يهوين كالظلمان وأبو القاسم الكبير على طر ... ف كميت أقبّ كالسرحان وأخوه الصغير يعترض الخي ... ل على قارح عريض اللبان وهما يهويان بالساق والرج ... ل إلى ما يسوءني مسرعان والسريّ الذي سرى في جيوش ... أضعفتني وقصّرت من عناني بفم واسع وشدق رحيب ... وبكفّ تجول كالصولجان وأخوه الفضل الذي بان للعا ... لم من فضله شفا النقصان [1] والشموليّ خلقه خلق حمّا ... ل عريض الأكتاف عبل الجران لستّ أنساه جاثيا جاحظ العي ... ن عبوسا في صورة الغضبان كالعقاب الغرثان يقتنص اللح ... م ويهوي إلى طيور الخوان والأديب الذي به كنت أعت ... دّ غزاني في الحين في من غزاني وكذا الكاتب الذي كان جاري ... وصديقي ومشتكى أحزاني وصديق الأشراف أخنى على خم ... ري وأفنى بالكرع ما في دناني كلما شقّق الفراريج شقّق ... ت لغيظي من فعله قمصاني وهو في أمره مجدّ رخيّ ال ... بال لم يعنه الذي قد عناني مجرهدّ [2] كالسوس في الصوف في ... الصيف بقلب خال من الإيمان قلت قل لي يا ابن المبشّر ما شأ ... نك من بين من غزاني وشاني ليس هذا من شهوة الأكل هذا ... من طريق البغضاء والشنآن قلت للفيلسوف لما غدا في الأ ... كل أعني فتى أبي عدنان واستحثّ الكؤوس صرفا بلا مز ... ج ولاء كالهائم الظمآن ليت شعري أذاك من طبّ بقرا ... ط تعلمته وسمع الكيان [3]   [1] اليتيمة: من فضل أكله نقصاني. [2] مجرهد: مسرع. [3] سمع الكيان: أحد كتب أرسطاطاليس. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1052 وبهذا تزداد بالعالم الجس ... ميّ علما والعالم الروحاني ثم لا تنس ما لقيت وما مرّ لشؤمي ... من عسكر الفرغان أعجميّ اللسان أفصح من قسّ ... إذا ما انتشى ومن سحبان قال قم فأتنا بخبز ولحم ... ونبيذ معتّق في الدنان وغلام مهفهف [1] حسن الوجه ... يحاكي قوامه غصن بان لم توكّل فرغان إلا بتفريغ ... دناني وصبّها في القناني [2] إنّ من أعظم المصائب يا قو ... م بلائي بذلك الطرمذان رجل كالفنيق فدم بلال ... بّ طويل في صورة الشيطان بقفا كالحديد [3] يصمد للصّف ... ع ورأس أصمّ كالسندان واسع الحلق ناقص الخلق والدي ... ن غليظ القذال كالقلتان يبلع المطجنات [4] بلعا بلا مض ... غ ويحسو النبيذ كالعطشان وأتوني بزامر زمره يح ... كي ضراط العبيد والرّعيان ومغنّ غناؤه يجشىء النفس [5] ... ويأتي بالقيء والغثيان قصدت هذه الطوائف خمرا ... يا ابتلاء ونكبة لامتحاني [6] قلت: ما شأنكم فقالوا أغثنا ... ما طعمنا الطعام منذ ثمان وأناخوا بنا فيا لك من يو ... م عصيب من حادثات الزمان [7] نزلوا ساحتي وأطلقت الخي ... ل بزرع الحقول والبستان [8]   [1] اليتيمة: مقين. [2] اليتيمة: الجفان. [3] اليتيمة: كالعمود. [4] اليتيمة: الطيبات. [5] اليتيمة: يطلق البطن. [6] اليتيمة: لهتكي وذلتي وامتحاني. [7] اليتيمة: عبوس عصبصب أرونان. [8] اليتيمة: نزلوا حجرتي وأطلقت الأفراس بين الرطبان والفصلان. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1053 أفقروني وغادروني بلا دا ... ر ولا ضيعة ولا صيوان [1] أدهشوني وحيّروني وقد صر ... ت ذهولا أهيم كالسكران أسمع اللفظ كالطنين فألفا ... ظهم ما لها لديّ معاني تركوني يا قوم أجرد من فر ... خ وأعرى ظهرا من الافعوان أكلوا لي من الجرادق ألفين ... بدبس يسيل كالقطران [2] أكلوا لي ما حولها ثم مالوا ... كذئاب إلى سميد الفراني [3] أكلوا لي من الجداء ثلاثين ... وسبعا بالخلّ والزعفران أكلوا ضعفها شواء وضعيفها ... طبيخا من سائر الألوان أكلوا لي تبالة تبّلت عق ... لي بعشر من الدجاج سمان [4] أكلوا لي مضيرة ضاعفت ضرّ ... ي بروس الجداء والحملان أكلوا لي كشكية كشكشت قل ... بي وهاجت بفقدها أشجاني [5] أكلوا لي سبعين حوتا من النهر ... طريا من أعظم الحيتان أكلوا لي عدلا من المالح المقلوّ ... ملقى في الخلّ والأنجذان [6] أكلوا لي من القريشاء والبر ... نيّ والمعقليّ والصرفان [7] ألف عدل سوى المصقّر والبر ... ديّ واللؤلؤيّ والصّيحاني [8]   [1] اليتيمة: بستان. (وأكتفي بهذا القدر نموذجا للاختلاف بين اليتيمة ونص معجم الأدباء) . [2] الجردق: الرغيف. [3] الفراني: جمع فرنية، وهي خبزة مستديرة ضخمة. [4] التبالة: أكلة يدخل في تركيبها التابل وهو مجموعة من ما نسميه اليوم «البهارات» . [5] الكشكية: أكلة تصنع بالكشك، وهو نوع من اللبن «الجميد» . [6] الأنجذان: نوع من النبات. [7] القريشاء: لعله نوع من التمر. البرني: ضرب من التمر أحمر. المعقلي: نوع من الرطب بالبصرة ينسب إلى نهر معقل بها. الصرفان: ضرب من التمر واحده صرفانة وهي حمراء مثل البرنية إلا أنها علكة. [8] في م المصغر؛ والمصقر هو رطب جيد يصب عليه الدبس. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1054 أكلوا لي من الكوامخ والجو ... ز معا والخلاط والأجبان ومن البيض والمخلّل ما تع ... جز عن جمعه قرى حوران فتّتوا لي من السفرجل والتفّاح ... والرّازقيّ والرمّان [1] والرياحين ما رهنت عليه ... جبّتي عند أحمد الفاكهاني أذبلوا لي من البنفسج والنر ... جس ما ليس مثله في الجنان ذبحوا لي بالرغم يا معشر النا ... س ثمانين رأس معز وضان ما كفاهم تذبيحهم غنم القر ... ية حتى أتوا على الثيران أكلوا كلّ ما حوته يميني ... وشمالي وما حوى جيراني ثم قالوا هلمّ شيئا فنادي ... ت غلامي قم ويك فاخبأ حصاني لم تدع لي بطونكم يا بني البظر ... سواه وذا شطوب يماني فتمالوا عليّ شتما ولعنا ... واستباحوا عرضي بكلّ لسان ثم جاء المعقّبون من السا ... سة والشاكريّ والعبدان [2] فرأيت الصراع والدفع واللط ... م وخرم الأنوف والآذان ثم لما أتوا على كلّ شيء ... ختموا محنتي بكسر الأواني ثم قاموا مثل البزاة إلى العصفور ... والعصفريّ والزّربطان [3] فرأيت الطيور بعضا على بع ... ض وبعضا ملقى على الأغصان أكلوا ما ذكرت ثم أراقوا ... يا صحابي كرّا من الأشنان [4]   البردي: من جيد التمر يشبه البرني. اللؤلؤي: لعله صفة لنوع من التمر. الصيحاني: أجود أنواع التمر. [1] الرازقي: نوع من العنب. [2] المعقبون: الفوج التالي؛ الساسة: الموكلون بسياسة الدواب؛ الشاكري: الخدم. [3] العصفري: لعله طائر له لون العصفر. الزربطان: آلة تصاد بها العصافير، ولعل المراد هنا العصافير نفسها التي تضاد بهذه الطريقة. [4] الكرّ: مكيانت يساوي أربعين اردبا. الأشنان: المواد التي تتخذ لغسل الأيدي. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1055 ومن المحلب المطيّب بالبا ... ن وماء الكافور سبع براني [1] شربوا لي عشرين ظرفا من الرا ... ح لذيذ المذاق أحمر قاني فأقاموا سوّاسهم والمكاري ... ن إلى أن سمعت صوت الأذان يجمعون الأحطاب من حيث وافو ... ها فللظّهر ضاع لي غيضتان ومنها: قطعوا اللوز والسفرجل أحطا ... با ومالوا بها على غلماني والنواطير مدّدوا وعلوهم ... حنقا بالعصيّ والقضبان طالبوني بالنيك في آخر اللي ... ل وجمع النساء والمردان قم فأسرع فبعضنا يطلب المر ... د وبعض مستهتر بالغواني فتوهّمته مزاحا فجدّوا ... قلت هذا ضرب من الهذيان ليس يبقى على أرامل خمرا ... يا سوى بذلهنّ للضيفان لو سمعتم يا قوم في غسق اللي ... ل بكاء النسوان والولدان يتنادون بالعويل وبالوي ... ل وراء الأبواب والجدران ومنها: ثم راحوا بعد العشاء إلى دا ... ري فلم يتركوا سوى الحيطان كان لي مفرش وكلّ مليح ... فوقه مطرح من الميسان [2] وبساط من أحسن البسط مذخو ... ر لعرس أو دعوة أو ختان غرّقوه بالبصق والقيء والبو ... ل فأضحى وقدره بعرتان أوقدوا زيتنا جزافا بلا كي ... ل يكيلونه ولا ميزان خلت داري يا إخوتي المسجد الجا ... مع ليلا للنصف من شعبان ثم لما انتهت بهم شدّة الكظّة ... خرّوا صرعى إلى الأذقان   [1] البراني: جمع برنية وهي فخارة خضراء ضخمة. [2] الكل: أرجح أنه نوع من البسط. الميساني: مفارش تشتهر بها ميسان. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1056 هوّموا ساعة كتهويمة الخا ... ئف في غير أرضه الفزعان ثم قاموا ليلا وقد جنح النس ... ر ومال السّماك والفرقدان يصرخون الصّبوح يا صاحب البي ... ت فأبكوا عيني وراعوا جناني سحبوني من عقر داري على وج ... هي كأني أدعى إلى السلطان ومنها: هل سمعتم فيما سمعتم بانسا ... ن عراه في دعوة ما عراني أسعدوني يا إخوتي وثقاتي ... بدموع تجري من الأجفان إخوتي من لواكف الدمع محزو ... ن كئيب مولّه حيران هائم العقل ساهر الليل باكي ال ... عين واهي القوى ضعيف الجنان لم يكن ذا القران إلا على شؤم ... ي فويلي من نحس ذاك القران والقصيدة كلّها غرر ولطائف أجاد وأحسن فيها كلّ الإحسان، وأبان عن مقاصده بها أحسن بيان. ومن شعر أبي القاسم أيضا قوله: لا تصغ للوم إنّ اللوم تضليل ... واشرب ففي الشرب للأحزان تحويل فقد مضى القيظ واحتثّت رواحله ... وطابت الراح لما آل أيلول وليس في الأرض نبت يشتكي رمدا ... إلّا وناظره بالطلّ مكحول وقال: ولما نضا وجه الربيع نقابه ... وفاحت بأطراف الرياض النسائم فطارت عقول الطير لما رأيته ... وقد بهتت من بينهنّ الحمائم وخفن جنونا بالرياض وحسنها ... صدحن وفي أعناقهنّ التمائم وقال: أنلني بالذي استقرضت خطّا ... وأشهد معشرا قد شاهدوه فإن الله خلاق البرايا ... عنت لجلال هيبته الوجوه يقول إذا تداينتم بدين ... إلى أجل مسمّى فاكتبوه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1057 وقال: إذا دنت السّحب الثقال وحثّها ... من الرعد حاد ليس يبصر أكمه أحاديثه مستهولات وصوته ... إذا انخفضت أصواتهنّ مقهقه إذا صاح في آثارهنّ حسبته ... يجاوبه من خلفه صاحب له وقال يهجو منشّا بن إبراهيم القزاز [1] : إنّ منشّا قد زاد في التيه ... وزاد في شامنا تعدّيه فلا ابن هند ولا ابن ذي يزن ... ولا ابن ماء السما يدانيه وهو مغيظ على الوصيّ ومن ... يعزى إليه ومن يواليه يذكر أيام خيبر بهم ... فهم قذى جال في مآقيه وقد حكى أنّ فاه أطيب من ... سرمي وأني ممن يعاديه ومن يقول القبيح فيه ومن ... أصبح بالمعضلات يرميه فسوّكوه بكلّ طيّبة ال ... ريح تعفّي على مساويه ومضمضوه بالخلّ واجتهدوا ... معا بكلّ اجتهادكم فيه وأطعموه من الجوارش ما ... يعمل بالمسك والأفاويه [2] وأنهلوه خمرا معتقة ... قد صانها القسّ في خوابيه واستفقحوني واستنكهوه تروا ... أنّ لسرمي فضلا على فيه ثم احملوا الكلب والحمار على ... عياله واصفعوا محبّيه وقال يهجو أبا الفضل يوسف بن علي ويعرّض فيها أيضا بمنشّا بن إبراهيم القزاز، وكانت هذه القصيدة سبب عزله عن عمله [3] :   [1] منشّا: له أخبار في ذيل تاريخ دمشق 25، 26، 28، 33، كان في أول أمره كاتبا للعسكر الشامي ثم جعله الخليفة الفاطمي نائبا في الشام، فحكم اليهود في الوظائف والأعمال، ثم قبض عليه لما تظلم الناس منه. [2] الجوارش أو الجوارشنات: الموادّ التي تسعف على الهضم. [3] اليتيمة: 365. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1058 يا أهل جيرون هل أسامركم ... إذا استقلت كواكب الحمل بملح كالرياض باكرها ... نوء الثريّا بعارض هطل أو مثل نظم الجمان ينظم في ال ... عقد ووشي البرود والحلل يلذّ للسامع الغناء بها ... على خفيف الثقيل والرمل كنت على باب منزلي سحرا ... أنتظر الشاكريّ يسرج لي [1] وطال ليلي لحاجة عرضت ... باكرتها والنجوم لم تزل فمرّ بي في الظلام أسود كال ... فيل عريض الأكتاف والعضل أشغى له منخر ككوّة تنّور وعين كمقلة الجمل [2] ... ومشفر مسبل كجبّ رحى على نيوب مثل المدى عصل ... مشقّق الكعب أفدع اليد وال رجل طويل الساقين كالسبل ... فأهدت الريح منه لي أرجا مثل جنى الروض في ندى خضل ... مسكا وقفصية [3] معتقة شيبا ببان وعنبر شمل ... فقلت ما هكذا يكون إذا انفضّ الندامى روائح السفل ... أسود غاد من الأتون له عرف أمير نشوان ذي ثمل ... هذا وربّ السماء أعجب من حمار وحش في البرّ منتعل ... اردده يا نصر كي أسائله فشأنه عضلة من العضل ... فقال نخشى فوات حاجتنا وليس هذا من أكبر الشغل ... فقلت ترك الفضول فهو وإن أنجاك [4] عين الخمول والكسل ... بادره من قبل أن يفوتك في مسيره بين هذه السّبل   [1] أي بعد لي السرج على الفرس. [2] اليتيمة: وعين سجراء كالشعل. [3] القفصية: خمرة تنسب إلى قفص وهي بين بغداد وعكبرا. [4] اليتيمة: فقلت ترك الفضول يا ناقص الهمة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1059 فصدّ عني تغافلا ومضى ... يعجب من عقله ومن خللي وصاح من خلفه رويدك يا ... أسود مالي بالعدو من قبل ارجع إلى ذلك الرقيع وإن ... أطال في هذره فلا تطل أجب إذا ما سئلت مقتصدا ... في القول واسكت ان أنت لم تسل وهو بترك الفضول أجدر لو ... يسلم من خفّة ومن خطل فكرّ نحوي عجلان يعثر في ... مرط كسيه [1] مبرغث قمل وقد مذى والمذيّ يقطر من ... غرموله في الذيول كالوشل وظنّ أني صيد فأبرز لي ... فيشلة مثل ركبة الجمل وقال لج داركم لأولجها ... فيك وإن كنت لم تبل فبل ومنها: قلت له لا عدمت برّك قد ... بذلت ما لم يكن بمبتذل لكنني والذي يمدّ لك ال ... عمر ويعطيك غاية الأمل ماشقّ دبري مذ كنت فيشلة ... ولا انتخاب الأيور من عملي ولا لهذا دعيت فابغ لمي ... لوخك من يستلذّه بدلي وهات قل لي من اين جئت وقل ... من أين أقبلت يا أبا جعل [2] فقال لي بتّ عند عاملكم ... هذا أبي الفضل يوسف بن علي فصاك بي طيبه وصكت به ... منّي صنانا في حدّة البصل تركته في النهار أخفش لا ... ينظر في خدمة ولا عمل قلت تطاولت وافتريت على ... شيخ نبيل ينمى إلى نبل أبوه قسطا وجدّه صمع [3] ... يدعى حنينا وعمّه الصملي   [1] اليتيمة: كساء. [2] اليتيمة: وهات قل لي بالله من أي ... ن أقبلت ودعني من هذه العلل [3] اليتيمة: أبوه سمح وجده ملك. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1060 لعلّ ذا غيره فصفه فما ... يخدع مثلي بهذه الحيل فإن تكن صادقا نجوت وأن ... حيت عليه باللوم والعذل وان تكن كاذبا صفعتك بال ... نعل فإن كنت قائلا فقل فقال يا سيدي عجلت بمك ... روهي وكان الإنسان من عجل هذا الذي بتّ عنده نصف ... دون عجوز وفوق مكتهل في فيه نتن وتحت عصعصه ... عين تمجّ الصديد في دغل أنتن من كلّ ما يقال إذا ... بالغ في الوصف ضارب المثل وهو على ذاك مولع أبدا ... لشؤم بختي بالعضّ والقبل له إذا ما علوته نفس ... أمضى من السيف في يدي بطل والقصيدة طويلة نحو مائة وأربعين بيتا وفيها من الفحش ما لا يجمل بالأديب ذكره، وفيما أوردناه كفاية. وقال متغزلا ومعرّضا بابن بسطام [1] : ومهفهف يزهو عليّ بجيده ... وبخصره وبردفه وبساقه وافى إليّ وقلبه متخوّف ... كتخوّف المعشوق من عشاقه حتى إذا مدّدته وحللت عن ... كفل مباح الحلّ بعد وثاقه فاحت عليّ أصنّة من ردفه ... بخلاف ما قد فاح من أطواقه فسألته ماذا فقال بحرقة ... ودموعه تنهلّ من آماقه هذا ابن بسطام أتاني طارقا ... بلطيف حيلته وحسن نفاقه وعلا على ظهري وبلغم مثقبي ... برياله المنهلّ من أشداقه فبقي صنان رضابه في فقحتي ... زمنا لحاه الله بعد فراقه فالله يحرمه معيشته كما ... قد سدّ مسكب مثقبي ببصاقه   [1] اليتيمة 1: 355. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1061 - 373- الحسين بن سعد بن الحسين بن محمد أبو علي الآمدي اللغوي الشاعر الأديب: توفي ليلة الخميس خامس ربيع الآخر سنة أربع وأربعين وأربعمائة. ولد بآمد ونشأ بها، ثم قدم بغداد فأخذ بها عن أبي يعلى الفرّاء وأبي طالب ابن غيلان [1] ، وأخذ بالشام عن جماعة، ودخل أصبهان فاستوطنها، ومات ودفن بها، وله مؤلفات، ومن شعره: وأهيف مهزوز القوام إذا انثنى ... وهبت لعذري فيه ذنب اللوائم بثغر كما يبدو لك الصبح باسم ... وشعر كما يبدو لك الليل فاحم مليح الرّضا والسّخط تلقاه عاتبا ... بألفاظ مظلوم وألحاظ ظالم ومما شجاني أنني يوم بينه ... شكوت الذي ألقى إلى غير راحم وحمّلت أثقال الهوى غير حامل ... وأودعت أسرار الهوى غير كاتم وأبرح ما لاقيته أنّ متلفي ... بما حلّ بي في حبّه غير عالم ولو أنني فيه سهرت لساهر ... لهان ولكنّي سهرت لنائم وقال: أتنسب لي ذنبا ولم أك مذنبا ... وحمّلتني في الحبّ ما لا أطيقه وما طلبي للوصل حرص على البقا ... ولكنّه أجر إليك أسوقه وقال: توهّم واشينا بليل مزاره ... فهمّ ليسعى بيننا بالتباعد فعانقته حتى اتحدنا تعانقا ... فلما أتانا ما رأى غير واحد   [373]- ترجمة أبي علي الآمدي في إنباه الرواة 1: 323 والوافي 12: 368 وبغية الوعاة 1: 533، وذكر القفطي والصفدي أن وفاته كانت سنة 499، وهذا يعني أن ما جاء هنا قد يكون خطأ من قبيل السهو. [1] يعني محمد بن الحسين الفراء ومحمد بن محمد بن غيلان. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1062 وقال: بنفسي وروحي ذلك العارض الذي ... غدا مسكه تحت السوالف سائلا درى خدّه أني أجنّ من الهوى ... فهيأ لي قبل الجنون سلاسلا وقال: تصدّر للتدريس كلّ مهوّس ... بليد تسمّى بالفقيه المدرّس فحقّ لأهل العلم أن يتمثلوا ... ببيت قديم شاع في كلّ مجلس «لقد هزلت حتى بدا من هزالها ... كلاها وحتى سامها كلّ مفلس» - 374- الحسين بن الضحاك بن ياسر البصري المعروف بالخليع، أبو علي: أصله من خراسان، وهو مولى لولد سلمان بن ربيعة الباهلي الصحابي، فهو مولى لا باهلي النسب كما زعم ابن الجراح، بصريّ المولد والمنشأ، وهو شاعر ماجن ولذلك لقب بالخليع، وعداده في الطبقة الأولى من شعراء الدولة العباسية المجيدين. ولد سنة اثنتين وستين ومائة وتوفي في بغداد سنة خمسين ومائتين وقد ناهز المائة، وكان شاعرا مطبوعا حسن التصرف في الشعر، وكان أبو نواس يغير على معانيه في الخمر، وإذا قال شيئا فيها نسبه الناس إلى أبي نواس، وله غزل كثير أجاد فيه، وهو أحد الشعراء المطبوعين الذين أغناهم عفو قرائحهم عن التكلّف. وقد اتصل الحسين بن الضحاك بالخلفاء من بني العباس ونادمهم، وأول من جالس منهم محمد الأمين بن هارون الرشيد وكان اتصاله به في سنة ثمان وتسعين ومائة وهي السنة التي قتل فيها الأمين، وتنقل بعده في مجالس الخلفاء ونادمهم إلى الحين الذي مات فيه في زمن المستعين، وقيل في زمن المنتصر.   [374]- الأغاني 7: 143 وتاريخ بغداد 8: 54 وابن خلكان 2: 162 ومصورة ابن عساكر 4: 672 وتهذيبه 4: 300 والوافي 12: 379 والشذرات 2: 123 (والحسين بن الضحاك شاعر وحسب فهو دخيل على هذا الكتاب) . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1063 حدث الصولي عن عبد الله بن محمد الفارسي عن ثمامة بن أشرس قال [1] : لما قدم المأمون من خراسان وصار إلى بغداد أمر بأن يسمّى له قوم من أهل الأدب ليجالسوه ويسامروه، فذكر له جماعة فيهم الحسين بن الضحاك، فقرأ أسماءهم حتى بلغ إلى اسم الحسين فقال: أليس هو الذي يقول في الأمين، يعني أخاه: هلا بقيت لسدّ فاقتنا ... أبدا وكان لغيرك التلف فلقد خلفت خلائفا سلفوا ... ولسوف يعوز بعدك الخلف لا حاجة لي فيه، والله لا يراني أبدا إلّا في الطريق، ولم يعاقب الحسين على ما كان من هجائه له وتعريضه به. قال: وانحدر الحسين إلى البصرة فأقام بها طول أيام المأمون، واستقدمه المعتصم من البصرة حين ولي الخلافة بعد موت المأمون، فلما دخل عليه استأذن في الإنشاد، فأذن له فأنشده يمدحه [2] : هلا رحمت تلدّد [3] المشتاق ... ومننت قبل فراقه بتلاق إنّ الرقيب ليستريب تنفس ال ... صّعدا إليك وظاهر الإقلاق ولئن أربت لقد نظرت بمقلة ... عبرى عليك سخينة الآماق نفسي الفداء لخائف مترقّب ... جعل الوداع إشارة بعناق إذ لا جواب لمفحم متحيّر ... إلا الدموع تصان بالإطراق ومنها: خير الوفود مبشّر بخلافة ... خصّت ببهجتها أبا إسحاق وافته في الشهر الحرام سليمة ... من كلّ مشكلة وكلّ شقاق أعطته صفقتها الضمائر طاعة ... قبل الأكفّ بأوكد الميثاق   [1] الأغاني 7: 145 وابن خلكان 2: 162- 163. [2] الأغاني 7: 150 واشعار الخليع: 83. [3] م: هلا سألت تلذذ (وكذلك هو في الأغاني) . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1064 سكن الأنام إلى إمام سلامة ... عفّ الضمير مهذّب الأخلاق فحمى رعيّته ودافع دونها ... وأجار مملقها من الإملاق قل للأولى صرفوا الوجوه عن الهدى ... متعسّفين تعسّف المرّاق إني أحذّركم بوادر ضيغم ... درب بخطم موائل الأعناق متأهب لا يستفزّ جنانه ... زجل الرعود ولا مع الإبراق لم يبق من متعرّمين توثبوا ... بالشام غير جماجم أفلاق من بين منجدل تمجّ عروقه ... علق الأخادع أو أسير وثاق وثنى الخيول إلى معاقل قيصر ... تختال بين أحزّة ورقاق يحملن كلّ مشمّر متغشّم ... ليث هزبر أهرت الأشداق حتى إذا أمّ الحصون منازلا ... والموت بين ترائب وتراق هرّت بطارقها هرير ثعالب ... بدهت بزأر قساور طرّاق [1] ثم استكانت للحصار ملوكهم ... ذلّا ونيط حلوقهم [2] بخناق هربت وأسلمت البلاد [3] عشية ... لم تبق غير حشاشة الأرماق فلما أتمها قال له المعتصم: ادن مني فدنا منه، فملأ فمه جوهرا من جوهر كان بين يديه، ثم أمره بأن يخرجه من فيه فأخرجه، فأمر بأن ينظم ويدفع إليه ويخرج إلى الناس وهو في يده ليعلموا موقعه منه ويعرفوا له فضله. وحدث الصوليّ عن عون بن محمد الكندي قال: لما ولي المنتصر الخلافة دخل عليه الحسين بن الضحاك فهنأه بالخلافة وأنشده [4] : تجدّدت الدنيا بملك محمد ... فأهلا وسهلا بالزمان المجدّد هي الدولة الغراء راحت وبكّرت ... مشمّرة بالرشد في كلّ مشهد   [1] الأغاني: هرير قساور بدهت بأكره منظر ومذاق. [2] الأغاني: وناط حلوقها. [3] الأغاني: الصليب. [4] الأغاني 9: وأشعار الخليع: 47. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1065 لعمري لقد شدّت عرى الدّين بيعة ... أعزّ بها الرحمن كلّ موحد هنتك أمير المؤمنين خلافة ... جمعت بها أهواء أمة أحمد فأظهر إكرامه والسرور به وقال له: إن في بقائك بهاء للملك، وقد ضعفت عن الحركة فكاتبني بحاجاتك ولا تحمل على نفسك بكثرة الحركة، ووصله بثلاثة آلاف دينار ليقضي بها دينا بلغه أنه عليه. وقال في المنتصر أيضا وهو آخر شعر قاله [1] : ألا ليت شعري أبدر بدا ... نهارا أم الملك المنتصر إمام تضمّن أثوابه ... على سرجه قمرا من بشر حمى الله دولة سلطانه ... بجند القضاء وجند القدر فلا زال ما بقيت مدة ... يروح بها الدهر أو يبتكر واصطبح عند عبد الله بن العباس بن الفضل وخادم له قائم بين يديه يسقيه، فقال عبد الله: يا أبا عليّ قد استحسنت سقي هذا الخادم، فإن حضرك شيء في هذا فقل، فقال [2] : أحيت صبوحي فكاهة اللاهي ... وطاب يومي بقرب أشباهي فآثر اللهو في مكامنه ... من قبل يوم منغّص ناه بابنة كرم من كفّ منتطق ... مؤتزر بالمجون تياه يسقيك من طرفه ومن يده ... سقي لطيف مجرّب داه طاسا وكأسا كأنّ شاربها ... حيران بين الذّكور والساهي وذكر الصولي في «نوادره» قال: حدثني عليّ بن محمد بن نصر، قال حدثني خالي أحمد بن حمدون، قال قال الحسين بن الضحاك من أبيات وقد عمّر [3] : أما في ثمانين وفّيتها ... عذير وإن أنا لم أعتذر   [1] الأغاني 9: وأشعار الخليع: 51. [2] الأغاني 7: 157، 186، 211، 216 وأشعاره: 122. [3] الأغاني 7: 219 وابن خلكان 2: 166 وأشعاره: 52. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1066 وقد رفع الله أقلامه ... عن ابن ثمانين دون البشر وإني لمن أسراء الإله ... في الأرض نصب حروف القدر فإن يقض لي عملا صالحا ... أثاب وإن يقض شرا غفر وقال [1] : أصبحت من أسراء الله محتسبا ... في الأرض نحو قضاء الله والقدر إن الثمانين إذ وفّيت عدّتها ... لم تبق باقية منّي ولم تذر قلت: والأصل في قول الحسين بن الضحاك هذا الحديث الذي رواه ابن قتيبة في «غريب الحديث» [2] قال حدثنا أبو سفيان الغنوي، حدثنا معقل بن مالك عن عبد الرحمن بن سليمان عن عبيد الله بن أنس عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: إذا بلغ العبد ثمانين سنة فإنه أسير الله في الأرض تكتب له الحسنات وتمحى عنه السيئات. وقال [3] : وصف البدر حسن وجهك حتى ... خلت أني وما أراك أراكا وإذا ما تنفّس النرجس الغ ... ضّ توهمته نسيم شذاكا خدع للمنى تعللني في ... ك بإشراق ذا وبهجة ذاكا وقال [4] : لا وحبّيك لا أصا ... فح بالدمع مدمعا من بكى شجوه استرا ... ح وإن كان موجعا كبدي في هواك أس ... قم من أن تقطّعا لم تدع صورة الضنى ... فيّ للسقم موضعا   [1] الأغاني 7: 221 وأشعاره: 62. [2] لم يرد في غريب الحديث لابن قتيبة، حسبما تنبىء فهارسه. [3] الأغاني 7: 165، 166، وأشعاره: 88- 89. [4] الأغاني 7: 172 وأشعاره: 76 وابن خلكان 2: 164. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1067 وقال [1] : ألا إنما الدنيا وصال حبيب ... وأخذك من مشمولة بنصيب ولم أر في الدنيا كخلوة عاشق ... وبذلة معشوق ونوم رقيب وقال يمدح الوزير الحسن بن سهل [2] : أرى الآمال غير معرّجات ... على أحد سوى الحسن بن سهل يباري يومه غده سماحا ... كلا اليومين بان بكلّ فضل أرى حسنا تقدم مستبدّا ... ببعد من رياسته وقبل فإن حضرتك مشكلة بشكّ ... شفاك بحكمة وخطاب فصل سليل مرازب برعوا حلوما ... وراع صغيرهم بسداد كهل ملوك إن جريت بهم أبرّوا ... وعزّوا أن توازيهم بعدل ليهنك أنّ ما أرجيت رشدا ... وما أمضيت من قول وفعل وأنك مؤثر للحقّ فيما ... أراك الله في قطع ووصل وأنك للجميع حيا ربيع ... يصوب على قرارة كلّ محل وقال يمدح الواثق لما ولي الخلافة [3] : أكتّم وجدي فما ينكتم ... بمن لو شكوت إليه رحم وإني على حسن ظنّي به ... لأحذر إن بحت أن يحتشم ولي عند لحظته روعة ... تحقّق ما ظنّه المتهم وقد علم الناس أني له ... محبّ وأحسبه قد علم وإني لمغض على لوعة ... من الشوق في كبدي تضطرم عشية ودعت عن مدمع ... سفوح وزفرة قلب سدم   [1] نهاية الأرب 4: 115 وأشعاره: 29. [2] الأغاني 7: 174 وأشعاره: 93. [3] الأغاني 7: 191 وأشعاره: 96. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1068 فما كان عند النوى مسعد ... سوى الدمع يغسل طرفا كلم سيذكر من بان أوطانه ... ويبكي المقيمين من لم يقم ومنها في المديح: إلى خازن الله في خلقه ... سراج النهار وبدر الظّلم ركبنا غرابيب زفّافة ... بدجلة في موجها الملتطم [1] إذا ما قصدنا لقاطولها ... ودهم قراقيرها تصطدم وصرنا إلى خير مسكونة ... تيمّمها راغب أو ملمّ مباركة شاد بنيانها ... بخير المواطن خير الأمم كأنّ بها نشر كافورة ... لبرد نداها وطيب النّسم كظهر الأديم إذا ما السحاب ... صاب على متنها وانسجم مبرّأة من وحول الشتاء ... إذا ما طمى وحله وارتكم فما إن يزال بها راجل ... يمرّ الهوينا ولا يلتطم ويمشي على رسله آمنا ... سليم الشّراك نقيّ القدم وللنون والضبّ في بطنها ... مراتع مسكونة والنّعم [2] ومنها: يضيق الفضاء به إن غدا ... بطودي أعاريبه والعجم ترى النصر يقدم راياته ... إذا ما خفقن أمام العلم وفي الله دوّخ أعداءه ... وجرّد فيهم سيوف النقم وفي الله يكظم من غيظه ... وفي الله يصفح عمن ظلم رأى شيم الجود محمودة ... وما شيم الجود إلا قسم فراح على نعم واغتدى ... كأن ليس يحسن إلّا نعم   [1] الغرابيب: نوع من القوارب، زفافة: مسرعة. [2] النون والضبّ: كناية عن حاصلات البحر (النون: السمك) والبرّ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1069 وقال [1] : أتاني منك ما ليس ... على مكروهه صبر فأغضيت على عمد ... وقد يغضي الفتى الحرّ وأدبتك بالهجر ... فما أدّبك الهجر ولا ردّك عما كا ... ن منك النصح والزجر فلما اضطرّني المكرو ... هـ واشتدّ بي الأمر تناولتك من ضرّي ... بما ليس له قدر فحركت جناح الذّ ... لّ لمّا مسّك الضرّ إذا لم يصلح الخير ام ... رءا أصلحه الشرّ وغضب عليه المعتصم لشيء جرى منه على النبيذ فكتب إليه يسترضيه [2] : غضب الإمام أشدّ من أدبه ... وقد استجرت وعذت من غضبه أصبحت معتصما بمعتصم ... أثنى الإله عليه في كتبه لا والذي لم يبق لي سببا ... أرجو النجاة به سوى سببه ما لي شفيع غير حرمته ... ولكلّ من أشفى على عطبه - 375- الحسين بن عبد الله بن سينا أبو علي الفيلسوف: مات في سادس شعبان   [375]- ترجمته في عيون الانباء 2: 1- 20 وتاريخ الحكماء: 413 وابن خلكان 2: 157 والجواهر المضية 1: 195 والبداية والنهاية 12: 42 ولسان الميزان 2: 291 والوافي 12: 391 والنجوم الزاهرة 5: 25 وروضات الجنات 3: 170. وهذه الترجمة من المختصر وهي مما أخلّت به (م) . والاعتماد في مقارنة هذه الترجمة على ما جاء في عيون الأنباء؛ ولكن صاحب المختصر حذف كثيرا، وهذا شيء لا يفعله ياقوت؛ لأن الحذف هنا يخل بتتابع السياق. [1] أشعار الخليع: 55. [2] الأغاني: 164 وأشعاره: 31. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1070 سنة ثمان وعشرين وأربعمائة عن ثمان وخمسين سنة. حدث بخبره صاحبه أبو عبيد الجوزجاني عنه قال: كان أبي رجلا من أهل بلخ فانتقل إلى بخارى، وتولّى عملا في أيام نوح بن منصور الساماني بقرية يقال لها خرميثن [1] ، وتزوج أبي من قرية تلاصقها يقال لها أفشنة، وبها ولدت. ثم انتقلنا إلى بخارى، وأحضرت معلم القرآن والأدب، فأكملت العشر وقد حفظت القرآن. وقدم علينا أبو عبد الله الناتلي، وكان يدّعي معرفة علم الفلسفة، وقبل قدومه كنت أشتغل بالفقه، فقرأت عليه كتاب «إيساغوجي» . فكان إذا مرّت مسألة تصورتها خيرا منه حتى قرأت عليه ظواهر المنطق، ثم أخذت أقرأ الكتب على نفسي وأطالع الشروح حتى أحكمت علم المنطق وإقليدس، ثم انتقلت إلى المجسطي فقال لي الناتلي: تولّ حلّه بنفسك، ثم اعرضه عليّ لأبين لك صوابه من خطئه، فحللت الكتاب وعرضته عليه فكم من مشكل ما عرفه إلا وقت عرضي عليه، ثم رغبت في علم الطبّ، وصرت أقرأ الكتب المصنفة فيه، وعلم الطب ليس من العلوم الصعبة، فلا جرم أنني برزت فيه في أقلّ مدة حتى بدأ فضلاء الطبّ يقرأون عليّ، وتعهدت المرضى فانفتح لي من المعالجات المقتبسة من التجربة ما لا يوصف. هذا وأنا أختلف إلى الفقه وأناظر فيه وأحكمه. وكنت حينئذ من أبناء ست عشرة سنة، وما نمت في هذه المدة ليلة بطولها. وكان إذا أشكل عليّ شيء بتّ وأنا مهموم فأراه في المنام فيتضح لي في الأحلام حتى أحكمت علم المنطق والطبيعي والرياضي. ثم عدت إلى العلم الإلهي، وقرأت منه كتاب «ما بعد الطبيعة» فما كنت أفهمه، وألتبس عليّ غرض واضعه حتى أعدت قراءته أربعين مرة، فصار لي محفوظا وأنا لا أفهمه، ويئست منه وقلت: هذا كتاب لا سبيل إلى فهمه ألبتة. فحضرت يوما في الوراقين والمنادي ينادي على كتاب في الحكمة، وعرضه عليّ فأعرضت عنه، فقال لي: اشتره فصاحبه محتاج فاشتريته بثلاثة دراهم، وإذا هو كتاب لأبي نصر الفارابي في أغراض كتاب «ما بعد الطبيعة» فطالعته ففهمت الكتاب وتصدقت على الفقراء بشيء كثير، شكرا لله تعالى على ذلك. وكان إذا استغلق عليّ شيء من العلوم، قصدت الجامع، وصلّيت وتضرعت إلى مبدع الكلّ حتى يسهّله   [1] ر: جريمس. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1071 عليّ. وكان سلطان بخارى نوح بن منصور قد مرض في تلك الأيام مرضا عجز عنه أطباؤه، وكان اسمي قد اشتهر بينهم فحضرني وشكرني في مداواته وصلح. فسألته يوما الإذن لي في دخول دار كتبهم ومطالعتها فأذن لي فدخلت دارا عظيمة فيها كتب كثيرة تفوت العدّ والحصر، وطالعت كتب الحكمة التي بها ووقع لي بها ما لم أكن رأيت قبلها ولا بعدها، وظفرت بفوائدها. فلما بلغت ثماني عشرة سنة أتقنت هذه العلوم كلّها. وكان في جيراننا رجل يقال له أبو الحسن العروضي [1] يسألني أن أصنّف له كتابا جامعا في هذه العلوم، فصنفت له المجموع، وسميته به، وأتيت فيه على جميع العلوم، ولي حينئذ إحدى وعشرون سنة، وصنّفت كتاب «الحاصل والمحصول» في قريب من عشرين مجلدة. وصنفت في الأخلاق كتابا سمّيته كتاب «البر والإثم» وهذان الكتابان قلّ أن يوجدا. ثم مات والدي وتصرفت في أعمال السلطان، ودعتني الضرورة إلى الانتقال عن بخارى إلى كركانج، وأبو الحسن السهلي المحبّ لهذه العلوم بها وزير، ثم انتقلت إلى نسا وقصدت الأمير قابوس بن وشمكير صاحب جرجان فاتفق أني وصلتها وقد مات، فرجعت إلى دهستان [2] ، ثم عدت إلى جرجان، وأنشأت في حالي قصيدة شعر منها: لما عظمت فليس مصر واسعي ... لما [3] غلا ثمني عدمت المشتري ولأبي علي أشعار منها: تنفس عن عذارك صبح شيب ... وعسعس ليله فلم التصابي شبابك كان شيطانا رجيما ... فيرجم من مشيبك بالشهاب وكان بجرجان رجل يقال له أبو محمد الشيرازي أنزل الرئيس في دار له في جواره، فصنّف له كتاب «المبدأ والمعاد» وكتاب «الأرصاد» . وصنف كتبا كثيرة كأول «القانون» و «مختصر المجسطي» وكثيرا من الرسائل. ثم صنف في أرض الجبل بقية كتبه، ثم انتقل إلى الري، واتصل بخدمة السيدة وابنها مجد الدولة،   [1] عيون الأنباء: أبو الحسين العروضي. [2] ر: دهيان. [3] ر: حتى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1072 وكانت السوداء تغلب على مجد الدولة فاشتغل بمداواته. وصنف هناك كتاب «المعاد» . ثم اتفقت أسباب أوجبت خروجه إلى همذان واتصل بخدمة كذيانويه والنظر في أسبابها. وأصاب شمس الدولة أبا طاهر ابن مجد الدولة أبي الحسن بن ركن الدولة أبي علي الحسن بن بويه قولنج كان سببا لاتصال الرئيس به فعالجه حتى شفاه الله تعالى ففاز من مجلسه بخلع ودنانير، وصار من ندمائه. واتفق نهوض الأمير بويه إلى قرمسين لحرب عناز [1] والشيخ صحبته، ثم توجّه إلى همذان منهزما والشيخ صحبته، وسألوه تقليد الوزارة فتقلدها، ثم اتفق شغب العسكر عليه، وكبسوا داره، وأغاروا على أمواله، وساموا الأمير قتله، فامتنع عنه، وعدل إلى نفيه عن حضرته طلبا لمرضاتهم، فتوارى في دار لبعض أصحابه أربعين يوما، فعاود الأمير شمس الدولة علة القولنج، وطلبه فحضر مجلسه، واعتذر إليه، ثم عالجه حتى صلح، وأعيدت الوزارة إليه ثانيا. وكان مع ذلك يجتمع إليه في كل ليلة طلاب العلم فيقرأون، فإذا فرغوا حضر المغنون وهيء [2] المجلس للشراب، ويشتغل به، ثم توجّه الأمير شمس الدولة إلى طارم لحربها، وعاوده القولنج، وانضاف إلى ذلك أمراض أخر جلبها سوء تدبيره، وقلة قبوله من الشيخ، ومات في الطريق، وولّوا ابنه أمير الأمراء أبا الحسن عليا، وهو طفل، وطلبوا إلى الرئيس أن يتولّى وزارته فأبى عليهم، وكاتب علاء الدولة أبا جعفر محمد بن أبي العباس المعروف بابن كاكويه سرّا يطلب خدمته، والانضمام إليه، وكان خال السيدة أم مجد الدولة، وابنه أبو جعفر من قبلها بأصبهان مستول عليها، ثم نمي إلى تاج الملك بهرام بن شيرزاد، وكان مستوليا على شمس الدولة وهو متقدم الختلية وصاحب جيشه والمستولي بعده على الأمر والقائم بأمر ولده، أنه قد كاتب علاء الدولة فجدّ في طلبه حتى أخذه وأودعه قلعة بردوان [3] ، فقال قصيدة فيها: دخولي كاليقين كما تراه ... وكلّ الشكّ في أمر الخروج   [1] ر: عمار. [2] ر: وعى؛ وفي الوافي وتاريخ الحكماء: وعبىء. [3] عيون الأنباء: فردجان. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1073 وبقي هناك أربعة أشهر حتى قصد علاء الدولة همذان وأخذها، وهزم تاج الملك، ومضى إلى تلك القلعة بعينها، ورجع علاء الدولة عن همذان، وعاد تاج الملك وابن شمس الدولة إلى همذان، وحملوا معهم أبا علي فأقام هناك، وخرج متنكرا وأنا وأخوه وغلامان في زيّ الصوفية إلى أصبهان، واستقبلنا أصحاب علاء الدولة والوجوه، وحمل إلينا الثياب والمال، وأنزلنا أكرم منزل. وكان يحضر مجلس المناظرة بين يدي علاء الدولة، فما كان يطاق في شيء من العلوم. واختص بعلاء الدولة وصار من ندمائه. وكان الشيخ يوما بين يدي الأمير وأبو منصور الجبائي حاضر فجرى في اللغة مسألة تكلم الشيخ فيها بما حضره، فالتفت إليه الشيخ أبو منصور، وقال له: أنت فيلسوف وحكيم، وليس الكلام في هذا من صناعتك، فاستنكف الشيخ من هذا الكلام، وتوفر على درس كتب اللغة ثلاث سنين، واستدعى كتاب «تهذيب اللغة» من تصنيف أبي منصور الأزهري من خراسان، فبلغ الشيخ في اللغة طبقة قلّما يتفق مثلها، وصنّف ثلاثة كتب وكتبها: أحدها على طريقة ابن العميد، والثاني على طريقة الصاحب، والثالث على طريقة الصابي، وجلّدها وأخلق جلودها. وسأل الأمير عرض تلك المجلدات على أبي منصور الجبائي، وذكر أنه ظفر بتلك المجلدات في الصحراء وقت الصيد، فنظر فيها الجبائي، وأشكل عليه كثير مما فيها. فقال له الشيخ: إن الذي جهلته من هذا الكتاب مذكور في الكتاب الفلاني من كتب اللغة، وذكر له كتبا معروفة، ففطن الجبائي لما أريد، وأن الذي حمله على ذلك ما جبهه به فتنصل واعتذر إلى الشيخ، ثم صنّف الشيخ كتابا في اللغة سماه «لسان العرب» لم يصنف في اللغة مثله، ولم ينقله إلى البياض حتى توفي، فبقي على مسوّدته لا يهتدي أحد إلى موضعه [1] . وكان قد حصل له تجارب كثيرة فيما باشره من المعالجات عزم على تدوينها في كتاب «القانون» وكان قد علّقها على أجزاء، فضاعت قبل تمام الكتاب، منها أنه صدّع يوما فتصوّر أنه من مادة تريد النزول إلى حجاب رأسه، وأنه لا يأمن ورما يحصل فيه. فأمر بإحضار ثلج كثير ودقّه ولفّه في خرقة، وغطىّ رأسه بها، فعل ذلك حتى   [1] عيون الأنباء: ترتيبه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1074 قوي الموضع، وامتنع عن قبول تلك المادة، وعوفي من ذلك. ووضع في حال الرصد آلات ما سبق إليها. وكان قويّ القوى كلها، وكانت قوة المجامعة من قواه الشهوانية أقوى وأغلب. وكان كثيرا ما يشتغل به فأثر في مزاجه حتى صار في السنة التي حارب فيها علاء الدولة ابن فراس [1] على باب الكرخ أخذ الشيخ قولنج، ولحرصه على برئه إشفاقا من هزيمة يدفع إليها لا يتأتى له المسير فيها مع المرض حقن نفسه في يوم واحد ثماني مرات حتى تفرّح بعض أمعائه، وظهر به سحج وأحوج إلى المسير مع علاء الدولة نحو إيذج فظهر به علة الصرع الذي يتبع علة القولنج، ومع ذلك كان يدير نفسه ويحقن نفسه لأجل السحج ولبقية القولنج، فأمر يوما باتخاذ دانقين [من] بزر الكرفس في جملة ما يحقن به، وخلطه بها لكسر ريح القولنج به، فقصد بعض الأطباء الذي كان يتقدم إليه يعالجه وطرح [من] بزر الكرفس خمسة دراهم إما عمدا أو خطأ، فازداد السحج بذلك [من] حدة التبرز. وكان يتناول مثرود طوس لأجل الصرع، فقام بعض غلمانه، وطرح شيئا كثيرا من الأفيون فيه وناوله فأكله، وكان سبب ذلك خيانتهم في مال كثير من خزانته، فتمنوا هلاكه ليأمنوا عاقبة أفعالهم. ونقل الشيخ إلى أصفهان فاشتغل بتدبير [2] نفسه، وكان من الضعف بحيث لا يقدر على القيام، فلم يزل يعالج نفسه حتى قدر على المشي، وحضر مجلس علاء الدولة، لكنه مع ذلك لا يتحفظ، ويكثر من التخليط في أمر المجامعة، ولم يبرأ من العلة كلّ البرء، فكان ينتكس ويبرأ كلّ وقت. فلما قصد علاء الدولة سار معه إلى همذان فعاودته تلك العلة، فلما استقر بهمذان وعلم أن قوته قد سقطت، وأنها لا تفي بدفع المرض فأهمل مداواة نفسه، فأخذ يقول: المدبّر الذي [كان] يدبّر [بدني] قد عجز عن التدبير، والآن فلا تنفع الحكمة والمعالجة. وبقي على هذا أياما، ثم انتقل إلى جوار ربه. ومن شعره: محرّك الكلّ أنت القصد والغرض ... وغاية ما لها حدّ ولا عوض   [1] عيون: تاش فراش. [2] ر: يدبر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1075 إن دار في خلدي مقدار خردلة ... سوى جلالك فاعلم أنه مرض وله أيضا: هبطت إليك من المحلّ الأرفع ... ورقاء ذات تعزّز وتمنّع محجوبة عن كلّ مقلة عارف ... وهي التي سفرت فلم تتبرقع وصلت على كره إليك وربما ... كرهت فراقك وهي ذات تفجع أنفت وما سكنت فلما واصلت ... ألفت مجاورة الخراب البلقع وأظنها نسيت عهودا بالحمى ... ومنازلا بفراقها لم تقنع حتى إذا اتصلت بهاء هبوطها ... من ميم مركزها بذات الأجرع علقت بها ثاء الثقيل فأصبحت ... بين المعالم والطلول الخشع تبكي إذا ذكرت عهودا بالحمى ... بمدامع تهمي ولم تتقطع [1] وتظلّ ساجعة على الدمن التي ... درست بتكرار الرياح الأربع إذ عاقها الشرك الكثيف وصدّها ... قفص عن الأوج الفسيح المربع حتى إذا قرب المسير من الحمى ... ودنا الرحيل إلى الفضاء الأوسع وغدت مفارقة لكلّ مخلف ... عنها حليف الترب غير مشيّع سجعت وقد كشف الغطاء فأدركت ... ما ليس يدرك بالعيون الهجّع [2] وغدت تغرّد فوق ذروة شاهق ... سام على قعر الحضيض الأوضع إن كان أرسلها الإله لحكمة ... طويت عن الفذ اللبيب الأروع فهبوطها إن كان ضربة لازب ... لتكون سامعة بما لم تسمع فتعود عالمة بكلّ حقيقة ... في العالمين وخرقها لم يرقع فهي التي قطع الزمان طريقها ... حتى لقد غربت بغير المطلع فكأنها برق تعرّض بالحمى ... ثم انطوى فكأنّه لم يلمع   [1] الوافي: ولما تقلع. [2] جمع هنا بيتين مما ورد في العيون. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1076 ومصنفاته: كتاب المجموع مجلدة [1] . كتاب الحاصل والمحصول عشرون مجلدة. كتاب البر والإثم مجلدتان. كتاب الشفاء ثماني عشرة مجلدة [2] . كتاب القانون في الطب ثماني عشرة مجلدة [3] . كتاب الأرصاد الكلية مجلدة. كتاب الإنصاف عشرون مجلدة. كتاب النجاة ثلاث مجلدات [4] . كتاب الهداية مجلدة. كتاب الإشارات [5] مجلدة. كتاب المختصر الأوسط مجلدة. كتاب العلائي مجلدة. كتاب القولنج. كتاب لسان العرب في اللغة عشر مجلدات. كتاب الأدوية القلبية مجلدة. كتاب الموجز مجلدة. كتاب بعض الحكمة المشرقية مجلدة. كتاب بيان ذوات الجهة مجلدة. كتاب المعاد مجلدة. كتاب المبدأ والمعاد مجلدة [6] . ورسائله: رسالة القضاء والقدر. رسالة في الآلة الرصدية. رسالة عرض قاطيغورياس. رسالة المنطق بالشعر. قصائد في العظة والحكمة. رسالة في نعوت المواضيع الجدلية. رسالة في اختصار إقليدس. رسالة في مختصر النبض بالفارسية. رسالة في الحدود. رسالة في الأجرام السماوية. كتاب الإشارة في علم المنطق. كتاب أقسام الحكمة. كتاب النهاية. كتاب عهد كتبه لنفسه. كتاب حي بن يقظان [7] . كتاب في أن أبعاد الجسم ذاتية له: كتاب خطب. كتاب عيون الحكمة.   [1] له بهذا الاسم كتاب المجموع أو الحكمة العروضية، تحقيق د. محمد سليم سالم، مكتبة النهضة المصرية، ثم طبعة ثانية بمطبعة دار الكتب 1969. [2] نشرت منه أقسام رأيت منها أجزاء في المنطق وفي الآثار العلوية. [3] هو في ثلاثة أجزاء، صورته دار صادر ببيروت. [4] في مجلدة واحدة طبع القاهرة 1938 وأعيد طبعها بتحقيق د. ماجد فخري، بيروت 1985. [5] الإشارات والتنبيهات (مع شرح الطوسي) ، طهران 1378. [6] له في هذا الموضوع رسالة أضحوية في أمر المعاد، تحقيق سليمان دنيا، القاهرة 1949. [7] طبعت مع رسائل أخرى في ليدن 1889 بعناية.L) Mehren (LL وقد طبعت له كتب ورسائل أخرى مثل: التعليقات تحقيق د. عبد الرحمن بدوي، القاهرة 1973. وأحوال النفس، تحقيق د. أحمد فؤاد الأهواني، القاهرة 1952 وعيون الحكمة، تحقيق د. عبد الرحمن بدوي (الكويت- لبنان) 1980 وأفرد أحمد آنش رسالة العشق بالتحقيق (استانبول 1953) وكانت قد ظهرت في مجموعة مهرن المذكورة سابقا، ورسالة أسباب حدوث الحروف، تحقيق محمد حسان الطيان ويحيى مير علم، دمشق 1983؛ وفي مرحلة مبكرة نشرت له تسع رسائل معا، مصر 1908 وغير ذلك مما فاتني الاطلاع عليه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1077 كتاب في أنه لا يجوز أن يكون شيء واحد جوهريا وعرضيا. كتاب في أن علم زيد غير علم عمرو. رسائل إخوانية وسلطانية. مسائل جرت بينه وبين بعض العلماء [1] . - 376- الحسين بن عبد الله بن يوسف بن أحمد بن شبل أبو علي البغدادي: ولد في بغداد وبها نشأ وبها توفي سنة أربع وسبعين وأربعمائة. كان متميزا بالحكمة والفلسفة خبيرا بصناعة الطب أديبا فاضلا وشاعرا مجيدا. أخذ عن أبي نصر يحيى بن جرير التكريتي وغيره. وهو صاحب القصيدة الرائية التي نسبت للشيخ الرئيس ابن سينا وليست له، وقد دلّت هذه القصيدة على علوّ كعبه في الحكمة والاطلاع على مكنوناتها، وقد سارت بها الركبان وتداولها الرواة، وهي [2] : بربّك أيها الفلك المدار ... أقصد ذا المسير أم اضطرار مدارك قل لنا في أيّ شيء ... ففي أفهامنا منك انبهار وفيك نرى الفضاء وهل فضاء ... سوى هذا الفضاء به تدار وعندك ترفع الأرواح أم هل ... مع الأجساد يدركها البوار وموج ذي المجرّة أم فرند ... على لجج الذراع لها مدار وفيك الشمس رافعة شعاعا ... بأجنحة قوادمها قصار   [376]- ترجمة ابن شبل في عيون الأنباء 1: 247 واسمه فيه كما ذكره ياقوت، وترجم له آخرون باسم محمد بن الحسين بن عبد الله كما هي الحال في الفوات 3: 340 والوافي 3: 11 والمحمدون من الشعراء: 270- 290 (وأورد منتخبات من شعره مرتبة على حروف المعجم) وانظر المنتظم 8: 328 وابن خلكان 4: 393 والنجوم الزاهرة 5: 111 ودمية القصر 1: 352 (ط. مصر) والبدر السافر: 91 والبداية والنهاية 12: 121. [1] من أمثلة ذلك المراسلات بينه وبين البيروني، تحقيق سيد حسين نصر ومهدي محقق، تهران 1352. [2] الوافي والفوات وعيون الأنباء. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1078 وطوق للنجوم إذا تبدى [1] ... هلالك أم يد فيها سوار وأفلاذ [2] نجومك أم حباب ... تؤلّف بينه لجج غزار وتنشر في الفضا [3] ليلا وتطوى ... نهارا مثلما يطوى الإزار فكم بصقالها صدىء البرايا ... وما يصدا لها أبدا غرار تبادى ثم تخنس راجعات ... وتكنس مثلما كنس الصّوار فبينا الشرق يقدمها صعودا ... تلقّاها من الغرب انحدار على ذا قد مضى وعليه يمضي ... طوال منى وآجال قصار وأيام تعرّقنا مداها ... لها أنفاسنا أبدا شفار ودهر ينثر الأعمار نثرا ... كما للورد في الروض انتثار ودنيا كلما وضعت جنينا ... غذته من نوائبها ظئار هي العشواء ما خبطت هشيم ... هي العجماء ما جرحت جبار فمن يوم بلا أمس ويوم ... بغير غد إليه بنا يسار ومن نفسين في أخذ وردّ ... لروح المرء في الجسم انتشار وكم من بعد ما كانت نفوس ... إلى أجسامها طارت وطاروا ألم تك بالجوارح آنسات ... فأعقب ذلك الأنس النفار [4] فإن يك آدم أشقى بنيه ... بذنب ما له منه اعتذار ولم ينفعه بالأسماء علم ... وما نفع السجود ولا الجوار فأخرج ثم أهبط ثم أودى ... فترب السافيات له شعار فأدركه بعلم الله فيه ... من الكلمات للذنب اغتفار ولكن بعد غفران وعفو ... يعيّر ما تلا ليلا نهار   [1] عيون: من الليالي. [2] عيون: وترصيع. [3] عيون: تمدّ رقومها. [4] عيون: فكم بالقرب عادلها نفار. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1079 لقد بلغ العدوّ بنا مناه ... وحلّ بآدم وبنا الصغار وتهنا ضائعين كقوم موسى ... ولا عجل أضلّ ولا خوار فيا لك أكلة ما زال منها ... علينا نقمة وعليه عار نعاقب في الظهور وما ولدنا ... ويذبح في حشا الأمّ الحوار وننتظر البلايا والرزايا ... وبعد فللوعيد لنا انتظار ونخرج كارهين كما دخلنا ... خروج الضبّ أخرجه الوجار فماذا الإمتنان على وجود ... لغير الموجدين به الخيار وكان وجودنا خيرا لو انا [1] ... نخيّر قبله أو نستشار أهذا الداء ليس له دواء ... وهذا الكسر ليس له انجبار تحيّر فيه كلّ دقيق فهم ... وليس لعمق جرحهم انسبار إذا التكوير غال الشمس عنّا ... وغال كواكب الأفق انتثار وبدّلنا بهذي الأرض أرضا ... وطوّح بالسموات انفطار وأذهلت المراضع عن بنيها ... لدهشتها وعطّلت العشار وغشّى البدر من فرق وذعر ... خسوف ليس يجلى أو سرار وسيّرت الجبال فكنّ كثبا ... مهيلات وسجّرت البحار فأين ثبات ذي الألباب منا ... وأين مع الرجوم لنا اصطبار وأين عقول ذي الأفهام مما ... يراد بنا وأين الإعتبار وأين يغيب لبّ كان فينا ... ضياؤك من سناه مستعار ولا أرض عصته ولا سماء ... ففيم يغول أنجمها انكدار وقد وافته طائعة وكانت ... دخانا ما لقاتره شرار قضاها سبعة والأرض مهدا ... دحاها فهي للأموات دار فما لسموّ ما أعلى انتهاء ... وما لعلوّ ما أرسى قرار   [1] عيون: وكانت أنعما لو أن كونا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1080 ولكن كلّ ذا التهويل فيه ... لمن يخشى اتعاظ وازدجار وقال [1] : بنا إلى الدير من كوثى [2] صبابات ... فلا تلمني فما تغني [3] الملامات لا تبعدنّ وإن طال الزمان بها ... أيام لهو عهدناها وليلات فكم قضينا لبانات الشباب بها ... غنما وكم بقيت عندي لبانات ما أمكنت دولة الأيام مقبلة ... فانعم ولذّ فإن العيش تارات قبل ارتجاع الليالي فهي عارية ... فإنما منح الدنيا غرامات قم فاجل في فلك البستان شمس ضحى ... بروجها الزّهر والجامات دارات لعله إن دعا داعي الحمام بنا ... نقضي وأنفسنا منها رويّات بم التعلل لولا الراح في زمن ... أحياؤه في سبات الهمّ أموات بدت تحيّي فقابلنا تحيّتها ... وقد عراها لخوف المزج روعات مدّت أشعة برق من أبارقها ... على مقابلها منها شعاعات فلاح في ساق ساقيها خلاخل من ... تبر وفي أوجه الندمان شارات قد وقّع الصفو سطرا من فواقعها ... «لا فارقت شارب الراح المسرات» خذ ما تعجّل واترك ما وعدت به ... وكن لبيبا فللتأخير آفات وللسعادة أوقات مقدّرة ... فيها السرور وللأحزان أوقات وقال [6] : أيا جبلي نعمان بالله خلّيا ... نسيم الصبا يخلص إليّ نسيمها أجد بردها أو تشف منّي حرارة ... على كبد لم يبق إلا صميمها   [1] الوافي والفوات وعيون الانباء. [2] الوافي: درتا؛ الفوات: درنا. [3] الفوات: تجدي. [4] الفوات: وفي حشاها لقرع المزج. [5] الفوات: ملاءات. [6] تنسب لمجنون ليلى وقد وردت في ديوانه: 252. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1081 فإن الصّبا ريح إذا ما تنفست ... على كبد حرّاء قلّت همومها وقال [1] : ليكفكم ما فيكم من جوى نلقى ... فمهلا بنا مهلا ورفقا بنا رفقا وحرمة وجدي لا سلوت هواكم ... ولا رمت منه لا فكاكا ولا عتقا سأزجر قلبا رام في الحبّ سلوة ... وأهجره إن لم يمت بكم عشقا صحبت الهوى يا صاح حتى ألفته ... فأضناه لي أشفى وأفناه لي أبقى فلا الصبر موجود ولا الشوق بارح ... ولا أدمعي تطفي لهيبي ولا ترقا أخاف إذا ما الليل أرخى سدوله ... على كبدي حرقا ومن مقلتي غرقا أيجمل أن أجزى عن الوصل بالجفا ... فينعم طرفي والفؤاد بكم يشقى أحظي هذا أم كذا كلّ عاشق ... يموت ولا يحيا ويظما فلا يسقى سل الدهر علّ الدهر يجمع شملنا ... فلم أر ذا حال على حاله يبقى وقال: إذا كان دوني من بليت بجهله ... أبيت لنفسي أن أقابل بالجهل وإن كنت أدنى منه في الحلم والحجى ... عرفت له حقّ التقدم والفضل وإن كان مثلي في الفطانة والحجى ... أردت لنفسي أن أجلّ عن المثل وقال [2] : وفي اليأس إحدى الراحتين لذي الهوى ... على أن إحدى الراحتين عذاب أعفّ وبي وجد وأسلو وبي جوى ... ولو ذاب مني أعظم وإهاب وآنف أن تصطاد قلبي كاعب ... بلحظ وأن يروي صداي رضاب فلا تنكروا عزّ الكريم على الأذى ... فحين تجوع الضاريات تهاب   [1] عيون الأنباء 1: 251. [2] عيون الأنباء 1: 252. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1082 وقال [1] : وكأنما الانسان منّا غيره ... متكوّنا والحسن فيه معار متصرفا وله القضاء مصرّف ... ومكلفا [2] وكأنه مختار طورا تصوّبه الحظوظ وتارة ... خطأ تحيل صوابه الأقدار تعمى بصيرته ويبصر بعد ما ... لا يستردّ الفائت استبصار فتراه يؤخذ قلبه من صدره ... ويردّ فيه وقد جرى المقدار فيظلّ يوسع [3] بالملامة نفسه ... ندما إذا عبثت به الأفكار لا يعرف الإفراط في إيراده ... حتى يبيّنه له الإصدار وقال [4] : تلقّ بالصبر ضيف الهمّ حيث أتى ... إنّ الهموم ضيوف أكلها المهج فالخطب إن زاد يوما فهو منتقص ... والأمر إن ضاق يوما فهو منفرج فروّح النفس بالتعليل ترض به ... واعلم إلى ساعة من ساعة فرج وقال [5] : احفظ لسانك لا تبح بثلاثة ... سرّ ومال ما استطعت ومذهب فعلى الثلاثة تبتلى بثلاثة ... بمكفّر وبحاسد ومكذّب وقال [6] : وعلى قدر عقله فاعتب المر ... ء وحاذر برّا يصير عقوقا كم صديق بالعتب صار عدوّا ... وعدوّ بالحلم صار صديقا   [1] عيون الأنباء 1: 250 والوافي 3: 14 والفوات 3: 342. [2] م: ومخير، (وما قبلها على الرفع: متكون، متصرف) . [3] في المصادر: يضرب. [4] عيون الأنباء 1: 251 والمحمدون: 276. [5] عيون الأنباء 1: 252. [6] عيون الأنباء 1: 251. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1083 وقال [1] : ثقلت زجاجات أتتنا فرّغا ... حتى إذا ملئت بصرف الرّاح خفّت فكادت أن تطير بما حوت ... وكذا الجسوم تخفّ بالأرواح وقال [2] : تسلّ عن كلّ شيء بالحياة فقد ... يهون بعد بقاء الجوهر العرض يعوّض الله مالا أنت متلفه ... وما عن النفس إن أتلفتها عوض وقال [3] : قالوا القناعة عزّ والكفاف غنى ... والذلّ والعار حرص المرء والطمع صدقتم من رضاه سدّ جوعته ... إن لم يصبه بماذا عنه يقتنع؟ وقال [4] : إن تكن تجزع من دم ... عي إذا فاض فصنه أو تكن أحمدت [5] يوما ... سيدا يعفو فكنه أنا لا أصبر عمّن ... لا يجوز الصبر عنه كلّ ذنب في الهوى يغ ... فر لي ما لم أخنه وقال يرثي أخاه أحمد بن عبد الله بن يوسف [6] : غاية الحزن والسرور انقضاء ... ما لحيّ من بعد ميت بقاء لا لبيد بأربد مات حزنا ... وسلت صخرا الفتى [7] الخنساء   [1] وردت منسوبة له في عيون الأنباء 1: 251- 252 وهي تنسب لادريس بن اليمان في المصادر الاندلسية، انظر الذخيرة 3/1: 344 والمغرب وجذوة المقتبس (في ترجمته) . [2] عيون الأنباء 1: 252 والمحمدون: 281 أنشدهما لابن الموصلايا لما حرقت داره. [3] عيون الأنباء 1: 251. [4] المصدر نفسه. [5] م: جحدت. [6] عيون الأنباء 1: 349 والوافي 3: 12 والفوات 3: 340. [7] المصادر: وسلت عن شقيقها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1084 مثل ما في التراب يبلى الفتى فال ... حزن يبلى من بعده والبكاء غير أنّ الأموات زالوا وأبقوا ... غصصا لا يسيغها الأحياء إنما نحن بين ظفر وناب ... من خطوب أسودهنّ ضراء نتمنّى وفي المنى قصر العم ... ر فنغدو بما نسرّ نساء صحة المرء للسقام طريق ... وطريق الفناء هذا البقاء بالذي نغتذي نموت ونحيا ... أقتل الداء للنفوس الدواء ما لقينا من غدر دنيا فلا كا ... نت ولا كان أخذها والعطاء راجع جودها عليها فمهما ... يهب الصبح يستردّ المساء ليت شعري حلما تمرّ بنا الأي ... ام أم ليس تعقل الأشياء من فساد يجنيه للعالم الكو ... ن فما للنفوس منه اتقاء قبّح الله لذة لشقانا ... نالها الأمهات والآباء نحن لولا الوجود لم نألم الفق ... د فايجادنا علينا بلاء وقليلا ما تصحب المهجة الجس ... م ففيم الأسى وفيم العناء ولقد أيّد الاله عقولا ... حجة العود عندها الابداء غير دعوى قوم على الميت شيئا ... أنكرته الجلود والأعضاء وإذا كان في العيان خلاف ... كيف في الغيب يستبين الخفاء ما دهانا من يوم أحمد إلا ... ظلمات وما استبان ضياء يا أخي عاد بعدك الماء سمّا ... وسموما ذاك النسيم الرّخاء والدموع الغزار عادت من الأن ... فاس نارا تثيرها الصّعداء وأعدّ الحياة غدرا وإن كا ... نت حياة يرضى بها الأعداء أين تلك الخلال والحزم أين ال ... عزم أين السناء أين البهاء كيف أودى النعيم من ذلك الظ ... لّ وشيكا وزال ذاك الغناء أين ما كنت تنتضي من لسان ... في مقام ما للمواضي انتضاء كيف أرجو شفاء ما بي وما بي ... دون سكناي في ثراك شفاء الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1085 أين ذاك الرّواء والمنطق الجز ... ل وأين الحياء أين الإباء إن محا حسنك التراب فما لل ... دمع يوما من صحن خدي انمحاء أو تبن لم يبن قديم ودادي ... أو تمت لم يمت عليك الثناء شطر نفسي دفنت والشطر باق ... يتمنّى ومن مناه الفناء إن تكن قدّمته أيدي المنايا ... فإلى السابقين تمضي البطاء يدرك الموت كلّ حيّ ولو أخ ... فته عنه في برجها الجوزاء ليت شعري وللبلى كلّ مخلو ... ق بماذا تميز الأنبياء موت ذي الحكمة المفضل بالنط ... ق وذي العجمة البهيم سواء لا غويّ لفقده تبسم الأر ... ض ولا للتقيّ تبكي السماء كم مصابيح أوجه أطفأتها ... تحت أطباق تربها البيداء كم بدور وكم شموس وكم أط ... واد مجد أمسى عليها العفاء كم محا غرة الكواكب غيم [1] ... ثم أخفت ضياءها الأنواء إنما الناس قادم إثر ماض ... بدء قوم للآخرين انتهاء وقال [2] : قالوا وقد مات محبوب فجعت به ... وفي الصبا وأرادوا عنه سلواني ثانيه في الحسن موجود فقلت لهم ... من أين لي في الهوى الثاني صبا ثاني وقال: ولو أنني أعطيت من دهري المنى ... وما كلّ من يعطى المنى بمسدّد لقلت لأيام مضين ألا ارجعي ... وقلت لأيام أتين ألا ابعدي   [1] عيون: صبح. [2] عيون الانباء 1: 252. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1086 - 377- الحسين بن عبد الله بن رواحة بن ابراهيم بن عبد الله بن رواحة، أبو علي الأنصاري الحموي الأديب الفقيه الشاعر المجيد: ولد بحماة ونشأ بها، ورحل إلى دمشق فأقام بها مدة واشتغل بالفقه وسمع الحديث من الحافظ أبي القاسم ابن عساكر ومن عمه وآخرين، ورحل إلى مصر فسمع بها وبالاسكندرية. ثم عاد إلى دمشق فشهد واقعة مرج عكا فقتل فيها شهيدا يوم الأربعاء من شعبان سنة خمس وثمانين وخمسمائة. وله من قصيدة مهنئا بها الملك الناصر صلاح الدين بن أيوب بعيد النحر سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة وكان السلطان مخيما بمرج فاقوس [1] : لقد خبر التجارب منه حزم ... وقلّب دهره ظهرا لبطن فساق إلى الفرنج الخيل برّا ... وأدركهم على بحر بسفن وقد جلب الجواري بالجواري ... يمدن بكلّ قدّ مرجحنّ يزيدهم اجتماع الشمل بؤسا ... فمرنان ينوح على مرنّ زهت اسكندرية يوم سيقوا ... ودمياط إلى المينا بغبن يرون خياله كالطيف يسري ... فلو هجعوا أتاهم بعد وهن أبادهم تخوّفه فأمسى ... مناهم لو يبيّتهم بأمن تملّك جيشهم شرقا وغربا ... فصاروا بين مملوك ورهن أقام بآل أيوب رباطا ... رأت منه الفرنجة ضيق سجن رجا أقصى الملوك السلم منهم ... ولم ير جهده في الحرب يغني فألقى السلم بعد الحرب كرها ... ولم ير من مناه سوى التمني   [377] ترجمة ابن رواحة في تهذيب ابن عساكر 4: 305 وخريدة القصر (قسم الشام) 1: 481 والوافي 12: 413 والفوات 1: 376 ومن المفروض أن تكون في مصورة ابن عساكر 4: 678 غير أن هناك اختلاطا بين ترجمة الحسين بن الضحاك وترجمة ابن رواحة ضاعت فيه المعالم المهمة لكلّ من الترجمتين، وانظر المقفى 3: 517. [1] الشعر في الروضتين 1: 270 وانظر الوافي 12: 416 والخريدة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1087 وقال يرثي الحافظ أبا القاسم ابن عساكر وأنشدها بجامع دمشق سنة إحدى وسبعين وخمسمائة [1] : ذرا السعي في نيل العلا والفضائل ... مضى من إليه كان شدّ الرواحل فقولا لساري البرق إني معينه ... بنار أسى أو سحب دمع هواطل وتمزيق جلباب العزاء لفقده ... بزفرة باك أو بحسرة ثاكل فأعلن به للركب واستوقف السّرى ... لقصّاده من قبل طيّ المراحل وقل غاب بدر التمّ عن أنجم الدجى ... وأشرق منهم بعده كلّ آفل وما كان إلا البحر غار ومن يرد ... سواحله لم يلق غير الجداول وهبكم رويتم علمه عن رواته ... فليس عوالي صحبه بنوازل فقد فاتكم نور الهدى بوفاته ... ونور التقى منه ونجح الوسائل وما حظّ من قد غرّه نصل صارم ... رجا نصرة من غمده والحمائل ليبك عليه من رآه ومن حوى ... هداه بأيام لديه قلائل ويقض أسى من فاته الفضل عاجلا ... برؤيته والفوز في كلّ آجل أسفت لا رجائي قدوم أعزّة ... عليه وتسويفي إلى عام قابل ولو أنهم فازوا بإدراك مثله ... لأزروا على سنّ الصبا بالأماثل فيا لمصاب عمّ سنة أحمد ... وأحرم منها كلّ راو وناقل خلا الشام من خير خلت كلّ بلدة ... بها من نظير للإمام مماثل وأصبح بعد الحافظ العلم شاغرا ... بلا حافظ يهذي به كلّ باقل وكم من نبيه قلّ مذ مات جاهه ... وقدّم لما أن مضى كلّ خامل خلت سنّة المختار من ذبّ ناصر ... فأيسر ما لاقته بدعة جاهل نحا للإمام الشافعيّ مقالة ... فأصبح يثني عنه كلّ مجادل وأيّد قول الأشعريّ بسنّة ... فكانت عليه من أدلّ الدلائل   [1] تهذيب ابن عساكر 4: 305- 307 (وثبت بعضها في المصورة: 679) . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1088 وكم قد أبان الحقّ في كلّ محفل ... فأروى بما يروي ظماء المحافل وسدّ من التجسيم باب ضلالة ... وردّ من التشبيه شبهة باطل وإن يك قد أودى فكم من أسنّة ... مركّبة من قوله في عوامل وإن مال قوم واستمالوا رعاعهم ... بإضلالهم عنه فلست بمائل أرى الأجر في نوحي عليه ولا أرى ... سوى الإثم في نوح البواكي الثواكل وليس الذي يبكي إماما لدينه ... كباك لدنياه على فقد راحل فيا قلب واصله بأعظم رحمة ... ويا عين فاسقيه بأغزر وابل وحيّ ثراه الدهر أهنى تحية ... مكررة عند الضحى والأصائل أعنّي على نوحي عليه فإنه ... قريب ثواء في الثرى والجنادل ولو لم يكن بالدمع سيل لحبّه ... لضنّ على لحد به كلّ باخل مضى من حديث المصطفى كان شاغلا ... له باجتهاد فيه عن كلّ شاغل لقد شمل الإسلام فيه رزية ... وكان له بالنصح أفضل شامل وفضّل بين السالفين اطّلاعه ... عليهم فذبّ النقص عن كل فاضل وأصبح في نقد الرجال مميزا ... بغير نظير في الورى ومساجل وأكمل تاريخا لجلّق جامعا ... لمن حلّها من كلّ شهم وكامل [1] فأزرى بتاريخ الخطيب وقد غدا ... بخطبته في الكتب أخطب قائل ومنها: طوى الموت منه العلم والزهد والنّهى ... وكسب المعالي واجتناب الرذائل وأفجع منه العالمين بمقدم ... صبور على حرب الضلال [2] حلاحل وكان غيورا ذبّ عن دين أحمد ... وأدفع عنه من [3] شجاع مقاتل   [1] ابن عساكر: لمن حلها يا ليته غير كامل. [2] ابن عساكر: على كيد العتاة. [3] ابن عساكر: بحق لأحمى من. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1089 وأحرم فيه الدّين أشرف صائن ... له ولدفع الزّيغ أعظم صائل ولم أر نقص الأرض يوما كنقصها ... بموت إمام عالم ذي فضائل أبا القاسم الأيام قسمة حاكم ... قضى بالفنا فينا قضية عادل بماذا أعزّي المسلمين ولا أرى ... عزاء سوى من قد مضى من أفاضل عليك سلام الله ما انتفع الورى ... بعلمك واستعلى على المتطاول وقال [1] : إن كان يحلو لديك قتلي ... فزد من الهجر في عذابي عسى يطيل الوقوف بيني ... وبينك الله في الحساب وقال [2] : لاموا عليك وما دروا ... أنّ الهوى سبب السعاده إن كان وصل فالمنى ... أو كان هجر فالشهاده وعكسه فقال [3] : يا قلب دع عنك الهوى قسرا ... ما أنت منه حامد أمرا أضعت دنياك بهجرانه ... إن نلت وصلا ضاعت الأخرى وقال: وللزنبور والبازي جميعا ... لدى الطيران أجنحة وخفق ولكن بين ما يصطاد باز ... وما يصطاده الزنبور فرق   [1] البيتان في الوافي والفوات والخريدة. [2] هما في الوافي والفوات. [3] هما أيضا في المصدرين السابقين. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1090 - 378- الحسين بن عبد الرحمن الغريبي الكوفي: غلب عليه طلب الغريب فنسب إليه ويكنى أبا علي، وهو راوية فصيح، فمن شعره يمدح الكتّاب: إن كنت تقصدني بظلمك عامدا ... فحرمت نفع صداقة الكتاب السائقين إلى الصديق ثرى الغنى ... والناعشين لعثرة الأصحاب والناهضين بكلّ عبء مثقل ... والناطقين بفصل كلّ خطاب والعاطفين على الصديق بفضلهم ... والطيبين روائح الأثواب ولئن جحدتهم الثناء لطالما ... جحد العبيد تفضّل الأرباب - 379- الحسين بن علي أبو عبد الله الباقطائي الأخباري الكاتب: مات في شعبان سنة اثنتي عشرة وثلاثمائة. وكان أعلم الناس بأمور الكتّاب وأولادهم وبيوتاتهم. قرأت بخط بعض الفضلاء قال، قال أبو عبد الله الباقطائي: انصرفت من بستاني عشية، فرأيت بالعباسة رجلا جالسا فتأملته فإذا هو ماني الموسوس، فلمّا حاذيته سلّم علي، ووثب إليّ ومسك لجام دابتي، وقال: ما كان اسم زوجة النبيّ صلى الله عليه وسلم؟ فقلت: أيتهن يا أبا الحسن؟ فقال: التي ركبت ذاك الكبير الكبير الذي له عنق طويل. قلت: عائشة. قال: أتحفظ عني ما أقول؟ قلت: هات، فقال: ركبت أمّنا البعير وقالت ... اضربوا بالسيوف وجه الوصيّ قاتلوا الطاهر المطهّر قدما ... واطعنوا بالرماح وجه عليّ أتراها روت أحاديث في ذا ... ك عن الصادق الصدوق النبي   [378]- ترجمة الغريبي هذه من المختصر، وقد تصحفت نسبته في البصائر 2: 149 إلى «القدسي الكوفي» حيث أورد له الأبيات البائية. [379]- قال ياقوت في معجم البلدان (مادة باقطايا 1: 476) باقطايا من قرى بغداد على ثلاثة فراسخ من ناحية قطربل ينسب إليها الحسين بن علي الكاتب، ذكرته في كتاب معجم الأدباء. وهذه النسبة لم يوردها السمعاني وابن الأثير. والترجمة من المختصر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1091 ليس يخفى عن الذي يعلم الس ... رّ من العالمين فعل المسيّ ثم ترك اللجام، وولّى عني، فسرت وجعلت أردّد الأبيات لأحفظها، وقال لي غلامي: هذا ماني يعدو طالبا لنا، فالتفتّ إليه، وقلت: حاجة يا أبا الحسن؟ فقال: نعم. قلت: ما هي؟ قال: احفظ. قلت: هات. قال: أفكر فيما جنى بعضهم ... على بعضهم فأطيل الفكر معاشر قد صحبوا المصطفى ... وكانوا أئمتنا في الأثر فإن كان دينهم فاسدا ... فأدياننا كلنا في قذر ومما أنشده [1] : لا يكون السريّ مثل الدنيّ ... لا ولا ذو الذكاء مثل الغبيّ قيمة المرء قدر ما يحسن المر ... ء قضاء من الإمام عليّ أراد قول علي عليه السلام: قيمة كل امرىء ما يحسن. - 380- الحسين بن علي بن [] أبو عبد الله النمري صاحب التصانيف: وكان شاعرا جيدا، قرأ على أبي عبد الله الأزدي. مات في سنة خمس وثمانين وثلاثمائة. وكان من أصحاب أبي رياش وابن لنكك. وكان من صدور البصرة في الأدب والشعر. فمن شعره في شكاية عين المحبوب ما أبدع فيه وأحسن، هكذا قال الشيخ: يا من تشكى عينه ... وبلاؤه منها وفيها الناس شاكوها إلي ... ك وأنت أيضا تشتكيها   [380]- ترجمة النمري في يتيمة الدهر 2: 359 ونزهة الألباء: 224 وإنباه الرواة 1: 323 والوافي 13: 21 وبغية الوعاة 1: 537 وروضات الجنات 3: 156 وقد ورد في المختصر «النميري» وترك قبل الكنية فراغا مصدرا بلفظة «بن» ليرفع في نسبه، وليس في المصادر شيء من ذلك. [1] قد مرّ هذان البيتان في مقدمة الكتاب وسيردان في ترجمة الخليل بن أحمد. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1092 وله: ذكرتك والأمواه تنثر طلّها ... بدجلة والأشجار تنشر ظلّها وقد دارت الصهباء من كفّ شادن ... [] عينه وأجلها فأسبلت دمع العين حين استراب بي ... جليسي وقالوا عبرة لن يملها فقلت لهم لم تبك عيني وإنما ... أصاب اضطراب الماء عيني فبلّها قيل: وكان أخفش العين، سيّء المنظر، قوي الطبقة بالأدب، عارفا بالشعر يتكلم على معانيه. فمن شعره أبيات كتبها إلى ابن صالحان يهنئه بقدومه الأهواز: بك تشرف الدنيا وأنت نعيمها ... والدهر أنت وكلّ يوم صالح ما البحر أغزر منك في يوم الندى ... أزرى نداك بكلّ بحر طافح لا زلت في نعم وعزّ ثابت ... غاد عليك بما تشاء ورائح وأعيد هذا العيد نحوك ما دعت ... ورقاء صادحة بأورق صادح وله: إذا مرضنا نوينا كلّ صالحة ... وإن شفينا فمنا الزيغ والزّلل نرضي الإله إذا خفنا ونسخطه ... إذا أمنّا فلا يزكو لنا عمل - 381- الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن محمد بن يوسف بن بحر بن بهرام بن المرزبان بن ماهان بن باذام بن ساسان بن الحرون بن بلاس بن جاماسب بن   [381]- ترجمة الوزير المغربي في تتمة اليتيمة 1: 24 ودمية القصر 1: 94 (ط. مصر) والمنتظم 8: 32 ومصورة ابن عساكر 5: 9- 11 وتهذيب ابن عساكر 4: 312 وتاريخ ابن الأثير 9: 362 وابن خلكان 2: 172 وبغية الطلب 5: 14- 30 والذخيرة 4/2: 475 واعتاب الكتاب: 206 ورجال النجاشي: 55 والاشارة إلى من نال الوزارة: 47 ولسان الميزان 2: 301 والوافي 12: 440 والشذرات 3: 210 وطبقات الداودي 1: 654 وروضات الجنات 3: 166 وراجع أخباره أيضا في ذيل ابن القلانسي: 61- 64 وصفحات متفرقة من اتعاظ الحنفا (ج: 2) والدرة- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1093 فيروز بن يزدجرد بن بهرام جور بن يزدجرد ملك فارس، أبو القاسم المعروف بالوزير المغربي (وليس بمغربي الدار) : ولد فجر يوم الأحد ثالث عشر ذي الحجة سنة سبعين وثلاثمائة، وحفظ القرآن وعدة من الكتب المجردة في النحو واللغة، وخمسة عشر ألف بيت من الشعر، وأتقن الحساب والجبر والمقابلة، وله في حساب المواليد اليد العظمى، هذا كلّه ولم يكمل له من العمر أربعة عشر ربيعا. وكان حسن الخطّ سريع البديهة في النظم والنثر. وكان جده علي بن محمد يتولى ديوان المغرب فنسب إليه، ويشهد بفضله أبو العلاء المعري، وحسبك وقد نفذ إليه قصيدة فقال: والله لولا أن يقال غاليت، لكتبت تحت كل بيت، فليعبدوا ربّ هذا البيت. مات في ثالث عشر رمضان سنة ثماني عشرة وأربعمائة. ولما قتل الحاكم أباه وعمه وأخويه هرب من مصر فلما بلغ الرملة استجار بصاحبها حسّان بن المفرج بن دغفل بن الجراح الطائي ومدحه فأجاره وسكّن جأشه وأزال وحشته، فأقام عنده مدة أفسد في خلالها نيته على الحاكم صاحب مصر، ثم رحل عنها متوجها إلى الحجاز مجتازا بالبلقاء من أعمال دمشق، فلما وصل إلى مكة أطمع صاحبها بالحاكم ومملكة الديار المصرية، وجدّ في ذلك حتى أقلق الحاكم وخاف على ملكه. واستدعى ابا الفتوح الحسين بن جعفر العلوي ويلقب بالراشد بالله بعد أن سهّل عنده سهولة الأمر، فأصغى إلى ذلك وبايعه شيوخ العلويين. وحسّن إليه أبو القاسم أخذ قبلة البيت وما فيه من فضة وضربه دراهم. واتفق أن توفي رجل من الفرس يدعى بالمطوعي وعنده أموال الهند والصين، وخلّف مالا عظيما، وأوصى   - المضية 6: 309- 312 والنجوم الزاهرة 4: 266، وقد ذكره ابن القارح وحكى شيئا من أخباره معه (رسالة الغفران: 51- 58) وانظر مقدمة أدب الخواص تحقيق صديقنا الشيخ حمد الجاسر، ومقدمة كتاب في السياسة تحقيق الدكتور سامي الدهان وفيما يتعلق بالعلاقة بينه وبين أبي العلاء، انظر مقالة لي عنه بمجلة الفكر العربي (بيروت 1982) العدد: 25 (274- 282) ؛ وكذلك كتابي عنه (بيروت 1988) وفيه دراسة لسيرته وما تبقى من شعره ونثره. وقد أورد المختصر زيادات كثيرة على ما ورد في م، وله ترجمة في المقفى 3: 536. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1094 لأبي الفتوح بمائة ألف دينار ليصون بها تركته والودائع التي عنده. فحمله أبو القاسم على أخذ الجميع؛ وخطب [أبو الفتوح] لنفسه بمكة، وسار حتى لحق بآل الجراح. ولما قرب من الرملة تلقّاه المفرج وسائر العرب، وقبّلوا الأرض بين يديه، وسلّموا عليه بامرة المؤمنين، ولقيهم راكبا فرسا متقلدا سيفا زعم أنه ذو الفقار، وفي يده قضيب، زعم أنه قضيب النبي صلى الله عليه وسلم، وحوله جماعة من بني عمه، وألف عبد أسود، وخطب له بالرملة وما لاصقها. ثم بلغ الخبر الحاكم فأرسل الأموال إلى آل الجراح، واستفسدهم بما بذل لهم، وبلغ ذلك أبا الفتوح، فدخل إلى المفرج وسأله إعانته على العود إلى مكة، فأنفذ معه من حمله إلى وادي القرى، فتلقّاه أصحابه، ومضوا به. وقيل: إنه ندم بعد ذلك، فتركه المغربي وقصد العراق على طريق السماوة حتى وصل الأنبار، وقصد فخر الملك أبا غالب محمد بن خلف، وهو يومئذ يتولى العراق من قبل بهاء الدولة أبي نصر بن عضد الدولة، فاتهمه القادر بالله أنه ورد في إفساد الدولة، فراسل فخر الملك حتى أخرجه من واسط، وكان قد أقام عنده مكرما. فلما توفي فخر الملك مقتولا عاد الوزير المغربيّ إلى بغداد، ثم شخص إلى الموصل، فاتفق وفاة أبي الحسن ابن هانىء كاتب قرواش أمير بني عقيل فتولّى الكتابة مكانه ووزر لقرواش. وسمت نفسه إلى وزارة بغداد فلم يزل يراسل فيها حتى تمّت له، فوزر لشرف الدولة أبي علي بن بهاء الدولة أبي نصر بن عضد الدولة فناخسرو بن بويه سنة أربع عشرة ومائة بغير خلع ولا لقب، وبقي في الوزارة عشرة أشهر وخمسة أيام. فشغب الأمراء عليه، وطالبوه بأقساطهم، فاستشعر منهم وهرب ليلا حتى لحق بعريب بن مقن العقيلي. ومضى من فوره إلى ميّافارقين، واتصل بنصير الدولة أبي نصر ابن مروان صاحب ديار بكر، فوزر له، ومات بميافارقين وهو وزيره. وكتب إلى أصحاب الأطراف ما بينه وبين الكوفة قبل موته بأن حظيّة له قد ماتت، وقد نقلها إلى الكوفة، وأوصى أصحابه إذا مات أن يحملوه إلى الكوفة فحمل، فكان إذا وصل التابوت إلى أحد الأمراء يعطونه الكتاب فيكرم أصحاب الجنازة، ويسيرها وهو يظنها حظيته حتى وصل إلى الكوفة، فدفن بها في تربة مجاورة لمشهد علي رضي الله عنه وإنما فعل ذلك خوفا أن يمنع من الإجازة لسوء فعله، وحقد الأمراء عليه. وتمّ تدبيره عليهم، وبلغ مراده بعد مماته، وأوصى أن يكتب الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1095 على قبره [1] : كنت في سفرة الغواية والجه ... ل مقيما فحان مني قدوم تبت من كلّ مأثم فعسى يم ... حى بهذا الحديث ذاك القديم بعد خمس وأربعين لقد ما ... طلت إلا أن الغريم كريم وكان خبيث الباطن، شديد الحسد على الفضائل وإن أظهر الميل إليها. وكان إذا دخل إليه الفقيه سأله عن النحو، وإذا دخل إليه النحوي سأله عن الفرائض، وإذا دخل إليه الشاعر سأله عن القرآن عبثا قصدا لتأنيب المسؤول، حتى قال فيه بعض الشعراء: ويلي وعولي وويه ... لدولة ابن بويه سياسة الملك ليست ... ما جاء عن سيبويه وللوزير أبي القاسم رواية عن الوزير أبي الفضل جعفر بن الفضل بن الفرات المعروف بابن حنزابة، حكى عنه بسنده إلى المدائني أنه قال [1] : كان رجل بالمدينة من بني سليم يقال له جعدة كان يتحدّث إليه النساء بظهر المدينة، فيأخذ المرأة فيعلقها إلى الحيطان ويثبت العقال، فإذا أرادت ان تثب سقطت وتكشفت، فبلغ ذلك قوما في بعض المغازي فكتب رجل منهم إلى عمر رضي الله عنه بهذه الأبيات: ألا أبلغ أبا حفص رسولا ... فدا لك من أخي ثقة إزاري قلائصنا هداك الله إنا ... شغلنا عنكم زمن الحصار لمن قلص تركن معقّلات ... قفا سلع بمختلف النجار يعقّلهنّ جعدة من سليم ... وبئس معقّل الذّود الطوار يعقلهن أبيض شيظميّ ... معيدا يبتغي سقط العذار فلما قرأ عمر الأبيات قال عليّ بجعدة من سليم، فأتوه به، فكان سعيد يقول:   [1] وردت الأبيات في كثير من المصادر المذكورة في ترجمته، والأول والثاني منها وردا في الشريشي 5: 357 منسوبين لابن المعتز، وهي القطعة رقم: 95 في كتاب الوزير المغربي. [2] القصة والابيات في تهذيب ابن عساكر 4: 312 وابن سعد 3: 286. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1096 إني لفي الأغيلمة إذ جرّوا جعدة إلى عمر، فلما رآه قال: أشهد أنك شيظميّ كما وصفت، فضربه مائة ونفاه إلى عمان. ومن شعر الوزير المغربي [1] : خف الله واستدفع سطاه وسخطه ... وسائله فيما تسأل الله تعطه فما تقبض الأيام من نيل حاجة ... بنان فتى أبدى إلى الله بسطه وكن بالذي قد خطّ باللوح راضيا ... فلا مهرب مما قضاه وخطّه وإنّ مع الرزق اشتراط التماسه ... وقد يتعدّى إن تعدّيت شرطه ولو شاء ألقى في فم الطير قوته ... ولكنّه أوحى إلى الطير لقطه إذا ما احتملت العبء فانظر قبيل أن ... تنوء به أن لا تروم محطّه وأفضل أخلاق الفتى العلم والحجى ... إذا ما صروف الدهر أخلقن مرطه فما رفع الدهر امرءا عن محلّه ... بغير التقى والعلم إلا وحطه وقال [2] : حلقوا شعره ليكسوه قبحا ... غيرة منهم عليه وشحّا كان صبحا عليه ليل بهيم ... فمحوا ليله وأبقوه صبحا وقال [3] : لي كلما ابتسم النهار تعلة ... بمحدث ما شان قلبي شانه فإذا الدجى وافى وأقبل جنحه ... فهناك يدري الهمّ أين مكانه وقال [4] : إذا ما الأمور اضطربن اعتلى ... سفيه تضام العلا باعتلائه   [1] الأبيات في تهذيب ابن عساكر (والقطعة رقم: 63) . [2] وردت في عدد من المصادر المذكورة آنفا وفي الشريشي 1: 431 (دون نسبة) وفي المسلك السهل: 464 والوافي في نظم القوافي: 148 (منسوبة للمرادي) وانظر القطعة رقم: 23. [3] وردا أيضا في الوافي 12: 444 (القطعة رقم: 99) . [4] وردا في تتمة اليتيمة وغرر الخصائص: 80 (القطعة رقم 2) . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1097 كذا الماء ان حركته يد ... طغا عكر راسب في إنائه وقال [1] : أرى الناس في الدنيا كراع تنكرت ... مراعيه حتى ليس فيهنّ مرتع فماء بلا مرعى ومرعى بغير ما ... وحيث ترى ماء ومرعى فمسبع وقال [2] : سأعرض كلّ منزلة ... تعرّض دونها الطب فإن أسلم رجعت وقد ... ظفرت وأنجح الطلب وإن أعطب فلا عجب ... لكلّ منية سبب وقال [3] : لو كنت أعرف فوق الشكر منزلة ... أعلى من الشكر عند الله في الثمن إذا منحتكها مني مهذبة ... حذوا على حذو ما واليت من حسن وقال [4] : أقول لها والعيس تحدج للسرى ... اعدي لفقدي ما استطعت من الصبر سأنفق ريعان الشبيبة آنفا ... على طلب العلياء أو طلب الاجر اليس من الخسران أنّ لياليا ... تمرّ بلا نفع وتحسب من عمري وقال [5] : الدهر سهل وصعب ... والعيش مرّ وعذب فاكسب بمالك حمدا ... فليس كالحمد كسب   [1] وردا في ابن خلكان والوافي (القطعة رقم: 66) . [2] وردت الأبيات في غرر الخصائص: 9 (القطعة رقم: 12) . [3] القطعة رقم: 103. [4] الأبيات في ابن خلكان وطبقات الداودي، ووردت في الذخيرة 4/2: 518 منسوبة لعبد الوهاب المالكي (القطعة رقم: 43) . [5] وردت في تهذيب ابن عساكر والنجوم الزاهرة (القطعة رقم: 11) . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1098 وما يدوم سرور ... فاختم وطينك [1] رطب وقال [2] : من بعد ملكي رمتم أن تغدروا ... ما بعد فرقة ما ملكت تخيّر ردّوا الفؤاد كما عهدتم للحشا ... ولطرفي الساهي الكرى ثم اهجروا وقال [3] : لا تشاور من ليس يصفيك ودّا ... إنه غير سالك بك قصدا واستشر في الأمور كلّ لبيب ... ليس يألوك في النصيحة جهدا وقال [4] : تأمل من أهواه صفرة خاتمي ... فقال بلطف لم تجنبت أحمره فقلت لعمري كان أحمر لونه ... ولكن سقامي حلّ فيه فغيره وقال [5] : إني أبثّك من حدي ... ثي والحديث له شجون فارقت موضع مرقدي ... ليلا ففارقني السكون قل لي فأول ليلة ... في القبر كيف ترى أكون وحدث [6] أنه كان للوزير المغربي مملوك، وكان شديد المحبة له، وكان روميّا، وكان أحد أولاد بطارقة الروم، فبلغ خبره أباه، فسأل ذلك البطريق ملك الروم أن يرسل من يستخلص ولده، ففعل وأنفذ رسولا إلى ابن مروان صاحب ديار بكر، فلما وصل الرسول استدعاه الوزير المغربي وسقاه الخمر عنده تكرمة له. فلما عملت   [1] م: وقلبك. [2] البيتان في بغية الطلب 5: 21 وتهذيب ابن عساكر (القطعة رقم: 40) . [3] القطعة رقم: 28. [4] البيتان في بغية الطلب وتهذيب ابن عساكر (القطعة رقم: 36) . [5] وردت في كثير من المصادر المذكورة في ترجمته، وفي طراز المجالس: 228 ونفح الطيب 1: 120 (القطعة رقم: 101. [6] من هنا حتى آخر الترجمة ورد في المختصر، ولم يرد في م. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1099 الخمر في الوزير، قال ذلك الرسول: أريد من إنعام الوزير يبيعني هذا الغلام. فقال: هو لك. فأخذه من ساعته، ونفذه على خيل قد أعدّت في كل فرسخ فرس. فلما أصبح الوزير استدعى الغلام، فقيل له: إنك قد وهبته من رسول ملك الروم. فاستدعاه من ساعته، وطلب منه الغلام، فقال: أيها الوزير، قد قارب بلاد أبيه، بلى مهما أردت من الثمن أعطيتك. فقال الوزير: ما كنت لأذهب نخوتي ومروءتي، قد وهبته منك خالصا، ثم قال [1] : يا من غدا جبل الرّيّان يحجبه ... ليس التصبّر عن قلبي بمحجوب أفلتّ قلبي من صدري وأطلبه ... من بعد ما صار في الشمّ الشناخيب فاصمت ولا ترث لي مما أكابده ... يدي لعمرك كانت أصل تعذيبي علّمتني الحزم لكن بعد مؤلمة ... إن المصائب أثمان التجاريب وكان في بعض الأحايين قد اعتزل خدمة السلطان، فقيل له: تركت المناصب في عنفوان شبابك. فقال: كنت في سفرة ... البطالة والجهل ... الأبيات وقيل: إنه زار بعض الصالحين المنقطعين، فقال: لو صحبتنا لنستفيد منك فقال: يردّني عن هذا بيت شعر [2] : إذا شئت أن تحيا غنيا فلا تكن ... بمنزلة إلا رضيت بدونها فأنا أكتفي بعيشي هذا. فقال: يا شيخ، هذا بيت مال، ليس هو بيت شعر. قال أبو الحسن علي بن منصور الحلبي المعروف بدوخلة [3] ، قال لي الوزير المغربي ليلة: أريد أن أجمع أوصاف الشمعة السبعة [4] في بيت واحد، وليس يسنح لي ما أرضاه، فقلت: أنا أفعل هذه الساعة. فقال: أنت جذيلها المحكّك وعذيقها   [1] منها بيتان في لباب الآداب: 327 (وانظر القطعة رقم: 14) . [2] استشهد والد ابن حزم بهذا البيت في نصحه لابنه، انظر جذوة المقتبس: 118. [3] هو ابن القارح الذي جاوبه المعري برسالة الغفران؛ انظر رسالة ابن القارح (في رسالة الغفران) 55- 56 [4] لم يورد إلا ستة أوصاف. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1100 المرجّب، فأخذت القلم من دواته، وكتبت بحضرته: لقد أشبهتني شمعة في صبابتي ... وفي هول ما ألقى وما أتوقّع نحول وحرق في فناء ووحدة ... وتسهيد عين واصفرار وأدمع فقال: كنت عملت هذا قبل هذا الوقت، فقلت تمنعني سرعة الخاطر، وتعطيني علم الغيب؟ ومن شعره في بلوغ الغاية من السلوّ [1] : حبيب ملكت الصبر بعد فراقه ... على أنني علّقته وألفته محا حسن يأسي شخصه من تفكري ... فلو أنني لاقيته ما عرفته وله [2] : قطعت الأرض في شهري ربيع ... إلى مصر وعدت إلى العراق فقال لي الحبيب وقد رآني ... سبوقا للمضمّرة العتاق ركبت على البراق فقلت كلا ... ولكني ركبت على اشتياقي وله [3] : يا صاحبيّ إذا أعياكما سقمي ... فلقّياني نسيم الريح من حلب من الديار التي كان الصبا وطري ... فيها وكان الهوى العذريّ من أربي حدث العطيري [4] الشاعر قال: دخلت يوما على الوزير المغربي بالموصل، وهو جالس على ضفة نهر يخرق عرصة داره، وبين يديه جارية كأنها فلقة قمر تسقيه وتنادمه، وهو يقول [5] : نديمتي جارية ساقيه ... ونزهتي ساقية جاريه فحكيت هذه الحكاية لأبي العلاء المعري، وأنشدته البيت فقال: هذا هو الطبع   [1] البيتان في الذخيرة 4: 512 وأدب الخواص: 75 وتتمة اليتيمة 1: 24 (القطعة رقم: 21) . [2] وردت في دمية القصر 1: 96 والذخيرة 4: 528 وابن خلكان 3: 221 (منسوبة لعبد الوهاب المالكي) ، وانظر القطعة رقم: 74. [3] دمية القصر 1: 96 (القطعة رقم: 15) . [4] لعل الصواب: العطوي. [5] الأفضليات: 80 وبديع أسامة: 50 (القطعة رقم: 113) . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1101 لا ما ينعقه ذلك الرجل الذي يقول: أبى ريقه/ أباريقه أوكارها/ أوكارها يعني البستي. وقيل: إنه كان يقول دائما: ما سررت قط بشعر مدحت به مع كثرة ما قيل كما سررت بقول النامي: وإذا علي بن الحسين لقيته ... فالق العظيم القدر بالإعظام تلق امرءا سلطانه في عقله ... وجنوده في ألسن الأقلام قال المؤلف: هكذا وجدت هذه الحكاية. والمغربي اسمه الحسين بن علي، وفي الشعر بالعكس، فلعل الممدوح أبوه. ومن شعر الوزير أبي القاسم المغربي [1] : غزال حبّه للصبر غرب ... ولكن وجهه للحسن شرق رددت وقد تبسّم عنه طرفي ... وقلت له ترى لي منك رزق فأرجو الوصل لا أني جدير ... ولا قدري لقدرك فيه وفق ولكن لست أول من تمنّى ... من الدنيا الذي لا يستحق حدّث الصاحب الوزير جمال الدين الأكرم، وناهيك به معرفة لأخبار الأيام، خصوصا ما يتعلق بحوادث مصر قال: لما قدم أبو الحسن علي بن الحسين، وولده أبو القاسم إلى مصر وبها الحاكم، تلقاهما وأنزلهما وأكرمهما، وعرف لهما حقّ الكفاية والبيت والأدب، وعيّن لأبي الحسن علي بن الحسين خدمة، واتفق أن دخل أبو القاسم يوما إلى الحاكم، وكان أبو القاسم ذا هيئة ورواء وجسم وشارة، فأعجب الحاكم ما رآه من فخامة منظره، فخاطبه فوجده لسنا حسن المحاورة، أديب الألفاظ، فخفّ على قلبه ونفق عليه، وأمره بملازمة مجلسه، فتكلم أبو القاسم يوما بشيء استحسنه الحاكم، فقال له: يا أبا القاسم، احتكم فيما شئت حتى أبلغكه. فقال: نعم يا مولانا، أحبّ أن تهب لي نفسي، ولا تقتلني، فتبسم الحاكم، وقال: ما موجب هذا الاقتراح؟ فقال: يعلم مولانا أن العصمة تفرّد بها الأنبياء، وأنا بشر   [1] بغية الطلب 5: 21 والوافي 4: 445 (القطعة رقم: 71) . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1102 أخطىء وأصيب فأخاف بادرة خطأ يكون فيها حتفي، وقد رأيت ذلك في جماعة من أولياء مولانا، والسعيد من وعظ بغيره. فقال: لك ذلك. فقال أبو القاسم: أحبّ أن يكتب لي مولانا خطّه بذلك، ويعطيني توثقة من نفسه به، فقد أوجب هذا الانبساط وسوء الأدب في الخطاب تحكيم مولانا إياي. فوجد من الحاكم وقفة في ذلك. فقال له: لا بأس، نحن عبيد، والمولى مالك. وأرجو أن لا آتي بما يكره مولانا، وأعيش في نعمته على رضاه وما يهواه. ولكن لي أخت لها من قلبي منزلة أخاف عليها من الريح إذا هبّت، إن رأى أمير المؤمنين أن يكتب لها أمانا على نفسها، ويوثقها على بقاء مهجتها وصيانتها فعل، فقال له: لك ذلك، على أن تعطيني موثقا أن لا تفارق حضرتي إلا بإذني. فقال له: لك ذلك. وكتب كلّ واحد منهما بذلك خطّه، وأيّده بيمين حلفها. وخرج أبو القاسم من مجلسه وتهيأ من وقته للاستتار، فأحضر عجوزا ممن يوثق بعقلها وديانتها، وأمرها أن تكتري دارا في بعض المحالّ النائية، وتتردّد إليها، وتبيت فيها تارة، وتنقطع أخرى، ولا تخالط أحدا من الجيران، ورتّب ذلك مدة سنتين أو ثلاث. فاتفق أنه استدعي يوما إلى القصر، فدخل والحاكم جالس في مستشرف الدار، ولم يره أبو القاسم، وكان في اجتيازه قد وطىء نواة تمرة، فلما صار بحيث الحاكم جعل ينفض نعله عدّة نوب، حتى سقطت النواة، ثم التفت فرأى الحاكم فقبّل الأرض بين يديه، فوجد التغير في وجهه، والإنكار باد في نطقه، وإن أظهر التجمّل والانبساط، فعلم أبو القاسم أن الحاكم قد ظن أن نفض نعله كان استهانة به واحتقارا له، وعلم أن الحاكم لا يقيل العثرة، ولما خرج من حضرته، مضى إلى الدار التي أعدتها تلك المرأة، واستتر فيها، وطلبه الحاكم فلم يوجد [واستخبر عنه] من أبيه، فأنكر أن يكون عرف له خبرا، أو وقف منه على أثر، فاعتقل أباه وجميع أهله، وأوقع بهم القتل، وجاء بأخته المذكورة، فعلقها وطلب منها أخاها، وضربها ضربا وجيعا ونادى في البلد بالتماسه، فلم يوقف له على خبر، فأخرج أباه وأخاه وجماعة من أهله إلى المقطم، جبل مطلّ على القاهرة، وضرب أعناقهم صبرا، ثم خرج بنفسه حتى وقف عليهم، وأمر برفعهم وغسلهم وتكفينهم ودفنهم، ورجع إلى داره بالقصر، وجلس للعزاء بهم، وحضرهم الناس، وعليهم ثياب الحزن، وهذا من أعجب تلوّن هذا الرجل- يعني الحاكم- فإنه كان متناقض الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1103 الأحوال، متباين الأقوال والأفعال. واتفق أن حضر بمصر جماعة من شرفاء الحجاز على عادة لهم كانت بالحضور بمصر للاستجداء وطلب الصلة، فوصلهم الحاكم بما جرت عادتهم، وخرجوا إلى ظاهر القاهرة مبرزين قصدا للعود إلى بلادهم، وبلغ ذلك أبا القاسم فسيّر من اشترى له مهريا مثل جمالهم، ولبس لبسهم، وخرج حتى اختلط بهم وهو متلثم. وخرج الحاكم لوداعهم، فتقدموا إليه وخدموه واستأذنوه في الرحيل، فقال لهم: امضوا على بركة الله. وكان في من تقدم إليه أبو القاسم، فلما رأى مشيته قال لواحد من جانبه: ما أشبه مشية هذا الشريف بمشية ابن المغربي. ورحلوا ورحل معهم. قال الصاحب: فبلغني أن ابن المغربي فارق الجماعة، وجلس في جبل المقطم بموضع يقال له: الجبل الأحمر حتى ركب الحاكم على عادة كانت له منفردا مع غلامين له إلى ذلك الجبل، فلقيه أبو القاسم في جماعة ممن كان يثق إليهم، وقد خرجوا إليه معدين، فلما رآهم الحاكم خاف واستشعر وعرف أبا القاسم المغربي. فقال له: يا أبا القاسم: غدرت بك. فقال: لا بأس عليك. وإنما أحببت أن لا أفارقك حتى أواقعك على غدرك، أما أعطيتني موثقا من الله أن لا تسيء إلى تلك الحرمة المسكينة؟ فقال: حملني الغضب عليك لكونك فارقتني بغير إذن، وقد حلفت ألا تفعل إلا بأمري وإرادتي. فقال له: أما أنا فما فارقتك حتى استأذنتك. فقال له: ومتى استأذنتني؟ قال: في يوم كذا لما أذنت للشرفاء فإني تقدمت حتى سمعت خطابك، وأنت تقول: امضوا مصاحبين على بركة الله، فدخلت في العموم. فقال له الحاكم: إذا كنت قد خرجت من هذه بحجة فلك عليّ عهد الله أن أطلق أختك وألحقها بك فتركه المغربي، وتوجه إلى العراق، ورجع الحاكم إلى القاهرة وجهز خلفه من يردّه، فلم يظفر به حتى لحق ببني الجراح وأغراهم بخلع الحاكم، وقتل المتولي لبلاد الشام منجوتكين. وبلغ الحاكم خبره وما أزمع عليه من قلب دولته، ومضيه إلى أبي الفتوح، فكتب الحاكم إلى أبي القاسم أمانا بخطه، وأتبعه بيمينه، وأيده بتوثقة، وبذل له فيه البذول، ووعده بوزارته ومؤازرته، وبسط القول في ذلك غاية جهده وطاقته، فكان جواب الوزير أبي القاسم أن أخذ رقعة، وكتب فيها: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1104 أأنشب كفي في الرّحى ثمّ أرتجي ... خلاصا لها إني إذن لرقيع قال: فأيس منه الحاكم حينئذ. فمما أنشده في حال خروجه من مصر: ونفسك فز بها إن خفت ضيما ... وخلّ الدار تندب من بكاها [1] فإنك واجد أرضا بأرض ... ولست بواجد نفسا سواها وله [2] : الله يعلم ما إثم أردت به ... إلا ونغّصه خوفي من النار وإنّ نفسي ما همّت بمعصية ... إلا وقلبي عليها عاتب زار - 382- الحسين بن علي بن الحسين المعروف بابن الخازن الكاتب أبو الفوارس صاحب الخط المليح المشهور بالجودة: كان يسكن بغداد بدرب حبيب. وكان مشتهرا بلعب النرد. مات فجأة في سنة اثنتين وخمسمائة. وعرفت أنه كتب خمسمائة نسخة لكتاب الله عز وجل ما بين جامع وربعة. وكتب بالأغاني الكبير ثلاث نسخ. ومن العجائب أن دار ابن الخازن بدرب حبيب طلبت منه في سنة ثمانين وأربعمائة بألف دينار فلم تسمح نفسه ببيعها، ثم التمس بعد ذلك من يشتريها بثلاثمائة دينار فلم يتهيأ له ذلك، فلما توفي حصلت من حقوق بيت المال فبيعت بمبلغ ستمائة وخمسين دينارا. وهذه حال التركات، فمن شعره: لا تركننّ إلى الزمان فما بقي ... من كان قبلك واثقا بزمان صن قدر ما أوليته من نعمة ... فالدهر والأيام ذو حدثان   [382]- هذه الترجمة من المختصر وانظر ترجمته في تاريخ ابن الأثير 10: 415 وقال إنه توفي عن سبعين سنة؛ والوافي 12: 440 ووفيات الأعيان 2: 191 وكتاب الروضتين 1: 29 والبداية والنهاية 12: 170. [1] لعل الصواب: من بناها. [2] الذخيرة 4: 513 ونسبها الشريشي (5: 358) لابن المعتز (القطعة: 49) . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1105 لا تخد عنّك مهلة بقضائها ... فالطبع مستول على الإنسان ارفق بنفسك واجتنب ظلم الورى ... ما دمت مقتدرا على الإمكان - 383- الحسين بن علي بن الوليد المعروف بابن الحلاب النحوي: قرأ عليه أبو غالب ابن بشران النحوي كتاب «الحماسة» عن أبي رياش أحمد بن أبي هاشم عن أبي المظفر [1] الأنطاكي عن أبي تمام. - 384- الحسين بن علي بن داعي بن زيد العلوي النيسابوري أبو عبد الله الحسني النسابة: فاضل معروف، مات في المحرم سنة ثلاث عشرة وخمسمائة بنيسابور. - 385- الحسين بن علي بن محمد بن عبد الله بن عبد الصمد الأستاذ مؤيد الدين أبو إسماعيل الأصبهاني: صاحب الفضائل المشهورة والأشعار السائرة، صدر العراق وشهرة الآفاق المعروف بالطغرائي نسبة إلى من يكتب الطغراء وهي الطرّة التي تكتب   [383]- هذه الترجمة من المختصر، وانظر الوافي 13: 15 وبغية الوعاة 1: 537 (وقال: ذكره ابن النجار) وذكره القفطي في ترجمة محمد بن أحمد ابن بشران 3: 45 وقال إنه كان صاحبا لأبي علي الفارسي، وأوردت المصادر الأخرى مديحا له في عضد الدولة البويهي؛ وانظر روضات الجنات 3: 157 حيث ذكره عرضا. [384]- هذه الترجمة من المختصر. [385] ترجمة الطغرائي في الأنساب واللباب (المنشىء) وابن خلكان 2: 185 والوافي 12: 431 ومقدمة الغيث المسجم في شرح لامية العجم ومرآة الزمان: 92 والبداية والنهاية 12: 190 ومرآة الجنان 3: 210 والشذرات 4: 41 وروضات الجنات 3: 192. وبغية الطلب (زكار) 6: 2683 وللدكتور علي جواد الطاهر دراسة عنه (بغداد: 1963) . [1] الإنباه: أبي المطرف. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1106 في أعلى المناشير فوق البسملة بالقلم الجلي تتضمن اسم الملك وألقابه، وهي كلمة أعجمية محرفة من الطرّة. كان آية في الكتابة والشعر حسن المعرفة باللغة والأدب، أقوم أهل عصره بصنعة الأدب. وكان محترما كبير الشأن جليل القدر خبيرا بصناعة الكيمياء له فيها تصانيف أضاع الناس بمزاولتها أموالا لا تحصى، وخدم السلطان ملك شاه بن الب أرسلان، وكان منشىء السلطان محمد مدة ملكه متولي ديوان الطغراء وصاحب ديوان الإنشاء، تشرفت به الدولة السلجوقية، وتشوّفت إليه المملكة الأيوبية، وتنقل في المناصب والمراتب، وتولى الاستيفاء وترشح للوزارة، ولم يكن في الدولتين السلجوقية والإمامية من يماثله في الإنشاء سوى أمين الملك أبي نصر العتبي، وله في العربية والعلوم قدر راسخ، وله البلاغة المعجزة في النظم والنثر. ورد بغداد وأقام بها مدة طويلة وكان يسافر مع العسكر إلى الجبال والري وأصبهان إلى أن شرف بفضله وكماله. قال الإمام محمد بن الهيثم الأصفهاني: كشف الأستاذ أبو إسماعيل بذكائه سرّ الكيمياء وفك رموزها واستخرج كنوزها وله فيها تصانيف منها: جامع الأسرار. وكتاب تراكيب الأنوار. وكتاب حقائق الاستشهادات. وكتاب ذات الفوائد. وكتاب الردّ على ابن سينا في إبطال الكيمياء. ومصابيح الحكمة. وكتاب مفاتيح الرحمة. وله ديوان شعر وغير ذلك. ولد سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة وقتل في الوقعة التي كانت بين السلطان مسعود بن محمد وأخيه السلطان محمود سنة خمس عشرة وخمسمائة صبرا بهمذان وقد جاوز الستين. وكان [1] السبب في ذلك أنه كان كاتب الطغراء، والطغراء التوقيعات، لمحمد بن ملكشاه، ثم ولّاه الإشراف على المملكة، وعزل عن ذلك، وأمره بملازمة بيته. وكان ابنه أبو محمد برسم الكتابة للطغراء للملك مسعود بن محمد، فقصده أبوه أبو إسماعيل من أصبهان راكبا في لجاوة [2] وتبع، فلم يلحق بيعة المتولي بأصبهان من قبل السلطان محمود أخي مسعود. وكانت الحال بين الأخوين مسعود ومحمود غير   [1] من هنا حتى آخر الفقرة من المختصر. [2] كذا وردت. وإذا صحت اللفظة فهي تعني حاشية. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1107 مستقيمة، وهما على الحرب والمنافسة على الملك، ووصل إلى السلطان محمود وهو على باب خويّ فولّاه وزارته، وعزم مسعود على محاربة أخيه، فكتب إليه يدعوه إلى الصلح ويخوّفه وبال الخلف، ويبذل له البذول والإقطاعات، وبلوغ الأغراض والطلبات. فأجاب الأستاذ أبو إسماعيل عن مسعود بجواب يجلب المنافرة والمباينة، ويزيل الطاعة والموافقة، وخطب لمسعود بالسلطنة، وخوطب الأستاذ أبو إسماعيل بالوزير قوام الدين، وكان محمود في قلّ من العسكر، ووقعت بينهما وقعة بهمذان، فانهزم عسكر مسعود، ومضوا على وجوههم متمزقين، وأسر أصحاب السلطان محمود خلقا من أعيان أصحاب مسعود منهم الأستاذ أبو إسماعيل الطغرائي، فأمر السلطان بقتله لما في نفسه عليه مما تقدم ذكره، وقال: لم أقتله إلا لقلّة دينه وسوء معتقده. وروي أنه لما عزم السلطان محمود على قتل الطغرائي أمر به أن يشدّ إلى شجرة وأن يقف تجاهه جماعة بالسهام، وأن يقف إنسان خلف الشجرة يكتب ما يقول، وقال لأصحاب السهام لا ترموه حتى أشير إليكم، فوقفوا والسهام مفوّقة لرميه، فأنشد الطغرائي في تلك الحالة [1] : ولقد أقول لمن يسدّد سهمه ... نحوي وأطراف المنية شرّع والموت في لحظات أحور طرفه ... دوني وقلبي دونه يتقطع بالله فتّش عن فؤادي هل يرى ... فيه لغير هوى الأحبة موضع [2] أهون به لو لم يكن في طيّه ... عهد الحبيب وسرّه المستودع فرقّ له وأمر بإطلاقه، ثم إن الوزير أغراه بقتله بعد حين فقتله، وكان أكبر أسباب قتله حسد أصحاب السلطان له على فضله فحسّنوا للسلطان قتله، فمن أشعاره [3] : إذا ما لم تكن ملكا مطاعا ... فكن عبدا لمالكه مطيعا وإن لم تملك الدنيا جميعا ... كما تختار فاتركها جميعا   [1] الأبيات في الوافي 12: 432 وديوانه: 249 وبغية الطلب: 2685، 2687. [2] رواية الديوان: بالله فتش عن فؤادي أولا ... هل فيه للسهم المسدد موضع [3] ديوانه: 245 وبغية الطلب: 2686. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1108 هما سببان من ملك ونسك ... ينيلان الفتى الشرف الرفيعا فمن يقنع من الدنيا بشيء ... سوى هذين يحي بها وضيعا وله [1] : لا تجزعنّ [2] إذا بالأمر ضقت به ... ذرعا ونم وتوسّد خالي البال فبين غفوة عين وانتباهتها ... تنقل الأمر [3] من حال إلى حال وما اهتمامك بالمجدي عليك وقد ... جرى القضاء بأرزاق وآجال وكتب إلى الحكيم أبي الحسن ابن أبي الغنايم الطبيب [4] : يا سيدي [5] والذي مودّته ... عندي روح يحيا بها الجسد من ألم الظهر أستغيث وهل ... يألم ظهر إليك يستند وله [6] : إني لأذكركم وقد بلغ الظما ... مني فأشرق بالزلال البارد وأري العدا أن الإساءة منكم ... خطأ وتلك سجية من عامد ما زلت أزهد في مودة راغب ... حتى ابتليت برغبة في زاهد إن لم يكن سحرا هواك فإنه ... والسحر قدّا من أديم واحد وله [7] : ذكرتكم عند الزلال مع الظما ... فلم أنتفع من برده ببلال وحدثت نفسي بالأمانيّ فيكم [8] ... وليس حديث النفس غير ضلال يقرّ بعيني الركب من نحو أرضكم ... يزجّون عيسا قيّدت بكلال أطارحهم جدّ الحديث وهزله ... لأقطعهم [9] عن سيرهم بمقال وأسأل عمن لا أريد [10] وإنما ... أريدكم من بينهم بسؤالي   [1] ديوانه: 313 (بيتان فقط) . [2] الديوان: لا تسهرن. [3] الديوان: يقلب الدهر. [4] الديوان: 147. [5] الديوان: يا سندي. [6] ديوانه: 141. [7] ديوانه: 317. [8] الديوان: ضلة. [9] الديوان: لأحبسهم. [10] الديوان: أسائل عمن لا أحب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1109 فيعثر ما بين الحديث ورجعه ... لساني بكم حتى ينمّ بحالي وأطوي على ما تعلمون جوانحي ... وأظهر للعذّال أني سال فلا والذي عافاكم وابتلى بكم ... فؤادي ما مرّ [1] السلوّ ببالي وقد عشت دهرا لا أبالي من النوى ... فعلمني الهجران كيف أبالي [وقال يعاتب مؤيد الملك أبا بكر عبيد الله] [2] : لك الخير قد عودتني منك عادة ... نشأت عليها منذ أول حالي وكنت أرجّي أن حالك ترتقي ... فينمو بها حالي نموّ هلال وأسمو إلى نيل الأماني وأقتضي ... مواعيد دهر مولع بمطال فقد رابني منك الصدود وليته ... صدود اشتغال لا صدود ملال وإن كان هذا منك دأبا تديمه ... فإذنك لي حتى أزمّ جمالي وإلا فعد لي بالجميل فقد عفت ... معالم آمالي وضاق مجالي فمثلي لا يرضى مقاما بذلة ... وصبرا على جاه لديك مذال ومثلك لا يرضى بتضييع حرمتي [3] ... وتخييب آمال لديك طوال ومن شعر مؤيد الدين الطغرائي قصيدته التي تداولها الرواة وتناقلتها الألسن المعروفة بلامية العجم وقد رأيت ان اوردها بتمامها إعجابا بها، قال [4] : أصالة الرأي صانتني عن الخطل ... وحيلة الفضل زانتني لدى العطل مجدي أخيرا ومجدي أولا شرع ... والشمس رأد الضحى كالشمس في الطّفل فيم الاقامة بالزوراء لا سكني ... فيها ولا ناقتي فيها ولا جملي ناء عن الأهل صفر الكفّ منفرد ... كالسيف عرّي متناه عن الخلل   [1] الديوان: ما اجتاز. [2] القصيدة التالية وردت موصولة بما قبلها، وهما في الديوان قصيدتان لا واحدة، انظر ص: 287. [3] الديوان: خدمتي. [4] هي في الديوان: 301- 309 وأثبتها الصفدي في صدر شرحه لها كما أثبتها في الوافي 12: 436- 439؛ ولست أرى أن أتتبع الخلاف في الروايات. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1110 فلا صديق إليه مشتكى حزني ... ولا أنيس إليه منتهى جذلي طال اغترابي حتى حنّ راحلتي ... ورحلها وقرى العسّالة الذّبل وضجّ من لغب نضوي وعجّ لما ... يلقى ركابي ولجّ الركب في عذلي أريد بسطة كفّ أستعين بها ... على قضاء حقوق للعلا قبلي والدهر يعكس آمالي ويقنعني ... من الغنيمة بعد الجدّ بالقفل وذي شطاط كصدر الرمح معتقل ... لمثله غير هيّاب ولا وكل حلو الفكاهة مرّ الجدّ قد مزجت ... بشدّة البأس منه رقة الغزل طردت سرح الكرى عن ورد مقتله ... والليل أغرى سوام النوم بالمقل والركب ميل على الأكوار من طرب ... صاح وآخر من خمر الهوى ثمل فقلت أدعوك للجلّى لتنصرني ... وأنت تخذلني في الحادث الجلل تنام عيني وعين النجم ساهرة ... وتستحيل وصبغ الليل لم يحل فهل تعين على غيّ هممت به ... والغيّ يزجر أحيانا عن الفشل إني أريد طروق الحيّ من إضم ... وقد حماه رماة من بني ثعل يحمون بالبيض والسمر اللدان به ... سود الغدائر حمر الحلي والحلل فسر بنا في ذمام الليل معتسفا ... فنفحة الطيب تهدينا إلى الحلل فالحبّ حيث العدا والأسد رابضة ... حول الكناس لها غاب من الأسل نؤمّ ناشئة بالجزع قد سقيت ... نصالها بمياه الغنج والكحل قد زاد طيب أحاديث الكرام بها ... ما بالكرائم من جبن ومن بخل تبيت نار الهوى منهنّ في كبد ... حرّى ونار القرى منهم على القلل يقتلن أنضاء حبّ لا حراك به ... وينحرون كرام الخيل والابل يشفى لديغ العوالي في بيوتهم ... بنهلة من غدير الخمر والعسل لعلّ إلمامة بالجزع ثانية ... يدبّ منها نسيم البرء في عللي لا أكره الطعنة النجلاء قد شفعت ... برشقة من نبال الأعين النجل الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1111 ولا أهاب الصفاح البيض تسعدني ... باللمح من خلل الاستار والكلل [1] ولا أخلّ بغزلان تغازلني [2] ... ولو دهتني أسود الغيل بالغيل حبّ السلامة يثني همّ صاحبه [3] ... عن المعالي ويغري [4] المرء بالكسل فإن جنحت إليه فاتخذ نفقا ... في الأرض أو سلما في الجوّ فاعتزل ودع غمار العلا للمقدمين على ... ركوبها واقتنع منهنّ بالبلل رضا الذليل بخفض العيش مسكنة ... والعزّ تحت رسيم الأينق الذلل فادرأ بها في نحور البيد جافلة ... معارضات مثاني اللجم بالجدل إن العلا حدثتني وهي صادقة ... فيما تحدث أنّ العزّ في النقل لو أنّ في شرف المأوى بلوغ منى ... لم تبرح الشمس يوما دارة الحمل أهبت بالحظّ لو ناديت مستمعا ... والحظ عني بالجهّال في شغل لعلّه إن بدا فضلي ونقصهم ... لعينه نام عنهم أو تنبّه لي أعلّل النفس بالآمال أرقبها ... ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل لم أرض بالعيش والأيام مقبلة ... فكيف أرضى وقد ولّت على عجل غالى بنفسي عرفاني بقيمتها ... فصنتها عن رخيص القدر مبتذل وعادة النصل أن يزهى بجوهره ... وليس يعمل إلا في يدي بطل ما كنت أوثر أن يمتدّ بي زمني ... حتى أرى دولة الأوغاد والسفل تقدمتني أناس كان شوطهم ... وراء خطوي لو أمشي على مهل هذا جزاء امرىء أقرانه درجوا ... من قبله فتمنّى فسحة الأجل وإن علاني من دوني فلا عجب ... لي أسوة بانحطاط الشمس عن زحل فاصبر لها غير محتال ولا ضجر ... في حادث الدهر ما يغني عن الحيل   [1] في أصل المختصر: باللمح من صفحات البيض في الكلل. [2] ر: أغازلها. [3] ر: صاحبها. [4] ر: ويرضي. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1112 أعدى عدّوك أدنى من وثقت به ... فحاذر الناس واصحبهم على دخل وإنما رجل الدنيا وواحدها ... من لا يعوّل في الدنيا على رجل وحسن ظنك بالأيام معجزة ... فظنّ شرا وكن منها على وجل غاض الوفاء وفاض الغدر وانفرجت ... مسافة الخلف بين القول والعمل وشان صدقك عند الناس كذبهم ... وهل يطابق معوجّ بمعتدل إن كان ينجع شيء في ثباتهم ... على العهود فسبق السيف للعذل يا واردا سؤر عيش كلّه كدر ... أنفقت صفوك في أيامك الأول فيم اقتحامك لجّ البحر تركبه ... وأنت يكفيك منه مصّة الوشل ملك القناعة لا يخشى عليه ولا ... يحتاج فيه إلى الأنصار والخول ترجو البقاء بدار لا ثبات لها ... فهل سمعت بظلّ غير منتقل ويا خبيرا على الأسرار مطلعا ... اصمت ففي الصمت منجاة من الزلل قد رشّحوك لأمر إن فطنت له ... فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل اقنع تعزّ ولا تطمع تذلّ ولا ... تكثر تملّ ولا تغترّ بالمهل [1] وقال يسلي معين الملك [أبا المحاسن بن] فضل الله في نكبته ويحضه على الصبر [2] : تصدّى وللحيّ المنيع [3] رحيل ... غزال أحمّ المقلتين كحيل تصدّى وأمر البين قد جدّ جدّه ... وزمّت جمال واستقلّ حمول وفي الصدر من نار الصبابة جاحم ... وفي الخدّ من ماء الجفون مسيل غزال له مرعى من القلب مخصب ... وظلّ صفيق الجانبين ظليل تناصف فيه الحسن أما قوامه ... فشطب وأما خصره فنحيل   [1] هامش المختصر: هذا البيت لم يذكره أحد من الشراح وهي به عدة 65 والله أعلم. [2] الديوان: 296. [3] الديوان: الجميع. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1113 قريب من الرائين يطمع قربه ... وليس إليه للمحبّ سبيل إذا سار لحظ المرء في وجناته [1] ... تضاءل عنه الطّرف وهو كليل ولما استقلّ الحيّ وانصدعت به ... نوى عن وداع الظاعنين عجول تراءى لنا وجه من الخدّ نير ... وضاءت علينا نضرة وقبول [2] فصبرا معين الملك إن عنّ حادث ... فعاقبة الصبر الجميل جميل ولا تيأسن من صنع ربّك إنه ... ضمين بأنّ الله سوف يديل فإنّ الليالي إذ يزول نعيمها ... تبشّر أنّ النائبات تزول ألم تر أن الليل بعد ظلامه ... عليه لإسفار الصباح دليل ألم تر أن الشمس بعد كسوفها ... لها منظر يعشي العيون صقيل وان الهلال النضو يقمر بعد ما ... بدا وهو شخت الجانبين ضئيل ولا تحسبنّ السيف يقصر [3] كلما ... تعاوره بعد المضاء كلول ولا تحسبنّ الدوح يقلع كلّما ... يمر به نفح الصّبا فيميل فقد يعطف الدهر الأبيّ عنانه ... فيشفى عليل أو يبلّ غليل ويرتاش مقصوص الجناحين بعد ما ... تساقط ريش واستطار نسيل ويستأنف الغصن السليب نضارة ... فيورق ما لم يعتوره ذبول وللنجم من بعد الرجوع استقامة ... وللحظّ من بعد الذهاب قفول وبعض الرزايا يوجب الشكر وقعها ... عليك وأحداث الزمان شكول ولا غرو أن أخنت عليك فإنما ... يصادم بالخطب الجليل جليل وأيّ قناة لم ترنّح كعوبها ... وأيّ حسام لم يصبه فلول أسأت إلى الأيام حتى وترتها ... فعندك أضغان لها وذحول   [1] الديوان: إذا سافر الألحاظ في وجناته. [2] رواية الديوان: تراءت لنا لمع الغمامة أوجه ... وضاء علتها نضرة وقبول [3] الديوان: يقضب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1114 وصارفتها [1] فيما أرادت صروفها ... ولولاك كانت تنتحي وتصول وما أنت إلا السيف يسكن غمده ... ليردى به يوم النزال قتيل أما لك بالصدّيق يوسف أسوة ... فتحمل وطء الدهر وهو ثقيل وما غضّ منك الحبس والذكر سائر ... طليق له في الخافقين زميل فلا تذعنن للخطب آدك ثقله ... فمثلك للأمر العظيم حمول ولا تجزعن للكبل مسّك وقعه ... فإن خلاخيل الرجال كبول وصنع الليالي ما عدتك سهامها ... وإن أجحفت بالعالمين جميل وإن امرءا تعدو الحوادث عرضه ... ويأسى لما يأخذنه لبخيل وقال [2] : أما العلوم فقد ظفرت ببغيتي ... منها فما أحتاج أن أتعلّما وعرفت أسرار الخليقة كلّها ... علما أنار لي البهيم المظلما وورثت هرمس سرّ حكمته الذي ... ما زال ظنا في الغيوب مرجما وملكت مفتاح الكنوز بحكمة ... كشفت لي السرّ الخفيّ المبهما لولا التقية كنت أظهر معجزا ... من حكمتي تشفي القلوب من العمى أهوى التكرّم والتظاهر بالذي ... علّمته والعقل ينهى عنهما وأريد لا ألقى غبيا موسرا ... في العالمين ولا لبيبا معدما والناس إما جاهل أو ظالم ... فمتى أطيق تكرّما وتكلما وقال [3] : أيكية صدحت شجوا على فنن ... فأشعلت ما خبا من نار أشجاني ناحت وما فقدت انسا [4] ولا فجعت ... فذكرتني أو طاري وأوطاني   [1] الديوان: وعارضتها. [2] الديوان: 366. [3] الديوان: 389. [4] الديوان: إلفا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1115 طليقة من إسار الهمّ ناعمة ... أضحت تجدّد وجد الموثق العاني تشبهت بي في وجد وفي طرب ... هيهات ما نحن في الحالين سيان ما في حشاها ولا في جفنها أثر ... من نار قلبي ولا من ماء أجفاني يا ربة البانة الغنّاء تحضنها ... خضراء تلتفّ أغصانا بأغصان إن كان نوحك إسعادا لمغترب ... ناء عن الأهل ممنيّ بهجران فقارضيني إذا ما اعتادني طرب ... وجدا بوجد وسلوانا بسلوان ما أنت مني ولا يعنيك ما أخذت ... منّي الليالي ولا تدرين ما شاني كلي إلى السّحب إسعادي فإن لها [1] ... دمعا كدمعي وإرنانا كارناني وقال [2] : أقول لنضوي وهي من شجني خلو ... حنانيك قد أدميت كلمي يا نضو تعالي أقاسمك الهموم لتعلمي ... بأنك مما تشتكي كبدي خلو تريدين مرعى الريف والبدو أبتغي ... وما يستوي الريف العراقيّ والبدو هناك هبوب الريح مثلك لاغب ... ومثلي ماء المزن مورده صفو ومحجوبة لو هبّت الريح أرقلت ... إليها المهاري [3] بالعوالي ولم يلووا صبوت إليها وهي ممنوعة الحمى ... فحتّام أصبو نحو من لا له نحو هوى ليس يسلي القرب عنه ولا النوى ... وشجو قديم ليس يشبهه شجو فأسر ولا فكّ ووجد ولا أسى ... وسقم ولا برء وسكر ولا صحو عناء معنّ وهو عندي راحة ... وسمّ زعاف طعمه في فمي حلو ولولا الهوى ما شاقني لمع بارق ... ولا هدّني شجو ولا هزّني شدو وقال [4] : خبّروها أني مرضت فقالت ... أضنى طارفا شكا أم تليدا   [1] الديوان: الغيم ... فإن له. [2] الديوان: 410. [3] الديوان: الغيارى. [4] الديوان: 143. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1116 وأشاروا بأن تعود وسادي ... فأبت وهي تشتهي أن تعودا وأتتني في خفية وهي تشكو ... رقبة الحيّ والمزار البعيدا ورأتني كذا فلم تتمالك ... أن أمالت عليّ عطفا وجيدا ثم قالت لتربها وهي تبكي ... ويح هذا الشباب غضا جديدا زورة ما شفت غليلا ولكن ... زيّدت [1] جمرة الفؤاد وقودا وتولّت بحسرة البين [2] تخفي ... زفرات أبين إلا صعودا وقال [3] : انظر تر الجنة في وجهه ... لا ريب في ذاك ولا شكّ أما ترى فيه الرحيق الذي ... ختامه من خاله مسك وله [4] : بالله يا ريح إن مكّنت ثانية ... من صدغه فأقيمي فيه واستتري وراقبي غفلة منه لتنتهزي ... لي فرصة وتعودي منه بالظفر وإن قدرت على تشويش طرّته ... فشوّشيها ولا تبقي ولا تذري ولا تمسّي عذاريه فتفتضحي ... بنفحة المسك بين الورد والصدر وباكري عذب ورد من مقبّله ... مقابل الطعم بين الطيب والخصر ثم اسلكي بين برديه على عجل ... واستبضعي الطيب وأتيني على قدر ونبهيني دوين القوم وانتفضي ... عليّ والليل في شكّ من السحر لعلّ نفحة طيب منك ثانية ... تقضي لبانة قلب عاقر الوطر وكتب إلى بعض أصحابه وهو على مسرة [5] : فديتك قد تنبّهنا لدهر ... عيون صروفه عنّا نيام   [1] الديوان: علمت. [2] الديوان: اليأس. [3] الديوان: 267. [4] الديوان: 168 وبغية الطلب: 2688. [5] الديوان: 354 وبغية الطلب: 2686. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1117 وجاد لنا الزمان بجمع شمل ... تألّف بعد ما انقطع النظام مدام تشبه التفاح ذوبا ... وتفاح كما جمد المدام ومن نسج الربيع محبّرات ... تأنّق في حواشيها الغمام وريّان الصّبا للحسن فيه ... بدائع لا يحيط بها الكلام لنا من مسك [1] صدغيه نجاد ... ومن ألحاظ مقلته [2] حسام ومجلسنا على ما فيه يومي [3] ... بنقصان وأنت له تمام فلا تعتلّ بالأشغال واحضر ... على عجل وإلّا والسلام - 386- الحسين بن عبد الله بن أحمد بن عبد الجبار، الأمير أبو الفتح المعروف بابن أبي حصينة المعري الأديب الشاعر: توفي بسروج في منتصف شعبان سنة سبع وخمسين وأربعمائة، وكان سبب تقدمه ونواله الامارة أن الامير تاج الدولة ابن مرداس أوفده إلى حضرة المستنصر العبيديّ رسولا سنة سبع وثلاثين وأربعمائة فمدح المستنصر بقصيدة قال فيها [4] : ظهر الهدى وتجمّل الاسلام ... وابن الرسول خليفة وإمام مستنصر بالله ليس يفوته ... طلب ولا يعتاص عنه مرام   [386]- ترجمة ابن أبي حصينة في مصورة ابن عساكر 4: 462/5: 2 وتهذيب ابن عساكر 4: 190 وبغية الطلب 4: 248 والوافي 12: 82 والفوات 1: 332 ومعظمها ذكره باسم «الحسن بن عبد الله» وتاريخ ابن الوردي 1: 365 وله ديوان شرح بعضه أبو العلاء (دمشق 1956) . [1] الديوان: له من فتل. [2] الديوان: عينيه. [3] الديوان: يرمى. [4] هي أيضا في تاريخ ابن الوردي، وفي ملحقات الديوان (وكل القصائد التي أوردها ياقوت وقعت في الملحقات) . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1118 حاط العباد وبات يسهر عينه ... وعيون سكّان البلاد نيام قصر الإمام أبي تميم كعبة ... ويمينه ركن لها ومقام لولا بنو الزهراء ما عرف التقى ... فينا ولا تبع الهدى الأقوام يا آل أحمد ثبّتت أقدامكم ... وتزلزلت بعداكم الأقدام لستم وغيركم سواء، أنتم ... للدين أرواح، وهم أجسام يا آل طه حبكم وولاؤكم ... فرض وإن عذل اللحاة ولاموا وهي طويلة. ثم مدحه سنة خمسين وأربعمائة فوعده بالإمارة وأنجز له وعده سنة إحدى وخمسين فتسلم سجلّ الإمارة من بين يدي الخليفة في ربيع الآخر من السنة، فمدحه بقصيدة منها [1] : أما الامام فقد وفى بمقاله ... صلّى الإله على الامام وآله لذنا بجانبه فعمّ بفضله ... وببذله وبصفوه وجماله لا خلق أكرم من معدّ شيمة ... محمودة في قوله وفعاله فاقصد أمير المؤمنين فما ترى ... بؤسا وأنت مظلّل بظلاله زاد الامام على البحور بفضله ... وعلى البدور بحسنه وجماله وعلا سرير الملك من آل الهدى ... من لا تمرّ الفاحشات بباله النصر والتأييد في أعلامه ... ومكارم الأخلاق في سرباله مستنصر بالله ضاق زمانه ... عن شبهه ونظيره ومثاله وكان الذي سعى في تأميره وكتب له سجلّ الامارة أبو علي صدقة بن إسماعيل بن فهد الكاتب، فمدحه الأمير أبو الفتح بقصيدة منها: قد كان صبري عيل في طلب العلا ... حتى استندت إلى ابن إسماعيلا فظفرت بالخطر الجليل ولم يزل ... يحوي الجليل من استعان جليلا   [1] الأبيات أيضا في تاريخ ابن الوردي وفي ملحقات الديوان. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1119 لولا الوزير أبو عليّ لم أجد ... أبدا الى الشرف العليّ سبيلا إن كان ريب الدهر قبّح ما مضى ... عندي فقد صار القبيح جميلا وأجلّ ما جعل الرجال صلاتهم ... للراغبين العزّ والتبجيلا اليوم أدركت الذي أنا طالب ... والأمس كان طلابه تعليلا وقال يمدح أسد الدولة عطية بن صالح بن مرداس [1] : سرى طيف هند والمطيّ بنا تسري ... فأخفى دجى ليل وأبدى سنا فجر حليليّ فكاني من الهمّ واركبا ... فجاج البوادي الغبر في النّوب الغمر إلى ملك من عامر لو تمثّلت ... مناقبه أغنت عن الأنجم الزهر إذا نحن أثنينا عليه تلفتت ... إلينا المطايا مصغيات الى الشكر وفوق سرير الملك من آل صالح ... فتى ولدته أمّه ليلة القدر فتى وجهه أبهى من البدر منظرا ... وأخلاقه أشهى من الماء والخمر أبا صالح أشكو إليك نوائبا ... عرتني كما يشكو النبات إلى القطر لتنظر نحوي نظرة إن نظرتها ... إلى الصخر فجرت العيون من الصخر وفي الدار خلفي صبية قد تركتهم ... يطلّون إطلال الفراخ من الوكر جنيت على روحي بروحي جناية ... فأثقلت ظهري بالذي خفّ من ظهري فهب هبة يبقى عليك ثناؤها ... بقاء النجوم الطالعات التي تسري قال الأمير أسامة بن منقذ: فلما فرغ من إنشاده أحضر الأمير أسد الدولة القاضي والشهود، وأشهد على نفسه بتمليك الأمير أبي الفتح ابن أبي حصينة ضيعة من ضياعه لها ارتفاع كبير، وأجازه فأحسن جائزته فأثرى وتمول. ولما ملك محمود بن نصر بن صالح بن مرداس [2] حلب سنة اثنتين وخمسين   [1] تولى عطية أمر حلب بعد أخيه ثمال سنة 454 وأخرجه منها محمود بن نصر بن صالح فذهب إلى الرقة وتملكها، ثم أخرجه منها مسلم بن قريش، فالتحق بالروم وتوفي بالقسطنطنية سنة 465. [2] محمود بن نصر المرداسي تملك حلب سنة 452 ثم انتزعها منه عمه ثمال سنة 453 ولما مات ثمال وتملك عطية أخوه هاجم محمود مدينة حلب واستولى عليها وخلع طاعة الفاطميين ودعا للعباسيين واستمرّ في ولايته حتى وفاته سنة 468. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1120 وأربعمائة مدحه بقصيدة منها: كفّي ملامك فالتبريح يكفيني ... أو جرّبي بعض ما ألقى ولوميني برمل يبرين أصبحتم فهل علمت ... رمال يبرين أن الشوق يبريني أهوى الحسان وخوف الله يردعني ... عن الهوى والعيون النجل تغويني ما بال أسماء تلويني مواعدها ... أكلّ ذات جمال ذات تلوين كان الشباب إلى هند يقربني ... وشاب رأسي فصار اليوم يقصيني يا هند إن سواد الرأس يصلح لل ... دنيا وإن بياض الرأس للدين لست امرءا غيبة الأحرار من شيمي ... ولا النميمة من طبعي ولا ديني دعني وحيدا أعاني العيش منفردا ... فبعض معرفتي بالناس تكفيني ما ضرّني ودفاع الله يعصمني ... من بات يهدمني والله يبنيني وما أبالي وصرف الدهر يسخطني ... وسيب نعماك يا ابن الصّيد يرضيني أبا سلامة عش واسلم حليف علا ... وسؤدد بشعاع الشمس مقرون أشنا عداكم وأهوى أن أدين لكم ... فللعدى دينهم فيكم ولي ديني فلما أتم إنشادها قال له: تمنّ، قال: أتمنى أن أكون أميرا، فجعله أميرا يجلس مع الأمير ويخاطب بالأمير وقرّبه، وقد تقدم أن الإمارة وجهت إليه سنة إحدى وخمسين من ديوان المستنصر بمصر، ولا منافاة بين الروايتين إذ يكون توجيه الإمارة إليه من الأمير محمود بن نصر تاليا لتوجيهها إليه من جانب المستنصر ومؤكدا مؤيدا له. ووهبه صاحب حلب محمود أيضا مكانا بحلب تجاه حمام الواساني فجعله دارا وزخرفها، فلما تمّ بناؤها نقش على دائرة الدرابزين فيها [1] :   [1] انظر بغية الطلب: 249، 250، 251 وقال بعضهم إن الأبيات في نصر بن محمود، وعلّق ابن العديم بأن ابن أبي حصينة لم يدرك زمان نصر بن محمود؛ وقيل إن الحكاية جرت مع نصر بن صالح أخي ثمال، قال ابن العديم: ودفع إلي مدائح نصر بن صالح مدونة وفيها قصائد مدحه بها أبو الفتح وليس فيها القصيدة الرائية ولا الأبيات السينية، والصحيح أنه مدح بها معز الدولة ثمال بن صالح وأكثر مديحه فيه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1121 دار بنيناها وعشنا بها ... في دعة من آل مرداس قوم محوا بؤسي ولم يتركوا ... عليّ في الأيام من باس قل لبني الدنيا ألا هكذا ... فليحسن الناس إلى الناس ولما تكامل البناء عمل دعوة حضرها الأمير محمود بن نصر فلما رأى حسن الدار وقرأ الأبيات المتقدمة قال: يا أبا الفتح كم صرفت على بناء الدار؟ قال: يا مولانا هذا الرجل تولّى عمارتها ولا أدري كم صرف عليها فسأل المعمار [فقال] : غرم عليها ألفي دينار مصرية فأمر باحضار ألفي دينار وثوب أطلس وعمامة مذهبة وحصان بطوق ذهب وسرفسار ذهب فسلمها إلى ابن أبي حصينة وقال له: قل لبني الدنيا ألا هكذا ... فليحسن الناس الى الناس وحضر بعد أيام رجل من أهل المعرة يقال له الزقوم من رعاع الناس وأسافلهم فطلب رزق جنديّ فأعطي ذلك وجعل من أجناد المعرة فقال أحمد بن محمد المعروف بابن الدويدة المعري في ذلك [1] : أهل المعرة تحت أقبح خطة ... وبهم أناخ الخطب وهو جسيم لم يكفهم تأمير إبن حصينة ... حتى تجنّد بعده الزقوم يا قوم قد سئمت لذاك نفوسنا ... يا قوم أين الترك أين الروم فشاعت الأبيات وسمعها الأمير أبو الفتح، فذهب إلى بيت ابن الدويدة فلما دخل عليه قال له ابن الدويدة: الآن والله كان عندي الزقوم وقال لي: والله ما بي من الهجو ما بي من أنك قرنتني بابن أبي حصينة، فقال له ابن أبي حصينة: قبحك الله وهذا هجو ثان. وقال يمدح قريش بن بدران بن المقلد بن المسيب صاحب نصيبين [2] :   [1] انظر ترجمة ابن الدويدة في الخريدة (قسم الشام) 2: 53 ودمية القصر 1: 152 (ط. مصر) وابن خلكان 4: 440. [2] كان قريش بن بدران أمير بني عقيل، وقد توفي في سنة 453، وابنه مسلم هو الذي انتزع حلب من يد المرداسيين، وقضى على دولتهم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1122 أبت عبراته إلّا انهمالا ... عشية أزمع الحيّ ارتحالا أجدّك كلّما همّوا بنأي ... ترقرق ماء عينك ثم سالا تقاضينا مواعد أم عمرو ... فضنّت أن تنيل وأن تنالا وسار خيالها الساري إلينا ... فلو علمت لعاقبت الخيالا ومنها: إذا بلغت ركائبنا قريشا ... فقد بلغت بنا الماء الزلالا فتى لو مدّ نحو الجوّ باعا ... وهمّ بأن ينال الشهب نالا إذا انتسب ابن بدران وجدنا ... مناسبه العليّة لا تعالى تتيه بها إذا ذكرت معدّ ... وتكسب كلّ قيسيّ جمالا أيا علم الهدى نجوى محبّ ... يحبكم اعتقادا لا انتحالا مننت فلم تجشّمني عناء ... وجدت فلم تكلّفني سؤالا إذا عدم الزمان مسيّبيا ... أتاح الله للدنيا وبالا وهي طويلة اكتفينا منها بما ذكرناه. وقال يرثي زعيم الدولة أبا كامل بركة بن المقلّد بن المسيّب [1] ، وتوفي بتكريت سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة: من عظيم البلاء موت العظيم ... ليتني متّ قبل موت الزعيم يا جفوني سحّي دما أو فحمّي ... صحن خدّي بعبرة كالحميم بعد خرق من الملوك كريم ... ما زمان أودى به بكريم جعفريّ النصاب من صفوة الصف ... وة في الفخر والصميم الصميم يا أبا كامل برغمي أن يش ... قيك سكنى التراب بعد النعيم أو تبيت القصور خالية من ... ك ومن وجهك الوضيء الوسيم وانقراض الكرام من شيم الده ... ر ومن عادة الزمان اللئيم   [1] كان بركة يشارك أخاه قرواشا في ملك الموصل. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1123 قد بكت حسرة عليه المذاكي ... وشكت فقده بنات الرسيم وهي قصيدة طويلة. وقال يرثي أبا العلاء المعرّي: العلم بعد أبي العلاء مضيّع ... والأرض خالية الجوانب بلقع أودى وقد ملأ البلاد غرائبا ... تسري كما تسري النجوم الظلّع ما كنت أعلم وهو يودع في الثرى ... أن الثرى فيه الكواكب تودع جبل ظننت وقد تزعزع ركنه ... أنّ الجبال الراسيات تزعزع وعجبت أن تسع المعرّة قبره ... ويضيق بطن الأرض عنه الأوسع لو فاضت المهجات يوم وفاته ... ما استكثرت فيه فكيف الأدمع تتصرّم الدنيا ويأتي بعده ... أمم وأنت بمثله لا تسمع لا تجمع المال العتيد وجد به ... من قبل تركك كلّ شيء تجمع وإن استطعت فسر بسيرة أحمد ... تأمن خديعة من يضرّ ويخدع رفض الحياة ومات قبل مماته ... متطوّعا بأبرّ ما يتطوّع عين تسهّد للعفاف وللتقى ... أبدا وقلب للمهيمن يخشع شيم تجمّله فهنّ لمجده ... تاج ولكن بالثناء يرصع جادت ثراك أبا العلاء غمامة ... كندى يديك ومزنة لا تقلع ما ضيّع الباكي عليك دموعه ... إن البكاء على سواك مضيّع قصدتك طلّاب العلوم ولا أرى ... للعلم بابا بعد بابك يقرع مات النّهى وتعطلت أسبابه ... وقضى العلا والعلم بعدك أجمع وقال يرثي أبا يعلى حمزة بن الحسين بن العباس الحسيني الدمشقي وكان يوم وفاته بدمشق [1] :   [1] هو حمزة بن الحسن عند ابن عساكر (المصورة 5: 2- 3 والتهذيب 4: 445) وكان قاضيا بدمشق، وتوفي سنة 434. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1124 هوى الشرف العالي بموت أبي يعلى ... ولا غرو أن جلّت رزية من جلّا سيصلى بنار الحزن من كان آمنا ... به أنّه في الحشر بالنّار لا يصلى تحلّت به الدنيا فحلّ به الردى ... فعطّلها من ذلك الحلي من حلّى فقدناه فقد الغيث أقلع وبله ... عن الأرض لما أنفدت ذلك الوبلا لقد فلّ منه الدهر حدّ مهنّد ... تركنا به في كلّ حدّ له نصلا فلست أبالي بعده أيّ عابر ... من الناس أملى الله مدته أم لا تقلّ دموعي والهموم كثيرة ... كذاك دخان النار ان كثرت قلّا وآنف أن أبكي عليك بعبرة ... إذا لم يكن غربا من الدمع أو سجلا وقال يرثي معتمد الدولة قرواش بن المقلّد بن المسيّب العقيلي صاحب الموصل، توفي مسجونا بقلعة الجراحية، وقيل قتله ابن أخيه قريش في مستهل رجب سنة أربع وأربعين وأربعمائة ودفن بتلّ توبة من مدينة نينوى: أمثل قرواش يذوق الرّدى ... يا صاح ما أوقح وجه الحمام حاشا لذاك الوجه أن يعرف ال ... بؤس وأن يحثى عليه الرّغام وللجبين الصلّت أن يسلب ال ... بهجة أو يعدم حسن الوسام يا أسف الناس على ماجد ... مات فقال الناس مات الكرام غير بعيد يا بعيد الندى ... ولا ذميم يا وفيّ الذمام زلت فلا القصر بهيّ ولا ... بابك معمور كثير الزحام ولا الخيام البيض منصوبة ... بوركت يا ناصب تلك الخيام قبحا لدنيا حطّمت أهلها ... وأخذتهم باكتساب الحطام تأخذ ما تعطي فما بالنا ... نكثر فيما لا يدوم الخصام يا قبر قرواش سقيت الحيا ... ولا تعدّتك غوادي الغمام قضى ولم أقض على إثره ... إني لمن ترك الوفا ذو احتشام أنظم شعرا والجوى شاغلي ... يا عجبا كيف استقام الكلام الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1125 ولما وصل أرمانوس [1] ملك الروم إلى حلب سنة إحدى وعشرين واربعمائة ومعه ملك الروس وملك البلغار والألمان والبلجيك والخزر والأرمن في ستمائة الف من الفرنج قاتلهم شبل الدولة نصر بن صالح صاحب حلب، فهزمهم وتبعهم إلى عزاز وأسر جماعة من أولاد ملوكهم، وغنم المسلمون منهم غنائم عظيمة، فقال ابن أبي حصينة في ذلك، وأنشدها شبل الدولة بظاهر قنسرين: ديار الحقّ مقفرة يباب ... كأن رسوم دمنتها كتاب نأت عنها الرباب وبات يهمي ... عليها بعد ساكنها الرّباب تعاتبني أمامة في التصابي ... وكيف به وقد فات الشباب نضا مني الصبا ونضوت منه ... كما ينضو من الكفّ الخضاب ومنها: إلى نصر وأيّ فتى كنصر ... إذا حلّت بمغناه الركاب أمنتهك الفرنج غداة ظلّت ... حطاما فيهم السّمر الصّلاب جنودك لا يحيط بهنّ وصف ... وجودك لا يحصّله حساب وذكرك كلّه ذكر جميل ... وفعلك كلّه فعل عجاب وأرمانوس كان أشدّ بأسا ... وحلّ به على يدك العذاب أتاك يجرّ بحرا من حديد ... له في كلّ ناحية عباب إذا سارت كتائبه بأرض ... تزلزلت الأباطح والهضاب فعاد وقد سلبت الملك عنه ... كما سلبت عن الميت الثياب فما أدناه من خير مجيء ... ولا أقصاه عن شرّ ذهاب فلا تسمع بطنطنة الأعادي ... فانهم إذا طنّوا ذباب ولا ترفع لمن عاداك رأسا ... فإن الليث تنبحه الكلاب   [1] انظر ابن الأثير 9: 404- 405، وكان امبراطور الروم حينئذ هو رومانس L) Romanus (LL الثالث. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1126 وقال: أشدّ من فاقة الزمان ... مقام حرّ على هوان فاسترزق الله واستعنه ... فإنه خير مستعان وان نبا منزل بحرّ ... فمن مكان إلى مكان وقال: بكت عليّ غداة البين حين رأت ... دمعي يفيض وحالي حال مبهوت فدمعتي ذوب ياقوت على ذهب ... ودمعها ذوب درّ فوق ياقوت وقال: لا تخدعنّك بعد طول تجارب ... دنيا تغرّ بوصلها وستقطع «أحلام نوم أو كظلّ زائل ... إنّ اللبيب بمثلها لا يخدع» [1] وقال يمدح ثابت بن ثمال بن صالح بن مرداس [2] : لو أنّ دارا أخبرت عن ناسها ... لسألت رامة عن ظباء كناسها بل كيف تخبر دمنة ما عندها ... علم بوحشتها ولا إيناسها ممحوة العرصات يشغلها البلى ... عن ساحبات المرط فوق دهاسها ومنها: وزمان لهو بالمعرة مونق ... بسياثها وبجانبي هرماسها [3] أيام قلت لذي المودّة أسقني ... من خندريس حناكها أو حاسها [4] حمراء تغنينا بساطع لونها ... في الليلة الظلماء عن نبراسها وكأنما حبب المزاج إذا طفا ... درّ ترصّع في جوانب طاسها رقّت فما أدري أكأس زجاجها ... في جسمها أم جسمها في كاسها   [1] بيت لعمران بن حطان، انظر شعر الخوارج: 173. [2] ورد بعضها عند ابن عساكر وبغية الطلب. [3] سياث والهرماس من ضواحي المعرة. [4] حناك: حصن بالمعرة، وحاس في أرضها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1127 وكأنما زرجونة جاءت بها ... سقيت مذاب التبر عند غراسها فأتت مشعشعة كجذوة قابس ... راعت أكفّ القوم عند مساسها لله أيام الصّبا ونعيمها ... وزمان جدّتها ولين مراسها ما لي تعيب البيض بيض مفارقي ... وسبيلها تصبو إلى أجناسها نور الصباح إذا الدجنة أظلمت ... أبهى وأحسن من دجى أغلاسها إن الهوى دنس النفوس فليتني ... طهّرت هذي النفس من أدناسها ومطامع الدنيا تذلّ ولا أرى ... شيئا أعزّ لمهجة من ياسها من عفّ لم يذمم ومن تبع الخنا ... لم تخله التبعات من أوكاسها زيّن خصالك بالسماح ولا ترد ... دنيا تراك وأنت بعض خساسها ومتى رأيت يد امرىء ممدودة ... تبغي مواساة الكريم فواسها خير الأكفّ السابقات بجودها ... كفّ تجود عليك في إفلاسها ومنها في المدح: أما نزار فكلّها لكريمة ... لكنّ أكرمها بنو مرداسها وقال: إذا المرء لم يرض ما أمكنه ... ولم يأت من أمره أحسنه فدعه فقد ساء تدبيره ... سيضحك يوما ويبكي سنه وقال: الدهر خدّاعة خلوب ... وصفوه بالقذى مشوب فلا تغرنّك الليالي ... فبرقها خلّب كذوب وأكثر الناس فاعتزلهم ... قوالب ما لها قلوب الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1128 - 387- الحسين بن عبد الرحيم بن الوليد بن عثمان بن جعفر أبو عبد الله الكلابي المعروف بابن أبي الزلازل، من بني جعفر بن كلاب، اللغويّ الأديب الكاتب الشاعر: أخذ عن أبي القاسم الزجاجي وأبي بكر محمد بن جعفر الخرائطي وأبي يعقوب النجيرمي وغيرهم. توفي في رمضان سنة أربع وخمسين وثلاثمائة. وله مصنفات منها، كتاب أنواع الأسجاع وهو ما جاء من أخبار العرب مسجوعا، ابتدأ بتأليفه في دمشق سنة ثلاث وأربعين وثلاثمائة روى فيه عن شيوخه وغيرهم، وهو كتاب ممتع أجاد وضعه وتأليفه. ومن شعر ابن أبي الزلازل: لقد عرّفتك الحادثات بفرسها [1] ... وقد أدّبت ان كان ينفعك الأدب ولو طلب الأنسان من صرف دهره ... دوام الذي يخشى لأعياه ما طلب وقال [2] : فتى لرغيفه قرط وشنف ... وإكليلان من خرز وشذر إذا كسر الرغيف بكى عليه ... بكا الخنساء إذ فجعت بصخر وقال مهنئا بعض الأمراء بالعيد [3] : عيد يمن مؤكد بأمان ... من تصاريف طارق الحدثان جعل الله عيد عامك هذا ... خير عيد يحويه خير زمان [4] ثم لا زلت من زمانك في يس ... ر ومن طيب عيشه في أمان [5]   [387]- ترجمته في مصورة ابن عساكر 5: 3 وتهذيب ابن عساكر 4: 309 والوافي 12: 418. [1] م: نفوسها. [2] ورد البيتان في بخلاء الخطيب: 169 وديوان المعاني 1: 185 والشريشي 5: 151 وغرر الخصائص: 289 والتذكرة الحمدونية 2: 320 ونهاية الأرب 3: 310. [3] الأبيات عند ابن عساكر والصفدي. [4] م: وذاك خير التهاني. [5] م: صفر ومن شر صرفه في أمان. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1129 آخذا ذمة من الدهر لا تخ ... فر معقودة بأوفى ضمان نافذ الأمر عالي القدر محمو ... د المساعي مؤيد السلطان وقال: ثمانية قام الوجود بها فهل ... ترى من محيص للورى عن ثمانيه سرور وحزن واجتماع وفرقة ... وعسر ويسر ثم سقم وعافيه بهنّ انقضت أعمار أولاد آدم ... فهل من رأى أحوالهم متساويه - 388- الحسين بن عبد السلام أبو عبد الله المصري المعروف بالجمل الشاعر المشهور: كان شاعرا مفلقا مدح الخلفاء والأمراء. توفي في ربيع الآخر سنة ثماني وخمسين ومائتين، قدم دمشق وافدا على أحمد بن المدبر، وكان أحمد يقصده الشعراء، فمن مدحه بشعر جيّد أجزل صلته، ومن مدحه بشعر رديء وجّه به مع خادم له إلى الجامع فلا يفارقه حتى يصلّي مائة ركعة ثم يصرفه، فدخل عليه الجمل وأنشده [1] : أردنا في أبي حسن مديحا ... كما بالمدح تنتجع الولاة فقالوا أكرم الثقلين طرّا ... ومن جدواه دجلة والفرات وقالوا يقبل الشعراء لكن ... أجلّ صلات مادحه الصلاة فقلت لهم وما يغني عيالي ... صلاتي إنما الشأن الزكاة فيأمر لي بكسر الصاد منها ... فتصبح لي الصّلاة هي الصلات   [388]- ترجمة الجمل المصري في مصورة ابن عساكر 5: 4 وتهذيب ابن عساكر 4: 309 ويتيمة الدهر 1: 440 والوافي 12: 419 والمغرب (قسم مصر) : 270 والنجوم الزاهرة 3: 30 والمقفى 3: 514 وهذا هو الجمل الأكبر، أما الجمل الأصغر فهو مشبه له في الاسم أيضا (انظر المغرب: 271) . [1] الأبيات عند ابن عساكر والصفدي. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1130 وروى الجمل عن بشر بن بكر عن الأوزاعي أنه قال: كان قوم كسالى ينامون تحت شجرة كمثرى، [ويقولون] إن سقط في أفواهنا شيء اكلنا وإلا فلا، فسقطت كمثراة إلى جانب أحدهم، فقال له الذي يليه: ضعها في فمي، قال: لو استطعت أن أضعها في فمك وضعتها في فمي. قال ابن يونس في «تاريخ مصر» : كان الجمل شرها في الطعام دنيء النفس وسخ الثوب هجاء، ولد قبل سنة سبعين ومائة وعلت سنه، ومدح المأمون بمصر لما ورد إليها لجوب البيمارستان، ومدح الأمراء مثل عبد الله بن طاهر وغيرهم، وتوفي في ربيع الآخر سنة ثماني وخمسين ومائتين. ومن شعر الجمل أيضا: إذا أظمأتك أكفّ اللئام ... كفتك القناعة شبعا وريّا فكن رجلا رجله في الثرى ... وهامة همّته في الثريا أبيا لنائل ذي ثروة ... تراه بما في يديه أبيا فإنّ إراقة ماء الحياة ... دون إراقة ماء المحيا - 389- الحسين بن عقيل بن محمد بن عبد المنعم بن هاشم البزار الواسطي القرشي: كان أديبا شاعرا وله عناية بالحديث، روى عنه الخطيب البغدادي والحافظ أبو القاسم ابن عساكر؛ توفي سنة إحدى وسبعين وأربعمائة، ومن شعره: لقد كمّل الرحمن شخصك في الورى ... فلا شان شيئا من كمالك بالنقص ومن جمع الآفاق في العين قادر ... على جمع أشتات الفضائل في شخص وقال [1] : ولما حدا البين المشتّ بشملنا ... ولم يبق إلا أن تثار الأيانق   [389]- ترجمته في مصورة ابن عساكر 5: 8 وتهذيب ابن عساكر 4: 311. [1] الأبيات عند ابن عساكر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1131 ولم نستطع عند الوداع تصبّرا ... وقد غالنا دمع عن الوجد ناطق وقفنا لتوديع فكادت نفوسنا ... لأجسادنا قبل الوداع تفارق فباك لما يلقاه من فقد إلفه ... وشاك له قلب به الوجد عالق وقال: أقلي النهار إذا اضاء صباحه ... وأظلّ أنتظر الظلام الدامسا فالصبح يشمت بي فيقبل ضاحكا ... والليل يرثي لي فيدبر عابسا وقال: على لام العذار رأيت خالا ... كنقطة عنبر بالمسك أفرط فقلت لصاحبي هذا عجيب ... متى قالوا بأنّ اللام تنقط - 390- الحسين بن علي بن أحمد بن عبد الواحد بن بكر بن شبيب الطيبي النديم: نديم المستنجد بالله، ولد سنة خمسمائة وتوفي سنة ثمانين وخمسمائة. كان أديبا كاتبا شاعرا له اليد الطولى في حلّ الألغاز العويصة، فتفاوض أبو منصور محمد بن سليمان بن قتلمش وأبو غالب ابن الحصين في سرعة خاطر ابن شبيب وتقدمه في حلّ الألغاز فعمل ابن قتلمش أبياتا على صورة الالغاز ولم يلغز فيها بشيء أرسلاها إلى ابن شبيب يمتحنانه بها وهي: وما شيء له في الرأس رجل ... وموضع وجهه منه قفاه إذا غمّضت عينك أبصرته ... وان فتّحت عينك لا تراه   [390]- ترجمته في الخريدة (قسم العراق) 1: 187 والوافي 12: 447 والفوات 1: 377 (ولقبه سعد الدين) والطيبي نسبة إلى الطيب بين واسط وكور الأهواز؛ م: النصيبي. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1132 ونظم أيضا: وجار وهو تيار ... ضعيف العقل خوّار بلا لحم ولا ريش ... وهو في الرمز طيار بطبع بارد جدا ... ولكن كلّه نار فكتب ابن شبيب على الأول: هو طيف الخيال، وكتب على الثاني: هو الزئبق، فجاء أبو غالب وأبو منصور إليه وقالا: هب اللغز الأول طيف الخيال، والبيت الثاني يساعدك على ما قلت، فكيف تعمل بالبيت الأول؟ فقال: لأنّ المنام يفسّر بالعكس، لأنّ من بكى يفسر بكاؤه بالضحك والسرور، ومن مات يفسّر موته بطول العمر. وأما اللغز الثاني فإن أصحاب صناعة الكيمياء يرمزون للزئبق بالطيّار والفرّار والآبق وما أشبه ذلك، لأنه تناسب صفته، وأما برده فظاهر، ولإفراط برده ثقل جسمه وجرمه، وكله نار لسرعة حركته وتشكله في افتراقه والتئامه، وعلى كلّ حال ففي ذلك تسامح يجوز في مثل هذه الصور الباطلة إذا طبقت على الحقيقة. ودخل [1] ابن شبيب يوما على الخليفة المستنجد بالله فقال الخليفة: أين شتيت؟ فقال: عندك يا أمير المؤمنين، فأعجبه هذا التصحيف منه. ومن شعر ابن شبيب في المستنجد [2] : أنت الإمام الذي يحكي بسيرته ... من ناب بعد رسول الله أو خلفا أصبحت لبّ بني العباس كلهم ... إن عدّدت بحروف الجمّل الخلفا فإن جمّل حروف (لب) اثنان وثلاثون، والمستنجد هو الثاني والثلاثون من الخلفاء. ومن شعره أيضا: ومحترس من نفسه خوف زلّة ... تكون عليه حجة هي ماهيا يصون عن الفحشاء نفسا كريمة ... أبت شرفا إلا العلا والمعاليا   [1] وردت القصة في الخريدة. [2] الخريدة: 195. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1133 صبور على ريب الزمان وصرفه ... كتوم لأسرار الفؤاد مداريا له همة تعلو على كلّ همة ... كما قد علا البدر النجوم الدراريا وقال: أغصان ورد زيّنت درر الندى ... أجيادها بمخانق وعقود فتوهجت كمسارج وتأرجت ... كنوافج وتدبجت كبرود وتبلّجت ككواكب وتبرّجت ... ككواعب وتضرّجت كخدود وقال: تبوح بسرك ضيقا به ... وتبغي لسرّك من يكتم وكتمانك السرّ ممن تخاف ... ومن لا تخاف هو الأحزم وإن ذاع سرّك من صاحب ... فأنت وإن لمته ألوم - 391- الحسين بن علي بن محمد بن ممويه، أبو عبد الله المعروف بابن قم الزّبيدي اليمني: ولد بزبيد سنة ثلاثين وخمسمائة، وتوفي سنة إحدى وثمانين وخمسمائة. كان أديبا كاتبا شاعرا من أفاضل اليمن المبرزين في النظم والنثر والكتابة، ومن شعره: أأحبابنا من بالقطيعة أغراكم ... وعن مستهام في المحبّة ألهاكم صددتم وأنتم تعلمون بأننا ... لغير التجنّي والصدود وددناكم كشفت لكم سرّي على ثقة بكم ... فصرت بذاك السرّ من بعض أسراكم جعلناكم للنائبات ذخيرة ... فحين طلبناكم لها ما وجدناكم قطعتم وصلناكم، نسيتم ذكرناكم ... عققتم بررناكم، أضعتم حفظناكم وفي النفس سرّ لا تبوح بذكره ... ولو تلفت وجدا إلى يوم لقياكم   [391]- ترجمته في الخريدة (قسم الشام) 3: 74 والوافي 13: 5 والفوات 1: 381. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1134 فإن تجمع الأيام بيني وبينكم ... غفرت خطاياكم لحرمة رؤياكم وقال: خير ما ورّث الرجال بنيهم ... أدب صالح وحسن ثناء ذاك خير من الدنانير والأو ... راق في يوم شدّة ورخاء تلك تفنى والدين والأدب الصا ... لح لا يفنيان حتى اللقاء ولابن قم رسالة كتب بها إلى أبي حمير سبأ بن أبي السعود أحمد بن المظفر بن علي الصليحي اليماني بعد انفصاله عن اليمن، رواها عنه الحافظ أبو طاهر السلفي سنة ثمان وستين وخمسمائة [1] وهي [2] : كتب عبد حضرة السلطان الأجلّ مولاي ربيع المجدبين، وقريع المتأدبين، جلوة الملتبس، وجذوة المقتبس، شهاب المجد الثاقب، ونقاب ذوي الرشد والمناقب- أطال الله بقاءه، وأدام علوّه وارتقاءه، ما قدّمت العارية للمستعير [3] ، ولزمت الياء للتصغير، وجعل رتبته في الأولية عالية المقام [4] ، كحرف الاستفهام، وكالمبتدأ إن تأخر في البنية، فإنه مقدّم في النية، ولا زالت حضرته في الحادثات حمى، وللوفود مزدحما وملتزما، حتى يكون في العلا، بمنزلة حرف الاستعلا، وهو من حروف اللين في حصون، وما جاورها من الإمالة مصون، ولا زال عدوّه كالألف حالها يختلف، تسقط في صلة الكلام، لا سيما مع اللام، فإنه أدام الله علوه أحسن إليّ ابتداء، ونشر عليّ من فضله رداء، أراد أن يخفى وكيف يخفى، لأنّ من شرف الإحسان، سقوط ذكره عن اللسان، كالمفعول رفع رفع الفاعل الكامل، لما حذف من الكلام ذكر الفاعل- يهدي إليه سلاما ما الروض: ضاحكه النّوض [5] ، غرس وحرس، وسقي ووقي، وغيب وصيب، فأخذ من كل نوء بنصيب، زهاه الزهر،   [1] الوافي: سنة اثنتين وستين وخمسمائة. [2] نقلها الصفدي في الوافي والكتبي في الفوات. [3] الوافي والفوات: ما أجابت العادية المستغير. [4] الفوات: وافرة السهام. [5] النوض: سرب الماء. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1135 وسقاه النهر، جاور الأضا [1] ، فحسن وأضا، رتع فيه الشّحرور [2] ، ومرح العصفور، فنظر إلى أقاحيه، تفترّ في نواحيه، وإلى البهار، يضاحك شمس النهار، فجعل يلثم من ورده خدودا، ويضمّ من أغصانه قدودا، ويقتبس النار، من الجلّنار، ويلتمس العقيق، من الشقيق، فتثنّى ثملا، وغنّى خفيفا ورملا، بأطيب من نفحته المسكية، وأعطر من رائحته الذكية. وإني وإن أهديته في كلّ أوان، من أداء ما يجب غير وان، أعدّ نفسي السّكيت في السّبق، لتقصيري لما وجب عليّ من الحق، أثرت فعثرت، وجهدت فما سعدت، فأنا بحمد الله بخنوع وقنوع، وجناب عن غين الغين [3] ممنوع، فارقت المثول ولا أزال [4] ، ولزمت الخمول والاعتزال، سعيي سعي الجاهد، وعيشي عيش الزاهد، ببلد الأديب فيه غريب، والأريب مريب، إن تكلّم استثقل، وإن سكت استقلل، منزله كبيوت العناكب، ومعيشته كعجالة الراكب، فهو كما قال أبو تمام [5] : أرض الفلاحة لو أتاها جرول ... أعني الحطيئة لاغتدى حرّاثا ما جئتها من أيّ باب جئتها ... إلا حسبت بيوتها أجداثا تصدا بها الأفهام بعد صقالها ... وتردّ ذكران العقول إناثا أرض خلعت اللهو خلعي خاتمي ... فيها وطلقت السرور ثلاثا وأما حال عبده بعد فراقه في الجلد، فما حال أمّ تسعة من الولد، ذكور، كأنهم عقبان وصقور، كنّوا في وكور، اخترم منهم ثمانية، وهي على التاسع حانية، نادى النذير العريان في البداية، يا للعادية يا للعادية، فلما سمعت الداع، ورأت الخيل وهي سراع، جعلت تنادي ولدها الأناة الأناة، وهو ينادي القناة القناة [6] :   [1] الأضا: جمع أضاة، وهو بركة الماء. [2] الوافي: رتعت فيه الفور (والفور: الظباء) . [3] م: عين الغين. [4] الوافي: فارقت المتوج بأزال. [5] ديوان أبي تمام 1: 325. [6] م: العياه العياه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1136 بطل كأنّ ثيابه في سرحة ... يحذى نعال السّبت ليس بتوأم [1] حين رأته يختال في غضون الزرد الموضون، أنشأت تقول: أسد أضبط يمشي [2] ... بين طرفاء وغيل [3] لبسه من نسج دا ... ود كضحضاح المسيل فعرض له في البادية أسد هصور، كأن ذراعه مسد معصور [4] : فتطاعنا وتواقفت خيلاهما ... وكلاهما بطل اللقاء مقنّع [5] فلما سمعت صياح الرعيل، برزت من الخدر بصبر قد عيل. فسألت عن الواحد، فقيل لها لحده اللاحد: فكرّت تبتغيه فصادفته ... على دمه ومصرعه السباعا [6] عبثن به فلم يتركن إلا ... أديما قد تمزّق أو كراعا بأشد من عبد له تأسفا، ولا أعظم كمدا ولا تلهفا. وإنه ليعنّف نفسه دائما، ويقول لها لائما: لو فطنت لقطنت، ولو عقلت لما انتقلت، ولو قنعت لرجعت وما هجعت: يقيم الرجال الموسرون بأرضهم ... وترمي النوى بالمقترين المراميا [7] وما تركوا أوطانهم عن ملالة ... ولكن حذارا من شمات الأعاديا أيها السيد أمن العدل والإنصاف، ومحاسن الشيم والأوصاف، إكرام المهان، وإذلال جواد الرهان. يشبع في ساجوره كلب الزّبل، ويسغب في خيسه أبو الشبل: إذا حلّ ذو نقص مكانة فاضل ... وأصبح ربّ الجاه غير وجيه   [1] انظر ديوان عنترة: 212. [2] م: أنشد ... يميل. [3] انظر التاج (ضبط) والأضبط: الأسد يعمل بيساره كما يعمل بيمينه. [4] م: مهصور، ولعل الصواب: «مضفور» . [5] لأبي ذؤيب، انظر ديوان الهذليين 1: 38 (وفيه: مخدع) . [6] للقطامي، ديوانه: 41 (باختلاف في الرواية) . [7] ورد هذا البيت وحده في حماسة المرزوقي: 1133 لاياس بن القائف. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1137 فإن حياة الحرّ غير شهية ... إليه وطعم الموت غير كريه أقول لنفسي الدنية: هبّي طال نومك، واستيقظي لا عزّ قومك. أرضيت بالعطاء المنزور، وقنعت بالمواعيد الزور؟! يقظة فإن الجد قد هجع، ونجعة فمن أجدب انتجع، أعجزت في الإباء، عن خلق الحرباء؟ أدلى [1] لسانا كالرشاء، وتسنّم أعلى السماء. ناط همته بالشمس، مع بعدها عن اللمس، [أنف من] ضيق الوجار، ففرّخ في الأشجار، فهو كالخطيب، على الغصن الرطيب: وإن صريح الرأي والحزم لامرىء ... إذا بلغته الشمس أن يتحولا [2] وقد أصحب عبده هذه الأسطر شعرا يقصّر فيه عن واجب الحمد، وإن بنيت قافيته على المدّ، وما يعدّ نفسه إلا كمهدي جلد السبنتى الأنمر [3] إلى الديباج الأحمر: أين درّ الحباب، من ثغور الأحباب؟ وأين الشراب، من السراب، والركي البكي من الواد، ذي المواد؟ أتطلب الفصاحة من الغتم، والصباحة من العتم؟ غلط من رأى الآل في القيّ [4] ، فشبّهه بهلهال الدبيقي، هيهات مناسج الرياط، تسبق تنيس ودمياط، ولا أقول إلا كما قال القائل: من يساجلني يساجل ماجدا ... يملأ الدلو إلى عقد الكرب [5] بل أضع نفسي في أقل المواضع، وأقول لمولاي قول الخاضع: فأسبل عليها ستر معروفك المواتي، الذي سترت به قدما عوراتي [6] : فيك برّحت بالعذول إباء ... وعصيت اللوّام والنصحاء فانثنى العاذلون أخيب منّي ... يوم أزمعتم الرحيل رجاء   [1] م: ولي. [2] البيت لأبي تمام، ديوانه 3: 106. [3] م: القسيّ الأسمر. [4] القي: الأرض القفر. [5] البيت للفضل بن العباس اللهبي في الأغاني 16: 121. [6] جاء هذا في الوافي شعرا كما يلي: فأسبل عليها ستر معروفك الذي ... سترت به قدما على عوراتي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1138 من مجيري من فاتر اللحظ ألمى ... جمع النار خدّه والماء فيه لليل والنهار صفات ... فلهذا سرّ القلوب وساء لازم شيمة الخلاف فإن لن ... ت قسا أو دنوت منه تناءى يا غريب الصفات حقّ لمن كا ... ن غريبا أن يرحم الغرباء معرضا عن صدوده وتجنّي ... هـ وإشماته بي الأعداء وإذا ما كتمت ما بي من وج ... د أذاعته مقلتاي بكاء كعطايا سبا بن أحمد يخفي ... ها فتزداد شهرة ونماء أريحيّ يهزّه المدح للجو ... د [1] وإن لم نمدحه جاد ابتداء المعيّ يكاد ينبيك عمّا ... كان في الغيب فطنة وذكاء وإذا أخلف السماء بأرض ... أخلفت راحتاه ذاك السماء بندى يخجل الغيوث انهمالا ... وشذا [2] ينهل الرماح الظماء ما أبالي إذ أحسن الدهر فيه ... أحسن الدهر للورى أم أساء أيها المجدب الضريك انتجعه ... فعطاياه تسبق الأنواء تلق منه المهذب الماجد النّد ... ب الكريم السّميدع الأبّاء راحة في الندى تنيل نضارا ... وحسام في الروع يهمي دماء يا أبا حمير دعوتك للده ... ر فكنت امرءا يجيب الدعاء فأبى البخل أن يكون أماما ... وأبى الجود أن يكون وراء أنا أشكو إليك جور زمان ... دأبه أن يعاند الأدباء أهملتني صروفه وكأني ... ألف الوصل ألقيت إلقاء إن سطا أرهب الضراغم في الآ ... جام أو جاد بخّل الكرماء شيم من أبيه أحمد لا ين ... فكّ عنها تتبعا واقتفاء   [1] م: نرتجيه بهذه المدح الجود. [2] م: وشدا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1139 قد تعاطى في المجد شأوك قوم ... عجزوا واحتملت فيه العناء شرفا شامخا ومجدا منيفا ... حميريا وعزّة [1] قعساء مال عنّي بما أؤمل فيه ... كلّما قلت سوف يأسو أساء رهن بيت لو استقرّ به الير ... بوع لم يرضه له نافقاء نقصتني نقص المرخّم [2] حتى ... خلتني في فم الزمان نداء منعتني من التصرّف منع ال ... علل التسع صرفها الأسماء يا أبا حمير وحرمة إحسا ... نك عندي ما كان حبّي رياء ما ظننت الزمان يبعدني عن ... ك إلى أن أفارق الأحياء غير أني فدتك نفسي من السّو ... ء وإن قلّ [3] أن تكون فداء ضاع سعيي وخبت خابت أعا ... ديك ومن يبتغي لك الأسواء واحتملت الحرمان [4] والنقص والإب ... عاد والذلّ والعنا والجفاء وتجملت واصطبرت [5] فما أب ... قى على عودي الزمان لحاء أعلى هذه المصيبة صبر ... لا ولو كنت صخرة صماء ولو اني لم أعتمد دون غيري ... لتأسيت أن أموت وفاء غير أن التصريح ليس بخاف ... عند من كان يفهم الإيماء غير أني مثن عليك وما لم ... ت على ما لقيت إلا القضاء وسيأتيك في البعاد وفي القر ... ب مديح يستوقف الشعراء فبشكر رحلت عنك وألقا ... ك به إن قضى الإله لقاء ليس يبقى في الدهر غير ثناء ... فاكتسب ما استطعت ذاك الثناء   [1] م: وغيرة. [2] م: نفضتني نفض المرجم. [3] م: قلت. [4] م: الزمان. [5] م: واضطربت. [6] الفوات: يجمل. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1140 وقال: تشكّى المحبّون الصبابة ليتني ... تحملت ما يلقون من بينهم وحدي فكانت لنفسي لذة الحبّ كلّها ... فلم يدرها قبلي محبّ ولا بعدي وقال: هدايا الناس بعضهم لبعض ... تولّد في قلوبهم المودّه وتزرع في النفوس هوى وحبّا ... لصرف الدهر والحدثان عدّه وتصطاد القلوب بلا شراك ... وتسعد حظّ صاحبها وجدّه - 392- الحسين بن محمد بن أحمد بن محمد بن إسحاق بن محمد بن مبارك التبرجيدي [1] الملقب بالأصمعي الصغير. - 393- الحسين بن محمد بن عبد الوهاب بن أحمد بن محمد بن الحسين بن عبيد الله بن القاسم بن عبيد الله بن الوزير سليمان بن وهب الحارثي البكري الدباس المعروف بالبارع البغدادي: كان لغويا نحويا مقرئا، قرأ القرآن على أبي علي ابن البناء وغيره، وأقرأ خلقا كثيرا، وسمع من القاضي أبي يعلى الموصلي وغيره، وروى   [392]- وردت في المختصر. [393]- ترجمة البارع في إنباه الرواة 1: 328 والخريدة (قسم العراق) 3/1: 61- 88 والمنتظم 10: 16 وابن خلكان 1: 435 ومرآة الزمان: 134 ومعرفة القراء الكبار 1: 386 وطبقات ابن الجزري 1: 251 وتلخيص مجمع الآداب 1: 504 وسير الذهبي 19: 533 وعبر الذهبي 4: 56 والبداية والنهاية 12: 201 والوافي 13: 33 والنجوم الزاهرة 5: 236 والشذرات 4: 69 وبغية الوعاة 1: 539 وروضات الجنات 3: 195. وبغية الطلب (زكار) 6: 2759. [1] غير معجمة في الأصل. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1141 عنه الحافظ أبو القاسم ابن عساكر. وكان حسن المعرفة بصنوف الآداب فاضلا، وله مصنفات حسان في القراءات وغيرها، وله ديوان شعر جيد. وهو من بيت الوزارة فإن جدّه القاسم بن عبيد الله كان وزير المعتضد والمكتفي بعده، وعبيد الله بن القاسم كان وزير المعتضد أيضا قبل ابنه القاسم. وكان بين البارع وابن الهبارية الأديب الشاعر مداعبات، فإنهما كانا رفيقين منذ نشآ. وأضرّ البارع في آخر حياته. وسمع منه الحافظ أبو الفرج ابن الجوزي وأبو عبد الله الحسين بن علي بن مهجل الضرير الباقدرائي، وقرأ عليه بالروايات أبو جعفر عبد الله بن أحمد بن جعفر الواسطي المقرىء الضرير وغيره. وكان مولده سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة ببغداد وتوفي صبيحة يوم الثلاثاء سابع عشر جمادى الآخرة سنة أربع وعشرين وخمسمائة. ومن شعره: لم لا أهيم إلى الرياض وحسنها ... وأظلّ منها تحت ظلّ ضافي والزهر حيّاني بثغر باسم ... والماء وافاني بقلب صافي وقال: يوم من الزمهرير مقرور ... عليه ثوب الضباب مزرور كأنما حشو جوّه إبر ... وأرضه فرشها قوارير وشمسه حرّة مخدّرة ... ليس لها من ضبابه نور ومن شعره [1] : يا بأبي الريم الذي زارني ... كالبدر يجلوه القبا الأسود وافى إليّ السّكر ليلا به ... ولم يكن عندي له موعد فجاء يهتزّ كريحانة ... يكاد من لينته يعقد وقال: ضيف قلت أهلا به ... يدخل فالعيش به أرغد   [1] من هنا زيادة من المختصر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1142 عرّض بالجذر فناولته ... في الوقت ما امتدت إليه اليد حتى إذا أوفيته نقده ... والنقد سماع له الجلمد بتنا معا في مرقد واحد ... يضمّنا تحت الدجى مسجد يؤمّني لا لصلاة فما ... أركع إلا بعد ما يسجد حتى انجلى الليل بصبح ولم ... أرقد ولا خلّيته يرقد ومن شعره أيضا: يا همّ نفسي في قرب وفي بعد ... وضمن قلبي في حلّ وفي ظعن حرمت منك الرضا إن كان غيّرني ... عما عهدتيه شيء أو يغيرني لو قيل لي نل من الدنيا مناك لما ... جعلت غيرك لي حظا من الزمن منحتك القلب لا أبغي به ثمنا ... إلا رضاك ووافقري الى الثمن [1] وحج [2] البارع ابن الدباس فلمّا رجع من الحج ذهب إليه الشريف أبو يعلى ابن الهبارية، وكان صديقا له مرة بعد مرة فلم يصادفه، فكتب إليه بقصيدة يعاتبه فيها: يا ابن ودّي وأين منّي ابن ودي ... غيّرت طرقه [3] الرئاسة بعدي عقدت أنفه عليّ و [حلّت] ... فهو ضدّان بين حلّ وعقد صدّ عني وليس أوّل خلّ ... راع قلبي منه بهجر وصدّ شغلته عني الرئاسة فاس ... تعلى فخلّيته وذلك جهدي كنت برّا كما عهدت وصولا ... لي ترعى عهدي وتحفظ ودي أفلما حججت لا قبل الله ... تعالى مسعاك أنكرت عهدي أيّ فرق بيني وبينك هل أن ... ت سوى شاعر وأني مكدّي وحر امّ الزمان فهي يمين ... برّة أنني سأفتح جندي   [1] إلى هنا تنتهي الزيادة من المختصر. [2] نقل الشعر الصفدي في الوافي، ولم تورد م من قصيدة ابن الهبارية سوى بيت واحد. [3] م: طبعه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1143 وأجازيك بالتبظرم والتي ... هـ وكيل الهجاء مدّا بمدّ أنا أهدى إلى التبظرم لو شئت ... بأصل زاك وفضل ومجد لو تبظرمت جاز ذاك ولكن ... حدّ ظرفي ألا أجاوز حدي أي شيء يعود رسمي يعاني ... في حروب الهجاء ليّي ومدّي [1] ووحقّ الهوى لئن لم تعدني ... باعتذار يزيل ضغني وحقدي لأميلن على هواك ومالي ... فيه شيء سوى حروري وبردي [2] كان عزمي أني أعاتب صفعا ... فاستحال العتاب شتما لبعدي [3] ومتى ما قدمت وفيتك الصف ... ع فثق بي فإن وعدي كنقدي [4] فأجابه أبو عبد الله البارع بقصيدة طويلة أيضا، وهي: وصلت رقعة الشريف أبي يع ... لى فقامت مقام لقياه عندي فتلقيتها بأهلا وسهلا ... ثم ألصقتها بطرفي وخدي وفضضت الختام عنها فما ظنّ ... ك بالصاب إذ يشاب بشهد بين حلو من العتاب ومرّ ... هو أولى به وهزل وجدّ وتجنّ عليّ في غير ذنب ... بعتاب يكاد يحرق جلدي يدّعي أنني احتجبت وقد زا ... ر مرارا حاشاه من قبح ردّ ثم دع ذا ما للرياسة والح ... جّ أبن لي في حلّ أنف وعقد [5] وبماذا علمت بالله أني ... قد تكبرت [6] أو تغيّر عهدي من تراني أعامل أم وزير ... لأمير أو عارض للجند [7]   [1] هذا البيت غير صحيح القراءة [2] الوافي: فيه حظ لولا جنوني وردّي. [3] ر: لعبدي. [4] الوافي: نقدي. [5] م: دعك من ذمك الرياسة والحج وقل لي بغير حل وعقد. [6] م: تنكرت. [7] م: أم قائد جيش جند. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1144 أنا إلا ذاك الخليع الذي تع ... رف أرضى ولو بجرّة دردي وإذا صحّ لي عليق فذاك ال ... يوم عيدي وصاحب الدست عبدي أتراني لو كنت في النار مع ... هامان أنساك أو جنان الخلد أو لو اني عصّبت بالتاج أسلا ... ك ولو كنت عانيا في القدّ [1] أنا أضعاف ما عهدت على الع ... هد وإن كنت لا تجازي بودّي رب ليل بتناه وجهي إلى وج ... هك ندمي عميرة بالجلد ونهار سرناه كتفي إلى كت ... فك نحتال في حصول المرد ثم عدنا بخيبة أنا مثل ال ... كلب أعدو وأنت مثل القرد وكأني أراك بالأمس كالمج ... نون تطغى على محبة حمد تتمنى أن لو صفعت بنعلي ... هـ ثمانين ثم فزت بفرد أتراني لم أقض حقك ... بالإسعاف فيما وقعت فيه بجهدي أو ما كنت ثانيا لك إذ ... نلحم في السوق حلفة ونسدّي أفهذا إلى التبظرم منسو ... ب إلى كم تجني وكم تستعدي ألأني قنعت من سائر ... الناس بفذّ من المكارم فرد صان وجهي عن اللئام و ... أولاني جميلا منه إلى غير حدّ فتعففت واقتنعت بتدفيع ... زماني وقلت إني وحدي لا لأني مع ذا أنفت من الكد ... ية أين الكرام حتى أكدي كل هذا عذر إليك فإن تق ... بل وإلا فاقعد على رأس قردي قد تناهيت في المزاح ... إلى الغاية حتى كأنه عين حقد ووحق العباس جدّك ما أنسب ... شيئا منه إلى غير جدّ فأقلني بحقّ ما بيننا من ... هـ فهذا نهاية في البرد   [1] م: ولو كنت غائبا عن رشدي. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1145 وقال: إذا المرء أعطى نفسه كلّ ما اشتهت ... ولم ينهها تاقت إلى كلّ باطل وساقت إليه الاثم والعار بالذي ... دعته إليه من حلاوة عاجل وقال أيضا [1] : أفنيت ماء الوجه من طول ما ... أسأل من لا ماء في وجهه أنهي إليه شرح حالي الذي ... يا ليتني متّ ولم أنهه فلم ينلني أبدا رفده ... ولم أكد أسلم من جبهه والدهر إذ مات نحاريره ... قد مدّ أيديه إلى بلهه وقال: تنازعني النفس أعلى مقام ... وليس من العجز لا أنشط ولكن بقدر علوّ المكان ... يكون هبوط الذي يسقط - 394- الحسين بن محمد بن جعفر بن محمد بن الحسين الرافقي المعروف بالخالع: أحد كبار النحاة، كان إماما في النحو واللغة والأدب، وله شعر، توفي سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة. أخذ عن أبي علي الفارسي وأبي سعيد السيرافي وغيرهما، ويقال إنه من ذرية معاوية ابن أبي سفيان رضي الله عنه، وله من التصانيف كتاب   [394]- ترجمة الخالع في الأنساب واللباب وتاريخ بغداد 8: 105 وميزان الاعتدال 1: 547 ولسان الميزان 2: 310 والوافي 13: 48 وبغية الوعاة 1: 538 (وفيه ترجمة منقولة عن الصفدي ولا تشابه بينها وبين ما أورده الصفدي نفسه في الوافي) ؛ ووفاته فى تاريخ بغداد سنة 422 وبعد جعفر في نسبه يرد: ابن الحسن بن محمد بن عبد الباقي أبو عبد الله. وفي المختصر أن وفاته 422 عن سنّ عالية وفقر باد وقيل إنه كفن في قبائه، وله تصانيف كثيرة، وكان له ابن أديب يشبه خطه خط ابن أبي نواس وتلك الطبقة. [1] الأبيات في الوافي 13: 36. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1146 الأودية والجبال والرمال. وكتاب الأمثال. وكتاب تخيلات العرب. وشرح شعر أبي تمام. وكتاب صناعة الشعر، وغير ذلك. ومن شعره: رأيت العقل لم يكن انتهابا ... ولم يقسم على قدر السنينا فلو أنّ السنين تقسّمته ... حوى الآباء أنصبة البنينا وقال: خطرت فقلت لها مقالة مغرم ... ماذا عليك من السلام فسلّمي قالت بمن تعنى فحبّك بيّن ... من سقم جسمك قلت بالمتكلم فتبسمت فبكيت قالت لا ترع ... فلعلّ مثل هواك بالمتبسم قلت اتفقنا في الهوى فزيارة ... أو موعدا قبل الزيارة قدمي فتضاحكت عجبا وقالت يا فتى ... لو لم أدعك تنام بي لم تحلم وقال: أما لظلام ليلي من صباح ... أما للنجم فيه من براح كأن الأفق سدّ فليس يرجى ... به نهج إلى كلّ النواحي كأن الشمس قد مسخت نجوما ... تسير مسير أذواد [1] طلاح كأن الصبح مهجور طريد ... كأن الليل مات صريع راح كأن بنات نعش متن حزنا ... كأنّ النسر مكسور الجناح وقال: لا تعبسنّ بوجه عاف سائل ... خير المواهب أن ترى مسؤولا لا تجبهن بالردّ وجه مؤمّل ... فبقاء عزّك أن ترى مأمولا يلقى الكريم فيستدلّ ببشره ... ويرى العبوس على اللئيم دليلا واعلم بأنك لا محالة صائر ... خبرا فكن خبرا يروق جميلا   [1] م: رواد؛ وصوبته بحسب المعنى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1147 - 395- الحسين بن محمد بن الحسين بن حيّ التجيبي القرطبي: كان أديبا فاضلا عالما بالهندسة والهيئة كلفا بصناعة التعديل، أخذ علم العدد والهندسة والهيئة عن أبي عبد الله محمد بن عمر بن محمد المعروف بابن برغوث الرياضي الفلكي المتوفى سنة أربع وأربعين وأربعمائة [1] . وخرج ابن حيّ من الأندلس سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة ولحق بمصر بعد أن نالته بالأندلس، وفي طريقه بالبحر، محن شديدة، ثم رحل من القاهرة إلى اليمن واتصل بأميرها الصليحي [2] القائم بالدعوة للمستنصر بالله معدّ بن الظاهر علي فحظي عنده، وبعثه رسولا إلى أمير المؤمنين القائم بأمر الله الخليفة العباسي في هيئة فخمة، فنال هناك إقبالا ودنيا عريضة، وتوفي باليمن بعد انصرافه من بغداد إليها سنة ست وخمسين وأربعمائة. وله من التصانيف: زيج مختصر على طريقة السند هند وغير ذلك. ومن شعره: تأمل صورة العدد ... فمن ينظر إليه هدي كما الأعداد راجعة ... وإن كثرت إلى الأحد كذاك الخلق مرجعهم ... لربّ واحد صمد وقال: تحفظ من لسانك فهو عضو ... أشدّ عليك من وقع السنان فلا والله ما في الخلق خلق ... أحقّ بطول سجن من لسان وقال: ورأيت السماء كالبحر إلا ... أن ما وسطه من الدرّ طافي فيه ما يملأ العيون كبير ... وصغير ما بين ذلك صافي   [395]- انظر نفح الطيب 3: 376 وطبقات صاعد: 73. [1] انظر ترجمة ابن برغوث في طبقات صاعد: 71. [2] م: السخي ويشبه أن تكون كذلك نقلا عن طبعة طبقات صاعد، تحقيق شيخو. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1148 وقال [1] : ودّعته حيث لا تودّعه ... روحي ولكنّها تسير معه ثم تولّى وفي القلوب له ... ضيق مجال وفي القلوب سعه وقال: إذا ما كثرت على صاحب ... وقد كان يدنيك من نفسه فلا بدّ من ملل واقع ... يغيّر ما كان من أنسه - 396- الحسين بن محمد بن الحسين القمي الكاتب أبو عبد الله: والد الأستاذ أبي الفضل ابن العميد. ذكر أبو إسحاق الصابي أن رسائل العميد لا تقصر في البلاغة عن رسائل ابنه أبي الفضل، قال المؤلف [2] : وعندي أن هذا الحكم من أبي اسحاق فيه حيف شديد على أبي الفضل، والقاصّ لا يحب القاص. وتقلد ديوان الرسائل لنوح بن نصر الساماني، ولقب بالشيخ العميد. - 397- الحسين بن محمد أبو علي السهواجي: أديب شاعر لبيب مشهور، وسهواج من قرى مصر، صنّف كتاب القوافي، وتوفي بمصر سنة أربعمائة رحمه الله تعالى.   [396]- أضيفت هذه الترجمة من تلخيص مجمع الآداب 4/2: 911 وقد نبه على ذلك الأستاذ مصطفى جواد، وفي أخبار العميد وعلاقته بابنه أبي الفضل انظر كتاب أخلاق الوزيرين. [397]- قد مرّت له ترجمة باسم الحسن (رقم: 346) ومعنى ذلك أن المؤلف قد ترجم له مرتين؛ وقال ياقوت في معجم البلدان (سهواج) 3: 205 سهواج- بفتح أوله وسكون ثانية ثم واو وآخره جيم، قرية من قرى مصر ينسب إليها أبو علي الحسن بن محمد الأديب الشاعر صاحب كتاب القوافي، قد ذكرته في أخبار الأدباء» ، وانظر الوافي 12: 243 فإن اسمه فيه «الحسن» أيضا وكذلك في الفوات 1: 361 اليتيمة 1: 413 (وفي نسبته «الشهواجي» خطأ» . [1] وردا منسوبين لابن دريد في الترجمة رقم: 23. [2] في مجمع الآداب: قال ياقوت الحموي في كتابه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1149 ومن شعره [1] : وقد كنت أخشى الحبّ لو كان نافعي ... من الحبّ أن أخشاه قبل وقوعه كما حذر الانسان من نوم عينه ... ونام ولم يشعر أوان هجوعه وقال: كرام المساعي في اكتساب محامد ... وأهدى إلى طرق المعالي من القطا وأبوابهم معمورة بعفاتهم ... وأيديهم لا تستريح من العطا ومن شعره أيضا: وهتوف أيكية ذات شجو ... سجعت ثم رجّعت ترجيعا [2] ذكرت إلفها فحنّت إليه ... فبكينا من الفراق جميعا ومنه أيضا: قوم كرام إذا سلّوا سيوفهم ... في الرّوع لم يغمدوها في سوى المهج إذا دجا الخطب أو ضاقت مذاهبه ... وجدت عندهم ما شئت من فرج وقال: شخوص الفتى عن منزل الضيم واجب ... وإن كان فيه أهله والأقارب وللحرّ أهل إن نأى عنه أهله ... وجانب عزّ إن نأى عنه جانب ومن يرض دار الضيم دارا لنفسه ... فذلك في دعوى التوكّل كاذب وقال: توخّ من الطرق أوساطها ... وعدّ عن الجانب المشتبه وسمعك صن عن سماع القبيح ... كصون اللسان عن النّطق به فإنك عند سماع القبيح ... شريك لقائله فانتبه   [1] وردت المقطعات الأربع الأولى في ترجمته رقم: 346. [2] رواية الوافي والفوات، أو هو بيت آخر: نطقت بالضحى حمامة أيك ... فأثارت أسى وأجرت دموعا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1150 - 398- الحسين بن محمد أبو الفرج النحوي المعروف بالمستور: كان نحويا لغويا أديبا شاعرا حدث عن الزجاجي، توفي سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة. ومن شعره: أمسى يحنّ لوجهه قمر الدجى ... وغدا يلين للحنه الجلمود فإذا بدا فكأنما هو يوسف ... وإذا شدا فكأنه داود وقال: فكأنما الشمس المنيرة إذا بدت ... والبدر يجنح للغروب وما غرب متحاربان لذا مجنّ صاغه ... من فضة ولذا مجن من ذهب وله مزدوجة أنشدها بعض الدمشقيين سنة خمس وثمانين وثلاثمائة: الحبّ بحر زاخر ... راكبه مخاطر جنوده المحاجر ... والحدق السواحر ركبته على غرر ... وخطر على خطر في واضح يحكي القمر ... وكان حتفي في النظر حلّفته لما بدا ... كغصن غبّ ندى ريّان بالحسن ارتدى ... وبالبها تفرّدا [2]   [398]- ترجمة المستور النحوي في مصورة ابن عساكر 5: 126 وتهذيب ابن عساكر 4: 362 وإنباه الرواة 1: 328 وبغية الوعاة 1: 540. [1] وردت هذه المزدوجة عند ابن عساكر. [2] ابن عساكر: بالحسن ظل مفردا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1151 بحقّ بيت المقدس ... والبلد المقدّس وبالتي لم تدنس ... لا تك منك مؤيسي بحقّ قدس مريم ... وبطرس المعظّم بعادل لم يظلم ... رقّ لصبّ مغرم بالدير بالرهبان ... بحرمة القربان ببولص ذي الشان ... كن حسن الإحسان بالطور بالزبور ... بساكن القبور بشاهد مشهور ... اعطف على المهجور بحرمة المسيح ... وبالفتى الذبيح بالفصح بالتسبيح ... أبق عليّ روحي بليلة الميلاد ... وحرمة الأعياد ولابسي السواد ... اجعل رضاك زادي وهي طويلة اكتفينا منها بهذا المقدار. ومن شعره أيضا: كانت بلهنية الشبيبة سكرة ... فصحوت واستبدلت سيرة مجمل وقعدت أنتظر الفناء كراكب ... «عرف المحلّ فبات دون المنزل» الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1152 - 399- الحسين بن محمد بن عبد الرحمن بن فهم بن محرز أبو عبد الله: مات سنة تسع وثمانين ومائتين. سمع مصعبا الزبيري وخلف بن هشام والبزار ومحمد بن سلام الجمحي وابن النطاح. وروى عنه أبو الفرج الأصفهاني وأبو الفضل محمد بن أبي جعفر المنذري، وكان يقول: أبو مسلم صاحب الدولة جدي، كان جده لأمه. وكان ابن فهم ثقة عدلا في الرواية. وكان يسكن الرصافة. قال أحمد بن كامل القاضي: سمعت الحسين بن فهم يقول: اشهدوا علي بأنني منذ فعلت خلة من ثلاث خلال فأنا مجنون: إن شهدت عند الحاكم، أو حدثت العوام، أو قبلت الوديعة. - 400- الحسين بن محمد بن الحسين بن سهلويه الكاتب الأصبهاني أبو العلاء أحد أصحاب الصاحب بن عباد، مات [ ... ] . ذكر في كتابه الذي صنفه، وسماه «أجناس الجواهر» عن نفسه قال: حدثني أبو الفرج الببغاء الشاعر قال: أمرني سيف الدولة ممتحنا أن أكتب رقعة إلى رجل تزوجت أمه أحسّن ذلك [1] ، ورسم أن أكتبها بحضرته ارتجالا، فكتبت: من سلك إليك، أعزّك الله، سبيل الانبساط لم يستوعر مسلكا من المخاطبة فيما يحسن الانقباض عن ذكر مثله؛ واتصل بي ما كان من أمر واجبة الحقّ عليك، المنسوبة بعد نسبتك إليها إليك، أقرّ الله صيانتها في اختيارها ولو أن [ ... ] يتناكره وشرع المروّة يحظره، لكنت في مثله بالرضا أولى، وبالاعتذار مما جدده الله من صيانتها أحرى. فلا يسخطنّك، أعزك الله من ذلك، ما رضيه   [399]- هذه الترجمة من المختصر، وانظر المنتظم 6: 36- 37 (وذكر أنه ولد سنة 211) وقال: كان عسرا في الرواية متمنعا إلا لمن أكثر ملازمته، وكان متقنا في العلوم كثير الحفظ للحديث ولأصناف الأخبار والنسب والشعر. [400]- وردت هذه الترجمة في المختصر. [1] كانت كتابة رسالة إلى من تزوجت أمه محكّ براعة عند الكتاب، انظر زهر الآداب: 346، 347. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1153 واجب الشرع وحسّنه أدب الديانة، فمباح الله أحقّ أن يتبع، وإياك أن تكون ممن إذا حرم اختياره تسخط اختيار القدر له، والسلام. قال ابن سهلويه: فلما عدت من مدينة السلام إلى الري عرضتها على الصاحب، كافي الكفاة، فاستحسن المغزى، وقال: قد أصاب غرة الهدف في المرمى، وقرطس ثغرة الغرض في المعنى، ولكنّ في ألفاظه لينا، وفي عبارته ضعفا، ثم قال لي ولجماعة من كتابه على سبيل الامتحان: اكتبوا رقعة إلى رجل آخر دعته الضرورة إلى تزويج أمه، فلما قرر الأمر، وأمضى العقد ندم وتذمم، وهمّ بأن يهيم على وجهه، ولفّ رأسه حياء من فعله. فتفادت الجماعة من ذلك، وضمنت إنشاءها، وعملت الرسالة على ما اقترحه عليّ، وبكرت إليه والشمس لم تجلّل الأرض بضيائها، ولم تخلع عليها صفرة ردائها، فلما قرأها أعجب بها جدا، وقرظني بما لا أرى [وجها] في إعادة ذكره فأكون كمن يزهى بما يصدر عن صدره، فيقال: فلان كالمفتون بابنه وبشعره؛ والرسالة: قد عرفت، أعزك الله، ما شكوته مما اتفق عليك من حادثة الزمن الصماء، ونائبة الغير الشنعاء، ووقعت على ما قلت من أن أمّ طبق طرّقت إليك ببكرها، وبنت الدهر برزت إليك من خدرها، فسعّرت جوانبك لهيبا، وملأت جوانحك ندوبا، حين أحوجتك إلى تزويج كبيرتك على طريق الاقتار، وأوجبت عليك ضمّها إلى كفء كريم من بني الأحرار، وإنك رأيت ذلك عارا تجلل لباسه، وشنارا أعيا عليك مراسه، وإنك تحسب ان دون محو هذه الغضاضة شيب المفارق، وأن وصمتها لا ترّحض عنك بأشنان بارق، حتى خفّ عليك أن تضع كفك في يد الدهر، وطاب لك التفصي من العمر، وتصورت أن العيش مع الذام عدل الموت الزؤام، فهممت أن تنفض يدك مما أنت فيه من عيش ندي ناعم الأطراف، وعمر هنيء سائغ القطاف، ووددت بأن تلحق بمنقطع التراب، فلا تأتي أهلك إلا بعد شمط الغراب، راضيا بأن تتقلب في الأبارق على الرمضاء، وتدور في الأجارع مع الشمس كالحرباء، وأن تحصل بحيث لا تحسّ بنبأة من إنسان، ولا تأنس إلا بعزيف الجنان، وتقتصر من طعامك على كشى الضباب، بل على سفّ التراب. وتجعل كفّك قيعة للأبوال، فتتجرعها عوضا عن الماء الزلال، كلّ ذلك لكيلا يقع طرفك على معيّر شامت، ومستهزىء متهافت. وهذا الذي استشعرته مما لا أرتضيه من عقلك الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1154 الرصين، ورأيك الوثيق، فإن فيما أتيته ضروبا من المصالح وفنونا من المرافق، فمنها أنك سترت عورة واستفدت طهرا وعصمة، وقضيت لمن ارتكضت في حشاها ذماما وحرمة، ومنها أنك نزّهت نفسك عن التوسم بالعقوق للذهاب مع الأنفة، وصنتها عن أن تتبع فيها المقالة للائمة، لا سيما وفيها علالة من الشباب تنطلق معها ألسنة الاغتياب، فلا تملكنك دواعي الهمّ والحسرة، فقد جدع الحلال أنف الغيرة. وإن ساءتك هذه الحال من جانب إنها لتسرّ من جوانب، وكذاك رياح الأيام تختلف فتارة تهب شمائل وأخرى جنائب. جعل الله عز وجل نعمه عليك مصفّاة من سوء يكدرها، ومواهبه لديك مبرأة من شائبة ترنّقها، وجعل ما يوليك بعدها جامعا للعزّ الأشد والنظر الأشوس، وحرسه عما يغري القذى بطرفك، ويوكل الأذى بلبّك، بمنّه وسعة طوله. ولما مات الصاحب قال أبو العلاء ابن سهلويه يرثيه [1] : يا كافي الملك ما أوفيك حقك [2] من ... وصفي وإن طال تمجيد وتأبين فتّ الصفات فما يرثيك من أحد ... إلا وتزيينه إياك تهجين سقى الحيا قبرك الثاوي بمصرعه ... ليث وغيث وصمصام وتنّين بناظريّ ثرى أرض حللت بها ... فردا وفرشك فيه الترب والطين ما متّ وحدك لا بل مات من ولدت ... حوّاء طرا بل الدنيا بل الدين تبكي عليك العطايا والصلات كما ... تبكي عليك الرعايا والسلاطين هذي نواعي العلا قد قمن [3] نادبة ... أضعاف ما ندبتك الخرّد العين لم يبق للسؤدد اسم مذ نأيت ولا ... للجود رسم ولا للمجد آيين [4]   [1] أورد الثعالبي هذه الأبيات في اليتيمة (3: 284) ونسبها لأبي القاسم ابن أبي العلاء الأصبهاني، ثم ترجم في الكتاب نفسه (3: 324) لمن اسمه أبو القاسم غانم بن أبي العلاء الأصبهاني، ولا يتضح من هذا صلة هذا الشاعر بابن سهلويه أبي العلاء، وبعض هذه الأبيات ورد في ترجمة الصاحب ابن عباد. [2] اليتيمة: ما وفيت حظك. [3] اليتيمة: مذ مت. [4] لم يرد هذا البيت في اليتيمة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1155 قام السعاة وكان الخوف أقعدهم ... واستيقظوا بعد ما نام الملاعين لا يعجب الناس لما متّ وانتشروا [1] ... مضى سليمان فانحلّ الشياطين - 401- الحسين بن محمد بن الحسين، أبو عبد الله الضراب الصوري: نحوي دمشق ومدرسها، مات سنة أربع عشرة وأربعمائة. - 402- الحسين بن محمد الراغب أبو القاسم الأصبهاني: أحد أعلام العلم، ومشاهير الفضل متحقق بغير فن من العلوم وله تصانيف كثيرة: كتاب تفسير القرآن. كتاب أحداق عيون الشعر. كتاب المحاضرات [2] . كتاب الذريعة إلى معالم الشريعة [3] . كتاب المفردات من تفسير القرآن [4] .   [401]- هذه الترجمة من المختصر؛ وانظر مصورة ابن عساكر 5: 119 وتهذيب ابن عساكر 4: 359، (وفيه: ابن صواب) وبغية الوعاة 1: 539 وقد كان ذا عناية بالحديث وكان في وقته نحوي البلد ومدرسه. [402]- للراغب الأصبهاني ترجمة في سير الذهبي 18: 120 وتاريخ الحكماء للبيهقي: 112 والوافي 13: 45 وروضات الجنات 3: 197 وللدكتور عمر عبد الرحمن الساريسي دراسة عنه، عمان 1986؛ وهذه الترجمة من المختصر. [1] اليتيمة: الناس منهم إن هم انتشروا. [2] طبع غير مرة، آخرها في أربعة أجزاء (في مجلدين) بدار الحياة- بيروت. [3] طبع بمصر سنة 1308 وهناك طبعة أخرى حديثة. [4] من كتبه المطبوعة: تفصيل النشأتين وتحصيل السعادتين، تحقيق د. عبد المجيد النجار، دار الغرب الإسلامي- بيروت 1988؛ ومجمع البلاغة في جزءين تحقيق د. عمر الساريسي، عمان 1986. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1156 - 403- الحسين بن محمد بن الحسين بن الحسن الهروي، أبو عبد الله الحاكم: مات سنة ست وتسعين وأربعمائة. - 404- الحسين بن مطير بن مكمل الأسدي، مولى بني أسد بن خزيمة: وكان جده مكمّل عبدا فعتق وقيل كوتب. وابن مطير من مخضرمي الدولتين الأموية والعباسية فصيح متقدم في الرجز والقصيد، يعدّ من فحول المحدثين، يشبه كلامه كلام الاعراب وأهل البادية، وفد [1] على الأمير معن بن زائدة الشيباني لما ولي اليمن، فلما دخل عليه أنشده: أتيتك إذ لم يبق غيرك جابر ... ولا واهب يعطي اللها والرغائبا فقال له: يا أخا بني أسد ليس هذا بمدح، إنما المدح قول نهار بن توسعة في مسمع بن مالك: قلّدته عرى الأمور نزار ... قبل أن يهلك السّراة البحور فغدا إليه بأرجوزة يمدحه بها [2] فاستحسنها وأجزل صلته.   [403]- هذه الترجمة من المختصر. [404]- ترجمة الحسين بن مطير في طبقات ابن المعتز: 114 والأغاني 15: 331 ومصورة ابن عساكر 5: 129 وتهذيب ابن عساكر 4: 365 ومختصر ابن منظور 7: 176 والسمط، 409 وسير أعلام النبلاء 7: 81 والوافي 13: 63 والفوات 1: 388 والخزانة 2: 485 وقد جمع ديوانه كلّ من الدكتور حسين عطوان، ومحسن غياض (والإحالة على الثاني منهما) وهذه الترجمة بمعجم الشعراء أليق وأوفق. [1] القصة والشعر في الأغاني 15: 332 وقارن بما في التذكرة الحمدونية 2: 65 وانظر الخزانة 2: 485. [2] مطلع الأرجوزة: حدثتها يا حبذا دلالها ... تسأل عن حالي وما سؤالها الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1157 وحدث جعفر بن منصور قال: حدثني أبي قال: حجّ المهديّ فنزل زبالة فدخل الحسين بن مطير الأسدي عليه فقال [1] : أضحت يمينك من جود مصوّرة ... لا بل يمينك منها صورة الجود من حسن وجهك تضحي الأرض مشرقة ... ومن بنانك يجري الماء في العود فقال المهدي: كذبت، قال: ولم ذاك يا أمير المؤمنين؟ قال: هل تركت في شعرك موضعا لأحد بعد قولك في معن بن زائدة [2] : ألمّا على معن وقولا لقبره ... سقتك الغوادي مربعا ثم مربعا فيا قبر معن أنت أول حفرة ... من الأرض خطّت للمكارم مضجعا ويا قبر معن كيف واريت جوده ... وقد كان منه البرّ والبحر مترعا بلى قد وسعت الجود والجود ميّت ... ولو كان حيا ضقت حتى تصدّعا ولما مضى معن مضى الجود وانقضى ... وأصبح عرنين المكارم أجدعا وما كان إلا الجود صورة وجهه ... فعاش ربيعا ثم ولّى وودّعا وكنت لدار الجود يا معن عامرا ... وقد أصبحت قفرا من الجود بلقعا فتى عيش في معروفه بعد موته ... كما كان بعد السيل مجراه مرتعا تمنى أناس شأوه من ضلالهم ... فأضحوا على الأذقان صرعى وظلّعا تعزّ أبا العباس عنه ولا يكن ... جزاؤك من معن بأن تتضعضعا أبى ذكر معن أن يميت فعاله ... وان كان قد لاقى حماما ومصرعا فما مات من كنت ابنه لا ولا الذي ... له مثل ما أبقى أبوك وما سعى فقال: يا أمير المؤمنين إنما معن حسنة من حسناتك وفعلة من فعلاتك، فأمر له بألف دينار ثم قال: سل حاجتك، فقال [3] :   [1] الديوان: 48 (وفيه تخريج كثير) . [2] انظر ابن خلكان 4: 340 وأمالي المرتضى 1: 228 وأمالي القالي 1: 275 وزهر الآداب: 794 والديوان: 60- 62 وفيه مزيد من التخريج. [3] الديوان: 72. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1158 بيضاء تسحب من قيام فرعها ... وتغيب فيه وهو جعد أسحم فكانّها منه نهار مشرق ... وكأنه ليل عليها مظلم قال: خذ بيدها، لجارية كانت على رأسه، فأولدها مطير بن الحسين بن مطير. وقال الرياشي حدثني أبو العالية عن أبي عمران المخزومي قال [1] : أتيت مع أبي واليا كان بالمدينة من قريش وعنده ابن مطير، وإذا بمطر جود فقال له الوالي: صف لي هذا المطر، قال: دعني أشرف عليه، فأشرف عليه ثم نزل فقال [2] : كثرت لكثرة قطره أطباؤه ... فإذا تحلّب فاضت الأطباء وله رباب هيدب لذفيفه ... قبل التبعّق ديمة وطفاء [3] وكأن ريّقه ولمّا يحتفل ... ودق السماء عجاجة كدراء [4] وكأن بارقه حريق تلتقي ... ريح عليه وعرفج وألاء [5] مستضحك بلوامع مستعبر ... بمدامع لم تمرها الأقذاء فله بلا حزن ولا بمسرّة ... ضحك يؤلف بينه وبكاء حيران متّبع صباه تقوده ... وجنوبه كنف له ووعاء غدق ينتّج في الأباطح فرّقا ... تلد السيول وما لها أسلاء [6] غرّ محجلة دوالح ضمّنت ... حمل اللقاح وكلّها عذراء [7] سحم فهنّ إذا كظمن سواجم ... سود وهنّ إذا ضحكن وضاء   [1] الأغاني 15: 337. [2] الأبيات في الشعر والشعراء: 34 والأزمنة والأمكنة 2: 98 وانظر الديوان: 27- 30. [3] الرباب: السحاب، الهيدب: المتدلي، التبعق: اندفاع المطر، الوطفاء: الديمة المسحّ الحثيثة. [4] الريق: أول دفقة من المطر؛ الودق: المطر. [5] العرفج والألاء: نوعان من الشجر. [6] ينتج: يولد؛ فرّقا: سحبا متفرقة؛ الأسلاء: جمع سلا وهو الجلد الذي يغشي الولد حين يخرج من بطن أمه. [7] الدوالح: جمع دلوح وهي السحابة البطيئة لأنها مثقلة بالماء. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1159 لو كان من لجج السواحل ماؤه ... لم يبق في لجج السواحل ماء وقال ابن دريد: أنشدنا أبو حاتم السجستاني وعبد الرحمن بن أخي الأصمعي عن عمه للحسين بن مطير الأسدي، وقال عبد الرحمن قال عمي: لو كان شعر العرب هكذا ما أثم منشده [1] : ألا حبّذا البيت الذي أنت هاجره ... وأنت بتلماح من الطرف ناظره لأنك من بيت لعينيّ معجب ... وأملح في عيني من البيت عامره أصدّ حياء ان يلمّ بي الهوى ... وفيك المنى لولا عدو أحاذره وفيك حبيب النفس لو تستطيعه ... لمات الهوى والشوق حين تجاوره فإن آته لم أنج إلا بظنّة ... وإن يأته غيري تنط بي جرائره وكان حبيب النفس للقلب واترا ... وكيف يحبّ القلب من هو واتره فإن يكن الأعداء أحموا كلامه ... علينا فلن تحمى علينا مناظره أحبّك يا سلمى على غير ريبة ... ولا بأس في حبّ تعفّ سرائره ويا عاذلي لولا نفاسة حبّها ... عليك لما باليت أنك خابره بنفسي من لا بدّ أنّي هاجره ... ومن أنا في الميسور والعسر ذاكره ومن قد لحاه الناس حتى اتقاهم ... ببغضي إلا ما تجنّ ضمائره أحبّك حبا لن أعنّف بعده ... محبّا ولكنّي إذا ليم عاذره لقد مات قبلي أول الحبّ فانقضى ... ولو متّ أضحى الحبّ قد مات آخره كلامك يا سلمى وإن قلّ نافعي ... فلا تحسبي أني وإن قلّ حاقره ألا لا أبالي أيّ حيّ تحملوا ... إذا إثمد البرقاء لم يخل حاضره وحدث المرزباني عن الأخفش قال: أنشدنا أبو العباس ثعلب عن ابن الأعرابي لحسين بن مطير الأسدي [2] :   [1] انظر أمالي المرتضى 1: 431 وتهذيب ابن عساكر وأمالي القالي 1: 78 والزهرة: 119 والديوان: 54- 57 . [2] الديوان: 44- 47 (وفيه تخريج كثير) . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1160 لقد كنت جلدا قبل أن توقد النوى ... على كبدي نارا بطيئا خمودها ولو تركت نار الهوى لتصرّمت ... ولكنّ شوقا كلّ يوم وقودها وقد كنت أرجو أن تموت صبابتي ... إذا قدمت أيامها وعهودها فقد جعلت في حبة القلب والحشا ... عهاد الهوى تولى بشوق يعيدها بمرتجة الأرداف هيف خصورها ... عذاب ثناياها عجاف قيودها [1] وصفر تراقيها وحمر أكفها ... وسود نواصيها وبيض خدودها مخصّرة الأوساط زانت عقودها ... بأحسن مما زيّنته عقودها يمنّيننا حتى ترفّ قلوبنا ... رفيف الخزامى بات طلّ يجودها وفيهن مقلاق الوشاح كأنها ... مهاة بتربان [2] طويل عقودها وكنت أذود العين أن ترد البكا ... فقد وردت ما كنت عنه أذودها هل الله عاف عن ذنوب تسلّفت ... أم الله إن لم يعف عنها معيدها وقال [3] : رأت رجلا أودى بوافر لحمه ... طلاب المعالي واكتساب المكارم خفيف الحشا ضربا كأنّ ثيابه ... على قاطع من جوهر الهند صارم فقلت لها لا تعجبنّ فإنني ... أرى سمن الفتيان إحدى المشائم وأنشد له ابن قتيبة [4] : يضعّفني حلمي وكثرة جهلهم ... عليّ وأني لا أصول بجاهل دفعتكم عنّي وما دفع راحة ... بشيء إذا لم تستعن بالأنامل   [1] هكذا في أمالي المرتضى؛ والقيود: أصل الأسنان فلعلّ وصفها بأنها عجاف له مغزاه عندهم، إذا صحت الرواية. [2] تربان: واد. [3] البيان والتبيين 2: 171 والديوان: 74. [4] أمالي الزجاجي: 129 والديوان: 69 (ونسبا في حماسة الخالديين 2: 190 للأحوص بن جعفر وفي البيان 3: 335 لملاعب الأسنة) . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1161 وأنشد له المبرد [1] : ولي كبد مقروحة من يبيعني ... بها كبدا ليست بذات قروح أباها عليّ الناس لا يشترونها ... ومن يشتري ذا علّة بصحيح - 405- الحسين بن هبة الله ضياء الدين أبو علي ابن زاهر الموصلي الملقب بدهن الحصى: أحد نحاة العصر، تصدر لإقراء العربية في بلده، وتقدم عند صاحب الموصل، ثم تغير عليه فرحل إلى الملك الناصر صلاح الدين، ثم وفد على ابنه في حلب فقربه ورتّب له معلوما على إقراء العربية. وكان أديبا شاعرا متفننا لقيته بحلب وبها مات سنة ثمان وستمائة. ومن شعره: مرضت ولي جيرة كلهم ... عن الرّشد في صحبتي حائد فأصبحت في النقص مثل الذي ... ولا صلة لي ولا عائد وقال: يبتهج النّاس بأعيادهم ... لأجل ذبح أو لإفطار وإنما عظم سروري بها ... للثم من أهوى بلا عار أرقبها حولا إلى قابل ... لأنها غاية أوطاري وقال: وإني وإن أخّرت عنكم زيارتي ... لعذر فإني في المودة أوّل فما الودّ تكرير الزيارة دائما ... ولكن على ما في القلوب المعوّل   [405]- قد مرّت ترجمة الحسن بن عمرو الحلبي النحوي المعروف بابن دهن الحصى (أو الخصى) وهو معاصر للمترجم به هنا، وكلا الرحلين له صلة بحلب، وكلاهما نال جامكية من السلطان. وانظر: بغية الوعاة 1: 541 (وهو ينقل عن البدر السافر للأدفوي) . [1] أمالي المرتضى 1: 436 والديوان: 43 (وقد ينسبان لغيره) . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1162 - 406- الحسين بن هداب بن محمد بن ثابت الديري الأصل، نسبة إلى الدير- قرية من قرى النعمانية- ويعرف بالنوري، والنورية قرية من قرى الحلة السّيفية من سيف الفرات، نزل بها، أبو عبد الله الضرير: توفي يوم الأربعاء ثاني عشر رجب سنة اثنتين وستين وخمسائة. كان نحويا لغويا مقرئا فقيها شاعرا متفننا، قرأ بالروايات على أبي العز محمد بن الحسين بن بندار الواسطي وأبي بكر محمد بن الحسين بن علي المزرفي. سكن بغداد منعكفا على نشر العلم والاقراء، فكان يقرىء النحو واللغة والقراءات، وكان يحفظ عدة دواوين من شعر العرب، وكان كثير الافادة والعبادة عفيفا دينا، وله شعر جيد منه: فيك يا أغلوطة الفكر ... تاه عقلي وانقضى عمري سافرت فيك العقول فما ... ربحت إلا عنا السفر رجعت حسرى وما وقفت ... لا على عين ولا أثر وقال: بأبي ريم تبلّج لي ... عن رضى في طيّه غضب وأراني صبح طلعته ... بظلام الصّدغ ينتقب وسقى بالكاس مترعة ... خمرة صهباء [1] تلتهب فهي شمس في يدي قمر ... وكلا عقديهما الشّهب ولها من ذاتها طرب ... ولهذا يرقص الحبب وقال: قال لي من رأى صباح مشيبي ... عن شمال من لمتي ويمين أيّ شيء هذا فقلت مجيبا ... ليل شكّ محاه صبح يقين   [406]- ترجمته في مختصر ابن الدبيثي 2: 46 والوافي 13: 80 ونكت الهميان: 145 وبغية الوعاة 1: 542. [1] م: صهباء مثل الشمس (وغيرته بحسب الوزن) . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1163 - 407- الحسين بن الوليد بن نصر أبو القاسم المعروف بابن العريف النحوي الأديب الشاعر: له «شرح كتاب الجمل في النحو» للزجاج. وكتاب «الرد علي أبي جعفر النحاس في كتابه الكافي» وغير ذلك. وكان مقدّما في العربية إماما فيها عارفا بصنوف الآداب. أخذ العربية عن ابن القوطية وغيره، ورحل إلى المشرق فأقام بمصر مدة طويلة وسمع فيها من الحافظ ابن رشيق وأبي طاهر الذهلي وغيرهما، ثم عاد إلى الأندلس فاختاره المنصور محمد بن أبي عامر صاحب الأندلس مؤدبا لأولاده، وكان يحضر مجالسه. ومناظراته مع أبي العلاء صاعد اللغوي البغدادي مشهورة، فمن ذلك أنّ المنصور جلس يوما وعنده أعيان مملكته من أهل العلم كالزبيدي صاحب الطبقات، والعاصمي وابن العريف صاحب الترجمة وغيرهم [1] فقال لهم المنصور: هذا الرجل الوافد علينا يزعم أنه متقدّم في هذه العلوم، وأحبّ أن يمتحن، فوجّه إليه، فلما مثل بين يديه والمجلس قد غصّ بالعلماء والأشراف خجل صاعد واحتشم، فأدناه المنصور ورفع محلّه وأقبل عليه، وسأله عن أبي سعيد السيرافي فزعم أنه لقيه وقرأ عليه كتاب سيبويه، فبادره العاصميّ بالسؤال عن مسألة من الكتاب فلم يحضره جوابها، واعتذر بأنّ النحو ليس جلّ بضاعته، فقال له الزبيدي: فما تحسن أيها الشيخ؟ فقال: حفظ الغريب، قال: فما وزن أولق؟ فضحك صاعد وقال: أمثلي يسأل عن هذا، إنما يسأل عنه صبيان المكتب، قال الزبيدي: قد سألناك ولا نشكّ أنك تجهله، فتغيّر لونه فقال: وزنه أفعل فقال الزبيدي: صاحبكم ممخرق، فقال له صاعد: إخال الشيخ صناعته الأبنية، فقال له: أجل، فقال صاعد: وبضاعتي أنا حفظ الأشعار ورواية الأخبار وفكّ المعمّى وعلم الموسقي، قال: فناظره ابن العريف   [407]- ترجمة ابن العريف النحوي في جذوة المقتبس: 182 (وبغية الملتمس: رقم: 653) . وابن الفرضي 1: 134 والوافي 13: 81 وبغية الوعاة 1: 542 وإشارة التعيين: 105. [1] الذخيرة 4/1: 14 والزبيدي هو اللغوي المشهور والعاصمي هو محمد بن عاصم النحوي القرطبي (الجذوة: 74 والصلة: 453) . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1164 (صاحب الترجمة) فظهر عليه صاعد وجعل لا يجري في المجلس كلمة إلا أنشد عليها شعرا شاهدا، وأتى بحكاية تناسبها، فأعجب المنصور فقربه وقدمه. وكان يوما [1] بمجلس المنصور أيضا فأحضرت إليه وردة في غير أوانها لم يكمل فتح ورقها فقال فيها صاعد مرتجلا: أتتك أبا عامر وردة ... يذكّرك المسك أنفاسها كعذراء أبصرها مبصر ... فغطّت بأكمامها راسها فسرّ بذلك المنصور، وكان ابن العريف حاضرا فحسده وجرى إلى مناقضته وقال للمنصور: هذان البيتان لغيره، وقد أنشدنيهما بعض البغداديين لنفسه بمصر، وهما عندي على ظهر كتاب بخطه، فقال له المنصور: أرنيه، فخرج ابن العريف وركب وحرّك دابته حتى أتى مجلس ابن بدر، وكان أحسن أهل زمانه بديهة، فوصف له ما جرى، فقال ابن بدر هذه الأبيات، ودسّ فيها بيتي صاعد: غدوت إلى قصر عبّاسة ... وقد جدّل النوم حرّاسها فألفيتها وهي في خدرها ... وقد صدع السكر أنّاسها فقالت أسرت على هجعة ... فقلت بلى فرمت كاسها ومدّت يديها إلى وردة ... يحاكي لك الطيب أنفاسها كعذراء أبصرها مبصر ... فغطّت بأكمامها راسها وقالت خف الله لا تفضحنّ ... في ابنة عمّك عباسها فوليت عنها على خجلة ... وما خنت ناسي ولا ناسها فطار ابن العريف بها وعلّقها على ظهر كتاب بخطّ مصري ومداد أشقر، ودخل بها على المنصور، فلما رآها اشتد غيظه وقال للحاضرين: غدا أمتحنه، فإن فضحه الامتحان أخرجته من البلاد، ولم يبق في موضع لي عليه سلطان، فلما أصبح أرسل   [1] الخبر في الجذوة والذخيرة 4/1: 17 ونفح الطيب 3: 79 وبدائع البدائه: 229 والريحان والريعان 1: 154 والشريشي 1: 118. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1165 إليه فأحضر وحضر جميع الندماء والجلساء، فدخل بهم إلى مجلس قد أعدّ فيه طبقا عظيما فيه سقائف مصنوعة من جميع النواوير، ووضع على السقائف لعب من ياسمين في شكل الجواري، وتحت السقائف بركة ماء قد ألقي فيها اللآلىء مثل الحصباء، وفي البركة حية تسبح فلما دخل صاعد ورأى الطبق قال له المنصور: إن هذا يوم إما أن تسعد فيه معنا وإما أن تشقى، لأنه قد زعم هؤلاء القوم أن كلّ ما تأتي به دعوى، وهذا طبق ما توهمت أنه حضر بين يدي ملك قبلي شكله فصفه بجميع ما فيه، فقال له صاعد على البديهة: أبا عامر هل غير جدواك واكف ... وهل غير من عاداك في الأرض خائف يسوق إليك الدهر كلّ غريبة ... وأعجب ما يلقاه عندك واصف وشائع نور صاغها هامر الحيا ... على حافتيها عبقر ورفارف ولما تناهى الحسن فيها تقابلت ... عليها بأنواع الملاهي وصائف كمثل الظباء المستكنّة كنّسا ... تظللها بالياسمين السقائف وأعجب منها أنّهنّ نواظر ... إلى بركة ضمّت إليها الطرائف حصاها اللآلي سابح في عبابها ... من الرّقش مسموم الثعابين زاحف ترى ما تراه العين في جنباتها ... من الوحش حتى بينهن السلاحف فاستغربوا له تلك البديهة في مثل ذلك الموضع، وكتبها المنصور بخطه، وكان إلى ناحيته من تلك السقائف سفينة فيها جارية من النوار تجذّف بمجاذيف من ذهب لم يرها صاعد، فقال له المنصور: أحسنت إلا انك أغفلت ذكر السفينة والجارية، فقال للوقت: وأعجب منها غادة في سفينة ... مكلّلة تصبو إليها المهاتف إذا راعها موج من الماء تتقي ... بسكّانها ما هيّجته العواصف متى كانت الحسناء ربّان مركب ... تصرّف في يمنى يديه المجاذف ولم تر عيني في البلاد حديقة ... تنقّلها في الراحتين الوصائف ولا غرو أن انشت معاليك روضة ... وشتها أزاهير الربى والزخارف الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1166 فأنت امرؤ لو رمت نقل متالع ... ورضوى ذرتها من سطاك نواسف إذا قلت قولا أو بدهت بديهة ... فكلني له إني لمجدك واصف فأمر له المنصور بألف دينار ومائة ثوب، ورتب له في كل شهر ثلاثين دينارا وألحقه بندمائه. توفي أبو القاسم ابن العريف بطليطلة في رجب سنة تسعين وثلاثمائة. - 408- حرملة بن المنذر بن معديكرب بن حنظلة بن النعمان بن حية بن سعنة بن الحارث بن ربيعة، ويتصل نسبه بيعرب بن قحطان، أبو زبيد الطائي: شاعر معمّر عاش خمسين ومائة سنة، وعداده في المخضرمين، أدرك الإسلام ولم يسلم ومات نصرانيا. وكان أبو زبيد طوالا من الرجال ينتهي إلى ثلاثة عشر شبرا، وكان حسن الصورة، فكان إذا دخل مكة دخلها متنكرا لجماله. وكان أبو زبيد يزور الملوك، وملوك العجم خاصة، وكان عالما بسيرهم، ووفد على الحارث بن أبي شمر الغساني والنعمان بن المنذر. حدث عمارة بن قابوس قال [1] : لقيت أبا زبيد الطائي فقلت له: يا أبا زبيد هل أتيت النعمان بن المنذر؟ قال: أي والله لقد أتيته وجالسته، قلت: فصفه لي، فقال: كان أحمر أزرق أبرش قصيرا، فقلت له: أيسرّك أنه سمع مقالتك هذه وأنّ لك حمر النّعم؟ قال: لا والله ولا سودها، فقد رأيت ملوك حمير في ملكها، ورأيت ملوك غسّان في ملكها، فما رأيت أشدّ عزا منه: كان ظهر الكوفة ينبت الشقائق فحمى ذلك المكان فنسب إليه فقيل شقائق النعمان؛ فجلس ذات يوم هناك وجلسنا بين يديه كأن   [408]- ترجمة أبي زبيد الطائي في طبقات ابن سلام 2: 593 والشعر والشعراء: 219 (المنذر بن حرملة) والأغاني 12: 118 ومصورة ابن عساكر 4: 321 وتهذيب ابن عساكر 4: 111 وبغية الطلب (زكار) 5: 2188 والوافي 11: 335 والسمط: 118 والخزانة 2: 155 والإصابة 2: 60 وهذه الترجمة أقرب إلى معجم الشعراء. [1] الأغاني 12: 125. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1167 على رؤوسنا الطير [1] ، فقام رجل من الناس فقال له: أبيت اللعن أعطني فإني محتاج، فتأمّله طويلا ثم أمر به فأدني حتى قعد بين يديه، ثم دعا بكنانة فاستخرج منها مشاقص فجعل يجأ بها وجهه حتى سمعنا قرع العظام، وخضب بالدم، ثم أمر به فنحّي. ومكثنا مليا فنهض رجل آخر فقال له: أبيت اللعن أعطني، فتأمله ساعة ثم قال: أعطوه ألف درهم، فأخذها وانصرف، ثم التفت النعمان عن يمينه ويساره وخلفه فقال: ما قولكم في رجل أزرق أحمر يذبح على هذه الأكمة، أترون دمه سائلا حتى يجري في هذا الوادي؟ فقلنا له: أنت أبيت اللعن أعلى برأيك، فدعا برجل على هذه الصفة فأمر به فذبح، ثم قال: ألا تسألوني عما صنعت؟ فقلنا: ومن يسألك عن أمرك وما تصنع؟ فقال: أما الأول فإني خرجت مع أبي نتصيّد فمررنا به وهو بفناء بابه وبين يديه عسّ من لبن، فتناولته لأشرب منه فثار إليّ فهراق الإناء، فملأ وجهي وصدري، فأعطيت الله عهدا لئن أمكنني منه لأخضبنّ لحيته وصدره من دم وجهه، وأما الآخر فكانت له عندي يد فكافأته بها، وأما الذي ذبحته فإن عينا لي بالشام كتب إليّ أنّ جبلة بن الأيهم بعث إليك برجل صفته كذا وكذا ليقتلك [2] فطلبته فلم أقدر عليه حتى كان اليوم، فرأيته بين القوم فأخذته. وكان عثمان بن عفان رضي الله عنه يقرّب أبا زبيد ويدني مجلسه لمعرفته بسير من أدركهم من ملوك العرب والعجم، فدخل عليه يوما وعنده المهاجرون والأنصار، فتذاكروا مآثر العرب وأخبارها وأشعارها، فالتفت إليه عثمان وقال له: يا أخا تبع المسيح أسمعنا بعض قولك، فقد أنبئت أنك تجيد الشعر، فأنشده قصيدته التي أولها [3] : من مبلغ قومنا النائين إذ شحطوا ... أنّ الفؤاد إليهم شيّق ولع ووصف فيها الأسد، فقال له عثمان: تالله تفتأ تذكر الأسد ما حييت، والله إني   [1] زاد في الأغاني: وكأنه باز. [2] الأغاني: ليغتالك. [3] طبقات ابن سلام: 593- 599 والأغاني 118- 122 وشعر أبي زبيد: 108. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1168 لأحسبك جبانا هدانا [1] قال: كلا يا أمير المؤمنين، ولكني رأيت منه منظرا وشهدت مشهدا لا يبرح ذكره يتجدّد في قلبي، ومعذور أنا بذلك يا أمير المؤمنين غير ملوم، فقال له عثمان: وأين كان ذلك وأنى؟ فقال: خرجت في صيّابة [2] من أشراف العرب وفتيانهم ذوي هيئة وشارة حسنة، ترتمي بنا المهارى بأكسائها [3] القيروانات على قنو البغال تسوقها العبدان [4] ، ونحن نريد الحارث بن أبي شمر الغساني ملك الشام، فاخروّط [5] بنا السير في حمارّة القيظ، حتى إذا عصبت [6] الأفواه وذبلت الشفاه وشالت المياه [7] وأذكت الجوزاء المعزاء [8] ، وذاب الصّيهد [9] وصرّ الجندب، وضاف العصفور الضبّ في وكره، وجاوره في جحره، قال قائل: أيها الركب غوروا [10] بنا في ضوج [11] هذا الوادي، وإذا واد قد بدا لنا [12] كثير الدغل دائم الغلل [13] ، شجراؤه مغنّة [14] وأطياره مرنّة، فحططنا رحالنا بأصول دوحات كنهبلات [15] وأصبنا من فضلات المزاود [16] وأتبعناها الماء البارد. فلما انتصف حرّ يومنا ذلك وبينما نحن كذلك [17] ، إذ صرّ أقصى الخيل أذنيه [18] وفحص الأرض بيديه،   [1] الهدان: الأحمق. [2] الصيابة: الخيار والسادة. [3] الاكساء: جمع كسأ، وهو مؤخر كل شيء. [4] القيروانات .... العبدان: سقط من الطبقات والأغاني. [5] اخروط: امتد. [6] م: نضبت؛ وعصبت: يبس ريقها وجف. [7] شالت: نشفت. [8] المعزاء: الأرض الغليظة. [9] الصيهد: شدة الحر. [10] م: تجوزوا، وغوروا: انزلوا للقيلولة. [11] الضوج، منعرج الوادي. [12] الطبقات: قديديمتنا (يعني قدامنا) . [13] الدغل: الشجر الملتف؛ الغلل: الماء الذي يتغلل الأشجار. [14] م: صحراؤه؛ والشجراء: الأشجار المتكاثفة، مغنّة: فيها غنّة لطيران الذباب وتصويته. [15] الكنهبلة: الشجرة العظيمة من العضاه. [16] المزاود: أوعية الزاد. [17] الطبقات: فإنا لنصف حرّ يومنا ذلك ومما طلته. [18] صرّ أذنيه: حددهما. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1169 فو الله ما لبث أن جال ثم حمحم فبال، ثم فعل فعله الذي يليه واحدا فواحدا، فتضعضعت الخيل وتكعكعت الإبل [1] وتقهقرت البغال، فمن نافر بشكاله وشارد [2] بعقاله، فعلمنا أنه السبع، ففزع كلّ منّا إلى سيفه فسلّه من قرابه [3] ثم وقفنا رزدقا [4] ، فأقبل أبو الحارث من أجمته يتظالع في مشيته [5] كأنه مجنوب أو في هجار معصوب [6] لطرفه وميض، ولصدره نحيط [7] ، ولبلعومه غطيط، ولأرساغه نقيض [8] كأنما يخبط هشيما أو يطأ صريما [9] له هامة كالمجنّ وخدّ كالمسن، وعينان سجراوان كأنهما سراجان يقدان، وقصرة ربلة ولهزمة رهلة، وكتد مغبط، وزور مفرط، وساعد مجدول، وعضد مفتول [10] وكفّ شثنة البراثن إلى مخالب كالمحاجن، فضرب بيديه فأرهج [11] ، وكشّر فأفرج، عن أنياب كالمعاول مصقولة غير مفلولة، وفم أشدق كالغار الأخرق [12] ثم تمطى [فأشرع] بيديه وحفز بوركيه حتى صار ظلّه مثليه، ثم أقعى فاقشعرّ، ثم أقبل [13] فاكفهر، ثم تجهم فازبأر [14] ، فلا وذو بيته في السماء ما اتقيناه إلا بأخ لنا من فزارة كان ضخم الجزارة [15] ، فوقصه   [1] تكعكعت: أحجمت. [2] الطبقات: وناهض. [3] الطبقات: فاستله من جربانه. [4] الرزدق: الصف المستوي. [5] الطبقات: في بغيه، يعني يختال. [6] م: كأنه مجنون أو في وجار مسجون؛ والمجنوب: المصاب بذات الجنب، والهجار: الحبل يشدّ به. (وسقطت معصوب من الطبقات) . [7] م: خطيط؛ والنحيط: الزفير. [8] م: قضيض؛ والنقيض: صوت المفاصل. [9] م: رميما؛ والصريم: الرمل. [10] العين السجراء: التي تخالط بياضها أو سوادها حمرة خفيفة، القصرة: العنق؛ ربلة: كثيرة اللحم، واللهزمة: مجتمع اللحم بين الماضغ والأذن، رهلة: مسترخية، والكتد: مجتمع الكتفين، مغبط: مرتفع ممتلىء؛ والزور (وفي م: زند) ملتقى أطراف عظام الصدر، مفرط: ممتلىء اللحم. [11] أرهج: أثار الغبار. [12] الأخرق: الواسع الخرق. [13] الأغاني: مثل؛ الطبقات: تميل. [14] ازبأر: انتفش شعره. [15] الجزارة: اليدان والرجلان والعنق. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1170 ثم نفضه نفضة فقضقض متنيه وجعل يلغ في دمه [1] ، فذمرت أصحابي فبعد لأي ما استقدموا، فهجهجنا به، فكرّ مقشعرا بزبرته كأن به شيهما حوليا فاختلج رجلا أعجز ذا حوايا فنفضه نفضة تزايلت بها مفاصله [2] ، ثم همهم ففرفر وزفر فبربر، ثم زأر فجرجر، ثم لحظ فأشزر [3] ، فو الله لخلت البرق يتطاير من تحت جفونه، من عن شماله ويمينه، فأرعشت الأيدي واصطكت الأرجل، وأطّت الأضلاع وارتجت الأسماع، وشخصت العيون وتحققت الظنون وانخزلت المتون [4] . فقال له عثمان اسكت قطع الله لسانك فقد أرعبت قلوب المسلمين. وقال يصف الأسد [5] : فباتوا يدلجون وباب يسري ... بصير بالدجى هاد هموس [6] إلى أن عرّسوا وأغبّ عنهم ... قريبا ما يحسّ له حسيس [7] خلا أنّ العتاق من المطايا ... حسسن به فهنّ لذا شموس [8] فلما أن رآهم قد تدانوا ... أتاهم وسط رحلهم يميس فثار الزاجرون فزاد قربا ... إليهم ثم واجهه ضبيس [9] بنصل السيف ليس له مجنّ ... فصدّ ولم يصادفه جبيس [10] فيضرب بالشمال إلى حشاه ... وقد نادى فأخلفه الأنيس   [1] وقصه: دق عنقه؛ قضقض: كسر؛ ولغ: أخذ الدم بلسانه. [2] ذمر: شجع وحض؛ بعد لأي: بعد جهد. استقدموا: أقدموا، الهجهجة: زجر السبع؛ الزبرة: شعر مجتمع على كاهل الأسد، اقشعرت: انتفشت؛ الشيهم (في م: شحما) القنقذ؛ الحولي: أتى عليه حول كامل؛ اختلج: انتزع؛ أعجز: ضخم البطن، الحوايا: الأمعاء. [3] الطبقات، ثم نهم فقرمز؛ والنهيم أشد من الزئير؛ فرفر: صاح؛ جرجر: ردد الصوت في حنجرته؛ [4] م: فظنت المنون. [5] شعر أبي زبيد: 94- 99 (وفيه تخريج كثير) . [6] هموس: يمشي مشيا خفيا. [7] عرسوا: نزلوا آخر الليل للراحة؛ أغب عنهم: تأخر؛ الحسيس: الحسّ أو الصوت الخفي. [8] الطبقات: فهن إليه شوس؛ أي أمالت أعناقها وهي تنظر إليه؛ شموس: قد حرنت. [9] ضبيس: شرس صعب المراس. [10] الجبيس: الجبان الضعيف (وفي م: جسيس) . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1171 بسمر كالمحاجن في قنوب ... يقيها قضّة الأرض الدخيس [1] فخرّ السيف واختلفت يداه ... وكان بنفسه وقيت نفوس [2] وطار القوم شتّى والمطايا ... وغودر في مكرهم الرئيس [3] وجال كأنه فرس صنيع ... يجرّ جلاله ذبل شموس [4] كأن بنحره وبساعديه ... عبيرا ظلّ تعبؤه عروس [5] فذلك إن تلاقوه تفادوا ... ويحدث عنكم أمر شكيس [6] وقال ابن الأعرابي [7] : كان لأبي زبيد كلب يقال له أكدر [8] ، وكان له سلاح يلبسه إياه، فكان لا يقوم له الأسد، فخرج ليلة ولم يلبسه سلاحه، فلقيه الأسد فقتله، فقال أبو زبيد: أحال أكدر مختالا [9] كعادته ... حتى إذا كان بين البئر والعطن [10] لاقى لدى ثلل الأطواء داهية ... سرت وأكدر تحت الليل في قرن   [1] م: فشمر كالمحالق في عيون تقيه. وهو يصف مخالبه المعقفة، يدخلها في القنوب وهو الغطاء الذي يدخل فيه الأسد مخالبه. ورواية المحالق قد تصحّ؛ ومعنى المحالق: المواسي التي تحلق الشعر. القضة: الحصى الصغار؛ الدخيس: اللحم المكتنز. [2] اختلفت يدا المتصدي للأسد ووجد نفسه فريسة، وبنفسه وقى نفوس الآخرين. [3] م: الرسيس. [4] الصنيع: المضمّر؛ ذبل: ضامر. [5] م: تعنوه عروس، وعبأ الطيب خلطه وصنعه. [6] هكذا هو، وقال الأستاذ محمود شاكر، وهو غير صحيح وليس له معنى يعتد به، وقرأ البيت: فذلك إن تفادوه تفادوا ... ويصرف عنكم أمر شكيس تتفادوه: تتحاموه؛ وتضادوا: فدى بعضكم بعضا، أي قال الواحد للآخر: جعلت فداك ويصرف: يرد؛ شكيس: صعب عسير. [7] الأغاني 12: 124. [8] م: الأكدر. [9] م: مشيا لا. وأحال: أقبل. [10] العطن: مناخ الابل عند الماء. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1172 حفّت به شيمة ورهاء تطرده ... حتى تناهى إلى الحولات [1] في سنن إلى مقابل فتل الساعدين له ... فوق السّراة كذفرى الفالج القمن [2] رئبال غاب فلا قحم ولا ضرع ... كالبغل يحتطم العجلين [3] في شطن وهي قصيدة طويلة، فلامه قومه على كثرة وصفه للأسد وقالوا: قد خفنا أن تسبنا العرب بوصفك له، فقال: لو رأيتم منه ما رأيت أو لقيتم منه ما لقي أكدر لما لمتموني. ثم أمسك عن وصفه فلم يصفه حتى مات. وقال [4] ابن الأعرابي: كان أبو زبيد يقيم أكثر أيامه في أخواله بني تغلب، وكان له غلام يرعى إبله، فغزت بهراء، وهم من قضاعة، بني تغلب فمروا بغلامه فدفع إليهم إبل أبي زبيد وانطلق معهم يدلّهم على عورة القوم ويقاتل معهم، فهزمت تغلب بهراء وقتل الغلام، فقال أبو زبيد في ذلك: هل كنت في منظر ومستمع ... عن نصر بهراء غير ذي فرس [5] تسعى إلى فتية الأراقم واس ... تعجلت قيل الجمان والقبس [6] في عارض من جبال بهرا بها الأ ... لّ مرين الحروب عن درس [7] فنهزة من لقوا حسبتهم ... أحلى وأشهى من بارد الدّبس [8] لا ترة عندهم فتطلبها ... ولا هم نهزة لمختلس   [1] م: الجولان؛ والحولات: الدواهي. [2] السراة: الظهر؛ الفالج: البعير ذو السنامين، القمن: السريع. [3] الأغاني: العلجين. [4] طبقات ابن سلام: 606 والأغاني 12: 127 وشعر أبي زبيد: 102- 107. [5] في منظر ومستمع: أي في معزل عن الأمر، وهل بمعنى قد. [6] م: قبل الجمان؛ القيل: شرب نصف النهار؛ والجمان والقبس: ناقتان لأبي زبيد. [7] م: جبال بهرائها الأولى مرين الحرور؛ العارض: السحاب وهو هنا كناية عن الجيش الكثيف؛ الأل: جمع ألة وهي الحربة؛ مرين: حلبن؛ والحرب تشبه بالنوق، والدرس: جمع درسة وهي الدربة والتجربة. [8] أي هل حسبت من لقوا نهزة (أي غنيمة باردة) والدبس: عسل التمر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1173 جود كرام إذا هم ندبوا ... غير لئام ضجر ولا كسس [1] صمت عظام الحلوم إن سكتوا ... من غير عيّ بهم ولا خرس تقوت [2] أفراسهم نساؤهم ... يزجون أجمالهم مع الغلس صادفت لما خرجت منطلقا ... جهم المحيا كباسل شرس تخال في كفّه مثقّفة ... تلمع فيها كشعلة القبس بكفّ حرّان ثائر بدم ... طلّاب وتر في الموت منغمس إما تقاذف [3] بك الرماح فلا ... أبكيك إلا للدلو والمرس [4] حمدت أمري ولمت أمرك إذ ... أمسك جلز السنان بالنفس [5] وقد تصلّيت حرّ نارهم ... كما تصلّى المقرور من قرس [6] تذبّ عنه كفّ بها رمق ... طيرا عكوفا كزوّر العرس [7] عما قليل علون جثّته ... فهنّ من والغ ومنتهس فلما بلغ شعره بني تغلب بعثوا إليه بدية غلامه وما نهب من إبله، فقال في ذلك [8] : ألا أبلغ بني عمرو رسولا ... فإني في مودتكم نفيس فما أنا بالضعيف فتظلموني ... ولا جافي اللقاء ولا خسيس   [1] جود: جمع جواد؛ وكسس: قال الأستاذ محمود شاكر: لا معنى له؛ وغيره إلى كبس وهو جمع كباس وهو الرجل الذي إذا سألته حاجة كبس برأسه في جيب قميصه. [2] في م: تقود، والتصويب عن الطبقات. [3] الأغاني: تقارن؛ الطبقات: تقارش، يريد تداخلت واصطك بعضها ببعض. [4] يقول لا أبكيك إلا لأنك كنت خادما ماهرا في استعمال الدلو والمرس أي الاستقاء. [5] جلز السنان: المستدير كالحلقة في أسفل سنان الرمح. [6] المقرور: الذي يحس ببرد شديد؛ القرس: أشد البرد. [7] أي أن كفه وفيها بقية من حياة تدفع عنه الطيور العاكفة على جسده، كأنها لا حتشادها نساء يحتشدن في عرس. [8] الطبقات: 612 وشعر أبي زبيد: 100 والأغاني 12: 129. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1174 أفي حقّ مواساتي أخاكم ... بمالي ثم يظلمني السّريس [1] وحدث ابن الأعرابي قال: كان أبو زبيد الطائي نديما للوليد بن عقبة والي الكوفة من قبل عثمان، فلما شهدوا عليه بشرب الخمر وعزل عن عمله وخرج من الكوفة قال أبو زبيد [2] : من يرى العير لابن أروى على ظهر ... المرورى حداتهنّ عجال [3] مصعدات والبيت بيت أبي وه ... ب خلاء تحنّ فيه الشّمال يعرف الجاهل المضلّل أن ال ... دهر فيه النكراء والزلزال ليت شعري كذاكم العهد أم كا ... نوا أناسا ممن يزول فزالوا بعد ما تعلمين يا أمّ زيد ... كان فيهم عزّ لنا وجمال ووجوه بودّنا مشرقات ... ونوال إذا أريد النوال أصبح البيت قد تبدّل بالحيّ ... وجوها كأنها الأقتال [4] كلّ شيء يحتال فيه الرجال ... غير أن ليس للمنايا احتيال ولعمر الإله لو كان للسي ... ف مصال أو للسان مقال ما تناسيتك الصفاء ولا الو ... دّ ولا حال دونك الأشغال ولحرّمت لحمك المتعضّى [5] ... ضلة ضلّ حلمهم ما اغتالوا قولهم شربك الحرام وقد كا ... ن شراب سوى الحرام حلال وأبى الظاهر العداوة إلا ... شنآنا وقول ما لا يقال من رجال تقارضوا منكرات ... لينالوا الذي أرادوا فنالوا   [1] السريس: الضعيف الذي لا ولد له. [2] انظر تهذيب ابن عساكر 4: 113 ونسب قريش: 139 والأغاني 5: 122- 123 وشعر أبي زبيد: 127 (وفيه تخريج كثير) . [3] ابن أروى: الوليد، وأروى أمه وأم عثمان؛ المرورى: الصحارى. [4] الأقتال: الأعداء. [5] م: المتقصى: والمتعضى: المفرّق. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1175 غير ما طالبين ذحلا ولكن ... مال دهر على أناس فمالوا من يخنك الصفاء أو يتبدل ... أو يزل مثل ما تزول الظلال فاعلمن أنني أخوك أخو الو ... دّ حياتي حتى تزول الجبال ليس بخل عليك عندي بمال ... أبدا ما أقلّ نعلا قبال [1] ولك النصر باللسان وبالك ... فّ إذا كان لليدين مصال ولأبي زبيد في مدح الوليد بن عقبة شعر كثير تركناه خوف الإطالة. ومن جيد شعره [2] : إنّ نيل الحياة [3] غير سعود ... وضلال تأميل نيل الخلود علّل المرء بالأماني [4] ويضحي ... غرضا للمنون نصب العود كلّ يوم ترميه منها برشق ... فمصيب أو صاف غير بعيد [5] كلّ ميت قد اعترفت [6] فلا أو ... جع [7] من والد ومن مولود غير أن اللجلاج [8] هدّ جناحي ... يوم فارقته بأعلى الصعيد وكان أبو زبيد يحمل في كل أحد إلى البيع مع النصارى، فبينا هو يوم أحد يشرب والنصارى حوله رفع بصره إلى السماء، فنظر نظرا طويلا ثم رمى الكأس من يده وقال [9] : إذا جعل المرء الذي كان حازما ... يحلّ به حلّ الحوار ويحمل   [1] أقل: حمل؛ القبال: زمام النعل. [2] انظر شعر أبي زبيد: 115 (وفيه تخريج) . [3] الديوان: طول الحياة. [4] الديوان: بالرجاء. [5] صاف السهم: حاد عن الهدف. [6] الديوان: اغتفرت. [7] م: واجع. [8] م: الحلاج: واللجلاج ابن أخت أبي زبيد. [9] تهذيب ابن عساكر 4: 113. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1176 فليس له في العيش خير يريده ... وتكفينه ميتا أعفّ وأجمل أتاني رسول الموت يا مرحبا به ... واني لآتيه أما سوف أفعل ثم مات فجأة ودفن هناك. - 409- حسنون بن جعفر بن حسنون بن عبد الرحمن بن مروان السهمي الشاعر: من أهل مصر. - 410- حصن بن ربيعة بن صعير بن كلاب بن عامر بن مالك بن تيم الله بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل، المعروف بلسان الحمّرة. وابنه أبو كلاب عبد الله، كانا من أعلم الناس بعلم النسب، وأخبار الأوائل. قال لرؤبة بن العجّاج: للعلم آفة وهجنة وإضاعة. فأما آفته فنسيانه، وأما هجنته فالكذب فيه، وأما إضاعته فوضعه عند من لا يستأهله. - 411- حفص الأموي مولاهم: شاعر من شعراء الدولة الأموية عاش حتى أدرك دولة   [409]- من المختصر. [410]- من المختصر. وقد ذكر ابن النديم (ص: 102) أن لسان الحمرة اسمه ورقاء بن الأشعر بن كلاب، وكان أشد الناس تيها وكبرا. أما الذي روى عنه العجاج- والد رؤبة- إن للعلم آفة وهجنة ونكدا فهو النسابة البكري وكان نصرانيا (انظر ابن النديم) وذكر ابن قتيبة في عيون الأخبار (2: 118) أن النسابة البكري هو الذي قال: إن للعلم آفة وهجنة ونكدا، مخاطبا رؤبة بن العجاج حين زاره. ويبدو من نسب المترجم به هنا أنه بكري. وفي جمهرة ابن حزم (315) أن لسان الحمرة هو حصن بن ربيعة- ونسبه كما ورد هنا- قال: والنسابة هو عبد الله بن لسان الحمرة. [411]- ترجمة حفص الأموي في مصورة ابن عساكر 5: 194 وتهذيب ابن عساكر 4: 391 ومختصر ابن منظور 7: 212 (وهو يلحق بمعجم الشعراء) . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1177 بني العباس ولحق بعبد الله بن علي فاستأمنه، فهو من مخضرمي الدولتين، وكان يختلف إلى كثيّر بن عبد الرحمن المعروف بكثير عزة الشاعر يروي عنه شعره، وكان هجّاء لبني هاشم فطلبه عبد الله بن علي فلم يقدر عليه، ثم جاءه حفص مستأمنا فقال: أنا عائد بالأمير، فقال له: ومن أنت؟ قال: حفص الأموي، فقال: أنت الهجّاء لبني هاشم؟ فقال: أنا الذي أقول أعز الله الأمير: وكانت أمية في ملكها ... تجور وتكثر عدوانها فلما رأى الله أن قد طغت ... ولم يحمل الناس طغيانها رماها بسفاح آل الرسول ... فجذّ بكفّيه أعيانها ولو آمنت قبل وقع العذاب ... فقد يقبل الله إيمانها فلما أتم الإنشاد قال له عبد الله بن علي: اجلس، فجلس فتغدّى بين يديه، ثم دعا عبد الله خادما له فساره بشيء، ففزع حفص وقال: أيها الأمير قد تحرمت بك وبطعامك وفي أقلّ من هذا كانت العرب تهب الدماء، فقال له عبد الله: ليس شيء مما ظننت، فجاء الخادم بخمسمائة دينار فقال: خذها ولا تقطعنا وأصلح ما شعّثت منا. وروى ابن السائب الكلبي أن هشام بن عبد الملك قال يوما لقوّامه على خيله كم أكثر ما ضمّت حلبة من الخيل في الجاهلية والاسلام؟ قالوا: ألف فرس وقيل ألفان، فأمر أن يؤذّن بالناس بحلبة تضمّ أربعة آلاف فرس، فقيل له: يا أمير المؤمنين يحطم بعضها بعضا فلا يتسع لها طريق، فقال: نطلقها ونتوكل على الله والله الصانع، فجعل الغاية خمسين ومائتي غلوة، والقصب مائة، والمقوّس ستة أسهم، وقاد إليه الناس من كلّ أوب، ثم برز هشام إلى دهناء الرصافة قبيل الحلبة بأيام، فأصلح طريقا واسعا لا يضيق بها، فأرسلت يوم الحلبة بين يديه وهو ينظر إليها تدور حتى ترجع، وجعل الناس يتراءونها حتى أقبل الزابد [1] كأنه ريح لا يتعلّق به شيء حتى دخل سابقا وأخذ القصبة، ثم جاءت الخيل بعد ذلك أفذاذا وأفواجا، ووثب الرجّاز يرتجزون   [1] في ابن عساكر يرد أحيانا الزايد وأحيانا الذائد. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1178 منهم المادح للزابد، ومنهم المادح لفرسه، ومنهم المادح لخيل قومه، فوثب حفص الأموي مولاهم وقام مرتجزا يقول: إنّ الجواد السابق الامام ... خليفة الله الرّضى الهمام أنجبه السوابق الكرام ... من منجبات ما لهنّ ذام كرائم يجلى بها الظلام ... أمّ هشام جدّها القمقام وعائش يسمو بها الأقوام ... خلائف من نجلها أعلام إن هشاما جدّه هشام ... مقابل مدابر هضّام جرى به الأخوال والأعمام ... نجل كنجل كلّهم قدّام سنّوا له السبق وما استقاموا ... حتى استقام حيثما استقاموا وأحرز المجد الذي أقاموا ... أطلق وهو يفع غلام في حلبة تمّ لها التمام ... من آل فهر وهم السنام فبذّها سبقا وما ألاموا ... كذلك الزابد يوم قاموا أتى ببدء الخيل ما يرام ... مجلّيا كأنه حسام سبّاق غايات لها ضرام ... لا يقبل العفو ولا يضام ويل الجياد منه ماذا راموا ... سهم تفرّ دونه السهام فأعطاه هشام يومئذ ثلاثة آلاف درهم وخلع عليه ثلاث حلل من جيّد وشي اليمن وحمله على فرس من خيله السوابق، وانصرف معه ينشده هذا الرجز حتى قعد في مجلسه، وأمره بملازمته فكان أثيرا [1] عنده. وقال حفص أيضا [2] : لا خير في الشيخ إذا ما اجلخّا ... وسال غرب دمعه فلخّا [3]   [1] م: أسيرا. [2] الشطران الأولان في اللسان (جلخ، لخخ، طلخ) وهناك خمسة أشطار في اللسان (دخخ) وانظر البصائر 4: 149. [3] اجلخ: فترت عظامه؛ ولخت عينه: التزقت من الرمص، ويروى: واطلخا: أي تفرق دمعه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1179 وكان أكلا كلّه وشخّا ... تحت رواق البيت يغشى الدخّا [1] - 412- حفص بن سليمان بن المغيرة أبو عمر بن أبي داود الأسدي الكوفي الغاضري [2] البزاز، نسبة لبيع البز: الإمام القارىء راوي عاصم بن أبي النجود، كان ربيب عاصم ابن زوجته فأخذ عنه القراءة عرضا وتلقينا؛ قال حفص قال لي عاصم: القراءة التي أقرأتك بها فهي التي قرأتها عرضا على أبي عبد الرحمن السلمي عن علي والتي أقرأتها أبا بكر ابن عياش فهي التي كنت أعرضها على زرّ بن حبيش عن ابن مسعود. ولد حفص سنة تسعين ونزل بغداد فأقرأ بها وأخذ عنه الناس قراءة عاصم تلاوة، وجاور بمكة فأقرأ بها أيضا. قال يحيى بن معين: الرواية الصحيحة من قراءة عاصم رواية حفص، وكان أعلمهم بقراءة عاصم، وكان مرجحا على شعبة بضبط القراءة. توفي حفص بن سليمان سنة ثمانين ومائة. - 413- حفص بن عمر بن عبد العزيز بن صهبان بن عيسى بن صهبان، ويقال صهيب، أبو عمر الدوري الأزدي البغدادي المقرىء النحوي الضرير، نزيل سامرّا،   [412]- ترجمته في الفهرست: 31 وتاريخ بغداد 8: 186 وطبقات ابن الجزري 1: 254 وتهذيب التهذيب 2: 400 وميزان الاعتدال 1: 558 والوافي 13: 98. [413]- الفهرست: 287 وتاريخ بغداد 8: 203 وميزان الاعتدال 1: 266 وسير الذهبي 11: 541 والعبر 1: 446 وتذكرة الحفاظ: 406 وطبقات الداودي 1: 162 وطبقات ابن الجزري 1: 255 وتهذيب التهذيب 2: 408 والوافي 13: 102 ونكت الهميان: 146 والنجوم الزاهرة 2: 323 وشذرات الذهب 2: 111. [1] في رواية: عند سعار النار يغشى الدخا؛ والدخ: الدخان. [2] م: الفاخري. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1180 راوي الامامين أبي عمرو والكسائي: إمام القراء وشيخ العراق في زمانه، ثقة ثبت كبير ضابط، رحل في طلب القراءات وقرأ بالحروف السبعة وبالشواذّ، وسمع من ذلك شيئا كثيرا، وقرأ على أبي عمرو بن العلاء والكسائي وروى عنهما، وقرأ العربية على أبي محمد يحيى بن المبارك اليزيدي. قال أبو داود: رأيت أحمد بن حنبل يكتب عن أبي عمر الدوري. وصنف «كتاب ما اتفقت ألفاظه ومعانيه من القرآن» و «كتاب أجزاء القرآن» وغير ذلك. والدوري نسبته إلى الدور، موضع ببغداد ومحلة بالجانب الشرقي. توفي أبو عمر الدوري سنة ست وأربعين ومائتين. - 414- حفص بن عمر العنبري: صاحب الهيثم بن عديّ، له مصنفات، حكي عنه قال: أراد عيسى بن موسى أن يضمه إلى أولاده فقيل له إنه مأبون فتركه، فلقيه حماد الرواية، فقال له: يا ابن أبي ودة، ألم يكن الأمير أراد ضمّك إلى ولده؟ قال: بلى. قال: فما الذي ثناه عن ذلك؟ قال: سعي بي عنده، وأخبر أني خائن قال: إن امرا فررت منه إلى الخيانة لشديد. - 415- أبو حفص الزكرمي العروضي الأديب الشاعر: قال الحافظ أبو طاهر السلفي في معجم السفر [1] أنشدني أبو القاسم ذوبان بن عتيق بن تميم الكاتب [2] قال:   [414]- ترجمته في الفهرست: 113؛ وكنيته أبو عمر وذكر له كتبا منها: كتاب النساء، كتاب ذكر أدعياء الجاهلية، وهذه الترجمة من المختصر. [415]- معجم السفر: 75 (وفيه الزكزمي- بزاءين) وأخبار وتراجم أندلسية (وهو مستخرج من معجم السفر) : 37 ومعجم البلدان «زكرم» وقد ذكر ابن حمديس الزكرمي وسماه عمر (ديوانه: 294) . [1] م: معجم الشعراء. [2] قال السلفي: كان ذوبان- واسمه أيضا عبد الرحمن- كثير الحفظ وقد علقت عنه من شعر شعراء أفريقية مقطعات. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1181 أنشدني أبو حفص الزكرمي بافريقية مما قاله بالأندلس وقد طولب بمكس يتولّاه يهودي: يا أهل دانية لقد خالفتم ... حكم الشريعة والمروءة فينا ما لي أراكم تأمرون بضدّ ما ... أمرت ترى نسخ الاله الدينا كنا نطالب لليهود بجزية ... وأرى اليهود بجزية طلبونا ما إن سمعنا مالكا أفتى بذا ... كلّا ولا من بعده سحنونا لا هؤلاء ولا الأئمة كلّهم ... حاشاهم بالمكس قد أمرونا أيحوز مثلي أن يمكّس عدله [1] ... لو كان يعدل وزنه قاعونا [2] ولقد رجونا أن ننال بعدلكم ... رفدا يكون على الزمان معينا فالآن نقنع بالسلامة منكم ... لا تأخذوا منا ولا تعطونا - 416- حفصة بنت الحاج الركوني: شاعرة أديبة من أهل غرناطة مشهورة بالحسب والأدب والجمال والمال، جيدة البديهة رقيقة الشعر أستاذة وليت تعليم النساء في دار المنصور [حفيد] أمير المؤمنين عبد المؤمن بن علي، وسألها يوما أن تنشده فقالت ارتجالا: يا سيد الناس يا من ... يؤمّل الناس رفده   [416]- ترجمة حفصة في تحفة القادم: 240 والمقتضب من تحفة القادم: 167 والتكملة رقم 2891 وصلة الصلة: 278 والمغرب 2: 138، 166 ورايات المبرزين: 61 ونفح الطيب (انظر فهرسته) والمطرب: 10 والاحاطة 1: 499 ونزهة الجلساء: 32 والوافي 13: 107 والركونية نسبة إلى قرية ركونة وهي من عمل البشرّات. (ترجمة حفصة تقع في معجم الشعراء) . [1] معجم السفر: ما واجب مثلي يمكس عدله. [2] قاعون: جبل شاهق عند دانية. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1182 امنن علي بطرس ... يكون للدهر عده تخطّ يمناك فيه ... «الحمد لله وحده» أشارت بذلك إلى العلامة السلطانية، فإن السلطان كان يكتب بيده في رأس المنشور بخط غليظ «الحمد لله وحده» فمنّ عليها وكتب لها بيده ما طلبت. وتولع بها [عثمان بن] [1] أمير المؤمنين عبد المؤمن المذكور وتغير بسببها على أبي جعفر أحمد بن عبد الملك بن سعيد العنسي، وكان عاشقا لها متصلا بها يتبادلان رسائل الغرام ويتجاوبان تجاوب الحمام، وقد أدى [عثمان بن] عبد المؤمن ولعه بها إلى قتل أبي جعفر. ومما كتبته حفصة إلى أبي جعفر: رأست فما زال العداة بظلمهم ... وحقدهم النامي يقولون لم رأس وهل منكر أن ساد أهل زمانه ... جموح إلى العليا نقيّ من الدنس وبات معها أبو جعفر في بستان بحوز مؤمل فلما حان وقت التفرق قال: رعى الله ليلا لم يرع بمذمم ... عشية وارانا بحوز مؤمّل وقد خفقت من نحو نجد أريجة ... إذا نفحت جاءت بريا القرنفل وغرّد قمريّ على الدوح وانثنى ... قضيب من الريحان من فوق جدول يرى الروض مسرورا بما قد بدا له ... عناق وضمّ وارتشاف مقبّل فقالت: لعمرك ما سرّ الرياض بوصلنا ... ولكنه أبدى لنا الغلّ والحسد ولا صفّق النهر ارتياحا لقربنا ... ولا غرّد القمريّ إلا لما وجد فلا تحسن الظنّ الذي أنت أهله ... فما هو في كلّ المواطن بالرّشد فما خلت هذا الأفق أبدى نجومه ... لأمر سوى كيما تكون لنا رصد   [1] هذه الزيادة ضرورية؛ وكان عثمان بن عبد المؤمن واليا على غرناطة، حينئذ، وكان أبو جعفر ابن سعيد (عم ابن سعيد أبي الحسن مؤلف المغرب) وزيرا له، وكان عثمان أسود اللون، فبلغه أن أبا جعفر قال لحفصة: ما تحبين في ذلك الأسود وأنا أقدر أشتري لك من السوق بعشرين دينارا خيرا منه (المغرب 2: 164) . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1183 وقالت: سلوا البارق الخفّاق والليل ساكن ... أظلّ بأحبابي يذكّرني وهنا لعمري لقد أهدى لقلبي خفوقه ... وأمطر كالمنهلّ من مزنه الجفنا وبلغها أن أبا جعفر ابن سعيد علق بجارية سوداء فأقام معها أياما فكتبت إليه: يا أظرف الناس قبل حال ... أوقعه وسطه القدر عشقت سوداء مثل ليل ... بدائع الحسن قد ستر لا يظهر البشر في دجاها ... كلا ولا يبصر الخفر بالله قل لي وأنت أدرى ... بكلّ من هام في الصور من الذي حبّ قبل روضا ... لا نور فيه ولا زهر فكتب إليها معتذرا: لا حكم إلا لأمر ناه ... له من الذنب يعتذر له محيا به حياتي ... أعيذ مجلاه بالسّور كضحوة العيد في ابتهاج ... وطلعة الشمس والقمر بسعده لم أمل إليه ... إلا طريفا له خبر عدمت صبحي فاسودّ عشقي ... وانعكس الفكر والنظر إن لم تلح يا نعيم روحي ... فكيف لا تفسد الفكر وكتبت إلى بعض أصحابها: أزورك أم تزور فإن قلبي ... إلى ما تشتهي أبدا يميل فثغري مورد عذب زلال ... وفرع ذؤابتي ظلّ ظليل وهل تخشى بأن تظما وتضحى ... إذا وافى إليك بي المقيل فعجّل بالجواب فما جميل ... إباؤك عن بثينة يا جميل وكان أبو جعفر ابن سعيد يوما في منزله وقد خلا ببعض أصحابه وجلسائه، فضرب الباب فخرجت جاريته تنظر من بالباب، فوجدت امرأة فقالت لها: ما تريدين؟ فقالت: ادفعي لسيدك هذه البطاقة، فإذا فيها: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1184 زائر قد أتى بجيد غزال ... طامع من محبّه بالوصال بلحاظ من سحر بابل صيغت ... ورضاب يفوق بنت الدوالي يفضح الورد ما حوى منه خدّ ... وكذا الثغر فاضح للآلي أتراكم باذنكم مسعفيه ... أم لكم شاغل من الأشغال فما قرأ الرقعة قال: وربّ الكعبة ما صاحب هذه الرقعة إلا حفصة، فبادر إلى الباب فلم يجدها، فكتب إليها: أيّ شغل عن المحبّ يعوق ... يا صباحا قد آن منه الشروق صل وواصل فأنت أشهى إلينا ... من لذيذ المنى فكم ذا نشوق لا وحبيك لا يطيب صبوح ... غبت عنه ولا يطيب غبوق لا وذلّ الجفا وعزّ التلاقي ... واجتماع إليه عزّ الطريق وقالت: أغار عليك من عيني وقلبي ... ومنك ومن زمانك والمكان ولو أني جعلتك في عيوني ... إلى يوم القيامة ما كفاني ماتت حفصة بمراكش سنة ست وثمانين وخمسمائة. - 417- حفصويه: من أفاضل كتاب الخراج وهو أول من صنف في الخراج. - 418- الحكم بن عبدل بن جبلة بن عمرو بن ثعلبة بن عقال بن بلال بن سعد بن   [417]- من المختصر؛ وذكر ابن النديم حفصويه (ص: 150) وقال إنه كان جد عبد العزيز الشاعر العسجدي من قبل أمه، وكان متقدما في صناعة الخراج وله إلى جانب كتاب الخراج، كتاب الرسائل. [418]- ترجمة الحكم بن عبدل في الأغاني 2: 360 والسمط: 899 ومصورة ابن عساكر 5: 208 وتهذيب ابن عساكر 4: 399 ومختصر ابن منظور 7: 219 والمؤتلف والمختلف: 242 والوافي 13: 114 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1185 حبال بن نصر بن غاضرة، وينتهي نسبه إلى خزيمة بن مدركة الأسدي الغاضري [1] الكوفي: شاعر مجيد هجّاء من شعراء الدولة الأموية، كان ممن نفاه ابن الزبير من العراق كما نفى منها عمّال بني أمية، فقدم دمشق ونال من عبد الملك بن مروان حظوة، فكان يدخل عليه ويسمر عنده، فقال ليلة لعبد الملك [2] : يا ليت شعري وليت ربّما نفعت ... هل أبصرنّ بني العوام قد شملوا بالذلّ والأسر والتشريد إنهم ... على البرية حتف حيثما نزلوا أم هل أراك بأكناف العراق وقد ... ذلّت لعزك أقوام وقد نكلوا فقال عبد الملك: إن يمكن الله من قيس ومن جرش [3] ... ومن جذام ويقتل صاحب الحرم تضرب جماجم أقوام على حنق ... ضربا ينكّل عنّا غابر الأمم ودخل [4] يوما على عبد الملك فقعد بين السماطين وقال: أصلح الله الأمير رؤيا رأيتها بالمنام أقصّها عليك؟ فقال: هات، فأنشأ يقول: طلعت عليّ الشمس بعد غضارة ... في نومة ما كنت قبل أنامها فرأيت أنك جدت لي بوليدة ... مغنوجة حسن علي قيامها وببدرة حملت إليّ وبغلة ... شهباء ناجية يصلّ لجامها فسألت ربّي أن يثيبك جنّة ... يلقاك فيها روحها وسلامها فقال: كلّ ما رأيت عندنا إلا البغلة فإنها دهماء فارهة، فقال: امرأته طالق إن- والفوات 1: 390 وقد وردت له ترجمة في ابن خلكان 2: 201 وهي ليست من شرط ابن خلكان لأنه لا يعرف سنة وفاته؛ وورود ترجمته في معجم الأدباء مستغرب، فإنه بمعجم الشعراء أليق) .   [1] م: الفاخري. [2] الأغاني 2: 375. [3] الأغاني: جدس. [4] الأغاني 2: 363 وعبد الملك هو ابن بشر بن مروان، وفي رواية الأبيات بعض اختلاف، كما أن في القصة اختلافا كذلك. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1186 كان رآها إلا دهماء ولكنّه نسي، فأمر عبد الملك أن يحمل إليه كلّ ما ذكره في شعره. ودخل [1] ابن عبدل على محمد بن حسان بن سعد وكان على خراج الكوفة، فكلمه في رجل من العرب أن يضع عنه ثلاثين درهما من خراجه، فقال محمد بن حسان: أماتني الله إن كنت أقدر أن أضع من خراج أمير المؤمنين شيئا، فانصرف ابن عبدل وهو يقول: دع الثلاثين لا تعرض لصاحبها ... لا بارك الله في تلك الثلاثينا لما علا صوته في الدار مبتكرا ... كأشتفان [2] يرى قوما يدوسونا أحسن فانك قد أعطيت مملكة ... إمارة صرت فيها اليوم مفتونا لا يعطك الله خيرا مثلها أبدا ... أقسمت بالله إلا قلت آمينا فلم يضع من خراج الرجل شيئا فقال ابن عبدل فيه: رأيت محمدا شرها ظلوما ... وكنت أراه ذا ورع وقصد يقول أماتني ربّي خداعا ... أمات الله حسان بن سعد ركبت إليه في رجل أتاني ... كريم يبتغي المعروف عندي فقلت له وبعض القول نصح ... ومنه ما أسرّ له وأبدي توقّ كرائم البكريّ إني ... أخاف عليك عاقبة التعدّي فما صادفت في قحطان مثلي ... ولا صادفت مثلك في معدّ أقلّ براعة وأشدّ بخلا ... وألأم عند مسألة وحمد فقدت محمدا ودخان فيه ... كريح الجعر فوق عطين جلد [3] فأقسم غير مستثن يمينا ... أبا بخر لتتّخمنّ ردّي فلو كنت المهذب من تميم ... لخفت ملامتي ورجوت حمدي   [1] الأغاني 2: 367- 368. [2] اشتفان: (بهامش م) كلمة يونانية وفارسية معناها: تاج. [3] الجعر: بخر ذوات المخالب؛ العطين: المنتن. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1187 نكهت عليّ نكهة أخدريّ ... شتيم أعصل الأنياب ورد [1] فما يدنو إلى فمه ذباب ... ولو طليت مشافره بقند [2] فإن أهديت لي من فيك حتفا ... فإني كالذي أهديت مهدي ولولا ما وليت لكنت فسلا ... لئيم الكسب شأنك شأن عبد وخطب [3] محمد بن حسان هذا بنتا لطلبة بن قيس بن عاصم المنقريّ فقال ابن عبدل: لعمري ما زوجتها لكفاءة ... ولكنما زوجتها للدراهم [4] وما كان حسّان بن سعد ولا ابنه ... أبو البخر [5] من أكفاء قيس بن عاصم ولكنه ردّ الزمان على استه ... وضيّع أمر المحصنات الكرائم له ريقة بخراء تصرع من دنا ... وتنتن خيشوم الضجيع الملازم خذي دية منه تكوني غنية ... وروحي [6] إلى باب الأمير فخاصمي وكان بالكوفة [7] امرأة موسرة لها على الناس ديون كثيرة بالسواد، فأتت الحكم بن عبدل وعرّضت له بأنها تتزوجه إذا اقتضى لها ديونها، فقام ابن عبدل بدينها حتى اقتضاه، ثم طالبها بالوفاء فكتبت إليه: سيخطيك الذي حاولت مني ... فقطّع حبل وصلك من حبالي كما أخطاك معروف ابن بشر ... وكنت تعدّ ذلك رأس مال   [1] الأخدري: الأسد؛ الشتيم: العبوس؛ الأعصل: المعوج الأنياب، ورد: أحمر. [2] القند: العسل من قصب السكر. [3] الأغاني 2: 364. [4] رواية الأغاني: أباع زياد سود الله وجهه ... عقيلة قوم سادة بالدراهم [5] الأغاني: أبو المسك. [6] الأغاني: تكن لك عدة وجيئي. [7] الأغاني 2: 370. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1188 وكان ابن عبدل يأتي ابن بشر بن مروان بالكوفة فيسأله، فيقول له: أخمسمائة أحبّ إليك العام أم ألف في قابل؟ فيقول: ألف في قابل، فإذا أتاه من قابل قال له: ألف أحبّ إليك العام أم الفان في قابل؟ فيقول: ألفان فلم يزل كذلك حتى مات ابن بشر ولم يعطه شيئا. فدخل ابن عبدل على عبد الملك بن مروان [1] بعد ما جرى مع المرأة فقال له عبد الملك: ما أحدثت بعدي؟ قال: خطبت امرأة من قومي فردّت عليّ بيتي شعر، قال: وما هما؟ قال قالت: سيخطيك الذي حاولت مني ... البيتان، فضحك عبد الملك وقال له: لحاك الله أذكرت [2] بنفسك وأمر له بألفي درهم. وعن ابن الكلبي [3] قال كان الحكم بن عبدل منقطعا إلى بشر بن مروان، وكان يأنس به ويقربه، وأخرجه معه إلى البصرة لما وليها، فرأى منه الحكم جفاء لشغل عرض له فانقطع عنه شهرا ثم أتاه، فلما دخل عليه قال له بشر: يا ابن عبدل ما لك انقطعت عنا وقد كنت لنا زوارا؟ فقال ابن عبدل: كنت أثني عليك خيرا فلما ... أضمر القلب من نوالك ياسا كنت ذا منصب قنيت حيائي ... لم أقل غير أن هجرتك باسا لم أطق ما أردت بي يا ابن مروا ... ن ستلقى إذا أردت أناسا يقبلون الخسيس منك ويثنو ... ن ثناء مدخمسا دخماسا [4] فقال له: لا نسومك الخسيس ولا نريد منك ثناء مدخمسا، ووصله وكساه. ولما مات بشر جزع عليه ابن عبدل فقال يرثيه [5] : أصبحت جمّ بلابل الصدر ... متعجبا لتصرّف الدهر ما زلت أطلب في البلاد فتى ... ليكون لي ذخرا من الذخر   [1] الأغاني: عبد الملك بن بشر (بن مروان) . [2] الأغاني: لجاد ما أذكرت. [3] الأغاني 2: 371. [4] مدخمس: غير جاد. [5] الأغاني 2: 374. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1189 ويظلّ يسعدني وأسعده ... في كلّ نائبة من الأمر حتى إذا ظفرت يداي به ... جاء القضاء بحينه يجري إني لفي همّ يباكرني ... منه وهمّ طارق يسري فلأصبرنّ وما رأيت دوا ... للهمّ غير عزيمة الصبر والله ما استعظمت فرقته ... حتى أحاط بفضله خبري وعن النضر بن شميل قال: دخلت على أمير المؤمنين المأمون بمرو فقال أنشدني أقنع بيت للعرب، فأنشدته قول الحكم بن عبدل [1] : إني امرؤ لم أزل وذاك من الله ... أديبا أعلّم الأدبا أقيم بالدار ما اطمأنت بي ... الدار وإن كنت نازعا طربا لا أجتوي خلّة الصديق ولا ... أتبع نفسي شيئا إذا ذهبا أطلب ما يطلب الكريم من ... الرزق بنفسي وأجمل الطلبا وأحلب الثرّة الصفيّ ولا ... أجهد أخلاف غيرها حلبا إني رأيت الفتى الكريم إذا ... رغّبته في صنيعة رغبا والعبد لا يحسن العطاء ولا ... يعطيك شيئا إلا إذا رهبا مثل الحمار المعقب [2] السّوء لا ... يحسن مشيا إلا إذا ضربا ولم أجد عزة الخلائق إلا ... الدين لما اعتبرت والحسبا قد يرزق الخافض المقيم وما ... شدّ لعيس رحلا ولا قتبا ويحرم الرزق ذو المطية وال ... رحل ومن لا يزال مغتربا وكان الحكم بن عبدل أعرج فدخل على عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب وهو أعرج أيضا، وكان صاحب شرطه أعرج كذلك، فقال [3] : ألق العصا ودع التخامع [4] والتمس ... عملا فهذي دولة العرجان   [1] الأغاني 16: 154. [2] الأغاني: الموقع. [3] الأغاني 2: 362. [4] م: التخادع. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1190 لأميرنا وأمير شرطتنا معا ... لكليهما يا قومنا رجلان فإذا يكون أميرنا ووزيرنا ... وأنا فجىء بالرابع الشيطان وقال في بشر بن مروان: ولو شاء بشر كان من دون بابه ... طماطم سود أو صقالبة حمر ولكنّ بشرا سهّل الباب للتي ... يكون لبشر بعدها الحمد والأجر بعيد مراد العين ما ردّ طرفه ... حذار الغواشي باب دار ولا ستر - 419- الحكم بن معمر بن قنبر بن جحاش بن سلمة بن ثعلبة بن مالك بن طريف بن محارب الخضري: شاعر إسلامي، وكان مع تقدمه في الشعر سجّاعا كثير السجع، وكان هجّاء خبيث اللسان، وكان بينه وبين الرمّاح بن أبرد المعروف بابن ميادة مهاجاة ومواقف كان الغلب في أكثرها على الرماح، فتهاجيا زمانا طويلا، ثم كفّ ابن ميّادة وسأله الصلح فصالحه الحكم. وكان [1] أول ما بدأ الهجاء بينهما أن ابن ميادة مرّ بالحكم وهو ينشد في مصلى النبي صلّى الله عليه وسلم في جماعة من الناس قوله: لمن الديار كأنها لم تعمر ... بين الكناس وبين برق محجّر حتى انتهى إلى قوله: يا صاحبيّ ألم تشيما بارقا ... نضح المزار [2] به فهضب المنحر   [419]- ترجمة الحكم الخضري مما أخذ من معجم الشعراء وأدخل في معجم الأدباء، وانظر مصورة ابن عساكر 5: 220 وتهذيب ابن عساكر 4: 407 ومختصر ابن منظور 7: 228 والأغاني 2: 248 (في ترجمة ابن ميادة) والوافي 13: 125. [1] الأغاني 2: 248. [2] الأغاني: الصراد (وفي رواية: المزاد) . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1191 قد بتّ أرقبه وبات مصعّدا ... نهض المقيّد في الدّهاس الموقر [1] فقال له ابن ميادة: ارفع إليّ رأسك أيها المنشد، فرفع الحكم إليه رأسه فقال له: من أنت؟ قال: أنا الحكم بن معمر الخضري، قال: فو الله ما أنت في بيت حسب ولا في أرومة شعر [2] فقال له الحكم: وماذا عبت من شعري؟ قال: عبت أنك أدهست وأوقرت، قال له الحكم: ومن أنت؟ قال: أنا ابن ميادة، قال: ويحك فلم رغبت عن أبيك وانتسبت إلى أمك، قبح الله والدين خيرهما ميادة، أما والله لو وجدت في أبيك خيرا ما انتسبت إلى أمك راعية الضأن، وأما إدهاسي وإيقاري فإني لم آت خيبر إلّا ممتارا لا متحاملا [3] ، وما عدوت أن حكيت حالك وحال قومك، فلو سكتّ عن هذا كان خيرا لك وأبقى عليك، فلم يفترقا إلا عن هجاء. وقال الحكم يهجو أم جحدر بنت حسان المرية وكانت فضلت ابن ميادة عليه [4] : ألا عوقبت [5] في قبرها أم جحدر ... ولا لقيت إلا الكلاليب والجمرا كما حادثت عبدا لئيما وخلته ... من الزاد إلا حشو ريطاته صفرا فيا ليت شعري هل رأت أمّ جحدر ... أكشّك أو ذاقت مغابنك القشرا [6] وهل أبصرت أرساغ أبرد أو رأت ... قفا أمّ رمّاح إذا ما استقت ذفرا [7] وبالغمر قد صرّت لقاحا وحادثت ... عبيدا فسل عن ذاك زبّان والغمرا [8]   [1] يريد نهض الجمل المقيد الموقر (المحمل) في الدهاس وهي الأرض السهلة اللينة. [2] م: الشعر. [3] م: لا ممتارا ولا متحاملا؛ والممتار الذي يجلب الميرة، والمتحامل: الذي يحمل للناس بأجر. [4] الأغاني 2: 252. [5] الأغاني: لا عوفيت. [6] أكشك: هكذا ورد، ولعل صوابه: كبّيك يعني لحمه المتغير الرائحة؛ أو نثيثك وهو رشح السقاء، ويعني هنا رشح عرقه. والمغابن: الأرفاغ والآباط؛ القشرا: التي انقشر عنها جلدها. [7] الذفر بفتح الفاء وسكنه هنا للشعر: الصنان وخبث الرائحة. [8] يريد أنها أمة تصر أضراع النوق؛ وتختلط بالعبيد من أمثالها، وفي الأغاني: نيّان فالغمرا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1192 ومما قاله الحكم في ابن ميادة [1] : خليليّ عوجا حيّيا الدار بالجفر ... وقولا لها سقيا لعصرك من عصر وماذا تحيّي من رسوم تلاعبت ... بها حرجف تذري بأذيالها الكدر إذا يبست عيدان قوم وجدتنا ... وعيداننا تغشى على الورق الخضر إذا الناس جاءوا بالقروم أتيتهم ... بقرم يساوي رأسه غرّة البدر لنا الغور والأنجاد والخيل والقنا ... عليكم وأيام المكارم والفخر فيا مرّ قد أخزاك في كلّ موطن ... من اللؤم خلّات يزدن على العشر فمنهنّ أن العبد حامي ذماركم ... وبئس المحامي العبد عن حوزة الثغر ومنهن أن لم تمسحوا وجه سابق ... جواد ولم تأتوا حصانا على طهر ومنهن أن الميت يدفن منكم ... فيفسو على دفّانه وهو في القبر ومنهن أن الجار يسكن وسطكم ... بريئا فيرمى بالخيانة والغدر ومنهن أن عذتم بأرقط كودن ... وبئس المحامي أنت يا ضرطة الجفر [2] ومنهن أن الشيخ يوجد منكم ... يدبّ إلى الجارات محدودب الظهر تبيت ضباب الضغن يخشى احتراشها ... وان هي أمست دونها ساحل البحر - 420- الحكم بن موسى السلولي: هو أبو يزيد الحكم بن موسى بن الحسين بن يزيد السلولي الكوفي أحد الرواة.   [420]- من المختصر. [1] الأغاني 2: 262 وقد وضح الأصفهاني أن ما يورده منتخب وليس قصيدة بكاملها. [2] الكودن: البرذون: الجفر: ولد المعزى، وذلك يعني أنه مثال الهوان. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1193 - 421- أبو الحكم ابن غلندو الاشبيلي: ولد بأشبيلية وبها نشأ، وكان أديبا شاعرا جيد الشعر متفننا متميزا بصناعة الطب، خدم بها المنصور [حفيد] أمير المؤمنين عبد المؤمن بن علي [1] فحظي عنده وقدّم، وكان أبوه أيضا في خدمة أبي يعقوب والد المنصور. وكان أبو الحكم حسن الخطّ يكتب الخطين الأندلسي والمشرقي، وتوفي بمراكش سنة سبع وثمانين وخمسمائة ومن شعره: ماست فأزرت بالغصون الميّس ... وأتتك تخطر في غلالة سندس وتبرجت جنح الظلام كأنها ... شمس تجلت في دياجي الحندس تختال بين لداتها فتخالها ... بدرا بدا بين الجواري الكنّس أرجت برياها الصّبا فتضوّعت ... أنفاسها والصبح لم يتنفّس وسرت إلينا في ملاءة سندس ... بترفّل وتدلّل وتبهنس وتزلفت والليل مسبل جنحه ... والجوّ داج من ظلام الحندس وله: لئن غبت عن عيني وشطّ بك النوى ... فأنت بقلبي حاضر وقريب خيالك في وهمي وذكرك في فمي ... ومثواك في قلبي فأين تغيب   [421]- ترجمة ابن غلندو في تحفة القادم: 94 والمقتضب من تحفة القادم: 71 والتكملة: 937 ونفح الطيب 3: 597 وعيون الانباء 2: 597 ويكتب أيضا «غلنده» وسمّاه صاحب التحفة «عبيد الله بن علي بن غلنده» وذكر أنه ولد بسرقسطة ونشأ باشبيلية- وهو مخالف لما يقوله ياقوت، وجعل وفاته سنة 581. [1] م: سعيد (وهو خطأ) . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1194 - 422- حكيم بن عياش المعروف بالأعور الكلبي: شاعر مجيد، كان منقطعا إلى بني أمية بدمشق وسكن المزّة بها ثم انتقل إلى الكوفة، وكان بينه وبين الكميت بن زيد مفاخرة [1] . وقدم أسامة خال الأعور على معاوية فقال له: اختر لك منزلا، فاختار المزّة واقتطع فيها هو وعترته، فقال الأعور: إذا ذكرت أرض لقوم بنعمة ... فبلدة قومي تزدهي وتطيب بها الدين والإفضال والخير والندى ... فمن ينتجعها للرشاد يصيب ومن ينتجع أرضا سواها فإنه ... سيندم يوما بعدها ويخيب تأتّى بها خالي أسامة منزلا ... وكان لخير العالمين حبيب حبيب رسول الله وابن رديفه ... له ألفة معروفة ونصيب فأسكنها كلبا فأضحت بليدة ... لنا منزل رحب الجناب خصيب فنصف على برّ فسيح رحابه ... ونصف على بحر أغرّ يطيب وكان الأعور يتعصّب لليمن على مضر فقال [2] : ما سرّني أن أمّي من بني أسد ... وأن ربي نجّاني من النار وأنهم زوجوني من بناتهم ... وأنّ لي كلّ يوم ألف دينار وجاء رجل إلى عبد الله بن جعفر فقال له: يا ابن رسول الله هذا حكيم الكلبي ينشد الناس هجاءكم بالكوفة، فقال: هل حفظت منه شيئا؟ قال: نعم، وأنشده [3] :   [422]- ترجمته في مصورة ابن عساكر 5: 268 وتهذيب ابن عساكر 4: 425 ومختصر ابن منظور 7: 240 والوافي 13: 131 وياقوت يتابع ابن عساكر في هذه الترجمة، وهي أدخل في معجم الشعراء. [1] انظر الأغاني 16: 341، 356 حيث ذكر أن الأعور الكلبي هو الذي بدأ بهجاء القيسية، فردّ عليه الكميت بقصيدته «ألا حييت عنا يا مدينا» في ثلاثمائة بيت، ولجّ الهجاء بينهما. [2] ورد البيتان أيضا في الأغاني 16: 357. [3] انظر البصائر 8: 16 (رقم: 12) وشرح النهج 15: 238. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1195 صلبنا لكم زيدا على جذع نخلة ... ولم نر مهديا على الجذع يصلب وقستم بعثمان عليا سفاهة ... وعثمان خير من عليّ وأطيب فرفع عبد الله يديه إلى السماء وهما تنتفضان رعدة فقال: اللهم إن كان كاذبا فسلّط عليه كلبا؛ فخرج حكيم من الكوفة فأدلج فافترسه الأسد فأكله، وأتى البشير عبد الله وهو في مسجد رسول الله صلّى الله عليه وسلم فخرّ لله تعالى ساجدا وقال: الحمد لله الّذي صدقنا وعده. - 423- حماد بن إسحاق بن إبراهيم الموصلي أبو الفضل: [كان] أديبا راوية فاضلا، شارك أباه إسحاق في كثير من سماعاته، وسمع من أبي عبيدة والأصمعي. وألف كتبا كثيرة في الأدب. وأصابه في آخر عمره صمم، ومات [] وكان يلقب بالبارد، لأنه كان يجالس أباه، وكان أبوه كالنار الموقدة، ولم يكن كذلك، ولم يكن بعد أبيه من أهله مثله. - 424- حماد بن عمر بن يونس بن كليب الكوفي المعروف بحماد عجرد، مولى بني سواءة بن عامر بن صعصعة: شاعر مجيد من طبقة بشار، وكان بينهما مهاجاة، وهو أحد الحمادين الثلاثة. قال إبراهيم العامري: كان بالكوفة ثلاثة نفر يقال لهم   [423]- ترجمته في المختصر والفهرست: 159- 160 (وترك تاريخ وفاته بياضا) وعدّ له كتبا كثيرة منها كتاب الأشرية. كتاب أخبار الحطيئة. كتاب أخبار ذي الرمة. كتاب مختار غناء جده إبراهيم. كتاب أخبار رؤبة. كتاب أخبار عبيد الله بن قيس الرقيات. كتاب الندامى؛ وتختلط أخباره بأخبار أبيه في الأغاني. [424]- ترجمة حماد عجرد (وهي دخيلة هنا ويجب أن تكون في معجم الشعراء) وردت في طبقات ابن المعتز: 67 والشعر والشعراء: 663 والمؤتلف والمختلف: 157 وأنساب الاشراف 3: 180 والأغاني 14: 304 وتاريخ بغداد 8: 148 ومصورة ابن عساكر 5: 273 وتهذيب ابن عساكر 4: 427 وسير الذهبي 7: 156 وأمالي المرتضى 1: 133 وابن خلكان 2: 210 والوافي 13: 142 وروضات الجنات 3: 248. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1196 الحمادون: حماد عجرد وحماد الراوية وحماد بن الزبرقان يتنادمون ويتعاشرون معاشرة جميلة ويتناشدون الأشعار، وكانوا كأنهم نفس واحدة، وكانوا يرمون بالزندقة جميعا. وحماد عجرد من مخضرمي الدولتين، نادم الوليد بن يزيد ولم يشتهر إلا في الدولة العباسية، قدم بغداد في أيام المهدي هو ومطيع بن إياس ويحيى بن زياد فاشتهروا بها. وكان حماد ماجنا ظريفا متهما في دينه، وكان أحد الأئمة يتنقّصه، فلما بلغه ذلك كتب إليه [1] : إن كان نسكك لا يت ... مّ بغير شتمي وانتقاصي فاقعد وقم بي حيث شئ ... ت لدى الأداني والأقاصي فلطالما زكّيتني ... وأنا المقيم على المعاصي أيام تأخذها وتع ... طي في أباريق الرصاص وسبب تسميته بعجرد أن أعرابيا مرّ به وهو غلام يلعب مع الصبيان في يوم شديد البرد وهو عريان، فقال له الأعرابي: تعجردت يا غلام، فسمي عجردا، والمتعجرد المتعري. وكتب [2] أبو النضير الجمحي الشاعر إلى حماد يسأله عن حاله في الشراب ومن يعاشر عليه، فكتب إليه حماد: أبا النضير اسمع كلامي ولا ... تجعل سوى الإنصاف في بالكا سألت عن حالي وما حال من ... لم يلف إلا عابدا ناسكا يظهر نسكا ومتى يفترص ... يكن عليّ عاديا فاتكا ومرض حماد فعاده أصدقاؤه جميعا إلا مطيع بن إياس، فكتب إليه حماد [3] : كفاك عيادتي من كان يرجو ... ثواب الله في صلة المريض   [1] الأغاني 14: 316 وتهذيب ابن عساكر: 428 وقد صرّح الأصفهاني أن المقصود هو أبو حنيفة الفقيه. وفي رواية أخرى أنه يحيى بن زياد. [2] الأغاني 11: 272 وقال إنه يعني (في البيت الثالث) حريث بن عمرو، وكان حماد نزل عليه، وكان حريث مشهورا بالزندقة. [3] الأغاني 14: 335. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1197 فإن تحدث لك الأيام سقما ... يحول جريضه دون القريض يكن طول التأوّه منك عندي ... بمنزلة الطنين من البعوض ومن شعر حماد عجرد [1] : إني أحبّك فاعلمي ... إن لم تكوني تعلمينا حبا أقلّ قليله ... كجميع حبّ العالمينا وقال [2] : فأقسمت لو أصبحت في قبضة الهوى ... لأقصرت عن لومي وأطنبت في عذري ولكن بلائي منك أنك ناصح ... وأنك لا تدري بأنك لا تدري وقال في أبي العباس الطوسي [3] : أرجوك بعد أبي العباس إذ بانا ... يا أكرم الناس أعراقا وعيدانا فأنت أكرم من يمشي على قدم ... وأنضر الناس عند المحل أغصانا لو مجّ عود على قوم عصارته ... لمجّ عودك فينا المسك والبانا وكان بين حماد وبشار بن برد ومطيع بن إياس أهاج كثيرة أعرضنا عن ذكرها لما فيها من السخف والمجون. وتوفي حماد عجرد بالبصرة سنة إحدى وستين ومائة في أصح الروايات. - 425- حماد بن سلمة بن دينار الإمام أبو سلمة البصري: مولى بني تميم، وهو   [425]- ترجمة حماد بن سلمة في طبقات ابن سعد 7: 282 والمعارف: 503 والمعرفة والتاريخ 2: 193- 204 ومراتب النحويين: 66 وأخبار النحويين البصريين: 60 والفهرست: 283- [1] تهذيب ابن عساكر 4: 428 والأغاني 14: 339. [2] الأغاني 14: 345 وسير الذهبي 7: 156. [3] الأغاني 14: 303 وتهذيب ابن عساكر: 428. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1198 ابن أخت حميد الطويل شيخ أهل البصرة في الحديث والعربية والفقه وأخذ النحو عن الخليل، وكان الخليل يجلس صحبة حماد بن زيد وجرير بن حازم وحماد بن سلمة، وكان حماد بن زيد إذا أخذ نعله للقيام قال القوم: قد ضرب بالطبل، فلا يجلسون. وحماد بن سلمة كان السبب في اشتغال سيبويه بالنحو وذلك أن سيبويه كان في أول أمره يطلب الحديث- أخذ عنه يونس بن حبيب النحوي، وسئل أيما أسنّ أنت أو حماد فقال: حماد أسنّ مني ومنه تعلمت العربية. فكان سيبويه يستملي على حماد فقال حماد: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «ما من أحد من أصحابي إلا من لو شئت لأخذت عنه علما ليس أبا الدرداء» فقال سيبويه: ليس أبو الدرداء، فقال له حماد: لحنت يا سيبويه، ليس أبا الدرداء، فقال: لا جرم لأطلبنّ علما لا تلحنني فيه أبدا، فطلب النحو ولزم الخليل بن أحمد حتى بلغ منه ما بلغ. وجاء سيبويه الى حماد بن سلمة فقال له: أحدثك هشام بن عروة عن أبيه في رجل رعف في الصلاة، فقال: أخطأت إنما هو رعف، فانصرف إلى الخليل بن أحمد فشكا إليه ما لقيه من حماد فقال: صدق حماد، ألمثل حماد يقال هذا؟ وكان يقول من يطلب الحديث ولا يعرف النحو مثل الحمار عليه مخلاة ليس فيها شعير. قال موسى بن اسماعيل المنقري قلت: لحماد بن سلمة أطال الله بقاءك، فقال: مه، هذه تحية الشباب، ما أصنع بالبقاء يجيئني ويجيئني الدجال. وقال: كنا إذا صرنا إلى حماد قبل أيدينا وقربنا ويقول: بأبي أنتم إذا غبتم عني فإنما أنا صبي ألعب مع الصبيان فإذا رأيتكم أحيا برؤيتكم. حضر الأصمعي مجلسه فأدناه ورحب به ثم قال: كيف تنشد هذا البيت: أولئك قوم إن بنوا أحسنوا البنا ... وإن عاهدوا أوفوا وان عقدوا شدوا   وطبقات الزبيدي: 51 وحلية الأولياء 6: 249 ونزهة الألباء: 26 وإنباه الرواة 1: 329 وسير الذهبي 7: 444 والعبر 1: 248 وتذكرة الحفاظ 1: 202 وميزان الاعتدال 1: 590 وطبقات ابن الجزري 1: 258 والوافي 13: 145 والبلغة: 73 وتهذيب التهذيب 3: 11 وبغية الوعاة 1: 548 والشذرات 1: 262 وروضات الجنات 3: 249 والجواهر المضية 1: 225 وقد دخلت الترجمة هنا تحشية من المختصر أخلّت بها المطبوعة م. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1199 فقلت: أولئك قوم إن بنوا أحسنوا البنا بكسر الباء، فقال لي: انظر جيدا فنظرت فقلت: لست أعرف إلا هذا، فقال لي يا بني: أولئك قوم إن بنوا أحسنوا البنى، القوم إنما بنوا الكلام ولم يبنوا اللبن الطين، قال: فلم أزل أهابه ولزمته. وكان أبو عمر الجرمي يقول: ما رأيت فقيها قط أفصح من عبد الوارث إلا حماد بن سلمة. وكان حماد يقول: من لحن في حديثي فقد كذب عليّ. وكان حماد يمرّ بالحسن البصري في الجامع فيدعه ويذهب إلى أصحاب العربية يتعلم منهم؛ وكان مع تقدمه في العربية إماما في الحديث ثقة ثبتا حتى قالوا: إذا رأيت الرجل يقع في حماد فاتهمه على الإسلام. روى حماد عن ثابت [1] وأبي عمران الجوني وعبد الله بن كثير وابن [أبي] مليكة وخلق، وعنه مالك وسفيان وشعبة وابن مهدي وعفان وأمم. وقال عمرو بن سلمة [2] : كتبت عن حماد بن سلمة بضعة عشر ألف حديث. وقال ابن المديني: كان عند يحيى بن الضرير عن حماد عشرة آلاف حديث. وقال يحيى بن معين: هو أعلم الناس بثابت. وقال أحمد بن حنبل: حماد أعلم الناس بحديث خاله حميد الطويل وأثبتهم فيه. وقال أحمد ويحيى: هو ثقة. وقال رجل لعفان: أحدثك عن حماد؟ قال: من حماد، ويلك؟ قال: ابن سلمة، قال: هلّا قلت أمير المؤمنين؟ وقال ابن عدي: حماد إمام جليل وهو مفتي أهل البصرة مع سعيد بن أبي عروبة. وقال إسحاق بن الطباع، قال لي سفيان بن عيينة: العلماء ثلاثة عالم بالله   [1] يعني ثابتا البناني. [2] كذلك هو في ميزان الاعتدال والصواب عمرو بن عاصم (انظر الحاشية رقم 3 ص 446 من سير الذهبي) . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1200 وبالعلم، وعالم بالله ليس بعالم بالعلم، وعالم بالعلم ليس بعالم بالله، قال ابن الطباع: الأول كحماد بن سلمة، والثاني مثل أبي الحجاج، والثالث كأبي يوسف. وقال ابن المديني: من سمعتموه يتكلّم في حماد فاتهموه. واحتجّ مسلم بحماد بن سلمة في أحاديث عدة في الأصول من حديثه عن ثابت، وأخرج له الأربعة إلا البخاري، فنكت ابن حبّان على البخاري ولم يسمّه حيث احتجّ بابن دينار وابن عياش وابن أخي الزهري وترك حمادا فقال: لم ينصف من جانب حديث حماد، واحتجّ بأبي بكر ابن عياش وعبد الرحمن بن دينار وابن أخي الزهري. وقال حماد بن زيد: ما كنا نرى أحدا يتعلم بنيّة غير حماد، وما نرى اليوم من يعلّم بنيّة غيره. وقال وهيب: كان حماد بن سلمة سيدنا وأعلمنا، وكان إماما في العربية فصيحا مفوها مقرئا فقيها شديدا على المبتدعة. وله تآليف، ولم يكن له كتاب غير كتاب قيس بن سعد، يعني كان يحفظ علمه. مات حماد في ذي الحجة سنة سبع وستين ومائة وقيل سنة تسع وستين في خلافة المهدي ورثاه اليزيدي بأبيات أولها [1] : يا طالب النحو ألا فابكه ... بعد أبي عمرو وحماد يعني حماد بن سلمة وأبي عمرو بن العلاء. - 426- حماد بن ميسرة بن المبارك بن عبيد الديلمي، مولى بني بكر بن وائل،   [426]- ترجمة حماد الراوية في طبقات ابن المعتز: 69 والمعارف: 541 والفهرست: 104 ومراتب النحويين: 72 وطبقات الزبيدي: 209 وأمالي المرتضى 1: 131 ومصورة ابن عساكر 5: 273 وتهذيب ابن عساكر 4: 430 ومختصر ابن منظور 7: 244 ونزهة الألباء: 23 والأغاني 6: 68 وابن خلكان 2: 206 وسير الذهبي 7: 157 والوافي 13: 137 ولسان الميزان 2: 352 وبغية الوعاة 1: 549 والخزانة 4: 129 ويرد أحيانا باسم حماد بن سابور، وأحيانا باسم حماد بن هرمز. [1] الإنباه 1: 330 وميزان الاعتدال 1: 592 وسير الذهبي: 451 والذي رثاه هو يحيى بن المبارك اليزيدي. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1201 وقيل مولى مكنف بن زيد الخيل، الكوفي المعروف بالراوية: قال المدائني كان من أعلم الناس بأيام العرب وأخبارها وأشعارها وأنسابها ولغاتها. وكانت ملوك بني أمية تقدّمه وتؤثره وتستزيده فيفد عليهم ويسألونه عن أيام العرب وعلومها ويجزلون صلته. وعن الهيثم [1] بن عدي صاحبه وراويته قال، قال الوليد بن يزيد لحماد الراوية: بم استحققت هذا اللقب فقيل لك الراوية؟ فقال: بأني أروي لكلّ شاعر تعرفه يا أمير المؤمنين أو سمعت به، ثم أروي لأكثر منهم ممن أعرف أنك لم تعرفه ولم تسمع به، ثم لا أنشد شعرا لقديم ولا محدث إلا ميّزت القديم منه من المحدث؛ فقال: إن هذا لعلم وأبيك كثير، فكم مقدار ما تحفظ من الشعر؟ قال: كثيرا، ولكني أنشدك على كلّ حرف من حروف المعجم مائة قصيدة كبيرة، سوى المقطعات، من شعر الجاهلية دون شعر الإسلام، قال: سأمتحنك في هذا، وأمره بالانشاد فأنشد حتى ضجر الوليد، ثم وكل به من استحلفه أن يصدقه عنه ويستوفي عليه، فأنشده ألفين وتسعمائة قصيدة للجاهليين، وأخبر الوليد بذلك فأمر له بمائة الف درهم. وروي [2] عن حماد الراوية أنه قال: كنت منقطعا إلى يزيد بن عبد الملك وكان أخوه هشام يجفوني لذلك دون سائر أهله من بني أمية، فلما مات يزيد وأفضت الخلافة إلى هشام خفته فمكثت في بيتي سنة لا أخرج إلا لمن أثق به من إخواني سرّا، فلما لم أسمع أحدا يذكرني أمنت فخرجت وصلّيت الجمعة في الرصافة، ثم جلست عند باب الفيل، فإذا شرطيان قد وقفا عليّ فقالا: يا حماد أجب الأمير يوسف بن عمر، فقلت في نفسي: هذا الذي كنت أحذره، ثم قلت لهما: هل لكما أن تدعاني حتى آتي أهلي فأودعهم وداع من لا ينصرف إليهم أبدا ثم أصير معكما إلى الأمير؟ فقالا: ما إلى ذلك سبيل، فاستسلمت إليهما وصرت إلى يوسف بن عمر وهو في الايوان الأحمر، فسلمت عليه فرمى إليّ كتابا فيه: بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد الله هشام أمير المؤمنين إلى يوسف بن عمر، أما بعد: فإذا قرأت كتابي هذا   [1] متابع للأغاني: 68- 69. [2] الأغاني: 72- 74 وتهذيب ابن عساكر 4: 431 (نقلا عن الجليس الصالح 3: 357) والشريشي 3: 267 ودرة الغواص: 110 ونزهة الألباء: 23 والوافي 13: 139. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1202 فابعث إلى حماد الراوية من يأتيك به غير مروّع ولا متعتع، وادفع إليه خمسمائة دينار وجملا مهريّا يسير عليه اثنتي عشرة ليلة إلى دمشق، فأخذت الدنانير ونظرت فإذا جمل مرحول فركبته وسرت اثنتي عشرة ليلة حتى وافيت باب هشام، فاستأذنت فأذن لي، فدخلت عليه في دار قوراء مفروشة بالرخام وهو في مجلس مفروش بالرخام، بين كل رخامتين قضيب ذهب، وهشام جالس على طنفسة حمراء وعليه ثياب خزّ حمر، وقد تضمّخ بالمسك والعنبر، وبين يديه مسك مفتوت في أواني ذهب يقلّبه بيده فيفوح، فسلمت عليه بالخلافة فردّ عليّ السلام، واستدناني فدنوت منه حتى قبّلت رجله، فإذا جاريتان لم أر مثلهما قطّ، في أذني كلّ واحدة منهما حلقتان فيهما لؤلؤتان تتقدان. فقال لي: كيف أنت يا حماد وكيف حالك، فقلت: بخير يا أمير المؤمنين، قال: أتدري فيم بعثت إليك، قلت: لا، قال: بعثت إليك بسبب بيت خطر ببالي لا أعرف قائله، قلت: وما هو؟ قال: ودعوا بالصّبوح يوما فجاءت ... قينة في يمينها إبريق فقلت: هذا يقوله عديّ بن زيد العباديّ في قصيدة له، قال: فأنشدنيها فأنشدته: بكر العاذلون في وضح الصب ... ح يقولون لي ألا تستفيق ويلومون فيك يا ابنة عبد اللّ ... هـ والقلب عندكم موهوق لست أدري إذ أكثروا العذل فيها ... أعدوّ يلومني أم صديق زانها حسنها وفرع عميم ... وأثيث صلت الجبين أنيق [1] وثنايا مفلّجات عذاب ... لا قصار ترى ولا هنّ روق [2] ودعوا بالصبوح يوما فجاءت ... قينة في يمينها إبريق قدّمته على عقار كعين ال ... ديك صفّى سلافها الراووق [3]   [1] صلت: واضح. [2] روق جمع أروق وهو الطويل. [3] قدّمته بالقاف جائز، والأرجح فدّمته بالفاء أي جعلت له فداما، الراووق: المصفاة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1203 مزّة قبل مزجها فإذا ما ... مزجت لذّ طعمها من يذوق وطفا فوقها فقاقيع كالد ... رّ صغار يثيرها التصفيق ثم كان المزاج ماء سحاب ... لا صرى آجن ولا مطروق [1] قال: فطرب هشام ثم قال: أحسنت يا حماد، يا جارية اسقيه، فسقتني شربة ذهبت بثلث عقلي، وقال: أعد فأعدت فاستخفه الطرب حتى نزل عن فرشه، ثم قال للجارية الأخرى: اسقيه، فسقتني شربة ذهبت بثلث عقلي الثاني، فقلت: إن سقتني الثالثة افتضحت، فقال لي هشام: سل حاجتك، قلت: كائنة ما كانت؟ قال: نعم، قلت: إحدى الجاريتين، فقال: هما جميعا لك بما عليهما وما لهما، ثم قال للأولى: اسقيه فسقتني شربة لم أعقل بعدها حتى أصبحت، فإذا بالجاريتين عند رأسي وعدّة من الخدم مع كلّ واحد منهم بدرة، فقال لي أحدهم: أمير المؤمنين يقرأ عليك السلام ويقول لك: خذ هذه فأصلح بها شأنك، فأخذتها والجاريتين وانصرفت إلى أهلي. قال الهيثم بن عدي: ما رأيت رجلا أعلم بكلام العرب من حماد. وقال الأصمعي: كان حماد أعلم الناس إذا نصح، يعني إذا لم يزد وينقص في الأشعار والأخبار فإنه كان متهما بأنه يقول الشعر وينحله شعراء العرب. وقال المفضل الضبي [2] : قد سلط على الشعر من حماد الراوية ما أفسده فلا يصلح أبدا، فقيل له: وكيف ذلك؟ أيخطىء في رواية أم يلحن؟ قال: ليته كان كذلك، فإن أهل العلم يردّون من أخطأ إلى الصواب، ولكنه رجل عالم بلغات العرب وأشعارها ومذاهب الشعراء ومعانيهم، فلا يزال يقول الشعر يشبه به مذهب رجل ويدخله في شعره ويحمل ذلك عنه في الآفاق، فتختلط أشعار القدماء ولا يتميز الصحيح منها إلا عند عالم ناقد وأين ذلك. وذكر أبو جعفر أحمد بن محمد النحاس [3] أن حمادا هو الذي جمع السبع   [1] الصرى: الماء الذي طال استنقاعه (م: صدى) والآجن: المتغير الطعم، والمطروق: الذي طرقته الدواب، فراثت وكدرت. [2] الأغاني 6: 85. [3] انظر شرح القصائد التسع: 682. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1204 الطوال، ولم يثبت ما ذكره الناس من أنها كانت معلقة على الكعبة. ولحماد اخبار طوال اقتصرنا على ما ذكرناه منها، وكانت ولادته في سنة خمس وتسعين وتوفي سنة خمس وخمسين ومائة، ورثاه ابن كناسة الشاعر بقوله: لو كان ينجي من الردى حذر ... نجّاك مما أصابك الحذر يرحمك الله من أخى ثقة ... لم يك في صفو ودّه كدر فهكذا يفسد الزمان و ... يفنى العلم فيه ويدرس الأثر - 427- حماس بن ثامل مولى عثمان بن عفان: شاعر إسلامي من مخضرمي الدولتين أدرك أيام السفاح، وكان يوما في مجلسه، فذكر إسماعيل بن عبد الله القسري بني أمية فذمّهم وسبهم، فقال حماس للسفاح: يا أمير المؤمنين أيسبّ هذا بني عمك وعمالهم وهو رجل اجتمع والخرّيت في نسب؟ إن بني أمية لحمك ودمك، فكلهم ولا تؤكلهم، فقال له: صدقت، وأمسك إسماعيل فلم يحر جوابا. ومن شعر حماس: الله نجّى قلوصي بعد ما علقت ... من الأمير ومن عمرو بن سيّار بحلفة من يمين غير صادقة ... حلفتها ثم لم تلحقني بالنار إحلف يمينا إذا ما خفت مضلعة ... وتب إلى غافر للذنب غفّار - 428- حمد بن محمد بن إبراهيم بن الخطاب الخطابي من ولد زيد بن الخطاب،   [427]- لم أجد احدا ترجم له، وقد ورد عرضا في الأغاني 22: 26- 27 وذكر حكايته مع إسماعيل العشري عند السفاح، وكتبه محقق الأغاني (ط. دار الثقافة) جماس- بالجيم- (وهو خارج عن شرط المؤلف في معجم الأدباء وحقه أن يكون في معجم الشعراء) . [428]- قد مرّت ترجمة الخطابي برقم: 174 في الأحمدين؛ وقد ذكرت هنالك مصادر ترجمته. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1205 أبو سليمان البستي، نسبة إلى مدينة بست من بلاد كابل: كان محدثا فقيها أديبا شاعرا لغويا أخذ اللغة والأدب عن أبي عمر الزاهد وأبي علي إسماعيل الصفار وأبي جعفر الرزاز وغيرهم من علماء العراق، وتفقّه بالقفال الشاشي، وروى عنه الحافظ أبو عبد الله ابن البيع المعروف بالحاكم النيسابوري والحافظ المؤرخ عبد الغافر بن محمد الفارسي صاحب «السياق لتاريخ نيسابور» وأبو القاسم عبد الوهاب الخطابي وخلق. قال الحافظ أبو المظفر السمعاني [1] : كان حجة صدوقا رحل إلى العراق والحجاز وجال في خراسان وخرج إلى ما وراء النهر. وقال الثعالبي [2] : كان يشبه في عصرنا بأبي عبيد القاسم بن سلام في عصره، علما وأدبا وزهدا وورعا وتدريسا وتأليفا، إلا أنه كان يقول شعرا حسنا وكان أبو عبيد مفحما. ولأبي سليمان كتب من تآليفه أشهرها وأسيرها: كتاب غريب الحديث وهو في غاية الحسن والبلاغة. وله أعلام السنن في شرح صحيح البخاري. ومعالم السنن في شرح سنن أبي داود. وكتاب إصلاح غلط المحدثين. وكتاب العزلة. وكتاب شأن الدعاء. وكتاب الشجاج وغير ذلك. ولد في رجب سنة تسع عشرة وثلاثمائة وتوفي ببلده بست سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة وقيل سنة ست وثمانين والاول أصح. ومن شعره: إذا خلوت صفا ذهني وعارضني ... خواطر كطراز البرق في الظلم وإن توالى صياح الناعقين على ... أذني عرتني منه لكنة العجم وقال [3] : لعمرك ما الحياة وإن حرصنا ... عليها غير ريح مستعاره وما للريح دائمة هبوب ... ولكن تارة تجري وتاره   [1] ذكر هذا النص في ترجمته السابقة. [2] عن اليتيمة 4: 334 وقد تكرّر هنا. [3] اليتيمة 4: 335. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1206 وقال [1] : وما غمّة الانسان من شقّة النوى ... ولكنها والله من عدم الشكل وإني غريب بين بست وأهلها ... وإن كان فيها أسرتي وبها أهلي وقال [2] : تسامح ولا تستوف حقّك كلّه ... وأبق فلم يستقص قطّ كريم ولا تغل في شيء من الأمر واقتصد ... كلا طرفي قصد الأمور ذميم وقال [3] : قد أولع الناس بالتلاقي ... والمرء صبّ إلى هواه وإنما منهم صديقي ... من لا يراني ولا أراه وقال [4] : شرّ السباع الضواري [5] دونه وزر ... والناس شرّهم ما دونه وزر كم معشر سلموا لم يؤذهم سبع ... وما نرى بشرا لم يؤذه بشر وقال [6] : ما دمت حيا فدار الناس كلهم ... فإنما أنت في دار المداراة من يدر دارى ومن لم يدر سوف يرى ... عما قليل نديما للندامات   [1] تكرر ذكر هذين البيتين نقلا عن اليتيمة، وانظر طبقات السبكي 3: 284. [2] اليتيمة 4: 336 (وهما قد وردا في الترجمة السابقة) وطبقات السبكي 3: 285. [3] اليتيمة 4: 336. [4] اليتيمة 4: 335 (وقد تكررا في الترجمة السابقة) . [5] اليتيمة: العوادي. [6] اليتيمة 4: 335 (وهما مكرران) . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1207 - 429- حمدان بن عبد الرحيم، أبو الفوارس الأثاربي: من قرية من أعمال حلب تدعى معراثا الأثارب. وكانت ملكه، ومن أولاده انتقلت إلى ملاكها الآن. أحد الأدباء الشعراء الخلعاء الأطباء الكتاب، كان دائبا في طلب العلم يحضر مجالس العلماء وأهل الأدب ويصحب من لقيه منهم ويلازمه. ولي للسلطان نور الدين أعمالا منها معرة النعمان. ودخل بغداد، وقال فيها: إن بغداد لمن أبصرها ... ورآها طرفة بين البلاد فتأمّلها تراها عجبا ... نعم بيض على قوم سواد توفي سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة [1] . حدث حمدان بن عبد الرحيم ابن أخي هذا حمدان المذكور قال: جلس يوما عمي حمدان وجماعة من وجوه المعرة، منهم الرئيس نعمان، رئيس المعرة، وكان خال المحدّث حمدان، على مجلس أنس بمعرة النعمان، ومعهم مغنّية تسمى   [429]- ترجمة حمدان الأثاربي في مصورة ابن عساكر 5: 284 وتهذيب ابن عساكر 4: 434 (وعليه يعتمد ياقوت) وبغية الطلب 5: 276 وذكره ياقوت في «الأثارب» 1: 114- 115 وقال إنه كان في أيام طغتدكين صاحب دمشق وصنف تاريخا، قال: وقد ذكرته في معراثا بأتمّ من هذا، ولم يفعل، غير أنه ذكره في مادة: جزر. حربنوش. دير حشيان. دير عمان. دير مرقس. عرشين القصور. معرة مصرين. ورفع ابن العديم في نسبه: حمدان بن عبد الرحيم بن حمدان بن علي بن خلف بن هلال بن نعمان بن داود أبو الموفق التميمي من ولد حاجب بن زرارة، وقال: أصله من قرية من قرى حلب تعرف بمعراثا الاثارب، وكانت جارية في ملكه، ومن أولاده انتقلت إلى ملاكها الآن، ثم انتقل هو وأبوه إلى الأثارب فسكنا بها، وكان اكثر مقامه بالجزر يتردد في نواحيه في الدولتين الاسلامية والفرنجية، وولي في الجزر أعمالا للديوان في دولة أتابك زنكي بن آق سنقر ... ووهبه صاحب الأثارب الفرنجي قرية تعرف بمعربونية من ناحية معرة مصرين ودامت في يده بعد أخذ المسلمين البلاد من يد الفرنج. قلت: وأورد ابن العديم عنه معلومات مفيدة وذكر أن له كتابا في أخبار بني تميم وكتابا في التاريخ من سنة 490 ضمنه أخبار الفرنج وأيامهم وخروجهم إلى الشام من السنة المذكورة وما بعدها، وسماه «المفوف» . ومعظم هذه الترجمة من المختصر. [1] هكذا هو في المختصر، وفي المطبوعة سنة أربع وخمسين وخمسمائة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1208 «ست النظر» ثم افترقوا بعد هزيع من الليل، فقام عمي حمدان إلى فراش قد هيّأه له الرئيس أبو الفتح ابن أبي حصينة في قبة له، وانتبه في أثناء الليل وأراد الخروج من القبة، فسقط من أعلاها إلى ناحية الدار، فعلم به الرئيس نعمان فجاءه في طائفة من أصحابه، وحملوه إلى فراشه. وأمر نعمان أصحابه ألا يخبره أحد بما جرى، ونام ساعة وهم حوله، ثم دعوا المغنية، فجلست عند رأسه تغني فانتبه من نومه، وجلس واستطاب وقته، فسألوه أن ينظم في ذلك شعرا، فعمل للوقت: أيا صاح قد صاح ديك الصباح ... وهبّت تغنيك ستّ النّظر بلفظ هو السحر سحر الحلال ... ووجه حوى الحسن مثل القمر وتشدوك قم وتنبّه لها ... وباكر صبوحك قبل البكر أفق كم تنام وهات المدام ... ورقرق لنا الجام وقّيت شر أما تنظر الفجر خلف الظلام ... محثا وأعلامه قد نشر وقد سامحتك صروف الزمان ... وكفّت أكفّ القضا والقدر فما العذر في ترك شرب الشّمول ... ونهب الأباريق كرا وفر فشرب الشمول بخفق الطبول ... ونفخ الزماري وقرع الوتر فما رونق الدهر باق عليك ... فخذ ما صفا واجتنب ما كدر قال: فبقي مدة لا يعلم ما جرى إلى أن قلت له يوما: ما تقول في من سقط من هذا المكان؟ وأشرت إلى (المكان) الذي سقط منه إلى أسفل فقال: ما يجمع الله به شملا. فقلت له: أتذكر ليلة «أيا صاح قد صاح ديك الصباح» ؟ فقال: وما جرى؟ فقصصت عليه القصة. فقال: لهذا تؤلمني أعضائي. ثم وقع مريضا لوقته وبقي مطروحا على الفراش شهرين. واتفق له الخروج إلى معراثا الأثارب، وكانت حينئذ بيد الإفرنج، فمرض صاحب الاثارب منويل، وهو ابن أخت صاحب أنطاكية، فدخل إليه حمدان فعالجه إلى أن عوفي، فمنّاه فطلب منه قرية فأعطاه معربونية فسكن بها مدة ثلاثين سنة، فسيّر إليه أبو الحسن ابن أبي جرادة من يعتبه على مقامه بين الفرنج، وسوء اختياره في المكوث بينهم، فكتب إليه: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1209 وقائل عائب لي إذ رأى شغفي ... بقرية ليس سكناها من الشرف ماذا دعاك إلى هذا؟ فقلت له ... صروف دهر وصرف الدهر غير خفي بخل الوفيّ وإعراض الرضي وتق ... صير الصفي وظلم المشرف الجنف فإن أقمت بها فالمسك موطنه ... في جلدة ومقرّ الدرّ في الصّدف ومن شعره [1] : لا جلق رقن لي معالمها ... ولا اطّبتني أنهار بطنان ولا ازدهتني بمنبج فرص ... راقت لغيري من آل حمدان لكن زماني بالجزر ذكرني ... طيب زماني وفيه أبكاني [2] يا حبذا الجزر كم نعمت به ... بين جنان ذوات أفنان واجتاز [3] بحمدان في بعض السنين الأمير مهند الدولة بن الحنشي [4] فأنزله بداره في الأثارب وأقام عنده أشهرا، فلما وافى هلال رمضان قال الأمير: لله من قمر رآني معرضا ... عنه وإعراضي حذار وشاته طلع الهلال فقلت أعمل حيلة ... في قبلة تجني جنى وجناته فمضى وقال تصدّ عن قمر الهوى ... لترى الهلال رقى إلى درجاته فأنا وحقّ هواك أبعد مرتقى ... منه وتأثيري كتأثيراته أنا كامل أبدا وذلك ناقص ... فاجهد بوصفي ممعنا [5] وصفاته   [1] الأبيات في معجم البلدان 2: 71 (جزر) 655 (دير حشيان) وبغية الطلب: 279. [2] الجزر- بالفتح ثم السكون- كورة من كور حلب. [3] متابع لابن عساكر وهو في بغية الطلب: 277. [4] م: الخشيني (والتصويب عن بغية الطلب) . [5] البغية: جاهدا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1210 - 430- حمد بن الحسين وزير منوجهر، يكنى أبا علي، وأصله من همذان: وزر لمنوجهر بن قابوس بن وشمكير بجرجان، إلى أن قبض عليه، واستصفى ماله. ومات في اعتقاله سنة عشر وأربعمائة. وكان أديبا فاضلا كاملا بليغا، وله أشعار منها: عابوه لما التحى فقلنا ... عبتم وغبتم عن الجمال هذا غزال وهل معيب ... تولّد المسك في غزال وله: إذا ولّت الدنيا عن المرء أقبلت ... إليه مذمّات العدى والأصادق وإن هو لم يدلج إلى المال لم يزل ... على المال مقطوع العرى والعلائق تصفحت أحوال الزمان فلم أجد ... أعز وجودا من صديق موافق - 431- حمدة ويقال حمدونة بنت زياد بن بقي، من قرية بادي من أعمال وادي آش: كان أبوها زياد مؤدّبا، وكانت أديبة نبيلة شاعرة ذات جمال ومال مع العفاف والصون إلا أنّ حبّ الأدب كان يحملها على مخالطة أهله مع نزاهة موثوق بها، وكانت تلقب بخنساء المغرب وشاعرة الأندلس.   [430]- هذه الترجمة من المختصر. [431]- ترجمة حمدة بنت زياد الوادياشية في التكملة رقم: 2120 (ط. مدريد) وتحفة القادم: 234 والمقتضب من تحفة القادم: 162 والمغرب 2: 145 ورايات المبرزين: 63 والمطرب: 11 والاحاطة 1: 497 والسفر الثامن من الذيل والتكملة: 485 (رقم: 250) ونفح الطيب 4: 287 وعيون التواريخ 12: 9 والوافي 13: 163 والفوات 1: 394 ومطالع البدور 1: 272 ونزهة الجلساء: 38 (وهو ينقل عن ابن سعيد وعن تذكرة الصلاح الصفدي) . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1211 روى عنها أبو القاسم ابن البراق [1] قال: أنشدتنا حمدة العوفية لنفسها وقد خرجت متنزهة بالرملة من نواحي وادي آش فرأت ذات وجه وسيم أعجبها، فقالت: أباح الدمع أسراري بوادي ... له في الحسن آثار بوادي فمن نهر يطوف بكلّ روض ... ومن روض يرفّ بكلّ وادي ومن بين الظباء مهاة أنس ... سبت لبى وقد ملكت فؤادي لها لحظ ترقّده لأمر ... وذاك الأمر يمنعني رقادي إذا سدلت ذوائبها عليها ... رأيت البدر في أفق السواد كأن الصبح مات له شقيق ... فمن حزن تسربل بالسواد وقد نسب إليها أهل المغرب الأبيات الشهيرة المنسوبة للمنازي الشاعر المشهور وهي [2] : وقانا لفحة الرمضاء واد ... سقاه مضاعف الغيث العميم حللنا دوحه فحنا علينا ... حنّو المرضعات على الفطيم وأرشفنا على ظمإ زلالا ... ألذّ من المدامة للنديم يصدّ الشمس أنى واجهتنا ... فيحجبها ويأذن للنسيم يروع حصاه حالية العذارى ... فتلمس جانب العقد النظيم أجمع أدباء المشرق على نسبة هذه الأبيات للمنازي، وهو أحمد بن يوسف المنازي المتوفى سنة سبع وثلاثين وأربعمائة وأنه عرضها على أبي العلاء المعري [3] ، فجعل المنازي كلما أنشده المصراع الأول من كل بيت سبقه أبو العلاء إلى المصراع   [1] هو أبو القاسم محمد بن علي بن البراق، له ترجمة في الذيل والتكملة 6: 457- 483. [2] المنازي هو أحمد بن يوسف ونسبته إلى منازكرد وكان وزيرا للمروانية ملوك ديار بكر، وسيّره نصر الدولة أحمد بن مروان رسولا عنه إلى مصر، فزار المعرة واجتمع بأبي العلاء، وهو شاعر مقل مجيد. [3] انظر بغية الطلب 2: 156 وزاد ابن العديم: أن المنازي لما أنشد المعري قوله «نزلنا دوحه فحنا علينا» بادر أبو العلاء فقال: حنو الوالدات على الفطيم، فقال المنازي: إنما قلت: حنو الوالدات على اليتيم، فقال أبو العلاء: الفطيم أحسن. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1212 الثاني كما نظمه المنازي. ونسبها أدباء الأندلس ومؤرخوها إلى حمدة، وجزم بذلك طائفة منهم، وفيهم من رواها لها قبل أن يخلق المنازي، والله تعالى أعلم. ومن شعر حمدة أيضا: ولما أبى الواشون إلا فراقنا ... وما لهم عندي وعندك من ثار وشنّوا على أسماعنا كلّ غارة ... وقلّ حماتي عند ذاك وأنصاري غزوتهم من مقلتيك وأدمعي ... ومن نفسي بالسيف والسيل والنار - 432- حمران بن أعين بن سنبس مولى الطائيين، يكنى أبا عبد الله: نحوي قارىء حسن الصوت، وكان يتشيع. لقي أبا الأسود الدؤلي، وأخذ عنه حمزة الزيات. وكان يقول: لا تأمننّ قارئا على صحيفة، ولا جمّالا على حبل. ولما مات جعفر بن محمد الصادق عليه السلام، رثاه بمراث منها: بكيت على خير ما لاحق ... بسالفه صفوة الخالق بكيت على ابن نبيّ الهدى ... بدمع على وجنتي سابق ربيع البلاد وغيث العباد ... لشارد [1] صبح وللشارق ووارث علم نبيّ الهدى ... وميزان حقّ به ناطق فصلّى الإله على روحه ... وأكرم مثواه من صادق وقيل: حضر ابن أعين عند جعفر بن محمد، عليهم السلام، يقرأ وساءله عن ضروب من العلوم، وكان مقدما، وكان عنده جماعة من القرشيين، فلما خرجوا قالوا: إنما أحبّ أن يرينا أنّ في شيعته مثل هذا.   [432]- هذه الترجمة من المختصر؛ وقد ترجم له المرزباني في نور القبس: 267 والقفطي في إنباه الرواة 1: 339 وانظر طبقات ابن الجزري 1: 261 وتهذيب التهذيب 3: 25. [1] الإنباه: لسارب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1213 - 433- حمزة بن أسد بن علي بن محمد أبو يعلى المعروف بابن القلانسي التميمي: العميد الأديب الكاتب الشاعر المؤرخ صاحب الخط الحسن وله نثر ونظم رائق. كان من أعيان دمشق ومن أفاضلها المبرزين، ولي رياسة ديوانها مرتين وكان يكتب له في سماعه أبو العلاء المسلم بن القلانسي وبذلك كان يسمى. وبها توفي في ربيع الأول سنة خمس وخمسين وخمسمائة ودفن بجبل قاسيون، وله تاريخ للحوادث ابتدأ به من سنة إحدى وأربعين وأربعمائة إلى حين وفاته [1] ، وكانت له عناية بالحديث، وله كتب عليها سماعه. ومن شعره: إياك تقنط عند كلّ شديدة ... فشدائد الأيام سوف تهون وانظر أوائل كلّ أمر حادث ... أبدا فما هو كائن سيكون وقال أيضا: يا من تملّك قلبي طرفه فغدا ... معذّبا بين أشواق وأشجان امنن بوصل لعلّي أستجير به ... من سطوة البين في صدّ وهجران ما لي منيت بممنوع يعذبني ... ولا يزيد فؤادي غير أحزان لا برّد الله قلبي من تحرّقه ... إن شبت حبّي له يوما بسلوان إذا ترنم قمريّ على فنن ... في ليلة زاد في حزني وأشجاني وكم أسرّ غرامي ثم أعلنه ... وليس يخفى بكم سرّي وإعلاني لا برّد الله شوقي إن نويت لكم ... تغيّرا ما بأشكال وألوان   [433]- ترجمة ابن القلانسي في مصورة ابن عساكر 5: 298 ومختصر ابن منظور 7: 259 وتهذيب ابن عساكر 4: 442 (وعليه اعتماد ياقوت) وعبر الذهبي 4: 156 وسير الذهبي 20: 388 وتلخيص مجمع الآداب 1: 912 والشذرات 4: 174. [1] ابتداؤه بتاريخه «ذيل تاريخ دمشق» قد يكون سنة 448 إذا اعتبرنا ترتيب السنين ولكنه بدأه قبل ذلك، وجاء في طبعة 1908 (ص: 3) ان أول ما وجد من تاريخ ابن القلانسي: ذكر الحرب بين المعز لدين الله والقرامطة سنة 363. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1214 وقال: يا نفس لا تجزعي من شدة عظمت ... وأيقني من إله الخلق بالفرج كم شدة عرضت ثم انجلت ومضت ... من بعد تأثيرها في المال والمهج - 434- حمزة بن بيض الحنفي الكوفي أحد بني بكر بن وائل: شاعر مقدم مجيد من شعراء الدولة الأموية كان منقطعا إلى المهلب وولده، ثم انقطع إلى الأمير بلال بن أبي بردة، ووفد على سليمان بن عبد الملك وامتدحه قبل الخلافة، فقال [1] : أتينا سليمان الأمير نزوره ... وكان امرءا يحبى ويكرم زائره إذا كنت بالنجوى به متفردا ... فلا الجود مخليه ولا البخل حاضره كفى سائليه سؤلهم من ضميره ... عن البخل ناهيه وبالجود آمره ودخل عليه وعنده يزيد بن المهلب، فقال [2] : حاز الخلافة والداك كلاهما ... ما بين سخطة ساخط أو طائع أبواك ثم أخوك أصبح ثالثا ... وعلى جبينك نور ملك رابع سرّيت خوف بني المهلب بعدما ... نظروا السبيل بسمّ موت ناقع ليس الذي أولاك ربك فيهم ... عند الإله وعندهم بالضائع فأمر له بخمسين ألف درهم.   [434]- ترجمة حمزة بن بيض في مصورة ابن عساكر 5: 299 ومختصر ابن منظور 7: 258 وتهذيب ابن عساكر 4: 443 والأغاني 16: 142 والمعارف: 591 والمؤتلف والمختلف: 141 وبغية الطلب 5: 287 وسير الذهبي 5: 267 والوافي 13: 185 والفوات 1: 395 وأخبار الحمقى: 43؛ (وحمزة بن بيض شاعر وحسب، فترجمته هذه يجب أن تذهب إلى معجم الشعراء) . [1] عن تاريخ ابن عساكر. [2] الأغاني 16: 150- 151 وابن عساكر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1215 وقال في سليمان أيضا [1] : لم تدر ما «لا» فلست قائلها ... عمرك ما عشت آخر الأبد ولم تؤامر بتلك ممتريا ... فيها وفي أختها ولم تكد وهي على أنها أخفّهما ... أثقل حملا عليك من أحد لما تعودت من نعم فنعم ... ألذّ في فيك من جنى الشهد إلا يكن عاجل تعجّله ... لنا لئلا تقولها فعد وما تعد في غد يكن غدك ... الواجب للسائلين خير غد ودخل [2] على يزيد بن المهلب يوم جمعة وهو يتأهب للمضيّ إلى المسجد وجاريته تعممه فضحك فقال له يزيد: ممّ تضحك؟ قال: من رؤيا رأيتها إن أذن لي الأمير قصصتها، قال: قل، فأنشأ يقول: رأيتك في المنام سننت خزّا ... عليّ بنفسجا وقضيت ديني فصدّق يا هديت اليوم رؤيا ... رأتها في المنام كذاك عيني قال: كم دينك؟ قال: ثلاثون ألفا، قال: قد أمرنا لك بها ومثلها، ثم قال: يا غلمان فتّشوا الخزائن فجيئوه بكل جبة خزّ بنفسج تجدونها، فجاءوا بثلاثين جبة، فنظر إليه يلاحظ الجارية فقال: يا جارية عاوني عمك على قبض الجباب فإذا وصلت إلى منزله فأنت له، فأخذها والجباب وانصرف. وقال في يزيد بن المهلب أيضا [3] : ومتى يؤامر نفسه مستخليا ... في أن تجود لدى السؤال تقول جد أو أن يعود لنا بنفحة نائل ... بعد الكرامة والحباء تقول عد أو في الزيادة بعد جزل عطائه ... للمستزيد من العفاة تقول زد   [1] تهذيب ابن عساكر ومختصر ابن منظور. [2] تهذيب ابن عساكر: 443- 444 وقارن بالأغاني: 163. [3] تهذيب ابن عساكر (والنقل عن الجليس الصالح) . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1216 أو في الوفود على أسير موثق [1] ... بخلت أقاربه عليه تقول فد أو في ورود شريعة محفوفة ... بالمشرفية والرماح تقول رد ونعم بفيه ألذّ حين يقولها ... طعما من العسل المدوف بماء ورد ولما خرج زيد بن علي على هشام منع أهل مكة والمدينة أعطياتهم سنة، فقال حمزة بن بيض في ذلك [2] : وصلت سماء الضرّ بالضرّ بعدما ... زعمت سماء الضرّ عنا ستقلع فليت هشاما كان حيّا يسوسنا ... وكنّا كما كنّا نرجّي ونطمع ولما ولي أبو لبيد البجلي ابن أخت خالد القسري أصبهان، وكان رجلا متنسكا، خرج حمزة بن بيض في صحبته، فقيل له إن مثل حمزة لا يصحب مثلك لأنه صاحب كلاب ولهو، فبعث إليه ثلاثة آلاف درهم وأمره بالانصراف فقال: يا ابن الوليد المرتجى سيبه ... ومن يجلّي الحندس الحالكا سبيل معروفك منّي على ... بال فما بالي على بالكا حشو قميصي شاعر مفلق ... والجود أمسى حشو سربالكا يلومك الناس على صحبتي ... والمسك قد يستصحب الرامكا إن كنت لا تصحب إلّا فتى ... مثلك لن تؤتى بأمثالكا إني امرؤ حيث يريد الهوى ... فعدّ عن جهلي باسلامكا قال له أبو لبيد: صدقت، وقرّب منزلته. وقال النضر بن شميل [3] : دخلت على المأمون بمرو فقال: يا نضر أنشدني أخلب بيت للعرب، قلت: هو قول ابن بيض في الحكم بن مروان:   [1] م: فقير موبق؛ والفداء يكون للأسير الموثق. [2] في هذا الخبر اضطراب واضح، فإن الذي وعد الناس بأن سماء الضرّ عنهم ستقلع هو الوليد بن يزيد، وزيد ثار في زمن هشام؛ ويفهم من البيت الثاني ان هشاما قد توفي «فليت هشاما كان حيا يسوسنا» ولعل البيتين في الردّ على الوليد، ولا علاقة لهما بثورة زيد. [3] الأغاني 16: 153. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1217 تقول لي والعيون هاجعة ... أقم علينا يوما فلم أقم أيّ الوجوه انتجعت قلت لها ... وأيّ وجه إلا إلى الحكم متى يقل حاجبا سرادقه ... هذا ابن بيض بالباب يبتسم قد كنت أسلمت قبل مقتبلا ... والآن أرحل وأعطني سلمي فقال المأمون: لله درك فكأنما شقّ لك عن قلبي. وأودع [1] حمزة عند ناسك ثلاثين ألفا ومثلها عند نبّاذ، فأما الناسك فبنى بها دارا وزوّج بناته فأنفقها وجحدها، وأما النباذ فأدّى إليه ماله، فقال في ذلك: ألا لا يغرّنك ذو سجدة ... يظلّ بها دائبا [2] يخدع كأن بجبهته حبة [3] ... تسبّح طورا وتسترجع وما للتقى لزمت وجهه ... ولكن ليغترّ مستودع ولا تنفرنّ من اهل النبيذ ... وإن قيل يشرب لا يقلع فعندي علم بما قد خبرت ... إن كان علمي بها ينفع ثلاثون ألفا طواها السجود ... فليست إلى أهلها ترجع بنى الدار من غير أمواله ... فأصبح في بيته يرتع مهائر من مالهم قد حرمن ... ظلما فهم سغّب جوّع وأدّى أخو الكاس ما عنده ... وما كنت في ردّه أطمع ونزل [4] بقوم فأساءوا ضيافته وطرحوا لبغلته تبنا رديئا فعافته، فأشرف عليها فشحجت حين رأته، فقال: احسبيها ليلة أدلجتها ... فكلي إن شئت تبنا أو ذري قد أتى مولاك خبز يابس ... فتغدّى فتغدّي واصبري   [1] الأغاني 16: 147. [2] م: لا يغرك ... دائما. [3] الأغاني: حلية. [4] تهذيب ابن عساكر 4: 444. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1218 ولحمزة بين بيض أخبار حسان مع عبد الملك بن مروان وابنه وآل المهلب يطول ذكرها. توفي سنة ست عشرة ومائة وقيل سنة عشرين ومائة والأول أصح. - 435- حمزة بن حبيب بن عمارة بن اسماعيل، الإمام أبو عمارة التيمي، تيم الله ولاء وقيل نسبا، الكوفي المعروف بالزيات، وقيل له الزيات لأنه كان يجلب الزيت من الكوفة إلى حلوان ويجلب من حلوان الجبن والجوز إلى الكوفة: وهو الإمام الحبر شيخ القراء وأحد السبعة الأئمة ولد سنة ثمانين [في خلافة عبد الملك بن مروان] ، وأدرك الصحابة بالسن فيحتمل أن يكون رأى بعضهم. أخذ القراءة عرضا عن الأعمش والإمام جعفر بن محمد الصادق وابن أبي ليلى وحمران بن أعين. وروى عن الحكم وعدي بن ثابت وحبيب بن أبي ثابت وطلحة بن مطرف. وأخذ القراءة عنه إبراهيم بن أدهم وسفيان الثوري وشريك بن عبد الله وعلي بن حمزة الكسائي وغيرهم. وروى عنه يحيى بن آدم وحسين الجعفي وخلق. وإليه المنتهى في الصدق والورع والتقوى، وإليه صارت الامامة في القراءة بعد عاصم والأعمش. وكان إماما حجة ثقة ثبتا رضيا، قيما بكتاب الله، بصيرا بالفرائض، خبيرا بالعربية، حافظا للحديث، عابدا زاهدا خاشعا قانتا لله ورعا عديم النظير. قال الأعمش يوما، وقد رأى حمزة مقبلا: وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ (الحج: 34) وقال ابن فضيل: ما أحسب أنّ الله يدفع البلاء عن أهل الكوفة إلا بحمزة. وعن شعيب بن حرب أنه قال: ألا تسألوني عن الدرّ يعني قراءة حمزة. وكان شيخه إذا رآه مقبلا يقول: هذا حبر القرآن. وقال سفيان الثوري: غلب حمزة الناس على القرآن   [435]- ترجمة حمزة بن حبيب في طبقات ابن سعد 6: 385 وطبقات الزبيدي: 139 والفهرست: 32 والمعارف: 529 والمعرفة والتاريخ 2: 256 وابن خلكان 2: 216 وعبر الذهبي 1: 226 وتاريخ الذهبي 6: 174 وميزان الاعتدال 1: 605 وسير الذهبي 7: 90 وطبقات ابن الجزري 1: 261 والوافي 13: 172 وتهذيب التهذيب 3: 27 والشذرات 1: 240. وفي ترجمته المذكورة في المختصر زيادات واختلافات عما هنا، ولذلك سأثبتها في ملحقات الكتاب لصعوبة المزج بين الترجمتين. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1219 والفرائض. وقال له أبو حنيفة: شيئان غلبتنا عليهما لسنا ننازعك فيهما: القرآن والفرائض. وقد وثّقه يحيى بن معين وقال: حسن الحديث عن أبي إسحاق يعني ابن أبي ليلى، ووثقه آخرون، وقال النسائي: ليس به بأس. وأما ما ذكر عن أحمد بن حنبل وأبي بكر ابن عياش ويزيد بن هارون وعبد الرحمن بن مهدي وعبد الله بن إدريس وحماد بن زيد من كراهتهم لقراءة حمزة لما فيها من المدّ المفرط والسّكت واعتبار الهمزة في الوقف والامالة ونحو ذلك من التكلف فإن حمزة أيضا كان يكره ذلك وينهى عنه، وروي أنه كان يقول لمن يفرط في المدّ والهمز: لا تفعل، أما علمت أن ما فوق البياض فهو برص، وما فوق الجعودة فهو قطط، وما فوق القراءة فهو ليس بقراءة. وبعد فقد انعقد الإجماع على تلقي قراءة حمزة بالقبول، والإنكار على من تكلم فيها. توفي حمزة بحلوان، مدينة في آخر سواد العراق سنة ست وخمسين ومائة [في خلافة المنصور] وقيل سنة ثمان وخمسين وله ست وسبعون سنة. - 436- حمزة بن الحسن الأصفهاني أبو عبد الله: مشهور بالفضل، شائع الذكر، له تصانيف جيدة، إلا أنه [] وكان مع ذلك رقيعا ناقص العقل، غير ثبت، ولم ير في عصره أعرف منه بالفارسية، ولا أحسن تصرفا فيها منه. وله مصنّفات كثيرة: كتاب تاريخ أصفهان. كتاب الأمثال على أفعل [1] . كتاب أصبهان وأخبارها. كتاب التشبيهات. كتاب الأمثال الصادرة عن بيوت الشعر. كتاب أنواع الدعاء. كتاب التنبيه على حدوث التصحيف [2] . كتاب رسائل. كتاب التماثيل في تباشير السرور.   [436]- ترجمته في الفهرست: 154 وذكر أخبار أصبهان 1: 300 وإنباه الرواة 1: 335؛ وهذه الترجمة من المختصر؛ وذكر السمعاني في الأنساب أنه توفي قبل 360 ويستنتج من كتاب سني ملوك الأرض والأنبياء (طبعه جوتوالد ثم أعيد طبعه في بيروت) أنه كان حيا سنة 351. [1] حققه عبد المجيد قطامش، ويقع في جزءين، طبع دار المعارف بمصر 1972. [2] من مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق، تحقيق محمد أسعد طلس 1968. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1220 كتاب جمع فيه أخبار عشرة من الشعراء المحدثين أولهم بشار. كتاب ديوان شعر أبي نواس [1] . كتاب ديوان شعر أبي تمام. كتاب مضاحك الأشعار. كتاب أعياد بغداد الفرس. - 437- حمزة بن علي أبو يعلى بن العين زربي، نسبة إلى عين زربى [2] الأديب الشاعر: قتل في الوقعة التي كسر فيها أتسز بن أوق بمصر سنة ست وخمسين وخمسمائة. ومن شعره هذه القصيدة وهي من بحر السلسلة [3] ، قال: هل تأمن يبقي لك الخليط إذا بان ... للهمّ فؤادا وللمدامع أجفان أتطمع في سلوة وجسمك حال ... بالسّقم ومن حبّهم فؤادك ملآن تبغي أملا دونه حشاشة نفس ... وهوى في الحشا يضاعف أشجان اعتلّ لأجفاني القريحة أجفان ... إذ بان ركاب من العقيق إلى البان فالدمع إذا ما استمر فاض نجيعا ... والحبّ إذا ما استمر ضاعف أشجان لله وجوه بدت لنا كبدور ... حسنا وقدود غدت تميس كاغصان إذا عزموا عزمة الفراق أعاروا ... للقلب هموما تحلّ فيه وأحزان سقيا لزمان مضى ففرّق شملا ... أيام خلا لي العيش والوصل بحلوان يا ساكنة في الحشا ملكت فؤادا ... أضحت حرق الوجد فيه تضرم نيران حتّام تمنّي الفؤاد منك بوعد ... هل ينقع لمع السراب غلّة عطشان حتام أرى راجيا وصال حبيب ... قد أسرف في هجره وأصبح خوّان   [437]- ترجمته في تهذيب ابن عساكر 4: 449 (وأكثر ما أورده ياقوت عنه) وبغية الطلب 5: 296 (وهو ممن يلحق بمعجم الشعراء) . [1] في «أربعة» أجزاء، تحقيق فاغنر. [2] عين زربى (وعند ابن العديم: عين زربه) بلدة من الثغور من نواحي المصيصة. [3] بحر السلسلة: مستفعلتن فاعلن مفاعلتن فل. والشعر عند ابن عساكر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1221 وقال [1] : تناسيتم عهد الوفا [2] بعد تذكار ... فأجرى حديثي عنكم [3] مدمعي الجاري وأنكرتموني بعد عرفان صبوتي [4] ... فهيّجتم وجدي وأضرمتم ناري وهل دام في الأيام وصل لهاجر ... وودّ لخوّان وعهد لغدّار ألا حاكم لي في الغرام يقيلني ... ألا آخذ لي بعد سفك دمي ثاري وإني لصبّار على ما ينوبني ... ولكن على هجرانكم غير صبار وقال [5] : يا راكبا عرض الفلاة ألا ... بلّغ أحبّاي الذي تسمع قل لهم ما جفّ لي مدمع ... ولم يطب لي بعدكم مضجع ولا لقيت الطيف مذ غبتم ... وإنما يلقاه من يهجع وقال: المال يرفع ما لا يرفع الحسب ... والودّ يعطف ما لا يعطف النّسب والحلم آفته الجهل المضرّ به ... والعقل آفته الإعجاب والغضب - 438- حميد بن ثور بن عبد الله، وقيل ابن حزن بن عامر بن أبي ربيعة بن نهيك بن هلال الهلالي، ويتصل نسبه بنزار بن معدّ، أبو المثنى: أحد المخضرمين من   [438]- لا وجه يسوّغ وضع حميد بن ثور في معجم الأدباء؛ انظر ترجمته في طبقات ابن سلام: 192 والشعر والشعراء: 306 والأغاني 4: 358 والاستيعاب 1: 377 وأسد الغابة 2: 53 ومصورة ابن عساكر 5: 339 (وقد نشر صديقنا العلامة الدكتور شاكر الفحام هذه الترجمة في مجلة مجمع اللغة العربية بدمشق 64 (1989) وتعقيب الشيخ الجاسر 65 (1990) ومختصر ابن منظور 7: 272 وتهذيب ابن عساكر 4: 459 والوافي 13: 193 والاصابة 1: 355. [1] الشعر عند ابن عساكر وابن العديم. [2] البغية: الهوى. [3] م: فيكم؛ ابن عساكر: عندكم. [4] البغية: وانكرتم بعد اعتراف مودّتي. [5] الأبيات عند ابن عساكر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1222 الشعراء، أدرك الجاهلية والاسلام، وقيل إنه رأى النبي صلّى الله عليه وسلم. قال ابن منده: لما أسلم حميد أتى النبي صلّى الله عليه وسلم فأنشده [1] : أصبح قلبي من سليمى مقصدا [2] ... إن خطأ منها وإن تعمّدا تحمّل الهمّ كلازا جلعدا ... ترى العليفيّ عليها مؤكدا [3] وبين نسعيه خدبّا ملبدا ... إذا السراب بالفلاة اطّردا [4] ونجد الماء الذي تورّدا ... تورّد السيّد أراد المرصدا [5] حتى أرانا ربّنا محمّدا وقيل إن حميدا قال الشعر في أيام عمر رضي الله عنه. حدّث [6] محمد بن فضالة النحويّ قال: تقدّم عمر بن الخطاب إلى الشعراء ان لا يشبّب أحد بامرأة، فقال حميد بن ثور: أبى الله إلا أنّ سرحة مالك ... على كلّ أفنان العضاه تروق فقد ذهبت عرضا وما فوق طولها ... من السّرح الّا عشّة وسحوق [7] فلا الظلّ من برد الضحى تستطيعه ... ولا الفيء من بعد العشيّ تذوق فهل أنا إن علّلت نفسي بسرحة ... من السّرح موجود عليّ طريق كنى عن المرأة التي أرادها بالسرحة، والعرب تكني عن النساء بها. وقال [8] : لقد أمرت بالبخل أمّ محمد ... فقلت لها حثّي على البخل أحمدا   [1] الأبيات في ديوانه: 77 (وفيه تخريج) . [2] مقصدا: قد أصيب بطعنة أو رمية سهم. [3] الكلاز: الناقة المجتمعة الخلق؛ الجلعد: الضخمة، العليفي: المنسوب إلى علاف، وهو أول من عمل الرحال، المؤكد: الشديد الأسر. [4] النسع: سير من جلد؛ الخدب: الضخم يريد السنام، ملبد: عليه لبدة من الوبر. [5] نجد الماء: سال (يريد به العرق) تورّد: تلوّن، شبه تلونه بتلون السيد والسيد: الذئب، المرصد: الطريق الذي يرصد الذئب فيه فريسته. [6] الأغاني 4: 358 وانظر الديوان: 38، 39، 40. [7] العشة: القليلة الأغصان والورق، والسحوق: المفرطة في الطول. [8] الحماسة 4: 123 والديوان: 76. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1223 فإني امرؤ عوّدت نفسي عادة ... وكلّ امرىء جار على ما تعوّدا أحين بدا في الرأس شيب وأقبلت ... إليّ بنو غيلان مثنى وموحدا رجوت سقاطي واعتلالي ونبوتي ... وراءك عني طالقا وارحلي غدا وقال [1] : فلا يبعد الله الشباب وقولنا ... إذا ما صبونا صبوة سنتوب ليالي سمع الغانيات وطرفها ... إليّ وإذ ريحي لهنّ جنوب [2] وقال [3] : لو لم يوكل بالفتى ... إلّا السلامة والنعم وتناوباه لأوشكا ... أن يسلماه إلى الهرم وقال [4] : وما هاج هذا الشوق إلّا حمامة ... دعت ساق حرّ مغرما فترنّما بكت مثل ثكلى قد اصيب حميمها ... مخافة بين يترك الحبل أجذما فلم أر مثلي شاقه صوت مثلها ... ولا عربيا شاقه صوت اعجما وقال أيضا لما حظر عمر على الشعراء ذكر النساء [6] : تجرّم أهلوها لأن كنت مشعرا ... جنونا بها يا طول هذا التجرّم [7] وما لي من ذنب إليهم علمته ... سوى أنني قد قلت يا سرحة اسلمي بلى فاسلمي ثم اسلمي ثمت اسلمي ... ثلاث تحيات وإن لم تكلّمي   [1] الديوان: 52 من قصيدة طويلة (وتخريجها ص: 60) . [2] تقول العرب للاثنين إذا كانا متصافيين: ريحهما جنوب. [3] الديوان: 134 عن معجم الأدباء. [4] الأبيات في الديوان: 24، 27 وانظر شرح شواهد الكشاف: 292 ومعاني العسكري 1: 336 والزهرة: 245 وسرور النفس: 95 والوحشيات: 193. [5] م: شوق حر مغرم؛ وساق حر: ذكر الحمام. [6] الديوان: 133. [7] تجرم: ادعوا جرما: مشعرا جنونا: خالطه الجنون. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1224 وقال لزوجته [1] : فاقسم لولا أنّ حدبا تتابعت ... عليّ ولم أبرح بدين مطرّدا [2] لزاحمت مكسالا كأن ثيابها ... تجنّ غزالا بالخميلة أغيدا إذا أنت باكرت المنيئة باكرت ... مداكا لها من زعفران وإثمدا [3] - 439- حميد بن مالك الأرقط، ولقب بالأرقط لآثار كانت بوجهه: وهو شاعر إسلامي مجيد، وكان بخيلا؛ قال أبو عبيدة [4] : بخلاء العرب أربعة: الحطيئة وحميد الأرقط وأبو الأسود الدؤلي وخالد بن صفوان. ومن شعر حميد: قد أغتدي والصبح محمرّ الطّرر ... والليل تحدوه تباشير السمر وفي تواليه نجوم كالشّرر ... بسحق الميعة ميال العذر كأنه يوم الرهان المحتضر ... وقد بدا أول شخص ينتظر دون أثابيّ من الخيل زمر ... ضار غدا ينفض صيبان المطر عن زفّ ملحاح بعيد المنكدر ... أقنى تظلّ طيره على حذر يلذن منه تحت أفنان الشّجر ... من صادق الورق طروح بالبصر   [439]- ترجمة حميد الأرقط في الخزانة 2: 454 والسمط: 659 وفرحة الأديب: 42، 44 وبعض خبره في التذكرة الحمدونية 2: 313- 314 (وهو دخيل على معجم الأدباء) وكان معروفا بهجاء الضيفان. [1] الديوان: 80. [2] الحدب: السنوات المجدبة. [3] المنيئة: دباغة الجلود؛ المداك: الحجر يسحق عليه الطيب. [4] ورد القول في الأغاني 2: 136 ونور القبس: 146 والتذكرة الحمدونية 2: 313 ونهاية الأرب 3: 297 والمستطرف 1: 171. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1225 بعيد توهيم الوقاع والنظر ... كأنما عيناه في حرفي حجر بين مآق لم تخرّق بالإبر وقال في وصف أفعى [1] : منهرت الشدق رقود الضحى ... سار طمور بالدجنات وتارة تحسبه ميّتا ... من طول إطراق وإخبات يسبته الصبح وطورا له ... نفح ونفث [2] في المغارات - 440- حميد بن مالك بن مغيث بن نصر بن منقذ بن محمد بن منقذ، مكين الدولة أبو الغنائم الكناني: ولد بشيزر سنة إحدى وتسعين وأربعمائة وبها نشأ ثم انتقل إلى دمشق وسكنها، واكتتب في الجيش وكان يحفظ القرآن، وكان أديبا شاعرا، توفي بحلب في شعبان سنة أربع وستين وخمسمائة. ومن شعره: أدنو بودّي وحظّي منك يبعدني ... هذا لعمرك عين الغبن والغبن وإن توخيّتني يوما بلائمة ... رجعت باللوم إبقاء على الزمن وحسن ظني موقوف عليك فهل ... عدلت في الظنّ بي عن رأيك الحسن وقال: وقهوة كدموع الصبّ صافية ... تكاد في الكأس عند الشرب تلتهب يطفو الحباب عليها وهي راسبة ... كأنه فضة من تحتها ذهب   [440]- ترجمة ابن منقذ هذا قد مرّت من قبل ضمن ترجمة أسامة بن منقذ التي ذكر فيها المؤلف عددا من المناقذة؛ وانظر مصورة ابن عساكر 5: 356 وتهذيبه 4: 466 ومختصر ابن منظور 7: 276 وكل ما أورده ياقوت من مقطعات منقول عن ابن عساكر. [1] ورد الشعر في الحيوان للجاحظ 4: 180، 282- 283 (ولم ينسبه) . [2] م: ونقب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1226 وقال: وسلافة أزرى احمرار شعاعها ... بالورد والوجنات والياقوت جاءت مع الساقي تنير بكأسها ... فكأنها اللاهوت في الناسوت وقال: ما بعد جلّق للمرتاد منزلة ... ولا كسكانها في الأرض سكان فكلّها لمجال الطرف منتزه ... وكلهم لصروف الدهر أقران وهم وإن بعدوا منّي بنسبتهم ... إذا بلوتهم بالودّ إخوان وقال: وبلدة جمعت من كلّ مبهجة ... فما يفوت لمرتاد بها وطر بكلّ مشترف من ربعها أفق ... وكلّ مشترف من أفقها قمر - 441- حميدة بنت النعمان بن بشير الأنصاري: شاعرة ابنة شاعر، كانت تحت خالد بن المهاجر بن خالد بن الوليد، تزوّج بها بدمشق لما قدم على عبد الملك بن مروان، فقالت فيه [1] : نكحت المدينيّ إذ جاءني ... فيا لك من نكحة غاويه كهول دمشق وشبانها ... أحبّ إلينا من الجاليه صنان لهم كصنان التيوس ... أعيا على المسك والغاليه فقال يجيبها [2] :   [441]- انظر الأغاني 9: 218 (في أخبار الحارث بن خالد) 220- 225؛ 16: 21 وانظر البحث القيم الذي كتبه صديقنا العلّامة أحمد راتب النفاخ في مجلة المجمع العربي بدمشق [3 (1984) 587- 615] وحميدة هذه إنما يترجم لها في معجم الشعراء. [1] الأغاني 9: 218. [2] الأغاني 9: 218- 219. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1227 أسنا ضوء نار ضمرة بالقف ... رة أبصرت أم سنا ضوء برق قاطنات الحجون أشهى إلى قل ... بي من ساكنات دور دمشق يتضوّعن لو تضمخن بالمس ... ك صنانا كأنه ريح مرق ثم طلقها فخلف عليها روح بن زنباع، فنظر إليها يوما تنظر إلى قومه جذام وقد اجتمعوا عنده، فلامها فقالت: وهل أرى إلا جذاما فو الله ما أحبّ الحلال منهم فكيف بالحرام؟ وقالت تهجوه [1] : بكى الخزّ من روح وأنكر جلده ... وعجّت عجيجا من جذام المطارف وقال العبا قد كنت حينا لباسهم ... وأكسية كردية وقطائف فقال روح يجيبها: فإن تبك منا تبك ممن يهينها ... وما صانها إلا اللئام المقارف [2] وقال لها [3] : أثني عليّ بما علمت فإنني ... مثن عليك لبئس حشو المنطق فقالت: أثني عليك بأنّ باعك ضيق ... وبأن أصلك في جذام ملصق فقال روح: أثني عليّ بما علمت فإنني ... مثن عليك بنتن ريح الجورب   [1] الأغاني 9: 220. [2] الأغاني: وإن تهوكم تهو اللئام المقارفا. [3] الأغاني 9: 221. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1228 - 442- حيان بن خلف بن حسين بن حيان بن محمد بن حيان بن وهب بن حيان أبو مروان القرطبي، صاحب تاريخ الأندلس: مات سنة سبع وستين وأربعمائة، وكان من موالي الأمير عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان. قال: التهنئة بعد ثلاث استخفاف بالمودة، والتعزية بعد ثلاث إغراء بالمصيبة. - 443 -[ ......... حيدرة بن أبي الغنائم المعمر بن محمد بن المعمر بن أحمد بن محمد بن أبي علي بن محمد بن الحسين بن عبد الله بن علي بن عبد الله الأعرج بن الحسين الأصغر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام: مات سنة إحدى وخمسمائة وولي النقابة.   [442]- مؤرخ الأندلس وترجمته هذه من المختصر وله ترجمة في الجذوة؛ 188 (وبغية الملتمس رقم: 679) والصلة: 150 والذخيرة 1: 573 (وانظر الحاشية ففيها حديث عما ظهر ونشر من كتابه المقتبس، وعن أهم الدراسات الحديثة التي تناولته) : وابن خلكان 1: 457 والوافي 13: 224 والبداية والنهاية 12: 117 وعبر الذهبي 3: 270 والشذرات 3: 333. [443]- هذه الترجمة من المختصر؛ وانظر الوافي 13: 228 والجواهر المضية 2: 228 وكنية حيدرة أبو الفتوح ولقبه الرضي، حفظ القرآن في صباه وقرأ الأدب وكتب بخطه كثيرا من كتب التفسير والحديث والسير والأنساب والأدب، وكان خطه مليحا؛ وجعل الصفدي وفاته سنة 502. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1229 حرف الخاء - 444- خالد الزبيدي اليمني: شاعر إسلامي مقلّ، قال أبو عبيدة معمر بن المثني: قدم خالد الزبيدي في جماعة معه من زبيد إلى سنجار ومعه ابنا عمّ له يقال لأحدهما ضابىء وللآخر عويد، فشربوا يوما من شراب سنجار فحنّوا إلى بلادهم، فقال خالد: أيا جبلي سنجار ما كنتما لنا ... مقيظا ولا مشتى ولا متربّعا ويا جبلي سنجار هلّا بكيتما ... لداعي الهوى منا شتيتين أدمعا فلو جبلا عوج شكونا إليهما ... جرت عبرات منهما أو تصدّعا بكى يوم تلّ المحلبية ضابىء ... وألهى عويدا بثّه فتقنعا فانبرى له رجل من النمر بن قاسط يقال له دثار أحد بني حيي فقال: أيا جبلي سنجار هلّا دققتما ... بركنيكما أنف الزبيديّ أجمعا لعمرك ما جاءت زبيد لهجرة ... ولكنّها كانت أرامل جوّعا تبكّي على أرض الحجاز وقد رأت ... جرائب خمسا في جدال فأربعا [1] فأجابه خالد يقول: وسنجار تبكي سوقها كلما رأت ... بها نمريا ذا كساوين أيفعا   [444]- كرّر المؤلف ما ورد هنا في مادة «سنجار» من معجم البلدان. (وخالد الزبيدي يلحق بمعجم الشعراء) . [1] جرائب: جمع جريب، وجدال: قرية قرب سنجار كأنه يتعجب من ذلك ويقول: كيف تحنّ إلى أرض الحجاز وقد شبعت بهذه الديار (عن معجم البلدان) . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1230 إذا نمريّ طالب الوتر غرّه ... من الوتر أن يلقى طعاما فيشبعا إذا نمريّ ضاف بيتك فاقره ... مع الكلب زاد الكلب واسجرهما معا أمن أجل مدّ من شعير قريته ... بكيت وناحت أمّك الحول أجمعا بكى نمريّ أرغم الله أنفه ... بسنجار حتى تنفد العين أدمعا - 445- خالد بن خداش بن عجلان أبو الهيثم، مولى المهلب بن أبي صفرة: مات سنة ثلاث وعشرين ومائتين، أخذ [الحديث عن مالك بن أنس والمغيرة بن عبد الرحمن وغيرهما ... ] [وله من الكتب: كتاب الازارقة وحروب المهلب. كتاب أخبار آل المهلب] . - 446- خالد بن صفوان بن عبد الله بن عمرو بن الأهتم، أبو صفوان التميمي المنقري البصري، أحد فصحاء العرب وخطبائهم: كان راوية للأخبار خطيبا مفوّها بليغا، وكان يجالس هشام بن عبد الملك وخالدا القسريّ. حدث العتبي قال [1] قال هشام بن عبد الملك لشبّة بن عقال، وعنده الفرزدق   [445]- من المختصر، وانظر ترجمته في الفهرست: 121 وتاريخ بغداد 8: 304 وابن خلكان 2: 231 وتهذيب التهذيب 3: 85 وطبقات أبي يعلى 1: 152 وسير الذهبي 10: 488 وميزان الاعتدال 1: 629 وعبر الذهبي 1: 386 وتهذيب الكمال 1: 351 (وفي حاشيته تخريج كثير) والوافي 13: 276 وقد أورد المزي جريدة طويلة بأسماء شيوخه ومن روى عنه، وما قاله العلماء في توثيقه أو تضعيفه. [446]- ترجمة خالد بن صفوان في مصورة ابن عساكر 5: 465 وتهذيب ابن عساكر 5: 56 ومختصر ابن منظور 7: 353 والمعارف: 403 وسير الذهبي 6: 226 والوافي 13: 254 وأخباره منثورة في كتب الأدب مثل البيان والتبيين والكامل والعقد وأمالي المرتضى والبصائر والتذكرة الحمدونية. جمع خطبه د. يونس أحمد السامرائي، بغداد: 1990. [1] الأغاني 8: 81 وخطب خالد: 82- 83. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1231 وجرير والأخطل، وهو يومئذ أمير: ألا تخبرني عن هؤلاء الذين قد مزّقوا أعراضهم، وهتكوا أستارهم، وأغروا بين عشائرهم في غير خير ولا برّ ولا نفع، أيهم أشعر؟ فقال شبة: أما جرير فيغرف من بحر، وأما الفرزدق فينحت من صخر، وأما الأخطل فيجيد المدح والفخر. فقال هشام: ما فسّرت لنا شيئا نحصّله، فقال: ما عندي غير ما قلت، فقال لخالد بن صفوان: صفهم لنا يا ابن الأهتم، فقال: أما أعظمهم فخرا، وأبعدهم ذكرا، وأحسنهم عذرا، وأسيرهم مثلا [1] ، وأقلهم غزلا، وأحلاهم عللا، الطامي إذا زخر، والحامي إذا زأر، والسامي إذا خطر، الذي إن هدر قال، وإن خطر صال، الفصيح اللسان، الطويل العنان، فالفرزدق. وأما أحسنهم نعتا، وأمدحهم بيتا، وأقلهم فوتا، الذي إن هجا وضع، وإن مدح رفع فالأخطل. وأما أغزرهم بحرا، وأرقهم شعرا، وأهتكهم لعدوه سترا، الأغر الأبلق، الذي إن طلب لم يسبق، وإن طلب لم يلحق فجرير، وكلهم ذكيّ الفؤاد، رفيع العماد، واري الزناد. فقال له مسلمة بن عبد الملك: ما سمعنا بمثلك يا خالد في الأولين ولا رأينا في الآخرين وأشهد أنك أحسنهم وصفا، وألينهم عطفا، وأعفّهم مقالا، وأكرمهم فعالا. فقال خالد: أتمّ الله عليكم نعمه، وأجزل لديكم قسمه، وآنس بكم الغربة، وفرّج بكم الكربة، وأنتم والله ما علمت أيها الأمير كريم الغراس، عالم بالناس، جواد في المحل، بسّام عند البذل، حليم عند الطيش، في ذروة قريش، ولباب عبد شمس، ويومك خير من أمس. فضحك هشام وقال: ما رأيت كتخلصك يا ابن صفوان في مدح هؤلاء ووصفهم حتى أرضيتهم جميعا. وعن عمر بن شبة [2] قال مرّ خالد بن صفوان بأبي نخيلة الشاعر الراجز وقد بنى دارا، فقال له أبو نخيلة: يا أبا صفوان كيف ترى داري؟ قال: رأيتك سألت فيها إلحافا، وأنفقت ما جمعت لها إسرافا، جعلت إحدى يديك سطحا، وملأت الأخرى سلحا، فقلت من وضع في سطحي، وإلّا ملأته بسلحي. ثم ولّى وتركه، فقيل له ألا تهجوه؟ فقال: إذن والله يركب بغلته ويطوف في مجالس البصرة ويصف أبنيتي بما يعيبها.   [1] م: وأشدهم ميلا. [2] الأغاني 20: 363 وخطب خالد: 108- 109. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1232 وعن يونس بن حبيب النحوي قال قال رجل لخالد بن صفوان: كان عبدة بن الطبيب لا يحسن أن يهجو، فقال: لا تقل ذاك، فو الله ما أبى عن عيّ، ولكنه كان يترفّع عن الهجاء ويراه ضعة كما يرى تركه مروءة وشرفا، ثم قال: وأجرأ من رأيت بظهر غيب ... على عيب الرجال أولو العيوب وحدّث شبيب بن شبة [1] عن خالد بن صفوان قال: أوفدني يوسف بن عمر الثقفي إلى هشام بن عبد الملك في وفد العراق، فقدمت عليه وقد خرج متبديا بأهله وقرابته وحشمه وجلسائه وغاشيته، فنزل في أرض قاع صحصح متنايف أفيح، في عام قد بكر وسميّه وتتابع وليّه وأخذت الأرض فيه زينتها من اختلاف ألوان نبتها من نور ربيع مونق، فهو في أحسن منظر ومخبر وأحسن مستمطر، بصعيد كأن ترابه قطع الكافور، حتى لو أن قطعة ألقيت فيه لم تترب، وقد ضرب له سرادق من حبر كان صنعه له يوسف بن عمر باليمن، فيه فسطاط فيه أربعة أفرشة من خزّ أحمر، مثلها مرافقها، وعليه دراعة من خز أحمر، مثلها عمامتها، وقد أخذ الناس مجالسهم، فأخرجت رأسي من ناحية السماط، فنظر إليّ مثل المستنطق لي فقلت: أتمّ الله عليك يا أمير المؤمنين نعمه وسوغكها بشكره، وجعل ما قلّدك من هذا الأمر رشدا، وعاقبة ما تؤول إليه حمدا، وأخلصه لك بالتقى، وكثره لك بالنما، ولا كدّر عليك منه ما صفا، ولا خلط سروره بالردى، فلقد أصبحت للمسلمين ثقة ومستراحا، إليك يفزعون في مظالمهم، وإياك يقصدون في أمورهم، وما أجد يا أمير المؤمنين- جعلني الله فداءك- شيئا هو أبلغ في قضاء حقّك وتوقير مجلسك وما منّ الله به عليّ من مجالستك والنظر إلى وجهك من أن أذكّرك نعمة الله عليك، فأنبهك على شكرها، وما أجد في ذلك شيئا هو أبلغ من حديث من سلف قبلك من الملوك، فإن أذن لي أمير المؤمنين أخبرته، وكان متكئا فاستوى قاعدا وقال: هات يا ابن الأهتم، فقلت: يا   [1] الأغاني 2: 113- 115 وتهذيب ابن عساكر 5: 57- 59 (وهناك رواية أخرى 59- 60 عن الجليس الصالح) وانظر عيون الأخبار 2: 341 والامامة والسياسة 2: 105 والمصباح المضيء 2: 110 والتذكرة الحمدونية 1: 154- 156 والذهب المسبوك: 183- 186 وقصيدة عدي في ديوانه: 84 (وفيه تخريج كثير) . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1233 أمير المؤمنين إن ملكا من الملوك قبلك خرج في عام مثل عامنا هذا إلى الخورنق والسدير، في عام قد بكّر وسميّه وتتابع وليّه، وأخذت الأرض زينتها من اختلاف ألوان نبتها من نور ربيع مونق في أحسن منظر وأحسن مخبر، بصعيد كأن ترابه قطع الكافور، وقد كان أعطي فتاء السنّ مع الكثرة والغلبة والقهر، فنظر فأبعد النظر فقال لمن حوله: هل رأيتم مثل ما أنا فيه؟ وهل أعطي أحد مثل ما أعطيت؟ فكان عنده رجل من بقايا حملة الحجّة والمضيّ على أدب الحق ومنهاجه، ولم تخل الأرض من قائم لله بالحجة في عباده فقال أيها الملك، إنك سألت عن أمر أفتأذن في الجواب عنه؟ قال: نعم، قال أرأيت هذا الذي أنت فيه: أشيء لم تزل فيه أم شيء صار إليك ميراثا، وهو زائل عنك، وصائر إلى غيرك كما صار إليك ميراثا من لدن غيرك؟ قال: كذلك هو. قال: فلا أراك إلا أعجبت بشيء يسير تكون فيه قليلا وتغيب عنه طويلا، وتكون غدا بحسابه مرتهنا. قال: ويحك فأين المهرب وأين المطلب؟ قال: فإما أن تقيم في ملكك وتعمل فيه بطاعة ربك على ما ساءك وسرّك ومضّك وأرمضك، وإما أن تضع تاجك وتخلع أطمارك وتلبس مسوحك، وتعبد ربك في جبل حتى يأتيك أجلك. قال: فإذا كان السحر فاقرع عليّ بابي فإني مختار أحد الرأيين، فإن اخترت ما أنا فيه كنت وزيرا لا يعصى، وإن اخترت خلوات الأرض وقفر البلاد كنت رفيقا لا يخالف. فلما كان السحر قرع عليه بابه، فإذا قد وضع تاجه وخلع أطماره ولبس المسوح وتهيأ للسياحة، فلزما والله الجبل حتى أتاهما أجلهما، فذلك حيث يقول أخو بني تميم عديّ بن زيد العبادي: أيها الشامت المعيّر بالده ... ر أأنت المبرأ الموفور أم لديك العهد الوثيق من الأي ... ام بل أنت جاهل مغرور من رأيت المنون خلّدن أم من ... ذا عليه من أن يضام خفير أين كسرى كسرى الملوك أنوشر ... وان أم أين قبله سابور وبنو الأصفر الكرام ملوك ال ... روم لم يبق منهم مذكور وأخو الحضر إذ بناه وإذ دج ... لة تجبى إليه والخابور شاده مرمرا وجلّله كل ... سا فللطير في ذراه وكور الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1234 لم يهبه ريب المنون فباد ال ... ملك عنه فبابه مهجور وتذكّر ربّ الخورنق إذ أش ... رف يوما وللهدى تفكير سرّه ماله وكثرة ما يم ... لك والبحر معرضا والسدير فارعوى قلبه وقال وما ... غبطة حيّ إلى الممات يصير ثم بعد الفلاح والملك والنع ... مة وارتهم هناك قبور ثم صاروا كأنهم ورق ج ... فّ فألوت به الصّبا والدّبور قال: فبكى هشام حتى اخضلت لحيته وبلت عمامته، وأمر بنزع أبنيته ونقل قرابته وأهله وحشمه وجلسائه وغاشيته، ولزم قصره. فأقبلت الموالي والحشم على خالد بن صفوان فقالوا: ما أردت بأمير المؤمنين؟ نغصت عليه لذته وأفسدت مأدبته. فقال لهم: إليكم عني فإني عاهدت الله عز وجل ألا أخلو بملك إلا ذكّرته الله عز وجل. وتقدم في ترجمة حميد الأرقط [1] من كلام أبي عبيدة أن خالد بن صفوان مع فضله وجلالته أحد بخلاء العرب الأربعة: روي [2] أنه أكل يوما خبزا وجبنا، فرآه أعرابيّ فسلم عليه، فقال له خالد: هلمّ إلى الخبز والجبن فإنه حمض العرب، وهو يسيغ اللقمة ويفتق الشهوة وتطيب عليه الشربة، فانحطّ الأعرابي فلم يبق شيئا منهما، فقال خالد يا جارية زيدينا خبزا وجبنا، فقالت: ما بقي عندنا منه شيء، فقال خالد: الحمد لله الذي صرف عنا معرته، وكفانا مؤونته، والله إنه ما علمته ليقدح في السنّ، ويخشّن الحلق، ويربو في المعدة، ويعسر في المخرج. فقال الأعرابي: والله ما رأيت قط قرب مدح من ذمّ أقرب من هذا. ومن حكم خالد بن صفوان [3] : إن جعلك الأمير أخا فاجعله سيدا، ولا يحدثنّ لك الاستئناس به غفلة عنه ولا تهاونا.   [1] انظر الترجمة رقم: 439. [2] تهذيب ابن عساكر: 62- 63 وخطب خالد: 62. [3] تهذيب ابن عساكر 5: 63 وقارن بما ورد في التذكرة الحمدونية 1: 327 (رقم 885/2) وفيه تخريج. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1235 وقال [1] : ابذل لصديقك مالك، ولمعرفتك بشرك وتحيتك، وللعامة رفدك وحسن محضرك، ولعدوك عدلك، واضنن بدينك وعرضك عن كلّ أحد. وقال [2] : إن أولى الناس بالعفو أقدرهم على العقوبة وأنقص الناس عقلا من ظلم من هو دونه. وقال [3] : لا تطلبوا الحوائج في غير حينها، ولا تطلبوها إلى غير أهلها، ولا تطلبوا ما لستم له بأهل فتكونوا للمنع أهلا. توفي خالد بن صفوان سنة خمس وثلاثين ومائة. - 744- خالد بن طليق بن محمد بن عمران بن حصين الخزاعي: اخباري راوية نسّابة، وكان معجبا تياها. ولاه المهدي قضاء البصرة. وبلغ من تيهه أنه كان إذا أقيمت الصلاة قام في موضعه، فربما قام وحده، فقال له إنسان مرة: سوّ الصف. فقال: بل يستوي الصف بي. مصنفاته: كتاب المآثر، كتاب المتزوجات، كتاب المنافرات، كتاب الرهان. - 448- خالد بن كلثوم بن سمير الكلبي [الكوفي] : مولى شريح بن بسطام [لغوي   [447]- هذه الترجمة من المختصر. وانظر: الفهرست: 107 (وياقوت ينقل عنه) وقضاة وكيع 2: 123- 133. [448]- هذه الترجمة من المختصر، وانظر الفهرست: 73 ومراتب النحويين: 72 ونور القبس: 291 (ذكره عرضا) وطبقات الزبيدي 194 (ذكر اسمه وموضع ترجمته بياض) وإنباه الرواة 1: 352 والبلغة: 76 (بإيجاز شديد) وبغية الوعاة 1: 550 وإشارة التعيين: 111. [1] تهذيب ابن عساكر: 64. [2] تهذيب ابن عساكر: 65. [3] تهذيب ابن عساكر: 65. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1236 راوية لأشعار القبائل وأخبارها وعارف بالأنساب والألقاب وأيام الناس. حدث المرزباني بما رفعه إلى عمر بن الأنصاري قال: قرأت على خالد بن كلثوم شعر الفرزدق بين يدي خالد بن يزيد بن مزيد، ومرّت قصيدة الفرزدق التي مدح بها بني شيبان، فاستقصيت عليه في المسألة عن معانيها وغريبها. فلما فرغت منها، وحضر الغداء وغمسنا أيدينا في الطعام، قال: يا أنصاري، أنت تظن أنك قد استقصيت ما في هذه القصيدة؟ فقلت: كذلك عند نفسي. قال: فأي شيء معنى قوله: أناس إذا ما أنكر الكلب أهله ... أناخوا فعاذوا بالسيوف الصوارم متى ينكر الكلب أهله؟ قال: فقلت: لا والله ما أدري، وامتنع من تفسيره، فأومأت إلى خالد حتى سأله أن يفعل. فقال: ينكر الكلب أهله إذا تفنّعوا بالحديد. مصنفاته: كتاب الشعراء المذكورين، كتاب أشعار القبائل. - 449- خالد بن يزيد بن أبي سويد بن أسد أبو الهيثم المراري اللغوي: مات سنة ست وسبعين ومائتين، وهو ابن تسعين سنة. قيل: رئي على باب المسجد الجامع يشتري الفانيذ والسكر والعسل والتمر. فقيل له: يا أبا الهيثم، تشتري أربعة من الحلوى في وقت واحد، وأنت ليس لك شيء وإنما تأخذ من الناس؟ فقال: فليس يحفظ العلم إلا بالحلواء والمرقة. وكان إماما في اللغة وعلم العربية، والصلابة في السنة. وقال: رأيت ربّ العزة في النوم، فقال لي: يا خالد، أيش علّمت عبادي؟ فقلت: يا رب، علمتهم التشهد. وقال: كان عندنا بالري قاض، فورد عليه كتاب عزله، فلما نظر فيه مات مكانه.   [449]- هذه الترجمة من المختصر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1237 قال أبو الهيثم [1] ، قال لي أبو ليلى الأعرابي ولصاحب لي كنا نختلف إليه: أنت بلبل قلقل، وصاحبك هذا عثول قثول- القلقل والبلبل، الخفيف من الرجال. والعثول والقثول الفدم [2] . - 450- خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان، الأمير أبو هاشم الأموي: كان من رجالات قريش المتميزين بالفصاحة والسماحة وقوة العارضة، علّامة خبيرا بالطبّ والكيمياء شاعرا. قال الزبير بن مصعب: كان خالد بن يزيد بن معاوية موصوفا بالعلم حكيما شاعرا؛ وقال ابن أبي حاتم: كان خالد من الطبقة الثانية من تابعي أهل الشام، وقيل عنه قد علم علم العرب والعجم. روى خالد الحديث عن أبيه وعن دحية بن خليفة الكلبي رضي الله عنه، وروى عنه الزهري وغيره. وأخرج البيهقي والخطيب البغدادي والعسكري والحافظ ابن عساكر عنه عدة أحاديث. وكان إذا لم يجد أحدا يحدثه حدّث جواريه [3] وكان من صالحي القوم، وكان يصوم الجمعة والسبت والأحد.   [450]- ترجمة خالد بن يزيد في مصورة ابن عساكر 5: 579 ومختصر ابن منظور 8: 33 وتهذيب الكمال 8: 201 وتهذيب ابن عساكر 5: 119 وأنساب الأشراف 4/1: 359- 367 وابن خلكان 2: 224 وتاريخ الحكماء: 440 والمعارف: 352 ونسب قريش: 128- 130 والفهرست: 419 والوافي 13: 270 وسير الذهبي 9: 411 والعبر 1: 105 والبداية والنهاية 9: 60 وتهذيب التهذيب 3: 128 وكتب التاريخ مثل الطبري وابن الأثير والمعرفة والتاريخ وتاريخ أبي زرعة وتاريخ خليفة؛ وكتب الأدب كالبيان وغيره، وانظر أيضا المقفى 3: 774. [1] هذا النص في اللسان (بلل) (عثل) (قثل) . قال أبو الهيثم قال لي أبو ليلى الأعرابي: أنت قلقل بلبل أي ظريف خفيف؛ والعثول: الأحمق، والقثول: العيي الفدم. [2] هذا الشرح ورد في الحاشية بخط ناسخ المختصر. [3] زاد ابن عساكر: ثم يقول إني لأعلم أنكن لستن له بأهل، يريد بذاك الحفظ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1238 وكان يقول: كنت معنيّا بالكتب وما أنا من العلماء ولا من الجهال. وكان خالد جوادا ممدّحا، جاءه رجل فقال له: إني قد قلت فيك بيتين ولست أنشدهما إلا بحكمي، فقال له: قل، فقال: سألت الندى والجود حرّان أنتما ... فقالا لي بل عبدان بين عبيد [1] فقلت ومن مولاكما فتطاولا ... عليّ وقالا خالد بن يزيد فقال له: تحكّم، فقال: مائة ألف درهم، فأمر له بها. وكان خالد شجاعا جريئا، وكان بينه وبين عبد الملك بن مروان مناظرات، تهدده عبد الملك مرّة بالسطوة والحرمان، فقال له: أتتهددني ويد الله فوقك مانعة، وعطاؤه دونك مبذول؟!. وأجرى [2] أخوه عبد الله بن يزيد الخيل مع الوليد بن عبد الملك فسبقه عبد الله، فدخل الوليد على خيل عبد الله فنفّرها ولعب بها، فجاء عبد الله إلى أخيه خالد فقال: لقد هممت اليوم بقتل الوليد بن عبد الملك، فقال له خالد: بئس ما هممت به في ابن أمير المؤمنين وولي عهد المسلمين، قال: إنه لقي خيلي فنفّرها وتلاعب بها، فقال له خالد: أنا أكفيكه، فدخل خالد على عبد الملك وعنده الوليد فقال له: يا أمير المؤمنين إن الوليد بن أمير المؤمنين لقي خيل ابن عمه عبد الله فنفرها وتلاعب بها، فشقّ ذلك على عبد الله، فقال عبد الملك إِنَّ الْمُلُوكَ إِذا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوها وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِها أَذِلَّةً وَكَذلِكَ يَفْعَلُونَ (النمل: 34) فقال له خالد: وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها فَفَسَقُوا فِيها فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْناها تَدْمِيراً (الإسراء: 16) فقال له عبد الملك: أما والله لنعم المرء عبد الله على لحن فيه، فقال له خالد: أفعلى الوليد تعوّل في اللحن؟ فقال عبد الملك. إن يكن الوليد لحانا فأخوه سليمان، قال خالد: وإن يكن عبد الله لحانا فأخوه خالد، فقال عبد الملك: مدحت والله نفسك يا خالد، قال: وقبلي والله مدحت نفسك يا أمير المؤمنين، قال: ومتى؟ قال: حين قلت أنا قاتل عمرو بن سعيد، [قال] حقّ والله لمن قتل عمرا أن   [1] ابن عساكر: فقالا جميعا إننا لعبيد؛ واقرأ «لي» بخطف الياء. [2] تهذيب ابن عساكر 5: 121- 122 والمصورة: 584. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1239 يفخر بقتله، قال: أما والله لمروان كان أطولها باعا، قال: أما إني أرى ثأري في مروان صباح مساء، ولو شاء أن أديله لأدلته [1] . قال: ما أجرأك عليّ يا خالد، خلّني عنك، قال: لا والله ما قال الشاعر: ويجرّ اللسان من أسلات ال ... حرب ما لا يجرّ منها البنان فقال عبد الملك: يا وليد أكرم ابن عمك، فقد رأيت أباه يكرم أباك وجدّه يكرم جدّك. وقيل لخالد [2] ما أقرب شيء؟ قال الأجل، قيل فما أرجى شيء؟ قال العمل، قيل فما أوحش شيء؟ قال الميت، قيل فما آنس شيء؟ قال الصاحب المؤاتي. وقيل [3] ما الدنيا؟ قال ميراث، قيل فالأيام؟ قال دول، قيل فالدهر؟ قال أطباق، والموت يكمل سبيله، فليحذر العزيز الذلّ والغنيّ الفقر، فكم عزيز قد ذل وكم من غني قد افتقر. وقال [4] إذا كان الرجل مماريا لجوجا معجبا برأيه فقد تمت خسارته. ولما [5] لزم بيته قيل له كيف تركت الناس ولزمت بيتك؟ فقال: هل بقي إلا حاسد نعمة أو شامت بنكبة؟! ومن شعر خالد بن يزيد [6] : أتعجب أن كنت ذا نعمة ... وأنك فيها شريف مهيب فكم ورد الموت من ناعم ... وحبّ الحياة إليه عجيب أجاب المنية لما دعت ... وكرها يجيب لها من يجيب سقته ذنوبا من انفاسها ... ويذخر للحيّ منها ذنوب   [1] ابن عساكر: أن أزيله لأزلته. [2] تهذيب ابن عساكر 5: 122 والمصورة: 585. [3] يتابع النقل عن ابن عساكر. [4] المصورة: 585. [5] عن ابن عساكر، المصورة: 586. [6] هذه القطعة والقطعة التالية لها في ابن عساكر، المصورة: 586. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1240 وقال في رملة بنت الزبير بن العوّام [1] : أليس يزيد السير في كلّ ليلة ... وفي كلّ يوم من أحبتنا قربا أحنّ إلى بنت الزبير وقد علت ... بنا العيس خرقا من تهامة أو نقبا إذا نزلت أرضا تحبّب أهلها ... إلينا وإن كانت منازلها حربا وإن نزلت ماء وإن كان قبلها ... مليحا وجدنا ماءه باردا عذبا تجول خلاخيل النساء ولا أرى ... لرملة خلخالا يجول ولا قلبا أقلّوا عليّ اللوم فيها فإنني ... تخيرتها منهم زبيرية قلبا [2] أحبّ بني العوّام طرا لحبها ... ومن حبّها أحببت أخوالها كلبا وقال [3] : إن سرّك الشرف العظيم مع الغنى ... وتكون يوم أشدّ خوف وائلا يوم الحساب إذا النفوس تفاضلت ... في الوزن إذ غبط الأخفّ الثاقلا [4] فاعمل لما بعد الممات ولا تكن ... عن حظّ نفسك في حياتك غافلا ومما نسبوا إليه من التصانيف في الكيمياء: السر البديع في فك الرمز المنيع. وكتاب الفردوس. ورسائل أخرى. توفي خالد بن يزيد سنة تسعين وقيل سنة خمس وثمانين، وشهده الوليد بن عبد الملك وقال: لتلق بنو أمية الأردية على خالد فلن يتحسروا على مثله أبدا. - 451- خالد بن يزيد مولى بني المهلب، ويقال له خالويه المكدي: كان أديبا ظريفا   [451]- هو خالويه المكدي أحد «شخصيات» كتاب البخلاء: 39- 46، ووصيته لابنه فيه. [1] منها ثلاثة أبيات في ابن خلكان 2: 224- 225 وخمسة في المقفى. [1] منها ثلاثة أبات في ابن خلكان 2: 224- 225 وخمسة في المقفى. [2] قلبا: خالصة. [3] مصورة ابن عساكر: 587. [4] م: الأثقلا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1241 بلغ في البخل والتكدية وكثرة المال المبلغ الذي لم يبلغه أحد، وكان متكلما بليغا قاصّا داهيا، وكان أبو سليمان الأعور وأبو سعيد المدائني القاصان من غلمانه، وله أخبار حسان. ومن لطائفه وصيته لابنه عند موته وفيها لطائف وغرائب قال فيها: إني قد تركت لك ما تأكله إن حفظته، وما لا تأكله إن ضيعته. ولما أورثتك من العرف الصالح، وأشهدتك من صواب التدبير، وعوّدتك من عيش المقتصدين، خير لك من هذا المال. وقد دفعت إليك آلة لحفظ المال عليك بكلّ حيلة، ثم إن لم يكن لك معين من نفسك لما انتفعت بشيء من ذلك، بل يعود ذلك النهي كله إغراء [1] لك، وذلك المنع تهجينا لطاعتك: قد بلغت في البرّ منقطع العمران [2] ، وفي البحر أقصى مبلغ السفن، فلا عليك إذ رأيتني ألا ترى ذا القرنين، ودع عنك مذاهب ابن شرية فانه لا يعرف إلّا ظاهر الخبر، ولو رآني تميم الداريّ لأخذ عني صفة الروم، ولأنا أهدى من القطا ومن دعيميص ومن رافع المخشّ [3] ، إنّي قد بتّ في القفر مع الغول، وتزوجت السّعلاة، وجاوبت الهاتف، ورغت عن الجن إلى الحنّ، واصطدت الشقّ، وحاورت النسناس، وصحبني الرّئي، وعرفت خدع الكاهن وتدسيس العرّاف، وإلى ما يذهب الخطّاط والعياف، وما يقول أصحاب الأكتاف، وعرفت التنجيم والزّجر والطّرق والفكر. إن هذا المال لم أجمعه من القصص والتكدية، ومن احتيال النهار ومكابدة الليل، ولا يجمع مثله أبدا إلا من معاناة ركوب البحر، ومن عمل السلطان، أو من كيمياء الذهب والفضة، قد عرفت الأسّ [4] حقّ معرفته، وفهمت كسر الاكسير على حقيقته، ولولا علمي بضيق صدرك، ولولا أن أكون سببا لتلف نفسك لعلّمتك الساعة الشيء الذي بلغ بقارون، وبه تبنّكت خاتون، والله ما يتسع صدرك عندي لسرّ   [1] م: اعتزالا. [2] البخلاء: التراب. [3] يعني عبيد بن شرية الجرهمي، ولا نعرف ما هي مذاهبه، ولعله يعني أحاديثه الأسطورية، ونميم الداري كان يعرف الروم لأنه كان يسكن في فلسطين؛ ودعيميص الرمل مضرب المثل في الهداية، وكذلك رافع الطائي الذي كان دليل خالد في اجتياز المفازة. [4] البخلاء: الرأس. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1242 صديق، فكيف ما لا يحتمله عزم ولا يتّسع له صدر. وخزن [1] سرّ الحديث وحبس كنوز الجواهر أهون من خزن العلم. ولو كنت عندي مأمونا على نفسك لأجريت الأرواح في الأجساد وأنت تبصر ما كنت لا تفهمه بالوصف ولا تحقّه بالذكر، ولكنّي سألقي عليك علم الإدراك وسبك الرخام وصنعة الفسيفساء وأسرار السيوف القلعية، وعقاقير السيوف اليمانية، وعمل الفرعوني، وصنعة التلطيف على وجهه، إن أقامني الله من صرعتي هذه، ولست أرضاك وإن كنت فوق البنين، ولا أثق بك وإن كنت لاحقا بالآباء، لأني لم أبالغ في محبتك [2] . إني قد لابست السلاطين والمساكين، وخدمت الخلفاء والمكدين، وخالطت النساك والفتاك، وعمرت السجون كما عمرت مجالس الذكر، وحلبت الدهر أشطره، وصادفت دهرا كثير الأعاجيب، فلولا أني دخلت من كلّ باب، وجريت مع كلّ ريح [وعرفت] السرّاء والضرّاء، حتى مثلت لي التجارب عواقب الأمور، وقربتني من غوامض التدبير، لما أمكنني جمع ما أخلّفه لك، ولا حفظ ما حبسته عليك، ولم أحمد نفسي على جمعه كما حمدتها على حفظه، لأن بعض هذا المال لم أنله بالحزم والكيس، وإنما حفظته لك من فتنة الأبناء [3] ، ومن فتنة النساء، ومن فتنة الثناء، ومن فتنة الرياء، ومن أيدي الوكلاء، فإنهم الداء العياء. والوصية كلها على هذا النمط، وفيها غرائب، وهي طويلة تقع في كراسة. - 452- خالد بن يزيد الكاتب أبو الهيثم: من أهل بغداد، وأصله من خراسان،   [452]- ترجمة خالد الكاتب في تاريخ بغداد 8: 308 وطبقات ابن المعتز: 405 والأغاني 20: 234 والمنتظم 5: 35 والوافي 13: 278 والفوات 1: 401 وبغية الطلب 6: 121 وله ترجمة في ابن خلكان 2: 232 (وهي من مزيدات طبعة بيروت وليست من شرط المؤلف) والنجوم الزاهرة 3: 36 (وحقه أن يلحق بمعجم الشعراء) . [1] م: وحرز. [2] البخلاء: محنتك (ولعلها هي الصواب) . [3] البخلاء: فتنة البناء. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1243 شاعر مشهور رقيق الشعر؛ كان من كتاب الجيش، ثم ولاه الوزير محمد بن عبد الملك الزيات عملا ببعض الثغور، فخرج فسمع في طريقه مغنية تغني: من كان ذا شجن بالشام يطلبه ... ففي سوى الشام أمسى الأهل والشّجن فبكى حتى سقط على وجهه مغشيا عليه، فأفاق مختلطا ووسوس. وقال قوم: كان يهوى جارية لبعض الوجوه ببغداد فلم يقدر عليها فاختلط، وقيل إن السوداء غلبت عليه، وقيل [1] كان خالد مغرما بالغلمان ينفق عليهم كلّ ما يستفيد، فهوي غلاما يقال له عبد الله، وكان أبو تمام الطائي الشاعر يهواه، فقال فيه خالد: قضيب بان جناه ورد ... تحمله وجنة وخدّ لم أثن طرفي إليه إلا ... مات عزاء وعاش وجد ملّك طوع النفوس حتى ... علّمه الزهو حين يبدو واجتمع الصدّ فيه حتى ... ليس لخلق سواه صدّ فبلغ ذلك أبا تمام فقال فيه أبياتا منها: شعرك هذا كلّه مفرط ... في برده يا خالد البارد فعلقها [2] الصبيان، فما زالوا يصيحون به يا خالد البارد حتى وسوس. وهجا أبا تمام في هذه القصة فقال: يا معشر المرد إني ناصح لكم ... والمرء في القول بين الصدق والكذب لا ينكحنّ حبيبا منكم أحد ... فداء وجعائه [3] أعدى من الجرب لا تأمنوا أن تعودوا بعد ثالثة ... فتركبوا عمدا ليست من الخشب وحدث ابن أبي سلالة الشاعر قال [4] : دخلت بغداد في بعض السنين فبينا أنا مارّ في طريق إذا أنا برجل عليه مبطّنة وعلى رأسه قلنسوة سوداء، وهو راكب على   [1] الأغاني 20: 241 وديوانه: 502. [2] م: فعلمها. [3] م: فإن عجانه. [4] هو حمزة بن أبي سلالة الكوفي كما في الأغاني 20: 242. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1244 قصبة، والصبيان خلفه يصيحون يا خالد البارد، فإذا آذوه حمل عليهم بالقصبة، فلم أزل أطردهم عنه حتى تفرقوا، وأدخلته بستانا هناك، فجلس واستراح، واشتريت له رطبا فأكل، واستنشدته فأنشدني [1] : قد حاز قلبي فصار يملكه ... فكيف أسلو وكيف أتركه رطيب جسم كالماء تحسبه ... يخطر في القلب منه مسلكه يكاد يجري من القميص من ال ... نعمة لولا القميص يمسكه ومن شعر خالد أيضا [2] : كبد شفّها غليل التصابي ... بين عتب وجفوة وعذاب [3] كلّ يوم تدمى بجرح من الشو ... ق ونوع مجدد من عتاب يا سقيم الجفون أسقمت جسمي ... فاشفني كيف شئت لابك ما بي إن أكن مذنبا فكن حسن العف ... وأو اجعل سوى الصدود عقابي [4] وقال [5] : يا تارك الجسم بلا قلب ... إن كنت أهواك فما ذنبي يا مفردا بالحسن أفردتني ... منك بطول الشوق والحب إن تك عيني أبصرت فتنة ... فهل على قلبي من عتب فحسبك الله لما بي كما ... أنك في فعلك بي حسبي توفي خالد الكاتب سنة تسع وستين ومائتين ببغداد.   [1] ديوانه: 522. [2] الأغاني 20: 244. [3] الأغاني: بين هجر وسخطة وعتاب. [4] م: عتابي. [5] الأغاني 20: 248 وديوانه: 482. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1245 - 453- خداش بن بشر بن خالد بن الحارث، أبو يزيد التميمي المعروف بالبعيث البصري: كان خطيبا شاعرا مجيدا، وكان بينه وبين جرير مهاجاة، فلجّ الهجاء بينهما نحوا من أربعين سنة ولم يتغلب واحد منهما على صاحبه، ولم يتهاج شاعران في العرب في جاهلية ولا إسلام بمثل ما تهاجيا به، وكان الفرزدق يعين البعيث والبعيث يعين ابن أمّ غسان على جرير؛ فمما قاله البعيث لجرير [1] : إذا طلع العيّوق أوّل كوكب ... كفى اللؤم عند النازحين جرير ألست كليبيا وأمك كلبة [2] ... لها بين أطناب البيوت هرير ولو عند غسّان السليطيّ عرّست ... رغا قرن منها وكاس عقير [3] أتنسى نساء باليمامة منكم ... نكحن عبيدا ما لهنّ مهور وقال له أيضا [4] : كليب لئام الناس قد تعلمونه [5] ... وأنت إذا عدّت كليب لئيمها أترجو كليب أن يجيء حديثها ... بخير وقد أعيا كليبا قديمها [6] وقال له أيضا: إذا أيسرت معزى عطية وارتعت ... بلاغا من الموت اجتواها حميمها   [453]- ترجمة البعيث في طبقات ابن سلام: 121 والشعر والشعراء 1: 405 ومصورة ابن عساكر 5: 590 وتهذيب ابن عساكر 5: 125 (وأسقطه ابن منظور في اختصاره) والوافي 13: 293 وانظر البيان والتبيين 1: 211، 351 وألقاب الشعراء: 305 والسمط: 296 (ومكانه الصحيح معجم الشعراء) . [1] الأبيات في الأغاني 8: 27 وتهذيب ابن عساكر 5: 126 والمؤتلف: 241 للأعور النبهاني، وردّ جرير عليه يدلّ على ذلك إذ يقول: وأعور من نبهان يعوي ودونه ... من الليل بابا ظلمة وستور [2] الأغاني: وهل يكرم الأضياف كلب لكلبة. [3] القرن: البعير المقرون: كاس البعير: وقف على ثلاث. [4] الأغاني 8: 16. [5] م: يعلمونها. [6] ورد البيت وحده في المؤتلف والمختلف: 241. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1246 تعرّضت لي حتى صككتك صكة ... على الوجه يكبو لليدين أميمها أليست كليب ألأم الناس كلّهم ... وأنت إذا عدّت كليب لئيمها وقال له أيضا [1] : أشاركتني في ثعلب قد أكلته ... فلم يبق إلا رأسه وأكارعه فدونك خصييه وما ضمّت استه ... فأنك رمّام [2] خبيث مراتعه وقال جرير له [3] : ألم تر أني قد رميت ابن فرتنى ... بصمّاء لا يرجو الحياة أميمها له أمّ سوء بئس ما قدمت له ... إذا فرط الأحساب عدّ قديمها وأهاجيهما ونقائضهما كثيرة اكتفينا بما أوردناه منها. توفي البعيث سنة أربع وثلاثين ومائة بالبصرة في خلافة الوليد بن عبد الملك [4] . - 454- خراش بن إسماعيل الشيباني العجلي: أخذ عنه ابن محمد بن السائب الكلبي، وهو أحد النسابة، صاحب كتاب ربيعة وأنسابها. - 455- خرقة بن نباتة بن الرّبد بن عمرو بن عبد مناة الكلبي: شاعر إسلامي، قدم   [454]- هذه الترجمة من المختصر. وانظر الفهرست: 108، 121 (وعنه ينقل ياقوت) . [455]- ترجمته في مصورة ابن عساكر 5: 594 وتهذيب ابن عساكر 5: 128 وأسقطه ابن منظور من مختصره. (وهو ملحق بالشعراء في معجمهم) والمؤتلف والمختلف: 145 واسمه فيه «خرقة بن نتافة» ويقال له خرقة بن شعاث، وشعاث أمه؛ واسم جده قد يكون الزبد والزند والزيد. [1] هما في المؤتلف والمختلف: 72. [2] المؤتلف: قمقام. [3] الأغاني 8: 16. [4] هذا خطأ واضح، فان خلافة الوليد بن عبد الملك كانت بين سنتي 86- 96، وانتهت الدولة الأموية سنة 132. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1247 على حرب بن خالد بن يزيد بن معاوية في دمشق فجفاه حرب ولم يصله بشيء، فهجاه فقال: كأني ونضوي عند حرب بن خالد ... من الجوع ذئبا قفرة علزان [1] وباتت علينا جفوة ما نحبها ... وبتنا نقاسي ليلة كثمان وقال [2] : أعزّي يا جبيل [3] دمي وهزي ... سنانا تطعنين به ونابا لتعلم عامر الأجدار [4] أنا ... إذا غضبت نبيت لها غضابا وقال: وأرهبنا الخليفة واستمرت ... وجوه الأرض تعتصب اعتصابا وقتّلنا القبائل من عليم ... وبيّحنا قنافة والرّبابا وقال [5] : كسع الشتاء بسبعة غبر ... أيام شهلتنا من الشهر [6] فإذا انقضت أيام شهلتنا ... صنّ وصنّبر مع الوبر وبآمر وأخيه مؤتمر ... ومعلّل وبمطفىء الجمر ذهب الشتاء موليا عجلا ... وأتتك واقدة من الحرّ وقال: إلى الله أشكو عبرة قد أظلّت ... ونفسا إذا ما عزّها الشوق ذلّت   [1] العلز: المكروب. [2] البيتان في المؤتلف والمختلف. [3] م: أعرني يا جميل؛ وجبيل من أجداد الشاعر (يعني يا قبيلة جبيل) . [4] هكذا في المؤتلف وابن عساكر؛ م: الأجواد. [5] نسبت الأبيات في اللسان (عجز) لابن أحمر، وأورد صاحب التاج البيت الأول في تسع ونسبه لأبي الشبل الأعرابي وكذلك قال ابن برّي ونفى نسبتها لابن أحمر. وهذه الأيام التي يعدها تسمى أيام العجوز وهي خمسة: صن وصنبر ووبر ومطفىء الجمر ومكفىء الظعن، وقيل هي سبعة (وزاد: آمر ومؤتمر) كما ورد في الأبيات. [6] كسع: تلي؛ الشهلة: العجوز. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1248 تحنّ إلى أرض العراق ودونها ... تنائف لو تسري بها الريح ضلّت وقال: يا عامر بن عقيل كيف كفركم ... كعبا ومنكم إليه ينتهي الشرف أفنيتم الحرّ من سعد ببارقة ... يوم الغرابة ما في برقها خلف مات سنة خمس عشرة ومائة. - 456- خزيمة بن محمد بن خزيمة الأسدي النحوي: من أهل الحلة المزيدية: تخرّج به خلق كثير. وكان جيد الشعر. من ذلك يهجو ابن ناكيرا: قل لابن ناكيرا أبي طاهر ... وليس يجدي عنده نفعا أحرجتني والمرء مع غيظه ... يرى على عرنينه جدعا تحيّل الناس لمنفوعهم ... وأنت لا مال ولا مرعى كأنك العقرب في شرّها ... تلسع من مرّت به طبعا - 457- الخضر بن ثروان بن أحمد بن أبي عبد الله الثعلبي، أبو العباس الضرير التوماثي:- بضم التاء المثناة وسكون الواو بعدها ميم وألف ثم ثاء مثلثة- بلد من بلاد الجزيرة، الفارقي الجزري: ولد بالجزيرة، ونشأ بميافارقين، وأصله من توماثا. وكان عالما بالنحو مقرئا فاضلا أديبا عارفا حسن الشعر كثير المحفوظ، قرأ اللغة على   [456]- من المختصر؛ وانظر الوافي بالوفيات 13: 314 وبغية الوعاة 1: 551 (وينقل عن ابن النجار) وهذه الترجمة في موضعها من معجم الأدباء لأن خزيمة الأسدي كان نحويا، ويقال إنه أول من انتشر عنه بتلك البلاد وتخرج به جماعة. ولم يورد الصفدي والسيوطي له شعرا. [457]- ترجمة التومائي الضرير في إنباه الرواة 1: 356 والأنساب واللباب (التوماثي) ومعجم البلدان (توماثا) والوافي 13: 326 ونكت الهميان: 149 والخريدة (قسم الشام) 2: 466 وطبقات السبكي 7: 82 وبغية الوعاة 1: 551 وروضات الجنات 3: 279. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1249 ابن الجواليقي، والنحو على ابن الشجري [1] ، والفقه على أبي الحسن الأبنوسي [2] ، وكان ببغداد. وله محفوظات كثيرة منها المجمل وشعر الهذليين وشعر رؤبة وذي الرمة. لقيته بمرو وسرخس ونيسابور في سنة أربع وأربعين وخمسمائة [3] ، وسألته عن مولده فقال سنة خمس وخمسمائة، وأنشدني لنفسه [4] : كتبت وقد أودى بمقلتي البكا ... وقد ذاب من شوق إليك سوادها فما وردت لي نحوكم من رسالة ... وحقّكم إلّا وذاك سوادها وقال أيضا [5] : أنت في غمرة النعيم تعوم ... لست تدري بأنّ ذا لا يدوم كم رأينا من الملوك قديما ... همدوا فالعظام منهم رميم ما رأينا الزمان أبقى على شخ ... ص شقاء فهل يدوم النعيم والغنى عند أهله مستعار ... فحميد به ومنهم ذميم وقال: مواعظ الدهر أدّبتني ... وإنما يوعظ الأديب لم يمض بؤس ولا نعيم ... إلا ولي فيهما نصيب بلغتنا وفاته ببخارى سنة ثمانين وخمسمائة. - 458- الخضر بن هبة الله ابن أبي الهمام الطائي الشاعر البغدادي: دخل مصر   [458]- ترجمة ابن أبي الهمام في مصورة ابن عساكر 5: 659 وتهذيب ابن عساكر 5: 169 (وأسقطه ابن منظور في المختصر) والوافي 13: 328. [1] اسمه هبة الله بن علي بن محمد. [2] اسمه أحمد بن عبد الله بن علي الأبنوسي. [3] هذا لا يقوله ياقوت، لأن التاريخ المذكور قبل مولده بكثير، وإنما هو قول السمعاني. [4] معجم البلدان وإنباه الرواة وبغية الوعاة والخريدة. [5] الإنباه والوافي ونكت الهميان والخريدة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1250 وحضر بين يدي أمير المؤمنين الراشد بالله ابن المسترشد بالله فأنشده على البديهة [1] : ولما شأوت الحاسدين إلى مدى ... رفيع تزلّ العصم دون مرامه ورفّعت الأستار لي دون سيّد [2] ... شفى غلّتي من بشره وسلامه سطوت على صرف الزمان ببأسه ... وصلت على كيد العدى بانتقامه ودخل على الأمير علي بن صدقة فقال على البديهة أيضا [3] : سأشكر ما أوليتني من منائح ... زماني وإن كنت العييّ المقصّرا نمتك قروم في الملاحم والندى ... إذا انتسبت كانت أسودا وأبحرا فكلّ كريم غادرته مبخّلا ... وكلّ قديم غادرته مؤخرا وقدم الطائي إلى دمشق وامتدح بها واليها محمد بن بوري بن طغتكين، ومدح أبا الفتح نصر الله بن صالح الهاشمي، ودخل عليه يوما وقد افتصد فقال بديهة [4] : لما مددت إليه راحة راحة ... من شأنها الإعطاء والإعدام وحسرت ردن ملاءة [5] عن ساعد ... لا ساعدت أعداءه الأيام أكبرت ما فعل الطبيب وهالني ... من فعله التغرير والاقدام وعجبت كيف فرى الحديد بمنصل [6] ... في مدحه تتفاخر الأوهام لكن أمرت ولو أشرت [7] بنقمة ... يوما لذاب بغمده الصمصام يا من له في كلّ قلب هيبة ... وله بكلّ رواجب إنعام أغنيت زين الدين طلّاب الندى ... وتباشرت بقدومك الأيتام مضّ العراق فراق ظلّك عنهم ... وتهنأت بك جلّق والشام   [1] ابن عساكر وبدائع البدائه: 383- 384. [2] ابن عساكر: دون ماجد. [3] مصورة ابن عساكر: 660. [4] مصورة ابن عساكر: 660. [5] م: رد ملامة. [6] م: بمفصل. [7] م: أثرت. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1251 فبنو المكارم في البرية كلّها ... صنف وأنت مقدّم وإمام ولد الخضر البغدادي سنة تسع وتسعين وأربعمائة ومات سنة أربع وستين وخمسمائة. - 459- خلاد بن يزيد الأرقط الباهلي أبو عمرو: كان به أثر جدريّ فسمّي الأرقط. وهو مولى لبني فراص من آل عطية بن عماد، وكان راوية لأخبار العرب وأشعارها. أخذ عن أبي عمرو بن العلاء وغيره من العلماء. حدث خلاد قال: كنا جلوسا على باب عمرو بن عبيد والمعتزلة معنا إذ جاء طبيب نصرانيّ يطبّ له، فدعاه المعتزلة إلى الإسلام، ودعوناه إلى الإسلام، فقال للمعتزلة إن أسلمت وقلت بمقالتكم، كيف أكون عند هؤلاء؟ قلنا: كافر. فالتفت إلينا وقال: إن أسلمت وقلت بقولكم، كيف أكون عند هؤلاء؟ قلنا: كافر. فقال: مرّوا حتى تجتمعوا ثم أتبعكم. قال: فانكسرنا. وخرج عمرو بن عبيد فرأى فينا تغيّرا. فقال: ما شأنكم؟ فأخبرناه الخبر، فقال: إنه قال ولم يقل، وأخطأتم في الجواب، ألا قلتم له: نحن قد اجتمعنا على الشريعة والفريضة، وافترقنا فيما فرقته أهواؤنا، فاجتمع على ما اجتمعنا عليه، ودع ما اختلفنا فيه حتى ترى من رأيك. وحدث خلّاد قال [1] ، قال عمر بن هبيرة أمير العراق: وفد عبد الله بن جعفر بن أبي طالب على يزيد بن معاوية، فقال له: كم كان أمير المؤمنين يعطيك؟ قال: كان، رحمه الله، يعطيني ألف ألف. فقال يزيد: قد زدناك على ترحمك عليه ألف   [459]- من المختصر؛ وانظر الفهرست: 119 (قال: ولا مصنف له نعرفه) وطبقات فحول الشعراء: 7 ونور القبس: 180 وتهذيب التهذيب 3: 176 وطبقات ابن الجزري 1: 275 وميزان الاعتدال 1: 657 (وكانت وفاة خلاد سنة عشرين ومائتين) وتهذيب الكمال 8: 363 والوافي 13: 373. [1] انظر أنساب الأشراف 4/1: 289 (رقم: 774) وتهذيب ابن عساكر 7: 327 ونور القبس: 181 ومعجم المرزباني: 314 والبداية والنهاية 8: 230. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1252 ألف. فقال: بأبي أنت وأمي. فقال يزيد: ولهذه ألف ألف. قال: أما إني لا أقولها لأحد من بعدك. قال: ولهذه ألف ألف. قال: ما يمنعني من الإطناب في وصفك [إلا] الإشفاق عليك من جودك. فقال: ولهذه ألف ألف. وحمل المال معه، فقيل ليزيد: فرّغت بيت مال المسلمين على رجل واحد. فقال: إنما دفعته إلى أهل المدينة أجمعين. ثم وكّل به من يعرّفه خبره من حيث لا يعلم، فلما دخل المدينة فرّق المال فيها، فاحتاج بعد شهر إلى القرض فلامه الناس، فقال: لا تبخلنّ بدنيا وهي مقبلة ... فليس ينقصها التبذير والسّرف فإن تولّت فأحرى أن تجود بها ... فالحمد منها إذا ما أدبرت خلف قال المؤلف: ما سمعت أن أحدا نسب إلى عبد الله بن جعفر شعرا غير خلاد هذا فإنه روى له هذين البيتين والله أعلم هل هما له أم لا. وقال خلاد [1] : كنّا يوما جلوسا عند أبي أيوب المورياني وزير المنصور، فأتاه رسول المنصور فقام إليه وقد امتقع لونه، وتغيّر ومضى وعاد، فقال له بعض أصحابه في ذلك، فقال: سأضرب لكم مثلا في ذلك يقوله العامة، وهو أن البازي قال للديك: ما شيء أقلّ وفاء منك لأهلك، أخذوك وأنت بيضة فحضنوك وخرجت على أيديهم، فأطعموك على أكفهم ونشأت بينهم حتى إذا كبرت [جعلت] لا يدنو منك واحد منهم إلا طرت يمنة ويسرة وصحت وصوّتّ، وأنا أخذت كبيرا من الجبال، فعلموني وألّفوني ثم يخلّون عني فآخذ صيدتي فآتي بها إلى أصحابي. فقال له الديك: لو رأيت في سفافيدهم من البزاة ما رأيت فيها من الديوك هربت أشدّ من هربي.   [1] وردت هذه القصة برواية خلاد في الجهشياري: 102- 103. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1253 - 460- خلف بن أحمد القيرواني الشاعر، قال ابن رشيق في «الأنموذج» : شاعر مطبوع، تأدب بأفريقية ودخل مصر، وله شعر معروف جيد. مات بزويلة المهدية سنة أربع عشرة وأربعمائة، ومن شعره: هل الدهر يوما بليلى يجود ... وأيامنا باللوى ستعود عهود تقضّت وعيش مضى ... بنفسي والله تلك العهود ألا قل لسكان وادي الحمى ... هنيئا لكم في الجنان الخلود أفيضوا علينا من الماء فيضا ... فنحن عطاش وأنتم ورود - 461- خلف بن حيان بن محرز ويكنى أبا محرز، البصري المعروف بالأحمر: كان مولى أبي بردة بلال بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري، من سبي السغد الذين سباهم قتيبة فوهبهم سلم بن قتيبة لبلال بن أبي بردة الأشعري، وأعتق بلال أبويه وكانا فرغانيين ومات خلف بعد وفاة الرشيد، والرشيد مات سنة ثلاث وتسعين ومائة، وروى بعضهم أنه مات سنة خمس وسبعين ومائة. وكان خلف راوية نفسه علامة يسلك الأصمعي طريقه ويحتذي حذوه حتى قيل هو معلم الأصمعي، وهو والأصمعي فتقا المعانى وأوضحا المذاهب وبينا المعالم.   [460]- ترجم الصفدي في الوافي 13: 362 لمن اسمه أحمد بن خلف السعدي (نسبة إلى قرية السعديين بجوار المهدية) نقلا عن الأنموذج لابن رشيق؛ وذكر أنه صحب الأمير تميم بن معد وإخوته بالمنصورية ودخل مصر في أيام العزيز؛ ولعلّه هو الذي ترجم له ياقوت نفسه لاشتراكهما في النشأة والهجرة إلى مصر، وهما في حدود زمن واحد. وانظر الأنموذج: 126 ومعجم البلدان 3: 93. [461]- ترجمة خلف الأحمر في طبقات ابن سلام: 9: 21 والشعر والشعراء: 673 والمعارف: 544 وطبقات ابن المعتز: 146 ومراتب النحويين: 46- 47 وأخبار النحويين البصريين: 52 ونور القبس: 72- 80 وطبقات الزبيدي: 177 والفهرست: 55 ونزهة الألباء: 58 وإنباه الرواة 1: 348 والوافي 13: 353 وبغية الوعاة 1: 554 وله أخبار في الكامل للمبرد وأمالي المرتضى والمزهر للسيوطي والحيوان للجاحظ وأمالي القالي وتهذيب اللغة للأزهري والسمط ... وانظر مجمع الذاكرة 1: 41- 189. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1254 قال أبو عبيدة معمر بن المثنى: خلف الأحمر معلم الأصمعي ومعلم أهل البصرة. وقال الأخفش: لم أدرك أحدا أعلم بالشعر من خلف الأحمر والأصمعي. وقال ابن سلام [1] : أجمع أصحابنا أن الأحمر كان أفرس الناس ببيت شعر، وأصدق لسانا، وكنا لا نبالي إذا أخذنا عنه خبرا أو أنشدنا شعرا أن لا نسمعه من صاحبه. وقال شمر: خلف الأحمر أول من أحدث السماع بالبصرة، وذلك أنه جاء إلى حماد الراوية فسمع منه وكان ضنينا بأدبه. ولم يكن فيه ما يعاب. إلا أنه كان يعمل القصيدة، يسلك فيها ألفاظ العرب القدماء، وينحلها أعيان الشعراء كأبي دواد الإيادي وتأبط شرا والشنفرى وغيرهم، فلا يفرق بين ألفاظه وألفاظهم، فترويها جلّة العلماء لذلك الشاعر الذي نحله إياها، فمما نحله إلى تأبط شرا: إن بالشّعب الذي دون سلع ... لقتيلا دمه لا يطلّ ومما نحله الشنفرى القصيدة المعروفة بلامية العرب، أولها: أقيموا بني أمي صدور مطيكم ... فإني إلى قوم سواكم لأميل حدث يونس قال [2] : كنا عند أبي عمرو بن العلاء ومعنا خلف الأحمر، فقرأ عليه رجل: قالت أميمة ما له ... بعدي قد ابيضت شواته فقال له أبو عمرو: عظمت الراء فظننتها واوا، وإنما هي سراته أي عاليته، فقال لي خلف بالفارسية: أصاب الرجل ووهم أبو عمرو. شواته جلدة رأسه. قال الصولي: والبيت لسعيد بن عبد الرحمن بن حسان بن ثابت من قصيدة، وبعده: فأراه ليس كما علم ... ت صحا وأقصر عاذلاته ماذا نكرت من امرىء ... أن شاب مذ شابت لداته قال يونس: سمعت أعرابيا يقول: قد قال لي أعرابي آخر كبرت والله. فقال:   [1] طبقات فحول الشعراء: 23. [2] ما يقع فيه التصحيف (عبد العزيز أحمد) : 74. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1255 أجل، لقد طالت حياتي ونحتت قناتي وابيضت سراتي؛ وإذا كان ذلك مما يقوله العرب فالذي قاله أبو عمرو صواب. قال الرياشي: سمعت الأخفش يقول: لم ندرك ها هنا أحدا أعلم بالشعر من خلف الأحمر والأصمعي. قلت: أيهما كان أعلم؟ قال: الأصمعي. قلت: لم؟ قلت: لأنه كان أعلم بالنحو. قال خلف: أنا وضعت على النابغة القصيدة التي منها: خيل صيام وخيل غير صائمة ... تحت العجاج وخيل تعلك اللجما وقال أبو الطيب عبد الواحد اللغوي [1] : كان خلف يصنع الشعر وينسبه إلى العرب فلا يعرف، ثم نسك وكان يختم القرآن في كل يوم وليلة، وبذل له بعض الملوك مالا عظيما خطيرا على أن يتكلم في بيت شعر شكّوا فيه فأبى ذلك وقال: قد مضى لي فيه ما لا أحتاج أن أزيد عليه. وكان قد قرأ أهل الكوفة عليه أشعارهم وكانوا يقصدونه لما مات حماد الراوية، فلما نسك خرج إلى أهل الكوفة يعرفهم الأشعار التي أدخلها في أشعار الناس، فقالوا له: أنت كنت عندنا في ذلك الوقت أوثق منك الساعة، فبقي ذلك في روايتهم إلى الآن. واختص به أبو نواس وله فيه مراث مشهورة. ولخلف ديوان شعر حمله عنه أبو نواس و «كتاب جبال العرب» . حدث الأصمعي [2] قال: حضرنا مأدبة ومعنا أبو محرز خلف الأحمر، وحضرها ابن مناذر الشاعر، فقال لخلف الأحمر: يا أبا محرز إن يكن النابغة وامرؤ القيس وزهير قد ماتوا فهذه أشعارهم مخلدة، فقس شعري إلى شعرهم واحكم فيها بالحق، فغضب خلف ثم أخذ صحفة مملوءة مرقا فرمى بها عليه فملأه، فقام ابن مناذر مغضبا وأظنه هجاه بعد ذلك. وحدث ابن سلام قال [3] قال لي خلف الأحمر: كنت أسمع ببشار بن برد قبل أن   [1] مراتب النحويين: 47. [2] الأغاني 18: 108. [3] الأغاني 3: 185 ونور القبس: 75. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1256 أراه، فذكروه لي يوما وذكروا بيانه وسرعة جوابه وجودة شعره، فاستنشدتهم شيئا من شعره فأنشدوني شيئا لم أحمده، فقلت: والله لآتينه ولأطأطئنّ منه، فأتيته وهو جالس على بابه، فرأيته أعمى قبيح المنظر عظيم الجثة، فقلت: لعن الله من يبالي بهذا، فوقفت أتأمله طويلا، فبينا أنا كذلك إذ جاءه رجل فقال: إن فلانا سبّك عند الأمير محمد بن سليمان ووضع منك، فقال: أو قد فعل؟ قال: نعم، فأطرق، وجلس الرجل عنده وجلست، وجاء قوم فسلّموا عليه فلم يردد عليهم، فجعلوا ينظرون إليه وقد درّت أوداجه، فلم يلبث إلا ساعة حتى أنشدنا بأعلى صوته وأفخمه، فقال: نبّئت نائك أمّه يغتابني ... عند الأمير وهل عليّ أمير ناري محرّقة وبيتي واسع ... للمعتفين ومجلسي معمور ولي المهابة في الأحبة والعدا ... وكأنني أسد له تامور [1] غرثت حليلته وأخطأ صيده ... فله على لقم الطريق زئير [2] قال: فارتعدت والله فرائصي واقشعرّ جلدي، وعظم في عيني جدا حتى قلت في نفسي: الحمد لله الذي أبعدني من شرك. وكان بين خلف الأحمر وبين أبي محمد اليزيدي مهاجاة، فقال أبو محمد فيه [3] : زعم الأحمر المقيت لدينا ... والذي أمّه تقرّ بمقته أنه علّم الكسائي نحوا ... فلئن كان ذا كذاك فباسته وهجا خلف أبا محمد اليزيدي بقصيدة فائية تداولها الأفواه والأسماع نسبه فيها إلى اللواطة مطلعها [4] : إني ومن وسج [5] المطيّ له ... حدب الذّرى إرقالها [6] رجف والمحرمين لصوتهم زجل ... بفناء كعبته إذا هتفوا   [1] التامور: عرين الأسد. [2] غرثت: جاعت: لقم الطريق: متن الطريق. [3] الأغاني 20: 192. [4] الأغاني 20: 198. [5] وسج: أسرع. [6] الأغاني: أذقانها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1257 منّي إليه غير ذي كذب ... ما إن رأى قوم ولا عرفوا في غابر الناس الذين بقوا ... والفرط الماضين من سلفوا أحدا كيحيى في الطعان إذا اف ... ترش القنا وتضعضع الحجف [1] في معرك يلقى الكميّ به ... للوجه منبطحا وينحرف وإذا أكبّ القرن يتبعه ... طعنا دوين صلاه ينخسف [2] وهي طويلة نحو أربعين بيتا اكتفينا بهذا المقدار منها. وله من المصنفات كتاب حيات العرب وما قيل فيها من الشعر. - 462- خلف بن أحمد بن محمد بن خلف بن الليث بن خلف بن فرقد أبو أحمد الغربي ملك سجستان في أيام السلطان محمود بن سبكتكين: كان عالما فاضلا أديبا تقصده الشعراء. وكان ملك سجستان. وكان في أول أمره على مذهب أهل الرأي. وكان أهل مذهبه يغرونه بقتل من خالف مذهبه، فقتل ألوفا كثيرة على ذلك الرأي. وكان يحيى بن عمارة بسجستان في ذلك الوقت، فخاف على نفسه، فالتحف بملحفة كالنسوان، ولحق ببعض السيّارة فتحمل معهم على تلك الحال قاصدا هراة. ثم إن الأمير خلف بن أحمد رجع عن مذهب أهل الرأي إلى مذهب أهل الحديث، فقتل خلقا كثيرا من أهل الرأي. وصنف في تفسير القرآن كتابا كبيرا نحوا من مائة وعشرين مجلدا. وله كتاب تعبير الرؤيا سماه «تحفة الملوك» . مات سنة تسع وتسعين وثلاثمائة. وكان سبب موته أن السلطان محمود بن سبكتكين قبض عليه، وحبسه في قلعة، فشرب دواء حتى غاب رشده، وخيل للموكلين به أنه قد مات فسلّم إلى أهله فجعلوه في تابوت، ومضوا به، وبلغ ذلك   [462]- هذه الترجمة من المختصر. وانظر الوافي 13: 364- 365 (وقد صرّح بنقله عن ياقوت وأورد كل ما جاء هنا) وسير الذهبي 17: 116 وعبر الذهبي 3: 70 ومعجم البلدان (سجستان) والأنساب واللباب (السجزي) والشذرات 3: 156 وتاريخ ابن الأثير (صفحات من الجزء التاسع) . [1] الحجف: التروس. [2] الصلا: وسط الظهر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1258 محمودا فقبض عليه مرة أخرى، وفعل فعلته الأولى. فأمر السلطان أن يجعل في تابوت ويغلق حتى مات. - 463- خلف بن المختار الأطرابلسي المغربي: صاحب نحو ولغة، وكان بخيلا بعلمه. مات سنة تسعين ومائتين. - 464- خلف بن هشام بن ثعلب البزار أبو محمد: كان من أهل قمّ، وصار إلى بغداد حتى صار كأنه من أهلها. مات في أيام الواثق سنة تسع وعشرين ومائتين. وكان يكره أن يقال له البزار. وكان يقول في حرح [1] من يقول لي البزار، وإنما قولوا المقرىء. قال أبو علي الأهوازي: ليس للبغداديين قارىء غير خلف بن هشام، ولا كان قط من أهلها فاضل يشار إليه في العلم فيما أراه إلا قليل، وكان خلف قد قرأ على الكسائي. جاء إليه سليم بن عيسى الحنفي وقرأ عليه من أول القرآن إلى رأس «الستين» من سورة النور ولم يغلط. فلما بلغ إلى قوله: لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ* ترك الأعرج، فأخرج سليم رجله وقال: وأين أنا؟ فقال خلف: «ولا على الأعرج حرج» . فقال له سليم حينئذ: أما إنك لو ختمت ولم تغلط لقلت إنك منافق. مصنفاته: كتاب اختيار القراءات للكسائي. كتاب القراءات.   [463]- هذه الترجمة من المختصر؛ وانظر: طبقات الزبيدي: 259 والوافي 13: 360 وبغية الوعاة 1: 556. [464]- هذه الترجمة من المختصر؛ وانظر: طبقات ابن سعد 7: 348 وتاريخ بغداد 8: 322 ومعرفة القراء الكبار 1: 171 وسير الذهبي 10: 576 وعبر الذهبي 1: 404 وطبقات ابن الجزري 1: 273 وتهذيب التهذيب 3: 156 والوافي 13: 358 (وفيه مزيد من التخريج) . والشذرات 2: 67 وورد ذكره في الفهرست: 34- 42 (وترجمته هنالك ص: 34) . [1] كذا ولعله: «في حر أم» . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1259 - 465- الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم الفراهيدي، ويقال الفرهودي نسبة إلى فراهيد بن مالك بن فهم بن عبد الله بن مالك بن مضر الأزدي البصري، العروضي النحوي اللغوي: سيد الأدباء في علمه وزهده. قيل: أول من سمي في الإسلام أحمد أبو الخليل. ويكنى أبا عبد الرحمن وهو من أعمال عمان من قرية من قراها، وانتقل إلى البصرة. مات سنة خمس وسبعين ومائة عن أربع وسبعين سنة. وقيل إنه مولى الفراهيد، وأصله من الفرس. قال المؤلف [1] : وهذا القول عندي صحيح، وذاك لأنه لم يذكر أحد في نسبه أكثر من الخليل بن أحمد لم يزد أحد عليه، ولو كان عربيا لم يخف ذلك عن الأئمة العلماء الذين كتبوا أنساب الأراذل الخاملي الذكر، فكيف مثل هذا الإمام مع كثرة تلاميذه المتقنين، أما كان منهم رجل سأله عن نسبه فيكتبه فيما كتب من أخباره وأشعاره؟! قال حمزة بن الحسن الأصبهاني في كتاب «الموازنة بين العربية والعجمية» : وللعرب فضل على غيرهم من الأمم بما اتفق لعلماء لغتهم من تقييد ألفاظهم في بطون   [465]- ترجمة الخليل بن أحمد في المعارف: 541 وطبقات ابن المعتز: 95 ومراتب النحويين 27 وأخبار النحويين البصريين: 38 والتهذيب للأزهري 1: 10، 28- 29 وطبقات الزبيدي: 43 والفهرست: ونزهة الألباء: 45 والتنبيه لحمزة: 124 ونور القبس: 56- 72 وتاريخ أبي المحاسن: 123 وإنباه الرواة 1: 341 وابن خلكان 2: 244 وتهذيب الأسماء واللغات 1: 177 وعبر الذهبي 1: 268 وسير الذهبي 7: 429 وطبقات ابن الجزري 1: 275 ومرآة الجنان 1: 362 والبداية والنهاية 10: 161 وتهذيب التهذيب 3: 163 والوافي 13: 385 وسرح العيون: 268 والبلغة: 79 وبغية الوعاة 1: 557 والشذرات 1: 275 وروضات الجنات 3: 289 وله أخبار كثيرة منثورة في كتب الأدب واللغة تطلب في مظانّها؛ ولكوركيس عواد وميخائيل كتاب ببليوغرافي عنه (بغداد: 1972) ومعظم هذه الترجمة من المختصر وبعضها من المطبوعة م. [1] هذا الترجيح من المؤلف غير مقنع؛ وفراهيد بن مالك أزدي، ويقول المرزباني: «وكان من أنفسهم صحيح النسب معروف الأهل» ، ويقول ابن سلام: لم يكن في العرب أذكى من الخليل (ولا في العجم أذكى من ابن المقفع) ؛ وهذا القول سيرد في ما يلي. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1260 الكتب، وعلماء الفرس تدّعي مشاركتهم في هذه الفضيلة، ويزعمون أن لغتهم كانت منتشرة ذاهبة في الضياع على غير نظام، إلى أن ظهر بجمعها بعد انتشارها فيلسوف دولة الإسلام الخليل بن أحمد الفرهودي، ومن الفرس كان أصله لأنه من فراهيد اليمن، وكانوا من بقايا أولاد الفرس الذين فتحوا بلاد اليمن لكسرى. وكان جدّ الخليل من أولئك، فضمه إلى وهرز لتدبير جيشه، وحصل باليمن فتناسل بها أولاده، وصاهروا قبائل الأزد، فادعاهم الأزد، وبالبلدية والقرابة ضم الخليل سيبويه إلى نفسه حتى خرّجه، فمن أجل أنّ الخليل كان من الفرس صارت لنا شركة في مفاخر العرب بما أثّله الخليل لهم، فزعموا أن للخليل ثلاثة أياد عند العرب كبار لم يسد مثلها إليهم عربي منهم: أحدها ما نهج لتلميذه سيبويه من التأتي لتأليف كتابه حتى علّمه كيف يفرّق جمهور النحو أبوابا، وتجنس الأبواب أجناسا، ثم تنوع الأجناس أنواعا حتى أخرجه معجز التأليف، فقيد به على العرب منطقهم حتى سلم أعقابهم للإعراب وتقويم اللسان من هجنة اللحن وخطأ القول. الثانية: اختراعه لأشعارهم ميزانا حذاه على غير مثال، وهو العروض التي إليها مفزع من خذله الطبع، ولم يساعده الذوق من الشعراء ورواة الأشعار، فصار أثره لاختراع هذا العلم كأثر الفيلسوف أرسطا طاليس في شرح علم حدود المنطق. الثالثة: ما منحهم في لغتهم من حصره إياها في الكتاب الذي سماه كتاب «العين» فبدأ فيه بسياقة مخارج الحروف، وأظهر فيه حكمة لم يقع مثلها للحكماء من اليونانيين. فلما فرغ من سرد مخارج الحروف عدل إلى إحصاء أبنية الأشخاص وأمثلة أحداث الأسماء، فزعم أن مبلغ عدد أبنية كلام العرب المستعمل والمهمل على مراتبها الأربع من الثنائي والثلاثي والرباعي والخماسي من غير تكرير ينساق إلى اثني عشر ألف ألف وثلاثمائة ألف وخمسة آلاف وأربعمائة واثني عشر. الثنائي منها ينساق إلى سبعمائة وستة وخمسين، والثلاثي إلى تسعة عشر ألف وستمائة وستة وخمسين. والرباعي إلى أربع مائة وواحد وتسعين ألفا وأربعمائة. والخماسي إلى أحد عشر ألف ألف وسبعمائة وثلاثة وتسعين ألفا وستمائة. قالوا: فقد شاركنا في فضيلة لغتها ومزية نحوها، وحلية عروض قريضها شرك العنان إذ كان الخليل مثيرها من مكمنها وهو منّا. قال السيرافي: كان الغاية في تصحيح القياس واستخراج مسائل النحو وتعليله. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1261 أخذ عن أبي عمرو بن العلاء وروى عن أيوب وعاصم الأحول وغيرهما، وأخذ عنه الأصمعي وسيبويه والنضر بن شميل وأبو فيد مؤرج السّدوسيّ وعلي بن نصر الجهضمي وغيرهم. وهو أول من استخرج العروض وضبط اللغة وحصر أشعار العرب، يقال إنه دعا بمكة أن يرزقه الله تعالى علما لم يسبق به، فرجع وفتح عليه بالعروض، وكانت معرفته بالايقاع، وهو الذي أحدث له علم العروض وكان يقول الشعر فينظم البيتين والثلاثة ونحوها. قال الخليل بن أحمد: دخلت على سليمان بن علي بن عبد الله بن عباس ووجدته يسقط في كلامه، فجلست حتى انصرف الناس، فقال: هل حاجة يا أبا عبد الرحمن! قلت أكبر الحوائج. قال: قل فإن مسائلك مقضية ووسائلك قوية. قلت: أنت سليمان بن علي، وكان علي في العالم عليا وكان عبد الله بن العباس الحبر والبحر، وكان العباس بن عبد المطلب إذا تكلم أخذ سامعه ما يأخذ النشوان على نقر العيدان، وأراك تسقط في كلامك، وهذا لا يشبه محتدك ومنصبك، قال فكأنما فقأ في وجهه الرمّان خجلا فقال: لن تسمعه بعدها. ثم احتجب عن الناس، وأكبّ على النظر ثم أذن للناس في مجلس عامّ، فدخلت في لمة الناس فوجدته يفصح حتى خلته معدّ بن عدنان، فجلست حتى انصرف الناس. فقال: كيف رأيت أبا عبد الرحمن؟ فقلت رأيت كلّ ما سرني في الأمير، وأنشدت [1] : لا يكون السريّ مثل الدني ... لا ولا ذو الذكاء مثل الغبيّ لا يكون الألدّ ذو المعول المر ... هف عند الخصام مثل العيي قيمة المرء قدر ما يحسن المر ... ء قضاء من الإمام علي أي شيء من اللباس على ذي السرّ ... وأبهى من اللسان السري ضينظم الحجة الشتيتة في السل ... ك من القول مثل نظم الهدي وترى اللحن في لسان أخي الهي ... بة مثل الصدا على المشرفي فاطلب النحو للقران وللشع ... ر مقيما والمسند المروي   [1] ورد منها بيتان في المقدمة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1262 كل ذي الجهل بالفنون يعادي ... ها ويزري منها بغير الزري وانصرفت فاستتبعني غلام على كتفه بدرة فرددتها عليه وكتبت إليه [1] : أبلغ سليمان أني عنه في سعة ... وفي غنى غير أني لست ذا مال سخّى بنفسي أني لا أرى أحدا ... يموت هزلا ولا يبقى على حال والفقر في النفس لا في المال نعرفه ... ومثل ذاك الغنى في النفس لا المال والرزق عن قدر لا العجز ينقصه ... ولا يزيدك فيه حول محتال سأل رجل الخليل بن أحمد: من أي العرب أنت؟ فقال: فراهيدي، وسأله آخر فقال: فرهودي. قال المبرد: قوله فراهيدي انتسب إلى فراهيد بن مالك بن فهم بن عبد الله بن مالك بن مضر بن الأزد. وقوله فرهودي انتسب إلى واحد من الفراهيد، وهو فرهود، والفراهيد صغار الغنم. وكان الخليل أعلم الناس وأذكاهم وأفضل الناس وأتقاهم، وكانوا يقولون: لم يكن في العرب بعد الصحابة أذكى من الخليل بن أحمد ولا أجمع، ولا كان في العجم أذكى من ابن المقفع ولا أجمع. وكان الخليل أشد الناس تعففا. ولقد كان الملوك يقصدونه ويتعرضون له لينال منهم فلم يكن يفعل، وكان يعيش من بستان له خلّفه عليه أبوه بالحربية. وكان يحجّ سنة ويغزو سنة حتى جاءه الموت، وأول من جمع الحروف في بيت واحد الخليل، فقال: صف خلق خود كمثل الشمس إذ بزغت ... يحظى الضجيع بها نجلاء معطار قيل: كان عند رجل دواء لظلمة العين ينتفع به الناس فمات وأضرّ ذلك بمن كان يستعمله. فقال الخليل بن أحمد: أله نسخة معروفة؟ قالوا: لم نجد نسخته. قال فهل له آنية يعمله فيها؟ قالوا: نعم، إناء كان يجمع الأخلاط فيه. قال: فجيئوني به. فجعل يشمّه ويخرج نوعا نوعا حتى ذكر خمسة عشر نوعا، ثم سأل عن جمعها ومقدارها، فعرف ذلك ممن يعالج مثله، فعمله فأعطاه الناس فانتفعوا به مثل تلك المنفعة، ثم وجدت النسخة في كتب الرجل فوجدوا الأخلاط ستة عشر خلطا كما ذكر   [1] الأبيات في مصادر كثيرة، انظر نور القبس: 66. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1263 الخليل لم يغفل منها إلا خلطا واحدا. وقال الخليل [1] : كنت أخرج من منزلي فألقى رجلا من أربعة: رجلا أعلم مني فهو يؤم فائدتي، ورجلا مثلي فهو يؤم مذاكرتي، ورجلا متعلما مني فهو يؤمّ ثوابي، ورجلا دوني في الحقيقة، وهو يرى أنه فوقي ويحاول أن يتعلم مني وكأنه يعلمني فذاك الذي لا أكلمه ولا أنظر إليه. وقال [2] : الرجال أربعة: رجل يدري ويدري أنه يدري، فذاك عالم فاتبعوه، ورجل يدري ولا يدري أنه يدري فذاك غافل فنبهوه، ورجل لا يدري ويدري أنه لا يدري فذاك جاهل فعلموه، ورجل لا يدري ولا يدري أنه لا يدري فذاك مائق فاحذروه. وقال الناشىء يهجو داود بن علي الأصبهاني الفقيه [3] : أقول كما قال الخليل بن أحمد ... وإن شئت ما بين النظامين في الشعر عذلت على من لو علمت بقدره ... بسطت وكان العذل واللوم من عذري جهلت ولم تعلم بأنك جاهل ... فمن لي بأن تدري بأنك لا تدري وأنشد علي بن هارون عن أبيه في معناه: يدعي العلم بالنجوم كما قد ... يدعي مثل ذاك في كل أمر وهو في ذاك ليس يدري ولا يد ... ري من النوك أنه ليس يدري وقال الخليل [4] : تكلم أربعة أملاك بأربع كلمات كأنها رمية واحدة. قال كسرى: أنا على ردّ ما لم أقل أقدر مني على ردّ ما قلت. وقال قيصر: لا أندم على ما لم أقل، وقد أندم على ما قلت. وقال ملك الصين: إذا تكلمت بالكلمة ملكتني، وإذا لم أتكلم بها ملكتها. وقال ملك الهند: عجبت لمن يتكلم بالكلمة إن وقعت عليه ضرّته، وإن لم ترفع عليه لم تنفعه. قال الخليل: وطلبت لها نظائر في أشعار العرب فوجدت منها في قول الشاعر:   [1] نور القبس: 60. [2] نور القبس: 61 وعيون الأخبار 2: 126. [3] نور القبس: 61. [4] نور القبس: 61- 62. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1264 حبس ما لم أقل عليّ يسير ... وعسير ردّ الكلام المقول وقال الآخر: ما لم أقله لم أسعه ندامة ... ومتى أقل يكثر عليّ تندّمي وقال الآخر: كلامك مملوك إذا لم تفه به ... وتلقاه إن أطلقته لك مالكا وقال الآخر: عجبت للقائل قولا هذرا ... متى يشع يدن إليك ضررا وليس بالنافع إمّا سترا وقال الخليل: ثلاثة ينسين المصائب: مرّ الليالي، والمرأة الحسناء، ومحادثة الرجال. وقال [1] : وما بقيت من اللذات إلا ... محادثة الرجال ذوي العقول وقد كنا نعدهم قليلا ... فقد أضحوا أقلّ من القليل وله [2] : وما هي إلا ليلة ثم يومها ... وحول إلى حول وشهر إلى شهر مطايا يقرّبن الجديد من البلى ... ويدنين أشلاء الكرام من القبر ويتركن أزواج الغيور لغيره ... ويقسمن ما يحوي الشحيح من الوفر كان عبد الله بن الحسن العنبري قاضي البصرة يأتي جارا له يقول بالنجوم، فدخل قلبه شيء، فجاء الخليل فسأله، فقال له الخليل: أخبرني عن الحاء من أين مخرجها؟ قال: من الحلق. قال: فأخبرني عن الباء من أين مخرجها؟ قال: من طرف اللسان. قال: أفتقدر أن تخرج هذه من مخرج تلك؟ قال: لا. قال: قم   [1] نور القبس: 63. [2] نور القبس: 63. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1265 فإنك مائق، ثم أنشأ يقول [1] : أبلغا عني المنجم أني ... كافر بالذي قضته الكواكب عالم أن ما يكون وما كا ... ن فحتم من المهيمن واجب وأنشد للخليل: يقولون لي دار الأحبة قد دنت ... وأنت كئيب إن ذا لعجيب فقلت وما تغني الديار وقربها ... إذا لم يكن بين القلوب قريب وله في وصف البصرة، ويروى لأبي عيينة: يا جنة فاقت الجنان فما ... تبلغها قيمة ولا ثمن ألفتها فاتخذتها وطنا ... إن فؤادي لأهلها وطن من سفن كالنعام مقبلة ... ومن نعام كأنها سفن صاهر حيتانها الضباب بها ... فهذه كنّة وذا ختن قال وهب بن جرير [2] : خرج أبي والخليل والفضل بن المؤتمن العبلي إلى سليمان بن حبيب بن المهلب بن أبي صفرة إلى الأهواز فبدأ بعطاء الاثنين قبل الخليل. فكتب إليه بأبيات تمثل بها: ورد العفاة المعطشون فأصدروا ... ريّا وطاب لهم لديك المكرع ووردت بحرك ظامئا متدفّقا ... فرددت دلوي شنها يتقعقع وأراك تمطر جانبا عن جانب ... وفناء أرضي من سمائك بلقع ألبخس منزلتي تؤخر حاجتي ... أو ليس عندك لي بخير مطمع ورحل عنه فوجه إليه ألف دينار فردها عليه، وقال: هيهات أفلتت قائبة عن قوبها. القائبة البيضة، والقوب: الفرخ، وهو مثل ضربه. وروي [3] أن سليمان بن حبيب وجّه إلى الخليل وهو يومئذ والي فارس والأهواز   [1] البيتان في نور القبس: 65. [2] نور القبس: 67. [3] قارن بنور القبس: 66- 67. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1266 يستدعيه لتأديب ولده، فأخرج الخليل إلى رسوله خبزا يابسا، وقال له: كل، فما عندي غيره، وما دمت أجده فلا حاجة لي إلى سليمان، وقال: أبلغ سليمان أني عنه في سعة ... وفي غنى غير أني لست ذا مال سخّى بنفسي أني لا أرى أحدا ... يموت جوعا ولا يبقى على حال وإن بين الغنى والفقر منزلة ... مخطومة بجديد ليس بالبالي فالرزق عن قدر لا العجز ينقصه ... ولا يزيدك منه حول محتال إن كان ضنّ سليمان بنائله ... فالله أفضل مسؤول لسؤال والفقر في النفس لا في المال نعرفه ... ومثل ذاك الغنى في النفس لا المال قيل: قطع سليمان جاريا كان يجريه عليه، فقال الخليل: إن الذي شق فمي ضامن ... للرزق حتى يتوفاني حرمتني خيرا قليلا فما ... زادك في مالك حرماني فبلغت سليمان فأقامته وأقعدته، وكتب إلى الخليل يعتذر إليه، وأضعف جاريه، فقال الخليل [1] : وزلة يكثر الشيطان إن ذكرت ... منها التعجب جاءت من سليمانا لا تعجبنّ لخير زلّ عن يده ... فالكوكب النحس يسقي الأرض أحيانا وله [2] : اعمل بعلمي ولا تنظر إلى عملي ... ينفعك علمي ولا يضررك تقصيري حدث علي بن نصر الجهضمي قال [3] : رأيت الخليل بعدما مات في النوم، فقلت له: ما صنع الله بك؟ قال: رأيت ما كنا فيه لم يكن شيئا، وما وجدت أفضل من «سبحان الله والحمد لله والله أكبر» .   [1] نور القبس: 67. [2] نور القبس: 61. [3] نور القبس: 72. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1267 قيل [1] : وكان الخليل يحب أن يرى عبد الله بن المقفع، وكان عبد الله يحب ذلك، فجمعهما عبّاد بن عبّاد المهلبي فتحادثا ثلاثة أيام ولياليهن، ثم افترقا. فقيل للخليل: كيف رأيت ابن المقفع؟ فقال: ما رأيت مثله قط، وعلمه أكثر من عقله. وقيل لابن المقفع: كيف رأيت الخليل؟ فقال: ما رأيت قط مثله، وعقله أكثر من علمه. وصدق في ذلك، أدى عقل الخليل إلى أن مات وهو أزهد الناس، وأدى جهل ابن المقفع إلى أن قتل على ما ذكرناه في بابه من هذا الكتاب. وسئل الخليل [2] ، فقيل له: ما الجود؟ قال: بذل الموجود. قيل: فما الزهد؟ قال: ألا تطلب المفقود حتى يفقد الموجود. وقال الخليل: الناس في سجن ما لم يتمازحوا، وأنشد لنفسه: يكفيك من دهرك هذا القوت ... ما أكثر القوت لمن يموت وكان يقول: إذا نسخ الكتاب ثلاث مرات، ولم يقابل انقلب بالفارسية. وكان [3] الخليل صديقا لسليمان بن حبيب. وكثر الزوار عليه فتشاغل عنهم، فقدم الخليل بن أحمد فسألوه أن يذكره أمرهم فكتب إليه: لا تقبلنّ الشعر ثم تعيده ... وتنام والشعراء غير نيام واعلم بأنهم إذا لم ينصفوا ... حكموا لأنفسهم على الحكام وجناية الجاني عليهم تنقضي ... وعقابهم يبقى على الأيام وله، وقد رويت للأحنف بن قيس وقد لامه قومه على كثرة الحلم [4] : سألزم نفسي الصفح عن كلّ مجرم ... وإن كثرت منهم إليّ الجرائم فما أنا إلا واحد من ثلاثة ... شريف ومشروف ومثل مقاوم فأما الذي فوقي فأعرف قدره ... وأتبع فيه الحقّ والحقّ قائم وأما الذي مثلي فإن زلّ أو هفا ... تفضلت إن الفضل للحر لازم [5]   [1] قارن بنور القبس: 57. [2] بعضه في نور القبس: 63. [3] نور القبس: 67. [4] نور القبس: 56. [5] نور القبس: بالعز حاكم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1268 وأما الذي دوني فإن قال صنت عن ... إجابته نفسي وإن لام لائم مولد الخليل سنة مائة، وتوفي سنة خمس وسبعين ومائة. قيل: أقام الخليل في خص من أخصاص البصرة لا يقدر على فلسين وأصحابه يكسبون بعلمه الأموال. ولقد سمعه النضر بن شميل يقول: إني لأغلق عليّ بابي فما يجاوزه همي. وقد روي في سبب وضع الخليل كتاب العروض ما ذكره عبد الله بن المعتز أن الخليل مرّ في سكّة القصّارين في البصرة فسمع دق الكوادين بأصوات مختلفة، فوقف يسمع اختلافه، ثم قال: والله لأصنعنّ على هذا المعنى علما غامضا، فوضع العروض. وحدث النضر بن شميل قال [1] : كان أصحاب الشعر يمرون بالخليل فيتكلمون في النحو، فقال الخليل: لا بدّ لهم من أصل، فوضع العروض. وخلا في بيت، ووضع بين يديه طستا أو ما أشبه الطست، فجعل يقرعه بعود ويقول: فاعلن مستفعلن فعولن، قال: فسمعه أخوه، فخرج إلى المسجد، فقال إن أخي قد أصابه جنون، فأدخلهم عليه وهو يضرب الطست، فقالوا: يا أبا عبد الرحمن، ما لك؟ أصابك شيء؟ أتحب أن نعالجك؟ فقال: وما ذاك؟ قالوا: أخوك زعم أنك قد خولطت، فأنشأ يقول: لو كنت تعلم ما أقول عذرتني ... أو كنت أجهل ما تقول عذلتكا لكن جهلت مقالتي فعذلتني ... وعلمت أنك جاهل فعذرتكا قال أبو محمد اليزيدي: قصدت الخليل في بعض الأيام، فلما دخلت عليه ألفيته جالسا على طنفسة صغيرة، فأوسع لي فكرهت التضييق عليه، فقال: لا يضيق سمّ الخياط مع متحابين، ولا تسع الدنيا متباغضين، وأنشد [2] : ما اتسعت أرض إذا كان من ... تبغض في شيء من الأرض كتب سليمان بن حبيب إلى الخليل أن اكتب لي النحو في ثلاث كلمات ولا تزد عليها، فكتب إليه: الرفع موسوم بالوصف، والخفض مجرور الإضافة، وما لا سبيل إليه فهو نصب.   [1] نور القبس: 58. [2] نور القبس: 61. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1269 وأنشد للخليل: ما ازددت في أدبي حرفا أسرّ به ... إلا تزيدت حرفا تحته شوم إن المقدم في حذق بصنعته ... أنى توجّه فيها فهو محروم وقال الخليل: من أخطأته المنايا قيدته الليالي والسنون. حدّث الخليل بن أحمد قال: اجتزت في بعض أسفاري براهب في صومعة فدققت عليه والمساء قد أزفت جدا، وقد خفت من الصحراء وسألته أن يدخلني، فقال: من أنت؟ قلت: أنا الخليل بن أحمد. فقال: أنت الذي يزعمه الناس وجها واحدا في العلم بأمر العرب؟ فقلت: كذا يقولون، ولست كذلك. فقال: إذا أجبتني عن ثلاث مسائل جوابا مقنعا فتحت لك الباب، وأحسنت ضيافتك [وإن لم تجب] لم أفتح لك. قلت: وما هي؟ قال: ألسنا نستدل على الغائب بالشاهد؟ فقلت: بلى. قال: فأنت تقول: الله عز وجل ليس بجسم ولا عرض، ولا نرى شيئا بهذه الصفة. وأنت تزعم أن الناس في الجنة يأكلون ويشربون، ولا يتغوّطون، وأنت لم تر آكلا شاربا إلا متغوّطا، وأنت تقول: إن نعيم أهل الجنة لا ينقضي، وأنت لم تر شيئا إلا منقضيا. قال: فقلت له، بالشاهد الحاضر استدللت على ذلك كله. أما الله تعالى فإنما استدللت عليه بأفعاله الدالّة عليه، ولا مثل له. وفي الشاهد مثل ذلك، وهي الروح التي فيك وفي كل حيوان تعلم أنك تحسّ بها تحت كل شعرة منها، ونحن لا ندري أين هي، ولا كيف هي، ولا ما صفتها، ولا جوهرها، ثم ترى الإنسان يموت إذا خرجت، ولا يحس بشيء خرج منه. وإنما استدللنا عليها بأفعالها وبحركاتها، وتصرفنا بكونها فينا. وأما قولك إن أهل الجنة لا يتغوطون مع الأكل، فالشاهد لا يمنع ذلك، ألا ترى الجنين يغتذي في بطن أمه ولا يتغوط؟ وأما قولك إن نعيم أهل الجنة لا ينقضي مع أن أوله موجود، فإنا نجد أنفسنا نبتدىء الحساب بالواحد، ثم إذا أردنا ألا ينقضي إلى ما لا نهاية له لم نكرره وأعداده تضعيفه إلى انقضائها. قال: ففتح لي الباب، وأحسن ضيافتي. قال المؤلف: هذا الجواب كما شرط الراهب إقناعيّ لا قطعيّ. وكان سفيان الثوري يقول: من أحب أن ينظر إلى رجل خلق من الذهب الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1270 والمسك فلينظر إلى الخليل بن أحمد. ويروى عن النضر بن شميل أنه قال: كنا نميّل بين ابن عون والخليل بن أحمد أيهما نقدّم في الزهد والعبادة فلا ندري أيهما نقدم. وكان يقول: ما رأيت رجلا أعلم بالسنة بعد ابن عون من الخليل بن أحمد. وكان يقول: أكلت الدنيا بعلم الخليل بن أحمد وكتبه، وهو في خصّ لا يشعر به. وكان يحجّ سنة ويغزو سنة، وكان من الزهاد المنقطعين إلى الله تعالى. وكان يقول: إن لم تكن هذه الطائفة أولياء الله تعالى فليس لله وليّ. وللخليل من التصانيف: كتاب الإيقاع. وكتاب الجمل. وكتاب الشواهد. وكتاب العروض. وكتاب العين في اللغة، ويقال إنه لليث بن نصر بن سيار، عمل الخليل منه قطعة وأكمله الليث. وله كتاب فائت العين [1] . وكتاب النغم. وكتاب النقط والشكل، وغير ذلك. ومن شعره أيضا: وقبلك داوى الطبيب المريض ... فعاش المريض ومات الطبيب فكن مستعدا لداء [2] الفناء ... فإن الذي هو آت قريب توفي سنة ستين ومائة وقيل سبعين ومائة وله أربع وسبعون سنة. - 466- الخليل بن أحمد بن محمد بن الخليل بن موسى بن عبد الله بن عاصم بن جبل السجزي، أبو سعيد: إمام في كل علم، شائع الذكر مشهور الفضل معروف   [466]- ترجمة الخليل بن أحمد السجزي في يتيمة الدهر 4: 338 والأنساب (السجزي) . والتحبير 1: 546 ومصورة ابن عساكر 5: 679 وتهذيب ابن عساكر 5: 175 ومختصر ابن منظور 8: 85 والجواهر المضية 1: 324 وتاج التراجم: 27 والوافي 13: 392 والبداية والنهاية 11: 306 والنجوم الزاهرة 4: 153 والشذرات 3: 91 وقد جمعت هنا بين ما جاء في المختصر والمطبوعة م. [1] يعني فائت حرف العين لا الكتاب كله لأنه لم يكمله. [2] م: لدار (والتصويب من ش) . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1271 بالإحسان في النظم والنثر؛ وكان فقيها شاعرا محدثا رحل في طلب الحديث إلى نيسابور ودمشق وأدرك الأئمة والعلماء وسافر في البلاد، وصنف التصانيف، وولي القضاء ببلدان شتى من وراء النهر. حدّث قال [1] : قدم علينا بسجستان وأنا قاضيها صاحب جيش من خراسان من قبل نصر بن أحمد، ومعه خلق عظيم من الجيش، فملك سجستان فأكثر أصحابه الفساد في البلد، وامتدت أيديهم إلى النساء في الطرقات قهرا، فاجتمع الناس إليّ وإلى الفقيه فلان وشكوا إلينا الحال، فدخلت أنا والفقيه وجماعة من وجوه البلد إليه. وكان المبتدىء الخطاب الفقيه، فوعظه وعرّفه ما يجري. فقال له: يا شيخ، ما ظننتك بهذا الجهل، معي ثلاثون ألف رجل نساؤهم ببخارى، فإذا قامت أيورهم كيف يصنعون، ينفذونها بسفاتج إلى حرمهم، لا بدّ لهم أن يضعوها فيمن ها هنا، كيف استوى لهم. هذا أمر لا يمكنني إفساد قلوب الجيش بنهيهم عنه. فانصرف. قال: فخرجنا، فقالت لنا العامة: أيش قال الأمير؟ فأعاد عليهم الفقيه الكلام بعينه. فقالوا: هذا القول منه فسق وأمر به ومكاشفة بمعصية الله، فهل يحلّ لنا عندك قتاله بهذا القول؟ فقال لهم الفقيه: نعم، قد حلّ لكم قتاله. فتبادرت العامة، وانسللنا من الفتنة فلم نصلّ المغرب من تلك الليلة وفي البلد أحد من الخراسانية لأنه اجتمع من العامة ما لا يضبط عدده، فقتلوا خلقا عظيما من الخراسانية، ونهبت دار الأمير فطلبوه ليقتلوه، فأفلت على فرسه، ومعه كل من قدر على الهرب، ومضوا على وجوههم، فما جاءنا بعدهم جيش من خراسان. قال الحاكم أبو عبد الله في «تاريخ نيسابور» : كان الخليل شيخ أهل الرأي في عصره، وكان من أحسن الناس كلاما في الوعظ والذكر، مع تقدّمه في الفقه والأدب، وكان ورد نيسابور، قديما مع محمد بن إسحاق بن خزيمة وأقرانه، وسمع بالريّ والعراق والحجاز، وورد نيسابور محدّثا ومفيدا سنة تسع وخمسين وثلاثمائة، وسكن سجستان ثم انتقل إلى بلخ وسكنها، ومن شعره في مدح أبي حنيفة النعمان بن ثابت وصاحبيه والأئمة القراء:   [1] من هنا حتى قوله «من خراسان» آخر الفقرة مزيد من المختصر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1272 سأجعل لي النعمان في الفقه قدوة ... وسفيان في نقل الأحاديث سيدا وفي ترك ما لم يعنني من عقيدة ... سأتبع يعقوب العلا ومحمدا وأجعل حزبي من قراءة عاصم ... وحمزة بالتحقيق درسا مؤكدا وأجعل في النحو الكسائيّ عمدتي ... ومن بعده الفراء ما عشت سرمدا وإن عدت للحجّ المبارك مرة ... جعلت لنفسي كوفة الخير مشهدا فهذا اعتقادي وهو ديني ومذهبي ... فمن شاء فليبرز ليلقى موحدا ويلقى لسانا مثل سيف مهنّد ... يفلّ إذا لاقى الحسام المهندا وقال: إذا ضاق باب الرزق عنك ببلدة ... فثمّ بلاد رزقها غير ضيّق وإياك والسكنى بدار مذلّة ... فتسقى بكأس الذلة المتدفق فما ضاقت الدنيا عليك برحبها ... ولا باب رزق الله عنك بمغلق وقال: ليس التطاول رافعا من جاهل ... وكذا التواضع لا يضرّ بعاقل لكن يزاد إذا تواضع رفعة ... ثم التطاول ما له من حاصل وقال: رضيت من الدنيا بقوت يقيمني ... ولا أبتغي من بعده أبدا فضلا ولست أروم القوت إلا لأنه ... يعين على علم أردّ به جهلا فما هذه الدنيا يكون نعيمها ... لأصغر ما في العلم من نكتة عدلا وقال: الله يجمع بيننا في غبطة ... ويزيل وحشتنا بوشك تلاق ما طاب لي عيش فديتك بعدما ... ناحت عليّ حمامة بفراق إن الإله لقد قضى في خلقه ... أن لا يطيب العيش للمشتاق توفي القاضي السجزي بسمرقند وهو قاض بها سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة ومولده سنة إحدى وسبعين ومائتين، وقيل توفي بفرغانة وهو على مظالمها. وقال أبو الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1273 بكر الخوارزمي يرثيه: ولما رأينا الناس حيرى لهدة ... بدت بأساس الدين بعد تأطّد [1] أفضنا دموعا بالدماء مشوبة ... وقلنا لقد مات الخليل بن أحمد - 467- خميس بن علي بن أحمد بن علي بن الحسين بن إبراهيم بن الحسن بن سلامويه أبو الكرم الواسطي الحوزي، والحوز محلة بأعلى الجانب الشرقي من واسط، الحافظ النحوي الأديب الشاعر المحدث: من الفضلاء النبلاء العلماء النحاة، جمع بين حفظ القرآن وعلمه والحديث وحفظه ومعرفة رجاله، وإليه انتهت الرياسة في وقته بواسط. حدث عن أبي القاسم عبد العزيز بن علي الأنماطي وأبي منصور محمد النديم العكبري وأبي القاسم علي بن أحمد البشري وغيرهم من البغداديين والواسطيين. قال الحافظ أبو طاهر السلفي: كان خميس من حفّاظ الحديث المحققين بمعرفة رجاله، ومن أهل الأدب البارع، وله شعر غاية في الجودة، وفي شيوخه كثرة، وقد علّقت عنه فوائد، وسألته عن رجال من الرواة فأجاب بما أثبته في جزء ضخم، (وهو عندي) . وقد أملى عليّ نسبه وهو: خميس بن علي بن أحمد بن علي بن الحسين بن إبراهيم بن الحسن بن سلامويه الحوزي، ومولده سنة سبع وأربعين وأربعمائة وكان اتقانه مما يعوّل عليه. وفي كتاب ابن نقطة مولده سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة في   [467]- ترجمة خميس الحوزي في معجم البلدان (الحوز) والأنساب واللباب (الحوزي) وإنباه الرواة 1: 358 وعبر الذهبي 4: 20 وتذكرة الحفاظ: 1262 والخريدة (قسم العراق) 4/2: 469 والوافي 13: 420 وعيون التواريخ للكتبي 12: 68 ومرآة الجنان 3: 199 وبغية الوعاة 1: 561 وطبقات الحفاظ للسيوطي: 458 والشذرات 4: 27 ومقدمة سؤالات الحافظ السلفي لخميس الحوزي تحقيق مطاع الطرابيشي. [1] يقترح (ش) أن تقرأ: توطد. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1274 شعبان ومات في شعبان أيضا بواسط سنة عشر وخمسمائة. ومن شعره [1] : تركت مقالات الكلام جميعها ... لمبتدع يدعو بهنّ إلى الردى ولازمت أصحاب الحديث لأنهم ... دعاة إلى سبل المكارم والهدى وهل ترك الإنسان في الدين غاية ... إذا قال قلدت النبيّ محمدا وقال: من كان يرجو أن يرى ... من ساقط أمرا سنيا فلقد رجا أن يجتني ... من عوسج رطبا جنيا وأنشد عنه: وحرمة ما حمّلت من ثقل حبكم ... وأشرف محلوف به حرمة الحبّ لأنتم وإن ضنّ الزمان بقربكم ... ألذّ إلى قلبي من البارد العذب فلا تحسبوا أن المحبّ إذا نأى ... وغاب عن العينين غاب عن القلب - 468- خويلد بن خالد بن محرز بن زبيد بن أسد بن مخزوم بن صاهلة بن كاهل بن الحارث بن غنم بن سعد بن هذيل الهذلي، أبو ذؤيب: شاعر مجيد مخضرم أدرك الجاهلية والاسلام، قدم المدينة عند وفاة النبي صلّى الله عليه وسلم فأسلم وحسن إسلامه. روي عنه أنه قال: قدمت المدينة ولأهلها ضجيج بالبكاء كضجيج الحجيج أهلّوا بالإحرام، فقلت: مه؟ فقالوا: توفي رسول الله صلّى الله عليه وسلم.   [468]- ترجمة أبي ذؤيب الهذلي في الشعر والشعراء: 547 وطبقات ابن سلام: 131 والأغاني 6: 250 والمؤتلف: 173 ومصورة ابن عساكر 5: 690 ومختصر ابن منظور 8: 92 وتهذيب ابن عساكر 5: 182 والاستيعاب 4: 1648 وأسد الغابة 5: 188 والإصابة 7: 63 والوافي 13: 437 والخزانة 1: 203 وشرح شواهد المغني: 10 والعيني 1: 295، 298 ومعاهد التنصيص 2: 165 والدميري 2: 47 (وترجمة أبي ذؤيب أليق بمعجم الشعراء) . [1] الخريدة: 473. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1275 وفي رواية أنه قال: بلغنا أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم عليل، وقع ذلك إلينا عن رجل من الحيّ قدم معتما فأوجس أهل الحيّ خيفة وأشعرنا حزنا، فبتّ بليلة باتت النجوم بها طويلة الأناة لا ينجاب ديجورها ولا يطلع نورها، فظللت أقاسي طولها وأقارع غولها حتى إذا كان دوين السفر وقرب السحر خفت، فهتف هاتف وهو يقول [1] : خطب أجلّ أناخ بالإسلام ... بين النخيل ومقعد الآطام قبض النبيّ محمد فعيوننا ... تذري الدموع عليه بالتسجام قال أبو ذؤيب: فوثبت من نومي فزعا، فنظرت إلى السماء فلم أر إلا سعد الذابح، فتفاءلت به ذبحا يقع في العرب، وعلمت أن النبي صلّى الله عليه وسلم قد قبض أو أنه ميت، فركبت ناقتي فسرت، فلما أصبحت طلبت شيئا أزجره، فعنّ لي القنفذ قد قبض على صلّ، يعني حية، فهي تلتوي عليه والقنفذ يقضمه حتى أكله، فزجرت ذلك وقلت: تلوي الصل انفتال الناس عن الحقّ على القائم بعد رسول الله، ثم أوّلت أكل القنفذ له غلبة القائم على الأمر. والحديث طويل ذكر فيه حضوره في سقيفة بني ساعدة ومبايعة أبي بكر رضي الله عنه. وروى ابن سلام عن أبي عمرو بن العلاء أنه قال: سئل حسان بن ثابت من أشعر الناس؟ قال: أحيا؟ قالوا: حيا؟ قال: أشعر الناس حيا هذيل، وأشعر هذيل غير مدافع أبو ذؤيب. وقال ابن شبة: تقدم أبو ذؤيب جميع شعراء هذيل بقصيدته العينية التي يرثي فيها بنيه ومطلعها [2] : أمن المنون وريبها تتوجع ... والدهر ليس بمعتب من يجزع قالت أميمة ما لجسمك شاحبا ... منذ ابتذلت ومثل ما بك ينفع أم ما لجسمك لا يلائم مضجعا ... ألا أقضّ عليك ذاك المضجع ضفأجبتها أما لجسمي إنه ... أودى بنيّ من البلاد فودعوا   [1] الخزانة 1: 203. [2] ديوان أبي ذؤيب: 4 وهي مفضلية. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1276 أودى بنيّ فأعقبوني حسرة ... بعد السرور وعبرة ما تقلع ومنها: ولقد حرصت بأن أدافع عنهم ... وإذا المنية أقبلت لا تدفع وإذا المنية أنشبت أظفارها ... ألفيت كلّ تميمة لا تنفع وتجلّدي للشامتين أريهم ... أني لريب الدهر لا أتضعضع لا بدّ من تلف مقيم فانتظر ... أبأرض قوم أم بأخرى المضجع ومنها: والنفس راغبة إذا رغّبتها ... وإذا تردّ إلى قليل تقنع كم من جميعي الشمل ملتئمي الهوى ... كانوا بعيش ناعم فتصدّعوا وهي نحو سبعين بيتا أورد ابن رشيق أبياتا منها في «العمدة» وعدّها في المطبوع من شعر العرب. ومن شعره ما أنشده له ثعلب [1] : وعيّرها الواشون أني أحبها ... وتلك شكاة ظاهر عنك عارها فإن أعتذر منها فإني مكذّب ... وإن تعتذر يردد عليّ اعتذارها وشعر أبي ذؤيب كله على نمط في الجودة وحسن السبك. وتوفي في غزوة أفريقية مع ابن الزبير، وقال وهو يجود بنفسه مخاطبا ابن أخيه أبا عبيد: أبا عبيد وقع الكتاب ... واقترب الوعيد والحساب وعند رحلي جمل منجاب ... أحمر في حاركه انصباب ثم قضى نحبه ودلّاه ابن الزبير في حفرته.   [1] ديوانه: 70- 71. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1277 - 469- خيار بن أوفى النهدي: شاعر إسلامي دخل على معاوية فقال له: ما صنع بك الدهر؟ فقال: يا أمير المؤمنين ضعضع قناتي، وشيب شواتي [1] ، وأفنى لذاتي، وجرأ عليّ عداتي، ولقد بقيت زمانا آنس بالأصحاب، وأسبل الثياب، وآلف الأحباب، فبادوا عني، ودنا الموت مني. فقال له: أنشدني ما قلت في الخمر والنهي عنها فقال: أنهد بن زيد ليس في الخمر رفعة ... فلا تقربوها إنني غير فاعل فإني وجدت الخمر شينا ولم يزل ... أخو الخمر حلّالا شرار المنازل فكم قد رأينا من فتى ذي جهالة ... صحا بعد أزمان وطول تجاهل ومن سيد قد قنّعته مذلّة ... فعاش ذليلا ضحكة في المحافل فلله أقوام تمادوا بشربها ... فأضحوا وهم أحدوثة في القوافل فقال معاوية: صدقت، والله لكم من سيد أدمنها فتركته ضحكة وأحدوثة، ومن ذي رغبة فيها قد صحا عنها فصار سيد قومه. والله ما وضع شيء الرّجل كما وضعه الشراب، والله لهي الداء العياء. مات خيار النهدي في خلافة يزيد بن معاوية.   [469]- ترجمته في مصورة ابن عساكر 5: 695 وتهذيب ابن عساكر 5: 188 ومختصر ابن منظور 8: 97. [1] ابن عساكر: وشتت شراتي. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1278 حرف الدال - 470- داود بن القاضي أحمد بن أبي دواد: كان أديبا شاعرا فاضلا، وكان صديقا لمحمد بن يسير [1] الرياشي الشاعر المشهور، وكان ابن يسير كثير التردّد عليه، ففقد ابن يسير يوما أهلوه وطلبوه فلم يجدوه، وكان مع أصحاب له خرج معهم للنزهة، فجاءوا إلى القاضي داود بن أحمد يسألونه عنه، فقال لهم: اطلبوه في منزل «حسن» المغنية، فإن وجدتموه والّا فهو في حبس أبي شجاع صاحب شرطة «خمار» التركي. فلما كان بعد أيام جاء ابن يسير إليه فقال له: ايه أيها القاضي كيف دللت عليّ أهلي؟ قال: كما بلغك، وقد قلت في ذلك أبياتا، قال: أو فعلت ذلك أيضا؟ زدني من برّك، هات أيّ شيء قلت، فأنشده: ومرسلة توجّه كلّ يوم ... إليّ وما دعا للصبح داع تسائلني وقد فقدوه حتى ... أرادوا بعده قسم المتاع إذا لم تلقه في بيت «حسن» ... مقيما للشراب وللسماع ولم ير في طريق بني سدوس ... يخطّ الأرض منه بالكراع   [470]- الأغاني 14: 38- 39، وترجم له الآمدي في المؤتلف والمختلف وسمّاه «دواد» - بتقديم الواو على الألف- وهو الأقرب إلى الصواب، يعني أنه سمّي باسم جده وأورد له رثاء في أخيه ثم قال: وله في كتاب اياد أشعار وأخبار وقصته مع أبيه حيث فارقه وعاد إليه. [1] م: بشير (حيثما ورد) . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1279 يدقّ حزونها بالوجه طورا ... وطورا باليدين وبالذراع فقد أعياك مطلبه وأمسى ... بلا شكّ [1] بحبس أبي شجاع فجعل ابن يسير يضحك ويقول: أيها القاضي لو غيرك يقول لي هذا لعرف مصيره. ثم لم يبرح حتى أعطاه داود مائتي درهم وخلع عليه. - 471- داود بن أحمد بن يحيى بن الخضر، أبو سليمان الداودي الضرير الملهمي البغدادي المقرىء الأديب: قرأ القرآن بالروايات على أبي الحسن علي بن عساكر البطائحي وأبي الفضل أحمد بن محمد بن شنيف، وبرع في الأدب، وكان مولعا بشعر أبي العلاء المعرّي يحفظ منه جملة صالحة، ولذلك كان الناس يرمونه بسوء العقيدة. توفي أبو سليمان ببغداد سنة خمس عشرة وستمائة ومن شعره: أعلّل القلب بذكراكم ... والقلب يأبى غير لقياكم حللتم قلبي وبنتم فما ... أدناكم منّي وأقصاكم يا حبذا ريح الصّبا إنها ... تروّح القلب برياكم وقال: إلى الرحمن أشكو ما ألاقي ... غداة غدوا [2] على هوج النياق نشدتكم بمن زمّ المطايا ... أمرّ بكم أمرّ من الفراق وهل داء أمرّ من التنائي ... وهل عيش ألذّ من التلاقي   [471]- ترجمته في ذيل الروضتين: 110 ومرآة الزمان: 593 ومختصر ابن الدبيثي 2: 64 وطبقات ابن الجزري 1: 278 وتكملة المنذري 2: 420 والوافي 13: 458 (وينقل عن ابن النجار) ونكت الهميان: 150 ولسان الميزان 2: 424. [1] الأغاني: فلا تغلط. [2] م: غد، والتصويب عن الوافي. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1280 - 472- داود بن الجراح: جد الوزير أبي الحسن علي بن داود. وكان داود من أعيان الكتاب وفضلائهم. مات سنة [إحدى وتسعين ومائتين] وقد كتب للمستعين بالله. كتب أبو سليمان داود إلى إبراهيم بن العباس الصولي وكان كاتبا، رقعة فيها: «قد كثرت ذنوبي، واتصلت اعتذاراتي بتأخري عنك وإخلالي بخدمتك، وطال لذلك عتبك عليّ، وما هو إلا لتنقلي من منزل إلى منزل، ونزولي دارا بعد دار لا أجد في قريبها ما أريد فأفزع إلى البعيد، وكلما أجمعت على شراء منزل ووجّهت له وجها قصدني الزمان بنائبة فيما أعددته حتى يجتاحه ويحوجني إليه، وأنا حريص مجدّ في بيع أوفر ضياعي غلة وأنضّها ثمنا لاتخاذ منزل يقرب منك لأقضي الحقّ في خدمتك، وأنزل [على] الصغير والكبير من أمرك، وأستغني عمن افتقرت إليه في النيابة عني، أعانني الله على طاعتك، ووفر عليّ حسن رأيك، وأعاذني من الغير فيك» . فوقع إبراهيم بن العباس في كتابه «فهمت ما كتبته، وتأملت ما شكوته، فرأيت الذنب لك في ستر أمرك عني، وإخفائه مني، وطيّك أيامك على ذلك، ودرجها دونه عظيم منك قبيح عندي، وأنت فيه تضيع حقك وحقي، فحجتك في قولك ذا حرمة، وعذرك فيه وعرفه [1] ، وجنايتك على نفسك أعظم من جناية الزمان عليك، وما أنكرت منك، ولا استقبحت أثرك، ولا أغفلت مراعاتك. وكان عليك الإذكار بما نسي، والإظهار لما خفي، والكشف لما يستتر، والله يوفقك، ويهدي الرشد لك، وقد أمرت الجهبذ حامدا أن يحمل إليك خمسة آلاف دينار لتتخذ بها منزلا لا غير، فأصيّر عليك مقدارها، ولا تؤيس مما يضعف عليها فقدم ذلك، واحرص على القرب منا، إن شاء الله تعالى» .   [472]- هذه الترجمة من المختصر؛ وانظر الفهرست: 142 والوافي 13: 465 وصنف كتاب التاريخ. وأخبار الكتاب. وكتاب الأمم السالفة. [1] فحجتك ... وعرفه: هذا النص مضطرب ولم أتمكن من تصويبه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1281 - 473- داود بن سلم مولى بني تيم [1] بن مرة: شاعر من مخضرمي الدولتين الأموية والعباسية كان يسكن المدينة، وكان يقال له الآدم [2] لشدة سواده، وكان من أقبح الناس وجها وأشدهم بخلا، طرقه قوم بالعقيق فصاحوا به العشاء والقرى يا ابن سلم، فقال لهم: لا عشاء لكم عندي ولا قرى، قالوا: فأين قولك إذ تقول: يا دار هند ألا حيّيت من دار ... لم أقض منك لباناتي وأوطاري عودت فيها إذا ما الضيف نبهني ... عقر العشاري على يسر وإعسار قال: لستم من أولئك الذي عنيت. وقدم [3] داود دمشق فنزل على حرب بن خالد بن يزيد بن معاوية، فلما دخل داره قام غلمانه إلى متاعه فأدخلوه وحطوا عن راحلته، ثم دخل على حرب فأنشده: فلما دفعت لأبوابهم ... ولاقيت حربا لقيت النجاحا وجدناه يحمده المجتدون ... ويأبى على العسر إلا سماحا ويغشون حتى ترى كلبهم ... يهاب الهرير وينسى النباحا فأنزله وأكرمه وأجازه بجائزة عظيمة ثم استأذنه للخروج فأذن له وأعطاه ألف دينار وقال له: لا إذن لك عليّ متى جئت، فودعه وخرج من عنده وغلمانه جلوس، فلم يقم إليه منهم أحد، فظنّ أن حربا ساخط، فرجع فقال له: أبك عليّ موجدة؟ قال: لا،   [473]- ترجمته في الأغاني 6: 11- 21 والسمط: 550 ومصورة ابن عساكر 6: 19 وتهذيب ابن عساكر 5: 203 ومختصر ابن منظور 8: 148 والوافي 13: 467 (وهو بمعجم الشعراء يلحق لا بمعجم الأدباء) . [1] م: تميم. [2] الأغاني: وكان يقال له داود الأرمك. [3] الأغاني 6: 20 وتهذيب ابن عساكر 4: 108 (ترجمة حرب) وأمالي القالي 1: 242 والتذكرة الحمدونية 2: 197 وقارن بالمحاضرات 1: 653 وشرح النهج 11: 223 والكامل 2: 144 والأبيات في رسائل ابن أبي الدنيا: 87. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1282 وما ذاك؟ فأخبره أنّ غلمانه لم يعينوه على رحله فقال له: ارجع إليهم فسلهم، فرجع إليهم فقالوا له: إنا ننزل من جاءنا ولا نخرج من خرج من عندنا. وكان داود منقطعا إلى قثم بن العباس وفيه يقول [1] : نجوت من حلّ ومن رحلة ... يا ناق إن قرّبتني من قثم إنك إن بلغتنيه غدا ... حالفني اليسر ومات العدم في كفّه بحر وفي وجهه ... بدر وفي العرنين منه شمم لم يدر ما «لا» وبلى قد درى ... فعافها واعتاض منها نعم أصمّ عن قيل الخنا سمعه ... وما عن الخير به من صمم توفي داود بن سلم في حدود سنة عشرين ومائة. - 474- داود بن الهيثم بن إسحاق بن البهلول بن حسان بن حسان بن سنان أبو سعد التنوخي الأنباري: قال الخطيب البغدادي في «تاريخ مدينة السلام» : كان نحويا لغويا حسن المعرفة بالعروض واستخراج المعمى فصيحا كثير الحفظ للنحو واللغة والأدب والاشعار وله شعر جيد. أخذ عن ابن السكيت وثعلب وسمع من جده إسحاق وابن شبة وأخذ عنه ابن الازرق وجماعة، وله كتاب في النحو على مذهب الكوفيين وكتاب خلق الانسان في اللغة وغير ذلك. مات بالأنبار سنة عشرة وثلاثمائة وله ثمان وثمانون سنة. ومن شعره: بساتينها للمسك فيها روائح ... وأشجارها للريح فيها ملاعب   [474]- ترجمته في تاريخ بغداد 8: 379 والمنتظم 6: 217 وسير الذهبي 14: 483 والجواهر المضية 1: 240 والوافي 13: 496 وتاج التراجم: 21 والنجوم الزاهرة 3: 221 وبغية الوعاة 1: 563 وروضات الجنات 3: 302. [1] الأغاني 6: 21 وانظر تهذيب ابن عساكر 5: 203. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1283 كأن هزيز الريح بين غصونها ... ضرائر أضحى بينهن تعاتب كأن القباب الغر فيها مواكب ... تضيء كما أمست تضيء الكواكب كأن فتيت المسك بين ترابها ... إذا ما تهادته الصبا والجنائب ومن تحتها الأنهار تجري مياهها ... ففائضة منها ومنها سواكب كأن مجاريها سبائك فضة ... تذاب وأسياف تهزّ قواضب - 475- دعبل بن علي بن رزين بن سليمان بن تميم بن نهشل بن خداش بن خالد بن عبد بن دعبل بن أنس بن خزيمة: كذا قال أبو الفرج، وقال آخرون: دعبل بن علي بن رزين بن عثمان بن عبد الله بن بديل بن ورقاء، يتصل نسبه بمضر، أبو علي الخزاعي، وعلى هذا الأكثر: شاعر مطبوع مفلق، يقال إن أصله من الكوفة، وقيل من قرقيسيا، وكان أكثر مقامه ببغداد، وسافر إلى غيرها من البلاد فدخل دمشق ومصر، وكان هجاء خبيث اللسان لم يسلم منه أحد من الخلفاء ولا من الوزراء ولا أولادهم ولا ذو نباهة أحسن إليه أو لم يحسن، وكان بينه وبين الكميت بن زيد وأبي سعد المخزومي مناقضات، وكان من مشاهير الشيعة، وقصيدته التائية في أهل البيت من أحسن الشعر وأسنى المدائح، قصد بها علي بن موسى الرضا بخراسان فأعطاه عشرة آلاف درهم وخلع عليه بردة من ثيابه فأعطاه بها أهل قمّ ثلاثين ألف درهم فلم يبعها، فقطعوا عليه الطريق ليأخذوها فقال لهم: إنها تراد لله عز وجل وهي محرمة عليكم، فدفعوا له ثلاثين ألف درهم فحلف أن لا يبيعها أو يعطوه بعضها ليكون في   [475]- ترجمة دعبل في الأغاني 20: 67 والشعر والشعراء: 727 وطبقات ابن المعتز: 224 والفهرست: 183 وتاريخ بغداد 8: 328 ومصورة ابن عساكر 6: 68 وتهذيبه 5: 230 ومختصر ابن منظور 8: 172 ورجال الكشي: 313 والموشح: 299. وابن خلكان 2: 266 وسير الذهبي 11: 519 والوافي 14: 12 ولسان الميزان 2: 430 ومعاهد التنصيص 2: 190 والشذرات 2: 11 وروضات الجنات 3: 306 وقد قام كل من زولنديك والدكتور محمد يوسف نجم والدكتور عبد الكريم الأشتر بجمع شعره (1961، 1962، 1964) ، وعلى الأخير نعتمد في الإحالة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1284 كفنه، فأعطوه كما واحدا فكان في أكفانه. ويقال إنه كتب القصيدة في ثوب وأحرم فيه وأوصى بإن يكون في أكفانه، ونسخ هذه القصيدة مختلفة في بعضها زيادات يظن أنها مصنوعة ألحقها بها أناس من الشيعة، وإنا موردون هنا ما صحّ منها قال [1] : مدارس آيات خلت من تلاوة ... ومنزل وحي مقفر العرصات لآل رسول الله بالخيف من منى ... وبالركن والتعريف والجمرات ضديار عليّ والحسين وجعفر ... وحمزة والسجّاد ذي الثفنات [2] ديار عفاها كلّ جون مبادر ... ولم تعف للأيام والسنوات قفا نسأل الدار التي خفّ أهلها ... متى عهدها بالصوم والصلوات ضو أين الأولى شطّت بهم غربة النوى ... أفانين في الآفاق مفترقات هم أهل ميراث النبيّ إذا اعتزوا ... وهم خير قادات وخير حماة وما الناس إلا حاسد ومكذّب ... ومضطغن ذو إحنة وترات إذا ذكروا قتلى ببدر وخيبر ... ويوم حنين أسبلوا العبرات قبور بكوفان وأخرى بطيبة ... وأخرى بفخّ نالها صلواتي وقبر ببغداد لنفس زكيّة ... تضمنها الرحمن في الغرفات فأما المصمّات التي لست بالغا ... مبالغها مني بكنه صفات إلى الحشر حتى يبعث الله قائما ... يفرّج منها الهمّ والكربات نفوس لدى النهرين من أرض كربلا ... معرّسهم فيها بشطّ فرات تقسّمهم ريب الزمان كما ترى ... لهم عقوة مغشيّة الحجرات سوى أنّ منهم بالمدينة عصبة ... مدى الدهر أنضاء من الأزمات قليلة زوّار سوى بعض زوّر ... من الضبع والعقبان والرّخمات لهم كلّ حين نومة بمضاجع ... لهم في نواحي الأرض مختلفات   [1] ديوانه: 71. [2] السجاد ذو الثفنات: علي بن الحسين زين العابدين. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1285 وقد كان منهم بالحجاز وأهلها ... مغاوير نحّارون في السنوات [1] تنكّب لأواء السنين جوارهم ... فلا تصطليهم جمرة الجمرات إذا أوردوا خيلا تشمّس بالقنا ... مساعر جمر الموت والغمرات وان فخروا يوما أتوا بمحمد ... وجبريل والفرقان ذي السّورات ملامك في أهل النبيّ فأنهم ... أحبّاي ما عاشوا وأهل ثقاتي تخيرتهم رشدا لأمري فانهم ... على كلّ حال خيرة الخيرات فيا ربّ زدني من يقيني بصيرة ... وزد حبّهم يا ربّ في حسناتي بنفسي أنتم من كهول وفتية ... لفكّ عناة أو لحمل ديات أحبّ قصيّ الرحم من أجل حبكم ... وأهجر فيكم أسرتي وبناتي وأكتم حبّيكم مخافة كاشح ... عنيد لأهل الحقّ غير موات لقد حفّت الأيام حولي بشرّها ... وإني لأرجو الأمن بعد وفاتي ألم تر أني من ثلاثين حجة ... أروح وأغدو دائم الحسرات أرى فيئهم في غيرهم متقسّما ... وأيديهم من فيئهم صفرات فآل رسول الله نحف جسومهم ... وآل زياد حفّل القصرات بنات زياد في القصور مصونة ... وآل رسول الله في الفلوات إذا وتروا مدّوا إلى أهل وترهم ... أكفّا من الأوتار منقبضات فلولا الذي أرجوه في اليوم أو غد ... لقطّع قلبي إثرهم حسراتي خروج إمام لا محالة خارج ... يقوم على اسم الله والبركات يميّز فينا كلّ حقّ وباطل ... ويجزي على النعماء والنقمات سأقصر نفسي جاهدا عن جدالهم ... كفاني ما ألقى من العبرات فيا نفس طيبي ثم يا نفس أبشري ... فغير بعيد كلّ ما هو آت فإن قرّب الرحمن من تلك مدتي ... وأخّر من عمري لطول حياتي   [1] م: يختارون في السروات. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1286 شفيت ولم أترك لنفسي رزية ... وروّيت منهم منصلي وقناتي أحاول نقل الشمس من مستقرها ... وأسمع أحجارا من الصّلدات فمن عارف لم ينتفع ومعاند ... يميل مع الأهواء والشبهات قصاراي منهم أن أموت بغصة ... تردّد بين الصدر واللهوات كأنك بالأضلاع قد ضاق رحبها ... لما ضمّنت من شدّة الزفرات ومما يختار من شعر دعبل قصيدته العينية التي رثى بها الحسين عليه السلام، قال [1] : رأس ابن بنت محمد ووصيّه ... يا للرجال على قناة يرفع والمسلمون بمنظر وبمسمع ... لا جازع من ذا ولا متخشع أيقظت أجفانا وكنت لها كرى ... وأنمت عينا لم تكن بك تهجع كحلت بمنظرك العيون عماية ... وأصم نعيك كلّ أذن تسمع ما روضة إلا تمنت أنها ... لك مضجع ولخطّ قبرك موضع ومن مختاراته أيضا قوله [2] : خليليّ ماذا أرتجي من غد امرىء ... طوى الكشح عني اليوم وهو مكين وان امرءا قد ضنّ منه بمنطق ... يسدّ به فقر امرىء لضنين ومن مختار شعره قوله [3] : أين الشباب وأية سلكا ... لا أين يطلب ضلّ بل هلكا لا تعجبي يا سلم من رجل ... ضحك المشيب برأسه فبكى يا ليت شعري كيف نومكما ... يا صاحبيّ إذا دمي سفكا لا تأخذا بظلامتي أحدا ... قلبي وطرفي في دمي اشتركا ولدعبل كتاب طبقات الشعراء. وديوان شعر. مات سنة ست وأربعين ومائتين.   [1] ديوان دعبل: 141. [2] ديوانه: 356 (وهما لوالد دعبل) . [3] ديوانه: 160. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1287 - 476- دغفل النساب هو دغفل بن حنظلة بن زيد بن عبدة بن عبد الله بن ربيعة بن عمرو بن شيبان بن ذهل بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل بن قاسط بن هيث بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان الشيباني: اختلف فيه، هل له صحبة برسول الله صلّى الله عليه وسلم، أم لا. وقد روى عن النبي صلّى الله عليه وسلم، وروى عنه الحسن البصري ومحمد بن سيرين وغيرهما. ذكر أبو الفرج الأصفهاني في كتاب «الأغاني» في وقعة دولاب [1] مع الخوارج في سنة خمس وستين قال: وانهزم أهل البصرة فغرق منهم في دجيل خلق منهم دغفل بن حنظلة الشيباني. حدث الحسن عن دغفل قال: كان على النصارى صوم شهر رمضان، فمرض ملك فيهم فقال: لئن شفاه الله ليزيدنّ عشرة أيام، ثم كان ملك بعده فأكل لحما فوقع فوه، فقال: لئن شفاه الله ليزيدن سبعة أيام، ثم ملك بعده فقال: ما يدع هذه الثلاثة أيام أن يتمها ونجعل صومنا في الربيع، ففعل، فكانت خمسين يوما. قيل للإمام أحمد بن حنبل، رضي الله عنه، دغفل بن حنظلة له صحبة؟ قال: ما أعرفه. واستقدمه معاوية إلى دمشق ليعلّم ولده يزيد. وحدّث معاذ بن هشام عن دغفل أنه قال: قبض رسول الله صلّى الله عليه وسلم وهو ابن خمس وستين سنة. قال معاوية لدغفل وقد أرسل إليه ليعلّم يزيد، وسأله عن أنساب العرب وعن النجوم والعربية وعن أنساب قريش فأخبره فإذا رجل عالم، فقال: من أين حفظت هذا يا دغفل؟ قال: حفظته بلسان سؤول وقلب عقول، وإن آفة العلم النسيان. وقال له يوما: بم ضبطت ما أرى؟ قال: بمفاوضة العلماء. قال: وما مفاوضة العلماء؟   [476]- هذه الترجمة من المختصر؛ وانظر: الفهرست: 101 (وذكر أن اسمه الحجر بن الحارث ودغفل لقب) ومصورة ابن عساكر 6: 89 وتهذيبه 5: 242 ومختصر ابن منظور 8: 198 وطبقات ابن سعد 7: 140 والاستيعاب: 462 والإصابة 1: 475 وميزان الاعتدال 2: 27 والوافي 11: 18. [1] الأغاني 6: 138. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1288 قال: كنت إذا لقيت عالما أخذت ما عنده وأعطيته ما عندي. حدث عكرمة عن ابن عباس قال [1] : حدثني علي بن أبي طالب، عليه السلام، من فيه، قال: لما أمر الله رسوله أن يعرض نفسه على قبائل العرب خرج وأنا معه وأبو بكر [2] ، قال: فرفعنا إلى مجلس من مجالس العرب، فتقدّم أبو بكر، وكان مقدّما في كلّ خير، وكان رجلا نسّابة، فسلّم وقال: ممّن القوم؟ قالوا: من ربيعة. قال: وأيّ ربيعة أنتم؟ أمن هامتها أم من لهازمها؟ فقالوا: بل من الهامة العظمى. فقال أبو بكر: وأيّ هامتها العظمى أنتم؟ فقالوا: من ذهل الأكبر. قال: من عوف الذي يقال لا حرّ بوادي عوف؟ قالوا: لا. قال: فمنكم جسّاس بن مرة حامي الذمار، ومانع الجار؟ قالوا: لا. قال: فمنكم بسطام بن قيس أبو اللواء، ومنتهى الأحياء؟ قالوا: لا. قال: فمنكم الحوفزان قاتل الملوك، وسالبها أنفسها؟ قالوا: لا. قال: فمنكم المزدلف صاحب العمامة الفردة؟ قالوا: لا. قال: فمنكم أصهار الملوك من كندة؟ قالوا: لا. قال: فمنكم أصهار الملوك من لخم؟ قالوا: لا. قال أبو بكر: فلستم ذهلا الأكبر، إنما أنتم ذهل الأصغر. فقام إليه غلام من بني شيبان، يقال له دغفل حين بقل وجهه وهو يقول: إن على سائلنا أن نسأله ... والعبء لا تعرفه أو تحمله يا هذا إنك قد سألتنا فأخبرناك، ولم نكتمك شيئا، فممن الرجل؟ قال أبو بكر الصديق: أنا من قريش. فقال الفتى: بخ بخ أهل الشرف والرياسة، من أيّ القرشيين أنت؟ قال: من ولد تيم بن مرة. فقال الفتى: أمكنت والله الرامي من سواء الثغرة، أمنكم قصيّ الذي جمع القبائل من فهر وكان يدعى في قريش مجمّعا؟ قال: لا. قال: فمنكم هاشم الذي هشم الثريد لقومه ورجال مكة مسنتون عجاف؟ قال: لا. قال: فمنكم شيبة الحمد عبد المطلب مطعم طير السماء، الذي كأنّ وجهه القمر يضيء في الليلة الداجية الظلماء؟ قال: لا. قال: فمن أهل الإفاضة أنت؟ قال:   [1] الخبر في المجلس السابع والخمسين من الجليس الصالح (3: 22) ودلائل النبوة للبيهقي: 96، وتهذيب ابن عساكر 5: 246 والعقد 3: 327 والفائق للزمخشري 3: 83 ومحاضرات اليوسي 2: 530. [2] بعد هذا: رضي الله عنهما، ولا وجه لإثباته. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1289 لا. قال: فمن أهل الحجابة أنت؟ قال: لا. قال: فمن أهل السقاية أنت؟ قال: لا. قال: فمن أهل الندوة أنت؟ قال: لا. قال: فمن أهل الرفادة أنت؟ قال: لا. واجتذب أبو بكر زمام الناقة راجعا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقال الغلام: صادف درء السيل درءا يدفعه ... يهيضه حينا وحينا يصدعه أما والله لو ثبتّ لأخبرتك أنك من زمعات قريش. قال وتبسم رسول الله صلّى الله عليه وسلم، قال عليّ: فقلت يا أبا بكر لقد وقعت من الأعرابي على باقعة، قال: أجل أبا الحسن، ما من طامّة إلا وفوقها طامة، والبلاء موكّل بالمنطق. قيل: جاء قوم من سعد بن زيد بن مناة إلى دغفل النسابة فسلموا عليه، وهو مولّ ظهره للشمس في مشرفة له، فردّ عليهم من غير أن يلتفت إليهم ثم قال لهم: من القوم؟ قالوا: نحن سادة مضر. قال: أنتم إذن قريش الحرم، أهل العزّ والقدم، والفضل والكرم، والرأي في البهم؟ قالوا: لسنا منهم. قال: لا. قالوا: لا. قال: فأنتم إذن هوازن أجرأها فوارس، وأجملها مجالس. قالوا: لسنا منهم قال: لا، قالوا: لا. قال: فأنتم إذن سليم، موارس عضاضها، ومنّاع أعراضها. قالوا: لسنا منهم. قال: لا. قالوا: لا. قال: فأنتم إذن بنو حنظلة، أكرمها جدودا، وأسهلها خدودا، وألينها جلودا. قالوا: لسنا منهم. قال: لا. قالوا: لا. قال: فلا أراكم إلا من زمعات مضر، وأنتم تأبون إلا [ان] ترقوا إلى الغلاصم منهم. اذهبوا لا كثر الله بكم من قلة، ولا أعزّ بكم من ذلة. قال الأصمعي: الناسبون أربعة: دغفل وأبو ضمضم وصبيح والكيس النمري. قال أبو عمرو بن العلاء: أرسل معاوية إلى دغفل النسابة فقال له: كيف علمك بقريش؟ فقال: عالم يا أمير المؤمنين. قال: هات إذن. قال: ما أنتم يا بني عبد شمس من قريش إلا كواسطة القلادة، في الشّرك أشراف وسادة، وفي الإسلام ملوك وقادة. وأما بنو هاشم فأنجاد أمجاد، ذوو ألسنة حداد. وأما بنو المطلب بن عبد مناف فإنه غامض ذكرهم ضحل نجرهم. وأما بنو نوفل فنقرة أصابتها نعرة لا تقطع بعرة ولا تجود بذرة. وأما بنو عبد الدار فإنهم أوساط الأشراف لا أجواد ولا سقاط. وأما بنو عبد العزى فأهل بأس وفيهم أحلام وفيهم أعلام. وأما بنو زهرة فأهل فحش الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1290 فاش، أحلام كالقسي، إن سكتوا فبغير حلم، وإن نطقوا فبغير علم. وأما بنو مخزوم فمعزى مطيرة، أصابتها قشعريرة، إلا بني المغيرة فإن فيهم تشادق الكلام، ومصاهرة الكرام. وأما بنو تيم فكثير عددهم، غير ظاهر جلدهم، وهم عبيد من سادهم، ولا يزال فيهم قائد يقتادهم. وأما بنو جمح فأهل خفّة وصلف، ما خلا بني خلف. وأما بنو سهم فأهل عزّ في الحرم، ليس لهم في سواها موضع قدم. وأما بنو عامر بن لؤي فيقودون الخيول، ويدركون الذحول، وليست لهم عقول. وأما بنو عدي فأهل لؤم أعراق، ودقة أخلاق، إن استغنوا شحوا، وإن افتقروا ألحّوا. فقال له معاوية: لقد حملت أضغان قريش. فقال: يا أمير المؤمنين، إني لا أستطيع أن أتقرّب إليك بفساد ما أعلم، وهذا علمي بقومك، فإن كان غير هذا فهات علمك بهم حتى آخذ به. قال معاوية: يا أخا بكر بن وائل، إني ألبس قريشا على أخلاقها، وأزوي عن مشاربها. فلما خرج دغفل نظر معاوية إلى وجوه من عنده من قريش على وجه الشماتة وقال: يا معشر قريش إنه عابكم جهده، وقال: لعمر أبيكم فلا تكذبوا ... لقد عابكم جهده دغفل ونحن أناس على ما بنا ... لآخرنا الأوّل الأوّل فإن يك حقا كما قاله ... فما غاب من عاركم أطول فإن كان كذبا فعلامة ... دعاه إليه هوى أميل ألا إنه أعلم الآخرين ... وكلّ مقال له يحمل وفي رواية أخرى تختلف، فقال القوم: ما عاب سواك، إنك استمعت وهو يذكر بني عبد شمس فلم تبال بما قال في أحياء قريش. - 477- دعوان بن علي بن حماد بن صدقة الجبائي، أبو محمد الضرير المقرىء: كان من أعيان القراء ببغداد متميزا بالقراءة بصيرا بالعربية حسن الطريقة والسمت. قرأ   [477]- ترجمة دعوان في المنتظم 10: 127 وطبقات ابن الجزري 1: 280 وذيل ابن رجب 1: 212 والوافي 14: 18. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1291 القرآن بالروايات على أبي طاهر أحمد بن علي بن سوار وأبي الخطاب علي بن عبد الرحمن بن الجراح وأبي القاسم يحيى بن أحمد السيبي، وسمع من الحسين بن أحمد بن محمد بن طلحة النعالي والحسين بن علي بن أحمد بن البسري وأبي المعالي ثابت بن بندار، وقرأ عليه القرآن خلق كثير، وروى عنه عبد الرزاق بن عبد القادر الجيلي، توفي سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة. - 478- أبو الدقّيس الاعرابي: كان أفصح الناس؛ حدّث الأحفش قال، قال الخليل: دخلنا على أبي الدقيس الأعرابي نعوده، فقلت: كيف تجدك؟ [قال] : أجدني أجد ما لا أشتهي، وأشتهي ما لا أجد، ولقد أصبحت في زمان سوء [قلت: وما زمان السوء؟ قال] : من جاد لم يجد، ومن وجد لم يجد. قلت: فما الدقيس؟ قال: لا أدري. قلت: فاكتنيت بما لا تدري ما هو؟ قال: إنما الكنى والأسماء علامات [1] . أخذ عنه أعيان أهل العلم كأبي عبيدة ويونس والأصمعي والخليل بن أحمد. قال أبو عبيدة الدقيش: دويبة رقطاء أصغر من العظاءة، والدقش شبيه بالنقش. - 479- دكين بن رجاء الفقيمي: راجز مشهور، وفد على الوليد بن عبد الملك،   [478]- هذه الترجمة من المختصر؛ وانظر ابن النديم: 53 حيث ذكر أنه قناني غنوي؛ وإنباه الرواة 4: 115 وينقل ياقوت عن مراتب النحويين: 40 (ويكتب أحيانا بالشين: أبو الدقيش) . والوافي 14: 22 واللسان (دقش) . [479]- ترجمة دكين الفقيمي الراجز في الشعر والشعراء: 508 والأغاني 9: 252 (ولعله الدارمي) والسمط: 652 ومصورة ابن عساكر 6: 99 وتهذيب ابن عساكر 5: 250 وهو غير دكين بن سعيد الدارمي، قال ياقوت: واشتبها على ابن قتيبة في طبقات الشعراء فجعلهما واحدا، والدارمي هو الذي مدح عمر بن عبد العزيز كما سيأتي في الترجمة التالية وفي التمييز بينهما يتبع ياقوت تاريخ ابن عساكر. [1] مراتب النحويين: 41 إنما هي أسماء نسمعها فنتسمى بها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1292 وكان الوليد متأهبا لسباق الخيل، فقاد دكين فرسه للسباق، فلما رآه الوليد- وكان الفرس دميما- قال: أخرجوه من الحلبة، قبح الله هذا، فقال دكين: يا أمير المؤمنين والله ما لي مال غيره، فإن لم يسبق خيلك فهو حبيس في سبيل الله. فضحك الوليد وأمر بختمه، وأرسلت الخيل فجاء سابقا، فقال دكين: قد أغتدي والطير في أكنات ... تحدو بي الشمأل في الفلاة والليل لم يحسر عن القنّات ... وللندى لمّ [1] على لماتي بذي شنيب سابغ الصّلعات ... نابي [2] المقدّ مشرف القطاة من قارح واء ومن وآت ... ومن رباع ورباعيات ومن ثنيّ ومثنّيات ... وجذع عبل ومجذعات بتن على الخيل مسطّرات ... حتى إذا انشقت دجى الظّلمات ووضع الحبل [3] على اللبّات ... وفرّق الغلمان بالوصاة من كلّ ذي قرط وقزّعات ... أرسلن يغبطن ذرى الصّعدات تسري دوين الشمس ملحفات ... من قسطلان القاع مسحلات [4] حتى إذا كنّ بمهويّات ... بالنّصف بين الخطّ والغايات عضّ بنابيه على الشباب ... وسط شماطيط [5] مجلّحات [6] مثل السراحين مصلّيات ... جاء أمام سبّق الغايات منهن من عرّض للزمات   [1] ابن عساكر: ماء. [2] م وابن عساكر: ناتي. [3] م: الخيل؛ والحبل يوضع أمام الخيل قبل الانطلاق. [4] القسطلان: الغبار الساطع؛ ومسحلات: تضرب بالسياط، وقد يكون معناها ملجمات. [5] م: سناظيط؛ والشماطيط: هي الخيل تجيء متفرقة أرسالا. [6] م: ملححات؛ ابن عساكر: ملحلحات؛ ومجلحات: يسرن سيرا شديدا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1293 وقال يمدح مصعب بن الزبير: يا ناق خبّي بالقيود خببا ... حتى تزوري بالعراق مصعبا قد علم الإمام إذ تنخّبا ... بيانه ورأيه المجرّبا وفي الأمور عقله المؤدّبا ... يا مرسل الريح الجنوب والصّبا وآذنا للفلك تجري خببا ... وخالق الماء وشيجا نسبا يعيد خلقا بعد خلق عجبا ... عظما ولحما ودما وعصبا خالا وعما وابن عمّ وأبا ... أعط الأمير مصعبا ما احتسبا واجعل له من سلسبيل مشربا ... فرعا يزين المنبر المنصّبا قلبا دهيّا ولسانا قعضبا [1] ... هذا وإن قيل له هب وهبا جواريا وفضة وذهبا ... والخيل يعلكن الحديد المنشبا قودا يلجلجن أبازيم الشبا [2] ... قد جعل الناس إليه سببا من صادر ووارد أيدي سبا - 480- دكين بن سعيد الدارمي التميمي الراجز: وهو غير دكين بن رجاء المتقدم، واشتبها على ابن قتيبة في «طبقات الشعراء» فجعلهما واحدا. ودكين بن سعيد هذا هو الذي كان منقطعا إلى عمر بن عبد العزيز حين كان واليا بالمدينة يسامره مع أبي عون   [480]- انظر مصورة ابن عساكر 6: 100 وتهذيب ابن عساكر 5: 251 ومختصر ابن منظور 8: 205 والشعر والشعراء والأغاني (في الترجمة السابقة) ويقال فيه أيضا دكين بن سعد (وهذا الراجز والذي قبله يلحقان بمعجم الشعراء) . [1] م: قصعبا؛ والقعضب: الجريء. [2] م: فورا تلجلجن أباريم الشبا؛ والقود: جمع قوداء وهي الفرس الطويلة العنق؛ يلجلجن، يحركن في أفواههن؛ أبازيم: جمع إبزيم وهي الحلقات؛ والشبا: أطراف الحديد. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1294 وسالم بن عبد الله، فلما ولي عمر بن العزيز الخلافة قصده، فلما استأذن عليه قال له الحاجب: إنه في شغل بردّ المظالم، فترقّب خروج عمر للصلاة فلما خرج ناداه فقال: يا عمر الخيرات والمكارم ... وعمر الدسائع العظائم إني امرؤ من قطن بن دارم ... أسدّ حقّ المسلم المسالم بيع يمين بالإخاء الدائم ... إذ ينتحي والله غير نائم ونحن في ظلمة ليل عاتم ... عند أبي عون وعند سالم فدخل عمر على أمهات أولاده فما زال يجمع من عندهنّ العشرة والعشرين حتى جمع له ثلاثمائة فأعطاه إياها. مات دكين هذا سنة تسع ومائة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1295 حرف الذال - 481- ذو القرنين بن ناصر الدولة أبي محمد الحسن بن عبد الله، أبو المطاع ابن حمدان التغلبي المعروف بوجيه الدولة: كان أديبا فاضلا شاعرا ولي إمرة دمشق سنة اثنتي عشرة وأربعمائة ثم عزل ثم وليها سنة خمس عشرة وأربعمائة وبقي إلى سنة تسع عشرة وأربعمائة، ومن شعره [1] : لو كنت ساعة بيننا ما بيننا ... وشهدت حين نكرر التوديعا أيقنت أنّ من الدموع محدّثا ... وعلمت أنّ من الحديث دموعا وقال [2] : يا غانيا عن خلّتي ... أنا عنك إن فكرت أغنى إن التقاطع والعقو ... ق هما أزالا الملك عنّا وأظنّ أن لن يتركا ... في الأرض مؤتلفين منّا يفنى الذي وقع التنا ... زع بيننا فيه ونفنى   [481]- ترجمة ذي القرنين ابن حمدان في مصورة ابن عساكر 6: 127 ومختصر ابن منظور 8: 230 وتهذيب ابن عساكر 5: 262 (وعليه يعتمد ياقوت) ويتيمة الدهر 1: 74 وتتمة اليتيمة 1: 3 ودمية القصر 1: 221 وابن خلكان 2: 279 والوافي 14: 42 والنجوم الزاهرة 5: 27 والشذرات 3: 238. [1] وردا في تتمة اليتيمة وابن عساكر وابن خلكان. [2] وردت القطعة بروايتين عند ابن عساكر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1296 وقال [1] : بأبي من هويته فافترقنا ... وقضى الله بعد ذاك اجتماعا فافترقنا حولا فلما التقينا ... كان تسليمه عليّ وداعا وقال [2] : أفدي الذي زرته بالسيف مشتملا ... ولحظ عينيه أمضى من مضاربه فما خلعت نجادي للعناق له ... حتى لبست نجادا من ذوائبه فبات [3] أسعدنا في نيل بغيته ... من كان في الحبّ أشقانا بصاحبه وقال [4] : من كان يرضى بذلّ في ولايته ... خوف الزوال فإني لست بالراضي قالوا فتركب أحيانا فقلت لهم ... تحت الصليب ولا في موكب القاضي توفي أبو المطاع بمصر في صفر سنة ثمان وعشرين وأربعمائة [5] .   [1] وردا في ابن عساكر والوافي. [2] الأبيات في اليتيمة وابن عساكر وابن خلكان والوافي. [3] م: فان. [4] وردا في ابن عساكر والوافي، وهما لمرشد بن منقذ 2: 585. [5] من الواضح أن الصفدي لم ينقل هذه الترجمة عن ياقوت. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1297 حرف الراء - 482- راشد بن إسحاق بن راشد أبو حكيمة الكاتب: كان أديبا كاتبا شاعرا، ذكره ابن المرزبان في «طبقات الشعراء» وقال: كان أكثر شعره في رثاء متاعه، وإنما كان يقول ذلك لتهمة لحقته من الأمير عبد الله بن طاهر أيام كتابته له في خادم لعبد الله. واتصل راشد بالوزير محمد بن عبد الملك الزيات، وله معه أخبار حسان: حدّث يحيى بن عبّاد قال: حج محمد بن عبد الملك في آخر أيام المأمون، فلما قدم من الحج كتب إليه راشد الكاتب يقول [1] : لا تنس عهدي ولا مودتيه ... واشتق إلى طلعتي ورؤيتيه فإن تجاوزت ما أقول إلى ال ... عصب فذاك المأمول منك ليه فأجابه محمد بن عبد الملك: إنك منّي بحيث يطّرد الن ... اظر من تحت ماء دمعتيه ولا ومن زادني تودّده ... على صحابي بفضل غيبتيه ما أحسن التّرك والخلاف لما ... تريد منّي وما تقول ليه   [482]- طبقات ابن المعتز: 389 والوافي 14: 59 والفوات 2: 15 وثمار القلوب: 180 وهو عند ياقوت «أبو حليمة» باللام، وموضعه الصحيح معجم الشعراء. [1] هو في طبقات ابن المعتز والأغاني 22: 479. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1298 يا بأبي أنت ما نسيتك في ... يوم دعائي ولا هديتيه ناجيت بالذكر والدعاء لك ال ... لّه لك الله رافعا يديه حتى إذا ما ظننت بالملك ال ... قادر أن قد أجاب دعوتيه قمت إلى موضع النعال وقد ... أقمت عشرين صاحبا معيه وقلت لي صاحب أريد له ... نعلا ولو من جلود راحتيه فانقطع القول عند واحدة ... قال الذي اختارها بشارتيه فقلت عندي لك البشارة وال ... شكر وقلّا في جنب حاجتيه ثم تخيّرت بعد ذاك من ال ... عصب اليماني بفضل خبرتيه موشيّة لم أزل ببائعها ... أرغب حتى زها عليّ بيه يرفع في سومه وأرغبه ... حتى التقى زهده ورغبتيه وقد أتاك الذي أمرت به ... فاعذر بكثر الإنعام قلتيه وقال راشد الكاتب وهو يجود بنفسه في مرضه الذي مات فيه بطريق مكة. ولم ولم أقف له على شعر خال من الفحش والمجون غيرها: أطبقت للنوم جفنا ليس ينطبق ... وبتّ والدمع في خديّ يستبق لم يسترح من له عين مؤرّقة ... وكيف يعرف طعم الراحة الأرق وددت لو تمّ لي حجّي ففزت به ... ما كلّ ما تشتهيه النفس يتفق - 483- ربيعة بن عامر بن أنيف بن شريح بن عمرو بن زيد بن عبد الله بن عدس بن دارم بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم الملقب بمسكين: قال أبو عمرو   [483]- ترجمة مسكين في الشعر والشعراء: 455 والأغاني 20: 169 والسمط: 186 وتهذيب ابن عساكر 5: 303 والوافي 14: 97 والخزانة 3: 60 وله أشعار في أمالي المرتضى وأنساب الأشراف وشرح النهج وتاريخ الطبري، وقد قام بجمع شعره خليل ابراهيم العطية وعبد الله الجبوري (بغداد 1970) وإليه الإحالة (والأرجح أن مسكينا يجب أن يكون في معجم الشعراء) . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1299 الشيباني: وإنما لقب مسكينا لقوله [1] : أنا مسكين لمن أنكرني ... ولمن يعرفني جدّ نطق لا أبيع الناس عرضي إنني ... لو أبيع الناس عرضي لنفق وقال ابن قتيبة: وسمي المسكين لقوله [2] : وسميت مسكينا وكانت لجاجة ... وإني لمسكين إلى الله راغب وكان مسكين شاعرا مجيدا سيدا شريفا، وكان بينه وبين الفرزدق مهاجاة، فدخل بينهما شيوخ بني عبد الله وبني مجاشع فتكافّا، واتقاه الفرزدق خشية أن يستعين عليه بجرير، واتقى مسكين الفرزدق خوفا من أن يعينه عليه عبد الرحمن بن حسان. وقال الفرزدق: نجوت من ثلاثة أشياء لا أخاف بعدها شيئا: نجوت من زياد حين طلبني، ونجوت من ابني رميلة وقد نذرا دمي وما فاتهما أحد طلباه، ونجوت من مهاجاة مسكين الدارمي لأنه لو هجاني اضطرني أن أهدم شطر حسبي لأنه من بحبوحة نسبي وأشراف عشيرتي، فكان جرير حينئذ ينتصف مني بيدي ولساني. ومن مختارات شعر مسكين الدارمي قوله [3] : ولست إذا ما سرّني الدهر ضاحكا ... ولا خاشعا ما عشت من حادث الدهر ولا جاعلا عرضي لمالي وقاية ... ولكن أقي عرضي فيحرزه وفري أعفّ لدى عسري وأبدي تجملا ... ولا خير في من لا يعفّ لدى العسر وإني لأستحيي إذا كنت معسرا ... صديقي وإخواني بأن يعلموا فقري وأقطع إخواني وما حال عهدهم ... حياء وإعراضا وما بي من كبر ضو من يفتقر يعلم مكان صديقه ... ومن يحي لا يعدم بلاء من الدهر ومن مستحسن شعره [4] : أتّق الأحمق أن تصحبه ... إنما الأحمق كالثوب الخلق   [1] ديوان مسكين: 56. [2] ديوانه: 24. [3] ديوانه: 41. [4] ديوانه: 55- 56. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1300 كلما رقّعت منه جانبا ... حركته الريح وهنا فانخرق أو كصدع في زجاج بيّن ... أو كفتق هو يعيي من رتق وإذا جالسته في مجلس ... أفسد المجلس منه بالخرق وإذا نهنهته كي يرعوي ... زاد جهلا وتمادى في الحمق وإذا الفاحش لاقى فاحشا ... فهناكم وافق الشنّ الطبق إنما الفحش ومن يعتاده ... كغراب السوء ما شاء نعق أو حمار السوء إن أشبعته ... رمح الناس وإن جاع نهق أو كعبد السوء إن جوّعته ... سرق الجار وإن يشبع فسق أو كغيرى رفعت من ذيلها ... ثم أرخته ضرارا فانمزق أيها السائل عما قد مضى ... هل جديد مثل ملبوس خلق وقدم على معاوية فسأله ان يفرض له فأبى، فخرج من عنده وهو يقول [1] : أخاك أخاك إنّ من لا أخا له ... كساع إلى الهيجا بغير سلاح وان ابن عمّ المرء فاعلم جناحه ... وهل ينهض البازي بغير جناح وقال [2] : ناري ونار الجار واحدة ... وإليه قبلي تنزل القدر ما ضرّ جارا لي أجاوره ... أن لا يكون لبيته ستر أغضي إذا ما جارتي برزت ... حتى يواري جارتي الخدر ويصمّ عما كان بينهما ... سمعي وما بي غيره وقر مات مسكين الدارمي سنة تسع وثمانين.   [1] ديوانه: 29. [2] ديوانه: 45. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1301 - 484- ربيعة بن يحيى بن معاوية بن جشم بن بكر بن حبيب بن عمرو بن تغلب المعروف بأعشى بني تغلب: شاعر من شعراء الدولة الأموية، كان نصرانيا وعلى النصرانية مات سنة اثنتين وتسعين، وكان يتردّد بين البداوة والحضارة، فإذا حضر سكن الشام، وإذا بدا نزل بنواحي الموصل وديار ربيعة حيث منازل قومه. ومن شعره قوله يمدح بني عبد المدان الحارثيين [1] : فكعبة نجران حتم علي ... ك حتى تناخي بأبوابها تزور يزيد وعبد المسيح ... وقيسا هم خير أربابها يبادرنا الورد والياسمي ... ن والمسمعات بأقصابها وبربطنا دائم معمل ... فأيّ الثلاثة أزرى بها ولما التقينا على آلة ... ومدّت إليّ بأسبابها إذا الحبرات تلوّت [2] بهم ... وجرّوا أسافل هدّابها وقال [3] : ما روضة من رياض الحزن [4] معشبة ... خضراء جاد عليها مسبل هطل يضاحك الشمس فيها كوكب شرق ... مؤزّر بعميم النبت مشتمل يوما بأطيب منها نشر رائحة ... ولا بأحسن منها إذ دنا الأصل   [484]- ترجمة أعشى بني تغلب في الأغاني 11: 263 وبغية الطلب 7: 58 واسمه عنده ربيعة بن نجوان وقيل اسمه النعمان بن نجوان وقال ابن حبيب: اسمه النعمان بن يحيى؛ وفي ديوان الأعشين: 270 أن أعشى تغلب هو عمرو بن الأهيم؛ أما ربيعة بن يحيى التغلبي فسمّاه أعشى نجوان (ديوان الأعشين: 289) وقد أخطأ ياقوت (أو لعل في النسخة سقطا) حين نسب له شعرا ليس له، ولم يورد من شعره الذي أثبته أبو الفرج شيئا. ومهما يكن من شيء، فمكان الأعشى معجم الشعراء. [1] هذا الشعر لأعشى قيس كما في الأغاني 6: 282 وديوانه: 122. [2] م: اذا الخير آت فلوت. [3] وهذه الأبيات أيضا لأعشى قيس، انظر ديوانه: 43. [4] م: في رياض الحسن. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1302 - 485- ربيعة بن ثابت بن لجأ بن العيزار بن لجأ الأسدي أبو ثابت الرقي الشاعر: استقدمه أمير المؤمنين المهدي فمدحه بعدة قصائد مشهورة فأجازه وأجزل صلته، وهو الذي قال في يزيد بن حاتم المهلبي ويزيد بن أسيد السلمي [1] : لشتّان ما بين اليزيدين في الندى ... يزيد سليم والأغرّ ابن حاتم يزيد سليم سالم المال والغنى ... أخو الأزد للأموال غير مسالم فهمّ الفتى الأزديّ إتلاف ماله ... وهمّ الفتى القيسيّ جمع الدراهم وهو الذي يقول في العباس بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس قصيدته المشهورة التي لم يسبق إليها إجادة، منها [2] : لو قيل للعباس يا ابن محمد ... قل لا وأنت مخلّد ما قالها ما إن أعدّ من المكارم خصلة ... إلا وجدتك عمّها أو خالها وإذا الملوك تسايروا في بلدة ... كانوا كواكبها وكنت هلالها إن المكارم لم تزل معقولة ... حتى حللت براحتيك عقالها فبعث إليه العباس بدينارين فقال [3] : مدحتك مدحة السيف المحلّى ... لتجري في الكرام كما جريت فهبها مدحة ذهبت ضياعا ... كذبت عليك فيها وافتريت فانت المرء ليس له وفاء ... كأني إذ مدحتك قد رثيت   [485]- ترجمة ربيعة الرقي في طبقات ابن المعتز: 157 والأغاني 16: 189 والوافي 14: 95 ونكت الهميان: 151 وقد جمع شعره صديقنا الدكتور يوسف حسين بكار (بغداد 1980) وموضعه الصحيح هو «معجم الشعراء» . [1] الأغاني 16: 189 ومجموع شعره: 97. [2] الأغاني 16: 191 ومجموع شعره: 87. [3] الأغاني 16: 192 ومجموع شعره: 67. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1303 فلما بلغت العباس غضب وتوجه إلى الرشيد فقال: إن ربيعة الرقي قد هجاني، فأحضره الرشيد وهمّ بقتله، فقال: يا أمير المؤمنين مره باحضار القصيدة فأحضرها فلما سمعها استحسنها وقال: والله ما قال أحد في الخلفاء مثلها فكم أثابك؟ قال: دينارين، فغضب الرشيد على العباس وقال: يا غلام أعط ربيعة ثلاثين ألف درهم وخلعة واحمله على بغلة. وقال له: بحياتي لا تذكره في شعرك لا تعريضا ولا تصريحا.. وكان الرشيد قد هم بان يزوج العباس ابنته ففتر عنه لذلك. توفي ربيعة الرقي سنة ثمان وتسعين ومائة. - 486- رزق الله بن عبد الوهاب التميمي البغدادي: أديب شاعر مجيد لا أعرف من أمره غير هذا، توفي ببغداد سنة ثمان وثمانين وأربعمائة ومن شعره: بأبي حبيب زارني متنكّرا ... فبدا الوشاة له فولّى معرضا فكأنني وكأنه وكأنهم ... أمل ونيل حال بينهما القضا وقال: شارع دار الرقيق أرّقني ... فليت دار الرقيق لم تكن به فتاة للقلب فاتنة ... أنا فداء لوجهها الحسن - 487- رزين بن زندورد العروضي: مات في أيام المتوكل على الله، أبو زهير مولى طيفور بن منصور الحميري خال المهدي. ويقال هو مولى بني هاشم، وهو بغدادي   [486]- ترجمته في طبقات الحنابلة 2: 250 والمنتظم 9: 88 وبغية الطلب 7: 70 وطبقات ابن الجزري 1: 284 وذيل ابن رجب 1: 77 والوافي 14: 112 ومعرفة القراء 1: 356 وقد أوردت المصادر عنه معلومات تكفي لتوضيح ما جهله ياقوت من أمره؛ ولدى الصفدي معلومات عنه وشعر له، غير الذي أورده ياقوت. [487]- ترجمة رزين العروضي في الورقة لابن الجراح: 32 وتاريخ بغداد 8: 436 والوافي 14: 116 (وهو ينقل عن ياقوت) وانظر التذكرة الحمدونية 2: 280. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1304 كثير الشعر، وأكثر شعره يخرج عن العروض. أخذ عن عبد الله بن هارون بن السميدع البصري العروضي مؤدب آل سليمان، وكان عبد الله بن هارون يقول أوزانا غريبة من العروض فنحا رزين نحوه في ذلك فأتى فيه ببدائع جمة، وكان رزين من أصحاب دعبل الخزاعي الشاعر. حدث دعبل أنه نزل هو ورزين بقوم من بني مخزوم فلم يقروهما ولا أحسنوا ضيافتهما، قال دعبل: فقلت فيهم [1] : عصابة من بني مخزوم بتّ بهم ... بحيث لا تطمع المسحاة في الطين ثم قلت لرزين أجز، فقال: في مضغ أعراضهم من خبزهم عوض ... بني النفاق وأبناء الملاعين وهو القائل [2] لآل جعفر بن محمد بن الأشعث الخزاعي [3] : إني أتيتك مرات لتأذن لي ... فكان عندك سهل الاذن محجوبا إن كنت تحجبني بالذنب مزدهيا ... فقد لعمري أبوكم كلّم الذيبا فكيف لو كلّم الليث الهصور إذن ... تركتم الناس مأكولا ومشروبا هذا السّنيدي لا يسوى إتاوته ... يكلّم الفيل تصعيدا وتصويبا فاذهب إليك فإني لا أرى أحدا ... بباب دارك طلّابا ومطلوبا قال الشيخ أبو محمد ابن الخشاب النحوي: أنشدني أبو المظفر محمد بن محمد بن قزما الاسكافي هذه الأبيات، ثم قال [4] : يا سيدي، هذا هجاء خبيث، وأخبث ما فيه أنه قال: كلم الذئب، ولم يقل: كلمه الذئب، ليسلم له سلخ الفضيلة بما تمثل به في قوله: هذا السنيدي ...   [1] الأغاني 20: 121. [2] من هنا حتى قوله: «بعد هذا» مزيد من المختصر. [3] هذا الشعر للعروضي في الجهشياري: 193- 194 وفي الورقة: 33 نقلا عن ابن أبي طاهر وفي الحيوان 7: 217 وفي ثمار القلوب: 387 ونسب في طبقات ابن المعتز: 295 لأبي سعد المخزومي، كما نسب في الأغاني 20: 90 لدعبل. [4] للجاحظ تعليق مسهب على هذا الشعر، وتعليق الاسكافي مشبه له وإن كان موجزا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1305 حدّث ابن العروضي قال [1] : لقيت أبا الحارث جمين فقلت له: ما أغراك إلى هجاء محمد بن يحيى بن خالد البرمكي، وتصفه بالبخل؟ فقال: دع ذا عنك، فإني دخلت عليه الساعة، وبين يديه خوان له من نصف خشخاشة سوى ما يسقط من الحت. قال: قلت له: أما تستحي من هذا الكلام؟ فقال: والله الذي لا إله إلا هو لو أن عصفورا بقي من بيدره حبة من حنطة ما رضي أو جاء بالعصفور مشويا بين رغيفين من عند العصفور. قلت له: أما تستحي من هذا الكلام؟ فقال: والله لأن يرقى إلى السماء على سلّم من زبد حتى يتناول بنات نعش كوكبا كوكبا أيسر عليه من أن يهب لك رغيفا في المنام. قال: فقلت له: أما تستحي، وعذلته، فقال: وأزيدك، والله لو أن له ثمانين طرزا [2] طول كلّ طرز ما يدخل أوله النهر فلا يبلغ آخره حتى يصير مملوءا إبرا في كل إبرة خيط [3] ثم جاء يوسف النبي عليه السلام، ومعه الأنبياء والشهداء يسألونه أن يعيره إبرة يخيط بها قميصه الذي قدّ من دبر ما أعارهم. قال: قلت له: حرم كلامك بعد هذا. ومن شعر رزين أيضا [4] : كأنّ بلاد الله وهي عريضة ... على الخائف المطلوب كفّة حابل تؤدي إليه أنّ كلّ ثنية ... تيممها ترمي إليه بقاتل وقال: خير الصديق هو الصدوق مقالة ... وكذاك شرّهم المنون الأكذب فإذا غدوت له تريد نجازه ... بالوعد راغ كما يروغ الثعلب توفي رزين العروضي سنة سبع وأربعين ومائتين.   [1] هذه القصة في نثر الدر 3: 249- 250 وهي هناك شديدة الإسهاب، وفي النص اختلافات. [2] الطرز: البيت. [3] صورة ما في ر: فاردته لا حباطيه. [4] هما في الأغاني 13: 163- 164 لعبد الله بن الحجاج. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1306 - 488- رسته بن أبي الأبيض الأصبهاني الضرير الشاعر: ذكره حمزة بن الحسن الأصبهاني في «تاريخ أصفهان» فقال: كان مليح الشعر أشبه الناس شعرا ببشار بن برد، حمل من أصفهان إلى بغداد وأدخل على زبيدة بنت جعفر زوج الرشيد وكان دميما، فلما رأته قالت: تسمع بالمعيديّ خير من ان تراه، فقال رسته: أيتها السيدة إنما المرء بأصغريه، ثم أنشدها وأخذ جائزتها، وله شعر كثير ومنه قوله: أيها الإخوة الذين لساني ... من قديم الزمان عنهم كليل جئتكم للسلام حتى إذا ما ... صحت شهرا كما يصيح الدليل قيل قد أدخل الخوان عليهم ... قلت ما لي إذن إليهم سبيل وقال: قد مات كلّ نبيل ... ومات كلّ نبيه ومات كلّ أديب ... وفاضل وفقيه لا يوحشنك طريق ... كلّ الخلائق فيه مات رسته سنة خمس وسبعين ومائة. - 489- رفيع بن سلمة بن مسلم بن رفيع أبو غسان دماذ العبدي اللبابي: كاتب أبي عبيدة معمر بن المثنى وصاحبه المختص به، ودماذ لقب ومعناه الفسيلة. وقيل إن المازني مشى إلى أبي غسان يسمع منه الأخبار. وكان شاعرا هجّاء خبيث اللسان فلمّا أسنّ أنكر ما هجا به الناس، فمن شعره:   [488]- ترجمته في الوافي 14: 121 ونكت الهميان: 152. [489]- هذه الترجمة من المختصر؛ وانظر الفهرست: 60 وإنباه الرواة 2: 5 وطبقات الزبيدي: 181 والوافي 14: 139 والبلغة: 80 وبغية الوعاة 1: 568. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1307 شغلي عن الناس بإنسان ... علّق قلبي وتناساني موّه باب الحبّ حتى إذا ... سقطت في الصبوة خلّاني - 490- رمضان بن رستم بن محمد بن علي بن رستم بن هردوز، فخر الدين ابن الساعاتي الخراساني الأصل الدمشقي: وهو أخو بهاء الدين أبي الحسن علي بن رستم بن الساعاتي الشاعر المشهور. وكان فخر الدين هذا طبيبا فاضلا أديبا شاعرا، وله معرفة تامة بالمنطق والعلوم الحكمية، وكان يكتب خطا منسوبا في غاية الجودة، وتلقّى صناعة الطب عن رضي الدين أبي الحجاج يوسف بن حيدر الرحبي الموجود الآن في دمشق ولازمه زمانا طويلا، والعلوم الأدبية عن تاج الدين زيد الكندي، وكان خبيرا بعلم الموسيقى ويحسن الضرب بالعود، لقيته بدمشق وحضرت مجالسه غير مرة، وبلغنا وفاته سنة ثمان عشرة وستمائة. وله من التصانيف حواش على القانون لابن سينا. وتكملة كتاب القولنج له. والمختار من الأشعار، وغير ذلك. ومن شعره: وروضة زاد بالأترجّ بهجتها ... في صفرة اللون يحكي لون مسكين عجبت منه فما أدري أصفرته ... من فرقة الغصن أم من خوف سكين وقال [1] : يحسدني قومي على صنعتي ... لأنني بينهم فارس سهرت في ليلي واستنعسوا ... لن يستوي الدارس والناعس   [490]- ترجمة ابن الساعاتي في عيون الانباء 2: 183- 184 (وقد خدم بالطب الملك الفائز بن العادل أبي بكر ابن أيوب وتوزر له، كما خدم الملك المعظم عيسى وتوزر له كذلك، وكان ينادمه ويلعب بالعود) والوافي 14: 128 والدارس للنعيمي 2: 388. [1] وردا في عيون الانباء: 184 والوافي. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1308 وقال: حسب المحبّ تلذذ بغرامه ... من كلّ ما يهوى وما يتحبّب راح المحبة لا تريح بروحها ... من كان في شيء سواها يرغب - 491- الرماح بن أبرد بن ثوبان بن سراقة بن قيس بن سلمى بن ظالم بن جذيمة بن يربوع، أبو شرحبيل المرّي المعروف بابن ميادة: وهي أمه، وكانت صقلبية [1] وكان يزعم أنها فارسية. وهو شاعر مجيد من مخضرمي الدولتين الأموية والعباسية، مات في خلافة المنصور سنة تسع وأربعين ومائة، ومن شعره يفخر بنسب أبيه في العرب ونسب أمه في العجم [2] : أليس غلام بين كسرى وظالم ... بأكرم من نيطت عليه التمائم لو انّ جميع الناس كانوا بتلعة ... وجئت بجدّي ظالم وابن ظالم لظلّت رقاب الناس خاضعة لنا ... سجودا على أقدامنا بالجماجم ومن مختار شعره قصيدته البائية التي مدح بها الوليد بن يزيد ومطلعها [3] : هل تعرف الدار بالعلياء غيّرها ... سافي الرياح ومستنّ له طنب دار لبيضاء مسودّ مسائحها ... كأنها ظبية ترعى وتنتصب   [491]- ترجمة ابن ميادة في الأغاني 2: 227 والشعر والشعراء: 655 وطبقات ابن المعتز: 106 ومصورة ابن عساكر 6: 279 وتهذيب ابن عساكر 5: 331 والمؤتلف: 180 والسمط: 306 وكتاب من نسب إلى أمه: 91 وألقاب الشعراء: 308 والوافي 14: 143 (وهو بمعجم الشعراء أليق) . وقد جمع شعره محمد نايف الدليمي (الموصل 1970) ود. حنا جميل حداد، دمشق 1982 وإلى الثاني أشير. [1] زعم الذين نشروا الأغاني (طبعة دار الثقافة) أن صقلبية تنسب إلى صقلب وهي بلد في الأندلس من أعمال شنترين، وهذا خطأ أو إمعان فيه. [2] شعر ابن ميادة: 227 وانظر الأغاني: 233. [3] شعره: 57 وانظر الأغاني: 267. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1309 تحنو لأكحل ألقته بمضيعة ... فقلبها شفقا من حوله يجب يا أطيب الناس ريقا بعد هجعتها ... وأملح الناس عينا حين تنتقب ليست تجود بنيل حين أسألها ... ولست عند خلاء اللهو أغتصب في مرفقيها إذا ما عونقت حجم [1] ... على الضجيع وفي أنيابها شنب وليلة ذات أهوال كواكبها ... مثل القناديل فيها الزيت واللهب [2] قد جبتها جوب ذي المقراض ممطرة ... إذا استوى مغفلات البيد والحدب [3] بعنتريس كأن الدّبر يلسعها ... إذا ترنّم حاد خلفها طرب [4] إلى الوليد أبي العباس قد عجلت ... ودونه المعط من لبنان والكثب [5] أعطيتني مائة صفرا مدامعها ... كالنخل زيّن أعلى نبته الشّرب [6] يسوقها يافع جعد مفارقه ... مثل الغراب غذاه الصرّ والحلب وذا سبيب صهيبيا له عرف ... وهامة ذات فرق ما بها صخب لما أتيتك من نجد وساكنه ... نفحت لي نفحة طارت بها العرب إني امرؤ أعتفي الحاجات أطلبها ... كما اعتفى سنق يلقى له العشب [7] ولا ألحّ على الخلّان أسألهم ... كما يلحّ بعظم الغارب القتب ولا أخادع ندماني لأخدعهم ... عن مالهم حين يسترخي بهم لبب وأنت وابناك لم يوجد لكم مثل ... ثلاثة كلّهم بالتاج معتصب الطيبون إذا طابت نفوسهم ... شوس الحواجب والأبصار إن غضبوا   [1] الأغاني: جمم (وهو كثرة اللحم) . [2] الأغاني: والعطب (وهو القطن) . [3] المقراض: المقص، الممطرة: ثوب يتقى به المطر، الحدب: المرتفع من الأرض. [4] العنتريس: الناقة الصلبة؛ الدبر: الزنابير أو النحل. [5] المعط: الأراضي التي لا نبات فيها؛ وفي الديوان: من نيان والكثب. [6] الشرب: ما يحفر حول النخلة ويملأ ماء. [7] أعتفي: أطلب؛ السنق: الذي شبع إلى حد البشم، يقول: أعتفي الحاجات بغير حرص ولا كلب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1310 قسني إلى شعراء الناس كلّهم ... وادع الرواة إذا ما غبّ ما احتلبوا [1] إني وإن قال أقوام مديحهم ... فأحسنوه وما مالوا وما كذبوا أجري أمامهم جري امرىء فلج ... عنانه حين يجري ليس يضطرب وقال أيضا [2] : لقد سبقتك اليوم عيناك سبقة ... وأبكاك من عهد الشباب ملاعبه وتذكار عيش قد مضى ليس راجعا ... لنا أبدا أو يرجع الدرّ حالبه كأن فؤادي في يد ضبثت [3] به ... محاذرة أن يقضب الحبل قاضبه وأشفق من وشك الفراق وأنني ... أظنّ لمحمول عليه فراكبه فو الله ما أدري أيغلبني الهوى ... إذا جدّ جدّ البين أم أنا غالبه فإن استطع أغلب وإن يغلب الهوى ... فمثل الذي لاقيت يغلب صاحبه وشعر ابن ميادة كثير اكتفينا بما ذكرناه منه. - 492- رؤبة بن العجاج واسم العجاج عبد الله بن رؤبة بن أسد بن صخر بن كنيف بن عميرة، يتصل نسبه بزيد بن مناة: الراجز المشهور من مخضرمي الدولتين ومن أعراب البصرة، سمع من أبي هريرة رضي الله عنه والنسابة البكري، وعداده في   [492]- ترجمة رؤبة في الأغاني 20: 323 وطبقات ابن سلام 761- 767 والشعر والشعراء: 495 وابن خلكان 2: 63 وبغية الطلب 7: 114 وسير الذهبي 6: 162 والوافي 14: 147 وله أخبار منثورة في كتب الأدب كنثر الدر والبيان والتبيين وعيون الأخبار والعقد والبصائر والتذكرة الحمدونية ... إلخ. (وموضعه الصحيح معجم الشعراء) . [1] غبّ: فسد. [2] الأغاني: 265 وشعر ابن ميادة: 71. [3] م: خبثت؛ ضبثت: قبضت. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1311 التابعين. وروى عنه أبو عبيدة معمر بن المثنى والنضر بن شميل وخلف الأحمر وغيرهم. وله ديوان رجز مشهور. مات في زمن المنصور سنة خمس وأربعين ومائة ومن رجزه [1] : اذا العجوز غضبت فطلّق ... ولا ترضّاها ولا تملّق واعمد لأخرى ذات دلّ مونق ... لينة المسّ كمسّ الخرنق اذا مضت مثل السياط المشّق ومنه وهو مشهور [2] : من يك ذا بتّ فهذا بتّي ... مقيّظ مصيّف مشتّي أخذته من نعجات ستّ وله شعر قليل منه [3] : أيها الشامت المعير بالشي ... ب أقلنّ بالشباب افتخارا قد لبست الشباب غضّا طريفا ... فوجدت الشباب ثوبا معارا - 493- روح بن عبد الأعلى المؤدّب: بصري يكنى أبا همام، متهم في دينه، يعلم أولاد المسلمين العربية والشعر، ويعلم أولاد المجوس خط الفرس وكتاب مزدك، وعهد أردشير، وهو القائل [4] : وعين السخط تبصر كل عيب ... وعين أخي الرضا عن ذاك تعمى   [493]- هذه الترجمة من المختصر، وانظر الوافي 14: 152 (وينقل عن المرزباني وهو مصدر ياقوت أيضا) . [1] مجموع أشعار العرب (ديوان رؤبة) : 179. [2] مجموع أشعار العرب: 189. [3] يقال إن رؤبة لم يقل من الشعر إلا هذين البيتين؛ انظر بغية الطلب: 124، 126. [4] وردا في الوافي، وكذلك القطعة التالية. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1312 ولو يمنى يديّ تكرّهتني ... إذن لحسمتها بالنار حسما وله أيضا: فما لزمان السوء لا درّ درّه ... وللبين فينا كيف قد طال عمره فراق وبعد واشتياق وزفرة ... كحرّ سعير قد تضرّم جمره سأصبر دهري ما حييت ومن يعش ... بحلو معاش يعقب الحلو مرّه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1313 حرف الزاي - 494- زاكي بن كامل بن علي، أبو الفضائل المعروف بالمهذّب الهيتيّ القطيفي الملقب بأسير الهوى: كان أديبا فاضلا شاعرا رقيق الشعر، مات سنة ست وأربعين وخمسمائة، ومن شعره: عيناك لحظهما أمضى من القدر ... ومهجتي منهما أضحت على خطر يا أحسن الناس لولا أنت أبخلهم ... ماذا يضرّك لو متّعت بالنظر جد بالخيال وإن ضنّت يداك به ... لا تبتلي مقلتي بالدمع والسهر يا من تمكن في قلبي الغرام به ... فقد حذرت وما وقّيت من حذر زوّد بتوديعة أو وقفة فعسى ... تحيي بها نضو أشواق على سفر وقال: أفعال ألحاظه المرضى الصحاح بنا ... أضعاف ما يفعل الصّمصامة الذّكر عجبت من جفنه بالضعف منتصرا ... على القلوب ويقوى وهو منكسر ومن لهيب خدود كلّما سقيت ... ماء الشباب بنار الحسن تستعر ان مجّ في الشرق من فيه الرضاب ترى ... من عرف رياه أهل الغرب قد سكروا شهود صدق غرامي فيك أربعة ... الوجد والدمع والأسقام والسهر   [494]- ترجمته في الوافي 14: 163 والفوات 2: 27 والشذرات 4: 140 وبغية الطلب (زكار) 8: 3728 وفيه القطيعي، وأورد له المقطوعة الضادية. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1314 وقال: سيدي ما عنك لي عوض ... طال بي في حبّك المرض كم بلا ذنب تهدّدني ... فجفوني ليس تغتمض أبغير الهجر تقتلني ... لا أبالي هجرك الغرض ورضائي في رضاك فقل ... ما تشاء لست أعترض أنت لي داء أموت به ... كم أداويه وينتقض - 495- زائدة بن نعمة بن نعيم، أبو نعمة القشيري [1] المعروف بالمجفجف [2] : كان شاعرا جيد الشعر نقيّ الألفاظ مختارها رقيق المعاني يمدح السادات وأهل البيوتات، لقيته بحلب سنة ثمانين وخمسمائة وتوفي سنة ست وثمانين وخمسمائة، ومن شعره [3] : أصبح الربع من سمية خالي ... غير هيق وناشط وغزال [4] وثلاث كأنهنّ حمام ... في رماد وأشعث الرأس بالي هلهلته الرياح مما توالى ... نسجها بالغدوّ والآصال من قبول ومن دبور سنوح ... وجنوب ومن صبا وشمال   [495]- مصورة ابن عساكر 6: 325 وتهذيب ابن عساكر 5: 351 وبغية الطلب 7: 139 والوافي 14: 168، وقال ابن العديم: هو شاعر بني مالك، قدم حلب ومدح بها الملك رضوان بن تتش وغيره، وكان يتردد إليها كثيرا؛ ومدح صدقة بن مزيد، ومدح أتابك بدمشق فخلع عليه خلعة تامة وحمله على فرس عتيق. [1] م: التستري، والتصويب عن بغية الطلب. [2] م: بالمحفحف، وضبطه الصفدي بجيمين وفاءين. [3] بغية الطلب: 191 (والقصيدة شديدة التصحيف في م وتهذيب ابن عساكر) . [4] م: هين ... وغوال. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1315 تجلب الغيث غير ريث [1] حياه ... برسوم الديار والأطلال كلّ نبت من الربيع وزهر ... مثل جيد من العرائس حالي أو كزيّ [2] الذي عهدن [3] لديه ... في ظلال الخيام أو في الحجال كلّ براقة الثنايا تراءى ... برقيق الغروب [4] عذب زلال وكأن الغمام من بعد وهن ... مازجته بقرقف جريال كنت في عينها كمرود كحل ... صرت في عينها كشوك السّيال حيث صار السواد مني بياضا ... وتبدلت أرذل الأبدال [5] - 496- زبان بن العلاء بن عمار بن العريان بن عبد الله بن الحصين بن الحارث بن   [496]- ترجمة أبي عمرو بن العلاء في نور القبس: 25 والمعارف: 531، 540 وأخبار النحويين البصريين: 22 ومراتب النحويين: 13- 20 ونزهة الألباء: 15 وطبقات الزبيدي: 35 والفهرست: 30 وابن خلكان 3: 466 وإنباه الرواة 4: 125 وعبر الذهبي 1: 223 وسير الذهبي 6: 407 وطبقات ابن الجزري 1: 288 والبداية والنهاية 10: 113 والوافي 14: 171 والفوات 2: 28 والشذرات 1: 237 وبغية الوعاة 2: 231 وتهذيب التهذيب 12: 178 والنجوم الزاهرة 2: 22 وروضات الجنات 3: 388. [1] م: ريب. [2] م: وكذاك. [3] م: عهدنا. [4] م: العزوف. [5] زاد في بغية الطلب وابن عساكر أبياتا وهي: فإذا الخيل أصبحت بي قياما ... صافنات وأينقى وجمالي بجناب ابن سالم وحماه ... احتمى جانبي وجاهي ومالي مثلما كنت في عراق دبيس ... لم تكن تخطر الهموم ببالي فإذا ساءلت قشير بمصر ... ونمير بن عامر كيف حالي وكلاب وفتية من عقيل ... ورجال ببرقة من هلال كان ردّ الجواب أني بخير ... ما عدت مالكا صروف الليالي ومالك المذكور هنا هو مالك بن سالم بن مالك العقيلي صاحب قلعة جعبر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1316 جلهمة بن حجر بن خزاعي بن مازن بن مالك بن عمرو بن تميم بن مر بن أدّ بن طابخة بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان: الإمام أبو عمرو بن العلاء التميمي المازني البصري أحد القراء السبعة. واختلف في اسمه على أحد وعشرين قولا. فقيل ربان، وقيل زبان، وقيل يحيى، وقيل العريان وقيل جزء، وقيل اسمه كنيته. قال الأصمعي: قلت لأبي عمرو ما اسمك؟ قال: أبو عمرو. وقيل للمبرد إن قوما يزعمون أن اسم أبي عمرو زبان. فقال: قد فتشت عن هذا بالبصرة، وسألت من هناك من أهله وولده، فلم يثبت له ولا لأخيه أبي سفيان اسم، ولهما أخ آخر يقال له معاذ، وقيل لجلالته عندهم كان يهاب لأن يسأل عن اسمه فلا يعرف إلا بكنيته [1] . والصحيح انه زبّان لما روي أنّ الفرزدق جاء معتذرا إليه من أجل هجو بلغه عنه، فقال له أبو عمرو: هجوت زبان ثم جئت معتذرا ... من هجو زبان لم تهج ولم تدع ولد أبو عمرو بمكة سنة ثمان أو خمس وستين ومات بالكوفة سنة أربع وخمسين ومائة، أخذ بمكة والمدينة والكوفة والبصرة عن شيوخ كثيرة منهم أنس بن مالك والحسن البصري وسعيد بن جبير وعكرمة ومجاهد، وأخذ النحو عن نصر بن عاصم الليثي. وأخذ عنه القراءة عرضا وسماعا جماعة كثيرون منهم عبد الله بن المبارك واليزيدي، وأخذ عنه النحو الخليل بن أحمد ويونس بن حبيب البصري وأبو محمد اليزيدي، وأخذ عنه الأدب وغيره طائفة منهم أبو عبيدة معمر بن المثنى والأصمعي ومعاذ بن مسلم النحوي وغيرهم، وروى عنه الحروف سيبويه، وكان أعلم الناس بالعربية والقرآن وأيام العرب والشعر. حدث أبو عبيدة [2] عن أبي عمرو قال [3] : طلب الحجاج أبي فخرج منه هاربا إلى اليمن فإنّا لنسير بصحراء اليمن فلحقنا لا حق ينشد:   [1] فقيل ربان ... إلا بكنيته: من المختصر؛ وانظر نور القبس: 25. [2] هذه الفقرة مزيدة من المختصر حتى قوله: في كل يوم. [3] قارن بنور القبس: 30 وإنباه الرواة 4: 128- 129. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1317 ربما تكره النفوس من الأمر لها فرجة كحلّ العقال (الفرجة بالفتح في الأمر وبالضم في الحائط وغيره) . قال: فقال أبي: ما الخبر؟ فقالوا: مات الحجاج. قال أبو عمرو: فأنا بقول «فرجة» أشدّ سرورا منّي بموت الحجاج. قال، فقال أبي: أصرف ركابنا إلى البصرة. حدث الأصمعي قال [1] : كان لأبي عمرو كلّ يوم فلسان من غلّته: فلس يشتري به ريحانا، وفلس يشتري به كوزا فيشم الريحان، ويشرب في الكوز يومه، فإذا أمسى تصدق بالكوز وأمر الجارية أن تجفف الريحان وتدقه في الأشنان، ثم يستجد غير ذلك في كل يوم. وكان [2] أبو عمرو يقرىء الناس في مسجد البصرة والحسن البصري حاضر. ويروى أن الحسن لأجله قال: كاد العلماء يكونون أربابا. قيل: كان نقش خاتم أبي عمرو بن العلاء: وإن امرءا دنياه أكبر همه ... لمستمسك منها بحبل غرور وقيل: إنه لا يعرف له شعر إلا ما رواه بعضهم [3] : وأنكرتني وما كان الذي نكرت ... من الحوادث إلا الشيب والصلعا وكان أبو عمرو يقول: هذا البيت أنا قلته وألحقته بشعر الأعشى. قال أبو عمرو بن العلاء: كنت معجبا به حتى لقيت أعرابيا فصيحا فهما فأنشدته إياه، فقال: أخطأت است صاحبه الحفرة، ما الذي يبقى بعد الشيب والصلع؟ فعلمت أنّي لم أصنع شيئا. قال أبو عبيدة: سمعت بشارا قبل ذلك بعشر سنين يقول: ما يشبه هذا شعر الأعشى. حدث سفيان الثوري قال [4] : كنّا عند الأعمش وعنده أبو عمرو يحدث: كان   [1] إنباه الرواة 4: 128 والمختصر. [2] هذه الفقرة وبعدها فقرات حتى قوله ... الشهيدة تؤجر: مزيد من المختصر. [3] قارن بمراتب النحويين: 14. [4] مراتب النحويين: 16- 17. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1318 رسول الله، صلّى الله عليه وسلم يتخولنا بالموعظة. قال الأعمش: ومعنى يتخولنا، يتعاهدنا، فقال له أبو عمرو: إن كان يتعاهدنا فيخوّننا [1] ، فأما يتخوّلنا فيستصلحنا. فقال له الأعمش: وما يدريك؟ فقال له أبو عمرو: إن شئت يا أبا محمد أن أعلمك الساعة أن الله ما علمك شيئا مما تدعيه فعلت. قال أبو الطيب: والصحيح [ما] ذهب إليه أبو عمرو. وقال الأصمعي: لقد ظلمه أبو عمرو. قال: يتخولنا ويتخوننا جميعا، فمن قال: يتخولنا يستصلحنا، ومن قال يتخوننا يتعهدنا؛ قال: والرواية باللام والمعنى متقارب. وحدث أبو الطيب قال [2] : كان أبو عمرو يميل إلى القول بالإرجاء، فحدث الأصمعي قال: قال عمرو بن عبيد لأبي عمرو: يا أبا عمرو؟ وهل يخلف الله وعده؟ قال لا، قال: أفرأيت من أوعده الله عقابا أيخلف وعده؟ قال من العجمة أتيت يا أبا عثمان، إن الوعد غير الوعيد، لأن العرب لا تعد عارا ولا خلفا أن تعد شرا ثم لا تفعله، ترى ذلك كرما وفضلا وإنما الخلف أن تعد خيرا ولا تفعله. قال له: أوجد هذا في كلامهم، فأنشده: ولا يرهب ابن العمّ ما عشت صولتي ... ولا يختتي [3] من خشية المتهدّد وإني وإن أوعدته أو وعدته ... لمخلف إيعادي ومنجز موعدي قال المؤلف: هذا جملة ما جرى بينهما من المناظرة على ما توجه في كتب العلماء، ثم أضاف إليها بعض المعتزلة شعرا مولدا أتمّ الخبر به، وجعل الحجة له فيهما. فقال عمرو بن عبيد: بل أنت يا أبا عمرو شغلك الإعراب عن طلب   [1] يتخوننا عند الأصمعي بمعنى يتعهدنا؛ وفي رواية يتحولنا- بالحاء المهملة- أي يطلب الأحوال التي ننشط فيها. [2] مراتب النحويين 17- 18 والنقل هنا أوفى، وفي المراتب المطبوع نقص، وانظر إنباه الرواة 4: 133 وأورد الصفدي جانبا من الخبر ثم قال: وهو خبر فيه طول استوفاه ياقوت في معجم الأدباء. [3] يختتي: يستحي. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1319 الصواب، أما سمعت قول الآخر: إن أبا ثابت لمشترك ال ... خير شريف الآباء والبيت لا يخلف الوعد والوعيد ولا ... يبيت من ثاره على فوت حدث أبو حمزة الشحام قال: وقف علينا أبو عمرو بن العلاء في السوق يساومنا ببعض ما عندنا، ثم قال: الغبن غبنان. قلنا: وما هما يا أبا عمرو؟ قال: الغبن والغلاء، فإذا استجدت ذهب أحدهما. وحدث الأصمعي قال: سألت أبا عمرو بن العلاء عن أرهبته ورهبته، فقال: ليستا سواء. فقلت: رهبته فرقته وأرهبته أدخلت الفرق قلبه. فقال أبو عمرو: ذهب من يحسن هذا من ثلاثين سنة. سئل أبو عمرو [1] : متى يحسن بالمرء أن يتعلم؟ قال: ما دامت الحياة تحسن به. أنشد أبو الحسن علي بن الحسن بن علي الشيرازي لأبي عمرو بن العلاء المقرىء: دع الهمّ بالرزق يا عاقلا ... فربّك منه لنا قد فرغ فما لك منه إذا ما افتكرت ... بعقل صحيح سوى ما مضغ أجاز التراقي [2] بلا مانع ... وقابل بالخوف لما بلغ فدع ذكر دنيا تبدّت لنا ... كسمّ الشجاع إذا ما لدغ فإني خلوت بذكري لها ... وفارقت إبليس لما نزغ فألفيتها مثل ماء الإناء ... وكلب العشيرة فيها يلغ فخلّيتها عن قلى كلّها ... وعلّلت نفسي بأخذ البلغ سأل رجل [3] أبا عمرو بن العلاء حاجة فوعده بها، ثم إن الحاجة تعذرت على   [1] إنباه الرواة 4: 128. [2] هذا هو شكل الكلمة في رولا معنى لها؛ والبيت كله غير واضح المعنى. [3] إنباه الرواة 4: 126. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1320 أبي عمرو، فلقيه الرجل بعد ذلك، فقال له: وعدتني يا أبا عمرو وعدا لم تنجزه. قال له أبو عمرو: فمن أولى بالغمّ أنا أو أنت؟ قال الرجل: أنا. قال أبو عمرو: لا والله بل أنا. قال: وكيف ذلك أصلحك الله، وأنا المدفوع عن حاجتي؟ فقال: لأني وعدتك، فأنت بفرح الوعد، وأنا بهمّ الإنجاز، وبتّ ليلتك فرحا مسرورا، وبتّ ليلتي مفكرا مهموما، ثم عاق القدر عن بلوغ الإرادة، فلقيتني مدلا، ولقيتك محتشما، فأنا أولى بالغم منك. قال: صدقت. وحدث الأصمعي قال: غاب أبو عمرو عن البصرة عشرين سنة ثم رجع ففقد إخوانه الذين كانوا يجلسون إليه في مجلسه بجامع البصرة، فأنشأ يقول: يا منزل الحيّ الذي ... ن تفرّقت بهم المنازل أصبحت بعد عمارة ... قفرا تهبّ بك الشمائل فلئن رأيتك موحشا ... فبما رأيت وأنت آهل وحدث الأصمعي قال: كنا عند أبي عمرو بن العلاء فسأله رجل: لم سميت الخيل خيلا؟ فسكت أبو عمرو، فقال فتى في المجلس: سميت خيلا لاختيالها. فقال أبو عمرو: اكتبوا الاختيال من الخيلاء، وهو العجب. قال الأصمعي: صنع أبو عمرو بن العلاء هريسة فكتب إليّ: هلمّ إلى من عذّبت طول ليلها ... بأضيق حبس في وطيس مسعّر وقد جلدت حدين وهي بريّة ... فحيّ على دفن الشهيدة تؤجر وكان يونس بن حبيب يقول: لو كان أحد ينبغي أن يؤخذ بقوله في كلّ شيء كان ينبغي أن يؤخذ بقول أبي عمرو بن العلاء. وقال أبو عبيدة: أبو عمرو أعلم الناس بالقراءات والعربية وأيام العرب والشعر، وكانت دفاتره ملء بيته إلى السقف، ثم تنسك فأحرقها. وأما حاله في أهل الحديث فقد وثقه يحيى بن معين وغيره وقالوا: صدوق حجة في القراءة، وله أخبار حسان، وروي عنه فوائد كثيرة يطول ذكرها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1321 - 497- الزبير بن بكار بن عبد الله بن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير بن العوام، أبو عبد الله القرشي الأسدي: كان علّامة نسّابة أخباريا أعلم الناس قاطبة بأخبار قريش وأنسابها ومآثرها وأشعارها، وعلى كتابه في أنساب قريش الاعتماد في معرفة أنساب القرشيين. أخذ عن سفيان بن عيينة وغيره، وروى عنه ابن ماجة وابن أبي الدنيا وغيرهما، وكان ثقة من أوعية العلم، ولا يلتفت لقول أحمد بن علي السليماني فيه إنه منكر الحديث. وولد ونشأ بالحجاز ومات بمكة وهو قاض لها، ليلة الأحد لسبع بقين من ذي القعدة سنة ست وخمسين ومائتين عن أربع وثمانين سنة. وكان أبوه أبو بكر بكار على قضاء مكة، ثم ولّى المتوكل الزبير ابنه القضاء بعد أبيه، فلم يزل قاضيها إلى أن مات على ذلك. ودخل بغداد عدة دفعات. حدث موسى بن هارون قال [1] : كنت بحضرة الأمير محمد بن عبد الله بن طاهر فاستأذن عليه الزبير بن بكار، فلما دخل عليه أكرمه وعظمه وقال له: إن باعدت بيننا الأنساب فقد قرّبت بيننا الآداب، وان أمير المؤمنين أمرني أن أدعوك وأقلدك القضاء [2] فقال له الزبير بن بكار: أبعد ما بلغت هذه السن ورويت أن من ولي القضاء فقد ذبح بغير سكين أتولى القضاء؟ فقال له: فتلحق بأمير المؤمنين بسر من رأى، فقال له: أفعل، فأمر له بعشرة آلاف درهم وعشرة تخوت ثياب وظهر يحمله ويحمل ثقله إلى حضرة سرّ من رأى. فلما أراد الانصراف قال له: ان رأيت يا أبا عبد الله أن تفيدنا شيئا نرويه عنك ونذكرك به، قال: نعم، انصرفت من عمرة المحرّم فبينا أنا بأثاية   [497]- ترجمة الزبير بن بكار في الفهرست: 123 ونور القبس: 321 وتاريخ بغداد 8: 467 وبغية الطلب 7: 143 وابن خلكان 2: 311 وتذكرة الحفاظ وانظر مقدمة جمهرة نسب قريش حيث ذكر المحقق اثنين وعشرين مصدرا ترجمت له، وفي هذه الترجمة هنا زيادات كثيرة مأخوذة من المختصر، ورفع في المختصر نسبه إلى عدنان. [1] ابن خلكان ومصارع العشاق 2: 56 وتاريخ بغداد: 469 مع اختلافات أساسية في الرواية. [2] في المصادر السابقة: اختارك لتأديب ولده. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1322 العرج إذا أنا بجماعة مجتمعة، فأقبلت اليهم، وإذا برجل كان يقنص الظباء وقد وقع ظبي في حبالته فذبحه فانتفض في يده، فضرب بقرنه صدره فنشب القرن فيه فمات، وإذا بفتاة أقبلت كأنها المهاة، فلما رأت زوجها ميتا شهقت ثم قالت: يا خشن لو بطل لكنّه أجل ... على الأثاية ما أودى به البطل يا خشن جمع أحشائي وأقلقها ... وذاك يا خشن لولا غيره جلل أضحت فتاة بني نهد علانية ... وبعلها في أكفّ القوم محتمل وكنت راغبة فيه أضنّ به ... فحال من دون ظبي الريمة الاجل ثم شهقت فماتت، فما رأيت أعجب من الثلاثة: الظبي مذبوح، والرجل جريح ميت، والفتاة ميتة. فلما خرج قال الأمير محمد بن عبد الله: أيّ شيء أفدنا من الشيخ، قالوا: الأمير أعلم، قال: قوله «أضحت فتاة بني نهد علانية» أي ظاهرة، وهذا حرف لم أسمعه في كلام العرب قبل اليوم. حدث المرزباني فيما أسنده إلى الزبير بن بكار قال [1] عادلت المتوكل على الله من الجوسق إلى المحمدية فلما سرنا قال لي: يا زبير، من أفضل الناس بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلم؟ قال: فورد عليّ شيء لم أروّ فيه، فخفت أن أقول: عليّ، فيقول: تقدّمه على أبي بكر، وخشيت أن أقول أبا بكر فيقول: فضلت على آل رسول الله صلّى الله عليه وسلم، غيرهم. قال: فسكتّ فاقتضاني الجواب، فسكتّ. فقال: ما لك لا تجيب؟ فقلت: يا أمير المؤمنين، سمعت الناس بالمدينة يقولون: أبو بكر خير الصحابة، وعليّ خير القرابة. قال: فأرضاه ذلك وكفّ. حدّث ثعلب قال: كتب رجل إلى الزبير بن بكار يستجفيه، فكتب إليه الزبير: ما غيّر الدهر ودا كنت تعرفه ... ولا تبدلت بعد الذكر نسيانا ولا حمدت وفاء من أخي ثقة ... إلا جعلتك فوق الحمد عنوانا قال الزبير: شيعني إسحاق بن إبراهيم التميمي، وقال: فراقك مثل فراق الحياة ... وفقدك مثل افتقاد الديم   [1] نور القبس: 321. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1323 عليك السلام فكم من وفاء ... أفارق منك وكم من كرم وحدث الزبير قال: شكرت بعض الملوك على عارفة له فما رأيته يقبل الشكر حق قبوله، فأنشدته: فلو كان يستغني عن الشكر ماجد ... لعزّة ملك أو علوّ مكان لما ندب الله العباد لشكره ... فقال اشكروني أيها الثقلان قال المؤلف: هذا قول بشع شنع، فإن الله تعالى ليس به فاقة إلى شكر عباده، وإنما أدبهم بما أمرهم، قلت: وإنما هذه استعارة حسنة. قال الزبير: تشوّفت إلى المدينة وأنا بالعراق فقلت: ليت شعري ولليالي صروف ... هل أرى مرّة بقيع الزبير ذاك مغنى ألذّه وقطين ... تشتهي النفس أن تراه بخير قال الزبير [1] : جئت إلى الفتح بن خاقان أسأله أن يستأذن لي أمير المؤمنين المتوكل في الحج فوعدني، فقلت له أنشدك، وأنشدته: ما أنت بالسبب الضعيف وإنما ... نجح الأمور بقوة الأسباب فاليوم حاجتنا إليك وإنما ... يرجى الطبيب لساعة الأوصاب قال فاستأذن لي على المتوكل فخرج سعيد بن مسكين فقال: ادخل، فدخلت فودعت أمير المؤمنين، ثم خرجت وخرج الفتح، فقال: جائزتك تلحقك، وعهدك بالقضاء على مكة لاحق بك، فلما صرت إلى منزلي إذا خادم معه ثلاثون ألف درهم فقبضتها وخرجت إلى مكة، فلما أردت الدخول إليها إذا رسوله ومعه عهدي بالقضاء، فدخلتها واليا عليها. ثم مات بمكة في الوقت المقدم ذكره. وكان سبب موته أنه سقط من سطح علوّه عشرة أذرع فانكسرت ترقوته ووركه فمات، وصلى عليه ابنه مصعب، وحضر جنازته محمد بن عيسى بن المنصور ودفن إلى جانب قبر علي بن عيسى الهاشمي في نقرة الحجون.   [1] نور القبس: 321- 322. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1324 وقال الزبير: دخلت على المعتزّ بالله وهو محموم فقال لي: يا أبا عبد الله، إني قد قلت في ليلتي هذه أبياتا، وقد أعيا عليّ إجازة بعضها، ثم أنشدني: إني عرفت علاج القلب من وجع ... وما عرفت علاج الحبّ والجزع جزعت للحبّ والحمّى صبرت لها ... إنّي لأعجب من صبري ومن جزعي من كان يشغله عن حبّه وجع ... فليس يشغلني عن حبكم وجعي قال: فقلت: وما أملّ حبيبي ليلتي أبدا ... مع الحبيب ويا ليت الحبيب معي قال: فأمر لي على البيت بألف دينار. وقال الزبير: خطب إليّ محمد بن الفضل بن الحسن العلوي أختا لي فرددته ردّا جميلا فكتب إليّ يفخر ويكثر فكتبت إليه: وصل كتابك يهدر بشقشقة صلماء (بشقشقة صلماء أي مشقوقة) عن شفة علماء (شفة علماء: الأعلم المشقوق الشفة العليا) تزعم أنك وأني، فدم حيث أنت، ودعني حيث أنا، فلعمري ليبطئن بي عنك الذي أسرع بك إلي، والسلام. قال: وتزوجت امرأة، وعندي أخرى فما زالت بي حتى طلقتها، وأقبلت على بيت فيه كتب، فجاءت المرأة فأخذت بعضادتي الباب، وقالت: لكتبك أشرّ عليّ من أربع ضرّات. وللزبير بن بكار من التصانيف: كتاب نسب قريش وأخبارها. وكتاب أخبار العرب وأيامها. وكتاب نوادر أخبار النسب. وكتاب الموفقيات في الأخبار ألفه للموفق بالله [1] . وكتاب أزواج النبي صلّى الله عليه وسلم. وكتاب وفود النعمان على كسرى. وكتاب الأوس والخزرج. وكتاب النحل، قال ابن النديم: رأيته بخط ابن السكري. وكتاب نوادر المدينيين. وكتاب الاختلاف. وكتاب العقيق وأخباره. وكتاب إغارة كثيّر على الشعراء. وأخبار ابن ميادة. وأخبار ابن الدمينة. وأخبار ابن قيس الرقيات. وأخبار أبي دهبل الجمحي. وأخبار أبي السائب. وأخبار الأشعث. وأخبار الأحوص.   [1] نشره د. سامي مكي العاني، بغداد 1972. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1325 وأخبار ابن هرمة. وأخبار توبة بن الحميّر وليلى الأخيلية. وأخبار أمية بن أبي الصلت. وأخبار حاتم. وأخبار حسان. وأخبار جميل. وأخبار عبد الرحمن بن حسان. وأخبار العرجي. وأخبار عمر بن أبي ربيعة. وأخبار كثيّر. وأخبار المجنون. وأخبار نصيب. وأخبار هدبة بن الخشرم وزيادة، وغير ذلك. - 498- زكريا بن أحمد بن محمد بن يحيى بن محمد بن يحيى بن حمويه النسابة البزاز أبو يحيى: فاضل مشهور له معرفة بالأنساب. مات سنة ثمان وأربعين وثلاثمائة. له تصانيف في علوم الزيدية [1] وأخبارهم، منها كتاب «الابانة عن الإمامة» . - 499- زكريا بن يحيى بن عبد الرحمن الساجي البصري أبو يحيى: من أئمة أهل العلم والفضل. مات سنة سبع وثلاثمائة بالبصرة. وكان فيه فكاهة زائدة حتى قيل إنّ له مجلسا للعلم ومجلسا للهو. وكان يقول: أصلحت سريرتي بيني وبين الله، عز وجل، لما بلغت الأربعين، فما أبالي من طعن عليّ. وكان يلقّب الناس، وقال: ما لقبتهم حتى لقبت نفسي وأهلي، لقبي أنا الساقول، وابني زيرك. ذكر عنه أن رجلا صار إليه، فقال له قد محنت فخذ بيدي، فأراني رجلا في ثقل   [498]- هذه الترجمة من المختصر؛ وانظر الوافي 14: 201 (وهو ينقل عن ياقوت دون أن يصرّح بذلك) . [499]- هذه الترجمة من المختصر؛ وانظر الفهرست: 266 وطبقات الشيرازي: 104 وسير الذهبي 14: 197 وتذكرة الحفاظ: 709 وعبر الذهبي 2: 134 وميزان الاعتدال 2: 79 وطبقات السبكي 3: 299 وطبقات الأسنوي 2: 22 والبداية والنهاية 11: 131 والوافي 14: 205 وتهذيب التهذيب 3: 334 ولسان الميزان 2: 488 والشذرات 2: 250. [1] ر: اليزيدية. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1326 روح المعروف بفلان، وكان هذا الرجل ينسب إلى ثقل الروح، فحلفت بالطلاق أن حمار بن رزقويه أخف روحا منه، فقال له أبو يحيى: جئني بالحمار فجاءه به، وكان جذعا مربوعا، فخرج من مجلسه في الجامع إلى باب الأحنف، ومعه أهل مجلسه ينظر إلى الحمار، فقال اركبوه فركب، وشوّر بين يديه فقال للرجل: أقم على زوجتك فهذا في الحمير أخف روحا من ذاك في الناس. له من الكتب كتاب في أخبار البصرة، كتاب الأبلة، كتاب في الجرح والتعديل. - 500- زند بن الجون المعروف بأبي دلامة الكوفي: أسود من موالي بني أسد، أدرك آخر أيام بني أمية ونبغ في أيام بني العباس، وانقطع إلى السفاح والمنصور والمهدي، ومات في خلافة المهدي سنة إحدى وستين ومائة. وله مع الخلفاء والأمراء أخبار كثيرة ونوادر جمة، فمن ذلك ان أبا جعفر المنصور أمر اصحابه بلبس السواد وقلانس طوال ودراريع كتب عليها فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (البقرة: 137) وأن يعلقوا السيوف في المناطق، فدخل عليه أبو دلامة في هذا الزيّ، فقال له المنصور: كيف أصبحت يا أبا دلامة قال: بشرّ حال يا أمير المؤمنين، قال: كيف ذلك ويلك؟ قال: وما ظنك يا أمير المؤمنين بمن أصبح وجهه في وسطه، وسيفه على استه، ونبذ كتاب الله وراء ظهره، وصبغ بالسواد ثيابه!! فضحك المنصور ووصله وأمر بتغيير ذلك الزي، وفي ذلك يقول أبو دلامة [1] :   [500]- ترجمة أبي دلامة في الشعر والشعراء: 660 وطبقات ابن المعتز: 54 والأغاني 10: 247 وتاريخ بغداد 8: 488 وابن خلكان 2: 320 وسير الذهبي 7: 374 والوافي 14: 216 والمؤتلف والمختلف: 231 والبداية والنهاية 10: 134 ومعاهد التنصيص 2: 211 والدميري 1: 163 والشذرات 1: 249 وله طرائف منثورة في كتب الأدب (ومكانه معجم الشعراء) وقد جمع ديوانه الدكتور رشدي علي حسن (بيروت 1985) . [1] الأغاني 10: 248 وديوانه: 60 (وفيه تخريج) . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1327 وكنا نرجّي من إمام زيادة ... فجاد بطول زاده في القلانس تراها على هام الرجال كأنها ... دنان يهود جلّلت بالبرانس وخرج [1] أبو دلامة مع روح بن حاتم المهلبي في بعث لقتال الشراة، فلما نشبت الحرب أمره روح بمبارزة فارس من الشراة يدعو إلى البراز، فقال أبو دلامة: إني أعوذ بروح أن يقدّمني ... إلى البراز فتخزى بي بنو أسد إن البراز إلى الأقران أعلمه ... مما يفرّق بين الروح والجسد قد حالفتك المنايا أن صمدت لها ... وأنها لجميع الخلق بالرصد إن المهلب حبّ الموت أورثكم ... وما ورثت اختيار الموت عن أحد لو أنّ لي مهجة أخرى لجدت بها ... لكنها خلقت فردا فلم أجد فضحك منه روح وأعفاه. ولأبي دلامة شعر كثير كله جيد، وفيما أوردناه منه كفاية. - 501- زهير بن ميمون الفرقبي الهمداني [أبو محمد] كان من أهل الكوفة، وقيل له الفرقبي لأنه كان يتّجر إلى ناحية فرقب فنسب إليها وكان من أهل القرآن. مات في سنة خمس وخمسين ومائة في زمن المنصور وكان عالما بالنسب.   [501]- هذه الترجمة من المختصر، وانظر الفهرست: 103 ونور القبس: 267 وإنباه الرواة 2: 18 والوافي 14: 228. وقد وردت نسبته القرقبي، والفرقبي (الأولى فاء) وقيل فيه: كان نحويا قارئا أخذ النحو عن أصحاب أبي الأسود، وذكر المرزباني في نور القبس أن وفاته كانت سنة ست وخمسين ومائة؛ ولم يذكر ياقوت قرقب في معجم البلدان وإنما ذكر فرقب (3: 881) وقال: فرقب موضع قال الفراء: ينسب إليه زهير الفرقبي من أهل القرآن. وقال الأزهري: الفرقبية: ثياب بيض من كتان والقرقبية كذلك. [1] الأغاني 10: 256 وديوانه: 44. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1328 - 502- زياد بن سلمى بن عبد القيس أبو أمامة العبدي المعروف بزياد الأعجم مولى عبد القيس: قيل له الأعجم للكنة كانت فيه، أدرك أبا موسى الأشعري وعثمان بن أبي العاص وشهد معهما فتح اصطخر، عدّه ابن سلام في الطبقة السادسة [1] من شعراء الاسلام. وهمّ الفرزدق بهجاء عبد القيس فأرسل إليه زياد لا تعجل حتى أهدي إليك هدية، فبعث إليه: فما ترك الهاجون لي إن هجوته ... مصحّا أراه في أديم الفرزدق وما تركوا عظما يرى تحت لحمه ... لكاسره أبقوه للمتعرق سأكسر ما أبقوه لي من عظامه ... وانكت مخّ الساق منه وأنتقي وإنا وما تهدي لنا إن هجوتنا ... لكالبحر مهما يلق في البحر يغرق فلما بلغ الفرزدق الشعر قال: ما إلى هجاء هؤلاء من سبيل ما عاش هذا العبد. ودخل زياد على عبد الله بن جعفر فسأله في خمس ديات فأعطاه، ثم عاد فسأله في خمس ديات أخر فأعطاه، ثم عاد فسأله في عشر ديات فأعطاه، فأنشأ يقول: سألناه الجزيل فما تلكّا ... وأعطى فوق منيتنا وزادا وأحسن ثم أحسن ثم عدنا ... فأحسن ثم عدت له فعادا مرارا لا أعود إليه إلّا ... تبسّم ضاحكا وثنى الوسادا وقال يرثي المغيرة بن المهلّب:   [502]- ترجمة زياد الأعجم في طبقات ابن سلام: 693- 699 والشعر والشعراء: 343 والأغاني 15: 307 والمؤتلف والمختلف: 193، 195 والكامل 2: 226 والوافي 14: 244 والفوات 2: 29 ومعاهد التنصيص 2: 173 وتهذيب التهذيب 3: 370 والخزانة 4: 192 وانظر التذكرة الحمدونية 2: 157 (والتخريج) 342 (والتخريج) (وموقعه الصحيح في معجم الشعراء) . [1] بل هو في الطبقة السابعة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1329 إنّ السماحة والمروءة ضمّنا ... قبرا بمرو على الطريق الواضح مات المغيرة بعد طول تعرّض ... للموت بين أسنة وصفائح فإذا مررت بقبره فاعقر به ... كوم الهجان وكلّ طرف سابح وانضح جوانب قبره بدمائها ... فلقد يكون أخا دم وذبائح وهي من أحسن المراثي. توفي زياد في حدود المائة. - 503- زياد بن عبد العزيز بن أحمد بن زياد الجذامي الأندلسي [كان] بليغا راوية للأخبار، توفي سنة ثلاثين وأربعمائة. له من المصنفات: كتاب منار السراج في الردّ على القبري [1] . كتاب في الردّ على منذر القاضي. أرجوزة. - 504- زيد بن الحسن بن زيد بن الحسن بن زيد بن الحسن بن سعيد بن عضيهة ابن عمير بن الحارث الأصغر: ذي رعين، تاج الدين أبو اليمن الكندي البغدادي ثم الدمشقي النحوي اللغوي المقرىء الحافظ المحدث الجامع لأسباب الفضائل، محط الركبان، حسنة الزمان: ولد ببغداد في شعبان سنة عشرين وخمسمائة، وتوفي بدمشق   [503]- هذه الترجمة من المختصر؛ وانظر الصلة 1: 186 والوافي 15: 17. [504]- ترجمة تاج الدين الكندي في إنباه الرواة 2: 10 وابن خلكان 2: 339 وذيل الروضتين: 95 والخريدة (قسم الشام) 1: 100 ومرآة الزمان: 575 وتكملة المنذري 2: 383 والوافي 15: 50 وسير الذهبي 22: 34 ومرآة الجنان 4: 25 والبداية والنهاية 3: 71 والجواهر المضية 1: 246 والنجوم الزاهرة 6: 216 وطبقات ابن الجزري 1: 297 وبغية الوعاة 1: 570 وإشارة التعيين (وراجع حاشية تكملة المنذري وحاشية سير الذهبي ففي التخريج استقصاء) ؛ وفي هذه الترجمة زيادات كثيرة من المختصر. [1] م: القبرني (والنسبة إلى مدينة قبرة) . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1330 سنة سبع وتسعين وخمسمائة [1] . وكان أبوه من كبار التجار وذوي الجدة واليسار، فاتفق له الشيخ الإمام أبو محمد عبد الله بن علي بن أحمد المقرىء المعروف بابن بنت الشيخ سبط أبي منصور الخياط فألقى الله محبّته في قلبه فلقّنه القرآن وهو طفل صغير، وأقرأه القراءات العشر، وله من العمر عشر سنين وأربعة أشهر، وشاهده خطّ الشيخ له بذلك. فلما رأى الشيخ ذكاءه وحسن تقبّله للعلم ازداد له حبا، وربّاه تربية الولد البار، ونصحه وحمله إلى مشايخ وقته وعلماء أوانه، فقرأ عليهم القرآن، وصنّف له كتبا في قراءاتهم، وأسمعه الحديث من نفسه ومن أهله في وقته، ووهب له جملة من كتبه، واستجاز له من المشايخ ببغداد واستدعى له من مشايخ الأقطار، وكان ذلك سرا اطّلع عليه الشيخ أبو محمد ظهر به نبأه بعد حين. وكان كلما قرأ عليه القراءات برواية دعا له تارة بطول العمر وتارة بحسن القبول، وتارة بالإفادة، وتارة بالتوفيق والسعادة، إلى غير ذلك من الدعوات، فما منها شيء إلا وقد استجيب له فيه. وبلغ عدد من قرأ عليه من الشيوخ الذين لقيهم وسمع منهم، وأجازوا له من الأقطار سبعمائة ونيّفا وستين شيخا من رجل وامرأة. ومن عجائب ما وقع له من الأسانيد ما أخبرنا به- أيده الله- قال: أخبرنا القاضي أبو بكر ابن محمد بن عبد الباقي بن محمد بن عبد الله الأنصاري العدل قاضي البيمارستان قراءة عليه وأنا أسمع في صفر سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة قال: أنبأنا أبو إسحاق إبراهيم بن عمر بن أحمد الفقيه الحنبلي الرملي قراءة عليه، وأنا أسمع، قال: أنبأنا أبو محمد عبد الله بن إبراهيم بن أيوب بن ناس البزار قراءة عليه في المحرم سنة ثمان وستين وثلاثمائة، قال: أنبأنا أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله البصري اللخمي قال: أنبأنا محمد بن عبد الله الأنصاري عن ابن عون عن الشعبي قال: سمعت النعمان بن بشير قال: سمعت رسول الله، صلّى الله عليه وسلم، يقول: «إن الحلال بيّن، وإن الحرام بيّن، وإن بين ذلك أمورا مشتبهات، وربما قال مشتبهة، وسأضرب لكم في ذلك مثلا: إن لله حمى، وإن حمى الله ما حرّم الله، وإن من يرع حول الحمى   [1] أجمعت المصادر على أنه توفي سنة 613. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1331 يوشك أن يخالط الحمى، وربما قال: يخالط الريبة، يوشك أن يحشر. وهذا حديث مجمع على صحته، وهو أحد الأحاديث التي اتفق أئمة الحديث على أن مدار السنة عليها، وقد أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما، وأبو داود والنسائي في سننه، وغيرهم من الأئمة في كتبهم من عدة طرق. وأخرجه مسلم بن الحجاج في العدد إلى الشعبي. وقد مات مسلم سنة إحدى وستين ومائتين، فيكون من سمعه من تاج الدين أبو اليمن كمن سمعه من مسلم. وله عوال كثيرة يعجز عن تعدادها. وتفرد برواية كثير من الكتب لا يشركه فيها أحد، وفي كثرة ما صحبته وحضرت مجلسه ما رأيت القارىء قرأ عليه كتابا من مروياته وعلى الخصوص الأدبية واللغوية والنحوية ونحوها إلا وهو يسابق القارىء إلى ما يقرأه بالإشارة إلى المعنى أو إيراد اللفظ. وقلّما سئل عن مسألة إلا وأجاب فيها، ثم استدعى الكتاب في الحال وأخرج المسألة منه توافق ما أجاب به، فقيل له: أيّ حاجة إلى إحضار الكتاب وقولك حجة بالغة؟ فقال كلاما معناه يزيد تثبت السائل وتحقّق المسؤول. وتفرّد بالسماع والرواية من جماعة مشايخ، وخرج من بغداد وقصد همذان، وتفقّه على سعد الراوي. واتفق أن والده حجّ وتوفي، فلما بلغه خبر والده عاد إلى بغداد، وأقام بها مدة، ثم أصعد إلى الشام، واتصل بعز الدين فروخ شاه وصحبه عشر سنين ما فارقه ساعة واحدة ثم التحق بأخيه من بعده تقي الدين. وقد قرأ النحو على أبي محمد سبط أبي منصور الخياط وعلى أبي السعادات هبة الله ابن الشجري وابن الخشاب، واللغة على أبي منصور موهوب الجواليقي وسمع الحديث من ابن عبد الباقي وآخرين. ولما قدم دمشق تقدّم فيها وتصدّر وازدحم عليه الطلاب، وانتقل من مذهب الحنابلة إلى مذهب الحنفية فتوغل فيه وأفتى، واستوزره فروخ شاه، ثم اتصل بأخيه صاحب حماة واختص به. وقرأ عليه الملك المعظم عيسى العربية فأقرأه «كتاب سيبويه» و «الإيضاح» لأبي علي الفارسي و «شرح سيبويه» لابن درستويه وقرأ عليه جماعة القراءة والنحو واللغة، وكتب الخطّ المنسوب، وكانت له خزانة كتب جليلة في الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1332 جامع بني أمية. وله تعليقات على ديوان المتنبي وأخرى على خطب ابن نباتة. وكتاب نتف اللحية من ابن دحية ردّ فيه على ابن دحية الكلبي في كتابه الذي سماه «الصارم الهندي في الردّ على الكندي» وكتاب في الفرق بين قول القائل طلقتك إن دخلت الدار وبين إن دخلت الدار طلقتك، ألفه جوابا لسؤال ورد عليه، وله غير ذلك. وقال لي تاج الدين: كنت في صغري وقت اشتغالي بالعلم أبغض إخوتي إلى أبي لأنه كان يريدني أشتغل بالمتجر، وكنت أنا أشتغل بالعلم، وكان ذلك سعادة منحني الله تعالى بها، فإنني اكتسبت بالعلم مقدار أربعين ألف دينار وهبتها جميعها لمن يلوذ بي حتى إن الدار التي أنا مقيم فيها كتبتها لهم. وكان لتاج الدين غلامان أحدهما اسمه ياقوت، وسمي فيما بعد يعقوب، والآخر يحيى، وهو ابن غلام له فخوّلهما جميع ما يملك. وأقول: ما أظن أن أحدا نال من العلم، وبلغ منه ما بلغ تاج الدين، فإني رأيت الملك المعظم ابن الملك العادل، وهو صاحب الشام، والمتملك عليها، وهو يقصد منزله راجلا ليقرأ عليه النحو، ولا يكلّفه مشقة المجيء إلى خدمته. ورأيت على بابه من المماليك الأتراك وغيرهم ما لا يكون إلا على باب ملك، ومن الآدر والبساتين ما لا يحصى. وكان الكندي يكثر الجلوس في دكان رجل عطّار يتطّبب، فجاءته امرأة تستوصفه شيئا فطلبت منه حاجة فأعطاها، وأخرى وأخرى إلى أن ضجر، فقال لها في كلام دار بينهما: يا امرأة، أخذتي والله مخّي، فقال الكندي مسرعا: لا تلمها، فإنها محتاجة إليه تريد تطعمه لزوجها (جعله حمارا) . ومدح الشيخ أبا اليمن شجاع بن الدهان البغدادي، فقال [1] : يا زيد زادك ربّي من مواهبه ... نعماء يقصر عن إدراكها الأمل لا غيّر الله حالا قد حباك بها ... ما دار بين النحاة الحال والبدل النحو أنت أحقّ العالمين به ... لأن باسمك فيه يضرب المثل   [1] سير الذهبي: 39. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1333 ومن شعر تاج الدين [1] : لامني في اختصار كتبي حبيب ... فرّقت بينه الليالي وبيني كيف لي لو أطلت لكنّ عذري ... فيه أنّ المداد إنسان عيني وكتب إلى القاضي محيي الدين ابن الشهرزوري من أبيات [2] : إني علقت بمحيي الدين معتضدا ... فعاد تقبيح دهري وهو إحسان وكم رأيت لغيري غيره عضدا ... لكن أولئك مرعى وهو سعدان ووجدت له مقطعات كثيرة من الشعر، إلا أنه كان في باقي الفضائل أطول يدا من الشعر؛ وفيه يقول علم الدين السخاوي [3] : لم يكن في عصر عمرو [4] مثله ... وكذا الكنديّ في آخر عصر فهما زيد وعمرو إنما ... بني النحو على زيد وعمرو - 505- زيد بن الحسن الأحاظي التميمي أديب شاعر كان بعد الخمسمائة، ومن شعره قوله في سلطان شاحط من بلاد اليمن: قالوا لنا السلطان في شاحط ... يأتي الزنا من موضع الغائط قلت هل السلطان من فوقه؟ ... قالوا بل السلطان من هابط   [505]- ذكره ياقوت في معجم البلدان «شاحط» وأورد البيتين. [1] الوافي 14: 54. [2] المصدر السابق. [3] سير الذهبي: 39 والوافي 14: 52. [4] عمرو هو سيبويه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1334 - 506- زيد بن الربيع بن سليمان الحجري: يعرف بزيد البارد، من أهل الأندلس. مات سنة ثلاث وثلاثمائة. - 507- زيد بن عبد الله بن رفاعة الهاشمي أبو الخير: أحد الأدباء العلماء الفضلاء. كان معاصر الصاحب بن عباد، وكان يعتقد رأي الفلاسفة. أقام بالبصرة زمنا طويلا، وصادف بها جماعة جامعة لأصناف العلم منهم أبو سليمان محمد بن مسعر البستي، ويعرف بالمقدسي، وأبو الحسن علي بن هارون الزنجاني، وأبو أحمد النهرجوري والعوفي وغيرهم فصحبهم وخدمهم، وكانت هذه العصابة قد تآلفت بالعشرة، وتصافت بالصداقة، واجتمعت على القدس والطهارة والنصيحة، فوضعوا بينهم مذهبا، وزعموا أنهم قرّبوا به الطريق إلى الفوز برضوان الله والمصير إلى جنته وذلك أنهم قالوا: الشريعة قد دنّست بالجهالات، واختلطت بالضلالات، ولا سبيل إلى غسلها وتطهيرها إلا بالفلسفة، لأنها حاوية للحكمة الاعتقادية والمصلحة الاجتهادية، وزعموا أنه متى انتظمت الفلسفة اليونانية والشريعة العربية فقد حصل الكمال، وصنفوا خمسين رسالة في جميع أجزاء الفلسفة علمها وعملها، وأفردوا لها   [506]- هذه الترجمة من المختصر؛ وانظر طبقات الزبيدي: 284 والمقتبس لابن حيان (انطونية) : 48 والتكملة 1: 331 وإنباه الرواة 2: 15 والوافي 15: 50 وبغية الوعاة 1: 573 وقال الزبيدي وابن الأبار: كان له حظ من العربية واللغة وقرض الشعر، وكان حسن الضبط للكتب متقنا لها، وهو الذي جمع بين الأبواب في كتاب الأخفش فاقتدى به الناس، وكانت مفرقة. ووفاته عند الزبيدي وابن الأبار: سنة ثلاثمائة. [507]- هذه الترجمة من المختصر، وانظر الامتاع والمؤانسة 2: 4 (وعنه ينقل ياقوت) وعن ياقوت ينقل الصفدي مصرحا بذلك في الوافي 15: 48 وتاريخ بغداد 8: 450 وميزان الاعتدال 2: 103 ولسان الميزان 2: 506 وتاريخ حكماء الإسلام للبيهقي 35- 36 ونزهة الأرواح 2: 20. وقد حدث زيد ببلاد الجبال وخراسان عن ابن دريد وابن الأنباري بكتب الأدب، وذكره القاضي التنوخي وقال: أعرفه، كان يتولى العمل لمحمد بن عمر العلوي على بعض النواحي، ولم نعرفه بشيء من العلم ولا سماع الحديث، وكان يذكر لنا عنه أنه يذهب مذهب الفلاسفة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1335 فهرستا، وسمّوها «رسائل إخوان الصفا» وكتموا أسماءهم، ونثروها في الوراقين ووهبوها للناس، وادّعوا أنهم ما فعلوا ذلك إلا ابتغاء وجه الله، وطلب رضوانه، وحشوا هذه الرسائل بالكلمات الدينية والأمثال الشرعية، والحروف المحتملة، والطرق المموهة، وحيث اعتبرت هذه فوجدت متنوقّة من كل فن نتفا بلا إشباع ولا كفاية، وفيها خرافات وكنايات وتلفيقات وتلزيقات، وقد غرق الصواب فيها لغلبة الخطأ عليها، وحملت إلى الشيخ أبي سليمان محمد بن بهرام المنطقي السجستاني، ونظر فيها أياما وتبحرها طويلا، وقال: تعبوا وما أغنوا، ونصبوا وما أجدوا، وحاموا وما وردوا، وغنّوا وما أطربوا، ظنوا ما لم يكن ولا يكون ولا يستطاع، ظنّوا أنهم يدسّون الفلسفة التي هي علم النجوم والأفلاك والمقادير والمجسطي وآثار الطبيعة والموسيقا الذي هو معرفة النغم والإيقاعات والنقرات والأوزان، والمنطق الذي هو اعتبار الأقوال بالإضافات والكميات والكيفيات في الشريعة. وأن يطفئوا الشريعة بالفلسفة، وهذا مرام دونه حدد، قد تورّك على هذا قبل هؤلاء قوم كانوا أحدّ أنيابا وأحضر أسبابا، وأعظم أقدارا، فلم يتمّ لهم ما أرادوه، ولا بلغوا ما أمّلوه، وحصلوا على لوثات قبيحة، وعواقب مخزية، إلى كلام طويل من هذا الباب. قال زيد بن رفاعة الهاشمي: سمعت أبا بكر الشبلي ينشد في جامع المدينة والناس حوله: يقول خليلي كيف صبرك عنهم ... فقلت وهل صبر فيسأل عن كيف بقلبي هوى أذكى من النار حرّه ... وأحلى من التقوى وأمضى من السيف ومما رواه عن ابن عباس، رضي الله عنه، في قوله تعالى: خُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً قال: أي شيء أضعف من الإنسان؟ ينطق بلحم، ويبصر بشحم، ويسمع بعظم. أي شيء أضعف من الإنسان؟ تبطره النعمة، وترضيه اللقمة، وتصرعه النقمة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1336 - 508- زيد بن عبد الوهاب بن محمد الأردستاني: القاضي أبو الطيب، وكان من ملازمي مجلس نظام الملك. - 509- زيد بن علي بن عبد الله، أبو القاسم الفارسي الفسوي: كان علّامة فاضلا نحويا لغويا مشاركا في عدة علوم، أخذ النحو عن أبي الحسين ابن أخت أبي علي الفارسي وروى عنه «الايضاح» لخاله، وقرأ على الشريف أبي البركات عمر بن إبراهيم الكوفي [1] ، وأخذ الحديث عن أبي ذر الهروي [2] وغيره. وأقرأ العربية بحلب ودمشق. وله «شرح الإيضاح في النحو» لأبي علي الفارسي. وشرح الحماسة لأبي تمام، وغير ذلك. مات بطرابلس في ذي الحجة سنة سبع وستين وأربعمائة. ومما أنشده لأربون [3] الفارسي: الزم جفاءك لي ولو فيه الضنا ... وارفع حديث البين عما بيننا فسموم هجرك في هواجره الأذى ... ونسيم وصلك في أصائله المنى - 510- زيد بن كثرة: أعرابي قدم البصرة، وأقام بمربدها، وأخذت عنه اللغة.   [508]- هذه الترجمة من المختصر، وانظر دمية القصر 1: 463 وتلخيص مجمع الآداب 4: 3/460 والوافي 15: 49. وأورد له الصفدي ثلاث مقطعات. [509]- ترجمة زيد بن علي الفارسي في مصورة ابن عساكر 6: 657 وتهذيبه 6: 28 (ولم يورده ابن منظور في مختصره) وإنباه الرواة 2: 17 وبغية الطلب 8: 124 وبغية الوعاة 3: 393 وزعم القفطي في انباه الرواة أنه ابن أخت أبي علي الفارسي، والصحيح أنه يروي عن ابن أخت أبي علي. والبيتان من المختصر. [510]- هذه الترجمة من المختصر. [1] كان ذلك في عام 455. [2] في بغية الطلب: عن أبي عبيد نعيم بن مسعود الهروي. [3] بغية الطلب: لأبزون. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1337 - 511- زيد بن مرزكّة الموصلي: [كان] نحويا شاعرا أديبا إلا أنه كان رافضيا دجالا، وكان أصله من قرية من قرى الموصل تدعى «عين سعي» ومن شعره الذي أبان عن سوء مذهبه قوله يستطرد بأبي بكر، رضي الله عنه: وإذا لزمت زمامها قلقت ... قلق الخلافة في أبي بكر ومن جيد شعره قوله يرثي الحسين بن علي، صلوات الله عليهما من قصيدة: فلولا بكاء المزن حزنا لفقده ... لما جاءنا بعد الحسين غمام ولو لم يشقّ الليل جلبابه أسى ... لما انجاب من بعد الحسين ظلام   [511]- هذه الترجمة من المختصر، وقد قال ياقوت في ترجمة علي بن دبيس النحوي الموصلي: وأخذ عنه زيد مرزكة، وهو مذكور في بابه. وقد وردت ترجمة زيد هذا في الوافي 15: 58 وخريدة القصر (قسم الشام) 2: 301 وبغية الوعاة 1: 574؛ ومرزكة بفتح الميم وسكون الراء وفتح الزاي وتشديد الكاف. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1338 حرف السين - 512- ساتكين [بن] أرسلان التركي أبو منصور المالكي الأديب: له كتاب في النحو لطيف، مات سنة ثمان وثمانين وأربعمائة [بالقدس] . - 513- سالم بن أحمد بن سالم شيخنا أبو المرجي بن أبي الصقر التميمي الحاجب المعروف بالمنتجب، الأديب النحوي العروضي البغدادي: مات ببغداد يوم الأحد خامس ذي القعدة سنة إحدى عشرة وستمائة. هذا أول شيخ قرأت عليه بدمشق، وكان تاجرا ذا ثروة حسنة مبخّلا. وكان قد قرأ النحو على أبي البقاء العكبري وغيره وكان أديبا فاضلا نحويا متفردا بالعروض، سمع صحيح مسلم من المؤيد الطوسي، وكان محبوبا حسن الأخلاق قرأت عليه العربية والعروض ببغداد، وله تصانيف: كتاب «أرجوزة في النحو» على مثال أرجوزة   [512]- هذه الترجمة من المختصر. وانظر إنباه الرواة 2: 69 ومصورة ابن عساكر 7: 8 وتهذيبه 6: 44 (ولم يورده ابن منظور في مختصره) والوافي 15: 75. [513]- هذه الترجمة موجودة في م، ولكنها موجزة، ومعظم مادتها من المختصر وانظر إنباه الرواة 2: 67، 68 (ترجم له مرتين) والوافي 15: 78 وبغية الوعاة 1: 574 وروضات الجنات 4: 28. وذكر القفطي تاريخ وفاته كما ورد هنا، وقال: كان من ساكني درب القرنفليين ببغداد وأنه قرأ على الشيخ أبي البقاء النحوي (يعني العكبري) وأبي الخير مصدق بن شبيب وأبي البركات ابن الأنباري وصحب الوجيه النحوي. لعل ذكر دمشق هنا سهو، لأنه سيذكر في ما يلي أنه قرأ عليه ببغداد. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1339 الحريري. كتاب في صناعة الشعر جيد نافع. كتاب في القوافي. كتاب في العروض، فمن شعره: يا ماجدا جلّ أن يهدى لمكرمة ... لأنه بالدنايا غير موصوف إن قلت جد بعد دعواي التي سبقت ... من عفتي وإبائي خفت تعنيفي هب أنني تبت لا أرجو ندى أحد ... يوما فهل تبت عن إسداء معروف وأنشدني له يرثي الإمام مجد الدين أبا سعيد عبد الله بن عمر بن أحمد بن منصور الصّفّار: عليك فتى الصفّار في كلّ ليلة ... صلاة من الرحمن دائمة تترى أفدت الورى حيا بعلمك والنهى ... وزاروك ميتا فاستفادوا بك الأجرا وكنت لهم في الأرض ذخرا لفاقة ... فصرت لهم في يوم بعثهم ذخرا مضيت وأبقيت الشهاب أخا التقى ... ففارقنا خير وأبقى لنا خيرا أيا زائري قبر الإمام هديتم ... إذا أنتم عاينتم ذلك القبرا فقولا له من بعد كلّ تحية ... فديناك من قبر حوى لحده بحرا - 514- سالم بن عبد الله، ويقال ابن عبد الرحمن أبو العلاء، مولى هشام بن عبد الملك وكاتبه على ديوان الرسائل: وكان سالم أستاذ عبد الحميد بن يحيى الكاتب، كاتب مروان بن محمد وختنه. حدث زياد الأعجم قال: حضرت جنازة هشام بن عبد الملك فسمعت أبا عبد الأعلى ينشد: وما سالم عما قليل بسالم ... وإن كثرت أحراسه ومواكبه   [514]- هذه الترجمة من المختصر. انظر الفهرست: 131 وأنساب الأشراف (المخطوط) ومصورة ابن عساكر 7: 39 وتهذيبه 6: 57 وبغية الطلب 8: 188 والجهشياري: 62 والوافي 15: 86 وانظر كتابي: عبد الحميد بن يحيى الكاتب، ففيه دراسة عن سالم ورسائل له. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1340 وإن كان ذا باب شديد وحاجب ... فعمّا قليل يهجر الباب حاجبه ويصبح بعد الحجب للناس مفردا ... رهينة بيت لم تستّر جوانبه فنفسك فاكسبها السعادة جاهدا ... فكلّ امرىء رهن بما هو كاسبه وما كان إلا الدفن حتى تفرّقت ... إلى غيره أفراسه ومراكبه وأصبح مسرورا به كلّ كاشح ... وأسلمه أصحابه وحبائبه له كتاب رسائل مدوّنة نحو مائة ورقة. - 515- السائب بن فروخ أبو العباس الضرير المكي الشاعر، مولى بني جذيمة بن عليّ بن الديل: سمع عبد الله بن عمرو بن العاص، وروى عنه عطاء [1] وحبيب بن أبي ثابت وعمرو بن دينار. ووثقه أحمد، وروى له البخاريّ ومسلم والترمذي وأبو داود والنسائي وابن ماجة. وكان منحرفا عن آل أبي طالب مائلا إلى بني أمية مادحا لهم، وهو القائل لأبي الطفيل عامر بن واثلة وكان شيعيا: لعمرك إنني وأبا طفيل ... لمختلفان والله الشهيد لقد ضلوا بحبّ أبي تراب ... كما ضلّت عن الحقّ اليهود وهو القائل يرثي بني أمية عند انقضاء دولتهم: آمت نساء بني أمية منهم [2] ... وبناتهم بمضيعة أيتام نامت جدودهم وأسقط نجمهم ... والنجم يسقط والجدود تنام خلت المنابر والأسرّة منهم ... فعليهم حتى الممات سلام توفي أبو العباس الأعمى بعد ست وثلاثين ومائة.   [515]- ترجمة السائب بن فروخ في الأغاني 16: 228 والوافي 15: 106 ونكت الهميان: 153 والفوات 2: 41 وتهذيب التهذيب 3: 449 والتاريخ الكبير للبخاري 4: 154. [1] يعني عطاء بن أبي رياح. [2] م: أمست ... أيما. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1341 - 516- سحيم بن حفص أبو اليقظان الراوية الأخباري ّ النسابة: كان أميا لا يكتب، وكان أنسب الناس وكان عارا على أبي عبيدة وكان أبو عبيدة عارا على الناس. توفي سنة تسعين ومائة. ذكره ابن النديم وذكر له من المصنفات: كتاب أخبار تميم. كتاب حلف تميم بعضها بعضا. كتاب نسب خندف وأخبارها. كتاب النسب الكبير. كتاب النوادر. - 517- سراج بن عبد الملك بن سراج أبو الحسين بن أبي مروان النحوي اللغوي الأخباري الأديب الشاعر: كان عالم الأندلس في وقته، كان يجتمع إليه مهرة النحاة كابن الابرش وابن الباذش ومن في طبقتهما يتلقون عنه لوقوفه على دقائق النحو ولغات العرب وأشعارها وأخبارها، روى عنه القاضي عياض وابن خير وغيرهما، ومن شعره: بثّ الصنائع لا تحفل بموقعها ... في آمل شكر المعروف أو كفرا كالغيث ليس يبالي حيثما انسكبت ... منه الغمائم تربا كان أو حجرا مات ابن أبي مروان سنة ثمان وخمسمائة.   [516]- الفهرست: 106- 107 والمختصر (وقيل سحيم لقب واسمه عامر بن حفص، وقال أبو اليقظان: سمتني أمي خمسة عشر يوما عبيد الله. قال المدائني: فاذا قلت حدثنا أبو اليقظان أو سحيم بن حفص وعامر بن حفص وعامر بن أبي محمد وعامر بن الأسود وسحيم بن الأسود ... فهو أبو اليقظان) . [517]- ترجمة أبي الحسين ابن سراج في الصلة: 222 والذخيرة 1/2: 821 والقلائد: 202 والغنية: 201 والمغرب 1: 116 ومعجم شيوخ الصدفي: 305 وأخبار وتراجم أندلسية: 132 والمطرب: 123 وإنباه الرواة 2: 66 والوافي 15: 128 وبغية الوعاء 1: 576 والديباج المذهب: 126 وترتيب المدارك 8: 142 والخريدة 3: 484 والمسالك 11: 414 ومعجم السفر: 411. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1342 - 518- السريّ بن أحمد بن السريّ أبو الحسن الكندي المعروف بالسريّ الرفاء الموصلي الشاعر المشهور: أسلمه أبوه صبيا للرفائين بالموصل فكان يرفو ويطرز، وكان مع ذلك ينظم الشعر ويجيد فيه، كتب إليه في ذلك الحال صديق له يسأله عن خبره وحاله في حرفته، فكتب إليه [1] : يكفيك من جملة أخباري ... يسري من الحبّ وإعساري في سوقة أفضلهم مرتد ... نقصا ففضلي بينهم عاري وكانت الابرة فيما مضى ... صائنة وجهي وأشعاري فأصبح الرزق بها ضيّقا ... كأنه من ثقبها جار فلما جاد شعره انتقل من حرفة الرفو إلى حرفة الأدب، واشتغل بالوراقة فكان ينسخ ديوان شعر كشاجم وكان مغرى به، وكان يدسّ فيما يكتبه منه أحسن شعر الخالديين ليزيد في حجم ما ينسخه وينفّق سوقه ويشنع بذلك على الخالديين لعداوة كانت بينه وبينهما، فكان يدعي عليهما سرقة شعره وشعر غيره، فكان فيما يدسّه من شعرهما في ديوان كشاجم يتوخى اثبات مدّعاه. ولم يزل السريّ في ضنك من العيش إلى أن خرج إلى حلب واتصل بسيف الدولة ومدحه وأقام بحضرته، فاشتهر وبعد صيته ونفق سوق شعره عند أمراء بني حمدان ورؤساء الشام والعراق. ولما مات سيف الدولة انتقل السريّ إلى بغداد ومدح الوزير المهلبي [2] وغيره من الأعيان والصدور، فارتفق وارتزق وحسنت حاله وسار   [518]- ترجمة السريّ الرفاء في الفهرست: 195 (ونقلها ابن العديم في البغية 8: 229) واليتيمة 2: 117 وتاريخ بغداد 9: 194 وبغية الطلب 8: 227 وابن خلكان 2: 104 والوافي 15: 136 ومعاهد التنصيص 3: 280؛ قلت: ويبدو أن هذه الترجمة موجزة لأن ابن العديم ينقل عن ياقوت أخبارا لم ترد هنا. [1] اليتيمة 2: 117 (قال الثعالبي: وهذه الأبيات ليست في ديوان شعره الذي في أيدي الناس وإنما هي في مجلدة بخط السري استصحبها أبو نصر سهل بن المرزبان من بغداد) وبغية الطلب: 228. [2] علق مرغليوث هنا بقوله: هذا من أغلاط الثعالبي فإن الوزير المهلبي توفي سنة 352 وسيف الدولة سنة 356. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1343 شعره في الآفاق. وللسريّ تصانيف: كتاب الدّيرة وكتاب المحب والمحبوب والمشموم والمشروب [1] . وديوان شعر يدخل في مجلدين. وكانت وفاته ببغداد سنة اثنتين وستين وثلاثمائة. ومن مدائحه لسيف الدولة قوله [2] : أعزمتك الشهاب أم النهار ... وراحتك السحاب أم البحار خلقت منية ومنى وتضحي ... تمور بك البسيطة أو تمار تحلّي الدين أو تحمي حماه ... فأنت عليه سور أو سوار ومنها: حضرنا والملوك له قيام ... تغضّ نواظرا فيها انكسار وزرنا منه ليث الغاب طلقا ... ولم نر قبله ليثا يزار فعشت مخيرا لك في الأماني ... وكان على العدو لك الخيار ضو ضيفك للحيا المنهلّ ضيف ... وجارك للربيع الطلق جار ومن غرر شعره في الغزل قوله [3] : بلاني الحبّ فيك بما بلاني ... فشاني أن تفيض غروب شاني أبيت الليل مرتقبا أناجي ... بصدق الوجد كاذبة الأماني فتشهد لي على الأرق الثريا ... ويعلم ما أجنّ الفرقدان إذا دنت الخيام به فأهلا ... بذاك الخيم والخيم الدواني فبين سجوفها أقمار تمّ ... وبين عمادها أغصان بان ومذهبة الخدود بجلنار ... مفضضة الثغور بأقحوان سقانا الله من رياك ريّا ... وحيانا بأوجهك الحسان   [1] نشر في أربعة أجزاء تحقيق مصباح غلاونجي، وماجد حسن الذهبي، دمشق 1986. [2] ديوانه 2: 221. [3] اليتيمة 2: 159 وديوانه 2: 711. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1344 ستصرف طاعتي عمن نهاني ... دموع فيك تلحى من لحاني ولم أجهل نصيحته ولكن ... جنون الحبّ أحلى في جناني فيا ولع العواذل خلّ عني ... ويا كفّ الغرام خذي عناني وقال في الورد [1] : لو رحّبت كاس بذي زورة ... لرحبت بالورد إذ زارها جاء فخلناها خدودا بدت ... مضرمة من خجل نارها وعطّر الدنيا فطابت به ... لا عدمت دنياه عطّارها وقال [2] : وروضة بات طلّ الغيث ينسجها ... حتى إذا نسجت أضحى يدبجها إذا تنفس فيه ريح نرجسها ... ناغى جنيّ خزاماها بنفسجها أقول فيها لساقينا وفي يده ... كاس كشعلة نار إذ يؤججها لا تمزجنها بغير الريق منك وإن ... تبخل بذاك فدمعي سوف يمزجها أقلّ ما بي من حبّيك أن يدي ... إذا دنت من فؤادي كاد ينضجها - 519- سعد الرابية بن شداد: كوفي، وهو من بني يربوع، وإنما سمي الرابية بموضع كان يعلّم فيه النحو. أخذ عن أبي الأسود الدؤلي، وكان مزاحا مضحكا، اجتمعت بنو راسب والطفاوة إلى زياد بن أبيه في مولود فقال سعد الرابية: أيها الأمير، يلقى هذا المولود في الماء، فإن رسب فهو من راسب، وإن طفا فهو من الطفاوة، فأخذ زياد   [519]- هذه الترجمة من المختصر وانظر أنساب الأشراف 4/1: 178 والوافي 15: 164 وبغية الوعاة 1: 579. [1] اليتيمة 2: 169 والديوان 2: 241. [2] هي للخباز البلدي في اليتيمة 2: 211 وانظر ديوان السري 2: 788. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1345 نعله وقام ضاحكا، وقال: ألم أنهك عن هذا الهزل في مجلسي؟ وفي سعد الرابية يقول الفرزدق: إني لأبغض سعدا أن أجاوره ... ولا أحبّ بني عمرو بن يربوع قوم إذا غضبوا لم يخشهم أحد ... والجار فيهم ذليل غير ممنوع وكان عبيد الله بن زياد يستظرفه ويقربه، فأبطأ عبيد الله عن صلته أشهرا، فقال يوما عبيد الله: ما أحوجني إلى وصفاء لهم قدود وحلاوة ورشاقة يقومون على رأسي ويكونون يدي. فقال سعد: حاجتك عندي أيها الأمير، أنا أعرف الناس بموضعهم وأنا أجيئك بهم، فعمد إلى أصلح من قدر عليه من الغلمان الذين في مكتبه فألبسهم ثياب الوصفاء، فلما رآهم عبيد الله أعجب بهم واشتراهم وغالى بهم، ومضى سعد فاختفى في منزل بعض أصحابه، فلما جاء الليل بكى الصبيان، فقال لهم: أي شيء تريدون؟ فقال كلّ واحد منهم: أريد بيتنا. فقال: وأين بيتكم؟ فقالوا: في موضع كذا وكذا، وأنا ابن فلان، وهذا ابن فلان. ففطن عبيد الله أنها حيلة وسخرية، وأنه أخذ المال باطلا، فوضع عليه الرّصد، فلما جيء به، قال له: ما حملك على ما فعلت؟ قال: أبطأت صلتك عني، وقطعتني ما عوّدتني فأعملت في الحيلة عليك. فضحك منه، وترك المال عليه. - 520- سعدان بن المبارك أبو عثمان الضرير النحوي الراوية، مولى عاتكة مولاة المهدي امرأة المعلى بن طريف الذي ينسب إليه نهر المعلّى ببغداد: كان من رواة العلم والأدب كوفي المذهب، روى عن أبي عبيدة معمر بن المثنى، وروى عنه محمد بن الحسن بن دينار الهاشمي. وله من المصنفات: كتاب خلق الانسان. وكتاب الوحوش. وكتاب الأرض   [520]- ترجمته في الفهرست: 77 وتاريخ بغداد 9: 203 ونزهة الألباء: 94 والوافي 15: 190 ونكت الهميان: 157 وبغية الوعاة 1: 581. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1346 والمياه والبحار والجبال. وكتاب النقائض. وكتاب الأمثال. مات سنة عشرين ومائتين. - 521- سعد بن أحمد بن مكي النيلي المؤدب الشيعي: كان نحويا فاضلا عالما بالأدب، مغاليا في التشيع، له شعر جيّد أكثره في مديح أهل البيت، وله غزل رقيق. مات سنة خمس وستين وخمسمائة وقد ناهز المائة؛ ومن شعره: قمر أقام قيامتي بقوامه ... لم لا يجود لمهجتي بذمامه ملّكته كبدي فأتلف مهجتي ... بجمال بهجته وحسن كلامه وبمبسم عذب كأنّ رضابه ... شهد مذاب في عبير مدامه وبناظر غنج وطرف أحور ... يصمي القلوب إذا رمى بسهامه وكأن خطّ عذاره في حسنه ... شمس تجلّت وهي تحت لثامه فالصبح يسفر من ضياء جبينه ... والليل يقبل من أثيث ظلامه والظبي ليس لحاظه كلحاظه ... والغصن ليس قوامه كقوامه قمر كأن الحسن يعشق بعضه ... بعضا فساعده على قسامه فالحسن من تلقائه وورائه ... ويمينه وشماله وأمامه ويكاد من ترف لدقّة خصره ... ينقدّ بالأرداف عند قيامه - 522- سعد بن الحسن بن سليمان أبو محمد التوراني الحراني النحوي الأديب   [521]- ترجمة النيلي في الخريدة 4/1: 203 والوافي 15: 198 ونكت الهميان: 157 والفوات 2: 50 والشذرات 4: 309 (وجاء اسمه في المصادر ما عدا معجم الأدباء «سعيد» ويؤيده قوله: دع يا سعيد هواك واستمسك بمن ... (الخريدة: 206) . [522]- ترجمته في الوافي 15: 178 وبغية الوعاة 1: 577، والتوراني نسبة إلى «تور» وهي قرية على باب حران (قاله السيوطي في بغية الوعاة؛ ولم يذكر ياقوت «تور» في معجم البلدان) . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1347 الشاعر: كان تاجرا يسافر إلى الشام والعراق ومصر وخراسان، وسكن ببغداد مدة وأخذ فيها عن أبي منصور موهوب الجواليقي وغيره، وكان عارفا بالنحو جيد النظم والنثر. مات سنة ثمانين وخمسمائة، ومن شعره: ولست كمن أخنى عليه زمانه ... فظلّ على أحداثه يتعتّب تلذّ له الشكوى وإن لم يجد بها ... شفاء كما يلتذّ بالحكّ أجرب وقال: جاءت تسائل عن ليلي فقلت لها ... وصورة الهمّ تمحو صورة [1] الجذل ليلي بكفّيك [2] فاغني عن سؤالك لي ... إن بنت طال وإن واصلت لم يطل - 523- سعد بن الحسن بن شداد، أبو عثمان المعروف بالناجم: كان أديبا فاضلا شاعرا مجيدا، وكان بينه وبين ابن الرومي صحبة ومودة ومخاطبات، توفي سنة أربع عشرة وثلاثمائة. ومن شعره: شدو ألذّ من ابتدا ... ء العين في إغفائها أحلى وأشهى من منى ... نفس ونيل رجائها وقال: علمي بأنك جاهل ... هو جنّة لك من غيابي والصمت عنك وصرم حب ... لي منك أبلغ من عتابي   [523]- اسمه سعيد عند الصفدي في الوافي 15: 208 والكتبي في الفوات 2: 51 وقد خلط البكري في السمط: 525 بين هذا الناجم صديق ابن الرومي وبين الناجم المصري واسمه محمد بن سعيد (انظر المحمدون: 353) . [1] الوافي: وسورة الهم ... سيرة. [2] م: بكفك. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1348 وجواب مثلك أن يقا ... بل بالسكوت عن الجواب ما زلت أحلم عن كلا ... ب الناس فعل أخي اجتناب وأبيحهم صفح الذنو ... ب فكيف عن كلب الكلاب وقال: لئن كان عن عينيّ أحمد غائبا ... فما هو عن عين الضمير بغائب له صورة في القلب لم يقصها النوى ... ولم تتخطفها أكفّ النوائب إذا ساءني منه نزوح دياره ... وضاقت عليّ في نواه مذاهبي عطفت على شخص له غير نازح ... محلّته بين الحشا والترائب وقال: قالوا اشتكت نرجستا [1] وجهه ... قلت لهم أحسن ما كانا حمرة ورد الخدّ أعدتهما ... والصبغ قد ينفذ أحيانا - 524- سعد بن علي بن القاسم بن علي بن القاسم، أبو المعالي الأنصاري الحظيري ثم البغدادي المعروف بالوراق دلال الكتب: من أهل الحظيرة وكان قد قدم بغداد واستوطنها إلى حين وفاته. كان أديبا فاضلا شاعرا رقيق الشعر وله اليد [2]   [524]- ترجمة الحظيري الوراق في المنتظم 10: 241 والخريدة (قسم العراق) 4/1: 28 وبغية الطلب 8: 264 وابن خلكان 2: 109 والوافي 15: 169، والحظيري نسبة إلى الحظيرة من نواحي دجيل من سواد بغداد. صحب العبادي الواعظ وكتب عنه شيئا من محاسن كلامه في الوعظ في كتاب سماه «النور البادي من كلام العبادي» وصحب الشيخ محمد الفارقي الزاهد وجمع ما استحسنه من كلامه في «الكلم الفارقية في الكلم الالهية» ، ومن كتبه التي لم يذكرها ياقوت «كتاب الإعجاز في معرفة الألغاز» ألفه باسم مجاهد الدين قايماز، وكتاب «حاطب ليل» ضمنه فوائد ونوادر. [1] م: وجنتا، والتصويب عن الفوات. [2] من هنا حتى آخر الفقرة من المختصر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1349 الباسطة في النظم والنثر. صحب أبا القاسم علي بن أفلح الشاعر، وجالس الشريف أبا السعادات ابن الشجري، وأبا منصور ابن الجواليقي وأبا محمد ابن الخشاب وتفقّه على مذهب أبي حنيفة، وأحب الخلوة والانقطاع فخرج سائحا، وطاف بلاد الشام، ثم عاد إلى بغداد، وكان وجيها عند أهلها. وكان دلالا في الكتب والدفاتر، وبلغني أنه اتهم في دينه وسعي به أنه يرى رأي الأوائل، ونمي ذلك عنه وخشي على مهجته، ففارق وطنه وخرج بزيّ السيّاح، وتغرّب في البلاد مدة حتى سكنت نفسه، ومات من يخافه ثم رجع إلى بغداد، وبنى له بظاهر البلد صومعة أقام بها مدة، ثم عاد إلى ما كان عليه من بيع الدفاتر والكتب والتصنيف والاشتغال بالعلوم والتأليف إلى أن أدركته منيته فمات على هيئته. وله مصنفات منها: زينة الدهر وعصرة أهل العصر في ذكر لطائف شعراء العصر ذيّل به «دمية القصر» للباخرزي الذى جعله ذيلا على «يتيمة الدهر» للثعالبي. وله كتاب لمح الملح وكتاب الايجاز في معرفة الالغاز وديوان شعر. توفي ببغداد يوم الاثنين خامس عشري صفر سنة ثمان وستين وخمسمائة. قرأت بخط [1] الشيخ أبي محمد ابن الخشاب، أنشدني صديقنا الشيخ الزاهد أبو المعالي الحظيري الوراق لنفسه هجوا: يقول لي الأنقا علام هجوتني ... وأبديت لي بعد الصفاء المساويا ولو أنني أخفيت عنه عيوبه ... ولم أبد ما فيه لما كنت صافيا وله ديوان شعر صغير الحجم إلا أن أكثر شعره مصنوع يقرأ على جهات عدة، وهو من عجيب البديع، فمن ذلك، وهو يستخرج [2] به الضمير من حروف المعجم، وذاك أن تعلم أن كل بيت منها له عدد، فالأول واحد، والثاني اثنان، والثالث أربعة، والرابع ثمانية، والخامس ستة عشر. [وصورة العمل بذلك أن تقول] لإنسان اضمر حرفا فإذا قرأت عليه بيتا، فسله هذا الحرف الذي أضمره في ذلك البيت أم لا؟ فإذا أعلمك فاحفظ ما لذلك البيت من العدد، ثم أنشده الآخر فإن   [1] قرأت بخط ... وهذي الدموع القانيات شرارها: مزيد من المختصر. [2] انظر الوافي 15: 173. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1350 اعترف له بكونه فيه فأضف العدد الثاني إلى الأول، وإن لم يكن في البيت فألغه، كذلك إلى آخرها فإذا اجتمع لك شيء من العدد فعدّ من أول الحرف إلى أن تصل إلى ذلك العدد الذي حصّلته [1] ، فإن ذلك الحرف هو المضمر، وإن جاء في الجميع فهو الألف. والأبيات التي يستخرج بها ضمير الحروف هي هذه: قل لهذا الغزال إن ظلّ يجني ... أنا أضنى إن خنتني لشقائي (1) خاب صبّ أغراه عتبك بالحبّ ... ولو ضرّه بزور البكاء (2) صل خليلي حثّ السّلاف إلي كلّ ... شفيق قضى لحيف الجفاء (4) وأدم ذمّ من يصدّ ومن يضمر ... زهدا من سائر الأشياء (8) وأمط عنك ظلم كلّ غنّي ... عنك فيه قلى لأهل العلاء (16) ومن شعره أيضا: شكوت إلى من شفّ قلبي بعده ... توقّد نار ليس يطفى سعيرها فقال بعادي عنك أكبر راحة ... ولولا بعاد الشمس أحرق نورها وله في غلام محموم: ولما حمي جمر الحبيب تزايدت ... شجوني ولم أملك سوابق أدمعي وما ذاك إلا حين حلّ بخاطري ... تلهّب منه الجسم من نار أضلعي وله: أحدقت ظلمة العذار بخدّي ... هـ فظنّوا جماله ذا ممات قلت ماء الحياة في فمه العذ ... ب فطاب الدخول في الظلمات وله: وقد أنكروا سلواي نيران حبّهم ... وفي كبدي إضرامها واستعارها تنفّست من حرّ الجوى وتبادرت ... دموع حكى وهي العقيق احمرارها فقلت لهم هذا التنفس حرّها ... وهذي الدموع القانيات شرارها ومن شعره أيضا:   [1] الوافي: ثم اجمع عدد الأبيات التي أعلمك بها وعدّ من ألف ب ت ث ج ح خ إلى آخره، فعلى أيها انقطع العدد فهو الحرف المضمر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1351 اشرب على طرب من كفّ ذي طرب ... قد قام في طرب يسعى إلى طرب من خندريس كعين الديك صافية ... مما تخيّرها كسرى من العنب فالراح من ذهب والكاس من ذهب ... يا من رأى ذهبا يسقى على ذهب وقال: ومعذّر في خدّه ... ورد وفي فمه مدام ما لان لي حتى تغ ... شّى صبح طلعته ظلام كالمهر يجمح تحت را ... كبه ويعطفه اللجام وقال: وددت من الشوق المبرّح أنني ... أعار جناحي طائر فأطير فما لنعيم لست فيه لذاذة ... ولا لسرور لست فيه سرور وقال: قل لمن عاب شامة لحبيبي ... دون فيه دع الملامة فيه إنما الشامة التي قلت عنها ... فصّ فيروزج بخاتم فيه - 525- سعد بن محمد بن سعد بن الصيفي التميمي، شهاب الدين أبو الفوارس المعروف بحيص بيص، الفقيه الأديب الشاعر: كان من أعلم الناس بأخبار العرب ولغاتهم وأشعارهم، أخذ عنه الحافظ أبو سعد السمعاني وقرأ عليه ديوان شعره وديوان   [525]- ترجمة الحيص بيص في الخريدة (قسم العراق) 1: 202 وبغية الطلب 8: 271 (هو ينقل عن السمعاني وابن النجار) والمنتظم 10: 288 وابن خلكان 2: 106 وسير الذهبي 21: 61 وعبر الذهبي 4: 219 ومرآة الزمان 8: 352 وطبقات السبكي 7: 91 والبداية والنهاية 12: 301 ولسان الميزان 3: 19 والوافي 15: 165 وروضات الجنات 4: 32 وقد نشر ديوانه في ثلاثة أجزاء بتحقيق مكي السيد جاسم وشاكر هادي شكر (بغداد 1974- 1975) . وقد ولد الحيص بيص بكرخ بغداد، واشتغل بالفقه والأدب، وكان يتعاظم في نفسه ويترفع على أبناء جنسه. [1] م: سعيد. [2] بغية الطلب: 279. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1352 رسائله، وذكره في «ذيل مدينة السلام» وأثنى عليه، وأخذ الناس عنه علما وأدبا كثيرا، وكان لا يخاطب أحدا إلا بكلام معرب. وإنما قيل له حيص بيص لأنه رأى الناس يوما في أمر شديد فقال: ما للناس في حيص بيص؟ فبقي عليه هذا اللقب. مات ليلة الأربعاء سادس شعبان سنة أربع وسبعين وخمسمائة ببغداد. ومن تقعّر الحيص بيص في كتابه ما حدّث به بعض أصحابه أنه نقه من مرض فوصف له صاحبه هبة الله البغدادي الطبيب [1] أكل الدراج، فمضى غلامه واشترى دراجا واجتاز على باب أمير وغلمانه يلعبون، فخطف أحدهم الدراج، فأتى الغلام الحيص بيص وأخبره الخبر، فقال له: ائتني بدواة وقرطاس، فأتاه بهما فكتب إلى ذلك الأمير: لو كان مبتزّ دراجة فتخاء كاسر، وقف بها السّغب بين التدويم والتمطر، فهي تعقي وتسفّ، وكان بحيث تنقب أخفاف الإبل لوجب الإغذاذ إلى نصرته، فكيف وهو ببحبوحة كرمك، والسلام. ثم قال لغلامه: امض بها وأحسن السفارة بايصالها للأمير، فمضى بها ودفعها للحاجب، فدعا الأمير بكاتبه وناوله الرقعة فقرأها ثم فكر ليعبّر له عن المعنى، فقال له الأمير: ما هو؟ فقال: مضمون الكلام أن غلاما من غلمان الأمير أخذ دراجا من غلامه، فقال: اشتر له قفصا مملوءا دراجا واحمله إليه، ففعل. وكتب [2] إلى أمين الدولة ابن التلميذ يطلب منه شياف أبار: أزكنك [3] أيها الطبّ اللبّ الآسي النطاسي النفيس النقريس، أرجنت عندك أمّ خنّور [4] ، وسكعت عنك أمّ هوبر [5] ، أني مستأخذ أشعر في حنادري رطسا ليس كلسب شبوة [6] ، ولا   [1] هو أبو القاسم هبة الله بن الفضل البغدادي الطبيب، وكان بينه وبين الحيص بيص شنآن وتهاتر، وكانا قد يصطلحان وقتا ثم يعودان إلى ما كانا فيه. والقصة والرسالة في عيون الانباء 1: 283- 284. [2] عيون الانباء 1: 284. [3] أزكنك: أعلمك وأعرّفك. [4] أرجنت: حبست، وأم خنور: الداهية. [5] سكعت: ضلت وتحيرت، وأم هوبر: الهوبر: الفهد أو القرد؛ ولعل أم هوبر تعني الداهية. [6] الحنادر: جمع حندورة وهي سواد العين؛ الرطس: الضرب؛ واللسب: اللدغ؛ وشبوة: العقرب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1353 كنخز المنصحة، ولا كنكز الحضب [1] ، بل كسفع الزخيخ [2] ، فأنا من التباشير إلى الغباشير لا أعرف ابن سمير من ابن جمير، ولا أحسّ صفوان من همام [3] بل آونة أرجحنّ شاصيا، وفينة أحبنطي مقلوليا، وتارة أعرنزم، وطورا أسلنقي [4] ، كل ذلك مع أحّ وأخ، وتهمّ قرونتي أن أرفع عقيرتي بيعاط عاط إلى هياط ومياط، وها لي أول وأهون وجبار ودبار ومؤنس وعروبة وشبار، ولا أحيص ولا أكيص، ولا أغرندي ولا أسرندي [5] فبادرني بشياف الأبار النافع لعلتي، الناقع لغلتي. فلما قرأ أمين الدولة رقعته نهض لوقته وأخذ حفنة شياف أبار وقال لبعض أصحابه: أوصلها إليه عاجلا ولا تتكلف قراءة ورقة ثانية. ومن شعره يمدح المقتفي لأمر الله [6] : ماذا أقول إذا الرواة ترنموا ... بفصيح شعري في الإمام العادل واستحسن الفصحاء شأن قصيدة ... لأجلّ ممدوح وأفصح قائل وترنّحت أعطافهم فكأنما ... في كلّ قافية سلافة بابل ثم انثنوا غبّ القريض وضمنه ... يتساءلون عن الندى والنائل هب يا أمير المؤمنين بأنني ... قسّ الفصاحة ما جواب السائل ودخل ابن القطان يوما على الوزير الزينبي وعنده الحيص بيص فقال: قد عملت بيتين هما نسيج وحده وأنشده:   [1] المنصحة: الإبرة؛ والحضب: ضرب من الحيات. [2] الزخيخ: النار؛ وسفعها: لفحها. [3] التباشير: طرائق ضوء الصبح في الليل؛ الغباشير: لعلها حلول الظلام. وابنا سمير: الليل والنهار، وابن سمير: الليلة التي لا قمر فيها، وابن جمير الليل المظلم وقيل ابن جمير الهلال؛ والصفوان: اليوم الصافي الشديد البرد، وعلى هذا يكون «الهمام» اليوم الشديد الحرّ الذي يذيب الشحم. [4] من أمثال العرب؛ إذا أرجحن شاصيا فاكفف يدا ومعناه: إذا ألقى الرجل نفسه وغلبته فرفع رجليه فاكفف يدك عنه؛ وشصا برجله رفعها. والمحبنطي: المتغضب؛ والمحبنطىء: المنتفح، واقلولى: انكمش وتجافى واستوفز. واعرنزم: اجتمع وتقبّض: واسلنقى: نام على ظهره. [5] أحيص: أحيد فأسلم؛ ويكيص عن الأمر: يكع؛ ومن معاني لا يكيص: لا يأكل؛ يغرندي: يعلو ويغلب؛ وكذلك يسرندي. ومن معاني يسرندي: يمضي قدما. [6] عيون الانباء: 284 وديوانه 3: 413 (عن معجم الأدباء) . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1354 زار الخيال بخيلا مثل مرسله ... فما شفاني منه الضمّ والقبل ما زارني قطّ إلا كي يوافيني ... على الرقاد فينفيه ويرتحل فقال الوزير للحيص بيص: ما تقول في دعواه هذه؟ فقال: إن أنشدهما ثانية سمع لهما ثالثا فأنشدهما فقال الحيص بيص: وما درى أن نومي حيلة نصبت ... لطيفة حين أعيا اليقظة الحيل وحدث نصر الله بن مجلى [1] قال: رأيت في المنام علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقلت له: يا أمير المؤمنين تفتحون مكة فتقولون من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ثم يتمّ على ولدك الحسين يوم الطفّ ما تم؟ فقال: أما سمعت أبيات ابن الصيفي في هذا؟ فقلت: لا، فقال: اسمعها منه. فلما استيقظت بادرت إلى دار الحيص البيص، فخرج إليّ فذكرت له الرؤيا فأجهش بالبكاء وحلف بالله أنه ما سمعه منه أحد وأنه نظمها في ليلته هذه، ثم أنشدني [2] : ملكنا فكان العفو منا سجية ... فلما ملكتم سال بالدم أبطح وحلّلتم قتل الأسارى وطالما ... غدونا عن الأسرى نعفّ ونصفح فحسبكم هذا التفاوت بيننا ... وكلّ إناء بالذي فيه ينضح ومن شعره أيضا [3] : العين تبدي الذي في قلب صاحبها ... من الشناءة أو حبّ إذا كانا إنّ البغيض له عين تكشّفه ... لا تستطيع لما في القلب كتمانا فالعين تنطق والأفواه صامتة ... حتى ترى من ضمير القلب تبيانا   [1] بغية الطلب: 274. [2] انظر ديوانه 3: 404. [3] ديوانه 3: 415 (عن معجم الأدباء) . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1355 - 526- سعد بن محمد بن علي بن الحسين بن معبد بن مطر بن مالك بن الحارث بن سنان بن خزاعة بن حييّ الأزدي الحوال، يعرف بالوحيد، أبو طالب من أهل البصرة: كان شاعرا حسن الشعر، وعلمه أكثر من شعره، وأدبه أظهر من نباهته، وكان جيد التصنيف مليح التأليف؛ لقي أبا رياش وأبا الحسين ابن لنكك، وأخذ عنهما وعن طبقاتهما. مات سنة خمس وثمانين وثلاثمائة. وانتقل إلى جبّل وأقام بها من أجل الروزيين [1] لأنهم أكبروا أمره، وأجروا عليه. وكانت بضاعته في الأدب قوية، ومعرفته بالشعر جيدة وقد ردّ على المتنبي في عدة مواضع، وكان مع هذا ضيّق الرزق محارفا يمدح بالشيء اليسير ولا يبالي. وسافر إلى مصر، ومدح بني حمدان، وكان له خط مليح صحيح النقل، فاتفق أنه مدح أحد التنّاء يعرف بأبي الحسن ابن هرثمة متقدم بالنيل بقصيدة فاستزاره، ودفع إليه عشرين درهما قيمتها نصف دينار وسأله أن يزيده فلم يفعل، فهجاه بأبيات منها: وقيل بحر فجئته فإذا ... أعجوبة من عجائب البحر وله من أبيات: أما ترى أن الهموم مولعه ... بكلّ روح ليست الراح معه فادلف إلى اللهو بكأس مترعه ... ومزهر أصواته مرجّعه وله: تعدّد لوّامي عليّ ذنوبها ... ويأبى شفيع الحسن أن يحسب الذنب وقالوا إذا شطت نوى دارها سلا ... وما شطّ من أمسى ومنزله القلب   [526]- معظم هذه الترجمة من المختصر؛ وانظر بغية الطلب 8: 278 والوافي 15: 176 وبغية الوعاة 1: 580؛ وقد جاء في م بعد ذكر نسبه: كان عالما بالنحو واللغة والعروض بارعا في الأدب، أخذ عنه أبو غالب ابن بشران النحوي وغيره، وذكر تاريخ وفاته ومقطعتين له، أوردتهما قبل ذكر كتبه؛ وما ورد في المختصر يتفق مع ما أورده الصفدي. [1] كذا، ولم أدر ما صوابه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1356 وله في صفة الخطاطيف: وسود في مذابحها احمرار ... فتحسبها مذبّحة تطير كأن ظهورها ليل بهيم ... وتحت بطونها صبح منير كأن شظيتي عنقود كرم ... أعارهما لساقيها معير يخاف الليل طائرها فيلفى ... إذا ولّى بسهميه يشير قال المؤلف: هذه أبيات غاية في جودة اللفظ وصحة المعنى، لا سيما البيت الأخير فانه لم يسبق إلى معناه. وله يمدح بختيار: ألا فاسألوا الأيام عن مأثراته ... فما جاءت الأيام إلا لتشهدا كثير عديد الحاسدين وإنما ... على قدر جدّ المرء يلفى محسّدا وله يهجو حمدان بن ناصر الدولة: فقر بوجهك ليس يبرح شاكيا ... فتكون مبتسما كأنك عابس وإذا بسطت يدا كأنك قابض ... وإذا تقوم حسبت أنك جالس مستوحش من كلّ خير يرتجى ... وبكل مخزية وعار آنس ومن شعره: ليس الأديب أخا الروا ... ية للنوادر والغريب ولشعر شيخ المحدث ... ين أبي نواس أو حبيب بل ذو التفضل والمرو ... ءة والعفاف هو الأديب وقال: لو تجلّى لي الزمان للاقى ... مسمعيه منّي عتاب طويل إنما نكثر الملامة للده ... ر لأن الكرام فيه قليل وله من الكتب: كتاب العدناني. كتاب القحطاني. كتاب معاني شعر المتنبي. ديوان شعره نحو مائة ورقة. كتاب الردّ على ابن جني في تفسيره لشعر المتنبي. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1357 - 527- سعيد بن إبراهيم المعروف بابن التستري أبو الحسين: كان نصرانيا من صنائع بني الفرات هو وأبوه، يلزم السجع في كلامه. وكان يكتب لعلي بن محمد بن الفرات، وهو القائل: وعد البدر بالزيارة ليلا ... فإذا ما وفى قضيت نذوري قلت يا سيدي ولم تؤثر ... الليل على بهجة النهار المنير قال لي لا أحبّ تغيير رسمي ... هكذا الرسم في طلوع البدور وله في ضده: قلت زوري فأرسلت ... أنا آتيك سحره قلت فالليل كان أخ ... فى وأدنى مسرّه فأجابت بحجة ... زادت القلب حسره أنا شمس وإنما ... تطلع الشمس بكره وله وقد نكب بنكبة بني الفرات: ما لك قد هيّمك الهمّ ... وضلّ عنك الحزم والفهم لو رمت أن تبقي الأذى ما بقي ... لا فرح دام ولا غمّ وله من الكتب: كتاب المقصور والممدود. كتاب المذكر والمؤنث، على حروف المعجم. كتاب الرسائل في الفتوح على هذا الترتيب. كتاب رسائله المجموعة من كل فن.   [527]- هذه الترجمة من المختصر. وانظر الوافي 15: 195 (وهو ينقل عن ياقوت) وتاريخ الوزراء للصابي: 240. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1358 - 528- سعيد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم بن أحمد الميداني، وأبوه أبو الفضل هو صاحب كتاب مجمع الأمثال: مات سعيد سنة تسع وثلاثين وخمسمائة. له من التصانيف كتاب الأسماء في الأسما. كتاب غرائب اللغة. كتاب نحو الفقهاء، وله كتاب اشتق له اسما من كتاب أبيه المسمى بالسامي في الأسامي. - 529- سعيد بن أوس بن ثابت بن بشير بن قيس بن زيد بن النعمان بن مالك بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج، أبو زيد الأنصاري الخزرجي البصري النحوي اللغوي الإمام الأديب، وإنما غلبت عليه اللغة والغريب والنوادر فانفرد بذلك: أخذ عن أبي عمرو بن العلاء، وأخذ عنه أبو عبيد القاسم بن سلام وعمرو بن عبيد وأبو العيناء وأبو حاتم السجستاني وعمر بن شبة ورؤبة بن العجاج وغيرهم، وروى الحديث عن ابن عون وجماعة. وكان ثقة ثبتا قرأ عليه خلف البزار، وكان يرمى بالقدر ولكن دفع عنه ذلك أبو حاتم وقال: هو صدوق. وروى الحسين بن الحسن الرازي عن ابن معين أنه صدوق، ووثقه جزرة وغيره، وليّنه ابن حبّان لأنه وهم في سند حديث «اسفروا بالفجر» وروى له أبو داود في سننه والترمذي في جامعه. وكان سفيان الثوري يقول، قال لي ابن مناذر: أصف لك أصحابك، أما الأصمعي فأحفظ الناس، وأما أبو عبيدة فأجمعهم، وأما أبو زيد الأنصاري فأوثقهم.   [528]- هذه الترجمة من المختصر وانظر الأنساب (الميداني) وإنباه الرواة 2: 51 وابن خلكان 1: 130 والوافي 15: 199 (وهو ينقل عن ياقوت) وبغية الوعاة 1: 582. [529]- ترجمة أبي زيد في الفهرست: 60 وأخبار النحويين البصريين: 52 ونور القبس: 104 وتهذيب اللغة للأزهري 1: 5 وطبقات الزبيدي: 165 والمعارف: 545 وتاريخ بغداد 9: 77 ونزهة الألباء: 173 وتاريخ أبي المحاسن: 224 وانباه الرواة 2: 30 وابن خلكان 2: 378 وعبر الذهبي 1: 367 وميزان الاعتدال 2: 126 وسير الذهبي 9: 494 والكاشف 1: 355 والوافي 15: 200 ومرآة الجنان 2: 58 والبداية والنهاية 10: 269 وطبقات ابن الجزري 1: 305 وتهذيب التهذيب 4: 3 والنجوم الزاهرة 2: 210 وبغية الوعاة 1: 582 والشذرات 2: 34 والبلغة: 84 وطبقات الداودي 1: 179 وروضات الجنات 4: 48. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1359 وقال صالح بن محمد: أبو زيد النحوي ثقة. ويروى عن أبي عبيدة والأصمعي أنهما سئلا عن أبي زيد الأنصاري فقالا: ما شئت من عفاف وتقوى وإسلام. وكان سيبويه إذا قال: سمعت الثقة، يريد به أبا زيد الأنصاري. وقال المبرد: كان أبو زيد عالما بالنحو، ولم يكن مثل الخليل وسيبويه، وكان يونس من باب أبي زيد في العلم واللغات، وكان أعلم من أبي زيد بالنحو، وأبو زيد أعلم من الأصمعي وأبي عبيدة بالنحو. وقال أبو عثمان المازني: كنا عند أبي زيد فجاء الأصمعي وأكبّ على رأسه يقبّلها، وجلس وقال: هذا عالمنا ومعلمنا منذ عشرين سنة. وتوفي أبو زيد بالبصرة سنة خمس عشرة ومائتين في خلافة المأمون وقد جاوز التسعين. وقال الأخفش [1] : أبو زيد أعلم من أبي عمرو. وقال أبو علي القالي: كان أبو زيد أنحى من أبي عبيدة والأصمعي وأغزر في اللغة منهما، وله كتب كثيرة ونوادر في اللغة مشهورة. وأخذ أبو زيد عن العرب وعن أبي عمرو بن العلاء. وأخذ منه أبو عبيد القاسم بن سلام وسيبويه والرياشي وأبو حاتم السجستاني. ولما كبر أبو زيد اختل حفظه ولم يختل عقله. قال أبو حاتم: قلت لأبي زيد نسأ الله في أجلك، فقال: يا بني وما النسأ بعد الثمانين. وحدث المبرد قال [2] : كان أبو زيد يلقب الناس فلقب الجرمي بالكلب لجدله واحمرار عينيه، ولقب المازني بالتدرج لأن مشيه كان يشبه مشي التدرج. ولقب أبا حاتم رأس البغل لكبر رأسه. ولقب التوزي أبا الوزواز لخفة حركته وذكائه. ولقب الزيادي طارقا لأنه كان يأتيه ليلا. حدث عن أبي زيد الأنصاري أن شيخا جاءه بصبيّ معه فقال: يا أبا زيد، ما أعلم هذا الغلام بالغريب! فاسأله عما شئت. فقال له أبو زيد: ما الجهوة يا بني؟   [1] هذا النص حتى آخر الشعر من المختصر. [2] إنباه الرواة 2: 34- 35. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1360 قال: لا أدري. قال: هي دوارة فقحتك. وحدث أبو زيد قال: قدمت علينا البصرة أعرابية ومعها ابنان لها كأنهما مهران، فما [قضيا] أشهرا حتى دفنتهما، فكانت تأتي قبرهما فتبكيهما. فأتيتها ذات يوم وهي بين القبرين، وقد وضعت يدها عليهما وهي تقول: ولله جاراي اللذان أراهما ... قريبين مني والمزار بعيد مقيمين بالبيداء لا يبرحانها ... ولا يسألان الركب أين يريد كما تركا عينيّ لا ماء فيهما ... وشكا سواد القلب وهو عميد أطوف فاستبرى القبور فلا أرى ... سوى جدث أحجارهنّ ركود كواتم أسرار ضوامن أعظم ... بلين وباقي حدّهن حديد قال أبو زيد: فو الله لبكيت حتى كان المازني يظن أني أبوهما. ومن شعر أبي زيد [1] : إذا أنت لم تعف عن صاحب ... أساء وعاقبته إن عثر بقيت بلا صاحب فاحتمل ... وكن ذا وفاء وإن هو غدر وله في أبي محمد اليزيدي [2] : وجه يحيى يدعو إلى البصق فيه ... غير أني أصون عنه بصاقي وله من الكتب: كتاب إيمان عثمان. كتاب حيلة ومحالة. كتاب التثليث. كتاب القوس والترس. كتاب مسائية، كتاب المعزى، كتاب الإبل والشاء. كتاب خلق الإنسان. كتاب الأبيات. كتاب المطر. كتاب النبات والشجر. كتاب اللغات. كتاب قراءة أبي عمرو. كتاب النوادر. كتاب الجمع والتثنية. كتاب اللبن. كتاب بيوتات العرب. كتاب تخفيف الهمزة. كتاب الواحد. كتاب الجود والبخل. كتاب التمر. كتاب جبأة. كتاب المقتضب. كتاب الغرائز. كتاب الوحوش. كتاب   [1] نور القبس: 108. [2] من هنا حتى آخر الترجمة (ما عدا أسماء الكتب) مزيد من المختصر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1361 الفرق. كتاب الورد. كتاب فعلت وأفعلت. كتاب نعت الغنم. كتاب المشافهات. كتاب غريب الأسماء. كتاب الهمز. كتاب الأمثال. كتاب المصادر. كتاب الحلبة. كتاب نابه ونبيه. كتاب المنطق. كتاب الملتزم. كتاب التصاريف. قال ابن دريد: أخبرنا أبو حاتم قال، أخبرنا أبو زيد قال: بينما أنا في المسجد الحرام إذ وفد علينا أعرابيّ فقال: يا مسلمون، إن الحمد لله والصلاة على نبيه، أنا امرؤ من أهل هذا الملطاط الشرقي المواصي أسياف تهامة، عكفت علينا سنون محش فاجتبّت الذرى وهشّمت العرى، وحمشت النجم، وأعجت البهم، وهمت الشحم، والتحبت اللحم، وأحجنت العظم، وغادرت التراب مورا، والماء غورا، والناس أوزاعا، والنبط قعاعا، والضّهل خراعا، والمقام جعجاعا، يصبحنا الهاوي، ويطرقنا العاوي، فخرجت لا أتلفع بوصيدة، ولا أتقوت بهبيدة، فالنحصات وقعة، والركبات زلعة، والأطرف قفعة، والجسم مسلهمّ، والنظر مدرهمّ، أعشو فأغطش، وأضحي فأخفش، أسهل طالعا، وأحزن راكعا، فهل من أمير يمير، أو داع لخير. وقاكم الله سطوة القادر، وملكة الكاهر، وسوء الموارد، وتصرّح المصادر. قال أبو زيد: فأعطيته دينارا وكتبت كلامه، واستفسرته ما لم أعرف. تفسير ذلك: الملطاط أشد انخفاضا من الغائط وأوسع منه، والمواصي الملاصق، تواصى النبت إذا لصق بعضه ببعض. أسياف: جمع سيف وهو ساحل البحر. عكفت: أقامت. محش جمع محوش وهي السنة التي تمحش الشجر الذي يبقى على الجدب. حمشت استأصلت واحتلقت. أعجت جعلتها عجايا وهو السيّء الغذاء أي هزلى. وهمت الشحم: أذابته. والتحبت اللحم: قشرته عن العظم. وأحجنت العظم: أي ضيرته معوجا كالمحجن. والمور الذي يجيء ويذهب على وجه الأرض. والغور: الماء الغائر في الأرض. والأوزاع المتفرقون. والنبط: الماء المستنبط. والقعاع: الملح المر، يقال: ماء قعاع، والضهل: الماء القليل على وجه الأرض، وكذلك الضحل. والجعجاع: المقام على غير طمأنينة. والهاوي: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1362 الجراد. والعاوي: الذئب. والتلفع: الاشتمال، وكلّ نسيجة وصيدة. والهبيدة حبّ الحنظل. والنحص: باطن القدم، والوقع الذي ييجعه باطن قدمه، فلا يطيق المشي، والركبات جمع ركبة. والتزلع: تشقق الجلد، والقفع الذي تجمعت أنامله والمسلهم: الضامر هزالا، والمدرهم الذي قد أظلمت عليه عينه من جوع أو مرض. وأغطش: أظلم. وأعشو: أنظر، ويقال: عشوت إلى النار إذا أحددت طرفك بالليل لتنظر إليها. وأخفش: لا يبصر بالنهار مثل الخفاش. أسهل ظالعا: إذا مشيت في السهل ظلعت فكيف في الجبل. وأحزن راكعا: أي إذا ركبت الحزن من الأرض، وهو الغليظ منها، ركعت أي كبوت على وجهي. يمير أي يعطيه. الكاهر مثل القاهر. - 530- سعيد بن جبير، أبو عبد الله: مولى والبة من بني أسد. وكان أسود اللون. كتب لعبد الله بن عتبة بن مسعود، ثم كتب لأبي بردة بن أبي موسى الأشعري وهو على القضاء وبيت المال بالكوفة. وخرج مع عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث. ولما انهزم ابن الأشعث من دير الجماجم هرب سعيد بن جبير إلى مكة، فأخذه عبد الله القسري، وكان واليا للوليد بن عبد الملك على مكة، فبعثه إلى الحجاج بن يوسف. فلما رآه الحجاج قال له: اختر أي قتلة شئت. فقال سعيد: بل أنت اختر لنفسك فإن القصاص أمامك. فقال له الحجاج: يا شقيّ بن كسير، ألم أقدم إلى الكوفة ولم يؤمّ بها إلا عربي فجعلتك إماما؟ قال: بلى. قال: أو لم أولّك القضاء فضجّ أهل الكوفة وقالوا، لا يصلح للقضاء إلا العربي، فاستقضيت أبا بردة وأمرته ألا يقطع أمرا دونك؟ قال: بلى. قال: أو ما جعلتك من سماري؟ قال: بلى. قال:   [530]- هذه الترجمة من المختصر؛ وانظر طبقات ابن سعد 6: 256 وطبقات خليفة: (العمري) : 280 والمعارف: 445 والمعرفة والتاريخ 1: 712 وحلية الأولياء 4: 272 وأخبار أصبهان 1: 324 وطبقات الشيرازي: 82 وابن خلكان 2: 371 وتذكرة الحفاظ: 71 وسير الذهبي 4: 321 وعبر الذهبي 1: 112 والبداية والنهاية 9: 96 وطبقات ابن الجزري 1: 305 وتهذيب التهذيب 4: 11 والنجوم الزاهرة 1: 228 وطبقات الحفاظ: 31 وطبقات المفسرين: 181 والشذرات 1: 108. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1363 أو ما أعطيتك من المال كذا وكذا تفرّقه في ذي الحاجة، ثم لم أسألك عن شيء منه؟ قال: بلى. قال: فما أخرجك عليّ؟ قال: بيعة كانت لابن الأشعث في عنقي. قال: فغضب الحجاج، ثم قال: أما كانت بيعة أمير المؤمنين عبد الملك في عنقك قبله؟ والله لأقتلنّك، فقتله سنة أربع وتسعين في أيام الوليد. وكان أخذ القراءة عن عبد الله بن عياش. وروي أنه لما دخل على الحجاج، وأمر بقتله بكى ابن لسعيد صغير، فقال له سعيد: لا تبك، فما بقاء أبيك بعد خمس وستين سنة؛ ونظر إلى جموع الحجاج وخيله ورجله فأنشأ يقول: يا دولة الجور قد طالت لياليها ... وطال تعذيبنا من فسق واليها يسار فينا بما لو سير في جزر ... لاشتد محمية منها لواليها فلا نحامي على دين فننصره ... ولا نحامي على دنيا فنحويها فلو شركناهم في لين عيشهم ... لقلت دنيا وقوم أترفوا فيها لكنهم صرفوا عنا لذاذتها ... وألبسونا بلايا لست أحصيها ثم ضرب عنقه فسال منه دم كثير، فعجب الحجاج منه، وسأل الأطباء عنه، فقالوا: هذا رجل لم يخف القتل ولا هابك. - 531- أبو سعيد بن حرب بن غورك القيرواني: [كان] عارفا بالقرآن والنحو، كثير الوقار، قليل الكلام. - 532- سعيد بن الحكم أبو عبد الله بن أبي مريم النسابة: ذكره ابن النديم وقال: له من التصانيف: كتاب المآثر. وكتاب النسب. وكتاب نواقل العرب.   [531]- من المختصر؛ وانظر طبقات الزبيدي: 233 وإنباه الرواة 4: 123؛ قال: وكان ينسب من أجل وقاره إلى الكبر، وكان لا يبتسم في مجلسه فضلا عن أن يضحك. وكانت له أشعار كثيرة فصيحة. [532]- انظر الفهرست: 107. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1364 - 533- سعيد بن حميد بن بحر: وقيل سعيد بن حميد بن مهرمار الواسطي الشاعر يكنى أبا عثمان وله رسائل وأشعار. جيد التناول للسرقة، كثير الإغارة، وكان يدّعي أنه من أولاد ملوك الفرس. ومن شعره [1] . فداك أبي ما لي أراك بخيلة ... مقيم على الحرمان من يستزيدها فأصبحت كالدنيا تذمّ صروفها ... ونوسعها عيبا ونحن عبيدها وله أيضا [2] . لا تعتبنّ على النوائب ... فالدهر يرغم كلّ صاحب واصبر على حدثانه ... إن الأمور لها عواقب ما كلّ من أنكرته ... ورأيت جفوته تعاتب الدهر أولى ما صبر ... ت له على رنق المشارب كم نعمة مطوية ... لك بين أثناء المصائب ومسرّة قد أقبلت ... من حيث تنتظر النوائب ومن رائق شعره قوله [3] : تقول أنل عينيك حظا من الكرى ... فقد لاح أو قد كاد يبدو سنا الفجر فقلت لها فيه لقاء معاشر ... تعافهم نفسي ويعيا بهم صبري فو الله ما في الأرض خلق علمته ... يرجّى لعرف أو يقصّر عن نكر فلا تنكري أني صدفت عن الكرى ... فإن سواد الليل حظي من عمري   [533]- هذه الترجمة من المختصر، وانظر الفهرست: 137 والأغاني 18: 89 والوافي 15: 213 وهو سعيد ابن حميد بن سعيد بن حميد بن بحر. وليونس السامرائي، رسائل سعيد بن حميد وأشعاره، بغداد 1971. [1] السامرائي: 125. [2] السامرائي: 123- 124 والبصائر 3: 158. [3] لم ترد في مجموع السامرائي. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1365 وله [1] : لجت عواذله تعاتبه ... وخلون دون مواقع العذر وتصرّمت أيام لذته ... فمضين عنه بجدّة العمر وخلت منازل من أحبّته ... قذفت بهم عنها يد الدهر وأشد ما لاقيت بعدهم ... أني فجعت بهم مع الصبر وولي ديوان الرسائل في أيام المستعين رئاسة، فقال فيه بعض الكتاب [2] : يا حجة الله في الأرزاق والقسم ... ومحنة لذوي الأخطار والهمم تراك أصبحت في نعماء سابغة ... إلّا وربّك غضبان على النعم وله من الكتب: كتاب انتصاف العجم من العرب، ويعرف بالتسوية. كتاب رسائله. كتاب ديوان شعره. - 534- سعيد بن حميد بن البختكان: يكنى أبا عياض، كاتب شاعر مترسل وله أصل في الفرس قديم، شديد العصبية على العرب، له من الكتب كتاب افتخار العجم على العرب. وكتاب رسائله. - 535- سعيد بن سعيد الفارقي، أبو القاسم النحوي: أخذ عن الربعي وابن   [534]- من المختصر؛ والفرق بين هذا وسابقه في الكنية، ولكنهما في الشعوبية متشابهان، وقد فرّق بينهما ابن النديم، انظر الفهرست: 137. [535]- ترجمة سعيد الفارقي في بغية الطلب 8: 297 والوافي 15: 223 وبغية الوعاة 1: 584 وروضات الجنات 3: 154 (في ترجمة ابن خالويه) . [1] لم ترد في مجموع السامرائي. [2] لم ترد في المجموع المذكور. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1366 خالويه، وكان بارعا في العربية أديبا فاضلا له تصانيف منها كتاب تقسيمات العوامل وعللها. وكتاب تفسير المسائل المشكلة في أول «المقتضب» للمبرد، وغير ذلك. مات مقتولا بالقاهرة عند بستان الخندق يوم الجمعة لسبع بقين من جمادى الأولى سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة ومن شعره: من آنسته البلاد لم يرم ... منها ومن أوحشته لم يقم ومن يبت والهموم قادحة ... في صدره بالزناد لم ينم - 536- سعيد بن طلحة بن الحسين بن أبي ذر بن إبراهيم بن علي الصالحاني: تخرج به أكثر أهل أصبهان، وسمع الحديث. مات سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة. - 537- أبو سعيد ابن عبد الصمد المقري: له تواليف في تفسير القرآن جيدة، منها التبصرة في القراءات، كتاب شرح الغاية. كتاب قراءة يعقوب خاصة. - 538- سعيد بن عبد الله بن دحيم: سكن إشبيلية والأندلس، أبو عثمان. [كان] عالما بالنحو إماما في كتاب سيبويه، ذا حظ وافر من علم اللغة وشرح الأشعار. مات سنة تسع وعشرين وأربعمائة.   [536]- هذه الترجمة من المختصر، وانظر الوافي 15: 227. [537]- هذه الترجمة من المختصر. [538]- هذه الترجمة من المختصر وانظر الصلة: 216 وإنباه الرواة 2: 55 والوافي 15: 233 وبغية الوعاة 1: 584. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1367 - 539- سعيد بن عبد العزيز بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن عبد المؤمن بن طيفور، أبو سهل النيلي: كان أديبا نحويا فقيها طبيبا عالما بصناعة الطب، وله من التصانيف: اختصار كتاب المسائل لحنين. تلخيص شرح فصول بقراط لجالينوس مع نكت من شرح أبي بكر الرازي، وغير ذلك، مات سنة عشرين وأربعمائة، ومن شعره: يا مفدّى العذار والخدّ والقدّ ... بنفسي وما أراها كثيرا ومعيري من سقم عينيه سقما ... دمت مضنى به ودمت معيرا اسقني الراح تشف لوعة قلب ... بات مذ بنت للهموم سميرا هي في الكاس خمرة فإذا ما ... أفرغت في الحشا استحالت سرورا - 540- سعيد بن عثمان بن سعيد بن محمد بن سعيد بن عبد الله بن يوسف البربري اللغوي المعروف بابن القزاز ويلقب بلحية الزبل: وهو من أهل قرطبة من بلاد الأندلس. روى عن أبي علي القالي، ومات في سنة أربع وسبعين وثلاثمائة [1] . وكان من أهل الأدب البارع.   [539]- ترجمته في عيون الانباء 1: 253 والوافي 15: 240 وبغية الوعاة 1: 585. [540]- هذه الترجمة من المختصر، وانظر الصلة. 204 وإنباه الرواة 2: 44 والوافي 15: 242 وبغية الوعاة 1: 585؛ وكان ابن القزاز حافظا للغة والعربية، حسن القيام بهما، وله كتاب في الرد على صاعد اللغوي في مناكير كتابه المسمى ب «الفصوص» . ونشر له كتاب بعنوان «العشرات في اللغة» تحقيق يحيى جبر (عمان: 1984) . [1] ذكر بعضهم أن وفاته كانت سنة أربعمائة، وذكر آخرون انها كانت في سنة أربع وتسعين وثلاثمائة (أو خمس وتسعين) . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1368 - 541- سعيد بن عيسى الأصفر أبو عثمان النحوي: سكن طليطلة من بلاد الأندلس. [كان] عالما بالنحو واللغة والأشعار، ومشاركا في المنطق وكتب الأخبار. له شرح كتاب الجمل، يسير. توفي سنة ستين وأربعمائة. - 542- سعيد بن الفرج أبو عثمان الرشاش مولى بني أمية: كان أديبا فاضلا عالما باللغة والشعر، وكان يحفظ أربعة آلاف أرجوزة للعرب، ويضرب المثل بفصاحته، إلا أنه كان كثير التقعر في كلامه، رحل إلى المشرق ودخل بغداد ومصر فأقام بها مدة؛ توفي سنة اثنتين وسبعين ومائتين. - 543- سعيد بن المبارك بن علي بن عبد الله بن سعيد بن محمد بن نصر بن عاصم بن عباد بن عاصم وينتهي نسبه إلى كعب بن عمرو الأنصاري، أبو محمد المعروف بابن الدهان النحوي: كان من أعيان النحاة وأفاضل اللغويين، كثير التصنيف جيد الشعر، أخذ عن الرماني اللغة والعربية، وسمع الحديث من أبي غالب أحمد بن البناء وأبي القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين وغيرهما، وأخذ عنه الخطيب التبريزي وجماعة. ولد سنة أربع وتسعين وأربعمائة بنهر طابق، وكان أصله من بغداد من محلة المقتديّة، وانتقل إلى الموصل وأقام بها إلى أن مات بها في   [541]- هذه الترجمة من المختصر، وانظر الصلة لابن بشكوال 1: 222 والذيل والتكملة 4: 39 وإنباه الرواة 2: 47 وهو رعيني قصيري (نسبة إلى قصير عطية) وكتابه في شرح الجمل يسمى الحلل وله رسائل. وجعل ابن عبد الملك وفاته سنة: 462. [542]- ترجمته في طبقات الزبيدي: 261 والمغرب 2: 57 وبغية الوعاة 1: 586. [543]- ترجمة ابن الدهان في إنباه الرواة 2: 47 وابن خلكان 2: 142 والوافي 15: 250 ونكت الهميان: 158 والنجوم الزاهرة 6: 72 وبغية الوعاة 1: 587 ومرآة الجنان 3: 390 وطبقات الداودي 1: 183 وروضات الجنات 4: 54 والشذرات 4: 233 وطبقات الاسنوي 1: 537. وهذه الترجمة موجزة نسبيا في م؛ وقد أضيف إليها أجزاء كثيرة من المختصر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1369 رمضان- ليلة عيد الفطر- سنة تسع وخمسين وخمسمائة. وكان سبب إصعاده من بغداد أن ابن الصوفي صاحب دمشق سمع به فكتب إليه عدّة مكتوبات يسأله إصعاده وقصده ويرغّبه في رفده، وهو يدافع إلى أن حركه القدر فأصعد إلى الموصل ليفد عليه، فأقام بها مديدة حتى قدم جمال الدين أبو الفرج محمد بن علي بن أبي منصور الأصبهاني الجواد صحبة سيف الدين غازي بن زنكي، واستقرت قدمه في الوزارة له، والتحكم في أمواله فسمع به جمال الدين الوزير فأحضره مجلسه، واصطفاه لنفسه، وأفاض عليه من إنعامه ما منعه عن قصد سواه، وأجرى عليه الجرايات، وقال له: جميع ما ترجوه من ابن الصوفي عندي أضعافه. وجعله من جملة جلسائه. فمما أنشدت من شعره ما ألقاه إليّ أمين الدين أبو محمد ياقوت الموصلي الكاتب، وكان من أعيان تلاميذه، وسمع أكثر تصانيفه، في مدح الفقر [1] : أتعجب أنني أمسي فقيرا ... ويحظى بالغنى الغمر الحقير كذا الأطواق يكساها حمام ... وتعطل حكمة منها الصقور وله أيضا [2] : أهوى الخمول لكي أعيش مرفّها ... مما يعانيه بنو الأزمان إن الرياح إذا عصفن رأيتها ... تولي الأذيّة شامخ الأغصان وله [3] : بادر إلى العيش والأيام راقدة ... ولا تكن لصروف الدهر تنتظر فالعمر كالكأس يبدو في أوائله ... صفوا وآخره في قعره كدر وله: ومسائلي ماذا المقام كذا ... فذا بلا مال ولا نشب فأجبته هو ما علمت به ... أنا في عزاء مصيبة الأدب   [1] الوافي: 253. [2] الوافي: 252. [3] الوافي: 252. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1370 وله [1] : قيل لي جاءك نجل ... ولد شهم وسيم قلت عزّوه بفقدي ... ولد الشيخ يتيم قال المؤلف: وكان ابن الدهان هذا مع ما أوتي من سعة العلم وشياع الذكر والفهم، سقيم الخطّ، كثير الغلط فيما يكتبه، وهذا عجب من أمره. وقيل: إن ابن الدهان قال: رأيت في المنام شخصا أعرفه وهو ينشد شخصا كأنه حبيب له [2] : أيها الماطل ديني ... أمليّ وتماطل علّل القلب فإني ... قانع منك بباطل وقيل: إن هذين البيتين كان ابن الدهان ينشدهما دائما وينسبهما إلى نفسه. وسألت أمين الدين ياقوت عن مصنفاته فأملى عليّ: كتاب شرح الإيضاح لأبي علي الفارسي ثلاث وأربعون مجلدة. كتاب الغرة، وهو شرح اللمع في العربية لابن جني ثلاث مجلدات. كتاب تفسير القرآن أربع مجلدات. كتاب النهاية في العروض. كتاب الدروس مقدمة في النحو. كتاب الفصول في النحو. كتاب الدروس في القوافي والعروض. كتاب العقود في المقصور والممدود. كتاب المآخذ الكندية من المعاني الطائية، وهو ما أخذ المتنبي من أبي تمام. كتاب فيه شرح بيت واحد من شعر الملك الصالح ابن رزيك وزير صاحب مصر، عشرين كراسة، أرسله إليه إلى مصر إذ لم يقدر على قصده ومدحه. كتاب إزالة المراء في الغين والراء. كتاب الغنية في الضاد والظاء. كتاب الأضداد. كتاب النكت والاشارات على ألسن الحيوانات. كتاب في شرح «قل هو الله أحد، مجلد. كتاب في شرح الفاتحة مجلد. كتاب رسائله. وكتاب ديوان شعره [3] . ولما غرقت بغداد في سنة ثمان وستين وخمسمائة في أيام المستضيء بالله،   [1] الوافي: 252. [2] الوافي: 253. [3] نشر له فايز فارس «باب الهجاء» (بيروت 1986) . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1371 وقعت داره على كتبه التي كان قد جمعها في مدة عمره، وكان أكثرها بخطه، فبلغه ذلك فوجّه مملوكه إلى بغداد فوجدها وقد بقيت تحت الهدم أياما كثيرة، وقد تعفّنت وذهب أكثرها، فقد كان من الاتفاق السيء في أمرها أنه كان في جواره مدبغة فسرى إليها روائح الجلود، فصارت آية في النتن وسوء الحال، وجاءوا بها على تلك الصفة. وكان فيما ذهب منها شرح الإيضاح، ولم يبق منه إلا ست عشرة مجلدة لأنها كانت صحبته لما أصعد، وقال: لقد بخّرت كتبي بأربعين رطلا لاذنا لتزول منها روائح العفونة فلم تزل، وأصيب على كتبه مصابا عظيما، وعالجها بالبخرات حتى كان سببا لذهاب بصره، فما مات حتى أضر. ومن شعره: لا تحسبن أنّ بالكت ... ب مثلنا ستصير فللدجاجة ريش ... لكنّها لا تطير وقال: وأخ رخصت عليه حتى ملّني ... والشيء مملول إذا ما يرخص ما في زمانك من يعزّ وجوده ... إن رمته إلا صديق مخلص - 544- سعيد بن محمد بن جريج أبو عقال القيرواني: الكاتب الأديب، كاتب القاضي سليمان بن عمران قاضي افريقية [1] ، مات سنة تسع وسبعين ومائتين، ومن شعره أبيات رثى بها القاضي سليمان المذكور قال: عجبا لموضع لحده في قبره ... للعلم والعرفان كيف توسعا   [544]- لم أجد له ترجمة. [1] تولى قضاء القيروان بعد وفاة سحنون (سنة 240) . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1372 رجع الخصوم وخلّفوا علم الهدى ... في باب سلم لا يزال ممتعا أتت المنية من تلبّب قاضيا ... خمسين عاما واثنتين وأربعا - 545- سعيد بن محمد الغساني أبو عثمان المعروف بابن الحداد القيرواني: [كان] عالما بالعربية واللغة، وكان الجدل غالبا عليه، مات في سنة أربعمائة شهيدا في بعض الوقائع. وكان له في أول دخول الشيعة إلى القيروان مقامات محمودة ناضل فيها عن الدين وذبّ عن السنن حتى شبّهه الناس بأحمد بن حنبل أيام المحنة. وكان يناظرهم ويقول: قد أربيت على التسعين، وما بي إلى العيش من حاجة، وذلك أنهم لما ملكوا البلد أظهروا تبديل الشرائع والسنن وبدروا إلى رجلين من أصحاب سحنون قتلوهما وعرّوا أجسادهما ونودي عليهما: هذا جزاء من ذهب مذهب مالك. وله من الكتب: كتاب توضيح المشكل في القرآن. كتاب المقالات ردّ فيه على المذاهب جميعها. كتاب الاستيعاب. كتاب الأمالي. كتاب عصمة الأنبياء [1] . كتاب العبادة الكبرى. كتاب العبادة الصغرى. كتاب الاستواء والاحتجاج على الملاحدة. - 546- سعيد بن محمد بن علي بن محمد السلامي القرشي الكوفي: [كان] أديبا فاضلا حسن الخط، جيد الضبط.   [545]- هذه الترجمة من المختصر: وانظر طبقات الزبيدي: 239 وعلماء أفريقية للخشني: 201، 257، 239 وترتيب المدارك 5: 78 وإنباه الرواة 2: 53 والوافي 15: 179، 256 (ترجم له مرتين) ومعالم الايمان 2: 295 وبغية الوعاة 1: 589 وروضات الجنات 4: 53 ورياض النفوس 2: 57- 115. [546]- من المختصر. [1] طبقات الزبيدي: كتاب عصمة المسلمين؛ الانباه: عصمة الدينيين. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1373 - 547- سعيد بن محمد المعافري أبو عثمان القرطبي يعرف بابن الحداد: أخذ عن أبي بكر ابن القوطية. - 548- سعيد بن مسعدة أبو الحسن المعروف بالأخفش الأوسط البصري، مولى بني مجاشع بن دارم- بطن من تميم: وقيل إنه كان من أهل بلخ، وكان أجلع والأجلع الذي لا تنطبق شفتاه وقيل الأجلع: القصير الشفة العليا، وكان معتزليا، غلام أبي شمر وعلى مذهبه. أحد أئمة النحاة من البصريين، أخذ عن سيبويه، وهو أعلم من أخذ عنه، وكان أخذ عمن أخذ عنه سيبويه لأنه أسنّ منه ثم أخذ عن سيبويه أيضا، وهو الطريق إلى كتاب سيبويه فإنه لم يقرأ الكتاب على سيبويه أحد، ولم يقرأه سيبويه على أحد، وإنما قرىء على الأخفش بعد موت سيبويه. قال المبرد [1] : لم يقرأ أحد كتاب سيبويه على سيبويه وانما قرىء بعده على الأخفش. وكان الأخفش أسن من سيبويه. وكان ممن قرأه عليه أبو عمر صالح بن اسحاق الجرمي وأبو عثمان المازني. وكان الأخفش يستحسن كتاب سيبويه كل الاستحسان فتوهم الجرميّ والمازني أن الأخفش قد همّ أن يدّعي الكتاب لنفسه فتشاورا في منع الأخفش من ادعائه، فقالا: نقرأه عليه، فإذا قرأناه عليه أظهرناه وأشعنا أنه لسيبويه فلا يمكن أن يدعيه، فأرغبا الأخفش وبذلا له شيئا من المال على أن يقرآه عليه فأجاب، وشرعا في القراءة، وأخذا الكتاب عنه وأظهراه للناس. وكان الأخفش يقول: ما وضع سيبويه في كتابه   [547]- من المختصر، وانظر: الصلة: 209 وبغية الوعاة 1: 589 وذكر ابن بشكوال أنه بسط في كتاب الأفعال لابن القوطية وزاد فيه، وأنه توفي بعد الأربعمائة شهيدا في بعض الوقائع. [548]- ترجمة الأخفش الأوسط في أخبار النحويين البصريين: 50 والمعارف: 545 والفهرست: 58 وطبقات الزبيدي: 72 ومراتب النحويين: 68 ونور القبس: 97 ونزهة الألباء: 91 وإنباه الرواة 2: 36 وابن خلكان 2: 380 وسير الذهبي 10: 206 والوافي 15: 258 وبغية الوعاة 1: 590 والبداية والنهاية 10: 293 والشذرات 2: 36 ومرآة الجنان 2: 61 وروضات الجنات 4: 51. [1] نور القبس: 95. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1374 شيئا إلا وعرضه علي وهو يرى أني أعلم منه وكان أعلم به مني، وأنا اليوم أعلم به منه. وحكى ثعلب أن الفراء دخل على سعيد بن سلم فقال: قد جاءكم سيد أهل اللغة وسيد أهل العربية، فقال الفراء: أما ما دام الأخفش يعيش فلا. وحكى الأخفش قال: لما ناظر سيبويه الكسائي ورجع وجّه إليّ فعرّفني خبره معه ومع البغداديين وودعني ومضى إلى الأهواز، فرددت؛ جلست في سميرية حتى وردت بغداد فوافيت مسجد الكسائي، فصليت خلفه الغداة، فلما انفتل من صلاته وقعد في محرابه وبين يديه الفراء والأحمر وابن سعدان سلمت وسألته عن مائة مسألة، فأجاب بجوابات خطأته في جميعها، فأراد أصحابه الوثوب عليّ فمنعهم، ولم يقطعني ما رأيتهم عليه عما كنت فيه، فلما فرغت من المسائل قال لي الكسائي بالله أنت أبو الحسن سعيد بن مسعدة؟ قلت: نعم، فقام إليّ وعانقني وأجلسني إلى جنبه، ثم قال: لي أولاد أحبّ أن يتأدبوا بك ويتخرجوا على يديك وتكون معي غير مفارق لي، فأجبته إلى ذلك، فلما اتصلت الأيام بالاجتماع سألني أن أؤلف له كتابا في معاني القرآن فألفته [1] ، فجعله إماما له وعمل عليه كتابا في المعاني، وعمل الفراء كتابه في المعاني عليهما، وقرأ عليّ كتاب سيبويه سرا ووهب لي سبعين دينارا. قال أبو حاتم [2] : أخذ الأخفش كتاب أبي عبيدة في القرآن فأسقط شيئا وزاد شيئا، وجعله لنفسه، وقال: الكتاب لمن أصلحه، وليس الكتاب لمن أفسده. سأل المؤرّج سعيد بن مسعدة عن قوله تعالى: وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ ما العلة في سقوط الياء منه، وإنما تسقط عند الجزم؟ فقال: لا أجيبك ما لم تبت على باب داري مدة. قال: فبتّ على باب داره مدّة، ثم سألته، فقال: اعلم أن هذا مصروف على جهته، وكل ما كان مصروفا على جهته فإن العرب تبخس حظه من الإعراب نحو قوله: وَما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا أسقط الهاء لأنها مصروفة من فاعلة إلى فعيل. قلت: وكيف صرفه؟ قال: الليل لا يسري، وإنما يسرى فيه. قيل: أدّب الأخفش أولاد المعدل بن غيلان العبدي فكتب الأخفش إلى   [1] نشر في جزءين بتحقيق د. فائز فارس، الكويت 1981. [2] من هنا حتى آخر الشعر مزيد من المختصر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1375 المعدل: يستجفي ابنه عبد الله: أبلغ أبا عمرو حليف الندى ... بأن عبد الله لي جافي قد أحكم الآداب طرّا فما ... يجهل شيئا غير ألطافي لم تند من كفيه لي قطرة ... وليس ذا منه بإنصاف فكتب إليه المعدل: إن يجف عبد الله أو يعتدي ... يكفك إنصافي وألطافي فأجابه الأخفش: ما بعد إنصافك لي غاية ... وبعض إنصافك لي كاف وكان أبو العباس ثعلب يفضل الأخفش ويقول: هو أوسع الناس علما. وقال المبرد: أحفظ من أخذ عن سيبويه الأخفش ثم الناشىء ثم قطرب. وكان الأخفش أعلم الناس بالكلام وأحذقهم بالجدل. توفي سنة خمس عشرة ومائتين وقيل سنة إحدى وعشرين. وله من التصانيف: كتاب الأربعة. كتاب الاشتقاق. كتاب الأصوات. كتاب الأوسط في النحو. كتاب تفسير معاني القرآن. كتاب صفات الغنم وألوانها وعلاجها وأسبابها. كتاب العروض. كتاب القوافي [1] . كتاب المسائل الكبير. كتاب المسائل الصغير. كتاب معاني الشعر. كتاب المقاييس. كتاب الملوك. كتاب وقف التمام. ووضع الأخفش كتبا في النحو ومات قبل اتمامها. - 549- سعيد بن هارون، أبو عثمان الاشنانداني مولى عبد الله بن معمر التيمي: كان نحويا لغويا من أئمة اللغة، أخذ عن أبي محمد التّوزي، وأخذ عنه أبو بكر ابن   [549]- ترجمة الأشنانداني في الفهرست: 66 ونزهة الألباء: 139 ومراتب النحويين: 84 وطبقات الزبيدي 182 (ذكر الاسم ولم يورد ترجمة) وبغية الوعاة 1: 591؛ 2: 136. [1] حققه صديقنا أحمد راتب النفاخ، بيروت 1974. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1376 دريد. قال ابن دريد: سألت أبا حاتم السجستاني عن اشتقاق ثادق اسم فرس فقال: لا أدري، وسألت الرياشي فقال: يا معشر الصبيان إنكم تتعمقون بالعلم، وقال: سألت أبا عثمان الاشنانداني فقال هو من ثدق المطر من السحاب إذا خرج خروجا سريعا نحو الودق. وحكى ابن دريد أيضا قال: سألت أبا حاتم السجستاني عن قول الشاعر: وجفر الفحل فأضحى قد هجف ... واصفرّ ما اخضرّ من البقل وجف فقلت: ما هجف؟ فقال: لا أدري، فسألت الاشنانداني فقال: هجف اذا التحقت خاصرتاه من التعب وغيره. وله من التصانيف: كتاب معاني الشعر يرويه عنه ابن دريد [1] . وكتاب الأبيات [2] ، وغير ذلك. مات سنة ثمان وثمانين ومائتين. والاشنانداني نسبة إلى أشنان محلة ببغداد وزادوا الدال فيها كما زادوا الهاء في الأشنهي نسبة إلى أشنا. - 550- سعيد بن هاشم بن سعيد وينتهي نسبة إلى عبد القيس، أبو عثمان الخالدي البصري: كان [هو] وأخوه أبو بكر أديبي البصرة وشاعريها في وقتهما، وكان بينهما وبين السري الرفاء الموصلي ما يكون بين المتعاصرين من التغاير والتضاغن، فكان يدعي عليهما سرقة شعره وشعر غيره، ويدس شعرهما في ديوان كشاجم ليثبت مدّعاه كما بينا ذلك في ترجمة السري. وقال ابن النديم: قال لي الخالدي وقد تعجبت من كثرة حفظه: أنا أحفظ ألف سفر، كل سفر مائة ورقة. وكان هو وأخوه مع ذلك إذا استحسنا شيئا غصباه صاحبه   [550]- ترجمة الخالدي سعيد بن هاشم في الفهرست: 195 واليتيمة 2: 183 والوافي 15: 263 والفوات 2: 52؛ وانظر مقدمة التحف والهدايا، ومقدمة الأشباه والنظائر وقد جمع د. سامي الدهان ديوان الخالديين (دمشق 1969) ، والخالديان نسبة إلى الخالدية وهي من قرى الموصل. [1] طبع غير مرة، احداها بعناية د. صلاح الدين المنجد، بيروت 1964. [2] ر: كتاب الأثبات. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1377 حيّا كان أو ميتا لا عجزا منهما عن قول الشعر ولكن كذا كان طبعهما؛ وكلام ابن النديم هذا فيه موافقة للسري الرفاء أو مجاراة له والله أعلم. ثم قال ابن النديم: وقد عمل أبو عثمان شعره وشعر أخيه قبل موته، وله تصانيف منها حماسة شعر المحدثين وغير ذلك. توفي أبو عثمان سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة، ومن شعره [1] : يا قضيبا يميس تحت هلال ... وهلالا يرنو بعيني غزال منك يا شمسنا تعلمت الشم ... س دنوّ السنا وبعد المنال وقال [2] : هتف الصبح بالدجى فاسقنيها ... قهوة تترك الحليم سفيها لست تدري لرقة وصفاء ... هي في كأسها أم الكاس فيها وقال [3] : بغداد قد صار خيرها شرّا ... صيّرها الله مثل سامرّا اطلب وفتش واحرص فلست ترى ... في أهلها حرة ولا حرا وقال [4] : فهاتها كالعروس قانية ال ... خدين في معجر من الحبب كادت تكون الهواء في أرج ال ... عنبر لو لم تكن من العنب فلو ترى الكأس حين يمزجها ... رأيت شيئا من أعجب العجب نار حواها الزجاج يلهبها ال ... ماء ودرّ يدور في لهب وقال [5] : يا راقدا عاريا من ثوب أسقامي ... هب الرقاد لعين جفنها دامي لا خلّص الله قلبي من يدي رشأ ... رؤيا رجائي له أضغاث أحلام   [1] اليتيمة 2: 202 والديوان: 146. [2] اليتيمة 2: 203 والفوات: 54 والديوان: 150. [3] اليتيمة 2: 207 والديوان: 127. [4] اليتيمة 2: 199 والديوان: 111. [5] الديوان: 148. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1378 وقال [1] : أما ترى الغيم يا من قلبه قاسي ... كأنه أنا مقياسا بمقياس قطر كدمعي وبرق مثل نار جوى ... في القلب مني وريح مثل أنفاسي - 550 ب- سعيد بن هريم الكاتب: كان شريك سهل بن هارون في بيت حكمة المأمون. كان بليغا فصيحا مترسلا. له كتاب الحكمة ومنافعها. كتاب رسائله المجموعة. - 551- سكن بن سعيد الأندلسي: له كتاب في طبقات الكتاب بالأندلس. - 552- أبو سفيان بن العلاء: أخو أبي عمرو، مات أبو سفيان في سنة خمس وستين ومائة بعد أخيه، وقيل إن اسمه الحارث. - 553- سلامة بن عبد الباقي بن سلامة أبو الخير الانباري المقرىء النحوي الضرير: كان عالما بالقراءات والعربية وفنون الأدب، قرأ على ابن طاوس المقرىء، وحدث عنه بجزء هلال الحفار عن طراد الزينبي عن هلال، ثم رحل إلى مصر وسكن بها وتصدّر بجامع عمرو بن العاص يقرىء القرآن والنحو. وله مصنفات منها شرح على   (550 ب) - من المختصر، وانظر الفهرست: 134، والوافي 15: 269. [551]- من المختصر؛ وانظر جذوة المقتبس؛ 219 (بغية الملتمس رقم: 843) . [552]- من المختصر؛ وانظر طبقات الزبيدي وإنباه الرواة 4: 122 وبغية الوعاة 1: 592. وكان أبو سفيان نحويا قائما بالغريب وعلم النسب، وقد وثقه يحيي بن معين. [553]- ترجمة أبي الخير الأنباري في الوافي 15: 329 وبغية الوعاة 1: 593. [1] اليتيمة 2: 202 والديوان: 135. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1379 مقامات الحريري. ولد سنة ثلاث وخمسمائة ومات بمصر في ذي الحجة سنة تسعين وخمسمائة. - 554- سلامة بن غيّاض بن أحمد أبو الخير الكفرطابي النحوي: كان عالما حاذقا بصيرا بعلوم الأدب، صحيح الكتب جيد الحفظ، ذكره صاحبنا ابن النجار في «تاريخه» فقال: قدم بغداد سنة ست وعشرين وخمسمائة، وكتب عنه أبو محمد ابن الخشاب، وقرأ الأدب بمصر على أبي القاسم علي بن جعفر بن القطاع السعدي المصري. وله مصنفات في النحو منها التذكرة عشر مجلدات. وكتاب في النحو لطيف. وكتاب ما تلحن فيه العامة في زمانه. والرسالة الأدبية في الحض على تعليم العربية. مات سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة ومن شعره: اقنع لنفسك فالقناعة ملبس ... لا يطمع الاشرار في تخريقه فلربّ مغرور غدا تغريقه ... في حرصه سببا إلى تغريقه قرأت [1] بخط الشيخ أبي محمد ابن الخشاب: حكى لي سلامة بن غياض الكفرطابي عفا الله عنا وعنه، وكان ممن ينسب إلى الصناعة النحوية أنه سأل صبية من العرب، وقد احتاج إلى خيط يخيط به شيئا فقال لها: أعطني خويطا، فجاءته بغصن صغير من شجرة. فقال: ما هذا؟ فقالت: ما طلبت. فقال: إنما أردت خيطا. قالت: فهلا قلت خييطا؟ وصدقت: الخويط تصغير خوط، وهو الغصن، والخييط تصغير الخيط.   [554]- ترجمة أبي الخير الكفرطابي في إنباه الرواة 2: 67 وبغية الوعاة 1: 593 وإشارة التعيين: 133؛ (وبعد أن درس الكفرطابي بمصر رحل إلى بغداد بعد سنة عشرين وخمسمائة وقرأ عليه قوم بها ثم سار إلى واسط ودرّس النحو في جامعها، علقه عنه أبو الفتح بن زريق الحداد وغيره، ثم رحل إلى البصرة ثم إلى بلاد العجم وجال في أقطارها وبعد ذلك عاد إلى الشام واستوطن حلب وبها توفي) . [1] من هنا حتى آخر الترجمة مزيد من المختصر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1380 - 555- سلامة بن محمد النحوي الحلبي: له أشعار منها: أراني في انتقاص كلّ يوم ... ولا يبقى على النقصان شي طوى العصران ما نشراه مني ... فكم أبقى على نشر وطي علامات الفناء تحت جسمي ... وحرص ثابت في الجسم حي [1] - 556- سلمان بن عبد الله بن محمد أبو عبد الله بن أبي طالب الحلواني النهرواني: قال صاحبنا ابن النجار: قدم بغداد وقرأ بها النحو على الثمانيني، واللغة على ابن الدهان وغيره، وبرع في النحو، وكان إماما فيه وفي اللغة، وسمع الحديث من القاضي أبي الطيب الطبري وغيره، وجال في العراق ونشر بها النحو، واستوطن أصبهان، وروى عنه السلفي. وصنف تفسير القرآن. وكتابا في القراءات. والقانون في اللغة عشر مجلدات لم يصنف مثله. وشرح الإيضاح لأبي علي الفارسي. وشرح ديوان المتنبي. والأمالي، وغير ذلك. مات في ثاني عشر صفر سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة وقيل أربع وتسعين وأربعمائة، ومن شعره:   [555]- من المختصر، وبما أنه حلبي فمن المتوقع أن ترد ترجمته في بغية الطلب، ولكن كثيرا من تراجم حرف السين قد سقطت. [556]- ترجمة أبي عبد الله الحلواني في الوافي 15: 311 وبغية الوعاة 1: 595 وترجم له القفطي في الإنباه 2: 26 باسم سليمان (ونقل عن تاريخ أصبهان ليحيى بن منده وعن الاكمال لابن ماكولا) ودمية القصر 1: 387 وقال: عاشرته بنيسابور سنة 363 فوجدته لطيف العشرة رقيق القشرة.. (ويتردد اسمه بين سليمان وسلمان) وانظر الشذرات 3: 399 ومرآة الجنان 3: 156 وطبقات الداودي 1: 192 وطبقات المفسرين للسوطي: 13؛ وانظر الترجمة رقم: 567 في ما يلي. [1] بهامش المختصر: لم أجد له في الأصل ترجمة إلا هذه القطعة، وقطعة أخرى لم تقع في الاختيار. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1381 إن خانك الدهر فكن عائذا ... بالبيض والادلاج والعيس ولا تكن عبد المنى إنها ... رؤوس أموال المفاليس وقال: تقول بنيّتي أبتي تقنّع ... ولا تطمح إلى الأطماع تعتد ورض باليأس نفسك فهو أخرى ... وأزين في الورى وعليك أعود فلو كنت الخليل وسيبويه ... أو الفرّاء أو كنت المبرّد لما ساويت في حيّ رغيفا ... ولا تبتاع بالماء المبرّد - 557- سلم بن عمرو بن حماد مولى بني تيم بن مرّة: شاعر مطبوع من شعراء الدولة العباسية، كان منقطعا إلى البرامكة، وكان يلقب بالخاسر لأن أباه خلّف له مالا فأنفقه على الأدب، فقال له بعض أهله: إنك لخاسر الصفقة فلقّب بذلك؛ ثم مدح الرشيد فأمر له بمائة ألف درهم وقال له: كذّب بهذا المال من لقّبك بالخاسر، فجاءهم بها وقال: هذا ما أنفقته على الأدب ثم ربحت الأدب فأنا سلم الرابح لا سلم الخاسر. وقيل في تلقيبه بهذا غير ما ذكر [1] . وكان سلم تلميذا لبشار بن برد وصديقا لأبي العتاهية، فلما قال بشار قصيدته التي يقول فيها: من راقب الناس لم يظفر بحاجته ... وفاز بالطيّبات الفاتك اللهج فقال سلم أبياتا أدخل فيها معنى هذا البيت فقال: من راقب الناس مات غمّا ... وفاز باللذة الجسور   [557]- ترجمة سلم الخاسر في طبقات ابن المعتز: 99 والأغاني 19: 214 وتاريخ بغداد 9: 136 وابن خلكان 2: 350 (سالم الخاسر) والوافي 15: 302. [1] قيل إنه ورث من أبيه مصحفا فباعه واشترى بثمنه طنبورا، وقيل وقع في قسطه من الميراث مصحف، فردّه وأخذ مكانه دفاتر شعر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1382 فبلغ بيته بشارا فغضب وقال: سار والله بيت سلم وخمل بيتنا، وكان الأمر كذلك، لهج الناس ببيت سلم ولم ينشد بيت بشار أحد، فكان ذلك سببا للنفور بينهما، فكان سلم بعد ذلك يقدّم أبا العتاهية ويقول: هو أشعر الجنّ والانس، إلى أن قال أبو العتاهية يخاطب سلما [1] : تعالى الله يا سلم بن عمرو ... أذلّ الحرص أعناق الرجال هب الدنيا تصير إليك عفوا ... أليس مصير ذلك للزوال فلما بلغ ذلك سلما غضب على أبي العتاهية وقال: ويلي على الجرّار بن الفاعلة الزنديق، زعم أني حريص وقد كنز البدر وهو لا يزال يطلب وأنا في ثوبيّ هذين لا أملك غيرهما، ثم كتب إليه: ما أقبح التزهيد من واعظ ... يزهّد الناس ولا يزهد لو كان في تزهيده صادقا ... أضحى وأمسى بيته المسجد ورفض الدنيا ولم يلقها ... ولم يكن يسعى ويسترفد يخاف أن تنفد أرزاقه ... والرزق عند الله لا ينفد الرزق مقسوم على من ترى ... يناله الأبيض والأسود كلّ يوفّى رزقه كاملا ... من كفّ عن جهد ومن يجهد وذكر من اقتدار سلم الخاسر على الشعر أنه اخترع شعرا على حرف واحد ولم يسبق إلى مثل ذلك لأن أقل شعر العرب على حرفين نحو قول دريد بن الصمة: يا ليتني فيها جذع ... أخبّ فيها وأضع فقال سلم الخاسر لأمير المؤمنين موسى الهادي شعرا على ضرب واحد منه: موسى المطر ... غيث بكر ثم انهمر ... لمّا اغتفر ثم غفر ... لما قدر ثم اقتصر ... عدل السّير   [1] الأغاني 19: 222- 223. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1383 باقي الأثر ... خير البشر فرع مضر ... بدر بدر لمن نظر ... هو الوزر لمن حضر ... والمفتخر ولما بويع الهادي بالخلافة وهو بجرجان دخل عليه سلم الخاسر وأنشده: لما أتت خير بني هاشم ... خلافة الله بجرجان شمّر للحزم سرابيله ... برأي لا غمر ولا وان لم يدخل الشورى على رأيه ... والحزم لا يمضيه رأيان وقال لهارون الرشيد حين ولي الخلافة: بهارون قرّ الملك في مستقرّه ... وأشرقت الدنيا وأينع نورها وليس لأيام المكارم غاية ... تتمّ بها إلا وأنت أميرها وقال في يحيى بن خالد بن برمك: وفتى خلا من ماله ... ومن المروءة غير خال وإذا وأى [1] لك موعدا ... كان الفعال مع المقال لله درّك من فتى ... ما فيك من كرم الخلال أعطاك قبل سؤاله ... فكفاك مكروه السؤال ولسلم شعر كثير أجاد في أكثره، وتوفي في خلافة الرشيد سنة ست وثمانين ومائة. - 558- سلمويه بن صالح الليثي: هو من رواة الأخبار والأنساب، له كتاب الدولة.   [558]- من المختصر؛ وانظر سير الذهبي 9: 433- 434 وفيه أنه يكنى أبا صالح ويسمى سليمان أيضا وهو مولى الليثيين حافظ معمر مروزي، عاش مائة سنة. فإن كان هو المقصود هنا، فينظر تخريج ترجمته في المصدر المذكور. [1] وأى: وعد. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1384 - 559- سلمة بن عاصم أبو محمد النحوي: أخذ عن أبي زكريا يحيى الفرّاء، وروى عنه كتبه، وأخذ عن خلف الأحمر وسمع منه «كتاب العدد» ، وأخذ عن سلمة أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب، وكان يقول: كان سلمة حافظا لتأدية ما في الكتب، والطوال حاذقا بالعربية، وابن قادم [1] حسن النظر في العلل. ولسلمة من التصانيف: كتاب معاني القرآن. وكتاب المسلوك في العربية. وكتاب غريب الحديث، وغير ذلك. - 560- سلمة بن عباس العامري أبو حفص مولى بني حسل بن عامر بن لؤي بن غالب بن النضر بن كنانة: أحد العلماء النبلاء الرواة الفهماء، كان كأنه أبو عمرو بن العلاء في علمه وملاقاته الناس، يكنى أبا حفص. ولقي الفرزدق، وكان يصاحب أبا حية النميري. أخذ العلم عن ابن أبي اسحاق الحضرمي، وكان صالحا ديّنا شاعرا مجيدا، مات سنة ثمان وستين ومائة في خلافة المهدي. فمن شعره يرثي بعض خلانه، وقيل هو أبو سفيان بن العلاء أخو أبي عمرو: صحبت أبا سفيان عشرين حجة ... خليلي صفاء ودنا غير كاذب فأمسيت لما حالت الأرض بيننا ... على قربه مني كأن لم أصاحب أجدك ما تغني كلوم مصيبة ... على صاحب إلا فجعت بصاحب تقطع أحشائي إذا ما ذكرتهم ... وتنهلّ عيني بالدموع السواكب   [559]- ترجمة سلمة بن عاصم في الفهرست: 74 ومراتب النحويين: 149 وإنباه الرواة 2: 56 وطبقات الزبيدي: 137 وتاريخ أبي المحاسن: 182 وتاريخ بغداد 9: 143 ونزهة الألباء: 101 وطبقات ابن الجزري 1: 311 وبغية الوعاة 1: 596 والبلغة: 89 ووردت ترجمته في المختصر مختلفة عما هنا وسأوردها في الملحق. [560]- من المختصر، وانظر الأغاني 20: 255 والوافي 15: 325 (وفيهما ابن عياش، وهو الصواب) . [1] الطوال نحوي كوفي من أصحاب الفراء، وابن قادم أحمد أو محمد بن عبد الله. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1385 - 561- سلمة بن عبد الله أبو بكر الهذلي: كان عالما بأيام العرب وسيرها وأحد أصحاب الحديث، وكان قد لقي الزهري والحسن البصري ومحمد بن سيرين، وكان بصريا مات في سنة تسع وخمسين ومائة. - 562- سليمان بن أيوب بن محمد، أبو أيوب المديني: من ظرفاء أهل المدينة المنورة، كان أديبا أخباريا فاضلا ذا غرام بالغناء وأخبار المغنين. ذكره ابن النديم وقال: له من المصنفات: أخبار عزة الميلاء. كتاب أخبار ابن مسجح. طبقات المغنين. كتاب الغنم والايقاع. كتاب المنادمين. كتاب الاتفاق. كتاب أخبار قيان الحجاز. كتاب قيان مكة. كتاب أخبار ظرفاء المدينة. كتاب أخبار ابن عائشة. كتاب أخبار حنين الحيري. كتاب أخبار ابن أبي عتيق. كتاب أخبار الغريض. كتاب أخبار ابن سريج. - 563- سليمان بن بنين بن خلف بن عوض تقي الدين الدقيقي المصري النحوي الأديب الفرضي العروضي العلامة: اجتمعت به في عدة مجالس بحضرة القاضي الاكرم، وأجازني برواية مصنفاته وهي: الأحكام الشوافي في إحكام القوافي. أخلاق الكرام وأخلاق اللئام. أعذب العمل في شرح أبيات الجمل. الأفلاك السوائر في انفكاك الدوائر. الأقوال العربية في الأمثال النبوية. آلات الجهاد وأدوات الصافنات   [561]- من المختصر، وانظر الوافي 15: 325 (وينقل عن ياقوت) . [562]- ترجمته في الفهرست: 156. [563]- ترجمة سليمان بن بنين في الوافي 15: 356 وبغية الوعاة 1: 597 (وهو ينقل عن الذهبي) . وقد بشر كتابه اتفاق المباني وافتراق المعاني بتحقيق د. يحيى عبد الرؤوف جبر، عمان 1985. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1386 الجياد. تحبير الأفكار في تحرير الأشعار. الاعجاز والايعاز في المعاني والألغاز. البسط في أحكام الخط. بذل الاستطاعة في الكرم والشجاعة. أنوار الأزهار في معاني الأشعار. استنجاز المحامد في انجاز المواعد. اتفاق المباني وافتراق المعاني. التنبيه على الفرق والتشبيه. الحلّ [1] الكافي في خلل القوافي. الدرّة الأدبية في نصرة العربية. الدّيم الوابليّة في الشيم العادلية. الدرر الفردية في الغرر الطردية. دلائل الأفكار [2] في فضائل الأشعار. الروض الأريض في أوزان القريض. سلوان الجلد عند فقدان الولد. الشامل في فضائل الكامل. فرائد الآداب وقواعد الاعراب. فضائل البذل مع العسر ورذائل البخل مع اليسر. عنوان السلوان. كمال المزية في احتمال الرزية. الكواكب الدّرّية في المناقب الصدرية. لباب الألباب في شرح الكتاب (كتاب سيبويه) . منتهى الأدب في منتهى [3] كلام العرب. محض النصائح ومخض القرائح. معادن التبر في محاسن الشعر. مكارم الأخلاق وطيب الأعراق. الوافي في علم القوافي. الوضاح في شرح أبيات الايضاح. توفي تقي الدين الدقيقي بالقاهرة سنة ثلاث عشرة وستمائة [4] . - 564- سليمان بن خلف بن سعد بن أيوب بن وارث القاضي أبو الوليد الباجي، الفقيه المتكلم المحدث المفسر الأديب الشاعر: أصل آبائه من بطليوس، انتقلوا إلى   [564]- ترجمة أبي الوليد الباجي في الصلة: 197 والقلائد: 188 والذخيرة 2/1: 94 والمغرب 1: 404 وترتيب المدارك 8: 117 والمرقبة العليا: 95 والديباج المذهب: 120 وبغية الملتمس رقم: 777 وتهذيب ابن عساكر 6: 251 والاكمال 1: 486 وتذكرة الحفاظ: 1178 وعبر الذهبي 3: 280 وابن خلكان 2: 408 ومرآة الجنان 3: 108 والوافي 15: 372 والفوات 2: 64 والشذرات 3: 334 والروض المعطار: 75 ونفح الطيب 2: 67 وباجة التي ينسب إليها تقع اليوم في البرتغال على بعد مائة وأربعين كيلومترا إلى الجنوب الشرقي من لشبونة. [1] البغية: المجمل. [2] البغية: الأذكار. [3] البغية: مبتدا. [4] في بغية الوعاة أن وفاته كانت سنة 614 نقلا عن الذهبي. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1387 باجة- باجة الأندلس، وثم باجة أخرى بافريقية وأخرى بأصبهان. ولد أبو الوليد سنة ثلاث وأربعمائة، وأخذ بالأندلس عن أبي الاصبغ ومحمد بن إسماعيل وأبي محمد مكي بن حموش وأبي شاكر [1] وغيرهم، ورحل سنة ست وعشرين وأربعمائة إلى المشرق، فأقام في الحجاز مجاورا ثلاثة أعوام ملازما للحافظ أبي ذر المحدث يخدمه ويسمع منه، وحج أربع حجج، وسمع هناك من ابن سنجويه وابن محرز والمطوعي، ورحل إلى بغداد فأخذ فيها عن أبي الطيب الطبري وأبي إسحاق الشيرازي والدامغاني وابن عمروس، وأخذ عن الخطيب البغدادي وأخذ الخطيب عنه. ورحل إلى الشام فأخذ فيها عن السمسار، ودخل الموصل فأخذ بها علم الكلام عن السمناني، ثم رجع إلى الأندلس فحاز الرياسة فيها، وسمع منه خلق كثير منهم: الحافظان الصدفي والجياني، والمعافري والسبتي والمرسي وغيرهم، وولي القضاء بمواضع من الأندلس. وله مصنفات منها: الاستيفاء شرح الموطأ. والمنتقى مختصر الاستيفاء. والايماء مختصر المنتقى. والسراج في ترتيب الحجاج. والتعديل والتجريح لمن خرّج عنه البخاري في الصحيح. وإحكام الفصول في أحكام الأصول. والتسديد إلى معرفة التوحيد. والمعاني في شرح الموطأ، عشرون مجلدا. وكتاب اختلاف الموطآت. وتفسير القرآن. والمقتبس من علم مالك بن أنس. والمهذب في اختصار المدونة. وكتاب مسائل الخلاف. والحدود في الأصول. والاشارة في الأصول. وكتاب فرق الفقهاء. وكتاب الناسخ والمنسوخ. وكتاب السنن في الرقائق والزهد. وكتاب النصيحة لولده، وغير ذلك. مات بالمرية سنة أربع وتسعين وأربعمائة، ومن شعره [2] : ما طال عهدي بالديار وانما ... أنسى معاهدها أسى وتبلّد لو كنت أنبأت الديار صبابتي ... رقّ الصفا بفنائها والجلمد وله في المعتضد بالله عباد [3] :   [1] أبو الأصبغ بن أبي درهم ومحمد بن إسماعيل بن فورتش وأبو محمد مكي بن أبي طالب المقرىء المشهور وأبو شاكر القبري خال الباجي. [2] الذخيرة 2/1: 99 ونفح الطيب. [3] الذخيرة 2: 100 والنفح 2: 76. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1388 عباد استعبد البرايا ... بأنعم فاقت النعائم مديحه ضمن كلّ قلب ... حتى تغنّت به الحمائم وقال [1] : إذا كنت أعلم علم اليقين ... بأنّ جميع حياتي كساعه فلم لا أكون ضنينا بها ... فأجعلها في صلاح وطاعه وقال: ليس عندي شخص النوى بعظيم ... فيه غمّ وفيه كشف غموم ان فيه اعتناقة لوداع ... وانتظار اعتناقة لقدوم وقال يرثي ولديه وقد ماتا غريبين [2] : رعى الله قبرين استكانا ببلدة ... هما أسكناها في السواد من القلب لئن غيّبا عن ناظري وتبوّآ ... فؤادي لقد زاد التباعد في القرب يقرّ بعيني أن أزور ثراهما ... وألصق مكنون الترائب بالترب وأبكي وأبكي ساكنيها لعلّني ... سأنجد من صحب وأسعد من سحب ولا استعذبت عيناي بعدهما كرى ... ولا ظمئت نفسي إلى البارد العذب أحنّ ويثني اليأس نفسي عن الأسى ... كما اضطر محمول على المركب الصعب - 565- سليمان بن صالح النحوي الكتبي أبو صالح: أحد أصحاب السير والأخبار الأتقياء. له كتاب فتوح خراسان وهو كتاب الدولة.   [565]- هذه الترجمة من المختصر. وسمّاه في الفهرست: 120 سلمويه وقد مرّ رقم 558. [1] وردت في معظم المصادر المذكورة آنفا. [2] وردت الأبيات في الذخيرة والقلائد والمغرب وترتيب المدارك. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1389 - 566- سليمان بن أبي شيخ، واسم أبي شيخ منصور بن سليمان أبو أيوب: أخباري راوية لقي جلة الناس، مات سنة ست وأربعين ومائتين. له كتاب الأخبار المجموعة. - 567- سليمان بن أبي طالب عبد الله بن الفتى الحلواني النهرواني أبو عبد الله، والد الحسن بن سليمان الفقيه المدرس بالنظامية. له حظ من العربية وافر وآداب تامة. مات بأصبهان سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة، وأكثر أئمة أصبهان وفضلائها قرأوا عليه الأدب. سمع ببغداد أبا الطيب طاهر بن عبد الله الطبري وغيره. وأمّا الفتى أوله فاء مفتوحة بعدها تاء معجمة فهو أبو عبد الله سليمان بن عبد الله يعرف بابن الفتى من أهل النهروان. دخل بغداد سنة ثلاثين وأربعمائة فتشاغل بالأدب فقرأ على أبي الخطاب الجبلي والثمانيني وغيرهما، فمن شعره [1] : يا ظبية حلّت بباب الطاق ... بيني وبينك أوكد الميثاق فوحقّ أيام الحمى ووصالنا ... قسما بها وبنعمة الخلاق ما مرّ من يوم ولا من ليلة ... إلا إليك تجددت أشواقي سقيا لأيام جنى لي طيبها ... ورد الخدود ونرجس الأحداق فإذا أضرّت بي عقارب صدغها ... كانت مراشف ريقها ترياقي   [566]- هذه الترجمة من المختصر؛ وانظر الفهرست: 256. [567]- هذه الترجمة قد وردت في م شديدة الإيجاز، وهي هنا مأخوذة من المختصر. وقد تقدمت ترجمة الحلواني النهرواني برقم: 556 باسم «سلمان» ؛ وهي هنا أكثر اسهابا، وفيها ينقل المؤلف عن مصادر غير التي اعتمدها في الترجمة السابقة. [1] إنباه الرواة 2: 28 والوافي 15: 312. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1390 وأنشد الأديب [ابن] الفتى لنفسه [1] : تذلّل لمن إن تذلّلت له ... يرى ذاك للفضل [2] لا للبله وجانب صداقة من لا يزال ... على الأصدقاء يرى الفضل له وأنشد ابن الفتى لغيره: لا تحقرن فاضلا وإن قصرت ... آلته عن عيون رامقه فالمسك بينا تراه ممتهنا ... في فهر عطاره وساحقه حتى تراه بعارضي ملك ... أو موضع التاج من مفارقه وكان ابنه الحسن بن سليمان بن عبد الله بن الفتى فقيها عالما، سكن بغداد، وفوّض إليه التدريس بالمدرسة النظامية. وكان عالما فاضلا يعظ في الأحايين. له معرفة تامة بالنحو واللغة، وينشىء الخطب والشعر. مات في شوال سنة خمس وعشرين وخمسمائة، ودفن بجنب الشيخ أبي إسحاق الشيرازي بباب أبرز. وكان لابن الفتى هذا ابن آخر يقال له أبو الحسن علي، كان أديبا فاضلا، وبالأديب كان يخاطب، وكان وجيها بالريّ إما وزيرا لبعض أمراء السلجوقية أو شبيها بالوزير، مدحه أبو يعلى ابن الهبارية عند وروده إلى الري فلم يحمده فكتب إلى بعض أصدقائه وساءله في ذمّه فأبى. وأما الرسالة التي كتبها إلى ابن أبي الفتى فهي: للأسماع- أطال الله بقاء الشيخ الأديب، العالم اللبيب، الكامل الأريب، الفاضل الحسيب، غرة الدهر البهيم، وواسطة العقد النظيم، وجامع عناديد الشرف وأشتاته، ومحيي رسم الأدب ورفاته: الألمعيّ اللوذعيّ ... الأريحيّ أبي الحسن ربّ السماحة والرجا ... حة والفصاحة واللسن منها: وقد كنت أيام تشريفه بأصبهان، بمقدمه السعيد ومقامه المديد، أجتهد   [1] الوافي 15: 312. [2] الوافي: للظرف. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1391 في لقائه كلّ الاجتهاد، وأعتد بخدمته غاية الاعتداد، ولم أجد طريقا إلى ذلك إلا بحسن سفارة السيد الوالد، الإمام الماجد، بقية المشايخ والصدور، ومالك أزمة المنظوم والمنثور، علم العلم والأدب، وطود الحلم والحسب، أبي الأدباء، وموئل الغرباء، الذي دقّ فكره، وجلّ قدره: سلمان أوحد عصره ... وزمانه في كلّ فن شيخ العلوم وكعبة ... للفضل يقصدها الفطن فيعتذر أنه حرسه الله مشغول بأمور مهمّة، وحوادث ملمة، ولما نزلنا الريّ أيقنت بالريّ من رؤيته، والتعاطي من بديهته العدّ ورويّته، ووثقت بالظفر بخدمته، فكنت الوامق الخجل لأنني ترددت إلى أن ملّني بواب دار الوزارة، وشكاني دهليز دار الإمارة، والحجاب كثيف، والحاجب عنيف: لكن غرامي بالأدي ... ب أباح لي خلع الرسن فكتبت منبسطا لأظ ... هر من غرامي ما بطن يا سيّد الأدباء قل ... ب الصبّ عندك مرتهن قلت: فهذا من هذه الرسالة يدل على أنه كان أديبا ذا مكانة من السلطان، وتمكّن من علوّ القدر والشان. فلما لم يحمد ما كان منه، كتب إلى الفقيه أبي بكر محمد بن الشافعي المعروف بالعيثوري: لو وجدت إلى لقاء الشيخ الفقيه، أطال الله بقاءه ما اهتزّ غصن كعطفه، وجاد سحاب ككفّه، وتبلّج صبح كبشره، وتأرّج روض كذكره، وزخر بحر كعلمه، وشمخ طود كحلمه، ونفذ قدر كعزمه؛ بل أطال الله بقاءه ما قام أير واسبطرّ، واختلج بظر فاقشعر، وتجهّم عيش أديب فاكفهر، واطرد القياس ببؤس الفاضل واستمر؛ بل أطال الله بقاءه لتبادل الصبيان في المكاتب والمعالم، وتساحق النسوان في المقابر والمآتم. بل أطال الله بقاءه ما قدحت زنود الأفراح بالأقداح، وعدل طريق إلى الفقاح عن الأحراح، واتهم كاتب بحامل دواته، وغلام بمولاه أو بمولاته؛ بل أطال الله بقاءه ما خاب أمل عند لئيم ساقط، وحبط عمل في سوق زنيم هابط؛ بل أطال بقاءه ما بذل لئيم فقحته، وكشخان زوجته، وصفعان هامته؛ وأري الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1392 البخل كيسا وفطنة، ونسب السخاء خرقا وهجنة، وفديت الدراهم بالمحارم، والمائدة بالوالدة، والفلس بالعرس، سبيلا [1] لأخفيت القدم، وأعفيت القلم، ولكنت مليا بمحامده في كعبة فضائله حاجا إلى بابه، عاجلا بالاستئذان على حجّابه، فسقى الله [ .... ] وكان الشريف البصري، وكان يجمع شملنا، ويصل حبلنا، ويضم أشتاتنا، ويعمّ بالاجتماع أوقاتنا، فنرتبع من مجلس الشيخ الفقيه في روض أريض، ونشفي بلقائه داء كلّ قلب مريض، ونتجارى في حلبات الفضل، فنتجاذب أطراف الجدّ من الحديث والهزل. وبعدا لهذه الأيام التي منعتنا مشاهدته، وحرمتنا مجاورته ومحاورته، وحجبته عنا، وأخذت له بانقطاعنا عنه فوق حقه منا. وعلم الله أنني وصلت غرّة ذي الحجة إلى مدينة الري التي أقفر من المروءة جنابها، وصفرت من الفتوّة وطابها، وترأس أذنابها، وتذأب كلابها، ونسخ شرع الافضال في ربوعها، ومسخ كلّ من عرفناه من تابع أهلها ومتبوعها، وكان أول ما بدأت به السؤال عن أخباره، أجراها الله على إيثاره، والشيخ الإمام الحافظ بذلك شاهد، وليس في إقامة هذه الشهادة بواحد، فعرّفني من سلامته ما سكنت إليه نفسي، وشكرت الله عليه، ثم عدت إليها بعد الرحيل، ونزلت منها بربع محيل، فبلغني ما ساءني وأقلقني، وأزعجني وأرّقني، وجدّد سوء ظني بالزمان الجاهل، وأكد قبيح رأيي في الدهر الخامل، إلّا بما يسوء الأحرار، ويسرّ الأغمار، وما استبدعته من ذميم عادته، ولئيم جبلته، وقديم خرقه، وعظيم هوجه: دفن ابن سلمان كان أولى ... لو وفّق الدهر للصواب ودفن من يصطفيه أيضا ... من المخانيث والقحاب لكنّ هذا الزمان كلب ... يفترس الأسد بالكلاب وما تلك الحلية إلا من جملة الناس، ورب عار أحسن من كاس، وإذا تبلّجت الأرض فالروض يعود، وما دامت السماء فالشهب تطلع على الرسم المعهود. وسلب الحجل خير من قطع الرجل، وما هو إلا نصل جرّد من غمده، وجيد عطل من عقده، وغصن عرّي من ورقه، وورده على غير جريمة، ولا إتيان عظيمة ولا غشيان كريمة:   [1] اقرأ: لو وجدت الى لقاء الشيخ الفقيه سبيلا (وما بينهما جمل معترضة) . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1393 ومن نال الكريمة مستعيرا ... لفرط تغافل الشيخان عنه جدير والأمور إلى معاد ... وإن قطبت بحزّ الرأس منه فذاك الذي منعني من الحضور، ومواصلة الرواح بالبكور. ولما قيل قد فتح الباب، ورفع الحجاب، واجتمع الإخوان والأصحاب، وقعت هذه الواقعة التي أرغب إلى الله في صرفها، وقشع سحب غمامها وكشفها، وأزف انصرافي، وقصر الليل علي تحت زفافي، فحررت هذه السطور مع كثرة الموانع، وغلبة الصوارف والدوافع، والله تعالى يديم له النعمة الصافية، والمنحة الوافية، ويكفيه المحذور، ويسخّر له الأمور، ويجري المقدار على إرادته، ويحيل لأجله الفلك الأحمق عن عادته. وبعد ذلك فبلغني حرس الله نعمته أنه أنكر قديم مودتي، وسأل عني بعد طول صحبتي، سؤال متعرّف لأمري و [] حبرته من شعري، وذلك عند إطرائه شيخ الظّراف، وإمام اللطاف ابن حجاج. وأين الجدول من البحر، والكوكب من الفجر، والبعرة من الدرّة، والعرة من الغرّة، والعانة من الطرّة، والسّرم من السّرّة، والسّحنة من القرة، والحلوة من المرة، والأمة من الحرّة: كان ابن حجاج في زمان ... ينطق من ظرفه الجماد كل وليّ له بقول ... سمح وموجوده جواد طبّ بداء القريض يعنى ... من كل أمر بها يراد كابن عباد وابن العميد، والمهلبي والمجيد، وبني حمدان في إمارتهم، وآل المقتدر أيام خلافتهم، وعضد الدولة وعزها، وبني ركنها ومعزها، وغير هؤلاء من كبار القواد وأعيان الأمر الذين لو تعاطوا مساجلته لفضلوه، أو ادّعوا مناضلته لنضلوه، أو جاروه في حلبة الجد والهزل في العلم والفضل لشآه راجلهم ولسبقه، ونتف سباله وحلقه: عبيدك القن في زمان ... بالجهل قد أخرس الشقاشق بين كلاب بلا عقول ... ما فيهم واحد موافق عمي عن المكرمات صمّ ... تعوقهم دونها العوائق من كلّ تيس جهم المحيّا ... فجّ حديث العلا منافق الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1394 همّته في الحضيض لؤما ... وفرقه في السماك باسق قد كسد الجهل في رباها ... جهلا لأن النفاق نافق فكل بيت أجيد فيه ... يشهد أني بالشعر حاذق فاستكثر الدرّ من كلامي ... فالعذر فيما ذكرت صادق وكفاني محرسا، وحسبي مقحما ومؤنسا، أنني دخلت فكان ممدوحي ومقصودي من أهلها، ومعتمدي من أغيانها: عليّ بن سلمان الأديب ومن يكن ... علي بن سلمان الأديب عتاده فقد خاب مما يرتجيه وحرّمت ... عليه الليالي أن ينال مراده فأولاني آلا، وأعاد ألفى دالا، وقراني عرضه المبذول، وكذبه المملول: ولست براتع في عرض كلب ... وبئس الزاد أعراض الكلاب فإن غرّت بشاشته مديحي ... فكم قد عاد صاد بالشراب وما هان الهجاء عليّ حتى ... أدنّسه بأزواج القحاب وأولاد الوزير وأنت أدرى ... سواسية كأسنان الدواب فما عرفوا جميعهم بعرف ... ولا وصفوا بأفعال الصواب ولا حفظوا للؤمهم ذماما ... ولا طبعوا على رعي الصحاب فكيف وأنت أفطن للمعاني ... رعى منصورهم حق الغراب ثم ذكر قوما لا حاجة لنا بذكرهم ولا أعرفهم. ثمّ رجعنا إلى حديث الكلبي بغير ياء، والاشتغال بذكره أولى، وتقطيع عرضه أحلى وأحرى. ومن أين للمسلمين عرض فيمزق، أو مجد فيهدّم، أو حسب فيوصم، ولكن ذم الزمان الذي قدم مثله وسوّده، وأباح جهله وروّجه: كلّ يوم يأتي الزمان غريبا ... وبديعا من الفعال عجيبا وقع السفلة ابن سلمان [ ... ] ... ومن الظلم أن يسمى أديبا أي معنى فيه سوى الجهل والخر ... ق فيلفى إلى الأمير حبيبا ناسب الدهر في الحماقة والخسّ ... ة فالدهر منه يدعى نسيبا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1395 ولقد عرفنا أباه، سلمه الله، بريا من هذه البظرمة، عريّا من هذه العجرفة، سليم الصدر، نقي الجيب، ليّن الجانب، حلو الحركة، دمث التفصيل، لا يتعدىّ طوره، ولا يتجاوز حده: يعلم أولاد الوزير ففخره ... إذا تاه فخرا أن يقال معلّم فما بال هذا الجرو لادرّ درّه ... على نقصه مستأسدا يتبظرم ومن أين وافته الوزارة فاغتدى ... بخسّته في عصرها يتحكّم وهب أن منصورا دعاه بجهله ... وزير دعاء بالعظائم يرجم أصار وزيرا أو يجوز لمثله ... يتيه على الأكفاء أو يتقدم ولولا أن الري مسخت وأهلها، ونسخت وأعيانها، وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ، وَباؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ، وقيل لهم كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ* (البقرة: 61) لما تصدر المعلّم في دسوتها، ولا ترأس في ملكها وملكوتها، وجمع بين ناسوت الرياسة ولا هوتها، ولا تحكم في أهلها، ولا تكلم في مجالسها، ولكان بحيث أنزل الله المعلمين، وجعل المؤدبين، أو أنه يرجع إلى مسكة من عقل، أو يعتصم بيسير من لبّ وحزم، أو يتعلق بقليل من تمييز، أو يعود إلى نزر من تحصيل، يعرف محله، ويلتزم حدّه، ولم يتعدّ طوره: ولكن المعلم ذقن سرم ... خفيف الرأس ليس له دماغ وقد دبغت رؤوسهم فأضحت ... نواشف قد تحيّفها الدباغ وما إن كان فيها قط شيء ... فكيف تقول أدركها الفراغ فما لعلوّ مثلهم مجار ... ولا لنفاق مثلهم مساغ وقد صنعوا من الحمق المنقّى ... ففيهم كلّ فاحشة تصاغ هذا، على أنه نشأ في الفقر والفاقة، وربي في البؤس والإضاقة، وولد في الهجرة، وقطعت سرّته في المصاطب، وكدّي عليه في المساجد، فإن شيخنا أباه- أبقاه الله- امتحن بالغربة في الرساتيق، وباع الشعر بالقراريط لا الدوانيق. وكانت الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1396 معه والدة هذا الرقيع من شقاع وشلاق، وحراب وسرماط [1] ، ولعلها حملت به في ليلة غير مزءودة طوعا، وعقد نطاقها محلول، والسّقاع لشهوتها مبلول، في محراب مسجد أو إسطبل قرية، أو خرق شحاذين، أو مسطبة مقيفين. وقد حكى لي الرئيس أبو الحسين علي بن الحسين بن الراحل، وكان صادق اللهجة صحيح الرواية متحريا فيما يورده، مستحرزا فيما يذكره ويسنده، وهو ترب شيخنا أبي عبد الله سلمان والد هذا الأحمق الرقيع، وأبي هذا الخسيس الوضيع: كنّا جميعا في خدمة الأمير حسام الدولة ابن أبي الشوال [فذكر] أن عبد الله الفتى النهرواني والد الشيخ سلمان كان شيخا اصطيلا يتطايب بين يدي حسام الدولة ويتمصفع مع أدب كان فيه وفضل، وجدّ من معرفة وهزل، وظرف مقول، ولطف مقبول، وكان موصوفا بطول الأير، وكان يدسّ عليه بعض الفراشين إذا سكر فيشد في إحليله خيطا، ويقوده في الدار قودة شوطا، فينشد وهو عريان سكران يضرب جنبيه بإبطيه: أقام قيامتي ذكري ... وأعمى فيشتى بصري قمد وافر حسن ... شديد اللمس كالحجر فما يقوى عليه فتى ... ولا لمياء ذات حر لو ان الفيل وهو الفيل ... يدخل رأسه لخري وما يقوى عليه سوى ... عروسي ضرّة القمر بنفسي أمّ سلمان ال ... ذي تعطيه في الدبر وتأخذه بلا غضب ... ولا سخط ولا ضجر وتخرجه بمدرعة ... وطرطور من القذر ولولا أنها صفرا ... ء تحكي صبغة الصّفر لقال الناس إذ وافى ... أتى القاضي أبو عمر ثم ينخر ويضرط ويقول: [إن] رأيت لها شبها فلا تدعني أبا جعل.   [1] أظنه يستعمل لغة المكدين؛ فالسرماط عندهم هو الكتاب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1397 فمن أين جاءتك الرياسة والعلا ... وهذا أبوك الألمعي وجدكا وأمك لا أغتابها أنت عالم ... بها فبماذا طال ويلك مجدكا ولو كنت إنسانا يعود إلى حجى ... لحدّك عن هذا التبظرم جدّكا تبظرم هذا الفتى الزائد، على لؤم عنصره شاهد، ومن أمّه أليست تلك الضروط، ووالدة ذلك الوالد، فكيف يتيه وأنّى له؟! مهلا مهلا أيها الفتى، علام وحتى متى، تعقد أنفك تيها، ولا ترى لك في الرياسة شبيها، وتجري في ميدان حمقك، وتتبع شيطان خرقك؟ كأنك لم تدر أن المعلمين أخسّ خلق الله أقدارا، وأوضعهم فخارا، وأقلّهم عقولا، وألأمهم فروعا وأصولا، وأن الإجماع منعقد، والقول متفق، والاتفاق واقع، على أن المعلمين- وإن رجعوا إلى أدب وعلوم، ومعرفة المنثور والمنظوم- لا عقول لهم ولا حلوم، ولا يذكرون في عير، ولا يعدّون في نفير: وأن ألأم خلق الله كلهم ... من كان للفضل بالتعليم مشتغلا الله صاغهم حمقى، وأوجدهم ... نوكى، وصيرهم دون الورى سفلا شاعت حماقاتهم في الناس، فاشتهرت ... بين البرية حتى أصبحوا مثلا هذا، أطال الله بقاء الشيخ الفقيه الأديب حالي، وصورة آمالي، فكيف ينطق لساني بمقال مرضيّ، أو يسمح خاطري بمعنى زكي: لو أنّ ابن حجّاج رأى من رأيته ... وشاهد من شاهدته لم يقل شعرا وعاصته أبكار المعاني وعونها ... فلم يستطع نظما بديعا ولا نثرا وأمسك إمساك الغبيّ ولم يفه ... بحرف ولم يكتب إلى أحد سطرا أنا فاعرفوني أشعر الناس كلهم ... علوت بأشعاري وقد سفلوا الشعرى لأني أعاني ما ترون وخاطري ... يجيش فيبدي كل قافية بكرا ولو أنهم ناس أجدت مديحهم ... ولم أقتنع بالدون في مدحهم ذكرا ولكن على قدر العطاء وقدرهم ... أقول فلا أخشى عتابا ولا نكرا نظمت لهم بعرا يشاكل لؤمهم ... ولو أنهم ناس نظمت لهم درّا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1398 ولم أتعاط جيّد الشعر فيهم ... فأبقي لهم من بعد فوتهم فخرا وأجهد نفسي ظالما في امتداحهم ... وسيان من ذمّ الليالي ومن أطرى لقد ناكني دهري فشقق مبعري ... بأير كبير كدت من رهزه أخرا فإن أك في نظمي ونثري مقصّرا ... فلا تعذلنّي سيدي واعذل الدهرا فهذا، أطال الله بقاءه في نعمة كرويّته صافية، ورتبة كهمّته حالية، ودولة كأيره قائمة، وسعادة كظرفه لازمة دائمة، فرق ما بيني وبين الشعراء السابقين، والأدباء السالفين، وقد رضيت حكما مع شرّة التحكيم على بني هاشم بدفع كل ظالم: بحياة رأسك أيها ال ... شيخ الفقيه وأنت تدري أنصف أخاك ولا تمل ... ظلما عليه كمثل دهري لو عاين الشعراء مم ... دوحيّ من أعيان عصري نطقوا ببيت واحد ... حلو رشيق مثل شعري أو أتعبوا أفكارهم ... للقول في نظم ونثر وسبال من لم يفتني ... بالحقّ في ظلمات جحري - 568- سليمان بن عيسى الشنتمري النحوي له تصانيف منها: كتاب شرح الشعراء الفحول الستة. - 569- سليمان بن الفياض الاسكندراني أبو الربيع من أهل الاسكندرية: تلميذ الحكيم أبي الصلت أمية بن أبي الصلت المصري وعليه قرأ [وتوفي] سنة ست عشرة وخمسمائة. كان أحد الشعراء المجودين [وشعره] كالسحر يدخل الأذن بغير إذن، خرج من مصر ووافى العراق وخرج منها إلى بلاد خراسان ووصل إلى بلاد الهند وتوفي   [568]- هذه الترجمة من المختصر. [569]- هذه الترجمة من المختصر؛ وانظر خريدة القصر (قسم مصر) 2: 200 والوافي 15: 419. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1399 بها. ومن منثور كلامه إلى بعض فلاسفة الهند يستأذنه في المصير إليه: ماذا عسى يصف من شوقه مشتاق يقدم قدما ويؤخر أخرى بين أمر أمير الشوق ونهي نهى الهيبة، فإن رأيت أن تقلّه من علله بالاذن له فما أولاك به وأحوجه إليه. والله المسؤول في بلوغ المأمول بك ولك ومنك. ومن شعره قصيدة يمدح بها الإمام القاضي البستي: توجعت إذ رأتني ذاوي الغصن ... وكم أمالت صبا عهد الصّبا فنني ماذا يريبك من نضو حليف نوى ... لسنّة البين مطروح على سنن رمى به الغرب عن قوس النوى عرضا ... بالشرق أعيا علي المهريّة الهجن أرض سحبت وأترابي تمائمنا ... طفلا وجررت فيها ما أشار سني أنّى التفتّ فكم روض على نهر ... أو استمعت فكم داع على غصن كم لي بظاهر ذاك الربع من فرج ... ولي بباطن ذاك القاع من حزن ولي بألاف هاتيك المنازل من ... إلف وسكان تلك الدار من سكن ما اخترت قط على عهدي بقربهم ... حظا ولا بعت يوما منه بالزمن كأن أيام عيشي كنّ لي بهم ... جمعن من خلق القاضي أبي حسن الفارج الكرب قد سدت مطالعه ... والكاشف الخطب قد أعيا بمن ومن والموسع القول في فصل الخطاب إذا ... ضاق المجال على المهذارة اللسن - 570- سليمان بن محمد بن أحمد أبو موسى المعروف بالحامض البغدادي: أحد ائمة النحاة الكوفيين، أخذ عن أبي العباس ثعلب وخلفه في مقامه وتصدّر بعده، وروى عنه أبو عمر الزاهد المعروف بغلام ثعلب وأبو جعفر الأصبهاني برزويه، وقرأ عليه أبو علي النقار «كتاب الادغام» للفرّاء، فقال له أبو علي: أراك يا أبا موسى   [570]- ترجمة أبي موسى الحامض في الفهرست: 86- 87 وطبقات الزبيدي: 152 ومراتب النحويين: 87 وتاريخ بغداد 9: 61 والمنتظم 6: 145 ونزهة الألباء: 165 وإنباه الرواة 2: 21 وابن خلكان 2: 406 والنجوم الزاهرة 3: 193 والوافي 15: 426 وبغية الوعاة 1: 601. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1400 تلخص البيان تلخيصا لا أجده في الكتب، فقال: هذا ثمرة صحبة أبي العباس ثعلب أربعين سنة. وقال أبو الحسن ابن هارون: أبو موسى أوحد الناس في البيان والمعرفة بالعربية واللغة والشعر، وكان جامعا بين المذهبين الكوفي والبصري، وكان يتعصب للكوفيين، وكان شرس الأخلاق ولذا قيل له الحامض، مات في خلافة المقتدر لسبع وقيل لست بقين من ذي الحجة سنة خمس وثلاثمائة، ووصى بدفاتره لابن فاتك المعتضدي ضنا بها أن تصير إلى أحد. وله من التصانيف: كتاب خلق الإنسان. كتاب السبق والنضال. كتاب المختصر في النحو. كتاب النبات. كتاب الوحوش. كتاب غريب الحديث. وغير ذلك [1] . حدث الصولي [2] في «أخبار أبي نواس» قال: كنت يوما عند أبي سهل ابن نيبخت ومعنا أبو موسى الحامض فعاب أبا نواس وثلبه وأزرى على شعره، فقلت: ما الذي يستقبح من شعره وما الرديء منه، وأنا اقدّر أنه يأتي عليّ بشيء مما طعن به على أبي نواس فأحتجّ له عنه، فقال: تريد أردى وأقبح من أبياته: ودار ندامى عطلوها وأدلجوا ... بها أثر منهم جديد ودارس مساحب من جرّ الزقاق على الثرى ... وأضغاث ريحان طريّ ويابس أقمنا بها يوما ويوما وليلة ... ويوما له يوم الترحل خامس تدور علينا الراح في عسجدية ... حبتها بأنواع التصاوير فارس قرارتها كسرى وفي جنباتها ... مها تدّريها بالقسيّ الفوارس فللخمر ما زرت عليه جيوبها ... وللماء ما دارت عليه القلانس فقلت: ويحك، هذا جيد شعره، بل خير أشعار الناس، قال: ما هو عندي كذلك، فقلت له: صدقت، وما يدريك ما علم الشعر، وهو مختل الذهن جدا.   [1] نشر له د. ابراهيم السامرائي «ما يذكر وما يؤنث» ضمن (رسائل في اللغة) . [2] من هنا زيادة من المختصر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1401 - 571- سليمان بن محمد بن طراوة الشيباني المالقي النحوي أبو الحسين: إمام عظيم في النحو، قرأ عليه أكثر أهل الأندلس، وكان نحوي الأندلس في عصره. قرأ على أبي الحجاج يوسف الأعلم، ومات سنة ثلاث وخمسمائة وعاش نيفا وتسعين سنة، وكان يعرف بالأستاذ، وذكروا أنه لا يلقب بالغرب بالاستاذ إلا النحوي الأديب؛ أنشد لأبزون بن مهيروز الكاتب: وقالوا أفق من سكرة اللهو والصبا ... فقد لاح شيب في دجاك عجيب فقلت أخلائي دعوني ولذتي ... فإن الكرى عند الصباح يطيب فقال: هذا وهم، فإن هذين البيتين لأبي العباس، وأما التي لأبزون: وقائلة خلّ الصبا لرجاله ... فإن الصبا بعد المشيب جنون فقلت لها لا تعذليني فإنما ... ألذّ الكرى عند الصباح يكون ومما هجاه به أبو الحسن علي بن عبد الغني الحصري: ولابن طراوة نحو طري ... إذا شمّه الناس قالوا خري - 572- سليمان بن مسلم بن الوليد الشاعر الضرير، وهو ابن مسلم بن الوليد المعروف بصريع الغواني الشاعر المشهور: كان كأبيه شاعرا مجيدا، وكان ملازما   [571]- هذه الترجمة من الموجز؛ وانظر التكملة (مدريد) رقم 1979 والذيل والتكملة 4: 79 وتحفة القادم: 18 والمقتضب من تحفة القادم: 11 وبغية الملتمس رقم: 779 والمغرب 2: 208 وصفحات متفرقة من نفح الطيب (انظر الفهرس) وبغية الوعاة 1: 602 والخريدة (قسم المغرب) 3: 571 وله أخبار وشعر في معجم السفر للسلفي وأدباء مالقة وعيون التواريخ 12: 284. ونشر له د. الضامن رسالته في أخطاء الايضاح (بغداد 1990) . [572]- الحيوان 4: 195 والوافي 15: 427 ونكت الهميان: 160، وقد عدّه الجاحظ في الحيوان 4: 195 والبيان (1: 31) أخا لمسلم بن الوليد. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1402 لبشار بن برد يأخذ عنه ولذا كان متهما بدينه. مات سنة تسع وسبعين ومائة، ومن شعره [1] : إنّ في ذا الجسم معتبرا ... لمريد العلم ملتمسه [2] هيكل للروح ينطقه ... عرقه والصوت من نفسه ربّ مغروس يعاش به ... عدمته كفّ مغترسه وكذاك الدهر مأتمه ... أقرب الأشياء من عرسه وقال: جلدي عميرة فيه العار والحوب ... والعجز مطّرح والفحش مسبوب وبالعراق نساء كالمها خطف ... بأرخص السّوم جذلات مناجيب وما عميرة من ثدياء حالية ... كالعاج صفّرها الإكنان والطيب وله: تبارك الله ما أسخى بني مطر ... هم كما قيل في بعض الأقاويل بيض المطابخ لا تشكو ولائدهم ... غسل القدور ولا غسل المناديل وله شعر غير هذا اكتفينا بهذا المقدار منه. - 573- سليمان بن معبد، أبو داود السنجي المروزي المحدث الحافظ النحوي: دخل بغداد فأخذ عن الأصمعي والنضر بن شميل وغيرهما، ورحل إلى مصر والحجاز واليمن، وخرّج له مسلم بن الحجاج في «صحيحه» ، وكان ثقة ثبتا له معرفة تامة بالعربية واللغة. مات في ذي الحجة سنة سبع وخمسين ومائتين وقيل ثمان وخمسين ومائتين.   [573]- ترجمته في الجرح والتعديل 4: 147 وتاريخ بغداد 9: 51 والوافي 15: 428 وبغية الوعاة 1: 603 وتهذيب التهذيب 4: 219. [1] انظر الحيوان والبيان وعيون الأخبار 3: 61 والكامل 4: 95. [2] الحيوان: لطلوب العلم مقتبسه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1403 - 574- سليمان بن موسى برهان الدين أبو الفضل بن شرف الدين المعروف بالشريف الكحال المصري: كان أديبا فاضلا بارعا في العربية وفنون الأدب عارفا بصناعة الكحل، خدم بها الملك الناصر صلاح الدين بن أيوب وتقدم عنده وحظي لديه ونال عنده منزلة عالية وقبولا تاما، وكان بينه وبين القاضي الفاضل عبد الرحيم بن علي البيساني وبين شرف الدين محمد بن نصر المعروف بابن عنين الشاعر المشهور صحبة ومودة ومزاح ومداعبة، فأهدى الشريف الكحّال إلى ابن عنين خروفا وكان مهزولا، فكتب إليه ابن عنين يداعبه [1] : أبو الفضل وابن الفضل أنت وأهله [2] ... فغير عجيب أن يكون لك الفضل أتتني أياديك التي لا أعدها ... لكثرتها لا كفر نعمى ولا جهل ولكنني أنبيك عنها بطرفة ... تروقك ما وافى لها قبلها مثل أتاني خروف ما شككت بأنه ... حليف هوى قد شفّه الهجر والعذل إذا قام في شمس الظهيرة خلته ... خيالا سرى في ظلمة ما له ظلّ فناشدته ما تشتهي؟ قال قتّة ... وقاسمته ما شفّه؟ قال لي الأكل فأحضرتها خضراء مجّاجة الثرى ... مسلّمة ما حصّ أوراقها الفتل فظلّ يراعيها بعين ضعيفة ... وينشدها والدمع في العين منهلّ «أتت وحياض الموت بيني وبينها ... وجادت بوصل حين لا ينفع الوصل» وكتب إليه القاضي الفاضل يداعبه وكان قد كحله: رجل توكّل بي وكحلني ... فدهيت في عيني وفي عيني وخشيت تنقل نقط كحلته ... عينيّ من عين إلى غين   [574]- ترجمة الشريف الكحال في عيون الانباء 2: 182- 183. [1] عيون الانباء 2: 183 وديوان ابن عنين: 134 ونهاية الأرب 10: 131. [2] الديوان: وتربه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1404 ومن شعر الشريف الكحال: ومذ رمدت أجفانه لا مني العدا ... على حبّه يا ليت عيني لها فدا فقلت لهم كفوا فإن لحاظه ... سيوف وشرط السيف أن يحمل الصدا وقال: كأن لحظ حبيبي في تناعسه ... وقد رماني بسقم في الهوى وكمد من المجوس تراه كلما قدحت ... نيران وجنته أومى لها وسجد توفي الشريف الكحال سنة تسعين وخمسمائة. - 575- سنان بن ثابت بن قرة أبو سعيد: كان أديبا فاضلا مؤرخا عارفا بعلم الهيئة ماهرا بصناعة الطب، كان في خدمة المقتدر ثم القاهر والراضي، قال ابن النديم: ان القاهر بالله أراد سنان بن ثابت بن قرة على الإسلام فهرب ثم أسلم وخاف القاهر فمضى إلى خراسان ثم عاد، وتوفي ببغداد مسلما صبيحة يوم الجمعة مستهل ذي القعدة سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة. وله من التصانيف: التاجي [1] في أخبار آل بويه ومفاخر الديلم وأنسابهم وألفه لعضد الدولة ابن بويه. رسالة في أخبار آبائه وأجداده وسلفه. إصلاح كتاب اقليدس في الأصول الهندسية. كتاب تاريخ ملوك السريان. الرسائل السلطانيات والاخوانيات. رسالة في شرح مذهب الصابئة. رسالة في الاشكال ذوات الخطوط المستقيمة التي تقع في الدائرة، صنفها لعضد الدولة. إصلاح كتب أبي سهل القوهي. رسالة في الفرق بين المترسل والشاعر. رسالة في الاستواء. رسالة في النجوم. رسالة في سهيل. رسالة في قسمة أيام الجمعة على الكواكب السبعة، الفها لأبي إسحاق الصابىء، وغير ذلك.   [575]- ترجمة سنان بن ثابت في الفهرست: 359 وتاريخ الحكماء: 190 وعيون الانباء 1: 220 والوافي 15: 462. 15: 462 ولوالده كتاب الذخيرة في علم الطب، القاهرة 1928. [1] التاجي أيضا من مؤلفات أبي إسحاق الصابي. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1405 - 576- سهل بن محمد بن عثمان بن القاسم أبو حاتم السجستاني البصري: أصلهم من تستر، تجروا إلى سجستان وكرمان فأصابوا مالا ثم استوطنوا سجستان فرأسوا أهلها بالمال. وكان أبو حاتم يؤم الناس بمسجد الجامع بالبصرة ويقرأ الكتب على المنبر، وكان حسن الصوت جهيرا حافظا للقرآن والقراءات والعروض والتفسير. وكان جماعة للكتب حتى انه لم يكن بالبصرة مثل كتبه، وكان يعنى باللغة والأخبار، وتوفي على ما حققه ابن دريد سنة خمس وخمسين ومائتين وقد قارب التسعين بالبصرة. وكان إماما في غريب القرآن واللغة والشعر، أخذ عن أبي زيد الأنصاري والأصمعي وأبي عبيدة وعمرو بن كركرة وروح بن عبادة، وقرأ كتاب سيبويه مرتين على الأخفش أبي الحسن سعيد بن مسعدة، وأخذ عنه المبرد وابن دريد وغيرهما. [وكان] يقال: لأهل البصرة ثلاثة كتب يفتخرون بها على أهل الأرض: كتاب النحو لسيبويه وكتاب الحيوان للجاحظ وكتاب أبي حاتم في القراءات. وقيل: خلف أبو أبي حاتم مائة ألف دينار عينا غير الضياع والمنازل، فأنفقها أبو حاتم في طلب العلم وعلى العلماء. ولما مات أبو حاتم بلغت قيمة كتبه أربعة عشر ألف دينار فوجه يعقوب بن الليث الخارجي بسجستان من اشتراها ونقلت إليه. حدث أبو حاتم قال: كنت بمسجد الجامع بالبصرة في يوم جمعة وأنا إذ ذاك غلام، إذ دخل أبو نواس فجلس إليّ وجعل يعبث بي وينشدني، فقلت: اللهم خلصني منه، فدخل غلام ثقفي من أجمل الناس فلما بصر به دهش وتحلحل عن مكانه وأجلسه بينه وبيني وجعل يحادثه وينشده إلى أن أقيمت الصلاة، فالتفت إليّ   [576]- ترجمة أبي حاتم السجستاني في الفهرست: 64 وأخبار النحويين البصريين: 93 ومراتب النحويين: 130 ونور القبس: 225 ونزهة الألباء: 129 وإنباه الرواة 2: 58 وطبقات الزبيدي: 94 وتاريخ أبي المحاسن: 73 وابن خلكان 2: 430 وطبقات ابن الجزري 1: 320 وعبر الذهبي 1: 455 وسير الذهبي 12: 268 والوافي 16: 14 ومرآة الجنان 2: 156 والبداية والنهاية 11: 2 وتهذيب التهذيب 4: 257 والنجوم الزاهرة 2: 332 والبلغة: 93 وبغية الوعاة 1: 606 والشذرات 2: 121 وطبقات الداودي 1: 210؛ وما ورد في م من هذه الترجمة مقتصر على الفقرة الثانية وعدّ بعض مؤلفاته، وما تبقى فهو مزيد من المختصر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1406 وقال: أتيح لي يا صاح مستظرف ... تسحر عيني عينه السّاحره ثم التفت إلى الغلام وقد قام ينظر إلى كفله فإذا هو راسح فقال: ما شئت من دنيا ولكنه ... منافق ليست له آخره قال فقلت له: سمعت بهذا الشعر فأنشدته الساعة؟ فحلف أنه ما سمعه وأنه ارتجله الساعة. وقيل: كان أبو حاتم يميل إلى الأحداث ميلا كثيرا ويمازحهم ويفرط، وربما وضع يده يلمسهم، فعاتبه بعض البصريين وقال له: إنك لتفعل هذا وتقوم إلى الصلاة. وفي ذلك يقول: نفسي فداؤك يا عبيد الله حل بك اعتصامي ... فارحم أخاك فانه نزر الكرى بادي السقام ... وأنله ما دون الحرا م فليس يطمع في الحرام ومما يروي لأبي حاتم: الدمع من عينيّ مرفضّ ... وللهوى في كبدي عضّ أخلق وجهي شادن وجهه ... عندي جديد أبدا غضّ أرعد أن أبصره مقبلا ... كأنما ترجف بي الأرض وحضر يوما مجلسه غلام من بني هاشم أحسن الناس فقال أبو حاتم: لا تظنن بي فجورا فما ... يزكى فجور بحاملي القرآن أنا عفّ الضمير غير مريب ... غير أني متيم بالحسان وله من المصنفات: كتاب ما تلحن فيه العامة. كتاب في النحو على مذهب سيبويه والأخفش. كتاب المذكر والمؤنث. كتاب الشجر والنبات. كتاب المقصور والممدود. كتاب المقاطع والمبادي. كتاب الفرق. كتاب القراءات. كتاب الفصاحة. كتاب النخلة. كتاب الاضداد. كتاب القسيّ والنبال. كتاب السيوف والرماح. كتاب الوحوش. كتاب الحرار. كتاب الهجاء. كتاب الزرع. كتاب خلق الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1407 الإنسان. كتاب الادغام. كتاب النحل والعسل. كتاب الإبل. كتاب الكرم. كتاب الشتاء والصيف. كتاب اللبأ واللبن والحليب. كتاب الشوق إلى الوطن. كتاب الخصب والقحط. كتاب اختلاف المصاحف. كتاب الجراد. كتاب الحر والبرد والقمر والليل والنهار. كتاب الفرق بين الآدميين وبين كل [ذي] روح. كتاب إعراب القرآن. كتاب الطير [1] . - 577- سهل بن محمد أبو داود النحوي مؤدب سيف الدولة أبي الحسن علي بن حمدان: وله شعر حسن، وفضل ظاهر، منه: يا لائمي كفّ الملام عن الذي ... أضناه طول سقامه وشقائه إن كنت ناصحه فداو سقامه ... وأعنه ملتمسا لأمر شفائه حتى يقال بأنك الخلّ الذي ... يرجى لشدة دهره ورخائه أو لا فدعه فما به يكفيه من ... طول الملام فلست من نصحائه نفسي الفداء لمن عصيت عواذلي ... في حبّه لم أخش من رقبائه الشمس تطلع من أسرّة وجهه ... والبدر يطلع من خلال قبائه فاستحسن سيف الدولة هذه الأبيات وأمر المتنبي بإجازتها، فقال: عذل العواذل حول قلبي التائه [2] له كتاب في المذكر والمؤنث كبير. - 578- سهل بن المرزبان، أبو نصر: أصله من أصبهان، ومنشأه بقاين، ومستقره   [577]- هذه الترجمة من المختصر؛ وانظر الوافي 16: 21 وبغية الوعاة 1: 607. [578]- هذه الترجمة من المختصر؛ وانظر دمية القصر: 964 والوافي 16: 21- 22. [1] نشر له الدكتور إبراهيم السامرائي «كتاب النخل» (بيروت: 1985) وخليل إبراهيم العطية: كتاب «فعلت وأفعلت» (البصرة: 1979) . [2] عجز البيت: وهوى الأحبة منه من سودائه. انظر ديوان المتنبي: 342. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1408 نيسابور. قد جمع من الكتب الكثير، وله أشعار كثيرة النكت منها: كم ليلة أحييتها ومؤانسي ... طرف الحديث وطيب حثّ الأكؤس شبّهت بدر سمائها لما دنت ... منه الثريا في قميصي سندس ملكا مهيبا قاعدا في روضة ... حيّاه بعض الزائرين بنرجس وله من الكتب: كتاب أخبار أبي العيناء، كتاب أخبار ابن الرومي. كتاب جحظة البرمكي، كتاب ذكر الأحوال في شعبان ورمضان وشوال. كتاب آداب في الطعام والشراب. - 579- سهل بن هارون بن راهبون أبو عمرو الفارسي الأصل الدستميساني: دخل البصرة واتصل بالمأمون فولّاه خزانة الحكمة. وكان أديبا كاتبا شاعرا حكيما شعوبيا يتعصب للعجم على العرب شديدا في ذلك، وكان الجاحظ كثيرا ما يحكي عنه ويصف براعته ويثني على فصاحته، وكان مشهورا بالبخل وله في ذلك أخبار كثيرة، وله رسالة في مدح البخل أرسلها إلى بني عمه من آل راهبون وأرسل نسخة منها إلى الوزير الحسن بن سهل فوقّع عليها الوزير: يا سهل لقد مدحت ما ذمّ الله، وحسّنت ما قبّح الله، وما يقوم صلاح لفظك بفساد معناك، وقد جعلنا ثواب عملك سماع قولك [1] فما نعطيك شيئا، وقد أورد هذه الرسالة الجاحظ في كتاب البخلاء وقد تجنبنا الاطالة بذكرها. توفي سهل بن هارون سنة مائتين وخمس عشرة. ومن شعره: فوا حسرتا حتى متى القلب موجع ... بفقد حبيب أو تعذّر إفضال   [579]- ترجمة سهل بن هارون في الفهرست: 133 واعتاب الكتاب: 85 والوافي 16: 18 والفوات 2: 84 وسرح العيون: 242 وشرح البسامة: 152 وله أخبار في كتب الأدب والتاريخ كالبيان والتبيين ومروج الذهب والعقد والتذكرة الحمدونية: وقطع الشعر في هذه الترجمة مزيدة من الموجز. [1] ر: بقبح معناك وقد جعلنا جائزتك عليه الأخذ برأيك فيه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1409 وما الفضل إلا أن تجود بنائل ... والا لقاء الأخ ذي الخلق العالي وله يعتذر: إن كنت أخطأت أو أسأت ففي ... مثلك مأوى للعفو والمنن أتيت ما أستحق من خطأ ... فعد بما تستحقّ من حسن وله يمدح: بذول تلاد المال فيما ينوبه ... منوع إذا ما منعه كان أحزما مذلّل نفس قد أبت غير أن يرى ... مكارم ما يأتي من الحق مغنما وكتب سهل بن هارون إلى المأمون رقعة مختصرة قال فيها: وكرهت أن يكثر الكلام فيتفرق فيه الذهن. له من التصانيف: كتاب ديوان رسائله. كتاب ثعلة وعفراء. كتاب الهذلية [1] والمخزومي. كتاب النمر والثعلب [2] . كتاب الوامق والعذراء [3] . كتاب بدود لدود ردود. كتاب الضربين [4] . كتاب اسباسيوس في اتخاذ [5] الأخوان. كتاب الغزالين. كتاب أدب أسل بن أسل [6] ، وكتاب شجرة العقل. كتاب إلى عيسى بن أبان في القضاء. كتاب تدبير الملك والسياسة، وغير ذلك. - 580- سهم بن ابراهيم الوراق: من شعراء القرن الثاني، ومن أدباء القيروان، قال في حصار أبي يزيد مخلد الخارجي لسوسة: إنّ الخوارج صدّها عن سوسة ... منّا طعان السّمر والإقدام وجلاد أسياف تطاير دونها ... في النقع دون المحصنات الهام   [580]- معجم البلدان (سوسة) 3: 192. [1] م: الهنبلية. [2] نشره عبد القادر المهيري في حولية الجامعة التونسية، العدد الأول 1964. [3] م: والعذار. [4] الفهرست: كتاب الضرتين. [5] م: اتحاد. [6] الفهرست: أشك بن أشك. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1410 حرف الشين - 581- شاهفور بن طاهر بن محمد الاسفرايني أبو المظفر الفقيه الأصولي المفسّر: جامع بارع، صنف كتاب التفسير الكبير، كتاب في الأصول. مات سنة إحدى وسبعين وأربعمائة. - 582- شبل بن عبد الرحمن، الأديب النحوي النيسابوري: سمع عبد الملك بن قريب الأصمعي. - 583- شبيب بن شبة الأخباري الأديب الشاعر: صاحب خالد بن صفوان الذي تقدمت ترجمته في حرف الخاء [1] ، ولهما أخبار ومواقف مشهورة عند الخلفاء والأمراء. وكان بين شبيب وأبي نخيلة الراجز الشاعر صحبة ومودة. حدّث الأصمعي قال: رأى أبو نخيلة على شبيب حلّة فأعجبته فسأله إياها فوعده فقال فيه: يا قوم لا تسوّدوا شبيبا ... الخائن ابن الخائن الكذوبا هل تلد الذئبة إلا ذيبا   [581]- هذه الترجمة من المختصر. [582]- هذه الترجمة من المختصر، وانظر بغية الوعاة 2: 3 (وهو ينقل عن الحاكم) . [583]- الأغاني 20: 362 وأخبار شبيب منثورة في كتب الأدب. [1] انظر الترجمة رقم: 446. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1411 فلما بلغ ذلك شبيبا بعث إليه بالحلة وكتب إليه: إذا غدت سعد على شبيبها ... على فتاها وعلى خطيبها من مطلع الشمس إلى مغيبها ... عجبت من كثرتها وطيبها مات شبيب بعد المائتين. - 584- شبيب بن يزيد بن جمرة بن عوف بن أبي حارثة المعروف بابن البرصاء المرّي: والبرصاء أمه، واسمها قرصافة بنت الحارث، وهو ابن خالة عقيل بن علّفة الآتية ترجمته في حرف العين [1] ، وهو شاعر مجيد من شعراء الدولة الأموية وكان بينه وبين ابن خالته عقيل منافرة ومهاجاة، وكان من سادات قومه وأشرافهم، وله أخبار وأشعار كثيرة ذكرها أبو الفرج في كتابه منها [2] : وإني لسهل الوجه يعرف مجلسي ... إذا أحزن القاذورة المتعبّس يضيء سنا جودي لمن يبتغي القرى ... وقد حال دون النّار ظلماء حندس ألين لذي القربى مرارا وتلتوي ... بأعناق أعدائي حبال فتمرس - 585- شبيل بن عزرة الضبعي: أعرابي راوية نسابة عالم بالغريب والشعر. وكان شاعرا، وكان يتشيع سبعين سنة، ثم صار بعد ذلك خارجيا. كنيته أبو عمرو. يروي عن أنس بن مالك، وروى عنه شعبة.   [584]- ترجمة شبيب بن البرصاء في الأغاني 12: 273 وخزانة الأدب 1: 190 والوافي 16: 105 والبرصان والعرجان: 96 وطبقات ابن سلام: 709، 732 (وموضعه الصحيح هو معجم الشعراء) . [585]- هذه الترجمة من المختصر؛ وانظر الفهرست: 51 والبيان والتبيين 1: 343 والاشتقاق 119، 318 والسمط: 194 والخزانة 1: 43 وديوان شعر الخوارج: 226. [1] لم ترد لعقيل ترجمة لأن موضعه الصحيح معجم الشعراء. [2] الأغاني 12: 283. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1412 حدث شبيل الضبعي قال: سمعت أبا حمزة قال، قلت لابن عباس: أأقصر إلى الأبلّة؟ قال: تجيء من يومك؟ قلت: نعم. قال: لا تقصر. وحدث شبيل قال: انطلقنا إلى أنس بن مالك ونحن أغيلمة فسمعته يحدث أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: «مثل الجليس الصالح مثل العطار إن لم يعطك من طيبه أصبت من ريحه، ومثل الجليس السوء مثل القين إن لم يحرقك أصابك من ريحه» . حدث الأصمعي قال [1] : كنت في مجلس أبي عمرو بن العلاء فجاءه شبيل بن عزرة الضبعي فلما دخل عليه رفعه أبو عمرو، وألقى له لبد بغلته، فلما جلس قال: ألا تعجبون لرؤبتكم هذا، يعني رؤبة بن العجّاج. سألته عن اشتقاق اسمه فلم يدر ما هو، فوثب يونس بن حبيب النحوي حتى جلس بين يدي شبيل، وكان يونس شديد التعصّب لرؤبة، فقال له: لعلك تظن أن معد بن عدنان كان أفصح من رؤبة، أنا غلام رؤبة، فما الروبة والروبة والروبة والروبة والرؤبة، الخامسة مهموزة فقط؟ فغضب شبيل بن عزرة وقام، فقال أبو عمرو ليونس: ما أردت بهذا رجل شريف قصدنا في مجلسنا فرددت عليه قوله وأحفظته، فقال يونس: ما تمالكت إذ ذكر رؤبة أن قلت ما قلت. ثم فسّر يونس فقال: الروبة الحاجة. والروبة جمام الفحل، يقال أعطني روبة فحلك، والروبة القطعة من الليل، والروبة القطعة من اللبن الحامض يروب به الحليب، والروبة النوم، وفلان لا يقوم بروبته أي بما هو فيه. الرؤبة بالهمزة القطعة من الخشب يربّ بها القعب، وبها سمّي الرجل. وقد حكي أن رؤبة قال لشبيل: والله ما أدري لأيّها سماني، فهذا الذي عناه شبيل لم يدر ما اسمه. وقد روي أن يونس قال لرؤبة: لم أسماك أبوك رؤبة، أبرؤبة الليل أم بروبة الفرس أم بروبة القدح أم روبة اللبن؟ فهذا يدل على صحة قول شبيل في رؤبة. قرأت بخط أبي إسحاق ابراهيم بن محمد الطبري المعروف بتوزون ما يرفعه إلى شبيل الضبعي أنه أنشد للمتلمس، وكان عالما بالمتلمس لأنهما من ضبيعة:   [1] نور القبس: 53- 54 والاشتقاق: 119 وأمالي القالي 1: 48. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1413 إذا كنت في كلّ الأمور معاتبا ... صديقك لا تلقى الذي لا تعاتبه فعش واحدا أوصل أخاك فإنه ... مقارف ذنب مرة ومجانبه إذا أنت لم تشرب مرارا على القذى ... ظمئت وأي الناس تصفو مشاربه قال أبو عبيدة: فأنشدني بشار هذه الأبيات لنفسه في قصيدته التي يقول فيها: رويدا تصاهل بالعراق جيادنا ... كأنك بالضحاك قد قام نادبه فقلت لبشار: إن شبيلا أنشدني هذه الأبيات للمتلمس. فقال: كذب شبيل، هذه والله شعري، ولقد أعطاني ابن هبيرة عليه أربعين ألفا. - 586- شداد بن إبراهيم بن حسن أبو النجيب الملقب بالطاهر الجزري: شاعر من شعراء عضد الدولة ابن بويه، ومدح الوزير المهلبي، كان دقيق الشعر لطيف الأسلوب مات سنة إحدى وأربعمائة، ومن شعره: إذا المرء لم يرض ما أمكنه ... ولم يأت من أمره أحسنه فدعه فقد ساء تدبيره ... سيضحك يوما ويبكي سنه ومنه [1] : أيا جيل التصوّف شرّ جيل ... لقد جئتم بأمر مستحيل [2]   [586]- ترجمة شداد الجزري الملقب بالطاهر (أو الظاهر) في تتمة اليتيمة 1: 46 ودمية القصر 1: 126 والاكمال 5: 240 وبغية الطلب 8: 221 وابن خلكان 5: 265 (7: 341) والوافي 16: 125 وضبطه السلفي بالشين (شداد) وقيل اسمه سداد (ورجح ابن العديم ذلك) أو أبو السداد (بالمهملة) قال ابن العديم: وذكر لي أبو السعادات ابن المرحل أنه بالسين المهملة، وكذلك ذكره رفيقنا ابن النجار في حرف السين المهملة في التاريخ الذي ذيل به تاريخ أبي بكر الخطيب، وشاهدت اسمه بخط الحافظ السلفي مضبوطا بالشين المعجمة في بعض تعاليقه. [1] بغية الطلب: 222. (وقد مرّا منسوبين للمعري في ترجمته) . [2] روايتهما عند ابن العديم: أرى جيل التصوف شرّ جيل ... فقل لهم وأهون بالحلول أقال الله حين عشقتموه ... كلوا أكل البهائم وارقصوا لي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1414 أفي القرآن قال لكم إلهي ... كلوا مثل البهائم وارقصوا لي وقال: قلت للقلب ما دهاك أبن لي ... قال لي بائع الفراني فراني ناظراه فيما جنت ناظراه ... أو دعاني أمت بما أودعاني وقال: بلاد الله واسعة فضاها ... ورزق الله في الدنيا فسيح فقل للقاعدين على هوان ... إذا ضاقت بكم أرض فسيحوا وقال [1] : أفسدتم نظري عليّ فما أرى ... مذ غبتم حسنا إلى أن تقدموا فدعوا غرامي ليس يمكن أن ترى ... عين الرضى والسخط أحسن منكم - 587- الشرقي بن القطامي الكلبي: الشرقي والقطامي لقبان، وإنما ذكرناه في هذا الباب لشهرته بهذا الاسم، وهو الوليد بن الحصين بن حماد بن حبيب بن جابر بن فراس، وهو مالك بن عمرو بن امرىء القيس بن النعمان بن عامر بن عبد ود بن عوف بن كنانة بن عفيف بن عذرة بن زيد اللات بن رفيدة بن ثور بن كلب بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة. كان علّامة نسّابة أخباريا إلا أنه كان ضعيفا في روايته، وكان من أهل الكوفة، وكنية شرقي أبو المثنى، وكان أعور، وكان لا يشرب من النبيذ إلا قدحا واحدا.   [587]- هذه الترجمة من المختصر؛ وانظر نور القبس: 275 والمعارف: 539 والفهرست: 102 وتاريخ بغداد 9: 278 ونزهة الألباء: 22 واللباب (القطامي) وميزان الاعتدال 2: 268 والمغني في الضعفاء 1: 297 ولسان الميزان 3: 142 والوافي 16: 132. [1] بغية الطلب 8: 223. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1415 حدث ابن دريد ما يرفعه إلى ابن الكلبي عن أبيه قال [1] : كنت يوما عند الشرقي ابن القطامي، فقال: من يعرف منكم أسد بن عبد مناف بن شيبة بن عمرو بن المغيرة بن زيد، وهو من أشرف الناس بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلم؟ فقالوا: ما نعرفه. فقال: هو علي بن أبي طالب. كانت أمه سمته أسدا، وأبوه غائب لما ولدته، واسم أبي طالب عبد مناف، واسم عبد المطلب شيبة، واسم هاشم عمرو، واسم عبد مناف المغيرة، واسم قصي زيد. قال الشرقي: دخلت على المنصور فقال لي: يا شرقي، علام يزار المرء؟ فقلت: يا أمير المؤمنين على خلال أربع: على معروف سلف أو مثله يؤتنف أو قديم شرف أو علم مطرف. قال غيره: فما وراء ذلك فولوع وكلف. ومن مسند الشرقي [2] ما رواه عن ابن عباس أن عبد الله بن رواحة الأنصاري أتى رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إني أتيت جارية لي في بعض الليل وإن صاحبتي انتبهت، فأحسّت بذلك، فبكتتني، فجحدت ذلك. فقالت: إن كنت صادقا فاقرأ آيات من القرآن، فأنشأت أقول: وفينا رسول الله يتلو كتابه ... كما لاح معروف من الصبح ساطع [3] تراه يجافي جنبه عن فراشه ... إذا وطّئت بالمشركين المضاجع أغرّ وهوب ماجد متكرّم ... رحيم حليم واضح اللون ناصع أرانا الهدى بعد العمى فقلوبنا ... به موقنات أن ما قال واقع وأعلم علما ليس بالظن أنني ... إلى الله محشور هناك وراجع قال، فضحك رسول الله صلّى الله عليه وسلم، حتى ردّ يده على فيه، ثم قال: لعمري هذا من معاريض الكلام، فما قالت لك؟ قال: قالت لي: أما إذ قرأت القرآن فإني أتهم بصري وأصدق كتاب الله. فقال رسول الله، صلّى الله عليه وسلم: لقد وجدتها ذات فقه في الدين. حدث المرزباني بإسناد عن الشرقي قال: أرسل لي أمير المؤمنين المنصور   [1] ورد في الوافي. [2] انظر الاستيعاب: 900- 901 واستشهد بأبيات أخرى. [3] ديوان عبد الله بن رواحة (قصاب) : 162 (ما عدا البيت الثالث) . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1416 فأتيته، فدخلت عليه وهو قاعد في مشرفة في داره التي فيها مجلس الخضراء، فسلمت عليه بالخلافة فأدناني وقربني حتى كدت أن تمسّ ركبتي ركبته. وسألني عن جميع أحوالي في بدني ومعاشي وعيالي، ثم بسطني وأنّسني بالحديث ساعة، ثم قال: لو أتيت فتانا محمدا، يعني المهدي، فحدثته من طرائف ما عندك، وخبرته بشرف أهله في جاهليتهم وإسلامهم، وأيامهم وأنسابهم، ومن يقرب إليه من نسبه في قريش، وصهره من جميع العرب، وما يحتاج إليه من منازل أهله وأقاربه منه والأقرب فالأقرب منهم لم يضع ذلك لك عندي. فقلت: أفعل ذلك وأبالغ فيه واستجزل حظي في القربة من أمير المؤمنين- أطال الله بقاءه في ذلك، ومن المهدي، أكرمه الله. فحسن موقع قولي عنده، وسرّ به، وأمر لي بألفي دينار، وقال: اتخذها عقدة من معاش لك ولعقبك من بعدك، ولا تبسط يدك بالإسراف في إنفاقها، ولم يعلم أني أحوط لها منه، فقلت: نعم يا أمير المؤمنين، وأزيد على ذلك. قال: إذا أزيدك، وأعلمني كلّ وقت تصير فيه إلى محمد، وما يكون منك ومنه من إلقائك إليه وقبوله منك، ولا تخف عليّ من أمركما شيئا يبلغنيه غيرك، فقد وثقت بقولك واستنمت إلي كفايتك. فقلت: أفعل من ذلك ما يحسن لي به الموقع من قلب أمير المؤمنين. وتبعني رسوله بالمال، فقبضته وغدوت على المهدي، فأعلمته بعثة أمير المؤمنين إليّ، وما أمر به. فأمرني بالملازمة، ولم أر له في ذلك النشاط لما ألقيت إليه، وأقبلت عليه بالحديث والكلام، فلم أره يهشّ لذلك، ولا يحسن له الاستماع، فغمني ذلك، وتخوفت أن أعلمه أباه فأغمّه، فلبثت منه على خطر عظيم، وأمسكت المال عندي مخافة أن يسترجعه إذا بلغه ذلك. فلم أحدث في شيء منه حدثا، وأقبلت آتيه، فلا يأذن لي إلا في الأيام، ثم يأمر أن لا أطيل في الجلوس، وأراه يميل إلى اللهو، وإلى الحديث المطرب الملهي، فعزمت على أن أسلك ذلك الطريق بقدر ما أقرب من قلبه، ثم أشرب ذلك ببعض ما أمرت به. فدخلت عليه يوما، فرأيته على الحالة التي كنت أراه عليها، وأجرى بعض من عنده حديثا من حديث بعض الملوك فنشط له وضحك. فقلت: أصلح الله الأمير، عندي ما هو أحسن من هذا وأطيب، فإن أذن الأمير حدثته، فاستوى على سريره جالسا ثم قال: هات ما عندك. فقلت: إنه كان في الزمن الأول ملك من الملوك، وكان على بابه غسّال يغسل ثياب حشمه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1417 فيعيش بأحسن حال حتى مات ذلك الملك وتفرّق حشمه فساءت حال الغسّال وافتقر فقال لامرأته: ويحك قد ترين ما قد أصبنا به من موت الملك، وقد رأيت رأيا فما ترين؟ قالت: ما هو؟ قال: نرتحل فنطلب باب ملك مثله، فإنه يحتاج إلى مثلي، فعسى الله أن يصنع لي ولك؛ قالت: نعم ما رأيت فافعل. فعمد الغسال إلى ما عنده من متاع وخزائن فباعه، وخرج وهو وامرأته قد حمل قرازمه في كساء على ظهره، والقرازم التي تدق بها الثياب وتسمى الكودينات، حتى أتيا بلدة فيها جبار على باب مدينته صنم على علم، لا يدخل مدينته أحد إلا نهارا، فمن دخلها من الناس فسجد لذلك الصنم لم يعرض له، ومن لم يسجد له قتل ولطّخ ذلك العلم بدمه بعد أن تقضى له ثلاث حوائج، ثم يقتل. فدخل الغسّال وامرأته، فلم يسجدا للصنم، وللملك منظرة في قصره يشرف منها على الصنم فيرى من يسجد ومن لا يسجد، فلما رآهما الملك لم يسجدا، دعا بهما ليقتلا، وقال لهما: ما منعكما أن تسجدا للصنم، وقد رأيتما الناس يسجدون له؟ قالا: لم نعلم أنه من أمر الملك فيأمر الملك أن نسجد له بقية يومنا. قال: ليس إلى ذلك سبيل، ولا بد من قتلكما بعد أن أقضي لكلّ واحد منكما ثلاث حوائج فاسألاها، فبكيا وتضرعا وسجدا له، فأبى إلا قتلهما. فلما يئسا من الحياة ومن عفوه، قال الرجل: يأمر لي الملك بعشرة آلاف درهم فأتوه بها. ثم قال: هات الثانية. قال: دار يسكنها ولدي من بعدي، فدفعت إليه دار. ثم قال: هات الثالثة، فوضع كساءه على ظهره كهيئة المثقل، ثم أخرج أعظم قرزوم معه فأمسكه بيده، ومسحه بكمه. فقال الملك: هات حاجتك، قال: أضرب رأس الملك بهذا ثلاثا. قال فضحك المهدي حتى انقلب عن سريره، ثم قال: إيه. قلت: فبقي الملك مكبّا مطرقا لا يدري ما يصنع، وعرض على الغسال من الأموال ما لا يحصى، فأبى وقال: ما ينفعني المال بعد موتي؟ فقال الملك لجلسائه: ما ترون؟ فقالوا: إما أن تقضي حاجته أو تبطل هذه السنة. فقال: ما إلى ابطالها سبيل. ودعا الملك بوسادة كبيرة، فوضعت على رأسه لتقيه من الضرب. فقال الغسال: ليس هذا شرطي أفتدعوني أتّقي من القتل كما تتقي من ضربي؟ قالوا: صدق، فبقي الملك ساعة يفكر ثم قال: نحّوها، وقال له: اضرب، فضرب ضربة ألصقت رأس الملك بالأرض، وتصايح الناس والحشم، والملك مغشيّ عليه. قال: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1418 فضحك المهدي أكثر من ضحكه الأول. ثم قال: إيه. قلت: والغسال قائم، وقرزومه بيده رافع له، وقد فلق رأس الملك والدم يسيل، وقد حضر العشاء وأفاق الملك والغسال بعينه، فلما رآه قائما بقرزومه تغاشى، فلم يزل كذلك، فلما طال به المكث، وحضر المساء، رفع رأسه إلى الغسّال فقال له: ويلك أيّ ضرباتك هذه؟ قال: هذه الهوينا. قال: فازداد المهدي ضحكا، واستزادني في الحديث. قلت: فقال الملك في نفسه: هذه أهون ضرباته، فإن عاودني بأشدّ منها قتلني. فرفع رأسه متحاملا، وقال: قد رأيته حين سجد، ولكني أردت أن استخرجه وأعلم طاعته، اذهب يا غسّال فقد سوغتك ما وهبت لك، ولك عشرة آلاف درهم أخرى على أن لا تضربني الضربتين. فقال الغسال: لا والله لا أبطلها ما سجدت للصنم، فاما أن تبطله أو تقضي حاجتي. فقال الملك لجلسائه: ما ترون؟ قالوا: الرأي الوفاء. فلما علم الملك أن لا منجى له من الغسّال، قال لجلسائه قد كان أبي تقدم إلي وقال: إن رابك من أمر الصنم ريب فاكسره. فأمر بكسره وإبطال السنة. قال: والغسال قائم بقرزومه. فقال له: اخرج عني، ما قيامك؟ قال: العشرة آلاف الأخرى. قال: اعطوه، لا بارك الله له فيها. قال: بلى والله، [ ... ] والمهدي يضحك ويتعجب، ويقول له إيه، فضرب الغسّال رأس الملك وكسر صنمه، وانصرف سالما؟! قلت: نعم، أعز الله الأمير. قال: كم كان أمر لك أمير المؤمنين سمّ عداه ولا تسمّ حقه. قال: قلت بألفين، قال: فأمر لي بألف دينار، وقال لي لولا أني أكره أن أبلغ عطية أمير المؤمنين فأساويه ما قصرت بك عنها إن سألك أمير المؤمنين ليكون أعذر لي عنده. قال: وأمر لي بكسوة وحملان، ثم قال: لا تغبّني يوما واحدا، قلت: أفعل أعز الله الأمير. فكنت إذا جئته بعد ذلك أكاد أن أحمل أنا ودابتي حتى ندخل، فقلت في نفسي: أنت هاهنا والله لأوسعنّك من هذا، ولأوسعنّ معاشي معك. قال: فما خرجت من عنده يوما إلا بصلة أو تحفة من طيب ولطف وغيرهما. فكنت في خلال ذلك أشوبه ببعض ما أمرت به فيهشّ له قلبه، وانتفعت به وبالمنصور. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1419 - 588- شهفيروز بن سعد [1] بن عبد السيد أبو الهيجاء الأصبهاني: كان أديبا فاضلا شاعرا مجيدا في النظم والنثر له مقامات أنشأها سنة تسعين وأربعمائة، وأخذ عن أبي جعفر محمد بن أحمد بن مسلمة وغيره، مات سنة ثلاثين وخمسمائة، ومن شعره: لا أستلذّ العيش لم أدأب له ... طلبا وسعيا في الهواجر والغلس وأرى حراما أن يواتيني الغنى ... حتى يحاول بالعناء ويلتمس فاحبس نوالك عن أخيك موفّرا ... فالليث ليس يسيغ إلا ما افترس وقال [2] : وساق بتّ أشرب من يديه ... مشعشعة بلون كالنجيع فحمرتها وحمرة وجنتيه ... ونور الكاس في نور الشموع ضياء حارت الأبصار فيه ... بديع في بديع في بديع - 589- شمر بن حمدويه أبو عمرو الهروي اللغوي: أحد الأثبات للغات الحفاظ للغريب وعلم العرب، كان عالما فاضلا ثقة نحويا لغويا راوية للأخبار والأشعار، رحل إلى العراق في شبيبته فأخذ عن جماعة من أصحاب أبي عمرو الشيباني وأبي زيد الأنصاري وأبي عبيدة والفراء، منهم: الرياشي وأبو حاتم السجستاني ومات سنة   [588]- ترجمته في الوافي 16: 196 والفوات 2: 107 وعيون التواريخ 12: 323. [589]- هذه الترجمة وردت في م؛ ولكنها في المختصر تمثل شكلا مختلفا بعض الشيء، وقد زاوجت بينهما، وانظر: إنباه الرواة 2: 77 وتهذيب اللغة 1: 21 ونزهة الألباء: 135 والوافي 16: 180- 181 والبلغة: 94 وبغية الوعاة 2: 4. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1420 خمس وخمسين ومائتين في أيام المعتز أو المهتدي لأن في هذه السنة خلع المعتز وولي المهتدي. ثم رجع إلى خراسان وأخذ عن أصحاب النضر بن شميل والليث. وصنف كتابا كبيرا رتّبه على حروف المعجم ابتدأ فيه بحرف الجيم وطوّله بالشواهد والروايات الجمة وأودعه تفسير القرآن وغريب الحديث شيئا لم يسبقه إلى مثله أحد تقدمه. ولما كمل الكتاب ضنّ به في حياته فلم يبارك الله له فيما فعله ولم ينسخه أحد حتى مضى لسبيله، واختزن بعد وفاته بعض أقاربه ذلك الكتاب وغرق في جملة ما غرق من [مال] ذلك الرجل فلم ينتفع به. قال أبو منصور الأزهري: أدركت من ذلك الكتاب تفاريق أجزاء فتصفحت أبوابها فوجدتها على غاية من الكمال، والله يغفر لنا ولأبي عمرو ويتغمد زلته، فإن الضن بالعلم غير محمود ولا مبارك فيه. وقيل اتصل أبو عمرو بيعقوب بن الليث الأمير فخرج معه إلى نواحي فارس وحمل معه كتاب الجيم، فطغى الماء من النهروان على معسكر يعقوب، فغرق الكتاب في ما غرق من المتاع. قال أبو العباس ابن حمويه: سمعت شمر بن حمدويه يقول: دخلت على الياس بن أسد الساماني يوم ورد نعي عبد الله بن طاهر فقال لي: خذ يا شمر، الموت فوت الأبدان وموت الأقران. ولأبي عمرو من التصانيف غير كتاب الجيم، كتاب غريب الحديث كبير جدا. وكتاب السلاح. وكتاب الجبال والأودية، وغير ذلك. - 590- شهيد بن الحسين البلخي أبو الحسين الوراق المتكلم: مات سنة خمس عشرة وثلاثمائة. وكان أبو زيد وأبو القاسم وشهيد البلخيون في عصر واحد، كلّ منهم كان إماما في العلوم الحكمية، وكان بينهم مودة وكيدة وعشرة حسنة، وماتوا في مدة قريبة، وكان شهيد هذا أسبقهم موتا، ثم تلاه أبو القاسم، ثم تلاه أبو زيد. وكان صحيح الحفظ مستظهرا فيما يكتبه حتى انه إذا اشتبهت عليه كلمة تتبعها في كثير من   [590]- هذه الترجمة من المختصر، وانظر الفهرست: 357 وعيون الأنباء 1: 311 والوافي 16: 197. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1421 النسخ والكتب، ويعلّم على تلك الكلمة علامات يشهرها بها، وقلما وقع شيء من خطه إلا بولغ في ثمنه وبيع بأوفر الأثمان بطريق ذلك. وكان مع غزارة علمه وجلالة قدره شكس الأخلاق محروما عن سعة الأرزاق. وكان يشكو الدهر ويزجي الأيام بالوراقة ويعاني مضض الفاقة. وحكى شهيد قال: كنت ببغداد مرة في سنة ست وثلاثمائة، وكان بقرب الموضع الذي أنزله صوفي مليح، فكان يشتري الخرق فيتخذ منها المرقعات ويبيعها على الصوفية. فجاءه يوما صوفي يطلب منه مرقعة فقال له: ليس عندي غير هذه التي علي. قال: فبعنيها. فقال له: يا أحمق إذا باع الصياد شبكته كيف يصطاد. وكان شهيد قد تغرب في البلاد كثيرا بطريق أنه هجا أحمد بن سهل فطلبه فهرب منه، ولم يعد إلى بلخ إلى أن هلك أحمد بن سهل، فعاد إلى بلخ. وله أشعار كثيرة منها في أبي نصر أحمد بن أبي ربيعة وزير عمرو بن الليث: كنا نرى أن التوسل بالأدب ... من أكرم الشفعاء عند ذوي الحسب حتى استبان لنا ببابك أنه ... سخف وأن الأمر فيه قد انقلب إن كان جدا فيه ما هو عندكم ... والعلم هزلا إن ذا لمن العجب إني لأرجو أن أرى من يشتري ... ما تزدريه من الفوائد بالذهب وكأنما العز الذي أوتيته ... يا أحمد بن أبي ربيعة قد ذهب إن التي تزهو بها غرّارة ... فارمق بطرفك نحو سوء المنقلب - 591- شهدة بنت أحمد بن أبي الفرج بن عمر الدينوري المعروف بابن الإبري، المدعوة فخر النساء، الكاتبة: امرأة من أولاد المحدثين متميزة فصيحة حسنة الخط، تكتب على طريقة الكاتبة بنت الأقرع، وما كان ببغداد في زمانها من يكتب مثل   [591]- هذه الترجمة من المختصر؛ وانظر المنتظم 10: 289 وانساب السمعاني واللباب (الابري) ومشيخة ابن الجوزي: 208 وابن خلكان 2: 477 وسير الذهبي 20: 542 وتاريخ ابن الأثير 11: 454 وعبر الذهبي 4: 220 ومرآة الزمان 8: 352 والوافي 16: 190 ومرآة الجنان 3: 400 ونزهة الجلساء: 61 والشذرات 4: 248. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1422 خطها، وكانت مختصة بأمير المؤمنين المقتفي لأمر الله. سمّعها أبوها الكثير من المشايخ، وعمرت حتى حدثت وأخذ عنها الحديث، سمعت أباها أبا نصر أحمد والنقيب أبا الفوارس طراد بن محمد بن علي الزينبي وأبا الخطاب نصر بن أحمد بن عبد الله بن البطر القارىء، وأبا الحسن علي بن محمد بن علي بن العلاف المقرىء وغيرهم. ماتت في المحرم سنة أربع وسبعين وخمسمائة. - 592- شيبان بن عبد الرحمن، أبو معاوية التميمي مولى بني تميم: كان من أكابر القراء والمحدثين والنحاة، كان مقيما بالكوفة فانتقل عنها إلى بغداد وأخذ عن الحسن البصري وحدث عنه وعن ابن أبي كثير، وحدّث عن شيبان الحافظ الثقة عبد الرحمن بن مهدي وغيره. وقرأ على عاصم بن أبي النجود وأبي إسحاق السبيعي وعطاء ابن أبي السائب وقرأ [هؤلاء] على أبي عبد الرحمن السلمي، وأبو عبد الرحمن قرأ على علي بن أبي طالب عليه السلام. وكان معلما لأولاد داود بن علي بن عبد الله بن عباس. سئل ابن معين عن شيبان فوثقه وقال: ثقة في كل شيء، وسئل عنه أحمد بن حنبل وعن الدستوائي وحرب بن شداد فقال: شيبان أرفع عندي، شيبان صاحب كتاب صحيح. وقال ابن عمار: أبو معاوية شيبان النحوي ثقة ثبت. توفي شيبان ببغداد سنة أربع وستين ومائة وقيل سنة سبعين ومائة في خلافة الهادي ودفن في مقابر قريش بباب التبن، قاله ابن سعد كاتب الواقدي في «طبقاته» [1] .   [592]- ترجمته في طبقات ابن سعد 6: 262 (الطبعة الأوروبية) وطبقات خليفة: 850 والتاريخ الكبير للبخاري 4: 254 والجرح والتعديل 4: 355 وتاريخ بغداد 9: 271 ونزهة الألباء: 190 والأنساب واللباب (النحوي) وإنباه الرواة 2: 72 وميزان الاعتدال 2؛ 285 وعبر الذهبي 1: 243 وتذكرة الحفاظ: 218 وسير الذهبي 7: 406 والوافي 16: 200 وتهذيب التهذيب 4: 373 وطبقات ابن الجزري 1: 329 والشذرات 1: 259 وترجمته في المختصر موجزة. [1] وقال ابن سعد إنه دفن بمقبرة الخيزران. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1423 - 593- شيث بن إبراهيم بن محمد بن حيدرة ضياء الدين، المعروف بابن الحاج القناوي القفطي النحوي اللغوي العروضي أبو الحسن: أحد أكابر الأدباء المعاصرين، برع في العربية واللغة وفنون الأدب وتقدم فيها، وسمع من الحافظ أبي طاهر السلفي وغيره، وحدث ودرّس، وكان ذا هيبة ووقار، وله مقامات معروفة ومواقف بين يدي السلاطين والأمراء، وكانوا يحترمونه ويوقرونه. ومن تصانيفه: كتاب الاشارة في تسهيل العبارة. والمعتصر من المختصر. وتهذيب ذهن الواعي في إصلاح الرعية والراعي، صنفه للملك الناصر صلاح الدين يوسف. وحزّ الغلاصم وإفحام المخاصم. وتعاليق في الفقه على مذهب الامام مالك. واللؤلؤة المكنونة واليتيمة المصونة، وهي قصيدة في الأسماء المذكرة، أبياتها سبعون بيتا، منها: وصفت الشعر من يفهم ... يخبّرني بما يعلم يخبرني بألفاظ ... من الأعراب ما الدهثم وما الإقليد والتقلي ... د والتهنيد والاهتم وما النهاد والاهدا ... م والأسمال والعيهم وما الالغاد والاخرا ... د والاقراد والاكدم [1] وما الدقراس والمردا ... س والفداس والاعلم وما الاوخاص والادرا ... ص والقراص والاثرم وما اليعضيد واليعقي ... د والتدمين والارقم   [593]- إنباه الرواة 2: 73 والوافي 16: 203 ونكت الهميان: 168 والفوات 2: 108 والطالع السعيد: 262 والديباج المذهب: 127 وبغية الوعاة 2: 6 وحسن المحاضرة 1: 214 والبلغة: 95 وقصيدته التي يورد ياقوت بعض أبياتها شديدة التصحيف في المصادر ولذا كان من العناء الباطل محاولة شرحها. [1] الفوات: والمكدم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1424 وما الانكار والانكا ... ث والاعلام والاقضم وما الأوغال والأوغا ... د والأوغاب والأقصم ومضى على هذا النمط إلى أن قال: ألا فاسمع لألفاظ ... جرت علما لمن يعلم فقد أنبأت في شعري ... بألفاظي لمن يفحم وعارضت السجستان ... يّ في قولي ولم أعلم فضعّفت قوافيه ... على المثل الذي نظّم فهذا الشعر لا يدري ... هـ إلا عالم همهم توفي أبو الحسن ابن الحاج سنة ثمان وتسعين وخمسمائة وقيل سنة تسع وتسعين وخمسمائة ومن شعره: اجهد لنفسك إن الحرص متعبة ... للقلب والجسم والايمان يمنعه فإن رزقك مقسوم سترزقه ... وكلّ خلق تراه ليس يدفعه فإن شككت بأن الله يقسمه ... فإن ذلك باب الكفر تقرعه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1425 محتويات الجزء الثّالث الموضوع الصفحة [تتمة حرف الحاء] 803 337- الحسن بن علي بن المعمر الاسكافي 957 338- الحسن بن علي، ابن القطان المروزي 961 339- الحسن بن علي بن غسان، الشاكر البصري 971 340- الحسن بن عمر بن المراغي 972 341- الحسن بن عمرو الحلبي ابن دهن الحصى 972 342- الحسن بن القاسم الرازي 975 343- الحسن بن مالك، أبو العالية الشامي 975 344- الحسن بن محمد المهلبي الوزير 976 345- الحسن بن محمد بن وكيع التنيسي 993 346- الحسن بن محمد السهواجي 995 347- الحسن بن محمد بن الحسن بن حبيب 996 348- الحسن بن محمد بن علي، ابن الدهان اللغوي 997 349- الحسن بن محمد التميمي، ابن الربيب التاهرتي 998 350- الحسن بن محمد بن عزيز 999 351- الحسن بن القاسم بن علي الواسطي، غلام الهراس 999 352- الحسن بن محمد بن عبد الصمد، ابن أبي الشخباء 999 353- الحسن بن محمد بن الحسن، ابن حمدون أبو سعد 1012 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1427 الموضوع الصفحة 354- الحسن بن محمد الصغاني 1015 355- الحسن بن المظفر النيسابوري 1016 356- الحسن بن ميمون النصري 1018 357- الحسن بن وهب الكاتب 1019 358- الحسن بن وهب الموصلايا 1023 359- الحسن بن يسار البصري 1023 360- الحسن بن يحيى بن أبي منصور المنجم 1025 361- الحسن بن يعقوب بن أحمد 1027 362- الحسن بن أبي المعالي بن مسعود، ابن الباقلاني النحوي 1027 363- أبو الحسن البوراني 1028 364- الحسين بن ابراهيم بن أحمد النطنزي 1028 365- الحسين بن ابراهيم بن خطاب 1028 366- الحسين بن أحمد بن محمد السلامي 1029 367- الحسين بن أحمد بن خالويه 1030 368- الحسين بن أحمد، الهمداني (ترجمة ثالثة) 1037 369- الحسين بن أحمد الزوزني 1038 370- الحسين بن أحمد بن بطويه 1038 371- الحسين بن أحمد، ابن الحجاج الشاعر 1040 372- الحسين بن الحسن، الواساني الدمشقي 1049 373- الحسين بن سعد بن الحسين الآمدي 1062 374- الحسين بن الضحاك، الشاعر الخليع 1063 375- الحسين بن عبد الله، ابن سينا الفيلسوف 1070 376- الحسين بن عبد الله، ابن شبل البغدادي 1078 377- الحسين بن عبد الله، ابن رواحة 1087 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1428 الموضوع الصفحة 378- الحسين بن عبد الرحمن الغريبي 1091 379- الحسين بن علي الباقطائي 1091 380- الحسين بن علي، أبو عبد الله النمري 1092 381- الحسين بن علي، الوزير المغربي 1093 382- الحسين علي بن الحسين، ابن الخازن 1105 383- الحسين بن علي، ابن الحلاب 1106 384- الحسين بن علي بن داعي العلوي 1106 385- الحسين بن علي بن محمد، مؤيد الدين الطغرائي 1106 386- الحسين بن عبد الله، ابن أبي حصينة 1118 387- الحسين بن عبد الرحيم، ابن أبي الزلازل 1129 388- الحسين بن عبد السلام، الجمل المصري 1130 389- الحسين بن عقيل بن محمد الواسطي 1131 390- الحسين بن علي بن أحمد الطيبي 1132 391- الحسين بن علي بن محمد، ابن قم الزبيدي 1134 392- الحسين بن محمد بن أحمد التبرجيدي 1141 393- الحسين بن محمد، البارع البغدادي 1141 394- الحسين بن محمد بن جعفر الرافقي، الخالع 1146 395- الحسين بن محمد بن الحسين التجيبي القرطبي 1148 396- الحسين بن محمد بن الحسين القمي 1149 397- الحسين بن محمد السهواجي (ترجمة ثانية) [1] 1149 398- الحسين بن محمد، المعروف بالمستور 1151 399- الحسين بن محمد بن عبد الرحمن 1153 400- الحسين بن محمد بن الحسين بن سهلويه 1153   [1] انظر رقم: 346. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1429 الموضوع الصفحة 401- الحسين بن محمد بن الحسين الضراب الصوري 1156 402- الحسين بن محمد، الراغب الاصبهاني 1156 403- الحسين بن محمد بن الحسين الهروي 1157 404- الحسين بن مطير الأسدي 1157 405- الحسين بن هبة الله ابن زاهر الموصلي، دهن الحصى 1162 406- الحسين بن هداب بن محمد الديري النوري 1163 407- الحسين بن الوليد بن نصر، ابن العريف النحوي 1164 408- حرملة بن المنذر، أبو زبيد الطائي 1167 409- حسنون بن جعفر بن حسنون 1177 410- حصن بن ربيعة بن صعير، لسان الحمّرة 1177 411- حفص الأموي 1177 412- حفص بن سليمان بن المغيرة البزاز 1180 413- حفص بن عمر بن عبد العزيز، أبو عمر الدوري 1180 414- حفص بن عمر العنبري 1181 415- أبو حفص الزكرمي العروضي 1181 416- حفصة بنت الحاج الركوني 1182 417- حفصويه 1185 418- الحكم بن عبدل 1185 419- الحكم الخضري 1191 420- الحكم بن موسى السلولي 1193 421- أبو الحكم ابن غلندو الاشبيلي 1194 422- حكيم بن عياش، الأعور الكلبي 1195 423- حماد بن اسحاق بن ابراهيم الموصلي 1196 424- حماد بن عمر، حماد عجرد 1196 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1430 الموضوع الصفحة 425- حماد بن سلمة بن دينار 1198 426- حماد بن ميسرة، حماد الراوية 1201 427- حماس بن ثامل 1205 428- حمد بن محمد بن ابراهيم، أبو سليمان الخطابي (ترجمة ثانية) 1205 429- حمدان بن عبد الرحيم الأثاربي 1208 430- حمد بن الحسين وزير منوجهر 1211 431- حمدة (حمدونة) بنت زياد الوادياشية 1211 432- حمران بن أعين بن سنبس 1213 433- حمزة بن أسد بن علي، ابن القلانسي 1214 434- حمزة بن بيض الحنفي 1215 435- حمزة بن حبيب الزيات 1219 436- حمزة بن الحسن الاصفهاني 1220 437- حمزة بن علي بن العين زربي 1221 438- حميد بن ثور الهلالي 1222 439- حميد بن مالك الأرقط 1225 440- حميد بن مالك، ابن منقذ مكين الدولة 1226 441- حميدة بنت النعمان بن بشير 1227 442- حيان بن خلف، ابن حيان مؤرخ الأندلس 1229 443- حيدرة بن أبي الغنائم المعمر العلوي 1229 [تراجم حرف الخاء] 1230 444- خالد الزبيدي اليمني 1230 445- خالد بن خداش أبو الهيثم 1231 446- خالد بن صفوان التميمي 1231 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1431 الموضوع الصفحة 447- خالد بن طليق الخزاعي 1236 448- خالد بن كلثوم الراوية 1236 449- خالد بن يزيد المراري اللغوي 1237 450- خالد بن يزيد بن معاوية 1238 451- خالد بن يزيد، خالويه المكدي 1241 452- خالد بن يزيد الكاتب 1243 453- خداش بن بشر، البعيث الشاعر 1246 454- خراش بن اسماعيل الشيباني 1247 455- خرقة بن نباتة بن الرّبد الكلبي 1247 456- خزيمة بن محمد بن خزيمة الأسدي 1249 457- الخضر بن ثروان بن أحمد التوماثي 1249 458- الخضر بن هبة الله بن أبي الهمام الطائي 1250 459- خلاد بن يزيد الأرقط الباهلي 1252 460- خلف بن أحمد القيرواني 1254 461- خلف بن حيان بن محرز، خلف الأحمر 1254 462- خلف بن أحمد بن محمد، ملك سجستان 1258 463- خلف بن المختار الاطرابلسي 1259 464- خلف بن هشام بن ثعلب البزار 1259 465- الخليل بن أحمد الفراهيدي 1260 466- الخليل بن أحمد بن محمد السجزي 1271 467- خميس بن علي بن أحمد الحوزي 1274 468- خويلد بن خالد بن محرز، أبو ذؤيب الهذلي 1275 469- خيار بن أوفى الهندي 1278 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1432 الموضوع الصفحة [تراجم حرف الدال] 1279 470- داود بن أحمد بن أبي دواد 1279 471- داود بن أحمد بن يحيى بن الخضر 1280 472- داود بن الجراح 1281 473- داود بن سلم 1282 474- داود بن الهيثم بن اسحاق بن البهلول 1283 475- دعبل بن علي الخزاعي 1284 476- دغفل النساب 1288 477- دعوان بن علي بن حماد الجبائي 1291 478- أبو الدقيس الأعرابي 1292 479- دكين بن رجاء الفقيمي 1292 480- دكين بن سعيد الدارمي الراجز 1294 [حرف الذال] 1296 481- ذو القرنين بن ناصر الدولة الحمداني 1296 [تراجم حرف الراء] 1298 482- راشد بن اسحاق، أبو حكيمة 1298 483- ربيعة بن عامر، مسكين الدارمي 1299 484- ربيعة بن يحيى، أعشى تغلب 1302 485- ربيعة بن ثابت، ربيعة الرقي 1303 486- رزق الله بن عبد الوهاب التميمي 1304 487- رزين بن زندورد العروضي 1304 488- رستة بن أبي الأبيض الأصبهاني 1306 489- رفيع بن سلمة، كاتب أبي عبيدة 1306 490- رمضان بن رستم، ابن الساعاتي 1308 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1433 الموضوع الصفحة 491- الرماح بن أبرد، ابن ميادة 1309 492- رؤبة بن العجاج 1311 493- روح بن عبد الأعلى 1312 [تراجم حرف الزاي] 1314 494- زاكي بن كامل بن علي، المهذب الهيتيّ 1314 495- زائدة بن نعمة، المجفجف القشيري 1315 496- زبان بن العلاء، أبو عمرو بن العلاء 1316 497- الزبير بن بكار 1322 498- زكريا بن أحمد بن محمد النسابة 1326 499- زكريا بن يحيى بن عبد الرحمن الساجي 1326 500- زند بن الجون، أبو دلامة 1327 501- زهير بن ميمون الفرقبي 1328 502- زياد بن سلمى، زياد الأعجم 1329 503- زياد بن عبد العزيز بن أحمد الجذامي 1330 504- زيد بن الحسن بن زيد، تاج الدين الكندي 1330 505- زيد بن الحسن الأحاظي 1334 506- زيد بن الربيع بن سليمان الحجري 1335 507- زيد بن عبد الله بن رفاعة أبو الخير 1335 508- زيد بن عبد الوهاب بن محمد الأردستاني 1337 509- زيد بن علي بن عبد الله الفارسي 1337 510- زيد بن كثرة 1337 511- زيد بن مرزكة الموصلي 1338 [تراجم حرف السين] 1339 512- ساتكين بن أرسلان التركي 1339 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1434 الموضوع الصفحة 513- سالم بن أحمد بن سالم، أبو المرجى 1339 514- سالم أبو العلاء كاتب هشام 1340 515- السائب بن فروخ المكي 1341 516- سحيم بن حفص النسابة الأخباري 1342 517- سراج بن عبد الملك، أبو الحسين ابن سراج 1342 518- السريّ بن أحمد، السريّ الرفاء 1343 519- سعد الرابية بن شداد الكوفي 1345 520- سعدان بن المبارك الضرير 1346 521- سعد بن أحمد بن مكي النيلي 1347 522- سعد بن الحسن بن سليمان التوراني الحراني 1347 523- سعد بن الحسن، أبو عثمان الناجم 1348 524- سعد بن علي، الحظيري الوراق 1349 525- سعد بن محمد بن سعد، حيص بيص 1352 526- سعد بن محمد بن علي، الوحيد 1356 527- سعيد بن إبراهيم، ابن التستري 1358 528- سعيد بن أحمد بن محمد الميداني 1359 529- سعيد بن أوس بن ثابت، أبو زيد الأنصاري 1359 530- سعيد بن جبير 1363 531- أبو سعيد بن حرب القيرواني 1364 532- سعيد بن الحكم النسابة 1364 533- سعيد بن حميد الكاتب 1365 534- سعيد بن حميد بن البختكان 1366 535- سعيد بن سعيد الفارقي 1366 536- سعيد بن طلحة بن الحسن الصالحاني 1367 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1435 الموضوع الصفحة 537- أبو سعيد بن عبد الصمد المقري 1367 538- سعيد بن عبد الله بن دحيم 1367 539- سعيد بن عبد العزيز النيلي 1368 540- سعيد بن عثمان بن سعيد، ابن القزاز 1368 541- سعيد بن عيسى الأصفر 1369 542- سعيد بن الفرج الرشاش 1369 543- سعيد بن المبارك، ابن الدهان النحوي 1369 544- سعيد بن محمد بن جريج القيرواني 1372 545- سعيد بن محمد الغساني، ابن الحداد القيرواني 1373 546- سعيد بن محمد بن علي السلامي 1373 547- سعيد بن محمد المعافري القرطبي 1374 548- سعيد بن مسعدة، الأخفش الأوسط 1347 549- سعيد بن هارون، أبو عثمان الأشنانداني 1376 550- سعيد بن هاشم، أبو عثمان الخالدي 1377 550 ب- سعيد بن هريم الكاتب 1379 551- سكن بن سعيد الأندلسي 1379 552- أبو سفيان بن العلاء 1379 553- سلامة بن عبد الباقي بن سلامة الأنباري 1379 554- سلامة بن غياض بن أحمد الكفرطابي 1380 555- سلامة بن محمد الحلبي النحوي 1381 556- سلمان بن عبد الله بن محمد الحلواني النهرواني 1381 557- سلم بن عمرو، سلم الخاسر 1382 558- سلمويه بن صالح الليثي 1384 559- سلمة بن عاصم النحوي 1385 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1436 الموضوع الصفحة 560- سلمة بن عباس العامري 1385 561- سلمة بن عبد الله الهذلي 1386 562- سليمان بن أيوب بن محمد المديني 1386 563- سليمان بن بنين بن خلف 1386 564- سليمان بن خلف، أبو الوليد الباجي 1387 565- سليمان بن صالح الكتبي 1389 566- سليمان بن أبي شيخ 1390 567- سليمان بن أبي طالب الحلواني النهرواني 1390 568- سليمان بن عيسى الشنتمري 1399 569- سليمان بن الفياض الاسكندراني 1399 570- سليمان بن محمد بن أحمد، أبو موسى الحامض 1400 571- سليمان محمد بن طراوة المالقي 1402 572- سليمان بن مسلم بن الوليد 1402 573- سليمان بن معبد السنجي المروزي 1403 574- سليمان بن موسى، الشريف الكحال 1404 575- سنان بن ثابت بن قرة 1405 576- سهل بن محمد، أبو حاتم السجستاني 1406 577- سهل بن محمد مؤدب سيف الدولة 1408 578- سهل بن المرزبان 1408 579- سهل بن هارون 1409 580- سهم بن ابراهيم الوراق 1410 [تراجم حرف الشين] 1411 581- شاهفور بن طاهر الاسفرايني 1411 582- شبل بن عبد الرحمن النيسابوري 1411 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1437 الموضوع الصفحة 583- شبيب بن شبة الأخباري 1411 584- شبيب بن يزيد، شبيب ابن البرصاء 1412 585- شبيل بن عزرة الضبيعي 1412 586- شداد بن ابراهيم، الطاهر الجزري 1414 587- الشرقي بن القطامي الكلبي 1415 588- شهفيروز بن سعد بن عبد السيد الأصبهاني 1420 589- شمر بن حمدويه الهروي 1420 590- شهيد بن الحسين البلخي الوراق 1421 591- شهدة بنت أحمد، فخر النساء 1422 592- شيبان بن عبد الرحمن التميمي 1422 593- شيث بن ابراهيم، ابن الحاج القناوي 1424 الجزء: 3 ¦ الصفحة: 1438 [ الجزء الرابع ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ حرف الصاد [594] صاعد بن الحسن بن عيسى الربعي الموصلي ّ الأصل البغداديّ اللغويّ الأديب أبو العلاء: دخل بغداد وأخذ عن السيرافي وأبي علي الفارسي والخطابي وغيرهم، وكان عارفا باللغة وفنون الأدب والأخبار، سريع الجواب حسن الشعر طيب المعاشرة ممتع المجالسة. دخل الأندلس في أيام هشام بن الحكم المؤيد وولاية المنصور أبي عامر محمد بن أبي عامر واتصل بالمنصور بن أبي عامر فأكرمه وأفرط في الاحسان إليه والإقبال عليه، ثم استوزره. وكان محسنا للسؤال حاذقا في استخراج الأموال طبّا بلطائف الشكر. أخبر بعض المشايخ بالأندلس أن أبا العلاء دخل على المنصور أبي عامر يوما في مجلس أنس، وقد اتخذ قميصا من رقاع الخرائط التي وصلت إليه فيها صلاته، ولبسه تحت ثيابه، فلما خلا المجلس وجد فرصة لما أراد، وتجرّد وبقي في القميص المتخذ من الخرائط، فقال له: ما هذا؟ فقال: هذه رقاع صلات مولانا اتخذتها شعارا، وبكى وأتبع ذلك من الشكر بما استوفاه. فأعجب ذلك المنصور، وقال له: لك عندي مزيد، ونفق عليه.   [594] ترجمة صاعد البغدادي في جذوة المقتبس: 223 (وبغية الملتمس رقم: 852) والصلة: 232 والذخيرة 4/1: 8 والمعجب: 75 وإنباء الرواة 2: 85 وابن خلكان 2: 488 وعبر الذهبي 3: 124 وميزان الاعتدال 2: 287 والوافي 16: 226 وبغية الوعاة 2: 7 والشذرات 3: 206 ونفح الطيب 3: 77 والتشبيهات من أشعار أهل الأندلس: 291 وبدائع البدائه: 354 وروضات الجنات 4: 130 واكثر هذه الترجمة مزيد من المختصر. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1439 قال الحميدي: من عجائب الدنيا التي لا يكاد يتفق مثلها أن صاعد بن الحسن هذا أهدى إلى المنصور أبي عامر أيّلا وكتب معه أبياتا وهي: يا حرز كلّ مخوّف وأمان كلّ مش ... رد ومعزّ كلّ مذلّل جدواك إن تخصص به فلأهله ... وتعمّ بالإحسان كلّ مؤمّل كالغيث طبّق فاستوى في وبله ... شعث البلاد مع المراد المبقل الله عونك ما أبرّك بالهدى ... وأشدّ وقعك في الضلال المشغل ما إن رأت عيني وعلمك شاهدي ... شروى علائك في معمّ مخول أندى بمقربة كسرحان الغضا ... ركضا وأوغل في مثار القسطل مولاي يؤنس غربتي بتخطفي ... من ظفر أيامي بممنع معقل عبد نشلت بضبعه وغرسته ... في نعمة أهدى إليك بأيّل سميته غرسيّة وبعثته ... في حبله ليتاح فيه تفؤّلي فلئن قبلت فتلك أسنى نعمة ... أسدى بها ذو منحة وتطوّل صبحتك غادية السرور وجلّلت ... أرجاء ربعك بالسحاب المخضل فقضي في سابق علم الله، عز وجل، وتقديره أن غرسية بن شانجه من ملوك الروم، وهو أمنع من النجم، أسر في ذلك اليوم بعينه الذي بعث فيه صاعد بالأيل، وسماه غرسيه متفائلا بأسره، وهكذا فليكن الجدّ للصاحب والمصحوب. قال ابن حيّان: وجمع أبو العلاء للمنصور أبي عامر كتابا سمّاه «الفصوص في الآداب والأشعار» على حكم «كتاب النوادر» لأبي علي القالي فأثابه عليه خمسة آلاف دينار في دفعة واحدة، وأمر أن يسمعه الناس في المسجد الجامع بالزاهرة، واحتشد له جماعة من أهل الأدب ووجوه الناس بسماعه في سنة خمس وثمانين وثلاثمائة. واتفق لهذا الكتاب حادثة غريبة وهي أنّ أبا العلاء لما أتمه دفعه لغلام له يحمله بين يديه وعبر نهر قرطبة، فزلت قدم الغلام فسقط في النهر هو والكتاب، فقال في ذلك ابن العريف، وكان بينه وبين أبي العلاء شحناء ومناظرات: قد غاص في البحر كتاب الفصوص ... وهكذا كلّ ثقيل يغوص الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1440 فضحك المنصور والحاضرون، فلم يرع ذلك صاعدا وقال على البديهة مجيبا لابن العريف: عاد إلى معدنه إنماتوجد ... في قعر البحار الفصوص وصنف له أيضا كتاب «الجواس بن قعطل المذحجي مع ابنة عمه عفراء» وهو كتاب لطيف ممتع جدا انخرم في الفتن التي كانت بالأندلس فسقطت منه أوراق لم توجد بعد، وكان المنصور كثير الشغف بهذا الكتاب حتى رتب له من يخرجه أمامه كل ليلة «1» وكان كتابا مليحا جدا وصنف له أيضا كتاب «الهجفجف بن غيدقان بن يثربي مع الخنّوت بنت مخرمة بن أنيف» وهو على طراز كتاب أبي السري سهل بن أبي غالب الخزرجي. ولم يحضر صاعد بعد موت المنصور مجلس أنس لأحد ممن ولي الأمر بعده من ولده، وإلى ذلك يشير في قصيدته التي قالها للمظفر بن المنصور الذي ولي بعد أبيه وأولها: إليك حدوت ناجية الركاب ... محملة أماني كالهضاب وبعت ملوك أهل الشرق طرا ... بواحدها وسيدها اللباب وفيها يشير إلى مرض لحق بساقه فمنعه من حضور مجالسه، وهو وجع ادعاه وكان يمشي على عصا واعتذر به من التخلف والخدمة إلى أن ذهبت دولتهم فقال: إلى الله الشكية من شكاة ... رمت ساقي فجلّ بها مصابي وأقصتني عن الملك المرجّى ... وكنت أرمّ حالي باقترابي ومنها: حسبت المنعمين على البرايا ... فألفيت اسمه صدر الحساب وما قدّمته إلا كأني ... أقدّم تاليا أمّ الكتاب وأنشد هذه القصيدة بين يدي المظفر في عيد الفطر سنة ست وتسعين وثلاثمائة. ولصاعد مع المنصور أخبار ولطائف يطول ذكرها. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1441 وحدّث السلفي عن أبي بكر يحيى بن محمد بن زيدان القرطبي قال: حضرت مجلس أبي الحسين سراج بن عبد الملك بن سراج اللغوي فقرىء عليه في الموطأ: لا قطع في ثمر ولا كثر، فأنشد لصاعد بن الحسن الربعي: ومهفهف أبهى من القمر ... قمر الفؤاد بفاتن النظر خالسته تفاح وجنته ... فأخذتها منه على غرر فأخافني قوم فقلت لهم ... لا قطع في ثمر ولا كثر وخرج أبو العلاء في أيام الفتنة من الأندلس وقصد صقلية فمات بها في سنة سبع عشرة وأربعمائة عن سنّ عالية. [595] صالح بن إبراهيم بن رشدين المخزومي يكنى أبا علي: كان من أهل الأدب البارع والشعر الجيد، روى كثيرا من أخبار المصريين. مات في ذي القعدة سنة عشر وأربعمائة، وله أخ اسمه أبو الحسين محمد، مات قبله في سنة أربعمائة، أنشد لصالح بن يونس مولى بني تميم فيه، وكان يميل إليه في حداثته: يا قاتلي علما بأن الحب مطّرح القصاص ... أمّا هواك فزائد والصبر عنك ففي انتقاص ... قلبي رهين في يدي ك فهل لقلبي من خلاص. [596] صالح بن إسحاق أبو عمر الجرمي النحوي: فهو مولى جرم بن زبان، وجرم   [595] هذه الترجمة من المختصر؛ وانظر يتيمة الدهر 1: 399 والمغرب (قسم مصر) : 253 والوافي 16: 246. [596] ترجمة أبي عمر الجرمي في الفهرست: 62 ومراتب النحويين: 122 والجرح والتعديل 4: 394 وطبقات الزبيدي: 46 وأخبار النحويين البصريين: 39 ونور القبس: 214 وتاريخ أبي المحاسن: 72- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1442 من قبائل اليمن، وقيل هو مولى بجيلة بن أنمار بن إراش بن الغوث، وإنما قيل له الجرمي لأنه كان ينزل فيهم. وقيل إنه مولى قريش. مات سنة خمس وعشرين ومائتين في أيام المعتصم، وكانت وفاته بأصبهان، وكان يلقب بالكلب النبّاح لأنه كان يذهب إلى أبي زيد الأنصاري فيناظره ويصايحه فلقب بذلك. وكان يلقب بالمهارش لأنه كان لا يرى إلا ناظرا أو مناظرا. وهو بصري قدم بغداد فأخذ عن يونس بن حبيب العربية وأخذ اللغة عن أبي عبيدة وأبي زيد الأنصاري والأصمعي ومن في طبقتهم وقرأ كتاب سيبويه على أبي الحسن الأخفش سعيد بن مسعدة وكان رفيقا لأبي عثمان المازني، وأخذ منه المبرد والمازني وغيرهما وناظر الفراء، وانتهى إليه علم العربية في وقته فكان عالما بالعربية واللغة فقيها ورعا، وخولط في آخر عمره لأنه كان توأما ومن خولط في الرحم يصيبه شيء. وقال الجرمي: أنا منذ ثلاثين سنة أفتي الناس في الفقه من كتاب سيبويه، فقيل له: وكيف ذاك؟ قال: أنا رجل مكثر من الحديث، وكتاب سيبويه يعلمني القياس، وأنا أقيس الحديث، وأفتي به. قال أبو عمر الجرمي يوما في مجلسه: من سألني عن بيت من جميع ما قالته العرب لا أعرفه، فله عليّ سبق. فسأله بعض من حضر، فقال: كيف تروي (السائل: أبو عثمان المازني) : من كان مسرورا بمقتل مالك ... فليأت نسوتنا بوجه نهار يجد النساء حواسرا يندبنه ... قد قمن قبل تبلّج الأسحار قد كنّ يخبأن الوجوه تستّرا ... فاليوم حين بدون للنظار فقال: كيف تروي «بدأن» أو «بدين» ؟ فقال له: بدأن. فقال: أخطأت،   - وتاريخ بغداد 9: 313 والأنساب واللباب (الجرمي) وأخبار أصبهان 1: 346 ونزهة الألباء: 143 وإنباء الرواة 2: 80 وابن خلكان 2: 485 وعبر الذهبي 1: 395 وسير الذهبي 10: 561 والوافي 16: 249 ومرآة الجنان 2: 90 والبلغة: 96 وطبقات ابن الجزري 1: 332 وبغية الوعاة 2: 8 والشذرات 2: 57 وروضات الجنات 4: 133؛ وترجمة الجرمي في م موجزة جدا، وقد أضيف إليها مادة غزيرة من المختصر. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1443 ففكر، ثم قال: إنا لله، هذا عاقبة البغي. قال أبو القاسم الزجاجي: تعني هذه الأبيات أن العرب كانت لا تندب ميّتها، ولا تبكي عليه حتى يقتل قاتله، فإذا قتل بكت عليه النساء وناحت. يقول: من كان مسرورا بمصرع مالك فقد قتلنا قاتله، وهؤلاء نساؤنا يندبنه. والصواب أن يقال «بدون» ، ولا يقال: بدأن ولا بدين، لأنه من «بدا يبدو» إذا ظهر، وكذلك يقال: بدا الرجل يبدو إذا خرج إلى البدو. وصنف كتبا كثيرة منها مختصره في النحو كان كلّما صنّف منه بابا صلى ركعتين بالمقام ودعا بأن ينتفع به. وله كتاب التثنية والجمع. وكتاب السير. وكتاب الأبنية. وكتاب العروض، وكتاب القوافي، وكتاب الفرخ يعني فرخ كتاب سيبويه وغير ذلك. [597] صالح بن جعفر بن عبد الوهاب «1» بن أحمد بن جعفر بن أحمد بن محمد بن علي بن صالح بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب الهاشمي الصالحي الحلبي القاضي أبو طاهر: أحد أعيان أهل حلب المشهورين بالأدب والدين، روى عن ابن خالويه وتأدب به، وأخذ عنه أبو الفتح أحمد بن علي المدائني المعروف بالهائم. مات سنة خمس وتسعين وثلاثمائة، وكان يلقب بالمحبرة لأنه كان قصيرا، وكان أكثر لبسه السواد. له من الكتب: كتاب الحنين إلى الأوطان. وكتاب الصبر والعزاء. [598] صالح بن حسّان: أحد رواة الأخبار العالمين بالآثار والأشعار، روى عنه من   [597] هذه الترجمة من المختصر وانظر: مصورة ابن عساكر 8: 190 وتهذيبه 6: 369 وزبدة الحلب 1: 196 والوافي 16: 253. [598] هذه الترجمة من المختصر؛ وانظر الشعر والشعراء: 305 والأغاني 3: 176 والوافي 16: 255- 256. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1444 ذلك خلق كثير من أربابه كالهيثم بن عدي وابن الكلبي وغيرهما. حدث الهيثم بن عدي قال، قال لي صالح بن حسّان: هل تعرف بيتا من الشعر نصفه أعرابي في شملة والنصف الآخر مخنث من أهل العقيق يتقصف تقصفا؟ قلت: لا والله. قال: قد أجّلتك حولا قلت له: لو أجلتني حولين ما علمت ما سألتني عنه. فقال: أفّ لك، قد كنت أحسبك أعود علما من ذلك. قلت: ما هو؟ قال لي: أما سمعت قول جميل: ألا أيها النوّام ويحكم هبّوا أعرابي والله يعتف في شملة ثم أدركه النسيب وصريح الحب وما يدرك العاشق، فقال: أسائلكم هل يقتل الرجل الحبّ؟ فكان والله من مخنثي العقيق، يتفكك، وبعد هذا البيت: فقالوا: نعم، حتى تسلّ عظامه ... ويتركه حيران ليس له لبّ [599] صالح بن شعيب القاري أبو بكر: أحد أصحاب العربية المتقدمين، وقار هذه التي نسب إليها من قرى الري. قدم بغداد أيام ثعلب. [600] صالح بن عبد القدوس بن عبد الله: كان حكيما أديبا فاضلا شاعرا مجيدا، كان يجلس للوعظ في مسجد البصرة ويقصّ عليهم، وله أخبار يطول ذكرها، اتّهم بالزندقة فقتله المهدي بيده، ضربه بالسيف فشطره شطرين وعلّق بضعة أيام للناس ثم   [599] هذه الترجمة من المختصر. [600] ترجمة صالح بن عبد القدوس في طبقات ابن المعتز: 89 وتاريخ بغداد 9: 303 وتهذيب ابن عساكر 6: 376 وابن خلكان 2: 492 وميزان الاعتدال 2: 297 والوافي 16: 260 ونكت الهميان: 171 والفوات 2: 116 ولسان الميزان 3: 172 ولم ترد له ترجمة في ر. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1445 دفن. وأشهر شعره قصيدته البائية التي مطلعها: صرمت حبالك بعد وصلك زينب ... والدّهر فيه تصرّم وتقلّب وكذاك ذكر الغانيات فإنه ... آل ببلقعة وبرق خلّب فدع الصبا فلقد عداك زمانه ... واجهد فعمرك مرّ منه الأطيب ومنها: واحذر معاشرة الدنيّ فإنها ... تعدي كما يعدي الصحيح الأجرب يلقاك يحلف أنّه بك واثق ... وإذا توارى عنك فهو العقرب ومن شعره أيضا: ليس من مات فاستراح بميت ... إنما الميت ميّت الأحياء إنما الميت من يعيش كئيبا ... كاسفا باله قليل الرجاء وقال: إذا قلت قدّر أنّ قولك عرضة ... لبادرة أو حجّة لمخاصم وان امرءا لم يخش قبل كلامه ... الجواب فينهى نفسه غير حازم وقال: لا أخون الخليل في السرّ حتى ... ينقل البحر في الغرابيل نقلا أو تمور الجبال مور سحاب ... مثقلات وعت من الماء حملا [601] صحار العبدي: هو صحار بن العباس، كان خارجيا ناسبا خطيبا، وكان في أيام معاوية بن أبي سفيان، روى عن النبي صلّى الله عليه وسلّم حديثين أو ثلاثة. له كتاب الأمثال.   [601] هذه الترجمة من المختصر وانظر البيان والتبيين 1: 96، 97 والاصابة 3: 235. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1446 [602] صدقة بن الحسن بن الحسين بن بختيار أبو الفرج الحداد الناسخ البغدادي: كان فقيها حنبليا، تفقّه على أبي الوفاء ابن عقيل، وسمع الحديث وحدّث، وأقرأ الناس الفقه والحساب وعلم الكلام، وكان قيما بجميع ذلك. مات سنة ثلاث وستين وخمسمائة، وكان صدقة مع سعة حلمه محدودا خاملا يسكن في المسجد الذي بباب البدرية، وكان يتردد إليه عالم من الطالبيين، فيقرأون عليه فنون العلم. وكان مع ذلك لا يتقوت إلا من أجرة نسخه، وكان لا يؤبه إليه، فلما كان آخر أيامه جرت بين يدي الوزير عضد الدولة أبي الفتوح محمد بن عبد الله بن هبة الله بن المظفر بن رئيس الرؤساء وزير الإمام المستضيء مسألة في العلم، وهل هو واحد أم أكثر، وكان عنده جماعة من أهل العلم كأبي الفرج ابن الجوزي وغيره، فسألهم عن ذلك فكلّ كتب خطه أن العلم واحد، فلما فرغوا قال: نرى ها هنا من هو قيّم بهذا العلم غير هؤلاء؟ فقال له بعض الحاضرين: هاهنا رجل يعرف بصدقة الناسخ يعرف هذا الفن معرفة لا مزيد عليها، فنفّذ [رقعة] وفيها خطوط الفقهاء، وقال له: انظر في هذه، وقل ما عندك، فلما وقف عليها فكر طويلا متعجبا من اتفاقهم على ما لا أصل له، ثم أخذ القلم وكتب: العلم علمان علم غريزي، وعلم مكتسب، فأما الغريزي فهو الذي يدرك على الفور من غير فكرة كقولنا واحد وواحد، فهذا يعلم ضرورة أنه اثنان. وعلم مكتسب وهو ما يدرك بالطلب والفكرة والبحث، أو كلاما هذا معناه لأنه حدث بذلك مفاوضة. وأنفذ الخط إلى الوزير، فلما وقف عليه أعجب به، وقال: أين يكون هذا الرجل؟ فعرف حاله وفقره، فاستدعاه إليه، وتلقاه بالبشر، وخلع عليه خلعة حسنة، وأعطاه أربعين دينارا، ففرح فرحا عظيما، وقال: يا مولاي، قد حضرني بيتان، فقال له أنشدهما، فقال:   [602] هذه الترجمة من المختصر، وانظر المنتظم 10: 276 وذيل ابن رجب 1: 339 ومختصر ابن الدبيثي 2: 109 وميزان الاعتدال 2: 310 وسير الذهبي 21: 66 وتاريخ ابن الأثير 11: 449 والبداية والنهاية 12: 298 وذيل الروضتين: 12 والوافي 16: 292 والنجوم الزاهرة 6: 81 ولسان الميزان 3: 184 والشذرات 4: 245 (ووفاته عند الذهبي سنة 573) . الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1447 ومن العجائب والعجائب جمّة ... شكر بطيء عن ندى متسرّع ولقد دعوت ندى سواك فلم يجب ... فلأشكرنّ ندى أجاب وما دعي فاستحسن ذلك منه، وما زال يبرّه إلى أن مات. وحدث عنه العدل أبو يعلى ابن الفراء قال: دخلت إليه يوما قبل أن يموت بيسير، وإلى جانبه طبق مغطى، فقال لي: اكشف ذلك الطبق، وكشفته وإذا فيه دجاج مطبوخ ألوان وسنبوسج وحلاوة وغير ذلك من الأطعمة الطيبة، فقال: ما أراد الله عز وجل أن يبعث لي هذا، وأنا أقدر على أكله في أيام شبابي، وإنما بعثه إليّ الآن لأبصره حسرة. وكان سيّء الاعتقاد تارة يميل إلى مذهب الفلاسفة وتارة يعترض على القضاء والقدر. وقال أيو يعلى: كتب صدقة كتاب «الشفاء» لابن سينا فتغيّر اعتقاده، قال يوما: والله ما أدري من أين جاءوا بنا، ولا إلى أي مطبق يريدون أن يحملونا. وحكى عنه أبو يعلى قال: كنت عنده فسمع صوت الرعد فقال: فوق خباط وأسفل خباط. قال أبو يعلى، وقال أبياتا أخذتها منه: نظرت بعين القلب ما صنع الدهر ... فألفيته غرا وليس له خبر فنحن سدى فيه بغير سياسة ... نروح ونغدو قد تكنفنا الشر فلا من يحل الزيج وهو منجم ... ولا من عليه الوحي ينزل والذكر يحلّ لنا ما نحن فيه فنهتدي ... وهل يهتدي قوم أضلهم السكر عمى في عمى في ظلمة فوق ظلمة ... تراكمها من دونه يعجز الصبر [603] صفوان بن ادريس بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عيسى التجببي، أبو   [603] ترجمة صفوان بن إدريس في التكملة: 768 والذيل والتكملة 4: 140 وتحفة القادم: 119 والمقتضب من تحفة القادم: 82 والمغرب 2: 260 ورايات المبرزين: 79 وشرح مقصورة حازم 1: 57- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1448 بحر: كان أديبا كاتبا شاعرا سريع الخاطر، أخذ عن أبيه والقاضي ابن ادريس وابن غلبون وأبي الوليد ابن رشد، وهو أحد أفاضل الأدباء المعاصرين بالأندلس، ولد سنة ستين وخمسمائة وتوفي بمرسية سنة ثمان وتسعين وخمسمائة ولم يبلغ الأربعين. وله تصانيف منها كتاب زاد المسافر. ورحلته. وكتاب العجالة مجلدان يتضمنان طرفا من نثره ونظمه. وديوان شعر. ومن شعره «1» : قد كان لي قلب فلما فارقوا ... سوّى جناحا للغرام وطارا وجرت سحاب للدموع فأوقدت ... بين الجوانح لوعة وأوارا ومن العجائب أنّ فيض مدامعي ... ماء ويثمر في ضلوعي نارا وقال في مدح النبي صلى الله عليه وسلم: تحية الله وطيب السلام ... على رسول الله خير الانام على الذي فتّح باب الهدى ... وقال للناس ادخلوا بالسلام بدر الهدى سحب الندى والجدا ... وما عسى أن يتناهى الكلام تحية تهزأ أنفاسها ... بالمسك لا أرضى بمسك الختام تخصّه منّي ولا تنثني ... عن آله الصّيد السّراة الكرام وقدرهم أرفع لكنني ... لم ألف أعلى لفظة من كرام وقال «2» : احمى الهوى قلبه وأوقد ... فهو على أن يموت أوقد وقال عنه العذول سال ... قلّده الله ما تقلّد   - والاحاطة 3: 349 وقلائد الجمان لابن الشعار 3: 177 والوافي 16: 321 والفوات 2: 117 وصفحات متفرقة من نفح الطيب، ومقدمة زاد المسافر (ط. بيروت 1970) . الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1449 وباللوى شادن عليه ... جيد غزال ووجه فرقد أسكره ريقه بخمر ... حتى انثنى قدّه وعربد لا تعجبوا لانهزام صبري ... فجيش أجفانه مؤيّد أنا له كالذي تمنّى ... عبد نعم عبده وأزيد له عليّ امتثال أمر ... ولي عليه الجفاء والصّد إن سلّمت عينه لقتلي ... صلّى فؤادي على محمّد وقال «1» : يا قمرا مطلعه أضلعي ... له سواد القلب فيها غسق وربما استوقد نار الهوى ... فناب فيها لونها عن شفق ملكتني بدولة من صبا ... وصدتني بشرك من حدق عندي من حبّك ما لو سرت ... في البحر منه شعلة لاحترق وقال: يقولون لي لمّا ركبت بطالتي ... ركوب فتى جمّ الغواية معتدي أعندك ما ترجو الخلاص به غدا ... فقلت: نعم، عندي شفاعة أحمد الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1450 حرف الضاد [604] الضحاك بن سلمان بن سالم بن دهاية «1» أبو الأزهر المرئي- نسبة إلى امرىء القيس بن مالك- الألوسي «2» الأديب النحوي اللغوي الشاعر، أصله من قرية يقال لها الألوس من سقي الفرات بهيت، قدم نهر عيسى ونزل بغداد وسكن المحول ونظر في النحو واللغة والغريب وقال الشعر، فمما أورده له الكمال أبو البركات عبد الرحمن بن محمد الأنباري النحوي قوله «3» : ما أنعم الله على عبده ... بنعمة أوفى من العافيه وكلّ من عوفي في جسمه ... فإنه في عيشة راضية والمال حلو حسن جيّد على الفتى لكنه عاريه ... وأسعد العالم بالمال من أدّاه للآخرة الباقيه   [604] ترجمته في الخريدة (قسم العراق) 4/1: 120 ومختصر ابن الدبيثي 2: 118 ونزهة الالباء: 268 والوافي 16: 361 وبغية الوعاة 2: 12 والآلوسي نسبة إلى آلوس مدينة بالفرات تحت الحديثة؛ (وفي م: الضحاك بن سليمان، وأثبت ما في المصادر) وهذه الترجمة مزجت بين ما في م وما في المختصر. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1451 ما أحسن الدنيا ولكنها ... مع حسنها غدّارة فانيه مات الضحاك في سنة ثلاث وستين وخمسمائة. [605] الضحاك بن مخلد بن مسلم ، أبو عاصم النبيل الشيباني البصري الحافظ الثبت النحوي اللغوي: كان إماما في الحديث سمع من جعفر الصادق وابن جريج والأوزاعي وابن أبي عروبة، وأخرج له البخاري في «صحيحه» وأجمعوا على توثيقه. قيل له يحيى بن سعيد يتكلم فيك فقال: لست بحيّ ولا ميت إذا لم أذكر. مات أبو عاصم سنة اثنتي عشرة ومائتين. [606] الضحاك بن مزاحم، أبو القاسم البلخي المفسر المحدّث النحوي: كان يؤدب الأطفال فيقال كان في مكتبه ثلاثة آلاف صبي، وكان يطوف عليهم على حمار. لقي الضحاك ابن عباس وأبا هريرة وأخذ عن سعيد بن جبير التفسير، وكان عبد الملك بن ميسرة يقول: لم يلق الضحاك ابن عباس وإنما لقي سعيد بن جبير بالريّ فأخذ عنه التفسير. وقال شعبة: قلت لمشاش هل سمع الضحاك من ابن عباس؟   [605] ترجمته في طبقات ابن سعد 7/2: 49 وطبقات خليفة: 545 والتاريخ الكبير للبخاري 4: 336 والمعارف: 520 والجرح والتعديل 4: 463 وطبقات الزبيدي: 54 والأنساب واللباب (النبيل) وتذكرة الحفاظ: 366 وسير الذهبي 9: 480 وميزان الاعتدال 2: 324 وعبر الذهبي 1: 362 وإنباه الرواة 2: 91 والوافي 16: 359 ومرآة الجنان 2: 53 والبلغة: 98 وتهذيب التهذيب 4: 450 وبغية الوعاة 2: 12 والنجوم الزاهرة 2: 207 والشذرات 2: 28. [606] ترجمة الضحاك بن مزاحم في طبقات ابن سعد 6: 210، 7/2: 102 والمحبر: 475 وطبقات خليفة: 797، 832 والتاريخ الكبير للبخاري 4: 332 والمعارف: 457 والجرح والتعديل 4: 458 وسير الذهبي 4: 598 وميزان الاعتدال 2: 325 وعبر الذهبي 1: 124 وتاريخ الاسلام 4: 125 والوافي 16: 359 ومرآة الجنان 1: 213 والبداية والنهاية 9: 223 وطبقات ابن الجزري 1: 337 وتهذيب التهذيب 4: 453 والشذرات 1: 124. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1452 قال: ما رآه قط. ووثقه أحمد بن حنبل وابن معين وأبو زرعة وضعفه يحيى بن سعيد. مات الضحاك سنة خمس ومائة وقيل سنة ست ومائة. [607] أبو ضمضم النسابة البكري أحد بني عمرو بن مالك بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل. حدث المرزباني ما رفعه إلى رؤبة بن العجاج قال: أتينا النسابة البكري وكان نصرانيا، فقال: من أنت يا غلام؟ قلت: رؤبة بن العجاج. قال: قصّرت أو قال أقصرت وعرّفت، فما جاء بك؟ قلت: العلم. قال: لعلك كقوم عندي، إن حدثتهم لم يفهموا، وإن سكتّ لم يسألوا. قلت: أرجو ألا أكون منهم. قال: فما أعداء المرء؟ قلت: أخبرني. قال: بنو عمّ السّوء إن رأوا حسنا دفنوه، وإن رأوا قبيحا أذاعوه. قال: للعلم آفة ونكد وهجنة، فآفته نسيانه، ونكده الكذب، وهجنته نشره عند غير أهله. ثم ضرب بيده على صدره، ثم قال: [تاموري] هذا ما استودعته شيئا قط ففقدته. حدث المرزباني فيما رفعه: النّسّاب أبو بكر وعمر بن الخطاب وأبوه وجدّه نفيل بن عبد العزى وإليه تنافر عبد المطلب وحرب بن أمية فنفّر عبد المطلب، ثم دغفل، ثم حنظلة وعميرة أبو ضمضم، وصبيح الحنفي، والكيس النمري، والنخار العذري، وابن القرية، وهؤلاء كلهم أميون. وحدث المرزباني فيما رفعه إلى الأصمعي قال: قعد فتيان أحداث إلى أبي ضمضم فقال: ما جاء بكم يا خبثاء؟ قالوا: جئنا لنحدثك ونؤنسك. فقال: كلا، ولكن قلتم كبر الشيخ نتلعب به، عسى أن نأخذ عليه سقطا. قال فأنشد لمائة شاعر   [607] هذه الترجمة من المختصر، وانظر الشعر والشعراء: 8 والفهرست: 101 ونور القبس: 348 والوافي 16: 369. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1453 كلهم اسمه عمرو. قال الأصمعي: فقعدت أنا وخلف الأحمر فلم نقدر على أكثر من ثلاثين شاعرا. وحدث المرزباني فيما رفعه إلى الأصمعي قال: قيل للنسابة البكريّ: إنك قد نسبت الجنّ والإنس، حتى لو قيل لك: انسب النمل نسبتهم، فقال: أجل، هم ثلاثة أبطن: فاذر «1» ، والذر وعقفان. قال: الذر النمل الصغار، وفاذر التي رأسها كبير ومؤخرها صغير، وعقفان الطوال القوائم. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1454 حرف الطاء [608] طالب بن عثمان بن محمد أبو أحمد بن أبي غالب الأزدي النحوي البصري: أخذ عن أبي بكر محمد بن القاسم الأنباري، وكان بارعا في العربية عارفا باللغة وكفّ بصره في آخر عمره، ولد سنة تسع عشرة وثلاثمائة، توفي في خلافة القادر بالله سنة ست وتسعين وثلاثمائة. [609] طالب بن محمد بن نشيط «1» أبو أحمد المعروف بابن السراج النحوي: كان عارفا بالعربية قيما بها أخذ عن أبي بكر ابن الأنباري. وله: مختصر في النحو. وكتاب عيون الأخبار وفنون الأشعار. مات سنة إحدى وأربعمائة. [610] طاهر بن أحمد بن بابشاذ بن داود بن سليمان بن إبراهيم أبو الحسن المصري   [608] تاريخ بغداد 9: 365 وإنباه الرواة 2: 92 والوافي 16: 387 وطبقات ابن الجزري 1: 338 وبغية الوعاة 2: 16. [609] الوافي 16: 387 وبغية الوعاة 2: 16. [610] المنتظم 8: 103 وإنباه الرواة 2: 95 وابن خلكان 2: 515 وعبر الذهبي 3: 271 وسير الذهبي 18: 439 والوافي 16: 390 ومرآة الجنان 3: 98 والبلغة: 100 وحسن المحاضرة 1: 254. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1455 المعروف بابن بابشاذ النحوي اللغوي: أحد الأئمة في هذا الشأن والاعلام في علوم العربية وفصاحة اللسان. ورد العراق تاجرا في اللؤلؤ وأخذ عن علمائها ثم رجع إلى مصر وولي متأملا في ديوان الانشاء بالقاهرة يتأمل ما يصدر منه من السجلات والرسائل فيصلح ما فيها من خطأ، ورزق في كل شهر على ذلك خمسين دينارا. تزهد في آخر عمره فاستعفى من ذلك ولزم منارة الجامع- جامع عمرو بن العاص- بمصر. وكان سبب تزهده أنه كان إذا جلس لأكل الطعام جاء سنّور فوقف بين يديه، فكان إذا ألقى إليه شيئا من الطعام لا يأكله بل يحمله ويمضي. وكثر ذلك منه فتبعه يوما لينظر أين يذهب بما يطعمه فإذا هو يذهب إلى موضع مظلم في داره وفيه سنور أخرى عمياء فيلقيه لها فتأكله، فعجب من ذلك فقال في نفسه: إن الذي سخّر هذا السنّور لذلك ليجيئه بقوته ولم يهمله لقادر على أن يغنيني عن هذا العالم. فلزم منارة الجامع- كما ذكرنا؛ ثم خرج في بعض الليالي لشيء عرض له والليل مقمر، وفي عينيه بقية من النوم، فسقط من المنارة إلى سطح الجامع فمات، رحمه الله، وذلك صبيحة اليوم الرابع من رجب سنة تسع وستين وأربعمائة. وله من التصانيف: كتاب شرح الجمل للزجاجي. كتاب المحنة «1» ، مختصر في النحو. كتاب شرح المحنة. كتاب التعليق في النحو خمسة عشر مجلدا، سماه تلامذته من بعده تعليق الغرفة، وغير ذلك. [611] طاهر بن أحمد بن محمد القزويني يعرف بالنجار ، ويكنى أبا محمد: أديب فاضل متفنن، له تصانيف جمة في عدة فنون، وكان يغلب عليه علم الكلام. مات سنة ثمانين وخمسمائة.   - وبغية الوعاة 2: 16 والنجوم الزاهرة 5: 105 والشذرات 3: 333؛ وقد أضيف إلى هذه الترجمة إضافات من المختصر. [611] هذه الترجمة من المختصر، وانظر طبقات ابن الجزري 1: 339 والوافي 16: 391. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1456 [612] طاهر بن الحسين أبو الوفاء البندنيجي الهمذاني: كان شاعرا مبرزا، له معرفة تامة بالنحو واللغة والعروض، لم يمدح أحدا ابتغاء جائزة «1» ، وكان يعد ذلك عارا. مات سنة ثمانين وأربعمائة. [613] طراد بن علي بن عبد العزيز أبو فراس السلمي الدمشقي المعروف بالبديع: كان نحويا كاتبا أديبا بارعا في النظم والنثر، ومن شعره «2» : قيل لي لم جلست في آخر القو ... م وأنت البديع رب القوافي قلت آثرته لأن المنادي ... يل يرى طرزها على الأطراف وقال: يا صاح آنسني دهري وأوحشني ... منهم وأضحكني دهري وأبكاني قد قلت أرض بأرض بعد فرقتهم ... فلا تقل لي جيران بجيران وقال «3» : يا نسيما هبّ مسكا عبقا ... هذه أنفاس ريّا جلّقا كفّ عني ذا الهوا ما زادني ... برد أنفاسك إلا حرقا   [612] هذه الترجمة من المختصر، وانظر المنتظم 9: 39 وتاريخ ابن الأثير 10: 163 والوافي 16: 393 (وأورد له الصفدي شعرا) وبغية الوعاة 2: 18. [613] ترجمة طراد السلمي في الخريدة (قسم مصر) 2: 105 ومصورة ابن عساكر 8: 503 وتهذيب ابن عساكر 7: 54 والوافي 16: 420 والفوات 2: 131 وعيون التواريخ 12: 217 وبغية الوعاة 2: 19 والشذرات 4: 90. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1457 ليت شعري نقضوا أحبابنا ... يا حبيب النفس ذاك الموثقا يا رياح الشوق سوقي نحوهم ... عارضا من سحب دمعي غدقا وانثري عقد دموع طالما ... كان منظوما بأيام اللّقا وقال «1» : هكذا في حبكم أستوجب ... كبدا حرّى وقلبا يجب وجزا من سهرت أجفانه ... حجّة تمضي وأخرى تعقب زفرات في الحشا محرقة ... وجفون دمعها ينسكب قاتل الله عذولي ما درى ... أنّ في الأعين أسدا تثب لا أرى لي عن حبيبي سلوة ... فدعوني وغرامي واذهبوا وقال: إذا كنت عني في العيان مغيّبا ... فما أنت عن سمعي وقلبي بغائب إذا اشتاقت العينان منك لنظرة ... تمثلت لي في القلب من كل جانب مات البديع الدمشقي سنة أربع وعشرين وخمسمائة. [614] طريح بن إسماعيل بن عبيد بن أسيد بن علاج بن أبي سلمة بن عبد العزى الثقفي، وأمه خزاعية بنت عبد الله بن سباع، أبو الصلت الشاعر المشهور: نشأ في دولة بني أمية واستنفد شعره في الوليد بن يزيد، وأدرك دولة بني العباس، ومات في   [614] ترجمة طريح الثقفي في الشعر والشعراء: 568 والأغاني 4: 304 والسمط: 705 ومصورة ابن عساكر 8: 506 وتهذيب ابن عساكر 7: 56 ومختصر ابن منظور 11: 175 والوافي 16: 432 والاصابة 3: 300 (وهو يلحق بمعجم الشعراء) ومن اللافت للنظر أن الأشعار التي أوردها ياقوت له لم ترد في المصادر المذكورة، فهل هنا اضطراب في الأصل، وتكون الأشعار لغيره؟. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1458 أيام المهدي سنة خمس وستين ومائة، ومن مختار شعره قوله: ألم تر المرء نصبا للحوادث ما ... تنفكّ فيه سهام الدهر تنتضل إن يعجل الموت يحمله على وضح ... لحب موارده مسلوكة ذلل وان تحادث به الأيام في عمر ... يخلق كما رثّ بعد الجدّة الحلل ويستمرّ إلى أن يستقلّ به ... ريب المنون ولو طالت به الطيل والدهر ليس بناج من دوائره ... حيّ جبان ولا مستأسد بطل ولا دفين غيابات له نفق ... تحت التراب ولا حوت ولا وعل بل كلّ شيء سيبلي الدهر جدّته ... حتى يبيد ويبقى الله والعمل وقال: وترى المشيب بدا وأقبل زائرا ... بعد الشباب فنازل ومودّع والشيب للحكماء من سفه الصّبا ... بدل تنال به الفضيلة مقنع والشيب زين بني المروءة والحجى ... فيه لهم شرف ومجد يرفع والبرّ تصحبه المروءة والتّقى ... تبدو بأشيب جسمه متضعضع أشهى إليّ من الشباب مع المنى ... والغيّ يتبعه القويّ المهرع إن الشباب عمى لأكثر أهله ... وتعرّض لمهالك تتوقّع إن تغتبط في اليوم تصبح في غد ... ممّا جني لك واجما تتوجّع وقال: حلّ المشيب ففرق الرأس مشتعل ... وبان بالكره منّا اللهو والغزل فحلّ هذا مقيما لا يريد لنا ... تركا وهذا الذي نهواه مرتحل هذا له عندنا نور ورائحة ... كنشر روض سقاه عارض هطل وجدّة وقبول لا يزال له ... من كلّ خلق هوى أو خلّة نفل والشيب يطوي الفتى حتى معارفه ... نكر ومن كان يهواه به ملل يبلى بلى البرد فيه بعد قوّته ... وهن وبعد تناهي خطوه رمل الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1459 [615] طلحة بن محمد النعماني أبو محمد وقيل أحمد بن طلحة، من أهل النعمانية: [كان] فاضلا عارفا باللغة والأدب، حسن الشعر، ورد إلى بغداد، وخرج منها إلى خراسان وأقام ببلادها مدة. سمعت أبا عمرو عثمان بن محمد البقال بخوارزم يقول: كنت أنا والشيخ أبو محمد طلحة نمشي ذات يوم في السوق، واستقبلنا عجلة عليها حمار ميّت يحمله الدبّاغون إلى الصحراء ليسلخوا جلده، فقلت مرتجلا: يا حاملا صرت محمولا على عجله فقال أبو محمد مجيبا: وافاك موتك منتابا على عجله ومضت على ذلك أيام قلائل، فلقيني السيد أبو القاسم الفخر بن محمد اليزيدي «1» العلوي، فحكيت له هذه القصة، ففكر سويعة وقال: والموت لا تتخطى الحيّ رميته ... ولو تباطأ عنه الحيّ أزعج له ومن شعر أبي محمد طلحة: يا ملكا في أفق الدّست لاح ... فخاله الناظر ضوء الصباح ليس على من رام نيل الغنى ... بالمدح من جودك يوما جناح يا خاتم الحمد بأوصافه ... جد لي كما كان بك الافتتاح ما بال حظي كلما رضته ... بالمدح أعياني بطول الجماح   [615] ترجمته في الخريدة (قسم العراق) 2: 3- 51 وإنباه الرواة 2: 93 ونزهة الألباء: 267 والوافي 16: 486 (وهو ينقل عن ابن النجار) والفوات 2: 135 وبغية الوعاة 2: 20 والنعماني نسبة إلى النعمانية وهي بلدة بين بغداد وواسط (والترجمة في م موجزة كثيرا، وما ها هنا اكثره من المختصر) . الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1460 وله يرثي: فقلبي لا يأوي إلى ذكر سلوة ... وإنسان عيني بعد أدمعها يجري ولم يحل إلّا ذكر علياه في فمي ... ولا راق إلا في مدائحه شعري ولم أر بدرا قبله غاب في الثرى ... ولا زاخرا تيّاره غاص في قبر تصاعد أنفاسي عليه كأنها ... شواظ ترامى عن ذكيّ من الجمر وكاتبه الحريريّ صاحب «المقامات» وكان كثير الحفظ جيد الشعر سريع البديهة؛ مات سنة عشرين وخمسمائة. ومن شعره: إذا نالك الدهر بالحادثات ... فكن رابط الجأش صعب الشكيمه ولا تهن النفس عند الخطوب ... إذا كان عندك للنفس قيمه فو الله ما لقي الشامتون ... بأحسن من صبر نفس كريمه [616] طلحة بن محمد بن عبد الله بن إسماعيل بن إبراهيم بن محمد بن طلحة بن عبد الله التيمي الطلحي: من أهل البصرة. نادم الموفق الناصر لدين الله. وكان راوية أخباريا. مات سنة إحدى وتسعين ومائتين. له من المصنفات كتاب أخبار المتيمين. كتاب جواهر الأخبار.   [616] هذه الترجمة من المختصر، وانظر الفهرست: 88 حيث قيد اسمه «الطلحي» ولم يرد عنه شيء هنالك. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1461 حرف الظاء [617] ظافر بن القاسم بن منصور بن عبد الله بن خلف الجذامي الاسكندري المعروف بالحداد الشاعر الأديب: روى عنه الحافظ السلفي وطائفة من الأعيان، وتوفي بمصر في المحرم سنة تسع وعشرين وخمسمائة ومن شعره «1» : حكم العيون على القلوب يجوز ... ودواؤها من دائهنّ عزيز كم نظرة نالت بطرف ذابل ... ما لا ينال الذابل المهزوز فحذار من تلك اللواحظ غيرة ... فالسحر بين جفونها مكنوز وكتب إلى أبي الصلت أمية بن عبد العزيز الأندلسي بعد أن توجه من مصر إلى المهدية يتشوق إليه «2» : ألا هل لدائي من فراقك إفراق ... هو السمّ لكن لي لقاؤك درياق فيا شمس فضل غرّبت ولضوئها ... على كلّ قطر بالمشارق إشراق   [617] ترجمة ظافر الحداد في رسالة أبي الصلت (نوادر المخطوطات 1: 35) والخريدة (قسم مصر) 2: 1- 17 وابن خلكان 2: 540 وعبر الذهبي 4: 78 والنجوم الزاهرة: 376 وحسن المحاضرة 1: 269 والشذرات 4: 91 وانظر بدائع البدائه: 385 والمقفى 4: 39 وقد نشر ديوانه الدكتور حسين نصار (القاهرة: 1969) . الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1462 سقى العهد عهدا منك عمّر عهده ... بقلبي عهدا لا يضيع وميثاق يجدّده ذكر يطيب كما شدت ... وريقاء كنّتها من الأيك أوراق لك الخلق الجذل الرفيع طرازه ... وأكثر أخلاق الخليقة أخلاق لقد ضاءلتني يا أبا الصلت مذ نأت ... ديارك عن داري هموم وأشواق إذا عزّني إطفاؤها بمدامعي ... جرت ولها ما بين جفنيّ إحراق سحائب يحدوها زفير يجرّه ... خلال التراقي والترائب تشهاق وقد كان لي كنز من الصبر واسع ... ولي منه في صعب النوائب انفاق وسيف إذا جرّدت بعض غراره ... لجيش خطوب صدّها منه إرهاق إلى أن أبان البين أنّ غراره ... غرور وان الكنز فقر وإملاق أخي سيدي مولاي دعوة من صفا ... وليس له من رقّ ودّك إعتاق لئن بعدت ما بيننا شقّة النوى ... ومطّرد طامي الغوارب خفّاق وبيد إذا كلّفتها العيس قصّرت ... طلائح أنضاها ذميل وإعناق فعندي لك الودّ الملازم مثل ما ... يلازم أعناق الحمائم أطواق وهي طويلة نحو ثلاثين بيتا: ومن لطائفه وغرر قصائده أيضا قوله «1» : لو كان بالصبر الجميل ملاذه ... ما سحّ وابل دمعه ورذاذه ما زال جيش الحبّ يغزو قلبه ... حتى وهى وتقطعت أفلاذه لم يبق فيه مع الغرام بقية ... إلا رسيس يحتويه جذاذه من كان يرغب في السلامة فليكن ... أبدا من الحدق المراض عياذه لا تخدعنّك بالفتور فإنه ... نظر يضرّ بقلبك استلذاذه يا أيها الرشأ الذي من طرفه ... سهم إلى حبّ القلوب نفاذه الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1463 درّ يلوح بفيك من نظّامه ... خمر به قد جال من نبّاذه وقناة ذاك القد كيف تقوّمت ... وسنان ذاك اللحظ ما فولاذه هاروت يعجز عن مواقع سحره ... وهو الإمام فمن ترى استاذه تالله ما علقت محاسنك آمرءا ... إلا وعزّ على الورى استنقاذه أغريت حبّك بالقلوب فأذعنت ... طوعا وقد أودى بها استحواذه وهي نحو عشرين بيتا كلّها غرر. ومن مقطعاته قوله في الأقحوان «1» : انظر فقد أبدى الأقاحي مبسما ... يفترّ ضحكا فوق قدّ أملد كفصوص درّ لطّفت أجرامه ... وتنظمت من حول شمسة عسجد وقال في كرسي النسخ ويكتب عليه «2» : انظر بعينك في بديع صنائعي ... وعجيب تركيبي وحكمة صانعي فكأنني كفّا محبّ شبّكت ... يوم الفراق أصابعا بأصابعي [618] ظالم بن عمر وأبو الأسود الدؤلي: هو أبو الأسود ظالم بن عمرو بن سفيان بن   [618] ترجمة أبي الأسود في طبقات ابن سعد 7/1: 70 وطبقات خليفة: 452 والمعارف: 192 والجرح والتعديل 4: 502 والتاريخ الكبير للبخاري 6: 334 ومراتب النحويين: 10 وتاريخ أبي المحاسن: 164 وأخبار النحويين البصريين: 13 والفهرست: 46 ونور القبس: 7 وطبقات الزبيدي: 21 والسمط: 66 ومصورة ابن عساكر 8: 604 وتهذيب ابن عساكر 7: 107 ونزهة الألباء 1: 8 والأغاني 12: 300- 339 والأنساب واللباب (الدؤلي) وأسد الغابة 3: 69 وابن خلكان 2: 535 وإنباه الرواة 1: 13 وتاريخ الإسلام 3: 94 وعبر الذهبي 1: 77 وسير الذهبي 4: 81 والوافي 16: 533 ومرآة الجنان 1: 144 وطبقات ابن الجزري 1: 345 والاصابة 3: 304 وتهذيب 2 لتهذيب 12: 10 والنجوم الزاهرة 1: 184 وبغية الوعاة 2: 22 وخزانة الأدب 1: 136؛ وهذه الترجمة من م والمختصر، وهي في الثاني مسهبة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1464 جندل بن يعمر بن حلس بن نفاثة بن عدي بن الدئل بن بكر بن عبد مناف بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر، وأمه الطويلة من بني عبد الدار بن قصيّ. وأما نسبه فيقال فيه الدؤلي منسوب إلى الدئل بكسر الهمزة، وإنما فتحوها للنسبة كما نسبوا إلى تغلب تغلبي، وإلى يثرب يثربي، والدئل دابة بين ابن عرس والثعلب، واختلفوا في ذلك. وفي بني ضبة «1» الدّئل، وفي الهون الدئل، وفي ربيعة الديل غير مهموز، وفي الأزد الديل، وفي تغلب الديل، وفي إياد الديل، وفي غيره الدول، وفي الرباب الدول، والنسبة إليهم الدول. ولد أبو الأسود في الجاهلية، ومات في الطاعون الجارف سنة تسع وستين على الأصح في أيام ابن الزبير. وهو أحد سادات التابعين وفقهائهم ومحدثيهم، روى عن عمر وعثمان وعلي، عليهم السلام، والزبير، وأبي ذرّ وأبي موسى وابن عبّاس وغيرهم، وعنه أمية ويحيى بن يعمر واستعمله كل واحد منهم. وهو أول من تكلم في النحو، وهو من أهل البصرة. أسلم على عهد النبي، صلى الله عليه وسلم، وقاتل مع علي يوم الجمل وشهد معه صفين. وكان من وجوه شيعة علي بن أبي طالب، استعمله على البصرة بعد ابن عباس. قال الجاحظ «2» : أبو الأسود معدود في طبقات الناس، وهو في كلّها مقدم مأثور عنه في جميعها. كان معدودا في التابعين والفقهاء والمحدثين والشعراء والأشراف والفرسان والأمراء والدهاة والنحويين والحاضري الجواب والشيعة والبخلاء والصلع الأشراف والبخر الأشراف. وكان أول من وضع علم العربية، وأسس قواعده علي بن أبي طالب، عليه السلام، وأخذه عنه أبو الأسود. حدث أبو عثمان المازني «3» ما رفعه إلى يحيى بن يعمر الليثي أن أبا الأسود الدئلي دخل على ابنته بالبصرة فقالت: يا أبه، ما أشدّ الحرّ، ورفعت أشد، فظنها الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1465 تسأله وتستفهم منه أي زمان الحر أشد؟ فقال لها: شهرا ناجر. فقالت: يا أبه إنما أخبرتك، ولم أسألك، فأتى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، فقال: يا أمير المؤمنين، ذهبت لغة العرب لمّا خالطت العجم، ويوشك إن طال عليها زمان أن تضمحلّ. فقال له: وما ذاك؟ فأخبره خبر ابنته. فأمر فاشترى صحفا بدرهم وأملى عليه: الكلام كله لا يخرج عن اسم وفعل وحرف جاء لمعنى. وهذا القول هو أول كتاب سيبويه. ثم رسم أصول النحو كلها، فنقلها النحويون وفرعوها. فلما كان أيام زياد بن أبيه بالبصرة جاءه أبو الأسود فقال له: أصلح الله الأمير إني أرى العرب قد خالطت الحمراء فتغيرت ألسنتهم. وقد كان علي بن أبي طالب، عليه السلام، وضع شيئا يصلح به ألسنتهم، أفتأذن لي أن أظهره. فقال: لا. ثم جاء زيادا رجل فقال: أصلح الله الأمير، مات أبانا وخلّف بنون، فقال زياد كالمتعجب: مات أبانا وخلّف بنون! هذا ما ذكره أبو الأسود. ثم مرّ برجل يقرأ القرآن حتى بلغ إلى قوله تعالى: أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ (التوبة: 3) ، بكسر اللام من رسوله، فقال: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. هذا والله الكفر. ردّوا إليّ أبا الأسود، فردوه إليه. فقال له: ضع للناس ما كنت نهيتك عنه. فقال: ابغني كاتبا يفهم عني. فجيء برجل من عبد القيس فلم يرضه، فأتي برجل من قريش، فقال له: إذا رأيتني قد فتحت فمي بالحرف فانقط على أعلاه نقطة، وإذا ضممت فانقط بين يدي الحرف، وإذا كسرت فمي فاجعل النقطة تحت الحرف، فإن أتبعت ذلك شيئا من الغنّة فاجعل النقطة نقطتين ففعل. فكان هذا نقط أبي الأسود، وذكر أنه لم يضع إلا باب الفاعل والمفعول به فقط. فجاء بعده ميمون الأقرن فزاد عليه في حدود العربية. ثم زاد فيها عنبسة بن معدان الفيل وعبد الله بن أبي إسحاق الحضرمي. فلما كان عيسى بن عمر وضع في النحو كتابين «1» ، ثم أبو عمرو بن العلاء، ثم الخليل بن أحمد ثم سيبويه. وحدث آخرون «2» في سبب وضع النحو أن أبا الأسود دخل على عليّ، عليه السلام، فوجد في يده رقعة. قال أبو الأسود: فقلت: ما هذه يا أمير المؤمنين؟ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1466 فقال: إني تأملت كلام الناس فوجدته قد فسد بمخالطة هذه الحمراء، يعني الأعاجم، فأردت أن أضع لهم شيئا يرجعون إليه، ويعتمدون عليه، ثم ألقى إليّ الرقعة، وفيها مكتوب: الكلام كلّه اسم وفعل وحرف، فالاسم ما أنبأ عن المسمى، والفعل ما أنبىء به، والحرف ما جاء لمعنى؛ وقال لي: انح هذا النحو، وأضف إليه ما وقع إليك. واعلم يا أبا الأسود أن الأسماء ثلاثة: ظاهر ومضمر واسم لا ظاهر ولا مضمر. أراد بذلك الاسم المبهم. قال أبو الأسود: فكان ما وقع إليّ إنّ وأخواتها، خلا لكن. فلما عرضتها على عليّ عليه السلام، قال لي: وأين لكن؟ فقلت: ما حسبتها منها. فقال: هي منها، فألحقتها، ثم قال: ما أحسن هذا النحو الذي نحوته. فلذلك سمي نحوا. ثم إن ابنته أخذت في يوم قائظ شديد الحر فقالت: يا أبت، ما أشدّ الحر، وهي تريد التعجب. فقال: القيظ، وما نحن فيه يا بنية، جوابا عن كلامها، لأنه استفهام عنده، فتحيّرت ابنته منه، فعلم أنها أرادت التعجب، فقال: قولي يا بنية ما أشدّ الحرّ. فعمل باب التعجب. وكان أبو الأسود غاية في الفصاحة، جلس إليه غلام، فقال له أبو الأسود: ما فعل أبوك؟ قال: أخذته الحمّى ففضخته فضخا، وطبخته طبخا، وفتخته فتخا، فتركته فرخا. قال: فما فعلت امرأته التي كانت تشاره وتهارّه وتضارّه وتجاره وتزارّه؟ قال: طلّقها فتزوجت غيره فرضيت وحظيت وبضيت. فقال أبو الأسود: وما بضيت يا بني؟ فقال الغلام: حرف من اللغة لم يبلغك. قال أبو الأسود: يا بني ما لم يبلغ عمك فاستره كما تستر الهرة خرءها. وأخذ النحو عن أبي الأسود جماعة منهم عطاء بن أبي الأسود، ويحيى بن يعمر العدواني، ثم ميمون الأقرن، ثم عنبسة الفيل. وزوج أبو الأسود بنتا له، فلما أراد إهداءها قالت له: أوصني. فقال: أكرمي عينيه وأنفه وأذنيه. وقال أبو الأسود لولده «1» : يا بني، إني قد حفظتكم قبل أن تولدوا وبعد مولدكم. فحفظي إياكم قبل أن تولدوا أني لم أضعكم في أرحام تسبّون بها. وحفظي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1467 إياكم بعد مولدكم أني لم أخلّف عليكم دينا. فإذا وسّع عليكم فوسّعوا، وإذا أمسك عنكم فاقتصدوا، ولا تجاودوا الله فإنه لا يجاود. وساوم أبو الأسود ببرد فقال له صاحبه: اشتر حتى أقاربك. فقال له أبو الأسود: إن لم تقاربني تباعدت. قال: إني قد أعطيت به كذا وكذا. قال أبو الأسود: ما يزال أحدهم يحدث عن خير فاته. وقال أبو الأسود «1» : ليس شيء أعز من العلم، لأن الملوك حكام على أهل الأرض، والعلماء حكام على الملوك. دخل أبو الأسود على عبيد الله بن زياد فقال «2» : لقد أصبحت جميلا فلو علّقت معاذة. فعلم أنه يهزأ به، فقال «3» : أفنى الشباب الذي أبليت جدّته ... مرّ الجديدين من آت ومنطلق لم يبقيا لي في طول اختلافهما ... شيئا يخاف عليه لقعة الحدق قال أبو الأسود لابنته «4» : إياك والغيرة فإنها مفتاح الطلاق، وعليك بالزينة، وأزين الزينة الكحل. وعليك بالطيب، وأطيب الطيب إسباغ الوضوء، وكوني كما قلت لأمك: خذي العفو مني تستديمي مودتي ... ولا تنطقي في سورتي حين أغضب فإني وجدت الحب في الصدر والأذى ... إذا اجتمعا لم يلبث الحبّ يذهب وقال أبو الأسود «5» : لو أطعنا المساكين في أموالنا كنّا أسوأ حالا منهم. وقال «6» : لا تجاودوا الله فإنه أجود وأمجد. ولو شاء أن يوسّع على الناس كلهم لفعل، فلا تجهدوا أنفسكم في التوسع فتهلكوا هزلا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1468 وحدث المدائني قال «1» : كان أبو الأسود جالسا في دهليزه وبين يديه رطب، فجاز به رجل أعرابي فقال: السلام عليك. فقال أبو الأسود: كلمة مقولة. فقال: أدخل؟ فقال: وراءك أوسع لك. قال: إن الرمضاء أحرقت رجلي. قال: بل عليها أو ائت الجبل يفئ عليك. قال: هل عندك شيء تطعمنيه؟ قال: نأكل ونطعم العيال فإن فضل شيء فأنت أحقّ من الكلب. فقال الأعرابي: ما رأيت الأم منك. قال: بلى ولكنك قد أنسيت، قال: أنا ابن الحمامة. قال كن ابن الطاووس، وانصرف. قال: أسألك بالله إلا أطعمتني مما تأكل. فألقى إليه ثلاث رطبات، فوقعت إحداهن في التراب، فأخذ يمسحها بثوبه. فقال أبو الأسود: دعها، فإن الذي تمسحها منه أنظف من الذي تمسحها به. قال: إنما كرهت أن أدعها للشيطان. فقال: لا والله، ولا تدعها لجبريل وميكائيل. وحدث عنه أنه كان مبخلا، وأنه كان يوما على باب داره وبين يديه طبق فيه رطب تمر، فإنه ليأكل من ذلك التمر إذ وقف به أعرابي قد أوغل في البؤس، فسلّم عليه، ثم قال: أصلحك الله، شيخ همّ غابر ماضين ووافد محتاجين، أكله الفقر وأذله الدهر فأعن ضيفا ضعيفا. فمد أبو الأسود يده فناول الشيخ تمرة فرماها الشيخ في وجهه، وولّى وهو يقول: جعلها الله حظك من حظك، وألجأك إليّ كالجائي إليك ليبلوك بي كما بلاني بك. كانت «2» له امرأة له منها ولد، فخاصمته إلى زياد بن أبيه، فقال أبو الأسود: أصلح الله الأمير، أنا أحق بالولد منها. فقال زياد: ولم؟ فقال أبو الأسود: حملته قبل أن تحمله، ووضعته قبل أن تضعه. قالت: أصلح الله الأمير، وضعه شهوة ووضعته كرها، وحمله خفا وحملته ثقلا. قال زياد: صدقت، أنت أحق بالولد منه. وحدث المدائني «3» عن أبي بكر الهذلي أن أبا الأسود كان يحدث معاوية يوما فتحرك فضرط، فقال لمعاوية: استرها عليّ. فقال: نعم. فلما خرج حدث بها الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1469 معاوية عمرو بن العاص ومروان بن الحكم، فلما غدا عليه أبو الأسود قال له عمرو: ما فعلت ضرطتك يا أبا الأسود بالأمس؟ قال: ذهبت كما يذهب الريح من شيخ ألان الدهر أعصابه ولحمه عن إمساكها، وكل أجوف ضروط، ثم أقبل على معاوية وقال: إن امرءا ضعفت أمانته ومروءته عن كتمان ضرطة لحقيق بأن لا يؤمن على أمور المسلمين. وبالإسناد قال «1» : كان لأبي الأسود جار يؤذيه ويرميه بالحجارة، فشكا أبو الأسود ذلك إلى قومه وغيرهم، فكلموه ولاموه فقال: لم أرمه، وإنما يرميه الله لقطعه الرحم وسرعته إلى الظلم في بخله بماله، فقال أبو الأسود: ما أجاور رجلا يقطع رحمي ويكذب على الله ربي. فقيل له: وكيف يكذب على ربك؟ فقال: لأنه عز وجل، لو رماني ما أخطأني، وهذا فلا يصيبني. ثم باع داره، واشترى دارا في هذيل. فقيل لأبي الأسود: أبعت دارك؟ قال: ما بعت داري وإنما بعت جاري فأرسلها مثلا. ومن شعر أبي الأسود «2» : وإني ليثنيني عن الشتم والخنا ... وعن سبّ أقوام خلائق أربع حياء وإسلام وبقيا وأنني ... كريم ومثلي قد يضر وينفع فإن أعف يوما عن ذنوب أتيتها ... فإن العصا كانت لذي الجلم تقرع وشتان ما بيني وبينك إنني ... على كل حال أستقيم وتظلع وقال أبو الأسود لابنه أبي حرب وأمره بالسعي في التجارة فأبى وقال: إن كان لي رزق فسيأتيني. فقال «3» : وما طلب المعيشة بالتمني ... ولكن ألق دلوك في الدلاء تجيء بملئها طورا وطورا ... تجيء بحمأة وقليل ماء الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1470 ولا تقعد على كسل التمني ... تحيل على المقادر والقضاء فإن مقادر الرحمن تجري ... بأرزاق الرجال من السماء مقدرة بقبض أو ببسط ... وعجز المرء أسباب البلاء وأهدى إليه المنذر بن الجارود العبدي ثيابا فقال أبو الأسود «1» : كساك ولم تستكسه فحمدته ... أخ لك يعطيك الجزيل وناصر وإنّ أحق الناس إن كنت حامدا ... بحمدك من أعطاك والعرض وافر وحدث قال: خرج أبو الأسود إلى طلحة الطلحات وهو على سجستان فأقام ببابه أياما لا يصل إليه فلما طال عليه كتب إليه: ورد السعاة العاطشون فأنهلوا ... ريّا وطاب لهم لديك المكرع ووردت بحرك ظامئا متدفقا ... فرددت دلوي شنّها يتقعقع وأراك تمطر جانبا عن جانب ... ومحلّ بيتي من سمائك بلقع ويردني طمعا إلى ما ارتجي ... من قد وصلت فإن لبك مشبع فأذن له فدخل وفي يد طلحة حجران يقلبهما فقال: يا أبا الأسود، اختر أحد هذين الحجرين أو عشرة آلاف درهم. فقال: أصلح الله الأمير، ما كنت لآخذ حجرا على عشرين ألف درهم. فأمر له بعشرين ألفا. فلما قبضها قال: أصلح الله الأمير وأكرمه، إن رأى أن يعطيني أحد هذين الحجرين فليفعل. فرمى إليه بالحجرين جميعا، فقدم بهما العراق فباعهما بمائة وخمسين ألف درهم. وأنشد لمروان بن أبي حفصة «2» : ثلاثة أحدثوا فينا بفطنتهم ... ما ليس يدفعه علم ولا أدب أخو بني الديل دلتنا هدايته ... على إقامة ما قد قالت العرب والشعر صاغ لنا ميزان قسمته ... ذهن الخليل فلا عيب ولا عتب وللغناء بوزن الشعر تسوية ... كما تثقّف في عيدانها القضب فقد أتانا بنقر الموصلى له ... إيقاع حذق به يستجمع الطرب الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1471 وعن الأصمعي قال «1» : كان أبو الأسود يكثر الركوب فقيل له: يا أبا الأسود، لو قعدت في منزلك كان أودع لبدنك وأروح. فقال أبو الأسود: صدقتم، ولكن الركوب أتفرج فيه وأستمع من الخبر ما لا أسمعه في منزلي، واستنشق الريح فترجع إليّ نفسي، وألاقي الإخوان. ولو جلست في منزلي اغتمّ بي أهلي، واستأنس بي الصبي، واجترأت عليّ الخادم، وكلمني من أهلي من يهاب أن يكلمني. وقيل: أصاب أبا الأسود الفالج فكان يخرج إلى السوق يجر رجله وكان موسرا ذا عبيد، فقيل له: فقد أغناك الله عن السعي في حاجاتك، لو جلست في بيتك. فقال: لا، ولكني أخرج، ثم ادخل، فيقول الخادم قد جاء، ويقول الصبي قد جاء، ولو جلست في البيت فبالت عليّ الشاة ما منعها أحد عني. أراد علي بن أبي طالب «2» ، عليه السلام، أن يبعث بأبي الأسود حكما، فقال له معاوية بعد ذلك: ما كنت قائلا يا أبا الأسود لو بعثت حكما؟ فقال: لي الأمان على نفسي؟ قال: نعم. قال: وعلى صديقي وأهلي وولدي ومالي؟ قال: نعم. قال: كنت قائلا: يا معشر المسلمين، المهاجرون الأولون أحقّ بها أم أولاد الطلقاء؟ قال له معاوية: اسكت. دخل أبو الأسود على عبد الملك بن مروان فلما اطمأن به المجلس قال له: يا أبا الأسود، ما مالك؟ فقال: اعفني يا أمير المؤمنين، إنّ خبر القرشي عن ماله على إحدى منزلتين: إن كان فقيرا حقر، وإن كان غنيّا حسد. قال: أقسمت عليك إلا أخبرتني. قال: فأما إذ أبيت فإني أورث، وإرثي ما ورث حاتم طيء وارثه حيث يقول «3» : متى ما يجىء يوما إلى المال وارثي ... يجد جمع كفّ غير ملء ولا صفر يجد فرسا مثل العنان وصارما ... حساما إذا ما هز لم يرض بالهر وأسمر خطيا كأنّ كعوبه ... نوى القسب قد أربى ذراعا على العشر الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1472 قال: فلا يفيدك مع هذا مال، قال إني إلى ذلك لمحتاج، فأمر له بعشرة آلاف درهم. وقال «1» : العلم زين وتشريف لصاحبه ... فاطلب هديت فنون العلم والأدبا كم سيّد بطل آباؤه نجب ... كانوا رؤوسا فأضحى بعدهم ذنبا ومقرف خامل الآباء ذي أدب ... نال المعالي بالآداب والرّتبا العلم ذخر وكنز لا نفاد له ... نعم القرين ونعم الخدن إن صحبا قد يجمع المال شخص ثم يحرمه ... عمّا قليل فيلقى الذلّ والحربا وجامع العلم مغبوط به أبدا ... فلا يحاذر فيه الفوت والسّلبا يا جامع العلم نعم الذخر تجمعه ... لا تعدلنّ به درّا ولا ذهبا وقال «2» : فلا تشعرنّ النفس يأسا فإنما ... يعيش بجدّ حازم وبليد ولا تطمعن في مال جار لقربه ... فكلّ قريب لا ينال بعيد وقال «3» : تعوّدت مسّ الضّرّ حتى ألفته ... وأسلمني طول البلاء إلى الصبر ووسّع صدري للأذى كثرة الأذى ... وكان قديما قد يضيق به صدري إذا أنا لم أقبل من الدّهر كلّ ما ... ألاقيه منه طال عتبي على الدهر وقال «4» : ذهب الرجال المقتدى بفعالهم ... والمنكرون لكلّ أمر منكر وبقيت في خلف يزكّي بعضهم ... بعضا ليدفع معور عن معور فطن لكلّ مصيبة في ماله ... وإذا أصيب بعرضه لم يثر الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1473 حرف العين [619] عاصم بن أبي النجود: المقرىء أحد القراء السبعة، واسم أبي النجود بهدلة، وقيل بهدلة اسم أمه، وأبو النجود اسمه كنيته. حدث عن أبي وائل وأبي بردة وأبي صالح السمان وزر بن حبيش، والمسيب بن رافع، وأبي رزين وأبي الضحى. وروى عنه جماعة منهم سليمان الأعمش، وشعبة، وحمّاد بن زيد، وحمّاد بن سلمة والثوري، وشريك بن عبد الله، وسفيان بن عيينة، وأبو بكر ابن عياش. ووفد على عمر بن عبد العزيز. قال أبو الحسين ابن فارس: قال لي علي بن إبراهيم القطان: عاصم بن أبي النّجود من أي شيء أخذ؟ قلت: لا أدري. فقال: من قال النّجود بفتح النون فهي الأتان، ومن قال النّجود بالضم فهو جمع نجد، وهو الطريق. مات سنة تسع وعشرين ومائة؛ ومولده في حرّة بني سليم بن منصور، وهو مولى لبني جذيمة بن مالك بن نصر بن قعين ثم من بني أسد بن خزيمة بن مدركة. وهو من أهل الكوفة. قرأ على أبي عبد الرحمن السلمي، وقرأ أبو عبد الرحمن على علي بن أبي طالب، عليه السلام. قال عاصم: كنت أقرأ على أبي عبد الرحمن، فإذا رجعت   [619] هذه الترجمة من المختصر وانظر: طبقات ابن سعد 6: 224 وطبقات خليفة 369 ومراتب النحويين: 24 والمعارف: 530 وتاريخ أبي المحاسن: 231 ومصورة ابن عساكر 8: 627 وتهذيبه 7: 122 ومختصر ابن منظور 11: 235 وابن خلكان 3: 9 وسير الذهبي 5: 256 وميزان الاعتدال 2: 357 وعبر الذهبي 1: 167 والوافي 16: 572 ومرآة الجنان 1: 271 وطبقات ابن الجزري 1: 346 وتهذيب التهذيب 5: 38 والشذرات 1: 175. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1474 من عنده عرضت ذلك على زر بن حبيش. وكان زر قد قرأ على عبد الله بن مسعود. وكان أبو عبد الرحمن السلمي جليل القدر، عظيم الخطر، أقام بالكوفة سنة أربعين يقرىء الناس في مسجدها الأعظم في أيام عثمان بن عفان، ثم عرضه على علي بن أبي طالب، وعبد الله بن مسعود وأبيّ بن كعب وزيد بن ثابت. وكان معلما للحسن والحسين، صلوات الله عليهما، وكذلك زر بن حبيش الأسدي فإنه كان قد جمع بين العلم والعمل، وكان عارفا بالنحو والغريب، عالما بالتأويل والتنزيل. قرأ على عثمان وعلى عبد الله بن مسعود. وكان فصيحا، وبلغ من السنّ عشرين ومائة سنة، وهو معدود في جلة التابعين. ولما مات السلمي جلس عاصم مكانه في المسجد الجامع بالكوفة، وعاصم معدود في الطبقة الثالثة من التابعين بالكوفة. مات بأرض السّماوة يريد الشام. وكان عاصم صاحب همز ومدّ، وقراءة شديدة، وكان شديد التنطع. [620] عالي بن عثمان بن جنّي ، أبو سعد البغدادي: كان نحويا أديبا حسن الخط، أخذ عن أبي الفتح ابن جنّي والوزير عيسى بن عليّ، وأخذ عنه الأمير أبو نصر ابن ماكولا وغيره. مات سنة سبع أو ثمان وخمسين وأربعمائة. [621] عامر بن شراحيل بن مسعود بن قيس ذي لعوة الشعبي منسوب إلى ذي   [620] مصورة ابن عساكر 8: 670 وتهذيب ابن عساكر 7: 137 ومختصر ابن منظور 11: 245 وإنباه الرواة 2: 385 والوافي 16: 574 وبغية الوعاة 2: 24؛ وفي (ر) : وسكن عالي صور، وكان مثل أبيه نحويا أديبا حسن الخط جيد الضبط، كتب بخطه كثيرا من تصانيف أبيه، وكان له أخوان: علي والعلاء. [621] هذه الترجمة من المختصر وانظر: طبقات ابن سعد 6: 171 وطبقات خليفة: 363 والمحير: 379، 475 والمعرفة والتاريخ 2: 592 والمعارف: 449 وقضاة وكيع 2: 413 ونور القبس: 237 وتاريخ بغداد 12: 227 وطبقات الشيرازي: 81 وحلية الأولياء 4: 310 وصفة الصفوة 3: 40 والسمط: 751- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1475 الشعبين جبل باليمن، وهم من ولد حسان بن عمرو بن قيس بن معاوية بن جشم بن عبد شمس بن وائل بن عوف بن قطن بن غريب بن زهير بن أيمن بن الهميسع بن حمير. كان الشعبي أعلم خلق الله بأشعار العرب وأنسابها وأيامها ووقائعها، وأما الفقه والأخبار النبوية، فكان فيه أوحد زمانه وفرد أوانه، وهو من أهل الكوفة، وولي القضاء بها، وكان يقول: ولدت عام جلولاء سنة تسع عشرة، لسبع سنين مضت من خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، رضي الله عنه. وكانت أمه من سبي جلولاء، ومات بالكوفة سنة أربع ومائة. وكان الشعبي كاتبا لعبد الله بن مطيع العدوي، وكتب أيضا لعبد الله بن يزيد الحطمي عامل ابن الزبير على الكوفة، وكان الشعبي في من خرج من القراء على الحجاج، وشهد دير الجماجم مع عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث، وكان في من أفلت. ولّي ابن هبيرة الشعبيّ القضاء وكلفه أن يسمر معه، فقال الشعبي: لا أستطيع هذا، أفردني بأحد الأمرين، لا أستطيع القضاء وسمر الليالي. عامر بن مسلم قال: إني لجالس في مسجد الكوفة، ومعنا هذيل الأشعبيّ والشعبي جالس في مجلس القضاء إذ مرّت بنا أم جعفر بنت عيسى بن جراد، وكانت امرأة حسنة وعليها كساء خزّ إلى مجلس القضاء في خصومة لها، فذهبت إليه ثم رجعت، فقال لها هذيل: ما صنعت؟ فقالت: سألني البينة، ومن يسأل البيّنة فقد فلج، قال هذيل: عليّ بدواة وقرطاس، وكتب إلى الشعبي: بنت عيسى بن جراد ... ظلم الخصم لديها فتن الشعبيّ لمّا ... رفع الطرف إليها فتنته بحديث ... وبياضي معصميها ومشت مشيا رويدا ... ثم هزت كتفيها   - ومصورة ابن عساكر 8: 638 وتهذيب ابن عساكر 7: 141 ومختصر ابن منظور 11: 249 وابن خلكان 3: 12 وسير الذهبي 4: 294 وتذكرة الحفاظ: 79 وعبر الذهبي 1: 127 وطبقات المعتزلة: 130، 139، والوافي 16: 587 وطبقات ابن الحزري 1: 350 وتهذيب التهذيب 5: 65 والشذرات 1: 126. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1476 وقضى جورا على الخص ... م ولم يقض عليها قال للجلواز قدّم ... ها وأحضر شاهديها كيف لو أبصر منها ... نحرها أو ساعديها لسعى حتى تراه ... ساجدا بين يديها فلما قرأ الشعبي الأبيات قال: أرغم الله أنفه ما قضينا إلا بالحق. وفي رواية أن الشعبي قال: إن كنت كاذبا فأعمى الله بصرك، فعمي الرجل. ومن طريف الأخبار قال ابن شاهين، ما رفعه إلى إسماعيل بن مسلم قال: رأيت الشعبي قد قمر في الشطرنج، وقد أقيم في الشمس وفي لحيته ريشة. وحدث الشعبي قال «1» : أرسلني عبد الملك بن مروان إلى ملك الروم فلما قدمت إليه ودفعت إليه كتابه جعل يسألني عن أشياء فأخبره بها فأقمت عنده أياما، ثم أخذت جواب كتابي، فلما انصرفت دفعت الكتب إلى عبد الملك فجعل يقرأها، ويتغير لونه ويصفر ويخضر، قال: يا شعبي: علمت ما كتب الطاغية؟ قلت: يا أمير المؤمنين كانت الكتب مختومة، ولو لم تكن مختومة لما قرأتها، وهي إليك. قال: إنه كتب إليّ أنه لم يكن ينبغي للعرب أن تملّك عليها إلا من أرسلت به إليّ. قال: فقلت: يا أمير المؤمنين، إنه لم يرك قال: فسرّي عنه ما كان به، وضحك. قدم الشعبي من البصرة فقالوا له: كيف تركت إخواننا؟ قال: تركتهم وقد سادهم مولاهم، يعني الحسن البصري. وذلك أنه استغنى عنهم في دنياهم، فاحتاجوا إليه في دينهم. وقال الشعبي: البس من الثياب ما لا يزدريك فيه السفهاء ولا يعيبه عليك العلماء. وقيل: حضر عبد الله بن عمر رضي الله عنهما والشعبي يورد المغازي فقال ابن عمر: إنه يحدث بأمر قد شهدناه وغاب فكأنه قد شهد وغبنا. وحدث الأعمش قال، قال لي الشعبي: يا أعمش، إن أكرم الناس أسرعهم الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1477 مودة وأبطأهم عداوة مثل الكوز من الفضة بطيء الانكسار سريع الانجبار، وإن لئام الناس أبطأهم مودة، وأسرعهم عداوة مثل الكوز من الفخار يسرع الانكسار ويبطىء الانجبار. وحدث داود بن أبي هند عن الشعبي قال: صاد رجل قنبرة، فلما صارت في يده قالت: ما تريد أن تصنع بي؟ قال: أريد أن أذبحك لآكلك. قالت: فإني لا أشفي من قرم، ولا أشبع من جوع، وإن تركتني علّمتك ثلاث كلمات هي خير لك من أكلي. أما الأولى فأعلمك وأنا في يدك، وأما الثانية فأعلمك وأنا على الشجرة، وأما الثالثة فأعلمك وأنا على الجبل. فقال: هات. قالت: لا تتلهفنّ على ما فاتك، ثم تركها، فصارت على الشجرة، ثم قالت: لا تصدق بما لا يكون حتى يكون، ثم قالت: يا شقي لو ذبحتني لأخرجت من حوصلتي درّتين هما خير كنز لك. فعض على شفته وتلهّف. ثم قال علميني الثالثة فقالت: [لقد علمتك] الاثنتين فكيف أعلمك الثالثة؟ ألم أقل لك: لا تتلهف على ما فاتك، ولا تصدق ما لا يكون أنه يكون. أما ريشي ولحمي وزن درهمين فكيف يكون في حوصلتي درتان؟ ثم طارت فذهبت. قال الشعبي: كنت مع قتيبة بن مسلم بخراسان على مائدته فقال لي: يا شعبي، من أي شراب تريد أن أسقيك؟ قلت: أهونه موجودا وأعزه مفقودا، فقال: يا غلام: اسقه الماء. قال الشعبي لبعض أصحابه يوما: تعال حتى نفر من أصحاب الحديث قال: فمضينا حتى أتينا الجبانة. قال: فلزم كوما من التراب ثم اتكأ عليها، فمر بنا شيخ من أهل الحيرة عبادي، فقال له الشعبي: يا عبادي ما صناعتك؟ قال له: رفّاء. قال: عندنا دنّ مكسور ترفوه لنا؟ قال: إن هيأت لي سلوكا من رمل رفيت لك ذلك. فضحك الشعبي حتى استلقى، ثم قال: هذا أحب إلينا من مجالسة أصحاب الحديث البغضاء. وكان الشعبي ينشد «1» : الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1478 أرى أناسا بأدنى الدين قد قنعوا ... ولا أراهم رضوا بالعيش بالدون فاستغن بالله عن دنيا الملوك كما اس ... تغنى الملوك بدنياهم عن الدين قال خالد: تذاكرنا الشعر بحضرة الشعبي فأنشدنا «1» : خليليّ مهلا طالما لم أقل مهلا ... وما سرفا مني أقول ولا جهلا وإن صبا ابن الأربعين سفاهة ... فكيف مع اللاتي مثلن به مثلا يقول لي المفي وهنّ عشية ... بمكة يسحبن المهدّبة السّحلا تق الله لا تنظر إليهنّ يا فتى ... وما خلتني في الحج ملتمسا وصلا منها: فو الله لا أنسى وقد شطت النوى ... عرانينهن الشمّ والأعين النّجلا ولا المسك من أعرافهن ولا البرى ... جواعل في أعناقها قصبا خدلا خليليّ لو ما الله ما قلت مرحبا ... لأوّل شيبات طلعن ولا أهلا خليليّ إن الشيب داء كرهته ... فما أحسن المرعى وما أقبح المحلا [622] عامر بن عمران بن زياد أبو عكرمة الراوية الضبي السرمري من أهل سرّ من رأى: كان نحويا لغويا أخباريا حدث عن العتبي وأخذ عن ابن الأعرابي وإسحاق بن إبراهيم الموصلي وعنه القاسم بن محمد بن بشار الأنباري. وكان أعلم الناس بأشعار العرب وأرواهم لها، وكان في أخلاقه شراسة. وصنف كتاب الخيل. وكتاب الابل والغنم. مات سنة خمسين ومائتين.   [622] الوافي 16: 592 وبغية الوعاة 2: 24. وقد طبع كتابه في الأمثال بتحقيق د. رمضان عبد التواب، دمشق وله ترجمة في المختصر. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1479 [623] عامر بن محمد بن كسنين أبو العلاء رجل أديب عالم بالنحو واللغة وأخبار الناس. من شعره: وفتيان صدق صباح الوجوه ... لا يجدون لشيء ألم ولا ينظرون لذي نعمة ... إذا نظر الناس عند النعم من آل المغيرة لا يشهدون ... عند المجازر لحم الوضم فإما تريني عز [يز الرقاد] ... طويل السهاد كثير السقم كثير التقلب فوق الفراش ... وما إن أقلّ لساق قدم فذاك لفقدان أهل الوفاء ... وأهل السماح وأهل الكرم [624] عبادة بن عبد الله بن ماء السماء أبو بكر: من فحول شعراء الأندلس متقدم فيهم. مات سنة تسع عشرة وأربعمائة، وسبب موته أنه ضاعت منه مائة دينار فاغتمّ عليها غمّا كان سبب وفاته. ومن شعره يستأذن على الوزير أبي عمر أحمد بن سعيد بن حزم بديهة، ويسأله الوصول إليه: يا قمرا ليلة إكماله ... ومغرقي في بحر أفضاله عبد أياديك وإحسانها ... يسألك المنّ بإيصاله فإن تفضلت فكم نعمة ... جدت بها لصلح أحواله وإن يكن عذر فيكفيه أن ... عرّف مولاه بإقباله له كتاب في أخبار شعراء الأندلس.   [623] هذه الترجمة من المختصر. [624] هذه الترجمة من المختصر، وانظر: الصلة: 426 وجذوة المقتبس: 274 (بغية الملتمس رقم: 1123) والمطمح: 84 والذخيرة 1: 468 وأدباء مالقة: 145 والمسالك والممالك 11: 397 والتشبيهات من أشعار أهل الأندلس: 293 وأزهار الرياض 2: 253 والنفح (صفحات متفرقة) والوافي 16: 621 والفوات 2: 149. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1480 [625] العباس بن أحمد بن مطروح بن سراج بن محمد الأزدي أبو عيسى الأحمدي الأديب: من أهل مصر. مات سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة. [626] العباس بن أحمد بن موسى بن أبي موسى أبو الفضل النحوي اللغوي: من أصحاب أبي علي الفارسي وأبي سعيد السيرافي في طبقة أبي الفتح ابن جنّي. مات سنة إحدى وأربعمائة. [627] العباس بن الأحنف بن الأسود بن طلحة، أبو الفضل الحنفي اليمامي: شاعر مجيد رقيق الشعر من شعراء الدولة العباسية إلا أن كل شعره غزل لا مديح فيه ولا هجاء ولا شيئا من سائر ضروب الشعر، توفي سنة اثنتين وتسعين ومائة ببغداد، ومن شعره «1» : لا بدّ للعاشق من وقفة ... تكون بين الصدّ «2» والصرم   [625] هذه الترجمة من المختصر، وانظر الوافي 16: 651 وطبقات ابن الجزري 1: 352 وبغية الوعاة 2: 26. [626] هذه الترجمة من المختصر، وانظر تاريخ بغداد 12: 161 والوافي 16: 651 وبغية الوعاة 2: 26. [627] ترجمته في الشعر والشعراء: 707 وطبقات ابن المعتز: 269 والأغاني 8: 354 والسمط: 313، 497 والموشح: 290 وتاريخ بغداد 12: 127 وابن خلكان 3: 20 وعبر الذهبي 1: 312 وسير الذهبي 9: 98 والوافي 16: 638 والبداية والنهاية 10: 209 والشذرات 1: 334 ومعاهد التنصيص 1: 54 وليس له ترجمة في المختصر. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1481 حتى إذا الهجر تمادى به ... راجع من يهوى على رغم وقال «1» : قلبي إلى ما ضرني داعي ... يكثر أشجاني وأوجاعي كيف احتراسي من عدوي إذا ... كان عدوي بين أضلاعي وقال «2» : وإني ليرضيني قليل نوالكم ... وان كنت لا أرضى لكم بقليل بحرمة ما قد كان بيني وبينكم ... من الودّ إلا عدتم بجميل وقال «3» : يا فوز يا منية عبّاس ... قلبي يفدي قلبك القاسي أسأت إذ أحسنت ظني بكم ... والحزم سوء الظن بالناس يقلقني الشوق فآتيكم ... والقلب مملوء من الياس وقال «4» : أبكي الذين أذاقوني مودّتهم ... حتى إذا أيقظوني في الهوى رقدوا واستنهضوني فلما قمت منتصبا ... بثقل ما حملوني منهم قعدوا وشعره كله غاية في الجودة والانسجام والرقة، وله ديوان لطيف يتداوله الناس وفي بعض نسخه اختلاف. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1482 [628] العباس بن الفرج أبو الفضل الرياشي: كان مولى لبني رياش، ورياش مولى عباسة زوجة محمد بن سليمان الهاشمي، وقيل إنما قيل له الرياشي لأن أباه كان عند رجل يقال له رياش فبقي عليه نسبه. كان من كبار النحاة وأهل اللغة راوية للشعر، أخذ عن الأصمعي وكان يحفظ كتبه وكتب أبي زيد، وقرأ على المازني النحو، وقرأ عليه المازني اللغة. قال المبرد: سمعت المازني يقول: قرأ الرياشي عليّ «كتاب سيبويه» فاستفدت منه أكثر مما استفاد مني، يعني أنه أفاد منه لغته وشعره، وأفاده هو النحو. وأخذ عنه أبو العباس المبرّد وأبو بكر محمد بن دريد. وكان الرياشي ثقة فيما يرويه وله تصانيف منها: كتاب الخيل. وكتاب الإبل. وكتاب ما اختلفت أسماؤه من كلام العرب، وغير ذلك. مات مقتولا في واقعة الزنج بالبصرة في خلافة المعتمد على الله سنة سبع وخمسين ومائتين. حدث ابن دريد قال «1» : سألت الرياشي عن الوامق والعاشق، وكان شكسا لا سيما إذا سئل عن الشعر والغريب. فقال: أخبرنا الأصمعي عن أبي عمرو بن العلاء قال: نزل عثمان بن قيس مكة على أروى بنت كريز أم عثمان بن عفان، وأمها البيضاء بنت عبد المطلب وهي توأمة عبد الله أبي النبي، صلّى الله عليه وسلّم، فأكرمت مثواه، فرحل عنها وأنشأ يقول:   [628]- ترجمة أبي الفضل الرياشي في الفهرست: 63 وأخبار النحويين البصريين: 89 ومراتب النحويين: 75 وطبقات الزبيدي: 97 ونور القبس: 228 والجرح والتعديل 6: 213 وتاريخ ابي المحاسن: 75 وتاريخ بغداد 12: 138 والأنساب واللباب (الرياشي) والمنتظم 5: 5 ونزهة الالباء: 136 وابن خلكان 3: 27 وإنباه الرواة 2: 367 وعبر الذهبي 2: 14 وسير الذهبي 12: 372 والوافي 16: 652 والبلغة: 102 والبداية والنهاية 11: 29 وتهذيب التهذيب 5: 124 وبغية الوعاة 2: 27 وطبقات الحفاظ: 502 والنجوم الزاهرة 3: 27 والشذرات 2: 136 واشارة التعيين: 158. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1483 خلّف على أروى السلام فإنما ... جزاء الثّويّ أن يعفّ ويحمدا سأرحل عنها وامقا غير عاشق ... جزى الله خيرا ما أعفّ وأمجدا قال ابن دريد: ولم يزدني على هذا الجواب، فسألت أبا حاتم فقال: المقة محبة الوالد لولده والأخ لأخيه، والصاحب لصاحبه. والعشق عشق الرجل المرأة للحب والنكاح. وحدث المبرد قال، قال الرياشي: خرجت يوما نصف النهار في يوم صائف بالبصرة فإذا أنا بحبشي متلفّف بكسائه فضربته برجلي فثار كما يثور البعير «1» ، قلت: ما قرأ لي أحد خوف البين، (فقلت له) فهل قلت في ذلك شعرا؟ قال: نعم، وأنشدني: نمّت بأسرار القلوب عيون ... ونفى ظنون ذوي الظنون يقين وتحدثت فرق بأن فراقنا ... لا كان بعد تواصل سيكون فبليت من ألم الفراق ولم تحن ... أسباب ذاك فكيف حين تحين وأنشدوا للرياشي «2» : أنكرت من بصري ما كنت أعرفه ... واسترجع الدهر ما قد كان يعطينا أبعد سبعين قد ولّت وسابعة ... أبغي الذي كنت أبغيه ابن عشرينا وكان الرياشي ديّنا. وكان لأبي حاتم إلى الأمير الفضل بن إسحاق حاجة وكان يرى أنه واجد عليه، فأتى أبو حاتم إلى الرياشي وقال له: لم آت أحدا غيرك، قال الرياشي: فكتبت عن أبي حاتم إلى الأمير: أبت لك أن يخشى عدوّك صولة ... عليه إذا ما أمكنتك مقاتله سما بك عفو من أبيك ورثته ... ومن حسن أخلاق الرجال شمائله «3» قال الرياشي: وما جاءت إلا بتعب، ثم قال: وأستغفر الله منها. فأما مقتله «4» فإن الزنج لما دخلوا البصرة دخلوا مسجده بأسيافهم، وكان الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1484 الرياشي قائما يصلي، فضربوه بالسيوف، وقالوا: هات المال، فجعل يقول: أي مال، أي مال؟ حتى مات. فلما دخلوا بعد سنتين دخلوا ذلك المسجد وهو ملقى مستقبل القبلة كأنما وجّه إليها، وجميع خلقه صحيح لم يتغير له حال، إلا أن جلده قد لصق بعظمه ويبس. وقال الحسن بن عليل العنزي: ثم رأيته في النوم بعد قتله فقلت: ما صنع الله بك يا أبا الفضل؟ قال: غفر لي ورحمني وأدخلني جنته. فقلت له: أدخلك الجنة؟ فقال: إي والله، وأقعدني بين سفيان الثوري والأعمش. حدث المبرد قال «1» : كان الرياشي والله أحمق، ومن حمقه أنه كان إذا صام لا يبلع ريقه. [629] العباس بن محمد بن أبي محمد اليزيدي: قد مرّ ذكر أبيه وجده، وذكر جماعة من أهل هذا البيت فإنه نسب معروف بالأدب. مات هذا العباس سنة إحدى وأربعين ومائتين. [630] العباس بن محمد أبو الفضل: يعرف بعرّام. كان رقيقا، له رسيلات تجري مجرى الطنز واللهو.   [629] هذه الترجمة من المختصر، وانظر الوافي 16: 652 وطبقات ابن الجزري 1: 354. [630] هذه الترجمة من المختصر، وانظر الوافي 16: 652 والفهرست: 94 وبغية الوعاة 2: 28 واضطرب فيه القفطي (2: 384) فذكر أنه عرام وأن اسمه المفضل بن العباس بن محمد. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1485 [631] عبد الله بن إبراهيم بن عبد الله بن حكيم أبو حكيم الخبري - بفتح المعجمة، وسكون الموحدة- المعلم، وخبر في بلاد فارس: كان يسكن درب الشاكرية، عارفا بالنحو والأدب واللغة والفرائض. قال القاضي الأكرم أبقى الله مهجته في «أخبار النحاة» «1» : كان متمكنا من علم العربية ويكتب الخط الحسن، تفقه على الشيخ أبي إسحاق الشيرازي، وبرع في الفرائض والحساب وصنف فيهما، وشرح الحماسة وديوان البحتري وعدة دواوين، وسمع الحديث من أبي محمد الجوهري «2» وجماعة، وحدّث باليسير. وكان مرضيّ الطريقة ديّنا صدوقا. روى عنه سبطه أبو الفضل ابن ناصر أنه كان يكتب يوما وهو مستند فوضع القلم من يده وقال: إن هذا موت مهنّأ طيّب، ثم مات، وكان ذلك يوم الثلاثاء ثاني عشرين ذي الحجة سنة ست وسبعين وأربعمائة. [632] أبو هفان عبد الله بن أحمد بن حرب بن خالد بن مهزم بن العرد بن مهزم بن الجوين بن مخاشن بن الصيق بن مالك بن مرة بن عامر بن الحارث بن أنمار بن عمرو ابن وديعة بن لكيز بن أفصى بن عبد القيس بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن حاشد بن   [631]- ترجمة أبي حكيم الخبري في المنتظم 9: 99 وإنباه الرواة 2: 98 والوافي 17: 5 وطبقات الاسنوي 1: 471 وطبقات السبكي 5: 62 والبداية والنهاية 12: 153 والنجوم الزاهرة 5: 159 وبغية الوعاة 2: 29. [632]- ترجمة أبي هفان موجزة كثيرا في م؛ ومعظم ما يرد هنا مأخوذ من المختصر، وانظر طبقات ابن المعتز: 409 والفهرست: 144 وتاريخ بغداد 9: 370 ونزهة الألباء: 204 والوافي 17: 27 ولسان الميزان 3: 249 وبغية الوعاة 2: 31 وله أخبار ونوادر في زهر الآداب وثمار القلوب وديوان المعاني والأمالي والكنايات ومحاضرات الأدباء والبصائر وغيرها؛ وقد نشر عبد الستار فراج له أخبار أبي نواس، القاهرة 1953. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1486 ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان، وهو جد أبي هفّان المهزمي لأمّه، وهو شاعر خطيب، كان على البصرة أيام المأمون، وهو القائل: كريم له نفس تثبّى بلينها ... لتدفع عن سلطانها عظم القدر إذا ما دعته نفسه عظم قدره ... دعاه إلى تسكينها عظم القدر «1» أبو هفان نحوي لغوي أديب راوية من أهل البصرة، وكان مقترا عليه ضيق الحال متهتكا شرابا للنبيذ، روى عنه جماعة من أهل العلم منهم يموت بن المزرع وروى هو عن الأصمعي. قيل: زار أبو هفان سعيد بن حميد إلى عمل قد كان تولاه فأقام عنده واشتغل عنه ابن حميد أياما بقوم من أهل عمله إلى منازلهم فأجابهم، فقال أبو هفان: وأغرّ من ولد الملوك كأنه ... في عين حاسده الربيع المبقل «2» قد كان أنزلني ففرّ من القرى ... وغدا على أهل القرى يتنزل فأكرمه سعيد وأرضاه وأقام عنده مدة. ثم أنكر أبو هفان تغيرا من أنس كان منه، فانصرف عنه عاتبا عليه، وقال: قل لابن كسرى سعيد في تتايهه ... ما كان كسرى على هذا من الصلف سعيد يا ابن حميد كنت واسطة ... من جوهر العقد فاستأخرت في الطرف قد كنت تسرف في ذكري وفي صفتي ... فاليوم صرت ترى ذكري من السّرف أراك ذا كلف بالمال تجمعه ... وإنني بالمعالي دائم الكلف فاذهب فما أنت من شكلي فتصحبني ... ولا تداني في نفس وفي سلف حجبت عنك ولم أحسبك تحجبني ... عن حرمة ما حمي أنف من الأنف تيه الفتى بالغنى لؤم ومفسدة ... للدين والعرض ماح آية الشرف لقد عهدتك لي دهرا أخا ثقة ... تودّ أنك تفديني من التلف فغيّرت ودّك الدنيا وزخرفها ... وكان ذاك بأدناها على نطف الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1487 ما زلت مذ كنت مسموم السهام وما ... قصّرت عن غرّة القرطاس في الهدف إني أعيذك بي من مجتنى غضبي ... كما أعوذ بودّ منك مؤتنف لي منك في كلّ من أحببته خلف ... وليس مني لو استخلفت من خلف حدث أحمد بن أبي طاهر قال: لما قدم أبو هفان من البصرة اشتملنا عليه فلم يكن يفارقنا، وكنا إذا تمازحنا ذهب بنفسه وقال: أنا لا أمزح باليدين ولا الوالدين، فغاظنا ذلك منه، وكنا نجلّه لمكانه من الأدب والرواية، فلما كثر ذلك علينا من قوله شربنا معه يوما حتى عمل فينا النبيذ وفيه، وكنا نتهيّب الإقدام عليه، فلم نزل حتى صفعناه وصافعنا وترك ما كان عليه. ومن شعر أبي هفان في إبراهيم بن المدّبر «1» : يا ابن المدبّر أنت علّمت الورى ... بذل النوال وهم به بخلاء لو كان مثلك في البرية آخر ... في الجود لم يك بينهم فقراء ومن شعره من أبيات: ألا يا عاشق الظبيات جهلا ... أترضى أن تكون أبا السّفول «2» أترضى للهوى من ليس يرضى ... على ضيق الهوى ألفي خليل ومن شعره «3» : لعمري لئن بيّعت في دار غربة ... ثيابي لمّا أعوزتني المآكل فما أنا إلا السيف يأكل جفنه ... له حلية من نفسه وهو عاطل وله: ومغن يورث الندمان ... بالبرد زكاما لو تغنّى في حريق ... صار بردا وسلاما وجدت «4» في بعض الكتب أن دعبل بن علي الخزاعي دعا أبا هفان في دعوة أطعمه ألوانا كثيرة من الحبوب، وسقاه نبيذا حلوا، وغمز الجواري أن لا يدللنه على الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1488 الخلاء، ثم تركه وتناوم فلما أجهده الأمر قال لبعض الجواري: أين الخلاء؟ فقالت لها الأخرى: ما يقول سيدي قالت: يقول غنوني: خلا من آل عاتكة الديار ... فمثوى أهلها منها قفار فغنت هذه وزمرت هذه وضربت هذه، وشربوا أقداحا وسقوه فقال: أحسنتم وجوّدتم غير أنكم لم تأتوا على ما في نفسي وسكت. فلما أجهده الأمر قال: لعلّ الجارية بغدادية، فالتفت إلى الأخرى فقال لها: فداك أبوك، اين المستراح؟ فقالت الأخرى: ما يقول سيدي، فقالت: يقول غني: وأستريح إلى من لست آلفه ... كما استراح عليل من تشكّيه فغنت هذه وضربت هذه وزمرت هذه وشربوا أقداحا وسقوه فقال: أحسنتم، غير أنكم لم تأتوا على ما في نفسي، ثم أجهده الأمر فقال: لعلّ الجارية بصرية لم تفهم ما قلت، فقال للأخرى: أين المتوضا؟ فقالت الأخرى: ما يقول سيدي؟ قالت: يقول غنوني: توضأ للصلاة وصلّ خمسا ... وباكر بالمدام على النديم فضربت هذه وزمرت هذه وغنت هذه وشربوا أقداحا وسقوه فقال: أحسنتم وجودتم، غير أنكم لم تأتوا على ما في نفسي، ثم قال: لعلهن حجازيات، فقال لاحداهن: فداك أبوك أين الحشّ؟ فقالت الأخرى: ما يقول سيدي؟ فقالت: يقول غنوني: وحاشاك أن أدعو عليك وإنما ... أردت بهذا القول أن تقبلي عذري فغنت هذه وضربت هذه وزمرت هذه وشربوا أقداحا وسقوه فقال: أحسنتم وجودتم، غير أنكم لم تأتوا على ما في نفسي، ثم أجهده الأمر فقال: لعلهن كوفيات فقال: فداكن أبوكن، أين الكنيف؟ فقالت واحدة للأخرى، ما يقول؟ قالت: يقول غنوني: تكنّفني الواشون من كلّ جانب ... ولو كان واش واحد لكفاني فغنت هذه وضربت هذه وزمرت هذه وشربوا أقداحا، فما تمالك حتى وثب قائما الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1489 وحلّ سراويله وزرق على وجوههن، فتصارخن، فانتبه دعبل فقال: ما شأنك يا أبا هفان؟ فقال: تكنّفني السّلاح وأضجروني ... على ما بي بنّيات الزواني فلما قلّ عن حمل اصطباري ... رميت به على وجه الغواني فقام دعبل فدلّه على الخلاء، فدخل واغتسل، وخلع عليه خلعا، وتضاحكوا مليا. قال سعيد بن حميد لأبي هفان «1» : لئن ضرطت عليك ضرطة لا بلغنك إلى فيد، فقال له أبو هفان: بادرني بأخرى تبلغني إلى مكة فإني صرورة «2» . [633] عبد الله بن أحمد بن علي بن هبة الله بن المأمون الهاشمي البغدادي القاضي الأديب، [قوام الدين] : «اجتمعت «3» به ببغداد سنة اثنتي عشرة وستمائة. وسمع كتاب الجمهرة لابن دريد عن أبي المعالي أحمد بن عبد الغني بن حنيفة الباجسري بروايته عن ثابت بن إبراهيم البقال عن ابن رزمة. وله أشعار حسنة فصيحة» [وكانت وفاته بمدينة السلام في المحرم سنة عشرين وستمائة] .   [633]- هذه الترجمة لم ترد في المختصر كما لم ترد في م؛ ولكن المؤلف ذكره في ترجمة أبيه أحمد بن علي (رقم: 142) وقال: واجتمعت بولده قوام الدين أبي محمد عبد الله بن أحمد وقد أفردت له ترجمة في هذا الكتاب، وعن ياقوت ينقل ابن الفوطي 4/4/794 (وأوردت هنا ما نقله) وترجم له أيضا ابن الدبيثي وذكر أن مولده سنة 548 وأنه كان يتولى قضاء دجيل وعزل عنه وأعيد إليه، ولم يكن محمود الطريقة في شهادته وقضائه، وذكر الذهبي في تاريخه أنه توفي سنة 620. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1490 [634] عبد الله بن أحمد بن محمود الكعبي أبو القاسم البلخي المتكلم، المفسر، الأديب شيخ المعتزلة ورئيسهم في زمانه وراعيتهم، من نظراء أبي علي الجبائي، مات سنة تسع عشرة وثلاثمائة. وكان يكتب الانشاء لبعض الأمراء وهو أحمد بن سهل متولي نيسابور، فثار أحمد ورام الملك فلم يتم له، وأخذ الكعبي وسجن مدة ثم خلصه وزير بغداد علي بن عيسى، فقدم بغداد وناظر بها، وأقام بها مدة طويلة وانتشرت كتبه، ثم عاد إلى بلخ وأقام بها إلى حين وفاته. وناهيك من فضله وتقدمته إجماع العالم على حسن تآليفه من الكتب الكلامية، وتصانيفه الحكمية التي بذت أكثر كتب الحكماء، وصارت ملاذا للبصراء، وعمدة للأدباء، ونزهة في مجالس الكبراء التي هي أشهر في ديار العراق منها في ديار خراسان. وأئمة الدنيا مولعون بها، مغرمون بفوائدها، حتى إنه لما دخل أبو الحسن علي بن محمد الحشّائي البلخي تلميذه، لما دخل مدينة السلام حاجا، جعل أهلها يقول بعضهم لبعض: قد جاء غلام الكعبيّ، فتعالوا ننظر إليه، فاحتوشه أهل الفضل، وعصابة الكلام، وجعلوا يتبركون بالنظر إليه، ويتعجبون منه، وينظرون إلى وجهه، ويسألونه عن الكعبي، ويسألونه عن خصاله وشمائله. وكان مدة مقامه بها كأنه نبي مرسل، بلغهم على لسانه وحي منزل.   [634]- عبد الله بن أحمد بن محمود أبو القاسم الكعبي: ذكر ياقوت في ترجمة أحمد بن سهل البلخي (رقم: 90) أنه سيكتب أخبار أبي القاسم عبد الله بن أحمد الكعبي البلخي في موضعها وقد سقطت ترجمته وثبت قسم كبير منها في المختصر وللكعبي ترجمة في الفهرست: 219 وتاريخ بغداد 9: 384 ومادة «الكعبي» في أنساب السمعاني ولسان الميزان لابن حجر 3: 255 والمنتظم 6: 238 وابن خلكان 3: 45 (وفيه أنه توفي سنة 317) وطبقات المعتزلة: 88 والوافي 17: 25 والشذرات 3: 281 والجواهر المضية 1: 271 وعبر الذهبي 2: 176 وسير الذهبي 14: 313 والفرق بين الفرق: 165 والفصل 4: 203 والملل والنحل 1: 76 والبداية والنهاية 11: 174 ومرآة الجنان 2: 278 والتبصير في الدين: 51 ومقالات الإسلاميين (انظر فهرست الكتاب) . وما أثبته هنا من ترجمته يعتمد على ما أورده المختصر، مع بعض زيادات من المصادر. وقد ضاع من هذه الترجمة ما نقله ياقوت عن كتاب جمع أخبار أبي زيد وأبي القاسم، حسبما وعد. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1491 وكان الكعبي يذهب مذاهب المعتزلة لا يخفي ذلك، وكان صلحاء أهل بلخ ينالون منه لذلك، ويقدحون في دينه ومعتقده، ويرمونه بالزندقة. لما صنف أبو زيد «كتاب السياسة» ليانس الخادم، وهو إذ ذاك والي بلخ، قال أبو القاسم الكعبي: قد جمع الله تعالى السياسة كلها في آية من القرآن، حيث يقول: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (الأنفال: 45- 46) . وذكر المرزباني قال «1» : كانت بيننا وبين أبي القاسم البلخي صداقة قديمة وكيدة، وكان إذا ورد مدينة السلام قصد أبي وكثر عنده، وإذا رجع إلى بلده لم تنقطع كتبه عنا. وحضر البلخي «2» مجلس أبي أحمد يحيى بن علي الذي يحضره المتكلمون، وهم مجتمعون، فأعظموه ورفعوه، ولم يبق أحد إلا وامر إليه، ودخل يهودي، وقد تكلم بعضهم في نسخ الشرع فبلغوا إلى موضع حكموا فيه أبا القاسم، وكان الكلام على اليهودي، فقال أبو القاسم: الكلام عليك، فقال له اليهودي: وما يدريك ما هذا؟ فقال له أبو القاسم: انتظر يا هذا، أتعرف ببغداد مجلسا للكلام أجلّ من هذا؟ قال: لا، قال: أفتعلم من المتكلمين أحدا لم يحضره؟ قال: لا، قال: فرأيت أحدا منهم لم يقم إليّ ويعظمني، فتراهم فعلوا ذلك وأنا فارغ؟!. ومما أنشد أبو القاسم لمحمد بن عبد الله بن طاهر: يا طالب النار في زناد ... وقادح النار بالزناد دع عنك شكا وخذ يقينا ... واقتبس النار من فؤادي وكان إذا أنشد شيئا من شعر أبي العباس عبد الله بن طاهر يقول: هذا شعر شريف بنفسه وبقائله. وأنشد لمحمد بن يسير، وكان يستحسنه، في البرامكة: وما الدهر إلا دولة بعد دولة ... تخوّل ذا نعمى وتعقب ذا بلوى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1492 إذا أنزلت هذا منازل رفعة ... من الملك حطته إلى الغاية السفلى على أنها ليست تدوم لأهلها ... ولو أنها دامت لكنتم بها أحرى وله من المصنفات «1» : كتاب تفسير القرآن على رسم لم يسبق إليه، اثنتا عشرة مجلدة. كتاب مفاخر خراسان ومحاسن آل طاهر. كتاب عيون المسائل تسع مجلدات. كتاب أوائل الأدلة. كتاب المقالات. كتاب جواب المسترشد في الإمامة. كتاب الآلاء والأحكام. كتاب نقض النقض على المجبرة. كتاب الجوابات. كتاب تحديد الجدل. كتاب نقض كتاب أبي علي الجبائي في الارادة. كتاب أدب الجدل. كتاب السنة والجماعة. كتاب الفتاوى الواردة من جرجان والعراق. كتاب انتقاد العلم الإلهي على محمد بن زكريا. كتاب تحفة الوزراء «2» . [كتاب الغرر والنوادر. كتاب الاستدلال بالشاهد على الغائب. كتاب في الرد على متنبىء خراسان. كتاب المجالس الكبير. كتاب المجالس الصغير. كتاب نقض كتاب الخليل على برغوث. كتاب مسائل الخجندي فيما خالف فيه أبا علي. كتاب المضاهاة على برغوث. كتاب تأييد مقالة أبي الهذيل في الجزء. كتاب النهاية في الأصلح على أبي علي] . [635] عبد الله بن أحمد بن جعفر بن خذيان بن حامس أبو محمد الفرغاني ، الأمير القائد، صاحب أبي جعفر الطبري: مات بمصر سنة اثنتين وستين وثلاثمائة. روي عن أبي جعفر الطبري وذيّل على تاريخ الطبري. وقدم دمشق، وحدث بها، وروى عنه جماعة من أهلها، وجده خذيان جلب من فرغانة إلى المعتصم فأسلم، ونزل عبد الله مصر، وحدث بها، وكان ثقة، وأرسله الراضي إلى مصر، وحمّله الخلع   [635]- هذه الترجمة من المختصر، وانظر مصورة ابن عساكر 8: 1004 وتهذيبه 7: 277 ومختصر ابن منظور 12: 15 وسير الذهبي 16: 132 والوافي 17: 30. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1493 إلى أبي بكر محمد بن طغج الإخشيد، وتفسير طغج عبد الرحمن، وكان ابن طغج يحب الطيب حبا مفرطا حتى كانت خزانة طيبه على نيّف وخمسين جملا. [636] عبد الله بن أحمد بن الحسين الساماني الأديب أبو الحسين: مات في رجب سنة خمس وسبعين وأربعمائة، مشهور بالتأديب بنيسابور، وصنف كتاب شرح [ديوان] المتنبي. كتاب شرح الحماسة. كتاب مواد أمثال أبي عبيد. [637] عبد الله بن أحمد بن أحمد بن أحمد بن عبد الله بن نصر، أبو محمد بن الخشاب: قال القاضي الأكرم أيضا «1» : كان أعلم أهل زمانه بالنحو حتى يقال إنه كان في درجة أبي عليّ الفارسي، وكانت له معرفة بالحديث والتفسير واللغة والمنطق والفلسفة والحساب والهندسة، وما من علم من العلوم إلا وكانت له فيه يد حسنة. قرأ الأدب على أبي منصور موهوب الجواليقي وغيره، والحساب والهندسة على أبي بكر ابن عبد الباقي الأنصاري، والفرائض على أبي بكر المرزوقي، وسمع الحديث من أبي الغنائم النرسي وأبي القاسم ابن الحصين وأبي العز ابن كادش وجماعة. ولم يزل يقرأ حتى علا أقرانه، وقرأ العالي والنازل، وكان يكتب خطا مليحا، وجمع كتبا كثيرة جدا، وقرأ عليه الناس وانتفعوا به وتخرج به جماعة. وروى كثيرا من الحديث: سمع منه الحافظ أبو سعد السمعاني وأبو أحمد ابن   [636]- هذه الترجمة من المختصر، وانظر الوافي 17: 31 (وفيه الشاماني؛ وفي بعض أصوله الساماني) وبغية الوعاة 2: 32. [637]- ترجمة ابن الخشاب في المنتظم 9: 238 وإنباه الرواة 2: 99 ومرآة الزمان 8: 288 وابن خلكان 3: 102 وسير الذهبي 20: 523 وعبر الذهبي 4: 196 والوافي 17: 14 ومختصر ابن الدبيثي 2: 127 والفوات 2: 156 ومرآة الجنان 3: 381 والبداية والنهاية 12: 269 والذيل على طبقات الحنابلة 1: 316 وتاريخ ابن الفرات 4: 189 وبغية الوعاة 2: 29 والشذرات 4: 220. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1494 سكينة وأبو محمد ابن الأخضر، وكان ثقة في الحديث صدوقا نبيلا حجة، إلا أنه لم يكن في دينه بذاك، وكان بخيلا متبذّلا في ملبسه وعيشه، قليل المبالاة بحفظ ناموس العلم، يلعب بالشطرنج مع العوام على قارعة الطريق، ويقف في الشوارع على حلق المشعوذين واللاعبين بالقرود والدّباب، كثير المزاح واللعب طيب الأخلاق، سأله شخص وعنده جماعة من الحنابلة: أعندك كتاب الجبال؟ فقال له: يا أبله أما تراهم حولي؟! وسأله آخر عن القفا يمد أو يقصر فقال له: يمد ثم يقصر. وقرأ عليه بعض المعلّمين قول العجاج: أطربا وأنت قنسريّ ... وإنما يأتي الصّبا الصبّيّ فقال وإنما يأتي الصبيّ الصّبي، فقال له ابن الخشاب: هذا عندك في المكتب وأما عندنا فلا، فخجل المعلّم وقام. وكان يتعمم بالعمامة فتبقى مدة على حالها حتى تسودّ مما يلي رأسها وتنقطع من الوسخ، وترمي عليها الطيور ذرقها. ولم يتزوّج قط ولا تسرّى. وكان إذا حضر سوق الكتب وأراد شراء كتاب غافل الناس وقطع منه ورقة وقال: إنه مقطوع ليأخذه بثمن بخس، وإذا استعار من أحد كتابا وطالبه به قال: دخل بين الكتب فلا أقدر عليه. وصنف: شرح الجمل للزجاجي. وشرح اللمع لابن جنّي لم يتم. والردّ على ابن بابشاذ في شرح الجمل. والردّ على الخطيب التبريزي في «تهذيب إصلاح المنطق» . وشرح مقدمة الوزير ابن هبيرة في النحو، يقال إنه وصله عليها بألف دينار. والردّ على الحريري في مقاماته «1» . توفي عشية يوم الجمعة ثالث رمضان سنة سبع وستين وخمسمائة، ووقف كتبه على أهل العلم، ورؤي بعد موته بمدة في النوم على هيئة حسنة فقيل له: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي، قيل: ودخلت الجنة؟ قال: نعم إلا أن الله أعرض عني، قيل: أعرض عنك؟ قال: نعم، وعن كثير من العلماء ممن لا يعمل بعلمه. ومن شعره: لذّ خمولي وحلا مرّه ... إذ صانني عن كلّ مخلوق الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1495 نفسي معشوقي ولي غيرة ... تمنعني من بذل معشوقي وقال ملغزا في كتاب «1» : وذي أوجه لكنه غير بائح ... بسرّ وذو الوجهين للسرّ مظهر يناجيك بالأسرار أسرار وجهه ... فتفهمها ما دمت بالعين تنظر وله في شمعة «2» . صفراء لا من سقم مسّها ... كيف وكانت أمها الشافيه عريانة باطنها مكتس ... فاعجب لها كاسية عاريه وقيل: إذا عنّ أمر فاستشر فيه صاحبا ... وان كنت ذا رأي تشير على الصحب فإني رأيت العين تجهل نفسها ... وتدرك ما قد حلّ في موضع الشهب [637 ب] عبد الله بن أحمد بن أحمد بن أحمد بن الخشاب النحوي: أوحد زمانه، وفريد أوانه. مولده ومنشأه بغداد: مولده سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة. مات سنة سبع وستين وخمسمائة، ودفن بباب حرب، خلف قبر بشر الحافي. وذكر جماعة من أهل الحديث منهم الحافظ أبو عبد الله محمد بن محمد بن النجار أنهم قرأوا [عليه] جزءا من أمالي أبي الحسن محمد بن محمد بن مخلد البزار، وقد سمع على أبي القاسم علي بن الحسين الربعي، وقد سمعه في سنة سبع وتسعين وأربعمائة، وقد سمي فيه بأبي محمد بن أبي الكرم الكريدي الخشاب.   (637 ب) - هذه الترجمة من المختصر، ولم أتمكن من ضمها إلى الترجمة السابقة للتباعد الكثير بين الترجمتين، ولهذا أفردتها هنا. وهي نموذج لمدى البون بين م وبين المختصر فالمشترك بينهما هنا قليل. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1496 أما علمه فكان غاية في الذكاء والفهم، آية في علم العربية خاصة، وفي سائر العلوم عامة. ورأيت قوما من نحاة بغداد يفضلونه على أبي عليّ الفارسي- زعموا أنه كان يعرف جميع ما عرفه أبو علي الفارسي، وزاد عليه في علم الأدب وغيره، لتفننه في جميع العلوم. وقد سمع حديث النبي، صلّى الله عليه وسلّم وأكثر، وتفقّهه وعرف صحيحه من سقيمه، وبحث عن أحكامه، وتبحّر في علومه. ورأيت بخطه كثيرا من كتب الحكمة. وكان حسن السيرة، سالكا طريق الأوائل في هديه وسمته، لا يتكلّف في شيء من أمر ملبوسه وهيئته. وإذا سمعت كلامه ظننته عاميا لا يفقه شيئا. فمما يحكى عنه أنه كان له تلميذ يعرف بابن الزاهد، أرسله يوما إلى السوق ليشتري له نور كوش (؟) فقال له ابن الزاهد: تعرفه يا سيدي؟ فقال له: إلا بعرفه؟ أراد لفظة العامة، وترك التفاصح. وكان مع ما شاع من فضله مشتهرا بلعب الشطرنج، وكان رؤساء زمانه ووزراء وقته يودّون مجالسته، ويتمنّون محاضرته، فيتركهم ويمضي إلى حريف له زنجي قبيح الصورة سمج الألفاظ، يعرف بشبيل، فيجلس معه على قارعة الطريق في بعض الدكاكين، ويلاعبه ويسافهه، ويهزأ به، أو يمضي إلى الرحبة، أو إلى شاطىء دجلة فيقف على حلق أرباب الحكايات والشعبذة وما ناسبهم فكان إذا لاموه على ذلك يقول: إنه يندر منهم نوادر لا يكون أحسن منها ولا ألطف، في صحة قرائحهم وتصديهم لما هم بصدده، وتراح النفس لذلك. وكان مع ذلك لا يخلو كمه قطّ من الكتب وأنواع العلوم، وكان بينما هو يمشي في الطريق يخطر له قراءة شيء، فيجلس كيف اتفق، ويخرج الدفاتر، فيطلع فيها، وكان معدودا في القذري الملبس والزي. وسمعت عنه ممن لا أحصي أنه كان يعتمّ العمّة فتبقى أشهرا معتمة حتى تتسخ أطرافها من عرقه فتسودّ. وكان إذا رفعها عن رأسه ثم أراد لبسها تركها على رأسه كيف اتفق، فتارة تجيء عذبتها من تلقاء وجهه، وتارة عن يمينه، وتارة عن شماله فلا يغيرها، فإذا قيل له في ذلك، فيقول: ما استوت العمة على رأس عاقل. هذه كانت حجته. وكان يعجب بمناداة عامة بغداد على معايشهم، وتفننّهم فيها، وإتيانهم بالمعاني الغريبة. وكان يقول: كم خلف هذه الطرازدانات من الخواطر المظلومة لو اشتغلت بالعلوم برّزت على العلماء. وكان الوزير عون الدين بن هبيرة وزعيم الدين ابن جعفر، صاحب المخزن يعاتبانه على تبذله، ويلومانه على ما قدمنا ذكره، فلا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1497 يلتفت إلى لومهما، ولا يترك سجيّته. ومن نوادره أن بعض من كان يحضر مجلسه قال له يوما: القفا يقصر أو يمدّ؟ فقال: يمد ويقصر. ومنها أنه لما صنف الكمال عبد الرحمن بن الأنباري كتاب «الميزان» في النحو، وعرض على ابن الخشاب، قال: احملوا هذا الميزان إلى المحتسب، ففيه عيب. وكان بينه وبين ابن الشجريّ العلوي النحوي مفاوضة، وصنّف في الردّ عليه كتبا. وكان يشنأ أصحابه، ويقع فيهم، وكان من أصحاب ابن الشجري محمد بن علي العتابي النحوي، فاتفق أن أهدى ملك كيس إلى بغداد هدايا في جملتها حمار عتابي، فجعل من حضر مجلسه يتفاوضون في [أمره] ويعجبون من حسنه، فقال يا قوم: لا تعجبوا من الحمار العتابي فهوذا عندنا عتابي حمار فلا تعجبون منه. ومنها أنه كان يوما في داره في وقت القيلولة، والحرّ شديد وقد نام، إذ طرق الباب عليه طرقا مزعجا فانتبه وخرج مبادرا، وإذا رجلان من العامة، فقال: ما خطبكما؟ فقالا: نحن شاعران، وقد قال كل واحد منا قصيدة، وزعم أنها أجود من قصيدة صاحبه، وقد رضينا بحكمك. فقال: ليبدأ أحدكما. قال: فأنشد أحدهما قصيدته، وهو مصغ إليه، إلى أن فرغ منها، وهمّ الآخر بالإنشاد، فقال له ابن الخشاب: على رسلك، شعرك أجود، فقال: كيف خبرت شعري ولم تسمعه؟ فقال: لأنه لا يمكن أن يكون شيء أنحس من شعر هذا. وجدت على ظهر كتاب بخط ابن الخشاب: أنشدني ابن الخازن الكاتب لابن الحجاج: والسعيد الرشيد من شكر النا ... س له سعيه بمال الناس فقلت في الحال هادما ومقابلا: والشقيّ الشقي من ذمّه الناس ... على بخله بمال الناس فأنشدته ذلك، فقال ابن الخازن: هذا والله خير من قول ابن الحجاج. وصدق هو خير منه، هكذا قال الشيخ عن شعر نفسه. ومن شعره ملغزا في الكتابة: وذي أوجه لكنه غير بائح البيتان الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1498 ومما قيل: إن الإمام أبا شجاع عمر بن أبي الحسن البسطامي قال ببخارى: لما دخلت بغداد، قرأ عليّ أبو محمد ابن الخشاب كتاب «غريب الحديث» لأبي محمد القتبي قراءة ما سمعت قبلها مثلها في السرعة والصحة. وحضر جماعة من الفضلاء سماعها، وكانوا يريدون أن يأخذوا عليه فلتة لسان، فما قدروا على ذلك. وسمعت جماعة كثيرة من أهل بغداد ينسبون إلى الشيخ أبي محمد ابن الخشاب هذه القصيدة في التصحيف والتحميض، وسمعت من يقول إنها منحولة إليه: ما بال عينك يجري دمعها دررا ... لما علا الرأس شيب لاح كالقطن تبكي وقد سلبتك الغانيات به ... عيشا رغيدا فأضحى القلب في رهن تبكي الشباب وقد أخلقت جدّته ... ويهلك الدهر منك العظم بالوهن كم قد تجرّعت من شرخ الصبا قدحا ... من خمر عانة ينفي طارق الوسن فالآن قد قرعتك الحادثات وقد ... جرّبت فيها أعاجيبا من الزمن جربت فيما خلا ما حنكتك به ... يد التجارب حتى العمر منك فني فأصبح الشيب فاش في العذار وهل ... من بعد ذلك من أمر لذي فطن سارت بقلبك أظعان هوادجها ... فيها حرائر لم تبذل ولم تهن نواهد قاصرات الطرف إن طرقت ... وهنا عليك أزالت لذة الوسن وربّ جارية فيها إذا انتسبت ... تعزى إلى خير بطن من بني الحسن تسقيك من يدها في القحف صافية ... حمراء تنسيك طعم الخمر واللبن قست عليك فأضحى قلبها حجرا ... فاخضع لتحرز حسن الوصل فامتتن تشتمّ من ثغرها مسكا إذا فتقت ... نوافج المسك شابته ولم تزن دع ذا وكن بالذي أوصيك محتفظا ... إن كنت حرا فخذ وصلا بلا ثمن اصبر لطارق أيام نوازلها ... تزعزع الطّود من ثهلان أو حضن وإن جرى قدر فيها بنازلة ... ساءت فعن قدر يأتيك بالحسن لا تلو رأسك للأضياف إن طرقوا ... واخفض جناحك من ذلّ لهم ولن الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1499 واذكر إذا قمت يوم العرض منتفضا ... من التراب بلا قطن ولا كفن وجيء بالنار قد مدوا السراط على ... حافاتها تتلظى فعل مضطغن وتنشر الصحف فيها كلّ محتقب ... من المخازي وما قدمت من حسن قد كنت تنسى وتلك الصحف محصية ... ما كنت تأتي ولم تظلم ولم تخن احرز لسانك في استجلاب فائدة ... فالصامت البرّ خير من ذوي اللسن هناك إن كنت قد قدّمت مدّخرا ... تسقى من الحوض ماء غير ذي أسن عند الجزاء تعضّ الكفّ من ندم ... على تخطيك في سرّ وفي علن بالبذل تعرف فابذل ما حويت تحز ... ذكرا جميلا فثق بالله واستعن واستصف عمرك واحذر أن تكدّره ... تسلم بذلك من غبن ومن غبن وإن أتى باسطا كفيه مختبطا ... لما وراءك من مال ومختزن فجد فبالجود تعطى الحقّ في غرف ... فيها مقاعد صدق عند ذي المنن لا تركننّ إلى الدنيا ففي جدث ... يكون دفنك بين الطين واللّبن واستغن بالكفّ كالماضي وكن رجلا ... مبرءا من دواعي الغيّ والفتن ودع مذاهب قوم أحدثت إثما ... فيها خلاف على الآثار والسنن كل من جرابك واقنع بالذي قسم ... القسّام فالله ذو فضل وذو منن لا تحسدنّ فما للحاسدين سوى ... عضّ الأنامل من غيظ ومن إحن ومن شعرة قصيدة نظمها في زعيم الدين ابن جعفر صاحب المخزن، وكان قد ورد من مكة، يعتذر فيها عن تأخره عن قصده بطريق مرض عرض له في رجله: لئن قعدت بي عن تلقّيك علّة ... غدوت بها حلسا لربعي من شهر رمتني في رجلي بقيد تقاصرت ... خطاي له والقيد ما زال ذا قصر إذا قلت قد أفرقت منها تجدّدت ... فأودى بها نهضي وهيض لها كسري فما قعدت بي عن دعاء أفيضه ... ولا قصّرت بي عن ثناء وعن شكر قدمت علينا مثل ما قدم الحيا ... على بلد ميت فقير إلى القطر الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1500 فأصبح مغبرّ البلاد مؤزّرا ... به زهر غضّ كأخلاقك الزّهر وعدت وبالبيت الحرام صبابة ... إليك وبالركن المعظم والحجر وللحجر المسودّ نحوك صبوة ... للثمك إياه بأبيض ذي نشر وقد صحب الحجاج منك مباركا ... غزير الندى طلقا محيّاه ذا بشر أخا كرم إن أخلف الغيث أخلفت ... يداه بمنهلّ من البيض والصّفر فكلّهم مثن عليك وشاكر ... لنعماك مغمور بنائلك الغمر خصصتك بالمدح الذي أنت أهله ... فجاءك من صدر امرىء ناحل الصدر وأيسر ما أخفيه ما أنا مظهر ... فدع عنك شعري، جلّ قدرك عن شعري ومن شعره في زعيم الدين المذكور، من أبيات وقد ورد كتابه من فيد «1» : فإن تك محرما من ذات عرق ... فقد حرّمت غمضي بالعراق فها فتوى أتتك فقل سريعا ... تبرّز سابقا يوم السباق شمائلك الشّمول فكيف تقضي ... فروض الحج بالكأس الدهاق وأنت الطيب إن صافحت كفا ... تحلل محرما بدم مراق ولما جاءت البشرى بكتب ... فكانت كالقميص على الحداق ضممت إلى الفؤاد كتاب فيد ... فضاعف برده حرّ اشتياقي وقبلت المداد فخلت أني ... أقبّل ذا لمى حلو العناق فخبّر بالسلامة ثم نبىء ... فإن الماء ضاق عن الرفاق وكيف يضيق ماء عن حجيج ... وسحب يديك ماء ذو انبعاق سلمت على الأنام ولي خصوص ... وحاطك رافع السبع الطباق اجتمع جماعة من الحنابلة بمسجد ابن شافع الحنبلي برأس درب المطبخ يسمعون كتاب ابن مندة في فضائل أحمد بن حنبل ومحنته في القرآن، وما جرى له مع الخلفاء من بني العباس، فذموهم ولعنوهم، وذموا أبا حنيفة والأشعري، وكان الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1501 الكتاب يقرأ على ابن الخشاب، فأنكر عليهم إنسان دمشقي فقيه وقال: هذا لا يجوز. تلعنون أئمة المسلمين، وفقهاء الدين. فقاموا إليه وسبّوه، وهموا به. ووصل الخبر إلى الخليفة، فتقدم إلى حاجب الباب بأخذهم وأخذ ابن الخشاب، وأن يركبوا بقرا ويشهّروا بالبلد. فقبض على جماعة منهم، وهرب ابن الخشاب، فلحق بالحلة إلى أن شفع فيه، فعاد، فقال ابن الخشاب في غيبته: إذا دار السلام نبت بمثلي ... فجنّبت السلامة والسلاما ولا جرت الصّبا إلا سموما ... بها وهمت سحائبها سماما وكتب إلى الخليفة يستعطفه، وهو المستنجد بالله: ألا قل لمستنجد بالإله ... بعدلك أصبحت مستنجدا وما لي ذنب سوى أنني ... شأوت بني زمني أمردا وإني وإن عدّت المشكلات ... كنت الهزار وكانوا الصدى حدث الإمام الحافظ أبو عبد الله محمد بن محمود النجار في مجلس مفاوضة، قال: حدثني شيخنا مصدق بن شبيب الواسطي النحوي قال: قدمت من واسط إلى بغداد في طلب العلم والنحو، وكان الشيخ أبو محمد هو المشار إليه في الدنيا بهذا الشأن، فأحببت مكاثرته والأخذ عنه، ولم يكن له مجلس في وقت معلوم فأقصده إليه، وإنما كان على حسب أغراضه تارة يلعب بالشطرنج، وتارة يجلس إلى عطار في السوق، وتارة في دار الوزير والأكابر، فكنت له بالرصد، ليس همي إلا تتبعه. فقال لي يوما: يا هذا قد أبرمتني وآذيتني بكثرة اتباعك لي، وما مثلي ومثلك إلا رجل من أبناء الثروة والصلاح، وكان له ولد في غاية التخلف والإدبار، قد ألهم محبة القمار، وكان يفسد أموال أبيه، ولا يزال يجيئه عريان وقد قمر ثيابه وجميع ما عنده، ويسرق أمواله، ويفسدها في ذلك، فحضرت الشيخ الوفاة فاستدعى ولده، وقال له: يا بنيّ، يقال أنفك منك وإن كان أجدع، والله ما كنت أحبّ أن يكون لي ولد مثلك، ولكنّ أمر الله لا يرفع، وقد علمت أنك لا تترك هذه العادة السيئة بعد موتي إذ كنت لم تتركها في حياتي، ولكن أحب أن تطيعني في شيء واحد، وتقسم لي بالله وبأيمان البيعة أنك تعمل بها: إذا أنا مت وملكت مالي فلا تقامر إلا مع من يجمع الناس على الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1502 أنه أحذق الناس بالقمار وأعرفهم به، فهذا ما لا ضرر عليك فيه، وتكون قد بررتني بقبولك قولي. فحلف له الغلام على ذلك، وتوثق منه بجهده. ثم مات الشيخ، واستولى الغلام على أمواله، وحازها، وشرع فيما يحبّ، وجعل يسأل عن أحذق الناس به، فدلّ على رجل بالكرخ، فجاءه وسأله أن يلاعبه. فقال: ما بيني وبينك من المودة ما يقتضي هذا فما سبب اختيارك ملا عبتي من دون الناس؟ فخبره بوصية أبيه واليمين التي أخذها عليه. فقال له: إذا كان الأمر على هذا فلا يجوز لك اللعب معي، فإن أستاذي بواسط وهو أحذق مني، ومنه تعلمت فسر إليه. فانحدر إلى واسط فلقي كهلا من الرجال محارفا ضيّق المعيشة، فسأله الملاعبة فجرى الأمر معه كما جرى مع الأول. فقال له: لا يحلّ لك ملاعبتي، فإن أستاذي وأستاذ الناس كلهم بالبصرة، فامض إليه، وبرّ يمينك. فسار الغلام حتى دخل البصرة، وسأل عن الرجل فدلّ عليه فوجده يوقد في بعض أتاتين الحمامات، فسلّم عليه، وسأله الملاعبة، فقال: دعني حتى أتفرغ مما أنا بصدده، فجلس ينتظره حتى إذا تمّ أخذه ودخل إلى منزله، فوجده على غاية الحرفة والشّعث وسوء الحال، ومدّ يده فأخذ آلة القمار وهي في زاوية البيت قد علاها الغبار، ثم قال له: يا ولدي، أضاقت الدنيا عليك ما وجدت غيري يلاعبك؟ فأخبره بالقصة، فرمى الشيخ الفصّ من يده، وأفكر ساعة، ثم قال: يا ولدي أتدري ما أراد والدك بما أحلفك عليه؟ فقال: لا. قال: إنه أراد أن يعرفك أن مثلي وهو أستاذ الدنيا في هذا الشأن يوقد في الأتون، ومنزله وحاله كما ترى. وإن عاقبة أمرك تصير إلى الوقيد في الحمام. فارتدع يا ولدي، وانظر فيما تصلح به أمر دنياك. قال فانتفع الغلام بذلك، وتاب إلى الله منه، وراجع التجارة في دكان أبيه وصلح حاله. وكذا يا مصدق أنا، وأنت تتبعني وتضجرني حتى تصير مثلي، وأنا بزعمك شيخ الدنيا، فأيش أعجبك من أحوالي واكتسابي: أحشمي؟ أغلماني؟ أدوري أم عقاري؟ اعلم يا ولدي أنّ طلب النحو أكثر من إصلاح اللسان حرفة. قال الشيخ أبو محمد: قصدت الغريّ في بعض الأعوام لزيارة مشهد أمير المؤمنين علي، عليه السلام، وكان خروجنا من الحلّة السيفية، وكان في الصحبة علويّ يعرف بابن الشوكية، وهو من سكان المشهد، وكان نعم المصاحب، فنزل بنا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1503 ليلا على بطن من خفاجة ليستصحب معنا منهم خفيرا، فأكرموا نزلنا، وجاء منهم في الليل صبيّ ما أظنه بلغ سبعا، وعليه آثار مرض قد نهكه فسلّم علينا، فقال له العلوي: ما بك يا فلان وسمّى الصبيّ، فقال مجيبا له: بي أنّ لي كذا وكذا- وعدّ مدة- أجهد وأمعد. يريد بأجهد أفعل من قولك: رجل مجهود ومن جهد الحمى، وأمعد أي يصيبني وجع في المعدة. يقال: معد فهو ممعود، كما يقال كبد فهو مكبود إذا أصاب كبده مرض، وكذا فئد فهو مفؤود، وباقي الأعضاء على ذاك. وكذا يقال في من أصيب هذا العضو منه برمّته. يقال في الصيد: أميدّى أم مرجول أي أصيبت يده أم رجله، فتعجبت من فصاحة الصبي. وكان معنا في الرفقة شيخ من أهل المشهد، فسمعته، وقد أعيا من السير يقول لعبد له: يا مقبل فرّكنى، فقلت لبعض من معنا: ما معنى قوله: فركني؟ فقال: يريد غمّزني ليزول تعبي. فقلت: لا إله إلا الله، خالق ذلك الصبيّ وهذا الشيخ واحد، فكم بين اللسانين والسنّين. وكان الشيخ أبو محمد يؤدب أولاد المستنجد: المستضيء وأخاه الأمير أبا القاسم. وكان يشتدّ عليهما في التعليم. فلما أفضى الأمر إلى المستضيء رضي ابن الخشاب أن يخلص منه رأسا برأس، وذلك أنه كان يظهر منه تفضيل أخيه عليه، فلم يذكّره بنفسه. قال العدل مسعود بن يحيى بن النادر: وكنت يوما بين يدي المستضيء فقال: كلّ من نعرفه قد ذكّرنا بنفسه، ووصل إليه برّنا إلا ابن الخشاب. فما خبره؟ فاعتذرت عنه بعذر اقتضاه الحال. ثم خرجت فعرّفت ابن الخشاب ذلك، فكتب إليه هذين البيتين: ورد الورى سلسال جودك فارتوى ... ووقفت دون الورد وقفة حائم ظمآن أطلب خفّة من زحمة ... والورد لا يزداد غير تزاحم قال ابن النادر: فأخذتها منه، وعرضتها على المستضيء، فأمر له بمائتي دينار، فقال لو زادنا لزدناه. وما أنشد لنفسه: أفديه من متعجّب متجنب ... قد ضنّ ضنا بالخيال الطارق ما زال يمطلني بوعد كاذب ... حتى تكشّف عن صدود صادق الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1504 وله: أقطّع الليل بلا رقاد ... بل بسهاد دائما سهاد لذا تراني أرقا أنادي ... قد أسر النوم فهل من فادي كان أبو محمد ابن الخشاب كثير الكتب جدا، وكان له دار في باب المراتب، وكان عنده صفّة عظيمة ملأى جزازا ودفاتر، وقطّ ما استعار من أحد كتابا فردّه عليه، وكان إذا طلبه صاحبه منه يقول له: هو في هذا الجزاز، ومن يقدر على تخليصه منه؟ فيأيس صاحبه ويسكت. وكان حادّ الخاطر جدا، جاءه يوما الشيخ مكي بن أبي القاسم الحافظ، وهو في مجلسه، وبين يديه جماعة يقرأون عليه، فقال: يا سيدي، بلغني أن للأصمعي كتابا سماه «الجبال» ، هل هو عندك؟ فقال له: أنت أعمى، أما ترى الجبال قدامي؟ أشار به إلى تلك الجماعة التي تقرأ عليه. قرأت بخطّ النقيب قثم بن طلحة بن الأنفي، قال لي الصدر بن الزاهد: دخلت على الفخر بن المطلب يوما فقال لي: من أين جئت؟ فقلت: من العودة. فقال: واجتزت بعقد المصطنع؟ قلت: نعم، فقال: من أي عقديها دخلت؟ فتوقفت، لأنه كان كثير الولع بالناس. فقال: من العقد الذي حزّوا فيه رأس الحسين بن علي، عليه السلام، وتكره الشيعة الدخول فيه أم العقد الآخر؟ فقلت: العقد الآخر. قال: يا سبحان الله، أنا أذكر بناء هذين العقدين في أيام المستظهر بالله، وأعرف هذا الموضع، وليس به عقد أصلا، فما أعلم من أين أحدث الناس هذا الخبر، والحسين، عليه السلام، قتل قبل بناء بغداد بأعوام كثيرة. فقلت: حكى ابن الخشاب قال، قالت أمي: ما أراك تصلي صلاة الرغائب على عادة الناس. فقلت: يا أمي، إنما أوثر من الصلوات ما ورد عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، أو صحابته، وهذه الصلاة لم ترو عن النبي، صلّى الله عليه وسلّم، ولا عن أحد من أصحابه. فقالت: لا أسمع ذلك منك، فاسأل لي ابن عمتي- وكان الحافظ أبو الفضل محمد بن ناصر السلامي ابن عمتها- فاتفق أني لقيته، فقلت له: الوالدة تسلّم عليك، وتسألك عن صلاة الرغائب، هل وردت عن الرسول أو صحابته؟ فقال لي: فهلا أخبرتها بحقيقة ذلك؟ فقلت: قد أبت إلّا أن الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1505 أخبرها عنك. فقال: سلّم عليها، وقل لها، أنا أسنّ منها، فإنها أحدثت في زمني وعصري، وقد مضت برهة، ولا أرى أحدا يصليها، وإنما وردت من الشام، وتداولها الناس حتى أجروها مجرى ما ورد من الصلوات المأثورة. كان بعض المعلمين يقرأ على الشيخ أبي محمد شيئا من الأدب فجاء فيه قول العجاج: أطربا وأنت قنّسريّ ... وإنما يأتي الصبا الصبيّ فقال المعلم: إنما يأتي الصبيّ الصبيّ. فقال له: هذا عندك في الكتاب، وفقك الله، وأما عندنا فلا. فاستحيا المعلم. ومن تصانيفه: كتاب شرح اللمع إلى باب النداء في ثلاث مجلدات ضخمة رأيتها بخطه. كتاب شرح المقدمة التي ألفها الوزير ابن هبيرة. وبلغني أنه وصله بألف دينار حتى شرحها له. كتاب هادية الهادية في الرد على ابن بابشاذ في شرح الجمل. كتاب الرد على أبي زكريا التبريزي في تهذيب «إصلاح المنطق» ، ردود على العنماء كثيرة، لم تتم إذا تأملها العالم عرف موضعه من العلم. كتاب ما غلط فيه أبو القاسم ابن الحريري في المقامات. كتاب المرتجل في شرح جمل عبد القاهر. [638] عبد الله بن إسحاق بن سلام المكاري، أبو العباس: كان جيد العلم بالغريب والأشعار والرواية والآثار، فقيها شاعرا صدوقا، مات سنة إحدى وسبعين ومائتين. وكان يتشيع. وهجا المتوكل بقصيدة «1» ، فأمر بقتله، فعوجل بالحادث عليه،   [638]- هذه الترجمة من المختصر وانظر الفهرست: 126، 127 وقد ترجم له الصفدي تحت اسم «عبيد الله» (انظر 17: 65) وعدّ له ابن النديم من الكتب: كتاب الأخبار والأنساب والسير؛ قال ابن النديم: رأيت بعضه ولم أره كاملا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1506 وأفلت. وهو القائل يرثي أبا الحسن بن يحيى عمر الطالبي: فإن يك يا ابن المصطفى قبر سيد ... تعقّر خيل حوله ونجائب فقبرك أولى أن تعقّر حوله ... رجال المعالي والنساء الكواعب وله يهجو ابن أبي حكيم: وتكيد ربّك في مغارس لحية ... الله يزرعها وكفّك تحصد تأبى السجود لمن براك تمردا ... وترى الأيور المنعظات فتسجد [639] عبد الله بن إسماعيل بن عبد الله بن محمد بن ميكال بن عبد الواحد بن جبريل بن القاسم بن بكر بن سور بن سور بن سور بن سور- أربعة من الملوك- بن فيروز بن يزدجرد بن بهرام جوبين. كنيته أبو محمد، وهو عم أبي الفضل عبد الله بن أحمد الميكالي: كان رئيس نيسابور، مات بمكة في ذي الحجة سنة تسع وسبعين وثلاثمائة وكان مذكورا بالأدب والكتابة، وحفظ دواوين العرب، ودرس الفقه على قاضي الحرمين وغيره. وكان أوحد زمانه في معرفة الشروط. أكره غير مرة على وزارة السلطان فامتنع وتضرع حتى أعفي، وكان يختم القرآن في ركعتين، ويعول المستورين ببلده سرا. تقلد الرياسة وبقي منفردا بها بلا مانع ولا منازع نيفا وعشرين سنة فلم ير شاك بجميع خراسان. وكان يفتح بابه بعد فراغه من صلاة الصبح إلى أن تصلّى العتمة، فلا يحجب عنه أحد. عقد له مجلس الذكر في حياة إمامي المذهب أبي الوليد القرشي وأبي الحسين القاضي، وحضرا جميعا مجلسه. ثم تقلد الرياسة سنة ست وخمسين وثلاثمائة،   [639]- هذه الترجمة من المختصر، وانظر يتيمة الدهر 4: 417 والوافي 17: 73. وليس ينفذ أمرا في رعيته ... حتى يشاور فيها بنت بقراط وهو يعني قبيحة أم المعتز. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1507 وكان قد حج سنة سبع وأربعين وثلاثمائة، ثم تأهب للخروج ثانيا سنة سبع وسبعين وثلاثمائة، واستصحب شيئا من مسموعاته من أبي حامد ابن الشرقي وأقرانه، وحدث بنيسابور والدامغان والري وهمذان وبغداد والكوفة ومكة. ودخل مكة وهو ابن اثنتين وسبعين سنة، وقد حكم المنجمون أنه يموت وهو ابن أربع وسبعين فدعا بمكة في المشاعر الشريفة يقول: اللهم إن كنت قابضي بعد سنتين فاقبضني في حرمك، فاستجاب الله دعاءه وتوفي بمكة في آخر أيام الموسم. وحكي أنه نام على فراشه في الليلة التي مات فيها، وأن كلّ من كان في رحله ناموا وأصبحوا فوجدوه ميتا مستقبل القبلة، فغسلوه وكفنوه، وصلّى عليه أكثر من مائة ألف رجل، ودفن بالبطحاء بين سفيان بن عيينة والفضيل بن عياض «1» : قال الحاكم: قصدني أبو محمد الميكالي، وأنا بباب جنيد في دار لي جديدة، فقال: بلغني أنك هممت ببيع دارك بباب عزيز، فقلت: هو كما بلغ الشيخ الرئيس. فقال: إني قصدتك لأمنعك من هذا، وأبيّن لك عوار ما هممت به: دار كان فيها سلفك، ثم ولدت فيها، ومجلس ختمت في محرابه ونسب إليك، ألم تسمع أبيات ابن الرومي «2» : ولي وطن آليت الا أبيعه ... وأن لا أرى غيري له الدهر مالكا عهدت به شرخ الشباب ونعمة ... كنعمة قوم أصبحوا في ظلالكا فقد ألفته النفس حتى كأنه ... لها وطن إن فات غودرت هالكا وحبّب أوطان الرجال إليهم ... مآرب قضاها الشباب هنالكا إذا ذكرت أوطانهم ذكّرتهم ... عهود الصبا فيها فحنّوا لذلكا ثم لم يفارقني، رحمه الله، حتى أخذ عهدي «3» على أن أرجع إلى الدار القديمة وأبيع تلك الحديثة، رضي الله عن ذلك الشيخ، وجزاه عن دينه وشفقته على إخوانه خيرا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1508 [640] عبد الله بن أسعد بن عيسى بن علي بن الدهان الجزري ثم الموصلي الفقيه الشافعي الأديب الشاعر أبو الفرج: مات بحمص سنة إحدى وثمانين وخمسمائة، فمما أنشدت من شعره: كأن مقلته صاد وحاجبه ... نون وموضع تقبيلي له ميم فصرت أعشق منه في الورى صنما ... وعاشق الصنم الإنسيّ محروم وقيل إن هذين البيتين لرجل من أهل الأندلس يقال له ابن أسعد أيضا. وحكي أنه دخل يوما على نور الدين محمود بن زنكي، فقال له: كيف أصبحت؟ فقال: كما لا يريد الله ولا رسوله ولا أنت ولا أنا ولا ابن عصرون، فقال له: كيف؟ فقال: لأن الله يريد مني الإعراض عن الدنيا والإقبال على الآخرة، ولست كذلك. وأما رسوله فإنه يريد مني ما يريده الله مني، ولست كذلك. وأما أنت فإنك تريد مني أن لا أسألك شيئا من الدنيا، ولست كذلك. وأما أنا فإنني أريد من نفسي أن أكون أسعد الناس، وملك الدنيا بأجمعها، ولي الدنيا بأسرها، ولست كذلك. وأما ابن عصرون فإنه يريد مني أن أكون مقطّعا إربا إربا، ولست كذلك. فكيف يكون من أصبح لا كما يريد الله ولا رسوله ولا سلطانه ولا نفسه، ولا صديقه ولا عدوّه. فضحك منه، وحباه حباء حسنا. ومن شعره «1» : مولاي لا بتّ في ضرّي ولا سهري ... ولا لقيت الذي ألقى من الفكر باتت لوعدك عيني غير ساجعة ... والليل حيّ الدياجي ميّت السحر   [640]- هذه الترجمة من المختصر، وانظر: خريدة القصر (قسم الشام) 2: 279 ومصورة ابن عساكر 8: 1038 وتهذيبه 7: 292 وإنباه الرواة 2: 103 وابن خلكان 3: 57 والروضتين 2: 67 وسير الذهبي 21: 176 وعبر الذهبي 4: 243 والوافي 17: 67 ومرآة الجنان 4: 35 وطبقات الأسنوي 2: 440 وطبقات السبكي 7: 120 والبداية والنهاية 12: 317 والشذرات 4: 270 وقد أطال الصفدي في ترجمته بإكثاره من الشعر ولعله تابع ياقوتا في ذلك، وانظر المقفى 4: 576. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1509 أودّ من قمر في الأفق غيبته ... وأرقب الشمس من شوقي إلى القمر هذا وقد بتّ من وعد على ثقة ... فكيف لو بتّ من هجر على خطر [641] عبد الله بن برّي بن عبد الجبّار بن برّي أبو محمد المقدسي الأصل المصري المولد والمنشأ، عرف بابن بري النحوي اللغوي الأديب: كان نحويا لغويا شائع الذكر، مشهورا بالعلم. قال القاضي الأكرم في «أخبار النحاة» شاع ذكره واشتهر ولم يكن للمصريين ممن تقدم أو تأخر مثله. مات بمصر سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة. قرأ كتاب سيبويه على أبي بكر محمد بن عبد الملك الشنتريني المغربي النحوي، وتصدّر للإقراء بجامع عمرو بن العاص. وكانت عنايته تامة في تصحيح الكتب وكتب الحواشي عليها بأحمر، فإذا رأيت كتابا قد ملكه فهو الغاية في الصحة والإتقان. وله على كتاب «الصحاح» لأبي نصر إسماعيل بن حماد الجوهري حواش [له] أخذ عليه في بعضها وشرح في بعضها وزيادات فيما أخل به، ولو تمّت كان عجيبا «1» . وكان مع علمه وغزارة فهمه ذا غفلة وسلامة صدر، وكان وسخ الثوب، زريّ الهيئة واللبسة. يحكي المصريون عنه حكايات عجيبة، منها أنه اشترى لحما وخبزا وبيضا وحطبا، وحمل الجميع في كمه، وجاء إلى منزله، فوجد أهله قد ذهبوا لبعض شأنهم والباب مغلقا، فتقدم إلى كوة هناك تقضي إلى داره، فجعل يلقي منها الشيء بعد الشيء، ولم يفكر في كسر البيض وأكل السنانير اللحم والخبز إذا خلت به.   [641]- ترجمة ابن بري آخر ترجمة في الجزء الرابع من طبعة م وقد أشار المحقق إلى سقوط أوراق من المخطوطة ضاع بسببه تراجم كثيرة، وقد استوفيت هذه الترجمة من المختصر وانظر إنباه الرواة 2: 110 وابن خلكان 3: 108 وسير الذهبي 21: 176 وعبر الذهبي 4: 247 والوافي 17: 80 ومرآة الجنان 3: 424 وطبقات الاسنوي 1: 267 وطبقات السبكي 7: 121 والبداية والنهاية 12: 319 والنجوم الزاهرة 6: 103 وبغية الوعاة 2: 34 واشارة التعيين: 161 وحسن المحاضرة 1: 533 والشذرات 4: 273 والمقفى 4: 450 وقد طبعت حواشيه على الصحاح في جزءين. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1510 وحدثني بعض المصريين قال: كنت يوما أسير مع الشيخ محمد بن برّي وقد اشترى عنبا، وجعله في كمه، فجعل يحادثني وهو يعبث بالعنب ويقبضه حتى جرى على رجليه، فقال لي: تحسّ المطر، فقلت: لا. فقال لي: فما هذا الذي ينقط على رجليّ؟ فتأملته فإذا هو ماء العنب. فأخبرته، فخجل واستحيا ومضى. ويحكون عنه من الحذق وحسن الجواب عما يسأل عنه، ومواضع المسائل من كتب العلماء ما يتعجّب منه. فسبحان الجامع بين الأضداد. وله حواش انتصر فيها للحريري على ابن الخشاب «1» ، وكان له تصفح ديوان الانشاء فيما يكتبونه ليزيل الغلط واللحن فيه كما كان ابن بابشاذ. وقرأ عليه جماعة منهم أبو العباس ابن الحطيئة، وكان ثقة، والجزولي من تلامذته، وأجاز لجميع من أدرك عصره من المسلمين. [642] عبد الله بن جعفر بن درستويه بن المرزبان أبو محمد الفارسي النحوي، من أهل فسا: أحد من اشتهر اسمه، وعلا قدره، وكثر علمه. جيد التصنيف، مليح التأليف، قرأ على المبرد وصحبه، ولقي ابن قتيبة، وأخذ عنه. مات سنة سبع وأربعين وثلاثمائة في خلافة المطيع. قال أبو محمد ابن درستويه النحوي، قال البحتري، وقد اجتمعنا على خلوة عند المبرد، وسلكنا مسلكا في المذاكرة: أشعرت أنني سبقت الناس إلى قولي «2» :   [642]- هذه الترجمة من المختصر، وانظر الفهرست: 68 وطبقات الزبيدي: 116 وتاريخ بغداد 9: 428 ونزهة الألباء: 197 والمنتظم 6: 388 وإنباه الرواة 2: 113 وابن خلكان 3: 44 وسير الذهبي 15: 531 وعبر الذهبي 2: 276 وميزان الاعتدال 2: 400 والوافي 17: 103 والبداية والنهاية 11: 233 ولسان الميزان 3. 267 وبغية الوعاة 2: 36 وطبقات الداودي 1: 223 والشذرات 2: 375 وإشارة التعيين: 162. ولعبد الله الجبوري دراسة عنه، بغداد 1974. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1511 سقى الغيث أكناف الحمى من محلة ... إلى الخيف «1» من رمل اللوى والمعاهد ولا زال مخضرّ من الأرض يانع ... عليه بمحمرّ من الأرض «2» جاسد يذكّرنا ريّا الأحبة كلّما ... تنفّس في جنح من الليل بارد شقائق يحملن الندى وكأنها ... دموع التصابي في خدود الخرائد ومن لؤلؤ في الأقحوان منظّم ... على لمة «3» مصفرّة كالفرائد كأن يد الفتح بن خاقان أقبلت ... إليها بتلك البارقات الرواعد فاستحسن المبرّد ذلك استحسانا أسرف فيه [وقال] ما صيغت مثل هذه الألفاظ الرطبة، والعبارة العذبة لأحد تقدمك أو تأخر عنك، فاعترته أريحية جرّ بها رداء العجب، فكأنه أعجبني ما يعجب الناس من مراجعة القول. فقلت: يا أبا عبادة، لم تسبق إلى هذا، بل سبقك إلي قولك: «شقائق يحملن الندى» سعيد بن حميد الكاتب في قوله «4» : عذب الفراق لنا قبيل وداعنا ... وكم اجترعناه كسمّ ناقع فكأنما أثر الدموع بخدها ... طلّ سقيط فوق ورد ناصع وشركك فيه صاحبنا أبو العباس الناشىء مما أنشدنيه آنفا «5» : بكت للفراق وقد راعني ... بكاء الحبيب لبعد الديار كأن الدموع على خدها ... بقية طلّ على جلنّار وما أساء ابن الرومي بل أحسن في زيادته عليك حيث يقول «6» : لو كنت يوم الفراق شاهدنا ... وهنّ يطفئن لوعة الوجد الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1512 لم تر إلا دموع باكية ... تسفح من مقلة على خد كأن تلك الدموع قطر ندى ... يقطر من نرجس على ورد وسبقك أبو تمام الطائي إلى الخروج فقال «1» : من كل زاهرة ترقرق بالندى ... فكأنها عين عليه تحدّر تبدو ويحجبها الجميم كأنها ... عذراء تبدو تارة وتخفّر خلق أطل من الربيع كأنه ... خلق الإمام وهديه المستبشر في الأرض من عدل الإمام وجوده ... ومن الربيع الغضّ سرج تزهر فشق ذلك عليه وحلّ حبوته ونهض، وكان آخر عهدي بمؤانسته، وغلظ ذلك على المبرد وكدح في حالي عنده «2» . [643] عبد الله بن الحسن بن محمد بن الحسن بن الحسين بن عيسى بن يحيى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام، أبو الغنائم النسابة بن القاضي أبي محمد الزيدي: تصانيفه تدل على التشيع والاعتزال، وصنّف كتابا في النسب يزيد على عشر مجلدات، سماه «نزهة عيون المشتاقين إلى وصف السادة الغرّ   [643]- هذه الترجمة من المختصر، وانظر مصورة ابن عساكر 9: 137 وتهذيبه 7: 365 والوافي 17: 129. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1513 الميامين» «1» . لقي جماعة من النسابين، أخذ عنهم علم النسب، وسافر [في] البلاد، ولقي الأشراف والعلويين، واستقصى أنسابهم «2» . قال الشريف أبو الغنائم: أردت المسير إلى دمشق، فودّعت الشريف أبا يعلى حمزة بن الحسن بن العباس القاضي المعروف بفخر الدولة، وكان إذا ذاك بمصر، وقلت وقت توديعي: استودع الله مولاي الشريف وما ... يحويه من نعم يبقى ويبليها كأنني وقت توديعي لحضرته ... ودّعت من أجله الدنيا وما فيها فلما سمع البيتين أقسم عليّ أن أقيم فأقمت، وأنعم عليّ. [644] عبد الله بن الحسين بن سعد القطربلي، صاحب التاريخ: تقلد عمالة بلد إسكاف، وكان من أهل العلم والأدب، وقد حفظ وسمع، وكان راوية لأشعار المحدثين، وكانوا يقصدونه لبره لهم وصلاته، فمما أنشدت من شعره: جارية أذهلها اللعب ... عما يلاقي الهائم الصبّ شكوت ما ألقاه من حبّها ... فأقبلت تسأل ما الحب   [644]- هذه الترجمة من المختصر؛ وانظر الفهرست: 138 وعدّ له سوى كتاب التاريخ: كتاب فقر البلغاء. كتاب المنطق، والوافي 17: 138 (وأورد الصفدي ما جاء هنا تماما، وزاد له ثلاث أبيات صنعها في عبدون بن مخلد النصراني لما جلس للمظالم بسرّ من رأى) . الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1514 [645] عبد الله بن الحسين بن عبد الله بن الحسين أبو البقاء العكبري البغدادي الأزجي الحنبلي النحوي اللغوي الفرضي، محب الدين: شيخ زمانه، وفرد أوانه، منحة الدهر، وحسنة العصر، إمام في كل علم من النحو واللغة والفقه والفرائض والكلام، يقرىء ذلك كله وهو ضرير، أضرّ وهو في صباه بالجدري، إمام مسجد ابن حمدون ببغداد بالريحانيين ومتقدم الاقراء به، ولد سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة ومات في سنة ست عشرة وستمائة. أدرك ابن الخشاب وأخذ عنه، وقرأ الأدب على عبد الرحيم بن العصار. وقرأ الفقه على الشيخ أبي حكيم إبراهيم بن دينار النهاوندي وسمع في صباه من أبي الفتح ابن البطي وأبي زرعة طاهر بن محمد بن طاهر المقدسي وأبي بكر عبد الله بن النقور وأبي العباس أحمد بن المبارك بن المرقعاني وغيرهم. وكان الشيخ أبو الفرج ابن الجوزي يفزع إليه فيما يشكل عليه من علم الأدب. واستنشدته من شعره فقال: وقتي أعزّ من أن أفكر في قول شعر. ولا أعرف لي شعرا إلا أربعة أبيات أنسيت بيتا منها، فاستنشدته ذلك فأنشدني يمدح الوزير نصير الدين بن مهدي العلوي وزير الإمام الناصر لدين الله: بك أضحى جيد الزمان محلّى ... بعد أن كان من حلاه مخلّى لا يجاريك في نجاريك خلق ... أنت أعلى قدرا وأعلى محلا دمت تحيي ما قد أميت من الفض ... ل وتنفي فقرا وتطرد محلا   [645]- عبد الله بن الحسين أبو البقاء العكبري: وردت ترجمته في المختصر ونقل ابن الفوطي (5 رقم: 675) ترجمته عن ياقوت (انظر الضائع: 80 (رقم: 15) ومن هذين المصدرين تألف ما أثبته هنا. وترجم له ابن الدبيثي في تاريخه (المختصر 2: 140) والصفدي في الوافي 17: 139 ونكت الهميان: 178 وانظر أيضا إنباه الرواة 2: 116 والتكملة للمنذري 4: 378 وذيل الروضتين: 119 وابن خلكان 3: 100 ومرآة الجنان 4: 32 وسير الذهبي 22: 91 وعبر الذهبي 5: 61 والبداية والنهاية 13: 85 وذيل ابن رجب 2: 109 وبغية الوعاة 2: 38 والشذرات 5: 67 ومعجم البلدان 3: 705 وإشارة التعيين: 163 والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد: 141 ومقدمة المحقق لكتاب التبيين. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1515 وكان الشيخ أبو البقاء رحمه الله دينا ورعا صالحا حسن الخلق قليل الكلام فيما لا يجدي نفعا «1» . وكان رحمه الله رقيق القلب سريع الدمع. رأيته مرارا ينشد من أشعار المتأدبين الرقيقة وأدمعه تتحدر على شيبته، فما أذكر ذلك منه أبدا إلا ويخشع قلبي، وأترحّم عليه. وكان قد تفرّد في عصره بالعلوم خصوصا علم العربية والفرائض، وكان الناس يقصدونه من أقصى الشرق والغرب لأجلها. وكان إذا أراد أن يصنف شيئا أحضرت إليه مصنفات ذلك الفن وقرئت عليه، فإذا حصل ما يريد في خاطره أملاه. فكان يقال: أبو البقاء تلميذ تلامذته. وقال: جاء إلي جماعة من الشافعية وقالوا: انتقل إلى مذهبنا ونعطيك تدريس النحو واللغة بالنظامية، فقلت: لو أقمتموني وصببتم الذهب عليّ حتى واريتموني ما رجعت عن مذهبي. وله من التصانيف: تفسير القرآن. إعراب القرآن «2» . إعراب الشواذ من القراءات، متشابه القرآن، عدد آي القرآن، إعراب الحديث «3» ، المرام في نهاية الأحكام في المذهب. الكلام على دليل التلازم. تعليق في الخلاف. الملقّح من الخطل في الجدل. شرح الهداية لأبي الخطّاب. الناهض في علم الفرائض، البلغة في الفرائض. التلخيص في الفرائض. الاستيعاب في أنواع الحساب. مقدّمة في الحساب. شرح الفصيح. المشوف المعلم في ترتيب كتاب إصلاح المنطق على حروف المعجم. شرح الحماسة. شرح المقامات الحريريّة. شرح الخطب النباتيّة. المصباح في شرح الإيضاح والتكملة. المتّبع في شرح اللّمع. لباب الكتاب. شرح أبيات كتاب سيبويه. إعراب الحماسة. الإفصاح عن معاني أبيات الإيضاح. تلخيص أبيات الشعر لأبي عليّ. المحصّل في إيضاح المفصّل. نزهة الطرف في إيضاح قانون الصرف. الترصيف في علم التصريف. اللّباب في علل البناء والإعراب. الإشارة في الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1516 النحو- مختصر. مقدمة في النحو، أجوبة المسائل الحلبيّات. التلخيص في النحو. التلقين في النحو. التهذيب في النحو. شرح شعر المتنبّي «1» . شرح بعض قصائد رؤبة. مسائل في الخلاف في النحو. تلخيص التنبيه لابن جنّي. العروض- معلّل. العروض- مختصر. مختصر أصول ابن السرّاج. مسائل نحو مفردة. مسألة في قول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «إنّما يرحم الله من عباده الرحماء» المنتخب من كتاب المحتسب. لغة الفقه «2» . [646] عبد الله بن حمّود الزبيدي أبو محمد الأندلسي : من مشاهير أصحاب أبي علي إسماعيل بن القاسم البغدادي. رحل إلى الشرق، ولم يعد إلى الأندلس. لازم ببغداد أبا سعيد السيرافي إلى أن توفي السيرافي فلازم أبا علي الفارسي، واتبعه إلى فارس. وكان إذا سمع كلام الجاحظ تخدّر وتسدّر عجبا به. وكان يقول: قد رضيت في الجنة بكتب الجاحظ عوضا من نعيمها. وكان من فرسان النحو والشعر واللغة «3» . وأنشد لبعض شعراء المغرب بيتا ذكر فيه أشياء زعم أنه لا حقيقة لها، وهو «4» : الجود والغول والعنقاء ثالثة ... أسماء في الناس لم تخلق ولم تكن   [646]- هذه الترجمة من المختصر، وانظر: التكملة: 439 وإنباه الرواة 2: 118 والوافي 17: 151 وبغية الوعاة 2: 41 وإشارة التعيين: 165 والبلغة: 109 ويذكره أبو علي الفارسي في مؤلفاته مشيرا إليه ب «الأندلسي» وكذلك يفعل أبو حيان، وابن جني؛ وكانت وفاة الأندلسي سنة اثنتين وسبعين وثلاثمائة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1517 وأنشد «1» : وأحور إن كلمته فهو شاعر ... بيانا، وإن لا حظته فهو ساحر على خدّه للياسمين غلائل ... عليها من الورد النضير ظهائر حسام بجفنيه ونطع بخده ... وصبغ دم العشاق في النطع ظاهر [647] عبد الله بن خليد أبو العميثل، مولى جعفر بن سليمان: والعميثل من صفات الخيل، وهو السبط الذيال المتبختر في مشيته. وكان يؤدب ولد عبد الله بن طاهر. وأصله من الري. مات سنة أربعين ومائتين. كان يفخّم كلامه ويعربه ويتقعر فيه، ويجيد قول الشعر. فمن شعره، وقد حجب في باب عبد الله بن طاهر «2» : سأترك هذا الباب مادام إذنه ... على ما أرى حتى يخفّ قليلا إذا لم أجد يوما إلى الإذن سلّما ... وجدت إلى ترك اللقاء سبيلا وهو القائل «3» : أمّا والراقصات بذات عرق ... ومن صلّى بنعمان الأراك لقد أضمرت حبّك في فؤادي ... وما أضمرت حبا من سواك أطعت الآمرين بقطع حبلي ... مريهم في أحبتهم بذاك فإن هم طاوعوك فطاوعيهم ... وإن عاصوك فاعصي من عصاك   [647]- هذه الترجمة من المختصر، وانظر البيان والتبيين 1: 280 وكتاب بغداد لابن أبي طاهر طيفور: 164 وطبقات ابن المعتز: 287 وأمالي القالي 1: 98 والفهرست: 48 والسمط 1: 308 وابن خلكان 3: 89 وإنباه الرواة 4: 143 والوافي 17: 160. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1518 دخل أبو العميثل «1» يوما على عبد الله بن طاهر، فقبّل يده، فقال له ممازحا: خدشت كفّي بخشونة شاربك. فقال له أبو العميثل: إن شوك القنفذ لا يؤلم كف الأسد. فأعجبه قوله، وأمر له بجائزة. قال الصولي: ولأبي العميثل ديوان شعر في خمسمائة ورقة. ومصنفاته: كتاب البسالة، كتاب الأبيات السائرة، كتاب معاني الشعر، كتاب ما اتفق لفظه واختلف معناه. [648] عبد الله بن ذكوان الفارسي، قرشي فهري: وهو قارىء، مات سنة اثنتين وأربعين وثلاثمائة، وكان يصلي بالناس في الجامع الخمس، وكان متبسطا مرحا، ولم يكن في زمانه أقرأ منه. [649] عبد الله بن رستم: مستملي ابن السكيت. [650] عبد الله بن الزبير وهو ابن المعتز، قيل، واسم المعتز محمد بن جعفر بن المتوكل بن أبي إسحاق المعتصم بن هارون الرشيد بن محمد المهدي بن عبد الله   [648]- هذه الترجمة من المختصر. [649]- هذه الترجمة من المختصر. [650]- هذه الترجمة من المختصر، وانظر أشعار أولاد الخلفاء: 107 والأغاني 10: 286 والفهرست: 129 وتاريخ بغداد 10: 895 ونزهة الألباء: 160 والمنتظم 6: 84 وابن خلكان 3: 76 وعبر الذهبي 2: 104 والوافي 17: 447 (وأسهب في ترجمته) ومرآة الجنان 2: 225 والبداية والنهاية 11: 108 والفوات 2: 239 والشذرات 2: 221. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1519 المنصور بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، ويكنى أبا العباس. مات في ربيع الآخر سنة ست وتسعين ومائتين مقتولا. زعموا أن مولده في شعبان سنة سبع وأربعين ومائتين. كان غزير الأدب وافر الفضل، نفيس النفس، حسن الأخلاق، وقد أخذ من كل فن من العلوم بنصيب. فأما شعره فهو الغاية في الأوصاف والتشبيهات، يقر له بذلك كل ذي فضل، وقد لقي طائفة من جلة العلماء كأبي العباس المبرد وثعلب، وتأدب عليهما، ولقي أبا علي الحسن بن عليل العنزي، وروى عنه. وروى عنه شعره جماعة منهم أبو بكر الصولي. فمن أشعاره ما كتبه إلى أبي العنبس بن أبي عبد الله بن حمدون المغني: حتّام يا من أهوى مودته ... ينقطع الوصل حين يتصل إذا التقينا فالهجر ناحية ... يضحك منا والوصل محتفل فأجابه: لم ينأ من لم تزل مودّته ... ولا افترقنا والحبل متصل وليس ودّي مما يغيّره الد ... هر بأحداثه فينتقل وكتب إلى أبي الطيب القاسم بن محمد النميري في يوم عيد، وكان النميري من أهل الأدب والعقل، مليح الشعر، رقيق الطبع، وكان له نعمة واسعة، وكان ابن المعتز يأنس به: بأبي هل حلا بعينيك شيء ... هو أسلاك يا خليلي بعدي كلّ شيء مرّ إذا لم تزرني ... وهو عذب إذا رأيتك عندي فأجابه: سيدي أنت لم تردني فماذا ... حيلتي إذ شقيت منك بصدّ يعلم الله ما أعالج من شو ... قي ومن حسرتي وغمّي ببعدي وكتب إليه أيضا ابن المعتز: يا أبا العباس قد شم ... مّر شعبان إزاره الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1520 ومضى يسعى فما يل ... حق إنسان غباره فاغد نشرب صفوة الكأ ... س ونسلبه وقاره وإذا ذكر العذ ... ل شربنا بادكاره قال ابن المعتز وقد تواترت أمطار كثيرة: روينا فما نزداد يا ربّ من حيا ... وأنت على ما في النفوس شهيد سقوف بيوتي صرن أرضا أدوسها ... وحيطان داري ركّع وسجود حدث جعفر بن قدامة قال «1» : كنا يوما عند عبد الله بن المعتز، وكان له جارية اسمها مسرّة، وكان يحبّها ويهيم بها، فخرجت علينا من صدر البستان في زمن الربيع، وعليها غلالة معصفرة، وفي يدها حيّاني من باكورة باقلاء، فقالت له: يا سيدي، تلعب معي حياني؟ فالتفت إلينا، وقال على بديهته من غير توقف ولا تفكّر: فديت من مرّ يمشي في معصفرة ... عشية فسقاني ثم حياني وقال تلعب حياني فقلت له ... من جاد بالوصل لم يلعب بهجران عن المبرد قال «2» : كان لعبد الله غلام اسمه نشوان، وكان يهواه ويحبه حبا مفرطا، وكان من أحسن الناس وجها وغناء، فجدر ثم عوفي. قال المبرد: فدخلت على ابن المعتزذات يوم، فقال لي: قد عوفي نشوان، وعاد إلى أحسن ما كان، وقد قلت فيه بيتين: لي قمر جدّر لما استوى ... فزاده حسنا وزالت هموم أظنه غنّى لشمس الضحى ... فنقّطته طربا بالنجوم قال المبرد «3» : وغضب نشوان هذا عليه، فاجتهد في إصلاحه فأعياه فقال: بأبي أنت قد تمادي ... ت في الهجر والغضب الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1521 واصطباري على صدو ... دك يوما من العجب ليس لي إن فقدت وج ... هك في العيش من أرب رحم الله من أعا ... ن على الصلح واحتسب قال المبرد: فمضيت إلى الغلام فلم أزل أداريه وأرفق به حتى ترضّيته، وجئت به، فجلس يغني وغنّت ارياف جارية ابن المعتز في هذا الشعر ومرّ لنا يوم ما رأيت أحسن منه ولا أطيب. وكانت «1» بنت الكراعة المغنية تألف ابن المعتز، ثم انقطعت عنه، فقال: ليت شعري بمن تشاغلت عني ... فهو لا شكّ جاهل مغرور هكذا كنت مثله في سرور ... وغدا بالهموم مثلي يصير وحدث أبو منصور الثعالبي قال: لما ورد أبو حفص السهروردي على الصاحب ابن عباد، وقدمه إليه بعض كتابه فجاراه الصاحب في مسائل لم يحمد أثره فيها، وكان في بصره سوء، فقال الصاحب يداعبه: وكاتب جاءنا بأعمى ... لم يحو علما ولا نفاذا فقلت للحاضرين كفوا ... فقلب هذا كعين هذا ثم استنشده فأنشده أبياتا: دعوت على ثغره بالقلح ... وفي شعر طرته بالجلح لعل غرامي به أن يقلّ ... فقد برّحت بي تلك الملح فقال الصاحب: نسجت على منوال جميل في قوله: رمى الله في عيني بثينة بالقذى ... وفي الغرّ من أنيابها بالقوادح وما أحسنت بعض إحسان ابن المعتز في قوله «2» : يا ربّ إن لم يكن في وصله طمع ... وليس لي فرج من جور هجرته فاشف السقام الذي في سحر مقلته ... واستر ملاحة خديه بلحيته الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1522 ولعبد الله بن المعتز في عبيد الله بن سليمان وزير المعتضد وولده القاسم أشعار كثيرة، منها في الوزير «1» : عليم بأعقاب الأمور كأنه ... بمختلسات الظنّ يسمع أو يرى إذا أخذ القرطاس ظلت يمينه ... تفتّح نورا أو تنظّم جوهرا وله «2» : لآل سليمان بن وهب صنائع ... إليّ ومعروف لديّ تقدّما هم علّموا الأيام كيف تبرّني ... وهم غسلوا من ثوب والدتي الدما ومن شعره: إني غريب بدار لا أنيس بها ... كغربة الشعرة السوداء في الشّمط ما أطلق العين في شيء أسرّ به ... فلست أبدي الرضى إلا على سخط وله: أليس من الحرمان حظّ سلبته ... وأحوجني منه البلاء إلى العذر فصبرا فما هذا بأول حادث ... رمتني به الأيام من حيث لا أدري وحدث ابن المعتز، قال: كانت جدتي أم المعتز بالله لما تعرضت للشعر تعيبه عندي وتقبّحه إلي، وأنشدتني «3» : الكلب والشاعر في حالة ... يا ليت أني لم أكن شاعرا هل هو إلا باسط كفّه ... يستمطر الوارد والصادرا أول ما صنف في صنعة الشعر عبد الله بن المعتز كتابا صغيرا سماه كتاب البديع «4» . وذكر أن البديع اسم لفنون الشعر يذكرها الشعراء ونقاد المتأخرين منهم. فأما العلماء باللغة والشعر القديم الجاهلي والمخضرمي والعربي، فلا يعرفون هذا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1523 الاسم، ولا يدرون ما هو، قال: وما جمع فنون البديع غيري، وما سبقني إليه أحد. ومن شعره «1» : والريح تجذب أطراف الرداء كما ... أفضى الشفيق إلى تنبيه وسنان ومن منثور كلامه «2» : الحكمة شجرة تنبت في القلب، وتثمر في اللسان. النصح بين الملأ تقريع. المتواضع من العلماء أكثرهم علما، كما أن المنخفض من الأرض أكثر البقاع ماء. إذا زاد العقل نقص الكلام. الشفيع جناح الطالب. الدار الضيقة العمى الأصغر. المرض حبس البدن، والهم حبس الروح. المعرفة بالفضيلة عليك فضيلة منك. من لم يتعرض للنوائب تعرضت له. النار لا ينقصها ما أخذ منها، ولكن يخمدها أن لا تجد حطبا، وكذلك العلم لا يفنيه الاقتباس منه، ولكن فقد الحاملين سبب عدمه. المعروف غلّ لا يفكّه إلا شكر أو مكافأة. ما عفا عن الذنب من قرّع به. ما أدري ماذا أمرّ، موت الغنيّ أو حياة الفقير؟ كلما حسنت نعمة الجاهل ازداد قبحا فيها. العلماء غرباء لكثرة الجهال بينهم. وكتب النميري إلى ابن المعتز في يوم خميس صامه: أبا العباس يا خير الأنام ... تصوم وليس ذا وقت الصيام فهل لك في ندام أخ ظريف ... يساعد في الحلال وفي الحرام قال ابن المعتز: وكتب إليّ بعض أهلي من النساء: فهبني مسيئا كالذي قلت ظالما ... فعفوا جميلا كي يكون لك الفضل وهذا الشعر مقولها فأجبتها: غفرت ولو كانت ذنوبك كالحصى ... وعندي إذا جربتني خلق سهل وفي القلب مني شافع من هواكم ... وجيه فلا قول يعاب ولا فعل قرأت بخط أبي علي بن أبي إسحاق الصابي لابن المعتز «3» : الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1524 دعوا الأسد تفرس في غابها ... ولا تدخلوا بين أنيابها قتلنا أمية في دارها ... وكنا أحقّ بأسلابها ورثنا ثياب نبيّ الهدى ... فلم تجذبون بأهدابها لكم حقكم يا بني بنته ... ولكن بنو العم أولى بها ولابن المعتز في أبي تمام «1» : لست تنفكّ طالبا لوصال ... من حبيب أو راغبا في نوال أيّ ماء لحرّ وجهك يبقى ... بين ذلّ الهوى وذل السؤال وله: أيا أسفا على ما فات مما ... أشاهد من خلائقك الكرام وما في القرب منك من المعاني الل ... واتي قد فقدن من الأنام ومن شعره: كم تائه بولاية ... وبعزله يغدو البريد سكر الولاية طيب ... وخماره صعب شديد كان عبد الله بن المعتز يقول: لو لم تقل العرب إلا هذا البيت الواحد لكان لها الفضل على الناس: أمستوحش أنت لما أسأت ... فأحسن متى شئت واستأنس ولما قتل قال فيه ابن بسّام يرثيه «2» : لله درك من ميت بمضيعة ... ناهيك في العلم والآداب والحسب ما فيه لولا ولا ليت فتنقصه ... وإنما أدركته حرفة الأدب ومن شعره: أشكو إلى الله أحداثا من الزمن ... برينني مثل بري الدرج بالسّفن لم تبق في العيش لي إلا مرارته ... إذا تذوقته والحلو منه فني يا نفس صرا وإلا فاهلكي جزعا ... إن الزمان على ما تكرهين بني الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1525 لا تحسبي نعما سرّتك صحبتها ... إلا مفاتيح أبواب من الحزن ما المرء إلا كعنز السوء يضربه ... سوط الزمان ولا يمشي على سنن قال بعض من كان يخدمه: إن عبد الله بن المعتز، خرج يوما يتنزه ومعه ندماؤه وقصد باب الحديد وبستان الناعورة، وكان ذلك آخر أيامه، فأخذ خزفة وكتب بالجص «1» : سقيا لظل زماني ... ودهري المحمود ولّى كليلة وصل ... قدّام يوم صدود قال: وضرب الدهر ضربانه، ثم عدت بعد قتل ابن المعتز، فوجدت خطه خفيّا، وتحته مكتوب: أف لظل زماني ... وعيشي المنكود فارقت أهلي وإلفي ... وصاحبي وودودي ومن هويت جفاني ... مطاوعا لحسود يا رب موتا وإلا ... فراحة من صدود ومصنفاته: كتاب الزهر والرياض. كتاب البديع في صناعة الشعر. كتاب مكاتبات الإخوان بالشعر. كتاب الجوارح والصيد. كتاب السرقات. كتاب أشعار الملوك.. كتاب الآداب. كتاب حلى الأخبار. كتاب التفات الشعراء المحدثين، كتاب الجامع في الغناء. كتاب أرجوزة في ذم الصبوح. [651] عبد الله بن سعيد بن أبان بن سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف أبو محمد: أحد الفضلاء العلماء، وكان من علماء الكوفيين. له من المصنفات: كتاب النوادر. كتاب رحل البعير.   [651]- هذه الترجمة من المختصر؛ وانظر الفهرست: 54. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1526 [652] عبد الله بن سعيد بن مهدي الخوافي، أبو منصور: أديب شاعر فاضل لغوي مصنف في فنون من الأدب، فرضي حاسب من أتمّ الناس مروءة وأكثرهم نفعا. دخل بغداد واستوطنها وسكنها، وحدث بها. وكان أكثر رواياته الكتب الأدبية. قال الرئيس أبو منصور الخوافي: أنشدت لأبي فراس ابن حمدان: لا عيب للطّرف إن زلّت قوائمه ... وليس ينقصه من عائب دنس حملت حلما وبأسا فوقه وندى ... وليس يحمل هذا كله فرس فعملت في معنى ذلك، وكتبت بها إلى العميد أبي الفتح المظفر بن محمد بن الحسين الكندري: فدتك عميد الحضرتين نفوسنا ... من السوء إذ لم تأل فضلا وإنعاما أإن عثر الطرف المعثر لمته ... ظلمت فهذا عذره منه قد قاما ولم يستطع بحرا وبدرا وشاهدا ... وليثا وإنسانا وغيثا وصمصاما ومن شعره: بقاؤك لي يمن وأمن ونعمة ... وعزّ وتأييد وسعد وإقبال فماذا من الأيام أرجو وأتقي ... وجاهك لي مال ووجهك لي فال ومن مصنفاته: كتاب خلق الإنسان مرتبة على حروف المعجم. كتاب رجم العفريت ردّ فيه على أبي العلاء المعري في كتبه في الفصول والغايات ولزوم ما لا يلزم وغير ذلك. [653] عبد الله بن السّيد البطليوسي وقيل عبد الله بن محمد بن السّيد النحوي،   [652]- هذه الترجمة من المختصر وانظر أنساب السمعاني (الخوافي) ونزهة الألباء: 246 وإنباه الرواة 2: 120 والوافي 17: 196 (وأورد له أشعارا لم ترد في المختصر) وبغية الوعاة 2: 43. [653]- هذه الترجمة من المختصر، وانظر قلائد العقيان: 708 والصلة: 282 وبغية الملتمس (رقم: 892) والمغرب 1: 385 ونفح الطيب 1: 643 وأزهار الرياض 3: 101 وإنباه الرواة 2: 141 وابن خلكان- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1527 وبطليوس مدينة في جزيرة الأندلس: إمام في علم العربية، محقق في فنون الأدب، متقدم على أهل عصره في بلاده. مات سنة إحدى وعشرين وخمسمائة. من شعره: أخو العلم حيّ خالد بعد موته ... وأوصاله تحت التراب رميم وذو الجهل ميت وهو ماش على الثرى ... يظنّ من الأحياء وهو عديم وكان بقرطبة «1» مقيما في أيام ابن الحاج صاحب قرطبة، وكان لابن الحاج بنون ثلاثة، يسمّى أحدهم عزون، والثاني رحمون، والثالث حسنون. وكانوا صغارا في حدّ الحلم، وكانوا من أجمل الناس صورة، وكانوا يقرأون القرآن على المقرىء، ويختلفون إليه في الجامع. وكان أبو محمد البطليوسي قد أولع بهم، ولم تمكنه صحبتهم إذ كان من غير صنفهم وشكلهم. وكان يجلس في الجامع تحت شجرة كانت في وسط الجامع، بكتاب يقرأ فيه يتحيّن وقت دخولهم وخروجهم من الجامع، ولم يكن له حظ منهم غير ذلك، فقال فيهم: أخفيت سقمي حتى كاد يخفيني ... وهمت في حبّ عزون فعزّوني ثم ارحموني برحمون فإن ظمئت ... نفسي إلى ريق حسنون فحسوني ثم خاف على نفسه بسبب أبيهم، ففرّ من قرطبة، وخرج من حينه إلى بلنسية، فأقرأ بها، وألف تواليفه إلى أن مات. وحكي عنه أنه قال: كان سبب طلبتي للعلم أن والدي كان رجلا من أهل القرى، وكان له ثروة، فسلّم إليّ مالا لأدخل به إلى الحاضرة للتجارة، فدخلت إلى [قرطبة] فاتفق أني اجتزت في السوق فوجدت حلقة تباع فيها الكتب، فوقفت عليها، واستحسنت الكتب، وشريت منها بمقدار مائتي دينار للتجارة، فلما خلوت بها جعلت أفتقدها وأقول: هذا جيد لا ينبغي أن يباع، وهذا جيد إلى أن اخترت   - 3: 96 وسير الذهبي 19: 532 والوافي 17: 598 (عبد الله بن محمد بن السيد) ومرآة الجنان 3: 228 والبداية والنهاية 12: 198 والديباج المذهب 1: 441 وبغية الوعاة 2: 55 والشذرات 4: 64. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1528 لنفسي أكثرها، ثم جعلت أطالعها فلا أفهم معانيها، فيضيق صدري. فسألت بعض الطلبة، وقلت له: أي العلوم أنفق؟ فقال: الناس في الأدب أرغب منهم في غيره. قلت له: وأيّ الكتب أشهر من كتب الأدب؟ فقال: كتاب العين. فشرعت فيه على شيخ هناك. فلم تمض لي شهور حتى حفظته، ثم حفظت كتابا في النحو. ولذّ لي العلم، فلم تمض إلا مدة قليلة حتى صرت ممن يشار إليه. فاشتقت إلى أهلي بعد أن أنفقت جميع ما كان معي، فخرجت إليهم واجتمعت بوالدي، فسألني عن الحال، فأخبرته بقصتي، فلم ينكره عليّ بل سرّه، وقال: يا ولدي، هذه نعمة من الله في حقك حيث ألهمك بالعلم. وأمدني بشيء آخر من المال، ورجعت إلى المدينة، وطلبت المشايخ حتى بلغت إلى ما ترون. وكان يقول: المتأدب أحوج إلى تأديب نفسه وخلقه منه إلى تأديب لسانه. وكذلك: إنك تجد في العامة الذين لم ينظروا في شيء من الأدب من هو حسن اللقاء، جميل المعاملة، حلو الشمائل، مكرم لجليسه، وتجد في ذوي الأدب من أفنى دهره في القراءة والنظر، وهو مع ذلك قبيح اللقاء سيء المعاملة، جافي الشمائل، غليظ الطبع. والأدب نوعان: أدب خبرة، وأدب عشرة، قال الشاعر: يا سائلي عن أدب الخبره ... أحسن منه أدب العشره كم من فتى تكثر آدابه ... أخلاقه من علمه صفره [654] عبد الله بن سليمان بن يخلف الصقلي أبو القاسم الكلبي أحد الأدباء المجيدين، والشعراء المعدودين: وله تأليفات وكتب مصنفات في الرد على العلماء. فمن مختار شعره قوله: نعيمي أحلى بتلك الديار ... رواحي إلى لذة وابتكاري فليت ليالي الصدود الطوال ... فداء ليالي الوصال القصار   [654]- هذه الترجمة من المختصر، وانظر الوافي 17: 202 والفوات 2: 176 وأصل هذه الترجمة في المنتخل من الدرة الحظيرة لابن القطاع. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1529 زمان أبيت طليق الرقاد ... وأغدو خليا خليع العذار ولم يكن الهجر مما أخاف ... ولا العاذل الفظ ممن أداري أسابق صبحي بصبح الدنان ... وأصرف ليلي بصرف الكبار ألا ربّ يوم لنا بالمروج ... بخيل الضياء جواد القطار كأن الشقيق بها وجنة ... بآخرها لمعة من عذار كأن البنفسج في لونه ... اختلاط الظلام بضوء النهار وسوسنها مثل بيض القباب ... بأوساطها عمد من نضار ترى النرجس الغض فوق الغصون ... مثل المصابيح فوق المنار ونارنجها كحقاق النضار ... تصفف أو كثديّ الجواري أقمنا نسابق صرف الزمان ... بدارا إلى عيشنا المستعار نجيب بصوت القناني القيان ... إذا ما أجابت غناء القماري وتصبح عيداننا في اصطخاب ... يلذّ وأطيارنا في اشتجار نشمّ الخدود شميم الرياض ... ونجني النهود اجتناء الثمار ونسقى على النّور مثل النجوم ... ومثل البدور اعتلت للمدار عقارا هي النار في نورها ... فلولا المزاج رمت بالشرار إذا ما لقيت الليالي بها ... فأنت على صرفها بالخيار نعمنا بها وكأن النجوم ... دراهم من فضة في نثار وله من أخرى: شربت على الرياض النّيرات ... وتغريد الحمام الساجعات معتقة ألذّ من التصابي ... وأشرف في النفوس من الحياة تسير إلى الهموم بلا ارتفاع ... كما سار الكميّ إلى الكماة وتجري في النفوس شفاء داء ... مجاري الماء في أصل النبات كأن حبابها شبك مقيم ... لصيد الألسن المتطايرات لنا من لونها شفق العشايا ... ومن أقداحها قلق العداة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1530 على روض يدلّه من رآه ... بأصناف المناظر واللغات ويبكيه ابتسام الصبح فيه ... ويضحكه عبوس المدجنات كأن الأقحوان فصوص تبر ... تركّب في اللجين موسطات ونارنجا على الأغصان يحكي ... كؤوس الخمر في أيدي السّقاة إذا ما لم تنعّمني حياتي ... فما فضل الحياة على الممات شربت بسدفة كظلام جدّي ... وأحداث الزمان المبهمات إلى أن بان فتق مثل لفظي ... وأخلاقي الحسان المشرقات وله أيضا: أرحت النفس من همّ براح ... وهان عليّ إلحاح اللواحي وصاحبت المدام وصاحبتني ... على لذّاتها وعلى سماحي فما يبقى على طرب مصون ... ولا أبقي على مال مباح ثوت في دنّها ولها هدير ... هدير الفحل ما بين اللقاح وصفّتها السنون ورقّقتها ... كما رقّ النسيم مع الرواح إلى أن كشّفت عنها الليالي ... ونالتها يد القدر المتاح فأبرزها بزال الدنّ صرفا ... كما انبعث النجيع من الجراح [655] أبو عبد الله العروضي الصقلي: أحد العلماء الرواة الحفاظ الثقات العالمين بجميع التواريخ والأخبار، وملح الآداب والأشعار. كان مسامر الملوك والأمراء، ومنادم السادات والوزراء، عالما بالغناء، أربى فيه على المتقدمين. وعلمه بالعروض والقوافي والأوزان كعلم الخليل، وله شعر منه من أبيات: وسنان طرف يبيت في دعة ... وليس طرفي عنه بوسنان كأنّ أجفان عينه حلفت ... أن لا تذوق الرقاد أجفاني   [655]- هذه الترجمة من المختصر. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1531 [ومنه] «1» : لما نظرت إليّ من حدق المها ... وبسمت عن متفتّح النوّار وحللت أطراف الخمار كأنه ... عن جنح ليل فاحم ونهار وشددت بين قضيب بان ناعم ... وكثيب رمل عقدة الزنّار عفّرت وجهي في الثرى لك ساجدا ... وعزمت فيك على دخول النار [656] عبد الله بن عامر المقري: يحصبيّ منسوب إلى يحصب: بن دهمان بن عامر بن حمير بن سبأ بن يشجب، ويقال يحصب بضم الصاد وكسرها. واختلف في كنيته، فقيل أبو نعيم. وهو أحد القراء السبعة. قيل إنه قرأ على عثمان بن عفان، رضي الله عنه، وقيل: إنه قرأ على أبي الدرداء. وقيل: على معاذ بن جبل. وقيل: إن قراءة أهل الشام موقوفة على ابن عامر اليحصبي. وقيل: قرأ على معاوية بن أبي سفيان، وروى الحديث عن عثمان وأبي الدرداء وزيد بن ثابت، وكان شيخا كبيرا، وكان إماما عالما حافظا قيما بالعلوم، وشهرته تغني عن وصفه. روى القرآن «2» عن عبد الله بن ذكوان، وهشام بن عمار السلمي، والوليد بن عتبة الأشجعي وغيرهم. مات سنة ثماني عشرة ومائة وعمره تسع وتسعون سنة في أيام هشام بن عبد الملك، وهو من الطبقة الثانية من التابعين. وكان على بناء مسجد دمشق وكان رئيس المسجد لا يرى فيه بدعة إلا غيرها. وقيل: إنه كان راوية لعثمان بن عفان، رضي الله تعالى عنه.   [656]- هذه الترجمة من المختصر، وانظر تاريخ الاسلام للذهبي 4: 266 وطبقات ابن سعد 7: 449 وقضاة وكيع 3: 203 والفهرست: 31- 32 ومصورة ابن عساكر 9: 469 ومختصر ابن منظور 12: 291 وسير الذهبي 5: 292 وعبر الذهبي 1: 149 ومعرفة القراء الكبار 1: 67 وميزان الاعتدال 2: 449 والوافي 17 وطبقات ابن الجزري 1: 423 والشذرات 1: 156. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1532 [657] عبد الله بن عبد الله الصفري، يكنى أبا العباس: أديب فاضل أريب شاعر ناثر. لقي أعيان المشايخ وأخذ عنهم الأدب، منهم ابن خالويه، وأبو علي الفارسي [والزجاجي] وكان من شعراء سيف الدولة بن حمدان. مرض أبو فراس ابن حمدان فلم يعده أبو العباس الصفري فكتب إليه أبو فراس يستبطئه عن عيادته «1» . إني مرضت فلم يعدني عائد ... ممن قضيت حقوقه فيما مضى إن الحقوق وإن تطاول عهدها ... دين يحلّ وواجبات تقتضى لولا الجميل وحفظ ما أسلفتم ... يا ظالميّ لقلت لا بعد الرضى يا تاركين عيادتي بتعمد ... إن تمرضوا لا تعدموا مني القضا فأجابه أبو العباس الصفري: شكوى الأمير لما شكاه مودع ... أحشاءنا وقلوبنا جمر الغضا ما في السويّة أن نراه يشتكي ... ما العدل إلا أن تصحّ ونمرضا عوّضت من ألم ألمّ سلامة ... إن السلامة خير شيء عوّضا فانهض بمجد أنت محيي رسمه ... فالمجد ليس بناهض أو تنهضا وحضر مجلس سيف الدولة، وعنده القاضي أبو حفص قاضي حلب وجرى ذكر هذين البيتين المشهورين: وليس صرير النعش ما تسمعانه ... ولكنه أصلاب قوم تقصّف وليس نسيم المسك ريّا حنوطه ... ولكنه ذاك الثناء المخلّف   [657]- هذه الترجمة من المختصر، وانظر الوافي 17: 297 (وهو متابع لما أورده ياقوت دون إخلال بشيء) . الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1533 فاستحسنها الجماعة، وقال سيف الدولة هما لبعض المحدثين قد ذهب عني اسمه، فقال أبو حفص: هما للخنساء. فقال سيف الدولة للصفري: أتعرف لمن هما؟ قال: نعم، هما لأبي عبد الرحمن العطوي، قال: صدقت. وأمره بإجازتهما. فقال ارتجالا، وذكر فيها أباه أبا الهيجاء: لقد ضمّ منه قبره كلّ سؤدد ... وكلّ علاء حدّه ليس يوصف وأضحى الندى مذ غاب عنّا خياله ... وأركانه من شدة الوجد تضعف على أن صرف الدهر لا درّ درّه ... يسرّ أناسا بالحمام ويسعف ألا يا أميرا عمّ ذا الخلق جوده ... وأضحى به شعري على الشعر يشرف حسامك يجري من دم القرن حدّه ... ورمحك في يوم الكريهة يرعف وأنت إذا عدّ الكرام مقدّم ... وغيرك إن عدّ الكرام مخلّف [658] عبد الله بن عبد العزيز البكري أبو عبيد الأندلسي: كان أميرا بساحل كورة لبلة، وصاحب جزيرة شلطيش، بلد صغير من قرى اشبيلية على البحر. وكان مقدما من مشيخة أولي البيوتات وأرباب النعم بالأندلس، فغلبه ابن عباد صاحب اشبيلية على سلطانه ببلده المذكور، فلاذ بقرطبة، ثم صار إلى محمد بن معن صاحب المرية، فاصطفاه لصحبته، وآثر مجالسته والأنس به، ووسّع راتبه. قال ابن خاقان: رأيته وأنا غلام في مجلس ابن منظور وله شيبة يروق العيون إيماضها، ويفوق السواد بياضها، وقد بلغ سن ابن محلم «1» ، وهو يتكلم فيفوق كلّ   [658]- هذه الترجمة من المختصر، وانظر الصلة 1: 277 والذخيرة 2: 232 وقلائد العقيان: 615 والحلة السيراء 2: 180 والمغرب 1: 347 والخريدة (قسم المغرب 3: 475) وسير الذهبي 19: 35 والوافي 17: 290. ومقدمة السمط والجغرافية والجغرافيون في الأندلس للدكتور حسين مؤنس. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1534 متكلم. فجرى ذكر ابن مقلة وخطّه، وأفيض في رفعه وحطه، فقال: خطّ ابن مقلة من أرعاه مقلته ... ودّت جوارحه لو أصبحت مقلا وكان ملوك الأندلس تتهادى مصنفاته تهادي المقل للكرى، والآذان للقرى «1» . ومن شعره: أجدّ هوى لم يبل دهرا تجددا ... ووجدا إذا ما أتهم الوجد أنجدا وما زال هذا الدهر يلحن في الورى ... فيرفع مجرورا ويخفض مبتدا ومن لم يحط بالناس علما فإنني ... بلوتهم شتّى مسودا وسيّدا وكان، رحمه الله، معاقرا للراح لا يصحو من خمارها، ولا يمحو رسم داره «2» من مضمارها، ولا يريح إلا على تعاطيها، ولا يستريح إلا إلى معاطيها، وقد اتخذ إدمانها هجيراه، فلما دخل رمضان طالبته نفسه بها، وخاف واشيا يشي به، فقال يخاطب نديمين له «3» : خليلي إني قد طربت إلى الكاس ... وتقت إلى شمّ البنفسج والآس فقوما بنا نلهو ونستمع الغنا ... ونسرق هذا اليوم سرّا من الناس فإن فطنوا كنا نصارى ترهّبوا ... وإن غفلوا عدنا إليهم من الراس وليس علينا في التعلّل ساعة ... وإن وقعت في عقب شعبان من باس بيت «4» : متى تخطىء الأيام فيّ بأن أرى ... بغيضا تنائي أو حبيبا تقرّب فصل من كلامه يهنىء الوزير أبا بكر ابن زيدون بالوزارة: أسعد الله بوزارة سيدنا الدنيا والدين، وأجرى لها الطير الميامين، ووصل بها التأييد والتمكين، والحمد لله على أمل قد بلغه، وجذل قد سوّغه، وضمان حقّقه، ورجاء صدقه، وله المنّة في ظلام كان أعزه الله صبحه، ومستبهم غدا شرحه، وعطل نحر عاد حليه، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1535 وضلال دهر صار هديه: فقد عمر الله الوزارة باسمه ... وردّ إليها أهلها بعد إقصار جمع كتابا في أعلام نبوّة نبيّنا، عليه السلام، أخذه الناس عنه إلى غير ذلك من تواليفه. توفي في شوال سنة سبع وثمانين وأربعمائة. [659] عبد الله بن عبد الأعلى [النحوي] : هو أحد أصحاب أبي علي الفارسي. صحبه وخرج في صحبته إلى فارس وأصبهان. وكان عبد الأعلى أبوه من كبار أصحاب الحديث ببغداد. قال أبو الفضل الفسوي: حضرنا جنازة عبد الأعلى ببغداد، وحضر جنازته الكبير والصغير، وتقدم ابنه عبد الله، فصلّى عليه، وكبّر عليه خمسا. فلما انصرف من الصلاة عليه، قيل له: أظهرت اليوم خلاف مذهبك. فقال للناس: اعلموا أنني لو تركت ورأيي لم أزل أكبّر عليه تكبيرة بعد أخرى، وأخصّه بأدعية بعد أدعية من نية صادقة، وطويّة صافية، فقد وقذني فراقه، ولذعني انطلاقه، ثم بكى وأفرط، وشهق شهقة، وأنشأ يقول: صحبتك قبل الروح إذ أنا نطفة ... مصان فلا يبدو لخلق مصونها فماذا بقاء الفرع من بعد أصله ... ستلقى الذي لاقى الأصول غصونها [660] عبد الله بن عبد الرحمن الدينوري، أبو القاسم: من رؤساء الأدباء، ورؤوس الكتاب، ووجوه العمال بخراسان، قيل إنه من أولاد العباس بن عبد المطلب.   [659]- هذه الترجمة من المختصر، وانظر الوافي 17: 237 (وهو لا يزيد على ما ورد هنا) وبغية الوعاة 2: 46. [660]- هذه الترجمة من المختصر وانظر يتيمة الدهر 4: 136 (ومنه يستمد ياقوت هذه الترجمة) والوافي 17: 343 والفوات 2: 178. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1536 له مصنفات وأشعار، منها في وصف الخمر: كأنّها في يد الساقي المدير لها ... عصارة الخدّ «1» في ظرف من الآل لم تبق منها الليالي في تصرفها ... إلا كما أبقت الأيام من حالي وله: يا لعصر الخلاعة المحمود «2» ... ولظلّ الشبيبة الممدود وللهوي ولذّتي وسروري ... ولسفكي دم ابنة العنقود وارتشافي الرضاب من برد الثغ ... ر وشمي عليه ورد الخدود وغدوّي إلى مجالس علم ... ورواحي إلى كواعب غيد في قميص من السرور مذال ... ورداء من الشباب جديد ولأيامي القصار اللواتي ... كنّ بيضا قد حلّيت بالسعود غيّر الدهر حالها فاستحالت ... مظلمات من الليالي السود وأتاني من المشيب نذير ... غضّ مني وفتّ في مجلودي وتدانت له خطاي برغمي ... وتحانى لها خضوعا «3» عمودي وتيقّنت أنني من مسيري ... إثر شرخ الشباب غير بعيد وله: شوقي إليك كشوق المدنف الحرض ... إلى الطبيب الذي يشفي من المرض فإن يكن لك عني يا أخي عوض ... فلا وحقك ما لي عنك من عوض وله من أبيات يسترجع بها كتابا معارا «4» : أنا أشكو إليك فقد نديم ... قد فقدت السرور منذ تولّى كان لي مؤنسا يسلّي همومي ... بأحاديث من منى النفس أحلى فتفضّل به عليّ فإني ... لست إلا بمثله أتسلى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1537 وله «1» : أشكو إلى الله ضيق ذات يدي ... قد مات صبري وخانني جلدي وقد جفاني الأنام قاطبة ... حتى عبيدي وعقّني ولدي وله في ولده طاهر: لو كنت أعلم أني والد ولدا ... يكون لا كان في عينيّ كالرّمد فلا أسرّ على طول الحياة به ... جببت نفسي كي أبقى بلا ولد وقد تمنيت لو أن المنى نفعت ... ولا مردّ لحكم الواحد الصمد وقلت لو أن قولي كان ينفعني ... يا ليت أني لم أولد ولم ألد وله في النارنج: أما ترى شجر النارنج طالعة ... نجومها في غصون لدنة ميل كأنها بين أوراق تحفّ بها ... زهر المصابيح في خضر القناديل وله: بأبي أنت وقد طب ... ت لنا ضمّا وشمّا طاب فوك العذب و ... العين وشيء لا يسمّى [661] عبد الله بن عطية بن عبد الله بن حبيب أبو محمد المفسّر المقرىء المعدل. مات سنة ثلاث وثمانين وثلاثمائة. قيل: إنه كان يحفظ خمسين ألف بيت من الشعر للاستشهاد على معاني القرآن   [661]- هذه الترجمة من المختصر، وانظر مختصر ابن منظور 13: 141 والوافي 17: 320 ومعرفة القراء الكبار 1: 271 وطبقات ابن الجزري 1: 433 وطبقات المفسرين: 15 وطبقات الداودي 1: 239 والدارس 2: 335. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1538 وغيره. وكان ثقة، وقرأ القرآن على أبي الحسن الأخرم. حدث عبد الله بن عطية قال: حدثني أبو عبد الله محمد بن أحمد الزبيدي قال: سمعت أبي يقول، سمعت أحمد بن العبدي يقول: سمعت قنان الذراع يقول: الطلاق الثلاث له لازم إن لم يكن سمع أبا عبيدة معمر بن المثنى يقول: الطلاق الثلاث لازم له، إن كانت العرب قالت أحكم من هذه الأبيات: كن للمكاره بالعزا متلقيا ... فلعل يوما لا ترى ما تكره ولربما استتر الفتى فتنافست ... فيه العيون، وإنه لمموّه ولربما خزن البليغ لسانه ... حذر الجواب، وإنه لمنوّه ولربما ابتسم الكريم مع الأذى ... وفؤاده من حرّه يتأوّه وله: احذر مودة ماذق ... مزج الحلاوة بالمراره يحصي الذنوب عليك أيا ... م الصداقة للعداوة وله من أبيات: كنت الضنين بمن فجعت به ... فسلوت حين تقادم الأمر ولخير حظك في المصيبة أن ... يلقاك عند نزولها الصبر [662] عبد الله بن علي بن أحمد بن عبد الله المقرىء أبو محمد ابن بنت الشيخ أبي منصور الخياط، إمام مسجد ابن جردة: قرأ القرآن بروايات، وتخرج عليه جماعة كبيرة. وله معرفة بالنحو واللغة   [662]- هذه الترجمة من المختصر، وانظر المنتظم 10: 122 ونزهة الألباء: 282 ومرآة الزمان 8: 193 وإنباه الرواة 2: 122 وعبر الذهبي 4: 113 ومعرفة القراء الكبار 2: 403 وسير الذهبي 20: 130 وذيل ابن رجب 1: 209 والبداية والنهاية 12: 222 والوافي 17: 331 (وصرح الصفدي بأنه ينقل عن ياقوت) وطبقات ابن الجزري 1: 434. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1539 يقرئهما الناس. مات سنة إحدى وأربعين وخمسمائة في أيام المقتفي. كان متواضعا، حسن القراءة والتلاوة في المحراب، خصوصا في ليالي رمضان. وكان يحضر عنده الناس لاستماع قراءته، وتخرج عليه جماعات كثيرة ختموا كتاب الله. قرأ القرآن على جماعة منهم الشريف عبد القاهر بن عبد السلام العباسي المكي، وأبو الحسن ابن الفاعوس. وروى الحديث عن أبي الحسن ابن النقور واللالكائي. وكان يتعاطى قول الشعر. وصنف تصانيف في القرآن وعلومه وأغرب فيها وخولف في بعضها، وشنعوا عليه، ورجع عن ذلك. ومن مصنفاته: المبهج والكفاية والاختيار والإيجار «1» . فمما أنشده السمعاني من شعره: ومن لم تؤدّبه الليالي وصرفها ... فما ذاك إلا غائب العقل والحسّ يظن بأن الأمر جار بحكمه ... وليس له علم أيصبح أم يمسي ومنه: تقول أميمة لما رأت ... بياضا أبهرجه بالخضاب وقد صار شيبي بعد البياض ... محلولك اللون مثل الغراب فهبك رددت سواد العذار ... فكيف تردّ زمان الشباب ومنه: أرى ظاهر الودّ الذي كان بيننا ... تقضّى وقد كانت به النفس تخدع وغرّك ما غرّ السراب لذي الظما ... فلما أتاه خانه وهو يطمع وهو شيخ شيخنا تاج الدين أبي اليمن زيد بن الحسن الكندي ومخرّجه. قال الشيخ أبو الفرج ابن الجوزي، كان أبو محمد يقول: لو قلت إنه ليس بالعراق مقرىء إلا وقد قرأ عليّ أو على جدي، أو قرأ على من قرأ علي لظننت أنني صادق. وأمّ بمسجد ابن جردة خمسا وخمسين سنة لم يسمع قط أطيب من صوته، ولا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1540 أحسن على كبر سنّه. وكان لطيف الأخلاق، ظاهر الكيس والظرافة، حسن المعاشرة للعوام والخواص. وقال الشيخ أبو الفرج: وقد رأيت جماعة من الأعيان ماتوا، فما رأيت أكثر جمعا من جنازته، وغلّقت الأسواق لأجله، ودفن عند جده أبي منصور الخياط بدكة الإمام أحمد بن حنبل، رضي الله عنه. ومن شعره: أيها الزائرون بعد وفاتي ... جدثا ضمّني ولحدا عميقا سترون الذي رأيت من المو ... ت عيانا وتسلكون الطريقا وله أيضا: أأنصحكم على أوفى يقيني ... وسوء الظن منكم يعتريني إذا ما جئتكم لأداء نصح ... أتاني الغشّ منكم في الكمين سأصبر ما حييت على أذاكم ... وأحفظ ودكم في كل حين [663] عبد الله بن عيّاش المنتوف الهمداني الكوفي كنيته أبو الجراح: حدث عن الشعبي وغيره، وروى عنه الهيثم بن عديّ فأوعب، وكان أحد أصحاب الأخبار ورواة الأنساب والأشعار مع دراية وفهم. وكان كيّسا مطبوعا صاحب نوادر. وكان ينتف لحيته، وكان أبرص. مات سنة ثمان وخمسين ومائة في السنة التي مات فيها أمير المؤمنين المنصور بالله. كتب معن بن زائدة إلى المنتوف من اليمن: قد بعثت إليك بخمسمائة دينار، ومن ثياب اليمن بخمسين ثوبا أشتري بها دينك. فكتب إليه عبد الله: قد بعتك ديني كلّه ما خلا التوحيد لعلمي بقلّة رغبتك فيه؛ قال ابن عياش: فحدثت بها المنصور،   [663]- هذه الترجمة من المختصر وانظر نور القبس: 264 وتاريخ الاسلام للذهبي 6: 214 وعبر الذهبي 1: 229 وميزان الاعتدال 2: 470 والوافي 17: 393 ولسان الميزان 3: 322 والشذرات 1: 243. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1541 فما زال يضحك منها ويعجب لها. قال ثعلب: كان ابن عيّاش المنتوف عالما بالمثالب والأنساب شاعرا هجاء، وكان يتقى لسانه، وكان ينتف لحيته كلما طالت. فقال المنصور له يوما: انظر إلى لحية عبد الله بن الربيع، ما أحسنها! فحلف ابن عياش أنه أحسن منه. فقال ابن الربيع: ما أجرأك على الله، أيها الشيخ. فقال: يا أمير المؤمنين: احلق لحيته، وأقمني إلى جنبه حتى ترى. وقيل: إنه كان يطعن في الربيع الحاجب في نسبه طعنا قبيحا، ويقول له: فيك شبه من المسيح، يخدعه بذلك. فكان يكرمه لذلك، حتى أخبر المنصور بما قاله. فقال له المنصور: إنه يريد أنه لا أب لك. فتنكّر له بعد ذلك. وحدث ابن عياش أن رجلا أخذ من لحية عمر بن الخطاب، رضي الله عنه شيئا. فقال له: ليكن لسانك أطول من يديك. قال رجل لابن عياش: لي إليك حاجة صغيرة؟ قال: اطلب لها صغيرا مثلها. وحدث ابن شبرمة قال «1» : بكرت على أبي جعفر المنصور ذات يوم، وقد خرج عليه إبراهيم بن عبد الله بن حسن بن حسن فدخلت عليه في آخر الليل، فإذا ابن عياش المنتوف واقف، وهيلانة جاريته، فقال لها: يا لخناء، ما وراءك؟ قالت: يا أمير المؤمنين: إن هاتين العروستين اللتين جاء بهما إسحاق الأزرق من الكوفة: الطلحية والتميمية، قد ساءت ظنونهما، وخبثت أنفسهما إذ لم يدعهما أمير المؤمنين فيبسط من آمالهما، وينظر في حوائجهما، فقال: أخسئي يا لخناء، لا والله، لا أطعم الطعام الطيب، ولا أشرب الشراب البارد حتى أعلم رأسي في يد إبراهيم، أو رأس إبراهيم في يدي. ثم التفت فلحظ ابن عياش يبتسم، فقال: ما هذا التبسّم، ويلك يا ابن عياش؟ فقال: يا أمير المؤمنين: ذكرت بيت الأخطل في عبد الملك بن مروان. قال: وما هو؟ قال: قوله «2» : الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1542 قوم إذا حاربوا شدّوا مآزرهم ... دون النساء ولو باتت بأطهار قال: يا مسيّب، إذا خرج ابن عياش فادفع إليه درهمين. وحدث ابن طاهر عن أبيه عن سلمان البرمكي قال: كان المنصور قد أخذ عهد عبد الله بن عياش بإعفاء لحيته، فلما كان اليوم الذي مات فيه المنصور جعل يصرخ عليه، وينتف لحيته، ويقول: وا أمير المؤمنيناه، حتى أتى عليها فهلبها. قال المرزباني: لم يرو شيء من الشعر لابن عياش، بلى قوله في أخي أبي عمرو بن العلاء: صحبت أبا سفيان ستين حجة ... خليلي صفاء ودّنا غير كاذب فأمسيت لما حالت الأرض بيننا ... على قربه مني كمن لم أصاحب وقيل: إن هذا الشعر لسلمة بن عياش القرشي البصري. وحدث ابن عياش قال، قال لنا المنصور: أخبروني عن خليفة جبّار أول اسمه عين قتل ثلاثة جبابرة أول أسمائهم عين. قال، فقلت له: عبد الملك بن مروان قتل عمرو بن سعيد بن العاص، وعبد الله بن الزبير، وعبد الرحمن بن محمد بن الأشعث. قال: فخليفة أول أسمه عين فعل ذلك بثلاثة جبابرة أول أسمائهم عين، فقلت: أنت يا أمير المؤمنين، عبد الله بن محمد قتلت أبا مسلم، واسمه عبد الرحمن وقتلت عبد الجبار بن عبد الرحمن. قال: وأدركني ذهني، قلت: وسقط البيت على عمك عبد الله بن علي فقتله. فضحك، وقال: ويلك، وما ذنبي إذا سقط البيت عليه فقتله «1» ؟ فسكت وكأني آنست منه لينا فقلت: أي والله، وهذا الآخر حائطه مائل عليه أريد عمده بشيء وإلّا خفت أن يسقط عليه البيت فيقتله أعني عيسى بن موسى عمّه «2» . فلما قلت: وحائطه مائل، تبسّم حتى كاد يغلبه الضحك، واستتر مني بكمّه، وتغافل كأنه لم يفهم ما قلت. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1543 [664] عبد الله بن القاسم بن علي بن محمد بن عثمان ابن صاحب المقامات المعروف بالحريري: يكنى أبا القاسم، من أهل البصرة. سكن بغداد بباب المراتب. له حظ وافر من الأدب واللغة، مليح الخط، قليل الخطأ. مولده سنة تسعين وأربعمائة. مات [ ... ] «1» قال عبد الله بن القاسم: أنشدني والدي لنفسه: لا تخطونّ إلى خطء ولا خطأ ... من بعد ما الشيب في فوديك قد وخطا فأي عذر لمن شابت ذوائبه ... إذا جرى في ميادين الصّبا وخطا [665] عبد الله بن كثير القارىء بن عمرو بن عبد الله بن زاذان بن فيروزان بن هرمز: أحد القراء السبعة المشهورين. واختلفوا في كنيته، وأشهرها أبو معبد. مات بمكة سنة عشرين ومائة في أيام هشام بن عبد الملك. وكان واعظا يعظ الناس. وهو مولى عمرو بن علقمة الكناني، ويقال لابن كثير «الداري» ، لأنه كان عطارا، وقيل هو منسوب إلى بطن من لخم، منهم تميم الداري. والأول أصح. واختلف العلماء في قراءة عبد الله بن كثير، فزعمت طائفه أنها موقوفة عليه لم يجاوزها إلى أحد، وقيل موقوفة على مجاهد بن جبر لم يجاوز بها أحدا فوقه، وقيل موقوفة على ابن عباس لم تتجاوزه، وقيل موقوفة على أبيّ بن كعب. وقيل: قرأ على   [664]- هذه الترجمة من المختصر وانظر: إنباه الرواة 2: 126 والوافي 17: 406. [665]- هذه الترجمة من المختصر وانظر تاريخ الإسلام للذهبي 4: 268 وسير الذهبي 5: 318 وعبر الذهبي 1: 152 ومعرفة القراء الكبار 1: 871 والفهرست: 31 وابن خلكان 3: 41 والوافي 17: 409 وتهذيب التهذيب 5: 367. خلع نفسه من العهد ليجعل الخلافة بعده للمهدي، فامتنع عيسى فاعتقله في بيت من القصر ولا علم لي بذلك. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1544 درباس عن ابن عباس، وأهل مكة تقول درباس خفيفة، وأهل الحديث يقولون: درّباس، مشددة. وقيل: قرأ على درباس عن مجاهد عن ابن عباس عن أبيّ عن النبي، صلى الله عليه وسلّم. وقرأ أبو عمرو ابن العلاء وعيسى بن عمر والخليل بن أحمد وحماد بن سلمة وحماد بن زيد البصري على ابن كثير. وكان إمام أهل مكة وقارئهم، وكان يبيع العطر قديما، وأهل مكة يسمون العطار الداريّ. وقيل: سمي داريا نسبة إلى دارين. وقيل: سمّي داريا من الدراية، لأنه كان عالما. وقيل: سمّي داريا لمقامه في داره بجدّة وطاعة ربه «1» . وقيل: إنه تصدق بماله مرارا. وكان يؤم بالصلوات الخمس بالمسجد الحرام. وكان إذا أراد أن يقرىء أصحابه جمعهم ووعظهم، ثم أخذ عليهم بعد ذلك. وكان يقول: إنما أفعل ذلك حتى يقدموا على قراءة كتاب الله بقلوب خاشعة، وأنفس خاضعة، وأعين دامعة. وقد نظم بعض الشعراء أسماء القراء السبعة: يحلّي كتاب الله في الأرض سبعة ... مصابيح أنوار كرام سمادع عليّ وعبد الله منهم وعاصم ... وحمزة وابن للعلاء ونافع وقد جمعهم أيضا محمد بن الحسين البرياني، فقال: ألا إن قرّاء الأئمة سبعة ... بهم يهتدي في الذكر كلّ كبير عليّ أبو عمرو وحمزة عاصم ... ونافع عبد الله وابن كثير أنشد عنه ما كان يقوله في ذم نفسه حين سأله أهل مكة أن يقرئهم القرآن: بنيّ كثير كثير الذنوب ... ففي الحلّ والبلّ من كان سبّه بنيّ كثير دهته اثنتان ... رياء وعجب يخالطن قلبه بنيّ كثير أكول نؤوم ... وليس كذلك من خاف ربّه بنيّ كثير تعلّم علما ... لقد أعوز الصوف من جزّ كلبه الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1545 [666] عبد الله بن أبي مالك القيسي الصقلي، أبو المصيب: أحد رجال اللغة والعربية المطابيع في أجناس القريض، العالمين بالأوزان والأعاريض، فمنه قوله: غلط الذي سمّى الحجارة جوهرا ... إن الكريم أحقّ باسم الجوهر إن الجواهر قد علمت صوامت ... والمرء جوهره جميل المحضر [667] عبد الله بن محمد بن هارون التوّزي: ويقال التوجي، أبو محمد، مولى قريش. وإنما قيل له التوزي لنزوله في أصحاب التوزي بالبصرة. مات سنة ثمان وثلاثين ومائتين. أخذ عن أبي عبيدة والأصمعي وأبي زيد. وهو من أكابر أهل اللغة. قرأ على أبي عمر الجرمي كتاب سيبويه، وكان في طبقته في غير ذلك من العلوم. قال المبرد: كان التوزي أعلم من الرياشي والمازني. حدث محمد بن يزيد المبرد، قال «1» : قرأت على عمارة بن عقيل بن بلال بن جرير بن الخطفى، وأبو محمد التوّزي حاضر، كلمة جرير التي أولها: طرب الحمام بذي الأراك فشاقني ... لا زلت في فنن وأيك ناضر   [666]- هذه الترجمة من المختصر، وانظر معرفة القراء الكبار 1: 188 وعبر الذهبي 2: 134 والوافي 17: 417 وطبقات ابن الجزري 1: 445 والشذرات 2: 251 (وهذه الترجمة تطابق تماما ما أورده الصفدي) . [667]- هذه الترجمة من المختصر وانظر أخبار النحويين البصريين (صفحات متفرقة) ومراتب النحويين: 69، 122 ونور القبس: 215 والفهرست: 63 وطبقات الزبيدي: 99 ونزهة الألباء: 119 وإنباه الرواة 2: 126 والوافي 17: 521 وبغية الوعاة 2: 61. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1546 حتى صرت إلى قوله: أما الفؤاد فلا يزال موكّلا ... بهوى حمامة أو بريّا العاقر قال عمارة للتوّزي: ما يقول صاحبكم، يعني أبا عبيدة، في حمامة والعاقر؟ قال التوزي: يقول: إنهما امرأتان. فضحك عمارة، ثم قال: هما والله رملتان عن يمين بيتي وشماله. فقال لي التوزي: اكتب ما قال، قال: فتوقفت إجلالا لأبي عبيدة، فقال: اكتب، فإن أبا عبيدة لو حضر لأخذ هذا الضرب عنه [هذا بيت الرجل] «1» . قال خالد النجاد يهجو التوجي: يا من يزيد تمقّتا ... وتباغضا في كلّ لحظه والله لو كنت الخلي ... ل لما كتبنا عنك لفظه وحكى المبرد قال: سألت التوجي عن معنى قول العامة: تغافل واسطية، وتغافل كأنك واسطيّ، فقال: أصل ذلك أن الحجاج كتب إلى عبد الملك بن مروان: إني قد بنيت لك مدينة في كرش، وكان يصابح الواحد إذا دخل البصرة بالرشا، فيتغافل ولا يلتفت. وأنشد لفضل الرقاشي «2» : الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1547 [668] عبد الله بن محمد، أبو العبّاس الناشىء الشاعر المتكلّم المعروف بابن شرشير: أصله من الأنبار وسكن مصر وبغداد، وهو معدود في طبقة البحتري وابن الرومي، وله قصيدة نحو من أربعة آلاف بيت فيها فنون من العلم وهي على رويّ واحد وقافية واحدة. (قال ياقوت في «معجم الأدباء» ) : وقد قرأت بعض كتبه فدلّتني على هوسه واختلاطه لأنّه أخذ نفسه بالخلاف على أهل المنطق والشعر والعروضيّين وغيرهم، ورام أن يحدث لنفسه أقوالا ينقض بها ما هم عليه، فسقط في بغداد فلجأ إلى مصر وأقام بها بقيّة عمره إلى أن مات سنة ثلاث وتسعين ومائتين. قيل إنّ سبب موته كان عجبا، وهو أنّه كان في جماعة على شراب فجرى ذكر القرآن وعجيب نظمه فقال ابن شرشير: كم تقولون؟! لو شئت ... وتكلّم بكلام عظيم فأنكروا عليه ذلك فقال: إيتوني بقرطاس ومحبرة فأحضر له ذلك فقام ودخل بيتا فانتظروه، فلمّا طال انتظاره قاموا ودخلوا إليه فإذا القرطاس مبسوطا وإذا الناشىء فوقه ممتدّا فحرّكوه فإذا هو ميّت. وكان السبب في تلقّبه بالناشىء أنّه دخل مجلسا فيه أهل الجدل فتكلّم فأحسن على مذهب المعتزلة فجوّد وقطع من ناظره فقام شيخ منهم فقبّل رأسه وقال: لا أعدمنا الله مثل هذا الناشىء أن يكون فينا فينشأ في كلّ وقت لنا مثله، فاستحسن أبو العباس هذا الاسم وتلقّب به. ومن شعره: بكت للفراق وقد راعني ... بكاء الحبيب لبعد الديار كأنّ الدموع على خدّها ... بقيّة طلّ على جلّنار   [668]- صرح الصفدي (الوافي 17: 522) أنه ينقل في ترجمة الناشىء الأكبر عن ياقوت، وانظر مراتب النحويين: 85 والفهرست: 217 وتاريخ بغداد 10: 92 والمنتظم 6: 57 وإنباه الرواة 2: 128 وابن خلكان 3: 91 وعبر الذهبي 2: 95 وسير الذهبي 14: 40 والبداية والنهاية 11: 101 وطبقات المعتزلة: 92 ولسان الميزان 3: 334 والنجوم الزاهرة 3: 158 وحسن المحاضرة 1: 559 والشذرات 2: 214 والترجمة المثبتة هنا عن الوافي للصفدي. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1548 وله في داود بن عليّ الظاهري «1» : أقول كما قال الخليل بن أحمد ... وإن قست بين اللفظ واللفظ في الشعر عذلت على ما لو علمت بقدره ... بسطت مكان اللوم والعذل من عذري جهلت ولم تدر بأنّك جاهل ... فمن لي بأن تدري بأنك لا تدري وقال: أشدد يديك بمن تهوى فما أحد ... يمضي فيدرك حيّ بعده خلفا واستعتب الحرّ إن أنكرت شيمته ... فالحرّ يستأنف العتبى إذا أنفا من ذا الذي نال حظّا دون صاحبه ... يوما فأنصفه في الودّ وانتصفا قال محمد بن خلف بن المرزبان: اجتمع عندي أحمد بن أبي طاهر والناشىء ومحمد بن عروس، فدعوت لهم مغنية فجاءت ومعها رقيبة لم ير الناس أحسن منها، فلمّا شربوا أخذ الناشىء رقعة وكتب فيها: فديتك لو أنّهم أنصفوك ... لردّوا النواظر عن ناظريك تردّين أعيننا عن سواك ... وهل تنظر العين إلا إليك وهم جعلوك رقيبا علينا ... فمن ذا يكون رقيبا عليك ألم يقرأوا ويحهم ما يرون ... من وحي حسنك في وجنتيك وقال الناشىء يصف أصحابه: ولو شهدت مقاماتي وأنديتي ... يوم الخصام وماء الموت مطّرد في فتية لم يلاق الناس مذ وجدوا ... لهم شبيها ولا يلقون إن فقدوا مجاور والفضل أفلاك العلا سبل الت ... قوى محلّ الهدى عمد النهى الوطد كأنهم في صدور الناس أفئدة ... تحسّ ما أخطأوا فيها وما عمدوا يبدون للناس ما تخفي ضمائرهم ... كأنهم وجدوا منها الذي وجدوا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1549 دلّوا على باطن الدنيا بظاهرها ... وعلم ما غاب عنهم بالذي شهدوا مطالع الحقّ ما من شبهة غسقت ... إلا ومنها لديهم كوكب يقد ومن شعر الناشىء: وشادن ما تولّى وصفه أحد ... إلا تلجلج في الوصف الذي وصفا يلوح في خدّه ورد على زهر ... يعود من حسنه غضّا إذا قطفا لا شيء أعجب من جفنيه إنهما ... لا يضعفان القوى إلا إذا ضعفا [669] عبد الله بن محمد بن علي بن الحسن بن علي الميانجي أبو المعالي، من أهل خراسان: يعرف بعين القضاة. كان جدّه علي بن الحسن قاضي همذان واستشهد بها. وحفيده عين القضاة عبد الله كان له فضل وفقه فإنه كان بليغا شاعرا متكلما، تمالأ عليه أعداء له فقتل صبرا (كما ذكرنا في كتابنا أخبار الأدباء) سنة خمس وعشرين وخمسمائة. وقال فيه ابن السمعاني: أحد فضلاء العصر ومن يضرب به المثل في الذكاء والفضل، وكان يميل إلى الصوفية ويحفظ من كلامهم وإشاراتهم ما لا يدخل تحت الوصف. صنف في فنون من العلم، وكان حسن الكلام والجمع فيها. قال: وكان الناس يعتقدونه ويتبركون به، وظهر له القبول التام عند الخاص والعام حتى حسد وأصابته عين الكمال، وكان العزيز يعتقد فيه اعتقادا خارجا عن الحد ولا يخالفه فيما يشير به، وكانت بينه وبين أبي القاسم الوزير الدركزيني منافسة، فلما نكب العزيز قصده الوزير وكتب عليه محضرا والتقط من أثناء تصانيفه ألفاظا شنيعة تنبو عن الاسماع، ويحتاج في كشفها إلى المراجعة لقائلها، فكتب جماعة من العلماء   [669]- عين القضاة الميانجي: ذكره ياقوت في مادة «ميانة» من معجم البلدان وأحال على كتابه «أخبار الأدباء- يعني هذا المعجم؛ وترجم له ابن الفوطي في تلخيص مجمع الآداب 4/2: 1130 والبيهقي في تاريخ الحكماء: 123 وطبقات السبكي 7: 128 ومرآة الجنان 3: 244 وطبقات الاسنوي 2: 405 والوافي 17: 541 ولسان الميزان 4: 411 والشذرات 4: 75 وهذه الترجمة من معجم البلدان ولسان الميزان. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1550 خطوطهم بإباحة دمه، فقبض عليه أبو القاسم وحمل إلى بغداد مقيدا ثم ردّ إلى همذان وصلب بها في اليوم السابع من جمادى الآخرة من السنة المذكورة. قال: وسمعت أبا القاسم محمود بن أحمد الروياني بأندرابه يقول: لما قرب قتل عين القضاة وقدم إلى الخشبة ليصلب قال: وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ. وله رسالة كتبها من بغداد إلى أصحابه وإخوانه بهمذان، لو قرئت على الصخور لانصدعت من الرقة والسلاسة. ومن شعر عين القضاة: أقول لنفسي وهي طالبة العلا ... لك الله من طلابة للعلا نفسا أجيبي المنايا إن دعتك إلى الردى ... إذا تركت للناس ألسنة خرسا ومنه: فما خدع الأجفان بعدك غفوة ... ولا وطىء الأجفان قبلك أدمع ومن تصانيفه: الرسالة العلائية. وأمالي الاشتقاق. والبحث عن معنى البعث. وكتاب زبدة الحقائق خلط فيه كلام الصوفية بكلام الحكماء. ومقدمة في الحساب الهندي. وغير ذلك. [670] عبد الله بن محمد بن علي بن محمد بن عبد الله أبو القاسم الملقب بالكامل: خوارزمي الأصل، وهو من أهل زاوطا في بلاد واسط، ولد بها وقرأ الأدب على أبيه وعلى أبي سعد أحمد بن علي بن الموصلية، وحدث بواسط سنة خمسمائة، وقدم بغداد سنة عشر وخمسمائة، وروى بها شيئا من شعره وتصانيفه. وكان معاصرا لأبي محمد الحريري صاحب المقامات، وكان عنده قوة في البلاغة فاخترع أن عمل   [670]- ترجمة الكامل الخوارزمي في ابن الفوطي (5: 88 ط. لاهور) نقلا عن ياقوت، وانظر إنباه الرواة 2: 136 والوافي 17: 541 وتاريخ ابن الدبيثي وترجم له العماد في الخريدة وأورد مقتطفات كثيرة من رحله، ونقل الدكتور مصطفى جواد بعض ترجماته في الضائع: 44 (رقم: 14) وهذه الترجمة من ابن الفوطي. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1551 كتابا سماه «الرحل» وهي ست عشرة رحلة، أهداها إلى هبة الله بن الفضل بن صاعد بن التلميذ في سنة اثنتين وخمسمائة، بنى كل رحلة منها على حادثة تمت ونادرة اتفقت له أو لوالده. فمن رحله «1» : «وصية لكل لبيب، متيقظ أريب، عالم أديب، يكره مواقف السقطات، ويتحفظ من مصادف الغلطات، ويتلطف من مخزيات الفرطات، أن يدّعي دون مقامه، ويقتصر من تمامه، ويغضّ من سهامه، ويظهر بعض شكيمته، ويساوم بأيسر قيمته، ويستر كثيرا من بضاعته، ويكتم دقيق صناعته، ولا يبلغ غاية استطاعته، وأن يعاشر الناس بصدق المناصحة، وجميل المسامحة، وأن لا يحمله الاعجاب بما يحسنه، على الازراء بمن يستقرنه، والافتراء على من يعترضه ويلسنه، ليكون خبره أكثر من خبره، ونظرته أروع من منظره، ويكون أقرب من الاعتذار، وأبعد من الخجلة والانكسار: فليس الفتى من قال إني أنا الفتى ... ولكنه من قيل: أنت كذلكا وكم مدّع ملكا بغير شهادة ... له خجلة إن قيل أن لست مالكا ولقد نصرت بالاتضاع، على ذي نباهة وارتفاع، وذلك أني أصعدت في بعض الأعوام، مع جماعة من العوام، بين تاجر وزائر، إلى الغريّ والحائر، حتى انتهينا إلى قرية شارعة، آهلة زارعة، وما منا إلا من أملّته السميريّة فأغرضته، وأسقمته وأمرضته، وفترته فقبضته، وكثر منا الجؤار، واستولى علينا الدّوار، فخرجنا منها خروج المسجون، وقد تقوسنا تقوّس العرجون، فاسترحنا بالصعود، من طول القعود: كأننا الطير من الأقفاص ... ناجية من أحبل القنّاص طيّبة الأنفس بالخلاص ... منفّضات الريش والنواصي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1552 فما استتمت الراحة، ولا استقرت بنا الساحة، حتى وقف علينا واقف، وهتف بنا هاتف: أيّكم الخوارزمي؟ فقالوا له: ذلك الغلام المنفرد، والشاب المستند، فأقبل إليّ، وسلّم عليّ، وقال: إن الناظر يستزيرك، فليعجل إليه مصيرك، فقمت معه، يتقدّمني وأتبعه، حتى انتهى بي إلى جلّة من الرجال، ذوي بهاء وجلال، وزينة وجمال، من أشراف الأمصار، وأعيان ذوي الأخطار، من أهل واسط وبغداد، والبصرة والسواد: ترى كلّ مرهوب العمامة لاثما ... على وجه بدر تحته قلب ضيغم فقام إليّ ذو المعرفة لاكرامه، وساعده الباقون على قيامه، وأطال في سؤاله وسلامه، وجذبوني إلى صدر المجلس فأبيت، ولزمت ذناباه واحتبيب، وأخذوا يستخبرونني عن الحال، والمعيشة والمال، وداعية الارتحال، وعن النية والمقصد، والأهل والولد، والجيران والبلد: وما منهم إلا حفيّ مسائل ... وواصف أشواق ومثن بصالح ومستشفع في أن أقيم لياليا ... أروح وأغدو عنده غير بارح ثم قال قائلهم: هل لقيت عين الزمان وقلبه، ومالك الفضل وربّه، وقليب الأدب وغربه، إمام العراق، وشمس الآفاق؟ فقلت: ومن صاحب هذه الصفة المهولة، والكناية المجهولة؟ فقالوا: أو ما سمعت بكامل هيت، ذي الصوت والصيت؟ ذاك الذي لو عاش [قس] إلى ... زمانه ذا وابن صوحان وابن دريد وأبو حاتم ... وسيبويه وابن سعدان وعامر الشعبيّ وابن العلا ... وابن كريز وابن صفوان قالوا محاب كلهم: إنه ... سيدنا. إذ قال: غلماني فقلت لهم: قد قلّدتم المنّة، وهيجتم الحنّة، إلى لقاء هذا العالم المذكور، والسيد المشهور، وقد كانت الرياح تأتيني بنفحات هذا الطّيب، وهدر هذا الخطيب. فالآن لا أثر بعد عين، سأصبح لأجله عن سرى القين، اغتناما للفائدة، والنعم الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1553 الباردة، ووجدانا للضالة الشاردة: أين أمضي وما الذي أنا أبغي ... بعد إدراكي المنى والطّلابا فإذا ما وجدت عندكم العلم ... قريبا فما أريد الثوابا اذهبوا أنتم فزوروا عليا ... لأزور الهيتيّ والآدابا لن أبالي إن قيل [إن] الخوارز ... ميّ أخطا [في] فعله أو أصابا فقالت الجماعة: بل أصبت، ووجدت ما طلبت، وقديما كنّا ننشر أعلاقك، ونتمنى اتفاقك، ونتداول أوصافك، ونحبّ مضافك، ونكبر لديه ذكرك، ونعظّم لديه قدرك، فيتحرك منك ساكنه، وتتقلقل بك أماكنه، ونسأل الله- سبحانه- أن يجمع بينك وبينه بمحضرنا، وتلامح عينك عينه بمنظرنا، ويلتفّ غبارك بغباره، ويمتزج تيارك بتياره، ويختلط مضمارك بمضماره، فيعرف منكما السابق والسّكيت، والسّوذانق والكعيت، ويتبين من الذي يحوي القصب، فانكما كما قال الشاعر: هما رمحان خطيّان كانا ... من السّمر المثقّفة الصعاد تهال الأرض أن يطئا عليها ... بمثلهما نسالم أو نعادي فقلت: لقد تنكبتم الانصاف، وأخطأتم الاعتراف، وأبعدتم القياس، وأوقعتم الالتباس، أين ابن ثلاثين إلى ابن ثمانين، وابن اللبون، من البازل الأمون؟ والرمح الرازح، من الجواد القارح؟ والكودن المبروض، من المجرّب المروض: وابن اللّبون إذا ما لزّ في قرن ... لم يستطع صولة البزل القناعيس كيف لربيب بطائح وسباخ، وساكن صرائف وأكواخ، بين يديه سوادية أنباط، وعلوج أشراط، ورعاع أخلاط، وسفل سقاط، في بلدة إن رأيت سورها، وعبرت جسورها، صحت واغربتاه، وإن رأيت وجها غريبا ناديت: وا أبتاه. لا أعرف غير النبطية كلاما، ولا ألفي سوى والدي إماما، في معشر ما عرفوا الترحال، ولا ركبوا السروج والرحال، ولا فارقوا الجدار والظلال: أولئك معشر كبنات نعش ... خوالف لا تغور مع النجوم الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1554 بمصاولة رجل جوّال، رحّال حلال، بهيت وضع، وبالكوفة أرضع، وببغداد أثغر، وبواسط أحفر، وبالحجاز وتهامة فطامه، وبمصر والمغرب كان احتلامه، وبنجد والشام بقل عارضه، وباليمن وعمان قويت نواهضه، وبخراسان بلغ أشدّه، وببخارى وسمرقند تناهى جدّه، وبغزنة والهند شاب واكتهل، ومن سيحون وجيحون علّ ونهل، وبميسان والبصرة عوّد وقرح، وبالجبال جله وجلح، فهو يعدّ المازني إمامه، وابن جني غلامه، والمتنبي من رواته، والمعرّي حامل دواته، والصابي باري قلمه، والصاحب رافع علمه، وابن مقلة من ناقلي غاشيته، وابن أبي حفصة بعض حاشيته، وقد قرأ الكتب وتلاها، وحفظ العلوم ورواها، ودرس الآداب ووعاها، ودوّن الدواوين وألّفها، وأنشأ الحكم وصنفها، وفصّل المشكلات وشرحها، وارتجل الخطب ونقحها، فهو البحر المورود، والامام المقصود، والعلم المصمود، هذا بون بعيد ومرتقى شديد: أتلقون بالأعزل الرامحا ... وبالأكشف الحاسر الدارعا وبالكودن السابق السابحا ... وبالمنجل الصارم القاطعا فما استتم كلامنا حتى أقبل، فإذا نحن به قد طلع مهرولا، وأقبل مستعجلا، فرأيت رجلا أجلح، أهتم أفلح، أفطح أردح، طويلا عنطنط، يحكي ذئبا أمعط، أخمع أخبط، فتلقوه معظمين، وله مفخمين، فقصد من المجلس صدره، وأسند إلى المخدة ظهره، فما استقر به المكان حتى قيل له: هذا فلان. فقبض من أنفه، ونظر إليّ بشطر من طرفه، وقال ببعض فيه: هلموا ما كنتم فيه، تعسا للشوهاء وجالبيها، والقرعاء وحالبيها. قد جاء زيد مجرّرا رسنه ... فحل فلا تمنعنّه سننه أحبه قومه على شوه ... إن القرنبى في عين امّها حسنه [فقال] : كان لنا شيخ بالأنبار، كثير الأخبار، قد بلغ من العمر أملاه، ومن السنّ أعلاه، قرأت عليه جميع الكتاب، وعلم الأنساب، ومسائل ابن السرّاج، وديوان العجاج، وكتاب الاصلاح، وشروح الإيضاح، وشعر الطرماح، والعين للفرهودي، والجمهرة للأزدي. وأكثر من [ذكر] المصنفات، المجهولات الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1555 والمعروفات، ينفخ في شقاشقه، ويزبد في بقابقه، ويتعاظم في مخارقه. وجعل القوم يقسمون بيننا الألحاظ، ويحسبون الألفاظ، وما منهم إلا من اغتاظ لسكوتي وكلامه، وتأخري وإقدامه. ثم هذى الشيخ إذ وصف له رجل على الغيب ثم رآه، فاحتقره وازدراه، وأنشد متمثلا: لعمر أبيك تسمع بالمعيدي ... بعيد الدار خير أن تراه فقال: هذا المعيدي هو ضمرة بن ضمرة بن جابر بن قطن بن نهشل بن دارم بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم بن مرّة بن أدّ بن طابخة بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. والمعيديّ تصغير معدي وهو الذي قالت فيه نادبته: أنعى الكريم النهشلي المصطفى ... أكرم من خامر أو تخندفا فقلت: ما بعد هذا المقال، وجه للاحتمال، وما يجب لي بعد هذه المواقحة، غير المكافحة، ولم يبق لي بعد المغالبة، من مراقبة. ما علتي وأنا جلد نابل ... والقوس فيه وتر عنابل تزلّ عن صفحته المعابل ... ما علّتي وأنا [رجل] جلد والقوس فيه وتر عردّ ... مثل ذراع البكر أو أشدّ فعطفت عليه عطف الثائر العاسف، والتفتّ إليه التفات الطائر الخاطف، فقلت له: يا أخا هيت، قد قلت ما شيت، فأجب الآن إذ دعيت، والزم مكانك، وغض عنانك، وقصّر لسانك، إنّ نادبة ضمرة خندفته، لما وصفته، وما سمعت في نسبتك إياه لخندف ذكرا، فأبن عن ذلك عذرا. فقال: إن خندف هي امرأة الياس بن مضر غلبت على بنيها، فنسبوا إليها، كطهيّة ومزينة، وبلعدوية وعرينة، والسلكة وجهينة، وندبة وأذينة، وكشبيب بن البرصاء، وابن الدّعماء. فقلت له: سئلت، فأجبت وأصبت، فأخبرني عن خندف هل هو اسم موضوع؟ فوقف عند ذلك حماره، وخمدت ناره، وركد جريانه، وسكن هذيانه، وفتر غليانه، وظهر حرانه، وذلّ وانقمع، وانطوى واجتمع، فاضطره الحياء، وألجأه الاستخذاء إلى أن قال وهو الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1556 يخفي لفظه، ويطرق لحظه: أظنّه لقبا. فقلت: هو كما ظننت فما معناه وما سببه؟ وكيف كان موجبه. فلم يجد بدا من أن يقول: لا أدري فقال وقد أذقته مرّ الاماتة، وأحسّ من القوم بتظاهر الشماتة: وودّ بجدع الأنف لو أن صحبه ... تنادوا وقالوا في المناخ له قم ثم أقبلوا إليّ، وعكفوا عليّ، بأوجه متهلّلة، وألسنة متوسلة، في شرح الحال، والقيام بجواب السؤال. فقلت: هذا بديع عجيب، أنا أسأل وأنا أجيب، إن إلياس بن مضر تزوج ليلى بنت ثعلبة بن حلوان بن الحاف بن قضاعة بن معدّ (في بعض النسب) ، فولد له منها: عمرو وعامر وعمير، ففقدهم ذات يوم، فألحى على ليلى باللوم، فقال: اخرجي في أثرهم، وأتيني بخبرهم، فأمعنت في طلبهم، وعادت بهم، فقالت: ما زلت أخندف في اتباعهم، حتى ظفرت بلقائهم، فقال لها إلياس: أنت خندف. والخندفة في الاتباع، تقارب الخطو في إسراع، وقال عمرو: يا أبتي أنا أدركت الصيد فلويته. فقال له: أنت مدركة، إذ حويته، وقال عامر: أنا طبخته وشويته، فقال: أنت طابخة إذ شويته، فقال عمير: أنا انقمعت في الخباء، فقال له: أنت قمعة للاختباء، فلصقت بها وبهم هذه الألقاب، وجرت بها إليهم الأنساب. فقال حينئذ: هذا علم استفدته، وفضل استزدته، وقد قال الحكيم: مذاكرة ذوي الألباب، نماء في الآداب، فقلت له متمثلا: أقول له والرمح يأطر متنه ... تأمّل خفافا إنني أنا ذالكا ثم لم يحتبس إلا قليلا، ولم يمسك طويلا، حتى عاد إلى هديره، وأخذ في تهذيره، طمعا بأن يأخذ بالثار، ويعود الفصّ له في القمار، فعدل عن العلوم النسبية، وجال في ميدان العربية، ولم يحسّ أن باعه فيها أقصر، وطرفه دون حقائقها أحسر، فقال: حضرت يوما حلبة من حلبات العلوم، وموسما من مواسم المنثور والمنظوم، وقد غصّ بكل خطيب مصقع، وحكم مقنع، وعالم مصدع، ومليء من كل عتيق صهّال، وفنيق صوّال، ومنطبق جوال، فأخذوا في فنون المعارضات، وصنوف المناقضات، وسلكوا في معاني القريض، كل طويل عريض، حتى أخذ السائل منهم بالمخنّق، بيت [الفرزدق] : الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1557 وعضّ زمان يا ابن مروان لم يدع ... من المال إلا مسحتا أو مجلّف فكثر فيه الجدال، وطال المقال، وما منهم أحد إلا أجاد القياس، وأصاب القرطاس، ووقع على الطريق وأتى بالتحقيق، فلما رأيتهم في غمرتهم ساهون، وفي ضلالتهم يعمهون، ناديتهم إليّ فأرعوا، ومنّي فاسمعوا، فإني أنا ابن بجدتها، وعالم ما تحت جلدتها، ثم إني أبديت لهم سراره، وأثقبت ناره، وحللت عقده، ومخضت زبده، وأطرت لبده، وبجست حجره، وأبثثتهم عجره وبجره، فقالوا: لله أبوك، فانك أسبقنا إلى غاية، وأكشفنا لغياية، وأجلانا لشبهة، وأضوأنا في بدهة، وما أعلم اليوم على ظهرها من يقوم بعلم ما فيه، ويطلع على خافيه. فأدركني الامتعاض، وأخذني الانتفاض، فأنشدته: من ظن أن عقول الناس ناقصة ... وعقله زائد أزرى به الطمع وقلت له: ادعيت، فوق ما وعيت، فأخبرني عن أول هذا البيت، يا مجري الكميت، وكيف ننشده: وعضّ، بالفتح أو: وعضّ، بالضمّ، فقال: كلاهما مرويّ. فقلت: نبتدىء بالفعل ثم نعود إلى الاسم يا ذا الاعجاب، تهيأ للسائل في الجواب، وأخبرني لم فتحت آخر الماضي؟ فأسرع من غير التغاضي، وقال: لأنه مبني عليه، لا يضاف سواه إليه. فقلت: هذا جواب نعلمه، ومن صبيان المكتب لا نعدمه، وإنما ألتمس منك الفائدة فيها، وأطلب كشف خافيها، فقال: ما جاء عن أئمة النحاة، وسائر الرواة في هذا غير ما شرحته، ولا زاد على ما أوضحته، فقلت: دع عنك هذا وأخبرني عن هذا البناء ألعلّة أم لغيرها؟ فأقبل يتردد ويتزحزح، ويتثاءب تارة ويتنحنح، فلما سدّ عليه من طريقه، وحصل في مضيقه، وغصّ بريقه، قال: لا أعلم. فقالت الجماعة: أعذر إليك من ألقى سلاحه، وغضّ جماحه، ومن أدبر بعد إقباله، عدل عن قتاله: والحق أبلج لا يحدّ سبيله ... والحق يعرفه ذوو الألباب والآن فقد فازت قداحك، وبانت غررك وأوضاحك، وأجدت النضال، وأدركت الخصال، فأوضح لنا عما سألت، وأرشدنا إلى ما دللت، لئلا يقال: هذا بهت، ومحال بحت، فقلت: حبا وكرامة، اسمع أنت يا طغامة، إن الفعل من الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1558 فاعله، كالولد من ناجله، لا يخلو الفعل من علامة الفاعل، في لفظ كل قائل، وهي الفتحة من ماضيه وواقعه، والزوائد في مستقبله ومضارعه، وبيان ذلك أن الفتحة من ماضيه لا تكون مع التاء والنون تقول: أخرج فتثبت الفتحة، ثم تقول: أخرجت وأخرجنا، فيسقط ما ذكرنا، وعلامتان لمعنى محال، لا يوجبهما الحال، فإن كانت النون التي مع الألف ضمير المفعول عادت الفتحة، فتقول: أخرجنا الأمير، فهذا بيّن منير. فصفقت الجماعة وشمحت، وحسّنت وبخبخت، وجعل الأديب يضطرب اضطراب العصفور، ويتقلب تقلب المصغور، متيقنا أنّ أسده صار جرذا، وبازيه عاد صردا، ودرره انقلبت مخشلبا، وزيتونه تحوّل غربا، وقناه تغيّر قصبا، وأن مستقيمه تعوّج، وجيده تبهرج، وصحيحه تدحرج، وجديده تكرّج، فقال منشدهم: ترى الرجل النحيف فتزدريه ... وتحت ثيابه أسد مزير ويعجبك الطرير فتبتليه ... فيخلف ظنك الرجل الطرير فما عظم الرجال لهم بفخر ... ولكن فخرهم كرم وخير فأخذه الإبلاس، وضاقت به الأنفاس، وسكنت منه الحواس، ورفضه الناس، وجعل ينكت الأرض، ويواصل بكفّه العضّ، ويتشاءم ببومه، ويعود على نفسه بلومه، يمسح جبينه، ويكثر أنينه، فقمت فقامت معي الجماعة وتركته، واستهانت به وفركته، فلما بقي وحده، تمنّى لحده، وأسبل دمعته، وود أن الأرض بلعته: وكان كمثل البوّ ما بين روّم ... تلوذ بحقويه السّراة الأكابر فأصبح مثل الأجرب الجلد مفردا ... طريدا فما تدنو إليه الأباعر فقام فتبعني، ووقف وودّعني، وأطال الاعتذار، وأظهر التوبة والاستغفار، وقال: مثلك من ستر الخلل، وأقال العثرة والزلل، فقد اغتررت من سنك بالحداثة، ومن أخلاقك بالدماثة. فقلت: كل ذلك مفهوم معلوم، وأنت فيه معذور لا ملوم، وما جرى بيننا فهو منسيّ غير مذكور، ومطوي غير منشور، ومخفيّ غير مشهور: [وجدال] أهل العلم ليس بقادح ... ما بين غالبهم إلى المغلوب ثم سكت فما أعاد، ونزلت وعاد، وكان ذلك أول عهد به وآخره، وباطن لقاء وظاهره، وكلّ اجتماع وسائره. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1559 ومن شعره غير ما أودعه رحله: أطاع الهوى فاستعبدته المطامع ... ومالت به له نحو الحبيب النوازع وكان تمادي البعد أنساه وجده ... فهيج ذكراه الحمام السواجع نوائح يبكي شجوها كلّ سامع ... لهن وإن لم تجر منها المدامع كتمت الهوى ما اسطعت فازداد كثرة ... بقلبي حتى لم تسعه الأضالع فواكبدي ما لي أحنّ إلى الصّبا ... وهيهات ما عهد الصّبا لي راجع وإن أك قد ناهزت سبعين حجة ... فقلبي في طبع الصبابة يافع يغيّر مرّ الدهر أجسام أهله ... وتبقى على حالاتهن الطبائع وقوله: رب ليل فريت فروته ... أحسبه وهو بارد بارد على سناء سناء كلكلها ... عند الونى مثل ساعد ساعد وما افتقرت المطيّ مفتقرا ... عمري وما كل واجد واجد إن تنكري يا قتيل قتلك لي ... فلي على ذاك شاهد شاهد تغيير لوني ولمتي شهدا ... أن الذي طلّ عامد عامد أقول إذ زارني وودعني ... قل لي متى أنت عائد عائد [671] عبد الله بن محمد بن الحسين بن ناقيا أبو القاسم الأديب الشاعر اللغوي:   [671]- يرد اسمه تارة عبد الله وتارة عبد الباقي وتارة عبد العزيز، وقال ياقوت في ترجمة علي بن سليمان من هذا المعجم: ومن مليح ما أسمعنيه أنه قال سألنا أبا القاسم عبد العزيز بن أحمد بن ناقيا البغدادي ... ثم علق على ذلك بقوله: «هكذا قال- عبد العزيز- وصوابه عبد الله- ذكرناه في بابه من هذا الكتاب» وهذا يقطع بأنه ترجم له؛ وقد وردت ترجمته في تاريخ ابن الدبيثي والوافي للصفدي (18: 16) وذكره في عبد الله 17: 472 والمنتظم 9: 68 وانباه الرواة 2: 133 وابن خلكان 3: 98 وميزان الاعتدال 2: 533 والجواهر المضية 1: 283 ولسان الميزان 3: 335 وتاج التراجم: 39 وبغية الوعاة 2: 67 وتاريخ الذهبي (وفيات: 485) وقد طبع من كتبه الجمان في تشبيهات القرآن بتحقيق عدنان زرزور ورضوان الداية الكويت 1968. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1560 كان يعرف بالبندار وتوفي ليلة الأحد رابع محرم سنة خمس وثمانين وأربعمائة ببغداد ودفن في مقابر باب الشام، ومولده في ذي القعدة سنة عشر وأربعمائة. وقد صنف عدة كتب منها ملح الممالحة. وأغاني المحدثين. وملح المكاتب. وتفسير فصيح ثعلب. واختصار الأغاني. وشرح كتاب الوسيط شرحا متوسطا ممتعا، وله مقامات أدبية. وكان مطعونا عليه في دينه وعقيدته، وكان كثير الهزل والمجون، كان يقول: في السماء نهر من خمر ونهر من لبن ونهر من عسل لا ينقط منه شيء، وينقط هذا الذي يخرب البيوت ويهدم السقوف. وكانت بينه وبين ابن الشبل منافرة ومباعدة شائعة ظاهرة، قيل له ألم تكن قرأت على ابن الشبل؟ فقال: بلى وإلا من أين اكتسبت هذه البلادة التي فيّ. وقال أبو الحسن علي بن أحمد الدهان: دخلت على ابن ناقيا بعد موته لأغسله فوجدت يده اليسرى مضمومة، فاجتهدت حتى فتحتها وفيها كتابة بعضها على بعض فتمهلت حتى قرأتها فإذا فيها مكتوب: نزلت بجار لا يخيّب ضيفه ... أرجّى نجاتي من عذاب جهنم وإني على خوفي من الله واثق ... بانعامه والله أكرم منعم وله شعر سائر فمن شعره: أخلاي ما صاحبت في العيش لذة ... ولا زال قلبي عن حنين التذكر ولا طاب لي طعم الرقاد ولا اجتنت ... لحاظي مذ فارقتكم حسن منظر ولا عبثت كفي بكأس مدامة ... يطوف بها ساق ولا جسّ مزهر «1» الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1561 [671 هـ] عبد الحميد بن عبد الله بن أسامة بن أحمد ، أبو علي ابن التقي الهاشمي العلوي الحسيني الزيدي الشريف النقيب: حدث النقيب شرف الدين يحيى بن أبي زيد نقيب البصرة أنه لم يكن تحت السماء أحد أعرف من ابن التقي بالأنساب وكان يحدث عن معرفته بالعجائب، وكان مع ذلك عارفا بالطب والنجوم وعلوم كثيرة من الفقه والشعر وغيره «1» . [672] عبد الرحيم بن القاضي الأشرف بهاء الدين أبي المجد ابن القاضي السعيد أبي محمد الحسن بن الحسن، المعروف بالقاضي الفاضل الملقب مجير الدين: كان أوحد دهره وفريد عصره عقلا ونبلا وفصاحة وبيانا، لم يكن أحد يضاهيه في صناعة الانشاء، وكان هيوبا وقورا نزه المجلس على شراسة كانت في خلقه وتقلل في ملبسه، فإنه كان لا يزيد لباسه على النصفية البغدادية، والدنيا تدبّر برأيه وصلاح الدين سلطان البلاد لا يرد له أمرا. وكان يترفع عن التسمية بالوزارة ويعمل عملها سرا. وتوفي في سابع عشر ربيع الآخر سنة ست وتسعين وخمسمائة، ومولده وأصله بعسقلان في جمادى الآخرة سنة تسع وعشرين وخمسمائة، وذكروا أن الكتب التي   [671] هـ- هذه الترجمة من الوافي للصفدي (18: 72- 73) وقد صرّح أنه ينقل عن ياقوت. [672]- صرّح ابن الفوطي (4/3: 24) بأنه ينقل جانبا من ترجمة القاضي الفاضل عن معجم الأدباء؛ وفي ترجمته انظر أيضا: عبر الذهبي 4: 293 وابن خلكان 3: 158 والنجوم الزاهرة 6: 156 والوافي للصفدي 18: 335 (وفيه تصريح بالنقل عن ياقوت) والشذرات 4: 324 والكتب التاريخية التي تتحدث عن الفترة الصلاحية كابن الأثير وسيرة السلطان يوسف والروضتين ومفرج الكروب. وله مياومات ينقل عنها ابن العديم والمقريزي ورسائل في مجموعات متعددة، وديوانه في جزءين، طبع بتحقيق الدكتور أحمد أحمد بدوي، القاهرة 1961. وقد اكتفيت في ما أثبته هنا بما نقله ابن الفوطي والصفدي، وإلا فإني أقدر أن المؤلف أسهب كثيرا في ترجمته. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1562 خلفها مائة ألف وعشرون ألف مجلدة، وزادت سيرته على عدة مجلدات «1» . مولده «2» وأصله بعسقلان، وإنما قيل له البيساني لأن والده ولي القضاء ببيسان. قيل لما ولد أخذ طالعه القاضي ابن قريش، وكان خبيرا بعلم النجوم، فقال: هذه والله سعادة لا تسعها الدنيا فضلا عن عسقلان. كان السبب في تقدّمه أن أباه كان يتولّى بعسقلان بعد القضاء ببيسان، وكاتبه السلطان بمصر بالأخبار، فاتّفق أنّ والي عسقلان أطلق أسيرا له قيمة فتعلّل عليه المصريون كونه لم يخبر بخبره، فاستحضر إلى القاهرة وصودر حتى استصفي ماله ولم يبق له شيء، فأصابته فجعة فمات، وبقي الفاضل وأخت له وأخ على غاية من الاختلال وسوء الحال والفقر، فألجأه الحال إلى أن مشى راجلا إلى الإسكندرية، وقصد بها القاضي ابن حديد فالتجأ إليه وعرّفه بنفسه وشكا إليه فاقته، فتوجّع له وفرض له في كل شهر ثلاثة دنانير واستنابه في الكتابة عنه. وفتحت الفرنج عسقلان وخرج أخوه وأخته حتى لحقا به وأقاما عنده، فاختبره القاضي فوجده على غاية من الفصاحة والبلاغة وحسن المقاصد، وكان إذا أراد مكاتبة ديوان مصر أمره بالكتابة عنه، وكانت كتبه ترد كالدرّ النظيم، فحسده الكتّاب الذين ترد كتبه عليه وخافوا منه على منزلتهم، فسعوا به إلى الظّافر بن الحافظ، فحدّث محمد بن محمد بن محمد بن بنان الأنباري كاتب الإنشاء يومئذ، قال: فأحضرني الظافر وأمرني أن أكتب إلى الوالي بالإسكندرية أن يتسلّم ابن البيساني من القاضي ابن حديد ويقطع يده ويسيّرها إلينا، قال: فما علمت السبب ولا عرفت ابن البيساني، ووددت لو كان هذا الكتاب بخط غيري، فأخذت الدواة والقلم والدّرج وكتبت: «بسم الله الرّحمن الرّحيم، وبطّلت الكتابة، فنظر إليّ وقال: ما تنظر؟ قلت: عفو مولانا، قال: تعرف هذا الرجل؟ قلت: لا والله، قال: هذه رقعة وردت من الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1563 الديوان تخبر بسوء أدبه واستخفافه، وذاك أنه كتب كتابا وجعل بين السطر والسطر شبرا وهذا لا يكون إلّا من الفاضل إلى المفضول. وبلغني أيضا أنه يرى انتقاضنا وذهاب دولتنا دينا، فقلت: إن رأى استحضار المكتوب والوقوف عليه، فأحضر فرأيت أبلغ كتاب وأحسن عبارة فقلت: هذا كتاب معدوم المثال وكاتبه أوحد عصره، وما كتبوا في أمره بما كتبوا إلّا حسدا له، فإن رأى إحضار كاتبه وسماع لفظه والعمل بموجب المشاهدة رجوت أن يكون ثوابا وصوابا. فكتبت بتسييره مكرّما، فما كان إلّا مسافة الطريق حتى أحضر إلى مجلس الظافر وأنا حاضر، فرأيت شابا ظريفا بثياب قصار وأكمام لطيفة وطيلسان، فوقف بين يديّ الظافر، فقال الظافر: اختبره في شيء من الرسائل، فقلت له: مولانا يأمرك أن تكتب منشورا لأحد أولياء دولته يتضمّن توليته ما وراء بابه، فقال: السمع والطاعة، فقرّبت منه دواة فأخذ يكتب وهو قائم، وكان إذا أراد أن يستمدّ انكبّ إلى الدواة ثم وقف فكتب، فلما أن رأى الظافر جريان قلمه وثبات جنانه، أمر خادما أن يحمل له الدواة، ثم فرغ من الكتابة وهو قائم على رجله، فتناوله الخادم وعرضه على الظافر، فاستحسن خطّه وكان خطّا مليحا رائقا على طريقة ابن مقلة، وقال لي: اقرأه، فقلت: يا مولانا اسمعه من منشئه فهو أحسن، فقرأه بلسان حادّ وبيان صادق، فلما استتم قراءته أمر الظافر بقلع طيلسانه وأخذ عذبة عمامته وفتلها وتحنيكه بها، ففعل به ذلك. ولم يزل في الديوان مدّة أيام الظافر والفائز والعاضد. فلما استعلى الضرغام على شاور وتولّى الوزارة، وهرب شاور إلى الشام وقبض على ولده الكامل وأودعه السجن خدمه الفاضل ومتّ إليه بخدمة قديمه. ثم إن الضّرغام تنكّر على الفاضل فمضى من فوره إلى ملهم أخي ضرغام واستجار به، وكان ملهم هو الكبير وكان ترفّع عن الولاية، فأمره بملازمة داره حتى يصلح أمره، فاتّفق أن قرن بالكامل بن شاور في محبسه وحبس معه وحصل له بذلك يد بيضاء عنده. ورجع شاور إلى الديار المصرية بصحبة شيركوه، وقتل الضرغام وأخوه ملهم وبنوه، وعادت الوزارة إلى شاور. وركب ابنه الكامل من دار ملهم ومعه القاضي الفاضل حتى دخلا على شاور وعرّف الكامل أباه شاور حقوق الفاضل عليه وحسن ولائه. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1564 واختصّ الفاضل بالكامل اختصاصا كلّيّا، وكان أولا يدعى بالأسعد فغيّره ولقّبه بالفاضل، ولم يزل معهما على أحسن حال إلى أن عاد أسد الدين إلى مصر في المرّة الأخرى واستولى على الديار المصرية وتولّى الوزارة وقتل شاور وابنه الكامل وطلب الفاضل. وكان في نفسه منه أشياء نقمها عليه في مكاتباته عن شاور، وكان يغلظ القول فيها. ولجأ القاضي إلى القصر مستجيرا ومستخفيا، وطلبه شيركوه من العاضد فشفع فيه فلم يقبل الشفاعة وألحّ في طلبه، فاتفق أنّ العاضد أهدى إلى شيركوه هدايا نفيسة وقعت منه موقعا لطيفا، وسأله مع قبولها أمان الفاضل فأمّنه، فلما حضر أكرمه شيركوه وأمره بالجلوس في حضرته وقال: اكتب كتابا إلى نور الدين محمود بن زنكي عرّفه ما فعل الله بهذا الطاغية الفاسق، يعني شاورا، فكتب ولم يذكره إلّا بالخير فغضب أسد الدين وقال: ما لك لا تكتب بما آمرك به؟ فقال: ما يسعني ذلك أيها الوزير لحقوق له عليّ، فأغلظ له وتهدّده إن لم يكتب وحلف ليوقعنّ به، فوثب حتى صار بين يديه وقال: قد انبسط الآن عذري فيما كنت أكاتب به المولى فإنما أنا آلة أكتب حسبما أومر، فبسط عذره وأعجبه مخرجه من الحجّة وأنس به أنسا تاما. فلما مات أسد الدين شيركوه ترشّح أكابر الدولة لمكانه وطمع فيها من هو أهل لذلك، ولم يكن صلاح الدين ممن تطمع نفسه في تلك الرتبة، واتفق أنه اجتمع بالفاضل في دار السلطان وجرى حديث من ترشّح للولاية، وبسط صلاح الدين الحديث في ذكرهم ولم يذكر نفسه، فجذبه الفاضل إليه وقال له سرا: هل عندك قوة لأن تلي هذا الأمر؟ فقال صلاح الدين: وأنّى لي بذلك وهنا مثل فلان وفلان وعدّد الأكابر، فقال له: لا عليك فإني أدبّر أمرك فاستعدّ لذلك. فبينا هما في الحديث، استدعي الفاضل إلى مجلس العاضد واستشير فيمن يولّى، ولم يكن شيركوه دفن بعد، لأن من عادتهم أنّ الذي يتولى يلبس في الجنازة أخضر دون كلّ من فيها وهي إمارة الولاية، فقال الفاضل: رأي أمير المؤمنين أعلى وهو أعرف، فقال العاضد: ما تقول في فلان فوهّى أمره وذكر شيئا صدفه عنه، إلى أن ذكر جماعة كلّهم كذلك، فقال للفاضل: فمن ترى أنت؟ قال: ما رأيت في الجماعة أحسن طريقة من يوسف ابن أيوب ابن أخي الميّت، فإني اختبرته ورأيته يرجع إلى دين وأمانة، فقال العاضد: الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1565 إني أخاف أن لا يرضى به القوم، فقال الفاضل: يا أمير المؤمنين أنت ألبسه وأجلسه وهو يبذل الأموال ويصلح حال الرجال، ففعل ذلك. وخرج الناس وعلى صلاح الدين الأخضر من دون الجماعة فعرفوا أنه صاحب الأمر، وساعدته السعادة فلم يقل أحد كلمة، وفرّق خزائن شيركوه، وعامل الناس بالإحسان، وبذل المال فأحبّوه، وتمّ أمره وصار القبض والبسط إلى الفاضل. وفوّض صلاح الدين إليه أمور دولته وصار لا يصدر إلّا عن رأيه، واستنابه في جميع أموره، ورعى له تلك الحال، فجرى في تصاريفه على أحسن قانون، وأحسن إلى أرباب البيوت، وجمع كتبا مشهورة بلغني أنها تكون سبعين ألف مجلد في فنون العلم وأنواعه. وأما ابن بنان الذي كان السبب فى خلاصه وعلوّ منزله فإنه اطّرح في دولة بني شادي حتى احتاج إلى الناس، فدخل يوما إلى الفاضل وقد انقادت الدولة لأمره ونهيه، فعدّد إحسانه إليه واشتماله في الدولة الذاهبة عليه، فاعترف الفاضل بذلك واستخلص له رزقا كان يقوم عليه إلى أن مات. وكان القاضي الفاضل شابا مليحا من أظرف الرجال، فلما كانت وقعة الباب بين شيركوه وشاور بالصعيد، نفرت به فرسه فوقع على ظهره على قربوس السرج فأوهنه، فلما رجع إلى القاهرة عمل عليه وكان يمرّضه ويداويه وقد مدّ وانتفخ، فلما كان يوم جلوسه بين يدي أسد الدين وهو يكتب انفجرت عليه وهو بين يديه فما راعه إلّا والمدّة والدم يسيلان بين يديّ أسد الدين، فارتاع من ذلك وقال: احملوه ورقّ له وعولج وانفسدت إحدى خرزات ظهره ثم اندملت وكانت له حدبة، وفي ذلك يقول ابن عنين: قد أصبح الملك ما له سبب ... في الناس إلّا البغاء والحدب سلطاننا أعرج وكاتبه ... ذو عمش والوزير منحدب معايب كلّها لو اجتمعت ... في فلك لم تحلّه الشّهب الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1566 [673] «1» عبد العزيز بن إبراهيم بن بيان بن داود أبو الحسين المعروف با بن حاجب النعمان، وكان أبوه حاجب النعمان أبي عبد الله الكاتب؛ وكان عبد العزيز أبو الحسين أحد افراد الزمان في الفضل والنبل ومعرفة الكتابة بالدواوين، وكان إليه أيام معز الدولة ديوان السواد. وكانت وفاته يوم الجمعة لسبع بقين من شهر رمضان سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة. قال المحسن التنوخي «ولقد شاهدت مجلسا في شهر رمضان سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة كأنه من مجالس البرامكة، ما شهدت مثله قط، قبله ولا بعده، وذلك أن كاتب الوزير أبي محمد الحسن المهلبي على ديوان السواد أبا الحسين عبد العزيز بن إبراهيم المعروف بابن حاجب النعمان سقط من روشن «2» في دار أبي محمد على دجلة فمات في اليوم الثامن من السقطة، فجزع عليه أبو محمد وجاء من غد إلى أولاده لأنهم كانوا دفنوه عشيا، وكنت معه، فعزاهم بأعذب لسان، وأحسن بيان، ووعدهم الاحسان وقال: أنا أبوكم وما فقدتم من ماضيكم غير شخصه. ثم قال لابنه الأكبر أبي عبد الله: قد وليتك موضع أبيك ورددت إليك عمله؛ ووليت أخاك أبا الحسين- وكان هذا صبيا سنه عشر سنين أو نحوها كتبة ابن أبي الغنائم- وأجريت عليه كذا وكذا (رزقا كبيرا وقد ذهب عني) ، فليلزمه   [673]- ذكره ياقوت في ترجمة ابنه علي بن عبد العزيز (رقم: 782) وقال: قد ذكرت معنى تسميتهم بحاجب النعمان في ترجمة أبيه، وكان أبوه يكتب لأبي محمد المهلبي وزير معز الدولة. وقد اعتمدت في هذه الترجمة على ابن النديم: 149 وتاريخ بغداد 10: 456 ونشوار المحاضرة 1: 69 وله ترجمة في المنتظم 7: 9 والوافي للصفدي 18: 465 (ونقل منه الدكتور مصطفى جواد، انظر الضائع: 88 (رقم: 18) . الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1567 فإن سنيهما متقاربة ليتعلم بتعلمه وينشأ بنشوئه فيجب حقه عليه. ثم قال لأبي العلاء صاعد بن ثابت خليفته على الوزارة: اكتب عهدا لأبي عبد الله واستدع كل من كان أبو الحسين- رحمه الله- مستأجرا منه شيئا فخاطبه في تجديد الاجارة للورثة، فانّ أكثر نعمه إنما كانت دخالات وإجارات ومزارعات قد انحلت الآن بموته، ومن امتنع فزده من مالي واسأله ولا تقنع إلا بتجديد العقد كيف جرت الحال. ثم قال لأبي المكارم ابن ورقاء- وكان سلف «1» الميت-: إن ذيل أبي الحسين طويل، وقد كنت أعلم أنه يجري على أخواته وأولادهنّ وأقاربه شيئا كثيرا في كلّ شهر، وهؤلاء الآن يهلكون بموته، ولا حصة لهم في إرثه، فقم إلى ابنة أبي محمد الماذرائي- يعني زوجة المتوفّى- فعزّها عني، واكتب عنها جريدة بأسماء جميع النساء اللواتي كان أبو الحسين يجري عليهنّ وغيرهن من الرجال وضعفاء حاشيته، وقال لأبي العلاء: إذا جاءك بالجريدة فأطلقها عاجلا لشهر، وتقدم باطلاقها على الادرار، فبلغت الجريدة ثلاثة آلاف وكسرا في الشهر، وعملت في المجلس وأطلق مثلها وامتثل جميع ما رسم به أبو محمد. فلم يبق أحد إلا بكى رقة واستحسانا لذلك ... وقلت أنا لأبي محمد في ذلك اليوم: لو كان الموت يستطاب في وقت من الأوقات لطاب لكلّ ذي ذيل طويل في أيام سيدنا الوزير، فإن هذا الفعل تاريخ الكرم، وبه يتحقق ما يروى عن الأسلاف من الأجواد، والماضين من الكرماء الأفراد، وغير ذلك مما حضر في الحال. ثم نهض أبو محمد- رحمه الله- فارتفعت الضجة من النساء والرجال وأهل الدار والشارع بالدعاء له والشكر. قال ابن النديم: ولم يشاهد خزانة للكتب أحسن من خزانته لأنها كانت تحتوي على كل كتاب عين وديوان فرد بخطوط العلماء المنسوبة. وله من الكتب كتاب نشوة النهار في أخبار الجوار. كتاب الصبوة. كتاب أشعار الكتاب. كتاب أخبار النساء ويعرف بكتاب ابن الدكاني. كتاب الغرر ومنتهى الزهر. كتاب أنس ذوي الفضل في الولاية والعزل «2» . الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1568 [674] عبد الغافر بن إسماعيل بن عبد الغافر عين الدين أبو الحسين الفارسي المحدث المؤرخ: كان أديبا فاضلا لم ير بخراسان والعراق أجمع منه للفضائل وهو سبط أبي القاسم القشيري، مولده سنة إحدى وخمسين وأربعمائة وتوفي سنة تسع وعشرين وخمسمائة. وقد خرج له الحفاظ الفوائد كالإمام أبي الفضل محمد بن أحمد الجارودي؛ وهو الذي صنف الذيل على تاريخ الحاكم منذ وفاة الحاكم سنة خمس وأربعمائة، وقرأ الكثير على المشايخ، وكتب عن الإمام أبي الحسن علي بن فضال المجاشعي، واختلف إلى إمام الحرمين الجويني، وخرج إلى النواحي ونسا، ودخل خوارزم وغزنة ومنها إلى لوهور، وقرأ عليه الناس تصانيف القشيري، وصنف كتبا منها: المفهم لصحيح مسلم وغير ذلك. وله شعره حسن منه قوله: من يبغ مالا في الورى فأنا إلى ... طلب المعالي رائح [أو] غادي نفسي وإن فقدت أمانيها فقد ... أبت أن تلين لخدمة الأوغاد [675] عبد الكافي الهاروني اليهودي: صاحب الخط المليح إلى الغاية على طريقة ابن البواب؛ كان موجودا بعد الأربعمائة، وأنشدت من شعره:   [674]- صرّح ابن الفوطي (4/2: 1133) بأنه ينقل ترجمة عبد الغافر الفارسي عن ياقوت؛ وأثبت هنا ما أورده. ولعبد الغافر ترجمة في ابن خلكان 3: 225 وطبقات السبكي 7: 171 وتذكرة الحفاظ: 1275 وعبر الذهبي 4: 79 والبداية والنهاية 12: 235 ومرآة الجنان 3: 259 والشذرات 4: 93 وكانت ولادة عبد الغافر سنة 451 ومن كتبه أيضا مجمع الغرائب في غريب الحديث؛ وقد تولى الخطابة فترة بنيسابور وكان محدثا لغويا فصيحا ماهرا وبنيسابور توفي. وكتابه السياق لتاريخ نيسابور بقي منه منتخبان نشرهما فراي مصورين فيما أسماه L) The Histories of Nishapur (LL وقد فرغ من كتابة السياق سنة 528. [675]- صرح الصفدي أنه ينقل ترجمته عن ياقوت (انظر الضائع، 97 رقم: 20) . الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1569 قلبي معنّى عميد ... بين الهوى والهواء هذا يقود زمامي ... وذا يصد هوائي وله أيضا: يا من يقرب وصلي منه موعده ... لولا عوائق من خلف تباعده لا تحسبنّ دموعي البيض غير دمي ... وإنما نفسي الحامي يصعده [676] عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك بن طلحة بن محمد، أبو القاسم القشيري النيسابوري، شيخ خراسان وأستاذ الجماعة ومقدم الطائفة، توفي سادس عشر شهر ربيع الآخر سنة خمس وستين وأربعمائة. مات أبوه وهو طفل فنشأ وقرأ الأدب والعربية، وكان يميل إلى أبناء الدنيا، فدخل على أبي علي الدقاق فأعجبه حاله فصحبه فجذبه من ذلك، أخذ طريق التصوف عن الأستاذ أبي علي وأخذ هو عن أبي القاسم الفيروز بادي، وأخذ هو عن الشبلي، عن الجنيد عن السري عن معروف الكرخي عن داود الطائي عن التابعين. وتفقه على أبي بكر محمد بن بكر الطوسي وأخذ علم الكلام عن ابن فورك، وكان يحب الصوفية وأهل الدين والطريقة، عظيما عند أهل نيسابور، يعظ ويتكلم بكلام الصوفية؛ وكان ثقة حسن الوعظ مليح الإشارة. ودخل بغداد وعقد مجلس التذكير فروى عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قوله: السفر قطعة من العذاب، فقام إليه سائل فقال: لم سماه صلّى الله عليه وسلّم قطعة من العذاب؟ فأجاب بديها: لأنه   [676]- ذكر الصفدي أنه ينقل ترجمة القشيري عن ياقوت (الضائع: 98 رقم: 21) وقد لخصت ما أثبته من الصفدي ومن ترجمته في مرآة الزمان (وفيات 465) واستخرجت شعره من الدمية. وله ترجمة في تاريخ بغداد 11: 83 والأنساب (القشيري) والمنتظم 8: 280 وابن خلكان 3: 205 وطبقات السبكي 5: 153 والنجوم الزاهرة 5: 81 والشذرات 3: 319 وتاريخ ابن الأثير 10: 88 وإنباه الرواة 2: 193 وطبقات المفسرين: 21 وعبر الذهبي 3: 259 وتبيين كذب المفتري: 271 ودمية القصر 2: 993 والبداية والنهاية 12: 107 وقد أورد له السبكي في طبقاته شعرا غير الذي أثبته عن دمية القصر؛ وينقل السبكي جانبا من ترجمته عن السياق لعبد الغافر. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1570 سبب فراق الأحباب، فصاح الناس وماجوا ولم يقدر على إتمام المجلس. وله من الكتب: كتاب آداب الصوفية. وكتاب بلغة الفاضل. وكتاب التحبير في علم التذكير، وله أيضا الرسالة في رجال الطريقة. والتفسير الكبير المسمّى التيسير في علم التفسير. وكتاب لطائف الإشارات. وكتاب الجواهر. وكتاب عيون الأجوبة. وكتاب أحكام السماع، وغير ذلك. ومن شعره قوله: يا من تشكى رمدا مسّه ... لا ترفع الشكوى إلى خالقك موجب ما مسّك من عارض ... أنك لم تنظر إلى وامقك وقوله: الأرض أوسع رقعة ... من أن يضيق بك المكان وإذا نبا بك منزل ... ويظل يلحقك الهوان فاجعل سواه معرّسا ... ومن الزمان لك الأمان وله أيضا: قالوا بثينة لا تفي بعداتها ... روحي فداء عداتها ومطالها إن كان نجز عداتها مستأخرا ... فلقد تسّوفنا بنقد مقالها. [677] عبد اللطيف بن يوسف بن محمد بن علي الموصلي البغدادي موفق الدين الأديب الحكيم المتكلم الفيلسوف أبو محمد، المعروف قديما بابن اللبان، ولقبه تاج   [677]- ينقل ابن الفوطي (تلخيص معجم الألقاب الترجمة 198 من حرف الميم كما جاء في الضائع: 100 رقم: 22) جانبا من ترجمته عن ياقوت، كما ترجم له الصلاح الصفدي في الوافي مرتين (انظر الضائع) وعن هذين الكتابين أثبت ترجمته موجزة: ولكن له ترجمة ضافية في عيون الأنباء 2: 201- 213 كما ترجم له الدبيثي والمنذري (في وفيات 629 من كتاب التكملة) والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد: 173 وذيل مرآة الزمان 1: 180 والفوات 2: 385 وطبقات السبكي 8: 313 والاسنوي 1: 273 وإنباه الرواة 2: 193 وعبر الذهبي 5: 115 وحسن المحاضرة 1: 541 وبغية الوعاة 2: 106 والشذرات 5: 132 ومرآة الجنان 4: 68 والنجوم الزاهرة 6: 279 وانظر كتابه «مقالتان في الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1571 الدين الكندي بالجدي المطجن لرقة وجهه وتجعده ويبسه؛ ولد ببغداد سنة تسع وخمسين وخمسمائة؛ وأسمعه والداه الكثير في صباه من أبي الفتح ابن البطي وأبي زرعة طاهر بن محمد بن طاهر المقدسي، وقرأ العربية على ابن الانباري وصحب أبا النجيب الضرير النحوي، وبرع في النحو وتميز على أقرأنه، وقرأ الطب والحكمة، وكان يكتب خطا مليحا، وسافر إلى الشام ودخل مصر ولقي قبولا، وقرأ الناس عليه الأدب والطب، ودخل بلاد الروم وأقام بها مدة وكان يطبب ملكها، ولما توفي الملك عاد إلى حلب وحدث بها، وحجّ وأقام ببغداد مريضا بعلة الذرب. لبس الخرقة من ضياء الدين أبي النجيب عبد القاهر السهروردي، وقرأ على الشيخ الحسن بن علي بن عبيدة الكرخي، وكان دميم الخلقة نحيلها قليل لحم الوجه. وذكره الفاضل في رسالة كتبها إلى الوزير نجم الدين بن المجاور يقول فيها في حق الشيخ موفق الدين: أديب ملأ فنه الأسماع، وفاضل لا بأخبار الآحاد ولكن بتواطؤ الاجماع، عينه فراره، وفي لسانه من العبارة عياره، وفي قلبه من الذكاء ناره. وله من التصانيف: كتاب غريب الحديث. وكتاب الواضحة في الفاتحة. وشرح بانت سعاد. وذيل الفصيح. وخمس مسائل نحوية. وشرح مقدمة ابن بابشاذ. وشرح الخطب النباتية. وشرح سبعين حديثا. وشرح أربعين حديثا طبية. والرد على فخر الدين الرازي في تفسير سورة الإخلاص. وكتاب شرح نقد الشعر لقدامة. وكتاب قوانين البلاغة. وكتاب الانصاف بين ابن بري وابن الخشاب في كلامهما على المقامات. وكتاب قبسة العجلان في النحو. وكتاب اختصار العمدة لابن رشيق. وكتاب أخبار مصر (الكبير) . وكتاب الافادة في أخبار مصر «1» . ومقالة في الرد على اليهود والنصارى. ومقالة في النفس. ومقالة في العطش. وكتابه في العلم   - الحواس» (الكويت 1972) ففيه عدد من رسائله ودراسة له وتعريف به وبمؤلفاته وذكر عدد من الدراسات الحديثة عنه. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1572 الإلهي. وكتاب الجامع الكبير في المنطق والطبيعي والإلهي. واختصار مادة البقاء للتميمي. وكتاب بلغة الحكيم. واختصار كتاب النبات. واختصار كتاب الحيوان لأرسطا طاليس، واختصر كتبا كثيرة في الطب، وله كتاب يتضمن سيرته، وغير ذلك كثير «1» . [678] عبد الواحد بن محمد بن علي بن زكريا أبو القاسم: قال ياقوت: وقفت على كتاب شرح فيه أشعار أبي الطيب المتنبي فأجاده وكبره، وهو من أهل أصبهان. [679] عبيد الله بن أحمد بن خرداذبه أبو القاسم الكاتب: كان جده خرداذبه مجوسيا فأسلم على يد البرامكة، وتولى عبيد الله هذا البريد والخبر بنواحي الجبل. ونادم المعتضد وخصّ به، وكان راوية للأخبار والآداب، ويأتي في تصانيفه بالغرائب حتى قال بعضهم في شيء نقله عنه: كذا زعم ابن خرداذبه وإن يكن كاذبا فعليه كذبه؛ وكان أبو الفرج الأصبهاني إذا أورد عنه شيئا في كتابه أرفقه بالوقيعة فيه والتنقص له بقوله إنه قليل التصحيح لما يرويه ويضمنه كتبه. وفي كتاب أحمد بن أبي طالب الكاتب أنبأنا أبو عبد الله حمد بن أحمد بن إبراهيم الحكيمي، أنبأني عبيد الله بن أحمد بن خرداذبه قال حدثني أبي قال: كان   [678]- هذه الترجمة مأخوذة عن الوافي للصفدي (الضائع: 111 رقم: 24) . [679]- لابن خرداذبه ترجمة في الفهرست: 165 والوافي (الضائع: 111) وتاريخ ابن النجار (المصدر السابق) ويصرّح الصفدي بالنقل عن ياقوت؛ وما أثبته هنا ملخص من الكتب المذكورة؛ أما عبارة «قليل التصحيح لما يرويه ويضمنه كتبه «فمأخوذة عن الأغاني (دار الكتب 1: 36) وقد طبع من كتبه: كتاب المسالك، وكتاب اللهو والملاهي. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1573 كسرى ابرويز قد قال له منجموه إنك تقتل، فقال: لأقتلن الذي يقتلني، فأمر بسم فخلط له في أدوية ثم كتب عليه: «دواء للجماع مجرب، من أخذ منه وزن كذا وكذا مرة.. وصيره في خزانة الطب، فلما قتله ابن شيرويه وفتش خزائنه مرّ به فقال في نفسه: أبهذا الدواء كان يقوى على شيرين؟ فأخذ منه فمات، فقتله أبوه وهو ميت. ومما أنشده أبو بكر محمد بن خلف المرزبان لابن خرداذبة: في مثل وجهك يحسن الشعر ... ويكون فيه لذي الهوى عذر ما إن نظرت إلى محاسنه ... إلا تداخلني له كبر تتزين الدنيا بطلعته ... ويكون بدرا حين لا بدر وله من الكتب: كتاب أدب السماع. كتاب جمهرة أنساب الفرس والنواقل. كتاب المسالك والممالك. كتاب الطبيخ. كتاب اللهو والملاهي. كتاب الشراب. كتاب الأنوار. كتاب الندام والجلساء. [680] عبيد الله بن أحمد بن محمد ، أبو الفتح النحوي المعروف بجخجخ (بجيم ثم خاء ثم جيم ثم خاء) : سمع البغوي وابن دريد، وكان ثقة صحيح الكتابة، وصنف: مجالسة العلماء، والعزلة والانفراد. وأخبار جحظة وغير ذلك. [ومولده سنة ست وثمانين ومائتين، وتوفي سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة] . [681] عبيد الله بن عبد الرحيم أبو القاسم الأصبهاني: أحد فضلاء أصبهان وأدبائها، له تصانيف منها كتاب أخبار أبي الطيب، وكتاب استدرك فيه على ابن جني في كتابه الصغير المسمى بالواضح؛ ولا أعرف من حاله شيئا إلا أنه كان حيا سنة إحدى وأربعمائة.   [680]- عن بغية الوعاة 2: 126 وفيه تصريح بالنقل عن ياقوت؛ وانظر: إنباه الرواة 2: 152 ونزهة الألباء: 210. [681]- ترجمته عن الوافي (الضائع: 114 رقم: 26) وفيه يصرح الصفدي بنقله عن ياقوت. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1574 [682] عبيد الله بن أبي بردة أبو محمد القصري: من قصر الزيت بالبصرة، قاضي فارس، نحوي لغوي معتزلي، ذكره أبو الفتح منصور بن المقدر «1» النحوي المعتزلي محتجا به وبأمثاله على أبي بكر الباقلاني لأنه قال: إن الكلابية «2» تقول إن النظر إذا قرن بإلى لم يحتمل إلا الرؤية، وان المعتزلة تبطل ذلك بقول الشاعر: إني إليك لما وعدت لناظر ... نظر الفقير إلى الغنيّ الموسر قال: هذا اعتراض باطل، لأن الشاعر قال إليك، والله قال: إِلى رَبِّها (القيامة: 23) وأحدهما غير الآخر لأن أحدهما بالياء والآخر بالألف؛ قال: من يخاصم المعتزلة الذين هم ذوو اللسن والفصاحة بهذا الكلام لا يكون غبيا بل أنقص حالة من الأغبياء. وقد كان يحضر منهم في زمن أمراء المؤمنين المطيع والطائع والقادر نحو من مائة المجالس، كلّ منهم أو جمهورهم قد قرأ كتاب سيبويه وإليه انتهى، كعلي بن عيسى الرماني وأبي سعيد السيرافي، وذكر جماعة، ثم قال: وأبو محمد عبيد الله بن محمد بن أبي بردة القصري، من قصر الزيت بالبصرة، قاضي فارس، وله الانتصار لسيبويه على أبي العباس في كتاب الغلط، وله مسائل سألها الشيخ أبا عبد الله البصري «3» في إعجاز القرآن وغير ذلك.   [682]- بغية الوعاة 2: 127. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1575 [683] عبيد الله بن محمد بن أبي محمد اليزيدي واسم أبي محمد يحيى بن المبارك بن المغيرة، وكنية عبيد الله أبو القاسم، يعرف بابن اليزيدي، ذكره الخطيب فقال: مات في سنة أربع وثمانين ومائتين قال: وسمع محمد بن منصور الطوسي وعبد الرحمن بن أخي الأصمعي. وروى عن عمّه إبراهيم بن يحيى وأخيه أحمد بن محمد عن جده أبي محمد اليزيدي عن أبي عمرو بن العلاء حروفه في القرآن. حدث عنه ابن أخيه محمد بن العباس وأحمد بن عثمان الأدمي، وكان ثقة. حدث عبيد الله عن عمه إبراهيم قال حدثني أبي قال: كنت مع أبي عمرو بن العلاء في مجلس إبراهيم بن عبد الله بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، فسأل عن رجل من أصحابه فقده، فقال لبعض من حضره: اذهب فسل عنه، فرجع فقال: تركته يريد أن يموت، قال: فضحك منه بعض القوم وقال: في الدنيا إنسان يريد أن يموت؟! فقال إبراهيم: لقد ضحكتم منها عربية، إنّ يريد في معنى يكاد قال الله تعالى: جِداراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَ (الكهف: 77) أي يكاد، قال فقال أبو عمرو: لا نزال بخير ما كان فينا مثلك. قال أبو القاسم الزجاجي: أنشدني أبو عبد الله اليزيدي لعمه عبيد الله بن محمد «1» : قد ضقت ذرعا بك مستصلحا ... وأنت مزورّ عن الواجب من لي بأن تعقل حتى ترى ... كم لك في العالم من عائب [684] عبيد الله بن محمد بن جعفر بن محمد بن عبد الله الأزدي أبو القاسم   [683]- تاريخ بغداد 10: 338 وطبقات ابن الجزري 1: 492 وانباه الرواة 2: 153. [684]- تاريخ بغداد 10: 358. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1576 النحوي: ذكره الخطيب فقال: مات في سنة ثمان وأربعين وثلاثمائة في أيام المطيع، قال: وحدّث عن محمد بن الجهم السمري بكتاب «المعاني» للفراء وعن مسلم بن عيسى الصفار وأبي بكر ابن أبي الدنيا وابن قتيبة. روى عنه المعافى بن زكرياء الجريري وأبو إسحاق إبراهيم بن أحمد الطبري وغيرهما. حدثنا عنه ابن رزقويه قال: وسألت أبا يعلى محمد بن الحسين السراج المقرىء عن الأزدي فقال ضعيف، وقال غير الخطيب: له كتاب الاختلاف. وكتاب النطق. [685] عبيد الله بن محمد بن جر والاسدي أبو القاسم النحوي العروضي المعتزلي: ذكره ابن المقدر في المعتزلة من أهل الموصل، قدم بغداد وقرأ على شيوخها، فأخذ علم الأدب عن أبي علي الفارسي وأبي سعيد السيرافي وغيرهما، وكان ذكيا حاذقا جيد الخط صحيح الضبط صنف كتبا، ومات فيما ذكره هلال بن المحسن في يوم الثلاثاء لأربع بقين من رجب سنة سبع وثمانين وثلاثمائة وكان يقول الشعر، فوجدت له في بعض الكتب: قطعت من السنين مدى طويلا ... ولم تعرف عدوّك من صديقك فسرت على الغرور ولست تدري ... أماء أم سراب في طريقك قرأت في كتاب «الموضح في العروض» من تصنيف ابن جرو هذا أخبارا أوردها عن نفسه فيه ومناظرات جرت له مع الشيوخ في العروض منها: قرأت على شيخنا أبي سعيد رحمه الله كتاب «الوقف والابتداء» عن الفراء روايته عن أبي بكر ابن مجاهد عن ابن الجهم عنه فمضى فيه بيت أنشده الفراء: بابي امرؤ ألشام بيني وبينه ... أتتني ببشرى برده ورسائله   [685]- ترجمة ابن جرو في إنباه الرواة 2: 154 وبغية الوعاة 2: 127 (وفيه تصريح بالنقل عن ياقوت) وطبقات المفسرين للسيوطي: 22 وانظر تاج العروس 10: 71. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1577 فقلت: هذا البيت لا يستقيم، فقال أبو سعيد: كذا أنشده ابن مجاهد عن الفراء، وهو كما قال، أنشدناه غيره من شيوخنا عن أبي بكر وعن ابن بكير عن ابن الجهم وعن ابن الأنباري عن أحمد بن يحيى عن سلمة عن الفراء هكذا. فقال أبو سعيد: ما عندك فيه؟ فقلت: رأيت هذا البيت بخط أبي سهل النحوي في هذا الكتاب بأبوي امرؤ وقال: ردّ الأب إلى أصله لأنه في الأصل عند الكوفيين أبو على فعل مثل نحو وغزو، فقال لي أبو سعيد: لا ينبغي أن تلتفت إلى هذا لأنّ الرواة والناقلين أجمعوا على أنه مكتوب بأبي، وكذلك لفظوا به، ولكن إصلاحه أن يكون بأبي امرؤ فيكون بأبيم فعولن، وسكن كسرة الباء من أبي لأنه قدّره تقدير فخذ، وهذا لعمري تشبيه حسن لأنهم قد أجروا هذا في المنفصل مجرى المتصل فقالوا اشترلنا، جعل ترل بمنزلة فخذ، وأشدّ من هذا قراءة حمزة ومكر السّيّىء ولا، جعل سيوءا بمنزلة فخذ ثم اسكن كما يقال فخذ، والحركة في السيىء حركة إعراب، ففي هذا ضربان من التجوز جعله المنفصل بمنزلة المتصل وتشبيهه حركة الإعراب بحركة البناء. وله من التصانيف كتاب الموضح في العروض جوّد في تصنيفه. وكتاب المفصح في القوافي. وكتاب الأمد في علوم القرآن، لا أدري هل تم أم لا، لأنه قال في كتاب الموضح في العروض «وقد شرعنا في كتاب الأمد في علوم القرآن» ثم وجدت في فوائد نقلت عن أبي القاسم المغربي أن كتابه في تفسير القرآن لم يتم وأنه ذكر في «بسم الله الرّحمن الرّحيم» مائة وعشرين وجها. قال: ومات قبل الأربعمائة. ذكر الشيخ أبو محمد ابن الخشاب في بعض كتبه «1» في معرض كلام: وحكى بعض الأشياخ من أهل صناعة النحو أنّ عضد الدولة الديلمي التمس من أبي علي الفارسي إماما يصلّي به، واقترح عليه أن يكون جامعا إلى العلم بالقراءة العلم بالعربية، فقال: ما أعرف من قد اجتمعت فيه مطلوبات «2» الملك إلا ابن جرو، لأحد الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1578 أصحاب أبي علي، وهو أبو القاسم عبيد الله بن جرو الأسدي، فقال: ابعثه إلينا، فجاء به وصلّى بعضد الدولة، فلما كان الغد وافى أبو علي وسأل الملك عنه فقال: هو كما وصفت إلا أنه لا يقيم الراء، أي يجعلها غينا، كعادة البغداديين في الأغلب، فقال أبو علي لابن جرو ورآه كما قال عضد الدولة: لم لا تقيم الراء؟ فقال: هي عادة للساني لا أستطيع تغييرها، فقال له أبو علي: ضع ذبابة القلم تحت لسانك لترفعه به، وأكثر مع ذلك ترديد اللفظ بالراء، ففعل واستقام له إخراج الراء من مخرجها. قال: هذا معنى الحكاية التي حكيت لي في هذا، فقلت للشيخ الحاكي لي رحمه الله، وأنا إذ ذاك حدث: ما أحسن ما تلطف أبو علي في طبّه هذا، فما الذي دلّه على هذه المعالجة؟ ومن أين استنبط هذه المداواة؟ وكيف احتال لهذا البرء؟ فقال: هذا الذي حكي لنا فما عندك فيه؟ فأجبت بما استحسنه الشيخ وحاضروه فقلت: لا شبهة بأنّ الغين حرف حلقي لا عمل للسان فيه، والراء حرف من حروف اللسان، وله فيه عمل، فمن نطق بالغين مكان الراء لم يكن للسان فيه عمل بل هو قارّ في فجوته، والحرف الحلقي منطوق به مع سكون اللسان واستقراره، فإذا رفعه بطرف القلم أو غيره مما يقوم مقامه في رفعه ولفظ بالحرف جعل له عملا في الحرف فبطل أن يكون حلقيا أي غينا، لأن حروف الحلق لا عمل للسان فيها، وإذا بطل أن يكون غينا كان راء وهو الحرف الذي تلفّط بالغين بدلا منه، فافهمه وداو به ما جرى هذا المجرى من الحروف، فلو كان واصل بن عطاء الغزال حاذقا حذق أبي علي رحمه الله فداوى رأرأته ولثغته بهذا الدواء لأراحه من تكلفه إخراج الراء من كلامه حتى شاع عنه من إبدال بعض الكلم ما شاع. قال: وقد حكي أن الزجاج أبا إسحاق كان بهذه الصفة، أعني رأراء، وذلك فيما قرأته بخط ابن برهان النحوي. [686] عبيد الله أبو بكر الخياط الأصبهاني: ذكره حمزة فقال: هو واحد زمانه في   [686]- بغية الوعاة 2: 130 (وهو ينقل عن ياقوت) . الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1579 علم النحو ورواية الشعر، أتقن «كتاب سيبويه» صغيرا ثم «كتاب مسائل الأخفش» ثم «كتاب حدود الفراء» وهو في الأخبار والأيام وسائر الآداب متقدم على كل من تفرد بفن «1» منها وله كتابان في النحو: أحدهما بسيط والآخر لطيف، لم يصنّف مثلهما في الزمان. ولما مات أبو بكر الخياط رثته الشعراء، فمن ذلك قول أبي مسلم ابن جحا الكوفاني: سآتي باكيا شطّ الفرات ... لعيني أستمدّ مدى حياتي فأبكي ثم أبكي ثم أبكي ... على من قد توسّد جندلات على قمر الزمان وزين علم ... عبيد الله كنز الفائدات وله يرثيه «2» : ودّعت بعد أبي بكر ودنياه ... ديوان شعر ونحوا ملك يمناه طوى الثرى معه كلّ العلوم فلا ... نشر يرجّى له من بعد مثواه من لي بمثل عبيد الله يوم ثوى ... رهن الحمام وهل في الناس شرواه ومن كتاب الوزراء لهلال «3» بن المحسن: حدثني أبو السري الأصبهاني ابن أخت أبي بكر الخياط الأصبهاني قال: كان أبو بكر خالي يحفظ دواوين العرب ويقوم عليها قياما تاما، ويتصرف في كتاب سيبويه ومسائل الأخفش تصرفا قويا، فحدثني أن أبا الفضل ابن العميد كان يقرأ عليه «كتاب الطبائع» لأبي عثمان الجاحظ، فاتفق أن كان في بعض الأيام عنده وقد نزع نعله، فأخذه كلب زيني في الدار وأبعده عن موضعه، وأراد أبو بكر الطهارة فقام ولم يره، وطلبه فلم يجده، فتقدم أبو الفضل أن يقدّم إليه نعل نفسه، فاستسرف ذلك من فعله استسرافا بلغه، فقال: ألام على تعظيم رجل ما قرأت عليه شيئا من «الطبائع» إلّا عرف ديوان قائله وقرأ القصيدة من أولها الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1580 حتى ينتهي إليه؟! ولقد كنت وغيري نتهم أبا عثمان الجاحظ فيما يستشهد به من غريب الشعر حتى دلّنا على مواضعه وأنشد القصيدة حتى انتزع منها من حفظه، أفما يستحقّ من هذه الصفة صفته هذه الكرامة اليسيرة في جنب هذه الفضيلة الكبيرة؟! وذكر ابن العميد يوما أبا بكر الخياط النحوي فقال: أفادني في نقد الشعر ما لم يكن عندي، وذاك أنه جاءني يوما باختيارات له، فكنت أرى المقطوعة بعد المقطوعة لا تدخل في مرتضى الشعر، فأعجب من إيراده لها واختياره إياها، فسألته عنها فقال: لم يقل في معناها غيرها فاخترتها لانفرادها في بابها. [687] عبيد الله بن محمد بن علي بن شاهمردان أبو محمد: لا أعرف من حاله شيئا إلا أنني وجدت له كتابا في اللغة في مجلّد سمّاه «حدائق الآداب» . [688] عبيد بن سرية ، ويقال ابن سارية، ويقال ابن شرية الجرهمي: ذكره ابن عساكر في «تاريخ دمشق» وقال: وفد على معاوية، وقيل إنه لم يفد عليه وإنه لقيه بالحيرة لما توجّه معاوية إلى العراق، ثم حدث باسناد رفعه إلى أبي حاتم السجستاني قال: وعاش عبيد بن سارية الجرهمي ثلاثمائة سنة، وقال بعضهم مائتين وعشرين سنة، إلا أننا نظن أنه عاشها في الجاهلية وأدرك الإسلام فأسلم، وقدم على معاوية بن أبي سفيان فبلغنا أن معاوية قال له: كم أتى عليك؟ قال: مائتان وعشرون سنة، قال: ومن أين علمت ذاك؟ قال: من كتاب الله، قال: ومن أي كتاب الله؟ قال من قول الله سبحانه   [687]- بغية الوعاة 2: 129 (وهو ينقل عن ياقوت) . [688]- يعتمد ياقوت في هذه الترجمة على تاريخ ابن عساكر (المصورة 11: 17) ومختصر ابن منظور 16: 36 والفهرست لابن النديم: 102 والنص الذي يرفعه إلى أبي حاتم السجستاني ورد في «المعمرون والوصايا» : 50- 53 وله في مروج الذهب أخبار (انظر الفهرس) وينسب له أخبار عبيد بن شرية وقد نشر تاليا لكتاب التيجان (حيدر أباد الدكن 1347) . الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1581 وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ (الإسراء: 12) الآية؛ فقال له معاوية: وما أدركت؟ قال: أدركت يوما في أثر يوم وليلة في أثر ليلة متشابها كتشابه الحذف يحدوان بقوم في ديار قوم يكدحون «1» ما يبيد عنهم، ولا يعتبرون بما مضى منهم، حيّهم يتلف، ومولودهم يخلف، في دهر يصرّف، أيامه تقلّب بأهلها كتقلبها دهرها، بينا أخوها في الرخاء إذ صار في البلاء، وبينا هو في الزيادة إذ أدركه النقصان، وبينا هو حرّ إذ أصبح قنّا لا يدوم على حال، من مسرور بمولود، ومحزون بمفقود، فلولا أن الحيّ يتلف لم يسعهم بلد، ولولا أن المولود يخلف لم يبق أحد. قال معاوية: أخبرني عن المال أيه أحسن في عينك؟ قال: أحسن المال في عيني وأنفعه غناء، وأقله عناء، وأجداه على العامة عين خرارة في أرض خوّارة، إذا استودعت أدّت، وإذا استحلبتها درّت وأفعمت، تعول ولا تعال. قال معاوية: ثم ماذا؟ قال: فرس في بطنها فرس تتبعها فرس قد ارتبطت منها فرسا. قال معاوية: فأيّ النعم أحبّ إليك؟ قال: النعم لغيرك يا أمير المؤمنين، قال: لمن؟ قال: لمن فلاها بيده وباشرها بنفسه. قال معاوية: حدثني عن الذهب والفضة، قال: حجران إن أخرجتهما نفدا وإن خزنتهما لم يزيدا. قال معاوية: فأخبرني عن قيامك وقعودك، وأكلك وشربك، ونومك وشهوتك للباءة، قال: أما قيامي فان قمت فإن السماء تبعد، وان قعدت فالأرض تقرب، وأما أكلي وشربي فان جعت كلبت، وإن شبعت بهرت، وأما نومي فإن حضرت مجلسا حالفني، وان خلوت أطلبه فارقني، وأما الباءة فإن بذل لي عجزت، وإن منعته غضبت. قال معاوية: فأخبرني عن أعجب شيء رأيته، قال: إني نزلت بحيّ من قضاعة فخرجوا بجنازة رجل من عذرة يقال له حريث بن جبلة، فخرجت معهم، حتى إذا واروه انتبذت جانبا عن القوم وعيناي تدمعان «2» ثم تمثلت بأبيات شعر كنت رويتها «3» قبل ذلك: يا قلب إنك في أسماء مغرور ... اذكر وهل ينفعنك اليوم تذكير الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1582 قد بحت بالحبّ ما تخفيه من أحد ... حتى جرت بك أطلاقا محاضير «1» تبغي أمورا فما تدري أعاجلها ... خير لنفسك أم ما فيه تأخير فاستقدر الله خيرا وارضينّ به ... فبينما العسر إذ دارت مياسير وبينما المرء في الأحياء مغتبطا ... إذ صار في الرمس تعفوه الأعاصير حتى كأن لم يكن إلا تذكّره ... والدهر أيتما حال دهارير يبكي الغريب عليه ليس يعرفه ... وذو قرابته في الحيّ مسرور وذاك آخر عهد من أخيك إذا ... ما المرء ضمنه اللحد الخناسير (الواحد خنسير والجمع الخناسير ويقال الخناسرة وهم الذين يتبعون الجنازة) «2» فقال رجل إلى جانبي يسمع ما أقول: يا عبد الله من قائل هذه الأبيات؟ قلت: والذي أحلف به ما أدري إلا أني «3» قد رويتها منذ زمان، قال: قائلها الذي دفنّاه آنفا، وأنا هذا ذو قرابته أسرّ الناس بموته، وانك للغريب الذي وصف تبكي عليه، قال: فعجبت لما ذكر في شعره والذي صار إليه من قوله، كأنه كان ينظر إلى موضع قبره، فقلت: إن البلاء موكل بالمنطق. قال المؤلف: وذكره محمد بن إسحاق النديم في «كتاب الفهرست» فقال: عبيد بن شرية الجرهمي أدرك النبي صلّى الله عليه وسلّم ولم يسمع منه شيئا، ووفد على معاوية بن أبي سفيان فسأله عن الأخبار المتقدمة وملوك العرب والعجم وسبب تبلبل الألسنة وأمر افتراق الناس في البلاد، وكان استحضره من صنعاء اليمن، فأجابه بما أمر به معاوية أن يدوّن وينسب إلى عبيد بن شرية، ثم عاش عبيد إلى أيام عبد الملك بن مروان. وله من الكتب: كتاب الأمثال. كتاب الملوك وأخبار الماضين. وقال غير النديم: كان عبيد بن شرية يروي عن الكيس النمري وابنه زيد بن الكيس وعن الكسير الجرهمي وعبد ودّ الجرهمي. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1583 [689] عبيد بن مسعدة يعرف بابن أبي الجليد، قال المرزباني: أبو الجليد الفزاري المنظوري المدني اسمه مسعدة، وابنه ابن أبي الجليد نحويّ أهل البصرة «1» اسمه عبيد بن مسعدة، وكان أبو الجليد أعرابيا بدويا علامة، وكان الضحاك بن عثمان يروي عنه؛ وأبو الجليد هو القائل ورأى جارية سوداء غليظة الجسم: إن لا يصبني أجلي فأخترم ... أشتر من مالي صناعا كالصّتم «2» عريضة المعطس خشناء القدم ... تكون أمّ ولد وتختدم إذا ابنها جاء بشرّ لم يلم ... يقتّل الناس ولا يوفي الذمم. [690] عتاب بن ورقاء الشيباني: نقلت من خط أبي سعد السمعاني: أنبأنا إبراهيم بن نبهان الغنوي، حدثنا أبو عبد الله الحميدي عن أبي العباس أحمد بن عمر العذري بالمغرب عن أبي البركات محمد بن عبد الواحد الزبيري بالأندلس عن أبي سعيد السيرافي عن أبي إسحاق الزجاج عن المبرد قال: لما وصل المأمون إلى بغداد وقرّ بها قال ليحيى بن أكثم: وددت لو أني وجدت رجلا مثل الأصمعيّ ممن عرف أخبار العرب وأيامها وأشعارها فيصحبني كما صحب الأصمعيّ الرشيد. فقال له يحيى: ها   [689]- بغية الوعاة 2: 131 (وهو ينقل عن ياقوت) ويعتمد المؤلف على المرزباني، ولكن ترجمة ابن أبي الجليد لم ترد في نور القس. [690]- لا يمكن أن يكون هو عتاب بن ورقاء الذي كان يعدّ أحد الثلاثة من أجواد أهل الكوفة (ذيل الأمالي: 20) والذي تتردد أخباره في الكتب الأدبية وينسب له من النوادر ظنه أنّ «كتب القتل والقتال علينا ... » من القرآن (البيان والتبيين 2: 235- 236) وله مواقف مع المهلب بن أبي صفرة، ذلك لأن عتابا هذا قتله شبيب الخارجي (الكامل 3: 382) والأبيات التي أنشدها للمأمون وردت في الأغاني (14: 100) منسوبة لمحمد بن حازم الباهلي حين أراده ابراهيم بن المهدي على الشرب. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1584 هنا شيخ يعرف هذه الأخبار يقال له عتاب بن ورقاء من بني شيبان، قال: فابعث لنا فيه. فحضر فقال له يحيى: إن أمير المؤمنين يرغب في حضورك مجلسه ومحادثته، فقال: أنا شيخ كبير ولا طاقة لي لأنه ذهب مني الأطيبان، فقال له المأمون: لا بد من ذلك، فقال الشيخ، فاسمع ما حضرني، فقال اقتضابا: أبعد ستين أصبو ... والشيب للمرء حرب شيب وسنّ وإثم ... أمر لعمرك صعب يا ابن الإمام فهلّا ... أيام عودي رطب وإذ مشيبي قليل ... ومنهل العيش عذب فالآن لما رأى بي ... عواذلي ما أحبوا آليت أشرب راحا ... ما حجّ لله ركب فقال المأمون: ينبغي أن تكتب بالذهب، وأعفى الشيخ وأمر له بجائزة. [691] عثمان بن جني أبو الفتح النحوي: وكان جني أبوه مملوكا روميا لسليمان بن فهد الأزدي الموصلي: من أحذق أهل الأدب وأعلمهم بالنحو والتصريف، وصنّف في ذلك كتبا أبرّ بها على المتقدمين وأعجز المتأخرين، ولم يكن في شيء من علومه أكمل منه في التصريف، ولم يتكلم أحد في التصريف أدقّ كلاما منه، ومات لليلتين بقيتا من صفر سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة، في خلافة القادر، ومولده قبل الثلاثين وثلاثمائة؛ وهو القائل:   [691]- ترجمة ابن جني في اليتيمة 1: 124 وتاريخ بغداد 11: 311 ونزهة الالباء: 228 والفهرست: 95 ودمية القصر 3: 1481 والمنتظم 7: 220 وانباه الرواة 2: 335 وابن خلكان 3: 246 وسير الذهبي 17: 17 وعبر الذهبي 3: 53 ومرآة الجنان 2: 445 والبداية والنهاية 11: 331 وبغية الوعاة 2: 132 والنجوم الزاهرة 4: 205 والشذرات 3: 140 واشارة التعيين: 200 وروضات الجنات 5: 176 وحاشية البغدادي على شرح بانت سعاد 1: 199 وأشار الذهبي في السير إلى أن له ترجمة طويلة في «تاريخ الأدباء» لياقوت، وفي مادة «ابن جني» من الموسوعة الاسلامية (الطبعة الثانية) 3: 754 إشارة إلى بعض الدراسات عنه بغير العربية. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1585 فإن أصبح بلا نسب ... فعلمي في الورى نسبي على أني أؤول إلى ... قروم سادة نجب قياصرة إذا نطقوا ... أرمّ الدهر في الخطب ألاك دعا النبيّ لهم ... كفى شرفا دعاء نبي وحدث غرس النعمة أبو الحسن محمد بن هلال بن المحسن قال: حدثني أبي قال: كان من كتّاب الانشاء في أيام عضد الدولة وبعدها في أيام صمصام الدولة ابنه كاتب يعرف بأبي الحسين القمي، قال: وشاهدته في ديوان الإنشاء يكتب بين يدي جدي أبي إسحاق لما ولاه صمصام الدولة، فاتفق أن حضر يوما عند جدي أبي إسحاق أبو الفتح عثمان بن جني النحوي في الديوان، وجلس يتحدث مع جدي تارة ومعي- إذا اشتغل جدي- أخرى، وكانت له عادة في حديثه بأن يميل بشفته ويشير بيده، فبقي أبو الحسين القميّ شاخصا ببصره يتعجّب منه، فقال له ابن جني: ما بك يا أبا الحسين تحدّق إليّ النظر «1» وتكثر مني التعجب؟ قال: شيء طريف، قال: ما هو؟ قال شبهت مولاي الشيخ وهو يتحدث ويقول ببوزه كذا وبيده كذا بقرد رأيته اليوم عند صعودي إلى دار المملكة وهو على شاطىء دجلة يفعل مثل ما يفعل مولاي الشيخ، فامتعض أبو الفتح وقال: ما هذا القول يا أبا الحسين أعزّك الله؟ ومتى رأيتني أمزح فتمزح معي أو أمجن فتمجن بي؟! فلما رآه أبو الحسين قد حرد واشتاط «2» وغضب قال: المعذرة أيها الشيخ إليك وإلى الله تعالى عن أن أشبهك بالقرد وإنما شبهت القرد بك، فضحك أبو الفتح وقال: ما أحسن ما اعتذرت!! وعلم أبو الفتح أنها نادرة تشيع فكان يتحدث بها هو دائما. قال: واجتاز أبو الفتح يوما وأبو الحسين في الديوان وبين يديه كانون فيه نار، والبرد شديد، فقال له أبو الحسين: تعال أيها الشيخ إلى النير فقال: أعوذ بالله، والنير هو صماد البقر. وذكره أبو الحسن علي بن الحسن الباخرزي في «دمية القصر» فقال: ليس الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1586 لأحد من أئمة الأدب في فتح المقفلات وشرح المشكلات ما له، ولا سيما في علم الاعراب، فقد وقع منها على «1» ثمرة الغراب «2» . ومن تأمّل مصنفاته، وقف على بعض صفاته، فو ربّي إنه كشف الغطاء عن شعره، وما كنت أعلم أنه ينظم القريض، أو يسيغ ذلك الجريض، حتى قرأت له مرثية في المتنبي أولها: غاض القريض وأودت نضرة الأدب ... وصوّحت بعد ريّ دوحة الكتب [منها] : سلبت ثوب بهاء كنت تلبسه ... لمّا تخطّفت بالخطيّة السّلب ما زلت تصحب في الجلى إذا انشعبت ... قلبا جميعا وعزما غير منشعب وقد حلبت لعمري الدهر أشطره ... تمطو بهمة لا وان ولا نصب من للهواجل يحيي ميت أرسمها ... بكلّ جائلة التصدير والحقب قبّاء خوصاء محمود علالتها ... تنبو عريكتها بالجلس والقتب أم من لبيض الظبا توكافهنّ دم ... أم من لسمر القنا والزّعف واليلب أم للجحافل يذكي جمر جاحمها ... حتى يقرّبها من جاحم اللهب أم للمحافل إذ تبدو لتعمرها ... بالنظم والنثر والأمثال والخطب أم للصواهل محمرّا سرابلها ... من بعد ما غبرت «3» معروفة الشهب أم للمناهل والظلماء عاكفة ... تواصل الكرّ بين الورد والقرب أم للقساطل تعتمّ الحزون «4» بها ... أم من لضغم الهزبر الضيغم الحرب أم للملوك تحلّيها وتلبسها ... حتى تمايس في أبرادها القشب الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1587 نابت وسادي أطراب تؤرّقني ... لما غدوت لقى «1» في قبضة النوب عمرت خدن المساعي غير مضطهد ... كالنصل لم يدّنس يوما «2» ولم يعب فاذهب عليك سلام المجد ما قلقت ... خوص الركائب بالأكوار والشعب وحدث أبو الحسن الطرائفي قال: كان أبو الفتح عثمان بن جني يحضر بحلب عند المتنبي كثيرا ويناظره في شيء من النحو من غير أن قرأ عليه شيئا من شعره أنفة وإكبارا لنفسه، وكان المتنبي يقول في أبي الفتح: هذا رجل لا يعرف قدره كثير من الناس. وسئل المتنبىء بشيراز عن قوله: وكان ابنا عدوّ كاثراه ... له ياءي حروف أنيسيان فقال: لو كان صديقنا أبو الفتح حاضرا لفسّره. وحدث أبو إسحاق إبراهيم بن علي الحصري في «كتاب النورين» : وقال بعض أهل العصر وهو أبو الفتح عثمان بن جني النحوي «3» : غزال غير وحشيّ ... حكى الوحشيّ مقلته رآه الورد يجني الور ... د فاستكساه حلّته وشمّ بأنفه الريحا ... ن فاستهداه زهرته وذاقت ريحه «4» الصهبا ... ءفاختلسته نكهته وكان أبو الفتح ابن جني ممتّعا باحدى عينيه، فلذلك يقول في صديق له «5» : صدودك عنّي ولا ذنب لي ... دليل على نية فاسده فقد وحياتك مما بكيت ... خشيت على عيني الواحده ولولا مخافة أن لا أراك ... لما كان في تركها فائده الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1588 وحدثت «1» أنه صحب أبا علي الفارسي أربعين سنة، وكان السبب في صحبته له أن أبا علي اجتاز بالموصل، فمرّ بالجامع وأبو الفتح في حلقة يقرىء النحو وهو شابّ، فسأله أبو علي عن مسألة في التصريف فقصّر فيها، فقال له أبو علي: زبّبت قبل أن تحصرم، فسأل عنه فقيل له: هذا أبو علي الفارسي، فلزمه من يومئذ واعتنى بالتصريف، فما أحد أعلم منه به، ولا أقوم بأصوله وفروعه، ولا أحسن أحد إحسانه في تصنيفه. فلما مات أبو علي تصدر أبو الفتح في مجلسه ببغداد فأخذ عنه الثمانيني وعبد السلام البصري وأبو الحسن السمسمي. وكان لابن جني من الولد عليّ وعال وعلاء، وكلهم أدباء فضلاء قد خرّجهم والدهم وحسّن خطوطهم، فهم معدودون في الصحيحي الضبط وحسن الخط. ومن «كتاب سرّ السرور» لأبي الفتح ابن جني: رأيت محاسن ضحك الربيع ... أطال عليها بكاء السحاب وقد ضحك الشيب في لمتي ... فلم لا أبكّي ربيع الشباب أأشرب في الكأس كلا وحاشا ... لأبصره في صفاء الشراب وأنشد له: تجبّب أو تدرّع أو تقبّا ... فلا والله لا أزداد حبّا «2» أخذت ببعض حبك كلّ قلبي ... فان رمت المزيد فهات قلبا قرأت بخط أبي علي ابن إبراهيم الصابىء: ولأبي نصر بشر بن هارون في ابن جني النحوي، وقد جرى بينه وبينه في معنى شيطان يقال إنه يظهر بالراية اسمه العدار، وإذا لقي إنسانا وطئه، فقال له ابن جني: بودك لو لقيك فإنه إن كان لأمنيتك، فقال أبو نصر: زعمت أن العدار خدني ... وليس خدنا لي العدار عفر من الجنّ أنت أولى ... به وفيهم لك افتخار الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1589 فالجنّ جنّ ونحن إنس ... شتان هذان يا حمار ونحن من طينة خلقنا ... ما خلق الجن منه نار العرّ والعار فيك تمّا ... والعور التام والعوار ونقل من خط أبي الفتح ابن جني خطبة نكاح من إنشائه: الحمد لله فاطر السماء والأرض، ومالك الإبرام والنقض، ذي العزة والعلاء، والعظمة والكبرياء، مبتدع الخلق على غير مثال، والمشهود بحقيقته في كل حال، الذي ملأت حكمته القلوب نورا، فاستودع علم الأشياء كتابا مسطورا، وأشرق في غياهب الشبه خصائص نعوته، واغترقت «1» أرجاء الفكر بسطة ملكوته؛ أحمده حمد معترف بجزيل نعمه، وأخاطبه ملتبسا بسنيّ قسمه، وأعاطيه وأومن به في السرّ والعلن، واستدفع بقدرته ملمات الزمن، وأستعينه على نوازل الأمور، وادّارأه في نحر كلّ محذور، وأشهد شهادة تخضع لعلوها السموات وما أظلّت، وتعجز عن حملها الأرضون وما أقلّت، إنه مالك يوم البعث والمعاد، والقائم على كلّ نفس بالمرصاد، وأن لا معبود سواه، ولا إله إلّاه «2» ، وأنّ محمدا صلّى الله عليه وسلّم، وبجّل وكرّم، عبده المنتخب، وحجته على العجم والعرب، ابتعثه بالحقّ إلى أوليائه ضياء لامعا، وعلى المرّاق من أعدائه شهابا ساطعا، فابتذل في ذات الله نفسه وجهدها «3» ، وانتحى مناهج الرشد وقصدها، مستسهلا ما يراه الأنام صعبا، ومستخصبا ما يرعونه بينهم جدبا. يغافس «4» أهل الكفر والنفاق، ويمارس البغاة وأولي الشقاق، بقلب غير مذهول، وعزم غير مفلول، يستنجز الله صادق وعده، ويسعى في خلود الحقّ من بعده، إلى أن وطد بواني الدين وأرساها، وشاد شرف الاسلام وأسماها، فصرّم مدته التي أوتيها في طاعة الله موفّقا حميدا، ثم انكفأ إلى خالقه مطمئنا به فقيدا، صلى الله عليه ما ومض في الظلام برق، أو نبض «5» في الأنام عرق، وعلى الخيرة المصطفين من آله، والمقتدين بشرف فعاله. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1590 وإن مما أفرط الله تعالى به سابق حكمه، وأجرى بكونه قلم علمه، ليضمّ بوقوعه متباين الشمل، ويزمّ به شارد الفرع إلى الأصل، أن فلان بن فلان، وهو كما يعلم من حضر، من ذوي الستر وصدق المختبر، مسجوح الخليقة، مأمون الطريقة، متمسك «1» بعصام الدين، آخذ بسنّة المسلمين، خطب للأمر المحموم، والقدر المحتوم، من فلان بن فلان الظاهر العدالة والعفاف، أهل البرّ وحسن الكفالة والكفاف، عقيلته فلانة بنت فلان خيرة نسائها، وصفوة آبائها، في زكاء منصبها، وطيب مركّبها، وقد بذل لها من الصداق كذا وكذا فليشهد على ذلك أهل مجلسنا، وكفى بالله شهيدا (ثم تقريرهما) ثم يقال: لاءم الله على التقوى كلمتيكما، وأدم «2» بالحسنى بينكما، وخار لكما فيما قضى، ولا ابتزّكما صالح ما كسا. وهو حسبنا وكفى. قرأت بخط الشيخ أبي منصور موهوب بن الخضر الجواليقي رحمه الله، أنشدنا الشيخ الامام أبو زكرياء يحيى بن علي التبريزي قال: أنشدنا عال بن عثمان بن جني، قال أنشدنا أبي لنفسه: وحلو شمائل الأدب ... منيف مراتب الحسب أخي فخر مفاخره ... عقائل عقلة الإرب له كلف بما كلفت ... به العلماء م العرب يبيت يفاتش الأنقا ... ب عن أسرارها الغيب فمن جدد الى جلد ... الى صعد إلى صبب ويسرب في مغابنها «3» ... بضيض رواشح الثّغب ويفرع فكره الأبكا ... ر منها من حمى الحجب فيبرزها «4» كأنّ بها ... وإن خفيت سنا لهب يغازل من تأمّلها ... غزال الخرّد العرب الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1591 يجدّ بها وتحسبه ... للطف الفكر في لعب سباطة مذهب سكبت «1» ... عليه ماءة الذهب ورقّة مأخذ شهدت ... بغلظة كلّ منتجب وطردا «2» للفروع على ... أصول وطّد رتب إذا ما انحطّ غائرها ... سما فرعا على الرتب قياسا مثل ما وقدت ... بليل برزة الشهب وألفاظا مهدّبة ... الحواشي ثرّة السحب فطورا من ذرى علم ... وطورا من ذرى طنب إذا حازت لنا سلبا ... فعدّ عن القنا السّلب تركت مساجلي أدبي ... طوال الدهر في تعب إذا أجروا إلى أمد ... فقل في هافة لغب وإن راموا مبادهتي ... سبقت وأوطأوا عقبي وكيف يروم منزلتي ... نزيل أخابث «3» الترب وهل يسمو لفارعتي ... خفيض الخدّ ذو حدب وهل ينتاط بي سببا ... ضعيف معاقد السبب أغرة وجه سابقها ... تقاس بشعلة الذنب شكرت الله نعمته ... وما أولاه من أرب زكت عندي صنائعه ... فوفقني وأحسن بي تخوّلني وخوّلني ... ونوّلني ونوّه بي وأخّر من يقادمني ... وأعلاني وأرغم بي فيا بأبي منائحه ... وقلّ لهن يا بأبي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1592 ضفون عليّ عطف علا ... برفل جدّ منسحب فإن أصبح بلا نسب ... فعلمي في الورى نسبي على أني أؤول إلى ... قروم سادة نجب قياصرة إذا نطقوا ... أرمّ الدهر ذو الخطب أولاك دعا النبيّ لهم ... كفى شرفا دعاء نبي وإما فاتني نشب ... كفاني ذاك من نشب وإن اركب مطا سفر ... مجدّ الورد والقرب كأني «1» مخلد خلفا ... يضاوي الشمس من كثب إذا لم يبق لي عقب ... أقامت خير ما عقب موشحة مرشحة ... لنيل الغاي «2» من كثب يصمّ صدى الحسود لها ... ويخرق أطرق الركب إذا اهتزت كتائبها ... هفت خفاقة العذب أزول وذكرها باق ... على الأيام والحقب تناقلها الرواة لها ... على الأجفان من حدب فيرتع «3» في أزاهرها ... ملوك العجم والعرب فمن مغن الى مدن ... الى مثن الى طرب كفاها أن يقول لها ... بهاء الدولة اقتربي إلى الله المصير غدا ... وعند الله مطلبي له ظهري ومعتملي ... ومتّجهي ومنقلبي فقل للغامطي نعمي ... وما راعيت من قربي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1593 وتثميري وتنشئتي ... ومحتالي ومضطربي ونهضي عنك أطعن في ... نحور أوابد النوب ورفعي من رذائلك اللواتي بعضها سببي ... ولولا أنت كان أديم مأثرتي بلا ندب ألمّا أن أشرت وان ... نزت بك بطنة الكلب وأكرمك الأكابر لي ... وخالطت الأماثل بي ورفّعت الذلاذل عن ... معاطف تائه حرب وأنسيت الأوائل بال ... أواخر نزقة العجب وقلت أنا وأين أنا ... ومن مثلي وحسبك بي وقال لي الوزير: هنا ... وأدناني ورحّب بي وقدّمني ولقّمني ... ووسّطني وصدّر «1» بي أسأت جوار عارفتي ... فثق بطوارق العقب وحسبي أن ألم ببك ... ر مثلك جارحا حسبي ولكن الدواء على ... كراهته شفا الوصب حدث أبو الحسن الطرائفي ببغداد قال: كان أبو الفتح عثمان بن جني في حلب يحضر عند المتنبي الكثير ويناظره في شيء من النحو من غير أن قرأ عليه ديوان شعره إكبارا لنفسه عن ذلك، وكان المتنبي يعجب بأبي الفتح وذكائه وحذقه ويقول: هذا رجل لا يعرف قدره كثير من الناس؛ وسئل أبو الطيب بشيراز عن قوله: وكان ابنا عدو كاثراه ... له ياءي حروف أنيسيان فقال: لو كان صديقنا أبو الفتح ابن جني حاضرا فسّره. قلت: وتفسيره أن لفظة إنسان خمسة أحرف إذا كانت مكبرة، فإذا صغر قيل أنيسيان، فزاد عدد حروفه وصغر معناه، فيقول للممدوح ان عدوك الذي له ابنان فيكاثرك بهما كانا زائدين في الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1594 عدده ناقصين من فضله وفخره لأنهما ساقطان خسيسان كياءي أنيسيان تزيدان في عدد الحروف وتنقصان من معناه. قرأت بخط الشيخ ابي منصور ابن الجواليقي قال لنا أبو زكرياء «1» : رأيت بخط ابن جني، أنبأنا أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد القرميسيني عن أبي بكر محمد بن هارون الروياني عن أبي حاتم سهل بن محمد السجستاني قال: قرأ عليّ أعرابي «طيبى لهم وحسن مآب» فقلت: «طوبى» ، فقال: «طيبى» فقلت ثانيا: «طوبى» ، فقال: «طيبى» فلما طال عليّ قلت «طوطو» ، فقال: الأعرابي: «طي طي» ، أما ترى إلى هذه النحيزة ما أبقاها وأشد محافظة هذا البدوي عليها حتى إذا استكره على تركها فأبى إلا إخلادا إليها، ونحو ذلك قال عمار «2» الكلبي وقد أنشد بعض أهل الأدب بيتا قاله، وهو: بانت نعيمة والدنيا مفرقة ... وحال من دونها غيران مزعوج فقيل له: لا يقال مزعوج، إنما يقال مزعج، فجفا ذلك عليه وقال يهجو النحويين: ماذا لقينا من المستعربين ومن ... قياس نحوهم هذا الذي ابتدعوا إن قلت قافية بكرا يكون بها ... بيت خلاف الذي قاسوه أو ذرعوا قالوا لحنت وهذا ليس منتصبا ... وذاك خفض وهذا ليس يرتفع وحرّضوا بين عبد الله من حمق ... وبين زيد فطال الضرب والوجع كم بين قوم قد احتالوا لمنطقهم ... وبين قوم على إعرابهم طبعوا ما كلّ قولي مشروحا لكم فخذوا ... ما تعرفون وما لم تعرفوا فدعوا لان أرضي أرض لا تشبّ بها ... نار المجوس ولا تبنى بها البيع قال ابن جني «3» : وعلى نحو ذلك فحضرني قديما بالموصل أعرابي عقيلي جوثيّ تميمي يقال له محمد بن العساف الشجري، وقلّما رأيت بدويا أفصح منه، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1595 فقلت له يوما، شغفا بفصاحته والتذاذا بمطاولته وجريا على العادة معه في إيقاظ طبعه واقتداح زند فطنته: كيف تقول: «أكرم أخوك أباك» . فقال كذاك، فقلت له: أفتقول «أكرم أخوك أبوك» فقال: لا أقول «أبوك» أبدا؛ قلت فكيف تقول: «أكرمني أبوك» فقال: كذاك، قلت ألست تزعم أنك لا تقول «أبوك» أبدا؟ فقال: أيش هذا، اختلفت جهتا الكلام. فهل قوله «اختلفت جهتا الكلام» إلا كقولنا نحن «هو الآن فاعل وكان في الأول مفعولا» فانظر إلى قيام معاني هذا الأمر في أنفسهم وإن لم تطع به عبارتهم. أخبرني أبو علي عن أبي بكر عن أبي العباس قال «1» : سمعت عمارة بن عقيل بن بلال بن جرير يقرأ «ولا الليل سابق النهار» فقلت له: ما أردت؟ قال: أردت «سابق النهار» . فقلت له: فهلا قلته؟ فقال: لو قلته لكان أوزن، أي أقوى وأفصح. ففي هذه الحكاية من فقه العربية ثلاثة أشياء: أحدها أنهم قد يراعون من معانيهم ما ننسبه إليهم ونحمله عليهم، والثاني أنهم قد ينطقون بالشيء وفي أنفسهم غيره، ألا ترى أنه لما نصّ أبو العباس عليه واستوضح ما عنده قال: «أردت كذا» وهو خلاف ما لفظ به، والثالث أنهم قد ينطقون بالشيء غيره أقوى منه استلانة وتخفيفا، ألا تراه كيف قال: لو قلته لكان أوزن، أي أقوى وأعرب. قال ابن جني: وسألت الشجريّ صاحبنا هذا الذي قد مضى ذكره، قلت له: كيف يا أبا عبد الله تقول: «اليوم كان زيد قائما» فقال: كذلك، فقلت: فكيف تقول «اليوم انّ زيدا قائم» فأباها البتة، وذلك أن ما بعد «إن» لا يعمل فيما قبلها لأنها إنما تأتي أبدا مستقبلة قاطعة لما قبلها عما بعدها وما بعدها عما قبلها. قلت له يوما ولابن عم له يقال غصن، وكان أصغر منه سنّا وألين لسانا «2» : كيف تحقّران «حمراء» ؟ فقالا: «حميراء» ، قلت: «فصفراء» ؟ قالا: «صفيراء» قلت: «فسوداء» ؟ قالا «سويداء» ، واستمررت بهما في نحو هذا فلما استويا عليه دسست بين ذلك «علباء» فقلت «فعلباء» ؟ فأسرع ابن عمه على طريقته فقال الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1596 «عليباء» ، وكاد الشجريّ يقولها معه، فلما همّ بفتح الباء استرجع مستنكرا فقال: اه «عليبي» وأشمّ الضمة دائما للحركة في الوقف وتلك عادة له. قال ابن جني: فسألته يوما يا أبا عبد الله كيف تجمع محرنجما؟ وكان غرضي من ذلك أن أعلم ما يقوله أيكسر فيقول حراجم أم يصحّح فيقول محرنجمات، فذهب هو مذهبا غير ذين فقال: وايش فرّقه حتى أجمعه، وصدق، وذلك أنّ المحرنجم هو المجتمع، يقولها مارا على شكيمته غير محسّ لما أريده منه، والجماعة معي على غاية الاستغراب لفصاحته، قلت له: فدع هذا، إذا أنت مررت بابل محرنجمة، وأخرى محرنجمة، وأخرى محرنجمة، تقول مررت بابل ماذا؟ فقال، وقد أحس الموضع: يا هذا هكذا أقول: مررت بابل محرنجمات، وأقام على الصحيح البتة استيحاشا من تكسير ذوات الأربعة لمصاقبتها ذوات الخمسة التي لا سبيل إلى تكسيرها لا سيما إذا كان فيها زيادة، والزيادة قد تعتدّ في كثير من المواضع اعتداد الأصول، حتى إنها لتلزم لزومها نحو كوكب وحوشب وضيون وهزنبران ودودرى وقرنفل، وهذا موضع يحتاج إلى إصغاء إليه وإرعاء عليه، والوقت لتلاحمه وتقارب أجزائه مانع منه، ويعين الله فيما يليه على المعتقد المنوي فيه بقدرته. وسألته يوما كيف تجمع سرحانا؟ فقال سراحين، قلت: فدكانا، قال دكاكين، قلت: فقرطانا، قال: قراطين، قلت: فعثمان، قال: عثمانون، قلت: هلا قلت عثامين كما قلت سراحين وقراطين؟ فأباها البتة وقال: أيش ذا، أرأيت انسانا يتكلم بما ليس من لغته، والله لا أقولها أبدا، استوحش من تكسير العلم إكبارا له لا سيما وفيه الألف والنون اللتان بابهما فعلان الذي لا يجوز فيه فعالين نحو سكران وغضبان. فهرست كتب ابن جنيّ: كتب ابن جني إجازة بما صورته. بسم الله الرّحمن الرّحيم: قد أجزت للشيخ أبي عبد الله الحسين بن أحمد بن نصر- أدام الله عزه- أن يروي عني مصنفاتي وكتبي مما صححه وضبطه عليه أبو أحمد عبد السلام بن الحسين البصري- أيد الله عزه: عنده منها كتابي الموسوم بالخصائص «1» وحجمه ألف ورقة. وكتابي التمام في تفسير الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1597 أشعار هذيل «1» مما أغفله أبو سعيد الحسن بن الحسين السكري رحمه الله وحجمه خمسمائة ورقة بل يزيد على ذلك. وكتابي في سرّ الصناعة «2» وهو ستمائة ورقة. وكتابي في تفسير تصريف أبي عثمان بكر بن محمد بن بقية المازني «3» وحجمه خمسمائة ورقة. وكتابي في شرح مستغلق أبيات الحماسة واشتقاق أسماء شعرائها «4» ومقداره خمسمائة ورقة. وكتابي في شرح المقصور والممدود عن يعقوب بن إسحاق السكيت وحجمه أربعمائة ورقة. وكتابي في تعاقب العربية وأطرف به وحجمه مائتا ورقة. وكتابي في تفسير ديوان المتنبي الكبير «5» وهو ألف ورقة ونيف. وكتابي في تفسير معاني هذا الديوان وحجمه مائة ورقة وخمسون ورقة. وكتابي اللمع في العربية وان كان لطيفا «6» . وكذلك كتابي مختصر التصريف على إجماعه. وكتابي مختصر العروض والقوافي «7» . وكتاب الألفاظ المهموزة «8» . وكتابي في اسم المفعول المعتل العين من الثلاثي على إعرابه في معناه وهو المقتضب. وما بدأت بعمله من كتاب تفسير المذكر والمؤنث ليعقبوب أيضا أعان الله على إتمامه. وكتاب ما خرّج عني من تأييد التذكرة عن الشيخ أبي علي أدام الله عزه. وكتابي في المحاسن في العربية وإن كان ما جرى أزال يدي عنه حتى شذ عنها ومقداره ستمائة ورقة. وكتابي النوادر الممتعة في العربية وحجمه ألف ورقة، وقد شذّ أيضا أصله عني فإن وقعا كلاهما أو شيء منهما فهو لا حق بما أجزت روايته هنا. وكتاب ما أحضرنيه الخاطر من المسائل المنثورة مما أمللته أو حصل في آخر تعاليقي عن نفسي وغير ذلك مما هذه حاله وصورته. فليرو- الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1598 أدام الله عزه- ذلك عني أجمع إذا صحّ عنده وأنس بتثقيفه وتسديده، وما صح عنده أيده الله من جميع رواياتي مما سمعته من شيوخي رحمهم الله وقرأته عليهم بالعراق والموصل والشام وغير هذه البلاد التي أتيتها وأقمت بها مباركا له فيه منفوعا به بإذن الله؛ وكتب عثمان بن جني بيده حامدا لله سبحانه في آخر جمادى الآخرة من سنة أربع وثمانين وثلاثمائة. والحمد لله حق حمده عودا على بدء. ومن كتبه ما لم تتضمنه هذه الاجازة: كتاب المحتسب في شرح الشواذ «1» . وكتاب تفسير أرجوزة أبي نواس «2» . وكتاب تفسير العلويات وهي أربع قصائد للشريف الرضي كل واحدة في مجلد وهي: قصيدة رثى بها أبا طاهر إبراهيم بن ناصر الدولة أوّلها «3» : ألقي الرماح ربيعة بن نزار ... أودى الردى بقريعك المغوار ومنها قصيدته التي رثى بها الصاحب بن عباد وأولها «4» : أكذا المنون تقنطر «5» الأبطالا ... أكذا الزمان يضعضع الأجبالا وقصيدته التي رثى بها الصابىء وأولها «6» : أعلمت من حملوا على الأعواد ... أرأيت كيف خبا زناد النادي وكتاب البشرى والظفر صنعه «7» لعضد الدولة ومقداره خمسون ورقة في تفسير بيت واحد من شعر عضد الدولة: أهلا وسهلا بذي البشرى ونوبتها ... وباشتمال سرايانا على الظفر الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1599 وكتاب رسالة في مدد الأصوات ومقادير المدات كتبها إلى أبي إسحاق إبراهيم بن أحمد الطبري مقدارها ست عشرة ورقة بخط ولده عالي. كتاب المذكر والمؤنث. كتاب المنتصف. كتاب مقدمات أبواب التصريف. وكتاب النقض على ابن وكيع في شعر المتنبي وتخطئته. كتاب المغرب في شرح القوافي. كتاب الفصل بين الكلام الخاصّ والكلام العامّ. كتاب الوقف والابتداء. كتاب الفرق. كتاب المعاني المجرّدة. كتاب الفائق. كتاب الخطيب. كتاب مختار الأراجيز. وكتاب ذي القد في النحو. وكتاب شرح الفصيح. وكتاب شرح الكافي في القوافي «1» . وجد على ظهر نسخة ذكر ناسخها أنه وجد بخط أبي الفتح عثمان بن جني، رحمه الله، على ظهر نسخة «كتاب المحتسب في علل شواذّ القراءات» : أخبرني بعض من يعتادني للقراءة عليّ والأخذ قال: رأيتك في منامي جالسا في مجلس لك على حال كذا وبصورة كذا، وذكر من الجلسة والشارة جملا «2» وإذا رجل له رواء ومنظر وظاهر نبل وقدر قد أتاك، فحين رأيته أعظمت مورده وأسرعت القيام له، فجلس في صدر مجلسك وقال لك: اجلس، فجلست، فقال كذا (شيئا ذكره) ثم قال لك: أتمم كتاب الشواذ الذي عملته فإنه كتاب يصل إلينا، ثم نهض، فلما ولّى سألت بعض من كان معه عنه فقال: علي بن أبي طالب عليه السلام، ذكر هذا الرائي لهذه الرؤيا لي، وقد بقيت من نواحي هذا الكتاب أميكنات تحتاج إلى معاودة نظر وأنا على الفراغ منها. وبعده ملحق في الحاشية بخطه أيضا: ثم عاودتها فصحّت بلطف الله ومشيئته. تمت الحكاية. وقرأت بخط الشيخ أبي الحسن علي بن عبد الرحيم السلمي، أنشدني الرئيس أبو منصور ابن دلال، قال أنشدنا أبو زكرياء يحيى بن علي التبريزي، قال أنشدني أبو العباس محمد بن الفضل بن محمد القصباني النحوي البصري بها لابن الزمكدم الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1600 الموصلي يهجو أبا الفتح ابن جني النحوي: يا أبا الفتح قد أتيناك للتد ... ريس والعلم في فنائك رحب فوجدنا فتاة بيتك أنحى ... منك والنحو مؤثر مستحب قدماها مرفوعة وهي خفض ... فلم الأير فاعل وهو نصب مذهب خالفت شيوخك فيه ... فهي تصبي به الحليم وتصبو. [692] عثمان بن ربيعة الأندلسي: ذكره الحميدي فقال: هو مؤلف «كتاب طبقات الشعراء بالأندلس» مات قريبا من سنة عشر وثلاثمائة. [693] عثمان بن سعيد بن عدي بن غزوان بن داود بن سابق المصري القبطي المعروف بورش المقرىء: وقيل هو عثمان بن سعيد بن عبد الله بن عمرو بن سليمان بن إبراهيم القرشي مولى لآل الزبير بن العوام، وقبط بلد بصعيد مصر، وأصله من القيروان، وقيل من ناحية أفريقية، والأول أشهر، وأما كنيته فقيل أبو سعيد وقيل أبو القاسم وقيل أبو عمرو، وأشهرها أبو سعيد. مات فيما نقلناه من كتاب الحافظ أبي العلاء الهمذاني عن أبي سعيد عبد الرحمن بن يونس بن عبد الأعلى الصدفي المصري وأبي علي الحسن بن علي الأهوازي في سنة سبع وتسعين ومائة في أيام المأمون (الأهوازي خاصة) ، ومولده بمصر سنة عشر ومائة في أيام هشام بن عبد الملك، وقرأ على نافع في سنة خمس وخمسين ومائة في أيام المنصور، ومات وعمره سبع وثمانون سنة.   [692]- جذوة المقتبس: 286 (وبغية الملتمس رقم: 1184) . [693]- ترجمة ورش المقرىء في سير الذهبي 9: 295 وعبر الذهبي 1: 324 ومعرفة القراء 1: 126 وطبقات ابن الجزري 1: 502 والنجوم الزاهرة 2: 155 وحسن المحاضرة 1: 485 وتاج العروس 4: 364. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1601 وأما تلقيبه بورش فقيل إنما لقّب به لأنه كان في حداثة سنّه رآسا «1» ثم إنه اشتغل بقراءة القرآن وتعلّم العربية ورحل إلى المدينة فقرأ بها على نافع القرآن، وكان أزرق أبيض اللون قصيرا ذا كدنة، وكان نافع يلقبه بالورشان وهو طائر معروف لأنه كان على قصره يلبس ثيابا قصارا فكان إذا مشى بدت رجلاه مع اختلاف ألوانه، وكان نافع يقول له: اقرأ يا ورشان وهات يا ورشان وأين الورشان، ثم خفّف فقيل ورش ولزمه ذلك حتى صار لا يعرف إلّا به؛ وقيل إن الورش شيء يصنع من اللبن لقّب به لبياضه. وحدث الحافظ بإسناده ورفعه إلى محمد بن سلمة العثماني قال، قلت لأبي سلمة: أكان بينك وبين ورش مودة؟ قال: نعم. قلت: كيف كان يقرأ «2» ورش على نافع؟ قال قال لي ورش: خرجت من مصر إلى المدينة لأقرأ على نافع، فإذا هو لا تطاق القراءة عليه من كثرة أبناء المهاجرين والأنصار، وإنما يقرأ ثلاثين آية، فجلست خلف الحلقة فقلت لانسان: من أكبر الناس عند نافع؟ فقال: كبير الجعفريين، قال قلت: فكيف لي به؟ قال: أنا أجيء معك إلى منزله، فقام الرجل معي حتى جاء إلى منزل الجعفري «3» ، فدقّ الباب، فخرج إلينا شيخ تامّ من الرجال، قال فقلت: أعزك الله أنا رجل من مصر جئت لأقرأ على نافع فلم أصل إليه، وأخبرت أنك من أصدق الناس له، وأنا أريد أن تكون الوسيلة إليه، فقال: نعم وكرامة، وأخذ طيلسانه ومضى معنا إلى منزل نافع، وكان نافع له كنيتان: كان يكنى بأبي رويم وأبي عبد الله فبأيتهما نودي أجاب، فقال له الجعفري: إن هذا وسّلني إليك، جاءك من مصر ليقرأ عليك ليس معه تجارة ولا جاء لحجّ إنما جاء للقراءة خاصة، فقال نافع لصديقه الجعفري: هلّا «4» ترى ما ألقى من ولد المهاجرين والأنصار؟ قال فقال له صديقه: تحتال له، فقال له نافع: يمكنك أن تبيت في المسجد؟ قال قلت: نعم إنما أنا إنسان غريب، قال: فبتّ في المسجد، فلما كان الفجر تقاطر الناس ثم قالوا: قد جاء نافع، فلما أن قعد قال: ما فعل الغريب؟ قال قلت: هذا أنا رحمك الله، قال قال: أبتّ في المسجد؟ قلت: نعم، قال: فأنت أولى بالقراءة، قال: وكنت مع الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1602 ذلك حسن الصوت مدّادا به، قال: فاستفتحت فملأ صوتي مسجد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقرأت ثلاثين آية فقال لي بيده: أن اسكت، فسكتّ، فقام إليه شابّ من الحلقة فقال: يا معلم أعزك الله، نحن معك، وهذا رجل غريب، وإنما رحل للقراءة عليك وأنت تقرىء ثلاثين، وأنا أحبّ أعزك الله أن تجعل لي فيه نصيبا فقد وهبت له عشرا وأقتصر أنا على عشرين، وكان ذلك ابن كبير المهاجرين، فقال له: نعم وكرامة، ثم قال لي: اقرأ فقرأت عشرا ثم أوما إليّ بيده بالسكوت فسكتّ، فقام إليه فتى آخر فقال: يا معلم أعزك الله إني أحبّ أن أهب لهذا الرجل الغريب عشرا وأقتصر على عشرين فقد تفضل عليه ابن كبير المهاجرين وأنت تعلم أني ابن كبير الأنصار فأحببت أن يكون لي أيضا مثل ما له من الثواب، قال لي: اقرأ، فلما أن قرأت خمسين آية قعدت حتى لم يبق أحد ممن له قراءة إلا قال لي: اقرأ، فأقرأني خمسين، فما زلت أقرأ عليه خمسين في خمسين حتى قرأت عليه ختمات قبل أن أخرج من المدينة. [694] عثمان بن سعيد بن عثمان الأندلسي أبو عمرو المقرىء يعرف بابن الصيرفيّ: ذكره الحميدي فقال: محدّث مكثر ومقرىء مقدّم، سمع بالأندلس محمد بن عبد الله بن أبي زمنين الالبيري وغيره، ورحل إلى المشرق قبل الأربعمائة فسمع خلقا وطلب علم القراءات وقرأ وسمع الكثير، وعاد إلى الأندلس فتصدر للقراءات، وألّف فيها تواليف معروفة ونظمها في أرجوزة مشهورة، ومات في شوال سنة أربع وأربعين وأربعمائة بدانية من بلاد الأندلس؛ ومن مذكور شعره: قد قلت إذ ذكروا حال الزمان وما ... يجري على كلّ من يعزى إلى الأدب لا شيء أبلغ من ذلّ يجرّعه ... أهل الخساسة أهل الدين والحسب   [694]- ترجمة أبي عمرو الداني في جذوة المقتبس: 286 (وبغية الملتمس رقم: 1185) والصلة: 385 وطبقات ابن الجزري 1: 503 وتذكرة الحفاظ: 1120 وعبر الذهبي 3: 207 وسير الذهبي 18: 77 وانباه الرواة 2: 341 والديباج المذهب: 188 والشذرات 3: 272 ومرآة الجنان 3: 62 والنجوم الزاهرة 5: 53 ونفح الطيب 2: 135 وطبقات الداودي 1: 373 ومصنفاته تبلغ مائة وعشرين. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1603 القائمين بما جاء الرسول به ... والمبغضين لأهل الزيغ والريب وله كتب منها: كتاب التيسير في القراءات السبع وكتاب الاقتصاد في القراءات السبع «1» .. [694 ب] عثمان بن سعيد بن عثمان أبو عمرو الداني المقرىء: قرأت في فوائد أحمد بن سلفة المنقولة من خطه ما صورته: قرأت على أبي عبد الله محمد بن الحسن بن سعيد المقرىء الداني بالاسكندرية عن أبي داود سليمان بن نجاح المقرىء المؤيدي، قال: كتبت من خط أستاذي أبي عمرو عثمان بن سعيد بن عثمان المقرىء بعد سؤالي عن مولده: يقول عثمان بن سعيد بن عثمان بن سعيد بن عمر الأموي القرطبي الصيرفي أخبرني أبي أني ولدت في سنة اثنتين وسبعين وثلاثمائة وابتدأت في طلب العلم سنة ست وثمانين وتوفي أبي في سنة ثلاث وتسعين في جمادى الأولى، فرحلت إلى المشرق في اليوم الثاني من المحرم يوم الأحد في سنة سبع وتسعين ومكثت بالقيروان أربعة أشهر، ولقيت جماعة وكتبت عنهم، ثم توجهت إلى مصر ودخلتها اليوم الثاني من الفطر من العام المؤرخ، ومكثت بها باقي العام والعام الثاني. وهو عام ثمانية [وتسعين] ، إلى حين خروج الناس إلى مكة، وقرأت بها القرآن وكتبت الحديث والفقه والقراءات وغير ذلك عن جماعة من المصريين والبغداديين والشاميين وغيرهم، ثم توجهت إلى مكة وحججت، وكتبت بها عن أبي العباس أحمد البخاري وعن أبي الحسن ابن فراس، ثم انصرفت إلى مصر ومكثت بها أشهرا، ثم انصرفت إلى المغرب ومكثت بالقيروان أشهرا، ووصلت إلى الأندلس أول الفتنة بعد قيام البرابر   [694 ب]- أعطيت هذه الترجمة رقما مكررا لأنها هي الترجمة السابقة عينها. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1604 على ابن عبد الجبار بستة أيام في ذي القعدة سنة تسع وتسعين، ومكثت بقرطبة إلى سنة ثلاث وأربعمائة، وخرجت منها إلى الثغر فسكنت سرقسطة سبعة أعوام، ثم خرجت منها إلى الوطة ودخلت دانية سنة تسع وأربعمائة، ومضيت منها إلى ميرقة في تلك السنة نفسها فسكنتها ثمانية أعوام، ثم انصرفت إلى دانية سنة سبع عشرة وأربعمائة. قال أبو داود: وتوفي رضي الله عنه يوم الاثنين للنصف من شوال سنة أربع وأربعين وأربعمائة ودفن بالمقبرة عند باب اندارة وقد بلغ اثنتين وسبعين سنة. [695] عثمان بن عبد الله بن إبراهيم بن محمد أبو عمرو الطرسوسي الكاتب القاضي: كان من الأدباء الفضلاء، رأيت بخطه الكثير من كتب الأدب والشعر، وجمع شعر جماعة من أهل عصره منهم أبو العباس الصفري وأبو العباس الناشىء وغيرهما من شعراء سيف الدولة وابنه شريف، وصنف كتبا منها: كتاب في أخبار الحجّاب. وكان متقن الخط سريع الكتابة، وولي القضاء بمعرة النعمان، وسمع الحديث الكثير ورواه، فسمع بدمشق أبا علي محمد بن أحمد بن آدم الفزاري وأبا هاشم عبد الجبار بن عبد الصمد السلمي، وبأطرابلس خيثمة بن سليمان، وبطرسوس أبا عبد الله محمد بن عيسى التميمي البغدادي المعروف بابن العلاف وأبا بكر محمد بن سعيد بن الشفق وأبا الحسن أحمد بن محمد بن سلام الطرسوسي والقاضيين: أبا عمران موسى بن القاسم الأشيب وأبا العباس أحمد بن أبي بكر الطبري المعروف بالقاص «1» وأبا الفرج أحمد بن القاسم البغدادي الخشاب الحافظ وجماعة غير هؤلاء كثيرة.   [695]- لأبي عمرو الطرسوسي ترجمة في مصورة ابن عساكر 11: 125 ومختصر ابن منظور 16: 102 وقد عرف بكتابه سير الثغور وعنه ينقل ابن العديم في بغية الطلب كثيرا، انظر الجزء الأول من بغية الطلب وشذرات من كتب مفقودة 37- 48، 439- 459. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1605 وسمع منه أبو حصين عبد الله بن محسن بن عبد الله بن محسن «1» بن عبد الله ابن عمرو المعرّي وعبد الرحمن «2» بن محمد بن الحسين الكفرطابي وأبو علي الأهوازي والقاضي أبو الفضل ابن السعدي. قال أبو القاسم الدمشقي: قرأت على أبي القاسم نصر بن أحمد بن مقاتل عن سهل بن بشر قال: سمعت القاضي أبا الفضل محمد بن أحمد بن عيسى السعدي يقول: توفي شيخنا أبو الحسين ابن جميع في رجب سنة اثنتين وأربعمائة، وتوفي شيخنا عثمان الطرسوسي القاضي بكفر طاب قبله بسنة أو نحوها. [696] عثمان بن علي بن عمر السرقوسي النحوي الصقلي أبو عمرو: قال السلفي: كان من العلم بمكان، نحوا ولغة، وقرأ القرآن على ابن الفحام وابن بليمة «3» وغيرهما، وله تواليف في القراءات والنحو والعروض، وصارت له في جامع مصر حلقة للاقراء وانتفع به، ولازمني مدة مقامي بمصر، وقرأ عليّ كثيرا وعلى من كنت أقرأ عليه كأبي صادق وابن بركات والفراء الموصلي وآخرين؛ وأنشدني لنفسه «4» : إنّ المشيب من الخطوب خطيب ... إلّا هوى بعد الشباب يطيب أبيات غير جيدة. قال أحمد بن سلفه «5» : كتبت إلى المقرىء أبي عمرو عثمان بن علي بن عمر   [696]- ترجمته في انباه لرواة 2: 342 وبغية الوعاة 2: 134 واشارة التعيين: 202 ويعتمد ياقوت على معجم السفر للسلفي: 231- 232. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1606 الصقلي الانصاري بالاسكندرية كتابا يشتمل على نظم ونثر من جملته: ما وقعت عيني على مثله ... في فضله الوافي وفي نبله وليس بدعا مثل أخلاقه ... منه وممن كان في شكله فإنه من عنصر طيب ... ويرجع الفرع إلى أصله فأجاب بهذه الورقة: وقفت على ما تفضّلت به حضرته، وانتهت إليه من الآداب همته، فمن نثر رأيت العلم مضمونه، والدرّ مكنونه، والحكمة قرينه، ومن نظم كانت الفصاحة يمينه، وفصل الخطاب عرينه، وودّ فصيح الكلام أن يكونه، وأحيا القلوب، وكشف لها المحجوب، من كل حكمة لم تكن لتصل إليه لولاه، وسحر بلاغة له منحه إياها الله، فقلت والخاطر لسفري خاطر، وماء مزني بعد شآبيبه قاطر: توّجني مولاي من قوله ... تاجا علا التيجان من قبله لأنها تبلى وهذا إذا ... مرّت به الأيام لم تبله فنثره الإكليل في فرعه ... ونظمه الجوهر من أصله وهو فقيه حافظ في الورى ... مهذّب يجري على رسله كلّا وأما إن جرى فالورى ... عذر لهم ما جاب من سبله فعلمه يشتقّ من لفظه ... ولفظه يشتقّ من فضله تكاملت أوصافه كلّها ... ومثله من كان من مثله وما أنا إلا كمهد إلى ... بغداد والبصرة من نخله وأما ما ذكرت حرسها الله تعالى من كتاب الهدى لأولي النهى في المشهور من القراءات وما تضمن من الروايات: فلو تفرغت إلى نقله ... أو كان عندي الأمّ من شكله عذري إلى مولاي أني امرؤ ... مسافر والشغل من فعله لكلّه من بعضه شاغل ... وبعضه المشغول من كله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1607 وأما ما يتعلق ببيت الأحوص من كلام، وما قلت فيه من نثر ونظام، فأنا آتي إليها، وأتلوه لديها، والله يديم النعمة عليها. [697] عثمان بن علي بن عمر الخزرجي الصقلي أبو عمرو النحوي: روى عنه الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السلفي وأبو محمد ابن بري النحوي وأبو البقا صالح بن عادي العذري الانماطي المصري نزيل قفط، وقال: أنشدني أبو عمرو عثمان بن علي الصقلي لنفسه: هين عليها أن ترى الصبّا ... يتجرّع الأوصاب والكربا من لم يصد بتكلّف قنصا ... وتعمّد للصيد لم يعبا لا تعبثي يا هذه بفتى ... أخذت جفونك قلبه غصبا أو ما علمت بأنه رجل ... لما دعاه هواكم لبّى وقال في «مختصر العمدة» وقد ذكر قول الشماخ: إذا بلّغتني وحملت رحلي وما ناقضه به أبو نواس من قوله: أقول لناقتي إذ بلّغتني ... لقد أصبحت مني باليمين فلم أجعلك للغربان نحلا ... ولا قلت اشرقي بدم الوتين وذكر غير ذلك من هذا الباب ثم قال: ولي قصيدة أولها: رحلت فعلّمت الفؤاد رحيلا ... وبكت فصيرت الأسيل مسيلا وحدا بها حاد حدا بي للنوى ... لكنّ منّا قاتلا وقتيلا وإذا الحبيب أراد قتل محبه ... جعل الفراق إلى الممات سبيلا   [697]- يعتمد ياقوت في هذه الترجمة على السلفي. ويتطابق الاسم والنسب والنسبة للمترجم هنا بالمترجم قبله؛ وليس في معجم السفر زيادة على ما ورد في الترجمة السابقة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1608 اذكر فيها خطابي الناقة، واحترست مما يؤخذ على الشماخ بأخذ من مذهب أبي نواس: وإذا بلغت المرتضى فتسيبي ... إذ ليس يحوجني أسوم رحيلا والمرتضى يحيى بن تميم بن المعز بن باديس. وله كتاب مختصر في القوافي رواه عنه السلفي في سنة سبع عشرة وخمسمائة. وله كتاب مخارج الحروف مختصر أيضا. وكتاب مختصر العمدة لابن رشيق. وكتاب شرح الايضاح. وقال عثمان الصقلي في «مختصره للعمدة» وقد ذكر السرقات فقال: لي من قصيدة أولها (ونقلتها من خطه وقد أعلم عليه ع وهي علامة لنفسه) . دمع رأى برق الحمى فتحدّرا ... وجوى ذكرت له الحمى فتسعّرا لو لم يكن هجر لما عذب الهوى ... أنا أشتهي من هاجري أن يهجرا بيني وبين الحبّ نسبة عنصر ... فمتى وصلت وصلت ذاك العنصرا قال: ثم وجدت للموصلي: إذا لم يكن في الحبّ سخط ولا رضى ... فأين حلاوات الرسائل والكتب قال: ولله در القائل: بني الحبّ على الجور فول ... أنصف المحبوب فيه لسمج ليس يستحسن في دين الهوى ... عاشق يحسن تلفيق الحجج ومما ذكره الصقلي لنفسه في هذا الكتاب أيضا، وقد ذكر المواردة قال: وهو ما ادّعي في شعر امرىء القيس وطرفة في كونهما لم يفرق بين بيتيهما إلا بالقافية، قال امرؤ القيس «تجمّل» وقال طرفة «تجلّد» قال الصقلي ومن أعجب من ذلك أني صنعت قصيدة أولها: يهون عليها أن أبيت متيما ... وأصبح محزونا وأضحي مغرما ومنها: صلي مدنفا أو واعديه وأخلفي ... فقد يترجّى الآل من شفّه الظما الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1609 ضمان على عينيك قتلي وإنما ... ضمان على عينيّ أن تبكيا دما ليفدك ما أسأرت مني فإنها ... حشاشة صبّ أزمعت أن تصرما قال: ثم قرأت بعد ديوان البحتريّ فوجدت معظم هذه الألفاظ مبدّدة فيه. قال: فإذا كانت أكثر المعاني يشترك فيها الناس حتى قطع ابن قتيبة ان قوله تعالى: يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَ (الكهف: 77) لا يعبر عنه إلا بهذه العبارة ونحوها فغير مستنكر أن يشتركوا وتتفق ألفاظهم في العبارة عنها ولكن أبي المولدون إلا أنها سرقة. قلت: لو قال في موضع «أضحي» من البيت الأول «أمسي» كان أجود ليقابل به «أصبح» ، ولو قال في البيت الثاني «وقد يشتفي بالآل من شفّه الظما» كان أحسن في الصنعة وأجود. [698] عثمان بن عيسى بن منصور بن محمد البلطي، أبو الفتح النحوي: هكذا ينسبونه وهو من بلد «1» التي تقارب الموصل. ذكره العماد في «كتاب الخريدة» فقال: انتقل إلى الشام وأقام بدمشق برهة يتردد إلى الزبداني للتعليم، فلما فتحت مصر انتقل إليها فحظي بها، ورتّب له صلاح الدين يوسف بن أيوب على جامع مصر جاريا يقرىء به النحو والقرآن حتى مات بها لعشر بقين من صفر سنة تسع وتسعين وخمسمائة، وهي آخر سني الغلاء الشديد بمصر، لأن أولها كان في أواخر سنة ست وأشدها في سنة سبع وأخفّها سنة تسع. وبقي البلطي في بيته ميتا ثلاثة أيام لا يعلم به أحد لاشتغالهم بأنفسهم عنه وعن غيره، وكان يحب الانفراد والوحدة، فلم يكن له من يخبر بوفاته، وكان قد أخذ النحو عن أبي نزار وأبي محمد سعيد بن المبارك بن الدهان. قال المؤلف: لم يذكر العماد وفاته، وإنما أخبرني بوفاته وما بعده الشريف أبو   [698]- ترجمة البلطي في الخريدة (قسم الشام) 2: 385 وانباه الرواة 2: 344 والفوات 2: 443 وبغية الوعاة 2: 135 (وهو ينقل عن ياقوت) ، وانظر معجم البلدان «بلط» . الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1610 جعفر محمد بن عبد العزيز بن أبي القاسم بن عمر بن سليمان بن الحسن بن إدريس بن يحيى العالي بن علي المعتلي- وهو الخارج بالمغرب والمستولي على بلاد الأندلس- ابن حمود بن ميمون بن أحمد بن عمر بن إدريس بن إدريس بن عبد الله بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام. وأخبرني الشريف المذكور وكان من تلاميذه «1» قال: كان البلطي رجلا طوالا جسيما طويل اللحية واسع الجبهة أحمر اللون يعتمّ بعمة كبيرة جدّا ويتطلّس بطيلسان لا على زيّ المصريين، بل يلقيه على عمامته ويرسله من غير أن يديره على رقبته، وكان يلبس في الصيف المبطّنة والثياب الكثيرة حتى يرى كأنه عدل عظيم، وكان إذا دخل فصل الشتاء اختفى حتى لا يكاد يظهر، وكان يقال له أنت في الشتاء من حشرات الأرض، وكان إذا دخل الحمام يدخل إلى داخله وعلى رأسه مزدوجة مبطّنة بقطن، فإذا حصل عند الحوض الذي فيه الماء الحارّ كشف رأسه بيده الواحدة وصبّ على رأسه الماء الحارّ الشديد الحرارة بيده الأخرى، ثم يغطيه إلى أن يملأ السطل، ثم يكشفه ويصبّ عليه، ثم يغطيه، يفعل ذلك مرارا، فإذا قيل له في ذلك قال: أخاف من الهواء. قال الإدريسي: هذه كانت حاله في هيئته وسمته، فأما علمه فكان عالما إماما نحويّا لغويّا أخباريّا مؤرخا شاعرا عروضيّا قلّ ما سئل عن شيء من العلوم الأدبية إلا وأحسن القيام بها، وكان يخلط «2» المذهبين في النحو ويحسن القيام بأصولهما وفروعهما، وكان مع ذلك خليعا ماجنا شرّيبا للخمر منهمكا على اللذّات. قال الشريف الإدريسي: فحدثني الفقيه ابن أبي المالك قال: خرجت إلى بعض المتنزهات بضواحي مصر فلقيت البلطيّ مع جماعة من أهل الخلاعة، ومطرب يغنّيهم ببعض الملاهي، وهو ثمل يتمايل سكرا، فتقدمت إليه وقلت له، وكانت بيني وبينه مباسطة تقتضي ذلك، فقلت له: يا شيخ أما آن لك أن ترعوي وتقلع عن هذه الرذائل مع تقدمك في العلم وفضلك؟! فنظر إليّ شزرا ولم يكترث بقولي، وأنشدني بعد ما نتريده من يدي شعر أبي نواس «3» : الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1611 كفيت الصبا من لا يهشّ إلى الصبا ... وجمعت منه ما أضاع مضيع لعمرك ما فرطت «1» في جنب لذة ... ولا قلت للخمار كيف تبيع وحدثني الإدريسي قال: ومن نوادره ما أخبرني به صاحبنا الفقيه أبو الجود ندى بن عبد الغني الحنفي الأنصاري قال: حضر يوما عند البلطي بعض المطربين المحسنين فغناه صوتا أطربه به، فبكى البلطي فبكى المطرب، فقال له البلطي: أما أنا فأبكي «2» من استفزاز الطرب، أنت ما أبكاك؟ فقال له: تذكرت والدي فإنه كان إذا سمع هذا الصوت بكى، فقال له البلطي: فأنت والله إذن ابن أخي، وخرج فأشهد على نفسه جماعة من عدول مصر بأنه ابن أخيه ولا وارث له سواه، ولم يزل يعرف بابن أخي البلطي إلى أن فرق الدهر بينهما. وللبلطي من التصانيف: كتاب العروض الكبير في نحو ثلاثمائة ورقة. كتاب العروض الصغير. كتاب العظات الموقظات. [كتاب النير في العربية. كتاب أخبار المتنبي. كتاب المستزاد على المستجاد من فعلات الأجواد] . كتاب علم أشكال الخط. كتاب التصحيف والتحريف. كتاب تعليل العبادات. قال العماد في «كتاب الخريدة» : وللبلطي موشحة عملها في القاضي الفاضل بديعة مليحة سلك فيها طريق المغاربة وحافظ فيها على أحرف الغين والضاد والذال والظاء، وصرّع التوشيح، وهي: ويلاه من روّاغ ... بجوره يقضي ظبي بني يزداذ ... منه الجفا حظّي قد زاد وسواسي ... مذ زاد في التيه لم يلق في الناس ... ما أنا لاقيه من قيّم قاسي ... بالهجر يغريه أروم إيناسي ... به ويثنيه الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1612 إذا وصال ساغ ... بقربه يرضي أبعده الأستاذ ... لا حيط بالحفظ وكلّ ذا الوجد ... بطول إيراقه مضرج الخدّ ... من دم عشّاقه مصارع الأسد ... في لحظ أحداقه لو كان ذا ودّ ... رقّ لعشاقه شيطانه النزاغ «1» ... علّمه بغضي واستحوذ استحواذ ... بقلبه الفظّ دع ذكره واذكر ... خلاصة المجد الفاضل الأشهر ... بالعلم والزهد والطاهر المئزر ... والصادق الوعد وكيف لا أشكر ... مولى له عندي نعمى لها إسباغ ... صائنة عرضي من كفّ كاس غاذ ... والدهر ذو عظّ «2» منة مستبقي ... ضاق بها ذرعي قد أفحمت نطقي ... واستنفدت وسعي وملكت رقي ... لمكمل الصّنع دافع عن رزقي ... في موطن الدفع لما سعى إيتاغ ... دهري في دحضي «3» أنقذني إنقاذ ... من همّه حفظي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1613 ذو المنطق الصائب ... في حومة الفصل ذكاؤه الثاقب ... يجلّ عن مثل فهو الفتى الغالب ... كلّ ذوي النبل من عمرو والصاحب ... ومن أبو الفضل «1» لا يستوي الافراغ ... بواحد الأرض أين من الآزاذ ... نفاية المظّ «2» يا أيها الصدر ... فتّ الورى وصفا قد مسني الضرّ ... والحال ما تخفى وعبدك الدهر ... يسومني الخسفا وليس لي عذر ... ما دمت لي كهفا من صرف دهر طاغ ... أنّى له أغضي من بك أمسى عاذ ... لم يخش من بهظ قد كنت ذا إنفاق ... أيام ميسوري فعيل لما ضاق ... رزقي تدبيري والعسر بي قد حاق ... عقيب تبذيري يا قاسم الأرزاق ... فارث لتقتيري لا زلت كهف الباغ ... ودمت في خفض أمرك للانفاذ ... والسعد في لظّ «3» ومن جيد شعر البلطي «4» : دعوه على ضعفي يجور ويشتطّ ... فما بيدي حلّ لذاك ولا ربط الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1614 ولا تعتبوه فالعتاب يزيده ... ملالا وإني لي اصطبار إذا يسطو فما الوعظ فيه والعتاب بنافع ... وان يشرط الإحسان لا ينفع الشرط ولما تولّى معرضا بجنابه ... وبان لنا منه الاساءة والسخط بكيت دما لو كان ينفعني البكا ... ومزقت ثوب الصبر لو نفع العطّ تنازعت الآرام والدرّ والمها ... لها شبها والغصن والبدر والسقط فللرئم منه اللحظ واللون والطلى ... وللدرّ منه اللفظ والثغر والخطّ وللغصن منه القدّ والبدر وجهه ... وعين المها عين بها أبدا يسطو وللسقط منه ردفه فإذا مشى ... بدا خلفه كالموج يعلو وينحطّ قال العماد الكاتب وأنشدني البلطي لنفسه «1» : حكّمته ظالما في مهجتي فسطا ... وكان ذلك جهلا شبته بخطا هلا تجنبته والظلم شيمته ... ولا أسام به خسفا ولا شططا ومن أضلّ هدى ممن رأى لهبا ... فخاض فيه وألقى نفسه وسطا ويلاه من تائه أفعاله صلف ... ملوّن كلّما أرضيته سخطا أبثّه ولهي صدقا ويكذبني ... وعدا وأقسط عدلا كلما قسطا وله في القاضي الفاضل وكان قد أسدى إليه معروفا من قصيدة «2» : لله عبد رحيم ... يدعى بعبد الرحيم على سراط سويّ ... من الهدى مستقيم نسك ابن مريم عيسى ... وهدي موسى الكليم رأى التهجد أنسا ... في جنح ليل بهيم مسهّد الطرف يتلو ... آي القران العظيم الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1615 ومن أطبع ما قاله في طبيب، وكان ابن عمه «1» : لي ابن عمّ حوى «2» الجهالة ... للحكمة أضحى يطبّ في البلد قد اكتفى مذ نشا به ملك الم ... وت فما إن يبقي على أحد تجسّ نبض المريض منه يد ... أسلم منها براثن الأسد يقول لي الناس خلّه عضدا ... فقلت يا ليتني بلا عضد «3» ومن شعره في غلام أعرج «4» : أنا يا مشتكي القزل ... منك في قلبي الشّعل أصبح الجسم ناحلا ... بك والقلب مشتغل دلّني قد عدمت صب ... ري وضاقت بي الحيل آن أن تجفو الجفا ... ء وان تملل الملل وقال عثمان بن عيسى بن منصور البلطي، وسئل أن يعمل على وزن بيتي الحريري اللذين وصفهما فقال: «اسكتا كل نافث. وأمنا أن يعززا بثالث» ، وهو «5» : سم سمة تحمد «6» آثارها ... واشكر لمن أعطى ولو سمسمه فقال: محلمة العاقل عن ذي الخنا ... توقظه إن كان في محلمه مكلمة الخائض في جهله ... لقلب من يردعه مكلمه مهدمة العمر لحرّ إذا ... أصبح بين الناس ذا مهدمه (الثياب الخلقة) محرمة الملحف أولى به ... إياك ان ترعى له محرمه (أي حرمة) مسلمة يمنعها غاصب ... حقّا فأمسى جوره مسلمه (أي خاذله) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1616 مظلمة يفعلها عامدا ... تلقيه يوم الحشر في مظلمه (أراد قوله للظالم ظلمات يوم القيامة) أعلمه الحسن فيا ليت من ... أغراه [بالجفوة] بي أعلمه (من العلامة) من دمه أهدره الحبّ لا ... غرو إذا حلّت به مندمه أسلمه الحبّ إلى هلكه ... فإن نجا منه فما أسلمه أشأمه البين وقد أعرقوا ... أفّ لهذا البين ما أشأمه مكتمة الأحزان في أدمعي ... يبدو نصول الشيب من مكتمه (من الكتم الذي يصبغ به الشعر) محرمة الدهر أفيقي ففي ... ذرى جمال الدين لي محرمه (الاحترام) مقسمة الارزاق في كفّه ... أبلج زانت وجهه مقسمه وهي خمسون بيتا هذا أنموذجها. وقال على مثال أبيات الحريري التي أولها «1» : أس أرملا إذا عرا ... وارع إذا المرء أسا «2» فقال: اسع لا بقاء سنا ... أنسأ قبّا لعسا (السناء: الشرف وقصره ضرورة، انسأ: أخّر، القبّ الضوامر البطون، واللعس: العذبات الأرياق، أي أخر عنه محبة هذا الشرف هذه النسوة الموصوفات) . اسخ بمولى عرد ... درعاء لوم بخسا (المولى ابن العم) أسد ندى عفّ نما ... منّ فعاد ندسا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1617 (أسد: أعط، والندس: الجميل الأخلاق) . اسمح بصدّ ناعم ... معاند صبح مسا (يقول: إذا كان لك حبيب ناعم حسن وكان كثير الخلاف فلتسمح نفسك به وبالبعد عنه) : اسمر تيّمك آس ... اياسا كميت رمسا (يقول: بلغ من حالك أن تترك الأسمر، اذ لو كان غير الأسمر كنت معذورا كأنه يستقبح السمر أي آس منه إياسا وعدّه ميتا في رمسه، وسكن تيّمك ضرورة كقوله: شكونا إليه خراب القرى ... فحرّم علينا لحوم البقر وله أبيات يحسن في قوافيها الرفع والنصب والخفض «1» : إني امرؤ لا يطبين ... ي الشادن الحسن القوام (ما) رفع القوام بالحسن صفة مشبهة باسم الفاعل والتقدير الحسن قوامه كما تقول مررت بالرجل الحسن وجهه، ونصبه على الشبه بالمفعول به، وخفضه بالاضافة. فارقت شرة عيشتى ... إذ فارقتني والعرام (ما) رفع العرام لأنه عطف على الضمير في فارقتني، ونصبه عطفا على شرة، وخفضه عطفا على عيشتى. لا أستلذ بقينة ... تشدو لديّ ولا غلام (ما) رفعه عطفا على الضمير في تشدو، ونصبه بلا، وخفضه عطفا على قينة. ذو الحزن ليس يسرّه ... طيب الأغاني والمدام (ما) رفعه عطفا على طيب، ونصبه بأن يجعل الواو بمعنى مع، وخفضه عطفا على الأغاني. أمسي بدمع سافح ... في الخد منسكب سجام (ما) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1618 رفعه باضمار هو، ونصبه باضمار فعل، وجرّه نعتا للدمع. همّ أرى في بثّه ... ذلّا وملء فمي لجام (ما) ملء فمي لجام مبتدأ وخبر، ونصبه باضمار أرى دلت عليه أرى الأولى، وجره بالاضافة. قدر عليّ محتّم ... من فوق يأتي أو أمام (ما) مبنيّ على الضم، ونصبه بجعله نكرة ويكون ظرفا، وجره بالإضافة. لا يستفيق القلب من ... كمد يلاقي أو غرام (ما) غرام خبر مبتدأ محذوف، والنصب جعله مفعولا ليلاقي، وخفضه على كمد كم حاسدين معاندي ... ن غدوا عليّ وكم لئام (ما) كم تنصب وتخفض، ورفعه كأنه قال: مرّ وغدا عليّ لئام إني أرى العيش الخمو ... ل وصحبة الأشرار ذام (ما) صحبة الأشرار مبتدأ وخبر، ويجوز نصبها عطفا على ما تقدم. في غفلة أيقاظهم ... عن سؤدد بله النيام (ما) بله لفظة معناها دع وتكون بمعنى كيف ويرتفع ما بعدها، وتكون كالمصدر فيخفض بها، والنصب لأنها بمعنى دع. ربّ امرىء عاينته ... لهجا بسبّي مستهام (ما) مستهام منصوب بعاينته، ورفعه على موضع ربّ لأن رب وما يدخل عليه في موضع رفع، وخفضه نعتا لامرىء. عين العدو غدوت مض ... طرّا بصحبته اسام (ما) أسامي أفاعل من المساماة، وأسام اتكلف من قوله سمته الخسف، وأساما أفاعل من المساماة أيضا. مالي وللحمق الأثي ... يم الجاهل الفدم العبام (ما) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1619 رفعه باضمار مبتدأ، ونصبه باضمار اعني. إنّ المموّه عند فد ... م الناس يعلو والطغام (ما) رفعه عطفا على موضع إنّ، ونصبه عطفا على المموه، وخفضه عطفا على فدم. وأعيش فيهم اذ بلو ... تهم وقد جهلوا الأنام (ما) البدل من الواو في جهلوا ويكون فاعلا في لغة من قال أكلوني البراغيث، ونصبه على البدل «1» من الضمير في بلوتهم، وجره بدلا من الهاء في فيهم. حتى متى شكوى أخي البثّ الكئيب المستضام (ما) رفعه بتقدير أن يشكو المستضام لأن شكوى مصدر وأخي البث في موضع رفع المستضام ورفع أخي البث على الموضع، ونصبه على أن يكون مشكوّا، وخفضه نعتا للكئيب. ما من جوى الا تض ... منه فؤادي أو سقام (ما) رفعه عطفا على موضع من جوى، وجره على لفظة جوى، ونصبه عطفا على الضمير في تضمنه. ليس الحياة شهيّة ... لي في الشقاء ولا مرام (ما) رفعه بلا ولا، ونصبه بلا أيضا، وجره على شهيّة بتقدير الباء كأنه قال بشهية كما أنشد سيبويه: مشائيم ليسوا مصلحين عشيرة ... ولا ناعب إلا ببين غرابها (اراد بمصلحين) وكرهت في الدنيا البقا ... ء وقد تنكّد والمقام (ما) رفعه على الضمير في تنكد، ونصبه عطفا على البقاء، وجره بالقسم. ما في الورى من مكرم ... لذوي العلوم ولا كرام (ما) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1620 جره على لفظ مكرم (بفتح الميم) . إني وددت وقد سئمت ... العيش لو يدنو حمام (ما) رفعه بالفاعل، ونصبه بوددت، وجره بالاضافة. وقال أيضا أبياتا حصر قوافيها ومنع أن يزاد فيها: بأبي من تهتكي فيه صون ... ربّ واف لغادر فيه خون بين ذلّ المحبّ في طاعة الحبّ ... وعزّ الحبيب يا قوم بون اين مضنى يحكي البهارة لونا ... من غرير له من الورد لون لي حبيب ساجي اللواحظ أحوى ... مترف زانه جمال وصون يلبس الوشي والقباطيّ جون ... فوق جون ولون حالي جون إن رماني دهري فإن جمال ... الدين ركني وجوده لي عون عنده للمسيء صفح وللأسرار ... مستودع وللمال هون زانه نائل وحلم وعدل ... ووفاء جمّ ورفق وأون «1» أنا في ربعه الخصيب مقيم ... لي من جوده لباس ومون لا أزال الإله عنه نعيما ... وسرورا ما دام للخلق كون. [699] عريب بن محمد بن مطرف بن عريب القرطبي، أبو مروان: له سماع بالمشرق على أبي الحسن ابن جهضم بمكة، وكان من أهل الأدب والشعر، حسن الايراد «2» للأخبار، واستقضي في الفتنة على كورة بونه، وقتل خطأ على باب داره في ربيع الآخر سنة تسع وأربعمائة، ذكر وفاته ابن حيّان.   [699]- ترجمة عريب في الصلة: 426 وقد وقعت في ك قبل ترجمة عبيد بن مسعدة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1621 [700] عزيز بن الفضل بن فضالة بن مخراق بن عبد الرحمن بن عبيد الله بن مخراق الهذلي، يعرف بابن الأشعث: أخباريّ راوية لغويّ نحويّ، ذكره محمد بن إسحاق، مات [ ... ] «1» وله من الكتب: كتاب صفات الجبال والأودية وأسمائها بمكة وما والاها «2» ، قال الأزهري في مقدمة كتابه: وله كتاب لغات هذيل. [701] عسل بن ذكوان العسكري، من أهل عسكر مكرم، يكنى أبا علي: روى عن المازني والرياشي ودماذ، ذكره محمد بن اسحاق وقال: كان في أيام المبرد مات [ ... ] . وله من الكتب: كتاب الجواب المسكت. كتاب أقسام العربية. [702] عطاء [ ... ] الملط: قرأت بخط أبي منصور الأزهري في «كتاب نظم الجمان» ، حدّثنا أبو جعفر محمد بن الفرج الغساني قال حدثنا أحمد بن عيسى مؤدّب ولد إسحاق بن إبراهيم قال: كان أستاذ الأصمعي وأبي عبيدة عطاء الملط، رجل من أهل البصرة، وكانوا يقعدون إليه ويتعلمون منه، فبلغه أن الأصمعي اتخذ حلقة واجتمعت إليه جماعة، فغاظه ذلك، فلما انصرف من حلقته استتبع أصحابه فقال:   [700]- ترجمة ابن مخراق الهذلي في الفهرست: 127 (وكتب فيه: عزيز- بزاءين-) وبغية الوعاة 2: 137 وانظر تهذيب اللغة للأزهري 1: 33. [701]- انظر في ترجمته الفهرست: 65 (وورد فيه: عبيد بن ذكوان خطأ) وانظر تهذيب الأزهري 1: 13 وبغية الوعاة 2: 137 (وأحال على ياقوت) . [702]- بغية الوعاة 2: 137 (وقيل ان اسم أبيه مصعب) . الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1622 مرّوا بنا إلى ظاهر البصرة، فخرجنا حتى مررنا بشيخ معه أعنز يرعاهنّ، وعليه جبة صوف، فقال له: يا قريب فقال: لبيك قال: ما فعل الأصمعي ابنك؟ فقال: هو عندكم بالبصرة؛ فقال: هذا أبو الأصمعي، لا يقول غدا انه من بني هاشم. [703] عطاء بن يعقوب بن ناكل: أحد أعيان فضلاء غزنة، وهو من أولاد التنّاء، وكان ابن عمه الكوتوال «1» ، وهو مستحفظ القلعة، يلقب بهذا، وهو بالهندية، وإليه مصادر الأمور ومواردها عند غيبة سلطان البلاد. قال صاحب «سر السرور» «2» : إذا اجتمع الأفاضل في مضمار التفاضل، واتزنوا بمعيار التساجل، كان هذا الشيخ هو الأبعد إحضارا، والأرجح مقدارا، أقرّ له بالتقديم رجالات الآفاق، واذعن له بالترجيح فضلاء خراسان والعراق، حتى أشرق شمسا وهم ما بين كوكب وشهاب، وأعذب بحرا وهم ما بين نهر وسراب؛ يجلو عليه الفضل نفسه في معرض الإحسان، ويناغيه أهل الفضل بلسان القصور والاذعان، وتشرئبّ إلى قلائده أجياد الأنام، وتتباهى برسائله مواقع الأقلام؛ ولم يزل منذ شبّ إلى أن اشتعل الشيب برأسه، ورسب قذى العمر في آخر كأسه، بين اقتباس يصطاد به وحوش الشوارد، وإقباس ينثر منه لآلىء القلائد، وإبداع صنعة في الشعر ما جمّش الأديب بأظرف من بدائعها. واختراع نادرة ما أتحف الفضل بأطرف من روائعها. وقد سافر كلامه من غزنة إلى العراق، ومن ثمّ إلى سائر الآفاق، حتى إني حدّثت أن ديوان شعره بمصر يشترى بمائين من الحمر، الراقصات على الظفر. والمشهور أن ديوان شعره العربي والفارسي يشترى بخراسان بأوفر الأثمان، وكيف لا وما من كلمة من كلماته إلا وحقّها أن تملك بالأنفس وتقتنى، وتباع بالأنفس وتشترى. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1623 وهذا أنموذج من نثره، مردف بما وقع عليه الاختيار من شعره: صدر كتاب صدر منه إلى بعض الصدور: أطال الله بقاء الشيخ في عزّ مرفوع كاسم كان وأخواتها- إلى فلك الأفلاك، منصوب كاسم إنّ وذواتها إلى سمك السّماك، موصوف بصفة النماء، موصول بصلة البقاء، مقصور على قضية المراد، ممدود إلى يوم التناد، معرفة به مضاف إليه، مفعول له موقوف عليه، صحيح سالم من حروف العلة، غير معتلّ ولا مهموز همز الذلة، يثّنى ويجمع دائما جمع السلامة والكثرة لا جمع التكسير والقلة، ساكن لا تغيره يد الحركة، مبنيّ على اليمن والبركة، مضاعف مكرّر على تناوب الأحوال، زائد غير ناقص على تعاقب الأحوال، مبتدأ به خبره الزيادة، فاعل مفعوله الكرامة، مستقبله خير من ماضيه حالا، وغده أكثر من يومه وأمسه جلالا، له الاسم المتمكن من إعراب الأماني، والفعل المضارع للسيف اليماني، لازم لربعه لا يتعدّى، ولا ينصرف عنه إلى العدى، ولا يدخله الكسر والتنوين أبدا. يقرأ باب التعجب من يراه، منصوبا على الحال إلى أعلى ذراه، متحركا بالدولة والتمكين، منصرفا إلى ربوة ذات قرار ومعين. وهذا دعاء دعوت له على لسان النحو، وأنا داع له بكلّ لسان على هذا النحو. ولولا الاحتراز العظيم، من أن يملّ الأستاذ الكريم، لسردت أفراده سردا، وجعلت أوراده وردا، وجمعت أعداده عقدا، ونظمت أبداده عقدا، ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب إنّ الله لا يهدي كيد الخائنين. فصل من كتاب: منذ تورّدت هذه الناحية لم يرد عليّ سحاءة أروي بها كبدي الصادية، وأجلو حالي الصادية، وأستظهر بها على دهر يقصدني حيثما قصدت، ويضربني أينما ضربت، ولم أخلص بعد من ألسنة أبنائه في ذلك الحيّ، حتى ابتليت بأسنّة بناته في هذا الفي، وطلعت علينا عارضة داجية الجو، باكية النوّ، وأمطرتنا مطر السّو، بوفاة الظعينة المسكينة فتضاعف سقم برّح بي فلا يبرح، وترادف ألم ألحّ عليّ فلا يتلحلح «1» ، وما حال أفق أفل نهاره، وروض ذبلت أزهاره، وقلب زال قراره، وخلب «2» زاد أواره، وكثير فارق أعزّته، ثم فقد عزّته، والمصيبة في الغربة أقطع، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1624 ونكء القرح بالقرح أوجع، وأكثر ما جرّ عليّ هذه الفادحة تطيّري بفلان، فإنه بكّر عليّ يوم النوروز متأبطا طومارا أطول من يوم الحشر، قد أربى ذراعا على العشر، يضيق عنه نطاق النشر، ملأه نظما ونثرا في مرثية جارية له قد ماتت منذ خمسين سنة ذكر فيه غرتها ونقرتها «1» ، وطرّتها ودرّتها، وعمرتها «2» وخمرتها، وسرّتها وصرّتها، فتشفعت إليه، وتضرعت بين يديه، وقلت له: أنشدك الله إلا طويته وأدرجته، وأدخلته من حيث أخرجته، فأبى إلا جماحا في المسحل «3» ، وسلّ مقولا كالمعول، وجعل يكيل من تلك الأهواس، إذا قرأ سطرا عاد إلى الراس، وحكى أساطير الأولين، ورفع العويل والأنين، وأرسل المخاط والذنين «4» ، كلّما قال لفظة سعل، وأخرج من قعر حلقه جعل، وأنا أنزوي كما تنزوي الجلدة في النار، وألتوي كما تلتوي الحية في الأوار «5» ، لا يمكنني أن أقرّ، ولا يتركني «6» حتى أفرّ، إلى نصف النهار، ولم ينصف بعد الطومار، وقمنا إلى المفروض وكما انفصلت من ذلك المكان، وصل كتاب التحويل إلى المولتان، وحمّت المسكينة في الحال، ووقعنا في الأوجال، والله نصيري على الزمان والاخوان وحسيبي، وقد قل منه ومنهم حظي ونصيبي. فصل من كتاب: الصحبة نسبة في شرع الكرم، والمعرفة عند أهل النهى أوفى الذمم «7» ، والأخوّة لحمة دانية، والمصافاة قرابة ثانية، ولو كان ما بين ذات البين ما بين القطبين، لوجب أن يقطعا عرض السماء كالمجرة مواصلة، ويتصلا اتصال الكواكب مراسلة، ولكن الأقوام «8» في العقوق سواسية، والقلوب في رعاية الحقوق قاسية. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1625 ومن شعره: أأحلب من دنياي جدّاء ما بها ... على كثرة الإبساس درّ ولا جدى «1» وأسبح في بحر السراب ضلالة ... وأترك صدّاء وبي حرق الصدى «2» وله: قريض تجلّى مثل ما ابتسمت أروى ... ترشفت من فيه الرضاب فما أروى تجلى كأروى في حجال سطوره ... وأنزل من شمّ الجبال لنا أروى كغصن الشباب الغضّ غاض بهاؤه ... وعهد اللوى ألوى به زمن ألوى إذ الدهر غضّ ناضر العود ناظر ... إلينا بما يهوى ولم يلق في المهوى قريض به زادت لقلبي غلة ... وغيري به يروي الغليل إذا يروى وله: يا ظبية سلّت ظبا من جفنها ... تفري بها أعناق آساد الورى ما كنت أدري قبل جفنك أنّ ... أجفان الظباء تكون أجفان الظّبا وله: إذا ما نبا حدّ الأسنة والظّبا ... فما نابها في الحادثات بناب تقصف رمح الخطّ وسط كتائب ... إذا هزّ رمح الخطّ وسط كتاب وله: وكم حلّ عقدا للحوادث عقده ... وكم فلّ نابا للنوائب نابه كمخلب ليث الغاب حدّا وحدّة ... ومخلب ليث الفضل والعلم غابه إذا صاد ليث العنكبوت ذبابة ... فهذا حسام صاد ليثا ذبابه وله أيضا مما أورده ابن عبد الرحيم عن العميد أبي سعد عبد الغفار بن فاخر البستي: الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1626 أيا من إن رآه البد ... ر ظلّ لوجهه يسجد ويا من غيم نائله ... يجود لنا ولا يرعد ويا من فضله يدنو ... ولكن وصفه يبعد ومن إن قام للجدوى ... فحاتم طيّء يقعد أتذكرني إذا أخلو ... وما لي لا أرى الهدهد وله: الله جار عصابة ودّعتهم ... والدمع يهمي والفؤاد يهيم قد كان دهري جنّة في ظلهم ... ساروا فأضحى الدهر وهو جحيم كانوا غيوث سماحة وتكرّم ... فاليوم بعدهم الجفون غيوم رحلوا على رغمي ولكن حبهم ... بين الفؤاد المستهام مقيم قد خانهم صرف الزمان لأنهم ... كانوا كراما والزمان لئيم طلّقت لذاتي ثلاثا بعدهم ... حتى يعود العقد وهو نظيم الله حيث تحمّلوا جار لهم ... والأمن دار والسرور نديم والعيش غضّ والمناهل عذبة ... والجوّ طلق والرياح نسيم. [704] عكرمة مولى ابن عباس، يكنى أبا عبد الله: سمع عبد الله بن عباس وأبا سعيد وعائشة وأبا هريرة وعبد الله بن عمر وروى عنه جماعة من التابعين منهم الشعبيّ وإبراهيم النّخعيّ ومحمد بن سيرين وجابر بن زيد، ومات فيما قرأت بخط الصولي من كتاب البلاذري سنة خمس ومائة وقيل ست ومائة، وهو ابن ثمانين سنة.   [704]- ترجمته في طبقات ابن سعد 5: 287 وطبقات خليفة: 280 وطبقات الشيرازي: 70 وحلية الأولياء 3: 326 وابن خلكان 3: 265 وميزان الاعتدال 3: 93 وعبر الذهبي 1: 131 وسير الذهبي 5: 12 وتاريخ الذهبي 4: 156 والعقد الثمين 6: 123 وتهذيب التهذيب 7: 263 والشذرات 1: 130. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1627 قال: وكان موته وموت كثّير عزة في يوم واحد فوضعا جميعا وصلي عليهما، وكان كثير شيعيا وعكرمة يرى رأي الخوارج. ذكره الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن البيع في «تاريخ نيسابور» وقال باسناده: كان جوّالا وفادا على الملوك، أتى خراسان فنزل مرو زمانا، وأتى اليمن ومات بالمدينة، وورد خراسان مع يزيد بن المهلب. وحدث بإسناد رفعه إلى عبد الله بن أبي روّاد قال: رأيت عكرمة بنيسابور فقلت له: تركت الحرمين وجئت إلى خراسان؟! قال: جئت أسعى على بنيّاتي. وحدث باسناد رفعه إلى أبي خالد عبد المؤمن بن خالد الحنفي قال: رأيت عكرمة يخرج من البيت وقد جاء الثلج فقال: اللهم أرحني من بلدة رزقها في عذابها. قال الحاكم: وقد حدّث عكرمة بالحرمين ومصر واليمن والشام والعراق وخراسان. وحدث باسناد رفعه إلى يزيد النحوي عن عكرمة قال، قال لي ابن عباس: انطلق فأفت الناس [فأنا لك عون. قال قلت: لو أن هذا الناس مثلهم مرتين «1» لأفتيتهم. قال: انطلق فأفت الناس] فمن جاءك يسألك عما يعنيه فأفته، ومن سألك عما لا يعنيه فلا تفته فإنك تطرح عنك ثلثي مؤونة الناس. وذكر القاضي أبو بكر محمد بن عمر الجعابي في «كتاب الموالي» عن ابن الكلبي قال: وعكرمة هلك بالمغرب، وكان قد دخل في رأي الحرورية الخوارج فخرج يدعوهم بالمغرب إلى الحرورية. حدث أبو علي الأهوازي قال: لما توفي عبد الله بن عباس كان عكرمة عبدا مملوكا فباعه علي بن عبد الله بن عباس على خالد بن يزيد بن معاوية بأربعة آلاف دينار، فأتى عكرمة عليا فقال له: ما خير لك، أتبيع علم أبيك؟! فاستقال خالدا فأقاله وأعتقه. وكان يرى رأي الخوارج ويميل إلى استماع الغناء، وقيل عنه إنه كان يكذب على مولاه، والله أعلم. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1628 وقال عبد الله بن الحارث: دخلت على علي بن عبد الله بن عباس وعكرمة موثق على باب الكنيف فقلت: أتفعلون هذا بمولاكم؟! فقال: إنّ هذا يكذب على أبي. وقد قال ابن المسيب لمولاه لا تكذب عليّ كما كذب عكرمة على ابن عباس. وقال يزيد بن هارون: قدم عكرمة مولى ابن عباس البصرة فأتاه أيوب السختياني وسليمان التيمي ويونس بن عبيد، فبينا هو يحدثهم إذ سمع غناء، فقال عكرمة: اسكتوا، فتسمّع ثم قال: قاتله الله فلقد أجاد، أو قال: ما أجود ما قال، فأما سليمان ويونس فلم يعودا إليه وعاد إليه أيوب، فقال يزيد بن هارون: لقد أحسن أيوب. الرياشي عن الأصمعي عن نافع المدني قال: مات كثير الشاعر وعكرمة في يوم واحد، قال الرياشي، فحدثنا ابن سلام أن أكثر الناس كانوا في جنازة كثير لأن عكرمة كان يرى رأي الخوارج، وتطلّبه بعض الولاة فتغيب عند داود بن الحصين حتى مات عنده سنة سبع ومائة في أيام هشام بن عبد الملك وهو يومئذ ابن ثمانين سنة. وعن أبي عبد الله المقدمي: كان عكرمة مولى ابن عباس يكنى أبا عبد الله، وكان لحصين بن أبي الحرّ العنبري جد عبيد الله بن الحسين العنبري قاضي البصرة، فوهبه لابن عباس حين جاء واليا على البصرة لعليّ بن أبي طالب عليه السلام. وقال أبو أحمد الحافظ: عكرمة مولى ابن عباس أصله بربري من أهل المغرب، احتج بحديثه عامّة الأئمة القدماء، لكنّ بعض المتأخرين أخرج حديثه من حيّز الصحاح. وعن عكرمة قال: طلبت العلم أربعين سنة، وكنت أفتي بالباب وابن عباس في الدار. وعن إسماعيل بن أبي خالد: سمعت الشعبي يقول: ما بقي أحد أعلم بكتاب الله من عكرمة. وعن زيد بن الحباب: سمعت سفيان الثوري يقول بالكوفة: خذوا التفسير عن أربعة: سعيد بن جبير وعكرمة ومجاهد والضحاك. علي بن المدائني: لم يكن في موالي ابن عباس أغزر من عكرمة، كان عكرمة من أهل العلم. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1629 وعن هشام بن عبد الله بن عكرمة المخزومي: سمعت ابن أبي ذئب يقول: كان عكرمة مولى ابن عباس ثقة. وقال المروزي: قلت لأحمد بن حنبل: يحتجّ بحديث عكرمة؟ فقال: نعم يحتجّ به. عثمان بن سعيد الدارمي: قلت ليحيى بن معين، فعكرمة أحبّ إليك عن ابن عباس أو عبيد الله عن عبد الله؟ فقال: كلاهما ولم يختر، فقلت: وعكرمة أو سعيد بن جبير؟ فقال: ثقة وثقة ولم يختر. قال عثمان بن سعيد: عبيد الله أجلّ من عكرمة. قال: وسألته عن عكرمة بن خالد فقال: ثقة، قلت: هو أصحّ حديثا أو عكرمة مولى ابن عباس؟ فقال: كلاهما ثقتان. وعن يحيى بن معين: إذا رأيت إنسانا يقع في عكرمة وفي حماد بن سلمة فاتهمه على الاسلام. حماد بن زائد: حدثنا عثمان بن مرة قلت للقاسم إن عكرمة مولى ابن عباس قال: حدثنا ابن عباس أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم نهى عن المزفّت والمقيّر والدباء والحنتم والجرار، فقال: يا ابن أخي إن عكرمة كذاب يحدّث غدوة حديثا يخالفه عشيا. يحيى بن البكاء: سمعت ابن عمر يقول لنافع: اتق الله ويحك يا نافع ولا تكذب عليّ كما كذب عكرمة على ابن عباس، لما أحلّ الصرف وأسلم ابنه صيرفيا. يزيد بن زياد قال: دخلت على علي بن عبد الله بن عباس وعكرمة مقيد على باب الحش قلت: ما لهذا كذا؟ قال: إنه يكذب على أبي. [705] علاقة بن كرسم الكلابي، أحد بني عامر بن كلاب: ذكره محمد بن إسحاق وقال: كان في أيام يزيد بن معاوية، وله علم بالأنساب والأخبار وأحاديث العرب القديمة، وقد أخذ عنه من ذلك شيء كثير، وكان يزيد بن معاوية قد أدخله في سمّاره. مات [ ... ] وله كتاب الأمثال في نحو خمسين ورقة. قال محمد بن إسحاق: رأيت هذا الكتاب.   [705]- الفهرست: 102 (وفيه: كرشم) وعن علاقة ينقل البكري في مواضع من كتابه فصل المقال (ونسبته عنده الكلبي) وهو يروي عن عبيد بن شرية أيضا (انظر فهرسة فصل المقال) . الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1630 [706] علّان الورّاق الشعوبي: ذكره محمد بن اسحاق فقال: أصله من الفرس وكان علّامة بالأنساب والمثالب والمنافرات منقطعا إلى البرامكة، وينسخ في بيت الحكمة للرشيد والمأمون والبرامكة، مات [ ... ] . قال: وعمل «كتاب الميدان» في المثالب الذي هتك فيه العرب وأظهر مثالبها، وكان قد عمل كتابا لم يتمه سماه «الحلية» انقرض أثره. قال: كذا قال ابن شاهين الاخباري. وله من الكتب: كتاب الميدان في المثالب يحتوي على جميع مثالب العرب ابتدأ ببني هاشم ثم قبيلة بعد قبيلة على الترتيب إلى آخر قبائل اليمن على ترتيب كتاب ابن الكلبي. وله أيضا: كتاب فضائل كنانة. كتاب النمر بن قاسط. كتاب نسب تغلب بن وائل. كتاب فضائل ربيعة. كتاب المنافرة. وذكر محمد بن أبي الأزهر: كان في جوارنا بباب الشام فتى يعرف بالفيرزان، وكان يورّق في دكّان علّان الشعوبي، وأورد خبرا دلّ به على أن علانا كان ورّاقا له دكان يبيع فيه الكتب وينسخ. وحدث أبو عبد الله محمد بن عبدوس الجهشياري في «كتاب الوزراء والكتاب» من تصنيفه قال «1» : كان بعض أصحاب أحمد بن أبي خالد الأحول قد وصف له علانا الشعوبي الوراق، فأمر باحضاره وبأن يستكتب له، فأقام في داره، فدخلها أحمد بن أبي خالد يوما فقام إليه جميع من فيها غير علان الوراق فانه لم يقم له، فقال أحمد: ما أسوأ أدب هذا الوراق!! وسمعه علان فقال: كيف أنسب أنا إلى سوء الأدب ومنّي تعلّم الآداب وأنا معدنها؟! ولماذا أردت مني القيام لك ولم آتك مستميحا لك ولا راغبا إليك ولا طالبا منك وإنما رغبت إليّ في أن آتيك فأكتب عندك، فجئتك لحاجتي إلى ما آخذه من الأجرة، وقد كنت بغير هذا منك أولى، ثم حلف   [706]- الفهرست: 118. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1631 أيمانا مؤكدة ألّا يكتب بعد يومه حرفا في منزل أحد من خلق الله تعالى. وجدت في بعض الكتب «1» : قال علان- وكان قبيحا-: مررت بمخنث يغزل على حائط فقال لي: من أين؟ قلت: من البصرة؟ قال: لا إله إلا الله تغير كلّ شيء حتى هذا، كانت القرود تجلب من مكة واليمن والآن تجيء من العراق. قال المؤلف: هكذا وجدت هذا الخبر قال فيه «علان» ولم يقل «الشعوبي» فإن كان هو فهو المراد، وان كان غيره فقد مرت بك حكاية ممتعة فاله بها، وإن تحقق عندك أنه هو هو «2» فأصلحه مأجورا مثابا. وذكره المرزباني في «المعجم» فقال: علان الوراق المعروف بعلان الشعوبي وكان شعوبيّا وله في المثالب كتاب سوء، وهو مأموني، لما قال عبد الله بن طاهر قصيدته التي أولها «3» : مدمن الإغضاء موصول ... ومديم العتب مملول وفخر فيها بقتل أبيه طاهر محمدا الأمين فأجابه محمد بن يزيد الحصني بقصيدته التي أولها: لا يرعك القال والقيل ... كلّ ما بلّغت تحميل وردّ عليه فيها وهجاه هجاء قبيحا، قال علّان الشعوبي قصيدة ردّ فيها على المسلميّ وهجاه ومدح عبد الله بن طاهر، وفضل العجم على العرب يقول فيها: أيها اللاطي بحفرته ... في قرار الأرض مجعول قد تجاللت على دخل ... واستخفّتك التهاويل وأبو العباس غادية ... لعزاليه أهاليل «4» تمطر العقيان راحته ... وله بالجود تهطيل الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1632 رستميّ في ذرى شرف ... زانه تاج وإكليل وعليه من جلالته ... كرم عدّ وتبجيل إن لي فخرا مباءته ... في قرار النجم مأهول ورجالا شربهم غدق ... هم لما حازوا مباذيل كسرويات أبوتنا ... غرر زهر مناويل. [707] العلاء بن الحسن بن وهب بن الموصلايا، أبو سعد، من أهل الكرخ: أحد الكتاب المعروفين ومن يضرب به المثل في الفصاحة وحسن العبارة، وكان نصرانيا فأسلم في زمان الوزير أبي شجاع وحسن إسلامه. قال الهمذاني: في رابع عشر صفر سنة أربع وثمانين وأربعمائة خرج توقيع الخليفة بالزام أهل الذمة بلبس الغيار والتزام ما شرطه عليهم عمر بن الخطاب، فهربوا كلّ مهرب، وأسلم بعضهم، وأسلم أبو غالب ابن الأصباغي، وفي ثاني هذا اليوم أسلم الرئيسان أبو سعد العلاء بن حسن بن وهب بن الموصلايا صاحب ديوان الإنشاء وابن أخته أبو نصر صاحب الخبر «1» على يدي الخليفة بحيث يريانه ويسمعان كلامه. وكان يتولّى ديوان الرسائل منذ أيام القائم بأمر الله، وناب في الوزارة، وأضرّ في آخر عمره. وكان ابتداء خدمته لدار الخلافة القائمية في سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة، فخدمها خمسا وستين سنة يزداد في كلّ يوم من أيامها جاها وحظوة،   [707]- ترجمته في الخريدة (قسم العراق) 1: 123- 132 والمنتظم 9: 141 وابن الأثير 10: 377 ومرآة الزمان: 11 وابن خلكان 3: 480 ونكت الهميان: 201 والنجوم الزاهرة 5: 189. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1633 وناب عن الوزارة عدة نوب مع ذهاب بصره. وكان أبو نصر هبة الله بن الحسن ابن أخته يكتب الانهاءات عنه إذا حضر، وكان كثير الصدقة والخير. ورسائله وأشعاره مدوّنة يتداول بها ويرغب فيها. أخذ عنه الشيخ أبو منصور موهوب بن الخضر الجواليقي، وأنشد عنه «1» : أحنّ إلى روض التصابي وأرتاح ... وأمتح من حوض التصافي وأمتاح وأشتاق رئما كلّما رمت صيده ... تصدّ يدي عنه سيوف وأرماح غزال إذا ما لاح أو فاح نشره ... تعذّب أرواح وتعذب أرواح بنفسي وإن عزّت وأهلي أهلّة ... لها غرر في الحسن تبدو وأوضاح نجوم أعاروا النور للبدر عندما ... أغاروا على سرب الملاحة واجتاحوا فتتضح الأعذار فيهم إذا بدوا ... ويفتضح اللاحون فيهم إذا لاحوا وكرخية عذراء يعذر حبها ... ومن زندها في الدهر تقدح أفراح إذا جليت في الكأس والليل ما انجلى ... تقابل إصباح لديك ومصباح يطوف بها ساق لسوق جماله ... نفاق لإفساد الهوى فيه إصلاح به عجمة في اللفظ تغري بوصله ... وإن كان منه بالقطيعة إفصاح وغرّته صبح وطرّته دجى ... ومبسمه درّ وريقته راح أباح دمي مذ بحت في الحبّ باسمه ... وبالشجو من قبلي المحبون قد باحوا وأوعدني بالسوء ظلما ولم يكن ... لإشكال ما يفضي إلى الضيم إيضاح وكيف أخاف الضيم أو أحذر الردى ... وعوني على الأيّام أبلج وضاح وظلّ نظام الملك للكسر جابر ... وللضرّ منّاع وللنفع منّاح ومن شعره «2» : يا خليليّ خلّياني ووجدي ... فملام المحبّ ما ليس يجدي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1634 ودعاني فقد دعاني إلى الحك ... م غريم الغرام للدّين عندي فعساه يرقّ إذ ملك الر ... قّ بنقد من عذله أو بوعد ثم من ذا يجير منه إذا جا ... ر ومن لي على تعدّيه يعدي ومات العلاء في ثاني عشرين جمادى الأولى سنة سبع وتسعين وأربعمائة ومولده سنة اثنتي عشرة وأربعمائة ودفن في تربة الطائع. قال أبو الفرج في «المنتظم» : نال أبو سعد ابن الموصلايا من الرفعة في الدنيا ما لم ينله أبناء جنسه، فانه ابتدأ في خدمة دار الخلافة في أيام القائم سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة فخدمها خمسا وستين سنة، وأسلم في سنة أربع وثمانين، وناب عن الوزارة في أيام المقتدي وأيام المستظهر نوبا كثيرة، وكان كثير الصدقة كريم الفعال حسن الفصاحة، ويدلّ على فصاحته وغزارة علمه ما كان ينشئه من كتابات الديوان والعهود. وحكى بعض أصحابه قال: شتمت يوما غلاما لي فوبخني وقال: أنت قادر على تأديب الغلام أو صرفه، فأما الخنا والقذف فاياك والمعاودة له، فان الطبع يسرق من الطبع والصاحب يستدل [به] «1» على المصحوب. وكانت وفاته فجاءة. وقال محمد بن عبد الملك الهمذاني: لما عزل المقتدي الوزير أبا شجاع خلع على الأجلّ أبي سعد ابن الموصلايا، وكانت الخلعة درّاعة وعمامة، وحمل على فرس بمركب ذهب، ووسم بنيابة الوزارة، وخلع على ابن أخته تاج الرؤساء أبي نصر هبة الله صاحب الخبر ابن الحسن بن عليّ جبة وعمامة وحمل على فرس. ومدح الأديب أبو المظفر الأبيوردي الأجلّ أبا سعد، وقد لقبه الخليفة بأمين الدولة، بقصيدة منها «2» : وزعزع الصبح سلك النجم فانتثرت ... منه كما تستطير النار بالشعل قال: ومن علم السير علم أن الخليفة والملوك لم يثقوا بأحد ثقتهم بأمين الدولة ولا نصحهم أحد نصحه. وتولّى ديوان الإنشاء بعد سنة ثلاثين وأربعمائة، والناظر إذ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1635 ذاك عميد الرؤساء أبو طالب ابن أيوب، وناب عن الوزارة المقتدية والمستظهرية. ومن شعره «1» : يا هند رقي لفتى مدنف ... يحسن فيه طلب الأجر يرعى نجوم الليل حتى يرى ... حلّ عراها بيد الفجر ضاق نطاق الصبر عن قلبه ... عند اتساع الخرق في الهجر قال العماد- وقد ذكر هذه الأبيات الثلاثة-: قد راقتني «2» هذه الأبيات برقتها، وحلاوة الاستعارة في معناها مع دقتها، وقد ساعده التوفيق في هذا التطبيق، وما كلّ شاعر يتخلّص من هذا المضيق، وهكذا شعر الكتّاب يجمع إلى اللطافة ظرافة، وإلى الحلاوة طلاوة. وله «3» : وكأس كساها الحسن ثوب ملاحة ... فحازت ضياء يشبه الحسن والشمسا «4» أضاءت على «5» كفّ المدير وما درى ... وقد دجت الظلماء أصبح أو أمسى وله «6» : أقول للائمي في حبّ ليلى ... وقد ساوى نهار منه ليلا أقلّ فما أقلّت قطّ أرض ... محبّا جرّ في الهجران ذيلا ولو ممن أحبّ ملأت عينا ... لكنت إلى هواه أشدّ ميلا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1636 [708] أبو علقمة النحوي النميري: وأراه من أهل واسط. حدّث أحمد بن الحارث الخراز عن المدائني قال: أتى أبو علقمة الأعرابي أبا زلازل الحذاء فقال: يا حذّاء احذ لي هذه النعل، قال: وكيف تريد أن أحذوها؟ فقال «1» : خصّر نطاقها وغضّف معقّبها وأقبّ مقدّمها، وعرج ونية الذؤابة بحزم دون بلوغ الرصاف، وانحل مخازم خزامها وأوشك في العمل. فقام أبو زلازل فتأبط متاعه، فقال أبو علقمة: إلى أين؟ قال: إلى ابن القرّية ليفسّر لي ما خفي عليّ من كلامك. وقال أبو أحمد ابن أبي خليفة الجمحي قال: سمعت أبي يحدث عن أبيه قال قال أبو علقمة لغلام له: خذ من غريمنا هذا كفيلا، ومن الكفيل أمينا، ومن الأمين زعيما، ومن الزعيم عزيما، فقال الغلام للغريم: مولاي كثير الكلام، فمعك شيء؟ فأرضاه وخلّاه، فلما انصرف قال: يا غلام ما فعل غريمنا؟ قال: سقع، قال: ويلك ما سقع؟ قال: بقع؟ قال: ويلك وما بقع؟ قال: استقلع، قال: ويلك ما استقلع؟ قال: انقلع، قال: ويلك لم طوّلت عليّ؟ قال: منك تعلمت. الهيثم بن عدي: ركب أبو علقمة النميري بغلا فوقف على أبي عبد الرحمن القرشي فقال: يا با علقمة ان لبغلك هذا منظرا فهل مع حسن هذا المنظر من خبر؟ قال: سبحان الله أوما بلغك خبره، قال: لا، قال: خرجت عليه مرة من مصر فقفز بي قفزة إلى فلسطين، والثانية إلى الأردن، والثالثة إلى دمشق، فقال له أبو عبد الرحمن: تقدم إلى أهلك يدفنوه معك في قبرك فلعله يقفز بك الصراط. ذكر أبو بكر محمد بن خلف بن المرزبان في «كتاب الثقلاء» من تصنيفه، أخبرنا إسحاق بن محمد بن أبان الكوفي، حدثني بشر بن حجر قال: انقطع إلى أبي   [708]- ترجمته في انباه الرواة 4: 146 وبغية الوعاة 2: 139 وترد نوادر تقعره في كتب الأدب كالبيان والتبيين والعقد وعيون الأخبار والبصائر ونثر الدر وغيرها. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1637 علقمة النحوي غلام يخدمه، فأراد أبو علقمة الدخول في بعض حوائجه فقال له: يا غلام أصقعت العتاريف؟ فقال له الغلام: زقفيلم. قال أبو علقمة: وما زقفيلم؟ قال له: وما معنى صقعت العتاريف؟ قال قلت لك: أصاحت الديوك؟ قال: وأنا قلت لك لم يصح منها شيء. قال محمد بن خلف حدثنا أبو بكر القرشي حدثني جعفر بن نصير قال «1» : بينما أبو علقمة النحوي في طريق من طرق البصرة إذ ثار به مرار «2» فسقط وظنّ من يراه أنه مجنون، وأقبل رجل يعضّ أصل أذنه ويؤذن فيها فأفاق، فنظر إلى الجماعة حوله فقال: ما لكم تكأكأتم عليّ كما تتكأكئون على ذي جنّة؟! افرنقعوا عني؛ قال فقال بعضهم لبعض: دعوه فإن شيطانه يتكلم بالهندية. قال ابن المرزبان حدثني عبد الله بن مسلم «3» : دخل أبو علقمة النحوي على أعين الطبيب فقال له: أمتع الله بك إني أكلت من لحوم هذه الجوازل فطسئت طسأة فأصابني وجع بين الوابلة إلى دأية العنق، فلم يزل ينمي حتى خالط الخلب وألمت له الشراسيف، فهل عندك دواء؟ قال أعين: خذ حرقفا وسلقفا فزهزقه ورقرقه واغسله بماء روث واشربه بماء الماء، فقال أبو علقمة: أعد ويحك عليّ فإني لم أفهم عنك، قال له أعين: لعن الله أقلّنا إفهاما لصاحبه، ويحك وهل فهمت عنك شيئا مما قلت؟! قرأت في كتاب «النوادر الممتعة» جمع ابن جني عن محمد بن المرزبان قال: حدثني عبد الله بن أحمد بن عبد الصمد، قال حدثني محمد بن معاذ البصري قال «4» : بينا أبو علقمة النحوي يسير على بغلة إذ نظر إلى عبدين أحدهما حبشي والآخر صقلبي، فإذا الحبشيّ قد ضرب بالصقلبيّ الأرض، وأدخل ركبتيه في بطنه، وأصابعه في عينيه، وعضّ أذنيه وضربه بعصا كانت معه فشجّه وأسال دمه، فجعل الصقلبي يستغيث فلا يغاث، فقال لأبي علقمة: اشهد لي، فقال: قدّمه إلى الأمير الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1638 حتى أشهد لك، فمضيا إلى الأمير، فقال الصقلبي: إن هذا ضربني وشجّني واعتدى عليّ، فجحد الحبشيّ، فقال الصقلبي: هذا يشهد لي، فنزل أبو علقمة عن بغلته وجلس بين يدي الأمير فقال له الأمير: بم تشهد يا أبا علقمة، فقال: أصلح الله الأمير، بينا أنا أسير على كودني هذا إذ مررت بهذين العبدين، فرأيت هذا الأسحم قد مال على هذا الأبقع فحطأه على فدفد ثم ضغطه برضفتيه في أحشائه حتى ظننت أنه تدمج جوفه، وجعل يلج بشناتره في جحمتيه يكاد يفقأهما، وقبض على صنّارتيه بمبرمه وكاد يجذهما جذّا، ثم علاه بمنسأة كانت معه فعفجه بها، وهذا أثر الجريال عليه بينا، وأنت أمير عادل. فقال الأمير: والله ما أفهم مما قلت شيئا، فقال أبو علقمة: قد فهّمناك إن فهمت، وعلّمناك إن علمت، وأديت إليك ما علمت، وما أقدر أن أتكلم بالفارسية؛ فجعل الأمير يجهد أن يكشف الكلام فلا يفعل حتى ضاق صدره، فقال للصقلبي: أعطني خنجرا، فأعطاه وهو يظن أنه يريد أن يستقيد له من الحبشي، فكشف الأمير رأسه وقال للصقلبي: شجّني خمسا وأعفني من شهادة هذا. (الصنارتان: الأذنان بلغة حمير. الكودن: الغليظ من الدوابّ. وحطأه صرعه. والفدفد: الغليظ من الأرض. ورضفتاه: ركبتاه. وشناتره: أصابعه والجحمتان: العينان لغة يمانية. والمنسأة: العصا. عفجه: أي ضربه بها. والجريال: الأحمر فاستعاره للدم) . قال ابن جني: وأخبرنا عثمان بن محمد، حدثنا محمد بن القاسم، قال حدثني محمد بن المرزبان وأبو الحسين علي بن محمد المقرىء قال: تبيّغ بأبي علقمة الدم وهو في بعض القرى، فقال لابنه «1» جئني بحجام، فأتاه به فقال له: لا تعجل حتى أصف لك ولا تكن كامرىء خالف ما أمر به ومال إلى غيره، اشدد قصب المحاجم، وأرهف ظبة المشارط، وأسرع الوضع وعجّل النزع، وليكن شرطك وخزا ومصّك نهزا، لا تردّنّ آتيا ولا تكرهن آبيا؛ فوضع الحجام محاجمه في قفّته وقال: الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1639 كلامك يقطع الدم، وقام وانصرف. وفي رواية علي بن إبراهيم قال: فلما سمع الحجام الكلام قال: يا قوم هذا رجل قد ثار به المرار ولا ينبغي أن يخرج دمه في هذا الوقت وانصرف. (قال أبو بكر: القصب: الموضع الذي يجتمع فيه الدم، وتبيغ: هاج وهو من البغي أصله تبغى فقدمت الياء وأخرت الغين) . كان «1» أبو علقمة النحوي لا يدع الإعراب في كلامه، فقال للطبيب: أجد رسيسا في أسناخي وأحسّ وجعا فيما بين الوابلة إلى الأطرة من دأيات العنق، فقال له الطبيب: خذ خزانا وسلقفا وشربقا فزهزقه وزقزقه واغسله بماء روث واشربه، فقال له أبو علقمة: أعد فاني لم أفهم، فقال: أخزى الله أقلنا إفهاما لصاحبه. وجمش امرأة كان يهواها فقال: يا خريدة قد كنت إخالك عروبا فإذا أنت نوار، مالي أمقك فتشنئيني؟ فقالت: يا رقيع ما رأيت أحدا يحبّ أحدا فيشتمه سواك. وقال «2» لحجام حجمه: أشدد قصب الملازم، وأرهف ظبات المشارط، وأمرّ المسح واستنجل الرشح، وخفف الوطء وعجّل النزع، ولا تكرهنّ آبيّا ولا تمنعن آتيا. ورأى رجل «3» أبا علقمة على بغل مصري حسن فقال له: إن كان مخبر هذا البغل كمنظره فقد كمل، فقال أبو علقمة: والله لقد خرجت عليه من مصر فتنكبت الطريق مخافة السرّاق وجور السلطان، فبينا أنا أسير في ليلة ظلماء قتماء طخياء مدلهمّة حندس داجية في ضحضح أملس واذا حسّ نبأة من صوت تعر أو طيران ضوع أو نقض سبد، فحاص عن الطريق متنكبا بعزة نفسه وفضل قوّته، فبعثته باللجام فعسل، وحركته بالركاب فنسل، وانتعل الطريق يغتاله معتزما، والتحف الليل لا يهابه مظلما، فو الله ما شبهته إلا بظبية نافرة تحفزها فتخاء شاغية، فقال الرجل: يا هذا ادع الله واسأله أن يحشر هذا البغل معك يوم القيامة، قال: ولم؟ قال ليجيزك الصراط بطفرة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1640 [709] علي بن إبراهيم بن هاشم القمي: ذكره ابن النديم، وذكره أبو جعفر في مصنفي الامامية وقال: له كتب منها: كتاب التفسير. وكتاب الناسخ والمنسوخ. وكتاب المغازي. وكتاب الشرائع. وكتاب الاسناد «1» . وكتاب المناقب. وكتاب اختيار القرآن ورواياته. [710] علي بن إبراهيم بن محمد بن إسحاق الكاتب: كان من أهل المعرفة، وله: كتاب في نسب بني عقيل جوّده، صنفه للأمير أبي حسان المقلد بن المسيب بن رافع العبادي في شهر رمضان سنة أربع وثمانين وثلاثمائة. [711] علي بن إبراهيم بن محمد الدّهكي: هكذا وجدته بخط عبد السلام مكسور الدال «2» ، والمحدّثون يفتحونها، وهي نسبة إلى قرية من قرى الري يقال لها دهك، ويكنى أبا القاسم: أحد رواة الأخبار وجماعي الأشعار. وجدت بخط عبد السلام البصري «كتاب أشعار بني ربيعة الجوع» وقد قرأه عليه، وكان الدهكي قد كان قرأ على أبي الفرج علي بن الحسين الأصبهاني «كتاب الأغاني» وقعت لنا إجازة متصلة إليه عنه، وهي ما أخبرنا الشيخ ذو النسبتين بين دحية والحسين عليه السلام أبو الخطاب عمر بن الحسن المعروف بابن دحية المغربي   [709]- الفهرست: 277 وفهرست الطوسي (كلكتا) : 209. [710]- لم أجد له ترجمة. [711]- لم أجد له ترجمة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1641 السبتي بمصر سنة اثنتي عشرة وستمائة إجازة، قال أخبرنا شيخي أبو عبد الله محمد بن أبي القاسم بن عميرة المروزي، قال أخبرنا أبو الحسن يونس بن محمد بن مغيث ويعرف بابن الصفار، عن الشيخ أبي عبد الله محمد بن محمد بن بشير، عن أبي الوليد هشام بن عبد الرحمن الصابوني، عن أبي القاسم علي بن إبراهيم الدهكي، عن أبي الفرج الأصبهاني، وقد وقعت لنا بهذا الكتاب إجازة أحسن من هذه. وكان أبوه أبو الفرج إبراهيم من أعيان الكتاب من أهل شيراز، وكان صهرا لأبي الفضل العباس بن الحسين الشيرازي وزير بختيار؛ قال إبراهيم بن هلال الصابىء: خلع على أبي الفرج محمد بن العباس للوزارة لثلاث خلون من جمادى الأولى سنة تسع وخمسين وثلاثمائة وسلّم إليه أبو الفضل وجميع أصحابه وأسبابه، فاستصفى أموالهم، وجدّ في مطالبة كتّابه وأسبابه على ضروب من رفق وعسف حين حصلوا في يده، وتوفي منهم صهر كان لأبي الفضل من أهل شيراز يقال له أبو الفرج إبراهيم بن محمد الدهكي، وكان أبو الفضل يدّعي عليه أنه اعتمد قتله. [712] علي بن إبراهيم بن سلمة بن بحر القطان القزويني أبو الحسن: أديب فاضل ومحدث حافظ، لقي المبرد وثعلبا وابن أبي الدنيا، وهو شيخ أبي الحسين أحمد بن فارس القزويني، وكتبه محشوّة بالرواية عنه، وكان يصفه بالدراية. وذكره أبو يعلى الخليل بن أحمد الخليلي في «كتاب الارشاد في طبقات البلاد» فقال: أبو الحسن علي بن إبراهيم بن سلمة بن بحر الفقيه، عالم بجميع العلوم: التفسير والنحو واللغة والفقه القديم، لم يكن له نظير دينا وديانة وعبادة، سمع أبا حاتم الرازي، ارتحل اليه ثلاث سنين، ومحمد بن الفرج الأزرق والحارث بن أبي أسامة والقاسم بن محمد الدلال، وذكر جماعة، ثم قال: وخلقا من القزوينيين والرازيين   [712]- ترجمة القطان القزويني في التدوين في أخبار قزوين 3: 318- 322 وتذكرة الحفاظ: 856 وعبر الذهبي 2: 267 وسير الذهبي 15: 463 وطبقات ابن الجزري 1: 516 والنجوم الزاهرة 3: 315 والشذرات 2: 370 وذكر الذهبي انه سمع من ابن ماجة سننه. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1642 والبغداديين و [علماء] الكوفة ومكة وصنعاء اليمن وهمذان وحلوان ونهاوند. سمع منه من القدماء أبو الحسن «1» النحوي والزبير بن عبد الواحد الحافظ ثم عمّر حتى أدركه الأحداث، ولد سنة أربع وخمسين ومائتين ومات سنة خمس وأربعين وثلاثمائة. سمعت جماعة من شيوخ قزوين يقولون: لم ير أبو الحسن مثله في القضاء والزهد، أدام الصيام ثلاثين سنة وكان يفطر على الخبز والملح، وفضائله أكثر من أن تعدّ، وكان له بنون ثلاثة: محمد أبو إبراهيم والحسن والحسين، سمعوا أبا علي الطوسيّ والقدماء وماتوا ولم يبلغوا الرواية. ولأبي إبراهيم ابنان سمعا جدهما ولم يسمع منهما وبقي له أسباط ليسوا من أهل العلم. وأما الحسن والحسين فقد انقطع نسلهما. وقرأت في «أمالي ابن فارس» قال «2» : سمعت أبا الحسن القطان بعد ما علت سنّه وضعف يقول: كنت حين خرجت إلى الرحلة أحفظ مائة ألف حديث، وأنا اليوم لا أقوم على حفظ مائة حديث. قال: وسمعته يقول: أصبت ببصري وأظنّ أني عوقبت بكثرة بكاء أمي أيام فراقي لها في طلب الحديث والعلم. قال ابن فارس: حدثني أبو الحسن علي بن ابراهيم بن سلمة القطان رحمه الله بقزوين في مسجدهم يوم الأحد منتصف رجب سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة، وذكر تمام الاسناد. [713] علي بن إبراهيم بن سعيد بن يوسف الحوفي: أصله من قرية تسمى شبرا اللنجة «3» من حوف بلبيس من الديار المصرية «4» أخذ عن أبي بكر محمد بن علي   [713]- ترجمة الحوفي في الأنساب (الحوفي) وإنباه الرواة 2: 219 ومعجم البلدان (حوف) وابن خلكان 3: 300 وطبقات المفسرين: 25 وحسن المحاضرة 1: 532 وبغية الوعاة 2: 140 والشذرات 3: 247 والبلغة: 141- 142. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1643 الأدفوي صاحب النحاس، وكان نحويا قارئا مات في مستهل ذي الحجة سنة ثلاثين وأربعمائة. وله من التصانيف: كتاب الموضح في النحو وهو كتاب كبير حسن. وكتاب البرهان في تفسير القرآن بلغني أنه في ثلاثين مجلدا «1» بخط دقيق. [714] علي بن أحمد العقيقي العلوي: ذكره أبو جعفر الطوسي في مصنفي الامامية وقال: له من الكتب كتاب المدينة. كتاب بين المسجدين. كتاب المسجد. كتاب النسب. [715] علي بن أحمد بن أبي دجانة المصري، أبو الحسن الكاتب الوراق: جيد الخط كثير الضبط إلا أنه مع ذلك لا يخلو خطه من السقط وإن قلّ. وهو من أهل مصر ومقامه ببغداد وبها كتب ونسخ الكثير، وجدت بخطه زحر سور الذنب «2» ، وقد كتبه ببغداد سنة أربع وثمانين وثلاثمائة. [716] علي بن أحمد الدريدي، يكنى أبا الحسن: ذكره الزبيدي فقال: أصله من فارس وكان ورّاق ابن دريد وإليه صارت كتب ابن دريد بعد موته، مات [ ... ] .   [714]- فهرست الطوسي (كلكتا) : 211 وذكر من كتبه أيضا: كتاب الرجال؛ وروى عن أحدهم أن في أحاديثه مناكير. [715]- سقطت هذه الترجمة من ك. [716]- طبقات الزبيدي: 185 وانباه الرواة 2: 222 وبغية الوعاة 2: 147. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1644 [717] علي بن أحمد المهلبي اللغوي، أبو الحسن: كان إماما في النحو واللغة ورواية الأخبار وتفسير الأشعار. أخذ عن أبي إسحاق إبراهيم النجيرمي وأخذ عنه أبو يعقوب يوسف بن يعقوب النجيرمي وابنه بهزاد وخلق كثير، ومات بمصر في سنة خمس وثمانين وثلاثمائة. وذكر علي بن حمزة البصري النحوي في «كتاب الرد على ابن ولاد في المقصور والممدود» أن أبا الحسن المهلبي كان لقيطا وكان له اختصاص بالمتلقب بالمعز والعزيز المستوليين على الديار المصرية ومن جلسائهما الخواصّ، وأدرك دولة كافور الاخشيدي، وله مع أبي الطيب أحمد بن الحسين المتنبي قصة حدّث بها أبو جعفر الجرجاني قال، قال أبو الحسن المهلبي النحوي: وقع بيني وبين المتنبي في قول العدوانيّ «1» : يا عمرو إلّا تدع شتمي ومنقصتي ... أضربك حتى تقول الهامة اسقوني وذلك أن المتنبي قال: إن الناس يغلطون في هذا البيت والصواب اشقوني من شقوت «2» رأسه بالمشقاة وهو المشط، قال المهلبي: فقلت له أخطأت في وجوه: أحدها أنه لم يرو كذلك، والآخر أنه يقال شقأت بالهمزة، وأيضا فإني أظنك لا تعرف الخبر فيه وما كانت العرب تقوله في الهامة أنها إذا لم يثأر بصاحبها لا تزال تقول اسقوني، فإذا ثأروا به سكن كأنه شرب ذلك الدم. قال: وكان المهلبي من جلساء العزيز وخواصّه.   [717]- إنباه الرواة 2: 222 وبغية الوعاة 2: 147 (وكنيته فيه أبو الحسين، وثبتت الكنيتان في انباه الرواة) ويبدو أنه ليس بأبي الحسين المهلبي صاحب كتاب العزيزي في الجغرافيا، وعنه ينقل ياقوت كثيرا في معجم البلدان، فذلك اسمه الحسن بن أحمد (أو الحسن بن محمد) ك: أبو الحسين. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1645 [718] علي بن أحمد بن سلّك الفالي: - بالفاء- وليس بأبي علي القالي بالقاف، ذلك آخر اسمه إسماعيل له ترجمة في بابه، وكنية هذا أبو الحسن، يعرف بالمؤدّب، من أهل بلدة فالة- موضع قريب من إيذج. انتقل الى البصرة فأقام بها مدة وسمع بها من عمر بن عبد الواحد الهاشمي وغيره، وقدم بغداد فاستوطنها، وكان ثقة له معرفة بالأدب والشعر، ومات في ما ذكره الخطيب في ذي القعدة سنة ثمان وأربعين وأربعمائة ودفن بمقبرة جامع المنصور. وكان يقول الشعر ومنه: تصدّر للتدريس كلّ مهوس ... بليد يسمّى بالفقيه المدرّس فحقّ لأهل العلم أن يتمثلوا ... ببيت قديم شاع في كلّ مجلس «لقد هزلت حتى بدا من هزالها ... كلاها وحتى سامها كلّ مفلس» وكتب عنه الخطيب. قال أبو زكرياء يحيى بن علي الخطيب التبريزي: أنشدنا أبو الحسن الفالي لنفسه: لما تبدلت المنازل أوجها ... غير الذين عهدت من علمائها ورأيتها محفوفة بسوى الألى ... كانوا ولاة صدورها وفنائها أنشدت بيتا سائرا متقدما ... والعين قد شرقت بجاري مائها «أما الخيام فانها كخيامهم ... وأرى نساء الحيّ غير نسائها» وحدث أبو زكرياء التبريزي قال «1» : رأيت نسخة ب «كتاب الجمهرة» لابن دريد.   [718] ترجمة الفالي في تاريخ بغداد 11: 334 ومعجم البلدان: (فاله) والمنتظم 8: 174 وعبر الذهبي 3: 216 وسير الذهبي 18: 54 والبداية والنهاية 12: 69 والنجوم الزاهرة 5: 60 والشذرات 3: 278 (وأخطأ فجعله القالي) . الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1646 باعها أبو الحسن الفالي بخمسة دنانير من القاضي أبي بكر ابن بديل التبريزي وحملها إلى تبريز، فنسخت أنا منها نسخة، فوجدت في بعض المجلدات رقعة بخط الفالي فيها: أنست بها عشرين حولا وبعتها ... فقد طال شوقي بعدها وحنيني وما كان ظنّي أنني سأبيعها ... ولو خلّدتني في السجون ديوني ولكن لضعف وافتقار وصبية ... صغار عليهم تستهلّ شؤوني فقلت ولم أملك سوابق عبرة ... مقالة مشويّ الفؤاد حزين «وقد تخرج الحاجات يا أمّ مالك ... كرائم من ربّ بهنّ ضنين» فأريت القاضي أبا بكر الرقعة والأبيات فتوجع وقال: لو رأيتها قبل هذا لرددتها عليه، وكان الفالي قد مات. قال المؤلف: والبيت الأخير من هذه الأبيات تضمين قاله أعرابيّ في ما ذكره الزبير بن بكار عن يوسف بن عياش قال: ابتاع حمزة بن عبد الله بن الزبير جملا من أعرابي بخمسين دينارا ثم نقده ثمنه، فجعل الأعرابي ينظر إلى الجمل ويقول: وقد تخرج الحاجات يا أم مالك ... كرائم من ربّ بهنّ ضنين «1» فقال له حمزة: خذ جملك والدنانير لك، فانصرف بجمله وبالدنانير. وله أرجوزة في عدد آي القرآن أولها: قال عليّ مذ أتى من فاله ... قصيدة واضحة المقاله وأنشد له السمعاني في «المذيل» باسناد له لأبي الحسن الفالي: فرّحت صبياني ببستانكم ... فأكثروا التصفيق والرقصا فقلت يا صبيان لا تفرحوا ... فبسرهم في نخلهم يحصى لو قدم الليث على نخلهم ... لكان من ساعته يخصى لو أن لي من نخلهم بسرة ... جعلتها في خاتمي فصّا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1647 وأنشد أبو القاسم الدمشقي الحافظ باسناد له لأبي الحسن الفالي: رمى رمضان شملنا بالتفرق ... فيا ليته عنّا تقضّى لنلتقي لئن سرّ أهل الأرض طرّا قدومه ... فإنّ سروري بانسلاخ الذي بقي. [719] علي بن أحمد بن سيده اللغوي الأندلسي أبو الحسن الضرير وكان أبوه أيضا ضريرا، من أهل الأندلس. هكذا قال الحميدي «علي بن أحمد» ، وفي كتاب ابن بشكوال «علي بن إسماعيل» ، وفي كتاب القاضي صاعد الجياني «علي بن محمد» في نسخة، وفي نسخة «علي بن إسماعيل» فاعتمدنا على ما ذكره الحميدي لان كتابه أشهر. مات ابن سيده بالأندلس سنة ثمان وخمسين وأربعمائة عن ستين سنة أو نحوها. قال القاضي الجياني: كان مع إتقانه لعلم الأدب والعربية متوفرا على علوم الحكمة وألف فيها تأليفات كثيرة، ولم يكن في زمانه أعلم منه بالنحو واللغة والأشعار وأيام العرب وما يتعلق بعلومها، وكان حافظا، وله في اللغة مصنفات منها: كتاب المحكم والمحيط الأعظم مرتب على حروف المعجم اثنا عشر مجلدا «1» . وكتاب المخصص مرتب على الأبواب كغريب المصنف «2» . وكتاب شرح إصلاح المنطق. وكتاب الأنيق في شرح الحماسة عشرة أسفار. وكتاب العالم في اللغة على الأجناس   [719]- ترجمة ابن سيده في جذوة المقتبس: 293 (بغية الملتمس رقم: 1205) وطبقات الأمم: 77 والصلة: 396 ومطمح الأنفس: 291 والمغرب 2: 259 وانباه الرواة 2: 225 وابن خلكان 3: 330 وعبر الذهبي 3: 243 وسير الذهبي 18: 144 والبداية والنهاية 12: 95 ومرآة الجنان 3: 83 ولسان الميزان 4: 205 ونكت الهميان: 204 وبغية الوعاة 2: 143 والشذرات 3: 305 والديباج المذهب: 204 ونفح الطيب 4: 27. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1648 في غاية الإيعاب نحو مائة سفر بدأ بالفلك وختم بالذرّة «1» . وكتاب العالم والمتعلم على المسألة والجواب. وكتاب الوافي في علم أحكام القوافي. وكتاب شاذ اللغة في خمس مجلدات. وكتاب العويص في شرح إصلاح المنطق. وكتاب شرح كتاب الأخفش وغير ذلك. قال الحميدي وابن بشكوال: روى ابن سيده عن أبيه وعن صاعد بن الحسن البغدادي. قال أبو عمر الطلمنكي: دخلت مرسية فتشبث بي أهلها ليسمعوا عليّ «غريب المصنف» فقلت لهم: انظروا من يقرأ لكم وأمسك كتابي، فأتوني برجل أعمى يعرف بابن سيده فقرأه عليّ من أوّله إلى آخره من حفظه فعجبت منه. وقال الحميدي: كان ابن سيده منقطعا إلى الأمير أبي الجيش مجاهد بن عبد الله العامري ثم حدثت له نبوة بعد وفاته في أيام إقبال الدولة بن الموفق فهرب منه، ثم قال يستعطفه «2» : ألا هل إلى تقبيل راحتك اليمنى ... سبيل فإن الأمن في ذاك واليمنا ضحيت فهل في برد ظلك نومة ... لذي كبد حرّى وذي مقلة وسنى ونضو هموم «3» طلّحته ظباته ... فلا غاربا أبقين منه ولا متنا غريب نأى أهلوه عنه وشفّه ... هواهم فأمسى لا يقرّ ولا يهنا فيا ملك الأملاك إني محلّأ ... عن الورد لا عنه أذاد ولا أدنى تحيّفني دهري فأقبلت شاكيا ... لعمري أمأذون لعبدك أن يعنى «4» فإن تتأكد في دمي لك نية ... بسفك «5» فإني لا أحبّ له حقنا» الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1649 إذا ما غدا من حرّ سيفك باردا ... فقدما غدا من برد نعمائكم سخنا وهل هي إلّا ساعة ثم بعدها ... ستقرع ما عمّرت من ندم سنا وما لي من دهري حياة ألذّها ... فتعتدّها نعمى عليّ وتمتنّا إذا ميتة أرضتك منا فهاتها ... حبيب إلينا ما رضيت به عنّا وهي طويلة، وقع عنه الرضى مع وصولها إليه فرجع. [720] علي بن أحمد بن سعيد بن حزم بن غالب بن صالح بن خلف بن سفيان بن يزيد الفارسي مولى يزيد بن أبي سفيان بن حرب بن أمية بن عبد شمس، القرشي الأندلسي الإمام العلامة، يكنى أبا محمد، مات فيما ذكره صاعد بن أحمد الجياني في «كتاب أخبار الحكماء» في سلخ شعبان سنة ست وخمسين وأربعمائة. قال: وكتب إليّ بخط يده أنه ولد بعد صلاة الصبح في آخر يوم من شهر رمضان سنة ثلاث   [720]- ترجمة ابن حزم في جذوة المقتبس، 290 (بغية الملتمس رقم: 1204) والذخيرة 1/1: 167 وطبقات صاعد: 86 والصلة: 395 ومطمح الأنفس: 279 والمغرب 1: 354 والمعجب: 30 وتاريخ الحكماء: 156 وتذكرة الحفاظ: 1146 وعبر الذهبي 3: 239 وسير الذهبي 18: 184 والاحاطة والشذرات 3: 299 والنفح 2: 77، 3: 555 والنجوم الزاهرة 5: 75 ولسان الميزان 4: 198 وفي رسالته طوق الحمامة معلومات كثيرة عنه وعن نشأته وحياته بقرطبة، وانظر صفحات متفرقة من فهرسة ابن خير والعواصم من القواصم لابن العربي وقد استخرج الأستاذ سعيد الأفغاني ترجمته من سير الذهبي ونشرها على حدة، كما قام أبو عبد الرحمن ابن عقيل بجمع تراجمه وأخباره من المصادر القديمة معلقا على ما جاء في كل مصدر (انظر ابن حزم خال ألف عام 1- 4 دار الغرب الاسلامي، بيروت 1982) ؛ وكتبت عنه دراسات حديثة كثيرة منها: دارسة للدكتور عبد الكريم خليفة وأخرى للدكتور طه الحاجري وثالثة للدكتور زكريا إبراهيم ورابعة للدكتور حليم عويس وخامسة لمحمد أبو زهرة وسادسة لسالم يفوت ودراسات بغير العربية في صورة كتب (مثل كتاب أرنالديز) ، ونشر من كتبه عدد غير قليل، وأعيد نشر بعضها مرارا (كما في حال رسالته في الأخلاق؛ وانظر عددا من رسائله بتحقيقي ج 1- 4 (بيروت 1980- 1984) ومن أهم كتبه المطبوعة المحلى (في 11 جزءا) والأحكام في أصول الأحكام (في 8 أجزاء) والفصل (في 5 أجزاء) وحجة الوداع. والتقريب لحد المنطق (نشرته أولا سنة 1959 ثم عدت إلى نشره اعتمادا على نسخة أدق من الأولى، انظر الجزء الرابع من رسائل ابن حزم) والأصول والفروع. والنبذ في الفقه. ومراتب الاجماع. وجوامع السيرة، وغير ذلك. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1650 وثمانين وثلاثمائة وهو ابن اثنتين وسبعين سنة إلا شهرا. قال: وأصل آبائه من قرية منت ليشم من إقليم الزاوية من عمل أونبة من كورة لبلة من غرب الأندلس، وسكن هو وآباؤه قرطبة ونالوا فيها جاها عريضا. وكان أبو عمر أحمد بن سعيد بن حزم أحد العلماء من وزراء المنصور محمد بن أبي عامر ووزراء ابنه المظفر بعده والمدبرين لدولتيهما، وكان ابنه الفقيه أبو محمد وزيرا لعبد الرحمن المستظهر بالله بن هشام بن عبد الجبار بن عبد الرحمن الناصر لدين الله ثم لهشام المعتد بالله بن محمد بن عبد الملك بن عبد الرحمن الناصر، ثم نبذ هذه الطريقة وأقبل على قراءة العلوم وتقييد الآثار والسنن فعني بعلم المنطق وألّف فيه كتابا سماه «كتاب التقريب لحدود المنطق» بسط فيه القول على تبيين طرق المعارف، واستعمل فيه مثلا فقهية وجوامع شرعية، وخالف أرسطاليس واضع هذا العلم في بعض أصوله مخالفة من لم يفهم غرضه ولا ارتاض في كتبه، فكتابه من أجل هذا كثير الغلط بيّن السقط، وأوغل بعد هذا في الاستكثار من علوم الشريعة حتى نال منها ما لم ينله أحد قطّ بالأندلس قبله، وصنّف فيه مصنفات كثيرة العدد شرعية المقصد معظمها في أصول الفقه وفروعه على مذهبه الذي ينتحله وطريقه الذي يسلكه، وهو مذهب داود بن علي بن خلف الأصبهاني ومن قال بقوله من أهل الظاهر ونفاة القياس والتعليل. قال: ولقد أخبرني ابنه الفضل المكنيّ أبا رافع أن مبلغ تواليفه في الفقه والحديث والأصول والنّحل والملل وغير ذلك من التاريخ والنسب وكتب الأدب والردّ على المعارض نحو أربعمائة مجلد تشتمل على قريب من ثمانين ألف ورقة، وهذا شيء ما علمناه لأحد ممن كان في دولة الإسلام قبله إلا لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري فإنه أكثر أهل الإسلام تصنيفا، فذكر ما ذكرناه في ترجمة ابن جرير من أن أيام حياته حسبت وحسبت تصانيفه فكان لكلّ يوم أربع عشرة ورقة. ثم قال: ولأبي محمد ابن حزم بعد هذا نصيب وافر من علم النحو واللغة، وقسم صالح من قرض الشعر وصناعة الخطابة. ذكر أن ابن حزم اجتمع يوما مع الفقيه أبي الوليد سليمان بن خلف بن سعيد بن أيوب الباجي صاحب كتاب «المنتقى» و «الاستغناء» وغيرهما من التواليف، وجرت الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1651 بينهما مناظرة، فلما انقضت قال الفقيه أبو الوليد: تعذرني فإن أكثر مطالعتي كانت على سرج الحرّاس؛ قال ابن حزم: وتعذرني أيضا فإن أكثر مطالعتي كانت على منائر الذهب والفضة، أراد أن الغنى أمنع لطلب العلم من الفقر. قرأت بخطّ أبي بكر محمد بن طرخان بن يلتكين بن بجكم، قال الشيخ الإمام أبو محمد عبد الله بن محمد بن العربي الأندلسي: توفي الشيخ الإمام أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم بقريته، وهي من غرب الأندلس على خليج البحر الأعظم في شهر جمادى الأولى من سنة سبع وخمسين وأربعمائة، والقرية التي له على بعد نصف فرسخ من أونبه يقال له متليجم، وهي ملكه وملك سلفه من قبله. قال: وقال لي أبو محمد ابن العربي: إن أبا محمد ابن حزم ولد بقرطبة، وجده سعيد ولد بأونبه ثم انتقل إلى قرطبة وولي فيها الوزارة [ابنه أحمد] ثم ابنه علي الإمام، وأقام في الوزارة من وقت بلوغه إلى انتهاء سنه ستا وعشرين سنة «1» وقال: إنني بلغت إلى هذا السن وأنا لا أدري كيف أجبر صلاة من الصلوات. قال: قال لي الوزير أبو محمد ابن العربي أخبرني الشيخ الإمام أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم أنّ سبب تعلّمه الفقه أنه شهد جنازة لرجل كبير من إخوان أبيه، فدخل المسجد قبل صلاة العصر والحفل فيه، فجلس ولم يركع، فقال له أستاذه- يعني الذي رباه- باشارة- أن قم فصلّ تحية المسجد فلم يفهم، فقال له بعض المجاورين له: أبلغت هذه السنّ ولا تعلم أن تحية المسجد واجبة؟! وكان قد بلغ حينئذ ستة وعشرين عاما، قال: فقمت وركعت وفهمت إذن إشارة الأستاذ إليّ بذلك؛ قال، فلما انصرفنا من الصلاة على الجنازة إلى المسجد مشاركة للأحياء من أقرباء الميت دخلت المسجد فبادرت بالركوع فقيل لي اجلس اجلس ليس هذا وقت صلاة، فانصرفت عن الميت وقد خزيت ولحقني ما هانت عليّ به نفسي، وقلت للأستاذ، دلني على دار الشيخ الفقيه المشاور أبي عبد الله ابن دحون، فدلّني فقصدته من ذلك المشهد وأعلمته بما جرى فيه، وسألته الابتداء بقراءة العلم واسترشدته فدلّني على «كتاب الموطأ» لمالك بن أنس رضي الله عنه، فبدأت به عليه الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1652 قراءة من اليوم التالي لذلك اليوم، ثم تتابعت قراءتي عليه وعلى غيره نحو ثلاثة أعوام وبدأت بالمناظرة. قال: وقال لي الوزير الإمام أبو محمد ابن العربي: صحبت الشيخ الإمام أبا محمد علي بن حزم سبعة اعوام، وسمعت منه جميع مصنفاته حاشا المجلد الأخير من «كتاب الفصل» وهو يشتمل على ست مجلدات من الأصل الذي قرأنا منه، فيكون الفائت نحو السدس. وقرأنا من «كتاب الإيصال» أربع مجلدات من كتاب الإمام أبي محمد ابن حزم في سنة ست وخمسين وأربعمائة، ولم يفتني من تواليفه شيء سوى ما ذكرته من الناقص وما لم أقرأه من «كتاب الإيصال» ، وكان عند الإمام أبي محمد ابن حزم كتاب الإيصال في أربع وعشرين مجلدة بخطّ يده وكان في غاية الادماج. قال: وقال لي الوزير أبو محمد ابن العربي: وربما كان للإمام أبي محمد ابن حزم شيء من تواليفه ألفه في عير بلده في المدة التي تجوّل فيها بشرق الأندلس فلم أسمعه، ولي بجميع مصنفاته ومسموعاته إجازة منه مرات عدة كثيرة؛ آخر ما كان بخط البجكمي رحمه الله. وأورد له صاحب «المطمح» أشعارا منها: وذي عذل فيمن سباني حسنه ... يطيل ملامي في الهوى ويقول أمن حسن وجه لاح لم تر غيره ... ولم تدر كيف الجسم أنت قتيل فقلت له أسرفت في اللوم فاتئد ... فعندي ردّ لو أشاء طويل ألم تر أني ظاهريّ وأنني ... على ما بدا حتى يقوم دليل وأنشد له: هل الدهر إلّا ما عرفنا وأدركنا ... فجائعه تبقى ولذاته تفنى إذا أمكنت فيه مسرّة ساعة ... تولّت كمرّ الطرف واستخلفت حزنا إلى تبعات في المعاد وموقف ... نودّ لديه أننا لم نكن كنا حصلنا على همّ وإثم وحسرة ... وفات الذي كنّا نلذّ به عنا حنين لما «1» ولّى وشغل بما أتى ... وغمّ لما يرجى فعيشك لا يهنا «2» الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1653 كأنّ الذي كنّا نسرّ بكونه ... إذا حققته «1» النفس لفظ بلا معنى وله: ولي نحو أكناف العراق صبابة ... ولا غرو أن يستوحش الكلف الصبّ فإن ينزل الرحمن رحلي بينهم ... فحينئذ يبدو التأسف والكرب هنالك تدري أن للبعد قصة ... وأنّ كساد العلم آفته القرب وله: لا تشمتن حاسدي إن نكبة عرضت ... فالدهر ليس على حال بمتّرك ذو الفضل كالتبر طورا تحت ميقعة ... وتارة قد يرى تاجا على ملك وله: لئن أصبحت مرتحلا بشخصي ... فروحي عندكم أبدا مقيم ولكن للعيان لطيف معنى ... له سأل المعاينة الكليم ومن شعر أبي محمد ابن حزم: أنا العلق الذي لا عيب فيه ... سوى بلدي وأني غير طاري تقرّ لي العراق ومن يليها ... وأهل الأرض إلا أهل داري طووا حسدا على أدب وفهم ... وعلم ما يشق له غباري فمهما طار في الآفاق ذكري ... فما سطع الدخان بغير نار قال «2» أبو مروان ابن حيان «3» : كان أبو محمد حامل فنون من حديث وفقه وجدل ونسب وما يتعلّق بأذيال الأدب، مع المشاركة في كثير من أنواع التعاليم القديمة من المنطق والفلسفة، وله في بعض تلك الفنون كتب كثيرة، غير أنه لم يخل فيها من غلط وسقط لجراءته في التسوّر على الفنون لا سيما المنطق فانهم زعموا أنه زلّ هنالك وضل في سلوك [تلك] المسالك «4» ، وخالف أرسطاطاليس واضعه مخالفة من لم يفهم الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1654 غرضه ولا ارتاض [في كتبه] . ومال أوّلا النظر به في الفقه إلى رأي محمد بن إدريس الشافعيّ رحمه الله، وناضل عن مذهبه وانحرف عن مذهب سواه حتى وسم به ونسب إليه، فاستهدف بذلك لكثير من الفقهاء وعيب بالشذوذ، ثم عدل في الآخر إلى قول أصحاب الظاهر مذهب داود بن علي ومن اتبعه من فقهاء الأمصار، فنقّحه ونهجه وجادل عنه ووضع الكتب في بسطه وثبت عليه إلى أن مضى لسبيله، رحمه الله. وكان يحمل علمه هذا ويجادل من خالفه فيه، على استرسال في طباعه ومذل بأسراره واستناد إلى العهد الذي أخذه الله على العلماء من عباده لتبيّننّه للنّاس ولا تكتمونه، لم يك يلطّف صدعه بما عنده بتعريض، ولا يزفّه بتدريج، بل يصكّ به معارضه صكّ الجندل، وينشقه متلقيه «1» إنشاق الخردل، فينفر «2» عنه القلوب، ويوقع به الندوب، حتى استهدف إلى فقهاء وقته فتمالأوا على بغضه وردّ أقواله «3» ، فأجمعوا على تضليله وشنعّوا عليه، وحذروا سلاطينهم من فتنته «4» ، ونهوا عوامّهم عن الدنّو إليه والأخذ عنه، وطفق الملوك يقصونه عن قربهم ويسيّرونه عن بلادهم إلى أن انتهوا به [إلى] منقطع أثره بتربة بلده من بادية لبلة، وبها توفي رحمه الله سنة ست وخمسين وأربعمائة، وهو في ذلك غير مرتدع ولا راجع إلى ما أرادوا به، يبثّ علمه فيمن ينتابه من بادية بلده من عامة المقتبسين منهم من أصاغر الطلبة الذين لا يخشون فيه الملامة، يحدّثهم ويفقههم ويدار سهم ولا يدع المثابرة على العلم والمواظبة على التأليف والإكثار من التصنيف حتى كمل من مصنفاته في فنون من العلم وقر بعير لم يعد أكثرها عتبة باديته «5» لتزهيد الفقهاء طلاب العلم فيها حتى لأحرق بعضها باشبيلية ومزّقت علانية، لا يزيد مؤلفها في ذلك إلا بصيرة في نشرها وجدالا للمعاندة «6» فيها، إلى أن مضى لسبيله. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1655 وأكثر معايبه- زعموا- عند المنصف له جهله بسياسة العلم التي هي أعوص من إتقانه «1» ، وتخلفه عن ذلك على قوة سبحه [في] غماره «2» ، وعلى ذلك كلّه فلم يكن بالسليم من اضطراب رأيه ومغيب شاهد علمه عنه عند لقائه إلى أن يحرّك بالسؤال فيفجر منه بحر علم لا تكدّره الدلاء ويقصّر عنه الرّشاء، له على كلّ ما ذكرنا دلائل ماثلة وأخبار مأثورة. وكان مما يزيد في شنآنه تشيعه لأمراء بني أمية، ماضيهم وباقيهم، بالشرق والأندلس، واعتقاده لصحة إمامتهم وانحرافه عن سواهم من قريش حتى نسب إلى النّصب «3» لغيرهم. وقد كان من غرائبه انتماؤه في فارس واتباع أهل بيته له في ذلك بعد حقبة من الدهر تولّى فيها أبوه الوزير المعقّل في زمانه الراجح في ميزانه أحمد بن سعيد بن حزم لبني أمية أولياء نعمته لا عن صحّة ولاية لهم عليه، فقد عهده الناس خامل الأبوة مولّد الأرومة من عجم لبلة جدّه الأدنى حديث الاسلام «4» لم يتقدم لسلفه نباهة، فأبوه أحمد على الحقيقة هو الذي بنى بيت نفسه في آخر الدهر برأس رابية، وعمّده بالخلال الفاضلة من الرجاحة والمعرفة والدهاء والرجولة والرأي، فاغتدى جرثومة سلف لمن نماهم أغنتهم عن الرسوخ في أول السابقة، فما من شرف إلا مسبوق «5» عن خارجية، ولم يكن إلا كلا ولا «6» حتى تخطى عليّ هذا رابية لبلة فارتقى قلعة إصطخر من أرض فارس، فالله أعلم كيف ترقاها إذ لم يكن يؤتى من خطل ولا جهالة، بل وصله بها وسع علم وشجنة «7» رحم معقومة بلّها بمستأخر الصلة، رحمه الله؛ فتناهت حاله مع فقهاء عصره إلى ما وصفته، وحسابه وحسابهم على الله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1656 الذي لا يظلم الناس مثقال ذرة، عزّ وجهه. ولهذا الشيخ أبي محمد مع يهود لعنهم الله ومع غيرهم من أولي المذاهب المرفوضة من أهل الاسلام مجالس محفوظة وأخبار مكتوبة. وله مصنفات في ذلك معروفة من أشهرها في علم الجدل: كتابه المسمى كتاب الفصل بين أهل الآراء والنحل. كتاب الصادع والرادع على من كفّر أهل التأويل من فرق المسلمين والردّ على من قال بالتقليد. وله كتاب في شرح حديث الموطأ والكلام على مسائله. وله كتاب الجامع في صحيح الحديث باختصار الأسانيد والاقتصار على أصحّها واجتلاب أكمل ألفاظها وأصح معانيها. وكتاب التلخيص والتخليص في المسائل النظرية وفروعها التي لا نصّ «1» عليها في الكتاب ولا الحديث. وكتاب منتقى الاجماع وبيانه من جملة ما لا يعرف فيه اختلاف. وكتاب الامامة والسياسة في قسم سير الخلفاء ومراتبها والندب والواجب منها. وكتاب أخلاق النفس. وكتابه الكبير المعروف بالايصال إلى فهم كتاب الخصال. وكتاب كشف الالتباس ما بين أصحاب الظاهر وأصحاب القياس، إلى تواليف غيرها ورسائل في معان شتى كثير عددها. ومن شعره يصف ما أحرق له من كتبه ابن عبّاد قوله: وان تحرقوا القرطاس لا تحرقوا الذي ... تضمنه القرطاس بل هو في صدري يسير معي حيث استقلّت ركائبي ... وينزل إن أنزل ويدفن في قبري دعوني من إحراق رقّ وكاغد ... وقولوا بعلم كي يرى الناس من يدري وإلا فعودوا في المكاتب بدأة ... فكم دون ما تبغون لله من ستر وله: كأنك بالزوّار لي قد تبادروا «2» ... وقيل لهم أودى عليّ بن أحمد فيا ربّ محزون هناك وضاحك ... وكم أدمع تذرى وخدّ مخدد عفا الله عني يوم أرحل ظاعنا ... عن الأهل محمولا إلى ضيق ملحد وأترك ما قد كنت مغتبطا به ... وألقى الذي آنست منه بمرصد الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1657 فوارا حتي إن كان زادي مقدّما ... ويا نصبي إن كنت لم أتزود ويا لبدائع هذا الحبر، على وعورة ما أوضحنا «1» ، على كثرة الدافنين لها والطامسين لمحاسنها، وعلى ذلك فليس ببدع فيما أضيع منه، فأزهد الناس في عالم أهله وقبله أردى العلماء تبريزهم «2» على من يقصر عنهم، والحسد داء لا دواء له؛ (آخر كلام ابن حيان) . ولأبي محمد قصيدة يخاطب بها قاضي الجماعة بقرطبة عبد الرحمن بن بشر «3» يفخر فيها بالعلم ويذكر أصناف ما علم، يقول فيها «4» : أنا الشمس في جوّ السماء منيرة ... ولكنّ عيبي أن مطلعي الغرب ولو أنني من جانب الشرق طالع ... لجدّ على ما ضاع من ذكري النهب ولي نحو أكناف العراق صبابة ... ولا غرو أن يستوحش الكلف الصبّ فإن ينزل الرحمن رحلي فيهم ... فحينئذ يبدو التأسّف والكرب فكم قائل أغفلته وهو حاضر ... وأطلب ما عنه تجيء به الكتب هنالك تدري أن للبعد قصة ... وأن كساد العلم آفته القرب فواعجبا من غاب عنهم تشوقوا ... له ودنوّ المرء من دارهم ذنب وإن مكانا ضاق عنّي لضيّق ... على أنه فيح مذاهبه سهب وإن رجالا ضيعوني لضيّع ... وإن زمانا لم أنل خصبه جدب ولكنّ لي في يوسف خير أسوة ... وليس على من بالنبيّ اتّسى ذنب يقول مقال الحقّ والصدق «إنني ... حفيظ عليم» ما على صادق عتب وله: لا تشتمن حاسدي ..... البيتان الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1658 وله: لئن أصبحت مرتحلا .... البيتان وله مثله: يقول أخي شجاك رحيل جسم ... وروحك ما له عنّا رحيل فقلت له المعاين مطمئنّ ... لذا طلب المعاينة الخليل قال الحميدي وأنشدته قول أبي نواس «1» : عرّضن للذي تحبّ بحبّ ... ثم دعه يروضه إبليس فقل «2» أنت في طريق التحقيق، فقال: أبن قول وجه الحقّ في نفس سامع ... ودعه فنور الحقّ يسري ويشرق سيؤنسه رفقا وينسى نفاره ... كما نسي القيد الموثّق مطلق. [721] علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي ، أبو الحسن: أصلهم من ساوة، وهم أولاد التجار، وكانا أخوين: علي هذا وعبد الرحمن، وكلّ قد روى العلم وحدث. ذكرهما عبد الغافر بن إسماعيل في «السياق» قال: مات أبو الحسن عليّ الواحدي سنة ثمان وستين وأربعمائة، ومات أخوه عبد الرحمن سنة سبع وثمانين   [721]- ترجمة الواحدي في إنباه الرواة 2: 223 وابن خلكان 3: 303 ودمية القصر 2: 1017 والبداية والنهاية 12: 114 وطبقات ابن الجزري 1: 523 ومرآة الجنان 2: 96 وبغية الوعاة 2: 145 وطبقات المفسرين: 23 والشذرات 3: 330 وطبقات السبكي 5: 240 والاسنوي 2: 538 وروضات الجنات 5: 244 والبلغة: 145 وعبر الذهبي 3: 267 وسير الذهبي 18: 339 والنجوم الزاهرة 5: 104 وكتاب السياق لعبد الغافر (المنتخب: 2) ص: 113 (من تواريخ نيسابور) . واشارة التعيين: 209. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1659 وأربعمائة كلاهما بنيسابور. قال عبد الغافر: فأما أبو الحسن فهو الامام المصنف المفسر النحوي أستاذ عصره وواحد دهره، أنفق صباه وأيام شبابه في التحصيل، فأتقن الأصول على الأئمة، وطاف على أعلام الأمة، فتلمذ لأبي الفضل العروضي الأديب، وقرأ النحو على أبي الحسن الضرير القهندزي، وسافر في طلب الفوائد، ولازم مجالس الثعالبي «1» في تحصيل التفسير، وأدرك الزيادي «2» وأكثر عن أصحاب الأصم. وأخذ في التصنيف فجمع كتاب الوجيز «3» . وكتاب الوسيط. وكتاب البسيط، كلّ في تفسير القرآن المجيد، وأحسن كل الاحسان في البحث والتنقير. وله كتاب أسباب النزول» . وكتاب الدعوات والمحصول «5» . وكتاب المغازي. وكتاب شرح [ديوان] المتنبي «6» . وكتاب الإغراب في الاعراب في النحو. وكتاب تفسير النبي صلّى الله عليه وسلّم. وكتاب نفي التحريف عن القرآن الشريف. وقعد للافادة والتدريس سنين، وتخرج به طائفة من الأئمة سمعوا منه وقرأوا عليه وبلغوا محلّ الافادة. وعاش سنين ملحوظا من النظام وأخيه بعين الاعزاز والاكرام، وكان حقيقا بكلّ احترام وإعظام، لولا ما كان فيه من غمزه وإزرائه على الأئمة المتقدمين، وبسطه اللسان فيهم بغير ما يليق بمناصبهم، عفا الله عنا وعنه. قال عبد الغافر: وأجاز لي جميع مسموعاته. ذكره الحسن بن المظفر النيسابوري فقال: أبو الحسن علي بن أحمد الواحدي النيسابوري هو الذي قيل فيه: قد جمع العالم في واحد ... عالمنا المعروف بالواحدي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1660 قال: ومن غرر شعره: أيا قادما من طوس أهلا ومرحبا ... بقيت على الأيام ما هبّت الصّبا لعمري لئن أحيا قدومك مدنفا ... بحبّك صبا في هواك معذبا يظلّ أسير الوجد نهب صبابة ... ويمشي على جمر الغضا متقلبا فكم زفرة قد هجتها لو زفرتها ... على سدّ ذي القرنين أمسى مذوّبا وكم لوعة قاسيت يوم تركتني ... ألاحظ منك البدر حين تغيبا وعاد النهار الطّلق أسود مظلما ... وعاد سنا الإصباح بعدك غيهبا وأصبح حسن الصبر عنّي ظاعنا ... وحدّد نحوي البين نابا ومخلبا فأقسم لو أبصرت طرفي باكيا ... لشاهدت دمعا بالدماء مخضبا مسالك لهو سدّها الوجد والجوى ... وروض سرور عاد بعدك مجدبا فداؤك روحي يا ابن أكرم والد ... ويا من فؤادي غير حبّيه قد أبى وأنشد له: تشوّهت الدنيا وأبدت عوارها ... وضاقت عليّ الأرض بالرّحب والسعه وأظلم في عيني ضياء نهارها ... لتوديع من قد بان عني بأربعه فؤادي وعيشي والمسرة والكرى ... فإن عاد عاد الكلّ والأنس والدعه وقال أبو الحسن الواحدي في مقدمة «البسيط» : وأظنّني «1» لم آل جهدا في إحكام أصول هذا العلم على حسب ما يليق بزماننا هذا وتسعه سنو عمري على قلة أعدادها، فقد وفق الله وله الحمد حتى اقتبست كلّ ما احتجت إليه في هذا الباب من مظانّه، وأخذته من معادنه. أما اللغة فقد درستها على الشيخ أبي الفضل أحمد بن محمد بن عبد الله بن يوسف العروضي رحمه الله، وكان قد خنّق التسعين في خدمة الأدب، وأدرك المشايخ الكبار وقرأ عليهم وروى عنهم، كأبي منصور الأزهري روى عنه «كتاب التهذيب» وغيره من الكتب، وأدرك أبا العباس العامري وأبا القاسم الأسدي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1661 وأبا نصر طاهر بن محمد الوزيري وأبا الحسن الرخّجي، وهؤلاء كانوا فرسان البلاغة وأئمة اللغة، وسمع أبا العباس الأصمّ وروى عنه، واستخلفه الأستاذ أبو بكر الخوارزمي على درسه عند غيبته، وله المصنفات الكبار والاستدراكات على الفحول من العلماء باللغة والنحو، وكنت قد لازمته سنين أدخل عليه عند طلوع الشمس وأخرج لغروبها، أسمع وأقرأ وأعلّق وأحفظ وأبحث وأذاكر أصحابه ما بين طرفي النهار. وقرأت عليه الكثير من الدواوين واللغة حتى عاتبني شيخي رحمه الله يوما وقال: إنك لم تبق ديوانا من الشعر إلا قضيت حقه، أما آن لك أن تتفرّغ لتفسير كتاب الله العزيز تقرأه على هذا الرجل الذي يأتيه البعداء من أقصى البلاد وتتركه أنت على قرب ما بيننا من الجوار- يعني الأستاذ الامام أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي، فقلت: يا أبت إنما أتدرج بهذا إلى ذلك الذي تريد، وإذا لم أحكم الأدب بجدّ وتعب، لم أرم في غرض التفسير من كثب، ثم لم أغبّ زيارته يوما من الأيام، حتى حال بيننا قدر الحمام. وأما النحو فإني لما كنت في ميعة صباي وشرخ شبيتي وقعت إلى الشيخ أبي الحسن علي بن محمد بن إبراهيم الضرير، وكان من أبرع أهل زمانه في لطائف النحو وغوامضه، وأعلمهم بمضايق طرق العربية وحقائقها، ولعله تفرّس فيّ وتوسّم الخير لديّ، فتجرّد لتخريجي، وصرف وكده إلى تأديبي، ولم يدّخر عني شيئا من مكنون ما عنده حتى استأثرني بأفلاذه، وسعدت به أفضل ما سعد تلميذ بأستاذه، وقرأت عليه جوامع النحو والتصريف والمعاني، وعلقت عنه قريبا من مائة جزء في المسائل المشكلة، وسمعت منه أكثر مصنفاته في النحو والعروض والعلل، وخصّني بكتابه الكبير في «علل القراءة المرتبة في كتاب الغاية» لابن مهران. ثم ورد علينا الشيخ أبو عمران المغربي المالكي، وكان واحد دهره وباقعة عصره في علم النحو، لم يلحق أحد ممن سمعنا شأوه في معرفة الاعراب، ولقد صحبته مدة في مقامه عندنا حتى استنزفت غرر ما عنده. وأما القرآن وقراءات أهل الأمصار واختيارات الأئمة فإني اختلفت إلى الأستاذ أبي القاسم علي بن أحمد البستي رحمه الله، وقرأت عليه القرآن ختمات كثيرة لا تحصى، حتى قرأت عليه أكثر طريقة الأستاذ أبي بكر أحمد بن الحسين بن مهران، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1662 ثم ذهبت إلى الامامين أبي عثمان سعيد بن محمد الحيري وأبي الحسن علي بن محمد الفارسي، وكانا قد انتهت إليهما الرياسة في هذا العلم وأشير إليهما بالأصابع في علوّ السن ورؤية المشايخ وكثرة التلامذة وغزارة العلوم وارتفاع الأسانيد والوثوق بها، فقرأت عليهما وأخذت من كلّ واحد منهما حظا وافرا بعون الله وحسن توفيقه. وقرأت على الأستاذ سعيد مصنفات ابن مهران، وروى لنا كتب أبي علي الفسوي عنه، وقرأت عليه بلفظي كتاب الزجاج بحقّ روايته عن ابن مقسم عنه، وسمع بقراءتي الخلق الكثير. ثم فرغت للأستاذ أبي إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي رحمه الله وكان حبر العلماء بل بحرهم، ونجم الفضلاء بل بدرهم، وزين الأئمة بل فخرهم، وأوحد الأمة بل صدرهم. وله التفسير الملقب ب «الكشف والبيان عن تفسير القرآن» الذي رفعت به المطايا في السهل والأوعار، وسارت به الفلك في البحار، وهبت هبوب الريح في الأقطار: فسار مسير الشمس في كلّ بلدة ... وهبّ هبوب الريح في البرّ والبحر وأصفقت عليه كافّة الأمة على اختلاف نحلهم، وأقرّوا له بالفضيلة في تصنيفه ما لم يسبق إلى مثله، فمن أدركه وصحبه علم أنه منقطع القرين، ومن لم يدركه فلينظر في مصنفاته ليستدلّ بها أنه كان بحرا لا ينزف، وغمرا لا يسبر. وقرأت عليه من مصنفاته أكثر من خمسمائة جزء منها تفسيره الكبير وكتابه المعنون ب «الكامل في علم القرآن» وغيرهما. ولو أثبتّ المشايخ الذين أدركتهم واقتبست عنهم هذا العلم من مشايخ نيسابور وسائر البلاد التي وطئتها طال الخطب، وملّ الناظر. وقد استخرت الله العظيم في جمع كتاب أرجو أن يمدّني الله فيه بتوفيقه مشتمل على ما نقمت على غيري إهماله، ونعيت عليه إغفاله، لا يدع لمن تأمله حارّة في صدره حتى يخرجه عن ظلمة الريب والتخمين، إلى نور العلم واليقين، هذا بعد أن يكون المتأمل مرتاضا في صنعة الأدب والنحو، مهتديا بطرق الحجاج، قارحا في سلوك المنهاج، فأما الجذع المرخى من المقتبسين، والريّض الكزّ «1» من المبتدئين، فإنه مع هذا الكتاب كمزاول غلقا ضاع الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1663 عنه المفتاح، ومتخبط في ظلماء «1» ليل خانه المصباح: يحاول فتق غيم وهو يأبى ... كعنّين يريد نكاح بكر ثم قال بعد كلام: ثم إن هذا الكتاب عجالة الوقت، وقبسة العجلان، وتذكرة يستصحبها الرجل حيث حلّ وارتحل، وان أنسىء الأجل، وأرخي الطّول، وأنظرني الليل والنهار، حتى يتلفع بالمشيب العذار، أردفته بكتاب أنضجه بنار الرويّة، وأردّده على رواق الفكرة، وأضمنه عجائب ما كتبته ولطائف ما جمعته، وعلى الله المعوّل في تيسير «2» ما رمت، وله الحمد كلما قعدت أو قمت. [722] علي بن أحمد الفنجكردي: وفنجكرد قرية من قرى نيسابور على حدّ الدرب؛ كان أديبا فاضلا ذكره الميداني في خطبة «كتاب السامي» «3» وأثنى عليه، ومات سنة اثنتي عشرة وخمسمائة عن ثمانين سنة. وذكره البيهقي في «الوشاح» فقال: الامام علي بن أحمد الفنجكردي الملقب بشيخ الأفاضل أعجوبة زمانه وآية أقرانه وشيخ الصناعة والممتطي غوارب البراعة. وذكره عبد الغافر الفارسيّ فقال: علي بن أحمد الفنجكردي الأديب البارع صاحب النظم والنثر الجاريين في سلك السلاسة، قرأ اللغة على يعقوب بن أحمد الأديب وغيره وأحكمها وتخرج فيها، وأصابته علة لزمته في آخر عمره، ومات بنيسابور في ثالث عشر رمضان سنة ثلاث عشرة وخمسمائة. قال البيهقي: وأنشدني لنفسه:   [722]- ترجمة الفنجكردي في السياق (المنتخب الأول) : 71 والانساب (دمج) 9: 334 وبغية الوعاة 2: 148 وأورد له عبد الغافر مقطعات في مدح الحديث. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1664 زماننا ذا زمان سوء ... لا خير فيه ولا صلاحا هل يبصر الملبسون فيه ... لليل أحزانهم صباحا وكلهم منه في عناء ... طوبى لمن مات فاستراحا وله: ولّى الشباب بحسنه وبهائه ... وأتى المشيب بنوره وضيائه الشيب نور للفتى لكنه ... نور مهيب مؤذن بفنائه فالهج بذكر الله وارض بحكمه ... لا روح للفقراء دون لقائه وله: الحكم لله ما للعبد منقلب ... إلا إليه ولا عن حكمه هرب والمرء ما عاش في الدنيا أخو محن ... تصيبه الحادثات السود والنوب فإن يساعده في أثنائها فرج ... تسارعت نحوه في إثره كرب حتى إذا ملّ من دنياه فاجأه ... في أرضه كان أو في غيرها العطب. [723] علي بن أحمد بن محمد بن الغزّال النيسابوري أبو الحسن: ذكره عبد الغافر في «السياق» فقال: مات في شعبان سنة ست عشرة وخمسمائة ووصفه فقال: الامام المقرىء الزاهد العامل، من وجوه أئمة القراءة المشهورين بخراسان والعراق. العارف بوجوه القراءات واختلاف الروايات، الامام في النحو وما يتعلق به من العلل، وإليه الفتوى فيه، عهدناه شابّا كثير الاجتهاد مقبلا على التحصيل ملازما لأستاذ أبي نصر الرامشي المقرىء حتى تخرج به فزاد عليه في الفقه والورع وقصر اليد عن الدنيا، ولزم طريق العبادة وطريق التصوف والزهد حتى كان يقصد من البلاد ويستفاد منه، وقلّ ما كان يخرج من بيته إلا في الجنائز ثم اختلّ بصره في آخر عمره، ثم   [723]- ترجمة الغزال في السياق (المنتخب الأول) : 72 وبغية الوعاة 2: 146. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1665 أصابه مرض طويل فبقي فيه مدة إلى أن سقطت قوته وضعف وأدركه قضاء الله عديم النظير فمات. وله تصانيف مفيدة في النحو والقراءات. سمع [من] الحفصي وأحمد بن منصور بن خلف المغربي. [724] علي بن أحمد بن بكري- وقيل علي بن عمر بن أحمد بن عبد الباقي بن بكري- أبو الحسن خازن دار الكتب بالنظامية: مات في ثامن عشري شهر رمضان سنة خمس وسبعين وخمسمائة، ودفن في الوردية، ولم يعقب، وكان من أهل باب الأزج. له معرفة جيدة بالأدب، قرأ النحو على أبي السعادات ابن الشجري، وقرأ اللغة على أبي منصور الجواليقي وغيره، وكان فاضلا عارفا حسن الأمر مليح الخطّ جيد الضبط، قد كتب من كتب الأدب الكثير الذي يفوت الحصر. [725] علي بن بريد أبو دعامة القيسي «1» أبو الحسن: أحد الكبراء من الأدباء الرواة النبلاء، مات [ ... ] ذكره الأمير أبو نصر فقال: وعلي بن بريد أبو دعامة القيسي صاحب أدب، وهو بكنيته مشهور، وله أخبار كثيرة، روى عن أبي نواس وأبي العتاهية، روى عنه ابن أبي طاهر وعون بن محمد الكندي وغيرهما «2» .   [724]- لم أجد له ترجمة. [725]- الفهرست: 53 (وقال فيه: علامة راوية وأصله من البادية، أطال المقام بالحضر وانقطع إلى البرامكة، وله من الكتب: كتاب الشعر والشعراء) والاكمال لابن ماكولا 1: 229 وانباه الرواة 4: 117. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1666 [726] علي بن بسام أبو الحسن: من أهل الأندلس، له كتاب الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة، يعني جزيرة الأندلس، في سبعة أسفار. [727] علي بن ثروان بن الحسن الكندي أبو الحسن ، وهو ابن عم تاج الدين أبي اليمن زيد بن الحسن الكندي شيخنا. ذكره العماد في «الخريدة» قال: وأصله من الخابور، قال: ورأيته بدمشق مشهودا لفضله بالوفور، مشهورا بالمعرفة بين الجمهور، موثوقا بقوله، مصبوحا مغبوقا من نور الدين بطوله. وكان أديبا فاضلا، أريبا كاملا، قد أتقن اللغة وقرأ الأدب على أبي منصور ابن الجواليقي وغيره من معاصريه، وله شعر كثير. قال: ولم يقع إليّ ما أشدّ يد الانتقاد عليه. ومات بدمشق بعد سنة خمس وستين وخمسمائة، وكان قد قصد الأمير حجي بن عبيد الله بالزبداني «1» فلم يجده وكتب على بابه هذين البيتين «2» : حضر الكنديّ مغناكم فلم ... يركم من بعد كدّ وتعب لو رآكم لتجلّى همّه ... وانثنى عنكم بحسن المنقلب   [726]- لم تهتم كتب التراجم بإفراد ترجمة له، ما عدا المغرب لابن سعيد 1: 417، وتستفاد بعض المعلومات عنه من كتابه الذخيرة (وقد أتممت تحقيقه في ثمانية أجزاء 1975- 1980) فهو شنتريني هاجر من بلده على أثر فتنة، واستوطن اشبيلية، وبدأ يجمع مادة كتابه في حدود سنة 493 واستمر على ذلك سنوات، وكانت وفاته سنة 542، وفي الذخيرة نماذج من نثره وشعره. وللأستاذ علي بن محمد المدرس بجامعة الجزائر كتاب عنه بعنوان: ابن بسام الأندلسي وكتاب الذخيرة (الجزائر 1989) . [727]- ترجمته في الخريدة (قسم الشام) 1: 310- 312 وذيل تاريخ بغداد 17: 230 ومختصر ابن الدبيثي 3: 120 وانباه الرواة 2: 235 وذيل ابن رجب 1: 313 وبغية الوعاة 2: 152 وروضات الجنات 5: 253 والشذرات 4: 216. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1667 وله من قصيدة: هتك الدمع بصوب هتن «1» ... كلّ ما أضمرت من سرّ خفي يا أخلائي على الخيف أما ... تتقون الله في حثّ المطي. [728] علي بن جعفر الكاتب، أبو الحسن الفارسي الكاتب النحوي الشاعر: قال الحاكم في «كتاب نيسابور» وكان من أعيان الأدباء، ومن أهل العلم، علّقت عنه من كلامه ولم أعرفه بالرؤية «2» ؛ سكن نيسابور. قال الحاكم: سمعت أبا الحسن الفارسي يقول: إن اللئيم إذا لم يصطنع تجنّى كما أنشدونا لعلي بن الجهم «3» : وخافوا أن يقال لهم خذلتم ... أخاكم فادّعوا قدم الجفاء قال: سمعت أبا الحسن الكاتب يقول: كتب حميد بن مهران إلى أبي أيوب الهاشمي يستزيره: أقيك الردى يا قريع الورى ... ومن حلّ من هاشم في الذرى ويفديك من ودّه في المغيب ... إذا امتحن الودّ واهي القوى وصالك يعدل صدق الرجاء ... وصفو المدام وطعم الكرى فقد تاقت النفس من وامق ... إلى أن يراك فماذا ترى؟   [728]- ترجمته في انباه الرواة 2: 239 وبغية الوعاة 2: 154. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1668 [729] علي بن جعفر بن علي السعدي ، يعرف بابن القطّاع الصقلي، وكان مقيما بالقاهرة من مصر يعلّم ولد الأفضل ابن أمير الجيوش بدر الجمالي وزير المتلقب بالآمر بالله الذي كان بمصر متغلّبا. ومات ابن القطاع سنة أربع عشرة وخمسمائة بمصر ومولده سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة، وكان إمام وقته ببلده وبمصر في علم العربية وفنون الأدب. قرأ على أبي بكر محمد بن البر الصقلي، وكان مما روى عنه «كتاب الصحاح» لإسماعيل بن حماد الجوهري، ومن طريقه اشتهرت رواية هذا الكتاب في جميع الآفاق. ولابن القطاع عدة تصانيف منها: كتاب الدرّة الخطيرة في شعراء الجزيرة يعني جزيرة صقلية، اشتملت على مائة وسبعين شاعرا وعشرين ألف بيت شعر «1» . وكتاب الأسماء في اللغة جمع فيه أبنية الأسماء كلها. وكتاب الأفعال هذّب فيه أفعال ابن القوطية وأفعال ابن طريف وغيرهما في ثلاث مجلدات «2» . وله حواش على كتاب الصحاح نفيسة وعليها اعتمد أبو محمد ابن بريّ النحوي المصري في ما تكلم عليه من حواشي الصحاح. وكتاب فرائد الشذور وقلائد النحور في الأشعار. وكتاب العروض والقوافي. وكتاب ذيل تاريخ صقلية. وكتاب الأبنية، أبنية الأسماء والأفعال. ولابن القطاع أشعار ليست على قدر علمه ومن أجودها قوله: إياك أن تدنو من روضة ... بوجنتيه تنبت الوردا واحذر على نفسك من قربها ... فإنّ فيها أسدا وردا   [729] ترجمة ابن القطاع الصقلي في الخريدة (قسم المغرب) 1: 51 وانباه الرواة 2: 236 وابن خلكان 3: 322 ومرآة الجنان 2: 212 ومرآة الزمان 8: 56 وبغية الوعاة 2: 153- 154 وحسن المحاضرة 1: 532 والبلغة: 151 والشذرات 4: 45 وروضات الجنات 5: 248 ولسان الميزان 4: 209 وصفحات من المكتبة الصقلية؛ واشارة التعيين: 203. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1669 ومنه: ألا إنّ قلبي قد تضعضع للهجر ... وقلبي من طول الصدود على الجمر تصارمت الأجفان منذ صرمتني ... فما تلتقي إلا على دمعة تجري ومنه: يا ربّ قافية بكر نظمت بها ... في الجيد عقدا بدرّ المجد قد رصفا يودّ سامعها لو كان يسمعها ... بكلّ أعضائه من حسنها شغفا. [730] علي بن الحسن الأحمر صاحب الكسائي: قال الجعابي، قال محمد بن يحيى الصولي: الأحمر أبو الحسن علي بن الحسن مؤدب الأمين لم يصر إلى أحد قطّ من التأديب ما صار إليه. وقال محمد بن داود: الأحمر اسمه علي بن المبارك. ومات الأحمر فيما ذكره الصولي عن أحمد بن فرج قال سمعت أبا سعيد الطوال يقول: مات الأحمر قبل الفرّاء بمدة، قال: أحسبه سنة أربع وتسعين ومائة ومات الفرّاء سنة أربع ومائتين. وحدث المرزباني قال: روى عبد الله بن جعفر عن علي بن مهدي الكسروي عن ابن قادم صاحب الكسائي قال: كان الأحمر صاحب الكسائي رجلا من الجند من رجّالة النّوبة على باب الرشيد، وكان يحبّ علم العربية، ولا يقدر على مجالس الكسائي إلا في أيام غير نوبته، وكان يرصد مصير الكسائي إلى الرشيد ويعرض له في طريقه كلّ يوم، فإذا أقبل تلقاه وأخذ بركابه ثم أخذ بيده وماشاه إلى أن يبلغ الستر، وساءله في طريقه عن المسألة بعد المسألة، فإذا دخل الكسائي رجع إلى مكانه، فإذا خرج الكسائي من الدار تلقاه إلى الستر وأخذ بيده، وما شاه يسائله «1» حتى يركب   [730]- ترجمة الأحمر صاحب الكسائي في نور القبس: 301 وانباه الرواة 2: 313 وتاريخ بغداد 12: 104 وطبقات الزبيدي: 134 وسير الذهبي 9: 92 وبغية الوعاة 2: 158 (وفيه نقل عن ياقوت) ويرد في معظم المصادر باسم: علي بن المبارك الأحمر. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1670 ويجاوز المضارب، ثم ينصرف إلى الباب. فلم يزل كذلك يتعلم المسألة بعد المسألة حتى قوي وتمكن، وكان فطنا حريصا، فلما أصاب الكسائيّ الوضح في وجهه وبدنه كره الرشيد ملازمته أولاده، فأمر أن يرتاد لهم من ينوب عنه ممن يرتضي به وقال: إنك قد كبرت ونحن نحبّ أن نودّعك، ولسنا نقطع عنك جاريك، فجعل يدافع بذلك ويتوقّى أن يأتيهم برجل فيغلب على موضعه، إلى أن ضيّق عليه الأمر وشدّد، وقيل له إن لم تأتنا أنت من أصحابك برجل ارتدنا نحن لهم من يصلح، وكان قد بلغه أن سيبويه يريد الشخوص إلى بغداد والأخفش، فقلق لذلك، ثم عزم على أن يدخل إلى أولاد الرشيد من لا يخشى ناحيته، ومن ليس ممن اشتد من أصحابه، فقال للأحمر: هل فيك خير؟ قال: نعم، قال: قد عزمت أن أستخلفك على أولاد الرشيد، فقال الأحمر: لعلي لا أفي بما يحتاجون إليه، فقال الكسائي: إنما يحتاجون في كلّ يوم إلى مسألتين في النحو وثنتين من معاني الشعر وأحرف من اللغة، وأنا ألقنك في كلّ يوم قبل أن تأتيهم ذلك فتتحفظه وتعلّمهم، فقال: نعم، فلما ألحّوا عليه قال: قد وجدت من أرضاه، وإنما أخّرت ذلك حتى وجدته، وأسماه لهم. فقالوا له: إنما اخترت لنا رجلا من رجال النّوبة ولم تأت بأحد متقدّم في العلم، فقال: ما أعرف أحدا في أصحابي مثله في الفهم والصيانة، ولست أرضى لكم غيره، فأدخل الأحمر إلى الدار وفرش له البيت الذي [يؤدّب] فيه بفرش حسن، وكان الخلفاء إذا أدخلوا مؤدّبا إلى أولادهم فجلس أول يوم أمروا بعد قيامه بحمل كلّ ما في المجلس إلى منزله مع ما يوصل به ويوهب له، فلما أراد الأحمر الانصراف إلى منزله دعي له بحمالين فحمل معه ذلك كله مع بزّ كثير، فقال الأحمر: والله ما يسع بيتي هذا، وما لنا إلا غرفة ضيقة، ليس فيها من يحفظه غيري، في بعض الخانات، وإنما يصلح مثل هذا لمن له دار وأهل وكلّ شيء يشاكله، فأمر بشراء دار له وجارية، وحمل على دابة، ووهب له غلام، وأقيم له جار ولمن عنده. فجعل يختلف إلى الكسائي كلّ عشية ويتلقّن ما يحتاج إليه أولاد الرشيد ويغدو عليهم فيلقّنهم، وكان الكسائي يأتيهم في الشهر مرة أو مرتين فيعرضون عليه بحضرة الرشيد ما علّمهم الأحمر، ويرضاه، فلم يزل الأحمر كذلك حتى صار نحويّا وجلّت حاله وعرف بالأدب حتى قدّم على سائر أصحاب الكسائي، ولم يكن له قبل ذلك ذكر ولا يعرف. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1671 وحدث محمد بن الجهم السمري قال: كنا إذا أتينا الأحمر تلقانا الخدم فندخل قصرا من قصور الملوك فيه من فرش الشتاء في وقته ما لم يكن مثله إلا في دار أمير المؤمنين، ويدفع إلينا دفاتر الكاغد والجلود قد صقلت والمحابر المخروطة والأقلام والسكاكين، ويخرج إلينا وعليه ثياب الملوك تنفح منها رائحة المسك والبخور، فيلقانا بوجه منطلق وبشر حسن، حتى ننصرف ونصير إلى الفرّاء، فيخرج إلينا معبّسا قد اشتمل بكسائه، فيجلس لنا على بابه ونجلس في التراب بين يديه، فيكون أحلى في قلوبنا من الأحمر وجميل فعله. وحدث سلمة قال: كان الأحمر قد أملى على الناس شواهد النحو، فأراد الفرّاء أن يتممها فلم يجتمع له أصحاب الكسائي كما اجتمعوا للأحمر، فقطع ولم يعرض له. قال عبد الله بن جعفر: أخبرنا غير واحد عن سلمة بن عاصم صاحب الفرّاء قال: كان بين الفرّاء والأحمر تباعد وجفاء، فحجّ الأحمر فمات في طريق مكة، فقيل للفراء: إن الأحمر قد نعي إلى أهله، فاسترجع وتوجّع وترحّم عليه وجعل يقول: أما والله لقد علمته صدوقا سخيا ذكيّا عالما ذا مروءة ومودة، رضي الله عنه، فقيل له أين هذا مما كنت تقول فيه بالأمس؟ قال: والله ما يمنعني ما كان بيني وبينه أن أقول فيه الحقّ، وما تعديت فيه قط في قول ولا تحريت فيه إلا الصدق قبل وإلى الآن. وأنشد إسحاق الموصلي قال: أنشدني الأحمر غلام الكسائي لنفسه: وفتيان صدق دعوا للندى ... رياض السرور بأرض الطرب وهي أربعة أبيات. قال: وقرأت له أيضا أبياتا يسيرة ضعيفة. وقال أبو محمد اليزيدي يهجو الكسائي والأحمر: أفسد النحو الكسائيّ ... وثنّى ابن غزاله وأرى الأحمر تيسا ... فاعلفوا التيس النخاله وقال ثعلب: كان الأحمر يحفظ الأربعين ألف بيت شاهد في النحو سوى ما كان يحفظ من القصائد، وكان مقدّما على الفرّاء في حياة الكسائي، وله من التصانيف: كتاب التصريف. كتاب تفنن البلغاء. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1672 [731] علي بن الحسن الهنائي المعروف بكراع النمل: منسوب إلى هناءة بن مالك بن فهم بن غنم بن دوس بن عدثان بن عبد الله بن زهران بن كعب بن الحارث بن كعب بن عبد الله بن مالك بن نصر بن الأزد، أبو الحسن اللغوي، مات [ ... ] . وجدت خطه على «المنضّد» من تصنيفه وقد كتبه في سنة سبع وثلاثمائة متقدم العصر في أيام ابن دريد. ذكره محمد بن إسحاق النديم فقال: هو من أهل مصر، وكان كوفيا وأخذ عن البصريين ويعرف بالرؤاسي «1» ، قبيلة من الأزد. وكتبه بمصر موجودة مرغوب فيها. وقال غيره: له من التصانيف «كتاب المنضد» أورد فيه لغة كثيرة مستعملة وحوشية، ورتبه على حروف ألف باء تاء ثاء إلى آخر الحروف، ثم اختصره في كتاب المجرد، ثم اختصره في كتاب المنجد. وله كتاب أمثلة الغريب على أوزان الأفعال أورد فيه غريب اللغة. وكتاب المصحف. وكتاب المنظم. [732] علي بن الحسن بن فضيل بن مروان: فارسيّ الأصل، ذكره محمد بن إسحاق النديم وقال: له من الكتب كتاب الأصنام وما كانت العرب والعجم تعبد من دون الله تعالى الله عزّ وجلّ.   [731]- ترجمة كراع النمل في الفهرست: 91- 92 وإنباه الرواة 2: 240 وبغية الوعاة 2: 158 وإشارة التعيين: 215. [732]- الفهرست: 138 واسمه أبو الحسن علي بن فضيل بن مروان (وفي ك: مزون) . الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1673 [733] علي بن الحسن بن عبد الرحمن المقرىء: ذكره محمد بن جعفر التميمي المعروف بابن النجار في «تاريخ الكوفة» فقال: وانتهى تاريخ قراءة عاصم إلى الطبقة الثامنة، وهو علي بن الحسن بن عبد الرحمن المقرىء، وكان شيخا مباركا تلقّن عليه خلق عظيم، وحدثني أبو الحسن ابن سعيد قال: كان يحضر مجلسه فوق ألف نفس في كلّ يوم، وكان السبق من العصر يبيت الناس للسبق، وحفّظ خلقا عظيما القرآن. وآخر من شاهدنا منهم أبو العباس محمد بن الحسن بن يونس الهذلي «1» . وكان عجيب المعنى لفاظا بالقرآن متمكّنا من اللسان، وقد قرأ بالسبعة من عدة وجوه، وقرأ بالشواذ وعليه قرأ بالشواذ أبو الحسين بن أبي بلال البندار، وهو ألّف قراءة علي بن حسن أحسن تأليف وصنّفها أتقن تصنيف. ومن رجال علي بن الحسن أبو العباس المعروف بابن المزرفي المخزومي الخراز، وكان أحد الأبدال الزهاد. وختم عليه خلق عظيم منهم أبو الحسن ابن السمسماني المعدل. [734] علي بن الحسن، يلقب بابن الماشطة الكاتب، يكنى أبا الحسن: ذكره محمد بن إسحاق وقال: يلقب بابن الماشطة ظلما، كان في أيام المقتدر، وله صناعة في الخراج وتقدم في الحساب، وله من التصانيف: كتاب جواب المعنت. كتاب الخراج لطيف. كتاب تعليم نقض «2» المؤامرات.   [733]- طبقات ابن الجزري 1: 530 (رقم 2189) . [734]- الفهرست: 150 وفيه «ولقبه المظلوم بابن الماشطة» وفي تعليقات مرغوليوث أن «المظلوم» هو الخليفة المقتدر. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1674 قال المرزباني: أبو الحسن علي بن الحسن بن الماشطة الكاتب أحد مشايخ الكتاب المتصرفين في أعمال السلطان، العالمين بأمور الكتبة والخراج، ورأيته شيخا كبيرا بعد العشر والثلاثمائة وجاوز التسعين، وقال: إذا عمر الإنسان تسعين حجة ... فأبلغ به عمرا وأجدر به شكرا لأنّ رسول الله قد قال معلنا ... ألا إنّ ربي واعد مثله غفرا وقال وكان قد عزل عن عمل كان إليه وحبس: قالوا حبست فقلت الحبس لا عجب ... حبس الكرامة لا حبس الجنايات حبس العمالة بعد العزل عادتنا ... ريث التتبع أو رفع الجماعات وله: إذا ضاق صدري بالحديث أفضته ... إلى الأخ والإخوان كي أجد الرشدا فان كتموه كان حزما مؤيدا ... وإن أظهروه لم أخن لهم عهدا وقلت اشتركنا في الخطايا بذكره ... فألزمتها نفسي لأنّ لها المبدا قال أبو علي التنوخي: حدثني أبو الحسين علي بن هشام، سمعت علي بن الحسن الكاتب المعروف بابن الماشطة، وهو صاحب الكتاب المعروف ب «جواب المعنت» في الكتابة، وعاش حتى بلغ مائة سنة، وكان قد تقلد مكان أبي في أيام حامد لما غلب عليّ بن عيسى على الأمور، قال: سمعت الفضل بن مروان وزير المنتصر بالله ابن المتوكل وذكر خبرا. وقال في موضع آخر «1» : حدثني أبو الحسن الكاتب المعروف بابن الماشطة، وكان يتقلّد قديما العمالات، ثم صار من شيوخ الكتاب، وتقلد في أيام حامد بن عباس ديوان بيت المال. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1675 [735] علي بن الحسن بن محمد بن يحيى: يعرف بعلّان المصري، ذكره أبو بكر الزبيدي في كتابه فقال: كان نحويا من ذوي النظر والتدقيق في المعاني، وكان قليل الحفظ لأصول النحو، فإذا حفظ الأصل تكلّم عليه فأحسن وجوّد في التعليل ودقق القول ما شاء، مات في شوال سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة. [736] علي بن الحسن بن حبيب اللغوي، أبو الحسن الصقلي: ذكره ابن القطاع فقال: أحد رجال اللغة المعدودين والعلماء بها المبرّزين، وممن تناول المدى البعيد بقرب فهم، وأوضح المبهمات بنور علم، وكان مضطلعا بنقد الشعر ومعانيه، ناهضا بأعباء الغريب ومبانيه، فمن شعره قوله: أهاب الكأس أشربها وإني ... لأجرأ من أسامة في النزال أراوغها مراوغة كأنّي ... ألاقي عند ذاك شبا العوالي. [737] علي بن الحسن بن حسول، أبو القاسم: من كلام ابن حسول رقعة كتبها إلى الصاحب ابن عباد يسترضيه في شيء وجده عليه: مولانا الصاحب الأجلّ كافي الكفاة كالبحر يتدفّق، والعارض يتألّق، فلا عتب على من لا يرويه سيب غواديه أن يستشرف للرائحات الرواعد من طوله فيشيم بوارقها ويستمطر سحابها، والله تعالى يديم إحياء الخلق بصوب حيائه، وديم أنوائه، والمنهلّة من فتوق سمائه، وكان غاية   [735]- طبقات الزبيدي: 222 وبغية الوعاة 2: 157. [736]- سمّاه القفطي في إنباه الرواة 2: 255 علي بن حبيب؛ وكنيته في بغية الوعاة 2: 155 أبو الفضل (مع أنه ينقل عن ياقوت) وقد وردت ترجمته نقلا عن الدرة الخطيرة في المنتخل من الدرة لأبي إسحاق ابن أغلب (الترجمة التاسعة عشرة) . [737]- انظر ترجمة ابنه في تتمة اليتيمة 1: 107 «محمد بن علي بن الحسين» ففيها ذكر لأبي القاسم وبعض نثره. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1676 ما رجّاه خادمه وتمنّاه أن يسلم على بلايا أحدقت به، ومنايا حدّقت إليه، وأجل نازل أمله، وسيف صقيل تلمّظ له، وحين كفاه مولانا من ذلك ما كفاه آخذا بيديه، وباسطا جناح رحمته عليه، طالبته نفسه بتوقيعه العالي، ليتوقّى به وقائع الليالي، فتصدق أدام الله تمكينه عليه بتوقيعين في مدة أسبوعين، وأنقذاه مغمورا، وأنشراه مقبورا، وقد أبطرته الآن النعمة، ونزت به البطنة، وأطمعته في توقيع ثالث فطمع وأصدر كتابه هذا وانتظر، فإن رأى مولانا أن يحقّق رجاءه، ويستغنم دعاءه، ودعاء من وراءه، فعل إن شاء الله عز وجل. فوقّع الصاحب على ظهرها: سيدي أبو القاسم أيده الله قدّم حرمة وأتبع عثرة وأظهر إنابة فاستحقّ إقالة فعاد حقّه طريّا كأن لم يخلق، وظنّه قويا كأن لم يخفق، ولو حضر لأظهرت ميسم الرضى عليه، بما أصرفه من مزيد البسطة إليه، وإذ قد غبت فأنت لي يد حقّ ولسان صدق، فنب في ذلك منابا يمحو آثار السّخط حتى كأن لم تشهد، ويرحض أخبار العتب كأن لم تعهد؛ هذا وأحسب توقيعي كافيا فيما أمّله، ومغنيا فيما أناله أمله، إن شاء الله عزّ وجل. [738] علي بن الحسن القهستاني، أبو بكر العميد: أحد من أشرقت بنور الآداب شمسه، وتقدم- وإن تأخر زمانه- بالفضل يومه وأمسه، وسما بفضل أدبه كلّ أفاضل جنسه، مشهور في أهل خراسان مذكور معروف بينهم لا يجهل قدره، ولا يطمس بدره. وكان قد اتصل في أيام السلطان محمود بن سبكتكين بولده محمد بن محمود «1» في أيام أبيه لما قلده الخوزستان «2» ، وكان يميل إلى علوم الأوائل ويدمن النظر   [738]- علي بن الحسن القهستاني: التقى به الباخرزي سنة 435 وهو على أشراف خراسان ومدحه (انظر الدمية 2: 778- 791) . الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1677 في الفلسفة، فقدح في دينه ومقت لذلك. وكان كريما جوادا ممدّحا، ولي الولايات الجليلة، وله أشعار فائقة ورسائل رائقة. وكان كثير المزاح راغبا في اللهو والمراح، له في ذلك خاطر وقّاد وحكايات متداولة، وقد دوّنت رسائله وشاعت فضائله، وكان يدمن المزاح حتى في مجلس نظره، وكان يعاتب على ذلك فلا يدعه لغلبة طبعه عليه، وكان قد تولّى العرض، فجرى يوما بين يديه في مجلس العرض ذكر المعمّى فقال: قد كان عندي البارحة جماعة- سماهم- من أهل الأدب فألقيت عليهم مثالا يصعب استخراج مثله فوقفوا فيه وهو: مليحة القدّ والأعطاف قد جعلت ... في الحجر طفلا له رأسان في جسد قد ضيقت منه أنفاس الخناق بلا ... جرم وتضربه ضربا بلا حرد فتسمع الصوت منه حين تضربه ... كأنه خارج من ماضغ الأسد ثم قال: لقد ساءني والله فلان- لرجل أسماه- إذ لم يفهم هذا القدر، فقال له غلام أمرد من أولاد الكتاب كان يتعلّم في ديوانه: قد عرفت- أطال الله بقاء الشيخ العميد- هذا المعمّى، وهو الطبل؛ فقال له مبادرا، كأنه كان قد أعدّ له ذلك: عهدي بك تستدخل الأعور فكيف صرت تستخرج الأعمى؟! فخجل الغلام وضحك الحاضرون. قال ابن عبد الرحيم: وحدثني أبو الفضل قال: بلغني أن القهستاني أنشد مرة بحضرة السلطان محمد بن محمود بيتا من المعمّى فلم يعرفه هو ولا ندماؤه وهو: دقيقة الساق لا عروق لها ... تدوس رزق الورى بهامتها فقال له محمد: ما نفهم هذا ولا نعرف شيئا يشبهه ففسّره. قال: هو مغرفة الباقلاني، يغرف بها الماء، ويهشم برأسها الخبز والثريد وهو رزق الورى. فاستبرده وثقل عليه عدم فهمه له، وهو لعمري مستبرد حقيقة. قال: وحدثني أن هذا الرجل كان يتميز على أهل خراسان بحسن الأخلاق والسخاء، وكثرة المعروف والعطاء، وكان الشعراء يقصدونه دائما لما اشتهر من سماحته وفائض مروءته، فأنشده بعض الشعراء قصيدة باردة غير مرضيّة، فغفل عنه الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1678 وأخّر صلته، فكتب بيتين في رقعة وسأل الدواتي أن يتركها في دواته ففعل، وكان البيتان: أبا بكر هجوتك لا لطبعي ... فطبعي عن هجاء الناس نابي ولكنّي بلوت الطبع فيه ... فإن السيف يبلى في الكلاب فوقعت بيد العميد بعد أيام، فلما وقف عليها استحسنها، وسأل الدواتي عن الرجل فعرّفه إياه، فأمر بطلبه، فقيل له إنه سافر، فأرسل خلفه من استعاده من عدّة فراسخ، فلما دخل إليه قام له وأكرمه وتلقاه بالاجلال وقال: لو كان مديحك كهجائك لقاسمتك نعمتي، فإني ما سمعت بأحسن من هذين البيتين، ووصله وأحسن جائزته، فاستجرأ الناس عليه وقالوا إنه لا يثيب إلا على الهجاء. قال: وكان أبو بكر القهستاني لهجا بالغلمان شديد الميل إليهم، وكان لمحمد بن محمود سبعمائة غلام في خيله، فعلق العميد أحدهم وأحبه حبا مفرطا، ولم يستجريء أن يبدي ذلك لما فيه من سوء العاقبة، فاتفق أن عاد الغلمان يوما من بعض المتصيّدات، فلقيهم العميد في صحن الدار فسلّموا عليه، وقرب ذلك الغلام منه، وكان قد عرف ميله إليه، فقرص فخذه، وكان محمد مشرفا عليهم ينظر إلى ذلك، فنزل واستدعى الخدم وأمرهم بضربه فضربوه ضربا مسرفا، ثم أنفذه إلى العميد وقال له: قد وهبناه منك وصفحنا عن ذنبك، فلو لم يساعدك هذا الفاجر على ذلك لما أمكنك فعله، ولكن لا تعد إلى مثل هذا، فاستحيا العميد وقال: هذا أعظم من الضرب والأدب، وتأخر عن داره حياء، فأنفذ محمد واستدعاه وبسطه حتى زال انقباضه، وكان محمد لا رأي له في الغلمان ولا ميل عنده إليهم، وكان لمعرفته بمحبة العميد لهم لا يزال يهب منه واحدا بعد واحد. وشكا الخدم إلى محمد أن بعض الغلمان الدارية يمكّن باقي الغلمان من وطئه ولا يمتنع عليهم من الغشيان، فقال: أيفعل هذا طبعا أم يستجعل عليه؟ فقالوا: بل يستجعل عليه، فتقدم باخراجه وإنفاذه الى العميد وقال: قولوا له هذا بك أشبه لا بنا فخذه مباركا لك فيه. وقال أبو بكر العميد في الميمندي «1» وزير محمود: الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1679 ولقد سئمت من الوزير ومن ذويه زائده ... وغسلت من معروفهم كلتا يديّ بواحده ... وضربتهم عرض الجدا ر فليس فيهم فائدة ومن مشهور قوله: ومعقرب الأصداغ في ... خدّيه ورد ينتثر لا عبته بالكعبتي ... ن مسامحا حتى قمر فازداد حسنا وجهه ... لما رأى حسن الظفر فنعرت نعرة عاشق ... قمر القمر قمر القمر وله: ومقرطق في صحن غرّة وجهه ... متصرف صرف الجمال وتحته عاقرته أسكرته قبلته ... جدّلته فقّحته سرّحته وله من أبيات كان يغنى بها في حضرة الأمير محمد بن محمود: قم يا خليلي فاسقني ... كشعاع خدّك من شراب فلقد يمرّ العيش من ... قرضا ولا مرّ السحاب فانعم بعيشك ما استطع ... ت ولا تضع شرخ الشباب فلكم أضعت من الشبا ... ب وما استفدت سوى اكتئاب قال ابن عبد الرحيم: ثم ورد العميد إلى بغداد في أوائل سني نيف وعشرين وأربعمائة، ومدح أمير المؤمنين القادر بالله والأجلّ عميد الرؤساء أبا طالب ابن أيوب كاتبه، ثم خرج من بغداد وبلغني الآن في سنة خمس وثلاثين أنه اتصل بالملوك السلجوقية الغزّ المتملكين على خراسان وخوارزم والجبل، وأنهم عرضوا عليه الخدم الجليلة، فاختار منها ما يظنّ معه سلامة العاقبة والخلاص من التبعة. ومن قصيدته في القادر: ولم يرني ذو منة غير خالقي ... وغير أمير المؤمنين ببابه غنيا بلا دنيا عن الخلق كلهم ... وان الغنى إلا عن الشيء لا به الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1680 ومما بلغني من شعره: رأيت عمّارا ولو لم أره ... حاز لتلك الطلعة المنكره لا أحمد الله على خلقه ... فلو أراد الحمد ما صوّره وله يهجو ابن كثير العارض: فلسنا نرجّي الخير من إبن واحد ... فكيف نرجّيه من ابن كثير وله فيه: وطول بلا طول وعرض بلا عرض وهجاه بأبيات تصحف: مالي وهذا العارض ابن كثير الشيخ العميد وما له يشناني وهو الفؤاد بروحه وأحبّه ... ويتيه أين رأيته ورآني ويغضّ من قدري ويخمل جاهدا ... ذكري ويخفي في الجنان جناني يريد في الحتان ختاني. [739] علي بن الحسن بن الوحشي النحوي الموصلي أبو الفتح: قال السلفي: أنشدني أبو الفرج هبة الله بن محمد بن المظفر بن الحداد الكاتب بثغر آمد، قال: أنشدني ابن الوحشيّ النحوي لنفسه: أبكي على الربع قد أقوى كأنّي من ... سكانه أو كأن ما زلت أعمره لا تلحني في بكائيه فساكنه ... لم ألفه هاجري يوما فأهجره   [739]- ترجمة ابن الوحشي الموصلي في إنباه الرواة 2: 247 وبغية الوعاة 2: 157 (وهو ينقل عن ياقوت) . الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1681 [740] علي بن الحسن بن علي بن أبي الطيب الباخرزي السبخي أبو الحسن: وقال أبو الحسن البيهقي: كنية الباخرزي أبو القاسم وهو الصحيح؛ وباخرز من نواحي نيسابور- ذكره العماد الكاتب في «الخريدة» فقال: وهو الذي صنّف «كتاب دمية القصر في شعراء العصر» . قال: وطالعت هذا الكتاب بأصفهان في دار الكتب التي لتاج الملك بجامعها وبعثني ذلك على تأليف كتابي هذا- يعني كتابه الذي نقلت هذا منه وسماه «خريدة القصر في شعراء العصر» . قال: ومات في سنة سبع وستين وأربعمائة قال: قتل في مجلس أنس بباخرز وذهب دمه هدرا. قال: وكان واحد دهره في فنه، وساحر زمانه في قريحته وذهنه، صاحب الشعر البديع، والمعنى الرفيع، وأثنى عليه قال: ولقد رأيت أبناء العصر بأصفهان مشغوفين بشعره، متيمين بسحره، وورد إلى بغداد مع الوزير الكندري «1» ، وأقام بالبصرة برهة، ثم شرع في الكتابة معه مدة، واختلف إلى ديوان الرسائل، وتنقّلت به الأحوال في المراتب والمنازل، وله ديوان كبير. ومما أورده في «دمية القصر» لنفسه: ولقد جذبت إليّ عقرب صدغها ... فوجدتها جرّارة مجروره وكشفت ليلة خلوة «2» عن ساقها ... فرأيتها مكّارة ممكوره   [740]- ترجمة الباخرزي في الأنساب 2: 17 واللباب (الباخرزي) وعبر الذهبي 3: 265 وسير الذهبي 18: 363 وذيل تايخ بغداد 17: 295 وابن خلكان 3: 387 والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد: 185 وطبقات السبكي 5: 256 والأسنوي 1: 234 والشذرات 3: 327 والبداية والنهاية 12: 112 ومرآة الجنان 3: 95 والنجوم الزاهرة 5: 99؛ وقد نشر كتابه «دمية القصر» بتحقيق د. محمد التونجي، وحقق مرة أخرى بمصر ومرة ثالثة بالعراق، وللدكتور التونجي كتاب بعنوان: الباخرزي حياته وشعره. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1682 قال ومما أنشدت من شعره قوله: زكاة رؤوس الناس في عيد فطرهم ... بقول رسول الله صاع من البرّ ورأسك أغلى قيمة فتصدّقي ... بفيك علينا فهو صاع من الدرّ وقال في عذار غلام يكتب خطا مليحا: قد قلت لما فاق خطّ عذاره ... في الحسن خطّ يمينه المستملحا من يكتب الخطّ المليح لغيره ... فلنفسه لا شكّ يكتب أملحا وله: قالوا التحى ومحا الإله جماله ... وكساه ثوب مذلة ومحاق كتب الزمان على محاسن خدّه ... هذا جزاء معذّب «1» العشاق وله «2» : ما أنت بالسبب الضعيف وإنما ... نجح الأمور بقوة الأسباب فاليوم حاجتنا إليك وإنما ... يدعى الطبيب لكثرة الأوصاب وله: يروقك بشرا وهو جذلان مثلما ... تخاف شباه وهو غضبان محنق كذا السيف في أطرافه الموت كامن ... وفي متنه ضوء يروق ورونق وله: قالت وقد ساءلت عنها كلّ من ... لا قيته من حاضر أو بادي أنا في فؤادك فارم طرفك نحوه ... ترني فقلت لها وأين فؤادي وقال يصف الشتاء والبرد: لبس الشتاء من الجليد جلودا ... فالبس فقد برد الزمان برودا كم مؤمن قرصته أظفار الشتا ... فغدا لأصحاب الجحيم حسودا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1683 وترى طيور الماء في أرجائها ... تختار حرّ النار والسفّودا فإذا رميت بسؤر كأسك في الهوا ... عادت عليك من العقيق عقودا يا صاحب العودين لا تهملهما ... حرّق لنا عودا وحرّك عودا ومن غير «كتاب الخريدة» مما روي له: إنسان عيني قطّ ما يرتوي ... من ماء وجه ملحت عينه كذلك الإنسان ما يرتوي ... من شرب ماء ملحت عينه قال السمعاني: ولما ورد إلى بغداد مدح القائم بأمر الله بقصيدته التي صدّرها ديوانه، وهي: عشنا إلى أن رأينا في الهوى عجبا ... كلّ الشهور، وفي الأمثال «عش رجبا» أليس من عجب أني ضحى ارتحلوا ... أوقدت من ماء دمعي في الحشا لهبا وأنّ أجفان عيني أمطرت ورقا ... وأن ساحة خدّي أنبتت ذهبا وإن تلهّب برق من جوانبهم ... توقّد الشوق في جنبيّ والتهبا قال: فاستهجن البغداديون شعره وقالوا: فيه برودة العجم، فانتقل إلى الكرخ وسكنها وخالط فضلاءها وسوقتها مدة، وتخلّق بأخلاقهم واقتبس من اصطلاحاتهم، ثم أنشأ قصيدته التي أولها: هبّت عليّ صبا تكاد تقول ... إني إليك من الحبيب رسول سكرى تجشّمت الربى لتزورني ... من علّتي وهبوبها تعليل فاستحسنوها وقالوا: تغير شعره ورقّ طبعه. ومن شعره: حمل العصا للمبتلى ... بالشيب عنوان ابلى وصف المسافر أنه ... ألقى العصا كي ينزلا فعلى القياس سبيل من ... حمل العصا أنّ يرحلا وذكر أبو الحسن ابن أبي القاسم زيد البيهقي في كتاب «مشارب التجارب» و «أخبار الوزير أبي نصر محمد بن منصور الكندري» - وكندر قرية من أعمال الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1684 طريثيث- قال «1» : كان الشيخ علي بن الحسن الباخرزي شريكه في مجلس الإفادة من الإمام الموفق النيسابوري في سنة أربع وثلاثين وأربعمائة فهجاه الشيخ علي بن الحسن فقال مداعبا: أقبل من كندر مسيخرة ... للنحس في وجهه علامات يحضر دار الأمير وهو فتى ... موضع أمثاله الخرابات فهو جحيم ودبره سعة ... كجنّة عرضها السّماوات قال: وكان أول عمل الكندري حجبة الباب، ثم تمكن في مدة أيام السلطان طغر لبك وصار وزيرا محكّما، فورد عليه الشيخ علي بن الحسن وهو ببغداد في صدر الوزارة في ديوان السلطان، فلما رآه الوزير قال له: أنت صاحب «أقبل» ؟ فقال له: نعم، فقال الوزير: مرحبا وأهلا فإني قد تفاءلت بقولك «أقبل» ، ثم خلع عليه قبل إنشاده وقال له: عد غدا وأنشد، فعاد في اليوم الثاني وأنشد هذه القصيدة «2» : أقوت معاهدهم بشطّ الوادي ... فبقيت مقتولا وشطّ الوادي وسكرت من خمر الفراق ورقّصت ... عيني الدموع على غناء الحادي منها: في ليلة من هجره «3» شتوية ... ممدودة مخضوبة بمداد عقمت بميلاد الصباح وإنها ... في الإمتداد كليلة الميلاد منها: غرّ الأعادي منه رونق بشره ... وأفادهم بردا على الأكباد هيهات لا يخدعهم إيماضه ... فالغيظ تحت تبسّم الآساد فالبهو منه بالبهاء موشّح ... والسّرج منه مورق الأعواد وإذا شياطين الضلال تمردوا ... خلّاهم قرناء في الاصفاد الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1685 فلما فرغ من إنشاد هذه القصيدة قال عميد الملك لأمراء العرب: لنا مثله في العجم فهل لكم مثله في العرب؟ ثم أمر له بألف دينار مغربية «1» . قال: وكان السلطان طغرلبك قد بعث وزيره الكندري وكيلا في العقد على بنت خوارزمشاه، فوقع إرجاف، ورفع إلى السلطان أن عميد الملك زوّجها من نفسه وخان، وكان من أمرهما ما كان، فتغير رأي السلطان عليه فحلق عميد الملك لحيته وجبّ مذاكيره حتى سلم من سياسة السلطان، فمدحه الشيخ علي بن الحسن بهذا النقصان، وما سبقه بهذا المعنى أحد حيث قال «2» : قالوا محا السلطان عنه بعدكم ... سمة الفحول وكان قرما صائلا قلت اسكتوا فالآن زاد فحولة ... لما اغتدى عن أنثييه عاطلا فالفحل يأنف أن يسمّى بعضه ... أنثى لذلك جذّه مستاصلا ولما قتل السلطان الب ارسلان الوزير أبا نصر الكندري قال الباخرزي يخاطب السلطان «3» : وعمّك أدناه وأعلى محلّه ... وبوّأه من ملكه كنفا رحبا قضى كلّ مولى منكم حقّ عبده ... فخوّله الدنيا وخوّلته العقبى قال المؤلف: وهذا معنى لطيف، ومقصد ظريف، فلله در الشعراء وقرائحهم، والأدباء ومنائحهم. قال البيهقي: ومن العجائب أن آلات تناسل الكندري مدفونة بخوارزم، ودمه مصبوب بمرو الروذ، وجسده مقبور بقرية كندر من طريثيث، وجمجمته ودماغه مدفونان بنيسابور، وشواته محشوّة بالتبن وقد نقلت إلى كرمان فدفنت هناك. وقال علي بن الحسن الباخرزي في ذلك: مفترقا في الأرض أجزاؤه ... بين قرى شتى وبلدان الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1686 جبّ بخوارزم «1» مذاكيره ... طغرل ذاك الملك الفاني ومصّ مرو الروذ من جيده ... معصفرا يخضبها قاني والشخص في كندر مستبطن ... وراء أرماس وأكفان ورأسه طار فلهفي على ... مجثمه في خير جثمان خلّوا بنيسابور مضمونه ... وقحفه الخالي بكرمان والحكم للجبار فيما مضى ... وكلّ يوم هو في شان وقال من قصيدة له فائقة يمدح فيها الشريف السيد ذا المجدين أبا القاسم علي بن موسى بن إسحاق بن الحسين بن إسحاق بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام نقيب الطالبيين بمرو- وفيها ما يدل على أن كنية الباخرزي أبو القاسم- أولها: حبا لك من تحت ذيل الحبى ... شعاع كحاشية المشرفي يقول فيها: وسقت الركائب حتى أنخن ... بسبط الأنامل سبط النبي عليّ بن موسى مواسي العفاة ... أبي القاسم السيد الموسوي ومنها: نماه الفخار إلى جدّه ... عليّ ففاز بجدّ علي ولا يتأشب عيص السريّ ... إذا هو لم يكن ابن السري أبا قاسم يا قسيم السخاء ... إذا جفّ ضرع الغمام الحبي وفدت إليك مع الوافدين ... وفود البشارة غبّ النعي وزارك مني سميّ كنيّ ... فراع حقوق السمّي الكني فهاك القصيدة بكرا تصلّ ... على نحرها حصيات الحلي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1687 جعلت هداك «1» جهازا لها ... فجاءتك مائسة كالهدي سحرت بها ألسن السامرين ... ولم أترك السحر للسامري ولما نشرت أفاويقها ... طوى الناس ديباجة البحتري وقرأت بخط أبي سعد لأبي القاسم الباخرزي وكنّاه أبا الحسن «2» : يا فالق الصبح من لألاء غرّته ... وجاعل الليل من أصداغه سكنا لاغرو أن أحرقت نار الهوى كبدي ... فالنار حقّ على من يعبد الوثنا وأنشد له وكناه أبا القاسم: كتبت وخطي حاش وجهك شاهد ... بأن بناني من أذى السقم مرتعش ونفسي إن تأمر تعش في سلامة ... فأهد لها منك السلام ومرتعش. [741] علي بن الحسن بن علي بن صدقة ، الوزير بن الوزير أبو الحسن بن أبي علي: لم يستقلّ بالوزارة إنما ناب عن أبيه، وكان أبوه وزير المسترشد، وكان في أبيه كفاية وشهامة، وهو أول من ولي الوزارة من بني صدقة، وكان أبوه يلقب جلال الدولة «3» ، وهو يلقب شرف الدولة. ولما مات جلال الدولة دخل ابن الأقفاصي الشاعر الموصلي إلى قبره وقال وهو يبكي: نزورك في ثوبي خشوع وذلّة ... كأنك ترجى في الضريح وترهب   [741]- ترجمة الوزير ابن صدقة في ذيل تاريخ بغداد 17: 304 وفيه أن وفاته كانت سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة؛ وفي ترجمة الوزير أبيه الحسن بن علي بن صدقة انظر الفخري: 269- 271 (وكانت وفاته سنة 522) والمنتظم 10: 9 والشذرات 4: 66. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1688 ونلثم تربا من رفيع محجّب ... كما يلثم البيت الرفيع المحجّب وترثى بما قد كنت ممتدحا به ... فيحزننا منك الذي كان يطرب ومات جلال الدولة في جمادى الآخرة سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة. وأما شرف الدولة فقال السمعاني في «تاريخه» : هو عزيز الفضل وافر العقل، له معرفة تامة باللغة، حسن الخط مليحه، ديّن خيّر مشغول بالعبادة والعزلة، سمع بقراءتي بمكة والمدينة وبغداد على المشايخ: سمع أبا القاسم الربعي، كتبت عنه وسألته عن مولده فقال: في محرم سنة تسع وتسعين وأربعمائة. قلت أنا: وهو الذي بنى الرباط المعروف برباط الدرجة على دجلة بالجانب الغربي واعتزل فيه مع جماعة من الفقراء وترك الولايات إلى أن مات، وهو صاحب الخط المليح المنسوب على طريقه علي بن هلال بن البواب ومات في سابع صفر سنة أربع وخمسين وخمسمائة. [742] علي بن الحسن بن عنتر بن ثابت المعروف بشميم الحلي، أبو الحسن النحوي اللغوي الشاعر: مات في ربيع الآخر سنة إحدى وستمائة، أخبرني به العماد بن الحدوس العدل، وبمنزله مات بالموصل عن سن عالية، وهو من أهل الحلة المزيديّة، قدم بغداد وبها تأدب، ثم توجه تلقاء الموصل والشام وديار بكر، وأظنه قرأ على أبي نزار ملك النحاة. قال مؤلف الكتاب: وكنت قد وردت إلى آمد في شهور سنة أربع وتسعين وخمسمائة فرأيت أهلها مطبقين على وصف هذا الشيخ، فقصدته إلى مسجد الخضر   [742]- ترجمة شميم الحلي في ذيل تاريخ بغداد 17: 311 وإنباه الرواة 2: 243 وابن خلكان 3: 339 والبدر السافر، الورقة: 13 والجامع المختصر: 157 وذيل الروضتين: 52 وعبر الذهبي 5: 2 والشذرات 5: 4 والنجوم الزاهرة 6: 188 وبغية الوعاة 2: 156 (وفيه نقل عن ياقوت) . وقد نقل القفطي حكاية رواها ياقوت نفسه عن شميم الحلي (إنباه 2: 244) لم ترد هنا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1689 ودخلت عليه فوجدته شيخا كبيرا قضيف الجسم في حجرة من المسجد، وبين يديه جامدان مملوء كتبا من تصانيفه فحسب، فسلمت عليه وجلست بين يديه، فأقبل عليّ وقال: من أين أنت؟ قلت: من بغداد. فهشّ بي وأقبل يسائلني عنها وأخبره، ثم قلت له: إنما جئت لأقتبس من علوم المولى شيئا، فقال لي: وأيّ علم تحبّ؟ قلت له: أحبّ علوم الأدب، فقال: إن تصانيفي في الأدب كثيرة، وذاك أن الأوائل جمعوا أقوال غيرهم وأشعارهم وبوّبوها، وأنا فكلّ ما عندي من نتائج أفكاري، وكنت كلما رأيت الناس مجمعين على استحسان كتاب في نوع من الآداب استعملت فكري وأنشأت من جنسه ما أدحض به المتقدم، فمن ذلك أن أبا تمام جمع أشعار العرب في حماسته وأنا فعملت حماسة من أشعاري وبنات أفكاري (ثم سبع أبا تمام وشتمه) ، ثم رأيت الناس مجمعين على تفضيل أبي نواس في وصف الخمر، فعملت كتاب الخمريات من شعري، لو عاش أبو نواس لاستحيى أن يذكر شعر نفسه لو سمعها. ورأيت الناس مجمعين على تفضيل خطب ابن نباتة، فصنفت كتاب الخطب فليس للناس اليوم اشتغال إلا بخطبي. وجعل يزري على المتقدمين ويصف ويجهّل الأوائل ويخاطبهم بالكلب، فعجبت منه وقلت له: فأنشدني شيئا مما قلت، فابتدأ وقرأ عليّ خطبة كتاب الخمريات، فعلق بخاطري من الخطبة قوله: «ولما رأيت الحكميّ قد أبدع ولم يدع لأحد في اتباعه مطمعا، وسلك في إفشاء سرّ صفات الخمرة [مهيعا] آثرت أن أجعل لها نصيبا من عنايتي مع ما أنني علم الله لم ألمم لها بلثم ثغر إثم، مذ رضعت ثدي أمّ» أو كما قال. ثم أنشدني من هذا الكتاب. امزج بمسبوك اللجين ... ذهبا حكته دموع عيني لما نعى ناعي الفرا ... ق ببين من أهوى وبيني كانت ولم يقدر لشي ... ء قبلها إيجاب كون وأحالها التشبيه لما شبّهت بدم الحسين ... خفقت لنا شمسان من لألائها في الخافقين ... وبدت لنا في كاسها من لونها في حلّتين ... فاعجب هداك الله من كون اتفاق الضرّتين الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1690 في ليلة بدأ السرو ... ر بها يطالبنا بدين ومضى طليق الراح من ... قد كان مغلول اليدين هي زينة الأحياء في ال ... دنيا وزينة كلّ زين فاستحسنت ذلك، فغضب وقال لي: ويلك ما عندك غير الاستحسان؟! قلت له: فما أصنع يا مولانا؟ فقال لي: تصنع هكذا، ثم قام يرقص ويصفّق إلى أن تعب، ثم جلس وهو يقول: ما أصنع وقد ابتليت ببهائم لا يفرّقون بين الدر والبعر، والياقوت والحجر؟! فاعتذرت إليه وسألته أن ينشدني شيئا آخر، فقال لي: قد صنفت كتابا في التجنيس (سماه: أنيس الجليس في التجنيس) في مدح صلاح الدين لما رأيت استحسان الناس لقول البستي، فأنا أنشدك منه، ثم أنشدني لنفسه «1» : ليت من طوّل بالش ... ام نواه وثوى به جعل العود إلى الزو ... راء من بعض ثوابه أترى يوطئني الده ... ر ثرى مسك ترابه وأرى أي نور عيني ... موطنا لي وترى به ثم أنشدني لنفسه في وصف ساق: قل لي فدتك النفس قل لي ... ماذا تريد إذن بقتلي أأدرت خمرا في كؤو ... سك هذه أم سمّ صلّ وأنشدني غير ذلك مما ضاع مني أصله. ثم سألته عمن تقدم من العلماء فلم يحسن الثناء على أحد منهم، فلما ذكرت له المعري نهرني وقال لي: ويلك كم تسيء الأدب بين يديّ؟! من ذلك الكلب الأعمى حتى يذكر بين يديّ في مجلسي؟! فقلت: يا مولانا ما أراك ترضى عن أحد ممن تقدّم، فقال: كيف أرضى عنهم وليس لهم ما يرضيني؟ قلت: فما فيهم قط أحد جاء بما يرضيك؟ فقال: لا أعلمه إلا أن يكون المتنبي في مديحه خاصة، وابن نباتة في الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1691 خطبه، وابن الحريري في مقاماته، فهؤلاء لم يقصّروا. قلت له: يا مولانا قد عجبت إذ لم تصنّف مقامات تدحض بها مقامات الحريري، فقال لي: يا بني اعلم أن الرجوع إلى الحقّ خير من التمادي على الباطل، عملت مقامات مرتين فلم ترضني فغسلتها، وما أعلم أن الله خلقني إلا لأظهر فضل ابن الحريري. ثم شطح في الكلام وقال: ليس في الوجود إلا خالقان: واحد في السماء وواحد في الأرض، فالذي في السماء هو الله، والذي في الأرض أنا، ثم التفت إليّ وقال: هذا كلام لا يحتمله العامّة لكونهم لا يفهمونه، أنا لا أقدر على خلق شيء إلا خلق الكلام، فأنا أخلقه، ثم ذكر اشتقاق هذه اللفظة. فقلت له: أيا مولانا أنا رجل محدث، وإن لم يكن في المحدث جرأة مات بغصّته، وأحبّ أن أسأل مولانا عن شيء إن أذن لي، فتبسم وقال: ما أراك تسأل إلا عن معضلة، هات ما عندك. قلت: لم سميت بالشميم؟ فشتمني ثم ضحك وقال: اعلم أنني بقيت مدة من عمري- ذكرها هو وأنسيتها أنا- لا آكل في تلك المدة إلا الطين فحسب قصدا لتنشيف الرطوبة وحدّة الحفظ، وكنت أبقى أياما لا يجيئني الغائط فإذا جاء كان شبه البندقة من الطين، وكنت آخذه وأقول لمن أنبسط إليه: شمّه فإنه لا رائحة له، فكثر ذلك حتى لقّبت به، أرضيت يا ابن الفاعلة؟ هذا آخر ما جرى بيني وبينه. ثم أنشدت له من حماسته: لا تسرحنّ الطرف في بقر المها ... فمصارع الآجال في الآجال «1» كم نظرة أردت وما أخذت يد ... الممصمي لمن قتلت أداة قتال سنحت وما سمحت بتسليم و ... إغلال التحية فعلة المغتال «2» أضللت قلبي عندهنّ ورحت ... أنشده بذات الضال ضلّ ضلالي ألوي بألوية العقيق على الطلو ... ل مسائلا من لا يجيب سؤالي تربت يدي في مقصدي من لا يدي ... قودي وأولى لي بها أولى لي «3» الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1692 يا قاتل الله الدّمى كم من دم ... أجرين حلّا كان غير حلال أشلين ذلّ اليتم في الأشبال ... وفتكن بالآساد في الأغيال «1» ونفرن حين نكرن إقبالي ولو ... أني نفرت لكان من إقبالي لكن أبى رعيي ذمام الحبّ أن ... أولي الوفاء قطيعة من قالي وأنشدني تقي الدين أبو عبد الله محمد بن علي بن أبي النجم المعروف بابن الحجاج، وأبو محمد هو الحجاج، من شرقي واسط قال، أنشدني أبو الحسن علي بن عنتر بن ثابت الحلّي «2» المعروف بشميم. وكان [أن] قلت: إني لا أراك تذمّ أحدا من أهل العصر، فقال لي: ليس لأحد منهم عندي قيمة فإنه لا يصلح للذمّ إلا من يصلح للمدح، أما سمعت قولي في الحماسة: أصخ إنما مدح الفتى وهجاؤه ... لدى الطّبن النقريس ذا توأم لذا «3» فحيث انتوى ملقي المديح عصا الثوى ... تراح بها من أينها قلص الهجا ومن ليس أهلا للمديح ولا الهجا ... فعيناه في عين الرضا ظلمة العمى ويزري بضرغام الغريف زئيره ... على ذيخ عثوا هرّ أو أغضف عوى «4» وأنشدني أيضا له: قالوا نراك بكلّ فنّ عالما ... فعلام حظّك من دناك خسيس فأجبتهم لا تعجبوا وتفهموا ... كم ذاد نهزة ليث خيس خيس حدثني ابن الحجاج تقي الدين قال: اجتمع جماعة من التجار الواسطيين بالموصل على زيارة شميم، وتوافقوا على أن لا يتكلموا بين يديه خوفا من زلل يكون منهم، فلما حصلوا بين يديه قال أحدهم: أدام الله أيامك، فالتفت إليّ وقال: أيش هؤلاء؟ فإني أرى عمائم كبارا ظننتها على آدميّين، فسكتوا، فلما قاموا قال له آخر الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1693 منهم: يا سيدي ادعو لنا بشمل الجمع، فغضب وقال: ايش هؤلاء وكيف خلقهم الله؟ ثم حلف بمحلوفه وقال: لو قدرت على خلقة مثل هؤلاء أنفت من خلق مثلهم. قال المؤلف: حدثني محمد بن حامد بن محمد بن جبريل بن محمد بن منعة بن مالك الموصلي الفقيه فخر الدين بمرو في سنة خمس عشرة وستمائة في ربيع الأول منها قال: لما ورد شميم الحلي إلى الموصل بلغني فضله فقصدته لأقتبس من علومه، فدخلت عليه فجرى أمري معه على ما هو معروف به من قلة الاحتفال بكلّ أحد، وجرت خطوب ومذاكرات إلى أن قال: ومن العجائب استحسان الناس قول عمرو بن كلثوم: مشعشعة كأن الحصّ فيها ... إذا ما الماء خالطها خزينا - كذا قال تهكما- «1» ، ألا قال كما قلت: وسالت نطاف الراح في الراح فاعتدى ال ... سماح إلى راحاتنا فسخينا ثم أخرج رقعة من تحت مصلّاه وقال لي ما معنى قولي «قلب شطر أعاديك حظّ من كفر أياديك» فقلت: أكتبها وأفسرها، فقال: اكتب، فكتبتها وقلت: نعم شطر «أعاديك» «ديك» وقلبه «كيد» أردت أن الكيد حظّ من كفر أياديك، فقال: أحسنت، وكان ذلك سبب إقباله عليّ بعد ما تقدم من إهماله إياي. وأنشدني أبو حامد المذكور قال: أنشدني أبو الحسن علي بن الحسن بن عنتر الحلي لنفسه: أقيلي عثرة الشاكي أقيلي ... فسولي في سماع نثار سولي وإن لم تأذني بفكاك أسري ... فدليني على صبر جميل حدثني الآمدي الفقيه قال: بلغني أنه لما قدم الحلي إلى الموصل انثال إليه الناس يزورونه، وأراد نقيب الموصل- وهو ذو الجلالة المشهورة بحيث لا يخفى أمره على أحد- زيارته، فقيل له: إنه لا يعبأ بأحد ولا يقوم من مجلسه لزائر أبدا، فجاءه رجل وعرّفه ما يجب من احترام النقيب لحسبه ونسبه وعلوّ منزلته من الملوك فلم يردّ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1694 جوابا، وجاءه النقيب ودخل وجرى على عادته من ترك الاحتفال له ولم يقم عن مجلسه، فجلس النقيب ساعة ثم انصرف مغضبا، فعاتبه ذلك الرجل الذي كان أشار عليه باكرامه فلم يردّ عليه جوابا، فلما كان من الغد جاءه وفي يد الحلّيّ كسرة خبز يابسة وهو يعضّ من جنبها ويأكل، فلما دخل الرجل عليه قال له: بسم الله، فقال له: وأيّ شيء هاهنا حتى آكل؟ فقال له: يا رقيع من يقنع من الدنيا بهذه الكسرة اليابسة لأيّ معنى يذلّ للناس مع غناه عنهم واحتياجهم إليه؟! وحدثني الفقيه قال: بلغني أن الحلي قدم إلى أسعرت «1» فتسامع به أهلها فقصدوه من كلّ فوج، وكان فيهم رجل شاعر، فأنشده الرجل شعرا استجاده الحلي فقال لقائله، إني أرفع هذا الشعر عن طبقتك، فإن كنت في دعواك صادقا فقل في معناه الآن شيئا آخر، ففكر ساعة فقال: وما كلّ وقت فيه يسمح خاطري ... بنظم قريض يقتضي لفظه معنى ولم يبح الشرع المبين تيمّما ... بترب وبحر الأرض في ساحة معنا فقال له الحلي: ويحك اسجد، ويلك اسجد، فإن هذا موضع من مواضع سجدات الشعر، وأنا أعرف الناس بها. ومما سمعته من فلق فيه وهو من إنشاء خطبة له هي: الحمد لله فالق قمم حبّ الحصيد بحسام سحّ السحب، صابغ خدّ الأرض بقاني رشيق يانع العشب، نافخ روح الحياة في صور تصاويرها بسائح القراح العذب، محيي ميت الأرض باماتة كالح الجدب، لابتسام ثغر نسيم أنفاح الخصب، محيل جسم طبيعة الماء المبارك في أشكال الحب، والعنب والزيتون والقضب، جاعله للانام والأنعام ذات الحمل والحلب، محلّي جيد الأفلاك بقلائد دراريّ النجوم الشهب، ومخلّي جند الأملاك عن مباشرة التصرف والكسب، وللقيام بواجب واصل التسبيح والتقديس للرب، قابل التوبة من المذنب المنيب وغافر الذنب، الواحد المتفرد بوحدانيته عن ملاءمة أعداد قسمه الحساب والضرب، المستغني بصمديته عن مسيس الحاجة إلى دواعي الأكل والشرب، الشاهد على خلقه بما يفيضون فيه لا لاتصاف بعد ولا قرب، المهيمن على الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1695 سرّ اجتراح كلّ جارحة وخاطر خاطر وتقلّب قلب. أحمده على ما منح من موضح بيان بما الب في سويداء لب، وأشكره على ما جلا من مظلم ظلم جهل وكشف من كثيف ركام كرب، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة سالمة من شوائب النفاق والخبّ، مؤمّنة قائلها يوم الفزع الأكبر من إيحاش الرّهب والرعب، وأشهد أن محمدا عبده المحبو بعقد حبا خاتم الأنبياء من جميع أصحاب الصحف والكتب، وصفيه المنتجب لنصر الدين وإقامة دعوة الاسلام بالبيض القضب والجرد القب والأسد الغلب، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ما سنحت الغزالة بأفق شرق وحجبت بغارب غرب، صلاة يفني تكرار عديدها صمّ الحصا الصلب، ويبيد أربد الترب. عباد الله من اختلف عليه الآباد باد، ومن تمكنت يد المنون من عنقه انقاد، ومن تزود التقوى استفاد خير الزاد، ومن بدأ ببره وعاد للمعاد فاز بالإحماد يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ (آل عمران: 30) اللهم نوّل آمالنا مناها، وكفّل أعمالنا تقاها، وخوّل أطماعنا رضاها، ولا تشرب قلوبنا هوى دنياها، فإن المعاطب في حبها، وشين المعايب مزر بها، فلا تجعل اللهم مهامّنا فيها المنى، وأمّنّا بأمننا من كيد أمّنا الدنا، برحمتك يا أرحم الراحمين، أستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين ولوالديّ ولمن علمني. أسماء تصانيف الشيخ علي بن الحسن الشميم الحلي «1» : كتاب النّكت المعجمات في شرح المقامات. وكتاب أري المشتار في القريض المختار. وكتاب الحماسة من نظمه مجلد. وكتاب مناح المنى في إيضاح الكنى أربع كراريس. وكتاب نزه التأميل في عيون المجالس والفصول مجلدان. وكتاب نتائج الاخلاص في الخطب مجلد. وكتاب أنيس الجليس في التجنيس مجلد. وكتاب أنواع الرقاع في الأسجاع. وكتاب التعازي والمرازي مجلد. وكتاب خطب نسق حروف المعجم كراسان. كتاب الأماني في التهاني مجلد. وكتاب المفاتيح في الوعظ كراسان. وكتاب معاياة العقل في معاناة النقل مجلد. كتاب الاشارات المعرّبّة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1696 مجلد. وكتاب المرتجلات في المساجلات أربع كراريس. كتاب المخترع في شرح اللمع مجلد. وكتاب المحتسب في شرح الخطب مجلد. كتاب المهتصر في شرح المختصر، مجلد. وكتاب التحميض في التغميض، كراسان. كتاب بدائه الفكر في بدائع النظم والنثر، مجلدان. كتاب خلق الآدمي كراسان. وكتاب رسائل لزوم ما لا يلزم، كراسان. كتاب اللزوم مجلدان. وكتاب لهنة الضيف المصحر في الليل المسحر، كراسان. كتاب متنزه القلوب في التصحيف، كراس. وكتاب المنائح في المدائح، مجلدان. كتاب نزهة الراح في صفات الافراح، كراسان. كتاب الخطب المستضيّة. كتاب حرز النافث من عيث العائث. كتاب الخطب الناصرية. كتاب الرحوبات «1» ، مجلدان. كتاب شعر الصّبا، مجلد. كتاب القام الالحام في تفسير الأحلام. كتاب سمط الملك المفضل في مدح المليك الأفضل. كتاب مناقب الحكم في مثالب الأمم مجلدان. كتاب اللماسة في شرح الحماسة. كتاب الفصول الموكبية، يشتمل على أربعين «2» فصلا. وكتاب مجتنى ريحانة الهم في استئناف المدح والذم. كتاب المناجاة. [743] علي بن الحسن بن عساكر الحافظ الدمشقي: نقلت من جزء عمله ولده أبو محمد القاسم بن علي في أخبار والده فقال: هو أبو القاسم علي بن الحسن بن   [743]- للحافظ ابن عساكر ترجمة في المنتظم 10: 261 وابن الأثير 12: 357 وابن خلكان 3: 309 ومرآة الزمان: 336 ومختصر ابن الدبيثي 3: 121 وتذكرة الحفاظ: 1328 وعبر الذهبي 4: 212 وسير الذهبي 20: 554 وطبقات السبكي 7: 215 وطبقات الاسنوي 2: 216 وخريدة القصر (قسم الشام) 1: 274 والبداية والنهاية 12: 294 والمستفاد: 186 وكتاب الروضتين 2: 261 والشذرات 4: 239 ومرآة الجنان 3: 393 والنجوم الزاهرة 6: 77 وطبقات الحفاظ: 474 والدارس 1: 100 ومقدمة الجزء الأول من التاريخ، والبحوث التي ألقيت في ذكراه وجمعت في كتاب (دمشق: 1979) ومقدمة المعجم المشتمل (1980) والموسوعة الاسلامية (الطبعة الثانية بالانجليزية) 3: 713. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1697 هبة الله بن عبد الله بن الحسين أبو القاسم بن أبي محمد بن أبي الحسن بن أبي محمد بن أبي علي الشافعي الحافظ، أحد أئمة الحديث المشهورين والعلماء المذكورين، ولد في المحرم سنة تسع وتسعين وأربعمائة ومات في الحادي عشر من رجب سنة إحدى وسبعين وخمسمائة وقد بلغ من السن اثنتين وسبعين سنة وستة أشهر وعشرة أيام، وحضر جنازته بالميدان والصلاة عليه الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب رحمه الله. قال العماد «1» : وكان الغيث قد احتبس في هذه السنة فدّر وسمح «2» عند ارتفاع نعشه، فكأنّ السماء بكت عليه بدمع وبله وطشّه. وسمّعه أخوه سنة خمس وخمسمائة، وسمع هو بنفسه من والده وأبي محمد الأكفاني، وذكر خلقا من شيوخ دمشق، ورحل إلى العراق في سنة عشرين وخمسمائة وأقام بها خمس سنين، وسمع ببغداد من أبي القاسم بن الحصين وغيره وحج في سنة إحدى وعشرين، وسمع بمكة ومنى والمدينة، وبالكوفة وأصبهان القديمة واليهودية ومرو الشاهجان ونيسابور وهراة وسرخس وأبيورد وطوس وبسطام والريّ وزنجان، وذكر بلادا كثيرة يطول عليّ ذكرها من العراق وخراسان والجزيرة والشام والحجاز. قال: وعدّة شيوخه ألف وثلاثمائة شيخ، ومن النساء بضع وثمانون امرأة. وحدث ببغداد ومكة ونيسابور وأصبهان، وسمع منه جماعة من الحفاظ ممن هو أسنّ منه، وروى عنه أبو سعد ابن السمعاني فأكثر، وروى هو عنه. ولما دخل بغداد سمع الدرس بالنظامية مدة مقامه بها، وعلّق مسائل الخلاف على الشيخ أبي سعد إسماعيل بن أبي صالح الكرماني وانتفع بصحبة جده أبي الفضل في النحو والعربية. وجمع وصنّف فمن ذلك: كتاب تاريخ مدينة دمشق وأخبارها وأخبار من حلّها أو وردها في خمسمائة وسبعين جزءا من تجزئة الأصل، والنسخة الجديدة ثمانمائة جزء. كتاب الموافقات على شيوخ الأئمة الثقات، اثنان وسبعون جزءا. كتاب الإشراف على معرفة الأطراف، ثمانية وأربعون جزءا. كتاب تهذيب الملتمس من الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1698 عوالي مالك بن أنس، أحد وثلاثون جزءا. كتاب التالي لحديث مالك العالي، تسعة عشر جزءا. كتاب مجموع الرغائب مما وقع من أحاديث مالك الغرائب، عشرة أجزاء. كتاب المعجم لمن سمع منه أو أجاز له، اثنا عشر جزءا. كتاب من سمع منه من النسوان، جزء واحد. كتاب معجم أسماء القرى والأمصار التي سمع بها، جزء واحد. كتاب مناقب الشبان، خمسة عشر جزءا. كتاب فضل أصحاب الحديث، أحد عشر جزءا. كتاب تبيين كذب المفتري على الأشعري، عشرة أجزاء. كتاب المسلسلات، عشرة أجزاء. كتاب تشريف يوم الجمعة، سبعة أجزاء. كتاب المستفيد في الأحاديث السّباعية الأسانيد، أربعة أجزاء. كتاب السداسيات، جزء واحد. كتاب الأحاديث الخماسيات وأخبار أبي الدنيا، جزء واحد. كتاب تقوية المنة على إنشاء دار السنة، ثلاثة أجزاء. كتاب الأحاديث المتخيرة في فضائل العشرة، جزءان. كتاب من وافقت كنيته كنية زوجته، أربعة أجزاء. كتاب الأربعين الطوال، ثلاثة أجزاء. كتاب أربعين حديثا عن أربعين شيخا من أربعين مدينة، جزءان. كتاب الأربعين في الجهاد، جزء واحد. كتاب الجواهر واللآلي في الأبدال العوالي، ثلاثة أجزاء. كتاب فضل عاشوراء والمحرم، ثلاثة أجزاء. كتاب الاعتزاز بالهجرة جزء واحد. كتاب المقالة الفاضحة للرسالة الواضحة، جزء واحد ضخم. كتاب رفع التخليط عن حديث الأطيط، جزء واحد. كتاب الجواب المبسوط لمن أنكر حديث الهبوط، جزء واحد. كتاب القول في جملة الأسانيد في حديث [يوم] المزيد، ثلاثة أجزاء. كتاب طرق حديث عبد الله بن عمرو، جزء. كتاب من ما يكون مؤتمنا لا يكون مؤذنا، جزء واحد. كتاب ذكر البيان عن فضل كتابة القرآن، جزء واحد. كتاب دفع التثريب على من فسر معنى التثويب، جزء. كتاب فضل الكرم على أهل الحرم، جزء واحد. كتاب الاقتداء بالصادق في حفر الخندق، جزء واحد. كتاب الانذار بحدوث الزلازل، ثلاثة أجزاء. كتاب ثواب الصبر على المصاب بالولد، جزءان. كتاب معنى قول عثمان «ما تغنيت ولا تمنيت» ، جزء. كتاب مسلسل العيدين، جزء واحد. كتاب حلول المحنة بحصول الابنة، جزء واحد. كتاب ترتيب الصحابة في مسند أحمد، جزء واحد. كتاب ترتيب الصحابة الذي في مسند أبي يعلى، جزء. كتاب معجم الشيوخ النبلاء، جزء واحد. كتاب أخبار أبي عمرو الأوزاعي وفضائله، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1699 جزء. كتاب ما وقع للأوزاعي من العوالي، جزء. كتاب أخبار أبي محمد سعيد «1» بن عبد العزيز وعواليه، جزء. كتاب عوالي حديث سفيان الثوري وخبره، أربعة أجزاء. كتاب إجابة السؤال في أحاديث شعبة، جزء واحد. كتاب روايات ساكني داريا، ستة أجزاء. كتاب من نزل المزة وحدّث بها، جزء واحد. كتاب أحاديث جماعة من كفر سوسية، جزء واحد. كتاب أحاديث صنعاء الشام، جزآن. كتاب أحاديث أبي الأشعث الصنعاني، ثلاثة أجزاء. كتاب أحاديث حنش والمطعم وحفص الصنعانيين، جزء. كتاب فضل الربوة والنيرب ومن حدث بها، جزء. كتاب حديث أهل قرية الحميريين «2» وقبيبة، جزء واحد. كتاب حديث أهل فذايا «3» وبيت أرانس «4» وبيت قوفا «5» جزء. كتاب حديث أهل قرية البلاط، جزء. كتاب حديث مسلمة بن علي الخشني «6» البلاطي، جزءان. ومن حديث يسرة بن صفوان «7» وابنه وابن ابنه جزء واحد. ومن حديث سعد بن عبادة جزء. ومن حديث أهل زبدين «8» وجسرين جزء واحد. ومن حديث أهل بيت سوا «9» جزء. ومن حديث دومة ومسرابا «10» والقصر جزء. ومن حديث جماعة من أهل حرستا جزء. ومن حديث أهل كفر بطنا جزء. ومن حديث أهل دقانية وجخراء وعين توما وجديا وطرميس «11» جزء واحد. ومن الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1700 حديث جماعة من أهل جوبر جزء واحد. ومن حديث جماعة من أهل بيت لهيا جزء واحد. ومن حديث يحيى بن حمزة البتلهي وعواليه جزء. ومجموع من حديث محمد بن يحيى بن حمزة الحضرمي البتلهي جزءان. وفضائل مقام إبراهيم. ومن حديث أهل برزة جزء. من حديث أبي بكر بن «1» محمد بن رزق الله المنيني المقرىء، جزء. ومجموع من أحاديث جماعة من أهل بعلبك «2» ، جزءان. قال: وأملى رحمه الله أربعمائة مجلس وثمانية مجالس في فنّ واحد، وخرج لشيخه أبي غالب ابن البناء أحد عشر مشيخة، ومشيخة لشيخه أبي المعالي عبد الله بن أحمد الحلواني الأصولي في جزءين، وخرّج أربعين حديثا مساواة الإمام أبي عبد الله الفراوي في جزء. ومصافحة لأبي سعد السمعاني أربعين حديثا في جزء. وخرّج لشيخه الإمام أبي الحسن السلمي سبعة مجالس وتكلم عليها. وجزء آخر ما صنعه تكميل الانصاف والعدل بتعجيل الاسعاف بالعزل. وكتاب فيه ذكر ما وجدت في سماعي مما يلتحق بالجزء الرباعي. ووجدت في أصوله علامات له على مصنفات عدة منها: كتاب الابدال ولو تم كان مقداره مائتي جزء أو أكثر. وكتاب فضل الجهاد. ومسند مكحول وأبي حنيفة. وكتاب فضل مكة. وكتاب فضل المدينة. وكتاب فضل البيت «3» المقدس. وكتاب فضل قريش وأهل البيت والأنصار والأشعريين وذم الرافضة. وكتاب كبير في الصفات، وأشياء غير ذلك تبلغ عدتها أربعين مصنفا. ولما أملى رحمه الله في فضائل الصديق رضي الله عنه سبعة مجالس ثم قطعها باملاء مجالس في ذم اليهود وتخليدهم في النار فجاء إليه صديقنا أبو علي ابن رواحة وقال له: رأيت الصديق في النوم وهو راكب على راحلة فقلت: يا خليفة رسول الله قد أملى علينا الحافظ أبو القاسم سبعة مجالس في فضائلك، فأشار إليّ بأصابعه الأربع، فقال له والدي: قد بقي عندي مما خرجته ولم أمله أربعة مجالس، فأملاها، ثم أملى في كلّ واحد من الخلفاء أحد عشر مجلسا. وكان رحمه الله مواظبا على صلاة الجماعة، ملازما لقراءة القرآن، وكان يختم الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1701 في رمضان والعشر كلّ يوم ختمة، ولم ير إلا في الاشتغال بعلم وعبادة يحاسب نفسه على لحظة. وكنت أسمع والدي يحكي أن أباه رأى في منامه رؤيا ووالدي حمل أنه يولد لك مولود يحيى الله به السنة. ولما قدم إلى بغداد أعجب به البغداديون وقالوا: قدم علينا من دمشق ثلاثة ما رأينا مثلهم: الشيخ يوسف الدمشقي، والصائن أبو الحسين هبة الله بن الحسن، وأخوه أبو القاسم. وحدثني أبي رحمه الله قال: كنت يوما أقرأ على شيخنا أبي الفتح المختار بن عبد الحميد وهو يتحدث مع جماعة بالعجمية فقال: قدم علينا الوزير أبو علي فقلنا ما رأينا مثله، ثم قدم علينا أبو سعد ابن السمعاني فقلنا ما رأينا مثله، حتى قدم علينا هذا فلم نر مثله. وقال لنا صاحبه الحافظ أبو المواهب الحسن بن هبة الله بن صصرى، قال الحافظ أبو العلاء الحسن بن أحمد المقرىء الأديب اللغوي إمام همذان وتلك الديار- غير مدافع: أنا أعلم أنه لا يساجل الحافظ أبا القاسم في شأنه أحد، فلو خالط الناس ومازجهم كما أصنع إذن لا جتمع عليه المخالف والموالف. وقال لي يوما آخر: أيّ شيء فتح له وكيف برّ الناس له؟ فقلت: هو بعيد من هذا كله، لم يشتغل منذ أربعين سنة إلا بالجمع والتصنيف والمطالعة والتسميع حتى في نزهه وخلواته فقال: الحمد الله، هذا ثمرة العلم، إلا أنّا قد فتح لنا ما حصّلنا به الدار والكتب وبناء المسجد ما يقرب من اثني عشر ألف دينار، هذا يدلّ على قلّة حظوظ العلماء في بلادكم. ثم قال لي: ما كنا نسمي الشيخ أبا القاسم ببغداد إلا شعلة نار من توقده وذكائه وحسن إدراكه. قال، وقال لي والدي: لم أر بدمشق أفهم للحديث من أبي محمد ابن الأكفاني، ولا ببغداد مثل أبي الفضل محمد بن ناصر وأبي عامر العبدري، وكان العبدري أحفظهما، ولم أر بخراسان مثل أبي القاسم الشحامي، ولا بأصبهان مثل أبي القاسم التيمي الحافظ وأبي نصر البوياري «1» فقلت له: ما إخالك إلا أفضل منهما فسكت؛ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1702 هذا آخر ما نقلت من هذا الجزء الذي ألفه ابنه وتركت منه ما اختصرته. وكان الحافظ ابو القاسم ابن عساكر يقول شعرا ليس بالقوي، وسمعه تاج الدين أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي النحوي اللغوي فقال: هذا شعر أضاع فيه صاحبه شيطانه. قال السمعاني في «المذيّل» وأنشدني الحافظ أبو القاسم بالمزة من أرض دمشق «1» : أيا نفس ويحك جاء المشيب ... فماذا التصابي وماذا الغزل تولّى شبابي كأن لم يكن ... وجاء مشيبي كأن لم يزل فيا ليت شعري ممن أكون ... وما قدّر الله لي في الأزل قال السمعاني: وأنشدني لنفسه ببغداد «2» : وصاحب خان ما استودعته وأتى ... ما لا يليق بأرباب الديانات وأظهر السرّ مختارا بلا سبب ... وذاك والله من أوفى الجنايات أما أتاه عن المختار في خبر ... أن المجالس تغشى بالأمانات قال السمعاني: وأنشدني لنفسه بنيسابور: لا قدّس الله نيسابور من بلد ... ما فيه من صاحب يسلي ولا سكن لولا الجحيم الذي في القلب من حرق ... لفرقة الأهل والأحباب والوطن لمت من شدة البرد الذي ظهرت ... آثار شدّته في ظاهر البدن يا قوم دوموا على عهد الهوى وثقوا ... منّي على العهد لم أغدر ولم أخن ولا تدبرت عيشي بعد بعدكم ... إلا تمثلت بيتا قيل من زمن «فإن أعش فلعلّ الله يجمعنا ... وإن أمت فقتيل الهمّ والحزن» الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1703 [744] علي بن الحسن بن إسماعيل بن أحمد بن جعفر بن محمد بن صالح بن حسان بن حصن بن معلى بن أسد بن عمرو بن مالك بن عامر بن معاوية بن عبد الله بن مالك بن عامر بن الحارث بن أنمار بن وديعة بن الكيد بن أفصى بن عبد القيس بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن لبد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان أبو الحسن العبدري، من أهل البصرة، يعرف بابن المعلمة «1» : هكذا أملى نسبه عليّ جماعة، وهو شيخ فاضل له معرفة بالأدب والعروض، وله كتب وتصانيف في ذلك، ويقول الشعر ويترسل. مات بالبصرة في رابع عشر شعبان سنة تسع وتسعين وخمسمائة ومولده سنة أربع وعشرين وخمسمائة؛ سمع بالبصرة أبا محمد جابر بن محمد الأنصاري وأبا العز طلحة بن علي بن عمر المالكي وأبا الحسن علي بن عبد الله بن عبد الملك الواعظ وأبا إسحاق إبراهيم بن عطية الشافعي إمام الجامع بالبصرة وغيرهم، وقرأ بها الأدب على أبي علي الأحمر وأبي العباس ابن الحريري وأبي العز ابن أبي الدنيا، وقدم بغداد مرارا وسمع بها من أبي الكرم المبارك بن الحسن الشهرزوري وأبي الفضل محمد بن ناصر السلامي وأبي بكر الزاغوني وغيرهم، وعاد إلى بلده، وخرّج لنفسه فوائد في عدة أجزاء عن شيوخه وحدّث بها، وأقرأ الناس الأدب. وكان متحققا بعلم العروض، ونعم الشيخ، كان محمود الطريقة. قال أبو عبد الله: أنشدني أبو الحسن علي بن الحسن العبدري لنفسه: شيمتي أن أغضّ طرفي في الدا ... ر إذا ما دخلتها لصديق وأصون الحديث أودعه صو ... ني سرّي ولا أخون رفيقي   [744]- سقطت هذه الترجمة من ك: وقد وردت ترجمة أبي الحسن العبدري في التكملة للمنذري 1: 462 وابن الساعي 9: 112 ومختصر ابن الدبيثي 3: 123 وانباه الرواة 2: 242 ومرآة الزمان 8: 516 وذيل الروضتين: 35 والوافي (خ) . الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1704 قال: وأنشدني أيضا لنفسه: لا تسلك الطرق إذا أخطرت ... فإنها تفضي إلى المهلكه قد أنزل الله تعالى «ولا ... تلقوا بأيديكم إلى التّهلكه» . [745] علي بن الحسين بن علي المسعودي المؤرخ أبو الحسن، من ولد عبد الله بن مسعود صاحب النبيّ صلّى الله عليه وسلّم. ذكره محمد بن إسحاق النديم فقال: هو من أهل المغرب، مات فيما بلغني في سنة ست وأربعين وثلاثمائة بمصر. قال مؤلف الكتاب: وقول محمد بن إسحاق إنه من أهل المغرب غلط، لأن المسعودي ذكر في السفر الثاني من كتابه المعروف ب «مروج الذهب» وقد عدّد فضائل الأقاليم ووصف هواءها واعتدالها وانحرافها ثم قال «1» : «وأوسط الأقاليم إقليم بابل الذي مولدنا به، وإن كانت ريب الأيام أنأت «2» بيننا وبينه، وساحقت مسافتنا عنه، وولّدت في قلوبنا الحنين إليه، إذ كانت وطننا ومسقطنا، وقد كان هذا الأقليم عند ملوك الفرس جليلا «3» ، وكانوا يشتون بالعراق ويصيفون بالجبال «4» ، فقال أبو دلف العجلي: إني امرؤ كسرويّ الفعال ... أصيف الجبال وأشتو العراقا   [745]- ترجمة المسعودي المؤرخ في الفهرست: 171 وسير الذهبي 15: 569 وعبر الذهبي 2: 269 والفوات 3: 14 وطبقات الشافعية 3: 456 ولسان الميزان 4: 224 والنجوم الزاهرة 3: 315 والشذرات 2: 371 ورجال النجاشي: 178 وبروكلمان (الترجمة العربية) 3: 57 وكتاب الدكتور طريف الخالدي Muslim Historiography وكتاب أحمد شبول) Al Masudians and his World لندن 1979) . الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1705 وقد كانت الأوائل تشبهه بالقلب في الجسد لأن أرضه هي التي كشفت الآراء عن أهله بحكمة الأمور كما يرتفع ذلك عن القلب، ولذلك اعتدلت ألوان أهله وامتدت أجسامهم، فسلموا من شقرة الروم والصقالبة وسواد الحبشة وغلظ البربر، واجتمعت فيهم محاسن جميع الأقطار. وكما اعتدلوا في الخلقة لطفوا في الفطنة. وأشرف هذه الأقاليم مدينة السلام. وأعزز «1» عليّ بما أصارتني إليه الأقدار من فراق هذا المصر الذي عن بقعته فصلنا، لكنه الدهر الذي من شيمته التشتيت والزمن الذي من شرطته الآفات، ولقد أحسن أبو دلف في قوله: أيا نكبة الدهر التي طوّحت بنا ... أيادي سبا في شرقها والمغارب ومن علامة وفاء المرء دوام عهده وحنينه إلى إخوانه، وشوقه إلى أوطانه، ومن علامة الرشد أن تكون النفس إلى مولدها تائقة، وإلى مسقط رأسها شائقة» . فهذا يدلك على أن الرجل بغداديّ الأصل وإنما انتقل إلى ديار مصر فأقام فيها، وهو يحكي في كتبه كثيرا ويقول: رأيت أيام كوني بمصر كيت وكيت. وله من الكتب: كتاب مروج الذهب ومعادن الجوهر في تحف الأشراف والملوك «2» . كتاب ذخائر العلوم وما كان في سالف الدهور. كتاب الرسائل. كتاب الاستذكار لما مرّ في سالف الأعصار. كتاب التاريخ في أخبار الأمم من العرب والعجم. كتاب التنبيه والاشراف «3» . كتاب خزائن الملك وسرّ العالمين. كتاب المقالات في أصول الديانات. كتاب أخبار الزمان ومن أباده الحدثان. وكتاب البيان في أسماء الأئمة. وكتاب أخبار الخوارج. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1706 [746] علي بن الحسين بن محمد بن الهيثم بن عبد الرحمن بن مروان بن عبد الله بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، أبو الفرج الأصبهاني العلامة النساب الأخباري الحفظة الجامع بين سعة الرواية والحذق في الدراية: لا أعلم لأحد أحسن من تصانيفه في فنّها وحسن استيعاب ما يتصدّى لجمعه، وكان مع ذلك شاعرا مجيدا، مات في رابع عشر ذي الحجة سنة ست وخمسين وثلاثمائة في خلافة المطيع لله ومولده سنة أربع وثمانين ومائتين. روى عن أبي بكر ابن دريد وأبي بكر ابن الانباري والفضل بن الحباب الجمحي وعلي بن سليمان الأخفش وإبراهيم نفطويه. وجدت على الهامش بخط المؤلف تجاه وفاته ما صورته: وفاته هذه فيها نظر وتفتقر إلى تأمّل لأنه ذكر في «كتاب أدب الغرباء» من تأليفه: حدثني صديق قال: قرأت على قصر معزّ الدولة بالشماسية: يقول فلان بن فلان الهروي: حضرت هذا الموضع في سماط معز الدولة، والدنيا عليه مقبلة وهيبة الملك عليه مشتملة، ثم عدت إليه في سنة اثنتين وستين وثلاثمائة فرأيت ما يعتبر به اللبيب يعني من الخراب. وذكر في موضع آخر من كتابه هذا قصة له مع صبيّ كان يحبه ذكرتها بعد هذا يذكر فيها موت معزّ الدولة وولاية ابنه بختيار، وكان ذلك في سنة ست وخمسين وثلاثمائة ويزعم في تلك الحكاية أنه كان في عصر شبابه، فلا أدري ما هذا الاختلاف. (آخر ما كان على الهامش) . وقال الوزير أبو القاسم الحسين بن علي المغربي في مقدمة ما انتخبه من كتاب الأغاني الذي ألفه أبو الفرج الأصبهاني إن أبا الفرج أهدى كتاب الأغاني إلى   [746]- ترجمة أبي الفرج الأصبهاني في الفهرست: 127- 128 وتاريخ بغداد 11: 398 واليتيمة 3: 114 وتاريخ أصبهان 2: 11 والمنتظم 7: 40 وإنباه الرواة 2: 251 وابن خلكان 3: 307 وابن الأثير 8: 581 وعبر الذهبي 2: 305 وميزان الاعتدال 3: 123 وسير الذهبي 16: 201 ومرآة الجنان 2: 359 والبداية والنهاية 11: 263 ولسان الميزان 4: 221 والنجوم الزاهرة 4: 15 والشذرات 3: 19؛ وقد طبع كتابه الأغاني عدة مرات كما طبع من كتبه، أدب الغرباء (المنسوب إليه) وما تبقى من كتاب الاماء الشواعر وكتاب مقاتل الطالبيين. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1707 سيف الدولة ابن حمدان فأعطاه ألف دينار، وبلغ ذلك الصاحب أبا القاسم بن عباد فقال: لقد قصّر سيف الدولة وإنه يستأهل أضعافها، ووصف الكتاب فأطنب ثم قال: ولقد اشتملت خزائني على مائتين وستة آلاف مجلد ما منها ما هو سميري غيره ولا راقني منها سواه. قال: وقال أبو القاسم عبد العزيز بن يوسف كاتب عضد الدولة: لم يكن كتاب الأغاني يفارق عضد الدولة في سفره ولا حضره، وانه كان جليسه الذي يأنس إليه وخدينه الذي يرتاح نحوه. قال: وقال أبو محمد المهلبي: سألت أبا الفرج في كم جمعت هذا الكتاب؟ فقال في خمسين سنة، قال: وانه كتبه مرة واحدة في عمره، وهي النسخة التي أهداها إلى سيف الدولة. قال المؤلف: ولعمري إن هذا الكتاب لجليل القدر شائع الذكر، جمّ الفوائد عظيم العلم، جامع بين الجد البحت والهزل النحت، وقد تأملت هذا الكتاب وعنيت به وطالعته مرارا وكتبت منه نسخة بخطّي في عشر مجلدات، ونقلت منه إلى كتابي الموسوم ب «أخبار الشعراء» فأكثرت، وجمعت تراجمه فوجدته يعد بشيء ولا يفي به في غير موضع منه، كقوله في أخبار أبي العتاهية: «وقد طالت أخباره هاهنا وسنذكر خبره مع عتبة في موضع آخر» ولم يفعل. وقال في موضع آخر: «أخبار أبي نواس مع جنان إذ كانت سائر أخباره قد تقدّمت» ولم يتقدم شيء، إلى أشباه لذلك. والأصوات المائة هي تسع وتسعون، وما أظنّ إلا أن الكتاب قد سقط منه شيء أو يكون النسيان غلب عليه والله أعلم. قال المؤلف: وتصانيفه كثيرة، وهذا الذي يحضرني منها: كتاب الأغاني الكبير. كتاب مجرد الأغاني. كتاب التعديل والانتصاف في أخبار القبائل وأنسابها، لم أره وبودّي لو رأيته، ذكره هو في كتاب الأغاني. كتاب مقاتل الطالبيين. كتاب أخبار القيان. كتاب الاماء الشواعر. كتاب المماليك الشعراء. كتاب أدب الغرباء. كتاب الديارات. كتاب تفضيل ذي الحجة. كتاب الأخبار والنوادر. كتاب أدب السماع. كتاب أخبار الطفيليين. كتاب مجموع الأخبار والآثار. كتاب الخمارين والخمارات. كتاب الفرق والمعيار في الأوغاد والأحرار، وهي رسالة عملها في الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1708 هارون بن المنجم. كتاب دعوة التجار. كتاب أخبار جحظة البرمكي. كتاب جمهرة النسب. كتاب نسب بني عبد شمس. كتاب نسب بني شيبان. كتاب نسب المهالبة. كتاب نسب بني تغلب. كتاب الغلمان المغنين. كتاب مناجيب الخصيان، عمله للوزير المهلبي في خصيين مغنيين كانا له. وله بعد تصانيف جياد فيما بلغني كان يصنفها ويرسلها إلى المستولين على بلاد المغرب من بني أمية وكانوا يحسنون جائزته لم يعد منها إلى الشرق إلا القليل، والله أعلم. وحدث الرئيس أبو الحسين هلال بن المحسن بن إبراهيم بن هلال «1» الصابىء في الكتاب الذي ألفه في «أخبار الوزير أبي محمد المهلبي» واسمه الحسن بن محمد بن هارون بن إبراهيم بن عبد الله بن زيد بن حاتم بن قبيصة بن المهلب بن أبي صفرة، وزير معز الدولة بن بويه الديلمي قال: وكان أبو الفرج الأصفهاني صاحب «كتاب الأغاني» من ندماء الوزير أبي محمد الخصّيصين به، وكان وسخا قذرا لم يغسل له ثوبا منذ فصّله إلى أن قطّعه، وكان المهلبي شديد التقشّف عظيم التنطّس، وكان يحتمل له ذلك لموضعه من العلم. فقال فيه: كان أبو الفرج علي بن الحسين الاصفهاني، وكان أمويّ النسب، غزير الأدب عالي الرواية حسن الدراية، وله تصنيفات منها «كتاب الأغاني» وقد أورد فيه ما دلّ به على اتساع علمه وكثرة حفظه، وله شعر جيد، إلا أنه في الهجاء أجود وإن كان في غيره غير متأخر. وكان الناس على ذلك العهد يحذرون لسانه ويتقون هجاءه، ويصبرون في مجالسته ومعاشرته ومواكلته ومشاربته على كلّ صعب من أمره، لأنه كان وسخا في نفسه ثم في ثوبه وفعله حتى إنه لم يكن ينزع دراعة يقطعها إلا بعد بلائها وتقطيعها، ولا يعرف لشيء من ثيابه غسلا، ولا يطلب منه في مدة بقائه عوضا؛ فحدثني جدي، وسمعت هذا الخبر من غيره، لأنه متفاوض متعاود، أن أبا الفرج كان جالسا في بعض الأيام على مائدة أبي محمد المهلبي، فقدّمت سكباجة وافقت من أبي الفرج سعلة، فبدرت من فمه قطعة من بلغم فسقطت وسط الغضارة، فتقدم أبو محمد برفعها وقال: هاتوا من هذا اللون في غير هذه الصحفة ولم يبن في وجهه إنكار ولا استكراه، ولا داخل أبا الفرج في هذه الحال استحياء ولا انقباض؛ هذا إلى ما يجري هذا المجرى على مضيّ الأيام. وكان الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1709 أبو محمد عزوف النفس بعيدا من الصبر على مثل هذه الأسباب، إلا أنه كان يتكلّف احتمالها لورودها من أبي الفرج، وكان من ظرفه في فعله ونظافته في مأكله أنه كان إذا أراد أكل شيء بملعقة كالأرز واللبن وأمثاله وقف من جانبه الأيمن غلام معه نحو ثلاثين ملعقة زجاجا مجرودا، وكان يستعمله كثيرا، فيأخذ منه ملعقة يأكل بها من ذلك اللون لقمة واحدة، ثم يدفعها إلى غلام آخر قائم من الجانب الأيسر، ثم يأخذ أخرى فيفعل بها فعل الأولى، حتى ينال الكفاية، لئلّا يعيد الملعقة إلى فيه دفعة ثانية، فلما كثر على المهلبي استمرار ما قدّمنا ذكره جعل له مائدتين إحداهما كبيرة عامّة وأخرى لطيفة خاصة وكان يواكله عليها من يدعوه إليها. قال مؤلف الكتاب: وقد ذكر مثل هذا عن أبي رياش أحمد بن إبراهيم اللغوي وقد ذكرناه في بابه. قال هلال: وعلى صنع أبي محمد بأبي الفرج ما كان يصنعه فما خلا من هجوه، قال فيه «1» : أبعين مفتقر إليك رأيتني ... بعد الغنى فرميت بي من حالق لست الملوم أنا الملوم لأنني ... أمّلت للإحسان غير الخالق قال ابن الصابىء: وحدثني جدي أيضا قال: قصدت أنا وأبو علي الأنباري وأبو العلاء صاعد دار أبي الفرج لقضاء حقه وتعرّف خبره من شيء وجده، وموقعها على دجلة في المكان المتوسط بين درب سليمان ودرب دجلة وملاصقة لدار أبي الفتح البريدي، وصعد بعض غلماننا لإيذانه بحضورنا، فدقّ الباب دقا عنيفا حتى ضجر من الدقّ وضجرنا من الصبر، قال: وكان له سنّور أبيض يسميه يققا ومن رسمه إذا قرع الباب قارع أن يخرج ويصيح إلى أن يتبعه غلام أبي الفرج لفتح الباب، أو هو نفسه، فلم نر السنور في ذلك اليوم، فأنكرنا الأمر وازددنا تشوّقا إلى معرفة الخبر، فلما كان بعد أمد طويل صاح صائح أن «نعم» ، ثم خرج أبو الفرج ويده متلوثة بما ظنناه شيئا كان يأكله، فقلنا له: عققناك بأن قطعناك عما كان أهمّ من قصدنا إياك، فقال: لا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1710 والله يا ساداتي ما كنت على ما تظنون، وإنما لحق يققا- يعني سنوره- قولنج فاحتجت إلى حقنه، فأنا مشغول بذلك، فلما سمعنا قوله ورأينا الفعل في يده ورد علينا أعظم مورد من أمره، لتناهيه في التذارة إلى ما لا غاية بعده، وقلنا: ما يجوز أن نصعد إلى عندك فنعوقك عن استتمام ما أنت فيه، وإنما جئناك لتعرّف خبرك، وقد بلغنا ما أردناه، وانصرفنا. قال: واختاره في كل شيء نديما «1» ، وكانت صحبته له قبل الوزارة وبعدها إلى أن فرقّ بينهما الموت. وكتب أبو الفرج إلى المهلبي يشكو الفأر ويصف الهرّ: يا لحدب الظهور قعص الرقاب ... لدقاق الأنياب والأذناب خلقت للفساد مذ خلق الخل ... ق وللعيث والأذى والخراب ناقبات في الأرض والسقف والحي ... طان نقبا أعيا على النّقّاب آكلات كلّ المآكل لا تأ ... منها شاربات كلّ الشراب آلفات قرض الثياب وقد يع ... دل قرض القلوب قرض الثياب زال همي منهنّ أزرق ترك ... يّ السبالين أنمر الجلباب ليث غاب خلقا وخلقا فمن لا ... ح لعينيه خاله ليث غاب ناصب طرفه إزاء الزوايا ... وإزاء السقوف والأبواب ينتضي الظفر حين يظفر للصي ... د وإلا فظفره في قراب لا يري أخبثيه عينا ولا يع ... لم ما جنتّاه غير التراب قرطقوه وشنّفوه وحلّو ... هـ أخيرا وأولا بالخضاب فهو طورا يمشي بحلي عروس ... وهو طورا يخطو على عنّاب حبذا ذاك صاحبا هو في الصح ... بة أوفى من أكثر الأصحاب وحدث القاضي أبو علي المحسن بن علي التنوخي في «كتاب نشوار المحاضرة» قال «2» : ومن طريف أخبار العادات أني كنت أرى أبا الفرج علي بن الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1711 الحسين الأصفهاني الكاتب نديم أبي محمد المهلبي صاحب الكتب المصنفة في الأغاني والقيان وغير ذلك دائما إذا ثقل الطعام في معدته، وكان أكولا نهما، يتناول خمسة دراهم فلفلا مدقوقا فلا تؤذيه ولا تدمعه، وأراه يأكل حمّصة واحدة أو يصطبغ بمرقة قدر فيها حمص فيشرى «1» بدنه كله من ذلك، وبعد ساعة أو ساعتين يفصد، وربما فصد لذلك دفعتين، وأسأله عن سبب ذلك فلا يكون عنده علم منه. وقال لي غير مرة: إنه لم يدع طبيبا حاذقا على مرور السنين إلا سأله عن سببه فلا يجد عنده علما ولا دواء. فلما كان قبل فالجه بسنوات ذهبت عنه العادة في الحمص فصار يأكله فلا يضرّه وبقيت عليه عادة الفلفل. ومن «كتاب الوزراء» لهلال بن المحسن «2» : وحدث أبو الفرج علي بن الحسين الأصفهاني قال: سكر الوزير أبو محمد المهلبي ليلة ولم يبق بحضرته من ندمائه غيري فقال لي: يا أبا الفرج، أنا أعلم أنك تهجوني سرّا فاهجني الساعة جهرا، فقلت: الله الله أيها الوزير فيّ، إن كنت قد مللتني انقطعت، وان كنت تؤثر قتلي فبالسيف إذا شئت. قال: دع ذا لا بدّ أن تهجوني. وكنت قد سكرت فقلت: أير بغل بلولب فقال في الحال مجيزا: في حر ام المهلّبي هات مصراعا آخر، فقلت: الطلاق لازم للأصفهاني إن زاد على هذا وان كان عنده زيادة. قرأت بخط أبي علي المحسن بن هلال الصابىء صاحب الشامة لأبي الفرج الأصفهاني يهجو أبا الحسن طازاد النصراني الكاتب: طازاد مشتقّ من الطيز ... فعدّ عن ذكر فتى الخوز كأن رجليه إذا ما مشى ... مخنّث يلعب بالشيز قرأت بخط هلال بن المظفر الكاتب الزنجاني، حدثني الأستاذ أبو المظفر الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1712 عبد الغفار بن غنيمة قال: كان أبو الفرج الكاتب الأصبهاني صاحب «كتاب الأغاني» كاتبا لركن الدولة حظيا عنده محتشما لديه، وكان يتوقع من الرئيس أبي الفضل ابن العميد أن يكرمه ويبجله ويتوفر عليه في دخوله وخروجه، وعدم ذلك منه فقال: مالك موفور فما باله ... أكسبك التيه على المعدم ولم إذا جئت نهضنا وإن ... جئنا تطاولت ولم تتمم وإن خرجنا لم تقل مثل ما ... نقول: قدّم طرفه قدّم إن كنت ذا علم فمن ذا الذي ... مثل الذي تعلم لم يعلم ولست في الغارب من دولة ... ونحن من دونك في المنسم وقد ولينا وعزلنا كما ... أنت فلم نصغر ولم تعظم تكافأت أحوالنا كلّها ... فصل على الإنصاف أو فاصرم وقد روى أبو حيان في «كتاب الوزيرين» «1» من تصنيفه من خبر هذه الأبيات غير هذا وقد ذكرناها في أخبار ابن العميد من هذا الكتاب. قرأت في بعض المجاميع لأبي الفرج الأصبهاني: حضرتكم دهرا وفي الكم تحفة ... فما أذن البواب لي في لقائكم إذا كان هذا حالكم يوم أخذكم ... فما حالكم تالله يوم عطائكم قال ابن عبد الرحيم: حدثني أبو نصر الزجاج قال: كنت جالسا مع أبي الفرج الأصبهاني في دكان في سوق الوراقين، وكان أبو الحسن علي بن يوسف بن البقال الشاعر جالسا عند أبي الفرج ابن الخراز الوراق وهو ينشد أبيات إبراهيم بن العباس الصولي التي يقول فيها: رأى خلّتي من حيث يخفى مكانها ... فكانت قذى عينيه حتى تجلّت فلما بلغ إليه استحسنه وكرره، ورآه أبو الفرج فقال لي: قم إليه فقل له قد الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1713 أسرفت في استحسان هذا البيت، وهو كذاك، فأين موضع الصنعة فيه؟ فقلت له ذاك، فقال: قوله «وكانت قذى عينيه» ، فعدت إليه وعرّفته، فقال: عد إليه فقل له: أخطأت، الصنعة في قوله «من حيث يخفى مكانها» . قال عبيد الله الفقير إليه مؤلف هذا الكتاب: وقد أصاب كلّ واحد منهما حاقّة الغرض، فإن الموضعين معا غاية في الحسن، وان كان ما ذهب إليه أبو الفرج أحسن. قال أبو الفرج في «كتاب الغرباء» «1» : وخرجت أنا وأبو الفتح أحمد بن إبراهيم بن علي بن عيسى رحمه الله ماضيين إلى دير الثعالب في يوم ذكر أنه من سنة خمس وخمسين وثلاثمائة للنزهة، ومشاهدة اجتماع النصارى هناك، والشرب على نهر يزدجرد الذي يجري على باب هذا الدير، ومعه جماعة من أولاد كتّاب النصارى من أحداثهم، وإذا بفتاة كأنها الدينار المنقوش تتمايل وتنثني كغصن الريحان في نسيم الشمال، فضربت بيدها إلى يد أبي الفتح وقالت: يا سيدي تعال اقرأ هذا الشعر المكتوب على حائط هذا الشاهد «2» فمضينا معها وبنا من السرور بها وبظرفها وملاحة منطقها ما الله به عليم، فلما دخلنا البيت كشفت عن ذراع كأنه الفضة وأومأت إلى الموضع فإذا فيه مكتوب: خرجت يوم عيدها ... في ثياب الرواهب فتنت «3» باختيالها ... كلّ جاء وذاهب لشقائي رأيتها ... يوم دير الثعالب تتهادى بنسوة ... كاعب في كواعب هي فيهم كأنها ال ... بدر بين الكواكب فقلت لها: أنت والله المقصودة بهذه الأبيات، ولم نشكّ أنها كتبت الأبيات، ولم نفارقها بقية يومنا، وقلت فيها «4» هذه الأبيات وأنشدتها إياها ففرحت: الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1714 مرّت بنا في الدير خمصانه ... ساحرة «1» الناظر فتّانه أبرزها الذكران «2» من خدرها ... تعظّم الدير ورهبانه مرت بنا تخطر في مشيها ... كأنما قامتها بانه هبّت لنا ريح فمالت بها ... كما تثنّى غصن ريحانه فتيمت قلبي وهاجت له ... أحزانه قدما وأشجانه وحصلت بينها وبين أبي الفتح عشرة بعد ذلك، ثم خرج إلى الشام وتوفي بها ولا أعرف لها خبرا بعد ذلك. قال أبو الفرج «3» : وكنت انحدرت إلى البصرة منذ سنيّات، فلما وردتها صعدت من الفيض إلى سكّة قريش أطلب منزلا أسكنه لأني كنت غريبا لا أعرف أحدا من أهلها إلا من كنت أسمع بذكره، فدلني رجل على خان فصرت إليه واستأجرت «4» فيه بيتا، وأقمت بالبصرة أياما، ثم خرجت عنها طالبا حصن مهديّ «5» ، وكتبت هذه الأبيات على حائط البيت الذي أسكنه: الحمد لله على ما أرى ... من ضيعتي «6» من بين هذا الورى أصارني الدهر إلى حالة ... يعدم فيها الضيف عندي القرى بدّلت من بعد الغنى حاجة ... إلى كلاب يلبسون الفرا أصبح أدم السوق لي مأكلا ... وصار خبز البيت خبز الشرا وبعد ملكي منزلا مبهجا ... سكنت بيتا من بيوت الكرا فكيف ألفى لاهيا ضاحكا ... وكيف أحظى بلذيذ الكرى سبحان من يعلم ما خلفنا ... وبين أيدينا وتحت الثرى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1715 والحمد لله على ما أرى ... وانقطع الخطب وزال المرا قال أبو الفرج «1» : وكنت في أيام الشبيبة والصبا آلف فتى من أولاد الجند في السنة التي توفي فيها معز الدولة وولي بختيار، وكانت لأبيه حال كبيرة ومنزلة من الدولة ورتبة، وكان الفتى في نهاية حسن الوجه وسلاسة الخلق وكرم الطبع ممن يحبّ الأدب ويميل إلى أهله، ولم يترك قريحته «2» حتى عرف صدرا من العلم وجمع خزانة من الكتب حسنة، فمضت لي معه سير لو حفظت لكانت في كتاب مفرد من مكاتبات ومعاتبات وغير ذلك مما يطول شرحه؛ منها ما يشبه ما نحن فيه أنني جئته يوم جمعة غدوة فوجدته قد ركب إلى الحلبة، وكانت عادته أن يركب إليها في كلّ يوم ثلاثاء ويوم جمعة، فجلست على دكة على باب دار أبيه في موضع فسيح كان عمرها وفرشها، فكنا نجلس عليها للمحادثة إلى ارتفاع النهار ثم ندخل إذا أقمت عنده إلى حجرة لطيفة كانت مفردة له لنجتمع على الشراب والشطرنج وما أشبههما، فطال جلوسي في ذلك اليوم منتظرا له فأبطأ، وتصبّح من أجل رهان كان بين فرسين لبختيار، فعرض لي لقاء صديق فقمت لأمضي ثم أعود إليه، فهجس لي أن كتبت على الحائط الذي كنا نستند إليه هذه الأبيات: يا من أظلّ بباب داره ... ويطول حبسي لانتظاره وحياة طرفك واحوراره ... ومجال صدغك في مداره لا حلت عمري عن هوا ... ك ولو صليت بحرّ ناره وقمت، فلما عاد قرأ الأبيات وغضب من فعلي لئلا يقف عليه «3» من يحتشمه، وكان شديد الكتمان لما بيني وبينه ومطالبا بمثل ذلك، مراقبة لأبيه، إلا أن ظرفه ووكيد محبته لي وميله إليّ لم يدعه حتى أجاب عنها بما كتب تحتها، ورجعت من ساعتي فوجدته في دار أبيه، فاستأذنت عليه، فخرج إليّ خادم لهم فقال: يقول لك لا التقينا حتى تقف على الجواب عن الأبيات فانه تحتها، فصعدت الدكة فإذا تحت الأبيات الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1716 بخطه: ما هذه الشناعة، ومن فسح لك في هذه الإذاعة، وما أوجب خروجك عن الطاعة؟! ولكن أنا جنيت على نفسي وعليك، ملكتك فطغيت، وأطعتك فتعديت، وما أحتشم أن أقول: هذا تعرض للاعراض عنك والسلام. فعلمت أنني قد أخطأت، وسقطت- شهد الله- قوتي وحركتي «1» فأخذتني الندامة والحيرة، ثم أذن لي فدخلت فقبلت يده، فمنعني، وقلت: يا سيدي غلطة غلطتها وهفوة هفوتها فإن لم تتجاوز عنها وتعف هلكت، فقال لي: أنت في أوسع العذر بعد أن لا يكون لها أخت، وعاتبني على ذلك عتابا عرفت صحته، ولم تمض إلا مديدة حتى قبض على أبيه، وهرب، فاحتاج إلى الاستتار، فلم يأنس هو وأهله إلا بكونه عندي، فأنا على غفلة إذ دخل في خفّ وإزار، وكادت مرارتي تنفطر فرحا، فتلقيته «2» أقبّل رجليه وهو يضحك ويقول: يأتيها رزقها وهي نائمة، هذا يا حبيبي بخت من لا يصوم ولا يصلّي في الحقيقة، وكان أخفّ الناس روحا وأمتعهم «3» لنادرة، وبتنا في تلك الليلة عروسين لا نعقل سكرا، واصطبحنا وقلت هذه الأبيات: بت وبات الحبيب ندماني ... من بعد نأي وطول هجران نشرب قفصيّة معتّقة ... بحانة الشطّ منذ أزمان وكلما دارت الكؤوس لنا ... ألثمني فاه ثم غناني الحمد لله لا شريك له ... أطاعني الدهر بعد عصيان ولم يزل مقيما عندي نحو الشهر حتى استقام أمر أبيه ثم عاد إلى داره. وحدث الحسن بن الحسين النعال قال، قال أبو الفرج الأصبهاني: بلغ أبا الحسن جحظة أن مدرك بن محمد الشيباني الشاعر ذكره بسوء في مجلس كنت حاضره فكتب إليّ: أبا فرج أهجى لديك ويعتدى ... عليّ فلا تحمى لذاك وتغضب لعمرك ما أنصفتني في مودتي ... فكن معتبا إن الأكارم تعتب الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1717 قال أبو الفرج: فكتبت إليه: عجبت لما بلّغت عنّي باطلا ... وظنّك بي فيه لعمرك أعجب ثكلت إذن نفسي وعزّي وأسرتي ... بفقدي ولا أدركت ما كنت أطلب فكيف بمن لا حظّ لي في لقائه ... وسيان عندي وصله والتجنب فثق بأخ أصفاك محض مودة ... تشاكل منها ما بدا والتغيب قال غرس النعمة: حدثني أبي قال، حدثني جدي قال: كان أبو القاسم الجهني القاضي- وأظنه من أهل البصرة وتقلّد الحسبة بها ومنها عرف أبا محمد المهلبي وصحبه- يشتمل على آداب يتميز بها، إلا أنه كان فاحش الكذب، يورد من الحكايات ما لا يعلق بقبول ولا يدخل في معقول، وكان أبو محمد قد ألف ذلك منه، وقد سلك مسلك الاحتمال، وكنا لا نخلو عند حديثه من التعجّب والاستطراف والاستبعاد، وكان ذلك لا يزيده إلا إغراقا في قوله وتماديا في فعله. فلما كان في بعض الأيام جرى حديث النعنع وإلى أيّ حدّ يطول، فقال الجهني: في البلد الفلاني نعنع يتشجّر حتى يعمل من خشبه السلاليم، فاغتاظ أبو الفرج الأصبهاني من ذاك وقال: نعم عجائب الدنيا كثيرة، ولا يدفع مثل هذا، وليس بمستبدع، وعندي ما هو أعجب من هذا وأغرب، وهو زوج حمام راعبيّ يبيض في نيّف وعشرين يوما بيضتين، فأنتزعهما من تحته وأضع مكانهما صنجة مائة وصنجة خمسين، فإذا انتهى مدة الحضان تفقست الصنجتان عن طست وإبريق أو سطل وكرنيب، فعمّنا الضحك، وفطن الجهنّي لما قصده أبو الفرج من الطنز، وانقبض عن كثير مما كان يحكيه ويتسمّح فيه، وإن لم يخل في الأيام من الشيء بعد الشيء منه. ومن عجيب ما مرّ بي من الكذب حكاية أوردها غرس النعمة عقيب هذه، قال: كان لوالدي تاجر يعرف بأبي طالب وكان معروفا بالكذب، فأذكر وقد حكى في مجلسه، والناس حضور عنده، أنه كان في معسكر محمود بن سبكتكين صاحب خراسان ببخارى معه، وقد جاء من البرد أمر عظيم جمد منه المري حتى قدّ وفري وعملت منه خفاف، وأن الناس كانوا ينزلون في المعسكر فلا يسمع لهم صوت ولا حديث ولا حركة حتى ضرب الطبل في أوقات الصلوات، فإذا أصبح الناس وطلعت الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1718 الشمس وحميت ذاب ذلك الكلام، فسمعت الأصوات الجامدة منذ أمس من أصوات الطبول والبوقات وحديث الناس وصهيل الخيل ونهيق الحمير ورغاء الابل. قرأت على ظهر جزء من نسخة بكتاب الأغاني لأبي الفرج: حدث ابن عرس الموصلي- وكان المترسل بين عز الدولة وبين أبي تغلب ابن ناصر الدولة، وكان يخلف أبا تغلب بالحضرة- قال: كتب إليّ أبو تغلب يأمرني بابتياع «كتاب الأغاني» لأبي الفرج الأصبهاني، فابتعته له بعشرة آلاف درهم من صرف ثمانية عشر درهما بدينار، فلما حملته إليه ووقف عليه ورأى عظمه وجلالة ما حوى قال: لقد ظلم ورّاقه المسكين، وإنه ليساوي عندي عشرة آلاف دينار، ولو فقد لما قدرت عليه الملوك إلا بالرغائب، وأمر أن تكتب له نسخة أخرى ويخلّد عليها اسمه، فابتدىء بذلك، فما أدري أتمت النسخة أم لا. قال أبو جعفر محمد بن يحيى بن شيرزاد: اتصل بي أن مسوّدة «كتاب الأغاني» - وهي أصل أبي الفرج- أخرجت الى سوق الوراقين لتباع، فأنفذت إلى ابن قرابة وسألته إنفاذ صاحبها لأبتاعها منه لي، فجاءني وعرّفني أنها بيعت في النداء بأربعة آلاف درهم، وأن أكثرها في ظهور وبخطّ التعليق، وأنها اشتريت لأبي أحمد ابن محمد بن حفص، فراسلت أبا أحمد فأنكر أنه يعرف شيئا من هذا، فبحثت كلّ البحث فما قدرت عليها. كان الراضي بالله في سنة سبع وعشرين وثلاثمائة قد ولّى أبا عبد الله البريدي- وكان قد خرج عليه بنواحي البصرة- الوزارة، فتحدث الناس أنّ الراضي إنما قصد بتقليد أبي عبد الله الوزارة طمعا في إيقاع الحيلة عليه في تحصيله، فقال أبو الفرج علي بن الحسين الأصبهاني في ذلك قصيدة طويلة تزيد على مائة بيت يهجو فيها أبا عبد الله ويؤنب الراضي في توليته وطمعه فيه، أولها «1» : يا سماء اسقطي ويا أرض ميدي ... قد تولّى الوزارة ابن البريدي جلّ خطب وحلّ أمر عضال ... وبلاء أشاب رأس الوليد الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1719 هدّ ركن الاسلام وانهتك المل ... ك ومحّت آثاره فهو مودي أخلقت بهجة «1» الزمان كما أن ... هج طول اللباس وشي البرود يقول فيها: وتوهمت أن سيخدعه ذا ... ك فيغتاله اصطياد الصيود هو أزنى مما تقدّر أمّا ... ليس ممن يصاد بالتقليد وانتهت هذه القصيدة إلى أبي عبد الله البريدي، فلما بلغ الى البيت الأخير ضحك وضرب بيديه ورجليه وقال: لو عرف أبو الفرج ما في نفسي وأزال الوحشة وصار إليّ لبالغت في صلته والإفضال عليه من أجل هذا البيت. قال الحميدي: وقد ذكر صاحب «كتاب النشوار» «2» أبو علي المحسن بن علي القاضي أنه حضر مجلس أبي الفرج الأصبهاني صاحب «كتاب الأغاني» فتذاكروا موت الفجاءة، فقال أبو الفرج: أخبرني شيوخنا أن جميع أحوال العالم قد اعترت من مات فجاءة إلّا أنني لم أسمع من مات على منبر؛ قال أبو علي المحسن: وكان معنا في مجلس أبي الفرج شيخ أندلسيّ قدم من هناك لطلب العلم ولزم أبا الفرج يقال له أبو زكريا يحيى بن مالك بن عائذ «3» ، وكنت أرى أبا الفرج يعظّمه ويكرمه ويذكر ثقته، فأخبرنا أبو زكريا أنه شاهد في مسجد الجامع ببلدة من الأندلس خطيب البلد وقد صعد يوم الجمعة ليخطب فلما بلغ يسيرا من خطبته خرّ ميتا فوق المنبر حتى أنزل به، وطلب في الحال من رقي المنبر فخطب وصلّى الجمعة بنا. إلّا أنّ أبا علي قلب نسبة أبي زكريا فقال: يحيى بن عائذ بن مالك الأندلسي، والصواب ما قلنا. قال الثعالبي «4» : ومن قوله في المهلبي: الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1720 ولما انتجعنا عائذين «1» بظلّه ... أعان وما عنّى ومنّ وما منّا وردنا عليه مقترين فراشنا ... وردنا نداه مجدبين فأخصبنا وقوله من قصيدة يهنئه بمولود من سرّية رومية «2» : اسعد بمولود أتاك مباركا ... كالبدر أشرق جنح ليل مقمر سعد لوقت سعادة جاءت به ... أمّ حصان من بنات الأصفر متبخبخ في ذروتي شرف العلى ... بين المهلّب منتماه وقيصر شمس الضحى قرنت إلى بدر الدجى ... حتى إذا اجتمعا أتت بالمشتري وأنشد له فيه عيدية «3» : إذا ما علا في الصدر للنهي «4» والأمر ... وبثّهما في النفع منه وفي الضرّ وأجرى ظبا أقلامه وتدفقت ... بديهته كالمستمدّ من البحر رأيت نظام الدرّ في نظم قوله ... ومنثوره الرقراق في ذلك النثر ويقتضب المعنى «5» الكثير بلفظة ... ويأتي بما تحوي الطوامير في سطر أيا غرة الدهر ائتنف غرّة الشهر ... وقابل هلال الفطر في ليلة الفطر بأيمن إقبال وأسعد طائر ... وأفضل ما ترجوه من أفسح العمر مضى عنك شهر الصوم يشهد صادقا ... بطهرك فيه واجتنابك للوزر فأكرم بما خطّ الحفيظان منهما ... وأثنى به المثني وأطرى به المطري وزكّتك أوراق المصاحف وانتهى ... إلى الله منها طول درسك والذكر وقبضك كفّ البطش عن كلّ مجرم ... وبطشكها بالعرف والخير والبرّ وقد جاء شوال فشالت نعامة ال ... صيام وأبدلنا النعيم من الضرّ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1721 وضجت حبيس الدنّ من طول حبسها ... ولامت على طول التجنّب والهجر وأبرزها من قعر أسود مظلم ... كاشراق بدر مشرق اللون كالبدر إذا ضمّها والورد فوه وكفّه ... فلا فرق بين اللون والطعم والنشر وتحسبه إذ سلسل الكأس ناظما ... على الكوكب الدرّيّ سمطا من الدرّ وله فيه يهنئه بابلاله من مرض «1» : أبا محمد المحمود يا حسن الاح ... سان والجود يا بحر الندى الطامي حاشاك من عود عوّاد إليك ومن ... دواء داء ومن إلمام آلام وله «2» : يا فرجة الهمّ بعد اليأس من فرج «3» ... يا فرحة الأمن بعد الروع من وهل «4» اسلم ودم وابق واملك وانم واسم وزد ... وأعط وامنع وضر وانفع وصل وصل وله في القاضي الايذجي وكان التمس منه عكازة فلم يعطه إياها «5» : اسمع حديثي تسمع قصة عجبا ... لا شيء أظرف منها «6» تبهر القصصا طلبت عكّازة للوحل تحملني ... ورمتها عند من يخبا العصا فعصا وكنت أحسبه يهوى عصا عصب ... ولم أكن خلته صبّا بكلّ عصا وله من قصيدة يستميح المهلبي «7» : رهنت ثيابي وحال القضاء ... دون القضاء وصدّ القدر وهذا الشتاء كما قد ترى ... عسوف عليّ قبيح الأثر «8» الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1722 يغادي بصرّ من العاصفا ... ت أو دمق مثل وخز الابر «1» وسكان دارك ممن أعو ... ل يلقّين من برده كلّ شرّ فهذي تحنّ وهذي تئنّ ... وأدمع هاتيك تجري درر إذا ما تململن تحت الظلام ... يعلّلن منك بحسن النظر ولا حظن ربعك كالممحلين ... شاموا البروق رجاء المطر يؤمّلن عودي بما ينتظرن ... كما يرتجى آيب من سفر. [747] علي بن الحسين بن هندو أبو الفرج، الكاتب الأديب المنشىء الشاعر: من أهل البراعة ومستخدمي اليراعة وأعيان أهل البلاغة، له رسائل مدوّنة وفضائل متعينة مختارة، يفضّله أهل بلده على كثير من أقرانه. قال أبو عليّ التنوخي: كان أحد كتّاب الإنشاء في ديوان عضد الدولة، قال: وشاهدت عدة كتب كتبها عنه بخطه. وقال أبو الفضل البندنيجي الشاعر: هو من أهل الريّ، قال: وشاهدته بجرجان في سني بضع عشرة وأربعمائة كاتبا بها وأنه مشهور في تلك البلاد بجودة الشعر وكثرة الأدب والفضل. قال أبو جعفر أحمد بن محمد بن سهل الهروي «2» كان أبو الفرج ابن هندو صاحب أبوة في بلده، ولسلفه نباهة بالنيابة «3» وخدمة السلطان هناك، وكان متفلسفا   [747]- ترجمة ابن هندو في اليتيمة 3: 397 وتتمة اليتيمة 1: 134 وذيل تاريخ بغداد 17: 351 وابن أبي أصيبعة 1: 323 والفوات 3: 13 وتاريخ الحكماء للبيهقي: 93. 10 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1723 قرأ كتب الأوائل على أبي الحسن الوائلي بنيسابور ثم على أبي الخير ابن الخمار «1» وورد بغداد في أيام أبي غالب ابن خلف الوزير فخر الملك ومدحه، واتفق اجتماعي معه وأنسي به، وكان يلبس الدراعة على رسم الكتاب، وأنشدني لنفسه «2» : لا يؤيسنّك من مجد تباعده ... فان للمجد تدريجا وترتيبا إن القناة التي شاهدت رفعتها ... تنمي وتنبت أنبوبا فأنبوبا قال أبو الفضل البندنيجي: سمعته ينشد لنفسه: يا سيف إن تدرك بحاشية اللوى ... ثأرا أكن لمديح طبعك ناظما اجعل قرابك فضة مسبوكة ... واصنع عليك من الزبرجد قائما ما أرضعتك صياقلي ماء الردى ... إلا لترضعني الدماء سواجما قال: وحضرت معه في مجلس أبي غانم القصري الناظر، كان، في الدواوين بجرجان على البريد، فعمل بديها ما دفعه إلى المغني فغنى فيه: يا هاجرا لي بغير جرم ... مستبدل الوصل بالصدود أضنيت جسمي فلم تغادر ... مني دليلا على الوجود وله أيضا «3» : كلّ مالي فهو رهن ما له ... من فكاك في مساء وابتكار ففؤادي أبدا رهن هوى ... وردائي أبدا رهن عقار فدع التفنيد يا صاح لنا ... إنما الربح لأصحاب الخسار لو ترى ثوبي مصبوغا بها ... قلت ذمّيّ تبدّى في غيار ولقد أمرح في شرخ الصبا ... مرح المهرة في ثني العذار الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1724 وله أيضا «1» : ضعت بأهل الريّ في أهلها ... ضياع حرف الراء في اللثغه صرت بها بعد بلوغ المنى ... أحمد أن تبلغ بي البلغه وله أيضا: إذا ما عقدنا نعمة عند جاحد ... ولم نره إلا جموحا عن الشكر رجعنا فعفّينا الجميل بضده ... كذاك يجازى صاحب الشرّ بالشر هذا عكس قول ابن الرومي «2» : أحسن إليه إذا أساء فأنتما ... من ذي الجلال بسمع وبمنظر وله أيضا: وكافر بالمعاد أمسى ... يخلبني قوله الخلوب قال اغتنم لذة الليالي ... وعدّ عن آجل يريب ضلّ هواه وجاء يهذي ... طبّ لعينيك يا طبيب أأخطأ العالمون طرّا ... وأنت من بينهم مصيب وله أيضا: كدأبك كلّ لا يرى غير نفسه ... فعش واحدا واضربهم بفراق زمان تجافى أهله فكأنهم ... سيات قسيّ ما لهنّ تلاقي وله أيضا «3» : تعانقنا لتوديع عشاء ... وقد شرقت بمدمعها الحداق وضيقنا العناق لفرط شوق ... فما ندري عناق أم خناق وتحدث أبو الفضل البندنيجي الشاعر قال: كان بابن هندو ضرب من السوداء، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1725 وكان قليل القدرة على شرب النبيذ لأجل ذلك، واتفق أنه كان يوما عند أبي الفتح بن أبي علي حمد كاتب قابوس بن وشمكير وأنا معه، على عادة كانت لنا في الاجتماع، فدخل أبو علي إلى الموضع ونظر إلى ما كان بأيدينا من الكتب وتناشد هو وابن هندو الشعر، وحضر الطعام فأكلنا، وانتقلنا إلى مجلس الشراب، ولم يطق ابن هندو المساعدة على ذلك، فكتب في رقعة كتبها إليه: قد كفاني من المدام شميم ... صالحتني النّهى وثاب الغريم هي جهد العقول سمّي راحا ... مثل ما قيل للّديغ سليم إن تكن جنة النعيم ففيها ... من أذى السكر والخمار جحيم فلما قرأها ضحك وأعفاه من الشرب. وأنشد أبو الفضل له: قالوا اشتغل عنهم يوما بغيرهم ... وخادع النفس إن النفس تنخدع قد صيغ قلبي على مقدار حبهم ... فما لحبّ سواهم فيه متسع وحدث أبو الفضل البندنيجي قال: أنشدت يوما أبا الفتح بن أبي علي حمد قول ابن المعتز «1» : سعى إلى الدنّ بالمبزال يبقره ... ساق توشّح بالمنديل حين وثب لما وجاها بدت صهباء «2» صافية ... كأنّما قدّ سيرا من أديم ذهب ومثله قول ابن سكرة: ثم وجاها بشبا مبزل ... فاستلّ منها وترا مذهبا فقال قول ابن هندو أحسن «3» : وساق تقلّد لما أتى ... حمائل زقّ ملاه شمولا فلله درّك من فارس ... تقلّد سيفا يقدّ العقولا قال: فجاريت ابن هندو من بعد، وقد اجتمعت معه، الأبيات، وقلت له: إن الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1726 قولك «حمائل الزق» فيه بشاعة، وما رأيت أحدا تقلد زقا، فقال: أهل العراق يصرفون الكلام ونحن نورده على أصله. وحدث أبو الفضل البندنيجي قال: كان ابن هندو يشرب يوما عند أبي غانم القصري، واقتصر على أقداح يسيرة ثم أمسك، فسأله الزيادة فلم يفعل، وقال «1» : أرى الخمر نارا والنفوس جواهرا ... فإن شربت أبدت طباع الجواهر فلا تفضحنّ النفس يوما بشربها ... إذا لم تثق منها بحسن السرائر وله أيضا: تعرضت الدنيا بلذة مطعم ... وزخرف موشيّ من اللبس رائق أرادت سفاها أن تموّه قبحها ... على فكر خاضت بحار الدقائق فلا تخدعينا بالسراب فاننا ... قتلنا نهانا في طلاب الحقائق وحدث البندنيجي قال: كان الناس يظنون بمنوجهر بن قابوس ما كان في أبيه من الأدب والفضل، ولم يكن كذلك، فلما انتقل الأمر إليه قصد بما يقصد به مثله، وكان لا يوصل إليه إلا القليل، ولا يتقبل ما يمدح به، ولا يهش لشيء من هذا الجنس لتباعده عنه، وكان مع هذه الحالة فروقة قليل البطش، فمدحه ابن هندو بقصيدة وتأنق فيها وأنشده إياها، فلم يفهمها ولم يثبه عليها، فقال: يا ويح فضلي أما في الناس من رجل ... يحنو عليّ أما في الأرض من ملك لأكرمنّك يا فضلي بتركهم ... وأستهيننّ بالأيام والفلك فقيل لمنوجهر: إنه قد هجاك لأن لقبه كان فلك المعالي، فطلبه ليقتله فهرب إلى نيسابور وانفلت منه. وله «2» : حللت وقاري في شادن ... عيون الأنام به تعقد غدا وجهه كعبة للجمال ... ولي قلبه «3» الحجر الأسود الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1727 [748] علي بن الحسين بن موسى بن محمد بن موسى بن إبراهيم بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، نقيب العلويين، أبو القاسم الملقب بالمرتضى علم الهدى، السيد المشهور بالعلم المعروف بالفهم: ولد سنة خمس وخمسين وثلاثمائة ومات سنة ست وثلاثين وأربعمائة، وهو أكبر من أخيه الرضي. وقال أبو جعفر الطوسي: توحّد المرتضى في علوم كثيرة، مجمع على فضله، مقدم في العلوم مثل: علم الكلام والفقه وأصول الفقه والأدب والنحو والشعر ومعاني الشعر واللغة وغير ذلك، وله ديوان شعر يزيد على عشرة «1» آلاف بيت، وله من التصانيف ومسائل البلدان شيء كثير، يشتمل على ذلك فهرسته، غير أني أذكر أعيان كتبه وكبارها منها: كتاب الشافي في الامامة [وهو نقض] كتاب المغني لعبد الجبار بن أحمد وهو كتاب لم يصنف مثله في الامامة. كتاب الملخص في الأصول لم يتمه. كتاب الذخيرة في الأصول تامّ. وكتاب جمل العلم والعمل تام. وكتاب الغرر [والدرر] وكتاب التنزيه. كتاب المسائل الموصلية الأولى. وكتاب المسائل الموصلية الثانية. كتاب المسائل الموصلية الثالثة. وكتاب المقنع في   [748]- للشريف المرتضى ترجمة في تاريخ بغداد 11: 402 ودمية القصر 1: 299 والذخيرة (القسم الرابع) : 465 والمنتظم 8: 120 وإنباه الرواة 2: 249 وابن الأثير 9: 526 وتتمة اليتيمة 1: 53 وابن خلكان 3: 313 وسير الذهبي 17: 588 والعبر 3: 186 وميزان الاعتدال 3: 124 وعيون التواريخ 12: 204 ومرآة الجنان 3: 55 والبداية والنهاية 12: 53 ولسان الميزان 4: 223 والنجوم الزاهرة 5: 39 وبغية الوعاة 2: 162 (وفيه نقل عن ياقوت) وفهرست الطوسي: 97 (219) والشذرات 3: 256 وروضات الجنات والدرجات الرفيعة: 458 والذريعة 2: 401 ولعبد الرزاق محيي الدين كتاب بعنوان أدب المرتضى (بغداد: 1957) وانظر مقدمة أمالي المرتضى «غرر الفوائد ودرر القلائد» وديوانه في ثلاثة أجزاء (القاهرة: 1958) ومن كتبه المطبوعة أيضا: الشهاب في الشيب والشباب، وكتاب طيف الخيال (1962) وكتاب عصمة الأنبياء ومجموعة من الرسائل في ثلاثة أجزاء. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1728 الغيبة. وكتاب مسائل الخلاف في الفقه لم يتم. كتاب الانتصار فيما انفردت به الامامية. كتاب مسائل مفردات في أصول الفقه. كتاب المصباح في الفقه لم يتم. وكتاب المسائل الطرابلسية الأولى. وكتاب المسائل الأخيرة. وكتاب مسائل أهل مصر الأولى. وكتاب مسائلهم الأخيرة. وكتاب المسائل الحلبية الأولى. وكتاب المسائل الحلبية الأخيرة. كتاب المسائل الناصرية في الفقه. وكتاب المسائل الجرجانية. وكتاب المسائل الطوسية لم يتم. وكتاب البرق. وكتاب طيف الخيال. وكتاب الشيب والشباب. كتاب تتبع أبيات المعاني للمتنبي التي تكلم عليها ابن جني. وكتاب النقض على ابن جني في الحكاية والمحكي. وكتاب نصر «1» الرواية وإبطال القول بالعدد. وكتاب الذريعة في أصول الفقه. وكتاب تفسير قصيدة السيد. وله مسائل مفردات نحو مائة مسألة في فنون شتى. وكتاب المسائل الصيداوية. قال أبو جعفر الطوسيّ: قرأت أكثر هذه الكتب عليه وسمعت سائرها. ومن شعره المذكور في «تتمة اليتيمة» «2» : يا خليليّ من ذؤابة بكر ... في التصابي رياضة الأخلاق غنيّاني بذكرهم تطرباني ... واسقياني دمعي بكأس دهاق وخذا النوم عن جفوني فإني ... قد خلعت الكرى على العشاق وله في ذم المشيب «3» : يقولون لا تجزع من الشيب ضلّة ... وأسهمه إياي دونهم تصمي وما سرّني حلم يفيء إلى الردى ... كفاني ما قبل المشيب من الحلم إذا كان ما يعطيني الحزم سالبا ... حياتي فقل لي كيف ينفعني حزمي وقد جربت نفسي الغداة وقاره ... فما شدّ من وهني ولا سدّ من ثلمي وإنّي مذ أضحى عذاري قراره ... أعاد بلا سقم وأجفى بلا جزم الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1729 وله في مرثية «1» : كم ذا تطيش سهام الموت مخطئة ... عني وتصمي أخلائي وإخواني «2» ولو فطنت وقد أردى الزمان أخي ... علمت أن الذي أصماه أصماني سود وبيض من الأيام لونهما ... لا يستحيل وقد بدّلن ألواني هيهات حكّم فينا أزلم جذع ... يفني الورى بين جذعان وقرحان ذكر غرس النعمة أبو الحسن محمد بن هلال بن المحسن الصابىء في «كتاب الهفوات» قال «3» : اجتاز المرتضى أبو القاسم يوم جمعة على باب جامع المنصور بحيث تباع الغنم، فسمع المنادي يقول: نبيع هذا التيس العلويّ بدينار، فظنّ أنه قصده بذلك، فعاد إلى داره وتألم إلى الوزير مما جرى عليه، فكشف فوجد أن التيس إذا كان في رقبته حلمتان متدليتان سمّي علويا تشبيها بضفيرتي العلويّ المسبلتين على رقبته. نقلت من خط الحافظ الامام أبي نصر عبد الرحيم بن النفيس بن وهبان وفقه الله، قال نقلت من خط الامام أبي بكر محمد بن منصور السمعاني رحمه الله، قال سمعت أبا الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي يقول، سمعت أبا القاسم ابن برهان يقول: دخلت على الشريف المرتضى أبي القاسم العلوي في مرضه الذي توفي فيه فإذا قد حوّل وجهه إلى الجدار، فسمعته يقول: أبو بكر وعمر وليا فعدلا واسترحما فرحما، وأنا أقول ارتدّا بعد أن أسلما؛ قال: فقمت وخرجت فما بلغت عتبة الباب حتى سمعت الزعقة عليه. ومن شعره ما نقلته من خط تاج الاسلام في «المذيل» «4» : وزارت وسادي في المنام خريدة ... أراها الكرى عيني ولست أراها تمانع صبحا أن أراها بناظري ... وتبذل جنحا أن أقبّل فاها ولما سرت لم تخش وهنا ضلالة ... ولا عرف العذّال كيف سراها الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1730 فماذا الذي من غير وعد أتى بها ... ومن ذا «1» على بعد المزار هداها وقالوا عساها بعد زورة باطل ... تزور بلا ريب فقلت عساها وأنشد له فيه «2» : وطرقنني وهنا بأجواز الفلا ... وطروقهنّ على الفلا تخييل في ليلة وافى بها متمنّع ... ودنت بعيدات وجاد بخيل يا ليت زائرنا بفاحمة الدجى ... لم يأت إلا والصباح رسول فقليله وضح الضحى مستكثر ... وكثيره غبش الظلام قليل ما عابه، وبه السرور، زواله ... فجميع ما سرّ القلوب يزول ومن خطه: سمعت أبا العلاء أحمد بن محمد بن الفضل الحافظ بأصبهان يقول: ذكر شيخنا أبو الفضل محمد بن طاهر [المقدسي] «3» الحافظ ونقلت من خطه: سمعت الكيا أبا الحسين يحيى بن الحسين العلوي الزيدي، وكان من نبلاء أهل البيت، ومن المحمودين في صناعة الحديث وغيره من الأصول والفروع، يقول وقد دخل عليه بعض الشعراء فمدحه بقصيدة، فلما خرج قال: يا أبا الفضل، الناس ينظرون إليّ وإلى المرتضى ولا يفرّقون بين الرجلين، المرتضى يدخل عليه من أملاكه كلّ سنة أربعة وعشرون ألف دينار، وأنا آكل من طاحونة لأختي ليس لي معيشة غيرها. قال أبو الفضل المقدسي: وذكر بين يديه يوما الامامية فذكرهم بأقبح ذكر وقال: لو كانوا من الدوابّ لكانوا الحمير، ولو كانوا من الطيور لكانوا الرخم، وأطنب في ذمهم. وبعد مدة دخلت على المرتضى، وجرى ذكر الزيدية والصالحية أيهما أفضل، فقال: يا أبا الفضل تقول أيهما خير ولا تقول أيهما شرّ، فتعجبت من إمامي الشيعة في وقتهما ومن قول كلّ واحد منهما في مذهب الآخر، فقلت: قد كفيتما أهل السنة الوقيعة فيكما. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1731 قرأت بخط الشيخ أبي محمد ابن الخشاب، حدثني الشيخ الصالح أبو صالح قرطاس بن ألطنطاش الظفري الصوفي التركي من لفظه قال: سمعت ابن الرملي يقول وكان مسنّا: حضرت مجلس أبي القاسم المرتضى وأنا إذ ذاك صبيّ، فدخل عليه بعض أكابر الديلم، فتزحزح له وأجلسه معه على سريره، وأقبل عليه مسائلا، فسارّه الديلمي بشيء لم نعلم ما هو، فقال له متضجرا: نعم، وأخذ معه في كلام كأنه مدافعه، فنهض الديلمي، فقال المرتضى بعد نهوضه: أهؤلاء يريدون منا أن نزيل الجبال بالريش؟! وأقبل على من في مجلسه فقال: أتدرون ما قال هذا الديلمي؟ فقالوا: لا يا سيدي، فقال قال: بيّن لي هل صحّ إسلام أبي بكر وعمر؟ قلت أنا رضي الله عنهما. قرأت في بعض كتب «1» الحسن بن جعفر بن عبد الصمد بن المتوكل بخطّه: حدثني الفصيحي النحوي قال: اطلع المرتضى من روشنه فرأى المطرز الشاعر وقد انقطع شراك نعله وهو يصلحه، فقال له: فديت ركائبك، وأشار إلى قصيدته التي أولها: سرى مغرما بالعيس ينتجع الركبا ... يسائل عن بدر الدجى الشرق والغربا ع لى عذبات الجزع من ماء تغلب ... غزال يرى ماء القلوب له شربا إلى قوله: إذا لم تبلّغني إليكم ركائبي ... فلا وردت ماء ولا رعت العشبا فقال مسرعا: أتراها ما تشبه مجلسك وخلعك وشربك؟ أشار بذلك إلى أبياته التي أولها: يا خليليّ من ذؤابة قيس مذكورة في أول ترجمته قيل إنه لما خلع وهب النوم «2» . الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1732 وللمرتضى: تجاف عن الأعداء بقيا فربما «1» ... كفيت فلم تجرح بناب ولا ظفر ولا تبر منهم كلّ عود تخافه ... فإن الأعادي ينبتون مع الدهر. [749] علي بن الحسين بن علي العبسي ، يعرف بابن كوجك الوراق: كان أديبا فاضلا يورّق، سمع بمصر من أبي مسلم محمد بن أحمد كاتب أبي الفضل ابن حنزابة الوزير. صنف كتبا منها كتاب الطنبوريين. كتاب أعز المطالب إلى أعلى المراتب في الزهد، كتب به إلى الشابشتي صاحب «كتاب الديارات» ومات في أيام الحاكم قرابة سنة أربع وتسعين وثلاثمائة وكان بالشام والساحل، ومدح سيف الدولة لما فتح الحدث فقال: رام هدم الإسلام بالحدث المؤ ... ذن بنيانها بهدم الضلال نكلت عنك منه نفس ضعيف ... سلبته القوى رؤوس العوالي فتوقّى الحمام بالنفس والما ... ل وباع المقام بالارتحال ترك الطير والوحوش سغابا ... بين تلك السهول والأجبال ولكم وقعة قريت عفاة ال ... طير فيها جماجم الأبطال وكان أبوه الحسين بن علي من أهل الأدب والشعر. قال الحافظ أبو القاسم الدمشقي: الحسين بن علي بن كوجك أبو القاسم الكوجكي حدث بطرابلس سنة تسع وخمسين وثلاثمائة عن أبي مسعود كاتب حسنون المصري وعن أبيه علي وأبي القاسم ابن المنتاب العراقي، كتب عنه بعض أهل الأدب. وأنشد له هذه الأبيات:   [749]- لوالده الحسين بن علي ترجمة في مصورة ابن عساكر 5: 93 وتهذيبه 4: 346. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1733 وما ذات بعل مات عنها فجاءة ... وقد وجدت حملا دوين الترائب بأرض نأت عن والديها كليهما ... تعاورها الوراث من كلّ جانب فلما استبان الحمل منها تنهنهوا ... قليلا وقد دبوا دبيب العقارب فجاءت بمولود غلام فأحرزت ... تراث أبيه الميت دون الأقارب فلما غدا للمال ربّا ونافست ... لإعجابها فيه عيون الكواعب وكاد يطول الذّرع في القدّ جسمه ... وقارب أسباب النهى والتجارب واصبح مأمولا يخاف ويرتجي ... جميل المحيا ذا عذار وشارب أتيح له عبل الذراعين مخدر ... جريء على أقرانه غير هائب فلم يبق منه غير عظم مجزّر ... وجمجمة ليست بذات ذوائب بأوجع منى يوم ولّت حدوجهم ... يؤمّ بها الحادون وادي غباغب. [750] علي بن الحسين بن بلبل العسقلاني أبو الحسن: من شعره في محبوب أزرق العينين: قدّك كالذابل «1» حسنا وفي ... طرفك ما في طرف الذابل أزرق كالأزرق يوم الوغى ... كلاهما يوصف بالقاتل وله أيضا «2» :   [750]- ترجمة ابن بلبل العسقلاني في الخريدة (قسم العسقلانيين الورقة 198 من نسخة باريس رقم: 3328) وكنيته أبو الحسين؛ وهو في إنباه الرواة 2: 254 أبو الحسن (وكلاهما ذكر أنه أستاذ كبير الشأن في علم العربية والنحو) وأخذ النحو عن علي بن عيسى بن فرج صاحب أبي علي الفارسي وتصدر للإقراء بعسقلان، فاستفاد منه الطلبة ونبغ له عدة أصحاب؛ وانظر أيضا بغية الوعاة 2: 160 (وقال: كذا ذكره الصفدي) . الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1734 شعر الذؤابة والعذار ... قاما بعذري واعتذاري بأبي الذي في خدّه ... ماء الصبا ولهيب نار سكرت لواحظه وقلبي ... ما يفيق من الخمار عابوا امتهاني في هوا ... هـ كأنني أنا «1» باختيار ومن الصواب وها عذا ... ري شائب خلع العذار وله أيضا «2» : تعرف في وجهه إذا ما ... رأيته نضرة النعيم كأنما خدّه «3» حباب ... بتّ به ليلة السليم ولي غريم لوى ديوني ... ليت غرامي على غريمي. [751] علي بن الحسين الآمدي النحوي أبو الحسن: ذكره محمد بن إسحاق النديم، وذكر أنه خرج إلى مصر فأقام بها، وكان منقطعا إلى أبي الفضل ابن حنزابة الوزير، وخطه صحيح مليح، ولم يثبت له مصنفا. قلت أنا: وهو من مشايخ عبد السلام بن الحسين البصري اللغوي «4» وجدت   [751]- هذا الآمدي الذي يترجم له ياقوت سمّاه ابن النديم في الفهرست: 89 محمد بن عبد الله بن صالح الآمدي (وهو في طبعة فلوجل: الأسدي) وقال فيه: خرج عن بغداد إلى مصر، وكان منقطعا إلى ابن حنزابة وخطه مليح صحيح؛ فلا أدري كيف وقع الاضطراب؛ قلت: والسيوطي في بغية الوعاة 2: 162 ينقل عن ياقوت، فلا خلاف. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1735 بخطه وقد أنشد عنه بيتا لأبي الهيذام كلاب بن حمزة العقيلي- وهو مذكور في بابه «1» - وقال: أنشدناه جماعة من مشايخنا منهم أبو الحسن علي بن الحسين الآمدي. وحدث ابن نصر «2» قال، حدثني أبو الحسن المبدع، وكنت أعرفه قديما، ودخل إلى بغداد خضيبا وقصدني فأنكرته ثم عرفته، فجرى ذكر شعراء المصريين فقلت له: ما رأيت لهم شيئا ناصعا، فقال لي: كان الآمدي يتولى أرزاق الشعراء والمتعطلين والأشراف والكتّاب، وكان خضيبا، ولم يسمّه لي ولا كناه، ولا أعلم هل هو النحوي صاحب «كتاب الموازنة» أو غيره «3» إلا أني أذكر ما حكاه، قال: منع الحسين بن بشر الكاتب المصري أرزاقه فعمل فيه قطعة أولها: إن طغى الآمديّ طغيان مثر ... راشه الدهر فالمريش يحصّ أيها الآمديّ عقلك قدد ... لّ على أنّ آمد اليوم حمص إن حرصا يدعو إلى قطعك الأر ... زاق فينا على هلاكك حرص بسواد السماد تخضب يا شي ... خ فمن ذا سواده ما يبصّ ألق فيه عفصا فإنك تحتا ... ج إلى العفص حين يعكس عفص فقلت: تنشد هذا وأنت خضيب؟ فقال: الجيد يروى وإن كان على الراوي فيه دقّ الباب. [752] علي بن الحسين بن علي الضرير الأصفهاني النحوي، أبو الحسن الباقولي المعروف بالجامع: ذكره أبو الحسن البيهقي في «كتاب الوشاح» فقال: هو في النحو والاعراب كعبة لها أفاضل العصر سدنة، وللفضل فيه بعد خفائه أسوة حسنة، وقد   [752]- بغية الوعاة 2: 160. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1736 بعث إلى خراسان بيت الفرزدق المشهور في شهور سنة خمس وثلاثين وخمسمائة وهو: فليست خراسان التي كان خالد ... بها أسدا إذ كان سيفا أميرها وكتب كلّ فاضل من فضلاء خراسان لهذا البيت شرحا. ثم قال: وهذا الإمام استدرك على أبي علي الفسوي وعبد القاهر وله هذه الرتبة، ومن نظر في تصانيفه علم أنه لا حق سبق السابقين. وقيل من منظومه: أحبب النحو من العلم فقد ... يدرك المرء به أعلى الشرف إنما النحويّ في مجلسه ... كشهاب ثاقب بين السّدف يخرج القرآن من فيه كما ... تخرج الدرة من جوف الصدف قال البيهقي: وبعد ذلك تحقق أن هذه الأبيات من إنشاده لا من إنشائه. له من التصانيف: كتاب شرح اللمع. وكتاب كشف المشكلات وإيضاح المعضلات في علل القرآن. قرأت في خاتمة «كتاب المشكلات» للجامع هذا ما صورته: «وقد أمللته بعد تصنيف كتاب الجوهر، وكتاب المجمل، وكتاب الأستدراك على أبي علي، وكتاب البيان في شواهد القرآن، وسأجمع لك كتابا أذكر فيه الأقاويل المجردة في معنى الآية دون الاعراب وما يتعلق بالصناعة منها» . [753] علي بن حمزة الكسائي: هو أبو الحسن علي بن حمزة بن عبد الله بن   [753]- ترجمة الكسائي في المعارف: 545 ومراتب النحويين: 74 وطبقات الزبيدي: 138 والفهرست: 72 وتاريخ بغداد 11: 403 ونور القبس: 283 ونزهة الألباء: 67 وتاريخ أبي المحاسن: 190 وإنباه الرواة 2: 256 وابن خلكان 3: 295 وسير الذهبي 9: 131 وعبر الذهبي 1: 302 ومرآة الجنان 1: 421 والبداية والنهاية 11: 201 وتهذيب التهذيب 7: 313 وطبقات ابن الجزري 1: 535 وطبقات الدوادي 1: 399 والنجوم الزاهرة 2: 130 وبغية الوعاة 2: 162 والشذرات 1: 321 وإشارة التعيين: 217. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1737 عثمان، من ولد بهمن بن فيروز، مولى بني أسد، النحوي أحد الأئمة في القراءة والنحو واللغة، وأحد السبعة القراء المشهورين، وهو من أهل الكوفة استوطن بغداد وروى الحديث وصنف الكتب، ومات بالريّ صحبة الرشيد- على ما نذكره فيما بعد- سنة اثنتين أو ثلاث وثمانين ومائة وقيل بعد ذلك في سنة تسع وثمانين، وقال مهدي بن سابق: في سنة اثنتين وتسعين ومائة هو ومحمد بن الحسن الفقيه صاحب أبي حنيفة، فقال الرشيد: اليوم دفنت الفقه والعربية، قال الخطيب «1» إن عمر الكسائي بلغ سبعين سنة. وكان الكسائي مؤدّبا لولد الرشيد، وكان أثيرا عند الخليفة حتى أخرجه من طبقة المؤدبين إلى طبقة الجلساء والمؤانسين. وكان الكسائي قد قرأ على حمزة الزيات ثم اختار لنفسه قراءة، وسمع من سليمان بن أرقم وأبي بكر ابن عياش. (وفي القرّاء آخر يقال له الكسائي الصغير واسمه محمد بن يحيى روى عنه ابن مجاهد عن خلف بن هشام البزار) . حدث الخطيب قال قال الفراء «2» : إنما تعلم الكسائي النحوي على كبر، وسببه أنه جاء إلى قوم من الهبّاريين، وقد أعيا، فقال لهم: قد عييت، فقالوا له: أتجالسنا وأنت تلحن؟ فقال: كيف لحنت؟ قالوا: إن كنت أردت من انقطاع الحيلة والتحير في الأمر فقل عييت مخفّفا، وإن كنت أردت من التعب فقل أعييت، فأنف من هذه الكلمة، ثم قام من فوره ذلك فسأل من يعلّم النحو، فأرشده إلى معاذ الهراء، فلزمه حتى أنفد ما عنده، ثم خرج إلى البصرة فلقي الخليل وجلس في حلقته، فقال له رجل من الأعراب: تركت أسد الكوفة وتميمها وعندها الفصاحة وجئت إلى البصرة؟! فقال للخليل: من أين أخذت علمك هذا؟ قال: من بوادي الحجاز ونجد وتهامة، فخرج ورجع وقد أنفد خمس عشرة قنينة حبرا في الكتابة عن العرب سوى ما حفظ، فلم يكن له هم غير البصرة والخليل، فوجد الخليل قد مات وجلس في موضعه يونس النحوي، فمرت بينهما مسائل أقرّ له يونس فيها وصدّره موضعه. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1738 وحدث الخطيب أيضا بإسناد رفعه إلى عبد الرحيم بن موسى قال «1» : قلت للكسائي لم سمّيت الكسائي، قال: لأني أحرمت في كساء، قال وقيل فيه قول آخر، وذكر إسنادا رفعه إلى محمد بن يحيى المروزي قال: سألت خلف بن هشام لم سمّي الكسائي كسائيّا؟ فقال: دخل الكسائي الكوفة، فجاء إلى مسجد السّبيع، وكان حمزة بن حبيب الزيات يقرىء فيه، فتقدم الكسائي مع أذان الفجر فجلس وهو ملتفّ بكساء من البرّكان الأسود، فلما صلّى حمزة قال: من تقدم في الوقت يقرأ، قيل له الكسائي أول من تقدم- يعنون صاحب الكساء- فرمقه القوم بأبصارهم، فقال: إن كان حائكا فسيقرأ سورة يوسف وإن كان ملاحا فسيقرأ سورة طه، فسمعهم فابتدأ بسورة يوسف، فلما بلغ إلى قصة الذئب قرأ فأكله الذّيب بغير همز، فقال له الزيات: بالهمز، فقال له الكسائي: وكذلك أهمز الحوت في قوله تعالى فالتقمه الحؤت؟ قال: لا قال: فلم همزت الذئب ولم تهمز الحوت؟ وهذا فأكله الذئب وهذا فالتقمه الحوت، فرفع حمزة بصره إلى خلّاد الأحول، وكان أجمل غلمانه، فتقدم إليه في جماعة من أهل المجلس فناظروه فلم يصيبوا «2» شيئا، فقال: أفدنا رحمك الله، فقال لهم الكسائي: تفهموا عن الحائك: تقول إذا نسبت الرجل إلى الذئب قد استذأب الرجل، ولو قلت قد استذاب بغير همز لكنت إنما نسبته إلى الهزال، تقول: استذاب الرجل إذا استذاب شحمه بغير همز، وإذا نسبته إلى الحوت تقول قد استحات الرجل أي كثر أكله لأن الحوت يأكل كثيرا لا يجوز فيه الهمز، فلتلك العلة همز الذئب ولم يهمز الحوت، وفيه معنى آخر: لا تسقط الهمزة من مفرده ولا من جمعه وأنشدهم: أيها الذئب وابنه وأبوه ... أنت عندي من أذؤب ضاريات قال: سمّي الكسائي من ذلك اليوم. وحدث المرزباني فيما رفعه إلى ابن الأعرابي قال: كان الكسائي أعلم الناس على رهق فيه، كان يديم شرب النبيذ، ويجاهر باتخاذ الغلمان الرّوقة، إلا أنه كان الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1739 ضابطا قارئا عالما بالعربية صدوقا. وحدث المرزباني «1» فيما رفعه إلى الكسائي قال: أحضرني الرشيد سنة اثنتين وثمانين ومائة في السنة الثالثة من خلافته فأخرج إليّ محمدا الأمين وعبد الله المأمون كأنهما بدران فقال: امتحنهما بشيء، فما سألتهما عن شيء إلا أحسنا الجواب فيه، فقال لي: كيف تراهما فقلت: أرى قمري أفق وفرعي بشامة ... يزينهما عرق كريم ومحتد يسدّان آفاق السماء بهمّة ... يؤيدها حزم ورأي وسؤدد سليلي أمير المؤمنين وحائزي ... مواريث ما أبقى النبي محمد حياة وخصب للوليّ ورحمة ... وحرب لأعداء وسيف مهند ثم قلت: فرع زكا أصله، وطاب مغرسه، وتمكنت فروعه، وعذبت مشاربه، آواهما ملك أغرّ نافذ الأمر واسع العلم عظيم الحلم، أعلاهما فعلوا، وسما بهما فسموا، فهما يتطاولان بطوله، ويستضيئان بنوره، وينطقان بلسانه، فأمتع الله أمير المؤمنين بهما، وبلّغه الأمل فيهما، فقال: تفقدهما، فكنت أختلف إليهما في الأسبوع طرفي نهارهما. وحدث الخطيب باسناد رفعه إلى سلمة قال «2» : كان عند المهدي مؤدّب يؤدّب الرشيد، فدعاه المهديّ يوما وهو يستاك فقال له: كيف تأمر من السواك قال استك يا أمير المؤمنين، فقال المهدي: إنا لله وإنا إليه راجعون، ثم قال: التمسوا لنا من هو أفهم من ذا، فقالوا: رجل يقال له علي بن حمزة الكسائي من أهل الكوفة قدم من البادية قريبا، فكتب بازعاجه من الكوفة، فساعة دخل عليه قال: يا علي بن حمزة، قال: لبيك يا أمير المؤمنين، قال: كيف تأمر من السواك، قال: سك يا أمير المؤمنين، قال: أحسنت وأصبت، وأمر له بعشرة آلاف درهم. وحدث المرزباني عن عبد الله بن جعفر عن ابن قادم عن الكسائي قال: حججت مع الرشيد، فقدّمت لبعض الصلوات فصليت فقرأت الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1740 ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَيْهِمْ (النساء: 9) فأملت ضعافا، فلما سلمت ضربوني بالنعال والأيدي وغير ذلك حتى غشي عليّ، واتصل الخبر بالرشيد فوجّه بمن استنقذني، فلما جئته قال لي: ما شأنك، فقلت له: قرأت لهم ببعض قراءة حمزة الرديئة ففعلوا بي ما بلغ أمير المؤمنين، فقال بئس ما صنعت، ثم ترك الكسائي كثيرا من قراءة حمزة. وحدّث فيما رفعه إلى الأحمر النحوي قال «1» : دخل أبو يوسف القاضي (وقال عبد الله بن جعفر: محمد بن الحسن) على الرشيد وعنده الكسائي يحدثه، فقال: يا أمير المؤمنين قد سعد بك هذا الكوفي وشغلك، فقال الرشيد: النحو يستفرغني لأنني أستدلّ به على القرآن والشعر، فقال محمد بن الحسن أو أبو يوسف: إن علم النحو إذا بلغ فيه الرجل الغاية صار معلّما، والفقه إذا عرف الرجل منه جملة صار قاضيا، فقال الكسائي: أنا أفضل منك لأني أحسن ما تحسن وأحسن ما لا تحسن، ثم التفت إلى الرشيد وقال: إن رأى أمير المؤمنين أن يأذن له في جوابي عن مسألة من الفقه، فضحك الرشيد وقال: أبلغت يا كسائي إلى هذا، ثم قال لأبي يوسف: أجبه، فقال الكسائي: ما تقول لرجل قال لامرأته: أنت طالق إن دخلت الدار، فقال أبو يوسف: إن دخلت الدار طلقت، فقال الكسائي: خطأ، إذا فتحت أن فقد وجب الأمر، وإذا كسرت فإنه لم يقع الطلاق بعد، فنظر أبو يوسف بعد ذلك في النحو. وحدث أيضا عمن سمع الكسائي يقول «2» : اجتمعت أنا وأبو يوسف القاضي عند هارون الرشيد، فجعل أبو يوسف يذمّ النحو ويقول: وما النحو؟ فقلت: - وأردت أن أعلمه فضل النحو- ما تقول في رجل قال لرجل أنا قاتل غلامك، وقال له آخر أنا قاتل غلامك، أيهما كنت تأخذ به، قال: آخذهما جميعا، فقال له هارون: أخطأت، وكان له علم بالعربية، فاستحيا وقال: كيف ذلك؟ قال: الذي يؤخذ بقتل الغلام هو الذي قال أنا قاتل غلامك بالاضافة لأنه فعل ماض، وأما الذي قال أنا قاتل غلامك بالنصب فلا يؤخذ لأنه مستقبل لم يكن بعد، كما قال الله عز وجل: وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ (الكهف: 23) فلولا أنّ التنوين الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1741 مستقبل ما جاز فيه غدا، فكان أبو يوسف بعد ذلك يمدح العربية والنحو. وحدث فيما رفعه إلى إبراهيم بن إسماعيل الكاتب قال «1» : سأل اليزيدي الكسائي بحضرة الرشيد قال: انظر في هذا الشعر عيب، وأنشده: ما رأينا خربا ن ... فّر عنه البيض صقر لا يكون العير مهرا ... لا يكون المهر مهر فقال الكسائي: قد أقوى الشاعر، فقال له اليزيدي: انظر فيه، فقال: أقوى لا بدّ أن ينصب المهر الثاني على أنه خبر كان، قال: فضرب اليزيديّ بقلنسوته الأرض وقال: أنا أبو محمد، الشعر صواب، إنما ابتدأ فقال المهر مهر، فقال له يحيى بن خالد: أتتكنّى بحضرة أمير المؤمنين وتكشف رأسك؟! والله لخطأ الكسائي مع أدبه أحبّ إلينا من صوابك مع سوء فعلتك «2» ، فقال: لذة الغلب أنستني من هذا ما أحسن. حدث المرزباني، حدث محمد بن إبراهيم، حدثنا عبد الله بن أبي سعد الوراق، حدثنا النعمان بن هارون الشيباني قال: كان أبو نواس يختلف إلى محمد بن زبيدة، وكان الكسائي يعلّمه النحو، فقال أبو نواس: إني أريد أن أقبّل محمّدا قبلة، فقال له الكسائي: إن عليّ في هذا وصمة وأكره أن يبلغ هذا أمير المؤمنين، فقال أبو نواس: إنك إن تركتني أقبله وإلا قلت فيك أبياتا أرفعها إلى أمير المؤمنين، فأبى عليه الكسائي وظنّ أنه لا يفعل، فكتب أبو نواس رقعة: قل للامام جزاك الله صالحة ... لا تجمع الدهر بين السخل والذيب فالسخل غرّ وهمّ الذئب غفلته ... والذئب يعلم ما بالسخل من طيب ودفعها إلى بعض الخدم ليوصلها إلى الرشيد، فجاء بها الخادم إلى الكسائي، فلما قرأها علم أنه شعر أبي نواس، فقال له ويحك: هذا أمر عظيم، سأتلطّف لك، فغب أياما ثم احضر وسلّم عليّ وعلى محمد فستبلغ حاجتك، فغاب وتحدث الكسائي أن أبا نواس غائب، ثم جاء فقام إليه الكسائي فسلّم عليه وعانقه، وسلم أبو الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1742 نواس على محمد وقبله، وقال أبو نواس: قد أحدث الناس ظرفا ... يزهو على كلّ ظرف كانوا إذا ما تلاقوا ... تصافحوا بالأكف فأظهروا اليوم رشف ال ... خدود والرشف يشفي فصرت تلثم من شئ ... ت من طريق التحفي قال وقال ابن أبي طاهر: وهذا الحديث عندي باطل مصنوع من قبل من حدّث به ابن أبي سعد عنه لا منه، لأن أبناء الخلفاء كانوا في مثل حال المخلوع أجلّ مكانا من أن يعانقوا أحدا من الرعية، ومن قبل أن هذا الشعر الأخير أنشدنيه غير واحد لعبد الصمد بن المعذّل، حتى خبرني أبو علي الفضل بن جعفر بن الفضل بن يوسف المعروف بالبصير أنه له، وأنه قاله بالكوفة في حداثة من سنه، وكان بعيدا من الكذب في ادعاء مثل هذا من الشعر، والله أعلم. حدث عبد الله بن جعفر عن محمد بن يزيد عن المازني عن الأصمعي قال «1» : كان الكسائي يأخذ اللغة من أعراب الحطمة «2» ينزلون بقطربّل وغيرها من قرى سواد بغداد، فلما ناظر الكسائي سيبويه استشهد بكلامهم واحتجّ بهم وبلغتهم على سيبويه، فقال أبو محمد اليزيدي: كنا نقيس النحو في ما مضى الأبيات في أخبار اليزيدي «3» . ولليزيدي أشعار في الكسائي ذكرت في أخباره، ومن قول اليزيدي فيه «4» : أفسد النحو الكسائ ... يّ وثنّى ابن غزاله وأرى الأحمر تيسا ... فاعلفوا التيس النخاله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1743 وحدث المرزباني عن عبد الله بن جعفر عن محمد بن يزيد عن المازني والرياشي عن أبي زيد قال: لما ورد نعي الكسائي من الريّ قال أبو زيد: لقد دفن بها علم كثير بالكسائي. ثم قال: قدم علينا الكسائيّ البصرة فلقي عيسى والخليل وغيرهما وأخذ منهم نحوا كثيرا ثم صار إلى بغداد فلقي أعراب الحطمة فأخذ عنهم الفساد من الخطأ واللحن فأفسد بذلك ما كان أخذه بالبصرة كله. قال عبد الله: وذلك أنّ الكسائي كان يسمع الشاذّ الذي لا يجوز من الخطأ واللحن وشعر غير أهل الفصاحة والضرورات فيجعل ذلك أصلا ويقيس عليه حتى أفسد النحو. قال أبو عبد الله ابن مقلة حدثني أبو العباس أحمد بن يحيى قال «1» اجتمع الكسائي والأصمعي عند الرشيد وكانا معه يقيمان بمقامه ويظعنان بظعنه، فأنشد الكسائي «2» : أم كيف ينفع ما يعطي العلوق به ... رئمان أنف إذا ما ضنّ باللبن فقال الأصمعي ريمان بالرفع، فقال له الكسائي: اسكت ما أنت وهذا، يجوز رئمان ورئمان ورئمان، ولم يكن الأصمعي بصاحب عربية، فسألت أبا العباس: كيف جاز ذلك؛ فقال: إذا رفع رفع بينفع أي أم كيف ينفع رئمان أنف، وإذا نصب نصب بيعطي، وإذا خفض ردّه على الهاء في به. قال: والمعنى وما ينفعني إذا وعدتني بلسانك ثم لم تصدقه بفعلك؟ يقال ذلك للذي يبرّ ولا يكون منه نفع، كهذه الناقة التي تشمّ بأنفها مع تمنّع درتها، والعلوق التي قد علق قلبها بولدها، وذلك أنه نحر عنها ثم حشي جلده تبنا أو حشيشا وجعل بين يديها حتى تشمّه وتدرّ عليه، فهي تسكن إليه مرة ثم تنفر عنه ثانية، تشمّه بأنفها ثم تأباه مقلتها، فيقول: فما نفع هذا البوّ إذا تشممته ثم منعت درّتها. قال أبو العباس: حدثني سلمة قال، قال الفرّاء: مات الكسائي وهو لا يحسن حدّ نعم وبئس ولا حدّ أن المفتوحة ولا حدّ الحكاية، قال فقلت لسلمة: فكيف لم يناظر في ذلك؟ فقال: قد سألته ذلك فقال: أشفقت أن أحادثه فيقول فيّ كلمة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1744 تسقطني فأمسكت. قال الفرّاء ولم يكن الخليل يحسن النداء ولا كان سيبويه يدري حدّ التعجب. وحدث المرزباني في ما رفعه إلى الفرّاء قال «1» : قدم سيبويه على البرامكة فعزم يحيى بن خالد أن يجمع بينه وبين الكسائي، وجعل لذلك يوما، فلما حضر تقدمت والأحمر، فدخل فإذا بمثال في صدر المجلس فقعد عليه يحيى وقعد إلى جانب المثال جعفر والفضل ومن حضر بحضورهم، وحضر سيبويه فأقبل عليه الأحمر فسأله عن مسألة، فأجابه فيها سيبويه، فقال له: أخطأت، ثم سأله عن ثانية فأجاب فقال له: أخطأت، ثم سأله عن ثالثة فأجابه فيها فقال له: أخطأت، فقال له سيبويه: هذا سوء أدب، قال الفرّاء: فأقبلت عليه فقلت: إن في هذا الرجل حدة وعجلة، ولكن ما تقول فيمن قال هؤلاء أبون ومررت بأبين، كيف تقول على مثال ذلك وأيت أو أويت؟ قال فقدر فأخطأ، فقلت له: أعد النظر، ثلاث مرات تجيب ولا تصيب، فلما كثر عليه ذلك قال: لست أكلمكما أو يحضر صاحبكما حتى أناظره، قال فحضر الكسائي فأقبل على سيبويه فقال: أتسألني أو أسألك؟ فقال: بل سلني أنت، فقال له الكسائي: كيف تقول قد كنت أظنّ أنّ العقرب أشدّ لسعة من الزنبور فإذا هو هي أو فإذا هو إياها؟ فقال سيبويه: فإذا هو هي ولا يجوز النصب، فقال له الكسائي: لحنت، ثم سأله عن مسائل من هذا النوع «خرجت فإذا عبد الله القائم» أو «القائم» فقال سيبويه في ذلك كلّه بالرفع دون النصب، فقال الكسائي: ليس هذا من كلام العرب، العرب ترفع في ذلك كلّه وتنصب، فدفع سيبويه قوله: فقال يحيى بن خالد: قد اختلفتما وأنتما رئيسا بلديكما فمن ذا يحكم بينكما؛ فقال له الكسائي: هذه العرب في بابك قد جمعتهم من كل أوب، ووفدت عليك من كل صقع، وهم فصحاء الناس، وقد قنع بهم أهل المصرين، وسمع أهل الكوفة وأهل البصرة منهم، فيحضرون ويسألون، فقال يحيى وجعفر: قد أنصفت، فأمر باحضارهم فدخلوا فهم أبو فقعس وأبو دثار وأبو الجراح وأبو ثروان «2» ، فسئلوا عن المسائل التي جرت بين الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1745 الكسائي وسيبويه، فتابعوا الكسائي وقالوا بقوله: قال: فأقبل يحيى على سيبويه فقال له: قد تسمع أيها الرجل، فاستكان سيبويه، وأقبل الكسائي على يحيى فقال: أصلح الله الوزير، إنه قد وفد عليك من بلده مؤملا فإن رأيت ألا تردّه خائبا، فأمر له بعشرة آلاف درهم، فخرج وصيّر وجهه نحو فارس، فأقام هناك حتى مات ولم يعد إلى البصرة. قال ثعلب: وإنما أدخل العماد في قوله «فإذا هو إياها» لأن فإذا مفاجأة أي «فوجدته ورأيته» ، ووجدت ورأيت ينصب شيئين ويكون معه خبر فلذلك نصبت العرب. قال المؤلف: وقد ذكرنا هذا الخبر في باب سيبويه برواية أخرى، وذكرنا الاحتجاج للبصريين على تصويب قول سيبويه هناك إن شاء الله. الزبير عن إسحاق الموصليّ قال: ما رأيت رجلا منسوبا إلى العلم أجهل بالشعر من الكسائي. وبالاسناد قال: كان الكسائي من أشدّ خلق الله تسكّعا في تفسير شعر، وما رأيت أعلم بالنحو قطّ منه ولا أحسن تفسيرا ولا أحذق بالمسائل، والمسألة تشتقّ من المسألة والمسألة تدخل على المسألة. وقرأت في «نوادر ابن الأعرابي» التي كتبها عنه ثعلب، سمعت الكسائي يقول: قلت لأبي زيد وآذاني باللزوم: يا هذا قد أمللتني كم تلزمني؟ فقال له أبو زيد: إنما ألزمك لأعلّمك، قال فقلت له: فاجلس في بيتك حتى آتيك. قال: وما جربت على الكسائي كذبة قط؛ قال أبو عبد الله ابن الأعرابي: ولئن كان أبو زيد قال هذا ما في الأرض أحد قط أخلّ عقلا منه. قال: وكان الكسائي أعلم من أبي زيد بكثير بالعربية واللغات والنوادر، ولو كان نظر في الأشعار ما سبقه أحد ولا أدركه أحد بعده. وقال أبو الطيب اللغوي في «كتاب مراتب النحويين» «1» عن أبي حاتم قال: لم يكن لجميع الكوفيين عالم بالقرآن ولا كلام العرب، ولولا أنّ الكسائي دنا من الخلفاء الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1746 فرفعوا ذكره لم يكن شيئا، وعلمه مختلط بلا حجج ولا علل إلا حكايات الأعراب مطروحة لأنه كان يلقنهم ما يريد، وهو على ذلك أعلم الكوفيين بالعربية والقرآن، وهو قدوتهم وإليه يرجعون. وحدث المرزباني في كتابه قال «1» : كتب الكسائي إلى الرشيد وهو يؤدّب محمدا الأمين: قل للخليفة ما تقول لمن ... أمسى إليك بحرمة يدلي ما زلت مذ صار الأمين معي ... عبدي يدي ومطيتي رجلي وعلى فراشي ما ينبّهني ... من نومتي بقيامه قبلي أسعى برجل منه ثالثة ... نقصت زيادتها من الرجل فامنن عليّ بما يسكّنه ... عني وأهد الغمد للنصل قال: فضحك الرشيد وأمر له ببرذون بسرجه ولجامه، وبجارية حسناء بآلتها، وخادم وعشرة آلاف درهم. قيل للكسائي: قد أبحت علمك الناس، فقال: يعين الله عليهم بالنسيان. من «مجالسات ثعلب» : وصف ابن الأعرابي الكسائي فقال: كان أعلم الناس على رهق فيه، يريد إتيان ما يكره لأنه كان يشرب الشراب ويأتي الغلمان. قال: ومن شعر الكسائي «2» : إنما النحو قياس يتبع ... وبه في كلّ أمر ينتفع فإذا ما أبصر «3» النحو الفتى ... مرّ في المنطق مرّا فاتّسع فاتّقاه جلّ من جالسه ... من جليس ناطق أو مستمع وإذا لم يبصر «4» النحو الفتى ... هاب أن ينطق جبنا فانقطع فتراه يرفع النصب وما ... كان من خفض ومن نصب رفع الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1747 يقرأ القرآن لا يعرف ما ... صرّف الاعراب فيه وصنع والذي يعرفه يقرأه ... فإذا ما شكّ في حرف رجع ناظرا فيه وفي إعرابه ... فإذا ما عرف اللحن صدع كم وضيع رفع النحو وكم ... من شريف قد رأيناه وضع فهما فيه سواء عندكم ... ليست السنة فينا كالبدع وحدث هارون بن علي المنجم في «أماليه» عن أبي توبة قال «1» : سمعت الفراء يقول: مدحني رجل من النحويين فقال لي: ما اختلافك إلى الكسائي وأنت مثله في النحو؟ فأعجبتني نفسي فأتيته فناظرته مناظرة الأكفاء، فكأني كنت طائرا يغرف من البحر بمنقاره. وحدث محمد بن إسحاق النديم قال «2» : قرأت بخط أبي الطيب ابن أخي الشافعي قال: أشرف الرشيد على الكسائي وهو لا يراه، فقام الكسائي ليلبس نعله لحاجة يريدها، فابتدرها الأمين والمأمون، وكان مؤدبهما، فوضعاها بين يديه، فقبل رؤوسهما وأيديهما ثم أقسم عليهما ألّا يعاودا، فلما جلس الرشيد مجلسه قال: أيّ الناس أكرم خدما؟ قال: أمير المؤمنين أعزه الله، قال: بل الكسائي يخدمه الأمين والمأمون، وحدثهم الحديث. حدث السلامي قال: حضر مجلس الكسائي أعرابيّ وهم يتحاورون في النحو، فأعجبه ذلك، ثم تناظروا في التصريف فلم يهتد إلى ما يقولون، ففارقهم وأنشأ يقول: ما زال أخذهم في النحو يعجبني ... حتى تعاطوا كلام الزنج والروم بمفعل فعل لا طاب من كلم ... كأنه زجل الغربان والبوم وقرأت بخط أبي سعيد عبد الرحمن بن علي اليزدادي اللغوي الكاتب في «كتاب جلاء المعرفة» من تصنيفه «3» : قيل اجتمع إبراهيم النظام وضرار بين يدي الرشيد فتناظرا في القدر حتى دقّت مناظرتهما فلم يفهمهما، فقال لبعض خدمه ومن يثق به الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1748 ويرضى برأيه: اذهب بهذين إلى الكسائي حتى يتناظرا بين يديه، ثم ليخبرك لمن الفلج منهما، فلما صار في بعض الطريق قال إبراهيم النظام لضرار: أنت تعلم أنّ الكسائي لا يحسن شيئا من النظر، وإنما معوّله على النحو والحساب، ولكن تهيء له مسألة نحو وأهيّء له مسألة حساب فنشغله بهما، لأنا لا نأمن أن يسمع منا ما لم يسمعه ولم يبلغه فهمه أن ينسبنا إلى الزندقة، فلما صارا إليه سلما عليه، ثم بدأ ضرار فقال: أسألك أصلحك الله عن مسألة من النحو، قال: هاتها قال: ما حدّ الفاعل والمفعول به؟ قال الكسائي: حدّ الفاعل الرفع أبدا وحدّ المفعول به النصب أبدا، قال فكيف تقول: ضرب زيد؟ قال: ضرب زيد قال: فلم رفعت زيدا وقد شرطت أن المفعول به منصوب أبدا، قال: لأنه لم يسمّ فاعله، قال له: فقد أخطأت في العبارة إذ لم تقل إن من المفعولين من إذا لم يسمّ فاعله كان مرفوعا، ومن جعل لك الحكم بأن تجعل الرفع لمن لم يسمّ فاعله؟ قال: لأنا إذا لم نذكر الفاعل أقمنا المفعول به مقامه، لأنّ الفعل الواقع عليه غير مستحكم النقص، وعدم «1» النقص مطابق للرفع، فإذا ذكرنا من فعل به وأفصحنا بذلك نصبناه، قال له: فإن كان النصب مطابقا للنقص فمن لم يسمّ فاعله أولى به لأنا إذا قلنا ضرب زيد فقد يمكن أن يكون ضربه مائة رجل، وإذا قلنا ضرب عبد الله زيدا فلم يضربه إلا رجل واحد، فالذي أمكن أن يضربه مائة رجل أولى بالنصب والنقص ممن لم يضربه إلا رجل واحد، فوقف الكسائي فلم يدر ما يقول. ثم قال له إبراهيم: أسألك- أصلحك الله- عن مسألة من الحساب، قال: قل، قال: كم جذر عشرة، قال: اجتمع الحسّاب على أنه لا جذر لعشرة، قال: فهل علم الله جذرها؟ قال الله عالم كلّ شيء، قال: فما أنكرت أن يكون الله إذ علم كلّ شيء ألقاه إلى نبيّ من أنبيائه، ثم ألقاه ذلك النبي إلى صفيّ من أصفيائه، فلم يزل ذلك العلم ينمي حتى صار علم جذر عشرة عندي وأكون أعلم جذرها ولا تعلمه أنت وتكون مخطئا فيما قلت؟ فالتفت الكسائي إلى الغلام وقال: اذهب بهذين إلى أمير المؤمنين فقل: إنهما زنديقان كافران بالله العظيم، قال: وكان الخادم لبيبا حصيفا فأحسن العبارة عنهما وحسّن أمورهما فأمر لهما بجائزة سنية وصرفهما. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1749 قال المؤلف: وهذه الحكاية عندي مصنوعة باردة وإنما كتبتها لكوني وجدتها بخط رجل عالم. وحدث سلمة بن عاصم قال، قال الكسائي «1» : حلفت ألا أكلّم عاميّا إلا بما يوافقه ويشبه كلامه، وذلك أنني وقفت على نجار فقلت له: بكم ذانّك البابان؟ فقال بسلحتان، فحلفت ألا أكلم عاميّا إلا بما يصلحه. وحدث الحزنبل قال: أنشدنا يعقوب بن السكيت لأبي الجراح العقيلي يمدح الكسائي: ضحوك إذا زفّ الخوان وزوره ... يحيّا بأهلا مرحبا ثم يجلس أبا حسن ما جئتكم قطّ مطفئا ... لظى الشوق إلا والزجاجة تقلس قال يعقوب: يريد تمتلىء حتى تفيض، ونصب قوله يحيا بأهلا على الحكاية. وحدث عبد الله بن جعفر عن عليّ بن مهدي عن أحمد بن الحارث الخراز قال «2» : كان الكسائي ممن وسم بالتعليم، وكان كسب به مالا إلا أنه حكي عنه أنه أقام غلاما ممن عنده في الكتّاب وقام يفسق به، وجاء بعض الكتاب ليسلّم عليه فرآه الكسائي ولم يره الغلام، فجلس الكسائي في مكانه وبقي الغلام قائما مبهوتا، فلما دخل الكاتب قال للكسائي: ما شأن هذا الغلام قائما؟ قال: وقع الفعل عليه فانتصب. وحدث المرزباني فيما أسنده إلى سعدون القارىء قال: رأيت الكسائي وهو يسأل أبا الحسن المروزي وقد أقام أربعين سنة يختلف إلى الكسائي والمروزي يقول: كيف تقول مررت بدجاجة تنقرك أو تنقرك، أو تنقرك، فقال له الكسائي: استحييت لك بعد أربعين سنة لا تعرف حروف النعت أنها تتبع الأسماء قل تنقرك من نعت الدجاجة. قال: والكسائي يهزأ به ويعبث وينقر أنفه. وحدث أيضا باسناد رفعه إلى نصير الرازي النحوي- رجل كان بالري- قال: قدم الكسائي مع هارون فاعتلّ علة منكرة، فأتاه هارون ماشيا متفرعا، فخرج من عنده وهو مغموم جدا فقال لأصحابه: ما أظن الكسائي إلا ميّتا، وجعل يسترجع، فجعل الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1750 القوم يعزّونه ويطيبون نفسه وهو يظهر حزنا فقالوا: يا أمير المؤمنين وما له قضيت عليه بهذا؟ قال: إنه حدثني أنه لقي رجلا من الأعراب عالما غزير العلم بموضع يقال له ذو النخيلة، قال الكسائي: فكنت أغدو عليه وأروح أمتاح ما عنده، فغدوت عليه غدوة من تلك الغدوات فإذا هو ثقيل ورأيت به علة منكرة، قال: فألقى نفسه وجعل يتنفس ويقول «1» : قدر أحلّك ذا النخيل وقد ترى ... وأبيّ ما لك ذو النخيل بدار «2» إلا كداركم بذي بقر الحمى ... هيهات ذو بقر من المزدار قال الكسائي: فغدوت عليه صباحا فإذا هو لما به، قال: فدخلت الساعة على الكسائي فإذا هو ينشد هذين البيتين فغمّني ذلك غما شديدا، فكان كما قال، مات من يومه ودفن بمنزله في سكة حنظلة بن نصر بالري سنة اثنتين وثمانين ومائة. وفي غير هذه الرواية زيادة في الشعر: قالت جمال وكلهنّ جميلة ... ما تأمرون بهؤلا السفّار قالوا بنو سفر ولم نشعر بهم ... وهم الذين نريد غير تماري لما اتكأن على الحشايا مضمضت ... بالنوم أعينهنّ بعد غرار سقط الندى بجنوبهنّ كأنما ... سقط الندى بلطائم العطار وكانت وفاته برنبويه «3» ، كورة من كور الري، هو ومحمد بن الحسن الفقيه في وقت واحد، وكانا خرجا مع الرشيد إليها، فقال الرشيد: دفنت الفقه والنحو برنبويه، فقال أبو محمد اليزيدي يرثيهما «4» : تصرّمت الدنيا فليس خلود ... وما قد ترى من بهجة سيبيد سيفنيك ما أفنى القرون التي مضت ... فكن مستعدّا فالفناء عتيد الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1751 أسيت على قاضي القضاة محمد ... فأذريت دمعي والفؤاد عميد وقلت إذا ما الخطب أشكل من لنا ... بايضاحه يوما وأنت فقيد وأوجعني موت الكسائيّ بعده ... وكادت بي الأرض الفضاء تميد وأذهلني عن كلّ عيش ولذة ... وأرّق عيني والعيون هجود هما عالمانا أوديا وتخرّما ... وما لهما في العالمين نديد وقد روي أن وفاة الكسائي كانت بطوس لا الريّ. ولما بلغت هذه الأبيات إلى الرشيد قال: يا يزيدي لئن كنت تسيء بالكسائيّ في حياته لقد أحسنت بعد موته. وقيل بل قال له: أحسنت يا بصري، لئن كنت تظلمه في حياته لقد أنصفته بعد موته. ومات الكسائي وله من التصانيف: كتاب معاني القرآن. كتاب مختصر في النحو. كتاب القراءات. كتاب العدد. كتاب النوادر الكبير. كتاب النوادر الأوسط. كتاب النوادر الأصغر. كتاب اختلاف العدد. كتاب الهجاء. كتاب مقطوع القرآن وموصوله. كتاب المصادر. وكتاب الحروف. كتاب أشعار المعاياة وطرائقها. كتاب الهاءات المكني بها في القرآن «1» . قرأت بخط الأزهري في «كتاب نظم الجمان» للمنذري: أسمعني أبو بكر عن بعض مشايخه أن الكسائي كان يقوم في المحراب يؤمّ فيشتدّ عليه القراءة حتى لا يقوم بقراءة الحمد لله ربّ العالمين، ثم يتحرّف فيقبل عليهم فيملي القرآن حفظا ويفسّره بمعانيه وتفسيره. [754] علي بن حمزة بن عمارة بن حمزة بن يسار بن عثمان الأصبهاني، أبو   [754]- ينسب ابن النديم (الفهرست: 182، 190) لمن اسمه علي بن حمزة الأصفهاني أنه عمل ديوان أبي نواس على الحروف وعمل ديوان أبي تمام على غير الحروف، بل على الأنواع، وأخشى أن يكون هنا خلط بين حمزة الأصفهاني ومن اسمه «علي بن حمزة» . الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1752 الحسن: وعثمان هذا الذي انتهت نسبة هذا إليه هو والد أبي مسلم الخراساني، ويسار أخوه، قال ذلك حمزة، وقال: كان اسم أبيه قبل أن يسلم بنداذ هرمز، فلما أسلم تسمّى بعثمان، قال: وأبو مسلم اسمه بهزادان بن بنداذ هرمز. وعلي بن حمزة هذا من أولاد أخيه يسار، وكان أحد أدباء أصبهان المشهورين بالعلم والشعر والفضل والتصنيف شائع ذلك ذائع عنه. وصنف كتبا منها: كتاب الشعر. وكتاب فقر البلغاء يشتمل على الاختيار من شعر عامة الشعراء. وكتاب قلائد الشرف في مفاخر أصبهان وأخبارها وغير ذلك. قال حمزة في مقدمة كتابه: «وقد كان رجل من كبار أهل الأدب ببلدنا تعاطى عمل كتاب في هذا الفن، وهو أبو الحسن علي بن حمزة بن عمارة، وسمّاه «قلائد الشرف» فشحنه بأخبار الفرس في السير والأبيات، نبذ بينهما جملا من أخبار أصبهان تنقص عن السدس من كتابه، وحجمها يكون دون ثلاثين ورقة، وروى فيما بينها أخبارا كأنها من أحاديث الحكم» . ومن شعر علي بن حمزة يرثي أبا مسلم محمد بن بحر: وقالوا ألا ترثي ابن بحر محمدا ... فقلت لهم ردّوا فؤادي واسمعوا فلن يستطيع القول من طار قلبه ... جريحا طريحا بالمصائب يقرع ومن بان عنه إلفه وخليله ... فليس له إلا إلى البعث مرجع ومن كان أوفى الأوفياء لمخلص ... ومن حيز في سرباله الفضل أجمع سجايا كماء المزن شيب به الجنى ... جنى الشهد في صفو المدام يشعشع وغرب ذكاء واقد مثل جمرة ... وطبع به العضب المهنّد يطبع ومن كان من بيت الكتابة في الذرى ... وذا منطق في الحفل لا يتتعتع وله وكتبه إلى أبي نجيح أخي أبي سعد الشاعر: قد عزمنا على الصّبوح فبادر ... قبل أن تضحي السماء المخيله فلذا الدجن يا خليلي ذمام ... لم أزل مذ عقلت أمري خليله وهو يوم أغرّ أبلج يهمي ... بحيا يستمدّ منه سيوله ودعاني إليه أدهم داج ... قد رحمنا بكاءه وعويله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1753 شبه ليل متى استضيف بليل ... لم يسكّن إلى الصباح صهيله مطفح مهمر بلوع به يس ... تلب المدقع الضنين صليله راكب نازل يغطمط وأب ... قد سئمنا ركوبه ونزوله يطرد الجدب كلما جاش أعطى ... سائليه بضيعه ونشيله ولدينا من المعسّل شيء ... يفثأ الدهر من فؤادي غليله فتفضل بما سألت فقدما ... بؤت للخلّ بالأيادي الجليله ولك الحكم أن تحكّم في الشر ... ب فلا تخف عن قلوب عليله وفتوّ كأنهم قضب الهن ... د لهم ألسن سلاط طويله قال المؤلف: ولعلي بن حمزة هذا مفاوضات طوال وجوابات لجماعة من شعراء أصبهان منهم أبو الحسن ابن طباطبا العلوي وغيره لم أذكر منها شيئا لطولها ولقلة فائدتها عندي، فشعره على هذا النمط لا طائل فيه، إلا أنه عند أهل أصبهان جليل نبيل. [755] علي بن حمزة البصري اللغوي، يكنى أبا النعيم «1» : كان أحد أعيان أهل اللغة الفضلاء المتحققين بها العارفين بصحيحها من سقيمها، وله ردود على جماعة من أئمة أهل اللغة كابن دريد والأصمعي وابن الأعرابي وغيرهم، ولما ورد المتنبي إلى بغداد كان بها وفي داره نزل. قال أبو علي الحسن بن يحيى الفقيه الصقلي يعرف بابن الخزاز «2» في «تاريخ صقلية» من تصنيفه: وفي رمضان سنة خمس وسبعين وثلاثمائة مات علي بن حمزة   [755]- ترجمة علي بن حمزة البصري في بغية الوعاة 2: 165. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1754 اللغوي البصري راوية المتنبي بصقلية، وصلّى عليه القاضي إبراهيم بن مالك قاضي صقلية وكبر خمسا في الجامع. وله من التصانيف: كتاب الردّ على أبي زياد الكلابي. كتاب الردّ على أبي عمرو الشيباني في «نوادره» . كتاب الردّ على أبي حنيفة الدينوري في «كتاب النبات» . كتاب الرد على أبي عبيد القاسم بن سلام في «المصنف» . كتاب الرد على ابن السكيت في «إصلاح المنطق» . كتاب الرد على ابن ولاد في «المقصور والممدود» . كتاب الردّ على الجاحظ في «الحيوان» . كتاب الرد على ثعلب في «الفصيح» . ورأيت هذه كلها بمصر «1» .. [755 ب] ترجمة ثانية علي بن حمزة البصري اللغوي أحد الأعلام الأئمة في الأدب، وله تصانيف وردود على أهل الأدب وفّق فيها، وقد روى عنه أبو الفتح ابن جني شيئا من أخبار المتنبي وغيرها لأنّ المتنبي لما ورد بغداد نزل عليه وكان ضيفه إلى أن رحل عنها. فحدث أبو عبد الله محمد بن نصر الحميدي في «كتاب جذوة المقتبس في تاريخ الأندلس» في ترجمة ثابت بن محمد الجرجاني قال: أخبرني أبو محمد علي بن أحمد عن أبي الفتح ثابت بن محمد الجرجاني قال: أخبرني علي بن حمزة ضيف المتنبي قال- وعنده نزل المتنبي ببغداد- إنّ القصيدة التي أولها: هذي برزت لنا فهجت رسيسا قالها في محمد بن زريق الناظر في زواميل ابن الزيات صاحب طرسوس، وأنه وصله عليها بعشرة دراهم، فقيل له: إن شعره حسن، فقال: ما أدري أحسن هو أم قبيح، ولكن أزيده لقولك عشرة دراهم فكانت صلته عليها عشرين درهما.   [755] ب- جذوة المقتبس: 173- 174 ولم ترد الترجمة في ك. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1755 [756] علي بن حمزة الأديب أبو الحسن، مصنف الرسالة الحمارية: قدم دمشق ومدح بها أبا الفتح صالح بن أسد الكاتب في سنة ثلاثين وأربعمائة، روى عنه أبو الحسن علي بن عبد السلام الصوري ومات بأطرابلس، ذكره ابن عساكر هكذا. [757] علي بن حمزة بن علي بن طلحة بن علي الرازي الأصل البغدادي المولد والدار، ويعرف بابن بقشلان: مات بمصر، أخبرني الحافظ أبو عبد الله محب الدين محمد بن النجار أن علي بن حمزة بن طلحة مات في غرة شعبان سنة تسع وتسعين وخمسمائة ومولده سنة خمس عشرة وخمسمائة، ويكنى أبا الحسين، ويلقب بعلم الدين: ولي حجبة الباب في أيام المستضيء بالله ثم نيابة المقام ببغداد فسافر إلى الشام، وتنقل إلى أن حصل بمصر فمات بها. وعلم الدين هذا هو صاحب الخط المليح الغاية، على طريقة علي بن هلال بن البواب، خصوصا قلم المصاحف فإنه لم يكتبه أحد مثله فيمن تقدم وتأخر، ولذلك ذكرناه في هذا الكتاب. ولما ولي حجبة الباب كان يتقعر في كلامه ويستعمل السجع وحوشيّ اللغة، فمن ذلك ما حدثني به جماعة من أهل بغداد إلا أنني كتبته من لفظ الصدر أبي محمد عبد الله بن الهروي الشاعر قال: لما ولي علم الدين حجبة باب النوبيّ حظر على العامة سماع الملاهي وشرب الخمر وارتكاب الفواحش، وتشدّد في ذلك تشددا عظيما، وأراد بعض العامة المثرين ختان ولد له فاستشفع إليه بمن يعزّ عليه في أن يمكّنه من إحضار بعض الملاهي لذلك، فأذن فيه ثم قال: جيئوني به أشرط عليه، فلما مثل بين يديه قال له: قد أذن لك في ختان ولدك على أن لا يكون عندك مزهر ولا مزمر ولا بربط ولا دف ولا طنبور، ولا عود ولا محظور، ولا الشيء الملقب بالشنك، ولا من   [756]- ترجمته في مصورة ابن عساكر 12: 73. [757]- ترجمة والده حمزة بن علي في المنتظم 10: 202 ومرآة الزمان: 236- 237. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1756 يجول الغناء له ببال ولا يخطر في خيال، فقال له العاميّ: فيأذن لي مولانا أن أحضر وريدة المخنث يلطم عندي دورين ثلاثة؟ قال: فغضب ابن طلحة وقال له: كأنك من الذين تشرئبّ نفوسهم إلى ما حرم الله، أيها العوام الجهلة، والوضعاء السفلة، يا أهالي الجهل والغواية، ويا أصحاب الضلالة والعماية، أما فيكم من له عقل يردّه، ولا دين يصدّه، فينبذ الآثام وراء ظهره، ويسعى إلى الخير بانشراح صدره، تتهافتون على الفواحش والمآثم، ولا تأخذكم في المعصية لومة لائم، بدّلني الله بكم غيركم، وكفاني شركم وخيركم، فقال الرجل: الله أكبر، يريد تكبيرة الصلاة، فقال ابن طلحة: وهذا أيضا من جهلك، وقلة معرفتك وعقلك، ارجع إلى الله بقلبك، واستغفر لذنبك، ولا حول ولا قوة إلا بالله. وكان أبوه حمزة بن علي هو الملقب بكمال الدين، ويكنى أبا الفتوح، من الأعيان الأماثل، ولي حجبة الباب للمسترشد ووكله وكالة مطلقة، فلما استخلف المقتفي لأمر الله ولاه صدرية المخزن، وأكثر الحج وجاور بمكة، وهو الذي عمر المدرسة التي بباب العامة لأصحاب الشافعي، تعرف إلى الآن بالكمالية، ووقف على المتفقهين بها ثلث ملكه، ومات في صفر سنة ست وخمسين وخمسمائة ودفن بالحربية. [758] علي بن خليفة بن علي النحوي، يعرف بابن المنقّى، أبو الحسن، من أهل الموصل: كان إماما فاضلا تأدّب عليه أكثر أهل عصره من أهل بلده، ومات في ربيع الأول سنة اثنتين وستين وخمسمائة، وكان يجلس بالمسجد المعروف بمسجد النبي صلّى الله عليه وسلّم بالموصل. وصنف مقدمة في النحو سماها «المعونة» وكان زاهدا ورعا مقداما ذا سورة وغضب. أنشدني أبو الفضل محمد بن أحمد بن خميس المغربي الوكيل بباب القاضي بحلب، وهو موصليّ المولد مات في جمادى الأولى سنة اثنتين وعشرين وستمائة   [758]- بغية الوعاة 2: 165. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1757 قال: أنشدني ابن المنقى النحوي الموصلي لنفسه، ودخل إليه رجل فقال له: من أين جئت؟ فقال له: من عند علّامة الدنيا، يعني سعيد بن الدهان، فقال ارتجالا: وقالوا الأعور الدهان حبر ... يفوق الناس في أدب وكيس فقلت بحيس خير منه علما ... وإنّ الكلب خير من بحيس وأنشدني، قال أنشدني ابن المنقى لنفسه، وقد طلب منه ملك النحاة حلاوة بعد كلام جرى بينهما في مجلس تاج الدين ابن الشهرزوري: عندي للشيخ مليك النحاه ... ريح شناج «1» سكنت في خصاه لا عسل عندي ولا سكّر ... فليعذر الشيخ ويأكل خراه وأنشدني بزان بن سنقر الموصلي، قال أنشدني شيخنا أبو عبد الله الحسين بن علي بن خليفة النحوي الأديب، ومات بباشزّي «2» من قرى البقعاء في سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة، قال أنشدني والدي علي بن خليفة بن المنقى رحمه الله لنفسه، وقد عتب عليه جمال الدين الأصفهاني الوزير في ترك التردد «3» إليه، ثم جاءه بعد ذلك فمنعه البواب من غير أن يعرفه: إني أتيتك زائرا ومسلّما ... كيما أقوم ببعض حقّ الواجب فإذا ببابك حاجب متبظرم ... فعمود دارك في حر امّ الحاجب ولئن رأيتك راضيا بفعاله ... فجميع ذلك في حرّ امّ الصاحب وأنشدني بزان، قال أنشدني الحسين بن علي، قال أنشدني «4» والدي لنفسه في بعض الشعراء وقد هجاه: هجوت يا ابن اللئام فاستمع ال ... هجو بلا خيفة ولا ملل فأنت من معشر إذا لحظوا ... تنحس منهم محاجر المقل الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1758 [759] علي بن دبيس النحوي الموصلي أبو الحسن «1» : قرأ النحو على ابن وحشيّ «2» صاحب ابن جني وأخذ عنه زيد مرزكّة الموصلي، وهو مذكور في بابه. ولعلي بن دبيس أشعار حسان منها في وصف قواد: يسهّل كلّ ممتنع شديد ... ويأتي بالمراد على اقتصاد فلو كلّفته تحصيل طيف ال ... خيال ضحى لزار بلا رقاد. [760] علي بن زيد القاشاني النحوي: أحد أصحاب أبي الفتح ابن جني: وجدت بخطه ما كتبه في سنة إحدى عشرة وأربعمائة، وهو صاحب الخطّ الكثير الضبط المعقّد، سلك فيه طريقة شيخه أبي الفتح. [761] علي بن زيد أبو الحسن بن أبي القاسم البيهقي: مات في سنة خمس وستين   [759]- إنباه الرواة 2: 275 وبغية الوعاة 2: 166. [760]- بغية الوعاة 2: 167، وجاءت نسبته في ك «القاساني» بالسين المهملة، والنسبتان مستعملتان لبلدين مختلفين. [761]- هو صاحب تتمة صوان الحكمة الذي نشر أيضا بعنوان «تاريخ حكماء الإسلام» وللكتاب ترجمة فارسية تمت حوالي 730 وقد تمّ نشر التتمة ومعها النص الفارسي بلاهور على يد محمد شفيع (1935) وكتابه تاريخ بيهق- بالفارسية- موجود بالمتحف البريطاني كما أن كتابه جوامع الأحكام موجود بمكتبة جامعة كيمبردج، انظر الموسوعة الإسلامية (ط/ 2) 1131- 1132 وبروكلمان، التاريخ 1: 324 والتكملة 1: 557 وترجمته هنا هي معتمد كل من ترجم له، فهي بقلمه ضمن كتابه مشارب التجارب. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1759 وخمسمائة؛ قال هو في «كتاب مشارب التجارب» : أنا أبو الحسن علي بن الإمام أبي القاسم زيد بن الحاكم الامام أميرك محمد بن الحاكم أبي علي الحسين بن أبي سليمان الامام فندق ابن الامام أيوب بن الحسن بن أحمد بن عبد الرحمن بن عبيد الله بن عمر بن الحسن بن عثمان بن أيوب بن خزيمة بن عمرو بن خزيمة بن ثابت بن ذي الشهادتين صاحب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ابن الفاكه بن ثعلبة بن ساعدة بن عامر بن عنان بن عامر بن خطمة بن جشم بن مالك بن الأوس، ورفع نسبه إلى آدم، وذلك يسير قد ذكرناه في عدة مواضع من كتبنا. قال: ومولدي يوم السبت سابع عشرين شعبان سنة تسع وتسعين وأربعمائة في قصبة السابزوار من ناحية بيهق، وهي بلدة بناها ساسان بن ساسان بن بابك بن ساسان، فأسلمني أبي بها إلى الكتّاب، ثم رحلنا إلى ناحية ششتمذ من قرى تلك الناحية، ولوالدي بها ضياع، فحفظت في عهد الصبا «كتاب الهادي للشادي» تصنيف الميداني و «كتاب السامي في الأسامي» له و «كتاب المصادر» للقاضي الزوزني و «كتاب غريب القرآن» للعزيزي و «كتاب إصلاح المنطق» و «كتاب المنتحل» للميكالي وأشعار المتنبي والحماسة والسبعيات و «كتاب التلخيص» في النحو ثم بعد ذلك حفظت «كتاب المجمل في اللغة» . وحضرت في شهور سنة أربع عشرة وخمسمائة كتّاب أبي جعفر المقرىء إمام الجامع القديم بنيسابور مصنف «كتاب ينابيع اللغة» وغير ذلك، وحفظت في كتّابه «كتاب تاج المصادر» من تصنيفه وقرأت عليه نحو ابن فضال وفصولا من «كتاب المقتصد» و «الأمثال» لأبي عبيد و «الأمثال» للأمير أبي الفضل الميكالي، ثم حضرت درس الامام صدر الأفاضل أحمد بن محمد الميداني في محرم سنة ست عشرة وخمسمائة وصححت عليه «كتاب السامي في الأسامي» من تصنيفه و «كتاب المصادر» للقاضي و «كتاب المنتحل» و «كتاب غريب الحديث» لأبي عبيد و «كتاب إصلاح المنطق» و «مجمع الأمثال» من تصنيفه و «كتاب صحاح اللغة» للجوهري. وفي أثناء ذلك كنت أختلف إلى الامام إبراهيم الحرار المتكلم وأقتبس منه أنوار علوم الكلام، وإلى الأمام محمد الفراوي وسمعت منه «غريب الحديث» للخطابي وغيرهم. ثم مات والدي في سلخ جمادى الآخرة سنة سبع عشرة وخمسمائة فانتقلت في ذي الحجة سنة ثمان عشرة إلى مرو، فقرأت الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1760 على تاج القضاة أبي سعد يحيى بن عبد الملك بن عبيد الله بن صاعد، وكان ملكا في صورة إنسان، وعلّقت من لفظه كتاب الزكاة والمسائل الخلافية ثم سائر المسائل على غير الترتيب، وخضت في المناظرة والمجادلة سنة جرداء حتى رضيت عن نفسي فيه ورضي عني أستاذي، وكنت أعقد مجلس الوعظ في تلك المدرسة وفي الجامع، ثم انصرفت عن مرو في ربيع الأول سنة إحدى وعشرين وخمسمائة واشتغلت بمرو بتزويج صدّني عن التحصيل صدّا، وعدت إلى نيسابور، ثم عدت إلى مسقط الرأس وزيارة الوالدة ببيهق، وأقمت بها ثلاثة أشهر، وذلك في سنة إحدى وعشرين، ورجعت إلى نيسابور ثم رجعت إلى بيهق، واتفقت بيني وبين الأجلّ شهاب الدين محمد بن مسعود المختار والي الري ثم مشرف المملكة مصاهرة، وصرت مشدودا بوثاق الأهل والأولاد سنين، وفوّض إليّ قضاء بيهق في جمادى الأولى سنة ست وعشرين وخمسمائة، فبخلت بزماني وعمري على إنفاقه في مثل هذه الأمور التي قصاراها ما قال شريح القاضي «أصبحت ونصف الناس عليّ غضبان» ، فضقت ذرعا ولم أجد بدّا من الانتقال حتى يتقلّص عنّي ظلّ ذلك الأمر، فقصدت كورة الريّ ليلة العيد من شوال سنة ست وعشرين وخمسمائة، والوالي بها شهاب الدين صهري، فتلقاني أكابرها وقضاتها وسائر الأجلّاء، وأقمت بها إلى السابع والعشرين من جمادى الأولى سنة سبع وعشرين وخمسمائة، وكنت في تلك المدة أنظر في الحساب والجبر والمقابلة وطرفا من الأحكام، فلما رجعت إلى خراسان أتممت تلك الصناعة على الحكيم أستاذ خراسان عثمان بن جاذوكار «1» وحصّلت كتبا من الأحكام، وصرت في تلك الصناعة مشارا إليّ، وانتقلت إلى نيسابور في غرة ربيع الآخر سنة تسع وعشرين وخمسمائة وكان علم الحكمة عندي غير نضج، وعدت إلى بيهق وفي العين قذى من نقصان الصناعة، فرأيت في المنام سنة ثلاثين قائلا يقول: عليك بقطب الدين محمد المروزي الملقب بالطّبسيّ والنصيري، فمضيت الى سرخس وأقمت عنده وأنفقت ما عندي من الدنانير والدراهم، وعالجت جروح الحرص بتلك المراهم، وعدت إلى نيسابور في السابع والعشرين من شوال سنة اثنتين وثلاثين وأقمت معه بنيسابور حتى أصابه الفلج وذلك في الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1761 رجب سنة ست وثلاثين، فعدت إلى بيهق في شعبانها فأزعجني عنها حسد الأقارب، فخرجت منها خائفا أترقب في رمضان سنة سبع وثلاثين إلى نيسابور، فأكرمني أكابرها، فكنت أعقد المجلس في يوم الجمعة بجامع نيسابور القديم، ويوم الأربعاء في مسجد المربّع، ويوم الاثنين في مسجد الحاج، وتفد عليّ وفود إكرام الوزير ملك الوزراء طاهر بن فخر الملك وإكرام أكابر الحضرة، فألقيت العصا بنيسابور، وأقمت بها إلى غرّة رجب سنة تسع وأربعين وخمسمائة، ثم ارتحلت عنها لزيارة والدتي، ومات ولدي أحمد ووالدتي في هذه السنة، وكانت حافظة للقرآن عالمة بوجوه تفاسيره. وها أنا أذكر تصانيفي في هذه المدة: كتاب أسولة القرآن مع الأجوبة مجلدة. كتاب إعجاز القرآن مجلدة. كتاب الإفادة في كلمة الشهادة مجلدة. كتاب المختصر من الفرائض مجلدة. كتاب الفرائض بالجدول مجلدة. كتاب أصول الفقه مجلدة. كتاب قرائن آيات القرآن مجلدة. كتاب معارج نهج البلاغة، وهو شرح الكتاب، مجلدة. كتاب نهج الرشاد في الأصول مجلدة. كتاب كنز الحجج في الأصول مجلدة. كتاب جلاء صدأ الشك في الأصول. كتاب إيضاح البراهين في الأصول مجلدة. كتاب الافادة في إثبات الحشر والاعادة مجلدة. كتاب تحفة السادة مجلدة. كتاب التحرير في التذكير مجلدتان. كتاب الوقيعة في منكر الشريعة مجلدة. كتاب تنبيه العلماء على تمويه المتشبهين بالعلماء. كتاب أزاهير الرياض المريعة وتفسير ألفاظ المحاورة والشريعة مجلدة. كتاب أشعاره مجلدة. كتاب درر السخاب ودرر السحاب في الرسائل مجلدة. كتاب ملح البلاغة مجلدة. كتاب البلاغة الخفية مجلدة. كتاب طرائق الوسائل إلى حدائق الرسائل مجلدة. كتاب الرسائل بالفارسي مجلدة. كتاب رسائله المتفرقة مجلدة. كتاب عقود اللآلىء مجلدة. كتاب غرر الأمثال مجلدتان. كتاب الانتصار من الأشرار مجلدة. كتاب الاعتبار بالاقبال والادبار مجلدة. كتاب وشاح دمية القصر مجلدة ضخمة. كتاب أسرار الاعتذار مجلدة. كتاب شرح مشكلات المقامات الحريرية مجلدة. كتاب درة الوشاح، وهو تتمة كتاب الوشاح، مجلدة خفيفة. كتاب العروض مجلدة. كتاب أزهار أشجار الأشعار مجلدة. كتاب عقود المضاحك بالفارسيّ مجلدة. كتاب نصائح الكبراء بالفارسية الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1762 مجلدة. كتاب آداب السفر مجلدة. كتاب مجامع الأمثال وبدائع الأقوال أربع مجلدات. كتاب مشارب التجارب أربع مجلدات. كتاب ذخائر الحكم مجلدة. كتاب شرح الموجز المعجز مجلدة. كتاب أسرار الحكم مجلدة. كتاب عرائس النفائس مجلدة. كتاب أطعمة المرضى مجلدة. كتاب المعالجات الاعتبارية مجلدة. كتاب تتمة صوان الحكمة مجلدة. كتاب السموم مجلدة. كتاب في الحساب مجلدة. كتاب خلاصة الزيجة مجلدة. كتاب أسامي الأدوية وخواصها ومنافعها مجلدة، وهو معنون بتفاسير العقاقير مجلدة ضخمة. كتاب جوامع الأحكام ثلاث مجلدات. كتاب أمثلة الأعمال النجومية مجلدة. كتاب في مؤامرات الأعمال النجومية مجلدة. كتاب غرر الأقيسة مجلدة. كتاب معرفة ذات الحلق والكرة والاصطرلاب مجلدة. كتاب أحكام القرانات مجلدة. كتاب ربيع العارفين مجلدة. كتاب رياحين العقول مجلدة. كتاب الاراحة عن شدائد المساحة مجلدة. كتاب حصص الأصفياء في قصص الأنبياء على طريق البلغاء بالفارسية مجلدتان. كتاب المشتهر في نقض المعتبر الذي صنفه الحكيم أبو البركات مجلدة. كتاب بساتين الأنس ودساتين الحدس في براهين النفس مجلدة. كتاب مناهج الدرجات في شرح كتاب النجاة ثلاث مجلدات. كتاب الامارات في شرح الاشارات. كتاب قضايا التشبيهات على خفايا المختلطات بالجداول مجلدة. كتاب شرح رسالة الطر مجلدة. كتاب شرح الحماسة مجلدة. كتاب الرسالة العطارة في مدح بني الزبارة «1» . كتاب تعليقات فصول بقراط. كتاب شرح شعر البحتري وأبي تمام مجلدة. كتاب شرح شهاب الأخبار مجلدة. قال المؤلف: هذا ما ذكره في «كتاب مشارب التجارب» . ووجدت له كتاب تاريخ بيهق بالفارسية. وكتاب لباب الأنساب. قال المؤلف: ووقفت بنيسابور عند أول ورودي إليها في ذي القعدة سنة ثلاث عشرة وستمائة على «كتاب وشاح الدمية» فقال فيه: إن أبا القاسم الباخرزي فرغ من الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1763 تصنيف «كتاب دمية القصر» في جمادى الآخرة سنة ست وستين وأربعمائة، وانه هو بدأ بتصنيف الوشاح في غرة جمادى الأولى سنة ثمان وعشرين وخمسمائة وفرغ منه في رمضان سنة خمس وثلاثين. وأنشد لنفسه في «كتاب الوشاح» أشعارا، منها في مخلص الدين أبي الفضل محمد بن عاصم كاتب الإنشاء في ديوان السلطان سنجر، قال: وهو ابن أخت أبي إسماعيل الطغرائي «1» : كريم على أوج النجوم علاه ... وأيقظ نوّام المديح نداه «2» سرى واهتدى طبعي بنجم كماله ... وأحمد في وقت الصباح سراه له روضة أبدت من الفضل نرجسا ... وغصنا من الإقبال طاب جناه أعاد رضاع القلب في رحل ورده ... وغادر في قلبي ضواع هواه تفرّق أشجان الأفاضل يمنة ... ويجمع كلّ الصيد جوف فراه لقد زرت أشراف الزمان وإنما ... أبى الفضل إلّا أن أزور فناه وذكره العماد الأصفهاني في «كتاب الخريدة» ووصفه بالرياسة والشرف وقال: حدثني والدي أنه لما مضى إلى الري عقيب النكبة أصبح ذات يوم وشرف الدين البيهقي قد قصده في مركبه، وهو حينئذ والي الريّ، ونقله إلى منزله، وتكفل بتسديد خلله، وكان حينئذ يترشّح لوزارة السلطان، وهو كبير الشان، وما زالا بالريّ مقيمين متوانسين، حتى فرّق بينهما محتوم البين، وذلك في سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة. قال: وأظنه نكب في وقعة السلطان سنجر مع الكفار الخطائية، وكان والدي يثني عليه أبدا ويقول: إنه ما نظر إلى نظيره ولا مثلت لعينه عين مثله. صنف «كتاب وشاح الدمية» ذيّله على كتاب أبي الحسن الباخرزي، وهو موجود بخراسان، وأورد فيه لنفسه: تراجعت الأمور على قفاها ... كما يتراجع البغل الرّموح وتستبق الحوادث مقدمات ... كما يتقدّم الكبش النطوح الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1764 وقوله: تشير بأطراف لطاف كأنها ... أنابيب مسك أو أساريع مندل وتومي بلحظ فاتر الطرف فاتن ... بمرود سحر بابليّ مكحّل ينمّ على ما بيننا من تجاذب ... نسيم الصبا جاءت بريا القرنفل وله: يا خالق العرش حملت الورى «1» ... لما طغى الماء على جاريه وعبدك الآن طغى ماؤه ... في الصّلب فاحمله على جاريه قال المؤلف: هكذا ذكر العماد في كتابه، وإذا عارضت قوله بما ذكره البيهقي عن نفسه في كتابه الذي نقلت لفظه منه من خطّه وجدت فيه اختلافا في التاريخ وغيره، والله أعلم. ومن شعر أبي الحسن البيهقي الذي أورده لنفسه في «كتاب الوشاح» في عزيز الدين أبي الفتوح علي بن فضل الله المستوفي الطغرائي «2» ونقلته من خطه: شموسي في أفق الحياة هلال ... وأمني من صرف الزمان محال وأطلب والمطلوب عزّ وجوده ... وأرجو وتحقيق الرجاء محال إلى كم أرجّي من زماني مسرّة ... وقد شاب من رأس [الزمان] قذال «3» وبال على الطاووس ألوان ريشه ... وعلم الفتى حقا عليه وبال وللدهر تفريق الأحبة عادة ... وللجهل داء في الطباع عضال لقد ساد بالمال المصون معاشر ... وأخلاقهم للمخزيات عيال وبينهم ذلّ المطامع عزة ... وعندهم كسب الحرام حلال وله: ضجيعي في ليلي جوى ونحيب ... وإلفي في نومي ضنا ولغوب الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1765 دجا ليل آمالي وأبطأ صبحه ... وللمنذرات السود فيه نعيب وتلسعني الأيام فهي أراقم ... وتخدعني الآمال فهي كذوب ألا ليت شعري هل أبيتنّ ليلة ... وباعي في ظلّ الوصال رحيب خليلي لا تركن إلى الدهر آمنا ... فاحسانه بالسيئات مشوب وكم جاهل قد قال لي أنت ناقص ... فهيّج ليث الحقد وهو غضوب وعيّرني بالعلم والحلم والنهى ... قبائل من أهل الهوى وشعوب فقلت لهم لا تعذلوني فانني ... لصفو زجاجات العلوم شروب وما ضرّني أني عليم بمشكل ... وقد مسّ أهل الدهر منه لغوب لئن عدّ علم المرء جرما لديكم ... فذلك جرم لست منه أتوب كفى حزنا أني مقيم ببلدة ... بها صاحب العلم الرصين غريب وذكر أيضا في هذا الكتاب قال: دخلت على الأمير يعقوب بن إسحاق المظفر بن نظام الملك فأكرمني وقابلني بالتعظيم والتفخيم، فقلت بديهة: يعقوب يظهر دائما في لفظه ... عسلا لديه نظمه يعسوبه وغدا بحمد الله صدرا مكرما ... يعلو نطاق المشتري عرقوبه فسقى أنامله حدائق لفظه ... وجرى على نهج العلا يعبوبه قد غاب يوسف خاطري عن مصره ... ويشمّ ريح قميصه يعقوبه فأشار إليّ وقال: هل لك أن تنسج على منوالي في ما قلت، فأنشدني لنفسه: أعاذل مهلا ليس عذلك ينفع ... وقولك فينا دائما ليس ينجع وهل يصبر الصبّ المشوق على الجوى ... وفي الوصل مشتاق وفي الهجر مجزع يقولون إن الهجر يشفي من الجوى ... وإنّ فؤاد الصبّ في القرب أجزع بكلّ تداوينا فلم يشف ما بنا ... ألا إن قرب الدار أجدى وأنفع تحنّ إلى ظلّ من العيش وارف ... وعهد مضى منه مصيف ومربع فقلت: أيها الصدر ليس للخلّ حلاوة العسل، وللتكحّل طلاوة الكحل، ومن أين للسراج نور الشمس، وللكودن سبق الخيل الشّمس، ومن أين للضباب منفعة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1766 السحاب. فقال: لا بد من ذلك، فجمعت العجالة والبداهة هنالك، وقلت في الحال في مقام الارتحال، وكتبت بقلم الارتجال على قرطاس الاستعجال: سرى طيفه وهنا ولي فيه مطمع ... وبرق الأماني في دجى الهجر يلمع ويأبى حقين الهجر عذرة طيفه ... فلم أدر في مهوى الهوى كيف أصنع لقد يحمد القوم السّرى في صباحهم ... زمان تلاق عنده الشمل يجمع وها أنا أسري في ظلامي وإنني ... أذمّ صباحي والخلائق هجّع أقول لصبري أنت ذخري لدى النوى ... وذخر الفتى حقا شفيع مشفّع وأسكن ماء العين ناري وإنما ... هواء الهوى من تربة الطيف أنقع رأيت معيديّ الخيال فقال من ... جهينة أخبار المعيديّ تسمع دعوت إلى حيس الهوى جندب الهوى ... فولّى وطرف العين في النوم يرتع «1» وقال لنفسي لا تموتي صبابة ... لعلّ زمانا قد مضى لك يرجع ولم يبق مني غير ما قلت منشدا ... «حشاشة نفس ودّعت يوم ودّعوا» «2» فلاذ بشمس الدين يعقوب من له ... نجوم لها في مشرق المجد مطلع أجلّك يا يعقوب عن كنه مدحتي ... لأنك عن مدحي أجلّ وأرفع ثم قال: شرفني بعد ذلك بقصيدة أولها: ألا أبلغ إلى سلمى السلاما فأجبت، وقلت بعد الجواب علاوة للتصديع والابرام، على طريق أداء شكر النعم، اللائق بأحوال الخدم: يا صاحبي كسدت أسواق أشواقي ... والتفّت الساق يوم الهجر بالساق الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1767 يا ليت شعري هل سعد يساعدني ... أم هل لداء الهوى في الناس من راق أم هل سبيل إلى سلوان مكتئب ... أم هل طريق إلى إيناس مشتاق يا نجل إسحاق يا من ثوب سؤدده ... قد جلّ في الدهر عن وهي وإسحاق فما تمهلت في يومي وغى وندى ... إلا قضيت بآجال وأرزاق وكلّ ذكر وإن طال الزمان به ... فان وذكرك في نادي الندى باق. [762] علي بن سليمان الأديب البغدادي، أبو الحسن: أحد الفضلاء المبرزين والظراف المشهورين. قرأت بخط أبي سعد قال: ذكر أبو المظفر محمد بن العباس الأبيوردي في «كتاب تعلّة المشتاق» من تصنيفه قال فيه: وقد صممت العزم على معاودة الحضرة الرضوية بخراسان لأنهي إليها ما قاسيته في التأخر عن الخدمة، وعلم الأديب أبو الحسن علي بن سليمان صرّيّ عزمي، فجشم إليّ قدمه، وجرى على عادته الرضية في رعاية جانبي تمهيدا لما استمرّ بيننا من أواصر المودة، ولعمر الفضل إني لم أجد في غربتي هذه فاضلا يباريه ولا ظريفا يجاريه، ومن وصف البغداديّ بالفضل والظرف فقد كساه الثناء المختصر، وحمل التمر إلى هجر. ومن مليح ما أسمعنيه أنه قال: سألنا أبا القاسم عبد العزيز بن أحمد بن ناقيا البغدادي (قلت: هكذا قال عبد العزيز وصوابه عبد الله ذكرناه في بابه من هذا الكتاب) عن المتنبي وابن نباتة والرضي فقال: إن مثلهم عندي مثل رجل بنى أبنية شاهقة وقصورا عالية وهو المتنبي، فجاء آخر وضرب حولها سرادقات وخيما وهو ابن نباتة، ثم جاء الرضي ينزل تارة عند هذا وتارة عند ذاك، فأنشدني قال أنشدني أسبهدوست بن محمد بن أسفار الديلمي قال: أنشدني أبو الفرج الببغا لنفسه «1» : أشقيتني فرضيت أن أشقى ... وملكتني فقتلتني عشقا   [762]- لم أعثر على ترجمة له. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1768 وزعمت أنك لا تكلّمني ... عشرا فمن لك أنني أبقى ليس الذي تبغيه من تلفي ... متعذرا فاستعمل الرفقا قال الأبيوردي: وبهذا الاسناد قال أنشدني ابن الحجاج لنفسه: يا صروف الدهر حسبي ... أيّ ذنب كان ذنبي علّة عمّت وخصّت ... لحبيب ومحبّ أنا أشكو حرّ حبّ ... وهو يشكو حرّ حبّ قال الأبيوردي: فقل في محبوب جرب وعاشق طرب. [763] علي بن سليمان، يلقب حيدة اليمني النحوي التميمي: كان من وجوه أهل اليمن وأعيانهم علما ونحوا وشعرا، وصنّف كتبا منها كتاب في النحو سماه «كشف المشكل» في مجلدين وقال فيه يمدحه: صنفت للمتأدّبين مصنفا ... سميته بكتاب كشف المشكل سبق الأوائل مع تأخّر عصره ... كم آخر أزرى بفضل الأوّل قيّدت فيه كلّ ما قد أرسلوا ... ليس المقيد كالكلام المرسل ومولده ببلاد بكيل من أعمال ذمار ومات سنة تسع وتسعين وخمسمائة، ومن شعره يحصر جمع التكسير: سألت عن التكسير فاعلم بأنها ... ثمانية أوزان جمع المكسّر فأربعة أوزان كلّ مقلّل ... وأربعة أوزان كلّ مكثّر فعال وأفعال وفعل وأفعل ... وأفعلة منها وفعلان فانظر ومنها فعول يا أخيّ وفعلة ... وتمثيلها إن كنت لما تصوّر   [763]- قال ياقوت في مادة (بكيل) من معجم البلدان: وينسب إلى هذا المخلاف الأديب علي بن سليمان الملقب «بحيدرة» [كذا] له تصانيف في النحو والأدب، عصريّ، مات في سنة 599، وانظر ترجمته في بغية الوعاة 2: 168 وفيه لقبه «حيدة» (والنقل عن ياقوت) . ومن اللافت للنظر أن يكون يمنيا تميميا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1769 جمال وأفراس وأسد وأكبش ... وأكسية حمر لفتيان حمير أتونا عشاء في ربوع لفتية ... من التغلبيين الكرام ويشكر وكلّ خماسيّ إذا ما جمعته ... فآخره فاحذف ولا تتعثر فتجمع قرطعبا قراطع سالكا ... به مسلك الجمع الرباعي المكثّر قلت أنا: هذا عجب ممن صنّف كتابا كبيرا في النحو يقول: جمع المكثر أربعة أوزان وهي على نحو من خمسين وزنا. [764] علي بن سليمان بن الفضل الأخفش أبو الحسن، وهو الأخفش الصغير، وهناك الأخفش الأكبر وهو أبو الخطاب عبد الحميد، وقد ذكر، والأوسط وهو أبو الحسن سعيد بن مسعدة وقد مرّ في بابه، وهناك أخفش آخر وهو عبد العزيز بن أحمد المغربي الأندلسي، وقد ذكر في بابه أيضا «1» ، وغيرهم. ومات علي بن سليمان هذا في شعبان سنة خمس عشرة وثلاثمائة ودفن بمقبرة قنطرة البردان، ذكر ذلك المرزباني، قال المرزباني في «كتاب المقتبس» : ذكر جماعة لقيناهم من النحويين وأهل اللغة منهم علي بن سليمان بن الفضل الأخفش، ولم يكن بالمتسع في الرواية للأخبار والعلم بالنحو، وما علمته صنّف شيئا البتة ولا قال شعرا، وكان إذا سئل عن مسائل النحو ضجر وانتهر كثيرا ممن يواصل مساءلته ويتابعها، ثم ذكر وفاته كما تقدم قال: وشهدته يوما وصار إليه رجل من حلوان كان يلزمه فحين رأه قال له:   [764]- ترجمة الأخفش الصغير في طبقات الزبيدي: 115 والفهرست: 91 ونور القبس: 341 وتاريخ أبي المحاسن: 45 وتاريخ بغداد 11: 433 وفهرسة ابن خير (صفحات متفرقة) ونزهة الألباء: 248 والمنتظم 6: 214 وإنباه الرواة 2: 276 وابن خلكان 3: 301 وسير الذهبي 14: 480 وعبر الذهبي 2: 162 ومرآة الجنان 2: 267 والبداية والنهاية 11: 157 والبلغة: 158 والنجوم الزاهرة 2: 167 والشذرات 2: 270 وبغية الوعاة 2: 167 واشارة التعيين: 219. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1770 حياك ربّك أيها الحلواني ... وكفاك ما يأتي من الأزمان ثم التفت إلينا وقال: ما نحسن من الشعر إلا هذا وما جرى مجراه، هكذا ذكر أبو عبيد الله وهو تلميذه وصاحبه. وقال الجوهري: الأجلع الذي لا تنضمّ شفتاه على أسنانه، وكان الأخفش الأصغر النحويّ أجلع «1» . ووجدت في «كتاب فهرست النديم» بخط مؤلفه، وذكر الأخفش هذا فقال: له من التصانيف كتاب الأنواء. وكتاب التثنية والجمع. وكتاب شرح سيبويه- حدثني الصاحب الوزير جلال الدين القاضي الأكرم أبو الحسن علي بن يوسف القفطي أدام الله أيامه أنه ملكه في خمسة أجلاد- وكتاب تفسير رسالة كتاب سيبويه، رأيته في نحو خمس كراريس. وكتاب الحداد. ووجدت أهل مصر ينسبون إليه كتابا في النحو هذبه أحمد بن جعفر الدينوري وسمّاه «المهذب» . وحدث أبو عبيد الله: حضرت يوما أبا الحسن الأخفش ودفع كتابا إلى بعض من كان في مجلسه ليكتب عليه اسمه فقال له أبو الحسن خفّش خفّش، يريد اكتب الأخفش، ثم قال: أنشدنا أبو العباس المبرد «2» : لا تكرهن لقبا شهرت به ... فلربّ محظوظ من اللقب قد كان لقّب مرّة رجل ... بالوائليّ فعدّ في العرب قال الأخفش: دعاني سوّار بن أبي شراعة فتأخرت عنه فكتب إليّ: مضى النور واستبهم الأغطش ... وأخلفني وعده الأخفش وحال وحالت به شيمة ... كما حال عن لونه البرقش أبا حسن كنت لي مألفا ... فما لك عن دعوتي تطرش وكنت لأعدائك الشانئيك ... سماما كما نفث الأرقش وكنت بقربك في روضة ... فها أنا والبلد المعطش الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1771 إذا قلت قرطست في صاحب ... نزعت كما ينزع المرعش وسيّان عندي من عقّني ... عقوقك والحية الحربش «1» أقول وما حلت عن عهده ... رأيتك كالناس إذ فتّشوا وحدث [ ... ] قال: كان ابن الرومي كثير الهجاء للأخفش، وذاك أن ابن الرومي كان كثير الطيرة، وكان الأخفش كثير المزاح، وكان يباكره قبل كلّ أحد، فيطرق الباب على ابن الرومي فيقول: من بالباب؟ فيقول الأخفش: حرب بن مقاتل، وما أشبه ذلك، فقال ابن الرومي يهجوه ويتهدده «2» : قولوا لنحويّنا أبي حسن ... إني حسام متى ضربت مضى لا تحسبنّ الهجاء يحفل بال ... رفع ولا خفض خافض خفضا كأنني بالشقيّ معتذرا ... إذا القوافي أذقنه مضضا ينشدني العهد يوم ذاك ولل ... عهد خضاب أزاله فنضا قال المرزباني: فحدثني المظفر بن يحيى قال حدثني أبو عبيد الله النحوي أن الأخفش قال يوما لابن الرومي: إنما كنت تدّعي هجاء مثقال، فلما مات مثقال انقطع هجاؤك، قال: فاختر عليّ قافية أهجوك، قال: على رويّ قصيدة دعبل الشينية، فقال قصيدته التي يهجوه فيها ويجوّد حتى لا يقدر أحد أن يدفعه عن ذلك ويفحش حتى يفرط، أولها «3» : ألا قل لنحويّك الأخفش ... أنست فأقصر ولا توحش وما كنت عن غيّة مقصرا ... وأشلاء أمك لم تنبش قال فيها: أما والقريض ونقاده ... ونجشك فيه مع النّجّش ودعواك عرفان نقّاده ... بفضل النقيّ على الأنمش الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1772 لئن جئت ذا بشر حالك ... لقد جئت ذا نسب أبرش وما واحد جاء من أمه ... بأعجب من ناقد أخفش كأنّ سنا الشتم في عرضه ... سنا الفجر في السحر الأغبش أقول وقد جاءني أنّه ... ينوش هجائي مع النوّش إذا عكس الدهر أحكامه ... سطا أضعف القوم بالأبطش وما كلّ من أفحشت أمه ... تعرّض للمقذع الأفحش وهي قصيدة طويلة. ولما سار هجاؤه في الأخفش جمع الأخفش جماعة من الرؤساء، وكان كثير الصديق، فسألوا ابن الرومي أن يكفّ عنه فأجابهم إلى الصفح عنه، وسألوه أن يمدحه بما يزيل عنه عار هجائه فقال فيه «1» : ذكر الأخفش القديم فقلنا ... إن للأخفش الحديث لفضلا فإذا ما حكمت والروم قومي ... في كلام معرّب كان عدلا أنا بين الخصوم فيه غريب ... لا أرى الزور للمحاباة أهلا ومتى قلت باطلا لم ألقب ... فيلسوفا ولم أسمّ هرقلا وذكر الزبيدي أن الأخفش كان يتحفّظ هجاء ابن الرومي له ويمليه في جملة ما يملي، فلما رأى ابن الرومي أنه لا يألم لهجائه ترك هجوه. وكان الأخفش قد قرأ على ثعلب والمبرد وأبي العيناء واليزيدي. وحدث الأخفش قال «2» : استهدى إبراهيم بن المدبر المبرد جليسا يجمع إلى تأديب ولده الاستمتاع بايناسه ومفاكهته، فندبني إليه وكتب معي: قد أنفذت إليك أعزك الله فلانا وجملة أمره: إذا زرت الملوك فان حسبي ... شفيعا عندهم أن يخبروني وقدم الأخفش هذا مصر في سنة سبع وثمانين ومائتين وخرج منها سنة ثلاثمائة إلى حلب مع علي بن أحمد بن بسطام صاحب الخراج فلم يعد إلى مصر. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1773 وحدث الرئيس أبو الحسين هلال «1» بن المحسن بن إبراهيم بن هلال الصابىء في كتابه «كتاب الوزراء» قال: حكى لي أبو الحسن ثابت بن سنان قال: كان أبو الحسن علي بن سليمان الأخفش يواصل المقام عند أبي علي ابن مقلة ويراعيه أبو علي ويبرّه، فشكا إليه في بعض الأيام الاضافة وسأله أن يكلم أبا الحسن علي بن عيسى، وهو يومئذ وزير، في أمره، وسأله إجراء رزق عليه في جملة من يرتزق من أمثاله، فخاطبه أبو علي في ذلك وعرّفه اختلال حاله وتعذر القوت عليه في أكثر أيامه، وسأل أن يجري عليه رزقا في جملة الفقهاء، فانتهره علي بن عيسى انتهارا شديدا وأجابه جوابا غليظا، وكان ذلك في مجلس حافل ومجمع كامل، فشقّ على أبي علي ما عامله به وقام من مجلسه وقد اسودت الدنيا في عينيه، وصار إلى منزله لائما لنفسه على سؤال علي بن عيسى ما سأله، وحلف أنه يجرد في السعي عليه، ووقف الأخفش على الصورة واغتمّ، وانتهت به الحال إلى أن أكل الشلجم النيّ، فقيل إنه قبض على قلبه فمات فجاءة، وكان موته في شعبان سنة خمس عشرة وثلاثمائة. [765] علي بن سهل بن العباس، أبو الحسن النيسابوري: المفسر العالم العابد الديّن، ذكره عبد الغافر في «السياق» وقال: مات في ثالث عشر ذي القعدة سنة إحدى وتسعين وأربعمائة، ووصفه فقال: نشأ في طلب العلم وتبحر في العربية، وكان من تلامذة أبي الحسن الواحدي. [766] علي بن طاهر بن جعفر، أبو الحسن السلمي النحوي: نقلت من خط ابن اللبان قال نقلت من خط السمعاني قال: أخبرني أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة   [765]- بغية الوعاة 2: 169. [766]- إنباه الرواة 2: 283 وبغية الوعاة 2: 170 وينقل ياقوت عن تاريخ دمشق، انظر المصورة 12: 434. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1774 الله الحافظ الدمشقي أنه سمع أبا عبد الله بن سلوان وغيره، وكان ثقة ديّنا، وقل ما يكون النحويّ ديّنا. ذكر ابن الأكفاني أنه مات في الحادي والعشرين من شهر ربيع الأول سنة خمسمائة. وذكر الحافظ في «تاريخ دمشق» قال: علي بن طاهر بن جعفر بن عبد الله أبو الحسن القيسي السلمي النحوي، سمع أبا عبد الله ابن سلوان وأبا القاسم ابن الشميشاطي وأبا نصر أحمد بن علي بن الحسن الكفرطابي، وذكر جماعة، قال: وروى عنه غيث بن علي، وحدثنا عنه الفقيه أبو الحسن السلمي وخالي القاضي أبو المعالي وجميل بن تمام وحفّاظ بن الحسين. وكان ثقة، وكانت له حلقة في الجامع وقف فيها خزانة فيها كتبه. وذكر أبو محمد ابن صابر أنه سأله عن مولده فقال: سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة. ذكر ابن الأكفاني أن أبا الحسن ابن طاهر النحوي مات يوم الحادي والعشرين من شهر ربيع الأول سنة خمسمائة «1» . [767] علي بن طلحة بن كردان النحوي أبو القاسم: قال أبو غالب ابن بشران: كان ابن كردان يعرف بابن السحناتي «2» ، ولم يبع قطّ السحناة وإنما كان أعداؤه يلقّبونه بذلك فغلب عليه، قال: وهذا الشيخ أول الشيوخ الذين قرأت عليهم الأدب. قال السلفي الحافظ: سألت خميس بن علي الحوزي عن ابن كردان فقال: صحب أبا عليّ الفارسي وعلي بن عيسى الرماني، قرأ عليهما كتاب سيبويه، والواسطيون يفضلونه على ابن جني والربعي، صنف كتابا كبيرا في إعراب القرآن، قال لي شيخنا أبو الفتح «3» كان يقارب خمسة عشر مجلدا، ثم بدا له فيه فغسله قبل   [767]- إنباه الرواة 2: 284 وبغية الوعاة 2: 170 وسؤالات الحافظ السلفي: 14 وسير الذهبي 17: 427، وكردان بضم الكاف. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1775 موته، مات سنة أربع وعشرين وأربعمائة. وكان متنزها متصوّنا ركب إليه فخر الملك أبو غالب محمد بن علي بن خلف وزير بهاء الدولة، وهو سلطان الوقت، وبذل له فلم يقبل، وكان قد جرت بينه وبين القاضي أبي تغلب أحمد بن عبيد الله العاقولي صديق الوزير المغربي وخليفة السلطان والحكام على واسط في وقته، وكان معظما مفخما، خصومة، فقال له ابن كردان: إن صلت علينا بمالك صلنا عليك بقناعتنا. وآخر من حدث عنه أبو المعالي محمد بن عبد السلام بن شانده. وذكره أبو عبد الله محمد بن سعيد الدبيثي في «نحاة واسط» فقال: علي بن طلحة بن كردان النحوي أبو القاسم الواسطي المولد والدار أخذ النحو عن أبي علي الفارسي وأبي الحسن الرماني وأبي بكر ابن الجراح صاحب ابن الأنباري، قال ابن بشران: هو أول شيخ قرأت عليه، ووصفه بالفضل والمعرفة، وعنه أخذ النحو أبو الفتح محمد بن محمد بن مختار وغيره من الواسطيين. وكان شاعرا ومن شعره في ذم واسط: سئم الأديب من المقام بواسط ... إنّ الأديب بواسط مهجور يا بلدة فيها الغنيّ» مكرّم ... والعلم فيها ميّت مقبور لا جادك الغيث الهطول ولا اختلى ... فيك الربيع ولا علاك حبور شرّ البلاد أرى فعالك ساترا ... عني الجميل وشرّك المشهور حدث أبو الجوائز الحسن بن علي بن باري الكاتب الواسطي قال: اجتمع معنا في حلقة شيخنا أبي القاسم علي بن كردان النحوي سيدوك الشاعر «2» ، ونحن في الجامع بواسط بعد صلاة الجمعة، وجرى في عرض المذاكرات ذكر من أحال على قلبه بالعشق، ومن أحال على ناظره به أيضا، ومضت أناشيد في ذلك، فقال أبو طاهر سيدوك: قد حضرني في هذا المعنى شيء وأنشدنا: الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1776 يا قلب من هذا حذرت عليكا ... ذق ما جنيت فكم نصحت إليكا انضج بنارك لا أراحك حرّها ... فلطالما ضاع العتاب لديكا لما أطعت الطرف ثم عصيتني ... علق الهوى يا قلب من طرفيكا وسمعنا أذان العصر فقلت لشيخنا: أكتبها قبل إقامة الصلاة أو إذا صلينا؟ قال: اكتبها ولو أن الإمام على المنبر، وأنشدنا حينئذ لنفسه: أبصرت في المأتم مقدودة ... تقضي ذماما بتكاليفها تشير باللطم إلى وجنة ... ضرّجها مبدع تأليفها إذا تبدّى الصبح من وجهها ... جمّشه ليل تطاريفها وحدث أبو غالب ابن بشران النحوي قال: أنشدني أبو القاسم علي بن طلحة بن كردان النحوي قال: أنشدني أبو طاهر سيدوك لنفسه، وكان يعرض عليّ شعره، وقد ابتكر معنى غريبا وإن كان اللفظ قريبا: إن دائي الغداة أبرح داء ... وطبيبي سريرة ما تبوح يحسبوني إذا تكلمت حيّا ... ربّما طار طائر مذبوح قال ابن كردان وأنشدني سيدوك أيضا لنفسه «1» : أستودع الله من بانوا فلا بصري ... مني ولا أذني عندي ولا بصري عهدي بنا ورداء الوصل يشملنا ... والليل أطوله كاللمح بالبصر والآن ليلي مذ غابوا فديتهم ... ليل الضرير وصبحي غير منتظر. [768] علي بن ظافر بن الحسين الأزدي: وكنية ظافر أبو منصور، وهو مصريّ وزر   [768]- ترجمة ابن ظافر الأزدي في ابن الشعار 4: 404 والفوات 3: 26 والزركشي: 209، وانظر مقدمات كتبه المنشورة وهي: أخبار الدول المنقطعة وبدائع البدائه وغرائب التنبيهات على عجائب التشبيهات. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1777 للملك الأشرف موسى بن الملك العادل أبي بكر ابن أيوب، وكان نعم الرجل، له علوم جمة وفضائل كثيرة، ثم ترك الوزارة وعاد إلى مصر فتوفي بها منتصف شعبان سنة ثلاث عشرة وستمائة «1» عن ثمان وأربعين سنة، وله من التصانيف، كتاب بدائع البدائه في من قال شعرا على البديهة. وكتاب مكرمات الكتاب. وكتاب أخبار الشجعان. وكتاب من أصيب ممن «2» اسمه علي، وابتدأ بعلي بن أبي طالب عليه السلام. وكتاب الدول المنقطعة. وكتاب التشبيهات. وكتاب أساس السياسة. وكتاب أخبار السلجوقية. [769] علي بن العباس النوبختي أبو الحسن: أحد مشايخ الكتاب وأهل الأدب المشاهير والمروءة، روى من أخبار البحتريّ وابن الرومي قطعة حسنة، ومات سنة تسع وعشرين وثلاثمائة بعد سنّ عالية، وهو القائل لابن عمه أبي سهل إسماعيل بن علي النوبختي وشرب دواء: يا محيي العارفات والكرم ... وقاتل الحادثات والعدم كيف رأيت الدواء أعقبك الل ... هـ شفاء به من السقم لئن تخطت إليك نائبة ... حطّت بقلبي ثقلا من الألم شربت فيها الدواء مرتجيا ... دفع أذى من عظامك العظم فالدهر لا بدّ محدث طبعا ... في صفحتي كلّ صارم خذم   [769]- ترجم صاحب الفهرست لعدد من بني نوبخت مثل اسماعيل بن علي والحسن بن موسى: 225 والفضل بن نوبخت: 333. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1778 [770] علي بن عبد الله بن سنان الطوسي ، أبو الحسن التيمي: أحد أعيان علماء الكوفة، أخذ عن ابن الأعرابي، وكان عدوّا لابن السكيت لأنهما أخذا عن نصران الخراساني واختلفا في كتبه بعد موته، مات [ ... ] . ذكره المرزباني فقال: حدثنا محمد بن يحيى عن إبراهيم بن المعلى الباهلي قال: أكثرت يوما سؤال الطوسي فقال متمثلا: يسرّ ويعطي كلّ شيء سألته ... ومن يكثر التسآل لا بدّ يحرم قال ووجه بإنسان في حاجة فقصر فقال: بخلت وكلفناك ما لم تقم به ... وهل تحمل الفصلان أحمال بزّل قال محمد بن إسحاق: كان الطوسي راوية لأخبار القبائل وأشعار الفحول، ولقي مشايخ البصريين والكوفيين، قال: ولا مصنّف له. وكان شاعرا ذكر له المرزباني قوله: هجم البرد والشتاء ولا أم ... لك إلا رواية العربيه وقميصا لو هبّت الريح لم يب ... ق على عاتقيّ منه بقيه ويقلّ الغناء عني فنون ال ... علم إن أعصفت شمال عريه قال وقال أحمد بن أبي طاهر يرثي الطوسي الرواية بقصيدة طويلة منها: من عاش لم يخل من همّ ومن حزن ... بين المصائب من دنياه والمحن والموت قصر امرىء مدّ البقاء له ... فكيف يسكن من عيش إلى سكن وإنما نحن في الدنيا على سفر ... فراحل خلّف الباقي على الظعن ولا أرى زمنا أردى أبا حسن ... وخان فيه على حرّ بمؤتمن   [770]- إنباه الرواة 2: 285 وبغية الوعاة 2: 172 والفهرست: 77 وطبقات الزبيدي: 205 ونزهة الألباء: 124 وينقل ياقوت عن المرزباني (المقتبس) ولكن مختصر الكتاب حذف ما يتعلق بالطوسي؛ وذكر القفطي أن الطوسي كان من أصحاب أبي عبيد القاسم بن سلام، وكان من أعلم أصحابه وأكثرهم أخذا عنه. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1779 لقد هوى جبل للمجد لو وزنت ... به الجبال الرواسي الشمّ لم تزن وأصبح الحبل حبل الدين منتشرا ... وأدرج العلم والطوسيّ في كفن من لم يكن مثله في سالف الزمن ... ولم يكن مثله في غابر الزمن. [771] علي بن عبد الله بن علي بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، أبو القاسم العلوي المعروف بابن الشبيه: سمع محمد بن المظفر، كتب عنه عليّ بن أحمد الحافظ وقال: كان ديّنا حسن الاعتقاد يورّق بأجرة ويأكل من كسب يده ويواسي الفقراء من كسبه. سألته عن مولده فقال: ولدت في ليلة عيد الأضحى سنة ستين وثلاثمائة، ومات في العشر الأول من رجب سنة إحدى وأربعين وأربعمائة. قال الشريف أبو الحسن علي بن محمد بن علي بن محمد العلوي العمري النسابة في «كتاب الشافي في النسب» من تصنيفه: ومنهم- يعني من ولد الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام- زيد النسابة الجليل صاحب «كتاب المبسوط» ويلقب الشبيه بن علي بن الحسين بن زيد الشهيد عليه السلام، فمن ولده ببغداد أبو الفضل الحسن صاحب العوجاء، وأخوه أبو القاسم علي الموضح الناسخ، له خط مليح، ابنا أبي محمد عبد الله بن أبي عبد الله الحسين النقيب بن علي بن الحسين بن زيد الشبيه، به يعرفون، له بقية. وجدت على ظهر ديوان عروة بن الورد بخط ابن الشبيه، وكان الديوان كله بخطه: ديوان عروة العبسيّ أوضحه ... خطّ امرىء زاده حسنا وتبيينا نجل الأكارم من آل الشبيه فتى ... بجدّه ختم الله النبينا صلّى الاله عليه ما دجا غسق ... ويرحم الله عبدا قال آمينا   [771]- انظر عمدة الطالب: 227 وفيه زيد الشيبة (وهو خطأ) . الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1780 [772] علي بن عبد الله بن أحمد النيسابوري المعروف بابن أبي الطيب: مولده بنيسابور، وموطنه قصبة سابزوار، وكان له معرفة تامة بالقرآن وبتفسيره، مات في ثامن شوال سنة ثمان وخمسين وأربعمائة، ودفن في مقبرة سابزوار «1» . وقد عمل أبو القاسم علي بن محمد بن الحسين بن عمرو من دهاقين وميمولان «2» مدرسة باسمه في محلة اسفريس في رمضان سنة عشر وأربعمائة وأثرها إلى الآن باق «3» ، وكان له تلاميذ كثيرة منهم أبو القاسم علي بن محمد بن الحسين «4» بن عمرو وغيره. وله عدة تصانيف في تفسير القرآن المجيد، منها: كتاب التفسير الكبير في ثلاثين مجلّدا. وكتاب التفسير الأوسط أحد عشر مجلّدا. وكتاب التفسير الصغير ثلاث مجلدات. وكان يملي ذلك من حفظه. ولما مات رحمه الله لم يوجد في خزانة كتبه إلا أربع مجلدات أحدها فقهي وآخر أدبي ومجلدان في التاريخ، ودفن في مقبرة سابزوار، وعنده دعوة مستجابة مجربة. وحمل في سنة أربع عشرة وأربعمائة إلى السلطان محمود بن سبكتكين، فلما دخل عليه جلس بغير إذن، وشرع في رواية خبر عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بغير أمر من السلطان، فقال السلطان لغلام: يا غلام ده رأسه، فلكمه على رأسه لكمة كانت سببا إلى قلة سمعه وطرشه، ثم عرف السلطان منزلته من الدين والعلم والنزاهة والورع فاعتذر إليه وأمر له بمال فلم يقبله وقال: لا حاجة لي في المال، فإن استطعت أن تردّ عليّ ما أخذته مني قبلته، وهو سمعي، فقال له السلطان: أيها الرجل إن للملك صولة وهو مفتقر إلى السياسة، ورأيتك قد تعديت الواجب فجرى مني ما جرى، والآن فأحبّ أن تجعلني في حلّ، فقال: الله بيني وبينك بالمرصاد. ثم قال له: إنما أحضرتني   [772]- يعتمد ياقوت في هذه الترجمة على تاريخ بيهق؛ ولم أهتد إلى ترجمته في دمية القصر. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1781 لسماع الوعظ وأخبار الرسول والخشوع لا لإقامة قوانين الملك واستعمال السياسة، فإن ذلك يتعلق بالملوك وأمثالهم لا بالعلماء، فخجل السلطان وجبذ برأسه إليه وعانقه. ومن كلامه في خطبة كتاب التفسير: الزمان زمان سفهاء السفل، والقرآن قران انقلاب النّحل، والفضل في أبنائه فضول، وطلوع التمييز فيهم أفول، والدين دين، والدنيا عين. وان تحلّى أحدهم بالعلوم، وادعى أنه في الخصوص من العموم، فغايته أن يقرأ القرآن وهو غافل عن معانيه، ويتحلّى بالفضل وهو لا يدانيه، ويجمع الأحاديث والأخبار، وهو فيها مثل الحمار يحمل الأسفار. وله ديوان شعر، ومن شعره في «دمية القصر» «1» : فلك الأفاضل أرض نيسابور ... مرسى الأنام وليس مرسى بور دعيت أبرشهر البلاد لأنها ... قطب وسائرها رسوم السور هي قبة الإسلام نائرة الصّوى ... فكأنها الأقمار في الديجور من تلق منهم تلقه بمهابة ... زفت عليه بفضله الموفور لهم الأوامر والنواهي كلّها ... ومدى سواهم رتبة المأمور نقلت جميع ذلك من «تاريخ بيهق» لأبي الحسن ابن أبي القاسم البيهقي مصنف كتاب «وشاح الدمية» . [773] علي بن عبد الله بن محمد بن الهيصم الهروي ، الإمام صدر الإسلام: مات [ ... ] ذكره أبو الحسن البيهقي في «كتاب الوشاح» فقال: قد بلغ من العلم أطوريه، فلا فضل إلا وهو منسوب إليه، ورست بالفصاحة قواعده، واشتدّ بالزهادة ساعده، وقد اختلفت مدة مديدة إليه، وقرأت ما شئت من دقائق العلوم   [773]- هذه الترجمة من وشاح الدمية ولم يذكر تاريخ وفاته. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1782 عليه، ووجدته حالا عقود المشكلات، فاتقا رتوق المعضلات، ولعمري إنه رحمه الله كشف عن العلوم نقابها، ورفع عن الحقائق حجابها، فلم يكن في عصره فاضل إلا وقد اغترف من بحاره، واقتبس من أنواره، وتصانيفه كثيرة وسعيه مشهور، وسعي الناظر فيه مشكور. ومن تصانيفه: كتاب مفتاح البلاغة. كتاب البسملة. كتاب نهج الرشاد. كتاب عقود الجواهر. كتاب لطائف النكت. كتاب تصفية القلوب. كتاب ديوان شعره. ومن منظومه: ضحك الربيع بعبرة الأنداء ... ومن العجائب ضاحك ببكاء خرجت له نحو الشتاء كتيبة ... ذعرت مواكبه عن الصحراء ركبت فوارسه الهواء فجردت ... سيفا جلا جيش الدجى بضياء رقّ الربيع لها فأرسل نحوها ... بشرى بغيم في نسيم هواء والغصن قرّط أذنه بدراهم ... مضروبة من فضة بيضاء والروض ألبس حلّة موشيّة ... أحسن بها من صنعة الأنداء قضبان نبل أخرجت ذهبا لنا ... أعجب بها من صيرف معطاء وشقائق النعمان تشبه صارخا ... متظلما متشحطا بدماء والزعفران كأنما فرشت به ... ديباجة نسجت من القمراء ساءلتها هلّا برزت لناظر ... صبّ كئيب هائم بكّاء فأبت وآلت لا يحلّ نقابها ... إلا مجير الدولة الغرّاء وله: هنيئا لك العيد المبارك يا صدر ... وساعدك الإقبال واليمن والنصر إذا ما أعاد العيد للناس نضرة ... فقد ألبس الأعياد من وجهك البشر وإن نشرت أعلام دين محمد ... فذكرك في أقصى البلاد له نشر وإن أحرم الحجاج عن جلّ حالهم ... فأحرم عمن دونك الفضل والفخر الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1783 وإن كان لبّى للزيارة محرم ... فلبّى إلى أوصافك النظم والنثر وإن جمعوا فرضين ثمّ وقصروا ... فللدين والدنيا بك الجمع والقصر وإن طوّفوا بالبيت سبعا وأحرموا ... فما طاف إلا بابك الأنجم الزهر وإن ضحّت الأقوام بالبدن سنّة ... فضحّ بمن عاداك ما انفلق الفجر. [774] علي بن عبد الله بن وصيف الناشىء الحلّاء ويكنى أبا الحسين: قال ابن عبد الرحيم: حدثني أبو عبد الله الخالع قال، حدثني الناشىء قال: كان جدي وصيف مملوكا، وكان عبد الله أبي عطارا في الخضرية بالجانب الشرقي، وكنت لما نشأت معه في دكانه كان ابن الرومي يجلس عندنا وأنا لا أعرفه، وكان يلبس الدراعة وثيابه وسخة، وانقطع عنا مدة فسألت عنه أبي وقلت: ما فعل ذلك الشيخ الوسخ الثياب الذي كان يجلس إلينا؟ فقال: ويحك ذاك ابن الرومي وقد مات، فندمت أن لم أكن أخذت عنه شيئا ولا عرفته في حال حضوره وتشاغلت بالصنعة عن طلب العلم، ثم لقيت ثعلبا ولم آخذ عنه إلا أبياتا وهي: إن أخا الأخوان من يسعى معك ... ومن يضرّ نفسه لينفعك قال الخالع: وكان الناشىء قليل البضاعة في الأدب، قؤوما بالكلام والجدل، يعتقد الامامة ويناظر عليها بأجود عبارة، فاستنفد عمره في مديح أهل البيت حتى عرف بهم، وأشعاره فيهم لا تحصى كثرة، ومدح مع ذلك الراضي بالله وله معه أخبار، وقصد كافورا الإخشيديّ بمصر وامتدحه، وامتدح ابن حنزابة وكان ينادمه، وطرأ إلى البريديين بالبصرة وإلى أبي الفضل ابن العميد بأرجان وعضد الدولة بفارس، وكان مولده على ما خبرني به سنة إحدى وسبعين ومائتين، ومات يوم الاثنين لخمس خلون من صفر سنة خمس وستين وثلاثمائة، وكنت حينئذ بالري فورد كتاب ابن بقية إلى ابن   [774]- اليتيمة 1: 232 وفهرست الطوسي: 89 وابن خلكان 3: 369 وسير الذهبي 16: 222 ولسان الميزان 4: 238 وعيون التواريخ (نسخة الفاتح: 4441) الورقة: 6. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1784 العميد بخبره، وقيل إنه تبع جنازته ماشيا وأهل الدولة كلهم، ودفن في مقابر قريش وقبره هناك معروف. قال الخالع: ولم يخلّف عقبا، ولا علمت أنه تزوج قط، وكان يميل إلى الأحداث، ولا يشرب النبيذ، وله في المجون والولع طبقة عالية، وعنه أخذ مجّان باب الطاق كلّهم هذه الطريقة. وكان يخلط بجدله ومناظراته هزلا مستملحا ومجونا مستطابا يعتمد به إخجال خصمه وكسر حدّه، وله في ذلك أخبار مشهورة. وكانت له جارية سوداء تخدمه، فدخل يوما إلى دار أخته وأنا معه، فرأى صبيا صغيرا أسود فقال لها: من هذا؟ فسكتت، فألحّ عليها فقالت: ابن بشارة، فقال: ممن؟ فقالت: من أجل هذا أمسكت، فاستدعى الجارية وقال لها: هذا الصبيّ من أبوه؟ فقالت: ما له أب، فالتفت إليّ فقال: سلّم إذن على المسيح عليه السلام. قال ابن عبد الرحيم حدثني الخالع قال حدثني الناشىء قال: أدخلني ابن رائق على الراضي بالله، وكنت مدّاحا لابن رائق ونافقا عليه، فلما وصلت إلى الراضي قال لي: أنت الناشىء الرافضيّ؟ فقلت: خادم أمير المؤمنين الشيعي، فقال: من أيّ الشيعة؟ قلت: شيعة بني هاشم، فقال: هذا خبث حيلة، فقلت: مع طهارة مولد، فقال: هات ما معك، فأنشدته فأمر أن يخلع عليّ عشر قطع ثيابا وأعطى أربعة آلاف درهم، فأخرج إليّ ذلك وتسلمته، وعدت إلى حضرته فقبلت الأرض وشكرته وقلت: أنا ممن يلبس الطيلسان، فقال: ها هنا طيالس عدنية أعطوه منها طيلسانا وأضيفوا إليها عمامة خزّ ففعلوا، فقال: أنشدني من شعرك في بني هاشم فأنشدته: بني العباس إن لكم دماء ... أراقتها أمية بالذحول فليس بهاشميّ من يوالي ... أمية واللعين أبا زبيل فقال: ما بينك وبين أبي زبيل؟ فقلت: أمير المؤمنين أعلم، فتبسم وقال: انصرف. قال الخالع: وشاهدت العمامة والطيلسان معه وبقيا عنده إلى أن مات. قال وحدثني الخالع قال: كان أبو الحسين شيخا طويلا جسيما عظيم الخلقة عريض الألواح موفّر القوة جهوريّ الصوت، عمّر نيّفا وتسعين سنة، لم تضطرب أسنانه ولا قلع سنّا منها ولا من أضراسه، وكان يعمل الصّفر ويخرّمه، وله فيه صنعة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1785 بديعة، قال: ومن عمله قنديل بالمشهد بمقابر قريش مربّع غاية في حسنه. قال الخالع: ومن مجونه في المناظرات وغيرها أنه ناظر أبا الحسن علي بن عيسى الرماني في مسألة، فانقطع الرماني وقال: أعاود النظر وربما كان في أصحابي من هو أعلم مني بهذه المسألة، فإن ثبت الحقّ معك وافقتك عليه، فأخذ يندّد به، ودخل أبو الحسن علي بن كعب الأنصاري أحد المعتزلة فقال: في أيّ شيء أنتم يابا الحسن؟ فقال: في ثيابنا، فقال: دعنا من مجونك وأعد المسألة فلعلنا أن نقدح فيها، فقال: كيف تقدح وحرّاقك رطب؟ ومنه: حكايته المشهورة مع الأشعري الذي ناظره فصفعه فقال: ما هذا يا أبا الحسين؟ فقال: هذا فعل الله بك، فلم تغضب مني؟ فقال: ما فعله غيرك وهذا سوء أدب وخارج عن المناظرة، فقال: ناقضت، إن أقمت على مذهبك فهو من فعل الله، وإن انتقلت فخذ العوض، فانقطع المجلس بالضحك وصارت نادرة. قال عبيد الله الفقير إليه تعالى مؤلف هذا الكتاب: لو كان الأشعريّ ماهرا لقام إليه وصفعه أشدّ من تلك ثم يقول له: صدقت تلك من فعل الله بي وهذه من فعل الله بك، فتصير النادرة عليه لا له. قال الخالع فأنشدني يوما لنفسه من قصيدة: تجاه الشظا جنب الحمى فالمشرف ... حيال الربى فالشاهق المتشرف فقلت له: بم ارتفعت هذه الأسماء وهي ظروف؟ فقال بما يسوءك. وبعد هذا البيت: طلول أطال الحزن لي حزن نهجها ... وألزمني وجدا عليها التأسّف فإذا حمل ما قاله على أن يجعل تلك الظروف هي الطلول وهي ما شخص من الأرض وجعلت شخوصا جاز الرفع على هذا التأويل، وإن جعلت محالّ للطلول فليس إلا النصب. ومن هذه القصيدة: وقفت على أرجائها أسأل الربى ... عن الخرّد الأتراب والدار صفصف وكيف يجيب السائلين مرابع ... عفتها شآبيب من المزن وكّف الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1786 ومنها في وصف الخمر: دنان كرهبان عليها برانس ... من الخزّ دكن يوم فصح تصفّف ينظّم منها المزج سلكا كأنه ... إذا ما بدا في الكأس درّ منصّف ومن مجون الناشىء أنه ناظر بعض المجبرة، فحرك الجبريّ يده فقال للناشىء: هذه من حركها؟ فقال الناشىء: من أمه زانية، فغضب الرجل، فقال له: ناقضت إذا كان المحرك غيرك لم تغضب. قال عبيد الله الفقير إليه: وهذا أيضا كفر وبهت لأن المحرك لها على اعتقاد الناشىء مناظره فقد أساء العشرة مع جليسه، وعلى مذهب صاحبه الخالق فقد كفر، فعلى كلّ حال هو مسيء. وسمع يوما رجلا ينادي على لحم البقر: أين من حلف ألّا يغبن؟ فقال له: أيش تريد منه؟ تريد أن تحنثه؟ ولقب رجلا من باب الطاق بالأبعد ولقب آخر بالآخر، وهاتان لفظتان جامعتان لكل سبّ وقذف، لأن الناس مغرون بإلحاق كلّ قبيح فظيع بهما على سبيل الكناية والاستراحة في الكلام إليهما. قال الخالع وحدثني الناشىء قال: لما وفدت على سيف الدولة وقع فيّ أبو العباس النامي وقال: هذا يكتب التعاويذ، فقلت لسيف الدولة: يتأمّل الأمير خطّي، فإن كان يصلح أن يكتب بمثله على المساجد بالديخ فالقول كما قال، فأنشدته قصيدة أولها: الدهر أيّامه ماض ومرتقب وقلت فيها: فارحل إلى حلب فالخير منحلب ... من نيل كفك إن لا حت لنا حلب فقال: يا أبا الحسين هذا بيت جيد لكنه كثير اللبن. وأنشدته قصيدة أخرى أقول فيها: كأن مشيبي إذ يلوح عقارب ... وأقتل ما أبصرت بيض العقارب كأن الثريا عوذة في تميمة ... وقد حليت واستودعت حرز كاعب 12 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1787 وحدث الخالع قال حدثني أبو الحسين الناشىء قال: كنت بالكوفة في سنة خمس وعشرين وثلاثمائة وأنا أملي شعري في المسجد الجامع بها والناس يكتبونه عني، وكان المتنبي إذ ذاك يحضر معهم، وهو بعد لم يعرف ولم يلقب بالمتنبي، فأمليت القصيدة التي أولها: بآل محمد عرف الصواب ... وفي أبياتهم نزل الكتاب وقلت فيها: كأن سنان ذابله ضمير ... فليس عن القلوب له ذهاب وصارمه كبيعته بخمّ ... مقاصدها من الخلق الرقاب فلمحته يكتب هذين البيتين، ومنها أخذ ما أنشدتموني الآن من قوله «1» : كأن الهام في الهيجا عيون ... وقد طبعت سيوفك من رقاد وقد صغت الأسنة من هموم ... فما يخطرن إلا في فؤاد قال الخالع وأصل هذا لأبي تمام «2» : من كلّ أزرق نظّار بلا نظر ... إلى المقاتل ما في متنه أود كانه كان ترب الحبّ مذ زمن ... فليس يعجزه قلب ولا كبد وعليه وضع المتنبي، وسبق إلى ذلك ديك الجن أيضا في قوله «3» : فتى ينصبّ في ثغر القوافي ... كما ينصبّ في المقل الرقاد وأبيات المتنبي أمثل من الجميع إذا تركت العصبية. قال ابن عبد الرحيم حدثني الخالع قال: كنت مع والدي في سنة ست وأربعين وثلاثمائة وأنا صبي في مجلس الّلبوديّ في المسجد الذي بين الورّاقين والصاغة وهو غاصّ بالناس، وإذا رجل قد وافى وعليه مرقّعة وفي يده سطيحة وركوة ومعه عكاز وهو شعث، فسلم على الجماعة بصوت يرفعه ثم قال: أنا رسول فاطمة الزهراء صلوات الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1788 الله عليها، فقالوا: مرحبا بك وأهلا ورفعوه، فقال: أتعرفون لي أحمد المزوق النائح؟ فقالوا: ها هو جالس، فقال: رأيت مولاتنا عليها السلام في النوم فقالت لي امض إلى بغداد واطلبه وقل له نح على ابني بشعر الناشىء الذي يقول فيه: بني أحمد قلبي لكم يتقطّع ... بمثل مصابي فيكم ليس يسمع وكان الناشىء حاضرا، فلطم لطما عظيما على وجهه وتبعه المزوق والناس كلّهم، وكان أشدّ الناس في ذلك الناشىء ثم المزوق، ثم ناحوا بهذه القصيدة في ذلك اليوم إلى أن صلّى الناس الظهر وتقوض المجلس وجهدوا بالرجل أن يقبل شيئا منهم فقال: والله لو أعطيت الدنيا ما أخذتها فإنني لا أرى أن أكون رسول مولاتي عليها السلام ثم آخذ عن ذلك عوضا، وانصرف ولم يقبل شيئا. قال: ومن هذه القصيدة وهي بضعة عشر بيتا: عجبت لكم تفنون قتلا بسيفكم ... ويسطو عليكم من لكم كان يخضع كأنّ رسول الله أوصى بقتلكم ... فأجسامكم في كلّ أرض توزّع قال وحدثني الخالع قال: اجتزت بالناشىء يوما وهو جالس في السرّاجين فقال لي: قد عملت قصيدة وقد طلبت وأريد أن تكتبها بخطك حتى أخرجها فقلت: أمضي في حاجة وأعود، وقصدت المكان الذي أردته وجلست فيه فحملتني عيني فرأيت في منامي أبا القاسم عبد العزيز الشطرنجي النائح، فقال لي: أحبّ أن تقوم فتكتب قصيدة الناشىء البائيّة فانا قد نحنا بها البارحة في المشهد، وكان هذا الرجل قد توفي وهو عائد من الزيارة، فقمت ورجعت إليه وقلت: هات البائية حتى أكتبها، فقال: من أين علمت أنها بائية وما ذاكرت بها أحدا؟! فحدثته بالمنام فبكى وقال: لا شك أن الوقت قد دنا، فكتبتها فكان أولها: رجائي بعيد والممات قريب ... ويخطىء ظنّي والمنون تصيب ومن شعر الناشىء: وليل توارى النجم من طول مكثه ... كما ازورّ محبوب لخوف رقيبه كأنّ الثريا فيه باقة نرجس ... يجيء بها ذو صبوة لحبيبه الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1789 وله: وكأنّ عقرب صدغه وقفت ... لما دنت من نار وجنته قرأت بخط البديع بن عبد الله الهمذاني في ما قرأه على ابن فارس اللغوي، سمعت أبا الحسين الناشىء علي بن عبد الله بن وصيف بمدينة السلام قال: حضرت مجلس أبي الحسن ابن المغلس الفقيه فانقلبت محبرة لبعض من حضر على ثيابي، فدخل أبو الحسن وحمل إليّ قميصا دبيقيا ورداء حسنا، قال: فأخذتهما ورجعت إلى بيتي وغسلت ثيابي ولبستها ورددت القميص والرداء إلى أبي الحسن، فلما رآهما غضب غضبا شديدا وقال: البسه، لولا أنك تتوشح بالأدب لجفوتك. وهذه حكاية وجدتها بعد أخبار الناشىء بخطّ المصنف: قرأت في كتاب محمد بن أبي الأزهر في عقلاء المجانين، حدثني علي بن إبراهيم بن موسى الكاتب قال: كنت يوما جالسا في صحن داري إذا حجارة قد سقطت عليّ بالقرب مني فبادرت هاربا وأمرت الغلام بالصعود إلى السطوح والنظر من أين أتتنا الحجارة، فرجع إليّ وقال لي: يا مولاي امرأة من دار ابن الرومي الشاعر تقول الله الله فينا اسقونا ماء وإلا متنا عطشا، فإن الباب علينا مقفل منذ ثلاثة أيام بسبب تطيّر صاحبنا، فانه يلبس ثيابه في كلّ يوم ويتعوذ ويقرأ ثم يصير إلى الباب والمفتاح معه، فيضع عينه على خلل من الباب فتقع على جار له كان نازلا بازائه وكان أعور، فإذا بصر به رجع وخلع ثيابه وترك الباب على حاله سائر يومه وليلته، فدفع إليها ما طلبته. فلما كان من غد وجهت بخادم لي اسمه طاهر، وكان ابن الرومي يعرفه، وأمرته أن يجلس على بابه، وتقدمت إلى بعض الغلمان في المصير إلى الأعور برسالتي ومسألته المصير إليّ، فلما زال الرجل عن موضعه دقّ الخادم الباب على ابن الرومي وخاطبه وسأله المصير إليّ أيضا، قال الخادم: فخرج فوضع عينه على ذلك الموضع فوقعت عينه عليّ ولم ير جاره ففتح الباب وخرج لا تقلع عينه عن النظر إليّ ولا يصرف كلامه إلا إلى ناحيتي. قال علي بن إبراهيم: فإني لجالس أنتظره وقد انصرف الأعور إذ وافاني أبو خديجة الطرسوسيّ وكان في ناحية إسماعيل بن إسحاق القاضي، وقد دفع إليه المعتضد برذعة «1» ليوصله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1790 إلى الحسن ابنه ليتولّى تسليمه إلى ابن راشد، فنحن نتحدث إذ دخل ابن الرومي مع الخادم علينا، فلما تخطا عتبة باب الصحن عثر فانقطع شسع نعله فأخذها بيده ودخل مذعورا، فقلت له: أيكون شيء يا أبا الحسن أحسن من خروجك من منزلك على وجه خادمي؟ فقال: قد لحقني ما رأيت من العثرة لأني أفكرت أنّ به عاهة، قلت: وما هي؟ قال: هو مجبوب، فقال برذعة الموسوس: وشيخنا يتطير؟ قلت: نعم ويفرط، قال: ومن هو؟ قلت: هذا علي بن الرومي الكاتب، قال: الشاعر؟ قلت: نعم، فأقبل عليه فقال: ولما رأيت الدهر يؤذن صرفه ... بتفريق ما بيني وبين الحبائب رجعت إلى نفسي فوطّنتها على ... ركوب جميل الصبر عند النوائب ومن صحب الدنيا على جور حكمها ... فأيامه محفوفة بالمصائب فخذ خلسة من كلّ يوم تعيشه ... وكن حذرا من كامنات العواقب ودع عنك ذكر الفأل والزجر واطّرح ... تطيّر جار أو تفاؤل صاحب فرأيت ابن الرومي شبيها بالباهت، ولم أدر أنه قد شغل قلبه بحفظ الأبيات، ثم نهض برذعة وأبو خديجة معه فقال له ابن الرومي: والله لا تطيرت بعد هذا، فأقام عندي وكتبت هذه الأبيات من حفظه وزالت عنه الطيرة. [775] علي بن عبد الله بن موهب الجذاميّ أبو الحسن: له تأليف عظيم في تفسير القرآن، روى عن ابن عبد البرّ وغيره، مات في جمادى الأولى سادس عشره سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة ومولده سنة إحدى وأربعين وأربعمائة.   [775]- هو من أهل المرية روى عن العذري وأبي بكر ابن صاحب الأحباس، وأجاز له أبو الوليد الباجي ما رواه (انظر الصلة: 405 وطبقات المفسرين للسيوطي: 24) . الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1791 [776] علي بن عبد الله بن محمد بن عبد الباقي بن أبي جرادة العقيلي، أبو الحسن الأنطاكي من أهل حلب يسكن باب أنطاكية: غزير الفضل وافر العقل دمث الأخلاق حسن العشرة، له معرفة بالأدب واللغة والحساب والنجوم، ويكتب خطّا حسنا وله أصول حسنة. ورد بغداد سنة سبع عشرة وخمسمائة وسمع بها وبغيرها، وسمع بحلب أبا الفتح عبد الله بن إسماعيل بن أحمد بن أبي عيسى الحلبي وأبا الفتيان محمد بن سلطان بن حيوس الغنوي. قال ابن السمعاني: قرأت عليه بحلب، وخرجت يوما من عنده فرآني بعض الصالحين فقال لي: أين كنت؟ قلت: عند أبي الحسن ابن أبي جرادة، قرأت عليه شيئا من الحديث فأنكر عليّ وقال: ذاك يقرأ عليه الحديث؟ قلت: ولم هل هو إلا متشيع يرى رأي الحلبيّين؟ فقال لي: ليته اقتصر على هذا، بل يقول بالنجوم ويرى رأي الأوائل، وسمعت بعض الحلبيّين يتهمه بذلك، وسألته عن مولده فقال في محرم سنة إحدى وستين وأربعمائة بحلب، وأنشدني لنفسه: يا ظباء البان قولا بيّنا ... من لنا منكم بظبي ملّنا يشبه البدر بعادا وسنا ... من نفى عن مقلتيّ الوسنا فتكت ألحاظه في مهجتي ... فتك بيض الهند أو سمر القنا يصرع الأبطال في نجدته ... إن رمى عن قوسه أو إن رنا دان أهل الدلّ والحسن له ... مثل ما دانت لمولانا الدنا قال: ومات سنة نيف وأربعين وخمسمائة. قلت: وكان لأبي الحسن هذا ابن فاضل أديب شاعر مجيد اسمه الحسن وكنيته أبو علي، سافر إلى مصر في أيام ابن رزّيك ومدحه وحظي عنده، ثم مات بمصر سنة إحدى وخمسين وخمسمائة وهو القائل:   [776]- يتكرر ذكره كثيرا في بغية الطلب (انظر فهرس طبعة زكار) . الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1792 يا صاحبيّ أطيلا في مؤانستي ... وذاكراني بخلّان وعشاق وحدثاني حديث الخيف إنّ به ... روحا لقلبي وتسهيلا لأخلاقي ما ضرّ ريح الصّبا لو ناسمت حرقي ... واستنقذت مهجتي من أسر أشواقي داء تقادم عندي من يعالجه ... ونفثة بلغت مني من الراقي يفنى الزمان وآمالي مصرّمة ... ممن أحبّ على مطل وإملاق واضيعة العمر لا الماضي انتفعت به ... ولا حصلت على أمر من الباقي. [777] علي بن عبد الجبار بن سلامة بن عيذون الهذلي اللغوي ، أبو الحسن التونسي: ذكره السلفي فقال: أنشدني أبو محمد الشواذكي «1» القيرواني قال أنشدني أبو إسحاق إبراهيم بن علي بن تميم الحصري لنفسه بالقيروان: قالوا اطرح أبدا كاف الخطاب ففي ... خطّ الكتاب بها حطّ من الرتب فقلت من كان في نفسي تصوّره ... فكيف أنزله في منزل الغيب قال وسألته عن مولده فقال: سنة ثمان وعشرين وأربعمائة يوم عيد النحر بتونس، وتوفي رحمه الله في ذي الحجة سنة تسع عشرة وخمسمائة بالاسكندرية، وكان إماما في اللغة حافظا لها حتى إنه لو قيل لم يكن في زمانه ألغى منه لما استبعد، وكانت له قدرة على نظم الشعر، وله إليّ قصائد وقد أجبته عنها، ومن جملة شعره قصيدة في الردّ على المرتدّ البغدادي فيها أحد عشر ألف بيت على قافية واحدة، وعندي عنه فوائد أدبية. وسمعته يقول: رأيت أبا بكر محمد بن علي بن البر الغربي اللغوي بمدينة مازر من جزيرة صقلية، وكنت عزمت على أن أقرأ عليه لما اشتهر من   [777]- ترجمة ابن عيذون في إنباه الرواة 2: 292 وبغية الوعاة 2: 173 (وفي حاشية الانبا ذكر لمصادر أخرى) ومعجم السفر للسلفي: 268- 269. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1793 فضله وتبحره في اللغة، فاتصل بابن متكود صاحب البلد أنه يشرب، وكان يكرمه، فشقّ عليه وصار يكرهه، وأنفذ إليه وقال: المدينة «1» أكبر والشراب بها أكثر، فأحوجته الضرورة إلى الخروج منها ولم أقرأ عليه شيئا. وأما أبو علي الحسن بن رشيق الأزدي القيرواني فقد رأيته أيضا بمازر وأنشدني شيئا من شعره، ولم أر قطّ أحفظ للعربية واللغة من أبي القاسم ابن القطاع الصقلي، وقرأت عليه كثيرا. [778] علي بن عبد الرحمن الخزاز السوسي، أبو العلاء اللغوي: من سوس خوزستان من أهل الأدب واللغة، سمع المحاملي أبا عبد الله، روى عنه أبو نصر السجزي الحافظ، لا أعلم من حاله غير هذا. [779] علي بن عبد الرحيم بن الحسن بن عبد الملك بن إبراهيم السلمي، المعروف بابن العصار اللغوي: من أهل الرقة، ورد بغداد فقرأ بها العلم، وأقام بالمطبق من دار الخلافة المعظمة، ومات في ثالث المحرم سنة ست وسبعين وخمسمائة، ومولده في سنة ثمان وخمسمائة، انتهت إليه الرياسة في معرفة اللغة العربية، قرأ على أبي منصور ابن الجواليقي ولازمه حتى برع في فنه، وسمع الحديث من أبي العزّ أحمد بن عبيد الله بن كادش والقاضي أبي بكر محمد بن عبد الباقي قاضي البيمارستان وأبي الوقت السجزي وغيرهم، وتخرج به جماعة منهم الشيخ أبو   [778]- بغية الوعاة 2: 174 (عن ياقوت) . [779]- ترجمته في إنباه الرواة 2: 291 ومختصر ابن الدبيثي 3: 128 وعبر الذهبي 4: 229 وابن خلكان 3: 338 وبغية الوعاة 2: 174 ومرآة الجنان 3: 405 والشذرات 4: 257 وله ترجمة في الوافي للصفدي. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1794 البقاء عبد الله بن الحسن العكبري الضرير. وكان تاجرا موسرا ضابطا ممسكا سافر الكثير إلى الديار المصرية وأخذ عن أهلها وروى عنهم، وخطه المرغوب فيه المتنافس في تحصيله فإنه كان مليح الخطّ جيد الضبط، ولا أعرف له مصنفا ولا سمعت له شعرا. [780] علي بن عبد العزيز بن المرزبان بن سابور، أبو الحسن البغوي الجوهري عمّ أبي القاسم البغوي نزيل مكة: صاحب أبي عبيد القاسم بن سلام، وروى عنه غريب الحديث وكتاب الحيض وكتاب الطهور وغير ذلك، وحدث عن أبي نعيم وحجاج بن المنهال ومحمد بن كبير العبدي وسلمة بن إبراهيم الأزدي والقعنبي وعاصم بن عليّ وغيرهم وصنّف المسند. حدث عنه ابن أخيه عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي ودعلج السجزي وسليمان بن أحمد الطبراني، وحدث بالمسند عنه أبو علي حامد بن محمد الرفاء الهروي. سئل عنه الدارقطني فقال: ثقة مأمون. وقال ابن أبي حاتم: هو صدوق. أبو بكر السني: سمعت أبا عبد الرحمن النسائي، وسئل عن علي بن عبد العزيز المكي فقال: قبح الله علي بن عبد العزيز ثلاثا، فقيل له يا أبا عبد الرحمن أتروي عنه؟ فقال: لا، فقيل له: أكان كذابا؟ فقال: لا ولكنّ قوما اجتمعوا ليقرأوا عليه وبرّوه بما سهل، وكان فيهم إنسان غريب فقير لم يكن في جملة من برّه، فأبى أن يقرأ عليهم وهو حاضر حتى يخرج أو يدفع كما دفعوا، فذكر الغريب أن ليس معه إلا قصيعة، فأمره باحضارها، فلما أحضرها حدّثهم. وعن القاضي أبي نصر ابن الكسار: سمعت أبا بكر السني يقول: بلغني أن علي بن عبد العزيز كان يقرأ كتب أبي عبيد بمكة على الحاجّ بالأجر، فإذا عاتبوه على الأخذ قال: يا قوم أنا بين الأخشبين، إذا خرج الحاجّ نادى أبو قبيس قعيقان: من بقي؟ فيقول: بقي المجاورون، فيقول: أطبق.   [780]- ترجمة علي بن عبد العزيز في الفهرست: 78 وطبقات الزبيدي: 207 (وموضعها بياض) وانباه الرواة 2: 292 (وأوجز في ترجمته كثيرا) وتاريخ أبي المحاسن (عرضا) : 199. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1795 وقال أبو الحسين أحمد بن جعفر بن محمد بن عبيد الله بن المنادي في من مات في سنة سبع وثمانين ومائتين: وجاءنا الخبر بموت عليّ بن عبد العزيز صاحب أبي عبيد من مكة مع الحاجّ وأنه توفي قبل الموسم. وحدث أبو سعد السمعاني باسناد رفعه إلى أبي الحسين محمد بن طالب النسفي قال: سمعت علي بن عبد العزيز بمكة في المسجد الحرام يقول: كنت عند مؤدبي الذي علّمني الخط، فجيء ببنيّة له صغيرة يقال لها وسناء، وعليها ثوب حرير فأجلسها في حجره وأنشأ يقول: وما الوسناء إلا شبه درّ ... ولا سيما إذا لبست حريرا فأحسن زيّها ثوب نظيف ... تكفّن فيه ثم أرى سريرا تهادى بين أربعة عجال ... إلى قبر فتملأنا سرورا. [781] علي بن عبد العزيز بن الحسن بن علي بن إسماعيل الجرجاني أبو الحسن، قاضي الري في أيام الصاحب ابن عباد: وكان أديبا أريبا كاملا، مات بالريّ يوم الثلاثاء لست بقين من ذي الحجة سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة «1» وهو قاضي القضاة بالري حينئذ. وذكره الحاكم في «تاريخ نيسابور» وقال: ورد نيسابور سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة مع أخيه أبي بكر، وأخوه إذ ذاك فقيه مناظر، وأبو الحسن قد ناهز الحلم، فسمعا معا الحديث الكثير ولم يزل أبو الحسن يتقدم إلى أن ذكر في الدنيا.   [781]- للقاضي الجرجاني ترجمة في اليتيمة 4: 3 وطبقات الشيرازي: 35 وطبقات العبادي: 111 وطبقات السبكي 3: 459 والبداية والنهاية 11: 331 والمنتظم 7: 221 وابن خلكان 3: 278 وطبقات الاسنوي 1: 348 وسير الذهبي 17: 19 وتاريخ جرجان: 277 ومرآة الجنان 2: 386 والنجوم الزاهرة 4: 205 والشذرات 3: 56؛ وقد كتبت عنه دراسات منها واحدة للدكتور أحمد أحمد بدوي وأخرى لأخي الدكتور محمود السمرة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1796 وحمل تابوته إلى جرجان فدفن بها وصلّى عليه القاضي أبو الحسن عبد الجبار بن أحمد، وحضر جنازته الوزير الخطير أبو علي القاسم بن علي بن القاسم وزير مجد الدولة وأبو الفضل العارض راجلين، ووقع الاختيار بعد موته على أبي موسى عيسى بن أحمد الديلمي فاستدعي من قزوين وولي قضاء القضاة بالري. وله يقول الصاحب ابن عباد وقد أنشأ عهدا للقاضي عبد الجبار على قضاء الريّ: إذا نحن سلّمنا لك العلم كلّه ... فدعنا وهذي الكتب نحسن صدورها فانهم لا يرتضون مجيئنا ... بجزع إذا نظّمت أنت شذورها وكان الشيخ عبد القاهر الجرجاني قد قرأ عليه واغترف من بحره، وكان إذا ذكره في كتبه تبخبخ به وشمخ بأنفه بالانتماء إليه. وطوّف في صباه البلاد وخالط العباد، واقتبس العلوم والآداب، ولقي مشايخ وقته وعلماء عصره، وله رسائل مدوّنة وأشعار مفننة، وكان جيد الخط مليحه يشبّه بخطّ ابن مقلة. ومن شعره «1» : أفدي الذي قال وفي كفّه ... مثل الذي أشرب من فيه الورد قد أينع في وجنتي ... قلت فمي باللثم يجنيه ومنه «2» : يقولون لي فيك انقباض وإنما ... رأوا رجلا عن موقف الذلّ أحجما أرى الناس من داناهم هان عندهم ... ومن أكرمته عزة النفس أكرما وما زلت منحازا بعرضي جانبا ... من الذمّ أعتدّ الصيانة مغنما إذا قيل هذا مشرب قلت قد أرى ... ولكنّ نفس الحرّ تحتمل الظما وما كلّ برق لاح لي يستفزّني ... ولا كلّ أهل الأرض أرضاه منعما الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1797 ولم أقض حقّ العلم إن كان كلّما ... بدا طمع صيرته لي سلما ولم أبتذل في خدمة العلم مهجتي ... لأخدم من لاقيت لكن لأخدما أأشقى به غرسا وأجنيه ذلة ... إذن فابتياع الجهل قد كان أحزما ولو أن أهل العلم صانوه صانهم ... ولو عظّموه في النفوس تعظّما ولكن أذا لوه جهارا ودنّسوا ... محياه بالأطماع حتى تجهما ومنه «1» : وقالوا اضطرب في الأرض فالرزق واسع ... فقلت ولكن مطلب الرزق ضيّق إذا لم يكن في الأرض حرّ يعينني ... ولم يك لي كسب فمن أين أرزق ومنه: أحبّ اسمه من أجله وسميّه ... ويتبعه في كلّ أخلاقه قلبي ويجتاز بالقوم العدى فأحبهم ... وكلّهم طاوي الضمير على حربي ومنه «2» : قد برح الشوق بمشتاقك ... فأوله أحسن أخلاقك لا تجفه وارع له حقّه ... فانه خاتم عشاقك وللقاضي عدة تصانيف منها: كتاب تفسير القرآن المجيد. كتاب تهذيب التاريخ. كتاب الوساطة بين المتنبي وخصومه، وفي هذا الكتاب يقول بعض أهل نيسابور «3» : أيا قاضيا قد دنت كتبه ... وان أصبحت داره شاحطه كتاب الوساطة في حسنه ... لعقد معاليك كالواسطه ومن شعره: ما تطعمت لذة العيش حتى ... صرت للبيت والكتاب جليسا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1798 ليس شيء أعز عندي من الع ... لم فلم أبتغي سواه أنيسا إنما الذلّ في مخالطة النا ... س فدعهم وعش عزيزا رئيسا ومن سائر شعره قوله: إذا شئت أن تستقرض المال منفقا ... على شهوات النفس في زمن العسر فسل نفسك الإنفاق من كنز صبرها ... عليك وإنظارا إلى زمن اليسر فإن فعلت كنت الغنيّ وان أبت ... فكلّ منوع بعدها واسع العذر وحدث الثعالبي عن أبي نصر التهذيبي قال «1» : سمعت القاضي أبا الحسن علي بن عبد العزيز يقول: انصرفت يوما من دار الصاحب، وذلك قبيل العيد، فجاءني رسوله بعطر الفطر، ومعه رقعة بخطه فيها هذان البيتان: يا أيها القاضي الذي نفسي له ... مع قرب عهد لقائه مشتاقه أهديت عطرا مثل طيب ثنائه ... فكأنما أهدي له أخلاقه قال «2» : وسمعته يقول ان الصاحب يقسم لي من إقباله وإكرامه بجرجان أكثر مما يتلقاني به في سائر البلاد، وقد استعفيته يوما من فرط تحفيه بي وتواضعه لي فأنشدني: أكرم أخاك بأرض مولده ... وأمدّه من فعلك الحسن فالعزّ مطلوب وملتمس ... وأعزّه ما نيل في الوطن ثم قال: قد فرغت من هذا المعنى في العينية، فقلت: لعل مولانا يريد قولي: وشيدت مجدي بين قومي فلم أقل ... ألا ليت قومي يعلمون صنيعي فقال: ما أردت غيره، والأصل فيه قوله تعالى يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِما غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ (يس: 27) . قال الثعالبي «3» : القاضي أبو الحسن علي بن عبد العزيز حسنة جرجان، وفرد الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1799 الزمان، ونادرة الفلك، وإنسان حدقة العلم، ودرة تاج الأدب، وفارس عسكر الشعر، يجمع خطّ ابن مقلة إلى نثر الجاحظ ونظم البحتري، وينظم عقد الاتقان «1» والاحسان في كلّ ما يتعاطاه (وأنشد بيت الصاحب المقدّم ذكره) «2» وقد كان في صباه خلف الخضر في قطع عرض الأرض وتدويخ بلاد العراق والشام وغيرهما، واقتبس من أنواع العلوم والآداب ما صار به في العلماء علما وفي الكمال «3» عالما، ثم عرج على حضرة الصاحب فألقى بها عصا المسافر، فاشتد اختصاصه به وحلّ منه محلّا بعيدا في رفعته، قريبا في أثرته، وسيّر فيه قصائد أخلصت على قصد، وفرائد أتت من فرد، وما منها إلا صوب العقل، وذوب الفضل. وتقلّد قضاء جرجان من يده، ثم تصرفت به أحوال في حياة الصاحب وبعد وفاته من الولاية والعطلة، وترقّى «4» محلّه إلى قضاء القضاة بالري فلم يعزله إلا موته رحمه الله تعالى. وعرض عليّ أبو نصر المصعبي كتابا للصاحب بخطه إلى حسام الدولة أبي العباس تاش الحاجب في معنى القاضي أبي الحسن نسخته بعد التصدير والتسبيب: قد تقدم من وصفي للقاضي أبي الحسن علي بن عبد العزيز فيما سبق إلى حضرة الأمير الجليل صاحب الجيش، دام علوّه، من كتبي ما أعلم أني لم أؤدّ فيه بعض الحق، وإن كنت دللته على جملة تنطق بلسان الفضل وتكشف عن أنه من أفراد الدهر في كل قسم من أقسام الأدب والعلم، فأما موقعه مني فالموقع الذي تخطبه هذه المحاسن وتوجبه هذه المناقب، وعادته معي ألا يفارقني مقيما وظاعنا ومسافرا وقاطنا، وقد احتاج الآن إلى مطالعة جرجان بعد أن شرطت عليه تصيير المقام كالالمام، فطالبني مكانه بتعريف الأمير مصدره ومورده، فإن عنّ له ما يحتاج إلى عرضه وجد من شرف إسعافه ما هو المعتاد من فضله ليتعجل إنكفاؤه إليّ بما رسم، أدام الله أيامه، من مظاهرته على ما يقدم الرحيل ويفسح السبيل من بذرقة «5» إن احتاج إلى الاستظهار بها، ومخاطبة لبعض من في الطريق الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1800 يتعرف «1» النّجح فيها، فان رأى الأمير أن يجعل من حظوظي الجسيمة عنده تعهد القاضي أبي الحسن بما يعجّل ردّه، فإني ما غاب كالمضلّ الناشد وإذا عاد كالغانم الواجد، فعل إن شاء الله. ولما عمل «2» الصاحب رسالته المعروفة في إظهار مساوىء المتنبىء عمل القاضي أبو الحسن «كتاب الوساطة بين المتنبي وخصومه» في شعره فأحسن وأبدع وأطال وأطاب، وأصاب شاكلة الصواب، واستولى على الأمد في فصل الخطاب، وأعرب عن تبحره في الأدب وعلم العرب، وتمكنه من جودة الحفظ وقوة النقد، فسار الكتاب مسير الرياح، وطار في البلاد بغير جناح، وقال فيه بعض النيسابوريين البيتين المقدم ذكرهما. ومن شعره» : انثر على خدّيّ من وردك ... أو دع فمي يقطفه من خدّك ارحم قضيب البان وارفق به ... قد خفت أن ينقدّ من قدك وقل لعينيك بنفسي هما ... يخفّفان السقم عن عبدك وله «4» : وفارقت حتى ما أسرّ بمن دنا ... مخافة نأي أو حذار صدود فقد جعلت نفسي تقول لمقلتي ... وقد قربوا خوف التباعد جودي فليس قريبا من يخاف بعاده ... ولا من يرجّى قربه ببعيد وله يستطرد «5» : من عاذري من زمن ظالم ... ليس بمستحي ولا راحم تفعل بالإخوان أحداثه ... فعل الهوى بالدنف الهائم الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1801 كأنما أصبح يرميهم ... عن جفن مولاي أبي القاسم وقال يذكر بغداد ويتشوقها «1» : يا نسيم الجنوب بالله بلّغ ... ما يقول المتيّم المستهام قل لأحبابه فداكم فؤاد ... ليس يسلو ومقلة لا تنام بنتم فالسهاد عندي رقاد ... مذ نأيتم والعيش عندي لهام «2» فعلى الكرخ فالقطيعة فالش ... طّ فباب الشعير مني السلام يا ديار السرور لا زال يبكي ... بك في مضحك الرياض غمام ربّ عيش صحبته فيك غضّ ... وجفون الخطوب عني نيام في ليال كأنهن أمان ... من زمان كأنه أحلام وكأنّ الأوقات فيها كؤوس ... دائرات وأنسهنّ مدام زمن مسعد وإلف وصول ... ومنى تستلذّها الأوهام كلّ أنس ولذة وسرور ... بعد ما بنتم عليّ حرام وله في ذلك «3» : سقى جانبي بغداد أخلاف مزنة ... تحاكي دموعي صوبها وانحدارها فلي منهما قلب شجاني اشتياقه ... ومهجة نفس ما أملّ ادّكارها سأغفر للأيام كلّ عظيمة ... لئن قرّبت بعد البعاد مزارها وله في ذلك «4» : أراجعة تلك الليالي كعهدها ... إلى الوصل أم لا يرتجى لي رجوعها وصحبة أحباب لبست لفقدهم ... ثياب حداد يستجدّ خليعها إذا لاح لي من أرض «5» بغداد بارق ... تجافت جفوني واستطير هجوعها الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1802 وإن أخلفتها الغاديات وعودها «1» ... تكلّف تصديق الغمام دموعها سقى جانبي بغداد كلّ غمامة ... يحاكي دموع المستهام هموعها معاهد من غزلان إنس تحالفت ... لواحظها ألا يداوى صريعها بها تسكن النفس النفور ويغتدي ... بآنس من قلب المقيم نزيعها يحنّ إليها كلّ قلب كأنما ... تشاد بحبّات القلوب ربوعها فكلّ ليالي عيشها زمن الصّبا ... وكلّ فصول الدهر فيها ربيعها وله في ذلك «2» : بجانب الكرخ من بغداد لي سكن ... لولا التجمل لم أنفكّ أندبه وصاحب ما صحبت الصبر مذ بعدت ... دياره وأراني لست أصحبه في كلّ يوم لعيني ما يؤرقها ... من ذكره ولقلبي ما يعذّبه ما زال يبعدني عنه وأتبعه ... ويستمرّ على ظلمي وأعتبه حتى أوت لي النوى من طول جفوته ... وسهّلت لي سبيلا كنت أرهبه وما العباد دهاني بل خلائقه ... ولا الفراق شجاني بل تجنبه وله في التخلص «3» : أو ما انثنيت عن الوداع بلوعة ... ملأت حشاك صبابة وعليلا ومدامع تجري فتحسب أن في ... آماقهنّ بنان إسماعيلا وله من قصيدة في الأمير شمس المعالي قابوس بن وشمكير: ولما تداعت للغروب شموسهم ... وقمنا لتوديع الفريق المغرّب تلقّين أطراف السجوف بمشرق ... لهنّ وأعطاف الخدور «4» بمغرب فما سرن إلا بين دمع مضيّع ... ولا قمن إلا بين قلب معذّب كان فؤادي قرن قابوس راعه ... تلاعبه بالفيلق المتأشّب الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1803 وله في الصاحب من قصيدة «1» : وما بال هذا الدهر يطوي جوانحي ... على نفس محزون وقلب كئيب تقسّمني الأيام قسمة جائر ... على نضرة من حالها وشحوب كأني في كفّ الوزير رغيبة ... تقسّم في جدوى أغرّ وهوب وله من قصيدة في الصاحب «2» : ولا ذنب للأفكار أنت تركتها ... إذا احتشدت لم ينتفع باحتشادها سبقت بأفراد المعاني وألّفت ... خواطرك الألفاظ بعد شرادها وان نحن حاولنا اختراع بديعة ... حصلنا على مسروقها ومعادها وله في الصاحب من قصيدة يهنئه بالبرء من مرض «3» : بك الدهر يندى ظلّه ويطيب ... ويقلع عمّا ساءنا ويتوب ونحمد آثار الزمان وربما ... ظللنا وأوقات الزمان ذنوب أفي كلّ يوم للمكارم روعة ... لها في قلوب المكرمات وجيب تقسمت العلياء جسمك كلّه ... فمن أين فيه للسقام نصيب إذا ألمت نفس الوزير تألمت ... لها أنفس تحيا بها وقلوب وو الله لا لاحظت وجها أحبه ... حياتي وفي وجه الوزير شحوب وليس شحوبا ما أراه بوجهه ... ولكنّه في المكرمات ندوب فلا تجزعن تلك السماء تغيّمت ... وعما قليل تبتدي فتصوب تهلل وجه المجد وابتسم الندى ... وأصبح غصن الفضل وهو رطيب فلا زالت الدنيا بملكك طلقة ... ولا زال فيها من ظلالك طيب الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1804 وله «1» : على مهجتي تجني الحوادث والدهر ... فأما اصطباري فهو ممتنع وعر كأني ألاقي كلّ يوم ينوبني ... بذنب وما ذنبي سوى أنني حرّ فإن لم يكن عند الزمان سوى الذي ... أضيق به ذرعا فعندي له الصبر وقالوا توصّل بالخضوع إلى الغنى ... وما علموا أنّ الخضوع هو الفقر وبيني وبين المال بابان حرّما ... عليّ الغنى نفسي الأبيّة والدهر إذا قيل هذا اليسر عاينت «2» دونه ... مواقف خير من وقوفي بها العسر إذا قدّموا بالوفر قدّمت قبلهم ... بنفس فقير كلّ أخلاقه وفر وماذا على مثلي إذا خضعت له ... مطامعه في كفّ من حصل التبر وله: سقى الغيث أو دمعي وقلّ كلاهما ... لها أربعا جور الهوى بينها عدل بحيث استدقّ الدعص وانبسط النقا ... وحيث تناهى الحقف وانقطع الرمل أكثّر من أوصافها وهي واحد ... ولكن أرى أسماءها في فمي تحلو وفي ذلك الخدر المكلّل ظبية ... لكلّ فؤاد عند أجفانها ذحل إذا خطرات الريح بين سجوفها ... أباحت لطرف العين ما حظر البخل تلقت بأثناء النصيف لحاظنا ... وقالت لأخرى ما لمستهتر عقل أفي مثل هذا اليوم يمرح طرفه ... وأعداؤنا حول وحسّادنا قبل ومدّت لإسبال السجوف بنانها ... فغازلنا عنها الشمائل والشكل الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1805 [782] علي بن عبد العزيز بن إبراهيم بن بنان «1» بن حاجب النعمان أبو الحسن: قد ذكرت معنى تسميتهم بحاجب النعمان في ترجمة أبيه، وكان أبو الحسن هذا من الفصحاء البلغاء، وقد صنف كتبا وأنشأ رسائل وله ديوان شعر كبير الحجم، وكان أبوه يكتب لأبي محمد المهلبي وزير معز الدولة، وكتب أبو الحسن للطائع لله ثم للقادر بالله بعده في شوال سنة ست وثمانين وثلاثمائة وخوطب برئيس الرؤساء وخدم خليفتين أربعين سنة، ومولده سنة أربعين وثلاثمائة ومات في رجب سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة «2» وولي ابنه أبو الفضل مكانه فلم يسدّ مسدّه فعزل بعد شهور. وحدث ابن نصر قال حدثني أبو الفتح أحمد بن عيسى الشاعر المعروف بحمدية قال: لما قبض القادر بالله على أبي الحسن ابن حاجب النعمان واستكتب أبا العلاء ابن تريك وهى النظر وقلّ رونقه، واتفق أن دخل يوما إلى الديوان فوجد على مخادّه قطعة من عذرة يابسة، فانخزل وتلاشى أمره، فقبض عليه، وأعيد أبو الحسن إلى رتبته. وكانت بيني وبين أبي العلاء من قبل مماظّة في بعض الأمور فامتدحت أبا الحسن بقصيدة أولها: زمّت ركائبهم فاستشعر التلفا حتى بلغت منها إلى قولي: يا من إذا ما رآه الدهر سالمه ... وظلّ معتذرا مما جنى وهفا قد رام غيرك هذا الطّرف يركبه ... فما استطاع له جريا بلى وقفا لم يرجع الطرف عنه من تبظرمه ... حتى رأينا على دست له طرفا   [782]- ترجمته في المنتظم 8: 51 وتاريخ بغداد 12: 31. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1806 فدفع إليّ صورة عنقاء فضة مذهبة كانت بين يديه فيها طيب وقال: خذ هذه الطرفة فإنها أطرف من طرفتك. وقرأت في «المفاوضة» : حدثني الوزير أبو العباس عيسى بن ماسرجيس قال: كنت أخلف الوزارة ببغداد مشاركا لأبي الحسن علي بن عبد العزيز بن حاجب النعمان فدعاني يوما إلى داره ببركة زلزل وتجمل واحتشد، ودعا بكلّ من يشار إليه بحذق في الغناء من رجال وإماء مثل عليّة الخاقانية وغيرها من نظرائها في الوقت، وحضر القاضي أبو بكر ابن الأزرق نسيبه وانتقلنا من الطعام إلى مجلس الشراب فلما دارت الكأس أدوارا قال لي: ما أراك تحلف على القاضي ليشرب معنا ويساعدنا، وإن كان لا يشرب إلا قارصا، قلت: أنا غريب ومحتشم له وأمره بك أمسّ وأنت به أخصّ. قال: فاستدعى غلاما وقال له: امض إلى إسحاق الواسطي واستدع منه قارصا وتولّ خدمة القاضي أيده الله، فمضى الغلام وغاب ساعة ثم أتى ومعه خماسية فيها من الشراب الصريفيني الذي بين أيدينا إلا أن على رأسها كاغدا وختما وسطرا فيه مكتوب «قارص من دكان إسحاق الواسطي» قال فتأمله القاضي وأبصر الخط والختم ثم أمر فسقي رطلا، فلما شربه واستوفاه قال للغلام: ويلك ما هذا؟ قال: يا سيدي هذا قارص قال: لا بل والله الخالص، ثم ثنّى له وثلّث، فاضطرب أمر القاضي علينا وأنشأ يقول: ألا فاسقني الصهباء من حلب الكرم ... ولا تسقني خمرا بعلمك أو علمي أليست لها أسماء شتّى كثيرة ... ألا فاسقنيها واكن عن ذلك الإسم فكان كلما أتاه بالقدح سأله عنه فيقول تارة مدام وتارة خندريس وهو يشرب، فإذا قال له خمر حرد واستخف به، فيتوارى بالقدح ساعة ثم يعيده ويقول: هذه قهوة فيشربه، فلم يشرب القاضي إلا بمقدار ستة أسماء أو سبعة من أسماء الخمر حتى تبطّح في المجلس ولفّ في طيلسان أزرق عليه وحمل إلى داره. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1807 [783] علي بن عبد الغني القروي الحصري الأندلسي: قال صاحب «كتاب فرحة الأنفس» ، وهو محمد بن أيوب بن غالب الغرناطي: يكنى أبا الحسن، كان من أهل العلم بالنحو وشاعرا مشهورا وكان ضريرا طاف الأندلس ومدح ملوكها فمن ذلك قوله للمعتمد بن عباد عند موت أبيه المعتضد أبي عمرو عباد بن محمد «1» : مات عباد ولكن ... بقي النجل الكريم فكأنّ الميت حيّ ... غير أن الضاد ميم ومدح بعض ملوك الأندلس فغفل عنه إلى أن حفزه الرحيل فدخل عليه وأنشده: محبتي تقتضي ودادي ... وحالتي تقتضي الرحيلا هذان خصمان لست أقضي ... بينهما خوف أن أميلا ولا يزالان في اختصام ... حتى ترى رأيك الجميلا ودخل على المعتصم محمد بن معن بن صمادح فأنشده قصيدة فلما انصرف تكلم المعتصم في أمره مع وزرائه وكتّابه ليرى رأيهم فيه، فنقل إليه عن الكاتب أبي الأصبغ ابن أرقم كلام أحفظه فانصرف ودخل على ابن صمادح وأنشده: يا أيها السيد المعظم ... لا تطع الكاتب ابن أرقم لأنه حية وتدري ... ما فعلت بأبيك آدم   [783]- ترجمة الحصري في الجذوة: 296 (وبغية الملتمس رقم: 1229) والصلة: 410 والسلفي: 63، 110، 111 والذخيرة 4/1: 245 والخريدة 2: 186 وابن خلكان 3: 331 وعبر الذهبي 3: 321 وطبقات ابن الجزري 1: 550 ونكت الهميان: 213 والشذرات 3: 385 وقد ترجم له في المسالك ثلاث مرات 11: 375، 455، 468 والأخيرة منها خطأ باسم علي بن عبد العزيز، وله شعر في نفح الطيب والمطرب والحلة السيراء 2: 54 وذكر خبره في الحلة 2: 67 مع المعتمد (نقلا عن الذخيرة) وتكرر هذا الخبر في المعجب: 205، ومن الغريب ان صاحب أدباء مالقة حين ترجم له (ص 157) عده من أهل سبتة، وقد قام الأستاذان محمد المرزوقي والجيلاني بن الحاج بدراسة عنه مرفقة بما وجداه من رسائله وأشعاره مع ديوانه المعشرات واقتراح القريح. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1808 وحكى أبو العباس البلنسي الأعمى أيضا عنه وكان من تلاميذه، وهذان البيتان متنازعان «1» بينهما لا أدري لمن هي منهما: وقالوا قد عميت فقلت كلّا ... وإني اليوم أبصر من بصير سواد العين زاد سواد قلبي ... ليجتمعا على فهم الأمور وذكره الحميدي وقال: دخل الأندلس بعد الخمسين وأربعمائة، وأنشدني بعضهم له: ولما تمايل من سكره ... ونام دببت لأعجازه فقال ومن ذا فجاوبته ... عم يستدلّ بعكازه. [784] علي بن أبي طالب أمير المؤمنين صلوات الله عليه وسلامه، واسم أبي طالب عبد مناف بن عبد المطلب، واسم عبد المطلب عامر وهو شيبة الحمد لقب له، ابن هاشم واسمه عمرو بن عبد مناف وهو المغيرة، ابن قصي واسمه زيد بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر، وأمه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف: أخباره عليه السلام كثيرة وفضائله شهيرة إن تصدينا لاستيعابها وانتخاب مستحسنها «2» كانت أكبر حجما من جميع كتابنا هذا. مات صلوات الله عليه يوم الجمعة لسبع عشرة ليلة خلت من شهر رمضان سنة أربعين للهجرة، وكانت خلافته أربع سنين وتسعة أشهر، ومدة عمره فيها خلاف على ما نذكره فيما بعد، ولا بد من ذكر جمل من أمره على سبيل التاريخ يستدل بها على مجاري أموره، ونتبعها بذكر ولده ومن أعقب منهم ومن لم يعقب، وذكر شيء مما صح من شعره وحكمه.   [784]- ترجمة الإمام عليّ في المصادر القديمة والمراجع الحديثة لا تكاد تحصى، والمقصود هنا صلته بنشأة علم النحو، وذلك أيضا وارد بإيجاز أحيانا وبإسهاب أحيانا في تراجم النحويين. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1809 وكان عليه السلام أول من وضع النحو وسن العربية، وذلك أنه مرّ برجل يقرأ إن الله بريء من المشركين ورسوله بكسر اللام، فوضع النحو وألقاه إلى أبي الأسود الدئلي، وقد استوفينا خبر ذلك في باب أبي الأسود. قرأت بخط أبي منصور محمد بن أحمد الأزهري اللغوي في «كتاب التهذيب» له قال أبو عثمان المازني: لم يصحّ عندنا أن علي بن أبي طالب عليه السلام تكلم من الشعر بشيء غير هذين البيتين: تلكم قريش تمنّاني لتقتلني ... فلا وجدك ما برّوا ولا ظفروا فإن هلكت فرهن ذمّتي لهم ... بذات روقين لا يعفو لها أثر قال ويقال داهية ذات روقين وذات ودقين إذا كانت عظيمة. كان قد بويع له يوم قتل عثمان بن عفان رضي الله عنه ثم كانت وقعة الجمل بعد ذلك بخمسة أشهر وأحد وعشرين يوما، وعدة من قتل في وقعة الجمل ثمانية آلاف، منهم من الأزد خاصّة أربعة آلاف، ومن ضبة الف ومائة، وباقيهم من سائر الناس، وقيل أقل من ذلك، ومن أصحاب علي صلوات الله عليه نحو الف، وكانت الوقعة لعشر خلون من جمادى الأولى سنة ست وثلاثين، وكان بين وقعة الجمل والتقائه مع معاوية بصفين سبعة أشهر وثلاثة عشر يوما، وكان أول يوم وقعت الحرب بينهم بصفين غرة صفر سنة سبع وثلاثين، واختلف في عدة أصحابهما فقيل كان علي في تسعين ألفا وكان معاوية في مائة وعشرين ألفا، وقيل كان معاوية في تسعين ألفا وعلي عليه السلام في مائة وعشرين ألفا، وهذا أولى بالصحة. وقتل بصفين سبعون ألفا من أصحاب علي عليه السلام: خمسة وعشرون ألفا منهم خمسة وعشرون من الصحابة، وقتل من أصحاب معاوية خمسة وأربعون ألفا، وقيل غير ذلك. وكان المقام بصفين مائة يوم وعشرة أيام، وكانت الوقائع تسعين وقعة. وبين وقعة صفين والتقاء الحكمين وهما أبو موسى الأشعري وعمرو بن العاص بدومة الجندل خمسة أشهر وأربعة وعشرون يوما، وبين التقائهما وخروج علي عليه السلام إلى الخوارج بنهروان وقتله إياهم سنة وشهران، وكان الخوارج أربعة آلاف عليهم عبد الله بن وهب الراسبي من الأزد، وليس براسب بن جرم بن زبان، وليس في العرب غيرهما. فلما نزل علي عليه السلام الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1810 تفرقوا فبقي منهم ألف وثمانمائة، وقيل ألف وخمسمائة، فقتلوا إلا نفرا يسيرا. وكان سبب تفرق الخوارج عنه أنهم تنازعوا عند الاحاطة بهم فقالوا: أسرعوا الروحة إلى الجنة، فقال عبد الله بن وهب: ولعلها إلى النار، فقال من فارقه: ترانا نقاتل مع رجل شاكّ؟! وبين خروجه إلى الخوارج وقتل ابن ملجم لعنه الله تعالى له سنة وخمسة أشهر وخمسة أيام. واختلف في مدة عمره فقال قوم: إنه استشهد وله ثمان وستون سنة في قول من يذهب إلى أنه أسلم وله خمس عشرة سنة، وقيل ست وستون، وهو قول من يذهب إلى أنه أسلم وله ثلاث عشرة سنة، وقيل ثلاث وستون وهو قول من يرى أنه أسلم وله عشر سنين، وقيل ثمان وخمسون وهو قول من زعم أنه أسلم وله خمس سنين، وهذا أقل ما قيل في مقدار عمره. واختلف في موضع قبره فقيل بالغري، وهو الموضع المشهور اليوم، وقيل بمسجد الكوفة، وقيل برحبة القصر بها، وقيل حمل إلى المدينة فدفن مع فاطمة صلوات الله عليهما وسلامه. وكان أسمر عظيم البطن أصلع أبيض الرأس واللحية أدعج عظيم العينين، ليس بالطويل ولا القصير، تملأ لحيته صدره لا يغيّر شيبه، وكان له من البنين أحد عشر: الحسن والحسين ومحمد بن الحنفية، وأمه خولة بنت جعفر سبية، وعمر، أمه أم حبيب الصهباء بنت ربيعة تغلبية، والعباس، أمه أم البنين بنت حزام «1» بن خالد من بني عامر بن صعصعة، وعبد الله يكنى أبا بكر، وعثمان وجعفر ومحمد الأصغر، وقيل هو الذي يكنى أبا بكر، وعبيد الله ويحيى. المعقبون منهم خمسة: الحسن والحسين ومحمد بن الحنفية وعمر والعباس عليهم السلام. وله من البنات ست عشرة منهن زينب وأم كلثوم التي تزوجها عمر بن الخطاب، وأمهما فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. فالعقب للحسن بن علي عليهما السلام من زيد والحسن، والعقب لزيد من الحسن بن زيد، والعقب للحسن بن الحسن من جعفر وداود وعبد الله والحسن وإبراهيم، والعقب للحسين عليه السلام من علي الأصغر بن الحسين، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1811 والعقب لعلي بن الحسين من محمد وعبد الله وعمر وزيد والحسين بني علي عليهم السلام. والعقب لمحمد بن الحنفية من جعفر وعلي وعون وإبراهيم، والعقب لجعفر بن محمد من عبد الله، ولعلي بن محمد من عون، ولعون بن محمد ولإبراهيم بن محمد. فأما أبو هاشم عبد الله بن محمد بن الحنفية، وهو أكبر ولده، فقد ظنّ قوم أنه أعقب وليس الأمر كذلك. والعقب لعمر بن علي بن أبي طالب من محمد بن عمر، والعقب لمحمد بن عمر لعمر ولعبد الله وجعفر. والعقب للعباس من عبيد الله بن العباس، والعقب لعبيد الله من الحسين وعبد الله عليهم الصلاة والسلام أجمعين. ومما يروى أن معاوية كتب إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام: إن لي فضائل، كان أبي سيدا في الجاهلية، وصرت ملكا في الإسلام، وأنا صهر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وخال المؤمنين وكاتب الوحي. فقال أمير المؤمنين عليه السلام أبا الفضائل تفتخر عليّ يا ابن آكلة الأكباد؟! اكتب إليه يا غلام: محمد النبيّ أخي وصهري ... وحمزة سيد الشهداء عمّي وجعفر الذي يضحي ويمسي ... يطير مع الملائكة ابن أمي وبنت محمد سكني وعرسي ... مشوب لحمها بدمي ولحمي وسبطا أحمد ولداي منها ... فأيكم له سهم كسهمي سبقتكم إلى الإسلام طرّا ... صغيرا ما بلغت أوان حلمي «1» فقال معاوية: اخفوا هذا الكتاب لا يقرأه أهل الشام فيميلوا إلى ابن أبي طالب. قرأت في «كتاب الأمالي» «2» لأبي القاسم الزجاجي قال حدثنا أبو جعفر أحمد بن محمد بن رستم الطبري صاحب أبي عثمان المازني قال حدثنا أبو حاتم الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1812 السجستاني عن يعقوب بن إسحاق الحصرمي قال حدثنا سعيد بن سلم الباهلي قال حدثني أبي عن جدي عن أبي الأسود الدئلي، أو قال عن جدي عن ابن أبي الأسود الدئلي عن أبيه قال: دخلت على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فرأيته مطرقا مفكّرا فقلت: فيم تفكر يا أمير المؤمنين؟ قال: إني سمعت ببلدكم هذا لحنا فأردت أن أضع كتابا في أصول العربية، فقلت: إن فعلت هذا يا أمير المؤمنين أحييتنا وبقيت فينا هذه اللغة، ثم أتيته بعد أيام «1» فألقى إليّ صحيفة فيها: بسم الله الرحمن الرحيم الكلام كله اسم وفعل وحرف، فالاسم ما أنبأ عن المسمى، والفعل ما أنبأ عن حركة المسمى، والحرف ما أنبأ عن معنى ليس باسم ولا فعل، ثم قال لي: تتبعه وزد فيه ما وقع لك، واعلم يا أبا الأسود أن الأشياء ثلاثة ظاهر ومضمر وشيء ليس بظاهر ولا مضمر «2» . قال: فجمعت منه أشياء وعرضتها عليه، وكان من ذلك حروف النصب فكان منها إنّ وأنّ وليت ولعل وكأنّ ولم أذكر لكن، فقال لي: لم تركتها؟ فقلت: لم أحسبها منها فقال: بل هي منها فزدها فيها. قال أبو القاسم «3» قوله عليه السلام الأشياء ثلاثة ظاهر ومضمر وشيء ليس بظاهر ولا مضمر فالظاهر رجل وفرس وزيد وعمرو وما أشبهه، والمضمر نحو أنا وأنت والتاء في فعلت والياء في غلامي والكاف في ثوبك وما أشبه ذلك، وأما الشيء الذي ليس بظاهر ولا مضمر فالمبهم نحو هذا وهذه وهاتا وتا ومن وما والذي وأي وكم ومتى وأين وما أشبه ذلك. [785] علي بن عبد الملك بن العباس القزويني ، أبو طالب النحوي: كان أبوه أبو علي عبد الملك من أهل العلم ورواية الحديث وسمع أبو طالب جماعة منهم مهرويه   [785]- ترجمته في بغية الوعاة 2: 178. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1813 وأبو الحسن علي بن إبراهيم القطان. قال الخليلي: وهو إمام في شأنه قرأنا عليه وأخذ عنه الخلق، ومات في آخر سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة، وخلف أولادا صغارا اشتغلوا بما لا يعنيهم فقتلوا، وأخوه علي أبو الحسن سمع الحديث لكنه كان كاتبا فلم يسمع منه، وأبو علي ابنه سمع الحديث وقرأ الفقه ثم اشتغل بالكتابة فمات في الغربة، وقد انقطع نسله. [786] علي بن عبيدة الريحاني: أحد البلغاء الفصحاء، من الناس من يفضله على الجاحظ في البلاغة وحسن التصنيف، مات «1» [ ... ] ، وكان له اختصاص بالمأمون ويسلك في تأليفاته وتصنيفاته طريقة الحكمة وكان يرمى بالزندقة. وله مع المأمون أخبار: منها أنه كان بحضرة المأمون فجمش غلاما، فرآهما المأمون فأحبّ أن يعلم هل علم عليّ أم لا، فقال له: أرأيت؟ فأشار عليّ بيده وفرق أصابعه أي خمسة، وتصحيف خمسة جمّشه، وغير ذلك من الأخبار المتعلقة بالفطنة والذكاء. وقال جحظة في «أماليه» حدثني أبو حرملة قال قال علي بن عبيدة الريحاني: حضرني ثلاثة تلاميذ لي فجرى لي كلام حسن، فقال أحدهم: حقّ هذا الكلام أن يكتب بالغوالي على خدود الغواني، وقال الآخر: بل حقه أن يكتب بأنامل الحور على النور، وقال الآخر: بل حقه أن يكتب بقلم الشكر في ورق النعم. ومن مستحسن أخباره المطربة أنه قال: أتيت باب الحسن بن سهل فأقمت ببابه ثلاثة أشهر لا أحظى منه بطائل فكتبت إليه: مدحت ابن سهل ذا الأيادي وما له ... بذاك يد عندي ولا قدم بعد   [786]- ترجمة علي بن عبيدة في الفهرست: 133 وتاريخ بغداد 12: 18 والنجوم الزاهرة 2: 231 وله أخبار وأقوال في البصائر للتوحيدي، وقد نشرت ما اختاره الوزير المغربي من كتبه بمجلة الأبحاث (الجامعة الامريكية، 1981، السنة 29 ص 3- 31) وألحقت بها ما وجدته له مبثوثا في المصادر المتيسرة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1814 وما ذنبه والناس إلا أقلّهم ... عيال له إن كان لم يك لي جدّ سأحمده للناس حتى إذا بدا ... له فيّ رأي عاد لي ذلك الحمد فبعث إليّ: باب السلطان يحتاج إلى ثلاث خلال: مال وعقل وصبر. فقلت للواسطة: تؤدي عنّي، قلت تقول له: لو كان لي مال لأغناني عن الطلب منك، أو صبر لصبرت على الذلّ ببابك، أو عقل لاستدللت به على النزاهة عن رفدك، فأمر لي بثلاثين ألف درهم. قرأت بخط أبي الفضل العباس بن علي بن برد الخيار أخبرني أبو الفضل أحمد بن طاهر قال «1» : كنت في مجلس بعض أصدقائي يوما وكان معي علي بن عبيدة الريحاني في المجلس، وفي المجلس جارية كان علي يحبها، فجاء وقت الظهر فقمنا إلى الصلاة وعلي والجارية في الحديث، فأطالا حتى كادت الصلاة تفوت، فقلت له: يا أبا الحسن قم إلى الصلاة، فأومأ بيده إلى الجارية وقال: حتى تغرب الشمس، أي حتى تقوم الجارية. قال: فجعلت أتعجب من حسن جوابه وسرعته وكنايته. وله من الكتب «2» . كتاب المصون. كتاب التدرّج. كتاب رائد الود «3» . كتاب المخاطب. كتاب الطارف. كتاب الهاشمي. كتاب الناشىء. كتاب الموشح. كتاب الجدّ. كتاب شمل الألفة. كتاب الزمام. كتاب المتحلي. كتاب الصبر. كتاب سناوبها «4» . كتاب مهرازاد خشيش. كتاب صفة الدنيا. كتاب روشنائدل «5» . كتاب سفر الجنة. كتاب الأنواع. كتاب الوشيج. كتاب العقل والجمال. كتاب أدب جوانشير. كتاب شرح الهوى. كتاب الطاوس «6» . كتاب المسجى. كتاب أخلاق الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1815 هارون. كتاب الأسنان. كتاب الخطب. كتاب الناجم. كتاب صفة الفرس. كتاب النبيه. كتاب المشاكل. كتاب فضائل إسحاق. كتاب صفة الموت. كتاب السمع والبصر. كتاب اليأس والرجاء. كتاب صفة العلماء. كتاب آيين الملك. كتاب المؤمّل والمهيب. كتاب ورود وودود الملكتين. كتاب النملة والبعوضة. كتاب المعاقبات. كتاب مدح النديم. كتاب الجمل. كتاب كتاب خطب المنابر. كتاب النكاح. كتاب الايقاع. كتاب الأوصاف. كتاب امتحان الدهر. كتاب الأجواد. كتاب المجالسات. كتاب المنادمات. قال: سأل المأمون يحيى بن أكثم وثمامة بن أشرس وعلي بن عبيدة الريحاني عن العشق ما هو فقال علي بن عبيدة «1» : العشق ارتياح في الخلقة، وفكرة تجول في الروح، وسرور منشأه الخواطر، له مستقر غامض ومحل لطيف المسالك يتصل بأجزاء القوى وينساب في الحركات. وقال يحيى: العشق سوانح تسنح للمرء فيهتم لها ويؤثرها. قال ثمامة يا يحيى إنما عليك أن تجيب في مسألة في الطلاق أو عن محرم يصطاد ظبيا، وأما هذه فمسألتنا، قال له المأمون: فما العشق يا ثمامة؟ قال: إذا تقادحت جواهر النفوس بوصل المشاكلة «2» أحدثت لمع برق ساطع تستضيء به نواظر العقول وتشرق له طبائع الحياة فيتولد من ذلك البرق نور خاص بالنفس متصل بجوهريتها يسمى عشقا، قال المأمون: يا ثمامة أحسنت، وأمر له بألف دينار. [787] علي بن عبيد الله بن الدقاق ، أبو القاسم الدقيقي النحوي: أحد الأئمة العلماء في هذا الشأن، أخذ عن أبي علي الفارسي وأبي سعيد السيرافي وأبي الحسن   [787]- ترجمة الدقيقي في بغية الوعاة 2: 178 (عن ياقوت) . وينقل ياقوت في هذه الترجمة عن تاريخ أبي المحاسن (تاريخ العلماء النحويين: 21- 22) . الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1816 الرماني، وكان مباركا في التعليم تخرج عليه خلق كثير لحسن خلقه وسجاحة سيرته، وكان مولده سنة خمس وأربعين وثلاثمائة، ومات فيما ذكره هلال بن المحسن في تاريخه في سنة خمس عشرة وأربعمائة وله تصانيف: منها كتاب شرح الإيضاح، رأيته منسوبا إليه وأنا أظنه شرح علي بن عبيد الله السمسمي لأنه محشوّ بقوله «قال السمسماني، قال السمسماني» ، وما أرى الدقاق ممن أخذ عن السمسماني وهو أكبر سنّا منه ومشايخهما ووفاتهما واحدة، ولكن اشتبه الاسم فنسب إلى هذا لشهرته بالنحو. وللدقيقي أيضا كتاب شرح الجرمي. كتاب العروض رأيته. كتاب المقدمات. وذكر القاضي أبو المحاسن ابن مسعر قال: أبو القاسم علي بن عبيد الله الدقيقي صاحب أبي الحسن علي بن عيسى الرماني قرأ عليه كتاب سيبويه قراءة تفهم وأخذ بذلك خطه عليه وانتفع الناس به، وعنه أخذت وعلى روايته عوّلت. [788] علي بن عبيد الله السمسمي ، أبو الحسن اللغوي النحوي: كان جيد المعرفة بفنون علم العربية صحيح الخط غاية في إتقان الضبط، قرأ على أبي علي الفارسي وأبي سعيد السيرافي وكان ثقة في روايته، مات في محرم سنة خمس عشرة وأربعمائة في خلافة القادر بالله. حدث ابن نصر قال حدثني الشيخ أبو القاسم ابن برهان النحوي قال قال لنا أبو الحسن السمسمي، وقد سأله رجل مسألة من مسائل النوكى: حضر مجلس أبي عبيدة رجل فقال: رحمك الله أبا عبيدة ما العنجيد؟ قال: رحمك الله ما أعرف هذا، قال سبحان الله أين يذهب بك عن قول الأعشى: يوم تبدي لنا قتيلة عن جي ... د تليع تزينه الأطواق فقال: عافاك الله، عن حرف جاء لمعنى والجيد العنق. ثم قام آخر في   [788]- ترجمة السمسمي في تاريخ بغداد 12: 10 وابن خلكان 3: 312 وبغية الوعاة 2: 178. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1817 المجلس فقال: أبا عبيدة رحمك الله ما الأودع؟ قال: عافاك الله ما أعرفه، قال سبحان الله أين أنت عن قول العرب زاحم بعود أو دع فقال: ويحك هاتان كلمتان والمعنى أو اترك أو ذر، ثم استغفر الله وجعل يدرس، فقام رجل فقال: رحمك الله أخبرني عن كوفا أمن المهاجرين أم من الأنصار؟ قال: قد رويت أنساب الجميع وأسماءهم ولست أعرف فيهم كوفا. قال فأين أنت عن قوله تعالى والهدي معكوفا؟ قال: فأخذ أبو عبيدة نعليه واشتد ساعيا في مسجد البصرة يصيح بأعلى صوته: من أين حشرت البهائم عليّ اليوم. ورأيت جماعة من أهل العلم يزعمون أن النسبة إلى السمسمي والسمسماني واحد يقال هذا ويقال هذا. وكان أبو الحسن هذا مليح الخط صحيح الضبط حجة فيما يكتبه. ومن هذا البيت جماعة كتّاب مجيدون يذكر منهم في مواضعهم من يقع إلينا حسب الطاقة. وحدث غرس النعمة ابن الصابىء في «كتاب الهفوات» قال «1» : كان أبو الحسن السمسماني متطيّرا فخرج يوم عيد من داره فلقيه بعض الناس فقال له مهنئا: عرّف الله سيدنا الشيخ بركة شؤم هذا اليوم، فقال: وإياك يا سيدي، وعاد فأغلق بابه ولم يخرج يومه. ووجدت في بعض الكتب هذه الأبيات منسوبة إلى أبي الحسن السمسمي: دع مقلتي تبكي عليك بأربع ... إن البكاء شفاء قلب الموجع ودع الدموع تكفّ جفني في الهوى ... من غاب عنه حبيبه لم يهجع ولقد بكيت عليك حتى رقّ لي ... من كان فيك يلومني وبكى معي ووجدت بخط أبي الحسن السمسماني على ظهر كتاب المزني صاحب الشافعي رحمهما الله: كان كثيرا ما يتمثل: يصون الفتى أثوابه حذر البلى ... ونفسك أحرى يا فتى لو تصونها الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1818 فمن ذا الذي يرعاك بالغيب أو يرى ... لنفسك إكراما وأنت تهينها قرأت بخط الشيخ أبي محمد ابن الخشاب النحوي، أنشدنا أبو بكر المزرفي الفرضي، أنشدنا أبو بكر الخطيب، أنشدنا علي بن عبيد الله السمسمي النحوي [اللغوي] : أترى الجيرة الذين تنادوا ... بكرة للزيال قبل الزوال علموا أنني مقيم وقلبي ... معهم واخد أمام الجمال مثل صاع العزيز في أرحل القو ... م ولا يعلمون ما في الرحال. [789] علي بن عساكر بن المرحّب ، أبو الحسن المقرىء النحوي المعروف بالبطائحي الضرير: كان يزعم أنه من عبد القيس، وهو من قرية من قرى البطائح تعرف بالمحمدية قريبة من الصليق. مات ببغداد في ثامن عشر شعبان سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة ومولده سنة تسع وأربعمائة، وكان قد قدم بغداد واستوظنها إلى حين وفاته، وقرأ القرآن على أبي العز القلانسي الواسطي وأبي عبد الله البارع ابن الدباس وأبي بكر ابن المزرفي وأبي محمد ابن بنت الشيخ، وقرأ النحو على البارع وغيره، وسمع الحديث من جماعة، وأقرأ الناس مدة وحدث بالكثير وكان ثقة مأمونا. قال صدقة بن الحسين بن الحداد في «تاريخه» «1» : كان سبب وفاة البطائحي أنه ظهر به ناصور مما يلي تحت كتفه «2» فبقي به مدة طويلة ينز إلى خارج البدن ثم   [789]- المنتظم 10: 267 وإنباه الرواة 2: 298 ومختصر ابن الدبيثي 3: 132 ونكت الهميان: 214 وطبقات ابن الجزري 1: 556 وعبر الذهبي 4: 215 وذيل ابن رجب 1: 335 والشذرات 4: 242 والنجوم الزاهرة 6: 80 وبغية الوعاة 2: 179 وله ترجمة في معرفة القراء الكبار؛ والمرحّب- بتثقيل الحاء كما ضبطه الذهبي في المشتبه. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1819 انفتح إلى باطنه فهلك به، وأوصى لطغندي صاحبه الذي كان يقرأ عليه الحديث ويقربه من جهة النساء بثلث ماله، ووقف كتبه على مدرسة الشيخ عبد القادر الجيلي، وخلف مقدار أربعمائة دينار ودارا في دار الخلافة. [790] علي بن علي أبو الحسن البرقي: قال الحافظ أبو الحسن علي بن الفضل المقدسي: في ربيع الأول سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة مات علي بن علي أبو الحسن البرقي النحوي الشاعر، ولم يذكر غير ذلك. [791] علي بن عرّاق الصنّاري، أبو الحسن الخوارزمي: مات سنة تسع وثلاثين وخمسمائة بمذانة، قرية من قرى خوارزم، ذكر ذلك أبو محمد محمود بن محمد بن أرسلان في «تاريخ خوارزم» وقال: كان نحويّا لغويّا عروضيّا فقيها مفسّرا مذكرا، قرأ الأدب على الشيخ أبي علي الضرير النيسابوري، والفقه بخوارزم على الإمام أبي عبد الله الوبري، ثم ارتحل في الفقه الى بخارى فتفقه بها على مشايخها، ثم عاد الى جرجانية خوارزم فتكلم في مسائل مع أئمتها، ثم تحوّل إلى قرية مذانة وتوطنها، وكان يعظ في المسجد الجامع بها غداة الجمعة، وكان يحفظ اللغات الغريبة والأشعار العويصة وصنف «كتاب شماريخ الدرر» في تفسير القرآن ولما فرغ منه كتب في آخره: فرغنا من كتابته عشيّا ... وكان الله في عوني وليّا وقد أدرجته نكتا حسانا ... ومعنى يشبه الرّطب الجنيّا قال: وقرأت بخط أبي عمرو البقال: كان من لطائف الصناري إذا نام واحد من   [790]- ترجمة البرقي في بغية الوعاة 2: 180 (عن ياقوت) . [791]- ترجمة الصناري في بغية الوعاة 2: 179 (عن ياقوت) . الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1820 أهل الرستاق في مجلسه ناداه من على المنبر بأعلى صوته يا أيها التيس المذانقي اترك المنام واسمع الكلام، ثم ينشد «1» : وصاحب نبّهته لينهضا ... إذا الكرى في عينه تمضمضا فقام عجلان وما تأرّضا ... يمسح بالكفين وجها أبيضا ثم يقول: تمضمض من النعاس إذا دبّ في عينه، ومنه المضمضة في الوضوء سميت بذلك لأن الغاسل يمضمض الماء في فمه أي يدبّها ويجريها فيه. [792] علي بن عيسى أبو الحسن الصائغ النحوي غلام ابن شاهين الرامهرمزي: قال القاضي أبو علي التنوخي حدثني أبو عمر أحمد بن محمد بن حفص الخلال قال: كان أبو الحسن الصائغ النحوي الرامهرمزي واسع العلم والأدب مليح الشعر، وهو صاحب القصيدة التي أولها [ ... ] وفيها تجوّز كثير وأمر بخلاف الجميل قالها على طريق التخالع والتطايب، وكان صالحا معتقدا للحقّ لا عن اتساع في العلم- يعني علم الكلام- ولكنه كان واسع المعرفة بالنحو واللغة والأدب. وأبو الحسن الصائغ هذا هو أستاذ أبي هاشم ابن أبي علي الجبائي بعد أبي بكر المبرمان في النحو، قرأ عليه لما ورد البصرة واستفاد منه حتى بلغ أعلى مراتب النحو، حتى قال ابن درستويه: اجتمعت مع أبي هاشم فألقى عليّ بمائتي مسألة من غريب النحو ما سمعت بها قط ولا كنت أحفظ جوابها، وقد ذكرت قصّته مع أبي هاشم بكمالها في ترجمة أبي هاشم عبد السلام «2» . وقال أبو عمر الخلال: أنفذني الصيدلاني أبو عبد الرحمن المعتزلي غلام أبي علي الجبائي إلى أبي الحسن الرامهرمزي وقال لي قل له إني قرأت البارحة في كتاب شيخنا أبي علي في تفسير القرآن في قوله تعالى:   [792]- بغية الوعاة 2: 182. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1821 وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا* (الأنعام: 112) أي بيّنّا لكل نبي عدوّه فجعل [جعل] «1» بمعنى بيّن، ولست أعرف هذا في اللغة، فاحفظ جوابه وجئني به، قال: فجئت إلى أبي الحسن فأخبرته بذلك عن عبد الرحمن فقال: نعم هذا معروف في لغة العرب وقد قال الغريفي العنسي (بالنون) : جعلنا لهم نهج الطريق فأصبحوا ... على ثبت من أمرهم حيث يمّموا قال فعدت إلى عبد الرحمن فعرفته ذلك. قلت: هكذا وجدت هذا الخبر والكلمة المسؤول عنها غير مبينة فمن عرفها وكان من أهل العلم فله أن يصلحها. وقال أبو محمد عبيد الله بن أبي القاسم عبد المجيد بن بشران «2» الخوزستاني: وفي سنة اثنتي عشرة وثلاثمائة مات أبو الحسن علي بن عيسى الصائغ الرامهرمزي الشاعر، وقد كان شخص إلى إبراهيم المسمعي ثم عدل إلى درك بسيراف، فخرج مع درك في هيج كان من العامة بها وقد رموه بالمقاليع، فأصاب علي بن عيسى حجر فهلك، وكان شاعرا عالما، فمن شعره: سهادي غير مفقود ... ونومي غير موجود وجري الدمع في الخدّ ... كنظم الدرّ في الجيد لفعل الشيب في اللمّ ... ة لا للخرّد الغيد لقد صار بي الشيب ... إلى لوم وتفنيد وما المرء إذا شاب ... لديهنّ بمودود وهي طويلة مدح فيها أهل البيت، وكان لهم مدّاحا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1822 [793] علي بن عيسى بن داود بن الجراح، أبو الحسن الوزير: كانت «1» منزلته من الرياسة، ومعرفته بالعدل والسياسة، تجلّ عن وصفها، ومن حسن الصناعة والكفاية ما هو مشهور مذكور. وزر للمقتدر بالله دفعتين، ومات في ليلة اليوم الذي عبر معز الدولة في صبيحته إلى بغداد وهو يوم الجمعة انتصاف الليل من سلخ ذي الحجة سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة، ودفن في داره، وعمره تسع وثمانون سنة ونصف، وحمّ يوما واحدا، ومولده في جمادى الآخرة سنة خمس وأربعين ومائتين. وله كتاب جامع الدعاء. كتاب معاني القرآن وتفسيره أعانه عليه أبو الحسين الواسطيّ وأبو بكر ابن مجاهد. كتاب رسائله. كان تقلده للوزارة الأولى في محرم سنة احدى وثلاثمائة وبقي فيها أربع سنين غير شهر، والأخرى في صفر سنة خمس عشرة وثلاثمائة وبقي فيها سنة وأربعة أشهر ويومين. وكان يستغل ضياعه في السنة سبعمائة ألف دينار يخرج منها في وجوه البر ستمائة ألف دينار وستين ألف دينار، وينفق أربعين ألف دينار على خاصته، وكانت غلّته عند عطلته ولزومه بيته نيفا وثمانين ألف دينار يخرج منها في وجوه البر نيفا وأربعين ألفا وينفق ثلاثين ألفا على نفسه، وكان يرتفع لابن الفرات وهو متعطل ألف ألف دينار. قال الصولي «2» : ولا أعلم أنه وزر لبني العباس وزير يشبهه في زهده وعفته وحفظه للقرآن وعلمه بمعانيه، وكان يصوم نهاره ويقوم ليله.   [793]- ترجمته في تاريخ بغداد 12: 14 والفهرست: 142 والمنتظم 6: 351 واعتاب الكتاب: 186 وسير الذهبي 15: 298 وعبر الذهبي 2: 238 ومرآة الجنان 2: 316 والبداية والنهاية 11: 217 والنجوم الزاهرة 3: 288 والشذرات 2: 336 وأخباره في الكتب التاريخية كابن الأثير والفخري ... الخ وراجع نشوار المحاضرة، وانظر كتاب، Bowen:the life and times of AliibnIsa كيمبردج ولندن 1928. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1823 قال الصولي: ولا أعلم أنني خاطبت أحدا أعرف منه بالشعر وكان يوقّع بيده في جميع ما يحتاج إليه مما كان يوقّع فيه أصحاب الدواوين في وزارته من قبله، وكان يحضر مائدته وهو متولّ على ديوان المغرب جماعة من أهل العلم في كل ليلة. قال الصولي: ثم رأيتها وقد نقصت عند وزارته، فسألت أبا العباس أحمد بن طومار الهاشمي عن السبب فقال: قد اقتصر في نفقته وأجرى الفاضل على أولاد الصحابة بالمدينة. وجلس للمظالم فأنصف الناس فأخذ للضعيف من القوي، وتناصف الناس بينهم، ولم يروا أعفّ بطنا ولسانا وفرجا منه. ولما عزل في وزارته الثانية وولي ابن الفرات لم يقنع المحسن بن أبي الحسن ابن الفرات إلا بإخراجه عن بغداد فخرج إلى مكة فأقام بها مهاجرا، وقال في نكبته «1» : ومن يك عني سائلا لشماتة ... لما نابني أو شامتا غير سائل فقد أبرزت مني الخطوب ابن حرّة ... صبورا على أهوال تلك الزلازل إذا سرّ لم يبطر وليس لنكبة ... إذا نزلت بالخاشع المتضائل ولما حبس كان يلبس ثيابه ويتوضأ للصلاة ويقوم ليخرج لصلاة الجمعة فيردّه المتوكلون، فيرفع يده إلى السماء ويقول: اللهم إني أشهدك أنني أريد طاعتك ويمنعني هؤلاء. وأشار على المقتدر أن يقف المستغلّات ببغداد على الحرمين والثغور، وغلتها ثلاثة عشر ألف دينار في كل شهر، والضياع الموروثة بالسواد وارتفاعها نيف وثمانون الف دينار سوى اللغة، ففعل ذلك، وأشهد على نفسه الشهود، وأفرد لهذه الوقوف ديوانا سماه ديوان البرّ. ورأى آثار سعيه لآخرته في دنياه، فإنه سلم من جميع البلاء على كثرة من عاداه وقصده، ومنع حواشي المقتدر من المحالات، وحملهم على السيرة الجميلة فأفسدوا أمره حتى اعتقل ثمانية عشر شهرا ثم نفي إلى مكة واليمن ومصر، ثم عاد ووزر بعد ذلك. واحتاج إلى المشي في بعض أسفاره فجعل يتمثل: قد علمت إخوتنا كلاب ... أنا على دقّتنا صلاب وكان الديلم عند دخولهم إلى بغداد إذا اجتازوا على محلته تجنبوها ويقولون: الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1824 هاهنا دار الوزير الصالح، وكانت داره على دجلة وهي المعروفة بالستّيني واحتاجت مسنّاتها إلى مرمّة فقدروا لها صناعها ثلاثة آلاف دينار فلما أحضر الدنانير قال: صرفها في الصدقة أولى. وليس اليوم على دجلة بين البلد والمعزية غيرها وهي مشهورة ببغداد إلى يومنا هذا، قد عمل عليها عدة دواليب لسقي مزارع الزاهر. ونزل يوما في طياره فاجتمع عليه قوم يسألونه توقيعا فقال: نعم وكرامة حتى أرجع وأوقع، ثم قال: ومن لي بأن أرجع، ووقع لهم قائما ثم قال: اقتديت بهذا الفعل بعمر بن عبد العزيز فإنه وقف على متظلم وأطال الوقوف حتى قضى حاجته وقال: إن الخير سريع الذهاب وخشيت أن أفوته بنفسي. ولما ورد البريديّ إلى بغداد مستوليا عليها متغلبا خوّف منه وقيل: الصواب أن تهرب إلى الموصل، فقال: أيهرب مخلوق إلى مخلوق؟! اصرفوا ما أعددته لنفقة الطريق إلى الفقراء، فلما دخل البريدي لم يكرم أحدا غيره. وكثر الموتان ببغداد في أيام البريدي فكفّن علي بن عيسى من الغرباء والفقراء ما لا يحصى كثرة حتى نفد ما كان عنده فاستدان لذلك أموالا كثيرة. وكان يجري على خمسة وأربعين ألف إنسان جرايات تكفيهم، وخدم السلطان سبعين سنة لم يزل فيها نعمة عن أحد، وأحصي له في أيام وزارته نيف وثلاثون ألف توقيع من الكلام السديد، ولم يقتل أحدا ولا سعى في دمه، فبقيت عليه نعمته وعلى ولده بعد أن شحذت له المدى مرارا فدفع الله عنه وأهلك ظالمه، ولم يهتك حرمة قطّ لأحد فلم يهتك الله له حرمة مع كثرة نكباته. وكان على خاتمه مكتوب: لله صنع خفيّ ... في كلّ أمر يخاف وكان له ابن يكنى أبا نصر واسمه ابراهيم وزر للمطيع في شهر ربيع الأول سنة سبع وأربعين ومات في جمادى الأولى سنة خمسين وثلاثمائة فجاءة، وبن يكنى أبا القاسم واسمه عيسى بن علي كتب للطائع لله. ودخل علي بن عيسى على أبي نصر وأبي محمد ولدي القاضي أبي الحسن عمر بن أبي عمر محمد بن يوسف يعزيهما بموت أبيهما، فلما أراد الانصراف التفت الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1825 إليهما وقال: مصيبة قد وجب أجرها خير من نعمة لا يؤدّى شكرها؛ وهذا عندي من حر الكلام وفصل الخطاب. [794] علي بن عيسى بن علي بن عبد الله الرمّاني أبو الحسن الوراق: كذا قال الزبيديّ، وقال التنوخي هو يعرف بالاخشيذي. قال التنوخي: وممن ذهب في زماننا إلى أن عليا عليه السلام أفضل الناس بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من المعتزلة أبو الحسن علي ابن عيسى النحوي المعروف بابن الرماني الاخشيذي. قال المؤلف: أرى أنه كان تلميذ ابن الاخشيذ المتكلم أو على مذهبه لأنه كان متكلما على مذهب المعتزلة وله في ذلك تصانيف مأثورة. وكان إماما في علم العربية علّامة في الأدب في طبقة أبي عليّ الفارسيّ وأبي سعيد السيرافي، وكان قد شهد عند أبي محمد ابن معروف. مات في حادي عشر جمادى الأولى سنة أربع وثمانين وثلاثمائة في خلافة القادر بالله، ومولده في سنة ست وسبعين ومائتين. أخذ عن ابن السراج وابن دريد والزجاج، وله تصانيف في جميع العلوم من النحو واللغة والنجوم والفقه والكلام على رأي المعتزلة، كما ذكرنا، وكان يمزج كلامه في النحو بالمنطق حتى قال أبو عليّ الفارسيّ: إن كان النحو ما يقوله الرماني فليس معنا منه شيء، وإن كان النحو ما نقوله نحن فليس معه منه شيء. وكان يقال: النحويون في زماننا ثلاثة: واحد لا يفهم كلامه وهو الرمانيّ، وواحد يفهم بعض كلامه وهو أبو علي الفارسيّ، وواحد يفهم جميع كلامه بلا أستاذ وهو السيرافيّ.   [794]- ترجمة الرماني في الفهرست: 69 وطبقات الزبيدي: 86 وتاريخ بغداد 12: 16 والمنتظم 7: 176 وأنساب السمعاني 6: 160 ونزهة الألباء: 217 وإنباه الرواة 2: 294 وابن خلكان 3: 299 وسير الذهبي 16: 533 وعبر الذهبي 3: 25 وميزان الاعتدال 3: 149 والبداية والنهاية 11: 314 والبلغة: 159 ولسان الميزان 4: 248 والنجوم الزاهرة 4: 168 وبغية الوعاة 2: 180 وطبقات المفسرين للسيوطي: 24 وطبقات الداودي 1: 419 والشذرات 3: 109 وإشارة التعيين: 221 وللتوحيدي في الامتاع والمؤانسة والبصائر وغيرهما من مؤلفاته وقفات عنده، وقد طبع من مؤلفاته رسالة في إعجاز القرآن (ضمن ثلاث رسائل في إعجاز القرآن) . الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1826 وللرماني من التصانيف الأدبية: كتاب تفسير القرآن المجيد. وكتاب الحدود الأكبر. وكتاب الحدود الأصغر. وكتاب معاني الحروف. وكتاب شرح الصفات. وكتاب شرح الموجز لابن السراج. وكتاب شرح الألف واللام للمازنيّ. كتاب شرح مختصر الجرميّ. كتاب إعجاز القرآن. كتاب شرح الأصول لابن السراج. وكتاب شرح سيبويه. وكتاب المسائل المفردات من كتاب سيبويه. كتاب شرح المدخل للمبرد. كتاب التصريف. كتاب الهجاء. كتاب الايجاز في النحو. كتاب الاشتقاق الكبير. كتاب الاشتقاق الصغير. كتاب الألفات في القرآن. كتاب شرح المقتضب. كتاب شرح معاني الزجاج «1» . قرأت بخط أبي حيان التوحيديّ في كتابه الذي ألفه في تقريظ الجاحظ وقد ذكر العلماء الذين كانوا يفضلون الجاحظ فقال: ومنهم علي بن عيسى الرماني فإنه لم ير مثله قطّ بلا تقيّة ولا تحاش ولا اشمئزاز ولا استيحاش علما بالنحو وغزارة في الكلام وبصرا بالمقالات واستخراجا للعويص وإيضاحا للمشكل، مع تأله وتنزه ودين ويقين وفصاحة وفقاهة وعفافة ونظافة. وقرأت بخط أبي سعد، سمعت أبا طاهر السبخيّ سمعت أبا الكرام ابن الفاخر «2» النحوي، سمعت القاضي أبا القاسم علي بن المحسن التنوخي، سمعت شيخنا أبا الحسن علي بن عيسى الرماني النحوي يقول، وقد سئل فقيل له لكل كتاب ترجمة فما ترجمة كتاب الله عز وجل فقال: هذا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ (إبراهيم: 52) . وقال أبو حيان: سمعت علي بن عيسى يقول لبعض أصحابه: لا تعادينّ أحدا وإن ظننت أنه لن ينفعك فإنك لا تدري متى تخاف عدوك أو تحتاج إليه، ومتى ترجو صديقك أو تستغني عنه. وإذا اعتذر إليك عدوك فاقبل عذره وليقلّ عيبه على لسانك. قال أبو حيان: ورأيت في مجلس علي بن عيسى النحوي رجلا من مرو يسأله عن الفرق بين من وما وممن ومم، فأوسع له الكلام وبيّن وقسّم، وفرّق وحدّ، ومثّل وعلّق كلّ شيء منه بشرطه من غير أن فهم السائل أو تصوره، وسأل إعادته عليه وإبانته الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1827 له على ذلك مرارا من غير تصوّر حتى أضجره ومن حدّ الحلم أخرجه، فقال له: أيها الرجل يلزمني أن أبين للناس وأصوّر لمن ليس بناعس، وما عليّ أن أفهم البهم والشقر والدّهم؟! مثلك لا يتصور هذه المسألة بهذه العبارة وهذه الأمثلة، فإن أرحتنا ونفسك فذاك، وإلا فقد حصلنا معك على الهلاك، قم إلى مجلس آخر ووقت غير هذا، فأسمعه الرجل ما ساء الجماعة وعاد بالوهن والغضاضة، ووثب الناس إليه لضربه وسحبه فمنعهم من ذلك أشدّ منع بعد قيامه من صدر مجلسه ودفع الناس عنه، وأخرج صاغرا ذليلا مهينا، والتفت إلى أبي الحسن الدقاق وقال له: متى رأيت مثل هذا فلا يكوننّ منك إلا التؤدة والاحتمال، وإلا فتصير نظيرا لخصمك وتعدم في الوسط فضل التمييز، وأنشأ يقول «1» : ولولا أن يقال هجا نميرا ... ولم نسمع لشاعرها جوابا رغبنا عن هجاء بني كليب ... وكيف يشاتم الناس الكلابا. [795] علي بن عيسى بن الفرج بن صالح الربعي الزهيري أبو الحسن النحوي: أحد أئمة النحويين وحذّاقهم الجيدي النظر الدقيقي الفهم والقياس، أخذ عن أبي سعيد السيرافي، وهاجر إلى شيراز فأخذ عن أبي علي الفارسي ولازمه عشرين سنة، فقال له أبو علي «2» : ما بقي شيء تحتاج إليه ولو سرت من الشرق إلى الغرب لم تجد أعرف منك بالنحو، ثم رجع إلى بغداد فأقام بها إلى أن مات سنة عشرين وأربعمائة عن نيف وتسعين سنة.   [795]- ترجمة الربعي في تاريخ بغداد 12: 17 والمنتظم 8: 46 ونزهة الألباء: 233 وإنباه الرواة 2: 297 وابن خلكان 3: 336 وسير الذهبي 17: 392 وعبر الذهبي 3: 138 والنجوم الزاهرة 4: 271 وبغية الوعاة 2: 181 (عن ياقوت) والشذرات 3: 216 وإشارة التعيين: 223. ومن كتبه المطبوعة نظام الغريب. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1828 وصنف تصانيف منها: كتاب شرح الايضاح لأبي عليّ. وكتاب شرح مختصر الجرميّ. وكتاب البديع في النحو. وكتاب شرح البلغة. وكتاب ما جاء من المبنيّ على فعال. وكتاب التنبيه على خطأ ابن جني في فسر شعر المتنبي. وكتاب شرح سيبويه إلا أنه غسله، وذاك أن أحد بني رضوان التاجر نازعه في مسألة فقام مغضبا وأخذ شرح سيبويه وجعله في إجّانة وصبّ عليه الماء وغسله، وجعل يلطم به الحيطان ويقول: لا أجعل أولاد البقالين نحاة. وكان مبتلى بقتل الكلاب وكسر بوقهم ويقول: ما الذي يمنعهم من نزول الشط؟ فقيل له: يمنعهم كلاب القصابين. وسأل يوما أولاد الأكابر الذين يحضرون مجلسه أن يمضوا معه إلى كلواذى، فظنوا ذلك لحاجة عرضت له هناك، فركبوا خيولا وخرجوا وجعل هو يمشي بين أيديهم، وسألوه الركوب فأبى عليهم، فلما صار بخرابها وقفهم على ثلم، وأخذ كساء وعصا، وما زال يعدو إلى كلب هناك والكلب يثب عليه تارة ويهرب منه أخرى حتى أعياه، وعاونوه عليه حتى أمسكه، وعضّ على الكلب بأسنانه عضا شديدا والكلب يستغيث ويزعق فما تركه حتى اشتفى وقال: هذا غضّني منذ أيام وأريد أخالف قول الأول «1» : شاتمني كلب بني مسمع ... فصنت عنه النفسا والعرضا ولم أجبه لاحتقاري له ... من ذا يعضّ الكلب إن عضّا وكان يوما يتمشى على شاطىء دجلة، والرضي والمرتضى العلويان في زبزب ومعهما أبو الفتح عثمان بن جني فقال لهما: من أعجب أحوال الشريفين أن يكون عثمان جالسا معهما في الزبزب، وعليّ يمشي على الشط بعيدا منهما. وحدث أبو غالب محمد بن بشران النحوي الواسطي قال: قدم علينا علي بن عيسى الربعي النحوي إلى واسط ونزل في حجرة في جوار شيخنا أبي إسحاق الرفاعي، وكنت أتردد إليه أسائله، فقال لي أبو إسحاق يوما: قد انعكفت على هذا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1829 المجنون، فقلت له: إنه يحكي النحو عن أبي علي كما أنزل، فقال: صدقت هو يحكي النحو عن أبي علي كما أنزل. وحدث ابن بشكوال في «كتاب الصلة» في أخبار علماء الأندلس قال قال الربعي: كان عبد الله بن حمود الزبيدي الأندلسي قد قرأ يوما على أبي علي في «نوادر الأصمعي» أكأت الرجل إذا رددته عنك، فقال أبو علي: ألحق هذه الكلمة بباب أجأ فإني لم أجد لها نظيرا غيرها، فسارع من حوله إلى كتابتها، فقال الربعي: فقلت أيها الشيخ ليس أكأت من أجأ في شيء، قال: وكيف ذلك؟ قال قلت: لأن إسحاق بن إبراهيم الموصلي وقطربا النحوي حكيا أنه يقال كيأ الرجل إذا جبن فخجل الشيخ وقال: إذا كان كذا فليس منه، فضرب كل واحد منهم على ما كتب. قرأت بخط هلال بن المظفر الزنجاني في كتاب ألفه: ذكر غير واحد من أهل زنجان أن رجلا منها يعرف بجابر بن أحمد خرج إلى بغداد متأدبا، فحين دخل قصد علي بن عيسى النحوي بعد أن لبس ثيابا فاخرة عطرة وتجمل وتزين ودخل عليه وسلّم، فقال له علي بن عيسى: من أين الفتى؟ قال: من الزنجان بالألف واللام، فعلم الربعي أن الرجل خال من الفضل، فقال: متى وردت؟ قال: أمس، فقال: جئت راجلا أم راكبا فقال: بل راكبا، قال: المركوب مكترى أم مشترى؟ قال: بل مكترى، فقال الشيخ: مرّ واسترجع الكريّ فإنه لم يحمل شيئا، ثم أنشد الشيخ: وما المرء إلا الاصغران لسانه ... ومعقوله والجسم خلق مصوّر فإن طرّة راقتك فاخبر فربما ... أمرّ مذاق العود والعود أخضر قال علي بن عيسى الربعي: استدعاني عضد الدولة ليلة وبين يديه «الحماسة» فوضع يده على باب الأضياف وقال ما تقول في هذه الأبيات «1» : ومستنبح بات الصدى يستتيهه ... إلى كلّ صوت وهو في الرحل جانح «2» فقلت لأهلي ما بغام مطية ... وسار أضافته الكلاب النوابح الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1830 فقلت: هذا قول عتبة «1» بن بجير الحارثي، ومعناه: أن العرب كانت إذا ضلت في سفر وصارت بحيث تظن انها قريبة من حلة نبحت لتسمعها الكلاب فتجيبها فيعرفون به موضع القوم فيقصدونه ويستضيفون فيضافون، فقال: إن قوما يتشبهون بالكلاب حتى يضافوا لقوم أدنياء النفوس، فوجمت بين يديه وأنا واقف وهو ينظر إليّ، وكان من عادتنا أنه ما دام ينظر إلى أحدنا لم يزل واقفا بين يديه حتى يردّ طرفه، قال ثم فكر فقال: لا بل إن أقواما يستنبحون في هذا القفر والمكان الجدب فيستضيفون فيضافون مع الإقلال والعدم لقوم كرام، وأمر لي بجائزة، فدعوت له وانصرفت. قرأت بخط أبي الكرم المبارك بن الفاخر بن محمد بن يعقوب: قال لنا الرئيس أبو البركات جبر بن علي بن عيسى الربعي، قال لي أبي: أخرج إليّ عضد الدولة بيده مجلدا بأدم مبطن بديباج أخضر في أنصاف الشيطاني مذهب مفصول بالذهب بخطّ حسن فيه شعر مدبر وحش ليس له معنى، فقال لي: كيف ترى هذا الشعر؟ فقلت: شعر مدبر، والذي قاله خرب البيت مسود الوجه، ثم مضى على ذلك زمان ودخلت إليه فأومأ إلى خادم وقال له: امض إلى مرقدنا وجئنا بشعرنا، فمضى وجاء بالمجلد بعينه وهو هو، فأبلست، فقال: كيف تراه؟ وتلجلج لساني وربا في فمي فقلت: حسنا جيدا مليحا «2» ولم ير في «3» ذلك شيئا بتة. قرأت بخط الشيخ أبي محمد ابن الخشاب: جاريت الشيخ أبا منصور موهوب بن الجواليقيّ ذكر أبي الحسن علي بن عيسى بن صالح بن الفرج «4» الربعي صاحب أبي علي الفارسيّ فأخذ في تقريظه وتفضيله وقال لي: كان يحفظ الكثير من أشعار العرب مما لم يكن غيره من نظرائه يقوم به، إلا أن جنونه لم يكن يدعه يتمكن منه أحد في الأخذ عنه والافادة منه. قال وقال لي الشيخ أبو زكرياء: سألت أبا القاسم ابن برهان فقلت له: يا سيدنا تترك الربعيّ والأخذ عنه مع إدراكك إياه وتأخذ عن أصحابه؟ فقال لي: كان مجنونا وأنا كما ترى، فما كنا نتفق. قال: ولقد مرّ يوما الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1831 بسكران ملقى على قارعة الطريق فحلّ سرواله، يعني سروال الربعي، وجلس على أنفه وجعل يضرط ويشمه السكران ويقول له: تمتّع من شميم عرار نجد ... فما بعد العشية من عرار. [796] علي بن عيسى بن حمزة بن وهاس أبي الطيب: يعرف بابن وهاس من ولد سليمان بن حسن بن حسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام. وذكر العماد في موضع آخر عن دهمس «1» بن وهاس بن عتود «2» بن حازم بن وهاس الحسنيّ أن عليّ بن عيسى مات بمكة في سنة نيف وخمسين وخمسمائة وكان في عشر الثمانين، وكان أصله من اليمن من مخلاف ابن سليمان: كان شريفا جليلا تماما من أهل مكة وشرفائها وأمرائها وكان ذا فضل غزير، وله تصانيف مفيدة، وقريحة في النظم والنثر مجيدة، وقرأ على الزمخشري بمكة وبرز عليه، وصرفت أعنّة طلبة العلم إليه، وتوفي في أول ولاية الأمير عيسى بن فليتة أمير مكة «3» في سنة نيف وخمسين وخمسمائة. وكان الناس يقولون: ما جمع الله لنا بين ولاية عيسى وبقاء علي بن عيسى. وله شعر، منه في مرثية الأمير قاسم جدّ الأمير عيسى «4» : يا حادي العيس على بعدها ... وخّادة تسحب فضل النعال رفّه عليهنّ فلا قاسما ... لها على الأين وفرط الكلال غاض النمير العذب يا واردا ... وحال عن عهدك ذاك الزلال   [796]- سقطت هذه الترجمة من النسخة «ك» . ولعلي هذا ترجمة في الخريدة (قسم الشام) 3: 38. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1832 إن يمض لا يمض بطيء القرى ... أو يود لا يعود ذميم الفعال وله مدح في الزمخشري ذكرته في ترجمته. ومن شعره «1» : صلي حبل الملامة أو فبتّي ... ولمي من عتابك أو أشتّي هي الأنضاء عزمة ذي هموم ... فحسبك والملام ولا هبلت إليك فلست ممن يطّبيه ... ملام أو يريع إذا أهبت حلفت بها تواهق كالحنايا ... بقايا [رحلة] كثماد «2» قلت سواهم كالحنايا زاحرات «3» ... تراكع من وجا وونّى وعنت «4» جوازع بطن نخلة عابرات ... تؤمّ البيت من خمس وست أزال أذيب أنضاء طلاحا ... بكلّ ملمع القفرات مرت وأرغب عن محلّ فيه أضحت ... حبال المجد تضعف عند متي أما جربت يا أيام منّي ... فروك تجمّع وحليف شتّ أبيّ ما عجمت صفاه إلا ... وأثّر في نيوبك ما عجمت وربّ أخ كريم المجد محض ... يراع لدعوتي كالسيف صلت أبت نفسي فلم تسمح إليه ... بشكوى غير ما جلد وصمت أقول لنفسي المشفاق مهلا ... أليس على الرزية ما نصرت لئن فارقت خير عرى لأهل ... فخير بني أبيك به نزلت وكتب إلى عمته وقد أرسلت إليه تقول له: كم هذا البعد عنا والتغرب «5» ؟ ومهدية عندي على نأي دارها ... رسائل مشتاق كريم وسائله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1833 تقول إلى كم يا ابن عيسى تجنبا ... وبعدا وكم ذا عنك ركبا نسائله فيوشك أن تؤدي وما من حفية ... عليك ولا بال بما أنت فاعله فقلت لها في العيس والبعد راحة ... لذي الهمّ إن أعيت عليه مقاتله وفي كاهل الليل الخداريّ مركب ... لذي الهمّ إن أعيت عليه مقاتله وفي كاهل الليل الخداريّ مركب ... وكم مرة نجّى من الضيم كاهله إذا لم تعادلك الليالي بصاحب ... ولا سمحت بالنصح عفوا أنامله فلا خير في أن ترأم الضيم ثاويا ... وغيظا على طول الليالي تماطله ذريني فلي نفس أبى أن يدرّها ... عصاب وقلب يشرب اليأس حاصله إذا سيم وردا بعد خمس تشمرت ... عن الماء خوف المقذعات ذلاذله. [797] علي بن فضال بن علي بن غالب بن جابر بن عبد الرحمن بن محمد بن عمرو بن عيسى بن حسن بن زمعة بن هميم بن غالب بن صعصعة بن ناجية بن عقال بن محمد بن سفيان بن مجاشع بن دارم (هكذا وجدته هميم والمعروف همام، وهو الفرزدق الشاعر، لأن ابن فضال يعرف بالفرزدقيّ) القيرواني النحوي أبو الحسن المجاشعي: هجر مسقط رأسه، ورفض مألوف نفسه، وطفق يدوّخ بسيط الأرض، ذات الطول والعرض، يشرّق مرة ويغرّب أخرى، ويركب القفار ويأوي إلى ظل الأمصار برهة، حتى ألمّ بغزنة فألقى عصاه بها ودرّت له أخلافها، فلقي وجه الأماني، وصنف عدة تصانيف بأسامي أكابر غزنة سارت في البلاد، ثم عاد إلى العراق وانخرط في سلك خدمة نظام الملك مع أفاضل العراق، ولم تطل أيامه حتى نزل به حمامه. وكان إماما في النحو واللغة والتصريف والتفسير والسير، صنّف كتاب التفسير الكبير الذي سماه «البرهان العميدي» في عشرين مجلدة. وكتاب النكت في   [797]- ترجمة ابن فضال في المنتظم 9: 33 ومرآة الجنان 3: 132 وإنباه الرواة 2: 299 وطبقات المفسرين للسيوطي: 24 وبغية الوعاة 2: 183 وطبقات الداودي 1: 421 والنجوم الزاهرة 5: 124 والشذرات 3: 363 والبداية والنهاية 12: 132. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1834 القرآن. وكتاب شرح بسم الله الرحمن الرحيم وهو كتاب كبير. وكتاب إكسير الذهب في صناعة الأدب في النحو في خمس مجلدات. وكتاب العوامل والهوامل في الحروف خاصة. وكتاب الفصول في معرفة الأصول. وكتاب الإشارة في تحسين العبارة «1» . وكتاب شرح عنوان الاعراب. وكتاب المقدمة في النحو. وكتاب العروض. وكتاب شرح معاني الحروف. وكتاب الدول في التاريخ، رأيت في الوقف السلجوقيّ ببغداد منه ثلاثين مجلدا ويعوزه شيء آخر. وكتاب شجرة الذهب في معرفة أئمة الأدب. وقيل إنه صنف كتابا في تفسير القرآن في خمس وثلاثين مجلدة سماه «كتاب الاكسير وفي علم التفسير» وكتاب معارف الأدب كبير نحو ثمانية مجلدات. وله غير ذلك من الكتب في فنون من العلم. وأقام ببغداد مدة وأقرأ بها النحو واللغة وحدّث بها عن جماعة من شيوخ المغرب. وذكر هبة الله السقطي أنه كتب عن ابن فضال أحاديث قال: فعرضتها على عبد الله بن سبعون القيرواني لمعرفته برجال الغرب فأنكرها وقال: أسانيدها واهية مركبة على متون موضوعة، واجتمع عبد الله بن سبعون في جماعة من المحدثين وأنكروا عليه فاعتذر وقال: إني وهمت فيها. وذكره عبد الغافر الفارسي فقال: ورد نيسابور واختلفت إليه فوجدته بحرا في علمه، ما عهدت في البلديين ولا في الغرباء مثله في حفظه ومعرفته وتحقيقه، فأعرضت عن كلّ شيء وفارقت المكتب ولزمت بابه بكرة وعشية وكان على أوفاز «2» . قال السمعانيّ: سمعت ابن ناصر يقول: مات ابن فضال في ثاني عشرين ربيع الأول سنة تسع وسبعين وأربعمائة ودفن بباب أبرز. وقال شجاع الذهلي أنشدنا ابن فضال لنفسه: لا عذر للصبّ إذا لم يكن ... يخلع في ذاك العذار العذار كأنه في خدّه إذ بدا ... ليل تبدى طالعا من نهار الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1835 تخاله جنح ظلام وقد ... صاح به ضوء صباح فحار وقال أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي: أنشدنا ابن فضال لنفسه: كأن بهرام وقد عارضت ... فيه الثريّا نظر المبصر ياقوتة يعرضها بائع ... في كفه والمشتري مشتري ومن شعره: خذ العلم عن راويه واجتلب الهدى ... وان كان راويه أخا عمل زاري فإن رواة العلم كالنخل يانع ... كل التمر منه واترك العود للنار قال عبد الغافر بن إسماعيل: وأنشدني ابن فضال لنفسه: يا يوسفيّ الجمال عبدك لم ... تبق له حيلة من الحيل إن قدّ فيه القميص من دبر ... قد قدّ فيه الفؤاد من قبل وأنشد السمعاني باسناده لعلي بن فضال المجاشعي في ترجمة صاعد بن سيار الهروي: وإخوان حسبتهم دروعا ... فكانوها ولكن للأعادي وخلتهم سهاما صائبات ... فكانوها ولكن في فؤادي وقالوا قد صفت منا قلوب ... لقد صدقوا ولكن من ودادي وأنشد له صاحب «الوشاح» في نظام الملك: دوارس آي ما تكاد تبين ... عفاهنّ دمع للسحاب هتون وقفنا بها مستسلمين فلم يزل ... لسان البلى عن عجمهن يبين وما خفت أن تبدي خفيّ سرائري ... مواثل أمثال الحمائم جون على حين عاصيت الصبا وهو طائع ... وأرخصت علق اللهو وهو ثمين أرى المزن يهوى رسم من قد هويته ... فلي وله دمع به وحنين سقى الله حيث الظاعنون سحائبا ... فقلبي حيث الظاعنون رهين فكم ضمّنت أحداجهم من جآذر ... أوانس ينصوها جآذر عين وأقمار تمّ لم ير الناس قبلنا ... بدورا تثنّى تحتهن غصون الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1836 يجرّدن من ألحاظهن صوارما ... مهنّدة أجفانهن جفون وأنشد له: والله إن الله ربّ العباد ... وخالص النية والاعتقاد ما زادني صدّك إلا هوى ... وسوء أفعالك إلا وداد وإنني منك لفي لوعة ... أقلّ ما فيها يذيب الجماد فكن كما شئت فأنت المنى ... واحكم كما شئت فأنت المراد وما عسى تبلغه طاقتي ... وإنما بين ضلوعي فؤاد ومما نقلته من السمعانيّ لا بن فضال: فتنتني أمّ عمرو ... وكذاك الصبّ مفتون قلت جودي لكئيب ... مستهام بك محزون فلوت عني وقالت ... أترى ذا المرء مجنون ما رأى الناس جميعا ... في كتاب الله يتلون «لن تنالوا البرّ حتّى ... تنفقوا ممّا تحبّون» في «كتاب سرّ السرور» لابن فضال: ما هذه الألف التي قد زدتم ... فدعوتم الخوّان بالاخوان وزادني الحافظ شمس الدين أبو نصر عبد الرحيم بن وهبان: ما صحّ لي أحد فأجعله أخا ... في الله محضا أو ففي الشيطان إما مولّ عن ودادي ما له ... وجه وإما من له وجهان وحدث محمد بن طاهر المقدسيّ، وكان ما علمت وقّاعة في كل من انتسب إلى مذهب الشافعي لأنه كان حنبليا، سمعت إبراهيم بن عثمان الأديب الغزي بنيسابور يقول «1» : لما دخل أبو الحسن ابن فضال النحوي نيسابور واقترح عليه الأستاذ أبو المعالي ابن الجويني أن يصنّف باسمه كتابا في النحو وسماه الاكسير ووعده بأن يدفع الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1837 إليه ألف دينار، فلما صنّفه وفرغ منه ابتدأ بقراءته عليه، فلما فرغ من القراءة انتظره أياما أن يدفع إليه ما وعده أو بعضه فلم يدفع إليه شيئا، فأنفذ إليه يقول: إنك إن لم تف لي بما وعدتني هجوتك، فأنفذ إليه الأستاذ: عرضي فداؤك، ولم يدفع إليه حبة واحدة. قلت أنا: وبلغني أنه عقيب ذلك ورد بغداد وأقام بها ولم يتكلم بعد في النحو وصنّف كتابه في التاريخ. ومن شعره الذي أورده السمعاني «1» : أحبّ النبيّ وأصحابه ... وأبغض مبغض أزواجه ومهما ذهبتم إلى مذهب ... فما لي سوى قصد منهاجه قال السلفي، قال الرئيس أبو المظفّر الأبيورديّ، أنشدني أبو القاسم ابن ناقيا في ابن فضال المجاشعي المغربي قال: ودخلت دار العلم ببغداد وهو يدرّس شيئا من النحو في يوم بارد، فقلت: اليوم يوم قرس بارد ... كأنه نحو ابن فضّال لا تقرأوا النحو ولا شعره ... فيعتري الفالج في الحال. [798] علي بن الفضل المزني أبو الحسن النحوي: نقلت من خط أبي سعيد عبد الرحمن بن علي اليزداديّ في كتابه المسمى «جلاء المعرفة» تعرّض فيه للمآخذ على العلماء قال: وكان قرىء كتاب الكرماني في النحو على أبي الحسن المزني، وقرأه هو على أبيه، وأبوه على الكرماني، وفضل أبي الحسن في عصره على من كانت تضرب إليه آباط الابل في العراق لاقتباس العلم منه، وكان ابن جرير يحثّه أبدا على قصد العراق علما منه بأنه لو دخل بغداد لقبل فوق قبول غيره، ولكان الأستاذ   [798]- ترجمته في بغية الوعاة 2: 183. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1838 المقدم بها، وبلغ من فضل علمه أنه صنّف في بسم الله الرحمن الرحيم كتابا سماه «البسملة» ويقع في ثلاثمائة ورقة، وله في النحو والتصريف مصنفات لطيفة نافعة، وقد روى المزني عن إسحاق بن مسلم عن أبي سعيد الضرير. [799] علي بن القاسم القاشاني الكاتب أبو الحسن: ذكره الثعالبيّ فقال: بقية مشيخة الكتاب المتقدمين في البراعة، المالكين أزمة البلاغة، المتوقلين في هضبات المجد، المترقين في درجات الفضل و [صاحب] الرسائل «1» الجيدة والأشعار الرائقة. ومن رسائله: كتابي أطال الله بقاء مولاي وأنا متردّد بين جذل لتجدّد برّه في خطابه، وبين خجل من قوارع زجره وعتابه، فإذا خلّيت عنان أنسي في رياض مبارّه فرتعت، جاذبنيه لاعج الاشفاق من سوء ظنه فنزعت، ولو كنت جانيا «2» لاعتذرت، أو كان سوء ظنه بي صادقا لاعترفت، ولعذت منه بحقوي كريم لا يبهظه «3» اغتفار الجرائر، ولا يتعاظمه الصفح عن الكبائر. فصل: علّقت هذه المخاطبة والأشغال تكتنفني، وكدّ الخاطر بأسباب شتى يقتسمني، ووراء ذلك كلال الذهن بارتقاء السن، ونقصان الخواطر بزيادة الشواغل، واستمرار البلادة لمفارقة العادة، ومولاي- والله يعيذه من السوء- مقتبل الشباب، زائد الأسباب، مؤتنف المخائل، متجدد الفضائل، إلى علم لا يدرك مضماره، ولا يشقّ غباره، فإذا حملني على مساجلته فقد عرضني للتكشف، وإن عرضني على محنة التتبع «4» فقد سلبني ثوب التجمل.   [799]- يتيمة الدهر 2: 330- 335 (والترجمة كلها عن هذا المصدر) ؛ وفي ك: القاساني (بالسين المهملة) . الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1839 فصل: وصل كتاب مولاي: فكم فرحة أدّى وكم كربة «1» جلّى ... وكم بهجة أولى وكم غمة سلّى وسألت الله واهب خصال الفضل له، وجامع خلال النبل فيه، وحائز جمال المروءة للزمان ببقائه، ومانح كمال المزية للاخوان بمكانه، أن يتولّى حفظ النعم النفيسة، ويديم حياطة هذه المنائح «2» الخطيرة، بصيانة تلك الشيم العلية، حتى تستوفي المكارم أعلى حظّها في أيامه، وتحوز «3» الفضائل أقصى غاياتها في مضماره: فينجح ذو فضل ويكمد ناقص ... ويبهج ذو ودّ ويكبت حاسد فصل: وما ارتضى نفسي لمخاطبة مولاي إلا إذا كنت منفيّ الشواغل، فارغ الخواطر، مخلّى الجوارح، مطلق الإسار، سليم الأفكار، فكيف بي مع كلال الحد، وانغلاق الفهم، واستبهام القريحة، واستعجام الطبيعة؟! والمعوّل على النية وهي لمولاي بظهر الغيب مكشوفة، والمرجع إلى العقيدة وهي بالولاء المحض معروفة، ولا مجال للعتب بين هذه الأحوال، كما لا مجاز «4» للعذر وراء هذه الخلال. وكتب إلى الصاحب أبي القاسم ابن عباد قصيدة منها: إذا الغيوم «5» ارجحنّ باسقها ... وحفّ أرجاءها بوارقها وابتسمت فرحة لوامعها ... واحتفلت عبرة حمالقها وقيل طوبى لبلدة نتجت ... بجوّ أكنافها بوارقها فليسق غيث الندى أبا القاسم القرم وزير الأنام وادقها الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1840 وهي طويلة. ثم قال: هذه أطال الله بقاء مولاي تباريح أريحية أثارتها مخاطبات مولاي التي هي أنقع لغلّتي من برد الشراب، وأعجب إليّ من ردّ الشباب، فجاش الصدر بما أبرأ إليه من عهدته، وأسكنه ظلّ أمانته وذمته، ليسبل عليه ستر مودته، ويتأمّله بعين محبته، نعم وقد محا الزمان آثار إساءته إليّ، بما أسعفني به من إقبال مولاي عليّ، وتتابع برّه في مخاطباته لديّ، فكلّ ذنب لهذه النعمة مغفور، وكلّ جناية بهذا الاحسان مغمور. فأجابه الصاحب بكتاب صدّره بأبيات منها: بدت عذارى مدّت سرادقها ... وأقسم الحسن لا يفارقها كواعب أخرست دمالجها ... عنّا وقد أنطقت مناطقها أم روضة أبرزت محاسنها ... وما يني قطرها يعانقها أم أشرقت فقرة بدائعها ... حديقة زانها طرائقها لله حلف العلا أبو حسن ... وقد جرت للعلا سوابقها لله تلك الألفاظ حاملة ... غرّ معان تعيي دقائقها تكاد أعجازها تشككنا ... في سور أنها توافقها وهي طويلة. هذه أطال الله بقاء مولاي أبيات علّقتها، والرويّة لم تعتلقها، وأعنقت فيها والفكرة لم تعتنقها، لا ثقة بالنفس في وفائها، وسكونا إلى القريحة وصفائها، بل علما بأني وإن أعطيت الجهد عنانه، وفسحت للكدّ ميدانه، لم ادان ما ورد من ألفاظ أيسر ما أصفها به الامتناع على الوصف أن يتقصاها، والبعد عن الاطناب أن يبلغ مداها. ولقد قرع سمعي منها ما أراني العجز يخطر بين أفكاري، والقصور يتبختر بين إقبالي وإدباري، إلى أن أفكرت في أن فضيلة المولى تشتمل عبده، وتخيّم وإن تصرفت عنده «1» . فثاب إلي «2» خاطر نظمت به ما إن طالعه صفحا رجوت أن يحظى بطائل الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1841 القبول، وإن تتّبعه نقدا تراجع على أعقاب الخمول، وهذا فلا عار على من سبقه سباق الأقران، المستولي على قصب الرهان. ومن شعر القاشاني المشهور: وإني وإن أقصرت عن غير بغضة ... لراع لأسباب المودة حافظ وما زال يدعوني إلى الصدّ ما أرى ... فآبي وتثنيني إليك الحفائظ وأنتظر العتبى وأغضي على القذى ... ألاين طورا في الهوى وأغالظ. [800] علي بن القاسم السنجاني أبو الحسن، وسنجان قصبة خواف. ذكره الباخرزي فقال: هو صاحب «كتاب مختصر العين» ومحلّه من الأدب محلّ العين من الانسان ومحلّ الانسان من العين، وقد سهّل طريق اللغة على طالبيها، وأدنى قطوفها من متناوليها باختصاره «كتاب العين» ، ولا تكاد ترى حجور المتأدبين منه خالية، وله شعر الزهاد، وقد جرى فيه على سمت العبّاد، ونسجه على منوال أولي الاجتهاد، فمما وقع إليّ منه قوله: خليليّ قوما فاحملا لي رسالة ... وقولا لدنيانا التي تتصنّع عرفناك يا خداعة الخلق فاغربي ... ألسنا نرى ما تصنعين ونسمع فلا تتحلّي للعيون بزينة ... فانّا متى ما تسفري نتقنع نغطي بثوب اليأس منّا «1» عيوننا ... إذا لاح يوما من مخازيك مطمع وهل أنت الا متعة مستعارة ... وهل طاب يوم بالعواري يمتع رتعنا وجلنا في مراعيك كلّها ... فلم يهننا مما رعيناه مرتع فأنت خلوب كالغمامة كلّما ... رجاها مرجّي الغيث ظلّت تقشّع   [800]- دمية القصر 3: 1494 وإنباه الرواة 2: 302 والأنساب واللباب (السنجاني) وبغية الوعاة 2: 184. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1842 طلوع قبوع كالمغازلة التي ... تطلّع أحيانا وحينا تقبّع «1» وله يرثي نفسه: دبت إليّ بنات الأرض مسرعة ... حتى تمشّين في قلبي وفي كبدي والعين مني فويق الخدّ سائلة ... وطالما كنت أحميها من الرمد. [801] علي بن المبارك اللحياني وقيل علي بن حازم، ويكنى أبا الحسن: أخذ عن الكسائي، وأخذ عنه أبو عبيد القاسم بن سلام وله «كتاب النوادر» . ومات [ ... ] . قال أبو الطيب اللغوي في «كتاب مراتب النحويين» : وممن أخذ عن الكسائي أبو الحسن علي بن حازم الختلي اللحياني من بني لحيان بن هذيل بن مدركة بن الياس بن مضر صاحب «كتاب النوادر» وقيل سمي اللحياني لعظم لحيته. حدثني أبو عمر الزاهد عن أبي عمرو ابن الطوسي عن أبيه عن اللحياني قال أبو عمرو: سمعت ثعلبا يقول قال الأحمر: خرجت من عند الكسائي ذات يوم فإذا اللحياني جالس، فقال لي: أحبّ أن تدخل فتشفع لي إلى الكسائي لأقرأ عليه هذه النوادر، قال: فدخلت إلى الكسائي فقلت له، فقال: هو بغيض ثقيل الروح. قال الأحمر: وكان اللحياني ورعا، قال فقلت له: أحب أن تفعل فأجابني، فخرجت إلى اللحياني فقلت له: قد قال لي كذا وكذا فلم لا تنبسط معه؟ فقال: دعني وإياه، قال اللحياني: فدخلت عليه وهو جالس على كرسيّ ملوكي وعليه مقدارية مشهرة، وعلى رأسه بطيخية، وبيده كسرة سميد وهو يفتها للحمام، قال ثعلب: وكان السلطان قد أفسده، قال فقال لي: ما تقول في النبيذ؟ قلت: أنا، قال: نعم، قلت: أحسوه   [801]- ترجمة علي بن المبارك (أو علي بن حازم) النحوي في مراتب النحويين: 89 وتاريخ أبي المحاسن: 206 وتهذيب اللغة 1: 21 وطبقات الزبيدي: 195 وإنباه الرواة 2: 255 ونزهة الألباء: 121 وبغية الوعاة 2: 185. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1843 ثم أفسوه قال: فضحك مني وقال: أنت ظريف فاكتم ما سمعت، واقرأ ما شئت، فقرأت عليه وخرجت، فإذا الحجارة تأخذ كعبي، فالتفتّ أقول: من ذا؟ فإذا هو من منظر له يقول: من كنت تقرأ عليه حتى صدّعته اليوم. قال أبو الطيب: وقد أخذ اللحياني عن أبي زيد وأبي عمرو الشيباني وأبي عبيدة والأصمعي وعمدته على الكسائي، وكذلك أهل الكوفة كلهم يأخذون عن البصريين، وأهل البصرة يمتنعون من الأخذ عنهم لأنهم لا يرون الأعراب الذين يحكون عنهم حجة. قال ابن جني في «الخصائص» : ذاكرت يوما أبا عليّ بنوادر اللحياني فقال كناسة، قال: وكان أبو بكر محمد بن الحسن بن مقسم يقول: إن كتابه لا يصله به «1» رواية، وقدحا فيه وغضّا منه. [802] علي بن المبارك أبي المعالي بن علي بن المبارك بن عبد الباقي بن بانويه، أبو الحسن المعروف بابن الزاهدة النحوي صاحب ابن الخشاب وليس بابن الزاهد، فإن في أصحاب ابن الخشاب آخر يعرف بابن الزاهد بغير هاء، وهو أحمد بن هبة الله مذكور في بابه، والزاهدة هذه التي يعرف بها هي أمه، واسمها أمة الله «2» المباركة بنت إبراهيم بن علي بن أبي الحسن بن أبي الحريش، وكانت واعظة مشهورة روت الحديث. مات ابن الزاهدة هذا في ثالث ذي الحجة سنة أربع وتسعين وخمسمائة ودفن عند والدته برباط لهم بدرب البقر بمحلة الظفرية، وكان أيضا يسكن بالظفرية في   [802]- ترجمته في إنباه الرواة 2: 318 وتكملة المنذري 1: 310 ومختصر ابن الدبيثي 3: 140 وبغية الوعاة 2: 185 وله ترجمة في تاريخ الإسلام للذهبي والوافي للصفدي (خ) . الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1844 حياته، وكانت له معرفة جيدة بالنحو، قرأ على الشريف أبي السعادات ابن الشجري ثم على الشيخ أبي محمد ابن الخشاب، وأقرأ العربية مدة وسمع منه الطلبة، وأنشدت له: إذا اسم بمعنى الوقت يبنى لأنه ... تضمّن معنى الشرط موضعه نصب ويعمل فيه النصب معنى جوابه ... وما بعده في موضع الجرّ يا ندب وله في «كتاب الخريدة» من قصيدة كتبها إلى صلاح الدين: ألا حييا بالرقمتين المعالما ... وان كن قد أصبحن درسا طواسما ومن مديحها: إذا كانت الأعداء فعلا مضارعا ... أصار مواضيه الحروف الجوازما. [803] علي بن المحسن أبو القاسم التنوخي قال السمعاني في «كتاب النسب» : هو أبو القاسم علي بن المحسن بن علي بن محمد بن أبي الفهم، واسم أبي الفهم داود بن إبراهيم بن تميم بن جابر بن هانىء بن زيد بن عبيد بن مالك بن مريط بن شرح بن نزار بن عمرو بن الحارث [بن صبيح بن عمرو بن الحارث] بن عمرو بن فهم بن تيم الله بن أسد بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن الحاف بن قضاعة. سمع أبا الحسن علي بن أحمد بن كيسان النحوي وإسحاق بن سعد بن الحسن بن سفيان النسوي، وروى عنه الخطيب فأكثر، وكان قد قبلت شهادته عند الحكام في حداثته. مات فيما ذكره عبد الله بن علي بن الآبنوسي في سنة سبع وأربعين وأربعمائة في محرمها، قال الخطيب: وسألته عن مولده فقال: ولدت بالبصرة في النصف من شعبان سنة سبعين وثلاثمائة قال: وكان معتزليا، قال: وكان عنده «كتاب القدر» لجعفر الفريابي وكان أصحاب الحديث   [803]- ترجمة التنوخي في الأنساب واللباب (التنوخي) وتاريخ بغداد 12: 115 والمنتظم 8: 168 وابن خلكان 4: 162 (في ترجمة والده المحسن) وسير الذهبي 17: 649 وعبر الذهبي 3: 214 والفوات 3: 60 والبداية والنهاية 12: 67 والنجوم الزاهرة 5: 58 والشذرات 3: 276. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1845 يتحاشون من مطالبته باخراجه، فطالبته به وقرأته عليه وسمعوا، أو كما قال. قال: وكان التنوخي ساكتا لم يعترض على شيء من تلك الأحاديث، قال: وكان دخل التنوخي كل شهر من القضاء ودار الضرب وغيرهما ستين دينارا، فيمر الشهر وليس له شيء، وكان ينفق على أصحاب الحديث، وكان الخطيب والصوري وغيرهما يبيتون عنده، وكان ثقة في الحديث متحفظا في الشهادة محتاطا صدوقا في الحديث. وتقلد قضاء عدة نواح منها المدائن وأعمالها ودرزيجان والبردان وقرميسين. وحدث الهمذاني في «تاريخه» بعد ذكر مولده ووفاته كما تقدم، ثم قال: وكان ظريفا نبيلا فاضلا جيد النادرة، قال القاضي أبو عبد الله ابن الدامغاني: دخلت على القاضي أبي القاسم التنوخي قبل موته بقليل وقد علت سنه، فأخرج إليّ ولده من جاريته فلما رآه بكى فقلت: تعيش إن شاء الله وتربّيه ويقرّ الله عينك به، فقال: هيهات والله ما يتربى إلا يتيما، وأنشد: أرى ولد الفتى كلّا عليه ... لقد سعد الذي أمسى عقيما فإما أن يخلّفه عدوّا ... وإما أن يربّيه يتيما ثم قال: أريد أن تزوجني من أمه فإنني قد أعتقتها على صداق عشرة دنانير ففعلت، وكان كما قال تربى يتيما، وهو أبو الحسن محمد بن علي بن المحسن، قيل: القاضي أبو عبد الله شهادته، ثم مات سنة أربع وتسعين وأربعمائة وانقرض بيته. قال «1» أبو الحسن بن أبي الحسين: ولد لأبي القسم التنوخي ولد في سنة نيف وأربعين وأربعمائة فقال له رئيس الرؤساء: أيها القاضي كنت منذ شهور قريبة قلت لي انك لا تعرف هذا الشان الذي يكون منه الأولاد منذ سنين، وإنه لا حاسة بقيت لك ولا شهوة ولا قدرة على هذا الفن، وأنت اليوم تقر عندي بولد رزقته، ففي أيّ القولين أنت كاذب أيها القاضي؟ فقال له: اللهم غفرا اللهم غفرا وخجل وقام. قال واجتاز يوما في بعض الدروب فسمع امرأة تقول لأخرى: كم عمر بنتك يا أختي؟ فقالت لها: رزقتها يوم شهر القاضي التنوخي وضرب بالسياط، فرفع رأسه الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1846 إليها وقال: يا بظراء صار صفعي تاريخك ما وجدت تاريخا غيره؟!. وكان أعمش العينين لا تهدأ جفونه من الانخفاض والارتفاع والتغميض والانفتاح، فقال فيه أبو القاسم ابن بابك الشاعر: إذا التنوخيّ انتشى ... وغاص ثم انتعشا أخفى عليه إن مشي ... ت وهو يخفى إن مشى فلا أراه قلّة ... ولا يراني عمشا وكان تولّى دار الضّرب فقال البصروي فيه: وفي أنضّ الأعمال قاض ... ليس بأعمى ولا بصير يقضم ما يجتبى اليه ... قضم البراذين للشعير قال غرس النعمة «1» : حدثت أنه جاء رجل إلى التنوخي على الطريق وهو راكب حماره وأعطاه رقعة وبعد مسرعا، ففتحها وإذا فيها: إنّ التنوخيّ به أبنة ... كأنه يسجد للفيش له غلامان ينيكانه ... بعلّة الترويح في الخيش فلما قرأها قال: ردوا ذاك زوج القحبة الذي أعطاني الرقعة، فعدوا وراءه فردوه، فقال: هذه الرقعة منك؟ فقال: لا أعطانيها بعض الناس وأمرني أن أوصلها إليك، قال قل له: يا كشخان يا قرنان يا زوج ألف قحبة هات زوجتك وأختك وأمك إلى داري وانظر ما يكون مني إليهم، واحكم ذلك الوقت بما قد حكمت به في رقعتك أو بضده، قفاه قفاه، فصفعوه وافترقا. قال غرس النعمة: حدثني أبو سعد «2» الماندائي قال: دخلت يوما على القاضي أبي القاسم التنوخي وكانت عينه رمدة أتعرّف خبره منها، فقال لي: حدثني من رأيت وما رأيت في طريقك، فقلت: رأيت منسفا فيه نحو عشرين رطلا رطبا أزاذا لقاطا ما رأيت مثله، فقال لغلامه: يا أحمد عليّ بالمنسف الساعة، فمضى أحمد وابتاعه وجاء الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1847 به، فحلّ عينه وغسلها من الدواء الذي فيها وقال لي: كل حتى آكل فقلت: يا سيدي عينك رمدة، فكيف تأكل رطبا؟ فقال: كلّ فعيني تهدأ والرطب يفنى، فأكل والله منه حتى وقف. قال وحدثني قال: كنت ليلة بائتا عنده، فهبت ريح شديدة فما زال طرف النطع الذي تحته يصعد وينزل ويصفق رأسه فقال: هذا سقوط الساعة ومصافعة، فقلت: ممن يا سيدنا؟ فقال: فضولك، وضحكنا. قال وحدثني قال، حدثني القاضي قال: كنت يوما في وقت القيلولة نائما فاجتاز واحد غثّ يصيح صياحا أزعجني وأيقظني: شرّاك النعال، شرّاك النعال، فقلت لأحمد الغلام: خذ كلّ نعل لي ولمن في داري وأخرجها إلى هذا الرجل ليرمها ويشتغل بها، ففعل ونمت إلى أن اكتفيت، ثم انتبهت وصليت العصر وأعطيته أجرته ومضى، فلما كان من غد في مثل ذلك الوقت جاء وأنا نائم فصاح وأنبهني، فقلت للغلام: أدخله فأدخله، فقلت: يا ماصّ كذا وكذا من أمه، أمس في هذا الوقت أصلحت كلّ نعل لنا، وعدت اليوم تصيح على بابنا، أبلغك أننا البارحة تصافعنا بالنعال وقطعناها وقد عدت اليوم لعملها وإصلاحها؟! قفاه، فقال: يا سيدنا القاضي أو أتوب ألا أدخل هذا الدرب؟ قلت: فما تتركني أنام ولا أهدأ ولا أستقر، فحلف أن لا يعود إلى الدرب، وأخرجته إلى لعنة الله. قال: ورأيته يوما عند الرئيس الوالد رضي الله عنهما وهو يشكو اليه قبيح أبي القاسم ابن المسلمة رئيس الرؤساء وقصده له وغضّه منه، وتناشى «1» غضبه إلى أن أخذ الدواة من بين يدي الرئيس ورفعها إلى فوق رأسه وقال: والله لقد بال في حجري وعلى ثيابي بعدد الرمل والحصى والتراب، وحطّ الدواة فضرب بها الأرض فتكسّرت، فلما رأى ذلك قام وانصرف وقد استحيى، وبقينا متعجبين منه. قال وحدثني أبو سعد الماندائي قال: كنت مع القاضي التنوخي وقد خرج يوما من دار الخلافة ليعبر إلى داره بالجانب الغربي، فلما بلغنا مشرعة نهر معلّى صاح به الملاحون: يا شيخ يا شيخ تعال هنا تعال هنا، فوقف وقال لهم: كل مردي معكم الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1848 ومجذاف في كذا وكذا من نسائكم، ما فيكم إلا من يعرفني ويعلم أنني القاضي التنوخي يا كذا وكذا، ثم نزل وهو يسبهم ويشتمهم، والملاحون وأنا قد متنا من الضحك. وجاءه غلام قد تزوج وكتب كتابا بمهر يشهده فيه، فاستحيى الغلام من ذلك، فجذب طاقة من حصير القاضي وجعل يقطعها بيده لحياته وخجله، ولحظه القاضي فقال: يا هذا أنا أشهد لك في كتاب يقتضي أن يحمل به إليك القماش والجهاز اللذان يعمران بيتك ويجمّلان أمرك، وأنت مشغول بقطع حصيري وتخريب بيتي؟! وشقّ الكتاب قطعا ولم يشهد فيه، ورمى به إليه فأخذه وانصرف متعجبا. قال وحدثني الرئيس أبو الحسين والدي قال: شهد القاضي أبو القاسم منذ سنة أربع وثمانين وثلاثمائة وإلى أن توفي في المحرم سنة سبع وأربعين وأربعمائة، وكان مولده يوم الثلاثاء النصف من شعبان سنة خمس وستين وثلاثمائة، نيفا وستين سنة ما وقف له على زلة ولا جرحة ولا غلطة؛ وأذكر له حكاية تذكر وهي أنه شهد مع جماعة من الشهود على زوجة أبي الحسن ابن أبي تمام الهاشمي نقيب النقباء في إقرار أقرّت له، فلما سمعوا إقرارها من وراء الستارة لم يقنعهم ذاك، وأرادوا من يشهد عندهم أن المقرّة هي المذكورة في الكتاب بعينها، أو أن يشاهدوها حتى يسلّم لهم ويصحّ أن يشهدوا عليها بالمعرفة، فلم يقدموا على ذلك وخطاب ابن أبي تمام فيه، فخرج ولده منها، فقام له التنوخي وأخذه في حجره وقبّل رأسه وقال له قليلا قليلا: من هذه التي تكلّمنا من وراء الستارة وتحدثنا وتشهدنا عليها؟ فقال له: ستّي، فالتفت إلى الجماعة وقال لهم: اشهدوا يا سادة فأنا أشهد عندكم أنّ المقرّة عندنا من وراء الستارة هي المذكورة في الكتاب بعينها، فشهدوا وشهد معهم، وقال من بعد: هذا صبيّ لا يعرف ما نحن فيه، ولو كان خلف الستارة غير ستّه لقال، ولما كانت هي بعينها قال هي ستي، ولعمري لقد كان أبو الحسن أجلّ من أن يفعل هذا معنا. قال أبو الحسن: كان لنا غلام يعرف بجميلة فابتاع ألف سابل سرجينا من ملّاح يعرف بالدابة ليحمله إلى قراحنا المشجّر في نهر عيسى ويطرح في أصول الشجر، فلما ذكر جميلة ذلك للرئيس رضي الله عنه قال له: اكتب عليه خطا وأشهد عليه، يعني المعلم في الدار ومن يجري مجراه، فكتب جميلة على الملاح رقعة ومضى بها لا يلوي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1849 على شيء إلى أن عاد التنوخيّ بين الصلاتين وهو جائع حاقن تعب، والزمان صائف، فقام إليه ودعا له وقال له: من أنت؟ قال: غلام فلان، قال: مالك؟ قال: شهادة، قال: له اقعد، ودخل فخلع ثيابه ودخل بيت الطهارة وأطال، والغلام يصيح: يا سيدنا أنا قاعد من ضحوة النهار إلى الساعة، فقال له: ويلك اصبر حتى أخرا، اصبر حتى أخرا، اصبر حتى أخرا، ثم توضأ ليصلّي فلم يهنّه، فقال: ادخل دخلت بطنك الشمس، فقد والله حيرتني وجننتني، فلما دخل أعطاه الرقعة فقرأها وقال: ويلك ما اسم هذا الملاح؟ فقال: الدابة يا سيدي، فقال: وأيّ شيء يقرّ به ويلك، فما أقف عليه أرى خمسة آلاف سابل ولا أدري ما بعده، فقال: يا سيدنا خمسة آلاف سابل سرقين، فقال له: وما السرقين؟ قال: خرا البقر والغنم، قال: يا ماصّ بظر أمه أنا شاهد الخرا؟! ونهض إليه وهو مغتاظ «1» ، فأخذ ينتف ذقنه «2» ويضرب رأسه وفكّه إلى أن جرى الدم من فيه وأخرجه، وجاء إلى الرئيس رحمه الله فحدثه بما جرى عليه، فقال له يا مدبر «3» الشهود يستشهدون في الخرا؟! أنت بالله أحمق. وجاءنا القاضي بعد العصر يشكو من جميلة ولزّه له وتوكّله به، ويعتذر مما جرّه جنونه عليه وما انتهى معه إليه، فضحكنا عليه ومرّت لنا ساعة طيبة بما أورده عليه. قال «4» : وحدثني أبو الحسين رضي الله عنه قال: حضر عندي القاضي أبو القاسم التنوخي يوما وقد هرب الكافي أبو عبد الله القنائي ببغداد وخرج إلى الأنبار، ونظر أبو سعد محمد بن الحسين بن عبد الرحيم، وكان التنوخي مائلا إلى بني عبد الرحيم ونابيا عن أضدادهم، فبدأ بذكر القنائي وكان لي صديقا بقبيح وزاد وخشّن وخبط، فغمضت عيني واستلقيت على مخدتي لعله يكفّ ويقطع، فعلم ذاك منّي فقفز إلي يحركني ويقول: والله ما أنت نائم ولكنك ما تحب أن تسمع في القنائي قبيحا، فقلت: ما أحب أن أسمع في القنائي ولا في غيره قبيحا، وقد تناومت لتقطع فلم تفعل، ومضى. وبلغ القنائيّ المجلس بعينه، وعاد القنائيّ إلى بغداد ناظرا، ودخل التنوخي إليه مسلما وخادما، فقال له: يا قاضي ما فعلت بك قبيحا يقتضي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1850 ذكرك لي وطعنك فيّ، فقال: يا مولانا أنا مجنون، فقال: إذا كنت مجنونا فالمارستان لمثلك عمل، وفي حملك إليه ومداواتك فيه ثواب ومصلحة وكفّ لك عن الناس وأذاهم بجنونك وخباطك، يا أنصاريّ (للعريف على بابه) احمله إلى المارستان واحبسه مع إخوانه المجانين، فأخذ وحمل إلى المارستان وحبس فيه، قال الرئيس: وعرفت القصة فركبت إلى القنائي، ولحقني المرتضى والرؤساء من الناس ولم نفارقه حتى أفرج عنه وأطلقه. واجتاز القاضي «1» أبو القاسم يوما فرأى في طريقه كلبا رابضا فقال له: اخسأ اخسأ اخسأ، فلم يبرح، فقال: اخسأ وعاد عنه ومضى. قال أبو الحسن «2» : ولقيته يوما بنت ابن العلاف زوجة أبي منصور ابن المرزع، وكانت عاهرة إلى الحدّ الذي تلبّس بلبس الجبة المضرّبة وتتعمّم بالمقياد وتأخذ السيف والدّرقة، وتخرج ليلا فتمشي مع العيارين وتشرب إلى أن تسكر وتعود سحرا إلى بيتها، وربما انتهى بها السكر إلى الحدّ الذي لا تملك أمرها معه، فيحملها العيارون إلى دار زوجها على تلك الحال، فقالت له: يا قاضي، ما معنى هذه التاء التي تكتبها على الدراهم، وكان إليه العيار في دار الضّرب، فقال لها: هذا شيء يعملونه كالعلامة أنّ التنوخي متولي العيار، فيأخذون التاء من أول نسبتي، فقالت: كذبت وأثمت أيها القاضي، تريد أن أقول لك معناها؟ فقال لها: قولي يا ستّ النساء، فقالت: معناها يا قاضي تنيكها يا قاضي، فضرب حماره ومضى وهو يقول لها: لحية زوجك في جحري، لحية زوجك في جحري. قال: ولقيه إنسان ومعه كتاب في الطريق فأعطاه إياه وسأله أن يشهد عليه فيه فقال: هات دواة أو محبرة، فقال: ما معي فقال: ويحك ما صبرت أن أنزل إلى داري وأشهد عليك بدواتي بل اعترضتني في الطريق وليس معك ما تكتب منه، ويلك من يريد أن ينيك في الدهليز «3» يجب أن يكون أيره قائما مثل دستك «4» الهاون، وتركه ومضى. 14 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1851 [804] علي بن محمد بن عبد الله بن أبي سيف المدائني، أبو الحسن، مولى سمرة ابن حبيب بن عبد شمس بن عبد مناف: بصري سكن المدائن، ثم انتقل عنها إلى بغداد فلم يزل بها إلى حين وفاته. روى عن الزبير بن بكار وأحمد بن أبي خيثمة وأحمد بن الحارث الخراز والحارث بن أبي أسامة وغيرهم. حدث أبو قلابة قال «1» : حدثت أبا عاصم النبيل بحديث فقال: عمن فانه حسن، فقلت له: ليس له إسناد ولكن حدثنيه أبو الحسن المدائني، فقال لي: سبحان الله أبو الحسن إسناد. ولد المدائني سنة خمس وثلاثين ومائة ومات سنة خمس وعشرين ومائتين. قال الحارث بن أبي أسامة «2» : سرد المدائني الصوم قبل موته بثلاثين سنة، وانه كان قد قارب المائة سنة، فقيل له في مرضه ما تشتهي؟ قال: أشتهي أن أعيش. وكان مولده ومنشأه البصرة ثم صار إلى المدائن بعد حين، ثم صار إلى بغداد فلم يزل بها إلى أن مات. واتصل بإسحاق بن إبراهيم الموصلي فكان لا يفارق منزله، وفي منزله كانت وفاته، وكان ثقة إذا حدث عن الثقات. نقلت من خط عمر بن محمد بن سيف الكاتب «3» البغدادي، حدثنا اليزيدي أبو عبد الله محمد بن العباس بن محمد بن أبي محمد قال، حدثني أحمد بن زهير بن حرب قال «4» : كان أبي ويحيى بن معين ومصعب الزبيري يجلسون بالعشيات على   [804]- ترجمة المدائني في الفهرست: 113 وتاريخ بغداد 12: 54 ونور القبس: 182 والأنساب 7: 137 وميزان الاعتدال 3: 153 وسير الذهبي 10: 400 وعبر الذهبي 1: 391 والمغني في الضعفاء 2: 454 والوافي 22: 41 ومرآة الجنان 2: 83 والبداية والنهاية 10: 299 ولسان الميزان 4: 253 والنجوم الزاهرة 2: 259 والشذرات 2: 54. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1852 باب مصعب، قال: فمرّ عشية من العشيات رجل على حمار فاره وبزّة حسنة فسلم وخصّ بمسائله يحيى بن معين، فقال له يحيى: إلى أين يا أبا الحسن؟ فقال: إلى هذا الكريم الذي يملأ كمي من أعلاه إلى أسفله دنانير ودراهم، فقال: ومن هذا يا أبا الحسن؟ قال: أبو محمد إسحاق بن إبراهيم الموصلي. قال: فلما ولّى قال يحيى بن معين ثقة ثقة ثقة، قال فسألت أبي فقلت: من هذا الرجل؟ فقال: المدائني. وحدث أبو أحمد العسكري في «كتاب التصحيف» له «1» عن أحمد بن عمار عن ابن أبي سعد الوراق قال العباس بن ميمون، قال قال لي ابن عائشة: جاءني أبو الحسن المدائني فتحدث بحديث خالد بن الوليد حين أراد أن يغير على طرف من أطراف الشام وقول الشاعر في دليله رافع: لله درّ رافع أنّى اهتدى ... فوّز من قراقر إلى سوى خمسا إذا ما سارها «الجبس» بكى فقال الجيش، فقلت: لو كان الجيش لكان «بكوا» وعلمت أن علمه من الصحف. قال العسكري: أما قول ابن عائشة إن الرواية الجبس بكى فهو كما قال وهو صحيح، وأما قوله لو كان الجيش لكان بكوا فقد وهم في هذا، ويجوز للجيش بكى فيحمل على اللفظ، وقد قال طفيل الغنويّ أو أوس بن حجر «2» : وان يك عارا بالقنان اتيته ... فراري فإن الجيش قد فرّ أجمع وحدّث محمد بن إسحاق النديم «3» قال: قرأت بخط ابن الأخشيد: كان المدائني متكلما من غلمان معمر بن الأشعث قال: وحفص الفرد ومعمر وأبو شمر وأبو الحسن المدائني وأبو بكر الأصم وأبو عامر وعبد الكريم بن روح ستة «4» كانوا غلمان معمر بن الأشعث. حدث المدائني قال «5» : أمر المأمون أحمد بن يوسف بادخالي عليه، فلما الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1853 دخلت ذكر علي بن أبي طالب عليه السلام، فحدثته فيه بأحاديث، إلى أن ذكر لعن بني أمية له فقلت: حدثني أبو سلمة المثنى بن عبد الله أخو محمد بن عبد الله الأنصاري قال قال لي رجل: كنت بالشام فجعلت لا أسمع أحدا يسمّى عليا ولا حسنا ولا حسينا وإنما أسمع معاوية ويزيد والوليد، قال: فمررت برجل جالس على باب داره وقد عطشت فاستسقيته فقال: يا حسن اسقه، فقلت له: أسميت حسنا؟ فقال: أي والله إن لي أولادا أسماؤهم حسن وحسين وجعفر فإن أهل الشام يسمون أولادهم بأسماء خلفاء الله، ولا يزال أحدنا يلعن ولده ويشتمه، وإنما سميت أولادي بأسماء أعداء الله فإذا لعنت إنما ألعن أعداء الله، فقلت له: ظننتك خير أهل الشام، وإذا جهنم ليس فيها شرّ منك. فقال المأمون لا جرم قد ابتعث الله عليهم من يلعن أحياءهم وأمواتهم ويلعن من في أصلاب الرجال وأرحام النساء، يعني الشيعة. فهرست كتب المدائني نقلا من كتاب ابن النديم وذكر أنه نقله من خط ابن الكوفي: كتبه في أخبار النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: كتاب أمهات النبيّ صلّى الله عليه وسلّم. كتاب صفة النبيّ عليه السلام. كتاب أخبار المنافقين. كتاب عهود النبيّ عليه السلام. كتاب تسمية المنافقين ومن نزل فيه القرآن منهم ومن غيرهم. كتاب تسمية الذين يؤذون النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وتسمية المستهزئين. كتاب رسائل النبيّ صلّى الله عليه وسلّم. كتاب كتب النبيّ صلّى الله عليه وسلّم إلى الملوك. كتاب آيات النبيّ صلّى الله عليه وسلّم. كتاب إقطاع النبيّ صلّى الله عليه وسلّم. كتاب فتوح النبيّ صلّى الله عليه وسلّم. كتاب صلح النبيّ صلّى الله عليه وسلّم. كتاب خطب النبيّ صلّى الله عليه وسلّم. كتاب عهود النبيّ صلّى الله عليه وسلّم. آخر كتاب المغازي (وزعم أبو الحسن ابن الكوفي أنها عنده في ثمانية أجزاء جلود بخط عباس اليابس، وزعم تحت هذا الفصل وأخرى في جزءين تأليف أحمد بن الحارث الخراز) كتاب سرايا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. كتاب الوفود يحتوي على وفود اليمن ووفود مضر ووفود ربيعة. كتاب دعاء النبيّ صلّى الله عليه وسلّم. كتاب خبر الافك. كتاب أزواج النبيّ صلّى الله عليه وسلّم. كتاب السرايا. كتاب عمال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم على الصدقات. كتاب ما نهى عنه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. كتاب حجة أبي بكر رضي الله عنه. كتاب خطب النبيّ صلّى الله عليه وسلّم «1» . كتاب أخبار النبيّ صلّى الله عليه وسلّم. كتاب الخاتم الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1854 والرسل. كتاب من كتب له النبيّ صلّى الله عليه وسلّم كتابا أو أمانا. كتاب أموال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وكتابه «1» ومن كان يرد عليه الصدقة من العرب «2» . (أخبار قريش:) كتاب نسب قريش وأخبارها. كتاب العباس بن عبد المطلب عليه السلام. كتاب أخبار أبي طالب وولده. كتاب خطب علي بن أبي طالب عليه السلام. كتاب عبد الله بن عباس رضي الله عنهما. كتاب علي بن عبد الله بن العباس. كتاب آل أبي العاص. كتاب [آل] أبي العيص. كتاب خبر الحكم بن أبي العاص «3» . كتاب عبد الرحمن بن سمرة. كتاب ابن أبي عتيق. كتاب عمرو بن الزبير. كتاب فضائل محمد بن الحنفية. كتاب فضائل جعفر بن أبي طالب. كتاب فضائل الحارث بن عبد المطلب. كتاب فضائل عبد الله بن جعفر. كتاب معاوية بن عبد الله بن جعفر. كتاب عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر. كتاب أمر محمد بن علي بن عبد الله بن عباس. كتاب العاص بن أمية. كتاب عبد الله بن عامر بن كريز. كتاب بشر بن مروان بن الحكم. كتاب عمر بن عبيد الله بن معمر التيمي. كتاب هجاء حسان لقريش. كتاب فضائل قريش. كتاب عمرو بن سعيد بن العاص. كتاب يحيى بن عبد الله بن الحارث. كتاب أسماء من قتل من الطالبيين. كتاب أخبار زياد بن أبيه. كتاب مناكح زياد وولده ودعوته. كتاب الجوابات ويحتوي على جوابات قريش. جوابات مضر. جوابات ربيعة. جوابات الموالي. جوابات اليمن. (كتبه في أخبار مناكح الأشراف وأخبار النساء:) كتاب الصداق. كتاب الولائم. كتاب المناكح. كتاب النواكح «4» . كتاب المغتربات. كتاب المقينات. كتاب المتردّفات من قريش. كتاب من جمع بين أختين ومن تزوج ابنة امرأته ومن جمع أكثر من أربع ومن تزوج مجوسية. كتاب من كره مناكحته. كتاب من قتل عنها زوجها. كتاب من نهيت عن تزويج رجل فتزوجته. كتاب من تزوج من الأشراف في كلب «5» . الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1855 كتاب من هجاها زوجها. كتاب من شكت زوجها أو شكاها. كتاب مناقضات الشعراء وأخبار النساء. كتاب من تزوج في ثقيف من قريش. كتاب الفاطميات. كتاب من وصف امرأة فأحسن. كتاب الكلبيات. كتاب العواتك «1» . (كتبه في أخبار الخلفاء:) كتاب من تزوج من نساء الخلفاء «2» . كتاب تسمية الخلفاء وكناهم وأعمارهم. كتاب تاريخ أعمار الخلفاء. كتاب حلى الخلفاء. كتاب أخبار الخلفاء الكبير ابتدأه بأخبار أبي بكر الصديق رضي الله عنه وختمه بأخبار المعتصم «3» . (كتبه في الأحداث «4» :) كتاب الردة. كتاب الجمل. كتاب الغارات. كتاب النهروان. كتاب الخوارج. كتاب خبر ضابىء بن الحارث البرجمي. كتاب توبة بن مضرس. كتاب بني ناجية «5» ومصقلة بن هبيرة. كتاب مختصر الخوارج. كتاب خطب علي كرم الله وجهه وكتبه إلى عماله. كتاب عبد الله بن عامر الحضرمي. كتاب إسماعيل بن هبار. كتاب عمرو بن الزبير. كتاب مرج راهط. كتاب الربذة ومقتل حبيش. كتاب أخبار الحجاج ووفاته. كتاب عباد بن الحصين. كتاب حرة واقم. كتاب ابن الجارود بروستقباد. كتاب مقتل عمرو بن سعيد بن العاص. كتاب زياد بن عمرو بن الأشرف العتكي. كتاب خلاف عبد الجبار الأزدي ومقتله. كتاب سلم بن قتيبة وروح بن حاتم. كتاب المسور بن عمر بن عباد الحبطي وعمرو بن سهل. كتاب مقتل ابن هبيرة. كتاب يوم سنبيل. كتاب الدولة العباسية وهو كتاب كبير يشتمل على عدة كتب لم يذكره ابن النديم ووقع إلي بخط السكري بعضه وقد قرأه على الحارث بن أبي أسامة. (كتبه في الفتوح:) كتاب فتوح الشام منذ أيام أبي بكر وإلى أيام عثمان رضي الله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1856 عنهما. كتاب فتوح العراق منذ أيام أبي بكر وإلى آخر أيام عمر رضي الله عنهما. كتاب خبر البصرة وفتوحها وفتوح ما يقاربها من دستميسان والأهواز وماسبذان وغير ذلك. كتاب فتوح خراسان وأخبار أمرائها كقتيبة ونصر بن سيار وغيرهما. كتاب نوادر قتيبة بن مسلم. كتاب ولاية أسد بن عبد الله القسري. كتاب ولاية نصر بن سيار. كتاب ثغر الهند. كتاب أعمال «1» الهند. كتاب فتوح سجستان. كتاب فارس. كتاب فتح الابلة. كتاب أخبار أرمينية. كتاب كرمان. كتاب كابل وزابلستان. كتاب القلاع والأكراد. كتاب عمان. كتاب فتوح جبال طبرستان. كتاب طبرستان أيام الرشيد. كتاب فتوح مصر. كتاب الريّ وأمر العلوي. كتاب أخبار الحسن بن زيد وما مدح به من الشعر وعماله. كتاب فتوح الجزيرة. كتاب فتوح البامي. كتاب فتوح الأهواز. كتاب أمر البحرين. كتاب فتح شهرك. كتاب فتح برقة. كتاب فتح مكران. كتاب فتوح الحيرة. كتاب موادعة النوبة. كتاب خبر سارية بن زنيم. كتاب فتوح الري. كتاب فتوح جرجان وطبرستان. (كتبه في أخبار العرب:) كتاب البيوتات. كتاب الجيران. كتاب أشراف عبد القيس. كتاب أخبار ثقيف. كتاب من نسب إلى أمه. كتاب من سمي باسم أبيه. كتاب الخيل والرهان. كتاب بناء الكعبة. كتاب خبر خزاعة. كتاب حمى المدينة وجبالها وأوديتها. (كتبه في أخبار الشعراء وغيرهم:) كتاب أخبار الشعراء. كتاب من نسب إلى أمه من الشعراء. كتاب العمائر. كتاب الشيوخ. كتاب الغرماء. كتاب من هادن أو غزا كتاب من افترض من الأعراب في الديوان فندم وقال شعرا. كتاب المتمثلين. كتاب من تمثل بشعر في مرضه. كتاب الأبيات التي جوابها كلام. كتاب النجاشي. كتاب من وقف على قبر فتمثل بشعر. كتاب من بلغه موت رجل فتمثل شعرا أو كلاما. كتاب من تشبه من النساء بالرجال. كتاب من فضل الأعرابيات على الحضريات. كتاب من قال شعرا على البديهة. كتاب من قال شعرا في الأوابد. كتاب الاستعداء على الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1857 الشعراء. كتاب من قال شعرا فسمي به. كتاب من قال في الحكومة من الشعراء. كتاب تفضيل الشعراء بعضهم على بعض. كتاب من ندم على المديح ومن ندم على الهجاء. كتاب من قال شعرا فأجيب بكلام. كتاب أبي الأسود الدئلي. كتاب خالد بن صفوان. كتاب مهاجاة عبد الرحمن بن حسان للنجاشي. كتاب قصيدة خالد بن يزيد في الملوك والأحداث. كتاب أخبار الفرزدق. كتاب قصيدة عبد الله بن إسحاق بن الفضل بن عبد الرحمن. كتاب أخبار عمران بن حطان «1» . (ومن كتبه المؤلفة:) كتاب الأوائل. كتاب المتيمين. كتاب التعازي. كتاب المنافرات. كتاب الأكلة. كتاب المسيرين. كتاب القيافة والفال والزجر. كتاب من حرد من الأشراف. كتاب المروءة. كتاب الحمقى. كتاب اللواطين. كتاب الجواهر. كتاب المقينين. كتاب المسمومين. كتاب كان يقال. كتاب ذم الحسد. كتاب من وقف على قبر. كتاب الخيل. كتاب من استجيبت دعوته. كتاب قضاة أهل المدينة. كتاب قضاة أهل البصرة. كتاب أخبار رقبة بن مصقلة. كتاب مفاخرة العرب والعجم. كتاب مفاخرة أهل البصرة والكوفة. كتاب ضرب الدراهم والصرف. كتاب أخبار إياس بن معاوية. كتاب خبر أصحاب الكهف. كتاب خطبة واصل. كتاب إصلاح المال. كتاب آداب الاخوان. كتاب النخل. كتاب المقطعات المتخيرات. كتاب أخبار ابن سيرين. كتاب الرسالة إلى ابن أبي دواد. كتاب النوادر. كتاب المدينة. كتاب مكة. كتاب المختضرين. كتاب المراعي والجراد ويحتوي على الكور والطساسيج وجباياتها. [805] علي بن محمد بن وهب المسعري صاحب أبي عبيد القاسم بن سلام: روى   [805]- إنباه الرواة 3: 263 (المسعدي) . الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1858 عن أبي عبيد أنه قال: هذا الكتاب- يعني «غريب الحديث المصنف» أحبّ إليّ من عشرة آلاف دينار، وعدد أبوابه على ما ذكره ألف باب، وفيه من شواهد الشعر ألف ومائتا بيت. [806] علي بن محمد بن نصر بن منصور بن بسام أبو الحسن العبرتائي الكاتب، وأمه أخت أحمد بن حمدون بن إسماعيل النديم لأبيه وأمه، وقال المرزباني: أمه بنت حمدون النديم، وله مع خاله أبي عبد الله ابن حمدون أخبار، وكان حسن البديهة شاعرا ماضيا أديبا لا يسلم على لسانه أحد، وهو معدود في العققة، وكان يصنع الشعر في الرؤساء وينحله ابن الرومي وغيره. مات فيما ذكره ابن المرزباني بعد سنة ثلاثمائة بسنتين، وقال ثابت بن سنان: مات علي بن محمد بن بسام في صفر سنة اثنتين وثلاثمائة عن نيف وسبعين سنة، واستفرغ شعره في هجاء والده محمد بن نصر والخلفاء والوزراء، وكان مع فصاحته وبيانه لا حظّ له في التطويل إنما يحسن مقطعاته وتندر أبياته. وهو من أهل بيت الكتابة، كان جده نصر بن منصور يتولى ديوان الخاتم والنفقات والأزمّة في أيام المعتصم. وهو كان السبب في نكبة الفضل بن مروان، وكان قد هجا الوزير علي بن عيسى بن داود بن الجراح لما نفي إلى مكة، فلما ردت إليه الوزارة جلس يوما للمظالم فمرت في جملة القصص رقعة فيها مكتوب: وافى ابن عيسى وكنت أضغنه ... أشدّ شيء عليّ أهونه   [806]- ترجمة ابن بسام في الفهرست: 167 ومعجم الشعراء: 154 والهدايا والتحف: 139 وتاريخ بغداد 12: 63 وابن خلكان 3: 363 واللباب (البسامي) واعتاب الكتاب: 188 والوافي 22: 149 والفوات 3: 92 وسير الذهبي 14: 112 ومرآة الجنان 2: 238 والبداية والنهاية 11: 125 والنجوم الزاهرة 3: 189 والموسوعة الإسلامية 3: 734 (الطبعة الثانية بالانجليزية) وراجع المصادر التاريخية مثل أخبار الراضي والمتقي للصولي وتاريخ الوزراء للصابي ومروج الذهب للمسعودي (الفقرة 3406- 3421) ، ومقالة ابن شيخ في مجلة Arbica العدد 3/20 (ص 261- 291) وله مقطعات في التشبيهات وخاص الخاص ومحاضرات الراغب وزهر الآداب والذخيرة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1859 ما قدّر الله ليس يدفعه ... وما سواه فليس يمكنه فقال علي بن عيسى: صدق، هذا ابن بسام، والله لا ناله مني مكروه أبدا. وكان الغالب على ابن بسام الشعر، ومن حقه أن يذكر مع الشعراء، وإنما حملنا على ذكره هاهنا رسائله وما له من التصانيف وهي: كتاب أخبار عمر بن أبي ربيعة جيد بالغ في معناه. (وجدت أخبار عمر بن أبي ربيعة تصنيف علي بن محمد بن نصر بن منصور بن بسام وقد روى فيه عن الزبير بن بكار وعمر بن شبة وحماد بن إسحاق ويعقوب بن أبي شيبة وأحمد بن الحارث الخراز ومحمد بن حبيب وسليمان بن أبي شيخ وخاله أحمد بن حمدون) «1» كتاب المعاقرين. كتاب ديوان رسائله. كتاب مناقضات الشعراء. كتاب أخبار الأحوص. ومن شعره الذي قاله ونحله ابن الرومي قوله يخاطب عبيد الله بن سليمان الوزير وقد مات ابنه أبو محمد في سنة أربع وثمانين «2» : قل لأبي القاسم المرجّى ... قابلك الدهر بالعجائب مات لك ابن وكان زينا ... وعاش ذو الشّين والمعايب حياة هذا كفقد هذا ... فلست تخلو من المصائب فبلغت الأبيات عبيد الله فساءته، فدعا البساميّ وقال: يا علي كيف قلت؟ فعلم البساميّ أنه مغضب فقال: قلت أيها الوزير: قل لأبي القاسم المرجّى ... لن يدفع الموت كفّ غالب لئن تولّى بمن تولى ... وفقده أعظم المصائب لقد تخطّت لك المنايا ... عن حامل عنك للنوائب يعني ابنه أبا الحسين، فسكت عبيد الله ولها عنه. وذكر الصولي في «كتاب الوزراء» قال قال أبو الحارث النوفلي الشاعر: كنت أبغض القاسم بن عبيد الله لكفره ولمكروه نالني منه، فلما قرأت شعر ابن المعتز الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1860 (وهو شعر رثى به الحسين أبا محمد مذكور في أخباره) وشعر ابن بسام وكان ابن بسام قد قال: معاذ الله من كذب ومين ... لقد أبكت وفاتك كلّ عين ولكن قد تنسّينا الرزايا ... ويعضدنا بقاء أبي الحسين قلت على لسان ابن بسام وأشعتها عليه وأنفذتها إليه «قل لأبي القاسم المرجّى» ... الأبيات. وحدث السلامي عن أبي القاسم المجمع بن محمد بن المجمع قال حدثني ابن حمدون النديم قال: كان المعتضد أمر بعمارة البحيرة واتخاذ رياض حواليها، وأنفق على الأبنية بها ستين ألف دينار، وكان يخلو فيها مع جواريه وفيهن جارية يقال لها دريرة، فقال البسامي «1» : ترك الناس بحيره ... وتخلّى في البحيره قاعدا يضرب بالطب ... ل على حرّ دريره وبلغت الأبيات المعتضد فلم يظهر لأحد أنه سمعها «2» ، وأمر بتخريب ما استعمره من تلك العمارات والأبنية. قال أحمد بن حمدون «3» : فكنت ألاعب المعتضد بالشطرنج ذات يوم إذ دخل إليه القاسم بن عبيد الله وهو وزيره فاستأمره في شيء وانصرف، فلما ولى أنشد المعتضد قول البسامي في القاسم: حياة هذا كموت هذا ... فلست تخلو من المصائب وجعل يكرّر البيت، وعاد القاسم إليه في شغل والمعتضد مشغول باللعب ولم يعلم بحضوره، وهو يردّد البيت، فاحتلت حتى أعلمته حضوره، فرفع رأسه إليه واستحيى منه حتى تبيّن «4» ذلك في وجهه، ثم قال: يا أبا الحسين- وهو أول ما كناه للخجل الذي تداخله- لم لا تقطع لسان هذا الماجن وتدفع شره عنك؟ فانصرف القاسم مبادرا إلى مجلسه ومنتهزا للفرصة في ابن بسام وأمر بطلبه، قال ابن حمدون: الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1861 فدهشت وارتعشت يدي في اللعب خوفا مما يلحق ابن بسّام للقرابة التي بيني وبينه، فقال المعتضد: مالك؟ قلت: يا أمير المؤمنين القاسم بن عبيد الله لا يصطلى بناره، وكأني به وقد قطع لسان البسامي حنقا عليه، وهو أحد النبلاء الشعراء، فيكون ذلك سبة على أمير المؤمنين، فأمر باحضار القاسم وسأله عما فعله في أمر ابن بسام، فقال: قد تقدمت إلى مؤنس باحضاره لأقطع لسانه فقال: يا أبا الحسين إنما أمرناك أن تقطع لسانه بالبر والصلة والتكرمة ليعدل عن هجائك إلى مدحك، فقال: يا أمير المؤمنين لو عرفته حق المعرفة وعلمت ما قاله لاستجزت قطع رأسه- عرّض بما قاله في المعتضد ودريرة- فتبسم المعتضد وقال: يا أبا الحسين إنما أمرنا بتخريب البحيرة لذلك، فتقدم أنت باحضاره وأخرج إليه ثلاثمائة دينار فإن ذلك أولى وأحسن من غيره، قال فأحضره القاسم بعد ثالثة وخلع عليه وولّاه بريد الصيمرة وما والاها، فبقي في عمله إلى آخر أيام المعتضد، ثم جمح به طبعه إلى إعادة الاساءة فقال: أبلغ وزير الإمام عني ... وناد يا ذا المصيبتين يموت حلف الندى ويبقى ... حلف المخازي أبو الحسين فأنت من ذا عميد قلب ... وأنت من ذا سخين عين حياة هذا كموت هذا ... فالطم على الرأس باليدين قال جحظة «1» : كان ابن بسام يفخر بقوله فيّ: يا من هجوناه فغنانا ... أنت وحقّ الله أهجانا فقلت: هذا معنى لم يسبق إليه خاطر ابن بسام، وإن كان قد أتى به مطبوعا، وإنما أخذه من قول ابن الرومي في هجائه شنطف «2» : وفي قبحها كاف لنا من كيادها ... ولكنها في فعلها تتبرّد ولو علمت ما كايدتنا لانها ... بانفاسها والوجه والطبل أكيد وقال ابن بسام في الوزير الخاقاني: وزير ما يفيق من الرقاعه ... يولّي ثم يعزل بعد ساعه الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1862 إذا أهل الرشا صاروا إليه ... فأحظى القوم أوفرهم بضاعه فلا رحما تقرّب منه خلقا ... سوى الورق الصحاح ولا شفاعه وليس بمنكر ذا الفعل منه ... لأن الشيخ أفلت من مجاعه حدث أبو نصر أحمد بن العلاء الشيرازي الكاتب قال: لما تقلّد أبو الفتح الفضل بن جعفر بن الفرات الوزارة كنت أجالسه وأوانسه، فحدثني يوما أن أباه حدثه قال: تقلدت مصر وكان بيني وبين أبي الحسين ابن بسام مودة ورضاع ونحن مختلطون، وأنا بمصر يوما فما شعرت إلا بابن بسام قد دخل إليّ متقلدا للبريد فافهمته أحوالي «1» ، وقاسمته أكثر مروءتي وأموالي، وتطلبت الخلاص من لسانه بكلّ شيء يمكن، وأوصيت حاجبي أن لا يحجبه عني ولو كنت مع زوجتي، فجاء يوما وأنا نائم فقال له الحاجب: ادخل، فدخل فوجدني نائما، فاستدعى دواة وكتب شيئا وتركه وانصرف، فلما انتبهت عرّفني حاجبي ذلك، فأخذت الرقعة فإذا فيها: محتجب دون من يلمّ به ... وليس للخارجات حجّاب لأنّ للخارجات منفعة ... تأتيه والداخلون طلّاب قال فبعثت أعرف خبره لأعاتبه فإذا هو تحمّل وسار عن البلد، فكتبت إليه أداريه وألاطفه ليرجع فلم يجب. قال التنوخي «2» حدثني ابن أبي قيراط علي بن هشام حدثني أبو علي ابن مقلة قال: كنت أقصد ابن بسام لهجائه إياي، فخوطب ابن الفرات في وزارته الأولى في تصريفه فاعترضت وقلت، إذا صرّف فلا يحتبس الناس على مجالسنا وقد افترقت فإذا لم يضره الوزير فلا أقلّ من أن لا ينفعه، فامتنع من تصريفه قضاء لحقي، فبلغ ذلك ابن بسام فجاءني وخضع لي ثم لازمني نحو سنة حتى صار يختصّ بي ويعاشرني على البريد، ومدحني فقال: يا زينة الدين والدنيا وما جمعا ... والأمر والنهي والقرطاس والقلم إن ينسىء الله في عمري فسوف ترى ... من خدمتي لك ما يغني عن الخدم الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1863 أبا عليّ لقد طوّقتني مننا ... طوق الحمامة لا تبلى على القدم فاسلم فليس يزيل الله نعمته ... عمن يبثّ الأيادي في ذوي النعم وحدّث محمد بن يحيى الصولي أنه سمع علي بن محمد بن بسام يقول «1» : كنت أتعشّق خادما لخالي أحمد بن حمدون، فقمت ليلة لأدبّ إليه، فلما قربت منه لسعتني عقرب فصرخت، فقال خالي: ما تصنع ها هنا؟ فقلت: جئت لأبول، فقال: صدقت في است غلامي، فقلت لوقتي: ولقد سريت مع الظلام لموعد ... حصّلته من غادر كذّاب فإذا على ظهر الطريق مغذّة ... سوداء قد عرفت أوان ذهابي لا بارك الرحمن فيها عقربا ... دبابة دبّت إلى دباب فقال خالي: قبحك الله لو تركت المجون يوما لتركته في هذه الحال. ولابن بسام في علي بن عيسى «2» الوزير: رجوت لك الوزارة طول عمري ... فلما كان منها ما رجوت تقدمني أناس لم يكونوا ... يرومون الكلام إذا دنوت فأحببت الممات «3» وكلّ عيش ... يحبّ الموت فيه فهو موت ومن شعر ابن بسام من خط السمعاني «4» : أقصرت عن طلب البطالة والصبا ... لما علاني للمشيب قناع لله إيام الشباب ولهوه ... لو أنّ أيام الشباب تباع فدع الصبا يا قلب واسل عن الهوى ... ما فيك بعد مشيبك استمتاع وانظر إلى الدنيا بعين مودّع ... فلقد دنا سفر وحان وداع فالحادثات موكّلات بالفتى ... والناس بعد الحادثات سماع الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1864 ولما ولي حامد بن العباس وزارة المقتدر ورتّب معه علي بن عيسى يدبّر الأمو بين يديه قال ابن بسام: يا ابن الفرات تعزّى ... قد صار أمرك آيه لما عزلت حصلنا ... على وزير بدايه وعلي بن بسام القائل يمدح النحو «1» : رأيت لسان المرء وافد عقله ... وعنوانه فانظر بماذا تعنون فلا تعد إصلاح اللسان فإنه ... يخبّر عما عنده ويبين ويعجبني زيّ الفتى وجماله ... فيسقط من عينيّ ساعة يلحن على أن للإعراب حدا وربما ... سمعت من الأعراب ما ليس يحسن ولا خير في اللفظ الكريه استماعه ... ولا في قبيح اللحن والقصد أزين ومن قصيدة له يهجو فيها الكتاب «2» : وعبدون يحكم في المسلمين ... ومن مثله تؤخذ الجاليه ودهقان طيّ تولّى العراق ... وسقي الفرات وزرفانيه وحامد يا قوم لو أمره ... إليّ لألزمته الزاويه نعم ولأرجعته صاغرا ... إلى بيع رمّان خسراويه أيا ربّ قد ركب الأرذلون ... ورجلي من بينهم ماشيه فإن كنت حاملها مثلهم ... وإلا فأرجل بني الزانيه قال أبو الحسين علي بن هشام بن أبي قيراط: سمعت ابن بسام ينشد في وزارة ابن الفرات «3» : إذا حكم النصارى في الفروج ... وباهوا بالبغال وبالسروج فقل للأعور الدجّال هذا ... أوانك إن عزمت على الخروج الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1865 قال أبو الحسين ابن هشام، حدثني زنجي الكاتب، حدثني ابن بسام قال: كنت أتقلد البريد بقمّ في أيام عبيد الله بن سليمان، والعامل بها أبو عيسى أحمد بن محمد بن خالد المعروف بأخي أبي صخرة، فأهدى إليّ في ليلة عيد الأضحى بقرة للأضحية، فاستقللتها ورددتها وكتبت إليه «1» : كم من يد لي إليك سالفة ... وأنت بالحقّ غير معترف نفسك أهديتها لأذبحها ... فصنتها عن مواقع التلف. [807] علي بن محمد بن عبيد بن الزبير الأسدي المعروف بابن الكوفي: صاحب ثعلب والخصيص به، وهو من أسد قريش، وهو أسد بن عبد العزّى بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب رهط الزبير بن العوام، وهو صاحب الخط المعروف بالصحة المشهور باتقان الضبط وحسن الشكل، فإذا قيل نقلت من خط ابن الكوفي فقد بالغ في الاحتياط، وكان من أجلّ أصحاب ثعلب. مات في ذي القعدة سنة ثمان وأربعين وثلاثمائة ومولده سنة أربع وخمسين ومائتين، وكان ثقة صادقا في الرواية وحسن الدراية. وله من الكتب: كتاب الهمز رأيته أنا بخطه. كتاب معاني الشعر واختلاف العلماء فيه. كتاب الفرائد والقلائد في اللغة.   [807]- ترجمته في الفهرست: 87 وتاريخ بغداد 12: 81 والمنتظم 6: 391 وإنباه الرواة 2: 305 وتذكرة الحفاظ: 869 وعبر الذهبي 2: 279 والوافي 22: 71 وبغية الوعاة 2: 195 (عن ياقوت) والشذرات 2: 379؛ وذكره في الفهرست: 7، 57، 64 وفي طبقات الزبيدي: 149 وقال إن ثعلبا أوصى إليه وتقدم إليه في دفع كتبه إلى القطربلي، وقال القفطي إن أباه كان من أهل اليسار، خلف له زائدا عن خمسين ألف دينار أنفقها في طلب العلم وتحصيل الكتب اشتراء واستنساخا وكتابة وإنفاقا على طلبة العلم. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1866 قال مؤلف الكتاب: ورأيت بخطه عدة كتب فلم أر أحسن ضبطا وإتقانا للكتابة منه، فإنه يجعل الاعراب على الحرف بمقدار الحرف احتياطا، ويكتب على الكلمة المشكوك فيها عدة مرار صح صح صح، وكان من جمّاعي الكتب وأرباب الهوى فيها. وذكره أبو الحسن محمد بن جعفر التميمي المعروف بابن النجار في «كتاب الكوفة» من تصنيفه قال: ومن أصحاب ثعلب أبو الحسن أحمد بن محمد الكوفي الأسدي الذي خطه اليوم يؤتدم به، وبيع جزازات كتبه ورقاع سؤالاته العلماء كل رقعة بدرهم، وأنفق على العلم ثلاثين ألف درهم على ثعلب وحده. هكذا قال «أحمد بن محمد» وأظنه سهوا منه فان ابن الكوفي المشهور بجودة الضبط اسمه بخطه على عدة من كتبه، وهو: علي بن محمد بن عبيد الكوفي الأسدي كما قدمنا، فإن صحت رواية ابن النجار فهو غير الذي نعرفه نحن، فإني لم أر لهذا المسمى ذكرا مع كثرة بحثي وتنقيري. ووجدت جزازة من إملاء أبي الهيذام كلاب بن حمزة العقيلي اللغوي- وله في هذا الكتاب ترجمة «1» - ما صورته: ولأبي الهيذام إلى أبي الحسن ابن الكوفي النحوي البغدادي رحمه الله: أبا حسن أراك تمدّ حبلي ... لتقطعه وأرسله بجهدي وأتبعه إذا قصر احتياطا ... وأنت تشدّ جذبك أيّ شد أخيّ فكم يكون بقاء حبل ... يتلتل بين إرسال ومدّ تعالى الله ما أجفى زمانا ... بقيت له وأنكد فيه جدي أظنّ الدهر يقصدني لأمر ... يحاوله ويطلبني بحقد إذا ذهبت بشكلي عن ودادي ... مذاهبه فكيف ألوم ضدي سأصبر طائعا وأغضّ طرفي ... وأحفظ عهد مطّرح لعهدي وأقصد أن أحصّل لي صديقا ... أعزّ به على خطأي وعمدي فإن أظفر بذاك فأيّ كنز ... ونيل غنيمة وثقوب زند الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1867 وإلا كان حسن الصبر أحرى ... بحسن مثوبة وبناء مجد ألا لله ما أصبحت فيه ... من الخلطاء من تعب وكدّ لقاء بالجميل وحسن بشر ... وإنصاف يشاب بخلف وعد وعلم لا يقاس إليه علم ... بكلّ طريقة وبكلّ حدّ وإغفال لما أولي وأحجى ... تفقده بذي أدب وحشد فيا لله يا للناس يا ... للعجائب بين تقربة وبعد من الأخلاق إذ مزجت فصارت ... علاقمها مجدّحة بشهد أراني بين منزلتين ما لي ... سوى إحداهما ثقة لقصد فإن أرد الأنيس أعش ذليلا ... وان أرد التعزز أبق وحدي. [808] علي بن محمد بن الشاه الطاهري من ولد الشاه بن ميكال: وكان أديبا طيبا مفاكها في نهاية الظرف والنظافة يسلك مسلك أبي العنبس الصيمري في تصانيفه، مات [ ... ] ، وله من التصانيف: كتاب دعوة التجار. كتاب فخر المشط على المرآة. كتاب حرب الجبن على الزيتون «1» . كتاب الرؤيا. كتاب اللحم والسمك «2» . كتاب عجائب البحر «3» . كتاب البغاء. كتاب قصيدة وخيار يا مكانس. ولما لم أجد له ما يكتب وجدت في «كتاب الرياض» للمرزباني أنشدني أحمد بن إبراهيم «4» بن الشاه الطاهري: فؤادي عليل وجسمي نحيل ... وليلي طويل ونومي قليل   [808]- ترجمته في الفهرست: 170 والوافي 22: 160. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1868 بقلبي غليل ودائي دخيل ... وسقمي دليل على ما أقول وطرفي كليل فما لي مقيل ... وأمري جليل فصبر جميل. [809] علي بن محمد بن عبدوس الكوفي: نحوي ذكره محمد بن إسحاق، وله من الكتب كتاب ميزان الشعر بالعروض. كتاب البرهان في علل النحو. كتاب معاني الشعر. [810] علي بن محمد أبو القاسم الاسكافي من أهل نيسابور: ذكره الثعالبي فقال: هو لسان خراسان وعينها وواحدها في الكتابة والبلاغة وممن لم تخرج مثله في الصناعة والبراعة، وكان تأدب بنيسابور عند مؤدب بها يعرف بالحسن بن مهرجان من أعرف المؤدبين بأسرار التأديب والتدريس وأعلمهم بطريق التدريج إلى التخريج «1» ، ثم حرّر مديدة في بعض الدواوين فخرج منقطع القرين واسطة عقد الفضل ونادرة الزمان وبكر الفلك، كما قال فيه الهريميّ: سبق الناس بيانا فغدا ... وهو بالاجماع بكر الفلك أصبح الملك به متسقا ... لسليل الملك عبد الملك «2» ووقع في ريعان أمره وعنفوان عمره إلى أبي علي الصاغاني واستأثر به وأستخلصه لنفسه وقلّده ديوان رسائله، فحسن خبره وسافر أثره، وكانت كتبه ترد على الحضرة في   [809]- ترجمته في الفهرست: 94 وإنباه الرواة 2: 310 والوافي 22: 72 وبغية الوعاة 2: 194. [810]- ترجمة الاسكافي في اليتيمة 4: 95 والبصائر والذخائر 3: 243 والوافي 22: 161. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1869 نهاية الحسن والنضرة فتقع المنافسة فيه، ويكاتب أبو علي في إيثار الحضرة به، فيتعلل ويتسلل لواذا ولا يفرج عنه إلى أن كان من كشف أبي علي قناع العصيان، وانهزامه في وقعة خرجيك «1» إلى الصغانيان ما كان، وحصل أبو القاسم في جملة الأسرى من أصحاب أبي علي، فحبس في القهندز «2» وقيّد، مع حسن الرأي فيه وشدة الميل إليه. ثم إن الأمير الحميد نوح بن نصر أراد أن يستكشفه عن سره، ويقف على خبيئة صدره، فأمر أن تكتب إليه رقعة على لسان بعض المشايخ ويقال له فيها إن أبا العباس الصاغاني قد كتب إلى الحضرة يستوهبك من السلطان ويستدعيك إلى الشاش لتتولى له كتابة الكتب السلطانية فما رأيك في ذلك؟ فوقع في الرقعة: رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ (يوسف: 33) فلما عرض توقيعه على الحميد حسن موقعه منه وأعجب به وأمر باطلاقه والخلع عليه وإقعاده في ديوان الرسائل خليفة لأبي عبد الله الحسين بن العميد الملقب بكله، وهو والد أبي الفضل ابن العميد، وكان الاسم للعميد والعمل لأبي القاسم، وعند ذلك قال بعض مجان الحضرة «3» : تبظرم الشيخ كلّه ... ولست أرضى ذاك له كأنه لم ير من ... أقعد عنه بدله والله إن دام على ... هذا الجنون والبله فانه أول من ... تنتف منه السّبله وكان أبو القاسم يهجوه فقال فيه، وكان يحضر الديوان في محفة لسوء أثر النقرس على قدمه «4» : يا ذا الذي ركب المحف ... ة جامعا فيها جهازه أترى الزمان يعيشني ... حتى يرينيها جنازه الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1870 فلم تطل الأيام حتى أدركت العميد منيته، وبلغ أبو القاسم أمنيته، وتولى العمل برأسه وعلا أمره وبعد صيته. وجمعت رسائله أقسام الحسن والجودة وازداد على الأيام تبحرا في الصناعة. ويحكى أن «1» الحميد أمره ذات يوم بكتبة كتاب إلى بعض الأطراف، وركب متصيدا، واشتغل أبو القاسم عن ذلك لمجلس أنس عقده بين إخوان جمعهم عنده، فحين رجع الحميد من متصيده استدعى أبا القاسم وأمره باستصحاب الكتاب الذي رسم له كتبته لعرضه عليه، ولم يكن كتبه، فأجاب داعيه وقد نال منه الشراب ومعه طومار بياض أوهم أنه مكتوب فيه الكتاب المرسوم له، وقعد بالبعد عنه فقرأ عليه كتابا طويلا سديدا بليغا أنشأه في وقته وقرأه عن ظهر قلبه، وارتضاه الحميد وهو يحسب أنه قرأه من سواد مكتوبه وأمره بختمه، فرجع إلى منزله وحرر ما قرأه وأصدره على الرسم في أمثاله. ومن عجيب «2» أمره أنه كان أكتب الناس في السلطانيات، فإذا تعاطى الاخوانيات كان قصير الباع، وكان يقال إذا استعمل أبو القاسم نون الكبرياء تكلم من السماء، وكان في علو الرتبة في النثر وانحطاطه في النظم كالجاحظ. ورسائله كثيرة مدونة سائرة في الآفاق. قال «3» : ولما انتقل إلى جوار ربه أكمل ما كان شبابا وآدابا وغدت الكتابة لفراقه شعثاء، والبلاغة غبراء، أكبر فضلاء الحضرة رزيّته، وأكثروا مرثيته، فمن ذلك قول الهريمي الابيوردي من قصيدة: ألم تر ديوان الرسائل عطّلت ... لفقدانه أقلامه ودفاتره كثغر مضى حاميه ليس لسدّه ... سواه وكالكسر الذي عزّ جابره ليبك عليه خطّه وبيانه ... فذا مات واشيه وذا مات ساحره الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1871 [811] علي بن محمد بن أبي الفهم بن داود بن ابراهيم التنوخي أبو القاسم القاضي، قد تقدم نسبه في ترجمة حفيده علي بن المحسن، قال السمعاني: ولد أبو القاسم هذا بأنطاكية في ذي الحجة سنة ثمان وسبعين ومائتين وقدم بغداد في حداثته في سنة ست وثلاثمائة وتفقه بها على مذهب أبي حنيفة، وسمع الحديث ورواه، وولي القضاء بالأهواز وكورها، وتقلد قضاء ايذج وجند حمص من قبل المطيع لله، ومات بالبصرة في شهر ربيع الأول سنة اثنتين وأربعين وثلاثمائة ودفن بالمربد. أعرف من التنوخيين هؤلاء ثلاثة ينبغي أن يذكروا في هذا الكتاب وهم: أبو القاسم هذا وابنه أبو علي المحسن صاحب «كتاب نشوار المحاضرة» و «كتاب الفرج بعد الشدة» وحفيده أبو القاسم علي الأخير شيخ الخطيب وتلك الطبقة، وقد ذكرت كلّ واحد منهم. وله تصانيف في الأدب منها: كتاب في العروض، قال الخالع: ما عمل في العروض أجود منه. وكتاب في علم القوافي، وكان بصيرا بعلم النجوم قرأه على البتّاني المنجم صاحب الزيج، ويقال إنه كان يقوم بعشرة علوم، وتقلّد القضاء بالأهواز وكورة واسط وأعمالها والكوفة وسقي الفرات وجند حمص وعدة نواح من الثغور الشامية وأرجان وكورة سابور مجتمعا ومفترقا، وأول ولايته القضاء رئاسة في أيام المقتدر بالله بعهد كتبه له أبو علي ابن مقلة الوزير وشهد الشهود عنده فيما حكم بين أهل عمله بالحضرة في سنة أربعين وثلاثمائة وشهدوا على إنفاذه، وكان المطيع لله قد عوّل على صرف أبي السائب عن قضاء القضاة وتقليده إياه، فأفسد ذلك بعض أعدائه، وكان ابن مقلة قلده المظالم بالأهواز والإشراف على العيار بها، وكان   [811]- ترجمة علي بن محمد التنوخي أبي القاسم في: اليتيمة 2: 309 وتاريخ بغداد 12: 77 والأنساب واللباب (التنوخي) والمنتظم 6: 372 وابن خلكان 3: 366 وسير الذهبي 15: 499 وعبر الذهبي 2: 260 وميزان الاعتدال 3: 153 ومرآة الجنان 2: 334 والبداية والنهاية 11: 227 والجواهر المضية 1: 278 ولسان الميزان 4: 256 والنجوم الزاهرة 3: 310 والشذرات 2: 362 ويروي عنه ابنه في نشوار المحاضرة كثيرا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1872 أبو عبد الله البريدي قد استخلفه بواسط على بعض أمور النظر. ولم يزل نبيها متقدما يمدحه الشعراء ويجيزهم ويفضل على من قصده إفضالا أثر في حاله، وتوفي بالبصرة في سنة اثنتين وأربعين، وصلّى عليه الوزير أبو محمد المهلبي، وقضى ما كان عليه من الدين وهو خمسون ألف درهم. قال أبو علي التنوخي «1» : كان أبي يحفظ للطائيين سبعمائة قصيدة ومقطوعة سوى ما يحفظه لغيرهم من المحدثين والمخضرمين «2» والجاهليين ولقد رأيت له دفترا بخطه هو عندي يحتوي على رؤوس ما يحفظه من القصائد مائتين «3» وثلاثين ورقة أثمان منصوري لطاف، وكان يحفظ من النحو واللغة شيئا عظيما مع ذلك، وكان الفقه والفرائض والشروط والمحاضر والسجلات رأس ماله، وكان يحفظ منه ما قد اشتهر به من الكلام والمنطق والهندسة، وكان في النجوم وحفظ الأحكام وعلى الهيئة قدوة وفي حفظ علم العروض، وله فيه وفي الفقه وغيرهما عدة كتب مصنفة، وكان مع ذلك يحفظ ويجيب في فوق «4» عشرين ألف حديث، وما رأيت أحدا أحفظ منه، ولولا أن حفظه افترق في جميع هذه العلوم لكان أمرا هائلا. قال أبو منصور الثعالبي «5» : هو من أعيان أهل العلم والأدب، وأفراد الكرم وحسن الشيم، وكان كما قرأته في فصل للصاحب: إن أردت فإني سبحة ناسك، أو أحببت فإني تفاحة فاتك، او اقترحت فإني مدرعة راهب، أو آثرت فإني تحية شارب. وكان يتقلد قضاء البصرة والأهواز بضع سنين، وحين صرف عنه ورد حضرة سيف الدولة زائرا ومادحا فأكرم مثواه وأحسن قراه، وكتب في معناه إلى الحضرة ببغداد حتى أعيد إلى عمله وزيد في رزقه ورتبته، وكان المهلبي الوزير وغيره من رؤساء الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1873 العراق يميلون إليه جدا ويتعصبون له، ويعدونه ريحانة الندماء ونارنج «1» الظرفاء ويعاشرون منه من تطيب عشرته وتكرم أخلاقه وتحسن أخباره وتسير أشعاره، ناظما حاشيتي البرّ والبحر وناحيتي الشرق والغرب. وبلغني أنه كان له غلام يسمى نسيما في نهاية الملاحة واللباقة، وكان يؤثره على سائر غلمانه ويختصه بتقريبه واستخدامه، فكتب إليه بعض من يأنس به: هل عليّ لامه مدغمة ... لاضطرار الشعر في ميم نسيم فوقع تحته: نعم ولم لا. قال «2» : ويحكى أنه كان من جملة القضاة الذين ينادمون الوزير المهلبي ويجتمعون عنده في الأسبوع ليلتين على اطراح الحشمة والتبسط في القصف والخلاعة، وهم ابن قريعة وابن معروف والقاضي الايذجي «3» وغيرهم، وما منهم إلا أبيض اللحية طويلها، وكذلك كان المهلبي، فإذا تكامل الأنس وطاب المجلس ولذّ السماع وأخذ الطرب منهم مأخذه وهبوا ثوب الوقار للعقار، وتقلبوا في أعطاف العيش بين الخفة والطيش، ووضع في يد كلّ منهم طاس ذهب من ألف مثقال مملوءا شرابا قطر بليا وعكبريا فيغمس لحيته فيه بل ينقعها حتى تتشرب أكثره ثم يرشّ بها بعضهم على بعض، ويرقصون بأجمعهم وعليهم المصبغات ومخانق البرم، ويقولون كلما نكبر شر هرهر «4» ، وإياهم عنى السريّ بقوله: مجالس ترقص القضاة بها ... إذا انتشوا في مخانق البرم وصاحب يخلط المجون لنا ... بشيمة حلوة من الشيم تخضب بالراح شيبه عبثا ... أنامل مثل حمرة العنم حتى تخال العيون شيبته ... شيبة عثمان ضرّجت بدم فإذا أصبحوا عادوا إلى عاداتهم في التزمت والتوقر والتحفظ بأبهة القضاء وحشمة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1874 المشايخ الكبراء. ومن شعر التنوخي هذا «1» : وجاء لا جاء الدجى كأنه ... من طلعة الواشي ووجه المرتقب وفعل الظلام بالضياء ما ... يفعله الحرف بأبناء الأدب وله «2» : وليلة مشتاق كأنّ نجومها ... قد اغتصبت عيني الكرى فهي نوّم كأن عيون الساهرين لطولها ... إذا شخصت للأنجم الزهر أنجم كأن سواد الليل والفجر ضاحك ... يلوح ويخفى أسود يتبسم وله «3» : عهدي بها وضياء الصبح يطفئها ... كالسّرج تطفأ أو كالأعين العور أعجب به حين وافى وهي نيّرة ... وظلّ يطمس منها النور بالنور وله «4» : لم أنس دجلة والدجى متصوّب ... والبدر في أفق السماء مغرّب فكأنها فيه بساط أزرق ... وكأنه فيها طراز مذهب وله «5» : كتبت وليلي بالسّهاد نهار ... وصدري لورّاد الهموم صدار ولي أدمع غزر تفيض كأنها ... سحائب فاضت من يديك غزار ولم أر مثل الدمع ماء إذا جرى ... تلهّب منه في المدامع نار رحلت وزادي لوعة ومطيتي ... جوانح من حرّ الفراق حرار الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1875 مسير دعاه الناس سيرا توسعا ... ومعنى اسمه إن حققوه إسار إذا رمت أن أنسى الأسى ذكّرت به ... ديار لها بين الضلوع ديار لك الخير عن غير اختياري ترحّلي ... وهل بي على صرف الزمان خيار وهذا كتابي والجفون كأنما ... تحكّم في أشفارهنّ شفار وله: فحم كيوم الفراق يشعله ... نار كنار الفراق في الكبد أسود قد صار تحت حمرتها ... مثل العيون اكتحلن بالرمد وله في محبوب جسيم «1» : من أين أستر وجدي وهو منهتك ... ما للمتيم في فتك الهوى درك قالوا عشقت عظيم الجسم قلت لهم ... الشمس أعظم جسم حازه الفلك وله «2» : رضاك شباب لا يليه مشيب ... وسخطك داء ليس منه طبيب كأنك من كلّ القلوب مركّب ... فأنت إلى كلّ القلوب حبيب قال ومما أنشدته له ولم أجده في ديوانه «3» : قلت لأصحابي وقد مرّ بي ... منتقبا بعد الضيا بالظّلم بالله يا أهل ودادي قفوا ... كي تبصروا كيف زوال النعم وحدّث السلاميّ قال، حدثني اللحام قال: خرج أبو أحمد ابن ورقاء الشيباني في بعض الأسفار فكتب إليه أبو القاسم التنوخي الانطاكي يتشوق إليه ويجزع على فراقه «4» : تسير وقلبي في ذراك أسير ... وحادي ركابي لوعة وزفير ولي أدمع غزر تفيض كأنها ... جدى فاض في العافين منك غزير الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1876 وطرف طريف بالسهاد كأنه ... نداك وجيش الجود فيه يغير أبا أحمد إنّ المكارم منهل ... لكم أول من ورده وأخير سماح كمزن الجود فيه تسجّم ... وغاب لأسد الموت فيه زئير شباب بني شيبان شيب إذا انتدوا ... وقلّهم يوم اللقاء كثير وجوه كأكباد المحبين رقة ... على أنها يوم اللقاء صخور وحدّث أبو سعد السمعاني ومن خطه نقلت باسناد رفعه إلى منصور الخالدي قال: كنت ليلة عند القاضي التنوخي في ضيافته فأغفى اغفاءة فخرجت منه ريح، فضحك بعض القوم، فانتبه لضحكه وقال: لعل ريحا، فسكتنا فمكث هنيهة ثم أنشأ يقول: إذا نامت العينان من متيقظ ... تراخت بلا شك تشاريج «1» فقحته فمن كان ذا عقل فيعذر نائما ... ومن كان ذا جهل ففي جوف لحيته ومن خطّ السمعاني باسناده له وهي من مشهور شعره: لم أنس شمس الضحى تطالعني ... ونحن من رقبة على فرق وجفن عيني بدمعه شرق ... لمّا بدت في معصفر شرق كأنه أدمعي ووجنتها ... لما رمتنا الوشاة بالحدق ثم تغطّت بكمّها خجلا ... كالشمس غابت في حمرة الشفق وله: تخير إذا ما كنت في الأمر مرسلا ... فمبلغ آراء الرجال رسولها وردّ وفكّر في الكتاب فإنما ... بأطراف أقلام الرجال عقولها وحدّث أبو علي المحسن بن علي بن محمد التنوخي «2» : جرى في مجلس أبي رحمه الله يوما ذكر رجل كان صغيرا فارتفع، فقال بعض الحاضرين: من ذاك الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1877 الوضيع؟ أمس كنا نراه بمرقّعة يشحذ، فقال أبي: وما يضعه من أن الزمان عضه ثم ساعده؟! كل كبير إنما كان صغيرا أولا، والفقر ليس بعار إذا كان الإنسان فاضلا في نفسه، وأهل العلم خاصة لا يعيبهم ذلك، وأنا أعتقد أن من كان صغيرا فارتفع أو فقيرا فاستغنى أفضل ممن ولد في الغنى أو في الجلالة، لأن من ولد في ذلك إنما يحمل «1» على غيره فلا حمد له هو خاصة فيه، ومن لم يكن له فكان فكأنما بكدّه «2» وصل إلى ذلك، فهو أفضل ممن وصل إليه ميراثا أو بجد غيره وكدّ سواه. حدّث أبو علي المحسن بن أبي القاسم علي بن محمد بن داود التنوخي، حدثني أبي قال «3» : سمعت أبي رحمه الله يوما ينشد، وسني إذ ذاك خمس عشرة سنة، بعض قصيدة دعبل بن علي الطويلة التي يفتخر فيها باليمن ويعدد مناقبهم ويرد على الكميت فيها فخره بنزار، وأولها: أفيقي من ملامك يا ظعينا ... كفاك اللوم مرّ الأربعينا وهي نحو ستمائة بيت، فاشتهيت حفظها لما فيها من مفاخر اليمن لأنهم أهلي، فقلت: يا سيدي تخرجها إليّ حتى أحفظها، فدافعني فألححت عليه فقال: كأني بك تأخذها فتحفظ منها خمسين بيتا أو مائة بيت ثم ترمي بالكتاب وتخلقه عليّ، فقلت: ادفعها إليّ، فأخرجها وسلّمها إليّ، وقد كان كلامه أثر فيّ، فدخلت حجرة لي كانت برسمي من دار أبي «4» فخلوت فيها ولم أتشاغل يومي وليلتي بشيء غير حفظها، فلما كان السّحر كنت قد فرغت منها من جميعها وأتقنتها، فخرجت إليه غدوة على رسمي فجلست بين يديه فقال: هي، كم حفظت من القصيدة؟ فقلت قد حفظتها بأسرها، فغضب وقدّر أني قد كذبته وقال: هاتها فأخرجت الدفتر من كمي فأخذه وفتحه ونظر فيه وأنا أنشد إلى أن مضيت في أكثر من مائة بيت، فصفح منها عدة أوراق وقال: أنشد من هاهنا، فأنشدت مقدار مائة بيت آخر، فصفح إلى أن قارب آخرها الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1878 بمائة بيت وقال: أنشدني من هاهنا، فأنشدته من مائة بيت فيها إلى آخرها، فهاله ما رأى من حسن حفظي، فضمني إليه وقبّل رأسي وعيني وقال: بالله يا ابني لا تخبر بهذا أحدا فإني أخاف عليك من العين. قال أبو علي قال لي أبي «1» : حفظني أبي وحفظت بعده من شعر أبي تمام والبحتري سوى ما كنت أحفظ لغيرهما من المحدثين من الشعراء مائتي قصيدة، قال: وكان أبي وشيوخنا بالشام يقولون من حفظ للطائيين أربعين قصيدة ولم يقل الشعر فهو حمار في مسلاخ إنسان، فقلت الشعر، وبدأت بمقصورتي التي أولها: لولا التناهي لم أطع نهي النهى ... أيّ مدى يطلب من جاز المدى قال أبو علي المحسن: وحدت في كتب أبي كتابا من أبي محمد المهلبي إليه قبل تقلده الوزارة بسنين أوله: كتابي أطال الله بقاء سيدنا القاضي عن سلامة لا زالت له إلفا وعليه وقفا: وحمد لمولى أستمدّ بحمده ... له الرتبة العلياء والعزّ دائما وأن يسخط الأيام بالجمع بيننا ... وترضى المنى حتى يرينيك سالما وصل كتابه أدام الله عزّه فقمت معظما له وقعدت مشتملا على السرور به: وفضضته فوجدته ... ليلا على صفحات نور مثل السوالف والخدو ... د البيض زينت بالشعور بنظام لفظ كالثغو ... ر وكاللآلىء في النحور أنزلته في القلب من ... زلة القلوب من الصدور قال أبو علي في «النشوار» «2» حدثني أبو العلاء صاعد بن ثابت قال: كتب إليّ القاضي التنوخي جواب كتاب كتبته إليه: وصل كتابك: فما شككت وقد جاء البشير به ... أنّ الشباب أتاني بعد ما ذهبا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1879 وقلت نفسي تفدي نفس مرسله ... من كلّ سوء ومن أملى ومن كتبا وكاد قلبي وقد قلّبته قرما ... إلى قراءته أن يخرق الحجبا قال: والشعر له وأنشدنيه بعد ذلك لنفسه. قال أبو علي: ولست أعرف له ذلك ولا وجدته في كتبه منسوبا إليه، ويجوز أن يكون مما قاله ولم يثبته أو ضاع فيما ضاع من شعره فإنه أكثر مما حفظ. ومن شعر أبي القاسم علي بن محمد التنوخي الأكبر: يجود فيستحيي الحيا عند جوده ... ويخرس صرف الدهر حين يقول عطايا تباري الريح وهي عواصف ... ويخجل منها المزن وهو هطول أقام له سوقا بضائعها الندى ... سماح لأرسل السماح رسيل له نسب لو كان للشمس ضوؤه ... لما غالها بعد الطلوع أفول وله: يا واحد الناس لا مستثنيا أحدا ... إذ كان دون الورى بالمجد منفردا أما ترى الروض قد لاقاك مبتسما ... ومدّ نحو الندامى للسلام يدا فأخضر ناضر في أبيض يقق ... وأصفر فاقع في أحمر نضدا مثل الرقيب بدا للعاشقين ضحى ... فاحمرّ ذا خجلا واصفرّ ذا كمدا وله: الق العدوّ بوجه لا قطوب به ... يكاد يقطر من ماء البشاشات فأحزم الناس من يلقى أعاديه ... في جسم حقد وثوب من مودات الصبر خير وخير القول أصدقه ... وكثرة المزح مفتاح العداوات وله في الناعورة: باتت تئنّ وما بها وجدي ... وأحنّ من وجد إلى نجد فدموعها تحيا الرياض بها ... ودموع عيني أقرحت خدي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1880 وله: فديت عينيك وإن كانتا ... لم تبقيا من جسدي شيا إلا خيالا لو تأملته ... في الشمس لم تبصر له فيا وكان عبد الله بن المعتز قد قال قصيدة يفتخر فيها ببني العباس على بني أبي طالب أولها: أبى الله إلا ما ترون فما لكم ... غضابى علم الأقدار يا آل طالب فأجابه أبو القاسم التنوخي بقصيدة نحلها بعض العلويين وهي مثبتة في ديوانه أولها: من ابن رسول الله وابن وصيّه ... إلى مدغل في عقدة الدين ناصب نشا بين طنبور وزقّ ومزهر ... وفي حجر شاد أو على صدر ضارب ومن ظهر سكران إلى بطن قينة ... على شبه في ملكها وشوائب يقول فيها: وقلت بنو حرب كسوكم عمائما ... من الضرب في الهامات حمر الذوائب صدقت منايانا السيوف وإنما ... تموتون فوق الفرش موت الكواعب ونحن الألى لا يسرح الذمّ بيننا ... ولا تدّري أعراضنا بالمعايب إذا ما انتدوا كانوا شموس نديّهم ... وإن ركبوا كانوا بدور الركائب وإن عبسوا يوم الوغى ضحك الردى ... وإن ضحكوا بكّوا عيون النوائب وما للغواني والوغى فتعوذوا ... بقرع المثاني من قراع الكتائب ويوم حنين قلت حزنا فخاره ... ولو كان يدري عدّها في المثالب أبوه مناد والوصيّ مضارب ... فقل في مناد صيّت ومضارب وجئتم مع الأولاد تبغون إرثه ... فأبعد بمحجوب بحاجب حاجب وقلتم نهضنا ثائرين شعارنا ... بثارات زيد الخير عند التحارب فهلّا بابراهيم كان شعاركم ... فترجع دعواكم تحلّة خائب الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1881 وله في سيف الدولة «1» رحمه الله تعالى: لله أيام مضين قطعتها ... وطوالها بالغانيات قصار حين الصبا لدن المهزّ قضيبه ... غضّ وأنواء السرور غزار أجلو النهار على النهار وأنثني ... والشمس لي دون الشعار شعار حتى إذا ما الليل أقبل ضمّنا ... دون الإزار من العناق إزار فعلى النحور من النحور قلائد ... وعلى الخدود من الخدود خمار وبدت نجوم الليل من خلل الدجى ... تذكو كما يتفتّح النوار أقبلن والمريخ في أوساطها ... مثل الدراهم وسطها دينار والجوّ تجلوه النجوم على الدجى ... في قمص وشي ما لها أزرار وكأنما الجوزا وشاح خريدة ... والنجم تاج والوشاح خمار منها في المدح: ملك تناجيه القلوب بما جنت ... وتخافه الأوهام والأفكار فيد مؤيدة وقلب قلّب ... وشبا يشبّ وخاطر خطّار حين العيون شواخص وكأنها ... للخوف لم تخلق لها أبصار كلّ الورى أرض وأنت سماؤها ... وجميعهم ليل وأنت نهار وله: ما منهم إلا امرؤ غمر الندى ... سمح اليدين مؤمّل مرهوب يغريه بالخلق الرفيع وبالندى ... والمكرمات العذل والتأنيب فله رقيب من نداه على الورى ... وعليه من كرم الطباع رقيب وله: وقفنا نجيل الرأي في ساكني الغضا ... وجمر الغضا بين الضلوع يجول نشيم بأرض الشام برقا كأنه ... عقود نضار ما لهنّ فصول الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1882 وله: أما في جنايات النواظر ناظر ... ولا منصف إن جار منهنّ جائر بنفسي من لم يبد قطّ لعاذل ... فيرجع إلا وهو لي فيه عاذر ولا لحظت عيناه ناه عن الهوى ... فأصبح إلا وهو بالحبّ آمر يؤثّر فيه ناظر الفكر بالمنى ... وتجرحه باللمس منها الضمائر حدث أبو علي المحسن بن علي بن محمد التنوخي في «نشواره» «1» قصة لأبي معشر قد ذكرتها في «مجموع الاختطاف» عجيبة، ثم قال: وهذا بعيد جدا دقيق، ولكن فيما شاهدناه من صحة بعض أحكام النجوم كفاية، هذا أبي حوّل مولد نفسه في السنة التي مات فيها وقال لنا: هذه سنة قطع على مذهب المنجمين، وكتب بذلك إلى بغداد إلى أبي الحسن ابن البهلول القاضي صهره ينعى نفسه ويوصيه، فلما اعتلّ أدنى علة وقبل أن تستحكم علته أخرج التحويل ونظر فيه طويلا وأنا حاضر فبكى، ثم أطبقه واستدعى كاتبه وأملى عليه وصيته التي مات عنها وأشهد فيها من يومه، فجاء أبو القاسم غلام زحل المنجم «2» فأخذ يطيّب نفسه ويورد عليه شكوكا، فقال له يا أبا القاسم: لست ممن يخفى عليه فأنسبك إلى غلط، ولا أنا ممن يجوز عليه هذا فتستغفلني، وجلس فوافقه على الموضع الذي خافه وأنا حاضر، فقال له: دعني من هذا، بيننا شكّ في أنه إذا كان يوم الثلاثاء العصر لسبع بقين من الشهر فهو ساعة قطع عندهم، فأمسك أبو القاسم غلام زحل لأنه كان خادما لأبي وبكى طويلا وقال: يا غلام طستا، فجاؤوه به فغسل التحويل وقطعه، وودع أبا القاسم توديع مفارق، فلما كان في ذلك اليوم العصر [بعينه] مات كما قال. قال المحسن وحدثني أبي قال «3» : لما كنت أتقلّد القضاء بالكرخ «4» كان بوّابي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1883 بها رجل من أهل الكرخ وله ابن عمره حينئذ عشر سنين أو نحوها، وكان يدخل داري بلا إذن ويمزح مع غلماني وأهب له في الأوقات الدراهم والثياب كما يفعل الناس بأولاد غلمانهم، ثم خرجت عن الكرخ ورحلت عنها ولم أعرف للبوّاب ولا لابنه خبرا، ومضت السنون، وأنفذني أبو عبد الله البريدي من واسط برسالة إلى ابن رائق فلقيته بدير العاقول، ثم انحدرت أريد واسطا فقيل لي إن في الطريق لصا يعرف بالكرخي مستفحل الأمر، وكنت خرجت بطالع اخترته على موجب تحويل مولدي لتلك السنة، فلما عدت من دير العاقول خرج علينا اللصوص في سفن عدّة بسلاح شاك في نحو مائة رجل، وهم كالعسكر العظيم، وكان معي غلمان يرمون بالنشاب، فحلفت أنّ من رمى منهم سهما ضربته إذا رجعت إلى المدينة مائتي مقرعة «1» ، وذلك أنني خفت أن يقتل أحد منهم فلا يرضون إلا بقتلي، وبادرت فرميت بجميع ما كان معي ومع الغلمان من السلاح في دجلة واستسلمت طلبا لسلامة النفس، وجلست أفكر في الطالع الذي خرّجت «2» ، فإذا ليس مثله مما يوجب عندهم قطعا، والناس قد أدبروا إلى الشطّ وأنا في جملتهم، وجعلوا يفرغون السفن وينقلون جميع ما فيها من الأمتعة إلى الشاطىء وهم يضربون ويقطعون بالسيوف، فلما انتهى الأمر إليّ جعلت أعجب من حصولي في مثل ذلك وأرى الطالع لا يوجبه، فبينا أنا كذلك وإذا بسفينة رئيسهم قد دنت مني وطرح عليّ كما صنع في سائر السفن ليشرف على ما يؤخذ، فحين رآني زجر أصحابه عنّي ومنعهم من أخذ شيء من سفينتي، وصعد بمفرده إليّ وجعل يتأملني، ثم أكبّ على يديّ يقبّلهما وهو متلثم، فارتعت وقلت: يا هذا ما شأنك؟ فأسفر لثامه وقال: أما تعرفني يا سيدي؟ فتأملته فلجزعي لم أعرفه فقلت: لا والله، فقال: بلى أنا عبدك ابن فلان الكرخي بوّابك هناك، وأنا الصبيّ الذي تربيت في دارك، قال: فتأملته فعرفته إلا أن اللحية قد غيرته في عيني، فسكن روعي قليلا وقلت: يا هذا كيف بلغت إلى هذه الحال؟ فقال: يا سيدي نشأت فلم أتعلم غير معالجة السلاح، وجئت إلى بغداد أطلب الديوان فما قبلني أحد، وانضاف إليّ هؤلاء الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1884 الرجال فطلبت قطع الطريق، ولو كان أنصفني السلطان وأنزلني بحيث أستحقّ من الشجاعة وانتفع بخدمتي ما فعلت بنفسي هذا، قال: فأقبلت أعظه وأخوّفه الله ثم خشيت أن يشقّ ذلك عليه فيفسد رعايته لي فأقصرت، فقال لي: يا سيدي لا يكون بعض هؤلاء أخذ منك شيئا، فقلت: لا ما ذهب مني إلا سلاح رميته أنا إلى الماء، وشرحت له الصورة، فضحك وقال: قد والله أصاب القاضي فمن في الكار «1» ممن تعتني به؟ فقلت: كلهم عندي بمنزلة واحدة في الغمّ بهم فلو أفرجت عن الجميع فقال: والله لولا أن أصحابي قد تفرقوا بما أخذوه لفعلت ذلك، ولكنهم لا يطيعونني إلى رده، ولكن أمنعهم عن أخذ شيء آخر مما في السفن مما لم يؤخذ بعد، فجزّيته الخير، فصعد إلى الشاطىء وأصعد جميع أصحابه ومنعهم عن أخذ شيء آخر مما في السفن مما لم يؤخذ وردّ على قوم أشياء كثيرة كانت أخذت منهم وأطلق الناس، وسار معي إلي حيث أمن عليّ وودعني وانصرف راجعا. حدث أبو القاسم قال، حدثني أبي قال: كان أول شيء قلدته القضاء بعسكر مكرم وتستر وجنديسابور وأعمال ذلك من قبل القاضي أبي جعفر أحمد بن إسحاق بن البهلول التنوخي، وكنت في السنة الثانية والثلاثين من عمري وذلك في شهور سنة عشر وثلاثمائة. ومن مشهور شعره ما نقلته من ديوان شعره: وراح من الشمس مخلوقة ... بدت لك في قدح من نهار هواء ولكنه ساكن «2» ... وماء ولكنه غير جاري إذا ما تأملته وهو فيه ... تأملت ماء محيطا بنار فهذي النهاية في الإبيضاض ... وهذي النهاية في الإحمرار وما كان في الحكم أن يوجدا ... لفرط التنافي وفرط النفار ولكن تجاور سطحاهما ال ... بسيطان فاتفقا بالجوار كأنّ المدير لها باليمين ... إذا مال للسقي أو باليسار الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1885 تدرّع ثوبا من الياسمين ... له فرد كم من الجلنار قلت: وقد تنوزعت هذه الأبيات ورويت لغيره فقيل إنها لأبي النضر الأنطاكي النحوي وغيره. [812] علي بن محمد بن الحسين بن محمد أبو الفتوح ابن العميد الملقب بذي الكفايتين، كفاية السيف وكفاية القلم، وزير ركن الدولة أبي علي الحسن بن بويه بعد أبيه، وبذل مالا، ثم وزير ابنه مؤيد الدولة بويه بالري وأصفهان وتلك الأعمال، وورد إلى بغداد صحبة عضد الدولة بن ركن الدولة لنصرة عز الدولة بختيار. قتلى على ما يجيء شرحه إن شاء الله تعالى في سنة ست وستين وثلاثمائة ومولده في سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة، كذا ذكر ابن الصابىء. كان أديبا فاضلا بليغا قد اقتدى بأبيه في علو الهمة وبعد الشأو في الكرم والفضل «1» : إن السريّ إذا سرى فبنفسه ... وابن السريّ إذا سرى أسراهما وكان أبوه قد أدّبه فأحسن تأديبه، وهذّبه أبو الحسين ابن فارس اللغوي وأحسن تهذيبه، ولما مات أبوه في الوقت الذي ذكرناه في ترجمته، وهو سنة ستين وثلاثمائة، وقال ابن الصابي في سنة تسع وخمسين وثلاثمائة، قام مقامه في وزارة ركن الدولة وذلك قبل الاستكمال وبعد من الاكتهال، وعمره حينئذ اثنتان وعشرون سنة، فألقى ركن الدولة مقاليده إليه، وعوّل في تدبير السيف والقلم عليه، فلما جرى لعز الدولة   [812] ترجمة أبي الفتح ابن العميد في اليتيمة 3: 185 والامتاع والمؤانسة 1: 66 وتكملة الهمذاني: 229 والوافي ونكت الهميان: 215 وسير الذهبي 16: 138 (في ترجمة والده) وابن خلكان 5: 110 (في ترجمة والده) وابن خلدون 4: 452 (وسائر الكتب التاريخية المعنية بالبويهيين وخاصة تجارب الأمم، وسقط منه خبر مقتله) وفي أخلاق الوزيرين معلومات هامة عنه. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1886 بختيار بن معز الدولة ببغداد ما جرى مع غلامه سبكتكين وأرسل إلى عمه ركن الدولة يستعين به تقدّم إلى أبي الفتح بالمضيّ إلى شيراز والمسير في صحبة ولده عضد الدولة لانجاد عز الدولة، وورد إلى بغداد وجرى ما جرى من موت سبكتكين ومحاربة أصحابه حتى انجلوا عنها، وطمع عضد الدولة فيها ومكاتبة أبيه إياه بمفارقتها وتسليمها إلى عز الدولة، وكتب ركن الدولة إلى أبي الفتح بالقيام بذلك وبالتكفّل به حتى يفارق عضد الدولة بغداد في قصة هي مذكورة في التواريخ، فتشدّد ابن العميد على عضد الدولة في ذلك، وخاطبه فيه مخاطبات حقدها عضد الدولة عليه، فلما رجع عضد الدولة قال يوما لابن العميد: ما حظيت من ورودي إلى بغداد بفائدة، وقد أطلقت بسببها أموالا صامتة لا تحصى، فقال له أبو الفتح: ما سلم من الأعطيات سلطان، ولا خلا من النفقات مكان، ولو استقصيت بمقدار حالي ما فرقته لكنت مبذرا، فقال له عضد الدولة: أما أنت فقد شرف قدرك وعلا ذكرك، كنّاك خليفة الله في أرضه ولقبك، فأنت ذو الكفايتين أبو الفتح، فأعظم بذلك من فخر يبقى بقاء النيرين ويدوم دوام العصرين. وكان عضد الدولة يقول: خرجت من بغداد وأنا زريق الشارب- لأنّ سفلة الناس والعامة كانوا يذكرونه بذلك- وخرج ابن العميد مكّنى من الخليفة ملقّبا بذي الكفايتين. فلما مات «1» ركن الدولة، وقام مقامه بالري وتلك النواحي ابنه مؤيد الدولة بويه كان الصاحب ابن عباد وزيره، فخلع على أبي الفتح واستوزره والصاحب على جملته في الكتابة لمؤيد الدولة، فكره أبو الفتح موضعه، فبعث الجند على الشغب وهموا بقتل الصاحب، فأمره مؤيد الدولة بالعود إلى أصبهان، فأسرّ مؤيد الدولة ذلك في نفسه إلى أشياء كان ينبسط فيها يحمله عليها نزقة الشباب، وانضاف إلى ذلك تغير عضد الدولة عليه وكثرة ميل القواد والعساكر إليه، فخيفت منه غائلة، فكتب عضد الدولة إلى أخيه مؤيد الدولة يأمره بالقبض عليه واستصفاء أمواله وتعذيبه، فقبض عليه وحمله إلى بعض القلاع، وبدرت منه كلمات في حقّ عضد الدولة نمت إليه فزادت في استيحاشه منه، فأنهض من حضرته من تكفّل بتعذيبه واستخراج أمواله والتنكيل به، فأول ما عمل به أن سمل إحدى عينيه ثم نكل به وجزّ لحيته وجدع أنفه وعذب الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1887 بأنواع من العذاب، فقال: بدّل من صورتي المنظر ... لكنه ما بدّل المخبر وليس إشفاقا على هالك «1» ... لكن على من لي يستعبر وواله القلب بما مسني ... مستخبر عني ولا يخبر فقل لمن سرّ بما ساءني ... لا بد أن يسلك ذا المعبر ووجد على حائط مجلسه بعد قتله: ملك شدّ لي عرى الميثاق ... بأمان قد سار في الآفاق لم يحل رأيه ولكنّ دهري ... حال عن رأيه فشدّ وثاقي فقرى الوحش من عظامي ولحمي ... وسقى الأرض من دمي المهراق فعلى من تركته من قريب ... أو حبيب تحية المشتاق وفي بني العميد يقول بعضهم: مررت على ديار بني العميد ... فألفيت السعادة في خمود فقل للشامت الباغي رويدا ... فانك لم تبشّر بالخلود قال: وكان أبو الفتح قد أغري قبل القبض عليه بانشاد هذين البيتين لا يجفّ لسانه عن ترديدهما «2» : ملك الدنيا أناس قبلنا ... رحلوا عنها وخلّوها لنا ونزلناها كما قد نزلوا ... ونخلّيها لقوم غيرنا «3» فلما حصل في الاعتقال وأيقن أن القوم يريدون دمه وأنه لا ينجو منهم وإن بذل ماله مدّ يده إلى جيب جبّة عليها ففتقه عن رقعة فيها ثبت ما لا يحصى من ودائعه وكنوز أبيه وذخائره، فألقاها في كانون نار بين يديه وقال للموكل به: اصنع ما أنت صانع، فو الله لا يصل من أموالي المستورة إلى صاحبك دينار واحد، فما زال يعرضه على الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1888 العذاب إلى أن تلف، ولما أحسّ بالقتل قال: راعوا قليلا فليس الدهر عبدكم ... كما تظنون والأيام تنتقل وهذا شيء من خبره وشعره: قال «1» كان أبو الفضل أبوه قد جعل جماعة من ثقات أبي الفتح في صباه يشرفون عليه في منزله ومكتبه وينهون إليه أنفاسه، فرفع إليه بعضهم أن أبا الفتح اشتغل ليلة بما يشتغل به الأحداث من عقد مجلس مسرة واحضار الندماء في خفية شديدة واحتياط من أبيه، وأنه كتب رقعة إلى من سمّاه يستهديه شرابا، فحمل إليه ما يصلحهم من الشراب والنقل والمشموم، فدسّ أبوه إلى ذلك الانسان من جاء بالرقعة الصادرة عن أبي الفتح فإذا فيها بخطه: بسم الله الرّحمن الرّحيم قد اغتنمت الليلة- أطال الله بقاء سيدي ومولاي- رقدة من عين الدهر، وانتهزت فيها فرصة من فرص العمر، وانتظمت مع أصحابي في سمط الثريا، فإن لم تحفظ علينا النظام باهداء المدام عدنا كبنات نعش والسلام. فاستطير أبوه فرحا وإعجابا بهذه الرقعة البديعة وقال: الآن ظهر لي أثر براعته ووثقت بجريه في طريقي ونيابته منابي، ووقع له بألفي دينار. وحدث أبو الحسين ابن فارس قال «2» : جرى في بعض أيامنا ذكر أبيات استحسن أبو الفضل ابن العميد وزنها واستحلى رويّها، وأنشد جماعة من حضر ما حضرهم على ذلك الروي وهو قول القائل: لئن كففت وإلا ... شققت منك ثيابي فأصغى إليها أبو الفتح ثم أنشدني في الوقت: يا مولعا بعذابي ... أما رحمت شبابي تركت قلبا قريحا ... نهب الأسى والتصابي إن كنت تنكر ما بي ... من ذلّتي واكتئابي فارفع قليلا قليلا ... عن العظام ثيابي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1889 قال: فتأمل هذه الطريقة وانظر إلى هذا الطبع فانه أتى بمثل ما أنشده في رشاقته وخفّته ولم يعد الجنس ولم يقصّر دونه، وبذلك يعرف قدر القادر على الخطابة والبلاغة. ومن مستحسن شعره «1» : عودي وماء شبيبتي في عودي ... لا تعمدي لمقاتل المعمود وصليه ما دامت أصائل عيشه ... تؤويه في فيء لها ممدود ما دام من ليل الصبا في فاحم ... رجل الذرى فينان كالعنقود قبل الزمان فطارقات جنوده ... يبدلنه يققا بربد «2» سود وله «3» : إذا أنا بلّغت الذي كنت أشتهي ... وأضعافه ألفا فكلني إلى الخمر وقل لنديمي قم إلى الدهر فاقترح ... عليه الذي تهوى ودعني مع الدهر وله «4» : أين لي من يفي بشكر الليالي ... إذا أضافت «5» خيالها وخيالي لم يكن بي على الزمان اقتراح ... غيرها منية فجاد بها لي قرأت في كتاب أبي الحسين هلال «6» بن المحسن، حدثني أبو اسحاق إبراهيم بن هلال جدي قال: لما سار عضد الدولة من بغداد عائدا إلى فارس أقام أبو الفتح ابن العميد بعده ووصل إلى حضرة الطائع لله حتى خلع عليه وحمله وكناه ولقبه ذا الكفايتين، وتنجّز منه خلعا ولقبا لفخر الدولة أبي الحسن، وأقطع من نواحي السواد ضياعا كثيرة رتّب فيها نائبا يستوفي ارتفاعها ويحمله إليه، ودعاه أبو طاهر ابن بقية عدة دعوات، وملأ عينه بالهدايا والملاطفات، وقال في بعض الأيام: لا بد أن أخلع على ابن العميد في مجلسي، ودعاه، فلما قعد وأكل وجلس على الشرب أخذ ابن بقية الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1890 بيده فرجية ورداء في غاية الحسن والجلالة ووافى بهما إلى ابن العميد وقال له: قد صرت أيها الأستاذ جامدارك، فانظر هل ترتضيني لخدمتك، وطرح الفرجية عليه وقدّم الرداء بين يديه فأخذه ولبسه. ومن شعره في الحبس: ما بال قومي يجفوني أكابرهم ... أإن أطاعتهم الأيام والدول أإن تقاصر عني الحال تقطعني ... عراهم ساء ما شاءوا وما فعلوا أغراهم أن هذا الدهر أسكتني ... عنهم وتنطق فيه الشاء والابل قدما رميت فلم تبلغ سهامهم ... وأخطأ الناس من مرميّه زحل وله: يقول لي الواشون كيف تحبها ... فقلت لهم بين المقصر والغالي ولولا حذاري منهم لصدقتهم ... وقلت هوى لم يهوه قطّ أمثالي وكم من شفيق قال ما لك واجما ... فقلت أبي ما بي وتسألني مالي قال أبو الحسين، وحدثني أبو الفتح منصور بن محمد بن المقدر الأصبهاني قال، حدث أحد أصحاب أبي الفضل ابن العميد المختصين به قال: كان أبو الفتح ابن أبي الفضل يباكر أباه في كلّ يوم ويدخل إليه قبل كلّ أحد، فاتفق أن دخل يوما وأنا جالس عنده، فلما رآه مقبلا في الصحن وشاهد عمته وكانت ديلمية، ومشيته وهو يختال فيها ويسرف في تلويها، عجب من ذاك وقال لي: أما ترى إلى هذه العمة وهذه المشية في مخالفتها لعادتنا ومفارقتها طريقتنا؟! فقلت: قد رأيت، وإن رسم الأستاذ أن أخاطبه فيها وأنهاه عنها فعلت، فقال: لا تفعل فانه قصير العمر وما أحبّ أن أدخل على قلبه همّا ولا أمنعه هوى. وقد روي أن أبا الفضل وجد له رقعة كتبها إلى بعض من ينبسط إليه وفيها «1» : أديبنا المعروف بالكردي ... يولع بالغلمان والمرد أدخلني يوما إلى داره ... فناكني والأير من عندي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1891 فلما وقف ابن العميد أبوه على ذلك غضب وقال: أمثل ولدي يكتب مثل هذا الفحش والفجور؟! ثم قال: أما والله لولا ولولا ولولا ثم أمسك كأنه يشير إلى ما حكم له من سوء العاقبة وقصر العمر. حكى أبو الحسين ابن فارس مما أورده أبو منصور في «اليتيمة» قال «1» : كنت عند الأستاذ أبي الفتح ابن العميد في يوم شديد الحرّ، فرمت الشمس بجمرات الهاجرة فقال لي: ما قول الشيخ في قلبه، فلم أحر جوابا لأني لم أفطن لما أراد، ولما كان بعد هنيهة أقبل رسول الأستاذ الرئيس يستدعيني إلى مجلسه، فقمت إليه، فلما مثلت بين يديه تبسم ضاحكا إلي وقال: ما قول الشيخ في قلبه؟ فبهتّ وسكت، وما زلت أفكر حتى انتبهت على أنه أراد الخيش، وكان من يشرف على أبي الفتح من جهة أبيه أتاه بتلك اللفظة في تلك الساعة، فدعاني لفرط اهتزازه لها ما اراد مجاراتي فيها، وقرأت صحيفة السرور من وجهه إعجابا بها، ثم أخذت أتحفه بنكت نثره وملح نظمه، فكان مما أعجب به وتعجب منه واستضحك له حكايتي رقعة وردت له عليّ وصدرها: وردت رقعة الشيخ أصغر من عنفقة بقة، وأقصر من أنملة نملة. وقرأت في «تاريخ» أبي المعالي زين الكفاة الوزير أبي سعد منصور بن الحسين الآبي قال: كان عضد الدولة ينقم على أبي الفتح ابن العميد أشياء، وكان من أعظمها في نفسه حديثه ببغداد لما خرج لنجدة بختيار، فإنه جرّد القول والفعل في ردّ عضد الدولة عن بغداد، وأقام لنفسه بذلك ببغداد سوقا تقدم بها عند أهل البلد والخليفة حتى لقبه الخليفة ذا الكفايتين وكنّاه في كتابه بأبي الفتح. ولما انصرف عضد الدولة عن بغداد وقد ظهرت له مخايل الغدر من بختيار وقيام أهل بغداد عليه وتصريحهم بالشتم له ولقبوه زريقا الشارب، وذلك أن عضد الدولة تقدم باتخاذ مزمّلة في داره ليشرب منها الجند والعامة، ولم يكن عهد مثل ذلك في دور السلاطين قبل، وكان في نفسه أزرق العين فلقبوه بذلك، فكان يقول: خرجت من بغداد وأنا زريق الشارب، وابن العميد الوزير ذو الكفايتين أبو الفتح. فلما مات ركن الدولة في ست الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1892 وستين وثلاثمائة لأربع بقين من المحرم ضبط أبو الفتح ذو الكفايتين الأمر أحسن ضبط وسكّن العسكر وفرّق فيهم مال البيعة، وكان مطاعا في الديلم محببا إليهم كثير الإفضال عليهم، وبادر بالخبر إلى مؤيد الدولة وهو باصفهان، فورد الري ومعه وزيره الصاحب أبو القاسم إسماعيل بن عباد يوم السبت لثلاث خلون من صفر وجلس للتعزية ثم انتصب في مكان أبيه، وكانت له هيبة وسياسة وفيه سخاء وسماحة، وخلع على أبي الفتح ابن العميد ذي الكفايتين خلع الوزارة وفوّض إليه الأمر يوم الأربعاء لخمس خلون من شهر ربيع الأول، وكان الصاحب يرغب أن يقيم بالري ويخلفه فلم يأمن أبو الفتح جانبه وضرب الحجاب الشديد بينهما، وخوّفوه منه لمحلّه من الصناعة ولمكانه من قلب مؤيد الدولة، فأراد إبعاده عن الحضرة ليتمكن من الايقاع به إن أراد ذلك، وأشار على مؤيد الدولة بأن يردّه إلى أصفهان ليدبر أعمالها والمقام بها، فخلع عليه على رسم الوزارة القباء والسيف والمنطقة وما يجري مع ذلك، وخرج يوم الأحد لثمان خلون من شهر ربيع الأول سنة ست وستين وثلاثمائة، وأخذ مؤيد الدولة في التدبير على ابن العميد والاحتيال للقبض عليه، ولم يكن يقدم على ذلك لمحلّ الرجل في قلوب الديلم وانصبابهم بمودتهم إليه وإخلاصهم في الموالاة إليه، وكان ذلك أقوى الدواعي لمحنته وآكد أسباب نكبته، فإنه كان مقتبل الشباب قليل التجارب غير مفكر في العواقب قد ولد في النعمة الضخمة ونشأ فيها، وخلف أباه وله دون خمس عشرة سنة، وتولى الوزارة وله إحدى وعشرون سنة، واعتاد خدمة الأمراء والقواد ومثولهم بين يديه وتنافسهم في خدمته، وكان يركب إلى الصيد وإلى الميدان لضرب الصوالجة فيتبعه أكثر أكابر الحضرة فيترجلون له ويمشون بين يديه، ثم يضيف في أكثر أيامه جماعة منهم فيخلع عليه أنواع الخلع النفسية ويحملهم على الدوابّ الفره بالمراكب الثقيلة، وكان ركن الدولة يرخص له في ذلك ويعجبه منه، فإنه كان تربيته وابن من طالت له صحبته وخدمته، فلما انتقل الأمر إلى مؤيد الدولة لم يصبر عليه، وكانت الأمور أيضا بعد على غاية من الاضطراب فلم يسكن إليه، وذلك أنّ فخر الدولة كان مداجيا لأخويه، وكان أحبّ إلى الديلم منهما فلم يأمناه وكان عز الدولة مكاشفا بالخلاف وبينه وبين ابن العميد ما قدمنا ذكره من المصافاة فاسترابا به، واجتمع إلى هذه الأحوال ما ذكرناه من حنق عضد الدولة عليه مما قدّمه في حقه عند كونه ببغداد، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1893 وامتدت العين إلى ضياعه وأمواله وخزائنه وأسبابه ودوره وعقاره وبساتينه، فإنه كان يملك من ذلك ما يملأ العين ويفوت الوهم، فراسل عضد الدولة أخاه مؤيد الدولة على لسان أبي نصر خواشاذه المجوسي، وكان من ثقاته وأماثل أصحابه، بالقبض عليه، بعد أن يوافق عليّ بن كامة على أمره، ليؤمن ناحية العسكر وثوبهم بمكانه، وجعلوا يجيلون الرأي أياما، ويركب خواشاذه إلى عليّ بن كامة ليلا ويجاريه في ذلك إلى أن اتفقوا يوم السبت سادس عشر شهر ربيع الآخر على القبض عليه عند بكوره من الغد إلى الدار، وكان عشية هذا اليوم خواشاذه عند علي بن كامة ولا بن العميد ضيافة قد اجتمع فيها جماعة من القوّاد، فارتاب مؤيد الدولة بالأمر وقدّر أنه قد أحسّ بالسرّ وجمع الديلم لتدبير عليه وامتناع منه، فلما عاد إلى عنده خواشاذه أمره أن يلم بابن العميد ليتفرّس فيه وفي المجتمعين عنده ما هو بصدده، فدخل عليه والرجل مشتغل بقصفه متوفر على طربه، فتأمله وعاد، وأراد أن يحبسه عنده فامتنع ورجع إلى الدار، فقال لمؤيد الدولة: الرجل غارّ غافل فلا يهمنك أمره. وبكّر ابن العميد سحرا إلى دار الامارة، وكان الرسم إذ ذاك أن يحضروها بالشموع والمشاعل قبل الصباح، فلما وصل إلى مؤيد الدولة تقدم إليه علي بن كامة وكلمه في حاجة له فوعده بها فقال: قد وعدتني بها غير مرة ولم تقضها، وأخذ بيده فجذبه من مكانه، وكان قد كمن له في الممرّ جماعة من خواصّ الديلم وثقات مؤيد الدولة، فعاونوه على إخراجه من ذلك البيت وإدخاله إلى حجرة هناك وتقييده، وذلك في يوم الأحد سابع شهر ربيع الآخر، وأدخلت عليه الشهود فشهدوا عليه ببيع أملاكه جميعها وضياعه ومستغلّاته من مؤيد الدولة، فلما حضر العدول أخرج إليهم كتابا كان كتبه بطلاق امرأته ابنة جستان وأشهدهم طائعا على نفسه بذلك، وقيل إنه إنما فعل ذلك خوفا من مؤيد الدولة أن يفضحه فيها، فأراد أن ينفصل منها وتبين منه لئلا يلزمه العار فيها، ولما حضروا للعقد بالبيع كشف للعدول عن قيده وأقرّ بالبيع، ثم اتفق أن أفرج عن محبوس كان في الدار، فعدا غلام له مستبشرا وقال: قد أفرج عن الأستاذ، يريد أستاذ نفسه، وصكّت الكلمة أسماع العامة فتباشروا وظنوا أنه قد أفرج عن أبي الفتح، وصارت البلدة صيحة واحدة، واجتمع من أهل البلد على باب السلطان وميدانه وفي داره ما غصّت به الأماكن وامتلأت منهم الشوارع والمساكن، وركب الديلم بأجمعهم الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1894 مستبشرين، وتلقوه على زعمهم في الخدمة فرحين، ورأى مؤيد الدولة من ذلك ما هاله وقدّر أنّ العسكر قد ركب لاستنقاذه، فلما عرف حقيقة الحال سكن وأمر بطرد العامة، وأركب الحجاب لطرد القواد والديلم، وأنفذ في تلك الليلة ابن العميد إلى قلعة استوناوند، وقتل فيها بعد أيام وردّ رأسه. قال الوزير أبو سعد: وسمعت الصاحب كافي الكفاة رحمه الله يذكر أمره فقال في أثناء كلامه: إن مؤيد الدولة قال لي عند خروجي إلى أصبهان: إن ورد عليك كتاب بخطي أو جاءك أجلّ حجّابي وثقاتي للاستدعاء فلا تبرح من أصفهان ولا تفارقها إلى أن يجيئك فلان الركابي فإنه إن اتجهت لي حيلة على هذا الرجل وأمكنني الله من القبض عليه بادرت به إليك، وهو العلامة بيني وبينك، قال: فاستعظمت لحداثة سنّي وغرة الصبا وقلة التجربة ما حكاه الصاحب من قول مؤيد الدولة «ان اتجهت لي حيلة على هذا الرجل» وتعجبت منه، وأردت الغضّ من أبي الفتح والتقرب بذلك إلى الصاحب فقلت: وكأنّ لأبي الفتح من القدر أن يصعب حبسه أو يحتاج صاحبه إلى الاحتيال معه؛ فانتهرني الصاحب وقال: يا فلان أنت صبيّ تحسب أن القبض على الوزراء سهل، ففطنت أنه يريد الرفع من شأن الوزارة وتفخيم أمرها فعدلت عن كلامي الأوّل إلى غيره. قال أبو حيان «1» حدثني أبو الطيب الكيمائي قال: قلت لأبي الفضل بعد أن سمّ الحاجب النيسابوري، وبعد أن خطب على حمد، ودسّ إلى ابن هند وغيرهم من أهل الكتابة والمروءة والنعم: لو كففت فقد أسرفت، فقال: يا أبا الطيب أنا مضطر، قال فقلت: وأي اضطرار هاهنا، والله إن مخادعتنا لأنفسنا في ضرّنا ونفعنا لأعجب من مكابرة غيرنا لنا في خيرنا وشرنا، وهذا والله رين القلوب وصدأ «2» العقل وفساد الاختيار وكدر النفس وسوء العادة وعدم التوفيق، فقال: يا أبا الطيب أنت تتكلم بالظاهر وأنا أحترق في الباطن، قال فقلت: إن كان عذرك في هذه السيرة المخالفة لأهل الديانة وأصحاب الحكمة قد بلغ هذا الوضوح والجلاء فإنك معذور عندنا، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1895 ولعلك أيضا مأجور عند الله مالك الجزاء، وإن كنت تعلم حقيقة ما تراجعني عليه القول وتناقلني به الحجاج إنك من الخاسرين الذين باءوا بغضب من الله على مذاهب الناس أجمعين، فبكى فقلت له: البكاء لا ينفع إن كان الاقلاع ممكنا، والندم لا يجدي متى كان الإصرار قائما، هذا كله بسبب ابنك أبي الفتح، والله إن أيامه لا تطول، وإن عيشه لا يصفو، وإن حاله لا يستقيم، وله أعداء لا يتخلص منهم، وقد دلّ مولده على ذلك، وانك لا تدفع عنه قضاء الله وهو لا يغني عنك من الله شيئا، فعليك بخويّصة نفسك. قال أبو حيان «1» وقد ذكر ابن عباد وأبا الفضل بن العميد ثم قال: وأما أبو الفتح ذو الكفايتين فإنه كان شابا ذكيا متحركا حسن الشعر مليح الكتابة كثير المحاسن ولم يظهر كل ما كان في نفسه «2» لقصر أيامه واشتعال دولته وطفئها بسرعة. ومن شعره: إني متى أهزز قناتي تنتثر ... أوصالها أنبوبة أنبوبا أدعو بعاليها العلا فتجيبني ... وأقي بحدّ سنانها المرهوبا «3» وله «4» كلام كثير نظم ونثر، وله في صفة الفرس ما يوفي على كلّ منظوم، ولو أبقته الأيام لظهر منه كل فضل كبير. ودخل بغداد فتكلّف واحتفل، وعقد مجالس مختلفة للفقهاء يوما وللأدباء يوما وللمتكلمين يوما وللمتفلسفين يوما، وفرق أموالا خطيرة، وتفقد أبا سعيد السيرافي وعلي بن عيسى الرماني وغيرهما، وعرض عليهما المسير معه إلى الري ووعدهم ومنّاهم وأظهر المباهاة بهم، وكذلك خاطب أبا الحسن ابن كعب الأنصاري وأبا سليمان السجستاني المنطقي وابن البقال الشاعر وابن الأعرج النمري وغيرهم، ودخل شهر رمضان فاحتشد وبالغ ووصل ووهب، فجرت في هذه المجالس غرائب العلم وبدائع الحكمة، وخاصة ما جرى «5» مع أبي الحسن الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1896 العامري، ولولا طول الرسالة لرسمت ذلك كله في هذا المكان «1» ، فمن طريف ما جرى وفي سماعه فائدة واعتبار خبر أبي سعيد السيرافي مع أبي الحسن العامري (وقد ذكرته في أخبار السيرافي) . قال أبو حيان «2» : وحضرت المجلس يوما آخر مع أبي سعيد وقد غصّ بأعلام الدنيا وببرد «3» الآفاق، فجرى حديث أبي إسحاق الصابىء فقال ذو الكفايتين: ذاك رجل له في كلّ طراز نسج وفي كل حومة «4» رهج وفي كل فلاة ركب، ومن كل غمامة سكب، الكتابة تدّعيه بأكثر مما يدعيها والبلاغة تتحلّى به بأحسن مما يتحلّى هو بها، وما أحلى قوله: حمراء مصفرّة الأحشاء باعثة ... طيبا تخال به في البيت عطارا كأن في وجهه تبرا يخلّصه ... قين يضرّم في أفنانه «5» النارا وقوله: ما زلت في سكري ألمع كفّها ... وذراعها بالقرص والإثآر حتى تركت أديمها وكأنما ... غرس البنفسج منه في الجمار وبلغ المجلس أبا اسحاق فحضر وشكر، وطوى ونشر، وأورد وأصدر، وكان كاتب زمانه لسانا وقلما وشمائل، وكان له مع ذلك يد طولى في العلم الرياضي، وسمعت أبا إسحاق يقول: هو ابن أبيه لله دره، وأخذ في تعظيم ابيه. قال عبد الله الفقير إليه: وقد ذكر أبو حيان قصة أبي الفتح ابن العميد وسبب القبض عليه مبسوطة مشروحة، وقد نقلتها هاهنا عنه بكمالها فإني لم أجد أحدا ذكرها أكمل منه، قال «6» : لما مات ركن الدولة سنة ست وستين وثلاثمائة اجتمع ذو الكفايتين أبو الفتح وعلي بن كامة أحد أمراء الديلم والأعيان وتعاهدا وتواثقا وتحالفا، وبذل كلّ واحد منهما الاخلاص لصاحبه في المودة في السرّ والعلانية والذب والتوقير الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1897 عند الصغير والكبير، واجتهدا في الأيمان الغامسة والعقود الموثقة، ودبّرا أمر الجيش ووعدا الأولياء وردّا النافر وركبا الخطر الحاضر وعانقا الخطب العاقر، وباشر كلّ ذلك أبو الفتح خاصة بجدّ من نفسه وصريمة من رأيه وجودة فكره وصحة نيته وتوفيق ربه. فلما ورد مؤيد الدولة الريّ من أصبهان وصادف الأمر متسقا ولحق كلّ فتق مرتتقا بما تقدّم من الحزم فيه ونفذ من الرأي الصائب عنده، أنكر الزيادة الموجبة للجند فكرهها ودمدم بذكرها، فقال له أبو الفتح: بها نظمت لك الملك وحفظت لك الدولة وصنت الحريم، فان خالفت هذه الزيادة هواك فأسقطها فاليد الطولى لك، وكان ابن عباد قد ورد وحطبه رطب وتنوره بارد وأمره «1» غير نافذ، هذا في الظاهر، فأما في الباطن فكان يخلو بصاحبه ويوثبه على أبي الفتح بما يجد السبيل إليه من الطعن والقدح، فأحسّ بذلك ابن العميد. فألّب الأولياء على ابن عباد حتى كثر الشغب وعظم الخطب وهمّ بقتله وقال للأمير: ليس من حق كفايتي في الدولة- وقد انتكث حبلها وقويت أطماع المفسدين فيها- أن أسام الخسف، والأحرار لا يصبرون على نظرات الذل وغمزات الهوان، فقال له في الجواب: كلامك مسموع ورضاك متبوع، فما الذي يبرّد فورتك عنه؟ قال: ينصرف إلى اصفهان موفورا، فو الله لو طالبته منصفا برفع الحساب لما نظر فيه ليعرقنّ جبينه، ولئن أحسّ الأولياء الذين أصطنعهم بمالي وأفضالي بكلامه في أمري وسعيه في فساد حالي ليكوننّ هلاكه على أيديهم أسرع من البرق إذا خطف ومن المزن إذا نطف، فقال له: لا مخالف لرأيك والنظر لك والزمام بيدك. وتلطف ابن عباد في خلال ذلك لأبي الفتح وقال له: أنا أتظلّم منك إليك، وأتحمّل بك عليك، وهذا الاستيحاش سهل الزوال إذا تألفت الشارد من حلمك وعطفت على الشائع من كرمك، ولّني ديوان الإنشاء واستخدمني فيه ورتبني بين يديك وأحضرني بين أمرك ونهيك، وسمني برضاك فاني صنيعة والدك، واتخذني بهذا صنيعة لك، وليس يجمل أن تكرّ على ما بنى ذلك الرئيس فتهدمه وتنقضه، ومتى أجبتني إلى هذا وآمنتني فإني أكون خادمك لحضرتك وكاتبا يطلب الزلفة عندك في صغير أمرك وكبيره، وفي هذا إطفاء النائرة التي قد ثارت بسوء ظنك وتصديقك أعدائي عليّ، فقال في الجواب: الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1898 والله لا تجاورني في بلد السرير وبحضرة التدبير وخلوة الأمير، ولا يكون لك إذن عليّ ولا عين عندي، وليس لك منّي رضى إلا بالعود إلى مكانك من أصبهان والسلوّ عما تحدّث به نفسك. فخرج ابن عباد من الرّيّ على صورة قبيحة متنكرا بالليل، وذلك أنه خاف الفتك والغيلة، وبلغ أصبهان وألقى عصاه بها ونفسه «1» تغلي وصدره يفور، والخوف شامل والوسواس غالب، وهمّ أبو الفتح بانفاذ من يطالبه ويؤذيه ويهينه ويعسفه فأحسّ هو بالأمر، فحدثني أبو النجم قال: عمل على ركوب المفازة إلى نيسابور لما ضاق عطنه واختلف على نفسه ظنّه، وإنه لفي هذا وما أشبهه حتى بلغهم أن خراسان قد أزمعت الدلوف إليهم وتشاورت في الاطلال عليهم، فقال الأمير لأبي الفتح، ما الرأي وقد نمي إلينا ما تعلم من طمع خراسان في هذه الدولة بعد موت ركن الدولة؟ فقال أبو الفتح: ليس الرأي إليّ ولا إليك ولا الهم عليّ ولا عليك، هاهنا من يقول لك: أنت خليفتي، ويقول لي: أنت كاتب خليفتي، يدبر هذا بالمال والرجال، وهو الملك عضد الدولة أخوك، قال: فاكتب إليه وأشعره وأشع ما قد منينا به وأشهره وسله يداوي هذا الداء، فكتب أبو الفتح وتلطف، فصدر في الجواب: إن هذا لأمر عجاب: رجل مات وخلف مالا وله ابن فلم يحمل إليه من ارثه شيء، زويا عنه واستئثارا دونه، ثم يخاطب بأن يغرم شيئا آخر من عنده قد كسبه بجهده وجمعه بسعيه وكدحه؟! هذا والله حديث لم نسمع بمثله، ولئن استفتي الفقهاء في هذا لم يكن عندهم منه بتة إلا التعجب والاستطراف ورحمة هذا الوارث المظلوم من وجهين: أحدهما أنه حرم ماله بحقّ الارث، والآخر أنه يطالب باخراج ما ليس عليه، وإن شاء حاكمت كل من سام هذا إلى من يرضى به. فلما سمع مؤيد الدولة هذا قال لأبي الفتح: ما ترى؟ قال: قد قلت وليس لي قول سواه، هذا الرجل هو الملك والمدبر والمال كلّه ماله، والبلاد بلاده، والجند جنده، والكلّ له، والاسم والجلالة عنده، وليس هاهنا إرث قد زوي عنه، ولا مال استؤثر به دونه، والنادرة لا وجه لها في أمر الجدّ وفيما لا تعلق له باللعب، أما خراسان فكانت مذ عشرين سنة تطالبنا بالمال وتهددنا بالمسير والحرب، ونحن مرة نحارب ومرة نسالم، وفي خلال ذلك نفرق الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1899 المال بعد المال على وجوه مختلفة، فاحسب أن ركن الدولة حيّ باق هل كان له إلا أن يدبر بماله ورجاله وذخائره وكنوزه؟ أفليس هذا الحكم لازما لمن قام مقامه وجلس مجلسه وألقي إليه زمام الملك وأصدر عنه كل رأي؟ وهل علينا إلا الخدمة والنصرة والمناصحة بكلّ ما سهل وصعب كما كان عليه ذلك بالأمس من جهة الماضي؟ فقال مؤيد الدولة: إنّ الخطب في هذا أراه يطول والكلام يتردد والمناظرة تربو والفريضة تعول والفرصة تفوت والعدوّ يستمكن، وأرى في الوقت أن نذكر وجها للمال حتى نحتجّ به ثم نستمدّ في الثاني منه، ونرضي الجند في الحال، ونتحزم في الأمر ونظهر المرارة والشكيمة بالاهتمام والاستعداد حتى يطير الخبر إلى خراسان بجدنا واجتهادنا وحزمنا واعتمادنا، فيكون ذلك مكسرة لقلوبهم وحسما لأطماعهم وباعثا على تجديد القول في الصلح وردّ الحال إلى العادة المألوفة، فقال: نسأل الله بركة هذا الأمر فقد نشيت منه رائحة منكرة، ما أعرف للمال وجها، أما أنا فقد خرجت من جميع ما عندي مرة بما خدمت به الماضي تبرعا حدثان موت أبي، ومرة بما طالبني به سرّا وأوعدني بالعزل والاستخفاف من أجله، ومرة بما غرمت في المسير إلى العراق في نصرة الدولة، وهذه وجوه استنفدت قلّي وكثري وأتت على ظاهري وباطني، وقد غرمت إلى هذه الغاية ما إن ذكرته كنت كأني ممتنّ على أولياء نعمتي، وإن سكت كنت كالمتهم عند من يتوقّع عثرتي، فهذا هذا، وأما أموال النواحي فأحسن حالنا فيها أنا نرجئها في نواحيها مع النفقة الواسعة في الوظائف والمهمات التي تنوبنا، وأما العامة فلا أحوج الله إليها ولا كانت دولة لا تثبت إلا بها وبأوساخ أموالها، فقال مؤيد الدولة- وكان ملقنا-: هذا ابن كامة وهو صاحب الذخائر والكنوز والجبال والحصون، وبيده بلاد، وقد جمع هذا كله في دولتنا وحازه من مملكتنا وأيامنا وبدولتنا وهو جامّ ما شيك ومختوم ما فضّ مذ كان، ما تقول فيه؟ قال: ما لي فيه كلام فإن بيني وبينه عهدا ما أخيس به ولو ذهبت نفسي، فقال: اطلب منه القرض، قال: إنه يستوحش ويراه بابا من الغضاضة، وقدر القرض لا يبلغ قدر الحاجة، فان الحاجة ماسة إلى خمسمائة ألف دينار على التقريب، ونفسه أنفع لنا وأردّ علينا وأحصن لنا وإلينا من موقع ذلك المال، وبعد فرأيه وتدبيره واسمه وصيته فوق المطلوب منه. قال: وإذ ليس هاهنا وجه فليس بأس بأن يطالع الملك بهذا الرأي لتكون نتيجته من ثمّ، قال: أنا لا أكتب بهذا فإنه الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1900 غدر، قال: يا هذا فأنت كاتبي وصاحب سري والزمام في جمع أمري ولا سبيل إلى إخراج هذا الحديث إلى أحد من خلق الله، فإن أنت لم تتولّ حارّه وقارّه وغثّه وسمينه ومحبوبه ومكروهه فمن؟ قال: أيها الأمير لا تسمني الخيانة فإني قد أعطيته عهدا يذر الديار بلاقع، ومع اليوم غد، ولعن الله عاجلة تفسد الآجلة. فقال: إني لست أسومك أن تقبض عليه وأن تسيء إليه، أشر بهذا المعنى إلى الملك عضد الدولة وخلاك ذمّ، فإن رأى الصواب فيه تولّاه دونك، وإن أضرب عنه أعاضنا رأيا غير ما رأيناه، وأنت على حالك لا تنزل عنها ولا تبدّلها، وإنما الذي يجب عليك في هذا الوقت بين يديّ كتب حرفين: أنه لا وجه لهذا المال إلا من جهة فلان، ولست أتولى مخاطبته عليه ولا مطالبته به وفاء له بالعهد وثباتا على اليمين وجريا على الواجب، ولا أقل من أن تجيب إلى هذا القدر وليس فيه شيء مما يدلّ على النكث والخلاف والتبديل. وما زال هذا وشبهه يتردد بينهما حتى أخذ خطّه بهذا على أن يصدره إلى أخيه عضد الدولة بفارس، فلما حصل هذا الخط عنده وجنّ عليه الليل أحضر ابن كامة وقال له: أما عندك حديث هذا المخنّث فيما أشار به على الملك في بابك، وأورد عليه في حقّك وأمرك وإطماعه في مالك ونفسك وتكثيره عنده ما تحت يدك وناحيتك؟! فقال ابن كامة: هذا الفتى يرتفع عن هذا الحديث ولعلّ عدوّا قد كاده به، وبيني وبينه ما لا منفذ للسحر فيه ولا مساغ لظنّ سيء به، قال: ما قلت لك إلا بعد أن حققت ما قلت، ودع هذا كله في الريح، هذا كتابه إلى الملك بما عرّفتك، وخطّه بيده فيه، قال علي بن كامة: أنا لا أعرف الخطّ ولكن هاتوا كاتبي، فأحضر كاتبه الخثعمي فشهد أنّ الخط خطه، فحال علي بن كامة عن سجيته وخرج من مسكه وقال: ما ظننت بعد الأيمان المغلّظة التي بيننا أنه يستجيز مثل هذا، قال الأمير: أيها الرجل إنما أطلعك الملك على سرّ «1» هذا الغلام فيك لتعرف فساد ضميره لك وما هو عليه من هنات أخر وآفات هي أكبر، فانه هو الذي حرّك من بخراسان وكاتب صاحب جرجان وألقى إلى أخينا بهمذان- يعني فخر الدولة- أخبارنا، وهو عين لبختيار هاهنا، وقد اعتقد أنه يعمل في تحصيل هذه البلاد ويكون وزيرا بالعراق، فقد ذاق من بغداد ما لا يخرج من ضرسه إلا بنزع نفسه. وكان أبو نصر المجوسيّ قد قدم من عند الملك الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1901 عضد الدولة وهو يفتل الحبل ويبرم، ويهاب مرة ويقدم، وكان الحديث قد بيّت بليل واهتم به قبل وقته بزمان، فقال علي بن كامة: فما الرأي الآن؟ قال: لا أرى أمثل من طاعة الملك في القبض عليه، وقد كنّا على ذلك قادرين، ولكن كرهنا أن يظنّ بنا أنا هجمنا على ناصحنا ومرتّب نعمتنا وناشىء دولتنا فمهدنا عندك العذر وأوضحنا لك الأمر، قال فأنا أكفيكموه ثم قبض عليه وكان منه ما كان، واستدعى ابن عباد من أصفهان وولي الوزارة ودبّرها برأي وثيق وجدّ زنيق. وذكر أبو علي مسكويه في بعض كتبه قال «1» : كان حسنويه بن الحسين الكردي قد قوي واستفحل أمره لما وقع من الشغل عنه بالفتوح الكبار، لأنه كان إذا وقع حرب بين الخراسانية وبين ركن الدولة أظهر عصبية الديلم وصار في جملتهم وخدم خدمة يستحقّ بها الاحسان، إلا أنه كان مع ما أقطع وأغضي عنه من الأعمال التي تبسّط فيها والاضافات التي يستولي عليها ربما تعرض لأطراف الجبل وطالب أصحاب الضياع وأرباب النعم بالخفارة والرسوم التي يبدعها، فيضطرّ الناس إلى إجابته، ولا يناقشه السلطان، فكان يزيد أمره على الأيام ويتشاغل الولاة عنه، إلى أن وقع بينه وبين سهلان بن مسافر خلاف ومشاحّة تلاجّا فيها، إلى أن قصده ابن مسافر فهزمه حسنويه، وكان يظنّ ابن مسافر أنه لا يكاشفه ولا تبلغ الحرب بينهما إلى ما بلغت إليه، فلم تقف الحرب بينهما حيث ظنّ وانتهى الأمر بينهما إلى أن اجتمع الديلم وأصحاب السلطان بعد الهزيمة إلى موضع شبيه بالحصار، ونزل الأكراد حواليهم ومنعوهم من الميرة وتفرقوا بازائهم، ثم زاد الأمر وبلغ إلى أن أمر حسنويه الأكراد أن يحمل كلّ فارس منهم على رأس رمحه ما أطاق من الشوك والعرفج ويقرب من معسكر سهلان ما استطاع ويطرحه هناك، ففعلوا ذلك وهم لا يدرون ما يريد بذلك، فلما اجتمع حول عسكر سهلان شيء كثير في أيام كثيرة تقدّم بطرح النار فيه من عدة مواضع فالتهب، وكان الوقت صيفا وحميت الشمس عليهم مع حرّ النار، فأخذ بكظمهم وأشرفوا على التلف، فصاحوا وطلبوا الأمان، فرفق بهم وأمسك عما همّ به، وبلغ ذلك ركن الدولة فلم يحتمل ذلك كلّه، وتقدم إلى وزيره أبي الفضل محمد بن الحسين العميد، وهو الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1902 الأستاذ الرئيس، بقصده واستئصال شأفته، وأمره بالاستقصاء والمبالغة، فانتخب الأستاذ الرئيس الرجال وخرج في عدة وزينة، وخرج ركن الدولة مشيعا له، وخلع على القواد، ووقف حتى اجتاز به العسكر وعاد إلى الريّ، وسار الوزير ومعه ابنه أبو الفتح، وكان شابا قد خلف أباه بحضرة ركن الدولة وعرف تدبير المملكة وسياسة الجند، فهو بذكائه وحدّة ذهنه وسرعة حركته قد نفق نفاقا شديدا على ركن الدولة، وهو مع ذلك لقلة حنكته ونزق شبابه وتهوّره في الأمور يقدم على ما لا يقدم عليه أبوه، ويحبّ أن يسير في خواصّ الديلم ويمشون بين يديه ويختلط بهم اختلاط من يستميل بقلوبهم، ويخلع عليهم خلعا كثيرة، ويحمل رؤساءهم وقوادهم على الخيول الفره بالمراكب الثقال، ويريد بجميع ذلك «1» أن يسلّموا له الرئاسة حتى لا يأنف أحد منهم من تقبيل الأرض بين يديه والمشي قدامه إذا ركب، وكان جميع ذلك مما لا يؤثره الأستاذ الرئيس ولا يرضاه لسيرته، وكان يعظه وينهاه عن هذه السيرة ويعلمه أن ذلك لو كان مما يترخّص فيه لكان هو بنفسه قد سبق إليه. قال مسكويه: ولقد سمعته في كثير من خلواته يشرح له صورة الديلم في الحسد والجشع وأنه ما ملكهم أحد قط إلا بترك الزينة وبذل ما لا يبطرهم ولا يخرجهم إلى التحاسد ولا يتكبر عليهم ولا يكون إلا في مرتبة أوسطهم حالا، وان من دعاهم واحتشد لهم وحمل على حاله فوق طاقته لم يمنعهم ذلك من حسده على نعمه والسعي في إزالتها وترقب أوقات الغرّة في آمن ما يكون الانسان على نفسه منهم فيفتكون به ذلك الوقت، وكان يورد عليه مثل هذا الكلام حتى يظنّ أنه قد ملأ قلبه رعبا وأنه سيكفّ عن السيرة التي شرع فيها، فما هو إلا أن يفارق مجلسه ذلك حتى يعاود سيرته تلك، فأشفق الأستاذ في سفرته هذه أن يتركه بحضرة صاحبه فيلجّ في هذه الأخلاق ويغترّ بما يراه من احتمال ركن الدولة حتى ينتهي إلى ما لا يتلافاه، فسيّره معه، واستخلف بحضرة ركن الدولة أبا علي محمد بن أحمد المعروف بابن البيع، وكان فاضلا أديبا ركينا حسن الصورة مقبول الجملة حسن المخبر خلقا وأدبا. فلما كان الرئيس في بعض الطريق- وكان يركب العماريات ولا يستقلّ على ظهور الدوابّ لإفراط علة النقرس وغيره عليه- التفت حوله فلم ير في موكبه أحدا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1903 وسأل عن الخبر فلم يجد حاجبا يخبره ولا من جرت العادة بمسايرته غيري، فسألني عن الخبر فقلت له: إن الجماعة بأسرها مالت مع أبي الفتح إلى الصيد، فأمسك حتى نزل في معسكره ثم سأل عمن جرت العادة باستدعائه للطعام- وكان يحضره في كلّ يوم عشرة من القواد على مائدته التي تخصّه وعدة من القواد على أطباق توضع لهم وذلك على نوبة معروفة يسعى فيها نقباؤهم- فلما كان في ذلك اليوم لم يحضر أحد واستقصى في السؤال فقيل: إن أبا الفتح أضافهم في الصحراء، فاستشاط «1» من ذلك وساءه أن يجري مثل هذا ولا يستأذن فيه، وقد كان أنكر خلوّ موكبه وهو في وجه حرب، ولم يأمن أن يستمرّ هذا التشتت من العسكر فتتم عليه حيلة، فدعا أكبر حجابه ووصّاه أن يحجب عنه ابنه أبا الفتح وأن يوصي النقباء بمنع الديلم من مسايرته ومخالطته، وظنّ أن هذا المبلغ من الانكار سيغضّ منه وينهى العسكر عن اتباعه على هواه، فلم يؤثر كلامه هذا كبير أثر، وعاد الفتى إلى عادته واتّبعه العسكر ومالوا معه إلى اللعب والصيد والأكل والشرب، وكان لا يخليهم من الخلع والألطاف، فشقّ ذلك على الأستاذ الرئيس جدّا ولم يحبّ أن يخرق هيبة نفسه باظهار ما في قلبه ولا المبالغة في الانكار وهو في مثل هذا الوجه فيفسد عسكره ويطمع فيه عدوه، فدارى أمره وتجرّع غيظه وأدّاه ذلك إلى زيادة في مرضه حتى هلك بهمذان وهو يقول في خلواته: ما يهلك آل العميد ولا يمحو آثارهم من الأرض إلا هذا الصبي، يعني ابنه، وهو يقول في مرضه: ما قتلني إلا جرع الغيظ التي تجرعتها منه. فلما حصل بهمذان اشتدت علته وتوفي بها رحمه الله في ليلة الخميس السادس من صفر سنة ستين وثلاثمائة وانتصب ابنه أبو الفتح مكان أبيه، وكان العسكر كما ذكرت مائلا إليه، فزاد في بسطهم وتأنيسهم ووعدهم ومنّاهم وبذل لهم طعامه ومنادمته وأكثر من الخلع عليهم، وراسل حسنويه وأرغبه وأرهبه وحضّه على الطاعة وأومأ إلى مصالحته على مال يحمله يقوم بما أنفق على العسكر وتوفّر بعد ذلك بقية على خزانة السلطان ويضمن إصلاح حاله إذا فعل ذلك مع ركن الدولة، وكان ذلك يشقّ على سهلان بن مسافر لما في نفسه من حسنويه لأنه كان يحبّ الانتقام منه والتشفي به، وكان أبو الفتح يرى مفارقة حسنويه الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1904 والعود إلى صاحبه بما به لم يثلم عسكره ولا خاطر بهم وأن يلحق بمكانه من الوزارة قبل أن يطمع فيه أولى وأشبه بالصواب. وقد كان أبو علي محمد بن أحمد بن البيع خليفة أبيه قد تمكن من ركن الدولة وقبل ذلك ما عرفه بالكفاية والسداد وأرجف له بالوزارة، فسفر المتوسطون بينه وبين حسنويه إلى أن تقرر أمره على خمسين ألف دينار، وجبى كورة الجبل وجمع من الدوابّ والبغال وسائر التحف ما بلغ مقداره مائة ألف دينار، ووردت عليه كتب ركن الدولة بما قوّى قلبه وشدّ منّته وأحمد جميع ما دبره وأمره بالعودة إلى الحضرة بالريّ. قال «1» : وفي سنة احدى وستين تمكن أبو الفتح ابن العميد من الوزارة بعد أبيه، وفوض إليه ركن الدولة تدبير ممالكه، ومكنه من أعنّه الخيل، فصار وزيرا وصاحب جيش على رسم والده، إلا أن والده باشر هذه الأمور في كمال من أدواته وتمام من آلاته فدبره بالحزم والحنكة، وأما أبو الفتح فكان فيه مع رجاحته وفضله في أدب الكتابة وتيقظه وفراسته نزق الحداثة وسكر الشباب وجرأة القدرة، فأجرى أمره على ما تقدّم من إظهار الزينة الكثيرة واستخدام الديلم والأتراك والاحتشاد في المواكب والدعوات حتى خرج به عن حدّ القصد إلى الإسراف، فجلب ذلك عليه ضروب الحسد من ضروب السلاطين وأصحاب السيوف والأقلام. وكان صاحبه ركن الدولة قد شاخ وسئم ملابسة أمور الجند وأحبّ الراحة والدعة، ففوض إليه الأمور، ورآه شابا قد استقبل الدنيا استقبالا فهو يحبّ التعب الذي قاساه ركن الدولة ثم ملّه، ويستلذّ فيه الانتصاب للأمر والنهي ومخالطة الجند والركوب إلى الصيد ومشي خواصّ الديلم وكبار الجند بين يديه، ثم مشاربتهم ومؤانستهم والاحسان إليهم بالخلع والحملان، فأوّل من أنكر هذا الفعل عليه عضد الدولة ومؤيد الدولة ابنا ركن الدولة وكتّابهما ثم سائر مشايخ الدولة، ورأوه يركب في موكب عظيم ويغشى الدار، فإذا خرج تبعه الجميع وخلت دار الإمارة حتى لا يوجد فيها إلا المستخدمون من الاتباع والحاشية، ثم تراقى أمره في قيادة الجيش والتحقق به إلى أن ندب إلى الخروج إلى العراق في جيش كثيف من الريّ والاجتماع مع عضد الدولة لنصرة بختيار بن معز الدولة في الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1905 الخلاف الذي وقع بينه وبين الأتراك المستعصين عليه، فأقام هناك وواطأ بختيار في أمور خالف فيها عضد الدولة، وذاك أن عضد الدولة لما عاد من بغداد إلى فارس شرط على ابن العميد أن لا يقيم ببغداد بعده إلا ثلاثة أيام ثم يلحق بوالده بالريّ، فلما خرج عضد الدولة طابت لابن العميد بغداد، فاتبع هوى صباه وأحبّ الخلاعة والدخول مع بختيار في أفانين لهوه ولعبه، ووجد خلوّ ذرع من أشغاله وراحة من تدبير أمر صاحبه ركن الدولة مدة، وحصلت له زبازب ودور على الشط وستارات غناء محسنات، وتمكّن من اللذات، وعرف بختيار له ما صنع من الجميل في بابه لأنه كان قد جرّد الفعل والقول في ردّ عضد الدولة عن بغداد بعد أن نشبت فيها مخالبه وتملّكها وقبض على بختيار واستظهر عليه، فلخصه وأعاد ملكه عليه، وصرف عضد الدولة عن بغداد، فكان يراه بختيار بصورة من خلّصه من مخاليب الأسد بعد أن افترسه، وإن سعيه بين ركن الدولة وعضد الدولة هو الذي ردّ عليه ملكه، فبسطه وعرض عليه وزارته وتمكينه من ممالكه على رسمه وألا يعارضه في شيء يدبره ويراه، فلم يجبه إلى ذلك وقال: لي والدة وأهل وولد ونعمة قد رتبت منذ خمسين سنة، وهي كلها في يد ركن الدولة، ولا أستطيع مفارقته ولا يحسن بي أن يتحدث عني بمخالفته ولا يتم أيضا لك مع ما عاملك به من الجميل، ولكني أعاهدك إن قضى الله عز وجل على ركن الدولة ما هو قاض على جميع خلقه أن أصير إليك مع قطعة عظيمة من عسكره فإنهم لا يخالفوني، وركن الدولة مع ذلك هامة اليوم أو غد، وليس يتأخر أمره. واستقر بينهما ذلك سرّا لم يطلع عليه إلا محمد بن عمر العلوي فإنه توسّط بينهما وأخذ عهد كلّ واحد منهما على صاحبه، ولم يظهر ذلك لأحد حتى حدثني به محمد بن عمر بعد هلاك أبي الفتح. ولكن الغلط العظيم من أبي الفتح أنه كان أقام ببغداد مدة طويلة وحصل أملاكا اقتناها هناك وإقطاعات اكتتبها وأصولا أصّلها على العود إليها، ثم التمس لقبا من السلطان وخلعا وأحوالا لا تشبه ما فارقه عضد الدولة عليها، ثم استخلف ببغداد بعض أولاد التّناء بشيراز يعرف بأبي الحسن ابن أبي شجاع الأرّجانيّ من غير اختبار له ولا خلطة قديمة تكشف له أمره، فلما خرج كانت تلك الأسرار التي بينه وبين بختيار والتراجم بينهما تدور كلها على يده ويتوسطها ويهدي إلى عضد الدولة جميعها ويتقرب إليه بها، فلما عرف عضد الدولة حقيقة الأمر ومخالفة أبي الفتح ابن العميد له ودخوله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1906 مع بختيار فيما دخل فيه مع اللقب السلطاني الذي حصله، وهو ذو الكفايتين، ولبسه الخلع وركوبه ببغداد مع ابن بقية في هذه الخلع عرف مكاشفته إياه بالعداوة وكتم ذلك في نفسه إلى أن تمكّن منه فأهلكه كما ذكرنا. قال أبو سعد السمعانيّ «1» أنشدنا الحسن بن محمد الأصبهاني بها أنشدنا أبو زيد صعلوك «2» بن أميلويه بن أبي طاهر الجيليّ قدم علينا قال: أنشدت لعضد الدولة في ابن العميد ومودته: ودادك لازم مكنون سرّي ... وحبك جنتي والعشق زادي فإن واصلتني أزداد حبّا ... وان صارمتني زادت سهادي وخالك في عذارك في الليالي ... سواد في سواد في سواد فأجابه ابن العميد: دعاني في انبلاج الليل صبح ... فنادى قم فحيّ على الفلاح فقلت له ترفق يا منادي «3» ... أليس الليل مسود النواحي فثغري والمدام وحسن وجهي ... صباح في صباح في صباح. [813] علي بن محمد الشمشاطي العدوي أبو الحسن ، وشمشاط من بلاد أرمينية من الثغور: وكان معلم أبي تغلب ابن ناصر الدولة بن حمدان وأخيه ثم نادمهما، وهو شاعر مجيد ومصنف مفيد، كثير الحفظ واسع الرواية وفيه تزيد، وقال محمد بن إسحاق النديم: كذا كنت أعرفه قديما، وبلغني أنه قد ترك كثيرا من أخلاقه عند علو سنه، قال: وهو يحيا في عصرنا سنة سبع وسبعين وثلاثمائة.   [813]- ترجمة الشمشاطي في الفهرست: 171 ورجال النجاشي: 201 والاكمال 5: 141 والأنساب 7: 386 ومعجم البلدان (شمشاط) والوافي 22: 158 ومقدمة كتاب الأنوار، وهو الكتاب الذي نشر من مؤلفاته (الكويت 1977) . الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1907 قال المؤلف: وهو الذي روى الخبر الذي جرى بين الزجاج وثعلب في حق سيبويه واستدراكه على ثعلب في «الفصيح» عدة مواضع، وقد ذكر ذلك في ترجمة الزجاج رحمه الله تعالى. وكان رافضيا دجالا «1» يأتي في كتبه بالأعاجيب من أحاديثهم. ولأبي القاسم الرقيّ المنجم فيه يهجوه «2» : حفّ خدّيك دلّ يا شمشاطي ... أنه دائما لغير لواط وانبساط الغلام يعلمني أن ... ك تحت الغلام فوق البساط وشروط صبرت كرها عليها ... لا لها بل للذة المشراط قال محمد بن إسحاق: له كتاب النزه والابتهاج وهو مجموع يتضمن غرائب الأخبار ومحاسن الأشعار كالأمالي. كتاب الأنوار مبوب يجري مجرى الملح والتشبيهات والأوصاف عمله قديما ثم زاد فيه بعد ذلك. كتاب الديارات كبير «3» . كتاب المثلث الصحيح. كتاب أخبار أبي تمام والمختار من شعره. كتاب القلم جيد. كتاب تفضيل أبي نواس على أبي تمام. وحدث الشمشاطي في كتابه «كتاب النزه والابتهاج» قال «4» : كنا ليلة عند أبي تغلب ابن حمدان، وعنده جماعة بعضهم يلعب بالنرد، فطال الجلوس حتى مضى من الليل هزيع والسماء تهطل، فقال أبو البركات لفتح بن نظيف: يا فتح كم قد مضى من الليل؟ فقلت له: هذا نصف بيت شعر، فقال لبعض من في حضرته: أتمه فقال: هذه قافية صعبة لا تطرد إلا أن نجعل بدل الياء واوا، فعملت في الوقت واستغلقت القافية حتى لا يزاد عليها بيت واحد إلا أن تكرر القافية بلفظ مؤتلف ومعنى مختلف مثل الغيل الذي يرضع المرأة وهي حامل، وقد أتينا بهذه اللفظة ومثلها لفظا ولم نأت به، الغيل: الساعد الريان، والغيل: ما جرى على وجه الأرض، والغيل: الشحم الملتف. ومثل القيل نصف النهار وقد أتينا به، والقيل الملك، ونحو ذلك فقلت: يا فتح كم قد مضى من الليل ... قل وتجنّب مقال ذي الميل الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1908 فعارض النوم مسبل خمرا ... وعارض المزن مسبل الذيل والليل في البدر كالنهار إذا ... أضحت وهذا السحاب كالليل يسكب دمعا على الثرى فترى الم ... اء بكلّ الدروب كالسيل والنرد تلهي عن المنام إذا ال ... فصوص جالت كجولة الخيل إذا لذيذ الكرى تدافع عن ... وقت رقاد أضرّ بالحيل إن أمير الهيجاء في مأزق ال ... حرب الهمام الجواد بالقيل من حزبه السّعد طالع لهم ... وحزبه موقنون بالويل نجيب أمّ لم تغذه سيء ال ... قسم ولا أرضعته من غيل يحمل أعباء كلّ معضلة ... تجلّ أن تستقلّ بالشيل أمواله والطعام قد بذلا ... لآمليه بالوزن والكيل جاوز عمرا بأسا وقصّر عن ... جود يديه الضحيان ذو السيل لا زال في نعمة مجددة ... يشرب صفو الغبوق والقيل وحدث الشمشاطي في كتابه هذا أيضا قال: أخذت من بين يدي أبي عدنان محمد بن نصر بن حمدان رمانة فكسرتها ودفعت منها إلى من حضر من الشعراء والأدباء، وقلت «1» : يا حسن رمانة تقاسمها ... كلّ أديب بالظرف منعوت كأنها قبل كسرها كرة ... وبعد كسر حبات ياقوت. [814] علي بن محمد بن الخلال أبو الحسن الأديب الناسخ: صاحب الخط المليح والضبط الصحيح معروف بذلك مشهور. مات في سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة.   [814]- وقعت هذه الترجمة في ك قبل ترجمة الشمشاطي. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1909 محتويات الجزء الرّابع الموضوع الصفحة [تراجم حرف الصاد] 594- صاعد بن الحسن بن عيسى الربعي 1439 595- صالح بن ابراهيم بن رشدين 1442 596- صالح بن اسحاق أبو عمر الجرمي 1442 597- صالح بن جعفر بن عبد الوهاب 1444 598- صالح بن حسان 1444 599- صالح بن شعيب القاري 1445 600- صالح بن عبد القدوس 1445 601- صحار العبدي 1146 602- صدقة بن الحسن بن الحسين الناسخ 1147 603- صفوان بن ادريس التجببي أبو البحر 1148 [تراجم حرف الضاد] 604- الضحاك بن سلمان بن سالم الألوسي 1451 605- الضحاك بن مخلد، أبو عاصم النبيل 1452 606- الضحاك بن مزاحم المفسّر 1452 607- أبو ضمضم النسابة البكري 1453 [تراجم حرف الطاء] 608- طالب بن عثمان بن محمد الأزدي 1455 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1911 609- طالب بن محمد بن نشيط، ابن السراج النحوي 1455 610- طاهر بن أحمد بن بابشاذ 1455 611- طاهر بن أحمد بن محمد القزويني النجار 1456 612- طاهر بن الحسين البندنيجي الهمذاني 1457 613- طراد بن علي بن عبد العزيز، المعروف بالبديع 1457 614- طريح بن اسماعيل الثقفي 1458 615- طلحة بن محمد بن طلحة النعماني 1460 616- طلحة بن محمد بن عبد الله الطلحي 1461 [تراجم حرف الظاء] 617- ظافر بن القاسم بن منصور الحداد 1462 618- ظالم بن عمرو، أبو الأسود الدؤلي 1463 [تراجم حرف العين] 1474 619- عاصم بن أبي النجود المقرىء 1474 620- عالي بن عثمان بن جني 1475 621- عامر بن شراحيل الشعبي 1475 622- عامر بن عمران، أبو عكرمة الضبي 1479 623- عامر بن محمد بن كسنين 1480 624- عبادة بن عبد الله بن ماء السماء 1480 625- العباس بن أحمد بن مطروح الأزدي 1481 626- العباس بن أحمد بن موسى النحوي 1481 627- العباس بن الأحنف 1481 628- العباس بن الفرج الرياشي أبو الفضل 1483 629- العباس بن محمد بن أبي محمد اليزيدي 1485 630- العباس بن محمد أبو الفضل يعرف بعرام 1485 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1912 631- عبد الله بن إبراهيم، أبو حكيم الخبري 1486 632- عبد الله بن أحمد بن حرب، أبو هفان 1486 633- عبد الله بن أحمد بن علي بن هبة الله الهاشمي 1490 634- عبد الله بن أحمد، أبو القاسم الكعبي البلخي 1491 635- عبد الله بن أحمد بن جعفر الفرغاني 1493 636- عبد الله بن أحمد بن الحسين الساماني 1494 637- عبد الله بن أحمد، أبو محمد ابن الخشاب 1494 637- عبد الله بن أحمد، ابن الخشاب (ترجمة ثانية) 1496 638- عبد الله بن إسحاق بن سلام المكاري 1506 639- عبد الله بن إسماعيل بن عبد الله الميكالي 1507 640- عبد الله بن أسعد بن عيسى، ابن الدهان الجزري 1509 641- عبد الله بن بري النحوي 1510 642- عبد الله بن جعفر بن درستويه 1511 643- عبد الله بن الحسن بن محمد، أبو الغنائم النسابة 1513 644- عبد الله بن الحسين بن سعد القطربلي 1514 645- عبد الله بن الحسين، أبو البقاء العكبري 1515 646- عبد الله بن حمود الزبيدي الأندلسي 1517 647- عبد الله بن خليد، أبو العميثل 1518 648- عبد الله بن ذكوان الفارسي 1519 649- عبد الله بن رستم 1519 650- عبد الله بن الزبير، ابن المعتز 1519 651- عبد الله بن سعيد بن أبان الأموي 1526 652- عبد الله بن سعيد بن مهدي الخوافي 1527 653- عبد الله بن السيد البطليوسي 1527 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1913 654- عبد الله بن سليمان بن يخلف الصقلي 1529 655- أبو عبد الله العروضي الصقلي 1531 656- عبد الله بن عامر اليحصبي المقرىء 1532 657- عبد الله بن عبد الله الصفري 1533 658- عبد الله بن عبد العزيز البكري أبو عبيد 1534 659- عبد الله بن عبد الأعلى النحوي 1536 660- عبد الله بن عبد الرحمن الدينوري 1536 661- عبد الله بن عطية بن عبد الله المفسر 1538 662- عبد الله بن علي بن أحمد المقرىء 1539 663- عبد الله بن عياش المنتوف الهمداني 1541 664- عبد الله بن القاسم بن علي (ابن الحريري) 1544 665- عبد الله بن كثير، أحد القراء السبعة 1544 666- عبد الله بن أبي مالك القيسي الصقلي 1546 667- عبد الله بن محمد بن هارون التوزي 1549 668- عبد الله بن محمد، الناشىء الأكبر 1548 669- عبد الله بن محمد بن علي، عين القضاة الهمذاني 1550 670- عبد الله بن محمد بن علي، أبو القاسم الكامل 1551 671- عبد الله بن محمد بن الحسين بن ناقيا 1560 671 ب- عبد الله بن محمد الأيجي 1561 671 ج- عبد الله بن المقفع 1561 671 د- عبد الجبار بن أحمد الديناري 1561 671 هـ- عبد الحميد بن أسامة بن أحمد 1562 671 وعبد الحميد بن عبد المجيد، الأخفش الأكبر 1562 672- عبد الرحيم، القاضي الفاضل 1562 672 ب- عبد السلام الجباني، أبو هاشم 1567 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1914 673- عبد العزيز بن ابراهيم بن بيان 1567 673 ب- عبد العزيز بن أحمد المعربي الأخفش 1568 674- عبد الغافر بن اسماعيل الفارسي 1569 675- عبد الكافي الهاروني اليهودي 1569 676- عبد الكريم بن هوازن القشيري 1570 677- عبد اللطيف بن يوسف البغدادي 1571 678- عبد الواحد بن محمد بن علي 1573 679- عبد الله بن أحمد بن خرداذبه 1573 680- عبيد الله بن أحمد بن محمد، جخجخ النحوي 1574 681- عبيد الله بن عبد الرحيم الأصبهاني 1574 682- عبيد الله بن محمد بن أبي بردة القصري 1575 683- عبيد الله بن محمد بن أبي محمد اليزيدي 1576 684- عبيد الله بن محمد بن جعفر الأزدي 1576 685- عبيد الله بن محمد بن جرو الأسدي 1577 686- عبيد الله أبو بكر الخياط الأصبهاني 1579 687- عبيد الله بن محمد بن علي بن شاهمردان 1581 688- عبيد بن سرية (أو شرية) الجرهمي 1581 689- عبيد بن مسعدة يعرف بابن أبي الجليد 1584 690- عتاب بن ورقاء الشيباني 1584 691- عثمان بن جني أبو الفتح النحوي 1585 692- عثمان بن ربيعة الأندلسي 1601 693- عثمان بن سعيد، ورش المقرىء 1601 694- عثمان بن سعيد الداني، أبو عمرو ابن الصيرفي المقرىء 1603 694 ب- عثمان بن سعيد الداني (ترجمة ثانية) 1604 695- عثمان بن عبد الله، أبو عمرو الطرسوسي 1605 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1915 696- عثمان بن علي بن عمر السرقوسي الصقلي 1606 697- عثمان بن علي بن عمر الخزرجي الصفلي 1608 698- عثمان بن عيسى بن منصور البلطي 1610 699- عريب بن محمد بن مطرف القرطبي 1621 700- عزيز بن الفضل بن فضالة الهذلي 1622 701- عسل بن ذكوان العسكري 1622 702- عطاء الملط 1622 703- عطاء بن يعقوب بن ناكل 1623 704- عكرمة مولى ابن عباس 1627 705- علاقة بن كرسم الكلابي 1630 706- علان الوراق الشعوبي 1631 707- العلاء بن الحسن بن وهب بن الموصلايا 1633 708- أبو علقمة النحوي النميري 1637 709- علي بن إبراهيم بن قاشم القمي 1641 710- علي بن ابراهيم بن محمد الكاتب 1641 711- علي بن ابراهيم بن محمد الدهكي 1641 712- علي بن ابراهيم بن سلمة القطان القزويني 1642 713- علي بن ابراهيم بن سعيد الحوفي 1643 714- علي بن أحمد العقيقي العلوي 1644 715- علي بن أحمد بن أبي دجانة المصري 1644 716- علي بن أحمد الدريدي 1644 717- علي بن أحمد المهلبي اللغوي 1645 718- علي بن أحمد بن سلك الفالي 1646 719- علي بن أحمد بن سيده الأندلسي 1648 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1916 720- علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الظاهري 1650 721- علي بن أحمد بن محمد الواحدي 1659 722- علي بن أحمد الفنجكردي 1664 723- علي بن أحمد بن محمد بن الغزال النيسابوري 1665 724- علي بن أحمد بن بكري، الخازن 1666 725- علي بن بريد أبو دعامة القيسي 1666 726- علي بن بسام أبو الحسن الأندلسي 1667 727- علي بن ثروان بن الحسن الكندي 1667 728- علي بن جعفر الكاتب، أبو الحسن الفارسي 1668 729- علي بن جعفر السعدي، ابن القطاع الصقلي 1669 730- علي بن الحسن الأحمر صاحب الكسائي 1670 731- علي بن الحسن الهنائي، كراع النمل 1673 732- علي بن الحسن بن فضيل بن مروان 1673 733- علي بن الحسن بن عبد الرحمن المقرىء 1674 734- علي بن الحسن، ابن الماشطة 1674 735- علي بن الحسن- علان المصري 1676 736- علي بن الحسن، أبو الحسن الصقلي 1676 737- علي بن الحسن بن حسول 1676 738- علي بن الحسن القهستاني العميد 1677 739- علي بن الحسن بن الوحشي 1681 740- علي بن الحسن، الباخرزي 1682 741- علي بن الحسن، ابن صدقة الوزير 1688 742- علي بن الحسن، شميم الحلي 1689 743- علي بن الحسن، ابن عساكر الحافظ 1697 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1917 744- علي بن الحسن، ابن المعلمة 1704 745- علي بن الحسين، المسعودي المؤرخ 1705 746- علي بن الحسين، أبو الفرج الأصفهاني 1707 747- علي بن الحسين، أبو الفرج ابن هندو 1723 748- علي بن الحسين، الشريف المرتضى 1728 749- علي بن الحسين، ابن كوجك الوراق 1733 750- علي بن الحسين بن بلبل العسقلاني 1734 751- علي بن الحسين الآمدي النحوي 1735 752- علي بن الحسين، أبو الحسن الباقولي 1736 753- علي بن حمزة الكسائي 1737 754- علي بن حمزة بن عمارة الأصبهاني 1752 755 ب- علي بن حمزة البصري اللغوي 1784 755- علي بن حمزة البصري (ترجمة ثانية) 1755 756- علي بن حمزة الأديب أبو الحسن 1756 757- علي بن حمزة بن علي الرازي، ابن بقشلان 1756 758- علي بن خليفة بن علي، ابن المنقى 1757 759- علي بن دبيس النحوي الموصلي 1759 760- علي بن زيد القاشاني 1759 761- علي بن زيد أبو الحسن البيهقي 1759 762- علي بن سليمان الأديب البغدادي 1768 763- علي بن سليمان، حيدة اليمني 1769 764- علي بن سليمان، الأخفش الصغير 1770 765- علي بن سهل بن العباس النيسابوري 1774 766- علي بن طاهر بن جعفر السلمي 1774 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1918 767- علي بن طلحة بن كردان النحوي 1775 768- علي بن ظافر بن الحسين الأزدي 1777 769- علي بن العباس النوبختي 1778 770- علي بن عبد الله بن سنان الطوسي 1779 771- علي بن عبد الله بن علي، ابن الشيبة 1780 772- علي بن عبد الله بن أحمد النيسابوري 1781 773- علي بن عبد الله بن محمد بن الهيصم الهروي 1782 774- علي بن عبد الله بن وصيف، الناشىء الأصغر 1784 775- علي بن عبد الله بن موهب الجذامي 1791 776- علي بن عبد الله بن محمد، ابن أبي جرادة العقيلي 1792 777- علي بن عبد الجبار بن سلامة بن عيذون الهذلي 1793 778- علي بن عبد الرحمن الخزاز السوسي 1794 779- علي بن عبد الرحيم بن الحسن، ابن العصار اللغوي 1794 780- علي بن عبد العزيز بن المرزبان، أبو الحسن البغوي 1795 781- علي بن عبد العزيز، القاضي الجرجاني 1796 782- علي بن عبد العزيز، ابن حاجب النعمان 1806 783- علي بن عبد الغني القروي الحصري 1808 784- علي بن أبي طالب، أمير المؤمنين 1809 785- علي بن عبد الملك بن العباس القزويني 1813 786- علي بن عبيدة الريحاني 1814 787- علي بن عبيد الله بن الدقاق، أبو القاسم الدقيقي 1816 788- علي بن عبيد الله السمسمي 1817 789- علي بن عساكر بن المرحب البطائحي 1819 790- علي بن علي أبو الحسن البرقي 1820 الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1919 791- علي بن عراق الصناري 1820 792- علي بن عيسى الصائغ غلام ابن شاهين 1821 793- علي بن عيسى بن داود بن الجراح 1823 794- علي بن عيسى الرماني 1826 795- علي بن عيسى الربعي 1828 796- علي بن عيسى، ابن وهاس 1832 797- علي بن فضال بن علي المجاشعي 1834 798- علي بن الفضل المزني النحوي 1828 799- علي بن القاسم القاشاني 1839 800- علي بن القاسم السنجاني أبو الحسن 1842 801- علي بن المبارك اللحياني 1843 802- علي بن المبارك بن علي، ابن الزاهدة النحوي 1844 803- علي بن المحسن التنوخي أبو القاسم 1845 804- علي بن محمد المدائني أبو الحسن 1845 805- علي بن محمد بن وهب المبسعري 1852 806- علي بن محمد بن نصر البسامي 1859 807- علي بن محمد بن عبيد الأسدي، ابن الكوفي 1866 808- علي بن محمد بن الشاه الطاهري 1868 809- علي بن محمد بن عبدوس الكوفي 1869 810- علي بن محمد أبو القاسم الاسكافي 1869 811- علي بن محمد التنوخي 1872 812- علي بن محمد بن الحسين، ذو الكفايتين ابن العميد 1886 813- علي بن محمد الشمشاطي 1807 814- علي بن محمد الخلال 1909. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 1920 (بسم الله الرحمن الرحيم) [ الجزء الخامس ] [ تتمة حرف العين ] [815] علي بن محمد بن عمير النحوي الكناني يكنى أبا الحسن: كان أحد الفضلاء من أصحاب أبي بكر محمد بن الحسن بن مقسم، روى عنه «أمالي ثعلب» في سنة ست عشرة وأربعمائة فسمعه منه الحسن بن أحمد بن الثلاج وأبو الفتح ابن المقدر. [816] علي بن محمد بن عبد الرحيم بن دينار الكاتب أبو الحسين: بصري الأصل واسطي المولد والمنشأ، قال الحافظ أبو طاهر السلفي: وسألته- يعني أبا الكرم خميس بن علي الحوزي- عن ابن دينار فقال: سمع أبا بكر ابن مقسم، ولقي المتنبي فسمع منه ديوانه ومدحه بقصيدة هي عندنا موجودة في ديوانه أوّلها: ربّ القريض اليك الحلّ والرحل ... ضاقت إلى العلم إلا نحوك السبل تضاءل الشعراء اليوم عند فتى ... صعاب كلّ قريض عنده ذلل وكان شاعرا مجيدا شارك المتنبي في أكثر ممدوحيه كسيف الدولة بن حمدان وابن العميد وغيرهما، وكان حسن الخطّ يقال إنه على طريقة ابن مقلة. مات سنة تسع وأربعمائة، حمل الناس عنه الأدب فأكثروا بواسط وغيرها، وكان سهل الخلائق   (815) - وقعت هذه الترجمة في ك قبل ترجمة الشمشاطي؛ ولابن عمير النحوي ترجمة في الوافي 22: 108 (عن ياقوت) وبغية الوعاة 2: 198.. (816) - لابن دينار الكاتب ترجمة في الوافي 22: 63 (باختصار عن ياقوت) وسؤالات السلفي: 23- 25. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 1921 جميل «1» الطريقة، سأله الناس بواسط بعد موت أبي محمد عبد الله العلوي أن يجلس لهم صدرا فيقرئهم فامتنع وقال: أنا أتعمم مدوّرة وكمّي ضيق وليست هذه حلية أهل القرآن، أظنني سمعت ذلك من أبي الحسن المغازليّ الشاهد، هذا آخر ما قاله خميس. قلت: وقد سمع أبو غالب محمد بن بشران من ابن دينار كثيرا فروى عنه كتب الزجاج عن أبي الحسن علي بن الجصاص عن الزجاج، وروى عنه مصنفات ثعلب عن أبي بكر محمد بن الحسن بن مقسم عنه، وروى له كتب ابن الأعرابي عن ابن مقسم عن ثعلب عنه، وروى له كتب ابن السكيت جميعها ك «الاصلاح» و «الألفاظ» و «النبات» وغير ذلك عن ابن مقسم عن المعبدي عن ابن السكيت وروى له كتب ابن قتيبة: ك «كتاب غريب الحديث» و «كتاب أدب الكاتب» و «كتاب الأشربة» و «عيون الأخبار» وعدد كتبه كلها عن أبي القاسم الآمدي عن أبي جعفر أحمد ابن قتيبة عن أبيه، وروى له كتب الآمدي جميعها عنه، وروى له كتاب أبى الفرج علي بن الحسين الأصفهاني «الأغاني الكبير» وغيره عنه، وروى له «كتاب الجمهرة» لابن دريد عن أبي الفتح عبيد الله بن أحمد النحوي جخجخ عن ابن دريد، وغير ذلك مما يطول شرحه. وأخذ ابن دينار عن أبي سعيد السيرافي وأبي علي الفارسي. ومولد ابن دينار سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة. وذكر أبو عبد الله الحميدي في «ثبته» قال: حدثني أبو غالب ابن بشران النحوي قال: حدثني أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الرحيم بن دينار الكاتب قال: قرأت على أبي الفرج علي بن الحسين الأصفهاني جميع «كتاب الأغاني» . [817] علي بن محمد النهاوندي النحوي: روى عن جنادة أبي أسامة وعن أبي يوسف أحمد بن الحسين «2» عن المبرد.   (817) - ترجمته في بغية الوعاة 2: 205 (عن ياقوت) . الجزء: 5 ¦ الصفحة: 1922 [818] علي بن محمد بن الحسن الهروي: والد أبي سهل محمد بن علي الهروي الذي يكتب «الصحاح» ، وقد ذكر في بابه: وكان أبو الحسن هذا عالما بالنحو إماما في الأدب جيد القياس صحيح القريحة حسن العناية بالآداب، وكان مقيما بالديار المصرية، وله تصانيف منها: كتاب الذخائر في النحو أربع مجلدات رأيته بمصر بخطه. وكتاب الأزهية شرح فيه العوامل والحروف «1» ، وهما كتابان جليلان أبان فيهما عن فضله. [819] علي بن محمد بن أبي الحسين الأندلسي، أبو الحسن الكاتب: مشهور بالأدب والشعر وله كتاب في التشبيهات من أشعار أهل الأندلس، كان في أيام الدولة العامرية وعاش الى أيام الفتنة، ذكره الحميدي. [820] علي بن محمد بن العباس أبو حيان التوحيدي: شيرازي الأصل، وقيل نيسابوري، ووجدت بعض الفضلاء يقول له الواسطي، صوفي السمت والهيئة وكان   (818) - ترجمته في إنباه الرواة 2: 311 والوافي 22: 163 وبغية الوعاة 2: 205. (819) - جذوة المقتبس: 290 (بغية الملتمس رقم: 1194) والصلة: 392 وزاد ابن بشكوال أنه من أهل قرطبة، روى عن القاضي أبي أيوب بن عمرون وأحمد بن سيد وأبي سليمان عبد السلام بن السمح الزهراوي وصاعد اللغوي، وحدث عنه أبو بكر المصحفي. (820) - ترجمة التوحيدي في: شدّ الازار: 53 وتهذيب الأسماء واللغات 2: 223 وابن خلكان 5: 112 وسير الذهبي 17: 119 وميزان الاعتدال 4: 518 وعيون التواريخ 12: 216 والوافي 22: 39 (وفيه نقل عن ياقوت) وطبقات السبكي 5: 286 وطبقات الاسنوي 1: 301 ولسان الميزان 7: 38 وبغية الوعاة 2: 190 وطبقات ابن هداية الله: 114 والبلغة: 162 والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد: 196 (وزاد في نسبه «أحمد» قبل «العباس» وأورد له بيتين من الشعر) واشارة التعيين: 226 وقد كتبت عنه- كتب وبحوث كثيرة في العصر الحديث بالعربية وغيرها من اللغات، يضيق المجال هنا عن حصرها؛ وقد حاول محقق «المقابسات» حصر أسماء كتبه فخلطها بكتب أبي حيان أثير الدين الجياني الأندلسي. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 1923 يتأله والناس يقولون «1» في دينه، قدم بغداد فأقام بها مدة، ومضى إلى الريّ وصحب الصاحب أبا القاسم إسماعيل بن عباد وقبله أبا الفضل ابن العميد فلم يحمدهما، وعمل في مثالبهما كتابا، وكان متفننا في جميع العلوم من النحو واللغة والشعر والأدب والفقه والكلام على رأي المعتزلة، وكان جاحظيا يسلك في تصانيفه مسلكه ويشتهي أن ينتظم في سلكه، فهو شيخ في الصوفية، وفيلسوف الأدباء، وأديب الفلاسفة، ومحقق الكلام، ومتكلم المحققين، وإمام البلغاء، وعمدة لبني ساسان، سخيف اللسان، قليل الرضى عند الإساءة إليه والإحسان، الذمّ شانه والثلب دكانه، وهو مع ذلك فرد الدنيا الذي لا نظير له ذكاء وفطنة وفصاحة ومكنة، كثير التحصيل للعلوم في كلّ فن حفظه، واسع الدراية والرواية، وكان مع ذلك محدودا محارفا يتشكّى صرف زمانه، ويبكي في تصانيفه على حرمانه. ولم أر أحدا من أهل العلم ذكره في كتاب ولا دمجه في ضمن خطاب، وهذا من العجب العجاب، غير أن أبا حيان ذكر نفسه في «كتاب الصديق والصداقة» وهو كتاب حسن نفيس بما قال فيه «2» : كان سبب إنشاء هذا الكتاب «الرسالة في الصديق والصداقة» أني ذكرت منها شيئا لزيد بن رفاعة أبي الخير، فنماه إلى ابن سعدان أبي عبد الله سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة قبل تحمله عبء «3» الدولة وتدبيره أمر الوزارة، فقال لي ابن سعدان: قال لي عنك زيد كذا وكذا، قلت: قد كان ذاك، فقال لي: دوّن هذا الكلام وصله بصلاته مما يصح عندك لمن تقدم، فإن حديث الصديق حلو، ووصف الصاحب المساعد مطرب. فجمعت ما في هذه الرسالة وشغل عن ردّ القول فيها وبطؤت أنا عن تحريرها إلى أن كان من أمره الجزء: 5 ¦ الصفحة: 1924 ما كان، فلما كان هذا الوقت وهو رجب سنة أربعمائة عثرت على المسودة وبيضتها (وهذا دليل على بقائه إلى بعد الأربعمائة) . وفي «كتاب الهفوات» لابن الصابىء «1» : وحكى أبو حيان قال: حضرت مائدة الصاحب ابن عباد فقدّمت مضيرة فأمعنت فيها، فقال لي: يا أبا حيان إنها تضرّ بالمشايخ، فقلت: إن رأى الصاحب أن يدع التطبب على طعامه فعل، فكأني ألقمته حجرا وخجل واستحيا ولم ينطق إلى أن فرغنا. ولأبي حيان تصانيف كثيرة منها: كتاب رسالة الصديق والصداقة. كتاب الردّ على ابن جني في شعر المتنبي. كتاب الامتاع والمؤانسة جزءان. كتاب الاشارات الآلهية جزءان. كتاب الزلفة جزء. كتاب المقابسة. كتاب رياض العارفين. كتاب تقريظ الجاحظ. كتاب ذم الوزيرين. كتاب الحج العقلي إذا ضاق الفضاء عن الحج الشرعي. كتاب الرسالة في صلات الفقهاء في المناظرة. كتاب الرسالة البغدادية. كتاب الرسالة في أخبار الصوفية. كتاب الرسالة الصوفية أيضا. كتاب الرسالة في الحنين إلى الأوطان. كتاب البصائر وهو عشر مجلدات كلّ مجلد له فاتحة وخاتمة. كتاب المحاضرات والمناظرات «2» . قال أبو حيان في «كتاب المحاضرات» : كنت بحضرة أبي سعيد السيرافي فوجدت بخطه على ظهر «كتاب اللمع في شواذ التفسير» وكان بين يديه فأخذته ونظرت قال: ذم أعرابي رجلا فقال: ليس له أول يحمل عليه ولا آخر يرجع إليه ولا عقل يزكو به عاقل لديه، وأنشد: حسبتك إنسانا على غير خبرة ... فكشّفت عن كلب أكبّ على عظم لحا الله رأيا قاد نحوك همتي ... فأعقبني طول المقام على الذم الجزء: 5 ¦ الصفحة: 1925 فقال لي: يا أبا حيان ما الذي كنت تكتب؟ قلت: الحكاية التي على ظهر هذا الكتاب، فأخذها وتأملها وقال: تأبى إلا الاشتغال بالقدح والذم وثلب الناس، فقلت: أدام الله الامتاع به شغل كلّ إنسان بما هو مبتلى به مدفوع إليه. قال أبو حيان: وقصدت مع أبي زيد المروزي دار أبي الفتح ذي الكفايتين فمنعنا من الدخول عليه أشدّ منع، وذكر حاجبه أنه يأكل الخبز، فرجعنا بعد أن قال أبو زيد للحاجب: أجلسنا في الدهليز إلى أن يفرغ من الأكل، فلم يفعل، فلما انصرفنا خزايا أنشأ يقول متمثلا «1» : على خبز إسماعيل واقية البخل ... فقد حلّ في دار الأمان من الأكل وما خبزه إلّا كآوى يرى ابنه ... ولم ير آوى في الحزون ولا السهل وما خبزه إلا كعنقاء مغرب ... تصوّر في بسط الملوك وفي المثل يحدّث عنها الناس من غير رؤية ... سوى صورة ما إن تمرّ ولا تحلي قال أبو حيان وأنشدنا أبو بكر القومسي الفيلسوف، وكان بحرا عجاجا وسراجا وهاجا، وكان من الضرّ والفاقة ومقاساة الشدة والاضاقة بمنزلة عظيمة، عظيم القدر عند ذوي الأخطار منحوس الحظّ منهم، متهما في دينه عند العوام مقصودا من جهتهم، فقال لي يوما: ما ظننت أن الدنيا ونكدها تبلغ من إنسان ما بلغ مني، إن قصدت دجلة لأغتسل منها نضب ماؤها، وإن خرجت إلى القفار لأتيمم بالصعيد عاد صلدا أملس، وكأنّ العطويّ ما أراد بقصيدته غيري وما عني بها سواي. ثم أنشدنا للعطوي: من رماه الإله بالإقتار ... وطلاب الغنى من الأسفار هو في حيرة وضنك وإفلاس ... وبؤس ومحنة «2» وصغار يا أبا القاسم الذي أوضح الجود ... إليه مقاصد الأحرار خذ حديثي فانّ وجهي مذ بارز ... «3» هذا الأنام في ثوب قار الجزء: 5 ¦ الصفحة: 1926 وهو للسامعين أطيب من نفح ... نسيم الرياض غبّ القطار هجم البرد مسرعا ويدى صف ... ر وجسمي عار بغير دثار فتسترت منه طول التشارى ... ن إلى أن تهتكت أستاري ونسجت الأطمار بالخيط والاب ... رة حتى عريت من أطماري وسعى القمل في دروز قميصي ... من صغار ما بينهم وكبار يتساعون من ثيابي إلى رأ ... سي قطارا يجول بعد قطار ثم وافى كانون واسودّ وجهي ... وأتاني ما كان منه حذاري لو تأملت صورتي ورجوعي ... حين أمسي إلى ربوع قفار أنا وحدي فيه وهل فيه فضل ... لجلوس الأنيس والزوّار والخلا لا يراد فيه فما لي ... أبدا حاجة إلى حفّار بل يراد الخلا لمنحدر النج ... وو ما ذقت لقمة في الدار وإذا لم تدر على المطعم الأف ... واه سدّت مثاعب الأجحار وقلت له يوما: لو قصدت ابن العميد وابن عباد عسى تكون من جملة من ينفق عليهما ويحظى لديهما، فأجابني بكلام منه: معاناة الضرّ والبؤس أولى من مقاساة الجهال والتيوس، والصبر على الوخم الوبيل أولى من النظر إلى محيا كل ثقيل، ثم أنشأ يقول: بيني وبين لئام الناس معتبة ... ما تنقضي وكرام الناس إخواني إذا لقيت لئيم القوم عنّفني ... وإن لقيت كريم القوم حياني وقلت له: هل تعرف في معنى قصيدة العطوي أخرى؟ قال: نعم قصيدة الحرّاني صاحب المأمون، فقلت: لو تفضلت بانشادها، فقال: خذ في حديث من أقبلت عليه دنياه وتمكن فيها من مناه، ودع حديث الحرف والعسر والشؤم والخسر تطيرا إن لم ترفضه تأدبا، فقلت له: ما أعرف لك شريكا فيما أنت عليه وتتقلّب فيه وتقاسيه سواي، ولقد استولى عليّ الحرف وتمكن مني نكد الزمان إلى الحدّ الذي لا أسترزق مع صحة نقلي وتقييد خطي وتزويق نسخي وسلامته من التصحيف والتحريف الجزء: 5 ¦ الصفحة: 1927 بمثل ما يسترزق البليد الذي يمسخ النسخ ويفسخ الأصل والفرع. وقصدت ابن عباد بأمل فسيح وصدر رحيب، فقدّم إليّ رسائله في ثلاثين مجلدة على أن أنسخها له، فقلت: نسخ مثله يأتي على العمر والبصر، والوراقة كانت موجودة ببغداد، فأخذ في نفسه عليّ من ذلك، وما فزت بطائل من جهته. فقال: بلغني ذلك، فقلت له: ولو كان شيئا يرتفع من اليد بمدة قريبة لكنت لا أتعطّل وأتوفر عليه، ولو قرّر معي أجرة مثله لكنت أصبر عليه، فليس لمن وقع في شرّ الشباك وعين الهلاك إلا الصبر. قال أبو حيان: ودخلت على الدلجي بشيراز وكنت قد تأخرت عنه أياما، وهذا الكتاب يعني «كتاب المحاضرات» جمعته له بعد ذلك ولأجله أتعبت نفسي، فقال لي: يا أبا حيان من أين؟ فقلت: إذا شئت أن تقلى فزر متواترا ... وان شئت أن تزداد حبّا فزر غبا وهذا لملال ظهر لي منه وقليل إعراض، أعرض عني في يوم، فقال لي: ما هذا البيت إلا بيت جيد يعرفه الخاص والعام، وهو موافق لما يذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: زر غبا تزدد حبا، فلو كان لهذا البيت أخوات كان أحسن من أن يكون فردا، قلت: فله أخوات، قال: فأنشدني، قلت: لا أحفظها، قال: فأخرجها، قلت: لا أهتدي إليها، قال: فمن أين عرفتها؟ قلت: مرّت بي في جملة تعليقات، قال: فاطلبها لأقدّم رسمك، قلت: فقدمه الآن على شريطة أنه إذا جاء الوقت المعتاد إطلاقه فيه كلّ سنة أطلقته أيضا، قال: أفعل، قلت: فخدها الآن: سمعت العروضي أبا محمد يقول: دخل بعض الشعراء على عيسى بن موسى الرافقي وبين يديه جارية يقال لها خلوب، فقال لها: اقترحي عليه، فقالت: إذا شئت أن تقلى فزر متواترا ... وإن شئت أن تزداد حبّا فزر غبا أجزه بأبيات تليق به فأنشد: بقيت بلا قلب فانّي هائم ... فهل من معير يا خلوب لكم قلبا حلفت بربّ البيت أنّك منيتي ... فكوني لعيني ما نظرت بها نصبا عسى الله يوما أن يرينيك خاليا ... فيزداد لحظي من محاسنكم عجبا إذا شئت أن تقلى فزر متواترا ... وإن شئت أن تزداد حبا فزر غبا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 1928 فأنجز لي ما وعد، ووفى بما شرط، وكان ينفق عليه سوق العلم، مع جنون كان يعتريه ويتخبط في أكثر أوقاته فيه، وليت مع هذه الحالة خلّف لنفسه شكلا أو نرى له في وقتنا هذا مثلا، بارت البضائع وثارت «1» البدائع، وكسد سوق العلم، وخمد ذكر الكرم، وصار الناس عبيد الدرهم بعد الدرهم. وكان أبو حيان قد أحرق كتبه في آخر عمره لقلة جدواها وضنا بها على من لا يعرف قدرها بعد موته، فكتب إليه القاضي أبو سهل على بن محمد يعذله على صنيعه، ويعرّفه قبح ما اعتمد من الفعل وشنيعه، فكتب إليه أبو حيان يعتذر من ذلك: «حرسك الله أيها الشيخ من سوء ظني بمودتك وطول جفائك، وأعاذني من مكافأتك على ذلك، وأجارنا جميعا مما يسود وجه عهد إن رعيناه كنا مستأنسين به، وإن أهملناه كنا مستوحشين من أجله، فأدام الله نعمته عندك وجعلني على الحالات كلها فداك. وافاني كتابك غير محتسب ولا متوقّع، على ظماء برح منّي إليه، وشكرت الله تعالى على النعمة به عليّ، وسألته المزيد من أمثاله الذي وصفت فيه بعد ذكر الشوق إليّ والصبابة نحوي وما نال قلبك والتهب في صدرك من الخبر الذي نمي إليك فيما كان مني من إحراق كتبي النفيسة بالنار وغسلها بالماء، فعجبت من انزواء وجه العذر عنك في ذلك، كأنك لم تسمع قارئا يقرأ قوله جلّ وعز: كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (القصص: 88) وكأنك لم تأبه لقوله تعالى: كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ (الرحمن: 26) وكأنك لم تعلم أنه لا ثبات لشيء من الدنيا وإن كان شريف الجوهر كريم العنصر ما دام مقلّبا بيد الليل والنهار، معروضا على أحداث الدهر وتعاور الأيام، ثم إني أقول: إن كان- أيدك الله- قد نقب خفّك ما سمعت فقد أدمى أظلّي ما فعلت، فليهن عليك ذلك فما انبريت له ولا اجترأت عليه حتى استخرت الله عز وجل فيه أياما وليالي، وحتى أوحى إليّ في المنام بما بعث راقد العزم، وأجدّ فاتر النية، وأحيا ميت الرأي، وحثّ على تنفيذ ما وقع في الرّوع وتريّع في الخاطر، وأنا أجود عليك الآن بالحجة في ذلك إن طالبت، أو بالعذر إن استوضحت، لتثق بي فيما كان مني، وتعرف صنع الله تعالى في ثنيه لي» . الجزء: 5 ¦ الصفحة: 1929 «إن العلم حاطك الله يراد للعمل، كما أن العمل يراد للنجاة، فإذا كان العمل قاصرا عن العلم كان العلم كلّا على العالم، وأنا أعوذ بالله من علم عاد كلا وأورث ذلا وصار في رقبة صاحبه غلا، وهذا ضرب من الاحتجاج المخلوط بالاعتذار. ثم اعلم- علمك الله الخير- أن هذه الكتب حوت من أصناف العلم سرّه وعلانيته، فأما ما كان سرّا فلم أجد له من يتحلّى بحقيقته راغبا، وأما ما كان علانية فلم أصب من يحرص عليه طالبا، على أني جمعت أكثرها للناس ولطلب المثالة «1» منهم، ولعقد الرياسة بينهم ولمدّ الجاه عندهم، فحرمت ذلك كله، ولا شكّ في حسن ما اختاره الله لي وناطه بناصيتي وربطه بأمري، وكرهت مع هذا وغيره أن تكون حجة عليّ لا لي. ومما شحذ العزم على ذلك ورفع الحجاب عنه أني فقدت ولدا نجيبا، وصديقا حبيبا، وصاحبا قريبا، وتابعا أديبا، ورئيسا مثيبا، فشق عليّ أن أدعها لقوم يتلاعبون بها ويدنّسون عرضي إذا نظروا فيها، ويشمتون بسهوي وغلطي إذا تصفحوها، ويتراءون نقصي وعيبي من أجلها، فإن قلت: ولم تسمهم بسوء الظن وتقرّع جماعتهم بهذا العيب؟ فجوابي لك أن عياني منهم في الحياة هو الذي يحقّق ظنّي بهم بعد الممات، وكيف أتركها لأناس جاورتهم عشرين سنة فما صحّ لي من أحدهم وداد ولا ظهر لي من إنسان منهم حفاظ، ولقد اضطررت بينهم بعد الشهرة والمعرفة في أوقات كثيرة إلى أكل الخضراوات في الصحراء، وإلى التكفف الفاضح عند الخاصة والعامة، وإلى بيع الدين والمروءة، وإلى تعاطي الرياء بالنفاق والسمعة، وإلى ما لا يحسن بالحرّ أن يرسمه بالقلم، ويطرح في قلب صاحبه الألم، وأحوال الزمان بادية لعينك، بارزة بين مسائك وصباحك، وليس ما قلته بخاف عليك مع معرفتك وفطنتك وشدة تتبعك وتفرغك. وما كان يجب أن ترتاب في صواب ما فعلته وأتيته، بما قدّمته ووصفته وبما أمسكت عنه وطويته، إما هربا من التطويل وإما خوفا من القال والقيل. وبعد فقد أصبحت هامة اليوم أو غد، فإني في عشر التسعين، وهل لي بعد الكبرة والعجز أمل في حياة لذيذة أو رجاء لحال جديدة، ألست من زمرة من قال القائل فيهم: نروح ونغدو كلّ يوم وليلة ... وعما قليل لا نروح ولا نغدو الجزء: 5 ¦ الصفحة: 1930 وكما قال الآخر: تفوّقت درّات الصبا في ضلاله ... إلى أن أتاني بالفطام مشيب وهذا البيت للورد الجعدي «1» ، وتمامه يضيق عنه هذا المكان» . «والله يا سيدي لو لم أتعظ إلا بمن فقدته من الاخوان والأخدان، في هذا الصقع، من الغرباء والأدباء والأحبّاء لكفى، فكيف بمن كانت العين تقرّبهم والنفس تستنير بقربهم، فقدتهم بالعراق والحجاز والجبل والريّ وما والى هذه المواضع، وتواتر إليّ نعيهم واشتدّت الواعية بهم، فهل أنا إلا من عنصرهم؟ وهل لي محيد عن مصيرهم؟ أسأل الله تعالى ربّ الأولين أن يجعل اعترافي بما أعرفه موصولا بنزوعي عما أقترفه، إنه قريب مجيب» . «وبعد فلي في إحراق هذه الكتب أسوة بأئمة يقتدى بهم ويؤخذ بهديهم ويعشى إلى نارهم، منهم أبو عمرو بن العلاء، وكان من كبار العلماء مع زهد ظاهر وورع معروف، دفن كتبه في بطن الأرض فلم يوجد لها أثر. وهذا داود الطائي، وكان من خيار عباد الله زهدا وفقها وعبادة، ويقال له تاج الأمة، طرح كتبه في البحر وقال يناجيها: نعم الدليل كنت، والوقوف مع الدليل بعد الوصول عناء وذهول وبلاء وخمول. وهذا يوسف بن أسباط، حمل كتبه إلى غار في جبل وطرحها فيه وسدّ بابه، فلما عوتب على ذلك قال: دلّنا العلم في الأول ثم كاد يضلّنا في الثاني، فهجرناه لوجه من وصلناه، وكرهناه من أجل من أردناه. وهذا أبو سليمان الداراني جمع كتبه في تنور وسجرها بالنار ثم قال: والله ما أحرقتك حتى كدت أحترق بك. وهذا سفيان الثوري مزّق ألف جزء وطيّرها في الريح وقال: ليت يدي قطعت من هاهنا بل من هاهنا ولم أكتب حرفا. وهذا شيخنا أبو سعيد السيرافي سيد العلماء قال لولده محمد: قد تركت لك هذه الكتب تكتسب بها خير الآجل، فإذا رأيتها تخونك فاجعلها طعمة للنار» . «وماذا أقول بعد هذا، وبماذا تقابلني بعد ذلك، سوى أني أقول وسامعي يصدق: إن زمانا أحوج مثلي إلى ما بلغك لزمان تدمع له العين حزنا وأسى، ويتقطّع عليه القلب غيظا وجوى وضنى وشجى، وما نصنع بما كان وحدث وبان، إن احتجت الجزء: 5 ¦ الصفحة: 1931 إلى العلم في خاصة نفسي فالقليل والله تعالى شاف كاف، وإن احتجت إليه للناس ففي الصدر منه ما يملأ القرطاس بعد القرطاس إلى أن تفنى الأنفاس بعد الأنفاس، وذلك من فضل الله تعالى عليّ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ* (الجاثية: 26) فلم تعنّى عيني- أيدك الله- بعد هذا بالحبر والورق والجلد والقراءة والمقابلة والتصحيح، وبالسواد والبياض؟ وهل أدرك السلف الصالح في الدين الدرجات العلى إلا بالعمل الصالح والاخلاص المعتقد والزهد الغالب في كلّ ما راق من الدنيا وخدع بالزبرج وهوى بصاحبه إلى الهبوط؟ وهل وصل الحكماء القدماء إلى السعادة العظمى إلا بالاقتصاد في السعي وإلا بالرضى بالميسور وإلا ببذل ما فضل عن الحاجة للسائل والمحروم؟ فأين يذهب بنا وعلي أيّ باب نحطّ رحالنا؟ وهل جامع الكتب إلا كجامع الفضة والذهب، وهل المنهوم بها إلا كالحريص الجشع عليهما؟ وهل المغرم بحبها إلا كمكاثرهما؟ هيهات!! الرحيل والله قريب والثواء قليل، والمضجع مقض والمقام ممضّ، والطريق مخوف والمعين ضعيف، والاغترار غالب، والله من وراء هذا كلّه طالب، نسأل الله تعالى رحمة يظلنا جناحها، ويسهل علينا في هذه العاجلة غدوها ورواحها، فالويل كل الويل لمن بعد عن رحمته بعد أن حصل تحت قدره، فهذا هذا» . «ثم إني- أيدك الله- ما أردت أن أجيبك عن كتابك لطول جفائك وشدة التوائك عمن لم يزل على رأيك، مجتهدا في محبتك على قربك ونأيك، مع ما أجده من انكسار النشاط، وانطواء الانبساط، لتعاور العلل عليّ، وتخاذل الأعضاء مني، فقد كلّ البصر وانعقد اللسان، وجمد الخاطر وذهب البيان، وملك الوسواس، وغلب اليأس من جميع الناس، ولكني حرست منك ما أضعته مني، ووفيت لك بما لم تف به لي، ويعزّ عليّ أن يكون لي الفضل عليك أو أحرز المزية دونك، وما حداني على مكاتبتك إلا ما أتمثله من تشوقك إليّ وتحرقك عليّ، وأنّ الحديث الذي بلغك قد بدّد فكرك، وأعظم تعجبك، وحشد عليك جزعك، والأول يقول: وقد يجزع المرء الجليد وتبتلي ... عزيمة رأي المرء نائبة الدهر تعاوره الأيام فيما ينوبه ... فيقوى على أمر ويضعف عن أمر على أنك لو علمت في أيّ حال غلب عليّ ما فعلته، وعند أي مرض، وعلى أية عسرة وفاقة، لعرفت من عذري أضعاف ما أبديته، واحتججت لي بأكثر ما نشرته الجزء: 5 ¦ الصفحة: 1932 وطويته. وإذا أنعمت النظر تيقنت أن لله جلّ وعزّ في خلقه أحكاما لا يعاز عليها، ولا يغالب فيها، لأنه لا يبلغ كنهها، ولا ينال غيبها، ولا يعرف قابها ولا يقرع بابها، وهو تعالى أملك لنواصينا، وأطلع على أدانينا واقاصينا، له الخلق والأمر، وبيده الكسر والجبر، وعلينا الصمت والصبر، إلى أن يوارينا اللحد والقبر، والسلام» . «إن سرّك- جعلني الله فداك- أن تواصلني بخبرك، وتعرفني مقرّ خطابي هذا من نفسك فافعل، فإني لا أدع جوابك إلى أن يقضي الله تعالى تلاقيا يسرّ النفس، ويذكّر حديثنا بالأمس، أو بفراق نصير به إلى الرمس، ونفقد معه رؤية هذه الشمس، والسلام عليك خاصا بحقّ الصفاء الذي بيني وبينك، وعلى جميع إخوانك عامّا بحقّ الوفاء الذي يجب عليّ وعليك والسلام» . وكتب هذا الكتاب في شهر رمضان سنة أربعمائة. قال أبو حيان في «كتاب أخلاق الوزيرين» «1» من تصنيفه: طلع ابن عباد عليّ يوما في داره وأنا قاعد في كسر إيوان أكتب شيئا قد كان كأدني به، فلما أبصرته قمت قائما، فصاح بحلق مشقوق، اقعد فالوراقون أخسّ من أن يقوموا لنا، فهممت بكلام، فقال لي الزعفراني الشاعر «2» : اسكت فالرجل رقيع، فغلب عليّ الضحك واستحال الغيظ تعجبا من خفته وسخفه، لأنه كان قد قال هذا وقد لوى شدقه وشنّج أنفه وأمال عنقه، واعترض في انتصابه، وانتصب في اعتراضه، وخرج في تفكك «3» مجنون قد أفلت من دير حنّون، والوصف لا يأتى على كنه هذه الحال لأن حقائقها لا تدرك إلا باللحظ ولا يؤتى عليها باللفظ، فهذا كلّه من شمائل الرؤساء وكلام الكبراء، وسيرة أهل العقل والرزانة؟!، لا والله وتربا لمن يقول غير هذا. وحدّث أبو حيان قال «4» قال الصاحب يوما: فعل وأفعال قليل، وزعم النحويون أنه ما جاء إلا زند وأزناد، وفرخ وأفراخ، وفرد وأفراد، فقلت له: أنا أحفظ ثلاثين حرفا كلها فعل وأفعال، فقال: هات يا مدعي، فسردت الحروف ودللت على الجزء: 5 ¦ الصفحة: 1933 مواضعها من الكتب ثم قلت: ليس للنحوي أن يلزم مثل هذا الحكم إلا بعد التبحر والسماع الواسع، وليس للتقليد وجه إذا كانت الرواية شائعة والقياس مطردا، وهذا كقولهم فعيل على عشرة أوجه، وقد وجدته أنا يزيد على أكثر من عشرين وجها وما انتهيت في التتبع إلى أقصاه، فقال: خروجك من دعواك في فعل يدلنا على قيامك في فعيل، ولكن لا نأذن لك في اقتصاصك، ولا نهب آذاننا لكلامك، ولم يف ما أتيت به بجرأتك في مجلسنا وتبسطك في حضرتنا، فهذا كما ترى. قال أبو حيان «1» : وأما حديثي معه- يعني مع ابن عباد- فإنني حين وصلت اليه قال لي: أبو من؟ قلت: أبو حيان، فقال: بلغني أنك تتأدب، فقلت: تأدب أهل الزمان، فقال: أبو حيان ينصرف أو لا ينصرف؟ قلت: إن قبله مولانا لا ينصرف، فلما سمع هذا تنمر وكأنه لم يعجبه، وأقبل على واحد الى جانبه وقال له بالفارسية سفها على ما قيل لي، ثم قال: الزم دارنا وانسخ هذا الكتاب، فقلت: أنا سامع مطيع. ثم إني قلت لبعض الناس في الدار مسترسلا: إنما توجهت من العراق إلى هذا الباب، وزاحمت منتجعي هذا الربع لأتخلّص من حرفة الشؤم، فان الوراقة لم تكن ببغداد كاسدة، فمني اليه هذا أو بعضه أو على غير وجهه فزاده تنكرا. قال أبو حيان «2» : وقال لي ابن عباد يوما يا أبا حيان من كنّاك بأبي حيان؟ قلت: أجلّ الناس في زمانه وأكرمهم في وقته، قال: ومن هو ويلك؟ قلت: أنت، قال: ومتى كان ذلك؟ قلت: حين قلت يا أبا حيان من كناك أبا حيان، فاضرب عن هذا الحديث وأخذ في غيره على كراهة ظهرت عليه. قال وقال لي يوما آخر «3» ، وهو قائم في صحن داره والجماعة قيام منهم الزعفراني، وكان شيخا كثير الفضل جيد الشعر ممتع الحديث، والتميمي المعروف بسطل «4» وكان من مصر، والأقطع وصالح الوراق وابن ثابت وغيرهم من الكتاب والندماء: يا أبا حيان هل تعرف فيمن تقدم من يكنى بهذه الكنية؟ قلت: نعم من أقرب ذلك أبو حيان الدارميّ، حدثنا أبو بكر محمد بن محمد القاضي الدقاق، قال الجزء: 5 ¦ الصفحة: 1934 حدثنا ابن الأنباريّ، قال حدثنا أبي، قال حدثنا ابن ناصح قال: دخل أبو الهذيل العلاف على الواثق فقال له الواثق: لمن تعرف هذا الشعر؟ سباك من هاشم سليل ... ليس إلى وصله سبيل من يتعاط الصفات فيه ... فالقول في وصفه فضول للحسن في وجهه هلال ... لأعين الخلق لا يزول وطرّة ما يزال فيها ... لنور بدر الدجى مقيل ما اختال في صحن قصر أوس ... الا تسجى «1» له قتيل فإن يقف فالعيون نصب ... وإن تولّى فهن حول فقال أبو الهذيل: يا أمير المؤمنين هذا لرجل من أهل البصرة يعرف بأبي حيان الدارميّ وكان يقول بإمامة المفضول، وله من كلمة يقول فيها: أفضّله والله قدّمه على ... صحابته بعد النبّي المكرم بلا بغضة والله مني لغيره ... ولكنه أولاهم بالتقدم وجماعة من أصحابنا قالوا: أنشد أبو قلابة عبد الله «2» بن محمد الرقاشي لأبي حيان البصري «3» : يا صاحبي دعا الملام وأقصرا ... ترك الهوى يا صاحبيّ خساره كم لمت قلبي كي يفيق فقال لي ... لجّت يمين ما لها كفاره ألّا أفيق ولا أفتّر لحظة ... إن أنت لم تعشق فأنت حجاره الحبّ أول ما يكون بنظرة ... وكذا الحريق بداؤه بشراره يا من أحبّ ولا أسمّي باسمها ... اياك اعني فاسمعي يا جاره فلما وفيت الشعر ورويت الاسناد وريقي بليل، ولساني طلق، ووجهي متهلل، وقد تكلفت هذا وأنا في بقية من غرب الشباب وبعض ريعانه، وملأت الدار صياحا بالرواية والقافية، فحين انتهيت أنكرت طرفه وعلمت سوء موقع ما رويت عنده قال: الجزء: 5 ¦ الصفحة: 1935 ومن تعرف أيضا؟ قلت: ابن الجعابي الحافظ «1» يكنى بأبي حيان، رجل صدق وهو يروي عن التابعين. قال: ومن تعرف أيضا؟ قلت: روى الصوليّ فيما حدّثنا عنه المرزباني أن معاوية لما احتضر أنشد يزيد عند رأسه متمثلا: لو أن حيا نجا لفات أبو ... حيان لا عاجز ولا وكل الحوّل القلّب الأريب وهل ... يدفع صرف المنية الحيل قال الصوليّ: وهذا كان من المعمرين المعقلين «2» ، وانتهى الحديث من غير هشاشة ولا هزة ولا أريحية، بل على اكفهرار وجه ونبوّ طرف وقلة تقبل، وجرت أشياء أخر كان عقباها أني فارقت بابه سنة سبعين وثلاثمائة راجعا الى مدينة السلام بغير زاد ولا راحلة، ولم يعطني في مدة ثلاث سنين درهما واحدا ولا ما قيمته درهم واحد، احمل هذا على ما أردت. ولما نال مني هذا الحرمان الذي قصدني به، وأحفظني عليه، وجعلني من جميع غاشيته «3» فردا أخذت أتلافى «4» ذلك بصدق القول عنه وسوء الثناء عليه، والبادىء أظلم، وللأمور أسباب، وللأسباب أسرار، والغيب لا مطّلع عليه ولا قارع لبابه. قال أبو حيان «5» قال لي الصاحب يوما وهو يحدّث عن رجل أعطاه شيئا فتلكأ في قبوله: ولا بدّ من شيء يعين على الدهر ثم قال: سألت جماعة عن صدر هذا البيت فما كان عندهم ذلك، فقلت: أنا أحفظ ذاك، فنظر بغضب، فقال: ما هو؟ قلت: نسيت، فقال: ما أسرع ذكرك من نسيانك، قلت: ذكرته والحال سليمة فلما استحالت عن السلامة نسيت، قال: وما حيلولتها؟ قلت: نظر الصاحب بغضب، فوجب في حسن الأدب ألا يقال ما يثير الغضب، قال: ومن تكون حتى نغضب عليك؟ دع هذا وهات، قلت قول الشاعر: الجزء: 5 ¦ الصفحة: 1936 ألام على أخذ القليل وإنما ... أصادف أقواما أقلّ من الذرّ فإن أنا لم آخذ قليلا حرمته ... ولا بدّ من شيء يعين على الدهر فسكت. قال أبو حيان عند قربه من فراغ كتابه في ثلب الوزيرين، وقد حكى عن ابن عباد حكايات وأسندها إلى من أخبره بها عنه، ثم قال «1» : فما ذنبي أكرمك الله إذا سألت عنه مشايخ الوقت وأعلام العصر فوصفوه بما جمعت لك في هذا المكان؟ على أني قد سترت شيئا كثيرا من مخازيه إما هربا من الاطالة، أو صيانة للقلم عن رسم الفواحش وبث الفضائح وذكر ما يسمج مسموعه ويكره التحدث به، هذا سوى ما فاتني من حديثه فإني فارقته سنة سبعين وثلاثمائة. وما ذنبي إن ذكرت عنه ما جرّعنيه من مرارة الخيبة بعد الأمل، وحملني عليه من الاخفاق بعد الطمع، مع الخدمة الطويلة، والوعد المتصل، والظنّ الحسن، حتى كأني خصصت بخساسته وحدي أو وجب أن أعامل به دون غيري. قدّم إليّ نجاح الخادم، وكان ينظر في خزانة كتبه، ثلاثين مجلدة من رسائله وقال: يقول لك مولانا: انسخ هذا فإنه قد طلب منه بخراسان، فقلت بعد ارتياع: هذا طويل، ولكن لو أذن لي لخرجت منه فقرا كالغرر، وشذورا كالدرر، تدور في المجالس كالشمامات والدستنبويات، لو رقي بها مجنون لأفاق أو نفث على ذي عاهة لبرأ، لا تملّ ولا تستغث ولا تعاب ولا تسترك، فرفع ذلك إليه وأنا لا أعلم فقال: طعن في رسائلي وعابها، ورغب عن نسخها وأزرى بها؟! والله لينكرنّ مني ما عرف، وليعرفنّ حظه إذا انصرف، حتى كأني طعنت في القرآن، أو رميت الكعبة بخرق الحيض، أو عقرت ناقة صالح، أو سلحت في بئر زمزم، أو قلت كان النظام مأبونا «2» ، أو مات أبو هاشم في بيت خمار، أو كان عباد معلم صبيان. وما ذنبي يا قوم إذا لم أستطع أن أنسخ ثلاثين مجلدة من هذا الذي يستحسن هذا التكليف «3» حتى أعذره في لومي على الامتناع؟ أينسخ إنسان هذا القدر وهو يرجو بعدها أن يمتّعه الله ببصره أو ينفعه ببدنه؟ ثم ما ذنبي إذا قال لي: من أين لك هذا الكلام المفوّف المشوف الذي تكتب به إليّ في الوقت بعد الوقت، فقلت: وكيف لا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 1937 يكون كما وصف وأنا أقطف ثمار رسائله، وأستقي من قليب علمه، وأشيم بارقة أدبه، وأرد ساحل بحره، وأستوكف قطر مزنه، فيقول: كذبت وفجرت لا أم لك، ومن أين في كلامي الكدية والشحذ والتضرع والاسترحام؟! كلامي في السماء وكلامك في السماد. هذا أيدك الله وإن كان دليلا على سوء جدي فإنه دليل أيضا على انخلاعه وخرقه وتسرّعه ولؤمه، وانظر كيف يستحيل معي عن مذهبه الذي كان هو عرقه النابض وسوسه الثابت وديدنه المألوف. وهلّا أجراني مجرى التاجر المصري والشاذباشي «1» وفلان وفلان؟ بل ما ذنبي إذا قال لي: هل وصلت إلى ابن العميد أبي الفتح؟ فأقول: نعم رأيته وحضرت مجلسه وشاهدت ما جرى له، وكان من حديثه فيما مدح به كذا وكذا، وفيما تقدم منه كذا وكذا، وفيما تكلّفه من تقديم أهل العلم واختصاص أرباب الأدب كذا وكذا، ووصل أبا سعيد السيرافي بكذا وكذا، ووهب لأبي سليمان المنطقي كذا وكذا، فيزوي وجهه وينكر حديثه وينجذب «2» إلى شيء آخر ليس مما شرع فيه ولا مما شرع فيه ولا مما حرك له، ثم يقول: أعلم أنك إنما انتجعته من العراق، فاقرأ عليّ رسالتك التي توسّلت إليه بها وأسهبت مقرظا له فيها فأتمانع، فيأمر ويشدّد، فأقرأها فيتغير «3» ويذهل، وأنا أكتبها لك ليكون زيادة في الفائدة: بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم هيّء لي من أمري رشدا، ووفقني لمرضاتك أبدا، ولا تجعل الحرمان عليّ رصدا، أقول وخير القول ما انعقد بالصواب، وخير الصواب ما تضمّن الصدق، وخير الصدق ما جلب النفع، وخير النفع ما تعلّق بالمزيد، وخير المزيد ما بدأ عن الشكر، وخير الشكر ما بدأ عن إخلاص، وخير الإخلاص ما نشأ عن إيقان، وخير الايقان «4» ما صدر عن توفيق: لما رأيت شبابي هرما بالفقر، وفقري غنى بالقناعة، وقناعتي عجزا عند أهل التحصيل، عدلت إلى الزمان أطلب إليه مكاني فيه وموضعي منه، فرأيت طرفه عني نابيا، وعنانه عن رضاي منثنيا، وجانبه في مرادي «5» خشنا، وارتفاقي «6» في أسبابه نائيا، والشامت بي على الجزء: 5 ¦ الصفحة: 1938 الحدثان متماديا، طمعت في السكوت تجلدا، وانتحلت القناعة رياضة، وتألفت شارد حرصي متوقفا، وطويت منشور أملي متنزها، وجمعت شتيت رجائي ساليا، وادّرعت الصبر مستمرا، ولبست العفاف محمودا «1» ، واتخذت الانقباض صناعة، وقمت بالعلاء مجتهدا، هذا بعد أن تصفحت الناس فوجدتهم أحد رجلين: رجلا إن نطق نطق عن غيظ ودمنة، وإن سكت سكت عن ضغن وإحنة، ورجلا إن بذل كدّر بامتنانه بذله، وإن منع حسّن باحتياله بخله، فلم يطل دهري في اثنائه متبرما «2» بطول الغربة، وشظف العيش، وكلب الزمان، وعجف المال، وجفاء الأهل، وسوء الحال، وعادية العدوّ، وكسوف البال، منحرفا «3» من الحنق على لئيم لا أجد مصرفا عنه، منقطعا من الشوق إلى كريم لا أجد سبيلا إليه، حتى لاحت لي غرة الأستاذ فقلت: حلّ بي الويل، وسال بي السيل، أين أنا عن ملك الدنيا، والفلك الدائر بالنعمى، أين أنا من مشرق الخير ومغرب الجميل؟ أين أنا عن بدر البدور وسعد السعود؟ أين أنا عمن يرى البخل كفرا صريحا والافضال دينا صحيحا؟ أين أنا عن سماء لا تفتر عن الهطلان، وعن بحر لا يقذف إلا باللؤلؤ والمرجان؟ أين أنا عن فضاء لا يشقّ غباره، وعن حرم لا يضام جاره؟ أين أنا عن منهل لا صدر لفراطه ولا منع لوراده؟ أين أنا عن ذوب لا شوب فيه، وعن صدد لا حدد دونه؟ بل أين أنا عمن أتى بنبوّة الكرم، وإمامة الافضال، وشريعة الجود، وخلافة البذل، وسياسة المجد بشيمة مشيمة البوارق، ونفس نفيسة الخلائق؟ أين أنا عن الباع الطويل، والأنف الأشم، والمشرب العذب، والطريق الأمم؟ لم لا أقصد بلاده؟ لم لا أقتدح زناده؟ لم لا أنتجع جنابه وأرعى مراده؟ لم لا أسكن ربعه؟ لم لا أستدعي نفعه؟ لم لا أخطب جوده وأعتصر عنقوده «4» ؟ لم لا أستمطر سحابه؟ لم لا أستسقي ربابه؟ لم لا أستميح نيله وأستسحب ذيله؟ ولا أحجّ كعبته وأستلم ركنه؟ لم لا أصلي إلى مقامه مؤتما بامامه؟ لم لا أسبح بثنائه «5» متقدسا، لم لا أحكّم في حال: فتى صيغ من ماء البشاشة «6» وجهه ... فألفاظه جود وأنفاسه مجد الجزء: 5 ¦ الصفحة: 1939 لم لا أقصد: فتى الناس للجود في كفّه ... من البحر عينان نضاختان لم لا أمتري معروف: فتى لا يبالي أن يكون بجسمه ... إذا نال خلات الكرام شحوب لم لا أمدح: فتى يشتري حسن المقال «1» بروحه ... ويعلم أعقاب الأحاديث في غد نعم، لم لا أنتهي في تقريظ فتى لو كان من الملائكة لكان من المقربين، ولو كان من الأنبياء لكان من المرسلين، ولو كان من الخلفاء لكان نعته: اللائذ بالله أو المنصف في الله أو المقتصد «2» بالله أو المنتصب لله أو الغاضب لله أو الغالب بالله أو المرضيّ لله أو الكافي بالله أو الطالب بحق الله أو المحيي لدين الله. أيها المنتجع قرن كلأه، المختبط ورق نعمته، ارع عريض البطان متفيئا بظله، ناعم البال متعوذا بعزه، وعش رخي البال «3» معتصما بحبله، ولذ بذراه آمن السّرب، وامحض وده بآنية القلب، وق نفسك من سطوته بحسن الحفاظ، وتخير له ألطف المدح تفز منه بأيمن قدح، ولا تحرم نفسك بقولك إني غريب المثوى نازح الدار بعيد النسب منسيّ المكان، فإنك قريب الدار بالأمل، داني النجح بالقصد، رحيب الساحة بالمنى، ملحوظ الحال بالحسد، مشهور الحديث بالدرك. واعلم علما يلتحم باليقين ويدرأ من الشك أنه معروف الفخر بالمفاخر، مأثور الأثر بالمآثر، قد أصبح واحد الأنام، تاريخ الأيام، أسد الغياض يوم الوغى، نور الرياض يوم الرضى، ان حرّك عند مكرمة حرك غصنا تحت بارح، وان دعي إلى اللقاء دعي ليثا فوق سابح، وقل إذا أتيته بلسان التحكم: أصلح أديمي فقد حلم، وجدّد شبابى فقد هرم، وأنطق لساني بمدحك فقد حصر، وافتح بصري بنعمتك فقد سدر، واتل سورة الاخلاص في اصطناعي فقد سردت صحائف النّجح عند انتجاعي، ورش عظمي فقد براه الزمان، واكس جلدي فقد عرّاه الحدثان، وإياك أن تقول يا ملك الدنيا جد لي ببعض الدنيا فإنه يحرمك، ولكن قل يا ملك الدنيا هب لي الدنيا. اللهم فأحي به بلادك، وانعش برحمته الجزء: 5 ¦ الصفحة: 1940 عبادك، وبلّغه مرضاتك، وأسكنه فردوسك، وأدم له العزّ النامي، والكعب العالي، والمجد التليد، والجدّ السعيد، والحقّ الموروث، والخير المبثوث، والولي المنصور، والشانىء المبتور، والدعوة الشاملة، والسجية الفاضلة، والسرب المحروس، والربع المأنوس، والجناب الخصيب، والعدوّ الحريب، والمنهل القريب، واجعل أولياءه باذلين لطاعته، ناصرين لأعزته، ذابّين عن حرمه. [أيها الشمس المضيئة بالكرم] والقمر المنير بالجمال، والنجم الثاقب بالعلم، والكوكب الوقّاد بالجود، والبحر الفياض بالمواهب، سقط العشاء بعبدك على سرحك، فاقره من نعمتك بما يضاهي قدرك وقدرتك، وزوّج هيئته تربها من الغنى فطالما خطب كفأها من المنى. ثم يقال لي من بعد: جنيت على نفسك حين ذكرت عدوّه عنده بخير، وبينت عنه، وجعلته سيد الناس، فأقول: كرهت أن يراني متدرئا «1» على عرض رجل عظيم الخطر غير مكترث بالوقيعة فيه والانحاء عليه، وقد كان يجوز أن أشعّث من ذلك شيئا، وأبري من أثلته جانبا، وأطيّر إلى جنبه شرارة، فيقال أيضا: جنيت على نفسك، وتركت الاحتياط في أمرك، فإنه مقتك وعافك، ورأى أنك في قولك عدوت طورك، وجهلت قدرك، ونسيت وزرك «2» وليس مثلك من هجم على ثلب من بلغ رتبة ذلك الرجل، وأنك متى جسرت على هذا دربت «3» به وجعلت غيره في قرنه، فإذا كانت هذه الحالات ملتبسة، وهذه العواقب مجهولة، فهل يدور العمل بعدها إلا على الاحسان الذي هو علّة المحبة، والمحبة التي هي علة الحمد، والاساءة التي هي علة البغض، والبغض الذي هو علة الذم، فهذا هذا. قال «4» : وكان ابن عباد شديد الحسد لمن أحسن القول وأجاد اللفظ، وكان الصواب غالبا عليه، وله رفق في سرد حديث ونيقة في رواية، وله شمائل مخلوطة بالدماثة بين الاشارة والعبارة، وهذا شيء عام في البغداديين وكالخاصّ في غيرهم. حدّثت ليلة بحديث فلم يملك نفسه حتى ضحك واستعاده، ثم قيل لي بعده إنه كان الجزء: 5 ¦ الصفحة: 1941 يقول: قاتل الله أبا حيان فانه نكد وإنه وإنه وإنه، وأكره أن أروي ذمّي بقلمي، وكان ذلك كلّه حسدا [محضا] وغيظا بحتا، وأنا أروي لك الحديث فانه في نهاية الطيب، وفيه فكاهة ظاهرة وعيّ عجيب في معرض بلاغة ظريفة في ملبس فهاهة. حدثني القاضي أبو الحسن الجرّاحيّ قال: لحقتني مرة علة صعبة، فمن ظريف ما مرّ على رأسي [أنه] دخل في جملة من عادني شيخ الشونيزية «1» ودوارة الحمار والتوثة وفقيهها أبو الجعد الأنباري، وكان من كبار أصحاب البربهاري «2» ، فقال أول ما قعد: يقع لي فيما لا يقع إلا لغيري أو لمثلي فيمن كان كأنه مني أو كأنه كان على سني أو كان معروفا بما لا يعرف به إلاي أني أرى أنك لا تحتمي إلا حمية فوق ما يجب ودون ما لا يجب. وبين فوق ما لا يجب، وبين دون ما لا يجب فرق، الله يعلم أنه لا يعلم أحد ممن يعلم أو لا يعلم الطب كله أن تحتمي حمية بين حميتين، حمية كلا حمية ولا حمية كحمية، وهذا هو الاعتدال والتعديل والتعادل والمعادلة، قال الله تعالى: وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً (الفرقان: 67) وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: خير الأمور أوسطها وشرها أطرافها. والعلة في الجملة والتفصيل إذا أدبرت لم تقبل، وإذا أقبلت لم تدبر، وأنت من إقبالها في خوف من إدبارها في التعجب، وما يصنع هذا كله؟ لا تنظر إلى اضطراب الحمية عليك، ولكن انظر إلى جهل هؤلاء الأطباء الألباء الذين يشقون الشّعر شقا، ويدقون البعر دقا، ويقولون ما يدرون وما لا يدرون زرقا وحمقا، وإلى قلة نصحهم مع جهلهم، ولو لم يجهلوا إذا لم ينصحوا كان أحسن عند الله والملائكة، ولو نصحوا إذا جهلوا كان أولى عند الناس وأشباه الناس، والله المستعان، وأنت في عافية، ولكن عدوك ينظر إليك بعين الاست فيقول: وجهه وجه من قد رجع من القبر بعد غد، وعلى كلّ حال فالرجوع من القبر خير من الرجوع إلى القبر، لعن الله القبر: لا خبّاز ولا بزاز ولا رزاز «3» ولا كواز، إنا لله وإنا إليه راجعون عن قريب إن شاء الله وَما تَدْرِي نَفْسٌ ماذا تَكْسِبُ غَداً وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ (لقمان: 34) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 1942 وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ (فاطر: 43) وَهُوَ عَلى جَمْعِهِمْ إِذا يَشاءُ قَدِيرٌ (الشورى: 29) وَمِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ (فاطر: 27) تأمر بشيء؟ السنة في العيادة- خاصة عيادة الكبار والسادة- التخفيف والتطفيف، وأنا إن شاء الله عندك بالعشيّ. والحقّ والحق أقوام مما «1» يجب على مثلك لمثلي، كأن ليس لك مثل ولا مثلي أيضا مثل، هكذا إلى باب الشام وإلى قنطرة الشوك وإلى المندفة «2» ، أقول لك المستوي «3» لا أنا ولا أنت اليوم، كمثل كمثراتين إذا عتقتا «4» على رأس شجرة، وكدلوين إذا خلقا على رأس بئر، ودع ذا القارورة، اليوم لا إله إلا الله، وأمس كان سبحان الله، وغدا يكون شيئا آخر، وبعد غد ترى من ربك العجب، والموت والحياة بعون الله، ليس هذا مما يباع في السوق أو يوجد مطروحا في الطريق، وذاك أن الانسان- ولا قوة إلا بالله- طريف أعمى كأنه ما صحّ له منام قط، ولا خرج من السمّارية إلى الشط، وكأنه ما رأى قدرة الله في البط، إذا لفظ كيف يقول قط قط «5» ، والكلام في الانسان وعمى قلبه وسخنة عينه كثير؛ قل غفر له «6» ولا يسلم في هذه الدار إلا من عصر نفسه عصرة ينشقّ منها فيموت كأنه شهيد، وهذا صعب لا يكون إلا بتوفيق الله وبعض خذلانه الغريب، على الله توكلنا وإليه التفتنا ورضينا، به استجرنا إن شاء أخذ لنا «7» وإن شاء أطعمنا. قال القاضي: فكدت أموت من الضحك على ضعفي، وما زال كلامه بهذا إلى أن خرجت على الناس وكان مع هذا لا يعيا ولا يكل ولا يقف، وكان من عجائب الزمان. وختم أبو حيان كتابه «في أخلاق الوزيرين» بعد أن اعتذر عن فعله ثم قال «8» : اني لأحسد الذي يقول: الجزء: 5 ¦ الصفحة: 1943 أعدّ خمسين حولا ما عليّ يد ... لأجنبيّ ولا فضل لذي رحم الحمد لله شكرا قد قنعت فلا ... أشكو لئيما ولا أطري أخا كرم لأني كنت أتمنى أن أكونه، ولكن العجز غالب لأنه مبذور في الطينة، ولقد أحسن الآخر حين قال: ضيّق العذر في الضراعة أنا ... لو قنعنا بقسمنا لكفانا ما لنا نعبد العباد إذا كا ... ن إلى الله فقرنا وغنانا وأدعو هاهنا بما دعا به بعض النساك «1» : اللهم صن وجوهنا باليسار، ولا تبذلها بالاقتار، فنسترزق أهل رزقك، ونسأل شر خلقك، ونبتلى بحمد من أعطى وذم من منع، وأنت من دونهم وليّ الاعطاء، وبيدك خزائن الأرض والسماء، يا ذا الجلال والاكرام «2» . ومن «كتاب المحاضرات» لأبي حيان قال: قصدت أنا والنصيبيّ رجلا من أبناء النعم والموصوفين بالكرم، لا يردّ سائليه ولا يخيّب آمليه، والألسن متفقة على جوده وتطوّله، والعيون شاخصة إلى عطاياه وفضله، له في السنة مبارّ كثيرة على أهل العلم وأهل البيوتات ومن قعد به الزمان وجفاه الاخوان، فلم نصادفه في منزله، وقصدناه ثانيا فمنعنا من الدخول إليه، وقصدناه ثالثا فذكر أنه ركب، وقصدناه رابعا فقيل هو في الحمام، وقصدناه خامسا فقيل هو نائم، وقصدناه سادسا فقيل عنده صاحب البريد وهو مشغول معه بمهم، وقصدناه سابعا فذكر أنه رسم أن لا يؤذن لأحد، وقصدناه ثامنا فذكر أنه يأكل ولا يجوز الدخول إليه بوجه ولا سبب، وقصدناه تاسعا فذكر أن أحد أولاده سقط من الدرجة وهو مشغول به عند رأسه ما يفارقه، وقصدناه العاشر فذكر أنه مستعد لشرب الدواء، وقصدناه الحادي عشر فذكر أنه تناول الدواء من يومين وما عمل الجزء: 5 ¦ الصفحة: 1944 عملا وقد قوّاه اليوم بما يحرك الطبيعة، وقصدناه الثاني عشر فقيل إلى الآن كان جالسا ونهض في هذه الساعة ودخل إلى الحجرة، وقصدناه الثالث عشر فقيل دعي إلى الدار لمهم، وقصدناه الرابع عشر فألفيناه في الطريق يمضي إلى دار الامارة، وقصدناه الخامس عشر فسهّل لنا الاذن ودخلنا في غمار الناس، وإذا الناس على طبقاتهم جلوس، وجماعة قيام يرتبون الناس ويخدمونهم، وقد اتفق له عزاء وشغل بغيرنا، وبقينا في صورة من احتقان البول والجوع والعطش، وما أقمنا في جملة من يقام، فقال لي النصيبي: هذا اليوم الذي قد ظفرنا به وتمكنّا من دخول داره صار عظيم المصيبة علينا ليس لنا إلّا مهاجرة بابه والاعراض عنه وقمع النفس الدنية بالطمع في غيره، فقلت له: قد تعبنا وتبذلنا على بابه، والأسباب التي اتفقت فمنعت من رؤيته كان عذرا واضحا، ويتفق مثل هذا، فإذا انقضت أيام التعزية قصدناه، وربما نلنا من جهته ما نأمله، فقصدناه بعد ذلك أكثر من عشرين مرة وقلّما اتفق فيها رؤيته وخطابه، حتى ملّ النصيبي فقال: لو علمت أن داره الفردوس، والحصول عنده الخلود فيها، وكلامه رضى الله تعالى وفوز الأبد، لما قصدته بعد ذلك، وأنشأ يقول: طلب الكريم ندى يد المنكود ... كالغيث يستسقى من الجلمود فافزع إلى عزّ الفراغ ولذ به ... إن السؤال يريد وجه حديد فأجبته أنا وعيناي بالدموع تترقرق، لما بان لي من حرفتي ونبوّ الدهر بي وضياع سعيي وخيبة أملي في كل من أرتجيه لملمّ أو مهم أو حادثة أو نائبة: دنيا دنت من عاجز وتباعدت ... عن كلّ ذي لبّ له حجر سلحت على أربابها حتى إذا ... وصلت إليّ أصابها الحصر قال أبو حيان في «كتاب الوزيرين» «1» : جرى بيني وبين أبي علي مسكويه شيء، قال لي مرة: أما ترى إلى خطأ صاحبنا- وهو يعني ابن العميد- في إعطائه فلانا ألف دينار ضربة واحدة؟ لقد أضاع هذا المال الخطير في من لا يستحق. فقلت بعد ما أطال الحديث وتقطع بالأسف: أيها الشيخ أسألك عن شيء واحد فاصدق فإنه الجزء: 5 ¦ الصفحة: 1945 لا مدبّ للكذب بيني وبينك «1» لو غلط صاحبك فيك بهذا العطاء وبأضعافه وأضعاف أضعافه أكنت تتخيله في نفسك مخطئا ومبذرا ومفسدا أو جاهلا بحقّ المال؟ أو كنت تقول ما أحسن ما فعل وليته أربى عليه؟ فإن كان الذي تسمع على حقيقته فاعلم أن الذي يرد بالك ويردّ مقالك «2» إنما هو الحسد أو شيء آخر من جنسه، وأنت تدعي الحكمة وتتكلف في الأخلاق وتزيّف الزائف وتختار منها المختار، فافطن لأمرك، واطلع على سرك وشرك «3» [821] علي بن محمد بن نصر أبو الحسن الكاتب صاحب الرسائل: كان كاتب ديوان الرسائل في أيام جلال الدولة أبي طاهر بن بهاء الدولة بن عضد الدولة، ويتردد في الرسائل بينه وبين الملوك، وقرأ النحو على جماعة من أعيان أهل العلم كأبي الحسن الربعي وأبي الحسن الزعفراني البصري، ولقي جماعة من وجوه الشعراء كأبي الفرج الببغاء وأبي نصر ابن نباتة وأبي الحسن السلامي وأبي طاهر علي بن الحسن الحمامي. وكان ذكيا فطنا محببا الى الناس للطافة فهمه وسجاحة خلقه وحسن مداراته، وكان أبوه قاضيا على بعض الأرباع ببغداد والحكم من غير تسمية بالقضاء. مات سنة سبع وثلاثين وأربعمائة. ذكر في كتابه الذي صنفه وسماه «كتاب المفاوضة» حاكيا عن نفسه:   (821) - هو أخو القاضي عبد الوهاب، انظر في ترجمته ابن خلكان 3: 222 والديباج المذهب 2: 29 والشذرات 3: 225 ومرّ ذكره في ترجمة أخيه في سير أعلام النبلاء 17: 432؛ (وهذه الترجمة من نسخة ك، وقد سقطت من المطبوعة، وهذا غريب لأن مرغوليوث اعتمد أيضا على نسخة ك) وأما كتابه «المفاوضة» فإنه من المصادر المعتمدة لدى ياقوت وابن العديم والقفطي، وانظر شذرات من كتب مفقودة: 287- 324. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 1946 ولقد قرأت في كتاب لأبي القاسم هبة الله بن عيسى كاتب مهذب الدولة «1» - يعني صاحب البطيحة- وكان رجلا جمّ العلم دقيق الفهم، وكان يكتب الكتب الطوال في الفتوح وغيرها، قرأت في فصل له إلى أبي الخطاب المنجم المستولي على دولة بهاء الدولة بن عضد الدولة: «وكنت واعدا نفسي إنجاز ما سبق من شريف مواعيد الحضرة البهية، لوفور حظّي من ملاحظة كرم الاهتمام» فقال لي الوزير أبو العباس عيسى بن ماسرجيس، وكنت أكتب له حينئذ، أنّى يفهم هذا الكلام اليوم؟! قلت: نجتهد، فتأمّلناه فوجدناه صحيحا، إلا أن طريقه كان وعرا. قال: وكتب إليّ أبو عبد الله ابن ضبر القاضي صديقنا رحمه الله في كتاب، وقد اتصلت أسفاري بين البصرة وواسط والأهواز، مترددا عن السلطان في رسائل: أصبو إليك مع البعاد صبابة ... أصلى بها كلهيب حرّ النار وإذا تباعدت الديار فإنني ... أرضى وأقنع منك بالأخبار وإذا الديار دنت بعدت فكيف لي ... بدنوّ قلب مع دنوّ الدار وحدث ابن نصر في كتابه حاكيا عن نفسه قال: حدثني الأستاذ أبو عبد الله محمد بن شاذان بالبصرة، وهو إذ [ذاك] يكتب لظهير الدين، وقد خرجت إليه في رسالة، فلما أزمعت الانصراف حمل إليّ كسوة ونفقة إلى دار أبي عبد الله، وحضر أصحابه يتنجزون رسوما جرت العادة بها، وكثروا علي، فقال أبو عبد الله: حالنا هذه تشبه حال أبي أحمد النهرجوري، فإنه مدح أبا الفرج منصور بن سهل المجوسي عامل البصرة، فأعطاه صلة حاضرة هنية، والتفّ به الحواشي فطالبوه، فكتب رقعة ودفعها إلى بعض الداخلين إليه وقال له: سلّم هذه إلى الأستاذ، وفيها: الجزء: 5 ¦ الصفحة: 1947 أجازني الأستاذ عن مدحتي ... جائزة كانت لأصحابه ولم يكن حظّي منها سوى ... جهبذتي يوما على بابه قال: فلما وصلت الرقعة خرج في الحال من صرف الحواشي عنه، وصار معه حتى دخل منزله. وحدث ابن نصر قال: رأيت في المنام كأني أكتب إلى بعض أصدقائي، وقد وقع لي أنه سرق شيئا من كلامي: عمدت إلى شتائت ألفاظي وبدائد كلامي فغصبتنيها، فيا للصوص الكتابة، ويا لحزني عليه والكآبة، واستيقظت فعلّقت ذلك. وحدث في كتابه قال: قال لي الشيخ أبو الحسن الربعي، وقد سألته عن «لعمرك» و «لعمري» والقسم بذلك، وأعلمته أني رأيت بخطّ بعض الناس فيه واوا، وقلت له: إن الواو لا مدخل لها هاهنا فإنها دخلت على «عمرو» للفرق بينه وبين عمر، وهذا قسم، ولذلك دخلت اللام فيه، فقال: أخطأ وأصبت، وتكلم في اللام الداخلة على «عمري» وقال: إنّ اللام في قولهم: لزيد قائم تفيد أمرين: أحدهما التأكيد والآخر تقدير استقبال القسم، وهي من قولهم «لعمري» لا تفيد سوى التأكيد، لأن عمري قسم، والقسم لا يدخل على قسم، وتكلم في ذلك بما طال ثم قال لي: أعد، فأعدت ما قال بعينه، ونحن إذ ذاك في دار أبي غالب ابن الثلاج، وهو يقرأ عليه، فقال له: يا أبا غالب، هذا هو الذكاء الكبريتي، قال: وكيف يا سيدي؟ قال: هكذا ذكاء العراقيين، وحدثنا قال: كان يقرأ على أبي علي الفارسي فتى من أهل نسا، وكان بعيدا بليدا، وهو يقبل عليه ويصرف همته إليه، وأهل المدرسة يحيطون بدرسه دونه، وأبو علي يغتاظ من الترديد الذي يقصد به إفهامه، ويفهم غيره، فقال لنا يوما: الذكاء على أربع طبقات: فأولها الذكاء الكبريتي، وهو ذكاء العراقيين، فإنهم يفهمون سريعا وينسون ذريعا، وثانيها طبقات أهل العلم، وهم يفهمون على بطء ما ولا يكادون ينسون سريعا، وثالثها طبقات أهل [ .... ] . وهم الذين يفهمون سريعا ولا ينسون، ورابعها طبقة هذا الفتى، وهو الذي لا يكاد يفهم إلا بعيدا وينسى قريبا، فاستحيى الفتى ولم يره في مجلسه بعدها. قال ابن نصر: ورأيت كاتبا جالسا إلى جانبي وقد كتب كتابا افتتحه بأن قال: الجزء: 5 ¦ الصفحة: 1948 «لم أقر لمولدي كتابا منذ كذا» ، فلما فرغ من الكتاب كلّه تأمله ثم طواه ولم يغير شيئا، فقلت له: لا يجوز «لم أقر» فإن هذه همزة، والهمزة حرف صحيح يجري بوجوه الاعراب، وعلامة الجزم فيه حذف حركته، فأعرض عني وأعطى الكتاب لغلامه وقال له: ألصق هذا وأنفذه، فأمسكت حينئذ. وأذكر وقد حضرت مجلسا في الحداثة، فوصف رجل بالطرش، فقلت: هو أصلح- وصحّفت- وكان إلى جانبي أبو عبد الله الحسين الشاعر المعروف بالخالع فقال لي: صحّفت، هو أصلخ- بالخاء المعجمة- فقلت: جزى الله الشيخ خيرا وأفاده وأثابه، فجذبني إليه وقبلني وقال: هذا هو الفلاح. قال ابن نصر: وحدثني أبو نصر العلاء بن الفيرزان الوزير- وكان هشّ المحادثة طيب المحاضرة كثير المزح، لولا شرّ كان كامنا فيه- وسمعته يقول: حفظت «كتاب بغداد» لابن أبي طاهر وقرأته عشرين دفعة من أوله إلى آخره، وقرأت «التاريخ» لأبي جعفر بالفارسية والعربية؛ واتفق أن اشتكت عيني فتأخرت عنه، وعلم بذاك فأنفذ إليّ غلاما ومعه صرّة فيها خمسمائة درهم، فتركها بين يديّ، ومعها من البياض قطعة مثل الزيق في طوله وعرضه، وانصرف ولم يخاطبني بلفظة، فلما فتحت عيني تأملت الكاغد وإذا فيه: وخذ القليل من اللئيم وذمّه ... إن القليل من اللئيم كثير وحملت إليه في ليلة نوروز دينارا روميا ودرهما خسروانيا وجزءا فيه أخبار منثورة من كل نوع، وكتبت إليه رقعة نسختها: أخّرني عن حضرة سيدنا السيد الأجل-[أطال] الله بقاءه- عذر يسقط معه العتب، ويغفر لأجله الذنب، ومن المعاذر ما تعزف النفس عن ذكره، وتشوّف إلى طيّه وستره، لا سيما عن الأقلام التي تحفظ أسطارها، وتبقى على الدهر آثارها، وقد أقمت سنّة الخدمة بجزء يصلح لخلوة الأنس، ويجمع أوطار النفس، ليس بجسيم يستجفى، ولا ضئيل يحتقر ويزدرى، قد يحتوي من الاعتدال بين اللاطىء والعال ...... وتضل الأفهام في حروشته، اللفظة الواحدة من مضمونه، [تحوى] فقر الفضل وعيونه. ودينار ودرهم من ضرب كسرى وقيصر، فمن مثلي في ظرف هديتي، ومن يساجلني إذا جمّلني بقبولها وشرّفني- لا أخلاه الله من نعم الجزء: 5 ¦ الصفحة: 1949 يفيضها عليه، ولا أعدمه تابعا يزدلف بالطرف إليه، بمنّه وطوله، وجوده وفضله، إنه على كل شيء قدير؛ قال: فأنفذ إليّ جزءا بخطّ أبي الحسن ابن هلال ودينارا مصنوعا فيه عشرون مثقالا ودرهما مثله، وكتب إليّ: ما رأيت مثل سيدنا- أطال الله بقاءه وجعلني فداءه- (وهكذا كانت عادته في مكاتبتي) يحسن ويعتذر فإنه قد أوجب بتأخره منّة، وكفاني ببعده مؤونة، وقد أنفذت جزءا لا أصفه، ودينارا ودرهما لا أنعته، وإذا تأمّل ما حملته إليه وحمله إليّ وجد قدر التفاوت بينهما قدر التفاوت بيني وبينه، والسلام. قال: وكان مزّاحا مطرابا مؤثرا لهذا الفن، غير أنه كان يغلب عليه الشر، وكان تاب أن لا يضرب أحدا في يوم جمعة، ورأيته في وقت الصلاة يوم جمعة من الجمعات وقد أمر بضرب أبي الطيب ملول بن فضلان الصيرفي الجهبذ، فسألته وذكّرته العهد، فقال: إنما تبت أن أضرب بالمقارع، فقلت: هذا تأوّل طريف في اليمين. وحدث ابن نصر قال: حمل إليّ الوزير أبو نصر العلاء بن الفيرزان- وهو إذ ذاك عامل البصرة- ثيابا في بعض الفضول، ولم تجر العادة بها، وآثر أن يكتمها عن القاسم أبي الصالح كيوس أمير البصرة حينئذ خصوصا، وعن الكافة عموما، وكان في جملتها درّاعة سقلاطون، وكتب يعتذر ويذكر أنه لم يجد ثوبا يشبهها، ووصفها وأطال، وكان أصلح ما وصفها به قوله: لم تبتذلها العيون في المجالس، ولا افترع جيبها جيد لابس، فأنفذتها بخاتم ربّها إلى مستحقها وتربها؛ وفي هذا بعض العهدة، ومن ينتقده من أهل الصنعة يعرفه. فكتبت إليه، واعتمدت كسره بذمّها: وصلت تحفة سيدنا الأجلّ وقبلتها على تجعدي «1» من مثلها، ووجدته قد خصّ الدراعة منها بصفته، وأظهر فيها مكنون بلاغته، ولو أفرج لي عن ذلك لكان أحسن، وتركني وإياه لكان أشبه به وأزين، وبعد فلكلّ موصوف عائب، ولكلّ ممدوح ثالب، وأظنّه نسي أو تناسى أنه حكّم فيها شبا الحديد، فبضعها من القدم الى الوريد، حتى إذا جزّأها أجزاء، وجعلها مبدّدة أشلاء، عاد يصلح ما أفسد من حالها، ويجمع ما فرق من أوصالها، فكم من صورة مستحسنة قدحها وعابها، ودائرة مستقيمة قطعها الجزء: 5 ¦ الصفحة: 1950 فشانها، فأصبحت بعد الجسم الممسّد، والاسم الرائق المفرد، ذات البنائق والأركان، وصاحبة الدّخارص والجربّان؛ هذا وكيف تكون بختامها وعنده من كبدها فلذة، وفي خزائنه من أعضائها فضلة، وعلى ذلك فالشكر عنها مبذول، وحبل الثناء بها موصول، والسلام. قال: فلما كان من الغد التقينا في دار القسيم فقال: لعنك الله فإنك كافر للنعمة، ولعنني حيث تعرضت بك في الكتابة، وقد أنفذت إليك فضلة الثوب، لا بارك الله لك فيه ولا فيها. قال ابن نصر: وهذا الخبر عكس ما لحقني مع أبي عمرو سعيد بن سهل العارض، فإنه دخل يوما إلى دار الوزارة بالبصرة وجلس ينتظر الاذن، فقلت لغلامي: امض إلى أبي العباس الكوفي البزاز وخذ منه الثوب السقلاطون المعمّد الذي عزلته للدراعة، وأذن لأبي عمرو، فدخل وما ظننته تسمع عليّ، ومضى الغلام فلم يصادف البزاز، وانصرفت آخر النهار إلى داري وإذا فيها دراعة سقلاطون معمدة في نهاية الحسن، فسألت عنها فقيل: جاء رجل وقال أنا صاحب أبي عمرو العارض، خذوا هذه الدراعة، قلت: وكان معها رقعة؟ قيل: لا. فكتبت إليه من الغد: للفواضل- أطال الله بقاء الأستاذ الرئيس- فضائل تتميز بها وتستطيل بمكانها على أضرابها منها: أن ترد بكرا لم يفترعها السّؤال، وتقطع عرضا لم تحتسبها الآمال، فتلك الشربة العذبة للظامي، وإصابة الشاكلة عند الرامي، كتحفته التي جاءت مسيّرة كالجداول، مذهّبة كالأصائل، معدّلة بحسن التقدير والتوفيق، منزّهة عن فحش السّعة والضيق، محلولة الجيب والجيوب مزرورة، مكشوفة الفرج والفروج مستورة، فهي من بدائع صورها، ووشائع حبرها، كالرياض الرائعة، والبروق اللامعة، سلكها دقيق، ومنظرها أنيق، كأنما عدّلت بمعيار، أو دبّر ذيلها على بركار، لابسها مختال، ومانحها مفضال، قد سيّرها بفضله المكتوم، وشهّرها بعرفه النموم، فطويتها طيّ المكرم الضنين، ونشرت الشكر عنها نشر الخاطب المبين، وأفردتها عن أشكالها وإن عزّ المشاكل، وجعلتها زينة للمواكب والمحافل، والله تعالى يزيده كرما وفضلا، ويجعله لادّخار كلّ منقبة أهلا، إنه على كل شيء قدير. قال أبو الحسن علي بن محمد بن نصر حدثني أبو القاسم عبد الواحد بن محمد الجزء: 5 ¦ الصفحة: 1951 المطرز الشاعر «1» أن صديقا له كتب رقعة مذ خمسين سنة مشتملة على غرض له بألفاظ ليس فيها حرف ينقط، وأنه استصعب ذاك، واقترح أن أكتب إليه رقعة على هذه الطريقة ليجيب عنها بشعر، قال: وكنت أسمّيه «الشيخ العالم» مزاحا، وكان المطرّز يغضب من هذا اللقب: العالم الأوحد- أطال الله عمره وأدام سعده- محلّ العصمة ودارها، ومعرّس الحكمة ومدارها، وراحة كلّ صدر، وعدة كلّ حرّ، ومحطّ الرحال، ورأس مال الآمال، كلّ دهر أحال عهده مرّ، وكلّ صحو لا أراه معه سكر، حرس الله آلاءه، ولا أعدمه الطّول وإسداءه، معلوم ما حاوله رعاه الله ملاحاة، وسأله معاداة أو مصاداة، لأحسر لسؤاله، ولأسمو لدرك محاله، ولعمر الله وعمره كلّ كلام اطرح معه العادة المعلومة، وهدر له الحال المعهودة، وعر مسلكه، وعسر مطلعه، وصار لمادة السداد هادما أساسه، ومحللا مرره وأمراسه، لا محلّه محلّ المكرم، ولا رصّه رصّ المحكم، وهو سداد لعدم. ولو سواه حرسه الله سام ما سامه، ورام ما رامه، لما أدرك مرماه ولا أحمد مسعاه، ولا سمع دعاؤه طول الدهر، ولا ساعده ساعد ولو مدّ له العمر، والسلام قال: وغدا مهيار علينا فأنشدنا لنفسه في هذا المعنى «2» : وعد لرملة كدّ الصدر ممطول ... دم الكرى معه ما سال مطلول وصل هو الصدّ محمود موارده ... حلّ المحلا وصرم وهو محمول أما صحا أو سلا إلا أعاد له ... عهد الأولى طلل كالسطر ممحول محاه كلّ ولود الرعد حامله ... مدار ما حار هاد وهو مدلول راحوا وحلّ وكاء الدمع عاصمه ... وطاح ما طاح دمع وهو محلول ساروا وكم أمل سار وراءهم ... وكلّ ما وعد الأملاء مأمول وطاول الدهر عمرا لا ملال له ... مع السرور وطول العمر مملول وتأخر وعد المطرز بالشعر فكتب إليه الرئيس أبو الحسن ابن نصر في المعنى: الجزء: 5 ¦ الصفحة: 1952 لم وعد أسعده الله المساعدة وعدل، وسهّل الحمل وما حمل، وكلامه روح الصدور وسرّها، وراح الأسماع وعطرها، ولم أهمل عادة إسعاده، وهدر معهود سماحه؟ الأمر عراه أم حاد حداه، ولم مطل وعده وصرح ردّه، وما عراه مراد، ولا حطّ له والحمد لله عماد، والسلام. وعرف هذه الجملة والمفاوضة أبو الحسن ابن الحسين الغضائري، فكتب رقعة مشتملة على نظم ونثر في هذا المعنى منها: أمرك- حرسك الله وأطال عمرك- المطاع، ومرسومك لا مراد له ولا مراع، ولمرادك ما أسلك السماوة ولا علم، وأورد الآل المحال ولا مكرع، وأروع الآلة الوادعة والأداة الصالحة لأمر لا مرعاه ممرع ولا مورده مطمع، ولا مسرحه ممطور، ولا مراحه معمور، والكلام- أدام الله علاك- مسؤول، ومع الالحاح مملول، ومع الادامة صلد الصمم، ممرّ المرر، طوره أطوار، وحاله أحوال، حلّال رحّال، صرّام وصّال، وما أطاعك إلا عصاك، ولا والاك إلا عاداك، ما رام أحد سهله إلا وعّر، ولا أراد حلوه إلا مرّر، كم سامه الكامل وعاد مطرودا، وداسه العالم وآل مردودا، والعلم الكالّ عامل ما حدّ له، وساع لما رسم له، أصار الله سماء العلاء دارك، وسهم السعادة مطلعك، وأدام سموك، وأهلك عدوك، والسلام للرسول وأهله. ومن النظم: اسعد ودام لك الإمهال والعمر ... هل رمل رامة محمود له المطر وهل أراك وأمواه لعارمه ... كالعهد لا الورد أعداه ولا الصدر وهل أرود ودار الوصل آهلة ... دارا كدارك لولا روحها العطر لله صدر وراه كلّ ساحرة ... كحلاء مرهاء ممدوح لها الحور واها لعلوة لا وصل كواصلها ... ولا عطاؤك مسمول ولا أمر صدّ ومطل وإدلال ومحرمة ... كما أعاد رسول الآكل السمر لولا محمد لم أعط السلام ولا ... أمال سالم أمر اللمة الصور دعا وطاوع ودّا لا مراء له ... مسارع الأمر لا لاو ولا صعر كل هذا ولم يرد من المطرّز المتحدى في هذا المعنى شيء، فكتب إليه الرئيس الجزء: 5 ¦ الصفحة: 1953 علي بن نصر يستبطئه ويقتضيه ويحثّه على المهادنة: ما سلك العالم الأوحد- حرس معهوده- العادة، ولا عمل عمل السادة، رام أمرا ما حصّله، وحكم حكما ما عدّله، ووعد وعدا لواه، وحدّ حدا عداه، وسدّى وما ألحم، وأورد وما أصدر، وسار مهملا أمره، وطار مسلما وكره، لا الكلام أسعده، ولا الكلال أمهله، هاله الأمر وراعه، وعصاه المرام وما أطاعه، محادّة له علم معها مآل الصورة، وعمل لها عمل الصرورة، هاك الساعة الموادعة حصّلها، وأحلّها صدرك واحرسها، وصرّها دهرك واعكمها، ودع المراماة وراءك، وسرح المصالحة أمامك، وهلّم السّلم، والسلام. قال ابن نصر: كتب إليّ أبو طاهر علي بن الحسين عزّ الأستاذين من بعض أسفاره: من علامات المؤانسة، ودلالات المجالسة، التكاتب في السفر، والتزاور في الحضر، وأنت بهما حريّ، ومنهما عمر الله بريّ: ولو كنت أدري أن ذا البين كائن ... لعاصيت عذالي وخالفت نصّاحي وما كنت أعطي البين صفقة بائع ... ولو أن إدراك المنى بعض أرباحي قضاء من الرحمن ما اسطعت ردّه ... وليس لأمر خطّه الله من ماح قال أبو الحسن: كنت أكاثر أبا الفرج عبد الواحد بن نصر الببغا وأزوره دائما مع القاضي أبي محمد أخي رحمه الله، فتأخرنا عنه لشغل عرض لنا، وكتب إلينا: ذخرت أبي نصرا لحظّ أناله ... فبلغني أقصى المنى ببني نصر وجدتهم الذخر القديم ولم أكن ... عملت بأن الذخر يعزى إلى الدهر واستمر بنا الابطاء عنه فكتب إلينا رقعة أولها: بني علي بن نصر ... دعاء باسط عذر أسرفتم في وصالي ... وليس يحسن هجري إن رأيتما- جعلت فداءكما- أن تبرئا رمد طرفي بالنظر إليكما فعلتما، فحضرناه، وقلت له: يا سيدي، ذكرتني لعمرك هذه أبيات أبي فراس التي كتب بها من الأسر إلى ولدي سيف الدولة «1» : الجزء: 5 ¦ الصفحة: 1954 يا سيديّ أراكما ... لا تذكران أخاكما أوجدتما بدلا به ... يبني سماء علاكما فقال لي: أحسنت، والله لقد كتبت الرقعة والأبيات في ذكري. [822] علي بن محمد بن حبيب الماوردي البصري يكنى أبا الحسن ويلقب أقضى القضاه لقب به في سنة تسع وعشرين وأربعمائة، وجرى من الفقهاء كأبي الطيب الطبري والصيمري إنكار لهذه التسمية وقالوا: لا يجوز أن يسمّى به أحد، هذا بعد أن كتبوا خطوطهم بجواز تلقيب جلال الدولة بن بهاء الدولة بن عضد الدولة بملك الملوك الأعظم، فلم يلتفت إليهم واستمر له هذا «1» اللقب إلى أن مات، ثم تلقب به القضاة إلى أيامنا هذه، وشرط الملقب بهذا اللقب أن يكون دون منزلة من تلقب بقاضي القضاة على سبيل الاصطلاح، وإلا فالأولى أن يكون أقضى القضاة أعلى منزلة. ومات الماوردي «2» في سنة خمسين وأربعمائة، وكان عالما بارعا متفننا شافعيّا في الفروع ومعتزليا في الأصول على ما بلغني والله أعلم. وكان ذا منزلة من ملوك بني بويه يرسلونه في التوسطات بينهم وبين من يناوئهم، ويرتضون بوساطته، ويقنعون «3»   (822) - ترجمة الماوردي في: طبقات الشيرازي: 131 وتاريخ بغداد 12: 102 والمنتظم 8: 199 والأنساب واللباب (الماوردي) وابن خلكان 3: 282 وسير الذهبي 18: 64 وعبر الذهبي 3: 223 وميزان الاعتدال 3: 155 ومرآة الجنان 3: 72 وطبقات السبكي 5: 267 وطبقات الأسنوي 2: 387 والبداية والنهاية 12: 80 ولسان الميزان 4: 260 والنجوم الزاهرة 5: 64 وطبقات المفسرين للسيوطي: 25 وطبقات الداودي 1: 423 وطبقات ابن هداية الله: 151 والشذرات 3: 285؛ (وقد وقعت ترجمة الماوردي في ك بعد عدة تراجم تالية) . وكتابه «الأحكام السلطانية» ، طبع مرّات. وكذلك كتاب قوانين الوزارة آخرها بتحقيق العالم الصديق الدكتور رضوان السيد، بيروت 1979، وأدب الدنيا والدين بعناية أستاذنا مصطفى السقا رحمه الله ط/ 4: 1978. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 1955 بتقريراته. قرأت في «كتاب سرّ السرور» لمحمود النيسابوري هذين البيتين منسوبين إلى الماوردي هذا: وفي الجهل قبل الموت موت لأهله ... فأجسادهم دون القبور قبور وإنّ امرءا لم يحي بالعلم صدره ... فليس له حتى النشور نشور حدث محمد بن عبد الملك الهمذاني، حدثني أبي قال: سمعت الماوردي يقول: بسطت الفقه في أربعة آلاف ورقة، واختصرته في أربعين، يريد بالمبسوط «كتاب الحاوي» وبالمختصر «كتاب الاقناع» قال: وعلّق عليه، أي الحاوي «1» ودرس مكانه خمس سنين. قال: ولم أر أوقر منه، لم أسمع منه مضحكة قط، ولا رأيت ذراعه منذ صحبته إلى أن فارق الدنيا. قلت: وله تصانيف حسان في كلّ فن منها: كتاب تفسير القرآن. وكتاب الأحكام السلطانية. وكتاب في النحو رأيته في حجم الايضاح أو أكبر. وكتاب قوانين الوزارة. وكتاب تعجيل النصر «2» وتسهيل الظفر. قرأت في مجموع لبعض أهل البصرة: تقدم القادر بالله إلى أربعة من أئمة المسلمين في أيامه في المذاهب الأربعة أن يصنّف له كلّ واحد منهم مختصرا على مذهبه فصنف له الماوردي «كتاب الاقناع» ، وصنف له أبو الحسين القدوري مختصره المعروف على مذهب أبي حنيفة، وصنف له القاضي أبو محمد عبد الوهاب بن محمد بن نصر المالكي مختصرا آخر، ولا أدري من صنّف له على مذهب أحمد، وعرضت عليه فخرج الخادم إلى أقضى القضاة الماوردي وقال له: أمير المؤمنين يقول لك «3» حفظ الله عليك دينك كما حفظت علينا ديننا. ومن هذا المجموع: كان أقضى القضاة رحمه الله قد سلك طريقة في ذوي الأرحام يورث القريب والبعيد بالسوية، وهو مذهب بعض المتقدمين، فجاءه يوما الجزء: 5 ¦ الصفحة: 1956 السينيزي في أصحاب القماقم فصعد إليه المسجد وصلّى ركعتين والتفت إليه فقال له: أيها الشيخ اتبع ولا تبتدع، فقال: بل أجتهد ولا أقلد، فلبس نعله وانصرف. [823] علي بن محمد بن محمد بن الحسن بن دينار الديناري النحوي، أبو الحسن: من ولد دينار بن عبد الله، قال ابن طاهر المقدسي: مات سنة ثلاث وستين وأربعمائة وأبوه أبو الفتح محمد من أهل العلم والحديث. [824] علي بن محمد أبو الحسن الأهوازي النحوي الأديب: رأيت له كتابا في علل العروض نحو عشر كراريس ضيقة الخط جيدا في بابه غاية، ولا أعرف من حاله غير هذا. [825] علي بن محمد الوزان النحوي الحلبي أبو الحسن: سمع منه أبو القاسم علي بن المحسن التنوخي، وأظنه كان في أيام سيف الدولة بن حمدان، وله كتاب في العروض. [826] علي بن محمد بن السيد النحوي البطليوسي أبو الحسن، ويعرف بالخيطال، وهو أخو أبي محمد عبد الله بن السيد النحوي، روى عن أبي بكر ابن   (823) - ترجمة الديناري في الأنساب 5: 453 والوافي 22: 132 وجعل وفاته: 473 وبغية الوعاة 2: 198. (824) - الوافي 22: 164 (عن ياقوت) وبغية الوعاة 2: 203. (825) - الوافي 22: 166 (عن ياقوت) وبغية الوعاة 2: 205. (826) - الصلة: 400 والوافي 22: 164 عن ياقوت دون تصريح بذلك وإنباه الرواة 2: 307 وبغية الوعاة 2: 189. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 1957 الغراب وأبي عبد الله محمد بن يونس وغيرهما. أخذ عنه أخوه أبو محمد كثيرا من كتب الآداب وغيرها، وكان مقدما في علم اللغة وحفظها وضبطها، ومات بقلعة رباح معتقلا من قبل ابن عكاشة قائدها سنة ثمان وثمانين وأربعمائة. [827] علي بن محمد الأخفش النحوي: لم أجد ذكره إلا على «كتاب الفصيح» بخط علي بن عبد الله بن أخي الشبيه العلوي ما صورته: حذق عليّ هذا الكتاب وهو كتاب الفصيح أبو القاسم سليمان بن المبارك الخاصة الشرفي- أدام الله أيامه- من أوله إلى آخره قراءة فهم وتصحيح، وقرأت أنا على عليّ بن عميرة، رحمه الله، في محلة باب البصرة ببغداد عند المسجد الجامع الكبير، وقرأ هو على أبي بكر ابن مقسم النحوي عن أبي العباس ثعلب رحمه الله، وكتب علي بن محمد الأخفش النحوي سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة عربية «1» . [828] علي بن محمد بن ابراهيم بن عبد الله القهندزي أبو الحسن الضرير النحوي الأديب النيسابوري: من أصحاب أبي عبد الله، شيخ فاضل من الأدباء، سمع الحديث من أبي العباس المناسكي المحاملي وغيره، وسمع منه الناس، وقرأ عليه الأئمة وتخرجوا به، قال ذلك عبد الغافر في «السياق» قرأ عليه أبو الحسن علي بن أحمد الواحدي وعدّه في أعيان مشايخه، وقال الواحدي: وكان من أبرع أهل زمانه.   (827) - الخريدة (قسم مصر) 1: 238 والوافي 22: 165 (عن ياقوت) وبغية الوعاة 2: 202. (828) - بغية الوعاة 2: 186 والوافي (خ) ونكت الهميان: 215 ولم يرد في المنتخب من السياق. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 1958 [829] علي بن محمد السعيدي البياري الأستاذ الأديب أبو الحسن: رجل فاضل من أهل بيت الفضل والأدب، وأما سماع الحديث فقلما يخلو عنه أهل الفضل، قاله عبد الغافر. [830] علي بن محمد بن علي بن منصور الحوزي «1» أبو الحسن الأديب بن الأديب السقاء: رجل فاضل شاعر كاتب، وسمع الحديث من متأخري الطبقة الثانية ثم من مشايخنا، ومات كهلا في الثاني من شهر ربيع الأول سنة سبع وتسعين وأربعمائة، قال ذلك عبد الغافر. [831] علي بن محمد بن أرسلان بن محمد الكاتب أبو الحسن بن أبي علي المنتجب، من أهل مرو، كاتب مليح الخط فصيح العبارة، وله شعر وترسل وبلاغة في غاية الحسن. سافر إلى العراق وجال في بلاده، ولعله ما رأى مثل نفسه في فنه، سمع بمرو أبا علي إسماعيل بن أحمد بن الحسين البيهقي وغيره. قال أبو سعد: اجتمعت معه ببغداد بالمقتدية وكتب لي شيئا من شعره، وكان حفظة يسمع أربعين بيتا فيحفظها، اجتمعت فيه أسباب المنادمة والكتابة وصحبة الملوك، له هذا البيت الفرد: وأما الحشا منّي فاني امتحنتها ... وأدنيت منها الجمر فاحترق الجمر   (829) - لم يرد في المنتخب من السياق. (830) - ترجمة الحوزي في المنتخب من السياق 70 أ، 115 ب والوافي 22: 85 (عن ياقوت) . (831) - تأخرت هذه الترجمة عن موضعها في ك فجاءت تالية لترجمة الفصيحي (رقم: 834) . الجزء: 5 ¦ الصفحة: 1959 وله: إذا المرء لم تغن العفاة صلاته ... ولم يرغم القوم العدى سطواته ولم يرض في الدنيا صديقا ولم يكن ... شفيعا له في الحشر منه نجاته فإن شاء فليهلك وإن شاء فليعش ... فسيّان عندي موته وحياته قتل في الوقعة الخوارزمشاهية بمرو في ربيع الأول سنة ست وثلاثين وخمسمائة وله كتاب «تعلة المشتاق إلى ساكني العراق» . وكان أبوه «1» محمد بن أرسلان أيضا من الفضلاء النبلاء، وله شعر ورسائل، ومدحه الزمخشري ورثاه، وكان يلقب منتجب الملك، فلا أدري أهذا تلقب بلقب أبيه أم يعرف بابن المنتجب. وذكر في «تاريخ خوارزم» أن منتجب الملك محمد بن أرسلان مات في سنة أربع وثلاثين وخمسمائة أو قريبا منها، وذكر الزمخشري في «2» شرح مقاماته «3» أنشدني الكبير المنتجب أبو علي محمد بن أرسلان لنفسه بيتا لو وقع في شعر المتقدمين لسيرته الرواة وخلدته الأئمة في كتبهم، وكم من أخوات له ضيّعت بضياع الأدب وقلة النّقلة واتضاع الهمم وتراجع الأمور على أعقابها: وبرداه مسجوران مثل هجيره ... كأن ليس فيه بكرة وأصيل قال وما أظن البردين وقعا مثل هذا الموقع منذ نطق بهما واضع العربية. ومن شعر منتجب الملك محمد بن أرسلان: قل للمليحة في الخمار الأحمر ... لا تجهري بدمائنا وتستري مكّنت من حبّ القلوب ولاية ... فملكتها بتعسف وتجبر إن تنصفي فلك القلوب رعية ... أو تمنعي حقا فمن ذا يجتري سخّرتني وسحرتني بنوافث ... فترفّقي بمسخّر ومسحّر الجزء: 5 ¦ الصفحة: 1960 [832] علي بن محمد بن علي بن أحمد بن هارون «1» العمراني الخوارزمي، أبو الحسن الأديب ابن الأديب «2» : يلقب حجة الأفاضل وفخر المشايخ مات فيما يقارب سنة ستين وخمسمائة، ذكره أبو محمد ابن أرسلان في «تاريخ خوارزم» ومن خطه نقلت فقال: العمراني حجة الأفاضل، سيد الأدباء، قدوة مشايخ الفضلاء، المحيط بأسرار الأدب، والمطلع على غوامض كلام العرب، قرأ الأدب على فخر خوارزم محمود بن عمر الزمخشري، فصار أكبر أصحابه، وأوفرهم حظا من غرائب آدابه، لا يشقّ غباره في حسن الخط واللفظ، ولا يمسح عذاره في كثرة السماع والحفظ، سمع الحديث من فخر خوارزم والامام عمر الترجماني «3» ولد الامام أبي الحسن علي بن أحمد المخي «4» والامام الحسن بن سليمان الخجندي والقاضي عبد الواحد الباقرحي وغيرهم. وكان ولوعا بالسماع كتوبا، وجعل في آخر عمره أيامه مقصورة وأوقاته موقوفة على نشر العلم وإفادته لطالبيه وإفاضته على الراغبين فيه، فحول العلماء يرجعون إليه ويقرأون عليه، ويفزعون في حلّ المشكلات وشرح المعضلات إليه، وهو مع العلم الغزير والفضل الكثير علم في الدين والصلاح المتين، وإنه في الزهادة والسداد وحسن الاعتقاد أطهر أقرانه ذيلا من العيوب، وأنقاهم جيبا عن اقتراف الذنوب، وكان يذهب مذهب الرأي والعدل، وله شعر حسن، فمن قوله في صباه في مدح رسول الله صلّى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين يعارض قصيدة كعب بن زهير:   (832) - ترجمة العمراني في الأنساب 9: 53 واللباب 2: 357 ومعجم الألقاب 3: 257 والجواهر المضية 1: 378 والوافي 22: 94 وبغية الوعاة 2: 195 وطبقات الداودي 1: 430. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 1961 بانت سعاد فقلبي اليوم متبول قال: كتبتها من خطه «1» أضاء برق وسجف الليل مسدول ... كما يهّز اليماني وهو مصقول فهاج وجدي بسعدى وهي نائية ... عنّي وقلبي بالأشواق متبول لم يبق لي مذ تولى الظعن باكرة ... صبر ولم يبق لي قلب ومعقول مهما تذكرتها فاض الجمان على ... خدّي حتى نجاد السيف مبلول ما أنس لا أنس إذ تجلو عوارضها ... والجفن بالاثمد الهنديّ مكحول ظمأى الموشح ريان مخلخلها ... عبل مؤزّرها والمتن مجدول كأنما هي إذ ترخي ذوائبها ... بدر عليها رواق الليل مسدول كأنما ثغرها درّ إذا ابتسمت ... وريقها سحرا بالراح معلول يا حبذا زمن فيه نسرّ بها ... والشعب ملتئم والحبل موصول ومنها في مدح النبي صلّى الله عليه وسلّم: هدى إلى دين إبراهيم أمّته ... وكلهم بعقال الشرك معقول «2» وكلّ أصحابه أهوى وأمنحهم ... ودّي ومبغضهم في الدين مدخول وصاحب المصطفى في الغار يتبعه «3» ... وهو الذي ماله في الله مبذول وتلوه عمر الفاروق أزهر إن ... رآه إبليس ولّى وهو مخذول وأقتدي بابن عفّان الذي فريت ... أوداجه وهو بالقرآن مشغول وبالوصيّ ابن عم المصطفى فله ... مناقب جمة في شرحها طول وإنّ أقضاهم قد كان أفضلهم ... فانظر فذا عن رسول الله منقول محبتي لهم ديني ومعتقدي ... فإن أزغ عنهم غالتني الغول الجزء: 5 ¦ الصفحة: 1962 ولهذا الامام أشعار من هذا النمط، ترك الكاغد أبيض خير من تسويده بها. وله تصانيف حسان منها: كتاب المواضع والبلدان. وكتاب في تفسير القرآن. وكتاب اشتقاق الأسماء. ومن شعره الذي أورده لنفسه في «كتاب البلدان» : رأيتك تدّعي علم العروض ... كأنك لست منها في عروض فكم تزري بشعر مستقيم ... صحيح في موازين العروض كأنك لم تحط مذ كنت علما ... بمخبون الضروب ولا العروض [833] علي بن محمد أبو الحسن السخاوي: وسخا قرية من قرى مصر، كان مبدأه الاشتغال بالفقه على مذهب مالك بمصر ثم انتقل إلى مذهب الشافعي، وسكن بمسجد بالقرافة يؤمّ فيه مدة طويلة، فلما وصل الشيخ أبو القاسم الشاطبي إلى تلك الديار واشتهر أمره لازمه مدة، وقرأ عليه القرآن بالروايات، وتلقف منه قصيدته المشهورة في القراءات، وكان يعلّم أولاد الأمير ابن موسك، وانتقل معه إلى دمشق، واشتهر بها بعلم القرآن، وعاود قراءة القرآن على تاج الدين أبي اليمن الكندي ولازمه، وقرأ عليه جملة وافرة من سماعاته في الأدب وغيره، وصار له حلقة بالجامع بدمشق، وتردّد إليه الناس للتأدّب، وشرع في التصنيف فله: كتاب الوحيد في شرح القصيد، يريد قصيدة الشاطبي، وبسط القول وطوّل «1» في مجلدتين. كتاب شرح المفصل. كتاب في تفسير القرآن. وكتبت هذه الترجمة في سنة تسع عشرة وستمائة وهو بدمشق كهل يحيا.   (833) - ترجمته في معجم البلدان (ش) وانباه الرواة 2: 311 والبداية والنهاية 13: 170 وطبقات السبكي 8: 297 وتذكرة الحفاظ: 1432 وحسن المحاضرة 1: 412 ومرآة الزمان 8: 758 وابن خلكان 3: 27 (وفي حاشية طبقات السبكي ذكر لمصادر أخرى) . الجزء: 5 ¦ الصفحة: 1963 [834] علي بن محمد بن علي الفصيحي أبو الحسن من أهل استراباذ، وهي مدينة من طبرستان ورأس قصبتها، قرأ النحو على عبد القاهر الجرجاني، وأخذ عنه أبو نزار النحوي والحيص بيص الشاعر، ومات فيما ذكره السلفي الحافظ يوم الأربعاء ثالث عشر ذي الحجة سنة ست عشرة وخمسمائة، وقدم بغداد واستوطنها إلى حين وفاته، ودرّس النحو بالنظامية بعد الشيخ أبي زكريا يحيى بن علي الخطيب التبريزي، ثم اتهم بالتشيع فقيل له في ذلك فقال: لا أجحد، أنا متشيع من الفرق إلى القدم، فأخرج من النظامية ورتّب مكانه الشيخ أبو منصور موهوب بن أحمد بن محمد بن الخضر الجواليقي، فكان المتعلمون يقصدون داره التي انتقل إليها للقراءة عليه، فقال لهم يوما: داري بكرى وخبزي بشرى، وقد جئتم تدحرجون إليّ، اذهبوا إلى من عزلنا به. وسمي بالفصيحي لكثرة دراسته «كتاب الفصيح» لثعلب وصار له به أنس حتى انه دخل يوما على مريض يعوده فقال «شفاه» وسبق على لسانه: «وأرخيت الستر» لاعتياده كثرة إعادته «1» . وقد روى الفصيحي عن أبي الحسن الخطيب الأقطع إنشادا، سمعه منه ابن سلفة الاصفهاني الحافظ ببغداد وقال: جالسته وسألته عن أحرف من العربية، وروى عنه في مشيخة بغداد، وهو الذي عرفنا أن اسم أبيه «2» محمد وإلا فلا يعرف إلا بعلي بن أبي زيد الفصيحي فقط.   (834) - ترجمة الفصيحي في نزهة الألباء: 274 وإنباه الرواة 2: 306 وابن خلكان 3: 337 والوافي 22: 85 (وفيه اطلاع على معجم الأدباء ونقل عنه) وعيون التواريخ 12: 153 والبلغة: 163 وبغية الوعاة 2: 197 والشذرات 5: 70 وإشارة التعيين: 227. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 1964 قرأت في «كتاب سرعة الجواب ومداعبة الأحباب» تصنيف الحسن بن جعفر بن عبد الصمد بن المتوكل بخطّه، أنشدني الشيخ الامام أبو الحسن علي بن أبي زيد الفصيحي وقد عاتبته على الوحدة فقال: الله أحمد شاكرا ... فبلاؤه حسن جميل أصبحت مستورا معا ... فى بين أنعمه أجول خلوا من الأحزان خ ... فّ الظهر يقنعني القليل حرا فلا منّ لمخ ... لوق عليّ ولا سبيل لم يشقني حرص على ال ... دنيا ولا أمل طويل سيان عندي ذو الغنى ال ... متلاف والرجل البخيل ونفيت باليأس المنى ... عني فطاب «1» لي المقيل والناس كلهم لمن ... خفّت مؤونته خليل ومن كتابه أنشدنا الامام أبو الحسن علي بن أبي زيد في «المذاكرة» وقد رقي إليه كلام قبيح عن بعض أصدقائه، فقال مستشهدا: إني إذا ما الخليل أحدث لي ... صرما وملّ الصفاء أو قطعا لا أحتسي ماءه على رنق ... ولا يراني لبينه جزعا أهجره ثم تنقضي غير ال ... هجران عنا ولم أقل قذعا احذر وصال اللئيم إنّ له ... عضها إذا حبل ودّه انقطعا وقرأت بخط الشيخ أبي محمد ابن الخشاب، قال الشيخ أبو منصور موهوب بن أحمد، وقد جرى ذكر الشيخ أبي الحسن بن أبي زيد الاستراباذي المعروف بالفصيحي صاحب عبد القاهر الجرجاني رحمهم الله، قال لي الشيخ أبو زكريا يحيى بن علي بن الخطيب التبريزي رحمه الله إنه حضر معه- أعني الفصيحي- الجزء: 5 ¦ الصفحة: 1965 حلقة تباع فيها الكتب، فنودي «1» على كتاب فيه شيء من مصنفات أبي طالب المفضل بن سلمة بن عاصم ورّاق الفراء وعليه اسم المفضل منسوبا إلى النحو فقيل النحوي، فأخذه الفصيحي وناولنيه (يقوله أبو زكريا) وقال لي كالمستهزىء النحوي، أي قد نسبته «2» إلى النحو وهو عنده مقصر أي لا يستحق هذا الوصف قال فقلت: تكون أنت نحويا ولا يكون المفضل منسوبا إلى النحو «3» ؟ قال الشيخ أبو محمد: لا شبهة في أن الذي حمل الفصيحيّ على الغضّ بهذا القول من المفضل أنه قد وقف على شيء من كلامه في بعض مصنفاته مما يتسمّح به أهل الكوفة مما يراه أهل البصرة خطأ أو كالخطأ، وذاك مما لا يحتمله الفصيحي ولا شيخه عبد القاهر ولا شيخه ابن عبد الوارث أبو الحسين فيغضوا عليه، لأن طريقتهم التي يسلكونها في الصناعة منحرفة عن طريقة المفضل ومن جرى في أسلوبه كلّ الانحراف. قال الشيخ أبو محمد ابن الخشاب: وعلى أنني قرأت بخط المفضّل في كتابه الذي سماه «البارع» في الرد على كتاب العين في اللغة أشياء تدل على قصوره في الصناعة وضعفه «4» في قياسها، منها أنه ذكر الحروف التي جاءت لمعان بعد أن ذكر أبنية الكلام فقال: والحدّ الثالث من الكلام الأدوات «5» ، وهي التي يسميها أهل البصرة حروف المعاني، فمنها ما هو على ثلاثة أحرف نحو إنّ وليت وكيف وأين، فعدّ كما ترى كيف وأين في حروف المعاني، وذا سهل عندهم. ثم قال: ومنها ما هو على أربعة أحرف نحو حاشا ولولا، ومنها ما هو على خمسة أحرف نحو ما خلا وما عدا، وجعله الحرفين مع ما واحدا وعدّه لهما فيما بني من أصول الكلم على خمسة أحرف من أفحش الخطأ وأنزله، ولو وفق لذكر «لاكنّ» ومثّل بها فليس في حروف المعاني ما هو على خمسة أحرف سوى لاكنّ. ومرت بي فيما قرأته بخطه أشياء غير هذا تجري في التسمح مجراه. قرأت بخط الشيخ أبي محمد ابن الخشاب: كان أبو الحسن علي بن أبي زيد الجزء: 5 ¦ الصفحة: 1966 الاستراباذي المعروف بالفصيحي رحمه الله يقول في الشجة التي تعرف عندهم بالمنقلة، وهي التي تنقل منها العظام، إنها المنقلة بكسر القاف، ويرى كونها على صيغة الفاعل لا المفعول هو الوجه لا يجيز غيره، ويقول الشجاج كلّها إنما جاءت على صيغة الفاعل كالحارصة والدامية والدامعة والدامغة والباضعة والمتلاحمة والموضحة والمفرشة وأشباههن، قال وكذا ينبغي أن تكون المنقلة بكسر القاف، وكأنها عنده رواية عضدها قياس. قال: وكان شيخنا موهوب بن أحمد رضي الله عنه ينكر «1» ذلك عليه ويعده تصحيفا، ويضبط اللفظة بفتح القاف على أنها صيغة مفعول ويكتب فوق القاف ما هذه صورته (فتح) ويقول: أيّ قياس مع الرواية؟ هذا وهي تنقل منها العظام فيتعلق أيضا بالتفسير، ولعمري إن الأشهر فيها الفتح، وهكذا ذكره أبو عبيد وابن السكيت عن الأصمعي قال: ثم المنقلة وهي التي يخرج منها العظام «2» ؛ وكان شيخنا موهوب رحمه الله يرى الكسر في قاف المنقلة تصحيفا محضا لا وجه له، على أن أبا محمد ابن درستويه قد حكى عنه الكسر كما قال الفصيحي. قال: وقرأت بخط العبدري وأخبرني به في كتابه قال: سمعت محمد بن العالي اللغوي يقول: رويت بالوجهين جميعا. وحكى العبدريّ الكسر عن ابن درستويه أيضا، ولست أدري هل تعلق الفصيحي فيما ذهب إليه بقول ابن درستويه أو غيره ممن لعله حكى الكسر أم لا، وهل رغب شيخنا موهوب عن الكسر بعد أن علم أنه قد حكي ولم يعتدّ بمكانة من حكاه أم لا، والأشبه أنه لا يكون بلغه فإنه قلّما كان يدفع قولا لمتقدم ولو ضعف. وأنا أقول إن النزاع في هذه اللفظة وشبهها المرجع فيه إلى محض الرواية عنهم، والمعوّل في ذاك على ما يضبطه الأثبات فيها، وقد قدمت من المشهور فيها الفتح كما قال شيخنا موهوب، ولا حجة له في أنهم فسروها بأنها تخرج منها العظام وتنقل فإنا لو خلّينا وهذا الحجاج ووكلنا في إثبات لغة الفتح إليه لكان للخصم أن يقول إن الشجة وهي الضربة التي أدت إلى نقل العظام فهي المنقلة لأنها حملت على النقل، ولا حجة لشيخنا الفصيحي أيضا مع اشتهار الفتح فيها في حمله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 1967 إياها على الفاعل من نظائرها لأنهم قالوا في الآمة المأمومة، كما قال يصف ضربة «1» : يحجّ مأمومة في قعرها لجف ... فاست الطبيب قذاها كالمغاريد «2» على أنه يمكن أن يتأول المأمومة على معنى يحجّ هامة مأمومة، وقد قالوا في المشجوج نفسه مأموم وأميم، والظاهر أنه أراد الشجة، وقد جاء في الشجاج ما ليس على صيغة فاعل ولا مفعول كالسمحاق، فهل هذه إلا محض رواية في التسمية، وإن كان منقولا فاعرف ما قال شيخانا رحمهما الله وقلناه ومن الله عز وجل نستمد التوفيق. ومن خط ابن المتوكل: حدثني الشيخ الامام الفصيحي قال: رأيت بعض الموسومين في المارستان «3» وفي إبهامه أثر الحناء دون أصابعه فقلت له: ما معنى الحناء في الابهام دون سائر الأصابع؟ فأنشدني: وخاضبة إبهامها دون غيره ... رأتني وقد أعيا عليّ تصبري فقلت لها الابهام ما اسم خضابه ... فقالت يسمى عضّة المتفكر [835] علي بن محمد بن محمد بن علي بن السكون الحلي أبو الحسن: من حلة بني مزيد بأرض بابل، كان عارفا بالنحو واللغة حسن الفهم جيد النقل حريصا على تصحيح الكتب، لم يضع قط في طرسه إلا ما وعاه قلبه وفهمه لبه، وكان يجيد قول الشعر. وحكى لي عنه الفصيح بن علي الشاعر أنه كان نصيريا قال لي: ومات في حدود سنة ستمائة، وله تصانيف.   (835) - الجامع المختصر 9: 306 والوافي 22: 132 (وكنيته أبو الحسين) وبغية الوعاة 2: 199. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 1968 [836] علي بن محمد بن يوسف بن خروف «1» الأندلسي الرندي النحوي: مشهور في بلاده مذكور بالعلم والفهم. مات فيما أخبرني به الفقيه شمس الدين أبو إسحاق إبراهيم بن يوسف الغماري، قبيلة، في سنة ست وستمائة باشبيلية عن خمس وثمانين سنة وكان قد تغير عقله بأخرة «2» حتى مشى في الأسواق مكشوف الرأس «3» والعورة. وأخذ النحو عن الأستاذ أبي بكر ابن طاهر «4» المعروف بالخدبّ صاحب الحواشي على كتاب سيبويه بمدينة فاس «5» . وكان ابن خروف خياطا إذا اكتسب منها شيئا قسم ما يحصل له نصفين بينه وبين أستاذه، وكان في خلقه زعارة وسوء عشرة، ولم يتزوج قط، وكان يسكن الخانات. قال: وحدثني ببدء اشتغاله أبو القاسم عبد الرحمن بن يخلف السلاوي (مدينة بالعدوة من المغرب) قال إنه أول يوم دخل على ابن طاهر شكا إليه الفقر وقال إنك لتأخذ مني أكثر مما تأخذ من الأعيان فقال: شرّك أعظم من شرّهم عليّ في المجلس، وكان يأمرني بنقل الماء إلى المسجد إذا احتاج الى استعماله فأقول له في ذلك فيقول: لا أحب أن تجلس بغير شغل، ولم يتخذ بلدا موطنا بل كان ينتقل   (836) - إنباه الرواة 4: 186 والتكملة رقم: 1884 وبرنامج شيوخ الرعيني: 81 وابن خلكان 3: 335 والذيل والتكملة 5: 319 (وفيه وفي برنامج الرعيني تفصيلات دقيقة) وصلة الصلة: 122 والبدر السافر: 28 ب وتذكرة الحفاظ: 1390 ومرآة الجنان 4: 21 والبداية والنهاية 13: 53 والبلغة: 164 ولسان الميزان 4: 257 ووفيات ابن قنفذ: 304 وحاشية على شرح بانت سعاد 1: 629؛ قلت: وقد خلطت بعض المصادر بين ابن خروف النحوي وابن خروف الشاعر الذي هاجر من الأندلس وسكن حلب واسم الشاعر علي بن محمد بن يوسف وعلى هذا يقتضي تغيير ما أورده ياقوت في نسب ابن خروف النحوي، فهو علي بن محمد بن علي بن محمد بن خروف الحضرمي، إلا أن مادة الترجمة التي أوردها ياقوت سليمة لا خلط فيها (ومن المصادر التي خلطت بينهما الفوات والوافي وبغية الوعاة وابن الساعي) وقد نبهت على ذلك في حاشية الفوات 3: 84، وكذلك في حاشية الذيل والتكملة، وانظر أيضا حاشية الوافي 22: 89) . الجزء: 5 ¦ الصفحة: 1969 في البلاد في طلب التجارة. وله تصانيف منها كتاب شرح سيبويه «1» ، حمله إلى صاحب المغرب فأعطاه ألف دينار «2» ، وله كتاب شرح الجمل في مجلد «3» واحد. [837] علي بن معقل أبو الحسن: ذكره الحبال في «كتاب الوفيات» فقال أبو الحسن ابن معقل الأديب الكاتب صاحب أبي علي الفارسي، ولم يذكر اسمه، فكتبته أنا كما ترى بالوهم إلى أن يصحّ، قال: مات في ربيع الآخر سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة. [838] علي بن المغيرة الأثرم أبو الحسن: كان صاحب كتب مصححة قد لقي بها العلماء وضبط ما ضمنها، ولم يكن له حفظ، لقي أبا عبيدة والأصمعي وأخذ عنهما. مات سنة اثنتين وثلاثين ومائتين وهي السنة التي مات فيها الواثق. وله من الكتب: كتاب النوادر. كتاب غريب الحديث. وحدث أبو مسحل عبد الوهاب قال: كان إسماعيل بن صبيح الكاتب قد أقدم أبا عبيدة من البصرة في أيام الرشيد إلى بغداد وأحضر الأثرم، وهو يومئذ وراق، وجعله في دار من دوره، وأغلق عليه الباب ودفع اليه كتب أبي عبيدة وأمره بنسخها، فكنت   (837) - من الصعب العثور على ترجمة له، لأنّ اسمه محض تقدير من المؤلف. (838) - ترجمة الأثرم في مراتب النحويين: 94 ونور القبس: 215 والفهرست: 62 وتاريخ بغداد 12: 107 والأنساب 1: 114 (واللباب 1: 28) ونزهة الألباء: 126 وإنباه الرواة 2: 319 والوافي 22: 214 والنجوم الزاهرة 2: 263 وبغية الوعاة 2: 206. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 1970 أنا وجماعة من أصحابنا نصير الى الأثرم فيدفع إلينا الكتاب والورق الأبيض من عنده ويسألنا نسخه وتعجيله، ويوافقنا على الوقت الذي نردّه إليه، فكنا نفعل ذلك، وكان الأثرم يقرأ على أبي عبيدة، وكان أبو عبيدة من أضنّ الناس بكتبه ولو علم ما فعله الأثرم لمنعه من ذلك. وكان الأثرم يقول الشعر فمن قوله: كبرت وجاء الشيب والضعف والبلى ... وكل امرىء يبلى إذا عاش ما عشت أقول وقد جاوزت تسعين حجة ... كأن لم أكن فيها وليدا وقد كنت وأنكرت لما أن مضى جلّ قوتي ... وتزداد ضعفا قوّتي كلما زدت كأني إذا أسرعت في المشي واقف ... لقرب خطى ما مسّها قصرا وقت وصرت أخاف الشيء كان يخافني ... أعدّ من الموتى لضعفي وما مت وأسهر من برد الفراش ولينه ... وإن كنت بين القوم في مجلس نمت [839] علي بن منجب بن سليمان الصيرفي أبو القاسم: أحد فضلاء المصريين وبلغائهم، مسلّم ذلك له غير منازع فيه، وكان أبوه صيرفيا، واشتهى هو الكتابة فمهر فيها. مات في أيام الصالح بن رزيك بعد خمس وخمسمائة، وقد اشتهر ذكره وعلا شأنه في البلاغة والشعر والخط، فإنه كتب خطا مليحا وسلك فيه طريقة غريبة، واشتغل بكتابة الجيش والخراج مدة، ثم استخدمه الأفضل بن أمير الجيوش وزير المصريين في ديوان المكاتبات ورفع من قدره وشهره، ثم إنه أراد أن يعزل الشيخ ابن أبي أسامة عن ديوان الانشاء ويفرد ابن الصيرفي به، واستشار في ذلك بعض خواصه ومن يأنس به فقال له: إن قدرت أن تفدي ابن أبي أسامة من الموت يوما واحدا بنصف مملكتك فافعل ذلك ولا تخل الدولة منه فإنه جمالها، فأضرب عن ابن الصيرفي، ومات   (839) - ترجمة ابن منجب الصيرفي في أخبار مصر: 87 والمغرب (قسم القاهرة) : 252 والوافي 22: 228 وصبح الأعشى 1: 96 واتعاظ الحنفا 3: 185. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 1971 الأفضل وخدم الحافظ المسمى بالخلافة بمصر. ولابن الصيرفي من التصانيف: كتاب الإشارة فيمن نال رتبة الوزارة «1» . كتاب عمدة المحادثة. كتاب عقائل الفضائل. كتاب استنزال الرحمة. كتاب منائح القرائح. كتاب رد المظالم. كتاب لمح الملح. كتاب في السكر «2» وله غير ذلك من التصانيف وله اختيارات كثيرة لدواوين الشعراء كديوان ابن السراج وأبي العلاء المعري وغيرهما «3» . ومن شعره قوله: لما غدوت مليك الأرض أفضل من ... جلّت مفاخره عن كلّ إطراء تغايرت أدوات النطق فيك على ... ما يصنع الناس من نظم وإنشاء وله: لا يبلغ الغاية القصوى بهمته ... إلا أخو الحرب والجرد السلاهيب يطوي حشاه إذا ما الليل عانقه ... على وشيج من الخطيّ مخضوب وله: هذي مناقب قد أغناه أيسرها ... عن الذي شرعت آباؤه الأول قد جاوزت مطلع الجوزاء وارتفعت ... بحيث ينحطّ عنها الحوت والحمل ولابن الصيرفي رسائل أنشأها عن ملوك مصر تزيد على أربع مجلدات. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 1972 [840] علي بن منصور بن عبيد الله الخطيبي المعروف بالأجل اللغوي، يكنى أبا علي، الأصبهاني الأصل بغدادي المولد والمنشأ: عالم فاضل لغوي فقيه كاتب مقيم بالنظامية، قرأ على ابن العصار وأبي البركات الأنباري وغيرهما، وتفقه على مذهب الشافعي بالنظامية، ولا أعلم له في زمانه نظيرا في علم اللغة، فإنه حدثني أنه كان في صباه يكتب كل يوم نصف جزء خمس قوائم من «كتاب مجمل اللغة» لابن فارس ويحفظه ويقرأه على علي بن عبد الرحيم السلمي المعروف بابن العصار، حتى أنهى الكتاب حفظا وكتابة، وحفظ «إصلاح المنطق» في أيسر مدة، وحفظ غير ذلك من كتب اللغة والفقه والنحو، وطالع أكثر كتب الأدب، وهو حفظة لكثير من الأشعار والأخبار ممتع المحاضرة، إلا أنه لا يتصدّى للاقراء، ولقد سألته في ذلك وخضعت إليه بكلّ وجه فلم ينقد لذلك، ولا يكاد أحد يراه جالسا، إنما هو في جميع أوقاته قائم على رجليه في النظامية، ولو جلس للاقراء لأحيا علوم الأدب ولضربت إليه آباط الإبل في الطلب. بلغني أن مولده سنة سبع وأربعين وخمسمائة. أنشدني أبو الحسن علي بن الحسين بن علي السنجاري يعرف بابن ذنابة، قال أنشدني الأجل علي بن منصور اللغوي لنفسه: فؤاد معنّى بالعيون الفواتر ... وصبوة باد مغرم بالحواضر سميران ذادا عن جفون متّيم ... كراها وباتا عنده شرّ سامر وأنشدني قال أنشدني لنفسه: لمن غزال بأعلى رامة سنحا ... فعاود القلب سكر كان منه صحا مقسّم بين أضداد فطرّته ... جنح وغرّته في الجنح ضوء ضحى   (840) - ترجمة الخطيبي في إنباه الرواة 2: 321 وطبقات الأسنوي 2: 369 والوافى 22: 235 (وينقل عن ياقوت) وبغية الوعاة 2: 207 وكانت وفاة الخطيبي سنة اثنتين وعشرين وستمائة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 1973 [841] علي بن منصور بن طالب الحلبي الملقب دوخلة يعرف بابن القارح «1» : يكنى أبا الحسن، قال ابن عبد الرحيم: هو شيخ من أهل الأدب شاهدناه ببغداد راوية للأخبار وحافظا لقطعة كبيرة من اللغة والأشعار قؤوما بالنحو، وكان ممن خدم أبا عليّ الفارسي في داره وهو صبي، ثم لازمه وقرأ عليه- على زعمه- جميع كتبه وسماعاته، وكانت معيشته من التعليم بالشام ومصر، وكان يحكي أنه كان مؤدبا لأبي القاسم المغربي الذي وزر ببغداد لقاه الله سيّء أفعاله كذا قال، وله فيه هجو كثير، وكان يذمّه ويعدّد معايبه. وشعره يجري مجرى شعر المعلمين قليل الحلاوة خاليا من الطلاوة، وكان آخر عهدي به بتكريت في سنة إحدى وعشرين وأربعمائة «2» فإنا كنا مقيمين بها واجتاز بنا وأقام عندنا مدة، ثم توجه إلى الموصل وبلغتني وفاته من بعد، وكان يذكر أن مولده بحلب سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة ولم يتزوج ولا أعقب، وجميع ما أورده من شعره مما أنشدنيه لنفسه، فمنه في الشمعة: لقد أشبهتني شمعة في صبابتي ... وفي طول ما ألقى وما أتوقّع نحول وحرق في فناء ووحدة ... وتسهيد عين واصفرار وأدمع ومنه في هجو المغربي: لقبت بالكامل سترا على ... نقصك كالباني على الخصّ فصرت كالكنف إذا شيدت ... بيّض أعلاهنّ بالجص يا عرّة الدنيا بلا غرّة ... ويا طويس الشؤم والحرص قتلت أهليك وأنهبت بي ... ت الله بالموصل تستعصي   (841) - ترجمة ابن القارح في الوافي 22: 233 وبغية الوعاة 2: 207 ورسالته الى أبي العلاء التي أثارت «رسالة الغفران» منشورة قبل هذه الثانية (تحقيق الدكتورة بنت الشاطىء/ 1950) ص 17- 64؛ وانظر بغية الطلب لابن العديم 5: 18- 19، 9: 139. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 1974 وله في المداعبة: أين من كان يوضع الأير إجلا ... لا على الرأس عنده ويباس أين من كان عارفا بمقادي ... ر الأيور الكبار مات الناس وله: يا رمحها العسّال بل يا سيفها ال ... قصّال نارك ليس تخبو يا عاقد المنن الرغاب ... على الرقاب لهن سحب كفروك ما أوليتهم ... والربّ يشكر ما تربّ وسئل أن يجيز قول الشاعر: لعلّ الذي تخشاه يوما به تنجو ... ويأتيك ما ترجوه من حيث لا ترجو فقال: فثق بحكيم لا مردّ لحكمه ... فما لك في المقدور دخل ولا خرج وكان بينه وبين الكسروي مهاترة ومهاجاة ومماظة فمن قوله فيه: إذا الكسروي بدا مقبلا ... وفي يده ذيل دراعته وقد لبس العجب مستنوكا ... يتيه ويختال في مشيته فلا يمنعنّك بأواؤه ... ضراطا يقعقع في لحيته وله: الصيمريّ دقيق الفكر في اللقم ... يقول كم عندكم لون وكم وكم يسعى إلى من يرى إكثاره وكذا ... يراه ذاك وما هذاك من عدم يلقى الوعيد بما يلقى الحشوش به ... وذاك والله بخل ليس بالأمم قال وحدثني قال: كنت أؤدب ولدي الحسين بن جوهر القائد بمصر وكانا مختصين بالحاكم وآنسين به، فعملت قصيدة وسألت المسمّى منهما جعفرا وكان من أحسن الناس وجها، ويقال إن الحاكم كان يميل إليه، أن يوصلها ففعل وعرضها عليه، فقال: من هذا؟ فقال: مؤدبي، قال: يعطى الف دينار، واتفق أن المعروف بابن مقشر الطبيب كان حاضرا، فقال لا تثقلوا على خزائن أمير المؤمنين يكفيه الجزء: 5 ¦ الصفحة: 1975 النصف، فأعطيت خمسمائة دينار، وحدثني ابن جوهر بالحديث، وكانت القصيدة على وزن منهوكة أبي نواس أقول فيها: إن الزمان قد نصر ... بالحاكم الملك الأغرّ في كفّه عضب ذكر ... فقد غدا على القصر من غرة على غرر «1» ... يمضي كما يمضي القدر في سرعة الطرف نظر ... أو السحاب المنهمر بادر إنفاق البدر ... بدر إذا لاح بهر وهي طويلة، واتفق أن الطبيب المذكور لحقته بعد هذا بأيام شقفة، وهي التي تسمى التراقي، ويقال لها قملة النسر أيضا، فمات منها وكان نصرانيا فقلت: لما غدا يستخفّ رضوى ... تيها وكبرا لجحد ربّه أصماه صرف الردى بسهم ... عاجله قبل وقت نحبه بشقفة بين منكبيه ... رشاؤها في قليب قلبه قال عبد الله الفقير اليه مؤلف الكتاب: وعلي بن منصور هذا يعرف بابن القارح، وهو الذي كتب إلى أبي العلاء المعري الرسالة المعروفة برسالة ابن القارح، فأجابه أبو العلاء برسالة الغفران، وذكر اسمه فيها. [842] علي بن مهدي بن علي بن مهدي الكسروي أبو الحسن الأصفهاني معلم ولد أبي السحن علي بن يحيى بن المنجم: أحد الرواة العلماء النحويين الشعراء، مات في أيام بدر المعتضدي على أصبهان. قال حمزة: علي بن مهدي الكسروي وهو ابن   (842) - ترجمة الكسروي في معجم الشعراء: 149 ونور القبس: 338 والفهرست: 167 والوافي 22: 244 وبغية الوعاة 2: 208. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 1976 أخت علي بن عاصم بن الحريش، وكان متصلا ببدر المعتضدي، وفي أيامه مات، يعني أيامه على أصبهان، وكان قد ولي أصبهان سنة ثلاث وثمانين ومائتين أيام المعتضد إلى أن ولي ابنه المكتفي سنة تسع وثمانين ومائتين. قال ابن أبي طاهر: وكان الكسروي أديبا ظريفا حافظا رواية شاعرا عالما ب «كتاب العين» خاصة، وكان يؤدب هارون بن علي بن يحيى النديم واتصل بأبي النجم المعتضدي مولى المعتضد وتوفي في خلافته. وذكره المرزباني فقال: حدثني علي بن هارون عن أبيه وعمه قالا: كان أبو الحسن علي بن يحيى بن المنجم جالسا يوما وبحضرته من لا يخلو مجلسه منه من الشعراء كأحمد بن أبي طاهر وأحمد بن أبي فنن وأبي علي البصير وأبي هفان المهزمي والهدادي- وهو ابن عمه أي أبي هفان- وابن العلاف وأبي الطريف وأحمد بن أبي كامل خال ولد أبي الحسن وعلي بن مهدي الكسروي، وكان معلم ولده، فأنشد الجماعة بيتا ذكر أنه مر به مفردا فاستحسنه وأحبّ أن يضاف إليه بيت آخر يصل معناه ويزيد في الامتاع به وهو: ليهنك أني لم أجد لك عائبا ... سوى حاسد والحاسدون كثير فبدره علي بن مهدي من بين الجماعة وقال: وأنك مثل الغيث أما وقوعه ... فخصب وأما ماؤه فطهور فاستحسنه أبو الحسن وضمّه إلى البيت الأول، وكان أبو العنبس «1» ابن حمدون حاضرا فقال له: الصنعة فيهما عليك فطلب عودا وانفرد فصنع فيه رمله المشهور. وحدث عن الصولي قال: كتب عبد الله بن المعتز إلى علي بن مهدي الأصبهاني: وما نازح بالصين أدنى محلّه ... يقصّر عنه كلّ ماش وطائر محا اليأس منه كلّ ذكر فلم تكد ... تصوّره للقلب أيدي الخواطر بأبعد عندي من أناس وإن دنوا ... وما البعد إلا مثل طول التهاجر ويشغل عني القصف والراح بعضهم ... مباكرها أو ممسيا كمباكر الجزء: 5 ¦ الصفحة: 1977 إذا طار بين العود والناي طيرة ... فليس لإخوان الصفاء بذاكر قال فأجابه علي بن مهدي: أيا سيدي عفوا وحسن إقالة ... فلم يحو أقطار العلا مثل غافر لعمري لو أنّ الصين أدنى محلّتي ... لما كنت إلا غائبا مثل حاضر ثنائي لكم عمري ومحض مودتي ... تؤثر آثار الغيوث البواكر وو الله ما استبهجت بعدك مجلسا ... ولا بقيت لذاته في ضمائري ولست كمن يثنيه أهل صفائه ... سماع الحسان واصطخاب المزاهر وكيف تناسي سيد لي ثناؤه ... منوط بأحشائي وسمعي وناظري وحدث عن عبد الله بن يحيى العسكري عن أحمد بن سعيد الدمشقي قال: كتب عبد الله بن المعتز إلى علي بن مهدي الكسروي «1» : يا باخلا بكتابه ورسوله ... أأردت تجعل في الفراق فراقا إن العهود تموت إن لم تحيها ... والنأي يحدث للفتى إخلاقا قال فكتب إليه علي بن مهدي: لا والذي أنت أسنى من أمجّده ... عندي وأوفاهم عهدا وميثاقا ما حلت عن خير ما قد كنت تعهده ... ولا تبدلت بعد النأي أخلاقا لكن عجزي عن نعماك أفحمني ... فانقدت للعجز مغلوبا ومشتاقا «2» وحدث عن علي عن عبد الله بن المعتز قال: كتب إليّ علي بن مهدي الكسروي في يوم مهرجان: نعمت بما تهوى ونلت الذي ترضى ... ولقّيت ما ترجو ووقّيت ما تخشى ولست بما ألقى من الخير كلّه ... أسرّ وأحظى سيدي بالذي تلقى ويعلم علّام الخفيّات أنني ... أعدّك ذخرا للممات وللمحيا وأني لو أهدي على قدر نيتي ... لكان الذي أهديه حظي من الدنيا وحدث عن العسكري عن ابن سعيد «3» الدمشقي قال: كتب عبد الله بن المعتز الجزء: 5 ¦ الصفحة: 1978 إلى علي بن مهدي «1» : أبا حسن أنت ابن مهديّ فارس ... فرفقا بنا لست ابن مهديّ هاشم وأنت أخ في يوم لهو ولذة ... ولست أخا عند الأمور العظائم فأجابه عليّ: أيا سيدي إنّ ابن مهديّ فارس ... فداء ومن يهوى لمهديّ هاشم بلوت أخا في كلّ أمر تحبّه ... ولم تبله عند الأمور العظائم وانك لو نبّهته لملمة ... لأنساك صولات الأسود الضراغم قال، وقال محمد بن داود: كان علي بن مهدي يؤدّب، وهو أحد الرواة للأخبار، وهو القائل «2» : ولما أبي أن يستقيم وصلته ... على حالتيه مكرها غير طائع حذارا عليه أن يميل بودّه ... فأبلى بقلب لست عنه بنازع فأصبح كالظمآن يهريق ماءه ... كضوء سراب في المهامه لامع فلا الماء أبقى للحياة ولا أتى ... على منهل يجدي عليه بنافع وله: ومودّع يوم الفراق بلحظه ... شرق من العبرات ما يتكلّم متقلّب نحو الحبيب بطرفه ... لا يستطيع إشارة فيسلّم نطق الضمير بما أرادا عنهما ... وكلاهما مما يعاين مفحم وقال علي بن مهدي يصف العود «3» : تجري أناملها على ... ذي منطق أعمى بصير خرس أصمّ ونحن من ... نجواه في دهر قصير فدم صموت ليس يع ... رف ما القبيل من الدبير الجزء: 5 ¦ الصفحة: 1979 ميت ولكنّ الأك ... فّ تذيقه طعم النشور وكأنه في حجرها «1» ... طفل تمهّد حجر ظير تومي إليه بنانها ... فتريك ترجمة الضمير فترى النفوس معلقات ... منه في بمّ وزير فإذا لوت آذانه ... جاز الأنين إلى الزفير قالت له قل مطربا ... «وعظتك واعظة القتير» فأجابها من حجرها ... «وعلتك أبهة الكبير» وذكره محمد بن اسحاق النديم فقال: كان مؤدب ولد هارون بن علي بن يحيى بن المنجم، واتصل بعد ذلك بأبي النجم بدر المعتضدي، وكان عارفا بكتاب العين خاصة «2» . وله من الكتب: كتاب الخصال، وهو مجموع يشتمل على أخبار وحكم وأمثال وأشعار. كتاب مناقضات «3» من زعم أنه لا ينبغي أن يقتدي «4» القضاة في مطاعمهم بالأئمة الخلفاء، وقد عزي هذا الكتاب إلى الكسروي الكاتب والله أعلم «5» . كتاب الأعياد والنواريز. كتاب مراسلات الاخوان ومحاورات الخلان. وقال الكسروي في ضرطة وهب بن سليمان «6» : إن وهب بن سليم ... ان بن وهب بن سعيد حمل الضرط الى الريّ ... على ظهر البريد في مهمّات أمور ... منه بالركض الشديد استه تنظق يوم ... الحفل بالأمر الرشيد لم يجد في القول فاحتاج ... إلى دبر مجيد الجزء: 5 ¦ الصفحة: 1980 ومن «كتاب أصبهان» : قال هرون بن علي بن يحيى: اجتمعنا مع أبي الفضل أحمد بن أبي طاهر عند علي بن مهدي فلما أردنا الانصراف أنشأ أبو الفضل يقول «1» : لولا عليّ بن مهديّ وخلّته ... لما اهتدينا إلى ظرف ولا أدب إذا سقى مترع الكاسات أوهمنا ... بأن غلماننا خير من العرب «2» [843] علي بن نصر الجهضمي أبو عمرو النحوي اللغوي أحد أصحاب الخليل، ذكره الزبيدي فقال، قال ابراهيم بن السري، يعني الزجاج، قال نصر بن علي بن نصر الجهضمي: لما أراد سيبويه أن يؤلف كتابه قال لأبي: تعال نحي علم الخليل،   (843) - ترجمة علي بن نصر الجهضمي في تاريخ خليفة: 493 وطبقات الزبيدي: 75 ومراتب النحويين: 67 وأخبار النحويين البصريين: 49 ونور القبس: 72 والوافي 22: 271 وتهذيب 7: 390 وبغية الوعاة 2: 211 والشذرات 1: 316 وله ترجمة في إنباه الرواة باسم «نصر بن علي» وقد ترجم الذهبي في السير 12: 136 لنصر بن علي الجهضمي الكبير وهو الذي روى عن النضر بن شميل وعبد الله بن غالب الحدّاني، وروى عنه ابنه علي وهذا الثاني توفي سنة 187 أما الذي توفي سنة 250 فهو علي بن نصر بن علي بن نصر (انظر سير الذهبي 138- 140 وفي حواشيه تخريج كثير) . وفي هذا الذي قاله الذهبي نظر، ذلك لأن النضر بن شميل توفي سنة 203 فلا يمكن أن يروي عنه الجهضمي الكبير، والأقرب أن يكون الراوي عنه هو الابن علي المتوفى سنة 187 (أي أنهما متعاصران) وخير من ذلك أن يكون الراوي عنه هو الذي توفي سنة 250 فذلك أقرب إلى علاقة التلميذ بالأستاذ من الناحية الزمنية. ومع ذلك فالاضطراب قائم في المصادر، وليس القطع فيه سهلا. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 1981 ومات [ ... ] . قال نصر: وسمعت الأخفش يقول: نفذ من أصحاب الخليل أربعة: سيبويه والنضر بن شميل وعلي بن نصر الجهضمي ومؤرج السدوسي. قال السمعاني: الجهضمي منسوب إلى الجهاضمة، وهي محلة بالبصرة، والمشهور منها أبو عمرو نصر بن علي «1» ، روى عن النضر بن شميل [و] الحداني البصري. قال المؤلف: والحداني منسوب إلى حدان بن شمس بن عمرو بن غنم بن غالب بن عثمان بن نصر بن الأزد. عدنا إلى قول السمعاني: قاضي البصرة، من العلماء المتقنين يروي عن ابن عيينة والمعتمر بن سليمان وحاتم بن وردان ونوح بن قيس ويحيى بن سعيد القطان وعبد الرحمن بن مهدي ويزيد بن زريع والأصمعي. روى عنه محمد بن إسماعيل البخاري ومسلم بن الحجاج بن مسلم وأبو عيسى الترمذي وأبو داود السجستاني «2» ، وذكر غير هؤلاء، ثم قال: وكان ثقة ثبتا حجة، وكان المستعين بالله بعث إلى علي بن نصر «3» يشخصه للقضاء، فدعاه عبد الملك أمير البصرة لذلك، فقال: أرجع فأستخير الله، فرجع إلي بيته نصف النهار فصلّى ركعتين وقال: اللهم إن كان لي عندك خير فاقبضني إليك، فنام فأنبهوه فإذا هو ميت، وذلك في جمادى الآخرة سنة خمسين ومائتين. ووجدت في بعض الكتب أن نصر بن علي الجهضمي «4» قال كان لي جار طفيلي «5» . الجزء: 5 ¦ الصفحة: 1982 [844] علي بن نصر النصراني يعرف بابن الطبيب أبو الحسن الكاتب: ذكره محمد بن إسحاق النديم وقال: كان أديبا مصنفا مات في سنة سبع وسبعين وثلاثمائة وله عدة كتب. قال: وكان يذاكرني بها وأحسبه لم يتمم أكثرها فمن كتبه: كتاب البراعة. كتاب صحبة السلطان، أكثر من ألف ورقة. كتاب إصلاح الأخلاق نحو من ألف وخمسمائة ورقة يشتمل على حكم وأمثال. [845] علي بن نصر بن سليمان البرنيقي «1» اللغوي أبو الحسن، أحد الأدباء: رأيت بخطه كتبا أدبية لغوية ونحوية فوجدته حسن الخط متقن الضبط، وكان مقامه بمصر ولعله من أهلها، قرىء عليه كتاب الهمز لأبي زيد الأنصاري بجامع مصر في سنة أربع وثمانين وثلاثمائة. [846] علي بن نصر بن سعد بن محمد الكاتب أبو تراب: ولد بعكبرا ونشأ بها، ثم انحدر بعد أن بلغ إلى بغداد وقرأ الأدب والنحو على ابن برهان النحويّ، ثم انحدر إلى البصرة وصار كاتبا لنقيب الطالبيين بها وأقام هناك مدة، ثم رجع إلى بغداد في سنة تسعين وأربعمائة وأقام بالكرخ وولي الكتابة لنقيب الطالبيين إلى أن مات. وكان من أهل الأدب والفضل مولده في محرم سنة ثمان وعشرين وأربعمائة، وتوفي في جمادى   (844) - ترجمة ابن الطبيب في الفهرست: 145 والوافي 22: 270 (عن ياقوت دون تصريح) . (845) - ترجمة البرنيقي في معجم البلدان 1: 404 وإنباه الرواة 2: 323 والوافي 22: 270 (عن ياقوت) وبغية الوعاة 2: 211. (846) - ترجمة أبي تراب الكاتب في الخريدة (قسم العراق) 4: 26 والوافي 22: 269. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 1983 الآخرة سنة ثمان عشرة وخمسمائة. وابنه علي بن علي بن نصر بن سعد أبو الحسن بن أبي تراب كان كاتب نقيب الطالبيين أيضا وكان شاعرا ولد بالبصرة سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة. ومن شعر أبي تراب هذا: حالي بحمد الله حال جيده ... لكنه من كلّ خير عاطل ما قلت للأيام قول معاتب ... والرزق يدفع راحتي ويماطل إلا وقالت لي مقالة واعظ ... الرزق مقسوم وحرصك باطل [847] علي بن نصر بن محمد بن عبد الصمد الفندورجي ّ «1» أبو الحسن الاسفرائني، وفندورج «2» قرية بنواحي نيسابور، سكن اسفرائين، وكان يرجع إلى فضل وافر ومعرفة تامة باللغة والأدب وخط وبلاغة، وله شعر مليح رائق ويد باسطة في الكتابة والرسائل. ورد بغداد سنة ثمان وعشرين وخمسمائة وأقام بها مدة واقتبس من فضلائها ورجع إلى خراسان وصار ينشىء الكتب عن ديوان الوزارة، عن طاهر بن نظام الملك والسلطان سنجر باللسانين العربي والفارسي «3» . وسئل عن مولده فقال ولدت سنة تسع وثمانين وأربعمائة بنيسابور. قال السمعانيّ: ومات في حدود سنة خمسين وخمسمائة، ومن شعره: تحية مزن يتحف الروض سحرة ... بصوب الحيا في كلّ يوم عليكم   (847) - للفندورجي ترجمة في الأنساب 9: 335 واللباب 2: 442 والتحبير 1: 595 والوافي 22: 269 (عن ياقوت. وفي ك: علي بن منصور) . الجزء: 5 ¦ الصفحة: 1984 فجسمي معي لكنّ قلبي أكرموا ... بلطفكم مثواه فهو لديكم قال السمعاني أنشدني الفندورجي لنفسه: سقى الله في أرض اسفرائين عصبتي ... فما تنتهي العلياء إلّا اليهم وجربت كلّ الناس بعد فراقهم ... فما زدت إلّا فرط ضنّ عليهم «1» قال السمعاني وأنشدني لنفسه ببلخ إملاء ونقلته من خطه: قد قصّ أجنحة الوفاء وطار من ... وكر الوداد المحض والإخلاص والحرّ في شبك الجفاء وماله ... من أسر حادثة رجاء خلاص كان في آخر جزء بخطّ السمعاني ما صورته: لكاتبه أبي الحسن الفندورجي: حمّ الحبيب وآذاه السّقام ولم ... أمت كما شاء سلطان الهوى حزنا بأيّ عين إذا ما الوصل يجمعنا ... بالطالع السعد ألقى وجهه الحسنا والجفن مني دام لا يصافح إذ ... ناغى الكرى في الدجى جفن الورى الوسنا وكاد عن بدني ينسلّ روحي إذ ... مسّ الأذى منه تلك الروح والبدنا وله أيضا في المعنى نقلته من خطه «2» : حمّ الحبيب وما حمّ انفصالي عن ... روح وعن بدن يحيا بذكراه بأيّ وجه إذا ما الوصل يجمعنا ... ومقلة أتلقاه وألقاه وقرأت بخط أبي سعد، سمعت علي بن نصر النيسابوري مذاكرة بمرو يقول: كنت ببغداد فرأيت أهلها تستحسن هذه الأبيات التي لأبي إسماعيل المنشىء «3» : ذكرتكم عند الزلال على الظما ... فلم أنتفع من برده ببلال فانشأت قصيدة في نقيب النقباء أبي القاسم علي بن طراد الزينبي على هذا الروي أولها: الجزء: 5 ¦ الصفحة: 1985 خليليّ زمّت «1» للرحيل جمالي ... فقد ضاق في أرض العراق مجالي وقودا عتاقا كالأهلة إنما ... ديار الندى والمكرمات خوالي وما أوجبت بغداد حقي وغادرت ... بلابل بعد الظاعنين ببالي [848] علي بن وصيف الملقب بخشكنانجه الكاتب: من أهل بغداد، وكان أكثر مقامة بالرقة ثم انتقل إلى الموصل، وكان من البلغاء، وألف عدة كتب ونحلها عبدان صاحب الاسماعيلية. قال محمد بن اسحاق النديم: وكان لي صديقا وأنيسا، ومات بالموصل، وله من الكتب كتاب الافصاح والتثقيف في الخراج ورسومه. [849] علي بن هبة الله بن ماكولا: هو علي بن هبة الله بن جعفر بن علّكان بن محمد بن دلف بن أبي دلف القاسم بن عيسى بن إدريس بن معقل بن عمرو بن شيخ بن معاوية بن خزاعي بن عبد العزيز بن دلف بن جشم بن قيس بن سعد بن عجل بن لجيم بن صعب بن علي بن بكر بن وائل بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان، أبو نصر المعروف بابن ماكولا، وهو ابن الوزير أبي القاسم هبة الله بن ماكولا وزير جلال الدولة بن بويه،   (848) - ترجمة في الفهرست: 154 وابن الأثير 7: 87 والوافي 22: 298 (عن ياقوت دون تصريح) . (849) - ترجمة ابن ماكولا في المنتظم 9: 5، 79 ومصورة ابن عساكر 12: 558 وابن الأثير 8: 132، 169 وابن خلكان 3: 305 وتذكرة الحفاظ: 1201 وسير الذهبي 18: 569 وعبر الذهبي 3: 317 والفوات 3: 110 والوافي 22: 280 ومرآة الجنان 3: 143 والبداية والنهاية 12: 123 وعقود الجمان للزركشي: 234 والنجوم الزاهرة 5: 115 والشذرات 3: 381 والمستفاد: 201 ومقدمة محقق الاكمال. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 1986 وكان عمه أبو عبد الله الحسن بن جعفر قاضي القضاة ببغداد؛ الحافظ أصله من جرباذقان- بلدة بين همذان وأصفهان- يلقب بالأمير، من بيت الوزارة والقضاء والرئاسة القديمة، كان لبيبا عالما عارفا، ترشح للحفظ حتى كان يقال له الخطيب الثاني. قال ابن الجوزي: سمعت شيخنا عبد الوهاب يقدح في دينه ويقول: العلم يحتاج إلى دين. وصنف «كتاب المختلف والمؤتلف» جمع فيه بين كتب الدارقطني وعبد الغني والخطيب، وزاد عليهم زيادات كثيرة، وكان نحويا مجودا وشاعرا مبرزا جزل الشعر فصيح الكلام صحيح النقل، ما كان في البغداديين في زمانه مثله، سمع أبا طالب ابن غيلان وأبا بكر ابن بشران وأبا القاسم ابن شاهين وأبا الطيب الطبري، وسافر إلى الشام والسواحل وديار مصر والجزيرة والثغور والجبال ودخل بلاد خراسان وما وراء النهر وطاف في الدنيا وجوّل «1» في الآفاق. قال محمد بن طاهر المقدسي: سمعت أبا إسحاق إبراهيم بن سعيد الحبال المصري يمدح ابن ماكولا ويثني عليه ويقول: دخل مصر في زي الكتبة فلم نرفع به رأسا، فلما عرفناه كان من العلماء بهذا الشأن، ورجع إلى بغداد فأقام بها ثم خرج إلى خوزستان فقتل هناك، كان في صحبته جماعة من مماليكه الأتراك فغدروا به. قال ابن ناصر: قتل أبو نصر ابن ماكولا بالأهواز من نواحي خوزستان إما في سنة ست أو سبع وقال ابن الجوزي في سنة خمس وثمانين وأربعمائة ومولده بعكبرا في شعبان من سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة. ومن مستحسن شعره في التجنيس «2» : ولما تفرقنا تباكت قلوبنا ... فممسك دمع عند ذاك كساكبه فيا نفسي الحرّى البسي ثوب حسرة ... فراق الذي تهوينه قد كساك به الجزء: 5 ¦ الصفحة: 1987 ومنه: ترى زمني يدني سليمى فنلتقي ... ونرجع بالشكوى الحديث المناهبا وهيهات ما بعد الذي قد طلبته ... ومن غابر الأيام كان المنى هبا ومنه «1» : فؤاد ما يفيق من التصابي ... أطاع غرامه وعصى النواهي وقالوا لو تصبّر كان يسلو ... وهل صبر يساعد والنّوى هي ومنه «2» : أليس وقوفنا بديار هند ... وقد رحل القطين من الدواهي وهند قد غدت داء لقلبي ... إذا صدت ولكن الدواهي ومنه: وهيّج أشواقي وما كنت ساليا ... بيبرين برق من ذرى الغور أومضا ذكرت به عيش التصابي وطيبه ... ولست بناسيه وإن عاد أو مضى ومن شعره «3» : علّمتني بهجرها الصبر عنها ... فهي مشكورة على التقبيح وأرادت بذاك قبح صنيع ... فعلته فكان عين المليح» أنشدني أبو عبد الله محمد بن سعيد بن الدبيثي قال أنشدنا عمر بن طبرزد قال أنشدني أبو الحسن علي بن هبة الله بن عبد السلام قال أنشدنا الأمير أبو نصر علي بن هبة الله لنفسه: قوّض خيامك عن أرض تهان بها ... وجانب الذلّ إن الذل يجتنب «5» وارحل إذا كانت الأوطان منقصة ... فالمندل الرطب في أوطانه حطب «6» الجزء: 5 ¦ الصفحة: 1988 قرأت بخط أبي سعد أخبرنا «1» أبو نصر يحيى بن خلف الخلقاني أخبرنا «2» أبو ثابت بنجير بن علي أنبأنا «3» أبو نصر ابن ماكولا الحافظ أنشدنا أبو الفرج هبة الله بن الحسن بن محمد العسقلاني بها أنشدنا أبو علي الحسن بن أحمد بن أبي الناس العسقلاني في صورتين كانتا على كنيسة تعرف بكنيسة ابن مريم على شرقي محملها، والكنيسة عند باب الصوارف بعسقلان: طوباكما من دميتين تعانقا ... من غير علم منهما بعناق «4» لو ذقتما طعم العناق لغافصت ... شخصيكما الدنيا بوشك فراق لم تغفل الأيام حالكما بها ... عمدا لترفيه ولا إشفاق بل للأمور نهاية عقلت بها ... حجزت أوامرها عن الطرّاق فإذا انقضت أيامها عادت لها ... تلك الوقاحة أضيق الأطواق وكأنني والدهر قد أجراكما ... كبنيه تفريقا بغير تلاقي قال فما مضى لهذا الشعر إلا سنة أو نحوها حتى أمر الحاكم بهدم الكنائس فهدمت، وهدمت هذه الكنيسة وأزيل الشخصان، فأنشدني لنفسه أبياتا في ذلك يرثيهما بها: طوباكما من دميتين تعانقا ... وتفرّقا من بعد طول عناق «5» طال اعتناقهما فما نعما به ... وكذاك ما ألما لوشك فراق أجرتهما الدنيا بها إذ مثلت ... بمثابة الأولاد في الاشفاق صانتهما عن كلّ طارق حادث ... عند الغروب ومبتدا الإشراق حتى إذا بلغا نهاية موعد ... فكّت عناقهما من الأعناق ومحت رسومهما كأن لم تمثلا ... للناظرين مرامي الأحداق حسبي من الأيام معرفتي بها ... وتصرّف الحدثان في الآفاق الجزء: 5 ¦ الصفحة: 1989 قال شجاع بن فارس الذهلي أنشدني «1» الأمير أبو نصر علي بن هبة الله بن ماكولا الحافظ لنفسه: ظالما طالما تجنى بحبي ... عاد عاد عن فنّه عن فيه قال قال فاترك فأبرك هجر ... هجر حبّ خبّ نبيه بتيه صاد صادا على علا ما احلا ... ما خلا من بلية من يليه قال وأنشدني الأمير لنفسه في الشمعة: أقول ومالي مسعد غير شمعة ... على طول ليلي ما تريد نزوعا كلانا نحيل ذو اصفرار معذّب ... بنار أسالت من حشاه نجيعا ألا ساعديني طول ليلك إننا ... سنفنى إذا جاء الصباح جميعا قال أبو عبد الله محمد بن أبي نصر الحميدي: ما راجعت أبا بكر الخطيب في شيء إلا وأحالني على الكتاب وقال حتى أبصره، وما راجعت الأمير أبا نصر علي بن هبة الله بن ماكولا في شيء إلا وأجابني حفظا كأنه يقرأ من كتاب. قال: وبلغ أبا بكر الخطيب أن ابن ماكولا أخذ عليه في كتابه «المؤتنف» ، وصنّف في ذلك تصنيفا، وحضر عنده ابن ماكولا وسأله الخطيب عن ذلك فأنكره ولم يقرّ به وقال: ينسبني الناس إلى ما لست أحسنه من الصنعة، واجتهد الشيخ أبو بكر أن يعترف بذلك، وحكى له ما كان من عبد الغني بن سعيد في تتبعه أوهام الحاكم أبي عبد الله في «كتاب المدخل» وحكايات عدة من هذا المعنى وقال: أرني إياه فإن يكن صوابا استفدته منك ولا أذكره إلا عنك، فأصرّ على الانكار وقال: لم يخطر هذا ببالي قط، ولم أبلغ هذه الدرجة أو كما قال، فلما مات الخطيب أظهر كتابه وهو الذي سماه «كتاب تهذيب مستمر الأوهام على ذوي التمني والأحلام أبي الحسن الدارقطني وأبي بكر أحمد بن علي الخطيب» وهو في عشرة أجزاء لطاف. وله من التصانيف سوى ما ذكرنا كتاب الوزراء. كتاب الإكمال في المؤتلف والمختلف. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 1990 [850] علي بن هارون بن نصر القرميسيني النحوي أبو الحسن: أخذ عن علي بن سليمان الأخفش، وأخذ عنه عبد السلام البصري ومات في سنة احدى وسبعين وثلاثمائة في خلافة الطائع ومولده في سنة تسعين ومائتين. [851] علي بن هارون بن علي بن يحيى بن أبي منصور المنجم أبو الحسن: قد ذكرنا أباه هارون وأجداده في مواضعهم من الكتاب، قال محمد بن إسحاق النديم: رأيناه وسمعنا منه، وكان راوية شاعرا أديبا ظريفا متكلما خيّرا نادم جماعة من الخلفاء، وقال لي مولدي سنة سبع وسبعين ومائتين، وقال ثابت: مولده في صفر سنة ست وسبعين. ومات سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة عن ست وسبعين سنة، وله من الكتب: كتاب النوروز والمهرجان. كتاب الرد على الخليل في العروض. كتاب الرسالة في الفرق بين إبراهيم بن المهدي وإسحاق بن الموصلي في الغناء. كتاب ابتدأ فيه بنسب أهله عمله للمهلبي الوزير ولم يتم. كتاب اللفظ المحيط بنقض ما لفظ به اللقيط، عارض به كتاب أبي الفرج الأصبهاني «في الفرق والمعيار بين الأوغاد والأحرار» . كتاب القوافي عمله لعضد الدولة. وحدث أبو القاسم إسماعيل بن عباد في «كتاب الروزنامجه» قال فيه «1» : استدعاني الأستاذ أبو محمد المهلبي وابنا المنجم في مجلسه وقد أعدا «2» قصيدتين في مدحه، فمنعهما من النشيد لأحضره، فأنشدا وجودا بعد تشبيب كثير   (850) - تاريخ بغداد 12: 120 ونزهة الألباء: 229 وإنباه الرواة 2: 324 والوافي 22: 276 وبغية الوعاة 2: 211. (851) - الفهرست: 161 ومعجم الشعراء: 156 ويتيمة الدهر 3: 114 وتاريخ بغداد 12: 119 وابن خلكان 3: 275 والوافي 22: 276 ومرآة الجنان 2: 350. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 1991 وحديث طويل «1» . كان لأبي الحسن رسم، أخشى تكذيب سيدنا إن شرحته، وعتابه إن طويته، ولأن أحصل عنده في صورة متزيّد أحبّ إليّ من أن أحصل عنده في رتبة مقصر- يبتدىء فيقول ببحة عجيبة بعد إرسال دموعه وتردد الزفرات في حلقه، واستدعائه من جواذ «2» غلامه منديل عبراته: والله والله وإلا فأيمان البيعة تلزمه بحلّها وحرامها وطلاقها وعتاقها، وما ينقلب إليه حرام، وعبيده أحرار لوجه الله تعالى إن كان هذا الشعر في استطاعة أحد مثله أو اتفق من عهد أبي دواد الايادي إلى زمان ابن الرومي لأحد شكله، بل عيبه أن محاسنه تتابعت وبدائعه ترادفت، وقد كان في الحق أن يكون كلّ بيت منه في ديوان يحمله ويسود به شاعره، ثم ينشد، فإذا بلغ بيتا يعجب به ويتعجب منه قال: أيها الوزير من يستطيع هذا إلا عبدك علي بن هارون بن علي بن يحيى بن أبي منصور بن المنجم جليس الخلفاء وأنيس الوزراء، ثم ينشد الابن، والأدب يعوّذه ويهتزّ له ويقول: أبو عبد الله أستودعه الله ولي عهدي وخليفتي بعدي، ولو اشتجر اثنان من مصر وخراسان لما رضيت بفصل ما بينهما سواه، أمتعنا الله به ورعاه، وحديثه عجيب وإن استوفيته ضاع الغرض الذي قصدته، على أنه أيد الله مولانا من سعة النفس والخلق ووفور الأدب والفضل وتمام المروة والظرف بحال أعجز عن وصفها وأدلّ عن جملتها: إنه مع كثرة عياله واختلال أحواله طلب سيف الدولة جاريته المغنية بعشرين ألف درهم أحضرها صاحبه، فامتنع من بيعها وأعتقها وتزوجها. ومن شعر علي بن هارون وكتب بها إلى أبي الحسن علي بن خلف بن طياب «3» . بيني وبين الدهر فيك عتاب ... سيطول إن لم يمحه الإعتاب يا غائبا بوصاله وكتابه ... هل يرتجى من غيبتيك إياب لولا التعلل بالرجاء تقطّعت ... نفس عليك شعارها الأوصاب الجزء: 5 ¦ الصفحة: 1992 لا يأس من روح الإله فربما ... يصل القطوع ويحضر الغياب وإذا دنوت مواصلا فهو المنى ... سعد المحبّ وساعد الأحباب وإذا نأيت فليس لي متعلّل ... إلا رسول بالرضى وكتاب وحدث أبو علي المحسن بن علي التنوخي القاضي في «نشوار المحاضرة» «1» قال حدثني أبو الفتح أحمد بن علي بن هارون بن المنجم قال حدثني أبي قال: كنت وأنا صبيّ لا أقيم الراء في كلامي وأجعلها غينا، وكانت سنّي إذ ذاك أربع سنين أقل أو أكثر، فدخل أبو طالب المفضل بن سلمة أو أبو بكر الدمشقي- شك أبو الفتح- إلى أبي وأنا بحضرته، فتكلمت بشيء فيه راء فلثغت فيها، فقال له الرجل: يا سيدي لم تدع أبا الحسن يتكلم هكذا؟ فقال له: ما أصنع وهو ألثغ، فقال له، وأنا أسمع وأحصّل ما جرى وأضبطه: إن اللثغة لا تصحّ مع سلامة الجارحة، وإنما هي عادة سوء تسبق إلى الصبيّ أول ما يتكلم لجهله بتحقيق الألفاظ وسماعه شيئا يحتذيه، فإن ترك على ما يستصحبه من ذلك مرن عليه فصار له طبعا لا يمكنه التحول عنه، وإن أخذ بتركه في أول نشوه استقام لسانه وزال عنه، وأنا أزيل هذا عن أبي الحسن ولا أرضى فيه بتركك له عليه، ثم قال لي: أخرج لسانك، فأخرجته فتأمله وقال: الجارحة صحيحة، قل يا بني را واجعل لسانك في سقف حلقك، ففعلت ذلك فلم يستولي، فما زال يرفق بي مرة ويخشن بي أخرى وينقل لساني من موضع إلى موضع من فمي ويأمرني أن أقول الراء فيه فإذا لم يستو لي نقل لساني إلى موضع آخر دفعات كثيرة في زمان طويل حتى قلت راء صحيحة في بعض تلك المواضع، وطالبني وأوصى معلمي بالزامي ذلك حتى مرن لساني عليه وذهبت عنه اللثغة. ومن «كتاب الروزنامجه» «2» : قال الصاحب: وتوفرت على عشرة فضلاء البلد، فأول من كاثرني أولاد المنجم لفضل أبي الحسن علي بن هارون وغزارته واستكثار من روايته وطيب سماعه ولذيذ عشرته، فسمعت منه أخبارا عجيبة وحكايات غريبة، ومن ستارته أصواتا نادرة مشنّفة مقرطقة، يقول في كلّ منها الشعر لفلان الجزء: 5 ¦ الصفحة: 1993 والصنعة لفلان، أخذته هذه عن فلان أو فلانة حتى يتصل النسب باسحاق أو غيره من أبناء جنسه، وكان أكثر ما يعجب به مولاها أبيات له أولها: ضلّ الفراق ولا اهتدى ... ونأت فلا دنت النوى وهوى فلا وجد القرا ... ر معنّف أهل الهوى فاتفق أن سألت أول ما سمعت اللحن فيه عن قائله، فغضب واستشاط وتنكر واستوفز ونفر وتنمر وقال: تقول لمن هذا؟ أما يدلّ على قائله؟ أما يعرب عن جوهره؟ أما ترى أثر بني المنجم على صفحته؟ أما: تحميه لألاؤه أو لوذعيته ... من أن يذال بمن أو ممن الرجل وذكره المرزباني في المعجم فقال وهو القائل «1» : وإني لأثني النفس عما يريبها ... وأنزل من دار الهوان بمعزل بهمّة نبل لا يرام مكانها ... تحلّ من العلياء أشرف منزل ولي منطق إن لجلج القول صائب ... بتكشيف إلباس وتطبيق مفصل وله يمدح أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام «2» : وهل خصلة من سؤدد لم يكن لها ... أبو حسن من بينهم ناهضا قدما فما فاتهم منها به سلّموا له ... وما شاركوه كان أوفرهم قسما وفي كتاب أبي علي التنوخي «3» : كان أبو أحمد الفضل بن عبد الرحمن بن جعفر الشيرازي الكاتب خصيصا بالوزير أبي علي ابن مقلة، وكان يعشق مغنية وكان ينفق عليها جميع ما يتحصل له، وله معها أخبار، وكانت هذه الجارية صفراء واسمها لهجة «4» ، فشرب معها ليلة وأصبح مخمورا، فآثر الجلوس معها وأراد الاعتذار إلى الوزير ابن مقلة من التأخر عن الخدمة وأن يخفي خبره عنه، فكتب رقعة يعتذر فيها الجزء: 5 ¦ الصفحة: 1994 ويقول: إن الصفراء تحركت عليّ فتأخرت، فوقع على ظهر الرقعة بخطه: أنت تحركت على الصفراء ليس الصفراء تحركت عليك. قال: وهذا التوقيع يشبه ما أنشدنا علي بن هارون المنجم لنفسه في جاريته صفراء وقد شكا إلى الطبيب مرّة صفراء، ولا أدري أيهما أخذ من صاحبه «1» : جسّ الطبيب يدي وقال مخبّرا ... هذا الفتى أودت به الصفراء «2» فعجبت منه إذ أصاب وما درى ... قولا وظاهر ما أراد خطاء قلت أنا: وقريب من هذا قول الوزير المهلبي: وقالوا للطبيب أشر فانا ... نعدّك للعظيم من الأمور فقال شفاؤه الرمّان مما ... تضمّنه حشاه من السعير فقلت لهم أصاب بغير قصد ... ولكن ذاك رمان الصدور وكان لعلي بن هارون ولد يقال له أبو الفتح أحمد بن علي بن هارون المنجم كان أديبا فاضلا إلا أني لم أقف له على تصنيف فلم أفرده بترجمة «3» والمقصود ذكره، وقد ذكر هاهنا، روى عنه أبو علي التنوخي في «نشواره» فأكثر «4» وقال: أنشدني أبو الفتح أحمد بن علي بن هارون لنفسه «5» : ما أنس منها لا أنس موقفها ... وقلبها للفراق ينصدع وقولها إذ بدا الصباح لها ... قول فزوع أظلّه الجزع ما أطول الليل عند فرقتنا ... وأقصر الليل حين نجتمع قال التنوخي وأنشدني أبو الفتح لنفسه، وكتب بها إلى أبي الفرج محمد بن الجزء: 5 ¦ الصفحة: 1995 العباس [بن] فسانجس في وزارته وقد عمل على الانحدار إلى الأهواز «1» : قل للوزير سليل المجد والكرم ... ومن له قامت الدنيا على قدم «2» [852] علي بن هلال الكاتب المعروف بابن البواب أبو الحسن، صاحب الخط المليح والاذهاب الفائق: وجدت بخط ابن الشبيه العلوي الكاتب صاحب الخط الفائق في آخر ديوان أبي الطمحان القيني بخطه ما صورته: وكتب في صفر سنة عشرين وأربعمائة من خط أبي الحسن علي بن هلال «3» الستري «4» مولى معاوية بن أبي سفيان صخر بن حرب الأموي وهذا قد كان بغير شك معاصره. بلغني أنه كان في أول أمره مزوقا يصور الدور ثم صور الكتب ثم تعانى الكتابة ففاق فيها المتقدمين «5» وأعجز المتأخرين، وكان يعظ بجامع المنصور، ولما ورد فخر الملك أبو غالب محمد بن خلف الوزير واليا على العراق من قبل بهاء الدولة أبي نصر ابن عضد الدولة جعله من ندمائه، وفي الجملة انه لم يكن له في عصره ذاك النّفاق الذي له بعد وفاته، وذاك أنني وجدت رقعة بخطه قد كتبها إلى بعض الأعيان يسأله فيها مساعدة صاحبه ابن منصور وانجاز وعد وعده به لا يساوي دينارين، وقد بسط القول في ذلك، استطلتها فانها كانت نحو السبعين سطرا فألغيت اثباتها، وقد بيعت بسبعة   (852) - ترجمة ابن البواب في المنتظم 8: 10 وابن خلكان 3: 342 وتذكرة الحفاظ: 1056 وسير الذهبي 17: 315 وعبر الذهبي 3: 113 والبداية والنهاية 12: 14 والوافي 22: 290 وصبح الأعشى 3: 13 والنجوم الزاهرة 4: 257 وتاريخ مختصر الدول: 180 ومعجم الألقاب 4: 734 والشذرات 3: 199. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 1996 عشر دينارا إمامية، وبلغني أنها بيعت مرة أخرى بخمسة وعشرين دينارا. مات فيما ذكره هلال بن المحسن بن الصابىء في جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة وأربعمائة ودفن في جوار قبر أحمد بن حنبل، وذلك في خلافة القادر بالله، ورثاه المرتضى بشعر أذكره فيما بعد إن شاء الله تعالى. وحدث في «كتاب المفاوضة» قال «1» : حدثني أبو الحسن علي بن هلال المعروف بابن البواب الكاتب قال: كنت أتصرف في خزانة الكتب لبهاء الدولة بن عضد الدولة بشيراز على اختياري وأراعيها له وأمرها مردود إليّ، فرأيت يوما في جملة أجزاء منبوذة جزءا مجلدا بأسود قد السكري، ففتحته وإذا هو جزء من ثلاثين جزءا من القرآن بخط أبي علي ابن مقلة فأعجبني وأفردته وجعلت وكدي التفتيش عن مثله «2» ، فلم أزل أظفر بجزء بعد جزء مختلط في جملة الكتب إلى أن اجتمع تسعة وعشرون جزءا، وبقي جزء واحد استغرقت تفتيش الخزانة في مدة طويلة فلم أظفر به، فعلمت أن المصحف ناقص فأفردته، ودخلت إلى بهاء الدولة وقلت: يا مولانا ها هنا رجل يسأل حاجة قريبة لا كلفة فيها وهي مخاطبة أبي علي الموفق الوزير على معونته في منازعة بينه وبين خصم له ومعه هدية ظريفة تصلح لمولانا، قال: أي شيء هي؟ قلت: مصحف بخط أبي علي ابن مقلة، فقال: هاته وأنا أتقدم بما يريد، فأحضرت الأجزاء، فأخذ منها واحدا وقال أذكر وكان في الخزانة ما يشبه هذا وقد ذهب عني. قلت: هذا مصحفك، وقصصت عليه القصة في طلبتي له حتى جمعته، وقلت: هكذا يطرح مصحف بخط أبي علي إلا أنه ينقص جزءا، فقال لي: فتممه لي، قلت: السمع والطاعة، ولكن على شريطة أنك إذا أبصرت الجزء الناقص منها ولا تعرفه أن تعطيني خلعة ومائة دينار، قال: أفعل؛ وأخذت المصحف من بين يديه وانصرفت إلى داري ودخلت الخزانة أقلب الكاغد العتيق وما يشابه كاغد المصحف، وكان فيها من أنواع الكاغد السمرقندي والصيني والعتيق كلّ ظريف عجيب، فأخذت من الكاغد ما وافقني، وكتبت الجزء وذهّبته وعتّقت ذهبه وقلعت جلدا من جزء من الجزء: 5 ¦ الصفحة: 1997 الأجزاء فجلدته به، وجلّدت الذي قلعت منه الجلد وعتقته، ونسي بهاء الدولة المصحف، ومضى على ذلك نحو السنة، فلما كان ذات يوم جرى ذكر أبي علي ابن مقلة فقال لي: ما كتبت ذلك؟ قلت بلى، قال: فأعطنيه، فأحضرت المصحف كاملا فلم يزل يقلّبه جزءا جزءا وهو لا يقف على الجزء الذي بخطي ثم قال لي: أيّما هو الجزء الذي بخطك؟ قلت له: لما لا تعرفه فيفتر في عينك، هذا مصحف كامل بخط أبي علي ابن مقلة ونكتم سرنا؟ قال: أفعل، وتركه في ربعة عند رأسه ولم يعده إلى الخزانة، وأقمت مطالبا بالخلعة والدنانير وهو يمطلني ويعدني، فلما كان يوما قلت: يا مولانا في الخزانة بياض صيني وعتيق مقطوع وصحيح فتعطيني المقطوع منه كله دون الصحيح بالخلعة والدنانير؟ قال: مرّ خذه، فمضيت وأخذت جميع ما كان فيها من ذلك النوع فكتبت فيه سنين. ووجدت في تاريخ أبي الفرج ابن الجوزي قال» : اجتاز أبو الحسن البتي الكاتب وكان مزاحا- وله في هذا الكتاب باب- وعلي بن هلال جالس على باب الوزير فخر الملك أبي غالب محمد بن خلف ينتظر الاذن، فقال له البتي: جلوس الأستاذ على العتب رعاية للنسب، فغضب ابن البواب وقال: لو أنّ إليّ أمرا «2» ما مكنتك من دخول هذه الدار، فقال البتي: لا يترك الأستاذ صنعة الوالد «3» بحال. ولبعضهم يهجو ابن البواب: من ذا رأيتم من النسّاخ متخذا ... سبال لصّ على عثنون محتال هذا وأنت ابن بواب وذو عدم ... فكيف لو كنت ربّ الدار والمال وكان ابن البواب يقول شعرا لينا منه- ونقلته من خط الجويني أيضا قال ونقلت من خطه أيضا في ضمن رسالة-: ولو آني أهديت ما هو فرض ... للرئيس الأجلّ من أمثالي لنظمت النجوم عقدا إذا ... رصّع غيري جواهرا بلآلي الجزء: 5 ¦ الصفحة: 1998 ثم أهديتها إليه وأقرر ... ت بعجزي في القول والأفعال غير أني رأيت قدرك يعلو ... عن نظير ومشبه ومثال فتفاءلت في الهدية بالاق ... لام علما مني بصدق الفال فاعتقدها مفاتح الشرق والغر ... ب سريعا والسهل والأجبال فهي تستنّ إن جرين على القر ... طاس بين الأرزاق والآجال فاختبرها موقعا برسوم ال ... برّ والمكرمات والإفضال واحظ بالمهرجان وابل جديد ال ... دهر في نعمة بغير زوال وابق للمجد صاعد الجدّ عزّا ... والرئيس الأجلّ نجم المعالي في سرور وغبطة تدع الح ... اسد منها مقطّع الأوصال عضدتها السعود واستوطن الإقب ... ال فيها وسالمتها الليالي أيها الماجد الكريم الذي يب ... دأ بالعارفات قبل السؤال إن آلاءك الجزيلة عندي ... شرعت لي طريقة في المقال امنتني لديك من هجنة الر ... دّ وفرط الإضجار والإملال وحقوق العبيد فرض على السا ... دة في كلّ موسم للمعالي وحياة الثناء تبقى على الده ... ر إذا ما انقضت حياة المال وكان تحت هذا الشعر بخط الجويني ما صورته: هذا شعر ابن البواب وهو عورة سترها ذلك الخط، ولولا أنّ الإجماع واقع في أنّ الرجل يفتن بشعره وولده لكان صاحب تلك الفضيلة يرتفع عن هذه النقيصة. وكتب تلميذه حسن بن علي الجويني. ولقد عجبت ممن يزري على ذلك الشعر، وهو القائل ونقلته من خطه فقال: كتبت إلى المولى القاضي الأجل شرف الدين السديد عبد الله بن عليّ أمتع الله الدنيا وأهلها ببقائه، وقد أبللت من مرضة صعبة: عبد الاله السديد حقا ... بغير زور وغير مين يا شرف الدين يا فريدا ... شرّف بالفضل دولتين يا تاج فخري وكنز فقري ... ويا معيني ونور عيني الجزء: 5 ¦ الصفحة: 1999 قد كدت أقضي نحبي وأمضي ... وكدت تبقى بلا جويني وكتب حسن بن علي الجويني في ذي القعدة سنة ست وستين وخمسمائة بالديار المصرية عمرها الله تعالى بدوام العز. وقال المعري وضرب علي بن هلال مثلا «1» : طربن «2» لضوء البارق المتعالي ... ببغداد وهنا ما لهنّ وما لي فيا برق ليس الكرخ داري وإنما ... رمى بي إليه الدهر منذ ليالي فهل فيك من ماء المعرة نغبة ... تغيث بها ظمآن ليس بسالي ولاح هلال مثل نون أجادها ... بماء «3» النضار الكاتب ابن هلال منها «4» : إذا لاح إيماض سترت وجوهها ... كأني عمرو والمطيّ سعالي هذا بيت مشكل التفسير بعيد المرمى وذاك أن عمرو بن تميم بن مرّ بن أد بن طابخة ولد العنبر والهجيم ومازن، تقول العرب إن هؤلاء الاخوة الثلاثة أمهم السعلاة وهي الغولة، وأن عمرو بن تميم تزوجها فولدت له هؤلاء الثلاثة، ويقولون إن السعلاة إذا رأت البرق طلبته، وكان عمرو يحفظها من البرق إذا لاح فيغطّي وجهها، فغفل عنها مرة فلاح البرق فطلبته وقالت: يا عمرو أوصيك بولدك خيرا، ومضت ولم تعد إليه، فهذا معنى بيت المعري. وقد ضربه بعض المتأخرين أيضا مثلا فقال يمدح رجلا يعرف بابن بدر بجودة الخط فقال: يا ابن بدر علوت في الخطّ قدرا ... حين ما قايسوك بابن هلال ذاك يحكي أباه في النقص لما ... جئت تحكي أباك عند الكمال الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2000 قرأت بخط سلامة بن غياض: رأيت بالري بخط علي بن هلال «كتاب من نسب من الشعراء إلى أمه» لأبي عبد الله ابن الأعرابي وهم خمسون شاعرا وعلى ظهره «كتبه علي بن هلال في شهر ربيع الأول سنة تسعين وثلاثمائة» وبعد البسملة «يرويه ابن عرفة عن ثعلب عن ابن الأعرابي» وفي آخره بخطه «نقلته من نسخة وجدت عليها بخط شيخنا أبي الفتح عثمان بن جني النحوي أيده الله: بلغ عثمان بن جني نسخا من أوله وعرضا» . وكان لابن البواب يد باسطة في الكتابة، أعني الانشاء، وفصاحة وبراعة، ومن ذلك رسالة أنشأها في الكتابة، وكتبها إلى بعض الرؤساء، ونقلتها من خط الحسن بن علي الجويني الكاتب أولها: قد افتتحت خدمة سيدنا الأستاذ الجليل، أطال الله بقاءه وأدام تمكينه وقدرته وتمهيده، وكبت عدوه، المثال المقترن بهذه الرقعة افتتاحا يصحبه العذر إلى جليل حضرته من ظهور التقصير فيه والخلل البادي لمتأمليه، وقد كان من حقوق مجلسه الشريف أن يخدم بالغايات المرضية من كلّ صناعة تأديا لسؤدده وعلائه، وتصديا للفوز «1» بجميل رائه، ولم يعدني عن هذه «2» القضية جهل بها وقصور عن علمها، لكني هاجر لهذه الصناعة منذ زمن طويل هجرة قد أورثت يدي حبسة ووقفة حائلتين بينها وبين التصرف والافتنان، والوفاء بشرط الاجادة والاحسان، ولا خفاء عليه- أدام الله تأييده- بفضل الحاجة ممن تعاطى هذه الصناعة إلى فرط التوفر عليها، والانصراف بجملة العناية إليها، والكلف الشديد بها، والولوع الدائم بمزاولتها، فإنها شديدة النفار بطيئة الاستقرار، مطمعة الخداع وشيكة النزاع، عزيزة الوفاء، سريعة الغدر والجفاء، نوار قيدها الإعمال، شموس مهرها الوصال، لا تسمح ببعضها إلا لمن آثرها بجملته وأقبل عليها بكليته، ووقف على تألفها سائر زمنه، واعتاضها عن خلّه وسكنه، لا يؤيسه حيادها «3» ولا يغرّه انقيادها، يقارعها بالشهوة والنشاط ويوادعها عند الكلال والملال، حتى يبلغ منها الغاية القصيّة ويدرك المنزلة العلية، وتنقاد الأنامل لتفتيح أزهارها وجلاء أنوارها، وتظهر الحروف موصولة الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2001 ومفصولة ومعمّاة ومفتّحة في أحسن صيغها وأبهج خلقها «1» ، منخرطة المحاسن في سلك نظامها، متساوية الأجزاء في تجاورها والتيامها، لينة المعاطف والأرداف، متناسبة الأوساط والأطراف، ظاهرها وقور ساكن، ومفتّشها رهج فاتن، كأنما كاتبها وقد أرسل يده وحث بها قلمه، رجّع فيها فكره ورويّته، ووقف على تهذيبها قدرته وهمته، القلب بها في حجر ناظره، والمعنى بها مظلوم بلفظه، وما ذهبت في هذه القضية «2» مذهب المطرف المغرب بها ولا المعوّل على شوافعها، لكن نهجت بها سبيلا لأمثالها إقامة لرسم الخدمة المفروضة للسادة المنعمين على خدمهم وصنائعهم، فإن سعدت بنفاقها عليه وارتضائها لديه وإلا سلمت من وصمة التضجيع والإهمال وهجنة التقصير في شكر الإنعام والإفضال، ولسيدنا الأستاذ الجليل- أطال الله بقاءه- علوّ الرأي في الأمر بتسليم ما خدمت به وتصريفه بين عالي أمره ونهيه، إن شاء الله تعالى. وحدث غرس النعمة محمد بن هلال «3» بن المحسن بن ابراهيم بن هلال الصابىء في «كتاب الهفوات» قال «4» : كان في الديوان كاتب يعرف بأبي نصر ابن مسعود فلقي يوما أبا الحسن علي بن هلال البواب الكاتب ذا الخط المليح في بعض الممرات فسلّم عليه وقبّل يده فقال له ابن البواب: الله الله يا سيدي ما أنا وهذا؟ فقال: لو قبلت الأرض بين يديك لكان قليلا، قال: ولم ذاك يا سيدي وما الذي أوجبه واقتضاه؟ قال: لأنك تفردت بأشياء ما في بغداد كلها «5» من يشاركك فيها، منها الخط الحسن وأنّه لم أر عمري كاتبا من طرف عمامته إلى طرف لحيته ذراعان ونصف غيرك، فضحك أبو الحسن منه وجزّاه خيرا وقال له: أسألك أن تكتم هذه الفضيلة عليّ ولا تكرمني لأجلها، قال له: ولم تكتم فضائلك ومناقبك؟ فقال له: أنا أسألك هذا، فبعد جهد ما أمسك، وكانت لحية ابن البواب طويلة جدا. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2002 قال المؤلف: وأما الشعر الذي رثاه به المرتضى فهو «1» : رديت يا ابن هلال والردى عرض ... لم يحم منه على سخط له البشر ما ضرّ فقدك والأيام شاهدة ... بأنّ فضلك فيه الأنجم الزهر أغنيت في الأرض والأقوام كلّهم ... من المحاسن ما لم يغنه المطر فللقلوب التي أبهجتها حزن ... وللعيون التي أقررتها سهر وما لعيش إذا ودعته أرج ... ولا لليل إذا فارقته سحر وما لنا بعد أن أضحت مطالعنا ... مسلوبة منك أوضاح ولا غرر [853] علي بن الهيثم الكاتب «2» المعروف بجونقا: كان من الكتاب المستخدمين في ديوان المأمون وغيره من الخلفاء، وكان فاضلا أديبا كثير الاستعمال للتقعير والقصد لعويص اللغة حتى قال المأمون فيما حدّث به الفضل بن محمد اليزيدي عن أبيه قال: قال المأمون أنا أتكلم مع الناس أجمعين على سجيّتي إلا علي بن الهيثم فإني أتحفظ إذا كلمته لأنه يغرق في الإعراب. ونقلت من خط الصولي في «أخبار شعراء مصر» قال: وممن دخل مصر خالد بن أبان الكاتب الأنباري أخو عبد الملك بن أبان، حدثني الحسين بن علي الباقطائي أنه شخص إلى مصر فبلغه اتساع حال علي بن الهيثم، وكانت بينهما حرمة وكيدة، فكتب إليه من مصر بشعر طويل منه وكتب بماء الذهب: على الخالق الباري توكلت إنه ... يدوم إذا الدنيا أبادت قرونها   (853) - ترجمة جونقا في إعتاب الكتاب: 212 وكتاب بغداد: 22 والوافي 22: 295 وبغية الوعاة 2: 212. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2003 فداؤك نفسي يا عليّ بن هيثم ... إذا أكلت عجف السنين سمينها رميتك من مصر بأمّ قلائدي ... تزفّ وقد أقسمت ألا تهينها بأبيات شعر خطّ بالتبر وشيها ... إليك وقدما حال حولان دونها ويذكر فيه خبره مع غرمائه والقاضي، فبعث إليه بسفتجة بألف دينار، وكتب إلى عامل مصر في استعماله فحسنت حاله. وقال الجهشياري «1» : كان لخالد بن أبان الكاتب الأنباري الشاعر حرمة بعلي بن الهيثم وبأبيه أيام مقامهم بالأنبار، ثم شخص خالد بن أبان إلى مصر وتزوج بها وولد له، وأضاق واختلت حاله فاستدان من التجار ما أنفقه، فكثر غرماؤه وقدّموه إلى القاضي فحبسه ثم فلّسه وأطلقه «2» ، وأقام بمصر وساءت حاله، وبلغه أن عليا قد عظم قدره وتقلّد ديوان الخراج للفضل بن الربيع لما استوزره الرشيد بعد البرامكة، وارتفع مع المأمون بعد ذلك، فكتب إليه قصيدة نحوا من سبعين «3» بيتا في رقّ بالذهب وبعث بها إليه أولها: «على الخالق الباري» الأبيات المذكورة فوجه إليه بألف دينار. قال أبو بكر محمد بن خلف بن المرزبان حدثنا أبو علي الحسن بن بشر حدثني أبي قال: دخل علي بن الهيثم إلى سوق الدواب فلقيه نخّاس فقال له: هل من حاجة؟ قال: نعم الحاجة أناختنا بعقوتك، أردت فرسا قد انتهى صدره، وتقلقلت عروقه، يشير بأذنيه، ويتعاهدني بطرف عينيه، ويتشوّف برأسه، ويعقد عنقه، ويخطر بذنبه، ويناقل برجليه، حسن القميص جيد الفصوص، وثيق القصب، تام العصب، كأنه موج لجة أو سيل حدور، فقال له النخاس: هكذا كان صلّى الله عليه وسلّم. وقال المرزباني في «المعجم» «4» : علي بن الهيثم التغلبي كاتب الفضل بن الربيع: كان لسنا فصيحا شاعرا، عاتبه الفضل يوما على تأخره عنه وزاد عليه فقال: وجدني الفضل رخيصا جدّا ... فعقني وازورّ عني صدّا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2004 وظنّ والظنون قد تعدّى ... أني لا أصيب منه بدّا أعدّ منه ألف بدّ عدّا وانصرف فلم يعمل للسلطان عملا. حدثنا محمد اليزيدي قال: شهدت المأمون وهو جالس على دكة الشماسية وعنده أحمد بن الجنيد الاسكافي وجماعة من الخاصة إذ دخل عليه علي بن الهيثم المعروف بجونقا فلما قرب منه قال: يا عدوّ الله يا فاسق يا لصّ يا خبيث، سرقت الأموال وانتهبتها، والله لأفرقنّ بين لحمك وعظمك ولأفعلن ولأفعلن، ثم سكن غضبه قليلا فقال أحمد بن الجنيد: نعم والله يا أمير المؤمنين إنه وإنه، ولم يدع شيئا من المكروه إلا قاله فيه، فقال له المأمون وقد هدأ غضبه: يا أحمد ومتى اجترأت عليّ هذه الجرأة؟ رأيتني وقد غضبت فأردت أن تزيد في غضبي؟! أما إني سأؤدبك وأؤدب بك غيرك، يا علي بن الهيثم قد صفحت عنك ووهبت لك كلّ ما كنت أقدر أن أطالبك به، ثم رفع رأسه إلى الحاجب وقال: لا يبرح ابن الجنيد الدار حتى يحمل إلى علي بن الهيثم مائة ألف درهم ليكون له بذلك عقل، فلم يبرح حتى حملها. الجهشياري «1» : أمر المأمون أن يؤذن للناس إذنا عاما وأن يجلسوا على مراتبهم كانت قديما إلى أن تعرض عليه فيأمر فيها بأمره، ففعلوا ذلك، ودخل علي بن الهيثم فجلس في مجلس العرب وتغامز الكتاب عليه، وأقبل عبيد الله بن الحسن العلوي فقال إبراهيم بن إسماعيل بن داود الكاتب للكتاب: أطيعوني وقوموا معي، فمضوا بأجمعهم مستقبلين لعبيد الله بن الحسن، فسلموا عليه فردّ عليهم فقالوا: لنا حاجة، فقال: مقضيّة، قالوا: تجلس في مجلسنا فقال: سبحان الله ينكر ذلك أمير المؤمنين، قالوا: هي حاجة تقضيها لنا ونحتمل ما ينالك فيها، قال: أفعل لعلمي بموقع الكتاب من قلوب السلاطين وقدرتهم على إصلاح قلوبهم إذا فسدت وإفسادها إذا صلحت، ومال إلى ناحيتهم فجلس معهم، وكتب صاحب المراتب إلى المأمون، فلما وقف على الموضع الذي جلس فيه عبيد الله أنكره وبعث اليه: ما هذا المجلس الذي جلست فيه؟ فقال إبراهيم بن إسماعيل للرسول: تبلّغ أمير المؤمنين عنا السلام الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2005 وتقول له خدمك وعبيدك الكتاب يقولون: العدل والانصاف موجودان عندك وعند أهلك، أخذتم منا رجلا من وجوه النبط فأخذنا مكانه وجها من وجوه أهلك، ذلك علي بن الهيثم جالس مع العرب، فردّوا علينا رجلنا وخذوا رجلكم، فضحك جميع من في داره وتشوّر علي بن الهيثم، وضحك المأمون وقال: لقد مني علي بن الهيثم من إبراهيم بن إسماعيل ببلاء عظيم. وكان أبو يعقوب إسحاق بن حسان الخريمي قد أغري بهجاء علي بن الهيثم الأنباري الكاتب، وكان السبب في ذلك أنه وقع لأبي يعقوب عنده ميراث فدافعه فهجاه، وكان علي بن الهيثم متشدقا متفيهقا يدعي العربية ويقول إنه تغلبي، وكان من قرية يقال لها أنقوريا، ففي ذلك يقول الخريمي «1» : أنقوريا قرية مباركة ... تقلب فخّارها إلى الذهب محمد بن علي العباسي عن أبيه: قال شهدت علي بن الهيثم جونقا وقد حضره منارة صاحب الرشيد فقال له: يا منارة استلبت لوطي، فقال: أصلحك الله ما ظننتك تتلقّاني بمثل هذا، شيخ مثلي يلعب بالصبيان، فضحك جميع من في المجلس (اللّوط الازار، كأنه أراد أنك لم تحسن عشرتي وأنك أخذت ثيابي) . وذكر حماد بن إسحاق عن بشر المريسي قال: حضرت المأمون أنا وثمامة ومحمد بن أبي العباس الطوسي وعلي بن الهيثم فتناظروا في التشيع، فنصر محمد بن أبي العباس مذهب الامامية، ونصر علي بن الهيثم مذهب الزيدية، وشرق «2» الأمر بينهما إلى أن قال محمد بن أبي العباس لعلي بن الهيثم: يا نبطي ما أنت والكلام؟! فقال المأمون، وكان متكئا فجلس: الشتم عيّ والبذاء لؤم، وقد أبحنا الكلام وأظهرنا المقالات فمن قال بالحقّ حمدناه، ومن جهل وقفناه، ومن ذهب عن الأمر حكمنا فيه بما يجب، فاجعلا بينكما أصلا فإن الكلام الذي أنتم فيه من الفروع، فإذا افترعتما شيئا رجعتما إلى الأصول. ثم عادا إلى المناظرة فأعاد محمد بن أبي العباس لعلي بن الهيثم مثل مقالته الأولى فقال له عليّ: والله لولا جلالة المجلس وما وهب الله من الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2006 رأفة أمير المؤمنين وأنه قد نهانا لأعرقت جبينك، وحسبنا من جهلك غسلك المنبر بالمدينة، فاستشاط المأمون غضبا على محمد، وأمر باخراجه فعاذ بطاهر حتى شفع فيه فرضي عنه. ميمون بن هارون بن مخلد بن أبان: حدثني أبي قال أدخلني أبي مخلد بن أبان مع القاسم بن أحمد بن الجنيد، وكان مخلد وأحمد متواخيين في شراء غلّات السواد، فأشرفنا على ربح عشرة آلاف ألف درهم، ثم اتضع السعر فحصل علينا وضيعة ستة آلاف ألف درهم، فطولبنا بها أشدّ مطالبة، واشتد كتاب المأمون علينا فيها، وكان المأمون يستاك في كل يوم ساعتين كاملتين، فدعاني المأمون يوما وهو يستاك وكلّمني بشيء ثم قال لي ما معنى قول الخريمي في علي بن الهيثم. فدبنقا لذا الحديث دبنقا «1» فقلت له: أنا أتكلم بالنبطية ولا أعلم ما معنى هذا، وأحمد بن الجنيد أرطن بها مني، فأومأ إليّ بمسواكه أن انصرف، فانصرفت فما بلغت الستر حتى لقيني أحمد بن الجنيد داخلا، وكان إذا خرج من الدار قبلي انتظرني وإذا خرجت قبله انتظرته، فوقفت منتظرا له فإذا به قد خرج فقلت له: ما كان خبرك؟ فأخرج إليّ توقيع المأمون بخطه بترك ما كنا نطالب به من الستة الآلاف ألف عن ابني وابنه وقال: قال لي ما معنى قول الخريمي: فدبنقا لذا الحديث دبنقا. فقلت: ضرطا لذا الحديث ضرطا فضحك وقال لي: إني سألت مخلدا عنها فلم يعرفها فاسأل حاجة فقلت: ابتاع ابني وابن مخلد غلات السواد وقدرنا الربح فخسرنا ستة آلاف ألف درهم ولا حيلة لنا فيها، وضيعتي بجلولا تساوي ثلاثة آلاف ألف درهم، فيأمر أمير المؤمنين بأخذها عن ابن مخلد وتسبيب ما على ابني على الاحالة أو الاقالة فقال: ويحك تبذل نفسك وضيعتك عن ابن مخلد، فقلت: نعم أنا غررته وأمّلت الربح ومنعته أن يعقده على التجار ويتعجّل فضله، وقد كانوا بذلوا لنا فيه ربحا كبيرا فقال، لي: أيّ نبطي أنت؟! هات الدواة فقدّمتها إليه، فوقع بابرائنا جميعا من المال وترك ضيعتي عليّ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2007 وقال المأمون يوما: ببابي رجلان أحدهما أريد أن أضعه وهو يرفع نفسه، وهو عليّ بن الهيثم، والآخر أريد أن أرفعه وهو يضع نفسه، وهو الفضل بن جعفر بن يحيى بن خالد بن برمك. [854] علي بن يحيى بن أبي منصور المنجم، أبو الحسن: كان أبوه يحيى أول من خدم من آل المنجم الخلفاء وإليه ينسبون، وهو المنجم، وأول من خدم المأمون، وقد ذكر في بابه، ونادم ابنه علي هذا المتوكل وكان من خواصه وندمائه والمتقدمين عنده، وخصّ به وبمن بعده من الخلفاء الى أيام المعتمد على الله، وكان شاعرا راوية علامة أخباريا. مات سنة خمس وسبعين ومائتين ودفن بسرّ من رأى في آخر أيام المعتمد. وأخذ أبو الحسن هذا عن جماعة من العلماء منهم إسحاق بن إبراهيم وشاهده، وكان يجلس بين يدي الخلفاء ويأمنونه على أسرارهم، وكان حسن المروءة ممدّحا، واتصل بمحمد بن اسحاق بن إبراهيم المصعبي ثم اتصل بالفتح بن خاقان وعمل له خزانة كتب حكمة نقل إليها من كتبه مما استكتبه للفتح بن خاقان أكثر ما اشتملت عليه خزانة حكمة قط. وله تصانيف منها: كتاب الشعراء القدماء والاسلاميين. وكتاب أخبار إسحاق بن إبراهيم. وكتاب الطبيخ. قال عبيد الله بن أبي طاهر: كان أبو الحسن علي بن يحيى مشتهرا «1» بالأدب كله مائلا إلى أهله معتنيا بأمورهم، وكان منزله مألفا لهم، وكان يوصل كثيرا منهم إلى الخلفاء والأمراء ويستخرج لهم الصلات، وإن جرى على أحد منهم حرمان وصله من ماله، وكان يبلغ من عنايته بهم ورغبته في نفعهم أنه كان ربما أهدى الى الخلفاء والأمراء عنهم الهدايا الظريفة المليحة ليستخرج لهم بذلك ما يحبون. قال: حدثني أبو أحمد يحيى بن علي بن يحيى قال: قدم على أبي إدريس بن   (854) - تاريخ الطبري 3: 1637 ومعجم الشعراء: 141 ومروج الذهب 5: 53- 54 والفهرست: 160 وتاريخ بغداد 12: 121 وسمط اللآلي: 525 وسير الذهبي 13: 282 وعيون الأنباء 1: 205 وابن خلكان 3: 373 والوافي 22: 303 والنجوم الزاهرة 3: 73. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2008 أبي حفصة في أيام المتوكل وتوسل إليه فأوصل شعره إليه وكلّمه فيه، فاستخرج له منه عشرة آلاف درهم، فقال إدريس بن أبي حفصة «1» : أضحى علي بن يحيى وهو مشتهر ... بالصدق في الوعد والتصديق في الأمل لو زيد بالجود في رزق وفي أجل ... لزاد جودك في رزقي وفي أجلي ثم وصله من ماله لما عزم ادريس على الانصراف الى بلده بجملة جليلة «2» ، ولم يزل إدريس مقيما عنده في ضيافته إلى وقت ارتحاله، فقال إدريس عند وداعه إياه: ما من دعوت فلبّاني بنائله ... كمن دعوت فلم يسمع ولم يجب إني وجدت عليّا إذ نزلت به ... خيرا من الفضة البيضاء والذهب وحدث علي بن هارون بن يحيى بن المنجم في «كتاب الأمالي» له قال: حدثني عمي أبو أحمد يحيى بن علي حدثني أبي علي بن يحيى قال: وفد اليّ «3» عافية بن شبيب بن خاقان بن الأهتم السعدي من البصرة فأنزلته عليّ وأحسنت ضيافته ورعيت له حرمة الأدب الذي توسل به، فأقام معي مدة في كفاية وكرامة وحسن ضيافة وحملته على فرس، واستوصلت له جماعة من إخواني فأخذت له منهم ما تأثث به حاله وأصلح به شأنه، ثم ذكرته للمتوكل رحمة الله عليه ووصفت له أدبه وأنّ معه ظرفا يصلح به لمجالسته، فأمرني باحضاره، ودخل إليه فوصله وأجرى عليه رزقا وجالسه، فمكث مدة على ذلك، ثم انفرجت الحال بيني وبينه، وكفر ما كان من إحساني إليه وبسط لسانه يذكرني بما لم أستحقّه منه، وكان المتوكل يغريه بي لما رأى منه فيضحك المتوكل مما يجري ويجيئني بذلك فيه وهو لا يدري. قال أبو الحسن: فأهدى في يوم من أيام النواريز إلى المتوكل فرسا، فنظر إليه المتوكل فاستحسنه، ثم أقبل على الفتح بن خاقان فقال: أما ترى إلى هذا الفرس الذي أهداه عافية ما أحسنه وأعتقه، هذا خلاف ما يصفه به علي بن يحيى من صغر الهمة وضيق النفس والخساسة؛ من تبلغ همته إلى أن يهدي مثل هذا الفرس لا يوصف بالخساسة ولا بضيق النفس، وهو الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2009 في ذلك كله كان ينظر إليّ ويقصدني بالكلام ويريد العبث بي، فتركته حتى أطنب في هذا المعنى وبلغ منه ما أراد ثم قلت له: يا أمير المؤمنين أليس من أهدى مثل هذا الفرس عندك ذا همة وقدر؟ قال: بلى، قال قلت: فأبعد همة وأرفع قدرا من حمله عليه. قال: ومن حمله عليه؟ قال قلت: أنا حملته عليه. قال فقال: يا عافية ما يقول عليّ؟ قال فقال: صدق يا أمير المؤمنين هو حملني عليه، قال: فانكسر عني ثم أقبل على الفتح خجلا، وسربت الحال بيني وبين عافية حتى هجاه من كان يطيف به من الشعراء، فقال فيه أبو عبد الله أحمد بن أبي فنن، وكنت أدخلته على المتوكل وجالسه وشكر لي ذلك إذ كفره عافية: ستعلم أنّ لؤم بني تميم ... سيظهر منه للناس الخفيّ وما إن ذاك أنك من تميم ... ولكن ربما جرّ الدعيّ وقال فيه أبو هفان: لو كنت عافية لكنت محببا ... في العالمين كما تحبّ العافيه وقال فيه أبو الحسن البلاذري: من رآه فقد رأى ... عربيا مدلّسا ليس يدري جليسه ... أفسا أم تنفّسا وقال فيه أبو العنبس الصيمري: أبا حسن بمنصبك الصميم ... أتأذن في السّلاح على التميمي فو الرحمن لولا ألف سوط ... لفارق روحه روح النسيم وهجاه أبو الحسن علي بن يحيى المنجم فقال: أأهجو تميما أن تعرّض ملصق ... إليها دعيّ قد نفته قرومها فآخذها طرّا بذنب دعيّها ... فأين نهى قومي وأين حلومها وما في دعيّ القوم ثأر لثائر ... ولم يقترف ذنبا فيهجى صميمها أعافي إنّ اللؤم منك سجية ... وشرّ خلال الأدعياء قديمها قال أبو الحسن: وترقى به الأمر في منابذتي إلى أن ادّعى في يوم من الأيام بحضرة المتوكل أنه أحسن مروءة مني، فقال الفتح: فمحنة هذا سهلة، يوجّه أمير الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2010 المؤمنين إلى منزلهما من يحضر مما يجده من الطعام حاضرا، فدعا المتوكل بقائد من قواده وقال: امض إلى منزل علي بن يحيى فانظر ما تجد فيه من الطعام حاضرا فأحضره، وامنعهم من أن يشتروا شيئا أو يعملوه، وافعل مثل ذلك بمنزل عافية، فصار إلى منزل علي بن يحيى فوجد فيه طعاما عتيدا، فحمل جونة حسنة، وصار إلى منزل عافية فلم يجد فيه غير سفرة خلقة معلّقة في مجلسه، فأمر فأنزلت فوجد فيها كسرا من خبز خشكار وملحا من ملح السوق وقطعة جبن يابس وقطعة من سمك مالح وقصعة مكسورة فيها ذلك المالح وخرقة وسخة «1» منقطعة، فحمل السفرة بحالها وصار إلى المتوكل فعرض عليه الجونة فاستحسنها وقال للفتح: أما ترى ما أنظف هذا الطعام وأحسنه؟! وأحضر السفرة فقال: ما هذا؟ قال: هذا هو الذي وجدته في منزل عافية، قال: افتحوها ففتحت، فاستقذر ما رأى فيها وعجب منه وقال: يا فتح أظننت أن رجلا يجالسني وقد وصلته بعدة صلات فيكون هذا مقدار مروءته؟ فقال: لا والله يا أمير المؤمنين ما له عذر، فدعا بخادم من خدمه وقال: امض إلى عبيد الله بن يحيى فقل له: أخرج إليّ ما وصل إلى عافية من مالي من رزق وصلة منذ خدمني إلى هذا الوقت، فمضى الخادم فلم يكن بأسرع من أن وافى برقعة من عبيد الله وفيها مبلغ ما صار إلى عافية فإذا هو ثلاثمائة ألف درهم، فقال المتوكل: يا فتح أما كان يجب أن يتبين أثر النعمة على من وصل إليه هذا المال؟ ما في هذا خير ولا يصلح مثله لمجالستي، فأخرجه من المجالسة وأمر بنفيه إلى البصرة، وهي بلده، فلما حضر خروجه طالبته صاحبة المنزل بأجرته فدفع إليها ببقية ما لها عليه حبّا كان في الدار خلقا، واتصل الخبر بابن المنجم قال: فصرت إلى المتوكل فعرّفته ذلك فعجب منه، وأمر باحضار المرأة ومساءلتها عن الخبر فأخبرت به، فأمر لها بصلة، وتقدّم إلى عبيد الله في أخذ الحب وإنفاذه مع رسول قاصد خلف عافية يلحقه بالبصرة، وأمره أن يكتب إلى صاحب المعونة وصاحب الصدقة والخراج والقاضي وصاحب البريد بحضور الجامع والتقدم إلى وجوه أهل البصرة في الحضور وإحضار عافية وتسليم الحبّ إليه بحضرتهم وإشهادهم عليه وتعريفهم ما كان من خبره مع المرأة صاحبة داره، ففعل الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2011 ذلك وصار به عافية شهرة في بلده. وحدث هارون عن عمه عن أبيه علي بن يحيى قال كنت أنادم المتوكل في ليلة من الليالي فغلب عليّ النبيذ، فأطرقت كالمهموم وأنا منتصب، قال: فدعا المتوكل بنصر [بن] سلهب وقال: امض الى منزل علي بن يحيى فانظر ما تجد فيه من الطعام فاحمله إليّ وأعجلهم غاية الاعجال ولا تدعهم يهيئون شيئا، قال: فمضى نصر فامتثل أمره وحمل جونة مملوءة من ضروب الطعام وجاء بها إلى المتوكل، ففتحت بين يديه ففاحت برائحة شوّقته إلى الطعام واستحسن ما رأى فيها فأكل منها والفتح معه ثم قال له: أما ترى ما أحسن هذا الطعام وأطيبه وأنظفه، ولو كان عليّ أعدّ هذا لمثل ما كان منا «1» ما زاد على حسن هذه الجونة وطيب ما فيها، قال فقال له الفتح: هذا يا أمير المؤمنين يدلّ على مروءته وإنه ليجب أن يعان عليها، قال: فصاح بي يا علي، فقمت قائما وقلت: لبيك يا أمير المؤمنين، قال: تعال، فقربت منه فقال: انظر إلى هذه الجونة وما فيها، قال: فنظرت إليها فقال: كيف تراه؟ قلت أرى طعاما حسنا، قال: فتدري من أين هو؟ فقال قلت: لا يعلم الغيب إلا الله، قال: فإنها من منزلك وإني فعلت كذا وكذا وقصّ عليّ القصة وقال: قد والله سرّني ما رأيت من مروءتك وسروك، وكذا فليكن من خدم الملوك، ثم قال لي: ما تحبّ أن أهب لك؟ قال قلت: مائة ألف دينار، قال: أنت والله تستحقها وما هو أكثر منها، وما يمنعني من دفعها إليك إلا كراهة الشنعة وأن يقال وصل جليسا من جلسائه في ليلة بمائة ألف دينار، ولكني أوصلها إليك متفرقة وأضمّن فتحا إذكاري بذلك حتى تستوفيها، وقد وصلتك بمائة ألف درهم على غير صرف فانصرف بها معك، قال: وأمر باحضارها فأحضرت عشر بدر وحملت معي إلى منزلي، ثم لم يزل يتابع لي الصلات حتى وفّاني مائة ألف دينار. قال علي بن يحيى: وأحصيت ما وصل إليّ من أمير المؤمنين المتوكل من رزق وصلة فكان مبلغه ثلاثمائة ألف دينار. قال: ولما مات علي بن يحيى قال ابن بسام يرثيه: قد زرت قبرك يا عليّ مسلّما ... ولك الزيارة من أقلّ الواجب الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2012 ولو استطعت حملت عنك ترابه ... فلطالما عنّي حملت نوائبي وفي «كتاب النورين» للحصري: وقال علي بن المنجم (فلا أدري أهو هذا أم علي بن هارون بن علي بن يحيى بن المنجم) : ومن طاعتي إياه أمطر ناظري ... إذا هو أبدى من ثناياه لي برقا كأنّ جفوني تبصر الوصل هاربا ... فمن أجل ذا تجري لتدركه سبقا ولعلي هذا ابن يكنى أبا عيسى واسمه أحمد كان أديبا وهو مذكور في بابه. وقال علي بن يحيى يرثي المأمون ويمدح المعتصم: من ذا على الدهر يعديني فقد كثرت ... عندي جنايته يا معشر الناس أنحى على الملك المأمون كلكله ... فصار رهنا لأحجار وأرماس قد كاد ينهدّ ركن الدين حين ثوى ... ويترك الناس كالفوضى بلا راس حتى تداركهم بالله معتصم ... خير الخلائف من أولاد عباس ودخل أبو علي البصير على علي بن يحيى وقد أصيب ببعض أهله، وكان قد بعث إليه ببرّ قبل ذلك، فقال له: بلغني مصابك ووصل إليّ ثوابك فأحسن الله جزاءك وعزاءك. قال المرزباني وهو القائل في نفسه «1» : عليّ بن يحيى جامع لمحاسن ... من العلم مشغوف بكسب المحامد فلو قيل هاتوا فيكم اليوم مثله ... لعزّ عليكم أن تجيئوا بواحد وله» : سيعلم دهري إذ تنكّر أنني ... صبور على نكرائه غير جازع وأني أسوس النفس في حال عسرها ... سياسة راض بالمعيشة قانع كما كنت في حال اليسار أسوسها ... سياسة عفّ في الغنى متواضع وأمنعها الورد الذي لا يليق بي ... وإن كنت ظمآنا بعيد الشرائع «3» الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2013 وله «1» : بأبي والله من طرقا ... كابتسام الصبح إذ خفقا زادني شوقا برؤيته ... وحشا قلبي به حرقا من لقلب هائم كلف ... كلما سكّنته قلقا زارني طيف الحبيب فما ... زاد أن أغرى بي الأرقا ولما مات علي بن يحيى قال علي بن سليمان أحد شعراء العسكر يرثيه «2» : قد زرت قبرك يا عليّ مسلما ... ولك الزيارة من أقلّ الواجب ولو استطعت حملت عنك ترابه ... فلطالما عني حملت نوائبي «3» ودمي فلو أني علمت بأنه ... يروي ثراك سقاه صوب الصائب لسفكته أسفا عليك وحسرة ... وجعلت ذاك مكان دمع ساكب فلئن ذهبت بملء قبرك سؤددا ... لجميل ما أبقيت ليس بذاهب وحدث أبو علي التنوخي في «نشواره» «4» : حدثني أبو الحسن بن أبي بكر الأزرق قال حدثني أبي قال: كان بكركر من نواحي القفض ضيعة نفيسة لعلي بن يحيى بن المنجم وقصر جليل فيه خزانة كتب عظيمة يسميها خزانة الحكمة يقصدها الناس من كلّ بلد فيقيمون فيها ويتعلمون منها صنوف العلم، والكتب مبذولة في ذلك لهم، والصيانة مشتملة عليهم، والنفقة في ذلك من مال علي بن يحيى، فقدم أبو معشر المنجم من خراسان يريد الحج وهو إذ ذاك لا يحسن كبير شيء من النجوم، فوصفت له الخزانة فمضى ورآها فهاله أمرها، فأقام بها وأضرب عن الحج وتعلّم فيها علم النجوم وأغرق فيه حتى الحد، وكان ذلك آخر عهده بالحج وبالدين والاسلام أيضا. وذكر جحظة في «أماليه» : حدثنا ابن حميد قال، قال المتوكل لعلي بن يحيى الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2014 المنجم: اهج مروان بن أبي الجنوب، فقال يا أمير المؤمنين: ومن مروان حتى أهجوه؟! قال: مروان مولى بني أمية ومولى القوم منهم، وبعد فإنهم بنو عمي وأتت العداوة بيننا، فأنت من أنت؟ قال: أنا مولاك يا أمير المؤمنين، قال: دعنا من هذا البرد، اهج الرجل وإلا أمرته أن يهجوك، فوقف ساعة متفكرا فاندفع مروان يقول: ألا إن يحيى لا يقاس الى أبي ... وعرض عليّ لا يقاس إلى عرضي أناس من الأنباط أكثر فخرهم ... إذا فخر الأشراف بعض على بعض تنحّل أصلا في المجوس ودعوة ... إليهم نفاها من بحكمهم يقضي أبى ذاك آذرباذ فيكم فأنتم ... من السّفل الأرذال والنبط المحض حديثكم غثّ وقربكم أذى ... وآدابكم ممزوجة المقت بالبغض تسوّقتم عند الامام بحبّه ... وسوقكم عند الروافض بالرفض متى ما تعاطى المجد والفخر أهله ... فلستم من الإبرام فيه ولا النقض إخال عليا من تكامل مقته ... يطا حرّ وجهي وهو يمشي على الأرض قال أحمد بن أبي طاهر: كنت يوما عند أبي الحسن علي بن يحيى المنجم في أيام المعتمد فدخل عليه ابنه هارون فقال له: يا أبت رأيت في النوم أمير المؤمنين المعتمد وهو في داره على سريره، إذ بصر بي فقال: أقبل علي يا هارون، يزعم أبوك أنك تقول الشعر، فأنشدني طريد هذا البيت: أسالت على الخدّين دمعا لو انه ... من الدرّ عقد كان ذخرا من الذخر فلم أردّ عليه شيئا وانتبهت؛ قال: فزحف إليه علي بن يحيى غضبا وقال ويحك فلم لم تقل: فلما دنا وقت الفراق وفي الحشا ... لفرقتها لذع أحرّ من الجمر أسالت على الخدّين دمعا لو انه ... من الدّر عقد كان ذخرا من الذخر قال ابن أبي طاهر: فانصرفنا متعجبين من حفظ هارون لما هجس في خاطره في النوم، ولمبادرة علي بن يحيى وسرعته في القول: قال جحظة في «أماليه» : حدثت عن يزيد بن محمد المهلبي قال: كنت أرى الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2015 علي بن يحيى بن علي المنجم فأرى صورته وصغر خلقته ودقة وجهه وصغر عينيه وأسمع بمحله من الواثق والمتوكل فأعجب من ذلك وأقول، بأيّ سبب يستظرفه الخليفة؟ وبماذا حظي عنده، والقرد أملح منه قباحة؟! فلما جالست المتوكل رأيت علي بن يحيى قد دخل على المتوكل في غداة «1» من الغدوات التي قد سهر في ليلتها بالشرب وهو مخمور يفور حرارة مستثقل لكلّ أمر يخفّ دون ما يثقل، فوقف بين يديه وقال: يا مولاي أما ترى إقبال هذا اليوم وحسنه وإطباق الغيم على شمسه وخضرة هذا البستان ورونقه، وهو يوم تعظّمه الفرس وتشرب فيه لأنه هرمز روز، وتعظّمه غلمانك وأكرتك مثلي من الدهاقين، ووافق ذلك يا سيدي أن القمر مع الزهرة، فهو يوم شرب وسرور وتخلّ بالفرح، فهشّ اليه وقال: ويلك يا عليّ ما أقدر أن أفتح عينيّ خمارا، فقال: إن دعا سيدي بالسواك فاستعمله وغسل بماء الورد وجهه وشرب شربة من ربّ الحصرم أو من مبنّة مطيبة مبرّدا ذلك بالثلج انحلّ كلّ ما يجد، فأمر باحضار كل ما أشار به، فقال عليّ: يا سيدي وإلى أن تفعل ذاك تحضر عجلانيتان بين يديك مما يلائم الخمار ويفتق الشهوة ويعين على تخفيفه فقال: أحضروا عليّا كل ما يريد، فأحضرت العجلانيتان بين يديه وفراريج كسكر قد صففت على أطباق الخلاف وطبخ حماضية وحصرمية ومطجنة لها مريقة، فلما فاحت روائح القدور هشّ لها المتوكل، فقال له: يا عليّ أذقني فجعل يذيقه من كلّ قدر بحرف يشرّبه فيها، فهشّ إلى الطعام وأمر باحضاره، فالتفت عليّ الى صاحب الشراب فقال لهم: ينبغي أن يختار لأمير المؤمنين شراب ريحاني ويزاد في مزاجه إلى أن يدخل في الشرب فيهنئه الله إياه إن شاء الله. قال فلما أكل المتوكل وأكلنا نهضنا فغسلنا أيدينا وعدنا إلى مجالسنا وغنى المغنون فجعل عليّ يقول: هذا الصوت لفلان والشعر لفلان، وجعل يغني معهم وبعدهم غناء حسنا إلى أن قرب الزوال، فقال المتوكل: أين نحن من وقت الصلاة؟ فأخرج عليّ اصطرلابا من فضة في خفّه فقاس الشمس وأخبر عن الارتفاع وعن الطالع وعن الوقت، فلم يزل يعظم في عيني حتى صار كالجبل، وصار مقابح وجهه محاسن، فقلت: لأمر ما قدّمت، فيك ألفا خصلة: طيب مضحك، وأدب الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2016 جليس، وحذق طباخ، وتصرف مغن، وفكر منجم، وفطنة شاعر، ما تركت شيئا مما يحتاج إليه الملوك إلا ملكته. قال جحظة: وحدثني رذاذ غلام المتوكل قال: شهدت عليّ بن يحيى المنجم وقد أمره المتوكل أن يغنيه، وكنت جالسا الى جانبه، فقال لي: قد وقعت وإن تمنّعت جدّ بي حتى أغني ثم لا يكون له موقع، والمبادرة إلى أمره وسرعة الطاعة له أصوب، اضرب عليّ، فضربت عليه وغنى: زار من سلمى خيال موهنا ... حبذا ذاك الخيال الطارق جاد في النوم بما ضنّت به ... ربما يغنى بذاك العاشق فقال: زه أجدت والله يا عليّ، فقال له عليّ: قد فرّحتك يا سيدي ففرحني، فدعاه وحيّاه بمشمة عنبر كانت بين يديه في صينية ذهب عليها مكبة منها وأمر له بألف دينار وتخوت ثياب، فقال لي: يا أبا شريك أناصفك؟ فقلت: لا والله لا قبلت من ذلك لا الكلّ ولا النصف فبارك الله لك فيه. قال جحظة وحدثني عليّ بن يحيى المنجم قال: قلت مرة وقد أخذ مني النبيذ بين يدي الواثق لمن كان يسقيني: ويلك أجهزت والله عليّ، سقيتني الكأس حية فالا قتلتها؟ فسمع الواثق فقال لم يعد بك قول حسان: إن التي ناولتني فرددتها ... قتلت قتلت فهاتها لم تقتل ألا تراه أنكر عليه مزجها؟ قلت: حسان أعرابي لا يحسن يشرب الخمر، وكان أيضا يشربها تغنما لبعد عهده بها، ولكن أردت من ساقيّ أن يأخذ بقول أفتى الخلق وأملحهم أدبا وأعلمهم بأدب الشرب، قال: ومن هو؟ قلت: أبو نواس، قال: حين يقول ماذا؟ قلت: حين يقول: لا تجعل الماء لها قاهرا ... ولا تسلّطها على مائها «1» فقيل لي لما حضرت من الغد، إنّ الواثق قال: لله دره ما أسرع جوابه وأحسن انتزاعه، لكنه أخرج عربدته كلّها على حسان بن ثابت، فلما حضرت بين يديه قال الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2017 لي: هيه يا عليّ سكرت أمس، فقلت: يا سيدي من شرب سكر، ومن كان أمره إلى نفسه في نبيذه رفق، ومن كان أمره الى غيره خرق. قال: فعربدت على حسان وثلبته وما يستحقّ ذلك وإنه لطبّ بشرب الكأس مدّاح لشاربيها، أليس هو الذي يصف ربيعة بن مكدم فبلغ من ذلك أحسن ما يكون الفتى عليه بقوله «1» : نفرت قلوصي من حجارة حرّة ... بنيت على طلق اليدين وهوب لا تنفري يا ناق منه فانه ... شرّيب خمر مسعر بحروب وهو أيضا من المعدودين في وصّاف الخمر وشربها، أليس هو القائل «2» : إذا ما الأشربات ذكرن يوما ... فهنّ لطيّب الراح الفداء نولّيها الملامة إن ألمنا ... إذا ما كان مغث أو لحاء ونشربها فتتركنا ملوكا ... وأسدا ما ينهنهنا اللقاء ويلك أليس هو الذي يقول «3» : لا أخدش الخدش النديم ولا ... يخشى جليسي إذا انتشيت يدي ومن يحسن ويلك يقول مثل قوله: وممسك بصداع الرأس من سكر ... ناديته وهو مغلوب ففدّاني لما صحا وتراخى العيش قلت له ... ان الحياة وإن الموت سيان فاشرب من الخمر ما واتاك مشربه ... واعلم بأن كلّ عيش صالح فان فقلت له: لو حضرك والله يا سيدي لأقرّ أنك أحفظ لعيون شعره منه، فالويل لجليسك بماذا يتنفّق عندك وروايتك هذه الرواية، فقال: ويحك يا عليّ بل الويل لجليسي إذا جالس من لا يعرف قدر ما يحسن. قال أحمد بن أبي طاهر: اجتمعنا عند أبي الحسن عليّ بن يحيى أنا وأبو هفان عبد الله بن أحمد العبدي وأبو يوسف يعقوب بن يزيد التمار على نبيذ فقال أبو هفان: الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2018 وقائل إذ رأى عزفي عن الطلب ... أتهت أم نلت ما ترجو من النشب قلت ابن يحيى عليّ قد تكفّل لي ... وصان عرضي كصون الدين للحسب فقال التمار: يذكي لزوّاره نارا منورة ... على يفاع ولا يذكي على صبب من فارس الخير في أبيات مملكة ... وفي الذوائب من جرثومة الحسب قال أحمد بن أبي طاهر فقلت: له خلائق لم تطبع على طبع ... ونائل وصلت أسبابه سببي كالغيث يعطيك بعد الريّ وابله ... وليس يعطيك ما يعطيك عن طلب قال فوصلهم وخلع عليهم وحملهم. قال عبيد الله حدثني أبو أحمد يحيى بن عليّ بن يحيى قال: اتصل أبي بأمير المؤمنين المتوكل على الله فغلب عليه وعلى الفتح بن خاقان بخدمته وأدبه وافتنانه وتصرفه في كلّ ما تشتهيه الملوك، وكان الفتح بن خاقان هو الذي وصفه للمتوكل، وكان بعد موت محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن مصعب لأن أبي كان متصلا به وشديد الاختصاص بخدمته، حتى لقد مات محمد بن إسحاق ويده في يده، فلما مات دخل على الفتح بن خاقان فأنشده يمدحه قصيدة أولها: سأختار من حرّ الكلام قصيدة ... لفتح بن خاقان تفوق القصائدا يلذّ بأفواه الرواة نشيدها ... ويشنا بها من كان للفتح حاسدا لعمرك إن الفتح مذ كان يافعا ... ليسمو إلى أعلا ذرى المجد صاعدا قريع الموالي ساد في خمس عشرة ... موالي بني العباس لم يبق واحدا وبذّهم طرّا ندى وشجاعة ... فألقوا إليه مذعنين المقالدا قال: فلم أر الفتح اهتز لشيء من الشعر اهتزازه لهذه القصيدة، ولا سرّ بأحد قدم عليه سروره بعلي بن يحيى، ثم قام الفتح من فوره فدخل على المتوكل فعرّفه مكانه، فأذن له واستجلسه وأمر أن يخلع عليه، فخلع عليه خلع المجالسة، فكان آنس خلق الله به وأغلبهم عليه وعلى الفتح، وتقدم الجلساء جميعا عنده، ووثق به حتى عزم على إدخاله معه إلى الحرم اذا جلس معهنّ، وذاك أنه شكا إلى الفتح أنه إذا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2019 قعد مع الحرم لم يكن له من يستريح إليه ويأنس به وقال: قد عزمت أن أدخل علي بن يحيى فأستريح إليه، فقال له الفتح: ما يصلح لذلك غيره، فبلغ ذلك علي بن يحيى فقال للفتح: أنا قدّرت أن أتخلّص من هذا بك فوكدت عليّ الأمر فيه؟ ليس أفعل. فقال له الفتح: إن هذا الذي ندبك إليه أمير المؤمنين منزلة ليس فوقها منزلة في الخصوص، فقال: قد علمت ذلك، وشكرت تفضّل أمير المؤمنين عليّ فيه، ولكن في الأمر شيء يسمعه أمير المؤمنين وتسمعه، ثم يتفضل بالاعفاء منه، قال: وما هو؟ قال: قد علمت أن أمير المؤمنين أشدّ الناس غيرة وأن النبيذ ربما أسرع إليّ، ولست آمن بعض هذه الأحوال وأن ينسى عند غلبة النبيذ ما كان منه فيقول: ما يصنع هذا معي عند حرمي؟ فيعجل عليّ بشيء لا يستدرك، وليس بيني وبين هذا عمل؛ قال فقال المتوكل: تخلّصت يا علي مني بألطف حيلة وأعفاه. قال يحيى وحدثني أبي قال: قال أمير المؤمنين المتوكل يوما من الأيام: يا عليّ لك عندي ذنب- قال هذا ونحن بدمشق- قال: فأكبرت ذلك وقمت قائما بين يديه وقلت: أعوذ بالله من سخط أمير المؤمنين، ما الذنب يا أمير المؤمنين فلعله كذب كاشح أو بغي حاسد؟ فقال: لا، أخبرني من أثق به، قال فقلت: يتفضل عليّ أمير المؤمنين بتعريفي الذنب، فإن كان لي عذر اعتذرت وإلا اعترفت وعذت بعفو أمير المؤمنين، فقال: أتحتاج إلى شيء وتسأل غيري؟ فقلت: وما ذاك يا أمير المؤمنين؟ قال: أخبرني بختيشوع أنك وجهت إليه واستقرضت منه عشرين ألف درهم فلم فعلت ذلك وما منعك أن تسألني فأصلك؟ أتأنف من مسألتي؟ فقلت: يا أمير المؤمنين لا والله ما منعني ذلك، وإن صلات أمير المؤمنين متتابعة عندي من غير مسألة، ولكن بختيشوع ممن آنس به، فاستعرت منه هذه الدراهم على ثقة مني بأنّ تفضّل أمير المؤمنين غير متأخر عني فأردّها من ماله. قال فقال لي: قد عفوت لك عن هذا هذه المرة فلا تعد إلى مثلها، وإن احتجت فلا تسأل غيري أو تبذل وجهك إليه. ثم خدم علي بن يحيى المنتصر بن المتوكل فغلب عليه أيضا، وقدّمه المنتصر على جماعة جلسائه وقلّده أعمال الحضرة كلها: العمارات والمستغلات والمرمات والحظائر وكل ما على شاطئ دجلة الى البطيحة من القرى، ثم خدم المستعين بالله فقدّمه وأحبه وأحلّه محله من الخلفاء ممن كان قبله، وأقرّه المستعين على ما تقلّده من الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2020 أعمال الحضرة، ثم حدثت الفتنة وانحدر مع المستعين الى مدينة السلام فلم يزل معه إلى أن خلع المستعين، فأقام علي بن يحيى يغدو ويروح إليه بعد الخلع إلى أن أحله من البيعة التي كانت في عنقه، ولم يكن المستعين قبل الخلع بسنة يأكل إلا ما يحمل إليه من منزل علي بن يحيى في الجون إلى دار أبي العباس محمد بن عبد الله بن طاهر فيفطر عليه وكان يصوم في تلك الأيام. قال يحيى بن علي، قال لي أبي: صرت إلى المستعين لمّا صير به إلى قصر الرصافة فوجدت عنده قرب داية المعتز وعيسى بن فرخانشاه وهم يسألونه عن جوهر الخلافة، فقالت لي قرب: يا أبا الحسن بسّ ما كان لنا منك نصيب يا هذا كاتبنا الناس كلّهم غيرك، قال قلت: أما إن ذاك ليس لتقصير فيما يجب عليّ من حق أمير المؤمنين المتوكل رحمه الله ومن حق ولديه، ولكن كان في عنقي طوق يحظر عليّ ذلك، قال فقالت: بارك الله فيك. قال: ثم خلص الأمر للمعتز فكان أول من طلبه للمنادمة علي بن يحيى فشخص إلى سرّ من رأى فتلقاه أمير المؤمنين المعتز حين قدم عليه أجمل لقاء وخلع عليه ووصله وقلّده الأسواق والعمارات وما كان يتقلده قبل خلافته، وخصّ به وغلب عليه حتى تقدم عنده على الناس كلهم. قال: فأخبرني أبي أنه حسب ما وصل إليه من المعتز من صلته ورزقه منذ خدمه إلى أن تصرمت أيامه فكان مبلغه ثلاثة وثلاثين ألف دينار وقلده المعتز القصر الكامل فبناه، ووصله عند فراغه منه بخمسة آلاف دينار وأقطعه ضيعة، وفي المعتز يقول علي بن يحيى: بدا لابسا برد النبيّ محمد ... بأحسن مما أقبل البدر طالعا سميّ النبي وابن وارثه الذي ... به استشفعوا أكرم بذلك شافعا فلما علا الأعواد قام بخطبة ... تزيد هدى من كان للحق تابعا وكلّ عزيز خشية منه خاشع ... وانت تراه خشية الله خاشعا فأما المهتدي فإنه حقد عليه أشياء كانت تجري بينه وبينه في مجالس الخلفاء، فانحرف عنه المهتدي لميله إلى المتوكل، فكان المهتدي يقول: لست أدري كيف يسلم مني عليّ بن يحيى، إني لأهمّ به فكأني أصرف عنه، ووهب الله له السلامة من المهتدي إلى أن مضى لسبيله، وكانت أيامه قصيرة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2021 ثم أفضى الأمر إلى المعتمد على الله فحلّ منه محلّه ممن كان قبله من الخلفاء، وقدّمه على الناس جميعا ووصله، وقلده ما كان يتقلده من أعمال الحضرة، وقلّده بناء المعشوق فبنى له أكثره، وكان الموفق من محبته وتقديمه وجميل الذكر له في مجلسه إذا ذكر على أفضل ما يكون وليّ نعمة، وكان يذكره كثيرا في مجالسه ويصف أيامه مع أمير المؤمنين المتوكل وأحاديثه، ويحكيها لجلسائه ويعجبهم من ذكائه ومعرفته وفضله. وتوفي في آخر أيام المعتمد سنة خمس وسبعين ومائتين ودفن بسامرا. وشعره كثير مشهور، رأيت العلماء القدماء يكثرون العجب به وليس عندي كذلك، فلذلك أقللت من الاتيان به إلا ما كان في ضمن خبر. وله من الولد الذكور أحمد بن علي وكنيته أبو عيسى، وأبو القاسم عبد الله، وأبو أحمد يحيى، وأبو عبد الله هارون. [855] علي بن يوسف بن إبراهيم بن عبد الواحد بن موسى بن أحمد بن محمد بن إسحاق بن محمد بن ربيعة بن الحارث بن قريش بن أبي أوفى بن أبي عمرو بن عادية بن حيان بن معاوية بن تيم بن شيبان بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل، أبو الحسن القفطي: يعرف بالقاضي الأكرم، أحد الكتّاب المشهورين المبرزين في النظم والنثر، وكان أبوه القاضي الأشرف كاتبا أيضا منشئا، وكانت أمه امرأة من بادية العرب من بليّ من قضاعة، وأمها جارية حبشية كانت لأخت أبي عزيز قتادة الحسني أمير مكة، تزوجها أحد بني عمها العلويين وجاءت منه بأولاد ثم مات عنها فتزوجها رجل من بليّ فجاءت منه ببنين وبنات منهم أمّ القاضي الأكرم- أدام الله علوّه. وكان والده الأشرف خرج يشتري فرسا من تلك البوادي وقد قاربوا أرض مضر   (855) - ترجمة القفطي في معجم البلدان 4: 383 وعقود الجمان لابن الشعار 5: 1 والحوادث الجامعة: 237 ومفرج الكروب 4: 312 والطالع السعيد: 436 وعبر الذهبي 5: 191 وسير الذهبي 23: 227 والوافي 22: 338 والفوات 3: 117 ومرآة الجنان 4: 116 والزركشي: 234 والنجوم الزاهرة 6: 361 وتاريخ مختصر الدول: 272 وبغية الوعاة 2: 212 وحسن المحاضرة 1: 554 والشذرات 5: 236 وقد طبع من كتبه: إنباه الرواة، وتاريخ الحكماء، والمحمدون من الشعراء. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2022 للنجعة فرآها فوقعت منه بموقع، فتزوجها ونقلها إلى أهله، وكانت ربما خرجت في الأحيان إلى البادية استرواحا على ما ألفته ونشأت عليه «1» ويخرج ابنها معها مدّة، قال: وكانت امرأة صالحة مصلية حسنة «2» العبادة فصيحة اللهجة «3» وكانت اذا أردت سفرا اشتغلت بما يصلح أموري في السفر وهي تبكي وتقول «4» : أجهّز زيدا للرحيل وإنني ... بتجهيز زيد للرحيل ضنين وحدثني أطال الله بقاءه قال «5» : كنت وأنا صبي قد قدمت من مصر واستصحبت إلى قفط «6» سنورا أصبهانيا على ما تقتضيه الصبوة، واتفق أن ولدت عدة من الأولاد في دارنا، فنزل سنور ذكر فأكل بعض تلك الجراء، فغمّني ذلك وأقسمت أن لا بدّ لي من قتل الذي أكلها، فصنعت شركا ونصبته في علّية في دارنا وجلست، فإذا السنور «7» قد وقع في الحبالة، فصعدت إليه وبيدي عكّاز وفي عزمي هلاكه، وكان لنا جيرة وقد خرب الحائط بيننا وبينهم، ونصبوا فيه بارية إلى أن يحضر الصنّاع، وكان لربّ تلك الدار بنتان لم يكن فيما أظن أحسن منهما صورة وجمالا وشكلا ودلالا «8» وكانتا معروفتين بذلك في بلدنا، وكانتا بكرين، فلما هممت بقتله إذا قد انكشف جانب البارية، فوقعت عيني على ما بهر المشايخ فكيف الشبان حسنا وجمالا، وإذا هما تومئان إليّ بالأصابع تسألاني إطلاقه، قال: فأطلقته ونزلت وفي قلبي منهنّ ما فيه لكوني كنت أول بلوغي، والوالدة جالسة في الدار لمرض كان بها، فقالت لي: ما أراك قتلته كما كان عزمك، فقلت لها: ليس هو المطلوب إنما هو سنور غيره، فقالت: ما أظنّ الأمر على ذلك، ولكن بالله هل أومىء إليك بالأصابع حتى تركته؟ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2023 فقلت: ومن يومىء إليّ؟ لا أعرف معنى كلامك، فقالت: على ذلك يا ابني «1» اسمع مني ما أقول لك: ثنتان لا أرضى انتهاكهما ... عرس الخليل وجارة الجنب وكان مع هذا البيت بيت آخر أنسيته. قال: فو الله لكأنّ ماء وقع على نار فأطفأها، فما صعدت بعد ذلك إلى سطح ولا غرفة إلى أن فارقت البلاد، ولقد جاء الصيف فاحتملت حرّه ولم أصعد إلى سطح في تلك الصيفية. ثم وجدت هذا البيت في أبيات الأحوص بن محمد منها «2» : قالت وقلت تحرجي وصلي ... حبل امرىء كلف بكم صبّ صاحب إذن بعلي فقلت لها ... الغدر أمر ليس من شعبي ثنتان لا أصبو لوصلهما ... عرس الخليل وجارة الجنب أما الخليل فلست خائنه ... والجار أوصاني به ربي الشوق أقتله برؤيتكم ... قتل الظما بالبارد العذب قال لي: ولدت في أحد ربيعي سنة ثمان وستين وخمسمائة بمدينة قفط من الصعيد الأعلى «3» أحد الجزائر الخالدات حيث الأرض أربعة وعشرون في أوّل الأقليم الثاني وبها قبر قبط بن مصر بن سام بن نوح. ونشأ بالقاهرة المعزية، اجتمعت بخدمته في حلب فوجدته جمّ الفضل كثير النبل عظيم القدر سمح الكفّ طلق الوجه حلو البشاشة، وكنت ألازم منزله ويحضره أهل الفضل وأرباب العلم، فما رأيت أحدا فاتحه في فنّ من فنون العلم كالنحو واللغة والفقه والحديث وعلم القرآن والأصول والمنطق والرياضة والنجوم والهندسة والتاريخ والجرح والتعديل- وجميع فنون العلم على الاطلاق- إلا وقام به أحسن قيام، وانتظم في وسط عقدهم أحسن انتظام. وله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2024 تصانيف أذكرها فيما بعد إن شاء الله تعالى «1» . أنشدني لنفسه بمنزله بحلب في جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة وستمائة. ضدّان عندي قصّرا همتي ... وجه حييّ ولسان وقاح إن رمت أمرا خانني ذو الحيا ... ومقولي يطمعني في النجاح فأنثني في حيرة منهما ... لي مخلب ماض وما من جناح شبه جبان فرّ من معرك ... خوفا وفي يمناه عضب الكفاح وأنشدني أدام الله علوه في أعور لنفسه: شيخ لنا يعزى إلى منذر ... مستقبح الأخلاق والعين من عجب الدهر فحدّث به ... بفرد عين ولسانين ومما أملاه عليّ أدام الله علوه من منثور كلامه: فصل: وأما سؤاله عن سبب التأخر والتجمع، والتوقف عن التطاول في طلب الرياسة والتوسع، والتعجب من التزامي قعر البيت، وارتضائي بعد السبق بأن أكون السّكيت، فلا ينسبني في ذلك إلى تقصير، وكيف ولساني في اللّسن غير ألكن وبناني في البيان غير قصير، ولقد أعددت للرياسة أسبابها، ولبست لكفاح أهلها جلبابها، وملكت من موادّها نصابها، وتسلحت لأحلاسها وضاربت أضرابها، وباريتهم في ميدان الفضائل فكنت السابق وكانوا الفسكل، وقارعتهم في مجال المقال فأطلقت المشكل وحللت المشكل «2» ، وظننت أني قد حللت من الدولة أمكن مكانها، وأصبحت إنسان عينها وعين إنسانها، فإذا الظنون مخلفة، وشفار عيون الأعداء مرهفة، والفرقة المظنونة بالانصاف غير منصفة، وصار ما اعتمدته من أسباب التقريب مبعدا، ومن اعتقدته لي مساعدا غدا عليّ مسعدا، وأصبح «3» لمثالبي موردا من أعددته لمرادي موردا، وجست مقاصد المراشد فوجدتها بهم مقفلة، ومتى أظهرت فضيلة اعتمدوا فيها تعطيل المشبّهة وشبه المعطّلة، وإذا ركبت أشهب النهار لنيل مرام، ركبوا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2025 أدهم الليل لنقض ذلك الإبرام، وإن سمعوا مني قولا أذاعوا، وإن لم يسمعوا اختلقوا من الكذب ما استطاعوا، وقد صرت كالمقيم وسط أفاع لا يأمن لسعها، وكالمجاور لنار يتّقي شررها ويستكفي لذعها، والله المسؤول توسيع الأمور إذا ضاقت مسالكها، وهو المرجوّ لإصلاح قلوب الملوك على مماليكهم إذ هو رب المملكة ومالكها، وها أنا جائم جثوم الليث في عرينه، وكامن كمون الكميّ في كمينه، وأعظم ما كانت النار لهبا إذا قلّ دخانها، وأشدّ ما كانت السفن جريا إذا سكن سكّانها، والجياد تراض ليوم السباق، والسهام تكنّ في كنائنها لإصابة الأحداق، والسيوف لا تنتضى من الأغماد إلا ساعة الجلاد، واللآلىء لا تظهر من الأسفاط الا للتعليق على الأجياد، وبينما أنا كالنهار الماتع طاب أبرداه، إذ تراني كالسيف القاطع خشن حداه «1» ، ولكلّ أقوام أقوال، ولكلّ مجال أبطال نزال، وسيكون نظري بمشيئة الله الدائم ونظرهم لمحة، وريحي في هذه الدولة المنصورة عاديّة وريحهم فيها نفحة، وها أنا مقيم تحت كنف إنعامها، راج وابل إكرامها من هاطل غمامها، منتظر لعدوّي وعدوها أنكأ سهامها من وبيل انتقامها. وأملى عليّ قال: كتبت إلى أبي القاسم ابن أبي الحسن بن شيث وكان قد انصرف عن الملك الظاهر ثم رجع إليه بأمر من الملك الظاهر: مقدم سعد، مؤذن بسموّ ومجد، للمجلس الجماليّ لا زال غاديا في السعادة ورائحا، ممنوحا من الله بالنعم مانحا، ميسرا له أرجح الأعمال كما لم يزل على الأماثل راجحا، موضحا له قصد السبيل كوجهه الذي ما برح مسفرا واضحا، قد رد الله بأوبته ما نزح من السرور، وأعاد بعودته الجبر إلى القلب المكسور، ولأم بالمامه صدوعا في الصدور، والواجب التفاؤل بالعود إذ العود أحمد، وألا يخطر الطيرة بباله إذ نهى عن التطيّر أحمد، بل يقال انقلب إلى أهله مسرورا، وتوطّن من النعم «2» الظاهرية جنّة وحريرا، ودعا عدوه لعوده ثبورا، وصلي من نار حسده سعيرا، أسعد الله مصادره وموارده، ووفر مكارمه ومحامده، وأيّد ساعده ومساعده. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2026 وأنشدني لنفسه أدام الله علوّه من قصيدة قالها في الملك الظاهر غازي بن يوسف بن أيوب صاحب حلب مطلعها: لا مدح إلا لمليك الزمان ... من المنى في بابه والأمان غياث دين الله في أرضه ... إن أخلف البرق وضنّ العنان في كفّه ملحمة للندى ... مثل التي تعهد «1» يوم الطعان فالعسر مصروع بساحاته ... واليسر سام في ظهور الرعان وراحتاه راحة للورى ... على كريم الخلق مخلوقتان فكفّه اليمنى لبسط الغنى ... وكفه اليسرى لقبض العنان ومنها «2» : تعرب في الهيجاء أسيافه ... عن حركات مثل لفظ اللسان كسر وفتح ببلاد العدى ... وبعده ضمّ لمال مهان ومنها في صفة ولديه: بكران بل بدران «3» ما يكسفان ... روحان للملك وريحانتان لؤلؤتا بحر وإن شئت قل ... ياقوتتا نحر وعقدا لبان فرعان في دوحة عزّ سمت ... غيثان بل بحران بل رحمتان سيملكان الأرض حتى يرى ... لي منهما حرّان والرّقتان ومنها: فاسلم على الدهر شديد القوى ... ذا مرّة ما شدّ كفّ بنان واستوطن الشهباء في عزة ... واخسس بغمدان وقعبي «4» لبان الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2027 وأنشدني أدام الله علوّه لنفسه من قصيدة: إذا أوجفت منك الخيول لغارة ... فلا مانع إلا الذي منع العهد نزلت بأنطاكيّة غير حافل ... بقلّة جند إذ جميع الورى جند فكم أهيف حازته هيف رماحكم ... وكم ناهد أودى بها فرس نهد لئن حلّ فيها ثعلب الغدر لاون ... فسحقا له قد جاءه الأسد الورد وكان قد اغترّ اللعين بلينكم ... وأعظم نار حيث لا لهب يبدو جنى النحل مغترا وفي النحل آية ... فطورا له سمّ وطورا له شهد تمدك أجناد الملوك تقربا ... وجند السخين العين جزر ولا مدّ تهنّ بها بكرا خطبت ملاكها ... فأعطت يد المخطوب وانتظم العقد فجيشك مهر والبنود حموله ... وأسهمكم نثر وسمر القنا نقد وله من التصانيف: كتاب الضاد والظاء، وهو ما اشتبه في اللفظ واختلف في الخط. وكتاب الدرّ الثمين في أخبار المتيمين. وكتاب من ألوت الأيام عليه فرفعته ثم التوت عليه فوضعته. وكتاب أخبار المصنفين وما صنفوه. وكتاب أخبار النحويين كبير «1» . وكتاب تاريخ مصر من ابتدائها إلى ملك صلاح الدين إياها في ست مجلدات. وكتاب تاريخ المغرب ومن تولاها من بني تومرت. وكتاب تاريخ اليمن منذ اختطت وإلى الآن. وكتاب المجلّى في استيعاب وجوه كلّا. وكتاب الاصلاح لما وقع من الخلل في كتاب «الصحاح» للجوهري. وكتاب الكلام على «الموطأ» لم يتم الى الآن. كتاب الكلام على الصحيح للبخاري «2» لم يتم «3» . وكتاب تاريخ محمود بن سبكتكين وبنيه إلى حين انفصال الأمر عنهم. وكتاب تاريخ أخبار السلجوقية منذ ابتداء أمرهم إلى نهايته «4» . وكتاب الإيناس في أخبار آل مرداس. وكتاب الرد على النصارى وذكر مجامعهم. وكتاب مشيخة زيد بن الحسن الكندي. وكتاب نهزة الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2028 الخاطر ونزهة الناظر «1» في أحاسن ما نقل من على ظهور الكتب «2» . وكان الأكرم القاضي المذكور جماعة للكتب حريصا عليها جدا لم أر في من لقيت «3» مع اشتمالي على الكتب وبيعي لها وتجارتي فيها أشدّ اهتماما منه بها ولا أكثر حرصا منه على اقتنائها، وحصل له منها ما لم يحصل لأحد، وكان مقيما بحلب، وذلك أنه نشأ بمصر وأخذ بها من كلّ علم بنصيب، ولي والده القاضي الأشرف النظر بالبيت المقدس من قبل الملك العزيز عثمان بن صلاح الدين بن أيوب وصحبه القاضي الأكرم وذلك في سنة إحدى وتسعين وخمسمائة وأقام بها مع والده مدة، فآنس ولاة البيت المقدس من القاضي الأكرم- أدام الله عزه- شرف نفس وعلوّ همة، فأحبوه واشتملوا عليه، وكانوا يسألونه أن يتسم بخدمة أحد منهم فلم يكن يفعل ذلك مستقلا وإنما كان يسام العمل ويعتمد على رأيه في تدبير الأحوال، وكان لا يدخل معهم إلا فيما لا يقوم غيره فيه مقامه، واتفق ما اتفق بين الملك العادل أبي بكر ابن أيوب وبين ابن أخيه الملك الأفضل علي بن صلاح الدين يوسف بن أيوب، والأكرم حينئذ بالبيت المقدّس، فاقتضت الحال لاتسامه بخدمة من في حيز الملك العزيز أن خرج من القدس فيمن خرج منها من العساكر في سنة ثمان وستمائة وصحب فارس الدين ميمونا القصريّ والي القدس ونابلس، فالتحقا بالملك الظاهر غازي بن يوسف بن أيوب بحلب في قصة يطول شرحها، فلما حصل بحلب كان مع ميمون القصري على سبيل الصداقة والمودة لا على سبيل الخدمة والكتابة، واتفق أنّ كاتب ميمون ووزيره مات، فألزمه ميمون خدمته والاتسام بكتابته، ففعل ذلك على مضض واستحياء، ودبّر أموره أحسن تدبير، وساس جنده أحسن سياسة وتدبير، وفرّغ بال ميمون من كلّ ما يشغل به بال الأمراء، وأقطع الأجناد إقطاعات رضوا بها وانصرفوا شاكرين له، لم يعرف منذ تولي أمره إلى أن مات ميمون جنديّ اشتكى أو تألم، وكان وجيها عند ميمون المذكور يحترمه ويعظم شأنه ويتبرك بآرائه إلى أن مات ميمون في ليلة صبيحتها ثالث عشر الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2029 رمضان سنة عشر وستمائة، فاقر الملك الظاهر غازي بن صلاح الدين جرايته «1» عليه وهو ملازم لبيته متشاغل بالعلم وتصنيف الكتب إلى أن احتاج ديوانه إليه فعوّل في إصلاحه عليه وهو مع ذلك متجنب غير راض. وحدثني أدام الله علاه قال، حدثني والدي قال: قدمت مع والدي إلى مصر أول قدمة ولم نستصحب دوابّ «2» لأننا انحدرنا في السفن، وقلت لأبي: نأخذ معنا دواب «3» ، فقال: يعسر أمرها علينا فدعنا نمضي بالراحة في المراكب، وإذا وصلنا ما نعدم ما نركب، فلما وصلنا إلى مصر خرجنا نمشي إلى أن جاء بي إلى سوق وردان وهناك تلك الحمير التي هي أحسن من البغال، فقال لي والدي: اركب أيها شئت لنمضي إلى القاهرة، فامتنعت وقلت: والله لا ركبت حمارا قط، فقال: لا بدّ من المضيّ إلى القاهرة فما تصنع؟ قلت لأبي «4» : نؤخّر المضيّ اليوم حتى نشتري مركوبا إما فرسا وإما بغلة أركبها أنا واصنع انت بنفسك ما تشاء، فعذلني فلم أرعو، فاجتاز بنا رجل له هيئة وشارة، فتقدم والدي إليه وقال له: يا أخي تعرف القاضي الأشرف أبا الحجاج يوسف بن القاضي الأمجد أبي إسحاق إبراهيم الشيباني القفطي؟ فقال: لا أعرفه، قال: امض في أمان الله، ثم مرّ به آخر فسأله مثل ذلك السؤال حتى سأل جماعة فلم يكن منهم من يعرفه، فالتفت إليّ وقال لي: ويلك إذا كنت في مدينة لا يعرفك بها أحد فما تصنع بهذا التمخرق والترتيب في المركوب؟! اركب ودع عنك الكبرياء والعظمة التي لا تجدي ها هنا شيئا، قال: فركبت حينئذ ومضينا إلى القاهرة؛ وكان لهذا السبب يتفقد الخيول المشهورة بالجودة وكثرة الثمن، حتى لقد حدثني أنه سمع ابن دحية الحافظ وقد سئل عن القاضي الأشرف القفطي فقال: أليس هو صاحب الخيول المسوّمة والعبيد الرّوقة، فما أولاه إذن بقول عامر بن الطفيل «5» : إني وإن كنت ابن سيد عامر ... وفارسها المشهور في كلّ موكب فما سوّدتني عامر عن وراثة ... أبى الله أن أسمو بأمّ ولا أب الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2030 ولكنني أحمي حماها وأتقي ... أذاها وأرمي من رماها بمنكب فصل: قال الأكرم من إنشائي من جملة كتاب أنشأته عن المقرّ الأشرف الملكي الظاهري عند رحيل عسكر الفرنج عن حصن الخوابي: ولما وردت الوراثة الباطنية، صدرت في نجدتهم العساكر الظاهرية، تحت الألوية الامامية الناصرية، وسار في المقدمة ألف فارس من أنجاد «1» الأنجاد وأمثال الأطواد، وهم الذين لا يثنون عن الطعن عنانا، ولا يسألون عن الانتداب إلى الكريهة عما قيل برهانا «2» ولما التقى الجمعان وتراءى الفريقان قمع حزب الإنجيل حزب القرآن، وخفض صوت الناقوس صوت الأذان، وفلّ جيش ابن يوسف جمع بني إسحاق، وعلا علم الأحمر على بني الأصفر أهل الشقاق، وحركت الأهوية ألسن الألوية بأصوات النّجح، فقالت بلسان الحال [حيّ] على خير العمل من القتال، فقد جاء نصر الله والفتح، وما أودت من المناجزة قوة جانب ولا شدة محاجزة وإنما منع جبل وعر ضاق مسلكه، وتعذّر مجاله على الفرسان ومعتركه، وامتنعت منه أسباب النزال، وردّ الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا وكفى الله المؤمنين القتال، ففكّت القلعة من خناقها، وأفلتت من يد القابض منها بساقها، واشتغل العدّو عنها بإعمال رأيه في الخلاص، وذلك لما تحققه من ترادف العساكر المنصورة ولات حين «3» مناص، ولما اجتمعوا للمشاورة تناقضت منهم الآراء عند المحاورة، وأوجب ذلك اختلافا من جميعهم قضى بافتراق جموعهم، وباتوا ليلة الاثنين ولهم ضوضاء، ثم أصبحوا وقد خلا منهم الفضاء، لم يلف منهم أحد، ولا وجد لمنزلهم إلا النؤي والوتد، وذلك لرأي أجمعوا عليه، لما تحققوا أن لا ملجأ من الهرب إلا إليه، وللوقت ندب مولانا السلطان- خلّد الله ملكه- جماعة من الصناع لإصلاح مختلّها، ورقع ما خرق من تلّها، وحمل إليها ما عدمته من الآلة عند القتال، وتقدم إلى رئيس الاسماعيلية بحمل ما يحتاج إليه من الذخائر والمال، وقد شرع والشروع ملزم بالاكمال. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2031 وحدثني الصاحب الوزير الأكرم- أدام الله تمكينه- قال: خرجت يوم الجمعة خامس عشر ذي القعدة سنة ثمان عشرة وستمائة إلى ظاهر مدينة حلب على سبيل التسيير، فرأيت على جانب قويق عدة مشايخ بيض اللحى وقد سكروا من شرب الخمر، وهم عراة يصفّقون ويرقصون على صورة منكرة بشعة، فاستعذت بالله من الشيطان الرجيم ورجعت مغموما بذلك، وبتّ تلك الليلة فلما أصبحت وركبت للطلوع إلى القلعة استقبلني رجل صعلوك فقال: انظر في حالي نظر الله إليك يوم ينظر إليه المتقون، فقلت له: ما خبرك؟ قال: أنا رجل صعلوك، وكان لي دويبة «1» أسترزق عليها للعائلة، فاتهمني الوالي بالحول «2» بسرقة ملح، فأخذ دابتي، ثم طالبني بجباية فقلت: خذ الدابة فقال: أخذتها وأريد جباية أخرى؛ فقلت له: أبشر بما يسرّك، وطلعت إلى صاحب الأمر يومئذ- وهو الأمير الكبير أتابك طغرل الظاهري- وقلت: روي عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: ثلاثة أشياء مباحة الناس مشتركون فيها، الكلأ والماء والملح، وقد جرى كيت وكيت، ولا يليق بمثلك وأنت عامة وقتك جالس على مصلّاك مستقبل القبلة والسبحة «3» في يدك أن تكون مثل هذه الأشياء في بلدك، فقال: اكتب الساعة إلى جميع النواحي برفع الجبايات ومحو اسمها أصلا، ومر الولاة أن يعملوا بكتاب الله وسنة رسوله، ومن وجب عليه حدّ من الحدود الشرعية يقام فيه على الفور ولا يلتمس منه شيء آخر، ومر الساعة بإراقة كلّ خمر في المدينة ورفع ضمانها، واكتب إلى جميع النواحي التي تحت حكمي بمثل ذلك، وأوعد من يخالف ذلك عقوبتنا في الدنيا عاجلا وعقوبة الخالق في الآخرة آجلا، فخرجت وجلست في الديوان وكتبت بيدي ولم أستعن بأحد من الكتاب في شيء من ذلك ثلاثة عشر كتابا إلى ولاة الأطراف، ثم أنشد: ولا تكتب بكفك غير شيء ... يسرّك في القيامة أن تراه وكان المحصول من ضمان ما أطلق ما مقداره مائتا ألف درهم في السنة، وإن أضيف إليه ما يستقبل في السنة الآتية من رخص الكروم وتعطّل ضماناتها وقلة دخلها الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2032 بهذا السبب ألف ألف درهم أو ما يقاربها. وكان والده القاضي الأشرف أبو المحاسن يوسف بن إبراهيم من أهل الفضل البارع والبلاغة المشهورة، وكان ينوب بحضرة السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب عن القاضي الفاضل في جماعة من الكتاب، وكان حسن الخطّ على طريقة ابن مقلة، فاتفق أن طال مقامه بالشام في صحبة السلطان وأراد الرجوع إلى مصر طلبا للراحة ونظرا في مصالحه، فطلب من السلطان إذنا فقال: يحتاج في ذلك إلى إذن صاحبك، فكتب العماد إلى القاضي يلتمس غيره ليؤذن له فقد طاعت غيبته عن أهله، فكتب القاضي في الجواب كتابا يقول فيه: وأما التماس العوض عن الأشرف القفطي فكيف لي بغيره، وهو ذو لسان صهصلق منطيق، وخاطر ينفق في سعة كل مضيق؟ وكتب إلى القاضي الفاضل رقعة وضمّنها البيت المشهور: نميل على جوانبه كأنا ... إذا ملنا نميل على أبينا فكتب القاضي الجواب وضمنه: فديتك من مائل كالغصون ... إذا ملن أدنين مني الثمارا وتزهّد والده وترك العمل وأقام باليمن إلى أن مات بها في رجب سنة أربع وعشرين وستمائة. وحدثني- أدام الله علوه- قال: حججت في موسم سنة ثمان وستمائة «1» ، وكان والدي في صحبتي، فصادفت بمكة جماعة من أهل بلدنا، وكنت بعيد العهد بلقاء أحد منهم، فرآني رجل فالتحق بي كما جرت العادة، ثم عاد إلى من في صحبته من بلدنا فأخبرهم بنا فجاءوا هم إلى منزلنا فقضوا حقّنا بالسلام والسؤال والحرمة، ثم انصرفوا إلى رحالهم فجاء كلّ واحد منهم بما حضره لم يحتفلوا له، وكان فيما جاؤونا به ظرف كبير مملوء عسلا وآخر سمنا على جمل وهو وقره، فألقاه في خيمتنا، فأمرت الغلمان أن يعملوا منه حيسا فيكثروا على عادة تلك البلاد، وأكلنا وأكثرنا زيادة على ما جرت به عادتنا، ثم طفنا بالبيت وعدنا إلى رحالنا ونمت، فرأيت في النوم كأني في الحرم أطوف وإذا رجل شديد الأدمة مشوّه الخلقة، فأخذ بيدي وأخرجني من الحرم الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2033 من باب إبراهيم فإذا به قد وقفني على الظرفين بعينهما لا أرتاب بهما فقال لي: أتعرف هذين؟ فقلت: نعم هذان ظرفان جاءنا بهما رجل على سبيل الهدية، أحدهما سمن والآخر عسل، فقال لي: ليس الأمر كذلك ثم حطّ يده على بطنهما وعصر، فخرج من فمهما نار أحسست بلفحها في وجهي، وجعلت أمسح فمي من شدة حرهما، وانزعجت من هول ما رأيت، وقمت من فراشي خائفا فما استطعت النوم إلى الغداة، واجتمعت بمهديهما وكان يعرف بابن أبي شجاع فقلت له: أخبرني عن هذين الظرفين ما خبرهما؟ فقال: اشتريتهما وجئت بهما، فقلت: يا هذا هل فيهما شبهة؟ فتحلّف أنهما من خالص ماله، فأخبرته بالحال فبكى حينئذ ومدّ يده فأخذ بيدي وعاهدني أن يخرج من عهدته وقال: والله ما أعرف أنّ في مالي شبهة إلا أنّ لي أختين «1» ما أنصفتهما في تركة أبيهما، وأنا أعاهد الله أنني أرجع من وجهي هذا وأعطيهما حتى أرضيهما؛ قال الصاحب- أدام الله علوّه: فعلمت أنها لي موعظة، فعاهدت الله أن لا آكل بعدها من طعام لا أعرف من أين وجهه، فكان لا يأكل لأحد طعاما ويقول: الناس لا يعرفون بواطن الأمور، ويظنونني أفعل «2» ذلك كبرا ومن أين لي بما يقوم بعذري عندهم؟! ثم كنت بعد ذلك في حضرته بمنزله المعمور وقد عاد من القلعة بحلب فقال لي: جرت اليوم طريفة، فقلت له: هات خبرها أدام الله إمتاعنا بك، فما زلت تأتي بالطرائف والطرف، فقال: حضرت اليوم في مجلس الملك الرحيم أتابك طغرل الظاهري وحضرت المائدة وفيها طعام الملوك: شواء وشرائح وسنبوسج وحلاوات وغيرها كما جرت العادة، فتأملته فنفرت نفسي منه ولم تقبله مع كوني قد قارب الظهر ولم أتغدّ، فلم أنبسط ولا مددت يدي إليه، فقال لي: مالك لا تأكل؟ وكان قد عرف عادتي فقلت له: إن نفسي لا تقبل هذا الطعام ولا تشتهيه، فقال لعلك شبعان، قلت: لا والله إلا أنني أجد في نفسي نفرة منه، فأشار إلى غلام فدخل داره وجاء بمائدة عليها عدة غضائر من الدجاج فلم تقبل نفسي إلا دجاجة واحدة معمولة بحبّ «3» الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2034 رمان، فمددت يدي إليها وتناولت منها قال: فرأيت أتابك وهو يتعجّب، فقلت له: ما الخبر؟ فقال: اعلم انه ليس في هذا الطعام شيء أعلم من أين وجهه، وهو من عمل منزلي غير هذه الدجاجة، والباقي فجاءنا من جهة ما نفسي بها طيبة، وتشاركت أنا وهو في تلك الدجاجة مع بغضي لحبّ الرمان، وكان أتابك لا يأكل إلا من مال الجوالي فقط. فجعلت أعجب من ذلك، فقال- أدام الله علوّه: اعلم أنني لا أحسب هذا كرامة لي، ولكني أعدّه نعمة من الله في حقي، فإن امتناعي لم يكن عن شيء كرهته ولا ريب اطلعت عليه، ولكن كان انقباضا ونفرة لا أعرف سببها ولا الابانة عن معناها. كان صفي الدين الأسود كاتب الملك الأشرف «1» عند نزول الملك الأشرف بحلب قد عرض كتابا له يعرف بالتذكرة لابن مسيلمة (وكان معروفا بالبغاء) أحد كتاب مصر يشتمل على قوانين الكتابة وآيين الدولة العلوية وأخبار ملوك مصر المتقدمين في اثني عشر مجلدا ودفع له فيه ما سمح ببيعه، وعرض على الصاحب الكبير العالم جمال الدين الأكرم- أدام الله علاه وكبت أعداءه- فأراد شراه، واتفق رحيل الملك الأشرف إلى نواحي «2» الجزيرة فأرسل إليه ثمنه وزيادة في مثله وافرة، فلما علم صفي الدين أن المشتري هو الوزير- أدام الله علوه- ضنّ بالكتاب واعتبط، واحتج وخلط، وزعم انه قدمه للخزانة الأشرفية، فكتب الصاحب الوزير إلى أبي علي القيلوي «3» - وكان وسيطه في شرى الكتاب المذكور- ما هذه نسخته. العزة لله وحده: أتاني كتاب من حبيبي فشاقني ... إليه وزاد القلب وجدا إلى وجد وكدت لما أضمرت من لاعج الهوى ... ووجدا على ما فات أقضي من الوجد وقفت على الكتاب الكريم الصادر عن المجلس السامي القضائي العزي لا زالت سيادته تتجدد، وسعادته تتأكد، وفواضله تتردد، وفضائله عن مجلسه تصدر وفي المجالس تورد، وعلمت إشارته في التذكرة المسيلمية والنية في حملها إلى الخزانة الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2035 الأشرفية، ولقد زفّت إلى أجلّ خاطب، ورقت بعد انحطاطها إلى أسنى المراتب، فانها وإن كانت بكر فكر أكابر، فما هي إلا بنت عدّة آباء ولدت على فراش عواهر، كان عليه البغاء في العالمين علامة، أعني ابن مسيلمة ذا الداء وأسأل الله السلامة، فجاءت ذات غرام لا يشفي قطمها إلا السودان، وأردت أن أكون ناكحها الثاني لا تفاق الألوان، وأبى الله لها أن تهدى إلّا إلى المقرّ الأرفع، وأن تضع الابتناء بالبغي من الهمام الأروع، ولست يائسا على عدمها، ولا راج شفاء كلمي بكلمها: تحمّل أهلها عنّي فبانوا ... على آثار من ذهب العفاء «1» وكأني بساميه عرض هذا الكتاب على من لا أسميه، فقرن حاجبيه ولوى شفتيه ولمس عثنونه تعجبا وأمال عطفيه تطرفا وقال: أذكرتني سجع الكهان، وأسمعتني قعقعة صعصعة بن صوحان، والله المستعان على ما يصفون، وإنما هي نفثة صدرت عن صدر مصدور فاز «2» نافثها بصفقة المغبون. وأما سؤاله عما حصل من الكتب في غيبته: فما هي إلا البحر جاد بدرّه ... ومكّنني من لجّه وسواحله حصل من نفائسها أعلاق نفيسة، وأضحت على بعد المراحم عليها موقوفة حبيسة، لو امتدّت يد إليها لشلّت، ولو سعت إليها قدم لما أقلّت جثّتها ولا استقلت، لا ابن العديم يعدمها، ولا القيلوي يقللها ولا الصفي يصطفيها ولا المجد يختزلها: خلا لك الجوّ فبيضي واصفري وتعداد المجدد منها يقصر عنه الكتاب، ويقصّر دونه الخطاب، والله الموفق. [856] أبو علي المنطقي: لم أظفر باسمه وهو مجيد؛ قال الخالع: هو من أهل البصرة   (856) - ترجمته في الوافي 22: 360- 364 (عن ياقوت) وسقطت الترجمة من ك. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2036 وتنقل عنها في البلاد، ومدح عضد الدولة وابن عباد، وانقطع مدة من الزمان إلى نصر بن هارون ثم إلى أبي القاسم العلاء بن الحسن الوزير. وكان جيد الطبقة في الشعر والأدب، عالما بالمنطق قوي الرتبة فيه، وجمع ديوانه وكان نحو ألفي بيت، ومولده سنة ست وثلاثين وثلاثمائة ومات بشيراز بعد سنة تسعين وثلاثمائة وكان ضعيف الحال محارفا «1» ضيق الرزق. وجدت على حاشية الأصل ما هذا صورته «2» : إنا لله وإنا إليه راجعون، ما يحتاج مستدلّ على أن الأرزاق ليست بالاستحقاق بأقوى من هذا الرجل، فانه لو وفّي حقه لكان أعظم قدرا من المتنبي، لأنه ليس بدونه في الشعر جودة وصحة معنى ومتانة لفظ وحلاوة استعارة وسلاسة كلام، وكان مع ذلك مزاحا طيب العشرة حادّ النادرة، وأصيب بعينه في آخر عمره، وله في ذلك أشعار كثيرة. وهذا القدر حكى الخالع من خبره ولم يعرف غير ذلك. ومن شعره «3» : يا ريم وجدي فيك ليس يريم ... بين الضلوع وان رحلت مقيم لا تحسبي قلبي كربعك خاليا ... فبه وإن عفت الرسوم رسوم تبلى المنازل والهوى متجدّد ... وتبيد خيمات ويبقى الخيم ومن شعره لما أصيب ببصره: ما للهموم إذا ما هيمها وردت ... عليّ لم تفض من ورد إلى صدر كأنما وافق الأعشاب رائدها ... لدى حماي فقد ألقى عصا السفر ان يجرح الدهر مني غير جارحة ... ففي البصائر ما يغني عن البصر وله في الخمر: وقهوة مثل رقراق السراب غدا ... جيب المزاج عليها غير «4» مزرور الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2037 تختال إن بثّ فيها الماء لؤلؤه ... ما بين عقدين منظوم ومنثور سللتها مثل سلّ الفجر صارمه ... وأحجم الليل في أثواب موتور كأنها إذ بدت والكأس تحجبها ... روح من النار في جسم من النور إذا تعاطيت محزونا أبارقها ... لم يعدني كلّ مفروح ومسرور أمسي غنيا وقد أصبحت مفتقرا ... كأنما الملك بين الناي «1» والزير وله في نصر بن هارون: تنال علاه ما السها عنه عاجز «2» ... ويسقي نداه من تجاوزه القطر ويصنع في الأعداء خوف انتقامه ... من القتل ما لا تصنع البيض والسمر لأعطيت حتى استنزر الغيث فعله ... وأمّنت حتى قيل لم يخلق الذعر وله فيه أيضا: به تخضرّ أغصان الأماني ... ويجبر عنده الأمل الكسير وتبسم نائبات الدهر عنه ... كما ابتسمت عن الشّنب الثغور لقد سهلت بك الأيام حتى ... لقال الناس لم تكن الوعور وكيف أخاف دهرا أنت بيني ... وبين صروفه أبدا سفير وله من قصيدة في ابن معروف: في البرق لي شاغل عن ملة البرق ... بدا وكان متى ما يبد لي يشق منفرا سرب نومي عن مراتعه ... كأنما اشتقّ معناه من الأرق أخو الثنايا التي بالقلب مذ ظعنت ... أضعاف ما بوشاحيها من القلق ما كان يسرق من حرز الجفون كرى ... لو أنه من لماها غير مسترق وله: نوار وهي نوار من مساعفتي ... وهند وهي ببيض الهند تعتصم الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2038 تربان إن تك من جدواهما تربت ... يد المحبّ فوجدان الهوى عدم غضّ المحيا إذا لاحظت وجنته ... كادت لحاظك في ديباجها تسم وله يعاتب: صافيت فضلك لا ما أنت باذله ... وعاشق الفضل يغرى كلما عذلا إني أعيذك من قولي لسائله ... لقد «1» حدوت ولكن لم أجد جملا وله في صمصام الدولة: لا عضّني الدهر الخؤون فانه ... ما زال قبل رقاك صلّا أرقما أنتم بحار جاريات بالندى ... لكنها في الروع جارية دما وله: ليث أبو شبلين لم يسلمهما ... كرم الجدود ولا سموّ جدود للمجد سرّ لم يضيّع فيهما ... والراح سرّ في جنى العنقود وله: أكفكم تعطي ويمنعنا الحيا ... وأقلامكم تمضي وتنبو الصوارم وإن أبا العباس إن يك للعلا ... جناحا فأنتم للجناح القوادم مضى وبقيتم أبحرا وأهلة ... وزهر الربى يبقى وتمضي الغمائم وله: قولي يقصّر عن فعالك ... تقصير جدّك عن كمالك والحمد ينبت كلّما ... هطلت سماء من نوالك وله: كأنّ دبيبها في كلّ عضو ... دبيب النوم في أجفان ساري صدعت بها رداء الهمّ عني ... كما صدع الدجى وضح النهار الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2039 وله من قصيدة في عضد الدولة يذكر الصدق: ما زلت تنصف في قضاياك العلا ... قل لي فما بال الضحى يتظلّم أهديت رونقه إلى جنح الدجى ... فاعتنّ أشهب وهو طرف أدهم حتى كأنّ الليل صبح مشرق ... وكأنّ ضوء الصبح ليل مظلم هي ليلة لبست رضاك فأشرقت ... من بعد ما كانت بسخطك تظلم ما كان في ظن امرىء من بعدها ... أن الملوك على الليالي تحكم وله: أنام جفون الحقد والحقد ساهر ... وأيقظ طرف المجد والمجد نائم إذا أشكلت يوما لغات انتقامه ... على معشر فالمرهفات تراجم ومن شاجر الأيام عن مأثراتها «1» ... فأمضى لسانيه القنا والصوارم وله من قصيدة: وقفنا بها والشوق يطوي قلوبنا ... لواعجه والصبر غير مطاوع سقيت رجوع الظاعنين فاننا ... نجلّك عن سقيا الغمام الهوامع فجعنا بأبكار المنى يوم خاطبت ... ربوعك أبكار الخطوب الفواجع ومنها: وخيل إذا كظّ «2» الطراد أراحها ... أصابت بحرّ الطعن برد الشرائع تكاد ترى بالسمع حتى كأنما ... نواظرها مخلوقة في المسامع إذا ما دجا ليل الكريهة أطلعت ... نجوم قنا يغربن بين الأضالع وله: على عجل ألمّ به الخيال ... فانّ كراه بعدكم محال فبات معانقا والجيد وهم ... ومرتشفا وأحلى الريق آل الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2040 لدى ليل كأن النجم فيه ... على خدّ الظلام الجون خال يضام الرمح ليس له مدار ... ويكبو الطرف ليس له مجال طبعت على الوفاء المحض قدما ... كما طبعت على القطع النصال ومنها: توسمت القوابل فيه مجدا ... فقالت أول البدر الهلال وأطرب ما يكون إلى العطايا ... إذا غنّى فأسمعه السؤال مصاحب همة خفّت عليها ... من الأيام أعباء ثقال كرمت فلو سألناك المساعي ... وهبت وغيرها تهب الرجال وأكرم من قراك فتى عليه ... بنو الدنيا وأمهم عيال وقال في الوزير ابن صالحان: على الطيف أن يغشى العميد المتيما ... وليس عليه ردّ نوم «1» تصرّما خيال سرى يبغي خيالا ومغرم ... بلبس قميص الليل يمّم مغرما دنا والظلام الجون غضّ شبابه ... فأهدى إليه الشيب لما تبسما أتلك اللآلى من «2» ثناياه ألّفت ... عليه عقودا أم تقلّد أنجما أما والحمى إن الكرى لسميّه ... على مقلتي مذ أخلقت جدّة الحمى لأشكل حتى ما يعود بنو الهوى ... معالمه الأنضاء إلا توهما وليل أكلنا العيس تحت رواقه ... بأيدي سرى تثني الرواسم أرسما بهيم نضونا برده وهو مخلق ... وكنا لبسناه قشيبا مسهّما هداها إلى مغنى الوزير نسيمه ... ومن شرف الأخلاق أن تتنسما يصوب على العافين مزن بنانه ... فيكبت حسادا وينبت أنعما الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2041 وله: غيّ الهوى للصبّ غاية رشده ... فذريه من حلّ الملام وعقده قرّبت مركب وعظه، ولجاجه ... في الحبّ ينتج قربه من بعده والليل تكحل مقلتاه باثمد ... والأفق يزهر دره في عقده فكأن زنجيا تبسّم ثغره ... إسفار ذاك اللون في مربدّه تعب الفتى جسر إلى راحاته ... يفضي، ونهضة جده في جدّه وإذا ابن عزم لم يقم متجردا ... للحادثات فصارم في غمده فالسيف سمّي في النوائب عدّة ... لمضائه فيهنّ لا لفرنده ومن المدح: نثني عليه وان تكرّم غيره ... فتراه مشكورا بما لم يسده علما بأنّ بني السماح تعلموا ... منه فكلّ صنيعة من عنده وفي عضد الدولة: أربع الصبا غالتك بعدي يد الصبا ... وصعّد طرف البين فيك وصوبّا لئن رمقت عين النوى حور عينه ... فبنّ لقد غادرن قلبا معذبا تأوّدن قضبانا ولحن أهلة ... وغازلن غزلانا ولا حظن ربربا ومنها: رددت شباب الملك نضرا ولم يزل ... بغيرك مغبرّ المفارق أشيبا فلو كانت الأيام قبلك رحّبت ... بشخص لقالت إذ تراءيت مرحبا وله قصيدة إلى أبي بكر العلاف يتشوقه: كأن البين ترب الموت لكن ... توارى في الضنا لا في الثياب ولولا أنّ فرط الشوق واش ... بحبك لاستزدتك ضعف ما بي جمعت غرائب الآداب حتى ... إذا قرنت إلى النعم الرغاب ظللت مناديا في كلّ أفق ... بصوت البذل حيّ على انتهاب الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2042 وله من قصيدة في العلاء بن الحسن الوزير: أعاطي كؤوس اللهو كلّ غريرة ... إذا ما انثنت قدّت فؤادك بالقدّ تلاحظ عن سحر وتحسر عن دجى ... وتسفر عن صبح وتبسم عن عقد إذا نثرت أيدي الصبا درّ لفظها ... نظمن على الأحشاء عقدا من الوجد كما نظمت كفا أبي القاسم العلا ... نظام لآلي السمط بالنثر للرفد إذا اتصلت أقلامه بظباته ... تقطّع ما بين الطوائل والحقد فلا يهنأ الأعداء أنّ مكانه ... خفيّ فقد تخفى الشرارة في الزند وله: نعم لو انّ الناس ورق حمائم ... لغدت لهم بدلا من الأطواق ومواهب تمضي ويبقى ذكرها ... سمة على وجه الزمان الباقي وله: أراعك صدق الطيف أم كذب الحلم ... وكم من خيال وشك إلمامه لمم سرى والدجى قد حال صبغ قميصه ... وفي ذيله نار من الصبح تضطرم كأن نهوض الفجر في أخرياته ... بديء بياض الشيب في أسود اللمم أمين على سرّ المعالي وسيفه ... على مهج الأعداء في الروع متهم وله من قصيدة في الدلجي: لأصبرنّ على ما سامني زمني ... صبر الكريم على الإقلال اكثار مدحت قوما فان حاض اللسان بهم ... فسوف يعقب ذاك الحيض إطهار إذا المعمّر ترب المجد ألثمني ... ركني يد ثمد ما تسديه تيار يد هي الغيث أو فيها مواطنه ... فكلّ ما صافحته فهو نوّار هناك أخطب والعليا منابرها ... منصوبة وجبين الدهر خرار وله: وأبناء حاجات أدارت عليهم ... يد السير كأس الأين والليل دامس الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2043 يميسون فوق الميس حتى كأنهم ... شروب تساقى والرحال المجالس أصاخوا وقد غنيتهم باسم ماجد ... لأقلامه تعنو الرماح المداعس ولما بلغناه تهلّل عارض ... سقى صوبه الدنيا ومثواه فارس وقال في الوزير ابن صالحان: هل البرق إلا زفرة تتضرّم ... وعبرة مشتاق تسحّ وتسجم تبسّم حتى كاد يبكي وربما ... تراءى فأبكى البارق المتبسم ولما ألم الطيف شكّك أينا ... لدقة شخصينا الخيال المسلّم مزجت كؤوس الريق منه بأدمعي ... فبتّ أسقّى قهوة مزجها دم فليت فؤادي ذاب في جفن مزنة ... بها رويت من دار ظمياء أرسم وخرق رحيب الباع لو نيط طوله ... بعروة عمر لم تكد تتصرم رميت فما أشويت ثغرة نحره ... وما كلّ ما ترمى به العيس أسهم بلغنا بها مغناه وهي أهلة ... فلاحت لنا أخلاقه وهي أنجم وله يمدح: يصيخ إليّ الليل حتى كأنما ... سرى إبلي في مسمعيه سرار وكم خامل أمطاه حارك رتبة ... حراك ويعلو الترب حين يثار ويا ليت ان تقرر عيون ركائبي ... ولا غرو غايات السيول قرار مددت إلى طعن الكماة عزائما ... طوال العوالي بينهن قصار فما كرمت كرمان حتى افتككتها ... ولا أصحرت حتى ارتجتك صحار إذا صدّ وجه البحر عنها تيقنت ... بأنك بدر في يديه بحار وله: جذل بما يعطيهم فكأنما ... أخذ المؤمل من نداه عطاء عفو تسيل به الشعاب كأنما ... فيه الذنوب وقد طفون غثاء الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2044 وله: ولما استرد الصبح عارية الدجى ... تولّى بطيئا والدموع عجال ولم أر لابن الشوق كالليل سلّما ... إلى حاجة في الصبح ليس تنال كريم تبقّت من سجاياه فضلة ... فأضحت على خديه وهي جمال وله: ودار وغى ثنتها مقربات ... براقعها شحوب أو سهوم نزلت بعسكر للطير فيه ... عساكر حول حومتها تحوم بحيث سرائر الأغماد تبلو ... وقلب النقع للساري كتوم تصالحت الحتوف على الأعادي ... وبيضك للطلى منها خصوم إذا أوردتها صدرت رواء ... وخلّت هام قوم وهي هيم وله: إن كتم الليل حدّث العبق ... عنها وبعض الحديث ينتشق ردّي على العين فهي طامعة ... كأس رقاد أراقها الأرق وله: عليّ إذا غنّيت أن تطرب العلا ... فليت فؤادي للسرور منادم ويجهل قولي فيك قوم ولم يكن ... ليفهم أيك ما تقول الحمائم وله: غداة صدقت فكذّبتني ... ولولا الشقاوة لم أصدق وقد كنّ ماطلننا حقبة ... فليت المطال علينا بقي وله: دمن مرضن من البلى فكأنما ... تأتي الرياح طلولها عوّادا من كلّ مدنفة الرسوم كأنها ... من قبل كانت للمحبّ فؤادا إن لم يطر شرر السّرى مني فلا ... قدحت يدي للمكرمات زنادا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2045 في كلّ ليل ثاكل لصباحه ... وكأنما كسي الظلام حدادا داج إذا زرّت عليّ جيوبه ... كنت الحسام وكانت الاغمادا أحسن بأخلاق الظلام وان خلا ... وجها تعوّض بالشحوب سوادا جمل ولكن ما يلذّ ركوبه ... إلا امرؤ يجد المنى أقتادا يلقاه نشوان الجفون وإنما ... باتت مدامة مقلتيه سوادا وله: منازل ذات الوقف إني لواقف ... عليك وماء القلب لا الدمع ذارف بليت ولم يبل الجديد من الهوى ... وحلت وما حال الغرام المحالف أنزفا جفوني والحيا عنك ممسك ... ويرفق وجدي والبلى بك عانف وقالوا انتشى من غير كأس ولو سقوا ... هوى لدروا أن السّلاف السوالف ضعائف كرات اللحاظ وإنما ... تبرّح بالجلد القويّ الضعائف وله: ليت النوى تركتنا في يد العذل ... فالسقم بؤس ولكن ليس كالأجل صار الصدود لها أمنية معها ... ومن لذائق طعم الموت بالعلل والقلب أول من شطّ الفراق به ... فأين مسرح هذا الخوف والوجل وله في عضد الدولة: لو أنّ بعض سماحها في مزنة ... يوما لأورق من نداها الجلمد يا راقد الأسياف إلّا عن وغى ... جفن الورى في حومتيه مسهّد ما بال خيلك ما تقات سوى السرى ... وظباك في غير الطّلى ما تغمد عادات بيض الهند عندك أن ترى ... حمرا كما مسّ اللجين العسجد وله: ولم أر مثل الدهر مسدي نعمة ... يجود بها عفوا ويأخذها غصبا إذا كنت عذر الدهر في سوء ما جنت ... يداه فذنب ان تعدّ له ذنبا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2046 وله: مضيء فرند القول ماضي شباته ... فلو لم يكن وشيا لقيل مهنّد يفارق فاه وهو في الحسن جوهر ... ويلقى عداه وهو في الوقع جلمد وله: خرق تصول يد الزمان فيتّقى ... ويجود أقوام سواه فيشكر معط على شكر الصنيع وكفره ... ما كلّ ما سقت الغمائم يثمر دامت لك النعمى ودمت لآمل ... آرابه عن روض غيرك تذعر وبقيت ما بقي القريض فانه ... علق على كرّ الخطوب معمّر وله: قرم بخدّ الحيا من جوده خجل ... كما بقلب الردى من بأسه وجل في رأيه من غراري سيفه عوض ... وفي عطاياه من صوب الحيا بدل وله: ظلّت تعضّ لتوديعي أناملها ... فخلتها نظمت درّا على عنم يا ربّ لائمة في الحبّ لو علمت ... أني ألذّ ملامي فيك لم تلم وله: إني إذا ما الخلّ خادعه ... عني الزمان فحال عن عهدي جانبته ولو انه عمري ... وقطعته ولو انه زندي وله: أتيتك طوع الشوق أمس فردّني ... على عقبي عذر له المجد لائم وقالوا ثنت أجفانه عنك غفوة ... ولا غرو قد تغفى الأسود الضراغم ولكن نسيم الراح نمّ وربما ... أتتك بما لا ريب فيه النمائم ولو لم يكن ظرف العلا عدت منشدا ... وانت إذا استيقظت أيضا لنائم الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2047 وله: يد موسى تذمّ صحبة فيه ... هو يمحو سطور ما توليه يبعث النائل الحليم فيقفو ... هـ بمنّ على العفاة سفيه ليت أن المشيب مهديه موسى ... وهو مسترجع لما يهديه كأخيه الزمان يأخذ ما يع ... طي وما ضلّ مقتد بأخيه وله: وما قلت إلا ما علمت ولم أكن ... كحامد ورد لم يذق طعم غبّه وذنب زماني أهله غير أنني ... أراك له عذرا محا شطر ذنبه [857] علي بن يوسف يعرف بابن البقال يكنى أبا الحسن: قال أبو عبد الله الخالع: هو من أهل بغداد وممن نادم المهلبي ونفق عليه، وكانت له محاضرة حسنة وبضاعة في الأدب صالحة، وطبقة في الشعر جيدة، يذهب مذهب النامي في التطبيق والتجنيس وطلب الصنعة، وكان بكثرة نوادره ومزاحه مستطابا متقبّلا، وكان حسن اليسار جميل الزيّ يلبس الدرّاعة، وخلّف لما مات ما يزيد على مائة ألف درهم، وكانت وفاته في أيام شرف الدولة بن عضد الدولة، ومنزله في سكة العجم من الزبيدية بالجانب الغربي من مدينة السلام، وخلّف ابنة وزوجة، فأحبت امرأته أحد بني المنجم وزوّجت ابنتها به فأنفقت المال عليه، وماتت الزوجة ولازمته أمها تخدمه كما تخدم المنقطعات. قال: وكان ابن البقال بخيلا جشعا، وكان يلقاني في أيام عضد الدولة فيقول: يا سيدي ما عندك من حديث الشعراء؟ فأقول: قد أمر لهم بمال ولك بجائزة سنية منها كذا وكذا ومنها كذا وكذا، وأكثر عليه فيقول: منى إن تكن حقا تكن أحسن المنى ... وإلا فقد عشنا بها زمنا رغدا   (857) - ترجمة ابن البقال في الوافي 22: 336 وذكره أبو حيان في أخلاق الوزيرين: 194، 410. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2048 ولقيني مرة والسلاميّ معي فسألني عن مثل ذلك فأجبته بمثل الجواب المقدم ذكره، فقال له السلامي، يكذب، والله ما أمر إلا بقطع أيديهم وأرجلهم فقال: «حوالينا الصدود ولا علينا» . وأنشد الخالع لابن البقال يعاتب بعض أصدقائه: وإني في استعطاف رأي محمد ... عليّ ومدّي نحو معروفه يدي لكالمبتغي من بعد تسعين حجة ... تقمّصها رجع الشباب المجدد سأشكو اعتداء منك لولاه ما درت ... صروف الليالي في الهوى كيف تعتدي فلله قلبي حين أدعو إلى الهوى ... وأعلم حقا أنه غير مهتدي وله «1» : ولما وقفنا للوداع ودوننا ... عيون ترامى بالظنون ضميرها أماطت عن الشمس المنيرة برقعا ... فغيّبنا عن أعين الناس نورها وله: يا مذنبا ويقول إني مذنب ... ما إن سمعت بظالم يتظلّم لك صورة ذلّ الجمال لحسنها ... تقضي بجور في النفوس وتحكم ومن العجائب أنّ طرفك مشعر ... سقما وأنت بسقمه لا تعلم وله: يا طرفها هب لطرفي لذة الوسن ... واستبق ما لا يقلّ الثوب من بدني حاشاك فيّ من الشكوى وان ذهبت ... عيني من الدمع أو قلبي من الحزن ولا أقول ولو أتلفتني أسفا ... يا ليت ما كان من حبيك لم يكن وله: لئن كان طرفي فاز منك بنظرة ... لقد عاد طرفي بالبلاء على قلبي جعلت الهوى ذنبي فان كنت مذنبا ... به فاليك العذر من ذلك الذنب الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2049 ولما رأيت البعد منك مقربي ... تباعدت كي أحظى على البعد بالقرب محمد لا تجمع إلى الهجر غدرة ... فحسبي الذي بي من فراقك يا حسبي وله يمدح المهلبي: أنوار أنت كما دعيت نوار ... لم تقض منك قضاءها الأوطار يا لحظة لحظ الحمام معيدها ... ما كان منك لناظر إنظار وإذا تساقطك الحديث تخاله ... كأسا عليك من العقار تدار إني ذكرتك والغرام مواصل ... نفسا عليك يهيجه التذكار متوقد منه الضمير كأنما ... نيرانه من وجنتيك تعار هو في الجفون إذا مرته زفرة ... ماء يمور وفي الجوانح نار ولربّ ليل من ذراك خماره ... للنجم فيه من الغمام خمار قد قلت حين طلعت فيه ببدره ... أرأيت كيف تشابه الأقمار يا صاحبيّ قفا بنجد عبرة ... حيث الدموع إذا ابتدرن بدار في منزل لبست بما لبس البلى ... منّي المشيب غدائر وعذار ولئن محتك يد الخطوب لما امّحى ... لهوى ديارك في الفؤاد ديار ولربما اهتزت ربوعك بالندى ... وتنفست بنسيمك الأسحار ومنها في المدح: وإذا بدا يوم الكريهة ضاحكا ... فهناك تسكب دمعها الأعمار حتى إذا بصروا بعقد لوائه ... عقدت مهابتها بها الأسرار في شرب هيجاء إذا اصطبحوا القنا ... فالطعن سكر والحمام قمار لهم من البيض الرقاق تحية ... في حوسها ومن الدماء عقار نهضت بعبء الملك منك عزائم ... للدهر بين عثارهن عثار لك هضبة في الملك قحطانية ... طرق الحوادث نحوها أوعار كجبال أندية الوقار إذا احتبوا ... وليوث ملحمة الوغى إن ثاروا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2050 عجبا لأبناء المهلب إنهم ... لم يعدلوا في المجد حتى جاروا لم يطوهم دهر مضى إلا لهم ... بالجود في آثاره آثار فعطاؤك الرزق المقسّم في الورى ... والدهر أنت وسيفك المقدار وله أيضا في المهلبي: لعينك إذ سار الخليط المغوّر ... على كلّ واد دمعة تتحدّر نعم إن رسما بات تطوي به النوى ... محاسن كانت بالأوانس تنشر أرى وانيا من عبرة كيف لا يني ... وعلّم طرفا راقدا كيف يسهر وقفنا ومن ألحاظنا وقلوبنا ... لنا رائدا شوق مسرّ ومظهر يحلي ربى آرامه ونحورنا ... جفون بسمطيها من الدمع جوهر فمن بين معقود يبين فرنده ... علينا ومحلول عليهنّ ينثر وسرب رمين النجم في أخرياته ... بسافرة من وجهها الشمس تسفر بدت ويمين الصبح يبدو لثامه ... فلم يدر ليل أي صبحيه أنور ومادت فقلنا الغصن جادت به النقا ... بما آد من مجرى الوشاح المؤزّر أعاطل أجياد الأماني من التي ... بها الوفر إمّا استهلك العرض أوفر لئن عدّ فخرا لبسك المجد من أب ... فلبس الفتى من نفسه المجد أفخر وما ينفع الملتاح يورد موردا ... إذا كان ظمآنا عن الورد يصدر آلا بادرا عون التواني بدلجة ... يذلّ لها خدّ من العيس أصعر أما تريان الليل يحدو ظلامه ... بوجه القبيصيّ الصباح المنور فتى يمتري سجلي نداه وبأسه ... لهاذم تدمي أو غمائم تمطر وكالدهر لا يدري الذي هو رائم ... بخطب إذا ما أمّه كيف يحذر ويوم رماه النقع منه بليلة ... كواكبها فيه الأسنّة تزهر طبعن من الأحقاد في كلّ مأزق ... فلا حائن إلّا لها منه مضمر دلفت كأن الموت كان مؤامرا ... سيوفك منه والنفوس تقطّر الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2051 بمجر له في كلّ فجّ طليعة ... وفي كلّ أرض منه ذيل يجرّر سحبت رداء الموت فيه بوقعة ... رداء الفتى فيه من الطعن أقمر وأضحكت منه الجوّ والنقع كاتم ... به الشمس عن شمس بها البيض تشهر بحيث شفوف الأتحميّ مفاضة ... إذا زعزع الخطيّ والتاج مغفر تفرق في تفريقها الهام والتقى ... على قدر فيها الحمام المقدر عزائم يرمين الخطوب كأنما ... يقارع منها عسكر الدهر عسكر وله في المهلبي أيضا: عندي لذا الدهر إعقابي إساءته ... بالصفح إن أعقب الإصرار بالندم أمست منازل من حيّت مصافحة ... أيدي النحول عليها أيدي القدم ولو ملكت لها السقيا وهامدها ... تكفكف المحل عنه أدمع الرحم لقلت للسحّ من أيدي الوزير إذا ... حللت ناحلة الأطلال لا ترم اليعربيّ الذي خلّى الطريق له ... من يأخذ [الناس] رعبا منه باللقم يزاحم الليل ليل من جحافله ... ويقذف الوهدات الجرد بالأكم أطار منهم قذاة في عيونهم ... لو أنها في جفون الدهر لم ينم أبقى له الخوف من أشغال يقظتهم ... ما بات يرسله ليلا إلى الحلم عافت سيوفك في الهيجا لحومهم ... فهن يأكلن منها إكلة البشم وله أيضا فيه: روعة بالفراق قبل الفراق ... شرقت بالدموع منها المآقي جدّ جدّ البكا فأهدين باقي ال ... دمع منها إلى كرى غير باق فاض تندى به الخدود ولو غا ... ض لأمست منه الحشا في احتراق وعذارى تريك من سربها العي ... ن رنوّ الأحداق للأحداق مخطفات لو شئن من هيف الخ ... صر تبدّلن خاتما من نطاق الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2052 حاليات تبدي المعاصم والسو ... ق وتخفي الأجياد في الأطواق لا تغرّنك غفلة الدهر فالعز ... مة إمضاؤها مع الإطراق قد أرانا ابتسامه الدهر لما ... أطلع الجود شمسه بالعراق بالمصفّى اللباب والأروع الب ... سّام بشرا والفاتق الرتاق ومعير معاندي الملك حدّا ... قاضيا في شقاقهم والنفاق حين حرّ الهوى بحران والبي ... ض لها من غمائم الهام ساق بعد ما زعزع الجزيرة بالخ ... طيّ يكرعن في الدماء الرقاق وأطارت بجوّ سنجار للمو ... ت ظباه نارا بلا إحراق في غمام من العجاج ووبل ... يسم الأرض من حميم العتاق حين والى بها شوازب يفضي ... ن إلى كلّ دارة من طراق كالحات كأنما نفث الصا ... ب العوالي منهنّ في الأشداق وكان ابن البقال يترفع عن الاختلاط بالشعراء ويتكبر عليهم، وكان الرؤساء يكرمونه ويقومون له إذا دخل إليهم، وكان ابن العميد يقدّمه على الناس كلهم ويعظمه، وأحضره المهلبي فأنشده بحضرة المتنبي قصيدة فيه؛ قال فحدثني الإمام الهاشمي قال قال لي المتنبي: ما رأيت ببغداد من يجوز أن يقطع عليه اسم شاعر إلا ابن البقال. قال ابن عبد الرحيم: وحدثني الأستاذ أبو الحسين ابن محفوظ، وقد جرى ذكر ابن البقال، فقال: كان أقل ما فيه الشعر، فغلب عليه وعرف به، وانه كان يضطلع بعلوم كثيرة من جملتها الكلام، وكان قويا فيه مقدّما في المعرفة به، وكان يقول بتكافؤ الأدلة، وهو بئس المذهب. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2053 [858] عمارة بن حمزة الكاتب، من ولد أبي لبابة، مولى عبد الله بن العباس رضي الله عنهما، مولى السفاح ثم مولى أبي جعفر المنصور: وكان تياها معجبا جوادا كريما معدودا في سراة الناس، وكان فصيحا بليغا، وكان أعور دميما، وكان المنصور والمهدي بعده يقدّمانه ويحتملان «1» أخلاقه لفضله وبلاغته وكفايته ووجوب حقه، وولي لهما أعمالا كبارا، ومات [ ... ] «2» . وله تصانيف منها: كتاب رسالة الخميس التي تقرأ لبني العباس. وكتاب رسائله المجموعة. وكتاب الرسالة الماهانية معدودة في كتب الفصاحة الجيدة. وكان يقال بلغاء الناس عشرة: عبد الله بن المقفع وعمارة بن حمزة وخالد بن يزيد وحجر بن محمد بن محمد بن حجر وأنس بن أبي شيخ وسالم بن عبد الله ومسعدة والهزبر بن صريح وعبد الجبار بن عدي «3» وأحمد بن يوسف بن صبيح. قال أبو عبد الله محمد بن عبدوس «4» : قلد أبو العباس السفاح عمارة بن حمزة بن ميمون من ولد أبي لبابة مولى عبد الله بن العباس ضياع مروان وآل مروان خلا ضياع لولد عمر بن عبد العزيز فانها لم تقبض وضياع من والاهم وساعدهم. وقال الخطيب «5» : عمارة من ولد عكرمة مولى ابن عباس، جمع له بين ولاية   (858) - ترجمة عمارة بن حمزة في الفهرست: 131 وتاريخ بغداد 12: 280 وسير الذهبي 8: 244 والنجوم الزاهرة 2: 164 وتاريخ الموصل: 209 وصفحات متفرقة من الجهشياري والبصائر والذخائر وتاريخ الطبري (انظر فهرسه) والوافي 22: 399. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2054 البصرة وفارس والأهواز واليمامة والبحرين والعرض، وهذه الأعمال جمعت للمعلى بن طريف صاحب نهر المعلى ولمحمد بن سليمان بن علي بن عبد الله بن عباس. وكان «1» عمارة سخيا سريا جليل القدر رفيع النفس كثير المحاسن، وله أخبار حسان، وكان أبو العباس يعرف عمارة بالكبر وعلوّ القدر وشدّة التنزّه، فجرى بينه وبين أمّ سلمة بنت يعقوب بن سلمة المخزومية زوجته كلام فاخرته فيه بأهلها، فقال لها أبو العباس: أنا أحضرك الساعة على غير أهبة مولى من مواليّ ليس في أهلك مثله، ثم أمر باحضار عمارة على الحال التي يكون عليها، فأتاه الرسول في الحضور فاجتهد في تغيير زيه فلم يدعه، فجاء به إلى أبي العباس وأم سلمة خلف الستر، وإذا عمارة في ثياب ممسكة قد لطّخ لحيته بالغالية حتى قامت واستتر شعره فقال: يا أمير المؤمنين ما كنت أحبّ أن تراني على مثل هذه الحال، فرمى إليه بمدهن كان بين يديه فيه غالية فقال: يا أمير المؤمنين أترى لها في لحيتي موضعا؟ فأخرجت إليه أمّ سلمة عقدا كان له قيمة جليلة وقالت للخادم: أعلمه أنني أهديته إليه، فأخذه بيده وشكر أبا العباس ووضعه بين يديه ونهض، فقالت أم سلمة لأبي العباس، إنما أنسيه، فقال أبو العباس للخادم: الحقه به وقل له هذا لك فلم خلّفته؟ فاتبعه الخادم، فلما وصل إليه قال له: ما هو لي فاردده، فلما أدّى الرسالة قال له: إن كنت صادقا فهو لك، وانصرف الخادم بالعقد وعرّف أبا العباس ما جرى وامتنع من ردّه على أم سلمة وقال: قد وهبه لي، فاشترته منه بعشرين ألف دينار. وكان عمارة يقول «2» : يخبز في داري ألفا رغيف في كلّ يوم يؤكل منها ألف وتسعمائة وتسعة وتسعون رغيفا حلالا وآكل منها رغيفا واحدا حراما وأستغفر الله. وكان يقول: ما أعجب قول الناس فلان ربّ الدار إنما هو كلب الدار. وكانت نخوة «3» عمارة وتيهه يتواصفان ويستسرفان، فأراد أبو جعفر أن يعبث به، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2055 وخرج يوما من عنده فأمر بعض خدمه أن يقطع حمائل سيفه لينظر أيأخذه أم لا، ففعل ذلك وسقط السيف ومضى عمارة ولم يلتفت. وحدث ميمون بن هارون «1» عمن يثق به أن عمارة بن حمزة كان من تيهه إذا أخطأ يمضي على خطائه ويتكبر عن الرجوع ويقول: نقض وإبرام في ساعة واحدة؟ الخطأ أهون من ذلك. وكان عمارة بن حمزة يوما يماشي المهدي في أيام المنصور ويده في يده، فقال له رجل: من هذا أيها الأمير؟ فقال أخي وابن عمي عمارة بن حمزة، فلما ولّى الرجل ذكر المهدي ذلك لعمارة كالمازح، فقال عمارة: إنما انتظرت أن تقول مولاي عمارة فأنفض والله يدي من يدك، فضحك المهدي. وحكي عن عمارة بن حمزة أنه قال: انصرفت يوما من دار أبي جعفر المنصور بعد أن بايع للمهدي بالعهد إلى منزلي، فلما صرت فيه صار إليّ المهدي فقال: قد بلغني أن أمير المؤمنين قد عزم على أن يبايع لأخي جعفر بالعهد بعدي، وأعطي الله عهدا لئن فعل لأقتلنه، قال: فمضيت من فوري إلى أمير المؤمنين فلما دخلت عليه قال: هيه يا عمارة ما جاء بك؟ قلت: أمر حدث أنا ذاكره لك، قال فانا أخبرك به قبل أن تخبرني، جاءك المهدي فقال لك كيت وكيت، قلت: والله يا أمير المؤمنين لكأنك كنت ثالثنا، قال قل له: نحن أشفق عليه من أن نعرضه لك يا أبا عبد الله. وقال محمد بن يزداد «2» : قلّد المنصور عمارة بن حمزة الخراج بكور دجلة والأهواز وكور فارس وتوفي المنصور سنة ثمان وخمسين ومائة وعمارة يتقلد جميع هذه الكور. وبلغ موسى «3» الهادي حال بنت لعمارة جميلة فراسلها فقالت لأبيها ذلك، فقال: ابعثي إليه في المصير إليك وأعلميه أنك تقدرين على إيصاله إليك في موضع الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2056 يخفى أثره، فأرسلت إليه بذلك، وحمل موسى نفسه على المصير إليها، فأدخلته حجرة قد فرشت وأعدّت له، فلما حصل فيها دخل عليه عمارة فقال له: السلام عليك أيها الأمير، ماذا تصنع ها هنا، أتخذناك وليّ عهد فينا أو فحلا لنسائنا؟ ثم أمر به فبطح في موضعه وضربه عشرين درّة خفيفة وردّه إلى منزله، فحقد الهادي ذلك عليه، فلما ولي الخلافة دسّ عليه رجلا يدّعي عليه أنه غصبه ضيعته المعروفة بالبيضاء بالكوفة وكان قيمتها ألف ألف درهم؛ فبينا الهادي ذات يوم قد جلس للمظالم وعمارة بن حمزة بحضرته إذ وثب الرجل فتظلّم منه «1» فقال له الهادي: قم فاجلس مع خصمك، وأراد إهانته، فقال: إن كانت الضيعة لي فهي له، وان كانت له فهي له، ولا أساوي هذا النذل في المجلس، ثم قام وانصرف مغضبا. وقلّد المهدي عمارة بن حمزة الخراج بالبصرة، فكتب إليه يسأله أن يضمّ إليه الأحداث مع الخراج، ففعل ذلك وقلده الأحداث مضافة إلى الخراج. وكان عمارة أعور دميما فقال فيه بعض أهل البصرة: أراك وما ترى إلا بعين ... وعينك لا ترى إلا قليلا وأنت إذا نظرت بملء عين ... فخذ من عينك الأخرى كفيلا كأني قد رأيتك بعد شهر ... ببطن الكفّ تلتمس السبيلا ومدحه سلمة بن عياش فقال: بلوت وجربت الرجال بخبرة ... وعلم ولا ينبيك عنهم كخابر فلم أر أحرى من عمارة فيهم ... بودّ ولا أوفى بجار مجاور وأكرم عند النائبات بداهة ... إذا نزلت بالناس إحدى الدوائر تمسّك بحبل من عمارة واعتصم ... بركن وفيّ عهده غير غادر كأنّ الذي ينتابه عن جناية ... يمتّ بقربى عنده وأواصر الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2057 فنعم معاذ المستجير ومنزل الكريم ومثوى كلّ عان وزائر ولعمارة شعر منه ما أنشده الجهشياري «1» : لا تشكون دهرا صححت به ... إن الغنى في صحة الجسم هبك الأمام أكنت منتفعا ... بغضارة الدنيا مع السقم وكرهه «2» أهل البصرة لتيهه وعجبه، فذكر الأرقط أنه رفع أهل البصرة على عمارة أنه اختان مالا كثيرا، فسأله المهدي عن ذلك فقال: والله يا أمير المؤمنين لو كانت هذه الأموال التي يذكرونها في جانب بيتي ما نظرت إليها، فقال: أشهد إنك لصادق، ولم يراجعه فيها. ودخل صالح بن [عبد] الجليل «3» الناسك على المهديّ فوعظه وأبكاه طويلا، وذكر له سيرة العمرين، فأجابه المهدي بفساد الزمان وتغيّر أهله وما حدث لهم من العادات، وذكر له جماعة من أصحابه وما لهم من الأموال والنعمة، وذكر فيهم عمارة ابن حمزة وقال: بلغني أن له ألف دواج بوبر سوى ما لا وبر فيه وسوى غيرها من الأصناف التي يتدثر بها. وكان الفضل بن يحيى بن خالد بن برمك شديد الكبر عظيم التيه والعجب فعوتب في ذلك فقال «4» هيهات هذا شيء حملت عليه نفسي لما رأيته من عمارة بن حمزة، فإن أبي كان يضمن فارس من المهديّ فحلّ عليه ألف ألف درهم، فأخرج ذلك كاتب الديوان فأمر المهدي أبا عون عبد الله بن يزيد بمطالبته وقال له: إن أدّى إليك المال قبل أن تغرب الشمس من يومنا هذا وإلا فائتني برأسه، وكان متغضبا عليه، وكانت حيلته لا تبلغ عشر المال، فقال لي: يا بنيّ إن كانت لنا حيلة فليس إلا من قبل عمارة بن حمزة وإلا فأنا هالك، فامض إليه، فمضيت إليه فلم يعرني الطرف، ثم الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2058 تقدم من ساعته بحمل المال فحمل إلينا، فلما مضى له شهران جمعنا المال فقال أبي: امض إلى الشريف الحرّ الكريم فأدّ إليه ماله، فلما عرّفته خبره غضب وقال: ويحك أكنت قسطارا لأبيك؟ فقلت: لا ولكنك أحييته ومننت عليه، وهذا المال قد استغنى عنه، فقال: هو لك، فعدت إلى أبي فقال: لا والله ما تطيب نفسي لك به، ولكن لك منه مائتا ألف درهم، فتشبهت به حتى صار خلقا لي لا أستطيع مفارقته. وحدث «1» أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني في كتاب له صنفه في السخاء، حدثنا القاضي الحسين بن إسماعيل، حدثنا عبد الله بن [أبي] سعد الوراق، حدثني هارون بن محمد بن إسماعيل القرشي قال، أخبرني عبد الله بن أبي أيوب المكي قال: بعث أبو أيوب المكي بعض ولده إلى عمارة بن حمزة فأدخله الحاجب، قال: ثم أدناني إلى ستر مسبل فقال: ادخل، فدخلت فإذا هو مضطجع محوّل وجهه إلى الحائط، فقال لي الحاجب: سلّم، فسلمت ولم يردّ عليّ السلام، فقال الحاجب: اذكر حاجتك، فقلت له: جعلني الله فداك أخوك أبو أيوب يقرئك السلام ويذكر دينا بهظه وستر وجهه ويقول: لو لاه لكنت مكان رسولي يسأل أمير المؤمنين قضاءه عني، فقال وكم دين أبيك؟ فقلت: ثلاثمائة ألف درهم فقال: وفي مثل هذا أكلّم أمير المؤمنين؟! يا غلام احملها معه، وما التفت إليّ ولا كلّمني غير هذا. قال الدارقطني حدثنا حسين بن إسماعيل، حدثنا عبد الله بن أبي سعد «2» ، حدثنا إبراهيم بن محمد بن إسماعيل بن جعفر بن سليمان «3» الهاشمي، حدثنا محمد بن سلام الجمحي، حدثني الفضل بن الربيع قال «4» : كان أبي يأمرني بملازمة عمارة بن حمزة، قال: فاعتلّ عمارة، وكان المهديّ سيء الرأي فيه، فقال له أبي يوما: يا أمير المؤمنين مولاك عمارة عليل وقد أفضى إلى بيع فرشه وكسوته. فقال: غفلنا عنه، وما كنت أظنّ أنه بلغ إلى هذه الحالة، احمل إليه خمسمائة ألف درهم يا ربيع وأعلمه أنّ له عندي بعدها ما يحبّ، قال: فحملها أبي من ساعته وقال لي: الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2059 اذهب بها إلى عمك وقل له: أخوك يقرئك السلام ويقول: أذكرت أمير المؤمنين أمرك فاعتذر من غفلته عنك وأمر لك بهذه الدراهم وقال لك عندي بعدها ما تحبّ، قال: فأتيته ووجهه إلى الحائط فسلمت فقال لي: من أنت؟ فقلت له: ابن أخيك الفضل بن الربيع، فقال: مرحبا بك، وأبلغته الرسالة فقال: قد كان طال لزومك لنا وقد كنا نحبّ أن نكافئك على ذلك ولم يمكّنا قبل هذا الوقت، انصرف بها فهي لك، قال: فهبته أن أردّ عليه، فتركت البغال على بابه وانصرفت إلى أبي فأعلمته الخبر، فقال لي: يا بنيّ خذها بارك الله لك فيها فليس عمارة ممن يراجع، فكان أولّ مال ملكته. قال ابن عبدوس «1» : وكان الماء زائدا في أيام الرشيد، فركب يحيى بن خالد والقواد ليعرّفهم المواضع المخوفة من الماء ليحفظوها، ففرّق القواد وأمر باحكام المسنّيات، وسار إلى الدور فوقف ينظر إلى قوة الماء وكثرته فقال قوم: ما رأينا مثل هذا الماء، فقال يحيى: قد رأيت مثله في سنة من السنين، كان أبو العباس خالد- يعني أباه- وجهني فيها إلى عمارة بن حمزة في أمر رجل كان يعنى به من أهل جرجان «2» ، وكانت له ضياع بالريّ، فورد عليه كتابه يعلمه أن ضياعه تحيّفت فخربت، وأن نعمته قد نقصت وحاله قد تغيرت، وأن صلاح أمره في تأخيره بخراجه سنة، وكان مبلغه مائتي ألف درهم، ليتقوى به على عمارة ضيعته ويؤديه في السنة المستقبلة، فلما قرأ أبي كتابه غمّه وبلغ منه، وكان بعقب ما ألزمه إياه أبو جعفر من المال الذي خرج عليه، فخرج به عن ملكه واستعان بجميع إخوانه فيه، فقال: يا بنيّ من هاهنا نفزع إليه في أمر هذا الرجل؟ فقلت: لا أدري، فقال: بلى عمارة بن حمزة، فصر إليه وعرّفه حال الرجل، فصرت إليه وقد مدّت دجلة، وكان ينزل في الجانب الغربي، فدخلت إليه وهو مضطجع على فراشه فأعلمته ذلك، فقال لي: قف غدا بباب الجسر، ولم يزد على ذلك، فنهضت ثقيل الرجلين، وعدت إلى أبي العباس والدي بالخبر، فقال لي: يا بني تلك سجيته، فإذا أصحبت فاغد لوعده، فغدوت إلى باب الجسر وقد جاءت دجلة في تلك الليلة بمدّ عظيم قطع الجسور، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2060 وانتظم الناس من الجانبين جميعا ينظرون إلى زيادة الماء، فبينا أنا واقف إذا بزورق قد أقبل والموج يخفيه مرة ويظهره أخرى، والناس يقولون: غرق غرق، نجا نجا، حتى دنا من الشطّ «1» ، فإذا عمارة بن حمزة في الزورق بلا شيء معه، وقد خلّف دوابّه وغلمانه في الموضع الذي ركب منه، فلما رأيته نبل في عيني وملأ صدري، فنزلت وعدوت إليه فقلت: جعلت فداك، في مثل هذا اليوم؟! وأخذت بيده فقال: أكنت أعدك وأخلف يا ابن أخي؟ اطلب لي برذون كراء «2» ، قال فقلت: برذوني، فقال هات، فقدمت إليه برذوني فركب وركبت برذون غلامي وتوجه يريد أبا عبيد الله، وهو إذ ذاك على الخراج، والمهدي ببغداد خليفة للمنصور، والمنصور في بعض أسفاره؛ قال: فلما طلع على حاجب أبي عبيد الله دخل بين يديه إلى نصف الدار ودخلت معه، فلما رآه أبو عبيد الله قام عن مجلسه وأجلسه فيه وجلس بين يديه، فأعلمه عمارة حال الرجل وسأله إسقاط خراجه وهو مائتا ألف درهم وإسلافه من بيت المال مائتي ألف يردّها في العام المقبل، فقال له أبو عبيد الله: هذا لا يمكنني، ولكني أؤخره بخراجه إلى العام المقبل، فقال له: لست أقبل غير ما سألتك، فقال أبو عبيد الله: فاقنع بدون ذلك حتى توجدني السبيل إلى قضاء حاجة الرجل، فأبى عمارة، وتلوّم أبو عبيد الله قليلا، فنهض عمارة فأخذ أبو عبيد الله بكمه وقال: أنا أحتمل ذلك في مالي، فعاد إلى مجلسه وكتب أبو عبيد الله إلى عامل الخراج باسقاط خراج الرجل لسنته والاحتساب به على أبي عبيد الله وإسلافه مائتي ألف درهم ترتجع منه في العام المقبل. فأخذت الكتاب وخرجنا فقلت له: لو أقمت عند أخيك ولم تعبر في هذا المدّ، قال: لست أجد بدا من العبور، فصرت معه إلى الموضع ووقفت حتى عبر: هذي المكارم لا قعبان من لبن ... شيبا بماء فعادا بعد أبوالا ودخل «3» عمارة يوما على المهدي فأعظمه، فلما قام قال له رجل من أهل المدينة من القرشيين: يا أمير المؤمنين من هذا الذي أعظمته هذا الاعظام كله؟! الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2061 فقال: هذا عمارة بن حمزة مولاي، فسمع عمارة كلامه فرجع إليه فقال: يا أمير المؤمنين جعلتني كبعض خبّازيك وفرّاشيك ألا قلت عمارة بن حمزة بن ميمون مولى عبد الله بن عباس ليعرف الناس مكاني؟! [859] عمر بن إبراهيم بن محمد بن محمد بن أحمد بن علي بن الحسين بن علي بن حمزة بن يحيى بن الحسين ذي الدمعة ابن زيد الإمام الشهيد بن علي زين العابدين بن الحسين السبط بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، يكنى أبا البركات، من أهل الكوفة: إمام من أئمة النحو واللغة والفقه والحديث، مات فيما ذكره السمعاني في شعبان سنة تسع وثلاثين وخمسمائة في أيام المقتفي، ودفن في المسبّلة التي للعلويين، وقدّر من صلى عليه بثلاثين ألفا، وكان مولده في سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة. أخذ النحو عن أبي القاسم زيد بن علي الفارسي عن أبي الحسين ابن عبد الوارث عن خاله أبي علي الفارسي، وأخذ عنه أبو السعادات ابن الشجري وأبو محمد ابن بنت الشيخ. قال السمعاني: وكان خشن العيش صابرا على الفقر قانعا باليسير، سمعته يقول: أنا زيديّ المذهب، لكنّي أفتي على مذهب السلطان، يعني أبا حنيفة. سمع ببغداد أبا بكر الخطيب وأبا الحسين ابن النقور، وبالكوفة أبا الفرج محمد بن علّان الخازن وغيره، ورحل إلى الشام وسمع من جماعة، وأقام بدمشق وحلب مدة، قال: وحضرت عنده وسمعت منه، وكان حسن الإصغاء سليم الحواس، ويكتب خطا مليحا سريعا على كبر سنّ، وكنت ألازمه طول مقامي بالكوفة في الكرّات   (859) - أبو البركات عمر بن إبراهيم العلوي له ترجمة في الأنساب 6: 366 (واللباب 2: 86) ونزهة الألباء: 295 ومصورة ابن عساكر 12: 694 والمنتظم 10: 114 وإنباه الرواة 2: 324 وعبر الذهبي 4: 108 وسير الذهبي 20: 145 والمغني في الضعفاء: 462 وميزان الاعتدال 3: 181 والبداية والنهاية 12: 219 والوافي 22: 412 ولسان الميزان 4: 280 والنجوم الزاهرة 5: 276 وبغية الوعاة 2: 215 وطبقات المفسرين للسيوطي: 26 وطبقات الداودي 2: 1 والشذرات 4: 122. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2062 الخمس، ما سمعت منه في طول ملازمتي له شيئا في الاعتقاد أنكرته عليه، غير أني كنت يوما قاعدا في باب داره، وأخرج لي شدّة من مسموعاته، وجعلت أفتقد فيها حديث الكوفيين، فوجدت فيها جزءا مترجما بتصحيح الأذان بحيّ على خير العمل، فأخذته لأطالعه فأخذه من يدي وقال: هذا لا يصلح لك، له طالب غيرك، ثم قال: ينبغي للعالم أن يكون عنده كل شيء فإنّ لكلّ نوع طالبا. وسمعت يوسف بن محمد بن مقلد يقول: كنت أقرأ على الشريف عمر جزءا فمرّ بي حديث فيه ذكر عائشة فقلت رضي الله عنها فقال لي الشريف: تدعو لعدوة علي أو تترضى على عدوة علي؟! فقلت: حاشا وكلّا ما كانت عدوة علي. وسمعت أبا الغنائم ابن النرسي يقول: كان الشريف عمر جاروديّ المذهب لا يرى الغسل من الجنابة. وسمعته يقول: دخل أبو عبد الله الصوري الكوفة فكتب بها عن أربعمائة شيخ، وقدم علينا هبة الله بن المبارك السقطي فأفدته عن سبعين شيخا من الكوفيين وما بالكوفة اليوم أحد يروي الحديث غيري ثم ينشد: إني دخلت اليمنا ... لم أر فيها حسنا ففي حر امّ بلدة ... أحسن من فيها أنا قال المؤلف: وحكي أن أعرابيين مرّا بالشريف عمر وهو يغرس فسيلا، فقال أحدهما للآخر: أيطمع هذا الشيخ مع كبره أن يأكل من جنى هذا الفسيل؟ فقال الشريف: يا بنيّ كم من كبش في المرعى وخروف في التنور، ففهم أحدهما ولم يفهم الآخر فقال الذي لم يفهم لصاحبه: أيش قال؟ قال إنه يقول: كم من ناب يسقى في جلد حوار، فعاش حتى أكل من ثمر ذلك الفسيل. وللشريف تصانيف: منها كتاب شرح اللمع. وكان إبراهيم بن محمد أبو الشيخ أبي البركات أيضا شاعرا أديبا ذا حظ من النحو واللغة وهو مذكور في بابه «1» . قال تاج الإسلام: سمعت عمر بن إبراهيم بن محمد الزيدي يقول: لما خرجنا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2063 من طرابلس الشام متوجهين إلى العراق خرج لوداعنا الشريف أبو البركات ابن عبيد الله العلوي الحسني، ودّع صديقا لنا يركب البحر إلى الإسكندرية، فرأيت خالك يتفكر فقلت له: أقبل على صديقك، فقال لي: قد عملت أبياتا اسمعها، فأنشدني في الحال: قربوا للنوى القوارب كيما ... يقتلوني ببينهم والفراق شرعوا في دمي بتشديد شرع ... تركوني من شدّها في وثاق قلعوا حين أقلعوا لفؤادي ... ثم لم يلبثوا كقدر الفواق ليتهم حين ودعوني وساروا ... رحموا عبرتي وطول اشتياقي هذه وقفة الفراق فهل أح ... يا ليوم يكون فيه التلاقي قال في «تاريخ الشام» : حكى أبو طالب ابن الهراس الدمشقي، وكان حج مع أبي البركات، أنه صرح له بالقول بالقدر وخلق القرآن، فاستعظم أبو طالب ذلك منه وقال: إن الأئمة على غير ذلك، فقال له: إن أهل الحق يعرفون بالحق ولا يعرف الحقّ بأهله، قال هذا معنى حكاية أبي طالب. [860] عمر بن بكير: كان صاحب الحسن بن سهل خصيصا به ومكينا عنده يسائله عن مشكلات الأدب، وكان راوية ناسبا اخباريا نحويا، وله عمل الفراء «كتاب معاني القرآن» وذكر ذلك في أخبار الفراء. قال محمد بن إسحاق: وله من الكتب كتاب الأيام يتضمن يوم الغول. يوم الظهر. يوم أرمام. يوم الكوفة. غزوة بني سعد بن زيد مناة. يوم مبايض. حدث ميمون بن هارون قال حدثني أبو الحسن محمد بن عمر بن بكير قال «1» :   (860) - ترجمته في الفهرست: 119- 120. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2064 كان أبي بين يدي المنتصر وهو أمير وأحمد بن الخصيب كاتب المنتصر [فدخل الحاجب فقال: أيها الأمير، هذا الحسن بن سهل بالباب، فالتفت إليه أحمد] «1» فقال: دعنا من الرسوم الداثرة والعظام البالية، فوثب عمر بن بكير فقال: أيها الأمير إن للحسن بن سهل عليّ نعما عظاما وله في عنقي منن جمة، فقال: ما هي يا عمر؟ قال: ملأ يا أيها الأمير منزلي ذهبا وفضة، وأدنى مجلسي حتى زال عن مجلسه، وخلع عليّ فألحقني برؤساء أهل العلم كأبي عبيدة والأصمعي ووهب بن جرير وغيرهم، وقد أقدرني الله بالأمير على مكافاته، وهذا من أوقاته، فإن رأى الأمير أن يسهل إذنه ويجعل ذلك على يدي وحبوة لي وذريعة إلى مكافاة الحسن، فعل. فقال يا أبا حفص بارك الله عليك فمثلك يستودع المعروف، وعندك يتم البر، ومثلك يرغب الأشراف في اتخاذ الصنائع، وقد جعلت إذن الحسن إليك فأدخله في أيّ وقت حضر من ليل أو نهار، ولا سبيل لأحد من الحجاب عليه. فقبل أبي البساط، ووثب إلى الباب فأدخل الحسن وأتكأه على يده، فلما سلم على المنتصر أمره بالجلوس فجلس وقال له: قد صيرت إذنك إلى أبي حفص، ورفعت يد الحاجب عنك، فاحضر إذا شئت من غدوّ أو رواح، وارفع حوائجك، وتكلّم بكل ما في صدرك؛ فقال الحسن: أيها الأمير والله ما أحضر طلبا للدنيا ولا رغبة فيها ولا حصرا عليها، ولكن عبد يشتاق إلى سادته، وبلقائهم يشتد ظهره وينبسط أمله وتتجدد نعم الله عنده، وما أحضر لغير ذلك، وأحمد بن الخصيب يتقد غيظا «2» ، فقال له المنتصر: فاحضر الآن أيّ وقت شئت، فأكبّ الحسن على البساط فقبله شكرا ونهض. قال أبي: ونهضت معه، فلما بعدنا عن عين المنتصر بلغني أن المنتصر قال: هكذا فليكن الشاكرون، وعلى أمثال هذا فلينعم المنعمون. وقال الحسن لعمر: يا أبا حفص، والله ما أدري بأيّ لسان أثني عليك، فقال: سبحان الله وأنا أولى بالشكر والثناء عليك والدعاء لك، خولتني الغنى، وألبستني النعمى في الزمان الصعب وفي الحال التي كان يجفوني فيها الحميم، فجزاك الله عنّي وعن ولدي أفضل الجزاء؛ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2065 فقال الحسن: والهفتا ألا يكون ذلك المعروف أضعاف ما كان، لا درّ درّ الفوت، وتعسا للندم وأحواله، ولله درّ الخريمي حيث يقول «1» : ودون الندى في كلّ قلب ثنية ... لها مصعد حزن ومنحدر سهل وودّ الفتى في كلّ نيل ينيله ... إذا ما انقضى لو أنّ نائله جزل ثم قال لي أبي: يا محمد اخرج معه أعزه الله حتى تؤديه إلى منزله؛ قال أبو الحسن: فخرجت معه فلم أزل أحادثه حتى جرى ذكر رزين العروضي الشاعر، وكان قد امتدحه بقصيدة فمات رزين قبل أن يوصلها إلى الحسن، فقلت: أيد الله الأمير كان شاعرا من أهل العلم والأدب مدح الأمير بقصيدة وهي في العسكر مثل، ومات قبل ان يسمعها الأمير، قال: فأسمعنيها فأنشدته إياها وأولها «2» : قرّبوا جمالهم للرحيل ... غدوة أحبتك الأقربوك خلّفوك ثم مضوا مدلجين ... منفردا بهمّك ما ودعوك وفيها: من مبلغ الأمير أخي المكرمات ... مدحة محبرة في ألوك تزدهي كواسطة في النظام ... فوق نحر جارية تستبيك يا ابن سادة زهر كالنجوم ... أفلح الذين هم أنجبوك إذ نعشت مدحهم بالفعال ... محييا سيادة ما أولوك ذو الرئاستين أخوك النجيب ... فيه كلّ مكرمة وفيك ذو الرئاستين وأنت اللذان ... يحييان سنّة غازي تبوك لم تزالا حيا للبلاد ... والعباد ما لكما من شريك الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2066 أنتما إن أقحط العالمون ... منتهى الغياث ومأوى الضريك يا ابن سهل الحسن المستغاث ... وفي الوغى إذا اضطرب الفكيك ما لمن ألحّ عليه الزمان ... مفزع لغيرك يا ابن الملوك لا ولا وراءك للراغبين ... مطلب سواك حاشا أخيك والقصيدة غريبة العروض. قال أبو الحسن: وأنا والله أنشده وعيناه تهمي على خده فتقطر على نحره ثم قال: والله ما أبكي الا لقصور الأيام عما أريده لقاصدي، ثم جعل يتلهف ويقول: ما الذي منعه من اللقاء؟ تعذّر الحجاب أم قعود الأسباب؟ فقلت: اعتلّ- جعلني الله فداءك- علة توفي فيها، فجعل يترحم عليه ثم قال: والله لا أكون أعجز من علقمة بن علاثة حيث مات قبل وصول النابغة «1» إليه بالقصيدة التي رحل بها إليه حيث يقول: فما كان بيني لو لقيتك سالما ... وبين الغنى إلا ليال قلائل الأبيات ... فبلغت الأبيات علقمة فأوصى له بمثل نصيب ابن له، ولكن هل لهذا الشاعر وارث؟ قلت: نعم بنية، قال: تعرف مكانها؟ قلت: نعم، قال: والله ما يتسع وقتي هذا لما أنويه، ولكن القليل والعذر يسعنا، ثم دعا غلاما وقال: هات ما بقي من نفقة شهرنا، فأتى بألفي درهم في صرة، فدفعها إليّ وقال: يا أبا الحسن خذ ألفا وأعط الصبية ألفا، فأخذت الألفين وانصرفت وعملت بما أمرني به. ومات الحسن بن سهل بسر من رأى في ذي الحجة سنة ست وثلاثين ومائتين في أيام المتوكل. قال المؤلف: ما نسب إلى علقمة في هذه الحكاية غلط لان الوارد عليه هو الحطيئة، وكان علقمة واليا على حوران، فلما قاربه مات علقمة، فقال الحطيئة الأبيات، لكن هكذا في هذه الحكاية ولا أدري كيف حالها. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2067 [861] عمر بن أحمد بن أبي جرادة يعرف بابن العديم العقيلي يكنى أبا القاسم ويلقب كمال الدين، من أعيان أهل حلب وأفاضلهم، وهو عمر بن أحمد بن هبة الله بن محمد بن هبة الله بن أحمد بن يحيى بن زهير بن هارون بن موسى بن عيسى بن عبد الله بن محمد بن أبي جرادة صاحب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه، واسم أبي جرادة عامر بن ربيعة بن خويلد بن عوف بن عامر بن   (861) - ترجمة ابن العديم في قلائد الجمان لابن الشعار 5: 203 والصقاعي: 95 وذيل مرآة الزمان 1: 510، 2: 177 وعبر الذهبي 5: 261، والبدر السافر: 37 وعيون التواريخ: 421 والفوات 3: 126 والوافي 22: 421 ومرآة الجنان 4: 158 والبداية والنهاية 13: 236 والجواهر المضية 1: 386 والنجوم الزاهرة 7: 208 والشذرات 5: 303. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2068 عقيل، أبي القبيلة، بن كعب بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. وبيت أبي جرادة بيت مشهور من أهل حلب: أدباء شعراء فقهاء عباد زهاد قضاة يتوارثون الفضل كابرا عن كابر وتاليا عن غابر، وأنا أذكر قبل شروعي في ذكره شيئا من مآثر هذا البيت وجماعة من مشاهيرهم، ثم أتبعه بذكره ناقلا ذلك كلّه من كتاب ألفه كمال الدين، أطال الله بقاءه، وسماه «الأخبار المستفادة في ذكر بني أبي جرادة» وقرأته عليه فأقرّ به. سألته أولا لم سميتم ببني العديم؟ فقال: سألت جماعة من أهلي عن ذلك فلم يعرفوه، وقال: هو اسم محدث لم يكن آبائي القدماء يعرفون بهذا ولا أحسب إلا أن جدّ جدي القاضي أبا الفضل هبة الله بن أحمد بن يحيى بن زهير بن أبي جرادة- مع ثروة واسعة ونعمة شاملة- كان يكثر في شعره من ذكر العدم وشكوى الزمان فسمي بذلك، فإن لم يكن هذا سببه فلا أدري ما سببه. حدثني كمال الدين أبو القاسم قال حدثني جمال الدين أبو غانم محمد بن هبة الله بن محمد بن أبي جرادة عمي قال: لما ختمت القرآن قبّل والدي رحمه الله بين عينيّ وبكى وقال: الحمد لله يا ولدي هذا الذي كنت أرجوه فيك، حدثني جدّك عن أبيه عن سلفه أنه ما منا أحد إلى زمن النبي صلّى الله عليه وسلّم إلّا من ختم القرآن. قال المؤلف: وهذا منقبة جليلة لا أعرف لأحد من خلق الله شرواها، وسألت عنها قوما من أهل حلب فصدقوها. وقال لي زين الدين محمد بن عبد القاهر بن النصيبي: دع الماضي واستدلّ بالحاضر فإنني أعدّ لك كلّ من هو موجود في وقتنا هذا وهم خلق ليس فيهم أحد إلا وقد ختم القرآن، وجعل يتذكرهم واحدا واحدا فلم يخرم بواحد. حدثني كمال الدين أطال الله بقاءه قال: وكان عقب بني أبي جرادة من ساكني البصرة في محلّة بني عقيل بها، فكان أول من انتقل منهم عنها موسى بن عيسى بن عبد الله بن محمد بن عامر أبي جرادة إلى حلب بعد المائتين للهجرة وكان وردها تاجرا. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2069 وحدثني قال حدثني عمي أبو غانم محمد بن هبة الله بن محمد بن أبي جرادة قال: سمعت والدي يذكر فيما يأثره عن سلفه أن جدنا قدم من البصرة في تجارة إلى الشام فاستوطن حلب. قال: وسمعت والدي يذكر أنه بلغه أنه وقع طاعون بالبصرة فخرج منها جماعة من بني عقيل وقدموا الشام فاستوطن جدنا حلب. قال: وكان لموسى من الولد محمد وهارون وعبد الله فأما محمد فله ولد اسمه عبد الله ولا أدري أعقب أم لا، وأما العقب الموجود الآن فلهارون وهو جدّنا، ولعبد الله وهم أعمامنا. فمن ولد عبد الله القاضي أبو طاهر عبد القاهر بن علي بن عبد الباقي بن محمد ابن عبد الله بن موسى بن أبي جرادة، وهو من سادات هذا البيت وأعيانهم، ومات في جمادى الأولى من سنة ثلاث وستين وأربعمائة، فقال القاضي أبو الفضل هبة الله بن أحمد بن أبي جرادة يرثيه، وكانت قد توفيت قبل وفاة والد القاضي أبي الفضل أخته بأيام قلائل فتوجع للماضين: صبرت لا عن رضى مني وإيثار ... وهل يردّ بكائي حتم أقدار أروم كفّ دموعي وهي في صبب ... وأبتغي برد قلبي وهو في نار ما لليالي تعرّي جانبي أبدا ... من أسرتي وأخلائي وأوزاري تلذّ طعم مصيباتي فأحسبها ... تظما فيروي صداها ماء أشفاري محاسن جدت للأرض الفضاء بها ... وطالما صنتها عن لحظ أبصار وواضح كسنا الاصباح أنقله ... من رأي عيني إلى سرّي واضماري إن الردى اقصدتني غير طائشة ... سهامها في فتى كالكوكب الواري رمته صائبة الأقدار من كثب ... وما رمت «1» عظم أقدار وأخطار وهي قصيدة غراء طويلة. ومنهم أبو المجد عبد الله بن محمد بن عبد الباقي بن محمد: شيخ فاضل أديب شاعر، له معرفة باللغة والعربية، سمع بحلب أستاذه أبا عبد الله الحسين بن عبد الواحد بن محمد بن عبد القادر القنسريني المقرىء مؤلف «كتاب التهذيب في اختلاف الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2070 القراء السبعة» وسمعه ولده الشيخ أبو الحسن علي بن عبد الله، وله أشعار حسان منها: توسوس عن علّتيّ الزمان ... ففي كلّ يوم له معضله فلو جعلوا أمره ليلة ... إليّ لأصبح في سلسله ومات الشيخ أبو المجد بحلب في حدود سنة ثمانين وأربعمائة. ومنهم ولده الشيخ أبو الحسن علي بن عبد الله بن محمد بن أبي جرادة: صدر زمانه وفرد أوانه، ذو فنون من العلوم، وخطه مليح جدا على غاية من الرطوبة والحلاوة والصحة، وله شعر يكاد يختلط بالقلب ويسلب اللب لطافة ورقة، تصدّر بحلب لافادة العلوم الدينية والأدبية متفردا بذلك كله، ورتب «غريب الحديث» لأبي عبيد على حروف المعجم، رأيته بخطه، وشرع في شرح أبياته شروعا لم يقصر فيه، ظفرت منه بكراريس من مسوداته لأنه لم يتم. سمع بحلب والده أبا المجد وأبا الفتح عبد الله بن إسماعيل الحلي وأبا الفتيان محمد بن سلطان بن حيوس الشاعر وغيرهم، ورحل عن حلب قاصدا للحج في ثالث شعبان سنة ست عشرة وخمسمائة، ووصل إلى بغداد وسمع بها أبا محمد عبد الله بن علي المقرىء وغيره، ولم يتيسر للناس في هذا العام حجّ فعاد من بغداد إلى حلب، ثم سافر إلى الموصل بعد ذلك في سنة إحدى وثلاثين وسمع بها، وأدركه تاج الإسلام أبو سعد عبد الكريم بن محمد السمعاني فسمع منه بحلب هو وجماعة وافرة، وذكره السمعاني في «المذيل لتاريخ بغداد» . قال المؤلف: وقد ذكرته في هذا الكتاب في موضعه «1» بما ذكره السمعاني به. حدثني كمال الدين قال سمعت والدي رحمه الله يقول: كتب الشيخ أبو الحسن ابن أبي جرادة بخطه ثلاث خزائن من الكتب لنفسه، وخزانة لابنه أبي البركات، وخزانة لابنه أبي عبد الله، ومن شعره (أنبأنا به تاج الدين زيد بن الحسن الكندي) من قصيدة يصف فيها طول الليل: فؤاد بالأحبّة مستطار ... وقلب لا يقرّ له قرار وما أنفكّ من هجر وصدّ ... وعتب لا يقوم له اعتذار الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2071 وعين دمعها جمّ غزير ... ولكن نومها نزر غرار كأن جفونها عند التلاقي ... تلاقيها الأسنة والشفار وهذا حالها وهم حلول ... فكيف بها إذا خلت الديار أبيت الليل مرتفقا كئيبا ... لهمّ في الضلوع له أوار كأن كواكب الفلك اعتراها ... فتور أو تخوّنها المدار منها: فيا لك ليلة طالت ودامت ... فليس لصبحها عنها انسفار أسائلها لأبلغ منتهاها ... لعلّ الهم يذهبه النهار ومات الشيخ أبو الحسن في سنة ثمان وأربعين وخمسمائة عن ثماني وثمانين سنة. ومنهم ولده أبو علي الحسن بن علي بن عبد الله بن محمد بن أبي جرادة: وكان فاضلا كاتبا شاعرا أديبا، يكتب النسخ طريقة أبي عبد الله ابن مقلة، والرقاع طريقة علي بن هلال، وخطه حلو جيد جدا خال من التكلف والتعسف، سمع أباه بحلب، وكتب عنه السمعاني عند قدومه حلب، وسار في حياة أبيه إلى الديار المصرية واتصل بالعادل أمير الجيوش وزير المصريين وأنس به، ثم نفق بعده على الصالح بن رزيك، وخدمه في ديوان الجيش، ولم يزل بمصر إلى ان مات بها في سنة إحدى وخمسين وخمسمائة، ومن شعره في صدر كتاب كتبه إلى أخيه عبد القاهر في سنة ست وأربعين وخمسمائة: سرى من أقاصي الشام يسألني عنّي ... خيال إذا ما زار يسلبني منّي تركت له قلبي وجسمي كليهما ... ولم يرض إلا أن يعرّس في جفني وإني ليدنيني اشتياقي إليكم ... ووجدي بكم لو أنّ وجد الفتى يدني وأبعث آمالي فترجع حسّرا ... وقوفا على ضنّ من الوصل أو ظن فليت الصبا تسري بمكنون سرنا ... فتخبرني عنكم وتخبركم عني وليت الليالي الخاليات عوائد ... علينا فنعتاض السرور من الحزن الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2072 ومن شعره: ما ضرهم يوم جدّ البين لو وقفوا ... وزودوا كلفا أودى به الكلف تخلفوا عن وداعي ثمّت ارتحلوا ... وأخلفوني وعودا ما لها خلف وأوصلوني بهجر بعد ما وصلوا ... حبلي وما أنصفوني لكن انتصفوا فليتهم عدلوا في الحكم إذ ملكوا ... وليتهم أسعفوا بالطيف من شعفوا ما للمحبّ وللعذال ويحهم ... خانوا ومانوا ولما عنّفوا عنفوا أستودع الله أحبابا ألفتهم ... لكن على تلفي يوم النوى ائتلفوا عمري لئن نزحت بالبين دارهم ... عنّي فما نزحوا دمعي وما نزفوا يا حبذا نظرة منهم على عجل ... تكاد تنكرني طورا وتعترف سقت عهودهم غرّاء واكفة ... تهمي ولو أنها من أدمعي تكف أحبابنا ذهلت ألبابنا ومحا ... عتابنا لكم الاشفاق والأسف بعدتم فكأنّ الشمس واجبة ... من بعدكم وكأنّ البدر منخسف يا ليت شعري هل يحظى برؤيتكم ... طرفي وهل يجمعن ما بيننا طرف ومضمر في حشاه من محاسنكم ... لفظا هو الدرّ لا ما يضمر الصدف كنا كغصنين حال الدهر بينهما ... أو لفظتين لمعنى ليس يختلف فأقصدتنا صروف الدهر نابلة ... حتى كأنّ فؤادينا لها هدف فهل تعود ليالي الوصل ثانية ... ويصبح الشمل منا وهو مؤتلف ونلتقي بعد يأس من أحبتنا ... كمثل ما يتلاقى اللام والألف وما كتبت على مقدار ما ضمنت ... مني الضلوع ولا ما يقتضي اللهف فان أتيت بمكنوني فمن عجب ... وإن عجزت فان العذر منصرف ومنهم أخوه أبو البركات عبد القاهر بن علي بن عبد الله بن أبي جرادة: كان ظريفا لطيفا أديبا شاعرا كاتبا له الخط الرائق والشعر الفائق والتهذيب الذي تبحّر في جودته ويلتحق بالنسبة إلى ابن البواب، والتأنق في الخط المحرر الذي يشهد بالتقدم في الفضل وان تأخر، سمع بحلب أباه أبا الحسن وغيره، وكتب عنه جماعة من الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2073 العلماء، وكان أمينا على خزائن الملك العادل نور الدين محمود زنكي وذا منزلة لطيفة منه. ومن شعره (وكتبه بليقة ذهب) : ما اخترت الا أشرف الرتب ... خطا أخلّد منه في الكتب والخطّ كالمرآة ننظرها ... فنرى محاسن صورة الأدب هو وحده حسب يطال به ... إن لم يكن إلاه من حسب ما زلت أنفق فيه من ذهب ... حتى جرى فكتبت بالذهب وقال أيضا وهو بدمشق في سنة تسع وأربعين وخمسمائة: أمتّ ببذلي خالصا من مودتي ... إلى من سواء عنده المنع والبذل وتحسب نفسي والأمانيّ ضلّة ... بأني من شغل الذي هو لي شغل ألا إن هذا الحبّ داء موافق ... وإنّ شفاء الداء ممتنع سهل عفا الله عمن إن جنى فاحتملته ... تجنّى فعاد الذنب لي وله الفضل ومن كلّما أجمعت عنه تسليا ... تبينت أن الرأي في غيره جهل سأعرض إلا عن هواه فانه ... جميل بمثلي حبّ من ما له مثل وألقي مقال الناصحين بمسمع ... ضربت عليه بالغواية من قبل فعندي وان أخفيت ذاك عن العدى ... عزيمة همّ لا تكلّ ولا تألو ولي في حواشي كلّ عذل تلفت ... إلى حبّ من في حبه قبح العذل وإني لأدنى ما أكون من الهوى ... إذا أرجف الواشون بي أنني أسلو هذا لعمري والله الغاية في الحسن والطلاوة والرونق والحلاوة. وقال أيضا: عاد قلبي إلى الهوى من قريب ... ما محبّ بمنته عن حبيب طال يا همتي تماديك في الرش ... د خذي من غواية بنصيب وإذا ما رأيت حسنا غريبا ... فاستعدّي له لوجد غريب يا غزالا مالت به نشوة العج ... ب فهزّت عطفيه هزّ القضيب الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2074 بين ألحاظك المراض وبيني ... نسب لو رعيت حقّ النسيب أنت أجريت أعين الدمع من عي ... ني وأوريت زند قلبي الكئيب لا تقل ليس لي بذلك علم ... فعلى مقلتيك سيما مريب ما تعدّيت في الذي أنت فيه ... إنّ حظي لديك حظّ أديب ومات في سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة. ومنهم ابن أخيه أبو الفتح عبد الله بن الحسن بن علي بن أبي جرادة: وكان يجيد الكتابة، وجمع مجاميع حسنة، وجمع شعر والده أبي عبد الله الحسن وشعر عمه أبي البركات عبد القاهر، وله شعر لا بأس به منه: من ذا مجيري من يدي شادن ... مهفهف القدّ مليح العذار قد كتب الشعر على وجهه ... أسطر مسك طرسها جلّنار فهؤلاء من بني عبد الله بن موسى بن عيسى. وأما أخوه هارون بن موسى فهو أول من اشترى بحلب ملكا في قرية تعرف بأورم الكبرى، وكان له ولدان زهير وأحمد، والعقب لزهير، وهو الذي اشترى أكثر أملاك بني أبي جرادة مثل أورم الكبرى ويحمول وأقذار ولؤلؤة والسين، وهي قرى، ووقف وقفا على شرى فرس يجاهد به في سبيل الله، وتوفي في حدود سنة أربعين وثلاثمائة. فمن ولد زهير هذا أبو الفضل عبد الصمد بن زهير بن هارون بن موسى ولادته في حدود العشرين والثلاثمائة، سمع بحلب أبا بكر محمد بن الحسين الشيعي وغيره، وروى عنه ابن أخيه القاضي أبو الحسن أحمد ومشرق العابد وجماعة ولعله مات في حدود سنة تسعين وثلاثمائة، وليس له عقب. ومنهم أبو جعفر يحيى بن زهير بن هارون بن موسى، وهو العديم إليه ينسبون، وقد ذكرنا أنهم لا يعرفون لم سموا ذلك. ومنهم ولده القاضي أبو الحسن أحمد بن يحيى بن زهير: وهو أول من ولي القضاء بمدينة حلب من هذا البيت، وقد سمع الحديث ورواه، وقرأ الفقه على القاضي أبي جعفر محمد بن أحمد السمعاني، وكان السمعاني إذ ذاك قاضي حلب. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2075 أنشدني كمال الدين أبو القاسم عمر بن أحمد بن أبي جرادة، أنشدني والدي لجدّ أبيه القاضي هبة الله أحمد بن يحيى يذكر أباه ويفتخر به: أنا ابن مستنبط القضايا ... وموضح المشكلات حلّا وابن المحاريب لم تعطّل ... من الكتاب العزيز يتلى وفارس المنبر استكانت ... عيدانه من حجاه ثقلا توفي بعد سنة تسع وعشرين وأربعمائة. ومنهم ابنه القاضي أبو الفضل هبة الله بن أحمد: كان كبير القدر جميل الأمر مبجلا عند آل مرداس، له شعر جزل فصيح ذو معان دقاق يترفع قدره عنه، وإنما يقول ببلاغته وبراعته، سمع الحديث من أبيه ولعله لقي أبا العلاء المعري وقرأ عليه شيئا، وولي القضاء بحلب وأعمالها في سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة وبقي على ذلك إلى أن مات، وكانت ولايته للقضاء في أوائل دولة شرف الدولة أبي المكارم مسلم بن قريش بعد وفاة حميه القاضي كسرى بن عبد الكريم بن كسرى، وكتب تقليده من بغداد عن المقتدي بالله. ومن شعره: لي بالغوير لبانات ظفرت بها ... قد سدّ من دونها لي أوضح الطرق وبالثنيّة بدر لاح في غصن ... أصمى فؤادي لها سهم من الملق سرّاقة لقلوب الناظرين لها ... وما يقام عليها واجب السّرق لا يفلت المرء من أشراك مقلتها ... وان تخلّص لم يفلت من العقق وأبرزت من خلال السجف ذا شعل ... لولا بقا الليل قلنا غرّة الفلق ولائم ودموع العين واكفة ... لا يستبين لها جفن من الغرق يقول أفنيته والشمل مجتمع ... ولم تصنه لتوديع ومفترق وله: ربع لهند باللوى مصروم ... أقوى فها آريّه مرثوم أخفاه إلحاح البلى فضللت في ... إنشاده لولا النسيم نموم الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2076 تضياف طرفي فيه دمع ساجم ... وقرى فؤادي في ذراه هموم هل عاذر في الربع رائي عيسهم ... تحدى لها وخد بهم ورسيم وهوى تبعّده الليالي والنوى ... إن قرّبته خواطر ورسوم يا صاحبيّ خذا المطايا وحدها ... بدمي فما سفكته إلا الكوم أمضين أحكام الهوى وأعنّه ... ومساعد المرء الظلوم ظلوم وله: وما عسى يطلب الرجال من رجل ... كاس من الفضل إن عرّي من المال كالبارد العذب يوم الورد من ظمأ ... والصارم العضب في روع وأوجال همومه في جسيمات الأمور فما ... يلفى مصاحب أطماح وآمال ألذّ من ثروة تأتي بإذلال ... عزّ القناعة مع صون وإقلال وما يضرّ امرءا أثرت مناقبه ... إن أكسبته الليالي رقة الحال وقال أيضا يمدح أبا الفضائل سابق بن محمود بن نصر بن صالح بن مرداس صاحب حلب ويشكره إذ لم يسمع فيه قول حساد وشوا به إليه: خلّها إن ظمئت تشكو الأواما ... لا تقلها الأين إن طال وداما واجعل السرج إذا ما سغبت ... كلأ والمورد العذب اللجاما أوتراها كالحنايا بالسرى ... وباسراع إلى المرمى سهاما قصرت ظهرا ورسغا وعسيبا ... مثل ما طالت عنانا وحزاما تنصب الأذنين حتى خيّلت ... بهما تبصر ما كان أماما وإذا ما بارت الريح اغتدت ... خلفها النكباء حسرى والنّعامى كم مقامي بين أحكام العدى ... أتبع القائد لا أعصي الزماما أكلة الطاعم لا يرهب إثما ... أو أسير المنّ إن كفّ احتشاما وإلام الحظّ لا ينصفني ... من زمان جار في قصدي إلاما تعتلي أرؤسه أذنابه ... فترى الأرجل تعلو فيه هاما الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2077 أتمنى راحة تنقذني ... منهم عزّت ولو كانت حماما منها: كم رموني عامدا في هوّة ... نارها تعلو اشتعالا واضطراما قاصدي حتفي فكانت بك لي ... نار إبراهيم بردا وسلاما وله في المعنى من قصيدة: هنّئت يا أرض العواصم دولة ... روّى ثراك بها أشمّ أروع قد عاد في الأيام ماء شبابها ... وتسالمت حرق الأسى والأضلع أشكو إليك عصابة نبذوا الحيا ... حسدا وشدّوا في أذاي وأوضعوا راموا ابتزازي مورثي عن أسرتي ... وتآزروا في قبضه وتجمعوا يتطلّبون لي الذنوب كأنني ... ممن عليه بالشنان يقعقع لم أخش قهرهم ونصرك مصلت ... دوني ولي من حسن رأيك مرجع وله: وما الذلّ إلا أن تبيت مؤمّلا ... وقد سهرت عيناك وسنان هاجعا أأخشى امرءا أو أشتكي منه جفوة ... إذا كنت بالميسور في الدهر قانعا إذا ما رآني طالبا منه حاجة ... ففي حرج ان لم يكن لي مانعا وكان المنجمون قد حكموا له أنه يموت في صدور الرجال، فاتفق أنه اعتقل بالقلعة مدة لتهمة اتهم بها بالممالأة لبعض الملوك ثم أطلق بعد مدة، فنزل راكبا وأصحابه حوله، فبينا هو سائر إذ وجد ألما فقال لأصحابه: أمسكوني أمسكوني، فأخذوه في صدورهم من على فرسه، فلما وصل إلى منزله بقي على صدورهم إلى أن مات بحلب في سنة ثمان وثمانين وأربعمائة. ومنهم ولده القاضي أبو غانم محمد بن القاضي أبي الفضل هبة الله بن القاضي أبي الحسن أحمد: وكان فقيها فاضلا زاهدا عفيفا سمع أباه وغيره، وولي قضاء حلب وأعمالها وخطابتها بعد موت أبيه في أيام تاج الدولة دبيس «1» في سنة ثمان وثمانين الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2078 وأربعمائة، ولم يزل قاضيا بها إلى أن عزله رضوان لما خطب للمصريين، وولى القضاء القاضي الزوزني العجمي في شوال من سنة تسعين وأربعمائة، ثم عاود الملك رضوان الخطبة لبني العباس فأعاد القاضي أبا غانم إلى ولايته، وجاءه التقليد من بغداد بالقضاء والحسبة عن القاضي علي بن الدامغاني بأمر المستظهر في صفر سنة ست وتسعين وأربعمائة، وكان مولد القاضي أبي غانم في رجب سنة ست وأربعين وأربعمائة، وهو الذي شرع في عمارة المسجد الذي بحلب يعرف ببني العديم، وأتمه ابنه القاضي أبو الفضل هبة الله، وكان يتولى الخطابة في المسجد الجامع والامامة بحلب، وكان حنفيّ المذهب، وكان يؤمّ بالناس ثلاثين سنة وهو متكتف تحت ثيابه ويسبل أكمامه فارغة خوفا من الولاة في أيامه لأنهم كانوا إسماعيليين يرون رأي المصريين، وكانوا يفطرون قبل العيد بيوم ويجتمع أكابر حلب في يوم عيدهم يهنئونهم، فصعد القاضي أبو غانم للهناء في من صعد، وقدم للناس سكرا ولوزا، وأخذ القاضي أبو غانم لوزة ووضعها في فيه فقال له صاحب حلب: أيها القاضي لم لا تأكل من السكر؟ فقال: لأنه يذوب، وتبسم، فضحك الوالي وأعفاه من ذلك. حدثني كمال الدين قال: حدثني عمي حدثني أبي قال: نزل جدّك القاضي أبو غانم في بعض الأيام يصلي بالجامع، وخلع نعليه قرب المنبر وكانا جديدين، فلما قضى صلاته قام للبسهما فوجد نعليه العتق مكانهما، فقال لغلامه: ألم أنزل إلى الجامع بالمداس الجديد فأين هو؟ فقال الغلام: بلى ولكن جاءنا الساعة رجل وطرق الباب وقال: القاضي يقول لكم أنفذوا إليه مداسه العتيق إلى الجامع فقد سرق مداسه الجديد، فضحك وقال: هذا والله لص شفيق جزاه الله خيرا وهو في حل منه. والقاضي أبو غانم هذا هو الذي نهض من حلب في سنة ثمان عشرة وخمسمائة وقد حصرها الفرنج ودبيس بعد قتل بلك «1» على منبج حتى أقدم البرسقي من الموصل فاستنقذها من الحصار، وهربوا لما سمعوا بقدومه، وكان أهل حلب لقوا شدة وأكلوا الميتة ولم يكن عندهم أمير وإنما تولوا حفظ البلد بأنفسهم وأبلوا بلاء حسنا حسنت به العاقبة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2079 ومنهم ابنه القاضي أبو الفضل هبة الله سمّي باسم جده وكني بكنيته، وكان فقيها مرضيا ورعا زاهدا، سمع الحديث ورواه وولي القضاء بحلب وأعمالها بعد موت أبيه القاضي أبي غانم، وكتب له عهده من أتابك زنكي بن آقسنقر في سنة أربع وثلاثين وخمسمائة ثم جاء له العهد من بغداد من قاضي القضاة الزينبي وأمر المقتفي، وكان مولده في ذي القعدة سنة تسع وتسعين وأربعمائة، فلما قتل أتابك زنكي وولي ابنه نور الدين وولي القضاء كمال الدين محمد بن عبد الله الشهرزوري قضاء الشام، ورزق البسطة والتحكم في الدولة وقاوم الوزراء بل الملوك، التمس من القاضي أبي الفضل هذا أن يكتب في كتب سجلاته ذكر النيابة عنه، فامتنع القاضي أبو الفضل، ولجّ ابن الشهرزوري، وساعده مجد الدين ابن الداية، وهو والي حلب، لشيء كان في نفسه على القاضي أبي الفضل لأمور كان يخالفه فيها في أقضية يوفّر فيها جانب الحقّ على أغراضه، وتردد المراسلات بين نور الدين وبينه في قبول النيابة وهو يأبى إلى أن قال ابن الداية: هذا تحكّم منه في الدولة وفيك إذ تأمره بشيء ولا يمتثله، فاعزله وولّ محيي الدين بن كمال الدين، فقال نور الدين: [ ... ] «1» يستناب له قاض حنفي، فعزل القاضي أبو الفضل وولي محيي الدين قضاء حلب، واستنيب له الكودري، وذلك في سنة سبع وخمسين وخمسمائة، وحج في تلك السنة. وكتب أبو الحسين أحمد بن منير الطرابلسي للقاضي أبي الفضل هبة الله يلتمس منه «كتاب الوساطة بين المتنبي وخصومه» للقاضي علي بن عبد العزيز الجرجاني، وكان قد وعده بها ودافعه: يا حائزا غاي كلّ فضل ... تضلّ في كنهه الإحاطه ومن ترقّى إلى محلّ ... أحكم فوق السها مناطه إلى متى أسعط التمني ... ولا ترى المنّ بالوساطه ومات القاضي أبو الفضل لعشر بقين من ذي الحجة سنة اثنتين وستين وخمسمائة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2080 ومنهم ابن أخته أبو المكارم محمد بن عبد الملك بن أحمد بن هبة الله بن أحمد بن يحيى بن زهير بن أبي جرادة: سمع بحلب ورحل إلى بغداد وسمع بها محمد بن ناصر السلامي وغيره، وحدثني كمال الدين أيده الله قال، قال لي شيخنا أبو اليمن زيد الكندي: كان أبو المكارم محمد بن عبد الملك بن أبي جرادة فسمع ببغداد الحديث معنا على، مشايخنا فسمعت بقراءته، وورد إلينا إلى دمشق بعد ذلك، وكنا نلقبه «القاضي بسعادتك» ، وذلك أن القلانسي دعاه في وليمة وكنت حاضرها فجعل لا يسأله عن شيء فيخبر عنه بما سر أو ساء إلا وقال في عقبه: بسعادتك، فإن قال له: ما فعل فلان؟ قال: مات بسعادتك، وإن قال له: ما خبر الدار الفلانية؟ يقول: خربت بسعادتك، فسميناه القاضي بسعادتك، وكان يقولها لاعتياده إياها لا لجهل كان فيه، وكان له أدب وفضل وفقه وشعر جيد، وقد روى الحديث. ولأبي المكارم شعر منه: لئن تناءيتم عنّي ولم تركم ... عيني فأنتم بقلبي بعد سكان لم أخل منكم ولم أسعد بقربكم ... فهل سمعتم بوصل فيه هجران وله أشعار كثيرة ومات بحلب في سنة خمس وستين وخمسمائة أو سنة ست وستين. ومنهم جمال الدين أبو غانم محمد بن القاضي أبي الفضل هبة الله بن القاضي أبي غانم محمد بن القاضي أبي الفضل هبة الله بن القاضي أبي الحسين يحيى: وهو عمّ كمال الدين، أحد الأولياء العباد وأرباب الرياضة والاجتهاد، عالم كثير الصوم والصلاة، وهو حي يرزق إلى وقتنا هذا، وكان قد تولى الخطابة بجامع حلب، وعرض عليه القضاء في أيام الملك الصالح إسماعيل بن محمود بن زنكي بعد القاضي ابن الشهرزوري فامتنع منه، فقلّد القضاء أخوه القاضي أبو الحسن والد كمال الدين أيده الله. وكتب جمال الدين هذا بخطه الكثير، وشغف بتصانيف أبي عبد الله محمد بن علي بن الحكيم الترمذي فجمع معظم تصانيفه عنده وكتب بعضها بخطه، وكتب من كتب الزهد والرقائق والمصاحف كثيرا، وكان خطه في صباه على طريقة ابن البواب القديمة، ووهب لأهله مصاحف كثيرة بخطه، وكان إذا اعتكف في شهر رمضان كتب مصحفا أو مصحفين وجمع براوات الأقلام فيكتب بها تعاويذ للحمى وعسر الولادة فتعرف بركتها. قال: وسألت عمي عن مولده فقال في سنة أربعين الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2081 وخمسمائة، وقد سمع أباه وعمه أبا المجد عبد الله وغيرهما، وروى الحديث، وتفقه على العلاء الغزنوي، واجتمع بجماعة من الأولياء، وكوشف بأشياء مشهورة، وهو الآن يحيا في محرم سنة عشرين وستمائة. ومنهم القاضي أبو الحسن أحمد بن القاضي أبي الفضل هبة الله بن القاضي أبي غانم محمد بن أبي الفضل هبة الله بن القاضي أبي الحسن أحمد بن أبي جرادة: كل هؤلاء ولوا قضاء حلب، وهذا هو والد كمال الدين صاحب أصل هذه الترجمة، كان يخطب بالقلعة بحلب على أيام نور الدين محمود بن زنكي، ثم ولي الخزانة في أيام ولده الملك الصالح إسماعيل إلى أن عرض القضاء على أخيه كما ذكرنا فامتنع منه، فقلده القاضي هذا بحلب وأعمالها في سنة خمس وسبعين وخمسمائة، ولم يزل واليا للقضاء في أيام الملك الصالح ومن بعده في دولة عز الدين ثم عماد الدين بن قطب الدين مودود بن زنكي وصدرا من دولة الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب إلى أن عزل عن منزلتي الخطابة والقضاء ونقل إلى مذهب الشافعي، وكان عزله عن القضاء في سنة ثمان وسبعين وخمسمائة، ووليه القاضي محيي الدين محمد بن علي بن الزكي قاضي دمشق الشافعي، وكان صرف أخوه الأصغر أبو المعالي عبد الصمد عن الخطابة قبله، فعلم أن الأمر يؤول إلى عزله عن القضاء لأن الدولة شافعية، فاستأذن في الحج والإعفاء عن القضاء فصرف عن ذلك بعد مراجعات. وسمع الحديث من أبيه وأبي المظفر سعيد بن سهل الفلكي وغيرهما، ومولده سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة ومات رحمه الله ليلة الجمعة السابع والعشرين من شعبان سنة ثلاث عشرة وستمائة. هذا ما كتبته من الكتاب الذي ذكرته آنفا على سبيل الاختصار والايجاز وهو قليل من كثير من فضائلهم، وأنا الآن أذكر من أنا بصدده، وهو كمال الدين أبو القاسم عمر بن القاضي أبي الحسن أحمد بن القاضي أبي الفضل هبة الله بن القاضي أبي غانم محمد بن القاضي أبي سعيد هبة الله بن القاضي أبي الحسن أحمد بن أبي جرادة، كلّ هؤلاء من آبائه ولي قضاء حلب وأعمالها وهم حنفيون، وهو الذي نحن بصدده، وإلى معرفة حاله ركبنا سنن المقال وجدده، فانه من شروط هذا الكتاب، لكتابته التي فاقت ابن هلال، وبلغت الغاية في الجودة والاتقان، ولتصانيفه في الأدب التي تذكر آنفا إن شاء الله تعالى. فأما أوصافه بالفضل فكثيرة، وسماته بحسن الأثر الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2082 أثيرة، وإذ كان هذا الكتاب لا يتسع لأوصافه جميعا، وكان الوقت يذهب بحلاوة ذكر محاسنه سريعا، رأيت من المشقة والاتعاب، التصدي لجميع فضائله والاستيعاب، فاعتمدت على القول مجملا لا مفصّلا، وضربة لا مبوبا فأقول: إن الله عز وجل عني بخلقته فأحسن خلقه وخلقه وعقله وذهنه وذكاءه، وجعل همته في العلوم ومعالي الأمور، فقرأ الأدب وأتقنه، ثم درس الفقه فأحسنه، ونظم القريض فجوده، وأنشأ النثر فزينه، وقرأ حديث الرسول وعرف علله ورجاله وتأويله وفروعه وأصوله، وهو مع ذلك قلق البنان، جواد بما تحوي اليدان، وهو كاسمه كمال في كلّ فضيلة، لم يعتن بشيء إلا وكان فيه بارزا، ولا تعاطى أمرا إلا وجاء فيه مبرّزا، مشهور ذلك عنه لا يخالف فيه صديق ولا يستطيع دفاعه عدو. وأما قراءته للحديث في سرعته وصحة إيراده وطيب صوته وفصاحته فهو الغاية التي أقرّ له بها كلّ من سمعها، فانه يقرأ الخطّ العقد كأنه يقرأ من حفظه، وأما خطه في التجويد والتحرير والضبط والتقييد فسواد مقلة لأبي عبد الله ابن مقلة، وبدر ذو كمال عند علي بن هلال: خلال الفضل في الأمجاد فوضى ... ولكنّ الكمال لها كمال وإذا كان التام من خصائص عالم الغيب، وكان الإنسان لا بد له من عيب، فعيبه لطالب العنت والشين، أنه يخاف عليه من إصابته العين، هذا مع العفاف والزمت، والوقار وحسن السمت، والجلال المشهور، عند الخاص والجمهور: قاد الجيوش لسبع عشرة حجة ... ولداته عن ذاك في أشغال سألته أدام الله علوه عن مولده فقال لي: ولدت في ذي الحجة سنة ثمان وثمانين وخمسمائة، قال: فلما بلغت سبعة أعوام حصلت إلى المكتب، فأقعدت بين يدي المعلم فأخذ يمثّل لي كما يمثّل للأطفال ويمد خطا ويرتب عليه ثلاث سينات، فأخذت القلم، وكنت قد رأيته وقد كتب «بسم» ومدّ مدته، ففعلت كما فعل، وجاء ما كتبته قريبا من خطه، فتعجب المعلم فقال لمن حوله: لئن عاش هذا الطفل لا يكون في العالم أكتب منه. وصحّت لعمري فراسة المعلم فيه فهو أكتب من كلّ من تقدمه بعد ابن البواب بلا شك. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2083 وقال: وختمت القرآن ولي تسع سنين، وقرأت بالعشر ولي عشر سنين، وحبب إليّ الخط وجعل والدي يحضّني عليه؛ فحدثني الشيخ يوسف بن علي بن زيد الزهري المغربي الأديب معلم ولده بحضرة كمال الدين قال: حدثني والد هذا (وأشار إليه) قال: ولد لي عدة بنات وكبرن، ولم يولد لي غير ولد واحد ذكر، وكان غاية في الحسن والجمال والفطنة والذكاء، وحفظ من القرآن قدرا صالحا وعمره خمس سنين، واتفق أن كنت يوما جالسا في غرفة لنا مشرفة على الطريق، فمرت بنا جنازة فاطّلع ذلك الطفل ببصره نحوها ثم رفع رأسه إليّ وقال: يا أبت إذا أنا متّ بما تغشّي تابوتي؟ فزجرته، وأدركني في الوقت استشعار شديد عليه، فلم يمض إلا أيام حتى مرض ودرج إلى رحمة الله ولحق بربه، فأصابني عليه ما لم يصب والدا على ولد، وامتنعت من الطعام والشراب، وجلست في بيت مظلم، وتصبرت فلم أعط عليه صبرا، فحملني شدة الوله على قصد قبره، وتوليت حفره بنفسي، وأردت استخراجه والتشفي برؤيته، فلمشيئة الله ولطفه بالطفل أو بي لئلا أرى به ما أكره صادفت حجرا ضخما وعالجته فامتنع عليّ قلعه، مع قوة وأيد كنت معروفا بهما، فلما رأيت امتناع الحجر عليّ علمت أنه شفقة من الله على الطفل أو عليّ، فزجرت نفسي، ورجعت ولهان بعد أن أعدت قبره إلى حاله التي كان عليها، فرأيت بعد ذلك في النوم ذلك الطفل وهو يقول: يا أباه عرّف والدتي أني أريد أجيء إليكم، فانتبهت مرعوبا وعرّفت والدته ذلك، فبكينا وترحمنا واسترجعنا. ثم إني رأيت في النوم كأنّ نورا خرج من ذكري حتى أشرف على جميع دورنا ومحلتنا وعلا علوّا كبيرا، فانتبهت وأوّلت ذلك فقيل لي: أبشر بمولود يعلو قدره ويعظم أمره، ويشيع بين الأنام ذكره بمقدار ما رأيت من ذلك النور، فابتهلت إلى الله عز وجل ودعوت وشكرته وقويت نفسي بعد الإياس لأني كنت قد جاوزت الأربعين، فلم تمض إلا هنيهة حتى اشتملت والدة هذا ولدي (وأشار إلى كمال الدين أيده الله) على حمل، وجاءت به في التاريخ المقدم ذكره، فلم يكن بقلبي بحلاوة ذلك الأول لأنه كان نحيفا جدا، فجعل كلما كبر نبل جسما وقدرا، ودعوت له عدة دعوات، وسألت الله له عدة سؤالات، ورأيت فيه والحمد لله أكثرها. ولقد قال له رجل يوما بحضرتي كما يقول الناس: أراكه الله قاضيا كما كان آباؤه، فقال: ما أريد له ذلك، ولكني اشتهيته أن يكون مدرّسا، فبلغه الله ذلك بعد الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2084 موته، وسمع الحديث على جماعة من أهل حلب والواردين إليها، وأكثر السماع على الشيخ الشريف افتخار الدين عبد المطلب الهاشمي ورحل به أبوه إلى البيت المقدس مرتين في سنة ثلاث وستمائة وفي سنة ثمان وستمائة، ولقي بها مشايخ وبدمشق أيضا، وقرأ على تاج الدين أبي اليمن في النوبتين كثيرا من مسموعاته. حدثني كمال الدين أدام الله معاليه قال، قال لي والدي: احفظ «اللمع» حتى أعطيك كذا وكذا، فحفظته وقرأته على شيخ حلب يومئذ وهو الضياء بن دهن الحصى ثم قال لي: احفظ «القدوري» حتى أهب لك كذا وكذا- لدراهم كثيرة أيضا، فحفظته في مدة يسيرة وأنا في خلال ذلك أجوّد، وكان والدي رحمه الله يحرّضني على ذلك ويتولّى صقل الكاغد لي بنفسه، فإني لأذكر مرة، وقد خرجنا إلى ضيعة لنا، فأمرني بالتجويد فقلت: ليس هاهنا كاغد جيد، فأخذ بنفسه كاغدا كان معنا رديا وتناول شربة اسفيذر، وكانت معنا، فجعل يصقل بها الكاغد بيده ويقول لي: اكتب، ولم يكن خطه بالجيد وإنما كان يعرف أصول الخط، فكان يقول لي: هذا جيد وهذا رديء، وكان عنده خط ابن البواب، فكان يريني أصوله إلى أن أتقنت منه ما أردت، ولم أكتب على أحد مشهور، إلا أن تاج الدين محمد بن أحمد بن البرفطي البغدادي، ورد إلينا إلى حلب، فكتبت عليه أياما قلائل لم يحصل منه فيها طائل، ثم إن الوالد رحمه الله خطب لي وزوّجني بقوم من أعيان أهل حلب، وساق إليهم ما جرت العادة بتقدمته في مثل ذلك، ثم جرى بيننا وبينهم ما كرهته وضيّق صدري منهم، فوهب لهم الوالد جميع ما كان ساقه إليهم وطلقتهم، ثم إنه وصلني بابنة الشيخ الأجلّ بهاء الدين أبي القاسم عبد المجيد بن الحسن بن عبد الله المعروف بابن العجمي، وهو شيخ أصحاب الشافعي، وأعظم أهل حلب منزلة وقدرا ومالا وحالا وجاها، وساق إليهم المهر وبالغ في الإحسان، وكان والدي رحمه الله بارا بي لم يكن يلتذّ بشيء من الدنيا التذاذه بالنظر في مصالحي، وكان يقول: اشتهي أرى لك ولدا ذكرا يمشي، فولد أحمد ولدي ورآه، وبقي إلى أن كبر ومرض مرضة الموت، فيوم مات مشى الطفل حتى وقع في صدره، ثم مات والدي رحمه الله في الوقت الذي تقدم ذكره، وكان الملك الظاهر غازي بن صلاح الدين صاحب حلب رحمه الله كثير الإكرام لي وما حضرت مجلسه قطّ فما أقبل على أحد إقباله عليّ مع صغر السن، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2085 واتفق أن مرضت في شهور سنة ثماني عشرة وستمائة مرضا أيس مني فيه، فكان يخطر ببالي وأنا مريض أن الله تعالى لا بدّ وأن يمنّ بالعافية لثقتي بصحة رؤيا الوالد، وكنت أقول: ما بلغت بعد مبلغا يكون تفسيرا لتلك الرؤيا إلا إن منّ الله بالعافية وله الحمد والمنة، فذهب عني ذلك الخيال، وليس يخطر منه في هذا الوقت ببالي شيء لأن نعم الله عليّ سابغة وأياديه في حقي شائعة. قلت: ولما مات والده «1» بقي بعده مدة، ومات مدرس مدرسة شادبخت، وهي من أجل مدارس حلب وأعيانها، ولي التدريس بها في ذي الحجة سنة ست عشرة وستمائة، وعمره يومئذ ثمان عشرون سنة، هذا وحلب أعمر ما كانت بالعلماء والمشايخ والفضلاء الرواسخ إلا أنه رؤي أهلا لذلك دون غيره، وتصدّر وألقى الدرس بجنان قوي ولسان لوذعي فأبهر العالم وأعجب الناس. وصنف مع هذا السنّ كتبا منها: كتاب الدراري في ذكر الذراري جمعه للملك الظاهر وقدّمه إليه يوم ولد ولده الملك العزيز الذي هو اليوم سلطان حلب. كتاب ضوء الصباح في الحثّ على السماح، صنفه للملك الأشرف، وكان قد سيّر من حرّان يطلبه، فانه لما وقف على خطه اشتهى أن يراه، فقدم عليه فأحسن إليه وأكرمه وخلع عليه وشرفه. كتاب الأخبار المستفادة في ذكر بني أبي جرادة، وأنا سألته جمعه فجمعه لي، وكتبه في نحو أسبوع، وهو عشرة كراريس. كتاب في الخط وعلومه ووصف آدابه وأقلامه وطروسه وما جاء فيه من الحديث والحكم وهو إلى وقتي هذا لم يتم. كتاب تاريخ حلب في أخبار ملوكها وابتداء عمارتها ومن كان بها من العلماء ومن دخلها من أهل الحديث والرواية والدراية والملوك والأمراء والكتاب. وشاع ذكره في البلاد، وعرف خطه بين الحاضر والباد، فتهاداه الملوك، وجعل مع اللآلىء في السلوك، وضربت به في حياته الأمثال، وجعل للناس في زمانه حذوا ومثالا، فمما رغب في خطه أنه اشترى وجهة واحدة بخطّ ابن البواب بأربعين درهما ونقلها إلى ورقة عتيقة ووهبها من حيدر الكتبي، فذهب بها وادّعى أنها بخط ابن البواب وباعها بستين درهما زيادة على الذي بخط ابن البواب بعشرين درهما، ونسخ لي هذه الرقعة بخطه فدفع فيها كتاب الوقت على انها بخطه دينارا مصريا ولم يطب الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2086 قلبي ببيعها، وكتب لي أيضا جزءا فيه ثلاث عشرة قائمة نقلها من خط ابن البواب فأعطيت فيها أربعين درهما ناصرية قيمتها أربعة دنانير ذهبا فلم أفعل، وانا أعرف أن ابن البواب لم يكن خطه في أيامه بهذا النفاق، ولا بلغ هذا المقدار من الثمن وقد ذكرت ما يدل على ذلك في ترجمة ابن البواب. فممن كتب إليه يسترفده شيئا من خطه سعد الدين منوجهر الموصلي، ولقد سمعته مرارا يزعم أنه أكتب من ابن البواب، ويدعي أنه لا يقوم له أحد في الكتابة ويقرّ لهذا كمال الدين بالكمال، فوجه إليه على لسان القاضي أبي علي القيلوي، وهو المشهور بصحبة السلطان الأشرف، يسأله سؤاله في شيء من خطّه ولو قائمة أو وجهة، وكان اعتماده على أن ينقل له الوجهة المقدم ذكرها. وممن كتب إليه يسترفده خطّه أمين الدين ياقوت المعروف بالعالم، وهو صهر أمين الدين ياقوت الكاتب الذي يضرب به المثل في جودة الخط وتخرّج به ألوف وتتلمذ له من لا يحصى- كتب إلى كمال الدين رقعة، وحموه حيّ يرزق، نسختها: الذي حضّ الخادم على عمل هذه الأبيات، وإن لم يكن من أرباب الصناعات، أن الصدر الكبير الفاضل عز الدين- حرس الله مجده- لما وصل إلى الموصل- خلّد الله ملك مالكها- نشر من فضائل المجلس العالي العالمي الفاضلي كمال الدين- كمل الله سعادته، كما كمل سيادته، وبلغه في الدارين مناه وإرادته- ما يعجز البليغ عن فهمه فضلا عن أن يورده، لكن فضائل المجلس كانت تملي على لسانه وتشغله، فطرب الخادم من استنشاق رياها، واشتاق إلى رؤية حاويها عند اجتلاء محياها، فسمح عند ذلك الخاطر مع تبلده، بأبيات تخبر المجلس بمحبة الخادم له وتعبده، وهي: حيا نداك كمال الدين أحيانا ... ونشر فضلك عن محياك حيّانا وحسن أخلاقك اللائي خصصت بها ... أهدت إلى البعد لي روحا وريحانا حويت يا عمر المحمود سيرته ... خلقا وخلقا وإفضالا وإحسانا إن كان نجل هلال في صناعته ... ونجل مقلة عينا الدهر قد كانا فأنت مولاي إنسان الزمان وقد ... غدوت في الخطّ للعينين إنسانا قد بثّ فضلك عزّ الدين مقتصدا ... ونثّ شكرك إسرارا وإعلانا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2087 فضاع نشرك في الحدباء واشتهرت ... آيات فضلك أرسالا ووحدانا أثني عليك وآمالي معلقة ... بحسن عفوك ترجو منك غفرانا وان تطفلت في صدق الوداد ولم ... يقض التلاقي لنا عفوا ولا حانا فما ألام على شيء أتيت به ... «فالاذن تعشق قبل العين أحيانا» يا أفضل الناس في علم وفي أدب ... وأرجح الخلق عند الله ميزانا قد شرّف الله أرضا أنت ساكنها ... وشرف الناس إذ سواك انسانا قد هجم الكلام على المجلس العالي بوجه وقاح، ولم يخش مع عفو المولى وصمة الافتضاح، فليلق عليها المولى ستر المعروف، فهو أليق بكرمه المألوف، والسلام. فكتب إليه كمال الدين بخطه الدّريّ ولفظه السحري، وأنشدنيها لنفسه: يا من أبحت حمى قلبي مودّته ... ومن جعلت له أحشاي أوطانا أرسلت نحوي أبياتا طربت بها ... والفضل للمبتدي بالفضل إحسانا فرحت أختال عجبا من محاسنها ... كشارب ظلّ بالصهباء نشوانا رقّت وراقت فجاءت وهي لابسة ... من البلاغة والترصيع ألوانا حكت بمنثورها والنظم إذ جمعا ... بأحرف حسنت روضا وبستانا جرّت على جرول أثواب زينتها ... إذ أصبحت وهي تكسو الحسن حسّانا أضحت تغبّر وجه العنبريّ فما ... بنو اللقيطة من ذهل بن شيبانا يمسي لها ابن هلال حين ينظرها ... يحكي أباه بما عاناه نقصانا كذاك أيضا لها عبد الحميد غدا ... عبدا يجرّ من التقصير أردانا أتت وعبدك مغمور بعلّته ... فغادرته صحيحا خير ما كانا وكيف لا تدفع الأسقام عن جسدي ... وهي الصّبا حملت روحا وريحانا فما على طيفها لو عاد يطرقنا ... فربما زار أحيانا وأحيانا فاسلم وأنت أمين الدين أحسن من ... وشّى الطروس بمنظوم ومن زانا ولا تخطّت إليك الحادثات ولا ... حلّت بربعك يا أعلى الورى شانا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2088 وأنشدني كمال الدين أدام الله علاءه لنفسه في الغزل فاعتمد فيه معنى غريبا: وأهيف معسول المراشف خلته ... وفي وجنتيه للمدامة عاصر يسيل إلى فيه اللذيذ مدامه ... رحيقا وقد مرّت عليه الأعاصر فيسكر منه عند ذاك قوامه ... فيهتزّ تيها والعيون فواتر كأنّ أمير النوم يهوى جفونه ... إذا همّ رفعا خالفته المحاجر خلوت به من بعد ما نام أهله ... وقد غارت الجوزاء والليل ساتر فوسّدته كفّي وبات معانقي ... إلى أن بدا ضوء من الصبح سافر فقام يجرّ البرد منه على تقى ... وقمت ولم تحلل لإثم مآزر كذلك أحلى الحبّ ما كان فرجه ... عفيفا ووصل لم تشنه الجرائر وأنشدني لنفسه بمنزله بحلب في ذي الحجة سنة تسع عشرة وستمائة وإملائه: وساحرة الأجفان معسولة اللمى ... مراشفها تهدي الشفاء من الظما حنت لي قوسي حاجبيها وفوّقت ... إلى كبدي من مقلة العين أسهما فوا عجبا من ريقها وهو طاهر ... حلال وقد أضحى عليّ محرّما فإن كان خمرا أين للخمر لونه ... ولذته مع أنني لم أذقهما لها منزل في ربع قلبي محلّه ... مصون به مذ أوطنته لها حمى جرى حبها مجرى حياتي فخالطت ... محبتها روحي ولحمي والدما تقول إلى كم ترتضي العيش أنكدا ... وتقنع أن تضحي صحيحا مسلّما فسر في بلاد الله واطّلب الغنى ... تفز منجدا إن شئت أو شئت متهما فقلت لها إن الذي خلق الورى ... تكفّل لي بالرزق منّا وأنعما وما ضرني أن كنت ربّ فضائل ... وعلم عزيز النفس حرا معظما إذا عدمت كفّاي مالا وثروة ... وقد صنت نفسي أن أذل وأحرما «ولم أبتذل في خدمة العلم مهجتي ... لأخدم من لاقيت لكن لأخدما» لا يظن الناظر في هذه الأبيات أن قائلها فقير وقير، فإن الأمر بعكس ذلك، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2089 لأنه- والله يحوطه- ربّ ضياع واسعة وأملاك جمة ونعمة كثيرة وعبيد كثيرة وإماء وخيل ودواب وملابس فاخرة وثياب، ومن ذلك أنه بعد موت أبيه اشترى دارا كانت لأجداده قديما بثلاثين ألف درهم، ولكن نفسه واسعة وهمته عالية والرغبات في الدنيا بالنسبة إلى الراغبين والشهوة لها على قدر الطالبين. وأنشدني لنفسه بمنزله في التاريخ: احذر من ابن العمّ فهو مصحّف ... ومن القريب فإنما هو أحرف القاف من قبر غدا لك حافرا ... والراء منه ردى لنفسك يخطف والياء ياس دائم من خيره ... والباء بغض منه لا يتكيف فاقبل نصيحتي التي أهديتها ... إني بأبناء العمومة أعرف وأنشدني أيضا لنفسه بمنزله سالكا طريق أهله في الافتخار: سألزم نفسي الصفح عن كلّ ما جنى ... عليّ وأعفو حسبة وتكرما وأجعل مالي دون عرضي وقاية ... ولو لم يغادر ذاك عندي درهما وأسلك آثار الألى اكتسبوا العلا ... وحازوا خلال الخير ممن تقدما أولئك قومي المنعمون ذوو النهى ... بنو عامر فاسأل بهم كي تعلّما إذا ما دعوا عند النوائب إن دجت ... أناروا بكشف الخطب ما كان أظلما وإن جلسوا في مجلس الحكم خلتهم ... بدور ظلام والخلائق أنجما وإن هم ترقّوا منبرا لخطابة ... فأفصح من يوما بوعظ تكلما وان أخذوا أقلامهم لكتابة ... فأحسن من وشّى الطروس ونمنما بأقوالهم قد أوضح الدين «1» واغتدى ... بأحكامهم علم الشريعة محكما دعاؤهم يجلو الشدائد إن عرت ... وينزل قطر الماء من أفق السما وقائلة يا ابن العديم إلى متى ... تجود بما تحوي ستصبح معدما فقلت لها عني إليك فإنني ... رأيت خيار الناس من كان منعما أبى اللؤم لي أصل كريم وأسرة ... عقيلية سنّوا الندى والتكرما وأنشدني لنفسه وقد رأى في عارضه شعرة بيضاء وعمره إحدى وثلاثون سنة: الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2090 أليس بياض الأفق في الليل مؤذنا ... بآخر عمر الليل إذ هو أسفرا كذاك سواد النبت يقرب يبسه ... إذا ما بدا وسط الرياض منوّرا ودخلت إلى كمال الدين المذكور يوما فقال لي: ألا ترى أنا في السنة الحادية والثلاثين من عمري وقد وجدت في لحيتي شعرات بيضا، فقلت أنا فيه: هنيئا كمال الدين فضلا حبيته ... ونعماء لم يخصص بها أحد قبل لداتك في شغل بداعية الصبا ... وأنت بتحصيل المعالي لك الشغل بلغت لعشر من سنينك رتبة ... من المجد لا يسطيعها الكامل الكهل ولما أتاك الحلم والفهم ناشئا ... أشابك طفلا كي يتمّ لك الفضل [862] عمر بن ثابت أبو القاسم الثمانيني النحوي الضرير: إمام فاضل وأديب كامل، أخذ عن أبي الفتح ابن جني، وكان خواص الناس في ذلك الوقت يقرءون على أبي القاسم عبد الواحد بن برهان الأسدي، وعمومهم يقرءون على الثمانيني. مات الثمانيني في سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة في خلافة القائم بأمر الله، وهو منسوب إلى سوق ثمانين، بليد صغير بأرض جزيرة ابن عمر بأرض الموصل من ناحية قردى، يقال إنها أول مدينة بنيت بعد الطوفان، وسميت بذلك لأنهم زعموا أن الذين نجوا من السفينة كانوا ثمانين آدميا. وله من التصانيف: كتاب شرح اللمع. كتاب المفيد «1» في النحو. كتاب شرح التصريف الملوكي. وجدت في بعض الكتب أن أول قرية بنيت بعد الطوفان ثمانين، وإنما سميت   (862) - ترجمة الثمانيني في نزهة الألباء: 256 والمنتظم 8: 146 ومعجم البلدان (ثمانين) وابن خلكان 3: 443 وعبر الذهبي 3: 200 والوافي 22: 443 ونكت الهميان: 220 ومرآة الجنان 3: 61 والبداية والنهاية 12: 62 والبلغة: 171 وبغية الوعاة 2: 217 والشذرات 3: 269 وإشارة التعيين: 238. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2091 بهذا الاسم لأنّ ثمانين نفرا خرجوا من السفينة وبنوها، ولما خرجوا من السفينة نزلوا قردى وبازبدى بأرض الموصل، وهي قرية الثمانين، ثم وقع فيهم الوباء فماتوا إلا نوح وسام بن نوح وحام ويافث ونساؤهم وطبقت الدنيا منهم، فذلك قوله عز وجل وَجَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْباقِينَ (الصافات: 77) . [863] عمر بن جعفر بن محمد الزعفراني أبو القاسم: يلقب دومى، أحد أعيان أهل الأدب المخصصين بمعرفة علم الشعر من القوافي والعروض وغير ذلك، ذكره محمد بن إسحاق النديم، وكان في عصره. وله كتاب العروض في خمس مجلدات ضخمة رأيتها بخطه في وقف جامع حلب. وله كتاب القوافي. كتاب اللغات (ذكرهما ابن النديم) . [864] عمر بن الحسين الخطاط غلام ابن حرنقا: كان كاتبا مليح الخط محظوظا منه، وكان يكتب على طريقة علي بن هلال البواب ويجيد في ذلك، وخطه مشهور عند كتاب الآفاق معروف، مات في ما ذكره صدقة بن الحسين الحيار في حادي عشر جمادى الآخرة سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة ودفن في داره بدرب الدواب، وكان له من آلة الكتابة ما لم يكن لأحد قبله، وذلك أنه حدثني محمد بن البرفطي الكاتب قال حدثني أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي أنه بيع له في تركته آلة الكتابة بتسعمائة دينار إمامية «1» ، من جملة ذلك دواة بازهر اشتراها بعض ولد زعيم الدين بن جعفر صاحب المخزن بسبعمائة «2» دينار، وبيع له بالباقي سكاكين وأقلام وبراكر وما شاكل ذلك.   (863) - ترجمة الزعفراني في الفهرست: 92 والوافي 22: 445 وبغية الوعاة 2: 217. (864) - ترجمة غلام ابن حرنقا في الوافي 22: 455. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2092 [865] عمر بن شبة بن عبيدة بن ريطة البصري أبو زيد مولى بني نمير، واسم شبة زيد، وإنما سمي شبة لأنّ أمه ترقصه وتقول: يا بأبي وشبّا ... وعاش حتى دبّا شيخا كبيرا خبّا مات لست بقين من جمادى الآخرة سنة اثنتين وستين ومائتين بسامرا، وبلغ من السن تسعين سنة. وكان أبو زيد راوية للأخبار عالما بالآثار أديبا فقيها صدوقا. قال المرزباني: وهو القائل للحسن بن مخلد: ضاعت لديك حقوق واستهنت بها ... والحرّ يألم من هذا ويمتعض إني سأشكر نعمى منك سالفة ... وإن تخوّنها من حادث عرض وله: أصبحت كلا على أناس ... قد كنت عن مثلهم عزوفا قال محمد بن إسحاق: وله من التصانيف كتاب الكوفة. كتاب البصرة. كتاب أمراء المدينة. كتاب أمراء مكة. كتاب السلطان. كتاب مقتل عثمان رضي الله عنه وأرضاه. كتاب الكتاب. كتاب الشعر والشعراء. كتاب الأغاني. كتاب التاريخ. كتاب أخبار المنصور. كتاب أخبار محمد وإبراهيم ابني عبد الله بن حسن بن حسن. كتاب أشعار الشّراة. كتاب النسب. كتاب أخبار بني نمير. كتاب ما يستعجم الناس فيه من القرآن. كتاب الاستعانة بالشعر وما جاء في اللغات. كتاب الاستعظام. كتاب النحو ومن كان يلحن من النحويين. كتاب طبقات الشعراء. وكان لأبي زيد ابن اسمه أبو طاهر أحمد، وكان شاعرا مجيدا، اعتبط قبل أن يبلغ مبلغ المشهورين، مات بعد أبيه بعشر سنين. ومن شعر عمر بن شبة:   (865) - ترجمة ابن شبة في: نور القبس: 231 والفهرست: 125 وتاريخ بغداد 11: 208 والمنتظم 5: 41 والمعجم المشتمل: 201 وابن خلكان 3: 440 وتهذيب الأسماء واللغات 2: 16 وتذكرة الحفاظ: 516 وعبر الذهبي 2: 25 وسير الذهبي 12: 369 وغاية النهاية 1: 592 والوافي 22: 488 وتهذيب التهذيب 7: 460 وبغية الوعاة 2: 218 والشذرات 2: 146. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2093 وقائلة لم يبق للناس سيد ... فقلت بلى عبد الرحيم بن جعفر ومن شعر ابنه أبي طاهر أحمد: نظرت فلم أر في العسكر ... كشؤمي وشؤم أبي جعفر غدا الناس للعيد في زينة ... من اليوم في منظر أزهر ونغدو عليهم بلا أهبة ... فرارا من المنزل المقفر فنقعد للشؤم في عزلة ... من الناس ننظر في دفتر [866] عمر بن عثمان بن الحسين بن شعيب الجنزي أبو حفص، من أهل ثغر جنزة: ذكره عبد الكريم السمعاني فقال: هو أحد أئمة الأدب، وله باع طويل في الشعر والنحو، ورد بغداد وأقام بها مدة، وصحب الأئمة واقتبس منهم، وأكثر ما قرأ الأدب على أبي المظفر الأبيوردي، ثم رجع إلى بلده وعاد ثانيا إلى بغداد وذاكر الفضلاء بها وبالبصرة وخوزستان، وبرع في العلم حتى صار علّامة زمانه، وأوحد عصره وأوانه، وكان غزير الفضل وافر العقل حسن السيرة كثير العبادة متوددا سخي النفس، صنف التصانيف وجمع الجموع، وشرع في إملاء تفسير لو تم لم يوجد مثله. سمع بهمذان عبد الرحمن الدوني، كتبت عنه بمرو، وأنشدني لنفسه: أحادي عيسي إن بلغت مقامي ... فبلّغ صحابي لا عدمت سلامي وخبرهم عما أعاني من الجوى ... ومن لوعتي في هجرهم وسقامي وقل لهم إني متى ما ذكرتكم ... غصصت لذكراكم بكلّ طعام وان دموعي كلّما لاح كوكب ... ترقرق في خدّي كصوب غمام وإن هبّ من أرض الحبيب نسيمة ... تقلقل أحشائي وهاج غرامي   (866) - له ترجمة في الأنساب واللباب (الجنزي) ومعجم البلدان (جنزة) وإنباه الرواة 2: 329 وبغية الوعاة 2: 220 والوافي (خ) وثغر جنزة من قرى أذربيجان. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2094 وان غرّدت وهنا حمامة أيكة ... أجبت «1» بنوحي لحن كلّ حمام وله: قالت وخطتك شيبة كالعين ... كم تذرف عيناك ذروف العين قد قلت لها أيا سواد العين ... يزداد من الثلوج ماء العين العين الأولى الطليعة. ومات الجنزي في رابع عشر ربيع الآخر سنة خمسين وخمسمائة بمرو وقد جاوز السبعين. وذكره أبو الحسن ابن أبي القاسم البيهقي في «كتاب الوشاح» فقال: هو إمام في النحو والأدب لا يشق فيهما غباره، ومع ذلك فقد تحلّى بالورع ونزاهة النفس، لكن الزمان عانده وما بسط في أسباب معاشه يده، جاس خلال الديار وقال: أدركت زمان الأشجّ، ورأيت مصلّاه في طنجة المغرب إلا أني لم أمكث حتى أراه. وأدّب بنيسابور أولاد الوزير فخر الملك، ثم ارتحل من نيسابور في شهور سنة خمس وأربعين وخمسمائة، ثم لم يعد إليها، وقضى نحبه بعد انتقاله من نيسابور بأيام قلائل، وأنشد له قصيدة واحدة في مدح الإمام محمد بن حمويه منها: ألم تذكرا ربعا بعسفان عامرا ... وبيضا يودّعن الأحبة خرّدا يشعّثن بالعنّاب ضغث بنفسج ... ويضربن بالأسروع خدّا موردا كأن النوى لم تلق غير جوانحي ... ومقلتي العبرى مرادا وموردا وتذري على الورد الجمان بنرجس ... حمته بنان تترك الصبّ مقصدا وشابهتها إذ أعرضت في ثلاثة ... تزيد لها حسنا وتورثنا الردى حكى خدّها دمعي وقلبي قلبها ... وحاجبها قدّي لما قد تأودا وإن بخلت عيني وضنّت بمائها ... إذا جاد قلبي بالدماء وأنجدا وأبدع منه أنّ حرّ أضالعي ... ولوعاتها تغلي الشراب «2» المبردا وتصعد من صدري رياح بوارد ... إذا أنا أذكرت اللوى متنهدا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2095 قرأت بخط أبي سعد: أنشدنا أبو حفص عمر بن عثمان الجنزي لنفسه يعزي الكمال المستوفي بزوجته: إذا جلّ قدر المرء جل مصاب ... وكلّ جليل بالجليل يصاب يروح الفتى في غفلة عن مآله ... ويشغله عنه هوى وشباب ولم يتفكر أنّ من عاش ميت ... وأن الذي فوق التراب تراب وان ثراء يقتنيه مشتّت ... وأنّ بناء يبتنيه خراب ونعمة ذي الدنيا بلاء ومحنة ... وماذيّها سمّ يضرّ وصاب وفرحتها عند الأكايس ترحة ... وسلسالها للأولياء سراب فلا يخدعنّ المرء نعمى حلالها ... حساب عليه والحرام عقاب وللدهر مستوف عليهم مناقش ... له مع أهل الخافقين خطاب على كلّ نفس مشرفان لربه ... غدا لهما فيما أتته كتاب وهي طويلة. [867] عمر بن عثمان بن خطاب بن بشير التميمي أبو حفص النحوي: مغربي له كتاب الأمر والنهي ويعرف بكتاب المكتفي. [868] عمر بن أبي عمر محمد بن يوسف بن يعقوب بن إسماعيل بن حماد بن   (867) - ترجمته في بغية الوعاة 2: 221 (عن ياقوت) وكذلك الوافي (خ) . (868) - لأبيه القاضي أبي عمر محمد بن يوسف ترجمة في تاريخ بغداد 3: 401 والمنتظم 6: 246 وسير الذهبي 14: 555 والوافي 5: 245 وكانت وفاة أبي عمر سنة عشرين وثلاثمائة، أما ابنه عمر أبو الحسين فله ترجمة في المنتظم 6: 307 (وكانت وفاته سنة 328) وانظر نشوار المحاضرة 1: 240 وبغية الوعاة 2: 226 (عن ياقوت) والوافي (خ) . الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2096 زيد بن درهم القاضي: حدث أبو القاسم التنوخي قال حدثني أبو الحسين بن عياش القاضي قال: لما قلّد المقتدر أبا الحسين ابن أبي عمر القاضي المدينة رئاسة في حياة أبيه أبي عمر خلع عليه، واجتمع الخلق من الأشراف والقضاة والشهود والجند والتجار وغيرهم على باب الخليفة، حتى خرج أبو الحسين وعليه الخلع، فساروا معه، قال: وكنت فيهم للصهر الذي كان بينه وبينهم ولأنه كان أحد شهودهم، فصار عمي وأنا معه في أخريات الناس والموكب خوفا من الزحام، ومعنا شيخ أسنّ أسماه أبو الحسين وأنسيته أنا، فكنا لا نجتاز بموضع إلا سمعنا ثلب الناس لأبي الحسين وتعجبهم من تقلده رئاسة، فقال عمي للشيخ: يا أبا فلان أما ترى كثرة تعجّب الناس من تقلّد هذا الصبي مع فضله ونفاسته وعلمه وجلالة سلفه؟! فقال: يا أبا محمد لا تعجب من هذا، فلعهدي وقد ركبت مع أبي عمر يوم خلع عليه بالحضرة، وقد اجتزنا بالناس- وهم معجبون من تقلده- أضعاف هذا العجب، حتى خفنا أن يثبوا علينا، وهذا أبو عمر الآن وقدره في الفضل والنبل [معروف] ، ولكن الناس يسرعون إلى العجب مما لم يألفوه. وله من التصانيف: كتاب غريب الحديث كبير لم يتم. كتاب الفرج بعد الشدة لطيف وهو مما أحسب أول من صنف في ذلك «1» . حدث ابن نصر والخطيب عن أبي الطيب ابن زنجي المؤدب قال: كان بين أبي أحمد ابن ورقاء وبين القاضي أبي عمر وولده أبي الحسين مودة وكيدة، فعنّ لأبي أحمد سفرة لم يودع فيها القاضيين، فلما عاد من سفرته لم يقصداه ولم يعرفا خبره، فكتب إليهما: أأستجفي أبا عمر وأشكو ... أم استجفي فتاه أبا الحسين الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2097 بأيّ قضية وبأيّ حكم ... ألحّا «1» في قطيعة واصلين فما جاءا ولا بعثا رسولا ... ولا كانا لحقّ قاضيين «2» وان من المروءة أن يكونا ... لمن والاهما متواليين فان نعتب فحقا غير أنا ... نجلّ على العتاب القاضيين وأنفذ الرقعة إلى أبي عمر، فلما وقف عليها ألقاها إلى ولده أبي الحسين وقال: أجبه فأنت أقوم بجواب هذا الكلام، فكتب إليه: تجنّ واظلم فلست منتقلا ... عن خالص الودّ أيها الظالم كتبت تشكو قطيعة سلفت ... وخلت أني لحبلكم صارم تركت حقّ الوداع منصرفا ... وجئت تبغي زيارة القادم كأنّ حقّي عليك مطّرح ... وحقّ ما تبتغيه لي لازم أمران لم يذهبا على فطن ... وأنت بالحكم فيهما عالم وبعد ذا فالعتاب من ثقة ... وصدره من حفيظة سالم فلما وقف عليها ركب إليهما وعاد معهما إلى ما كان عليه من المصافاة. [869] عمر بن محمد النسفي الحافظ- ونسف هي نخشب بما وراء النهر-: كنيته أبو حفص، وصنف كتبا منها «كتاب القند في علماء سمرقند» ذكر فيه وقال: وموسى بن عبد الله الأغماتي قدم علينا سنة ست عشرة وخمسمائة، وهو شاب فاضل، وبقي عندي أياما وكتب عني الكثير، ولأجله جمعت كتابا سميته «عجالة النخشبيّ لضيفه المغربي» وفيه قلت:   (869) - هو عمر بن محمد بن أحمد، وكتابه «القند في معرفة علماء سمرقند» ينقل عنه ابن العديم في بغية الطلب (انظر مثلا 1: 157) . الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2098 لقد طلع الشمس من غربها ... على خافقيها «1» وأوساطها فقلنا القيامة قد أقبلت ... وقد جاء أول أشراطها قال وأنشدني موسى الأغماتيّ لنفسه: لعمر الهوى إني وإن شطّت النوى ... لذو كبد حرّى وذو مدمع سكب فان كنت في أقصى خراسان نازحا ... فجسمي في شرق وقلبي في غرب [870] عمر بن مطرّف الكاتب يكنى أبا الوزير، من عبد القيس: كان من أهل مرو، وكان يتقلد ديوان المشرق للمهدي، وهو ولي عهد، ثم كتب له في خلافته، والهادي والرشيد، وكان يكتب للمنصور وللمهدي، وقيل إنه مات في أيامه، والصحيح أنه مات في أيام الرشيد، فحزن عليه وصلّى هو عليه بنفسه، فلما فرغ من صلاته قال له «2» : رحمك الله ما عرض لك أمران أحدهما لله والآخر لك الا اخترت ما هو لله على هواك. وله من الكتب: كتاب مفاخرة العرب ومنافرة القبائل في النسب. كتاب منازل العرب وحدودها وأين كانت محلة كل قوم وإلى أين انتقل منها. كتاب رسائله. قال محمد بن عبدوس: وكان الرشيد أمر بابطال دواوين الأزمة في سنة سبعين ومائة، فأبطلت شهرين، ثم أعيدت ووليها أبو الوزير عمر بن المطرف بن محمد   (870) - عمر بن مطرف الكاتب أبو الوزير: ورد ذكره عند الجهشياري: 166 (حيث احتجم يوم خميس فجعل المهدي الخميس عطلة للكتاب؛ وص: 265 حيث رثاه الرشيد، وهو ما نقله المؤلف هنا؛ وص 281- 288 حيث أورد قائمة خراج عملها للرشيد أيضا، ولكن سائر ما ينقله المؤلف عن الجهشياري لم يرد في المطبوع منه، ولم يستدركه ميخائيل عواد في «نصوص ضائعة» ) ؛ وانظر الفهرست: 141 والوافي (خ) . الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2099 العبدي، منسوب إلى عبد القيس لأنه كان مولاهم. وكان محمد بن مطرف «1» أحد كتّاب المهدي وتقلد له ديوان الخراج أيام مقامه بالري، وتوفي مطرف بن محمد سنة أربع وأربعين ومائة في قول، وقيل غير ذلك، وقد ذكرته بعد هذا «2» . وكان أبو الوزير عفيفا متصونا، وكان يبخّل. وحكي أنه كلم عمر بن العلاء في رجل فوهب له مائة ألف درهم، فدخل أبو الوزير على الرشيد وقال له: يا أمير المؤمنين عمر خائن، كلّمته في رجل كانت همته ألفا درهم فوهب له مائة ألف درهم، فلم يضرّه ذلك عند الرشيد لعلمه ببخل أبي الوزير. ولما انصرف عمر بن العلاء إلى حضرة أبي الوزير أغلظ له وشدد معاتبته لأجل ما وهب للرجل وقال له: قد كان يجزيه إذا أسرفت أن تهب له خمسة آلاف درهم، قال له عمر بن العلاء: فاعمل على أني أعطيته بكتابك خمسة آلاف درهم، وأعطيته لنفسي خمسة وتسعين ألف درهم. وفي أبي الوزير يقول بعض الشعراء: لبس الرياء وراح في أثوابه ... نحو الخليفة كاسرا لم يطرف يبدي خلاف ضميره ليغرّه ... لله در ريائك ابن مطرّف وكان حج الرشيد في سنة ست وثمانين ومائة، وقد حج الرشيد بعد ذلك أيضا في سنة ثمان، ولا أدري في أية حجتيه هاتين مات أبو الوزير. [871] عمر وبن أبي عمرو إسحاق بن مرار الشيباني: قد تقدم ذكر نسبه وولائه عند ذكر أبيه «3» ، وكان عمرو هذا قد أخذ علم أبيه وتصدر للقراءة عليه وأبوه حي. مات سنة إحدى وثلاثين ومائتين، وقال الأزهري: مات سنة اثنتين وثلاثين ومائتين.   (871) - ترجمته في تهذيب اللغة للأزهري 1: 10 وطبقات الزبيدي: 204 وإنباه الرواة 2: 360 وبغية الوعاة 2: 228 والوافي (خ) وقد سمع منه ثعلب كتاب «النوادر» لأبيه، وسمع منه أبو إسحاق الحربي ووثقه كل واحد منهما. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2100 [872] عمرو بن بحر بن محبوب أبو عثمان الجاحظ مولى أبي القلمس عمرو بن قلع الكناني ثم الفقيمي أحد النسّاء. قال يموت بن المزرع: الجاحظ خال أمي. وكان جد الجاحظ أسود يقال له فزارة، وكان جمالا لعمرو بن قلع الكناني. وقال أبو القاسم البلخي: الجاحظ كناني من أهل البصرة. وكان الجاحظ من الذكاء وسرعة الخاطر والحفظ بحيث شاع ذكره وعلا قدره واستغنى عن الوصف. قال المرزباني، حدث المازني «1» قال: حدثني من رأى الجاحظ يبيع الخبز والسمك بسيحان. قال الجاحظ: أنا أسن من أبي نواس بسنة، ولدت في أول سنة خمسين ومائة وولد في آخرها. مات الجاحظ سنة خمس وخمسين ومائتين في خلافة المعتز وقد جاوز التسعين «2» . سمع من أبي عبيدة والأصمعي وأبي زيد الأنصاري، وأخذ النحو عن الأخفش أبي الحسن وكان صديقه، وأخذ الكلام عن النظام، وتلقف الفصاحة من العرب شفاها بالمربد. وحدثت أن الجاحظ قال: نسيت كنيتي ثلاثة أيام حتى أتيت أهلي فقلت لهم: بم أكنى؟ فقالوا: بأبي عثمان. وحدث أبو هفان قال: لم أر قط ولا سمعت من أحبّ الكتب والعلوم أكثر من الجاحظ فانه لم يقع بيده كتاب قط إلا استوفى قراءته كائنا ما كان حتى إنه كان يكتري دكاكين الوراقين ويبيت فيها للنظر، والفتح بن خاقان فانه كان يحضر لمجالسة المتوكل فإذا أراد القيام لحاجة أخرج كتابا من كمه أو خفه وقرأه في مجلس المتوكل إلى حين عوده إليه حتى في   (872) - ترجمة الجاحظ في الفهرست: 208 ونور القبس: 230 وتاريخ بغداد 12: 212 ونزهة الألباء: 132 وأمالي المرتضى 1: 194 وابن خلكان 3: 470 وسير الذهبي 11: 526 وعبر الذهبي 1: 456 وميزان الاعتدال 3: 247 والوافي بالوفيات (خ) وسرح العيون، 136 والبداية والنهاية 11: 19 ولسان الميزان 4: 355 وبغية الوعاة: 265 والشذرات 2: 121؛ وقد نشر عدد جم من كتبه ورسائله وصدرت عنه عدة كتب وبحوث بالعربية وبغيرها من اللغات، وما يزال «تقريظ الجاحظ» للتوحيدي من المصادر المهمة المحتجبة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2101 الخلاء، وإسماعيل بن إسحاق القاضي فإني ما دخلت إليه إلا رأيته ينظر في كتاب أو يقلّب كتبا أو ينفضها. وقال المرزباني، قال أبو بكر أحمد بن عليّ: كان أبو عثمان الجاحظ من أصحاب النظام «1» وكان واسع العلم بالكلام كثير التبحّر فيه شديد الضبط لحدوده ومن أعلم الناس به وبغيره من علوم الدين والدنيا، وله كتب كثيرة مشهورة جليلة في نصرة الدين وفي حكاية مذهب المخالفين، والآداب والأخلاق، وفي ضروب من الجد والهزل، وقد تداولها الناس وقرأوها وعرفوا فضلها، وإذا تدبّر العاقل المميز أمر كتبه علم أنه ليس في تلقيح العقول وشحذ الأذهان ومعرفة أصول الكلام وجواهره وايصال خلاف الاسلام ومذاهب الاعتزال إلى القلوب كتب تشبهها. والجاحظ عظيم القدر في المعتزلة وغير المعتزلة من العلماء الذين يعرفون الرجال ويميزون الأمور. قال المرزباني: وكان الجاحظ ملازما لمحمد بن عبد الملك خاصا به، وكان منحرفا عن أحمد بن أبي داود للعداوة بين أحمد ومحمد، ولما قبض على محمد هرب الجاحظ، فقيل له: لم هربت؟ فقال: خفت أن أكون ثاني اثنين إذ هما في التنور، يريد ما صنع بمحمد وإدخاله تنور حديد فيه مسامير كان هو صنعه ليعذّب الناس فيه فعذب هو فيه حتى مات، يعني محمد بن الزيات. وحدث علي بن محمد الوراق قال: من كتاب الجاحظ الى ابن الزيات: لا والله ما عالج الناس داء قطّ أدوى من الغيظ، ولا رأيت شيئا هو أنفذ من شماتة الأعداء، ولا أعلم بابا أجمع لخصال المكروه من الذلّ، ولكنّ المظلوم ما دام يجد من يرجوه، والمبتلى ما دام يجد من يرثي له، فهو على سبب درك، وإن تطاولت به الأيام، فكم من كربة فادحة وضيقة مصمتة قد فتحت أقفالها وفكّكت أغلالها، ومهما الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2102 قصّرت فيه فلم أقصّر في المعرفة بفضلك وفي حسن النية بيني وبينك، لا مشتّت الهوى، ولا مقسّم الأمل، على تقصير قد احتملته، وتفريط قد اغتفرته، ولعلّ ذلك أن يكون من ديون الإدلال وجرائم الإغفال، ومهما كان من ذلك فلن أجمع بين الإساءة والإنكار، وإن كنت كما تصف من التقصير، وكما تعرف من التفريط، فإني من شاكري أهل هذا الزمان وحسن الحال متوسط المذهب، وأنا أحمد الله على أن كانت مرتبتك من المنعمين فوق مرتبتي في الشاكرين، وقد كانت عليّ بك نعمة أذاقتني طعم العز، وعودتني روح الكفاية، والموت هذا الدهر وجهد ... هذا قردا وخنزيرا ترك فيهما مشابه من الإنسان، ولما مسخ الله زماننا لم يترك فيه مشابه من الزمان. وقال أبو عثمان: ليس جهد البلاء مدّ الأعناق وانتظار وقع السيف، لأن الوقت قصير، والحين مغمور، ولكن جهد البلاء أن تظهر الخلة، وتطول المدة، وتعجز الحيلة، ثم لا تعدم صديقا مؤنبا، وابن عمّ شامتا، وجارا حاسدا، ووليا قد تحول عدوا، وزوجة مختلعة، وجارية مسبعة، وعبدا يحقرك، وولدا ينتهرك. وقال الجاحظ: إذا سمعت الرجل يقول ما ترك الأول للآخر شيئا فاعلم أنه ما يريد أن يفلح. قال أبو حيان في «كتاب التقريظ» ومن خطه نقلت: وحدثنا أبو دلف الكاتب قال: صدّر الجاحظ في ديوان الرسائل أيام المأمون ثلاثة أيام، ثم إنه استعفى فأعفي، وكان سهل بن هارون يقول: إن ثبت الجاحظ في هذا الديوان أفل نجم الكتاب. قال أبو عبد الله المرزباني، حدث إسحاق الموصلي وأبو العيناء قال «1» : كنت عند أحمد بن أبي دواد بعد قتل ابن الزيات، فجيء بالجاحظ مقيدا، وكان من أصحاب ابن الزيات وفي ناحيته، فلما نظر إليه قال: والله ما علمتك إلا متناسيا للنعمة كفورا للصنيعة معددا للمساوي، وما فتّني باستصلاحي لك، ولكنّ الأيام لا تصلح منك إلا لفساد طويتك ورداءة دخلتك وسوء اختيارك وتغالب طبعك، فقال له الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2103 الجاحظ: خفّض عليك- أيدك الله- فو الله لأن يكون لك الأمر عليّ خير من أن يكون لي عليك، ولأن أسيء وتحسن أحسن عنك من أن أحسن عنك من أن أحسن فتسيء، وأن تعفو عني في حال قدرتك أجمل من الانتقام مني، فقال له ابن أبي داود: قبحك الله، ما علمتك إلا كثير تزويق الكلام، وقد جعلت بيانك «1» أمام قلبك ثم اصطنعت «2» فيه النفاق والكفر، ما تأويل هذه الآية وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ (هود: 102) قال تلاوتها تأويلها، أعز الله القاضي، فقال: جيئوا بحداد، فقال: أعز الله القاضي ليفكّ عني أو ليزيدني؟ فقال: بل ليفكّ عنك، فجيء بالحداد، فغمزه بعض أهل المجلس أن يعنف بساق الجاحظ ويطيل أمره قليلا، فلطمه الجاحظ وقال: اعمل عمل شهر في يوم، وعمل يوم في ساعة، وعمل ساعة في لحظة، فإن الضرر على ساقي وليس بجذع ولا ساجة، فضحك ابن أبي دواد وأهل المجلس منه. وقال ابن أبي داود لمحمد بن منصور وكان حاضرا: أنا أثق بظرفه ولا أثق بدينه، ثم قال: يا غلام صر به إلى الحمام وأمط عنه الأذى، واحمل إليه تخت ثياب وطويلة «3» وخفا، فلبس ذلك ثم أتاه فتصدر في مجلسه، ثم أقبل عليه وقال: هات الآن حديثك يا أبا عثمان. ومن شعر الجاحظ في ابن أبي داود: وعويص من الأمور بهيم ... غامض الشخص مظلم مستور قد تسنمت ما توعّر منه ... بلسان يزينه التحبير مثل وشي البرود هلهله النس ... ج وعند الحجاج درّ نثير حسن الصمت والمقاطع إما ... نصت القوم والحديث يدور ثم من بعد لحظة تورث اليس ... ر وعرض مهذّب موفور وكتب الجاحظ إلى أحمد بن أبي دواد: لا تراني وإن تطاولت عمدا ... بين صفيهم وأنت تسير الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2104 كلهم فاضل عليّ بمال ... ولساني يزينه التحبير فإذا ضمّنا الحديث وبيت ... وكأني على الجميع أمير ربّ خصم أرقّ من كل روح ... ولفرط الذكا يكاد يطير فإذا رام غايتي فهو كاب ... وعلى البعد كوكب مبهور وحدث أبو العيناء عن إبراهيم بن رباح قال «1» : أتاني جماعة من الشعراء، كلّ واحد منهم يدّعي أنه مدحني بهذه الأبيات وأجزيه عليها: بدا حين أثرى باخوانه ... ففلّل عنهم شباة العدم وذكره الدهر صرف الزمان ... فبادر قبل انتقال النّعم فتى خصّه الله بالمكرمات ... فمازج منه الحيا بالكرم ولا ينكت الأرض عند السؤال ... ليقطع زواره عن نعم ويقال إن الجاحظ مدح بهذه الأبيات أحمد بن أبي دواد وإبراهيم بن رباح ومحمد بن الجهم. وحدث إبراهيم بن رباح قال: مدحني حمدان بن أبان اللاحقي، وذكر مثل ما مضى، وقال في آخره: فقال إن مادحك أعزك الله يجد مقالا، والجاحظ يملأ عينيه مني ولا يستحي «2» . قال وحدث يموت بن المزرع قال: هجا خالي أبو عثمان الجاحظ الجماز بأبيات منها: نسب الجماز مقصو ... ر إليه منتهاه تنتهي الأحساب بالنا ... س ولا تعدو قفاه الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2105 فكتب إليه الجماز: يا فتى نفسه إلى ال ... كفر بالله تائقه لك في الفضل والتزه ... د والنسك سابقه ومن هجاء الجماز للجاحظ قوله: قال عمرو مفاخرا ... نحن قوم من العرب قلت في طاعة لرب ... ك أبليت ذا النسب وحدث أبو العيناء محمد بن القاسم قال: كان لي صديق فجاءني يوما فقال لي: أريد الخروج إلى فلان العامل وأحببت أن يكون معي إليه وسيلة، وقد سألت من صديقه فقيل لي أبو عثمان الجاحظ، وهو صديقك، وأحبّ أن تأخذ لي كتابه إليه بالعناية، قال: فصرت إلى الجاحظ فقلت له: جئتك مسلما وقاضيا للحقّ، ولي حاجة لبعض أصدقائي، وهي كذا وكذا، قال: لا تشغلنا الساعة عن المحادثة وتعرّف أخبارنا، إذا كان في غد وجهت إليك بالكتاب، فلما كان من غد وجّه إليّ بالكتاب فقلت لابني: وجّه هذا الكتاب إلى فلان ففيه حاجته، فقال لي: إن أبا عثمان بعيد الغور فينبغي أن نفضه وننظر ما فيه، ففعل فإذا في الكتاب: «هذا الكتاب مع من لا أعرفه، وقد كلمني فيه من لا أوجب حقه، فإن قضيت حاجته لم أحمدك، وإن رددته لم أذممك» فلما قرأت الكتاب مضيت إلى الجاحظ من فوري، فقال: يا أبا عبد الله، قد علمت أنك أنكرت ما في الكتاب، فقلت: أو ليس موضع نكرة؟ فقال: لا، هذه علامة بيني وبين الرجل في من أعتني به، فقلت: لا إله إلا الله، ما رأيت أحدا [أعرف] بطبعك ولا [بما] جبلت عليه من هذا الرجل، علمت أنه لما قرأ الكتاب قال: أمّ الجاحظ عشرة آلاف في عشرة آلاف قحبة، وأم من يسأله حاجة، فقلت له: ما هذا تشتم صديقنا؟! فقال: هذه علامتي فيمن أشكره، فضحك الجاحظ وحدّث الفتح بن خاقان وحدث الفتح المتوكل، فذلك كان سبب اتصالي به وإحضاري إلى مجلسه. وحدث عبد الرحمن بن محمد الكاتب قال: كان الجاحظ يتقلّد خلافة إبراهيم بن العباس الصولي على ديوان الرسائل، فلما جاء إلى الديوان جاءه أبو الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2106 العيناء، فلما أراد الانصراف تقدم الجاحظ إلى حاجبه إذا وصل إلى الدهليز أن لا يدعه يخرج ولا يمكنه من الرجوع إليه، فخرج أبو العيناء ففعل به ذلك، فنادى بأعلى صوته يا أبا عثمان قد أريتنا قدرتك فأرنا عفوك. ومن كلام الجاحظ: احذر من تأمن فإنك حذر ممن تخاف. وقال: أجمع الناس على أربع: أنه ليس في الدنيا أثقل من أعمى، ولا أبغض من أعور، ولا أخف روحا من أحول، ولا أقود من أحدب. قال المرزباني: وروى أصحابنا أن الجاحظ صار إلى منزل بعض إخوانه فاستأذن عليه، فخرج إليه غلام عجمي فقال: من أنت؟ قال الجاحظ: فدخل الغلام إلى صاحب الدار فقال: الجاحد على الباب، وسمعها الجاحظ، فقال صاحب الدار للغلام اخرج فانظر من الرجل، فخرج يستخبر عن اسمه فقال: أنا الحدقي، فدخل الغلام فقال: الحلقي، وسمعها الجاحظ فصاح به في الباب: «ردّنا إلى الأول» ، يريد أن قوله الجاحد مكان الجاحظ أسهل عليه من الحلقي مكان الحدقي، فعرفه الرجل فأوصله واعتذر إليه. وقال الجاحظ: أربعة أشياء ممسوخة: أكل الأرز البارد، والنيك في الماء، والقبل على النقاب، والغناء من وراء ستارة. وحدث قال الجاحظ مرة بحضرة السدري: إذا كانت المرأة عاقلة ظريفة كاملة كانت قحبة، فقال له السدري: وكيف؟ قال: لأنها تأخذ الدراهم، وتمتع بالناس والطيب، وتختار على عينها من تريد، والتوبة معروضة لها متى شاءت، فقال له السدري: فكيف عقل العجوز حفظها الله؟ قال: هي أحمق الناس وأقلّهم عقلا. وحدث المبرد قال، قال الجاحظ: أتيت أبا الربيع الغنوي أنا ورجل من بني هاشم فاستأذنّا عليه فخرج إلينا وقال: خرج إليكم رجل كريم والله، فقلت له: من خير الخلق يا أبا الربيع؟ فقال: الناس والله، قلت: ومن خير الناس؟ قال: العرب والله، قلت: فمن خير العرب؟ قال: مضر والله، قلت: فمن خير مضر؟ قال: قيس والله، قلت: ومن خير قيس؟ قال: أعصر والله، قلت: فمن خير أعصر؟ قال: غنّي والله. قلت: فمن خير غني؟ قال: أنا والله. قلت: فأنت خير الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2107 الخلق. قال: أي والله، قلت: أيسرك أن لو تزوجت بنت يزيد بن المهلب؟ قال: لا والله لا أدنس كرمي بلؤمها، قلت: على أنّ لك الجنة، ففكر ساعة ثم قال: على أن لا تلد مني، وأنشد: تأبى لأعصر أعراق مهذّبة ... من أن تناسب قوما غير أكفاء فإن يكن ذاك حتما لا مردّ له ... فاذكر حذيف فإني غير أبّاء حذيفة بن بدر، وإنما ذكره من بين الأشراف لأنه أقربهم إليه نسبا، لأن أعصر بن سعد بن قيس بن عيلان وحذيفة بن بدر بن عمرو بن جوية بن لوذان بن ثعلبة بن عدي بن فزارة بن ذبيان بن بغيض بن ريث بن غطفان بن سعد بن قيس بن عيلان. قال المرزباني: وحدث أبو الحسن الأنصاري، حدثني الجاحظ قال: كان رجل من أهل السواد يتشيع، وكان ظريفا، فقال ابن عم له: بلغني أنك تبغض عليّا عليه السلام، وو الله لئن فعلت لتردنّ عليه الحوض يوم القيامة ولا يسقيك، قال: والحوض في يده يوم القيامة؟ قال: نعم، قال: وما لهذا الرجل الفاضل يقتل الناس في الدنيا بالسيف وفي الآخرة بالعطش؟! فقيل له: أتقول هذا مع تشيعك ودينك؟ قال: والله لا تركت النادرة ولو قتلتني في الدنيا وأدخلتني النار في الآخرة. وقال الجاحظ: ينبغي للكاتب أن يكون رقيق حواشي اللسان، عذب ينابيع البيان، إذا حاور سدّد سهم الصواب إلى غرض المعنى، لا يكلّم العامة بكلام الخاصة ولا الخاصة بكلام العامة. وحدث المبرد قال: سمعت الجاحظ يقول: كلّ عشق يسمّى حبا، وليس كلّ حبّ يسمى عشقا، لأن العشق اسم لما فضل عن المحبة، كما أن السرف اسم لما جاوز الجود، والبخل اسم لما قصر عن الاقتصاد، والجبن اسم لما فضل عن شدة الاحتراس، والهوج اسم لما فضل عن الشجاعة. وحدث ميمون بن هارون الكاتب عن الجاحظ قال: ذمّ رجل النبيذ فقال: من مثالبه أنّ صاحبه يتكرهه قبل شربه، ويكلح وجهه عند شمه، ويستنقص الساقي من قدره، ويعتبر عليه مكياله، ويمزجه بالماء الذي هو ضده ليخرجه عن معناه وحدّه، ثم الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2108 يكرعه على المبادرة ويعبه ويتجرعه ولا يكاد يسيغه ليقلّ مكثه في فيه ويسرع على اللهوات اجتيازه، ثم لا يستوفي كليته، ويرى أن يجعل عاقبة الشراب فضلة في قدحه، ويشاحّ الساقي في المناظرة على ما بقي منه عند رده، ليصرف عن نفسه عادية شربه ويذهب بساعته ويمنع من تهوعه كما يفعل بطبخ الغاريقون عند شربه وحبّ الاسطيخمول. وكان الجاحظ يقول: إن تهيأ لك في الشاعر أن تبره وترضيه وإلا فاقتله. وقال أبو العيناء أنشدني الجاحظ لنفسه: يطيب العيش أن تلقى حليما ... غذاه العلم والرأي المصيب ليكشف عنك حيلة كلّ ريب ... وفضل العلم يعرفه الأريب سقام الحرص ليس له شفاء ... وداء البخل ليس له طبيب وأنشد المبرد للجاحظ: إن حال لون الرأس عن لونه ... ففي خضاب الرأس مستمتع هب من له شيب له حيلة ... فما الذي يحتاله الأصلع وحدث أبو العيناء قال، قال الجاحظ: كان الأصمعي منانيا، فقال له العباس ابن رستم: لا والله ولكن نذكر حين جلست إليه تسأله، فجعل يأخذ نعله بيده، وهي مخصوفة بحديد، ويقول: نعم قناع القدريّ، فعلمت أنه يعنيك فقمت. وحدث يحيى بن علي بن المنجم قال «1» ، قلت للجاحظ: مثلك في علمك ومقدارك في الأدب يقول في «كتاب البيان والتبيين» ويكره للجارية أن تشبه بالرجال في فصاحتها، ألا ترى إلى قول مالك بن أسماء الفزاري «2» : وحديث ألذّه هو مما ... ينعت الناعتون يوزن وزنا منطق صائب وتلحن أحيا ... نا وخير الحديث ما كان لحنا فتراه من لحن الاعراب، وإنما وصفها بالظّرف والفطنة، وإنما تلحن أي تورّي الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2109 في لفظها عن أشياء وتتنكب ما قصدت له، فقال: فطنت لذلك، قلت: فغيّره، قال فكيف لي بما سارت به الركبان؟! فهو في كتابه على خطأه. قال أبو محلم: أراد الفزاري بقوله هذا إن خير الحديث ما أومأت إليّ به وورّت عن الإفصاح به لئلا يعلمه غيرنا، ومثله قول الكلابي «1» : ولقد لحنت لكم لكيما تفهموا ... ووحيت وحيا ليس بالمرتاب ومنه قوله تعالى: وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ (محمد: 30) أي فيما يتواحونه بينهم من النفاق والطعن. قال المؤلف «2» : وقد انتصر أبو حيان لهذا القول الذي اعترف الجاحظ بخطأه فيه فقال: وعندي أن المسألة محتملة للكلام، لأن مقابل المنطق الصائب المنطق الملحون، واللحن من الغواني والفتيات غير منكر ولا مكروه، بل يستحبّ ذلك لأنه بالتأنيث أشبه، وللشهوة أدعى، ومع الغزل أجرى، والإعراب جدّ وليس الجدّ من التغزل والتعشّق والتشاجي في شيء. وعلى مذهب علي بن يحيى أن المنطق الصائب هو الكلام الصريح، وأن اللحن هو التعريض وانها تعرف هذا وهذا، فهب أنّ هذا المعنى مقبول لم ينبغي أن يكون المعنى الآخر لهوجا ومردودا؟ وقد يجوز أن يكون مراد الشاعر ذاك لأنّ الشاعر يشعر بهذا كما يشعر بهذا. قال أبو العيناء: أنشدني الجاحظ لنفسه في ابراهيم بن رباح: وعهدي به والله يصلح أمره ... رحيب مجال الرأي منبلج الصدر فلا جعل الله الولاية سبّة ... عليه فإني بالولاية ذو خبر فقد جهدوه بالسؤال وقد أبى ... به المجد إلا أن يلجّ ويستشري قال أبو علي التنوخي، حدثني أبو الحسن أحمد بن محمد الأخباري، قال حدثني أبو الفرج الأصبهاني، قال أخبرني الحسن بن القاسم بن مهرويه، قال حدثني عبد الله بن جعفر الوكيل، قال: كنت يوما عند إبراهيم بن المدبر فرأيت بين يديه رقعة الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2110 يردّد النظر إليها، فقلت له: ما شأن هذه الرقعة؟ كأنه استعجم عليك شيء منه، فقال: هذه رقعة أبي عثمان الجاحظ، وكلامه يعجبني، وأنا أردده على نفسي لشدة إعجابي، فقلت: هل يجوز أن أقرأها؟ قال: نعم، وألقاها إليّ فإذا فيها: ما ضاء لي نهار ولا دجا ليل مذ فارقتك إلا وجدت الشوق إليك قد حزّ في كبدي، والأسف عليك قد أسقط في يدي، والنزاع نحوك قد خان جلدي، فأنا بين حشا خفاق، ودمع مهراق، ونفس قد ذبلت بما تجاهد، وجوانح قد أبليت بما تكابد، وذكرت وأنا على فراش الارتماض، ممنوع من لذة الاغماض قول بشار «1» : إذا هتف القمريّ نازعني الهوى ... بشوق فلم أملك دموعي من الوجد أبى الله إلا أن يفرق بيننا ... وكنا كماء المزن شيب مع الشهد لقد كان ما بيني زمانا وبينها ... كما كان بين المسك والعنبر الورد فانتظم وصف ما كنّا نتعاشر عليه، ونجري في مودتنا إليه في شعره هذا. وذكرت أيضا ما رماني به الدهر من فرقة أعزائي من إخواني الذين أنت أعزهم، ويمتحنني بمن نأى من أحبائي وخلصاني الذين أنت أحبهم وأخلصهم، ويجرعنيه من مرارة نأيهم وبعد لقائهم، وسألت الله أن يقرن آيات سروري بالقرب منك، ولين عيشي بسرعة أوبتك، وقلت أبياتا تقصر عن صفة وجدي وكنه ما يتضمنه قلبي، وهي: بخدّيّ من قطر الدموع ندوب ... وبالقلب مني مذ نأيت وجيب ولي نفس حتى الدجى يصدع الحشا ... ورجع حنين للفؤاد مذيب ولي شاهد من ضرّ نفسي وسقمه ... يخبّر عنّي إنني لكئيب كأني لم أفجع بفرقة صاحب ... ولا غاب عن عيني سواك حبيب فقلت لابن المدبر: هذه رقعة عاشق لا رقعة خادم، ورقعة غائب لا رقعة حاضر، فضحك وقال: نحن ننبسط مع أبي عثمان إلى ما هو أرق من هذا وألطف، فأما الغيبة فإننا نجتمع في كل ثلاثة أيام، وتأخر ذلك لشغل عرض لي فخاطبني الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2111 مخاطبة الغائب، وأقام انقطاع العادة مقام الغيبة. قال الجاحظ: كان يأتيني رجل فصيح من العجم، قال فقلت له: هذه الفصاحة وهذا البيان، لو ادعيت في قبيلة من العرب لكنت لا تنازع فيها، قال: فأجابني إلى ذلك، فجعلت أحفّظه نسبا حتى حفظه وهذّه هذا، فقلت له: الآن لا تته علينا، فقال: سبحان الله إن فعلت ذلك فأنا إذا دعيّ. ومن كلام الجاحظ يصف البلاغة: ومتى شاكل أبقاك الله اللفظ معناه، وكان لذلك الحال وفقا، ولذلك القدر لفقا، وخرج من سماجة الاستكراه، وسلم من فساد التكلف، كان قمنا بحسن الموقع، وحقيقا بانتفاع المستمع، وجديرا أن يمنع جانبه من تأول الطاعنين، ويحمي عرضه من اعتراض العائبين، ولا تزال القلوب به معمورة، والصدور به مأهولة، ومتى كان اللفظ أيضا كريما في نفسه، متخيرا من جنسه، وكان سليما من الفضول، بريئا من التعقيد، حبّب إلى النفوس، واتصل بالأذهان، والتحم بالعقول، وهشت له الأسماع، وارتاحت له القلوب، وخفّ على ألسن الرواة، وشاع في الآفاق ذكره، وعظم في الناس خطره، وصار ذلك مادة للعالم الرئيس، ورياضة للمتعلم الريّض. ومن أعاره من معرفته نصيبا، وأفرغ عليه من محبته ذنوبا، حبب إليه المعاني، وسلس له نظام اللفظ، وكان قد أغنى المستمع عن كدّ التكلف، وأراح قارىء الكتاب من علاج التفهم. وقرأت بخط أبي حيان التوحيدي من كتابه الذي ألفه في «تقريظ الجاحظ» : وحدثنا أبو سعيد السيرافي، وهمّك من رجل، وناهيك من عالم، وشرعك من صدوق قال: حدثنا جماعة من الصابئين الكتّاب أن ثابت بن قرة قال: ما أحسد هذه الأمة العربية إلا على ثلاثة أنفس فإنه: عقم النساء فلا يلدن شبيهه ... إنّ النساء بمثله عقم فقيل له: احص لنا هؤلاء الثلاثة، قال: أولهم عمر بن الخطاب في سياسته ويقظته، وحذره وتحفظه، ودينه وتقيته، وجزالته وبذالته، وصرامته وشهامته، وقيامته في صغير أمره وكبيره بنفسه، مع قريحة صافية، وعقل وافر، ولسان عضب، وقلب شديد، وطوية مأمونة، وعزيمة مأمومة، وصدر منشرح، وبال منفسح، وبديهة الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2112 نضوح، وروية لقوح، وسر طاهر، وتوفيق حاضر، ورأي مصيب، وأمر عجيب، وشأن غريب- دعم الدين وشيد بنيانه، وأحكم أساسه ورفع أركانه، وأوضح حجته وأنار برهانه، ملك في زي مسكين، ما جنح في أمر إلى ونا، ولا غضّ طرفه على خنا، ظهارته كالبطانة، وبطانته كالظهارة، جرح وأسا، ولان وقسا، ومنع وأعطى، واستخذى وسطا، كل ذلك في الله ولله، لقد كان من نوادر الرجال، قال: والثاني الحسن بن أبي الحسن البصري، فلقد كان من دراري النجوم علما وتقوى، وزهدا وورعا، وعفة ورقة، وتألها وتنزها، وفقها ومعرفة، وفصاحة ونصاحة، مواعظه تصل إلى القلوب، وألفاظه تلتبس بالعقول، وما أعرف له ثانيا، لا قريبا ولا مدانيا، كان منظره وفق مخبره، وعلانيته في وزن سريرته، عاش سبعين سنة لم يقرف بمقالة شنعاء، ولم يزنّ بريبة ولا فحشاء، سليم الدين، نقيّ الأديم، محروس الحريم، يجمع مجلسه ضروب الناس وأصناف اللباس، لما يوسعهم من بيانه، ويفيض عليهم بافتنانه، هذا يأخذ عنه الحديث، وهذا يلقن منه التأويل، وهذا يسمع الحلال والحرام، وهذا يتبع في كلامه العربية، وهذا يجرّد له المقالة، وهذا يحكي الفتيا، وهذا يتعلم الحكم والقضاء، وهذا يسمع الموعظة، وهو في جميع هذا كالبحر العجّاج تدفقا، وكالسراج الوهّاج تألقا، ولا تنس مواقفه ومشاهده بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عند الأمراء وأشباه الأمراء بالكلام الفصل، واللفظ الجزل، والصدر الرحب والوجه الصلب واللسان العضب، كالحجاج وفلان وفلان، مع شارة الدين، وبهجة العلم، ورحمة التقى، لا تثنيه لائمة في الله، ولا تذهله لائحة عن الله، يجلس تحت كرسيه قتادة صاحب التفسير، وعمرو وواصل صاحبا الكلام، وابن أبي إسحاق صاحب النحو، وفرقد السبخي صاحب الدقائق، وأشباه هؤلاء ونظراؤهم، فمن ذا مثله؟ ومن يجري مجراه؟ والثالث أبو عثمان الجاحظ خطيب المسلمين، وشيخ المتكلمين، ومدره المتقدمين والمتأخرين، إن تكلّم حكى سحبان في البلاغة، وإن ناظر ضارع النظّام في الجدال، وإن جدّ خرج في مسك عامر بن عبد قيس، وإن هزل زاد على مزبّد، حبيب القلوب، ومراح الأرواح، وشيخ الأدب، ولسان العرب، كتبه رياض زاهرة، ورسائله أفنان مثمرة، ما نازعه منازع إلا رشاه آنفا، ولا تعرّض له منقوص إلا قدم له التواضع استبقاء، الخلفاء تعرفه، والأمراء تصفه وتنادمه، والعلماء الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2113 تأخذ عنه، والخاصة تسلّم له، والعامة تحبه، جمع بين اللسان والقلم، وبين الفطنة والعلم، وبين الرأي والأدب، وبين النثر والنظم، وبين الذكاء والفهم، طال عمره وفشت حكمته، وظهرت خلته، ووطىء الرجال عقبه، وتهادوا أدبه، وافتخروا بالانتساب إليه، ونجحوا بالاقتداء به، لقد أوتي الحكمة وفصل الخطاب. هذا قول ثابت، وهو قول صابىء لا يرى للاسلام حرمة، ولا للمسلمين حقا، ولا يوجب لأحد منهم ذماما، قد انتقد هذا الانتقاد، ونظر هذا النظر، وحكم هذا الحكم، وأبصر الحقّ بعين لا غشاوة عليها من الحول، ونفس لا لطخ بها من التقليد، وعقل ما تخبّل بالعصبية. ولسنا نجهل مع ذلك فضل غير هؤلاء من السلف الطاهر والخلف الصالح، ولكنا عجبنا فضل عجب من رجل ليس منّا ولا من أهل ملتنا ولغتنا، ولعله ما خبر عمر بن الخطاب كلّ الخبرة، ولا استوعب كلّ ما للحسن من المنقبة، ولا وقف على جميع ما لأبي عثمان من البيان والحكمة، يقول هذا القول، ويتعجّب هذا العجب، ويحسد أمتنا بهم هذا الحسد، ويختم كلامه بأبي عثمان ويصفه بما يأبى الطاعن عليه أن يكون له شيء منه، ويغضب إذا ادعي ذلك له [وإنه] لموفر عليه، هل هذا إلا الجهل الذي يرحم المبتلى به. قال أبو حيان: وحدثنا ابن مقسم [قيل لأبي هفان] وقد طال ذكر الجاحظ له: لم لا تهجو الجاحظ، وقد ندّد بك، وأخذ بمخنّقك فقال: أمثلي يخدع عن عقله، والله لو وضع رسالة في أرنبة أنفي لما أمست إلا بالصين شهرة، ولو قلت فيه ألف بيت لما طنّ منها بيت في ألف سنة. قال أبو حيان: سمعت أبا معمر الكاتب في ديوان بادوريا قال: كتب الفتح بن خاقان إلى الجاحظ كتابا يقول في فصل منه: إن أمير المؤمنين يجد بك ويهشّ عند ذكرك، ولولا عظمتك في نفسه لعلمك ومعرفتك لحال بينك وبين بعدك عن مجلسه، ولغصبك رأيك وتدبيرك فيما أنت مشغول به ومتوّفر عليه، وقد كان ألقى إليّ من هذا عنوانه فزدتك في نفسه زيادة كفّ بها عن تجشيمك، فاعرف لي هذه الحال، واعتقد هذه المنة [واعكف] على «كتاب الردّ على النصارى» وافرغ منه وعجّل به إليّ، وكن ممن حدا به على نفسه لتنال مشاهرتك. وقد استطلقته لما مضى، واستسلفت الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2114 لك لسنة كاملة مستقبلة، وهذا مما لم تحتكم به نفسك. وقد قرأت رسالتك في بصيرة غنام ولولا أني أزيد في مخيلتك لعرّفتك ما يعتريني عند قراءتها، والسلام. قال الجاحظ «1» : قلت للحزامي: قد رضيت بقول الناس فيك انك بخيل؟ قال: لا أعدمني الله هذا الاسم، [قلت: وكيف؟] قال: لأنه لا يقال فلان بخيل إلا وهو ذو مال، فإذا سلم المال فادعني بأيّ اسم شئت؛ قلت: ولا يقال سخيّ إلا وهو ذو مال، فقد جمع هذا الاسم المال والحمد، وجمع ذاك الاسم المال والذم، قال: بينهما فرق، قلت: هاته، قال: في قولهم بخيل تثبيت لاقامة المال في ملكه، واسم البخيل اسم فيه حزم وذم، واسم السخاء فيه تضييع وحمد، والمال نافع مكرم لأهله معزّ، والحمد ريح وسخرية، واستماعه ضعف وفسولة، وما أقل والله غناء الحمد عنه إذا جاع بطنه وعري جسده وشمت عدوه. قال أبو حيان «2» : ومن عجيب الحديث في كتبه ما حدثنا به علي بن عيسى النحوي الشيخ الصالح قال: سمعت ابن الاخشاد شيخنا أبا بكر يقول: ذكر أبو عثمان في أول «كتاب الحيوان» أسماء كتبه ليكون ذلك كالفهرست، ومرّ بي في جملتها «الفرق بين النبي والمتنبىء» و «كتاب دلائل النبوة» وقد ذكرهما هكذا على التفرقة وأعاد ذكر الفرق في الجزء الرابع لشيء دعاه إليه، فأحببت أن أرى الكتابين، ولم أقدر إلا على واحد منهما، وهو «كتاب دلائل النبوة» وربما لقب بالفرق خطأ، فهمّني ذلك وساءني في سوء ظفري به، فلما شخصت من مصر ودخلت مكة حرسها الله تعالى حاجّا أقمت مناديا بعرفات ينادي، والناس حضور من الآفاق على اختلاف بلدانهم وتنازح أوطانهم وتباين قبائلهم وأجناسهم من المشرق إلى المغرب ومن مهبّ الشمال إلى مهب الجنوب وهو المنظر الذي لا يشابهه منظر: «رحم الله من دلّنا على كتاب الفرق بين النبي والمتنبىء لأبي عثمان الجاحظ على أي وجه كان» . قال فطاف المنادي في ترابيع عرفات وعاد بالخيبة وقال: عجب «3» الناس مني ولم يعرفوا هذا الكتاب ولا اعترفوا به؛ قال ابن اخشاد: وإنما أردت بهذا أن أبلغ نفسي عذرها. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2115 قال المؤلف: وحسبك بها فضيلة لأبي عثمان أن يكون مثل ابن الاخشاد، وهو هو في معرفة علوم الحكمة، وهو رأس عظيم من رؤوس المعتزلة، يستهام بكتب الجاحظ حتى ينادي عليها بعرفات والبيت الحرام، وهذا الكتاب موجود في أيدي الناس اليوم، لا تكاد تخلو خزانة منه، ولقد رأيت أنا منه نحو مائة نسخة أو أكثر. ومن كتاب هلال: قال أبو الفضل ابن العميد: ثلاثة علوم الناس كلهم عيال فيها على ثلاثة أنفس: أما الفقه فعلى أبي حنيفة لأنه دوّن وخلّد ما جعل من يتكلم فيه بعده مشيرا إليه ومخبرا عنه، وأما الكلام فعلى أبي الهذيل، وأما البلاغة والفصاحة واللسن والعارضة فعلى أبي عثمان الجاحظ. وحدث أبو القاسم السيرافي قال: حضرنا مجلس الأستاذ الرئيس أبي الفضل فقصّر رجل بالجاحظ وأزرى عليه، وحلم الأستاذ عنه، فلما خرج قلت له: سكتّ أيها الأستاذ عن هذا الجاهل في قوله، مع عادتك بالردّ على أمثاله فقال: لم أجد في مقابلته أبلغ من تركه على جهله، ولو واقفته وبينت له النظر في كتبه صار إنسانا، يا أبا القاسم كتب الجاحظ تعلّم العقل أولا والأدب ثانيا. وحكى أبو علي القالي «1» عن أبي معاذ عبدان الخوئي «2» المتطبب قال: دخلنا يوما بسرّ من رأى على عمرو بن بحر الجاحظ نعوده وقد فلج، فلما أخذنا مجالسنا أتى رسول المتوكل إليه فقال: وما يصنع أمير المؤمنين بشق مائل ولعاب سائل؟! ثم أقبل علينا فقال: ما تقولون في رجل له شقان أحدهما لو غرز بالمسالّ ما أحس، والشق الآخر يمرّ به الذباب فيغوّث، وأكثر ما أشكوه الثمانون «3» . حدث أبو عبد الله الحميدي في «الجذوة» «4» ، قرأت على الأمين بن أبي علي عن القاضي أبي القاسم البصري عن أبيه قال، حدثنا محمد بن عمر بن شجاع المتكلم، حدثنا أبو محمد الحسن بن عمرو النجيرمي قال: كنت بالأندلس، فقيل لي إن هاهنا تلميذا لأبي عثمان الجاحظ يعرف بسلّام بن زيد ويكنى أبا خلف، فأتيته الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2116 فرأيت شيخا هما، فسألته عن سبب اجتماعه مع أبي عثمان، ولم يقع أبو عثمان إلى الأندلس فقال: كان طالب العلم بالمشرق يشرف عند ملوكنا بلقاء أبي عثمان، فوقع إلينا «كتاب التربيع والتدوير» له فأشاروا إليه، ثم أردفه عندنا «كتاب البيان والتبيين» له فبلغ الرجل الصّكاك «1» بهذين الكتابين، قال: فخرجت لا أعرّج على شيء حتى قصدت بغداد، فسألت عنه فقيل هو بسرّ من رأى، فأصعدت إليها، فقيل لي قد انحدر إلى البصرة، فانحدرت إليها وسألت عن منزله فأرشدت، ودخلت إليه فإذا هو جالس وحواليه عشرون صبيا ليس فيهم ذو لحية غيره، فدهشت فقلت: أيكم أبو عثمان؟ فرفع يده وحرّكها في وجهي وقال: من أين؟ قلت: من الأندلس، فقال: طينة حمقاء، فما الاسم؟ قلت: سلام، قال: اسم كلب القراد، ابن من؟ قلت: ابن زيد «2» ، قال: بحقّ ما صرت، أبو من؟ قلت: أبو خلف، قال: كنية قرد زبيدة، ما جئت تطلب؟ قلت: العلم، قال: ارجع بوقت فانك لا تفلح، قلت له: ما أنصفتني، فقد اشتملت على خصال أربع: جفاء البلدية، وبعد الشقة، وغرة الحداثة، ودهشة الداخل، قال: فترى حولي عشرين صبيا ليس فيهم ذو لحية غيري ما كان يجب أن تعرفني بها؟ قال: فأقمت عليه عشرين سنة. وهذا فهرست كتب الجاحظ: كتاب الحيوان وهو سبعة أجزاء، وأضاف إليه كتابا آخر سماه كتاب النساء وهو الفرق فيما بين الذكر والأنثى، وكتابا آخر سماه كتاب البغل «3» ، قال ابن النديم: ورأيت أنا هذين الكتابين بخط زكرياء بن يحيى، ويكنى أبا يحيى، وراق الجاحظ، وقد أضيف إليه كتاب سموه كتاب الابل ليس من كلام الجاحظ ولا يقاربه. وكتاب الحيوان ألفه باسم محمد بن عبد الملك الزيات، قال ميمون بن هارون: قلت للجاحظ: ألك بالبصرة ضيعة؟ فتبسم وقال: إنما أنا وجارية، وجارية تخدمها، وخادم وحمار، أهديت كتاب الحيوان إلى محمد بن عبد الملك فأعطاني الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2117 خمسة آلاف دينار، وأهديت كتاب البيان والتبيين إلى ابن أبي دواد فأعطاني خمسة آلاف دينار، وأهديت كتاب الزرع والنخل إلى إبراهيم بن العباس الصولي فأعطاني خمسة آلاف دينار، فانصرفت إلى البصرة ومعي ضيعة لا تحتاج إلى تجديد ولا تسميد. وكتاب البيان والتبيين نسختان أولة وثانية، والثانية أصحّ وأجود. كتاب النبي والمتنبىء. كتاب المعرفة. كتاب جوابات كتاب المعرفة. كتاب مسائل كتاب المعرفة «1» . كتاب الردّ على أصحاب الإلهام. كتاب نظم القرآن ثلاث نسخ. كتاب مسائل القرآن. كتاب فضيلة المعتزلة. كتاب الرد على المشبهة. كتاب الإمامة على مذهب الشيعة. كتاب حكاية قول أصناف الزيدية. كتاب العثمانية «2» . كتاب الأخبار وكيف تصح. كتاب الردّ على النصارى. كتاب عصام المريد. كتاب الرد على العثمانية. كتاب إمامة معاوية. كتاب إمامة بني العباس. كتاب الفتيان. كتاب القواد «3» . كتاب اللصوص. كتاب ذكر ما بين الزيدية والرافضة. كتاب صياغة الكلام. كتاب المخاطبات في التوحيد. كتاب تصويب عليّ في تحكيم الحكمين. كتاب وجوب الإمامة. كتاب الأصنام. كتاب الوكلاء والموكلين. كتاب الشارب والمشروب «4» . كتاب افتخار الشتاء والصيف. كتاب المعلمين «5» . كتاب الجواري. كتاب نوادر الحسن. كتاب البخلاء «6» . كتاب الفخر ما بين عبد شمس ومخزوم. كتاب العرجان والبرصان «7» . كتاب فخر القحطانية والعدنانية. كتاب الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2118 التربيع والتدوير «1» . كتاب الطفيليين. كتاب أخلاق الملوك «2» . كتاب الفتيا «3» . كتاب مناقب جند الخلافة وفضائل الأتراك «4» . كتاب الحاسد والمحسود «5» . كتاب الردّ على اليهود. كتاب الصرحاء والهجناء. كتاب السودان والبيضان «6» . كتاب المعاد والمعاش «7» . كتاب النساء. كتاب التسوية بين العرب والعجم. كتاب السلطان وأخلاق أهله. كتاب الوعيد. كتاب البلدان «8» . كتاب الأخبار. كتاب الدلالة على أن الامامة فرض. كتاب الاستطاعة وخلق الأفعال. كتاب المقينين والغناء والصنعة. كتاب الهدايا (منحول) . كتاب الاخوان. كتاب الردّ على من ألحد في كتاب الله عز وجل. كتاب آي القرآن. كتاب الناشىء والمتلاشي. كتاب حانوت عطار. كتاب التمثيل. كتاب فضل العلم. كتاب المزاح والجد «9» . كتاب جمهرة الملوك. كتاب الصوالجة. كتاب ذمّ الزنا. كتاب التفكر والاعتبار «10» . كتاب الحجر والنبوة. كتاب آل «11» إبراهيم بن المدبر في المكاتبة. كتاب إحالة القدرة على الظلم. كتاب أمهات الأولاد. كتاب الاعتزال وفضله عن الفضيلة. كتاب الأخطار والمراتب والصناعات. كتاب أحدوثة العالم. كتاب الردّ على من زعم أن الانسان جزء لا يتجزأ. كتاب أبي النجم وجوابه. كتاب التفاح «12» . كتاب الأنس والسلوة. كتاب الكبر المستحسن والمستقبح. كتاب نقض الطب. كتاب الحزم والعزم. كتاب عناصر الآداب. كتاب تحصين الأموال. كتاب الأمثال. كتاب فضل الفرس. كتاب الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2119 على «1» الهملاج. كتاب الرسالة إلى أبي الفرج ابن نجاح في امتحان عقول الأولياء. كتاب رسالة أبي النجم في الخراج. كتاب رسالته في القلم. كتاب رسالته في فضل اتخاذ الكتب. كتاب رسالته في كتمان السر. كتاب رسالته في مدح النبيذ. كتاب رسالته في ذم النبيذ «2» . كتاب رسالته في العفو والصفح. كتاب رسالته في إثم السكر. كتاب رسالته في الآمل والمأمول «3» . كتاب رسالته في الحلية. كتاب رسالته في ذم الكتّاب «4» . كتاب رسالته في مدح الكتّاب. كتاب رسالته في مدح الوراق. كتاب رسالته في ذم الوراق. كتاب رسالته في من يسمّى من الشعراء عمرا. كتاب رسالته اليتيمة. كتاب رسالته في فرط جهل يعقوب بن إسحاق الكندي. كتاب رسالته في الكرم إلى أبي الفرج ابن نجاح. كتاب رسالته في موت أبي حرب الصفار البصري. كتاب رسالته في الميراث. كتاب في الأسد والذئب. كتاب رسالته في كتاب الكيمياء. كتاب الاستبداد والمشاورة في الحرب. كتاب رسالته في القضاة والولاة. كتاب الملوك والأمم السالفة والباقية. كتاب رسالته في الرد على القولية. كتاب العالم والجاهل. كتاب النرد والشطرنج. كتاب غش الصناعات. كتاب خصومة الحول والعور. كتاب ذوي العاهات. كتاب المغنين. كتاب أخلاق الشطار. وحدث يموت بن المزرع عن خاله الجاحظ قال: يحبّ للرجل أن يكون سخيا لا يبلغ التبذير، شجاعا لا يبلغ الهوج، محترسا لا يبلغ الجبن، ماضيا لا يبلغ القحة، قوالا لا يبلغ الهذر، صموتا لا يبلغ العيّ، حليما لا يبلغ الذل، منتصرا لا يبلغ الظلم، وقورا لا يبلغ البلادة، ناقدا لا يبلغ الطيش، ثم وجدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قد جمع ذلك في كلمة واحدة وهي قوله: خير الأمور أوساطها، فعلمنا أنه صلّى الله عليه وسلّم قد أوتي جوامع الكلم وعلم فصل الخطاب. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2120 وقال أبو زيد البلخي: ما أحسن ما قال الجاحظ: عقل المنشىء مشغول، وعقل المتصفح فارغ. وقال المرزباني باسناده عن المبرد، سمعت الجاحظ يقول لرجل آذاه: أنت والله أحوج إلى هوان، من كريم إلى إكرام، ومن علم إلى عمل، ومن قدرة إلى عفو، ومن نعمة إلى شكر. وقال الجاحظ في أبي الفرج نجاح بن سلمة يسأله إطلاق رزقه من قصيدة: أقام بدار الخفض راض بخفضه ... وذو الحزم يسري حين لا أحد يسري يظنّ الرضى شيئا يسيرا مهوّنا ... ودون الرضى كأس أمرّ من الصبر سواء على الأيام صاحب حنكة ... وآخر كاب لا يريش ولا يبري خضعت لبعض القوم أرجو نواله ... وقد كنت لا أعطي الدنية بالقسر فلما رأيت المرء يبذل بشره ... ويجعل حسن البشر واقية الوفر ربعت على ظلعي وراجعت منزلي ... فصرت حليفا للدراسة والفكر وشاورت إخواني فقال حليمهم ... عليك الفتى المريّ ذا الخلق الغمر أعيذك بالرحمان من قول شامت ... «أبو الفرج المأمول يزهد في عمرو» ولو كان فيه راغبا لرأيته ... كما كان دهرا في الرخاء وفي اليسر أخاف عليك العين من كلّ حاسد ... وذو الودّ منخوب الفؤاد من الذعر فإن ترع ودّي بالقبول فأهله ... ولا يعرف الأقدار غير ذوي القدر وحدث يموت بن المزرع قال: وجه المتوكل في السنة التي قتل فيها أن يحمل إليه الجاحظ من البصرة، فقال لمن أراد حمله: وما يصنع أمير المؤمنين بامرئ ليس بطائل، ذي شق مائل، ولعاب سائل، وفرج بائل، وعقل حائل؟! وحدث المبرد قال: دخلت على الجاحظ في آخر أيامه فقلت له: كيف أنت؟ فقال: كيف يكون من نصفه مفلوج لو حزّ بالمناشير ما شعر به، ونصفه الآخر منقرس لو طار الذباب بقربه لآلمه، وأشد من ذلك ست وتسعون سنة أنا فيها، ثم أنشدنا: أترجو أن تكون وأنت شيخ ... كما قد كنت أيام الشباب الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2121 لقد كذبتك نفسك ليس ثوب ... دريس كالجديد من الثياب وقال لمتطبب يشكو إليه علته: اصطلحت الأضداد على جسدي، إن أكلت باردا أخذ برجلي، وإن أكلت حارّا أخذ برأسي. وحدث أحمد بن يزيد بن محمد المهلبي عن أبيه قال، قال لي المعتز بالله: يا ابن يزيد ورد الخبر بموت الجاحظ، فقلت لأمير المؤمنين طول البقاء ودوام النعماء، قال وذلك في سنة خمس وخمسين ومائتين. وفيه يقول أبو شراعة القيسي: في العلم للعلماء إن ... يتفهموه مواعظ وإذا نسيت وقد جمع ... ت علا عليك الحافظ ولقد رأيت الظّرف ده ... را ما حواه اللافظ حتى أقام طريقه ... عمرو بن بحر الجاحظ ثم انقضى أمد به ... وهو الرئيس الفائظ [873] عمرو بن عثمان بن قنبر أبو بشر: ويقال أبو الحسن، وأبو بشر أشهر، مولى بني الحارث بن كعب ثم مولى آل الربيع بن زياد الحارثي. وسيبويه لقب ومعناه رائحة التفاح، يقال كانت أمه ترقّصه بذلك في صغره، ورأيت ابن خالويه قد اشتق له غير ذلك فقال: كان سيبويه لا يزال من يلقاه يشمّ منه رائحة الطيب فسمي سيبويه، ومعنى سي ثلاثون وبوي الرائحة، فكأنه رأى ثلاثين رائحة طيب، ولم أر أحدا قال ذلك غير   (873) - المعارف: 544 والفهرست: 57 وطبقات الزبيدي: 66 وأخبار النحويين البصريين: 15 وتهذيب الأزهري 1: 19 ونور القبس: 95 ومراتب النحويين: 65 وتاريخ بغداد 12: 195 ونزهة الألباء: 71 وتاريخ أبي المحاسن: 90 وإنباه الرواة 2: 346 وابن خلكان 3: 463 وسير الذهبي 8: 311 وعبر الذهبي 1: 278 والشريشي 2: 17 وفهرسة ابن خير (صفحات متفرقة) ومرآة الجنان 1: 445 والبداية والنهاية 10: 176 والوافي (خ) والنجوم الزاهرة 2: 99 وبغية الوعاة 2: 229 ونفح الطيب 4: 79 والشذرات 1: 252 وروضات الجنات 5: 319 وإشارة التعيين: 242 ولكوركيس عواد: سيبويه في آثار الدارسين، بغداد 1978. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2122 ابن خالويه. وأصله من البيضاء من أرض فارس ومنشأه البصرة. مات فيما ذكره ابن قانع بالبصرة سنة احدى وستين ومائة «1» وقال المرزباني: مات بشيراز سنة ثمانين ومائة، وذكر الخطيب أن عمره كان اثنتين وثلاثين سنة، ويقال إنه نيف على الأربعين سنة، وهو الصحيح، لأنه قد روى عن عيسى بن عمر، وعيسى بن عمر مات سنة تسع وأربعين ومائة، فمن وفاة عيسى إلى وفاة سيبويه إحدى وثلاثون سنة، وما يكون قد أخذ عنه إلا وهو يعقل، ولا يعقل حتى يكون بالغا، والله أعلم. وقال أحمد بن يحيى ثعلب في «أماليه» : قدم سيبويه العراق في أيام الرشيد وهو ابن نيف وثلاثين سنة، وتوفي وعمره نيف وأربعون سنة بفارس. قال الأصمعي: قرأت على قبر سيبويه بشيراز هذه الأبيات، وهي لسليمان بن يزيد العدوي: ذهب الأحبة بعد طول تزاور ... ونأى المزار فأسلموك وأقشعوا تركوك أوحش ما تكون بقفرة ... لم يؤنسوك وكربة لم يدفعوا قضي القضاء وصرت صاحب حفرة ... عنك الأحبة أعرضوا وتصدّعوا وأخذ سيبويه النحو والأدب عن الخليل بن أحمد ويونس بن حبيب وأبي الخطاب الأخفش وعيسى بن عمر. نقلت من خط أبي سعد السمعاني مما انتخبه من «طبقات أهل فارس وشيراز» تأليف الحافظ أبي عبد الله محمد بن عبد العزيز الشيرازي القصّار: بشير بن سعيد، وقيل عمرو بن عثمان بن قنبر، يكنى أبا بشر سيبويه النحوي عن الخليل بن أحمد، وهو من الحارث بن كعب، مات وكان على مظالم فارس، وقبره في شيراز، لم يزد في ترجمته على هذا. وورد بغداد وناظر بها الكسائي وتعصبوا عليه وجعلوا للعرب جعلا حتى وافقوه على خلافه، ولذلك قصة ذكرت فيما بعد. وكان سبب طلب سيبويه النحو ما ذكرناه في أخبار حماد بن سلمة. وحدث أبو عبيدة قال: لما مات سيبويه قيل ليونس بن حبيب إن سيبويه قد ألّف كتابا في ألف ورقة من علم الخليل، قال يونس: ومتى سمع سيبويه هذا كلّه من الخليل؟ جيئوني الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2123 بكتابه، فلما نظر فيه رأى كلّ ما حكى، فقال: يجب أن يكون هذا الرجل قد صدق عن الخليل في جميع ما حكاه كما صدق فيما حكاه عني. وذكر صاعد بن أحمد الجياني من أهل الأندلس في كتابه «1» قال: لا أعرف كتابا ألف في علم من العلوم قديمها وحديثها فاشتمل على جميع ذلك العلم وأحاط بأجزاء ذلك الفن غير ثلاثة كتب: أحدها المجسطي لبطلميوس في علم هيئة الأفلاك، والثاني كتاب ارسطا طاليس في علم المنطق، والثالث كتاب سيبويه البصري النحوي، فإن كلّ واحد من هذه [الكتب الثلاثة] لم يشذّ عنه من أصول فنه شيء إلا ما لا خطر له. وكان «2» إذا أراد إنسان قراءة كتاب سيبويه على المبرد يقول له: أركبت البحر، تعظيما واستصعابا. وحدث محمد بن سلام قال «3» : كان سيبويه جالسا في حلقته بالبصرة، فتذاكرنا شيئا من حديث قتادة، فذكر حديثا غريبا وقال: لم يرو هذا إلا سعيد بن أبي العروبة، فقال بعض ولد جعفر بن سليمان: ما هاتان الزائدتان يا أبا بشر؟ فقال: هكذا يقال لأن العروبة هي الجمعة، ومن قال ابن عروبة فقد أخطأ، قال ابن سلام: فذكرت ذلك ليونس فقال: أصاب لله دره. وحدث ابن النطاح قال «4» : كنت عند الخليل بن أحمد فأقبل سيبويه فقال الخليل: مرحبا بزائر لا يمل قال [أبو عمر المخزومي] «5» وكان كثير المجالسة للخليل: وما سمعت الخليل يقولها لغيره. قال: وكان شابا جميلا نظيفا. وحدث أحمد بن معاوية بن بكر العليمي قال: ذكر سيبويه عند أبي فقال: عمرو بن عثمان، قد رأيته، وكان حدث السن، كنت أسمع في ذلك العصر أنه أثبت من حمل عن الخليل، وقد سمعته يتكلم ويناظر في النحو، وكانت في لسانه حبسة، ونظرت في كتابه فرأيت علمه أبلغ من لسانه. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2124 وحدث أبو الحسن سعيد بن مسعدة والمبرد وثعلب وجمعت بين أقاويلهم وحذفت التكرار قالوا «1» : قدم سيبويه إلى العراق على يحيى بن خالد البرمكي فسأله عن خبره فقال: جئت لتجمع بيني وبين الكسائي فقال: لا تفعل فإنه شيخ مدينة السلام وقارئها ومؤدب ولد أمير المؤمنين وكلّ من في المصر له ومعه، فأبى إلا أن يجمع بينهما، فعرف الرشيد خبره فأمره بالجمع بينهما، فوعده بيوم، فلما كان ذلك اليوم غدا سيبويه وحده إلى دار الرشيد فوجد الفراء والأحمر وهشام بن معاوية ومحمد بن سعدان قد سبقوه، فسأله الأحمر عن مائة مسألة، فما أجابه عنها بجواب إلا قال: أخطأت يا بصري، فوجم سيبويه وقال: هذا سوء أدب، ووافى الكسائي وقد شقّ أمره عليه، ومعه خلق كثير من العرب، فلما جلس قال له: يا بصري كيف تقول خرجت وإذا زيد قائم، قال: خرجت وإذا زيد قائم، قال: فيجوز أن تقول خرجت فاذا زيد قائما؟ قال: لا، قال الكسائي: فكيف تقول قد كنت أظنّ أن العقرب أشدّ لسعة من الزنبور فإذا هو هي أو فإذا هو إياها، فقال سيبويه: فإذا هو هي ولا يجوز النصب، فقال الكسائي: لحنت، وخطّأه الجميع. وقال الكسائي: العرب ترفع ذلك كله وتنصبه، ودفع سيبويه قوله، فقال يحيى بن خالد: قد اختلفتما وأنتما رئيسا بلديكما فمن يحكم بينكما؟ وهذا موضع مشكل، فقال الكسائي: هذه العرب ببابك قد جمعتهم من كل أوب، ووفدت عليك من كل صقع، وهم فصحاء الناس، وقد قنع بهم أهل المصرين، وسمع أهل الكوفة والبصرة منهم، فيحضرون ويسألون، فقال يحيى وجعفر: قد أنصفت، وأمر بإحضارهم، فدخلوا وفيهم أبو فقعس وأبو دثار وأبو ثروان فسئلوا عن المسائل التي جرت بينهما، فتابعوا الكسائي، فأقبل يحيى على سيبويه فقال: قد تسمع أيها الرجل، فانصرف المجلس على سيبويه، وأعطاه يحيى عشرة آلاف درهم وصرفه، فخرج وصرف وجهه تلقاء فارس وأقام هناك حتى مات غما بالذّرب، ولم يلبث إلا يسيرا ولم يعد إلى البصرة. قال أبو الحسن علي بن سليمان الأخفش «2» : وأصحاب سيبويه إلى هذه الغاية لا اختلاف بينهم أن الجواب كما قال سيبويه وهو: فإذا هو هي، أي فإذا هو مثلها، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2125 وهذا موضع رفع وليس بموضع نصب. فإن قال قائل: فأنت تقول خرجت فإذا زيد قائم وقائما، فتنصب قائما، فلم لم يجز فإذا هو إياها لأن إيّا للمنصوب وهي للمرفوع، والجواب في هذا أن قائما انتصب على الحال وهو نكرة، وإيا مع ما بعدها مما أضيفت اليه معرفة، والحال لا تكون إلا نكرة فبطل إياها ولم يكن إلا هي وهو خبر الابتداء، وخبر الابتداء يكون معرفة ونكرة، والحال لا يكون إلا نكرة، فكيف تقع إياها وهي معرفة في موضع ما لا يكون إلا نكرة وهذا موضع الرفع؟ وقد قال أصحاب سيبويه: الأعراب الذين شهدوا للكسائي من أعراب الحطمة الذين كان الكسائي يقوم بهم ويأخذ عنهم. ولما مرض سيبويه مرضه الذي مات فيه جعل يجود بنفسه ويقول «1» : يؤمل دنيا لتبقى له ... فمات المؤمل قبل الأمل حثيثا يروّي أصول النخيل ... فعاش الفسيل ومات الرجل قالوا «2» : ولما اعتلّ سيبويه وضع رأسه في حجر أخيه فبكى أخوه لما رآه لما به، فقطرت من عينه قطرة على وجه سيبويه، ففتح عينه فرآه يبكي فقال: أخيين كنّا «3» فرّق الدهر بيننا ... إلى الأمد الأقصى ومن يأمن الدهرا وحدث أبو الطيب اللغوي «4» عن أبي عمر الزاهد قال، قال ثعلب يوما في مجلسه: مات الفراء وتحت رأسه كتاب سيبويه، فعارضه أبو موسى الحامض بما قد كتبناه في أخباره «5» . وحدث محمد بن عبد الملك التاريخي «6» فيما رواه عن ثعلب عن محمد بن سلام قال: حدثني الأخفش أنه قرأ كتاب سيبويه على الكسائي في جمعة فوهب له الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2126 سبعين دينارا، قال: وكان الكسائي يقول لي: هذا الحرف لم أسمعه فاكتبه لي، فأفعل. قال: وكان الأخفش يؤدّب ولد الكسائي؛ قال التاريخي: فكأن الجاحظ سمع هذا الخبر فقال، مما يعدده من فخر أهل البصرة على أهل الكوفة: وهؤلاء يأتونكم بفلان وفلان وبسيبويه الذي اعتمدتم على كتبه وجحدتم فضله. وحدث التاريخي أيضا وهارون بن محمد بن عبد الملك الزيات، قال هارون: دخل الجاحظ على أبي وقد افتصد فقال له: أدام الله صحتك، ووصل غبطتك، ولا سلبك نعمتك، قال: ما أهديت لي يا أبا عثمان؟ قال: أطرف شيء، كتاب سيبويه بخط الكسائي وعرض الفراء. وقال التاريخي، قال الجاحظ «1» : أردت الخروج إلى محمد بن عبد الملك ففكرت في شيء أهديه له فلم أجد شيئا أشرف من كتاب سيبويه، وقلت له: أردت أن أهدي لك شيئا ففكرت فإذا كل شيء عندك، فلم أر أشرف من هذا الكتاب، وهذا كتاب اشتريته من ميراث الفراء، قال: والله ما أهديت إليّ شيئا أحبّ إليّ منه. وحدث التاريخيّ عن المبرد عن الزراري أبي زيد قال: قال رجل لسماك بالبصرة: بكم هذه السمكة؟ قال: بدرهمان، فضحك الرجل، فقال السماك: ويلك أنت أحمق، سمعت سيبويه يقول: ثمنها درهمان. وحدث عن المبرد عن المازني عن الجرمي قال: في كتاب سيبويه ألف وخمسون بيتا سألت عنها فعرف ألف ولم تعرف خمسون. وحدثت عن النظام أنه دخل على سيبويه في مرضه فقال له: كيف تجدك أبا بشر؟ قال: أجدني ترحل العافية عني بانتقال «2» ، وأجد الداء يخامرني بحلول، غير أني وجدت الراحة منذ البارحة. قلت: فما تشتهي؟ قال: أشتهي أن أشتهي؛ فلما كان من بعد ذلك اليوم دخلت إليه وأخوه يبكي وقد قطرت من دموعه على خده، فقلت: كيف تجدك؟ فقال: يسرّ الفتى ما كان قدّم من تقى ... إذا عرف الداء الذي هو قاتله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2127 قال النظام: ثم مات من يومه. وحدث أبو حاتم السجستاني قال: دخلت على الأصمعي في مرضه الذي مات فيه فسألته عن خبره ثم قلت: كم سنة مضى من عمرك؟ فقال: لا أدري، ولكني أحدثك، كنت شابا مقتبلا فتزوجت فولد لي وولد لأولادي وأنا حي، ثم أنشد: إذا الرجال ولدت أولادها ... واضطربت من كبر أعضادها وجعلت أسقامها تعتادها ... فهي زروع قد دنا حصادها فقلت له: في نفسي شيء أريد أن أسألك عنه، قال: سل، فقلت: حدثني بما جرى بينك وبين سيبويه من المناظرة، فقال: والله لولا أني لا أرجو الحياة من مرضتي هذه ما حدثتك: إنه عرض عليّ شيء من الأبيات التي وضعها سيبويه في كتابه، ففسرتها على خلاف ما فسره، فبلغ ذلك سيبويه، فبلغني أنه قال: لا ناظرته إلا في المسجد الجامع، فصليت يوما في الجامع ثم خرجت فتلقاني في المسجد فقال لي: اجلس يا أبا سعيد، ما الذي أنكرت من بيت كذا وبيت كذا، ولم فسرت على خلاف ما يجب؟ فقلت له: ما فسرت إلا على ما يجب، والذي فسّرته أنت ووضعته خطأ، تسألني وأجيب. ورفعت صوتي فسمع العامة فصاحتي ونظروا إلى لكنته، فقالوا: غلب الأصمعيّ سيبويه، فسّرني ذلك فقال لي: إذا علمت أنت يا أصمعيّ ما نزل بك مني لم ألتفت إلى قول هؤلاء، ونفض يده في وجهي ومضى. ثم قال الأصمعي: يا بنيّ فو الله لقد نزل بي منه شيء وددت أني لم أتكلم في شيء من العلم. وعن أبي عثمان المازني قال، حدثني الأخفش قال: حضرت مجلس الخليل، فجاءه سيبويه فسأله عن مسألة وفسّرها له الخليل فلم أفهم ما قالا، فقمت وجلست له في الطريق فقلت له: جعلني الله فداءك، سألت الخليل عن مسألة فلم أفهم ما ردّ عليك ففهمنيه، فأخبرني بها فلم تقع لي ولا فهمتها، فقلت له: لا تتوهم أني أسألك إعناتا فاني لم أفهمها ولم تقع لي، فقال لي: ويلك ومتى توهمت أنني أتوهم أنك تعنتني، ثم زجرني وتركني ومضى. وحدث المازني قال، قال الأخفش: كنت عند يونس فقيل له: قد أقبل الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2128 سيبويه، فقال: أعوذ بالله منه. قال: فجاء فسأله فقال: كيف تقول مررت به المسكين؟ فقال جائز أن أجرّه على البدل من الهاء، قال فقال له: فمررت به المسكين على معنى المسكين مررت به، فقال: هذا خطأ لأنّ المضمر قبل الظاهر. قال فقال له: إن الخليل أجاز ذلك وأنشد فيها أبياتا، فقال: هو خطأ، فغمّني ذلك، قال: فمررت به المسكين، فقال: جائز فقال: على أيّ شيء ينصب؟ فقال: على الحال، فقال سيبويه: أليس أنت أخبرتني أن الحال لا تكون بالألف واللام؟ فقال له: صدقت، ثم قال لسيبويه، فما قال صاحبك فيه، يعني الخليل؟ فقال سيبويه: قال لي إنه ينصب على الترخيم، فقال: ما أحسن هذا، ورأيته مغموما بقوله نصبته على الحال. [874] عمرو بن مسعدة بن سعد بن صول بن صول الصولي، كنيته أبو الفضل، من جلة كتاب المأمون وأهل الفضل والبراعة والشعر منهم. وذكر الجهشياري أن مسعدة كان مولى خالد بن عبد الله القسري وأنه كان يكتب لخالد، وكان بليغا كاتبا مات في سنة أربع عشرة ومائتين، وقيل في سنة سبع في أيام المأمون، وكان مسعدة من كتاب خالد بن برمك ثم كتب بعده لأبي أيوب وزير المنصور على ديوان الرسائل. قال الصولي، قال أحمد بن عبد الله: كان لمسعدة أربعة بنين: مجاشع وهو الذي يقول فيه أبو العتاهية: علمت يا مجاشع بن مسعده ... أن الشباب والفراغ والجده مفسدة للمرء أيّ مفسده ومسعود وعمرو ومحمد، وقد ذكر أن المنصور قال يوما لكتابه: اكتبوا لي تعظيم الاسلام، قال: فبدر مسعدة فكتب: الحمد لله الذي عظم الاسلام واختاره،   (874) - ترجمة عمرو بن مسعدة في الجهشياري: 216 ومعجم المرزباني: 33 وتاريخ بغداد 12: 203 وابن خلكان 3: 475 وإعتاب الكتاب: 116 وسير الذهبي 10: 181 والوافي للصفدي (مخطوط) ؛ وهو ابن عم ابراهيم بن العباس الصولي، وله شهرة في إجادة التوقيعات. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2129 وأوضحه وأناره، وأعزه وأنافه، وشرّفه وأكمله، وتممه وفضله، وأعزه ورفعه، وجعله دينه الذي أحبه واجتباه، واستخلصه وارتضاه، واختاره واصطفاه، وجعله الدين الذي تعتدّ به ملائكته، وأرسل بالدعاء عليه أنبياءه، وهدى له من أراد إكرامه وإسعاده من خلقه، فقال جلّ من قائل: إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ (آل عمران: 19) وقال جل وعلا: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ (آل عمران: 85) وقال: مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ (الحج: 78) فبهذا الإسلام والدخول فيه والعلم به وأداء شرائعه والقيام بمفروضاته وصلت ملائكته ورسله إلى رضوان الله ورحمته وجواره في جنته، وبه تحرزوا من غضبه وعقوبته، وأمنوا نكال عذابه وسطوته. فقال المنصور: حسبك يا مسعدة، اجعل هذا صدر الكتاب إلى أهل الجزيرة بالاعذار والانذار. وأما عمرو بن مسعدة ففضله شائع ونبله ذائع أشهر من أن ينبّه عليه، أو يدلّ بالوصف إليه، قد ولي للمأمون الأعمال الجليلة، وألحق بذوي المراتب النبيلة، وسماه بعض الشعراء وزيرا لعظم منزلته لا لأنه كان وزيرا وهو قوله: لقد أسعد الله الوزير ابن مسعده ... وبثّ له في الناس شكرا ومحمده في أبيات. فحدث إسماعيل بن أبي محمد اليزيدي «1» قال: كان عمرو بن مسعدة أبيض أحمر الوجه، وهو من أولاد صول الأكبر جدّ محمد بن صول بن صول، وقد ذكرت أصلهم في أخبار إبراهيم بن العباس من هذا الكتاب «2» . وكان المأمون يسميه الرومي لبياض وجهه. ووصف الفضل بن سهل بلاغة عمرو بن مسعدة فقال: هو أبلغ الناس، ومن بلاغته أن كلّ أحد إذا سمع كلامه ظنّ أنه يكتب مثله فإذا رامه بعد عليه، وهذا كما قيل لجعفر بن يحيى ما حدّ البلاغة؟ فقال: التي إذا سمعها الجاهل ظنّ أنه يقدر على مثلها فإذا رامها استصعبت عليه. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2130 وحدث العباس بن رستم قال: كان لعمرو بن مسعدة فرس أدهم أغرّ لم يكن لأحد مثله فراهة وحسنا، فبلغ المأمون خبره، وبلغ عمرو بن مسعدة ذلك، فخاف أن يأمر بقوده إليه فلا يكون له فيه محمدة، فوجّه به إليه هدية وكتب معه «1» : يا إماما لا يداني ... هـ إذا عدّ إمام فضل الناس كما يف ... ضل نقصانا تمام قد بعثنا بجواد ... مثله ليس يرام فرس يزهى به لل ... حسن سرج ولجام دونه الخيل كما دون ... ك «2» في الفضل الأنام وجهه صبح ولكن ... سائر الجسم ظلام والذي يصلح للمو ... لى على العبد حرام وكتب عمرو بن مسعدة إلى الحسن بن سهل: أما بعد فإنك ممن إذا غرس سقى، وإذا أسّس بنى، ليستتم تشييد أسّه، ويجتني ثمار غرسه، وثناؤك عندي قد شارف الدروس، وغرسك مشف على اليبوس، فتدارك بناء ما أسست وسقي ما غرست، إن شاء الله تعالى. وحدث الصولي قال «3» : لما مات عمرو بن مسعدة رفع إلى المأمون أنه خلف ثمانين ألف ألف درهم، فوقّع على الرقعة: هذا قليل لمن اتصل بنا وطالت خدمته لنا، فبارك الله لولده فيه. وعمرو القائل في رواية المرزباني «4» : ومستعذب للهجر والوصل أعذب ... أكاتمه حبي فينأى وأقرب إذا جدت مني بالرضا جاد بالجفا ... ويزعم أني مذنب وهو أذنب تعلمت ألوان الرضى خوف هجره ... وعلّمه حبي له كيف يغضب ولي غير وجه قد عرفت طريقه ... ولكن بلا قلب إلى أين أذهب الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2131 [875] عمرو بن كركرة أبو مالك الاعرابي: كان يعلم بالبادية، وورق في الحضرة، وهو مولى بني سعد وكان راوية أبي البيداء، يقال إنه كان يحفظ لغة العرب، وكان بصريّ المذهب، وكان أحد الطياب «1» ، قال الجاحظ: كان يزعم أن الأغنياء عند الله أكرم من الفقراء، ويقول: إن فرعون عند الله أكرم من موسى، وكان يلتقم الحارّ الممتنع فلا يؤذيه، وصنف كتبا: منها كتاب خلق الانسان. كتاب الخيل. وقال أبو الطيب اللغوي في «كتاب مراتب النحويين» «2» : كان ابن مناذر يقول: كان الأصمعي يجيب في ثلث اللغة، وكان أبو عبيدة يجيب في نصفها، وكان أبو زيد يجيب في ثلثيها، وكان أبو مالك يجيب فيها كلها، وإنما عنى ابن مناذر توسعهم في الرواية والفتيا، لأن الأصمعي كان يضيّق ولا يجوّز إلا أصح اللغات ويلحّ في ذلك ويمحك، وكان مع ذلك لا يجيب في القرآن وحديث النبي صلّى الله عليه وسلّم، فعلى هذا يزيد بعضهم على بعض (له قصة في أخبار ابن مناذر في «كتاب الشعراء» من تصنيفنا) «3» . [876] عنبسة بن معدان الفيل: أخذ النحو عن أبي الأسود الدؤلي، ولم يكن في من أخذ النحو أبرع منه، وأما معنى تسميته بمعدان الفيل- فحدث محمد بن عبد الملك   (875) - ترجمته في الفهرست: 49 وطبقات الزبيدي: 157 وتاريخ أبي المحاسن: 216 وإنباه الرواة 2: 360 والوافي للصفدي (خ) وبغية الوعاة 2: 228. (876) - ترجمة عنبسة في طبقات الزبيدي: 29- 30 ومراتب النحويين: 19 وأخبار النحويين البصريين: 23- 24 وتاريخ أبي المحاسن: 159 ونور القبس: 23 وإنباه الرواة 2: 381 ونزهة الألباء: 6- 7 والوافي للصفدي (خ) وبغية الوعاة 2: 233 وإشارة التعيين: 246. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2132 التاريخي عن يوسف بن يعقوب بن السكيت قال: حدثني عبد الرحيم بن مالك عن الهيثم بن عديّ عن أشياخه، قال يوسف وحدثني مسلم بن محمد بن نوح عن هشام بن محمد عن رجل من قريش قال «1» : كانت لزياد بن أبيه فيلة ينفق عليها في كل يوم عشرة دراهم، فأقبل رجل من أهل ميسان يقال له معدان فقال: ادفعوها إليّ وأكفيكم المؤونة وأعطيكم عشرة دراهم في كلّ يوم، فدفعوها إليه، فأثرى وابتنى قصرا، ونشأ له ابن يقال له عنبسة، فروى الأشعار وظرف وفصح، وروى شعر جرير والفرزدق، وانتمى إلى بني أبي بكر ابن كلاب، فقيل للفرزدق: ها هنا رجل من بني أبي بكر ابن كلاب يروي شعر جرير ويفضّله عليك ووصفوه له، فقال: رجل من بني أبي بكر ابن كلاب على هذه الصفة لا أعرفه، فأروني داره، فأروه فقال: هذا ابن معدان الميساني ثم قصّ قصته وقال: لقد كان في معدان والفيل زاجر ... لعنبسة الراوي عليّ القصائدا فروي البيت بالبصرة. ولقي عنبسة أبا عيينة ابن المهلب فقال له أبو عيينة: ما أراد الفرزدق بقوله: لقد كان في معدان والفيل زاجر فقال: إنما قال لقد كان في معدان واللؤم زاجر، فقال أبو عيينة: وأبيك إن شيئا فررت منه إلى اللؤم لعظيم. قال التاريخي: فحدثت بهذا الحديث أبا العباس أحمد بن يحيى ثعلبا فسرّ به وسألني أن أكتبه له، فكتبته له، والحديث على لفظ مسلم بن محمد بن نوح. [877] عوانة بن الحكم بن عوانة بن عياض بن وزر بن عبد الحارث بن أبي   (877) - ترجمة عوانة في الفهرست: 103 ونور القبس: 263 والوافي للصفدي (خ) ونكت الهميان 222- 223. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2133 حصن بن ثعلبة بن جبير بن عامر بن النعمان: كان عالما بالأخبار والآثار ثقة، روى عنه الأصمعي والهيثم بن عدي وكثير من أعيان أهل العلم. وقال أبو عبيدة في «كتاب المثالب» يقال في الحكم بن عوانة الكلبي إن أباه كان عبدا خياطا ادعي بعد ما احتلم، وكانت أمه أمة سوداء لآل أيمن بن خريم بن فاتك الأسدي، وله إخوة موال، قال في ذلك ذو الرمة «1» : ألكني فإني مرسل برسالة ... إلى حكم من غير حبّ ولا قرب «2» فلو كنت من كلب صميما هجوتها ... ولكن لعمري لا إخالك من كلب ولكنما أخبرت أنك ملصق ... كما ألصقت من غيرها ثلمة القعب تدهدى فخرّت ثلمة من صميمه ... فلزّ بأخرى بالغراء وبالشعب «3» حدث أحمد بن يحيى قال: أنشدني ذو الرمة شعرا وعوانة بن الحكم حاضر، فعاب شيئا منه، فقال فيه هذه الأبيات المتقدمة. قال وقال محمد بن أحمد الكاتب، وقال عياض بن وزر في ابنه عوانة «4» : عجبا عجبت لمعشر لم يرشدوا ... جعلوا عوانة لي بغيب ابنما إني إلى الرحمن أبرأ صادقا ... ما نكت أمك يا عوانة محرما أنكرت منك جعودة في حوّة ... ومشافرا هدلا وأنفا أخثما ما كان لي في آل حام والد ... عبدا فأصبح في كنانة أكشما وكان يكنى أبا الحكم، وكان ضريرا، مات فيما ذكره المرزباني عن الصولي سنة سبع وأربعين ومائة في الشهر الذي مات فيه الأعمش. قال المدائني: مات عوانة سنة ثمان وخمسين ومائة في السنة التي مات فيها المنصور. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2134 حدث الهيثم بن عدي قال «1» : كنت عند عبد الله بن عياش الهمداني وعنده عوانة بن الحكم، فتذاكروا أمر النساء، فقلت: حدثني ابن الظلمة عن أمه أنها قالت: والله ما أبى «2» النساء مثل أعمى عفيف، فضرب عوانة بيده على فخذي وقال: حفظك الله يا أبا عبد الرحمن فإنك تحفظ غريب الحديث وحسنه، قال: وكان عوانة ضريرا. قال قال عبد الله بن جعفر: عوانة بن الحكم من علماء الكوفة بالأخبار خاصة والفتوح مع علم بالشعر والفصاحة، وله اخوة وأخبار ظريفة، وكان موثقا، وعامة أخبار المدائني عنه. قال: وروى عبد الله بن المعتز عن الحسن بن عليل العنزي أن عوانة بن الحكم كان عثمانيا، وكان يضع أخبارا لبني أمية. قال: وحدث أبو العيناء عن الأصمعي قال: أنشد عوانة بيتين فقيل له لمن هما؟ قال: أنا تركت الحديث بغضا منّي للاسناد، وليس أراكم تعفوني منه في الشعر. وحدث هشام بن الكلبي عن عوانة قال: خطبنا عتبة بن النّهاس العجليّ فقال: ما أحسن شيئا قاله الله عز وجل في كتابه: ليس حيّ على المنون بباق ... غير وجه المسبّح الخلاق فقمت إليه فقلت: أيها الرجل إن الله عز وجل لم يقل هذا، إنما قاله عديّ بن زيد [فقال: والله ما ظننته إلا من كتاب الله، ولنعم ما قال عدي بن زيد] ثم نزل عن المنبر. وأتي بامرأة من الخوارج فقال: يا عدوة الله ما خروجك على أمير المؤمنين؟ ألم تسمعي قول الله عز وجل: كتب القتل والقتال علينا ... وعلى المحصنات جرّ الذيول «3» فحركت رأسها وقالت: يا عدوّ الله حملني على الخروج جهلكم بكتاب الله عز وجل. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2135 وحدث الهيثم بن عدي قال: كنا عند عوانة فورد الخبر بأنّ محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب قد قتل بالمدينة، فترحم عليه عوانة وذكر فضله ثم قال: أخطأ الرأي في استهدافه لهم ومقابلته إياهم بالقرب منهم، ولو تباعد عنهم حتى يجتمع أمره ويرى رأيه لطالت مدته، فقيل له قد أشير عليه بذلك فلم يقبله، فتمثل عوانة بقول زهير «1» : أضاعت فلم تغفر لها غفلاتها ... فلاقت بيانا عند آخر معهد «2» دما حول شلو تحجل الطير حوله ... وبضع لحام في إهاب مقدّد «3» قال ثم قال: هل علينا عين؟ قالوا: لا فقل ما شئت، فقال: محمد والله من الذين قال الله فيهم التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ الْحامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ (التوبة: 112) . وحدث التاريخي عن إسماعيل بن إسحاق عن نصر بن عليّ عن الأصمعي عن عوانة: قال كان ابن زياد يأكل بعد الشبع أربع جرادق أصبهانية وجبنة ورطلا عسلا. وحدث عنه أحمد بن عبيد عن الأصمعي عن عوانة قال: لقي رجلا أعرابيا فقال ممن الرجل؟ قال: من قوم إذا نسي الناس علمهم حفظوه عليهم. قال فأنت إذن من كلب، قال: أجل. وكان لعوانة أخ يقال له عياض «4» نحوي أديب أقام بأفريقية انتقل إليها من الكوفة فحدث المرزباني باسناده قال: كان عوانة بن الحكم يقول لأخ له يقال له عياض نحوي: لا تعمّق في النحو فإنه لم يتعمق فيه أحد إلا صار معلما، قال: فصار عياض بعد ذلك معلما بأفريقية لولد المعلّى «5» . الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2136 [878] عوف بن محلم الخزاعي أبو المنهال: أحد العلماء الأدباء، والرواة الفهماء، والندامى الظرفاء، والشعراء الفصحاء. وكان صاحب أخبار ونوادر، وله معرفة بأيام الناس. وكان طاهر بن الحسين بن مصعب قد اختصه لمنادمته، واختاره لمسامرته، وكان لا يخرج في سفر إلا أخرجه معه، وجعله زميله وأنيسه وعديله، وكان يعجب به. قال محمد بن داود: ويقال إن سبب اتصاله بطاهر أنه نادى على الجسر بهذه الأبيات في أيام الفتنة ببغداد، وطاهر ينحدر في حراقة في دجلة، فسمعها منه فأدخله وأنشده إياها وهي «1» : عجبت لحرّاقة ابن الحسي ... ن كيف تعوم ولا تغرق وبحران من تحتها واحد ... وآخر من فوقها مطبق وأعجب من ذاك عيدانها ... وقد مسّها كيف لا تورق وأصله من حران، فبقى مع طاهر ثلاثين سنة لا يفارقه، وكان يستأذنه في الانصراف إلى أهله ووطنه فلا يأذن له ولا يسمح به، فلما مات طاهر ظن أنه قد تخلص وأنه يلحق به ويرجع إلى وطنه، فقرّبه عبد الله بن طاهر من نفسه وأنزله منزلته من أبيه، وكان عبد الله أديبا فاضلا عالما بأخبار الناس، فلما وقف على أدب عوف وفضله تمسك به وأفضل عليه حتى كثر ماله وحسن حاله، وتلطف بجهده أن يأذن له عبد الله في العود إلى وطنه فلم يكن إلى ذلك سبيل، وحفزه الشوق إلى أهله وأهمه أمرهم، فاتفق ان خرج عبد الله من بغداد يريد خراسان، فصيّر عوفا عديله يستمتع   (878) - ترجمة عوف بن محلم في طبقات ابن المعتز: 186- 193 وتاريخ بغداد 9: 486 (في ترجمة عبد الله بن طاهر) والوافي للصفدي (خ) ومعاهد التنصيص 1: 27، 127 والشذرات 2: 32 ومعجم البلدان (الري) (ميان) وشرح شواهد المغني: 278 والفوات 3: 162 وذكر صاحب الفهرست (188) أن ديوانه ثلاثون ورقة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2137 بمسامرته ويرتاح إلى محادثته إلى أن دنا من الري، فلما شارفها سمع صوت عندليب يغرّد بأحسن تغريد وأشجى صوت، فأعجب عبد الله بصوته والتفت إلى عوف بن محلم فقال له: يا ابن محلم هل سمعت قطّ أشجى من هذا الصوت وأطرب منه؟ فقال: لا والله أيها الأمير وإنه لحسن الصوت شجيّ النغمة مطرب التغريد، فقال عبد الله: قاتل الله أبا كبير حيث يقول: ألا يا حمام الأيك إلفك حاضر ... وغصنك ميّاد ففيم تنوح أفق لا تنح من غير شيء فإنني ... بكيت زمانا والفؤاد صحيح ولوعا فشطت غربة دار زينب ... فها أنا أبكي والفؤاد قريح فقال عوف: أحسن والله أبو كبير وأجاد، ثم قال: أصلح الله الأمير «1» إنه كان في الهذليين مائة وثلاثون شاعرا ما فيهم إلا مفلق، وما كان فيهم مثل أبي كبير، فإنه كان يبدع في شعره ويفهم آخر قوله أوله، وما شيء أبلغ في الشعر من الابداع فيه، قال عبد الله: أقسمت عليك إلا أجزت شعر أبي كبير، قال عوف: أصلح الله الأمير قد كبر سني وفني ذهني وأنكرت كل ما كنت أعرفه، قال عبد الله: سألتك بحقّ طاهر إلا فعلت، وكان لا يسأل بحقّ طاهر شيئا إلا ابتدر إليه لما كان يوجبه له، فلما سمع عوف ذلك أنشأ يقول: أفي كلّ عام غربة ونزوح ... أما للنوى من ونية فتريح لقد طلّح البين المشتّ ركائبي ... فهل أرينّ البين وهو طليح وأرقني بالريّ نوح حمامة ... فنحت وذو البثّ الغريب ينوح على أنها ناحت ولم تذر دمعة ... ونحت وأسراب الدموع سفوح وناحت وفرخاها بحيث تراهما ... ومن دون أفراخي مهامه فيح ألا يا حمام الأيك إلفك حاضر ... وغصنك ميّاد ففيم تنوح عسى جود عبد الله أن يعكس النوى ... فتلقى عصا التطواف وهي طريح فإن الغنى يدني الفتى من صديقه ... وعدم الغنى بالمقترين طروح الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2138 قال: فاستعبر عبد الله ورقّ له وجرت دموعه وقال له: والله إني لضنين بمفارقتك شحيح على الفائت من محاضرتك، ولكن والله لا أعملت معي خفّا ولا حافرا إلا راجعا إلى أهلك، ثم أمر له بثلاثين ألف درهم، فقال يمدح عبد الله وأباه: يا ابن الذي دان له المشرقان ... وألبس الأمن به المغربان إنّ الثمانين وبلّغتها ... قد أحوجت سمعي إلى ترجمان وأبدلتني بالشّطاط انحنا ... وكنت كالصّعدة تحت السنان وعوّضتني من زماع الفتى ... وهمتي همّ الهجان الهدان وقاربت منّي خطى لم تكن ... مقاربات وثنت من عنان وأنشأت بيني وبين الورى ... عنانة من غير نسج العنان ولم تدع فيّ لمستمتع ... إلا لساني وبحسبي لسان أدعو به الله وأثني به ... على الأمير المصعبيّ الهجان وهمت بالأوطان وجدا بها ... وبالغواني أين مني الغوان فقرّباني بأبي أنتما ... من وطني قبل اصفرار البنان وقبل منعاي إلى نسوة ... أوطانها حرّان والرّقّتان سقى قصور الشاذياخ الحيا ... من بعد عهدي وقصور الميان فكم وكم من دعوة لي بها ... أن تتخطاها صروف الزمان وهذه قصور بخراسان بناحية نيسابور لآل طاهر. ثم ودع عبد الله وسار راجعا إلى أهله فمات قبل أن يصل إليهم. وقد روي في خبر هذه الأبيات أن عوف بن محلم دخل على عبد الله بن طاهر فسلّم عبد الله عليه فلم يسمع، فأعلم بذلك، فزعموا أنه أنحل هذه القصيدة. وكان «1» قد ورد على عبد الله بن طاهر شاعر يقال له روح، وعرض على عوف شعره فمنعه من إنشاده عبد الله، وقال: إن عبد الله رجل عالم فاضل لا ينفق عليه من الشعر إلا أحسنه، فقال له: قد حسدتني، وتوصّل حتى أنشده عبد الله فاسترذله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2139 واستبرده وردّه، فبلغ ذلك عوفا فقال: أنشدني روح مديحا له ... فقلت شعرا قال لي فايش فصرت لما أن بدا منشدا ... كأنني في قبّة الخيش وقلت زدني وتفهمته «1» ... والثلج في الصيف من العيش [879] عون بن محمد الكندي الكاتب أبو مالك: أحد أصحاب ابن الأعرابي، وأخذ عن سلمة بن عاصم صاحب الفراء، وروى عنه الصولي فأكثر. حدث الصولي قال حدثني عون بن محمد الكندي قال: كنا في مجلس ابن الأعرابي فقدم قادم من سرّ من رأى فأخبر بنكبة سليمان بن وهب وأحمد بن الخصيب فأنشد ابن الأعرابي: ربّ قوم رتعوا في نعمة ... زمنا والعيش ريان غدق سكت الدهر طويلا عنهم ... ثم أبكاهم دما حين نطق [880] عيسى بن إبراهيم الربعي الوحاظي: بلدة باليمن. لا أعرف حاله إلا أنه مصنّف كتاب «نظام الغريب» «2» في اللغة حذا فيه حذو «كفاية المتحفظ» «3» وأجاده، وأهل اليمن مشتغلون به.   (879) - له ترجمة موجزة في الوافي للصفدي (خ) . (880) - له ترجمة في الوافي للصفدي (خ) ونقل ما قاله ياقوت ولم يزد؛ وبغية الوعاة 2: 235 وهو ينقل عن الخزرجي والجندي، وذكر أن وفاته كانت ببلده سنة 480. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2140 [881] عيسى بن عمر الثقفي، أبو عمر مولى خالد بن الوليد: نزل في ثقيف فنسب إليهم، عالم بالنحو والعربية والقراءة مشهور بذلك، أخذ عن عبد الله بن أبي إسحاق الحضرمي. ومات عيسى بن عمر سنة تسع وأربعين ومائة في خلافة المنصور قبل أبي عمرو بن العلاء بخمس سنين أو ستّ. حدث التاريخي محمد بن عبد الملك عن المبرد قال: أول من وضع العربية ونقط المصاحف أبو الأسود الدؤلي، ثم أخذ النحو عن أبي الأسود عنبسة بن معدان المهري الذي يقال له عنبسة الفيل، ثم أخذه عن عنبسة ميمون الأقرن، ثم أخذه عن ميمون: ابن أبي إسحاق الحضرمي ثم أخذه عن ابن أبي إسحاق: عيسى بن عمر [ثم أخذه عنه الخليل بن أحمد] ثم أخذه عن الخليل بن أحمد سيبويه، ثم أخذه عن سيبويه الأخفش واسمه سعيد بن مسعدة. قال التاريخي: حدثنا المبرد مرة أخرى عن التوّزي عن أبي عبيدة قال: ووضع عيسى بن عمر كتابين في النحو سمّى أحدهما «الجامع» والآخر «المكمل» فقال الخليل بن أحمد: بطل النحو جميعا كله ... غير ما أحدث عيسى بن عمر ذاك إكمال وهذا جامع ... فهما للناس شمس وقمر قال المؤلف: وهذان كتابان ما علمنا أحدا رآهما ولا عرفهما، غير أن أبا الطيب اللغوي ذكر في كتابه أنهما مبسوط ومختصر. وذكر عن المبرد أنه قال: قرأت أوراقا من أخد كتابي عيسى بن عمر، وذكر أيضا أن عيسى بن عمر أخذ النحو عن أبي عمرو بن العلاء.   (881) - ترجمة عيسى بن عمر في المعارف: 531 وطبقات الزبيدي: 40 والفهرست: 47 ومراتب النحويين: 32 وأخبار النحويين البصريين: 31 وتاريخ أبي المحاسن: 135 ونور القبس: 46، وإنباه الرواة 2: 374 وابن خلكان 3: 486 وسير الذهبي 7: 200 ونزهة الألباء: 12 والبداية والنهاية 10: 105 والوافي للصفدي (خ) وطبقات ابن الجزري 1: 613 وتهذيب التهذيب 8: 223 والنجوم الزاهرة 2: 11 وبغية الوعاة 2: 237 والشذارت 1: 224 وروضات الجنات 5: 338. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2141 وحدث المرزباني فيما أسنده إلى الأصمعي قال: كان عيسى بن عمر صاحب تقعير «1» في كلامه، وكان عمر بن هبيرة قد اتهمه بوديعة لبعض العمال، فضربه مقطعا نحوا من ألف سوط، فجعل يقول: والله ما كانت إلا أثّيابا في أسيفاط قبضها عشاروك، فيقول له: إنك لخبيث. قال: وكان دقيق الصوت، قال: فكان طول دهره يحمل في كمه خرقة فيها سكر العشر والاجاص اليابس، وربما رأيته واقفا أو سائرا أو عند بعض ولاة البصرة، فتصيبه نهكة في فؤاده فيخفق عليه حتى يكاد يغلب فيستغيث بإجاصة وسكرة يلقيها في فيه ثم يتمصصها، فإذا فعل ذلك سكن عليه، فسئل عن ذلك فقال: أصابني هذا من الضرب الذي ضربني عمر بن هبيرة فعالجته بكلّ شيء فما رأيت له أصلح من هذا. وحدث التاريخي عن المبرد قال: سمعت يحيى بن معين يقول: عيسى بن عمر النحوي بصري، وعيسى بن عمر الكوفي همداني وهو صاحب الحروف. وحدث عن يوسف بن يعقوب بن السكيت عن الجمّاز قال: عيسى بن عمر أخو حاجب بن عمر، ويكنى حاجب أبا خشينة، روي عنه الحديث، وهما موليان لبني مخزوم، وهما من ولد الحكم بن عبد الله بن الأعرج الذي روي عنه الحديث. وحدث عن أحمد بن عبيد النحوي عن الأصمعي قال: حدثنا عيسى بن عمر قال: قدمت من سفر فدخل عليّ ذو الرمة، فعرضت أن لا أكون أعطيته شيئا، فقال: لا، أنا وأنت نأخذ ولا نعطي. قال الأصمعي: وحدثني عيسى بن عمر قال: لقد كنت أكتب بالليل حتى ينقطع سوئي أي وسطي. وحدث عن أحمد بن عبيد عن الأصمعي عن عيسى بن عمر قال: اللهازم قيس بن ثعلبة وعجل وعنزة وتيم الله، قال عيسى بن عمر: أرى اللهازم تجمعوا كما تجمع لهازم الدابة قال: والرباب ثور وعكل [وتيم الله] وتيم عدي وضبة وأطحل كلهم إخوة، وإنما سموا الرباب لأنهم تجمعوا وتحالفوا، والرباعة جماعة القداح إذا ضمت، وجشم بن بكر وإخوتهم الأراقم، وليس بنسب، ولكن الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2142 شبهت عيونهم بعيون الأراقم من الحيات فبقي عليهم. قال مؤلف الكتاب: أما قوله وأطحل فهو عجب من مثله لأن أطحل اسم جبل سكنه ثور فنسب إليه فقيل ثور أطحل، ولا يفرد في اسم القبيلة. وأما قوله إنهم تجمعوا مثل الربابة فأكثر أهل هذا الشأن يزعمون أنهم تجمعوا وغمسوا أيديهم في الربّ وتحالفوا على بني تميم. قال أبو العباس ثعلب: جمع الحسن بن قحطبة عند مقدمه مدينة السلام الكسائيّ والأصمعيّ وعيسى بن عمر، فألقى عيسى على الكسائي هذه المسألة: همّك ما أهمّك، فذهب الكسائي يقول يجوز كذا ويجوز كذا، فقال له عيسى: عافاك الله إنما أريد كلام العرب وليس هذا الذي تأتي به كلام العرب. قال أبو العباس: وليس يقدر أحد أن يخطىء في هذه المسألة لأنه كيف أعرب هذه الكلمة فهو مصيب، وإنما أراد عيسى بن عمر من الكسائي أن يأتيه باللفظة التي وقعت إليه. [882] عيسى بن مردان الكوفي أبو موسى: ذكره محمد بن إسحاق النديم قال: قرأت بخط ابن الكوفي أنه أخذ عن أبي طالب المفضل بن سلمة وروى عنه. وله من الكتب: كتاب القياس على أصول النحو. [883] عيسى بن المعلى بن مسلمة الرافقي أحد أدباء عصرنا: أخمل من ذكره خمول قطره، كان مؤدبا بمدينة الرقة التي على الفرات، وله شعر كثير وفضائل جمة وعدة تصانيف، منها كتاب تبيين الغموض في علم العروض وجدته بخطه وقد كتبه في سنة تسعين وخمسمائة، وعاش بعد ذلك. وله كتاب في اللغة حسن في مجلدين ضخمين رأيته بخطه أيضا. كتاب ديوان شعره مجلدان.   (882) - الفهرست: 77 والوافي للصفدي (خ) ونقل ما أورده ياقوت. (883) - له ترجمة في الوافي للصفدي (خ) وذكر أنه يلقب حجة الدين وأنه مدح أكابر حلب وصفي الدين طارقا وجماعة من أمراء نور الدين وتوفي سنة 605، قال: وله مقدمة في النحو سماها المعونة وشرحها (ونقل أيضا ما ذكره ياقوت) . الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2143 [884] عيسى بن مينا بن وردان بن عيسى بن عبد الصمد بن عمرو بن عبد الله المدني المعروف بقالون القارىء، كنيته أبو موسى: صاحب نافع بن أبي نعيم، مات سنة خمس ومائتين في أيام المأمون، ومولده سنة عشرين ومائة في أيام هشام بن عبد الملك، وقرأ على نافع سنة خمسين ومائة في أيام المنصور. وكان قالون أصم لا يسمع البوق، وكان إذا قرأ عليه قارىء ألقم أذنه فاه ليسمع قراءته، وهو مولى الأنصار. حدث أبو موسى قالون: كان نافع إذا قرأت عليه يعقد لي ثلاثين ويقول لي: قالون، قالون، يعني جيد بالرومية، وإنما كان يكلمه بذلك لأن قالون أصله من الروم، جدّ جده عبد الله من سبي أيام عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقدم به من أسره وباعه، فاشتراه بعض الأنصار فأعتقه، فهو مولى الأنصار. [885] عيسى بن يزيد بن دأب الليثي: هو عيسى بن يزيد بن بكر بن كرز بن الحارث بن عبد الله بن أحمد بن يعمر الشداخ بن عوف بن كعب بن عامر بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر، وفي نسبه اختلاف هذا أظهره، أبو الوليد، الراوية النسّاب من أهل الحجاز، وكان يضعّف في روايته، مات في سنة احدى وسبعين ومائة في أول خلافة الرشيد. وحدث المرزباني قال، قال عبد الله بن جعفر: كان عيسى بن يزيد بن دأب يكنى أبا الوليد، وكان من رواة الأخبار والأشعار وحفاظهم، وكان معلما من علماء الحجاز. وحدث فيما رفعه إلى رفيع بن سلمة عن أبي عبيدة قال: أنشد ابن دأب:   (884) - ترجمته في سير الذهبي 10: 326 وعبر الذهبي 1: 380 ومعرفة القراء الكبار 1: 128 وطبقات ابن الجزري 1: 615 والوافي للصفدي (خ) والنجوم الزاهرة 2: 235 والشذرات 2: 48 وقد ذكر الذهبي أنه توفي سنة 220. (885) - ترجمته في الفهرست: 103 ونور القبس: 310 ومراتب النحويين: 99- 100 وتاريخ بغداد 11: 148 والوافي للصفدي (خ) . الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2144 وهم من ولدوا أشبوا ... بسرّ الأدب المحض فبلغ ذلك أبا عمرو بن العلاء فقال: أخطأت استه الحفرة، إنما هو أشبؤوا أي كفوا، أما سمع قول الشاعر «1» : وذو الرمحين أشباك ... من القوة والحزم فبلغه عن ابن دأب شيء فقال: على نفسها تجني براقش «2» ، أما سمعتم قول الليثي: ألا من مبلغ دأب بن كرز ... أبا الخنساء ذائدة الظليم فلا تفخر بأحمر واطّرحه ... فما يخفى الأغرّ من البهيم فعند الله سرّ من أبيه ... كراع زيد في عرض الأديم وحدث فيما رفعه إلى جابر بن الصلت البرقي قال «3» : وعد المهدي ابن دأب جارية فوهبها له، فأنشد عبد الله بن مصعب الزبيري قول مضرّس الأسدي: فلا تيأسن من صالح أن تناله ... وإن كان قدما بين أيد تبادره فضحك المهدي وقال: ادفعوا إلى عبد الله فلانة لجارية أخرى، فقال عبد الله بن مصعب: أنجز خير الناس قبل وعده ... أراح من مطل وطول كدّه فقال ابن دأب: ما قلت شيئا، هلا قلت: حلاوة الفضل بوعد منجز ... لا خير في العرف كنهب منهز فضحك المهدي وقال: أحسن الوفاء ما تقدمه ضمان. وحدث عن سعيد بن سلم قال «4» : ما شيء أجلّ من العلم، كان ابن دأب أحفظ الناس للأنساب والأخبار، وكان تيّاها، فكان ينادم الهادي ولا يتغدّى معه ولا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2145 بين يديه فقيل له في ذلك فقال: أنا لا أتغدى في مكان لا أغسل يدي فيه، فقال له الهادي: فتغد، فكان الناس إذا تغدوا تنحّوا لغسل أيديهم وابن دأب يغسل يده بحضرة الهادي. وحدث المرزباني عن الحسين بن علي عن أحمد بن سعيد عن الزبير بن بكار عن عمه مصعب عن موسى بن صالح قال «1» : كان عيسى بن دأب كثير الأدب عذب الألفاظ، وكان قد حظي عند الهادي حظوة لم تكن لأحد، وكان يدعو له بتكاء، ولم يكن يطمع أحد من الخلق في هذا في مجلسه ولا يفعل بغيره، وكان يقول له: ما استطلت بك يوما ولا ليلة، ولا غبت عن عيني إلا تمنيت ألّا ترى غيرك. وكان لذيذ المفاكهة طيّب المسامرة، كثير النادرة، جيد الشعر، حسن الانتزاع له، قال: فأمر له ليلة بثلاثين ألف دينار، فلما أصبح ابن دأب وجّه قهرمانه إلى باب موسى الهادي وقال له: انطلق إلى باب الحاجب فقل له: توجّه إلينا بالمال، فانطلق فأبلغ الحاجب رسالته، فتبسم وقال: ليس هذا إليّ، فانطلق إلى صاحب التوقيع ليخرج لك كتابا إلى الديوان فتديره هناك ثم تفعل به كذا وتفعل به كذا، فرجع الرسول إلى ابن دأب فأخبره، فقال: دعها فلا تعرض لها ولا تسأل عنها، قال: فبينما موسى في مستشرف له إذ نظر إلى ابن دأب قد أقبل وليس معه إلا غلام واحد، فقال لابراهيم بن ذكوان الحراني (وإليه ينسب طاق الحراني ببغداد بالكرخ) : أما ترى ابن دأب ما غيّر من حاله ولا تزيّا لنا، وقد بررناه بالأمس ليرى عليه أثرنا، فقال إبراهيم: إن أذن لي أمير المؤمنين عرّضت له بشيء من هذا، فقال: لا هو أعلم بأمره، ودخل ابن دأب فأخذ في حديثه إلى أن عرّض له الهادي بشيء من أمره فقال: أرى في ثوبك غسيلا وهذا الشتاء محتاج فيه إلى لبس الجديد واللين، فقال: يا أمير المؤمنين باعي قصير عمّا أحتاج إليه، فقال: وكيف ذاك وقد صرفنا إليك من برنا ما ظننا صلاح شأنك معه؟! فقال: ما وصل إليّ ولا قبضت منه شيئا، فدعا بصاحب بيت المال فقال له: عجل الآن بثلاثين ألف دينار، فحملت بين يديه. وحدث بإسناد رفعه إلى أبي زهير قال: كان ابن دأب أحظى الناس عند الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2146 الهادي، فخرج الفضل بن الربيع يوما فقال: إنّ أمير المؤمنين يأمر من ببابه بالانصراف، فأما أنت يا ابن دأب فادخل، قال ابن دأب: فدخلت وهو منبطح على فراشه وأن عينيه لحمراوان من السهر وشرب الليل فقال لي: حدثني بحديث من حديث الشراب، فقلت: نعم يا أمير المؤمنين، خرج نفر من كنانة إلى الشام يجلبون الخمر فمات أحدهم فجلسوا على قبره يشربون، فقال أحدهم: لا تصرّد هامة من شربها ... اسقه الخمر وإن كان قبر اسق أوصالا وهاما وصدى ... ناشعا ينشع نشع المنبهر كان حرّا فهوى فيمن هوى ... كلّ عود ذي هنون منكسر قال: فدعا بدواة فكتبها، ثم كتب إلى الخزان بأربعين ألف درهم وقال: عشرة آلاف لك وثلاثون ألفا للثلاثة الأبيات، قال: فأتيت الخزّان فقالوا: صالحنا على عشرة آلاف أنك تحلف لنا ألا تذكرها لأمير المؤمنين، فحلفت ألا أذكرها حتى يبدأني، فمات ولم يذكرها. وحدث قال: دخل ابن دأب على عيسى بن موسى عند منصرفه من فخّ فوجده واجما يلتمس عذرا لمن قتل، فقال له: أصلح الله الأمير، أنشدك شعرا كتب به يزيد بن معاوية يعتذر فيه إلى أهل المدينة من قتل الحسين بن علي عليهما السلام؟ قال: أنشدني فأنشده «1» : يا أيها الراكب الغادي لطيّته ... على عذافرة في سيرها قحم أبلغ قريشا على شحط المزار بها ... بيني وبين حسين الله والرّحم وموقف بفناء البيت أنشده ... عهد الإله وما ترعى به الذمم عنّفتم قومكم فخرا بأمكم ... أمّ حصان لعمري برّة كرم هي التي لا يداني فضلها أحد ... بنت الرسول وخير الناس قد علموا وفضلها لكم فضل وغركم ... من قومكم لهم في فضلها قسم إني لأعلم أو ظنا كعالمه ... والظنّ يصدق أحيانا فينتظم الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2147 أن سوف يترككم ما تطلبون به ... قتلى تهاداكم العقبان والرّخم يا قومنا لا تشهوا القوم إذ خمدت ... ومسّكوا بحبال السلم واعتصموا قد جرّت الحرب من قد كان قبلكم ... من القرون وقد بادت بها الأمم فأنصفوا قومكم لا تهلكوا بذخا ... فربّ ذي بذخ زلّت به القدم قال: فسري عن عيسى بعض ما كان فيه. قال ابن مناذر يهجو ابن دأب «1» : ومن يبغ الوصاة فإنّ عندي ... وصاة للكهول وللشباب خذوا عن مالك وعن ابن عون ... ولا ترووا أحاديث ابن داب ترى الغاوين يتبعون منها ... ملاهي من أحاديث كذاب إذا طلبت منافعها اضمحلّت ... كما ينجاب رقراق السراب وحدث عن عمر بن أبي عبيدة النميري عن خاله ابن أبي شميلة قال: كان خلف الأحمر ينسب ابن دأب إلى الكذب، قال: فغدوت يوما أنا وخلف على ابن دأب، فأخذ في حديث ذي الخلصة حتى انقضى، فلما انصرفنا قلت لخلف: يا أبا محرز أتراه كذب؟ قال: لا أدري، والله لا أعرف مما حدث به قليلا ولا كثيرا. قال عمر: ولخلف الأحمر في أبي العيناء محمد بن عبيد الله «2» : لنا صاحب مولع بالمراء ... كثير الخطاء قليل الصواب «3» أشدّ لجاجا من الخنفساء ... وأزهى إذا ما مشى من غراب وليس من العلم في فقرة ... إذا حصل العلم غير التراب أحاديث ألفها شوكر ... وأخرى مؤلفة لابن داب قال المرزباني: وقوم يروون في هذه الأبيات زيادة، وأبيات خلف هي هذه، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2148 والزيادة عليها فيما ذكر المقدّمي والكراني لأبان بن عبد الحميد اللاحقي. وروى عبد الله بن المعتز عن عمر بن شبة قال: شوكر شاعر بالبصرة يضع الأخبار والأشعار. وحدث الرياشي قال، قال الأصمعي، قلت لخلف الأحمر: أما ترى ما جاء به ابن دأب؟ أين الحجاز والشوكري من الكوفة؟ فقال: إنما يروي لهؤلاء من يقول: قالت ستي، ويدعو ربه من دفتر، ويسبح بالحصى، ويحلف محيت المصحف، ويدع حدثنا وأخبرنا، ويقول أكلنا وشربنا. وزعم العنزي أنّ ابن دأب كان يتشيع ويضع أخبارا لبني هاشم، وكان عوانة بن الحكم عثمانيا ويضع أخبارا لبني أمية. وحدث مصعب بن عبد الله الزبيري قال: شيطان الردهة شيء وضعه ابن دأب، وهو ذو الثدية فيما زعم، قال: جاءت أمه تستسقي ماء فوقع بها شيطان فحملته وحدث المرزباني فيما رفعه إلى مصعب الزبيري عن أبيه قال «1» : كنا جماعة نجالس الهادي، أنا وسعيد بن سلم الباهلي وابن دأب وعبد الله بن مسلم العزيزي وكان أجرأنا عليه، فخرج علينا مغيظا متغيرا، فسأله العزيزي عن خبره فقال: لم أر كصاحب الدنيا أكثر آفات ولا أدوم هموما، قد عرفتم موضع لبانة بنت جعفر بن أبي جعفر مني وأثرتها عندي، وإنها أغلظت لي بادلالها في شيء فلم أجد صبرا فنلتها بيدي فندمت عليه، فسكتنا خوفا من تعنيفه أو تصويب رأيه فيبلغها ذلك، فقال ابن دأب: وما في ذلك يا أمير المؤمنين؟ هذا الزبير بن العوام حواريّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وابن عمته ضرب امرأته أسماء بنت أبي بكر الصديق، وهي من أفضل نساء زمانها حتى كسر يدها، وكان ذلك سبب مفارقته إياها لأنه قال: أنت طالق إن حال عبد الله بيني وبينك، يعني ابنه عبد الله بن الزبير، فلم يخلّه وخلصها، وهذا عمر رضي الله عنه يقول: لا يسأل الرجل فيم يضرب امرأته، وهذا كعب بن مالك الأنصاري وهو أخو الزبير، آخى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بينهما، عتب على امرأته، وهي من المهاجرات في شيء فضربها حتى حال بنوها بينهما فقال «2» : الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2149 لولا بنوها حولها لخبطتها ... إلى أن تداني الموت غير مذمّم ولكنهم حالوا بمنعي دونها ... فلا تعدميهم بين ناه ومقسم فمالت وفيها جائش من عبيطها ... كحاشية البرد اليماني المسهم قال: فضحك الهادي وسرّي عنه، وأمر بالطعام، وأمر لابن دأب بخمسين ألف درهم وخمسين ثوبا، قال عبد الله بن مصعب: فتأسفت كيف سبقني إلى شيء أحفظه مثل حفظه. وحدث أبو الطيب اللغوي في كتاب «مراتب النحويين» قال «1» : فأما مدينة الرسول صلّى الله عليه وسلّم فلا نعلم بها إماما في العربية؛ حدث الأصمعي قال: أقمت بالمدينة زمانا مع جعفر بن سليمان الهاشمي واليها فما رأيت بالمدينة قصيدة واحدة صحيحة إلا مصحفة أو مصنوعة، وكان ابن دأب يضع الشعر وأحاديث السمر وكلاما ينسبه إلى العرب، فسقط وذهب علمه وخفيت روايته، قال: وكان شاعرا وعلمه بالأخبار أكثر، قال الأصمعي: وأتعجب لابن دأب حين يزعم أن أعشى همدان يقول «2» : من رأى لي غزيّلي ... أربح الله تجارته وخضاب بكفّه ... أسود اللون قارته ثم قال الأصمعي: يا سبحان الله، يحذف الألف التي قبل الهاء في الله، ويسكن الهاء، ويرفع تجارته وهو منصوب، ويجوز هذا عنه، ويروي الناس عن مثله!! قال: ولقد سمعت خلفا الأحمر يقول: لقد طمع ابن دأب في الخلافة حين يجوز مثل هذا عنه. [886] عيينة بن عبد الرحمن المهلبي يكنى أبا المنهال: ذكره الحاكم أبو عبد الله في   (886) - ترجمته في الفهرست: 120 وإنباه الرواة 2: 384 والوافي للصفدي (خ) وبغية الوعاة 2: 239. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2150 «تاريخ نيسابور» فقال: عيينة بن عبد الرحمن أبو المنهال اللغوي المهلبي صاحب العربية تلميذ الخليل بن أحمد مؤدب الأمير أبي العباس عبد الله بن طاهر بن الحسين، ورد معه نيسابور وتوفي بها، وروى عن داود بن أبي هند وسفيان بن عيينة وسعيد بن أبي عروبة ويحيى بن سليم «1» . ثم حدث بإسناد رفعه إلى المنهال أنه كان يقول: لا تتصدّ إلى تائق أو مائق. قال: قرأت بخط أبي عمر المستملي، سمعت أبا أحمد الفراء، سمعت عيينة المهلبي يقول، سمعت سعيد بن أبي عروبة يقول: ما وصّى الله الناس بشيء ما وصاهم بأوطانهم. قال عيينة: جاء رجل إلى جعفر بن محمد الصادق وهو يصلي فقال: إني مسترشد قال: اجلس، فجلس فلما قضى صلاته جاء إليه فقال: إن أبانا مات وتركني وأخا لي وهجينا، فقال جعفر: الملك بينكم أثلاث، فقال الأعرابي: الله الذي لا إله إلا هو أمر بهذا [قال: نعم] قال: رضيت رضيت رضيت. له كتاب في النوادر وكتاب في الشعر. قال أبو العباس: كان أبو المنهال مع إسحاق بن إبراهيم الطاهري، وكان آنسا به يحادثه ويجالسه ويقرأ عليه، وكان السبب في ذلك أن أبا المنهال كان مع عبد الله بن طاهر بن الحسين بخراسان، وكان يقدمه، وأحسن إليه ووصله بمائة ألف درهم، وكنا نجلس إليه، وقرأت عليه شيئا كثيرا، ومما قرأته عليه كتاب الأنصار وكتاب الأزد، وكان ينزل إلى القنطرة عند منازل العاصميين في موضع يقال له دار المهالبة، وكان أحد من لقي الناس وسمع، وكان حسن المعرفة بالاسناد والأخبار والأيام، وعمل كتابا لاسحاق في القرآن، وكان ابن الأعرابي لا يأتي إسحاق ولا يلقاه وكان يستأذنه في الانصراف إلى أهله ووطنه يوجّه إليه في كل سنة بدرج فيه من سماعه الاشارات الحسنة واللغة الفصيحة فإذا قرأه إسحاق وقّع إلى كاتبه: ادفع إليه ثلاثمائة دينار، فكان على ذلك إلى أن مات. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2151 حرف الغين [887] غانم بن وليد المالقي أبو محمد المخزومي النحوي: قال ابن خاقان: هو عالم متفرّس، وفقيه مدرّس، وأستاذ مجوّد، وإمام لأهل الأندلس مجرد، وأما الأدب فكان جلّ شرعته، وهو رأس بغيته، مع فضل وحسن طريقة، وجدّ في جميع أموره وحقيقة، وله: صيّر فؤادك للمحبوب منزلة ... سمّ الخياط مجال للمحبّين ولا تسامح بغيضا في معاشرة ... فقلّما تسع الدنيا بغيضين لا أعرف من أمره «1» إلا ما ذكره ابن عساكر «2» في ترجمة علي بن أحمد بن طير قال: أنشدني غانم بن وليد النحوي لنفسه: ثلاثة يجهل مقدارها ... الأمن والصحة والقوت فلا تثق بالمال من غيرها ... لو أنه درّ وياقوت قال وأنشدني غانم لبعض الشعراء:   (887) - ترجمته في مطمح الأنفس: 293 (شوابكة) والجذوة: 306 وبغية الملتمس رقم: 1280 والصلة: 433 والذخيرة 1: 853- 870 والمغرب 1: 317 وأدباء مالقة: 179 والمطرب: 84 والوافي للصفدي (خ) وبغية الوعاة 2: 241 وصفحات متفرقة من نفح الطيب؛ وتوفي غانم سنة 470 وأورد له ابن بسام جملة من النثر أيضا. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2152 يا أيها المبتغي أخا ثقة ... عدمت ما تبتغي فدع طمعك داج المداجين ما لقيتهم ... وخادع النفس لامرىء خدعك لا تكشف المرء عن سرائره ... ودعه تحت النفاق ما ودعك أظهر له مثل قول ذي بله ... تريه إن ضرّ أنه نفعك ولغانم أنشده ابن خاقان: الصبر أولى بوقار الفتى ... من قلق يهتك ستر الوقار من لزم الصبر على حاله ... كان على أيامه بالخيار الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2153 حرف الفاء [888] فاطمة بنت الأقرع الكاتبة: وجدت بخطها رقعة هذه نسختها: الأمة الكاتبة، بسم الله الرحمن الرحيم، ثقتي بالله وحده، خشعت لصولة عز المجلس العالي العادل المؤيدي المظفري المنصوري العزي السعدي الركني النصيري المجدي الشرفي الأميري، أعز الله أنصاره، وضاعف اقتداره، عقب الدهور، وانقادت لمشيئته تصاريف الأمور، وامتدّت إلى نواله آمال السؤال، وأناخت بفنائه رواحل الرجال، فما إنسان إلا موفور ببره، ولا لسان إلا مسبّح بشكره، ولا أمل إلا مصروف إليه، فأعطاه الله تعالى من الآمال في نفسه وذويه ما لا يرنو إليه طرف، ولا يأتي عليه وصف: حتى تسير مسير الشمس رايته ... وتعتلي باسمه العالي على القمر ويختم الأرض طرّا طين خاتمه ... ويغتدي أمره أمضى من القدر ومن بعد، فقد ذهبت- أطال الله بقاء المجلس العالي وأعز سلطانه- في درج قد قرنته بهذه الرقعة، مذهب المطرف المعجب، وهو مما لم أسبق إلى مثله من مقدّمي أهل هذه الصناعة من الذكور دون الاناث، أظهرت فيه المعجز من عاجز، والكامل من ناقص، كما قال قابوس بن وشمكير: وقد يستعذب الشّريب من منبع   (888) - ترجم لها الصفدي في الوافي (خ) وما أورده يتفق مع بعض ما جاء في ترجمتها الثانية رقم: (888 ب) وانظر سير الذهبي 18: 480 وعبر الذهبي 3: 296 والمنتظم 9: 40 وابن الأثير 10: 163 والبداية والنهاية 12: 134 والشذرات 3: 365. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2154 الزّعاق، ويستطاب الصهيل من مخرج النهاق، جعلت في ذلك إقبال المجلس العالي- ضاعف الله اقتداره قائدا إلى طرق الرشاد، وعزّ سلطانه هاديا مبصّرا إلى سبل الإصابة والمراد- وأظهرت الحروف مفصولة وموصولة، ومعماة ومفتحة، في أحسن صيغها، وأبهج خلقها، منخرطة المحاسن في سلك نظامها، متساوية الأجزاء في تجاورها والبناء، فهي لينة المعاطف والارداف، متناسبة الأوساط والأطراف، ظاهرها وقور ساكن، ومفتّشها رهج مائن، وإن استخدمت إلى مهمّ يسنح أوفيت فيه على كل مرتسم في هذا الشأن قديما وحديثا وسالفا وآنفا، أؤمل بذلك الحظوة من إحماده وجميل رعايته، سمع الله سبحانه فيه كلّ دعاء مستجاب من الأمة الكاتبة ومن يتعلق عليها من وليدة ومولود، وشريف ومشروف، وعجوز داعية، وأمة خادمة، لما يوليها وينعم عليها ويعرف موضع خدمتها ومحلّ صنعتها، لا سلبها الله وسائر الخلق ظله بمنّه. قد ترادف الأنعام عليها دفعة بعد أخرى وثانية بعد أولى على يد الشيخ الأجل السيد فخر الكفاة أبي الحسين، أدام الله تأييده وتولّى عني من غير حقّ عارفته ما لا تقوم بوسعه ألسنة القائلين. وشكر الشاكرين، فإذا أنعم على ما أصدرته من الخدم بلحظة، وأحسن إليه بلمحة، أدركت حظي، وحزت أملي، والرأي السامي في إجابتي إلى ما سألت وإثباتي في جملة المغمورين بالإحسان من الأدباء والحشم والعبيد والخدم، [دام] علوه وشرفه إن شاء الله تعالى. [ترجمة ثانية] [888] فاطمة بنت الحسن بن علي العطار أم الفضل المعروفة ببنت الأقرع الكاتبة صاحبة الخط المليح المعروف: ماتت فيما ذكره تاج الإسلام ومن خطه نقلت: (قاله المؤلف عن أبي الفضل محمد بن ناصر بن محمد بن علي السلامي الحافظ) في يوم الأربعاء الحادي والعشرين من المحرم من شهور سنة ثمانين وأربعمائة. قال السمعاني: وكان لها خط مليح حسن، وهي التي أهّلت لكتابة كتاب الهدنة إلى ملك الروم من الديوان العزيز، وسافرت إلى بلاد الجبل إلى العميد أبي نصر الكندري، وكتب الناس الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2155 على خطها، وكانت تكتب طريقة ابن البواب. سمعت أبا عمر عبد الواحد بن عبد الله بن مهدي الفارسي وغيره، سمع منها أبو القاسم مكي بن عبد الله الرميلي الحافظ، وروى لنا عنها أبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن عمر السمرقندي وأبو البركات عبد الوهاب بن المبارك بن أحمد الأنماطي ببغداد وأبو سعد أحمد بن محمد بن أحمد بن الحسن البغدادي الحافظ بأصبهان وغيرهم. سمعت أبا بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد البزاز العرضي يقول: سمعت الكاتبة بنت الأقرع تقول: كتبت ورقة لعميد الملك أبي نصر الكندري وأعطاني ألف دينار. أخبرنا أبو البركات عبد الوهاب بن المبارك بن أحمد الحافظ بقراءتي عليه، أخبرتنا فاطمة بنت الحسن بن علي العطار المقرىء قالت، أخبرنا أبو عمر عبد الواحد بن محمد بن عبد الله بن مهدي الفارسي، حدثنا أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل المحاملي، حدثنا أبو هشام الرفاعي، حدثنا ابن فضيل، حدثنا الأعمش عن عبد العزيز بن رفيع عن تميم بن طرفة عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليأت الذي هو خير وليكفّر عن يمينه. أنشدنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن عمر الحافظ الأشعبي، أنشدتنا الكاتبة أم الفضل فاطمة بنت الحسن بن علي المقرىء قالت: أنشدنا أبو القاسم المطرز في دارنا بقطيعة الربيع لنفسه: سرى مغرما بالعيس ينتجع الركبا ... يسائل عن بدر الدجى الشرق والغربا إذا ملأ البدر العيون فعنده ... لعينك بدر يملأ العين والقلبا ولما هوى دمعي ليوم فراقه ... عقيقا تهاوى دمعه لؤلؤا رطبا إذا لم تبلّغني إليكم ركائبي ... فلا وردت ماء ولا رعت العشبا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2156 [889] الفتح بن خاقان بن أحمد القائد وقيل الفتح بن خاقان بن غرطوج، كذا قال المرزباني في «كتاب المعجم» . قال محمد بن إسحاق النديم: كان في نهاية الذكاء والفطنة وحسن الأدب، وكان من أولاد الملوك، واتخذه المتوكل أخا، وكان يقدّمه على جميع أولاده، قتل مع المتوكل ليلة قتل بالسيوف لأربع خلون من شوال سنة سبع وأربعين ومائتين بالمتوكلية، وكانت له خزانة كتب جمعها له علي بن يحيى المنجم لم ير أعظم منها كثرة وحسنا، وكان يحضر داره فصحاء الأعراب وعلماء الكوفيين والبصريين، قال أبو هفان «1» : ثلاثة لم أر قطّ ولا سمعت بأكثر محبة للكتب والعلوم منهم: الجاحظ والفتح بن خاقان وإسماعيل بن إسحاق القاضي. قال المؤلف: وباقي القصة في أخبار الجاحظ فكرهت التكرار. وللفتح من التصانيف: كتاب البستان صنفه رجل يعرف بمحمد بن عبد ربه ويلقب برأس البغل ونسبه إليه. كتاب الصيد والجوارح. وذكره أبو القاسم في «تاريخ الشام» فقال: الفتح بن خاقان بن غرطوج التركي أبو محمد، قدم الشام مع المتوكل معادله على جمازة، ثم نزل بالمزّة، فلما رحل المتوكل عن دمشق استخلف بها كلباتكين التركي. وكان على خاتم المتوكل وقتل معه، روى عنه أبو زكريا يحيى بن حكيم الأسلمي شيئا من شعره، وأبو العباس المبرد وأحمد بن يزيد المؤدب، ولم يذكره الخطيب في تاريخه «2» .   (889) - أخباره في الكتب التاريخية كالطبري وابن الأثير ومروج الذهب وانظر معجم المرزباني: 190 والفهرست: 130 وتاريخ بغداد 12: 389 وسير الذهبي 12: 82 والوافي للصفدي (خ) والفوات 3: 177 والنجوم الزاهرة 2: 313 والشذرات 2: 114 وانظر كتاب «الترك في مؤلفات الجاحظ» للدكتور زكريا كتابجي؛ وياقوت ينقل أيضا عن تاريخ دمشق لابن عساكر (المصورة 14: 195) . الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2157 وعن محمد بن القاسم قال: دخل المعتصم يوما إلى خاقان بن غرطوج يعوده فرأى الفتح بن خاقان ابنه وهو صبي لم يتّغر فمازحه ثم قال: أيما أحسن داري أم داركم؟ فقال الفتح بن خاقان: يا سيدي دارنا إذا كنت فيها أحسن، فقال المعتصم: لا أبرح والله حتى أنثر عليه مائة ألف درهم، وفعل ذلك. وعن أبي العباس المبرد قال: أنشد الفتح بن خاقان «1» : لست مني ولست منك فدعني ... وامض عني مصاحبا بسلام وإذا ما شكوت ما بي قالت ... قد رأينا خلاف ذا في المنام فزاد الفتح بن خاقان: لم تجد علة تجنّى بها الذن ... ب فصارت تعتلّ بالأحلام قال المبرد: وسمعت الفتح ينشد قبل أن يقتل بساعات هذا البيت وهو: وقد يقتل الغتميّ مولاه غيلة ... وقد ينبح الكلب الفتى وهو غافل وكان الفتح يتعشق خادما للمتوكل اسمه شاهك وله فيه أشعار منها: أشاهك ليلي مذ هجرت طويل ... وعيني دما بعد الدموع تسيل وبي منك والرحمن ما لا أطيقه ... وليس إلى شكوى إليك سبيل أشاهك لو يجزى المحبّ بوده ... جزيت ولكنّ الوفاء قليل قال ابن حمدون: كان الفتح بن خاقان يأنس بي ويطلعني على الخاص من سرّه، فقال لي مرة: شعرت يا أبا عبد الله أني انصرفت البارحة من مجلس أمير المؤمنين، فلما دخلت منزلي استقبلتني فلانة- يعني جاريته- فلم أتمالك أن قبلتها، فوجدت فيما بين شفتيها هواء لو رقد المخمور فيه لصحا، فكان هذا من مستحسن كلام الفتح، فكأن الوأواء الدمشقي سمع هذا حتى قال: سقى الله ليلا طاب إذ زار طيفه ... فأفنيته حتى الصباح عناقا يطيب نسيم منه يستجلب الكرى ... ولو رقد المخمور فيه أفاقا تملّكني لما تملّك مهجتي ... وفارقني لما أمنت فراقا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2158 ووجدت في بعض المجاميع للفتح بن خاقان يصف الورد: أما ترى الورد يدعو الشاربين إلى ... حمراء صافية في لونها صبب مداهن من يواقيت مركّبة ... على الزمرّد في أجفانها ذهب خاف الملال إذا طالت إقامته ... فصار يظهر أحيانا ويحتجب وكان أديبا فاضلا زكيّ النفس حسن العشرة لطيف الأخلاق متوددا محببا إلى كل من يكلمه، وكان غاية في الجود، وكان قد تنزل من المتوكل بمنزلة الروح من الجسد، وكان خدم قبله المعتصم والواثق؛ فذكر أبو العيناء قال: قال الفتح بن خاقان: غضب عليّ المعتصم ثم رضي عني وقال لي: ارفع حوائجك لتقضى، فقلت: يا أمير المؤمنين ليس شيء من عرض الدنيا وإن جلّ يفي برضى أمير المؤمنين وإن قلّ؛ قال: فأمر فحشي فمي جوهرا. أخبرني أبو عبد الله محمد بن محمود بن النجار الحافظ قال: أخبرني أبو القاسم الثعلبي، حدثنا الفضل بن سهل، حدثنا الخطيب أبو بكر، أخبرنا محمد بن محمد بن المظفر السراج، حدثنا المرزباني، أخبرني محمد بن يحيى الصولي، حدثني أحمد بن عبد الرحمن، حدثني وهب بن وهب بن وهب، حدثني البحتري قال «1» : قال المتوكل: قل فيّ شعرا وفي الفتح فإني أحبّ أن يحيا معي ولا أفقده فيذهب عيشي ولا يفقدني فيذل، فقل في هذا المعنى فقلت أبياتي: سيدي أنت كيف أخلفت وعدي ... وتثاقلت عن وفاء بعهدي فقلت فيها: لا أرتني الأيام فقدك يا فت ... ح ولا عرّفتك ما عشت فقدي أعظم الرزء أن تقدّم قبلي ... ومن الرزء أن تؤخّر بعدي حسدا أن تكون إلفا لغيري ... إذ تفردت بالهوى قبل وحدي قال البحتري: فقتلا معا وكنت حاضرا وربحت هذه الضربة، وأومأ إلى ضربة الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2159 في ظهره؛ فقال: أحسنت والله يا بحتري وجئت بما في نفسي، وأمر لي بألف دينار. وقال غير وهب الراوي للخبر، قال البحتري: قد كنت عملت هذه الأبيات في غلام كنت أكلف به، فلما أمرني المتوكل بما أمر تنحيت فقلت الأبيات وأريته أنني عملتها في وقتي وما غيرت فيها إلا لفظة واحدة فإنني كنت قد قلت: لا أرتني الأيام فقدك ما عشت فجعلته يا فتح. وتحدث الشمشاطي علي بن محمد، حدثني محمد بن عبد الله، حدثني أحمد بن الفضل الهاشمي، حدثنا علي بن الجهم القرشي قال: دخلت على المتوكل يوما وهو جالس وحده فسلمت عليه فردّ السلام وأجلسني، فحانت مني التفاتة فرأيت الفتح بن خاقان واقفا في غير رتبته التي كان يقوم فيها، متكئا على سيفه مطرقا، فأنكرت حاله، فكنت إذا نظرت إليه نظر إلى الخليفة فإذا صرفت وجهي نحو الخليفة أطرق، فقال: يا علي أأنكرت شيئا؟ قلت: نعم يا أمير المؤمنين، فقال: ما هو؟ قلت: وقوف الفتح في غير رتبته التي كان يقوم فيها، قال: سوء اختياره أقامه ذلك المقام، قلت: ما السبب يا أمير المؤمنين؟ قال: خرجت من عند قبيحة آنفا فأسررت إليه سرا فما عداني السرّ أن عاد إليّ، قلت: لعلك أسررته إلى غيره يا أمير المؤمنين، قال: ما كان هذا، قلت: فلعل مستمعا استمع عليكما، قال: ولا هذا أيضا، قال: فأطرقت مليا ثم رفعت رأسي فقلت: يا أمير المؤمنين قد وجدت له مما هو فيه مخرجا، قال: ما هو؟ قلت: حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين، حدثنا المستمرّ بن سليمان عن أبي الجوزاء قال: طلقت امرأتي في نفسي وأنا في المسجد ثم انصرفت إلى منزلي فقالت لي امرأتي: أطلقتني يا أبا الجوزاء؟ قلت: من أين لك هذا؟ قالت: خبرتني جارتي الأنصاريّة، قلت: ومن خبّرها بذلك؟ قالت: ذكرت أن زوجها خبرها بذلك، فغدوت على ابن عباس فقصصت عليه القصة فقال: علمت أن وسواس الرجل محدّث وسواس الرجل فمن ها هنا يفشو السر. قال أبو نعيم: فكان في نفسي من هذا شيء حتى حدثني حمزة الزيات قال: خرجت سنة من السنين أريد مكة، فلما جزت في بعض الطريق ضلّت راحلتي فخرجت أطلبها، فإذا باثنين قد قبضا عليّ أحسّ حسّهما وأسمع كلامهما ولا أرى الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2160 شخصهما، فأخذاني وجاءا بي إلى شيخ قاعد على تلعة من الأرض حسن الشيبة، فسلمت عليه فردّ عليّ السلام، فأفرخ روعي ثم قال: من أين، وإلى أين؟ فقلت: من الكوفة أريد مكة، قال: ولم تخلفت عن أصحابك؟ فقلت: ضلت راحلتي فجئت أطلبها، فرفع رأسه إلى قوم على رأسه فقال: زاملة، فأنيخت بين يدي، ثم قال لي، أتقرأ القرآن؟ قلت: نعم، قال: هاته فقرأت حم الأحقاف حتى انتهيت إلى هذه الآية: وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ (الأحقاف/ 29) الآية فقال لي: على رسلك تدري كم كانوا؟ قلت: اللهم لا، قال: كنا أربعة وكنت المخاطب لهم عنه صلّى الله عليه وسلّم، فقلت: يا قوميا أجيبوا داعي الله. ثم قال لي: أتقول الشعر؟ قلت: اللهم لا. قال: أفترويه؟ قلت: نعم، قال: هاته، فأنشدته قصيدة: أمن أم أوفى دمنة لم تكلّم ... بحومانة الدرّاج فالمتثلم فقال: لمن هذه؟ فقلت: لزهير بن أبي سلمى، قال: الجني؟ قلت: بل الانسى مرارا، فرفع رأسه إلى قوم على رأسه فقال: زهير، فأتي بشيخ كأنه قطعة لحم فألقي بين يديه فقال له: يا زهير، قال: لبيك، قال: «أمن أم أوفى» لمن؟ قال: لي؛ قال: هذا حمزة الزيات يذكر أنها لزهير بن أبي سلمى الإنسي، قال: صدق هو وصدقت أنت. قال: وكيف هذا؟ قال: هو إلفي من الإنس وأنا تابعه من الجن أقول الشيء فألقيه في وهمه ويقول الشيء فآخذه عنه، فأنا قائلها في الجن وهو قائلها في الإنس. قال أبو نعيم فصدّق عندي هذا الحديث حديث أبي الجوزاء أنّ وسواس الرجل يحدث وسواس الرجل فمن ها هنا يفشو السر، قال: فاستفرغ المتوكل ضحكا وقال: إليّ يا فتح، فصبّ عليه خلعا وحمل على شيء من الظهر وأمر له بمال وأمر لي بدون ما أمر له به، فانصرفت إلى منزلي وقد شاطرني الفتح ما أخذ فصار الأكثر إليّ والأقل عنده. قال جحظة في «أماليه» حدثني المبرد قال أنشدني الفتح بن خاقان لنفسه «1» : وإني وإياها لكالخمر والفتى ... متى يستطع منها الزيادة يزدد الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2161 إذا ازددت منها ازددت وجدا بقربها ... فكيف احتراس من هوى متجدد قال فحدثني ابن حمدون قال: لما قال الفتح هذه الأبيات أنشدتها المتوكل فسألني عن قائلها فعرّفت أنه الفتح، فاستحسنها وقال لي: بأبي أنت من جامع محاسن الدنيا. وبلغ هذا الشعر أبا علي البصير الفضل بن جعفر فقال في الفتح: سمعت بأشعار الملوك فكلّها ... إذا عضّ متنيه الثقاف تأودا سوى ما رأينا لامرىء القيس إننا ... نراه إذا لم يشعر الفتح أوحدا قال المرزباني: ومن شعر الفتح بن خاقان «1» : بني الحبّ على الجور فلو ... أنصف المحبوب فيه لسمج ليس يستملح في حكم الهوى ... عاشق يحسن تأليف الحجج قال المؤلف وهذان البيتان يرويان لعلية بنت المهدي. قال المرزباني: وللفتح بن خاقان «2» : أيها العاشق المعذب صبرا ... فخطايا أخي الهوى مغفوره زفرة في الهوى أحطّ لذنب ... من غزاة وحجّة مبروره وقال عمران بن موسى: سمعت الفتح بن خاقان يقول لأحمد بن أبي فنن الشاعر: يا أحمد، قال: لبيك يا سيدي (وهذا في أول سنة سبع وأربعين ومائتين) [قال] : اعمل أبياتا حسانا تمدح بها سيدي أمير المؤمنين واذكر في آخرها أني شفيعك حتى آخذ لك منه ما يسدّ خلتك، فما أسرع فقدك لي، فبكى ابن أبي فنن وقال: يا سيدي على الدنيا بعدك لعنة الله، قال له: على الدنيا قبلي وبعدي لعنة الله فما صافت منحرفا عنها نابذا لها، ولا وفت لمتمسك بها راغب فيها. أبو بكر محمد بن جعفر الخرائطي: حدثنا العباس بن الفضل الربعي، حدثنا علي بن الجهم قال: إني لعند المتوكل يوما والفتح بن خاقان حاضر إذ قيل له: فلان النخاس بالباب، فأذن له فدخل ومعه وصيفة، فقال له أمير المؤمنين: ما صناعة هذه الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2162 الوصيفة: قال تقرأ بالألحان، فقال الفتح: اقرئي لنا خمس آيات فاندفعت تقول: قد جاء نصر الله والفتح ... وشقّ عنا الظلمة الصبح خدين ملك ورجا دولة ... وهمه الاشفاق والنصح الليث إلا أنه ماجد ... والغيث إلا أنه سحّ وكلّ باب للندى مغلق ... فإنما مفتاحه الفتح قال: فو الله لقد دخل المتوكل من السرور ما قام إلى الفتح فوقع عليه يقبله ووثب الفتح فقبل رجله، فأمره أمير المؤمنين بشرائها وأمر لها بجائزة وكسوة وبعث بها إلى الفتح فكانت أحظى جواريه عنده، فلما قتل الفتح رثته بهذه الأبيات: قد قلت للموت حين نازله ... والموت مقدامة على البهم ولو تبينت ما فعلت إذن ... قرعت سنا عليه من ندم فاذهب بمن شئت إذ ذهبت به ... ما بعد فتح للموت من ألم ولم تزل تبكي وتنوح عليه حتى ماتت. [890] الفتح بن محمد بن عبيد الله بن خاقان القيسي الاشبيلي: وقيل هو من أهل أندلس «1» ، أديب فاضل شاعر بليغ فصيح بذيء اللسان قوي الجنان في هجاء الأعيان، وكان متهم الخلوة فيما بلغني، مات في حدود سنة ثلاث وخمسمائة «2» وقال العماد: سألت عنه بمصر فقيل إنه عاش بالمغرب إلى عهد شاور بمصر، فقد توفي بعد سنة خمس وخمسين وخمسمائة، وقال لي بعض المغاربة إنه توفي قبل هذا التاريخ.   (890) - ترجمته في الخريدة (قسم المغرب) 3: 538 ومعجم أصحاب الصدفي: 313 والمغرب 1: 259 وابن خلكان 4: 23 والإحاطة 4: 248 والنفح 7: 29 والشذرات 4: 107 وسير الذهبي 20: 107 والوافي للصفدي (خ) وانظر مقدمة مطمح الأنقس (تحقيق شوابكه) . الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2163 له من التصانيف كتاب قلائد العقيان. كتاب مطمح الأنفس ومسرح التأنس. حدثني الصاحب الكبير العالم جمال الدين الأكرم، أدام الله علوه، قال: لما عزم ابن خاقان على تصنيف «كتاب قلائد العقيان» جعل يرسل إلى كلّ واحد من ملوك الأندلس ووزرائها وأعيانها من أهل الأدب والشعر والبلاغة ويعرّفه عزمه ويسأل إنفاذ شيء من شعره ونظمه ونثره ليذكره في كتابه، وكانوا يعرفون شرّه وثلبه، فكانوا يخافونه وينفذون إليه ذلك وصرر الدنانير، فكلّ من أرضته صلته أحسن في كتابه وصفه وصفته، وكلّ من تغافل عن برّه هجاه وثلبه، وكان ممن تصدّى له وأرسل إليه أبو بكر ابن باجة المعروف بابن الصائغ، وكان وزير ابن تيفلويت «1» صاحب المرية، وهو أحد الأعيان وأركان العلم والبيان، شديد العناية بعلم الأوائل، مستول على أصل الأشعار والرسائل، وكانوا يشبّهونه بالمغرب بابن سينا بالمشرق، وله تصانيف في المنطق وغيره، فلما وصلته رسالته تهاون بها ولم يعرها طرفه، ولا لوى نحوها عطفه، وذكر ابن خاقان بسوء بلغه، فجعله ختم كتابه، وصيّره مقطع خطابه، وقال «2» : أبو بكر ابن الصائغ: هو رمد جفن الدين، وكمد نفوس المهتدين، اشتهر سخفا وجنونا، وهجر مفروضا ومسنونا، وضلّ فيما يتسرع، ولا يأخذ في غير الأباطيل ولا يشرع، ولا يرد سوى الغمة ولا يكرع، ناهيك من رجل ما تطهّر من جنابة، ولا أظهر مخيلة إنابة، ولا استنجى من حدث، ولا أشجى فؤاده توار في جدث، ولا أقر ببارئه ومصوّره، ولا فرّ عن تباريه في ميدان تهوره، الاساءة إليه أجدى من الإحسان، والبهيمة عنده أهدى من الانسان، نظر في تلك التعاليم، وفكر في أجرام الأفلاك وحدود الأقاليم، ورفض كتاب الله العليّ العظيم، ونبذه وراء ظهره ثاني عطفه، وأراد إبطال ما لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، واقتصر على الهيئة، وأنكر أن يكون إلى الله الفيئة، وحكم للكواكب بالتدبير، فهو يعتقد أن الزمان دور، وأن الانسان نبات ونور، مع منشأ وخيم، ولؤم أصل وخيم، وصورة شوّهها الله وقبحها، وطلعة إذا أبصرها الكلب نبحها، وقذارة يوبىء البلاد نفسها. ووضارة يحكي الحدّاد دنسها. وله نظم أجاد فيه بعض الاجادة، وشارف الإحسان أو كاده. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2164 مع كلام طويل وهجو وبيل، وبلغ ذلك ابن الصائغ فأنفذ له مالا استكفه به واستصلحه. وصنف ابن خاقان كتابا آخر سماه «مطمح الأنفس ومسرح التأنس في ذيل شعراء الأندلس» «1» وصله بقلائد العقيان، افتتحه «2» بذكر ابن الصائغ وأثنى عليه فيه ثناء جميلا فقال: الوزير أبو بكر ابن الصائغ: هو بدر فهم ساطع، وبرهان علم لكلّ حجة قاطع، تفوّحت بعطره الأعصار، وتطيبت بذكره الأمصار، وقام به وزن المعارف واعتدل، ومال وتهدل، وعطّل بالبرهان التقليد، وتنفق بعد عدمه الاختراع والتوليد. إذا قدح زند فهمه أورى بشرر للجهل محرق، وان طما بحر خاطره فهو لكلّ شيء مغرق، مع نزاهة النفس وصونها، وبعد الفساد من كونها، والتحقيق الذي هو للإيمان شقيق، والجد الذي يخلق العمر وهو مستجد، وله أدب يودّ عطارد أن يلتحفه، ومذهب يتمنى [المشتري] ان يعرفه، ونظم تتمناه اللبّات والنحور، وتدعيه مع نفاسة جوهرها البحور، وقد أتيت بما تهوى الأعين النّجل أن يكون إثمدها، ويزيل من النفس حزنها وكمدها، فمن ذلك قوله يتغزل: أسكان نعمان الأراك تيقنوا ... بأنكم في ربع قلبي سكّان ودوموا على حفظ الوداد فطالما ... بلينا بأقوام إذا استحفظوا خانوا سلوا الليل عنّي مذ تناءت دياركم ... هل اكتحلت لي فيه بالنوم أجفان وهل جردّت أسياف برق دياركم ... فكانت لها إلا جفوني أجفان وله: اتأذن لي آتي العقيق اليمانيا ... أسائله ما للمغاني وماليا وسل دارهم بالحزن أقفر إنني ... تركت الهوى يقتاد فضل زماميا فيا مكرع الوادي أما فيك شربة ... لقد سال فيك الماء أزرق صافيا ويا شجرات الجزع هل فيك وقفة ... فقد فاء فيك الفيء أخضر ضافيا وقد جرى في هذا الميدان فأحسن كلّ الإحسان. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2165 [891] الفضل بن إسماعيل التميمي أبو عامر الجرجاني: أديب أريب فاضل لبيب، أحد أصحاب عبد القاهر الجرجاني النحوي، وكان مليح الخط صحيح الضبط رائق النظم فصيح النثر جيد التصنيف حسن التأليف، ذكره محمد بن محمود في «كتاب سر السرور» فقال: رباع الفضل بتصانيفه عامرة، ورياض الأدب بكلماته ناضرة، فكأنّ الربيع فضلة من بدائعها، والزهر ضرّة لروائعها، وشعره يطرق السحر بين يديه، وتهتف الملح بحفافيه، تقرأ آيات الإحسان من أبياته، وتخفق عذبات الابداع من راياته، وله تصنيفات باسم الشيخ الأجل عبد الحميد أهداها إليه بغزنة فأشرقت بها أرجاؤها، وأغدقت أنواؤها. منها: كتاب البيان في علم القرآن. وكتاب عروق الذهب من أشعار العرب. وكتاب سلوة الغرباء وغيرها. وقال عبد الغافر في «كتاب السياق» : الفضل بن إسماعيل التميمي الشيخ أبو عامر الجرجاني النحوي الكاتب الأديب الشاعر من أفاضل عصره، وأفراد دهره، حسن النظم والنثر، متين في الفضل، كتب مدة للشيخ الرئيس أبي المحاسن الجرجاني وغيره، وصحب الكتّاب والمشايخ، سمع الحديث من المشايخ الذين سمعنا منهم مثل الشيخ أبي سعد ابن رامش وأبي نصر ابن رامش المقرىء وأبي بكر أحمد بن علي بن خلف الشيرازي وأبي القاسم إسماعيل بن زاهر النوقاني، وسمع من الشيخ أبي بكر أحمد بن منصور بن خلف المغربي سنة ثمان وخمسين وأربعمائة، وسمع من المشايخ الإسماعيلية وغيرهم في شبابه، ولم يذكر وفاته لكنه كان قد مات في حياة عبد الغافر. وكان ورد نيسابور واجتمع به الأديب يعقوب بن أحمد المذكور في بابه وسأله أن يكتب له بخطه في كتابه الذي سماه «جونة الند» وهو مجموع جمع فيه يعقوب من   (891) - ترجمة أبي عامر الجرجاني في دمية القصر 1: 568 (وعليه يعتمد الباخرزي في رواية كثير من الشعر الذي دونه في كتابه) ومختصر السياق الأول: 75 ب، والثاني 121 والوافي للصفدي (خ) (وفيه منتخبات لم يوردها ياقوت) وبغية الوعاة 2: 245 وطبقات المفسرين 2: 32 أما كتاب سر السرور فمنه نقول في بغية الطلب (انظر مثلا 4: 293، 6: 312، 314) . الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2166 أشعار نفسه وغيره من أهل عصره ومن تقدمه، وظفرت أنا بأصل يعقوب الذي بخطه وفيه بخط أبي عامر الذي لا أرتاب به ما نقلته بصورته بعد أن أسقطت بعض النظم، وأما النثر فلا، وهذا نسخة خطه: سألني الشيخ الجليل الأديب- أدام الله نعمته- أن أكتب له في هذا الدفتر شيئا من هاذوري، فترجحت بين صوارف تنهاني عن الاجابة سترا لعورتي، ودواع تحثني على امتثال رسمه إظهارا لطاعتي، وأنا على كلّ حال واثق بكرمه، ساكن إلى حسن شيمه، وعالم انه يحرص على إقالة عثرة الاخوان، وستر عيوبهم بقدر الإمكان، والله أسأل أن يجبر نقيصتنا بفضيلته، ويمحو إساءتنا بحسنته، فانه عليه قدير، وها هو الهاذور: بالله يا حتفي أما تستحي ... حتى متى توردني حتفي تحلف لي أنك في كفّي ... وعضّ كفي منك في كفي وأنت يا قلبي إلى كم وكم ... تحيل بالذنب على طرفي وأيضا: خدّه الياسمين والخطّ فيه ... سنبل نابت على ياسمين سمته قبلة فقال تحرّز ... بين صدغيّ عقدتا التنين وأيضا: إذا حفزتك نائبة لأمر ... فجئت إلى صغير أو كبير فكاثره بهزّ بعد هزّ ... فإن الزبد بالمخض الكثير وأيضا في الرئيس أبي الفضل أدام الله علوه: تولّى الغانيات فليس عندي ... لهنّ سوى هوى أخفي وأبدي رأين الشيب ألبسني قتيرا ... على حدّ البلى فنقضن عهدي وسالمني الغيور فكلّ يوم ... يوازن بيننا ودّ بودّ وقنعني الزمان فلست آسى ... على فوت الثراء وأنت عندي وكلّ تعجبى طول الليالي ... لذلة ماجد يسعى لوغد فشكرا للإله فقد كفاني ... تولّي غير عباس بن سعد الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2167 له قلبي وخالصتي وودي ... وفيه تردّدي وإليه قصدي ومنه معيشتي وصلاح حالي ... ومعصوب «1» به غيّي ورشدي وكلّ الناس يشرك في هواه ... وقد أفردته بهواي وحدي فان أفزع فكهف علاه حرزي ... وان أعطش فبحر نداه وردي فضلت الناس مأثرة وفخرا ... وطلتهم باحسان ومجد ولما صرت عبدك صار يرضى ... أنو شروان لو أرضاه عبدي أدلّ عليك إدلال الموالي ... فلا نكر لديك ولا تعدي وتلك مزيّة لي ليس تخفى ... ورثت مكانها من ابي وجدي فعش ألفا معي في خير حال ... وألفا بعدها ألفان بعدي فكلّ الناس دونك آل قفر ... يغرّ بلمعة من غير رفد وأنت الفرد مكرمة فكن لي ... تكن فردا بلا شكّ لفرد وأيضا: نشدّ على الموت مستبسلين ... غلاظ الرقاب غلاظ الكبود ونفترع البيض سود القرون ... صفر الترائب حمر الخدود وله أيضا: عذيري من شاطر أغضبوه ... فجرّد لي مرهفا باتكا يقول أنا لك يا ابن الوكيل ... وهل لي رجاء سوى ذلكا أيضا: إني بليت بشادن ... بلواه عندي تستحبّ فإذا بلوت طباعه ... فالماء يشرب وهو عذب وإذا نضوت ثيابه ... فاللوز يقشر وهو رطب وقصار وصفي أنه ... فيما أحبّ كما أحبّ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2168 وأيضا: قد ضاق صدري من صدور زماننا ... فهم جماع الشرّ بالاجماع يتضارطون فان شكوت ضراطهم ... شفعوا سماع الضّرط بالاسماع هذا يفرقع في الضراط وذاكم ... يرمي بمثل حجارة المقلاع ومن البلية أن تعاشر معشرا ... يتضارطون الدهر بالايقاع وله: مللت مكافحة الحادثات ... وكنت بها معجبا عاجبا وحيرني الدهر حتى نشدت ... حماري وكنت له راكبا وأيضا: اصبحت مثل عطارد في طبعه «1» ... إذ صرت مثل الشمس في الإشراق فلذاك ما ألقاك يوما واحدا ... إلا قضيت عليّ بالاحراق الشيخ الجليل الأديب، أدام الله نعمته، وأنعم عليّ بقراءة ما علقه عن دفتري عليّ، والله يمتعه به وبفضله، ويقر عين العلم بحراسته، وسمع معه ابنه الشيخ الفاضل أبو بكر الحسن، والفقيه الفاضل العالم أبو المجد محمد بن أبي القاسم، أبقاهما الله، وكذلك سمعوا جميعا ما أبنته من هاذوري بخطي. وكتب الفضل بن إسماعيل أبو عامر الجرجاني ومن خطه نقلت: كتب إليّ الكيا الأجل أبو الفتح رحمه الله: أبا عامر إن الرتائم إنما ... تذكّر بالأمر العبام المغمّرا ولكنّ من عيناه درج فؤاده ... فليس بمحتاج إلى أن يذكّرا وكتب أيضا إليّ الشيخ الإمام أبو بكر عبد القاهر «2» : ما أبو عامر سوى اللطف شيء ... إنه جملة كما هو روح الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2169 كلّ ما لا يلوح من سرّ معنى ... عند تفكيره فليس يلوح قال المؤلف: هذا آخر ما نقلته من خط أبي عامر رحمه الله. وله من التصانيف: كتاب عروق الذهب في الشعر واختياره. كتاب قلائد الشرف في الشعر أيضا. كتاب البيان في علم القرآن. كتاب سلوة الغرباء. ونقلت من خط الأديب يعقوب بن أحمد النيسابوري وتصنيفه رقعة كتبها الشيخ الفقيه الجليل أبو عامر الفضل بن إسماعيل الجرجاني، أدام الله تأييده، إلى الشيخ الرئيس الشهيد أبي المحاسن سعد رحمه الله، قال يعقوب: وكتبتها من خطه إبان مقدمه نيسابور في شعبان سنة ثمان وخمسين وأربعمائة: أنا في هذه السنة- أطال الله بقاء الشيخ- من الاختلال والتكشف، والاعتلال والتشعث، على صورة أستحيي من عرضها وآنف من شرحها، وقد رحل عامتها بما أشكر الله تعالى عليه، وأدّرع الصبر في كل ما يمتحن عباده به، وأعمل الحيلة من الآن في استقراض ما عسى أن يبلغني المحل، ولكن من يقرض أبا فرعون «1» بعد وقوفه بالأبواب مع العصا والجراب؟ وأسأل الله تعالى السلامة ثم أسأل سيدنا أن ينظر واحدة فيما أقول من قبل ان يعضل الداء فلا ينفع الدواء، ويعظم النقب فلا ينجع الهناء، وان يجعل عنوان بره أن لا يرى تعليق هذه الرقعة ضراعة أو رقاعة، فما في شرط الحكمة أن أكتم عنه متربة، وأتضوّر جوعا ومسغبة، ولولا مكاني من خدمته، ومكاني من شفقته، لكان استفاف الملّة أحبّ إليّ من اظهار الخلّة والسلام. ومن «كتاب مرو» لأبي سعد السمعاني لأبي عامر الفضل بن إسماعيل الجرجاني التميمي يصف الهر: إنّ لي هرة خضبت شواها ... دون ولدان منزلي بالرقون ثم قلدتها لخوفي عليها ... ودعات تردّ شرّ العيون كلّ يوم أعولها قبل أهلي ... بزلال صاف ولحم سمين وهي تلعابة إذا ما رأتني ... عابس الوجه وارم العرنين فتغنّي طورا وترقص طورا ... وتلهّى بكلّ ما يلهيني الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2170 لا أريد الصلاء ان ضاجعتني ... عند برد الشتاء في كانون وإذا ما حككتها لحستني ... بلسان كالمبرد المسنون وإذا ما جفوتها استعطفتني ... بأنين من صوتها ورنين وإذا ما وترتها كشفت لي ... عن حراب ليست متاع العيون أملح الخلق حين تلعب بالفا ... ر فتلقيه في العذاب المهين وإذا مات حسّه أنشرته ... بشمال مكروبة أو يمين وتصاديه بالغفول فان را ... م انجحارا علته كالشاهين وإذا ما رجا السلامة منها ... عاجلته ببطشة «1» التنين وكذاك الأقدار تفترس المر ... ء وتغتاله بقطع الوتين بينما كان في نشاط وأنس ... إذ سقاه ساق بكاس المنون ويروى له: علّقتها بيضاء ظامئة الحشا ... تسبي القلوب بحسنها وبطيبها مثل الشقائق في احمرار خدودها ... للناظرين وفي اسوداد قلوبها وله: وقد يستقيم المرء فيما ينوبه ... كما يستقيم العود في عرك أذنه ويرجح من فضل الكلام إذا مشى ... كما يرجح الميزان من فضل وزنه [892] الفضل بن إبراهيم بن عبد الله الكوفي أبو العباس النحوي المقرىء: أخذ القراءة عن أبي الحسن علي بن حمزة الكسائي، وقرأ الكسائي على عيسى بن عمر الهمداني عن حمزة الزيات، ولا أعرف من حاله أكثر من هذا، وله اختيار في أحرف يسيرة، وإنما ذكرته لأنه يعرف بالنحوي.   (892) - بغية الوعاة 2: 244 (عن ياقوت) والوافي (خ) وطبقات ابن الجزري 2: 8. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2171 [893] الفضل بن الحباب بن محمد بن شعيب بن صخر الجمحي: يكنى أبا خليفة من أهل البصرة. قال أبو الطيب اللغوي «1» : هو ابن أخت محمد بن سلام الجمحي، من رواة الأخبار والأدب والأشعار والأنساب، مات في شهر ربيع الأول من سنة خمس وثلاثمائة بالبصرة، وكان قد ولي القضاء بالبصرة، وكان أعمى، روى عن خاله كتبه فأكثر وعن غيره، وروى له من الكتب كتاب طبقات شعراء الجاهلية. كتاب الفرسان. وكان شاعرا، فمن شعره ما أنشده محمد بن عمر بن عثمان البغدادي عنه: قالوا نراك تطيل الصمت قلت لهم ... ما طول صمتي من عيّ ولا خرس لكنه أحمد الأمرين عاقبة ... عندي وأبعده من منطق شكس أأنشر البزّ فيمن ليس يعرفه ... أو أنثر الدرّ للعميان في الغلس قالوا نراك أديبا لست ذا خطل ... فقلت هاتوا أروني وجه مقتبس لو شئت قلت ولكن لا أرى أحدا ... يروي الكلام فأعطيه مدى النفس وقد روي من جهة أخرى أن الأبيات لابن دريد، لما نزل سيراف سئل أن يجلس للقراءة عليه فأبى ذلك إذ لم يكن هناك من يساوي أن يجلس له، فكتب هذه الأبيات في قبلة مسجد سيراف وانصرف.   (893) - ترجمة أبي خليفة في أخبار القضاة 2: 182 والفهرست: 126 وأخبار أصبهان 2: 151 وطبقات الزبيدي: 182 وتاريخ أبي المحاسن: 215 وطبقات الحنابلة 1: 249 وإنباه الرواة 3: 5 وتذكرة الحفاظ: 670 وعبر الذهبي 2: 130 وسير الذهبي 14: 7 وميزان الاعتدال 3: 350 والوافي للصفدي (خ) ونكت الهميان: 226 ومرآة الجنان 2: 246 وطبقات ابن الجزري 2: 8 والبداية والنهاية 11: 128 والبلغة: 183 ولسان الميزان 4: 438 وطبقات الحفاظ: 292 وبغية الوعاة 2: 245 والنجوم الزاهرة 3: 193 والشذرات 2: 246 وانظر مقدمة طبقات ابن سلام بتحقيق العلامة الكبير الصديق الأستاذ محمود محمد شاكر. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2172 نقلت من خط أبي سعد السمعاني باسناد له قال: ألقيت رقعة إلى أبي خليفة الفضل بن الحباب القاضي فيها: قل للحكيم أبي خليفه ... يا زين شيعة ابي حنيفه إني قصدتك للذي ... كاتمت من حذر وخيفه ماذا تقول لطفلة ... في الحسن منزلها شريفه تصبو إلى زين الورى ... من غير ما بأس عفيفه فقرأ الرقعة ثم كتب على ظهرها: يا من تكامل ظرفها ... حال الهوى حال شريفه إن كنت صادقة الذي ... كاتمت من حذر وخيفه فلك السعادة والشها ... دة والجلالة يا شريفه هذا النصاح بعينه ... وبه يقول أبو حنيفه نقلت من خط الامام الحافظ حقا، صديقنا ومفيدنا أبي نصر عبد الرحيم بن النفيس بن وهبان من «كتاب الارشاد في معرفة علماء الحديث» تصنيف الخليل بن عبد الله بن أحمد الحافظ القاضي، أنشدني الصاحب إسماعيل بن عباد الوزير، أنشدني أبي، أنشدني أبو خليفة لنفسه: شيبان والكبش حدثاني ... شيخان بالله عالمان قالا إذا كنت فاطميا ... فاصبر على نكبة الزمان قال: إني سألت أبا خليفة عن الكبش من هو، قال: أبو الوليد الطيالسي، وشيبان هو ابن فرّوخ الأبلّي. قال الخليل، قلت لعبد الله بن محمد: هذا يدل على أن أبا خليفة كان يميل إلى التشيع، فقال: نعم. قرأت بخط أبي سعد أيضا باسناد له إلى أبي سهل هارون بن أحمد بن هارون الاستراباذي قال: أنشدنا الفضل بن الحباب الجمحي القاضي لنفسه: ومتعب السّفر مرتاح إلى بلد ... والموت يرصده في ذلك البلد وضاحك والمنايا فوق هامته ... لو كان يعلم غيبا مات من كمد الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2173 آماله فوق ظهر النجم شامخة ... والموت من تحت إطليه على الرصد من كان لم يعط علما في بقاء غد ... ماذا تفكّره في الرزق بعد غد قرأت في «كتاب هراة» للفامي قال: روي عن محمد بن إبراهيم بن عبدويه ابن سدوس بن علي أبي عبد الله المسندي أنه قال: كنا عند أبي خليفة القاضي بالبصرة فدخل عليه اللص داره، فصاح ابنه باللص، فخرج أبو خليفة إلى صحن الدار فقال: أيها اللص مالك ولنا؟ إن أردت المال فعليك بفلان وفلان، إنما عندنا قمطران: قمطر فيه أحاديث وقمطر فيه أخبار، إن أردت الحديث حدثناك عن أبي الوليد الطيالسي وأبي عمر الجوصي وابن كثير وهو محمد، وإن أردت الأخبار أخبرناك عن الرياشي عن الأصمعي ومحمد بن سلام، فصاح ابنه: إنما كان كلبا، فقال: الحمد لله الذي مسخه كلبا وردّ عنا حربا. وذكر التنوخي هذه الحكاية وقال في آخرها: فقال له غلامه: يا مولاي ليس إلا الخير إنما هو سنور، فقال أبو خليفة: الحمد لله الذي مسخه هرّا وكفانا شرّا. قال المؤلف: ومثل هذه الحكاية تحكى عن أبي حية النميري، مشهورة عنه، وقال في آخرها: الحمد لله الذي مسخه كلبا وردنا حربا «1» . وقرأت في كتاب أبي عليّ التنوخي «2» حدثني أبي رضي الله عنه أن صديقا لأبي خليفة القاضي اجتاز عليه راكبا وهو في مسجده فسأله أن ينزل عنده فيحادثه، فقال: أمضي وأعود، فقال له أبو خليفة: إيحاشك فقد وإيناسك وعد. قال «3» : وكان أبو خليفة كثير الاستعمال للسجع في كلامه. وكان بالبصرة رجل يتحامق ويتشبّه به يعرف بأبي الرطل، لا يتكلم إلا بالسجع هزلا كله، فقدمت هذا الرجل امرأته إلى أبي خليفة وهو يلي قضاء البصرة إذ ذاك، وادعت عليه الزوجية والطلاق، فأقر لها بهما، فقال له أبو خليفة: أعطها مهرها، فقال أبو الرطل: كيف أعطيها مهرها، ولم تقلع مسحاتي نهرها؟! فقال له أبو خليفة: فأعطها نصف الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2174 صداقها، فقال: لا أو أرفع بساقها، واضعه في طاقها. فأمر به أبو خليفة فصفع. قال: وأخبرني غير واحد أن أبا الرطل هذا كان إذا سمع رجلا يقول لا تنكر لله قدرة قال هو: ولا للهندبا خضرة، ولا للزردج «1» صفرة، ولا للنخلة بسرة، ولا للعصفر حمرة، ولا للقفا نقرة. حدث أبو علي التنوخي «2» ، حدثني أبو علي الحسن بن سهل بن عبد الله الايذجي، وكان يخلف أبي على القضاء بايذج وعلى رامهرمز ثم لم يزل على الحكم ونادم أبا محمد المهلبي في وزارته فغلب عليه وعلا محله عنده، وتخالع وتهتك فيما لا يجوز للقضاة، وكان يدعى بالقضاء ويخاطبه أبو محمد في الوزارة في كتبه بسيدي القاضي، وكان له محل مكين من الأدب، قال: وردت البصرة وأنا حديث السن لأكتب العلم وأتأدب، فلزمني أبو عبد الله المفجع «3» ، وكنت أقتصر عليه، فكتب إليّ يوما وقد قرص الهواء: أيهذا الفتى وأنت فتى ال ... دهر إذا عزّ أن يقال فتى طوبى لمن كان في الشتاء له ... كاس وكيس وكسوة وكسا وكتب في الرقعة: وقد بقيت كاف أخرى لولا أني أحبّ تقليل المؤونة عليك لذكرتها- يعنى الكس- فبعث إليه بجميع ما التمسه. قال التنوخي «4» : وحدثني قال: كان أبو خليفة القاضي صديقا لأبي وعمي أيام وفد إلى كور الأهواز في فتنة الزنج، فلما قدمت إلى البصرة قدمتها مع أبي، فأنزلنا أبو خليفة داره وأكرمنا، وأمكنني من كتبه، فكنت أقرأ عليه كلّ ما أريد وأسمع كيف شئت وأكتب وأنسخ لنفسي، وأصوله لي مبذولة، فإذا كان الليل جلسنا وتحادثنا فربما أحببت القراءة عليه فيجيبني، فإذا أضجرته يقول: يا بني روّحني، فأقطع القراءة، وإذا استراح أخرج من كمه دفترا من ورق أصفر فيقول: اقرأ عليّ منه فإنه خطي، وما الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2175 تقرأه عليّ فهو من خط غيري، فكنت أقرأ عليه منه، وكان فيه ديوان عمران بن حطان. فكان يبكي على مواضع منه، فأنشدته ليلة القصيدة التي فيها البيتان المشهوران «1» : يا ضربة من تقيّ ما أراد بها ... إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا إني لأذكره يوما فأحسبه ... أوفى البرية عند الله ميزانا فبكى عليهما لما انتهيت إليهما حتى كاد يعمى، فاستطرفت ذلك وعجبت منه، فلما كان من الغد اجتمعت مع المفجّع فحدثته بذلك، واغتررت به للأدب واستكتمته إياه، فأشاعه وأذاعه وعمل: أبو خليفة مطويّ على دخن ... للهاشميين في سرّ وإعلان ما زلت أعرف ما يخفي وأنكره ... حتى اصطفى شعر عمران بن حطان وأنشدنيها لنفسه وأنشدها غيري، فكتبها عنه بعض أهل الأدب في رقعة لطيفة وجعلها في مقلمته، وحضرنا عند أبي خليفة في مجلس عام، فنفض الرجل مقلمته وقد أنسي ما فيها فسقطت الرقعة، وانصرف الناس، ووجدها أبو خليفة وقرأها فاستشاط وقال: ابن الايذجي قبحه الله وترّحه أشاط بدمي، عليّ بأبي العباس الساعة، يعني والدي، فجاءه وحدثه الحديث، فوقعت في ورطة وكادت الحال أن تنفرج بيني وبين أبي، ومنعني أبو خليفة القراءة واحتشمني، فحملت إليه ثيابا لها قدر وأهديت إليه من مأكل الجند واعتذرت إليه فرجع إليّ وقبل عذري وعاود تدريسي ومكنني من القراءة عليه، فقرأت «كتاب الطبقات» وغيره مما كان عنده، وقال: لا أظهر الرضى عنك أو تكذب نفسك، ففعلت ذلك، وأعطيت المفجع ثوبا دبيقيا حتى كفّ عن إنشاد الأبيات، وجحدها واعتذر إلى أبي خليفة. قال وقال أبي على عقيب هذا «2» : أكثر رواة العرب فيما بلغني عنهم إما خوارج وإما شعوبية، كأبي عبيدة معمر بن المثنى وأبي حاتم سهل السجستاني وفلان وفلان وعدد جماعة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2176 وقرأت بخطّ ابن مختار اللغوي المصري: أبو خليفة الفضل بن الحباب اشترى جارية فوجدها خشنة فقال: يا جارية هل من بزاق أو بصاق أو بساق- العرب تنقل السين صادا أو زايا فتقول أبو الصقر والزقر والسقر- فقالت: الحمد لله الذي ما أماتني حتى رأيت حري قد صار ابن الأعرابيّ تقرأ عليه غرائب اللغة «1» . [894] الفضل بن خالد أبو معاذ النحوي المروزي مولى باهلة: روى عن عبد الله بن المبارك وعبيد بن سليم روى عنه محمد بن علي بن الحسن بن شقيق وأهل بلده، مات سنة إحدى عشرة ومائتين، ذكر ذلك الحاكم بن البيع في «تاريخ نيسابور» . قال الأزهري: ولأبي معاذ كتاب في القرآن حسن. قلت: وقد روى عنه الأزهري في «كتاب التهذيب» فأكثر، وذكره محمد بن حبّان في «تاريخ الثقات» في الطبقة الرابعة بمثل ذلك سواء، ولعلّ الحاكم عنه نقل. [895] الفضل بن صالح العلوي الحسني النحوي أبو المعالي اليماني: مات في سنة نيف وثمانين وأربعمائة قاله عبد الغافر، قال: وحضر نيسابور وسمع الحديث من مشايخنا الذين رأيناهم، ولا شك أنه سمع في أسفاره الكثير «2» .   (894) - ترجمته في التهذيب للأزهري 1: 25 والوافي للصفدي (خ) وبغية الوعاة 2: 245. (895) - ترجمته في الوافي للصفدي (خ) وبغية الوعاة 2: 246؛ والمؤلف ينقل عن السياق، انظر المنتخب (الثاني) الورقة: 122، ونسبته عند الصفدي «اليمامي» . الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2177 [896] الفضل بن عمر بن منصور بن علي أبو منصور: يعرف بابن الرائض الكاتب، من أهل باب الأزج، كان حافظا لكتاب الله، قرأ بالعشر على عليّ بن عساكر البطائحي، وخطه غاية في الجودة على طريقة ابن هلال بن البواب، ولذلك أوردناه في هذا الكتاب. بلغني أن مولده في سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة ومات في جمادى الآخرة سنة تسع وستمائة. [897] الفضل بن محمد بن أبي محمد اليزيدي: يكنى أبا العباس، وقد ذكرنا نسبه ونسب أهله والسبب الذي لأجله سموا اليزيديين في باب جده أبي محمد يحيى بن المبارك. وكان الفضل أحد الرواة العلماء والنحاة النبلاء، أخذ عنه العلم الكثير ورواه من جهة الجم الغفير، ومات فيما ذكره ابن النديم سنة ثمان وسبعين ومائتين. حدث المرزباني عن الصولي عن أحمد بن يزيد المهلبي قال قال إبراهيم بن المدبر: اجتمع عندي يوما الفضل اليزيدي والبحتري وأبو العيناء، فجلس الفضل يلقي على بعض فتياننا نحوا، فقال له أبو العيناء: هذا بابي وباب الوالدة حفظها الله «1» ، فغضب الفضل وانصرف. وخرج البحتري إلى سامرا من بغداد وكتب إليّ شعرا أوله «2» : ذكرتنيك روحة للشمول وهجا فيها الفضل فقال: جلّ ما عنده التردد «3» في الفا ... عل من والديه والمفعول   (896) - ترجمة ابن الرائض في الوافي للصفدي (خ) وتاريخ الذهبي (601- 610) ص: 306- 307. (897) - ترجمة الفضل اليزيدي في الفهرست: 56 (وانظر ص: 158 أيضا) ومعجم المرزباني: 186 وطبقات الزبيدي: 86 وإنباه الرواة 3: 7 والوافي للصفدي (خ) وبغية الوعاة 2: 246. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2178 قال إبراهيم: فأمرت أن يكتب جواب الكتاب ويوجه إليه بمائة دينار، ودخل أبو العيناء فأقرأته الشعر فقال: أعطني نصف المائة فانه هجاه والله بكلامي فأخذ خمسين، ووجهت إلى البحتري بخمسين وعرّفته الخبر، فكتب إليّ، صدق والله ما بنيت أبياتي إلا على معناه. وحدث المرزباني في «كتاب المعجم» قال: كتب الفضل بن محمد بن أبي محمد اليزيدي إلى أبي صالح ابن يزداد، وكان يداعبه وجرت بينهما جفوة: استحي من نفسك في هجري ... واعرف بنفسي أنت لي قدري واذكر دخولي لك في كلّ ما ... يجمل أو يقبح من أمر قد مرّ شهران ولم ألقكم ... لا صبر لي أكثر من شهر وحدث ابن ناقيا في «كتاب ملح الممالحة» قال، قال الفضل بن محمد اليزيدي: كان محمد بن نصر بن منصور بن بسام الكاتب أسرى منزلا وآلة وطعاما وعبيدا، وكان ناقص الأدب، وكنت أختلف إلى ولده وولد عبد الله بن إسحاق بن إبراهيم ليقرءوا عليّ الأشعار، وكان عبد الله بن إسحاق سريا جاهلا، فدخلت يوما والستارة مضروبة ومحمد بن بسام وعبد الله بن إسحاق يشربان وأولادهما بين أيديهما وكانوا قد تأدبوا وفهموا، فغنّي بشعر جرير: ألا حيّ الديار بسعد إني ... أحبّ لحبّ فاطمة الديارا فقال عبد الله بن إسحاق: لولا جهل العرب ما كان ذكر لسعد هاهنا، فقال محمد بن بسام: لا تفعل يا أخي فانه يقوّي معدتهم ويصلح أسنانهم. قال الفضل اليزيدي فقال لي علي بن محمد بن نصر: بالله يا أستاذ اصفعهما وابدأ بأبي. قال المؤلف: أراد بسعد هاهنا اسم موضع معروف. وكتب الحمدوني إلى الفضل: يا أبا العباس إنا ... في نعيم وسرور ولدينا أسعد الأمّ ... ة في كلّ الأمور ما لنا عيب سوى بع ... دك فامنن بحضور فأجابه: سمعنا وأطعنا. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2179 [898] الفضل بن محمد بن علي بن الفضل القصباني، أبو القاسم النحوي البصري: كان واسع العلم غزير الفضل اماما في علم العربية، وإليه كانت الرحلة في زمانه، وكان مقيما بالبصرة، مات في سنة أربع وأربعين وأربعمائة في أيام القائم، وأخذ عنه أبو زكرياء يحيى بن التبريزي وأبو محمد الحريري. وله تصانيف: منها كتاب في النحو. وكتاب في حواشي الصحاح. وكتاب الأمالي. وكتاب في أشعار العرب ومختارها كبير وسمه بالصفوة. قال القاسم بن محمد بن الحريري صاحب المقامات: أنشدنا شيخنا أبو القاسم القصباني النحوي لنفسه: في الناس من لا يرتجى نفعه ... إلا إذا مسّ باضرار كالعود لا يطمع في ريحه ... إلا إذا أحرق بالنار   (898) - ترجمته في إنباه الرواة 3: 9 والوافي للصفدي (خ) وبغية الوعاة 2: 246 والبلغة: 184. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2180 حرف القاف [899] قابوس بن وشمكير بن زيار الديلمي الملقب بشمس المعالي: من الملوك، وكان صاحب جرجان وطبرستان، وكان أبوه وشمكير وعمه مرداويج ملوك الري واصبهان وتلك النواحي، لأن أول من ملك من الديلم ليلى بن النعمان فاستولى على نيسابور في أيام نصر بن أحمد الساماني، وقام بعده أسفار بن شيرويه، وكان مرداويج بن زيار أحد قواده، فخرج عليه فحاربه فظفر به مرداويج فقتله وملك مكانه، وعمل لنفسه سريرا من ذهب فجلس عليه، واشترى عبيدا كثيرة من الأتراك، وجعل يقول: أنا سليمان وهؤلاء الشياطين، وكان فيه ظلم وجبروت فدخل عليه غلمانه الأتراك فقتلوه في الحمام. وكان بنو بويه من أتباعه فولاهم ولاية استظهروا بها عليه وحاربوه حتى ملكوا. وأما هو فلما مات ولّت الديلم عليهم أخاه وشمكير، فاستولى على جرجان وطبرستان، ودامت الحرب بينه وبين ركن الدولة أبي علي ابن بويه نيفا وعشرين سنة، وركب في آخر أيامه فرسا له فعارضه خنزير فشبّ به الفرس وهو غافل عنه فسقط على دماغه فهلك. وكتب ابن العميد عن ركن الدولة كتابا يقول فيه: الحمد لله الذي أغنانا بالوحوش، عن الجيوش.   (899) - ترجمة قابوس وأخباره في كتب التاريخ مثل ذيل تجارب الأمم وابن الأثير والعتبي وابن العبري وانظر المنتظم 7: 264 وابن خلكان 4: 79 ويتيمة الدهر 4: 59 والنجوم الزاهرة 4: 233 والوافي للصفدي (خ) . وانظر الحكاية رقم: 13 في الباب 44 ورقم 16 في الباب العشرين ورقم 38 في الباب الثاني والأربعين من كتاب قابوسنامه تأليف حفيده عنصر المعالي بن إسكندر بن قابوس. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2181 وقام بعده ابنه أبو منصور بهستون بن وشمكير مقامه وتوفي سنة سبع وستين وثلاثمائة، وكان عضد الدولة أبو شجاع فناخسرو بن ركن الدولة أبي علي زوج ابنة بهستون، فنفذ معزّ الدولة إلى المطيع وسأله أن ينفذ إليه الخلع والعهد على جرجان وطبرستان ففعل ذلك ولقبه ظهير الدولة، ووصله ما نفذ إليه في جمادى الأولى سنة ستين وثلاثمائة، فزين بلاده للرسول ونزل عن سريره عند وصول الخلع إليه ونثر عليه النثار العظيم، ونفذ للمطيع لله في جواب اللقب ستين ألف دينار عينا وغير ذلك من الثياب والخيل. ولما توفي خلف أخوه قابوس بن وشمكير، ونفذ إليه الطائع لله الخلع والعهد على طبرستان وجرجان، ولقبه شمس المعالي، وكان فاضلا أديبا مترسلا شاعرا ظريفا، وله رسائل بأيدي الناس يتداولونها، وكان بينه وبين الصاحب ابن عباد مكاتبة. مات سنة ثلاث وأربعمائة، وكان فيه عسف وشدة، فسئمه عسكره فتغيروا عليه وحسّنوا لابنه منوجهر حتى قبض على أبيه، وقالوا له: إن لم تقبض أنت عليه وإلا قتلناه، وإذا قتلناه فلا نأمنك على نفوسنا فنحتاج أن نلحقك به، فوثب عليه وقبض عليه وسجنه في القلعة ومنعه ما يتدثر به في شدة البرد، فجعل يصيح: أعطوني ولو جلّ دابة، حتى هلك، وكان حكم على نفسه في النجوم أن منيته على يد ولده، فأبعد ابنه دارا لما كان يراه من عقوقه، وقرّب ابنه منوجهر لما رأى من طاعته، وكانت منيته بسببه، ثم إن منوجهر قتل قتلته وكانوا ستة تواطأوا عليه، فقتل خمسة وهرب السادس إلى خراسان، فقبضه محمود بن سبكتكين وحمله إليه وقال له: إنما فعلت هذا لئلا يتجرأ أحد على قتل الملوك، فقتل الآخر. ثم مات منوجهر سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة فقام ابنه انوشروان بن منوجهر مقامه، وتوفي انوشروان سنة خمس وثلاثين وأربعمائة. ثم ولي ابنه حسان بن أنوشروان. ومن شعر قابوس بن وشمكير «1» : الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2182 خطرات ذكرك تستثير صبابتي «1» ... فأحسّ منها في الفؤاد دبيبا لا عضو لي إلا وفيه صبابتي ... فكأنّ أعضائي خلقن قلوبا ومن رسائله ما كتب به إلى بعض إخوانه: كتبت، أطال الله بقاء مولاي، وما في جسمي جارحة إلا وهي تودّ لو كانت يدا تكاتبه، ولسانا يخاطبه، وعينا تراقبه، وقريحة تعاتبه، بنفس ولهى، وبصيرة ورهى، وعين عبرى، وكبد حرّى، منازعة إلى ما يقرّب منه، وتمسكا بما يتصل عنه، ومثابرة على أمل هو غايته، وتعلقا بحبل عهد هو نهايته، وخاطري يميل نحوه، ونفسي تأمل دنوّه، وترجو وتقول أتراه، بل لعله وعساه، يرقّ لنفس قد تصاعد نفسها، ويرحم روحا قد فارقها روحها ومؤنسها، وكيف بقلبه لو عاين صورة هذه صورتها، وشاهد مهجة هذه جملتها، فليرفق جعلت فداه بمن عاند برحا عظيما، وكابد قرحا أليما، وليرقّ لكبد قذفها البعاد، وعين أرّقها السهاد، وأحشاء محرقة بنار الفراق، وأجفان مقروحة بدمعها المهراق، وقلب في أوصابه متقلّب، ولب في عذابه معذّب، فلو أني أسعدت فأعطيت الرضى، وخيرت فاخترت المنى، لتمنيت أن أتصوّر صورتك، وأطالع طلعتك، وأمثّل لها مثالي لتراه، فأخبرها بكنه حالي ومعناه، لترفق لازالة ما أزلّه الدهر إليّ، ولتتلطف لإماطة ما أماطه عليّ، وأشكو بعض ما نابني من نوائبه وغوائله، وأطلقني من أشراكه وحبائله. وكان قد تمت عليه نكبة أخرجته من مقرّ عزه وموطن ملكه، فشتتته عن الأوطان وألحقته بخراسان، فأقام بها برهة من الزمان إلى أن أسفر صبحه، وفاز بعد الخيبة قدحه، وتحرج الزمان من جوره عليه، فردّ ملكه إليه، فقال في حال نكبته «2» : قل للذي بصروف الدهر عيّرنا ... هل عاند الدهر إلا من له خطر أما ترى البحر يطفو فوقه جيف ... ويستقرّ بأقصى قعره الدرر فان تكن عبثت «3» أيدي الزمان بنا ... ونالنا من تأذي بؤسه ضرر الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2183 ففي السماء نجوم غير ذي عدد ... وليس يكسف إلا الشمس والقمر أما البيت الثاني فأخذه من قول ابن الرومي «1» : دهر علا قدر الوضيع به ... وغدا الشريف يحطّه شرفه كالبحر يرسب فيه لؤلؤه ... سفلا ويعلو فوقه جيفه وقوله «وفي السماء نجوم» مأخوذ من قول أبي تمام «2» : إن الرياح إذا ما أعصفت قصفت ... عيدان نخل «3» ولا يعبأن بالرتم بنات نعش ونعش لا كسوف لها ... والشمس والبدر منها الدهر في الرقم «4» وكتب شمس المعالي قابوس إلى عضد الدولة وقد أهدى له سبعة أقلام: قد بعثنا إليك سبعة أقلا ... م لها في البهاء حظّ عظيم مرهفات كأنها ألسن الحي ... ات قد جاز حدّها التقويم وتفاءلت أن ستحوي الأقال ... يم بها كلّ واحد إقليم وهذا يشبه قول ابن الصابىء وقد ذكر في بابه. قال مؤلف الكتاب: وكنت في سنة سبع وستمائة قد توجهت إلى الشام وفي صحبتي كتب من كتب العلم أتجر فيها، وكان في جملتها «كتاب صور الأقاليم» للبلخي- نسخة رائقة مليحة الخط والتصوير، فقلت في نفسي: لو كانت هذه النسخة لمن يجتدي بها بعض الملوك ويكتب معها هذه الأبيات (وقلتها ارتجالا) لكان حسنا، والأبيات في معنى أبيات قابوس، ولم أكن شهد الله وقعت عليها ولا سمعتها، وهي: ولما رأيت الدهر جار ولم أجد ... من الناس من يعدي على الدهر عدواكا ركبت الفلا يحدو بي الأمل الذي ... يدنّي على بعد التنائف مثواكا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2184 ورمت بأن أهدي إليك هدية ... فلم أر ما يهديه مثلي لشرواكا فجئتك بالأرضين جمعا تفاؤلا ... لعلمي بأنّ الفال رائد عقباكا فخذ هذه واستخدم الفلك الذي ... براه إلهي كي يدور ببغياكا ثم إنني بعت النسخة من الملك الظاهر غازي بن صلاح الدين يوسف بن أيوب صاحب حلب بتخيير المشتري من غير مكسب، وجرت لي فيها قصة طريفة أنزّه هذا السلطان عن ذكرها، فانه وإن كان الحظّ حرمني فانه جواد عند غيري. وكان السبب في خروج قابوس عن دار ملكه ولحوقه بخراسان أنّ عضد الدولة أبا شجاع فنّا خسرو نقم على أخيه فخر الدولة أبي الحسن علي بن الحسن بن بويه أمرا خالفه فيه فخر الدولة، فقصده عضد الدولة إلى همذان، وكان مالكها وما والاها، فهرب منه حتى لحق بجبال طبرستان، فتلقاه قابوس وأكرم مثواه وأنزله عنده وآواه، فأنفذ عضد الدولة إلى أخيه الآخر الملقب بأمير الأمراء مؤيد الدولة [بالمسير] نحوهما، فانحازا عنه، وذلك سنة احدى وسبعين، وبعثا إلى أبي الحسن محمد بن إبراهيم بن سيمجور، وكان يتولى إمارة نيسابور وما دون جيحون من قبل السديد أبي صالح منصور بن نوح الساماني، يستجديانه ويستعينانه، فوعدهما وأبطأ عليهما لانحلال الأحوال بخراسان لاختلاف الأيدي بها، فسارا هاربين حتى وردا نيسابور ومنها إلى بخارى، فأرسل صاحب بخارى معهما جيشا صحبة تاش الحاجب وولّاه نيسابور، فلم يصنع معهما شيئا، وقال قابوس في تلك الحال: لئن زال أملاكي وفات ذخائري ... وأصبح جمعي في ضمان التفرق فقد بقيت لي همة ما وراءها ... منال لراج أو بلوغ لمرتقي ولي نفس حرّ تأنف الضيم مركبا ... وتكره ورد المنهل المترنق «1» فان تلفت نفسي فلله درّها ... وإن بلغت ما ترتجيه فأخلق ومن لم يردني والمسالك جمة ... فأيّ طريق شاء فليتطرق الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2185 وله: بالله لا تنهضي يا دولة السّفل ... وقصّري فضل ما أرخيت من طول أسرفت فاقتصدي جاوزت فانصرفي ... عن التهوّر ثم امشي على مهل مخدّمون ولم تخدم أوائلهم ... مخوّلون وكانوا أرذل الخول فأما أبو الحسن علي بن بويه فإنه لما مات أخوه في سنة ثلاث وسبعين استدعاه ابن عباد وأقامه مقام أخيه، وأما قابوس فإنه لما تطاولت مدته ولم ير عند السامانية ناصرا قصد أطراف بلاده، فتجمعت إليه الجيوش وعاد إلى بلاده وقاتل المستولي عليها حتى عاد إلى سرير ملكه بعد ثماني عشرة سنة. وذكر أبو الريحان محمد بن أحمد البيروني في رسالة له سماها «التعلل بإجالة الوهم في معاني منظوم أولي الفضل» «1» قال: وكنت أستحسن من شمس المعالي قابوس إعراضه عن إنشاد مدائحه في وجهه وبين يديه، وكان يطلق للشعراء المجتمعين على بابه في النيروز والمهرجان مقدارا من البرّ، ويرسم لأبي الليث الطبري توزيعه عليهم بحسب رتبهم، فإنهم قوم مستميحون بما يتفاضلون فيه، لكني لا أستجيز سماع أكاذيبهم التي أعرف من نفسي خلافها وأتحرز بذلك من الاستغبان. ولقابوس فصل يعزّي: حشو هذا الدهر- أطال الله بقاء مولاي- أحزان وهموم، وصفوه من غير كدر معدوم، فما أولاه- أيده الله- بأن يتأمل أحواله، ويستشفّ ضروبه وأحكامه، فإن وجد أحدا سلم من وجد أو عري من فقد لقي خلاف المعهود، وحقّ له التأسي على المفقود، وإن علم أن الخلق فيه شرع، وأن الباقي للماضي تبع، قدّم من السلوة والصبر، ما لا بدّ من المصير إليه آخر الأمر، ليحصل له الثواب والأجر، والسلام. قال أبو حيان، قال لي البديهي: مدحت وشمكير بمدائح فاحت رياها شرقا وغربا وبعدا وقربا، فما أثابني عليها إلا بشيء يسير، وقصده بعض الأغتام من الجبال الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2186 فمدحه بقصيدة ركيكة غير موزونة تعلّقها بالهجاء أكثر من تعلقها بالمديح، فأعطاه ما أغناه وأعقابه بعده، فشكوت الى ابن ساسان ذلك فقال لي: إفراط العلم مضرّ بالجد، والجدّ والعلم قلما يجتمعان، والكدّ للعلم والجد للجهل، وأنشأ يقول: إن المقادير إذا ساعدت ... ألحقت العاجز بالحازم وللصاحب يهجو قابوس: قد قبس القابسات قابوس ... ونجمه في السماء منحوس وكيف يرجى الفلاح من رجل ... يكون في آخر اسمه بوس فأجابه قابوس: من رام أن يهجو أبا قاسم ... فقد هجا كلّ بني آدم لأنه صوّر من مضغة ... تجمعت من نطف العالم قال أبو سعد الآبي في «تاريخه» : في شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وأربعمائة كانت الأخبار تواترت بموت قابوس بن وشمكير، ثم ورد الخبر بأنه لم يمت ولكنه نكب وأزيل عن الملك، وذلك أنه كان قد أسرف في القتل وتجاوز الحد في سفك الدماء، ولم يكن يعرف حدّا في التأديب وإقامة السياسة غير ضرب الأعناق وإماتة الأنفس، وكان يأتي ذلك في الأقرب فالأقرب والأخصّ فالأخص من الجند والحاشية، حتى أفنى جميعهم وأتى على جلهم، وأذل الخيل وأصناف العسكر للرعية وجرأهم عليهم، ولم يتظلّم أحد من أهل البلد من واحد من أكابر عسكره إلا قتله وأتى على نفسه من غير أن يتفحص عن الشكوى أصحيحة أم باطلة، فتبرم به عسكره وحاشيته وخافوا سطوته ولم يأمنوا ناحيته، فمشى بعضهم إلى بعض وتمالأوا عليه وتعاهدوا وتحالفوا، وخفي الأمر لأنه كان خرج إلى حصن بناه وسماه شمراباذ، وعزم القوم أن يتسلقوا عليه ويغتالوه، وقد واطأهم على الأمر جميع من كان معه في الحصن، فتعذّر عليهم الصعود إليه والهجوم عليه، وعلموا أنهم لو قد أصبحوا وقد عرف الخبر لم ينج منهم أحد، فنعوه إلى الناس وذكروا أنه قد قضى نحبه، فانتهبت اصطبلاته وسيقت دوابه وبغاله، ولم يقدر هو على مفارقة الموضع لا عواز الظهور التي تحمل وتنقل عليها الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2187 خزائنه، وكان عنده وزيره أبو العباس الغانمي، فاتهمه بممالأة القوم فأوقع به وقتله. وخاطب العسكر من ذلك الموضع ومن جرجان منوجهر، وكان إذ ذاك مقيما بطبرستان، فاستدعوه وكتبوا إليه بالحضور وأنه متى تأخر قدّموا غيره، فبادر إليهم فقلدوه الأمر، وبلغ ذلك قابوس وقد تفرق عنه من غدر به، فجمع أمراء الرستاق وفارق المكان، وصحبه طائفة من العرب وغيرهم من الجند، وخرج إلى بسطام مع خزائنه وأسبابه، وتبعه منوجهر ابنه مع العسكر فحصره، وامتنع هو عليه، ثم أمكن من نفسه عند الضرورة، فقبض عليه وحمل الى بعض القلاع. وتقرر أمر ابنه منوجهر ولقّب بفلك المعالي، وكان أبوه يلقب شمس المعالي، ثم ورد الخبر في جمادى الآخرة بصحة موت قابوس، وأقام التعزية في ممالكه عنه، وكان موته في مجلسه بقلعة جناشك. وذكر أنه اغتيل وحمل تابوته إلى جرجان ودفن في مشهد عظيم كان بناه لنفسه وأنفق عليه الأموال العظيمة وبالغ في تحصينه وتحسينه. [900] القاسم بن أحمد بن الموفق أبو محمد الأندلسي اللورقي: يلقب علم الدين، مولده فيما أخبرني عن نفسه في حدود سنة إحدى وستين وخمسمائة، وهو إمام في العربية وعالم بالقرآن والقراءة، اشتغل بالأندلس في صباه، وأتعب نفسه حتى بلغ من العلم مناه، فصار عينا للزمان ينظر به إلى حقائق الفضائل، فما من علم إلا وقد أخذ منه بأوفر نصيب وحصل منه على أعلى ذروة، وكنت لقيته بمحروسة حلب في سنة ثماني عشرة وستمائة ففزت من لقائه بالأمنية، واقتضبت من فوائده كلّ فضيلة شهية، وحدثني أنه قرأ القرآن بمرسية من بلاد الأندلس على الشيخ أبي عبد الله   (900) - ترجم له الصفدي في الوافي 2: 102 باسم محمد بن أحمد بن الموفق بن جعفر، وكنيته أبو القاسم، وأحال على هذه الترجمة في باب «القاسم بن أحمد» وهو باسم القاسم في بغية الوعاة 2: 250 وفي طبقات ابن الجزري 2: 15. (ويذكر الصفدي أنه توفي سنة احدى وستين وستمائة ودفن بمقابر باب توما بدمشق) وله أيضا ترجمة في ذيل الروضتين: 227 وكرر المقري ترجمته في النفح 2: 50، 137 (وفي الموضع الثاني نسب خطأ المريني وهو المرسي) وعقد الجمان (648- 666) ص: 368 والبداية والنهاية 13: 241. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2188 محمد بن سعيد بن محمد المرادي المرسي وعلى أبي الحسن علي بن يوسف بن الشريك الداني بمرسية، وببلنسية على أبي عبد الله محمد بن أيوب بن محمد بن نوح الغافقي الفقيه وعلى الشيخ المقرىء أبي العباس أحمد بن علي بن محمد بن عون الله الأندلسي، وقرأ النحو على أبي الحسن علي بن الشريك المذكور وابن نوح المذكور. ثم خرج الى مصر في سنة إحدى وستمائة، فقرأ بها القرآن على الشيخ أبي الجود غياث بن فارس بن مكي اللخمي، وبدمشق على الشيخ الامام تاج الدين أبي اليمن الكندي- قرأ عليه القرآن جميعه بكتاب «المهج» تصنيف أبي محمد المقرىء وكتاب سيبويه وكثيرا من كتب الأدب، وسمع منه أكثر سماعاته ك «تاريخ الخطيب» «والحجة» و «أدب الكاتب» وغير ذلك، وكان وروده إلى دمشق سنة ثلاث وستمائة، وببغداد على الشيخ أبي البقاء الحسين بن عبد الله العكبراوي، وسمع الحديث على جماعة منهم. وأما معرفته بالفقه والأصول وعلوم الأوائل كالمنطق وغيره فهو الغاية فيه. وله من التصانيف: كتاب شرح المفصل في عشر مجلدات. وكتاب في شرح قصيدة الشاطبي. وكتاب شرح مقدمة الجزولي مجلدان. وأنشدني قال أنشدني تاج الدين أبو اليمن لنفسه رحمه الله: تركت قيامي للصديق يزورني ... ولا عذر لي إلا الاطالة في عمري ولو بلغوا من عشر تسعين نصفها ... تبيّن في تركي القيام لهم عذري [901] القاسم بن إسماعيل أبو ذكوان الرواية: قال محمد بن إسحاق النديم: قال أبو سعيد يعني السيرافي: وقد كان في أيام المبرد جماعة نظروا في «كتاب سيبويه» ولم تكن لهم نباهته منهم أبو ذكوان القاسم بن إسماعيل. ولأبي ذكوان كتاب معاني   (901) - ترجمة أبي ذكوان الرواية في أخبار النحويين البصريين: 80 والفهرست: 65 وإنباه الرواة 3: 10 والوافي للصفدي (خ) وبغية الوعاة 2: 251 وعنون الزبيدي له ترجمة (ص 183) ولم يترجم له. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2189 الشعر رواه عنه ابن درستويه، ووقع أبو ذكوان إلى سيراف «1» أيام الزنج، وكان علامة أخباريا قد لقي جماعة من أهل العلم، وكان التوزي زوج أم أبي ذكوان. [902] قاسم بن أصبغ بن محمد بن يوسف بن ناصح بن عطاء البياني أبو محمد، مولى الوليد بن عبد الملك: إمام من أئمة العلم حافظ مكثر مصنف، كان أصله من بيانه وسكن قرطبة وبها مات سنة أربعين وثلاثمائة عن سن عالية، ويقال إنه لم يسمع منه شيء قبل موته بسنتين. ذكره الحميدي فقال: سمع محمد بن وضاح ومحمد بن عبد السلام الخشني وجماعة، ورحل فسمع إسماعيل بن إسحاق القاضي وأبا اسماعيل محمد بن إسماعيل الترمذي والحارث بن أبي أسامة وأبا قلابة الرقاشي وعبد الله بن مسلم بن قتيبة وأحمد بن زهير بن حرب وأبا بكر ابن أبي الدنيا وذكر جماعة ثم قال: وغيرهم. وصنف كتبا منها: كتاب الحمر «2» ، وكتاب في أحكام القرآن على أبواب كتاب إسماعيل بن إسحاق القاضي. وكتاب المجتبى على أبواب كتاب ابن الجارود المنتقى- قال أبو محمد علي بن أحمد «3» : وهو خير منه انتقاء وأنقى حديثا وأعلى سندا وأكثر فائدة. وله كتاب في فضائل قريش. وكتاب في الناسخ والمنسوخ. وكتاب في غرائب حديث مالك بن أنس مما ليس في الموطأ. وكتاب في الأنساب في   (902) - ترجمة قاسم بن أصبغ في ابن الفرضي 1: 406 وجذوة المقتبس: 311 وبغية الملتمس رقم: 1298 وترتيب المدارك 5: 180 وتذكرة الحفاظ: 853 وعبر الذهبي 2: 254 وسير الذهبي 15: 472 ومرآة الجنان 2: 333 والديباج المذهب 2: 145 والوافي للصفدي (خ) ولسان الميزان 4: 458 وطبقات الحفاظ: 352 وبغية الوعاة 2: 251 والشذرات 2: 357. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2190 غاية الحسن والايعاب. وكان من الثقة والجلالة بحيث اشتهر أمره وانتشر ذكره وروى عنه جماعة من أهل بلده وغيرهم. [903] قاسم بن ثابت السرقسطي: ذكره الحميدي فقال: هو مؤلف كتاب غريب الحديث «1» رواه عنه ابنه ثابت وله فيه زيادات وهو كتاب حسن مشهور، وذكره أبو محمد علي بن أحمد وأثنى عليه وقال: ما شآه أبو عبيد إلا بتقدم العصر. [904] القاسم بن الحسين بن محمد أبو محمد الخوارزمي: صدر الأفاضل حقا، وواحد الدهر في علم العربية صدقا، ذو الخاطر الوقاد، والطبع النقاد، والقريحة الحاذقة، والنحيزة الصادقة. برع في علم الأدب، وفاق في نظم الشعر ونثر الخطب، فهو إنسان عين الزمان، وغرة جبهة هذا الأوان. سألته عن مولده فقال: مولدي في الليلة التاسعة من شعبان سنة خمس وخمسين وخمسمائة، وحضرت في منزله بخوارزم فرأيت منه صدرا يملأ الصدر ذا بهجة سنية، وأخلاق هنية، وبشر طلق، ولسان ذلق، فملأ قلبي وصدري، وأعجز وصفه نظمي ونثري، واستنشدته من قبله فأنشدني لنفسه بمنزله في خوارزم في سلخ ذي القعدة سنة ست عشرة وستمائة:   (903) - ترجمته في ابن الفرضي 1: 402 وجذوة المقتبس: 312 (وبغية الملتمس رقم: 1300) وطبقات الزبيدي: 284 (في ترجمة أبيه ثابت) وإنباه الرواة 3: 12 وفهرسة ابن خير: 191- 194 والديباج المذهب 2: 141 والوافي للصفدي (خ) وبغية الوعاة 2: 252 وانظر أيضا رسائل ابن حزم 2: 180 وترجمة ثابت في سير الذهبي 14: 562 فقد ترجم له في درجها، وكذلك ترتيب المدارك 5: 249 (وكانت وفاته بسر قسطة سنة: 302) . (904) - له ترجمة في الوافي للصفدي (خ) وفيه اعتماد على ياقوت؛ وانظر بغية الوعاة 2: 252- 253. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2191 يا زمرة الشعراء دعوة ناصح ... لا تأملوا عند الكرام سماحا إن الكرام بأسرهم قد أغلقوا ... باب السماح وضيّعوا المفتاحا ورأيته شيخا بهيّ المنظر حسن الشيبة كبيرها سمينا بدينا عاجزا عن الحركة، وكان له في حلقه حوصلة كبيرة، وقلت له: ما مذهبك؟ فقال: حنفي، ولكن لست خوارزميا، لست خوارزميا، يكررها، إنما اشتغلت ببخارى فأرى رأي أهلها، نفى عن نفسه أن يكون معتزليا، رحمه الله. قال: وسألني قاضي القضاة بخوارزم أن أنشىء له أبياتا يكتبها على جدران دار استحدث بناءها فقلت: من كان يفخر بالبنيان والشّرف ... فليس فخري بغير المجد والشّرف ما قيمة الدار لولا فضل ساكنها ... وأيّ وزن بدون الدرّ للصدف إن كان يعجبني خشب مسنّدة ... فلست أكرم نجل من بني خلف قد صحّ لي باتفاق الناس كلهم ... رواية العدل والانصاف عن سلفي إني لمن معشر كانت معايشهم ... بالقصد أما عطاياهم فبالسرف قوم متى طلعت ليلا مآثرهم ... رأيت بدر الدجى في زيّ منخسف بدولة الملك الميمون طائره ... أنّى توجهت فالإقبال مكتنفي وأنشدني لنفسه: أيا سائلي عن كنه علياه إنه ... لأعطي ما لم يعطه الثقلان فمن يره في منزل فكأنما ... رأى كلّ إنسان وكلّ مكان وأنشدني لنفسه في أبناء شيخ الإسلام الرستاني، ورستان من قرى مرغينان، ومرغينان من بلاد فرغانة: فديت إماما صيغ من عزة النفس ... أنامله والسحب نوعان من جنس أشدّ ارتياحا نحو طلعة معتف ... من المفلس الخاوي اليدين إلى الفلس وأفقه في تدريسه من محمد ... وأجود من كعب وأخطب من قس الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2192 مناقب لو أنّ الحرابيّ مرة ... بصرن بها استنكفن عن خدمة الشمس ويغدو على طرف من الشقر كلما ... رأته إماء الحيّ وافته للقبس على سابح من خلقة الوهم طالع ... وأهون شيء عنده درك الأمس فتى ساومته خلقه وهو فاغم ... ولا فغمة المسك الخرائد للعرس له الصفو من ودي وإخوته الألى ... غدوا من سهام الزيغ للدين كالترس لفتيان صدق ما اقتنوا طول عمرهم ... سوى البحث والافتاء والوعظ والدرس لأربعة شادوا الهدى بعد شيخهم ... فقد بني الاسلام منهم على خمس بنور إلهيّ عليهم وزهدهم ... وعلمهم أضحوا ملائكة الانس فعاشوا لترشيح الهدى ويراعهم ... بصائبة الاحكام يقطر في الطرس وقال بعض الفضلاء الخراسانية في الامام صدر الأفاضل يمدحه: إن للعالمين فخرا وزينا ... وجمالا يجلّ عن كلّ شين بفتى وافر العلوم نقاب ... مثله ما رأيت قطّ بعيني ليس ذاك الفتى المبرّز إلا ... أفضل الناس قاسم بن الحسين وحدثني صدر الأفاضل [قال] ، قال بعض الفضلاء العراقية فيّ وهو من أصحابي: يقولون إنّ الأصمعيّ لبارع ... وبالنحو والآداب والشعر عالم كذا ابن دريد والخليل وجاحظ ... وكلّ لدرّ العلم والفضل ناظم فقلت أجل قد جلّ في الناس شأنهم ... وأفضل منهم صدر خوارزم قاسم «1» وأنشدني صدر الأفاضل لنفسه: أتحمل منّي نحو ذيّالك الرّشا ... سلاما كصدغيه وحالي مشوّشا وإني لوجدي أستضيء لدى الحمى ... بشعلة أنفاسي إذا الليل أغطشا ويرحمني العذّال حتى يقول لي ... أموقد نار بين جنبيك أم حشا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2193 وهل ترد الجرعاء مني بجنّة ... على طرفيها رونق العهد قد مشى وإني قد كتّمت سرّي وإنما ... برغمي صوب المدمعين به فشا كما أن صدر الشرق أخفى سخاءه ... ولكنه بشر الجبين به وشى متى جحدت نعماه أنهض جوده ... شهودا من الإحسان لا تقبل الرشا وإن هزّه الإطراء ثم تبجست ... أياديه لم يسكر له فقد انتشى أيلحقه الوهم القطوف إذا سعى ... لإدراك غايات العلا متكمشا لك المنهل المسكيّ ما زال نقعه ... يعلّل صلّا في يمينك أرقشا فيلفظ في منسابه من لعابه ... حتوفا وأرزاقا على حسب ما تشا وهي أطول من هذا. وحدثني الإمام صدر الأفاضل قال: كتب إليّ الصوفي المعروف بالصواب يسألني عن بيت حسان بن ثابت وهو: فمن يهجو رسول الله منكم ... ويمدحه وينصره سواء وقولهم بأن فيه ثلاثة عشر مرفوعا فأجبته: أفدي إماما وميض البرق منصرع ... من خلف خاطره الوقّاد حين خطا يبغي الصواب لدينا من مباحثه ... أما درى أنّ ما يعدو الصواب خطا الذي يحضرني في هذا البيت من المرفوعات اثنا عشر فمنها قوله فمن يهجو فيه ثلاثة مرفوعات المبتدأ والفعل المضارع والضمير المستكن، ومنها المبتدأ المقدر في قوله ويمدحه، المعنى ومن يمدحه فيكون هاهنا على حسب المثال الأول ثلاثة مرفوعات أيضا، ومنها المرفوعان في قوله وينصره أحدهما الفعل المضارع والثاني الضمير المستكن، ومنها المرفوعات الأربعة في قوله سواء، اثنان من حيث أنه في مقام الخبرين للمبتدأين واثنان آخران من حيث أن في كلّ واحد ضميرا راجعا إلى المبتدأ، فهذا يا سيدي جهد المقل، وغير مرجوّ قطع المدى من الكلّ، فليعذرني سيدي- قبل الله معاذيره- من المرفوع الثالث عشر، فإنه لعمري قد استكنّ واستتر الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2194 حتى لا أعرف له عينا، وكيف يعرف له وجار وقد صار أغرب من العنقاء، وأشد عوزا من الوفاء. وأنشدني صدر الأفاضل لنفسه: سرى ناشدا أنسي قضيب من الآس ... فناولني الصهباء والشهد في كاس وأرشدني وهنا لتقبيل خاله ... وميض ثناياه وشعلة أنفاسي ولو لم يكن يلقي على جمر خدّه ... من الطرّة السوداء ظلّة أنقاس إذن لأضاء الليل حتى انجلت لنا ... هواجس تخفيهن أفئدة الناس وكتب الإمام صدر الأفاضل إلى بعض أصدقائه: كتابي إلى المجلس الرفيع جمال الحرمين إمام الفريقين يديم الله رفعته ثم يديم، وينيم عنه طوارق الحدثان ثم ينيم، وأنا إليه كالصادي إلى قعقعة الحمد، وبجماله [مشغوف] كهو بجمال المجد، لا أروي إلا عن فضله وأفضاله، ولا أرتوي إلا من ورده وزلاله، ولا أتحسر إلا على ليال وشيتها بجواره، ثم طرزتها بحواره: إذا ذكرتها النفس باتت كأنها ... على حدّ سيف بين جنبيّ ينتضى تولّى الصبا والمالكية أعرضت ... وزال التصابي والشباب قد انقضى رفع الله البين من البين، حتى أرى نضاره في قميص من اللجين. ومن إنشائه إلى الدار العزيزة ببغداد حرسها الله تعالى: رايات مولانا الصوّام القوّام أمير المؤمنين وإمام المتقين وخليفة ربّ العالمين، الإمام الذي ليس للتابعين غيره إمام، ولا دون عتبته متمسك واعتصام، هي التي لم أزل أدعو الله أن يعقد بعذباتها النصر، ويجعل من أشياعها الذئب والنسر، تسايرها الآمال، وتحل حيثما رفعت الآجال، وتحتف بها الجدود، وترفرف عليها السعود، وهذا دعاء لو سكتّ كفيته، وأمل وإن لم أسأله فقد أوتيته، منى العبد أن يسعى إلى المواقف المقدسة مسعى القلم، يحبو على رأسه لا على القدم، ليشمّ بثراها الثريّ، لخلخة المسك الذكيّ، ويعفّر بها جبينه وأنفه، ويجيل في مسارح الحمد طرفه، ويستلم عتبة بها الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2195 التفّ الثقلان، ودانت لها الأيام بعد حران. لكن الحوادث قلما توافقه، والأيام تشاكسه في ذلك وتضايقه، وظني بأن الله سوف يديل «1» . ولما ورد الرسم- اعلى نور الله به مشارق الأرض ومغاربها- تلقاه العبد بالتعظيم والاجلال، ووضعه على قمة الامتثال، وفضّ ختامه عن الدرّ المكنون، بل أناسيّ العيون، وعن مشمول من الروض مجنوب «2» ، وكلم على صفحات الدهر مكتوب، فما زالت أعضاؤه تودّ أن تكون شفاها تقبله، وخواطر تتأمله، تمنيا يلذّ به المستهام، ويحلو له الغرام. ثم استدعى الأرامل والأيامى فأعطاهم، واستحضر المساكين واليتامى فأغناهم، وأنحى على ما ملكت يمينه من العبيد والأسرى، فأعتقهم وأطلقهم شكرا، وسأل الله تعالى أن يديم أكناف العرصة الفيحاء، مرتعا للعزّة القعساء، إن شاء الله تعالى: سنا جبينك مهما لاح في الظّلم ... بتنا نطالع منه نسخة الكرم إن يزرع الناس في أخلاقهم كرما ... فالبذر من جودك الطنّان بالديم تبدو على أشقر خضر حوافره ... بحرا يلاطم أمواجا على ضرم تشمّ عندك صيد العجم لخلخة ... من الرغام بآناف من القمم كادت لحبّك تأتي وهي ساعية ... على الرؤوس بدون الساق كالقلم من ظنّ غير نظام الملك ذا كرم ... نادى به لؤمه «استسمنت ذا ورم» «3» لما أنشدني هذا البيت قال لي: من نظام الملك؟ قلت: أنت حرسك الله قائل الشعر تسألني عن ممدوحك؟ فقال لي متبسما: لست تعرفه؟ قلت: لا والله؛ قال: ولا أنا شهد الله أعرفه، لأني ما تعرضت لمدح أحد قط، ولا رغبت في جداه، ولا أعرف أحدا أفضل عليّ إلا مرة واحدة فإن الغربة أحوجتني إليه، فلعن الله الغربة. قلت له: وكيف ذلك؟ قال: إني مضيت إلى بخارى طالبا للعلم وقاصدا للقراءة على الرضى، فاجتمع إليّ أولا صدرجهان وغيره، فقد أنسيت القصة، فلما حذقوا الأدب الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2196 برني بسبعين دينارا ركنية ووعدني بوعود جميلة، ولولا الحاجة والغربة ما قبلتها منه، ولقد عرض عليّ الشهاب الحوقي «1» ، وهو أحد صدور خوارزم المتقربين من السلطان، على أن ينصب لي منصبا ومجلسا بطراحة سوداء إلى جانبه ويعطيني كل شهر عشرة دنانير لأقرأ الأدب فلم أفعل، قلت: فمن أين مادة الحياة؟ قال لي: خلّفت لي والدتي قدرا يسيرا لا يقنع بمثله إلا أصحاب الزوايا فأنا أنفقه بالميسور، وأتلذذ بالغنى عن الجمهور، وأنا أقول الشعر والنثر تطربا لا تكسبا، وأستعير اسما لا أعرفه: أفديك ذا منظر بالبشر ملتحف ... عن اليمين وللإقبال مبتسم يد الجلال وشت في لوح جبهته ... «والناس من خولي والدهر من خدمي» ولو أناف على هام السها وطني ... لما لوت نحوه أجيادها هممي على الندى وقفت أيامه وعلى ... نشر المحامد منه ألسن الامم ما جئت أخدمه إلا وقد سحقت ... يد تلطفه عطرا من الشيم زفّ الندى نحوه بكرا مخدرة ... لولاه زفّت إلى كفء «2» من العدم يريه شعري نجوم الليل طالعة ... والنيرين معا من مشرق الكلم لا زال مثل هلال العيد حضرته ... في الحسن واليمن والإقبال والشمم وعاش للملك يحميه وينصره ... فالملك من دونه لحم على وضم ودام كاليمّ للعافين ملتطما ... بنانه وهو مرشوف بكل فم وله من التصانيف: كتاب المجمرة في شرح المفصل صغير. وكتاب السبيكة في شرحه أيضا وسط. وكتاب التجمير في شرح المفصل أيضا بسيط. كتاب شرح سقط الزند. كتاب التوضيح في شرح المقامات. كتاب لهجة الشرع في شرح ألفاظ الفقه. كتاب شرح المفرد والمؤلف. كتاب شرح الأنموذج. كتاب شرح الأحاجي لجار الله. كتاب خلوة الرياحين في المحاضرات. كتاب عجائب النحو. كتاب السر الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2197 في الاعراب. كتاب شرح الأبنية. كتاب الزوايا والخبايا في النحو. كتاب المحصل للمحصلة في البيان. كتاب عجالة السفر في الشعر. كتاب بدائع الملح. كتاب شرح اليميني للعتبي. [905] القاسم بن سلام أبو عبيد: كان أبوه روميا مملوكا لرجل من أهل هراة، وكان أبو عبيد إمام أهل عصره في كلّ فن من العلم، وولي قضاء طرسوس أيام ثابت بن نصر بن مالك ولم يزل معه ومع ولده. ومات سنة ثلاث عشرين ومائتين أو أربع وعشرين أيام المعتصم بمكة، وكان قصدها مجاورا في سنة أربع عشرة ومائتين، وأقام بها حتى مات عن سبع وستين سنة. وأخذ أبو عبيد عن أبي زيد الأنصاري وأبي عبيدة معمر بن المثنى والأصمعي وأبي محمد اليزيدي وغيرهم من البصريين، وأخذ عن ابن الأعرابي وأبي زياد الكلابي ويحيى بن سعيد الأموي وأبي عمرو الشيباني والفراء والكسائي من الكوفيين، وروى الناس من كتبه المصنفة نيفا وعشرين كتابا في القرآن والفقه واللغة والحديث. وقال أبو الطيب عبد الواحد بن علي اللغوي في «كتاب مراتب النحويين» : وأما أبو عبيد القاسم بن سلام فإنه مصنّف حسن التأليف، إلا أنه قليل الرواية يقتطعه عن اللغة علوم افتنّ فيها، وأما كتابه المترجم بالغريب المصنف فإنه اعتمد فيه على كتاب عمله رجل من بني هاشم جمعه لنفسه، وأخذ كتب الأصمعي فبوّب ما فيها وأضاف إليه شيئا من علم أبي زيد الأنصاري وروايات عن الكوفيين؛ وأما كتابه في غريب   (905) - ترجمة أبي عبيد في المعارف: 549 وطبقات ابن سعد 7: 355 ومراتب النحويين: 93 وطبقات الزبيدي: 217 والفهرست: 78 وتاريخ بغداد 12: 403 وطبقات الشيرازي: 26 وطبقات الحنابلة 1: 259 ونزهة الالباء: 93 وإنباه الرواة 3: 12 وابن خلكان 4: 60 وتذكرة الحفاظ: 417 وعبر الذهبي 1: 392 وسير الذهبي 10: 490 وميزان الاعتدال 3: 371 ومرآة الجنان 2: 83 وطبقات السبكي 2: 153 والبداية والنهاية 10: 291 والعقد الثمين 7: 23 والوافي للصفدي (خ) وطبقات ابن الجزري 2: 17 وتهذيب التهذيب 8: 315 وبغية الوعاة 2: 253 والشذرات 2: 54 واشارة التعيين: 61. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2198 الحديث فإنه اعتمد فيه على كتاب أبي عبيدة في غريب الحديث، وكذلك كتابه في غريب القرآن منتزع من كتاب أبي عبيدة، وكان مع هذا ثقة ورعا لا بأس به ولا بعلمه، [ولعله] سمع من أبي زيد شيئا، وقد أخذت عليه مواضع في «غريب المصنف» . وكان ناقص العلم بالإعراب. وروي أنه قال: عملت كتاب «غريب المصنف» في ثلاثين سنة، وجئت به إلى عبد الله بن طاهر فأمر لي بألف دينار. وذكره الجاحظ في «كتاب المعلمين» وقال: كان مؤدبا لم يكتب الناس أصحّ من كتبه ولا أكثر فائدة، وبلغنا أنه إذا ألف كتابا حمله إلى عبد الله بن طاهر فيعطيه مالا خطيرا، فلما صنف «غريب الحديث» أهداه إليه فقال: إن عقلا بعث صاحبه على عمل هذا الكتاب لحقيق إلا يحوج إلى طلب معاش، وأجرى له في كل شهر عشرة آلاف درهم. وسمعه منه يحيى بن معين، وكان دينا ورعا جوادا. وسير أبو دلف القاسم بن عيسى إلى عبد الله بن طاهر يستهدي منه أبا عبيد مدة شهرين فأنفذه، فلما أراد الانصراف وصله أبو دلف بثلاثين ألف درهم فلم يقبلها وقال: أنا في جنبة رجل لا يحوجني إلى غيره، فلما عاد أمر له ابن طاهر بثلاثين ألف دينار فاشترى بها سلاحا وجعله للثغر. وخرج إلى مكة مجاورا في سنة أربع عشرة ومائتين فأقام بها إلى أن مات في الوقت المقدم ذكره. وقال إسحاق بن راهويه: يحب الله الحقّ، أبو عبيد أعلم مني ومن أحمد بن حنبل ومن محمد بن إدريس الشافعي. قال: ولم يكن عنده ذاك البيان إلا أنه إذا وضع وضّح «1» . ولما قدم أبو عبيد مكة وقضى حجه أراد الانصراف، فاكترى إلى العراق ليخرج في صبيحة غد، قال أبو عبيد: فرأيت النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في النوم وهو جالس على فراشه وقوم يحجبونه والناس يدخلون إليه ويسلّمون عليه ويصافحونه، قال: فلما دنوت لأدخل مع الناس منعت، فقلت لهم: لم لا تخلّون بيني وبين رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟ فقالوا: أي والله لا تدخل إليه ولا تسلم عليه وأنت خارج غدا إلى العراق، فقلت لهم: فإني لا أخرج إذن، فاخذوا عهدي «2» ثم خلّوا بيني وبين رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فدخلت وسلمت الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2199 وصافحت، فلما أصبح فاسخ كريّه وسكن مكة حتى مات بها ودفن في دور جعفر. وقال عبد الله ابن طاهر: علماء الإسلام أربعة عبد الله بن عباس في زمانه، والشعبي في زمانه، والقاسم بن معن في زمانه، وأبو عبيد القاسم بن سلام في زمانه، ثم قال يرثيه: يا طالب العلم قد مات ابن سلّام ... وكان فارس علم غير محجام كان الذي كان فيكم ربع أربعة ... لم نلق مثلهم إستار أحكام استار أي أربعة. وحدث أبو بكر الزبيدي قال، قال علي بن عبد العزيز، قال عبد الرحمن اللحنة صاحب أبي عبيد قال: قيل لأبي عبيد وقد اجتاز على دار رجل من أهل الحديث كان يكتب عنه الناس وكان يزنّ بشرّ: إن صاحب هذه الدار يقول: أخطأ أبو عبيد في مائتي حرف من «المصنف» فقال أبو عبيد (ولم يقع في الرجل بشيء مما كان يعرف به) : في «المصنف» مائة ألف حرف فلو لم أخطىء في كل ألف حرف إلا حرفين ما هذا بكثير مما استدرك علينا، ولعل صاحبنا هذا لو بدا لنا فناظرناه في هاتين المائتين بزعمه لوجدنا لها مخرجا. وحدث عن عباس الخياط قال: كنت مع أبي عبيد فاجتاز بدار إسحاق الموصلي فقال: ما أكثر علمه بالحديث والفقه والشعر مع عنايته بالعلوم، فقلت له: إنه يذكرك بضدّ هذا، قال: وما ذاك؟ قلت: إنه يزعم أنك صحّفت في «المصنف» نيفا وعشرين حرفا، فقال: ما هذا بكثير، في الكتاب عشرة آلاف حرف مسموعة يغلط فيها بهذا اليسير، لعلّي لو ناظرت فيها لا حتججت عنها، ولم يذكر إسحاق إلا بخير. قال الزبيدي: ولما اختلفت هاتان الروايتان في العدد امتحنت ذلك في المصنف فوجدت فيه سبعة عشر ألف حرف وتسعمائة وسبعين حرفا. وحدث موسى بن نجيح السلمي قال: جاء رجل إلى أبي عبيد القاسم بن سلام فسأله عن الرباب فقال: هو الذي يتدلى دون السحاب، وأنشد لعبد الرحمن بن حسان: كأنّ الرباب دوين السحاب ... نعام تعلّق بالأرجل الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2200 فقال: لم أرد هذا، فقال الرباب اسم امرأة، وأنشد: إن الذي قسم الملاحة بيننا ... وكسا وجوه الغانيات جمالا وهب الملاحة للرباب وزادها ... في الوجه من بعد الملاحة خالا فقال: لم أرد هذا أيضا، فقال: عساك أردت قول الشاعر: رباب ربّة البيت ... تصبّ الخلّ في الزيت لها سبع دجاجات ... وديك حسن الصوت فقال: هذا أردت، فقال: من أين أنت؟ قال: من البصرة، قال: على أيّ شيء جئت، على الظهر أو في الماء؟ قال: في الماء. قال: كم أعطيت الملاح؟ قال: أربعة دراهم، قال: اذهب استرجع منه ما أعطيته وقل: لم تحمل شيئا فعلام تأخذ مني الأجرة؟ قال محمد بن إسحاق النديم: ولأبي عبيد من التصانيف: كتاب غريب المصنف. كتاب غريب الحديث. كتاب غريب القرآن. كتاب معاني القرآن. كتاب الشعراء. كتاب المقصور والممدود. كتاب القراءات. كتاب المذكر والمؤنث. كتاب الأموال. كتاب النسب. كتاب الأحداث. كتاب الأمثال السائرة. كتاب عدد آي القرآن. كتاب أدب القاضي. كتاب الناسخ والمنسوخ. كتاب الأيمان والنذور. كتاب الحيض. كتاب فضائل القرآن. كتاب الحجر والتفليس. كتاب الطهارة، وله غير ذلك من الكتب الفقهية. قال علي بن محمد بن وهب المسعريّ عن أبي عبيد القاسم بن سلام قال. سمعته يقول: هذا الكتاب يعني «غريب المصنف» أحبّ إليّ من عشرة آلاف دينار، فاستفهمته ثلاث مرات فقال: نعم هو أحبّ إليّ من عشرة آلاف دينار. وقال أبو العباس أحمد بن يحيى: قدم طاهر بن عبد الله بن طاهر من خراسان وهو حدث في حياة أبيه يريد الحج، فنزل في دار إسحاق بن إبراهيم، فوجّه إسحاق إلى العلماء فأحضرهم ليراهم طاهر ويقرأ عليهم، فحضر أصحاب الحديث والفقه، وأحضر ابن الأعرابي وأبو نصر صاحب الأصمعي، ووجه إلى أبي عبيد القاسم بن سلام في الحضور فأبى أن يحضر وقال: العلم يقصد، فغضب إسحاق من قوله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2201 ورسالته. وكان عبد الله بن طاهر يجري له في الشهر ألفي درهم، فقطع إسحاق عنه الرزق وكتب إلى عبد الله بالخبر، فكتب إليه عبد الله: قد صدق أبو عبيد في قوله وقد أضعفت له الرزق من أجل فعله، فأعطه فائته وأدرّ عليه بعد ذلك ما يستحقه. [906] القاسم بن علي بن محمد بن عثمان بن الحريري، أبو محمد البصري: من أهل بلد قريب من البصرة يسمى المشان، مولده ومنشؤه به، وسكن البصرة في محلة بني حرام، وقرأ الأدب على أبي القاسم الفضل بن محمد القصباني البصري بها، ومات ابن الحريري في سادس رجب سنة ست عشرة وخمسمائة ومولده في حدود سنة ست وأربعين وأربعمائة عن سبعين سنة في خلافة المسترشد، وبالبصرة كانت وفاته. وكان غاية في الذكاء والفطنة والفصاحة والبلاغة، وله تصانيف تشهد بفضله وتقرّ بنبله، وكفاه شاهدا «كتاب المقامات» التي أبرّ بها على الأوائل وأعجز الأواخر، وكان مع هذا الفضل قذرا في نفسه وصورته ولبسته وهيئته قصيرا دميما بخيلا مبتلى بنتف لحيته. قال العماد في «كتاب الخريدة» «1» : لم يزل ابن الحريريّ صاحب الخبر بالبصرة في ديوان الخلافة، ووجدت هذا المنصب لأولاده إلى آخر العهد المقتفوي. أخبرني عبد الخالق بن صالح بن علي بن زيدان المسكي المصري بها في سنة اثنتي عشرة وستمائة في صفر قال: حدثنا الشيخ الإمام أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن محمد المسعودي البندهي- قال: وكان يكتب هو بخطه الفنجديهي،   (906) - ترجمة الحريري في المنتظم 9: 241 والشريشي 1: 3 ونزهة الألباء: 262 وأنساب السمعاني واللباب (الحريري) وإنباه الرواة 3: 23 والخريدة (قسم العراق 4: 599) وابن خلكان 4: 63 وعبر الذهبي 4: 38 وسير الذهبي 19: 460 وتذكرة الحفاظ: 1257 ومرآة الجنان 3: 213 ومرآة الزمان: 67 والوافي للصفدي (خ) وطبقات السبكي 7: 266 والأسنوي 1: 429 والبداية والنهاية 2: 191 والنجوم الزاهرة 5: 235 وبغية الوعاة 2: 257 ومعاهد التنصيص 3: 270 والشذرات 4: 50. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2202 قال: وهي قرية من قرى مرو الشاهجان- قال: سمعت الشيخ الثقة أبا بكر عبد الله بن محمد بن محمد بن أحمد النقور البزاز ببغداد يقول، سمعت الرئيس أبا محمد القاسم بن علي بن محمد بن عثمان الحريري صاحب المقامات يقول: أبو زيد السروجي كان شيخا شحاذا بليغا ومكديا فصيحا، ورد علينا البصرة فوقف يوما في مسجد بني حرام فسلّم ثم سأل الناس، وكان بعض الولاة حاضرا والمسجد غاصّ بالفضلاء فأعجبتهم فصاحته وحسن صياغة كلامه وملاحته، وذكر أسر الروم ولده، كما ذكرناه في المقامة الحرامية وهي الثامنة والأربعون، قال: واجتمع عندي عشية ذلك اليوم جماعة من فضلاء البصرة وعلمائها، فحكيت لهم ما شاهدت من ذلك السائل وسمعت من لطافة عبارته في تحصيل مراده، وظرافة إشارته في تسهيل إيراده، فحكى كلّ واحد من جلسائه أنه شاهد من هذا السائل في مسجده مثل ما شاهدت، وأنه سمع منه في معنى آخر فصلا أحسن مما سمعت، وكان يغيّر في كلّ مسجد زيّه وشكله، ويظهر في فنون الحيلة فضله، فتعجبوا من جريانه في ميدانه، وتصرفه في تلونه وإحسانه، فأنشأت المقامة الحرامية ثم بنيت عليها سائر المقامات وكانت أول شيء صنعته. قال المؤلف: وذكر ابن الجوزي في تاريخه مثل هذه الحكاية، وزاد فيها أنّ ابن الحريري عرض المقامة الحرامية على أنوشروان بن خالد «1» وزير السلطان فاستحسنها وأمره أن يضيف إليها ما يشاكلها فأتمها خمسين مقامة. حدثني من أثق به أن الحريريّ لما صنع المقامة الحرامية وتعانى الكتابة فأتقنها وخالط الكتّاب أصعد إلى بغداد، فدخل يوما إلى ديوان السلطان وهو منغصّ بذوي الفضل والبلاغة محتفل بأهل الكفاية والبراعة، وقد بلغهم ورود ابن الحريري، إلا أنهم لم يعرفوا فضله، ولا اشتهر بينهم بلاغته ونبله، فقال له بعض الكتاب: أيّ شيء تتعانى من صناعة الكتابة حتى نباحثك فيه؟ فأخذ بيده قلما وقال: كلّ ما يتعلق بهذا، وأشار إلى القلم، فقيل له: هذه دعوى عظيمة، فقال: امتحنوا تخبروا، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2203 فسأله كلّ واحد عما يعتقد في نفسه إتقانه من أنواع الكتابة، فأجاب عن الجميع أحسن جواب، وخاطبهم بأتمّ خطاب حتى بهرهم، فانتهى خبره إلى الوزير أنوشروان بن خالد فأدخله عليه، ومال بكلّيته إليه، وأكرمه وأدناه «1» ، فتحادثا يوما في مجلسه حتى انتهى الحديث إلى ذكر أبي زيد السروجي المقدّم ذكره، وأورد ابن الحريريّ المقامة الحرامية التي عملها فيه، فاستحسنها أنوشروان جدا وقال: ينبغي أن يضاف إلى هذه أمثالها، وينسج على منوالها عدة من أشكالها، فقال: أفعل ذلك مع رجوعي إلى البصرة وتجمّع خاطري بها، ثم انحدر إلى البصرة فصنع أربعين مقامة، ثم أصعد إلى بغداد وهي معه وعرضها على انوشروان فاستحسنها، وتداولها الناس، واتهمه من يحسده بأن قال: ليست هذه من عمله لأنها لا تناسب رسائله ولا تشاكل ألفاظه، وقالوا: هذا من صناعة رجل كان استضاف به ومات عنده فادّعاها لنفسه، وقال آخرون: بل العرب أخذت بعض القوافل، وكان مما أخذ جراب بعض المغاربة وباعه العرب بالبصرة، فاشتراه ابن الحريري وادعاه، فان كان صادقا في أنها من عمله فليصنع مقامة أخرى، فقال: نعم سأصنع، وجلس في منزله ببغداد أربعين يوما فلم يتهيأ له ترتيب كلمتين والجمع بين لفظتين، وسوّد كثيرا من الكاغد فلم يصنع شيئا، فعاد إلى البصرة والناس يقعون فيه ويعيطون «2» في قفاه كما تقول العامة، فما غاب عنهم إلا مديدة حتى عمل عشر مقامات وأضافها إلى تلك، وأصعد بها إلى بغداد، فحينئذ بان فضله وعلموا أنها من عمله. وكان مبتلى بنتف لحيته، فلذلك قول ابن جكينا فيه: شيخ لنا من ربيعة الفرس ... ينتف عثنونه من الهوس أنطقه الله بالمشان وقد ... ألجمه في العراق بالخرس وقرأت بخط صديقنا الكمال عمر بن أبي بكر الدباس رحمه الله، حدثني علي بن جابر بن هبة الله «3» بن علي حاكم ساقية سليمان قال: حدثني والدي جابر بن هبة الله أنه قرأ على القاسم بن علي الحريري المقامات في شهور سنة أربع عشرة وخمسمائة، قال: وكنت أظن أن قوله: الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2204 يا أهل ذا المغنى وقيتم شرّا ... ولا لقيتم ما بقيتم ضرّا قد دفع الليل الذي اكفهرّا ... إلى ذراكم شعثا مغبرّا أنه «سغبا معترّا» فقرأت كما ظننت سغبا معترا، ففكر ساعة ثم قال: والله لقد أجدت في التصحيف فانه أجود، فربّ شعث مغبّر غير محتاج، والسغب المعتر موضع الحاجة، ولولا أنني قد كتبت خطي إلى هذا اليوم على سبعمائة نسخة قرئت عليّ لغيرت الشعث بالسغب والمغبر بالمعتر. قال مؤلف الكتاب: ولقد وافق كتاب المقامات من السعد ما لم يوافق مثله كتاب ألبتّة «1» ، فانه جمع بين حقيقة الجودة والبلاغة، واتسعت له الألفاظ، وانقادت له وفود البراعة حتى أخذ بأزمّتها وملك ربقتها، فاختار ألفاظها وأحسن نسقها، حتى لو ادّعى بها الاعجاز لما وجد من يدفع في صدره ولا يردّ قوله ولا يأتي بما يقاربها فضلا عن أن يأتي بمثلها، ثم رزقت مع ذلك من الشهرة وبعد الصيت والاتفاق على استحسانها من الموافق والمخالف ما استحقت وأكثر. ومن عجيب ما رأيته «2» وشاهدته أني وردت آمد في سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة وأنا في عنفوان الشباب وريعه، فبلغني أن بها علي بن الحسن بن عنتر المعروف بالشميم الحلي، وكان من العلم بمكان مكين، واعتلق من حباله بركن ركين، إلا أنه كان لا يقيم لأحد من أهل العلم المتقدمين ولا المتأخرين وزنا، ولا يعتقد لأحد فضيلة، ولا يقرّ لأحد باحسان في شيء من العلوم ولا حسن، فحضرت عنده وسمعت من لفظه إزراءه على أولي الفضل، وتنديده بالمعيب عليهم بالقول والفعل، فلما أبرمني وأضجر، وامتدّ في غيه وأصحر، قلت له: أما كان في من تقدم على كثرتهم وشغف الناس بهم عندك قطّ مجيد؟! فقال: لا أعلم إلا أن يكون ثلاثة رجال: المتنبي في مديحه خاصة ولو سلكت طريقه لما برز عليّ ولسقت فضيلته نحوي ونسبتها إليّ، والثاني ابن نباتة في خطبه وان كانت خطبي أحسن منها وأسير وأظهر عند الناس قاطبة واشهر، والثالث ابن الحريري في مقاماته؛ قلت: فما منعك الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2205 أن تسلك طريقته وتنشىء مقامات تخمد بها جمرته وتملك بها دولته؟ فقال: يا بني الرجوع إلى الحقّ خير من التمادي في الباطل، ولقد أنشأتها ثلاث مرات ثم أتأملها فأسترذلها، فأعمد إلى البركة فأغسلها، ثم قال: ما أظنّ الله خلقني إلا لاظهار فضل الحريري. وشرح مقاماته بشرح قرىء عليه وأخذ عنه. وكتب ابن الحريري إلى سديد الدولة في صدر كتاب: وما نومة بعد الضحى لمسهّد ... زوى همّه بالليل عن جفنه السّنه بأحلى من البشرى بأنّ ركابكم ... ستسري إلى بغداد في هذه السنه وقرأت في كتاب لبعض أدباء البصرة، قال الشيخ أبو محمد حرس الله نعمته معاياة: ميم موسى من نون نصر ففسّر ... أيهذا الأديب ماذا عنيت تفسيره ميم الرجل إذا أصابه الموم وهو البرسام، ويقال إنه أشد الجدريّ ونون نصر: حوت نصر، والنون السمكة، يعني أنه أكل سمكة نصر فأصابه الموم. وله في مثله: باء بكر بلام ليلى فما ين ... فكّ منها إلا بعين وهاء باء أي أقرّ، واللام الدرع، فلما أقر لليلى به ألزمته فلا ينفك منها إلا بعين أي بالدرع بعينه وها أي خذي. حدثني أبو عبد الله الدبيثي، قال حدثني أبو الحسن علي بن جابر، حدثني أبي أبو الفضل جابر بن زهير قال: حضرنا مع ابن الحريري في دعوة لظهير الدين ابن الوجيه رئيس البصرة في ختان ابنه أبي الغنائم، وكان هناك مغنّ يعرف بمحمد المصري وكان غاية في امتداد الصوت وطيب النغمة فغنى: بالذي ألهم تعذي ... بي ثناياك العذابا ما الذي قالته عينا ... ك لقلبي فأجابا فطرب الحاضرون وسألوا ابن الحريري أن يزيد فيها شيئا فقال: قل لمن عذّب قلبي ... وهو محبوب محابى والذي إن سمته ... الوصل تغالى وتغابى الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2206 ثم البيتان، فاستحسنها الجماعة وأقسموا على المغني أن لا يغنيهم غيرها، فمضى يومهم أجمع بهذه الأبيات. وأنشد أيضا للحريري: لا تخطونّ إلى خط ولا خطأ ... من بعد ما الشيب في فوديك قد وخطا وأيّ عذر لمن شابت ذوائبه ... إذا سعى في ميادين الصبا وخطا ومن شعره: خذ يا بنيّ بما أقول ولا تزغ ... ما عشت عنه تعش وأنت سليم لا تغترر ببني الزمان ولا تقل ... عند الشدائد لي أخ ونديم جربتهم فإذا المعاقر عاقر ... والآل آل والحميم حميم ولابن الحريري من التصانيف: كتاب المقامات. كتاب درة الغواص في أوهام الخواص. كتاب ملحة الاعراب، وهي قصيدة في النحو. كتاب شرح ملحة الإعراب. كتاب رسائله المدونة. كتاب شعره. حدثني أبو عبد الله محمد بن سعيد بن الدبيثي قال، سمعت القاضي أبا الحسن علي بن جابر بن زهير يقول، سمعت أبي أبا الفضل جابر بن زهير يقول: كنت عند أبي محمد القاسم بن الحريري البصري بالمشان أقرأ عليه المقامات، فبلغه أن صاحبه أبا زيد المطهر بن سلام البصري الذي عمل المقامات عنه قد شرب مسكرا، فكتب إليه وأنشدناه لنفسه: أبا زيد اعلم أنّ من شرب الطلا ... تدنّس فافهم سرّ قولي المهذب ومن قبل سميت المطهّر والفتى ... يصدّق بالأفعال تسمية الأب فلا تحسها كيما تكون مطهرا ... والا فغيّر ذلك الاسم واشرب قال: فلما بلغه الأبيات أقبل حافيا إلى الشيخ أبي محمد وبيده مصحف، فأقسم به ألا يعود إلى شرب مسكر، فقال له الشيخ: ولا تحاضر من يشرب. حدثني ابن الدبيثي قال، وأنشدني ابن جابر قال، أنشدني أبو عبد الله محمد بن الحسن بن المنقبة الفقيه بالرحبة لنفسه يعارض أبا محمد ابن الحريري في بيتيه اللذين قال فيهما: أسكتا كل نافث وأمنا أن يعزّزا بثالث: الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2207 ملامة الوكعاء بين الورى ... أحسن من حرّ أتى ملأمه فمه اذا استجديت عن قول لا ... فالحرّ لا يملأ منها فمه نقلت من خط أبي سعد السمعاني، أنشدنا أبو القاسم عبد الله بن القاسم بن علي بن الحريري، أنشدني والدي لنفسه، وهو مما كاتب به شيخ الشيوخ أبا البركات إسماعيل بن أبي سعد: سلام كأزهار الربيع نضارة ... وحسنا على شيخ الشيوخ الذي صفا ولو لم يعقني الدهر عن قصد ربعه ... سعيت كما يسعى الملبي الى الصفا ولكن عداني عنه دهر مكدّر ... ومن ذا الذي واتاه من دهره الصفا ومن خطه: أنشدني أبو العباس أحمد بن بختيار بن علي الواسطي، أنشدنا القاسم بن علي الحريري لنفسه: أخمد بحلمك ما يذكيه ذو سفه ... من نار غيظك واصفح إن جنى جاني فالحلم أفضل ما ازدان اللبيب به ... والأخذ بالعفو أحلى ما جنى جاني وكتب ابن الحريري الى سديد الدولة محمد بن عبد الكريم الأنباري كتابا على يد ولده قال فيه: كتب الخادم وعنده من تباريح الأشواق إلى الخدمة ما يصدع الأطواد، فكيف الفؤاد، ويوهي الجبال، فكيف البال، ولكنه يستدفع الخوف بسوف، ويبرد حر الأسى بعسى، وهو على جمعهم إذا يشاء قدير: ألا ليت شعري والتمني خرافة ... وإن كان فيه راحة لأخي الكرب أتدرون أني مذ تناءت دياركم ... وشطّ اقترابي من جنابكم الرحب أكابد شوقا ما يزال أواره ... يقلّبني بالليل جنبا إلى جنب وأسكب للبين المشتت مدمعا ... كأن عزاليها امترين من السحب وأذكر أيام التلاقي فأنثني ... لتذكارها بادي الأسى ذاهب اللبّ ولي حنّة في كلّ وقت إليكم ... ولا حنة الصادي إلى البارد العذب فو الله إني لو كتمت هواكم ... لما كان مكتوما بشرق ولا غرب ومما شجا قلبي المعنّى وشفّه ... رضاكم باهمال الاجابة عن كتبي الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2208 على أنني راض بما ترتضونه ... وأفخر بالإعتاب فيكم وبالعتب ولما سرى الوفد العراقيّ نحوكم ... وأعوزني المسرى إليكم مع الركب جعلت كتابي نائبا عن ضرورة ... ومن لم يجد ماء تيمم بالترب وأنفذت أيضا بضعة من جوارحي ... تنبئكم مشروح حالي وتستنبي وقلت له عند الوداع وقلبه ... شج وأبوه الشيخ مكتئب القلب ألا ابشر بما تحظى به حين تجتلي ... محيا سديد الدولة الماجد الندب ولست أرى إذكاركم بعد خبركم ... بمكرمة حسبي اهتزازكم حسبي هذه على عاهتها بنت ساعتها، فإن حظيت منه بالقبول المأمول، فيا بشرى للحامل والمحمول، وإن لمحت لمحة المستثقل، فيا خيبة المرسل والمرسل، والسلام. ومن رسائل ابن الحريري رسالة التزم في كلّ كلمة منها السين نظما، كتبها على لسان بعض أصدقائه يعاتب صديقا له أخلّ به في دعوة دعا غيره إليها، وكتب على رأسها «1» : باسم القدوس أستفتح، وباسعاده أستنجح، سجية سيدنا سيف السلطان سدة سيدنا الاسفهسلار السيد النفيس سيد الرؤساء حرست نفسه، واستنارت شمسه، وبسق غرسه، واتسق أنسه، استمالة الجليس، ومساهمة الأنيس، ومؤاساة السحيق والنسيب، ومساعدة الكسير والسليب، والسيادة تستدعي استدامة السنن، والاستحفاظ بالرسم الحسن، وسمعت بالأمس تدارس الألسن سلاسة خندريسه، وسلسال كؤوسه، ومحاسن مجلس مسرّته، وإحسان مسمعة ستارته، فاستسلفت الاستدعاء، وسوفت نفسي بالاحتساء «2» ، ومؤانسة الجلساء، وجلست أستقري السبل الاسراء، وتوسمت أستطلع الرسل، وأستطرف تناسي رسمي، وأسامر الوسواس لاستحالة وسمي: وسيف السلاطين مستأثر ... بأنس السّماع وحسو الكؤوس الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2209 سلاني وليس لباس السلو ... يناسب حسن سمات النفيس وسنّ تناسي جلّاسه ... وأسوا السجايا تناسي الجليس وسرّ حسودي بطمس الرسوم ... وطمس الرسوم كرمس النفوس وأسكرني حسرة واستعاض ... لقسوته سكرة الخندريس وساقى الحسام بكاس السلاف ... وأسهمني بعبوس وبوس سأكسوه لبسة مستعتب ... وألبس سربال سال يؤوس وأسطر سيناته سيرة ... تسير أساطيرها كالبسوس وحسبنا السلام رسول الاسلام. وكتب إلى أبي [محمد] طلحة بن النعماني الشاعر لما قصده إلى البصرة يمدحه ويشكره ويتأسف على فراقه «1» : بإرشاد المنشىء أنشىء شغفي بالشيخ، شمس الشعراء، ريش معاشه، وفشا رياشه، وأشرق شهابه، واعشوشبت شعابه، يشاكل شغف المنتشي بالنشوة، والمرتشي بالرشوة، والشادن بشرخ الشباب، والعطشان بشم الشراب. وشكري لتجشمه ومشقته، وشواهد شفقته، يشابه شكر الناشد للمنشد، والمسترشد للمرشد، والمستشعر للمبشر، والمستجيش للجيش المشمر، وشعاري إنشاد شعره، وإشجاء المكاشر والمكاشح بنشره، وشغلي إشاعة وشائعه، وتشييد شوافعه، والإشادة بشذوره وشنوفه، والمشورة بتشييعه وتشريفه، وأشهد شهادة تشدد المقشر المكاشف والمشنع الكاشف لا نشاؤه ومشاهدته تدهش الشائب والناشي، وتلاشي شعر الناشي، ولمشافهته تباشير الرشد، واشتيار الشهد، ولمشاحنته تشقي المشاحن وتشين المشاين، ولمشاغبته تشظي الأشطان، وتشيط الشيطان، فشرفا للشيخ شرفا، وشغفا بشنشنته شغفا: فأشعاره مشهورة ومشاعره ... وعشرته مشكورة وعشائره شأى الشعراء المشمعلّين شعره ... فشانيه مشجوّ الحشا ومشاعره وشوّه ترقيش المرقش شعره ... فأشياعه يشكونه ومعاشره الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2210 وشاق الشباب الشمّ والشيب وشيه ... فمنشوره بشرى المشوق وناشره شكور ومشكور وحشو مشاشه ... شهامة شمّير يطيش مشاجره شقاشقه مخشيّة وشباته ... شبا مشرفيّ جاش للشرّ شاهره شفى بالأناشيد النشاوى وشفّهم ... فمشفيه مستشف وشاكيه شاكره ويشدو فيهتشّ الشحيح لشدوه ... ويشعفه إنشاده فيشاطره تجشّم غشياني فشرّد وحشتي ... وبشّر ممشاه ببشر أباشره سأنشده شعرا تشرّق شمسه ... وأشكره شكرا تشيع بشائره وأشهد شاهد الأشياء، ومشبع الأحشاء، ليشعلنّ شواظ اشتياقي شحطه، وليشعثنّ شمل نشاطي نشطه، فناشدت الشيخ أيشعر باستيحاشي لشسوعه، وإجهاشي لتشييعه، ووشايتي بنشيده الموشيّ، وتشكلي شخصه بالإشراق والعشي، حاشاه تعشيه شبهة وتغشاه، فليستشفّ شرح شجوي بشطونه، وليرشّحني لمشاركة شجونه، وليشغلني بتمشية شؤونه، وليشدّ جاشي، ويشارف انكماشي، عاش منتعش الحشاشة، مستشري البشاشة، مشحوذ الشفار، منتشر الشرار، شتاما للأشرار، شحّاذا بالأشعار، يشرخ ويحوش، ويقنفش «1» المنقوش، بمشية الشديد البطش، الشامخ العرش، وتشريفه لبشير البشر، وشفيع المحشر، اه. وله من المقامات «2» : وأحوى حوى رقيّ برقة لفظه ... وغادرني إلف السهاد بغدره تصدّى لقتلي بالصدود وإنني ... لفي أسره مذ حاز قلبي بأسره أصدّق منه الزور خوف ازوراره ... وأرضى استماع الهجر خشية هجره وأستعذب التعذيب منه وكلّما ... أجدّ عذابي جدّ بي حبّ بره تناسى ذمامي والتناسي مذمّة ... وأحفظ قلبي وهو حافظ سره له منّي المدح الذي طاب نشره ... ولي منه طيّ الودّ من بعد نشره وإني على تصريف أمري وأمره ... أرى المر حلوا في انقيادي لأمره الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2211 وقال الرئيس أبو الفتح هبة الله بن الفضل بن صاعد بن التلميذ الكاتب: كان الشيخ الأجل الامام الأوحد أبو محمد القاسم بن علي بن الحريري رضي الله عنه الامام المشهور الفضل من أعيان دهره وفريد عصره، وممن لحق طبقة الأوائل، وغبّر عليهم في الفضائل، وكانت بيني وبينه مكاتبة قديمة في سنة خمس وتسعين وأربعمائة عند ابتدائه حمل المقامات التي أنشأ، ولما وقع الاجتماع به في سنة أربع وخمسمائة ببغداد، وسماعها منه عدة دفعات، جاريته وسألته أن ينظم في النحو مختصرا يحفظه المبتدئون، فشرع في نظم هذه الأرجوزة، وأملى عليّ منها أبوابا يسيرة، وانحدر من غير إتمامها واستعاد مني ما أملاه ليحرره، فكاتبته دفعات أقتضيه بها وأذكره بانفاذها وإنفاذ كتابه «درة الغواص في أوهام الخواص» فكتب إليّ جوابين نسخة الأول منهما: وصل من حضرة سيدنا- أطال الله بقاءه ومدّته وحرس عزه ونعمته، وضاعف سعادته وكبت حسدته- كتاب كريم، مودعه طول جسيم، وفي ضمنه در نظيم، فابتهجت بتناوله، وقررت عينا بتأمله، وتذكرت الأوقات التي أسعد الدهر فيها برؤيته، وأحظى باجتلاء فضله وروايته، وشكرت الله على ما يوليه من حسن صنعه، وسألته جلّت عظمته أن يجعل النعمة راهنة بربعه، والسعادة جاذبة أبدا بضبعه، وسررت بما بشرني به من نجابة السيد الرئيس الولد النفيس- أمتع الله ببقائه وأتاح لي تجدد الانس بلقائه- ولم أستبعد أن يقمر هلاله بل يبدر، ولا استبدعت أن يورق غصن دوحته الزكية ويثمر، والله تعالى يمليه أطول الأعمار، في رفاهة الأسرار، ومواتاة الأقدار، حتى يعاين أسباطه، ويضاعف باجتماعهم وتضاعفهم بحوزته اغتباطه. فأما الملحة إن أمكن تنفيذها مع أحد المترددين إلى هذا المكان لألحق بها الزيادة وأهذبها كما يطابق الارادة أوعز به. وأما «درّة الغوّاص في أوهام الخواص» فأرجو أن ينسأ «1» الاصعاد إلى بغداد لتصفحها من البدء وكأن قد، وإلى أن يسهل المأمول من الالتقاء، فما أولى همته الكريمة بإتحافي بالأنباء، وانهاضي بما يسنح من الأوطار والأهواء، ورأيه أعلى إن شاء الله. نسخة الكتاب الثاني وهو المنفذ مع «الملحة» المذكورة: الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2212 لئن كانت الأيام أحسنّ مرة ... إليّ لقد عادت لهنّ ذنوب إذا فكرت- أطال الله بقاء سيدنا وضاعف سعادته وكبت حسدته- فيما كان سمح به الزمان من تلك الملاقاة الحلوة، وإن كانت أقلّ من الحسوة، أعظمت قيمة حسناه، ووجدتها أحلى إسعاف وأسناه، ثم إذا فكرت فيما أعقب من الفرقة، وألهب في الصدر من الحرقة، وجدته كمن رجع في المنحة، وطمس الفرحة بالترحة، ولولا تعلّة القلب المشجوّ، بالتلاقي المرجوّ، لذاب من اتقاد الشوق، ولقال: «شبّ عمرو عن الطوق» . وفي لوامح تلك الألمعية، ما يغني عن تبيان تلك الطوية، وكان وصل من حضرته- أنّسها الله تعالى- ما أعرب فيه عن كريم عهده، وتباريح وجده، فلم أستبدع العذوبة من ورده، ولا استغربت ما تولى من بره وحسن عهده، وبمقتضى هذه الأوامر، والطّول المتناصر، انعكافي على الشكر، واعترافي بعوارفه الغرّ. فأما استطلاع «ملحة الاعراب» المشتبهة بالسراب، فقد آثرت خزائنه- عمرها الله تعالى- بمسودتها، على شعث «1» بنيتها وشوه خلقتها، ولو لم تعرض حادثة العرب، العائقة عن كل أرب، لزففتها كما تزفّ العروس المقيّنة، والخطب المزينة، غير أني أرجو أن ترزق حظوة القباح، وألا تجبه بالذمّ الصراح، ولكتبه- حرس الله نعمته- عندي موقع أنفس التحف، وشكري على التكرّم بها شكر من اتّشّح بها والتحف، وسيدنا أمين الدولة رئيس الحكماء، مخدوم بأفضل دعاء، وأطيب ثناء وسلام، ولرأيه- أدام الله نعمته- في الإيعاز بالوقوف على ما شرحته، وتمثل ما أوضحته، علوه إن شاء الله تعالى. نسخة كتاب كتبه ابن الحريري إلى أبي الفتح ابن التلميذ قبل اللقاء: جزى الله خيرا والجزاء بكفّه ... بني صاعد أهل السيادة والمجد هم ذكروني والمهامه بيننا ... كما ارفضّ غيث من تهامة في نجد لو أخذت في وصف شغفي بمناقب سيدنا- أطال الله بقاءه وأدام علاءه وحرس نعماءه وكبت حساده وأعداءه- وما أنا بصدده من مدح سؤدده، وشرح تطوّله وتودده، لكنت بمثابة المغترّين، في محاولة عدد رمل يبرين، لكنني راج أن أحظى من ألمعيته الثاقبة، وبصيرته الصائبة، بما يمثل له عقيدتي، ويطلعه على نخيلة مودتي، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2213 وما أملك في مقابلة مفاتحته التي أخلصت له إيجاب الحق، وفضيلة السبق، إلا الثناء الذي أتلو صحائفه، والدعاء الذي أقيم في كلّ وقت وظائفه. والله سبحانه يحسن توفيقي لما يشيّد مباني المودة، التي أعتدها أفضل معاني «1» العدة. ثم إني لفرط اللهج باستملاء فضائله النيرة، واستطلاع محاسنه المسيّرة، أسائل عن خصائصه الركبان، وأطرب بسماعها ولا طرب النشوان. ولما حضر الشيخ الأديب الرئيس أبو القاسم بن الموذ- أدام الله تمكينه- ألفيته مواليا مغاليا، وداعية إليه وداعيا، فازددت كلفا بما وعيته منه، وشغفا بما استوضحته عنه. واستدللت على كمال سيدنا باستخلاص شكر مثله، وتحققت وفور أفضاله وفضله، فافتتحت المكاتبة بتأدية هذه الشهادة، واستمداد سنّة المواصلة المعتادة، والتكرمة التي تقتضيها بواعث السيادة. ولرأيه في الوقوف على ما كتبته، والتطول فيه بما توجبه أريحيته، علوه، إن شاء الله تعالى. وكتب إلى سديد الدولة رسالة صدّرها بهذين البيتين: عندي بشكرك ناطقان فواحد ... آثار طولك واللسان الثاني ومجال منّتك التي أوليتني ... في الشكر أفصح من مجال لساني وصدّر رسالة أخرى إليه بهذه الأبيات: أهنّيك بل نفسي أهنّي بما سنّى ... لك الله من نيل المنى وبما أسنى شكرت زماني بعد ما كنت عاتبا ... عليه لما أسدى إليك من الحسنى وأيقنت إذ واتاك أن قد تيقظت ... لارضاء أهل الأرض مقلته الوسنى ففخرا بما في عظم فخرك شبهه ... ولا لك شبه في الأنام إذا قسنا جمال الورى ملّيت تشريفك الذي ... أفاض عليك الصيت والعزّ والحسنى ومن عجب أني أهنيك بالذي ... أهنّى به لكن كذا سنّ من سنا وكتب إلى المؤيد أبي إسماعيل الطغرائي يهنئه بولاية الطغرائي في سنة تسع وخمسمائة، فأجابه الطغرائي بجواب هذا نسخته «2» : الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2214 ما الروض أضحكت السحاب ثغوره ... وأفاح أنفاس الصبا منثوره يوما بأبهج من كتاب نمنمت ... يمناك يا شرف الكفاة سطوره وافى إليّ فتهت حين رأيته ... تيه المولّى إذ رأى منشوره فلثمته عشرا ولو قبّلته ... ألفا وألفا لم أوفّ مهوره وفضضته عن لؤلؤ ولو انه ... للسمط زان فصوله وشذوره وأجلت منه الطّرف فيما راقه ... وأتاح للقلب الكئيب سروره قسما لأنت الفرد في الفضل الذي ... لولاك أطفأت الجهالة نوره منك امترى لما ارتضعت لبانه ... وبك ازدهى لما احتلبت شطوره فاسلم له حتى تجدّد ما عفا ... منه وتجبر وهنه وكسوره واعذر وليّك إن تقاصر سعيه ... واغفر له تقصيره وقصوره وصل من المجلس السامي المؤيدي- ضاعف الله علوه، وأضعف عدوه، وأكمل سعوده، وأكمد حسوده- كتاب اتسم بالمكرمة الغراء، وابتسم عن التكرمة العذراء، فخلته كتاب الأمان من الزمان، وتلقيته كما يتلقى الانسان صحيفة الاحسان، وقابلت ما أودع من البر، والطّول المبرّ، بالشكر الذي هو جهد المقلّ، ونسك المستقلّ، ووجدت ما ألحف من التجميل، وأتحف من الجميل، ما كانت أطماعي تتوق إليه، وآمالي تحوم حواليه، إذ ما زلت مند استمليت وصف المناقب المؤيدية، ورويت خبرها عن الراوية الشريفة الشرفية، أبعث قلمي على أن يفاتح، وأن يكون الرائد لي والماتح، وهو ينكص نكوص الهيوبة، وينكل نكول الهام عن الضريبة، فأكابد لإحجامه الأسى، وأزجي الأيام بلعلّ وعسى، إلى أن بديت، وهديت وأريت، كيف يحيي الله من يميت، فلم يبق بعد أن أنشط العقال، واستدعي المقال، إلا أن أنقل الحشف إلى هجر، وأزفّ الهشيم إلى الشجر، فأصدرت هذه الخدمة المتشحة بالخجل، المرتعشة من الوجل، وأنا معترف بسالف التقصير، ومعتذر عنه باللسان القصير، فإن قرّبت عند الوصول، وقرنت بحظوة القبول، فذلك الذي كانت تتمنّى، وحق لي ولها أن تهنّى، وإن ألغيت إلغاء الحوار في الدية، وندّد بمفاضحها في الأندية، فما هضمت فيما قوبلت، ولا ظلمت إذ ما الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2215 قبلت، على أنّ لكلّ امرىء ما نوى، وأن تعفوا أقرب للتقوى. وإن كان وضح اجتهادي فيما وقف من الوطر، الذي تأكّد فيه اعتراض القدر، وانتقاص النظر، فيا بردها على الكبد، وبشرى خادمه المجتهد. ثم إن استخدمت بعد في خدمة واجتهدت، وانتهزت فرصة فريضتها ولو جاهدت، فللرأي الشريف في الإمام بتحسين ما يتأمل، وتحقيق ما يؤمل، مزيد السموّ، إن شاء الله تعالى. [907] القاسم بن فيره بن أبي القاسم أبو محمد الرعيني ثم الشاطبي المقرىء: كان فاضلا في النحو والقراءة وعلم التفسير، له لحديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم نظم قصيدة من خمسمائة بيت في كتاب التمهيد لابن عبد البر، وكان شعره عقدا صعبا لا يكاد يفهم، من ذلك قوله: يلومونني إذ ما وجدت ملائما ... وما لي مليم حين سمت الأكارما وقالوا تعلّم للعلوم نفاقها ... بسحر نفاق يستخفّ العزائما وهي قصيدة طويلة. وله: بكى الناس قبلي لا كمثل مصائبي ... بدمع مطيع كالسحاب الصوائب وكنا جميعا ثم شتت شملنا ... تفرّق أهواء عراض المواكب وله قصيدة نظم فيها «المقنع» لأبي عمرو الداني في خط المصحف. وكان رجلا صالحا صدوقا في القول مجدّا في الفعل، ظهرت عليه كرامات الصالحين كسماع الأذان بجامع مصر وقت الزوال من غير مؤذن ولا يسمع ذلك إلا عباد الله الصالحون. وكان يعذل أصحابه على أشياء لم يطلعوه عليها، وكان مولده في سنة   (907) - ترجمة ابن فيره L) Ferro (LL الشاطبي في تكملة ابن الأبار وتكملة المنذري (رقم: 237) وذيل الروضتين: 7 وابن خلكان 4: 71 وعبر الذهبي 4: 273 وسير الذهبي 21: 261 والوافي للصفدي (خ) ونكت الهميان: 228 وطبقات السبكي 7: 270 والأسنوي 2: 113 والبداية والنهاية 13: 10 وطبقات الجزري 2: 20 وبغية الوعاة 2: 260 والنفح 1: 339 والشذرات 4: 301. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2216 ثمان وثلاثين وخمسمائة. ومات رحمه الله يوم الأحد بعد صلاة العصر الثامن والعشرين من جمادى الآخرة سنة تسعين وخمسمائة، ودفن في مقبرة البيساني بسارية مصر بعد أن أضر. أخذ القراءة عن الشيخين الإمامين أبي الحسن علي بن هذيل وأبي عبد الله محمد بن أبي العاص النفري «1» . قال الشيخ الإمام علم الدين أبو الحسن علي بن محمد السخاوي تلميذه وشارح قصيدته، وقد وصف دينه وورعه وصلاحه، ثم قال: وذكرت له يوما جامع مصر وقلت له: قد قيل إن الأذان يسمع فيه من غير المؤذنين ولا يدرى ما هو، فقال: قد سمعته مرارا لا أحصيها عند الزوال. وقال لي يوما: جرت بيني وبين الشيطان مخاطبة فقال: فعلت كذا فسأهلكك، فقلت له: والله ما أبالي بك. وقال لي يوما: كنت في طريق وتخلّف عني من كان معي وأنا على الدابة وأقبل اثنان فسبّني أحدهما سبّا قبيحا، فأقبلت على الاستعاذة، وبقي كذلك ما شاء الله، ثم قال له الآخر: دعه. وفي تلك الحال لحقني من كان معي فأخبرته بذلك فطلب يمينا وشمالا فلم يجد أحدا. وكان رحمه الله يعذل أصحابه في السرّ على أشياء لا يعلمها منهم إلا الله عزوجل، وكان يجلس إليه من لا يعرفه فلا يرتاب به أنه يبصر لأنه لذكائه، لا يظهر منه ما يظهر من الأعمى في حركاته. [908] القاسم بن القاسم بن عمر بن منصور الواسطي أبو محمد: مولده بواسط العراق في سنة خمسين وخمسمائة في ذي الحجة، ومات بحلب في يوم الخميس   (908) - ترجمته في إنباه الرواة 3: 31 وابن الشعار 5: 573 والوافي للصفدي (خ) والفوات 3: 192 وبغية الوعاة 2: 260. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2217 رابع ربيع الأول سنة ست وعشرين وستمائة، أديب نحوي لغوي فاضل أريب، له تصانيف حسان ومعرفة بهذا الشان. قرأ النحو بواسط وبغداد على الشيخ مصدق بن شبيب، واللغة على عميد الرؤساء هبة الله بن أيوب، وقرأ القرآن على الشيخ أبي بكر الباقلاني بواسط، وعلى الشيخ علي بن هياب الجماجمي بواسط أيضا، وسمع كثيرا من كتب اللغة والنحو والحديث على جماعة يطول شرحهم عليّ: منهم أبو الفتح محمد بن أحمد بن بختيار الماندائي وأحمد بن الحسين بن المبارك بن نغوبا، سمع عليه المقامات عن الحريري، فانتقل من بغداد إلى حلب في سنة تسع وثمانين وخمسمائة فأقام بها يقرىء العلم ويفيد أهلها نحوا ولغة وفنون علوم الأدب. وصنّف بها عدة تصانيف وهي على ما أملاه عليّ هو بباب داره من حاضر حلب في جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة وستمائة: كتاب شرح اللمع لابن جني. كتاب شرح التصريف الملوكي لابن جني أيضا. كتاب فعلت وأفعلت بمعنى على حروف المعجم. كتاب في اللغة لم يتم إلى هذه المدة. كتاب شرح المقامات على حروف المعجم ترتيب العزيزي. كتاب شرح المقامات آخر على ترتيب المقامات. كتاب شرح المقامات آخر على ترتيب آخر. كتاب خطب قليلة. كتاب رسالة فيما أخذ على ابن النابلسي الشاعر في قصيدة نظمها في الامام الناصر لدين الله أبي العباس صلوات الله عليه أولها: الحمد لله على نعمه المتظاهرة، والصلاة على خير خلقه محمد وعترته الطاهرة، وبعد فإنه لما أخرت الفضائل عن الرذائل، وقدمت الأواخر على الأوائل، ونبذ عهد القدماء، وجهل قدر العلماء، وصار عطاء الأموال باعتبار الأحوال لا باختيار الأقوال، وظهر عظيم الاجلال بالأسماء لا بالأفعال، علمت أن الأقدار هي التي تعطي وتمنع، وتخفض وترفع، فأخملت عند ذلك من ذكري وقدري، وأخفيت من نظمي ونثري. «ولأمر ما جدع قصير أنفه» «1» . (ومن شعر نفسه) : وما لي إلى العلياء ذنب علمته ... ولا أنا عن كسب المحامد قاعد الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2218 وقلت أصبر على كيد الزمان وكدّه، فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده: فلو لم يعل إلا ذو محلّ ... تعالى الجيش وانحطّ القتام «1» إلى أن بلغني ممن يعوّل عليه، ويرجع في القول إليه، عن بعض شعراء هذا الزمان، ممن يشار إليه بالبنان، أنه أنشد عنده بيت للوليد «2» ، يشهد له بالفصاحة والتجويد، وهو قوله: إذا محاسني اللائي أدلّ بها ... صارت ذنوبي فقل لي كيف أعتذر فقال مقال المفتري، كم قد خرينا على البحتري، فصبرت قلبي على أذاته، وأغضيت جفني على قذاته، حتى ابتدرني بالبادرة، التي يقصّر عنها لسان الحادرة. فلو كان النابلسيّ، كابن هانىء الأندلسي، لزلزلت الأرض زلزالها، وأخرجت الأرض أثقالها. فيا لله العجب متى أشرفت الظلمة على الضياء، أو علت الأرض على السماء، وأين السها من القمر؟ وكيف يضاهى الغمر بالغمر؟ فإنّا لله وأفوض أمري إلى الله، أفي كل سحابة أراع برعد، وفي كل واد بنو سعد «3» : وإني شقيّ باللئام ولا ترى ... شقيا بهم إلا كريم الشمائل لقد تحككت العقرب بالأفعى، واستنّت الفصال حتى القرعى «4» . وطاولت الأرض السماء سفاهة ... وفاخرت الشهب الحصى والجنادل «5» وما ذلك التيه والصلف، والتجاوز للحدّ والسرف؟ إلّا لأنه كلما جرّ جريرا «6» ، اعتقد أنه قد جرّ جريرا، وكلما ركب الكميت، ظنّ أنه قد ارتكب الكميت، وكلما أعظم من غير عظم، وأكرم من غير كرم، شمخ بأنفه وطال، وتطاول إلى ما لن ينال، وزعم أنه قد بلّد لبيدا، وعبّد عبيدا، ولا والله ليس الأمر كما زعم، ولا الشعر كما نظم، ولكنها المكارم السلطانية الملكية الظاهرية التي نوّهت بذكره فسترها، ورفعت الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2219 من قدره فكفرها- بقوله ما أذكره إذا انتهيت إليه. ولما طلب العبد كراعا، فأعطي ذراعا «1» ، خرج على من يعرفه، وبهرج على من يكشفه، فقلت: لا مخبأ بعد بوس، ولا عطر بعد عروس «2» : وما أنا بالغيران من دون جاره ... إذا أنا لم أصبح غيورا على العلم وقصدت قصيدا من شعره، يزعم أنها من قلائد درّه، قد هذّبها في مدة سنين، ومدح بها أمير المؤمنين، وقال فيها: فانظر لنفسك أي درّ تنظم: فكان لعمري ناظما غير أنه ... كحاطب ليل فاته منه طائل «فواعجبا كم يدّعي الفضل ناقص ... ووا أسفا كم يظهر النقص فاضل» «3» وتتبعت ما فيها من غلطاته، وأظهرت ما خفي فيها من سقطاته، ولبست له جلد النمر، واندفقت عليه كالسيل المنهمر، بعد أن كتبها بخطه، وزيّنها بإعرابه وضبطه: وابن اللبون إذا مالزّ في قرن ... لم يستطع صولة البزل القناعيس «4» فوجدته قد أخطأ منها في واحد وعشرين مكانا، عدم فيها تمكنا من العلم وإمكانا، فمنها ستة عشر موضعا توضحها الكتابة والنظر، ومنها خمسة توضحها المجادلة والنظر، فهذا من جيّد مختاره، وما يظهر على اختياره، وان وقع إليّ شيء من مزوّق شعره، أو منوّق مستعاره، لأعصبنّه فيه عصب السّلمة، ولأعذّبنه تعذيب الظّلمة: فان قلتم إنا ظلمنا فلم نكن ... بدأنا ولكنّا أسأنا التقاضيا ولو أنه اقتصر على قصوره، وأنفق من ميسوره، وستر عواره، ولم يبد شواره، لطويته على غرّه، ولم أنبّه على عاره وعرّه، فان «من سلك الجدد أمن العثار» «5» وسلم من سالم النقع المثار، ولكن كان «كالباحث عن حتفه بظلفه» «6» فلحق الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2220 بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالًا الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً (الكهف: 103) وخطؤه في هذه القصيدة ينقسم قسمين: قسم فاته فيه أدب الدرس فيقسم أيضا قسمين قسم لفظي وقسم معنوي، فأما القسم اللفظي فانه ينقسم أيضا قسمين قسم لغويّ وقسم صناعي، فأما القسم اللغوي فانه كذا وكذا، لم يحتمل هذا المختصر ذكره. وأنشدني لنفسه من قصيدة «1» : ديباج وجهك بالعذار مطرّز ... برزت محاسنه وأنت مبرّز وبدت على غصن الصبا لك روضة ... والغصن ينبت في الرياض ويغرز وجنت على وجنات خدك حمرة ... خجل الشقيق بها وحار القرمز لو كنت مدعيا نبوة يوسف ... لقضى القياس بأن حسنك معجز وأنشدني لنفسه من قصيدة «2» : زهر الحسن فوق زهر الرياض ... منه للغصن حمرة في بياض قد حمى ورده ونرجسه الغ ... ضّ سيوف من الجفون مواضي فإذا ما اجتنيت باللحظ فاحذر ... ما جنت صحة العيون المراض فلها في القلوب فتكة باغ ... رويت عنه فتكة البرّاض وإذا فوّقت سهاما من الهد ... ب رمين السهام بالأغراض واغتنم بهجة الزمان وبادر ... شمس أيامه الطوال العراض بشموس الكؤوس تحت نجوم ... في طلوع من أفقها وانقضاض واجل من جوهر الدنان عروسا ... نطقت عن جواهر الأعراض كلما أبرزت أرتك لها وج ... هـ انبساط يعطيك وجه انقباض فعلى الأفق للغمام ملاء ... طرّزتها البروق بالايماض وكأن الرعود إرزام نوق ... فصلت دونها بنات المخاض الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2221 أو صهيل الجياد للملك الظا ... هر تسري بالجحفل النهاض وأنشدني لنفسه يهجو ابن النابلسي [الشاعر] «1» : لا تعجبنّ لمدلوي ... هـ إذا بدا شبه المريض قد ذاب من بخر بفي ... هـ بدا من الخلق البغيض وتكسّرت أسنانه ... بالعضّ في جعس القريض وتقطعت أنفاسه ... عرضا بتقطيع العروض وأنشدني لنفسه يهجو ابن النابلسي المذكور «2» : يا من تأمل مدلوي ... هـ وشكّ فيما يسقمه انظر إلى بخر بفي ... هـ وما أظنّك تفهمه لا تحسبنّ بأنه ... نفس يغيره فمه لكنما أنفاسه ... نتنت بشعر ينظمه وأنشدنا لنفسه في ذي الحجة سنة عشرين وستمائة بحلب» : أرى بغضي على الجهلاء داء ... يموت ببعضه القلب العليل فهم موتى النفوس بغير دفن ... وأحياء عزيزهم ذليل يغطّون السماء بكلّ كفّ ... لها في الطول تقصير طويل ويبدون الطلاقة من وجوه ... كما يبدو لك الحجر الصقيل إذا قاموا لمجد أقعدتهم ... مسالك ما لهم فيها سبيل وإن طلبوا الصعود فمستحيل ... وان لزموا النزول فما يزول كذاك السّجل في الدولاب يعلو ... صعودا والصعود له نزول وأنشدنا لنفسه بالتاريخ «4» : لنا صديق به انقباض ... ونحن بالبسط نستلذّ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2222 لا يعرف الفتح في يديه ... إلا إذا ما أتاه أخذ فكفه «كيف» حين يعطي ... شيئا وبعد العطاء «منذ» وأنشدني لنفسه أيضا «1» : لا ترد من خيار دهرك خيرا ... فبعيد من السراب الشراب رونق كالحباب يعلو على الكا ... س ولكن تحت الحباب الحباب عذبت في النفاق ألسنة القو ... م وفي الألسن العذاب العذاب وأنشدني لنفسه أيضا موشحة على طريقة المغاربة «2» : في زهرة وطيب ... بستاني من أوجه ملاح أجلو على القضيب ... ريحاني والورد والاقاح ما روضة الربيع ... في حلّة الكمال تزهو على ربيع ... مرّت به الشمال في الحسن كالبديع ... بالحسن والجمال ناهيك من حبيب ... نشوان بالدلّ وهو صاح إن قلت والهيبي ... حيّاني من ثغره براح كم بتّ والكؤوس ... تجلى من الدنان كأنها عروس ... زفّت من الجنان تبدو لنا الشموس ... منها على البنان لم أخش من رقيب ... ينهاني ألهو إلى الصباح مع شادن ربيب ... فتان زندي له وشاح خيل الصبا بركض ... تجري مع الغواه في سنّتي وفرضي ... لا أبتغي سواه الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2223 وحجتي لعرضي ... ما تنقل الرواه عن عاقل لبيب ... أفتاني أنّ الهوى مباح والرشف من شنيب ... ريان ما فيه من جناح وأنشدني لنفسه موشحة «1» : أي عنبريه في غلائل الغلس ... من زبرجديه تنبه «2» النّفس جادها الغمام ... فانتشى بها الزّهر وابتدا الكمام ... أعينا بها سهر وشدا الحمام ... حين صفّق النهر وارتدت عشيّه كملابس العرس ... حللا سنيّه ما دنت من الدّنس واملأ الكؤوسا ... فضة على الذهب واجلها عروسا ... توّجت من الشهب تطلع الشّموسا ... في سنا من اللهب فلها مزيه في الدجى على القبس ... بحلى شهيّه كمحاسن الّلعس يخبر سناها ... عن تطاير الشرر فاز من جناها ... من قلائد الدّرر فإذا تناهى ... في الخلائق الغرر قلت ظهريه أظهرت لملتمس ... من علا أبيّه ما تنال بالخلس وأنشدني لنفسه أيضا: لا خير في أوجه صباح ... تسفر عن أنفس قباح كالجرح يبنى على فساد ... بظاهر ظاهر الصلاح فقل لمن ماله مصون ... أصبت في عرضك المباح الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2224 وأنشدني أيضا لنفسه: جدّ الصبا في أباطيل الهوى لعب ... وراحة اللهو في حكم النهى تعب وأقرب الناس من مجد يؤثله ... من أبعدته مرامي العزم والطلب وقادها كظلام الليل حاملة ... أهلّة طلعت من بينها الشهب منقضّة من سماء النقع في أفق ... شيطانه بغمام الدرع محتجب واسودّ وجه الضحى مما أشار به ... وأشرق الأبيضان الوجه والنسب في موقف يسلب الأرواح سالبها ... حيث المواضي قواض والقنا سلب لا يرهب المرء ما لم تبد سطوته ... لولا السنان استوى الخطيّ والقصب إن النهوض إلى العلياء مكرمة ... لها التذاذان مشهود ومرتقب والملك صنفان: محصول وملتمس ... والمجد نوعان: موروث ومكتسب والناس ضدان: مرزوق ومحترم ... تحت الخمول ومغصوب ومغتصب والطاهر النفس لا ترضيه مرتبة ... في الأرض إلا إذا انحطت لها الرتب والفضل كسب فمن يقعد به نسب ... ينهض به الأفضلان العلم والحسب لله درّ المساعي ما استدرّ بها ... خلف السيادة إلا أمكن الحلب وحبذا همة في العزم ما انتدبت ... لمبهم الخطب إلا زالت الحجب وموطنا يستفاد العزّ منه كما ... أفادت العزّ من سلطانها حلب ومنها: مؤيد الرأي والرايات قد ألفت ... ذوائب القوم من راياتها العذب إن نازلوه وقد حقّ النزال فمن ... أنصاره الخاذلان الجبن والرعب أو كاتبوه فخيل من كتائبه ... تجيب لا المخبران الرسل والكتب مغاور ينهب الأعمار ذابله ... في غارة الحرب والأموال تنتهب في جحفل قابلوا شمس النهار على ... مثل البحار بمثل الموج يضطرب حتى كأنّ شعاع الشمس بينهم ... فوق الدّروع على غدرانها لهب الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2225 ما أنكر الهام من أسيافه ظبة ... وإنما أنكرت أسيافه القرب ما يدفع الخطب إلا كلّ مندفع ... في مدحه الأفصحان الشعر والخطب ومن إذا ما انتمى في يوم مفتخر ... أطاعه العاصيان العجم والعرب وأنشدني من قصيدة لنفسه أيضا: أفي البان أن بان الخليط مخبّر ... عسى ما انطوى من عهد لمياء ينشر نعم حركات في اعتدال سكونها ... أحاديث يرويها النسيم المعطر يودّ ظلام الليل وهو ممسّك ... لذاذتها والصبح وهو مزعفر أحاديث لو أن النجوم تمتعت ... بأسرارها لم تدر كيف تغوّر يموت بها داء الهوى وهو قاتل ... ويحيا بها ميت الجوى وهو مقبر فيا لنسيم صحّتي في اعتلاله ... وصحوي إذا ما مر بي وهو مسكر كأن به مشمولة بابلية ... صفت وهي من غصن الشمائل تعصر إذا نشأت مالت بلبك نشوة ... كما مال مهزوز يماح ويمطر وقال يمدح الوزير جمال الدين القاضي الأكرم أبا الحسن علي بن يوسف بن ابراهيم الشيباني القفطي من صعيد مصر ويلتمس منه أن يرتبه في خدمة «1» : يا سيدي قد رميت من زمني ... بحادث ضاق عنه محتملي وأنت في رتبة إذا نظرت ... إليّ صار الزمان من قبلي والنظم والنثر قد أجدتهما ... فيك فلا تترك الإجادة لي فداك قوم إذا وقفت بهم ... رأيتني واقفا على طلل تشغل أموالهم مساعيهم ... فهم عن المكرمات في شغل تحمي حماها أعراضهم فإذا ... ماتت حماها سور من البخل معاول الذمّ فيه عاملة ... إعمالها في مغائر الجبل الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2226 نعلك تاج إذا رفعتهم ... لرأس حاف منهم ومنتعل فاسمع حديثي فلي مغازلة ... تبثّ شكوى في موضع الغزل قد كنت في راحة مكمّلة ... أحيي المعالي بميّت الأمل أرفل في عزة القناعة في ... ذيل على النائبات منسدل فعندما طالت البطالة بي ... وصار لي حاجة إلى العمل قال أناس نبّه لها عمرا ... فقلت حسبي رأي الوزير علي يعني عمر بن الوبار أحد حجاب أتابك طغرل شهاب الدين الخادم المستولي في أيامنا على حلب وقلعتها: قد بتّ من وعده على ثقة ... أمنت في حليها من العطل فالأكرم ابن الكرام لو سبقت ... وعوده بالشباب لم يحل يفرّ من وعده المطال كما ... تفرّ آراؤه من الزلل أخلاقه حلوة المذاق فلو ... شبهتها ما ارتضيت بالعسل بمنطق لو سرت فصاحته ... في اللّكن لا ستعصمت من الخطل تمجّ أخلاقه إذا كتبت ... ماء المنى من أسنة الأسل وان سطت في ملمة نسيت ... صفّين منها ووقعة الجمل تنظم درّا على الطروس كما ... ينظم درّ الحليّ في الحلل مبيّن علمه لسائله ... مسائلا أشكلت على الأول لكلّ علم في بابه علم ... يهدي إلى قبلة من القبل أيّ جمال ما فيه أجمله ... على وجوه التفصيل والجمل جلّ الذي أظهرت بدائعه ... منه معاني الرجال في رجل الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2227 [909] القاسم بن محمد بن بشار الأنباري أبو محمد والد أبي بكر محمد بن الأنباري: كان محدثا أخباريا ثقة صاحب عربية، أخذ عن سلمة بن عاصم وأبي عكرمة الضبي؛ مات سنة أربع وثلاثمائة غرة ذي القعدة، وقال ثابت بن سنان: مات في صفر سنة خمس وثلاثمائة، ومن خطه نقلت. قال محمد بن إسحاق: وله من التصانيف: كتاب خلق الإنسان. كتاب خلق الفرس. كتاب الأمثال. كتاب المقصور والممدود. كتاب المذكر والمؤنث. كتاب غريب الحديث. كتاب شرح السبع الطوال، رواها أبو غالب ابن بشران عن علي بن كردان عن أبي بكر أحمد بن محمد بن الجراح الخراز عن أبي بكر عن أبيه. ومما يروى لابن الأنباري هذا: إني بأحكام النجوم مكذّب ... ولمدعيها لائم ومؤنّب الغيب يعلمه المهيمن وحده ... وعن الخلائق أجمعين مغيّب الله يعطي وهو يمنع قادرا ... فمن المنجم ويحه والكوكب قرأت في «كتاب الفهرست» الذي تممه الوزير الكامل أبو القاسم المغربي ولم أجد هذا في النسخة التي بخطّ المصنف أو قد ذهب عن ذكري قال: ذكر أبو عمر الزاهد قال، أخبرني أبو محمد الأنباري قال: قدمت الى بغداد، ومحمد صغير، وليس لي دار، فبعث بي ثعلب إلى قوم يقال لهم بنو بدر فأعطوني شيئا لا يكفيني وذكروا «كتاب العين» فقلت: عندي كتاب العين، فقالوا لي: بكم تبيعه؟ فقلت: بخمسين دينارا، فقالوا لي: قد أخذناه بما قلت إن قال ثعلب إنه للخليل، قلت، فإن لم يقل إنه للخليل بكم تأخذونه؟ قالوا: بعشرين دينارا، فأتيت أبا العباس من فوري فقلت له: يا سيدي هب لي خمسين دينارا، فقال لي: أنت مجنون، وهذا تأكيد، فقلت له: لست أريد من مالك، وحدثته الحديث، قال: فأكذب؟ قلت:   (909) - ترجمة ابن الأنباري أبي محمد في الفهرست: 81 وطبقات الزبيدي: 208 ومراتب النحويين: 97 وإنباه الرواة 3: 28 وتاريخ بغداد 12: 440 والوافي للصفدي (خ) وبغية الوعاة 2: 261. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2228 حاشاك ولكن أنت أخبرتنا أن الخليل فرغ من باب العين ثم مات فاذا حضرنا بين يديك للحكومة ضع يدك على ما لا تشكّ فيه، فقال: تريد أن أنجش لك؟ قلت: نعم، قال: هاتهم فبكروا وسبقوني وحضرت فأخرجوا الكتاب وناولوه وقالوا: هذا للخليل أم لا؟ ففتح حتى توسّط باب العين وقال: هذا كلام الخليل ثلاثا، قال: فأخذت خمسين دينارا. [910] القاسم بن محمد الديمرتي أبو محمد الأصبهاني: من قرية من قراها يقال لها ديمرت، روى عن إبراهيم بن متّويه الأصبهاني. وقال حمزة: أبو محمد القاسم الديمرتي لغوي نحوي عني في صغره بتصحيح كتب وقراءاتها ثم هو منتصب منذ أربعين سنة تقرأ عليه الكتب. وحدث أبو نصر منصور بن أحمد بن محمد بن الشيرازي خازن كتب عضد الدولة ومعلم ولده صمصام الدولة وقاضي فارس وأعمالها قال: أنشدنا أبو محمد القاسم بن محمد الديمرتي لنفسه وقد سئل أن يجمع الشعراء العشرة: الأصل أن تحكم شعر العشره ... أشعار قوم في زمان لم تره أشعار بشر ولبيد وعدي ... نعم والاعشى وعبيد الأسدي حتى إذا أحكمت شعر النابغة ... [ ............... ............... ] فابتد في شعر امرىء القيس ... فالفخر في ذاك وشعر أوس وابتدر القوم وفيهم طرفه ... وكلّ ما قال زهير في صفه قال المؤلف: وهذا شعر هذا العلامة كما ترى في غاية الركاكة والرداءة ولم يستطع تصريع البيت الذي فيه ذكر النابغة. قال محمد بن إسحاق: وله من الكتب: كتاب تقويم الألسنة. كتاب العارض في الكامل. كتاب تفسير الحماسة. كتاب غريب الحديث. كتاب الابانة.   (910) - ترجمة الديمرتي في الفهرست: 94 وأخبار اصبهان 2: 163 وإنباه الرواة 3: 30 والوافي للصفدي (خ) وبغية الوعاة 2: 263. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2229 قال حمزة: وله كتب كبار وصغار فمن كبار كتبه: كتاب الصفات. كتاب تفسير ضروب المنطق. كتاب سماه كتاب تهذيب الطبع يشتمل على قطعة كبيرة من نوادر اللغة. ذكره أبو نعيم في «تاريخ أصبهان» فقال: القاسم بن محمد الديمرتي الأديب أبو محمد روى عن إبراهيم بن متويه وإسحاق بن جميل ومحمد بن سهل بن الصباح. [911] القاسم بن محمد بن رمضان أبو الجود النحوي العجلاني: كان في عصر أبي الفتح ابن جني وفي طبقته، وهو بصري. قال محمد بن إسحاق: وله من الكتب: كتاب المختصر للمتعلمين. كتاب المقصور والممدود. كتاب المذكر والمؤنث. كتاب الفرق. [912] القاسم بن محمد بن مباشر الواسطي أبو نصر النحوي: لقي ببغداد أصحاب أبي علي، وتنقّل في البلاد حتى نزل مصر فاستوطنها فقرأ عليه أهلها، وأخذ عنه أبو الحسن طاهر بن أحمد بن بابشاذ وبه تخرّج وزوجه من أخته، وكان ابن بابشاذ يخدمه وبه انتفع، ومات بمصر. وله من الكتب: كتاب شرح اللمع. كتاب في النحو، رتبه على أبواب الجمل وشرح من كلّ باب مسألة. [913] القاسم بن معن المسعودي: هو أبو عبد الله القاسم بن معن بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود صاحب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ابن غافل بن حبيب بن   (911) - ترجمته في الفهرست: 92 وإنباه الرواة 3: 27 والوافي للصفدي (خ) وبغية الوعاة 2: 262. (912) - ترجمته في الوافي للصفدي (خ) وبغية الوعاة 2: 262. (913) - ترجمة القاسم المسعودي في طبقات ابن سعد 6: 267 وطبقات الزبيدي: 133 والفهرست: 76 ونور- القبس: 279 وإنباه الرواة 3: 30 وسير الذهبي 8: 170 وعبر الذهبي 1: 268 وتهذيب التهذيب 8: 338 والجواهر المضية 1: 412 والوافي للصفدي (خ) وبغية الوعاة 2: 263 والنجوم الزاهرة 2: 48 والشذرات 1: 286. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2230 شمخ بن فار «1» بن مخزوم بن صاهلة بن كاهل بن الحارث بن تميم بن سعد بن هذيل بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، من أهل الكوفة، وكان فقيها على رأي أبي حنيفة ولقيه، وكان عالما ولي القضاء بالكوفة ومات سنة خمس وسبعين ومائة، خرج مع بعض أسباب الرشيد إلى الرّقة فمات في رأس عين. وقال أحمد بن كامل القاضي: مات القاسم بن معن في سنة ثمان وثمانين ومائة. قال المرزباني والأول أصحّ. وقال عبد الله بن جعفر: من علماء الكوفة بالعربية والفقه والشعر والأخبار والنسب القاسم بن معن بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود الهذلي صاحب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وكان فقيها محدثا قاضيا، وله في اللغة: كتاب النوادر. كتاب غريب المصنف. وكتب في النحو ومذهب متروك. وكان الليث بن المظفر صاحب الخليل بن أحمد أحد من أخذ عنه النحو واللغة وروى عنه وأدخل في كتاب الخليل من علم القوم شيئا كثيرا فأفسد الكتاب بذلك، إلا أن القاسم من المحدّثين والفقهاء والزهاد والثقات، ولم يكن له بالكوفة في عصره نظير ولا أحد يخالفه في شيء يقوله، والفراء كثير الرواية عنه. وحدث محمد بن سعد قال: القاسم بن معن يكنى أبا عبد الله، ولي قضاء الكوفة ولم يرزق عليه شيئا حتى مات، وكان عالما بالحديث والفقه والشعر والنسب وأيام الناس، وكان يقال له شعبيّ زمانه وكان ثقة سخيا. وقال أحمد بن كامل: كان القاسم بن معن الهذلي قاضي الكوفة، وكان من أصحاب أبي حنيفة الأثبات في النقل، الرّفعاء في اللغة والفقه. وحدث حماد بن إسحاق الموصلي قال: سمعت محمد بن كناسة قال، سمعت القاسم بن معن يقول: دخلت على عيسى بن موسى فقال لي: ما بعثت إليك إلا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2231 لخير، قال: فهان والله في عيني حتى جلست واحتبيت في مجلسه، فقال لي: تحتبي في مجلسي؟! يا غلام حلّ حبوته، قال قلت: لا عدمت تقويم الأمير، قال: بعثت إليك لأولّيك القضاء، قلت: لا أفعل، قال: إن أبيت ضربتك خمسة وسابعين سوطا. قال قلت: لا يجيء من بعد إلا سابعين، قال قلت: وإن لم أفعل فعلت؟ قال: نعم، قال قلت، فذا إليّ. وحدث الهيثم بن عدي قال: استقضى المنصور على الكوفة بعد عبد الرحمن بن أبي ليلى شريك بن عبد الله النخعي فلم يزل قاضيا حتى كانت خلافة الرشيد فاستقضى نوح بن دراج. وحدث المرزباني عن علي بن صالح عن القاسم بن معن قال: عدت خشافا في مرضه الذي مات فيه فقال لي: يا أبا عبد الله ما أشوقني إليك، ولو كان لي نهوض خرجت إليك، ولولا أن بيتي قد آلى فأكرس لأحببت أن تدخله (يريد بالموالاة البعر بعر الشاء، وأكرس من الكرس وهو السرجين، قال العجاج: يا صاح هل تعرف رسما مكرسا ) وكان خشاف من علماء أهل الكوفة باللغة. وحدث عن سليمان بن أبي شيخ قال، قال ابن حبيبات الكوفي للقاسم بن معن المسعودي القاضي «1» : يا أيها العادل الموفّق وال ... قاسم بين الأرامل الصّدقه ماذا ترى في عجائز رزح ... أمسين يشكون قلة النفقه ما إن لهنّ الغداة من نشب ... يعرف الا قطيفة خلقه بنات تسعين قد خرفن فما ... يفصلن بين الشواء والمرقه فهنّ لولا انتظارهن دنا ... نيرك قطّعن بعد في السرقه قال فقال القاسم: العجب أنه يوجب علينا دنانير ولا يوجب دراهم، قال: وأعطاه ثلاثة دنانير. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2232 [914] قتادة بن دعامة السدوسي أبو الخطاب: وكان أكمه ولد أعمى، وكان أبوه أعرابيا ولد بالبادية، وأمه سرّية من مولّدات الأعراب، وكان يقول بشيء من القدر ثم رجع عنه، ويقال أيضا إنه كان ذا علم في القرآن والحديث والفقه. قال الأصمعي: وقتادة حاطب ليل من الطبقة الثالثة من النابغين «1» بالبصرة؛ مات بالبصرة سنة سبع عشرة ومائة في أيام هشام بن عبد الملك وأخذ القراءة عن الحسن البصري وابن سيرين. عن التوزي عن أبي عبيدة قال: ما كنا نفقد في كلّ أيام راكبا من ناحية بني أمية ينيخ على باب قتادة يسأله عن خبر أو نسب أو شعر، وكان قتادة أجمع الناس. ابن دريد عن عبد الرحمن عن عمه الأصمعي عن محمد بن سلام الجمحي عن عامر بن عبد الملك المسمعي قال: لقد كان الرجلان من بني مروان يختلفان في بيت شعر فيرسلان راكبا إلى قتادة يسأله، قال: ولقد قدم عليه رجل من عند بعض الخلفاء من بني مروان فقال لقتادة: من قتل عمرا وعامرا «2» ؟ فقال: قتلهما جحدر بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة. قال فشخص بها ثم عاد إليه فقال: أجل قتلهما جحدر ولكن كيف قتلهما جميعا؟ فقال: اعتوراه فطعن هذا بالسنان وهذا بالزجّ فعادى «3» بينهما.   (914) - طبقات ابن سعد 7: 229 والمعارف: 462 والمعرفة والتاريخ 2: 227 ونور القبس (صفحات متفرقة) وطبقات الشيرازي: 89 وإنباه الرواة 3: 35 وأنساب السمعاني (السدوسي) وابن خلكان 4: 85 وتذكرة الحفاظ: 122 وسير الذهبي 5: 268 وميزان الاعتدال 3: 385 وعبر الذهبي 1: 146 والوافي للصفدي (خ) ونكت الهميان: 230 والبداية والنهاية 9: 313 وطبقات ابن الجزري 2: 25 ومرآة الجنان 1: 251 وتهذيب التهذيب 8: 351 والنجوم الزاهرة 1: 276 والشذرات 1: 153. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2233 قال أبو يحيى الساجي حدثنا نصر بن علي الجهضمي مولاي عن خالد بن قيس قال، قال قتادة: ما نسيت شيئا قط، ثم قال: يا غلام ناولني نعلي، قال: نعلك في رجلك «1» . [915] قثم بن طلحة بن علي بن محمد بن علي بن الحسن الزينبي أبو القاسم: يعرف بابن الأتقى، وهو لقب أبيه طلحة. تولى قثم نقابة العباسيين مرتين: أولاهما في أيام المستضيء بأمر الله في سنة ست وستين وخمسمائة وعزل في ذي الحجة سنة ثمان وستين، والثانية في صفر سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة في أيام الناصر وعزل في سابع عشر ذي الحجة سنة تسعين، وولي بعد ذلك حجابة باب النوبي يوم الخميس خامس عشر ذي القعدة سنة ستمائة فوقعت فتنة ببغداد بين أهل باب الأزج والمأمونية، فركب ليسكّن الفتنة فلم تسكن فأخذ بيده حربة وحمل على إحدى الطائفتين ونادى يا لهاشم، وتداركه الشحنة حتى سكنت الفتنة، فعيب عليه وقيل أردت خرق الهيبة، لو ضربك أحد العوام فقتلك؟! فعزل عن حجبة الباب في ثالث عشر شهر رمضان سنة إحدى وستمائة ولم يستخدم بعد ذلك. وكان فيه فضل وتميّز ومعرفة بالعلم وحرص عليه جدا خصوصا ما يتعلق بالأنساب والأخبار والأشعار، وجمع في ذلك جموعا بأيدي الناس، وكتب الكثير بخطه المليح، إلا أنّ خطّه لا يخلو من السقط مع ذلك. وسمع الحديث من أبي عبد الله الحسين بن عبد الرحمن الغزي وأبي بكر أحمد بن المقرب الكرخي وأبي الفتح محمد بن عبد الباقي بن سليمان وغيرهم، وسئل عن مولده فقال في سابع محرم سنة خمس وخمسين ومات في سادس رجب سنة سبع وستمائة.   (915) - ترجمته في تكملة المنذري 2: 206 (وفيه تخريج) والوافي (خ) . الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2234 [916] قدامة بن جعفر بن قدامة الكاتب أبو الفرج: كان نصرانيا وأسلم على يد المكتفي بالله، وكان أحد البلغاء الفصحاء والفلاسفة الفضلاء وممن يشار إليه في علم المنطق، وكان أبوه جعفر ممن لا يفكّر فيه ولا علم عنده. وذكر أبو الفرج ابن الجوزي في تاريخه: قدامة بن جعفر بن قدامة أبو الفرج الكاتب، له كتاب في الخراج وصناعة الكتابة، وقد سأل ثعلبا عن أشياء. مات في سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة في أيام المطيع. وأنا لا أعتمد على ما تفرّد به ابن الجوزي لأنه عندي كثير التخليط، ولكنّ آخر ما علمنا من أمر قدامة أن أبا حيان ذكر أنه حضر مجلس الوزير الفضل بن جعفر بن الفرات وقت مناظرة أبي سعيد السيرافي ومتّى المنطقي في سنة عشرين وثلاثمائة «1» . قال محمد بن إسحاق: وله من الكتب: كتاب الخراج تسع منازل كان ثمانية منازل فأضاف إليه تاسعا «2» . كتاب نقد الشعر «3» . كتاب صابون الغم. كتاب صرف الهم. كتاب جلاء الحزن. كتاب درياق الفكر. كتاب السياسة. كتاب الردّ على ابن المعتز فيما عاب به أبا تمام. كتاب حشو حشاء الجليس. كتاب صناعة الجدل. كتاب الرسالة في أبي علي ابن مقلة وتعرف بالنجم الثاقب. كتاب نزهة القلوب وزاد المسافر. كتاب زهر الربيع في الأخبار.   (916) - ترجمة قدامة في الفهرست: 144 والمنتظم 6: 363 والنجوم الزاهرة 3: 297 والوافي (خ) . الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2235 وبلغني عن بعض متعاطي علم الأدب أنه شرح «كتاب المقامات الحريرية» فقال عند قوله: «ولو أوتي بلاغة قدامة» أن قدامة بن جعفر كان كاتبا لبني بويه، وجهل في هذا القول، فان قدامة كان أقدم عهدا، أدرك زمن ثعلب والمبرد وأبي سعيد السكري وابن قتيبة وطبقتهم، والأدب يومئذ طريء، فقرأ واجتهد وبرع في صناعتي البلاغة والحساب، وقرأ صدرا صالحا من المنطق، وهو لائح على ديباجة تصانيفه وإن كان المنطق في ذلك العصر لم يتحرر تحريره الآن، واشتهر في زمانه بالبلاغة ونقد الشعر، وصنّف في ذلك كتبا منها «كتاب نقد الشعر» له، وقد تعرض ابن بشر الآمدي إلى الردّ عليه فيه، وله كتاب في الخراج رتبه مراتب وأتى فيه بكلّ ما يحتاج الكاتب إليه وهو من الكتب الحسان، إلى غير ذلك من الكتب. ولم يزل يتردد في أوساط الخدم الديوانية بدار السلام إلى سنة سبع وتسعين ومائتين، فإن الوزير أبا الحسن ابن الفرات لما توفي أخوه أبو عبد الله جعفر بن محمد بن الفرات في يوم الأحد لثلاث عشرة ليلة خلت من شوال سنة سبع وتسعين ومائتين وكان أسنّ من أخيه أبي الحسن ابن محمد الوزير بثلاث سنين ردّ ما كان إليه من الديوان المعروف بمجلس الجماعة إلى ولده أبي الفتح الفضل بن جعفر وإليه ديوان المشرق، ثم ظهر له بعد ذلك اختلال من النواب فولّاه لولده أبي أحمد المحسّن، واستخلف المحسن عليه القاسم بن ثابت، وجعل قدامة بن جعفر يتولّى مجلس الزمام في هذا الديوان، وبانت عند ذلك صناعة المحسّن، وأثار من جهة العمال أموالا جليلة. [917] قعنب بن المحرّر الباهلي أبو عمرو الرواية: من أهل البصرة المكثرين، وكان أبو هفان يتردد إليه فأخذ عنه ثم وجد عليه فهجاه. حدث قعنب قال: دخلت على سعيد بن سلم الباهلي وهو يضحك، فسألته عن سبب ذلك فقال: جاءتني جارية ليست عندي كغيرها فغمزتني فانتشرت فقلت: ادعي لي فلانة لجارية كنت أهواها، فقالت: لا والله، فقلت: ولم؟ قالت: لأنك   (917) - نور القبس: 219 (وفيه قعنب بن المحرز) . الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2236 تروي عن النبي صلّى الله عليه وسلّم من أحيا أرضا مواتا فهي له، وقد أحييت أنا هذا فهو لي، فواقعتها وما كنت فعلت ذلك قبل وقربت من قلبي. وحدت أبو العيناء قال: كان قعنب الباهلي قد تعشّق فتى من فتيان المهالبة، واتصل بأبيه وبخادم له، ثم نذر به فدعاه الفتى وقد جمع له عدة من المهالبة ومواليهم إلى بستان له، فأكلوا وشربوا ثم حملهم على قعنب فهتكوا ستره، فقال أبو العالية الشاميّ: نبئت أنّ المرء قعنب ... دمرت «1» عليه بنو المهلب بأسنة تدع الكم ... يّ وأنفه دام مترّب فتجلّت الغمّى وك ... لّ سلاحهم بدم مخضّب قال أبو العيناء: فحدث بهذا الحديث الأصمعي بحضرتي، فذهبت أذبّ عن قعنب تقرّبا إلى الأصمعي للباهلية بينهما، فقال الأصمعي: اسكت يا بنيّ فقد بلغني أنه لقي بكمر ككيزان الفقّاع عندها إرزاز. وقال عبد الصمد بن المعذل في قعنب «2» : أراك الله يا ذلفاء ما قد ... لقيه قعنب يوم الهنيّه غدا يبغي النكاح فعاد فيه ... أيور كالعصيّ مهلبيّه تشقّق دبره ويقول هذا ... جزاء ذوي التلوّط بالنسيّه وحدث عمر بن محمد الفقيه قال: سمعت محمد بن عثمان بن أبي شبيبة يقول: سمعت عمي القاسم بن أبي شبيبة يعاتب قعنب بن المحرر في شربه النبيذ ويقول له: قد كبرت وشخت فلو تركته، فقال له قعنب: يا أبا محمد لم تجد وقتا تعاتبني فيه إلا أيام الورد؟! الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2237 [918] قنبل بن عبد الرحمن بن محمد بن خالد بن سعيد بن جرجة المكي: قال أبو علي الأهوازي، سمعت أبا عبد الله محمد بن أحمد العجلي المقرىء بالبصرة يقول: هو أبو عمر قنبل بن عبد الرحمن، وقنبل لقب غلب عليه، وإنما سمّي بذلك لأنه كان يستعمل دواء يقال له قنبيل يسقى للبقر معروف عند العطارين لمرض كان به فسمي بذلك. وقيل بل هو من قوم يقال لهم القنابلة من أهل مكة، ولو كان كذلك لقيل له قنبلي. مات في سنة احدى وتسعين ومائتين في أيام المكتفي عن ست وتسعين سنة لأن مولده في سنة خمس وتسعين ومائة في أيام الأمين، وكان قد قطع الاقراء قبل موته بعشر سنين. قرأ على عبد الله بن كثير وكان من جلة أصحابه ومن جهته انتشرت قراءته، وكان قنبل يلي الشرطة بمكة وكان لا يليها إلا أهل العلم والفضل لتقوم بواجباتها، وكان ابن مجاهد يزعم أنه قرأ عليه، وكان ابن شنبوذ يدفع ذلك، وكان ابن مجاهد يقول: قرأت على قنبل ولا يقول قرأت القرآن من أوله إلى آخره عليه. حدث ابن طرّادة الحلواني قال: سألت أبا الحسين ابن المنادي وقلت له: إن ابن مجاهد يزعم أنه قرأ على قنبل وابن شنبوذ في سنة واحدة، في سنة تسع وسبعين ومائتين [فقال: كنا] نحن على نية القراءة على قنبل فوجدناه قد اختل واضطرب وخلط في القراءات، فأما أنا فلم أقرأ عليه ولا حرفا واحدا، وأما ابن مجاهد فانه قرأ عليه بعض القرآن فخلّط عليه فترك القراءة، وأخرج له تعليق ابن عون الواسطي عنه وكان معه فقرأه عليه إلى آخره. وأما ابن شنبوذ فانه جاور سنتين بمكة وقرأ عليه ختمتين، فقول ابن مجاهد قرأت عليه يصدق، يعني بعض القرآن، وقول ابن شنبوذ لم يقرأ عليه يصدق، يعني القرآن كله لم يقرأه عليه.   (918) - ترجم له ابن الجزري في طبقات القراء 2: 165 باسم «محمد بن عبد الرحمن المخزومي» وانظر الوافي للصفدي 3: 226 وسير الذهبي 14: 84 (وفيه تخريج) . الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2238 حرف الكاف [919] كامل بن الفتح بن ثابت بن سابور، أبو تمام الضرير: من أهل بادرايا، سكن بغداد، وكان أديبا فاضلا ذكيا جدا، قرأ فنون العلم وحفظ الأشعار والأخبار وأخذ أهل الأدب ببغداد عنه علما كثيرا، وكان متهما في دينه. مات سنة ست وتسعين وخمسمائة وكان يسكن باب الأزج، وصاهر بني زهمويه الكتّاب، وله ترسل وشعر، وقد سمع شيئا من الحديث من أبي الفتح علي بن علي بن زهمويه، وقيل إنه كان يدخل على الناصر ويحاضره ويخلو معه وانه علّمه علم الأوائل وهوّن عليه علم الشرائع والله أعلم، ومن شعره: وفي الأوانس من بغداد آنسة ... لها من القلب ما تهوى وتختار ساومتها نفثة من ريقها بدمي ... وليس إلا خفيّ الطرف سمسار عند العذول اعتراضات ولائمة ... وعند قلبي جوابات وأعذار [920] كلاب بن حمزة العقيلي أبو الهيذام اللغوي: قال محمد بن إسحاق النديم: هو من أهل حران أقام بالبادية، وقيل إنه كان معلما ودخل الحضرة أيام القاسم بن   (919) - ترجمة أبي تمام الضرير في إنباه الرواة 3: 41 والوافي للصفدي (خ) ونكت الهميان: 231 والفوات 3: 217 وبغية الوعاة 2: 266. (920) - ترجمته في الفهرست: 91 ومعجم المرزباني: 248 والوافي للصفدي (خ) وبغية الوعاة 2: 266. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2239 عبيد الله بن سليمان ومدحه، وكان عالما بالشعر، وخطّه معروف، وخلط المذهبين، وكان أبو الحسين محمد بن محمد بن لنكك البصري الشاعر مولعا بهجوه، وكان أبو الهيذام قد ورد البصرة، فمن قول ابن لنكك فيه: نفسي تقيك أبا الهيذام كلّ أذى ... إني بكلّ الذي ترضاه لي راضي ما بال جعسك مركوما على ذكري ... يا أكرم الناس من باق ومن ماضي ما كان أيري فقيها إذ ظفرت به ... فكيف ألبسته دنيّة القاضي ووجدت بخط أبي أحمد عبد السلام بن الحسين البصري اللغوي ما صورته: مسطح أصدر عكلا وله ... ضغث تشجذ قيظ بن فخز هذا البيت لأبي الهيذام كلاب بن حمزة العقيلي جمع فيه حروف المعجم فجعل ما لا ينقط في الصدر وما ينقط في العجز، أنشدنيه جماعة من أهل العلم منهم أبو الحسن علي بن الحسين الآمدي النحوي رحمه الله. وذكره المرزباني في «كتاب المعجم» فقال: أبو الهيذام كلاب بن حمزة العقيلي محدث، وهو القائل يرثي أبا أحمد يحيى بن علي المنجم ومات سنة ثلاثمائة من قصيدة: لقد عاش يحيى وهو محمود عيشة ... ومات فقيدا «1» واحد العلم والجود فان كان صرف الدهر خلّى كنوزه ... وأفقدنا منه بأنفس مفقود فما زال حكم البيض والسود نافذا ... بحكم الردى في أنفس البيض والسود فللثكل ترجي حملها كلّ حامل ... وللموت يغذو والد كلّ مولود قال محمد بن إسحاق النديم: وله من الكتب: كتاب جامع النحو. كتاب الأراكة. كتاب ما يلحن فيه العامة. وأنشد الخالدي في «كتاب الديرة» لأبي الهيذام: سقيا لحران إنه بلد ... أصبح للهو وهو مضمار الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2240 بقيعة سجسج تخرّقها ... ومن حواشي الرياض أنهار يشرع فيه من الصنوبر وال ... عرعر والزورفين أشجار «1» في يوم باعوثهم وقد نشروا ال ... صلبان والمسلمون نظّار فمن مهاة هناك هبّلة «2» ... ومن غزال عليه زنار أزحم هذا وتلك تزحمني ... وفي الحشا والفواد إسعار فعارضتني هناك شاطرة ... منهم بها في الذراع أسوار تقول لي والدلال يصرعها ... أنحن يا مسلمون كفار فقلت يا غايتي ويا أملي ... بل أنتم المؤمنون أخيار أطلب منها بذاك تقربة ... والشعراء الخبّاث فجار فرقّ لي قلبها وملت بها ... في دير زكى ونعمت الدار تقول لي عند وقت منصرفي ... إنك من بعدها لغدار حللت عقد الأمان منك لنا ... فما لعقد لديك إمرار لا أنس يومي من الفتاة لدى ... الديرين والمشركون حضّار فقلت قد كان ذاك عن خطأ ... لا قود عندنا ولا ثار أستغفر الله ثم أسأله ال ... تّوب فلي بالذنوب إقرار قرأت في جزازة عتيقة أملاها أبو الهيذام كلاب بن حمزة العقيلي ما صورته: قال أبو الهيذام: كتبت إلى أبي الحسن محمد بن عبد الوهاب الزينبي الهاشمي بالبصرة بما توهّم أنه مديح له وهو: اسلم على الدهر يا أبا حسن ... وعش على ما تودّ ألف سنه فأنت عندي حليف ضدّ سوى ... غير حليف الشمائل الحسنه وأنت سلم لحرب سلم عدى ... حرب عداة اللئام والخونه يعجب منك الكرام أعجب ما ... يدعو به الله عاقل فتنه الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2241 فهو يرى فرقة الفراق لما ... يخشى من الخير غاية الأمنه إذا بنور الهدى توسّم إع ... راض معاريض دهره الدّرنه كم سائل عنك يا محمد لا ... يأذن خلق لجابتي اذنه ألقيت في روعه جواب فتى ... لو غبن الدهر عاقلا غبنه إن قلت شروى أبي حسن ... للعرض بالمال أصون الصّونه سنته غرّة وناصية ... للزينبيين فاجتنب سننه لا سيما وهو قلقل ذهن ... يهرب من رجم ذهنه الشطنه قد كان بالأمس قال لي وجرى ... ذكر شقيّ حرمته وسنه بعدا وسحقا لمن يشرّف بالم ... دح ولم يعط شاعرا ثمنه وكيف تحتال فيه إن خزن الن ... ذل وأعطاك خازنا رسنه فقلت أبدى بكلّ سيئة ... من مدحه في هجائه حسنه لعل ربّ العباد يغفر بالع ... فو أباطيل مدحه اللحنه كقاتل الصيد وهو في حرم الل ... هـ يجازي الحمار بالبدنه والثور بالثور والغزالة بال ... شاة وجفرا بالأرنب الأرنه أليس هذا الجزاء أثقل إذ ... أحضر للوزن والحساب زنه ولا تطع في السماح متّهما ... أخلاقه بالسّفال ممتحنه فأنت من أسرة مفضّلة ... على كرام الأخلاق مؤتمنه والزينبيون معشر زهر ... لا سرّ يلفى وهم له خزنه غير سوى ضدّ غير غيرهم ... أيديهم بالسماح مرتهنه فلا تضع يا ابن خيرهم أملي ... فيك فعقبى الفعال مختزنه الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2242 [921] بنت الكنيري: حدث أبو نصر قال: ومن طريف ما شاهدته أنا أنه كان في الجانب الشرقيّ بمدينة السلام امرأة تعرف ببنت الكنيري، وكانت نهاية في الفضل ولها أخ غاية في الجهل، وكانت حسنة المعرفة بالنحو واللغة ولها تصانيف فيهما تعرف بها، واختصما في ميراث والدهما فطال التنازع بينهما وحضرا يوما مجلس والدي، وزاد الكلام بينهما ونقص، فاغتاظ والدي من تفيهقها وحوشيّ كلامها ومن سقطه وعاميته في مناقضتها، ففطنت لذلك فقالت: أغاظ سيدنا الشيخ، أيده الله، ما يرى مني ومن هذا الأخ أصلحه الله؟ قال: كلا إن شاء الله، ولكن جرّدي الدعوى فإنه أقرب للانجاز، فقالت: لي- أيد الله الشيخ- في ذمته اثنان وعشرون دينارا مطيعية سلامية، فقال له: ما الذي تقول؟ فقال: أما لها عندي اثنان، وسكت ورام أن يقول مثلما قالت فلم يقدر، فقال: بالله يا سيدي كيف قالت فقد والله صدعتنا، فقال له: فضولك، قل كما تحسن، وضحك أهل المجلس وصار طنزا واندفعت الخصومة ذلك اليوم. [922] كلثوم بن عمرو العتابي الشاعر: قد ذكرنا أخباره مستوفاة في كتابنا «أخبار الشعراء» ، وأما نسبه فهو كلثوم بن عمرو بن أيوب بن عبيد بن حبيش بن أوس بن مسعود بن عبد الله بن عمرو الشاعر بن كلثوم بن مالك بن عتاب بن سعد بن زهير بن جشم بن بكر بن حبيب بن عمرو بن غنم بن تغلب بن وائل، وعمرو بن كلثوم المذكور في أجداده هو شاعر السبع الطوال، وكنية العتابي أبو عمرو، وأصله من الشام من أرض   (921) - لم أعثر على ترجمة لها. (922) - ترجمة العتابي في الفهرست: 134- 135 وطبقات ابن المعتز: 261 والأغاني 13: 107 والشعر والشعراء: 740 وكتاب بغداد: 69، 87- 89 ومعجم المرزباني: 244 والوزراء والكتاب: 181 والموشح: 449 والبيان والتبيين 1: 51 وتاريخ بغداد 12: 488 ومروج الذهب 4: 216، 308- 310 واللباب 2: 118 وابن خلكان 4: 122 والوافي للصفدي (خ) والفوات 3: 219. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2243 قنسرين، صحب البرامكة ثم صحب طاهر بن الحسين وعلي بن هشام القائدين. وكان حسن الاعتذار في رسائله وشعره يشبّه في المحدثين بالنابغة في الجاهلية، فمن ذلك قوله في جعفر بن يحيى وقد كان بلغ الرشيد عنه ما أهدر به دمه فخلصه جعفر فقال فيه «1» : ما زلت في غمرات الموت مطّرحا ... يضيق عني فسيح الرأي من حيلي فلم تزل دائبا تسعى بلطفك لي ... حتى اختلست حياتي من يدي أجلي قال محمد بن إسحاق النديم: وكان العتابي أديبا مصنفا وله من الكتب: كتاب المنطق. كتاب الآداب. كتاب فنون الحكم. كتاب الخيل لطيف. كتاب الألفاظ رواه أبو عمر الزاهد عن المبرد عنه. قال العتابي «2» : وقفت بباب المأمون أنتظر من يستأذن لي عليه، فإذا أنا بيحيى بن أكثم، فقلت: استأذن لي على أمير المؤمنين، قال: لست بحاجب، قلت: صدقت ولكنك ذو فضل وذو الفضل معوان، قال: سلكت بي غير سبيلي، قلت: إن الله أتحفك بجاه وهو عليك مقبل بالزيادة إن شكرت وبالتغيير إن كفرت، وأنا لنفسك خير منك لها أدعوك إلى زيادة النعمة وبقائها عليك فتأباها، فدخل على المأمون وحكى له ما جرى بيني وبينه فاستحسنه وأذن لي. قال جحظة في «أماليه» «3» : كلم العتابي يحيى بن خالد في حاجة له كلمات قليلة، فقال له يحيى: لقد نزر كلامك اليوم وقلّ، فقال له: وكيف لا يقلّ وقد تكنفني ذلّ المسألة وحيرة الطلب وخوف الرد، فقال له يحيى: لئن قلّ كلامك لقد كثرت فوائده. وقال في «أماليه» قال العتابي: لو سكت من لا يعلم عما لا يعلم سقط الاختلاف. ومن شعره «4» : ولو كان يستغني عن الشكر ماجد ... لعزة ملك أو علوّ مكان الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2244 لما أمر الله العباد بشكره ... فقال اشكروا لي أيها الثقلان قال الحسن بن وهب: بلغ العتابيّ أن عمرو بن مسعدة ذكره عند المأمون بسوء فقال «1» : قد كنت أرجو أن تكون نصيري ... وعلى الذي يبغي عليّ ظهيري وطفقت آمل ما يرجّى سيبه ... حتى رأيت تعلقي بغرور فحضرت قبرك ثم قلت دفنته ... ونفضت كفّي من ثرى المقبور ورجعت مفتريا على الأمل الذي ... قد كان يشهد لي عليك بزور فبلغ الشعر عمرا فركب من وقته إلى العتابي في موكبه حتى اعتذر إليه. قال مالك بن طوق للعتابي «2» : أما ترى عشيرتك- يعني بني تغلب- كيف تدلّ عليّ وتستطيل وأنا أصبر؟ فقال العتابي: أيها الأمير إن عشيرتك من أحسن عشرتك، وانّ ابن عمّك من عمّك خيره، وإن قريبك من قرب منك نفعه، وإن أحبّ الناس إليك من كان أخفّهم ثقلا عليك، وأنشده: إني بلوت الناس في حالاتهم ... وخبرت ما وصلوا من الأنساب فإذا القرابة لا تقرّب قاطعا ... وإذا المودة أوكد الأسباب وقيل للعتابي: لو تزوجت، فقال: إني وجدت مكابدة العفة خيرا من الاحتيال لمصلحة العيال. وما أحسن قول العتابيّ وأحكمه «3» : لوم يعيذك من سوء تقارفه ... أبقى لعرضك من قول يداجيكا وقد رمى بك في تيهاء مهلكة ... من بات يكتمك العيب الذي فيكا ومن منثور كلامه: أما بعد فإنه ما من مستخلص غضارة عيش إلا من خلال مكروه، ومن انتظر بمعاجلة الدّرك مواجلة الاستقصاء سلبته الأيام فرصتها. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2245 وكتب إلى آخر: من اجتمع فيه من خلال الفضل ما اجتمع فيك، وانحاز إلى نواحيك، لم يخش المطنب في الثناء عليك أن يكون مفرطا كما لا يأمن أن يكون مفرّطا، فالاعتراف بالعجز عن بلوغ استحقاقك، من التقريظ أولى من الاطناب الذي غايته التقصير ومآله إلى الحشو. [923] كيسان بن المعرف النحوي أبو سليمان الهجيمي قالوا: كان يخرج معنا إلى الأعراب فينشدونا، فيكتب في ألواحه غير ما «1» ينشدونا، وينقل من ألواحه إلى الدفاتر غير ما فيها، ثم يحفظ من الدفاتر غير ما نقله إليها، ثم يحدّث بغير ما حفظ. وذكر أبو الطيب في «كتاب مراتب النحويين» عن الأصمعيّ قال: كيسان ثقة ليس بمتزيد، وقد أخذ عن الخليل. وحدث أبو العيناء قال، قال كيسان لخلف الأحمر: يا أبا محرز المخبّل كان شاعرا أو من بني ضبة؟ فقال: يا مجنون صحّح المسألة حتى يصحّ الجواب. وحدث أبو حاتم قال: قال أبو زيد يوما في مجلسه، وكانت العرب تقول: ليس لحاقن رأي، فقال كيسان: ولا لمنعظ، فقال أبو زيد: ما سمعناه ولكن اكتبوه فإنه حق. وكان كيسان من الطياب المزاحين، قال أبو زيد: جاء صبي إلى كيسان يقرأ عليه شعرا حتى مرّ ببيت فيه ذكر العيس، قال: الابل البيض التي «2» يخلط بياضها حمرة، قال: وما الابل؟ قال: الجمال، قال: وما الجمال؟ فقام على أربع ورغا في المسجد وقال: الذي تراه طويل الرقبة وهو يقول بوع.   (923) - ترجمته في مراتب النحويين: 139 وطبقات الزبيدي: 178 وإنباه الرواة 3: 38 (وقال ان اسمه معرف بن دهشم) والوافي للصفدي (خ) وبغية الوعاة 2: 267 وإشارة التعيين: 271. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2246 وحدث المبرد عن التوزي قال: حبس عيسى بن سليمان الهاشمي كيسان، وكان أحد الطيّاب، وكان أبو عبيدة يعبث به كثيرا، فشفع فيه أبو عبيدة إلى الأمير فأمر بإخراجه فقال للجلاوزة: من أخرجني؟ قالوا: تكلّم فيك شيخ مخضوب، فقال: أمه زانية إن برح من الحبس، أحبيس ظلم وطليق ذلّ، لا يكون ذلك أبدا. وقرأت في «كتاب التصحيف» لحمزة الأصبهاني، قال الرياشي «1» : سمعت كيسان يقول: كنت على باب أبي عمرو بن العلاء، فجاء أبو عبيدة فجعل ينشد شعرا لأبي شجرة، وهو قوله: ضنّ علينا أبو عمرو بنائله ... وكلّ مختبط يوما له ورق ما زلت يضربني حتى جذبت له ... وحال من دون بعض البغية الشفق فقلت: جذبت جذبت، وضحكت، فغضب وقال: كيف هو؟ فقلت: إنما هو خذيت، فانخزل وما أحار جوابا (خذيت من قولك خذي البازي إذا ثبت على يد البازيار) . قال أبو الحسن علي بن سليمان الأخفش، حدثني أبو العباس ثعلب: قرأ بعض أصحاب الأصمعي عليه شعر النابغة الجعدي حتى انتهى إلى قوله: إنك أنت المحزون في أثر الح ... يّ فإن تنو نيّهم تقم قال الأصمعي: معناه وإن تنو نيّهم تقم صدور الإبل وتظعن نحوهم، كما قال الآخر. أقم لها صدورها يا بسبس فقال كيسان: كذبت، أما إنك قد سمعت من أبي عمرو بن العلاء ولكن أنسيت، إنما أراد أنهم قد نووا فراقك فذهبوا وتركوك فإن تنو لهم مثل ما نووا فيك من القطيعة تقم في دارك ومكانك ولا ترحل نحوهم ولا تطلبهم كما قال الآخر: إذا اختلجت عنك النوى ذا مودّة ... قربن بقطّاع من البين ذا شعب الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2247 أذاقتك مرّ العيش أو متّ حسرة ... كما مات مسقيّ الضّياح على ألب «1» ألب يألب ولاب يلوب واحد. يقول: إذا باعدت بيني وبين من أحبّ قربن- يعني ابلي- قربت إلى منزلي ووطني ومياهي ولم أتبع من فارقني لأني صبور على الفراق جلد متعود لذلك، فقطّاع يعني نفسه هو القطاع لأني أقطع من قطعني، وأذاقتك من تحبّ وهي التي فارقتها فأنت وإن كنت كذا وعلى هذه الحال فأنت صبور قويّ على القطع. وكما قال الراعي «2» : وإلف صبرت النفس عنه وقد أرى ... غداة فراق الحيّ ألا تلاقيا وقد قادني الجيران حينا وقدتهم ... وفارقت حتى ما تحنّ جماليا [924] الكيّس النمريّ النسّاب: الكيس لقب، واسمه زيد بن الحارث بن حارثة بن هلال بن ربيعة بن زيد مناة بن عوف بن سعد بن الخزرج بن تيم الله بن النمر بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعميّ بن جديلة؛ فعوف بن سعد بن الخزرج هو أخو عامر الضحيان، هذا قول الكلبي. وقال غيره: اسم الكيس زيد بن حارثة بن زيد مناة بن تميم بن هلال بن ربيعة بن زيد مناة بن عامر الضحيان رهط نتلة بنت جناب بن كليب بن مالك بن عمرو بن عامر بن زيد مناة بن عامر الضحيان، ولدت لعبد المطلب العباس ومرار ابني عبد المطلب؛ قال مسكين الدارمي يخاطب عبد الرحمن بن حسان بن ثابت مفتخرا «3» :   (924) - ذكره ابن النديم: 102 في من روى عنه عبيد بن شرية. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2248 وحكّم دغفلا وارحل إليه ... ولا تدع المطيّ من الكلال وعند الكيّس النمريّ علم ... ولو أمسى بمنخرق الشمال وقيل مصعب بن الكيس هو النساب وكان يعدل بدغفل؛ قال الكميت «1» : وما ابن الكيس النمري منكم ... وما أنتم هناك بدغفلينا وقيل الكيس هو مالك بن شراحيل بن زيد بن الحارث بن حارثة بن هلال كلهم ينسب من عبيد إلى الكيس، يعني كلهم نسّاب يعلم النسب. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2249 حرف اللام [925] لقيط بن بكير المحاربي: قال ابن حبيب في «كتاب جمهرة النسب» التي رواها عن ابن الكلبي وغيره: ومنهم يعني بني محارب بن خصفة بن قيس بن عيلان: عائد بن سعيد بن جندب بن جابر بن زيد بن عبد بن الحارث بن بغيض بن شكم بن عبد بن عوف بن زيد بن بكر بن عميرة بن علي بن حرب بن محارب، وفد على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، من ولده لقيط الرواية وكان صدوقا، ابن بكير، وكان أيضا عالما صدوقا، ابن النضر بن سعيد بن عائد بن سعيد، وقد لقي هشام بن الكلبيّ لقيطا. حدث المرزباني فيما أسنده إلى الخليل النوشجاني قال، قال لي الجهمي: كان لقيط المحاربيّ من رواة الكوفة، وكان سيء الخلق. قال الصولي: ويكنى أبا هلال ومات في سنة تسعين ومائة في خلافة الرشيد. وقال عبد الله بن جعفر: أخبرني ابن مهديّ والسكري قالا: للقيط كتاب مصنّف في الأخبار مبوّب في كلّ فنّ من الفنون كتاب مفرد، فمنها ومن أحسنها كتابه في النساء وهو عندي رواية عنهما عن العمري عنه. وله كتاب السمر. كتاب الخرّاب واللصوص. كتاب أخبار الجن. وأخذ العلم عن لقيط جماعة من أعيانهم، منهم ابن الأعرابيّ. وحدث المرزباني فيما رفعه إلى لقيط بن بكير المحاربي قال: أمر المهدي الناس سنة ستين ومائة بصوم ثلاثة أيام لبطء المطر ليستسقي، فلما كان في اليوم الثالث من الليل طرق الناس ليلتهم كلّها ثلج ملأ الأرض، فقال لقيط:   (925) - ترجمة لقيط في نور القبس: 291 والفهرست: 106 والوافي للصفدي (خ) . الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2250 يا إمام الهدى سقينا بك الغيث ... وزالت عنّا بك اللأواء وهي أبيات طويلة. وقال لقيط في ذلك أيضا: لما استغاث بك العباد بجهدهم ... متوسّلين إلى إله الناس أسقاهم بك مثلما أسقاهم ... صوب الغمام بجدّك العباس فأتتهم لما دعوت سماؤهم ... منهلّة بالكواكف الرجّاس العدل منه سقاهم وجميل ما ... توليه ذا الإيحاش والايناس فإذا أمرت فبالانابة والهدى ... وإذا وزنت وزنت بالقسطاس قال: ودخل لقيط على الرشيد وهو ولي عهد وقد اشتكى فأنشد: ما بال نومك أمسى لا يؤاتيكا ... كأنّ في الجفن شوكا بات يقذيكا من غير سقم ولا عشق أرقت له ... إلا لأن قيل أمسى الجود موعوكا وقيل هارون أمسى شاكيا وصبا ... فقلت نفسي يا هارون تفديكا ما كنت أحسب جودا يشتكي نهكا ... حتى رأيت وليّ العهد منهوكا فبتّ مرتفقا أرعى النجوم إلى ... أن جاوب الديك فينا سحرة ديكا فكم وكم لي من نذر سأنجزه ... إن كنت عوفيت قد أوجبته فيكا حجّ وصوم وعتق لن أخيس به ... فما تركت لنفسي اليوم مملوكا سعد عتيق وبنتاه وأمهما ... كانوا وأعجب بهم عندي مماليكا توقّعوني كأني قد حذيتكم ... سود النعال وأهديت المساويكا وحدّث فيما أسنده إلى إسحاق الموصلي قال: كان لقيط بن بكير في جراية المهدي، وكان الذي وصله به أبو عبيد الله وزير المهدي، وكان أبو عبيد الله مائلا إليه لعلمه بالشعر والأخبار، فلما مات المهدي لزم الكوفة؛ قال إسحاق فرأيته في سنة تسعين ومائة وهو ينشد قوما شعرا له في الزهد وهو قوله: عزفت عن الغواية والملاهي ... وأخلصت المتاب إلى إلهي الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2251 وغرّتني ليال كنت فيها ... مطيعا للشباب به أباهي أجاري الغيّ في ميدان لهوي ... وقلبي عن طريق الرشد لاهي وألجمني المشيب لجام تقوى ... وركن الشيب بادي العيب واهي ومن لم يكفه العذّال عزم ... فليس له على عذل تناهي قال: وكان ذلك من آخر شعره وفي آخر زمانه، ثم توفي في هذه السنة. وحدث مما رفعه إلى ابن المدوّر قال: سألت ابن الأعرابي عن لقيط بن بكير وموته فقال: مات في آخر أيام الرشيد وهو أزهد الناس، وكان من دعائه: اللهم اغفر لي فإن حسناتي لو كانت مثل حسنات جميع خلقك لعلمت أني لا أستحقّ الجنة إلا بفضلك، ولو كانت عليّ سيئاتهم جميعا ما يئست من عفوك. [926] لوط بن مخنف الأزدي: هو لوط بن يحيى بن محنف بن سليمان بن الحارث بن عوف بن ثعلبة بن عامر بن ذهل بن مازن بن ذبيان بن ثعلبة بن سعد مناة بن غامد، واسم غامد عمر، ابن عبد الله بن كعب بن الحارث بن كعب بن عبد الله بن مالك بن نصر بن الأزد، يكنى أبا مخنف، ومخنف بن سليمان من أصحاب علي بن أبي طالب عليه السلام، وقد روى عن النبي صلّى الله عليه وسلّم. مات لوط سنة سبع وخمسين ومائة، وكان راوية أخباريا صاحب تصانيف في الفتوح وحروب الاسلام. قال يحيى بن معين: هو كوفيّ وليس حديثه بشيء. وجدت بخط أحمد بن الحارث الخراز، قال العلماء: أبو مخنف بأمر العراق وفتوحها وأخبارها يزيد على غيره، والمدائني بأمر خراسان والهند وفارس، والواقدي   (926) - ترجمة أبي مخنف في الفهرست: 105 ومعجم الطوسي رقم: 575 والوافي للصفدي (خ) وميزان الاعتدال 3: 419- 420 ولسان الميزان 4: 492 والفوات 3: 225 ورجال النجاشي: 245 ومجمع الرجال 5: 80 وبروكلمان، التاريخ 1: 65 والتكملة عليه 1: 101 ولقلهاوزن دراسة عنه وانظر الموسوعة الإسلامية (بالإنجليزية) ط 2 (2: 140) . الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2252 بالحجاز والسير، وقد اشتركوا في فتوح الشام. قال محمد بن إسحاق: ولأبي مخنف من الكتب: كتاب الردة. كتاب فتوح الشام. كتاب فتوح العراق. كتاب الجمل. كتاب صفين. كتاب النهروان. كتاب الغارات. كتاب الخرّيت بن راشد وبني ناجية. كتاب مقتل علي كرم الله وجهه. كتاب مقتل حجر بن عدي. كتاب مقتل محمد بن أبي بكر والأشتر ومحمد بن أبي حذيفة. كتاب الشورى ومقتل عثمان رضي الله عنه. كتاب المستورد بن علّفة. كتاب مقتل الحسين بن علي عليهما السلام. كتاب المختار بن أبي عبيد. كتاب وفاة معاوية وولاية ابنه ووقعة الحرة وعبد الله بن الزبير. كتاب سليمان بن صرد وعين الوردة. كتاب مرج راهط ومقتل الضحاك بن قيس الفهري. كتاب مصعب بن الزبير والعراق. كتاب مقتل عبد الله بن الزبير. كتاب مقتل عمرو بن سعيد بن العاص. كتاب حديث باخمرا ومقتل ابن الأشعث. كتاب نجدة الحروريّ. كتاب الأزارقة. كتاب حديث روستقباذ. كتاب شبيب الحروريّ وصالح بن المسرح. كتاب المطرف بن المغيرة. كتاب دير الجماجم وخلع ابن الأشعث. كتاب يزيد بن المهلب ومقتله بالعقر. كتاب خالد القسري ويوسف بن عمر وموت هشام وولاية الوليد. كتاب زيد بن علي. كتاب يحيى بن زيد. كتاب الضحاك الخارجي. كتاب الخوارج والمهلب بن أبي صفرة. [927] الليث بن المظفر: كذا قال الأزهري في مقدمة كتابه «الليث بن المظفر» ، وقال ابن المعتز في «كتاب الشعراء» من تصنيفه: الليث بن رافع بن نصر بن سيار. قال الأزهري: ومن المتقدمين الليث بن المظفر الذي نحل الخليل بن أحمد تأليف «كتاب العين» جملة لينفّق كتابه باسمه ويرغّب فيه من حوله، وأثبت لنا عن   (927) - ترجمة الليث في مقدمة التهذيب للأزهري 1: 28 وطبقات ابن المعتز: 97 (في ترجمة الخليل بن أحمد) وسقط «رافع» من نسبه عنده وعند القفطي 3: 42 ومراتب النحويين: 31 ونور القبس: 59 (في ترجمة الخليل) وانظر ص: 279 (حيث سماه الليث بن المظفر) والوافي للصفدي (خ) وبغية الوعاة 2: 270 والبلغة: 194. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2253 إسحاق بن إبراهيم الحنظلي الفقيه أنه قال: كان الليث رجلا صالحا ومات الخليل ولم يفرغ من «كتاب العين» فأحبّ الليث أن ينفّق الكتاب كلّه فسمّى لسانه الخليل فإذا رأيت في الكتاب «سألت الخليل» أو «أخبرني الخليل» فإنه يعني الخليل نفسه، قال: وإذا قال «قال الخليل» فإنه يعني لسان نفسه. قال: وإنما وقع الاضطراب فيه من خليل الليث. قال: وأخبرني المنذري أنه سأل ثعلبا عن «كتاب العين» فقال: ذاك كتاب ملىء غدد، قال: وهذا لفظ أبي العباس وحقّه عند النحويين ملآن غددا ولكن كان أبو العباس يخاطب العامة على قدر فهمهم. قلت: ليس هذا بعذر لأبي العباس فإنه لو قال: ملآن غددا لم يخف معنى الكلام على صغار العامة فكيف وفي مجلسه الأئمة من أهل العلم ثم سائله الذي أجابه ليس بتلك الصورة، وإنما عذره أنه كان لا يتكلّف الاعراب في المفاوضة وهي سنّة جلّة العلماء. وأراد في جراب العين «1» حروفا كثيرة قد أزيلت عن صورها ومعانيها بالتصحيف والتغيير فهي تضرّ حافظها كما تضرّ الغدد آكلها. قال أبو الطيب اللغوي: مصنف «كتاب العين» الليث بن المظفر بن نصر بن سيار، روي ذلك عن أبي عمر الزاهد قال: حدثني فتى قدم علينا من خراسان وكان يقرأ عليّ «كتاب العين» قال أخبرني أبي عن إسحاق بن راهويه قال: كان الليث بن المظفر بن نصر بن سيار صاحب الخليل رجلا صالحا، وكان الخليل قد عمل من «كتاب العين» باب العين فأحبّ الليث أن ينفّق سوق الخليل ثم ذكر كما ذكر الأزهري. وحدث عبد الله بن المعتز في «كتاب الشعراء» عن الحسن بن علي المهلبي قال «2» : كان الخليل منقطعا إلى الليث بن رافع بن نصر بن سيار، وكان الليث من أكتب الناس في زمانه، بارع الأدب بصيرا بالشعر والغريب والنحو، وكان كاتبا للبرامكة وكانوا معجبين به، فارتحل إليه الخليل وعاشره فوجده بحرا فأغناه وأحبّ الخليل أن يهدي إليه هدية تشبهه، فاجتهد الخليل في تصنيف «كتاب العين» فصنّفه الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2254 له وخصّه به دون الناس وحبّره وأهداه إليه، فوقع منه موقعا عظيما وسرّ به وعوّضه عنه مائة ألف درهم واعتذر إليه، وأقبل الليث ينظر فيه ليلا ونهارا لا يملّ النظر فيه حتى حفظ نصفه، وكانت ابنة عمه تحته، فاشترى الليث جارية نفيسة بمال جليل، فبلغها ذلك فغارت غيرة شديدة فقالت: والله لأغيظنّه ولا أبقي غاية فقالت: إن غظته في المال فذاك ما لا يبالي به، ولكني أراه مكبا ليله ونهاره على هذا الدفتر، والله لأفجعنّه به، فأخذت الكتاب وأضرمت نارا وألقته فيها، وأقبل الليث إلى منزله ودخل إلى البيت الذي كان فيه الكتاب، فصاح بخدمه وسألهم عن الكتاب فقالوا: أخذته الحرة، فبادر إليها وقد علم من أين أتي، فلما دخل عليها ضحك في وجهها وقال لها: ردّي الكتاب فقد وهبت لك الجارية وحرّمتها على نفسي، وكانت غضبى، فأخذت بيده وأدخلته [البيت الذي أحرقته فيه، وفيه] رماده، فسقط في يد الليث، فكتب نصفه من حفظه وجمع على الباقي أدباء زمانه وقال لهم: مثّلوا عليه واجتهدوا، فعملوا هذا النصف الذي بأيدي الناس، فهو ليس من تصنيف الخليل ولا يشقّ غباره، وكان الخليل قد مات. وجدت على ظهر جزء من «كتاب التهذيب» لأبي منصور الأزهري: ابن دريد بقره ... وفيه عجب وشره ويدعي بجهله ... وضع كتاب الجمهره وهو كتاب العين إ ... لا أنه قد غيره ... الأزهريّ وزغه ... وحمقه حمق دغه ويدّعي بجهله ... كتاب تهذيب اللغة وهو كتاب العين إ ... لّا أنه قد صبغه ... في الخارزنجي بله ... وفيه حمق ووله ويدّعي بجهله ... وضع كتاب التكمله وهو كتاب العين إ ... لّا أنه قد نقله [حاشية: دغة بنت مغنج يضرب بها المثل في الحمق، زوجت وهي صغيرة في الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2255 بني العنبر فحملت، فلما ضربها المخاض ظنت أنها تحتاج إلى الخلاء فبرزت إلى بعض الغيطان ووضعت ذا بطنها، فاستهلّ الوليد فجاءت منصرفة وهي لا تظن إلا أنها أحدثت، فقالت لأمها: يا أمتاه وهل يفتح الجعر فاه؟ قالت: نعم ويدعو أباه، فسبّ بنو العنبر به وسموا بنو الجعراء، ولها حماقات كثيرة] «1» . قرأت بخط أبي منصور الأزهري في «كتاب نظم الجمان» تصنيف أبي الفضل المنذري: نصر بن سيار كان والي خراسان، والليث بن المظفر بن نصر صاحب العربية وصاحب الخليل بن أحمد هو [ابن] ابنه، حدث عنه قتيبة بن سعيد، سمعت محمد بن إبراهيم العبدي يقول، سمعت قتيبة يقول: كنت عند ليث بن نصر بن سيار فقال: ما تركت شيئا من فنون العلم إلا نظرت فيه إلا هذا الفن وما عجزت إلا أني رأيت العلماء يكرهونه، يعني النجوم. سمعت محمد بن سعيد القزاز قال: نصر بن سيار والي خراسان المحمول إليه رأس جهم، وكان نصر من تحت يدي هشام بن عبد الملك، وكان بمرو، وكان سلم بن أحوز والي بلخ والجوزجان من [تحت] يده، وهو الذي قتل يحيى بن زيد بن علي بن الحسين وجهم بن صفوان الذي ينسب إليه مذهب جهم ووجّه برأسيهما إلى مرو إلى نصر بن سيار، فنصبا على باب قهندز مرو، فكان سلم بن أحوز يقول: قتلت خير الناس وشر الناس. قال المنذري: وسمعت محمد بن إبراهيم العبدي قال: سمعت أبا رجاء قتيبة يقول: دخل الليث بن نصر بن سيار على علي بن عيسى بن ماهان وعنده رجل يقال له حماد الخزربك، فجاءه رجل فقصّ رؤيا رآها لعلي بن عيسى، فهمّ حماد أن يعبرها فقال ليث: كفّ فلست هناك. فقال علي: يا أبا هشام وتعبرها؟ قال: نعم وأنا أعبر أهل خراسان. فكانت الرؤيا كأنّ علي بن عيسى مات وحمل على جنازة وأهل خراسان يتبعونه، ثم انقضّ غراب من السماء ليحمله فكسروا رجل الغراب. فقال الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2256 الليث: أما الموت فبقاء، وأما الجنازة فهو سرير وملك، وأما ما حملوك فهو ما علوتهم وكنت على رقابهم، وأما الغراب فهو رسول، قال الله تعالى فَبَعَثَ اللَّهُ غُراباً يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ (المائدة: 31) يقدم فلا ينفذ أمره. فما مكثوا إلا يومين أو ثلاثة حتى قدم رسول من عند الخليفة في حمل عليّ بن عيسى، فاجتمع قواد خراسان فأثنوا عليه خيرا ولم يتركوه يحمل وقالوا: يخشى انتقاض البلاد فبقي. قال المنذري: هو الليث بن المظفر بن نصر بن سيار صاحب العربية وكان له ابن يقال له رافع؛ سمعت بعض أصحابي قال، سمعت محمد بن إسحاق السرّاج قال، سمعت إسحاق بن راهويه قال: سألت رافع بن الليث بن المظفر عن قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: كلّ مسكر حرام، أيقع على جميع المسكر، يعني جميع ما يسكر منه من قليله وكثيره أم على الشربة التي تسكرك؟ فقال: بل على جميع ما يسكر منه من قليله وكثيره إذا أسكر كثيره فقليله بمنزلته، ولو كان عنى الشربة التي تسكرك لقال: كل سكر حرام. قال ابن المنذري: وبلغني أنّ المظفر بن نصر مرّ به عناق وابنه الليث قد حضره، فقال له وأراد أن يخبره: ما هذا؟ فقال: بز بالفارسية، فقال: لأسيرنّك إلى حيث لا تعرف بز، فسيره إلى البادية، فمكث فيها قريبا من عشر سنين أو أكثر، ففيها تأدّب ثم رجع، فعجب أهله من كثرة أدبه. هذا آخر ما كتبته من خط الأزهري وكتاب المنذري. وحدث الحاكم أبو عبد الله بن البيّع في «كتاب نيسابور» عن العباس بن مصعب قال: سئل النضر بن شميل عن الكتاب الذي ينسب إلى الخليل بن أحمد ويقال له «كتاب العين» فأنكره، فقيل له: لعلّه ألفه بعدك فقال: أو خرجت من البصرة حتى دفنت الخليل بن أحمد. وحدث أبو الحسن علي بن مهدي الكسروي، حدثني محمد بن منصور المعروف بالراح المحدث، قال قال الليث بن المظفر بن نصر بن سيار: كنت أصير إلى الخليل بن أحمد فقال لي يوما: لو أن إنسانا قصد وألّف حروف اب ت ث على ما أمثّله لاستوعب في ذلك جميع كلام العرب، وتهيأ له أصل لا يخرج منه شيء البتة، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2257 فقلت له: وكيف يكون ذلك؟ قال يؤلفه على الثنائي والثلاثي والرباعي والخماسي فانه ليس يعرف في كلام العرب أكثر منه. قال الليث: فجعلت أستفهمه ويصف لي ولا أقف على ما يصف، فاختلفت إليه في هذا المعنى أياما ثم اعتلّ وحججت فما زلت مشفقا عليه وخشيت أن يموت في علته فيبطل ما كان يشرحه لي، فرجعت من الحج وصرت إليه فإذا هو قد ألف الحروف كلّها على ما هي في الكتاب وكان يملي عليّ ما يحفظ، وما شكّ فيه يقول لي سل عنه، فإذا صحّ فأثبته، إلى أن عملت الكتاب. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2258 حرف الميم [928] المبارك بن الحسن بن أحمد بن علي بن فتحان بن منصور الشهر زوري أبو الكرم المقرىء: إمام في القراءات عالم بها؛ مات فيما ذكره أبو سعد عن ابن حرز في الثاني والعشرين من ذي الحجة سنة خمسين وخمسمائة، ودفن في دكة بشر الحافي بباب حرب ببغداد إلى جنب أبي بكر الخطيب، قال: وكتب عنه، وذكر أن مولده في سابع عشر شهر ربيع الآخر سنة اثنتين وستين وأربعمائة. قال: وكان يسكن دار الخلافة ببغداد مما يلي باب العامة شيخ صالح ديّن خيّر قيّم بكتاب الله عالم باختلاف الروايات والقراءات، وصنف فيها «كتاب المصباح في القراءات» وهو حسن السيرة جيّد الأخذ على الطلاب، له روايات عالية، سمع الحديث من أبي الفضل أحمد بن الحسن بن جيرون الأمين وغيره. [929] المبارك بن سعيد بن الحمامي المؤدب، أبو الفرج المؤدب: كان يسكن قراح بني رزين من بغداد، وله به مكتب يعلّم فيه الصبيان، وكان أديبا فاضلا وشيخا صالحا تخرّج به خلق كثير، وكان محمود السيرة مشكورا عند الناس، وكان ذا هيبة «1»   (928) - ترجمته في الأنساب 7: 420 والمنتظم 10: 164 ومعرفة القراء الكبار 2: 413 وتذكرة الحفاظ: 1292 وسير الذهبي 20: 289 وعبر الذهبي 4: 141 والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد: 222 ومرآة الجنان 3: 296 وطبقات ابن الجزري 2: 38 والشذرات 4: 157. (929) - لم أجد له ترجمة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2259 على الصبيان، وكان أولاد الأكابر يقصدون مكتبه من جميع بغداد لما شاع من خيره وصلاحه، أدركت زمانه ورأيت مكتبه وكان مكتبا حفيلا مزدحما إلا أنني لم ألفه «1» شيئا، وكان يكتب خطا حسنا معروفا عند الناس مرغوبا فيه. مات فيما بلغني في جمادى الآخر سنة ثمانين وخمسمائة، وكان له ابن على سيرته في الصلاح والدين والخير قام مقامه في مكتبه وخلفه بعده في مكتبه «2» ، وكان اسمه أيضا المبارك مات سنة ثمان وثمانين وخمسمائة. [930] المبارك بن الفاخر بن محمد بن يعقوب أبو الكرم النحوي، أخو أبي عبد الله الحسين بن محمد المعروف بالبارع الدباس لأمه: ولد سنة ثمان وأربعين وأربعمائة ومات في ذي القعدة سنة خمسين وخمسمائة، ودفن بباب حرب. سمع الحديث من أبي الطيب الطبري والجوهري «3» وغيرهما، وكان قيما بالنحو عارفا باللغة، قال أبو الفرج: غير أن مشايخنا جرّحوه؛ كان أبو الفضل ابن ناصر سيء الرأي فيه يرميه بالكذب والتزوير قال: وكان يدّعي سماع ما لم يسمعه، ولما مات دفن بمقبرة باب حرب. وقرأ النحو على ابن برهان الأسدي. وله من الكتب: كتاب المعلم في النحو. كتاب نحو العرف. كتاب شرح خطبة أدب الكاتب. وجدت بخط السمعاني مولده على ما تقدم، فان صحّ ذلك لا يصحّ أخذه النحو عن ابن برهان لأن ابن برهان مات سنة ست وخمسين وأربعمائة، بل إن كان سمع منه شيئا جاز ذلك، ثم لما وردت إلى مرو نظرت في «كتاب المذيل» للسمعاني وقد ألحق بخطّه في تضاعيف السطور بخط دقيق: قرأت بخطّ والدي رحمه الله: سألت   (930) - ترجمة المبارك بن الفاخر في إنباه الرواة 3: 256 (وجعل وفاته سنة خمسمائة) والمنتظم 9: 154 (وفيات خمسمائة) ومرآة الجنان 3: 162 والنجوم الزاهرة 5: 195 وإشارة التعيين: 296. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2260 المبارك بن الفاخر عن مولده فقال ولدت في سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة، قلت: فإذا صحت هذه الرواية فقد صحّ أخذه عن ابن برهان. وكان والد السمعاني قد لقي ابن الفاخر وأخذ عنه، وحكى عنه شيئا من النحو واللغة. رأيت بخط الشيخ أبي محمد عبد الله بن أحمد بن أحمد بن الخشاب رحمه الله: حكى لي محمد بن محمد بن قزما الاسكافي عن شيخنا أبي الكرم المبارك بن فاخر بن يعقوب النحوي المعروف بابن الدباس أنه كان يكرم المترددين إليه لطلب العلم بالقيام لهم في مجلسه، وكان الشيخ أبو زكريا يحيى بن علي يأبي ذلك وينكره عليه وعلى غيره ممن يعتمده، وينشد: قصّر بالعلم وأزرى به ... من قام في الدرس لأصحابه قال الشيخ أبو محمد: ولعمري إن حرمة العلم آكد من حرمة طالبه، وإعزاز العلم أبعث لطلبه، وبحسب الصبر على مرارة طلبه تحلو ثمرة مكتسبه. وكان الشيخ أبو الكرم ابن الدباس رحمه الله يجمع إلى هذا التساهل في الخطاب إذا أخذ خطه على ظهر كتاب، ويقصد بذلك اجتذاب الطلاب، لأن النفوس تميل إلى هذا الباب، وحال أبي علي رحمه الله في عكس هذه الحال معلومة متعارفة يأثرها أصحابه عنه، وكان أمره مع العالم في ذاك على حدّ سواء من ملك وسوقة وعالم ومتعلم، ونحن نسأل الله العون على زمن نحن فيه. آخر ما فيه من خطّ ابن الخشاب. [931] المبارك بن المبارك بن المبارك أبو طالب الكرخي بن أبي البركات الفقيه الشافعي صاحب أبي الحسن ابن الخلّ: مات في ثامن ذي القعدة سنة خمس وثمانين وخمسمائة، أدركت زمانه ولقيت ببغداد أوانه، إلا أنني لم أره لصغر السنّ حينئذ   (931) - ترجمة أبي طالب الكرخي في تكملة المنذري (رقم: 89) وسير الذهبي 21: 224 (وينقل عن ابن النجار والموفق عبد اللطيف) وعبر الذهبي 4: 257 ومختصر ابن الدبيثي 3: 177 والوافي للصفدي (خ) وطبقات السبكي 7: 275 وطبقات الاسنوي 2: 353 والبداية والنهاية 12: 334 والنجوم الزاهرة 6: 110 والشذرات 4: 284 وإشارة التعيين: 282. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2261 والاشتغال في ذلك الزمان بغير هذا الشان. كان رحمه الله فاضلا زاهدا عابدا ورعا إماما أوحد زمانه في حسن الخط على طريقة علي بن هلال بن البوّاب. سمعت جماعة يحكون أنه لم يكتب أحد قبله ولا بعده مثله في قلم الثلث، حتى رأيت من يغالي فيه فيقول: إنه كتب خيرا من ابن البوّاب، وكان ضنينا بخطه جدّا فلذلك قلّ وجوده، كان إذا اجتمع عنده شيء من تجويداته يستدعي طستا ويغسله، فأما إذا استفتي فانه كان يكسر قلمه ويجهد في تغيير خطه، وكان أحد الشهود المعدّلين. تفقه على أبي الحسن ابن الخلّ ولازمه مدة حتى صار بارعا في الفقه وصارت له معرفة بالمذهب ولسان تام في الخلاف، شهد عند قاضي القضاة أبي القاسم الزينبي في تاسع جمادى الآخر سنة ثلاثين وخمسمائة، ولم يزل على ذلك إلى أن عزل نفسه عن تحمل الشهادة وأدائها قبل موته بمدة مديدة، ولم يدع الطيلسان، وتولّى التدريس بمدرسة كمال الدين أبي الفتوح حمزة بن علي بن طلحة الرازي التي بباب العامة المحروس بعد وفاة شيخه أبي الحسن ابن الخل المدرّس كان بها، ثم تولّى تدريس النظامية وذكر الدرس بها في تاسع صفر سنة إحدى وثمانين وخمسمائة وأضيف إليه التقدم بالرباط الجديد المجاور لتربة الجهة الشريفة السلجوقية المعروف بالأخلاطية عند مشهد عون ومعين بالجانب الغربي، وانتقل إلى هناك وسكن الدار المجاورة للرباط المذكور، وكان يعبر إلى الجانب الشرقيّ ويذكر الدروس بالنظامية ويعود إلى منزله بالجانب الغربي، وكان له قبول عند الخاصّ والعامّ وجاه عند أرباب الولايات، وهو الذي تولّى خدمة الأمير أبي نصر محمد وأبي الحسن علي ابني مولانا الناصر لدين الله أمير المؤمنين خلّد الله سلطانه في تعليم الخط، وسمع الحديث من ابن الحصين وقاضي البيمارستان وشيخه ابن الحاج وغيرهم، وحدث عنهم، ثم خرج من منزله لصلاة العصر بالرباط الجديد المذكور، وكان يؤمّ فيه، فلما توجّه للصلاة عرضت له سعلة وتتابعت فوقع إلى الأرض وحمل إلى منزله فمات لوقته في الوقت المقدّم ذكره، وصلّي عليه في غده، واجتمع له خلق عظيم، ودفن بتربة الجهة السلجوقية المجاورة للرباط، وهو فيما يقال ابن اثنتين وثمانين سنة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2262 [932] المبارك بن المبارك بن سعيد بن الدهان، أبو بكر الضرير النحوي المعروف بالوجيه: من أهل واسط، قدم بغداد مع أبيه في صباه فأقام بها إلى أن مات في السادس عشر من شعبان سنة اثنتي عشرة وستمائة رحمه الله، ودفن بالوردية، ومولده في سنة اثنتين وخمسمائة، وهو شيخي الذي به تخرجت وعليه قرأت، وهو قرأ بواسط على أبي سعيد نصر بن محمد بن سلم المؤدب وغيره، وأدرك ببغداد ابن الخشّاب فأخذ عنه، ولازم الكمال أبا البركات عبد الرحمن بن محمد الأنباري النحوي وقرأ عليه وتلمذ له فهو أشهر شيوخه، وسمع تصانيفه، وسمع الحديث من طاهر بن محمد المقدسي، وتولّى تدريس النحو بالنظامية سنين فتخرج عليه جماعة كثيرة منهم الحسن بن الباقلاوي الحلّي والموفّق عبد اللطيف بن يوسف البغدادي والمنتجب سالم بن أبي الصقر العروضي وغيرهم. وكان رحمه الله قليل الحظّ من التلامذة يتخرجون عليه ولا ينسبون إليه، ولم يكن فيه عيب إلا أنه كان فيه كيس ولين، وكان إذا جلس للدرس يقطع أكثر وقته بالأخبار والحكايات وإنشاد الأشعار حتى يسأم الطالب وينصرف عنه وهو ضجر وينقم ذلك عليه، وكان يحسن بكلّ لغة من الفارسية والتركية والحبشية والرومية والأرمنية والزنجية، فكان إذا قرأ عليه عجميّ واستغلق عليه المعنى بالعربية فهّمه إياه بالعجمية على لسانه، وكان حسن التعليم طويل الروح كثير الاحتمال للتلامذة، وكان شاعرا مجيدا أنشدني لنفسه كثيرا من شعره، منه في التجنيس: ولو وقعت في لجة البحر قطرة ... من المزن يوما ثم شاء لمازها ولو ملك الدنيا فأضحى ملوكها ... عبيدا له في الشرق والغرب ما زها   (932) - ترجمة ابن الدهان الضرير في إنباه الرواة 3: 254 ومرآة الزمان: 573 وقلائد الجمان لابن الشعار 6: 22 وتكملة المنذري (رقم 1421) وذيل الروضتين: 90 وابن خلكان 4: 152 وسير الذهبي 22: 86 وعبر الذهبي 5: 43 والوافي للصفدي (خ) ونكت الهميان: 233 وطبقات السبكي 5: 148 والبداية والنهاية 13: 69 وطبقات ابن الجزري 2: 41 والنجوم الزاهرة 6: 214 وبغية الوعاة 2: 273 والشذرات 5: 53. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2263 وكان قد فوّض إلى عضد الدولة أبي الفتوح ابن الوزير عضد الدين ابن رئيس الرؤساء أمر المخزن المعمور والأعمال التي كانت مفوّضة قبله إلى ابن ناصر في عاشر شعبان سنة خمس وستمائة وخلع عليه في باب الحجرة الشريفة، وهو موضع لا يخلع فيه إلا على الوزراء، وركب منه والعالم بين يديه ليمضي إلى منزله، فعثرت به فرسه وسقط من عليها، ثم ركبها سالما من ساعته، فأكثر الناس القول في الطيرة من هذا، فقال الوجيه وأنشدنيه لنفسه: لا تعذل الفرس التي عثرت ... بك أمس قبل سماعك العذرا قالت مقالا لو علمت به ... لم تولها هجرا ولا هجرا لما رأى الأملاك أنّ على ... سرجي فتى أعلى الورى قدرا رفعت يدي حتى تقبلها ... شغفا بها فوهت يدي الأخرى ثم لم يلبث المذكور إلا يسيرا حتى عزل وألزم بيته. وأنشدني الوجيه أيضا لنفسه: لست أستقبح اقتضاءك بالوعد ... وإن كنت سيد الكرماء فإله السماء قد ضمن الرز ... ق عليه ويقتضى بالدعاء وأنشدني الوجيه أيضا لنفسه في التجنيس: لا راح مسترفدي جذلان من صفدي ... يوما ولا عزّ بي في مشهد جاري إن لم تكبّ على الأذقان أوجههم ... سيوف قومي بسيل من دم جاري وحدثني الوجيه رحمه الله قال: دخلت يوما إلى فخر الدين أبي علي الحسن ابن هبة الله بن الدوامي، وهو من علمت أدبا وفضلا وحسن بشر وكرم سجية، فجلسنا نتذاكر الشعراء إلى أن انتهى بنا الكلام إلى البحتري، فأنشد قوله في الفتح بن خاقان «1» : هب الدار ردّت رجع ما أنت قائله ... وأبدى الجواب الربع عما تسائله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2264 إلى قوله: ولما حضرنا سدّة الإذن أخّرت ... رجال عن الباب الذي أنا داخله بدا لي محمود السجية شمّرت ... سرابيله عنه وطالت حمائله كما انتصب الرمح الردينيّ ثقّفت ... أنابيبه للطعن واهتزّ عامله فكالبدر وافته لوقت سعوده ... وتمّ سناه واستهلت منازله فسلمت واعتاقت جناني هيبة ... تنازعني القول الذي أنا قائله فلما تأملت الطلاقة وانثنى ... إليّ ببشر أنّستني مخايله دنوت فقبلت الندى من يد امرىء ... جميل محياه سباط أنامله صفت مثل ما يصفو المدام خلاله ... ورقّت كما رقّ النسيم شمائله فهشّ الجميع وأخذ كلّ منهم يصف حسن ألفاظها ورشاقة معانيها وجودة مقاصدها، وجعلوا يقولون هذا هو السهل الممتنع والفضل المتسع والديباج الخسرواني والزهر الأنيق، وأطنبوا في ذلك وحقّ لهم، فقلت ارتجالا: لمن تنظم الأشعار والناس كلهم ... سواسية إلا امرؤ أنا جاهله ولو علموا أن اللهى تفتح اللها ... دروا أنّ ذا الشعر ابن خاقان قائله وكان الوجيه قد التزم سماحة الأخلاق وسعة الصدر فكان لا يغضب من شيء، ولم ير من أحد قطّ حردان، وشاع ذلك عنه وبلغ ذلك بعض الخلفاء «1» ، فقال: ليس له من يغضبه، ولو أغضب لغضب، وخاطروه على أن يغضبه فجاءه فسلّم عليه ثم سأله عن مسألة نحوية فأجابه الشيخ بأحسن جواب ودلّه على محجة الصواب فقال له: أخطأت فأعاد الشيخ الجواب بألطف من ذلك الخطاب وسهّل طريقته وبيّن له حقيقته، فقال له: أخطأت أيها الشيخ، والعجب ممن يزعم أنك تعرف النحو ويهتدى بك في العلوم، وهذا مبلغ معرفتك، فلاطفه وقال له: يا بنيّ لعلك لم تفهم الجواب، وإن أحببت أن أعيد القول عليك بأبين من الأول فعلت، قال له: كذبت لقد فهمت ما قلت، ولكن لجهلك تحسب أنني لم أفهم، فقال له الشيخ وهو يضحك: قد عرفت الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2265 مرادك، ووقفت على مقصودك، وما أراك إلا وقد غلبت، فأدّ ما بايعت عليه فلست بالذي تغضبني أبدا، وبعد يا بنيّ فقد قيل إن بقّة جلست على ظهر فيل، فلما أرادت أن تطير قالت له: استمسك فإني أريد الطيران، فقال لها الفيل: والله يا هذه ما أحسست بك لما جلست فكيف أستمسك إذا أنت طرت؟! والله يا ولدي ما تحسن أن تسأل ولا تفهم الجواب فكيف أستفيد منك؟ وحدثني محب الدين محمد بن النجار قال: حضر الوجيه النحوي بدار الكتب التي برباط المأمونية، وخازنها يومئذ أبو المعالي أحمد بن هبة الله، فجرى حديث المعرّي، فذمّه الخازن وقال: كان عندي في الخزانة كتاب من تصانيفه فغسلته، فقال له الوجيه: وأيّ شيء كان هذا الكتاب؟ قال: كان كتاب نقض القرآن، فقال له: أخطأت في غسله، فعجب الجماعة منه وتغامزوا عليه، واستشاط ابن هبة الله وقال له: مثلك ينهى عن مثل هذا؟ قال: نعم لا يخلو أن يكون هذا الكتاب مثل القرآن أو خيرا منه أو دونه، فإن كان مثله أو خيرا منه وحاش لله أن يكون ذلك فلا يجب أن يفرّط في مثله، وإن كان دونه وذلك ما لا شكّ فيه فتركه معجزة للقرآن فلا يجب التفريط فيه، فاستحسن الجماعة قوله ووافقه ابن هبة الله على الحقّ وسكت. وكان الوجيه رحمه الله حنبليا ثم صار حنفيا، فلما درّس النحو بالنظامية صار شافعيا، فقال فيه المؤيد أبو البركات محمد بن أبي الفرج التكريتي ثم البغدادي، وكان أحد تلامذته، وسمعته من لفظه غير مرة: ألا مبلغ عنّي الوجيه رسالة ... وإن كان لا تجدي إليه الرسائل تمذهبت للنعمان بعد ابن حنبل ... وذلك لما أعوزتك المآكل وما اخترت دين الشافعي تديّنا ... ولكنما تهوى الذي هو حاصل وعما قليل أنت لا شكّ صائر ... إلى مالك فافطن لما أنا قائل وأنشدني الوجيه لنفسه في التجنيس: أطلت ملامي في اجتنابي لمعشر ... طغام لئام جودهم غير مرتجى ترى بابهم لا بارك الله فيهم ... على طالب المعروف إن جاء مرتجا حموا مالهم والدين والعرض منهم ... مباح فما يخشون من هجو من هجا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2266 إذا شرع الأجواد في الجود منهجا ... لهم شرعوا في البخل سبعين منهجا وأنشدني الوجيه النحوي لنفسه يمدح أبا الفضل مسعود بن جابر صاحب المخزن: ما مرّ يوم ولا شهر ولا عيد ... فاخضرّ فيه لنا من وصلكم عود عودوا تعد بكم الأيام مشرقة ... وإن أبيتم ففي الأسقام لي عودوا كم ذا التجني وكم هذا الصدود صلوا ... من حظّه منكم همّ وتسهيد لو تسألوا كيف حالي بعد بعدكم ... فالحال شاهدة والسقم مشهود لولا التعلل بالآمال متّ أسى ... يفنى الزمان وما تفنى المواعيد ولو شكوت الذي ألقى بحبكم ... إلى الجلاميد رقّت لي الجلاميد يا هذه ما أنام الليل من ولهي ... كأنما حاجبي بالجفن معقود قلّ اصطباري وزاد الوجد بي فأنا ... بك الشقيّ وغيري منك مسعود تلذّ في حبك الأيام لي وأرى ... التعذيب عذبا به والقلب مجهود كأنّك المجد أو بذل الندى وأنا ... في فرط حبّك فخر الدين مسعود مولى إذا السحب ضنّت بالحيا فله ... في الخلق بحر عظيم الريّ مورود وله مطلع قصيدة في ابن جابر أيضا: يا من أقام قيامتي بقوامه ... وأطال تعذيبي بطول مطاله أمط اللثام عن العذار تقم به ... عند العذول عليك عذر الواله وارفق ببال في هواك معذّب ... بجفاك ما خطر السلوّ بباله طبع الحبيب على الملال وليته ... يوما يميل إلى ملال ملاله لو كنت تسمع ما أقول وقوله ... لعجبت من ذلّي له ودلاله شدّ الرحال فحلّ عقد تصبري ... لما سرت أجماله بجماله أنشدني الحافظ أبو عبد الله محمد بن النجار صديقنا حرسه الله قال، أنشدني شيخنا الوجيه النحوي لنفسه: أرفع الصوت إن مررت بدار ... أنت فيها إذ ما إليك وصول الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2267 وأحيي من ليس عندي بأهل ... أن يحيّا كي تسمعي ما أقول وكان ملازما لدار الوزير عضد الدين أبي الفرج ابن رئيس الرؤساء ويبيت ويصبح يقرىء أهله، ونال من جهته ثروة، فحدثني عز الدين أبو الحسن علي بن محمود بن محمد المعروف بالسرخسي النحوي قال، حدثني الوجيه قال: اقترحت عليّ بعض حظايا الوزير أن أعمل أبياتا تكتبها على قميص أصفر، فعملت: انظر إلى لابسي وانظر إليّ وكن ... من مثل ما حلّ بي منه على خطر هذا اصفراري يراه الناظرون وما ... في القلب من حبّه يخفى على البصر أموت في خلعه بالليل لي كمدا ... لولا انتظار وصال منه في السحر أقول عجبا إذا ما رام يلبسني ... ما كنت أطمع أن أعلو على القمر ونقشتها على القميص، ورآه الوزير عليها فنلت منه بذلك السبب خيرا كثيرا. [933] المبارك بن محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني أبو السعادت الملقب بمجد الدين المعروف بابن الأثير، والأثير هو أبو محمد: محمد بن عبد الكريم من أهل جزيرة ابن عمر: مات فيما حدثني به أخوه عز الدين أبو الحسن علي بن محمد في يوم الخميس سلخ ذي الحجة سنة ست وستمائة؛ قال: ومولده في أحد الربيعين سنة أربع وأربعين وخمسمائة بالجزيرة وانتقل إلى الموصل في سنة خمس وستين ولم يزل بها إلى أن مات. قال المؤلف: وكان عالما فاضلا وسيدا كاملا قد جمع بين علم العربية والقرآن   (933) - ترجمة أبي السعادات ابن الأثير في إنباه الرواة 3: 257 وقلائد الجمان لابن الشعار 6: 29 وتكملة المنذري (رقم: 1129) وذيل الروضتين: 69 والجامع المختصر 9: 299 وابن خلكان 4: 141 وتلخيص مجمع الآداب (رقم: 439) وسير الذهبي 21: 488 وعبر الذهبي 5: 19 وطبقات الأسنوي 1: 130 وطبقات السبكي 5: 153 والبداية والنهاية 13: 54 والوافي للصفدي (خ) وبغية الوعاة 2: 274 والشذرات 5: 22، وكتابه جامع الأصول مطبوع وكذلك غرائب الطوال، وكتاب المرصع (البنين والبنات والآباء والأمهات ... ) وكتاب النهاية في غريب الحديث. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2268 والنحو واللغة والحديث وشيوخه وصحّته وسقمه والفقه، وكان شافعيا، وصنّف في كلّ ذلك تصانيف هي مشهورة بالموصل وغيرها. حدثني أخوه أبو الحسن قال: قرأ أخي الأدب على ناصح الدين أبي محمد سعيد بن الدهان البغداديّ وأبي بكر يحيى بن سعدون المغربى القرطبي وأبي الحزم مكى بن الريان بن شبّة الماكسي النحوي الضرير، وسمع الحديث بالموصل من جماعة منهم الخطيب أبو الفضل ابن الطوسي وغيره، وقدم بغداد حاجا فسمع بها من أبي القاسم صاحب ابن الخلّ وعبد الوهاب بن سكيتة، وعاد إلى الموصل فروى بها وصنّف ووقف داره على الصوفية وجعلها رباطا. وحدثني أخوه أبو الحسن قال: تولى أخي أبو السعادات الخزانة لسيف الدين الغاري بن مودود بن زنكي، ثم ولاه ديوان الجزيرة وأعمالها، تم عاد إلى الموصل فناب في الديوان عن الوزير جلال الدين أبي الحسن على بن جمال الدين محمد بن منصور الأصبهاني، ثم اتصل بمجاهد الدين قايماز بالموصل أيضا فنال عنده درجة رفيعة، فلما قبض على مجاهد الدين اتصل بخدمة أتابك عز الدين مسعود بن مودود إلى أن توفي عز الدين، فاتصل بخدمه ولده نور الدين أرسلان شاه فصار واحد دولته حقيقة بحيث إن السلطان كان يقصد منزله في مهام نفسه لأنه أقعد في آخر زمانه، فكانت الحركة تصعب عليه، فكان يحيئه بنفسه أو يرسل إليه بدر الدين لؤلؤ الذي هو اليوم أمير الموصل. وحدثني أخوه المذكور قال. حدثني أخي أبو السعادات قال: لقد ألزمني نور الدين بالوزارة غير مرة وأنا أستعفيه حتى غضب منّي وأمر بالتوكيل بي، قال: فجعلت أبكي، فبلغه ذلك فجاءني وأنا على تلك الحال فقال لي: أبلغ الأمر إلى هذا؟ ما علمت أنّ رجلا ممن خلق الله بكره ما كرهت، فقلت: أنا يا مولانا رجل كبير، وقد خدمت العلم عمري واشتهر ذلك عنّي في البلاد بأسرها، واعلم أنني لو اجتهدت في إقامة العدل بغاية جهدي ما قدرت أؤدي حقه، ولو طلم أكّار في ضيعة من أقصى أعمال السلطان لنسب ظلمه إليّ، ورجعت أنت وغيرك باللائمة عليّ، والملك لا يستقيم إلا بالتسمح في العسف وأخذ هذا الخلق بالشدة، وأنا لا أقدر على ذلك، فأعفاه، وجاءنا إلى دارنا فخبرنا بالحال، فأما والده وأخوه فلاماه على الامتناع فلم يؤثر الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2269 اللوم عنده سفا، وذكر ذلك في قصة طويلة بتفاصيلها إلا أن هذا الذى ذكرته هو معناها. وحدثني عز الدين أبو الحسن قال: حدثني أخي أبو السعادات رحمه الله قال: كنت أشتغل بعلم الأدب على الشيخ أبي محمد سعيد بن المبارك بن الدهان النحوي البغدادي بالموصل، وكان كثيرا ما يأمرني بقول الشعر وأنا أمتنع من ذلك، قال: فبينا أنا ذات ليلة نائم رأيت الشيخ في النوم وهو يأمرني بقول الشعر، فقلت له: ضع لي مثالا أعمل عليه فقال: جب لفلا مدمنا إن فاتك الطفر ... وخدّ حدّ الثرى والليل معتكر فقلت أنا: فالعزّ في صهوات الخيل مركبه ... والمجد ينتجه الإسراء والسهر فقال لي: أحسنت هكذا فقل، فاستيقظت فأتممت عليها نحو العشرين بيتا. وحدثني عز الدين أبو الحسن قال: كتب أخي أبو السعادات إلى صديق له في صدر كتاب والشعر له. وإني لمهد عن حنين مبرّح ... إليك على الأقصى من الدار والأدني وإن كانت الاشواق تزداد كلما ... تناقص بعد الدار واقترب المغنى سلاما كسر الروض باكره الحيا ... وهبّت عليه نسمة السّحر الأعلى فحا بمسكيّ الهوا متحلّيا ... ببعض سحايا ذلك المجلس الأسمى وأنشدني عز الدين قال، أنشدني أخي مجد الدين أبو السعادات لنفسه: عليك سلام فاح من نشر طيبه ... نسيم تولى بثّه الرند والبان وحاز على اطلال مي عشية ... وجاد عليه معدق الوبل هتّان فحملته شوقا حوته ضمائري ... تميد له أعلام رضوى ولبنان واستنشدته شيئا آخر من شعره فقال: كان أخي قليل الشعر لم يكن له به تلك العناية، وما أعرف الآن له غير هذا، فقلت له: فأملّ عليّ تصانيفه، فأملى عليّ: كتاب البديع في النحو نحو الأربعين كراسة وقفني عليه فوجدته بديعا كاسمه سلك فيه الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2270 مسلكا عريبا وبوبّه تبويبا عجيبا. كتاب الباهر في الفروق في النحو أيضا. كتاب تهذيب فصول ابن الدهان. كتاب الإنصاف في تفسير القرآن أربع مجلدات. كتاب الشافي وهو شرح مسند الشافعي أبدع في تصنيفه فدكر أحكامه ولغته ونحوه ومعانيه نحو مائة كراسة. كتاب غريب الحديث على حروف المعجم اربع مجلدات كتاب جامع الأصول في أحاديث الرسول عشر مجلدات جمع فيه بين البخارى ومسلم والموطأ وسنن أبي داود وسنن النسائي والترمذي عمله على حروف المعجم، وشرح غريب الأحاديث ومعانيها وأحكامها ووصف رجالها ونبه على جميع ما يحتاج إليه منها قال المؤلف. أقطع قطعا أنه لم يصنّف مثله قط ولا يصنف وله رسائل في الحساب مجدولات. كتاب ديوان رسائله. وكتاب البنين والبنات والآباء والأمهات والأذواء والذوات مجلد. كتاب المختار في مناقب الأخيار أربع مجلدات، إلى غير ذلك. [934] مبشر بن فاتك أبو الوفاء الأمير أحد أدباء مصر العارفين بالأخبار والتواريخ المصنفين فيها، وكان في أيام الدوله المصريه في ايام الظاهر والمستنصر. وله من التصانيف. كتاب سيرة المستصر ثلاث مجلدات، وله تواليف في علوم الأوائل، وملك من الكتب ما لا يحصى عدده كثرة. [935] مجالد بن سعيد بن عمير الهمداني: روى عن الشعبي فأكثر، وروى عنه الهيثم بن عدي، مات في سنة احدى وأربعين ومائة وكان رواية للأخبار والأنساب والأشعار، وهو عند أصحاب الحديث ضعيف.   (934) - ترجمته في عيون الانباء 2: 98 وتاريخ الحكماء للقفطي: 269 والوافي للصفدي (خ) وانظر مقدمة «مختار الحكم» وذكر الصفدي أنه اشتغل بصناعة الطب ولازم ابن رضوان، وكتب بخطه تصانيف المتقدمين، وبعد وفاته عمدت زوجته إلى كتبه فألفتها في بركة وسط داره لأنه كان يشتغل بها عنها، ومن تلاميذه سلامة بن مبارك بن رحمون. (935) - ترجمة مجالد في الوافي للصفدي (خ) وقال: روى له الأربعة وروى له مسلم مقرونا ونقل عن ياقوت أنه توفي سنة أربع وأربعين ومائة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2271 [936] مجاهد بن جبر القارىء، وقيل مجاهد بن جبير مولى عبد الله بن السائب، وقيل مولى قيس بن السائب المخزومي: من كبار التابعين يكنى أبا الحجاج، مات سنة أربع ومائة، وقيل سنة ثلاث عن ثلاث وثمانين سنة من عمره. سمع ابن عباس؟؟؟ وأبا هريرة وأبا سعيد الخدري وأبا ريحانة وعبد الله بن عمر وغيرهم. أحد القراءة عن عبد الله بن عباس وعن عبد الله بن أبي ليلى وقرأ على علي بن أبي طالب وأبي بن كعب رضي الله عنهم، روى عنه الأعمش والليث بن أبي سليم والحكم ومنصور بن نجيح وغيرهم. وقال مجاهد: عرضت القرآن على ابن عباس ثلاثين عرضة. قال مجاهد. وكنت أصحب ابن عمر في السفر فكنت إذا أردت أن أركب يأتيني فيمسك ركابي فإذا ركبت سوّى على ثيابي قال مجاهد: فجاءني مرة فكأني كرهت ذلك، فقال: يا مجاهد إنك ضيّق الخلق. نقلت ذلك كله من «كتاب الأمالي» لأبي بكر محمد بن منصور السمعاني. وقرأت بخط أبي سعد باسناد رفعه إلى مجاهد أنه قال: انطلق علام من بني إسرائيل بفخّ فنصبه منتبذا عن الطريق، فجاء عصفور فوقع قريبا منه وانطق الله العصفور وأفهم الفخ، فقال العصفور. مالى أراك منتبدا عن الطريق؟ قال: اعتزلت شرور الناس، قال: فمالى أراك نحيفا؟ قال: أنهكتنى العبادة قال: فما هذه الحبة في فيك: قال: أرصد بها مسكينا أو ابن سبيل، قال فانا مسكين وابن سبيل، قال:؟؟؟ قال؟؟؟ العصفور فأخذ الحية، فوتب القح فوقع في عنقه، فجعل العصفور يقول عيق عيق، وعزة ربي لا غرّنى بعدها قارىء مراء ابدا قال مجاهد: وهذا مثل قرائين مرتين يكونون آخر الزمان.   (936) - ترجمة مجاهد في طبقات ابن سعد 5: 406 والمعارف: 444 ولمعرفه والتاريخ 1: 711 وحلية لأولياء 3: 279 وطبقات الشيرازي 69 وتذكرة الحفاظ: 86 وسير الذهبي 4: 449 وعير الذهبي 1: 125 والبداية والنهاية 9: 224 والعقد التمين 7: 132 والوافي للصفدى (خ) وطبقات ابن الجزري (رقم. 2659) وتهذيب التهذيب 0: 42 وطبقات الحفاظ للسيوطي: 35 والشذرات 125. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2272 وذكر ابن عفير قال: قدم عمرو بن العاص بعد فتحه مصر على عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قدمتين استخلف في إحداهما زكريا بن الجهم العندري على الجند ومجاهد بن جبر مولى بني نوفل بن عبد مناف على الحراح (وهو جد معاذ بن موسى النفاط أبي إسحاق بن معاذ الشاعر) فسأله عمر من استخلفت؟ فذكر له مجاهد بن جبر، فقال له عمر مولى ابنه غزوان؟ قال: نعم إنه كاتب، فقال عمر: إن العلم ليرفع صاحبه (وبنت غزوان هي أخت عتبة بن غزوان، وقد شهد عتبة بدرا، وكان حليف بني نوفل بن عبد مناف) قال: وحطه مجاهد بن جبر دار صالح صاحب السوق. [937] مجاهد بن عبد الله العامري أبو الجيش الموفق مولى عبد الرحمن الناصر بن المنصور محمد بن أبي عامر أمير الأندلس: مات بدانية في سنة ست وثلاثين وأربعمائة، وأصله مملوك رومي من مماليك ابن أبي عامر. كان من أهل الأدب والشجاعة والمحبة للعلوم وأهلها. نشأ بقرطبه وكانت له همة وجلادة وجرأة، فلما جاءت أيام الفتنة وتغلبت العساكر على النواحي سار هو فى من تبعه الى الجزائر التي في شرق الأندلس وهي دانية ومنورقة (بالنون) ، ودانية هي ذات حصب وسعة، فغلب عليها وحماها، وقصد إلى سردانية في قصة ذكرتها في التاريخ الذي سميته «المبدأ» . وكان الكرماء على العلماء يبذل لهم الرغائب خصوصا على يقراء حتى صارت دانيه معدن القراء بالعرب. وهو الذي بذل لأبي غالب تمام بن غالب ألف دينار ليزيد اسمه في ديباجة كتابه كما ذكرنا فى باب تمام «1» ، وفيه يقول أبو العلاء صاعد بن   (937) - ترجمة مجاهد العامري في حدوة المقبس (وبغية الملتمس رقم. 1379) وأعمال الاعلام: 217 والبيان المغرب 3: 155 والوافي للصفدي (خ) وتاريخ ابن خلدون 4: 164. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2273 الحسن اللغوي وقد استماله بحريطة مال ومركب أهداهما إليه، قصيدة اولها: أتتني الخريطة والمركب ... كما اقترن السعد والكوكب وحطّ بمينائه قلعه ... كما وضعت حملها المقرب على ساعة قام فيها النباء ... على هامة المشتري يحطب مجاهد رضت إباء الشموس ... فأصحب ما لم يكن يصحب فقل واحتكم لي فسمع الزمان ... مصيح إليك بما ترغب وقد ألف مجاهد كتاب عروض يدلّ على قوته فيه، ومن أعظم فضائله تقديمه للوزير أبي العباس أحمد بن رشيق وتعويله عليه وبسط يده في العدل. [938] المحسن بن إبراهيم بن هلال بن زهرون الصابىء أبو علي بن أبي إسحاق صاحب الرسائل، ووالد هلال بن المحسن صاحب التواريخ والرسائل: كان أديبا فاضلا بارعا قد لقي الأدباء والعلماء وأخذ عنهم كأبي سعيد السيرافى وأبي على الفارسي وأبي عبيد الله المرزباني. مات في تامن محرم سنة احدى وأربعمائة عن ابنه هلال، وله شعر حسن من مثله، وكان بوجهه شامة حمراء فكان يعرف بصاحب الشامة، وابنه هلال بن المحسن أعلى منزلة منه. ومات هذا على دين أبيه، وأما ابنه فأسلم على ما ذكرته في بابه. وكان لأبي اسحاق ابن آخر يقال له أبو سعيد سنان لبس بالنبيه وآخر كنيته أبو العلاء صاعد، ومات ابو سعيد سنان في حياة أبيه في رجب سنة ثمانين. ولما قبض على أبيه أبي إسحاق قبض معه على ولديه أبي عليّ هذا وأبي سعيد. فحدث أبو الحسين هلال قال حدثني أبو عليّ والدي قال: أمر عضد الدولة أبا القاسم المطهر بن عبد الله وزيره وقال له: أفرج عن [ابن] أبي إسحاق صاحب الشامة فان له قديم خدمة، فتقدم بذاك، فثقل على أبي سعيد أخى إطلاقي من دونه ودمدم على والدنا دمدمة قال له عندها: أيّ أمر لنا يا بني في نفوسنا أم أيّ ذنب لى   (938) - ترجمة المحس الصابىء في الوافي للصفدي (خ) وعرضا في ترجمة أبيه في سير الذهبي 16: 524. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2274 فيما لطف به لأخيك وحرمته؟ ثم عدل إلى مسألتي أن أخرج أسبوعا ويخرج أسبوعا ويقع بيننا مناوبة في ذاك، فامتنعت وأبيت ورفق بي رفقا استحييت معه وأجبت، فكتب أبو إسحاق إلى أبي القاسم المطهر: ابناي عيناي كفّ الحبس لحظهما ... وعزّ حسّهما عن منظر النور أطلقت لي منهما عينا وقد بقيت ... عين فصرت من الابنين كالعور فسوّ بينهما في فكّ أسرهما ... مستوفرا منهما من أجر مأجور يفديك بالأنفس اللاتي مننت بها ... أبوهما وهما من كلّ محذور فقال المطهر: الأمر إلى الملك فهو الذي رسم لي إطلاق ولدك صاحب الشامة، ولو كنت مستطيعا للجمع بينهما لفعلت، بل لم أقنع حتى تكون أنت المطلق فعاوده وشكره وقال: إذا كان قد أخذ في تخلية واحد فيجوز أن يتناوبا في الخروج، وفسح المطهر في ذلك. قال أبو علي: وكانت خدمتي التي رعاها الملك عضد الدولة أن أبا طاهر ابن بقية لما أفرج عن أبي إسحاق والدي بعد القبض عليه عقيب خروج عضد الدولة من مدينة السلام استحلفه على أن يعرّفه ما يرد عليه من كتبه ويسلّم إليه من يجيئه من رسله، فاتفق أن جاء أبو سعد المدبر إليه بكتاب من عضد الدولة وعمل على تسليمه، فاجتهدت به ألّا يفعل، فخاف وأشفق ولم يقبل، وحمله إلى ابن بقية فتقدم باعتقاله بعد أن ضربه وقرّره، وشقّ ذلك عليّ لما يراعى من عواقبه، وحملني الشباب ونزقه والاغترار وبواعثه على أن قمت ليلا وحملت معي خمسين درهما في صرّة وعشرين درهما في صرّة أخرى وجئت إلى الحبس متنكرا وعلى رأسي منشفة وقلت للسجّان: هذه عشرون درهما خذها ومكنّي من الدخول على هذا الجاسوس وأجتمع معه وأخاطبه وأخرج، فاخذها وأدخلني، وجئت إلى أبي سعد وتوجعت له مما حصل فيه، ووعدته بما أستطيعه من المعاونة على خلاصه، ثم قلت له: وأنت غريب وربما احتجت إلى شيء وهذه خمسون درهما اصرفها في نفقتك واستعن بها على أمرك، فشكرني وانصرفت، وأظنّه ذكر ذلك لعضد الدولة عند خلاصه وعوده إليه، فحصل لي في نفسه ما كانت هذه الحال ثمرته. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2275 قرأت بخط أبي علي المحسّن في مجموع جمعه لولده هلال ما هذا صورته: لبعض المحدثين في عصرنا (وعلى الحاشية بخطّ ابنه هلال: هذه الأبيات لأبي، المحسن بن إبراهيم بن هلال رحمه الله) : أأهجو مجوسيا لو أنّي أمرته ... بنيك امّه جهرا إذا ما تأثّما إذا ذكرت يوما له ريع قلبه ... وأنعظ مشتاقا إليها متيما يحنّ إليها حنّتين لأنه ... يكون لها بعلا وكان لها ابنما قضاها رضاع الثدي منه بأيره ... ففرّ لها فرجا وفرّت له فما فان طرّقت بالحمل يوما فانما ... يكون أخا وابنا له كلما انتمى ينيك الأقاصي والأداني محللا ... بذلك ما كان الإله محرما إذا ما ذوو الأديان صلّوا لربّهم ... تقدّم يهذي في الصلاة مزمزما ويخرج مما كلّفوا من مشقّة ... ويحتسب اللذات أجرا ومغنما وكتب أبو علي إلى أبيه في بعض نكباته: لا نأس للمال إن غالته غائلة ... ففي حياتك من فقد اللهى عوض إذ أنت جوهرنا الأعلى وما جمعت ... يداك من طارف أو تالد عرض فاجابه أبو إسحاق بأبيات ذكرتها في بابه فأغنى. قرأت بخط أبي علي المحسن، أنشدني القاضي أبو سعيد الحسن بن عبد الله السيرافي رحمه الله. الجود والغول والعنقاء ثالثة ... أسماء أشياء لم تخلق ولم تكن وأنشدني: ألهى بني جشم «1» عن كل مكرمة ... قصيدة قالها عمرو بن كلثوم يفاخرون بها مذ كان أولهم ... يا للرجال لفخر غير مسئوم وأنشدني في المعنى: الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2276 كأن وجوه شمّاس بن لأي ... من السوءات ملبسة عصيما إذا ذكروا الخطيئة لم يعدّوا ... حديثا بعد ذاك ولا قديما وأنشدني: أيا ابن صليبا أين طبك والذى ... به كنت تشفي من به مثل دائكا أأنكرت مما قيل ما قد عرفته ... بغيرك أم آثرتهم بشفائكا بل الموت ميقات النفوس متى يحن ... فداء الذي داويته في دوائكا ومن خط أبي على المحسن قال: سألت القاضي أبا سعيد السيرافي رحمه الله عن الأخبار التي يرويها عن أبي بكر ابن دريد وكنت أقرأها عليه: أكان يمليها من حفظه؟ فقال: لا، كانت تجمع من كتبه وغيرها ثم تقرأ عليه. وسألت أبا عبد الله محمد بن عمران المرزباني رحمه الله عن ذلك فقال: لم يكن يمليها من كتاب ولا حفظ ولكن كان يكتبها ثم يخرجها إلينا بخطه فإذا كتبناها خرّق ما كانت فيه. وقرأت بخط أبي علي المحسن: لأبي لحسن محمد بن عبد الله بن سكرة الهاشمي اليّ يتقاضاني دفترا أعطانيه: كنت يا سيدي استعرت كتابا ... لي فيه قصائد للخليع في الربيع الماضي وهذا ربيع ... فتفصّل بردّه يا ربيعي تغتنم مدحتي وإن جدت أيضا ... لي بفلسين لم يكن ببديع يا جميل الصنيع لم قد تغير ... ت وعاملتني بسوء الصنيع من عذيرى يا آل زهرون منكم ... من تراه يطفي لهيت ضلوعي لست في المنع بالملوم تعلم ... ت من السد الجليل الرفيع كنت أعددتكم لنائبة الده ... ر وللحادث الملمّ الفظيع ورجوت الغنى فخاب رجائي ... لم يخب فيك أنت بل في الجميع واقريضي واخيبتي واعنائي ... واضنائي واذّلتي واحضوعي واشبابي الذي تقضّى ضياعا ... واسهادي وافقد طيب هجوعى الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2277 واشقائي من ذلّ بختي عليكم ... من إليكم يا قوم كان شفيعي كنت أبكي منكم فلما نكبتم ... قمت أبكي لكم فعزّت دموعي قال أبو علي: وكنت مع أبي الحسن ابن سكرة على المائدة فحمل بعض الغلمان غضارة فيها مضيرة، فاضطربت يده وانقلب شيء منها على ثياب أبي الحسن، فادّعى عليه أنه ضرط وهجاه بأبيات لم يبق في حفظي منها غير بيتين وهما: قليل الصواب كثير الغلط ... شديد العثار قبيح السّقط جنى بالمضيرة ما قد جنى ... ولم يكفه ذاك حتى ضرط [939] المحسّن بن الحسين بن علي [بن] كوجك أبو القاسم الأديب: من أهل الفضل، وكان الغالب عليه الوراقة، ويقول الشعر، وخطّه معروف مرغوب فيه يشبه خطّ الطبري. قال أبو محمد أحمد بن الحسين بن أحمد بن محمد بن عبد الرحمن الروذبارى في «تاريخه الذي ألّف بمصر» : وفي شوال سنة ست عشرة وأربعمائة مات أبو القاسم المحسن بن الحسين العبسي الأديب الوراق، سمع من أبي مسلم محمد بن أحمد كاتب ابن حنزابة، وسمع معه أخوه علي بن الحسين، وكان أبوه أيضا من أهل الفضل وله شعر ذكرته في ترجمة ابنه الآخر علي بن الحسين. وقرأت في «كتاب الشام» : المحسن بن علي بن كوجك أبو عبد الله من أهل الأدب، أملى بصيدا حكايات مقطّعة بعضها عن ابن خالويه، روى عنه أبو نصر طلاب قال: أنبأنا عبد الله بن أحمد بن عمر، قال أخبرنا أبو نصر ابن الحسين بن محمد بن أحمد بن طلاب، قال أملى علينا الأستاذ أبو عبد الله المحسن بن علي بن كوجك بصيدا وقرأته عليه في سنة أربع وتسعين وثلاثمائة، أنشدنا لبعضهم:   (939) - ترجمة ابن كوجك في إنباه الرواة 3: 273 والوافي للصفدي (خ) ومختصر ابن منظور 24: 110. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2278 ودّعك الحسن فهو مرتحل ... وانصرفت عن حمالك المقل ومتّ من بعد ما أمتّ و ... أحييت وكلّ الأمور تنتقل كم قائل لي وقد رأى كلفي ... فيك ووجدي فقال مكتهل يرحمك الله يا غلام إذا ... قال لك العاشقون يا رحل قال ابن طلاب. وحضرنا معه يوما فى محرس عرق «1» بمدينة صيدا وفيه قبة فيها مكتوب أسماء من حضرها وأشعار من جملتها رحم الله من دنا لأناس ... نزلوا هاهنا يريدون مصرا فرّقت بينهم صروف الليالي ... فتحلّوا عن الأحبة قسرا فقال له قائل من حماعتنا: إن المائدة لا تقعد على رجلين ولا تسقر إلا على ثلاثة، فأجز لنا هذين البيتين بثالث، فأطرق ساعة ثم قال: اكتبوا: نزلوا والثياب بيض فلما ... أزف البين منهم صرن حمرا قال ابن طلال: وكان بين الأستاذ وبين رجل كاتب لبني بزال «2» إحن وملاحاه «3» مستهجنة أوقعت بينهما العداوة بعد وكيد الصداقة، وكان هذا الرجل يقال له أبو المنتصر مبارك الكاتب، فهجاه الأستاذ بأشعار كثيرة وجمعها في جرء وكتب على ظهر هذا الجزء شعرا له وهو: هذا جزاء صديق ... لم برع حقّ الصداقه سعى على دم حرّ ... محرّم فأراقه قال وأنشدنا لنفسه فيه أيضا: مبارك بورك في الطول لك ... فأصبحت أطول من في الفلك ولولا انحناؤك نلت السماء ... ولكنّ ربك ما عدّلك الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2279 [940] المحسن بن علي بن محمد بن داود بن الفهم التنوحى أبو علي القاضي، وقد مر ذكر أبيه علي بن محمد وابنه علي بن المحسن في مواضعهما. مات لحمس بقين من محرم سنة أربع وثمانين وثلاثمائة ومولده سنة تسع وعشرين وثلاثمائة بالبصرة، وكانت وفاته ببغداد، وله من التصانيف. كتاب الفرح بعد الشدة ثلاث مجلدات. كتاب نشوار المحاضرة اشترط فيه انه لا يضمنه شيئا نقله من كتاب، احد عشر مجلدا، كلّ مجلد له فاتحة بخطبة. قال غرس النعمة: صنف أبو علي المحسن «كتاب نشوار المحاضرة» في عشرين سنة أولها سنة ستين وثلاثمائة. وذيله غرس النعمة بكتاب سماه «كتاب الربيع» قال: ابتدأته في سنة ثمان وستين وأربعمائة. ولي لقضاء بعدة نواح، حكى عن نفسه أنه في سنة ثلاث وستين وثلاثمائة كان متولي القضاء بواسط، وقال في موضع آخر من كتابه: حضرت أنا مجلس أبي العباس ابن أبي الشوزب قاضي القضاة إذ ذاك، وكنت حينئذ أكتب له على الحكم ولوقوف بمدينة السلام مضافا إلى ما كنت أخلفه عليه بتكريت ودقوقاء وخانيحار وقصر ابن هبيرة والجامعين وسوراء وبابل والايغارين وخطرنيه؛ وذكر قصة، وذكر في موضع آخر أنه [كان] يتقلد القضاء بعسكر مكرم في أيام المطيع لله وعز الدولة ابن بويه وقد ذكر أبو الفرج الشلجي أنه تقلد القضاء بالأهواز نيابة عن القاضي أبي بكر بن قريعة، وقد ذكرت ذلك في خبر الشلحي. قال أبو الفرج: وحدثني أبو علي التنوخي القاضي قال: لما قلدني القاضي أبو بكر ابن قريعة قصاء الأهواز خلافة له كتب إلى المعروف بابن سركر الشاهد، وكان   (940) - ترجمة المحسن التنوخى فى اليتيمة 2: 346 وتاريخ بغداد 13: 155 والمنتظم 7: 178 وابن خلكان 4: 59 وسير الذهبي 16: 524 وعبر الذهبي 3: 27 والوافي للصفدي (خ) والنجوم الزاهرة 4: 168 والجواهر المضية 3: 422 والشذرات 3: 112 وانظر مقدمة نشوار المحاضرة ومقدمة الفرج بعد الشدة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2280 حليفته على القضاء قبلي، كتابا على يدىّ وعنونه. إلى المخالف الشاقّ، السيء الاخلاق، الظاهر النفاق، محمد بن إسحاق. وذكره النعالبي فقال «1» : هلال ذلك القمر، وغصن ذلك الشجر، الشاهد العدل لمحد أبيه وفصله، والفرع المشيد «2» لأصله، والنائب عنه في حياته، والقائم مقامه بعد وفاته، وفيه يقول أبو عبد الله الحسين بن الحجاج «3» . إذا ذكر القضاة وهم شهود ... تخيرت الشباب على الشيوخ ومن لم يرض لم أصفعه الّا ... بحضرة سيدي القاضي التنوخي قال: وأخبرني أبو نصر سهل بن المرزبان أنه رأي ديوان شعره ببغداد أكبر حجما من ديوان شعر أبيه، ومما علق بحفظ أبي نصر من شعره قوله في معنى ظريف لم يسبق إليه «4» : خرجنا لتسسقي بيمن دعائه ... وقد كاد هدب العيم أن يبلغ الأرضا فلما ابتدا يدعو نقشّعت السما ... فما تمّ إلا والعمام قد انفضا قال: وأنشدني غيره له، وأنا مرتاب به لفرط جودته وارتفاعه عن طبقته «5» . أقول لها والحيّ قد فطنوا بنا ... وما لي عن أيدي المنون براح لما ساءني أن وشّحتني سيوفهم ... وأنك لي دون الوشاح وشاح وأنشد لنفسه في «كتاب الفرج بعد الشدة» «6» : لئن أشمت الحساد صرفى ورحلتى ... فما صرفوا فصلي ولا ارتحل المجد الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2281 مقام وترحال وقبض وبسطة ... كذا عادة الدنيا وأخلاقها النّكد قرأت في «كتاب الوزراء» لهلال بن المحسن «1» : حدث القاضي أبو علي قال: نزل الوزير أبو محمد المهلبي السوس فقصدته للسلام عليه وتحديد العهد بخدمته، فقال لي: بلغني أنك شهدت عند ابن سيار قاضي الأهواز، قلت: نعم، قال: ومن ابن سيار حتى تشهد عنده، وأنت ولدي وابن أبي القاسم التنوخي أستاذ ابن سيار؟ قلت: إلا أن في الشهادة عنده مع الحداثة جمالا (وكانت سنّي يومئذ عشرين سنة) ، قال: وجب أن تجيء إلى الحضرة لأتقدّم إلى أبي السائب قاضي القضاة بتقليدك عملا تقبل أنت فيه شهودا، قلت: ما فات ذاك إذا أنعم سيدنا الوزير به، وسبيلي إليه الآن مع قبول الشهادة أقرب، فضحك وقال لمن كان بين يديه: انظروا إلى ذكائه كيف اغتنمها. ثم قال لي اخرج معي إلى بغداد، فقبّلت يده ودعوت له، وسار من السوس إلى بغداد، ووردت إلى بغداد في سنة تسع وأربعين وثلاثمائة، فتقدم إلى أبي السائب في أمري بما دعاه إلى أن قلّدني عملا بسقي الفرات، وكنت ألازم الوزير أبا محمد وأحضر طعامه ومجالس أنسه، واتفق أن جلس يوما مجلسا عاما وأنا بحضرته، وقيل له: أبو السائب في الدار، قال. يدخل، ثم أومأ إليّ بأن أتقدم إليه، فتقدمت ومدّ يده ليسارّني فقبلتها فمدّ يدي وقال: ليس بيننا سر، وإنما أردت أن يدخل أبو السائب فيراك تسارّني في مثل هذا المجلس الحافل، فلا يشكّ أنك معي في أمر من أمور الدولة، فيرهبك ويحشمك ويتوفر عليك ويكرمك، فإنه لا يحيء إلا بالرهبة، وهو يبغضك بزيادة عداوة كانت لأبيك، ولا يشتهي أن يكون له خلف مثلك، وأخذ يوصل معي في مثل هذا الفنّ من الحديث إلى أن دخل أبو السائب، فلما رآه في سرار وقف ولم يحبّ أن يجلس إلّا بعد مشاهدة الوزير له تقربا إليه وتلطفا في استمالة قلبه، فإنه كان إذ ذاك فاسد الرأي فيه، فقال الحاجب لأبي السائب: يجلس قاضي القضاة، وسمعه الوزير فرفع رأسه وقال له: اجلس يا سيدي، وعاد إلى سراري وقال لي: هذه أشدّ من تلك، فامض إليه في عد فسترى ما يعاملك به، وقطع السرار وقال لي ظاهرا: قم فامض فيما أنفذتك فيه وعد إليّ الساعة بما تعمله، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2282 فوهّم أبا السائب بذاك أننا في مهمّ، فقمت ومضيت إلى بعض الحجر وجلست إلى أن عرفت انصراف أبي السائب، ثم عدت إليه وقد قام عن ذلك المجلس وجئت من غد إلى أبي السائب فكاد يحملني على رأسه، وأخذ يجاذبني بضروب من المحادثة والمباسطة، وكان [على] ذلك دهرا طويلا. قال القاضي أبو علي في «نشوار المحاضرة» «1» : حضر بين يديّ رجلان بالأهواز فادّعى أحدهما على الآخر حقّا فأنكره، فسأل غريمه إحلافه فقال له: أتحلف؟ فقال: ليس له عليّ شيء فكيف أحلف؟ لو كان له عليّ شيء حلفت له وأكرمته. حدث أبو علي قال: كنت جالسا بحضرة عضد الدولة في مجلس أنسه بنهاوند فغناه محمد بن كالة الطنبوري (شيخ كان يخدمه في جملة المغنين باق إلى الآن) : ذد بماء المزن والعنب ... طارقات الهمّ والكرب قهوة لو أنها نطقت ... ذكرت قحطان في العرب وهي تكسو كفّ شاربها ... دستبانات من الذهب فاستحسن الشعر والصنعة وسأل عنها فقال له ابن كالة: هذا شعر غنّت به مولانا سلمة بنت حسينة، فاستعاده منها استحسانا له فسرقته منها. قال التنوخي: فقلت له أما الشعر فللخباز البلدي «2» ، وأظن أبا الحسن ابن طرخان قال لي إن الصنعة فيه لأبيه، والمعنى حسن ولكنه مسروق، فقال: من أين؟ فقلت: أما البيت الثاني فمن قول أبي نواس «3» . عتقت حتى لو انصلت ... بلسان صادق وفم لا حتبت في القوم ماثلة ... ثم قصّت قصة الأمم ووصفها بالعتق والقدم كثير في القوم بأبلغ من هذا البيت، ولكن التشبيه في الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2283 البيت الثالث هو الحسن، وقد سرقه مما أنشدناه أبو سهل ابن زياد القطان، قال أنشدنا يعقوب بن السكيت ولم يسمّ قائلا: أقري الهموم إذا ضافت معتقة ... حمراء يحدث فيها الماء تفويفا تكسو أصابع ساقيها إذا مزجت ... من الشعاع الذي فيها تطاريفا وقد كشف أطال الله بقاء مولاي هذا المعنى من قال: كأنّ المدير لها باليمين ... إذا قام للسقي أو باليسار تدرّع ثوبا من الياسمين ... له فرد كمّ من الجلّنار وكان أبو علي أحمد بن علي المدائني المعروف بالهائم الرواية قائما في المجلس فقال: قد كشف معنى الأبيات الفائية سريّ الرفّاء حيث يقول في صفة الدنان «1» : ومستسلمات هززنا لها ... مداري القيان لسفك الدماء وقد نظم العلج «2» أجسامها ... مع الخدر نظم صفوف اللقاء تمدّ إليها أكفّ الرحال ... فترجع مثل أكفّ النساء وكشف المعني الثاني في الأبيات بقوله: ازدد من الراح ورد ... فالغيّ في الراح رشد يديرها و «3» غنّة ... أغيد «4» يثنيه الغيد مدّ إليها يده ... فالتهبت إلى العضد قال القاضي التنوخي: فقلت له فاين أنت عما هو خير من هذا، وهو قول ابن المعتز «5» : الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2284 تحسب الظبي إذا طاف بها ... قبل أن يسقيكها مختضبا قال الهائم فقد قال بكارة الرّسعنيّ: وبكر شربناها على الورد بكرة ... فكانت لنا وردا إلى صحوة الغد إذا قام مبيضّ اللباس يديرها ... توهمته يسعى بكمّ مورد وقول أبي النضر النحوي «1» : فلو رآني إذا اتكأت وقد ... مددت كفّي للهو والطرب يخالني لابسا مشهّرة ... من لازورد يشفّ عن ذهب فبدأت أذكر شيئا فقال الهائم: اصبر اصبر فها هنا ما لا يلحقه شعر أحد كان في الدنيا قطّ حسنا وجودة، وهو قول مولانا الملك من أبيات: وشرب الكأس من صهباء صرف ... يفيض على الشروب يد النضار فقطعت المذاكرة، وأقبلت أعظّم البيت وأفخم أمره وأفرط في استحسانه والاعتراف بأنني لا أحفظ ما يقاربه في الحسن والجودة فأذاكر به. قال التنوخي «2» : وكنت بحضرته في عشية من العشايا في مجلس الأنس، وكان هذا بعد خدمتي له في المؤانسة بشهور يسيرة، فغنّي له من وراء ستارته الخاصة صوت وهو: نحن قوم من قريش ... ما هممنا بالفرار وبعده أبيات بعضها ملحون وبعض جيد، فاستملح اللحن وقال: هو شعر ركيك جدّا فتعلمون لمن هو ولمن اللحن؟ فقال له أبو عبد الله ابن المنجم: بلغني أن الشعر للمطيع لله وأن اللحن له أيضا: فقال لي: اعمل أبياتا تنقل هذا اللحن إليها في وزنها وقافيتها، فحلست ناحية وعملت: أيهذا القمر الطا ... لع من دار القمار رائحا من خيلاء ال ... حسن في أبهى ازار الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2285 والذي يجني ولا يت ... بع ذنبا باعتذار أنا من هجرك في بع ... د على قرب المزار أوضح العذر عذارا ... ك على خلع العذار وعدت وأنشدته إياها في الحال فارتضاها وقال: لولا قد هجس «1» في نفسي أن أعمل في معناها لأمرت بنقل اللحن إليها، ثم أنشدنا بعد أيام لنفسه: نحن قوم نحفظ العه ... د على بعد المزار ونمر السحب سحبا ... من أكفّ كالبحار أبدا ننجز للضي ... ف قدورا من نضار وأمر جواريه بالغناء فيه. وأما أبياتي [فاني] تممتها قصيدة ومدحته بها وهي مثبتة في ديوان شعري. قال «2» : وجلس عضد الدولة وقد تحولت له سنة شمسية من يوم مولده على عادة له في ذلك، وكان عادته أنه إذا علم أنه قد بقي بينه وبين دخول السنة الجديدة ساعة أو أقل أو أكثر أن يأكل ويتبخر ويخرج في حال التحويل إلى مجلس عظيم قد عبي فيه آلات الذهب والفضة ليس فيه غيرهما، وفيها أنواع الفاكهة والرياحين، ويجلس في دست عظيم القيمة، ويجيء المنجم فيقبّل الأرض بين يديه ويهنئه بتحويل السنة، وقد حضر المغنون وأخذوا مواضعهم وجلسوا، وحضر الندماء وأخذوا مواقفهم قياما، ولم يكن أحد منهم يجلس بحضرته غيري وغير أبي على الفسوي «3» وأبي الحسن الصوفي المنجم وأبي القاسم عبد العزيز بن يوسف صاحب ديوان الرسائل فانه كان يجلس ليوقّع بين يديه. ويستدعى له إذا نشط [نبيذ] فيجعل بين يديه ويشرب منه أقداحا «4» ، ومن قبل أن يشرب يوقّع بمال الصدقات فيخرج، والغناء يمصي، ثم يجيء المهنئون من أهل المجلس مثل رؤساء دولته ووجوه الكتّاب والعمال وكبار أهل البلد الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2286 من الأشراف وغيرهم فيدخلون إليه فيهنونه، والشعراء فيمدحونه. فلما جلس ذلك اليوم على هذه الصفة قيل له إن الناس قد اجتمعوا للخدمة، وفيهم أبو الحسن ابن أمّ شيبان وقد حضر، فعجب من هذا ثم قال: أبو الحسن رجل فاضل، وليس هذا من أيامه، وما حضر الا لفرط موالاته وانه ظن أنه يوم لا شرب فيه لنا، وإن حجبناه غضضنا منه، وان أوصلناه فلعله لا يحبّ ذلك لأجل العناء والنبيذ، ولكن اخرج إليه يا فلان (لبعض من كان قائما من الندماء) واشرح له صفة المجلس وما قلته من أمره، وأدّ الرسالة إليه ظاهرا ليسمعها الناس، فان أحبّ الدخول فأدخله قبلهم، وان أراد الانصراف فلينصرف، والناس يسمعون وقد علموا منزلته منا. فخرج الحاجب وأبلغ ذلك، فدعا وشكر وآثر الانصرف فانصرف وهم جلوس يسمعون، ثم قال لحاجب النوبة: اخرج وأدخل الناس، وأبو الفرج محمد بن العباس بن فسانجس وأخوه أبو محمد علي بن العباس يتقدمون الناس جميعهم لرئاستهم القديمة، حتى دخلوا وقبلوا الأرض على الرسم في ذلك وأعطوه الدينار والدرهم، ووقفوا وابتدأ الشعراء، فكان أول من ينشده من الشعراء السلاميّ أبو الحسن محمد بن عبيد الله، إلا أنه يريد منّي أن أنشده في الملأ شيئا، فانه كان يأمرني بذلك من الليل، فأحضر وابتدىء فأنشده، أو يحضر رجل علويّ ينشد شعرا لنفسه، فيجعل عقيبي، ثم ينشد السلامي أبو الحسن، ثم أبو القاسم علي بن الحسن التنوخي الشاميّ من أهل معرة النعمان يعرف بابن جلبات، ثم يتتابع الشعراء. فلما انصرف الناس وتوسّط الشرب جاءه الحاجب فقال: قد حضر أبو بكر ابن عبد الرحيم الفسوي، وكان هذا شيخا قد أقام بالبصرة وشهد عند القاضي بها، وقد وفد إلى باب عضد الدولة قبل ذلك وأقام، وكان حادما له فيما يخدم فيه التجار، يختصّه بعض الاختصاص، فأقبل وكان بين يدي الدست التمري الذى يوضع بين يديّ في كلّ يوم وفيه من الأشربة المحللة ما جرت عادتي بشرب اليسير منه بين يدي عضد الدولة على سبيل المنادمة والمؤانسة والمباسطة، وكان قد وسمني وألزمني ذلك بعد امتناعي منه شهورا حتى قد ردّني وأخافني، فقال لي: يا قاضي إن هذا الرجل الذي استؤذن له عاميّ جاهل بالعلم، وإنما استخدمته رعاية لحرمات له عليّ، ولأنه كان يخدم أمي في البزّ ويدخل إليها باذن ركن الدولة لتقاه وأمانته فلا نستتر عنه، وهذا قبل أن أولد، فلما ولدت كان يحملني على كتفه إلى الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2287 أن ترجّلت، ثم صار يشتري البزّ ويبعه عليّ، واستمرت خدمته لحرمته، وهو قاطن بالبصرة، ولعله يدخل فيرى ما بين يديك فيظنه خمرا، فيرجع إلى البصرة فيخبر قاضيها وشهودها بذلك فيقدح فيك، ومحله يوجب أن يكشف لك عذرك، ولكن أزح الدست الذي بين يديك حتى يصير بين يدي أبي عبد الله ابن المنجم (وكان أبو عبد الله بن إسحاق بن المنجم يجلس دوني بفسحة في المجلس) فإذا دخل رأى الدست بين يديه دونك، فلم يقدر على حكاية يطعن بها عليك، فقبّلت الأرض شكرا لهذا التطول في الإنعام، وباعدت الدست إلى أبي عبد الله، نم قال: أدخلوه، وشاهد المجلس وهنأ ودعا وأعطى دينارا ودرهما كبيرين فيهما عدة مناقيل وانصرف. قال أبو على «1» . ويقرب من هذا ما عاملني به الوزير أبو محمد المهلبي، وذكر الحكاية التي سبق ذكرها آنفا مع قاضي القضاة أبى السائب، وحديث تقريبه منه ومسارّته إياه فى المحفل ليعظم بذلك قدره وتكبر منزلته في عين قاضي القضاة أبي السائب، ولله در القائل. لولا ملاحظة الكبير صغيره ... ما كان يعرف في الأنام كبير قال الرئيس أبو الحسن هلال «2» وفي شهر ربيع الاول سخط عضد الدولة على القاضي أبي علي المحسّن بن على التنوخي وألزم منزله وصرف عما كان يتقلده، وقسم ذلك على أبي بكر ابن أبي موسى وأبي بكر ابن المحاملي «3» وأبي محمد ابن عقبة وأبي تمام بن أبي حصين وأبي بكر ابن الأرزق «4» وأبي محمد ابن الجهرمي، وكان السبب في ذلك ما حدثني به أبو القاسم علي بن المحسن التنوخي قال، حدثني القاضى أبو على والدى قال: كنت بهمذان مع الملك عضد الدولة، فاتفق أن مضيت يوما إلى أبي بكر ابن شاهويه «5» رسول القرامطة والمتوسط بين عضد الدوله وبينهم، وكان له صديقا، ومعي أبو علي الهائم، وجلسنا نتحدث، وقعد أبو علي [على] الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2288 باب حركاه «1» كنّا فيه، وقدّم إليه ما يأكله فقال: اجعل لي أيها القاضي في نفسك المقام في هذه الشتوة في هذا البلد، فقلت: لم؟ فقال: إن الملك مدبّر في القبض على الصاحب أبي القاسم ابن عباد، وكان قد ورد إلى حضرته بهمذان، وإذا كان كذلك تشاغل بما تتطاول معه الأيام. وانصرفت من عنده فقال أبو علي الهائم: قد سمعت ما كنتما فيه، وهذا أمر ينبغي أن تطويه ولا تخرج به إلى أحد ولا سيما إلى أبي الفضل ابن أبي أحمد الشيرازي، فقلت: أفعل، ونزلت إلى خيمتي، وجاءني من كانت له عادة جارية بملازمتي ومواصلتي ومواكلتي ومشاربتي، وفيهم أبو الفضل ابن [أبى] أحمد الشيرازى، فقال لي أيها القاضي: أنت مشغول القلب فما الذي حدث؟ فاسترسلت على أنس كان بيننا وقلت: أما علمت أن الملك مقيم وقد عمل على كذا في أمر الصاحب، وهذا دليل على تطاول السنة؟ فلم يتمالك أن انصرف واستدعى ركابيا من ركابيتي وقال له: أين كنتم اليوم؟ فقال: عند أبي بكر ابن شاهويه، قال: وما صنعتم؟ قال: لا أدري إلا أن القاضي أطال عنده الحلوس، وانصرف إلى خيمته عنه ولم يمض إلى غيره، فكتب إلى عضد الدولة رقعة يقول فيها: كنت عند القاضي أبي علي التنوخي فقال كذا وكذا، وذكر أنه قد عرفه من حيث لا يشكّ فيه، وعرفت أنه كان عند أبي بكر ابن شاهويه، وربما كان لهذا الحديث أصل، وإذا شاع الخبر به وأظهر السرّ فيه فسد ما دبّر في معناه؛ فلما وقف عضد الدولة على الرفعة وجم وجوما شديدا، وقام من سماط كان قد عمله فى ذلك اليوم على منابت الزعفران للديلم مغيظا، واستدعاني وقال لي: بلغني أنك قلت كذا وكذا حاكيا عن أبي بكر ابن شاهويه فما الذي جرى بينكما في ذلك؟ قلت: لم أقل من ذلك شيئا، فجمع بيني وبين أبي الفضل بن أبي أحمد، وواقفنى وأنكرته، وراجعني وكذبته، وأحضر أبو بكر ابن شاهويه وسئل عن الحكاية فقال: ما أعرفها ولا جرى بيني وبين القاضي قول في معناها، ونقل على أبي بكر هذه المواقفة، وقال: ما نعامل الأضياف بهذه المعاملة، وسئل أبو علي الهائم عما سمعه فقال: كنت خارج الخركاه، وكنت مشغولا بالأكل وما وقفت على ما كانا فيه، فمدّ وضرب مائتي الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2289 مفرعة، وأقيم فنفض ثيابه «1» ، وحرج أبو عبد الله [ابن] سعدان «2» وكان لي محبا فقال لي: الملك يقول لك. ألم تكن صغيرا فكبّرناك، ومتأخرا فقدّمناك، وخاملا فنبّهنا عليك، ومقترا فأحسنّا إليك، فما بالك جحدت نعمتنا وسعيت في الفساد على دولتنا؟ قلت: أما اصطناع الملك لي فأنا معترف به، وأما الفساد على دولته فما علمت أنني فعلته، ومع ذلك فقد كنت مسورا فهتكني ومتصوّنا ففضحني وأدخلني من الشرب والمنادمة بما قدح فيّ، فقال أبو عبد الله: هذا قول لا أرى الاجابة به لئلا يتضاعف ما نحن محتاجون إلى الاعتذار والتخلص منه، ولكنني أقول عنك كذا وكذا، بجواب لطيف، فاعرفه حتى إن سئلت عنه وافقتني فيه، وتركني وانصرف، وجلست مكاني طويلا وعندي أنني مقبوض عليّ، ثم حملت نفسي على أن أقوم وأسبر الأمر، وقمت وخرجت من الخيمة، فدعا البوابون دابتي على العاده، ورجعت إلى خيمتي منكسر النفس منكسف البال، فصار الوقت الذي أدعى فيه للخدمة، فجاءني رسول ابن الحلاج على الرسم، وحضرت المجلس، فلم يرفع الملك إليّ طرفا ولا لوى إلىّ وجها، ولم يزل الحال على ذلك خمسة وأربعين يوما، ثم استدعاني وهو في خركاه، وبين يديه أبو القاسم عبد العزيز بن يوسف، وعلى رأسه أبو الثناء شكر الخادم، فقال: ويلك اصدقني عما حكاه أبو الفضل ابن أبي أحمد، فقلت: كذب منه، ولو ذكرت لمولانا ما يقوله لما أقاله العثرة، فقال: أو من حقوقي عليكم أن تسيئوا غيبتي وتتشاغلوا بذكري؟ فقلت: أما حقوق النعمة فظاهرة، وأما حديثك فنحن نتفاوضه دائما، فالتفت إلى أبي القاسم وقال: اسمع ما يقول، فقال له بالفارسية- وعنده أنني لا أعرفها-: هؤلاء البغداديون مفتونون ومفسدون ومتسوقون، وقال شكر. [الأمر] كذلك، إلا أن التسوق «3» على القاضي لا منه، ثم قال لي عضد الدولة. عرّفنا ما قاله أبو الفضل، قلت: هو ما لا ينطلق لساني به، فقال: هاته، وكان يحب أن تعاد الأحاديث والأقاويل على وجهها من غير كناية عنها ولا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2290 احتشام فيها، فقلت: نعم انك عند وفاة والدك بشيراز أنفذت من كرمان وأخذت جاريته زرياب، وإن الخادم المخرج في ذاك وافى ليلة الشهر، فاجتهدت به أن يتركها تلك الليلة لتوفي أيام الحقّ فلم يفعل ولا رعى للماضي حقا ولا حرمة، فقال: والله لقد أنكرنا على الخادم إخراجه إياها على هذا الاعجال، ولو تركها يوما وأياما لجاز، وبعد فهذا ذنب الخادم ولا عمل لنا فيه ولا عيب علينا به، ثم ماذا؟ قلت: قال إن مولانا يعشق كنجك المغنية ويتهالك في أمرها، وربما نهض إلى الخلاء فاستدعاها إلى هناك وواقعها، فقال: إنا لله، لعنكما الله ولا بارك فيكما، ثم ماذا؟ فأوردت عليه أحاديث سمعتها من غير أبي الفضل ونسبتها إليه وقلت: لم أعلم أنني أقوم هذا المقام فأحفظ أقواله، وقد ذكر أيضا هذا الأستاذ- وأومأت إلى أبي القاسم وأبي الريان وجماعة الحواشي- فقال: ما قال في أبي القاسم؟ قلت: قال إنه ابتاع من ورثة ابن بقية ناحية الزاوية من راذان «1» بأربعة آلاف درهم بعد أن استأذنك استئذانا سلك فيه سبيل السخرية والمغالطة، واستغلّها في سنة واحدة نيفا على ثلاثين ألف درهم، وانه أعطى فلانا وفلانا ثمانية آلاف درهم على ظاهر البضاعة والتجارة فأعطاه نيفا وستين ألف درهم، فمات أبو القاسم عند سماعه ذلك، وأوردت ما أوردته منه مقابلة على ما ذكرني به. قلت: وقال في أبي الريان كذا وكذا، لأمور ذكرتها، وحضرت آخر النهار المجلس في ذلك اليوم على رسمي، فعاود التقريب لي والإقبال عليّ، واتفق أنه سكر في بعض الأيام وولع بكنجك ولعا قال لي فيه: وهذا من حديث أبي الفضل، وأشار إليه، فقلق أبو الفضل وقرب مني، وكنت أقعد ويقوم «2» وقال لي: ما الذي أومأ إليّ الملك فيه؟ قلت: لا أدري فسله أنت عنه، ثم رحلنا عائدين إلى بغداد، فرآني الملك في الطريق وعليّ ثياب حسنة وتحتي بغلة بمركب وجناغ «3» جواد «4» فقال لي: من أين لك هذه البغلة؟ قلت: حملني عليها الصاحب أبو القاسم بمركبها وجناغها، وأعطاني عشرين قطعة ثيابا وسبعة آلاف درهم، فقال: هذا قليل لك منه مع ما الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2291 تستحقه عليه، فعلمت أنه اتهمني به وبأن خرجت بذلك الحديث إليه وما كنت حدنته به، ووردنا إلى بغداد فحكى لي أن الطائع لله متجاف عن النية المنقولة إليه، وأنه لم يقربها إلى تلك الغاية، فثقل ذلك عليه وقال لي: تمضي إلى الخليفة وتقول له عن والدة الصبية إنها مسزيدة لإقبال مولانا عليها وإدنانه إياها ويعود الأمر إلى ما يستقيم به الحال ويزول معه الانقباض، فقد كنت وسيط هذه المصاهرة، فقلت: السمع والطاعة، وعدت إلى داري لألبس ثياب دار الخلافة فاتفق أن زلقت ووثئت رجلي فأنفذت إلى الملك أعرفه عذري في تاحرى عن أمره فلم يقبله، وأنفذ إلىّ من يستعلم خبري، فرأى الرسول لى علمانا روقة وفرشا جميلا، فعاد إليه وقال له: هو متعالل وليس بعليل، وشاهدته على صورة كذا وكذا والناس يغشونه ويعودونه، فاغتاط غيطا مجددا حرّك ما في نفسه مني أولا، فراسلني بأن الزم بيتك ولا تخرج عنه ولا تأذن لأحد في الدخول عليك فيه، إلا نفر من أصدقاتي استأذنت فبهم فاستنبي بهم. ومضت الأيام، وأنفد إليّ أبو الريان فطالبني بعشرة آلاف درهم وكنت استسلفها من إقطاعي فأديتها إليه، واستمر على السخط والصرف عن الأعمال إلى حين وفاة عصد الدولة. وذكر غرس النعمة بن هلال، حدثني بعض السادة الأصدقاء وأنسيته وأظنه أبا طاهر محمد بن محمد الكرخي قال: كانت بنت عضد الدولة لما زفّت إلى الطائع بقيت بحالها لا يقربها خوفا أن تحمل منه فستولي الديلم على الخلافة، وكان الطائع يحبّها حبا شديدا زائدا موفيا، ويقفل عليها باب حجرتها إذا شرب، ويقول للخدم: خذوا المفتاح ولا تعطونيه إذا سكرت ورمت الدخول ليها ولو فعلت مهما فعلت، فأقسم بالله لئن مكّنت من ذلك لأقبلن الذي يمكّنني منه، فإذا سكر منعه السكر من التماسك، وحمله الحبّ والهوى على المضي إليها والدخول عليها، فيجي إلى بابها ويأمر بفتحه ويتهدّد ويتوعّد ولا يقبل منه ولا يقرّ له أحد بمعرفة المفتاح أين هو ولا من هو معه إلى أن ينصرف أو ينام، فذاك كان دأبه ودأبها. وتقدم عضد الدولة إلى أبي علي التنوخي في أواخر أيامه بأن يمضي إلى الطائع ويطارحه عن والدة الصبية في المعنى بما يستزيده فيه لها ويبعثه به عليها بأسباب يتوصّل إليها وأقوال يصفها ويومىء إلى الغرض فيها رتّبها عضد الدولة ولقّنه إياها وفهّمه، فقال: السمع والطاعة، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2292 ومصى إلى بيته ولم يقدم على الطائع، وخاف عضد الدولة إن خالف ما رسمه له، فأظهر مرضا وعاده أصدقاؤه منه، واعتذر به إلى عضد الدولة فوقع لعضد الدولة باطن الأمر وأمر بعض الخدم الخواصّ بالمضي إلى التنوخي لعيادته وتعرف حبره وأن يخرج من عنده ويركب إلى أن يخرج من الدرب ثم يعود فيدخل عليه هاجما، فإن كان على حاله في فراشه لم يتغير له أمر أعطاه مائتي دينار أصحبه إياها لنفسه وأظهر أنه عاد لأجلها لأنه أنسيها معه، وإن وجده فاعدا أو قائما عن الفراش قال له. الملك يقول لك لا تخرج عن دارك إلينا ولا إلى غيرنا وانصرف. قال الخادم. فدخلت إليه وهو في فراشه وعليه دثاره وخاطبته عن الملك، فشكر وأعاد جوابا صعيفا لم أكد أفهمه، وخرجت ثم عدت على ما رسم الملك، فهجمت عليه فوجدته قائما يمشي حول البستان، فلما رآني اضطرب وتحير فقلت له: الملك يقول لك لا تبرح دارك لا إلينا ولا إلى غيرنا، وخرجت، فبقي على ذلك إلى أن مات عضد الدولة. [941] محمد بن آدم بن كمال أبو المظفر الهروي: ذكره عبد الغافر بن اسماعيل الفارسي في «السياق» وقال: مات بغتة سنة أربع عشرة وأربعمائة، ودفن بمقبرة الحسين، وقبره ظاهر بقرب قبر أبي العباس السراج. ووصفه فقال: الأستاذ الكامل الامام في الأدب والمعالي، المبرر على أقرانه وعلى من تقدمه من الأئمة باستخراج المعاني وشرح الأبيات، وله أمتال وغرائب التفسير بحيث يضرب به المثل، ومن تأمل فوائده في كتاب شرح الحماسة وكتاب شرح الاصلاح وكتاب شرح أمثال أبي عبيد وكتاب شرح ديوان أبي الطيب وغيرها اعترف له بالفضل والانفراد. وتتلمذ للأستاذ أبي بكر الخوارزمي الطبري، وتفقه على القاضي أبي الهيثم ثم حدد الفقه على القاضي أبي العلاء صاعد، وكان يقعد للتدريس في النحو وشرح الدواوين والتفسير وغير ذلك، فأما الحديث فما أعلم أنه نقل عنه منه شيء لاستغاله بما سواه لا لعدم السماع له.   (941) - ترجمته في الوافي 1: 333 والسياق (المنتخب 2 الورقة: 12) وبغية الوعاة 1: 7. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2293 [942] محمد بن أبان بن سيد بن أبان اللخمي، أبو عبد الله القرطبي: كان عالما باللغة والعربية حافظا للأخبار والآثار والأيام والمشاهد والتواريخ أخذ عن أبي علي البغدادي وعن غيره، ولي أحكام الشرطة وكان مكينا عند المستنصر وألف له الكتب وكتب عنه، وتوفي سنة أربع وخمسين وثلاثمائة. [943] محمد بن ابراهيم بن حبيب بن سمرة بن جندب بن هلال بن جربج بن مسرة بن حزن بن عمرو بن جابر بن ذي الرأسين، واسمه خشين، بن لأى بن عصيم بن شمخ بن فزارة بن ذبيان بن بغيض بن ريث بن غطفان بن سعد بن قيس بن عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، أبو عبد الله الفزاري: ولسمرة بن جندب صحبة بالنبي صلّى الله عليه وسلّم، وكان عبيد الله بن زياد يستعمله على شرط البصرة إذا قدم الكوفة، وكان الفزاريّ هذا نحويا ضابطا جيد الخطّ، أخذ عن المازني، وحكي عنه أنه قال: قرأت «كتاب الأمثال» للأصمعي على الأصمعي، ومن زعم أنه فرأه عليه غيري «1» فقد كذب. قال المرزباني: كان محمد بن إبراهيم الفزاري الكوفي عالما بالنجوم، وهو الذي يقول فيه يحيى بن خالد البرمكي: أربعة لم يدرك مثلهم في فنونهم الخليل بن أحمد وابن المقفع وأبو حنيفة والفزاري.   (942) - ترجمته في جذوة المقتبس: 381 (ابن سيد) وبغية الملتمس رقم: 1563 وفي الجذوة: 110 ترجمة لأحمد بن أبان بن سيد وكذلك في الصلة: 14 وبهذا الاسم ذكره ابن حرم انظر رسائله 2: 182 والوافي 1: 334 وبغية الوعاة 1: 7 (إلا أن وفاة أحمد كانت سنة 382 فلعلهما أخوان) . (943) - ترجمته في إنباه الرواة 3: 63 وتاريخ الحكماء: 177 والفهرست: 188 والوافي 1: 336 وبغية الوعاة 1: 9 وانظر سيزكين 6: 122- 124. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2294 وقال جعفر بن يحيى: لم ير أبدع في فنه من الكسائي في النحو، والأصمعي في الشعر، والفزاري في النجوم، وزلزل في ضرب العود. وللفزاري القصيدة التي تقوم مقام ريجات المنجمين، وهي مزدوحة طويلة تدخل مع تفسيرها [في] عشرة أجلاد أولها: الحمد لله العليّ الأعظم ... ذي الفضل والمجد الكبير الأكرم الواحد الفرد الجواد المنعم ... الخالق السبع العلى طباقا والشمس يجلو ضوؤها الأعساقا ... والبدر يملا نوره الافاقا وهي هكذا ثلاثة أقفال، ثلاثة أقفال. [944] محمد بن ابراهيم العوامي: قال ابن إسحاق: يعرف بالقاضي، وكان صديقي، وتوفي بعد الخمسين والثلاثمائة، وله كتاب الاصلاح والايضاح في النحو. [945] محمد بن إبراهيم بن عمران بن موسى الجوزي الأديب، أبو بكر النحوي: من جور فارس، وكان من الأدباء المنقّرين، علامة في معرفة الأنساب وعلوم القرآن، نزل نيسابور مدة وكثر الانتفاع به، وسمع حماد بن مدرك وجعفر بن درستويه الفارسيين وأبا بكر محمد بن دريد وأقرانهم. قال الحاكم: وجاءنا نعيه من فارس سنة أربع وخمسين وثلاثمائة.   (944) - ترجمة العوامي في إنباه الرواة 3: 65 والفهرست: 94 وبغية الوعاة 1: 17. (945) - ترجمته في الوافي 2: 7 وبغية الوعاة 1: 24. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2295 [946] محمد بن إبراهيم بن عبد الله، أبو سعيد الأديب الرجل الصالح: درس الأدب على أبي حامد الخارزنجي وسمع أبا العباس ابن يعقوب وأبا بكر القطان وأبا عثمان البصري وخرّجت له الفوائد وحدّث. ومات يوم الجمعة النصف من جمادى الآخرة سنة سبع وتسعين وثلاثمائة، ذكر ذلك كله الحاكم في «كتاب نيشابور» [947] محمد بن إبراهيم بن الحسين بن محمد بن دادا الجرباذقاني، أبو جعفر. ذكره أحمد بن صالح بن شافع في «تاريخه» «1» وقال. مات في حادي عشري دي الحجة سنة تسع وأربعين وخمسمائة، ووصفه فقال: رفيقنا الفقيه المحدث النحوي الأديب اللغوي الفرضى الكاتب العفيف ذو المواتّ والخصائص، ولما مات صلّى عليه شيخنا أبو الفضل ابن ناصر ودفن في تربة استجدّها أبو النجيب بطاهر التوتة، وكنا نسمع معا، ولم أر له مثلا زهدا وعلما ونبلا، وصل الى بغداد سنة أربعين وخمسمائة واصطحتنا، وكان ميقظا زاهدا ورعا، وصنّف كتبا في الفرائض وغيرها، وكان شافعيّ المذهب، ولو عاش لكان صدر الآفاق، ولقد فتّ في عضدي فقده وأثّر عندي بعده، فعند الله يحتسب مصيبتنا فيه. [948] محمد بن ابراهيم بن خلف اللحمي الأديب أبو عبد الله، يعرف بابن   (946) - ترجمته في بغية الوعاة 1: 10. (947) - سير الذهبي 20: 251 (وأورد بعض ما قاله ابن شافع فيه) والوافي 1: 347 وبغية الوعاة 1: 10 والشذرات 4: 154. (948) - ترجمة ابن زروقة في إنباه الرواة 3: 62 والوافي 1: 356 وينقل المؤلف عن الصلة لابن بشكوال: 498 (وفيه ابن زرقة) . الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2296 زروقة. قال ابن بشكوال: كان من أهل الأدب معتنيا بطلبه قديما مشهورا فيه وممن يقول الشعر الحسن. له تأليفان «1» في الأدب والأخبار، قال ابن خزرج: قرأتهما عليه. ومن شيوخه أبو نصر النحوي وابن أبي الحباب وغيرهما، وتوفي في حدود سنة خمس وثلاثين وأربعمائة وهو ابن سبع وستين سنة. [949] محمد بن إبراهيم بن أحمد البيهقي، أبو سعيد: قال عبد الغافر: هو رجل فاضل متدين حسن العقيدة صنف في اللغة كتبا منها. كتاب الهداية. كتاب العيبة. وكان ماهرا في ذلك النوع، سمع الحديث من مشايخ نيسابور كالامام شيخ الاسلام الصابوني والامام ناصر المروزي. [950] محمد بن إبراهيم بن داود بن سليمان، أبو جعفر الأردستاني (وأردستان من نواحي أصبهان، بليدة) . أديب فاضل، حدث عن أحمد بن عبد الله النهرديري وأحمد بن محمد بن العباس الاسقاطي البصري، وكتب عنه أحمد بن محمد الحداد «2» وغيره باصفهان، ذكره يحيى بن منده وقال: مات فى ذي القعدة سنة خمس عشرة وأربعمائة. [951] محمد بن أحمد بن عبد الله بن عبد الصمد بن علي بن عبد الله بن   (949) - ينقل ياقوت عن عبد الغافر الفارسى ولم أجد للبيهقي ترجمة فى المنتخب. (950) - معجم البلدان (أردستان) . (951) - ترجمة أبي العبر (محمد بن أحمد أو أحمد بن محمد) في الوافى 2: 41 والزركشي: 266 وتاريخ بغداد 5: 40 وأشعار أولاد الخلفاء: 323 والأغانى 23: 76 وطبقات ابن المعتز: 342 والفهرست: 169 والفوات 3: 298 وتاح العروس (عبر) وقد عقد له الآبي في الكتاب السابع من «نثر الدر» بابا في نوادره. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2297 العباس بن عبد المطلب الهاشمي: وقال المرزباني: هو أحمد بن محمد قتل في سنة خمسين ومائتين، في خلافة المستعين بالله، وكنيته أبو العباس، ويلقب بأبي العبر. قال جحظة: لم أر قطّ أحفظ منه لكلّ عين ولا أجود شعرا، ولم يكن في الدنيا صناعه إلّا وهو يعملها بيده حتى لقد رأيته يعجن ويخبز، وكان أبوه أحمد يلقب بالحامض، وكان حافظا أديبا في نهاية السنن، قتل بقصر ابن هبيرة وقد خرج لأخذ أرزاقه من هناك، سمعه قوم من الشيعة ينتقص عليّا عليه السلام فرموا به من فوق سطح كان بائتا عليه فمات في السنة المقدّم ذكرها. وذكره أبو الفرج الأصبهاني في «كتاب الأغاني» فقال: كان أبوه أحمد يلقب حمدون الحامض، ولد لمضي خمس سنين من خلافه الرشيد، والرشيد بويع في سنة سبعين ومائة، وعاش إلى أيام المستعين بالله وكان في أول أمره يسلك في شعره الجد ثم عدل الى الهرل والحماقة فنفق بذلك نفاقا كثيرا وجمع به ما لم يجمعه أحد من شعراء عصره المجيدين، ومن سائر شعره قوله: بأبي من زارني مكتئبا ... خائفا من كل حسّ جزعا رصد الخلوة حتى أمكنت ... ورعى السامر حتى هجعا قمر نمّ عليه حسنه ... كيف يخفي الليل بدرا طلعا ركب الأهوال في زورته ... ثم ما سلّم حتى ودعا قال محمد بن إسحاق: وله من الكتب: كتاب جامع الحماقات وحاوي الرقاعات. كتاب المنادمة وأخلاق الرؤساء «1» . حدث أبو علي الحسين بن أحمد البيهقي السلامي، حدثني أبو أحمد الهذلي، قال حدثنا أبو عبد الله الشعيري، وكان شاعرا من أهل بغداد قال: اجتمعت مع جماعة من الشعراء في مجلس نتناظر ونتناشد ونتساءل ونعدّ شعراء زماننا فمر بنا أبو العبرطر «2» فقلنا: هذا أيضا يعدّ نفسه في الشعراء، فمال إلينا وقال: والله أشعر منكم الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2298 وأعلم، فقلنا: قد اختلفنا في بيت فاشتبه علينا فهل نسألك عنه؟ فقال: نعم، فسألناه عن معنى هذا البيت: عافت الماء في الشتاء فقلنا ... برّديه تصادفيه سخينا كيف تصادفه سخينا إذا بردته؟ فقال: أخفي عليكم؟ قلنا: نعم، فقال: هو ليس من التبريد، وإنما هو حرف مدغم ومعناه بل رديه من الورد فأدغموا اللام في الراء كما قال الله تعالى: كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ (المطففين/ 14) وقوله: وَقِيلَ مَنْ راقٍ (القيامة/ 28) قال: فاستحسنا ما فسّره وأقررنا له بالفضل، فقال: إني أسألكم بيتا كما سألتموني، أما ترون الى قول دغفل: إنّ على سائلنا أن نسأله ... والعبء لا تعرفه أو تحمله فقلنا: سل، فقال: ما معنى قول القائل: يا من رأى رجلا واقفا ... أحرقه الحرّ من البرد كيف يحرقه الحرّ من البرد؟ قال: فاضطربنا في معناه فلم نخرجه، فسألناه عنه، فقال: هذا قولي، وذلك أنني مررت بحدّاد يبرد حديدا، فمسست تلك البرادة فأحرقت يدي، وإنما البرد مصدر برد الحديد بردا وليس هو من الشيء البارد، قال: فأقررنا بفضل معرفته، فأنشأ يقول: أقر الشعراء أني ... ومروا في الحرمرم انهم عندي جميعا ... ......... الغنمنم فقطعت الرأس منهم ... ثم جلد القددمدم فعملنا منه طبلا ... من طبول الخددمدم فضربنا به دمدم ... ثم دمدم ثم دمدم عجبا يا قوم مني ... كيف معكم كالململم وقال المرزباني: أبو العبر أحمد بن محمد بن عبد الله بن عبد الصمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب. وقال محمد بن داود: اسمه محمد بن أحمد، وهو حمدون، بن عبد الله بن عبد الصمد، يكنى أبا العباس، صاحب الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2299 الشعر الأحمق والكلام المختلق، وهو أبرد الناس غير مدافع، وربما قال شعرا صالحا، وهو القائل وأنشدناه الأخفش: لو يكون الهوى بجسم من الصخ ... ر على أنّ فيه قلب حديد فعل الحبّ فيهما مثل ما يف ... عل شعر اللحى بورد الخدود وله ورواه أبو الحسن علي بن العباس الرومي. لو كنت من شيء خلافك لم تكن ... لتكون إلا مشجبا في مشجب لو أن لي من جلد وجهك رفعة ... لجعلت منها حافرا للأشهب قال: وكان يظهر الميل على العلويين والهحاء لهم، وجرت منيّته على يد رجل من أهل الكوفة من رماة الجلاهق، وخرج معه من بغداد إلى آجام الكوفة للرمي، فسمع الرامي منه كلاما استحل به دمه فقتله. وهو القائل لموسى بن عبد الملك وكان دفع إليه توقيعا بصلة من المتوكل فدافعه موسى وماطله مدة، فوقف له يوما فلما ركب أنشده: حتى متى يتبرد ... وكم وكم أتردد موسى أدر لي كتابي ... بحقّ ربك الاسود يعني محمد بن على بن موسى بن جعفر الصادق، وكان محمد من أمة سوداء فنحلته سوادها، فجزع موسى بن عبد الملك من قوله وسأله كتم الحال وقضى شغله. وقال جحظة: اجتمعت أنا وجماعة من إخواننا مع أبي العبر في براح أراد أن يبنيه دارا، فأقبلنا نقدّر البيوت وأين مواقعها، فبينا نحن كذلك إذ ضرط بعض من كان معنا، فقال أبو العبر: مهما شككنا فيه فما نشكّ أنّ هذا الموضع الكنيف. [952] محمد بن أحمد بن محمد المغربي أبو الحسن راوية المتنبي: أحد الأئمة الأدباء والأعيان الشعراء، خدم سيف الدولة ولقي المتنبي وصنف تصانيف حسنة، وله   (952) - ترجمة المغربي راوية المتنبي في الوافي 2: 68. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2300 ذكر في مصر والعراق والجبل وماوراء النهر والشاش، وجالس الصاحب ابن عباد ولقي أبا الفرج الأصبهاني وروى عنه وله معه أخبار. ومن تصانيفه التي شاهدتها: كتاب الانتصار المنبي عن فضائل المتنبي. كتاب النبيه المنبي عن رذائل المتنبي. كتاب تحفة الكتّاب في الرسائل (مبوب) . كتاب تذكرة النديم (مجموع حسن جيد ممتع) . كتاب الرسالة الممتعة. وغير ذلك من الرسائل والكتب. كتاب بقية الانتصار المكثر للاختصار. قال: وأخذت قول المتنبي «1» : كفى بجسمي نحولا أنني رجل ... لولا مخاطبتي إياك لم ترني فزدت عليه فلم أدع لغيري فيه زيادة وقلت من قصيدة: عدمت من النحول فلا بلمس ... يكيّفني الوجود ولا عيان ولولا أنني أذكى البرايا ... لكنت خفيت عنّي لا أراني قال: واختفائي عني أبدع من اختفائي عن غيري وأبلغ في المعنى. وله إلى بعض جلة الكتاب يستهديه عمامة: أريد عمامة حسناء عنها ... أعمّمك الجميل من الثناء فوجّهها وقد نبلت [وجلّت] ... بلبسك في صباح أم مساء معافى نشرها من كلّ عاب ... يولد لونه أيدي العناء أدقّ من الذكاء إذا اجتلتها ... على مهل لواحظ ذي ذكاء وأضوى لحمة وسدى ولونا ... من الشمس المنيرة في ضحاء لو الغرقيء قاربها لأربت ... عليه في الصفاقة والصفاء لبمّ «2» أو لنيسابور تعزى ... فتصلح للمصيف وللشتاء كعرضك إنه عرض نقي ... عن الأدناس جمعا في غطاء تتوّجني بهاء منه أكسى ... مدى لبسي لها حلل البهاء الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2301 إذا ما مست فيها معجبا لا ... أفكّر من أمامي أو ورائي يقول المبصروها أيّ تاج ... به أصبحت فينا ذا رواء وتعلم أن قول العرب حقّ ... بلا كذب يدوم ولا افتراء عمائمنا لنا تيجان فخر ... سناها قد أضيف إلى سناء قرأت في «كتاب مذاكرة النديم» من تصنيف محمد بن أحمد المغربي هذا: قلت أصف رغيفا أمرني بوصفه الصاحب الجليل أبو القاسم إسماعيل بن عباد وأنا معه على مائدته، واقترح أن يكون وصفي له ارتجالا فقلت: ورغيف كأنه الترس يحكي ... حمرة الشمس بالغدوّ احمراره خفت أن يكتسي نهار مآق ... يّ به الليل مذ تبدّى نهاره جمعته أناملي ثم خلّت ... هـ فسيّان طيّه وانتشاره لم تقع منه قطعة لا ولا با ... ن للحظ شقيقه وانكساره ناعم ليّن كمبسم من قا ... م بعذري عند البرايا عذاره لست أنسى به تنعّم ضرسي ... إذ لجوعي وهج توقّد ناره كان أحظى إذ ذاك عندي من الوف ... ر إذا قرّ في محلي قراره يعلم الله أنني لست أنسا ... هـ وإن شطّ عن مزاري مزاره فاستحسن الأبيات وتعجب من سرعة خاطري بها ثم قال لي مداعبا نفاسة أخلاق فيه: خذه صلة لك، فأخذته وتركته على رأسي إلى أن قمنا عن المائدة، ثم خرجت مارّا إلى منزلي، وكنت أنزل بعيدا من منزله، فعرف خروجي على تلك الحال فقال: ردّوه، فرجعت فقال لي: عزمت أن تشقّ الأسواق والشوارع وهذا على رأسك؟ فقلت: نعم لأسأل فأقول: هذا صلة مولانا وأذكر الأبيات، فضحك ثم قال: بعناه، فقلت: قد بعته من مولانا بخمسمائة دينار، فقال: أنقصنا واجعلها دراهم، فقلت: قد فعلت، فأمر لي بخمسمائة درهم وخلعة من ثياب جسده. وقال في هذا الكتاب: ولي في وصف مضيرة وصفتها وأنا على مائدة أبي عبد الله ابن جيهان وزير صاحب خراسان: الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2302 نعم الغداء إذا ما أينع العشب ... وراقت العين أبراد له قشب مضيرة كاللجين السبك يحكمها ... معقودة مصطفى للطبخ منتخب تخالها أرض بلّور وما حملت ... من الدسومة نقشا حشوه ذهب أبذنجها أكر سود ملبّسة ... قباطيا عن قريب سوف تستلب «1» ولحمها حلل للزهر قد جعلت ... من أبيض الثلج فيما بينها حجب توافق الشيخ والكهل اللذين هما ... من الرطوبة في حال هي العطب وللأبازير نفح من دواخلها ... كالمسك لا بل إليها المسك ينتسب يا حسنها وهي بالأيدي تقاد «2» بلا ... جرم أتته وبالألحاظ تنتهب من حالفته فقد جلّت مواهبه ... ونال من دهره أضعاف ما يجب [953] محمد بن أحمد بن إسحاق بن يحيى الوشّاء أبو الطيب النحوي: من أهل الأدب حسن التصنيف مليح التأليف أخباريّ. قال أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن الجوزي في «تاريخه» : مات أبو الطيب الوشاء سنة خمس وعشرين وثلاثمائة وله ابن يعرف بابن الوشاء؛ حدث الوشاء عن أحمد بن عبيد بن ناصح والحارث بن [أبي] أسامة وثعلب والمبرد. قال الخطيب: روت عنه منية جارية خلافة «3» أم ولد المعتمد. قال ابن النديم: وكان نحويا معلما لمكتب العامة وكان يعرف بالأعرابي. وله من الكتب: كتاب مختصر في النحو. كتاب الجامع في النحو. كتاب في المقصور والممدود. كتاب المذكر والمؤنث. كتاب الفرق. كتاب خلق الانسان. كتاب خلق   (953) - ترجمة الوشاء النحوي في الفهرست: 93 وتاريخ بغداد 1: 253 والمنتظم 6: 290 وإنباه الرواة 3: 61 والوافي 2: 32 ونزهة الألباء: 207 والبداية والنهاية 1: 187 وبغية الوعاة 1: 53. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2303 الفرس. كتاب المثلث. كتاب أخبار صاحب الزنج. كتاب الزاهر في الأنوار والزهر «1» . كتاب السلوان. كتاب المذهب. كتاب الموشح. كتاب سلسلة الذهب. كتاب أخبار المتظرفات. كتاب الحنين إلى الأوطان. كتاب حدود الطرف الكبير «2» . كتاب الموشّى «3» . نقلت من خط أبي عمرو محمد بن أحمد النوقاتي أنشدني الشافعي أحمد بن محمد أنشدني أحمد بن محمد بن حفص، أنشدني أبو الطيب الوشاء لنفسه: لا صبر لي عنك سوى أنني ... أرضى من الدهر بما يقدر من كان ذا صبر فلا صبر لي ... مثلي عن مثلك لا يصبر ومن خطّه وإسناده للوشاء: يا من يقوم مقام الروح في الجسد ... لا تحسبنّي خليّ البال من سهد حاشاك من أرقي حاشاك من قلقي ... حاشاك من طول ما ألقى من الكمد حزني عليك جديد لا نفاد له ... أوهى فؤادي وأوهى عقدة الجلد والصبر عنك قليل مضرم قلقا ... بين الضلوع كصبر الأم عن ولد [954] محمد بن أحمد بن الحسين بن الأصبغ بن الحرون: ذكره محمد بن إسحاق النديم فقال: هو عالم فاضل «4» حسن التصنيف مليح التأليف كثير الأدب واسع الرواية «5» من أهل بغداد ومن أولاد الكتاب، وله من الكتب: كتاب المطابق   (954) - الفهرست: 165. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2304 والمجانس. كتاب الحقائق كبير. كتاب الشعر والشعراء. كتاب الآداب. كتاب الرياض. كتاب الكتاب. كتاب المحاسن. كتاب مجالسة الرؤساء. [955] محمد بن أحمد بن مروان بن سبرة أبو مسهر النحوي: ذكره محمد بن اسحاق النديم ثم قال: وله من الكتب: كتاب الجامع في النحو. كتاب المختصر. كتاب أخبار أبي عيينة محمد بن أبي عبينة. [956] محمد بن أحمد المزني أبو الحسن وزير نوح بن منصور الساماني: أحد أصحاب البلاغة والرسائل، شاع ذكرها في الآفاق، وتناجت بحسنها الرفاق. [957] محمد بن أحمد بن عبد الحميد الكاتب: ذكره محمد بن إسحاق النديم فقال: هو من أهل السير، وله من الكتب: كتاب أخبار خلفاء بني العباس، كبير. [958] محمد بن أحمد بن إبراهيم بن قريش الحكيمي أبو عبد الله: روى عن يموت بن المزرع ومحمد بن إسحاق الصاغاني وأحمد بن عبيد بن ناصح والحارث بن أبي أسامة، روى عنه أبو عبد الله المرزباني وغيره. ذكره محمد بن إسحاق النديم وقال: له من الكتب: كتاب حلبة الأدباء يشتمل   (955) - الفهرست: 93 وبغية الوعاة 1: 47. (956) - توفي نوح بن منصور سنة 387 وهذا يقرّب معرفة زمن المزني. (957) - الفهرست: 120 وكنيته أبو الفضل. (958) - ترجمة الحكيمي في الفهرست: 168 والوافي 2: 40 ونشوار المحاضرة 8: 10- 11. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2305 على أخبار ومحاسن وأشعار. كتاب سفط الجوهر. كتاب الشباب. كتاب الفكاهة والدعابة. حدث أبو علي قال حدثني ابن أبي قيراط قال أقرأني أبو عبد الله محمد بن أحمد الحكيمي كتابا بخطّ علي بن عيسى الوزير، وأخبرني أنه كتبه إليه في وزارته الأخيرة وهو يتقلد له طساسيج طريق خراسان يحثّه فيه على حمل المال وضمّنه: قد كنت أكرمك الله بعيدا عن التقصير، غنيّا عن التنبيه والتبصير، راغبا فيما خصّك بالجمال، وقدّمك على نظرائك من العمال. واتصلت بك ثقتي، وانصرفت إليك عنايتي، ورددت الجليل من العمل إليك، واعتمدت في المهمّ عليك، ثم وضح لي من أثرك، وصحّ عندي من خبرك، ما اقتضى استزادتك، وردفه ما استدعى استبطاءك ولائمتك، وأنت تعرف صورة الحال، وتطلّعي مع شدة الضرورة إلى ورود المال، وكان يجب أن تبعثك العناية، على الجدّ في الجباية، حتى تدرّ حمولك وتتوفر، ويتّصل ما يتوقّع وروده من جهتك ولا يتأخر. فنشدتك لما تجنبت مذاهب الإغفال والإهمال، وقرنت الجواب عن كتابي هذا بمال تثيره من سائر جهاته وتحصّله وتبادر به وتحمله، فإن العين إليه ممدودة، والساعات لوروده معدودة، والعذر في تأخيره ضيّق، وأنا عليك من سوء العاقبة مشفق، والسلام. [959] محمد بن أحمد بن إبراهيم بن كيسان، أبو الحسن النحوي، وكيسان لقب واسمه إبراهيم: مات فيما ذكره الخطيب لثماني خلون من ذي القعدة سنة مائتين وتسع وتسعين في خلافة المقتدر. قال أبو بكر الزبيدي: وليس هذا بالقديم الذي له في العروض والمعمّى كتاب.   (959) - ترجمة ابن كيسان في طبقات الزبيدي: 153 والفهرست: 89 ومراتب النحويين: 88 وتاريخ أبي المحاسن: 51 والمنتظم 6: 114 ونزهة الألباء: 162 وتاريخ بغداد 1: 335 وإنباه الرواة 3: 57 والبداية والنهاية 11: 117 ومرآة الجنان 2: 236 والوافي 2: 31 والشذرات 2: 232 والنجوم الزاهرة 3: 178 وبغية الوعاة 1: 18 وانظر نور القبس: 327. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2306 وقال الخطيب: [ذكر] ابن برهان أنّ كيسان ليس باسم جده إنما هو لقب أبيه؛ وكان يحفظ المذهبين الكوفي والبصري في النحو لأنه أخذ عن المبرد وثعلب، وكان أبو بكر ابن مجاهد يقول: أبو الحسن ابن كيسان أنحى من الشيخين، يعني المبرد وثعلبا. قال المؤلف: وكان كما قال يعرف المذهبين إلا انه كان إلى البصريين أميل. وحدث أبو الطيب اللغوي في «كتاب مراتب النحويين» قال: كان ابن كيسان يسأل المبرد عن مسائل فيجيبه، فيعارضها بقول الكوفيين فيقول: في هذا على من يقوله كذا ويلزمه كذا، فإذا رضي قال له: قد بقي عليك شيء، لم لا تقول كذا؟ فقال له يوما وقد لزم قولا للكوفيين ولجّ فيه: أنت كما قال جرير «1» : أسليك عن زيد لتسلي وقد أرى «2» ... بعينيك من زيد قذى غير بارح إذا ذكرت زيدا ترقرق دمعها ... بمذروفة العينين شوساء طامح «3» تبكّي على زيد ولم تر مثله ... براء من الحمىّ صحيح الجوانح فان تقصدي فالقصد منك سجيّة «4» ... وإن تجمحي تلقي لجام الجوامح وحدث أبو بكر محمد بن مبرمان قال: قصدت ابن كيسان لأقرأ عليه «كتاب سيبويه» فامتنع وقال: اذهب به إلى أهله، يعني الزجّاج وابن السراج. وكان أبو بكر ابن الانباري يتعصّب عليه ويقول: خلط المذهبين فلم يضبط منهما شيئا، وكان يفضل الزجاج عليه جدّا. وله من الكتب: كتاب المهذب في النحو. كتاب غلط أدب الكاتب. كتاب اللامات. كتاب الحقائق. كتاب البرهان. كتاب مصابيح الكتاب. كتاب الهجاء والخط. كتاب غريب الحديث نحو أربعمائة ورقة. كتاب الوقف والابتداء. كتاب القراءات. كتاب التصاريف. كتاب الشاذاني في النحو. كتاب المذكر والمؤنث. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2307 كتاب المقصور والممدود. كتاب معاني القرآن. كتاب مختصر في النحو. كتاب المسائل على مذهب النحويين مما اختلف فيه الكوفيون والبصريون. كتاب الفاعل والمفعول به. كتاب المختار في علل النحو ثلاثة مجلدات أو أكثر. قرأت بخط إبراهيم بن محمد بن بندار، قرأت بخط أبي جعفر السعال في آخر العروض: «إلى هاهنا أملى عليّ ابن كيسان وأنا كنت أستمليه وفرغنا من العروض لخمس بقين من شوال سنة ثمان وتسعين ومائتين» . وقال أبو حيان التوحيدي: وما رأيت مجلسا أكثر فائدة وأجمع لأصناف العلوم، وخاصة ما يتعلق بالتحف والطرف والنتف، من مجلس ابن كيسان، فانه كان يبدأ بأخذ القرآن والقراءات ثم بأحاديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فإذا قرىء خبر غريب أو لفظة شادة أبان عنها وتكلم عليها وسأل أصحابه عن معناها، وكان يقرأ عليه «مجالسات ثعلب» في طرفي النهار، وقد اجتمع على باب مسجده نحو مائة رأس من الدوابّ للرؤساء والكتاب والأشراف والأعيان الذين قصدوه، وكان مع ذلك إقباله على صاحب المرقّعة الممزقة والعباء الخلق والطّمر البالي كاقباله على صاحب القصب والوشي والديباج والدابة والمركب والحاشية والغاشية. ويوما من الأيام جرى في مجلسه ما امتعض منه وأنكره وقضى منه عجبا، وأنشد في تلك الحالة من غرر الشعر والمقطعات الحسنة وغيرها ما ملأ السمع وحيّر الألباب حتى قال الصابىء: هذا الرجل من الجن إلا انه في شكل إنسان، ومن جملة ما أنشد في تلك الحال: ما لي أرى الدهر لا تفنى عجائبه ... أبقى لنا ذنبا واستؤصل الراس إنّ الجديدين في طول اختلافهما ... لا ينقصان ولكن ينقص الناس أبقى لنا كلّ محمول وفجّعنا ... بالحاملين فهم أثواء أرماس يرون أن كرام الناس ان بذلوا ... حمقى وأنّ لئام الناس أكياس وتمثل أيضا ببيتي أبي تمام: قوم إذا خافوا عداوة حاسد ... سفكوا الدما بأسنة الأقلام ولضربة من كاتب بمداده ... أمضى وأنفذ من رقيق حسام قال المؤلف: هكذا حكى أبو حيان، ولا أرى أبا حيان أدرك ابن كيسان هذا، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2308 إن صحّت وفاته التي ذكرها الخطيب، ولا يكون الصابىء أيضا أدركه لأنّ مولد الصابىء في سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة، والذي ذكره الخطيب لا شك سهو فاني وجدت في «تاريخ أبي غالب همام بن الفضل بن المهذب المعري» «1» ان [ابن] كيسان مات في سنة عشرين وثلاثمائة. [960] محمد بن أحمد بن منصور أبو بكر بن الخياط النحوي: أصله من سمرقند وقدم بغداد، ومات فيما ذكره أبو عبد الله محمد بن عمران المرزباني في سنة عشرين وثلاثمائة. قال: وكان قد انحدر مع البريديين لما غلبوا على البصرة وبها مات، وجرت بينه وبين الزجاج ببغداد مناظرة، وكان يخلط المذهبين، وقد قرأ عليه أبو علي الفارسي وكتب عنه شيئا من علم العربية، رأيت ذلك بخطّ أبي علي. وله مع أصحاب الخياط قصة قد ذكرت في أخبار أبي علي. وأخذ عنه أبو القاسم الزجاجي أيضا، وكان ابن الخياط جميل الأخلاق طيب العشرة محبوب الخلقة. وله من الكتب: كتاب معاني القرآن. كتاب النحو الكبير. كتاب الموجز في النحو. كتاب المقنع في النحو. وقال أبو علي الفارسي في ضمن رقعة كتبها إلى سيف الدولة جوابا عن رقعة وردت منه ذكرتها في أخبار أبي علي «2» : وأما قوله إني قلت إن ابن الخياط كان لا يعرف شيئا فغلط في الحكاية، كيف أستجيز ذلك وقد كلمت ابن الخياط في مجالس كثيرة؟ ولكني قلت: إنه لا لقاء له لأنه دخل إلى بغداد بعد موت محمد بن يزيد، وصادف أحمد بن يحيى وقد صمّ صمما شديدا لا يخرق الكلام سمعه، فلم يمكن   (960) - ترجمته في إنباه الرواة 3: 54 ونزهة الألباء: 169 والوافي 2: 88 وطبقات الداودي 2: 84 وبغية الوعاة 1: 48 وانظر طبقات الزبيدي: 74. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2309 تعلم النحو منه، وإنما كان يقوله فيما كان يؤخذ عنه على ما يمليه دون ما كان يقرأ عليه، وهذا أمر لا ينكره أهل هذا الشأن ومن يعرفهم. [961] محمد بن أحمد بن علي بن إبراهيم بن يزيد بن حاتم بن المهلب بن أبي صفرة المهلبي النحوي، أبو يعقوب: مات بمصر سنة تسع وأربعين وثلاثمائة في خلافة المطيع، وكان عالما نحويا لغويا ذكره الزبيدي. قال المؤلف: وعساه أن يكون أخا أبي الحسين علي بن أحمد المهلبي، والله أعلم. [962] محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم طباطبا بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم: شاعر مفلق وعالم محقق شائع الشعر نبيه الذكر، مولده بأصبهان وبها مات في سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة، وله عقب كثير بأصفهان فيهم علماء وأدباء ونقباء ومشاهير، وكان مذكورا بالذكاء والفطنة وصفاء القريحة وصحة الذهن وجودة المقاصد معروفا بذلك مشهورا به. وهو مصنف كتاب عيار الشعر «1» . كتاب تهذيب الطبع. كتاب العروض لم يسبق إلى مثله. كتاب في المدخل في معرفة المعمى من الشعر. كتاب في تقريظ الدفاتر.   (961) - بغية الوعاة 1: 34 وإنباه الرواة 3: 57 وتاريخ بغداد 1: 320 ونزهة الألباء: 199 ويقول المؤلف ان الزبيدي ذكره ولكني لم أجد له ذكرا. (962) - ترجمة ابن طباطبا في الفهرست: 151 ومعجم المرزباني: 427 ويتيمة الدهر 3: 136 والمحمدون: 9- 10 ووفيات الأعيان 1: 130 والوافي 2: 79 ومعاهد التنصيص 2: 29. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2310 ذكر أبو عبد الله حمزة بن الحسن الأصبهاني قال: سمعت جماعة من رواة الأشعار ببغداد يتحدثون عن عبد الله بن المعتز أنه كان لهجا بذكر أبي الحسن مقدّما له على سائر أهله ويقول: ما أشبهه في أوصافه إلا محمد بن يزيد بن مسلمة بن عبد الملك إلا أن أبا الحسن أكثر شعرا من المسلميّ، وليس في ولد الحسن من يشبهه، بل يقاربه علي بن محمد الأفوه. قال: وحدثني أبو عبد الله ابن أبي عامر قال: كان أبو الحسن طول أيامه مشتاقا إلى عبد الله بن المعتز متمنيا أن يلقاه أو يرى شعره، فأما لقاؤه فلم يتفق له لأنه لم يفارق أصبهان قط، وأما ظفره بشعره فانه اتفق له في آخر أيامه، وله في ذلك قصة عجيبة: وذلك أنه دخل إلى دار معمر وقد حملت إليه من بغداد نسخة من [ديوان] عبد الله بن المعتز فاستعارها فسوّف بها فتمكّن عندهم من النظر فيها وخرج وعدل إليّ كالّا معييا كأنه ناهض بحمل ثقيل، فطلب محبرة وكاغدا وأخذ يكتب عن ظهر قلبه مقطّعات من الشعر، فسألته لمن هي فلم يجبني حتى فرغ من نسخها وملأ منها خمس ورقات من نصف المأموني، وأحصيت الأبيات فبلغ عددها مائة وسبعة وثمانين بيتا تحفّظها من شعر ابن المعتز في ذلك المجلس واختارها من بين سائرها. وذكر عنه حكايات منها ما حدثني به أبو عبد الله ابن أبي عامر قال: من توسّع أبي الحسن في أتيّ القول وقهره لأبيّه أن أبا عبد الله فتى أبي الحسين محمد بن أحمد بن يحيى بن أبي البغل كانت به لكنة شديدة، حتى كان لا يجري على لسانه حرفان من حروف المعجم الراء والكاف، يكون مكان الراء غينا ومكان الكاف همزة، فكان إذا أراد أن يقول كركي يقول «أغ أي» وإذا أراد أن يقول كركرة يقول «أغ أغة» وينشد للأعشى: قالت أغى غجلا في أفه أتف يريد «قالت أرى رجلا في كفّه كتف» فعمل أبو الحسن قصيدة في مدح أبي الحسين حذف منها حرفي لكنة الحسين ولقّنه حتى رواها لأبيه أبي الحسين فجنّ عليها، وقال أبو الحسن والله أنا أقدر على أبيّ الكلام من واصل بن عطاء، والقصيدة: الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2311 يا سيدا دانت له السادات ... وتتابعت في فعله الحسنات وتواصلت نعماؤه عندي فلي ... منه هبات خلفهن هبات نعم ثنت عني الزمان وخطبه ... من بعد ما هيبت له غدوات فأدلت من زمن منيت بغشمه ... أيام للأيام بي سطوات فلميت آمالي لديه حياته ... ولحاسدي نعمى يديه ممات أوليتني مننا تجلّ وتعتلي ... عن أن يحيط بوصفهن صفات فإذا نثثن بمنطق من مادح ... فالمدح مني والثناء صمات عجنا عن المدح التي استحققتها ... والله يعلم ما تعي النيات يا ماجدا فعل المحامد دينه ... وسماحه صوم له وصلاة فيبيت يشفع راجيا بتطوّع ... منه وقد غشي العيون سبات فالجود مثل قيامه وسجوده ... إن قيس والتسبيح منه عدات ما زال يلفى حائدا أو واعدا ... وعدا تضايق دونه الأوقات ليمينه بالنّجح عند عفاته ... في ليل ظنهم البهيم ثبات ذو همة علوية توفي على ال ... جوزاء تسقط دونها الهمات تنأى عن الأوهام إلا أنها ... تدنو إذا نيطت بها الحاجات وعزيمة مثل الحسام مصونة ... عن أن تفلّ به الزمان شباة فإذا دها حطب مهمّ أيّد ... خلّى العداة وجمعهم أشتات لأبي الحسين سماحة لو أنها ... للغيث لم تجدب عليه فلاة وله مساع في العلا عدد الحصى ... في طيء من جلّها مسعاة كحيا السحاب على البقاع سماته ... وله على عافي نداه سمات يحيي بنائله نفوسا مثلما ... يحيا بجود الهاطلات نبات شاد العلاء أبو الحسين وحازه ... عن سادة هم شائدون بناة سبّاق غايات تقطع دونها ... سباقها إن مدّت الحلبات فإذا سعوا نحو العلا وسعى لها ... متمهلا حيزت له القصبات الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2312 مستوفز عند السماح وإن تقس ... أحدا به في الحلم قلت حصاة طود بلوذ به الزمان وعنده ... لجميع أحداث الزمان أداة بيمينه قلم إذا ما هزّه ... في أوجه الأيام قلت قناة في سنه بأس السنان وهيبة ال ... سيف الحسام وقد حوته دواة سحبان عيّا وهو عيّا باقل ... عجل إلى النجوى وفيه أناة وسنان إلا أنه متنبّه ... يقظان منه الزهو والإخبات لم يخط في ظلمات ليل مداده ... إلا انجلت عنا به الظلمات وأبو علي أحمد بن محمد ... قد نمّقت عنّي لديه هنات فتقاعست دوني عوائد فضله ... وسعت سعاة بيننا وعداة فافتله عن طول العقوق وهزّه ... فله لدى فعل العلا هزات والله ما شاني المديح وبذله ... لمؤمّل ليمينه نفحات إلا مجازاة لمن أضحت له ... عندي يد أغذى بها وأقات والمسمعيّ له لديّ صنائع ... أيامهن لطيها ساعات فاخالها عهد الشباب وحسنه ... إذ طار لي في ظله اللذات خذها الغداة أبا الحسين قصيدة ... ضيمت بها الراءات والكافات غيّبن عنها ختلة اخواتها ... عند النشيد فما لها اخوات ولو انهن شهدن لازدوجت لها ... الغينات [والهمزات] والألفات فاسعد أبا عبد الإله بها إذا ... شقيت بلثغة منشد أبيات نقصت فتمّت في السماع وألغيت ... منها التي هي بينها آفات صفّيتها مثل المدام له فما ... فيها لدى حسن السماع قذاة معشوقة تسبي العقول بحسنها ... ياقوتة في اللين وهي صفاة علوية حسنية مزهوّة ... تزهى بحسن نشيدها اللهوات ميزانها عند الخليل معدّل ... متفاعلن متفاعلن فعلات لو واصل بن عطاء الباني لها ... تليت توهّم أنها آيات الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2313 لولا اجتنابي أن يملّ سماعها ... لأطلتها ما خطّت التاءات وقال أيضا في الفخر «1» : حسود مريض القلب يخفي أنينه ... ويضحي كئيب البال عندي حزينه يلوم على أن رحت في العلم راغبا ... أجمّع من عند الرواة فنونه وأملك أبكار الكلام وعونه ... وأحفظ مما أستفيد عيونه ويزعم أنّ العلم لا يجلب الغنى ... ويحسن بالجهل الذميم ظنونه فيا لائمي دعني أغالي بقيمتي ... فقيمة كلّ الناس ما يحسنونه إذا عدّ أغنى الناس لم أك دونه ... وكنت أرى الفخر المسوّد دونه إذا ما رأى الراؤون نطقي وعيّه ... رأوا حركاتي قد هتكن سكونه وما ثمّ ريب في حياتي وموته ... فأعجب بميت كيف لا يدفنونه أبى الله لي من صنعه أن يكونني ... إذا ما ذكرنا فخرنا وأكونه وجدت في «كتاب شعراء أصبهان» لحمزة الأصبهاني قال، وجدت بخط أبي الحسن رحمه الله يعني ابن طباطبا أن أبا علي يحيى بن علي بن المهلب وصف له دعوة لأبي الحسن أحمد بن محمد بن إبراهيم الكراريسي ذكر أنهم قربوا فيها مائدة عليها خيار وفي وسطها جامات عليها فطر بحسب «2» ، فسميتها مسيحية لأنها أدم النصارى، وأنهم قربوا بعد ذلك سكباجة بعظام عارية فسميتها شطرنجية، وأنهم قربوا بعدها مضيرة في غضائر بيض فسميتها معتدّة وكانت بلا دسم، والمعتدة لا تمسّ الدهن والطيب، وانهم قدموا بعدها زير باجة قليلة الزعفران فسميتها عابدة تشبيها بلون العباد في الصفرة، وأنهم قربوا بعدها لونا فسميتها قنّبية، وأنهم قربوا بعدها زبيبية سوداء فسميتها موكبية، وأنهم قربوا بعدها قليّة بعظام الأضلاع فسميتها حسكية، ثم قربوا بعدها فالوذجة بيضاء فسميتها صابونية، وأنه اعتلّ على الجماعة بأنه عليل، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2314 فحوّلهم من منزله إلى باغ «1» قد طبّق بالكراث، فهيأ المجلس هناك، وأحضرهم جرة منثلمة وكانوا يمزجون شرابهم منها، فإذا أرادوا الغائط نقلوها معهم، فكانت مرة في المجلس ومرة في المخرج، وأن الباغبان «2» ربط بحذائهم عجلة كانت تخور عليهم خوارا مناسبا لقول القائل يا فاطمة، فقلت في ذلك: يا دعوة مغبرّة قاتمه ... كأنها من سفر قادمه قد قدّموا فيها مسيحية ... أضحت على أسلافها نادمه نعم وشطرنجية لم تزل ... أيد وأيد حولها حائمه فلم نزل في لعبها ساعة ... ثم نفضناها على قائمه وبعدها معتدة أختها ... عابدة قائمة صائمه في حجرها أطراف موءودة ... قد قتلتها أمّها ظالمه والقنّبيات فلا تنسها ... فحيرتي في وصفها دائمه أقنّب ما امتدّ في إصبعي ... أم حية في وسطها نائمه والموكبيات بسلطانها ... قد تركت آنافنا راغمه والحسكيّات فلا تنس في ... خندقها أوتادها القائمه وجام صابونية بعدها ... فافخر بها إذ كانت الخاتمه ظلّ الكراريسي مستعبرا ... من عصبة في داره طاعمه وقال إنّ ابني عليل ولي ... قيامة من أجله قائمه وولولت داياته حوله ... وليس إلا عبرة ساجمه والقصيدة طويلة باردة نشبت في كتابتها فكتبت منها هذا. وله: لا تنكرن إهداءنا لك منطقا ... منك استفدنا حسنه ونظامه فالله عز وجل يشكر فعل من ... يتلو عليه وحيه وكلامه الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2315 وقال وقد صادف على باب ابن رستم عثمانيين أسودين معتمين بعمامتين حمراوين، فامتحنهما فوجدهما من الأدب خاليين، فدخل إلى مجلس أبي علي وتناول الدواة والكاغد من بين يديه وكتب بديهة: رأيت باب الدار أسودين ... ذوي عمامتين حمراوين كجمرتين فوق فحمتين ... قد غادرا الرفض قرير العين جدّكما عثمان ذو النورين ... فما له أنسل ظلمتين يا قبح شين صادر عن زين ... حدائد تطبع من لجين ما أنتما إلا غرابا بين ... طيرا فقد وقعتما للحين زورا ذوي السنة في المصرين ... المظهرين الحبّ للشيخين وخليّا الشيعة للسبطيين ... الحسن المرضيّ والحسين لا تبرما إبرام ربّ الدين ... ستعطيان في مدى عامين قال وقال لابن أبي عمر ابن عصام وكان ينتف لحيته: يا من يزيل خلقة ال ... رحمن عما خلقت تب وخف الله على ... ما [ ... ] اجترحت هل لك عذر عنده ... إذا الوحوش حشرت في لحية إن سئلت ... بأيّ ذنب قتلت وقال: ما أنس لا أنس حتى الحشر مائدة ... ظلنا لديك بها في أشغل الشّغل إذ أقبل الجدي مكشوفا ترائبه ... كأنه متمطّ دائم الكسل قد مدّ كلتا يديه لي فذكّرني ... بيتا تمثّله من أحسن المثل «كأنه عاشق قد مدّ بسطته ... يوم الفراق إلى توديع مرتحل» وقد تردّى بأطمار الرقاق لنا ... مثل الفقير إذا ما راح في سمل وله: لنا صديق نفسنا ... في مقته منهمكه الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2316 أبرد من سكونه ... وسط النديّ الحركه وجدريّ وجهه ... يحكيه جلد السمكه أو جلد أفعى سلخت ... أو قطعة من شبكه أو حلق الدرع إذا ... أبصرتها مشتبكه أو كدر الماء إذا ... ما الريح أبدت حبكه أو سفن محبّب ... أو كرش منفركه أو منخل أو عرض ... رقيقة منهتكه أو حجر الحمّام كم ... من وسخ قد دلكه أو كور زنبور إذا ... أفرخ فيه تركه أو سلحة يابسة ... قد نقرتها الديكة ومن محاسن ابن طباطبا في أبي علي الرستمي يهجوه بالدعوة والبرص: أنت أعطيت من دلائل رسل ... الله آيا بها علوت الرؤوسا جئت فردا بلا أب وبيمنا ... ك بياض فأنت عيسى وموسى [963] محمد بن أحمد بن نصر الجيهاني أبو عبد الله: قال السلامي في «تاريخ خراسان» وفي سنة إحدى وثلاثمائة في جمادى الآخرة ولي أبو الحسن نصر بن   (963) - ذكر ابن النديم (الفهرست: 401) الجيهاني محمد بن أحمد في المتكلمين الذين يظهرون الإسلام ويبطنون الزندقة، ولعله هو صاحب رسالة ذات نزعة شعوبية يحط فيها على العرب، انظر الامتاع والمؤانسة 1: 78 وما بعدها، وما أورده الصفدي في الوافي 2: 80- 81 إنما هو منقول عن ياقوت، وعلق الصفدي على ذلك بقوله: هكذا أثبته ياقوت وجاء في الأحمدين فقال أحمد بن محمد بن نصر الجيهاني وأظنه هذا؛ (وأحمد بن محمد بن نصر قد مرت ترجمته عند ياقوت رقم: 149 وكنيته أبو عبد الله وقد وزر لنصر بن أحمد بن نصر الساماني، وهناك ما يوهم اللبس بينهما، ولكن ابن النديم قد ميز بينهما في الفهرست، فالجيهاني محمد قد صرف عن الوزارة سنة 367 وأحمد وزر سنة 301) . الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2317 أحمد بن إسماعيل وهو ابن ثمان سنين، وتولى التدبير أبو عبد الله محمد بن أحمد الجيهاني فأجرى الأسباب على وجوهها، وكان حسن النظر لمن أمله وقصده، معينا لمن أمّه واعتمده، وكان مبتلى بالمذهب «1» فلم يكن يصافح أحدا إلا دون ثوب أو كاغد، ومرّ يوما بنخّاس يعالج دابّة فتأفّف وأبرز يده من كمه وعلّقها إلى أن نزل وصبّ عليها قماقم من الماء تقذرا مما فعله النخاس كأنه هو الذي تولّى ذلك، ولم يكن يأذن في إمساك السنانير في دوره فكان الفأر يتعابث فيها، وفيه يقول أبو الطيب الطاهري: رأيت الوزير على بابة ... من المذهب الشائع المنتشر يرى الفأر أنظف شيء يدبّ ... على ثوبه ويعاف البشر يبيت حفيّا بها معجبا ... ويضحي عليها شديد الحذر وإن سغبت فهو في جحرها ... يفتّ لها يابسات الكسر فلم صار يستقذر المسلمين ... ويألف ما هو عين القذر وله أيضا فيه: ما فيه من حسن نثني عليه به ... إلا التصنع بالوسواس للناس ليوهموا شغفا بالطهر منك فلا ... تعدّ فيمن يؤدّي جزية الراس يا لهف نفسي على دنيا حظيت بها ... عفوا بلا طول إبساس وإيناس وله أيضا فيه: قل للوزير الذي عجائبه ... يضرب في سوقنا بها المثل أنت إذا كنت طول دهرك بال ... مخرج عما سواه تشتغل فأين ألقاك للحوائج أو ... في أي حين يهمّك العمل وقال وكان هجّيرا الجيهاني يقول في أضعاف كلامه «بدواندرون» ، وهجيرا علي بن محمد العارض أن يقول «هزين» ، وفيهما يقول الطاهري: وزيران أما بالمقدّم منهما ... فخبل وبالثاني يقال جنون الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2318 إذا نحن كلمناهما فجوابنا ... بدواندرون دائم وهزين متى تلق ذا أو تلق ذاك لحادث ... تلاق مهينا لا يكاد يبين ومعنى بدو اندرون «اعد إلى داخل» ومعنى هزين «الفرار» . وللطاهري فيهما: إنّ الأمور إذا أضحت يدبّرها ... طفل رضيع وسكران ومجنون لمخبرات بأن لن يستقيم بها ... لمن توسّطها دنيا ولا دين [964] محمد بن أحمد أبو الندى الغندجاني اللغوي: رجل واسع العلم راجح المعرفة باللغة وأخبار العرب وأشعارها، وما عرفت له شيخا ينسب إليه ولا تلميذا يعوّل عليه غير الحسن بن أحمد الأعرابي المعروف بالأسود صاحب التصانيف المشهورة التي تصدّى فيها للأخذ على أعيان العلماء، فإن روايته في كتبه كلّها عن أبي الندى هذا. وأنا أرى أنّ هذا الرجل خرج إلى البادية واقتبس علومه من العرب الذين يسكنون الخيم، وقد وقع لي شيء من خبره في ذلك أنا أورده هاهنا ليستدل به على ما ذهبت إليه كما استدللت أنا به. وجدت بخط صديقنا كمال الدين أبي القاسم عمر بن أحمد بن هبة الله بن أبي جرادة الحلبي الفقيه المدرس الكاتب الأديب ما أسنده إلى ليث الطويل قال: سألت أبا الندى، وكان من أعلم من شاهدت بأخبار العرب: هل تعرف من شعر الذلفاء بنت الأبيض في ابن عمها نجدة بن الأسود؟ قال: نعم، كنت فيمن حضر جنازة نجدة حتى وضعناه في قبره وأهلنا عليه التراب، وصدرنا عنه غير بعيد، فأقبلن نسوة يتهادين فيهنّ امرأة قد فاقتهنّ طولا، كالغصن الرطب، وإذا هي الذلفاء، فأقبلت حتى أكبّت على القبر وبكت بكاء محرقا وأظهرت من وجدها ما خفن معه على نفسها، فقلن لها: يا ذلفاء إنه قد مات السادات من قومك قبل نجدة، فهل رأيت نساءهم قتلن أنفسهنّ   (964) - ترجم له القفطي في إنباه الرواة 4: 181 وانظر بغية الوعاة 1: 52 ومعجم البلدان (غند جان) وهي بفتح الغين، من كور الأهواز؛ وانظر ترجمة الحسن بن أحمد الأعرابي شيخ أبي الندي في ما تقدم رقم: 305. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2319 عليهم؟ فلم يزلن بها حتى قامت فانصرفت عن القبر، فلما صارت منه غير بعيد عطفت بوجهها عليه وقالت: سئمت حياتي حين فارقت قبره ... ورحت وماء العين ينهلّ هامله وقالت نساء الحيّ قد مات قبله ... شريف فلم تهلك عليه حلائله صدقن لقد مات الرجال ولم يمت ... كنجدة من إخوانه من يعادله فتى لم يصق عن جسمه لحد قبره ... وقد وسع الأرض الفضاء فضائله قال فقلت: أحسنت والله يا أبا الندى وأحسنت، فهل تعرف من شعرها شيئا آخر؟ قال: نعم، كنت ممن حضر قبر نجدة عند زيارتها إياه لتمام لحول فرأيتها أقبلت حتى أكبّت على القبر وبكت بكاء شديدا ثم أنشأت تقول: يا قبر نجدة لم أهجرك مقلية ... ولا جفوتك من صبري ولا جلدي لكن بكيتك حتى لم أجد مددا ... من الدموع ولا عونا من الكمد وايستني جفوني من مدامعها ... فقلت للعين فيضي من دم الكبد فلم أزل بدمي أبكيك جاهدة ... حتى بقيت بلا عين ولا جسد ولله يعلم لولا الله ما رضيت ... نفسي عليك سوى قتل لها بيدي قال فقلت: أحسنت والله يا أبا الندى وأحسنت، فهل تعرف من شعرها شيئا آخر؟ قال: نعم، حضرنا عيدا لنا في زمن الربيع، ونحن في رياض خضرة معشية فركب الفتيان وعقدوا العذب الصّفر في القنا الحمر وجعلوا يتجاولون، فلما أردنا الانصراف قال بعضنا لبعض: ألا تجعلون طريقكم على الذلفاء فلعلها إذا نظرت إليكم تسلّت بمن بقي عمن هلك؛ قال: فخرجنا نؤمّها فأصبناها بارزة من خبائها، وهي كالشمس الطالعة إلا أنه يعلوها كسوف الحزن، فسلّمنا عليها وقلنا: يا ذلفاء إلى كم يكون هذا الوجد على نجدة؟ أما آن لك أن تتسلّي بمن بقي من بني عمك عمن هلك؟ ها نحن سادات قومك وفتيانهم ونجومهم، وفينا السادة والذادة والبأس والنجدة، فأطرقت مليا ثم رفعت رأسها باكية تقول: صدقتم إنكم لنجوم قومي ... ليوث عند مختلف العوالي الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2320 ولكن كان نجدة بدر قومي ... وكهفهم المنيف على الجبال فما حسن السماء بلا نجوم ... وما حسن النجوم بلا هلال ثم دخلت خباءها وأرسلت سترها فكان آخر العهد بها. وقرأت بخط أبي سعد في «المذيل» : أنشدنا شافع بن علي الحمامى، أنشدنا إسماعيل بن عبد الغافر الفارسي، أنشدني أبو حرب رزماشوب بن زياد الجيلي بشيراز، أنشدنا أبو محمد الحسن بن علي الغندجاني الأديب، أنشدنا أبو محمد الأسود الغندجاني الأديب، أنشدنا أبو الندى قال: سمعت أعرابيا بالبصرة يقال له الوليد بن عاصم ينشد لنفسه: وما معزل بالعور غور تهامة ... بأودية صابت عليها عهودها ترود الضحى افنان ضال وتتفي ... ويخرج من بين الأراكة جيدها بأحسن من سلمى ولا ضوء درّة ... تسمّى إليها غائص يستجيدها قرأت في «كتاب اللقائط» لأبي يعلى ابن الهبّارية، وقد ذكر أبا محمد الأعرابي، ووضع منه وانتصر للنمري الذي شرح «الحماسة» وغيره واستدلّ على صحة روايانهم وإتقان علمهم ومقالانهم ثم قال: فكيف نترك أمثال هذه الروايات لرواية مثل أبي الندى، ولم يذكر لي من لقيته من شيوخ بلاد فارس من فضل أبي الندى إلا أنه غاب عن أهله مدة، وأقام في البادية سنين عدة، وعاد يروي ويخبر، وكان له ابن فأخذ يطليه بالزيت ويقفه في شمس القيط بالغندجان، وهي حارة جدا، ولم يزل يفعل به ذلك ليكون أسمر اللون كالعرب حتى مات ذلك المسكين. [965] محمد بن أحمد الأزهر بن طلحة بن نوح بن الأزهر بن نوح بن حاتم بن سعيد بن عبد الرحمن الأزهري أبو منصور اللغوي الأديب الشافعي المذهب الهروي:   (965) - ترجمة الأزهري في مقدمة كتاب التهذيب له: 5- 2 ونزهة الأنباء: 221 وابن خلكان 4: 324 وعبر الذهبي 2: 356 وسير الذهبي 16: 356 والوافي 2: 45 ومرآة الجنان 2: 395 وطبقات السبكي 3: 63 والأسنوي 1: 49 والبلغة: 205 وبغية الوعاة 1: 19 وطبقات الداودي 2: 61 وطبقات ابن هداية الله: 94 والشذرات 3: 72 وإشارة التعيين: 294. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2321 مات فيما ذكره أبو النصر عبد الرحمن بن عبد الجبار بن أبي سعيد الفامي في «تاريخ هراة» في سنة سبعين وثلاثمائة، ووافقه الحاكم أبو عبد الله الحسين بن محمد بن الحسين الكتبي الهروي في «كتاب الوفيات» له، وزاد في ربيع الآخر، قال الحاكم: ورأيت في «كتاب تاريخ السنين» تصنيف أبي يعقوب إبراهيم بن محمد بن عبد الرحمن بن الفرات الهروي الحافظ، وأصله عندي بخطه في عشرة أجزاء، أن مولد أبي منصور الأزهري في سنة اثنتين وثلاثمائة. أخذ الأزهري عن أبي الفضل محمد بن أبي جعفر المنذري عن ثعلب وغيره فأكثر، وعن أبي محمد المزني عن أبي خليفة الجمحي، وعن أبي محمد عبد الله بن عبد الوهاب البغوي عن الربيع بن سليمان عن الشافعي، وعن عبد الله بن محمد بن هاجك وأبي القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي. ورد بغداد وأدرك ابن دريد فلم يرو عنه، قال: ودخلت داره ببغداد غير [مرة] فألفيته على كبر سن سكران لا يكاد يستمرّ لسانه على الكلام من سكره. وأخذ الأزهريّ ببغداد عن أبي عبد الله إبراهيم بن عرفة نفطويه وعن ابن السراج. وصنف: كتاب التهذيب في اللغة «1» . كتاب معرفة الصبح. كتاب التقريب في التفسير. كتاب تفسير ألفاظ كتاب المزني. كتاب علل القراءات. كتاب في الروح وما جاء فيه من القرآن والسنة. كتاب تفسير أسماء الله عز وجل. كتاب معاني شواهد غريب الحديث. كتاب الردّ على الليث. كتاب تفسير شواهد غريب الحديث. كتاب تفسير إصلاح المنطق. كتاب تفسير السبع الطوال. كتاب تفسير شعر أبي تمام. كتاب الأدوات. وذكر في مقدمة كتابه قال «2» : وكنت امتحنت بالإسار سنة عارضت القرامطة الحاجّ بالهبير، وكان القوم الذين وقعت في سهمهم عربا نشأوا بالبادية يتتبعون مساقط الغيث أيام النجع ويرجعون إلى أعداد المياه في محاضرهم زمن القيظ، ويرعون النعم الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2322 ويعيشون بألبانها، ويتكلمون بطباعهم البدوية وقرائحهم التي اعتادوها، ولا يكاد [يقع] في منطقهم لحن أو خطأ فاحش، فبقيت في إسارهم دهرا طويلا، وكنا نتشتّى الدهناء ونتربع الصمّان ونتقيظ الستارين، واستفدت من مخاطباتهم ومحاورة بعضهم بعضا ألفاظا جمة ونوادر كثيرة أوقعت أكثرها في الكتاب، وستراها في مواضعها إذا أتت قراءتك عليها إن شاء الله تعالى. وذكر في تضاعيف كتابه أنه أقام بالصمّان شتوتين، ورأى ببغداد أبا إسحاق الزجاج وأبا بكر ابن الأنباري ولم يذكر أنه أخذ عنهم شيئا. قال المؤلف: كانت سنة الهبير هي سنة احدى عشرة وثلاثمائة وذكر بعضهم أنها كانت سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة، عارضهم أبو طاهر الجنابي فقتل بعضهم واسترقّ بعضهم واستولى على جميع أموالهم، وذلك في أيام المقتدر بالله ابن المعتضد. [966] محمد بن أحمد بن طالب الأخباري: قال الخطيب مات بعد سنة سبعين وثلاثمائة، ويكنى أبا الحسن، سكن الشام وحدث بطرابلس، أنشد أبو الحسن محمد بن أحمد البغدادي قال: أنشدني أبو علي الأعرابي لنفسه: كنت دهرا أعلّل النفس بالوع ... د وأخلو مستأنسا بالأماني فمضى الواعدون واقتطعتنا «1» ... عن فضول المنى صروف الزمان [967] محمد بن أحمد بن أيوب بن الصلت بن شنبوذ أبو الحسن المقرىء: مات   (966) - تاريخ بغداد 1: 310 وفيه أنه توفي سنة 370 لا بعدها ومصورة ابن عساكر 14: 692. (967) - ترجمة ابن شنبوذ في تاريخ بغداد 1: 280 والفهرست: 34- 35 والمنتظم 6: 307 وابن خلكان 4: 299 وعبر الذهبي 2: 195 وسير الذهبي 15: 264 ومعرفة القراء 1: 221 والوافي 2: 37 ومرآة الجنان 2: 286 والبداية والنهاية 11: 194 وطبقات ابن الجزري 2: 52 والنجوم الزاهرة 3: 267 والشذرات 2: 313. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2323 فيما ذكره الخطيب في سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة. قال الخطيب: قد تخيّر لنفسه حروفا من شواذّ القراءات فقرأ بها فصنّف أبو بكر الأنباري وغيره كتبا في الرد عليه. قرأت بخط أبي علي ابن أبي إسحاق الصابىء، قال القاضي أبو سعيد السيرافي رحمه الله: كان ابن شنبوذ- واسمه محمد بن أحمد بن أيوب- كثير اللحن قليل العلم، وكان دينا وفيه سلامة وحمق ثم ذكر توبته كما ذكرنا بعد. حدث إسماعيل بن علي الخطبي في «كتاب التاريخ» قال: واشتهر ببغداد أمر رجل يعرف بابن شنبوذ يقرىء الناس ويقرأ في المحراب بحروف يخالف فيها المصحف فيما يروي عن عبد الله بن مسعود وأبيّ بن كعب وغير هما مما كان يقرأ به قبل المصحف الذي جمعه عثمان، ويتتبع الشواذّ فيقرأ بها ويجادل حتى عظم أمره وفحش وأنكره الناس، فوجه السلطان وقبض عليه في سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة وحمل إلى دار الوزير محمد بن مقلة، وأحضر القضاة والفقهاء والقراء وناظره الوزير بحضرته، فأقام على ما ذكر عنه ونصره، واستنزله الوزير عن ذلك فأبى أن ينزل عنه أو يرجع عما يقرأ به من هذه الشواذ المنكرة التي تزيد على المصحف العثماني، فأنكر ذلك جميع من حضر المجلس وأشاروا بعقوبته ومعاملته بما يضطره الى الرجوع، فأمر بتجريده وإقامته بين الهنبازين، وأمر بضربه بالدرة على قفاه فضرب نحو العشرة ضربا شديدا فلم يصبر واستغاث وأذعن بالرجوع والتوبة، فخلّي عنه وأعيدت عليه ثيابه واستتيب، وكتب عليه كتاب توبته، وأخذ فيه خطه بالتوبة، فتقوّل أصحابه أنه دعا على ابن مقلة بقطع اليد فاستجيب له. قال المؤلف «1» : وهذا من عجيب الاتفاق إن صحّ. وذكره محمد بن اسحاق النديم فقال: كان ابن شنبوذ يناوىء أبا بكر ابن مجاهد ولا يعشره «2» وكان دينا فيه سلامة وحمق؛ قال لي الشيخ أبو محمد يوسف بن السيرافي: إنه كان كثير اللحن قليل العلم، وقد روى قراءات كثيرة وله كتب مصنفة في ذلك. وكان مما خالف فيه قراءة الجمهور (قال القاضي أبو يوسف: وسئل عنه بحضرة الوزير الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2324 أبي علي ابن مقلة فاعترف به ولم ينكره إذا نودي للصّلاة من يوم الجمعة فامضوا إلى ذكر الله (الجمعة: 9) . وقرأ وكان أمامهم ملك يأخذ كلّ سفينة صالحة غصبا (الكهف: 79) . وقرأ كالصّوف المنفوش (القارعة: 5) . وقرأ تبّت يدا أبي لهب وقد تبّ ما أغنى (المسد: 1) . وقرأ أليوم ننجّيك بيديك لتكون لمن خلفك آية (يونس: 92) . وقرأ وتجعلون شكركم أنّكم تكذّبون (الواقعة: 12) . وقرأ واللّيل إذا يغشى والنّهار إذا تجلّى والذّكر والانثى (الليل: 1) . وقرأ وقد كذّب الكافرون فسوف يكون لزاما (الفرقان: 77) . وقرأ إلّا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد عريض (الأنفال: 73) إلى غير ذلك. وله من التصانيف: كتاب ما خالف فيه ابن كثير أبا عمرو. كتاب قراءة علي عليه الصلاة والسلام. كتاب اختلاف القراء. كتاب شواذ القراءات. كتاب انفراداته. وقرأت في كتاب ألفه القاضي أبو يوسف عبد السلام القزويني سماه «أفواج القراء» ، قال: كان ابن شنبوذ أحد القراء والمتنسكين، وكان يرجع إلى ورع ولكنه كان يميل إلى الشواذ ويقرأ بها وربما أعلن ببعضها في بعض صلواته التي يجهر فيها بالقراءة وسمع ذلك منه وأنكر عليه فلم ينته للانكار، فقام أبو بكر ابن مجاهد فيه حقّ القيام وأشهر أمره، ورفع حديثه إلى الوزير في ذلك الوقت وهو أبو علي ابن مقلة، فأخذ وضرب أسواطا زادت على العشرة ولم تبلغ العشرين، وحبس واستتيب فتاب وقال: إني قد رجعت عما كنت أقرأ به، ولا أخالف مصحف عثمان ولا أقرأ إلا بما فيه من القراءة المشهورة، وكتب عليه بذلك الوزير أبو علي محضرا بما سمع من لفظه، وأمره أن يكتب في آخره بخطه، وكان المحضر بخط أبي الحسين أحمد بن محمد بن ميمون. وكان أبو بكر ابن مجاهد تجرد في كشفه ومناظرته فانتهى أمره إلى أن خاف على نفسه من القتل، وقام أبو أيوب السمسار في إصلاح أمره، وسأل الوزير أبا علي أن يطلقه وأن ينفذه إلى داره مع أعوانه بالليل خيفة عليه لئلا يقتله العامة، ففعل ذلك، ووجه إلى المدائن سرّا مدة شهرين ثم دخل بيته ببغداد مستخفيا من العامة. ونسخة المحضر المعمول على ابن شنبوذ بخط ابن ميمون: يقول محمد بن أحمد بن أيوب المعروف بابن شنبوذ: قد كنت أقرأ حروفا تخالف ما في مصحف عثمان بن عفان رضي الله عنه المجمع عليه والذي اتفق أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2325 ورضي عنهم على تلاوته، ثم بان لي أنّ ذلك خطأ، فأنا تائب وعنه مقلع وإلى الله عزوجل بريء، إذ كان مصحف عثمان هو الحقّ الذي لا يجوز خلافه ولا أن يقرأ بغير ما فيه. نسخة خط ابن شنبوذ في هذا المحضر: يقول محمد بن أحمد بن أيوب بن شنبوذ: ما في هذه الرقعة صحيح وهو قولي واعتقادي، وأشهد الله عز وجل وسائر من حضر على نفسي بذلك، وكتب بخطه، فمتى خالفت ذلك أو بان مني غيره فأمير المؤمنين أطال الله بقاءه في حلّ وسعة من دمي، وذلك في يوم الأحد لسبع خلون من ربيع الآخر سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة في مجلس الوزير أبي علي محمد بن علي أدام الله توفيقه، وحسبي الله وحده وصلاته على سيدنا محمد وآله. خط ابن مجاهد: اعترف ابن شنبوذ بما في هذه الرقعة، وكتب ابن مجاهد بيده وذكر التاريخ. خط ابن أبي موسى: اعترف المعروف بابن شنبوذ بما في هذه الرقعة بحضوري طوعا، وكتب محمد بن أبي موسى الهاشمي، وذكر التاريخ. شهادة أخرى: شهد محمد بن أحمد بن محمد على إقرار محمد بن أحمد بن أيوب المعروف بابن شنبوذ بجميع ما في هذا الكتاب، وذكر التاريخ. وقال ابن شنبوذ في المجلس إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وجماعة من أصحابه خالفوا بعض ما في هذا المصحف الذي في أيدينا، وكان اعترافه به طوعا، شهد بذلك محمد بن أبي موسى، وكتب بيده، وشهد أحمد بن موسى بن مجاهد، وكتب بيده. قال القاضي أبو يوسف: كنت قد سمعت من مشايخنا بالري ثم ببغداد أن سبب الانكار على ابن شنبوذ أنه قرأ، أو قرى عليه، في آخر سورة المائدة عند حكاية قول عيسى إن تغفر لهم فإنك أنت الغفور الرّحيم من العزيز الحكيم. [968] محمد بن أحمد بن إبراهيم الشنبوذي أبو الفرج المقرىء، يعرف بغلام ابن   (968) - تاريخ بغداد 1: 271 وطبقات ابن الجزري 2: 50 والوافي 2: 39. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2326 شنبوذ: مات سنة سبع وثمانين وثلاثمائة وقيل سنة ثمان ومولده في سنة ثلاثمائة. قال الخطيب: روى عن أبي الحسن محمد بن أحمد بن شنبوذ وغيره كتبا في القراءات، وتكلم الناس في رواياته، وسئل الدارقطني عنه فأساء القول فيه والثناء عليه. قال: وسمعت عبيد الله الصيرفي يذكر أبا الفرج الشنبوذي فعظم أمره ووصف علمه بالقرآن وحفظ التفسير وقال: سمعته يقول: أحفظ خمسين ألف بيت من الشعر شواهد للقرآن. وله من التصانيف: كتاب الشارة في تلطيف العبارة في علم القرآن. كتاب التفسير ولم يتم. [969] محمد بن أحمد المعمري أبو العباس النحوي: أحد شيوخ النحاة ومشهوريهم، صحب الزجاج وأخذ عنه، وكان أبو الفتح المراغي تلميذه وصاحبه، وكان أكثر مقامه بالبصرة وبها توفي وأظنه من أهلها، وله شعر صالح متوسط من أشعار الأدباء، ومات فيما أحسب بين الخمسين والثلاثمائة، والثلاثمائة، قال ذلك ابن عبد الرحيم، قال: وأنشدني أبو القاسم التنوخي عن أبيه له من قصيدة مدح بها جدّه أبا القاسم أولها: وجفون المضانيات «1» المراض ... والثنايا يلحن بالإيماض والعهود التي تلوح بها الصح ... ف خلاف الصدود والاعراض لبرتني الخطوب حتى نضتني ... حرضا باليا من الأحراض وجدتني والدهر سلمي سليمى ... لم ينلني بنابه العضاض بين برد من الشباب جديد ... ورداء من الصبا فضفاض ومدير عرى الأمور برأي ... يقظ الحزم مبرم نقّاض   (969) - بغية الوعاة 1: 50. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2327 دقّ معنى وجل قدرا فجادت ... في معانيه نهية الاعماض وأنشد أيضا له: لو قد وجدت إلى شفائك منهجا ... جبت الصباح إليه أو حلك الدجى لكن رأيتك لا يحيك العتب في ... ك ولا العتاب ولا المديح ولا الهجا فاذهب سدى ما فيك شرّ يتّقى ... يوما وليس لديك خير يرتجى وإذا امرؤ كانت خلائق نفسه ... هذي الخلائق فالنّجا منه النجا قال وحدثني أبو علي محمد بن وشاح، قال حدثني أبي، قال حدثني القاضي أبو تمام الحسن بن محمد الزينبي رحمه الله قال: جاءتني في بعض البكر رسالة محمد بن أحمد المعمري النحوي بالبصرة، وكنت أغشى مجلسه دائما وآخذ عنه، أن أدركني، فبادرت إليه وتبعني جماعة من أصحابي، فلما صرت إليه عرّفني أن صبية مملوكة له مولدة قد كنت أشاهدها في ولده قد هربت منه وتناولت صدرا مما كان في منزله، وأنفذت أصحابي وبثثتهم في الجيران وبحيث يظنّ بها الحصول فيه، فما بعد أن أحضرت وما أخذت، فسرّ المعمري وطابت نفسه، فلما هممت بالانصراف أنشدني: ما لأيري كبست عا ... دية الدهر عموده كان حرباء فأضحى ... لشقاء البخت دوده قال ابن وشاح: وحدثني أبي قال حدثني القاضي رحمه الله قال: كان رسم المعمريّ أن يجلس لأهل العلم في يوم الأربعاء، فبكرنا إليه في بعض الأيام فقال للجماعة: ليس لكم اليوم عندي فائدة ولا مني حظّ، فلما هممنا بالانصراف قال: إذا كان يوم الاربعاء ولم أنك ... ولم أصطبح فالأربعاء مشوم فإن نكت فيه واصطبحت ولمته ... فإني ليوم الأربعاء ظلوم انصرفوا مأجورين، فانصرفنا. قال: وكان شديد المحبة لشرب النبيذ، كثير التوفر عليه، قاطعا أكثر زمانه به. ولما مات رثاه أبو القاسم الحسن بن بشر الآمدي صاحب «كتاب الموازنة» بقوله: يا عين أذري الدموع وانسكبي ... أصبح ترب العلوم في الترب الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2328 لقيت بالمعمريّ يوم ثوى ... أول رزء بآخر الأدب كان على أعجميّ نسبته ... فضيلة من فضائل العرب وكتب أبو القاسم الآمدي إلى المعمري جواب أبيات كتب بها إليه. يا مهدي الشعر إلى من يرى ... أنك تستعلي عن الشعر أنت الذي تحكم فيه إذا ... أعيا على الباقعة «1» الحبر وتكشف الغامض حتى يرى ... أوضح أسبابا من الفجر بنت عن المثل ومن ذا الذي ... إلى مدى تبلغه يجري كلّ إلى علمك ذو حاجة ... كحاجة الأرض إلى القطر [970] محمد بن أحمد بن عبد الله بن زياد القطان ويعرف بالمتوثي ويكنى أبا سهل: أحد الشيوخ الفضلاء المقدمين سمع الحديث ورواه، وكان ثقة جيد المعرفة بالعلوم، ومات سنة تسع وأربعين وثلاثمائة، وسمع كثيرا من كتب الأدب عن بشر بن موسى الأسدي ومحمد بن يونس الكديمي وأبي العيناء وثعلب والمبرد وغيرهم، ولقي السكريّ أبا سعيد وسمع عليه «أشعار اللصوص» من صنعه، وسمعه منه الخالع أبو عبد الله الشاعر، وفلج في آخر عمره، وكان ينزل بدار القطن من غربى دار السلام بغداد، وله بقية حال حسنة. قال الخالع: وحكى لنا أنه كان في ابتداء أمره يتوكل لعلي بن عيسى بن الجراح الوزير وأنه صحبه حين نفي من بغداد وعاد بعوده، وأنهم نزلوا في بعض طريقهم بأحد   (970) - الوافي 2: 76 والمحمدون: 77 وقد ذكره المؤلف في معجم البلدان (4: 414) باسم أحمد بن محمد وكذلك هو في سير الذهبي 15: 521 وعبر الذهبي 2: 285 وتاريخ الخطيب 5: 45 والمنتظم 7: 3 والوافي 8: 34 والبداية والنهاية 11: 238 والنجوم الزاهرة 3: 328 والشذرات 3: 2. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2329 أمراء الشام وأنه حمل على يده إلى علي بن عيسى سمكة فضة وزنها زيادة على خمسة آلاف درهم مبيتة للطيب، وعليها جوهر وياقوت قد رصّعت به، فامتنع من قبولها على عادته في ذلك، فرددتها إلى صاحبها فوهبها لي ولم أتجاسر على قبولها إلا بعد استئذانه فاستأذنته فأذن لي فكانت أصل حالي. قال الخالع: وكانت بضاعة أبي سهل جيدة في العلم، فكان يحفظ القرآن ويعرف القراءات ويرويها، ويطلع على قطعة من اللغة، ويعرف النحو ويحفظ الشعر ويقوله، وكان يتشيع على مذهب الامامية ويظاهر به، إلا أنه كان في الأصول على رأي المجبرة، ولم يعقب ولدا ذكرا، وكانت له ابنة بقيت إلى سنة أربعين وباعت كتبه. وله أشعار كثيرة ركيكة باردة ومن أصلحها: غضب الصوليّ لمّا ... كسر الضيف وسمّى ثم عند المضغ منه ... كاد أن يتلف غمّا قال للضيف ترفق ... شمّ ريح الخبز شمّا واغتنم شكري فقال ال ... ضيف بل أكلا وذمّا [971] محمد بن أحمد بن يونس الفسوي أبو عبد الله، يعرف بخاطف: صاحب أبي بكر ابن السراج وروى عن ابن دريد وغيره. [972] محمد بن أحمد أبو الريحان البيروني الخوارزمي، وهذه النسبة معناها   (971) - بغية الوعاة 1: 50 (عن ياقوت) . (972) - ترجمة البيروني في الموسوعة الاسلامية (الطبعة الثانية) 1: 1236- 1238 وفيها ذكر لأهم الكتب والدراسات التي كتبت عنه؛ وتجد له ترجمة في عيون الأنباء 2: 20 ونزهة الأرواح 2: 85- 89 والبيهقي: 72 وبغية الوعاة 1: 50 ومن كتبه المطبوعة: الآثار الباقية وتحقيق ما للهند من مقولة، والتفهيم لأوائل صناعة التنجيم، ورسائل البيروني والقانون المسعودي وغيرها. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2330 البراني، لأن بيرون بالفارسية معناه برّا، وسألت بعض الفضلاء عن ذلك فزعم أن مقامه بخوارزم كان قليلا، وأهل خوارزم يسمون الغريب بهذا الاسم، كأنه لما طالت غربته عنهم صار غريبا، وما أظنه يراد به إلا أنه من أهل الرستاق، يعني أنه من برّا البلد. ومات السلطان محمود بن سبكتكين في سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة وأبو الريحان حيّ بغزنة، وجدت «كتاب تقاسيم الأقاليم» تصنيفه وخطّه وقد كتبه في هذا العام. ذكره محمد بن محمود النيسابوري فقال «1» : له في الرياضيات السبق الذي لم يشقّ المحضرون غباره، ولم يلحق المضمّرون المجيدون مضماره، وقد جعل الله الأقسام الأربعة له أرضا خاشعة سخت «2» له لواقح مزنها واهتزّت به يوانع نبتها «3» فكم مجموع له [رفرف] على روض النجوم ظله، وترقرق «4» على كبد السماء طله. وبلغني أنه لما صنف «القانون المسعودي» أجازه السلطان بحمل فيل من نقده الفضي «5» [إليه] فرده إلى الخزانة بعذر الاستغناء عنه، ورفض العادة في الاستغناء به، وكان رحمه الله مع الفسحة في التعمير، وجلالة الحال في عامة الأمور، مكبّا على تحصيل العلوم منصبّا إلى تصنيف الكتب، يفتح أبوابها، ويحيط شواكلها وأقرابها، ولا يكاد يفارق يده القلم وعينه النظر وقلبه الفكر إلا في يومي النيروز والمهرجان من السنة لإعداد ما تمسّ إليه الحاجة في المعاش، من بلغة الطعام وعلقة الرياش، ثم هجّيراه في سائر الأيام من السنة علم يسفر عن وجهه قناع الأشكال ويحسر عن ذراعيه كمام الاغلاق. حدث القاضي كثير بن يعقوب البغدادي النحوي في الستور عن الفقيه أبي الحسن علي بن عيسى الولوالجي قال: دخلت على أبي الريحان وهو يجود بنفسه، قد حشرج نفسه وضاق به صدره، فقال لي في تلك الحال: كيف قلت لي يوما حساب الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2331 الجذرات «1» الفاسدة؟ فقلت له إشفاقا عليه: أفي هذه الحالة؟ قال لي: يا هذا أودّع الدنيا وأنا عالم بهذه المسألة، ألا يكون خيرا من أن أخلّيها وأنا جاهل بها؟ فأعدت ذلك عليه وحفظ وعلمني ما وعد، وخرجت من عنده وأنا في الطريق، فسمعت الصراخ. وأما «2» نباهة قدره وجلالة خطره عند الملوك فقد بلغني من حظوته لديهم أن شمس المعالي قابوس بن وشمكير أراد أن يستخلصه لصحبته ويرتبطه في داره على أن تكون له الإمرة المطاعة في جميع ما يحويه ملكه، ويشتمل عليه ملكه، فأبي عليه ولم يطاوعه، ولما أسمحت قرونته بمثل ذلك لخوارزمشاه [آواه] في داره وأنزله معه في قصره، ودخل خوارزمشاه يوما وهو يشرب على ظهر الدابة فأمر باستدعائه من الحجرة فأبطأ قليلا فتصور الأمر على غير صورته، وثنى العنان نحوه ورام النزول فسبقه أبو الريحان إلى البروز وناشده الله ألا يفعل، فتمثل خوارزمشاه: العلم من أشرف الولايات ... يأتيه كلّ الورى ولا ياتي ثم قال: لولا الرسوم الدنياوية لما استدعيتك فالعلم يعلو ولا يعلى. وكأنه سمع هذا في أخبار المعتضد فانه كان يوما يطوف في البستان وهو آخذ بيد ثابت بن قرّة الحراني، إذ جذبها دفعة وخلّاها، فقال ثابت: ما بدا يا أمير المؤمنين؟ قال: كانت يدي فوق يدك والعلم يعلو ولا يعلى. ولما استبقاه «3» السلطان الماضي لخاصّة أمره وحوجاء صدره كان يفاوضه فيما يسنح لخاطره من أمر السماء والنجوم، فيحكى أنه ورد عليه رسول من أقصى بلاد الترك، وحدّث بين يديه بما شاهد فيما وراء البحر نحو القطب الجنوبي من دور الشمس عليه ظاهرة في كلّ دورها فوق الأرض بحيث يبطل الليل، فتسارع على عادته في التشدد في الدين إلى نسبة الرجل إلى الالحاد والقرمطة، على براءة أولئك القوم عن هذه الآفات، حتى قال أبو نصر ابن مشكان: إن هذا لا يذكر ذلك عن رأي الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2332 يرتأيه، ولكن عن مشاهدة يحكيه، وتلا قوله عزوجل وَجَدَها تَطْلُعُ عَلى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِها سِتْراً (الكهف: 90) فسأل أبا الريحان عنه فأخذ يصف له على وجه الاختصار ويقرّره على طريق الاقناع. وكان السلطان في بعض الأوقات يحسن الإصغاء ويبذل الإنصاف، فقبل ذلك، وانقطع الحديث بينه وبين السلطان وقتئذ. وأما ابنه السلطان مسعود فقد كان فيه إقبال على علم النجوم ومحبة لحقائق العلوم، ففاوضه يوما في هذه المسألة وفي سبب اختلاف مقادير الليل والنهار في الأرض وأحبّ أن يتّضح له برهان ما لم يصحّ له من ذلك بعيان، فقال له أبو الريحان: أنت المنفرد اليوم بامتلاك الخافقين والمستحقّ بالحقيقة اسم ملك الأرض فأخلق بهذه المرتبة إيثار الاطلاع على مجاري الأمور وتصاريف أحوال الليل والنهار، ومقدارها في عامرها وغامرها، وصنّف له عند ذلك كتابا في اعتبار مقدار الليل والنهار بطريق تبعد عن مواضعات المنجمين وألقابهم، ويقرّب تصوّرهم من فهم من لم يرتض بها ولم يعتدها، وكان السلطان الشهيد قد مهر بالعربية فسهل وقوفه عليه وأجزل إحسانه إليه. وكذلك صنّف كتابه «في لوازم الحركتين» بأمره، وهو كتاب جليل لا مزيد عليه مقتبس أكثر كلماته عن آيات من كتاب الله عزوجل. وكتابه المترجم «بالقانون المسعودي» يعفّي على أثر كلّ كتاب صنّف في تنجيم أو حساب. وكتابه الآخر المعنون بالدستور الذي صنفه باسم شهاب الدولة أبي الفتح مودود بن السلطان الشهيد مستوف أحاسن المحاسن. قال مؤلف الكتاب: هذا ذكره محمد بن محمود، وإنما ذكرته أنا هاهنا لأن الرجل كان أديبا أريبا لغويا له تصانيف في ذلك رأيت أنا منها: كتاب شرح شعر أبي تمام رأيته بخطه لم يتمه. كتاب التعلل باجالة الوهم في معاني نظم أولي الفضل. كتاب تاريخ أيام السلطان محمود وأخبار أبيه. كتاب المسامرة في أخبار خوارزم. كتاب مختار الأشعار والآثار. وأما سائر كتبه في علوم النجوم والهيئة والمنطق والحكمة فانها تفوق الحصر، رأيت فهرستها في وقف الجامع بمرو في نحو الستين ورقة بخط مكتنز. وحدثني بعض أهل الفضل أن السبب في مصيره إلى غزنة أن السلطان محمودا لما استولى على خوارزم قبض عليه وعلى أستاذه عبد الصمد أول بن عبد الصمد الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2333 الحكيم واتهمه بالقرمطة والكفر، فأذاقه الحمام، وهمّ أن يلحق به أبا الريحان فساعده فسحة الأمل بسبب خلّصه من القتل، وقيل له إنه إمام وقته في علم النجوم وإن الملوك لا يستغنون عن مثله، فأخذه معه، ودخل إلى بلاد الهند وأقام بينهم وتعلّم لغتهم واقتبس علومهم، ثم أقام بغزنة حتى مات بها أرى في حدود سنة ثلاث وأربعمائة عن سن عالية. وكان حسن المحاضرة طيّب العشرة خليعا في ألفاظه عفيفا في أفعاله، لم يأت الزمان بمثله علما وفهما، وكان يقول شعرا إن لم يكن في الطبقة العليا فانه من مثله حسن، منه في ذكر صحبة الملوك ويمدح أبا الفتح البستي، من «كتاب سر السرور» : مضى أكثر الأيام في ظلّ نعمة ... على رتب فيها علوت كراسيا فآل عراق قد غذوني بدرّهم ... ومنصور منهم قد تولّى غراسيا وشمس المعالي كان يرتاد خدمتي ... على نفرة مني وقد كان قاسيا وأولاد مأمون ومنهم عليّهم ... تبدّى بصنع صار للحال آسيا وآخرهم مأمون رفّه حالتي ... ونوّه باسمي ثم رأس راسيا ولم ينقبض محمود عني بنعمة ... فأغنى وأقنى مغضيا عن مكاسيا عفا عن جهالاتي وأبدى تكرما ... وطرّى بجاه رونقي ولباسيا عفاء على دنياي بعد فراقهم ... وواحزني أن لم أزر قبل آسي اولما مضوا واعتضت منهم عصابة ... دعوا بالتناسي فاغتنمت التناسيا وخلّفت في غزنين لحما كمضغة ... على وضم للطير للعلم ناسيا فأبدلت أقواما وليسوا كمثلهم ... معاذ الهي أن يكونوا سواسيا بجهد شأوت الجالبين أئمة ... فما اقتبسوا في العلم مثل اقتباسيا فما بركوا للبحث عند معالم ... ولا احتبسوا في عقدة كاحتباسيا فسائل بمقداري هنودا بمشرق ... وبالغرب من قد قاس قدر عماسيا فلم يثنهم عن شكر جهدي نفاسة ... بل اعترفوا طرا وعافوا انتكاسيا أبو الفتح في دنياي مالك ربقتي ... فهات بذكراه الحميدة كاسيا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2334 فلا زال للدنيا وللدين عامرا ... ولا زال فيها للغواة مواسيا ومن أقوم شعره قوله لشاعر اجتداه: يا شاعرا جاءني يخرى على الأدب ... وافى ليمدحني والذمّ من أدبي وجدته ضارطا في لحيتي سفها ... كلا فلحيته عثنونها ذنبي وذاكرا في قوافي شعره حسبي ... ولست والله حقا عارفا نسبي إذ لست أعرف جدّي حقّ معرفة ... وكيف أعرف جدي إذ جهلت أبي إني أبو لهب شيخ بلا أدب ... نعم ووالدتي حمالة الحطب المدح والذمّ عندي يا أبا حسن ... سيّان مثل استواء الجدّ واللعب فأعفني عنهما لا تشتغل بهما ... بالله لا توقعن مفساك في تعب وله: ومن حام حول المجد غير مجاهد ... ثوى طاعما للمكرمات وكاسيا وبات قرير العين في ظلّ راحة ... ولكنه عن حلة المجد عاريا وله في التجنيس: فلا يغررك مني لين مسّ ... تراه في دروس واقتباس فأني أسرع الثقلين طرّا ... إلى خوض الردى في وقت باس ومنه: تنغص بالتباعد طيب عيشي ... فلا شيء أمرّ من الفراق كتابك إذ هو الفرج المرجّى ... أطبّ لما ألمّ من الف راق وله: أتأذنون لصبّ في زيارتكم ... إن كان مجلسكم خلوا من الناس فأنتم الناس لا أبغي بكم بدلا ... وأنتم الراس والانسان بالراس وكدّكم لمعال تنهضون بها ... وغيركم طاعم مسترجع كاسي فليس يعرف من أيام عيشته ... سوى التلهي بأير قام أو كاس لدى المكايد إن راجت مكايده ... ينسى الإله وليس الله بالناسي الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2335 [973]- محمد بن أحمد بن عبيد الله الكاتب المعروف بالمفجع صاحب ثعلب: كذا وجدت نسبه بخط الطبري المعروف بمضراب اللبن من أهل البصرة، ويكنى أبا عبد الله، ذكره ابن النديم فقال: إنه لقي ثعلبا وأخذ عنه وعن غيره، وكان شاعرا شيعيا، وله قصيدة يسميها بالأشباه يمدح فيها عليا عليه السلام، وبينه وبين ابن دريد مهاجاة، وذكره أبو منصور الثعالبي في «كتاب اليتيمة» فقال: المفجع البصري صاحب ابن دريد والقائم مقامه في التأليف والاملاء، حدث ابن نصر قال حدثني بعض المشايخ البصريين قال: كان المفجع وشمال يتهاجيان، وكان شمال سنيا والمفجع: شيعيا، فقال فيه المفجع: دار شمال في بني أصمع فقال شمال: كذا هو، فقال المفجع: انظر إليها فهي في بلقع قال شمال: أيّ شيء ذنبي إذا خربت المحلة؟ قال: وهو خبيث النفس مستهتر ... بكلّ أير قائم أصلع فقال شمال: هو شيعي وكان يجب أن ينزه ذكر القائم والأصلع عن لفظ الهجاء، قال: وذا قبيح أن يرى شاعر ... يناك في السرم على أربع قال شمال: وغير الشاعر أيضا قبيح أن يرى كذا. ثم عمل فيه شمال يعرّض به: رجل نازل بدرب سطيح ... أيّ شخص بالليل يركب سطحه   (973) - ترجمة المفجع في إنباه الرواة 3: 312 (محمد بن محمد) والفهرست: 91 (المفجع بن محمد) واليتيمة 2: 363 ومعجم الشعراء: 429 والوافي 1: 129 وبغية الوعاة 1: 31 والمحمدون من الشعراء: 30 (وفيه وردت أكثر الأشعار التي ذكرها ياقوت) ومعجم الطوسي (كلكتا) : 270- 271 (رقم: 594) . الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2336 أخذ الله لابن عفان منه ... ولشيخيه والزبير وطلحه فلما سمعت ربيعة بذلك قصدت دار المفجع فهرب منها. ومن شعر المفجع «1» : لي أير أراحني الله منه ... صار حزني به عريضا طويلا نام إذ زارني الحبيب عنادا ... ولعهدي به ينيك الرسولا حسبت زورة عليّ لحيني ... وافترقنا وما شفيت غليلا ووجدت له أيضا فيما رواه الحميدي: لنا صديق مليح الوجه مقتبل ... وليس في وده نفع ولا بركه شبهته بنهار الصيف يوسعنا ... طولا ويمنع منّا النوم والحركه وقد هجاه بعض الشعراء فقال «2» : إنّ المفجع ويله ... شرّ الأوائل والأواخر ومن النوادر أنه ... يملي على الناس النوادر كأنه من قول أبي تمام: وما لك بالغريب يد ولكن ... تعاطيك الغريب من الغريب قال المرزباني: لقب بالمفجع ببيت قاله، وهو شاعر مكثر عالم أديب، مات قبل الثلاثين وثلاثمائة. قال: وهو القائل في أبي الحسن محمد بن عبد الوهاب الزينبي الهاشمي يمدحه «3» : للزينبيّ على جلالة قدره ... خلق كطعم الماء غير مزنّد وشهامة تقصي الليوث إذا سطا ... وندى يغرّق كلّ بحر مزبد يحتلّ بيتا في ذؤابة هاشم ... طالت دعائمه محلّ الفرقد حرّ يروح المستميح ويغتدي ... بمواهب منه تروح وتغتدي الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2337 فإذا تحيّف ماله إعطاؤه ... في يومه نهك البقية في غد بضياء سنّته المكارم تهتدي ... وبجود راحته السحائب تقتدي مقدار ما بيني وما بين الغنى ... مقدار ما بيني وبين المربد وقال الثعالبي: وأما شعره فقليل كثير الحلاوة يكاد يقطر منه ماء الظّرف، وفيه يقول اللحام «1» : إن المفجّع فالعنوه بزيت «2» ... نغل يدين ببغض أهل البيت يهوى العلوق وإنما يهواهم ... بمؤخر حيّ وقلب ميت ومن شعره ويروى لابن لنكك «3» : لنا سراج نوره ظلمة ... ليس له ظلّ على الأرض كأنه شخص الإمام الذي ... يبغي الهدى منه أولو الرفض وللمفجع تصانيف منها: كتاب الترجمان في الشعر ومعانيه يشتمل على ثلاثة عشر حدا وهي: حدّ الاعراب. حدّ المديح. حد البخل. حد الحلم والرأي. حد الغزل. حد المال. حد الاغتراب. حد المطايا. حد الخطوب. حد النبات. حد الحيوان. حد الهجاء. حد اللغز، وهو آخر الكتاب. وله أيضا كتاب المنقذ في الإيمان، يشبه «كتاب الملاحن» لابن دريد إلا أنه أكبر منه وأجود وأتقن. كتاب أشعار الجواري لم يتم. كتاب عرائس المجالس. كتاب غريب شعر زيد الخيل الطائي. كتاب قصيدته في أهل البيت. ذكره أبو جعفر في مصنفي الإمامية. ومما أنشده الثعالبي له في غلام يكنى أبا سعد «4» : زفرات تعتادني عند ذكرا ... ك وذكراك ما تريم فؤادي وسروري قد غاب عني مذ غب ... ت فهل كنتما على ميعاد حاربتني الأيام فيك أبا سع ... د بسيف الهوى وسهم البعاد الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2338 ليس لي مفزع سوى عبرات ... من جفون مكحولة بالسهاد في سهادي لطول أنسي بذكرا ... ك اعتياض من الكرى والرقاد وبحسبي من المصائب أني ... في بلاد وأنتم في بلاد وله «1» : ألا يا جامع البصر ... ة لا خرّبك الله وسقّى صحنك الغيث ... من المزن فروّاه فكم من عاشق فيك ... يرى ما يتمناه وكم ظبي من الانس ... مليح فيك مرعاه نصبنا الفخّ بالعلم ... له فيك فصدناه بقرآن قرأناه ... وتفسير رويناه وكم من طالب للشع ... ر بالشعر طلبناه فما زالت يد الأيام ... حتى لان متناه وحتى ثبت السرج ... عليه وركبناه ألا يا طالب الأمر ... د كذّب ما ذكرناه فلا يغررك ما قلنا ... فما بالجدّ قلناه ولو كان من البغض ... يزنّى حين يلقاه فردّ الدرهم الضرب ... اليه يتلقاه فبالدرهم يستنزل ... ما في الجو مأواه وبالدرهم يستخرج ... ما في القفر مثواه قال أبو محمد عبد الله بن أبي القاسم عبد المجيد بن شيران بن إبراهيم بن العباس بن محمد بن العباس بن محمد بن جعفر في «تاريخه» قال «2» : وفيها يعني الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2339 في سنة سبع وعشرين وثلاثمائة توفي أبو عبد الله محمد بن عبد الله المفجع الكاتب الشاعر، وكان شاعر البصرة وأديبها، وكان يجلس في الجامع بالبصرة فيكتب عنه ويقرأ عليه الشعر واللغة والمصنفات، وامتنع من الجلوس مدة لسبب لحقه من بعض من حضره، فخوطب في ذلك فقال: لو استطعت أن أنسيهم أسماءهم لفعلت. وشعره مشهور، فمنه وقد دامت الأمطار وقطعت عن الحركة: يا خالق الخلق أجمعينا ... وواهب المال والبنينا ورافع السبع فوق سبع ... لم يستعن فيهما معينا ومن إذا قال كن لشيء ... لم تقع النون أو يكونا لا تسقنا العام صوب غيث ... أكثر من ذا فقد روينا وله يخاطب أبا عبد الله البريدي وقد أعاد عليه ذكر سبب «1» : قل لمن كان قد عفا ... عن ذنوب المفجّع لا تعد ذكر ما مضى ... من عفا لم يقرّع وله وقد سأل بعض أصدقائه أيضا رقعة وشعرا له يهنئه في مهرجان الى بعضهم فقصر حتى مضى المهرجان «2» : إن الكتاب وان تضمّن طيه ... كنه البلاغة كالفصيح الأخرس فإذا أعانته عناية حامل ... فجوابه يأتي بنجح منفس وإذا الرسول ونى وقصّر عامدا ... كان الكتاب صحيفة المتلمس قد فات يوم المهرجان فذكره ... في الشعر أبرد من سخاء المفلس فسئل عن سخاء المفلس فقال: يعد في إفلاسه بما لا يفي به عند إمكانه. قال «3» : دخل المفجع يوما إلى القاضي أبي القاسم علي بن محمد التنوخي فوجده [يقرأ] معاني الشعر على العبيسي فأنشد: الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2340 قد قدّم العجب «1» على الرّويس ... وشارف الوهد أبا قبيس وطاول البقل فروع الميس ... وهبّت العنز لقرع التيس وادّعت الروم أبا في قيس ... واختلط الناس اختلاط الحيس إذ قرأ القاضي حليف الكيس ... معاني الشعر على العبيسي وألقى ذلك الى التنوخي وانصرف. وكان أبو عبد الله الأكفاني راويته وكتب لي بخطه من مليح شعره شيئا كثيرا. قال: ومدح أبا القاسم التنوخي فرأى منه جفاء فكتب إليه «2» : لو أعرض الناس كلهم وأبوا ... لم ينقصوا رزقي الذي قسما كان وداد فزال وانصرما ... وكان عهد فبان وانهدما وقد صحبنا في عصرنا أمما ... وقد فقدنا من قبلهم أمما فما هلكنا هزلا ولا ساخت ال ... أرض ولم تقطر السماء دما في الله من كلّ هالك خلف ... لا يرهب الدهر من به اعتصما حرّ ظننّا به الجميل فما ... حقّق ظنّا ولا رعى الذمما فكان ماذا ما كلّ معتمد ... عليه يرعى الوفاء والكرما غلطت والناس يغلطون وهل ... تعرف خلقا من غلطة سلما من ذا إذا أعطي السداد فلم ... يعرف بذنب ولم يزل قدما شلّت يدي لم جلست عن تفه ... أكتب شجوي وأمتطي القلما يا ليتني قبلها خرست فلم ... أعمل لسانا ولا فتحت فما يا زلة ما أقلت عثرتها ... أبقت على القلب والحشا ألما من راعه بالهوان صاحبه ... فعاد فيه فنفسه ظلما وله «3» : الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2341 أظهرت للرئم بعض وجدي ... وانما الوجد ما سترته وقلت حبّيك قد براني ... فقال دعه بذا أمرته وله «1» قصيدته ذات الأشباه، وسميت بذات الأشباه لقصده فيما ذكره من الخبر الذي رواه عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة، قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وهو في محفل من أصحابه، إن تنظروا إلى آدم في علمه، ونوح في همه «2» ، وإبراهيم في خلقه، وموسى في مناجاته، وعيسى في سنه، ومحمد في هديه وحلمه، فانظروا إلى هذا المقبل، فتطاول الناس فإذا هو علي بن أبي طالب عليه السلام، فأورد المفجع ذلك في قصيدته، وفيها مناقب كثيرة، وأولها: أيها اللائمي لحبي عليّا ... قم ذميما إلى الجحيم خزيّا أبخير الأنام عرّضت لا زل ... ت مذودا عن الهدى مزويّا أشبه الأنبياء كهلا وزولا ... وفطيما وراضعا وغذيّا كان في علمه كآدم إذا علّ ... م شرح الأسماء والمكنيّا وكنوح نجّى من الهلك من س ... يّر في الفلك إذ علا الجوديّا وجفا في رضى الإله أباه ... واجتواه وعدّه أجنبيّا كاعتزال الخليل آزر في اللّ ... هـ وهجرانه أباه مليّا ودعا قومه فآمن لوط ... أقرب الناس منه رحما وريّا وعليّ لما دعاه أخوه ... سبق الحاضرين والبدويّا وله من أبيه ذي الأيد إسما ... عيل شبه ما كان عني خفيّا إنّه عاون الخليل على الكع ... بة إذا شاد ركنها المبنيّا ولقد عاون الوصيّ حبيب الل ... هـ إذ يغسلان منها الصفيّا رام حمل النبي كي يقطع الأص ... نام من سطحها المثول الخبيّا فحناه ثقل النبوّة حتى ... كاد ينآد تحته مثنيّا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2342 فارتقى منكب النبيّ عليّ ... صنوه ما أجلّ ذا المرتقيّا فأماط الأوثان عن ظاهر الكع ... بة ينفي الرجاس عنها نفيّا ولو انّ الوصيّ حاول مسّ الن ... جم بالكفّ لم يجده قصيّا أفهل تعرفون غير عليّ ... وابنه استرحل النبي مطيّا وشعر أبي عبد الله المفجع كثير حسن. وكان «1» يوما بالأهواز جالسا مع جماعة فاجتاز به غلام لموسى بن الطيب نديم أبي عبد الله البريدي يقال له طريف، وهو أمرد مليح، فسأل المفجع عنه فقيل: هذا غلام نديم البريدي فقال: اجتاز بي اليوم في الطريق فتى ... يختال في مورق من البان فقلت من ذا فقال لي خبر ... بالأمر هذا غلام صفعان ولأبي «2» عبد الله في جماعة من كبار أهل الأهواز مدائح كثيرة وأهاج، وله قصيدة في أبي عبد الله ابن درستويه يرثيه فيها وهو حيّ يقول فيها ويلقبه بدهن الآجرّ: مات دهن الآجرّ فاخضرّت الأر ... ض وكادت جبالها لا تزول ويصف أشياء كثيرة فيها. قال «3» : وكان المفجع يكثر عند والدي ويطيل المقام عنده، وكنت أراه عنده وأنا صبي بالأهواز، وله إليه مراسلات وله فيه مدائح كثيرة كنت جمعتها فضاعت أيام دخول ابن أبي ليلى الأهواز ونهبت روزناماتها «4» ، وكان منها قصيدة بخطّه عندي يقول فيها: لو قيل للجود من مولاك قال نعم ... عبد المجيد المغيريّ بن شيران وأذكر له من قصيدة أخرى: يا من أطال يدي إذ هاضني زمني ... وصرت في المصر مجفوّا ومطّرحا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2343 أنقذتني من أناس عند دينهم ... قتل الأديب إذا ما علمه اتضحا قال: وكانت وفاته قبل وفاة والدي بأيام يسيرة، ومات والدي في يوم السبت لعشر خلون من شعبان سنة سبع وعشرين وثلاثمائة، وفيها مات الحراوري الشاعر. ومن ملحه «1» المشهورة قوله لانسان أهدى إليه طبقا فيه قصب السكر والاترنج والنارنج، وأراه أبا سعد غلامه: إن شيطانك في الظّر ... ف لشيطان مريد فلهذا أنت فيه ... تبتدي ثم تعيد قد أتتنا تحفة من ... ك على الحسن تزيد طبق فيه قدود ... ونهود وخدود وأنشد الثعالبي له في غلام مغن جدّر فازداد حسنا وجمالا «2» : يا قمرا جدّر حتى استوى ... فزاده حسنا وزادت هموم كأنه غنّى لشمس الضحى ... فنقطته طربا بالنجوم وأنشد له أيضا «3» : فسا على قوم فقالوا له «4» ... إن لم تقم من بيننا قمنا فقال لا عدت فقالوا له ... من نتن فيه ذا كما كنا وأنشد له أيضا «5» : أداروها ولليل اعتكار ... فخلت الليل فاجأه النهار فقلت لصاحبي والليل داج ... ألاح الصبح أم بدت العقار فقال هي العقار تداولوها ... مشعشعة يطير لها شرار فلولا أنني أمتاح منها ... حلفت بأنها في الكاس نار الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2344 [974] محمد بن أحمد بن سليمان بن أيوب بن غيثة النوقاتي -: بالتاء قبل ياء النسبة- ونوقات محلة بسجستان يقال لها نوها فعربت؛ يكنى أبا عمر السجستاني، وهو والد عمر وعثمان، وصاحب التصانيف المشهورة، ذكره أبو سعد السمعاني في «كتاب تاريخ مرو» فقال: دخل إلى خراسان، وكتب بهراة ومرو وبلخ وما وراء النهر، وسمع الكثير من الشيوخ وأكثر، واشتغل بالتصنيف وبلغ فيها الغاية، وكان مرزوقا فيها محسنا، جمع من كلّ جنس وفنّ، وأحسن في كل التصانيف. سمع أبا عبد الله محمد بن إسحاق القرشي ثم ذكر خلقا كثيرا منهم الحاكم أبو عبد الله محمد ابن عبد الله بن البيّع الحافظ وأبو حاتم محمد بن حبّان البستي وأبو يعلى النسفي وأبو علي حامد بن محمد الرفّاء وأبو سليمان الخطابي. وروى عنه ابناه عمر وعثمان. وله تصانيف كثيرة: منها كتاب آداب المسافرين. كتاب العتاب والاعتاب. كتاب فضل الرياحين. كتاب العلم. كتاب الشيب. كتاب محنة الظراف في أخبار العشاق. كتاب معاشرة الأهلين. وأنشد لنفسه في «كتاب محنة الظراف» : نمّت دموعي على سرّي وكتماني ... وشرّد النوم عن عينيّ أحزاني وأقلقتني عما أستعين به ... على الهوى حسرات منك تغشاني يا من جفاني وأقصاني وغادرني ... صبّا وأشمت بي من كان يلحاني لا تنس أيام أنس قد مننت بها ... وداو غلّة قلب فيك أعياني ومن «كتاب محنة الظراف» مما نسبه أبو عمر إلى نفسه ومن خطّه نقلت: سأهجركم ما دمتم في حجابكم ... على الكره حتى تأمنوا الرقباء مساعدة منّي لكم لا تصبرا ... ولم يصبر العطشان يبصر ماء وأنشد أيضا لنفسه: أصابك عين بعد فرطك في حبي ... أم اذنبت فاستحسنت يا سيدي ذنبي   (974) - الوافي 2: 90. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2345 أحين سلبت القلب مني صبابة ... وصيرتني عبدا تجافيت عن قربي سأصبر حتى تعجبوا من تصبّري ... وأنتظر الحسنى على ذاك من ربي وأنشد السمعاني باسناد له رفعه إلى النوقاتي عن الحسين بن أحمد عن الصولي عن ثعلب عن أبي العالية: أرى بصري في كلّ يوم وليلة ... يكلّ وخطوي عن مدى الخطو يقصر ومن يصحب الأيام ستين حجة ... يغيّرنه والدهر لا يتغير لعمري لئن أمسيت أمشي مقيّدا ... لما كنت أمشي مطلق القيد أكثر قال: وحدث أبو عمر ابن النوقاتي في رجب سنة اثنتين وثمانين وثلاثمائة فيكون وفاته بعد هذا الشهر. [975] محمد بن أحمد بن عمر الخلال أبو الغنائم اللغوي : إمام عالم جيد الضبط صحيح الخط معتمد عليه معتبر، أخذ عن أبي سعيد السيرافي وأبي علي الفارسي وأبي الحسن الرماني وتلك الطبقة. [976] محمد بن أحمد بن طالب الفقيه الأديب الحلبي أبو الحسن : سمع ببغداد أبا بكر ابن دريد وأبا بكر ابن الأنباري وأبا علي ابن الحسين بن أحمد الكاتب المعروف بالكوكبي وأبا عبد الله نفطويه وأبا عيسى محمد بن أحمد بن قطن السمسار، وبحلب أبا عبد الله أحمد بن جعفر بن أحمد بن ماست الحاضري الحلبي والقاضي أبا حصين. ومات بعد سنة اثنتين وسبعين وثلاثمائة، قرىء عليه كتابه في هذه السنة، وله «كتاب الشبان والشيب» أحسن فيه.   (975) - بغية الوعاة 1: 37. (976) - لم أجد له ترجمة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2346 [977] محمد بن أحمد بن محمد بن أشرس أبو الفتح النحوي اللغوي : أديب فاضل شاعر من أهل نيسابور، كان من تلاميذ أبي بكر محمد بن العباس الخوارزمي بنيسابور، وقدم بغداد فلقي بها جماعة من أصحاب أبي علي الفارسي كالربعي علي بن عيسى وأبي الحسن السمسمي وغيرهما، ذكره الباخرزي في كتابه فقال: حدثني القاضي أبو جعفر البحاثي «1» قال، حدثني الحاكم أبو سعد ابن دوست قال: كان أبو الفتح ابن أشرس من ناحية الرخّ «2» ، وكان يؤدب بنيسابور ويختلف إلى أبي بكر الخوارزمي، فلما نزف ما عنده ارتحل إلى مدينة السلام. قال: فرأيت كتابا بخطّ يده، وقد كتب به إلى بعض أصدقائه، وذكر في أثنائه أن ليس اليوم بخراسان من يقوم باختيار «3» «فصيح الكلام» لثعلب و «ألفاظ الكتبة» لعبد الرحمن بن عيسى. قال أبو سعد: وكان الخوارزمي يومئذ حيا يرزق، والألسنة بفضله تطلق، وهذان الكتابان من زغب فراخ الكتب، وأنكر معرفة أهل خراسان بهما، فما ظنّك بالقشاعم اللقمانية من أمهاتها؟! وأنشدني القاضي أبو جعفر، قال أنشدني الحاكم أبو سعد، قال أنشدني ابن الأشرس لنفسه في أبي الحسن الأهوازي يهجوه: يا عجبا لشيخنا الأهوازي ... يزهى علينا وهو في هوّاز قال الحاكم أبو سعد وأنشدني أيضا لنفسه: كأنما الأغصان لما علا ... فروعها قطر الندى قطرا «4» ولاحت الشمس عليها ضحى ... زبرجد قد أثمر الدرّا نقد الحاكم أبو سعد على بيته فقال قوله: «قد أثمر الدر» لا يستقيم في النحو لأنه لا يقال أثمرت النخلة الثمر، وإنما يقال أثمرت ثمرا بغير الألف واللام.   (977) - ترجمة ابن أشرس في الوافي 2: 117 وبغية الوعاة 1: 41 ودمية القصر 3: 1502 وإنباه الرواة 4: 148- 151. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2347 وكتب ابن أشرس من بغداد إلى أبي الفتح الحداد بنيسابور: ربّ غلام صار في ... بغداد إحدى الفتن رقعت خرق ظهره ... برقعة من بدني قال الحاكم: في هذين البيتين خلل لأنه لا يمكن أن يفسّر على وجه قبيح لأن لحيته أيضا من بدنه. قال القاضي البحّاثي: فقلت له وهذا التفسير أشبه لأن اللحية أشبه بالرقعة من الفعل، قال: نعم لأن اللحية ترقع وذاك يمزق؛ هذا آخر ما ذكره الباخرزي في كتابه. قال القاضي أبو المحاسن ابن مسعر المعري «1» في كتابه «2» : وممن قرأت عليه أبو الفتح محمد بن أشرس النيسابوري؛ وكان ملازما دار الخلافة ويأتي يوم الثلاثاء إلى قطيعة الملحم «3» فكنت أصل إليه في هذا الموضع، وكان واسع العلم غزير الحفظ، وكان حيّا في سنة خمس عشرة وأربعمائة، ولم تتجاوز وفاته سنة عشرين وأربعمائة وما لقيت أحدا من البغداديين يحقق لي وقت وفاته فأثبته على الحقيقة. [978] محمد بن أحمد بن محمد، أبو سعد العميدي : أديب نحوي لغوي مصنف سكن مصر. قال أبو إسحاق الحبال: أبو سعد العميدي له أدبيات، مات يوم الجمعة لخمس خلون من جمادى الآخرة سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة، وكان العميدي يتولّى ديوان الترتيب وعزل عنه كما ذكر الروذباري في سنة ثلاث عشرة في أيام الظاهر، ووليه ابن معشر، ثم تولى ديوان الانشاء بمصر في أيام المستنصر، استخدم فيه عوضا من ولي   (978) - ترجمة العميدي في إنباه الرواة 3: 46 والوافي 2: 75 وبغية الوعاة 1: 47 والمقفي 5: 294. وله الابانة عن سرقات المتنبي (مصر 1961) . الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2348 الدولة ابن خيران الكاتب في صفر سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة، وتولى الديوان بعده أبو الفرج الدهلي في جمادى الآخرة من سنة ست وثلاثين وأربعمائة. وله تصانيف في الأدب، منها كتاب تنقيح البلاغة في عشر مجلدات، رأيته بدمشق في خزانة الملك المعظم، خلّد الله دولته، وعليه خطه وقد قرىء عليه في شعبان سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة. كتاب الارشاد إلى حل المنظوم والهداية إلى نظم المنثور. كتاب انتزاعات القرآن. كتاب العروض. كتاب القوافي كبير. قال علي بن مشرف: أنشدنا أبو الحسين محمد بن محمود بن الدليل الصواف بمصر قال أنشدنا أبو سعد محمد بن أحمد العميدي لنفسه: إذا ما ضاق صدري لم أجد لي ... مقرّ عبادة إلا القرافه لئن لم يرحم المولى اجتهادي ... وقلّة ناصري لم ألق رافه [979] محمد بن أحمد بن محمد بن سلمان بن كامل بن عبد الله بن عامر بن سنان البخاري المعروف بالغنجار الحافظ، أبو عبد الله بن أبي بكر : لم يكن من أهل الأدب فيجب ذكره، إنما ذكرته لأنه ألف كتاب «تاريخ بخارا» . قال أبو سعد السمعاني: مات الغنجار البخاري سنة عشر وأربعمائة ومولده في سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة، ودفن في مقبرة حوض الفدام ببخارا. قال أحمد بن ماما الأصبهاني الحافظ فيما زاده على تاريخ غنجار، بعد ذكر نسب غنجار كما ذكرنا، قال: سمي غنجارا لتتبعه وجمعه في حال شبابه أحاديث أبي أحمد عيسى بن موسى غنجار البخاري، قال: وأول من كتب عنه الحديث كثير عن أبي بكر محمد بن أحمد بن حبيب، ومشايخه أكثرهم مذكورون في تصنيفه لتاريخ بخارا، سمعته يقول ولدت سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة، ومات يوم الجمعة عند طلوع الشمس الثاني والعشرين من شهر شعبان سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة.   (979) - ترجمة الغنجار في أنساب السمعاني 9: 177 وتذكرة الحفاظ: 1052 وسير الذهبي 17: 304 والوافي 2: 60 وطبقات الحفاظ: 412 والشذرات 3: 196 (وجعل الذهبي وفاته سنة 412) . الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2349 [980] محمد بن أحمد بن علي المعمري أبو بكر الأديب : مات في محرم سنة ثمان وعشرين وأربعمائة. قال عبد الغافر: الأديب المعمري مشهور ثقة حدث عن جماعة من الشيوخ، وكان يؤدب، وتخرج عليه جماعة من أولاد المشايخ، سمع أبا حفص محمد بن علي الفقيه إملاء، روى عنه أبو القاسم عبيد الله بن عبد الله الكريزي. [981] محمد بن أحمد بن سهل، يعرف بابن بشران وبشران جده لأمه، ويعرف بابن الخالة أيضا، ويكنى أبا غالب: من أهل واسط أحد الأئمة المعروفين والعلماء المشهورين، تجمّع فيه أشتات العلوم، وقرن بين الرواية والدراية والفهم وشدة العناية، صاحب نحو ولغة وحديث وأخبار ودين وصلاح، وإليه كانت الرحلة في زمانه، وهو عين وقته وأوانه، وكان مع ذلك ثقة ضابطا محررا حافظا إلا انه كان مجدودا أخذ العلم عن خلق لا يحصون: منهم أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الرحمن بن دينار الكاتب صاحب أبي علي الفارسي. وحدث أبو عبد الله الحميدي قال: كتب إليّ أبو الحسن علي بن محمد بن محمد الجلّابي الواسطي صديقنا من واسط أن أبا غالب ابن بشران النحوي مات بواسط في خامس عشر رجب سنة اثنتين وستين وأربعمائة ومولده سنة ثمانين وثلاثمائة. قال الجلّابي: ودخلت إليه قبل موته، وجاءه من أخبره أن القاضي وجماعة معه قد ختموا على كتبه حراسة لها وخوفا عليها فقال: لئن كان الزمان عليّ أنحى ... بأحداث غصصت لها بريقي   (980) - انظر المنتخب الثاني من السياق، الورقة 11 ب- 12/أ. (981) - ترجمة ابن بشران في إنباه الرواة 3: 44 والمحمدون: 89 والبداية والنهاية 12: 100 والجواهر المضية 2: 11 ولسان الميزان 5: 43 والمنتظم 8: 259 والوافي 2: 82 والنجوم الزاهرة 5: 85 والشذرات 3: 310 وبغية الوعاة 1: 26 والعبر 3: 250 وسير الذهبي 18: 235 وميزان الاعتدال 3: 459 ودمية القصر 1: 317، 349 وسؤالات الحافظ السلفي: 20. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2350 فقد أسدى إليّ يدا بأني ... عرفت بها عدوّي من صديقي قال: وهذا آخر ما قاله من الشعر. قال الحميدي: وما أظن البيتين إلا لغيره. قال: وأنشدنا وقد انقطع الناس عن عيادته والدخول إليه: ما لي أرى الأبصار بي جافيه ... لم تلتفت منّي إلى ناحيه لا ينظر الناس إلى الميت لا «1» ... وإنما الناس مع العافية وله حظّ وافر من الشعر في قوله وعلمه، فمن شعره «2» : لولا تعرّض ذكر من سكن الغضا ... ما كان قلبي للضنى متعرضا لكن جفا جفني الكرى بجفائهم ... وحشا حشاي فراقهم جمر الغضا ولو ان ما بي بالرياح لما جرت ... والبرق لو يمنى به ما أومضا يا راكبا يطوي الدجنّة عيسه ... فتريه رضراض الحصى مترضرضا بلّغ رعاك الله سكان الغضا ... عنّي التحية إن عرضت معرّضا وقل انقضى عصر الشباب وودّنا ... باق على مرّ الليالي ما انقضى إن كان قد حكم الزمان ببعدكم ... أبدا فتسليما لما حكم القضا ونضا الشباب قناعه لما رأى ... سيف المشيب على المفارق منتضى قد كنت ألقى الدهر أبيض ناضرا ... فاسودّ لما صار رأسي أبيضا لولا اعترافي بالزمان وريبه ... ما كنت ممن يرتضي غير الرضى وله «3» : لا تغترر بهوى الملاح فربما ... ظهرت خلائق للملاح قباح وكذا السيوف يروق حسن صقالها ... وبحدها تتخطّف الأرواح الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2351 وله: هوى النفس سكر والسلوّ إفاقة ... ولن يستبين الرشد ذو الرشد أو يصحو فدع نصح من أعماه عن رشده الهوى ... فإن سواء عنده الغشّ والنصح وله «1» : ولما أثاروا العيس للبين بيّنت ... غرامي لمن حولي دموع وأنفاس فقلت لهم لا بأس بي فتعجبوا ... وقالوا الذي أبديته كلّه باس تعوّض بأنس الصبر من وحشة الأسى ... فقد فارق الأحباب من قبلك الناس وله: توهمه قلبي فأوحى ضميره ... قبولا فأحكمنا الهوى بالسرائر فلما التقينا شبّت الحرب بيننا ... على السلم منا مقلتاه وناظري جرحت بلحظي وجنتيه فأقصدت ... لواحظه قلبي بأسهم ثائر وله: سقى الله ليلا بتّ فيه مغازلا ... غزالا حكى لي وجهه طلعة البدر أصبت به من غرة الدهر فرصة ... فبادرتها علما بعاقبة الدهر وله: أفدي الذي عارضه خدّيه لم يدعا ... إذ أعرضا جوهرا مني ولا عرضا ولم يزل ممرضي تمريض مقلته ... حتى ثناني على فرش الضنى حرضا قال الوشاة إلى كم ذا الغرام به ... فقلت حتى أرى من حسنه عوضا قالوا فقد كنت ذا صبر تعوذ به ... فقلت شرّده عني الهوى فمضى وله «2» : إن قدّم الحظّ قوما ما لهم قدم ... في فضل علم ولا حزم ولا جلد الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2352 فهكذا الفلك العلويّ أنجمه ... تقدّم الثور فيها رتبة الأسد وله: لما بدا يفتن الألباب رؤيته ... أبديت من حبه ما كنت أخفيه وبان عذري لعذّالي فكلهم ... إليّ معتذر من عذله فيه لكن سكرت براح من لواحظه ... فما أفقت بغير الراح من فيه قال وقد سئل ابن بشران إجازة هذا البيت: ليس يخفى عليك وجدي عليكا ... واشتكائي شوقي إليك إليكا فقال: ونزول المشيب قبل أوان الش ... يب في عارضيّ من عارضيكا وحياتي لديك في قبضة الأس ... د فكن حافظا حياتي لديكا وعليك اعتمدت في حفظ عهدي ... فارع لي حرمة اعتمادي عليكا ناظري ناظر إلى جنة من ... ك وقلبي في النار من ناظريكا نقلت من خط خميس الحوزي قال، قال قاضي القضاة أبو الفرج محمد بن عبيد الله بن الحسن قاضي البصرة، قال: اجتمعت مع أبي غالب ابن بشران في جمادى الأولى سنة ستين وأربعمائة بواسط، فسألته أولا عن سبب تجنبه الانتساب إلى ابن بشران وهو به مشهور فقال: هو جدّي لأمي، وهو ابن عم ابن بشران المحدث الذي كان ببغداد، فسألته عن مولده فقال: مولدي في سنة ثمانين وثلاثمائة. قال الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن سلفة: وسألته- يعني خميس بن علي الحوزي أبا الكرم عن أبي غالب النحوي فقال: هو محمد بن أحمد بن سهل، يعرف بابن الخالة، أصله من نهر سابس، ينسب إلى خاله ابن بشران، وكان أحد الأعيان قدم واسط فجالس ابن الجلاب وابن دينار وتخصص بابن كروان وقرأ عليه «كتاب سيبويه» ولازم حلقة أبي إسحاق الرفاعي صاحب السيرافي. وكان يقول: قرأت عليه من أشعار العرب ألف ديوان. وكان مكثرا حسن المحاضرة مليح العارضة إلا انه لم ينتفع به أحد بواسط ولم يبرع به أحد في الأدب، وكان جيد الشعر مع ذلك، رأينا في الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2353 كتبه بعده خطوط أشياخ عدة بكتب كثيرة في الأدب وغيره إلا أنه كان معتزليّا، وشهد عند إسماعيل قاضي واسط في آخر شوطه وذكر وفاته كما تقدم. ومن شعره في أمرد التحى: قالوا التحى من قد براك صدوده ... وعمّا قليل سوف عنك يفرّج فقلت لهم إني تعشقت روضة ... بها نرجس غضّ وورد مضرّج وقد زاد فيها بعد ذاك بنفسج ... أأتركها إذ زاد فيها بنفسج وله: طلبت صديقا في البرية كلها ... فأعيا طلابي أن أصيب صديقا بلى من تسمّى بالصديق مجازة ... ولم يك في حفظ الوداد صدوقا وطلّقت ودّ العالمين صريمة ... وأصبحت من أسر الحفاظ طليقا ومن مستحسن قوله في الشيب: وقائلة إذ راعها شيب مفرقي ... وفوديّ ما هذا جعلت لك الفدا تراه الذي خبّرت قدما بأنه ... يصيّر أهل الودّ في صورة العدا لقد راعني حتى تخيلت أنه ... وحاشاك مما قلته حادث الردى فقلت لها بل روضة غاض ماؤها ... ونبت أنيق حال إذ بلغ المدى وإن عشت لاقيت الذي قد لقيته ... وأيقنت أني لم أكن فيه أوحدا وكل امرىء ان عاش للشيب عرضة ... وان عفّ عنه اليوم جاز به غدا قال: وكان لابن بشران كتب حسنة كثيرة وقفها على مشهد أبي بكر الصدّيق فذهبت على طول المدى. وسئل ابن بشران عن مقدّمة العسكر ومقدمة الكتاب فقال: أما مقدمة العسكر فلا خلاف فيه أنه بكسر الدال وأما مقدّمة الكتاب فيحتمل الوجهين، والوجه حمله على مقدمة العسكر. وله: قل للوزير الذي ما في وزارته ... لمن يلوذ به ظلّ ولا شرف الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2354 حتام ويلي أنا وقف عليك ولي ... إلى سواك من الأمجاد منصرف كأنني فرس الشطرنج ليس له ... في ظلّ صاحبه ماء ولا علف [982] محمد بن أحمد بن علي بن محمد بن يزيد بن حاتم الباوردي النحوي أبو يعقوب: قال أحمد بن محمد بن مرزوق الأنماطي المصري: مات يوم الأربعاء لسبع وعشرين ليلة خلت من ربيع الآخر سنة تسع وأربعين وأربعمائة. [983] محمد بن أحمد بن محمد الصفار أبو بكر الأديب الأصبهاني: ذكره يحيى بن عبد الوهاب بن منده فقال: كان يختلف إلى [حلق] الحديث إلى ان مات وكان يعظ الناس مدة ثم اشتغل بالعلم إلى أن مات، كان أديبا فاضلا بارعا في الأدب حسن الخلق مائلا الى الخيرات. مات في شهر ربيع الأول سنة سبعين وأربعمائة. [984] محمد بن أحمد المعموري البيهقي الأديب الفيلسوف: مات مقتولا في شهور سنة خمس وثمانين وأربعمائة، كذا ذكر البيهقي في «كتاب الوشاح» وقال: كان من علية الحكماء والأئمة، وقد ألقت العلوم إليه أطراف الأزمة، واتفق أنه انتقل إلى اصبهان في خدمة تاج الملك الذي كان وزيرا بعد نظام الملك، وكان قد نظر في زايرجة طالعه فرأى من التسييرات إلى القواطع وشعاع النحوس ما يدل على الخوف   (982) - بغية الوعاة 1: 36 (عن ياقوت) . (983) - ترجمة الصفار في إنباه الرواة 3: 47. (984) - الأرجح أنه هو محمد بن أحمد المعموري الذي وردت ترجمته في تاريخ حكماء الاسلام: 163، وأنه أخذ من مخبأه وأحرق حين جرى إحراق أصحاب الجبال والقلاع من الباطنية، وذكر تفصيلات حول ذلك الحادث؛ وانظر الوافي 2: 75 (وهو لا يعدو ما أورده ياقوت) . الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2355 والوجل، فأغلق باب داره عليه، فأخرج وقتل واحرق على سبيل الغلط، قضاء الله ليس له مردّ. ومن منظومه: دعاك الربيع وأيامه ... ألا فاستمع قول داع نصوح يقول اشرب الراح وردية ... ففي الراح يا صاح روح وروح وغنّى البلابل عند الصباح ... لأهل الشراب: الصبوح الصبوح قال ومن تصانيفه: كتاب في التصريف مجدول. كتاب في النحو. كتاب في المخروطات والهندسة وغير ذلك. [985] محمد بن أحمد بن عبد الباقي بن منصور بن إبراهيم الدقاق أبو بكر المعروف بابن الخاضبة الحافظ العالم: مات فيما نقلت من «المذيل» بخط أبي سعد السمعاني في شهر ربيع الأول سنة تسع وثمانين وأربعمائة ودفن بمقبرة الأجمة المتصلة بباب أبرز. قال أبو سعد: وكان حافظا فهما درس القرآن وتفقه زمانا وقرأ الحديث فأكثر، وكان مفيد بغداد والمشار إليه في القراءة الصحيحة والنقل المستقيم، وكان مع ذلك صالحا ورعا دينا خيرا، سمع بمكة والشام والعراق، وأكثر ببغداد عن أبي بكر أحمد بن علي الخطيب وأصحاب أبي طاهر المخلص وأبي حفص الكتاني وعيسى بن علي الوزير وطبقتهم، وأدركته المنية قبل وقت الرواية. سمع منه جماعة من مشايخنا، وسمعوا بقراءته وإفادته الكثير، ورأيتهم مجمعين على الثناء عليه والمدح له: والناس أكيس من أن يمدحوا رجلا ... حتى يروا عنده آثار إحسان قال السمعاني: سمعت أبا العلاء أحمد بن محمد بن الفضل الحافظ، ذكر أبو   (985) - ترجمة ابن الخاضبة في سؤالات الحافظ السلفي: 102 والمنتظم 9: 101 وعبر الذهبي 3: 325 وسير الذهبي 19: 109 وميزان الاعتدال 3: 465 وتذكرة الحفاظ 4: 1224 والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد: 5 والوافي 2: 89 ولسان الميزان 5: 75 وطبقات الحفاظ: 448 والشذرات 3: 393. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2356 الفضل محمد بن طاهر المقدسي، سمعت أبا بكر محمد بن أحمد بن عبد الباقي الدقاق المعروف بابن الخاضبة يقول: لما كانت سنة الغرق «1» وقعت داري على قماشي وكتبي، وكان لي عائلة الوالدة والزوجة والبنت، فكنت أورّق للناس وأنفق على الأهل، فأعرف أنني كتبت «صحيح مسلم» في تلك السنة سبع مرات، فلما كان ليلة من الليالي رأيت في المنام كأنّ القيامة قد قامت ومناد ينادي ابن الخاضبة، فأحضرت فقيل لي ادخل الجنة، فلما دخلت الباب وصرت من داخل استلقيت على قفاي ووضعت إحدى رجليّ على الأخرى وقلت: آه استرحت والله من النسخ. قال السمعاني: وسمعت أبا المناقب محمد بن حمزة بن إسماعيل العلوي بهمذان مذاكرة يقول: ذكر أبو بكر ابن الخاضبة رحمه الله أنه كان ليلة من الليالي قاعدا ينسخ شيئا من الحديث بعد أن مضى قطعة من الليل، قال: وكنت ضيق اليد، فخرجت فأرة كبيرة وجعلت تعدو في البيت، وإذا بعد ساعة قد خرجت أخرى، وجعلا يلعبان بين يديّ ويتقافزان إلى أن دنوا من ضوء السراج، وتقدمت إحداهما إليّ وكانت بين يديّ طاسة فأكببتها عليها، فجاءت صاحبتها فدخل «2» سربه وإذا بعد ساعة قد خرج وفي فيه دينار صحيح وتركه بين يدي، فنظرت إليه وسكت واشتغلت بالنسخ، ومكث ساعة ينظر إليّ، فرجع وجاء بدينار آخر ومكث ساعة أخرى، وانا ساكت انظر وأنسخ، فكان يمضي ويجيء إلى أن جاء بأربعة دنانير أو خمسة، الشكّ مني، وقعد زمانا طويلا أطول من كلّ نوبة ورجع ودخل سربه وخرج، وإذا في فيه جليدة كانت فيها الدنانير وتركها فوق الدنانير، فعرفت أنه ما بقي معه شيء، فرفعت الطاسة فقفزا فدخلا البيت، وأخذت الدنانير وأنفقتها في مهمّ لي، وكان في كل دينار دينار وربع. قال السمعاني: حكى أبو المناقب العلوي هذا أو معناه فاني كتبت من حفظي والعهدة عليه فيما حكى وروى. فإني ذاكرت بهذه الحكاية بعض أهل العلم بدمشق فنسبها إلى غير ابن الخاضبة، والله أعلم. قال: وسمعت أبا الفضل محمد بن ناصر بن محمد بن علي السلامي يقول: الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2357 سمعت أبا بكر ابن الخاضبة يحكي هذه الحكاية عن مؤدبّه أبي طالب المعروف بابن الدلو كان يسكن بنهر طابق وكان رجلا صالحا، وحكى عنه حكايات أخر أيضا في إجابة الدعاء، ولم يحكها ابن الخاضبة عن نفسه، فذهب على أبي المناقب ولم يكن ضابطا، كان متساهلا في الرواية. قال مؤلف هذا الكتاب: وهذه حكاية على ما يرى من الاستحالة، وقد أوردتها أنا لثقة موردها وتحريه في الرواية، فان صحّت فقد فزت بحظّ من العجب، والا فاجعلها كالسمر تستمتع به. قال السمعاني: وأنشدني أبو صالح عبد الصمد بن عبد الرحمن الحنوي، أنشدنا محمد بن أحمد بن عبد الباقي الدقاق، أنشدنا أبو علي إسماعيل بن قلية ببيت المقدس: كتبت إليك إليّ الكتاب ... وأودعته منك حسن الخطاب لتقرأه أنت لا بل أنا ... وينفذ مني إليّ الجواب قال مؤلف الكتاب: إنما ذكرت ابن الخاضبة في كتابي هذا وان لم يكن ممن اشتهر بالأدب لأشياء منها أنه كان قارئا ورّاقا، وله حكايات ممتعة، ولم يكن بالعاري من الأدب بالكلية. [986] محمد بن أحمد بن علي بن حامد الكركانجي أبو نصر المروزي: من أهل مرو، صاحب أبي الحسين الدهان، مات فيما ذكره السمعاني في «المذيل» عن ابنه عبد الرحمن الكركانجي قال: توفي الإمام الوالد في ثاني عشر ذي الحجة سنة أربع وثمانين وأربعمائة، وهو ابن نيف وتسعين سنة. ومولده في حدود سنة تسعين وثلاثمائة بمرو.   (986) - ترجمة الكركانجي في الأنساب 10: 398 والمنتظم 9: 60 ومعرفة القراء الكبار 1: 354 وعبر الذهبي 3: 305 وسير الذهبي 18: 600 والوافي 2: 88 والبداية والنهاية 12: 138 وطبقات ابن الجزري 2: 72 والنجوم الزاهرة 5: 133 والشذرات 3: 372 ومعجم البلدان (كركانج) . الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2358 قال: وكان إماما فاضلا في علوم القرآن، صاحب التصانيف الحسنة فيها مثل: كتاب المعول. وكتاب التذكرة لأهل البصرة وغير ذلك. سافر الكثير إلى العراق والحجاز والجزيرة والشام والسواحل في طلب علم القرآن والقراءة على المشايخ إلى أن صار أوحد عصره وفريد دهره في فنه، وكان مع فضله زاهدا ورعا متدينا. قال: حكى لي بعض المشايخ أن أبا نصر المقرىء المروزي قال: غرقت نوبة في البحر وانكسر المركب، فكنت أخوض في الماء وتلعب بي الأمواج، فنظرت إلى الشمس وقد زالت ودخل وقت الظهر، فغصت في الماء ونويت أداء فرض الظهر وأنا أنزل في الماء، وشرعت في الصلاة على حسب الوقت، فخلصني الله تعالى ببركة ذلك. وقرأ القرآن على جماعة كثيرة: منهم بمرو على أستاذه أبي الحسين عبد الرحمن بن محمد بن أحمد الدهان المقرىء، وبنيسابور على أبي عبد الله محمد بن علي الخبازي وأبي عثمان سعيد بن محمد المعدل، وببغداد على أبي الحسن علي بن أحمد بن عمر بن حفص بن الحمامي، وذكر غير هؤلاء. قال: سمعت أبا عبد الله محمد بن عبد الرزاق المقرىء بسرخس يقول: سمعت أستاذي أبا نصر محمد بن أحمد بن علي المقرىء الكركانجي بجيرنج يسأل ويقول: أين في القرآن كلمة متصلة عشرة أحرف؟ فأفحمنا، فقال: ليستخلفنّكم في الأرض. ثم قال: فأين جاء في القرآن بين أربع كلمات ثمان نونات فلم نحر جوابا فقال إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ (يوسف: 2) . وذكر السمعاني باسناد آخر أن أبا نصر الكركانجي قال: نصف القرآن في قوله تعالى لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً (الكهف: 74) النون والكاف من النصف الأول والراء والألف من النصف الثاني. قال: وسمعت المقرىء أبا عبد الله محمد بن عبد الرزاق الحداد بسرخس يقول: سمعت المقرىء أبا نصر محمد بن أحمد الكركانجي بجيرنج يقول: أردت أن أقرأ القرآن على بعض القراء بالشام برواية وقعت له عالية، فامتنع عليّ، ثم قال لي: تقرأ عليّ كلّ يوم عشرا وتدفع إليّ مثقالا من الفضة، فقبلت ذلك منه شئت أو أبيت؛ قال: فلما وصلت إلى المفصّل أذن لي كلّ يوم في قراءة سورة كاملة، وكنت أرسل الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2359 غلماني في التجارة إلى البلاد، وأقمت عنده سنة وخمسة أشهر أو سنة حتى ختمت، واتفق أن لم يردّ عليّ في هذه الرواية خلافا من جودة قراءتي، فلما قرب أن أختم الكتاب جمع أصحابه الذين قرؤوا عليه في البلاد القريبة منه وأمرهم أن يحمل إليّ كلّ واحد منهم شستكة «1» قيمتها دينار أحمر وفيها من دينارين إلى خمسة، وقال لهم المقرىء: اعلموا أنّ هذا الشاب قرأ عليّ الرواية الفلانية ولم أحتج أن أردّ عليه، ووزن في كلّ يوم مثقالا من الفضة، وأردت أن أعرف حرصه في القراءة مع الجودة. وردّ عليّ ما كان أخذه مني، ودفع إليّ كلّ ما حمله أصحابه من الشساتك والذهب، فامتنعت، فأظهر الكراهية حتى أخذت ما أشار إليه وخرجت من تلك البلدة. [987] محمد بن أحمد الابيوردي الكوفني أحد قراء أبيورد: هو أبو المظفر محمد بن أبي العباس أحمد بن محمد بن أبي العباس أحمد بن إسحاق بن أبي العباس محمد الإمام بن إسحاق بن الحسن أبي الفتيان بن أبي مرفوعة منصور بن معاوية الأصغر بن محمد بن أبي العباس عثمان بن عنبسة [بن] عتبة بن عثمان بن عنبسة بن أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف؛ نقلت هذا النسب من تاريخ جمعه منوجهر بن اسفرسيان بن منوجهر ابتدأه فيما ذكر لي في أوله من بعد ما ذكره الوزير أبو شجاع فقال فيه عند ذكر الأبيوردي: حكي أنه كان من أبيورد، ولم يعرف له هذا النسب، وانه كان ببغداد في خدمة مؤيد الملك ابن نظام الملك، فلما عادى مؤيد الملك عميد الدولة ابن جهير ألزمه أن يهجوه ففعل، فسعى عميد الدولة إلى الخليفة بأنه قد هجاك ومدح صاحب مصر، فأبيح دمه فهرب إلى همذان، واختلق هذا النسب حتى ذهب عنه ما قرف به من مدح صاحب مصر، وكان يكتب على كتبه   (987) - ترجمة الأبيوردي في إنباه الرواة 3: 49 والمنتظم 9: 176 ومعجم البلدان (أبيورد) وابن خلكان 4: 444 وعبر الذهبي 4: 14 وسير الذهبي 19: 283 وتذكرة الحفاظ: 1241 والوافي 2: 91 ومرآة الزمان، 29 ومرآة الجنان 3: 196 وطبقات السبكي 6: 81 والبداية والنهاية 12: 176 والنجوم الزاهرة 5: 206 وبغية الوعاة 1: 40 والشذرات 4: 18. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2360 «المعاويّ» ، وكان فاضلا في العربية والعلوم الأدبية نسابة ليس مثله، متكبرا عظيما، وسمع سنقر كفجك بخبره فأراد أن يجعله طغرائيّ الملك أحمد، فمات أحمد، فرجع إلى أصفهان بحال سيئة، وبقي سنين يعلم أولاد زين الملك برسق، ثم شرح سنقر الكفجك للسلطان محمد ذلك وأعطاه إشراف المملكة، وكان يدخل مع الخطير وأبي إسماعيل والمعين وشرف الدين، فتوفي فجأة بأصفهان يوم الخميس العشرين من شهر ربيع الأول سنة سبع وخمسمائة، وكذا ذكر ابن منده، ويقال: بل سقاه الخطير، ودفن بباب ديره «1» ، وكان كبير النفس عظيم الهمة لم يسأل أحدا شيئا قط مع الحاجة والمضايقة، وكان من دعائه في الصلاة: اللهم ملكني مشارق الأرض ومغاربها. ورثى الحسين عليه السلام بقصيدة قال فيها، ومن خطه نقلت «2» : فجدّي وهو عنبسة بن صخر ... بريء من يزيد ومن زياد قال السمعاني، قال شيرويه: سمع الأبيوردي إسماعيل بن مسعدة الجرجاني وعبد الوهاب [بن] محمد بن الشهيد وأبا بكر ابن خلف الشيرازي، حديثا واحدا، وأبا محمد الحسن بن أحمد السمرقندي وعبد القاهر الجرجاني النحوي. قال ابن طاهر المقدسي: عنبسة الأصغر بن عتبة الاشرف بن عثمان بن عنبسة الأكبر بن أبي سفيان. قال: ومعاوية الأصغر هو الذي ينتسب إليه الأبيوردي، ومعاوية أول من تديّر كوفن، وهي قصبة بين نسا وأبيورد ونقله إليها حيان بن حكيم العبدي «3» . وكتب مرة قصة إلى الخليفة، وكتب على رأسها الخادم المعاويّ يعني معاوية بن محمد بن عثمان لا معاوية بن أبي سفيان، فكره الخليفة النسبة إلى معاوية واستبشعها، فأمر بكشط الميم وردّ القصة فبقيت الخادم العاوي. وحدث السمعاني عن أحمد بن سعد العجلي قال: كان السلطان نازلا على باب همذان فرأيت الأديب الأبيورديّ راجعا من عندهم، فقلت له: من أين؟ فأنشأ يقول ارتجالا «4» : الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2361 ركبت طرفي فأذرى دمعه أسفا ... عند انصرافي منهم مضمر الياس وقال حتام تؤذيني فإن سنحت ... حوائج لك فاركبني إلى الناس وحدث أبو سعد السمعاني عن أبي علي أحمد بن سعيد العجلي المعروف بالبديع قال: سمعت الأبيوردي يقول في دعائه: اللهم ملكني مشارق الأرض ومغاربها، فقلت له: أي شيء هذا الدعاء؟ فكتب إليّ بهذه الأبيات «1» : يعيّرني أخو عجل إبائي ... على عدمي وتيهي واختيالي ويعلم أنني فرط لحيّ ... حموا خطط المعالي بالعوالي فلست لحاصن إن لم أزرها ... على نهل شبا الأسل الطوال وإن بلغ الرجال مداي فيما ... أحاوله فلست من الرجال قال أبو علي العجلي: وكنت يوما متكسرا فأردت أن أقوم فعضدني الأبيوردي وعاونني على القيام، ثم قال: أمويا يعضد عجليا، كفى بذلك شرفا. وقد ولي الأبيوردي خزن خزانة دار الكتب بالنظامية التي ببغداد بعد القاضي أبي يوسف يعقوب بن سليمان الاسفرائني، وكانت وفاة الاسفرائني هذا في رمضان سنة ثمان وتسعين وأربعمائة وكان أبو يوسف الاسفرائني أيضا شاعرا أديبا، وهو القائل في بهاء الدولة منصور بن مزيد صاحب حلة بني مزيد: أيا شجرات النيل من يضمن القرى ... إذا لم يكن جار الفرات ابن مزيد إذا غاب منصور فلا النور ساطع ... ولا الصبح بسّام ولا النجم مهتدي وحدث العماد محمد بن حامد الأصبهاني في «كتاب خريدة القصر» [أن] الأبيوردي تولى في آخر عمره إشراف مملكة السلطان محمد بن ملكشاه، فسقوه السم وهو واقف عند سرير السلطان، فخانته رجلاه فسقط وحمل إلى منزله، فقال «2» : وقفنا بحيث العدل مدّ رواقه ... وخيّم في أرجائه الجود والباس الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2362 وفوق السرير ابن الملوك محمد ... تخرّ له من فرط هيبته الناس فخامرني ما خانني قدمي له ... وإن ردّ عني نفرة الجأش إيناس وذاك مقام لا نوفّيه حقّه ... إذا لم ينب فيه عن القدم الراس لئن عثرت رجلي فليس لمقولي ... عثار وكم زلّت أفاضل اكياس قال العماد الأصبهاني: وكان رحمه الله عفيف الذيل، غير طفيف الكيل، صائم النهار قائم الليل، متبحرا في الأدب، خبيرا بعلم النسب، وأورد له صاحب «وشاح الدمية» فيه «1» : من أرتجي وإلى من ينتهي أربي ... ولم أطأ صهوات السبعة الشهب يا دهر هبني لا أشكو إلى أحد ... ما ظلّ منتهسا شلوي «2» من النوب تركتني بين أيدي النائبات لقى ... فلا على حسبي تبقي ولا نسبي يريك وجهي بشاشات الرضى كرما ... والصدر مشتمل مني على الغضب إن هزّني اليسر لم أنهض على مرح ... أو مسّني الضرّ لم أجثم على لغب «3» حسب الفتى من غناه سدّ جوعته ... وكلّ ما يقتنيه نهزة العطب وله «4» : خليليّ إن الحبّ ما تعرفانه ... فلا تنكرا أنّ الحنين من الوجد أحنّ وللانضاء بالغور حنّة ... إذا ذكرت أوطانها بربى نجد وله «5» : خطرت لذكرك يا أميمة خطرة ... بالقلب تجلب عبرة المشتاق وتذود عن قلبي سواك كما أبى ... دمعي جواز النوم بالآماق الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2363 لم يبق منّي الحبّ غير حشاشة ... تشكو الصبابة فاذهبي بالباقي أيبلّ من جلب السقام طبيبه ... ويفيق من سحرته عين الراقي إن كان طرفك ذاق ريقك فالذي ... ألقى من المسقيّ فعل الساقي نفسي فداؤك من ظلوم أعطيت ... رقّ القلوب وطاعة الأحداق فلقلة الأشباه فيما أوتيت ... أضحت تدلّ بكثرة العشاق وله «1» : علاقة بفؤادي أعقبت كمدا ... لنظرة بمنى أرسلتها عرضا وللحجيج ضجيج في جوانبه ... يقضون ما أوجب الرحمن وافترضا فاستنفض «2» القلب رعبا ما جنى نظري ... كالصقر ندّاه طلّ الليل فانتفضا وقد رمتني غداة الخيف غانية ... بناظر إن رمى لم يخطىء الغرضا لما رأى صاحبي ما بي بكى جزعا ... ولم يجد بمنى عن خلّتي عوضا وقال دع «3» يا فتى فهر فقلت له ... يا سعد أودع قلبي طرفها مرضا فبتّ أشكو هواها وهو مرتفق ... يشوقه البرق نجديّا إذا ومضا تبدو لوامعه كالسيف مختضبا ... شباه بالدم أو كالعرق إن نبضا ولم يطق ما أعانيه فغادرني ... بين النقا والمصلّى عندها ومضى وقرأت من خط تاج الاسلام اختلافا في نسبه وهو: محمد بن أحمد بن محمد بن إسحاق بن الحسن بن منصور بن معاوية بن محمد بن عثمان بن عتبة بن عنبسة بن أبي سفيان صخر بن حرب الأموي العبشمي، أوحد عصره وفريد دهره في معرفة اللغة والأنساب وغير ذلك، وأليق ما وصف به بيت أبي العلاء المعري: وإني وإن كنت الأخير زمانه ... لآت بما لم تستطعه الأوائل وله تصانيف كثيرة: منها كتاب تاريخ أبيورد ونسا. كتاب المختلف والمؤتلف. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2364 كتاب قبسة العجلان في نسب آل أبي سفيان. كتاب نهزة الحافظ. كتاب المجتبى من المجتنى في رجال كتاب أبي عبد الرحمن النسائي في السنن المأثورة، وشرح غريبه. كتاب ما اختلف وائتلف في أنساب العرب. كتاب طبقات العلم في كل فن. كتاب كبير في الأنساب. كتاب تعلّة المشتاق إلى ساكني العراق. كتاب كوكب المتأمل، يصف فيه الخيل. كتاب تعلّة المقرور في وصف البرد والنيران وهمذان. كتاب الدرة الثمينة. كتاب صهلة القارح ردّ فيه على المعري «سقط الزند» . وله في اللغة مصنفات ما سبق إليها. وكان حسن السيرة جميل الأمر منظرانيّا من الرجال، سمع الحديث فأكثر، ولقي عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني النحوي وأخذ عنه، وروى عنه جماعة غير محصورة. وقال السمعاني: سمعت أبا الفتح محمد بن علي بن محمد بن إبراهيم النطنزي يقول: سمعت الأبيوردي يقول: كنت ببغداد عشرين سنة حتى أمرّن طبعي على العربية وبعد أنا أرتضخ لكنة. قال: وقرأت بخط يحيى بن عبد الوهاب بن منده: سئل الأديب الأبيوردي عن أحاديث الصفات فقال نقرّ ونمرّ. وأنشد السمعاني للأبيوردي بإسناد: جدّي معاوية الأغرّ سمت به ... جرثومة من طينها خلق النبي وورثته شرفا رفعت مناره ... فبنو أمية يفخرون به وبي وأنشد له «1» : كفّى أميمة غرب اللوم والعذل ... فليس عرضي على حال بمبتذل إن مسّني العدم فاستبقي الحياء ولا ... تكلفيني سؤال العصبة السفل فشعر مثلي وخير القول أصدقه ... ما كان يفترّ عن فخر وعن غزل أما الهجاء فلا أرضى به خلقا ... والمدح إن قلته فالمجد يغضب لي الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2365 وكيف أمدح أقواما أوائلهم ... كانوا لأسلافي الماضين كالخول وله أيضا في مدح الأئمة الخمسة «1» : زاهر العود رطيبه ... ولياليه تشيبه كلّ يوم من مكان ... يلبس الذلّ غريبه وهو يسعى طالبا لل ... علم والهمّ يذيبه وطوى برد صباه ... قبل أن يبلى قشيبه واقتدى بالقوم يدعوه ... هواه فيجيبه خمسة لا يجد الحاسد ... فيهم ما يعيبه منهم الجعفيّ لا يع ... رف في العلم ضريبه وإذا اعتلّ حديث ... فالقشيريّ طبيبه وأخونا ابن شعيب ... حازم الرأي صليبه وأبو داوود موفو ... ر من الفضل نصيبه وأبو عيسى يرى الجه ... ميّ منه ما يريبه جادهم ذو زجل يس ... تضحك الروض نحيبه طار فيه البرق حتى ... خالط الماء لهيبه وأنشد له «2» : تنكّر لي دهري ولم يدر أنني ... أعزّ وأحداث الزمان تهون فبات يريني الخطب كيف اعتداؤه ... وبتّ أريه الصبر كيف يكون له في الغزل «3» : أعصر الحمى عد فالمطايا مناخة ... بمنزلة جرداء ضاح مقيلها الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2366 لئن كانت الأيام فيك قصيرة ... فكم حنة لي بعدها أستطيلها وله «1» : رمتني غداة الخيف ليلى بنظرة ... على خفر والعيس صعر خدودها شكت سقما ألحاظها وهي صحة ... فلست ترى إلا القلوب تعودها وله «2» : صلي يا ابنة الأشراف أروع ماجدا ... بعيد مناط الهمّ جمّ المسالك ولا تتركيه بين شاك وشاكر ... ومطر ومغتاب وباك وضاحك فقد ذلّ حتى كاد ترحمه العدى ... وما الحبّ يا ظبياء إلا كذلك ووجدت بعد ذلك رسالة كتبها إلى أمير المؤمنين المستظهر بالله يعتذر، تدلّ على صحة ما نسب إليه من الهرب من بغداد، نسختها: إحسان المواقف المقدسة النبوية الامامية الطاهرة الزكية الممجدة العلية، زاد الله في إشراق أنوارها، وإعزاز أشياعها وأنصارها، وجعل أعداءها حصائد نقمها، ولا سلب أولياءها قلائد نعمها، شمل الأنام، وغمر الخاصّ والعام، وأحقّ خدمها بها من انتهج المذاهب الرشيدة في الولاء الناصع، والتزم الشاكلة الحميدة في الثناء المتتابع، ولا خفاء باعتلاق الخادم أهداب الاخلاص، واستيجابه مزايا الاجتباء والاختصاص، لما أسلفه من شوافع الخدم، ومهّده من أواصر الذمم، متوفرا على دعاء يصدره من خلوص اليقين، ويعدّ المواصلة به من مفترضات الدين، ولئن صدّت الموانع عن المثول بالسدّة المنيفة، والاستذراء بالجناب الأكرم في الخدمة الشريفة، فهو في حالتي دنوّه منها واقترابه، وتارتي انتزاحه عنها واغترابه، على السّنن القاصد في المشايعة مقيم، ولما يشمله من نفحات الأيام الزاهرة مستديم. وقد علم الله سبحانه، ولا يستشهده كاذبا، إلا من كان لرداء الغيّ جاذبا، أنه مطويّ الجنان على الولاء، منطلق اللسان بالشكر والدعاء، يتّشح بهما الصبح كاشرا عن نابه، ويدّرعهما الليل ناشرا سابغ جلبابه، وكان يغبّ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2367 خدمه اتقاء لقوم يبغونه الغوائل، وينصبون له الحبائل، وتدعوهم العقائد المدخولة إلى تنفيره، ويرقّون عنه غير ما أجنّه في ضميره، ولا يرقبون في مؤمن إلّا ولا ذماما، ويزيدهم الاستدراج على الجرائم جرأة واقداما، حتى استشعر وجلا، فاتخذ الليل جملا، والتحف بناشئة الظلماء، والفرار مما لا يطاق من سنن الأنبياء، ولم يزل يستبطىء فيهم المقادير، والأيام ترمز بما يعقب التبديل والتغيير، فحاق بهم مكرهم، وانقضت شرتهم وشرهم: عذرت الذرى لو خاطرتني قرومها ... فما بال أكارين فدع القوائم وعاود الخادم المثابرة على الممادح الإمامية مطنبا ومطيلا، إذ وجد إلى مطالعة مقارّ العزّ والعظمة ومواقف الإمامة المكرمة بها سبيلا، وهذه فاتحة ما نظم، وانتهز فرصة الامكان فيه واغتنم «1» : لك من غليل صبابتي ما أضمر ... وأسرّ من ألم الغرام وأظهر وتذكّري زمن العذيب يشفّني ... والوجد ممنوّ به المتذكّر إذ لمّتي سحماء مدّ على التقى ... أظلالها ورق الشباب الأخضر ولداتك النشء الصغار وليس ما ... ألقاه فيك من الملاوم يصغر «2» هو ملعب شرقت بنا أرجاؤه ... إذ نحن في حلل الشبيبة نخطر فبحرّ أنفاسي وصوب مدامعي ... أضحت معالمه تراح وتمطر وأجيل في تلك المعاهد ناظري ... فالقلب يعرفها وطرفي ينكر وأردّ عبرتي الجموح لأنها ... بمقيل سرّك في الجوانح تخبر فأبيت محتضر الجوى قلق الحشا ... وأظلّ أعذل «3» في هواك وأعذر غضبت قريش إذ ملكت مقادتي ... غضبا يكاد السمّ منه يقطر وتعاورت عذلي فما أرعيتها ... سمعا يقلّ به الملام ويكثر الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2368 ولقد يهون على العشيرة أنني ... أشكو الغرام فيرقدون وأسهر وبمهجتي هيفاء يرفع جيدها ... رشأ ويخفض ناظريها جؤذر طرقت وأجفان الوشاة على الكرى ... تطوى وأردية الغياهب تنشر والشهب في غسق الدجى «1» كأسنّة ... زرق يصافحها العجاج الأكدر فنجاد سيفي مسّ ثني وشاحها ... بمضاجع كرمت وعفّ المئزر ثم افترقنا والرقيب يروع بي ... أسدا يودّعه غزال أحور والدرّ ينظم حين تضحك عقده ... وإذا بكيت فمن جفوني ينثر فوطئت خدّ الليل فوق مطهّم ... تسمو لغايته الرياح فتحسر «2» طرب العنان كأنه في حضره ... نار بمعترك الجياد تسعّر والعزّ يلحفني وشائع برده ... حلق الدلاص وصارمي والأشقر وعلام أدّرع الهوان وموئلي ... خير الخلائق أحمد المستظهر هو غرّة الزمن الكثير شياته ... زهي السرير به وتاه المنبر وله كما اطّردت أنابيب القنا ... شرف وعرق بالنبوة يزخر وعلا ترفّ على التقى وسماحة ... علق الرجاء بها وبأس يحذر لا تنفع الصلوات من هو ساحب ... ذيل الضلال وعن هواه أزور ولو استميلت عنه هامة مارق ... لدعا صوارمه إليها المغفر والله يحرس بابن عمّ رسوله ... دين الهدى وبه يعان وينصر فعفاته حيث الغنى يسع المنى ... وعداته حيث القنا يتكسر وبسيبه وبسيفه أعمارهم ... في كلّ معضلة تطول وتقصر وكأنه المنصور في عزماته ... ومحمد في المكرمات وجعفر وإذا معدّ حصّلت أنسابها ... فهم الذرى والجوهر المتخيّر الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2369 ولهم وقائع في العدى مذكورة ... تروي الذئاب حديثها والأنسر والسمر في اللبات راعفة دما ... والبيض يخضبها النجيع الأحمر والقرن يركب ردعه سهل الخطا ... والأعوجيّة بالجماجم تعثر ودجا النهار من العجاج وأشرقت ... فيه الصوارم فهو ليل مقمر يا ابن الشفيع إلى الحيا ما لامرىء ... طامنت نخوته المحلّ الأكبر أنا عبد نعمتك «1» التي لا تجتدى ... معها السحائب فهي منها أغزر والنّجح يضمنه «2» لمن يرتادها ... منا الطلاقة والجبين الأزهر ولقد عداني عن جنابك حادث ... أنحى عليّ به الزمان الأغبر «3» وإن اقتربت أو اغتربت فإنني ... لهج بشكر عوارف لا تكفر وعلاك لي في ظلّها ما أبتغي ... منها ومن كلمي لها ما يذخر يسدي مديحك هاجسي وينيره ... فكري وحظّي في امتداحك أوفر بغداد أيتها المطيّ فواصلي ... عنقا تئنّ له القلاص الضمّر إني وحقّ المستجنّ بطيبة ... كلف بها وإلى ذراها أصور «4» وكأنني مما تسوّله المنى ... والدار نازحة إليها أنظر أرض تجرّ بها الخلافة ذيلها ... وبها الجباه من الملوك تعفّر فكأنها جلبت «5» علينا جنة ... وكأن دجلة فاض فيها الكوثر وهواؤها أرج النسيم وتربها ... مسك تهاداه الغدائر أذفر يقوى الضعيف بها ويأمن خائف ... قلقت وسادته ويثري المقتر فتركتها إذ صدّ عني معشري «6» ... وبغى عليّ من الأراذل معشر الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2370 من كلّ ملتحف بما يصم الفتى ... يؤذي ويظلم أو يجور ويغدر فنفضت منه يدي مخافة كيده ... إنّ الكريم على الأذى لا يصبر والأبيض المأثور يخطم بالردى ... من لا ينهنهه القطيع الأسمر فارفضّ شملهم وكم من مورد ... للظالمين وليس عنه مصدر وأبى لشعري أن أدنّسه بهم ... حسبي وحسب ذوي الخنا أن يحقروا قابلت سيّء ما أتوا بجميل ما ... آتي فاني بالمكارم أجدر وإلى أمير المؤمنين تطلعت ... مدح كما ابتسم الرياض تحبّر ويقيم مائدهنّ ليل مظلم ... ويضمّ شاردهنّ صبح مسفر فبمثل طاعته الهداية تبتغى ... وبفضل نائله الخصاصة تجبر وله «1» : ألا ليت شعري هل تخبّ مطيتي ... بحيث الكثيب الفرد والأجرع السهل ألذّ به مسّ الثرى ويروقني ... حواشي ربى يغذو أزاهيرها الوبل ولولا دواعي حبّ رملة لم أقل ... إذا زرت مغناها به سقي الرمل فيا حبذا أثل العقيق ومن به ... وان رحلت عنه فلا حبّذا الأثل ضعيفة رجع القول من ترف الصبا ... لها نظرة تنسيك ما يفعل النصل وقد بعثت سرّا إليّ رسولها ... لأهجرها والهجر شيمة من يسلو تخاف عليّ الحيّ إذ نذروا دمي ... سأرخصه فيها على أنه يغلو أيمنعني خوف الردى أن أزورها ... وأروح من صبري على هجرها القتل إذا رضيت عني فلا بات ليلة ... على غضب إلا العشيرة والأهل وله «2» : خطوب للقلوب بها وجيب ... تكاد لها مفارقنا تشيب الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2371 نرى الأقدار جارية بأمر ... يريب ذوي العقول بما يريب فتنجح في مطالبها كلاب ... وأسد الغاب ضارية تخيب وتقسم هذه الأرزاق فينا ... فما ندري أتخطىء أم تصيب ونخضع راغمين لها اضطرارا ... وكيف يلاطم الإشفا لبيب وله «1» : وغادة لو رأتها الشمس ما طلعت ... والرئم أغضى وغصن البان لم يمس عانقتها برداء الليل مشتملا ... حتى انتبهت ببرد الحلي في الغلس فظلت أحميه خوفا أن ينبهها ... وأتقي أن أذيب العقد بالنفس وله «2» : ومتّشح باللؤم جاذبني العلا ... فقدّمه يسر وأخّرني عسر وطوقت أعناق المقادير ما أتى ... به الدهر حتى ذلّ للعجز الصدر ولو نيلت الأرزاق بالفضل والحجى ... لما كان يرجو أن يثوب له وفر فيا نفس صبرا إنّ للهمّ فرجة ... فما لك الا العزّ عندي أو القبر ولي حسب يستوعب الأرض ذكره ... على العدم والأحساب يدفنها الفقر وله أيضا وهو من جيد شعره «3» : وعليلة الألحاظ ترقد عن ... صبّ يصافح جفنه الأرق وفؤاده كسوارها حرج ... ووساده كوشاحها قلق عانقتها والشهب ناعسة ... والأفق بالظلماء منتطق ولثمتها والليل من قصر ... قد كاد يلثم فجره الشفق بمعانق «4» ألف العفاف به ... كرم بأذيال التقى علق الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2372 ثم افترقنا حين فاجأنا ... صبح تقاسم ضوءه الحدق وبنحرها من أدمعي بلل ... وبراحتي من نشرها عبق وله: بيضاء إن نطقت في الحيّ أو نظرت ... تقاسم السحر أسماع وأبصار والركب يسرون والظلماء عاكفة ... كأنهم في ضمير القلب أسرار وله «1» : وقصائد مثل الرياض أضعتها ... في باخل ضاعت به الأحساب فإذا تناشدها الرواة وأبصروا ال ... ممدوح قالوا ساحر كذاب وله «2» : ما للجبان ألان الله ساحته «3» ... ظنّ الشجاعة مرقاة إلى الأجل وكم حياة جنتها «4» النفس من تلف ... وربّ أمن حواه القلب من وجل فقت الثناء فلم أبلغ مداك به ... حتى توهمت أن العجز من قبلي والعيّ أن يصف الورقاء مادحها ... بالطّوق أو يمدح الأدماء بالكحل وله «5» : وقد سئمت مقامي بين شرذمة ... إذا نظرت اليهم قطّبت هممي أراذل ملكوا الدنيا وأوجههم ... لم يكشف الفقر عنها بهجة النعم وله: ألام على نجد وأبكي صبابة ... رويدك يا دمعي ويا عاذلي رفقا فلي بالحمى من لا أطيق فراقه ... به يسعد الواشي ولكّنني أشقى الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2373 وأكرم من جيرانه كلّ طارىء ... يودّ ودادا أنه من دمي يسقى اذا لم يدع مني نواه وحبّه ... سوى رمق يا أهل نجد فكم يبقى ولولا الهوى ما لان للدهر جانبي ... ولا رضيت مني قريش بما ألقى قرأت بخط محمد بن عبيد الله الشاعر المعروف بابن التعاويذي قال، حدثني الشيخ أبو محمد عبد الله بن أحمد بن أحمد بن الخشاب قال، حدثني الشيخ أبو منصور ابن الجواليقي قال: كنت أقرأ على أبي زكريا شعر أبي دهبل الجمحي حتى وصلت إلى هذا البيت «1» : يجول وشاحاها ويغرب حجلها ... ويشبع منها وقف عاج ودملج قال فقلت له: وصفها بقوله يجول وشاحاها بأنها هضيمة الحشا، وبقوله ويشبع منها وقف عاج ودملج أنها عبلة الزند والعضد، فما معنى قوله ويغرب حجلها؛ فقال: لا أدري، وكان الأبيوردي حاضرا، فلما قمت من عنده قال لي الأبيوردي: أتحبّ أن تعرف معنى هذا البيت؟ قلت: نعم، فقال: اتبعني، فمضيت معه إلى بيته فأجلسني وأخرج سلّة فيها جزاز فجعل يطوفها إلى أن أخرج ورقة فنظر فيها وقال لي: إنه مدح امرأة من آل أبي سفيان وهم يوصفون بأنهم سته حمش، والحمش دقّة الساقين. ومن افتخاراته قوله «2» : يا من يساجلني وليس بمدرك ... شأوي وأين له جلالة منصبي لا تتعبنّ فدون ما أمّلته ... خرط القتادة وامتطاء الكوكب المجد يعلم أيّنا خير أبا ... فاسأله تعلم أيّ ذي حسب أبي جدّي معاوية الأغرّ سمت به ... جرثومة من طينها خلق النبي وورثته شرفا رفعت مناره ... فبنو أمية يفخرون به وبي قال عبد الله بن علي التيمي: ولقد حصل للأبيوردي بعد ما تراه من شكوى الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2374 الزمان في أشعاره مما انتجعه بالشعر من ملوك خراسان ووزرائها وخلفاء العراق وأمرائها ما لم يحصل للمتنبي في عصره ولا ابن هانىء في مصره، فمن ذلك ما حدثنيه القاضي أبو سعد محمد بن عبد الملك بن الحسن النديم أن أفضل الدولة الأبيوردي لما قدم الحلة على سيف الدولة صدقة ممتدحا له، ولم يكن قبلها اجتمع به قط، خرج سيف الدولة لتلقيه. قال: وكنت فيمن خرج، فشاهدت الأبيوردي راكبا في جماعة كثيرة من أتباعه منهم من المماليك الترك ثلاثون غلاما، ووراءه سيف مرفوع، وبين يديه ثمان جنائب بالمراكب والسرفسارات «1» الذهب، وعددنا ثقله فكان على أحد وعشرين بغلا، وكان مهيبا محترما جليلا معظما لا يخاطب إلا بمولانا، فرحب به سيف الدولة، وأظهر له من البر والاكرام ما لم يعهد مثله في تلقّي أحد ممن كان يتلقاه، وأمر بانزاله وإكرامه والتوفر على القيام بمهامّه، وحمل إليه خمسمائة دينار وثلاثة حصن وثلاثة أعبد. وكان الأبيوردي قد عزم على إنشاد سيف الدولة قصيدته التي يقول فيها: وفي أي عطفيك التفتّ تعطّفت ... عليك به الشمس المنيرة والبدر في يوم عيّنه، ولم يكن سيف الدولة أعدّ له بحسب ما كان في نفسه أن يلقاه به ويجيزه على شعره، واعتذر إليه ووعده يوما غير ذلك اليوم ليعدّ ما يليق بمثله اجازته مما يحسن به بين الناس ذكره، ويبقى على ممرّ الأيام أثره، فاعتقد أفضل الدولة أنّ سيف الدولة قد دافعه عن سماعه منه استكبارا لما يريد أن يصله به ثانيا، فأمر الأبيوردي أصحابه أن يعبروا ثقله الفرات متفرقا في دفعات، وخرج من غير أن يعلم به أحد سوى ولد أبي طالب ابن حبش فانه سمعه ينشد على شاطىء الفرات حين عبوره: أبابل لا واديك بالخير مفعم ... لراج ولا ناديك بالرفد آهل لئن ضقت عني فالبلاد فسيحة ... وحسبك عارا أنني عنك راحل فان كنت بالسحر الحرام مدلّة ... فعندي من السحر الحلال دلائل قواف تعير الأعين النجل سحرها ... وكلّ مكان خيّمت فيه بابل فبادر ولد أبي طالب إلى سيف الدولة فقال له: رأيت على شاطىء الفرات فارسا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2375 يريد العبور إلى الشرق وهو ينشد هذه الأبيات، فقال سيف الدولة: وأبيك ما هو إلا الأبيوردي، فركب لوقته في قلّ من عسكره، فلحقه فاعتذر وسأله الرجوع وعرّفه عذره في امتناعه من سماع شعره وأمر بانزاله في داره معه، وحمل إليه ألف دينار ومن الخيل والثياب ما يزيد على ذلك قيمة. قال عبيد الله التيمي أنشدني أبو إسحاق يحيى بن إسماعيل المنشىء الطغرائي قال: سمعت والدي ينشد لنفسه مرثية للأبيوردي: إن ساغ بعدك لي ماء على ظمأ ... فلا تجرعت غير الصاب والصّبر أو إن نظرت من الدنيا إلى حسن ... مذ غبت عنّي فلا متّعت بالنظر صحبتني والشباب الغضّ ثم مضى ... كما مضيت فما في العيش من وطر هبني بلغت من الأعمار أطولها ... أو انتهيت إلى آمالي الكبر فكيف لي بشباب لا ارتجاع له ... أم أين أنت فما لي منك من خبر سبقتماني ولو خيّرت بعدكما ... لكنت أول لحّاق على الأثر [988] محمد بن أحمد بن طاهر بن حمد أبو منصور الخازن لدار الكتب القديمة: من ساكني درب منصور بالكرخ، مات في ثالث عشر شعبان سنة عشر وخمسمائة، ذكر ذلك ابن الجوزي وقال: كان أديبا فاضلا نحويا، وخطه موجود بأيدي الناس كثير يرغب فيه ويعتمد غالبا عليه، وكان أبو السعادات ابن الشجري النحوي والنقيب حيدرة كثيرا ما يستكتبانه. سمع علي بن المحسن التنوخي وابن غيلان وغيرهما، وكان فقيها على مذهب الشيعة، ووجدت سماعه على كتاب بخطه في سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة.   (988) - أبو منصور الخازن عرفه أبو العلاء لما زار بغداد وأرسل إليه الرسالة التاسعة عشرة من المجموعة التي نشرها مرغوليوث، وله ترجمة في المنتظم 9: 189 وانظر الهفوات النادرة: 69 فقد أورد قصة تدل على غفلة هذا الخازن، والقصة التي أوردها ياقوت جاءت في الكتاب نفسه: 143. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2376 وحدث غرس النعمة أبو الحسن محمد بن الصابىء في «كتاب الهفوات» قال: كان بدار العلم التي وقفها سابور بن أردشير الوزير خازن يعرف بأبي منصور، واتفق بعد ذلك بسنين كثيرة من وفاة سابور أن آلت مراعاة الدار إلى المرتضى أبي القاسم علي بن الحسين الموسوي نقيب الطالبيين، فرتّب معه آخر يعرف بأبي عبد الله ابن حمد مشرفا عليه، وكان داهية، فصمد لأبي منصور «1» كيدا ومكرا، فصار يتلهى به دائما، فمن ذلك أنه قال له يوما، قد هلكت الكتب وذهب معظمها، فقال له وانزعج، بأي شيء؟ قال: بالبراغيث وعيثهم فيها وعبثهم بها، قال: فما نفعل في ذلك؟ قال: تقصد الأجلّ المرتضى وتطالعه بالحال وتسأله إخراج شيء من دوائهم المعدّ عنده لهم لننشره بين الورق ويؤمن الضرر. فمضى إلى المرتضى وخدمه وقال له بسكون ووقار ومن طريق النصح والاحتياط: يتقدم سيدنا إلى الخازن باخراج شيء من دواء البراغيث فقد أشرفت الكتب على الهلاك بهم لنتدارك أمرهم بتعجيل إخراج الدواء المانع لهم المبعد لضررهم، فقال المرتضى: البراغيث البراغيث، مكررا، لعن الله ابن حمد فأمره كله طنز وهزل، قم أيها الشيخ مصاحبا ولا تسمع لابن حمد نصيحة ولا قولا. قال المؤلف: هكذا وجدت هذا الخبر، وقد وافق رواية ابن الجوزي في كون ابن حمد خازن الكتب بين السورين وفي مقاربة العصر وخالفه في الكنية، ولا أدري هل هو هذا أو غيره أو قد غلط أحدهما في الكنية، والله أعلم. ثم وقفت على «المذيل» الذي للسمعاني بخطه على حاشية ملحقة أنّ محمد بن عطاف الموصلي سأل أبا منصور بن حمد الخازن عن مولده فقال سنة ثماني عشرة وأربعمائة، قال: وسأله غيري فقال سنة سبع عشرة وأربعمائة، وهذا يدل على أن هذه الحكاية ليست عنه لأن المرتضى مات سنة ست وثلاثين وأربعمائة فيكون حينئذ قد كان ابن حمد ابن اثنتي عشرة سنة فيستحيل أن تكون الحكاية عنه وعساها عن أبيه، والله عز وجل أعلم بالصواب. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2377 محتويات الجزء الخامس الموضوع الصفحة [تتمة تراجم العين] 815- على بن محمد بن عمير النحوي الكناني 1921 816- علي بن محمد بن عبد الرحيم بن دينار 1921 817- علي بن محمد النهاوندي 1922 818- علي بن محمد بن الحسن الهروي 1923 819- علي بن محمد بن أبي الحسين الأندلسي 1923 820- علي بن محمد بن العباس، أبو حيان التوحيدي 1923 821- علي بن محمد بن نصر الكاتب 1946 822- علي بن محمد بن حبيب الماوردي 1955 823- علي بن محمد بن محمد الديناري 1957 824- علي بن محمد أبو الحسن الأهوازي 1957 825- علي بن محمد الوزان النحوي 1957 826- علي بن محمد بن السيد البطليوسي 1957 827- علي بن محمد الأخفش النحوي 1958 828- علي بن محمد بن إبراهيم القهندزي 1958 829- علي بن محمد السعيدي البياري 1959 830- علي بن محمد بن علي الحوزي 1959 الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2379 الموضوع الصفحة 831- علي بن محمد بن أرسلان المنتجب 1959 832- علي بن محمد بن علي العمراني 1961 833- علي بن محمد السخاوي أبو الحسن 1963 834- علي بن محمد بن علي الفصيحي 1964 835- علي بن محمد بن محمد الحلي 1968 836- علي بن محمد، ابن خروف الأندلسي النحوي 1969 837- علي بن معقل أبو الحسن 1970 838- علي بن المغيرة الأثرم أبو الحسن 1970 839- علي بن منجب بن سليمان الصيرفي 1971 840- علي بن منصور بن عبيد الله الخطيبي 1973 841- علي بن منصور الحلبي، ابن القارح 1974 842- علي بن مهدي بن علي الكسروي 1976 843- علي بن نصر الجهضمي 1981 844- علي بن نصر النصراني، ابن الطبيب 1983 845- علي بن نصر بن سليمان البرنيقي 1983 846- علي بن نصر بن سعد، أبو تراب الكاتب 1983 847- علي بن نصر بن محمد الفندروجي 1984 848- علي بن وصيف، خشكنانجة 1986 849- علي بن هبة الله، ابن ماكولا 1986 850- علي بن هارون بن نصر القرميسيني 1991 851- علي بن هارون بن علي، ابن المنجم 1991 852- علي بن هلال الكاتب، ابن البواب 1996 853- علي بن الهيثم، جونقا الكاتب 2003 854- علي بن يحيى بن منصور، ابن المنجم 2008 الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2380 الموضوع الصفحة 855- علي بن يوسف بن إبراهيم، القاضي الأكرم 2022 856- أبو علي المنطقي 2036 857- علي بن يوسف، ابن البقال الخالع 2048 858- عمارة بن حمزة الكاتب 2054 859- عمر بن إبراهيم بن محمد، أبو البركات العلوي 2062 880- عمر بن بكير 2064 861- عمر بن أحمد بن أبي جرادة، كمال الدين ابن العديم 2068 862- عمر بن ثابت أبو القاسم الثمانيني 2091 863- عمر بن جعفر بن محمد الزعفراني 2092 864- عمر بن الحسين الخطاط غلام ابن حرنقا 2092 865- عمر بن شبة البصري 2093 866- عمر بن عثمان الجنزي 2094 867- عمر بن عثمان بن خطاب التميمي 2096 868- عمر بن محمد بن يوسف القاضي 2096 869- عمر بن محمد النسفي الحافظ 2098 870- عمر بن مطرف الكاتب 2099 871- عمرو بن إسحاق بن مرار الشيباني 2100 872- عمرو بن بحر بن محبوب الجاحظ 2101 873- عمرو بن عثمان، سيبويه 2122 874- عمرو بن مسعدة الكاتب 2129 875- عمرو بن كركرة الأعرابي 2132 876- عنبسة بن معدان الفيل 2132 877- عوانة بن الحكم 2133 878- عوف بن محلم الخزاعي 2137 الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2381 الموضوع الصفحة 879- عون بن محمد بن الكندي الكاتب 2140 880- عيسى بن إبراهيم الوحاظي 2140 881- عيسى بن عمر الثقفي 2141 882- عيسى بن مردان الكوفي 2143 883- عيسى بن المعلى بن مسلمة الرافقي 2143 884- عيسى بن مينا بن وردان، قالون القارىء 2144 885- عيسى بن يزيد بن دأب الليثي 2144 886- عيينة بن عبد الرحمن المهلبي 2150 [حرف الغين] 887- غانم بن وليد المالقي 2152 [تراجم حرف الفاء] 888- فاطمة بنت الأقرع الكاتبة 2154 888 ب- فاطمة بنت الأقرع (ترجمة ثانية) 2155 889- الفتح بن خاقان بن غرطوج 2157 890- الفتح بن محمد بن عبيد الله، ابن خاقان الأشبيلي 2163 891- الفضل بن إسماعيل، أبو عامر الجرجاني 2166 892- الفضل بن إبراهيم بن عبد الله الكوفي 2171 893- الفضل بن الحباب، أبو خليفة الجمحي 2172 894- الفضل بن خالد، أبو معاذ النحوي 2177 895- الفضل بن صالح العلوي 2177 896- الفضل بن عمر بن منصور، ابن الرائض 2178 897- الفضل بن محمد بن أبي محمد اليزيدي 2178 898- الفضل بن محمد بن علي القصباني 2180 الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2382 الموضوع الصفحة [تراجم حرف القاف] 899- قابوس بن وشمكير الديلمي 2181 900- القاسم بن أحمد بن الموفق اللورقي 2188 901- القاسم بن إسماعيل أبو ذكوان 2189 902- قاسم بن أصبغ البياني 2190 903- قاسم بن ثابت السرقسطي 2191 904- القاسم بن الحسين بن محمد الخوارزمي 2191 905- القاسم بن سلام أبو عبيد 2198 906- القاسم بن علي بن محمد، الحريري 2202 907- القاسم بن فيرّه الشاطبي 2216 908- القاسم بن القاسم بن عمر الواسطي 2217 909- القاسم بن محمد بن بشار الأنباري 2228 910- القاسم بن محمد الديمرتي 2229 911- القاسم بن محمد بن رمضان العجلاني 2230 912- القاسم بن محمد بن مباشر الواسطي 2230 913- القاسم بن معن المسعودي 2230 914- قتادة بن دماعة السدوسي. 2233 915- قثم بن طلحة بن علي الزينبي 2234 916- قدامة بن جعفر الكاتب 2235 917- قعنب بن المحرر الباهلي 2236 918- قنبل بن عبد الرحمن المكي 2238 [تراجم حرف الكاف] 919- كامل بن الفتح بن ثابت بن سابور 2239 920- كلاب بن حمزة العقيلي أبو الهيذام 2239 الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2383 الموضوع الصفحة 921- بنت الكنيري 2243 922- كلثوم بن عمرو العتابي 2243 923- كيسان بن المعرف النحوي 2246 924- الكيس النمري 2248 [تراجم حرف اللام] 925- لقيط بن بكير المحاربي 2250 926- لوط بن مخنف الأزدي 2252 927- الليث بن المظفر 2253 [تراجم حرف الميم] 928- المبارك بن الحسن الشهرزوري 2259 929- المبارك بن سعيد بن الحمامي 2259 930- المبارك بن الفاخر، أبو الكرم النحوي 2260 931- المبارك بن المبارك، أبو البركات الكرخي 2261 932- المبارك بن المبارك بن سعيد بن الدهان 2263 933- المبارك بن محمد، أبو السعادات ابن الأثير 2268 934- مبشر بن فاتك أبو الوفاء 2271 935- مجالد بن سعيد بن عمير الهمداني 2271 936- مجاهد بن جبر القارىء 2272 937- مجاهد بن عبد الله العامري 2273 938- المحسن بن إبراهيم بن هلال الصابىء 2274 939- المحسن بن الحسين بن علي كوجك 2278 940- المحسن بن علي بن محمد التنوخي القاضي 2280 941- محمد بن آدم بن كمال الهروي 2293 الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2384 الموضوع الصفحة 942- محمد بن أبان بن سيد القرطبي 2294 943- محمد بن إبراهيم بن حبيب الفزاري 2294 944- محمد بن إبراهيم العوامي 2295 945- محمد بن إبراهيم بن عمران الجوزي 2295 946- محمد بن إبراهيم بن عبد الله الأديب 2296 947- محمد بن إبراهيم بن الحسين الجرباذقاني 2296 948- محمد بن إبراهيم بن خلف اللخمي 2296 949- محمد بن إبراهيم بن أحمد البيهقي 2297 950- محمد بن إبراهيم بن داود الأردستاني 2297 951- محمد بن أحمد بن عبد الله الهاشمي 2297 952- محمد بن أحمد بن محمد المغربي راوية المتنبي 2300 953- محمد بن أحمد بن إسحاق، أبو الطيب الوشاء 2303 954- محمد بن أحمد بن الحسين بن الأصبغ 2304 955- محمد بن أحمد بن مروان أبو مسهر النحوي 2305 956- محمد بن أحمد المزني 2305 957- محمد بن أحمد بن عبد الحميد الكاتب 2305 958- محمد بن أحمد بن إبراهيم الحكمي 2305 959- محمد بن أحمد بن إبراهيم بن كيسان 2306 960- محمد بن أحمد بن منصور بن الخياط 2309 961- محمد بن أحمد بن علي المهلبي 2310 962- محمد بن أحمد بن محمد، ابن طباطبا الشاعر 2310 963- محمد بن أحمد بن نصر الجيهاني 2317 964- محمد بن أحمد، أبو الندى الغندجاني 2319 965- محمد بن أحمد الأزهر، أبو منصور الأزهري 2321 الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2385 الموضوع الصفحة 966- محمد بن أحمد بن طالب الأخباري 2323 967- محمد بن أحمد بن أيوب، ابن شنبوذ 2323 968- محمد بن أحمد بن إبراهيم الشنبوذي 2326 969- محمد بن أحمد المعمري 2327 970- محمد بن أحمد بن عبد الله القطان المتوثي 2329 971- محمد بن أحمد بن يونس الفسوي 2330 972- محمد بن أحمد، أبو الريحان البيروني 2330 973- محمد بن أحمد بن عبيد الله، المفجع 2336 974- محمد بن أحمد بن سليمان النوقاتي 2345 975- محمد بن أحمد بن عمر الخلال 2346 976- محمد بن أحمد بن طالب الحلبي 2346 977- محمد بن أحمد بن محمد بن أشرس 2347 978- محمد بن أحمد بن محمد، أبو سعد العميدي 2348 979- محمد بن أحمد بن محمد، غنجار الحافظ 2349 980- محمد بن أحمد بن علي المعمري 2350 981- محمد بن أحمد بن سهل، ابن بشران 2350 982- محمد بن أحمد بن علي الباوردي 2355 983- محمد بن أحمد بن محمد الصفار 2355 984- محمد بن أحمد المعموري البيهقي 2355 985- محمد بن أحمد بن عبد الباقي، ابن الخاضبة 2356 986- محمد بن أحمد بن علي الكركانجي 2358 987- محمد بن أحمد، أبو المظفر الأبيوردي 2360 988- محمد بن أحمد بن طاهر، أبو منصور الخازن 2376 الجزء: 5 ¦ الصفحة: 2386 الجزء السادس [ تكملة حرف الميم ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* [989] محمد بن أحمد بن جوامرد الشيرازي ، أبو بكر القطان النحوي: شيخ أبي محمد عبد الله بن أحمد بن أحمد بن الخشاب ومخرّجه ومؤدّبه وعنه أخذ النحو. قرأ ابن جوامرد على علي بن فضال المجاشعي القيرواني «1» وعلى غيره، وسمع الحديث ورواه، ومات بعد سنة عشر وخمسمائة. قال الشيخ أبو محمد ابن الخشاب فيما قرأته بخطه: كان في أبي علي الحسن بن علي المحوّلي شيخنا سلامة صدر، ولقد كان شيخنا أبو بكر محمد بن جوامرد الشيرازي المعروف بالقطان رحمه الله يولع به وبغيره كثيرا، فكان يقول معرّضا به وبغيره ممن هو أعلى منه منزلة وأرفع ذكرا وأبعد صيتا، فكان من قوله: ما عبّر عن البلادة والجمود بأحسن من قولهم هو ثقة. وله- أعني الشيخ أبا بكر- مع هذا المحولي نوادر وأقاصيص لا أطوّل بذكرها. [990] محمد بن أحمد بن حمزة بن جيا أبو الفرج: من أهل الحلّة المزيديّة، يلقّب شرف الكتّاب، كان نحويا لغويا فطنا شاعرا مترسلا، شعره ورسائله مدونة، قدم بغداد فقرأ على النقيب أبي السعادات هبة الله ابن الشجري النحوي وأخذ عنه،   [989] ترجمة ابن جوامرد في إنباه الرواة 3: 52 وبغية الوعاة 1: 22. [990] ترجمة ابن جيا في الوافي 2: 112. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2387 ثم أخذ بعده عن أبي محمد ابن الخشاب، وسمع الحديث على القاضي أبي جعفر عبد الواحد بن أحمد بن الثقفي، وأصله ومولده من مطيراباذ، وصحب ابن هبيرة الوزير، وله رسائل مدونة عملها أجوبة لرسائل أبي محمد القاسم بن الحريري. حدثني أبو علي القيلوي قال: أنا رأيته، ومات في سنة تسع وسبعين وخمسمائة وقد نيف على الثمانين. أنشدني ابن الدبيثي قال، أنشدني أبو الثناء محمود بن عبد الله بن المفرج الحلي قال، أنشدني شرف الكتاب أبو الفرج محمد بن أحمد بن جيا لنفسه: حتام أجري في ميادين الهوى ... لا سابق أبدا ولا مسبوق ما هزّني طرب إلى أرض الحمى ... الا تعرّض أجرع وعقيق شوق بأطراف البلاد مفرّق ... يحوي شتيت الشمل منه فريق ومدامع كفلت بعارض مزنة ... لمعت لها بين الضلوع بروق فكأن جفني بالدموع موكّل ... وكأن قلبي للجوى مخلوق قدم الزمان فصار شوقي عادة ... فليتركنّ دلاله المعشوق قد كان في الهجران ما يزع الهوى ... لو يستفيق من الغرام مشوق لكنني آبى لعهدي أن يرى ... بعد الصفاء وورده مطروق إن عادت الأيام لي بطويلع ... أو ضمني والنازحين طريق لأنبّهنّ على الغرام بزفرتي ... ولتطربنّ بما أبثّ النوق حدثني أبو علي القيلوي قال: سمعت شرف الكتاب يحدّث أنه كان يوما في مجلس الوزير عون الدين يحيى بن هبيرة، فجاءه فرّاش من دار الخلافة وحدّثه بمحضري شيئا كان يحب كتمانه من كلّ أحد، قال: واتفق خروج الفراش وقد اجتمع عنده الناس، فشغل بهم عني، وقمت أنا وخرجت ومضيت، فما وصلت باب العامة حتى جاءني من ردّني إلى حضرته، فلما وقفت بين يديه قلت: أحسن الله إلى مولانا الوزير وأدام أيامه، بيت الحماسة، فقال: نعم امض بارك الله فيك كذا الظنّ بمثلك؛ قال: وخرجت من عنده ولم يفهم أحد شيئا مما جرى بيننا، وإنما أردت قول الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2388 شاعر الحماسة «1» : وفتيان صدق لست مطلع بعضهم ... على سرّ بعض غير أني جماعها ومن شعره: أما والعيون النجل تصمي نبالها ... ولمع الثنايا كالبروق تخالها ومنعطف الوادي تأرّج نشره ... وقد زار في جنح الظلام خيالها وقد كان في الهجران ما يزع الهوى ... ولكن شديد في الطباع انتقالها ومنها: أيا ابن الألى جادوا وقد بخل الحيا ... وقادوا المذاكي والدماء نعالها ذد الدهر عنّي من رضاك بعزمة ... معوّدة ألا يفلّ رعالها ووجدت بخط بعض بني معيّة العلويين الحسنيين: أنشدني الشيخ أبو الفتح ابن جيا الكاتب لنفسه: قل لحادي عشر البروج أبي «2» العا ... شر منها ربّ القرآن «3» الثاني يا ابن شكران ضلة لزمان ... صرت فيه تعدّ في الأعيان ليس طبّي ذمّ الزمان ولكن ... أنت أغريتني بذمّ الزمان ومن كلامه في جواب رسالة لابن الحريري كتبها إلى سديد الدولة ابن الأنباري يشكره: سيدنا الشيخ الإمام في توالي مبارّه والقصور مني في تأدية حقّه وإيفائه كمن يقرض غريما مع عسرته، ويتكثر بمن أفرده الزمان عن أهله وأسرته، فهلّا اقتصر بي من دينه على ما تقادم عهده، ولم يشفعه بطول أضعف قوى شكري وكان مستحكما عقده «4» : أنت امرؤ أوليتني «5» مننا ... أوهت قوى شكري فقد ضعفا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2389 فاليك بعد اليوم معذرتي ... لاقتك «1» بالتصريح منكشفا لا تسدينّ «2» إليّ عارفة ... حتى أقوم بشكر ما سلفا فأما ما يعزوه إليّ من البراعة وحسن الصناعة، ويقرّره من الإحسان كان الطيّ به أولى من الإذاعة، فتلك حال إن ثبت فيها الدعاوي، واتفق على صحة نقلها المخالف والموالي، فإنما جريت إليها بجياد هنّ التوالي لسوابقه، الصوادي إلى مناهل حقائقه، وأين الرذايا بعد ذلك من السابقات، والمقصّرة من اللاحقات، والمقرفة من كريمات المناسك، والمكدية مطالبها من نجيحات المكاسب: سبقت إلى الآداب أبناء دهرنا ... فبؤت بعاديّ على الدهر أقدم وليست كما أبقت ضبيعة أضجم ... وليست كما سادت قبائل جرهم ولكنّ طودا لم يحلحل رسيّه ... وفارعة قعساء لم تتسنم إذا ما بناء شاده الفضل والتقى ... تهدّمت الدنيا ولم يتهدّم فالله تعالى يحرس عليه ما خوّله من هذه الخصائص النفيسة والمنح الشريفة، ولا تعدم القلوب الراحة بمحاضرته، كما لم يخله من النصر إذا أشرع رماح الجدل يوم مناظرته، بمنه وجوده؛ فأما اعتذاره عن إنفاذ ذلك التأليف، وانكاره للفراغ منه بعد التعريف، فما يخفى ما وراء ذلك من المغالطة، وما يقصده في كلّ وقت من قطع حبال المباسطة، ولولا أن المعاتبة إذا حقّت قلما يسلم معها وداد، ويجود في مطاويها من الصفاء عهاد: لأرسلتها مقطوعة العقل تغتدي ... شوارد قد بالغن في الجولان قوارص تبقى ما رأى الشمس ناظر ... وما سمعت من سامع أذنان لكن المقصود ما عاد باجمام خاطره وصفاء مشاربه، والا أكون عليه عونا للدهر ونوائبه، لا سيّما وقد رأيت الصبر على فعاله، أيسر من الصبر على ترك وصاله، فأما الملحة فانني وجدتها عند الوصول كما سماها غريبة في لفظها ومعناها، عارية من لبسة التكلف، بعيدة عن التصنع، تقتاد القلوب بأزمتها. وما كان أولاه لو قرنها إلى الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2390 ذلك العقد المكنون والدر المصون، فكانت النعمى تكمل والمسرة تشمل، وها أنا أرتقب لذلك السمط أن تؤلف فرائده، وتجمع بدائده، وأنتظر لوصوله يوما تقلّ همومه وتكثر حواسده، فما ذاك بمتعذر عليه متى رامه، ولا بمعوزه ان سرح سوام الفكر فيه وشامه. ولرأيه في ذلك ومعرفته وانجاز الوعد جريا على كريم عادته مزيد من علاء لا يطرأ الأفول على أهلته، إن شاء الله تعالى وحده. [991] محمد بن أحمد بن سليمان الزهري أبو عبد الله الأندلسي : رجل فاضل وأديب كامل متقن، سمع الحديث الكثير ببغداد من ابن كليب وابن بوش وغيره فأكثر، وكتب بخطه الكثير وصنف، ولقيته ببغداد، وكان لي صديقا معاشرا حسن الصحبة عذريّ القلب جيّد الشعر، أنشدني كثيرا من شعره لم أثبته، ثم فارق بغداد وحصل في بلاد الجبال واستوطن بروجرد وتأهّل بها، وولد له، وصنف بها تصانيف في الأدب كثيرة منها «شرح الايضاح» . [992] محمد بن أحمد بن محمد بن حمزة بن بريك الأنصاري الدسكري المعروف بابن البرفطي، والدسكرة قرية من قرى نهر الملك سكن بها أجداده، وقرف وغلظ اسمه بالنسبة إلى برفطا، وهي أيضا قرية من قرى نهر الملك فغلب عليه هذا الاسم. ولد ببغداد في شهر رمضان من شهور سنة ست وستين وخمسمائة. ومات رحمه الله في أول رجب سنة خمس وعشرين وستمائة، وخلّف خمسة وعشرين قطعة بخطّ ابن البواب لم تجتمع في زماننا عند كاتب، وكان يغالي في شرائها؛ وله شعر من جملته:   [991] ترجمة ابن سليمان الزهري في الوافي 2: 104 وبغية الوعاة 1: 25 والصفدي لا ينقل هنا عن ياقوت، وقد ذكر أن الزهري ولد بمالقة ثم هاجر وسمع الحديث بمصر ودخل الشام والجزيرة ثم الى أصبهان وبلاد الجبل وسكن الكرج، ومن كتبه البيان والتبيين في أنساب المحدثين، والبيان فيما أبهم من الأسماء في القرآن، وأقسام البلاغة وأحكام الفصاحة، وهو شارح المقامات الحريرية واليميني للعتبي. [992] لم يذكر ياقوت «برفطا» في معجم البلدان. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2391 أبدا أميل إليك ميل تذلل ... وتصدّ صدّ تجنّب ودلال حتف المتّيم منك يوم قطيعة ... وحياته في الحبّ يوم وصال قد كدت أغرق في بحار مدامعي ... لولا التمسّك فيك بالآمال عذبت مراشفه وصال بقدّه ... فحمى جنى المعسول بالعسال عهدي وظلّ الوصل غير مقلّص ... عنا وعمر المطل غير مطال وكأنما لبس الزمان سناء بد ... ر الدين ذي الإنعام والافضال خضر الجناب فإن دجت في أزمة ... سود الخطوب فأبيض الافعال منح ابتداء رافعا خبر الندى ... وكفى الوجوه مؤونة التسآل كثرت صنائعه فقلّ نظيره ... وكذا البدور قليلة الأمثال وحوت أزمة دجلة أعماله ... وكذا الجنان تحاز بالأعمال حاط العلا فرماحه أقلامه ... حيث المداد لها رؤوس نصال في ليل ذاك النّقس تطرقنا المنى ... فكأنه في الهدي طيف خيال يحكي بياض الطرس تحت سواده ... أسرار صبح في صدور ليال وابن البرفطي هذا أوحد عصرنا في حسن الخط والمشار إليه في التحرير، قد تخرج به خلق كثير، وسافر إلى دمشق وكتب عليه كتابها، وأقام بحلب مدة مديدة ثم عاد إلى بغداد، وهو صديقنا، أنشدني لنفسه أشعارا منها ما أثبتّه، وحفزه السفر في يوم الخميس ثامن المحرم سنة ثلاث عشرة وستمائة إلى تستر صحبة الأمير ابن أبي محمد الحسن وأبي عبد الله الحسين ابني الأمير الملك المعظم أبي الحسن علي بن سيدنا ومولانا الامام الناصر لدين الله أبي العباس أحمد أمير المؤمنين، لما ولا هما أرض خوزستان بعد موت أبيهما أبي الحسن علي تقدم إلى ابن البرفطي بالخروج في خدمتهما والكون في جملتهما ليكتبا عليه ويصلحا خطهما به ويكون معلما لهما، وهو دمث الأخلاق حسن العشرة لين الكلام، قصير من الرجال فيه دهاء. وكان في أول أمره معلّما فلما جاد خطه صار محرّرا، وكان يبالغ في أثمان خطوط ابن البواب، فحصل له منها ما لم يحصل لأحد غيره، وجدت عنده أكثر من عشرين قطعة بخطه الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2392 أرانيها. وحدثني قال: بلغني عن رجل معلّم في بعض محالّ بغداد أن عنده جزازا كثيرا ورثه عن أبيه، فخيل لي أنه لا يخلو من شيء من الخطوط المنسوبة، فمضيت إليه وقلت له: أحبّ أن تريني ما خلّف لك والدك عسى أن أشتري منه شيئا، فصعد بي إلى غرفة وجلست أفتّش حتى وقع بيدي ورقة بخطّ ابن البواب قلم الرقاع أرانيها أيضا، فضممت إليها شيئا آخر لا حاجة بي إليه وقلت له: بكم هذا؟ فقال لي: يا سيدي ما صلح لك في هذا كله شيء آخر؟ فقلت له: أنا الساعة مستعجل ولعلي أعود إليك مرة أخرى، فقال: هذا الذي اخترته لا قيمة له فخذه هبة مني، فقلت: لا أفعل وأعطيته قطعة قراضة مقدارها نصف دانق فاستكثرها وقال: يا سيدي ما أخذت شيئا يساوي هذا المقدار فخذ شيئا آخر، فقلت: لا حاجة لي في شيء آخر، ثم نزلت من غرفته فاستحييت وقلت: هذا مخادعة ولا شكّ أنه قد باعني ما جهله، وو الله لا جعلت حقّ خط ابن البواب أن يشترى بالمخادعة، فعدت إليه وقلت له: يا أخي هذه الورقة بخط ابن البواب، فقال: وإذا كانت بخط ابن البواب أيّ شيء أصنع؟ قلت له: قيمتها ثلاثة دنانير إمامية. فقال: يا سيدي لا تسخر بي ولعلك قد عزمت على ردها فخذها وحطّ الذهب. فقلت: بل أحضر ميزانا للذهب، فأحضرها فوزنت له ثلاثة دنانير وقلت له: بعتني هذا بهذا؟ فقال: بعتك، فأخذتها وانصرفت. [993] محمد بن ادريس الشافعي الإمام: هو محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن عبد المطلب بن   [993] ترجمة الشافعي في حلية الأولياء 9: 63 والفهرست: 263 والانتقاء لابن عبد البر: 65 وتاريخ بغداد 2: 56 وطبقات الشيرازي: 48 وترتيب المدارك 3: 174 وصفة الصفوة 2: 95 وابن خلكان 4: 163 والمحمدون: 137 وتذكرة الحفاظ: 361 وسير الذهبي 10: 5 والوافي 2: 171 ومرآة الجنان 2: 13 والجزء الأول من طبقات السبكي والبداية والنهاية 10: 251 والديباج المذهب 2: 156 وطبقات ابن الجزري 2: 95 وتهذيب التهذيب 9: 25 والنجوم الزاهرة 2: 176 وطبقات الحفاظ: 152 وطبقات ابن هداية الله: 11 والشذرات 2: 9 وهناك كتب ألفت في مناقبه منها مناقب الشافعي للبيهقي، ومناقب الشافعي للرازي، وتوالي التأسيس بمعالي ابن ادريس، وأدب الشافعي لأبن أبي حاتم ومن العسير حصر مادة الأخبار عنه، وانظر مزيدا من التخريج في حاشية سير الذهبي. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2393 عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان بن أد بن أدد. وهاشم هذا الذي في نسب الشافعي ليس هو هاشم جد النبي صلى الله عليه وسلم ذاك هاشم بن عبد مناف فهاشم هذا هو ابن أخي ذاك. ولد فيما حكاه الشافعي عن نفسه أنه قال: ولدت بغزة سنة خمسين ومائة، وحملت إلى مكة وأنا ابن سنتين، قال: وكانت أمي من الأزد، وغزة من بيت المقدس على ثلاث مراحل. وفي رواية أخرى عن الشافعي أنه قال: ولدت بعسقلان، وعسقلان من غزة على ثلاثة فراسخ، وكلاهما من فلسطين. وكان مولد الشافعي يوم مات أبو حنيفة، ولا اختلاف في أن وفاة أبي حنيفة كانت سنة خمسين ومائة، ومات الشافعي رحمة الله عليه في رجب سنة أربع ومائتين وهو ابن أربع وخمسين سنة، وكان قدومه مصر سنة ثمان وتسعين ومائة. وقد روى الزعفراني عن أبي عثمان ابن الشافعي أن الشافعي مات وهو ابن ثمان وخمسين سنة. وفي رواية ان الشافعي قال: ولدت باليمن فخافت أمي عليّ الضيعة فحملتني إلى مكة وأنا يومئذ ابن عشر أو شبيه بذلك، وتأول بعضهم قوله باليمن بأرض أهلها وسكانها قبائل اليمن. وبلاد غزة وعسقلان كلها من قبائل اليمن وبطونها. قلت: وهذا عندي تأويل حسن إن صحّت الرواية وإلا فلا شك أنه ولد بغزة وانتقل إلى عسقلان إلى أن ترعرع. وأما طلبه للعلم فحدّث الزبير بن بكار عن عمه مصعب بن عبد الله بن الزبير أنه خرج إلى اليمن فلقي محمد بن إدريس الشافعي وهو مستحصف «1» في طلب الشعر والنحو والغريب، قال فقلت له: إلى كم هذا؟ لو طلبت الحديث والفقه كان أمثل بك، وانصرفت به معي إلى المدينة فذهبت به إلى مالك بن أنس وأوصيته به؛ قال: وكان فتى حلوا، قال: فما ترك عند مالك بن أنس إلا الأقل ولا عند شيخ من مشايخ المدينة إلا جمعه، ثم شخص إلى العراق فانقطع إلى محمد بن الحسن فحمل عنه، ثم جاء الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2394 إلى المدينة بعد سنين؛ قال: فخرجت به إلى مكة فكلمت له ابن داود وعرّفته حاله الذي صار إليه، فأمر له بعشرة آلاف درهم. حدث الآبري «1» وهو أبو الحسن محمد بن الحسين بن إبراهيم بن عاصم الآبري السّجزي قال: سمعت أبا إسحاق إبراهيم بن محمد بن المولد الرقي يحكي عن زكريا بن يحيى البصري ويحيى بن زكريا بن حيويه النيسابوري، كلاهما عن الربيع بن سليمان، وبعضهم يزيد على بعض في الحكاية، قال الربيع، سمعت الشافعي يقول: كنت أنا في الكتّاب أسمع المعلم يلقّن الصبيّ الآية فأحفظها أنا، ولقد كان [الصبيان] يكتبون أمليتهم «2» فإلى أن يفرغ المعلم من الإملاء عليهم، قد حفظت جميع ما أملى، فقال لي ذات يوم: ما يحلّ لي أن آخذ منك شيئا. قال: ثم لما خرجت من الكتّاب كنت أتلقط الخزف والرقوق «3» وكرب النخل وأكتاف الجمال أكتب فيها الحديث وأجيء إلى الدواوين فأستوهب منها الظهور فأكتب فيها حتى كانت لأمي حباب فملأتها أكتافا وخزفا وكربا مملوءة حديثا. ثم إني خرجت عن مكة «4» فلزمت هذيلا في البادية أتعلم كلامها وآخذ طبعها وكانت أفصح العرب. قال: فبقيت فيهم سبع عشرة سنة أرحل برحيلهم وأنزل بنزولهم، فلما رجعت إلى مكة جعلت أنشد الأشعار وأذكر الآداب والأخبار وأيام العرب، فمرّ بي رجل من الزبيريين «5» من بني عمي فقال لي: يا أبا عبد الله عزّ عليّ ألا يكون مع هذه اللغة وهذه الفصاحة والذكاء فقه فتكون قد سدت أهل زمانك، فقلت: فمن بقي ممن يقصد «6» ؟ فقال لي: مالك بن أنس سيد المسلمين يومئذ، قال: فوقع [ذلك] في قلبي فعمدت إلى «الموطأ» فاستعرته من رجل بمكة فحفظته في تسع ليال ظاهرا، قال: ثم دخلت إلى والي مكة وأخذت كتابه إلى والي المدينة وإلى مالك بن أنس، قال: فقدمت المدينة فأبلغت الكتاب إلى الوالي، فلما أن قرأ قال: يا فتى إن مشيي من جوف المدينة إلى جوف مكة حافيا راجلا أهون عليّ من المشي إلى باب مالك بن أنس، فلست أرى الذلّ حتى أقف على بابه، فقلت: أصلح الله الأمير إن رأى الأمير يوجه إليه ليحضر، الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2395 قال: هيهات، ليت أني إذا ركبت أنا ومن معي وأصابنا من تراب العقيق نلنا بعض حاجتنا؛ قال: فواعدته العصر، وركبنا جميعا فوالله لكان كما قال، لقد أصابنا من تراب العقيق، قال: فتقدم رجل فقرع الباب فخرجت إلينا جارية سوداء فقال لها الأمير: قولي لمولاك إني بالباب، قال: فدخلت فأبطأت ثم خرجت فقالت: إن مولاي يقرئك السلام ويقول: إن كانت مسألة فارفعها في رقعة يخرج إليك الجواب، وإن كان للحديث فقد عرفت يوم المجلس فانصرف، فقال لها: قولي له إن معي كتاب والي مكة إليه في حاجة مهمة، قال: فدخلت وخرجت وفي يدها كرسي فوضعته، ثم إذا أنا بمالك قد خرج وعليه المهابة والوقار، وهو شيخ طويل مسنون اللحية، فجلس وهو متطلّس، فرفع إليه الوالي الكتاب فبلغ إلى هذا: «إن هذا رجل من أمره وحاله، فتحدثه وتفعل وتصنع» . فرمى بالكتاب من يده ثم قال: سبحان الله، وصار علم رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤخذ بالوسائل «1» ؟ قال: فرأيت الوالي وقد تهيّبه أن يكلمه، فتقدمت إليه وقلت: أصلحك الله، إني رجل مطّلبيّ ومن حالي وقصتي، فلما أن سمع كلامي نظر إليّ ساعة، وكانت لمالك فراسة فقال لي: ما اسمك؟ قلت: محمد، فقال لي: يا محمد اتق الله واجتنب المعاصي فإنه سيكون لك شأن من الشأن، ثم قال: نعم وكرامة، إذا كان غدا تجيء ويجيء من يقرأ لك، قال فقلت: أنا أقوم بالقراءة، قال: فغدوت عليه وابتدأت أن أقرأه ظاهرا والكتاب في يدي، فكلّما تهيبت مالكا وأردت أن أقطع أعجبه حسن قراءتي وإعرابي فيقول: يا فتى زد، حتى قرأته في أيام يسيرة، ثم أقمت بالمدينة حتى توفي مالك بن أنس، ثم خرجت إلى اليمن فارتفع لي بها الشأن، وكان بها وال من قبل الرشيد وكان ظلوما غشوما وكنت ربما آخذ على يديه وأمنعه من الظلم. قال: وكان باليمن تسعة من العلوية قد تحركوا [فكتب الوالي إلى الخليفة يقول إن ناسا من العلوية قد تحركوا] «2» وإنى أخاف أن يخرجوا وإن هاهنا رجلا من ولد شافع المطلبيّ لا أمر لي معه ولا نهي. قال: فكتب إليه هارون أن احمل هؤلاء واحمل الشافعي معهم فقرنت معهم؛ قال: فلما قدمنا على هارون الرشيد أدخلنا عليه وعنده محمد بن الحسن، قال: فدعا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2396 هارون بالنطع والسيف وضرب رقاب العلوية ثم التفت محمد بن الحسن فقال: يا أمير المؤمنين هذا المطلبي لا يغلبنك بفصاحته فإنه رجل لسن، فقلت: مهلا يا أمير المؤمنين فإنك الداعي وأنا المدعوّ، وأنت القادر على ما تريد مني ولست القادر على ما أريده منك، يا أمير المؤمنين ما تقول في رجلين أحدهما يراني أخاه والآخر يراني عبده أيهما أحبّ إليّ؟ قال: الذي يراك أخاه، قال قلت: فذاك أنت يا أمير المؤمنين، قال فقال لي: كيف ذاك؟ فقلت: يا أمير المؤمنين إنكم ولد العباس وهم ولد علي، ونحن بنو المطلب، فأنتم ولد العباس ترونا اخوتكم وهم يرونا عبيدهم، قال: فسرّي ما كان به، فاستوى جالسا فقال «1» : يا ابن ادريس كيف علمك بالقرآن؟ قلت: عن أيّ علومه تسألني؟ عن حفظه فقد حفظته ووعيته بين جنبي وعرفت وقفه وابتداءه وناسخه ومنسوخه وليليّه ونهاريّه ووحشيّه وإنسيّه وما خوطب به العام يراد به الخاص وما خوطب به الخاص يراد به العام؛ فقال لي: والله يا ابن ادريس لقد ادّعيت علما فكيف علمك بالنجوم؟ فقلت: إني لأعرف منها البريّ من البحريّ والسهليّ والجبليّ والفيلق والمصبح وما تجب معرفته، قال: فكيف علمك بأنساب العرب؟ قال فقلت: إني لأعرف أنساب اللئام وأنساب الكرام ونسبي ونسب أمير المؤمنين، قال: لقد ادّعيت علما، فهل من موعظة تعظ بها أمير المؤمنين؟ قال: فذكرت موعظة لطاوس اليماني «2» فوعظته بها فبكى وأمر لي بخمسين ألفا. وحملت على فرس، وركبت من بين يديه وخرجت، فما وصلت الباب حتى فرقت الخمسين ألفا على حجّاب أمير المؤمنين وبوابيه، قال: فلحقني هرثمة وكان صاحب هارون فقال: اقبل هذه مني، قال فقلت له: إني لا آخذ العطية ممّن هو دوني وإنما آخذها ممن هو فوقي، قال: فوجد في نفسه، قال: وخرجت كما أنا حتى جئت منزلي، فوجهت إلى كاتب محمد بن الحسن بمائة دينار وقلت: اجمع الوراقين الليلة على كتب محمد بن الحسن وانسخها لي ووجه بها إليّ، قال: فكتبت لي ووجّه بها إليّ. قال: اجتمعنا أنا ومحمد بن الحسن على باب هارون، وكان يجلس فيه القضاة والأشراف ووجوه الناس إلى أن يؤذن لهم، قال: واجتمعنا في ذلك المكان، قال: الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2397 وفيه جماعة من بني هاشم وقريش والأنصار والخلق يعظمون محمد بن الحسن لقربه من أمير المؤمنين وتمكّنه، قال: فاندفع يعرّض بي ويذمّ أهل المدينة، فقال: من أهل المدينة؟ وأيّ شيء يحسن أهل المدينة؟ والله لقد وضعت كتابا على أهل المدينة كلها لا يخالفني فيه أحد، ولو علمت أن أحدا يخالفني في كتابي هذا تبلغني إليه آباط الابل لصرت حتى أردّ عليه، قال الشافعي: فقلت إن أنا سكتّ نكّست رؤوس من هاهنا من قريش، وإن أنا رددت عليه أسخطت عليّ السلطان، ثم إني استخرت الله في الردّ عليه، فتقدمت إليه فقلت: أصلحك الله، طعنك على أهل المدينة وذمك لأهل المدينة إن كنت أردت رجلا واحدا وهو مالك بن أنس فألّا ذكرت ذلك الرجل بعينه ولم تطعن على أهل حرم الله وحرم رسوله، وكلّهم على خلاف ما ادّعيته. وأما كتابك الذي ذكرت أنك وضعته على أهل المدينة فكتابك من بعد بسم الله الرحمن الرحيم خطأ إلى آخره: قلت في شهادة القابلة كذا وكذا وهو خطأ، وفي مسألة الحامل كذا وكذا وهو خطأ، وقلت في مسألة كذا وكذا كذا وهو خطأ، فاصفرّ محمد بن الحسن ولم يحر جوابا. وكتب أصحاب الأخبار إلى الرشيد بما كان، فضحك وقال: ماذا ننكر لرجل من ولد المطّلب أن يقطع مثل محمد بن الحسن. قال فعارضني رجل من أهل المجلس من أصحابه فقال: ما تقول في رجل دخل منزل رجل فرأى بطة ففقأ عينها ماذا يجب عليه؟ قال قلت: ينظر إلى قيمتها وهي صحيحة وقيمتها وقد ذهبت عينها فيقوّم ما بين القيمتين. ولكن ما تقول أنت وصاحبك في رجل محرم نظر إلى فرج امرأة فأنزل؟ قال: ولم يكن لمحمد حذاقة بالمناسك، قال فصاح به محمد وقال له: ألم أقل لك لا تسأله؟ قال: ثم أدخلنا على الرشيد، فلما أن استوينا بين يديه قال لي يا أبا عبد الله تسأل أو اسأل؟ قال قلت: ذاك إليك، قال: فأخبرني عن صلاة الخوف أواجبة هي «1» ؟ قلت: نعم، فقال: ولم؟ فقلت: لقول الله عز وجل: إِذا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ (النساء: 102) فدل أنها واجبة. فقال: وما تنكر من قائل قال لك إنما أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم وهو فيهم، فلما زال عنهم النبي صلى الله عليه وسلم زالت تلك الصلاة، فقلت: وكذلك قال الله عز وجل لنبيه الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2398 خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ (التوبة: 103) فلما أن زال عنهم النبي صلى الله عليه وسلم زالت عنهم الصدقة. فقال: لا، قلت: وما الفرق بينهما والنبي صلى الله عليه وسلم هو المأمور بهما جميعا؟ قال: فسكت ثم قال: يا أهل المدينة ما أجرأكم على كتاب الله، فقلت: الأجرأ على كتاب الله من خالفه، قال فقد قال الله عز وجل وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ (الطلاق: 2) فقلتم أنتم: نقضي باليمين مع الشاهد، فقلت: لكنا نقول بما قال الله ونقضي بما قضى به رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكنك أنت إذا خالفت قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد خالفت كتاب الله. قال: وأين لكم ردّ اليمين؟ قال قلت: سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: وأين؟ قلت: قصة حويصة ومحيصة وعبد الرحمن حين قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في قصة القتيل تحلفون وتستحقون دم صاحبكم، قالوا: لم نشهد ولم نعاين؛ قال: فيحلف لكم يهود، فلما أن نكلوا ردّ اليمين إلى اليهود. قال فقال لي: إنما كان ذلك استفهاما من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال فقلت: يا أمير المؤمنين هذا بحضرتك يزعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يستفهم من اليهود، فقال الرشيد. ثكلتك أمك يا ابن الحسن، رسول الله صلى الله عليه وسلم يستفهم من اليهود؟ نطع وسيف، قال فلما رأيت الجدّ من أمير المؤمنين قلت: مهلا يا أمير المؤمنين فإن الخصمين إذا اجتمعا تكلّم كلّ واحد منهما بما لا يعتقده ليقطع به صاحبه وما أرى أن محمدا يرى نقصا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فسريت عنه، قال: ثم ركبنا جميعا وخرجنا من الدار، قال فقال لي: يا أبا عبد الله فعلتها؟ قال: فقلت: فكيف رأيتها بعد ذلك؟ وللشافعي رضي الله عنه مع محمد بن الحسن مناظرات في عدة مواطن اقتصرنا على هذه قصدا للاختصار. (مناظرة إسحاق بن راهويه «1» مع الشافعي رضي الله عنه:) نقلت من «تاريخ نيسابور» للحاكم ومن «كتاب مناقب الشافعي» للآبري وجمعت بين الخبرين قصدا للاختصار مع نسبة كلّ قول إلى قائله «2» : حدث الآبري الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2399 باسناده، قال إسحاق بن راهويه: كنا عند سفيان بن عيينة نكتب أحاديث عمرو بن دينار، فجاءني أحمد بن حنبل فقال لي: يا أبا يعقوب قم حتى أريك رجلا لم تر عيناك مثله، قال: فقمت فأتى بي فناء زمزم، فإذا هناك رجل عليه ثياب بيض، تعلو وجهه السمرة، حسن السمت حسن العقل، وأجلسني إلى جانبه، فقال له: يا أبا عبد الله هذا إسحاق بن راهويه الحنظلي فرحّب بي وحيّاني، فذاكرته وذاكرني فانفجر لي منه علم وأعجبه حفظي، قال: فلما أن طال مجلسنا قلت له: يا أبا عبد الله قم بنا إلى الرجل، قال: هذا هو الرجل، فقلت له: يا سبحان الله أقمنا من عند رجل يقول «حدثنا الزهري» فما توهمت إلا أن تأتي بنا إلى رجل مثل الزهري أو قريبا منه، فأتيت بنا إلى هذا الشاب (أو هذا الحدث) «1» . فقال لي: يا أبا يعقوب اقتبس من الرجل فانه ما رأت عيناي مثله. قال الآبري، قال إسحاق: فسألته عن سكنى بيوت مكة (أراد الكرى) فقال جائز. فقلت: أي يرحمك الله، وجعلت أذكر له الحديث عن عائشة وعبد الرحمن وعمر وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن كره كرى بيوت مكة، وهو ساكت يسمع، وأنا أسرد عليه، فلما فرغت سكت ساعة وقال: أي يرحمك الله، أما علمت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: هل ترك لنا عقيل من رباع أو دار، قال: فوالله ما فهمت عنه ما أراد بها ولا أرى أن أحدا فهمه. (قال الحاكم) فقال إسحاق: أتأذن لي في الكلام؟ فقال: نعم فقلت: حدثنا يزيد بن هارون عن هشام عن الحسن أنه لم يكن يرى ذلك، وأخبرنا أبو نعيم وغيره عن سفيان عن منصور عن إبراهيم أنه لن يكن يرى ذلك. (قال الحاكم) ولم يكن الشافعي عرف إسحاق فقال الشافعي لبعض من عرفه: من هذا؟ فقال: هذا إسحاق بن إبراهيم بن الحنظلي بن راهويه الخراساني، فقال له الشافعي: أنت الذي يزعم أهل خراسان أنك فقيههم؟ قال إسحاق: هكذا يزعمون، قال الشافعي: ما أحوجني أن يكون غيرك في موضعك فكنت آمر بعرك أذنيه. وقال الحاكم في خبر آخر: قال له الشافعي لو قلت قولك احتجت إلى أن أسلسل، أنا أقول لك «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم» وأنت تقول «عطاء وطاوس ومنصور الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2400 وإبراهيم والحسن وهؤلاء لا يرون ذلك» بل [ليس] لاحد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة. قال إسحاق لبعض من معه من المراوزة بلسانهم «مردك لا كمالانيست» «1» قرية عندهم بمرو يدّعون العلم وليس لهم علم واسع. وقال الابري قال إسحاق لبعض من معه: الرجل مالكاني، ومالكان قرية من قرى مرو أهلها فيهم سلامة. قال الحاكم في خبره، فلما سمع الشافعي تراطنه علم أنه قد نسبه إلى شيء فقال: تناظر؟ وكان إسحاق جريئا فقال: ما جئت إلا للمناظرة، فقال له الشافعي: قال الله عز وجل لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ الآية (الحشر: 8) نسب الدار إلى المالكين أو إلى غير المالكين؟ قال إسحاق: إلى المالكين، قال الشافعي: فقوله عز وجل أصدق الأقاويل، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن أغلق بابه فهو آمن، أنسب رسول الله صلى الله عليه وسلم الدار إلى مالك أو إلى غير مالك؟ قال إسحاق: إلى مالك، فقال الشافعي: وقد اشترى عمر بن الخطاب دار الحجّامين فأسكنها، وذكر له جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم اشتروا دور مكة وجماعة باعوها، وقال إسحاق له: قال الله عز وجل سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ (الحج: 25) فقال الشافعي: اقرأ أول الآية، قال وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ الَّذِي جَعَلْناهُ لِلنَّاسِ سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ (الحج: 25) قال الابري، قال الشافعي: والعكوف يكون في المسجد، ألا ترى إلى قوله لِلطَّائِفِينَ وَالْعاكِفِينَ (البقرة: 125) والعاكفون يكونون في المساجد، ألا ترى إلى قوله جل وعز وأنتم عاكفون في المساجد فدل قوله عز وجل سواء العاكف فيه والباد في المسجد خاص، فأما من ملك شيئا فله أن يكري وأن يبيع. (قال الحاكم) وقال الشافعي: ولو كان كما تزعم لكان لا يجوز أن تنشد فيها ضالة، ولا ينحر فيها البدن، ولا تنثر فيه الأرواث، ولكن هذا في المسجد خاصة. قال: فسكت إسحاق ولم يتكلم. وفي خبر الآبري: فلما تدبرت ما قال من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل ترك لنا عقيل من رباع أو دار علمت أنه قد فهم ما ذهب عنا؛ قال إسحاق: ولو كنت قد الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2401 أدركني هذا الفهم وأنا بحضرته لعرّفته ذاك، ثم نظرنا في كتبه فوجدنا الرجل من علماء هذه الأمة. قال الآبري: وقرأت في بعض ما حكي عن أبي الحسن أنه كان يأخذ بلحيته في يده ويقول: واحيائي من محمد بن إدريس الشافعي، يعني في هذه المسألة. ومن كتاب الحاكم: سمعت أبا بكر محمد بن علي بن إسماعيل الفقيه الأديب الشاشي أبا بكر القفال إمام عصره بما وراء النهر للشافعيين يقول: دخلت على أبي بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة أول ما قدمت نيسابور، وتكلمت بين يديه وأنا شاب حدث السن، فقال لي: من أين أنت؟ فقلت: من أهل الشاش، قال لي: إلى من اختلفت؟ قلت: إلى أبي الليث، قال: وأبو الليث هذا أي مذهب يعتقد؟ قلت: حنبلي، فقال: يا بني قل شافعي وهل كان أحمد بن حنبل إلا غلاما من غلمان الشافعي؟ قال: ومات أبو بكر القفال بالشاش في ذي الحجة سنة خمس وستين وثلاثمائة. ومن كتاب الآبري: حدثني محمد بن عبد الله الرازي، حدثنا الحسن بن حبيب الدمشقي عن محمود المصري، وكان من أفصح الناس، قال: سمعت ابن هشام (قال محمود: وما رأيت بعيني ممن فهمت عنه مثل ابن هشام) قال محمود: ورأيت الشافعيّ وأنا صغير، قال محمود، وسمعت ابن هشام يقول «1» : جالست الشافعيّ زمانا فما سمعته تكلم بكلمة إذا اعتبرها المعتبر لا يجد كلمة في العربية أحسن منها. قال «2» وسمعت ابن هشام يقول: الشافعي كلامه لغة يحتجّ بها. وحدثت عن الحسن بن محمد الزعفراني قال: كان قوم من أهل العربية يختلفون إلى مجلس الشافعي معنا ويجلسون ناحية، قال فقلت لرجل من رؤسائهم: إنكم لا تتعاطون العلم فلم تختلفون معنا؟ قالوا: نسمع لغة الشافعي؛ قال: وسمعت أبا علي الحسين بن أحمد البيهقي الفقيه ببغداد قال: سمعت حسان بن محمد يحكي عن الأصمعي انه قال «3» : صححت أشعار هذيل على فتى من قريش الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2402 يقال له محمد بن إدريس الشافعي. قال «1» : وحكي لنا عن مصعب الزبيري قال: كان أبي والشافعي يتناشدان، فأتى الشافعي على شعر هذيل حفظا وقال: لا تعلم بهذا أحدا من أهل الحديث فانهم لا يحتملون هذا. قال الشافعي رضي الله عنه، قال: ما رأيت أحدا أعلم بهذا الشأن مني وقد كنت أحبّ أن أرى الخليل بن أحمد. وحدث ابن خزيمة قال، سمعت يونس بن عبد الأعلى يقول: كان الشافعي إذا أخذ في العربية قلت: هو بهذا أعلم، وإذا تكلم في الشعر وإنشاده قلت: هو بهذا أعلم، وإذا تكلم في الفقه قلت: هو بهذا أعلم. وتحدث ابن عيينه «2» بحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أقرّوا الطير في مكناتها، قال: وكان الشافعي إلى جنب ابن عيينة، فالتفت إليه سفيان فقال: يا أبا عبد الله ما معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم أقروا الطير على مكناتها، فقال الشافعي: ان علم العرب كان في زجر الطير والخط والاعتياف، كان أحدهم إذا غدا من منزله يريد أمرا نظر أول طير يراه فان سنح عن يساره فاجتاز عن يمينه قال هذا طير الأيامن فمضى في حاجته ورأى أنه يستنجحها، وإن سنح عن يمينه فمر عن يساره قال هذا طير الأشائم فرجع. وقال: هذه حالة مشئومة، فيشبه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم أقروا الطير على مكناتها أي لا تهيجوها فان تهييجها وما تعملون به من الطيرة لا يصنع شيئا وإنما يصنع فيما توجهون فيه قضاء الله عز وجل. قال وكان سفيان يفسره بعد ذلك على ما قال الشافعي. وحدث الابري حدثني أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الرقي إملاء، قال حدثنا عبد الواحد بن سعيد عن صالح بن أحمد قال: جاء الشافعي يوما إلى أبي يعوده، وكان عليلا، فوثب أبي إليه فقبّل ما بين عينيه ثم أجلسه في مكانه، وجلس بين يديه، قال: فجعل يسائله ساعة، فلما وثب الشافعي ليركب قام أبي فأخذ بركابه ومشى معه، فبلغ يحيى بن معين، فوجّه إلى أبي يا أبا عبد الله يا سبحان الله اضطرّك الأمر إلى ان تمشي إلى جانب بغلة الشافعي؟! فقال له أبي: وأنت يا أبا زكريا لو مشيت من الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2403 الجانب الآخر لانتفعت به. قال ثم قال أبي: من أراد الفقه فليشمّ ذنب هذه البغلة. وفي رواية أخرى عن أحمد بن حنبل أنه قال: قدم علينا نعيم بن حماد فحضنا على طلب المسند، فلما قدم الشافعي وضعنا على المحجة البيضاء. ورواية أخرى عن حميد بن الربيع الخراز قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: ما أعلم أحدا أعظم منة على الإسلام في زمن الشافعي من الشافعي، واني لأدعو الله له في أدبار صلواتي فأقول: اللهم اغفر لي ولوالديّ ولمحمد بن إدريس الشافعي. وحدث الحارث بن محمد الأموي عن أبي ثور إبراهيم بن خالد الكلبي قال: كنت من أصحاب محمد بن الحسن، فلما قدم الشافعي علينا جئته إلى مجلسه شبه المستهزىء فسألته عن مسألة من الدور فلم يجبني وقال لي: كيف ترفع يديك في الصلاة؟ قلت: هكذا، قال لي: أخطأت، فقلت: كيف أصنع؟ فقال: حدثني ابن عيينة عن الزهري عن سالم عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه حذو منكبيه وإذا ركع وإذا رفع. قال أبو ثور: فوقع في قلبي من ذاك فجعلت أزيد في المجيء إلى الشافعي وأقصّر في الاختلاف إلى محمد بن الحسن، فقال لي ابن الحسن يوما: يا أبا ثور أحسب هذا الحجازيّ قد غلب عليك، قال قلت: أجل، الحقّ معه، قال: وكيف ذاك؟ قال فقلت: كيف ترفع يديك في الصلاة؟ فأجابني على نحو ما أجبت الشافعي، فقلت: أخطأت، قال: كيف أصنع؟ قلت: حدثني الشافعي عن ابن عيينة عن الزهري عن سالم عن أبيه أنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه حذو منكبيه وإذا ركع وإذا رفع. قال أبو ثور: فلما كان بعد شهر قال: يا أبا ثور خذ مسألتك في الدور فانما منعني أن أجيبك يومئذ لأنك كنت متعنّتا. وحدث المزني وهو أبو إبراهيم إسماعيل بن يحيى قال: دخلت على الشافعي في مرضه الذي مات فيه فقلت: كيف أصبحت؟ قال: أصبحت من الدنيا راحلا، وللاخوان مفارقا، ولكأس المنية شاربا، وعلى الله جل ذكره واردا، ولا والله ما أدري روحي تصير إلى الجنة أو إلى النار فأعزيها، ثم بكى وأنشأ يقول «1» : الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2404 فلما قسا قلبي وضاقت مذاهبي ... جعلت رجائي نحو عفوك سلما تعاظمني ذنبي فلما قرنته ... بعفوك ربي كان عفوك أعظما فما زلت ذا عفو عن الذنب لم تزل ... تجود وتعفو منة وتكرما فلولاك لم يقدر بابليس عابد ... فكيف وقد أغوى صفيّك آدما وحدث الربيع بن سليمان قال: كان الشافعي رحمه الله يجلس في حلقته إذا صلى الصبح فيجيئه أهل القرآن، فإذا طلعت الشمس قاموا وجاء أهل الحديث فيسألونه تفسيره ومعانيه، فإذا ارتفعت الشمس قاموا فاستوت الحلقة للمذاكرة والنظر، فإذا ارتفع الضحى تفرقوا وجاء أهل العربية والعروض والنحو والشعر فلا يزالون إلى قرب انتصاف النهار ثم ينصرف رضي الله عنه. وحدث يونس بن عبد الأعلى الصدفي قال، قال لي الشافعي رضي الله عنه: يا أبا موسى رضي الناس غاية لا تدرك، ما أقوله لك إلا نصحا ليس إلى السلامة من الناس سبيل، فانظر ما فيه صلاح نفسك فالزمه ودع الناس وما هم فيه. وحدث الحسن بن محمد الزعفراني قال «1» : كنا نحضر مجلس بشر المريسي فكنا لا نقدر على مناظرته، فمشينا إلى أحمد بن حنبل فقلنا له: ائذن لنا في أن نحفظ «الجامع الصغير» الذي لأبي حنيفة نخوض معهم إذا خاضوا، فقال: اصبروا فالآن يقدم عليكم المطلبي الذي رأيته بمكة، قال: فقدم علينا الشافعي، فمشوا «2» إليه وسألناه شيئا من كتبه فأعطانا كتاب اليمين مع الشاهد، فدرسته في ليلتين ثم غدوت على بشر المريسي وتخطيت إليه، فلما رآني قال: ما جاء بك؟ لست «3» صاحب حديث، قال قلت: ذرني من هذا، أيش الدليل على إبطال اليمين مع الشاهد؟ فناظرته فقطعته، فقال: ليس هذا من كيسكم، هذا من كلام رجل رأيته بمكة معه نصف عقل أهل الدنيا. وحدث الربيع بن سليمان قال «4» : كنا عند الشافعي إذ جاءه رجل برقعة فنظر الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2405 فيها وتبسم، ثم كتب فيها ودفعها إليه، قال فقلنا: يسأل الشافعي عن مسألة لا ننظر فيها وفي جوابها؟ فلحقنا الرجل وأخذنا الرقعة فقرأناها وإذا فيها: سل المفتي المكيّ هل في تزاور ... وضمة مشتاق الفؤاد جناح قال وإذا اجابة أسفل من ذلك: أقول معاذ الله أن يذهب التقى ... تلاصق أكباد بهن جراح قرأت في أمال أملاها أبو سليمان الخطابي على بعض تلامذته: قال الشيخ «1» : كان الشافعي رحمه الله يوما من أيام الجمع جالسا للنظر فجاءت امرأة فألقت إليه رقعة فيها: عفا الله عن عبد أعان بدعوة ... خليلين كانا دائمين على الودّ إلى أن مشى واشي الهوى بنميمة ... إلى ذاك من هذا فزالا عن العهد قال: فبكى الشافعي رحمه الله وقال: ليس هذا يوم نظر، هذا يوم دعاء، ولم يزل يقول، اللهم اللهم حتى تفرق أصحابه. ومثله ما بلغني أن رجلا جاءه برقعة فيها: سل المفتي المكيّ من آل هاشم ... إذا اشتد وجد بامرىء كيف يصنع قال فكتب الشافعي تحته: يداوي هواه ثم يكتم وجده ... ويصبر في كلّ الأمور ويخضع فأخذها صاحبها وذهب بها ثم جاءه وقد كتب تحت هذا البيت الذي هو الجواب: فكيف يداوي والهوى قاتل الفتى ... وفي كلّ يوم غصّة يتجرّع فكتب الشافعي رحمه الله: فان هو لم يصبر على ما أصابه ... فليس له شيء سوى الموت أنفع الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2406 ويروى للشافعي رحمه الله «1» : أأنثر درّا بين سارحة البهم ... وأنظم منثورا لراعية الغنم لعمرى لئن ضيّعت في شرّ بلدة ... فلست مضيعا فيهم غرر الكلم لئن سهّل الله العزيز بلطفه ... وصادفت أهلا للعلوم وللحكم بثثت مفيدا واستفدت ودادهم ... والا فمكنون لديّ ومكتتم ومن منح الجهال علما أضاعه ... ومن منع المستوجبين فقد ظلم وله رضي الله عنه في تعزية «2» : إني أعزّيك لا أني على طمع ... من الخلود ولكن سنّة الدين فما المعزّي بباق بعد صاحبه ... ولا المعزّى وان عاشا إلى حين وحدث باسناد رفعه إلى ابن عمر الشافعي قال: كان لأبي عبد الله الشافعي امرأة يحبها فقال «3» : أليس شديدا أن تح ... بّ ولا يحبك من تحبّه ويصدّ عنك بوجهه ... وتلجّ أنت فلا تغبّه وحدث الآبري باسناد إلى المزني عن الشافعي قال: كنا في سفر بأرض اليمن، فوضعنا سفرتنا لنتعشى وحضرت صلاة المغرب، فقلنا: نصلي ثم نتعشى، فتركنا سفرتنا كما هي، وكان في السفرة دجاجتان، فجاء ثعلب فأخذ إحدى الدجاجتين، فلما قضينا صلاتنا أسفنا عليها وقلنا، حرمنا طعامنا، فبينا نحن كذلك إذ جاء الثعلب وفي فيه شيء كأنه الدجاجة فوضعه، فبادرنا إليه لنأخذه، ونحن نحسبه الدجاجة قد ردها، فلما قمنا لخلاصها فإذا هو قد جاء إلى الأخرى فأخذها من السفرة، وأصبنا الذي قمنا إليه لنأخذه ليفة قد هيأها مثل الدجاجة. وحدث الحسن بن محمد الزعفراني قال: سئل الشافعي عن مسألة فأجاب فيها الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2407 ثم أنشأ يقول «1» : إذا المشكلات تصدّين لي ... كشفت حقائقها بالنظر لسان كشقشقة الأرحبيّ ... أو كالحسام اليماني الذكر ولست بإمّعة في الرجال ... أسائل هذا وذا ما الخبر ولكنني مدره الأصغرين جلّاب خير وفرّاج شر وحدث الربيع بن سليمان قال: لما دخل الشافعيّ مصر أول قدومه إليها جفاه الناس فلم يجلس إليه أحد، قال فقال له بعض من قدم معه: لو قلت شيئا يجتمع إليك الناس، قال فقال: إليك عني وأنشأ يقول: أأنثر درّا بين سارحة النعم ... وأنظم منثورا لراعية الغنم الأبيات التي مرت آنفا. وجرى بين الشافعي وبين بعض من صحبه مجانة فقال «2» : وأنزلني طول النوى دار غربة ... إذا شئت لاقيت امرءا لا أشاكله أحامقه حتى يقال سجية ... ولو كان ذا عقل لكنت أعاقله وحدث الربيع بن سليمان قال: سمعت الشافعي يقول «3» : يا راكبا قف بالمحصّب من منى ... واهتف بقاعد خيفها والناهض سحرا إذا فاض الحجيج إلى منى ... فيضا كملتطم الفرات الفائض إن كان رفضا حبّ آل محمد ... فليشهد الثقلان أني رافضي ومن كتاب الامام أبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي باسناده إلى الربيع بن سليمان قال: سمعت الشافعيّ، وسأله رجل عن مسألة، فقال «4» يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال كذا وكذا، فقال له السائل: يا أبا عبد الله أتقول بهذا؟ فارتعد الشافعي واصفرّ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2408 لونه وحال وتغير وقال: ويحك أي أرض تقلّني وأيّ سماء تظلني إذا رويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم أقل به؟ نعم على الرأس والعينين. قال «1» : وسمعت الشافعي يقول: ما من أحد إلا وتذهب عنه سنّة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتعزب عنه، فمهما قلت من قول أو أصّلت من أصل فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خلاف ما قلت فالقول ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو قولي، وجعل يردد هذا الكلام. وباسناده عن أحمد بن حنبل أنه قال لعبد الملك بن عبد الحميد الميموني «2» : مالك لا تنظر في كتب الشافعي فما من أحد وضع الكتب حتى ظهرت أتبع للسنة من الشافعي رضي الله عنه. وباسناده إلى أبي عثمان المازني قال «3» : سمعت الأصمعي يقول: قرأت شعر الشنفري على الشافعيّ بمكة، قال زكريا بن يحيى الساجي: فذكرت ذلك للرياشي فقال: ما أنكره، قرأتها على الأصمعي فقال: أنشدنيها رجل من قريش بمكة. وباسناده إلى عبد الرحمن بن أخي الأصمعي قال «4» : قلت لعمي: يا عماه على من قرأت شعر هذيل؟ فقال على رجل من آل المطلب يقال له محمد بن إدريس. وحدث الصولي عن المبرد انه قال «5» : كان الشافعي من اشعر الناس وآدب الناس وأعرفهم بالقراءات. وباسناده «6» إلى عبد الملك بن هشام النحوي صاحب «كتاب المغازي» أنه قال: طالت مجالستنا [للشافعي] فما سمعت منه لحنة قط ولا كلمة غيرها أحسن منها. وباسناده إلى جبير بن مطعم قال «7» : لما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم سهم ذوي القربى الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2409 من خيبر على بني هاشم وبني المطلب مشيت أنا وعثمان بن عفان فقلنا: يا رسول الله هؤلاء إخوتك بنو هاشم لا ينكر فضلهم لمكانك الذي جعلك الله به منهم، أرأيت إخوتنا من بني المطلب أعطيتهم وتركتنا وإنما نحن وهم منك بمنزلة واحدة، فقال: إنهم لم يفارقونا في جاهلية ولا إسلام، إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد، ثم شبك رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه إحداهما بالأخرى، أخرجه البخاري في الصحيح. وهذا لأن عبد مناف كان له أربعة أولاد: هاشم والمطلب وعبد شمس جدّ بني أمية ونوفل، وكان جبير بن مطعم من بني نوفل وعثمان من بني عبد شمس وهما أخوا المطلب. وباسناده «1» إلى الحارث بن سريج النقال قال: سمعت يحيى بن سعيد يقول: أنا أدعو الله للشافعي أخصه به. وباسناده «2» : كتب عبد الرحمن بن مهدي إلى الشافعي وهو شاب أن يضع له كتابا فيه معاني القرآن ويجمع قبول الأخبار فيه وحجة الاجماع وبيان الناسخ والمنسوخ من القرآن والسنة فوضع له كتاب الرسالة. قال عبد الرحمن: ما أصلي صلاة إلا وأدعو للشافعي فيها. وباسناده: قال أحمد بن حنبل: كان الفقه قفلا على أهله حتى فتحه الله بالشافعي. وباسناده: قال إبراهيم الحربي: سئل أحمد بن حنبل عن مالك بن أنس فقال: حديث صحيح ورأي صحيح، وسئل عن آخر فقال: لا رأي ولا حديث. وباسناده «3» إلى محمد بن مسلم بن وارة قال: لما قدمت من مصر أتيت أبا عبد الله أحمد بن حنبل أسلّم عليه، فقال لي: كتبت كتب الشافعي؟ فقلت: لا، فقال لي: فرّطت، ما عرفنا العموم من الخصوص وناسخ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من منسوخه حتى جالسنا الشافعي. قال ابن وارة: فحملني ذلك على أن رجعت إلى مصر فكتبتها. وباسناده قال الزعفراني «4» : كنت مع يحيى بن معين في جنازة فقلت له: يا أبا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2410 زكريا ما تقول في الشافعي؟ فقال: دعنا لو كان الكذب له مطلقا لكانت مروءته تمنعه أن يكذب. وباسناده «1» إلى عبد الملك الميموني قال: كنت عند أحمد بن حنبل وجرى ذكر الشافعي، فرأيت أحمد يرفعه وقال: يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يقرر لها دينها، فكان عمر بن عبد العزيز في رأس المائة الأولى، وأرجو أن يكون الشافعي على رأس المائة الأخرى. وباسناده: قال الشيخ أبو الوليد حسان بن محمد الفقيه يقول: كنا في مجلس القاضي أبي العباس ابن سريج سنة ثلاث وثلاثمائة، فقام إليه شيخ من أهل العلم فقال له: أبشر أيها القاضي فان الله يبعث على رأس كل مائة سنة من يجدّد لها أمر دينها، وانه تعالى بعث على رأس المائة عمر بن عبد العزيز وتوفي سنة ثلاث ومائة، وبعث على رأس المائتين أبا عبد الله محمد بن إدريس الشافعي وتوفي سنة أربع ومائتين، وبعثك على رأس الثلاثمائة، ثم أنشأ يقول: اثنان قد مضيا فبورك فيهما ... عمر الخليفة ثم حلف السؤدد الشافعيّ الألمعيّ محمد ... إرث النبوة وابن عمّ محمد أبشر أبا العباس إنك ثالث ... من بعدهم سقيا لنوبة أحمد قال: فصاح القاضي وبكى وقال: إن هذا الرجل قد نعى إليّ نفسي. قال فمات القاضي أبو العباس في تلك السنة. وذكر الخطيب في «تاريخه» أن ابن سريج مات سنة ست وثلاثمائة. وباسناد البيهقي إلى داود بن علي الأصبهاني أنه قال «2» : اجتمع للشافعي من الفضائل ما لم يجتمع لغيره، فأوّل ذلك شرف نفسه ومنصبه وأنه من رهط النبي صلى الله عليه وسلم، ومنها صحة الدين وسلامة الاعتقاد من الأهواء والبدع، ومنها سخاوة النفس، ومنها معرفته بصحة الحديث وسقمه، ومنها معرفته بناسخ الحديث ومنسوخه، ومنها حفظه لكتاب الله وحفظه لأخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعرفته بسير النبي صلى الله عليه وسلم وبسير خلفائه، ومنها الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2411 كشفه لتمويه مخالفيه، ومنها تأليف الكتب القديمة والجديدة، ومنها ما اتفق له من الأصحاب والتلامذة مثل أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل في زهده وعلمه وورعه وإقامته على السنة، ومثل سليمان بن داود الهاشمي وعبد الله بن الزبير الحميدي والحسين الفلّاس «1» وأبي ثور إبراهيم بن خالد الكلبي والحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني وأبي يعقوب يوسف بن يحيى البويطي وحرملة بن يحيى التجيبي والربيع بن سليمان المرادي وأبي الوليد موسى بن [أبي] الجارود والحارث بن سريج النقال وأحمد بن خالد الخلال وأبي عبيد القاسم بن سلام والقائم بمذهبه أبو إبراهيم إسماعيل بن يحيى المزني. قال الشيخ أحمد البيهقي، إنما عدّد داود بن عليّ من أصحاب الشافعي جماعة يسيرة، وقد عدّ أبو الحسن الدارقطني من روى عنه أحاديثه وأخباره أو كلامه زيادة على مائة، هذا مع قصور سنه عن سن أمثاله من الأئمة، وإنما تكثر الرواة عن العالم إذا جاوز سنه الستين أو السبعين، والشافعي لم يبلغ في السنّ أكثر من أربع وخمسين. ومن «كتاب مرو» مسندا إلى عبد الله بن محمد بن هارون الفريابي قال «2» : وقفت بمكة على حلقة عظيمة وفيها رجل، فسألت عنه فقيل هذا محمد بن إدريس الشافعي، فسمعته يقول: سلوني عما شئتم أخبركم بآية من كتاب الله وسنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقول صحابي. فقلت في نفسي: إنّ هذا الرجل جريء، ثم قلت له: ما تقول في المحرم يقتل الزنبور. فقال قال الله تعالى ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا (الحشر: 7) وحدثنا سفيان بن عيينة عن عبد الملك بن عمير عن ربعي عن حذيفة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر، وحدثنا سفيان بن عيينة عن مسعر عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب أن عمر رضي الله عنه أمر المحرم بقتل الزنبور. وعن المزني سمعت الشافعي يقول: رأيت بالمدينة أربع عجائب، رأيت جدة لها إحدى وعشرون سنة، ورأيت رجلا فلّسه القاضي في مدّي نوى، ورأيت شيخا قد الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2412 أتى عليه تسعون سنة يدور نهاره حافيا راجلا على القيان يعلّمهن الغناء فإذا جاءت الصلاة صلّى قاعدا، وكان بالمدينة وال وكان رجلا صالحا فقال: مالي لا أرى الناس يجتمعون على بابي كما يجتمعون على أبواب الولاة؟ فقالوا: إنك لا تضرب أحدا ولا تؤذي الناس، فقال: أهكذا؟ عليّ بالإمام، فنصب بين العقابين وجعل يضرب والإمام يقول: أعز الله الأمير أيش جرمي؟ وهو يقول: جمّلنا بنفسك، حتى اجتمع الناس على بابه. وعن خيثمة بن سليمان بن حيدرة قال «1» : جاء رجل إلى الشافعي فقال له: أصلحك الله، صديقك فلان عليل، فقال الشافعي: والله لقد أحسنت إليّ وأيقظتني لمكرمة ودفعت عني اعتذارا يشوبه الكذب، ثم قال: يا غلام هات السبتية، ثم قال: للمشي على الحفاء على علة الوجاء في حرّ الرمضاء من ذي طول أهون من اعتذار إلى صديق يشوبه الكذب، ثم أنشأ يقول: أرى راحة للحقّ عند قضائه ... ويثقل يوما ان تركت على عمد وحسبك حظّا أن ترى عذر كاذب ... وقولك لم أعلم وذاك من الجهد ومن يقض حقّ الجار بعد ابن عمه ... وصاحبه الأدنى على القرب والبعد يعش سيدا يستعذب «2» الناس ذكره ... وإن نابه حقّ أتوه على قصد ومما يروى للشافعي رضي الله عنه «3» : أصبحت مطّرحا في معشر جهلوا ... حقّ الاديب فباعوا الرأس بالذنب والناس يجمعهم سمل وبينهم ... في العقل فرق وفي الآداب والحسب كمثلما الذهب الابريز يشركه ... في لونه الصّفر والتفضيل للذهب والعود لو لم تطب منه روائحه ... لم يفرق الناس بين العود والحطب وعن أبي بكر ابن بنت الشافعي قال، قال الشافعي بمكة حين أراد الخروج إلى مصر «4» : الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2413 لقد أصبحت نفسي تتوق إلى مصر ... ومن دونها قطع المهامه والقفر فوالله ما أدري أللفوز والغنى ... أساق إليها أم أساق إلى القبر قال: فخرج فقطع عليه الطريق، فدخل بعض المساجد وليس عليه إلا خرقة، فدخل الناس وخرجوا فلم يلتفت إليه أحد، فقال «1» : عليّ ثياب لو يباع جميعها ... بفلس لكان الفلس منهنّ أكثرا وفيهن نفس لو يقاس ببعضها ... نفوس الورى كانت أجلّ وأكبرا وما ضرّ نصل السيف إخلاق غمده ... إذا كان عضبا أين وجّهته برى قرأت في «كتاب خطط مصر» لأبي عبد الله محمد بن سلامة بن جعفر بن علي القضاعي المصري صاحب «كتاب الشهاب» قال: محمد بن إدريس الشافعي المطلبي الفقيه يكنى أبا عبد الله، توفي في سلخ رجب سنة أربع ومائتين بمصر، ودفن غربي الخندق في مقابر قريش، وحوله جماعة من بني زهرة من ولد عبد الرحمن بن عوف الزهري وغيرهم، وقبره مشهور هناك مجمع على صحته ينقل الخلف عن السلف في كل عصر إلى وقتنا هذا، وهو البحري من القبور الثلاثة التي تجمعها مصطبة واحدة غربيّ الخندق، بينه وبين المشهد، والقبران الآخران اللذان إلى جنب قبر الشافعي أحدهما قبر عبد الله بن عبد الحكم بن أعين بن ليث بن رافع مولى قريش مات سنة أربع عشرة ومائتين، ودفن إلى جنب من الشافعي، وهو مما يلي القبلة، وهو القبر الأوسط من القبور الثلاثة، وكان من ذوي الجاه والمال والذبائح، وكان يزكي الشهود، ولم يشهد قطّ لدعوة سبقت فيهم، والقبر الثالث قبر ولده عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم مات في سنة سبع وخمسين ومائتين، وقبره مما يلي القبلة، وعبد الرحمن هذا هو صاحب «كتاب فتوح مصر» وكان عالما بالتواريخ. يقال ان الشافعي رضي الله عنه قدم إلى مصر سنة تسع وتسعين ومائة في أول خلافة المأمون، وكان سبب قدومه إلى مصر أن العباس بن عبد الله بن العباس بن موسى بن عبد الله بن العباس استصحبه فصحبه، وكان العباس هذا خليفة لأبيه الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2414 عبد الله على مصر، ولم يزل الشافعي بمصر إلى أن ولي السري بن الحكم البلخي، من قوم يقال لهم الزطّ، مصر واستقامت له، وكان يكرم الشافعي ويقدّمه ولا يؤثر أحدا عليه، وكان الشافعي محببا إلى الخاص والعام لعلمه وفقهه وحسن كلامه وأدبه وحلمه، وكان بمصر رجل من أصحاب مالك بن أنس يقال له فتيان فيه حدة وطيش، وكان يناظر الشافعي كثيرا ويجتمع الناس عليهما، فتناظرا يوما في مسألة بيع الحر، وهو العبد المرهون إذا أعتقه الراهن ولا مال له غيره، فأجاب الشافعي بجواز بيعه على أحد أقواله، ومنع فتيان منه لأنه يمضي عتقه بكل وجه، وهو أحد أقوال الشافعي، فظهر عليه الشافعي في الحجاج، فضاق فتيان بذلك ذرعا فشتم الشافعيّ شتما قبيحا، فلم يردّ عليه الشافعيّ حرفا، ومضى في كلامه في المسألة، فرفع ذلك رافع إلى السري، فدعا الشافعي وسأله عن ذلك وعزم عليه فأخبره بما جرى، وشهد الشهود على فتيان بذلك، فقال السري: لو شهد آخر مثل الشافعي على فتيان لضربت عنقه، وأمر فتيان فضرب بالسياط وطيف به على جمل وبين يديه مناد ينادي هذا جزاء من سبّ آل رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم إن قوما تعصبوا لفتيان من سفهاء الناس وقصدوا حلقة الشافعي حتى خلت من أصحابه وبقي وحده، فهجموا عليه وضربوه، فحمل إلى منزله فلم يزل فيه عليلا حتى مات في الوقت المقدم ذكره. قال ابن يونس: كان للشافعي ابن اسمه محمد قدم مع أبيه مصر، توفي بها في شعبان سنة إحدى وثلاثين ومائتين. وقيل كان له ولد آخر اسمه محمد أيضا يروي عن سفيان بن عيينة ولي قضاء الجزيرة وتوفي بها بعد أربعين ومائتين. هذا آخر ما ذكره القضاعي نقلته على وجهه. ومن مشهور أصحاب الشافعي: أبو إبراهيم إسماعيل بن يحيى المزني «1» ، مات في سنة أربع وستين ومائتين. والربيع بن سليمان وكان من أجلّ أصحاب الشافعي وأورعهم وأكثرهم تصنيفا. ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم «2» يكنى أبا عبد الله، صحب الشافعي وقرأ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2415 عليه ومات سنة ثمان وستين ومائتين، ودفن إلى جنب الشافعي مع قبر أخيه وأبيه المذكورين، وكان من أهل الدين والورع. والربيع بن سليمان بن عبد الجبار المرادي «1» مولى لهم المؤذن الفقيه، يكنى أبا محمد، وهو صاحب الشافعي المشهور بصحبته ومات سنة سبعين ومائتين، وقبره غربي الخندق مما يلي الفقاعي، وهو آخر من روى بمصر عن الشافعي، وكان جليلا مصنفا حدث بكتب الشافعي كلها ونقلها الناس عنه ويقال انه أعان المزني على غسل الشافعي. والربيع بن سليمان بن داود بن الأعرج الجيزي «2» مولى الأزد، وأظنه صحب الشافعي ومات في سنة ست وخمسين ومائتين وقبره بالجيزة. وهذا فهرست كتب الشافعيّ رضي الله عنه: كتاب الطهارة. كتاب مسألة المني. كتاب استقبال القبلة. كتاب الإمامة. كتاب إيجاب الجمعة. كتاب صلاة العيدين. كتاب صلاة الكسوف. كتاب صلاة الاستسقاء. كتاب صلاة الجنائز. كتاب الحكم في تارك الصلاة. كتاب الصلاة الواجبة والتطوع والصيام. كتاب الزكاة الكبير. كتاب زكاة الفطر. كتاب زكاة مال اليتيم. كتاب الصيام الكبير. كتاب المناسك الكبير. كتاب المناسك الأوسط. كتاب مختصر المناسك. كتاب الصيد والذبائح. كتاب البيوع الكبير. كتاب الصرف والتجارة. كتاب الرهن الكبير. كتاب الرهن الصغير. كتاب الرسالة. كتاب أحكام القرآن. كتاب اختلاف الحديث. كتاب جماع العلم. كتاب اليمين مع الشاهد. كتاب الشهادات. كتاب الاجارات الكبير. كتاب كري الابل والرواحل. كتاب الاجارات إملاء. كتاب اختلاف الأجير والمستأجر. كتاب الدعوى والبينات. كتاب الاقرار والمواهب. كتاب ردّ المواريث. كتاب بيان فرض الله عز وجل. كتاب صفة نهي النبي عليه السلام. كتاب النفقة على الأقارب. كتاب المزارعة. كتاب المساقاة. كتاب الوصايا الكبير. كتاب الوصايا بالعتق. كتاب الوصية للوارث. كتاب وصية الحامل. كتاب صدقة الحي عن الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2416 الميت. كتاب المكاتب. كتاب المدبّر. كتاب عتق أمهات الأولاد. كتاب الجناية على أم الولد. كتاب الولاء والحلف. كتاب التعريض بالخطبة. كتاب الصداق. كتاب عشرة الصداق. كتاب تحريم ما يجمع من النساء. كتاب الشغار. كتاب إباحة الطلاق. كتاب العدة. كتاب الإيلاء. كتاب الخلع والنشوز. كتاب الرضاع. كتاب الظهار. كتاب اللعان. كتاب أدب القاضي. كتاب الشروط. كتاب اختلاف العراقيين. كتاب اختلاف علي وعبد الله. كتاب سير الأوزاعي. كتاب الغصب. كتاب الاستحقاق. كتاب الأقضية. كتاب إقرار أحد الابنين بأخ. كتاب الصلح. كتاب قتال أهل البغي. كتاب الأسارى والغلول. كتاب القسامة. كتاب الجزية. كتاب القطع في السرقة. كتاب الحدود. كتاب المرتدّ الكبير. كتاب المرتدّ الصغير. كتاب الساحر والساحرة. كتاب القراض. كتاب الأيمان والنذور. كتاب الأشربة. كتاب الوديعة. كتاب العمري. كتاب بيع المصاحف. كتاب خطأ الطبيب. كتاب جناية معلم الكتّاب. كتاب جناية البيطار والحجام. كتاب اصطدام الفرسين والنفسين. كتاب بلوغ الرشد. كتاب اختلاف الزوجين في متاع البيت. كتاب صفة النفي. كتاب فضائل قريش والأنصار. كتاب الوليمة. كتاب صول الفحل. كتاب الضحايا. كتاب البحيرة والسائبة. كتاب قسم الصدقات. كتاب الاعتكاف. كتاب الشفعة. كتاب السبق والرمي. كتاب الرجعة. كتاب اللقيط والمنبوذ. كتاب الحوالة والكفالة. كتاب كري الأرض. كتاب التفليس. كتاب اللقطة. كتاب فرض الصدقة. كتاب قسم الفيء. كتاب القرعة. كتاب صلاة الخوف. كتاب الديات. كتاب الجهاد. كتاب جراح العمد. كتاب الخرص. كتاب العتق. كتاب عمارة الأرضين. كتاب إبطال الاستحسان. كتاب العقول. كتاب الأولياء. كتاب الردّ على محمد بن الحسن. كتاب صاحب الرأي. كتاب سير الواقدي. كتاب حبل الحبلة. كتاب خلاف مالك والشافعي. كتاب قطاع الطريق. قال: والذي لم يسمعه الربيع من الشافعي رضي الله عنه وأرضاه: كتاب الوصايا الكبير. كتاب اختلاف أهل العراق على علي وعبد الله. كتاب ديات الخطأ. كتاب قتال المشركين. كتاب الاقرار بالحكم الظاهر. كتاب الأجناس. كتاب اتباع أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم. كتاب مسألة الجنين. كتاب وصية الشافعي. كتاب ذبائح بني الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2417 إسرائيل. كتاب غسل الميت. كتاب ما ينجس الماء مما خالطه. كتاب الأمالي في الطلاق. كتاب مختصر البويطي، رواه الربيع عن الشافعي رضي الله عنه. [994] محمد بن أزهر بن عيسى : أحد الأخباريين المشهورين. قال محمد بن إسحاق النديم: مات سنة تسع وسبعين ومائتين، ومولده سنة [مائتين، وتوفي عن] تسع وسبعين، وكان قد سمع من ابن الأعرابيّ وغيره، وله من الكتب كتاب التاريخ، من خيار «1» الكتب. [995] محمد بن إسحاق بن يسار: صاحب «السيرة» كنيته أبو عبد الله وقيل أبو بكر، مولى عبد الله بن قيس بن مخرمة بن المطلب بن عبد مناف بن قصي، ويسار من سبي عين التمر، وهو أول سبي دخل المدينة من العراق. قال ابن أبي خيثمة: وموسى بن يسار أخو إسحاق بن يسار عم محمد بن إسحاق راوية أيضا علامة. مات محمد بن إسحاق سنة خمسين أو إحدى أو اثنتين وخمسين ومائة، ودفن بمقابر الخيزران عند قبر أبي حنيفة. قال المرزباني: ومحمد بن إسحاق أول من جمع مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم وألّفها، وكان يروي عن عاصم بن عمر بن قتادة ويزيد بن رومان ومحمد بن إبراهيم   [994] ترجمة ابن أزهر في الفهرست: 126 وكنيته أبو جعفر، والوافي 2: 186. [995] ترجمة محمد بن اسحاق في طبقات ابن سعد 7/321 والمعارف: 491 والمعرفة والتاريخ 2: 27 والفهرست: 105 وتاريخ بغداد 1: 214 وابن خلكان 4: 276 وتذكرة الحفاظ: 172 وميزان الاعتدال 3: 468 وسير الذهبي 7: 33 وعبر الذهبي 1: 216 والوافي 2: 188 وتهذيب التهذيب 9: 38 وطبقات الحفاظ: 75 والشذرات 1: 230. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2418 وابن شهاب والأعمش، ويروي عن فاطمة بنت المنذر بن الزبير امرأة هشام بن عروة، فبلغ ذلك هشاما فقال: هو كان يدخل على امرأتي؟! كأنه أنكر ذلك، وخرج عن المدينة قديما فلم يرو عنه منهم أحد غير إبراهيم بن سعد. وكان محمد بن إسحاق مع العباس بن محمد بالجزيرة، وكان قصد أبا جعفر المنصور بالحيرة فكتب إليه المغازي، فسمع منه أهل الكوفة لذلك السبب، وسمع منه أهل الجزيرة حين كان مع العباس بن محمد، وأتى الريّ فسمع منه أهلها، فرواته من هذه البلدان أكثر ممن روى عنه من أهل المدينة، وأتى بغداد فأقام بها إلى أن مات بها، وكان كثير الحديث، وقد كتب عنه العلماء، ومنهم من يستضعفه، وكان له أخوان عمر وأبو بكر ابنا إسحاق وقد رويا الحديث. وحدث باسناد رفعه إلى المفضل بن غسان الغلابي قال: سألت يحيى بن معين عن محمد بن إسحاق فقال قال عاصم بن عمر بن قتادة «1» : لا يزال في الناس علم ما عاش محمد بن إسحاق. قال يحيى: وابن إسحاق يسمع من عاصم فكان يقال ..... وحدث فيما رفعه إلى علي بن المديني قال: سمعت يحيى بن سعيد القطان يقول: كان محمد بن إسحاق والحسن بن ضمرة وإبراهيم بن محمد كل هؤلاء يتشيعون ويقدّمون عليا على عثمان. وقال الشاذكوني: كان محمد بن إسحاق بن يسار يتشيع وكان قدريا. وقال أحمد بن يونس: أصحاب المغازي يتشيعون كابن إسحاق وأبي معشر ويحيى بن سعيد الأموي وغيرهم، وأصحاب التفسير السدي والكلبي وغيرهما. وكان له انقطاع إلى عبد الله بن حسن بن حسن، وكان يأتيه بالشيء فيقول له: أثبت هذا في علمك، فيثبته ويرويه عنه. وحدث فيما أسنده الى الواقدي قال: كان محمد بن إسحاق يجلس قريبا من النساء في مؤخر المسجد، فيروى عنه أنه كان يسامر النساء، فرفع إلى هشام وهو أمير الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2419 المدينة، وكانت له شعرة حسنة، فرقق رأسه وضربه أسواطا ونهاه عن الجلوس هنالك، وكان حسن الوجه. وحدث عبد الله بن إدريس قال: كنت عند مالك بن أنس فقال له رجل: إن محمد بن إسحاق يقول: اعرضوا عليّ علم مالك بن أنس فإني أنا بيطاره، فقال مالك: انظروا إلى دجال من الدجاجلة يقول اعرضوا عليّ علم مالك. قال ابن ادريس: وما رأيت أحدا جمع الدجال قبله. وحدث هارون بن عبد الله الزهري قال: سمعت ابن أبي خازم قال «1» : كان ابن إسحاق في حلقته، فاغفى ثم انتبه فقال: رأيت حمارا اقتيد بحبل حتى خرج من المسجد، فلم يبرح حتى أتته رسل الوالي فاقتادوه بحبل فأخرجوه من المسجد. قال: محمد بن إسحاق كانت تعمل له الأشعار فيضعها في كتب المغازي، فصار بها فضيحة عند رواة الأخبار والأشعار، وأخطأ في كثير من النسب الذي أورده في كتابه، وكان يحمل عن اليهود والنصارى ويسميهم في كتبه أهل العلم الأول، وأصحاب الحديث يضعفونه ويتهمونه. وله من الكتب: كتاب الخلفاء، رواه عنه الأموي. كتاب السير والمغازي. كتاب المبدأ، رواه عنه إبراهيم بن سعد ومحمد بن عبد الله بن نمير النفيلي، ومات النفيلي بحران سنة أربع وثلاثين ومائتين وكان يكنى أبا عبد الرحمن. [996] محمد بن إسحاق أبو العنبس الصيمري: قال الخطيب في «تاريخه» : محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن أبي العنبس بن المغيرة بن ماهان، أبو العنبس   [996] ترجمة أبي العنبس في الفهرست: 168 وتاريخ بغداد 1: 238، والأغاني 21: 53- 57 والوافي 2: 191 والورقة: 5 ومعجم المرزباني: 393 والمنتظم 5: 99 والمحمدون: 131 والنجوم الزاهرة 3: 74. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2420 الصيمري الشاعر أحد الأدباء الملحاء، خبيث اللسان هجّاء، هجاء أكثر شعراء زمانه وقدم بغداد؛ مات سنة خمس وسبعين ومائتين، وحمل إلى الكوفة فدفن بها. ونادم المتوكل وهو القائل يهجو أحمد بن المدبر «1» : أسل الذي عطف الموا ... كب [بالأعنة] نحو بابك وأراك نفسك مالكا ... ما لم يكن لك في حسابك وأذلّ موقفي العزي ... ز على وقوفي في رحابك أن لا يطيل تجرعي ... غصص المنية من حجابك وهو القائل «2» : كم مريض قد عاش من بعد يأس ... بعد موت الطبيب والعوّاد قد يصاد القطا فينجو سليما ... ويحلّ القضاء بالصيّاد وذكره محمد بن إسحاق النديم في «الفهرست» فقال «3» : محمد بن إسحاق أبو العنبس الصيمري من أهل الفكاهات، وأصله من الكوفة، وكان قاضي الصيمرة، وكان مع استعماله للهزل شريفا عارفا بالنجوم، وله فيه كتاب يمدحه المنجمون، وأدخله المتوكل في ندمائه وخصّ به، وله مع البحتريّ خبر معروف بين يدي المتوكل، وعاش إلى أيام المعتمد ودخل في ندمائه، وله يهجو طباخ المعتمد: يا طيب أيامي بمعشوق ... ونحن في بعد من السوق إذا طلبت الخبز من فارس ... ينفخ لي صالح بالبوق وله من الكتب: كتاب تأخير المعرفة. كتاب العاشق والمعشوق. كتاب الرد على المنجمين. كتاب الطبلبنب. كتاب كرزابلا «4» . كتاب طوال اللحى. كتاب الرد على المتطببين. كتاب عنقاء مغرب. كتاب الراحة ومنافع القيادة «5» . كتاب فضائل الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2421 حلق الرأس. كتاب هندسة العقل. كتاب الأحاديث الشاذة. كتاب فضائل الزو «1» . كتاب الرد على أبي ميخائيل الصيدناني في الكيمياء. كتاب عجائب البحر. كتاب مساوي العوام وأخبار السفلة والأغتام. كتاب فضل السلّم على الدرجة. كتاب الفاس بن الحائك. كتاب الدولتين في تفضيل الخلافتين. كتاب تذكية العقول. كتاب السّحاقات والبغائين. كتاب الخضخضة في جلد عميرة. كتاب أخبار أبي فرعون كندر بن جحدر. كتاب تفسير الرؤيا. كتاب الثقلاء. كتاب نوادر القواد. كتاب دعوة العامة. كتاب الاخوان والأصدقاء. كتاب كنى الدوابّ. كتاب أحكام النجوم. كتاب المدخل في صناعة التنجيم. كتاب صاحب الزمان. كتاب الحلقتين «2» . كتاب استغاثة الجمل على ربه. كتاب فضل السرم على الفم. وقال أبو العنبس الصيمري: قوام أمر الانسان بتسع دالات: دار ودينار ودرهم ودقيق ودابة ودبس ودن ودسم ودعوة. وحدث الصولي قال حدثني ابن أبي العنبس، وكان قدم الينا بغداد من سر من رأى وكان متأدّبا قال: عرضت لأبي حاجة الى الحسن بن مخلد وزير المعتمد في إقطاع له فخاف معارضته، وذلك أيام تقلده ديوان الضياع، فقال «3» : زارني بدر على غصن ... قابلا وصلي يقبلني خلته في النوم من فرحي ... قد أعاد الروح في بدني «4» ان لي عن مثله شغلا ... بمقال الشعر في الحسن وأبيه مخلد فبه ... قد لبسنا سابغ المنن كاتب قلّ النظير له ... فاضل في العلم واللّسن قال: فأمضى له كل ما أراد ولم يعارضه في شيء. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2422 وأنشد جحظة لأبي العنبس الصيمري: لئن كنت عن أرض تقلّك نازحا ... فلم يحكني غير السليم المسهد وعلّمت مذ حرّعتني صاب بينكم ... غريب البكا عين الحمام المغرد وعن أبي الفرج «1» حدثني أحمد بن جعفر جحظة، قال حدثني أبو العنبس الصيمري قال: كنت عند المتوكل والبحتريّ ينشده: عن أيّ ثغر تبتسم ... وبأيّ طرف تحتكم حتى بلغ إلى قوله: قل للخليفة جعفر ال ... متوكل بن المعتصم والمجتدى ابن المجتدى ... والمنعم ابن المنتقم اسلم لدين محمد ... وإذا سلمت فقد سلم قال: وكان البحتري من أبغض الناس إنشادا، يتشدق ويتزاور في مشيه مرة جائيا ومرة القهقرى، ويهزّ رأسه مرة ومنكبه أخرى، ويشير بكمه ويقول: أحسنت والله، ثم يقبل على المستمعين فيقول: ما لكم لا تقولون أحسنت؟ هذا والله ما لا يحسن أحد أن يقول مثله، فضجر المتوكل من ذلك وأقبل عليّ فقال: أما تسمع يا صيمري ما يقول؟ فقلت: بلى يا سيدي فمر فيه بما أحببت، فقال: بحياتي اهجه على هذا الرويّ الذي أنشدنيه، فقلت: أدخلت رأسك في الحرم «2» ... وعلمت أنك تنهزم يا بحتريّ حذار وي ... لك من قضاقضة ضغم فلقد أسلت لوالدي ... ك «3» من الهجا سيل العرم والله حلفة صادق ... وبقبر أحمد والحرم الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2423 وبحقّ جعفر الاما ... م ابن الامام المعتصم لأصيّرنّك شهرة ... بين المسيل إلى العلم فبأيّ عرض تعتصم ... وبهتكه جفّ القلم حيّ الطلول بذي سلم ... حيث الأراكة والخيم يا ابن الثقيلة والثقي ... ل على قلوب ذوي النعم وعلى الصغير مع الكب ... ير مع الموالي والحشم في أيّ سلح تلتطم «1» ... وبأيّ كفّ تلتقم يا ابن المباحة للورى ... أمن العفاف أو التهم إذ رحل أختك للعجم ... وفراش أمك في الظلم وبباب دارك حانة ... في بيته يؤتى الحكم قال: وخرج البحتري مغضبا يعدو، وجعلت أصيح به خلفه: أدخلت رأسك في الحرم ... وعلمت أنك تنهزم والمتوكل يضحك ويصفق حتى غاب عنه. هذه رواية جحظة، والذي يتعارفه الناس أن أبا العنبس كان واقفا خلف السرير والبحتري ينشد قوله: عن أيّ ثغر تبتسم ... وبأيّ طرف تحتكم فقال أبو العنبس ارتجالا: في أيّ سلح ترتطم ... وبأيّ كفّ تلتقم أدخلت رأسك في الحرم ... وعلمت أنك تنهزم فغضب البحتريّ وخرج، وضحك المتوكل حتى أكثر، وأمر لأبي العنبس الصيمري بعشرة آلاف درهم. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2424 [997] محمد بن إسحاق بن أسباط الكندي أبو النضر المصري: ذكره أبو بكر الزبيدي، قال الزبيدي: أخذ عن الزجاج، وله كتاب في النحو سماه «كتاب العيون والنكت» ذهب فيه إلى حدّ الاسم والفعل والحرف، وتلا ذلك بذكر شيء من أبواب الياء والواو ولم يصنع شيئا. وقال ابن مسعر: نزل أبو النضر أنطاكية مدة ثم سار عنها إلى مصر، وله كتابان: كتاب التلقين. كتاب الموقظ. ورأيت أنا له كتاب المغني في النحو. وذكره ابن عبد الرحيم فقال: نقلت من خطّ أبي الحسن ابن الخطيب حدثنا الببغا قال: كان يجتمع معنا في خدمة سيف الدولة شيخ من أهل الأدب والتقدم في النحو وعلم المنطق ممن درس على الزجاج وأخذ عنه، يكنى بأبي النضر، وذكر اسمه ونسبه، وحكى أنه كان حسن الشعر، وأخبرنا أن الأبيات التي ينسبها قوم إلى ابن المغيرة وآخرون إلى أبي نضلة (قلت أنا: ووجدتها أنا في ديوان أبي القاسم التنوخي معزوّة إلى أبي القاسم وتروى لغيرهم أيضا) أنها لأبي النضر من قديم شعره وأنشدها لنفسه، وهي «1» : وكأس من الشمس مخلوقة ... تضمنها قدح من نهار هواء ولكنه ساكن ... وماء ولكنّه غير جار فهذا النهاية في الإبيضاض ... وهذا النهاية في الإحمرار وما كان في الحكم أن يوجدا ... لفرط التنافي وفرط النفار ولكن تجاور سطحاهما ال ... بسيطان فاجتمعا بالجوار كأن المدير لها باليمين ... إذا طاف للسقي أو باليسار   [997] ترجمة ابن اسباط الكندي في طبقات الزبيدي: 221 والمحمدون: 135 وإنباه الرواة 3: 68 والوافي 2: 195 وبغية الوعاة 1: 53. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2425 تدرّع ثوبا من الياسمين ... له فرد كمّ من الجلنار وقد أورد التنوخي هذه الحكاية في «كتاب النشوار» وحكى أن أبا النضر كان عالما بالهندسة قيما بعلوم الأوائل. ولأبي النضر أيضا «1» : هات اسقني بالكبير وانتخب ... نافية للهموم والكرب فلو تراني إذا انتشيت وقد ... حركت كفّي بها من الطرب لخلتني لا بسا مشهّرة ... من لازورد يشفّ عن ذهب وقال أبو علي التنوخي: أنشدني أبو عمر ابن جعفر الخلال لأبي النضر المصري النحوي من قصيدة يذكر فيها رجلا مدحه قال: وكان متسعا في الشعر الجيد المستحسن: ورأيت أحمدنا وسيدنا ... متصدرا للورد والصّدر خلت النجوم خلقن دائرة ... موصولة الطرفين بالقمر [998] محمد بن إسحاق أبو عبد الله الشابشتي: صاحب خزانة كتب العزيز بن المعز بمصر والمتوالي عرضها، وكان من أهل الفضل والأدب، مات سنة تسع وتسعين وثلاثمائة للهجرة في أيام الحاكم بن العزيز وله عدة تصانيف منها: كتاب الديارات. كتاب اليسر بعد العسر. كتاب مراتب الفقهاء. كتاب التوقيف والتخويف. كتاب مراسلات. كتاب ديوان شعره. كتاب في الزهد والمواعظ.   [998] ترجمة الشابشتي صاحب الديارات في ابن خلكان 3: 319 والوافي 2: 194 ومراصد الاطلاع 1: 427 وانظر مقدمة المحقق على كتاب الديارات؛ والاختلاف في اسمه كثير، وهو عند ابن خلكان علي بن محمد. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2426 وقد اختلف في اسمه فرأيت أنا «كتاب الديارات» من تصنيفه وهو مترجم محمد ابن إسحاق كما ترى، ونقل لي بمصر بعض من اختبرت صحة نقله أنه أبو الحسن علي بن أحمد، والله أعلم. [999] محمد بن اسحاق النديم: كنيته أبو الفرج، وكنية أبيه أبو يعقوب، مصنف «كتاب الفهرست» الذي جوّد فيه واستوعب استيعابا يدلّ على اطلاعه على فنون من العلم وتحققه لجميع الكتب، ولا أبعد أن يكون قد كان وراقا يبيع الكتب، وذكر في مقدمة هذا الكتاب أنه صنف في سنة سبع وسبعين وثلاثمائة. وله من التصانيف: فهرست الكتب. كتاب التشبيهات. وكان شيعيا معتزليا. [1000] محمد بن إسحاق بن علي بن داود بن حامد أبو جعفر القاضي الزوزني البحاثي: ذكره عبد الغافر بن إسماعيل بن عبد الغافر الفارسي وأنه مات بغزنة سنة ثلاث وستين وأربعمائة وقال: هو أحد الفضلاء المعروفين والشعراء المفلقين، صاحب التصانيف العجيبة المفيدة جدا وهزلا، والفائق أهل «1» عصره ظرفا وفضلا، المتعصب لأهل السنة، المخصوص بخدمة البيت الموفقي، المحترم بين الأئمة والكبار لفضله مرة، وللتوقي من حمات لسانه وعقارب هجائه ثانية، ولقد رزق من الهجاء في النظم والنثر طريقة لم يسبق إليها، وما ترك أحدا من الكبراء والأئمة والفقهاء وسائر الأصناف من الناس «2» إلا هجاه ووقع فيه، فكان الكل يتترسون باحترامه وإيوائه، عن سهام هجائه.   [999] ترجمة صاحب الفهرست في الوافي 2: 197 ولسان الميزان 5: 72. [1000] ترجمة البحاثي في إنباه الرواة 3: 66 والمحمدون: 134 والوافي 2: 197 واللباب (البحاثي) وتتمة اليتيمة 2: 30- 32 وياقوت يعتمد على السياق لعبد الغافر الفارسي (انظر المنتخب الثاني، الورقة 12/أ) . الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2427 قال عبد الغافر: وكان صديق والدي من البائتين عنده «1» في الأحايين، والمقترحين عليه ما يشتهيه من الطبائخ والمطعومات. سمعته رحمه الله يحكي عن أحواله وتهتكه واشتغاله في جميع الأحوال بما لا يليق بالعلماء والأفاضل، ولكنه كان يحتمل عنه اتقاء لسانه. ومما حكاه لي رحمه الله قال: ما وقع بصري قطّ على شخص إلا تصوّر في قلبي هجاؤه قبل أن أكلّمه وأجربه أو أخبر أحواله. وحكى لي بعض من أثق به أنه قال: لم يفلت أحد من هجائي إلا القاضي الامام صاعد بن محمد رحمه الله، فإني كنت زورت في نفسي أن أهجوه، فحيث تأملت في حسن عبادته وكمال فضله ومرضيّ سيرته استحييت من الله تعالى وتركت ما أجلته في فكري، على أني سمعت فيما قرع سمعي تشبيبا منه بشيء من ذلك عفا الله عنه، ولقد خصّ طائفة من الأكابر والعلماء بوضع التصنيف فيهم ورميهم بما برأهم الله عز وجل عنه. وبالغ في الافحاش، وأغرق في قوس الايحاش، وأظهر النّسخ بين الناس، وأغرب في فنون الهجاء، وأتى بالعبارات الرشيقة والمعاني الصحيحة من حيث الصنعة، وإن كانت عن آخرها أوزارا وآثاما وكذبا وبهتانا. واتفق الأفاضل على أنه أهجى عصره من الفضلاء، وأفتقهم شتما قبيحا تعريضا وتصريحا، وكان يسكن مدرسة السيوري بباب عزرة ويخصّ جماعة سكانها من الأئمة في عصره بالهجاء، وله معهم ثارات وأحوال يطول ذكرها، ثم مع تبحره وانفراده بفنّ الهجاء كان له شعر في الطبقة العليا في المدح والثناء وسائر المعاني، قصائده الغرّ في السادة والأئمة مشهورة، ومقطعاته في الغزل مأثورة، وكان ينسخ كتب الأدب بخطّ مقروء صحيح أحسن النّسخ، ولقد رأيت نسخة من «كتاب يتيمة الدهر» لأبي منصور الثعالبي في خمس مجلدات بخطه المليح بيعت بثلاثين دينارا نيسابورية وكانت تساوي أكثر من ذلك، ولقد كتب نسخة من «غريب الحديث» لأبي سليمان الخطابي وقرأها على جدي الشيخ عبد الغافر بن محمد الفارسي قراءة سماع، وعلى الحاكم الامام أبي سعد ابن دوست قراءة تصحيح وإتقان، أقطع على الله تعالى أن لم يبق من ذلك الكتاب نسخة أبين ولا أملح منها، وهي الآن برسم خزانة الكتب الموضوعة في الجامع القديم موقوفة على المسلمين من الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2428 أراد صدقي في ادعائي فليطالعه منها. ولم أظفر من مسموعاته في الأحاديث بشيء يمكنني أن أودعه هذا الكتاب مع أني لا أشك في سماعه، ولقد ذكر الحافظ أنه روى عنه عن خاله أبي الحسن هارون الزوزني عن أبي حاتم ابن حبان ولم يقع إلي بعد. ومن شعره في بعض الأكابر: يرتاح للمجد مهتزّا كمطرد ... مثقّف من رماح الخطّ عسّال فمرة باسم عن ثغر برق حيا ... وتارة كاشف عن ناب رئبال فما أسامة مطرورا براثنه ... ضخم الجزارة يحمي خيس أشبال يوما بأشجع منه حشو ملحمة ... والحرب تصدع أبطالا بأبطال ولا خضارة صخابا غواربه ... تسمو أواذيّه حالا على حال أندى وأسمح منه إذ يبشّره ... مبشّروه بروّاد ونزّال إلى غير ذلك من أمثاله إلى تمام القصيدة. وله: وذي شنب لو أنّ حمرة ظلمه ... أشبهها بالجمر خفت به ظلما قبضت عليه خاليا واعتنقته ... فأوسعني شتما وأوسعته لثما ومن شعره يصف البرد: متناثر فوق الثرى حبّاته ... كثغور معسول الثنايا أشنب برد تحدّر من ذرى صخّابة ... كالدرّ إلا أنه لم يثقب قال عبد العافر: واقتصرت على هذا الأنموذج من كلامه مخافة الاملال ومن أراد يزيد عليه فديوان شعره هزلا وجدا موجود، والله يغفر له ويعفو عنه. قال المؤلف: ولم أر من تصانيف البحاثي هذا شيئا إلا «شرح ديوان البحتري» ولعمري إن هذا شيء ابتكره، فإني ما رأيت هذا الديوان مشروحا ولا تعرّض له أحد من أهل العلم، ولا سمعت أحدا قال اني رأيت ديوان أبي عبادة البحتري مشروحا، وتأملته فرأيته قد ملىء علما وحشي فهما، وذاك أن شروح الدواوين المعروفة كأبي تمام والمتنبي وغيرهما تساعدت القرائح عليه وترافدت الهمم إليه، وما أرى له فيما اعتمده من شرح هذا الكتاب عمدة إلا أن يكون «كتاب عبث الوليد» للمعري الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2429 و «كتاب الموازنة» للآمدي لا غير. وقد ذكر البحاثيّ هذا أبو منصور الثعالبي في «تتمة يتيمة الدهر» بما أنا ذاكره إن شاء الله، قال أبو منصور: أبو جعفر محمد بن إسحاق البحاثي زينة زوزن، وطرف الطرف، وريحان الروح، يقول في هجاء لحيته الطويلة: يا لحية قد علّقت من عارضي ... لا أستطيع لقبحها تشبيها طالت فلم تفلح ولم تك لحية ... لتطول إلا والحماقة فيها إني لأظهر للبرية حبّها ... والله يعلم أنني أقليها ويقول في ذم خال على وجه بعض من يهجوه: أبو طاهر في الشؤم واللؤم غاية ... بعيد عن الاسلام والعقل والدين على وجهه خال قريب من انفه ... كمثل ذباب واقع فوق سرقين وله: ينيكون غزلان الحسان ولا أرى ... غزالا من الغزلان فردا بساحتي فمن يك قد لاقى من النيك راحة ... ففي راحتي أنسي ورفقي وراحتي وله: ولما رأيت الفقر ضربة لازب ... ولم يك لي في الكفّ عقد على نقد ولا لي غلام قد يناك ولم يكن ... سبيل إلى التّرك المكحلة المرد شريت قبيحا من بني الهند أسودا ... ونيك الهنود السود خير من الجلد وله أيضا يهجو «1» : فسوي وضرطي والخرا مائعا ... على الذي مقلوبه فسوي من خلقه أقبح من خلقه ... وجحره أوسع من دلوي وله: تعوّد هتك الستر نسوان سكبر ... وجئن لباس الفسق من أحسن الكسا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2430 وطرن سرورا حين لقبن سكبرا ... فسكبر إذ قلّبته صار رب كسا وللبحاثي في صفة دعوة: سألونا عن قراه ... فاختصرنا في الجواب كان فيه كلّ شيء ... بارد غير الشراب ومن خبيث شعره: الحمد لله وشكرا على ... إنعامه الشامل في كلّ شي إن الذي لاعبني في الصبا ... مات ومن قد نكته بعد حي نقلت من خط أبي سعد السمعاني عن رجل عن أسعد بن محمد العتبي قال: حكى أبو جعفر البحاثي أن أبا بكر الصبغي كان يختلف معنا إلى الحاكم أبي سعد ابن دوست، وكان من أنجب تلامذته نظما ونثرا، فاختطف في ريعان شبابه ونضارة عمره، فرأيته في المنام ليلة، قلت: ما وجدت من أشعارك شيئا يكون لي تذكرة، فقال: ليس لي شعر، فقلت ألست القائل: باكر أبا بكر بكاس ... ما بين إبريق وطاس فقال وأنا أقول: حلّ الخطوب بساحتي ... لا كنت أيتها الخطوب غادرتنا فغدرت إنّ الدهر خدّاع خلوب ... دنيا تقضّت لم يكن لي في أطايبها نصيب قال: فانتبهت وأشعلت السراج وكتبت عنه هذه الأبيات. حكى يعقوب بن أحمد النيسابوري أن القاضي البحاثي دخل على أبي سعد ابن دوست فأنشده: ليت شعري إذا خرجت من الدن ... يا فأصبحت ساكن الأجداث هل يقولنّ إخوتي بعد موتي ... رحم الله ذلك البحاثي فلما مات البحاثي قال فيه أبو سعد ابن دوست: الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2431 يا أبا جعفر بن إسحاق إني ... خانني فيك نازل الأحداث من هوى من مصاعد العزّ قسرا ... يك تحت الرجام في الأجداث فلك اليوم من قواف حسان ... سرن في المدح سيرها في المراثي مع كتب جمعن في كلّ فنّ ... حين يروين ألف باك وراثي قائل كلها بغير لسان ... رحم الله ذلك البحاثي وذكر محمد بن محمود النيسابوري في «كتاب سر السرور» أن شعر البحاثي نيف على عشرين ألف بيت، وأنه وقف عليه في تسع مجلدات، فانتخبت من ذلك المنتخب في هذه الورقة: بأبي من عند لثمي ... زاد في عشقي بشتمه ومضى يبكي ويمحو ... أثر اللثم بكمّه وله مثله: بليت بطفل قلّ طائل نفعه ... سوى قبل يزري بها طول منعه ويمسحها من عارضيه بكمّه ... ويغسلها عن وجنتيه بدمعه يكاشفني إن لاح شخصي بعينه ... ويغتابني إن مرّ ذكري بسمعه ولم أجد له في غير الهجاء السخيف شيئا استحسنته، قال يهجو: ألا إن هذا البيهقيّ محدّث ... مسيلمة الكذاب في جنبه ملك ففي وجهه قبح وفي قلبه عمى ... وفي نطقه كذب وفي دينه حلك لو ابن معين كان حيّا لجاءه ... وبالسلح سلح الكلب لحيته دلك فلا تعجبا إن مدّ في عمر مثله ... ويهلك أهل الفضل إذ خرف الفلك وله: مأتم الشيخ مأنس للكرام ... جئته قاضيا لحقّ الحمام مع حزن يحكي حزين الأغاني ... وبكاء يحكي بكاء الحمام كجهام الغمام جفنا ووجها ... مكدي الدمع واري الإبتسام الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2432 وكان البارع الزوزني عرضة لأهاجيه، وغرضا لطعان قوافيه، وكان يلقبه بالباعر، ويدّعي أنه افترسه ظبيا غريرا، وافترشه بدرا منيرا، فلما التحى أنكر صحبته، ونبذ وراء ظهره مودته، فمن ذلك: كان البويعر بدرا في حداثته ... ما كان أحسنه وجها وأبهاه والطيب أجمع فيما تحت مئزره ... والسحر ما بثه في الناس عيناه ربيته وهو في حجري ألاعبه ... نهاره وفراشي كان مأواه أفيده في جنايا العلم أحسنها ... وأستفيد لذيذا من جنى فاه حتى إذا ما عسا جلد أسته وغدا ... مشعّرا ودجا واسودّ قطراه وصار كلبا وخنزيرا وزوبعة ... وغول قفر يميت الإنس لقياه أنشا يمزّق عرضي منكرا أدبي ... وليس يحسن إلا ما أفدناه إن كان ينكر ما قدمت من أدبي ... فليس ينكر أيري شمّ مفساه لو لم تغير صروف الدهر صورته ... لكان مغفورة عندي خطاياه وله في السخف أبيات [ .... ] «1» وله: إني لمرزوق من الناس إذ ... أصبحت من أحذق حذّاقهم ما ذاك من فضل ولكنني ... أخالق الناس بأخلاقهم [1001] محمد بن إسماعيل بن عبد الله بن محمد بن ميكال أبو جعفر الميكالي: قد استوفينا هذا النسب في باب أبي الفضل عبد الله بن أحمد فأغنى. وكان أبو جعفر أديبا شاعرا لغويا فقيها، مات في صفر سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة، وكان قد تفقه على   [1001] ترجمة أبي جعفر الميكالي في الوافي 2: 216. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2433 قاضي الحرمين أبي الحسين وعقد له مجلس الاملاء سنة ثلاث وثمانين وثلاثمائة، سمع منه الحاكم أبو عبد الله ابن البيع الحافظ. [1002] محمد بن إسماعيل النحوي أبو عبد الله يعرف بالحكيم: من أهل قرطبة، سمع محمد بن وضاح ومحمد بن عبد السلام الخشني ومطرف بن قيس وعبد الله بن مسرة ومحمد بن عبد الله الغاز. وكان عالما بالنحو والحساب، دقيق النظر، مثيرا للمعاني الغامضة، مؤكدا لها، لا يتقدمه أحد في ذلك، وعمر إلى أن بلغ ثمانين عاما، وأدب الحكم المستنصر، وتوفي لعشر خلون من ذي الحجة سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة ونسله انقرض. [1003] محمد بن إسماعيل بن زنجي أبو عبد الله الكاتب: له نباهة وذكر في أيام المعتضد وإلى آخر أيام الراضي، وكان من جلة الكتاب ومشايخهم، معروف بجودة الخط، وله تصانيف: منها كتاب الكتاب والصناعة. كتاب رسائله. قال ابن شيران: مات محمد بن إسماعيل المعروف بزنجي الكاتب الأنباري في شوال سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة: وكان متقدما في كتاب الانشاء والرسائل والكلام حسن المجلس، وله أخبار كثيرة حسنة. [1004] محمد بن بحر الرهني أبو الحسين الشيباني ، والرهني، بالراء المهملة والنون، منسوب إلى رهنة- قرية من قرى كرمان، وكان يسكن نرماسير من أرض   [1002] ترجمة الحكيم النحوي في ابن الفرضي 2: 54 (وياقوت ينقل عنه) وطبقات الزبيدي: 276. [1003] ترجمة ابن زنجي في تاريخ بغداد 2: 48 والوافي 2: 210. [1004] ترجمة الرهني في الوافي 2: 243 ومعجم البلدان (رهن) . الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2434 كرمان، وهو يكنى أبا الحسين، شيباني الأصل معروف بالفضل والفقه. قال ابن النحاس في كتابه: قال بعض أصحابنا إنه كان في مذهبه ارتفاع، وحديثه قريب من السلامة، ولا أدري من أين فيّل. قال شيخنا رشيد الدين: كان لقنا حافظا يذاكر بثمانية آلاف حديث غير أنه كثر حفظه وتتبع الغرائب وعمّر، ومن طلب غرائب الحديث كذب. قال: ووقفت على كتابه «البدع» فما أنكرت فيه شيئا، وعند الله علمه. وكان عالما بالأنساب وأخبار الناس شيعي المذهب غاليا فيه، له تصانيف في أخبار الشيعة منها: كتاب سماه كتاب «نحل العرب» يذكر فيه تفرق العرب في البلاد في الإسلام ومن كان منهم شيعيا ومن كان منهم خارجيا أو سنيا، فيحسن قوله في الشيعة ويقع فيمن عداهم. وقفت على جزء من هذا الكتاب ذكر فيه نحل أهل المشرق خاصة من كرمان وسجستان وخراسان وطبرستان، وذكر فيه أن له تصنيفا آخر سماه «كتاب الدلائل على نحل القبائل» وذكر فيه أعني كتاب النحل: أخبرني ابن المحتسب ببغداد في درب عبدة بالحربية، قال أخبرنا أحمد بن الحارث الخراز، قال أخبرني المدائني علي بن محمد بن أبي سيف عن سلمة بن سليمان المغني وغيره، فذكر قصة الملبد بن يزيد بن عون بن حرملة بن بسطام بن قيس بن حارثة بن عمرو بن أبي ربيعة بن ذهل بن شيبان الخارج في أيام المنصور شاريا بالجزيرة حتى قتل. وقال في موضع آخر: حدثني سعد بن عبد الله بن أبي خلف، قال حدثني أبو هاشم الجعفري، وقال فيه: حدثني النوفلي علي بن محمد بن سليمان بن عبد الله بن الحارث بن نوفل عن أبيه. وقال فيه: سمعت أحمد بن محمد بن كيسان النحوي وأنا أقرأ عليه «كتاب سيبويه» يقول لم يجىء على فعّل إلا أربعة أسماء البقّم هي الخشبة التي يصبغ بها، وهي معروفة، وشلّم اسم بيت المقدس بالنبطية، وبذّر وهو اسم ماء من مياه العرب، قال كثير «1» : الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2435 سقى الله أمواها عرفت مكانها ... جرابا وملكوما وبذّر والغمرا وخصّم اسم للعنبر بن عمرو بن تميم. [1005] محمد بن بكر البسطامي: لا أعرف من حاله إلّا ما ذكره حمزة الأصبهاني، وقد ذكر الخليل وغيره، ثم قال: وصنف بالأمس محمد بن بكر البسطامي كتابا على كتاب محمد بن الحسن بن دريد المسمى «الجمهرة» وقال: كان السبب لوضعي هذا الكتاب تطرفي «1» الكتاب المسمى «كتاب الياقوتة» وأن مصنفه حشا أكثر الكتاب مما [لم] ينطق به العرب وعزاه إلى ثعلب، وقد طلبنا ما ادعى من ذلك على العرب في المصنفات فلم نجده، ثم سألنا عنه أصحاب ثعلب فلم يعرفوه، والذي صنف هذه الكتب لم يقم على ما أودعه شاهدا ولا دليلا من القرآن أو الحديث أو المثل ولا نحا «2» فيما رواه إلا إلى: أخبرنا ثعلب عن ابن الأعرابي، فتمت له رواية تلك الأباطيل بين قوم لم يطالبوه بدليل، وظنوا أنه فيها مصيب، ثم ذكر «كتاب العين» وأنه من تصنيف تلاميذ الخليل كما ذكرته في ترجمة الخليل. [1006] محمد بن ثابت بن محمد بن سوار بن علوان النميري الأصبهاني، أبو بكر: إمام الجامع باصبهان في باب كوشك، ذكره يحيى بن منده فقال: كان سنيا فاضلا من الناس بارعا في الأدب شاعرا فصيحا كثير السماع قليل الرواية، مسكنه في درب البخاري. روى عن عبد الله بن محمد بن محمد بن فورك وأبي بكر محمد بن   [1005] ترجمة محمد بن بكر البسطامي في الوافي 2: 262 (عن ياقوت) . [1006] ترجمة ابن علوان الاصبهاني في الوافي 2: 281 (والنقل عن ياقوت وإن لم يصرح بذلك) . الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2436 إبراهيم بن المقرىء وأحمد بن عبد الله النهرديري، كتب عنه عمي الامام وجماعة، رحمهم الله. [1007] محمد بن تميم أبو المعالي «1» البرمكي اللغوي: له كتاب كبير في اللغة سماه «المنتهى في اللغة» منقول من «كتاب الصحاح» للجوهري، وزاد فيه أشياء قليلة، وأغرب في ترتيبه، إلا أنه والجوهري كانا في عصر واحد، لأني وجدت كتاب الجوهري بخطه وقد فرغ منه في سنة ست وتسعين وثلاثمائة. وذكر البرمكي في مقدمة كتابه أنه صنفه في سنة سبع وتسعين وثلاثمائة، ولا شك أن أحد الكتابين منقول من الآخر نقلا، والذي أشك فيه أن البرمكي نقل «كتاب الصحاح» لأن أبا سهل محمد بن علي الهروي كان بمصر وحكى عن البرمكي، وقد روى الهروي «الصحاح» عن ابن عبدوس، ولعل الكتاب خرج عن الجوهري وهو حيّ وقدم به إلى مصر. [1008] محمد بن بحر الأصفهاني الكاتب، يكنى أبا مسلم: كان كاتبا مترسلا بليغا متكلما جدلا، مات فيما ذكره حمزة في «تاريخه» في آخر سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة ومولده سنة أربع وخمسين ومائتين، وكان الوزير أبو الحسن علي بن عيسى بن داود بن الجراح يشتاقه ويصفه. وقال أبو علي التنوخي، وقد ذكر محمد بن زيد الداعي فقال: وهو الذي كان أبو مسلم محمد بن بحر الأصفهاني الكاتب المعتزلي العالم بالتفسير وبغيره من صنوف   [1007] ترجمة أبي المعالي البرمكي في الوافي 2: 280. [1008] ترجمة ابن بحر الأصفهاني في الوافي 2: 244 والفهرست: 151. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2437 العلم مذ صار عامل أصبهان وعامل فارس للمقتدر يكتب له ويتولى أمره. ذكره محمد بن إسحاق وقال. له من الكتب: كتاب جامع التأويل لمحكم التنزيل على مذهب المعتزلة أربعة عشر مجلدا. كتاب جامع رسائله «1» [وله في] كتاب حمزة: كتاب الناسخ والمنسوخ. كتاب في النحو، وسمى حمزة كتابه في القرآن شرح التأويل. وكان ابن أبي البغل ولي في سنة ثلاثمائة ديوان الخراج والضياع بأصبهان وهو ببغداد فورد «2» كتاب على أبي مسلم ابن بحر بأن يخلفه على ديوان الضياع بها، ثم ورد ابن أبي البغل إلى أصبهان فأقره على خلافته، ثم مات أبو علي محمد بن أحمد بن رستم في سنة احدى وعشرين وثلاثمائة، فرتب مكانه أبو مسلم ابن بحر وذلك في شوال، ثم ورد علي بن بويه في خمسمائة فارس فهزم المظفر بن ياقوت في خمسة آلاف فارس ودخل ابن بويه أصبهان في منتصف ذي القعدة فعزل أبو مسلم. نقلت من «كتاب أصفهان» قال: وقال أبو مسلم في أبيات بالفارسية لأبي الأشعث القمي: يا للشباب وغصنه النّضر ... والعيش في أيامه الزّهر لو دام لي عهد المتاع به ... وأمنت فيه حوادث الدهر لكنه لي معقب هرما ... وهو النذير بآخر العمر قال وقال في أبي المعمر «3» : هل أنت مبلغ هذا القائد البطل ... عني مقالة طبّ غير ذي خطل إن كنت أخطأت قرطاسا عمدت له ... فأنت في رمي قلبي من بني ثعل قال: ودخل يوما إلى دار أخيه أحمد بن بحر فرأى معه دفترا على ظهره أبيات الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2438 نصر بن سيار، وذاك عندما بيّض ماكان بن كاكي الديلمي ووردت خيله قمّ، وأبيات نصر «1» : أرى خلل الرماد وميض جمر ... ويوشك أن يكون له ضرام وان النار بالزندين تورى ... وان الحرب يقدمها الكلام أقول من التعجب ليت شعري ... أأيقاظ أمية أم نيام فكتب أبو مسلم تحتها «2» : أرى نارا تشبّ بكلّ واد ... لها في كل منزلة شعاع وقد رقدت بنو العباس عنها ... وأضحت وهي آمنة رتاع كما رقدت أمية تم هبّت ... لتدفع حين ليس بها دفاع ولما مات قال فيه علي بن حمزة بن عمارة الأصبهاني يرثيه: وقالوا ألا ترثي ابن بحر محمدا ... فقلت لهم ردّوا فؤادي واسمعوا فلن يستطيع القول من طار قلبه ... جريحا قريحا بالمصائب يقرع ومن بان عنه إلفه وخليله ... فليس له إلا إلى البعث مرجع ومن كان أوفى الأوفياء لمخلص ... ومن حيز في سرباله الفضل أجمع سحابا كماء المزن شيب به الجنى ... جنى الشهد في صفو المدام يشعشع وغرب ذكاء واقد مثل جمرة ... وطبع به العضب المهنّد يطبع ومن كان من بيت الكتابة في الذرى ... وذا منطق في الحفل لا يتتعتع وله «3» : الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2439 وقد كنت أرجو أنه حين يلتحي ... يفرّج عني أو يجدّد لي صبرا فلما التحى واسودّ عارض وجهه ... تحوّل لي البلوى بواحدة عشرا [1009] محمد بن بركات بن هلال بن عبد الواحد بن عبد الله السعيدي الصوفي: نقلت نسبه هذا من خط يده، يكنى أبا عبد الله مات في سنة عشرين وخمسمائة، وقيل إن مولده في سنة عشرين وأربعمائة، فيكون عمره على هذا مائة سنة. أحد فضلاء المصريين وأعيانهم المبرزين، أخذ النحو والأدب عن أبي الحسن ابن بابشاذ فأتقنه، وله أيضا معرفة حسنة بالأخبار والأشعار، وكان يقول الشعر فيجيد، ومن قوله «1» : يا عنق الأبريق من فضة ... ويا قوام الغصن الرطب هبك تجافيت وأقصيتني ... تقدر أن تخرج من قلبي ومنه: وإذا الصنيعة وافقت أهلا لها ... دلّت على توفيق مصطنع اليد وله من الكتب: كتاب خطط مصر أجاد فيه. وله عدة تصانيف في النحو. وكتاب الناسخ والمنسوخ، فيما بلغني، والله أعلم. وقال محمد بن بركات السعيدي يخاطب أبا القاسم هبة الله [بن] علي بن مسعود بن ثابت البوصيري الأنصاري: فله أوامر من حجاه حكيمة ... وله زواجر من نهاه [نواهي]   [1009] ترجمة السعيدي الصوفي في الوافي 2: 247 والمغرب (قسم القاهرة) 311 وإنباه الرواة 3: 78 والمحمدون: 167 (والصفدي ينقل عن ياقوت وعن ابن سعيد المغربي) وانظر الخريدة (قسم مصر) 2: 42 وعبر الذهبي 4: 47 وبغية الوعاة 1: 59 والشذرات 4: 62 وحسن المحاضرة 1: 532 وإشارة التعيين: 300. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2440 يقظان من فهم لكلّ فضيلة ... بنباهة جلّت عن الأشباه علامة ما مشكل مستبهم ... خاف عن الأفهام من أنباه [1010] محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب ، أبو جعفر الطبري المحدث الفقيه المقرىء المؤرخ المعروف المشهور: مات فيما ذكره أبو بكر الخطيب يوم السبت لأربع بقين من شوال سنة عشر وثلاثمائة ودفن يوم الأحد بالغداة في دار برحبة يعقوب، ولم يغير شيبه، وكان السواد في شعر رأسه ولحيته كثيرا. ومولده سنة أربع أو أوّل سنة خمس وعشرين ومائتين، وكان أسمر الأدمة أعين نحيف الجسم مديد القامة فصيح اللسان. قال غير الخطيب: ودفن ليلا خوفا من العامة لأنه يتهم بالتشيع، وأما الخطيب فإنه قال: ولم يؤذن به أحد، فاجتمع على جنازته من لا يحصي عددهم إلا الله، وصلي على قبره عدة شهور ليلا ونهارا، ورثاه خلق كثير من أهل الدين والأدب. قال «1» : وسمع محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب وأحمد بن منيع البغوي وأحمد «2» بن حميد الرازي وأبا همام الوليد بن شجاع وأبا كريب محمد بن العلاء، وعدّد خلقا كثيرا من أهل العراق والشام ومصر. وحدث عنه أحمد بن كامل القاضي وغيره، واستوطن بغداد وأقام بها إلى حين وفاته. قال «3» : وكان أحد أئمة العلماء يحكم بقوله ويرجع إلى رأيه لمعرفته وفضله،   [1010] ترجمة الطبري في الفهرست: 291 وتاريخ بغداد 2: 162 وطبقات الشيرازي: 93 والمنتظم 6: 170 وانباه الرواة 3: 89 وابن خلكان 4: 191 وتذكرة الحفاظ: 710 وسير الذهبي 14: 267 وعبر الذهبي 2: 146 وميزان الاعتدال 3: 498 والوافي 2: 284 ومرآة الجنان 2: 260 وطبقات السبكي 3: 120 والبداية والنهاية 11: 145 وطبقات ابن الجزري 2: 106 ولسان الميزان 5: 100 والنجوم الزاهرة 3: 205 وطبقات المفسرين 30 وطبقات الداودي 2: 106 والشذرات 2: 260. والمقفى 5: 481. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2441 وكان قد جمع من العلوم ما لم يشاركه فيه أحد من أهل عصره، وكان حافظا لكتاب الله عز وجل، عارفا بالقرآن بصيرا بالمعاني، فقيها بأحكام القرآن، عالما بالسنن وطرقها وصحيحها وسقيمها وناسخها ومنسوخها، عارفا بأقوال الصحابة والتابعين ومن بعدهم من المخالفين في الأحكام ومسائل الحلال والحرام، عارفا بأيام الناس وأخبارهم، وله الكتاب المشهور في تاريخ الأمم والملوك، وكتاب في تفسير القرآن لم يصنف أحد مثله، وكتاب سماه «تهذيب الآثار» «1» لم أر سواه في معناه، لم يتممه. وله في أصول الفقه وفروعه كتب كثيرة واختيار من أقاويل الفقهاء وتفرد بمسائل حفظت عنه. قال الخطيب: وسمعت علي بن عبيد الله اللغوي السمسمي «2» يحكي أن محمد بن جرير مكث أربعين سنة يكتب في كلّ يوم منها أربعين ورقة، قال: وقال أبو حامد الاسفرائني الفقيه: لو سافر رجل إلى الصين حتى يحصل كتاب تفسير محمد بن جرير لم يكن ذلك كثيرا أو كلاما هذا معناه. وحدث «3» عن القاضي أبي عمر عبيد الله بن أحمد السمسار وأبي القاسم بن عقيل الوراق أن أبا جعفر الطبري قال لأصحابه: أتنشطون لتفسير القرآن؟ قالوا: كم يكون قدره؟ قال: ثلاثون ألف ورقة، فقالوا: هذا مما تفنى الأعمار قبل تمامه، فاختصره في نحو ثلاثة آلاف ورقة. ثم قال: تنشطون لتاريخ العالم من آدم إلى وقتنا هذا؟ قالوا: كم قدره؟ فذكر نحوا مما ذكره في التفسير، فأجابوه بمثل ذلك، فقال: إنا لله ماتت الهمم، فاختصره في نحو مما اختصر التفسير. وحدث «4» فيما أسنده الى أبي بكر ابن بالويه قال، قال لي أبو بكر محمد بن إسحاق، يعني ابن خزيمة: بلغني أنك كتبت التفسير عن محمد بن جرير، قلت: نعم كتبنا التفسير عنه إملاء، قال: كله؟ قلت: نعم، قال: في أي سنة؟ قلت من سنة ثلاث وثمانين إلى سنة تسعين، قال: فاستعاره مني أبو بكر وردّه بعد سنين، ثم الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2442 قال: نظرت فيه من أوله إلى آخره، وما أعلم على أديم الأرض أعلم من ابن جرير، ولقد ظلمته الحنابلة؛ قال: وكانت الحنابلة تمنع [منه] ولا تترك أحدا يسمع عليه. وأنشد محمد بن جرير «1» : إذا أعسرت لم أعلم رفيقي ... وأستغني فيستغني صديقي حيائي حافظ لي ماء وجهي ... ورفقي في مطالبتي رفيقي ولو أني سمحت ببذل وجهي ... لكنت إلى الغنى سهل الطريق وأنشد أيضا «2» : خلقان لا أرضى طريقهما ... تيه الغنى ومذلّة الفقر فإذا غنيت فلا تكن بطرا ... وإذا افتقرت فته على الدهر وحدث فيما أسنده إلى محمد بن جرير قال: كتب إليّ أحمد بن عيسى العلوي من بلد «3» : ألا إنّ إخوان الثقات قليل ... فهل لي الى ذاك القليل سبيل سل الناس تعرف غثّهم من سمينهم ... فكلّ عليه شاهد ودليل قال أبو جعفر فأجبته: يسيء أميري الظنّ في جهد جاهد ... فهل لي بحسن الظنّ منه سبيل تأمل أميري ما ظننت وقلته ... فإن جميل القول منك جميل هذا آخر ما نقلته من تاريخ أبي بكر. وحدث عبد الله بن أحمد بن جعفر الفرغاني في كتابه المعروف «كتاب الصلة» وهو كتاب وصل به تاريخ ابن جرير: أن قوما من تلاميذ ابن جرير حصلوا أيام حياته منذ بلغ الحلم الى أن توفي وهو ابن ست وثمانين، ثم قسموا عليها أوراق مصنفاته، فصار منها على كل يوم أربع عشرة ورقة، وهذا شيء لا يتهيأ لمخلوق إلا بحسن عناية الخالق. وفرغ من تصنيف كتاب التاريخ ومن عرضه عليه في يوم الأربعاء لثلاث بقين الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2443 من شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وثلاثمائة، وقطعه على آخر سنة اثنتين وثلاثمائة. وجدت على جزء من «كتاب التفسير» لابن جرير بخط الفرغاني ما ذكر فيه قطعة من تصانيف ابن جرير فنقلته على صورته لذلك وهو: قد أجزت لك يا علي بن عمران وإبراهيم بن محمد ما سمعته من أبي جعفر الطبري رحمه الله من كتاب التفسير المسمى بجامع البيان عن تأويل آي القرآن. وكتاب تاريخ الرسل والأنبياء والملوك والخلفاء، والقطعين من الكتاب ولم أسمعه وإنما أخذته إجازة، وكتاب تاريخ الرجال المسمى بذيل المذيل، وكتاب القراءات وتنزيل القرآن، وكتاب لطيف القول وخفيفه في شرائع الاسلام، وما سمعته من كتاب التهذيب من مسند العشرة ومسند ابن عباس إلى حديث المعراج. وكتاب آداب القضاة والمحاضر والسجلات. وكتاب اختلاف علماء الأمصار فليرويا ذلك عني، وكتب عبد الله بن أحمد الفرغاني بخطه في شعبان سنة ست وثلاثين وثلاثمائة. وحدث أبو علي الحسن بن علي الأهوازي المقرىء في «كتاب الاقناع» في إحدى عشرة قراءة قال: كان أبو جعفر الطبري عالما بالفقه والحديث والتفاسير والنحو واللغة والعروض، له في جميع ذلك تصانيف فاق بها على سائر المصنفين، وله في القراءات كتاب جليل كبير رأيته في ثماني عشرة مجلدة الا [أنه] كان بخطوط كبار ذكر فيه جميع القراءات من المشهور والشواذ، وعلل ذلك وشرحه، واختار منها قراءة لم يخرج بها عن المشهور ولم يكن منتصبا للاقراء ولا قرأ عليه أحد إلا آحاد من الناس كالصفار شيخ كان ببغداد من الجانب الشرقي يروي عنه رواية عبد الحميد بن بكار عن ابن عامر. وأما القراءة عليه باختياره فإني ما رأيت أحدا أقرأ به غير أبي الحسين الجبّي وكان ضنينا به، ولقد سألته زمانا حتى أخذ عليّ به وقال: ترددت إلى أبي جعفر نحوا من سنة أسأله ذلك زمانا حتى أجرمت عليه وسألته، وكنت قد سمعت منه صدرا من كتبه فأخذه عليّ على جهته وقال: لا تنسبها إليّ وأنا حي، فما أقرأت بها أحدا حتى مات رحمه الله في شوال سنة عشر وثلاثمائة. وقال أبو الحسين الجبي: ما قرأ عليه به إلا اثنان وأنت ثالثهم، ولا قرأ عليه أحد إلى أن مات سنة ثمانين وثلاثمائة. وقرأت بخط أبي سعد بإسناده رقعة إلى أبي العباس البكري من ولد أبي بكر الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2444 الصديق قال «1» : جمعت الرحلة بين محمد بن جرير الطبري ومحمد بن إسحاق بن خزيمة ومحمد بن نصر المروزي ومحمد بن هارون الروياني بمصر فأرملوا وافتقروا ولم يبق عندهم ما يمونهم وأضرّ بهم الحال، فاجتمعوا ليلة في منزل كانوا يأوون إليه واتفقوا على أن يستهموا فمن خرجت عليه القرعة سأل الناس لأصحابه الطعام، فخرجت القرعة على محمد بن إسحاق بن خزيمة فقال لأصحابه: أمهلوني حتى أتوضأ وأصلي صلاة الخيرة، فاندفع بالصلاة فإذا هم بالشموع وخصيّ من قبل والي مصر يدقّ عليهم، فأجابوه وفتحوا له الباب، فقال: أيكم محمد بن نصر؟ فقيل هذا، وأشاروا إليه، فأخرج صرة فيها خمسون دينارا ودفعها إليه، وقال: أيكم محمد بن جرير؟ فأشاروا إليه فدفع إليه خمسين دينارا، ثم قال: أيكم محمد بن هارون؟ فقيل هذا، فدفع إليه مثلها، ثم قال: وأيكم محمد بن إسحاق بن خزيمة؟ فقيل هو ذا يصلي، فلما فرغ من صلاته دفع إليه صرة فيها خمسون دينارا ثم قال: إن الأمير كان قائلا فرأى في النوم خيالا أو طيفا يقول له: إن المحامد طووا كشحهم، فبعث بهذه الصرر، وهو يقسم عليكم إذا نفدت أن تبعثوا إليه ليزيدكم. قال المؤلف: وقد ذكر أبو بكر الخطيب هذه الحكاية في ترجمة محمد بن حرب إلا أنني نقلتها من كتاب السمعاني. وسأله يوما سائل عن نسبه فقال: محمد بن جرير، فقال السائل: زدنا في النسب فأنشده لرؤبة: قد رفع العجّاج ذكري فادعني ... باسمي إذا الأنساب طالت يكفني قال القاضي ابن كامل: كان مولده في آخر سنة أربع وعشرين ومائتين أو أول سنة خمس وعشرين ومائتين. قال ابن كامل: فقلت له كيف وقع لك الشك في ذلك؟ فقال: لأن أهل بلدنا يؤرخون بالأحداث دون السنين، فأرّخ مولدي بحدث كان في البلد، فلما نشأت سألت عن ذلك الحادث فاختلف المخبرون لي فقال بعضهم: كان ذلك في آخر سنة أربع، وقال آخرون: بل كان في أول سنة خمس وعشرين ومائتين، وكان مولده بآمل طبرستان وهي قصبة طبرستان. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2445 قال أبو جعفر: جئت إلى أبي حاتم السجستاني، وكان عنده حديث عن الأصمعي عن أبي زائدة عن الشعبي في القياس، فسألته عنه فحدثني به، وقال لي أبو حاتم: من أيّ بلد أنت؟ فقلت: من طبرستان، فقال: ولم سميت طبرستان؟ فقلت: لا أدري، فقال: لما افتتحت وابتدئ ببنائها كانت أرضا ذات شجر، فالتمسوا ما يقطعون به الشجر، فجاءهم بهذا الطبر الذي يقطع به الشجر فسمي الموضع به. وقال أبو بكر ابن كامل: جئت الى أبي جعفر قبل المغرب ومعي ابني أبو رفاعة وهو شديد العلة، فوجدت تحت مصلاه «كتاب فردوس الحكمة» لعلي بن ربن الطبري سماعا له، فمددت يدي لأنظره، فأخذه ودفعه إلى الجارية وقال لي: هذا [ابنك] ؟ فقال قلت: نعم، قال: ما اسمه؟ قلت: عبد الغني، قال: أغناه الله، وبأي شيء كنيته؟ قلت: بأبي رفاعة، قال: رفعه الله، أفلك غيره؟ قلت: نعم أصغر منه، قال: وما اسمه؟ قلت: عبد الوهاب أبو يعلى، قال: أعلاه الله، لقد اخترت الكنى والأسماء. ثم قال لي: كم لهذا سنة؟ قلت: تسع سنين، قال: لم لم تسمعه مني شيئا؟ قلت: كرهت صغره وقلة أدبه، فقال لي: حفظت القرآن ولي سبع سنين، وصليت بالناس وأنا ابن ثماني سنين، وكتبت الحديث وأنا ابن تسع سنين، ورأى لي أبي في النوم أنني بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان معي مخلاة مملوءة حجارة وأنا أرمي بين يديه، فقال له المعبر: إنه إن كبر نصح في دينه وذبّ عن شريعته، فحرص أبي على معونتي على طلب العلم وأنا حينئذ صبي صغير. قال ابن كامل: فأول ما كتب الحديث ببلده، ثم بالري وما جاورها، وأكثر من الشيوخ حتى حصل كثيرا من العلم، وأكثر من محمد بن حميد الرازي ومن المثنى بن إبراهيم الأبلي وغيرهما. قال أبو جعفر: كنا نكتب عند محمد بن حميد الرازي فيخرج الينا في الليل مرات ويسأل عما كتبناه ويقرؤه علينا، قال: وكنا نمضي إلى أحمد بن حماد الدولابي، وكان في قرية من قرى الري بينها وبين الري قطعة، ثم نعدو كالمجانين حتى نصير الى ابن حميد فنلحق مجلسه. وكتب عن أحمد بن حماد «كتاب المبتدإ والمغازي» عن سلمة بن المفضل عن محمد بن إسحاق وعليه بنى تاريخه. ويقال إنه الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2446 كتب عن ابن حميد فوق مائة ألف حديث. قال أبو جعفر: كان يقرأ علينا ابن حميد من التفسير، فإذا بلغ إلى قوله عز وجل: وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ قال: أَوْ يُخْرِجُوكَ (الأنفال: 30) ثم دخل أبو جعفر إلى مدينة السلام وكان في نفسه أن يسمع من أبي عبد الله أحمد بن حنبل فلم يتفق له ذلك لموته قبيل دخوله الينا، وقد كان أبو عبد الله قطع الحديث قبل ذلك بسنين، فأقام أبو جعفر بمدينة السلام وكتب عن شيوخها فأكثر، ثم انحدر إلى البصرة فسمع من كان بقي من شيوخها في وقته: كمحمد بن موسى الحرشي وعماد بن موسى القزاز ومحمد بن عبد الأعلى الصنعاني وبشر بن معاذ وأبي الأشعث ومحمد بن بشار بندار ومحمد بن المثنّى وغيرهم فأكثر، وكتب في طريقه عن شيوخه الواسطيين، ثم صار إلى الكوفة فكتب فيها عن أبي كريب محمد ابن العلاء الهمداني وهناد بن السري وإسماعيل بن موسى وغيرهم. وكان أبو كريب شرس الخلق من كبار أصحاب الحديث، قال أبو جعفر: حضرت باب داره مع أصحاب الحديث، فاطّلع من باب خوخة له، وأصحاب الحديث يلتمسون الدخول ويضجّون، فقال: أيكم يحفظ ما كتب عني؟ فالتفت بعضهم إلى بعض ثم نظروا إلي وقالوا: أنت تحفظ ما كتبت عنه، قال قلت: نعم، فقالوا: هذا فسله، فقلت: حدثتنا في كذا بكذا وفي يوم كذا بكذا. قال: وأخذ أبو كريب في مسألة إلى أن عظم في نفسه فقال له: ادخل إليّ، فدخل إليه وعرف قدره على حداثته، ومكّنه من حديثه. وكان الناس يسمعون به فيقال إنه سمع من أبي كريب أكثر من مائة ألف حديث، ثم عاد إلى مدينة السلام فكتب بها ولزم المقام بها مدة وتفقه بها وأخذ في علوم القرآن. وقال رجل لأبي جعفر: إن أصحاب الحديث يختارون، فقال: ما كنا نكتب هكذا، كتبت مسند يعقوب بن إبراهيم الدورقي وتركت شيئا منه، ولم أعلم ما كتبت عنه، ثم رجعت لأضع الحديث موضعه وأصنفه فبقي عليّ حديث كثير مما كتبته، وطال عليّ ما فاتني، وكتبت المسند كله ثانيا، والناس يختارون فربما فاتهم أكثر ما يحتاجون إليه، أو نحو هذا الكلام. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2447 ثم غرّب فخرج إلى مصر وكتب في طريقه من المشايخ بأجناد الشام والسواحل والثغور وأكثر منها. ثم صار إلى الفسطاط في سنة ثلاث وخمسين ومائتين، وكان بها بقية من الشيوخ وأهل العلم، فأكثر عنهم الكتبة من علوم مالك والشافعي وابن وهب وغيرهم، ثم عاد إلى الشام، ثم رجع إلى مصر، وكان بمصر وقت دخوله إليها أبو الحسن علي بن سراج المصري، وكان متأدبا فاضلا في معناه، وكان من دخل الفسطاط من أهل العلم إذا ورد لقيه وتعرض له، فوافى أبو جعفر إلى مصر وبان فضله عند وروده إليها في القرآن والفقه والحديث واللغة والنحو والشعر، فلقيه أبو الحسن ابن سراج فوجده فاضلا في كلّ ما يذاكره به من العلم، ويجيب في كلّ ما يسأله عنه، حتى سأله عن الشعر فرآه فاضلا بارعا فيه، فسأله عن شعر الطرمّاح وكان من يقوم به مفقودا في البلد، فإذا [هو] يحفظه، فسئل أن يمليه حفظا بغريبه فعهدي به وهو يمليه عند بيت المال في الجامع. وكان قد لقي بمصر أبا إبراهيم إسماعيل بن إبراهيم المزني، فتكلما في أشياء منها الكلام في الاجماع، وكان أبو جعفر قد اختار من مذاهب الفقهاء قولا اجتهد فيه بعد أن كان ابتدأ بالفقه في مدينة السلام على مذهب الشافعي رضي الله عنه، وكتب كتابه عن الحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني عنه، ودرسه في العراق على جماعة منهم أبو سعيد الاصطخري وغيره، وهو حدث قبل خروجه إلى الفسطاط. وقال أبو بكر ابن كامل: خرج إلينا ليلة أبو بكر أحمد بن موسى بن العباس بن مجاهد ونحن نقرأ عليه كتاب قراءة أبي عمرو بن العلاء الكبير، فوجدنا نتناظر في بسم الله الرحمن الرحيم مع بعض إخواننا من الشافعيين، وهل هي من فاتحة الكتاب أم لا، وكان المجلس حفلا بجماعة من الفقهاء من أصحاب الشافعي ومالك وأبي حنيفة وأصحابنا، وكان يسميني في بعض الأوقات لقراءتي عليه الكسائي، فقال لي: كسائي فيم أنتم؟ فعرّفته، فقال: وعلى مذهب من تتفقه؟ فقلت: على مذهب أبي جعفر الطبري، فقال: رحم الله أبا جعفر حدّثنا بحديث نوح بن أبي بلال عن سعيد المقبري عن أبي هريرة في بسم الله الرّحمن الرّحيم، ثم أخذ أبو بكر ابن مجاهد في مدح أبي جعفر الطبري وقال: بلغنا أنه التقى مع المزني فلا تسأل كيف استظهاره عليه والشافعيون حضور يسمعونه، ولم يذكر مما جرى بينهما شيئا. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2448 قال أبو بكر ابن كامل: سألت أبا جعفر عن المسألة التي تناظر فيها هو والمزني فلم يذكرها لأنه كان أفضل من أن يرفع نفسه وأن يذكر [علوّه] على خصم في مسألة. وكان أبو جعفر يفضّل المزني فيطريه ويذكر دينه، وقال: جفا [عليّ] بعض أصحابه في مجلسه، فانقطعت عنه زمانا، ثم إنه لقيني فاعتذر إليّ كأنه قد جنى جناية ولم يزل في ترفّقه وكلامه حتى عدت إليه. وبلغنا أنه سئل بالفسطاط أن يردّ على مالك في شيء فردّ عليه في شيء كان الكلام فيه لابن عبد الحكم، وكانت أجزاء ولم تقع في أيدينا، ولعله مما منع الخصوم نشره. وقال لنا أبو جعفر: لما وردت مصر في سنة ست وخمسين ومائتين نزلت على الربيع بن سليمان، فأمر من يأخذ لي دارا قريبة منه، وجاءني أصحابه فقالوا: تحتاج إلى قصرية وزير وحمارين وسدّة، فقلت: أما القصرية فأنا لا ولد لي وما حللت سراويلي على حرام ولا حلال قط، وأما الزير فمن الملاهي وليس هذا من شأني، وأما الحماران فإن أبي وهب لي بضاعة أنا أستعين بها في طلب العلم، فإن صرفتها في ثمن حمارين فبأي شيء أطلب العلم؟ قال: فتبسموا فقلت: إلى كم يحتاج هذا؟ فقالوا: يحتاج إلى درهمين وثلثين، فأخذوا ذلك مني، وعلمت أنها أشياء متفقة، وجاءوني باجانة وحبّ للماء وأربع خشبات قد شدوا وسطها بشريط وقالوا: الزير للماء، والقصرية للخبز، والحماران والسدة تنام عليها من البراغيث، فنفعني ذلك، وكثرت البراغيث فكنت إذا جئت نزعت ثيابي وعلقتها على حبل قد شددته واتزرت وصعدت إلى السدة خوفا منهم. وقال هارون بن عبد العزيز، قال أبو جعفر: لما دخلت مصر لم يبق أحد من أهل العلم إلا لقيني وامتحنني في العلم الذي يتحقق به، فجاءني يوما رجل فسألني عن شيء من العروض، ولم أكن نشطت له قبل ذلك، فقلت له: عليّ قول ألا أتكلم اليوم في شيء من العزوض، فإذا كان في غد فصر إليّ، وطلبت من صديق لي العروض للخليل بن أحمد فجاء به، فنظرت فيه ليلتي، فأمسيت غير عروضي وأصبحت عروضيا. ثم رجع إلى مدينة السلام وكتب أيضا، ثم رجع إلى طبرستان وهي الدفعة الأولى ثم الثانية كانت في سنة تسعين ومائتين، ثم رجع إلى بغداد فنزل في قنطرة الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2449 البردان، واشتهر اسمه في العلم وشاع خبره بالفهم والتقدم. قال عبد العزيز بن هارون: لما دخل أبو جعفر إلى الدينور ماضيا إلى طبرستان دعاه بعض أهل العلم بها، فلما اجتمعا قلت: يا أبا جعفر ما يحسن بنا أن نجتمع ولا نتذاكر، فقال عبد الله بن حمدان: قد ذاكرته فأغربت عليه خمسة وثمانين حديثا، وأغرب عليّ ثمانية عشر حديثا. قال عبد العزيز: ثم لقيت بعد ذلك أبا بكر ابن سهل الدينوري، وكان من العلماء والحفاظ للحديث، فحدثته بذلك فقال: كذب والله الذي لا إله إلا هو، لقد قدم إلينا أبو جعفر فدعاه المعروف بالكسائي، ودعا معه أهل العلم وكنت حاضرا ومعنا ابن حمدان، فقرأ على أبي جعفر كتاب الجنائز من «الاختلاف» فقال له أبو جعفر: ليس يصلح لنا أن نفترق من غير مذاكرة، وهذا كتاب الجنائز فنتذاكر بمسنده ومقطوعه وما اختلف فيه الصحابة والتابعون والعلماء، فقال ابن حمدان: أما المسند فأذاكر به وأما سواه فلا أذاكر به، فأغرب عليه ثلاثة وثمانين حديثا وأغرب عليه ابن حمدان ثمانية عشر حديثا. قال: وكان ابن حمدان فيما أغرب به على أبي جعفر أقبح مما أغرب به أبو جعفر لأنه كان إذا أغرب ابن حمدان بحديث قال له أبو جعفر هذا خطأ من جهة كذا ومثلي لا يذاكر به، فيخجل وينقطع. فلما قدم إلى بغداد من طبرستان بعد رجوعه إليها تعصب عليه أبو عبد الله الجصاص وجعفر بن عرفة والبياضي، وقصده الحنابلة فسألوه عن أحمد بن حنبل في الجامع يوم الجمعة، وعن حديث الجلوس على العرش، فقال أبو جعفر: أما أحمد بن حنبل فلا يعدّ خلافه، فقالوا له: فقد ذكره العلماء في الاختلاف، فقال: ما رأيته روي عنه، ولا رأيت له أصحابا يعوّل عليهم، وأما حديث الجلوس على العرش فمحال، ثم أنشد: سبحان من ليس له أنيس ... ولا له في عرشه جليس فلما سمع ذلك الحنابلة منه وأصحاب الحديث وثبوا ورموه بمحابرهم، وقيل كانت ألوفا، فقام أبو جعفر بنفسه ودخل داره، فرموا داره بالحجارة حتى صار على بابه كالتلّ العظيم، وركب نازوك صاحب الشرطة في عشرات ألوف من الجند يمنع عنه العامة، ووقف على بابه يوما إلى الليل وأمر برفع الحجارة عنه، وكان قد كتب على بابه: سبحان من ليس له أنيس ... ولا له في عرشه جليس الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2450 فأمر نازوك بمحو ذلك وكتب مكانه بعض أصحاب الحديث: لأحمد منزل لا شكّ عال ... إذا وافى إلى الرحمن وافد فيدنيه ويقعده كريما ... على رغم لهم في أنف حاسد على عرش يغلّفه بطيب ... على الأكياد من باغ وعاند [له] هذا المقام [لديه] حقا ... كذاك رواه ليث عن مجاهد فخلا في داره وعمل كتابه المشهور في الاعتذار إليهم، وذكر مذهبه واعتقاده، وجرّح من ظن فيه غير ذلك، وقرأ الكتاب عليهم، وفضل أحمد بن حنبل وذكر مذهبه وتصويب اعتقاده، ولم يزل في ذكره إلى أن مات، ولم يخرج كتابه في الاختلاف حتى مات، فوجدوه مدفونا في التراب، فأخرجوه ونسخوه، أعني «اختلاف الفقهاء» هكذا سمعت من جماعة منهم أبي رحمه الله. وقال أبو محمد عبد العزيز بن محمد الطبري: كان أبو جعفر من الفضل والعلم والذكاء والحفظ على ما لا يجهله أحد عرفه، لجمعه من علوم الإسلام ما لم نعلمه اجتمع لأحد من هذه الأمة، ولا ظهر من كتب المصنفين وانتشر من كتب المؤلفين ما انتشر له، وكان راجحا في علوم القرآن والقراءات، وعلم التاريخ من الرسل والخلفاء والملوك، واختلاف الفقهاء مع الرواية كذلك على ما في كتابه «البسيط» و «التهذيب» و «أحكام القراءات» من غير تعويل على المناولات والاجازات ولا على ما قيل في الأقوال، بل يذكر ذلك بالأسانيد المشهورة، وقد بان فضله في علم اللغة والنحو على ما ذكره في كتاب التفسير وكتاب التهذيب مخبرا عن حاله فيه، وقد كان له قدم في علم الجدل يدل على ذلك مناقضاته في كتبه على المعارضين لمعاني ما أتى به. وكان فيه من الزهد والورع والخشوع والأمانة وتصفية الأعمال وصدق النية وحقائق الأفعال ما دلّ عليه كتابه «في آداب النفوس» وكان يحفظ [من] الشعر للجاهلية والاسلام ما لا يجهله إلا جاهل به. وقال أبو عمر محمد بن عبد الواحد الزاهد سمعت ثعلبا يقول: قرأ عليّ أبو جعفر الطبري شعر الشعراء قبل أن يكثر الناس عندي بمدة طويلة. وقال أبو بكر ابن المجاهد، قال أبو العباس يوما: من بقي عندكم- يعني في الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2451 الجانب الشرقي ببغداد- من النحويين؟ فقلت: ما بقي أحد، مات الشيوخ، فقال: حتى خلا جانبكم؟ قلت: نعم إلا أن يكون الطبري الفقيه، فقال لي: ابن جرير؟ قلت: نعم، قال: ذاك من حذّاق الكوفيين. قال أبو بكر: وهذا من أبي العباس كثير، لأنه كان شديد النفس شرس الأخلاق، وكان قليل الشهادة لأحد بالحذق في علمه. وقال عبد العزيز بن محمد: قنطرة البردان محظوظة من العلماء النحويين، كان فيها أبو عبيد القاسم بن سلام ومسجده وراء سويقة جعفر معروف به، وكان فيها علّان الأزدي ومسجده في هذا الموضع معروف به، وكان أبو بكر هشام بن معاوية الضرير النحوي وكان فاضلا مسجده عند مسجد أبي عبد الله الكسائي، وكان بها أبو عبيد الله محمد بن يحيى الكسائي وعنه انتشرت رواية أبي الحارث عن الكسائي وقرأ عليه كبار الناس، ونزلها أبو جعفر الطبري وكان أبو جعفر قد نظر في المنطق والحساب والجبر والمقابلة وكثير من فنون أبواب الحساب وفي الطب، وأخذ منه قسطا وافرا يدلّ عليه كلامه من الوصايا. وكان ظلفا «1» عن الدنيا تاركا لها ولأهلها يرفع نفسه عن التماسها، وكان كالقارىء الذي لا يعرف إلا القرآن، وكالمحدّث الذي لا يعرف إلا الحديث، وكالفقيه الذي لا يعرف إلا الفقه، وكالنحويّ الذي لا يعرف إلا النحو، وكالحاسب الذي لا يعرف إلا الحساب، وكان عاملا للعبادات جامعا للعلوم، وإذا جمعت بين كتبه وكتب غيره وجدت لكتبه فضلا على غيرها. ومن كتبه: كتابه المسمى جامع البيان عن تأويل القرآن، قال أبو بكر ابن كامل: أملى علينا كتاب التفسير مائة وخمسين آية ثم خرج بعد ذلك إلى آخر القرآن فقرأه علينا وذلك في سنة سبعين ومائتين، واشتهر الكتاب وارتفع ذكره، وأبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب وأبو العباس محمد بن يزيد المبرد يحييان، ولأهل الإعراب والمعاني معقلان، وكان أيضا في الوقت غيرهما مثل أبي جعفر الرستمي وأبي الحسن ابن كيسان والمفضل بن سلمة والجعد «2» وأبو إسحاق الزجاج وغيرهم من النحويين من فرسان هذا اللسان، وحمل هذا الكتاب مشرقا ومغربا وقرأه كل من كان في وقته من العلماء وكلّ فضّله وقدمه. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2452 قال أبو جعفر: حدثتني به نفسي وأنا صبي. قال عبد العزيز بن محمد الطبري: كان أبو عمر الزاهد يعيش زمانا طويلا بمقابلة الكتب مع الناس، قال أبو عمر: فسألت أبا جعفر عن تفسير آية فقال: قابل بهذا الكتاب من أوله إلى آخره [قلت: فقابلت] فما وجدت فيه حرفا واحدا خطأ في نحو ولا لغة. قال أبو جعفر: استخرت الله تعالى في عمل كتاب التفسير وسألته العون على ما نويته ثلاث سنين قبل أن أعمله فأعانني. وقال أبو محمد عبد الله بن أحمد بن جعفر الفرغاني: أخبرني شيخ من جسر ابن عفيف قال: رأيت في النوم كأني في مجلس أبي جعفر والناس يقرؤون عليه كتاب التفسير، فسمعت هاتفا بين السماء والأرض يقول: من أراد أن يسمع القرآن كما أنزل فليسمع هذا الكتاب. وقال أبو بكر محمد بن مجاهد: سمعت أبا جعفر يقول: إني أعجب ممن قرأ القرآن ولم يعلم تأويله كيف يلتذ بقراءته. وكتاب التفسير كتاب ابتدأه بخطبة ورسالة [في] التفسير تدل على ما خصّ الله به القرآن العزيز من البلاغة والاعجاز والفصاحة التي نافى بها سائر الكلام، ثم ذكر من مقدمات الكلام في التفسير، وفي وجوه تأويل القرآن وما يعلم تأويله، وما ورد في جواز تفسيره، وما حظر من ذلك، والكلام في قول النبي صلى الله عليه وسلم أنزل القرآن على سبعة أحرف، وبأي الألسنة نزل، والرد على من قال إن فيه أشياء من غير الكلام العربي، وتفسير أسماء القرآن والسور، وغير ذلك مما قدمه، ثم تلاه بتأويل القرآن حرفا حرفا، فذكر أقوال الصحابة والتابعين ومن بعدهم من تابعي التابعين وكلام أهل الإعراب من الكوفيين والبصريين، وجملا من القراءات، واختلاف القراءة فيما فيه من المصادر واللغات والجمع والتثنية، والكلام في ناسخه ومنسوخه، واحكام القرآن والخلاف فيه والردّ عليهم من كلام أهل النظر فيما تكلم فيه بعض أهل البدع، والرد عليهم على مذاهب أهل الإثبات ومبتغي السنن، إلى آخر القرآن، ثم اتبعه بتفسير أبي جاد وحروفها، وخلاف الناس فيها، وما اختاره من تأويلها بما لا يقدر أحد ان يزيد فيه، بل لا يراه مجموعا لا حد غيره، وذكر فيه من كتب التفاسير المصنفة عن ابن الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2453 عباس خمسة طرق، وعن سعيد بن جبير طريقين، وعن مجاهد بن جبر ثلاثة طرق، وربما كان عنه في مواضع أكثر من ذلك، وعن قتادة بن دعامة ثلاثة طرق، وعن الحسن البصري ثلاثة طرق، وعن عكرمة ثلاثة طرق، وعن الضحاك بن مزاحم طريقين، وعن عبد الله بن مسعود طريقا، وتفسير عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وتفسير ابن جريج وتفسير مقاتل بن حيان، سوى ما فيه من مشهور الحديث عن المفسرين وغيرهم، وفيه من المسند حسب حاجته إليه، ولم يتعرض لتفسير غير موثوق به فانه لم يدخل في كتابه شيئا عن كتاب محمد بن السائب الكلبي ولا مقاتل بن سليمان ولا محمد بن عمر الواقدي لأنهم عنده أظنّاء والله أعلم. وكان إذا رجع إلى التاريخ والسير وأخبار «1» العرب حكى عن محمد بن السائب الكلبي وعن ابنه هشام وعن محمد بن عمر الواقدي وغيرهم فيما يفتقر إليه ولا يؤخذ إلا عنهم، وذكر فيه مجموع الكلام والمعاني من كتاب علي بن حمزة الكسائي ومن كتاب يحيى بن زياد الفراء ومن كتاب أبي الحسن الأخفش ومن كتاب أبي علي قطرب وغيرهم مما يقتضيه الكلام عند حاجته إليه، إذ كانوا هؤلاء هم المتكلمون في المعاني وعنهم يؤخذ معانيه واعرابه، وربما لم يسمّهم إذا ذكر شيئا من كلامهم. وهذا كتاب يشتمل على عشرة آلاف ورقة أو دونها حسب سعة الخط أو ضيقه، قال عبد العزيز بن محمد الطبري: وقد رأيت منه نسخة ببغداد تشتمل على أربعة آلاف ورقة. ومن كتبه: كتاب الفصل بين القرأة، ذكر فيه اختلاف القراء في حروف القرآن، وهو من جيد الكتب، وفصل فيه أسماء القراء بالمدينة ومكة والكوفة والبصرة والشام وغيرها، وفيه من الفصل بين كل قراءة، فيذكر وجهها وتأويلها والدلالة على ما ذهب إليه كل قارىء لها، واختياره الصواب منها، والبرهان على صحة ما اختاره، مستظهرا في ذلك بقوته على التفسير والاعراب الذي لم يشتمل على حفظ مثله أحد من القراء، وان كان لهم رحمهم الله من الفضل والسبق ما لا يدفع ذو بصيرة، بعد أن صدّره بخطبة تليق به، وكذلك كان يعمل في كتبه: أن يأتي بخطبته على معنى كتابه، فيأتي الكتاب منظوما على ما تقتضيه الخطبة، وكان أبو جعفر مجوّدا في القراءة موصوفا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2454 بذلك يقصده القراء البعداء ومن الناس للصلاة خلفه يسمعون قراءته وتجويده. وقال أبو بكر ابن كامل، قال لنا أبو بكر ابن مجاهد، وقد كان لا يجري ذكره إلا فضله: ما صنف في معنى كتابه مثله. وقال لنا: ما سمعت في المحراب أقرأ من أبي جعفر، أو كلاما هذا معناه. قال ابن كامل: وكان أبو جعفر يقرأ قديما لحمزة قبل أن يختار قراءته. وقال أبو محمد عبد الله بن أحمد الفرغاني: قال لنا أبو جعفر: قرأت القرآن على سليمان بن عبد الرحمن بن حماد الطلحي، وكان الطلحي قد قرأ على خلاد، وخلاد قرأ على سليم بن عيسى، وسليم قرأ على حمزة. ثم أخذها أبو جعفر عن يونس بن عبد الأعلى عن علي بن كيسة «1» عن سليم عن حمزة. وقال ابن كامل، قال لنا أبو بكر ابن مجاهد، وقد ذكر فضل كتابه في القراءات وقال: إلا أني وجدت فيه غلطا، وذكره لي وعجبت من ذلك مع قراءته لحمزة وتجويده له ثم قال: والعلة في ذلك أبو عبيد القاسم بن سلام لأنه بنى كتابه على كتاب أبي عبيد، فأغفل أبو عبيد هذا الحرف فنقله أبو جعفر على ذلك. وقال أبو بكر ابن كامل، قال لنا أبو جعفر: وصف لي [قارىء] بسوق يحيى فجئت إليه، فتقدمت فقرأت عليه من أول القرآن حتى بلغت إلى قوله إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا (البقرة: 26) فأعاد عليّ، فأعدته في كل قراءتي أبين فيه اليائين، وهو يردّ عليّ، إلى أن قلت له: تريد أكثر من تبيين اليائين بكسر الأولى؟ فلم يدر ما أقول، فقمت ولم أعد إليه. قال: وكان عند أبي جعفر رواية ورش عن نافع عن يونس بن عبد الأعلى عنه، وكان يقصد فيها، فحرص على ما بلغني أبو بكر ابن مجاهد مع موضعه في نفسه وعند أبي جعفر أن يسمع منه هذه القراءة منفردا، فأبى إلا أن يسمعها مع الناس، فما أثر ذلك في نفس أبي بكر، وكان ذلك كرها من أبي جعفر أن يخصّ أحدا بشيء من العلم، وكان في أخلاقه ذلك، لأنه كان إذا قرأ عليه جماعة كتابا ولم يحضره أحدهم لا يأذن لبعضهم أن يقرأ دون بعض، وإذا سأله إنسان في قراءة كتاب وغاب، لم يقرئه الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2455 حتى يحضر، إلا كتاب الفتوى فانه كان أيّ وقت سئل عن شيء منه أجاب فيه. وكتابه في القراءات يشتمل على كتاب أبي عبيد القاسم بن سلام لأنه كان عنده عن أحمد بن يوسف الثعلبي عنه وعليه بنى كتابه. ومنها كتابه كتاب التاريخ الكبير المسمى بتاريخ الرسل والملوك وأخبارهم ومن كان في زمن كل واحد منهم، بدأ فيه بالخطبة المشتملة على معانيه، ثم ذكر الزمان ما هو، ثم مدة الزمان على اختلاف أهل العلم من الصحابة وغيرهم، والامم المخالفة لنا في ذلك، والسنن الدالة على ما اختاره من ذلك، وهذا باب لا يحدّد «1» بوجود إلا له. قال أبو الحسن عبد الله بن أحمد بن محمد بن المغلس الفقيه، وكان أفضل من رأيناه فهما وعناية بالعلم ودرسا له، ولقد كان لعنايته بدرس العلم تعبى كتبه في جانب حارته «2» ثم يبتدىء فيدرس الأول فالأول منها إلى أن يفرغ منها، وهو ينقلها إلى الجانب الآخر، فإذا فرغ منها عاد في درسها ونقلها إلى حيث كانت، فقال يوما: ما عمل أحد في تاريخ الزمان وحصر الكلام فيه مثل ما عمله أبو جعفر؛ قال ولقد قال لي أبو الحسن ابن المغلس يوما وهو يذاكرنا شيئا من العلم وفضل العلماء فقال: والله إني لأظن أبا جعفر الطبري قد نسي مما حفظ إلى أن مات ما حفظه فلان طول عمره، وذكر رجلا كبيرا من أهل العلم. ثم ذكر أبو جعفر في التاريخ الكلام في الدلالة على حدث الزمان: الأيام والليالي، وعلى أن محدثها الله عز وجل وحده، وذكر أول ما خلق وهو القلم وما بعد ذلك شيئا شيئا على ما وردت الآثار به واختلاف الناس في ذلك. ثم ذكر آدم وحواء واللعين ابليس وما كان من نزول آدم عليه السلام، وما كان بعده من أخبار نبي نبي ورسول رسول وملك وملك على اختصار منه لذلك إلى نبينا عليه السلام مع ملوك الطوائف وملوك الفرس والروم، ثم ذكر مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم ونسبه وآباءه وأمهاته وأولاده وأزواجه ومبعثه ومغازيه وسراياه وحال أصحابه رضي الله عنهم، ثم ذكر الخلفاء الراشدين المهديين بعده، ثم ذكر ما كان من أخبار بني أمية وبني العباس في القطعين المنسوب أحدهما إلى قطع بني أمية والثاني إلى قطع بني العباس، وما شرحه الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2456 في كتاب التاريخ، وإنما خرج ذلك إلى الناس على سبيل الاجازة إلى سنة أربع وتسعين ومائتين، ووقف على الذي بعد ذلك لأنه كان في دولة المقتدر، وقد كان سئل شرح القطعين، فلما سئل ذلك شرحه وسماه القطعين، وهذا الكتاب من الأفراد في الدنيا فضلا ونباهة وهو يجمع كثيرا من علوم الدين والدنيا وهو في نحو خمسة آلاف ورقة. ومنها كتابه المسمى بكتاب «ذيل المذيل» المشتمل على تاريخ من قتل أو مات من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته أو بعده على ترتيب الأقرب فالأقرب منه أو من قريش من القبائل، ثم ذكر موت من مات من التابعين والسلف بعدهم، ثم الخالفين إلى أن بلغ شيوخه الذين سمع منهم وجملا من أخبارهم ومذاهبهم، وتكلم في الذبّ عن ذوي الفضل منهم ممن رمي بمذهب هو بريء منه، كنحو الحسن البصري وقتادة وعكرمة وغيرهم، وذكر ضعف من نسب إلى ضعف من الناقلين ولينه، وفي آخره أبواب حسان من باب من حدث عنه الاخوة، أو الرجل وولده، ومن شهر بكنيته دون اسمه، أو باسمه دون كنيته، وهو من محاسن الكتب وأفاضلها يرغب فيه طلاب الحديث وأهل التواريخ وكان خرج إملاؤه بعد سنة ثلاثمائة وهو في نحو من ألف ورقة. ومنها كتابه المشهور بالفضل شرقا وغربا المسمى بكتاب «اختلاف علماء الأمصار في أحكام شرائع الإسلام» قصد به إلى ذكر أقوال الفقهاء وهم: مالك بن أنس فقيه أهل المدينة بروايتين، وعبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي فقيه أهل الشام، ومن أهل الكوفة سفيان الثوري بروايتين، ثم محمد بن إدريس الشافعي ما حدّث به الربيع بن سليمان عنه، ثم من أهل الكوفة أبو حنيفة النعمان بن ثابت وأبو يوسف يعقوب بن محمد الأنصاري وأبو عبد الله محمد بن الحسن الشيباني مولى لهم ثم إبراهيم بن خالد أبو نصر الكلبي، وقد كان أولا ذكر في كتابه بعض أهل النظر وهو: عبد الرحمن بن كيسان لأنه كان في الوقت الذي عمله ما كان يتفقه على مذهبه، فلما طال الزمان به وفقه أصحابه بسهو سقّطه من كتابه، وكان أول ما عمل هذا الكتاب (على ما سمعته يقول وقد سأله عن ذلك أبو عبد الله أحمد بن عيسى الرازي) إنما عمله ليتذكر به أقوال من يناظره ثم انتشر وطلب منه، فقرأه على أصحابه. وقد كان محمد بن داود الأصبهاني لما صنف كتابه المعروف ب «كتاب الوصول إلى معرفة الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2457 الأصول» ذكر في باب الاجماع عن أبي جعفر الطبري أن الاجماع عنده إجماع هؤلاء المقدّم ذكرهم الثمانية نفر دون غيرهم تقليدا منه لما قال أبو جعفر «اجمعوا وأجمعت الحجة على كذا» ثم قال في تصدير باب الخلاف «ثم اختلفوا فقال مالك وقال الاوزاعي كذا وقال فلان كذا» ان الذين حكى عنهم الاجماع هم الذين حكى عنهم الاختلاف، وهذا غلط من ابن داود ولو رجع إلى كتابه في «رسالة اللطيف» وفي «رسالة الاختلاف» وما أودعه كثيرا من كتبه من ان الاجماع هو نقل المتواترين لما أجمع عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الآثار دون أن يكون ذلك رأيا ومأخوذا جهة القياس لعلم ان ما ذهب إليه من ذلك غلط فاحش وخطأ بين. وكان أبو جعفر يفضل «كتاب الاختلاف» وهو أول ما صنف من كتبه، وكان يقول كثيرا: لي كتابان لا يستغني عنهما فقيه: الاختلاف واللطيف. وكتاب الاختلاف نحو ثلاثة آلاف ورقة، ولم يستقص فيه اختياره لأجل أنه قد جوّد ذلك في «كتاب اللطيف» ولئلا يتكرر كلامه في ذلك. وقد كان جعل لكتاب الاختلاف رسالة بدأ بها ثم قطعها، ذكر فيها [لدى] الكلام في الاجماع وأخبار الآحاد العدول زيادات ليست في كتاب اللطيف وشيئا من الكلام في المراسيل والناسخ والمنسوخ. وله كتاب الشروط المسمى أمثلة العدول، وهو من جيد كتبه التي يعوّل عليها أهل مدينة السلام؛ وكان أبو جعفر مقدما في علم الشروط قيما به. ومن جياد كتبه: كتابه المسمى ب «كتاب لطيف القول في أحكام شرائع الإسلام» وهو مجموع مذهبه الذي يعوّل عليه جميع أصحابه، وهو من أنفس كتبه وكتب الفقهاء وأفضل أمهات المذاهب وأسدّها تصنيفا، ومن قرأه وتدبره رأى ذلك إن شاء الله. وكان أبو بكر ابن راميك يقول: ما عمل كتاب في مذهب أجود من كتاب أبي جعفر «اللطيف» لمذهبه، وكان يعتذر في اختصاره كثيرا في أوله، وكتبه تزيد على كتاب الاختلاف في القدر، وثلاثة كتب: كتاب اللباس، كتاب أمهات الأولاد، كتاب الشرب. وهو من جيد الكتب وأحسنها، وهو كالمنفرد فيه. ولا يظن ظان أن قوله «كتاب اللطيف» إنما أراد به صغره وخفة محمل وزنه، وإنما أراد بذلك لطيف القول كدقة معانيه وكثرة ما فيه من النظر والتعليلات، وهو يكون نحو ألفين وخمسمائة ورقة. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2458 وفيه كتاب جيد في الشروط يسمى بأمثلة العدول من اللطيف، ولهذا الكتاب رسالة فيها الكلام في أصول الفقه، والكلام في الاجماع، وأخبار الآحاد، والمراسيل، والناسخ والمنسوخ في الأحكام، والمجمل والمفسر من الأخبار والأوامر والنواهي، والكلام في أفعال الرسل، والخصوص والعموم، والاجتهاد، وفي إبطال الاستحسان، إلى غير ذلك مما تكلم فيه. ومن جياد كتبه كتابه المعروف ب «كتاب الخفيف في أحكام شرائع الإسلام» وهو مختصر من كتاب اللطيف، وقد كان أبو أحمد العباس بن الحسن العزيزي أراد النظر في شيء من الأحكام فراسله في اختصار كتاب له، فعمل هذا الكتاب ليقرب متناوله، وهو نحو من الأربعمائة ورقة، وهو كتاب قريب على الناظر فيه، كثير المسائل، يصلح لتذكر العالم والمبتدىء المتعلم. ومنها كتاب «تهذيب الآثار وتفضيل الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأخبار» وهو كتاب يتعذر على العلماء عمل مثله ويصعب عليهم تتمته؛ قال أبو بكر ابن كامل: لم أر بعد أبي جعفر أجمع للعلم وكتب العلماء ومعرفة اختلاف الفقهاء وتمكنه من العلوم منه لأني أروض نفسي في عمل مسند عبد الله بن مسعود في حديث منه نظير ما عمله أبو جعفر فما أحسن عمله ولا يستوي لي. ومن كتبه الفاضلة: كتابه المسمى ب «كتاب بسيط القول في أحكام شرائع الإسلام» وهذا الكتاب قدم له كتابا سماه «كتاب مراتب العلماء» حسنا في معناه، ذكر فيه خطبة الكتاب وحضّ فيه على طلب العلم والتفقه، وغمز فيه على من اقتصر من أصحابه على نقله دون التفقه بما فيه، ثم ذكر فيه العلماء ممن تفقه على مذهبه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن أخذ عنهم ثم من أخذ عنهم ثم من أخذ عمن أخذ عنهم من فقهاء الأمصار: بدأ بالمدينة لأنها مهاجر النبيّ صلى الله عليه وسلم ومن خلفه أبو بكر وعمر وعثمان ومن بعدهم، ثم بمكة لأنها الحرم الشريف، ثم العراقين: الكوفة والبصرة، ثم الشام وخراسان، ثم خرج إلى كتاب الصلاة بعد ذكر الطهارة، وذكر في هذا الكتاب اختلاف المختلفين واتفاقهم فيما تكلموا فيه على الاستقصاء والتبيين في ذلك، والدلالة لكل قائل منهم، والصواب من القول في ذلك، وخرّج منه نحو ألفي ورقة، وأخرج من هذا الكتاب «كتاب آداب القضاء» وهو أحد الكتب المعدودة له المشهورة الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2459 بالتجويد والتفصيل لأنه ذكر فيه بعد خطبة الكتاب الكلام في مدح القضاة وكتابهم، وما ينبغي للقاضي إذا ولي أن يعمل به، وتسليمه له ونظره فيه، ثم ما ينقض فيه أحكام من تقدمه، والكلام في السجلات والشهادات والدعاوي والبينات، وسيأتي ذكر ما يحتاج إليه الحاكم من جميع الفقه إلى أن فرغ منه، وهو في ألف ورقة. وكان يجتهد بأصحابه أن يأخذوا البسيط والتهذيب ويجدّوا في قراءتهما ويشتغلوا بهما دون غيرهما من الكتب. ومن جياد كتبه كتابه المسمى ب «كتاب أدب النفوس الجيدة والأخلاق النفيسة» وربما سماه بأدب النفس الشريفة والأخلاق الحميدة، وربما زاد في ترجمته: المشتمل على علوم الدين والفضل والورع والاخلاص والشكر والكلام في الرياء والكبر والتخاضع والخشوع والصبر والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبدأ فيه بالكلام في الوسوسة وأعمال القلوب، ثم ذكر شيئا كثيرا من الدعاء وفضل القرآن وأوقات الإجابة ودلائلها، وما روي من السنن وأقوال الصحابة والتابعين في ذلك، وقطع الاملاء في بعض الكلام في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكان ما خرّج نحو خمسمائة ورقة، وكان قد عمل أربعة أجزاء ولم يخرجها إلى الناس في الإملاء، ووقع ذلك إلى أبي سعيد عمر بن أحمد الدينوري الوراق، وخرج به إلى الشام فقطع عليه ولم يبق معه إلا جزءان فيهما الكلام في حقوق الله الواجبة على الإنسان في بصره والحقوق الواجبة في سمعه، وكان ابتدأ في سنة عشر وثلاثمائة، ومات بعد مديدة من قطعه الإملاء، وكان يقول: إن خرج هذا الكتاب كان فيه جمال، لأنه كان أراد أن يخرج بعد الكلام في الحقوق اللازمة للانسان إلى ما يعيذنا منه من أهوال القيامة وشروطها وأحوال الآخرة وما ورد فيها وذكر الجنة والنار. ومما صنف وخرج «كتاب المسند المجرد» وقد كتب أصحاب الحديث الأكثر منه، وذكر فيه من حديثه عن الشيوخ ما قرأه على الناس. ومنها كتابه المسمى ب «كتاب الرد على ذي الأسفار» يردّ فيه على داود بن علي الأصبهاني، وكان سبب تصنيف هذا الكتاب أن أبا جعفر كان قد لزم داود بن علي مدة وكتب من كتبه كثيرا، ووجدنا في ميراثه من كتبه ثمانين جزءا بخطه الدقيق، وكان فيها المسألة التي جرت بين داود بن علي وبين أبي المجالد الضرير المعتزلي بواسط عند الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2460 خروجهما إلى الموفق لما وقع التنازع في خلق القرآن، وكان داود بن علي قد أخذ من النظر ومن الحديث ومن الاختلاف ومن السنن حظا ليس بالمتسع، وكان بسيط اللسان حسن الكلام متمكنا من نفسه، وله أصحاب فيهم دعابة قد تمكنت منهم حتى صارت لبعضهم خلقا يستعمله في النظر لقطع مخالفيه، وكان ربما ناظر داود بن علي الأثبات في المسألة في الفقه فيراه مقصرا في الحديث فينقله إليه، أو يكلمه في الحديث فينقله إلى الفقه، أو إلى الجدل إذا كان خصمه مقصرا فيهما، وكان هو مقصرا في النحو واللغة وإن كان عارفا بقطعة منه، وكان أبو جعفر مليا بما نهض فيه من أيّ علم كان، وكان متوقفا عن الأخلاق التي لا تليق بأهل العلم ولا يؤثرها إلى أن مات، وكان يحبّ الجدّ في جميع أحواله، وجرت مسألة يوما بين داود بن علي وبين أبي جعفر، فوقف الكلام على داود بن علي، فشق ذلك على أصحابه وكلّم رجل من أصحاب داود بن علي أبا جعفر بكلمة مضة، فقام من المجلس وعمل هذا الكتاب، وأخرج منه شيئا بعد شيء إلى أن أخرج منه قطعة نحو مائة ورقة، وكان ابتدأ الكلام فيه بخطبة من غير إملاء، وهو من جيد ما عمله أبو جعفر ومن أحسنه كلاما فيه حملا على اللغط عليه، ثم قطع ذلك بعد ما مات داود بن علي فلم يحصل في أيدي أصحابه من ذلك إلا ما كتبه منه مقدمو أصحابه ولم ينقل. فممن كتب هذا الكتاب منه أبو إسحاق ابن الفضل بن حيان الحلواني، قال أبو بكر ابن كامل وسمعناه منه عنه، وأبو الطيب الجرجاني وأبو علي الحسن بن الحسين بن الصواف وأبو الفضل العباس بن محمد بن المحسن وغيرهم. وقال الرواسي، وكان من مقدمي أصحاب داود بن علي: إن داود قطع كلام ذلك الإنسان الذي كلم أبا جعفر سنة مجازاة له على ما جرى منه على أبي جعفر. ثم تعرض محمد بن داود بن علي للردّ على أبي جعفر فيما ردّه على أبيه، فتعسّف الكلام على ثلاث مسائل خاصة، وأخذ في سبّ أبي جعفر، وهو كتابه المنسوب إلى الرد على أبي جعفر ابن جرير. قال أبو الحسن ابن المغلس، قال لي أبو بكر ابن داود بن علي: كان في نفسي مما تكلّم به ابن جرير على أبي، فدخلت يوما على أبي بكر ابن أبي حامد، وعنده أبو جعفر، فقال له أبو بكر: هذا أبو بكر محمد بن داود بن علي الأصبهاني، فلما رآني أبو جعفر وعرف مكاني رحّب بي وأخذ يثني على أبي ويمدحه ويصفني بما قطعني عن كلامه. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2461 ومن كتب أبي جعفر رسالته المسماة ب «كتاب رسالة التبصير في معالم الدين» التي كتب بها إلى أهل طبرستان فيما وقع بينهم فيه من الخلف في الاسم والمسمى، وفي مذاهب أهل البدع، وهو نحو ثلاثين ورقة. ومنها أيضا: رسالته المعروفة ب «كتاب صريح السنة» في أوراق ذكر فيها مذهبه وما يدين به ويعتقده. وكتاب فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه تكلم في أوله بصحة الأخبار الواردة في غدير خمّ ثم تلاه بالفضائل ولم يتم. كتاب فضائل أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ولم يتمّ أيضا. كتاب فضائل العباس وانقطع أيضا بموته. كتاب في عبارة الرؤيا جمع فيه أحاديث فمات ولم يعمله. وكتاب مختصر مناسك الحج. كتاب مختصر الفرائض. كتاب في الردّ على ابن عبد الحكم على مالك، ولم يقع إلى أصحابه. كتاب الموجز في الأصول، ابتدأ فيه برسالة الأخلاق ثم قطع ووعد بكتاب الآدر في الأصول ولم يخرج منه شيء، وأراد أن يعمل كتابا في القياس فلم يعمله. قال أبو القاسم الحسين بن حبيش الوراق: كان قد التمس مني أبو جعفر أن أجمع له كتب الناس في القياس، فجمعت له نيّفا وثلاثين كتابا، فأقامت عنده مديدة، ثم كان من قطعه للحديث قبل موته بشهور ما كان، فردّها عليّ وفيها علامات له بحمرة قد علّم عليها. قال عبد العزيز بن محمد: وقد وقع إليّ كتاب صغير في الرمي بالنشاب منسوب إليه، وما علمت أحدا قرأه عليه، ولا ضابطا ضبط عنه ولا ينسبه إليه، وأخاف أن يكون منحولا إليه. وقال عبد العزيز بن محمد الطبري: كان أبو جعفر يذهب في جل مذاهبه إلى ما عليه الجماعة من السلف وطريق أهل العلم المتمسكين بالسنن، شديدا عليه مخالفتهم، ماضيا على منهاجهم، لا تأخذه في ذلك ولا في شيء لومة لائم، وكان يذهب إلى مخالفة أهل الاعتزال في جميع ما خالفوا فيه الجماعة من القول بالقدر وخلق القرآن وإبطال رؤية الله في القيامة، وفي قولهم بتخليد أهل الكبائر في النار وإبطال شفاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي قولهم إن استطاعة الانسان قبل فعله. وكان الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2462 أبو جعفر يزعم أن ما في العالم من أفعال العباد فخلق الله، وان ما منّ الله به على أهل الإيمان من الاستطاعة التي وفقهم لها غير ما أعطاه لأهل الكفر من الدار والعقل، وان الله ختم على قلوب من كفر به مجازاة لهم على كفرهم. قلت: وهذا الفصل رديء جدا، لأنه إن كان ختم قبل الكفر فقد ظلم، وإن كان بعده فقد ختم على مختوم، وهذا لم يقل به أحد من أهل السنة والجماعة إنما هو من أقوال الروافض والمعتزلة قبحهم الله. وكان أبو جعفر يعتقد أن ما أخطأه ما كان ليصيبه، وأن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وأن جميع ما في العالم لا يكون إلا بمشيئة الله، وان الله جل وعز لم يزل موصوفا بصفاته التي هي علمه وقدرته، وكلامه غير محدث. قال أبو علي: وهذا الفصل يدلّ على أن ما لم يكن من الصفات كالعلم والقدرة والكلام أنها محدثة مخلوقة، وهذا محض كلام المعتزلة والأشعرية. قال: وكان أبو جعفر يذهب في الإمامة إلى إمامة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم، وما عليه أصحاب الحديث في التفضيل، وكان يكفّر من خالفه في كلّ مذهب، إذ كانت أدلّة العقول تدفع كالقول في القدر وقول من كفّر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الروافض والخوارج، ولا يقبل أخبارهم ولا شهاداتهم، وذكر ذلك في كتابه في الشهادات وفي الرسالة وفي أول «ذيل المذيل» وكان لا يورّث من الكفرة منهم، وذكر ذلك في «مسند أسامة بن زيد» عند كلامه في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يورث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم ولا يتوارث أهل ملتين شتّى، وكان لا يورث متكافرين، لا يورث يعقوبيا من النصارى من ملكي، ولا ملكيا من نسطوريّ، ولا شمعتيّا من اليهود سامريا، ولا عنانيا من الشمعتي، ووافقه على هذا المذهب الأوزاعي، فإذا اختلفت الكنائس والبيع لم يورث بعضهم من بعض. قال أبو بكر ابن كامل: حضرت أبا جعفر حين حضرته الوفاة، فسألته أن يجعل كلّ من عاداه في حلّ، وكنت سألته ذلك لأجل أبي الحسن ابن الحسين الصواف، لأني كنت قرأت عليه القرآن فقال: كلّ من عاداني وتكلم فيّ حلّ إلّا رجل رماني ببدعة، وكان الصواف من أصحاب أبي جعفر، وكانت فيه سلامة، ولم يكن فيه ضبط الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2463 دون الفصل، فلما أملى أبو جعفر «ذيل المذيل» ذكر أبا حنيفة وأطراه وقال: كان فقيها عالما ورعا، فتكلم الصواف في ذلك الوقت فيه لأجل مدحه لأبي حنيفة وانقطع عنه وبسط لسانه فيه. قال أبو بكر ابن كامل: من سبقك إلى إكفار أهل الأهواء؟ قال فقال: إماما عدل عبد الرحمن بن مهدي ويحيى بن سعيد القطان. وكان إذا عرف من إنسان بدعة أبعده واطرحه، وكان قد قال بعض الشيوخ ببغداد بتكذيب غدير خمّ وقال: إنّ علي بن أبي طالب كان باليمن في الوقت الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بغدير خمّ، وقال هذا الإنسان في قصيدة مزدوجة يصف فيها بلدا بلدا ومنزلا أبياتا يلوّح فيها إلى معنى حديث غدير خم فقال: ثم مررنا بغدير خم ... كم قائل فيه بزور جم على عليّ والنبيّ الأمي وبلغ أبا جعفر ذلك، فابتدأ بالكلام في فضائل علي بن أبي طالب، وذكر طرق حديث خم، فكثر الناس لاستماع ذلك، واجتمع قوم من الروافض ممن بسط لسانه بما لا يصلح في الصحابة رضي الله عنهم، فابتدأ بفضائل أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، ثم سأله العباسيون في فضائل العباس، فابتدأ بخطبة حسنة وأملى بعضه، وقطع جميع الإملاء قبل موته وكان يظنّ أن فيه لجاجة؛ قال أبو بكر ابن كامل: ولم يكن فيه ذلك، وقد كان رجع إلى طبرستان فوجد الرفض قد ظهر، وسبّ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أهلها قد انتشر، فأملى فضائل أبي بكر وعمر حتى خاف أن يجري عليه ما يكرهه، فخرج منها من أجل ذلك. وقال عبد العزيز بن محمد الطبري: أخبرني غير واحد من أصحابنا أنه رأى عند أبي جعفر شيخا مسنّا، فقام له أبو جعفر وأكرمه، ثم قال أبو جعفر: إن هذا الرجل ناله فيّ ما قد صار له عليّ به الحقّ الكثير، وذلك أني دخلت إلى طبرستان، وقد شاع سبّ أبي بكر وعمر فيهما، فسألوني أن أملي فضائلهما ففعلت، وكان سلطان البلدة يكره ذلك، فاجتمع إليه من عرّفه ما أمليته، فوجّه إليّ، فبادر هذا وأرسل إليّ من أخبرني أني قد طلبت، فخرجت من وقتي عن البلد ولم يشعر بي، وحصل هذا في أيديهم فضرب بسببي ألفا. قال: وكان شديد التوقي والحذر والنزاهة والورع، يدلّ على ذلك ما أودعه الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2464 «كتاب آداب النفوس» المنبه على دينه وفضله. ومع ما كان فيه من الاشتغال بالتصانيف والحديث والاملاء لا بد له مع ذلك من حزبه من القرآن، ويقال إنه كان يقرأ كلّ ليلة ربعا أو حظا وافرا. قال عبد العزيز بن محمد: وكان أبو جعفر ظريفا في ظاهره، نظيفا في باطنه، حسن العشرة لمجالسيه، متفقدا لأحوال أصحابه، مهذبا في جميع أحواله، جميل الأدب في مأكله وملبسه وما يخصه في أحوال نفسه، منبسطا مع إخوانه حتى ربما داعبهم أحسن مداعبة، وربما جيء بين يديه بشيء من الفاكهة فيجري في ذلك المعنى ما لا يخرج من العلم والفقه والمسائل حتى يكون كأجدّ جدّ وأحسن علم. وكان إذا أهدى إليه مهد هدية مما يمكنه المكافأة عليه قبله وكافأه، وإن كانت مما لا يمكنه المكافأة عليها ردها واعتذر إلى مهديها. ووجه إليه أبو الهيجاء ابن حمدان ثلاثة آلاف دينار، فلما نظر إليها عجب منها ثم قال: لا أقبل ما لا أقدر على المكافأة عنه، ومن أين لي ما أكافىء عن هذا؟ فقيل: ما لهذا مكافأة إنما أراد التقرب الى الله عزّ وجل بهذا، فأبى أن يقبله وردّه إليه. وكان يختلف إليه أبو الفرج ابن أبي العباس الأصبهاني الكاتب يقرأ عليه كتبه، فالتمس أبو جعفر حصيرا لصفّة له صغيرة، فدخل أبو الفرج الأصفهاني وأخذ مقدار الصفّة واستعمل له الحصير متقربا بذلك له وجاءه به، وقد وقع موقعه، فلما خرج دعا ابنه ودفع إليه أربعة دنانير، فأبى أن يأخذها وأبى أبو جعفر أن يأخذ الحصير إلا بها. وأهدى إليه أبو المحسن المحرر جاره فرخين فأهدى اليه ثوبا. وقال أبو الطيب القاسم بن أحمد بن الشاعر [و] سليمان بن الخاقاني: أهدى أبو علي محمد بن عبيد الله الوزير إلى أبي جعفر محمد بن جرير برمّان فقبله وفرقه في جيرانه، فلما كان بعد أيام وجّه اليه بزنبيل فيه بدرة فيها عشرة آلاف درهم وكتب معها رقعة وسأله أن يقبلها. قال سليمان، قال لي الوزير: إن قبلها وإلا فسلوه أن يفرّقها في أصحابه ممن يستحق فصرت بالبدرة إليه، فدققت الباب، وكان يأنس إليّ، وكان أبو جعفر إذا دخل منزله بعد المجلس لا يكاد يدخل إليه أحد لتشاغله بالتصنيف إلا في أمر مهم، قال: فعرفته أني جئت برسالة الوزير، فأذن لي فدخلت وأوصلت إليه الرقعة، الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2465 فقال: يغفر الله لنا وله، اقرأ عليه السلام وقل له: ارددنا إلى الرمان، وامتنع من قبول الدراهم، فقلت له: فرّقها في أصحابك على من يحتاج إليها ولا تردّها، فقال: هو أعرف بالناس إذا أراد ذلك. وأجاب عن الرقعة وانصرفت. قال أبو الطيب وسليمان: فلما كان بعد مدة قدم الحاجّ وكان يأتيه مال ضيعته معهم، فربما جيء إليه بالشيء فجعله بضاعة، فدعانا وإذا بين يديه شيء مشدود، فقال: امضيا بهذا إلى الوزير واقرءا عليه السلام وأوصلا إليه هذه الحزمة والرقعة، قالا: فصرنا إليه ولا نعرف ما فيها، فلما قرأ الرقعة وإذا فيها «إنه قد أنفذ اليه شيء من طبرستان فآثر إنفاذه إليه» قال فتقدم إلى من فتحه، فإذا فيه سمور حسن، فقوّم له ذلك أربعين دينارا، ولم يجد بدا من قبوله، وكان داعيا إلى امتناعه من الاهداء إليه. قال: وقد كان يمضي إلى الدعوة يدعى إليها وإلى الوليمة يسأل فيها، ويكون ذلك يوما مشهودا من أجله وشريفا بحضوره، وكان يخرج مع بعضهم إلى الصحراء فيأكل معهم. قال ابن كامل، قال لي أبو عليّ محمد بن إدريس الجمال، وكان من وجوه الشهود بمدينة السلام: حضرنا يوما مع أبي جعفر الطبري وليمة، فجلست معه على مائدة، فكان أجمل الجماعة أكلا وأظرفهم عشرة، قال: وحضر جماعة من الغلمان على رؤوسنا لسقي الماء والخدمة، قال: فرأيت بعض الغلمان قد مدّ عينه إلى بعض ما قدّم إلينا، فأخذت لقمة فناولتها الغلام، قال فزبرني أبو جعفر وقال: من أذن لك أن تأكل أو تطعم؟ قال: فأخجلني. قال ابن كامل: ما رأيت أظرف أكلا من أبي جعفر، كان يدخل يده في الغضارة فيأخذ منها لقمة، فإذا عاد بأخرى كسح باللقمة ما التطخ من الغضارة باللقمة الأولى، فكان لا يلتطخ من الغضارة إلا جانب واحد. وكان إذا تناول اللقمة ليأكل سمّى ووضع يده اليسرى على لحيته ليوقيها من الزهومة، فإذا حصلت اللقمة في فيه أزال يده. قال أبو بكر ابن كامل، قال لنا أبو بكر ابن مجاهد: كان أبو جعفر ربما خرج إلى الصحراء فنخرج معه، فدعانا يوما أبو الطيب ابن المغيرة الثلاج، وكان جارا لأبي جعفر، في محلة ببغداد، فجاء بنا الى قراح باقلّى فأكلنا وأكل أبو جعفر أكلا فيه إفراط، ورأينا من حسن عشرته وانبساطه أمرا عظيما، ثم انصرفنا، فصرت إليه الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2466 لأعرف خبره من تعبه وما أكله، فإذا بين يديه أدوية وجوارشنات يأكل منها ليدفع بها ضرر ما كان أكله. وكان إذا جلس لا يكاد يسمع له تنخم ولا تبصّق ولا يرى له نخامة، وإذا أراد أن يمسح ريقه أخذ ذؤابة منديله ومسح جانبي فيه. قال أبو بكر ابن كامل: ولقد حرصت مرارا أن يستوي لي مثل ما يفعله ويتعذر عليّ اعتياده. قال: وما سمعته قطّ لاحنا ولا حالفا بالله عز وجل. قال: وكان لا يأكل الدسم، وإنما كان يأكل اللحم الأحمر الصرف، ولا يطبخه الا بالزبيب، وكان يقول: السمين يلطّخ المعدة؛ وكان يتجنب السمسم والشهد ويقول: إنهما يفسدان المعدة ويغيران النكهة، ويقول: إن التمر يلطخ المعدة ويضعف البصر ويفسد الأسنان ويفعل في اللحم كذا وكذا، فقال له أبو علي الصواف: أنا آكله طول عمري ولا أرى منه إلا خيرا، فقال أبو جعفر: وما بقي على التمر أن يعمل بك أكثر مما عمل. قال: وكان الصواف قد وقعت أسنانه، وضعف بصره، ونحف جسمه، وكثر اصفراره. قال: وكان أبو جعفر كبير اللحية، حسن القيام على نفسه، لا يأكل من الخبز إلا السميد لأجل غسل القمح لأنّ من مذهبه أن الشمس والنار والريح لا تطهّر نجسا، وكان ربما أكل شيئا من العنب الرازقي والتين الوزيري والرطب، وربما أخذ له من اللبن الحليب من غنم ترعى فيصفّى ويجعل في قدر على النار حتى يذهب منه جزء ثم يثرد في الاناء ويصبّ عليه اللبن الحارّ ويدعه حتى يبرد ويطرح عليه الصعتر وحبة السوداء والزيت، وكان يكثر من الاسفيذباج والزيرباج، وكان ربما أكل بالحصرم في وقته، وكان لا يعدم في الصيف الحيس والريحان واللينوفر، فإذا أكل نام في الخيش في قميص قصير الأكمام مصبوغ بالصندل وماء الورد، ثم يقوم فيصلي الظهر في بيته، ويكتب في تصنيفه إلى العصر، ثم يخرج فيصلّي العصر ويجلس للناس يقرىء ويقرأ عليه إلى المغرب، ثم يجلس للفقه والدرس بين يديه إلى عشاء الآخرة، ثم يدخل منزله وقد قسم ليله ونهاره في مصلحة نفسه ودينه والخلق كما وفقه الله عز وجل. وكان أبو الطيب الثلاج قد سأله أن يجعل شربه الماء من عنده، لأنه كان يكره الثلج، وكان له كراز يدفئه فيه. وكان أبو القاسم سليمان بن فهر الموصلي يهدي له الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2467 العسل ويقبله منه، فلما مات وجد عنده إحدى عشرة جرة عسلا ومنها ما قد نقص منه. وكان قد كتب «فردوس الحكمة» لعلي بن ربن الطبري وأخذه عن علي بن ربن مصنفه سماعا؛ قال أبو بكر ابن كامل: ورأيته عنده في ستة أجزاء. وقال أبو العباس ابن المغيرة الثلاج: لما اعتل ابني أبو الفرج، وكان حسن الأدب ويتفقه على مذهب أبي جعفر، قال لي أبو جعفر: تقبل مني ما أصفه لك؟ فقلت: نعم، وكنت أتبرك بقوله ورأيه، قال: احلق رأسه واعمل له جوذاية سمينة من رقاق وأكثر دسمها وقدّمها إليه وأطعمه منها حتى يمتلىء شبعا، ثم خذ ما بقي فاطرحه على دماغه واحرص أن ينام على حاله تلك، فإنه يصلح إن شاء الله تعالى، ففعلت فكان سبب برئه. وأبو الفرج هذا مات قبل أبي جعفر بمديدة، وكان أبو الفرج هذا يتعسف في كلامه: تجاروا يوما عند أبي جعفر فذكر الطبيخ فقال أبو الفرج: لكني أكلت طباهقة، قال أبو جعفر: وما الطباهقة؟ قال الطباهجة، ألا ترى أن العرب تجعل الجيم قافا. فقال أبو جعفر: فأنت إذا أبو الفرق ابن الثلّاق، فصار يعرف بأبي الفرق بن الثلاق، ويمزح معه بذلك. وكان أبو بكر ابن الجواليقي يأخذ لسانه بالإعراب ويكثر الإشارات فيه إلى حدّ البغض، فأخذ يوما في ذلك، فقال أبو جعفر: أنت بغيض، فسمي بغيض الطبري، قال: ورأيت أنا هذا الانسان يوما وقد ورد إلى باب الطاق وكان مهاجرا لبعض الوراقين، فوقف علينا فسلم ثم اعتذر من وقوفه بالمكان لأجل الوراق، فقال: لولا من ما كنت بالذي (يعني لولا من هاهنا ما كنت لأقف على حانوتك) . وكان بأبي جعفر ذات الجنب تعتاده وتنتقض عليه، فوجه إليه عليّ بن عيسى طبيبا، فسأل الطبيب أبا جعفر عن حاله فعرّفه حاله وما استعمل وأخذ لعلته، وما انتهى إليه في يومه ذاك، وما كان رسمه أن يعالج به، وما عزم على أخذه من العلاج، فقال له الطبيب: ما عندي فوق ما وصفته لنفسك شيء، والله لو كنت في ملتنا لعددت من الحواريين، وفقك الله. ثم جاء إلى علي بن عيسى فعرفه ذلك فأعجبه. قلت: أكثر هذه الأخبار عن عبد العزيز بن محمد الطبري من كتاب له أفرده في الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2468 سيرة أبي جعفر، ومن كتاب لأبي بكر ابن كامل في أخباره، والله ولي الخير. قال أبو علي الأهوازي: مات ببغداد في سنة عشر وثلاثمائة، كذا وجدته بخط أبي سليمان ابن يزيد مكتوبا، ورأيت أيضا من يقول إنه مات في سنة إحدى عشرة وست عشرة، والله أعلم وأحكم، وهذه السنون كلها في أيام المقتدر بالله. [1011] محمد بن جعفر الصيدلاني: كان صهر أبي العباس المبرد على ابنته، ويلقب برمة، وكان أديبا شاعرا روى عن أبي هفان الشاعر أخبارا، وحدّث عنه أبو الفرج الأصفهاني وغيره. وأنشد الخطيب في «تاريخه» لمحمد بن جعفر الصيدلاني: أما ترى الروض قد لاحت زخارفه ... ونشّرت في رباه الريط والحلل واعتمّ بالأرجوان النبت منه فما ... يبدو لنا منه إلا مونق خضل والنرجس الغضّ يرنو من محاجره ... إلى الورى مقل تحيا بها المقل تبر حواه لجين فوق أعمدة ... من الزمرد فيها الزهر مكتهل فعج بنا نصطبح يا صاح صافية ... صهباء في كأسها من لمعها شعل فقد تجلّت لنا عن حسن بهجتها ... رياض قطربّل واللهو مشتمل وعندنا شادن شدّت قراطقه ... على نقا وقضيب فهو معتدل يدور بالكأس بين الشّرب آونة ... ما دام للشّرب منه العلّ والنهل وقينة ان تشأ غنتك من طرب ... «ودّع هريرة إن الركب مرتحل» وان أشرت إلى صوت تكرره ... «إنا محيّوك فاسلم أيها الطلل» ليست بمظهرة تيها ولا صلفا ... وليس يغضبها التجميش والقبل فنحن في تحف منها وفي غزل ... مما يغازلنا طرف لها غزل   [1011] ترجمة الصيدلاني في تاريخ بغداد 2: 132 ومعجم المرزباني: 424 وانباه الرواة 3: 81 والمحمدون: 181 والوافي 2: 302 وبغية الوعاة 1: 71. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2469 [1012] محمد بن جعفر بن ثوابة الكاتب يكنى أبا الحسن، كاتب بليغ منشىء فاضل كان ينشىء في الديون أيام المقتدر بالله، ومات في سنة اثنتي عشرة وثلاثمائة. قال الرئيس أبو الحسين: كان أبو الحسن هذا صاحب ديوان الرسائل في ديوان المقتدر. وقال ثابت: في سنة أربع وثلاثمائة قبض على علي بن عيسى بن الجراح الوزير واستوزر أبو الحسن محمد بن الفرات فأقر أبا الحسن محمد بن جعفر بن ثوابة على ديوان الرسائل والمعاون. ومن كلامه رسالة كتبها عن المقتدر بالله أمير المؤمنين إلى البلدان في وزارة ابن الفرات الثانية: لما لم يجد أمير المؤمنين غنى عنه، ولا للملك بدّا منه، وكان كتّاب الدواوين على اختلاف اقتدارهم، وتفاوت ما بين أخطارهم، مقرّين برياسته، معترفين بكفايته، متحاكمين إليه إذا اختلفوا، واقفين عند غايته إذا استبقوا، مذعنين بأنه الحوّل القلّب، المحنّك المجرّب، العالم بدرّة المال كيف تحلب، ووجوهه كيف تطلب، انتضاه من غمده، فعاود ما عرف من حدّه، فنفّذ الأعمال كأن لم يغب عنها، ودبّر الأمور كأن لم يخل منها. ورأى أمير المؤمنين ألا يدع شيئا من أسباب التكرم كان قديما جعله له إلا وفّاه إياه، ولا نوعا من أنواع المثوبة والجزاء كان أخّره عنه إلا حباه به، فخاطبه بالتكنية. ومما يستحسنه الكتاب من كلامه قوله لما أجاب خمارويه بن أحمد عن المعتضد عن الكتاب بانفاذ ابنته فقال في الفصل الذي احتاج فيه إلى ذكرها: وأما الوديعة فهي بمنزلة ما انتقل من شمالك إلى يمينك عناية بها وحياطة لرأيك فيها. [1013] محمد بن جعفر بن محمد بن سهل بن شاكر الخرائطي:   [1012] ترجمة أبي الحسن ابن ثوابة في الوافي 2: 300 وجعل وفاته سنة 316. [1013] ترجمة ابن شاكر الخرائطي في تاريخ بغداد 2: 139 والوافي 2: 296 والمقفى 5: 498. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2470 قال أبو بكر الخطيب: كنيته أبو بكر، وهو من أهل سرّ من رأى، مات سنة سبع وعشرين وثلاثمائة بعسقلان من بلاد الشام، وكان سمع عمر بن شبّة وغيره، وكان حسن الأخبار مليح التصانيف، سكن الشام وحدّث بها فحصل حديثه عند أهلها. ومن مصنفاته «كتاب اعتلال القلوب في أخبار العشاق» وكان قدم دمشق في سنة خمس وعشرين وثلاثمائة ثم مات بعد ذلك بعسقلان في الوقت المقدم ذكره. وله من التصانيف: كتاب مكارم الأخلاق. كتاب مساوي الأخلاق. كتاب قمع الحرص بالقناعة. كتاب هواتف الجانّ وعجيب ما يحكى عن الكهان «1» . كتاب القبور. [1014] محمد بن جعفر بن حاتم الواسطي أبو جعفر غلام ثعلب: له شعر صالح، مات في سنة سبع وعشرين وثلاثمائة، ذكر ذلك كله أبو محمد عبد الله بن شيران في «تاريخه» . [1015] محمد بن أبي جعفر المنذري الهروي أبو الفضل: ذكره أبو النضر عبد الرحمن بن عبد الجبار بن أبي سعيد الفامي في «تاريخ هراة» وقال: مات في رجب سنة تسع وعشرين وثلاثمائة. قال المؤلف: وهو نحوي لغوي مصنف في ذلك، وهو شيخ أبي منصور محمد بن أحمد الأزهري الذي أملى «كتاب التهذيب» بالرواية عنه. وقدم بغداد لأنه قال «2» : سألت ثعلبا عن «كتاب العين» فقال: ذلك كتاب مليء غدد، قال: وهذا   [1014] لم أجد له ترجمة. [1015] ترجمة المنذري في بغية الوعاة 1: 72 (وياقوت ينقل عن مقدمة الأزهري لكتاب التهذيب) والوافي 2: 297. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2471 لفظ أبي العباس، وحقه عند النحويين ملآن غددا، ولكن أبا العباس يخاطب العامة على قدر فهمهم. وذكر الأزهري في مقدمة كتابه «1» ان أبا الفضل المنذري لازم أبا الهيثم الرازي سنين وعرض عليه الكتب وكتب عنه من أماليه وفوائده أكثر من مائتي جلد. قال الأزهري: فما وقع في كتابي لأبي الهيثم فهو ما أفادنيه المنذري عنه في كتاب الشامل وكتاب الفاخر «2» . كتاب الزيادات التي زادها في معاني القرآن للفرّاء. كتاب زيادات أمثال أبي عبيد. وكتاب ما زاد من المصنف وغريب الحديث. وقال أبو النضر: صنف أبو الفضل المنذري كتاب نظم الجمان وكتاب الملتقط وذكر الفاخر والشامل. قال الأزهري «3» : أخبرني أبو الفضل المنذري أن أبا الهيثم الرازي حثه على النهوض إلى أبي العباس، يعني ثعلبا، قال: فرحلت إلى العراق ودخلت مدينة السلام يوم الجمعة ومالي همة غيره، فأتيته وعرفته خبري وقصدي إياه، فاتخذ لي مجلسا في النوادر التي سمعها من ابن الأعرابي حتى سمعت الكتاب كلّه منه. قال: وسألته عن حروف كانت أشكلت على أبي الهيثم فأجابني عنها. قال الأزهري «4» : أخبرني المنذري انه اختلف إلى ثعلب سنة في سماع «كتاب النوادر» لابن الأعرابي لأنه كان في أذنه وقر، وكان يتولى قراءة ما يسمع منه. قال: وكتبت عنه من أماليه في معاني القرآن وغيرها أجزاء كثيرة، فما عرّض ولا صرّح بشيء من أسباب الطمع قال: واختلفت إلى أبي العباس المبرد وانتخبت عليه أجزاء من كتابيه المعروفين ب «الروضة» و «الكامل» قال: وقاطعته من سماعها على شيء مسمى وانه لم يأذن لي في قراءة حكاية واحدة لم يكن وقع عليها الشرط. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2472 [1016] محمد بن جعفر العطار النحوي أبو جعفر، ويلقب فرتك، قال الخطيب: هو من أهل المخرم، حدث عن الحسن بن عرفة، روى عنه الدارقطني ولم يزد الخطيب على هذا. [1017] محمد بن جعفر بن محمد الهمذاني ثم المراغي: ذكره محمد بن إسحاق فقال: كان يعلّم عز الدولة أبا منصور بختيار بن معز الدولة بن بويه. قال الخطيب: يكنى أبا الفتح، سكن بغداد، وروى بها عن أبي جعفر أحمد بن عبد الله بن مسلم بن قتيبة، حدث عنه أبو الحسين المحاملي القاضي وروى عنه في سنه احدى وسبعين وثلاثمائة. قال محمد بن إسحاق: وكان حافظا نحويا بليغا في نهاية السرو والحرية. وله من الكتب: كتاب البهجة «1» على مثال «الكامل» . كتاب الاستدراك لما أغفله الخليل. وقال أبو حيان في «الامتاع» ووصف جماعة من النحويين: أبا سعيد السيرافي والرماني وأبا علي الفارسي ثم قال: وأما ابن المراغي فلا يلحق هؤلاء، مع براعة اللفظ وسعة الحفظ وقوة النفس وبلل الريق وغزارة النفث وكثرة الرواية، ومن نظر في كتاب البهجة له عرف ما أقول واعتقد فوق ما أصف ونحل أكثر ما أبذل. ذكر أبو حيان في «كتاب المحاضرات» قال: ولما مات المراغي، وكان قدوة   [1016] ترجمته في تاريخ بغداد 2: 138 وانباه الرواة 3: 82 (وكنيته أبو بكر ولقبه حرتك) والمنتظم (وفيات: 316) وبغية الوعاة 1: 71. [1017] ترجمته في تاريخ بغداد 2: 152 والفهرست: 94 والامتاع والمؤانسة 1: 133 وإنباه الرواة 3: 83، 87 وبغية الوعاة 1: 70. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2473 في النحو وعلما في الأدب كبيرا مع حداثة سنه ورقة حاله (وان قلت إني ما رأيت في الأحداث مثله كان كذلك) استرجع أبو سعيد السيرافي واستعبر وأنشد: من عاش لم يخل من همّ ومن حزن ... بين المصائب من دنياه والمحن وإنما نحن في الدنيا على سفر ... فراحل خلّف الباقي على الظعن وكلّنا بالردى والموت مرتهن ... فما نرى فيهما فكّا لمرتهن من الذي أمن الدنيا فلم تخن ... أو الذي اعتزّ بالدنيا فلم يهن كلّ يقال له قد كان ثم مضى ... كأن ما كان في دنياه لم يكن ثم قال: قوموا بنا لتجهيزه وتولية أمره، فتبعناه على ذلك، فلما أخرجت جنازته بكى وأنشد: أساءت بنا الأيام ثمّت أحسنت ... وكلّ من الأيام غير بديع وما زال صرف الدهر مذ كان مولعا ... بتأليف شتّى أو بشتّ جميع [1018] محمد بن جعفر بن محمد بن هارون بن فروة بن ناجية بن مالك أبو الحسن التميمي النحوي المعروف بابن النجار: من أهل الكوفة، ولد سنة ثلاث وثلاثمائة بالكوفة، وقدم بغداد وحدث بها عن ابن دريد ونفطويه والصولي وغيرهم. قال الخطيب: وهو ثقة مات في جمادى الأولى سنة اثنتين وأربعمائة بالكوفة؛ نقلت ذلك من تاريخ ابن الجوزي ونقله هو من تاريخ الخطيب حرفا حرفا، ونقلت من زيادات الوزير المغربي في فهرست النديم انه ولد سنة احدى عشرة وثلاثمائة قال: وكان من مجوّدي القراء أخذ عن النقار وغيره، وكان يقرىء لحمزة، والكسائي الغالب في أخذه، ولقي أحمد بن يونس، وروى قراءة عاصم عنه عن الأعمش عن أبي بكر ابن عياش عن عاصم، ولقي من المحدثين القدماء ابن الأشناني الكبير وابن الأشناني   [1018] ترجمته في تاريخ بغداد 2: 158 والمنتظم (وفيات: 402) والبداية والنهاية 11: 347 وانباه الرواة 3: 83 والوافي 2: 305 وبغية الوعاة 1: 69 والشذرات 3: 164 وطبقات ابن الجزري 2: 111. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2474 القاضي وابن مروان القطان وأبا عبيدة وغيرهم، قال: وكنا سمعنا منه: كتاب القراءات. وكتاب مختصر في النحو. كتاب الملح والنوادر. كتاب التحف والطرف. كتاب الملح والمسارّ. كتاب روضة الأخبار ونزهة الأبصار. كتاب تاريخ الكوفة، رأيته. [1019] محمد بن جعفر بن محمد الغوري ، أبو سعيد: أحد أئمة اللغة المشهورين، والأعلام في علم هذا اللسان المذكورين، صنف «كتاب ديوان الأدب» في عشرة أجلد ضخمة، أخذ كتاب أبي إبراهيم إسحاق الفارابي المسمى بهذا الاسم وزاد في أبوابه، وأبرزه في أبهى أثوابه، فصار أولى به منه، لأنه هذّبه وانتقاه وزاد فيه ما زيّنه وحلّاه؛ لم أعرف شيئا من حاله فأذكره، إلا انه ذكر في أول كتابه بعد البسملة قال: محمد بن جعفر بن محمد المعروف جده بالغوري، ثم ذكر أنه هذب كتاب الفارابي، وختم الكلام بأن قال وأهديته- يعني الكتاب- إلى الدهقان الكبير أبي نصر منصور مولى أمير المؤمنين. [1020] محمد بن جعفر القزاز القيرواني أبو عبد الله التميمي: كان إماما علامة قيّما بعلوم العربية، ذكره الحسن بن رشيق في «كتاب الأنموذج» فقال: مات بالقيروان سنة اثنتي عشرة وأربعمائة وقد قارب التسعين، وهو جامع «كتاب الجامع» في اللغة وهو كتاب كبير حسن متقن يقارب «كتاب التهذيب» لأبي منصور الأزهري رتبه على حروف المعجم؛ وكتاب ما يجوز للشاعر استعماله في ضرورة الشعر «1» .   [1020] ترجمة القزاز في أنموذج الزمان: 365 وانباه الرواة 3: 84 والمحمدون: 185 وابن خلكان 4: 374 ومرآة الجنان 3: 27 والوافي 2: 304 وبغية الوعاة 1: 71 وإشارة التعيين: 301 والمقفى 5: 504. وللمنجي الكعبي كتاب: القزاز القيرواني، حياته وآثاره، تونس 1968. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2475 قال ابن رشيق: وكان مهيبا عند الملوك والعلماء وخاصة الناس محبوبا عند العامة يملك لسانه ملكا شديدا، وقد مدحه الشعراء فقال فيه يعلى بن إبراهيم الأربسي «1» : نسجت شعاعا بيننا فكأننا ... بتنا جميعا «2» تحت ثوب مذهب فمزجتها من فيه ثم شربتها ... ولثمته برضاب ثغر أشنب في ليلة للدهر كانت غرّة ... يرنو إليها الخطب كالمتعجب فتّ الأنام بها كما فتّ الورى ... سبقا محمد بالفخار الأغلب أبدا على طرف السؤال جوابه ... فكأنما هو دفعة من صيّب يغدو مساجله بعزّة صافح ... ويروح معترفا بذلة مذنب فالأبعد النائي عليه في الذي ... يفترّ كالداني إليه الأقرب وكان القزاز معجبا بهذه الكلمة ويقول: ما مدحت بأحبّ إليّ منها. وقال الحسن بن رشيق في «العمدة» «3» : وحاجى شيخنا أبو عبد الله بعض تلاميذه فقال: أحاجيك عباد كزينب في الورى ... ولم تؤت إلّا من صديق وصاحب فأجابه التلميذ في الحال: سأكتم حتى ما تحسّ جوارحي ... بما انهلّ منها في دموعي السواكب فمعكوس عباد كزينب، سرّك ذائع. وسأكتم جواب على الظاهر حسن. ومعكوسه: منك أتيت، وهو جواب لما حوجي به بديع مقابل ولم تؤت إلا من صديق وحبيب تفسير حسن بديع جدا. وشعر أبي عبد الله جيد مطبوع مصنوع ومن شعره يتغزل «4» : أما ومحلّ حبّك من فؤادي ... وقدر مكانه فيه المكين الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2476 لو انبسطت لي الآمال حتى ... تصيّر من عنانك في يميني لصنتك في مكان سواد عيني ... وخطت عليك من حذر جفوني فأبلغ منك غايات الأماني ... وآمن فيك آفات الظنون فلي نفس تجرّع كلّ حين ... عليك بهنّ كاسات المنون إذا أمنت قلوب الناس خافت ... عليك خفيّ ألحاظ العيون فكيف وأنت دنياي ولولا ... عقاب الله فيك لقلت ديني ومن شعره أيضا «1» : إذا كان حظي منك لحظة ناظر ... على رقبة لا أستديم لها لحظا رضيت بها في مدة الدهر مرة ... وأعظم بها من حسن وجهك لي حظا وله أيضا «2» : لو أنّ في حكم قلبي فيك أو بصري ... ما استمتعت لي عين منك بالنظر أخشى وأحذر من عيني القريحة ما ... أخشى وأحذره من أعين البشر ويلاه إن كان حظّي فيه مشتركا ... وكيف يشترك الحيان في عمر يناله وادع لا يستعدّ له ... ولست أبلغ أولاه من الحذر وله أيضا «3» : أضمروا لي ودّا ولا تظهروه ... يهده منكم إليّ الضمير ما أبالي إذا بلغت رضاكم ... في هواكم لأيّ حال أصير وله أيضا «4» : أحين علمت أنك نور عيني ... وأني لا أرى حتى أراكا جعلت مغيب شخصك عن عياني ... يغيّب كلّ مخلوق سواكا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2477 وله أيضا «1» : وا حسرتا مات أحبابي وخلّاني ... وشيّب الدهر أترابي وأخداني وغيرت غير الأيام خالصتي ... والمنتصى الحرّ من أهلي وإخواني ومن تصانيف أبي عبد الله أيضا: كتاب أدب السلطان والتأدب له، عشر مجلدات. كتاب التعريض والتصريح، مجلد. كتاب إعراب الدريدية، مجلد. كتاب شرح رسالة البلاغة، في عدة مجلدات. كتاب أبيات معان في شعر المتنبي. كتاب ما أخذ على المتنبي من اللحن والغلط. كتاب الضاد والظاء، مجلد. [1021] محمد بن الجهم بن هارون السمري، أبو عبد الله الكاتب: مات سنة سبع وسبعين ومائتين عن تسع وثمانين سنة، ذكر ذلك أبو بكر ابن علي وقال: سمع يعلى بن عبيد الطنافسي وعبد الوهاب بن عطاء ويزيد بن هارون وآدم بن أبي إياس وروى عن الفراء تصانيفه. حدث عنه موسى بن هارون الحافظ والقاسم بن محمد الأنباري وأبو بكر ابن مجاهد المقرىء ونفطويه وإسماعيل بن محمد الصفار وغيرهم. قال الدارقطني: هو ثقة صدوق. قال المرزباني: محمد بن الجهم بن هارون السمري أبو عبد الله صاحب الفراء، وروى كتابه في معاني القرآن، وهو أحد الثقات من رواة المسند، وهو القائل يمدح الفراء ويصف مذهبه في النحو: أكثر النحو يزعم الفرّاء ... من وجوه تأويلهنّ الجزاء وهي أبيات يقول فيها:   [1021] ترجمة ابن الجهم في انباه الرواة 3: 88 والمحمدون: 179 وتاريخ بغداد 2: 161 ومعجم المرزباني: 406 والمنتظم 5: 108 والوافي 2: 313. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2478 نحوه أحسن النحوّ فما فيه معيب ولا به إزراء ليس من صنعة الضعائف لكن ... فيه فقه وحكمة وضياء وبيان تصغي القلوب إليه ... يجتبيه الملوك والحكماء «1» حجة توضح «2» الصواب وما قا ... ل سواه فباطل وخطاء ليس من قال بالصواب كمن قا ... ل بجهل والجهل داء عياء وكأني أراه يملي علينا ... وله واجبا علينا الدعاء «كيف نومي على الفراش ولما ... يشمل الشام غارة شعواء» «تذهل المرء عن بنيه وتبدي ... عن خدام العقيلة العذراء» هذان البيتان لعبد الله بن قيس الرقيات ضمنهما «3» . [1022] محمد بن حارث الخشني الأندلسي صاحب التواريخ: ذكره الحميدي في كتابه فقال: هو من أهل العلم والفضل، فقيه محدّث روى عن ابن وضاح ونحوه، وله من الكتب: كتاب أخبار القضاة بالأندلس. كتاب أخبار الفقهاء والمحدثين. كتاب الاتفاق والاختلاف لمالك بن أنس وأصحابه وغير ذلك. ومات في حدود الثلاثين والثلاثمائة «4» ذكره أبو عمر ابن عبد البر وأبو محمد علي بن أحمد، وأورد عنه أبو سعيد ابن يونس في تاريخه وفيات الجماعة من أهل الأندلس ممن مات قبل الثلاثمائة وبعدها بمدة، وقد أفصح أبو سعيد باسمه في موضعين من تاريخه في باب السين   [1022] ترجمة الخشني في جذوة المقتبس: 49 (بغية الملتمس ص: 93) وابن الفرضي 2: 114 وقد طبع له قضاة قرطبة مجتمعا مع علماء افريقية ويقال إنه ألف للحكم المستنصر مائة كتاب. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2479 وباب النون، وما أراه لقيه ولكنه عاصره وكان في زمانه. وإنما يقول فيما يورده عنه «ذكره الخشني في كتابه» . وذكر الحميدي في باب محمد بن عبد السلام الخشني أن عبد الغني بن سعيد الحافظ غلط فيه فقال محمد بن عبد السلام الخشني صاحب التاريخ، وإنما هو محمد بن حارث فغلط، هذا تلخيص كلام الحميدي لا على وجهه. [1023] محمد بن حبيب أبو جعفر: ذكره المرزباني فقال: قال عبد الله بن جعفر: من علماء بغداد باللغة والشعر والأخبار والأنساب الثقات محمد بن حبيب، ويكنى أبا جعفر، وكان مؤدّبا ولا يعرف أبوه، وإنما نسب إلى أمه، وهي حبيب. وهو ممن يروي كتب ابن الأعرابي وابن الكلبي وقطرب، وكتبه صحيحة، وله مصنفات في الأخبار منها كتاب المحبّر والموشّى وغيرهما. مات ابن حبيب بسامرا في ذي الحجة سنة خمس وأربعين ومائتين في أيام المتوكل. قال أبو الحسن بن أبي رؤبة، قال أبو رؤبة: عبرت الى ابن حبيب في مكتبه وكان يعلم ولد العباس بن محمد في شكوك شككت فيها. وروى محمد بن موسى البريري عن ابن حبيب قال: إذا قلت للرجل ما صناعتك فقال: معلم، فاصفع، وأنشد ابن حبيب: إنّ المعلم لا يزال معدّما ... لو كان علم آدم الأسماء من علم الصبيان أصبوا عقله ... حتى بني الخلفاء والخلفاء   [1023] ترجمة ابن حبيب في طبقات الزبيدي: 139، 198 والفهرست: 119 ومراتب النحويين: 157 وتاريخ بغداد 2: 277 وانباه الرواة 3: 119 وتحفة الأبيه: 108 والوافي 2: 325 والنجوم الزاهرة 2: 321 وبغية الوعاة 1: 73 وانظر نور القبس: 321؛ وقد طبع من كتبه المحبر (حيدر أباد الدكن 1942) والمنمق (حيدر أباد الدكن 1964) وأسماء المغتالين (نوادر المخطوطات رقم: 21 القاهرة 1972) وكنى الشعراء (نوادر المخطوطات) وألقاب الشعراء ومن يعرف منهم بأمه (نوادر المخطوطات) ومختلف القبائل ومؤتلفها (غوتا 1850 ثم ملحقا بكتاب الايناس للوزير المغربي، تحقيق الشيخ حمد الجاسر) . الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2480 ومحمد بن حبيب مولى لبني هاشم ثم مولى لمحمد بن العباس بن محمد الهاشمي وأمه مولاة لهم. وقال ابن النديم: نقلت من خط أبي سعيد السكري قال: هو محمد بن حبيب بن أمية بن عمرو، وكان يروي عن هشام ابن الكلبي وابن الأعرابي وقطرب وأبي عبيدة وأبي اليقظان، وأكثر الأخذ عنه أبو سعيد السكري. قال المرزباني: وكان محمد بن حبيب يغير على كتب الناس فيدّعيها ويسقط أسماءهم. فمن ذلك الكتاب الذي ألفه إسماعيل بن [أبي] عبيد الله واسم أبي عبيد الله معاوية وكنيته هي الغالبة على اسمه، فلم يذكرها لئلا يعرف، وابتدأ فساق كتاب الرجل من أوله إلى آخره فلم يخلطه بغيره ولم يغير منه حرفا ولا زاد فيه شيئا، فلما ختمه أتبع ذلك بذكر من لقب من الشعراء ببيت قاله؛ قال: وما علمت أن أحدا من العلماء صنع صنيعه هذا، ولا من استحسن أن يضع نفسه هذا الموضع القبيح، وأحسب أن الذي حمله على ذلك أن كتاب إسماعيل هذا لم تكثر روايته، ولا اتسع في أيدي الأدباء، فقدّر ابن حبيب أنّ أمره ينستر وأن إغارته عليه تميت ذكر صاحبه. وحدث المرزباني عن أحمد بن محمد الكاتب عن علي بن عبد الله بن المسيب قال: كان علي بن العباس الرومي يختلف إلى محمد بن حبيب لأنّ محمدا كان صديقا لأبيه العباس بن جورجس، وكان يخصّ عليا لما يرى من ذكائه، فحدّث علي عنه أنه كان إذا مرّ به شيء يستغربه ويستجيده يقول لي: يا أبا الحسن ضع هذا في تامورك. وحدث أبو بكر ابن علي قال، قال أبو طاهر القاضي: محمد بن حبيب، وهي أمه، وهو ولد ملاعنة. وحدث أيضا فيما أسنده إلى ثعلب قال: حضرت مجلس ابن حبيب فلم يمل فقلت ويحك أمل، مالك؟ فلم يفعل حتى قمت، وكان والله حافظا صدوقا، وكان يعقوب أعلم منه وكان هو أحفظ للأنساب والأخبار منه، وهو بغدادي. وحدث أبو بكر محمد بن الحسن الزبيدي الاشبيلي في كتابه قال، قال ثعلب: أتيت ابن حبيب وقد بلغني أنه يملي شعر حسّان بن ثابت، فلما عرف موضعي قطع الاملاء، فانصرفت وعدت إليه وترفقت به فأملى، وكان لا يقعد في المسجد الجامع، فعذلته على ذلك حتى قعد جمعة من الجمع واجتمع إليه الناس، فسأله الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2481 سائل عن هذه الأبيات «1» : أزحنة عني تطردين تبدّدت ... بلحمك طير طرن «2» كلّ مطير قفي لا تزلّي زلة ليس بعدها ... جبور وزلات النساء كثير وإني واياه كرجلي نعامة ... على كلّ حال من غنى وفقير ففسر ما فيه من اللغة، فقيل له كيف قيل: «غنى وفقير» ولم يقل «من غنى وفقر» قال: فاضطرب، فقلت للسائل: هذا غريبة وأنا أنوب عنه وبينت العلة، وانصرف ثم لم يعد للقعود بعد ذلك وانقطعت عنه. قوله «رجلي نعامة» إنما شبه به لأنه لا تنوب إحداهما عن الأخرى، لأنه لا مخّ فيها، وسائر الحيوان إذا أعيت إحدى رجليه استعان بالأخرى، فيقال هما رجلا نعامة، إي لا غنى لإحداهما عن الأخرى، والأسماء ترد على المصادر، والمصادر على الأسماء، لأنّ المصادر إنما ظهرت لظهور الأسماء وتمكن الأعراب منها. قال محمد بن إسحاق: ولابن حبيب من الكتب: كتاب النسب. كتاب الأمثال على أفعل ويسمى المنمق «3» . كتاب السعود والعمود. كتاب العمائر والربائع. كتاب الموشح. كتاب المختلف والمؤتلف في أسماء القبائل. كتاب المحبّر، وهو من جيد كتبه. كتاب المقتنى. كتاب غريب الحديث. كتاب الأنواء. كتاب المشجر. كتاب من استجيبت دعوته. كتاب الموشّى. كتاب المذهب في أخبار الشعراء وطبقاتهم. كتاب نقائض جرير وعمر بن لجأ. كتاب نقائض جرير والفرزدق. كتاب المفوّف. كتاب تاريخ الخلفاء. كتاب من سمّي ببيت قاله. كتاب مقاتل الفرسان. كتاب الشعراء وأنسابهم. كتاب العقل. كتاب كنى الشعراء. كتاب السمات. كتاب أيام جرير التي ذكرها في شعره. كتاب أمهات أعيان بني عبد المطلب. كتاب المقتبس. كتاب أمهات السبعة من قريش. كتاب الخيل. كتاب النبات. كتاب ألقاب القبائل الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2482 كلها. كتاب الأرحام التي بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه سوى العصبة. كتاب ألقاب اليمن ومضر وربيعة. كتاب القبائل الكبيرة والأيام، جمعه للفتح بن خاقان. قال محمد بن إسحاق: ورأيت أنا النسخة بعينها في طلحي نيفا وعشرين جزءا، وكانت تنقص ما يدلّ على أنها كانت نحوا من أربعين جزءا في كل جزء مائتا ورقة وأكثر، ولهذه النسخة فهرست لما يحتوي عليه من القبائل والأيام في طلحي نحو خمسة عشر ورقا. ومن صنعه في أشعار العرب: كتاب ديوان زفر بن الحارث. كتاب شعر الشماخ «1» . كتاب شعر الأقيشر. كتاب شعر الصمة. كتاب شعر لبيد العامري. [1024] محمد بن حرب بن عبد الله النحوي الحلبي، أبو المرجّى: أحد أعيان حلب والمشهورين منهم بعلم الأدب، مات بدمشق في سنة احدى وثمانين أو اثنتين وثمانين. وحدثني ابن الجبراني «2» قال: مات شيخنا بدمشق في سنة ثمانين وخمسمائة. حدثني كمال الدين أبو القاسم عمر بن أبي جرادة أدام الله أيامه قال، حدثني محمد بن عبد الواحد بن حرب الخطيب- خطيب قلعة حلب- إملاء من لفظه قال، حدثني أبو المرجّى محمد بن حرب أبو عبد الله النحوي قال: رأيت في النوم إنسانا ينشدني هذا البيت: أروم عطا الأيام والدهر مهلكي ... بمرّ لها والدهر رهن عطاها فأجزته بأبيات: أيا طالب الدنيا الدنيّة إنها ... سترديك يوما إن علوت مطاها صن النفس لا تركن إليها فان أبت ... فردّد عليها آي آخر طاها «3»   [1024] ترجمة أبي المرجى الحلبي في بغية الوعاة 1: 75 والوافي 2: 327. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2483 ودع روضة الآمال والحرص إنه ... إذا ردع النفس الهدى بسطاها فلا بدّ يوما أن تلمّ ملمّة ... فتبسط منا عقدة نشطاها «1» أنشدني الأخ أبو القاسم أحمد بن هبة الله بن سعد الجبراني النحوي الحلبي قال: أنشدني شيخي أبو المرجّى محمد بن حرب الأنابي- وأناب قرية من بلد أعزاز من نواحي حلب- لنفسه في صفة الرمّان: ولما فضضت الختم عنهنّ لاح لي ... فصوص عقيق في بيوت من التبر ودرّ ولكن لم يدنّسه غائص ... وماء ولكن في مخازن من خمر وأنشدني قال أنشدني المذكور لنفسه: لما بدا ليل عارضيه لنا ... يحكي سطورا كتبن بالمسك تلا علينا العذار سورة والل ... يل وغنّى لنا «قفا نبك» وأنشدني له: تجلى سنا شمعة تشابهني ... وقدا ولونا وأدمعا وفنا قال: وله أرجوزة في مخارج الحروف. [1025] محمد بن حسان النملي، يكنى أبا حسان: أحد الكتّاب الطيّاب والأدباء، وكان في أيام المتوكل وله معه أحاديث، وله كتاب برجان وحباحب- وهو كبير- في أخبار النساء والباه. كتاب آخر صغير في هذا المعنى. كتاب البغاء. كتاب السحق. كتاب خطاب المكاري لجارية البقال.   [1025] نقل ياقوت ترجمة النملي عن الفهرست: 169 وانظر الوافي 2: 331. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2484 [1026] محمد بن حسان الضبي، أبو عبد الله: كان نحويا فاضلا وأديبا شاعرا، وكان يؤدب العباس بن المأمون وغيره من ولده فماتوا فقال يرثيهم: خلّ دمع العين ينهمل ... بان من أهواه فاحتملوا كلّ دمع صانه كلف ... فهو يوم البين مبتذل يا أخلائي الذين نأت ... بهم الطيات وانتقلوا قد أبى أن ينثني بكم ... أوبة يحيا بها الأمل وحدّث شبّاب العصفري قال: ولّى المأمون محمد بن حسان الضبي مظالم الجزيرة وقنسرين والعواصم والثغور سنة خمس عشرة ومائتين ثم زاده بعد ذلك مظالم الموصل وأرمينية. قال: وولى المعتصم محمد بن حسان مظالم الرقة في سنة أربع وعشرين ومائتين إلى ان توفي المعتصم فأقره الواثق عليها. وحدث المرزباني باسناده قال: قدم محمد بن حسان الضبي على أبي المغيث الرافقي فمدحه فوعده بثواب فتأخر عنه، فكتب إليه محمد: عذّبت بالمطل وعدا رفّ مورقه ... حتى لقد جفّ منه الماء والعود سقيا للفظك ما أحلى مخارجه ... لولا عقارب في أثنائه سود فلما قرأها أبو المغيث تبسم وأجابه: لا تعجلنّ على لومي فقد سبقت ... مني إليك بما تهوى المواعيد فان صبرت أتاك النجح عن كثب ... وكلّ طالعه سعد ومسعود وفي الكريم أناة ربما اتصلت ... إن لم يعامل بصبر أيبس العود وعجل له صلته. وقال أبو الحسن بن البراء: أنشدني محمد بن حسان الضبي لنفسه:   [1026] ترجمة محمد بن حسان الضبي في الوافي 2: 331 وبغية الوعاة 1: 75. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2485 كتمت الهوى حتى بدا السقم ظاهرا ... وحتى جرى دمعي يسيل بدارا وأخفيت من أهوى وألقيت دونه ... من الحبّ أستارا فعدن جهارا وله أيضا في رواية المرزباني: ففيم أجنّ الصبر والبين حاضر ... وأمنع تذراف الدموع السواكب وقد فرقت جمع الهوى طيّة النوى ... وغودرت فردا شاهدا مثل غائب [1027] محمد بن الحسن بن أبي سارة الرؤاسي ، يكنى أبا جعفر: هو ابن أخي معاذ الهراء، وهم من موالي محمد بن كعب القرظي، قال «1» : وسمّي الرؤاسي لكبر رأسه، وكان ينزل النيل فقيل له النيلي، وكان أول من وضع من الكوفيين كتابا في النحو، ومات في أيام الرشيد. قال أحمد بن يحيى ثعلب: كان الرؤاسيّ أستاذ علي بن حمزة الكسائي والفراء، قال الفراء: فلما خرج الكسائي إلى بغداد قال لي الرؤاسي: قد خرج الكسائي وأنت أسنّ منه، فجئت إلى بغداد فرأيت الكسائي فسألته عن مسائل الرؤاسي فأجابني بخلاف ما عندي، فغمزت عليه قوما كوفيين كانوا معي، فرآني فقال لي: مالك قد أنكرت، لعلك من أهل الكوفة؟ قلت: نعم. قال الرؤاسي يقول كذا وكذا وليس صوابا، وسمعت العرب تقول كذا وكذا حتى أتى على مسائلي فلزمته. قال: وكان الرؤاسي رجلا صالحا وقال: بعث الخليل إليّ يطلب كتابي فبعثت به إليه فقرأه، قال: وكلّ ما في كتاب سيبويه «وقال الكوفي كذا» فانما يعني الرؤاسيّ. قال: وكتاب الرؤاسي يقال له «الفيصل» . وزعم ثعلب أن أول من وضع من   [1027] ترجمة الرؤاسي في الفهرست: 71 ونور القبس: 279 ومراتب النحويين: 48 وطبقات الزبيدي: 125 ونزهة الألباء: 54 وتاريخ أبي المحاسن: 194 وانباه الرواة 4: 99 والوافي 2: 334 وبغية الوعاة 1: 82 وروضات الجنات 7: 263 وانظر رقم: 1083. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2486 الكوفيين كتابا في النحو أبو جعفر الرؤاسي، وكان له كتاب معروف عندهم يقدمونه. وقال سلمة: سئل الفراء عن الرؤاسي فأثنى عليه وقال: قد كان دخل البصرة دخلتين وقلّ مقامه بالكوفة فلذلك قلّ أخذ الناس عنه. قال، وقال المبرد: ما عرف الرؤاسي بالبصرة، وقد زعم بعض الناس انه صنف كتابا في النحو فدخل البصرة ليعرضه على أصحابنا فلم يلتفت إليه، أو لم يجسر على إظهاره لما سمع كلامهم. وقال ابن درستويه: وزعم جماعة من البصريين أن الكوفي الذي يذكره الأخفش في آخر «كتاب المسائل» ويردّ عليه هو الرؤاسي. حدث محمد بن جعفر الأشعثي عن الرؤاسي قال: قلت لأبي جعفر محمد بن علي إن لي تجارة بالنيل، أفأشتري بالنيل دارا؟ فقال: اشتر ما ينفعك فربّ عزلة كانت داعية خير، وإياك وجميع ما يعنيك، فأما ما لا يعنيك فاياك واياه. وحدث عبد الله بن جعفر عن علي بن المبارك الأحمر عن الكسائي قال: كان للرؤاسي امرأة من أهل النيل تزوجها بالكوفة وانتقلت إليه من النيل وشرطت عليه أنها تلمّ بأهلها في كلّ مدة، فكانت لا تقيم عنده إلا القليل ثم يحتاج إلى إخراجها وردّها، فملّ ذلك منها وفارقها وقال فيها: بانت لمن تهوى حمول ... فأسفت في أثر الحمول أتبعتهم عينا علي ... هم ما تفيق من الهمول ثم ارعويت كما ارعوى ... عنها المسائل للطلول لاحت مخايل خلفها ... وخلافها دون القبول ملّت وأبدت جفوة ... لا تركننّ إلى ملول ولأبي جعفر الرؤاسي قصيدة منها: ألا يا نفس هل لك في صيام ... عن الدنيا لعلك تهتدينا يكون الفطر وقت الموت منها ... لعلك عنده تستبشرينا أجيبيني هديت وأسعفيني ... لعلك في الجنان تخلّدينا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2487 وحدث أبو الطيب اللغوي في «كتاب المراتب» قال: وممن أخذ عن أبي عمرو بن العلاء من أهل الكوفة أبو جعفر الرؤاسي عالم أهل الكوفة، الا أنه ليس بنظير لمن ذكرنا ولا قريبا منهم، وكان ذكر يونس بن حبيب وعيسى بن عمر والخليل بن أحمد ونظائرهم، قال وقال أبو حاتم: كان بالكوفة نحويّ يقال له أبو جعفر الرؤاسي وهو مطروح العلم ليس بشيء. وقال محمد بن إسحاق في الكتاب الذي ألفه في سنة سبع وسبعين وثلاثمائة: وللرؤاسي من الكتب: كتاب الفيصل رواه جماعة وهو يروى إلى اليوم. كتاب معاني القرآن. كتاب التصغير. كتاب الوقف والابتداء الكبير. كتاب الوقف والابتداء الصغير. [1028] محمد بن الحسن بن دينار الأحول، أبو العباس: كان غزير العلم واسع الفهم جيد الدراية حسن الرواية، روى عنه أبو عبد الله محمد بن العباس اليزيدي، وقرأ عليه ديوان عمرو بن الأهتم في سنة خمسين ومائتين. قال أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة النحوي المعروف بنفطويه: جمع أبو العباس محمد بن الحسن بن دينار الأحول أشعار مائة شاعر وعشرين شاعرا، وعملت أنا خمسين شاعرا. وذكره أبو بكر محمد بن الحسن الزبيدي وجعله في طبقة المبرّد وثعلب. وحدث المرزباني أنه كان ورّاقا يورّق لحنين بن إسحاق المتطبب في منقولاته لعلوم الأوائل، وكان محدودا، أي قليل الحظّ من الناس. وحدّث عن علي بن سليمان الأخفش قال، حدثني محمد بن الحسن الأحول قال: اجتمعنا مع أبي العباس ثعلب في بيته [وحضر] ابن بوكران، رجل من أهل الأدب، فقال بعض أصحابنا: عرفوني ألقابكم، فقال ثعلب: أنا ثعلب، وقال الآخر: أنا كذا،   [1028] ترجمة الاحول في تاريخ بغداد 2: 185 وطبقات الزبيدي: 208 والفهرست: 87 ونور القبس: 337 والوافي 2: 344 وبغية الوعاة 1: 81. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2488 والآخر: أنا كذا، فلما بلغوا إليّ قالوا: وأنت ما لقبك؟ فقلت: منعت العاهة من اللقب. وحدث المرزباني عن نفطويه قال: كان أبو العباس الأحول يقول «لم يزلوا» وكذا رد عليّ فقلت له «لم يزالوا» أراد أنه كان لحّانا. وحدث عن أبي عبد الله اليزيدي قال: كان أبو العباس الأحول يكتب لي مائة ورقة بعشرين درهما. وقال محمد بن إسحاق النديم: كان محمد بن الحسن الأحول ناسخا. وله من الكتب: كتاب الدواهي. كتاب السلاح. كتاب ما اتفق لفظه واختلف معناه. كتاب فعل وأفعل. كتاب الأشباه، وجمع كما تقدم دواوين مائة وعشرين شاعرا. [1029] محمد بن الحسن بن دريد بن عتاهية بن حنتم بن حمامي بن واسع بن وهب بن سلمة بن حنتم بن حاضر بن جشم بن ظالم بن أسد بن عدي بن مالك بن فهم بن غنم بن دوس بن عدثان بن عبد الله بن زهير، ويقال زهران بن كعب بن الحارث بن عبد الله بن مالك بن نضر بن الأزد بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان «1» ؛ مات يوم الأربعاء لثنتي عشرة ليلة   [1029] ترجمة ابن دريد في طبقات الزبيدي: 201 ومعجم المرزباني: 425 ونور القبس: 342 وتهذيب اللغة 1: 31 والفهرست: 67 وتاريخ بغداد 2: 195 والأنساب 5: 305 والاكمال 3: 388 ونزهة الألباء: 175 والمحمدون: 279 وانباه الرواة 3: 92 والمنتظم 6: 261 وابن خلكان 4: 323 وسير الذهبي 15: 96 وعبر الذهبي 2: 187 وميزان الاعتدال 3: 520 والوافي 2: 339 ومرآة الجنان 2: 282 وطبقات السبكي 3: 138 والبداية والنهاية 11: 176 وطبقات ابن الجزري 2: 116 ولسان الميزان 5: 132 والنجوم الزاهرة 3: 240 وبغية الوعاة 1: 76 والشذرات 2: 289 (وانظر صفحات من فهرسة ابن خير) وطبقات المفسرين للداودي 2: 119 وخزانة الأدب 3: 118 وروضات الجنات 7: 303 وإشارة التعيين: 304. وللسيد مصطفى السنوسي دراسة عنه (الكويت: 1984) . الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2489 بقيت من رمضان سنة احدى وعشرين وثلاثمائة، وفي هذا اليوم مات أبو هاشم عبد السلام بن محمد الجبائي فقيل: مات علم اللغة والكلام ودفنا جميعا في مقبرة الخيزران. وقال المرزباني: دفن بالعباسية من الجانب الشرقي في ظهر سوق السلاح من الشارع الأعظم. وقال التنوخي ورجاله: دفن ابن دريد بظهر السوق الجديدة المعروفة بمقابر العباسية من الجانب الشرقي. ومولده بالبصرة في سكة صالح في خلافة المعتصم سنة ثلاث وعشرين ومائتين، وبالبصرة تأدّب وعلم اللغة وأشعار العرب، وقرأ على علماء البصرة، ثم صار إلى عمان فأقام بها مدة، ثم صار إلى جزيرة ابن عمارة، ثم صار إلى فارس فسكنها مدة، ثم قدم بغداد فأقام بها إلى أن مات. وحدث أبو بكر ابن علي قال: أبو بكر ابن دريد بصريّ المولد ونشأ بعمان وتنقل في جزائر البحر والبصرة وفارس، وطلب الأدب وعلم العربية، وكان أبوه من الرؤساء وذوي اليسار، وورد بغداد بعد أن أسنّ فأقام بها إلى آخر عمره. وروى عن عبد الرحمن ابن أخي الأصمعي وأبي حاتم السجستاني وأبي الفضل الرياشي، وكان رأس أهل هذا العلم، وروى عنه خلق منهم أبو سعيد السيرافي وأبو عبيد الله المرزباني وأبو الفرج علي بن الحسين الأصبهاني. وله شعر كثير وروى [من] أخبار العرب وأشعارها [ما] لم يروه كثير من أهل العلم. وقال أبو الطيب اللغوي في «كتاب مراتب النحويين» عند ذكر ابن دريد «1» : هو الذي انتهى إليه [علم] لغة البصريين، وكان أحفظ الناس وأوسعهم علما وأقدرهم على شعر، وما ازدحم العلم والشعر في صدر أحد ازدحامهما في صدر خلف الأحمر وابن دريد. وتصدّر ابن دريد في العلم ستين سنة. وأول شعر قاله «2» : ثوب الشباب عليّ اليوم بهجته ... فسوف تنزعه عنّي يد الكبر الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2490 أنا ابن عشرين ما زادت ولا نقصت ... ابن ابن عشرين من شيب على خطر وكان يقال ابن دريد أشعر العلماء وأعلم الشعراء. قال الخطيب، وقال محمد بن دريد «1» : كان أول من أسلم من آبائي حمامي، وهو من السبعين راكبا الذين خرجوا مع عمرو بن العاص من عمان إلى المدينة لما بلغهم وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أدوه، وفي ذلك يقول قائلهم: وفينا لعمرو يوم عمرو كأنه ... طريد نفته مذحج والسكاسك وحدث أبو علي التنوخي قال «2» : حدثني جماعة أن ابن دريد قال: كان أبو عثمان الأشنانداني معلمي، وكان عمي الحسين بن دريد يتولى تربيتي، فكان إذا أراد الأكل استدعى أبا عثمان يأكل معه، فدخل يوما عمي وأبو عثمان يروّيني قصيدة الحارث بن حلزة التي أولها: «آذنتنا ببينها أسماء» فقال لي عمي: إذا حفظت هذه القصيدة وهبت لك كذا وكذا، ثم دعا المعلم ليأكل معه، فدخل إليه فأكلا وتحدثا بعد الأكل ساعة، فالى أن رجع المعلم حفظت «ديوان الحارث بن حلزة» بأسره، فخرج المعلم فعرّفته ذلك فاستعظمه وأخذ يعتبره عليّ فوجدني قد حفظته، فدخل إلى عمي فأخبره فأعطاني ما كان وعدني به. قال الخطيب «3» عن من رأى ابن دريد أنه قال: كان ابن دريد واسع الحفظ جدا ما رأيت أحفظ منه، وكانت تقرأ عليه دواوين العرب كلها أو أكثرها فيسابق إلى إتمامها وتحفظها، وما رأيته قط قرىء عليه ديوان شاعر إلا وهو يسابق إلى روايته لحفظه له. قال «4» : وسئل عنه الدارقطني فقال: قد تكلموا فيه. قال وقال أبو ذر عبد الله بن أحمد الهروي: سمعت ابن شاهين يقول «5» : كنا ندخل على ابن دريد ونستحي منه لما نرى من العيدان المعلّقة والشراب المصفّى الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2491 موضوع، وقد كان جاوز التسعين سنة، هذا كله من كتاب أبي بكر ابن علي. وقال أبو منصور الأزهري في مقدمة «كتاب التهذيب» : وممن ألف في زماننا الكتب فرمي بافتعال العربية وتوليد الألفاظ وإدخال ما ليس من كلام العرب في كلامها أبو بكر محمد بن دريد صاحب «كتاب الجمهرة» و «كتاب اشتقاق الأسماء» و «كتاب الملاحن» ، وقد حضرته في داره ببغداد غير مرة فرأيته يروي عن أبي حاتم والرياشي وعبد الرحمن بن أخي الأصمعي، وسألت إبراهيم بن محمد بن عرفة عنه فلم يعبأ به ولم يوثّقه في روايته، وألفيته أنا على كبر سنه سكران لا يكاد يستمرّ لسانه على الكلام من سكره. وقد تصفحت كتابه الذي أعاره اسم الجمهرة فلم أرد لا على معرفة ثاقبة ولا قريحة جيدة، وعثرت من هذا الكتاب على حروف كثيرة أنكرتها ولم أعرف مخارجها فأثبّتها في كتابي في مواقعها منه لأبحث أنا وغيري عنها. وقال أبو ذر الهروي: سمعت أبا منصور الأزهري يقول: دخلت على ابن دريد فرأيته سكران فلم أعد إليه. وقال غير أبي منصور: كان ابن دريد قد أملى «الجمهرة» في فارس، ثم أملاها بالبصرة وببغداد من حفظه، قال: فلذلك قلما تتفق النسخ وتراها كثيرة الزيادة والنقصان. ولما أملّه بفارس غلامه تعلّم من أول الكتاب، والنسخة التي عليها المعوّل هي الأخيرة، وآخر ما صحّ من النسخ نسخة أبي الفتح عبيد الله بن أحمد النحوي جخجخ لأنه كتبها من عدة نسخ وقرأها عليه. وحدث المرزباني قال، قال ابن دريد: خرجت أريد زهران بعد دخول البصرة، فمررت بدار كبيرة قد خربت فكتبت على حائطها «1» : أصبحوا بعد جميع فرقا ... وكذا كلّ جميع مفترق فمضيت ورجعت فاذا تحته مكتوب: ضحكوا والدهر عنهم صامت ... ثم أبكاهم دما حين نطق قال: وخرجنا نريد عمان في سفر لنا فنزلنا بقرية تحت نخل فإذا بفاختتين الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2492 تتزاقّان، فسنح لي أن قلت «1» : أقول لورقاوين في فرع نخلة ... وقد طفّل الإمساء أو جنح العصر وقد بسطت هاتا لتلك جناحها ... ومرّ على هاتيك من هذه النحر ليهنكما أن لم تراعا بفرقة ... وما دبّ في تشتيت شملكما الدهر فلم أر مثلي قطّع الشوق قلبه ... على أنه يحكي قساوته الصخر قال «2» : وأخبرني محمد بن الحسن بن دريد قال: سقطت من منزلي بفارس فانكسرت ترقوتي فسهرت ليلي، فلما كان في آخر الليل حملتني عيناي فرأيت في نومي رجلا طويلا أصفر الوجه كوسجا دخل عليّ وأخذ بعضادتي الباب وقال: أنشدني أحسن ما قلت في الخمر، فقلت: ما ترك أبو نواس شيئا، فقال: أنا أشعر منه، فقلت: ومن أنت؟ قال: أبو ناجية من أهل الشام، ثم أنشدني: وحمراء قبل المزج صفراء بعده ... بدت بين ثوبي نرجس وشقائق حكت وجنة المعشوق صرفا فسلطوا ... عليها مزاجا فاكتست لون عاشق فقلت له: أسأت، قال: ولم؟ قلت: لأنك قلت «وحمراء» فقدمت الحمرة ثم قلت «بدت بين ثوبي نرجس وشقائق» فقدمت الصفرة، فالا قدمتها على الأخرى كما قدمتها على الأولى؟ فقال: وما هذا الاستقصاء في هذا الوقت يا بغيض. وحدث قال: كتب ابن دريد الى أبي علي أحمد بن محمد بن رستم «3» : حجابك صعب يجبه الحرّ دونه ... وقلبي إذا سيم المذلة أصعب وما أزعجتني نحو بابك حاجة ... فأجشم نفسي رجعة حين أحجب وحدث أيضا قال: وعد أبو بكر أبا الحسين عمر بن محمد بن يوسف القاضي أن يصير إليه فقطعه المطر، فكتب إليه أبو بكر «4» : الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2493 مناويك في بذل النوال وانه ... ليعجز عن أدنى مداك ويحسر عداني عن حظّي الذي لا أبيعه ... بأنفس ما يحظى به المتخير لم الغيث فاعذر من لقاؤك عنده ... يعادل نيل الخلد بل هو أكبر فأجابه أبو الحسين: على الرّسل في برّي فقد عظم الشكر ... ولم أك ذا شكر وان جلّ ما يعرو مدائح مثل الغيث جادت عيونها ... سحاب توالى من جوانبها قطر ومن شعر أبي بكر ابن دريد «1» : عانقت منه وقد مال النعاس به ... والكأس تقسم سكرا بين جلّاسي ريحانة ضمّخت بالمسك ناضرة ... تمجّ برد الندى في حرّ أنفاسي وله يرثي عبد الله بن عمارة «2» : بنفسي ثرى ضاجعت في بيته البلى ... لقد ضمّ منك الغيث والليث والبدرا فلو أن حيا كان قبرا لميت ... لصيرت أحشائي لأعظمه قبرا ولو أن عمري كان طوع إرادتي ... وساعدني المقدار قاسمتك العمرا وما خلت قبرا وهو أربع أذرع ... يضمّ ثقال المزن والطود والبحرا وحدث الخطيب فيما أسنده إلى إسماعيل بن سويد أن سائلا جاء الى ابن دريد فلم يكن عنده غير دنّ نبيذ فوهبه له، فجاءه غلامه وأنكر عليه ذلك، فقال: أيش اعمل؟ لم يكن عندي غيره، ثم تلا قوله تعالى: لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ (آل عمران: 92) فما تم اليوم حتى أهدي له عشرة دنان، فقال الغلام: تصدقنا بواحد وأخذنا عشرة. وقال جحظة يرثيه: فقدت بابن دريد كلّ منفعة ... لما غدا ثالث الأحجار والتّرب وكنت أبكي لفقد الجود مجتهدا ... فصرت أبكي لفقد الجود والأدب الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2494 وقال محمد بن إسحاق: ولابن دريد من الكتب: كتاب الجمهرة في اللغة «1» . كتاب المجتنى «2» . كتاب الأمالي. كتاب اشتقاق أسماء القبائل. كتاب الملاحن «3» . كتاب المقتبس. كتاب المقصور والممدود. كتاب الوشاح، على حذو المحبّر لابن حبيب. كتاب الخيل الكبير. كتاب الخيل الصغير. كتاب الأنواء. كتاب السلاح. كتاب غريب القرآن، لم يتم. كتاب فعلت وأفعلت. كتاب أدب الكاتب. كتاب تقويم اللسان، على مثال كتاب ابن قتيبة ولم يجرده من المسودة فلم يخرج منه شيء يعوّل عليه. كتاب المطر «4» . وقال أبو الحسن الدريدي: حضرت وقد قرأ أبو علي ابن مقلة وأبو حفص كتاب المفضل بن سلمة الذي يردّ فيه على الخليل بن أحمد، على أبي بكر ابن دريد، فكان يقول: صدق أبو طالب، في شيء إذا مر به، وكذب أبو طالب، في شيء آخر، ثم رأيت هذا الكلام وقد جمعه أبو حفص في نحو المائة ورقة وترجمه بالتوسط. ومن شعر ابن دريد «5» : وقد ألفت زهر النجوم رعايتي ... فإن غبت عنها فهي عني تسأل يقابل بالتسليم منهنّ طالع ... ويومىء بالتوديع منهن آفل وأما مقصورة ابن دريد المشهورة فإنه قالها يمدح بها الأمير أبا العباس إسماعيل بن عبد الله بن محمد بن ميكال بن عبد الواحد بن جبريل بن القاسم بن بكر بن ديواستي، وهو سور بن سور بن سور بن سور- أربعة الملوك، ابن فيروز بن يزدجرد بن بهرام جور، قالها فيه وفي أبيه، وكان الأمير أبو العباس رئيس نيسابور ومتقدّمها. وذكر أبو علي البيهقي المعروف بالسلامي في «كتاب النتف والطرف» أن ابن الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2495 دريد صنف «كتاب الجمهرة» للأمير أبي العباس إسماعيل بن عبد الله بن ميكال أيام مقامه بفارس، فأملاه عليه إملاء ثم قال: حدثني أبو العباس الميكالي قال: أملى عليّ أبو بكر الدريدي «كتاب الجمهرة» من أوله إلى آخره حفظا في سنة سبع وتسعين ومائتين فما رأيته استعان عليه بالنظر في شيء من الكتب إلا في باب الهمزة واللفيف فإنه طالع له بعض الكتب. قال: وكفاك بها فضيلة وعجيبة أن يتمكن الرجل من علمه كل التمكن ثم لا يسلم مع ذلك من الألسن حتى قيل فيه: ابن دريد بقره ... وفيه عيّ وشره ويدّعي من حمقه ... وضع كتاب الجمهره وهو كتاب العين إ ... لا أنه قد غيره وقد ذكرت هذه الحال في أخبار أبي العباس اسماعيل بن عبد الله «1» بأبسط من هذا. وكتب ابن دريد إلى علي بن عيسى بن داود الجراح الوزير «2» : أبا حسن والمرء يخلق صورة ... تخبّر عما ضمّنته الغرائز إذا كنت لا ترجى لنفع معجّل ... وأمرك بين الشرق والغرب جائز ولم تك يوم الحشر فينا مشفّعا ... فرأي الذي يرجوك للنفع عاجز عليّ بن عيسى خير يوميك أن ترى ... وفضلك مأمول ووعدك ناجز وإني لأخشى بعد هذا بأن ترى ... وبين الذي تهوى وبينك حاجز قرأت بخط أبي سعد السمعاني من «المذيل» باسناد أن ابن دريد قال «3» : ودّعته حين لا تودّعه ... روحي ولكنها تسير معه ثم افترقنا وفي القلوب لنا ... ضيق مكان وفي الدموع سعه قال أبو هلال، أخبرنا أبو أحمد قال: كنا في مجلس ابن دريد وكان يتضجر ممن يخطىء في قراءته، فحضر غلام وضيء فجعل يقرأ ويكثر الخطأ، وابن دريد الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2496 صابر عليه، فتعجب أهل المجلس، فقال رجل منهم: لا تعجبوا فإن في وجهه غفران ذنوبه، فسمعها ابن دريد، فلما أراد أن يقرأ قال له: هات يا من ليس في وجهه غفران ذنوبه فعجبوا من صحة سمعه مع علوّ سنه. قال وقال بعضهم في مجلس ابن دريد: من يكن للظباء طالب صيد ... فعليه بمجلس ابن دريد إن فيه لأوجها قيّدتني ... عن طلاب العلا بأوثق قيد قال الرصافي: حدثنا بعض أصحابنا قال: حضرت مجلس أبي بكر ابن دريد وقد سأله بعض الناس عن معنى قول الشاعر: هجرتك لا قلى مني ولكن ... رأيت بقاء ودك في الصدود كهجر الحائمات الورد لمّا ... رأت أنّ المنية في الورود تفيض نفوسها ظمأ وتخشى ... حماما فهي تنظر من بعيد فقال: الحائم الذي يدور حول الماء ولا يصل إليه، يقال حام يحوم حياما؛ ومعنى الشعر أن الايائل تأكل الأفاعي في الصيف فتحمى فتلتهب بحرارتها وتطلب الماء، فإذا وقعت عليه امتنعت من شربه وحامت حوله تنسّمه لأنها إن شربته في تلك الحال صادف الماء السمّ الذي في جوفها فتلفت، فلا تزال تدفع بشرب الماء حتى يطول بها الزمان فيسكن ثوران السم ثم تشربه فلا يضرها. ويقال: فاظ الميت وفاضت نفسه وفاظت نفسه أيضا جائز عند الجميع إلا الأصمعي فإنه يقول فاظ الميت فإذا ذكر النفس قال فاضت نفسه بالضاد ولم يجمع بين الظاء والنفس. وحدث أبو علي المحسن، حدثني أبو القاسم الحسن بن علي بن إبراهيم بن خلاد الشاهد العكبري إمام الجامع فيها، حدثني أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد قال: كنت بعمان مع الصلت بن مالك الشاري، وكانت الشراة تدعوه أمير المؤمنين، وكانت السنة كثيرة الأمطار ودامت على الناس فكادت المنازل أن تتهدم، فاجتمع الناس وصاروا إلى الصلت وسألوه أن يدعو لهم، فأجّل بهم أن يركب من الغد الى الصحراء ويدعو، فقال لي بكرة: لتخرج معي في غد، فبت مفكّرا كيف يدعو، فلما أصبحت خرجت معه، فصلّى بهم وخطب ودعا فقال: اللهم إنك أنعمت فأوفيت، الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2497 وسقيت فأرويت، فعلى القيعان ومنابت الشجر، وحيث النفع لا الضرر. فاستحسنت ذلك منه. وقال ابن دريد في النرجس «1» : عيون ما يلمّ بها رقاد ... ولا يمحو محاسنها السهاد إذا ما الليل صافحها استهلّت ... وتضحك حين ينحسر السواد لها حدق من الذهب المصفّى ... صياغة من يدين له العباد وأجفان من الدرّ استفادت ... ضياء مثله لا يستفاد على قصب الزّبرجد في ذراها ... لأعين من يلاحظها مراد قرأت في «كتاب التحبير» «2» وهو ما أخبرنا به الشريف افتخار الدين أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل بن عبد المطلب الهاشمي إذنا، قال أبو سعد السمعاني إجازة إن لم يكن سماعا، قال: سمعت الأمير أبا نصر أحمد بن الحسين بن أحمد بن عبيد الله بن أحمد بن الميكالي يقول: تذاكرنا المتنزهات يوما وابن دريد حاضر، فقال بعضهم: أنزه الأماكن غوطة دمشق، وقال آخرون: بل نهر الأبلّة، وقال آخرون: بل سغد سمرقند، وقال بعضهم: نهروان بغداد، وقال بعضهم: شعب بوّان بأرض فارس، وقال بعضهم: نوبهار بلخ. فقال: هذه متنزهات العيون فأين أنتم عن متنزهات القلوب. قلنا وما هي يا أبا بكر؟ قال «عيون الأخبار» للقتيبي و «الزهرة» لابن داود و «قلق المشتاق» لابن أبي طاهر، ثم أنشأ يقول «3» : ومن تك نزهته قينة ... وكأس تحثّ وكأس تصب فنزهتنا واستراحتنا ... تلاقي العيون ودرس الكتب وقرأت في التاريخ الذي ألفه أبو محمد عبد الله بن أبي القاسم عبد المجيد بن شيران الأهوازي قال: وفي سنة أربع وعشرين وثلاثمائة مات أبو أحمد حجر بن أحمد الجويمي «4» ، وكان من أهل الفضل بجويم ونواحي فارس، وقد خلف القراء بها الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2498 فمدحه جماعة من الشعراء وقصده من انتفع به، ولأبي بكر ابن دريد فيه مدائح منها «1» : نهنه بوادر دمعك المهراق ... أيّ ائتلاف لم يرع بفراق حجر بن أحمد فارع الشرف الذي ... خضعت لعزته طلى الأعناق قبّل أنامله فلسن أناملا ... لكنهنّ مفاتح الأرزاق وانظر إلى النور الذي لو أنه ... للبدر لم يطبع برين محاق [1030] محمد بن الحسن بن سهل المعروف بشيلمة الكاتب: وشيلمة لقب لمحمد هذا، وأبوه الحسن بن سهل هو الوزير المعروف أخو الفضل بن سهل، مات محروقا. وكان شيلمة أولا مع العلويّ صاحب الزنج، ثم صار إلى بغداد وأومن ثم خلّط وسعى لبعض الخوارج فحرقه المعتضد حيّا وكان مصلوبا على عمود خيمة. ذكر ذلك محمد بن إسحاق وقال: له من الكتب المصنفة: كتاب أخبار صاحب الزنج. كتاب رسائله. حدثني أبو الحسن أحمد بن يوسف بن الأزرق قال حدثني أبي قال: كنت أكتب لبدر اللاني في أيام الموفق وابنه المعتضد بالله وأدخل الدار معه، فرأيت محمد بن الحسن بن سهل المعروف بشيلمة، وقد جعله كردناكا «2» ، قال قلت له: وكيف كان ذلك وما كان سببه؟ فقال: إن رجلا من أولاد الواثق كان يسكن مدينة المنصور سعى في طلب الخلافة هو وشيلمة ليستوزره، وأخذ له البيعة على أكثر أهل الحضرة من الهاشميين والقضاة والقواد والجيش وأهل بغداد والأحداث وأهل العصبية، وقوي أمره   [1030] ترجمة شيلمة في الفهرست: 141 والوافي 2: 350 وله أخبار كثيرة في تاريخ الطبري وغيره من الكتب التاريخية. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2499 وانتشر خبره، وهمّ بالظهور في المدينة والاعتصام بها، حتى إذا أخذ المعتضد صار إلى دار الخلافة، فبلغ المعتضد الخبر على شرحه إلا اسم المستخلف، فكبس شيلمة وأخذ فوجد في داره جرائد بأسماء من بايع، وبلغ الخبر الهاشميّ فهرب، وأمر المعتضد بالجرائد فأحرقت ظاهرا ولم يقف على شيء منها لئلا يفسد قلوب الجيش بوقوفه عليها لما يعتقدون من فساد نيته عليهم، وأخذ يسائل شيلمة عن الخبر فصدقه عن جميع ما جرى إلا اسم الرجل الذي يستخلف، فرفق به ليصدقه عنه فلم يفعل، فطال الكلام بينهما، فقال له شيلمة: والله لو جعلتني كردناكا ما أخبرتك باسمه قطّ، فقال المعتضد للفراشين: هاتم أعمدة الخيم الكبار الثقال، وأمر أن يشدّ عليها شدّا وثيقا وأحضروا فحما عظيما، وفرش على الطوابيق بحضرته، وأجّجوا نارا وجعل الفراشون يقلّبون تلك النار وهو مشدود على الأعمدة إلى أن مات، وأخرج من بين يديه ليدفن فرأيته على هذه الصورة. [1031] محمد بن الحسن بن رمضان النحوي: له من الكتب فيما ذكره محمد بن اسحاق: كتاب أسماء الخمر وعصيرها. كتاب الديرة. [1032] محمد بن الحسن بن محمد بن زياد بن هارون بن جعفر بن سند النقاش الشعراني الدارقطني، أبو بكر المقرىء: مات فيما ذكره الخطيب يوم الثلاثاء لثلاث خلون من شوال سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة، ومولده سنة ست وستين ومائتين. ودفن في داره بدارالقطن.   [1031] ترجمة ابن رمضان النحوي في الفهرست: 92 وانباه الرواة 3: 112 وبغية الوعاة 1: 82. [1032] ترجمة النقاش في الفهرست: 36 وتاريخ بغداد 2: 201 والمنتظم 7: 14 وابن خلكان 4: 298 وتذكرة الحفاظ: 908 ومعرفة القراء 1: 236 وسير الذهبي 15: 573 وعبر الذهبي 2: 292 وميزان الاعتدال 3: 520 والوافي 2: 345 ومرآة الجنان 2: 347 وطبقات السبكي 3: 145 والبداية والنهاية 11: 242 وطبقات ابن الجزري 2: 119 ولسان الميزان 5: 132 والشذرات 3: 8 والمقفى 5: 560. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2500 قال أبو بكر «1» : وأصله من الموصل، ويقال: إنه مولى أبي دجانة سماك بن خرشة الأنصاري، وكان حافظا للتفسير، صنّف فيه كتابا سماه «شفاء الصدور» وله تصانيف في القراءات وغيرها من العلوم، وكان قد سافر الكثير شرقا وغربا، وكتب بالكوفة والبصرة ومكة ومصر والشام والجزيرة والموصل والجبال وبلاد خراسان وما وراء النهر، وحدّث عن خلق كثير، وروى عنه أبو بكر ابن مجاهد والدارقطني وأبو حفص ابن شاهين. قال: وحدثنا عنه أبو الحسن ابن رزقويه وجماعة آخرهم أبو علي ابن شاذان، وفي حديثه مناكير بأسانيد مشهورة. قال: حدثني عبيد الله بن أبي الفتح عن طلحة بن محمد بن جعفر أنه ذكر النقاش فقال: كان يكذب في الحديث والغالب عليه القصص. قال: وسألت البرقانيّ عنه فقال: كلّ حديثه منكر. قال: وحدثني من سمع أبا بكر البرقاني وذكر تفسير النقاش فقال: ليس فيه حديث صحيح. وقال هبة الله بن الحسن الطبري وذكر تفسير النقاش فقال: ذاك إشفا الصدور وليس شفاء الصدور. هذا كله من تاريخ أبي بكر ابن علي. وقال محمد بن اسحاق: له من الكتب: كتاب الإشارة في غريب القرآن. كتاب الموضح في معاني القرآن. كتاب المناسك. كتاب فهم المناسك. كتاب أخبار القصاص. كتاب ذم الحسد. كتاب دلائل النبوة. كتاب الأبواب في القرآن. كتاب إرم ذات العماد. كتاب المعجم الأوسط. كتاب المعجم الأصغر. كتاب المعجم الأكبر في أسماء القراء وقراءاتهم. كتاب السبعة الأوسط. كتاب السبعة الأصغر. كتاب التفسير الكبير، اثنا عشر ألف ورقة. كتاب العقل. كتاب ضد العقل. حدث القاضي أبو الفرج المعافى بن زكريا النهرواني قال: أخبرنا محمد بن الحسن بن زياد النقاش المقرىء قال: لقيت رقعة قد رفع فيها إلى القاضي أبي بكر أحمد بن موسى الأنطاكي: الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2501 أيّهذا القاضي الكبير المواتي «1» ... صانك الله عن مقام الدناة أيكون القصاص في فتك لحظ ... من غزال مورّد الوجنات أم يخاف العذاب من هو صبّ ... مبتلى بالزفير والحسرات ليس إلا العفاف والصوم والنّس ... ك له زاجر عن الشبهات فأخذ الرقعة وكتب على ظهرها: يا ظريف الصنيع والآلات ... وعظيم الأشجان واللوعات ان تكن عاشقا فلم تأت ذنبا ... بل ترقيت رفعة الدرجات فلك الحقّ واجبا ان عرفنا ... من تعلّقته من الحجرات ضأن أكون الرسول جهرا إليه ... إن تنكبت موبق الشبهات ومتى أقض بالقصاص على لح ... ظ حبيب أخطىء طريق القضاة [1033] محمد بن الحسن بن جمهور القمي الكاتب أبو علي: قال أبو علي التنوخي: وكان من شيوخ أهل الأدب بالبصرة وكثير الملازمة لأبي، وحرّر لي خطي لما قويت على الكتابة لأنه كان جيد الخط حسن الترسّل كثير المصنفات لكتب الأدب، فكثرت ملازمتي له وكان يمدح أبي، فأنشدني لنفسه، وهو من مشهور شعره: إذا تمنّع صبري ... وضاق بالهجر صدري ناديت والليل داج ... وقد خلوت بفكري يا ربّ هب لي منه ... وصال يوم بعمري   [1033] ترجمة القمي في الوافي 2: 352 والقصة التي وردت هنا نقلها محقق النشوار 4: 109 (وسمّاه «العمّي» بالعين) وانظر الديارات: 266 وحكاية أبي القاسم البغدادي: 71- 75 ونشوار المحاضرة 3: 258 ووصفه بأنه صاحب ستارة مشهور بالأدب والشعر وتصنيف الكتب، وكان يكتب لغيلان بن اسماعيل وهو وال بأرجان. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2502 وأنشدني أيضا لنفسه: كثرت عندي أياديك ... فجلّ الوصف عنها فأحاطت بجميع ال ... فهم حتى لم أبنها فمتى ازددتك منها ... كنت كالناقص منها قلت أنا: وهو صاحب النوادر مع زادمهر المغنية جارته المنصورية. [1034] محمد بن الحسن بن يعقوب بن الحسن بن الحسين بن محمد بن سليمان بن داود بن عبيد الله بن مقسم، أبو بكر العطار المقرىء: ولد سنة خمس وستين ومائتين، ومات لثمان خلون من ربيع الآخر سنة أربع وخمسين وثلاثمائة، سمع أبا مسلم الكجي وثعلبا وإدريس بن عبد الكريم وغيرهم، روى عنه ابن رزقويه وابن شاذان وغيرهما، وكان ثقة من أعرف الناس بالقراءات وأحفظهم لنحو الكوفيين، وله في معاني القرآن كتاب سماه «الأنوار» وما رأيت مثله، وله عدة تصانيف، ولم يكن له عيب إلا أنه قرأ بحروف تخالف الإجماع واستخرج لها وجوها من اللغة والمعنى مثل ما ذكر في «كتاب الاحتجاج» للفراء في قوله تعالى: فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا (يوسف: 80) [فقال لو قرىء خلصوا نجباء بالباء لكان جائزا] وهذا مع كونه يخالف الاجماع بعيد من المعنى، إذ لا وجه للنجابة عند يأسهم من أخيهم، إنما اجتمعوا يتناجون. وله من هذا الجنس- من تصحيف الكلمة واستخراج وجه بعيد لها مع كونها لم يقرأ بها أحد-[كثير] . وحدث أبو بكر الخطيب قال: ومما طعن به على أبي بكر ابن مقسم أنه عمد إلى حروف من القرآن فخالف الاجماع فيها وقرأها على وجوه ذكر أنها تجوز في اللغة   [1034] ترجمة ابن مقسم في الفهرست: 35 وتاريخ بغداد 2: 206 والمنتظم وتاريخ الاسلام للذهبي وعيون التواريخ (وفيها جميعا تحت وفيات عام 354) وطبقات ابن الجزري 2: 123 وانباه الرواة 3: 100 والبداية والنهاية 11: 259 وميزان الاعتدال 3: 519 ونزهة الألباء: 199 والنجوم الزاهرة 3: 343 والشذرات 3: 16 والوافي 2: 337 وبغية الوعاة 1: 89 ولسان الميزان 5: 130. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2503 والعربية، وشاع ذلك عنه عند أهل العلم فأنكروه، وارتفع الأمر إلى السلطان فأحضره واستتابه بحضرة القراء والفقهاء، فأذعن بالتوبة وكتب محضرا بتوبته، وأثبت جماعة من حضر ذلك المجلس خطوطهم فيه بالشهادة عليه، وقيل إنه لم ينزع عن تلك الحروف، وكان يقرأ بها إلى حين وفاته. قال الخطيب «1» : وقد ذكر حاله أبو طاهر ابن أبي هاشم المقرىء صاحب ابن مجاهد في كتابه الذي سماه «كتاب البيان» فقال: وقد نبغ نابغ في عصرنا هذا فزعم أنّ كل ما صحّ عنده وجه في العربية لحرف من القرآن يوافق خطّ المصحف فقراءته جائزة في الصلاة وغيرها، فابتدع بقيله ذلك بدعة ضلّ بها عن قصد السبيل، وأورط نفسه [في] مزلة عظمت بها جنايته على الإسلام وأهله، وحاول إلحاق كتاب الله من الباطل ما لا يأتيه من بين يديه ولا من خلفه، إذ جعل لأهل الالحاد في دين الله بسيّء رأيه طريقا من بين يدي «2» أهل الحق، بتخير القراءات من جهة البحث والاستخراج بالآراء دون الاعتصام والتمسك بالأثر المفترض، وقد كان أبو بكر «3» شيخنا- نضر الله وجهه- نشله «4» عن بدعته المضلّة باستتابته منها، وأشهد عليه الحكام والشهود المقبولين عند الحكام بترك ما أوقع نفسه فيه من الضلالة، بعد أن سئل البرهان على صحّة ما ذهب إليه فلم يأت بطائل ولم يكن له حجة قوية ولا ضعيفة، فاستوهب أبو بكر رضي الله عنه تأديبه من السلطان عند توبته وإظهاره الإقلاع عن بدعته، ثم عاود في وقتنا هذا إلى ما كان ابتدعه واستغوى من أصاغر المسلمين ممن هو في الغفلة والغباوة دونه ظنّا منه أن ذلك يكون للناس دينا، وأن يجعلوه فيما ابتدعه إماما، ولن يعدو ما ضلّ به مجلسه، لأن الله تعالى قد أعلمنا أنه حافظ لكتابه من لفظ الزائغين وشبهات الملحدين بقوله تعالى: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ (الحجر: 9) وقد دخلت عليه شبهة لا تخيل بطولها وفسادها على ذي لبّ، وذلك انه قال: لما كان لخلف بن هشام وأبي عبيد وابن سعدان أن يختاروا، وكان ذلك مباحا لهم غير منكر، كان ذلك [لي] أيضا مباحا غير مستنكر، فلو كان حذا حذوهم وسلك طريقهم كان الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2504 لعمري له غير مستنكر، ولكنه سلك من الشذوذ ما لا يقول به إلا مبتدع. قال الخطيب «1» : وذكر أبو طاهر كلاما كثيرا نقلنا منه هذا المقدار وهو في كتابه مستقصى. وحدث فيما أسنده إلى أبي أحمد الفرضي قال «2» : رأيت في المنام كأني في المسجد الجامع أصلّي مع الناس، وكان ابن مقسم قد ولّى ظهره القبلة وهو يصلّي مستدبرها، فأوّلت ذلك مخالفته الأئمة فيما اختاره لنفسه من القراءات. وذكره محمد بن إسحاق فقال مات في سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة، وله من الكتب: كتاب الأنوار في تفسير القرآن. كتاب المدخل إلى علم الشعر. كتاب الاحتجاج في القراءات. كتاب في النحو كبير. كتاب المقصور والممدود. كتاب المذكر والمؤنث. كتاب الوقف والابتداء. كتاب المصاحف. كتاب عدد التمام. كتاب أخبار نفسه. كتاب مجالسات ثعلب. كتاب مفرداته. كتاب الانتصار لقراء الأمصار. كتاب الموضح. كتاب شفاء الصدور. كتاب الأوسط. كتاب اللطائف في جمع هجاء المصاحف. كتاب في قوله تعالى ومن يقتل والرد على المعتزلة. ولابن مقسم ابن يكنى أبا الحسن، وكان حفظة عالما له «كتاب عقلاء المجانين» . [1035] محمد بن الحسن بن المظفر الحاتمي، أبو علي: ذكره الخطيب في «تاريخه» فقال: روى عن أبي عمر وغيره «3» أخبارا في مجالس الأدب، قلت أنا:   [1035] ترجمة الحاتمي في الامتاع والمؤانسة 1: 135 واليتيمة 3: 103 وتاريخ بغداد 2: 214 وأنساب السمعاني 4: 8 والمنتظم 7: 205 وانباه الرواة 3: 103 والمحمدون: 203 وابن خلكان 4: 362 وعبر الذهبي 3: 40 وسير الذهبي 16: 499 والوافي 2: 343 وبغية الوعاة 1: 87 والشذرات 3: 129 (وفي سير الذهبي أن والده يسمى «الحسين» ) . الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2505 وأدرك ابن دريد وأخذ عنه، وهو من حذّاق أهل اللغة والأدب شديد العارضة، وكان مبغّضا إلى أهل العلم، فهجاه ابن الحجاج وغيره بأهاج مرّة. ومات سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة. وذكره الثعالبي في كتاب «يتيمة الدهر» فقال: محمد بن الحسن الحاتمي حسن التصرف في الشعر موف على كثير من شعراء العصر، وأبوه أيضا شاعر، وأبو علي شاعر كاتب يجمع بين البلاغة في النثر والبراعة في النظم، وله الرسالة المعروفة في وقعة الأدهم، قال: وليس يحضرني من شعره إلا بيتان: لي حبيب لو قيل لي ما تمنّى ... ما تعديته ولو بالمنون أشتهي أن أحلّ في كلّ جسم ... فأراه بلحظ تلك العيون قال: ومما اخترته لأبيه قوله من قصيدة في القادر بالله أمير المؤمنين رحمه الله، أولها: حيّ رسم الغميم تحي الغميما ... إن فقدت الهوى فحيّ الرسوما وذكر قصيدة. وذكره أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الحصري في «كتاب النورين» وذكر أشعارا في قصر الليل وطوله فقال: وقال بعض أهل العصر وهو أبو علي محمد بن الحسن الحاتمي: يا ربّ يوم سرور خلته قصرا ... كعارض البرق في أفق الدجى برقا قد كاد يعثر أولاه بآخره ... وكاد يسبق منه فجره الشفقا كأنما طرفاه طرف اتفق ال ... جفنان منه على الإطراق وافترقا قال: وقد ملح الحاتمي في وصف الثريا: وليل أقمنا فيه نعمل كأسنا ... إلى أن بدا للصبح في الليل عسكر ونجم الثريا في السماء كأنه ... على حلّة زرقاء جيب مدنّر وللحاتمي تصانيف عدة منها: كتاب حلية المحاضرة في صناعة الشعر «1» . الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2506 كتاب الموضحة في مساوي المتنبىء «1» . كتاب الهلباجة في صنعة الشعر. كتاب سر الصناعة في الشعر أيضا. كتاب الحالي والعاطل في الشعر أيضا. كتاب المجاز في الشعر أيضا. كتاب الرسالة الناجية. كتاب مختصر العربية. كتاب في اللغة لم يتم. كتاب عيون الكاتب. كتاب الشراب رسالة. كتاب منتزع الأخبار ومطبوع الأشعار. كتاب البراعة. كتاب المعيار والموازنة لم يتم. كتاب المغسل وهي الرسالة الباهرة في خصال أبي الحسن البتّي. قرأت في «كتاب الهلباجة» من تصنيفه، وهو كتاب صنفه للوزير أبي عبد الله ابن سعدان في رجل سبعه عنده وسمّى الرجل الهلباجة من غير أن يصرّح باسمه قال فيه: وقد خدمت سيف الدولة، تجاوز الله عن فرطاته، وأنا ابن تسع عشرة سنة، تميل بي سنة الصبا وتنقاد بي أريحية الشباب، بهذا العلم، وكان كلفا به علقا علاقة المغرم بأهله، منقّبا عن أسراره، ووزنت في مجلسه، تكرمة وإدناء وتسوية في الرتبة ولم تسفر خداي عن عذاريهما، بأبي علي الفارسي، وهو فارس العربية وحائز قصب السبق فيها منذ أربعين سنة، وبأبي عبد الله ابن خالويه وكان له السهم الفائز في علم العربية تصرفا في أنواعه، وتوسّعا في معرفة قواعده وأوضاعه، وبأبي الطيب اللغوي وكان كما قيل: حتف الكلمة الشرود حفظا وتيقظا، ونازعت العلماء ومدحت في مصنفاتهم، وعددت في الأفراد الذين منهم أبو سعيد السيرافي وعلي بن عيسى الرماني، وأبو سعيد المعلى وقدحه الأعلى، واتخذت بعضا ممن كان يقع الايماء إليه سخرة وأنا إذ ذاك غزير الغرارة تميد بي أسرار السرور، ويسري عليّ رخاء الاقبال، وأختال في ملاءة العز، في بلهنية من العيش وخفض من النعيم، وخطوب الدهر راقدة وأيامه مساعدة. وأنشد لنفسه في هذا الكتاب يمدح سيف الدولة: تأوبنى همّ من الليل وارد ... وعاودني من لاعج الوجد عائد فبتّ قضيض الجنب مسترجف الحشا ... كأني سقتني سمّهنّ الأساود الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2507 كأنّ القنا فيه على القرن ضاغن ... وحدّ الحسام الهندوانيّ حاقد فصمت به الاشراك وهو مقوّم ... وقومت دين المصطفى وهو مائد فلا يشفق الاسلام من سوء عثرة ... وفي الروع من آل ابن حمدان ذائد وأنشد لنفسه في هذا الكتاب أبياتا ضمنها أعجاز أبيات للنابغة وهي في «الحماسة» : لا يهنأ الناس ما يرعون من كلأ ... وما يسوقون من أهل ومن مال فقال الحاتمي: وليلة ضلّ عنها الصبح داجية ... لبستها بمطول الجري هطّال وقد رمى البين شعب الحيّ فاقتسموا ... أيدي سبا بين تقويض وترحال فناسبت أنجم الآفاق عيسهم ... «وما يسوقون من أهل ومن مال» ترى الهلال نحيلا من مطالعه ... «أمسى ببلدة لا عمّ ولا خال» والجدي كالطرف يستنّ المراح به ... «إلى ذوات الذرى حمال أثقال» والليل والصبح في غبراء مظلمة ... «هذا عليها وهذا تحتها بال» وفي هذا الكتاب لنفسه في الهلباجة الذي صنف الكتاب لأجله: لقد سخف الفعليّ لما تحذّفا ... فنكّر في تعريفه ما تعرفا ويا ربّ وجه حذّفوه لزينة ... فأصبح من قبح لصاحبه قفا وهذه مخاطبة جرت بين أبي الطيب المتنبي وبين أبي علي الحاتمي حكيتها كما وجدتها: قال أبو علي الحاتمي: كان أبو الطيب المتنبي عند وروده مدينة السلام التحف رداء الكبر، وأذال ذيول التيه، وصعّر خده، ونأى بجانبه، وكان لا يلقى أحدا إلا نافضا مذرويه، رافلا في التيه في برديه، يخيّل إليه أن العلم مقصور عليه، وأن الشعر بحر لم يغترف نمير مائه غيره، وروض لم يرع نواره سواه، فأدلّ بذلك مديدة أجرّته رسن الجهل فيها، فظلّ يمرح في ثنييه، حتى إذا تخيل أنه القريع الذي لا يقارع، والنزيع الذي لا يجارى ولا ينازع، وأنه ربّ الغلب ومالك القصب، وثقلت وطأته على أهل الأدب بمدينة السلام، فطأطأ كلّ منهم رأسه وخفض جناحه وطامن الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2508 على التسليم له جأشه، تخيل أبو محمد المهلبي أن أحدا لا يقدر على مساجلته ومجاراته، ولا يقوم لتتبعه بشيء من مطاعنه، وساء معزّ الدولة أن يرد عن حضرة عدوه رجل فلا يكون في مملكته أحد يماثله في صناعته ويساويه في منزلته، نهدت حينئذ متتبّعا عواره، ومتعقبا آثاره، ومطفيا ناره، ومهتكا أستاره، ومقلّما أظفاره، وناشرا مطاويه، وممزقا جلباب مساويه، متحينا أن نجتمع، وأجري وهو في مضمار يعرف فيه السابق من المسبوق، حتى إذا لم أجد ذلك قصدت موضعه الذي كان يحلّه في ربض حميد، فوافق مصيري إليه حضور جماعة تقرأ شيئا من شعره عليه، فحين أوذن بحضوري واستؤذن عليه لدخولي نهض عن مجلسه مسرعا، ووارى شخصه عني مستخفيا، فنزلت عن بغلة كانت تحتي ناجية وهو يراني نازلا عنها لانتهائي بها إلى أن حاذيته، فجلست في موضعه، وإذا تحته قطعة من زيلوبة مخلقة قد أكلتها الأيام وتعاورتها السنون فهي رسوم خافية وسلوك بادية، حتى إذا خرج إليّ نهضت إليه فوفيته حقّ السلام غير مشاح له في القيام، لأنه إنما اعتمد بنهوضه ألا ينهض لي عند موافاتي، وإذا هو قد لبس سبعة أقبية: كلّ قباء منها لون، وكان الوقت أحرّ أيام الصيف وأخلقها بتخفيف اللبس، فجلست وجلس، وأعرض عني ساعة لا يعيرني فيها طرفه ولا يسألني ما قصدت له، وقد كدت أتميّز غيظا، وأقبلت أسخّف رأيي في قصده، وأفنّد نفسي في التوجّه نحو مثله، ولوى عذاره عني مقبلا على تلك الزعنفة التي بين يديه: كلّ واحد يومىء إليه ويوحي بطرفه ويشير إلى مكاني بيده ويوقظه من سنة جهله، ويأبى إلا ازورارا ونفارا وجريا على شاكلة خلقه المشكلة، ثم رأى أن يثني رأسه إليّ، فوالله ما زادني على أن قال: أيش خبرك؟ قلت: أنا بخير لولا ما جنيت على نفسي من قصدك، وكلّفت قدمي في المصير إلى مثلك. ثم تحدرت عليه تحدر السيل إلى القرار وقلت له: أبن لي عافاك الله ممّ تيهك وخيلاؤك وعجبك؟ وما الذي يوجب ما أنت عليه من التجبّر والتنمّر؟ هل هاهنا نسب في الأبطح تبحبحت في بحبوحة الشرف وفرعت سماء المجد به؟ أم علم أصبحت علما يقع الايماء إليك فيه؟ هل أنت إلا وتد بقاع في شرّ البقاع وجفاء سيل بدفّاع؟ يا لله، استنّت الفصال حتى القرعى، وإني لأسمع جعجعة ولا أرى طحنا. فامتقع لونه عند سماع كلامي وعصب ريقه وجحظت عيناه وسقط في يده، وجعل يلين في الاعتذار لينا كاد يعطف عليه الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2509 عطف صفحي عنه، ثم قلت: يا هذا إن جاءك رجل شريف في نسبه تجاهلت نسبه، أو عظيم في أدبه صغّرت أدبه، أو متقدّم عند سلطانه لم تعرف موضعه، فهل العزّ تراث لك دون غيرك؟ كلا والله، لكنك مددت الكبر سترا على نقصك، وضربته رواقا دون جهلك. فعاد إلى الاعتذار، وأخذت الجماعة في تليين جانبي والرغبة إليّ في قبول عذره واعتماد مياسرته، وأنا آبى إلا استشراء واجتراء، وهو يؤكد الأقسام ويواصلها أنه لم يعرفني، فأقول: يا هذا ألم يستأذن لي عليك باسمي ونسبي؟ أما في هذه العصابة من يعرّفك بي لو كنت جهلتني؟ وهب أن ذلك كذلك، ألم ترني ممتطيا بغلة رائعة يعلوها مركب ثقيل، وبين يديّ عدة من الغلمان؟ أما شاهدت لباسي؟ أما شممت نشر عطري؟ أما راعك شيء من أمري أتميز به في نفسك من غيري؟ وهو في أثناء ما أكلمه يقول: خفّض عليك، ارفق، استأن، فأصحب جانبي بعض الإصحاب، ولان شماسي بعض الليان، وأقبل عليّ وأقبلت عليه ساعة ثم قلت: أشياء تختلج في صدري من شعرك احبّ أن أراجعك فيها. قال: وما هي؟ قلت: خبرني عن قولك: فإن كان بعض الناس سيفا لدولة ... ففي الناس بوقات لها وطبول أهكذا تمدح الملوك؟ وعن قولك: ولا من في جنازتها تجار ... يكون وداعهم نفض النعال أهكذا تؤبن أخوات الملوك [والله لو كان هذا في أدنى عبيدها لكان قبيحا] وأخبرني عن قولك: خف الله واستر ذا الجمال ببرقع ... فإن لحت حاضت في الخدور العواتق أهكذا تنسب بالمحبوبين؟ وعن قولك في هجاء ابن كيغلغ: وإذا أشار محدثا فكأنه ... قرد يقهقه أو عجوز تلطم أما كان لك في أفانين الهجاء التي تصرّفت فيها الشعراء مندوحة عن هذا الكلام الرذل الذي ينفر عنه كلّ طبع ويمجّه كل سمع؟ وعن قولك: وضاقت الأرض حتى صار هاربهم ... إذا رأى غير شيء ظنّه رجلا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2510 أفتعلم مرئيا يتناوله النظر لا يقع عليه اسم شيء؟ وما أراك نظرت إلا إلى قول جرير: ما زلت تحسب كلّ شيء بعدهم ... خيلا تكرّ عليهم ورجالا فأحلت المعنى عن جهته وعبرت عنه بغير عبارته، وعن قولك: أليس عجيبا أنّ وصفك معجز ... وأن ظنوني في معاليك تظلع فاستعرت الظلع لظنونك، وهي استعارة قبيحة، وتعجبت من غير متعجب لأن من أعجز وصفه لم يستنكر قصور الظنون وتحيرها في معاليه، وإنما نقلته- وأفسدته- من قول أبي تمام: ترقّت مناه طود عزّ لو ارتقت ... به الريح فترا لانثنت وهي ظالع وعن قولك تمدح كافورا: فإن نلت ما أملت منك فربما ... شربت بماء يعجز الطير ورده إنها مدح أو ذم؟ قال: مدح، قلت: انك جعلته بخيلا لا يوصلك إلى خيره من جهته، وشبهت نفسك في وصولك إلى ما وصلت إليه منه بشربك من ماء يعجز الطير ورده لبعده وترامي موضعه. وأخبرني أيضا عن قولك في صفة كلب وظبي: فصار ما في جلده في المرجل ... فلم يضرنا معه فقد الأجدل فأيّ شيء أعجبك من هذا الوصف: أعذوبة عبارته أم لطف معناه؟ أما قرأت رجز ابن هانىء وطرد ابن المعتز؟ أما كان هناك من المعاني التي ابتدعها هذان الشاعران وغرر المعاني التي اقتضباها ما تتشاغل به عن بنيّات صدرك هذه؟ وألا اقتصرت على ما في أرجوزتك هذه من الكلام السليم ولم تسفّ إلى هذه الألفاظ القلقة والأوصاف المختلقة. فأقبل عليّ ثم قال: أين أنت من قولي: كأن الهام في الهيجا عيون ... وقد طبعت سيوفك من رقاد وقد صغت الأسنة من هموم ... فما يخطرن إلا في فؤاد الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2511 وأين أنت من قولي في صفة جيش: في فيلق من حديد لو رميت به ... صرف الزمان لما دارت دوائره وأين أنت من قولي: لو تعقل الشجر التي قابلتها ... مدّت محيّية إليك الأغصنا وأين أنت من قولي: أينفع في الخيمة العذّل ... ويشمل من دهره يشمل وما اعتمد الله تقويضها ... ولكن أشار بما تفعل وفيها أصف كتيبة: وملمومة زرد ثوبها ... ولكنها بالقنا مخمل وأين أنت عن قولي: الناس ما لم يروك أشباه ... والدهر لفظ وأنت معناه والجود عين وأنت ناظرها ... والبأس باع وفيك يمناه أما يلهيك إحساني في هذه عن إساءتي في تلك؟ قلت: ما أعرف لك إحسانا في جميع ما ذكرته، إنما أنت سارق متبع وآخذ مقصر، وفي ما تقدم من هذه المعاني التي ابتكرها أصحابها مندوحة عن التشاغل بقولك. فأما قولك: كأن الهام في الهيجا عيون ... (البيت) فهو منقول من بيت منصور النمري: فكأنما وقع الحسام بهامه ... خدر المنية أو نعاس الهاجع وأما قولك «في فيلق» ... (البيت) فنقلته نقلا لم تحسن فيه، من قول الناجم: ولي في حامد أمل بعيد ... ومدح قد قدمت به طريف مديح لو مدحت به الليالي ... لما دارت عليّ به صروف والناجم إنما نظمه من قول ارسطاطاليس «قد تكلمت بكلام لو مدحت به الدهر لما دارت عليّ صروفه» . وأما قولك «لو تعقل الشجر التي قابلتها» ... (البيت) فهذا معنى متداول تساجلته الشعراء وأكثرت فيه، فمن ذلك قول الفرزدق: الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2512 يكاد يمسكه عرفان راحته ... ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم ثم تكرر في أفواه الشعراء إلى أن قال أبو تمام: لو سعت بقعة لإعظام أخرى ... لسعى نحوها المكان الجديب وأخذه البحتري فقال: لو أن مشتاقا تكلّف غير ما ... في وسعه لمشى إليك المنبر وأما قولك «وما اعتمد الله تقويضها» فقد نظرت فيه إلى قول رجل مدح بعض الأمراء بالموصل، وقد كان عزم على السير فاندق لواؤه فقال: ما كان مندقّ اللواء لريبة ... تخشى ولا أمر يكون مزيّلا لكن لأنّ العود ضعّف متنه ... صغر الولاية فاستقلّ الموصلا وأما قولك «وملمومة زرد ثوبها» فمن قول أبي نواس: أمام خميس أرجوان كأنه ... قميص محوك من قنا وجياد وأما قولك «الناس ما لم يروك أشباه» فمن قول علي بن نصر بن بسام في عبيد الله بن سليمان يرثيه: قد استوى الناس ومات الكمال ... وصاح صرف الدهر أين الرجال هذا أبو القاسم في نعشه ... قوموا انظروا كيف تزول الجبال فقوله «قد استوى الناس ومات الكمال» هو قولك «الناس ما لم يروك أشباه» ، فقال بعض من حضر: ما أحسن قوله «قوموا انظروا كيف تزول الجبال» فقال أبو الطيب: اسكت ما فيه من حسن، ألم يسرقه من قول النابغة الذبياني: يقولون حصن ثم تأبى نفوسهم ... وكيف بحصن والجبال جنوح فقال الحاتمي: فقلت قد سرقه النابغة من أوس حين قال: ألم تكسف الشمس شمس النها ... ر والبدر للقمر الواجب لفقد فضالة لا تستوي ال ... فقود ولا خلّة الذاهب قلت: والله لئن كان أخذه فقد أحسن وأخفى الأخذ. فقال الرجل: أجل، فقال المتنبي: يا محسّد، خذ بيده وأخرجه- يريد بمحسد ابنه- فوقفت إلى ان تركه. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2513 ثم قلت له: وأما قولك «والدهر لفط وأنت معناه» فمنقول من قول الأخطل إن كان البيت له في عبد الملك بن مروان: وان أمير المؤمنين وفعله ... لكالدهر لا عار بما فعل الدهر وقد قال جرير حين قال له الفرزدق: فإني أنا الموت الذي هو نازل ... بنفسك فانظر كيف أنت تجاوله وقال جرير: أنا الدهر يفني الموت والدهر خالد ... فجئني بمثل الدهر شيئا يطاوله ثم قلت له: أترى أن جريرا أخذ قوله «يفني الموت» من أحد وان أحدا شركه في إفناء الموت؟ ففكر طويلا ثم قال: لا، قلت: بلى عمران بن حطان حيث يقول: لن يعجز الموت شيء دون خالقه ... والموت فان إذا ما ناله الأجل وكلّ كرب أمام الموت متضع ... بالموت والموت فيما بعده جلل فأمات الموت وأحياه وما سبقه إلى ذلك أحد. ثم قلت له: أترى أن البيت المتقدم الذي يقول فيه «لكالدهر لا عار بما فعل الدهر» مأخوذ من أحد؟ فأطرق هنيهة ثم قال: وما تصنع بهذا؟ قلت: يستدل على موضعك ومواضع أمثالك من سرقة الشعر. فقال: الله المستعان «أساء سمعا فأساء جابة» ما أردت ما ذهبت إليه، قلت: فانه أخذه من قول النابغة وهو أول من ابتكره: وعيّرتني بنو ذبيان خشيته ... وما عليّ بأن أخشاك من عار ثم أخذه أبو تمام فأحسن بقوله: خشعوا لصولتك التي هي فيهم ... كالموت يأتي ليس فيه عار قال: ومن أبو تمام؟ قلت: الذي سرقت شعره فأنشدته، قال: هذه خلائق السفهاء لا خلائق العلماء، قلت: أجل أنت سفهت رأيي ولم يكن سفيها، ألست القائل: ذي المعالي فليعلون من تعالى ... هكذا هكذا وإلا فلا لا شرف ينطح الثريا بروقي ... هـ وفخر يقلقل الأجبالا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2514 قال: بلى، قلت: فإنك أخذت البيت الأول من بيت بكر بن النطاح: يتلقى الندى بوجه حييّ ... وصدور القنا بوجه وقاح هكذا هكذا تكون المعالي ... طرق الجدّ غير طرق المزاح وأخذت البيت الثاني فأفسدته من قول أبي تمام: همة تنطح الثريا وجدّ ... آلف للحضيض فهو حضيض قال: وبأيّ شيء أفسدته؟ قلت: بأن جعلت للشرف قرنا، قال: وأنى لك بذلك؟ قلت: ألم تقل «ينطح السماء بروقيه» والروقان القرنان. قال: أجل إنما هي استعارة، قلت: نعم هي استعارة خبيثة. قال: أقسمت غير محرج في قسمي أنني لم أقرأ شعرا قط لأبي تمامكم هذا، فقلت: هذه سوءة لو سترتها كان أولى، قال: السوءة قراءة شعر مثله، أليس هو الذي يقول: خشنت عليه أخت بني خشين ... وأنجح فيك قول العاذلين والذي يقول: لعمري لقد حرّرت يوم لقيته ... لو أن القضاء وحده لم يبرّد والذي يقول: تكاد عطاياه يجنّ جنونها ... إذا لم يعوّذها بنغمة طالب والذي يقول: تسعون ألفا كآساد الشرى نضجت ... أعمارهم قبل نضج التين والعنب والذي يقول: ولّى ولم يظلم وهل ظلم امرؤ ... حثّ النجاء وخلفه التنين والذي يقول: فضربت الشتاء في أخدعيه ... ضربة غادرته عودا ركوبا والذي يقول: كانوا رداء زمانهم فتصدعوا ... فكأنما لبس الزمان الصوفا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2515 والذي يقول: أقول لقرحان من البين لم يضف ... رسيس الهوى بين الحشا والترائب ما «قرحان البين» أخرس الله لسانه؟ فأحفظني ذلك وقلت: يا هذا من أدلّ الدليل على أنك قرأت شعر هذا الرجل تتبعك مساويه، فهل في الدلالة على اختلاقك إنكاره أوضح مما ذكرته؟ وهل يصم أبا تمام أو يسمه بميسم النقيصة ما عددته من سقطاته وتخونته من أبياته؟ وهو الذي يقول في النونية: نوالك ردّ حسّادي فلولا ... وأصلح بين أيامي وبيني فهلا اغتفرت الأول لهذا البيت الذي لا يستطيع أحد أن يأتي بمثله، وأما قوله: تسعون ألفا كآساد الشرى نضجت ... أعمارهم قبل نضج التين والعنب فلهذا البيت خبر لو استقريت صحفه لأقصرت عمن تناولته بالطعن فيه. ثم قصصت الخبر وقلت: في هذه القصيدة ما لا يستطيع أحد من متقدمي الشعراء وأمراء الكلام وأرباب الصناعة أن يأتي بمثله. قال: وما هو؟ قلت: لو قال قائل إن أحدا لم يبتدىء بأوجز ولا أحسن ولا أخصر من قوله: السيف أصدق إنباء من الكتب ... في حدّه الحدّ بين الجد واللعب لما عنف في ذلك. وفيها يقول: رمى بك الله برجيها فهدّمها ... ولو رمى بك غير الله لم يصب وفيها يقول: لما رأى الحرب رأي العين توفلس ... والحرب مشتقة المعنى من الحرب وفيها يقول: فتح تفتّح أبواب السماء له ... وتبرز الأرض في أبرادها القشب وفيها يقول: بكر فما افترعتها كفّ حادثة ... ولا ترقّت إليها همة النوب وفيها يقول: غادرت فيها بهيم الليل وهو ضحى ... يشلّه وسطها صبح من اللهب الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2516 حتى كأن جلابيب الدجى رغبت ... عن لونها وكأن الشمس لم تغب وفيها يقول: أجبته معلنا بالسيف منصلتا ... ولو أجبت بغير السيف لم تجب وأما قوله «أقول لقرحان من البين» فانه يريد رجلا لم يقطعه أحبابه ولم يبينوا عنه قبل ذلك، وإذ كانت حاله كذلك كان موقع البين أشدّ عليه وأفتّ في عضده، والأصل في هذا أن القرحان الذي لم يجدر قط، وقد قال جرير: وكنت من زفرات البين قرحانا وفي هذه القصيدة من المعاني الرائعة والتشبيهات الواقعة والاستعارات البارعة ما يغتفر معه هذا البيت وأمثاله، على أنّا أبنّا عن صحة معناه وعن أمثاله، فمن ذلك: إذا العيس لاقت بي أبا دلف فقد ... تقطّع ما بيني وبين النوائب يرى أقبح الأشياء أوبة آمل ... كسته يد المأمول حلّة خائب وأحسن من نور يفتّحه الندى ... بياض العطايا في سواد المطالب وقد علم الأفشين وهو الذي به ... يصان رداء الملك عن كل جاذب بأنك لما استحنك النصر واكتسى ... أهابي تسفى في وجوه التجارب تجللته بالرأي حتى رأيته ... به ملء عينيه مكان العواقب بأرشق إذ سالت عليهم غمامة ... جرت بالعوالي والعتاق الشوازب ولو كان يفنى الشعر أفناه ما قرت ... حياضك منه في العصور الذواهب ولكنه فيض العقول إذا انجلت ... سحائب جود أعقبت بسحائب فبهره مما أوردته ما قصّر عنان عبارته، وحبس بنيات صدره، وعقل عن الإجابة لسانه، وكاد يشغب لولا ما تخوفه من عاقبة شغبه، وعرفه من مكاني في تلك الأيام، وأن ذلك لا يتم له، فما زاد على أن قال: قد أكثرت من أبي تمام لا قدس الله أبا تمام وذويه. قلت: ولا قدس السارق منه والواقع فيه. ثم قلت له: ما الفرق في كلام العرب بين التقديس والقدّاس والقداس والقادس، فقال: وأيش غرضك في هذا؟ فقلت: المذاكرة، فقال: بل المهاترة، الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2517 ثم قال: التقديس التطهير في كلام العرب، ولذلك سمي القدس قدسا لأنه يشتمل على الذي به الطهور، وكل هذه الأحرف تؤول إليه، فقلت له: ما أحسبك أنعمت النظر في شيء من علوم العرب، ولو تقدمت منك مطالعة لها لما استجزت أن تجمع بين معاني هذه الكلمات مع تباينها، وذلك لأن القدّاس بتشديد الدال حجر يلقى في البئر ليعلم به غزارة مائها من قلته، حكى ذلك ابن الأعرابي، والقداس الجمان، حكى ذلك الخليل واستشهد بقوله [كنظم جمان سلكه متقطع. والقادس السفينة، قال الشاعر بصف ناقة:] وتهفو بهاد لها متلع ... كما اقتحم القادس الأردمونا فلما علوته بالكلام قال: يا هذا مسلّمة إليك اللغة. قلت: وكيف تسلمها وأنت أبو عذرتها، ومن نصابها وسرها، وأولى الناس بالتحقق بها والتوسع في اشتقاقها والكلام على أفانينها، وما أحد أولى بأن يسأل عن لغته منك. فشرعت الجماعة الحاضرة في إعفائه وقبول عذره والتوطيء له، وقال كل منهم: أنت أولى بالمراجعة والمياسرة لمثل هذا الرجل من كل أحد. وكنت قد بلغت شفاء نفسي، وعلمت أن الزيادة على الحدّ الذي انتهيت إليه ضرب من البغي لا أراه في مذهبي، ورأيت له حقّ القدمة في صناعته، فطأطأت له كتفي، واستأنفت جميلا من وصفه، ونهضت فنهض لي مشيّعا الى الباب حتى ركبت، وأقسمت عليه أن يعود إلى مكانه، وتشاغلت بقية يومي بشغل عنّ لي تأخرت معه عن حضرة المهلبي، وانتهى إليه الخبر وأتتني رسله ليلا فأتيته فأخبرته بالقصة على الحال، فكان من سروره وابتهاجه بما جرى ما بعثه على مباكرة معز الدولة، قال له: أعلمت ما كان من فلان والمتنبي؟ قال: نعم قد شفا منه صدورنا. [1036] محمد بن الحسن الزبيدي الاشبيلي أبو بكر، النحوي اللغوي: سكن   [1036] ترجمة الزبيدي في ابن الفرضي 2: 89 وجذوة المقتبس: 43 (وبغية الملتمس رقم: 80) وانباه الرواة 3: 108 والمحمدون: 73 والمغرب 1: 250 وابن خلكان 4: 372 وعبر الذهبي 3: 12 وسير الذهبي 16: 417 والوافي 2: 351 ومرآة الجنان 2: 409 والبلغة: 218 وبغية الوعاة 1: 84 والشذرات 3: 94. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2518 قرطبة من بلاد الأندلس وأخذ عن أبي [علي] إسماعيل القالي، واعتمد عليه الحكم ابن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن الحكم بن هشام بن عبد الرحمن بن هشام بن عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس (والحكم هو المتغلب على بلاد الغرب المتلقب بالمستنصر) في تعليم ولده. مات الزبيدي باشبيلية في جمادى الأولى سنة تسع وسبعين وثلاثمائة، كذا ذكر ابن بشكوال، وقال الحميدي: توفي قريبا من سنة ثمانين وثلاثمائة. وروى عنه غير واحد منهم ابنه أبو الوليد محمد وابراهيم بن محمد الافليلي النحوي وغيرهما. والزبيدي نسبة إلى زبيد بن صعب بن سعد العشيرة، رهط عمرو بن معد يكرب الزبيدي. وقد ذكره الحميدي في كتابه في باب الحسن بن عبد الله بن مذحج بن محمد بن عبيد الله بن بشير بن أبي ضمرة بن ربيعة بن مذحج الزبيدي، سمع بالأندلس من عبيد الله بن يحيى بن يحيى الليثي ومن غيره ورحل وسمع، وكانت وفاته بالأندلس قريبا من سنة عشرين وثلاثمائة، وقد سمعت من يقول إنه والد أبي بكر محمد بن الحسن الزبيدي النحوي مؤلف «كتاب الواضح» ويشبه أن يكون ذلك [كذلك] والله أعلم. قال الحميدي: أبو بكر الزبيدي من الأئمة في اللغة والعربية ألف في النحو كتابا سماه كتاب الواضح. واختصر كتاب العين اختصارا حسنا. وله كتاب في أبنية سيبويه. وله كتاب ما يلحن فيه عوام الأندلس. وكتاب طبقات النحويين «1» . قال المؤلف: وقد نقلت الى كتابي هذا ما نسبته اليه. وبلغني أن أهل الغرب يتنافسون في كتبه خصوصا كتابه الذي اختصره من «كتاب العين» لأنه أتمه باختصاره وأوضح مشكله وزاد فيه ما عساه كان مفتقرا إليه. وله غير ما ذكرناه من التصانيف في كل نوع من الأدب. قال الحميدي: وكان شاعرا كثير الشعر، أخبرنا أبو عمر ابن عبد البر قال: كتب الزبيدي الى أبي مسلم ابن فهد: أبا مسلم إنّ الفتى بجنانه ... ومقوله لا بالمراكب واللبس الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2519 وليس ثياب المرء تغني قلامة ... إذا كان مقصورا على قصر النفس وليس يفيد العلم والحلم والحجى ... أبا مسلم طول القعود على الكرسي قال، وقال أبو محمد علي بن أحمد: كتب الوزير أبو الحسن جعفر بن عثمان المصحفي إلى صاحب الشرطة أبي بكر محمد بن الحسن الزبيدي [كتابا فيه: «فاضت نفسه» بالضاد، فجاوبه الزبيدي] بمنظوم بيّن له فيه الخطأ دون تصريح وهو: قل للوزير السنيّ محتده ... لي ذمة منك أنت حافظها عناية بالعلوم معجزة ... قد بهظ الأولين باهظها يقرّ لي عمرها ومعمرها ... فيها ونظّامها وجاحظها قد كان حقا قبول حرمتها ... لكنّ صرف الزمان لافظها وفي خطوب الزمان لي عظة ... لو كان يثني النفوس واعظها ان لم تحافظ عصابة نسبت ... إليك قدما فمن يحافظها لا تدعن حاجتي مطرّحة ... فإن نفسي قد فاظ فائظها فأجابه المصحفي: خفّض فواقا فأنت أوحدها ... علما ونقّابها وحافظها كيف تضيع العلوم في بلد ... أبناؤه كلّهم يحافظها ألفاظهم كلّها معطلة ... ما لم يعوّل عليك لا فظها من ذا يساويك ان نطقت وقد ... أقرّ بالعجز عنك جاحظها علم ثنى العالمين عنك كما ... ثنى سنا الشمس من يلاحظها فقد أتتني فديت شاغلة ... للنفس أن قلت فاظ فائظها فأوضحنها نفز بنادرة ... قد بهظ الأولين باهظها فأجابه الزبيدي وضمّن الشعر الشاهد على ذلك: أتاني كتاب من كريم مكرّم ... فنفّس عن نفس تكاد تفيظ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2520 فسرّ جميع الأولياء وروده ... وسيء رجال آخرون وغيظوا لقد حفظ العهد الذي قد أضاعه ... لديّ سواه والكريم حفيظ وباحث عن «فاظت» وقبلي قالها ... رجال لديهم في العلوم حظوظ روى ذاك عن كيسان سهل وأنشدوا ... مقال أبي الغيّاظ وهو مغيظ «فلا حفظ الرحمن روحك حية ... ولا هي في الأرواح حين تفيظ» «1» قال الحميدي قال لي أبو محمد: وقد يقال فاضت نفسه بالضاد، ذكر ذلك يعقوب بن السكيت في «كتاب الألفاظ» له. قال: وله وقد استأذن الحكم المستنصر في الرجوع إلى اشبيلية فلم يأذن له، فكتب إلى جارية له هناك تدعى سلمى: ويحك يا سلم لا تراعى ... لا بد للبين من زماع لا تحسبيني صبرت إلا ... كصبر ميت على النزاع ما خلق الله من عذاب ... أشدّ من وقفة الوداع ما بينها والحمام فرق ... لولا المناحات والنواعي إن يفترق شملنا وشيكا ... من بعد ما كان ذا اجتماع فكلّ شمل الى افتراق ... وكل شعب إلى انصداع وكلّ قرب إلى بعاد ... وكل وصل الى انقطاع قال المؤلف: هذا آخر ما كتبنا من كتاب الحميدي وهو الذي وجدناه فيه من خبره. [1037] محمد بن الحسن المذحجي أبو عبد الله، يعرف بابن الكتاني: ذكره   [1037] ترجمة ابن الكتاني في جذوة المقتبس: 45 (بغية الملتمس رقم: 81) وطبقات صاعد: 82 وعيون الانباء 2: 45 والوافي 3: 16 (2: 348) والتكملة: 383 والذيل والتكملة 6: 160 والذخيرة 3/1: 112، 318- 320 ومقدمة كتاب التشبيهات له. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2521 الحميدي في «تاريخ الأندلس» وقال: له مشاركة قوية في علم الأدب والشعر، وله تقدم في علوم الطب والمنطق والكلام في الحكم ورسائل في كل ذلك وكتب معروفة، مات بعد الأربعمائة، وله «كتاب محمد وسعدى» مليح في معناه. ومن شعره: ألا قد هجرنا الهجر واتصل الوصل ... وبانت ليالي البين واشتمل الشمل فسعدى نديمي والمدامة ريقها ... ووجنتها روضي وقبلتها النقل ومنه أيضا: نأيت عنكم بلا صبر ولا جلد ... وصحت واكبدي حتى مضت كبدي أضحى الفراق رفيقا لي يواصلني ... بالبعد والشجو والأحزان والكمد وبالوجوه التي تبدو فأنشدها ... وقد وضعت على قلبي يدي بيدي إذا رأيت وجوه الطير قلت لها ... لا بارك الله في الغربان والصّرد [1038] محمد بن الحسن الجبلي النحوي: ذكره الحميدي في «تاريخه» أيضا، وهو أديب شاعر كثير القول كان يقرأ عليه الأدب؛ أنشدني لنفسه: وما الإنس بالإنس الذي عهدتهم ... بأنس ولكن فقد أنسهم أنس إذا سلمت نفسي وديني منهم ... فحسبي أن العرض مني لهم ترس قال ابن ماكولا: قتل سنة خمس وأربعمائة، وقال لي الحميدي: تركته حيا. [1039] محمد بن الحسن البرجي الأديب الأصفهاني: قال ابن منده: مات في محرم سنة ثمان وأربعين وأربعمائة.   [1038] ترجمة الجبلي في جدوة المقتبس: 47 (بغية الملتمس رقم: 85) والمحمدون: 211 وانباه الرواة 3: 110 وبغية الوعاة 1: 90. [1039] لم أجد له ترجمة. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2522 [1040] محمد بن الحسن بن محمد بن علي بن حمدون غرس الدولة أبو نصر المنشىء الأديب: من كتاب الانشاء ببغداد له ترسل وشعر، توفي سنة خمس وأربعين وخمسمائة، وهو أخو محمد بن الحسن صاحب التذكرة وذاك لقبه أبو المعالي وهذا لقبه أبو نصر. وكتب في الديوان في أوائل سنة ثلاث عشرة وخمسمائة إلى أن توفي. وكان منفردا بالمهمات، ولم يثبت رسائله لأنها كانت تنثال عليه انثيالا ويكتبها ارتجالا، وله: كتاب رسائل: وتاريخ الحوادث. [1041] محمد بن الحسين بن محمد بن الحسين بن عبد الوارث، أبو الحسين الفارسي النحوي، ابن أخت أبي علي الفارسي: أخذ عن خاله علم العربية، وطوّف الآفاق ورجع إلى الوطن، وكان خاله أوفده على الصاحب ابن عباد إلى جهة الري فارتضاه وأكرم مثواه، ثم تقرب أبو الحسين ولقي الناس في انتقاله، وورد خراسان ونزل بنيسابور دفعات وأملى بها من الأدب والنحو ما سارت به الركبان، وآل أمره إلى أن وزر للأمير شاد غرسي ستان ثم اختصّ بالأمير اسماعيل بن سبكتكين بغزنة ووزر   [1040] ذكره ياقوت في الترجمة رقم: 127 حين قال: «وبينه وبين محمد بن الحسن بن حمدون مكاتبات كتبناها في ترجمته؛ وفي ختام الجزء السادس من تجزئة مرغوليوث، وعد أن ما يجيء في الجزء التالي هو ترجمة غرس الدولة ابن حمدون، وهو مما استدركه مصطفى جواد؛ وغرس الدولة أخو صاحب التذكرة وله ترجمة في ابن خلكان 4: 382 والوافي 2: 358 والفوطي 4/2: 1161 ولقبه عنده «غرس الدين» . وما أثبته هنا منقول عن الوافي. وكتب صاحب الأصل الموجود عندنا. تم المجلد الثالث من كتاب معجم أهل الأدب والحمد لله رب العالمين وصلاته على سيد المرسلين محمد النبي وآله الطاهرين وصحبه أجمعين. ويتلوه إن شاء الله تعالى في أول الرابع محمد بن الحسن بن محمد بن علي بن حمدون الملقب بغرس الدولة أبو نصر المنشىء صاحب الرسائل. فرغ من نقله وما قبله من الأجزاء الفقير إلى عفو الله ومسامحته لؤلؤ بن عبد، عتيق السعيد الشهيد شرف الدين أبي الفضل محمد بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد بن أحمد بن محمد الطاوس العلوي الحسني في أواخر صفر، ختم بالخير، من سنة تسع وسبعين وستمائة هلالية ببغداد. [1041] ترجمة أبي الحسين الفارسي في انباه الرواة 3: 116 ونزهة الألباء: 235 والوافي 3: 9 وبغية الوعاة 1: 94 وأورد له الصفدي شعرا غير الذي ورد هنا. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2523 له، ثم عاد إلى نيسابور، ثم توجه إلى مكة وجاور بها، ثم عاد إلى غزنة ورجع إلى نيسابور، ثم انتقل إلى اسفراين، ثم استوطن جرجان إلى أن مات، وقرأ عليه أهلها: منهم عبد القاهر الجرجاني، وليس له أستاذ سواه. وللصاحب ابن عباد مكاتبات إليه مدونة، وله تصانيف منها كتاب الهجاء. وكتاب الشعر، مات سنة احدى وعشرين وأربعمائة، ومن شعره: ولا غصن إلا ما حواه قباؤه ... ولا دعص إلا ما خبته مآزره وأمضى من السيف المنوط بخصره ... إذا شيم سيف تنتضيه محاجره [1042] محمد بن الحسين بن محمد الطبري النحوي يعرف بابن نجدة: مشهور في أهل الأدب، وله خطّ مرغوب فيه قرأ على الفضل بن الحباب الجمحي أبي خليفة. ومن شعره: شفاء العمى حسن السؤال وانما ... يطيل العمى طول السكوت على الجهل فكن سائلا عما عناك فانما ... خلقت أخا عقل لتسأل بالعقل [1043] محمد بن حمد بن محمد بن عبد الله بن محمود بن فورّجه- بضم الفاء وسكون الواو وتشديد الراء المفتوحة وفتح الجيم- البروجردي: أديب فاضل مصنّف، له كتاب الفتح على أبي الفتح، والتجني على ابن جني، يردّ فيه على أبي الفتح ابن جني في شرح شعر المتنبي، ومولده في ذي الحجة سنة ثلاثين وثلاثمائة، كان موجودا سنة خمس وخمسين وأربعمائة ومن شعره:   [1042] ترجمة ابن نجدة في الوافي 2: 376 وبغية الوعاة 1: 94. [1043] ترجمة ابن فورجة في تتمة اليتيمة 1: 123 والوافي 3: 24 والفوات 3: 344 وبغية الوعاة 1: 96 والبلغة: 74 وانباه الرواة 1: 334 (واسمه حمد بن محمد) وقد طبع له كتاب باسم الفتح على أبي الفتح تحقيق عبد الكريم الدجيلي (بغداد: 1974) . الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2524 أيها القاتلي بعينيه رفقا ... إنما يستحقّ ذا من قلاكا أكثر اللائمون فيك عتابي ... أنا واللائمون فيك فداكا إن لي غيرة عليك من اسمي ... إنه دائما يقبّل فاكا [1044] محمد بن حيويه بن المؤمل الوكيل، أبو بكر بن أبي روضة الكرجي النحوي: روى عن إبراهيم بن الحسين ومحمد بن المغيرة السكري من أهل همذان، وروى عنه كامل بن أحمد النحوي وأبو الحسن ابن الصباح وأبو سعد عبد الرحمن بن محمد الادريسي السمرقندي الحافظ وقال: لا أعتمد عليه وقد تكلّموا فيه وليس عندهم بذاك، وسئل عن سنه فقال: مائة واثنتا عشرة سنة، ومات سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة. [1045] محمد بن خلصة أبو عبد الله الشذوني النحوي نزيل دانية: كان كفيفا من كبار النحاة والشعراء، أخذ عن ابن سيده وبرع في اللغة والنحو، وشعره مدون، توفي سنة سبعين وأربعمائة أو ما قبلها ... ومن شعره: تغرهم بك والآمال كاذبة ... ما جمعوا لك من خيل ومن خول وما يصمم عظما كل ذي شطب ... ولا يقوم بخصل كلّ ذي خصل مكنت حزمك من حيزوم مكرهم ... وقد تصاد أسود الغيل بالغيل   [1044] ترجمة أبي بكر الكرجي في تاريخ بغداد 5: 233 والوافي 3: 34 (وجعل وفاته 374) وبغية الوعاة 1: 99. [1045] ذكره الصفدي في الوافي 3: 42 وقال إن ياقوتا طوّل في ايراد ترسله وشعره في معجم الأدباء وأورد له مراسلات كتبها إلى وزراء الموصل ونقيبها؛ وانظر بغية الوعاة 1: 100 وترجمته في الذخيرة 3/1: 322 وجذوة المقتبس: 51 (وبغية الملتمس رقم: 111) والتكملة: 395 ونكت الهميان: 248 والمسالك 11: 45 ونفح الطيب 4: 100، 156 والمغرب 2: 393 والمحمدون: 309 والخريدة 2: 92 وانباه الرواة 3: 125؛ ولا بد من التمييز بين ابن خلصة هذا وبين ابن خلصة آخر اسمه محمد بن عبد الرحمن بن أحمد ووفاته سنة 521 (وما أوردته هنا من الوافي والجذوة) . الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2525 ومنه: ملك إذا استبقت الأيام باقية ... ممن أبادته أو جادت بمعتقب طوى الجناح على كسر به حسدا ... كسرى وعاد أبا كرب أبو كرب ومنه: بنفسي وقلّت ظعنهم مستقلة ... وللقلب إثر الواخدات بهم وخد يحفّ سنا الأقمار فيهم سنا الظبا ... وشهد اللمى الماذيّ ماذية حصد فمن غرب ثغر دونه غرب مرهف ... ومن ورد خدّ دونه أسد ورد وذكر الحميدي أنه رآه بعد الأربعين بدانية، وأورد له من شعره: أمدنف نفس ذو هوى أم جليدها ... غداة غدت في حلبة البين غيدها وقد كنفت منهنّ أكناف منعج ... عباديد سادات الرّجال عبيدها تبادرن أستار القباب كما بدت ... بدور ولكنّ البروج عقودها تخدّ بألحاظ العيون خدودها ... وترهب أن تنقدّ لينا قدودها فيا لدماء الأسد تسفكها الدّمى ... وللصّيد من عفر الظباء تصيدها وفوق الحشايا كلّ مرهفة الحشا ... حشت كبدي نارا بطيئا خمودها تحلّ لوى خبت وقلبي محلّها ... وتخلبني غدرا وقلبي وحيدها لئن زعموا أنّى سلوت لقد بدت ... دلائل من شكواي عدل شهودها نحول كرقراق السحاب وعبرة ... كما انهملت غرّ السحاب وسودها تغيض ولوعات الفراق تمدّها ... وتنقص والشّجو الأليم يزيدها لتفدك أكباد ظماء أجفّها ... هواك وأجفان جفاها هجودها ومهجة صبّ لم تزل صبة بها ... يد الوجد حتّى عاد عدما وجودها ضنا جسدي إن كان يرضيك برؤه ... وإتلاف نفسي في هواك خلودها ولولا الهوى لم ترض نفس نفيسة ... هوانا ولكن حبّ نفس قؤودها الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2526 [1046] محمد بن داود بن علي الظاهري الإمام ابن الإمام الأصفهاني البغدادي الفقيه الأديب صاحب «كتاب الزهرة» : من أذكياء العالم، جلس للفتيا وناظر ابن سريج. سئل عن حدّ السكر متى هو ومتى يكون الانسان سكران فقال: إذا عزبت عنه الهموم وباح بسره المكتوم. حفظ القرآن وله سبع سنين. وله: كتاب الانذار والاعذار. مختار الأشعار. الايجاز في الفقه. البراعة. الانتصار لأبيه من الناشىء المتكلم. الانتصار لأبيه من محمد بن جرير. التقصي في الفقه. الايجاز لم يكمل. الوصول إلى معرفة الأصول. اختلاف مسائل الصحابة. الفرائض. المناسك. توفي في شهر رمضان سنة سبع وتسعين ومائتين وعمره اثنتان وأربعون سنة. كان يلقب بعصفور الشوك لنحافته وصفرة لونه. قال محمد: ما انفككت من هوى قط منذ دخلت الكتّاب. [وقال] : بدأت بعمل الزهرة وأنا في الكتاب ونظر أبي في أكثره. ودخل يوما على ثعلب النحوي فقال له ثعلب: اذكرك شيئا من صبوتك، فقال: سقى الله أياما لنا ولياليا ... لهن بأكناف الشباب ملاعب إذ العيش غضّ والزمان بغرة ... وشاهد أوقات المحبين غائب فبكى ثعلب. وقال القاضي محمد بن يوسف بن يعقوب: كنت يوما أساير أبا بكر ابن داود، فسمع جارية تغنّي بشعره وتقول: أشكو غليل فؤاد أنت متلفه ... شكوى عليل إلى إلف يعلّله سقمي يزيد على الأيام كثرته ... وأنت في عظم ما ألقى تقلله   [1046] ترجمة ابن داود الظاهري في الفهرست: 272 وتاريخ بغداد 5: 256 والمنتظم 6: 93 وابن خلكان 4: 259 وسير الذهبي 13: 109 وعبر الذهبي 2: 108 والوافي 3: 58 والبداية والنهاية 11: 110 والشذرات 2: 226 وما أثبته هنا مأخوذ من الوافي وسير الذهبي (وكان المؤلف وعد بإيراد ترجمته) . الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2527 الله حرّم قتلي في الهوى سفها ... وأنت يا قاتلي ظلما تحلّله فقال: يا أبا عمر، كيف السبيل إلى استرجاع مثل هذا؟ فقلت: هيهات سارت به الركبان. ومن شعره: أكرّر في روض المحاسن ناظري ... وأمنع نفسي أن تنال المحرما رأيت الهوى دعوى من الناس كلّهم ... فما إن أرى حبا صحيحا مسلما ومنه أيضا: وإني لأدري أن في الصبر راحة ... ولكنّ إنفاقي عليّ من الصبر فلا تطف نار الشوق بالشوق طالبا ... سلوا فإن الجمر يسعر بالجمر وكان محمد يهوى فتى حدثا من أهل أصبهان يقال له محمد بن جامع، ويقال ابن زخرف، وكان طاهرا في عشقه عفيفا، وكان ابن جامع ينفق عليه، ولم ير معشوق ينفق على عاشق غيره، ولم يزل في حبه حتى قتله. دخل ابن جامع يوما إلى الحمام وخرج فنظر في المرآة فأعجبه حسنه، فغطى وجهه بمنديل وجاء إلى محمد بن داود وهو على تلك الحالة، فقال: ما هذا: قال: نظرت في المرآة فأعجبني حسني فما أحببت أن يراه أحد قبلك، فغشي عليه. دخل على ابن داود ابراهيم بن محمد نفطويه وقد ضني على فراشه فقال له: يا أبا بكر ما هذا مع القدرة والمحبوب مساعد؟ فقال: أنا في آخر يوم من الدنيا، لا أنالني الله شفاعة محمد صلى الله عليه وسلم إن كنت حللت سراويلي على حرام قط. حدثني أبي بإسناده إلى ابن عباس، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من عشق فكتم وعفّ فصبر ثم مات مات شهيدا وأدخله الله الجنة ... ولما مات جلس ابن سريج في عزائه وبكى، وجلس على التراب وقال: ما آسى إلا على لسان أكله التراب من أبي بكر. ويحكى أنه لما بلغته وفاته كان يكتب شيئا، فألقى الكراسة من يده وقال: مات من كنت أحث نفسي وأجهدها على الاشتغال لمناظرته ومقاومته ... واجتمع محمد يوما هو وابن سريج في مجلس الوزير ابن الجراح، فتناظرا في الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2528 الإيلاء فقال له ابن سريج: أنت بقولك: من كثرت لحظاته دامت حسراته، أبصر منك بالكلام في الإيلاء، فقال له أبو بكر: لئن قلت ذلك فإني أقول: انزّه في روض المحاسن مقلتي ... وأمنع نفسي أن تنال محرما وأحمل من ثقل الهوى ما لو انه ... يصبّ على الصخر الأصمّ تهدما وينطق طرفي عن مترجم خاطري ... فلولا اختلاسي ردّه لتكلما فقال له ابن سريج: وبم تفتخر عليّ، ولو شئت أنا أيضا لقلت: ومساهر بالغنج من لحظاته ... قد بتّ أمنعه لذيذ سباته ضنا بحسن حديثه وعتابه ... واكرّر اللحظات في وجناته حتى إذا ما الصبح لاح عموده ... ولّى بخاتم ربه وبراته فقال أبو بكر: يحفظ الوزير عليه ذلك، حتى يقيم عليه شاهدي عدل أنه ولّى بخاتم ربه وبراته، فقال ابن سريج: يلزمني في ذلك ما يلزمك في قولك: أنزّه في روض المحاسن مقلتي ... فضحك الوزير وقال: لقد جمعتما ظرفا ولطفا وفهما وعلما. [ووردت هذه الحكاية برواية أخرى] قال أبو علي التنوخي: أخبرنا أحمد بن عبد الله بن البختري الدّاودي، حدّثني أبو الحسن ابن المغلّس الدّاودي، قال: كان محمد بن داود، وابن سريج إذا حضرا مجلس أبي عمر القاضي، لم يجر بين اثنين فيما يتفاوضانه أحسن مما يجري بينهما، فسأل أبا بكر عن العود الموجب لكفّارة الظّهار، فقال: إعادة القول ثانيا، وهو مذهبه، ومذهب أبيه، فطالبه بالدليل، فشرع فيه، فقال ابن سريج: يا أبا بكر هذا قول من من المسلمين [تقدمكم فيه] ؟ فغضب أبو بكر، وقال: أتظنّ أنّ من اعتقدت قولهم إجماعا في هذه المسألة عندي إجماع؟ أحسن أحوالهم أن أعدهم خلافا [وهيهات أن يكونوا كذلك] . فغضب ابن سريج، وقال: أنت بكتاب «الزّهرة» أمهر منك بهذه الطّريقة، قال: [وبكتاب «الزهرة» تعيرني؟] والله ما تحسن تستتمّ قراءته قراءة من يفهم، وإنه لمن أحد المناقب لي إذ أقول فيه: أكرّر في روض المحاسن مقلتي ... الأبيات الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2529 فقال ابن سريج: فأنا الذي أقول: ومشاهد بالغنج من لحظاته ... الأبيات فقال أبو بكر: أيّد الله القاضي، قد أخبر بحاله، ثمّ ادعى البراءة مما توجبه، فعليه البيّنة، فقال ابن سريج: [من] مذهبي أن المقرّ إذا أقرّ إقرارا ناطه بصفة، كان إقراره موكولا إلى صفته تلك. [1047] محمد بن زياد المعروف بابن الأعرابي أبو عبد الله: كان مولى لبني هاشم لأنه من موالي العباس بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، وكان أبوه زياد عبدا سنديا، وكان من أكابر أئمة اللغة المشار إليهم في معرفتها، نحويا لم يكن للكوفيين أشبه برواية البصريين منه راوية لأشعار القبائل ناسبا، وكان ربيبا للمفضل الضبي: سمع منه الدواوين وصححها، وأخذ عن الكسائي «كتاب النوادر» وأخذ عن أبي معاوية الضرير والقاسم بن معن بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود القاضي، وأخذ عنه إبراهيم الحربي وأبو عكرمة الضبي وأبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب وابن السكيت، وكانت طريقته طريقة الفقهاء والعلماء، وكان أحفظ الناس للغات والأيام والأنساب. وقال أبو العباس ثعلب: قال لي ابن الأعرابي أمليت قبل أن تجيئني يا أحمد حمل جمل. وقال ثعلب: انتهى علم اللغة والحفظ إلى ابن الأعرابي. وكان يزعم أن الأصمعي وأبا عبيدة لا يحسنان قليلا ولا كثيرا.   [1047] ترجمة ابن الأعرابي في مراتب النحويين: 149 والمعارف: 546 وتهذيب اللغة 1: 20 وتاريخ أبي المحاسن: 205 وطبقات الزبيدي: 135 والفهرست: 75 ونور القبس: 302 وتاريخ بغداد 5: 282 والأنساب 1: 310 ونزهة الألباء: 150 وانباه الرواة 3: 128 وابن خلكان 4: 306 وسير الذهبي 10: 687 وعبر الذهبي 1: 409 والوافي 3: 79 ومرآة الجنان 2: 106 والبداية والنهاية 10: 307 والنجوم الزاهرة 2: 264 وبغية الوعاة 1: 105 والشذرات 2: 70 وروضات الجنات 7: 270 وإشارة التعيين: 311. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2530 وقال ثعلب: سمعت ابن الأعرابي يقول في كلمة رواها الأصمعي: سمعت من ألف أعرابي خلاف ما قاله الأصمعي. وقال: شاهدت ابن الأعرابي وكان يحضر مجلسه زهاء مائة إنسان، كل يسأله أو يقرأ عليه ويجيب من غير كتاب. قال: ولزمته بضع عشرة سنة ما رأيت بيده كتابا قط، وما أشك في أنه أملى على الناس ما يحمل على أجمال، ولم ير أحد في علم الشعر واللغة أغزر منه. وقال محمد بن الفضل الشعراني: كان للناس رؤساء: كان سفيان الثوري رأسا في الحديث، وأبو حنيفة رأسا في القياس، والكسائي رأسا في القرآن، فلم يبق الآن رأس في فن من الفنون أكبر من ابن الأعرابي فإنه رأس في كلام العرب، وكان ممن وسم بالتعليم فكان يأخذ كلّ شهر ألف درهم فينفقها على أهله وإخوانه، وتماسك في آخر أيامه بعد سوء حاله. ويحكى أنه اجتمع أبو عبد الله الأعرابي وأبو زياد الكلابي على الجسر ببغداد، فسأل أبو زياد ابن الأعرابي عن قول النابغة «1» : على ظهر مبناة [جديد سيورها] فقال: النطع، بفتح النون وسكون الطاء، فقال أبو زياد: النطع بكسر النون وفتح الطاء، فقال أبو عبد الله: نعم، وإنما أنكر أبو زياد النطع بفتح النون وسكون الطاء لأنها لم تكن لغته. ورأى ابن الأعرابي في مجلسه يوما رجلين يتحدثان فقال لأحدهما: من أين أنت؟ فقال: من اسفيجاب وقال: للآخر من أين أنت؟ فقال: من الأندلس، فعجب من ذلك وأنشد: رفيقان شتّى ألّف الدهر بيننا ... وقد يلتقي الشتّى فيأتلفان ثم أملى على من حضر مجلسه بقية الأبيات الآتية «2» : نزلنا على قيسية يمنية ... لها نسب في الصالحين هجان الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2531 فقالت وأرخت جانب الستر بيننا ... لأية أرض أم من الرجلان فقلت لها أما رفيقي فقومه ... تميم وأما أسرتي فيماني رفيقان شتّى ألّف الدهر بيننا ... وقد يلتقي الشتّى فيأتلفان وحكى عبيد الله بن عبد الله بن طاهر قال: اجتمع عندنا أبو نصر أحمد بن حاتم وابن الأعرابي، فتجاذبا الحديث إلى أن حكى أبو نصر أن أبا الأسود دخل على عبيد الله بن زياد وعليه ثياب رثة فكساه ثيابا جددا من غير أن يعرض له بسؤال، فخرج وهو يقول «1» : كساك ولم تستكسه فحمدته ... أخ لك يعطيك الجزيل وناصر فإن أحقّ الناس إن كنت مادحا ... بمدحك من أعطاك والعرض وافر فأنشد أبو نصر قافية البيت الأول «وياصر» بالياء يريد و «يعطف» فقال له ابن الأعرابي: وناصر بالنون فقال: دعني يا هذا وياصري، وعليك بناصرك. وحدث الصولي قال: غني في مجلس الواثق بشعر الأخطل «2» : وشارب مربح بالكاس نادمني ... لا بالحصور ولا فيها بسوّار فقيل بسوار وبسئّار، فوجه إلى ابن الأعرابي وهو يومئذ بسرّ من رأى فسئل عن ذلك فقال: بسوار يريد بوثاب، أي لا يثب على ندمائه، وبسئّار أي لا يفضل في القدح سؤره، وقد رويا جميعا، فأمر له الواثق بعشرة آلاف درهم. وحكي عن ابن الأعرابي أنه روى قول الشاعر «3» : ولا عيب فينا غير عرق لمعشر ... كرام وأنا لا نحطّ على النمل نحطّ بحاء مهملة وقال: معناه أنا لا نحط على بيوت النمل لنصيب ما جمعوه- وهذا تصحيف- وإنما الرواية لا نخط على النمل واحدتها نملة، وهي قرحة تخرج بالجنب تزعم المجوس أن ولد الرجل إذا كان من أخته ثم خط على النملة شفي صاحبها، ومعنى البيت إنا لسنا بمجوس ننكح الأخوات. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2532 وعن أبي عمران قال: كنت عند أبي أيوب أحمد بن محمد بن شجاع فبعث غلامه إلى أبي عبد الله ابن الأعرابي يسأله المجيء إليه، فعاد إليه الغلام فقال: قد سألته ذلك فقال لي: عندي قوم من الأعراب فإذا قضيت أربي معهم أتيت، قال الغلام: وما رأيت عنده أحدا إلا أني رأيت بين يديه كتبا ينظر فيها، فينظر في هذا مرة وفي هذا مرة، ثم ما شعرنا حتى جاء، فقال له أبو أيوب: إنه ما رأى عندك أحدا وقد قلت له إنا مع قوم من الأعراب فإذا قضيت أربي معهم أتيت، فأنشد «1» : لنا جلساء ما نملّ حديثهم ... ألبّاء مأمونون غيبا ومشهدا يفيدوننا من علمهم علم ما مضى ... وعقلا وتأديبا ورأيا مسدّدا فلا فتنة نخشى ولا سوء عشرة ... ولا نتقي منهم لسانا ولا يدا فإن قلت أموات فما أنت كاذب ... وإن قلت أحياء فلست مفنّدا وقال محمد بن حبيب: سألت أبا عبد الله ابن الأعرابي في مجلس واحد عن بضع عشرة مسألة من شعر الطرماح يقول في كلها لا أدري، ولم أسمع، أفأحدث لك برأيي؟ وقال أبو العباس ثعلب: سمعت ابن الأعرابي يقول: من لا قبول عليه فلا حياة لأدبه. وقال: ما رأيت قوما أكذب على اللغة من قوم يزعمون أنّ القرآن مخلوق. واغتاب رجل عنده بعض العلماء فقال له: لو لم تقل فينا ما قلت عندنا فلا تجلسنّ إلينا. وله من التصانيف: كتاب النوادر وهو كبير. كتاب الأنواء. كتاب صفة النخل. كتاب صفة الزرع. كتاب الخيل. كتاب النبت والبقل. كتاب نسب الخيل. كتاب تاريخ القبائل. كتاب تفسير الأمثال. كتاب النبات. كتاب معاني الشعر. كتاب صفة الدرع. كتاب الألفاظ. كتاب نوادر الزبيريين. كتاب نوادر بني فقعس. كتاب الذباب، وغير ذلك «2» . قال أبو العباس ثعلب سمعت ابن الأعرابي يقول: ولدت في الليلة التي مات الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2533 فيها أبو حنيفة. وقال أبو غالب علي بن النضر: توفي ابن الاعرابي سنة ثلاثين ومائتين وقيل سنة إحدى وثلاثين وقيل سنة اثنتين وثلاثين ومائتين، وقد بلغ من العمر احدى وثمانين سنة وأربعة أشهر وثلاثة أيام، وكانت وفاته في خلافة الواثق بن المعتصم وصلى عليه قاضي القضاة أحمد بن أبي دواد الإيادي. [1048] محمد بن زيد بن مسلمة، أبو الحسن النحوي المعروف بابن أبي الشملين: لا أعرف من حاله الا ما قرأته في «كتاب أدب المريض والعائد» لأبي شجاع البسطامي قال: كتب محمد بن علي بن ميمون النرسي الحافظ بخطه وأذن لنا في روايته عنه، أخبرنا محمد بن علي بن عبد الرحمن، أنشدنا أبو الحسن محمد بن زيد بن مسلمة النحوي، قال أنشدنا أبو علي الفارسي والسيرافي، قالا أنشدنا أبو بكر السراج، قال عدنا أبا الحسن ابن الرومي في مرضه فأنشدنا لنفسه «1» : ولقد سئمت مآربي ... فكأنّ أطيبها خبيث إلا الحديث فانه ... مثل اسمه أبدا حديث [وقرأت بخط هلال بن المحسن وقد عدد مشايخه الذين رآهم وقرأ عليهم فقال: وأبو الحسن محمد بن زيد بن مسلمة المعروف بأبي الشملين] «2» . [1049] محمد بن السري بن سهل، أبو بكر ابن السراج البغدادي النحوي، قال   [1048] ترجمة ابن أبي الشملين في الوافي 3: 82 (وفيه ابن مسلم) وبغية الوعاة 1: 107. [1049] ترجمة ابن السراج في الفهرست: 67 وطبقات الزبيدي: 112 وأخبار النحويين البصريين: 108 ومراتب النحويين 135 ونور القبس: 342 وتاريخ بغداد 5: 319 وتاريخ أبي المحاسن: 40 ونزهة الألباء: 249 والمنتظم 6: 220 وانباه الرواة 3: 145 والمحمدون: 470 وابن خلكان 4: 339 وعبر الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2534 المرزباني: كان أحدث أصحاب أبي العباس المبرد، مع ذكاء وفطنة، قرأ عليه كتاب سيبويه، ثم اشتغل بالموسيقى، فسئل عن مسألة بحضرة الزجاج فأخطأ في جوابها فوبخه الزجاج وقال: مثلك يخطىء في مثل هذه المسألة؟ والله لو كنت في منزلي لضربتك ولكنّ المجلس لا يحتمل ذلك، فقال: قد ضربتني يا أبا إسحاق، وكان علم الموسيقى قد شغلني عن هذا الشأن. ثم رجع إلى كتاب سيبويه ونظر في دقائقه وعوّل على مسائل الأخفش والكوفيين وخالف أصول البصريين في مسائل كثيرة، ويقال: ما زال النحو مجنونا حتى عقله ابن السراج بأصوله. وكان أحد العلماء المذكورين وأئمة النحو المشهورين، واليه انتهت الرئاسة في النحو بعد المبرد. وأخذ عنه أبو القاسم عبد الرحمن بن إسحاق الزجاجي وأبو سعيد السيرافي وأبو علي الفارسي وعلي بن عيسى الرماني. ويحكى انه اجتمع هو وأبو بكر ابن مجاهد وإسماعيل القاضي في بستان، وكان فيه دولاب، فعنّ لهم أن يعبثوا بادارتها فلم يقدروا على ذلك، فالتفت أحدهم وقال: اما تستحيون، مقرىء البلد ونحويه وقاضيه لا يجيء منهم ثور. وحكي «1» أن أبا بكر ابن السراج كان يهوى جارية فجفته، فاتفق وصول الامام المكتفي في تلك الأيام من الرقّة، فاجتمع الناس لرؤيته، فلما شاهد أبو بكر جمال المكتفي تذكّر جمال معشوقته وجفاءها له، فأنشد بحضرة أصحابه: ميزت بين جمالها وفعالها ... فإذا الملاحة بالخيانة لا تفي حلفت لنا أن لا تخون عهودنا ... فكأنما حلفت لنا أن لا تفي والله لا كلّمتها ولو انها ... كالبدر أو كالشمس أو كالمكتفي ثم إن أبا عبد الله محمد بن إسماعيل بن زنجي الكاتب أنشدها لأبي العباس ابن   الذهبي 2: 165 وسير الذهبي 14: 483 والوافي 3: 86 ومرآة الجنان 2: 270 والبداية والنهاية 11: 157 والبلغة: 222 والنجوم الزاهرة 3: 222 وبغية الوعاة 1: 109 والشذرات 2: 273 وروضات الجنات 7: 299 وإشارة التعيين: 313. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2535 الفرات وقال: هي لابن المعتز، وأنشدها أبو العباس للقاسم بن عبيد الله الوزير، فاجتمع الوزير بالمكتفي وأنشده أياها وقال للمكتفي: هي لعبيد الله بن عبد الله بن طاهر، فأمر له بألف دينار فوصلت إليه، فقال ابن زنجي ما أعجب هذه القصة: يعمل أبو بكر ابن السراج أبياتا تكون سببا لوصول الرزق إلى عبيد الله بن عبد الله بن طاهر. قال أبو الفتح عبيد الله بن أحمد النحوي: توفي أبو بكر ابن السراج يوم الأحد لثلاث ليال بقين من ذي الحجة سنة ست عشرة وثلاثمائة في خلافة المقتدر. وله من المصنفات: كتاب الأصول، وهو أحسنها وأكبرها وإليه المرجع عند اضطراب النقل واختلافه، جمع فيه أصول علم العربية وأخذ مسائل سيبويه ورتبها أحسن ترتيب. وكتاب جمل الأصول، وهو الأصول الصغير. وشرح كتاب سيبويه. والموجز «1» . كتاب الاشتقاق لم يتم. كتاب الرياح والهواء والنار. كتاب الشعر والشعراء. كتاب الجمل. كتاب احتجاج القراء. كتاب الخط. كتاب المواصلات والمذكرات. كتاب الهجاء، وغير ذلك. وحكى الرماني «2» : ذكر كتاب الأصول بحضرته فقال قائل: هو أحسن من «المقتضب» فقال أبو بكر: لا تقل هكذا، وأنشد: ولو قبل مبكاها بكيت صبابة ... بسعدى شفيت النفس قبل التندم ولكن بكت قبلي فهيّج لي البكا ... بكاها فقلت الفضل للمتقدم وقال أبو علي الفارسي: جئت لأسمع منه كتاب سيبويه وحملت إليه ما حملت، فلما انتصف الكتاب عسر عليّ إتمامه، فانقطعت عنه لتمكني من مسائله، فقلت في نفسي بعد مدة: إذا عدت إلى فارس وسئلت عن إتمامه فان قلت: نعم كذبت، وان قلت لا بطلت الرواية، فدعتني الضرورة ان حملت إليه رزمة وأقبلت إليه، فلما أبصرني من بعيد أنشد «3» . الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2536 كم قد تجرعت من غيظ ومن حنق ... لكن تجدد وجدي هوّن الماضي وكم غضبت ولم يلووا على غضبي ... فعدت طوعا بقلب ساخط راضي [1050] محمد بن سعدان الضرير أبو جعفر الكوفي النحوي المقرىء: ولد سنة احدى وستين ومائة، وروى عن عبد الله بن إدريس وأبي معاوية الضرير، وروى عنه محمد بن سعد كاتب الواقدي وعبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل وابن المرزبان، وكان ثقة، وكان يقرأ بقراءة حمزة ثم اختار لنفسه ففسد عليه الأصل والفرع، إلا أنه كان نحويا. وقال بعضهم: أخذ ابن سعدان القراءات عن أهل مكة والمدينة والشام والكوفة والبصرة، ونظر في الاختلاف، وكان ذا علم بالعربية وصنّف كتابا في النحو، وكتابا في القراءات. قال ابن عرفة: مات يوم عيد الأضحى سنة احدى وثلاثين ومائتين، وكان ذلك في خلافة الواثق بن المعتصم. وله ولد يقال له إبراهيم من أهل العلم. وقال الداني في «طبقات القراء» : أخذ القراءة عراضا عن سليم بن عيسى عن حمزة وعن يحيى بن المبارك اليزيدي عن أبي محمد إسحاق بن محمد المسيبي عن نافع وعن معلى بن منصور عن أبي بكر ابن عاصم: وروى عنه القراءة محمد بن أحمد بن واصل، وهو من أجلّ أصحابه وأثبتهم له. [1051] محمد بن سعد الرازي الكاتب الأوحد: لم يكن بعد ابن البواب من كتب الثلث والمحقق مثله، (قال ياقوت) : ورأيت جماعة يفضلونه على جماعة من الكتاب حتى قيل إنه كتب ذلك أصفى من ابن البواب.   [1050] ترجمة ابن سعدان في طبقات الزبيدي: 139 وتاريخ بغداد 5: 324 والفهرست: 76 وانباه الرواة 3: 140 وطبقات ابن الجزري 2: 143 والوافي 3: 92 وبغية الوعاة 1: 111 وإشارة التعيين: 314. [1051] عن الصفدي 3: 90 وينقل عن ياقوت (وهو من مستدركات مصطفى جواد- انظر الضائع: 144) . الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2537 [1052] محمد بن سعد بن محمد بن محمد بن محمد الديباجي المروزي النحوي ابن النحوي، أبو الفتح: (قال ياقوت) : شيخ جليل عالم حسن العشرة، أخذ النحو عن أبيه، ولقي الزمخشري وقرأ على تلميذه البقالي. وله [المحصل في] شرح المفصل. شرح الأنموذج «1» . تهذيب مقدمة الأدب [للزمخشري] . القانون الصلاحي في أودية النواحي. فلك الأدب. منافع أعضاء الحيوان. وكان ينظر في خزانة الكتب التي بالجامع الأكبر بمرو؛ ومولده في المحرم سنة سبع عشرة وخمسمائة، وعثر بعتبة بابه فسقط على وجهه، ووهن عظمه وهنا أداه إلى الموت، وذلك في يوم الأحد ثامن عشر صفر سنة تسع وستمائة. قال جمال الدين ابن القفطي، قال لي ياقوت مولى عسكر الحموي: لما دخلت مرو حضرت الجامع فرأيت به خزانة كتب، وقفا يعرف بوقف الفقاعي، وفيها كتب جميلة، خازنها ختن هذا الرجل، فذاكرته بتصنيفه فقال: قد كان صنف شرحا للمفصل، فطلبته منه، فقال لي: لم يأت فيه بغريب، ولم يتكلم على عبارة المصنف وأنما أتى بنفس النحو، قال: فسألته أن يريني منه، فأراني كراسة بخط المصنف من مسوادته .... [1053] محمد بن سعد ويقال ابن سعيد الرباحي - بالباء الموحدة- أبو عبد الله الأعرج الطليطلي الخطيب النحوي اللغوي: أصله من قلعة رباح من أعمال طليطلة   [1052] عن بغية الوعاة 1: 111- 112 (وهو من مستدركات مصطفى جواد انظر الضائع: 145) وله ترجمة في الوافي 3: 89 وعند ابن الدبيثي، كما ذكره المنذري في التكملة (وفيات 609) وانظر انباه الرواة 3: 139. [1053] ترجمة الرباحي في جذوة المقتبس: 54 (بغية الملتمس رقم: 129) . الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2538 بالأندلس، رحل إلى المشرق وسمع بمصر ابن الورد وابن السكن، وحدث وأفاد، مولده سنة تسع وثلاثمائة وتوفي في ربيع الآخر سنة أربع وثمانين وثلاثمائة. [1054] محمد بن سعيد أبو جعفر البصير الموصلي العروضي النحوي: كان أبو إسحاق الزجاج معجبا به، وكان في النحو ذا قدم ثابتة، اجتمع يوما مع أبي علي الفارسي عند أبي بكر ابن شقير فقال لأبي علي: في أيّ شيء تنظر يا فتى؟ فقال: في التصريف، فجعل يلقي عليه من المسائل على مذهب البصريين والكوفيين حتى ضجر، فهرب أبو علي منه إلى النوم وقال: إني أريد النوم، فقال: هربت يا فتى، فقال: نعم هربت. وكان ذكيا فهما له في الشعر رتبة عالية، اماما في استخراج المعمى والعروض، قال له الزجاج يوما، وقد سأله عن أشياء من العروض: يا أبا جعفر لو رآك الخليل لفرح بك. قرأ عليه عبيد الله بن جعفر الأسدي النحوي وغيره. [1055] محمد بن سعيد بن يحيى بن علي بن الحجاج بن محمد بن الحجاج الحافظ الكبير المؤرخ أبو عبد الله ابن أبي المعالي الدبيثي [بضم الدال المهملة وفتح الباء الموحدة والياء آخر الحروف ساكنة والثاء المثلثة] ثم الواسطي الشافعي العدل: ولد في رجب سنة ثمان وخمسين وخمسمائة وسمع بواسط وقرأ الفقه والعربية، ورحل إلى بغداد في حدود الثمانين، وسمع من أبي شاتيل والقزاز وأبي العلاء ابن عقيل وخلق كثير ببغداد والحجاز والموصل، وعلق الأصول والخلاف وعني بالحديث ورجاله، وصنف تاريخا كبيرا لواسط، وذيل على الذيل للسمعاني ...   [1054] ترجمة أبي جعفر البصير الموصلي في الوافي 3: 104 وبغية الوعاة 1: 114. [1055] ترجمة ابن الدبيثي في الوافي 3: 102 (وعنه نقلت ما أثبته هنا) وابن خلكان 4: 394 وطبقات ابن الجزري 2: 145 وطبقات السبكي 8: 61 وسير الذهبي 23: 68 وعبر الذهبي 5: 154 والشذرات 5: 581 وابن الشعار 7: 129 وانظر مقدمة ذيل تاريخ مدينة السلام تحقيق الدكتور بشار عواد معروف. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2539 [توفي سنة سبع وثلاثين وستمائة] . [وقال ياقوت في معجم الأدباء] : شيخنا الذي استفدنا منه وعنه أخذنا. قلت له: هل تنسبون إلى قبيلة من قبائل العرب؟ فقال: الناس يقولون اننا من ولد الحجاج بن يوسف الثقفي وما عرفت أحدا من أهلنا يعرف ذلك. وتولى وقوف المدرسة النظامية سنة ستمائة، ومن شعره: تمكن مني في الفؤاد وحله ... وأضعف وجدا عقد صبري وحلّه وأيقن أني في هواه مدلّه ... فعاد وأبدى بالغرام ودلّه بديع جمال فاق في الحسن أهله ... وسلّط إعناتا على القلب دلّه وأسلمني للوجد حسن قوامه ... وطلّ دمي في حبه وأحلّه وكنت طليقا لا أخاف من الهوى ... فأسكن قلبي شوقه وأحلّه إذا رمت عنه الصبر عزّ تصبري ... وأنهل قلبي من هواه وعلّه وان قلت كم ذا الوجد يا قلب فاتئد ... يقول مجيبا لي عساه وعلّه فشكواي من وجدي به وبعاده ... وبلواي من صبري إذا ما استقلّه وإني على الحالات منه لذو غنى ... وشوق عظيم القدر قلبي استقله فمن مسعدي في الحب والحبّ ظالم ... ومن مرشد لي فيه قلبا أضله كأني إذا ما غاب عني شخصه ... من الوجد ذو حزن بشيء أضله [1056] محمد بن سلام بن عبد الله بن سالم الجمحي البصري أبو عبد الله: كان   [1056] ترجمة ابن سلام في الفهرست: 126 وتاريخ بغداد 5: 327 ونزهة الألباء: 109 وانباه الرواة 3: 143 ومراتب النحويين: 67 وطبقات الزبيدي: 197 وعبر الذهبي 1: 409 وسير الذهبي 10: 651 وميزان الاعتدال 3: 567 والبداية والنهاية 10: 308 والنجوم الزاهرة 2: 260 والشذرات 2: 71 والوافي 3: 114 وبغية الوعاة 1: 115 وطبقات المفسرين 2: 151 وانظر مقدمة طبقات فحول الشعراء ص: 34 وما بعدها؛ ومن كتبه التي لم يذكرها ياقوت: كتاب الفاضل في الأخبار ومحاسن الشعراء. كتاب نسب قريش وبيوتات العرب. الحلايب وإجراء الخيل. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2540 من أعيان أهل الأدب، وألف كتابا في «طبقات الشعر» وله «غريب القرآن» وأخذ عن حماد بن سلمة ومبارك بن فضالة وجماعة، وروى عنه الامام أحمد بن حنبل وابنه عبد الله وأبو العباس ثعلب وأحمد بن علي الابار. قال أبو خليفة: ابيضت لحية محمد بن سلام ورأسه وله سبع وعشرون سنة. وقال محمد بن أحمد بن يعقوب بن شبة: حدثنا جدي قال: كان محمد بن سلام له علم بالشعر والأخبار وهما من جملة علوم الأدب. وقال الحسين بن فهم: قدم علينا محمد بن سلام سنة اثنتين وعشرين ومائتين فاعتلّ علة شديدة فما تخلّف عنه أحد، وأهدى له الأجلاء أطباءهم، فكان ابن ماسويه من جملة من أهدي إليه، فلما جسه ونظر إليه قال له: لا أرى بك من العلة ما أرى بك من الجزع، فقال: والله ما ذاك على الدنيا مع اثنتين وسبعين سنة، ولكنّ الانسان في غفلة حتى يوقظ بعلّة، فقال ابن ماسويه: لا تجزع فقد رأيت في عرقك من الحرارة الغريزية ما إن سلمت من العوارض بلّغك عشر سنين. قال ابن فهم. فوافق كلامه قدرا، فعاش محمد بن سلام بعد ذلك عشر سنين وتوفي سنة اثنتين وثلاثين ومائتين وكان ذلك في السنة التي مات فيها الواثق وبويع المتوكل بن المعتصم، وقال موسى بن هارون: توفي سنة إحدى وثلاثين ومائتين. [1057] محمد بن سليمان البغدادي ابن قطرمش بن تركان شاه أبو نصر البغدادي المولد، السمرقندي الأصل، النحوي اللغوي الأديب: أحد أدباء عصرنا وأعيان أولي الفضل بمصرنا، تجمعت فيه أشتات الفضائل، وقد أخذ من كلّ فنّ من العلم بنصيب وافر، وهو من بيت الامارة، وكانت له اليد الباسطة في حلّ اقليدس وعلم الهندسة مع اختصاصه التام بالنحو واللغة وأخبار الأمم والأشعار. خلّف له والده أموالا كثيرة   [1057] ترجمته في الوافي 3: 125 والفوات 3: 369 وبغية الوعاة 1: 115 وابن الشعار 6: 161 والشذرات 5: 93 (وكنيته أبو منصور وبعض المصادر تكتب اسم جده «قتلمش» ؛ وقد أورد له الصفدي مقطعات عديدة، وقال: صنف كتابا سماه التبر المسبوك والوشي المحبوك) . الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2541 فضيّعها في القمار واللعب بالنرد حتى احتاج إلى الوراقة فكان يورق بأجرة بخطّه المليح الصحيح المعتبر، فكتب كثيرا من الكتب، حتى ذكر للإمام الناصر فولاه حاجب الحجاب، فلم يزل بها إلى أن مات في ربيع الآخر سنة عشرين وستمائة، ومولده في ربيع الأول سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة. وله شعر رائق فمن ذلك: لا والذي سخّر قلبي لها ... عبدا كما سخّر لي قلبها ما فرحي في حبّها غير أن ... زيّن عندي هجرها قلبها [1058] محمد بن سهل المرزبان الكرجي الأشل الجهارعتي، أبو منصور، ويلقب بالباحث عن معتاص العلم: هو من أهل الكرج، وهو أحد البلغاء الفصحاء. (قال ياقوت في معجم الأدباء) : لم تقع إلي وفاته ولا شيء من شأنه، غير أني وجدت في كتابه «المنتهى في الكمال» أنشدني ابن طباطبا العلوي، وابن طباطبا مات سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة. قال محمد بن إسحاق، قال لي من رآه إنه أشل اليد، وله من الكتب المنتهى في الكمال يحوي على اثني عشر كتابا وهي. مدح الأدب. كتاب صفة البلاغة. كتاب الدعاء والتحاميد. كتاب الشوق والفراق. كتاب الحنين إلى الأوطان. كتاب التهاني والتعازي. كتاب الآمل والمأمول. كتاب التنبيهات والطلب. كتاب الحمد والذم. كتاب الاعتذارات. كتاب الألفاظ. كتاب نفائس الحكم. [1059] محمد بن طويس القصري أبو الطيب: هو من النحويين المعتزلة، أحد   [1085] ترجمة الكرجي الباحث في الوافي 3: 141 وعنه نقلت هنا (وهي من مستدركات مصطفى جواد- الضائع: 150) وانظر الفهرست: 152. [1059] ترجمة القصري في الوافي 3: 176 (وفيه: ابن طوس) وبغية الوعاة 1: 122 وانباه الرواة 3: 154 (وفيه: ابن طوسي) . الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2542 تلاميذ أبي علي الفارسي، أملى عليه «المسائل القصريات» وبه سميت، وأظنه من قصر ابن هبيرة من نواحي الكوفة، وقرأت في «المفاوضة» انه لما كان حدثا كان أبو علي الفارسي يتعشقه ويخصه بالطرف ويحرص على الاملاء عليه والالتفات إليه، مات شابا. [1060] محمد بن العباس أبو بكر الخوارزمي الشاعر المشهور: يقال له الطبرخزي لأنه كانت أمه من خوارزم وأبوه من طبرستان، وكان ابن أخت محمد بن جرير الطبري «1» . قال الحاكم في «تاريخه» كان أوحد عصره في حفظ اللغة والشعر، وكان يذاكرني بالأسماء والكنى حتى يحيرني من حفظه .... وقد أقام الخوارزمي بالشام مدة وسكن حلب وتوفي بنيسابور سنة ثلاث وثمانين وثلاثمائة ... (قال ياقوت) : قرأت في آخر ديوانه له: بآمل مولدي وبنو جرير ... فأخوالي ويحكي المرء خاله فها أنا رافضي عن تراث ... وغيري رافضي عن كلاله ..... [وجرت بينه وبين البديع الهمذاني مناقضات ذكرها ياقوت في كتاب معجم الأدباء في ترجمتيهما] .   [1060] ترجمة الخوارزمي في اليتيمة 4: 194 وتاريخ بغداد 3: 119 وابن خلكان 4: 400 واللباب (الطبرخزي) وتاريخ ابن الأثير 9: 101 ورسائل البديع: 28- 84 (مناظراتهما) والوافي 3: 191 (وعنه نقلت هذه الترجمة) وبغية الوعاة 1: 125 والشذرات 3: 105 وله ذكر في أخلاق الوزيرين للتوحيدي؛ وانظر سير الذهبي 16: 526 (ولا بد أن تكون الترجمة في أصل ياقوت طويلة ... ولكني رأيت ألا أخلي موضعهاهنا من بعض ما أورده ياقوت وانظر الضائع: 151) . الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2543 [1061] محمد بن [عبد الله بن] حمدان الدلفي العجلي أبو الحسن النحوي، من أصحاب أبي الحسن علي الرماني كان نحويا فاضلا بارعا شرح ديوان المتنبي، ومات بمصر سنة ستين وأربعمائة. [1062] محمد بن عبد الله أبو الحسن الوراق النحوي: مات سنة احدى وثمانين وثلاثمائة؛ كان في طبقة أبي طالب العبدي، وكان زوج بنت أبي سعيد السيرافي. وله شرح مختصر الجرمي الأكبر سمّاه «الفصول في نكت الأصول» . شرح مختصر الجرمي الأصغر سماه «الهداية» . كتاب العلل في النحو. (قال ياقوت) : بلغني أن كتاب الفصول أملاه عليه أبو سعيد السيرافي فنسبه هو إلى نفسه. [1063] محمد بن عبد الله بن قادم أبو جعفر النحوي: كان حسن النظر في علل النحو، وكان يؤدب ولد سعيد بن قتيبة الباهلي، وكان من أعيان أصحاب الفراء، وأخذ عنه ثعلب. حكي عنه قال «1» وجه إليّ إسحاق بن إبراهيم المصعبي يوما فأحضرني ولم أدر   [1061] كان في الأصل: محمد بن حمدان، (ولذلك استدركه مصطفى جواد لأنه عند الصفدي 3: 329 محمد بن عبد الله بن حمدان. ونقل الصفدي عن ياقوت قوله: ووجدت في موضع آخر أبو الحسن علي بن حمدان الدلفي والله أعلم؛ وفي بغية الوعاة 1: 128 نقل ما ورد هنا دون زيادة (الضائع: 154) . [1062] ترجمته في الوافي 3: 329 وبغية الوعاة 1: 129 (وزاد في نسبه بعد عبد الله: ابن العباس) ، وأثبت ما أورده الصفدي (وانظر الضائع: 153) . [1063] ترجمة ابن قادم في طبقات الزبيدي: 138 وانباه الرواة 3: 156 (وكنيته هنالك أبو عبد الله، وقيل اسمه أحمد) والوافي 3: 295 وبغية الوعاة 1: 140 وإشارة التعيين: 316. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2544 ما السبب، فلما قربت من مجلسه تلقاني ميمون بن إبراهيم كاتبه على الرسائل وهو على غاية الهلع والجزع، فقال لي بصوت خفي: إنه إسحاق، ومرّ غير متلبث حتى رجع إلى مجلس إسحاق، فراعني ذلك، فلما مثلت بين يديه قال لي: كيف يقال وهذا المال مال أو هذا المال مالا؟ قال: فعلمت ما أراد ميمون، فقلت: الوجه مال ويجوز مالا، فأقبل إسحاق على ميمون يغلّطه «1» وقال: الزم الوجه في كتبك ودعنا من يجوز ويجوز، ورمى بكتاب كان في يده، فسألت عن الخبر فإذا ميمون قد كتب إلى المأمون وهو ببلاد الروم عن إسحاق وذكر مالا حمله إليه: «وهذا المال مالا» فخط المأمون على الموضع في الكتاب ووقع بخطه على الحاشية: تخاطبني بلحن؟ فقامت القيامة على إسحاق، فكان ميمون بعد ذلك يقول: لا أدري كيف [أشكر] ابن قادم، أبقى على روحي ونعمتي. وحكى عن أحمد بن إسحاق بن بهلول «2» انه دخل هو وأخوه بغداد، فدار على الخلق يوم الجمعة، فوقف على رجل يتلهّب ذكاء ويجيب عن كلّ ما يسأل عنه من مسائل الأدب والقرآن، فقلنا: من هذا؟ قالوا: ثعلب، فبينا نحن كذلك إذ ورد شيخ يتوكأ على عصا فقال لأهل الحلقة: أفرجوا للشيخ، فأفرجوا له حتى جلس إلى جانبه، ثم إن سائلا سأل ثعلبا عن مسألة فقال: قال الرؤاسي فيها كذا، وقال الكسائي كذا، وقال الفراء كذا، وقال هشام كذا، وقلت أنا كذا، فقال له الشيخ: لا أراني أعتقد فيها إلا جوابك فالحمد لله الذي بلّغني فيك هذه المنزلة، فقلنا: من هذا الشيخ؟ فقيل أستاذه ابن قادم. وكان ابن قادم «3» يعلم المعتز قبل الخلافة، فلما ولي بعث إليه فقيل له: أجب أمير المؤمنين، فقال: أليس هو ببغداد- يعني المستعين- فقالوا: لا وقد ولي المعتز، وكان قد حقد عليه بطريق تأديبه له، فخشي من بادرته، فقال لعياله: عليكم السلام، فخرج ولم يرجع إليهم وذلك في سنة احدى وخمسين ومائتين. وله من الكتب الكافي في النحو. والمختصر فيه أيضا. وكتاب غرائب الحديث. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2545 [1064] محمد بن عبد الله بن محمد بن أبي الفضل أبو عبد الله المرسي السلمي شرف الدين، الأديب النحوي المفسر المحدث الفقيه: أحد أدباء عصرنا، أخذ من النحو والشعر بأوفر نصيب، وضرب فيه بالسهم المصيب، وخرج التخاريج، وتكلم على «المفصل» للزمخشري وأخذ عليه عدة مواضع، بلغني أنه سبعون موضعا أقام على خطأها البرهان، واستدل على سقمها ببيان. وله عدة تصانيف. خرج من بلاد المغرب سنة سبع وستمائة، ودخل مصر وسار إلى الحجاز ودخل مع قافلة الحجاج إلى بغداد وأقام بها يسمع ويقرأ الفقه والخلاف والأصلين بالنظامية، ورحل إلى خراسان بغداد وأقام بها يسمع ويقرأ الفقه والخلاف والأصلين بالنظامية، ورحل إلى خراسان ووصل إلى مرو الشاهجان وسمع بنيسابور وهراة ومرو ولقي المشايخ، وعاد إلى بغداد، وأقام بحلب ودمشق، ورأيته بالموصل، ثم حجّ ورجع إلى دمشق، ثم عاد إلى المدينة فأقام على الاقراء، ثم انتقل إلى مصر وأنا بها سنة أربع وعشرين وستمائة، ولزم النسك والعبادة والانقطاع. أخبرني أن مولده بمرسية سنة سبعين وخمسمائة، وانه قرأ القرآن على ابن غلبون وغيره، والنحو على أبي الحسن علي بن يوسف بن شريك الداني والطيب بن محمد بن الطيب النحوي والشلوبيني وتاج الدين الكندي، والأصول على إبراهيم بن دقماق والعميدي، والخلاف على معين الدين الجاجرمي، وسمع الحديث الكثير بواسط من ابن عبد السميع، ومن ابن الماندائي مشيخته، وبهمذان من جماعة وبنيسابور «صحيح مسلم» من المؤيد الطوسي وجزءا من ابن نجيد ومن منصور بن عبد المنعم الفراوي وأم المؤيد زينب بنت الشعري، وبهراة من ابن روح الهروي،   [1064] ترجمته في الوافي 3: 354 وبغية الوعاة 1: 144؛ ونقل الصفدي عن ياقوت قوله فيه: وكان عذري الهوى عامري الجوى له كل يوم حبيب؛ وهذا لم يرد في الترجمة؛ وأضاف الصفدي «وطوّل ياقوت ترجمته واستوفاها» قلت: سقوط العبارة التي نقلها الصفدي ثم الحكم على الترجمة بأنها ليست طويلة، كل ذلك يدلّ على أن الترجمة قد لحقها حذف وإيجاز، وانظر نفح الطيب 2: 241 (وهو ينقل عن ابن النجار) وقد توفي سنة 655 في طريقه من مصر إلى الشام. وقال الصفدي: خلف كتبا عظيمة كانت مودعة بدمشق فرسم السلطان ببيعها؛ وانظر أيضا طبقات السبكي 10: 125 إذ مرّ ذكره عرضا، ووردت ترجمته في 8: 69- 72 وفي المقفى 6: 121. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2546 وبمكة من الشريف يونس بن يحيى الهاشمي. وكان نبيلا ضريرا يحلّ بعض مشكلات اقليدس، وحدث بكتاب «السنن الكبرى» للبيهقي عن منصور بن عبد المنعم الفراوي، وبكتاب «غريب الحديث» للخطابي. صنف الضوابط النحوية في علم العربية. والاملاء على المفصل. وتفسير القرآن سماه «ري الظمآن في تفسير القرآن» كبير جدا قصد فيه ارتباط الآي بعضها ببعض. وكتابا في أصول الفقه والدين. وكتابا في البديع والبلاغة. وله تفسير القرآن الأوسط عشرة أجزاء. وتفسير القرآن الصغير ثلاثة أجزاء. ومختصر صحيح مسلم. والكافي في النحو. وتعليق على الموطأ. وتعاليق أخرى. وكان كثير الشيوخ والسماع، وحدث بالكثير بمصر والشام والعراق والحجاز، وكانت له كتب في البلاد التي يتنقل فيها بحيث لا يستصحب كتبا في سفره اكتفاء بما له من الكتب في البلد الذي يسافر إليه، وله النظم الرائق والنثر الفائق، فمن شعره قوله: من كان يرغب في النجاة فما له ... غير اتّباع المصطفى فيما أتى ذاك السبيل المستقيم وغيره ... سبل الغواية والضلالة والردى فاتبع كتاب الله والسنن التي ... صحّت فذاك إذا اتبعت هو الهدى ودع السؤال بكم وكيف فانه ... باب يجرّ ذوي البصيرة للعمى الدين ما قال النبيّ وصحبه ... والتابعون ومن مناهجهم قفا وقال أيضا: قالوا فلان قد أزال بهاءه ... ذاك العذار وكان بدر تمام فأجبتهم بل زاد نور بهائه ... ولذا تضاعف فيه فرط غرامي استقصرت ألحاظه فتكاتها ... فأتى العذار يمدّها بسهام وقال: قالوا محمد قد كبرت وقد أتى ... داعي المنون وما اهتممت بزاد قلت الكريم من القبيح لضيفه ... عند القدوم مجيئه بالزاد الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2547 [1065] محمد بن عبد الله بن محمد بن موسى أبو عبد الله الكرماني النحوي الوراق: كان عالما فاضلا عارفا بالنحو واللغة، مليح الخطّ صحيح النقل يورّق بالأجرة. قرأ على ثعلب وخلط المذهبين، وله من الكتب: الموجز في النحو. وكتاب آخر فيه لم يتم. والجامع في اللغة، ذكر فيه ما أغفله الخليل في «العين» وما ذكر أنه مهمل وهو مستعمل وقد أهمل، وكان بينه وبين ابن دريد مناقضة. مات سنة تسع وعشرين وثلاثمائة. [1066] محمد بن عبد الله أبو الخير الضرير المروزي النحوي: كان فقيها فاضلا أديبا لغويا نحويا، تفقه على القفال المروزي فبرع في الفقه، واشتهر في النحو واللغة والأدب. قال السمعاني: كان من أصحاب الرأي فصار من أصحاب الحديث بصحبة الامام أبي بكر القفال، سمع الحديث منه ومن أبي نصر المحمودي «1» ، وروى عنه القاضي الحافظ أبو منصور السمعاني «2» ، وكان إذا دخل في داره يقرأ عليه الفقهاء الأدب، والباب مردود، فإذا اجتاز به القفال راكبا وسمع صوت حافر فرسه على الأرض قام إلى داخل الدار لئلا يسمع الصوت القفال تعظيما للأستاذ. مات أبو الخير سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة. والمروزي هذا هو المعروف بالمسعودي عند الشافعية، وقد يلقبونه بأبي   [1065] ترجمة أبي عبد الله الكرماني في الفهرست: 87 وطبقات الزبيدي: 121 وانباه الرواة 3: 155 والوافي 3: 329 وبغية الوعاة 1: 144. [1066] ترجمته في ابن خلكان 4: 213 والوافي 3: 328 وبغية الوعاة 1: 149 وطبقات السبكي 4: 171 وطبقات ابن هداية الله: 137. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2548 عبد الله، وهو أحد ائمتهم، معدود من أقران شيخه القفال، وله شرح على «مختصر المزني» «1» عمدة في المذهب. ومن شعره: تنافى المال والعقل ... فما بينهما شكل هما كالورد والنرج ... س لا يحويهما فصل فعقل حيث لا مال ... ومال حيث لا عقل [1067] محمد بن عبد الله خطيب القلعة الفخرية، أبو عبد الله المعروف بالخطيب الاسكافي: الأديب اللغوي صاحب التصانيف الحسنة، أحد أصحاب ابن عباد الصاحب، وكان من أهل أصبهان وخطيبا بالريّ. قال ابن عباد: فاز بالعلم من أهل أصبهان ثلاثة: حائك وحلاج وإسكاف، فالحائك أبو علي المرزوقي، والحلاج أبو منصور [ابن] ماشدة، والاسكاف أبو عبد الله الخطيب. وصنف كتاب غلط كتاب العين. والغرة تتضمن شيئا من غلط أهل الأدب. ومبادىء اللغة. وشواهد كتاب سيبويه. ونقد الشعر. ودرة التنزيل وغرة التأويل في الآيات المتشابهة. وكتاب لطف التدبير في سياسات الملوك «2» . وغير ذلك. توفي سنة عشرين وأربعمائة. [1068] محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن مسعود بن أحمد بن الحسين بن مسعود   [1067] ترجمة الخطيب الاسكافي في الوافي 3: 337 وبغية الوعاة 1: 149. [1068] ترجمة البنجديهي المسعودي في ابن خلكان 4: 390 وانباه الرواة 3: 166 والوافي 3: 233 ومرآة الجنان 3: 428 وبغية الوعاة 1: 158 ومعجم البلدان (بنجديه) والشذرات 4: 280 وعبر الذهبي 4: 253 ولسان الميزان 5: 256 وطبقات السبكي 6: 123 والأنساب 4: 243. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2549 المسعودي، أبو سعيد البندهي: وكان يكتب بخطه البنجديهي، اللغوي الفقيه الشافعي، من أهل الفضل والأدب والدين والورع، ورد بغداد ثم الشام وحصل له سوق نافقة وقبول تام عند صلاح الدين ابن أيوب، وأقبلت عليه الدنيا فحصل كتبا لم تحصل لغيره ووقفها بخانقاه السميساطي، وأكثرها من خزانة كتب حلب التي أباح له السلطان صلاح الدين أن يأخذ منها ما شاء، وكان البنجديهي يعلم الملك الأفضل أبا الحسن علي بن صلاح الدين، وحدث وأملى بالشام، وصنف شرحا لمقامات الله يري في خمس مجلدات متوسطة استوعب وأحسن فيها ما شاء، ولد في وقت الغروب ليلة الثلاثاء غرة ربيع الآخر سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة، ومات بدمشق في ليلة السبت التاسع والعشرين من شهر ربيع الأول سنة أربع وثمانين وخمسمائة، وكان كثيرا ما يتمثل بهذه الأبيات: قالت عهدتك تبكي ... دما حذار التنائي فلم تعوّضت عنا ... بعد الدماء بماء فقلت ما ذاك منّي ... لسلوة أو عزاء لكن دموعي شابت ... من طول عمر بكائي [1069] محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن محمد بن جعفر أبو سعيد النيسابوري الكنجروذي الفقيه الأديب النحوي الطبيب الفارسي: شيخ مشهور، أدرك الأسانيد العالية في الحديث والأدب، وله شعر. توفي في صفر سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة، وكانت له يد في الطب والفروسية وأدب السلاح، وحدث سنين وسمع منه خلق كثير، وجرت بينه وبين أبي جعفر الزوزني البحاثي محاورات أدت إلى وحشة، فرماه بأشياء.   [1069] ترجمة الكنجروذي سقطت من معجم الأدباء (وهي من مستدركات مصطفى جواد- الضائع: 154) وأحال المؤلف على كتابه هذا لدى ذكره جنزروذ في معجم البلدان. وراجع ترجمة الكنجروذي في الأنساب (المادة نفسها) وانباه الرواة 3: 165 والوافي 3: 231 وبغية الوعاة 1: 157 والشذرات 3: 292 (وما أثبته هنا عن الوافي) . الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2550 [1070] محمد بن عبد الغفار الخزاعي: ذكر أبو الطيب عبد الواحد بن علي اللغوي أنه عمل كتاب الخيل، فعزاه الناس إلى أبي عبيدة فهو اليوم بأيديهم؛ (قال ياقوت في «معجم الأدباء» ) : الصواب أن مؤلف كتاب الخيل هو عبد الغفار أبوه. [1071] محمد بن عبد الملك بن زهر بن عبد الملك بن محمد بن مروان بن زهر الأندلسي الاشبيلي أبو بكر: ولد باشبيلية ونشأ بها وحفظ القرآن وسمع الحديث وأقبل على الأدب واللغة والعربية فبرع في ذلك كله، وعانى الشعر فبلغ الاجادة فيه، وكان يحفظ شعر ذي الرمة، وانفرد بالاجادة في نظم الموشحات التي فاق بها أهل المغرب على أهل المشرق، ولازم عبد الملك الباجيّ سبع سنين وقرأ عليه «المدونة» في مذهب مالك، وأخذ صناعة الطبّ عن أبيه أبي مروان عبد الملك، وباشر أعمالها ففاق فيها أهل زمانه وخدم بها دولة الملثمين في آخر عهدهم ثم خدم بها دولة الموحدين بني عبد المؤمن، ومات في أول دولة الناصر محمد. وكان حسن المعالجة جيد التدبير لا يماثله أحد في ذلك، وكان صحيح البنية قويّ الأعضاء، وبلغ الشيخوخة ولم يفقد قوة عضو من أعضائه إلا ثقل في السمع اعتراه في أواخر عمره. حكى أبو مروان محمد بن أحمد الباجي أن أبا بكر ابن زهر كان شديد البأس يجذب قوسا مائة وخمسين رطلا بالاشبيلي، وهو ست عشرة أوقية، وكان يحسن اللعب بالشطرنج بارعا فيه. ولد سنة سبع وخمسمائة وتوفي بمراكش سنة خمس وتسعين وخمسمائة وقيل في أول سنة ست وتسعين، ودفن بمقابر الشيوخ وقد ناهز التسعين.   [1070] ترجمة محمد بن عبد الغفار الخزاعي في الوافي 3: 265 وفيه إحالة على ياقوت، (وقد سقطت الترجمة منه وهي من مستدركات مصطفى جواد- الضائع: 156) ، وانظر مراتب النحويين: 86. [1071] ترجمة ابن زهر الحفيد في المطرب: 204 والتكملة: 555 والذيل والتكملة 6: 398 وابن خلكان 4: 434 والمغرب 1: 266 وابن أبي أصيبعة 2: 67 ونفح الطيب 2: 247 وله موشحات في دار الطراز وجيش التوشيح: 196- 212. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2551 ومن شعر الوزير أبي بكر ابن زهر قوله «1» : إني نظرت إلى المرآة إذ جليت ... فأنكرت مقلتاي كلّ ما رأتا رأيت فيها شييخا لست أعرفه ... وكنت أعهده من قبل ذاك فتى فقلت أين الذي بالأمس كان هنا ... متى ترحّل عن هذا المكان متى فاستجهلتني وقالت لي وما نطقت ... قد كان ذاك وهذا بعد ذاك أتى كان الغواني يقلن يا أخي ولقد ... صار الغواني يقلن اليوم يا أبتا وقال في كتاب «حيلة البرء» لجالينوس وأجاد «2» : حيلة البرء صنّفت لعليل ... يترجّى الحياة أو لعليله فإذا جاءت المنية قالت ... حيلة البرء ليس في البرء حيله ومن موشحاته قوله «3» : أيها الشاكي إليك المشتكى ... قد دعوناك وإن لم تسمع ونديم همت في غرّته ... وشربت الراح من راحته كلما استيقظ من سكرته ... جذب الزقّ إليه واتكا وسقاني أربعا في أربع ... غصن بان [مال] من حيث استوى بات من يهواه من فرط الجوى ... خفق الأحشاء موهون القوى كلما فكّر في البين بكى ... ماله يبكي لما لم يقع الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2552 ليس لي صبر ولا لي جلد ... يا لقومي هجروا واجتهدوا أنكروا شكواي مما أجد ... مثل حالي «1» حقه أن يشتكى كمد اليأس وذلّ الطمع ... ما لعيني عشيت بالنظر أنكرت بعدك ضوء القمر ... واذا ما شئت فاسمع خبري قرحت «2» عيني من طول البكا ... وبكى بعضي على بعضي معي كبد حرّى ودمع يكف ... يعرف الذنب ولا يعترف أيها المعرض عما أصف ... قد نمى حبّك عندي وزكا لا يظنّ الحبّ أني مدعى ومن موشحاته أيضا «3» : شاب مسك الليل كافور الصباح ... ووشت بالروض أعراف الرياح فاسقنيها قبل نور الفلق ... وغناء الورق بين الورق كاحمرار الشمس عند الشفق ... نسج المزج عليها حين لاح فلك اللهو وشمس الإصطباح ... وغزال سامني بالملق وبرى جسمي وأذكى حرقي ... أهيف مذ سلّ سيف الحدق الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2553 قصّرت عنه مشاهير الصفاح ... وانثنت بالذعر أغصان الرماح صار بالذلّ فؤادي كلفا ... وجفوني ساهرات وطفا كلما قلت جوى الحبّ انطفا ... أمرض القلب بأجفان صحاح وسبى العقل بجدّ ومزاح ... يوسفيّ الحسن عذب المبتسم قمريّ الوجه ليليّ اللمم ... عنتريّ البأس عبسيّ الهمم غصنيّ القدّ مهضوم الوشاح ... مادريّ الوصل طائيّ السماح قدّ بالقد فؤادي هيفا ... وسبى عقلي لما انعطفا ليته بالوصل أحيا دنفا ... مستطار العقل مقصوص الجناح ما عليه في هواه من جناح ... يا عليّ أنت نور المقل جد بوصل منك لي يا أملي ... كم أغنيك إذا ما لحت لي «طرقت والليل ممدود الجناح ... مرحبا بالشمس من غير صباح» وقال أيضا: لله ما صنع الغرام بقلبه ... أودى به لما ألمّ بلبّه لبّاه لما أن دعاه وهكذا ... من يدعه داعي الغرام يلبّه بأبي الذي لا يستطيع لعجبه ... ردّ السلام وإن شككت فعج به ظبي من الأعراب ما ترك الضنا ... في لحظه من سلوة لمحبه إن كنت تنكر ما جنى بلحاظه ... في سلبه يوم الغوير فسل به الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2554 أو شئت أن تلقى غزالا أغيدا ... في سربه أسد العرين فسر به يا ما أميلحه وأعذب ريقه ... وأعزّه وأذلّني في حبه بل ما أليطف وردة في خده ... وأرقّها وأشدّ قسوة قلبه كم من خمار دون خمرة ريقه ... وعذاب قلب دون رائق عذبه نادى بنفسج عارضيه وقد بدا ... يا عاشقين تمتعوا من قربه وقال أيضا «1» : ما زلت أسقيهم وأشرب فضلهم ... حتى سكرت ونالهم ما نالني والخمر تعلم حين تأخذ ثارها ... أني أملت إناءها فأمالني وقال أيضا وأوصى أن يكتب على قبره: تأمل بحقك يا واقفا ... ولاحظ مكانا دفعت إليه فاني حذّرت منه الأنام ... وها أنا قد صرت رهنا لديه «2» [1072] محمد بن عبد الملك أبو عبد الله الكلثومي النحوي: من الفضلاء الكبراء، علامة في الاعراب واللغة والحساب ومعرفة الأيام والانساب والنجوم، دخل خوارزم مع عدة من الأدباء والشعراء حين ضاق بهم الحال بخراسان وأنشد بها: تقول سعاد ما تغرّد طائر ... على فنن إلا وأنت كئيب «أجارتنا إنا غريبان هاهنا ... وكلّ غريب للغريب نسيب» أجارتنا إنّ الغريب وان غدت ... عليه غوادي الصالحات غريب أجارتنا من يغترب يلق للأذى ... نوائب تقذي عينه فيشيب   [1072] ترجمة الكلثومي في الوافي 4: 36 وبغية الوعاة 1: 163. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2555 يحنّ إلى أوطانه وفؤاده ... له بين أحناء الضلوع وجيب سقى الله ربعا بالعراق فإنه ... إليّ وان فارقته لحبيب أحنّ إليه من خراسان نازعا ... وهيهات لو أنّ المزار قريب وإن حنينا من خوارزم ينتهي ... إلى منتهى أرض العراق عجيب [1073] محمد بن عبد الواحد بن أبي هاشم، أبو عمر الزاهد المطرز الباوردي: غلام ثعلب اللغوي من أئمة اللغة وأكابر أهلها وأحفظهم لها، قال أبو علي بن أبي علي التنوخي عن أبيه: ومن الرواة الذين لم ير قطّ أحفظ منهم أبو عمر الزاهد محمد بن عبد الواحد المعروف بغلام ثعلب، أملى من حفظه ثلاثين ألف ورقة في اللغة فيما بلغني، وكان لسعة حفظه يطعن عليه بعض أهل الأدب ولا يوثقونه في علم اللغة، حتى قال عبيد الله بن أبي الفتح «1» : لو طائر طار في الجو لقال أبو عمر الزاهد حدثنا ثعلب عن ابن الأعرابي، ويذكر في معنى ذلك شيئا، وكان المحدثون يوثقونه. قال الخطيب البغدادي «2» : رأيت جميع شيوخنا يوثقونه ويصدقونه، وكان يسأل عن الشيء فيجيب عنه، ثم يسأل عنه بعد سنة فيجيب بذلك الجواب. ويروى أن جماعة من أهل بغداد اجتازوا على قنطرة الصراة وتذاكروا ما يرمى به من الكذب فقال أحدهم: أنا أصحّف له القنطرة وأسأله عن معناها فننظر ما يجيب، فلما دخلوا عليه قال له الرجل: أيها الشيخ ما الهرطنق عند العرب؟ فقال: كذا وكذا، وذكر شيئا،   [1073] ترجمة أبي عمر الزاهد في طبقات الزبيدي: 229 والفهرست: 82 وتاريخ بغداد 2: 356 وطبقات الحنابلة 2: 67 ونزهة الالباء: 190 والمنتظم 6: 380 وانباه الرواة 3: 171 وابن خلكان 4: 329 وتذكرة الحافظ: 873 وعبر الذهبي 2: 268 وسير الذهبي 15: 508 والوافي 4: 72 ومرآة الجنان 2: 337 وطبقات السبكي 3: 189 والبداية والنهاية 11: 230 ولسان الميزان 5: 268 وبغية الوعاة 1: 164 والشذرات 2: 370 وإشارة التعيين: 326. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2556 فتضاحك الجماعة وانصرفوا، فلما كان بعد شهر أرسلوا اليه شخصا آخر فسأله عن الهرطنق فقال: أليس قد سئلت عن هذه المسألة منذ كذا وكذا؟ ثم قال: هو كذا وكذا كما أجاب أولا، قال القوم: فما ندري من أيّ الأمرين نعجب، من حفظه إن كان علما، أم من ذكائه إن كان كذبا، فإن كان علما فهو اتساع عجيب، وإن كان كذبا فكيف تناول ذكاؤه المسألة وتذكر الوقت بعد أن مرّ عليه زمان فأجاب بذلك الجواب بعينه؟. وحكي أن «1» معز الدولة بن بويه قلد شرطة بغداد غلاما تركيا من مماليكه اسمه خواجا فبلغ ذلك أبا عمر الزاهد وكان يملي كتابه «اليواقيت» في اللغة فقال للجماعة في مجلس الاملاء: اكتبوا ياقوتة خواجا، الخواج في أصل اللغة الجوع، ثم فرّع على هذا بابا وأملاه عليهم فاستعظموا كذبه وتتبعوه، فقال أبو علي الحاتمي- وكان من أصحابه- أخرجنا في «أمالي» الحامض عن ثعلب عن ابن الأعرابي الخوارج الجوع. وحكى «2» رئيس الرؤساء أبو القاسم علي بن الحسن عن من حدثه أن أبا عمر الزاهد كان يؤدب ولد القاضي أبي عمر محمد بن يوسف، فأملى على الغلام نحوا من ثلاثين مسألة في النحو ذكر غريبها وختمها ببيتين من الشعر، وحضر أبو بكر ابن دريد وأبو بكر الأنباري وأبو بكر ابن مقسم العطار المقرىء عند القاضي أبي عمر، فعرض عليهم تلك المسائل فما عرفوا منها شيئا، وأنكروا الشعر، فقال لهم القاضي: ما تقولون فيها؟ فقال ابن الأنباري: أنا مشغول بتصنيف «مشكل القرآن» ولست أقول شيئا، وقال ابن مقسم مثل ذلك واعتذر باشتغاله بالقراءات، وقال ابن دريد: هذه المسائل من موضوعات أبي عمر الزاهد، ولا أصل لشيء منها في اللغة، وانصرفوا، فبلغ ذلك أبا عمر فاجتمع بالقاضي وسأله إحضار دواوين جماعة من قدماء الشعراء عينهم، ففتح القاضي خزانته وأخرج له تلك الدواوين، فلم يزل أبو عمر الزاهد يعمد إلى كلّ مسألة منها ويخرج لها شاهدا من تلك الدواوين ويعرضه على القاضي حتى استوفى جميع المسائل، ثم قال: وهذان البيتان أنشدهما ثعلب بحضرة القاضي الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2557 وكتبهما القاضي بخطه على ظهر الكتاب كما ذكر أبو عمر، وانتهت القصة إلى ابن دريد فلم يذكر أبا عمر الزاهد بلفظة إلى أن مات. وقال رئيس الرؤساء أيضا «1» : رأيت أشياء كثيرة مما أنكر على أبي عمر ونسب فيها إلى الكذب فوجدتها مدونة في كتب اللغة وخاصة في «الغريب المصنف» لأبي عبيد. وقال أبو القاسم عبد الواحد بن علي بن برهان الأسدي «2» : لم يتكلم في اللغة أحد من الأولين والآخرين بأحسن من كلام أبي عمر الزاهد، أخذ أبو عمر عن أبي العباس ثعلب وصحبه زمانا طويلا فنسب إليه وعرف بغلام ثعلب، وأخذ عنه أبو علي الحاتمي الأديب الكاتب اللغوي وأبو القاسم ابن برهان وغيرهما، وروى عنه أبو الحسن محمد بن رزقويه وأبو علي ابن شاذان وغيرهما. وقال أبو الحسن المرزبان «3» : كان إبراهيم بن أيوب بن ماسي ينفذ إلى أبي عمر الزاهد كفايته وقتا بوقت، فقطع ذلك عنه مدة لعذر، ثم أنفذ إليه جملة ما كان انقطع عنه وكتب إليه رقعة يعتذر بها من تأخير رسمه، فردّه، وأمر بعض من كان عنده من أصحابه أن يكتب له على ظهر رقعته: أكرمتنا فملكتنا ... وتركتنا فأرحتنا وكانت صناعة أبي عمر الزاهد التطريز فنسب إليها، وكان جماعة من الأشراف والكتاب يحضرون مجلسه للسماع منه، وكان قد جمع جزءا في فضائل معاوية، فكان لا يمكّن أحدا من السماع منه حتى يبتدىء بقراءة ذلك الجزء. وعن محمد بن العباس بن الفرات قال: كان مولد أبي عمر الزاهد سنة إحدى وستين ومائتين، وقال الخطيب البغدادي «4» : توفي يوم الأحد لثلاث عشرة ليلة خلت من ذي القعدة سنة خمس وأربعين وثلاثمائة وذلك في خلافة المطيع لله، ودفن يوم الاثنين في الصفّة التي تقابل قبر معروف الكرخي، وبينهما عرض الطريق. وعن أبي الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2558 الحسن بن رزقويه توفي سنة أربع وأربعين وثلاثمائة والصحيح الأول. ولأبي عمر من الكتب: شرح الفصيح لثعلب. وفائت الفصيح جزء لطيف. واليواقيت في اللغة. والمرجان في اللغة. والكتاب الحضري في الكلمات. وغريب الحديث صنفه على مسند أحمد بن حنبل. وكتاب المكنون والمكتوم. وفائت المستحسن. وكتاب ما أنكره الأعراب على أبي عبيدة فيما رواه. والموشح. والسريع. والتفاحة. وفائت الجمهرة. وفائت العين. وتفسير أسماء القراء. والمداخل في اللغة. وحل المداخل. والنوادر. وكتاب العشرات. وكتاب البيوع. وكتاب الشورى. والمستحسن في اللغة. وكتاب القبائل. وكتاب يوم وليلة. وكتاب الساعات. وغير ذلك «1» . وأملى في آخر كتابه «اليواقيت» في اللغة قوله: لما فرغنا من نظام الجوهره ... أعورت العين وفضّ الجمهره ووقف الفصيح عند القنطره وعن أبي علي الحاتمي «2» أنه اعتل فتأخر عن مجلس أبي عمر، فسأل عنه فقيل إنه كان عليلا، فجاءه من الغد يعوده، فاتفق أنه كان قد خرج إلى الحمام فكتب على باب داره بالاسفيداج: وأعجب شيء سمعنا به ... عليل يعاد فلا يوجد قال: وهو من شعره. وحدث عباس بن محمد الكلوذاني قال: سمعت أبا عمر الزاهد يقول: ترك قضاء حقوق الاخوان مذلة وفي قضائها رفعة، فاحمدوا الله تعالى على ذلك وسارعوا في قضاء حوائجهم ومسارّهم تكافأوا عليه. وحكى أبو الفتح عبيد الله بن أحمد النحوي قال: أنشد أبو العباس اليشكري في مجلس أبي عمر الزاهد يمدحه «3» : الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2559 أبو عمر يسمو من العلم مرتقى ... يزلّ مساميه ويردى مطاوله ولو أنني أقسمت ما كنت حانثا ... بأن لم ير الراؤون حبرا يعادله هو الشخت جسما والسمين فضيلة ... فأعجب بمهزول سمان فضائله تدفّق بحرا بالمسائل زاخرا ... تغيب على من لجّ فيه سواحله إذا قلت شارفنا أواخر علمه ... تفجّر حتى قلت هذي أوائله [1074] محمد بن عبيد الله بن الحسن بن الحسين ابن أبي البقاء البصري قاضي البصرة، أبو الفرج النحوي: قدم بغداد وواسط وقرأ الأدب على أبي غالب ابن بشران وغيره، والفقه على القاضي أبي الطيب والشيخ أبي إسحاق الشيرازي والماوردي، وسمع بالأهواز من الحسين الخوزي وبالبصرة من الفضل القصباني وعبيد الله الرقي والحسن بن رجاء بن الدهان النحويين، وروى عن الماوردي كتبه كلها، وكان حافظا للفقه حسن المذاكرة كثير القراءة متحشما عن السلاطين. وله تصانيف حسان منها: مقدمة في النحو. كتاب المتقعرين. توفي في تاسع عشر المحرم سنة تسع وتسعين وأربعمائة، وسمع في مرضه يقول: ما أخشى أن الله يحاسبني أنني أخذت شيئا من وقف أو مال يتيم. [1075] محمد بن عبيد الله أبو الفتح ابن التعاويذي ، ويعرف أيضا بسبط ابن التعاويذي، وكلاهما نسبة لجدّه لأمه أبي محمد المبارك بن المبارك بن علي السراج الجوهري المعروف بابن التعاويذي الزاهد: كان شاعر العراق في وقته، وكان كاتبا   [1074] ترجمة ابن أبي البقاء في الوافي 4: 9 وبغية الوعاة 1: 170. [1075] ترجمة ابن التعاويذي في التكملة للمنذري 1: 60 والروضتين 2: 123 وابن خلكان 4: 466 وعبر الذهبي 4: 253 وسير الذهبي 21: 175 والمختصر المحتاج إليه 1: 66 والوافي 4: 11 ونكت الهميان: 259 والبداية والنهاية 12: 329 والنجوم الزاهرة 6: 105 والشذرات 3: 281. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2560 بديوان الاقطاع ببغداد، واجتمع به العماد الكاتب الأصفهاني لما كان بالعراق وصحبه مدة، فلما انتقل العماد إلى الشام واتصل بالسلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب كان ابن التعاويذي يراسله، فكان بينهما مراسلات ذكر بعضها العماد في «الخريدة» . وعمي أبو الفتح في آخر عمره سنة تسع وسبعين وخمسمائة، وله في ذلك أشعار كثيرة يندب بها بصره وزمان شبابه. ومدح السلطان صلاح الدين بثلاث قصائد أنفذها إليه من بغداد، إحداها عارض بها قصيدة أبي منصور علي بن الحسن المعروف بصرّدرّ التي أولها: أكذا يجازى ودّ كلّ قرين فقال ابن التعاويذي وأحسن ما شاء «1» : إن كان دينك في الصبابة ديني ... فقف المطيّ برملتي يبرين والثم ثرى لو شارفت بي هضبه ... أيدي المطيّ لثمته بجفوني وانشد فؤادي في الظباء معرّضا ... فبغير غزلان الصريم جنوني ونشيدتي بين الخيام وإنما ... غالطت عنها بالظباء العين لولا العدى لم أكن عن ألحاظها ... وقدودها بجآذر وغصون لله ما اشتملت عليه قبابهم ... يوم النوى من لؤلؤ مكنون من كل تائهة على أترابها ... في الحسن غانية عن التحسين خود ترى قمر السماء إذا بدت ... ما بين سالفة لها وجبين غادين ما لمعت بروق ثغورهم ... إلا استهلّت بالدموع شؤوني إن تنكروا نفس الصّبا فلأنها ... مرّت بزفرة قلبي المحزون وإذا الركائب في المسير تلفّتت ... فحنينها لتلفّتي وحنيني يا سلم إن ضاعت عهودي عندكم ... فأنا الذي استودعت غير أمين أو عدت مغبونا فما أنا في الهوى ... لكم بأول عاشق مغبون الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2561 رفقا فقد عسف الفراق بمطلق ال ... عبرات في أسر الغرام رهين ما لي ووصل الغانيات أرومه ... ولقد بخلن عليّ بالماعون وعلام أشكو والعهود نقضنها ... بلحاظهنّ إذا لوين ديوني هيهات ما للغيد في حبّ امرىء ... أرب وقد أربى على الخمسين ومن البلية أن تكون مطالبي ... جدوى بخيل أو وفاء خؤون ليت الضنين على المحبّ بوصله ... ألف السماحة عن صلاح الدين ملك إذا علقت يد بذمامه ... علقت بحبل في الوفاء متين قاد الجياد معاقلا وان اكتفى ... بمعاقل من رأيه وحصون سهرت جفون عداه خيفة فاتح ... خلقت صوارمه بغير جفون لو أنّ لليث الهزبر سطاه لم ... يلجا إلى غاب له وعرين أضحت دمشق وقد حللت بجوها ... مأوى الضعيف وموئل المسكين لك عفة في قدرة وتواضع ... في عزة وصرامة في لين وأريتنا بجميل صنعك ما روى ال ... راوون عن أمم خلت وقرون وضمنت أن تحيي لنا أيامهم ... بالمكرمات فكنت خير ضمين كاد الأعادي أن يصيبك كيدها ... لو لم تكدك برأيها المأفون تخفي عداوتها وراء بشاشة ... فتشفّ عن نظر لها مشفون دفنت حبائل مكرها فرددتها ... تبلى بغيظ صدورها المدفون وعلمت ما أخفوا كأنّ قلوبهم ... أفضت إليك بسرها المخزون فهوت نجوم سعودهم وقضى لهم ... بالنحس طائر جدّك الميمون وأما قصيدته الثانية فهي «1» : حتّام أرضى في هواك وتغضب ... وإلى متى تجني عليّ وتعتب ما كان لي لولا ملالك زلة ... لما مللت زعمت أني مذنب الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2562 خذ في أفانين الصدود فإن لي ... قلبا على العلّات لا يتقلب أتظنني أضمرت يوما سلوة ... هيهات عطفك من سلوّي أقرب لي فيك نار جوانح ما تنطفي ... شوقا وماء مدامع لا ينضب أنسيت أياما لنا ولياليا ... للهو فيها والخلاعة ملعب أيام لا الواشي يشي بتولّهي ... بك للرقيب ولا العذول يؤنب قد كنت تنصفني المودة راكبا ... في الحبّ من أخطاره ما أركب واليوم أقنع أن يمرّ بمضجعي ... في النوم طيف خيالك المتأوب قالت وريعت من بياض مفارقي ... ونحول جسمي بان عنك الأطيب إن تنقمي سقمي فخصرك ناحل ... أو تنكري شيبي فثغرك أشنب يا طالبا بعد المشيب غضارة ... من عيشه ذهب الزمان المذهب أتروم بعد الأربعين تعدّها ... وصل الدمى هيهات عزّ المطلب لولا الهوى العذريّ يا دار الهوى ... ما هاج لي ذكراك برق خلّب كلا ولا استسقيت للطلل الحيا ... وندى صلاح الدين هام صيّب ثم مضى في المدح فأجاد وأحسن. وأما الثالثة فنكتفي بإيراد أبيات من مديحها قال «1» : فلا يضجرنك ازدحام الوفود ... عليك وكثرة ما تبذل فإنك في زمن ليس فيه ... جواد سواك ولا مفضل وقد قلّ في أهله المنعمون ... وقد كثر البائس المرمل وما فيه غيرك من يستماح ... وما فيه إلّاك من يسأل وقال من قصيدة يندب بصره «2» : لقد رمتني رميت بالأذى ... بنكبة قاصمة الظهر الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2563 وأوترت في مقلة قلما ... علمتها باتت على وتر جوهرة كنت ضنينا بها ... نفيسة القيمة والقدر إن أنا لم أبك عليها دما ... فضلا عن الدمع فما عذري ما لي لا أبكي على فقدها ... بكاء خنساء على صخر وقال أيضا في ذلك من أبيات «1» : حالان مستني الحوا ... دث منهما بفجيعتين إظلام عين في ضيا ... ء من مشيب سرمدين صبح وإمساء معا ... لا خلفة فاعجب لذين قد رحت في الدنيا من ال ... سراء صفر الراحتين أسوان لا حيّ ولا ... ميت كهمزة بين بين وقال أيضا في ذلك من أبيات «2» : فها أنا كالمقبور في كسر منزلي ... سواء صباحي عنده ومسائي يرقّ ويبكي حاسدي لي رحمة ... وبعدا لها من رقة وبكاء وقال في الشيخوخة «3» : من شبه العمر بالكاس يرسو ... قذاه ويرسب في أسفله فإني رأيت القذا طافيا ... على صفحة الكاس من أوله وقال في الهرم أيضا «4» : وعلوّ السنّ قد كسّ ... ر بالشيب نشاطي كيف سمّوه علّوا ... وهو أخذ في انحطاط وقال في ذلك أيضا «5» : الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2564 أسفت وقد نفت عنّي الليالي ... جديدا من شباب مستعار وكان يقيم عذري في زمان ال ... صبا لون الشبيبة في عذاري ولم أكره بياض الشيب الا ... لأن العيب يظهر في النهار وقال أيضا «1» : سقاك سار من الوسميّ هتّان ... ولا رقت للغوادي فيك أجفان يا دار لهوي وأطرابي ومعهد أت ... رابي وللهو أوطار وأوطان أعائد لي ماض من جديد هوى ... أبليته وشباب فيك فينان إذ الرقيب لنا عين مساعدة ... والكاشحون لنا في الحبّ أعوان وإذ جميلة توليني الجميل وعن ... د الغانيات وراء الحسن إحسان ولي إلى البان من رمل الحمى طرب ... فاليوم لا الرمل يصبيني ولا البان وما عسى يدرك المشتاق من وطر ... إذا بكى الربع والأحباب قد بانوا إن المغاني معان والمنازل أم ... وات إذا لم يكن فيهنّ سكان لله كم قمرت لبي بجوك أق ... مار وكم غازلتني فيك غزلان وليلة بات يجلو الراح من يده ... فيها أغنّ خفيف الروح جذلان خال من الهمّ في خلخاله حرج ... فقلبه فارغ والقلب ملآن يذكي الجوى بارد من ريقه شبم ... ويوقد الظرف طرف منه وسنان ان يمس ريان من ماء الشباب فلي ... قلب إلى ريقه المعسول ظمآن بين السيوف وعينيه مشاركة ... من أجلها قيل للأغماد أجفان فكيف أصحو غراما أو أفيق جوى ... وقدّه ثمل بالتيه نشوان أفديه من غادر بالعهد غادرني ... صدوده ودموعي فيه غدران في خدّه وثناياه ومقلته ... وفي عذاريه للعشّاق بستان شقائق وأقاح نبته خضل ... ونرجس أنا منه الدهر سكران الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2565 وكان له راتب في الديوان فلما عمي طلب أن يجعل باسم أولاده، ثم كتب هذه القصيدة ورفعها إلى الخليفة الناصر التمس بها تجديد راتب مدة حياته «1» : خليفة الله أنت بالدين وال ... دنيا وأمر الاسلام مضطلع أنت لما سنّه الأئمة أع ... لام الهدى مقتف ومتبع قد عدم العدم في زمانك وال ... جور معا والخلاف والبدع فالناس في الشرع والسياسة وال ... إحسان والعدل كلهم شرع يا ملكا يردع الحوادث وال ... أيام عن ظلمها فترتدع ومن له أنعم مكرّرة ... لنا مصيف منها ومرتبع أرضي قد أجدبت وليس لمن ... أجدب يوما سواك منتجع ولي عيال لا درّ درّهم ... قد أكلوا دهرهم وما شبعوا إذا رأوني ذا ثروة جلسوا ... حولي ومالوا إليّ واجتمعوا وطالما قطّعوا حبالي اع ... راضا إذا لم تكن معي قطع يمشون حولي شتّى كأنهم ... عقارب كلما سعوا لسعوا فمنهم الطفل والمراهق وال ... رضيع يحبو والكهل واليفع لا قارح منهم أؤمل أن ... ينالني خيره ولا جذع لهم حلوق تفضي إلى معد ... تحمل في الأكل فوق ما تسع من كل رحب المعاء أجوف نا ... ريّ الحشا لا يمسّه الشبع لا يحسن المضغ فهو يترك في ... فيه بلا كلفة ويبتلع ولي حديث يلهي ويعجب من ... يوسع لي خلقه ويستمع نقلت رسمي جهلا إلى ولد ... لست بهم ما حييت أنتفع نظرت في نفعهم وما أنا في اج ... تلاب نفع الأولاد مبتدع وقلت هذا بعدي يكون لكم ... فما أطاعوا أمري ولا سمعوا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2566 واختلسوه مني فما تركوا ... عيني عليه ولا يدي تقع فبئس والله ما صنعت فأض ... ررت بنفسي وبئس ما صنعوا فإن أردتم أمرا يزول به ال ... خصام من بيننا ويرتفع فاستأنفوا لي رسما أعود على ... ضنك معاشي به فيتسع وان زعمتم أني أتيت بها ... خديعة فالكريم ينخدع حاشا لرسم الكريم ينسخ من ... نسخ دواوينكم فينقطع فوقّعوا لي بما سألت فقد ... أطمعت نفسي واستحكم الطمع ولا تطيلوا معي فلست ولو ... دفعتموني بالراح أندفع وحلفوني أن لا تعود يدي ... ترفع في نقله ولا تضع وكل شعر أبي الفتح غرر، وديوانه كبير يدخل في مجلدين جمعه بنفسه قبل أن يضر، وافتتحه بخطبة لطيفة، ورتبه على أربعة أبواب، وما حدث من شعره بعد العمى سماه الزيادات، وهي ملحقة ببعض نسخ ديوانه المتداولة، وبعض النسخ خلو منها، وله كتاب سماه «الحجبة والحجاب» في مجلد كبير، ونسخه قليلة. ولد أبو الفتح ابن التعاويذي في اليوم العاشر من رجب سنة تسع عشرة وخمسمائة وتوفي في ثاني شوال سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة ببغداد ودفن في مقبرة باب أبرز. [1076] محمد بن عبيد الله بن أحمد بن ادريس المسبحي الحراني الأمير المختار عز الملك الكاتب المؤرخ المصري: (ذكره ياقوت في معجم الأدباء وقال) : كانت له عناية بالتواريخ تامة، وكتابه في ذلك من أحسن الكتب وأبسطها وأتقنها، وهو كتاب كبير نحو ثلاثين مجلدة، قال: ووقفت على شيء منه فاستحسنته وكتبت منه.   [1076] ترجمة المسبحي في ابن خلكان 4: 377 واللباب (المسبحي) والمغرب (قسم مصر) 1: 264 وعبر الذهبي 3: 139 والوافي 4: 7 والنجوم الزاهرة 4: 271 والشذرات 3: 215 وحسن المحاضرة 1: 248 وتاج العروس (سبح) وتلخيص معجم الألقاب، الجزء الخامس، الترجمة رقم 928 وعنه أثبت ترجمته، وما بين معقفين زيادة من الوافي (وهو من مستدركات مصطفى جواد- الضائع: 159) . الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2567 وله كتاب السؤال والجواب. وكتاب السجن والسكن. وكتاب الراح والارتياح. وكتاب سيرة الحاكم. [وكتاب التلويح والتصريح في الشعر، وهو مائة كراسة. ودرك البغية في وصف الأديان والعبادات في ثلاثة آلاف وخمسمائة ورقة. وأصناف الجماع، ألف ومائتا ورقة. والقضايا الصائبة في معاني أحكام النجوم، ثلاثة آلاف ورقة. وكتاب الغرق والشرق في ذكر من مات غرقا أو شرقا، مائتا ورقة. وكتاب الطعام والادام، ألف ورقة. وقصص الأنبياء عليهم السلام، ألف وخمسمائة ورقة. وجونة الماشطة، يتضمن غرائب الأخبار والأشعار والنوادر التي لم يتكرر مرورها على الأسماع، ألف ومائة ورقة. ومختار الأغاني ومعانيها وغير ذلك. ومن شعره: ألا في سبيل الله قلب تقطعا ... وفادحة لم تبق للعين مدمعا أصبرا وقد حلّ الثرى من أوده ... فلله همّ ما أشدّ وأوجعا فيا ليتني للموت قدمت قبلها ... وإلا فليت الموت أذهبنا معا وتولى القيس والبهنسا من الصعيد، ثم تولى ديوان الترتيب. وله مع الحاكم مجالس ومحاضرات يشهد بها تاريخه الكبير. ولد سنة ست وستين، وتوفي سنة عشرين وأربعمائة] . [1077] محمد بن عبدوس الجهشياري: هو أحد الكتاب الأخباريين المترسلين، وله من الكتب كتاب الوزراء والكتاب. كتاب ميزان الشعر والاشتمال على أنواع العروض؛ وكان فاضلا مداخلا للدول، مات في بغداد سنة احدى وثلاثين وثلاثمائة مستترا واستتر أولاده وحاشيته، وكان حاجبا بين يدي أبي الحسن علي بن عيسى بن داود الجراح.   [1077] ترجمة الجهشياري في الفهرست: 141 والوافي 3: 205 (وعنهما أخذت ما أثبته هنا) والنجوم الزاهرة 3: 279 ومقدمة كتاب الوزراء والكتاب؛ وقد ذكره ياقوت في ترجمة أحمد بن أحمد المعروف بابن أخي الشافعي.. وقال: والجهشياري هذا ذكر في بابه أي أنه خصه بترجمة في معجم الأدباء (الضائع: 156) . الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2568 قال صاحب الفهرست: ابتدأ الجهشياري بتأليف كتاب اختار فيه الف سمر من أسمار العرب والعجم والروم وغيرهم، كل خبر قائم بذاته لا تعلق له بغيره، وأحضر المسامرين وأخذ عنهم أحسن ما يعرفون، واختار من الكتب المصنفة في الأسمار والخرافات ما يحلو بنفسه من تتمة ألف سمر، ورأيت من ذلك عدة أجزاء بخط أبي الطيب المعروف بابن أخي الشافعي ... أما نسبته الى جهشيار فإن أباه كان يخدم أبا الحسن علي بن جهشيار القائد حاجب الموفق، وكان خصيصا به فنسب إليه. [1078] محمد بن عثمان بن بلبل أبو عبد الله: لغويّ نحوي صحب السيرافي والفارسي وروى عنه كتابه «الحجة في القراءات» وسمعه منه ابن بشران النحوي، وقرأ على ابن خالويه، وبرع في الشعر والأدب، وتوفي يوم الجمعة لسبع بقين من رمضان سنة عشر وأربعمائة، ومن شعره يمدح الوزير سابور: أضحى الرجاء لبرق جودك شائما ... وارتاد روض الحمد وهفا ناعما سميت نفسي اذ رجوتك واثقا ... ودعوتها لك مذ خدمتك خادما فمتى أقوم بشكر نعمتك التي ... عقدت عليّ من الخطوب تمائما لا زال جدّك للعدوّ مزاحما ... يعلو وآناف البغاة رواغما [1079] محمد بن عثمان بن مسبّح أبو بكر المعروف بالجعد الشيباني النحوي: أحد أصحاب أبي الحسن ابن كيسان: كان من العقلاء الفضلاء، مقدما في النحو واللغة   [1078] ترجمة ابن بلبل في الوافي 4: 84 وبغية الوعاة 1: 170. [1079] ترجمة الجعد الشيباني في الفهرست: 90 وتاريخ بغداد 3: 47 والوافي 4: 82 وبغية الوعاة 1: 171 وإنباه الرواة 1: 269 (الجعد) . الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2569 والأدب، وله من الكتب: كتاب الألفات. والناسخ والمنسوخ. كتاب معاني القرآن. كتاب القراءات. المختصر في النحو. كتاب الهجاء. كتاب المقصور والممدود. كتاب المذكر والمؤنث. كتاب العروض. كتاب خلق الانسان. كتاب الفرق. مات سنة نيف وعشرين وثلاثمائة. [1080] محمد بن علي بن ابراهيم بن زبرج أبو منصور بن أبي البقاء العتابي البغدادي: قرأ النحو على أبي السعادات هبة الله بن علي بن الشجري، واللغة على أبي منصور موهوب بن أحمد الجواليقي، وسمع الحديث من جده لأمه أبي العباس أحمد بن القاسم بن قريش وأبي القاسم هبة الله بن الحصين وأبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري. سمع منه القاضي أبو المحاسن عمر بن علي بن الخضر القرشي وأبو المفاخر محمد بن محفوظ الجرباذقاني وعبد الرحمن بن يعيش بن سعدان القواريري. كان إماما في النحو والعلوم العربية، وتصدر للاقراء، وكتب الخط المليح مع الصحة والضبط، وكان بينه وبين أبي محمد ابن الخشاب البغدادي النحوي منافرات ومناظرات، ولد في ربيع الأول سنة أربع وثمانين وأربعمائة ومات يوم الثلاثاء خامس عشر جمادى الأولى سنة ست وخمسين وخمسمائة. [1081] محمد بن علي بن أحمد الأدفوي المصري النحوي المفسر أبو بكر: أصله من أدفو، مدينة من مدن صعيد مصر في آخره قريب من أسوان؛ سكن مصر، وكان صالحا يرتزق من معيشته، وكان خشابا، وصحب أبا جعفر النحاس المصري وأخذ   [1080] ترجمة ابن زبرج في ابن خلكان 4: 389 وإنباه الرواة 3: 188 ومختصر ابن الدبيثي 1: 88 والوافي 4: 152 وبغية الوعاة 1: 173. [1081] ترجمة الأدفوي في إنباه الرواة 3: 186 والوافي 4: 117 وبغية الوعاة 1: 189 وطبقات ابن الجزري 2: 198 وطبقات المفسرين للسيوطي وطبقات الداودي 2: 535 وقد نقلت ما أوردته هنا عن إنباه الرواة موجزا؛ (والأدفوي من مستدركات مصطفى جواد، انظر الضائع: 159) وانظر المقفى 6: 249. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2570 عنه وأكثر، وروى كل تصانيفه، وأخذ عن غيره من أهل العلم والقرآن والحديث والعربية. وكان سيد أهل عصره في مصره وغير مصره، وقرأ عليه الأجلاء، واعتاد على مجلسه الرؤساء والفضلاء، وصنف في التفسير كتبا مفيدة، منها كتابه «الاستغناء» وهو أكبر كتاب صنف في التفسير، جمع فيه من العلوم ما لم يجتمع بغيره ... وكانت وفاته يوم الخميس لثمان بقين من ربيع الأول سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة. [1082] محمد بن علي بن أحمد، أبو عبيد الله الحلي المعروف بابن حميدة النحوي: كانت له معرفة جيدة بالنحو واللغة، قرأ على أبي محمد ابن الخشاب البغدادي ولازمه حتى برع في علم العربية، وصنف كتبا منها شرح أبيات الجمل لأبي بكر ابن السراج. شرح اللمع لابن جني. وشرح المقامات الحريرية. وكتاب التصريف. والروضة في النحو. والأدوات في النحو أيضا. وكتاب الفرق بين الضاد والظاء. ومولده سنة ست وثمانين وأربعمائة ومات سنة خمسين وخمسمائة. أنشدني أبو الحسن علي بن نصر بن هارون الحلي قال: أنشدني محمد بن علي بن حميدة الحلي لنفسه: سلام على تلك المعاهد والربى ... وأهلا بأرباب القباب ومرحبا وسقيا لربات الحجال وأهلها ... ورعيا لأرباب الخدور بيثربا أحنّ لتياك الحجال وان غدت ... ربائبها تبدي إليّ التجنبا وأصبو لربع العامرية كلّما ... تذكرت من جرعائها لي ملعبا فلا همّ إلا دون همّي غدوة ... إذا جرت النكباء أو هبّت الصّبا   [1082] ترجمة ابن حميدة النحوي في إنباه الرواة 3: 185 والوافي 4: 153 وبغية الوعاة 1: 173. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2571 [1083] محمد بن أبي سارة علي، أبو جعفر الرؤاسي ابن أخي معاذ الهراء: سمي الرؤاسي لعظم رأسه، كان إماما في النحو بارعا في العربية، وهو أستاذ أبي الحسن علي بن حمزة الكسائي. قال أبو محمد درستويه: زعم أبو العباس ابن يحيى ثعلب أن أول من وضع من الكوفيين كتابا في النحو أبو جعفر الرؤاسي، وكان يقول: كان الرؤاسي أستاذ الكسائي والفراء. وقال أبو زكريا يحيى بن زياد الفراء «1» : لما خرج الكسائي إلى بغداد قال لي الرؤاسي: قد خرج الكسائي إلى بغداد وأنت أميز منه، فجئت إلى بغداد فرأيت الكسائي، فسألته عن مسائل الرؤاسي فأجابني بخلاف ما عندي، فغمزت قوما من علماء الكوفيين كانوا معي فقال الكسائي: ما لك قد أنكرت؟ لعلك من أهل الكوفة؟ فقلت: نعم، فقال: الرؤاسي يقول كذا وكذا وليس صوابا، فقد سمعت العرب تقول كذا وكذا حتى أتى على مسائل فلزمته. وحكي عن الرؤاسي أنه قال «2» : أرسل إلي الخليل بن أحمد يطلب كتابي فبعثته إليه فقرأه ووضع كتابه. وكان أبو جعفر الرؤاسي رجلا صالحا ورعا، وله تصانيف كثيرة منها: كتاب معاني القرآن. كتاب الوقف والابتداء الكبير. كتاب الوقف والابتداء الصغير. والفيصل في العربية. وكتاب التصغير، وغير ذلك. [1084] محمد بن علي بن إسماعيل العسكري أبو بكر المعروف بمبرمان النحوي:   [1083] ترجمة الرؤاسي في بغية الوعاة 1: 109 (وسماه محمد بن سارة وفي موضع آخر محمد بن الحسن بن سارة) وقد مرت هذه الترجمة رقم 1027 واستكمل تخريجهاهنالك. [1084] ترجمة مبرمان في طبقات الزبيدي: 114 والفهرست: 66 وإنباه الرواة 3: 189 والوافي 4: 108 وبغية الوعاة 1: 175 ومراتب النحويين: 35 وأخبار النحويين البصريين: 108 وعبر الذهبي 2: 209 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2572 أخذ عن المبرد وعن أبي إسحاق إبراهيم الزجاج وأكثر عنه، وأخذ عنه أبو سعيد الحسن بن عبد الله السيرافي وأبو علي الفارسي، وكان إماما في النحو قيما به، وكان مع علمه وفضله سخيفا إذا أراد أن يمضي لمصلحة طرح نفسه في طبق حمّال وشدّه بحبل، وربما كان معه ما يتنقّل به نحو نبق وغيره، فيأكل ويرمي الناس بالنوى يتعمد رؤوسهم، وربما بال على رأس الحمال، فإذا قيل له في ذلك اعتذر. وقال بعض معاصريه يهجوه «1» : صداع من كلامك يعترينا ... وما فيه لمستمع بيان مكابرة ومخرقة وبهت ... لقد أبرمتنا يا مبرمان وكان [ابن] المبرد يقول: تلاميذ أبي رجلان أحدهما الكلاباذي يقرأ على أبي ثم يقول قال المازني فيعلو، والآخر مبرمان يقرأ عليه ثم يقول قال الزجاج فيسفل. وكان أبو بكر مبرمان ضنينا بالقراءة عليه لا يقرىء كتاب سيبويه إلا بمائة دينار، فقصده أبو هاشم الجبائي لقراءة الكتاب عليه، فقال له مبرمان: قد عرفت الرسم، فقال أبو هاشم: نعم ولكن أسألك النظرة وأحمل إليك شيئا يساوي أضعاف الرسم فأودعه عندك إلى أن يصل إليّ مال لي في بغداد فأحمله إليك واستردّ الوديعة، فتمنع قليلا ثم أجابه، فعمد أبو هاشم إلى زنفيلجة حسنة مغشّاة بالأدم محلاة فملأها حجارة وقفلها وختمها وحملها إلى مبرمان فوضعها بين يديه، فلما رأى منظرها وثقلها لم يشكّ في حقيقة ما ذكره، فوضعها عنده وأخذ عنه، فلما ختم الكتاب قال له المبرمان: احمل إليّ ما لي قبلك، فقال: أنفذ معي غلامك حتى أدفع إليه الرسم، فأنفذ معه إلى منزله، فلما جاء أبو هاشم إلى بيته كتب إلى مبرمان رقعة يقول فيها: قد تأخر حضور المال وأرهقني السفر وقد أبحت لك التصرف في الزنفيلجة، وهذا خطي لك   وإشارة التعيين: 330 ومرآة الجنان 2: 289 وتاريخ أبي المحاسن: 49 (ووفاته عند القفطي سنة 326 أو قريب منها) . الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2573 حجة بذلك، وخرج أبو هاشم لوقته إلى البصرة ومنها إلى بغداد، فلما وصلت الرقعة إلى مبرمان استدعى بالزنفيلجة وفتحها فإذا فيها حجارة، فقال: سخر منا أبو هاشم لا حيّاه الله واحتال عليّ بما لم يتمّ لغيره. ولمبرمان من الكتب: شرح كتاب سيبويه لم يتم. وشرح شواهد سيبويه. كتاب المجموع على العلل. والتلقين في النحو. والمجاري. كتاب صفة شكر المنعم. وشرح كتاب الأخفش، وغير ذلك. توفي سنة خمس وأربعين وثلاثمائة. [1085] محمد بن علي بن الحسن بن مقلة الوزير أبو علي صاحب الخط المنسوب: ولي بعض أعمال فارس وتنقلت به الأعمال والأحوال حتى وزر للمقتدر سنة ست عشرة، فقبض عليه بعد عامين وصادره ونفاه إلى فارس، ثم استوزره القاهر بالله ونكبه، ثم وزر للراضي قليلا وأمسكه سنة أربع وعشرين وضرب بالسياط وعلق وصودر وأخذ خطه بألف ألف دينار ثم تخلص. ثم ان ابن رائق لما تمكن احتاط على ضياعه وأملاكه فكتب ابن مقلة إلى الراضي أنه إن مكن من ابن رائق خلص منه ثلاثة آلاف ألف دينار فأجابه، فلما حضر إليه حبسه، واطلع ابن رائق على الخبر فقطع يده وحبسه، فندم الراضي وداواه، فكان ينوح على يده ويبكي ويقول: كتبت بها القرآن وخدمت بها الخلفاء تقطع مثل اللصوص؟! وكان يشد القلم على يده ويكتب، فأخذ يراسل الراضي ويطمعه في الأموال، فلما قرب بجكم أحد خواص ابن رائق من بغداد أمر ابن رائق بقطع لسان ابن مقلة، فقطع ولحقه ذرب ومات في السجن سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة، ومولده سنة اثنتين وسبعين ومائتين.   [1085] ذكره ياقوت في ترجمة أخيه الحسن بن مقلة (رقم: 330) وقال: ولأخيه أبي علي محمد ترجمة في باب مفرد لما اشترطنا في ذكر أرباب الخطوط المنسوبة. وترجمة الوزير في ابن خلكان 5: 113 ويتيمة الدهر 3: 100 وابن أبي أصيبعة 1: 224 وله أخبار كثيرة في الكتب التاريخية كالمنتظم 6: 309 والكامل لابن الأثير 8: 183 وعبر الذهبي 2: 211 وسير الذهبي 15: 224 والوافي 4: 109 ومرآة الجنان 2: 291 والبداية والنهاية 11: 195 والنجوم الزاهرة 3: 268 والشذرات 2: 310 وتحفة أولي الألباب: 43 وثمار القلوب: 210 ورسالة في الكتابة للتوحيدي (وهذه الترجمة عن الوافي) وانظر الضائع: 161. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2574 وقال أبو الحسن ثابت بن قرة الطبيب: كنت أدخل إليه السجن فيشكو إلي فأعزيه وأقول: هذا انتهاء المكروه وخاتمة القطوع، فينشدني: إذا ما مات بعضك فابك بعضا ... فإن البعض من بعض قريب ومن شعره في يده: ما سئمت الحياة لكن توثّق ... ت بأيمانهم فبانت يميني بعت ديني لهم بدنياي حتى ... حرموني دنياهم بعد ديني ولقد حطت ما استطعت بجهدي ... حفظ أرواحهم فما حفظوني ليس بعد اليمين لذّة عيش ... يا حياتي بانت يميني فبيني ومن شعره: وإذا رأيت فتى بأعلى رتبة ... في شامخ من عزّه المتمنّع قالت لي النفس العروف بقدرها ... ما كان أولاني بهذا الموضع ومن شعره: لست ذا ذلّة إذا عضّني الده ... ر ولا شامخا إذا واتاني انا نار في مرتقى نفس الحا ... سد ماء جار مع الإخوان وابن مقلة هذا أول من نقل هذه الطريقة من خطّ الكوفيين إلى هذه الصورة. وممن مدحه من الشعراء ابن الرومي الشاعر وله فيه القصيدة التي منها: كذا قضى الله للأقلام مذ بريت ... انّ السيوف لها مذ أرهفت خدم وفيه قال الشاعر: وقالوا العزل للوزراء حيض ... لحاه الله من حيض بغيض ولكنّ الوزير أبا عليّ ... من اللائي يئسن من المحيض ومن العجائب ان الوزير ابن مقلة تقلّد الوزارة ثلاث مرات وسافر في عمره ثلاث مرات واحدة إلى الموصل واثنتين في النفي إلى شيراز ودفن بعد موته ثلاث مرات في ثلاثة مواضع. ومن شعره: أحببت شكوى العين من أجلها ... لأنّها تستر وجدي بها الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2575 كنت إذا أرسلت لي دمعة ... قال أناس ذاك من حبّها فصرت أبكي الآن مسترسلا ... أحيل بالدمع على سكبها وقال بعضهم يرثيه: استشعر الكتّاب فقدك سالفا ... وقضت بصحّة ذلك الأيام فلذاك سوّدت الدويّ كآبة ... أسفا عليك وشقّت الأقلام ومات في السجن وله ستون سنة وباشر الأعمال وهو ابن ست عشرة سنة، وكان لا بدّ أن يشرب بعد صلاة الجمعة ويصطبح يوم السبت ويشترى له كلّ جمعة فاكهة بخمسمائة دينار «1» . [1086] محمد بن علي بن الحسين بن عمر أبو الحسن بن أبي الصقر الواسطي: كان فقيها أديبا شاعرا، تفقه في بغداد على أبي إسحاق الشيرازي وعلق عنه تعليقات، وسمع منه ومن أبي بكر الخطيب وأبي سعد المتولي، وروى عنه أبو غالب الذهلي والحافظ محمد بن ناصر الدين وأبو منصور موهوب الجواليقي وغيرهم. وكان شديد التعصب لمذهب الإمام الشافعي وظهر ذلك في قصائده المعروفة بالشافعية، وغلب عليه الأدب والشعر فبرع فيهما، وجود الخط فبلغ فيه الغاية، وجمع ديوانه في مجلد، ومن شعره: من عارض الله في مشيئته ... فما لديه من بطشه خبر لا يقدر الخلق باجتهادهم ... إلا على ما جرى به القدر وقال أيضا: كلّ رزق ترجوه من مخلوق ... يعتريه ضرب من التعويق   [1086] ترجمة ابن أبي الصقر الواسطي في المنتظم 9: 145 والوافي 4: 142 وابن خلكان 4: 450 والبدر السافر، الورقة: 132 وطبقات السبكي 4: 191 والنجوم الزاهرة 5: 191. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2576 وأنا قائل وأستغفر الل ... هـ مقال المجاز لا التحقيق لست أرضى من فعل إبليس شيئا ... غير ترك السجود للمخلوق وقال: من قال لي جاه ولي حشمة ... ولي قبول عند مولانا ولم يعد ذاك بنفع على ... صديقه لا كان من كانا وقال وقد طعن في السن وعجز عن المشي: كل مرء إذا تفكرت فيه ... أو تأملته رأيت ظريفا كنت أمشي على اثنتين قويا ... صرت أمشي على ثلاث ضعيفا وحضر عزاء طفل وهو يرتعش من الكبر، فتغامز عليه الحاضرون يشيرون إلى موت الطفل وطول حياته مع هذه السن، ففطن لهم وقال: إذا دخل الشيخ بين الشباب ... عزاء وقد مات طفل صغير رأيت اعتراضا على الله إذ ... توفّي الصغير وعاش الكبير فقل لابن شهر وقل لابن دهر ... وما بين ذلك هذا المصير وقال أيضا: علة سمّيت ثمانين عاما ... منعتني للاصدقاء القياما فإذا عمّروا تمهّد عذري ... عندهم بالذي ذكرت وقاما وقال: ابن أبي الصقر افتكر ... وقال في حال الكبر والله لولا بولة ... تحرقني وقت السحر لما ذكرت أنّ لي ... ما بين فخذيّ ذكر وقال: وحرمة الودّ ما لي عندكم عوض ... لأنني ليس لي في غيركم غرض أشتاقكم وبودي لو يواصلني ... لكم خيال ولكن لست أغتمض وقد شرطت على صحب صحبتهم ... بأن قلبي لكم من دونهم فرضوا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2577 ومن حديثي بكم قالوا به مرض ... فقلت لا زال عني ذلك المرض وقال: ولما إلى عشر تسعين صرت ... وما لي إليها أب قبل صارا تيقنت أني مستبدل ... بداري دارا وبالجار جارا فتبت إلى الله مما مضى ... ولن يدخل الله من تاب نارا وكان مولد ابن أبي الصقر في ذي القعدة سنة تسع وأربعمائة وتوفي يوم الخميس رابع عشر جمادى الأولى سنة ثمان وستين وأربعمائة. [1087] محمد بن علي بن عمر أبو منصور بن الجبّان: أحد حسنات الريّ وعلمائها الأعيان، جيد المعرفة باللغة باقعة الوقت وفرد الدهر وبحر العلم وروضة الأدب، تصانيفه سائرة في الآفاق، كان من ندماء الصاحب ابن عباد ثم استوحش منه. وصنف ابنية الأفعال. وشرح الفصيح «1» . والشامل في اللغة، قرىء عليه في سنة ست عشرة وأربعمائة. قال ابن منده: قدم أصبهان فتكلم فيه من قبل مذهبه وقرىء عليه «مسند» الروياني بسماعه من جعفر بن فناكي، وابتلي بحبّ غلام يقال له البركاني، فاتفق أن الغلام حجّ فلم يجد بدا من مرافقته فلما أحرم قال: اللهم لبيك اللهم لبيك، والبركاني ساقني إليك. وابتلي بفراقه وبرّح به فكتب إليه: يا وحشتي لفراقكم ... أترى يدوم عليّ هذا الموت والأجل المتا ... ح وكان معضلة ولا ذا ومن كلامه: قياسات النحو تتوقف ولا تطّرد كقميص له جربّانات فصاحبه كلّ ساعة يخرج رأسه من جربانه.   [1087] ترجمة ابن الجبان في إنباه الرواة 3: 194 والوافي 4: 180 وبغية الوعاة 1: 185. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2578 ومن تصانيفه أيضا كتاب سماه «انتهاز الفرص في تفسير المقلوب من كلام العرب» قرأه عليه عبد الواحد بن برهان. ومن شعره يمدح الصاحب ابن عباد: ليهنك الأهنآن الملك والعمر ... ما سيّر الأسيران: الشعر والسمر وطال عمر سناك المستضاء به ... ما عمّر الأبقيان: الكتب والسير يفدي الورى كلهم كافي الكفاة فقد ... صفا به الأفضلان: العدل والنظر له مكارم لا تحصى محاسنها ... أيحسب الأكثران: الرمل والشجر لكيده النصر من دون الحسام وان ... تمرد الأشجعان: الترك والخزر ما سار موكبه إلا ويخدمه ... في سيره الأشبهان «1» : الفتح والظفر وان أمرّ على طرس أنامله ... أغضى له الأبهجان: الوشي والزهر دامت تقبّلها صيد الملوك كما ... يقبّل الأكرمان: الركن والحجر [1088] محمد بن علي [بن محمد] أبو سهل الهروي النحوي اللغوي: ولد في رمضان سنة اثنتين وسبعين وثلاثمائة، وأخذ عن صاحب الغريبين أبي عبيد أحمد بن محمد الهروي، وروى عنه وعن أبي يعقوب النجيرمي وأبي أسامة جنادة بن محمد النحوي رئيس المؤذنين بجامع عمرو. وله من الكتب شرح الفصيح. ومختصره. وكتاب أسماء الأسد. كتاب أسماء السيف. مات بمصر يوم الأحد ثالث المحرم سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة.   [1088] ترجمة أبي سهل الهروي في إنباه الرواة 3: 195 والوافي 4: 120 وبغية الوعاة 1: 190 وقال الصفدي: كان رئيس المؤذنين بجامع عمرو بن العاص بمصر، وشرحه للفصيح سماه الأسفار استوفى فيه واستقصى ثم اختصره وسماه التلويح في شرح الفصيح، أما كتابه أسماء الأسد فجزء ضخم في نحو ثلاثين كراسة، وانظر المقفى 6: 355. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2579 [1089] محمد بن علي أبو بكر المراغي النحوي: قرأ على أبي إسحاق إبراهيم الزجاج، وكان عالما أديبا أقام بالموصل زمنا طويلا. وله من الكتب المختصر في النحو. وشرح شواهد الكتاب (كتاب سيبويه) . [1090] محمد بن علي أبو الحسن الدقيقي النحوي: ولد سنة أربع وثمانين وثلاثمائة، أخذ عن أبي الحسن الرماني وغيره. وصنف المرشد في النحو. وكتاب المسموع من كلام العرب، وغير ذلك. [1091] محمد بن علي بن أبي مروان الأموي ابن أخي المستنصر بالله الحكم بن عبد الرحمن الخليفة المرواني بالأندلس: كان أديبا فاضلا شاعرا، ومن شعره: كم تصاب أردفته بتصاب ... واصطباح وصلته باغتباق وكؤوس أعطيتها بدر تم ... جلّ أن يعتريه نقص المحاق وغصون جنيت منها ثمارا ... لم يشنها تساقط الأوراق زمن لو بكيته حسب وجدي ... كنت أبكيه من دم الأحداق وقال: قد رضيت الهوى لنفسي خلّا ... ورأيت الممات في الحبّ سهلا وتذللت للحبيب وعزّ ال ... صبّ في سنّة الهوى أن يذلا   [1089] ترجمة المراغي في الفهرست: 94 وإنباه الرواة 3: 196 والوافي 4: 121 وبغية الوعاة 1: 196. [1090] ترجمة الدقيقي في الوافي 4: 179 وبغية الوعاة 1: 179. [1091] هذه ترجمة غريبة ولا أدري من أين جاء بها ياقوت، والأشعار التي أوردها لم أجدها في المصادر الأندلسية. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2580 بأبي من أحلّ قتلي عمدا ... ومباح لسيدي ما استحلا سوف أجزي الحبيب بالصدّ ودّا ... مستجدا وبالقطيعة وصلا وإذا ما استزاد تيها وعجبا ... زدت طوعا له خضوعا وذلا وقال: تبدت بأكناف الحجاز ديارها ... فأوقد نار الوجد في القلب نارها كأنّ بأنفاسي استمدت ضرامها ... وعن كبدي الحرّى تلظى استعارها يحنّ إليها القلب حتى كأنما ... إليه تناهيها ومنه انتشارها وقال: لئن وعدتني وصلها وعد عاتب ... يجاحدني وعدي وينكرني حقّي فأفضل صوب الغيث في الأرض دافق ... وأبلغه ما جاء بالرعد والبرق فان مانعتني فضل إنجاز موعد ... فان الحيا الممنوع أشهى إلى الخلق فلا كان لي في الأرض رزق أناله ... إذا لم يكن في نيل موعدها رزقي وقال: ومختطف للعين بتّ أشيمه ... مخالسة والليل حيران مطرق سرى يخبط الظلماء حتى كأنه ... بوجدي يسري أو بقلبي يخفق وقال: غير مستنكر همول دموعي ... في التصابي وغير بدع خشوعي ليس عزّي إلا فناء اعتزازي ... وارتقائي إلا بقاء خضوعي وبحسبي أني ألاقي عذولي ... باصطبار عاص ودمع مطيع وقال: ولما حمى الشوق المبرح ناظري ... كراه حذارا أن يريني مثاله شربت عقارا أفكرتني بريقه ... ونشوتها أهدت إليّ خياله فيا نشوة كانت على الصبّ نعمة ... أنالت يدي ما لم أؤمل نواله الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2581 وقال: راجعه شوقه فحنّا ... وشفّه شجوه فأنّا وسال من دمعه مصون ... أظهر ما كان مستكنا فعاد فيه الهوى يقينا ... وكان عند الرقيب ظنا لو كان يلقى الذي ألاقي ... أوسعني رحمة وحنّا وقال: بين أجفانها وبين ضلوعي ... نازعتني الحياة أيدي المنون لست أدري أعن مدى طرفها ... الفاتن موتي أم طرفي المفتون وقال: يا ربيعي ما كان ضرّك لو جد ... ت علينا كما يجود الربيع ورده ذاهب ووردك باق ... وهو سمح به وأنت منوع كن شفيعي إليك يا جنة الخل ... د فما لي غير الخضوع شفيع [1092] محمد بن عمران بن موسى بن سعيد بن عبد الله المرزباني أبو عبد الله «1» الراوية الاخباري الكاتب: كان راوية صادق اللهجة واسع المعرفة بالروايات كثير السماع، روى عن البغوي وطبقته، وأكثر روايته بالاجازة، لكنه يقول فيها أخبرنا، وكان ثقة صدوقا من خيار المعتزلة. قال أبو القاسم الأزهري «2» : كان المرزباني يضع المحبرة وقنينة النبيذ، فلا   [1092] ترجمة المرزباني في الفهرست: 146 وتاريخ بغداد 3: 135 والأنساب (المرزباني) والمنتظم 7: 177 وإنباه الرواة 3: 180 واللباب 3: 195 وابن خلكان 4: 354 وعبر الذهبي 3: 27 وسير الذهبي 16: 447 وميزان الاعتدال 3: 672 والوافي 4: 235 والبداية والنهاية 11: 314 ولسان الميزان 5: 326 والنجوم الزاهرة 4: 168 والشذرات 3: 111. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2582 يزال يكتب ويشرب. وقال القاضي الحسين بن علي الصيمري «1» : سمعت المرزباني يقول: كان في داري خمسون ما بين لحاف ودواج معدة لأهل العلم الذين يبيتون عندي. وصنف كتبا كثيرة في أخبار الشعراء والأمم والرجال والنوادر، وكان حسن الترتيب لما يصنفه، يقال انه أحسن تصنيفا من الجاحظ. ولد في جمادى الآخرة سنة سبع وتسعين ومائتين وتوفي سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة، وقال الخطيب أربع وثمانين وثلاثمائة. وله من التصانيف: أخبار الشعراء المشهورين والمكثرين من المحدثين وأنسابهم وأزمانهم أولهم بشار بن برد وآخرهم ابن المعتز عشرة آلاف ورقة. أخبار أبي تمام نحو مائة ورقة. أخبار أبي مسلم الخراساني صاحب الدعوة أكثر من مائة ورقة. أخبار الأولاد والزوجات والأهل وما جاء فيهم من مدح وذم نحو مائتي ورقة. أخبار البرامكة من ابتداء أمرهم إلى انتهائه مشروحا نحو خمسمائة ورقة. أخبار عبد الصمد بن المعذل الشاعر. أخبار محمد بن حمزة العلاف نحو مائة ورقة. أشعار النساء نحو ستمائة ورقة «2» . أشعار الجن المتمثلين فيمن تمثل منهم بشعر أكثر من مائة ورقة. الأنوار والثمار فيما قيل في الورد والنرجس وجميع الأنوار من الأشعار وما جاء فيها من الآثار والأخبار ثم ذكر الثمار وجميع الفواكه وما جاء فيها من مستحسن النظم والنثر. تلقيح العقول، أكثر من مائة باب، وهو أكثر من ثلاثة آلاف ورقة. الرياض في أخبار المتيمين من الشعراء الجاهليين والمخضرمين والإسلاميين والمحدثين. شعر حاتم الطائي. كتاب الأزمنة ألف ورقة، ذكر فيه أحوال الفصول الأربعة والحرّ والغيوم والبروق والرياح والأمطار وأوصاف الربيع والخريف وطرفا من الفلك وأيام العرب والعجم وسنيهم وما يلحق بذلك من الأخبار والأشعار. كتاب الأوائل في أخبار الفرس القدماء وأهل العدل والتوحيد وشيء من مجالسهم نحو ألف ورقة. كتاب الدعاء نحو مائتي ورقة. كتاب ذم الحجاب نحو مائتي ورقة. كتاب ذم الدنيا نحو خمسمائة الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2583 ورقة. كتاب الشباب والشيب نحو ثلاثمائة ورقة. كتاب الزهد وأخبار الزهاد. كتاب الشعر وهو جامع لفضائله وذكر محاسنه وأوزانه وعيوبه وأجناسه وضروبه ومختاره وأدب قائليه ومنشديه وبيان منحوله ومسروقه وغير ذلك. كتاب الفرخ نحو مائة ورقة. كتاب العبادة نحو أربعمائة ورقة. كتاب المحتضرين نحو مائة ورقة. كتاب المراثي نحو خمسمائة ورقة. كتاب المغازي ثلاثمائة ورقة. كتاب نسخ العهود إلى القضاة نحو مائتي ورقة. كتاب الهدايا نحو ثلاثمائة ورقة. كتاب المديح في الولائم والدعوات نحو خمسمائة ورقة. المتوج في العدل وحسن السيرة أكثر من مائة ورقة. المرشد في أخبار المتكلمين نحو مائة ورقة. المستطرف في الحمقى والنوادر نحو ثلاثمائة ورقة. المشرف في حكم النبي صلى الله عليه وسلم وآدابه ومواعظه ووصاياه. المفصل في البيان والفصاحة نحو ثلاثمائة ورقة. المزخرف في الإخوان والأصحاب أكثر من ثلاثمائة ورقة. المعجم ذكر فيه الشعراء على حروف المعجم فيه نحو خمسة آلاف اسم، ألف ورقة «1» . المقتبس في أخبار النحويين البصريين، وأول من تكلم في النحو وأخبار القراء والرواة من أهل البصرة والكوفة، نحو ثمانين ورقة «2» . الموسع فيما أنكره العلماء على بعض الشعراء من كسر ولحن وعيوب الشعر ثلاثمائة ورقة. المنير في التوبة والعمل الصالح، نحو أربعمائة ورقة. المفيد في أخبار الشعراء وأحوالهم في الجاهلية والإسلام ودياناتهم ونحلهم، نيف وخمسة آلاف ورقة. المونق في أخبار الشعراء الجاهليين والمخضرمين والإسلاميين على طبقاتهم نيف وخمسة آلاف ورقة. الواثق في وصف أحوال الغناء وأخبار المغنين والغناء والمغنيات الاماء والأحرار، وله غير ذلك «3» . الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2584 [1093] محمد بن عمران أبو جعفر الكوفي النحوي: كان يؤدب عبد الله بن المعتز، وكان نحويا عارفا بالقراءة والعربية بعيد النظر في النوادر، روي أنه حين كان يؤدب ابن المعتز أقرأه يوما سورة والنازعات وقال له: إذا سألك أمير المؤمنين في أي سورة أنت فقل له أنا في السورة التي تلي سورة عبس، فلما سأله أبوه المعتز عن ذلك قال له: أنا في السورة التي تلي عبس، فقال له: من علمك هذا؟ فقال مؤدبي أبو جعفر، فأمر له بعشرة آلاف درهم، وكان أبو جعفر عالما بالحديث والأثر وثّقه الحافظ علي بن عمر وغيره. [1094] محمد بن عمر بن الحسين فخر الدين أبو عبد الله الرازي الفقيه الحكيم الأديب المتكلم المفسر العلّامة فريد دهره ونسيج وحده فخر الدين أبو عبد الله القرشي التيمي البكري الطبرستاني الأصل الرازي المولد ابن خطيب الريّ الشافعي الأشعري: علّامة العلماء والبحر الذي ... لا ينتهي ولكلّ بحر ساحل ما دار في الحنك اللسان وقلّبت ... قلما بأحسن من ثناه انامل ولد سنة أربع وأربعين وخمسمائة واشتغل على والده الإمام ضياء الدين وكان من تلامذة محيي السنة أبي محمد البغوي، وكان إذا ركب يمشي حوله نحو ثلاثمائة تلميذ فقهاء وغيرهم، وكان خوارزم شاه يأتي إليه. وكان شديد الحرص جدّا في   [1093] ترجمة محمد بن عمران الكوفي في تاريخ بغداد 3: 132 وإنباه الرواة 3: 179 ونزهة الألباء: 141 والوافي 4: 235. [1094] ترجمة الفخر الرازي في كامل ابن الأثير 12: 120 وتاريخ الحكماء: 291 ومرآة الزمان 8: 542 وقلائد الجمان لابن الشعار 6: 107 والتكملة للمنذري (رقم 1121) وذيل الروضتين: 68 وابن أبي أصيبعة 2: 23 والجامع المختصر 9: 306 وتاريخ ابن العبري: 240 وابن خلكان 4: 248 وسير الذهبي 21: 500 والوافي 4: 248 وطبقات السبكي 5: 33 والبداية والنهاية 13: 55 ولسان الميزان 4: 426 والنجوم الزاهرة 6: 197 (والترجمة المثبتة هنا من الوافي، وهي بعيدة عن طريقة ياقوت، وفيها اقتباس قليل منه، انظر الضائع: 163) . الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2585 العلوم الشرعية والحكمية، اجتمع له خمسة أشياء ما جمعها الله لغيره فيما علمته من امثاله وهي سعة العبارة في القدرة على الكلام وصحّة الذهن والاطلاع الذي ما عليه مزيد والحافظة المستوعبة والذاكرة التي تعينه على ما يريده في تقرير الأدلّة والبراهين، وكان فيه قوّة جدلية ونظر دقيق، وكان عارفا بالأدب له شعر بالعربي ليس في الطبقة العليا ولا السفلى وشعر بالفارسي لعلّه يكون فيه مجيدا. وكان عبل البدن ربع القامة كبير اللحية في صورته فخامة. كانوا يقصدونه من اطراف البلاد على اختلاف مقاصدهم في العلوم وتفنّنهم فكان كلّ منهم يجد عنده النهاية فيما يرومه منه. قرأ الحكمة على المجد الجيلي، والجيلي من كبار الحكماء وقرأ بعد والده على الكمال السمناني وقيل على الطبسي صاحب «الحائز في علم الروحاني» والله أعلم. وله تصانيف ورزق الإمام فخر الدين السعادة العظمي في تصانيفه وانتشرت في الآفاق وأقبل الناس على الاشتغال بها ورفضوا كتب الأقدمين. وكان في الوعظ باللسانين مرتبة عليا وكان يلحقه الوجد حال وعظه ويحضر مجلسه ارباب المقالات والمذاهب ويسألونه. ورجع بسببه خلق كثير من الكرامية وغيرهم إلى مذهب السنّة وكان يلقّب بهراة شيخ الإسلام. يقال انه حفظ «الشامل في أصول الدين» لإمام الحرمين. قصد خوارزم وقد تمهّر فجرى بينه وبين أهلها كلام فيما يرجع إلى العقيدة فأخرج من البلد، وقصد ما وراء النهر فجرى له أيضا ما جرى بخوارزم، فعاد إلى الريّ وكان بها طبيب حاذق له ثروة وله بنتان فزوّجهما بابني فخر الدين ومات الطبيب فاستولى على جميع نعمته ومن ثم كانت له النعمة. ولما وصل السلطان شهاب الدين الغوري صاحب غزنة بالغ في إكرامه وحصلت له اموال عظيمة منه. وعاد إلى خراسان واتصل بالسلطان خوارزم شاه محمد بن تكش وحظي عنده وأظنّه توجّه رسولا منه إلى الهند. وهو أول من اخترع هذا الترتيب في كتبه وأتى فيها بما لم يسبق إليه لأنه يذكر المسألة ويفتح باب تقسيمها وقسمة فروع ذلك التقسيم ويستدلّ بأدلّة السبر والتقسيم فلا يشذّ منه عن تلك المسألة فرع لها به علاقة فانضبطت له القواعد وانحصرت معه المسائل، وكان ينال من الكرامية وينالون منه. ويقال إن الإمام فخر الدين الرازي رحمه الله كان يعظ الناس على عادة مشايخ العجم وأن الحنابلة كانوا يكتبون له قصا تتضمّن شتمه ولعنه وغير ذلك من الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2586 القبيح، فاتفق انهم رفعوا إليه يوما قصّة يقولون فيها ان ابنه يفسق ويزني وان امرأته كذلك، فلما قرأها قال: هذه القصّة تتضمّن أن ابني يفسق ويزني وذلك مظنّة الشباب فإنه شعبة من الجنون ونرجو من الله تعالى اصلاحه والتوبة، وأمّا امرأتي فهذا شأن النساء الا من عصمه الله وأنا شيخ ما فيّ للنساء مستمتع، هذا كلّه يمكن وقوعه، وأمّا انا فو الله لا قلت ان البارىء سبحانه وتعالى جسم ولا شبّهته بخلقه ولا حيّزته، انتهى. ولما توفي الإمام فخر الدين بهراة في دار السلطنة يوم عيد الفطر سنة ست وستمائة كان قد أملى رسالة على تلميذه ومصاحبه إبراهيم بن أبي بكر بن علي الأصبهاني تدلّ على حسن عقيدته وظنّه بكرم الله تعالى ومقصده بتصانيفه، والرسالة مشهورة ولولا خوف الإطالة لذكرتها ولكن منها: وأقول ديني متابعة سيّد المرسلين، وقائد الأولين والآخرين إلى حظائر قدس ربّ العالمين، وكتابي هو القرآن العظيم وتعويلي في طلب الدين عليهما، اللهمّ يا سامع الأصوات، ويا مجيب الدعوات، ويا مقيل العثرات، ويا راحم العبرات، ويا قيام المحدثات والممكنات، انا كنت حسن الظنّ بك، عظيم الرجاء في رحمتك، وأنت قلت: انا عند ظنّ عبدي بي فليظنّ بي خيرا، وأنت قلت: أمّن يجيب المضطر اذا دعاه، وأنت قلت: وإذا سألك عبادي عنّي فإنّي قريب، فهب أنّي ما جئت بشيء فأنت الغنيّ الكريم، وأنا المحتاج اللئيم، وأعلم انه ليس لي أحد سواك، ولا أحد كريم سواك، ولا أحد محسن سواك، وأنا معترف بالزلّة والقصور، والعيب والفتور، فلا تخيّب رجائي، ولا تردّ دعائي، واجعلني آمنا من عذابك قبل الموت، وعند الموت، وبعد الموت، وسهّل عليّ سكرات الموت، وخفّض عنّي نزول الموت، ولا تضيّق عليّ سبب الآلام والأسقام فإنك أرحم الراحمين. ثم قال في آخرها: واحملوني إلى الجبل المصاقب لقرية مزداخان وادفنوني هناك، وإذا وضعتموني في اللحد فاقرأوا عليّ ما تقدرون من آيات القرآن العظيم ثم ردّوا عليّ التراب بالمساحي، وبعد إتمام ذلك قولوا مبتهلين إلى الله مستقبلين القبلة، على هيئة المساكين المحتاجين: يا كريم، يا كريم، يا عالما بحال هذا الفقير المحتاج، أحسن إليه، واعطف عليه، فأنت أكرم الأكرمين، وأنت أرحم الراحمين، وأنت الفعّال به وبغيره ما تشاء، فافعل به ما أنت أهله، فأنت أهل التقوى وأهل المغفرة انتهى. قلت: ومن وقف على هذه الألفاظ علم ما كان عليه الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2587 هذا الإمام من صحّة الاعتقاد ويقين الدين واتّباع الشريعة المطهّرة: صلاة وتسليم وروح وراحة ... عليه وممدود من الظلّ سجسج وأكثر شناع عليه لخصومه انه أكثر من إيراد الشبه والأدلّة للخصوم ولم يجب عنها بطائل. ولما مات الإمام فخر الدين خلف ثمانين ألف دينار سوى الدوابّ والعقار وغير ذلك، وخلف ولدين، الأكبر منهما تجنّد في حياة أبيه وخدم خوارزم شاه، والآخر اشتغل ولم نعلم له ترجمة وأظنّه الذي صنّف له «الأربعين في أصول الدين» لكنه قال: لأكبر أولادي محمد، والله أعلم. وكان له في أيامه صورة كبيرة وجلالة وافرة وعظمة زائدة. قال أبو المحاسن محمد بن نصر الله بن عنين: كنت بخراسان في مجلس الفخر الرازي إذ اقبلت حمامة يتبعها جارح فسقطت في حجر الرازي وعاذت به وهو على منبره فقمت وأنشدت بديها: يا ابن الكرام المطعمين إذا شتوا ... في كلّ مسغبة وثلج خاشف والعاصمين إذا النفوس تطايرت ... بين الصوارم والوشيج الراعف من نبّأ الورقاء انّ محلّكم ... حرم وأنك ملجأ للخائف وافت اليك وقد تدانى حتفها ... فحبوتها ببقائها المستانف ولو انها تحبى بمال لانثنت ... من راحتيك بنائل متضاعف جاءت سليمان الزمان حمامة ... والموت يلمع من جناحي خاطف فخلع عليه جبّة كانت عليه، قال: فكان هذا سببا لإقبال السعود عليّ وتسنّي الآمال لديّ، انتهى. واقترح الإمام عليه قصيدة في كلّ كلمة منها سين فنظمها ابن عنين وأولها: مرسى السيادة سنّة سيفيّة ... محروسة مسعودة التأسيس واقترح عليه قصيدة أخرى في كلّ كلمة منها حاء فنظمها أيضا وأولها: حيّا محلّ الحاجبيّة بالحمى ... والسفح سيح مدلّح سحّاح والقصيدتان مثبتتان في ديوانه. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2588 ومن تصانيف الإمام فخر الدين: «التفسير» الذي له، وهو في ستة وعشرين مجلّدا ذكر تفسير الفاتحة منه في مجلّدة وهو على تجزئة الفاتحة في أكثر من ثلاثين مجلّدا، وأكمل التفسير على المنبر املاء. «تفسير سورة البقرة، على الوجه العقلي لا النقلي. أسرار التنزيل وأخبار التأويل. نهاية العقول في أصول الدين، يكون في أربع مجلّدات. المطالب العالية في الأصول أيضا في أربعة كبار. كتاب الأربعين في مجلّدة كبيرة. المحصّل مجلّدة. كتاب الخمسين صغير. المعالم في أصول الدين والفقه. الخلق والبعث، مجلّدة. تأسيس التقديس، مجلّدة. البيان والبرهان في الرد على أهل الزيغ والطغيان. المحصول في أصول الفقه في مجلّدين. المنتخب في أصول الفقه، مجلّدة. النهاية البهائية في المباحث القياسية. أجوبة المسائل النجارية. الطريقة العلائية في الخلاف، أربع مجلّدات. شرح أسماء الله الحسنى. إبطال القياس. الملل والنحل. المباحث العمادية في المطالب المعادية. تحصيل الحقّ. عيون المسائل. إرشاد النظّار إلى لطائف الأسرار. فضائل الصحابة. القضاء والقدر. ذمّ الدنيا. نفثة المصدور. إحكام الأحكام. الرياض المؤنقة. عصمة الأنبياء. تعجيز الفلاسفة بالفارسي. الأخلاق. اللطائف الغياثية. الرسالة الكمالية في الحقائق الإلهية بالفارسي عرّبها تاج الدين الأرموي. رسالة الجوهر الفرد. الآيات البيّنات في المنطق. ترجيح مذهب الشافعي وأخباره. شرح أبيات الشافعي الأربعة التي أولها: وما شئت كان وإن لم أشأ، أظنّه كتاب القضاء والقدر. الزبدة. نهاية الإيجاز. اختصار دلائل الإعجاز. المحرّر في النحو. قطعة من شرح الوجيز. شرح المفصّل لم يتمّه. شرح ديوان المتنبّي. شرح سقط الزند. لباب الإشارات. شرح الإشارات. الإشارات. له أيضا شرح نهج البلاغة ولم يتمّ. الحكمة المشرقية، تكو في ثلاثة. المختصّ يكون في مجلّدين. شرح كليات القانون. الطبّ الكبير ولم يتمّ. عيون الحكمة. مصادرات أقليدس. التشريح ولم يتمّ. النبض. الاختيارات السماوية. السرّ المكتوم في علم الطلاسم والنجوم. منتخب درج تنكلوشا، وقيل أنه شرحها. رسالة في النبوّات. رسالة في النفس. مباحث الوجود. مباحث الحدود. رسالة في التنبيه على الأسرار المودعة في بعض سور القرآن. قال أبو علي الحسين الواسطي: سمعت فخر الدين بهراة ينشد على المنبر الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2589 عقيب كلام عاتب أهل البلد فيه: المرء ما دام حيّا يستهان به ... ويعظم الرزء فيه حين يفتقد ومن شعر الإمام فخر الدين: فلو قنعت نفسي بميسور بلغة ... لما سبقت في المكرمات رجالها ولو كانت الدنيا مناسبة لها ... لما استحقرت نقصانها وكمالها ولا ارمق الدنيا بعين كرامة ... ولا اتوقّى سوءها واختلالها وذاك لأني عارف بفنائها ... ومستيقن ترحالها وانحلالها أروم أمورا يصغر الدهر عندها ... وتستعظم الأفلاك طرّا وصالها ومنه: أرواحنا ليس ندري أين مذهبها ... وفي التراب توارى هذه الجثث كون يرى وفساد جاء يتبعه ... والله يعلم ما في خلقه عبث ومنه: نهاية إقدام العقول عقال ... وأكثر سعي العالمين ضلال وأرواحنا في وحشة من جسومنا ... وحاصل دنيانا ردى ووبال ولم نستفد من بحثنا طول دهرنا ... سوى ان جمعنا فيه قلت وقالوا وكم قد رأينا من رجال ودولة ... فبادوا جميعا مسرعين وزالوا وكم من جبال قد علت شرفاتها ... وعال فزالت والجبال جبال وله قصيدة نونية طويلة سمّاها «الهادية للتقليد المؤدّية إلى التوحيد» أولها: يا طالب التوحيد والإيمان ... أبشر بكلّ كرامة وأمان واعلم بأنّ أجلّ أبواب الهدى ... تقرير دين الله بالبرهان ورجمه الكرّامية يوما على المنبر وزرّقوا عليه من سقاه السمّ والله أعلم فمات من ذلك. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2590 (قال ياقوت) : وجدت على ظهر كتاب من تصانيف فخر الدين الرازي ما صورته: قال الأديب الأخسيكتي: إنّ بالمشرق فينا ... جبل العلم ابن سينا فدع المغرب يذكر ... ذرّة من طور سينا فقال السراج: اعلما علما يقينا ... أنّ ربّ العالمينا لو قضى في عالميهم ... خدمة للعالمينا خدم الرازيّ فخرا ... خدمة العبد ابن سينا وقيل أيضا: قد تركنا قد نسينا ... حكمة الشيخ ابن سينا حين شاهدنا عيانا ... حكمة الرازيّ فينا نحن قد بعنا حصاة ... واشترينا طور سينا وقيل أيضا: نحن بالجهل ابتلينا ... نحن بالحمق رمينا نحن قضّينا زمانا ... في تصانيف ابن سينا ثم صرنا آمنينا ... عن مقال الطاعنينا حين طالعنا كلاما ... يشبه الدرّ الثمينا صاغه الرازيّ فينا ... كاملا فخما مبينا ربّ فاجعله بحال ... يشبه الروح الأمينا (وقال ياقوت في «معجم الأدباء» ) : سألت ولده ضياء الله علي فقلت له: على من قرأ والدك العلوم؟ فقال: ليس له شيخ مشهور إلا أنه رحل إلى أذربيجان وكان بها رجل يقال له مجد الدين الجيلي فقرأ عليه، ثم فتح الله عليه فتحا كبيرا وأخذ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2591 من الكتب، ورحل إلى خوارزم ثم إلى ما وراء النهر ورجع إلى خراسان ومنها إلى باميان، وحصل له الجاه والمال بمجاورة ابن سام، فلما انتزع منه بلاده خوارزم شاه علاء الدين تكش فوض إليه صدارة هراة واستوطنها. [1095] محمد بن عمر بن عبد العزيز بن إبراهيم بن عيسى بن مزاحم، المعروف بابن القوطية، الاشبيلي الأصل القرطبي، أبو بكر اللغوي النحوي الأديب الشاعر: كان أعلم أهل زمانه باللغة والعربية، إماما مقدما فيهما، وأروى أهل عصره للأشعار والأخبار، لا يشقّ في ذلك غباره ولا يلحق شأوه، وكان مع ذلك فقيها متمكنا حافظا للحديث والآثار، غير أنه لم يكن له في ذلك أصول يرجع إليها فلم يكن ضابطا للرواية، وكان ما يسمع منه من ذلك إنما يحمل على المعنى دون اللفظ، وكان كثيرا ما يقرأ عليه ما لا رواية له فيه على سبيل الضبط والتصحيح. وكان مضطلعا بأخبار الأندلس راوية لسير ملوكها وأمرائها وعلمائها وشعرائها حافظا لأخبارهم يملي ذلك عن ظهر قلبه، وكان أكثر ما يؤخذ عنه ويقرأ عليه كتب اللغة. ولما دخل أبو علي القالي الأندلس اجتمع به، وكان يبالغ في تقديمه وتعظيمه، حتى قال له الخليفة المستنصر الحكم بن عبد الرحمن: من أنبل من رأيته ببلدنا في اللغة؟ فقال: أبو بكر ابن القوطية. ومما كان يزين علمه وفضله اتصافه بالزهد والتقوى والنسك، وكان في أول أمره ينظم الشعر بالغا فيه حدّ الاجادة مع الاحسان في المطالع والمقاطع وتخير الألفاظ الرشيقة والمعاني الشريفة، ثم ترك ذلك وأقبل على النسك والانفراد.   [1095] ترجمة ابن القوطية في تاريخ ابن الفرضي 2: 76 ويتيمة الدهر 2: 73 وجذوة المقتبس: 71 (وبغية الملتمس رقم: 223) وإنباه الرواة 3: 178 وابن خلكان 4: 368 وعبر الذهبي 2: 345 وسير الذهبي 16: 219 والوافي 4: 242 ومرآة الجنان 2: 389 والديباج المذهب 2: 217 ولسان الميزان 5: 324 وبغية الوعاة 1: 198 والنفح 3: 73 والشذرات 3: 62 وشجرة النور الزكية 1: 99. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2592 قال الثعالبي: أخبرني أبو سعيد ابن دوست قال أخبرني الوليد بن بكر الفقيه ان أبا بكر يحيى بن هذيل الشاعر زار يوما ابن القوطية في ضيعة له بسفح جبل قرطبة كان منفردا فيها عن الناس، فألفاه خارجا منها، فلما رآه ابن القوطية استبشر به، فبادره يحيى بن هذيل ببيت حضره على البديهة فقال: من أين أقبلت يا من لا شبيه له ... ومن هو الشمس والدنيا له فلك فتبسم وأجابه مسرعا بقوله: من منزل يعجب النساك خلوته ... وفيه ستر على الفتّاك إن فتكوا قال ابن هذيل: فما تمالكت أن قبلت يده إذ كان شيخي وأستاذي. وكان الشعر أقلّ صنائعه لكثرة علومه وغرائبه. سمع أبو بكر ابن القوطية من قاسم بن أصبغ وابن الأغبس وأبي الوليد الأعرج ومحمد بن عبد الوهاب بن مغيث، وسمع بقرطبة من طاهر بن عبد العزيز، وسمع باشبيلية من محمد بن عبد الله بن الفرق وسعيد بن جابر وحسن بن عبد الله الزبيدي وغيرهم، ولقي أكثر مشايخ عصره بالأندلس فأخذ عنهم وأكثر النقل من فوائدهم، وروى عنه الشيوخ والكهول، وطال عمره فسمع الناس منه طبقة بعد طبقة، ومن تصانيفه كتاب تصاريف الأفعال «1» ، وهو أول مصنف في ذلك. ثم تبعه ابن القطّاع السعدي فوضع كتابه على منواله. كتاب المقصور والممدود، جمع فيه فأوعى فأعجز من بعده عن أن يأتوا بمثله وفاق به من تقدمه. وله شرح أدب الكتاب. وتاريخ الأندلس «2» ، وغير ذلك. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2593 مات ابن القوطية يوم الثلاثاء لسبع بقين من ربيع الأول سنة سبع وستين وثلاثمائة بمدينة قرطبة، ودفن يوم الأربعاء وقت صلاة العصر بمقبرة قريش. والقوطية نسبة إلى القوط، وهم ينسبون إلى قوط بن حام بن نوح كانوا بالأندلس من أيام إبراهيم عليه السلام. ومن شعر أبي بكر ابن القوطية: ضحى أناخوا بوادي الطلح عيسهم ... فأوردوها عشاء أيّ إيراد أكرم به واديا حلّ الحبيب به ... ما بين رند وخابور وفرصاد يا واديا سار عنه الركب مرتحلا ... بالله قل أين سار الركب يا وادي أبالغضا نزلوا أم للوى عدلوا ... أم عنك قد رحلوا خلفا لميعادي بانوا وقد أورثوا جسمي الضنا وكأن ... كان النوى لهم أو لي بمرصاد وقال «1» : ضحك الثرى وبدا لك استبشاره ... واخضرّ شاربه وطرّ عذاره ورنت حدائقه وآزر نبته ... وتبسمت أنواره وثماره واهتز قدّ الغصن لما ان كسي ... ورقا كديباج يروق إزاره وتعممت صلع الربى بنباتها ... وترنمت في لحنها أطياره الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2594 [1096] محمد [بن عمر] بن واقد الواقدي المدني مولى الأسلميين: أحد أوعية العلم وصاحب التصانيف الكثيرة، سمع من مالك بن أنس والثوري ومعمر بن راشد وابن أبي ذئب وغيرهم، وروى عنه جماعة من الأعيان، وكاتبه محمد بن سعد الزهري، وكان عارفا برأيي مالك وسفيان الثوري. وقال أبو داود الحافظ: بلغني أنّ ابن المديني قال: كان الواقدي يروي ثلاثين ألف حديث غريب. وكان إلى حفظه المنتهى في المغازي والسير والأخبار وأيام الناس والوقائع والفقه وغير ذلك. ولقي الواقدي ابن جريج وابن عجلان ومعمرا وثور بن يزيد. وقال الإمام إبراهيم الحربي «1» : الواقدي أمين الناس على الاسلام. وقال البخاري «2» : سكتوا عنه. وقال محمد بن إسحاق «3» : والله لولا أنه عندي ثقة ما حدثت عنه. وقال مصعب بن الزبير: والله ما رأينا مثل الواقدي. وقال أيضا: الواقدي ثقة مأمون. وقال الإمام إبراهيم الحربي: من قال ان مسائل مالك وابن أبي ذئب تؤخذ من   [1096] ترجمة الواقدي في طبقات ابن سعد 7: 334 وتاريخ خليفة: 472 والمعارف: 518 والفهرست: 111 وتاريخ بغداد 3: 3 والكامل لابن الأثير 6: 385 وابن خلكان 1: 506 وعبر الذهبي 1: 353 وسير الذهبي 9: 454 وميزان الاعتدال 3: 662 وتذكرة الحفاظ: 348 والوافي 4: 238 وتهذيب التهذيب 9: 363 والنجوم الزاهرة 2: 184 والشذرات 2: 18. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2595 أوثق من الواقدي فلا تصدقه. وقال الحافظ الدراوردي «1» : الواقدي أمير المؤمنين في الحديث. وقال محمد بن سلام الجمحي «2» : الواقدي عالم دهره. وقال جابر بن كردي: سمعت يزيد بن هارون يقول: الواقدي ثقة. ووثقه أيضا أبو عبيد القاسم بن سلام. وقال الخطيب في تاريخه «3» : قدم الواقدي بغداد وولي قضاء الجانب الشرقي منها، وهو ممن طبق الأرض شرقها وغربها ذكره، ولم يخف على أحد عرف الأخبار أمره، وسارت الركبان بكتبه في فنون العلم من المغازي والسير والطبقات وأخبار النبي صلى الله عليه وسلم والأحداث الكائنة في وقته وبعد وفاته وكتب الفقه واختلاف الناس في الحديث وغير ذلك، وكان جوادا مشهورا بالسخاء (انتهى) . وسئل معن القزاز عن الواقدي فقال: أنا أسأل عن الواقدي؟ الواقدي يسأل عني؛ يعني تحري الواقدي في معرفة الرجال. قال المؤلف: وهو مع ذلك ضعّفه طائفة من المحدثين كابن معين وأبي حاتم والنسائي وابن عدي وابن راهويه والدارقطني. أما في أخبار الناس والسير والفقه وسائر الفنون فهو ثقة بإجماع. وكان الرشيد ولاه القضاء بشرقي بغداد ثم ولاه المأمون القضاء بعسكر المهدي، وكان يكرم جانبه ويبالغ في رعايته. وكتب الواقدي «4» إلى المأمون مرة يشكو ضائقة ركبه بسببها دين، وعيّن مقداره، فوقع المأمون على قصته بخطّه: فيك خلتان سخاء وحياء، فالسخاء أطلق يديك بتبذير ما ملكت، والحياء حملك على أن ذكرت لنا بعض دينك، وقد أمرنا لك الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2596 بضعف ما سألت، وإن كنا قصرنا عن بلوغ حاجتك فبجنايتك على نفسك، وإن كنا بلغنا بغيتك فزد في بسطة يدك فإن خزائن الله مفتوحة ويده بالخير مبسوطة، وأنت حدثتني حين كنت على قضاء الرشيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للزبير: يا زبير إن مفاتيح الرزق بإزاء العرش ينزل الله سبحانه للعباد أرزاقهم على قدر نفقاتهم فمن كثّر كثّر له ومن قلل قلل عليه، قال الواقدي: وكنت نسيت الحديث، وكان تذكيره لي به أعجب من صلته. وعن ابن أبي الأزهر قال: حدثني أبو سهل الداري عمن حدثه عن الواقدي قال «1» : كان لي صديقان أحدهما هاشميّ، وكنا كنفس واحدة فنالتني ضيقة شديدة وحضر العيد، فقالت امرأتي: أما نحن في أنفسنا فنصبر على البؤس والشدة، وأما صبياننا هؤلاء فقد قطّعوا قلبي رحمة لهم لأنهم يرون صبيان الجيران قد تزينوا في عيدهم وأصلحوا ثيابهم وهم على هذه الحال من الثياب الرثة، فلو احتلت بشيء نصرفه في كسوتهم، قال: فكتبت إلى صديقي الهاشمي أسأله التوسعة عليّ بما حضر فوجّه إليّ كيسا مختوما ذكر أن فيه ألف درهم، فما استقر قراري إذ كتب إليّ الصديق الآخر يشكو مثل ما شكوت إلى صاحبي، فوجهت إليه الكيس بحاله، وخرجت إلى المسجد فأقمت فيه ليلي مستحييا من امرأتي، فلما دخلت عليها وأخبرتها بما فعلت استحسنت ما كان مني ولم تعنفني عليه، فبينا أنا كذلك إذ وافى صديقي الهاشمي ومعه الكيس كهيئته، فقال لي اصدقني عما فعلته فيما وجهت إليك، فعرفته الخبر على وجهه فقال: إنك وجهت إليّ وما أملك على الأرض إلا ما بعثت به إليك، وكتبت إلى صديقنا أسأله المواساة فوجّه إليّ كيسي بخاتمي، قال الواقدي: فتواسينا الكيس أثلاثا. ونمي الخبر إلى المأمون فدعاني فشرحت له الخبر فأمر لنا بسبعة آلاف دينار لكلّ واحد ألفا دينار، وللمرأة ألف دينار. وروى ابن سعد عن الواقدي أنه قال «2» : ما من أحد إلا وكتبه أكثر من حفظه، وحفظي أكثر من كتبي. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2597 وقال يعقوب بن شيبة «1» لما تحول الواقدي من الجانب الغربي يقال إنه حمل كتبه على عشرين ومائة وقر، وقيل كان له ستمائة قمطر كتب. ولد سنة ثلاثين ومائة وتوفي عشية يوم الاثنين حادي عشر ذي الحجة سنة سبع ومائتين عن سبعة وسبعين عاما، ودفن في مقابر الخيزران. وله من الكتب كتاب الاختلاف يحتوي على اختلاف أهل المدينة والكوفة في الشفعة والصدقة والعمرى والرقبى والوديعة وعلى كتب الفقه الباقية. كتاب غلط الحديث. كتاب السنة والجماعة وذمّ الهوى. كتاب ذكر القرآن. كتاب الآداب. كتاب الترغيب في علم القرآن. التاريخ الكبير. كتاب التاريخ والمغازي والبعث. أخبار مكة. كتاب أزواج النبي صلى الله عليه وسلم. كتاب وفاة النبي صلى الله عليه وسلم. كتاب السقيفة وبيعة أبي بكر. كتاب سيرة أبي بكر ووفاته. كتاب الردة والدار. كتاب السيرة. كتاب أمر الحبشة والفيل. كتاب حرب الأوس والخزرج. كتاب المناكح. كتاب يوم الجمل. كتاب صفين. كتاب مولد الحسن والحسين. كتاب مقتل الحسين. كتاب فتوح الشام. كتاب فتوح العراق. كتاب ضرب الدنانير والدراهم. كتاب مراعي قريش والأنصار في القطائع ووضع عمر الدواوين. كتاب الطبقات. تاريخ الفقهاء «2» . [1097] محمد بن فتوح بن عبد الله بن حميد أبو عبد الله الأزدي الحميدي الحافظ المؤرخ الأديب: أصله من قرطبة وولد بميورقة، جزيرة بالأندلس، قبل العشرين   [1097] ترجمة الحميدي في الأنساب 4: 233 (واللباب 1: 392) وفهرست ابن خير (صفحات متفرقة) والصلة: 530 ومصورة ابن عساكر 15: 850 والمنتظم 9: 96 وبغية الملتمس (رقم: 257) والكامل لابن الأثير 10: 254 وعبر الذهبي 3: 323 وسير الذهبي 19: 120 وتذكرة الحفاظ: 1218 والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد: 34 والوافي 4: 317 ومرآة الجنان 3: 149 والبداية والنهاية 12: 152 والنجوم الزاهرة 5: 156 والنفح 2: 112 والشذرات 3: 392 والمقفى 6: 504. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2598 وأربعمائة، وكان يحمل على الكتف للسماع سنة خمس وعشرين وأربعمائة، وأول من سمع منه أبو القاسم [ابن] أصبغ، وتفقه بابن أبي زيد القيرواني وروى عنه رسالته و «مختصر المدونة» ، ورحل سنة ثمان وأربعين وأربعمائة إلى المشرق فحج وسمع بمكة، وقدم مصر فسمع بها من الضراب والقراعي وغيرهما، وكان سمع بالأندلس من الحافظ ابن عبد البر وأبي محمد ابن حزم الظاهري ولازمه وقرأ عليه أكثر مصنفاته وأكثر من الأخذ عنه وشهر بصحبته وكان على مذهبه إلا أنه لم يتظاهر بذلك، وسمع بأفريقية ودمشق، وأقام بواسط مدة ثم رجع إلى بغداد واستوطنها، وروى عن الخطيب البغدادي وكتب عنه أكثر مصنفاته، وروى الخطيب عنه أكثر مصنفاته، وروى عنه الأمير الحافظ الأديب أبو نصر علي بن ماكولا وقال: أخبرنا صديقنا أبو عبد الله الحميدي، وهو من أهل العلم والفضل والتيقظ، لم أر مثله في عفته ونزاهته وورعه وتشاغله بالعلم. وقال بعض أكابر عصره ممن لقي الأئمة: لم تر عيناي مثل أبي عبد الله الحميدي في فضله ونبله ونزاهته وغزارة علمه وحرصه على نشر العلم وبثه في أهله، وكان ورعا ثقة إماما في علم الحديث وعلله ومعرفة متونه ورواته، محققا في علم الأصول على مذهب أصحاب الحديث، متبحرا في علم الأدب والعربية. وكان يقول: ثلاثة أشياء من علوم الحديث يجب تقديم الاهتمام بها: العلل وأحسن كتاب صنف فيها كتاب الدارقطني، ومعرفة المؤتلف والمختلف وأحسن كتاب وضع فيه كتاب الأمير أبي نصر ابن ماكولا، ووفيات الشيوخ وليس فيها كتاب، وقد كنت أردت أن أجمع في ذلك كتابا فقال لي الأمير ابن ماكولا: رتبه على حروف المعجم بعد أن رتبته على السنين، قال أبو بكر ابن طرخان: فشغله عنه الصحيحان إلى أن مات. توفي ببغداد ليلة الثلاثاء سابع عشر ذي الحجة سنة ثمان وثمانين وأربعمائة، وكان أوصى مظفرا ابن رئيس الرؤساء أن يدفنه عند قبر بشر الحافي، فخالف وصيته ودفنه في مقبرة باب أبرز، فلما مضت مدة رآه مظفر في النوم يعاتبه على مخالفته، فنقل في صفر سنة إحدى وتسعين وأربعمائة إلى مقبرة باب حرب ودفن عند قبر بشر، ووجد كفنه حين نقل وبدنه طريا تفوح منه رائحة الطيب. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2599 صنف الحميدي جذوة المقتبس «1» في أخبار علماء الأندلس، ألفه في بغداد، وذكر في خطبته أنه كتبه من حفظه. وتاريخ الاسلام. والأماني الصادقة. وتسهيل السبيل إلى علم الترسيل «2» . والجمع بين الصحيحين البخاري ومسلم. وكتاب ذم النميمة. والذهب المسبوك في وعظ الملوك. وكتاب ما جاء من النصوص والأخبار في حفظ الجار. ومخاطبات الأصدقاء في المكاتبات واللقاء. وكتاب من ادّعى الأمان من أهل الايمان. ومن شعره: كلام الله عزّ وجلّ قولي ... وما صحّت به الآثار ديني وما اتفق الجميع عليه بدءا ... وعودا فهو عن حقّ مبين فدع ما صدّ عن هذا وهذا ... تكن منها على عين اليقين وقال: ألفت النوى حتى أنست بوحشتي ... وصرت بها لا بالصبابة مولعا فلم أحص كم رافقت فيها مرافقا ... ولم أحص كم يممت في الأرض موضعا ومن بعد جوب الأرض شرقا ومغربا ... فلا بدّ لي من أن أوافي مصرعا وقال: لقاء الناس ليس يفيد شيئا ... سوى الهذيان من قيل وقال فأقلل من لقاء الناس إلا ... لأخذ العلم أو إصلاح حال [1098] محمد بن فرح أبو جعفر الغساني الكوفي النحوي: أخذ عن سلمة بن   [1098] ترجمة محمد بن فرح (بالحاء المهملة) في تاريخ بغداد 3: 165 وإنباه الرواة 3: 200 وبغية الوعاة 1: 209. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2600 عاصم صاحب الفراء، وقال الداني: أخذ القراءة عن أبي عمرو الدوري، وله عنه نسخة، وروى عنه الحروف أحمد بن جعفر بن عبيد الله بن المنادي ومحمد بن الحسن النقاش وأبو مزاحم الخاقاني وغيرهم. [1099] محمد بن فضلون بن أبي بكر بن الحسن بن محمد بن شهاب الدين العقري: نسبة إلى العقر، وهي قلعة حصينة في جبال الموصل أهلها أكراد، النحوي اللغوي المتكلم الحكيم. سمع الحديث والأدب على جماعة من أهل العلم. (قال ياقوت في معجم البلدان) : كنت مرة معه أعارض إعراب شيخنا أبي البقاء لقصيدة الشنفرى اللامية إلى أن بلغنا إلى قوله: واستفّ ترب الأرض كي لا يرى له ... عليّ من الطول امرؤ متطوّل فأنشدني لنفسه في معناه: مما يؤجج كربي أنني رجل ... سبقت فضلا ولم أحصل على السّبق يموت بي حسدا مما خصصت به ... من لا يموت بداء الجهل والحمق إذا سغبت سففت الترب في سغبي ... ولم أقل للئيم سدّ لي رمقي وإن صديت وكان الصفو ممتنعا ... فالموت أنفع لي من مشرب رنق وكم غرائب مال دونها رمق ... زهدت فيها ولم أقدر على الملق وقد ألين وأجفو في محلهما ... فالحزن والسّهل مخلوقان في خلقي (قال ياقوت) : فقلت له: قول الشنفرى أبلغ لأنه نزه نفسه عن ذي الطول وأنت نزهتها عن اللئيم، قال: صدقت، لأن الشنفرى كان يرى متطولا فينزه نفسه عنه وأنا لا أرى إلا اللئام فكيف أكذب؟! فخرج من اعتراضي إلى أحسن مخرج.   [1099] ترجمة محمد بن فضلون في تلخيص معجم الألقاب 4: 336 والوافي 4: 328 ومعجم البلدان 3: 696؛ ولم يشر ياقوت إلى أنه ذكره في معجم الأدباء، ونقل صاحب تلخيص معجم الألقاب والصفدي في الوافي ما ورد في معجم البلدان (وانظر الضائع: 164) . الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2601 [1100] محمد بن القاسم وقيل ابن خلاد بن ياسر بن سليمان، الهاشمي بالولاء، أبو عبد الله المعروف بأبي العيناء الاخباري الأديب الشاعر: روى عن أبي عاصم النبيل، وسمع من الأصمعي وأبي عبيدة وأبي زيد الأنصاري والعتبي وغيرهم، وحدث عنه الصولي وابن نجيح وأحمد بن كامل وآخرون. وكان فصيحا بليغا من ظرفاء العالم، آية في الذكاء واللّسن وسرعة الجواب. فمن لطائفه أنه شكا تأخر أرزاقه إلى عبيد الله بن سليمان فقال له: ألم نكن كتبنا لك إلى ابن المدبر، فما فعل في أمرك؟ قال: جرّني على شوك المطل، وحرمني ثمرة الوعد، فقال: أنت اخترته، فقال: وما علي وقد اختار موسى قومه سبعين رجلا فما كان منهم رشيد فأخذتهم الرّجفة، واختار النبي صلى الله عليه وسلم ابن أبي سرح كاتبا فلحق بالمشركين مرتدا، واختار علي بن أبي طالب أبا موسى الأشعري حكما فحكم عليه. وحجبه بعض الأمراء ثم كتب اليه يعتذر منه، فقال: تجبهني مشافهة وتعتذر إليّ مكاتبة. وقال: أخجلني ابن صغير لعبد الرحمن بن خاقان، قلت له: وددت أن لي ابنا مثلك، قال: هذا بيدك، قلت: كيف ذلك؟ قال: تحمل أبي على امرأتك فتلد لك ابنا مثلي. وبلغه أن المتوكل قال «1» : لولا أنه ضرير لنادمناه، فقال: إن أعفاني من رؤية   [1100] ترجمة أبي العيناء في طبقات ابن المعتز: 415 والفهرست: 138 وتاريخ بغداد 3: 170 والمنتظم 5: 156 وابن خلكان 4: 343 وميزان الاعتدال 4: 13 وعبر الذهبي 2: 69 وسير الذهبي 13: 308 والوافي 4: 341 والبداية والنهاية 11: 73 ولسان الميزان 5: 344 وشذرات الذهب 2: 180 ونوادره مبثوثة في كتب الأدب وخاصة في البصائر للتوحيدي وقد جمعها صاحب نثر الدر في موضع واحد من كتابه؛ (3: 195- 231) وفي أيامنا هذه قام بجمع أخباره ونوادره د. أبو سويلم (بجامعة مؤتة) كما جمعته د. ابتسام مرهون الصفار، بغداد 1988 ولمحمد بن ناصر العبودي كتاب في أخباره، دار اليمامة 1978. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2602 الأهلة وقراءة نقش الفصوص صلحت للمنادمة. ودخل على المتوكل «1» في قصره المعروف بالجعفري سنة ست وأربعين ومائتين فقال له: ما تقول في دارنا هذه؟ فقال: إن الناس بنوا الدور في الدنيا وأنت بنيت الدنيا في دارك، فاستحسن كلامه. ثم قال له: كيف شربك للخمر؟ قال: أعجز عن قليله وافتضح عند كثيره، فقال له: دع هذا عنك ونادمنا، فقال: أنا رجل مكفوف، وكلّ من في مجلسك يخدمك، وأنا محتاج أن أخدم، ولست آمن من أن تنظر إليّ بعين راض وقلبك عليّ غضبان أو بعين غضبان وقلبك راض، ومتى لم أميز بين هذين هلكت، فأختار العافية على التعرض للبلاء، فقال: بلغني عنك بذاء في لسانك، فقال: يا أمير المؤمنين قد مدح الله تعالى وذمّ فقال: نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ* وقال عز وجل: هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (القلم: 11) . وقال الشاعر: إذا أنا بالمعروف لم أثن صادقا ... ولم أشتم النكس اللئيم المذمّما ففيم عرفت الخير والشرّ باسمه ... وشقّ لي الله المسامع والفما قال: فمن أين أنت؟ قال: من البصرة، قال: فما تقول فيها؟ قال: ماؤها أجاج، وحرها عذاب، وتطيب في الوقت الذي تطيب فيه جهنم. قرأت في «تاريخ دمشق» قال: قرأت على زاهر بن طاهر عن أبي بكر البيهقي حدثنا أبو عبد الله الحافظ، قال سمعت عبد العزيز بن عبد الملك الأموي يقول: سمعت إسماعيل بن محمد النحوي يقول: سمعت أبا العيناء يقول: أنا والحافظ وضعنا حديث فدك وأدخلناه على الشيوخ في بغداد فقبلوه إلا ابن شيبة العلوي قال لا يشبه آخر هذا الحديث أوله، فأبى أن يقبله، وكان أبو العيناء يحدث بهذا بعد ما كان. وكان جد أبي العيناء الأكبر يلقى علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فأساء المخاطبة بينه وبينه، فدعا عليه بالعمى له ولولده من بعده، فكلّ من عمي من ولد أبي العيناء فهو صحيح النسب فيهم. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2603 وقال المبرد: إنما صار أبو العيناء أعمى بعد أن نيف على الأربعين، وخرج من البصرة واعتلت عيناه فرمي فيهما بما رمي، والدليل على ذلك قول أبي علي البصير: قد كنت خفت يد الزما ... ن عليك إذ ذهب البصر ولم ادر أنّك بالعمى ... تغنى ويفتقر البشر وقال أحمد بن أبي دواد لأبي العيناء: ما أشدّ ما أصابك في ذهاب بصرك؟ قال: أبدأ بالسلام وكنت أحبّ أن أكون أنا المبتدىء، وأحدّث من لا يقبل على حديثي ولو رأيته لم أقبل عليه، فقال له ابن أبي دواد: أما من بدأك بالسلام فقد كافأته بجميل نيتك له، ومن أعرض عن حديثك انما أكسب نفسه من سوء الأدب أكثر مما نالك من سوء الإعراض. وقال محمد بن خلف بن المرزبان، قال لي أبو العيناء: أتعرف في شعراء المحدثين رشيدا الرياحي؟ قال: فقلت لا، قال بل هو القائل فيّ: نسب لابن قاسم ما تراث ... فهو للخير صاحب وقرين أحول العين والخلائق زين ... لا احولال بها ولا تلوين ليس للمرء شائنا حول العي ... ن إذا كان فعله لا يشين فقلت له: وكنت قبل العمى أحول؟ أمن السقم إلى البلى؟ فقال: هنا أظرف خبر تعرج به الملائكة إلى السماء اليوم، وقال: أيما اصلح من السقم إلى البلى أو حال العجوز أصلحها الله من القيادة إلى الزنا. وحمله بعض الوزراء «1» على دابة فانتظر علفها، فلما أبطأ عليه قال: أيها الوزير هذه الدابة حملتني عليها أو حملتها عليّ؟ وقال له المتوكل «2» هل رأيت طالبيا حسن الوجه؟ قال: نعم، رأيت ببغداد منذ ثلاثين واحدا، قال: تجده كان مؤاجرا وكنت أنت تقود عليه، فقال: يا أمير المؤمنين أو يبلغ هذا من فراغي؟ أدع مواليّ مع كثرتهم وأقود على الغرباء؟ فقال المتوكل الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2604 للفتح: أردت أن أشتفي منهم فاشتفى لهم مني. وقال له يوما «1» : إن سعيد بن عبد الملك يضحك منك، فقال: إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ (المطففين: 29) . وقال له ابن ثوابة يوما «2» : كتبت أنفاس الرجال، فقال حيث كانوا وراء ظهرك. وقال له نجاح بن سلمة يوما «3» : ما ظهورك وقد خرج توقيع أمير المؤمنين في الزنادقة؟ فقال له: أستدفع الله عنك وعن أصهارك. ودخل يوما «4» على عبيد الله بن عبد الله بن طاهر وهو يلعب بالشطرنج فقال: في أيّ الحيزين أنت؟ فقال: في حيز الأمير أيده الله، وغلب عبيد الله فقال: يا أبا العيناء قد غلبنا، وقد أصابك خمسون رطل ثلج، فقام ومضى إلى ابن ثوابة وقال: إن الأمير يدعوك فلما دخلا قال: أيد الله الأمير قد جئتك بجبل همذان وماسبذان ثلجا فخذ منه ما شئت. وكان بينه وبين محمد بن مكرم مداعبة، فسمع ابن مكرم أبا العيناء يقول في دعائه: يا رب سائلك، فقال: يا ابن الفاعلة ومن ليس سائله؟. وقال له ابن مكرم «5» يوما يعرض به: كم عدد المكدّين بالبصرة؟ فقال له: مثل عدد البغائين ببغداد. وقال له ابن مكرم ذات يوم «6» : هممت ان آمر غلامي أن يدوس بطنك، فقال: الذي تخلفه على عيالك إذا ركبت أو الذي تحمله على ظهرك إذا نزلت؟. وقال ابن مكرم يوما «7» : مذهبي الجمع بين الصلاتين، فقال له: صدقت تجمع بينهما بالتّرك. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2605 وقيل له «1» : ما تقول في محمد بن مكرم والعباس بن رستم؟ فقال: هما الخمر والميسر إثمهما أكبر من نفعهما. وقال ابن مكرم له يوما «2» : أحسبك لا تصوم شهر رمضان، فقال له: ويلك وتدعني امرأتك أصوم. وبات ليلة «3» عند ابن مكرم، فجعل ابن مكرم يفسو عليه، فقام أبو العيناء وصعد السرير فارتفع اليه فساؤه، فصعد إلى السطح فبلغته رائحته، فقال: يا ابن الفاعلة ما فساؤك إلا دعوة مظلوم. وقدم إليه «4» ابن مكرم يوما جنب شواء، فلما جسّه قال: ليس هذا جنبا هذا شريجة قصب. ومر يوما «5» على دار عدوّ له فقال: ما خبر أبي محمد؟ فقالوا: كما تحبّ قال: فما لي لا أسمع الرنة والصياح. ووعده «6» ابن المدبر بدابة فلما طالبه قال: أخاف أن أحملك عليها فتقطعني ولا أراك، فقال: عدني أن تضمّ إليها حمارا لأواظب مقتضيا. ووعده «7» يوما أن يعطيه بغلا فلقيه في الطريق فقال له: كيف أصبحت يا أبا العيناء؟ فقال: أصبحت بلا بغل، فضحك منه وبعث به اليه. وقالت «8» له قينة: هب لي خاتمك وأذكرك به، فقال لها: اذكري أنك طلبته مني ومنعتك. ولما استوزر صاعد «9» عقب إسلامه صار أبو العيناء إلى بابه، فقيل له يصلي، فعاد فقيل يصلي، فقال: معذور لكل جديد لذة. وحضره «10» يوما ابن مكرم وأخذ يؤذيه ثم قال: الساعة والله أنصرف، فقال أبو الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2606 العيناء: ما رأيت من يتهدد بالعافية غيرك. وقال له ابن الجماز المغني «1» : هل تذكر سالف معاشرتنا؟ فقال: اذ تغنّينا ونحن نستعفيك. ودخل على أبي الصقر إسماعيل بن بلبل الوزير فقال له «2» : ما الذي أخرك عنا يا أبا العيناء؟ فقال: سرق حماري، فقال: وكيف سرق؟ قال: لم أكن مع اللص فأخبرك، قال: فهلا أتيتنا على غيره؟ قال: قعد بي عن الشراء قلة يساري، وكرهت ذلّ المكاري، ومنة العواري. وقيل له «3» إلى متى تمدح الناس وتهجوهم؟ فقال: ما دام المحسن يحسن والمسيء يسيء وأعوذ بالله أن أكون كالعقرب تلسب النبيّ والذمي. ودخل على ابن ثوابة «4» عقب كلام جرى بينه وبين الوزير أبي الصقر ابن بلبل، وكان ابن ثوابة تطاول على الوزير، فقال له أبو العيناء: بلغني ما جرى بينك وبين الوزير، وما منعه من استقصاء الجواب إلا أنه لم يجد فيك عزا فيضعه ولا مجدا فينقصه، وبعد فإنه عاف لحمك أن يأكله وسهك «5» دمك أن يسفكه، فقال ابن ثوابة: وما أنت والدخول بيني وبين هؤلاء يا مكدّي؟ فقال: لا تنكر على ابن ثمانين قد ذهب بصره وجفاه سلطانه أن يعوّل على إخوانه فيأخذ من أموالهم، ولكن أشدّ من هذا من يستنزل الماء من أصلاب الرجال فيستفرغه في جوفه فيقطع نسلهم ويعظّم أوزارهم، فقال ابن ثوابة: ما تسابّ اثنان الا غلب ألأمهما، فقال أبو العيناء: وبذا غلبت أبا الصقر بالأمس، فأفحمه. وخاصم يوما علويا فقال له العلوي: تخاصمني وقد أمرت أن تقول اللهم صلّ على محمد وعلى آل محمد؟ فقال: لكني أقول الطيبين الطاهرين فتخرج أنت. وقال له ابن الجهم يوما «6» : يا مخنث فقال: وَضَرَبَ لَنا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ (يس: 78) . الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2607 ولما وكل موسى بن عبد الملك الأصبهاني «1» بنجاح بن سلمة ليستأديه ما عليه من الأموال عاقبه موسى فهلك ابن سلمة في المطالبة والعقاب، فلقي بعض الرؤساء أبا العيناء وقال له: ما عندك من خبر نجاح بن سلمة فقال أبو العيناء: فَوَكَزَهُ مُوسى فَقَضى عَلَيْهِ (القصص: 15) فبلغت كلمته موسى فلقيه وقال له: أبي تولع والله لأقومنك فقال له أبو العيناء: أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَما قَتَلْتَ نَفْساً بِالْأَمْسِ (القصص: 19) . وقال له العباس بن رستم «2» يوما: أنا أكفر منك، فقال له: لأنك تكفر ومعك خفير مثل عبيد الله بن يحيى وابن أبي دواد وأنا أكفر بلا خفارة. وقال أبو العيناء «3» : مررت يوما في درب بسرّ من رأى فقال لي غلامي: يا مولاي في الدرب حمل سمين، والدرب خال، فأمرته أن يأخذه وغطيته بطيلساني وصرت به إلى منزلي، فلما كان من الغد جاءتني رقعة من بعض رؤساء ذلك الدرب مكتوب فيها: جعلت فداك، ضاع لنا بالأمس حمل فأخبرني صبيان دربنا أنك أنت أخذته فأمر بردّه متفضلا، فكتبت إليه: يا سبحان الله ما أعجب هذا الأمر، مشايخ دربنا يزعمون أنك بغاء وأكذّبهم أنا ولا أصدقهم وتصدّق أنت صبيان دربك أني أخذت الحمل؟! قال: فسكت ولم يعاودني. وقال له رجل «4» من بني هاشم: بلغني أنك بغاء، فقال: وما أنكرت من ذلك مع قول رسول الله صلى الله عليه وسلم مولى القوم منهم، فقال الهاشمي. إنك دعيّ فينا، قال: بغائي صحح نسبي فيكم. ولقيه «5» بعض الكتاب في السحر فقال متعجبا من بكوره: يا أبا عبد الله أتبكر في مثل هذا الوقت؟ فقال له أبو العيناء: أتشاركني في الفعل وتنفرد بالتعجب؟ ودعا أبو العيناء «6» سائلا ليعشيه فلم يدع شيئا الا أكله، فقال له: يا هذا دعوتك رحمة فاتركني رحمة. ووقف عليه رجل من العامة، فلما أحس به قال: من هذا قال: رجل من بني الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2608 آدم، فقال أبو العيناء: مرحبا بك أطال الله بقاءك، كنت أظنّ أن هذا النسل قد انقطع. وكتب «1» إلى بعض الرؤساء وقد وعده بشيء فلم ينجزه: ثقتي بك تمنعني من استبطائك، وعلمي بشغلك يدعوني إلى تذكيرك، ولست آمن- مع استحكام ثقتي بطولك، والمعرفة بعلو همتك- اخترام الأجل، فإن الآجال آفات الآمال، فسح الله في أجلك وبلغك منتهى أملك والسلام. وغداه ابن مكرم «2» يوما فقدم إليه عراقا فلما جسه قال: قدركم هذه طبخت بالشطرنج. وقدم يوما «3» إليه قدرا فوجدها كثيرة العظام فقال له: هذه قدر أم قبر؟ وأكل عنده «4» يوما فسقي على المائدة ثلاث شربات باردة، ثم استسقى فسقي شربة حارة، فقال: لعل مزملتكم تعتريها حمّى الرّبع. ودخل «5» يوما على المتوكل فقدّم إليه طعام فغمس أبو العيناء لقمته في خلّ كان حاضرا وأكلها فتأذى بالحموضة، وفطن المتوكل له فجعل يضحك، فقال لا تلمني يا أمير المؤمنين فقد محت حلاوة الايمان من قلبي. وأكل يوما عند بعض أصحابه طعاما وغسل يده عشر مرات فلم تنق فقال: كادت هذه القدر أن تكون نسبا وصهرا. وقال له رجل «6» من ولد سعيد بن سلم: إن أبي يبغضك، فقال يا بني لي أسوة بآل محمد صلى الله عليه وسلم. واعترضه يوما «7» أحمد بن سعيد فسلم عليه فقال له أبو العيناء: من أنت؟ قال: أنا أحمد بن سعيد، فقال: إني بك لعارف، ولكن عهدي بصوتك يرتفع إليّ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2609 من أسفل فما له ينحدر عليّ من علو؟ قال: لأني راكب، فقال عهدي بك وأنت في طمرين لو أقسمت على الله في رغيف لأعضّك بما تكره. ودق «1» إنسان عليه الباب فقال: من هذا؟ قال: أنا، فقال: أنا والدق سواء. وذكر يوما «2» ولد موسى بن عيسى فقال: كأنّ أنوفهم قبور نصبت على غير قبلة. وقيل له «3» : لم اتخذت خادمين أسودين؟ قال: أما أسودان فلئلا أتهم بهما، وأما خادمين فلئلا يتهما بي. وقال يوما لابن ثوابة «4» : إذا شهدت على الناس ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يكسبون شهد عليك أنتن عضو فيك. وقال له ابن ثوابة «5» يوما: أنا والله أحبك بكل جوارحي، فقال أبو العيناء الا بعضو واحد أيدك الله، فبلغ ذلك ابن أبي دواد فقال: قد وفق في التحديد عليه. وسئل يوما «6» عن مالك بن طوق فقال: لو كان في بني إسرائيل حين نزلت آية البقرة ما ذبحوا غيره. وقال أبو العيناء «7» : أنا أول من أظهر العقوق بالبصرة، قال لي أبي: يا بني إن الله تعالى قرن طاعته بطاعتي فقال اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ (لقمان: 14) فقلت له: يا ابة ان الله ائتمنني عليك ولم يأتمنك علي فقال تعالى وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ (الاسراء: 31) . وقال له عبيد الله بن سليمان: اعذرني فاني مشغول عنك، فقال له: إذا فرغت لم احتج اليك، يعني إذا عزل. ووضع أبو العيناء كتابا «8» في ذم أحمد بن الخصيب حكى فيه ان جماعة من الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2610 الفضلاء اجتمعوا في مجلس وكلّ منهم يكره ابن الخصيب لما كان فيه من الفدامة والجهالة والتغفل، فتجاذبوا أطراف الملح في ذمه، فقال أحدهم: كان جهله غامرا لعقله وسفهه قاهرا لحلمه، وقال آخر: لو كان دابة لتقاعس في عنانه وحرن في ميدانه، وقال آخر: كنت إذا وقع لفظه في سمعي أحسست النقصان في عقلي، وقال بعض كتابه: كنت أرى قلم ابن الخصيب يكتب بما لا يصيب، ولو نطق لنطق بنوك عجيب. وقال إبراهيم بن المدبر: كنت يوما عنده فقدم الطعام وفيه هليون فأكبّ عليه، فقلت له: أراك راغبا في الهليون، فقال: إنه يزيد في الباه. وقال آخر: لو غابت عنه العافية لنسيها. وقال أبو العيناء في آخر هذا التصنيف: كان ابن الخصيب إذا ناظر شغب، وربما رفس من ناظره إذا عجز عن الجواب وخفي عليه الصواب واستولت عليه البلادة وعري كلامه عن الافادة، وكان إن دنوت منه غرّك، وان بعدت عنه ضرّك، فحياته لا تنفع وموته لا يضرّ. وقال الخطيب في تاريخه «1» اخبرنا الأزهري أخبرنا محمد بن جعفر التميمي، أخبرنا الصولي عن أبي العيناء قال: كان سبب تحولي من البصرة أني رأيت غلاما ينادى عليه بثلاثين دينارا يساوي ثلاثمائة دينار، فاشتريته، وكنت أبني دارا فأعطيته عشرين دينارا لينفقها على الصناع، فأنفق عشرة واشترى بعشرة ملبوسا له، فقلت: ما هذا؟ فقال: لا تعجل فان أرباب المروءات لا يعيبون على غلمانهم هذا، فقلت في نفسي: أنا اشتريت الأصمعيّ ولم أدر. ثم أردت ان أتزوج امرأة سرا من بنت عمي فاستكتمته، ودفعت إليه دينارا يشتري به حوائج وسمك هازبى، فاشترى غيره فغاظني، فقال: رأيت بقراط يذم الهازبى، فقلت: يا ابن الفاعلة لم أعلم أني اشتريت جالينوس، فضربته عشر مقارع فأخذني وضربني سبعا وقال: يا مولاي الأدب ثلاث وإنما ضربتك سبعا قصاصا، قال: فرميته فشججته فذهب إلى بنت عمي وقال: الدين النصيحة ومن غشّنا فليس منا، إن مولاي قد تزوج واستكتمني فقلت: لا بدّ من تعريف مولاتي الخبر فضربني وشجني، فمنعتني بنت عمي دخول الدار الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2611 وحالت ما بيني وبين ما فيها وما زالت كذلك حتى طلقت المرأة، وسمت بنت عمي الغلام الناصح فلم يمكني أن أكلمه، فقلت أعتق هذا وأستريح، فلما أعتقته لزمني وقال: الآن وجب حقك عليّ، ثم انه أراد الحجّ فزودته فغاب عشرين يوما ورجع وقال: قطع الطريق ورأيت حقك قد وجب، ثم أراد الغزو فجهزته، فلما غاب بعت مالي بالبصرة وخرجت منها خوفا ان يرجع. ولد أبو العيناء بالأهواز سنة احدى وتسعين ومائة وتوفي ببغداد في جمادى الآخرة سنة ثلاث وثمانين ومائتين وقيل سنة اثنتين وثمانين ومائتين، وقال ابنه أبو جعفر مات أبي لعشر ليال خلون من جمادى الأولى سنة ثلاث وثمانين ومائتين. ومن شعره: إن يأخذ الله من عينيّ نورهما ... ففي لساني وسمعي منهما نور قلب ذكيّ وعقل غير ذي خطل ... وفي فمي صارم كالسيف مأثور وقال: حمدت إلا هي إذ بلاني بحبها ... على حول يغني عن النّظر الشّزر نظرت إليها والرقيب يظنني ... نظرت إليه فاسترحت من العذر وقال يهجو أسد بن جوهر: تعس الزمان لقد أتى بعجاب ... ومحا رسوم الظرف والآداب وافى بكتّاب لو انبسطت يدي ... فيهم رددتهم إلى الكتاب جيل من الأنعام إلا أنهم ... من بينها خلقوا بلا أذناب لا يعرفون إذا الجريدة جرّدت ... ما بين عيّاب إلى عتاب أو ما ترى أسد بن جوهر قد غدا ... متشبّها بأجلّة الكتاب فإذا أتاه مسائل في حاجة ... ردّ الجواب له بغير جواب وسمعت من غثّ الكلام ورثه ... وقبيحه باللحن والاعراب ثكلتك أمك هبك من بقر الفلا ... ما كنت تغلط مرة بصواب الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2612 وقال في الوزير أحمد بن الخصيب: قل للخليفة يا ابن عمّ محمد ... اشكل وزيرك إنه ركّال قد أحجم المتظلمون مخافة ... منه وقالوا ما نروم محال ما دام مطلقة علينا رجله ... أو دام للنزق الجهول مقال قد نال من أعراضنا بلسانه ... ولرجله بين الصدور مجال امنعه من ركل الرجال وان ترد ... مالا فعند وزيرك الأموال وقال: الحمد لله ليس لي فرس ... ولا على باب منزلي حرس ولا غلام إذا هتفت به ... بادر نحوي كأنه قبس ابني غلامي وزوجتي أمتي ... ملّكنيها الملاك والعرس غنيت باليأس واعتصمت به ... عن كلّ فرد بوجهه عبس فما يراني ببابه أبدا ... طلق المحيا سمح ولا شرس وقال: من كان يملك درهمين تعلّمت ... شفتاه أنواع الكلام فقالا وتقدم الفصحاء فاستمعوا له ... ورأيته بين الورى مختالا لولا دراهمه التي في كيسه ... لرأيته شرّ البرية حالا إن الغني إذا تكلم كاذبا ... قالوا صدقت وما نطقت محالا وإذا الفقير أصاب قالوا لم تصب ... وكذبت يا هذا وقلت ضلالا إن الدراهم في المواطن كلّها ... تكسو الرجال مهابة وجلالا فهي اللسان لمن أراد فصاحة ... وهي السلاح لمن اراد قتالا وقال: تولت بهجة الدنيا ... فكلّ جديدها خلق وخان الناس كلهم ... فما أدري بمن أثق الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2613 رأيت معالم الخيرا ... ت سدّت دونها الطرق فلا حسب ولا أدب ... ولا دين ولا خلق وقال: ألم تعلمي يا عمرك الله أنني ... كريم على حين الكرام قليل وأني لا أخزى إذا قيل مقتر ... جواد وأخزى أن يقال بخيل وإلا يكن عظمي طويلا فإنني ... له بالخصال الصالحات وصول إذا كنت في القوم الطوال فضلتهم ... بطولي لهم حتى يقال طويل ولا خير في حسن الجسوم وطولها ... إذا لم يزن طول الجسوم عقول وكائن رأينا من جسوم طويلة ... تموت إذا لم تحيهنّ أصول ولم أر كالمعروف أما مذاقه ... فحلو وأما وجهه فجميل وقال: يا ويح هذي الأرض ما تصنع ... أكلّ حيّ فوقها تصرع تزرعهم حتى إذا ما أتوا ... أشدّهم تحصد ما تزرع [1101] محمد بن القاسم بن محمد بن بشار بن الحسين بن بيان بن سماعة بن فروة بن قطن بن دعامة، أبو بكر ابن الانباري النحوي اللغوي الأديب: كان من أعلم الناس بنحو الكوفيين، وأكثرهم حفظا للغة، وكان صدوقا زاهدا متواضعا فاضلا أديبا   [1101] ترجمة أبي بكر ابن الأنباري في أخبار الراضي والمتقي: 144. وطبقات الزبيدي: 153 والفهرست: 82 وتهذيب اللغة 1: 28 وتاريخ أبي المحاسن: 178 وتاريخ بغداد 3: 181 وطبقات الحنابلة 2: 69 والأنساب 1: 355 ونزهة الألباء: 181 والمنتظم 6: 311 وإنباه الرواة 3: 201 وابن خلكان 4: 341 وتذكرة الحفاظ: 842 ومعرفة القراء 1: 225 وعبر الذهبي 2: 214 وسير الذهبي 15: 274 والوافي 4: 344 ومرآة الجنان 2: 294 والبداية والنهاية 11: 196 وطبقات ابن الجزري 2: 230 والنجوم الزاهرة 3: 269 وبغية الوعاة 1: 212 والشذرات 2: 315 وطبقات الحفاظ للسيوطي: 349 وطبقات الداودي 2: 226 وإشارة التعيين: 335. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2614 ثقة خيرا من أهل السنة حسن الطريقة، أخذ عن أبي العباس ثعلب وخلق، وروى عنه الدارقطني وجماعة، وكتب عنه وأبوه حي. وكان يملي في ناحية من المسجد وأبوه في ناحية أخرى. ومرض يوما «1» فعاده أصحابه فرأوا من انزعاج والده أمرا عظيما، فطيبوا نفسه فقال: كيف لا أنزعج وهو يحفظ جميع ما ترون، وأشار إلى خزانة مملوءة كتبا. وقال أبو علي إسماعيل بن القاسم القالي «2» : كان أبو بكر ابن الانباري يحفظ ثلاثمائة ألف بيت شاهدا في القرآن، وكان يحفظ مائة وعشرين تفسيرا بأسانيدها. وقال له أبو الحسن العروضي: قد أكثر الناس في حفظك فكم تحفظ؟ فقال: ثلاثة عشر صندوقا. قال وسألته جارية الراضي «3» يوما عن تعبير رؤيا فقال: أنا حاقن، ثم مضى من يومه فحفظ كتاب الكرماني في التعبير، وجاء من الغد وقد صار معبرا للرؤيا. وقال حمزة بن محمد بن طاهر الدقاق «4» : كان أبو بكر ابن الانباري يملي كتبه المصنفة ومجالسه المشتملة على الحديث والتفسير والأخبار والأشعار، كل ذلك من حفظه. وقال محمد بن جعفر التميمي: أما أبو بكر ابن الانباري فما رأينا أحفظ منه ولا أغزر منه علما، وكان يحفظ ثلاثة عشر صندوقا، وهذا مما لم يحفظه أحد قبله ولا بعده. وقال أبو العباس يونس النحوي: كان أبو بكر آية من آيات الله تعالى في الحفظ، وكان أحفظ الناس للغة والشعر. وحكى أبو الحسن الدارقطني «5» أنه حضر مجلس إملائه في يوم جمعة، فصحّف اسما أورده في إسناد حديث، إما كان حبان فقال حيان، قال الدارقطني: فأعظمت أن يحمل عن مثله في فضله وجلالته وهم، وهبت أن أوقفه على ذلك، فلما الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2615 فرغ من إملائه تقدمت إليه فذكرت له وهمه وعرفته صواب القول فيه وانصرفت، ثم حضرت الجمعة الثانية مجلسه فقال أبو بكر للمستملي: عرّف جماعة الحاضرين أنا صحفنا الاسم الفلاني لما أملينا حديث كذا في الجمعة الماضية، ونبهنا ذلك الشاب على الصواب، وهو كذا، وعرّف ذلك الشاب أنا رجعنا إلى الأصل فوجدناه كما قال. وقال أحمد بن يوسف الأصبهاني «1» : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقلت: يا رسول الله عمن آخذ علم القرآن؟ فقال: عن أبي بكر ابن الانباري. وقال أبو الحسن العروضي «2» : اجتمعت أنا وأبو بكر ابن الانباري عند الراضي بالله على الطعام، وكان الطباخ قد عرف ما يأكل أبو بكر، وشوى له قلّية يابسة، قال: فأكلنا نحن ألوان الطعام وأطايبه وهو يعالج تلك القلية، ثم فرغنا وأتينا بحلواء فلم يأكل منها، فقمنا ونمنا إلى الخيش، فنام بين يدي الخيش ونمنا نحن في خيشين ولم يشرب ماء إلى العصر، فلما كان بعد العصر قال: يا غلام، الوظيفة فجاءه بماء من الحب وترك الماء المزمّل بالثلج، فغاظني أمره وصحت: يا أمير المؤمنين، فأمر باحضاري وقال: ما قصتك؟ فأخبرته وقلت يا أمير المؤمنين يحتاج هذا إلى ان يحال بينه وبين تدبير نفسه لأنه يقتلها ولا يحسن عشرتها، فضحك وقال: له في هذا لذة، وقد جرت له به عادة، وصار آلفا لذلك فلن يضره. ثم قلت له: يا أبا بكر لم تفعل هذا بنفسك؟ فقال: أبقي على حفظي. ويحكى «3» أنه كان يأخذ الرطب ويشمه ويقول: أما إنك طيّب، ولكن أطيب منك ما وهب الله لي من العلم وحفظه. وحكي أنه «4» مرّ يوما بالنخاسين فرأى جارية تعرض حسنة الصورة كاملة الوصف، قال: فوقعت في قلبي ثم مضيت إلى دار أمير المؤمنين الراضي بالله فقال: أين كنت إلى الساعة؟ فعرفته الأمر وأخبرته بالجارية، فأمر بشرائها وحملت إلى منزلي ولم أعلم، فجئت فوجدتها في المنزل، فقلت لها: اعتزلي إلى الاستبراء، وكنت الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2616 أطلب مسألة قد خفيت عليّ فاشتغل قلبي بالجارية فقلت للخادم: خذها وامض بها إلى النخاس فليس يبلغ قدرها ان يشغل قلبي عن علمي، فأخذها الغلام فقالت: دعني حتى أكلمه، فقالت لي: انت رجل لك محلّ وعقل، فإذا أخرجتني ولم تبين ذنبي لم آمن أن يظن الناس بي ظنا قبيحا فعرفنيه قبل أن تخرجني، فقلت: مالك عندي ذنب غير أنك شغلتني عن علمي، فقالت: هذا سهل عندي، قال: فبلغ الراضي ما كان من أمري فقال: لا ينبغي أن يكون العلم في قلب أحد أحلى منه في قلب هذا الرجل. ولا بن الانباري شعر لطيف فمن ذلك قوله: إذا زيد شرا زاد صبرا كأنما ... هو المسك ما بين الصّلاية والفهر فانّ فتيت المسك يزداد طيبه ... على السّحق والحرّ اصطبارا على الضرّ ومن أماليه: فهلا منعتم إذ منعتم كلامها ... خيالا يوافيني على النأي هاديا سقى الله أطلالا بأكثبة الحمى ... وإن كنّ قد أبدين للناس ما بيا منازل لو مرّت بهنّ جنازتي ... لقال الصدى يا صاحبيّ انزلا بيا وأملى أيضا: وبالهضبة البيضاء إن زرت أهلها ... مها مهملات ما عليهنّ سائس خرجن لخوف الريب من غير ريبة ... عفائف باغي اللهو منهنّ آيس ولأبي بكر ابن الأنباري من التصانيف: غريب الحديث قيل انه خمس وأربعون ألف ورقة أملاه من حفظه. ومما أملاه أيضا من مصنفاته كتاب الهاءات نحو ألف ورقة. وشرح الكافي نحو ألف ورقة. وكتاب الأضداد وما ألف في الاضداد أكبر منه «1» . وكتاب المذكر والمؤنث ما صنف أحد أتمّ منه «2» . ورسالة المشكل ردّ فيها على ابن قتيبة وأبي حاتم السجستاني. وكتاب المشكل في معاني القرآن بلغ فيه إلى طه الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2617 وأملاه سنين كثيرة ولم يتمه. وشرح الجاهليات سبعمائة ورقة «1» . وكتاب الوقف والابتداء «2» . والكافي في النحو. والزاهر «3» . وكتاب اللامات. وشرح المفضليات «4» . والامالي. وأدب الكاتب. والواضح في النحو. والموضح في النحو أيضا. وشرح شعر النابغة. وشرح شعر الأعشى. وشرح شعر زهير. وشعر الراعي. والمقصور والممدود. وكتاب الالفات. وكتاب الهجاء. والمجالسات. وكتاب مسائل ابن شنبوذ. وكتاب الرد على من خالف مصحف عثمان. وغير ذلك. وكانت ولادة أبي بكر ابن الانباري يوم الأحد لاحدى عشرة ليلة خلت من رجب سنة احدى وسبعين ومائتين، وتوفي ليلة عيد النحر سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة وقيل سبع وعشرين وثلاثمائة. [1102] محمد بن أبي القاسم بايجوك أبو الفضل البقالي الخوارزمي الآدمي الملقب زين المشايخ، النحوي الأديب: كان إماما في الأدب، وحجة في لسان العرب، أخذ اللغة وعلم الإعراب عن أبي القاسم الزمخشري، وجلس بعده مكانه، وسمع الحديث منه ومن غيره، وكان جمّ الفوائد حسن الاعتقاد كريم النفس نزيه العرض غير خائض فيما لا يعنيه، له يد في الترسل ونقد الشعر. وله من التصانيف: مفتاح التنزيل. وتقويم اللسان في النحو. والاعجاب في الاعراب. والبداية في المعاني والبيان. وكتاب منازل العرب. وشرح أسماء الله الحسنى، وغير ذلك. مات في سلخ جمادى الآخرة سنة اثنتين وستين وخمسمائة عن نيف وسبعين سنة.   [1102] ترجمة ابن بايجوك في الوافي 4: 340 وبغية الوعاة 1: 215 وانظر التكملة لبروكلمان 1: 513 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2618 [1103] محمد بن محمد بن جعفر بن مختار أبو الفتح الواسطي النحوي: كان نحويا فاضلا جالس ابن كردان وسمع منه، وجالس أبا الحسين ابن دينار وغيره، وكان حسن الايراد جيد المحفوظ متيقظا ولم يتصدر لاقراء النحو، بلغ تسعين سنة ومات سنة أربع وسبعين وخمسمائة. [1104] محمد بن محمد بن جعفر أبو الحسن المعروف بابن لنكك البصري النحوي الشاعر الأديب: كان فرد البصرة وصدر أدبائها في زمانه، أدركته حرفة الأدب فقصّر به جهده عن بلوغ الغاية التي كانت تسمو إليها نفسه إذ كان التقدم في زمنه لأبي الطيب المتنبي وأبي رياش اليمامي، فكسدت بضاعته بنفاق سوقهما، وانحط نجمه «1» عن مطلع سعادتهما، فولع بثلبهما والتشفّي بهجوهما وذمهما، فكان أكثر شعره في شكوى الزمان وأهله وهجاء شعراء عصره. وكان أبلغ شعره ما لم يتجاوز البيتين والثلاثة، وكان يروي قصيدة دعبل التي أولها «2» : مدارس آيات خلت من تلاوة يرويها عن أبي الحسين العباداني عن أخيه عن دعبل، ورواها عنه ابن جخجخ النحوي. ومن شعره «3» : نحن والله في زمان غشوم ... لو رأيناه في المنام فزعنا   [1103] ترجمته في بغية الوعاة 1: 221. [1104] ترجمة ابن لنكك في اليتيمة 2: 348 والوافي 1: 156 وبغية الوعاة 1: 219 وأكثر مقطعاته التي أوردها ياقوت ثابت في اليتيمة. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2619 يصبح الناس فيه من سوء حال ... حقّ من مات منهم أن يهنّا وقال «1» : جار الزمان علينا في تصرفه ... وأيّ دهر على الأحرار لم يجر عندي من الدهر ما لو أنّ أيسره ... يلقى على الفلك الدوّار لم يدر وقال: نحن من الدهر في أعاجيب ... فنسأل الله صبر أيوب أقفرت الأرض من محاسنها ... فابك عليها بكاء يعقوب وقال «2» : زمان قد تفرغ للفضول ... وسوّد كلّ ذي حمق جهول فان احببتم فيه ارتفاعا ... فكونوا جاهلين بلا عقول وقال: يعيب الناس كلّهم الزمانا ... وما لزماننا عيب سوانا نعيب زماننا والعيب فينا ... ولو نطق الزمان إذا هجانا ذئاب كلنا في زيّ ناس ... فسبحان الذي فيه برانا يعاف الذئب يأكل لحم ذئب ... ويأكل بعضنا بعضا عيانا وقال أيضا: أقول لعصبة بالفقه صالت ... وقالت ما خلا ذا العلم باطل أجل لا علم يوصلكم سواه ... إلى مال اليتامى والأرامل أراكم تقلبون الحكم قلبا ... إذا ما صبّ زيت في القنادل القنادل والقناديل بمعنى، وصبّ الزيت فيها كناية عن الرشوة. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2620 وقال: مضى الأحرار وانقرضوا وبادوا ... وخلفني الزمان على علوج وقالوا قد لزمت البيت جدا ... فقلت لفقد فائدة الخروج فمن ألقى إذا أبصرت فيهم ... قرودا راكبين على السروج زمان عزّ فيه الجود حتى ... كأنّ الجود في أعلى البروج وقال «1» : يا زمانا ألبس الأح ... رار ذلا ومهانه لست عندي بزمان ... إنما أنت زمانه كيف نرجو منك خيرا ... والعلا فيك مهانه أجنون ما نراه ... منك يبدو أم مجانه وقال يهجو أبا رياش اليمامي الشاعر المشهور «2» : نبئت أن أبا رياش قد حوى ... علم اللغات وفاق فيما يدّعي من مخبري عنه فإني سائل ... من كان حنّكه بأير الأصمعي وقال يهجو أبا الطيب المتنبي وكان يزعم أن أباه كان سقاء بالكوفة «3» : قولا لأهل زمان لا خلاق لهم ... ضلّوا عن الرشد من جهل بهم وعموا أعطيتم المتنبي فوق منيته ... فزوّجوه برغم أمهاتكم لكنّ بغداد جاد الغيث ساكنها ... نعالهم في قفا السقاء تزدحم وقال فيه أيضا «4» : ما أوقح المتنبي ... فيما حكى وادّعاه أبيح مالا عظيما ... حتى أباح قفاه يا سائلي عن غناه ... من ذاك كان غناه الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2621 إن كان ذاك نبيا ... فالجاثليق إلاه وقال فيه «1» : متنبيكم ابن سقاء كوفا ... ن ويوحى من الكنيف إليه كان من فيه يسلح الشعر حتى ... سلحت فقحة الزمان عليه وقال في الرملي الشاعر «2» : حلف الرمليّ فيما ... قصّ عني وحكاه يدّعي يوم اصطلحنا ... أنني قبلت فاه لم أقبل فاه لكن ... قبلت نعلي قفاه وقال في مبرمان النحوي «3» : صداع من كلامك يعترينا ... وما فيه لمستمع بيان مكابرة ومخرقة وبهت ... لقد أبرمتنا يا مبرمان وقال «4» : تولى شباب كنت فيه منعما ... تروح وتغدو دائم الفرحات فلست تلاقيه ولو سرت خلفه ... كما سار ذو القرنين في الظلمات وقال «5» : قد شربنا على شقائق روض ... شربت عبرة السحاب السكوب صبغت من دم القلوب فما تب ... صر الا تعلقت بالقلوب وقال أيضا وفيه الايماء إلى حديث: «امرؤ القيس قائد الشعراء إلى النار» «6» : إذا خفق اللواء عليّ يوما ... وقد حمل امرؤ القيس اللواء رجوت الله لا أرجو سواه ... لعلّ الله يرحم من أساء الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2622 [1105] محمد بن محمد بن حامد بن عبد الله بن علي أبو عبد الله المعروف بالعماد الكاتب الأصبهاني: ولد بأصبهان يوم الاثنين [ثاني] جمادى الآخرة سنة تسع عشرة وخمسمائة ونشأ بها، وقدم بغداد شابا وانتظم في سلك طلبة المدرسة النظامية فتفقه بها بأبي منصور سعيد بن محمد بن الرزاز، وسمع منه ومن أبي بكر الأشقر وأبي الحسن علي بن عبد السلام وأبي القاسم علي بن الصباغ وأبي منصور ابن خيرون وأبي المكارم المبارك بن علي السمرقندي وجماعة، وأجاز له أبو عبد الله الفراوي وأبو القاسم ابن الحصين، ثم عاد إلى أصبهان فتفقه بها أيضا على محمد بن عبد اللطيف الخجندي وأبي المعالي الوركاني، ثم رجع إلى بغداد واشتغل بصناعة الكتابة فبرع فيها ونبغ، فاتصل بالوزير عون الدين يحيى بن هبيرة فولاه النظر بالبصرة ثم بواسط، ولما توفي الوزير ابن هبيرة وتشتت شمل المنتسبين إليه أقام العماد مدة ببغداد منكّد العيش، فانتقل إلى دمشق ووصل إليها في شعبان سنة اثنتين وستين وخمسمائة، فأنزله قاضي القضاة كمال الدين أبو الفضل محمد بن الشهرزوري بالمدرسة النورية الشافعية المنسوبة إلى العماد الآن المعروفة بالعمادية، وإنما نسبت إليه لأن الملك العادل نور الدين ولاه إياها سنة سبع وستين وخمسمائة. وكان العماد له معرفة بنجم الدين أيوب والد السلطان صلاح الدين، عرفه بتكريت حين كان نجم الدين واليا عليها، فلما سمع نجم الدين بوصوله بادر لتبجيله والسلام عليه في منزله، ومدحه العماد إذ ذاك بقصيدة أولها: يوم النوى ليس من عمري بمحسوب ... ولا الفراق إلى عيشي بمنسوب ما اخترت بعدك لكنّ الزمان أتى ... كرها بما ليس يا محبوب محبوبي   [1105] ترجمة العماد الأصفهاني في الكامل لابن الأثير 12: 71 ومرآة الزمان 8: 504 وتكملة المنذري (رقم: 605) والجامع لابن الساعي 9: 61 وابن خلكان 5: 147 وابن الفوطي 4 (رقم: 1240) وعبر الذهبي 4: 299 وسير الذهبي 21: 345 (وفي حاشيته ذكر لمصادر أخرى) ومختصر ابن الدبيثي 1: 122 والوافي 1: 132 وطبقات السبكي 6: 178 والبداية والنهاية 13: 30 ومقدمة الخريدة (القسم المصري والشامي والعراقي) . الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2623 أرجو إيابي إليكم غانما عجلا ... فقد ظفرت بنجم الدين أيوب موفّق الرأي ماضي العزم مرتفع ... على الأعاجم مجدا والأعاريب أحبّك الله إذ لازمت نصرته ... على جبين بتاج الملك معصوب وهي طويلة، فشكره نجم الدين وأحسن إليه وأكرمه وقدّمه على الأعيان وميزه، وعرّف به ابنه صلاح الدين. وكان القاضي كمال الدين ابن الشهرزوري يحضر مجالس العماد ويذاكره بمسائل الخلاف في الفروع، فنوّه القاضي بذكر العماد عند السلطان نور الدين وذكر له تقدمه في العلم والكتابة، وأهّله لكتابة الانشاء، فتردد العماد في الدخول فيما لم يتقدم له اشتغال طويل به مع توفر موادّ هذه الصناعة عنده خوفا من التقصير فيما لم يمارسه، ثم أقدم بعد الاحجام فباشرها وأجاد فيها حتى زاحم القاضي الفاضل بمنكب ضخم. وكان ينشىء الرسائل بالفارسية أيضا فيجيد فيها إجادته بالعربية. وعلت منزلته عند نور الدين وصار صاحب سرّه، وفوّض إليه تدريس المدرسة العمادية كما تقدم، وولاه الإشراف على ديوان الانشاء. ولما توفي نور الدين وولي ابنه الملك الصالح إسماعيل اغراه بالعماد جماعة كانوا يحسدونه ويكرهونه، فخاف على نفسه وخرج من دمشق قاصدا بغداد، فوصل إلى الموصل ومرض بها، ولما أبلّ من مرضه بلغه خروج السلطان صلاح الدين من مصر قاصدا دمشق ليستولي عليها فعزم على الرجوع إلى الشام وخرج من الموصل سنة سبعين وخمسمائة فوصل إلى دمشق وسار منها إلى حلب، وصلاح الدين يومئذ نازل عليها، فلاقاه في حمص وقد استولى على قلعتها، فلزم بابه ومدحه بقصيدة طويلة كان نظمها قبلا في الشوق إلى دمشق والتأسف عليها، فجعل مدح صلاح الدين مخلصها، أولها «1» : أجيران جيرون ما لي مجير ... سوى عدلكم «2» فاعدلوا أو فجوروا وما لي سوى طيفكم زائر ... فلا تمنعوه إذا لم تزوروا يعزّ عليّ بأنّ الفؤاد ... لديكم أسير وعنكم أسير الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2624 وما كنت أعلم أني أعي ... ش بعد الأحبة «1» أني صبور وفت أدمعي غير أن الكرى ... وقلبي وصبري كلّ غدور إلى ناس باناس لي صبوة ... لها الوجد داع وذكري مثير يزيد اشتياقي وينمو كما ... يزيد يزيد وثورا يثور ومن بردى حرّ قلبي المشوق ... فها أنا من حرّه أستجير «2» وبالمرج مرجوّ عيشي الذي ... على ذكره العذب عيشي مرير فقدتكم ففقدت الحياة ... ويوم اللقاء يكون النشور تطاول لسؤلي عند القصير ... فعن نيله اليوم باعي قصير وكن لي بريدا لباب البريد ... فأنت بأخبار شوقي خبير ومنها: ترى بالسلامة يوما يكون ... بباب السلامة مني عبور وأن جوازي بباب الصغير ... لعمري لعمري «3» حظّ كبير وما جنة الخلد إلا دمشق ... وفي القلب شوقا إليها سعير وجامعها الرحب والقبة ال ... منيفة والفلك المستدير وفي قبّة النسر لي سادة ... بهم للمكارم أفق منير وباب الفراديس فردوسها ... وسكانها أحسن الناس حور والارزة فالسهم فالنيربان ... فجنات مزّتها فالكفور كأن الجواسق مأهولة ... بروج تطلّع منها البدور بنيربها يستنير الفؤاد ... ويربو بربوتها لي السرور «4» الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2625 ومنها: وأين تأملت فلك يدور ... وعين تفور ونهر يمور وأين نظرت نسيم يرقّ ... وزهر يروق وروض نضير ومنذ ثوى نور دين الالاه ... لم يبق للدين والشام نور وللناس بالملك الناصر ال ... صلاح صلاح ونصر وخير هو الشمس أنوارها بالبلاد ... ومطلعها سرجه والسرير إذا ما سطا أو حبا واحتبى ... فما الليث أو حاتم أو ثبير بيوسف مصر وأيامه ... تقرّ العيون وتشفى الصدور وقد أطال نفسه في هذه القصيدة وكلها غرر، وقد اكتفينا بما أوردناه منها. ثم لزم العماد من ذلك اليوم باب السلطان صلاح الدين ينزل لنزوله ويرحل لرحيله، ولم يزل يغشى مجالسه ملازما لخدمته حتى قرّبه واستكتبه واعتمد عليه، فتصدر وزاحم الوزراء وأعيان الدولة، وعلا قدره وطار صيته. وكان إذا انقطع القاضي الفاضل عن الديوان ناب عنه في النظر عليه، وألقى إليه السلطان مقاليده وركن إليه بأسراره، فتقدم الأعيان وأشير إليه بالبنان؛ وكان بينه وبين القاضي الفاضل مراسلات ومحاورات، فمن ذلك أنه لقي القاضي يوما وهو راكب على فرس فقال له: سر فلا كبا بك الفرس، فقال له الفاضل: دام علا العماد، وكلا القولين يقرأ عكسا وطردا. واجتمعا يوما في موكب السلطان وقد ثار الغبار لكثرة الفرسان، وتعجب القاضي من ذلك فأنشد العماد: أما الغبار فانه ... مما أثارته السنا بك والجوّ منه مظلم ... لكن أنارته السنا بك يا دهر لي عبد الرحي ... م فلست أخشى مسّ نابك ولما توفي السلطان صلاح الدين رحمه الله اختلّت أحوال العماد ولزم بيته وأقبل على التصنيف والافادة، حتى توفي يوم الاثنين مستهل رمضان سنة سبع وتسعين وخمسمائة. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2626 وله من المصنفات: خريدة القصر وجريدة العصر «1» ذيل به زينة الدهر لأبي المعالي سعد بن علي الحظيري الوراق، جمع العماد في هذا الكتاب تراجم شعراء الشام والعراق ومصر والجزيرة والمغرب وفارس ممن كان بعد المائة الخامسة إلى ما بعد سنة سبعين وخمسمائة، وهو يدخل في عشر مجلدات لطيفة. وله البرق الشامي «2» ، وهو تاريخ بدأ فيه بذكر نفسه ونشأته ورحلته من العراق إلى الشام وأخباره مع الملك العادل نور الدين والسلطان صلاح الدين وما جرى له في خدمتهما، وذكر فيه بعض الفتوحات بالشام وأطرافها، وهو بضعة مجلدات. وله الفتح القسي في الفتح القدسي «3» في مجلد كبير. وكتاب السيل على الذيل «4» جعله ذيلا على كتابه خريدة القصر. وله نصرة الفطرة وعصرة القطرة في أخبار الدولة السلجوقية «5» . وله رسالة سماها عتبى الزمان، وتسمى أيضا العتبى والعقبى. وكتاب سماه نحلة الرحلة ذكر فيها اختلال الأحوال وتغير الأمور بعد موت السلطان صلاح الدين، واختلاف أولاده وما وقع من الخلاف بين الأمراء والعمال. وله ديوان رسائل في مجلدات. وديوان شعر «6» في مجلدين. وديوان دو بيت صغير وغير ذلك ومن إنشاء العماد الكتاب الكتاب الذي كتبه عن السلطان صلاح الدين إلى ديوان الخلافة ببغداد مبشرا بفتح بيت المقدس سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة افتتحه بقوله تعالى وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ (النور: 55) الآية ثم قال: الحمد لله الذي أنجز لعباده الصالحين وعد الاستخلاف، وقهر بأهل التوحيد أهل الشرك والخلاف، وخصّ سلطان الديوان العزيز بهذه الخلافة، ومكّن دينه المرتضى وبدّل بالأمان المخافة، وذخر هذا الفتح الأسنى، الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2627 والنصر الأهنى، للعصر الامامي النبوي الناصري على يد الخادم أخلص أوليائه، والمختصّ من الاعتزاز باعتزائه إليه وانتمائه؛ وهذا الفتح العظيم، والنجح الكريم، قد انقرضت الملوك الماضية، والقرون الخالية، على مسرة تمنيه، وحيرة ترجيه، ووحشة اليأس من تسنيه، وتقاصرت عنه طوال الهمم، وتخاذلت عن الانتصار له أملاك الأمم، فالحمد لله الذي أعاد القدس إلى القدس، وطهره من الرجس، وحقق من فتحه ما كان في النفس، وبدّل وحشة الكفر فيه من الإسلام بالأنس، وجعل عزّ يومه ماحيا ذلّ أمس، وأسكنه الفقهاء والعلماء بعد الجهال والضلال من بطرك وقس، وعبدة الصليب ومستقبلي الشمس. وقد أظهر الله على المشركين الضالين، جنوده المؤمنين العالمين، وقطع دابر القوم الظالمين، والحمد لله رب العالمين، فكأن الله شرّف هذه الأمة فقال لهم: اعزموا على اقتناء هذه الفضيلة التي بها فضّلكم، وحقّق في حقكم امتثال أمره الذي خالفه اليهود في قوله ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ (المائدة: 21) وهذا الفتح قد أقدر الله على افتضاضه بالحرب العوان، وجعل ملائكته المسوّمة له من أعز الأنصار وأظهر الأعوان، واخرج من بيته المقدس يوم الجمعة أهل يوم الأحد، وقمع من كان يقول ان الله ثالث ثلاثة بمن يقول هو الله أحد. واعان الله بانزال الملائكة والروح، واتى بهذا النصر الممنوح، الذي هو فتح الفتوح، وقد تعالى ان يحيط به وصف البليغ نظما ونثرا، وعبد الله في البيت المقدّس سرا وجهرا، وملكت بلاد الاردنّ وفلسطين غورا ونجدا وبرا وبحرا، وملئت إسلاما وقد كانت ملئت كفرا، وتقاضى الخادم دين الدين الذي غلق رهنه دهرا، والحمد لله وشكرا، حمدا يجدّ للإسلام كلّ يوم نصرا، ويزيد وجوه أهله بشرى فتتوجّه بشرا. والكتاب طويل ذكر فيه فصولا عن الوقائع التي تقدمت فتح القدس، فاكتفينا منه بما أوردناه. وللعماد قصيدة من قصائده الطوال ضمنها فتح القدس وفلسطين، ومدح السلطان صلاح الدين اقتصرنا على إيراد طرف منها قال «1» : أطيب بأنفاس تطيب لكم نفسا ... وتعتاض من ذكراكم وحشتي أنسا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2628 وأسأل عنكم عافيات دوارس ... غدت بلسان الحال ناطقة خرسا معاهدكم ما بالها كعهودكم ... وقد كرّرت من درس آثارها درسا وقد كان في حدسي لكم كلّ طارف ... وما جئتم من هجركم خالف الحدسا أرى حدثان الدهر ينسي حديثه ... وأما حديث الغدر منكم فلا ينسى تزول الجبال الراسيات وثابت ... رسيس غرام في فؤادي لكم أرسى حسبت حبيبي قاسي القلب وحده ... وقلب الذي يهوى بحمل الهوى أقسى ومنها: وإن نهاري صار ليلا لبعدكم ... فما أبصرت عيني صباحا ولا شمسا بكيت على مستودعات خدوركم» ... كما قد بكت قدما على صخرها الخنسا فلا تحبسوا عني الجميل فانني ... جعلت على حبي لكم مهجتي حبسا ومنها: رأيت صلاح الدين أفضل من غدا ... وأشرف من أضحى وأكرم من أمسى وقيل لنا في الأرض سبعة أبحر ... ولسنا نرى إلا أنامله الخمسا سجيته الحسنى وشيمته الرضى ... وبطشته الكبرى وعزته القعسا فلا عدمت أيامنا منه مشرقا ... ينير بما يولي ليالينا الدمسا جنودك أملاك السماء وظنّهم ... أعاديك جنا في المعارك أو إنسا «2» سحبت على الأردنّ ردنا من القنا ... ردينية ملدا وخطّية ملسا ونعم مجال الخيل حطين لم تكن ... معاركها للجرد ضرسا ولا دهسا غداة أسود الحرب معتقلو القنا ... أساود تبغي من نحور العدا نهسا أتوا شكس الأخلاق خشنا فليّنت ... حدود الرقاق الخشن أخلاقها الشّكسا طردتهم في الملتقى وعكستهم ... مجيدا بحكم العزم طردك والعكسا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2629 فكيف مكست المشركين رؤوسهم ... ورأيك «1» في الاحسان أن تطلق المكسا كسرتهم إذ صحّ عزمك فيهم ... ونكّستهم من بعد أعلامهم نكسا بواقعة رجّت بها أرض جيشهم ... ومارت كما بسّت جبالهم بسّا بطون ذئاب البرّ صارت قبورهم ... ولم ترض أرض ان تكون لهم رمسا وحامت «2» على نار المواضي فراشهم ... لتطفى فزادت من خمودهم قبسا وقد خشعت أصوات أبطالها فما ... يعي السمع إلا من صليل الظبا همسا تقاد بدأماء الدماء ملوكهم ... أسارى كسفن اليمّ نيطت بها القلسا سبايا بلاد الله مملوءة بها ... وقد عرضت نخسا وقد شريت بخسا يطاف بها الأسواق لا راغب لها ... لكثرتها كم كثرة توجب الوكسا شكا يبسا رأس البرنس الذي به ... تندّى حسام حاسم ذلك اليبسا حسا دمه ماضي الغرار لغدره ... وما كان لولا غدره دمه يحسى ومنها: ومن قبل فتح القدس كنت مقدسا ... فلا عدمت أخلاقك الطهر والقدسا نزعت لباس الكفر عن قدس أرضها ... وألبستها الدين الذي كشف اللبسا ومنها: جرى بالذي تهوى القضاء وظاهرت ... ملائكة الرحمن أجنادك الحمسا وكم لبني أيوب عبد كعنتر ... فان ذكروا بالبأس لم يذكروا عبسا ومن غزلياته قوله «3» : أفدي الذي خلبت قلبي لواحظه ... وخلّفت لذعات الوجد في كبدي صفات ناظره سقم بلا ألم ... سكر بلا قدح جرح بلا قود على محياه من نار الصّبا شعل ... وورد خديه من ماء الجمال ندي الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2630 ومن حكمياته «1» : اقنع ولا تطمع فان الغنى ... كماله في عزّة النفس فانما ينقص بدر الدجى ... لأخذه الضوء من الشمس وقال «2» : وما هذه الأيام الا صحائف ... يؤرّخ فيها ثم يمحى ويمحق ولم أر في دهري كدائرة المنى ... توسّعها الآمال والعمر ضيق [1106] محمد بن محمد بن عباد أبو عبد الله البغدادي المقريء النحوي: كان مقدما في علم القراءات بارعا في النحو وعلوم العربية، قرأ النحو على أبي سعيد السيرافي النحوي، وأخذ عنه القراءة أبو العباس أحمد بن الفرج بن منصور بن محمد بن الحجاج بن هارون، وصنف «كتاب الوقف والابتداء» وأجاد فيه، وسمعه منه أبو العباس ابن هارون المذكور. توفي أبو عبد الله ابن عباد البغدادي يوم الجمعة لليلتين بقيتا من ذي الحجة سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة. [1107] محمد بن محمد بن عبد الجليل بن عبد الملك بن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد بن يحيى بن مردويه بن سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، رشيد الدين المعروف بالوطواط الأديب الكاتب الشاعر: كان من   [1106] ترجمته في الوافي 1: 162 وبغية الوعاة 1: 224 وإنباه الرواة 3: 212. [1107] ترجمة رشيد الدين الوطواط في بغية الوعاة 1: 226 (عن ياقوت) . الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2631 نوادر الزمان وعجائبه، وأفراد الدهر وغرائبه، أفضل زمانه في النظم والنثر، وأعلم الناس بدقائق كلام العرب وأسرار النحو والأدب، طار في الآفاق صيته وسار في الأقاليم ذكره، وكان ينشىء في حالة واحدة بيتا بالعربية من بحر وبيتا بالفارسية من بحر آخر ويمليهما معا. وله من التصانيف: حدائق السحر في دقائق الشعر باللغة الفارسية، ألّفه لأبي المظفر خوارزم شاه وعارض به كتاب «ترجمان البلاغة» لفرحي الشاعر الفارسي. وللوطواط أيضا ديوان شعر وديوان رسائل عربي. وديوان رسائل فارسي. وتحفة الصديق من كلام أبي بكر الصديق. وفصل الخطاب من كلام عمر بن الخطاب. وأنس اللهفان من كلام عثمان بن عفان. ومطلوب كلّ طالب من كلام علي بن أبي طالب، وغير ذلك. مولده ببلخ ومات بخوارزم سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة. ومن رسائله ما كتبه لأبي القاسم محمود بن عمر الزمخشري وهي «1» : لقد حاز جار الله دام جماله ... فضائل فيها لا يشقّ غباره تجدّد رسم الفضل بعد اندراسه ... بآثار جار الله فالله جاره أنا منذ لفظتني الأقدار من أوطاني، ومعاهد أهلي وجيراني، إلى هذه الخطة التي هي اليوم بمكان جار الله أدام الله دولته جنّة للكرام، وجنّة من نكبات الأيام، كانت قصوى منيتي وقصارى بغيتي أن أكون أحد الملازمين لسدته الشريفة التي هي مخيم السيادة، ومقبّل أفواه السادة، من ألقى فيها عصاه حاز في الدارين مناه، ونال في المحلين مبتغاه، ولكنّ سوء التقصير أو مانع التقدير حرمني تلك الخدمة، وحرّم عليّ هذه النعمة، والآن أظنّ، وظن المؤمن لا يخطىء، أنّ آفل جدّي همّ بالاشراق، وذابل إقبالي أقبل على الإيراق، فقد أجد في نفسي نورا مجدّدا يهديني إلى جنته، ومن شوقي داعيا موفقا يدعوني إلى حضرته، ويقرع لسان الهيبة كلّ ساعة سمعي بنداء: اخلع نعلك، واطرح بالوادي المقدّس رحلك، ولا تحفل بقصد الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2632 قاصد، وحسد حاسد، فإن حضرة جار الله أوسع من أن تضيق على راغب في فوائده، وأكرم من أن تستثقل وطأة طالب لعوائده. ومع هذا أرجو إشارة تصدر من مجلسه المحروس، إما بخطه الشريف فإن في ذلك شرفا لي يدوم مدى الدهر والأيام، وفخرا يبقى على مرّ الشهور والأعوام، وإما على لسان من يوثق بصدق مقالته، ويعتمد على تبليغ رسالته، من المنخرطين في سلك خدمته، والراتعين في رياض نعمته، ورأيه في ذلك أعلى وأصوب. ومن إنشائه أيضا تقليد حسبة صدر عن ديوان خوارزم وهو «1» : إن أولى الأمور بأن تصرف أعنّة العناية إلى ترتيب نظامه، وتقصر الهمم على مهمة إتمامه، أمر يتعلّق به ثبات الدين، ويتوقّف «2» عليه صلاح المسلمين، وهو أمر الاحتساب، فإن فيه تثقيف الزائغين عن الحقّ، وتأديب المنهمكين بالفسق، وتقوية أعضاد أرباب الشرع وسواعدها، وإجراء معاملات الدين على قوانينها وقواعدها. وينبغي أن يكون متقلد هذا الأمر موصوفا بالديانة، معروفا بالصيانة، معرضا عن مراصد الرّيب، بعيدا عن مواقف التهم والعيب، لا بسا مدارع السداد، سالكا مناهج الرشاد. والشيخ الامام فلان أدام الله فضله متحلّ بهذه الخصائص المذكورة، والفضائل المشهورة، ومستظهر في دولتنا للحقوق المرعية، ومستشعر للصفات المرضية، فقلدناه هذا الأمر الذي هو من مهمات الأعمال، ومعظّمات الأشغال، واعتمدنا في التقليد والتقلد على دينه المتين، وفضله المبين، وعقيدته الطاهرة، وأمانته الظاهرة، وأمرناه أولا أن يجعل التقوى شعاره، والزهد دثاره، والعلم معلمه والدين مناره، ثم يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويقيم حدود الشرع على وفق النصوص والأخبار، ومقتضى السنن والآثار، من غير أن يتسور الحيطان، ويتسلّق الجدران، ويرفع الحجب المسدولة، ويكسر الأبواب المقفولة «3» ، ويسلّط الأوباش على دور المسلمين وحرم المؤمنين، فيغيروا على أموالهم، ويمدوا الأيدي الى نسائهم وأطفالهم، ويظهروا ما أمر الله الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2633 تعالى بستره وإخفائه، ونهى عن إشاعته وإفشائه، فإن عبادة الأوثان خير من ذلك الاحتساب «1» ، والعقوبة أجدر بمباشر ذلك من الأجر والثواب. وأمرناه أن يبالغ في تعديل المكاييل والموازين، على وفق أحكام الشرع والدين، فإن وجد تفاوتا في شيء منها سوّاه وعدّله، وغيره وبدّله، وأدّب صاحبه على رؤوس الأشهاد، لينزجر عن مثله أهل الخيانة والفساد، وليعلم أنه في عهدة ما يطوي وينشر، وينهى ويأمر، يوم ينشر الديوان، وينصب الميزان، يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (الشعراء: 88) وسبيل الأئمة والعلماء وكافة الرعايا حاطهم الله أن يتوفروا على تعظيم قدره وتفخيم أمره، ويبالغوا فيما يرجع إلى تمهيد قواعد حرمته، وتشييد أركان حشمته، ولا يعترضوا عليه في شغل الاحتساب، فإن ذلك أمانة هو حاملها، ووديعة هو ضامنها، والسلام. ولرشيد الدين شعر دون نثره جودة، فمن ذلك قصيدة أوردها ضمن كتاب إلى صدر الدين بن نظام الدين رئيس جرجان «2» : جنابك صدر دين الله حصن ... لأهل الفضل من نوب الزمان وصدرك في الخطوب إذا ألّمت ... محطّ رحال حفّاظ القران وجودك دونه فيض الغوادي ... وعزمك دونه حدّ السنان وبابك فيه مسكن كلّ عاف ... وعفوك فيه مأمن كلّ جان غدوت قريع فرسان القوافي ... وحائز سبقها «3» يوم الرهان لقد بلّغت قاصية المعالي ... كما ملّكت ناصية المعاني وأعجزت الأفاضل في التحدي «4» ... بمعجزة الفصاحة والبيان يشقّ سناك جلباب الليالي ... وجنح ظلامها ملقى الجران بك الآداب آهلة المغاني «5» ... ودار المجد شاهقة «6» المباني الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2634 فما لك في فحول الفضل ندّ ... ولا لك في رجال العلم ثاني مغانيك الرحاب رياض عزّ ... سقى صوب الحيا تلك المغاني نمتك عصابة بيض هجان ... وهل تلد الهجان سوى الهجان لقد أخرجت من أزكى نصاب ... وقد أرضعت من أصفى لبان فأنت الغيث في وقت العطايا ... وأنت الليث في يوم الطعان أتتني منك آيات «1» تحاكي ... بدائع نظمها عقد الجمان بلفظ مثل أفراد اللآلي ... وخطّ مثل أصداغ الغواني فألبسني كتابك بعد خوف ... من الحدثان أردية الأمان وقد شاهدت في الدنيا عيانا ... بما أهديت روضات الجنان بقيت مدى الزمان حليف أمن ... ويمن تجتني ثمر الأماني وطاوعك الأسافل والأعالي ... وتابعك الأباعد والأداني صديقك «2» ساحب ذيل المعالي ... وخصمك لابس ثوب الهوان وقال: ستّ بليت بها والمستعاذ بها ... من شرّها من إليه الخلق يبتهل نفسي وإبليس والدنيا التي فتنت ... من قبلنا والهوى والحرص والأمل إن لم تكن منك يا مولاي واقية ... من شرها الجمّ أعيت عبدك الحيل وقال: تروح لنا الدنيا بغير الذي غدت ... وتحدث من بعد الأمور أمور وتجري الليالي باجتماع وفرقة ... وتطلع فيها أنجم وتغور فمن ظنّ أن الدهر باق سروره ... فقد ظنّ عجزا لا يدوم سرور الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2635 وقال: إذا ما شئت أن تحيا سعيدا ... وتنجو في الحساب من الخصوم فلا تصحب سوى الأخيار واصرف ... حياتك في مدارسة العلوم [1108] محمد بن أبي سعيد محمد المعروف بابن شرف الجذامي القيرواني الأديب الكاتب الشاعر أبو عبد الله: روى عن أبي الحسن القابسي وأبي عمران الفاسي، وقرأ النحو على أبي عبد الله محمد بن جعفر القزاز، وأخذ العلوم الأدبية عن أبي إسحاق إبراهيم الحصري وغيرهم، فبرع في الكتابة والشعر، وتقدم عند الأمير المعز بن باديس أمير أفريقية، وكانت القيروان في عهده وجهة العلماء والأدباء تشد اليها الرحال من كل فجّ لما يرونه من إقبال المعز على أهل العلم والأدب وعنايته بهم، وكان ابن شرف وابن رشيق صاحب «العمدة» متقدمين عنده على سائر من في حضرته من الأفاضل والأدباء، فكان يقرب هذا تارة ويدني ذاك تارة، فتنافسا وتنافرا ثم تهاجيا، ولكن لم يتغير أحدهما على الآخر بما جرى بينهما من المناقضات. ولم يزل ابن شرف ملازما لخدمة المعز الى أن هاجم عرب الصعيد القيروان واضطر المعزّ الى الخروج منها إلى المهدية سنة سبع وأربعين وأربعمائة فخرج ابن شرف وسائر الشعراء معه إليها واستقروا بها، فأقام ابن شرف مدة بالمهدية ملازما خدمة المعز وابنه تميم، ثم خرج منها قاصدا صقلية ولحق به رفيقه ابن رشيق، فاجتمعا بها ومكثا بها مدة، ثم   [1108] لابن شرف ترجمة في الصلة: 545 والمطرب: 66 ومعالم الايمان 3: 193 والخريدة (قسم المغرب) 2: 224 والذخيرة 4/1: 169 والوافي 3: 97 والفوات 3: 359 والزركشي: 278 ومسالك الأبصار 11: 338 وبغية الوعاة 1: 114 وصفحات متفرقة من نفح الطيب (الجزءين 3، 4) وعنوان الأريب 1: 56 وقد جمع الأستاذ الميمني بعض شعره في النتف من شعر ابن رشيق وابن شرف (القاهرة: 1343) ؛ ونشرت له رسالة بعنوان أعلام الكلام (القاهرة 1926) وهي نفسها بعنوان مسائل الانتقاد في رسائل البلغاء مع مقدمة ابن شرف: 302- 343 (القاهرة 1946) ونشرها الأستاذ شارل بلا ومعها ترجمة فرنسية (الجزائر 1953) وذكر ابن دحية (المطرب: 96) أن شعره في خمس مجلدات. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2636 استنهضه ابن شرف على دخول الأندلس فتردّد ابن رشيق وأنشد: مما يزهّدني في أرض أندلس ... أسماء مقتدر فيها ومعتضد ألقاب مملكة في غير موضعها ... كالهرّ يحكي انتفاخا صولة الأسد فأجابه ابن شرف على الفور «1» : إن ترمك الغربة في معشر ... قد جبل الطبع على بغضهم فدارهم ما دمت في دارهم ... وأرضهم ما دمت في أرضهم ثم شخص ابن شرف منفردا إلى الأندلس وتنقل في بلادها وسكن المرية بعد مقارعة أهوال ومقاومة خطوب، وتردد على ملوك الطوائف كآل عباد وغيرهم، وتوفي باشبيلية سنة ستين وأربعمائة. ومن شعره «2» : لك مجلس كملت دواعي لهونا ... فيه ولكن تحت ذاك حديث غنّى الذباب فظلّ يزمر حوله ... فيه البعوض ويرقص البرغوث وقال في وصف وادي عذراء بمدينة برجة من أعمال المرية «3» : رياض غلائلها سندس ... توشّت معاطفها بالزّهر مدامعها فوق خطّ الربى ... لها نظرة فتنت من نظر وكلّ مكان بها جنّة ... وكل طريق إليها سقر وقال في ليلة أنس باردة ممطرة «4» : ولقد نعمت بليلة جمد الحيا ... في الأرض فيها والسماء تذوب الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2637 جمع العشاءين المصلّي وانزوى ... فيها الرقيب كأنه مرقوب والكاس كاسية القميص يديرها ... ساق كخود كفّه مخصوب هي وردة في خده وبكأسها ال ... دريّ منها عسجد مصبوب مني إليه ومن يديه إلى يدي ... الشمس تطلع تارة وتغيب وقال «1» : قالوا تسابقت الحمي ... ر فقلت من عدم السوابق خلت الدسوت من الرخا ... خ ففرزنت فيها البيادق وقال «2» : إذا صحب الفتى جدّ وسعد ... تحامته المكاره والخطوب ووافاه الحبيب بغير وعد ... طفيليا وقاد له الرقيب وعدّ الناس ضرطته غناء ... وقالوا إن فسا قد فاح طيب وقال «3» : ولقد يهوّن ان يخونك كاشح ... كون الخيانة من أخ وخدين لقّى أخو يعقوب يعقوب الأذى ... وهما جميعا في ثياب جنين ومضى عقيل عن عليّ خاذلا ... ورأى الأمين جناية المأمون فعلى الوفاء سلام غير معاين ... شخصا له إلا عيان ظنون وقال في الحر يخدم أصحابه «4» : خادمنا خيرنا وأفضلنا ... نطرح أعباءنا ويحملها فنحن يسرى اليدين تخدمها ... يمناهما الدهر وهي أفضلها الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2638 وقال في مليح اسمه عمر «1» : يا أعدل الناس إسما كم تجور على ... فؤاد مضناك بالهجران والبين اظنهم سلبوك القاف من قمر ... فأبدلوها بعين خيفة العين وقال يمدح شيخه أبا الحسن علي بن أبي الرجال «2» : جاور عليا ولا تحفل بحادثة ... إذا ادّرعت فلا تسأل عن الأسل اسم حكاه المسمّى في الفعال وقد ... حاز العليّين من قول ومن عمل فالماجد السيد الحرّ الكريم له ... كالنعت والعطف والتوكيد والبدل زان العلا وسواه شانها وكذا ... تميز الشمس في الميزان والحمل سل عنه وانطق به وانظر إليه تجد ... ملء المسامع والأفواه والمقل وقال «3» : كسيت قناع الشيب قبل أوانه ... وجسمي عليه للشباب وشاح ويا ربّ وجه فيه للعين نزهة ... أمانع عيني منه وهو مباح وقال من قصيدة فيما حل بالقيروان «4» : ترى سيئات القيروان تعاظمت ... فجلّت عن الغفران والله غافر تراها أصيبت بالكبائر وحدها ... ألم تك قدما في البلاد الكبائر تكشفت الأستار عن أهلها وكم ... أقيمت ستور دونهم وستائر وقال «5» : احذر محاسن أوجه فقدت محا ... سن نفسها ولو انها أقمار سرج تلوح إذا نظرت وإنها ... نور يضيء وإن مسست فنار الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2639 وقال» : وما بلوغ الأماني من مواعدها ... إلا كأشعب يرجو وعد عرقوب وقد تخلّف مكتوب القضاء بها ... فكيف لي بقضاء غير مكتوب ولابن شرف القيرواني من التصانيف: أبكار الأفكار جمع فيه ما اختاره من شعره ونثره. وأعلام الكلام مجموع فيه فوائد ولطائف وملح منتخبة. ورسالة الانتقاد «2» وهي على طرز مقامة نقد فيها شعر طائفة من شعراء الجاهلية والإسلام. وديوان شعر، وغير ذلك. [1109] محمد بن محمد بن القاسم بن أحمد بن خديو الاخسيكاثي ، أبو الوفاء المعروف بابن أبي المناقب «3» كان إماما في اللغة أديبا فاضلا صالحا عارفا بالأدب والتاريخ حسن الشعر، مات في آخر ذي الحجة سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة. ومن شعره: إذا المرء أعطى نفسه كلّ ما اشتهت ... ولم ينهها تاقت إلى كلّ باطل وساقت إليه الإثم والعار بالذي ... دعته إليه من حلاوة عاجل وقال: ارحم أخىّ عباد الله كلّهم ... وانظر إليهم بعين اللطف والشفقه وقّر كبيرهم وارحم صغيرهم ... وراع في كلّ خلق وجه من خلقه   [1109] ترجمته في الوافي 1: 148 (وفيه الاخسيكثي) وبغية الوعاة 1: 233 وقال الصفدي (نقلا عن السلفي) كان أكثر شعره في الحكمة وصنف في التواريخ وأحوال الرجال. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2640 [1110] محمد بن محمد بن أحمد بن هميماه الرامشي أبو نصر النحوي النيسابوري: كان مبرزا في القراءات وعلوم الحديث، ذا حظ وافر من العربية واللغة، وله شعر صالح، سمع الحديث من أصحاب الأصم وغيرهم، ورحل وتخرج به جماعة، وأملى بنيسابور وأخذ الأدب عن أبي العلاء المعري وغيره، ولد سنة أربع وأربعمائة ومات في جمادى الأولى سنة تسع وثمانين وأربعمائة. ومن شعره: ولما برزنا للرحيل وقرّبت ... كرام المطايا والركاب تسير وضعت على صدري يديّ مبادرا ... فقالوا محبّ للعناق يشير فقلت ومن لي بالعناق وإنما ... تداركت قلبي حين كاد يطير وقال: وإذا لقيت صعوبة في حاجة ... فاحمل صعوبتها على الدينار وابعثه فيما تشتهيه فانه ... حجر يليّن سائر الأحجار [1111] محمد بن محمد بن مواهب بن محمد أبو العز المعروف بابن الخراساني النحوي العروضي الشاعر الكاتب: كان عارفا بالأدب شديد العناية بالعروض، وله شعر كثير «1» ، سمع ابن نبهان وغيره، وقرأ على أبي منصور الجواليقي، وله مصنف في العروض وتصانيف أدبية وديوان شعر، وتغير ذهنه بأخرة. ولد سنة أربع وتسعين وأربعمائة ومات يوم الأحد مستهل رمضان سنة ست وسبعين وخمسمائة.   [1110] ترجمته في الوافي 1: 124 وجعل وفاته سنة 490 ومصورة ابن عساكر 15: 896، وبغية الوعاة 1: 218. [1111] ترجمته في إنباه الرواة 3: 213 والوافي 1: 150 والفوات 3: 238 وبغية الوعاة 1: 235 والشذرات 5: 275 والزركشي: 250. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2641 ومن شعره «1» : أنا راض منكم بأيسر شيء ... يرتضيه لعاشق معشوق بسلام من الطريق إذا ما ... جمعتنا بالاتفاق طريق ومدح شخصا بقصيدة منها «2» : إذا عجفت آمالنا عند معشر ... غدا نجمها عند الزعيم خطائطا فبلغت الحيص بيص الشاعر فقال: كل كلام في الدنيا يزداد لحنا، تكلمت بصادين فانقلبت الدنيا، وهذا ما يقول له أحد شيئا. وديوان ابن الخراساني هذا كبير يدخل في عشر مجلدات لطيفة، ومن شعره أيضا «3» : إن شئت أن لا تعدّ غمرا ... فخلّ زيدا وخلّ عمرا واستعن الله في أمور ... ما زلن طول الزمان إمرا ولا تخالف مدى الليالي ... لله حتى الممات أمرا واقنع بما راج من طعام ... والبس إذا ما عريت طمرا وقال: قد قلت إذ لحظته عيني مرّة ... فاحمرّ من خجل وفرط تصلّف عيني التي غرست بخدّك وردة ... من ذا يقول لغارس لا تقطف يا سافكا دمي الحرام بطرفه ... أو ما تخاف الله يوم الموقف أرويته عن عالم، أوجدته ... في مسند، أقرأته في مصحف الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2642 [1112] محمد بن محمد بن يحيى بن بحر الشيخ تاج الدين أبو العلاء العلوي السندبيسي الواسطي الفقيه الشافعي النحوي: أخذ النحو عن أبي الفضل ابن جهور وغيره، وصحب الشيوخ وبرع في النحو وشرح الكلام، وكان فاضلا تصدّر في هذا الشان وأقرأ مدة، توفي بعد سنة أربعين وخمسمائة. [1113] محمد بن أبي محمد بن محمد، حجة الدين أبو جعفر، المعروف بابن ظفر الصقلي الأصل المكي النحوي اللغوي الأديب: مولده بصقلية ونشأ بمكة، ورحل إلى مصر وافريقية وأقام بالمهدية مدة وشهد الحروب بها وأخذت من المسلمين وهو هناك، ثم انتقل إلى صقلية، ثم عاد إلى مصر ورحل منها إلى حلب، وأقام فيها بمدرسة ابن أبي عصرون، ولما وقعت فيها الفتنة بين الشيعة وأهل السنة نهبت كتبه فيما نهب، وخرج منها إلى حماة فصادف فيها قبولا فسكن بها وأجري له راتب من ديوانها وكان دون الكفاف فلم يزل يكابد الفقر إلى أن مات بها سنة خمس وستين وخمسمائة. وله من التصانيف: التفسير الكبير. وينبوع الحياة تفسير أيضا. وكتاب الاشتراك اللغوي. وكتاب الاستنباط المعنوي. وأنباء نجباء الأبناء «1» . وسلوان المطاع في عدوان الاتباع «2» . والقواعد والبيان في النحو. وحاشية على درّة الغواص للحريري رد فيها عليه. والمطول شرح مقامات الحريري. والمختصر شرحها أيضا.   [1112] ترجمته في بغية الوعاة 1: 237 (عن ياقوت) . [1113] لابن ظفر ترجمة في الخريدة (قسم الشام) 3: 49 وابن خلكان 4: 395 والوافي 1: 141 والعقد الثمين 2: 344 وبغية الوعاة 1: (وانظر صفحات متفرقة من المكتبة الصقلية ومادة ابن ظفر في الموسوعة الاسلامية 3: 970 وبروكلمان، التاريخ 1: 352 والتكملة 1: 595) . الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2643 والتنقيب على ما في المقامات من الغريب. وأساليب الغاية في أحكام آية. وخير البشر بخير البشر، ذكر فيه الارهاصات التي كانت بين يدي ظهور النبي صلى الله عليه وسلم. واكسير كيمياء التفسير. وأرجوزة في الفرائض. وملح اللغة، وهو فيما اتفق لفظه واختلف معناه. ومعاتبة الجريء على معاقبة البريء، وغير ذلك. [1114] محمد بن محمود بن الحسن بن هبة الله بن محاسن صاحبنا الإمام محبّ الدين بن النجار البغدادي الحافظ المؤرخ الأديب العلامة، أحد أفراد العصر الاعلام. ولد ببغداد في ذي القعدة سنة ثمان وسبعين وخمسمائة، وسمع من ابن كليب والحافظ أبي الفرج ابن الجوزي الواعظ وأصحاب ابن الحصين، ورحل إلى الشام ومصر والحجاز وخراسان وأصبهان ومرو وهراة ونيسابور، وسمع الكثير وحصل الأصول والمسانيد، واستمرت رحلته سبعا وعشرين سنة، واشتملت مشيخته على ثلاثة آلاف شيخ، وكان إماما حجة ثقة حافظا مقرئا أديبا عارفا بالتاريخ وعلوم الأدب حسن الالقاء والمحاضرة، وكان له شعر حسن. وله التصانيف الممتعة منها: تاريخ بغداد «1» ذيّل به على تاريخ مدينة السلام للحافظ أبي بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي واستدرك فيه عليه، وهو تاريخ حافل دلّ على تبحره في التاريخ وسعة حفظه للتراجم والاخبار. وله المختلف والمؤتلف ذيّل به كتاب الأمير ابن ماكولا. والمتفق والمفترق في نسبة رجال الحديث   [1114] ترجمة ابن النجار في قلائد الجمان لابن الشعار 6: 424 والحوادث الجامعة: 205 وتذكرة الحفاظ: 1428 وعبر الذهبي 5: 180 وسير الذهبي 23: 131 ومختصر ابن الدبيثي 1: 137 والوافي 5: 9 والفوات 4: 36 وطبقات السبكي 8: 98 وطبقات الأسنوي 2: 502 والبداية والنهاية 13: 169 والنجوم الزاهرة 6: 355 وطبقات الحفاظ للسيوطي: 499 والشذرات 5: 226 وكانت وفاة ابن النجار في خامس شعبان سنة 643 وانظر المقفى 7: 136. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2644 إلى الآباء والبلدان. وجنة الناظرين في معرفة التابعين. والعقد الفائق في عيون أخبار الدنيا ومحاسن تواريخ الخلائق. وكتاب القمر المنير في المسند الكبير، ذكر فيه الصحابة الرواة وما لكلّ واحد من الحديث. والكمال في معرفة الرجال. ومعجم الشيوخ. ونزهة الورى في أخبار أم القرى. والدرة الثمينة في أخبار المدينة. ومناقب الإمام الشافعي. وروضة الأوليا في مسجد إيليا. والزهر في محاسن شعراء العصر. والأزهار في أنواع الأشعار. ونزهة الطرف في أخبار أهل الظرف. وغرر الفوائد حافل في ست مجلدات. وسلوة الوحيد. وإخبار المشتاق بأخبار العشاق. ومجموع نحا فيه نحو «نشوار المحاضرة» للتنوخي التقطه من أفواه الرجال. والشافي في الطب. وغير ذلك. وأنشدني لنفسه قال: وقائل قال يوم العيد لي ورأى ... تململي ودموع العين تنهمر ما لي أراك حزينا باكيا أسفا ... كأن قلبك فيه النار تستعر فقلت إني بعيد الدار عن وطن ... ومملق الكفّ والأحباب قد هجروا ونظر إلى غلام تركي حسن الصورة فرمد من يومه فقال: وقائل قال قد نظرت إلى ... وجه مليح فاعتادك الرمد فقلت إن الشمس المنيرة قد ... يعشى بها الناظر الذي يقد وقال أيضا: إذا لم تكن حافظا واعيا ... فجمعك للكتب لا ينفع أتنطق بالجهل في مجلس ... وعلمك في البيت مستودع [1115] محمد بن المرزبان أبو العباس الديمرتي «1» : كان فاضلا بليغا مؤرخا عالما   [1115] الفهرست: 166 (وعدّ له كتبا أخرى) وبغية الوعاة 1: 241 (عن ياقوت) . الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2645 بمجاري اللغة تصدر عنه الكتب «1» الكبار، وكان أحد التراجمة ينقل الكتب الفارسية الى العربية، له أكثر من خمسين منقولا من كتب الفرس، وله بضعة عشر كتابا في الأوصاف منها: وصف الفارس والفرس. ووصف السيف. ووصف القلم. وله الحاوي في علوم القرآن سبعة وعشرون جزءا. وكتاب الحماسة. وأخبار عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، وغير ذلك. أخذ ابن المرزبان عن الزبير بن بكار والرمادي وروى عنه أبو عمرو ابن حيوة وجماعة، وتوفي سنة تسع وثلاثمائة. [1116] محمد بن المستنير بن أحمد أبو علي المعروف بقطرب البصري النحوي اللغوي: سمي قطربا لأنه كان يبكر إلى سيبويه للأخذ عنه، فإذا خرج سيبويه سحرا رآه على بابه، فقال له يوما: ما أنت إلا قطرب ليل، والقطرب دويبة تدبّ ولا تفتر، فلقب بذلك. وهو أحد أئمة النحو واللغة، أخذ النحو عن سيبويه وأخذ عن عيسى بن عمر وجماعة من علماء البصرة، وأخذ عن النظام المتكلم إمام المعتزلة، وكان على مذهبه. ولما صنف كتابه في التفسير أراد أن يقرأه في الجامع فخاف من العامة وانكارهم عليه لأنه ذكر فيه مذهب أهل الاعتزال، فاستعان بجماعة من أصحاب السلطان ليتمكن من قراءته في الجامع. واتصل قطرب بأبي دلف العجلي وأدب ولده. وأخذ عنه ابن السكيت وقال: كتبت عنه قمطرا ثم تبينت أنه يكذب في اللغة فلم أذكر عنه شيئا. توفي أبو علي ببغداد سنة ست ومائتين.   [1116] ترجمة قطرب في أخبار النحويين البصريين: 49 وتاريخ بغداد 3: 298 والبداية والنهاية 10: 259 وتهذيب اللغة 1: 14 وطبقات الزبيدي: 99 وتاريخ أبي المحاسن: 82 والفهرست: 58 ومراتب النحويين: 108 ومرآة الجنان 2: 300 ونزهة الألباء: 91 وانباه الرواة 3: 219 وابن خلكان 4: 312 وعبر الذهبي 1: 350 ولسان الميزان 5: 378 وبغية الوعاة 1: 242 وطبقات الداودي 2: 254 والشذرات 2: 15 والوافي 5: 19 ونور القبس: 174 واشارة التعيين: 338. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2646 وله من التصانيف: كتاب معاني القرآن. وغريب الحديث. وإعراب القرآن. والمثلث في اللغة «1» . وكتاب الرد على الملحدين في متشابه القرآن. ومتشابه القرآن. وكتاب الفرق. وكتاب الاشتقاق. وكتاب الأضداد «2» . وكتاب فعل وأفعل. وكتاب النوادر. وكتاب الأصوات. وكتاب الأزمنة. وكتاب القوافي. وكتاب خلق الانسان. وكتاب خلق الفرس. وكتاب الهمزة. وكتاب العلل في النحو. ومجاز القرآن. والمصنف الغريب في اللغة، وغير ذلك. ومن شعره «3» : إن كنت لست معي فالذكر منك معي ... يراك قلبي إذا ما غبت عن بصري والعين تبصر من تهوى وتفقده ... وناظر القلب لا يخلو من النظر وقال: لقد غرّت الدنيا رجالا فأصبحوا ... بمنزلة ما بعدها متحوّل فساخط عيش ما يبدّل غيره ... وراض بعيش غيره سيبدل وبالغ أمر كان يأمل غيره ... ومصطلم من دون ما كان يأمل [1117] محمد بن مسعود أبو بكر الخشني الأندلسي الجياني المعروف بابن أبي الركب: نحوي عظيم من مفاخر الأندلس لغوي أديب شاعر، أخذ النحو عن ابن أبي العافية وروى عن أبي الحسين ابن سراج وأبي علي الصدفي وجماعة، وتصدر للاقراء. كان متقنا لمسائل سيبويه فرحل الناس إليه لقراءة «الكتاب» عليه، وانتقل بأخرة إلى غرناطة فأقرأ بها وولي الصلاة والخطبة بجامعها. وله شرح كتاب سيبويه.   [1117] ترجمة ابن أبي الركب في التكملة: 469 ومعجم أصحاب الصدفي: 157 والوافي 5: 22 وبغية الوعاة 1: 244. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2647 توفي في منتصف ربيع الأول سنة أربع وأربعين وخمسمائة. ومن شعره: بساط ذي الأرض سندسيّ ... وماؤها العذب لؤلؤيّ كأنها البكر حين تجلى ... والزهر من فوقها الحليّ [1118] محمد بن مسعود العشامي الأصبهاني المعروف بالفخر النحوي: له تصانيف في الأدب مرغوب فيها وشعر متداول ورسائل مدونة فائقة في الفقه والفرائض والحساب والمساحة، توفي بعد الستين وخمسمائة. [1119] محمد بن المعلى بن عبد الله أبو عبد الله الأسدي (الأزدي) النحوي اللغوي: روى عن الفضل بن سهل وأبي كثير الأعرابي وابن لنكك الشاعر والصولي أبي إسحاق إبراهيم وابن دريد اللغوي إجازة وغيرهم. وله شرح ديوان تميم بن مقبل، وغير ذلك. [1120] محمد بن مناذر مولى بني صبير بن يربوع بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم أبو جعفر، وقيل أبو عبد الله، وقيل أبو ذريح، وذريح ابن له مات صغيرا. وهو شاعر فصيح متقدم في العلم باللغة إمام فيها، أخذ عنه كثير من اللغويين، وكان في أول أمره ناسكا يتأله، ثم ترك ذلك وهجا الناس وتهتك، فوعظته المعتزلة فلم يتّعظ   [1118] ترجمة الفخر النحوي في تلخيص مجمع الآداب 4/3: 376 (وفيه القسّام) وكذلك الوافي 5: 23؛ وله ترجمة في بغية الوعاة 1: 244 وفي الخريدة للعماد الاصبهاني. [1119] ترجمته في الوافي 5: 43 وبغية الوعاة 1: 247. [1120] ترجمة ابن مناذر في الأغاني 18: 103 والوافي 5: 63 وبغية الوعاة 1: 249، وقد ذكر ياقوت في رقم: 875 ان ترجمة ابن مناذر تقع في كتابه «كتاب الشعراء» . الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2648 فزجروه فهجاهم وقذفهم حتى نفي عن البصرة الى الحجاز فمات هناك سنة ثمان وتسعين ومائة. وكان قارئا تروى عنه حروف يقرأ بها، وصحب الخليل بن أحمد وأبا عبيدة وأخذ عنهما الأدب واللغة، وله معرفة بالحديث. روى عن سفيان بن عيينة وسفيان الثوري وشعبة وجماعة. وذكر ليحيى بن معين فقال: لا يروي عنه من فيه خير، وذكر له مرة فقال: أعرفه كان يرسل العقارب في المسجد بالبصرة حتى تلسع الناس وكان يصبّ المداد بالليل في أماكن الوضوء حتى يسوّد وجوههم. وقال أبو العتاهية يوما لابن مناذر «1» : كيف أنت في الشعر؟ فقال: أقول في الليلة عشرة أبيات إلى خمسة عشر، فقال أبو العتاهية: لو شئت أن أقول في الليلة ألف بيت لقلت، فقال: أجل والله، لأنك تقول: ألا يا عتبة الساعه ... أموت الساعة الساعه وتقول: يا عتب مالي ولك ... يا ليتني لم أرك وأنا أقول: ستظلم بغداد ويجلو لنا الدجى ... بمكة ما عشنا ثلاثة أبحر إذا وردوا بطحاء مكة أشرقت ... بيحيى وبالفضل بن يحيى وجعفر فما خلقت إلا لجود أكفّهم ... وأرجلهم إلا لأعواد منبر ولو أردت مثله لتعذر عليك الدهر، واني لا أعوّد نفسي مثل كلامك الساقط، فخجل أبو العتاهية. وقال يوما ليونس النحوي، يعرض به: أينصرف جبّل أم لا؟ فقال له: قد عرفت ما أردت يا ابن الزانية، فانصرف وأعدّ شهودا ثم جاءه وأعاد السؤال، وعرف يونس ما أراد فقال: الجواب ما سمعته أمس. قال الجاحظ «2» : كان ابن مناذر مولى سليمان القهرمان «3» وسليمان مولى الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2649 عبيد الله بن أبي بكرة، وعبيد الله مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو مولى مولى مولى، ادعى أبو بكرة أنه ثقفي، وادعى سليمان أنه تميمي، وادعى ابن مناذر أنه من بني صبير بن يربوع فهو دعي مولى دعي مولى دعي، وهذا مما لم يجتمع في غيره. وعن محمد بن يزيد النحوي «1» أن ابن مناذر كان إذا قيل له ابن مناذر- بفتح الميم- يغضب ثم يقول: أمناذر الصغرى أم مناذر الكبرى، وهما كورتان من كور لأهواز، إنما هو مناذر على وزن مفاعل من ناذر فهو مناذر. ومما هدد به المعتزلة حين توعدوه ومنعوه من دخول المسجد قوله «2» : أبلغ لديك بني تميم مألكا ... عني وعرّج في بني يربوع أني أخ لكم بدار مضيعة ... بوم وغربان عليه وقوع يا للقبائل من تميم ما لكم ... روبى ولحم أخيكم بمضيع وإذا تحزبت القبائل صلتم ... بفتى «3» لكلّ ملمة وفظيع هبّوا له فلقد أراه بنصركم ... يأوي الى جبل أشمّ منيع إن أنتم لم توتروا لأخيكم ... حتى يباء بوتره المتبوع فخذوا المغازل بالأكفّ وأيقنوا ... ما عشتم بمذلة وخضوع إن كنتم حدبا «4» على أحسابكم ... سمعا فقد أسمعت كلّ سميع أين الرياحيون «5» لم أر مثلهم ... في النائبات وأين رهط وكيع وروى المبرد عن أبي واثلة قال: كان أبان اللاحقي يولع بابن مناذر ويقول له: إنما أنت شاعر في المراثي فإذا متّ فلا ترثني، وكثر ذلك من أبان عليه حتى أغضبه فقال يهجوه: الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2650 غنج أبان ولين منطقه ... يخبّر الناس أنه حلقي داء به تعرفون كلكم ... يا آل عبد الحميد في الأفق حتى إذا ما المساء جلله ... كان أطباؤه على الطرق ففرّجوا عنه بعض كربته ... بمستطير مطوّق العنق وقال يرثي سفيان بن عيينة «1» : يجني من الحكمة سفياننا ... ما تشتهي الأنفس ألوانا يا واحد الأمة في علمه ... لقّيت من ذي العرش غفرانا راحوا بسفيان على عرشه ... والعلم مكسوّين أكفانا [1121] محمد بن منصور بن جميل أبو عبد الله [ابن أبي] العز الكاتب: نحوي لغوي أديب من أفاضل العصر، قدم بغداد في صباه وقرأ الأدب ولازم مصدق بن شبيب النحوي حتى برع في النحو واللغة، وقرأ الفقه والفرائض والحساب، وقال الشعر ومدح الناصر فعرف واشتهر، ورتب كاتبا في ديوان التركات مدة، ثم ولي نظره، ثم ولي الصدرية بالمخزن، ثم عزل واعتقل وأفرج عنه بعد مدة ورتب وكيلا للأمير عدة الدين بن الناصر، وكان كاتبا بليغا مليح الخط غزير الفضل متواضعا مليح الصورة طيب الأخلاق، مات في شعبان سنة ست عشرة وستمائة. [1122] محمد بن موسى بن عبد العزيز أبو بكر الكندي المصري، وقيل أبو عمران   [1121] ترجمة ابن جميل الكاتب في تلخيص مجمع الآداب 4/1: 544 والوافي 5: 68 وبغية الوعاة 1: 250. [1122] ترجمة أبي بكر الكندي في الوافي 5: 90 والمشتبه: 92 وبغية الوعاة 1: 250. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2651 ابن الصيرفي، ويعرف بابن الجبي، ويلقب بسيبويه: كان عارفا بالنحو والمعاني والقراءة والغريب والاعراب والأحكام وعلوم الحديث والرواية، واعتنى بالنحو والغريب حتى لقب بسيبويه لذلك، وله معرفة بأخبار الناس والنوادر والأشعار والفقه على مذهب الشافعي، جالس ابن الحداد الفقيه الشافعي وتتلمذ له، وسمع من أبي عبد الرحمن النسائي وأبي جعفر الطحاوي. وكان يتكلم في الزهد وأحوال الصالحين عفيفا متنسكا ويظهر الاعتزال، اجتمعت فيه أدوات الأدباء والفقهاء والصلحاء والعباد والمتأدبين وبلغ بذلك مبلغا جالس به الملوك، وكان يظهر الكلام في الاعتزال في الأسواق فيحتمل لما هو عليه من العلم، ولحقته السوداء فاختلط، ثم زادت عليه الوسوسة وواصلته السوداء الى أن مات في صفر سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة بمصر وولد سنة أربع وثمانين ومائتين. ومن شعره: من لم يكن يومه الذي هو فيه ... أفضل من أمسه ودون غده فالموت خير له وأروح من ... حياة سوء تفتّ في عضده [1123] محمد بن موسى الحدادي البلخي النحوي الشاعر: يقال أخرجت بلخ أربعة من الأفراد: أبا القاسم الكعبي في علم الكلام، وأبا زيد البلخي في البلاغة والتأليف، وسهل بن الحسن في الشعر الفارسي، ومحمد بن موسى الحدادي في العربية والشعر العربي. وكان الحدادي يكتب للحسين بن علي، وشعره سائر مدون، أكثره أمثال وحكم، منه: يسرّني من حسد الناس لي ... أني فيهم غير محروم وأنني من كرم لابس ... وأنني عار من اللوم وقال: إن كنت أشكو ما ير ... قّ عن الشكاية في القريض   [1123] لم أجد له ترجمة. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2652 فالفيل يضجر وهو أع ... ظم ما رأيت من البعوض وقال: ما بال فرقة شملنا لا تجمع ... وإلى متى يصل الزمان ويقطع كم خلّفت تلك الركاب وراءها ... من منزل فيه لنا مستمتع فالورد يلطم خدّه لمصابنا ... وعيون نرجسه علينا تدمع [1124] محمد بن موسى بن أبي محمد بن مؤمن الكندي أبو بكر النحوي: كتب الحديث والنحو وأكثر، وكان رجلا فاضلا صالحا، توفي في ربيع الأول سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة وقد قارب الثمانين. [1125] محمد بن ميمون الأندلسي القرطبي أبو بكر النحوي، يعرف بمركوش: كان بارعا في النحو مشهورا بالأدب، ومن شعره في غلام قصّ من شعره: تبسّم عن مثل نور الأقاحي ... وأقصدنا بمراض صحاح ومرّ يميس كما ماس غصن ... يلاعب عطفيه هوج الرياح وقصّر من ليلة ساعة ... فأعقب ذلك ضوء الصباح وإني وإن رغم العاذلون ... من خمر أجفانه غير صاح ولأبي بكر ابن ميمون من التصانيف شرح الجمل في النحو. شرح مقامات الحريري، وغير ذلك.   [1124] ترجمته في بغية الوعاة 1: 254 (عن ياقوت) . [1125] ترجمة مركوش في جذوة المقتبس: 86 (بغية الملتمس رقم: 284) والوافي 5: 104 وبغية الوعاة 1: 254 (عن ياقوت) . الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2653 [1126] محمد بن نصر بن صغير بن داغر بن محمد بن خالد، من ولد خالد بن الوليد الصحابي الجليل، شرف الدين المخزومي المعروف بابن القيسراني الحلبي الأديب الشاعر: كان شاعرا مجيدا وأديبا متفننا، كان وابن منير الطرابلسي شاعري الشام في عهد الملك العادل نور الدين بن زنكي، ولهما القصائد الطنانة في مدحه. قرأ الأدب على توفيق بن محمد الدمشقي وابن الخياط الشاعر، وسمع بحلب من هاشم بن أحمد الحلبي وأبي طاهر الخطيب، وسمع منه أبو سعد السمعاني والحافظ ابن عساكر وأبو المعالي الحظيري الأديب الشاعر وغيرهم، وكان هو وابن منير يشبّهان بجرير والفرزدق للمناقضات والوقائع التي جرت بينهما، واتفق موتهما في سنة واحدة، فقد مات ابن منير في حلب في جمادى الآخرة، وفي ثاني عشر شعبان وصل الى دمشق ابن القيسراني باستدعاء الأمير مجير الدين فمات بعد وصوله بعشرة أيام وذلك ليلة الأربعاء الثاني والعشرين من شعبان سنة ثمان وأربعين وخمسمائة، وكان ولادته سنة ثمان وسبعين وأربعمائة. وله شعر كثير مدون أجاد في أكثره، فمن ذلك قصيدة مدح بها الملك العادل نور الدين حين أسر جوسلين «1» واستولى على بلاده بشمالي حلب سنة خمس وأربعين وخمسمائة قال «2» : دعا ما ادّعى من غرّه النهي والأمر ... فما الملك الا ما حباك به الأمر ومن ثنت الدنيا إليه عنانها ... تصرّف فيما شاء عن إذنه الدهر ومن راهن الأقدار في صهوة العلا ... فلن تدرك الشّعرى مداه ولا الشعر   [1126] ترجمة ابن القيسراني في ذيل ابن القلانسي: 322 والأنساب 10: 291 والتحبير 2: 242 والخريدة (قسم الشام) 1: 96 ومرآة الزمان 8: 133 والروضتين 1: 91 وابن خلكان 4: 458 وعبر الذهبي 4: 133 وسير الذهبي 20: 224 وتذكرة الحفاظ: 1313 والوافي 5: 112 ومرآة الجنان 3: 287 والبداية والنهاية 12: 231 والشذرات 4: 150 والنجوم الزاهرة 5: 302 والدارس 2: 388. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2654 ولم لا يلي أسنى الممالك مالك ... زعيم جيوش من طلائعها النصر ليهن دمشقا ان كرسيّ ملكها ... حبي منك صدرا ضاق عن همه الصدر وأنك نور الدين مذ زرت أرضها ... سمت بك حتى انحطّ عن نسرها النسر خطبت فلم يحجبك عنها وليّها ... وخطب العلا بالسيف ما دونه ستر جلاها لك الإقبال حورية السنا ... عليها من الفردوس أردية خضر خلوب أكنّت من هواك محبة ... نمت فانتمت جهرا وسرّ الهوى جهر فان صافحت يمناك من بعد هجرها ... فأحلى التلاقي ما تقدّمه هجر وهل هي إلا كالحصان تمنّعت ... دلالا وان عزّ الحيا وغلا المهر ولكن إذا ما قستها بصداقها ... فليس له قدر وليس لها قدر هي الثغر أمسى بالكراديس عابثا ... وأصبح عن باب الفراديس يفترّ على أنها لو لم تجبك إنابة ... لأرهقها من بأسك الخوف والذعر فلما وقفت الخيل ناقعة الصدى ... على بردى من فوقها الورق النضر فمن بعد ما أوردتها حومة الوغى ... وأصدرتها والبيض من علق حمر وجلّلتها نقعا أضاع شياتها ... فلا شهبها شهب ولا شقرها شقر علا النهر لما كاثر الغضب القنا ... مكاثرة في كلّ نحر لها نحر وقد شرقت أجرافه بدم العدى ... إلى أن جرى العاصي وضحضاحه غمر صدعتهم صدع الزجاجة لا يد ... لجابرها ما كلّ كسر له جبر فلا ينتحل من بعدها الفخر دائل ... فمن بارز الابرنز «1» كان له الفخر ومن بزّ أنطاكية من مليكها ... أطاعته الالحاظ المؤللة الخزر ومنها: طغى وبغى عدوا على غلوائه ... فأوبقه الكفران عدواه والكفر وألقت بأيديها إليك حصونه ... ولو لم تجىء طوعا لجاء بها القسر فسر واملأ الدنيا ضياء وبهجة ... فبالأفق الداجي إلى ذا السنا فقر الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2655 كأني بهذا العزم لا فلّ حده ... وأقصاه بالأقصى وقد قضي الأمر وقد أصبح البيت المقدّس طاهرا ... وليس سوى جاري الدماء له طهر وقد أدّت البيض الحداد فروضها ... فلا عهدة في عنق سيف ولا نذر وصلّت بمعراج النبيّ صوارم ... مساجدها شفع وساجدها وتر وان تتيمم ساحل البحر مالكا ... فلا عجب ان يملك الساحل البحر سللت سيوفا أثكلت كلّ بلدة ... بصاحبها حتى تخوّفك البدر إذا سار نور الدين في عزماته ... فقولا لليل الفجر قد طلع الفجر ولو لم يسر في عسكر من جنوده ... لكان له من نفسه عسكر مجر مليك سمت شمّ المنابر باسمه ... كما قد زهت تيها به الأنجم الزهر فيا كعبة ما زال في عرصاتها ... مواسم حجّ لا يروّعها النفر خلعت على الأيام من حلل العلا ... ملابس من أعلامها الحمد والشكر وتوّجت ثغر الشام منك جلالة ... تمنّت لها بغداد لو أنها ثغر فلا تفتخر مصر علينا بنيلها ... فيمناك نيل كلّ مصر بها مصر رددت الجهاد الصعب سهلا سبيله ... ويا طالما أمسى ومسلكه وعر وقال يمدح أبا غانم سعد بن طارق: خاطر بقلبك إما صبوة الغالي ... فيما أحبّ وإما سلوة السالي من كلّ ذي هيف ترنو لواحظه ... إليك من لهذم في صدر عسال كم ليلة بتّ من كأسي وريقته ... نشوان أمزج سلسالا بسلسال وبات لا يحتمي عنّي مراشفه ... كأنما ثغره ثغر بلا والي يا مطلقي ما بقي للسّقم من جسدي ... وفي يديهم فؤادي رهن اغلال إن شئتم علم حالي بعد فرقتكم ... فأنصتوا للحمام العاطل الحالي خذوا حديث غرامي عن مطوّقة ... تتلو ضلالي في فرع من الضال لم تتركوا لي سوى نفس أجود بها ... والجود بالنفس غير الجود بالمال إذا غضبتم وبات الوجد يشفع لي ... إلى رضاكم رأيت السقم أشفى لي الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2656 كأن عينيّ في فضل انسكابهما ... يدا أبي غانم جادت بافضال غمر يصدّك عن تكذيب مادحه ... ما عند كفيه من تصديق آمال يثري فلا يستقرّ المال في يده ... كأنه عذل في سمع مختال متيّم ببنات الفكر وهي به ... مفتونة فهو لا شاك ولا سالي يا من يزار فيلفى عنده كرم ... بلا حجاب ومجد بالعلا حالي من كان من عرب أو كان من عجم ... فأنت يا سعد من يمن وإقبال وقال يمدح القاضي كمال الدين الشهرزوري: أيا عاذلي في الحبّ مالي وللعذل ... ويا هاجري هل من سبيل إلى الوصل أحين استجارتك الملاحة في الهوى ... بخلت كأن الحسن في ذمة البخل لي الله من صبّ تملّكه الجوى ... فأمسى أسيرا رهن حبل من الخبل منيت بمثل البدر في مستقرّه ... يريك المنال الصعب في المنظر السهل إذا ما التقينا جال طرفي وطرفه ... فأنظر من دمع وينظر من نصل فيا ويح قلبي من بلاه بحبّه ... ومن دلّ الحاظي على ذلك الدل ويا لي من ليل طويل كهجره ... وصبر ضعيف ضعف أجفانه النجل ألفت قلاه واستطبت مطاله ... وأطيب ما جاء الوصال على مطل وقالوا حباك الشيب بالحلم والنهى ... ومن لي بأيام الشبيبة والجهل ليالي أجتاب الليالي صبوة ... ورامي غرامي لا يرى موقع النبل متى ما خلا قلب المحبّ من الهوى ... فيا لك من ربع أقام بلا أهل ألم تر أن الشيب بين جوانحي ... أقام مقام الفضل عند أبي الفضل عقيد المعالي بين كفّيه والندى ... مواثيق عقد لا تروّع بالحلّ ويبسم عن ثغر يبشّر بالجدا ... كما بشّر البرق اليمانيّ بالوبل مناقبه بين الورى مستفيضة ... إذا رويت لم تعتبر صحة النقل وما العلم إلا سيرة شهدت بها ... أسانيدها أو ردّ فرع إلى أصل متى ارتجل الايجاز في صدر دسته ... رأيت الخطاب الفصل في ذلك الفصل الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2657 غريب العلا يفتنّ في مكرماته ... إذا ما انقضى شكل بدا بك في شكل وجدنا ابن عبد الله أندى من الحيا ... وأعلى محلا منه في زمن المحل فطورا يباريه الرجاء على النوى ... وطورا تناجيه المطالب في الرحل إليك انتضى شوقي إليك عزيمة ... هي النصل تحت الليل أو سلّة النصل على سابح يطوي المدى بسنابك ... لمسّتها فوق الصفا طاعة الرمل إلى ماجد أمواله بيد الندى ... فليس عليها من وكيل سوى البذل أبا الفضل كم لي في مساعيك نحلة ... ألذّ على الأفواه من ضرب النحل فريدة لفظ في فريد محاسن ... فتلك بلا مثل وأنت بلا مثل وقال «1» : خذوا حديث غرامي عن ضنى بدني ... أغنى لسان الهوى عن دمعي اللّسن وخبّروني عن قلبي ومالكه ... فربما أشكل المعنى على الفطن من ذا الذي ترهب الأبطال صولته ... زيد الفوارس أم سيف بن ذي يزن وما جفون إذا سلّت صوارمها ... تجاذبت مهج الأقران في قرن هذا الذي سلب العشاق نومهم ... أما ترى عينه ملأى من الوسن تفرّق الحسن إلا في محاسنه ... ويلاه في فتن جمّعن في فتن أمسى غرامي بذاك القدّ يوهمني ... ان اعتلال الصّبا شوقا إلى الغصن إذا الصبابة عاطتني مدامتها ... فما فؤادي على سرّ بمؤتمن أعيا اللوائم سمعي غير لائمة ... للشيب مالت إلى عينيّ عن أذني حتى إذا ما تناهى العذل في كلفي ... قامت إليّ بنات الدهر تعذلني فما ثنت ناظري عن منظر حسن ... حتى أرتني مكاني من أبي الحسن وقال: مررنا في ديار بني عديّ ... يجاذب لوعتي شرق وغرب الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2658 يتيمني بأرض الشام حبّ ... ويعطفني على بغداد حبّ غرام طارف وهوى تليد ... لكلّ صبابة في القلب شعب فلا وأبيك ما هوّمت إلا ... سرى لهما خيال لا يغبّ فكلّ هوى يطالبني بقلب ... وهل لي غير هذا القلب قلب وقال «1» : لا يغرّنّك في السيف المضاء ... فالظبا ما نظرت منها الظباء مرهفات الحدّ أمضاها المها ... وقضاها للمحبين القضاء حدق علّتها صحتها ... ربما كان من الداء الدواء وقال «2» : تظلمت من أجفانهنّ إلى النوى ... سفاها وهل يعدي البعاد على القرب ولما دنا التوديع قلت لصاحبي ... حنانيك سر بي عن ملاحظة السرب إذا كانت الأحداق نوعا من الظبا ... فلا شكّ ان اللحظ ضرب من الضرب وقال: رنا بطرف مريض الجفن منكسر ... فمن رأى جؤذرا يلهو بآساد جفن روى عنه ما يرويه من سقم ... جسمي فصحّ به نقلي وإسنادي وقال: إذا ما تأملت القوام مهفهفا ... تأملت سيفا بين جفنيه مرهفا وطرفا تخلّى عن سقامي سقامه ... فهلا شفى من بات منه على شفا وقال: بالسفح من لبنان لي ... قمر منازله القلوب حملت تحيته الشما ... ل فردّها عني الجنوب الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2659 فرد الصفات غريبها ... والحسن في الدنيا غريب لم أنس ليلة قال لي ... لما رأى جسدي يذوب بالله قل لي يا فتى: ... ما تشتكي؟ قلت الطبيب وقال «1» : بين فتور المقلتين والكحل ... هوى له من كلّ قلب ما انتحل توقّ من فتكتها لواحظا ... أما ترى تلك الظبا كيف تسلّ ويلاه من نواظر سواحر ... ما عقل العقل بها الا اختبل لو لم تكن أجفانها نوابلا ... لما برت أسهمها من المقل يا راميا مسمومة نصاله ... عيناك للقارة قل لي أم ثعل كم عاذل خوفني من لحظه ... إليك عني «سبق السيف العذل» وله من قصيدة في الملك العادل نور الدين وأجاد «2» : حصّن بلادك هيبة لا رهبة ... فالدرع من عدد الشجاع الحازم هيهات يطمع في محلّك طامع ... طال البناء على يمين الهادم كلّفت همتك السموّ فحلّقت ... فكأنما هي دعوة في ظالم وأظنّ أنّ الناس لما لم يروا ... عدلا كعدلك أرجفوا بالقائم وقال أيضا في قصيدة يهنئه بها باستيلائه على سنجار وأعمال الفرات» : في عسكر يخفي كواكب ليله ... نقع فيطلعها القنا الخطار جرار أذيال العجاج وراءه ... وأمامه بك جحفل جرار تدني لك الغايات همّتك التي ... كبرت كذا همم الملوك كبار وملكت سنجارا وما من بلدة ... الا تمنت أنها سنجار وبسطت بالأموال كفا طالما ... طالت بها الآمال وهي قصار وثنى الفرات إلى يديك عنانه ... والبحر ما اتصلت به الأنهار الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2660 ومنها: تدعو البلاد إليك ألسنة الظبا ... فتجيبك الأنجاد والأغوار حتى عمدت الدين يا ابن عماده ... بقنا أسنتها عليه منار ومنها: أمضى السلاح على عدوك بغيه ... بالغدر يطعن في الوغى الغدار فاحسم عناد ذوي العناد بجحفل ... كالليل فيه من الصّفاح نهار جند على جرد أمام صدورها ... صدر عليه من اليقين صدار قد بايع الاخلاص بيعة نصرة ... ولكلّ هادي أمة انصار وإذا الملوك تثاقلت عن غاية ... فأرادها خفّت به الاقدار [1127] محمد بن نصر الله [بن مكارم] بن الحسين بن عنين الدمشقي الأنصاري: أصله من الكوفة من الخطة المعروفة بمسجد بني النجار، وولد بدمشق يوم الاثنين تاسع شعبان سنة تسع وأربعين وخمسمائة، وهو من أفاضل العصر، لغوي أديب شاعر مجيد، نشأ بدمشق وأخذ عن الحافظ أبي القاسم ابن عساكر وغيره، وهو يستحضر «كتاب الجمهرة» لابن دريد، وبرع في الشعر وحلّ الألغاز، ورحل إلى العراق والجزيرة وخراسان وأذربيجان وخوارزم ودخل الهند ورحل إلى اليمن ومنها إلى الحجاز ثم إلى مصر ثم رجع الى دمشق. وهو مولع بالهجو، وله في ذلك قصيدة طويلة سماها «مقراض الأعراض» ويقال أنه يخلّ بالصلاة ويصل ابنة العنقود، ورماه أبو الفتح ابن الحاجب بالزندقة، والله أعلم بصحة ذلك. ولما كان بخوارزم حضر يوما درس الامام   [1127] ترجمة ابن عنين في مرآة الزمان 8: 696 وقلائد الجمان لابن الشعار 6: 199 وتكملة المنذري 3 (رقم 2454) وابن خلكان 5: 14 والحوادث الجامعة: 52 وعبر الذهبي 5: 122 وسير الذهبي 22: 363 ومختصر ابن الدبيثي 1: 151 والوافي 5: 122 والبداية والنهاية 13: 137 ولسان الميزان 4: 405 والنجوم الزاهرة 6: 82 وشذرات الذهب 5: 140 والبدر السافر، الورقة: 170 ومقدمة ديوانه. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2661 فخر الدين محمد بن عمر الرازي المعروف بابن خطيب الري، وكان يوما باردا سقط فيه الثلج، فبينما الشيخ يلقي الدروس إذ سقطت حمامة بالقرب منه ووراءها طير من الجوارح يطاردها، فلما صارت بين الناس خاف الجارح وطار، ولم تقدر الحمامة على النهوض مما لحقها من الخوف والبرد، فرقّ لها الامام فخر الدين وأخذها بيده وحنا عليها، فأنشده ابن عنين مرتجلا «1» : يا ابن الكرام المطعمين إذا شتوا ... في يوم مسغبة وثلج خاشف العاصمين إذا النفوس تطايرت ... بين الصوارم والوشيج الراعف من نبّأ الورقاء أنّ محلكم ... حرم وأنك ملجأ للخائف وفدت عليك وقد تدانى حتفها ... فحبوتها ببقائها المستانف لو أنها تحبى بمال لا نثنت ... من راحتيك بنائل متضاعف جاءت سليمان الزمان بشكوها ... والموت يلمع من جناحي خاطف قرم يطاردها فلما استأمنت ... بجنابه ولّى بقلب واجف «2» وله من قصيدة كتب بها إلى العادل يشكو الغربة والشوق الى الشام «3» : ماذا على طيف الأحبة لو سرى ... وعليهم لو سامحوني بالكرى جنحوا إلى قول الوشاة وأعرضوا ... والله يعلم أنّ ذلك مفترى يا معرضا عني بغير جناية ... الا لما نقل «4» العذول وزوّرا هبني أسأت كما تقول وتفتري ... وأتيت في حبيك شيئا منكرا ما بعد بعدك والصدود عقوبة ... يا هاجري ما آن لي أن تغفرا لا تجمعنّ عليّ عتبك والنوى ... حسب المحبّ عقوبة أن يهجرا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2662 عبء الصدود أخفّ من عبء النوى ... لو كان لي في الحبّ أن أتخيرا فسقى دمشق ووادييها والحمى ... متواصل الأرهام منفصم العرى حتى نرى وجه الرياض بعارض ... أحوى وفود الدّوح أبيض أزهرا تلك المنازل لا ملاعب عالج ... ورمال كاظمة ولا وادي القرى أرض إذا مرّت بها ريح الصّبا ... حملت على الأغصان مسكا أذفرا فارقتها لا عن رضى وهجرتها ... لا عن قلى ورحلت لا متخيرا أسعى لرزق في البلاد مشتّت ... ومن العجائب «1» أن يكون مقترا وأصون وجه مدائحي متقنعا ... وأكفّ ذيل مطامعي متسترا ومنها في الشكوى والدخول الى المديح: أشكو اليك نوى تمادى عمرها ... حتى حسبت اليوم منها أشهرا لا عيشتي تصفو ولا رسم الهوى ... يعفو ولا جفني يصافحه الكرى أضحي عن الربع «2» المريع محوّلا ... وأبيت عن ورد «3» النمير منفرا ومن العجائب أن يقيل «4» بظلكم ... كلّ الورى ونبذت وحدي بالعرا وأول قصيدته المسماة مقراض الأعراض قوله «5» : أضالع تنطوي على كرب ... ومقلة مستهلة الغرب شوقا إلى ساكني دمشق فلا ... عدت رباها مواطر السحب ومن ثم أخذ في الهجو بنفس طويل وتفنن بأساليب السب والثلب فأورد ما لا يحسن إيراده. وقال أيضا في هجو أبيه «6» : الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2663 وجنّبني أن أفعل الخير والد ... ضئيل إذا ما عدّ أهل التناسب «1» بعيد من الحسنى قريب من الخنا ... وضيع مساعي الخير جمّ المعايب إذا رمت أن أسمو صعودا الى العلا ... غدا عرقه نحو الدنية جاذبي وقال يهجو كحالا «2» : لو أنّ طلاب المطالب عندهم ... علم بأنك للعيون تعوّر لأتوا اليك بكلّ ما أملته ... منهم وكان لك الجزاء الأوفر ودعوك بالصبّاغ لما ان رأوا ... يعشي العيون لديك ماء أصفر وبكفّك الميل الذي يحكي عصا ... موسى وكم عين به تتفجر وقال في العادل سيف الدين بن أيوب «3» : إنّ سلطاننا الذي نرتجيه ... واسع المال ضيّق الإنفاق هو سيف كما يقال ولكن ... قاطع للرسوم والأرزاق وقال في المحدث الفاضل ابن دحية الكلبي وهو معاصر «4» . دحية لم يعقب فلم تعتزي ... إليه بالبهتان والإفك ما صحّ عند الناس شيء سوى ... أنّك من كلب بلا شك وقال يمدح فخر الدين الرازي وسيرها إليه من نيسابور إلى هراة «5» : ريح الشمال عساك أن تتحملي ... شوقي «6» الى الصدر الإمام الأفضل وقفي بواديه المقدّس وانظري ... نور الهدى متألقا لا يأتلي من دوحة فخرية عمريّة ... طابت مغارس مجدها المتأثل الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2664 مكية الأنساب زاك أصلها ... وفروعها فوق السماك الأعزل واستمطري جدوى يديه فطالما ... خلف الحيا في كلّ عام ممحل نعم سحائبها تعود كما بدت ... لا يعرف الوسميّ منها والولي بحر تصدّر للعلوم ومن رأى ... بحرا تصدّر قبله في محفل ومشمّر في الله يسحب للتقى ... والدين سربال العفاف المسبل ماتت به بدع تمادى عمرها ... دهرا وكاد ظلامها لا ينجلي فعلا به الاسلام أرفع هضبة ... ورسا سواه في الحضيض الأسفل غلط امرؤ بأبي عليّ قاسه ... هيهات قصّر عن مداه أبو علي «1» لو أن رسطاليس يسمع لفظة ... من لفظه لعرته هزّة أفكل ويحار بطلميوس لو لاقاه من ... برهانه في كلّ شكل مشكل فلو انهم جمعوا لديه تيقنوا ... أنّ الفضيلة لم تكن للأول وبه يبيت الحلم معتصما إذا ... هزّت رياح الطيش ركني يذبل يعفو عن الذنب العظيم تكرما ... ويجود مسؤولا وإن لم يسأل أرضي الإلاه بفضله ودفاعه ... عن دينه وأقرّ عين المرسل يا أيها المولى الذي درجاته ... ترنو الى فلك الثوابت من عل ما منصب الا وقدرك فوقه ... فبمجدك السامي يهنّا ما تلي فمتى أراد الله رفعة منصب ... أفضى إليك فنال أشرف منزل لا زال ربعك للوفود مثابة ... أبدا وجودك كهف كلّ مؤمل ولما كان بمصر أهدى اليه الشريف أبو الفضل سليمان الكحال خروفا هزيلا، فكتب إليه يشكره ويداعبه، فقال «2» : أبو الفضل وابن الفضل أنت وأهله «3» ... فغير بديع أن يكون لك الفضل الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2665 أتتني أياديك التي لا أعدها ... لكثرتها لا كفر نعمى ولا جهل ولكنني أنبيك عنها بطرفة ... تروقك ما وافى لها قبلها مثل أتاني خروف ما شككت بأنه ... حليف هوى قد شفّه الهجر والعذل إذا قام في شمس الظهيرة خلته ... خيالا سرى في ظلمة ما له ظل فناشدته ما يشتهي قال حلبة «1» ... وقاسمته ما شاقه «2» قال لي الأكل فأحضرتها خضراء مجاجة الثرى ... مسلّمة ما حصّ أوراقها الفتل فظلّ يراعيها بعين ضعيفة ... وينشدها والدمع في العين «3» منهل «أتت وحياض الموت بيني وبينها ... وجادت بوصل حين لا ينفع الوصل» وقال «4» : ألين لصعب الخلق قاس فؤاده ... وأعتبه لو يرعوي من أعاتب من الترك مياس القوام منعم ... له الدرّ ثغر والزمرّد شارب أسال عذارا في أسيل كأنه ... عبير على كافور خدّيه ذائب وقال «5» : ومهفهف رقّت حواشي حسنه ... فقلوبنا وجدا عليه رقاق لم يكس عارضه السواد وإنما ... نفضت عليه صباغها الأحداق وشعره غرر كله، وهو الآن حيّ مقيم في دمشق «6» . الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2666 [1128] محمد بن هانىء أبو القاسم الأزدي الأندلسي: من ولد روح بن حاتم بن قبيصة بن المهلب، أديب شاعر مفلق، أشعر المتقدمين والمتأخرين من المغاربة، وهو عندهم كالمتنبي عند أهل المشرق؛ ولد باشبيلية ونشأ بها، ونال حظا واسعا من علوم الأدب وفنونه، وبرز في الشعر فلم يباره في حلبته مبار ولم يشقّ غباره لا حق، وكان متهما بالفلسفة يسلك في أقواله وأشعاره مسلك المعري «1» ، وما زال يغلو في ذلك حتى تعدّى الحقّ وخرج في غلوه إلى ما لا وجه له في التأويل، فأزعجه أهل الأندلس واضطروه إلى الخروج من وطنه، وأشار عليه صاحب إشبيلية بذلك درءا للفتنة، فخرج متنقلا في البلاد ووصل الى عدوة المغرب فلقي بها جوهرا القائد مولى المنصور فمدحه، ثم رحل إلى الزاب واتصل بجعفر ابن الأندلسية وأخيه يحيى، فانتجع بابهما ولزم رحابهما فأكرما وفادته وأحسنا إليه، ثم بلغ خبره المعزّ أبا تميم فاستقدمه وأحسن نزله وبالغ في اكرامه. ولما رحل المعز إلى الديار المصرية استأذنه في الرجوع إلى عياله ليأتي بهم ويلحق به، فأذن له، فخرج قاصدا بلده، فلما بلغ برقة نزل على أحد أعيانها للراحة فأضافه أياما، فخرج ليلة سكران من بيته، فلما أصبح الناس وجدوه ملقى في سانية من سواني البلد مخنوقا بتكة سراويله، ولم يعرف سبب ذلك ولا فاعله، وكانت وفاته كذلك يوم الأربعاء سنة اثنتين وستين وثلاثمائة وقد جاوز الأربعين. ولما بلغ المعز خبر موته أسف عليه أسفا عظيما وقال: هذا الذي كنا نرجو أن نفاخر به شعراء المشرق فلم يقدر لنا ذلك. ومن غرر شعره قصيدته الرائية المشهورة التي مدح بها المعز المذكور،   [1128] ترجمة ابن هانىء في جذوة المقتبس: 89 (بغية الملتمس رقم: 301) والمطرب: 192 والتكملة: 103 وابن خلكان 4: 421 وعبر الذهبي 2: 328 وسير الذهبي 16: 131 والبداية والنهاية 11: 274 والاحاطة 2: 288 والنجوم الزاهرة 4: 67 والنفح (انظر فهرسته) والشذرات 3: 41؛ وقد نشر زاهد على ديوانه مشروحا، ثم طبع طبعة متواضعة بدار صادر (بيروت) . ولصديقنا د. محمد اليعلاوي دراسة عنه (دار الغرب الإسلامي 1985) وقبلها دراسة لمنيرناجي (بيروت 1962) . وهذه الترجمة وترجمة ابن القيسراني قبلها أليق بمعجم الشعراء. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2667 وهي «1» : فتقت لكم ريح الجلاد بعنبر ... وأمدّكم فلق الصباح المسفر وجنيتم ثمر الوقائع يانعا ... بالنصر من ورق الحديد الأخضر وضربتم هام الكماة ورعتم ... بيض الخدور بكلّ ليث مخدر أبني العوالي السمهرية والسيو ... ف المشرفية والعديد الأكثر من منكم الملك المطاع كأنه ... تحت السوابغ تبّع في حمير القائدي الخيل العتاق شوازبا ... خزرا الى لحظ السنان الأخزر شعث النواصي حشرة آذانها ... قبّ الأياطل داميات الأنسر «2» تنبو سنابكهنّ عن عفر الثرى ... فيطأن في خدّ العزيز الأصعر جيش تقدّمه الليوث وفوقه ... كالغيل من قصب الوشيج الأسمر وكأنما سلب القشاعم ريشها ... مما يشقّ من العجاج الأكدر وكأنما شملت قناه ببارق ... متألق أو عارض مثعنجر «3» تمتدّ ألسنة الصواعق فوقه ... عن ظلّتي مزن عليه كنهور «4» ويقوده الليث الغضنفر معلما ... من كلّ شثن اللبدتين غضنفر نحر القبول من الدبور وسار في ... جيش الهرقل وعزمة الإسكندر في فتية صدأ الدروع عبيرهم ... وخلوقهم علق النجيع الأحمر لا يأكل السرحان شلو طعينهم ... مما عليه من القنا المتكسر أنسوا بهجران الأنيس كأنهم ... في عبقريّ البيد جنّة عبقر ومنها: الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2668 قوم يبيت على الحشايا غيرهم ... ومبيتهم فوق الجياد الضمّر وتظلّ تسبح في الدماء قبابهم ... فكأنهنّ سفائن في أبحر من كلّ أهرت كالح ذي لبدة ... أو كلّ أبيض واضح ذي مغفر ومنها في ذكر الممدوح: لي منهم سيف إذا جردته ... يوما ضربت به رقاب الأعصر وفتكت بالزمن المدجّج فتكة ال ... براض يوم هجائن ابن المنذر «1» صعب إذا نوب الزمان استصعبت ... متنمّر للحادث المتنمر فإذا عفا لم تلق غير مملّك ... واذا سطا لم تلق غير مظفر وكفاك من حبّ السماحة أنها ... منه بموضع مقلة من محجر فغمامه من رحمة وعراصه ... من جنة ويمينه من كوثر وقال أيضا يمدحه من قصيدة «2» : ألؤلؤ دمع هذا الغيث أم نقط ... ما كان أحسنه لو كان يلتقط بين السحاب وبين الريح ملحمة ... معامع وظبا في الجوّ تخترط كأنه ساخط يرضى على عجل ... فما يدوم رضى منه ولا سخط أهدى الربيع إلينا روضة أنفا ... كما تنفس عن كافوره السّفط ومنها: والريح تبعث أنفاسا معطّرة ... مثل العبير بماء الورد يختلط كأنما هي أنفاس المعزّ سرت ... لا شبهة للندى فيها ولا غلط تالله لو كانت الأنواء تشبهه ... ما مرّ بؤس على الدنيا ولا قنط أبدى الزمان لنا من نور طلعته ... عن دولة ما بها وهن ولا سقط الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2669 حتى تسلّط منه في الورى ملك ... زينت بدولته الأملاك والسّلط إمام عدل وفى في كلّ ناحية ... كما قضوا في الإمام العدل واشترطوا قد بان بالفضل عن ماض ومؤتنف ... كالعقد عن طرفيه يفضل الوسط وقال يمدح جعفر ابن الأندلسية «1» : أليلتنا إذ أرسلت واردا وحفا ... وبتنا نرى الجوزاء في أذنها شنفا «2» [وبات لنا ساق يقوم على الدجى ... بشمعة نجم لا تقط ولا تطفا] «3» ولم يبق إرعاش المدام له يدا ... ولم يبق إعنات التثني له عطفا نزيف ثناه السكر الا ارتجاجة ... إذا كلّ عنها الخصر حمّلها الردفا يقولون حقف فوقه خيزرانة ... أما يعرفون الخيزرانة والحقفا جعلنا حشايانا ثياب مدامنا ... وقدّت لنا الظلماء من جلدها لحفا فمن كبد تدني إلى كبد هوى ... ومن شفة توحي إلى شفة رشفا بعيشك نبه كأسه وجفونه ... فقد نبّه الابريق من بعد ما أغفى وقد فكّت الظلماء بعض قيودها ... وقد قام جيش الليل للفجر «4» واصطفّا ومنها في المديح: كأن لواء الشمس غرّة جعفر ... رأى القرن فازدادت طلاقته ضعفا وقد جاشت الدأماء بيضا صوارما ... ومارنة سمرا وفضفاضة زغفا «5» وجاءت عتاق الخيل تجري كأنما ... تخطّ له أقلام آذانها صحفا هنالك تلقى جعفرا غير جعفر ... وقد بدّلت يمناه من رفقها عنفا وكائن تراه في الكريهة جاعلا ... عزيمته برقا وصولته خطفا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2670 وكائن تراه في المقامة جاعلا ... مشاهده فصلا وخطبته حرفا وقد بلغ في هذه القصيدة غايات الاجادة، ولولا طولها لاوردتها بتمامها. وقال يصف سيفا ليحيى أخي جعفر المذكور «1» : لله أيّ شهاب حرب واقد ... صحب ابن ذي يزن وأدرك تبّعا في كفّ يحيى منه أبيض مرهف ... عرف المعزّ بآله «2» فتشيعا وجرى الفرند بصفحتيه كأنما ... ذكر القتيل بكربلاء فدمّعا يكفيك مما شئت في الهيجاء أن ... تلقى العدى فتسلّ منه إصبعا وقال أيضا يمدح المعز وهي أول قصيدة مدحه بها حين قدم عليه بالقيروان «3» : هل من أعقّة عالج يبرين ... أم منهما بقر الحدوج العين «4» ولمن ليال ما ذممنا عهدها ... مذ كنّ إلا أنهنّ شجون المشرقات كأنهنّ كواكب ... والناعمات كأنهنّ غصون بيض وما ضحك الصباح وإنها ... بالمسك من طرر الحسان لجون «5» أدمى لها المرجان صفحة خدّه ... وبكى عليها اللؤلؤ المكنون ومنها: لأعطّشنّ الروض بعدهم ولا ... يرويه لي دمع عليه هتون أأعير لحظ العين بهجة منظر ... وأخونهم إني إذن لخؤون لا الجوّ جوّ مشرق ولو اكتسى ... زهرا ولا الماء المعين معين ومنها: عهدي بذاك الجوّ وهو أسنّة ... وكناس ذاك الخشف وهو عرين الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2671 هل يدنينّي منه أجرد سابح ... مرح وجائلة النّسوع أمون «1» ومنها في المديح: الروض ما قد قيل في أيامه ... لا أنه ورد ولا نسرين والمسك ما لثم الثرى من ذكره ... لا أنّ كلّ قرارة دارين ملك كما حدّثت عنه رأفة ... فالخمر ماء والشراسة لين شيم لو ان اليمّ أعطي رفقها ... لم يلتقم ذا النون فيه النون تالله لا ظلل الغمام معاقل ... تأبى عليه ولا النجوم حصون ووراء حقّ ابن الرسول ضراغم ... أسد وشهباء السلاح منون الطالبان المشرفية والقنا ... والمدركان النصر والتمكين وصواهل لا الهضب يوم مغارها ... هضب ولا البيد الحزون حزون حيث الحمام وما لهنّ قوادم ... وعلى الريود وما لهنّ وكون «2» فكأنها تحت الغبار كواكب ... وكأنها تحت الحديد دجون عرفت بساعة سبقها لا أنها ... علقت بها يوم الرهان عيون وأجلّ علم البرق فيها أنها ... مرّت بجانحتيه وهي ظنون ومنها: انظر إلى الدنيا باشفاق فقد ... أرخصت هذا العلق وهو ثمين لو يستطيع البحر لاستعدى على ... جدوى يديك وإنه لقمين امدده أو فاصفح له عن نيله ... فلقد تخوّف أن يقال ضنين واعذر أميّة أن تغصّ بريقها ... فالمهل ما سقيته والغسلين «3» ألقت بأيدي الذلّ ملقى عمرها ... بالثوب إذ فغرت له صفين الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2672 وهذه القصيدة أطول قصائده، وهي نيف وثمانون بيتا، اقتصرنا منها على ما أوردناه. وقال أيضا في مجلس أنس حضره عند الأمير جعفر «1» : وثلاثة لم تجتمع في مجلس ... إلا لمثلك والأديب أريب الورد في رامشنة من نرجس ... والياسمين وكلهن عجيب «2» فاصفرّ ذا واحمرّ ذا وابيضّ ذا ... فأتت بدائع «3» أمرهنّ عجيب فكأنّ هذا عاشق وكأن ذا ... ك معشّق وكأنّ ذاك رقيب «4» وقال أيضا في شمعة «5» : لقد أشبهتني شمعة في صبابتي ... وفي هول ما ألقى وما أتوقّع نحول وحزن في فناء ووحدة ... وتسهيد عين واصفرار وأدمع وقال أيضا «6» : وليل بتّ أسقاها سلافا ... معتقة كلون الجلنار كأنّ حبابها خرزات درّ ... علت ذهبا بأقداح النضار بكفّ مقرطق يزهى بردف ... يضيق بحمله وسع الازار أقمت لشربها عبثا وعندي ... بنات اللهو تعبث بالعقار ونجم الليل يركض في الدياجي ... كأنّ الصبح يطلبه بثار الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2673 [1129] محمد بن هبيرة أبو سعيد الأسدي النحوي المعروف بصعوداء: من أعيان أهل الكوفة وعلمائها، عارف بالنحو واللغة وفنون الأدب، قدم بغداد واختص بعبد الله بن المعتز وعمل له رسالة فيما انكرته العرب على أبي عبيد القاسم بن سلام ووافقته فيه، وأدّب أولاد محمد بن يزداد وزير المأمون، وله كتاب فيما يستعمله الكاتب، وغير ذلك. [1130] محمد بن ولاد هكذا اشتهر، وقيل هو ابن الوليد أبو الحسين التميمي النحوي: أخذ بمصر عن أبي علي الدينوري ختن ثعلب، ثم رحل إلى العراق وأخذ عن المبرد وثعلب. وكان جيّد الخط والضبط، وفيه عرج، وغلب عليه الشيب. وتزوج الدينوري أمه. وله كتاب في النحو سماه «المنمّق» لم يصنع فيه شيئا. وكتاب المقصور والممدود، وغير ذلك. وكان المبرد لا يمكن أحدا من نسخ «كتاب سيبويه» من عنده، فكلم ابن الولاد المبرد في نسخه على شيء سماه له فأجابه، فأكمل نسخه وأبى أن يعطيه شيئا حتى يقرأه عليه، فغضب المبرد وسعى به إلى بعض خدم السلطان ليعاقبه على ذلك، فالتجأ ابن ولاد إلى صاحب الخراج ببغداد وكان يؤدب ولده، فأجابه، ثم ألحّ على المبرد حتى اقرأه الكتاب. مات ابن ولاد سنة ثمان وتسعين ومائتين وقد بلغ الخمسين. ومن شعره: إذا ما طلبت أخا مخلصا ... فهيهات منك الذي تطلب فكن بانفرادك ذا غبطة ... فما في زمانك من يصحب   [1129] ترجمة صعوداء النحوي في الوافي 5: 160 وبغية الوعاة 1: 256 وقد ترجم القفطي لمن اسمه محمد بن هبيرة وكنيته أبو سعيد ولكنه غاضري ومن أهل سر من رأى. [1130] ترجمة ابن ولاد في تاريخ بغداد 3: 332 وطبقات الزبيدي: 217 والوافي 5: 175 وبغية الوعاة 1: 259 واشارة التعيين: 339. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2674 [1131] محمد بن يحيى بن علي بن مسلم بن موسى بن عمران الحنفي الزبيدي، أبو عبد الله النحوي: كانت له معرفة بالنحو واللغة والأدب، صحب الوزير ابن هبيرة مدة وقرأ عليه، وكان صبورا على الفقر لا يشكو حاله. قال ابن الجوزي: حدثني الوزير ابن هبيرة قال: جلست مع الزبيدي من بكرة إلى قريب الظهر وهو يلوك شيئا في فمه، فسألته فقال: لم يكن عندي شيء فأخذت نواة وجعلتها في فمي أتعلّل بها. وكان يحكى عنه أنه على مذهب السالمية ويقول: إن الأموات يأكلون ويشربون في القبر وإن العاصي لا يلام لأنه بقدر الله تبارك وتعالى. وكان يقول: قل الحق وان كان مرّا. ودخل على الوزير الزينبي وعليه خلعة الوزارة، والناس يهنونه فقال: هذا يوم عزاء لا هناء، فقيل: لم؟ فقال: أيهنّأ على لبس الحرير؟ وحكي عنه قال: خرجت إلى المدينة على الوحدة، فآواني الليل إلى جبل فصعدت عليه وناديت: اللهم إني الليلة ضيفك، ثم نزلت فتواريت عند صخرة فسمعت مناديا ينادي: مرحبا يا ضيف الله، إنك مع طلوع الشمس تمرّ على قوم على بئر يأكلون خبزا وتمرا، فإذا دعوك فأجب فهذه ضيافتك، فلما كان من الغد سرت فلما كان وقت طلوع الشمس لاحت لي أهداف بئر، فوجدت عندها قوما يأكلون خبزا وتمرا، فدعوني إلى الأكل فأجبت. وله من التصانيف: منار الاقتضاء ومنهاج الاقتفاء. وكتاب الرد على ابن الخشاب. وكتاب العروض. والمقدمة في النحو. وكتاب الحساب. وكتاب القوافي. وكتاب تعليل قراءة وَنَحْنُ عُصْبَةٌ* (يوسف: 8 و 14) بالنصب. مات في ربيع الآخر سنة خمس وخمسين وخمسمائة.   [1131] ترجمة الزبيدي النحوي في المنتظم 10: 197 والوافي 5: 198 والجواهر المضية 2: 142 وبغية الوعاة 1: 263 والأنساب 6: 247 ومرآة الزمان 8: 144 والبداية والنهاية 12: 243 وتبصير المنتبه: 654 وسير الذهبي 20: 316. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2675 [1132] محمد بن يحيى بن محمد ، أبو عبد الله ابن الحذاء التميمي الأندلسي: كان محدثا فقيها وخطيبا بليغا عارفا بفنون الأدب بارعا بها، له معرفة تامة بعلم التعبير. أخذ عن ابن عون الله وابن بطال وابن زرب وغيرهم، وتفقه على ابن أبي زيد القيرواني وقرأ عليه تآليفه، ورحل إلى مصر فأخذ بها عن الحافظ عبد الغني والجوهري وغيرهما، ثم رجع إلى الأندلس فولي القضاء ببلنسية وغيرها، ثم رحل في فتنة البربر فاستوطن سرقسطة إلى أن مات بها سنة عشر وأربعمائة. ومن تصانيفه كتاب الخطب والخطباء في مجلدين. والبشرى في تعبير الرؤيا، كبير يدخل في عشر مجلدات. والانباء بمعاني الأسماء، أسماء الله تعالى. والاستنباط لمعاني السنن والأحكام، في عدة أسفار. والتعريف برجال الموطّأ، وغير ذلك. [1133] محمد بن يحيى بن سعادة أبو عبد الله المرسي: كان عالما بالتفسير والحديث والكلام خطيبا مصقعا عارفا بفنون الأدب، أخذ عن أبي علي الصدفي وأبي بكر ابن العربي وأبي الوليد ابن رشد وأبي بحر الأسدي وغيرهم، وولي القضاء والشورى بمرسية ثم بشاطبة فاستوطنها. ومولده بمرسية في رمضان سنة ست وتسعين   [1132] ترجمة ابن الحذاء في بغية الملتمس (رقم: 319) وجعل وفاته سنة 416؛ أما في الصلة: 478- 480 فقد جعل وفاته كما ذكر ياقوت، وانظر ترتيب المدارك 8: 5 وشجرة النور 1: 112 وعبر الذهبي 3: 122 وسير الذهبي 17: 444 (ووفاته فيه 416) والوافي 5: 196 ومرآة الجنان 3: 29 وعيون التواريخ 12: 180 والديباج المذهب 2: 237 والنجوم الزاهرة 4: 264 والشذرات 3: 206. [1133] محمد بن يحيى عند ياقوت وفي جميع المصادر الأخرى هو محمد بن يوسف: انظر بغية الملتمس (رقم: 308) والتكملة: 505 ومعجم أصحاب الصدفي: 183 وعبر الذهبي 4: 193 وسير الذهبي 20: 508 والوافي 5: 250 والديباج المذهب 4: 218 وبغية الوعاة 1: 277 ونفح الطيب 2: 158. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2676 وأربعمائة، وتوفي بشاطبة في العشر الأخير من ذي الحجة سنة أربع وستين وخمسمائة. ومن تصانيفه: شجرة الوهم المرقية إلى ذروة الفهم. وفهرسة أسماء الشيوخ. [1134] محمد بن يحيى بن عبد الله بن العباس بن محمد بن صول الكاتب المعروف بالصولي: كان جده ابن صول التركي أحد دعاة بني العباس. ولد أبو بكر ببغداد ونشأ بها، وأخذ عن ثعلب والمبرد وأبي داود السجستاني، وأخذ عنه أبو عبد الله المرزباني الكاتب الاخباري وغيره. وكان اخباريا أديبا كاتبا، وكان نديما للخلفاء متمكنا عندهم، نادم المكتفي ثم الراضي ثم المقتدر «1» ، وكان واحد عصره في لعب الشطرنج حتى قيل إنه هو الذي وضعه، وليس كذلك، وانما وضع الشطرنج صصه الهندي لشهرام ملك الفرس. حكي ان الراضي بالله خرج إلى النزهة فأتى بستانا مونقا مزهرا فقال لمن حضر: هل رأيتم منظرا أحسن من هذا؟ فكلّ أثنى بما حضره ووصف محاسنه، فقال الراضي: لعب الصولي بالشطرنج أحسن من هذا ومما وصفتم. وكان لأبي بكر الصولي خزانة أفردها لما جمع من الكتب المختلفة رتبها فيها أجمل ترتيب، وكان يقول لأصحابه: كلّ ما في هذه الخزانة سماعي، وإذا أراد مراجعة كتاب منها قال: يا غلام هات الكتاب الفلاني، فسمعه يوما أبو سعيد العقيلي يقول ذلك فأنشد:   [1134] ترجمة الصولي في معجم الشعراء: 431 والفهرست: 167 وتاريخ بغداد 3: 427 والأنساب 8: 110 ونزهة الألباء: 188 والمنتظم 6: 359 وانباه الرواة 3: 233 وابن خلكان 4: 356 وعبر الذهبي 2: 241 وسير الذهبي 15: 301 والوافي 5: 190 ومرآة الجنان 2: 319 والبداية والنهاية 11: 219 ولسان الميزان 5: 427 والنجوم الزاهرة 3: 296 والشذرات 2: 339. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2677 إنما الصوليّ شيخ ... أعلم الناس خزانه إن سألناه بعلم ... نبتغي عنه الإبانه قال يا غلمان هاتوا ... رزمة العلم فلانه وللصولي من التصانيف: أخبار ابن هرمة الشاعر. وأخبار أبي تمام «1» . وأخبار أبي عمرو بن العلاء. وأخبار إسحاق الموصلي. وأخبار السيد الحميري الشاعر. وأخبار القرامطة. وأدب الكاتب. وكتاب الأنواع. وكتاب العبادلة. وكتاب الغرر. وكتاب الرقة. وكتاب الوزراء، وغير ذلك «2» . وكان خرج من بغداد لضيق لحقه فنزل البصرة، وبها توفي سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة. [1135] محمد بن يزيد بن عبد الأكبر بن عمير «3» بن غسان «4» بن سليمان بن سعد بن عبد الله بن زيد بن مالك بن الحارث بن عامر بن عبد الله بن بلال بن عوف بن أسلم: وهو ثمالة، ثم ينتهي إلى الأسد بن الغوث، وهو الأزد، فهو الثمالي الأزدي البصري أبو العباس النحوي اللغوي الأديب.   [1135] ترجمة المبرد في طبقات الزبيدي: 101 والفهرست: 64 وتاريخ بغداد 3: 380 والمنتظم 6: 9 وانباه الرواة 3: 241 وابن خلكان 4: 313 وعبر الذهبي 2: 74 وسير الذهبي 13: 576 والوافي 5: 216 والبداية والنهاية 11: 76 والبلغة: 250 وطبقات ابن الجزري 2: 280 ولسان الميزان 5: 430 والنجوم الزاهرة 3: 117 وبغية الوعاة 1: 269 وطبقات الداودي 2: 267 والشذرات 2: 190 واشارة التعيين: 342. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2678 ولد بالبصرة يوم الاثنين غداة عيد الأضحى سنة عشر ومائتين، وأخذ عن أبي عمر الجرمي وأبي عثمان المازني، وقرأ عليهما «كتاب سيبويه» وأخذ عن أبي حاتم السجستاني، وأخذ عنه أبو بكر محمد بن يحيى الصولي ونفطويه وأبو علي الطوماري وغيرهم. وكان إمام العربية ببغداد، وإليه انتهى علمها بعد طبقة الجرمي والمازني، وكان حسن المحاضرة فصيحا بليغا مليح الأخبار ثقة فيما يرويه كثير النوادر فيه ظرافة ولباقة، وكان الإمام إسماعيل القاضي يقول: ما رأى محمد بن يزيد مثل نفسه. وإنما لقّب بالمبرد «1» لأنه لما صنف المازنيّ «كتاب الألف واللام» سأله عن دقيقه وعويصه فأجابه بأحسن جواب، فقال له المازني: قم فأنت المبرّد- بكسر الراء- أي المثبت للحق، فحرّفه الكوفيون وفتحوا الراء. وقال السيرافي: سمعت أبا بكر ابن مجاهد يقول: ما رأيت أحسن جوابا من المبرد في معاني القرآن فيما ليس فيه قول لمتقدم، ولقد فاتني منه علم كثير لقضاء ذمام ثعلب. وقال السيرافي أيضا: سمعت نفطويه يقول: ما رأيت أحفظ للأخبار بغير أسانيد من المبرد وأبي العباس ابن الفرات. وقال المفجع البصري «2» : كان المبرد لكثرة حفظه للغة وغريبها يتهم بالوضع فيها، فتواضعنا على مسألة نسأله عنها لا أصل لها لننظر ماذا يجيب، وكنا قبل ذلك تمارينا في عروض بيت الشاعر: أبا منذر أفنيت فاستبق بعضنا ... حنانيك بعض الشرّ أهون من بعض فقال البعض: هو من البحر الفلاني، وقال آخرون: هو من البحر الفلاني وتردد على أفواهنا من تقطيعه «ق بعضا، ثم ذهبنا إلى المبرد فقلت له: أيدك الله تعالى، ما القبعض عند العرب؟ فقال: هو القطن، وفي ذلك يقول الشاعر: كأنّ سنامها حشي القبعضا قال فقلت لأصحابي: ترون الجواب والشاهد، فإن كان صحيحا فهو عجب، الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2679 وإن كان مختلقا على البديهة فهو أعجب. وحكى ابن السراج قال: كان بين المبرد وثعلب ما يكون بين المتعاصرين من المنافرة، واشتهر ذلك حتى قال بعضهم: كفى حزنا أنا جميعا ببلدة ... ويجمعنا في أرضها شرّ مشهد وكلّ لكلّ مخلص الودّ وامق ... ولكنه في جانب عنه مفرد نروح ونغدو لا تزاور بيننا ... وليس بمضروب لنا يوم موعد فأبداننا في بلدة والتقاؤنا ... عسير كلقيا ثعلب والمبرد وكان أهل التجميل يفضلون المبرد على ثعلب، وفي ذلك يقول أحمد بن عبد السلام: رأيت محمد بن يزيد يسمو ... الى الخيرات في جاه وقدر جليس خلائف وغذيّ ملك ... وأعلم من رأيت بكلّ أمر وفتيانيّة الظرفاء فيه ... وأبّهة الكبير بغير كبر فينثر إن أجال الفكر درّا ... وينثر لؤلؤا من غير فكر وكان الشعر قد أودى فأحيا ... أبو العباس داثر كلّ شعر وقالوا ثعلب رجل عليم ... وأين النجم من شمس وبدر وقالوا ثعلب يفتي ويملي ... وأين الثّعلبان من الهزبر وهذا في مقالك مستحيل ... تشبّه جدولا وشلا ببحر وقال بعضهم في المبرد وثعلب: أيا طالب العلم لا تجهلنّ ... وعذ بالمبرد أو ثعلب تجد عند هذين علم الورى ... فلا تك كالجمل الأجرب علوم الخلائق مقرونة ... بهذين في الشرق والمغرب وقال أبو بكر ابن الأزهر «1» : حدثني أبو العباس المبرد قال، قال لي المازني: الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2680 بلغني أنك تنصرف من مجلسنا فتصير إلى مواضع المجانين والمعالجين فما معنى ذلك؟ فقلت: أعزك الله تعالى، إن لهم طرائف من الكلام، قال: فأخبرني بأعجب ما رأيت من المجانين، قال فقلت: صرت يوما إليهم فمررت على شيخ منهم وهو جالس على حصير قصب فجاوزته الى غيره، فقال: سبحان الله تعالى أين السلام؟ من المجنون أنا أو أنت؟ فاستحييت منه وقلت: السلام عليك ورحمة الله وبركاته، فقال: لو كنت ابتدأت لأوجبت علينا حسن الرد، على أنا نصرف سوء أدبك إلى أحسن جهاته من العذر لأنه كان يقال إن للداخل على القوم دهشة، اجلس أعزك الله تعالى عندنا، وأومى إلى موضع من الحصير، فجلست إلى ناحية منه أسترعي مخاطبته، فقال لي وقد رأى معي محبرتي: أرى معك آلة رجلين أرجو أن لا تكون أحدهما: أصحاب الحديث الاغثاث أو الأدباء أصحاب النحو والشعر، قلت: الأدباء، قال: أتعرف أبا عثمان المازني؟ قلت: نعم، قال: أتعرف الذي يقول فيه: وفتى من مازن ... استاذ أهل البصره امه معرفة ... وأبوه نكره فقلت: لا أعرفه، فقال: أتعرف غلاما له قد نبغ في هذا العصر معه له ذهن وحفظ، وقد برز في النحو يعرف بالمبرد؟ فقلت: أنا والله الخبير به، قال: فهل أنشدك شيئا من شعره، قلت: لا أحسبه يحسن قول الشعر، فقال: يا سبحان الله أليس هو القائل: حبذا ماء العناقي ... د بريق الغانيات بهما ينبت لحمي ... ودمي أيّ نبات أيها الطالب أشهى ... من لذيذ الشهوات كل بماء المزن تفا ... ح خدود الفتيات قلت: سمعته ينشد هذا في مجلس أنس، فقال: يا سبحان الله ألا يستحيي أن ينشد مثل هذا حول الكعبة؟ ثم قال: ألم تسمع ما يقولون في نسبه؟ قلت: يقولون هو من الأزد، أزد شنوءة ثم من ثمالة، قال أتعرف القائل في ذلك: الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2681 سألنا عن ثمالة كلّ حيّ ... فقال القائلون ومن ثماله فقلت محمد بن يزيد منهم ... فقالوا زدتنا بهم جهاله فقال لي المبرد خلّ قومي ... فقومي معشر فيهم نذاله فقلت: أعرفه، هذا عبد الصمد بن المعذل يقولها فيه، فقال: كذب فيما ادعاه، هذا كلام رجل لا نسب له يريد أن يثبت له بهذا الشعر نسبا، فقلت له: أنت أعلم، فقال: يا هذا قد غلبت خفة روحك على قلبي، وقد أخرت ما كان يجب تقديمه، ما الكنية أصلحك الله؟ فقلت: أبو العباس، قال: فما الاسم؟ قلت: محمد، قال: فالأب، قلت: يزيد، قال: قبحك الله أحوجتني إلى الاعتذار ممّا قدمت ذكره، ثم وثب وبسط يده فصافحني، فرأيت القيد في رجله فأمنت غائلته، فقال: يا أبا العباس صن نفسك من الدخول في هذه المواضع، فليس يتهيأ في كلّ وقت أن تصادف مثلي على مثل حالتي، ثم قال: أنت المبرد، أنت المبرد، وجعل يصفق وانقلبت عيناه واحمرت وتغيرت حالته، فبادرت مسرعا خوف أن تبدر إليّ منه بادرة، وقبلت منه والله نصحه، ولم أعاود بعدها الى تلك المواضع أبدا. وقال الزجاج: لما قدم المبرد بغداد جئت لأناظره، وكنت أقرأ على أبي العباس ثعلب، فعزمت على إعناته، فلما باحثته ألجمني بالحجة وطالبني بالعلة وألزمني الزامات لم أهتد إليها، فاستيقنت فضله واسترجحت عقله وأخذت في ملازمته. وكان المبرد يحب الاجتماع بأبي العباس ثعلب للمناظرة وثعلب يكره ذلك، حكى أبو القاسم جعفر بن محمد بن حمدان الموصلي، وكان صديقهما، قال: قلت لأبي عبد الله الدينوري ختن ثعلب: لم يأبى ثعلب الاجتماع بالمبرد؟ فقال: لأنّ المبرد حسن العبارة حلو الاشارة، فصيح اللسان ظاهر البيان، وثعلب مذهبه مذهب المعلمين، فاذا اجتمعا في محفل حكم للمبرد على الظاهر إلى أن يعرف بالباطن. وحكي أن بعض الأكابر من بني طاهر سأل أبا العباس ثعلبا أن يكتب له مصحفا على مذهب أهل التحقيق، فكتب والضّحى بالياء، ومذهب الكوفيين أنه إذا كان كلمة من هذا النحو أولها ضمة أو كسرة كتبت بالياء، وإن كانت من ذوات الواو فالبصريون يكتبون بالألف، فنظر المبرد في ذلك المصحف فقال: ينبغي أن يكتب والضّحا بالألف لأنه من ذوات الواو، فجمع ابن طاهر بينهما فقال المبرد لثعلب: لم كتبت الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2682 والضّحى بالياء؟ فقال: لضمة أوله، فقال له: ولم إذ ضمّ أوله وهو من ذوات الواو تكتبه بالياء؟ فقال: لأن الضمة تشبه الواو وما أوله واو يكون آخره ياء فتوهموا أن أوله واو، فقال المبرد: أفلا يزول هذا التوهم إلى يوم القيامة. ولبعضهم في مدح المبرد: وإذا يقال من الفتى كلّ الفتى ... والشيخ والكهل الكريم العنصر والمستضاء بعلمه وبرأيه ... وبعقله قلت ابن عبد الأكبر ولآخر في مدحه أيضا: وأنت الذي لا يبلغ المدح وصفه ... وإن أطنب المدّاح مع كلّ مطنب رأيتك والفتح بن خاقان راكبا ... فأنت عديل الفتح في كلّ موكب وكان أمير المؤمنين إذا رنا ... إليك يطيل الفكر بعد التعجب وأوتيت علما لا يحيط بكنهه ... علوم بني الدنيا ولا علم ثعلب يروح إليك الناس حتى كأنهم ... ببابك في أعلى منى والمحصّب مات أبو العباس المبرد في شوال وقيل في ذي القعدة سنة خمس وثمانين ومائتين في خلافة المعتضد، وصلى عليه أبو محمد يوسف بن يعقوب القاضي، ودفن في دار في مقابر باب الكوفة. ولما مات قال فيه ثعلب هذه الأبيات، وقيل هي لأبي بكر ابن العلاف: ذهب المبرد وانقضت أيامه ... وليذهبن إثر المبرد ثعلب بيت من الآداب أضحى نصفه ... خربا وباقي النصف منه سيخرب فابكوا لما سلب الزمان ووطّنوا ... للدهر أنفسكم على ما يسلب وتزودوا من ثعلب فبكاس ما ... شرب المبرد عن قريب يشرب أوصيكم أن تكتبوا أنفاسه ... إن كانت الأنفاس مما يكتب ومن شعر المبرد وقد بلغه أنّ ثعلبا نال منه: ربّ من يعنيه حالي ... وهو لا يجري ببالي قلبه ملآن مني ... وفؤادي منه خالي الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2683 ولأبي العباس المبرد من التصانيف: الكامل في الأدب «1» وهو أشهر كتبه. والمقتضب «2» في النحو وهو أكبر مصنفاته وأنفسها، إلا أنه لم ينتفع به أحد. قال أبو علي الفارسي: نظرت في «المقتضب» فما انتفعت منه بشيء إلا بمسألة واحدة وهي وقوع إذا جوابا للشرط في قوله تعالى: وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ (الروم: 36) ويزعمون أن سبب عدم الانتفاع به أنّ هذا الكتاب أخذه ابن الراوندي الزنديق عن المبرد، وتناوله الناس من يد ابن الراوندي فكأنه عاد عليه شؤمه فلا يكاد ينتفع به. ومن تصانيفه أيضا الروضة. والمدخل في كتاب سيبويه. وكتاب الاشتقاق. وكتاب المقصور والممدود. وكتاب المذكر والمؤنث «3» . ومعاني القرآن ويعرف بالكتاب التام. وكتاب الخط والهجاء. وكتاب الأنواء والأزمنة. وكتاب احتجاج القراء وإعراب القرآن. وكتاب الحروف في معاني القرآن إلى سورة طه. وكتاب صفات الله جل وعلا. وكتاب العبارة عن أسماء الله تعالى. وشرح شواهد كتاب سيبويه. وكتاب الردّ على سيبويه. ومعنى كتاب الأوسط للأخفش. وكتاب الزيادة المنتزعة من كتاب سيبويه. ومعنى كتاب سيبويه. وكتاب الحروف. والمدخل في النحو. وكتاب الإعراب. وكتاب التصريف. وكتاب العروض. وكتاب القوافي. وكتاب البلاغة. والرسالة الكاملة. والجامع لم يتم. وقواعد الشعر. وكتاب ضرورة الشعر. وكتاب الفاضل والمفضول «4» . والرياض المونقة. وكتاب الوشي. وكتاب شرح كلام العرب وتخليص ألفاظها ومزاوجة كلامها وتقريب معانيها. وكتاب الحث على الأدب والصدق. وأدب الجليس. وكتاب الناطق. وكتاب الممادح والمقابح. وكتاب أسماء الدواهي عند العرب. وكتاب ما اتفقت الفاظه واختلفت معانيه في القرآن. وكتاب التعازي «5» . وكتاب قحطان وعدنان «6» . وطبقات النحويين البصريين وأخبارهم؛ وغير ذلك. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2684 [1136] محمد بن يوسف بن عمر بن علي بن منيرة الكفر طابي أبو عبد الله النحوي، نزيل شيراز: سمع الحديث على أبي السمح الحنبلي، وصنف بحر النحو نقض فيه مسائل كثيرة من أصول النحويين. ونقد الشعر. وغريب القرآن. مات في رمضان سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة. [1137] أبو محمد الترسابادي النحوي: عرف كتاب سيبويه، وأحكم مسائل الأخفش، ثم خرج الى العراق فهابه علماء النحو وانقبضوا عن مناظرته، منهم الزجاج وابن كيسان، وحضر يوما مجلس النحويين ببغداد فسئل عن مسألة، وابن كيسان حاضر، فانقبض عن الاجابة إجلالا لابن كيسان، فقال له، يا أبا محمد أجب فو الله أنت أحقّنا بالانتصاب. [1138] محمود بن جرير الضبي الأصبهاني أبو مضر النحوي: كان يلقب فريد العصر، وكان وحيد دهره وأوانه في علم اللغة والنحو والطب، يضرب به المثل في أنواع الفضائل. أقام بخوارزم مدة وانتفع الناس بعلومه ومكارم أخلاقه وأخذوا عنه علما كثيرا وتخرج عليه جماعة من الأكابر في اللغة والنحو، منهم الزمخشري، وهو   [1136] ترجمة أبي عبد الله الكفر طابي في الوافي 5: 247 وبغية الوعاة 1: 285، وورد لدى الصفدي أن وفاته كانت عام 553، وهذا أصوب لأنه هو شيخ محمود بن نعمة بن أرسلان الشيزري أحد شعراء الخريدة، وقد توفي سنة 556؛ وأورد الصفدي للكفر طابي مقطعات شعرية. [1137] ترجمة الترسابادي في بغية الوعاة 1: 290 (عن ياقوت) . [1138] ترجمة محمود بن جرير في الصفدي (خ) وذكر من تلامذته عدا الزمخشري: السيد إسماعيل بن الحسن بن محمد العلوي الحسيني الجرجاني صاحب التصانيف في الطب بالعربي والفارسي، وكان أهل خوارزم على مذهب واحد في الاعتزال فأدخل أبو مضر مذهب أبي الحسين البصري المعتزلي؛ وذكر انه توفي بعيد سنة 507، وانظر بغية الوعاة 2: 276. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2685 الذي أدخل إلى خوارزم مذهب المعتزلة ونشره بها فاجتمع عليه الخلق لجلالته وتمذهبوا بمذهبه، منهم أبو القاسم الزمخشري، ولست أعرف له مع نباهة قدره وشيوع فكره مصنفا مذكورا ولا تأليفا مأثورا إلا كتابا يشتمل على نتف وأشعار وحكايات وأخبار سماه «زاد الراكب» مات بمرو سنة سبع وخمسمائة، ورثاه الزمخشري بقوله: وقائلة ما هذه الدرر التي ... تساقطها عيناك سمطين سمطين فقلت هو الدرّ الذي قد حشا به ... أبو مضر سمعي تساقط من عيني [1139] محمود بن أبي الحسن بن الحسين النيسابوري الغزنوي يلقب ببيان الحق: كان عالما بارعا مفسرا لغويا فقيها متفننا فصيحا له تصانيف ادعى فيها الاعجاز منها كتاب خلق الانسان. وجمل الغرائب في تفسير الحديث. وايجاز البيان في معاني القرآن وغير ذلك. ومن شعره. فلا تحقرن خلقا من الناس عله ... وليّ اله العالمين ولا تدري فذو القدر عند الله يخفى على الورى ... كما خفيت عن علمهم ليلة القدر [1140] محمود بن حمزة بن نصر الكرماني النحوي: هو تاج القراء وأحد العلماء الفقهاء النبلاء، صاحب التصانيف والفضل، كان عجبا في دقة الفهم وحسن الاستنباط، لم يفارق وطنه ولا رحل، وكان في حدود الخمسمائة وتوفي بعدها.   [1139] ترجمة بيان الحق في الصفدي (خ) وعدّ له كتبا كثيرة أخرى منها: كتاب المقلدات في علم العربية يشتمل على قصائد مختارة من شعر العرب أعربها؛ وكتاب شوارد الشواهد وقلائد القصائد، يشتمل على أشعار مختارة من شعر المحدثين (وأورد فاتحة كتابه إيجاز البيان) وغير ذلك من كتب. وانظر بغية الوعاة 2: 277. [1140] ترجمة محمود الكرماني في الصفدي (خ) وذكر من كتبه كتاب الغرائب والعجائب. ذكر فيه غرائب تفسير القرآن وعجائبه، وانظر بغية الوعاة 2: 278. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2686 صنف لباب التفسير. والايجاز في النحو اختصره من الايضاح للفارسي. النظامي في النحو اختصره من اللمع لابن جني. الافادة في النحو. العنوان فيه أيضا. وله في مواضع الصرف: فمعرفة وتأنيث ونعت ... ونون قبلها الف وجمع وعجمة ثم تركيب وعدل ... ووزن الفعل والأسباب تسع [1141] محمود بن عزيز العارضي أبو القاسم الخوارزمي، الملقب شمس المشرق: كان من أفضل الناس في عصره في علم اللغة والأدب، لكنه تخطّى إلى علم الفلسفة فصار مفتونا بها ممقوتا بين المسلمين، وكان سكونا سكوتا وقورا يطالع الفقه ويناظر في مسائل الخلاف أحيانا. سمع الحديث من أبي نصر القشيري وغيره، وأملى طرفا من الحديث وشرحه بلفظ حسن ومعان لا بأس بها، وكان الزمخشري يدعوه الجاحظ الثاني لكثرة حفظه وفصاحة لفظه. أقام مدة بخوارزم في خدمة خوارزم شاه مكرما، ثم ارتحل إلى مرو فذبح بها نفسه بيده في أوائل سنة احدى وعشرين وخمسمائة، ووجد بخطه رقعة فيها هذا ما عملته أيدينا فلا يؤاخذ به غيرنا. [1142] محمود بن عمر بن أحمد أبو القاسم الزمخشري جار الله: كان إماما في   [1141] ترجمة العارضي في الصفدي (خ) وبغية الوعاة 2: 279. [1142] ترجمة الزمخشري في الأنساب 6: 297 ونزهة الألباء: 274 والمنتظم 10: 112 وانباه الرواة 3: 265 (وهو ينقل عن وشاح الدمية وعن الخريدة) وابن خلكان 5: 168 والبدر السافر: 193 وميزان الاعتدال 4: 78 وعبر الذهبي 4: 106 وسير الذهبي 20: 151 وتذكرة الحفاظ: 1283 والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد: 228 ومرآة الجنان 3: 269 والبداية والنهاية 12: 219 والجواهر المضية 2: 160 والعقد الثمين 7: 137 والنجوم الزاهرة 5: 274 وتاج التراجم: 71 وبغية الوعاة 2: 279 وطبقات المفسرين للسيوطي: 41 وطبقات الداودي 2: 314 وأزهار الرياض 3: 282 والشذرات 4: 118 واشارة التعيين: 345 وروضات الجنات. وللدكتور أحمد الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2687 التفسير والنحو واللغة والأدب، واسع العلم كبير الفضل متفننا في علوم شتى، معتزليّ المذهب متجاهرا بذلك. قال ابن أخته أبو عمرو عامر بن الحسن السمسار: ولد خالي بزمخشر من أعمال خوارزم يوم الأربعاء السابع والعشرين من رجب سنة سبع وستين وأربعمائة، وأخذ الأدب عن أبي مضر محمود بن جرير الضبي الأصبهاني وأبي الحسن علي بن المظفر النيسابوري، وسمع من شيخ الإسلام أبي منصور نصر الحارثي، ومن أبي سعد الشفاني، وأصابه خراج في رجله فقطعها واتخذ رجلا من خشب، وقيل أصابه برد الثلج في بعض أسفاره بنواحي خوارزم فسقطت رجله، وحكي أن الدامغاني «1» المتكلم الفقيه سأله عن سبب قطع رجله فقال: دعاء الوالدة، وذلك أني أمسكت عصفورا وأنا صبيّ صغير وربطت برجله خيطا فأفلت من يدي ودخل خرقا فجذبته فانقطعت رجله، فتألمت له والدتي وقالت: قطع الله رجلك كما قطعت [رجله] ، فلما رحلت إلى بخارى في طلب العلم سقطت عن الدابة في أثناء الطريق فانكسرت رجلي واصابني من الالم ما أوجب قطعها. ولما قدم الزمخشري إلى بغداد قاصدا الحج زاره الشريف أبو السعادات هبة الله بن الشجري مهنئا له بقدومه، فلما جلس إليه أنشده متمثلا: كانت مساءلة الركبان تخبرني ... عن أحمد بن دواد أطيب الخبر حتى التقينا فلا والله ما سمعت ... أذني بأحسن مما قد رأى بصري وأنشد أيضا: وأستكبر الأخبار قبل لقائه ... فلما التقينا صغّر الخبر الخبر   الحوفي كتاب عنه، ولمصطفى الصاوي دراسة في منهجه في التفسير. ومن كتبه المطبوعة: الكشاف والفائق والكلم النوابغ والمفصل في النحو والقسطاص في العروض والمستقصى في الأمثال وربيع الأبرار وشرح لامية العرب والمقامات وأساس البلاغة. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2688 ثم أخذ يثني عليه، فلم ينطق الزمخشري حتى فرغ ابن الشجري من كلامه، فلما أتم كلامه شكر الشريف وعظّمه وتصاغر له ثم قال: إن زيد الخيل دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما بصر بالنبي صلى الله عليه وسلم رفع صوته بالشهادتين، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: يا زيد الخيل، كلّ رجل وصف لي وجدته دون الصفة إلا انت فانك فوق ما وصفت، وكذلك سيدنا الشريف، ثم دعا له وأثنى عليه. توفي أبو القاسم الزمخشري بقصبة خوارزم ليلة عرفة سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة. ومن شعره: العلم للرحمن جلّ جلاله ... وسواه في جهلاته يتغمغم ما للتراب وللعلوم وإنما ... يسعى ليعلم أنه لا يعلم وقال أيضا: كثر الشكّ والخلاف وكلّ ... يدّعي الفوز بالصراط السويّ فاعتصامي بلا إله سواه ... ثم حبي لأحمد وعلي فاز كلب بحبّ أصحاب كهف ... كيف أشقى بحبّ آل نبي وله في مدح «تفسير الكشاف» : إن التفاسير في الدنيا بلا عدد ... وليس فيها لعمري مثل كشّافي إن كنت تبغي الهدى فالزم قراءته ... فالجهل كالداء والكشاف كالشافي ومن كلامه ما استخرجته من كتابه «الأطواق» قال: استمسك بحبل مواخيك، ما استمسك بأواخيك، واصحبه ما صحب الحقّ وأذعن، وحل مع أهله وظعن، فان تنكرت أنحاؤه، ورشح بالباطل إناؤه، فتعوض عن صحبته وإن عوّضت الشّسع، وتصرّف بحبله ولو أعطيت النّسع. فصاحب الصدق أنفع من الترياق النافع، وقرين السوء أضرّ من السم الناقع. وقال: الدعة من الضّعة مرة، لا تشره إليها نفس حرة. وقال: الكريم إذا ريم على الضيم نبا، والسريّ متى سيم الخسف أبى. وقلما عرفت الأنفة والإباء، في غير من شرفت منه الآباء. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2689 وقال: عزة النفس وبعد الهمة، الموت الأحمر والخطوب المدلهمة، ولكن من عرف منهل الذلّ فعافه، استعذب نقيع العزّ وذعافه. وقال: أحمق من النعامة، من افتخر بالزعامة؛ لم أر أشقى من الزعيم، ولا أبعد منه من الفوز بالنعيم، هالك في الهوالك، خابط في الظلم الحوالك، على آثاره العفاء، أدركته بمجانيقها الضعفاء. وقال: الدنيا أدوار، والناس أطوار، فالبس لكلّ يوم بحسب ما فيه من الطوارق، وجانس كلّ قوم بقدر ما لهم من الطرائق، فلن تجري الأيام على أمنيتك، ولن تنزل الأقوام على قضيتك. وقال: ألا أحدثك عن بلد الشوم، ذلك بلد الوالي الغشوم، فاياك وبلد الجور وان كانت أعزّ من بيضة البلد، وأحظى أهله بالمال المثمر والولد، وتوقع أن تسقط فيه الطيور النواعق، وتأخذ أهله الرجفة والصواعق. وقال: لا تقنع بالشرف التالد، فذلك الشرف للوالد، واضمم إلى التالد طريفا، حتى تكون بهما شريفا، ولا تدلّ بشرف أبيك، ما لم تدلّ عليه بشرف فيك. وقال: كبّ الله على مناخره، من زكّى نفسه بمفاخره، على أن ربّ مساخر، يعدها الناس مفاخر. وقال: ما لعلماء السوء جمعوا عزائم الشرع ودوّنوها، ثم رخصوا فيها لأمراء السوء وهوّنوها، إنما حفظوا وعلّقوا، وصفّفوا وحلّقوا، ليقمروا المال وييسروا، ويفقروا الأيتام ويوسروا، أكمام واسعة، فيها أصلال لاسعة، وأقلام، كأنها أزلام، وفتوى، يعمل بها الجاهل فيتوى. ومن إنشائه ما كتب به إلى حافظ الاسكندرية أبي الطاهر السلفي جوابا عن كتاب كتبه إليه يستجيزه به وهو «1» : ما مثلي مع أعلام العلماء، إلا كمثل السّها مع مصابيح السّماء، والجهام الصّفر من الرّهام مع الغوادي الغامرة للقيعان والآكام، والسّكيت المخلّف عن خيل السباق، والبغاث مع الطير العتاق، وما التلقيب بالعلّامة، إلا شبه الرقم والعلامة، والعلم مدينة أحد بابيها الدراية، والثاني الرواية، الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2690 وأنا في كلا البابين ذو بضاعة مزجاة، ظلّي فيه أقلص من ظلّ حصاة، أما الرواية فحديثة الميلاد، قريبة الإسناد، لم تستند إلى علماء نحارير، ولا إلى أعلام مشاهير؛ وأما الدراية فثمد لا يبلغ أفواها، وبرض ما يبلّ شفاها. إلى أن قال: ولا يغرنكم قول فلان وفلان ..... فيّ، وذكر جماعة من العلماء والشعراء أثنوا عليه ومدحوه ثم قال: فان ذلك اغترار بالظاهر الممّوه، وجهل بالباطن المشوّه، ولعلّ الذي غرهم مني ما رأوا من حسن النصح للمسلمين، وبلوغ الشفقة على المستفيدين، وقطع المطامع، وإفاءة المبارّ والصنائع، وعزة النفس والربء بها عن السفاسف، والاقبال على خويّصتي، والاعراض عما لا يعنيني. فجللت في عيونهم وغلطوا فيّ ونسبوني إلى ما لست منه في قبيل ولا دبير. الخ. والكتاب طويل اقتصرت منه على ما أوردت. ولأبي القاسم من التصانيف: الكشاف في تفسير القرآن. الفائق في غريب الحديث. نكت الاعراب في غريب الاعراب (في غريب اعراب القرآن) . كتاب متشابه أسماء الرواة. مختصر الموافقة بين أهل البيت والصحابة، الأصل لأبي سعيد الرازي إسماعيل. الكلم النوابغ في المواعظ. أطواق الذهب في المواعظ. نصائح الكبار. نصائح الصغار. مقامات في المواعظ. نزهة المستأنس. الرسالة الناصحة. رسالة المسأمة. الرائض في الفرائض. معجم الحدود. المنهاج في الأصول. ضالّة الناشد. كتاب عقل الكل. الأنموذج في النحو. المفصّل في النحو أيضا. المفرد والمؤلف فيه أيضا. صميم العربية. الأمالي في النحو. أساس البلاغة في اللغة. جواهر اللغة. كتاب الأجناس. مقدمة الأدب في اللغة. كتاب الأسماء في اللغة. القسطاس في العروض. حاشية على المفصل. شرح مقاماته. روح المسائل. سوائر الأمثال. المستقصى في الأمثال. ربيع الأبرار في الأدب والمحاضرات. تسلية الضرير. رسالة الأسرار. أعجب العجب شرح لامية العرب. شرح المفصل. ديوان التمثيل. ديوان خطب. ديوان رسائل. ديوان شعر. شرح كتاب سيبويه. كتاب الجبال والأمكنة. شافي العي من كلام الشافعي. شقائق النعمان في حقائق النعمان في مناقب الإمام أبي حنيفة. المحاجاة ومتمم مهام أرباب الحاجات في الأحاجي والألغاز. المفرد والمركب في العربية، وغير ذلك. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2691 [1143] محمود بن أبي المعالي تاج الدين الحواري اللغوي الأديب الشاعر: أخذ الأدب عن سعيد بن أبي الفضل الميداني، وبرع في اللغة، وله النثر الفائق والشعر الرائق وكان واحد نيسابور علما وفضلا وأدبا، وصنف كتاب «ضالة الأديب» في الجمع بين «الصحاح» و «التهذيب» أخذ فيه على الجوهري في عدة مواضع. كان حيا سنة ثمانين وخمسمائة. [1144] مدرك بن علي الشيباني: أعرابيّ من بادية البصرة، دخل بغداد صغيرا ونشأ بها، فتفقه وحصّل العربية والأدب، وكان شاعرا أديبا فاضلا، وكان كثيرا ما يلمّ بدير الروم في الجانب الشرقيّ ببغداد، وكان بدير الروم غلام من أولاد النصارى يقال له عمرو بن يوحنا، وكان من أحسن الناس صورة وأكملهم خلقا، وكان مدرك بن علي يهواه. وكان لمدرك مجلس تجتمع فيه الأحداث، فان حضر شيخ أو صاحب حرمة قال له مدرك: قبيح بك أن تختلط بالأحداث والصبيان، فقم في حفظ الله، فيقوم، وكان عمرو يحضر مجلسه، فعشقه مدرك وهام به، فجاء عمرو يوما إلى المجلس فكتب مدرك رقعة وطرحها في حجره فإذا فيها: بمجالس العلم التي ... بك تمّ حسن جموعها إلّا رثيت لمقلة ... غرقت بفيض دموعها بيني وبينك حرمة ... الله في تضييعها فقرأ الأبيات ووقف عليها من كان في المجلس، فاستحيا عمرو وانقطع عن الحضور، وغلب الأمر على مدرك فترك مجلسه ولزم دير الروم وجعل يتبع عمرا حيث   [1143] للحواري ترجمة في بغية الوعاة 2: 283 (وهو ينقل عن وشاح الدمية وعن ياقوت) . [1144] مدرك هذا أدركه الجريري المعافي بن زكريا النهرواني وروى قصيدته وقصته، وقد توفي المعافى سنة 390؛ وانظر مصارع العشاق 2: 170 وتزيين الأسواق: 341 (وشرح ما فيها من مصطلحات نصرانية) . الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2692 سار، وقال فيه شعرا كثيرا. قال الجريري: وقد رأيت عمرا أبيض الرأس واللحية. ومن شعر مدرك فيه المزدوجة المشهورة وهي: من عاشق ناء هواه داني ... ناطق دمع صامت اللسان معذب بالصدّ والهجران ... موثق قلب مطلق اللسان من غير ذنب كسبت يداه ... غير هوى نمّت به عيناه شوقا إلى رؤية ما أشقاه ... كأنما عافاه من أضناه يا ويحه من عاشق ما يلقى ... من أدمع منهلّة ما ترقا ناطقة وما أجادت نطقا ... تخبر عن حبّ له استرقا لم يبق منه غير طرف يبكي ... بأدمع مثل نظام السلك تطفئها نار الهوى وتذكي ... كأنها قطر السماء تحكي إلى غزال من بني النصارى ... عذار خديه سبى العذارى وغادر الأسد به حيارى ... في ربقة الحبّ له أسارى رئم بدار الروم رام قتلي ... بمقلة كحلاء لا من كحل وطرّة بها استطار عقلي ... وحسن وجه وقبيح فعل رئم به أيّ هزبر لم يصد ... يقتل باللحظ ولا يخشى القود متى يقل ها قالت الالحاظ قد ... كأنها ناسوته حين اتحد ما أبصر الناس جميعا بدرا ... ولا رأوا شمسا وغصنا نضرا أحسن من عمرو فديت عمرا ... ظبي بعينيه سقاني خمرا ها أنا ذا بقدّه مقدود ... والدمع في خدي له أخدود ما ضرّ من فقري به موجود ... لو لم يقبّح فعله الصدود الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2693 إن كان ذنبي عنده الاسلام ... فقد سعت في نقصه الآثام واختلّت الصلاة والصيام ... وجاز في الدين له الحرام يا ليتني كنت له صليبا ... أكون منه أبدا قريبا أبصر حسنا وأشمّ طيبا ... لا واشيا أخشى ولا رقيبا يا ليتني كنت له قربانا ... ألثم منه الثغر والبنانا أو جاثليقا كنت أو مطرانا ... كيما يرى الطاعة لي إيمانا يا ليتني كنت لعمرو مصحفا ... يقرأ مني كلّ يوم أحرفا أو قلما يكتب بي ما ألّفا ... من أدب مستحسن قد صنفا يا ليتني كنت لعمرو عوده ... أو حلة يلبسها مقدوده أو بركة باسمه معدوده ... أو بيعة بداره مشهوده يا ليتني كنت له زنّارا ... يديرني في الخصر كيف دارا حتى إذا الليل طوى النهارا ... صرت له حينئذ إزارا قد والذي يبقيه لي أفناني ... وابتزّ عقلي والضنا كساني ظبي على البعاد والتداني ... حلّ محلّ الروح من جثماني وا كبدي من خدّه المضرج ... وا كبدي من ثغره المفلّج لا شيء مثل الطرف منه الأدعج ... أذهب للنسك وللتحرج إليك أشكو يا غزال الإنس ... ما بي من الوحشة بعد الأنس يا من هلالي وجهه وشمسي ... لا تقتل النفس بغير النفس جد لي كما جدت بحسن الودّ ... وارع كما أرعى قديم العهد واصدد كصدّي عن طويل الصدّ ... فليس وجد بك مثل وجدي ها أنا في بحر الهوى غريق ... سكران من حبك لا أفيق الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2694 محترق ما مسّني حريق ... يرثي لي العدوّ والصديق فليت شعري فيك هل ترثي لي ... من سقم ومن ضنى طويل أم هل إلى وصلك من سبيل ... لعاشق ذي جسد نحيل في كلّ عضو منه سقم وألم ... ومقلة تبكي بدمع وبدم شوقا إلى شمس وبدر وصنم ... منه إليه المشتكى إذا ظلم أقول إذ قام بقلبي وقعد ... يا عمرو يا عامر قلبي بالكمد أقسم بالله يمين المجتهد ... ان امرءا أسعدته لقد سعد يا عمرو ناشدتك بالمسيح ... إلا سمعت القول من فصيح يخبر عن قلب له جريح ... باح بما يلقى من التبريح يا عمرو بالحقّ من اللاهوت ... والروح روح القدس والناسوت ذاك الذي في مهده المنحوت ... عوّض بالنطق عن السكوت بحقّ ناسوت ببطن مريم ... حلّ محلّ الريق منها في الفم ثم استحال في قنوم الأقدم ... فكلّم الناس ولمّا يفطم بحقّ من بعد الممات قمّصا ... ثوبا على مقداره ما قصّصا وكان لله تقيا مخلصا ... يشفي ويبري أكمها وأبرصا بحقّ محيي صورة الطيور ... وباعث الموتى من القبور ومن إليه مرجع الأمور ... يعلم ما في البرّ والبحور بحقّ من في شامخ الصوامع ... من ساجد لربّه وراكع يبكي إذا ما نام كلّ هاجع ... خوفا من الله بدمع هامع بحقّ قوم حلقوا الرؤوسا ... وعالجوا طول الحياة بوسا وقرعوا في البيعة الناقوسا ... مشمعلين يعبدون عيسى الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2695 بحقّ ماري مريم وبولس ... وحق شمعون الصفا وبطرس بحق دانيل بحقّ يونس ... بحق حزقيل وبيت المقدس ونينوى إذ قام يدعو ربه ... مطهّرا من كلّ سوء قلبه ومستقيلا فأقيل ذنبه ... ونال عند الله ما أحبه بحقّ ما في قلّة الميرون ... من نافع للداء والجنون بحقّ ما يؤثر عن شمعون ... من بركات الخوص والزيتون بحقّ أعياد الصليب الزّهر ... وعيد أشموني وعيد الفطر وبالشعانين العظيم القدر ... وعيد مرماري الرفيع الذكر وعيد شعياء وبالهياكل ... والدّخن الآتي بكفّ الحامل يشفي بها من خبل كلّ خابل ... ومن دخيل السّقم في المفاصل بحقّ سبعين من العبّاد ... قاموا بدين الله في البلاد وأرشدوا الناس إلى الرشاد ... حتى اهتدى من لم يكن بهاد بحقّ ثنتي عشرة من الأمم ... ساروا إلى الأقطار يتلون الحكم حتى إذا صبح الدجى جلا الظلم ... ساروا إلى الله ففازوا بالنعم بحقّ ما في محكم الإنجيل ... من محكم التحريم والتحليل وخبر ذي نبأ جليل ... يرويه جيل قد مضى عن جيل بحق ما رعيد الشفيق الناصح ... بحقّ لوقا ذي الفعال الصالح بحق تمليخا الحكيم الراجح ... والشهداء بالفلا الصحاصح بحقّ معمودية الأرواح ... والمذبح المشهور في النواحي ومن به من لابسي الأمساح ... وعابد باك ومن نواح بحقّ تقريبك في الأعياد ... وشربك القهوة كالفرصاد الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2696 وطول تفتيتك للأكباد ... بما بعينيك من السواد بحقّ ما قدّس شعيا فيه ... بالحمد لله وبالتنزيه بحقّ نسطور وما يرويه ... عن كلّ ناموس له فقيه شيخان كانا من شيوخ العلم ... وبعض أركان التقى والحلم لم ينطقا قطّ بغير فهم ... موتهما كان حياة الخصم بحرمة الأسقف والمطران ... والجاثليق العالم الرباني والقسّ والشماس والديراني ... والبطرك الأكبر والرهبان بحرمة المحبوس في أعلى الجبل ... ومار نقولا حين صلّى وابتهل وبالكنيسات القديمات الأول ... وبالسليح المرتضى وما فعل بحرمة الاسقوفيا والبيرم ... وما حوى مفرق رأس مريم بحرمة الصوم الكبير الأعظم ... وحقّ كلّ كاهن مقدّم بحق يوم الذبح ذي الإشراق ... وليلة الميلاد والتلاقي والذهب الإبريز في الأوراق ... بالفصح يا مهذّب الأخلاق بكلّ قدّاس على قدّاس ... قدّسه القسّ مع الشماس وقربوا يوم الخميس الناسي ... وقدّموا الكاس لكلّ حاسي إلا رغبت في رضا أديب ... باعده الحبّ عن الحبيب فذاب من شوق إلى المذيب ... أعلى مناه أيسر التقريب فانظر أميري في صلاح أمري ... محتسبا فيّ عظيم الأجر مكتسبا فيّ جميل الشكر ... في نثر ألفاظ ونظم شعر ثم إن مدركا وسوس وسلّ جسمه وذهب عقله وانقطع عن إخوانه ولزم الفراش. حكى حسان بن محمد بن عيسى قال: حضرته عائدا مع جماعة من أصحابه فقال: الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2697 ألست صاحبكم القديم العشرة لكم؟ أما منكم أحد يسعدني بنظرة إلى وجه عمرو؟ قال: فمضينا بأجمعنا إلى عمرو وقلنا له: إن كان قتل هذا الرجل دينا فان إحياءه مروءة، قال: وما فعل؟ قلنا: قد صار إلى حال ما نحسبك تلحقه، قال: فلبس ثيابه ثم نهض معنا، فلما دخلنا عليه سلّم عليه عمرو وأخذ بيده فقال: كيف تجدك يا سيدي؟ فنظر إليه ثم أغمي عليه ثم أفاق وهو يقول: أنا في عافية إ ... لا من الشوق اليكا أيها العائد ما بي ... منك لا يخفى عليكا لا تعد جسما وعد قل ... با رهينا في يديكا كيف لا يهلك مرشو ... ق بسهمي مقلتيكا ثم إنه شهق شهقة فارق فيها الدنيا فما برحنا حتى دفناه. [1145] مرجّى بن كوثر أبو القاسم المقرىء النحوي المؤدب: أديب نحوي، كان مقيما بحلب، وله المفيد في النحو. وكتاب الضاد والظاء؛ وكان بينه وبين أبي العلاء المعري مكاتبة. [1146] مروان بن سعيد بن عباد بن حبيب بن المهلب بن أبي صفرة المهلبي: أحد أصحاب الخليل بن أحمد المتقدمين في النحو المبرزين فيه، سمعت بعض النحويين ينسب إليه هذا البيت: ألقى الصحيفة كي يخفف رحله ... والزاد حتى نعله ألقاها ولا أعلم من أمره غير هذا.   [1145] ترجمة مرجى بن كوثر في بغية الوعاة 2: 283 (عن ياقوت) . [1146] ترجمة مروان المهلبي في بغية الوعاة 2: 284 (عن ياقوت) . الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2698 [1147] مسعود بن علي بن أحمد بن العباس الصواني البيهقي أبو المحاسن: قال البيهقي في «الوشاح» : فخر الزمان وأوحد الأقران، ومن لا ينظر الأدب إلا بعينه، ولا يسمع الشعر إلا بأذنه، صنف تفسير القرآن. وشرح الحماسة. وصيقل الألباب في الأصول. والتوابع واللوامع في الأصول. والتذكرة أربع مجلدات. وأعلاق الملوين وأخلاق الاخوين مجلدان. والتنقيح في أصول الفقه. ونفثة المصدور ديوان أشعاره مجلد. مات في الثالث والعشرين من المحرم سنة أربع وأربعين وخمسمائة، وله: تكلّف المجد أقوام وقد سئموا ... منه وإنك مشغوف به كلف كأنك الدرة الزهراء في صدف ... والناس حولك طرّا ذلك الصدف [1148] مصدق بن شبيب بن الحسين أبو الخير الصّلحي النحوي: صحب الشيخ صدقة الواعظ «1» وهو صبي وقرأ عليه القرآن وشيئا من النحو، وقدم بغداد فقرأ على ابن الخشاب وحبشي «2» وأبي الحسن ابن العطار «3» والكمال الانباري، وطلب الأدب حتى برز فيه، وسمع الحديث، وتخرج به جماعة من أهل الأدب، ولم يكن في العبارة بذاك، وإنما كان رجلا صالحا فكان تستفاد بركته. ولد سنة خمس وثلاثين وخمسمائة، ومات في ليلة الاثنين الثالث والعشرين من ربيع الأول سنة خمس وستمائة.   [1147] ترجمة مسعود البيهقي في بغية الوعاة 2: 284 (عن ياقوت وياقوت ينقل عن وشاح الدمية) . [1148] ترجمة مصدق الصلحي في انباه الرواة 3: 274 والذيل على الروضتين: 66 ومعجم البلدان «فم الصلح» وبغية الوعاة 2: 287 (عن ياقوت) ؛ وقال القفطي: هو من قرية تعرف بدوران من قرى الصلح، والصلح معاملة من سواد شرقي واسط. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2699 [1149] مظفر بن إبراهيم بن جماعة بن علي بن سامي بن أحمد بن ناهض بن عبد الرزاق، موفق الدين أبو العز الأعمى العيلاني- بالعين المهملة- المصري: كان نحويا عروضيا أديبا شاعرا مجيدا، صنف في العروض مختصرا دلّ على حذقه فيه، وله ديوان شعر. ولد لخمس بقين من جمادى الآخرة سنة أربع وأربعين وخمسمائة، وهو اليوم بها في قيد الحياة. ومن شعره الذي وصل إلينا قوله «1» : قبّلته فتلظّى ورد وجنته ... وفاح من عارضيه العنبر العبق وجال بينهما ماء ومن عجب ... لا ينطفي ذا ولا ذا منه يحترق وله: يا نائما أسهرني حبّه ... وعائدا أمرضني طبّه وخادعا رقّ لحبي له ... كلامه [لي] وقسا قلبه قلنا على حسنك عيني جنت ... جثماني الناحل ما ذنبه وله أيضا «2» : وشادن كان زمان الصّبا ... بدولة المرد له صوله قد كتب الشّعر على خدّه ... خفّض فهذا آخر الدوله وله أيضا «3» : قالوا عشقت وأنت أعمى ... ظبيا كحيل الطرف ألمى وحلاه ما عاينتها ... فكأنها شغفتك «4» وهما   [1149] ترجمة أبي العز الاعمى العيلاني في الوافي (خ) ونكت الهميان: 290 والنجوم الزاهرة في حلى حضرة القاهرة لابن سعيد: 348 والشذرات 5: 115 وبغية الوعاة 2: 289، قال الصفدي: وكانت وفاته سنة 623 ودفن بسفح المقطم؛ وأورد له مقطعات وأخبارا لم يوردها ياقوت. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2700 وخياله بك في المنا ... م فما أطاف ولا ألمّا من أين أرسل للفؤا ... د وأنت لم تبصره سهما ومتى رأيت جماله ... حتى كساك هواه سقما وبأيّ جارحة وصل ... ت لوصفه نثرا ونظما والعين راعية الهوى ... وبها يتمّ إذا استتما فأجبت إني موسو ... ي العشق إنصاتا وفهما أهوى بجارحة السما ... ع ولا أرى ذات المسمّى وقال في شمعة «1» : جاءت بجسم لسانه ذرب ... تبكي وتشكو الهوى وتلتهب كأنها في يمين حاملها ... رمح لجين سنانه ذهب وله: وروضات بنفسجها ... بصبغة صنعة الباري كجرم لازورديّ ... على ألفات زنجار وله: هويت هلالا سرى في الدجى ... وهاروت من جند أجفانه فلا تعجبوا إن بدا وجهه ... نهارا وعظمت من شانه فإنّ الهلال يرى طالعا ... مع الشمس في بعض أحيانه وله أيضا: وزهرة لونها من العجب ... بيضاء فيها اصفرار مكتئب كأنها درهم وقد جعلت ... في وسطه نقطة من الذهب الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2701 [1150] المعافي بن زكريا بن يحيى بن حماد بن داود النهرواني الجريري- بفتح الجيم نسبة إلى ابن جرير الطبري- المعروف بابن طرارة: كان من أعلم الناس بفقه مذهب ابن جرير والنحو واللغة وفنون الأدب والأخبار والأشعار، وكان ثقة ثبتا، أخذ الأدب عن أبي عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة المعروف بنفطويه وغيره، وروى عن أبي القاسم البغوي وأبي حامد محمد بن هارون الحضرمي وأبي بكر ابن داود وأبي سعيد العدوي ويحيى بن صاعد وغيرهم. وروى عنه جماعة منهم القاضي أبو الطيب الطبري وأبو القاسم الأزهري وأحمد بن علي التوّزي وأحمد بن عمر بن روح. وولي القضاء بباب الطاق نيابة عن القاضي ابن صير. وصنف كتاب الجليس والأنيس في الأدب. والتفسير الكبير. ونصر مذهب ابن جرير الطبري ونوّه به وحامى عنه. قال أبو حيان التوحيدي: رأيته في جامع الرصافة وقد نام مستدبر الشمس في يوم شات وبه من أثر الفقر والبؤس والضرّ أمر عظيم، مع غزارة علمه واتساع أدبه وفضله المشهور ومعرفته بصنوف العلم، سيما علم الأثر والأخبار وسير العرب وأيامها، فقلت له: مهلا أيها الشيخ وصبرا، فإنك بعين الله ومرأى منه ومسمع، وما جمع الله لأحد شرف العلم وعزّ المال، فقال: ما لا بدّ منه من الدنيا فليس منه بد ثم قال: يا محنة الدهر كفّي ... إن لم تكفي فخفي قد آن أن ترحمينا ... من طول هذا التشفي   [1150] ترجمة المعافى النهرواني في الفهرست: 292 وتاريخ بغداد 13: 230 وطبقات الشيرازي: 93 ونزهة الألباء: 226 والمنتظم 7: 213 وإنباه الرواة 3: 296 وابن خلكان 5: 221 وتذكرة الحفاظ: 1010 وعبر الذهبي 3: 47 وسير الذهبي 16: 544 ومرآة الجنان 2: 42 والبداية والنهاية 11: 328 والبلغة: 259 وطبقات ابن الجزري 2: 302 والنجوم الزاهرة 4: 201 وطبقات الحفاظ: 400 وبغية الوعاة 2: 293 وطبقات الداودي 2: 223 والشذرات 3: 134 ومقدمة الجزء الأول من كتاب الجليس الصالح تحقيق الدكتور محمد مرسي الخولي؛ وقد طبع من كتابه هذا ثلاثة أجزاء وبقي الرابع. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2702 طلبت جدا لنفسي ... فقيل لي قد توفي فلا علومي تجدي ... ولا صناعة كفي ثور ينال الثريا ... وعالم متخفي وقال أحمد بن عمر بن روح «1» : إن المعافي بن زكريا حضر في دار بعض الرؤساء، وكان هناك جماعة من أهل العلم فقالوا له: في أي نوع من العلم نتذاكر؟ فقال المعافى للرئيس صاحب الدار: إنّ خزانتك جمعت أنواع العلوم وأصناف الأدب، فإن رأيت أن تبعث الغلام إليها يضرب بيده إلى أيّ كتاب منها فيحمله اليك، ثم نفتحه فننظر في أيّ علم هو، فنتذاكر ونتجارى فيه، قال ابن روح: وهذا يدل على أن المعافى كان له أنسة بسائر العلوم. وكان أبو محمد الباقي «2» يقول: إذا حضر المعافى فقد حضرت العلوم كلها، وكان يقول أيضا: لو أن رجلا أوصى بثلث ماله لأعلم الناس لوجب أن يدفع الى المعافى. وكانت ولادته يوم الخميس لسبع خلون من رجب سنة خمس وثلاثمائة وقيل سنة ثلاث، وتوفي يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من ذي الحجة سنة تسعين وثلاثمائة. ومن شعره: خالق العالمين ضامن رزقي ... فلماذا أملّك الخلق رقّي قد قضى لي بما عليّ وما لي ... خالقي جلّ ذكره قبل خلقي أصحب البذل والندى في يساري ... ورفيقي في عسرتي حسن رفقي فكما لا يردّ عجزي رزقي ... فكذا لا يجرّ رزقي حذقي وذكر أنه عمل هذه الأبيات في معنى قول علي بن الجهم «3» : لعمرك ما كلّ التعطل ضائر ... ولا كلّ شغل فيه للمرء منفعه إذا كانت الأرزاق في القرب والنوى ... عليك سواء فاغتنم راحة الدعه وقال أيضا «4» : الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2703 ألا قل لمن كان لي حاسدا ... أتدري على من أسأت الأدب أسأت على الله في فعله ... لأنك لم ترض لي ما وهب [1151] معاوية بن عمر بن أبي عقرب أبو نوفل الدؤلي: كان فقيها نحويا، ذكر عن أبي عمرو بن العلاء قال: كنت آتي أبا نوفل أنا وشعبة بن الحجاج، فكان شعبة يسأله عن الآثار واسأله أنا عن النحو والشعر، فلم يعلم شعبة شيئا مما أسأله عنه، ولا أعلم أنا شيئا مما يسأل عنه شعبة. [1152] معمر بن المثنى أبو عبيدة البصري مولى بني تيم ، تيم قريش لا تيم الرباب: كان من أعلم الناس باللغة وأنساب العرب وأخبارها، وهو أول من صنف غريب الحديث. أخذ عن يونس بن حبيب وأبي عمرو بن العلاء، وأسند الحديث إلى هشام بن عروة الامام الحجة. قال يعقوب بن شيبة: سمعت ابن المديني يصحّح رواية أبي عبيدة. وقال الدارقطني: لا بأس به إلا أنه يتّهم بشيء من رأي الخوارج «1» ويتّهم بالأحداث. وأخذ عن أبي عبيدة: أبو عبيد القاسم بن سلام والأثرم علي بن المغيرة وأبو   [1151] ترجمة أبي نوفل الدؤلي في بغية الوعاة 2: 294 (عن ياقوت) . [1152] ترجمة أبي عبيدة في الفهرست: 58 وأخبار النحويين البصريين: 67 وتاريخ بغداد 13: 252 وعبر الذهبي 1: 359 وتذكرة الحفاظ: 338 وتهذيب التهذيب 10: 246 وابن خلكان 5: 235 ونور القبس: 109 وانباه الرواة 3: 276 والمعارف: 543 وطبقات الزبيدي: 175 ومراتب النحويين: 44 وتهذيب الأزهري 1: 14 ونزهة الألبا: 68 ومرآة الجنان 2: 44 والنجوم الزاهرة 2: 184 وبغية الوعاة 2: 294 وطبقات الداودي 2: 326 والشذرات 2: 24. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2704 عثمان المازني وأبو حاتم السجستاني وعمر بن شبة النميري وغيرهم. وقال أبو العباس المبرد: كان أبو عبيدة عالما بالشعر والغريب والأخبار والنسب، وكان الأصمعي أعلم منه بالنحو، وكان أعلم من الأصمعي وأبي زيد بالأنساب، وكان أبو نواس يتعلم منه ويمدحه ويذم الأصمعي: سئل عن الأصمعي فقال: بلبل في قفص، وسئل عن أبي عبيدة فقال: أديم طوي على علم. وقال بعضهم: كان الطلبة إذا أتوا مجلس الأصمعي اشتروا البعر في سوق الدر، وإذا أتوا مجلس أبي عبيدة اشتروا الدرّ في سوق البعر، لأن الأصمعي كان حسن الانشاء والزخرفة قليل الفائدة، وأبو عبيدة بضدّ ذلك. وقال يزيد بن مرة «1» : كان أبو عبيدة ما يفتّش عن علم من العلوم إلا كان من يفتشه عنه يظنّ أنه لا يحسن غيره ولا يقوم بشيء أجود من قيامه به، قال أبو حاتم: وكان مع علمه إذا قرأ البيت لم يقم إعرابه وينشده مختلف العروض. وقال ابن قتيبة: كان الغريب أغلب عليه وأيام العرب وأخبارها. وقال الجاحظ «2» : لم يكن في الأرض خارجي ولا إجماعي أعلم بجميع العلوم من أبي عبيدة. ويحكى أنه كان يرى رأي الخوارج الاباضية، وقيل كان شعوبيا يطعن في الأنساب. قال أبو العيناء: قال رجل لأبي عبيدة يا أبا عبيدة قد ذكرت الناس وطعنت في أنسابهم فبالله إلا ما عرفتني من أبوك وما أصله؟ فقال: حدثني أبي أن أباه كان يهوديا. وحدث الصولي عن محمد بن سعيد عن عيسى بن إسماعيل قال: جلس أبان بن عبد الحميد اللاحقي ليلة في قوم فثلب أبا عبيدة فقال: يقدح في الأنساب ولا نسب له، فبلغ ذلك أبا عبيدة فقال في مجلسه: لقد أغفل السلطان كلّ شيء حين أغفل أخذ الجزية من أبان اللاحقي، وهو وأهله يهود، وهذه منازلهم فيها أسفار التوراة وليس فيها مصحف، وأوضح دلالة على يهوديتهم أن أكثرهم يدّعي حفظ التوراة ولا يحفظ من القرآن ما يصلي به، فبلغ ذلك أبان فقال: الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2705 لا تنمّنّ عن صديق حديثا ... واستعذ من تسرّر النّمام واخفض الصوت إن نطقت بليل ... والتفت بالنهار قبل الكلام وحكى أبو الحسن الأسدي قال «1» : حدثنا حماد بن إسحاق الموصلي عن أبيه قال: أنشدت الفضل بن الربيع أبياتا كان الأصمعي أنشدنيها في صفة فرس وهي: كأنه في الجلّ وهو سام ... مشتمل جاء من الحمّام يسور بين السرج واللجام ... سور القطا خفّ «2» الى اليمام قال: ودخل الأصمعي فسمعني أنشدها فقال: هات بقيتها، فقلت: ألم تقل إنه لم يبق منها شيء؟ فقال: ما بقي منها إلا عيونها، ثم أنشد بعدها ثلاثين بيتا فغاظني فعله، فلما خرج عرّفت الفضل بن الربيع قلة شكره لعارفة وبخله بما عنده، ووصفت له فضل أبي عبيدة معمر بن المثنى وعلمه ونزاهته وبذله ما عنده واشتماله على جميع علوم العرب، ورغّبته فيه حتى أنفذ إليه مالا جليلا واستقدمه، فكنت سبب مجيئه من البصرة. قال أبو عبيدة «3» : أرسل إليّ الفضل بن الربيع إلى البصرة في الخروج اليه سنة ثمان وثمانين ومائة فقدمت الى بغداد واستأذنت عليه فأذن لي، فدخلت عليه وهو في مجلس له طويل عريض فيه بساط واحد قد ملأه، وفي صدره فرش عالية لا يرتقى إليها إلا على كرسي، وهو جالس عليها، فسلمت عليه بالوزارة فردّ وضحك إليّ، واستدناني حتى جلست إليه على فرشه، ثم سألني وألطفني وباسطني وقال: أنشدني فأنشدته، فطرب وضحك وزاد نشاطه، ثم دخل رجل في زي الكتّاب له هيئة فأجلسه الى جانبي وقال له: أتعرف هذا؟ قال: لا، قال: هذا أبو عبيدة علّامة أهل البصرة أقدمناه لنستفيد من علمه، فدعا له الرجل وقرظه لفعله هذا وقال لي: إني كنت إليه مشتاقا، وقد سألت عن مسألة افتأذن لي أن أعرّفك إياها؟ فقلت: هات، قال قال الله عز وجل: طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ (الصافات: 65) وإنما يقع الوعد الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2706 والايعاد بما عرف مثله، وهذا لم يعرف، فقلت: إنما كلم الله تعالى العرب على قدر كلامهم، أما سمعت قول امرىء القيس: أيقتلني والمشرفيّ مضاجعي ... ومستنة زرق كأنياب أغوال وهم لم يروا الغول قط، ولكنهم لما كان أمر الغول يهولهم أوعدوا به، فاستحسن الفضل ذلك واستحسنه السائل، وعزمت من ذلك اليوم أن أضع كتابا في القرآن في مثل هذا وأشباهه وما يحتاج اليه من علمه، فلما رجعت إلى البصرة عملت كتابي الذي سميته «المجاز» وسألت عن الرجل السائل فقيل لي: هو من كتاب الوزير وجلسائه، وهو إبراهيم بن إسماعيل الكاتب. قال سلمة «1» : سمعت الفراء يقول لرجل: لو حمل إليّ أبو عبيدة لضربته عشرين في «كتاب المجاز» . وقال التوزي «2» : بلغ أبا عبيدة أنّ الأصمعي يعيب عليه تأليف «كتاب المجاز في القرآن» وانه قال: يفسر ذلك برأيه، فسأل عن مجلس الأصمعي في أي يوم هو، فركب حماره في ذلك اليوم، ومرّ بحلقة الأصمعي فنزل عن حماره وسلّم عليه وجلس عنده وحادثه، ثم قال له: يا أبا سعيد ما تقول في الخبز؟ قال: هو الذي تخبزه وتأكله، فقال له أبو عبيدة: فسرت كتاب الله برأيك، قال الله تعالى إِنِّي أَرانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً (يوسف: 36) قال الأصمعي هذا شيء بان لي فقلته ولم أفسره برأيي، فقال له أبو عبيدة: وهذا الذي تعيبه علينا كله شيء بان لي فقلناه ولم نفسره برأينا، ثم قام فركب حماره وانصرف. وقال أبو عثمان المازني «3» : سمعت أبا عبيدة يقول: أدخلت على الرشيد فقال لي: يا معمر بلغني أن عندك كتابا حسنا في صفة الخيل أحبّ أن أسمعه منك، فقال الأصمعي: وما تصنع بالكتاب؟ يحضر فرس ونضع أيدينا على عضو عضو ونسميه ونذكر ما فيه، فقال الرشيد: يا غلام أحضر فرسي، فقام الأصمعي فوضع يده على الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2707 عضو عضو وجعل يقول هذا كذا، قال الشاعر فيه كذا، حتى انقضى قوله، فقال لي الرشيد: ما تقول فيما قال؟ فقلت: قد أصاب في بعض وأخطأ في بعض، والذي أصاب فيه شيء نعلمه والذي أخطأ فيه لا أدري من أين أتى به. وكان الأصمعي «1» إذا أراد الدخول إلى المسجد قال: انظروا لا يكون فيه ذاك- يعني أبا عبيدة- خوفا من لسانه. وكانت ولادة أبي عبيدة في رجب سنة عشر ومائة، وقال أبو موسى محمد بن المثنى: توفي أبو عبيدة سنة ثمان ومائتين، وقال الصولي سنة سبع، وقال المظفر بن يحيى سنه تسع وقيل سنة إحدى عشرة وقيل ثلاث عشرة وله ثمان وتسعون سنة، ولم يحضر جنازته احد لأنه لم يكن يسلم من لسانه أحد لا شريف ولا غيره. ولأبي عبيدة من التصانيف: كتاب غريب القرآن. كتاب مجاز القرآن «2» . كتاب غريب الحديث. كتاب فضائل الفرس. كتاب الحدود. كتاب التاج. كتاب الديباج. كتاب الانسان. كتاب الزرع. كتاب الجمع والتثنية. كتاب الفرس. كتاب اللجام. كتاب السرج. كتاب الابل. كتاب الرحل. كتاب البازي. كتاب الحمام. كتاب الحيات. كتاب العقارب. كتاب الخيل «3» . كتاب السيف. كتاب حضر الخيل. كتاب الخف. كتاب اللغات. كتاب الأضداد. كتاب الفرق. كتاب ما تلحن فيه العامة. كتاب الابدال. كتاب القرائن. كتاب أشعار القبائل. كتاب أسماء الخيل. كتاب الأمثال السائرة. كتاب الدلو. كتاب البكرة. كتاب نقائض جرير والفرزدق «4» . كتاب المعاتبات. كتاب الملاومات. كتاب من شكر من العمال وحمد. كتاب محمد وإبراهيم ابني عبد الله بن الحسن بن علي بن أبي طالب. كتاب العفة «5» كتاب فعل وأفعل. كتاب الشوارد. كتاب أدعية العرب. كتاب بيوتات العرب. كتاب أيام بني مازن وأخبارهم. كتاب القبائل. كتاب إياد «6» الأزد. كتاب الضيفان. كتاب مقاتل الفرسان. كتاب مقاتل الأشراف. طبقات الفرسان. كتاب الغارات. كتاب الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2708 المنافرات. كتاب بيان باهلة. كتاب مآثر العرب. كتاب مثالب العرب. كتاب مآثر غطفان. كتاب النواكح. كتاب النواشز. كتاب لصوص العرب. كتاب الأيام الكبير. كتاب الأيام الصغير. كتاب الحمس من قريش. كتاب خبر البرّاض. كتاب قصة الكعبة. كتاب الأوس والخزرج. كتاب الموالي. كتاب الاحتلام. كتاب خلق الانسان. كتاب البله. فتوح الأهواز. كتاب خوارج البحرين واليمامة. كتاب السواد وفتحه. كتاب خراسان. كتاب مقتل عثمان. أخبار الحجاج. كتاب مرج راهط. كتاب الأعيان. كتاب الجمل وصفين. كتاب مكة والحرم. كتاب فضائل الفرس. كتاب قضاة البصرة، وغير ذلك، فقد قيل إن تصانيفه تقارب المائتين. [1153] المفضل بن سلمة بن عاصم أبو طالب اللغوي النحوي: كان لغويا نحويا كوفي المذهب، أخذ عن أبيه وعن أبي عبد الله ابن الاعرابي وأبي العباس ثعلب وابن السكيت وغيرهم، وخالف طريقة أبيه. قال أبو الطيب اللغوي: وردّ أشياء من كتاب «العين» للخليل أكثرها غير مردود، واختار في اللغة والنحو اختيارات غيرها المختار، وكان منقطعا إلى الفتح بن خاقان. وله كتب كثيرة منها: كتاب الخط والقلم. كتاب الاشتقاق. البارع في اللغة. كتاب المقصور والممدود. ضياء القلوب في معاني القرآن نيف وعشرون جزءا. المدخل إلى علم النحو. الفاخر فيما يلحن فيه العامة «1» . كتاب خلق الانسان. كتاب جماهير القبائل. كتاب الردّ على الخليل وإصلاح ما في كتاب العين من الغلط والمحال. جلاء الشبهة. كتاب آلة الكاتب. كتاب الزرع والنبات والنخل وأنواع الشجر. كتاب المطيب. كتاب العود والملاهي. كتاب الطيف. كتاب الأنواء والبوارح.   [1153] ترجمة المفضل بن سلمة في تاريخ بغداد 13: 124 والفهرست: 80 ومراتب النحويين: 97 وابن خلكان 4: 205 (في ترجمة ابنه محمد) وانباه الرواة 3: 305 وبغية الوعاة 2: 296 وذكر بعضهم أن وفاته كانت سنة 300 وقال غيره سنة 290. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2709 [1154] المفضل بن محمد بن مسعر بن محمد أبو المحاسن التنوخي: كان فقيها نحويا أديبا، وكان معتزليا شيعيا مبتدعا، أصله من المعرة، وقدم بغداد فأخذ عن علي بن عيسى الربعي وعلي بن عبد الله الدقيقي ومحمد بن أشرس النحوي، وسمع أبا عمر ابن مهدي، وأخذ الفقه عن أبي الحسين القدوري الحنفي، والصيمري، وحدّث بدمشق وناب في القضاء بها، وولي قضاء بعلبك، وحدّث عنه الشريف النسابة، وصنف: تاريخ النحاة. وكتاب الردّ على الشافعي وكان يضع منه. مات سنة اثنتين وقيل ثلاث وأربعين وأربعمائة. [1155] المفضل بن محمد بن يعلى أبو عبد الرحمن الضبي الراوية الأديب النحوي اللغوي: كان من أكابر علماء الكوفة، عالما بالأخبار والشعر والعربية، أخذ عنه أبو عبد الله ابن الأعرابي وأبو زيد الأنصاري وخلف الأحمر وغيرهم، وكان ثقة ثبتا. قال ابن الأعرابي: سمعت المفضل الضبي يقول: قد سلط على الشعر من حماد الراوية ما أفسده فلا يصلح أبدا، فقيل له وكيف ذلك، أيخطىء في روايته أو يلحن؟ قال: ليته كان كذلك فان أهل العلم يردّون من أخطأ إلى الصواب، ولكنه رجل عالم بلغات العرب وأشعارها ومذاهب الشعراء ومعانيهم، فلا يزال يقول الشعر يشبه به مذهب رجل ويدخله في شعره ويحمل ذلك عنه في الآفاق فتختلط أشعار   [1154] ترجمة المفضل التنوخي في بغية الوعاة 2: 297؛ وكتابه في النحاة هو الذي أرجع إليه باسم تاريخ أبي المحاسن. [1155] ترجمة المفضل الضبي في طبقات الزبيدي: 193 والفهرست: 75 ومراتب النحويين: 116 ونزهة الألباء: 35 وتهذيب اللغة 1: 10 والمعارف: 545 ونور القبس: 272 وتاريخ بغداد 13: 121 والأنساب 8: 385 وتاريخ أبي المحاسن: 214 وطبقات ابن الجزري 2: 307 وانباه الرواة 3: 298 وبغية الوعاة 2: 297 واشارة التعيين: 352 ولسان الميزان 6: 81 والنجوم الزاهرة 2: 79 وانظر مقدمة كتاب أمثال العرب، بتحقيق احسان عباس (بيروت 1981) والمفضليات بشرح ابن الأنباري مطبوع في بيروت 1912. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2710 القدماء ولا يتميز الصحيح منها إلا عند عالم ناقد، وأين ذلك؟ وعن إبراهيم بن المهدي قال: حدثني السعيدي الراوية وأبو إياد المؤدب قالا: كنا في دار أمير المؤمنين المهدي بعيساباذ وقد اجتمع فيها عدة من الرواة والعلماء بأيام العرب وآدابها واشعارها ولغاتها، إذ خرج بعض أصحاب الحاجب فدعا المفضل الضبي الراوية فدخل، فمكث مليا ثم خرج إلينا ومعه حماد والمفضل جميعا، وقد بان في وجه حماد الانكسار والغم وفي وجه المفضل السرور والنشاط، ثم خرج حسين الخادم فقال: يا معشر من حضر من أهل العلم إن أمير المؤمنين يعلمكم أنه قد وصل حمادا الشاعر بعشرين ألف درهم لجودة شعره، وأبطل روايته لزيادته في أشعار الناس ما ليس منها، ووصل المفضل بخمسين ألفا لصدقه وصحة روايته، فمن أراد أن يسمع شعرا جيدا محدثا فليسمع من حماد، ومن أراد رواية صحيحة فليأخذها عن المفضل. فسألنا عن السبب فأخبرنا أن المهدي قال المفضل لما دعا به وحده: إني رأيت زهير بن أبي سلمى افتتح قصيدته بأن قال: دع ذا وعد القول في هرم، ولم يتقدم له قبل ذلك قول، فما أمر نفسه بتركه؟ فقال له المفضل: ما سمعت يا أمير المؤمنين في هذا شيئا إلا أني توهمته كان يفكر في قوله أو يروّي في أن يقول شعرا فعدل عنه إلى مدح هرم وقال: دع ذا، أو كان مفكرا في شيء من شأنه فتركه وقال: دع ذا، فأمسك المهدي عنه، ثم دعا بحماد فسأله عن مثل ما سأل عنه المفضل فقال: ليس هكذا قال زهير يا أمير المؤمنين، قال: فكيف قال؟ فأنشد: لمن الديار بقنّة الحجر ... أقوين مذ حجج ومذ دهر قفر بمندفع النجائب من ... ضفوى أولات الضال والسدر دع ذا وعدّ القول في هرم ... خير البداة وسيد الحضر قال: فأطرق المهدي ساعة ثم أقبل على حماد فقال له: قد بلغ أمير المؤمنين عنك خبر لا بدّ من استحلافك عليه، ثم استحلفه بأيمان البيعة وكلّ يمين محرجة ليصدقنّه عن كل ما يسأله عنه، فحلف له بما توثق منه، فقال له: اصدقني عن حال هذه الأبيات ومن أضافها إلى زهير، فأقرّ له حينئذ أنه قائلها، فأمر له وللمفضل بما أمر به من صلة وشهرة أمرهما وكشفه. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2711 وللمفضل من التصانيف: كتاب الاختيارات. كتاب معاني الشعر. كتاب الأمثال. كتاب الألفاظ. كتاب العروض. المفضليات وهي أشعار مختارة جمعها للمهدي، وفي بعض نسخها زيادة ونقص، وأصحها التي رواها عنه أبو عبد الله ابن الأعرابي. [1156] مكي بن أبي طالب واسم أبي طالب محمد، ويقال حموش، ابن محمد بن مختار أبو محمد القيسي القيرواني الأصل القرطبي مسكنا، النحوي اللغوي المقرىء، كان إماما عالما بوجوه القراءات متبحرا في علوم القرآن والعربية فقيها أديبا متفننا، غلبت عليه علوم القرآن فكان من الراسخين فيها. ولد بالقيروان لسبع بقين من شعبان سنة أربع وخمسين وثلاثمائة، ونشأ بها ورحل إلى مصر سنة سبع وستين وهو ابن ثلاث عشرة سنة، فاختلف بها إلى ابن غلبون المقرىء وغيره من المؤدبين والعلماء، ثم رجع إلى القيروان سنة تسع وسبعين وقد حفظ القرآن واستظهر القراءات وغيرها من الآداب، ثم رجع إلى مصر لتلقي ما بقي عليه من القراءات سنة اثنتين وثمانين، ثم رجع إلى القيروان سنة ثلاث وثمانين وأقام بها يقرأ إلى سنة سبع وثمانين فأخذ عن محمد بن أبي زيد وأبي الحسن القابسي وغيرهما، ثم خرج إلى مكة سنة سبع وثمانين وأقام بها إلى آخر سنة تسعين فحج أربع حجج متوالية، وسمع بمكة من أكابر علمائها، ثم رجع من مكة فوصل إلى مصر سنة احدى وتسعين، ثم عاد إلى بلده القيروان سنة اثنتين وتسعين، وفي سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة رحل إلى الاندلس   [1156] لمكي بن أبي طالب ترجمة في جذوة المقتبس: 329 (وبغية الملتمس رقم: 1367) وترتيب المدارك 8: 13 ونزهة الألباء: 238 والصلة: 631 وانباه الرواة 3: 313 وابن خلكان 5: 274 ومعالم الايمان 3: 213 وعبر الذهبي 3: 187 ومعرفة القراء الكبار 1: 316 وسير الذهبي 17: 591 وعيون التواريخ 12: 217 والوافي (خ) ومرآة الجنان 3: 57 والديباج المذهب 2: 342 وطبقات ابن الجزري 2: 309 وبغية الوعاة 2: 298 والشذرات 3: 260 وشجرة النور الزكية: 107 وللدكتور أحمد حسن فرحات: دراسة عنه بعنوان مكي بن أبي طالب وتفسير القرآن، عمان (الأردن) 1983. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2712 فدخل قرطبة في رجب من السنة في أيام المظفر بن أبي زيد «1» ، ونزل في مسجد النخيلة بالرواقين عند باب العطارين، ثم نقله ابن ذكوان القاضي إلى المسجد الجامع، فجلس فيه للاقراء ونشر علمه، فعلا ذكره ورحل إليه، فلما انصرمت دولة آل عامر نقله محمد بن هشام المهديّ إلى المسجد الخارج بقرطبة فأقرأ عليه، وقلده أبو الحزم «2» ابن جهور الصلاة والخطبة بالمسجد الجامع، فأقام على ذلك إلى أن مات. وروى عنه جماعة من الأئمة كأبي عبد الله ابن عتاب وأبي الوليد الباجي وغيرهما. توفي بقرطبة يوم السبت لليلتين خلتا من المحرم سنة سبع وثلاثين وأربعمائة وقد أناف على الثمانين، وصلى عليه ولده أبو طالب محمد، ودفن ضحوة يوم الأحد بالربض. وله تصانيف كثيرة: أشهرها الهداية إلى بلوغ النهاية في التفسير. وله الهداية في الفقه. والبيان عن وجوه القراءات السبع «3» ، ألفه في أواخر عمره سنة أربع وعشرين وأربعمائة. ومنتخب الحجة في القراءات لأبي علي الفارسي، ثلاثون جزءا. وكتاب الاختلاف في عدد الأعشار. والرسالة إلى أصحاب الانطاكي في تصحيح المدّ لورش، ثلاثة أجزاء. تفسير القرآن، خمسة عشر مجلدا. اختصار أحكام القرآن، أربعة أجزاء. التبصرة في القراءات «4» ، خمسة أجزاء. الايجاز في ناسخ القرآن ومنسوخه. الإيضاح في الناسخ والمنسوخ «5» أيضا، ثلاثة أجزاء. التذكرة في اختلاف القراء. الإبانة عن معاني القراءة «6» . الموجز في الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2713 القراءات، جزاءان. الرعاية في تجويد القرآن وتحقيق لفظ التلاوة «1» ، أربعة أجزاء. التنبيه في أصول قراءة نافع وذكر الاختلاف عنه، جزءان. الانتصاف في الردّ على أبي بكر الأدفوي فيما زعم من تغليطه في كتاب الأمالة، ثلاثة أجزاء. كتاب الامالة، ثلاثة أجزاء. إعراب القرآن. الزاهي في اللمع الدالة على مستعملات الإعراب، أربعة أجزاء. كتاب الوقف على كلا وبلى، جزءان. كتاب الياءات المشددة في القرآن. كتاب الحروف المدغمة، جزءان. كتاب هجاء المصاحف، جزءان. الهداية في الوقف على كلا. كتاب الادغام الكبير. مشكل غريب القرآن، ثلاثة أجزاء. كتاب تسمية الأحزاب. كتاب المأثور عن مالك في أحكام القرآن وتفسيره. مشكل معاني القرآن. كتاب شرح التمام والوقف، أربعة أجزاء. كتاب دخول حروف الجر بعضها مكان بعض. كتاب فرض الحج على من استطاع إليه سبيلا. كتاب إيجاب الجزاء على قاتل الصيد في الحرم خطأ في مذهب مالك والحجة على ذلك. كتاب بيان العمل في الحج أول الإحرام. مناسك الحج. كتاب بيان الصغائر والكبائر. كتاب الاختلاف في الذبيح من هو. كتاب تنزيه الملائكة من الذنوب وفضلهم على بني آدم. كتاب اختلاف العلماء في النفس والروح. منتخب كتاب الإخوان لابن وكيع، جزءان. المنتقى في الأخبار، أربعة أجزاء. الرياض مجموع في خمسة أجزاء، وغير ذلك «2» . [1157] مكي بن ريان بن شبة بن صالح أبو الحرم الماكسيني الضرير النحوي   [1157] ترجمة أبي الحرم الماكسيني في الكامل لابن الأثير 12: 108 وانباه الرواة 3: 320 وتكملة المنذري رقم: 981 وذيل الروضتين: 58 والجامع المختصر 9: 216 وابن خلكان 5: 278 وعبر الذهبي الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2714 اللغوي الأديب: كان عالما فاضلا متفننا، والغالب عليه النحو والقراءات، قدم بغداد وقرأ على أبي محمد ابن الخشاب النحوي وعلى أبي الحسن ابن العطار وأبي البركات عبد الرحمن بن الأنباري، وقرأ بالموصل على أبي بكر يحيى بن سعدون القرطبي وغيره، وقرأ عليه أهل الموصل وتخرج به أعيان أهلها، ورحل إلى الشام «1» ثم عاد إلى الموصل. رأيته وكان شيخا طوالا على وجهه أثر الجدري، إلا أنني ما قرأت عليه شيئا. وكان حرا كريما صالحا صبورا على المشتغلين يجلس لهم من السحر إلى أن يصلي العشاء الآخرة. وكان من أحفظ الناس للقرآن ناقلا للسبع، نصب نفسه للاقراء فلم يتفرغ للتأليف، وكان يقرأ عليه الجماعة القرآن معا كلّ واحد منهم بحرف، وهو يسمع عليهم كلهم ويردّ على كلّ واحد منهم، وكان قد أخذ من كل علم طرفا، وسمع الحديث فأكثر. ومن شعره «2» : إذا احتاج النوال الى شفيع ... فلا تقبله تضح قرير عين إذا عيف النوال لفرد منّ ... فأولى أن يعاف لمنتين وقال أيضا: على الباب عبد يطلب الإذن قاصدا ... به أدبا لا أن نعماك تحجب فإن كان إذن فهو كالخير داخل ... عليك وإلا فهو كالشرّ يذهب وقال أيضا: حيائي حافظ لي ماء وجهي ... ورفقي في مطالبتي رفيقي ولو أني سمحت ببذل وجهي ... لكان إلى الغنى سهلا طريقي   5: 8 وسير الذهبي 21: 425 ونكت الهميان: 296 والوافي (خ) وطبقات ابن الجزري 2: 309 وبغية الوعاة 2: 299 والشذرات 5: 11؛ وقال ابن القفطي ان أباه كان يعاني عمل الأديم الذي تصنع منه الانطاع الماكسينية؛ وماكسين بلدة على نهر الخابور بالجزيرة. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2715 وكان يتعصب «1» لأبي العلاء المعري ويطرب إذا قرىء عليه شعره للجامع بينهما: الأدب والعمى لأنه أضرّ بالجدري صغيرا، وكان يعرف في ماكسين بمكيك تصغير مكي، فلما ارتحل عن ماكسين واشتغل وتميز اشتاق إلى وطنه فعاد إليها وتسامع به الناس ممن كان يعرفه من قبل، فزاروه وفرحوا بفضله، فبات تلك الليلة. فلما كان من الغد خرج إلى الحمام سحرا فسمع امرأة تقول من غرفتها لأخرى: أتدرين من جاء؟ قالت: لا، قالت: جاء مكيك ابن فلانة، فقال: والله لا أقمت في بلد أدعى فيه بمكيك، وسافر من يومه إلى الموصل بعد ما كان نوى الاقامة في وطنه، وتوفي بها يوم السبت سادس شوال سنة ثلاث وستمائة. [1158] ممويه أبو ربيعة الأصبهاني النحوي: كان متقدما في علم النحو بارعا فيه، صنف فيه كتبا كثيرة، منها «الجماهير» . وله الشعر الجيد. وخرج في صغره إلى الكرخ فتوطنها. ومن شعره: كن ابن من شئت واكتسب أدبا ... يغنيك تشريفه عن النسب لا شيء في الخافقين تكسبه ... أحمد عند الأنام من أدب وله: وأخ لي تكدّرت ... بعد صفو مشاربه صاحبي حين لا يرى ... في الورى من يصاحبه وإذا ما حظي به ... صدّ وازورّ جانبه   [1158] ترجمة ممويه في بغية الوعاة 2: 300 (عن ياقوت وان لم يصرح بذلك) . الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2716 [1159] منداد بن عبد الحميد أبو عمر الكرجي «1» المعروف بابن لرة «2» : كان لغويا أديبا، صنف كتاب معاني الشعر. وجامع اللغة. وشرح معاني الشعر للباهلي الأنصاري. وكتاب الوحوش، وما عرفت من أمره غير هذا. [1160] منذر بن سعيد أبو الحكم البلوطي الأندلسي: كان نحويا فاضلا وخطيبا مصقعا وشاعرا بليغا، ولد سنة خمس وستين ومائتين، ورحل فلقي جماعة من العلماء والأدباء، وجلب في رحلته «كتاب الأشراف في اختلاف العلماء» رواية عن مؤلفه ابن المنذر النيسابوري و «كتاب العين» للخليل رواية أبي العباس ابن ولاد. واتصل بعبد الرحمن الناصر فحظي عنده، ثم عند ابنه الحكم من بعده، وكان سبب اتصاله بالناصر ما ظهر من بلاغته يوم الاحتفال بدخول رسول قسطنطين بن ليون صاحب قسطنطينية على الناصر موفدا إليه مع وفود سائر ملوك الافرنجة، وذلك أن الناصر جلس للقاء الوفود بقصر قرطبة، فلما تكامل المجلس ودخل عليه الوفود ورحّب بهم أحبّ أن يقوم الخطباء والشعراء بين يديه للتنويه بفخامة الحفلة وذكر ما تهيأ من توطيد الخلافة في أيامه، وتقدم الى وليّ عهده الحكم باعداد من يقوم بذلك من الخطباء، فقدّم الحكم أبا علي القالي البغدادي، وكان إذ ذاك ضيف الناصر، فقام أبو علي وحمد   [1159] سمّاه في بغية الوعاة 1: 476 (بندار) وكذلك هو في الفهرست: 91 (وفي أحد أصوله منداد، وهذا يعين بداية الاضطراب في اسمه) وانباه الرواة 1: 257 والاكمال 1: 79. [1160] ترجمة منذر بن سعيد في طبقات الزبيدي: 295 وابن الفرضي 2: 144 وجذوة المقتبس: 326 (وبغية الملتمس رقم: 1357) وفهرسة ابن خير: 54 ومطمح الأنفس: 237 ومعجم البلدان (فحص البلوط) وانباه الرواة 3: 325 والكامل لابن الأثير 8: 674 واللباب 1: 176 وعبر الذهبي 2: 302 وسير الذهبي 16: 173 والبداية والنهاية 11: 288 والمرقبة العليا للنباهي: 66 والبلغة: 264 وبغية الوعاة 2: 301 والنفح 1: 372، 2: 16 وأزهار الرياض 2: 272 والشذرات 3: 17. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2717 الله وأثنى عليه وصلّى على النبي صلى الله عليه وسلم، فأرتج عليه وانقطع وبهت، فلما رأى ذلك منذر بن سعيد، وكان حاضرا، قام من ذاته، ووصل افتتاح أبي علي بكلام بهر العقول، فخرج الناس يتحدثون ببلاغته وحسن بيانه وثبات جنانه، وكان الناصر أشدّهم تعجبا وإعجابا به، فسأل عنه ابنه الحكم، ولم يكن يعرفه، فقال له: هذا منذر بن سعيد البلوطي، فقال: والله لقد أحسن ما شاء، ثم قرّبه وولاه الصلاة والخطابة في المسجد الجامع بالزهراء، ثم ولاه قضاء الجماعة بقرطبة. ولما توفي الناصر وولي ابنه الحكم أقرّه على القضاء، واستعفى غير مرة فما أعفاه. وكان وقورا صليبا في الحكم مقدما على إقامة العدل والحق وإزهاق الجور والباطل آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر، له كتب في السنة والورع والردّ على أهل الأهواء والبدع. ومن مصنفاته المتداولة: أحكام القرآن. وكتاب الناسخ والمنسوخ. وله رسائل وخطب مجموعة وأشعار متفرقة مطبوعة. ومن خطبه الخطبة التي ألقاها بحضرة الناصر في الاحتفال الذي تقدم ذكره ونصّها «1» : أما بعد حمد الله والثناء عليه والتعداد لآلائه والشكر لنعمائه، والصلاة والسلام على محمد صفيه وخاتم أنبيائه، فإن لكل حادثة مقاما، ولكل مقام مقال، وليس بعد الحقّ الا الضلال؛ وإني قد قمت في مقام كريم، بين يدي ملك عظيم، فاصغوا إليّ معشر الملأ بأسماعكم، وافقهوا عني بأفئدتكم. إن من الحقّ أن يقال للمحقّ صدقت، وللمبطل كذبت، وإن الجليل تعالى في سمائه، وتقدس بصفاته وأسمائه، أمر كليمه موسى صلى الله على نبينا وعليه وعلى جميع أنبيائه، أن يذكّر قومه بأيام الله جلّ وعز عندهم، وفيه وفي رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة، وإني أذكركم بأيام الله عندكم، وتلافيه لكم بخلافة أمير المؤمنين التي لمت شعثكم، وأمّنت سربكم، ورفعت قوتكم؛ كنتم قليلا فكثّركم، ومستضعفين فقوّاكم، ومستذلين فنصركم، ولّاه الله رعايتكم؛ وأسند إليه إمامتكم، أيام ضربت الفتنة سرادقها على الآفاق، وأحاطت بكم شعل النفاق، حتى صرتم في مثل حدقة البعير من ضيق الحال ونكد العيش، فاستبدلتم بخلافته من الشدة بالرخاء، وانتقلتم بيمن سياسته إلى تمهيد كنف العافية الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2718 بعد استيطان البلاء، أنشدكم الله معاشر الملأ ألم تكن الدماء مسفوكة فحقنها؟ والسبل مخوفة فأمنها؟ والأموال منتهبة فأحرزها وحصنها، ألم تكن البلاد خرابا فعمرها؟ وثغور المسلمين مهتضمة فحماها ونصرها؟ فاذكروا آلاء الله عليكم بخلافته، وتلافيه جمع كلمتكم بعد افتراقها بإمامته، حتى أذهب الله عنكم غيظكم، وشفى صدوركم، وصرتم يدا على عدوكم، بعد أن كان بأسكم بينكم، فأنشدكم الله ألم تكن خلافته قفل الفتنة بعد انطلاقها من عقالها؟ ألم يتلاف صلاح الأمور بنفسه بعد اضطراب أحوالها؟ ولم يكل ذلك إلى القوّاد والأجناد، حتى باشره بالقوة والمهجة والأولاد، واعتزل النسوان، وهجر الأوطان، ورفض الدعة وهي محبوبة، وترك الركون إلى الراحة وهي مطلوبة، بطوية صحيحة، وعزيمة صريحة، وبصيرة نافذة ثاقبة، وريح هابّة غالبة، ونصرة من الله واقعة واجبة، وسلطان قاهر، وجدّ ظاهر، وسيف منصور، تحت عدل مشهور، متحملا للنّصب، مستقلا لما ناله في جانب الله من التعب، حتى لانت الأحوال بعد شدتها، وانكسرت شوكة الفتنة بعد حدّتها، فلم يبق لها غارب إلا جبّه، ولا ظهر لأهلها قرن إلا جذّه، فأصبحتم بنعمة الله إخوانا، وبلمّ أمير المؤمنين لشعثكم على أعدائه أعوانا، حتى تواترت لديكم الفتوحات، وفتح الله عليكم بخلافته أبواب الخيرات والبركات، وصارت وفود الروم وافدة عليه وعليكم، وآمال الأقصين والأدنين مستحرمة «1» إليه وإليكم، يأتون من كلّ فجّ عميق، وبلد سحيق، للأخذ بحبل بينكم وبينه جملة وتفصيلا، ليقضي الله أمرا كان مفعولا، ولن يخلف الله وعده، ولهذا الأمر ما بعده. وتلك أسباب ظاهرة بادية، تدلّ على أمور باطنة خافية، دليلها قائم، وجفنها غير نائم وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ (النور/ 55) وليس في تصديق ما وعد الله ارتياب، ولكلّ نبأ مستقر ولكلّ أجل كتاب. فاحمدوا الله أيها الناس على آلائه، واسألوا المزيد من نعمائه، فقد أصبحتم بين خلافة أمير المؤمنين أيده الله بالسداد، وألهمه التوفيق إلى سبيل الرشاد، أحسن الناس حالا، وأنعمهم بالا، وأعزّهم قرارا، وأمنعهم دارا، وأكثفهم جمعا، وأجملهم صنعا، لا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2719 تهاجون، ولا تذادون، وأنتم بحمد الله على أعدائكم ظاهرون، فاستعينوا على صلاح أحوالكم بالمناصحة لامامكم، والتزام الطاعة لخليفتكم وابن عم نبيكم صلى الله عليه وسلم، فإن من نزع يدا من الطاعة، وسعى في تفريق الجماعة، ومرق من الدين، فقد خسر الدنيا والآخرة، ذلك هو الخسران المبين. وقد علمتم أن في التعلق بعصمتها، والتمسك بعروتها، حفظ الأموال وحقن الدماء، وصلاح الخاصة والدهماء، وأنّ بقيام الطاعة تقام الحدود، وتوفّى العهود، وبها وصلت الأرحام، ووضحت الأحكام، وبها سدّ الله الخلل، وأمّن السبل، ووطّأ الأكناف، ورفع الاختلاف، وبها طاب لكم القرار، واطمأنت بكم الدار، فاعتصموا بما أمركم الله بالاعتصام به فإنه تبارك وتعالى يقول: أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ (النساء/ 59) وقد علمتم ما أحاط بكم في جزيرتكم هذه من ضروب المشركين، وصنوف الملحدين، الساعين في شقّ عصاكم، وتفريق ملأكم، الآخذين في مخاذلة دينكم، وهتك حريمكم، وتوهين دعوة نبيكم، صلوات الله وسلامه عليه وعلى جميع النبيين والمرسلين. أقول قولي هذا وأختم بالحمد لله ربّ العالمين، مستغفرا الله الغفور الرحيم فهو خير الغافرين. وكان منذر بن سعيد شديدا في دينه لا يأخذه في الله لوم لائم، وكانت له مقامات بين يدي الخليفة الناصر يتناوله فيها بالعظات والزواجر غير هيّاب ولا محتشم؛ من ذلك أن الناصر «1» كان كلفا بعمارة الأرض وتخليد الآثار الدالّة على قوّة الملك وعزّة السلطان وعلوّ الهمة، فأفضى به الافراط في ذلك إلى أن ابتنى الزهراء البناء الشائع ذكره، واستفرغ جهده في إتقان قصورها وزخرفة دورها، حتى ترك شهود الجمعة بالمسجد الجامع ثلاث جمع متواليات، فأراد القاضي منذر تنبيهه بما يتناوله به من الموعظة، وتذكيره بالانابة والرجوع، فابتدأ خطبته في الجمعة الرابعة بقوله تعالى أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ (الشعراء: 128) ثم وصله بقوله تعالى قُلْ مَتاعُ الدُّنْيا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقى (النساء: 77) وهي دار القرار ومكان الجزاء، ومضى في ذم تشييد البناء وزخرفته، والإسراف في الانفاق عليه، بكلّ كلام جزل، الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2720 ثم أتى بما يناسب المقام من التخويف بالموت والدعاء إلى الزهد في الدنيا، والإقصار عن اللذات والشهوات واتباع الهوى، وأورد أحاديث وآثارا تشاكل ذلك، حتى خشي الناس وبكوا وأعلنوا بالتوبة والاستغفار، وأخذ الناصر من ذلك بأوفر حظ، وقد علم أنه المقصود بالموعظة فبكى وندم على ما أفرط وفرّط، إلا أنه وجد على منذر لما قرّعه به، فشكا ذلك لولده الحكم بعد انصراف منذر فقال: والله لقد تعمدني منذر بخطبته وما عنى بها غيري، فأسرف وأفرط في تقريعي، ثم أقسم أن لا يصلّي خلفه صلاة الجمعة خاصة، فكان يصلي بقرطبة وراء أحمد بن مطرف صاحب الصلاة، وترك الصلاة بالزهراء، فقال له الحكم: ما الذي يمنعك من عزل منذر عن الصلاة بك والاستبدال به إذ كرهته، فزجره وانتهره وقال له: أمثل منذر بن سعيد في فضله وخيره وعلمه لا أمّ لك يعزل لإرضاء نفس ناكبة عن الرشد سالكة غير القصد؟! هذا ما لا يكون، وإني لأستحيي من الله أن لا أجعل بيني وبينه في صلاة الجمعة شفيعا مثل منذر في ورعه وصدقه، ولكنه أحرجني فأقسمت، ولوددت أني أجد سبيلا إلى كفارة يميني بملكي، بل يصلّي بالناس حياته وحياتنا إن شاء الله تعالى، فما أظننا نعتاض منه أبدا. وكان منذر على متانته وصلابته حسن الخلق كثير الدعابة، فربما ساء ظنّ من لا يعرفه به لدعابته، فإذا رأى ما يخلّ بالدين قدر شعرة ثار ثورة الأسد الضاري وتبدلت بشاشته عبوسا. ومرّ في رحلته بمصر فحضر يوما مجلس أبي جعفر النحاس وهو يملي أخبار الشعراء، فأملى شعرا لقيس مجنون بني عامر، وهو قوله «1» : خليليّ هل بالشام عين حزينة ... تبكّي على نجد لعلّي أعينها قد اسلمها الباكون إلا حمامة ... مطوقة باتت وبات قرينها تجاوبها أخرى على خيزرانة ... يكاد يدنّيها من الأرض لينها فقال له منذر، يا أبا جعفر ماذا باتا يصنعان، فقال له: وكيف تقول أنت يا اندلسي؟ فقلت له: بانت وبان قرينها، فسكت، قال منذر: وما زال يستثقلني بعد الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2721 ذلك حتى منعني «كتاب العين» وكنت ذهبت للاستنساخ من نسخته فلما يئست منه قيل لي أين أنت من أبي العباس ابن ولاد؟ فقصدته فلقيت رجلا كامل العلم حسن المروءة، فسألته الكتاب فأخرجه إليّ. ثم ندم أبو جعفر حين بلغه إباحة أبي العباس الكتاب لي، وعاد إلى ما كنت أعرفه منه. ومن شعر منذر بن سعيد ما كتب به إلى أبي علي القالي يستعير كتابا من الغريب «1» : بحق ريم مهفهف ... وصدغه المتعطّف ابعث إليّ بجزء ... من «الغريب المصنف» فأرسل إليه الكتاب وأجابه بقوله: وحقّ درّ مؤلف ... بفيك أيّ تألف لأبعثنّ بما قد ... حوى الغريب المصنف ولو بعثت بنفسي ... إليك ما كنت أسرف وقال أيضا «2» : مقالي كحدّ السيف وسط المحافل ... أميز به ما بين حقّ وباطل بقلب ذكيّ قد توقّد نوره ... كبرق مضيء عند تسكاب وابل فما زلقت رجلي ولا زلّ مقولي ... ولا طاش عقلي عند تلك الزلازل وقد حدّقت حولي عيون إخالها ... كمثل سهام أثبتت في المقاتل أخير إمام كان أو هو كائن ... بمقتبل أو في العصور الأوائل وفود ملوك الروم حول فنائه ... مخافة بأس أو رجاء لنائل فعش سالما أقصى حياة مؤمّلا ... فأنت رجاء الكلّ حاف وناعل ستملكها ما بين شرق ومغرب ... إلى أرض قسطنطين أو أرض بابل توفي منذر بن سعيد سنة خمس وخمسين وثلاثمائة. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2722 [1161] منصور بن إسماعيل بن عمر أبو الحسن التميمي المصري الضرير: كان إماما في فقه مذهبه، أديبا شاعرا مجيدا متفننا، له حظّ من كلّ علم، أصله من رأس العين المشهورة بالجزيرة، وقدم مصر وبها توفي، ولم يكن في زمانه مثله فيها، وكانت له منزلة جليلة عند أبي عبيد القاضي، وكان من خواصّه الذين يخلو بهم للمذاكرة والمحادثة، وكان بينهما مناظرات في الفروع أدّت إلى الخصام، فتعصب الأمير ذكا وجماعة من الجند لمنصور، وتعصب للقاضي أبي عبيد جماعة منهم ابن الربيع الجيزي، ثم شهد ابن الربيع على منصور بكلام زعم أنه سمعه منه فقال القاضي: إن شهد عليه آخر بمثل ما شهد به عليه ابن الربيع ضربت عنقه، فخاف على نفسه ومات، وكانت وفاته في جمادى الأولى سنة ست وثلاثمائة. وله مصنفات في الفقه منها: كتاب الواجب. وكتاب المستعمل. وزاد المسافر، وغير ذلك. ومن شعره: من كان يخشى زحلا ... أو كان يرجو المشتري فانني منه وإن ... كان أبي منه بري وقال: الناس بحر عميق ... والبعد عنهم سفينه وقد نصحتك فانظر ... لنفسك المستكينه وقال «1» :   [1161] ترجمة منصور الفقيه في معجم الشعراء: 280 والفهرست: 265 وطبقات العمادي: 64 وطبقات الشيرازي: 107 والمنتظم 6: 152 وابن خلكان 5: 289 ومرآة الجنان 2: 248 وسير الذهبي 14: 238 والوافي (خ) ونكت الهميان: 297 وطبقات السبكي 3: 478 والمغرب (قسم الفسطاط) : 262 وطبقات الاسنوي 1: 299 والبداية والنهاية 11: 130 والشذرات 2: 249 وحسن المحاضرة 1: 400 وطبقات ابن هداية الله: 42 وقد جمع شعره من المصادر. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2723 لي حيلة فيمن ين ... مّ وليس في الكذّاب حيله من كان يخلق ما يقو ... ل فحيلتي فيه قليله وقال: إذا كنت تزعم أنّ النجوم ... تضرّ وتنفع من تحتها فلا تنكرنّ على من يقول ... بأنك بالله أشركتها وقال يمدح يموت بن المزرع ابن اخت الجاحظ: أنت يحيى والذي يك ... ره أن تحيا يموت أنت صنو النفس بل ان ... ت لروح النفس قوت أنت للحكمة بيت ... لا خلت منك البيوت وقال: الكلب أحسن عشرة ... وهو النهاية في الخساسه ممن ينازع في الريا ... سة قبل أوقات الرياسه وقال «1» : لولا بناتي وسيئاتي ... لطرت شوقا إلى الممات لأنني في جوار قوم ... بغضني قربهم حياتي وقال: ليس للنجم إلى ض ... رّ ولا نفع سبيل إنما النجم على الأو ... قات والسمت دليل وقال: سررت بهجرك لما علمت ... بأن لقلبك فيه سرورا ولولا سرورك ما سرّني ... وما كنت يوما عليه صبورا لأني أرى كلّ ما ساءني ... إذا كان يرضيك سهلا يسيرا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2724 وقال: لولا صدود الصديق عنّي ... ما نال واش مناه منّي ولا أدمت البكاء حتى ... قرّح فيض الدموع جفني وما جفاء الصديق إلا ... هجوم خوف عقيب أمن وقال: إذا رأيت امرءا في حال عشرته ... بادي الصداقة ما في ودّه دغل فلا تمنّ له حالا يسرّ له ... فانه بانتقال الحال ينتقل وقال «1» : ليس هذا زمان قولك ما الحك ... م على من يقول أنت حرام والحقي بائنا بأهلك أو ان ... ت عتيق محرّر يا غلام أو من تنكح المصابة في العدّ ... ة عن شبهة وكيف الكلام في حرام أصاب سنّ غزال ... فتولّى وللغزال بغام إنما ذا زمان كدح إلى المو ... ت وقوت مبلّغ والسلام وقال: قد قلت إذ مدحوا الحياة فأكثروا ... للموت ألف فضيلة لا تعرف منها أمان لقائه بلقائه ... وفراق كلّ معاشر لا ينصف وقال: كلّ مذكور من النا ... س إذا ما فقدوه صار في حكم حديث ... حفظوه فنسوه وقال: إذا تخلفت عن صديق ... ولم يعاتبك في التخلّف فلا تعد بعدها إليه ... فانما ودّه تكلّف الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2725 وقال «1» : من كفاه من مساعي ... هـ رغيف يغتذيه وله بيت يواري ... هـ وثوب يكتسيه فعلى ما يبذل الوج ... هـ لذي كبر وتيه؟ وعلى ما يبذل العر ... ض لمخلوق سفيه؟ وقال: قد قلت لما أن شكت ... تركي زيارتها خلوب إنّ التباعد لا يض ... رّ إذا تقاربت القلوب وقال: منذ ثلاث لم نرك ... فقل لنا ما أخّرك أعلّة فنعذرك ... أم دهر سوء غيّرك وقال في مرضه معرّضا بأبي عبيد القاضي «2» : يا شامتا بي إذا هلكت ... لكلّ حيّ مدى ووقت وانت في غفلة المنايا ... تخاف منها الذي أمنت والكاس ملأى وعن قليل ... تشرب منها كما شربت وأنشد عند موته معرّضا به أيضا «3» : قضيت نحبي فسرّ قوم ... حمقى بهم غفلة ونوم كأنّ يومي عليّ حتم ... وليس للشامتين يوم الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2726 [1162] منصور بن محمد بن عبد الله بن المقدر التميمي، أبو الفتح الأصبهاني: كان نحويا أديبا متكلما كثير الرواية حريصا على العلم، قدم بغداد واستوطنها وقرأ بها العربية، وصحب الصاحب ابن عباد، وكان معتزليا متظاهرا بالاعتزال، وصنف كتاب ذم الأشاعرة، مات يوم السبت ثامن عشري جمادى الأولى سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة. [1163] منصور بن القاضي أبي منصور محمد، أبو أحمد الأزدي الهروي قاضي هراة: كان فقيها شاعرا مجيدا كثير الفضائل حسن الشمائل، تفقه على أبي حامد الإسفرائني ببغداد، وسمع أبا الفضل ابن حمدويه والعباس بن الفضل النضروي وغيرهما، وامتدح القادر بالله. مات سنة أربعين وأربعمائة. ومن شعره قوله «1» : قم يا غلام فهاتها حمراء ... كالنار يورث شربها السرّاء فاليوم قد نشر الهواء بأرضنا ... من ثلجه ديباجة بيضاء وقال «2» : معتّقة أرقّ من التصابي ... ومن وصل أتى بعد التنائي يطوف بها قضيب في كثيب ... تطلّع فوقه بدر السماء   [1162] ترجمة منصور التميمي في بغية الوعاة 2: 302، وذكر عام وفاته وعقب على ذلك بقوله: قاله ياقوت والقفطي، (ولن ترجمته لم ترد عند القفطي) . [1163] ترجمة منصور الهروي في اليتيمة 4: 348 ودمية القصر 2: 719 وسير الذهبي 17: 275 وطبقات السبكي 5: 346. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2727 لواحظه تبثّ السحر فينا ... وفي شفتيه أسباب الشفاء وقال «1» : خشف من التّرك مثل البدر طلعته ... يحوز ضدّين من ليل وإصباح كأنّ عينيه والتفتير كحلهما ... آثار ظفر بدت في صحن تفاح وقال: أدر المدامة يا غلام فإننا ... في مجلس بيد الربيع منضّد والورد أصفره يلوح كأنّه ... أقداح تبر كفّتت بزبرجد وقال «2» : قرن الربيع إلى البنفسج نرجسا ... متبرجا في حلّة الإعجاب كخدود عشّاق قد اصفرّت وقد ... نظرت إليها أعين الأحباب وقال: طلع البنفسج زائرا أهلا به ... من وافد سرّ القلوب وزائر فكأنّما النقّاش صوّر وسطه ... في أزرق الديباج صورة طائر وقال «3» : روضة غضّة عليها ضباب ... قد تجلّت خلالها الأنوار فهي تحكي مجامرا مذكيات ... قد علاها من البخور بخار وقال «4» : يا أيها العاذل المردود حجّته ... أقصر فعذري قد أبدته طلعته ماذا بقلبي من بدر بليت به ... للّيث أخلاقه والخشف خلقته الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2728 وقال: وشادن في الحسن فوق المثل ... أبصر مني بوجوه العمل قبلت كفيه فقال انتقل ... إلى فمي فهو محلّ القبل وقال «1» : الله جار عصابة رحلوا ... عنّي وقلب الصبّ عندهم ما الشان ويحك في رحيلهم ... الشان أني عشت بعدهم وقال «2» : أبا عبد الإلاه العلم روح ... وجدتك «3» دون كلّ الناس شخصه لذلك كلّ أهل الفضل أضحوا ... كحلقة خاتم وغدوت فصّه وقال: بقيت مدى الزمان أبا علي ... رفيع الشان ذا جدّ عليّ فأنت من المكارم والمعالي ... بمنزلة الوصيّ من النبي [1164] منصور بن المسلم بن علي بن أبي الخرجين أبو نصر الحلبي المؤدب، المعروف بابن أبي الدميك: كان أديبا فاضلا نحويا شاعرا، له تصانيف وردود على ابن جني منها: تتمة ما قصر فيه ابن جني في شرح أبيات الحماسة. وديوان شعر   [1164] ترجمة ابن أبي الدميك في الخريدة (قسم الشام) 2: 169 (أبو منصور) وانباه الرواة 3: 326 وبغية الوعاة 2: 303 وكانت وفاته بدمشق سنة عشر وخمسمائة في قول القفطي وسنة نيف وعشرين وخمسمائة حسب قول العماد. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2729 وقفت عليه بخطه الرائق فوجدته مشحونا بالفوائد النحوية، وقد شرح ألفاظه اللغوية واعتنى بإعرابه فدلّ على تبحره في علم العربية. ومن شعره «1» : أأحبابنا إن خلّف البين بعدكم ... قلوبا ففيها للتفرق نيران رحلتم على أنّ القلوب دياركم ... وأنكم فيها على البعد «2» سكان عسى مورد من سفح جوشن «3» ناقع ... فإني الى تلك الموارد ظمآن وما كلّ ظنّ ظنه المرء كائن ... يقوم عليه للحقيقة برهان وعيش الفتى طعمان حلو وعلقم ... كما حاله قسمان رزق وحرمان وقال: إن كتمت الهوى تزايد سقمي ... وأخاف العيون حين أبوح لأبوحنّ بالذي في ضميري ... من هواه لعلني أستريح وقال: وإنّ اغتراب المرء من غير فاقة ... ولا حاجة يسمو لها لعجيب فحسب الفتى بخسا وإن أدرك الغنى ... ونال ثراء أن يقال غريب وقال: أخي ما بال قلبك ليس ينقى ... كأنك لا تظنّ الموت حقا ألا يا ابن الذين مضوا وبادوا ... أما والله ما ذهبوا لتبقى وما لك غير تقوى الله زاد ... إذا جعلت الى اللهوات ترقى وقال: وقائل كيف تهاجرتما ... فقلت قولا فيه إنصاف لم يك من شكلي فتاركته ... والناس أشكال وألّاف الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2730 [1165] منوجهر بن محمد بن تركان شاه بن محمد بن الفرج، أبو الفضل ابن أبي الوفاء البغدادي الكاتب: كان كاتبا فاضلا أديبا حاذقا حسن الطريقة، سمع أباه وأبا بكر الحلواني، وسمع «المقامات» من مؤلفها الحريري ورواها عنه، وروى عنه أبو الفتوح ابن الخضري وابن الأخضر وغيرهما. مات سنة خمس وسبعين وخمسمائة. [1166] مؤرج بن عمرو بن الحارث بن منيع بن ثور بن سعد بن حرملة بن علقمة بن عمرو بن سدوس السدوسي البصري النحوي الأخباري: هو من أعيان أصحاب الخليل عالم بالعربية والحديث والأنساب، أخذ عن أبي زيد الأنصاري وصحب الخليل بن أحمد وسمع الحديث من شعبة بن الحجاج وأبي عمرو بن العلاء وغيرهما، وأخذ عنه أحمد بن محمد بن أبي محمد اليزيدي وغيره، وكان قد رحل مع المأمون إلى خراسان فسكن مدينة مرو، وقدم نيسابور وأقام بها وكتب عنه مشايخها، ويقال إن الأصمعي كان يحفظ ثلث اللغة، وكان الخليل يحفظ ثلث اللغة، وكان مؤرج يحفظ الثلثين، وكان أبو مالك يحفظ اللغة كلها. وقال أبو عبد الله محمد بن العباس اليزيدي، أخبرني عمي قال، أخبرني مؤرج أنه قدم من البادية ولا معرفة له بالقياس في العربية، قال: فأول ما تعلمت القياس في حلقة أبي زيد الأنصاري بالبصرة. وقال محمد بن العباس أيضا: أهدى أبو فيد مؤرج السدوسي إلى جدي محمد بن أبي محمد كساء، فقال جدي فيه: سأشكر ما أولى ابن عمرو مؤرّج ... وأمنحه حسن الثناء مع الودّ   [1165] ترجمة منوجهر في بغية الوعاة 2: 304. [1166] ترجمة مؤرج في مراتب النحويين: 67 وطبقات الزبيدي: 178 والفهرست: 53 ونزهة الألباء: 89 وتاريخ أبي المحاسن: 89 ونور القبس: 104 وانباه الرواة 3: 327 وتاريخ بغداد 13: 258 وابن خلكان 5: 304 وبغية الوعاة 2: 305. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2731 أغرّ سدوسيّ نماه إلى العلا ... أب كان صبّا بالمكارم والمجد أتينا أبا فيد نؤمّل سيبه ... ونقدح زندا غير كاب ولا صلد فأصدرنا بالفضل والبذل والغنى ... وما زال محمود المصادر والورد كساني ولم أستكسه متبرعا ... وذلك أهنى ما يكون من الرفد كساء جمال إن أردت جمالة ... وثوب شتاء إن خشيت من البرد كسانيه فضفاضا إذا ما لبسته ... ترنحت مختالا وجرت عن القصد ترى حبكا فيه كأنّ اطّرادها ... فرند حسام نصله سلّ من غمد سأشكر ما عشت السدوسيّ برّه ... وأوصي بشكر للسدوسيّ من بعدي وصنّف مؤرج: غريب القرآن. كتاب الأنواء. كتاب المعاني. كتاب جماهير القبائل. حذف [من] نسب قريش «1» ، وغير ذلك. [1167] موسى بن بشار أبو محمد، مولى تيم بن مرة: وقيل مولى بني سهم، القرشي بالولاء الملقب بشهوات، لقب بذلك لأنه كان سؤولا ملحفا إذا رأى شيئا أعجبه من متاع أو ثياب تباكى، فإذا قيل له مالك؟ قال: أشتهي هذا، فلقب شهوات، وقيل بل كان يجلب القند والسكر إلى البلد، فقالت امرأة من أهله: ما يزال موسى يجيئنا بالشهوات فغلب ذلك عليه. وكان شاعرا مجيدا من شعراء الأمويين يستجدي خلفاءهم وأمراءهم، وكان يدخل على سليمان بن عبد الملك وينشده، ومن مشهور شعره قوله في الأمير سعيد بن خالد العثماني:   [1167] ترجمة موسى شهوات في الشعر والشعراء: 481 والأغاني 3: 147 ومعجم المرزباني: 286 والخزانة 1: 144 والسمط: 807 ونسب قريش: 240 وله شعر كثير في جمهرة نسب قريش للزبير بن بكار؛ قلت: وموضع هذه الترجمة معجم الشعراء لا معجم الأدباء. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2732 أبا خالد أعني سعيد بن خالد ... أخا العرف لا أعني ابن بنت سعيد ولكنني أعني ابن عائشة الذي ... أبو أبو يه خالد بن أسيد عقيد الندى ما عاش يرضى به الندى ... فإن مات لم يرض الندى بعقيد دعوه دعوه إنكم قد رقدتم ... وما هو عن أحسابكم برقود فدى للكريم العبشمي ابن خالد ... بنيّ ومالي طارفي وتليدي على وجهه تلقى الأيامن باسمه ... وكان جواري طيره بسعود أبان وما استغنى عن الثدي خيره ... أبان بن في المهد قبل قعود ترى الجند والحجاب يغشون بابه ... بحاجاتهم من سيد ومسود فيعطي ولا يعطى ويغشى ويجتدى ... وما بابه للمجتدي بسديد قتلت أناسا هكذا في جلودهم ... من الغيظ لم تقتلهم بحديد يعيشون ما عاشوا بغيظ وإن تحن ... مناياهم يوما تحن بحقود فقل لبغاة العرف قد مات خالد ... ومات الندى إلا فضول سعيد [1168] المؤمل بن أميل بن أسيد المحاربي، من محارب بن خصفة بن قيس بن عيلان: كوفي من مخضرمي شعراء الدولتين الأموية والعباسية، وكان في دولة بني العباس أشهر لأنه كان من الجند المرتزقة معهم ومن أوليائهم وخواصّهم، وانقطع إلى المهديّ قبل خلافته وبعدها، وكان شاعرا مجيدا ودون طبقة الفحول. قال ابن قدامة «1» : حدثني المؤمل بن أميل قال: قدمت على المهديّ وهو بالريّ وهو إذ ذاك وليّ عهد فامتدحته بأبيات فأمر لي بعشرين ألف درهم، فكتب بذلك صاحب البريد إلى أبي جعفر المنصور وهو بمدينة السلام يخبره أن الأمير المهدي أمر   [1168] ترجمة المؤمل في الأغاني 22: 254 والسمط: 524 والخزانة 3: 523 ونكت الهميان: 299. (وهو شاعر لا أديب) . الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2733 لشاعر بعشرين ألف درهم، فكتب المنصور إلى ابنه المهدي يعذله ويلومه، وكتب إلى كاتب المهدي أن يوجّه إليه بي فطلبني ولم يظفر بي، فكتب إلى المنصور أنه توجه إلى مدينة السلام، فأجلس قائدا من قواده على جسر النهروان وأمره أن يتصفح الناس، حتى إذا علق بي حملني إليه، فلما مرّت به القافلة التي أنا فيها تصفحها فوقع بصره عليّ فسألني من أنت؟ قلت: أنا المؤمل بن أميل المحاربي الشاعر أحد زوار الأمير المهدي، فقال: إياك طلبت، فكاد قلبي أن يتصدع خوفا من الخليفة، فقبض عليّ وأسلمني إلى الربيع، فأدخلني إلى المنصور، فسلمت تسليم مروّع، فردّ السلام وقال: ليس لك هاهنا إلّا خير، أنت المؤمل بن أميل؟ قلت: نعم أصلح الله أمير المؤمنين، قال: أتيت غلاما غرا فخدعته حتى أعطاك من مال الله عشرين ألف درهم، قلت: نعم أصلح الله الأمير، أتيت غلاما غرا كريما فخدعته فانخدع، قال المؤمل: فكأنّ كلامي أعجبه، فقال: أنشدني ما قلت فيه، فأنشدته: هو المهديّ إلا أنّ فيه ... مشابه صورة القمر المنير تشابه ذا وذا فهما إذا ما ... أنارا مشكلان على البصير فهذا في الظلام سراج ليل ... وهذا في النهار ضياء نور ولكن فضّل الرحمن هذا ... على ذا بالمنابر والسرير وبالملك العزيز فذا أمير ... وماذا بالأمير ولا الوزير ونقص الشهر ينقص ذا، وهذا ... منير عند نقصان الشهور فيا ابن خليفة الله المصفّى ... به تعلو مفاخرة الفخور لئن فتّ الملوك وقد توافوا ... إليك من السهولة والوعور لقد سبق الملوك أبوك حتى ... غدوا ما بين كاب أو حسير وجئت مصلّيا تجري حثيثا ... وما بك حين تجري من فتور فقال الناس ما هذان إلا ... كما بين الخليق إلى الجدير لئن سبق الكبير فأهل سبق ... له فضل الكبير على الصغير وإن بلغ الصغير مدى كبير ... فقد خلق الصغير من الكبير الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2734 فقال المنصور: والله لقد أحسنت، ولكن هذا لا يساوي عشرين ألف درهم، فأين المال؟ قلت: هو هذا، فقال: يا ربيع امض معه فأعطه أربعة آلاف درهم وخذ الباقي، قال المؤمل: فوزن لي الربيع من المال أربعة آلاف درهم وأخذ الباقي، فلما ولي المهدي الخلافة رفعت إليه رقعة، فلما قرأها ضحك وأمر بردّ العشرين ألف درهم إليّ فردّت فأخذتها وانصرفت. وأنشد نفطويه للمؤمل بن أميل: لا تغضبنّ على قوم تحبهم ... فليس منك عليهم ينفع الغضب ولا تخاصمهم يوما وإن ظلموا ... إن الولاة إذا ما خوصموا غلبوا يا جائرين علينا في حكومتهم ... والجور أقبح ما يؤتى ويرتكب لسنا إلى غيركم منكم نفرّ إذا ... جرتم ولكن إليكم منكم الهرب وقال: وكم من لئيم ودّ اني شتمته ... وإن كان شتمي فيه صاب وعلقم وللكفّ عن شتم اللئيم تكرما ... أضرّ له من شتمه حين يشتم مات المؤمل بن أميل في حدود تسعين ومائة. [1169] موهوب بن أحمد بن الحسن بن الخضر الجواليقي البغدادي: كان من كبار أهل اللغة إماما في فنون الأدب ثقة صدوقا، أخذ الأدب عن أبي زكريا يحيى الخطيب التبريزي ولازمه، وسمع الحديث من أبي القاسم ابن اليسري وأبي طاهر ابن أبي الصقر، وروى عنه الكندي وأبو الفرج ابن الجوزي، وأخذ عنه أبو البركات   [1169] ترجمة ابن الجواليقي في الأنساب 3: 337 (واللباب 1: 301) ونزهة الألباء: 277 والمنتظم 10: 118 والكامل لابن الأثير 11: 106 وانباه الرواة 3: 335 وابن خلكان 5: 342 وتذكرة الحفاظ: 1286 وعبر الذهبي 4: 110 وسير الذهبي 20: 89 والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد: 236 ومرآة الجنان 3: 271 والبداية والنهاية 12: 220 وذيل طبقات الحنابلة 1: 204 والنجوم الزاهرة 5: 277 وبغية الوعاة 2: 308 والشذرات 4: 127 وإشارة التعيين: 357. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2735 عبد الرحمن بن محمد الأنباري، ودرّس الأدب في النظامية بعد شيخه التبريزي، واختص بإمامة المقتفي لأمر الله، وكان من أهل السنّة، طويل الصمت لا يقول شيئا إلا بعد التحقيق، ويكثر من قول لا أدري، وكان مليح الخطّ يتنافس الناس في تحصيله والمغالاة به، وكان يختار في بعض مسائل النحو مذاهب غريبة. قال ابن الأنباري «1» : كان يذهب إلى أن الاسم بعد لولا يرتفع بها على ما يذهب إليه الكوفيون، وإلى أن الألف واللام في نعم الرجل للعهد، خلاف ما ذهب إليه الجماعة من أنها للجنس، قال: وحضرت حلقته يوما وهو يقرأ عليه «كتاب الجمهرة» لابن دريد، وقد حكى عن بعض النحويين أنه قال: أصل ليس لا أيس، فقلت: هذا الكلام كأنه من كلام الصوفية، فكأن الشيخ أنكر عليّ ذلك ولم يقل في تلك الحال شيئا، فلما كان بعد أيام وقد حضرنا الدرس على العادة قال: أين ذلك الذي أنكر أن يكون أصل ليس لا أيس، أليس لا تكون بمعنى ليس؟ فقلت: ولم إذا كانت لا بمعنى ليس يكون أصل ليس لا أيس فلم يذكر شيئا وسكت. قال: وكان الشيخ رحمه الله في اللغة أمثل منه في النحو. وحكى ولد الجواليقي أبو محمد إسماعيل قال «2» : كنت في حلقة والدي يوم الجمعة بعد الصلاة بجامع القصر والناس يقرؤون عليه، فوقف عليه شاب وقال: يا سيدي قد سمعت بيتين من الشعر ولم أفهم معناهما وأريد أن تسمعهما مني وتعرّفني معناهما فقال: قل، فأنشد: وصل الحبيب جنان الخلد أسكنها ... وهجره النار يصليني به النارا فالشمس بالقوس أمست وهي نازلة ... إن لم يزرني وبالجوزاء إن زارا قال إسماعيل: فلما سمعهما والدي قال: يا بني هذا معنى من علم النجوم وسيرها لا من صنعة أهل الأدب، فانصرف الشاب من غير فائدة واستحيا والدي من أن يسأل عن شيء ليس عنده منه علم، فآلى على نفسه أن لا يجلس في حلقته حتى ينظر في علم النجوم ويعرف تسيير الشمس والقمر، فنظر في ذلك ثم جلس للناس. ومعنى الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2736 البيت أن الشمس إذا كانت في القوس كان الليل طويلا فجعل ليالي الهجر فيه، وإذا كانت في الجوزاء كان الليل قصيرا فجعل ليالي الوصل فيها. وللجواليقي من التصانيف: شرح أدب الكاتب «1» . كتاب العروض. التكملة فيما يلحن فيه العامة، أكمل به «درّة الغواص» للحريري. المعرب من الكلام الأعجمي «2» ، وغير ذلك «3» . وكانت ولادته سنة ست وستين وأربعمائة، وتوفي يوم الأحد خامس عشر المحرم سنة تسع وثلاثين وخمسمائة. [1170] المؤيد بن عطاف بن محمد بن علي بن محمد أبو سعيد الآلوسي الشاعر الأديب: ولد بآلوس سنة أربع وتسعين وأربعمائة، ونشأ بدجيل، واتصل بخدمة ملكشاه مسعود بن محمد السلجوقي فعلا ذكره وتقدم وأثرى، ودخل بغداد في أيام المسترشد فصار جاويشا، ولما صارت الخلافة إلى المقتفي تكلّم فيه وفي أصحابه بما لا يليق فقبض عليه وسجن، فلبث في السجن عشر سنين وأخرج منه في خلافة المستنجد. ومن شعره: رحلوا فأفنيت الدموع لبعدهم ... من بعدهم وعجبت إذ أنا باق وعلمت أن العود يقطر ماؤه ... عند الوقود لفرقة الأوراق وأبيت مأسورا وفرحة ذكركم ... عندي تعادل فرحة الاطلاق لا تنكر البلوى سواد مفارقي ... فالحرق يحكم صنعة الحراق   [1170] ترجمة المؤيد بن عطاف في الخريدة (قسم العراق) 2: 172 وابن خلكان 5: 346 واللباب (الألوسي) والفوات 2: 453 والشذرات 4: 185. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2737 وقال في صفة القلم: ومثقف يغني ويفني دائما ... في طوري الميعاد والايعاد قلم يفلّ الجيش وهو عرمرم ... والبيض ما سلّت من الأغماد وهبت به الآجام حين نشا بها ... كرم السيول وهيبة الآساد توفي أبو سعيد بالموصل يوم الخميس الرابع والعشرين من رمضان سنة سبع وخمسين وخمسمائة عن ثلاث وستين سنة. [1171] ميمون الأقرن: هو الإمام المقدّم في العربية بعد أبي الأسود الدؤلي، أخذ عن أبي الأسود، وأخذ عنه عنبسة بن معدان الفيل في أصح الروايتين: حدث إسحاق بن إبراهيم الموصلي عن المدائني قال: أمر زياد أبا الأسود الدؤلي أن ينقط المصاحف فنقطها، ورسم من النحو رسوما، ثم جاء بعده ميمون الأقرن فزاد عليه في حدود العربية، ثم زاد فيها بعده عنبسة بن معدان المهري. وكان ميمون أحد أئمة العربية الخمسة الذين يرجع إليهم في المشكلات، حدث أبو عبيدة أن يونس النحوي سئل عن جرير والفرزدق والأخطل أيهم أشعر فقال: أجمعت العلماء على الأخطل، قال أبو عبيدة: فقلت لرجل إلى جنبه سله من هؤلاء العلماء؟ فسأله فقال: هم ميمون الأقرن وعنبسة الفيل وابن أبي إسحاق الحضرمي وأبو عمرو بن العلاء وعيسى بن عمر الثقفي، هؤلاء طرّقوا الكلام وماثوه موثا لا كمن تحكون عنهم لا هم بدويون ولا نحويون. وقال أبو عبيدة: أول من وضع العربية أبو الأسود الدؤلي ثم ميمون الأقرن ثم عنبسة الفيل ثم عبد الله بن أبي إسحاق الحضرمي ثم عيسى بن عمر الثقفي.   [1171] ترجمة الأقرن في مراتب النحويين: 12 وطبقات الزبيدي: 30 والفهرست: 46 وانباه الرواة 3: 337 وبغية الوعاة 2: 307 ونزهة الألباء: 6. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2738 [1172] ميمون بن جعفر أبو توبة النحوي: كان لغويا نحويا أديبا، أخذ عن أبي الحسن الكسائي، وكان يؤدب عمرو بن سعيد بن سلم، فلما قدم الأصمعيّ من البصرة نزل على سعيد، فحضر يوما وأخذ سعيد يسأله فجعل أبو توبة إذا مرّ الأصمعي بشيء من الغريب بادر إليه فأتى بكل ما في الباب أو أكثره، فشق ذلك على الأصمعي فعدل بأبي توبة إلى المعاني، فقال سعيد: يا أبا توبة لا تتبعه في هذا الفن- يعني المعاني- فإنه صناعته، فقال أبو توبة: وماذا عليّ في ذلك؟ إن سألني عما أحسنه أجبته، وما لا أحسنه تعلمته منه واستفدته.   [1172] ترجمة أبي توبة النحوي في انباه الرواة 3: 338 (وفيه ميمون بن حفص) وبغية الوعاة 2: 309. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2739 حرف النون [1173] ناصر بن أحمد بن بكر، أبو القاسم الخويّي «1» النحوي الأديب: ولد في المحرم سنة ست وستين وأربعمائة، قرأ النحو على أبي طاهر الشيرازي والفقه على أبي إسحاق الشيرازي، وسمع أبا القاسم علي بن أحمد بن البسري «2» وأبا الحسين عاصم بن الحسين المعروف بابن النقور العاصمي وأبا زيد نظام الملك. وكان شيخ الأدب في أذربيجان غير مدافع، وولي القضاء بها مدة، ورحل إليه الناس من الأطراف، وصنف «شرح اللمع لابن جني» وتوفي في ربيع الآخر سنة سبع وخمسمائة. ومن شعره: عليك بإغباب الزيارة إنها ... تكون إذا دامت إلى الهجر مسلكا فإني رأيت الغيث يسأم دائما ... ويسأل بالأيدي إذا هو أمسكا وقال «3» : نصير ترابا كأن لم نكن ... وعاة العلوم رعاة الأمم فتبا لعيش قصير الدوام ... ووجدان حظّ قرين «4» العدم   [1173] ترجمة ناصر الخويي في انباه الرواة 3: 341 ومعجم السفر: 381 (وفي نسبه ابن بكران) وبغية الوعاة 2: 310 وإشارة التعيين: 361. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2740 [1174] ناصر بن عبد السيد بن علي، أبو الفتح المطرّزي الخوارزمي النحوي الأديب: ولد بخوارزم في رجب سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة في السنة والبلدة التي مات فيها الزمخشري، ولذلك قيل له خليفة الزمخشري سيما وقد كان على طريقته رأسا في الاعتزال داعيا إليه، وكان ينتحل في الفروع مذهب أبي حنيفة، وكان فقيها فاضلا بارعا في النحو واللغة وفنون الأدب، وله شعر حسن يتعمد فيه استعمال الجناس. قرأ ببلده على أبيه أبي المكارم عبد السيد، وعلى أبي المؤيد الموفق بن أحمد بن إسحاق المعروف بأخطب خوارزم وغيرهما، وسمع من أبي عبد الله محمد بن علي بن أبي سعيد التاجر وغيره، ودخل بغداد متوجها إلى الحج سنة إحدى وستمائة، وجرى له فيها مباحث مع جماعة من الفقهاء والأدباء، وأخذ أهل الأدب عنه. وصنف: شرح المقامات للحريري. والمغرب في غريب ألفاظ الفقهاء «1» . والمعرب في شرح المغرب. والاقناع في اللغة. والمقدمة المطرزية في النحو. والمصباح في النحو أيضا مختصر. ومختصر إصلاح المنطق لابن السكيت، وغير ذلك. مات بخوارزم يوم الثلاثاء الحادي والعشرين من جمادى الأولى سنة عشر وستمائة. ومن شعره «2» : وزند ندى فواضله وريّ ... ورند ربى خواضله نضير   [1174] ترجمة المطرزي في انباه الرواة 3: 339 وتكملة المنذري رقم: 1300 وابن خلكان 5: 369 وسير الذهبي 22: 28 والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد: 237 والجواهر المضية 2: 190 وبغية الوعاة 2: 311 وتاج التراجم: 79 والبلغة: 272 والفوائد البهية: 218. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2741 ودرّ خلاله أبدا ثمين ... ودرّ نواله أبدا غزير وقال «1» : تعامى زماني عن حقوقي وإنه ... قبيح على الزرقاء تبدي تعاميا فإن تنكروا فضلي فإن رغاءه ... كفى لذوي الأسماع منكم مناديا وقال: يا وحشة لجيرة مذ نأوا ... علوّ قدري في الهوى انحطّا حكت دموعي البحر من بعدهم ... لما رأت منزلهم شطّا [1175] نبا بن محمد بن محفوظ، أبو البيان القرشي الدمشقي المعروف بابن الحوراني: شيخ الطريق البيانية بدمشق، كانت له معرفة تامة باللغة والأدب والفقه، وكان شاعرا فاضلا زاهدا عابدا. سمع أبا الحسن علي بن الموازيني وأبا الحسن علي بن أحمد بن قبيس المالكي، وسمع منه يوسف بن عبد الواحد بن وفاء السلمي والقاضي أسعد بن المنجا والفقيه أحمد العراقي وعبد الرحمن بن الحسين بن عبدان وغيرهم. وصحب الشيخ أرسلان الدمشقي الصوفي ولزمه وكان ينفرد به. وله تصانيف مفيدة ومجاميع لطيفة وشعر كثير، ومن مصنفاته منظومة في الصاد والضاد. ومنظومة في تعزيز بيتي الحريري اللذين أولهما: سم سمة تحمد آثارها   [1175] ترجمة ابن الحوراني في ابن القلانسي: 512 ومرآة الزمان: 139 والمشتبه: 122 وعبر الذهبي 4: 144 وسير الذهبي 20: 326 ومرآة الجنان 3: 298 وطبقات السبكي 7: 318 وطبقات الاسنوي 1: 234 والبداية والنهاية 12: 235 وتبصير المنتبه 1: 221 وبغية الوعاة 2: 312 والشذرات 4: 160 وتاج العروس (بين، نبو) . الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2742 قال فيها: بل سمه بالهجر عندي لمح ... مود يوالي سمّه بلسمه توفي بدمشق يوم الثلاثاء غرة ربيع الأول سنة احدى وخمسين وخمسمائة. [1176] نجم بن سراج العقيلي البغدادي الأصل الملقب بشمس الملك: رحل مع أهله إلى مصر صغيرا وتوطّن بأسنا من بلاد الصعيد فنشأ بها، وهو أحد شعراء العصر بالمجيدين وأدبائه المبرزين، شائع الصيت سائر الذكر، تصرّف بفنون الأدب وتميز بالشعر فمدح الأكابر والأعيان، وكان منقطعا إلى الرئيس جعفر بن حسان بن علي الأسنائي أحد أكابر العصر وأدبائه، وله فيه مدائح كثيرة، وكان بينه وبين مجد الملك جعفر بن شمس الخلافة الأديب الشاعر صحبة ومودة ومطارحات. توفي سنة إحدى وستمائة. ومن شعره في مدح الرئيس ابن حسان المذكور قوله: قف الركب واسأل قبل حثّ الركائب ... لعلّ فؤادي بين تلك الحقائب وماذا عسى يجدي السؤال وإنما ... أعلّل قلبا ذاهبا في المذاهب فو الله لولا الشعر سنّة من خلا ... ونحلة قوم في العصور الذواهب لنزّهت «1» نفسي عن سؤال معاشر ... يرون طلاب البرّ «2» أسنى المكاسب وهبت لمن يأبى مديحي عرضه ... وإن كان للمعروف ليس بواهب وأقسمت لا أرجو سوى رفد جعفر ... حليف الندى ربّ العلا والمناقب   [1176] ترجمة نجم بن سراج في الطالع السعيد: 672 وقال: ذكره صاحب كتاب الأرج الشائق من الشعراء الذين مدحوا ابن حسان الاسنائي وأورد قصيدته البائية وغيرها. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2743 أحقّ فتى يطرى ويرجى «1» ويتّقى ... كما تتّقى خوفا «2» شفار القواضب إذا نحن قدّرنا «3» تقاعس مجده ... وجدناه بالتقصير «4» فوق الكواكب وإن نحن رمنا وصف جدوى يمينه «5» ... رأينا نداه فوق سحّ «6» السحائب أخو همم لم يسله اللوم همّه «7» ... وما همّه غير اتصال المواهب «8» جواد تراه الدهر في البرّ دائبا «9» ... كأن عليه الجود ضربة لازب رقبت باحسان ابن حسان منبرا ... فكنت به في الفضل أحسن خاطب «10» وصلت على الأيام حتى لقد غدت ... من الرعب من بعد الجفاء صواحبي ومن هذا رجع إلى الغزل وختم القصيدة به فقال بعده: على أنني من وقع عادية النوى «11» ... دريئة رام للأسى والنوائب وما الحبّ شيء يجهل المرء قدره ... وما فيه لا يخفى على ذي التجارب خليليّ كفا واتركاني وخلّيا ... ملامي فذهني حاضر غير غائب إذا كان ذنبي الحبّ والوجد والهوى «12» ... فتلك ذنوب لست منها بتائب والقصيدة طويلة تركت باقيها للاختصار. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2744 [1177] نشوان بن سعيد بن نشوان، أبو سعيد الحميري اليمني الأمير العلامة: كان فقيها فاضلا عارفا باللغة والنحو والتاريخ وسائر فنون الأدب، فصيحا بليغا شاعرا مجيدا، استولى على قلاع وحصون، وقدّمه أهل جبل صبر حتى صار ملكا. وله تصانيف أجلها شمس العلوم وشفاء كلام العرب من الكلوم في اللغة، وله القصيدة المشهورة التي أولها: الأمر جدّ وهو غير مزاح ... فاعمل لنفسك صالحا يا صاح مات في ذي الحجة سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة. [1178] نصر بن أحمد بن نصر بن المأمون ، أبو القاسم البصري المعروف بالخبزارزي: شاعر أميّ مجيد، كان لا يتهجّى ولا يكتب، وكان خبازا يخبز خبز الأرز بدكان له في مربد البصرة، فكان يخبز وهو ينشد ما يقوله من الشعر، فيجتمع الناس حوله ويزدحمون عليه لاستماع شعره وملحه، ويتعجبون من إجادته في مثل حاله وحرفته. وكان ممن يفضل الذكور على الإناث، فكان أحداث البصرة يلتفون حوله ويتنافسون بميله إليهم ويحفظون شعره لسهولته ورقته. وكان شاعر البصرة ابن لنكك مع علوّ قدره يجلس اليه ويتردد على دكانه وعني بجمع ديوان شعره. ذكر الخطيب في «تاريخ مدينة السلام» «1» أن أبا محمد عبد الله بن محمد   [1177] انباه الرواة 3: 342 وبغية الوعاة 2: 312 والبلغة: 273 وإشارة التعيين: 362 ومقدمة الحور العين ومقدمة شمس العلوم ومجلة المجمع العلمي العربي 26: 590 ولصديقنا القاضي اسماعيل الأكوع دراسة مستقلة عنه، نشرت في بيروت 1983. [1178] ترجمة الخبزارزي في المنتظم 6: 329 وابن خلكان 5: 376 والنجوم الزاهرة 3: 276 (وفيات 330) ويتيمة الدهر 2: 366 وتاريخ بغداد 13: 296 واللباب 1: 343 ومرآة الجنان 2: 275 والشذرات 2: 276 وقد نشر ديوانه بمجلة المجمع العراقي بتحقيق الشيخ محمد حسن آل ياسين المجلد 40 (ج 1- 4) 41 (ج: 1) (ولعل الخبزأرزي لم يتجاوز حيّز الشعر) . الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2745 الأكفاني قال: خرجت مع عمي أبي عبد الله الأكفاني الشاعر وأبي الحسين ابن لنكك وأبي عبد الله المفجع وأبي الحسن السماك في بطالة العيد، وأنا يومئذ صبيّ أصحبهم، فانتهوا إلى نصر الخبزارزي وهو يخبز على طابقه، فجلسوا يهنّونه بالعيد وهو يوقد السعف تحت الطابق، فزاد في الوقود فدخنهم فنهضوا حين تزايد الدخان، فقال نصر لابن لنكك: متى أراك يا أبا الحسين؟ فقال له: إذا استخت ثيابي، ثم مضينا في سكة بني سمرة حتى انتهينا إلى دار أبي أحمد ابن المثنى «1» ، فجلس ابن لنكك وقال: إن نصرا لا يخلي المجلس الذي مضى لنا معه من شيء يقوله فيه ويجب أن نبدأه قبل أن يبدأنا، فاستدعى بدواة وكتب إليه «2» : لنصر في فؤادي فرط حبّ ... أنيف به على كلّ الصحاب أتيناه فبخّرنا بخورا ... من السّعف المدخّن بالتهاب فقمت مبادرا وحسبت نصرا ... أراد بذاك طردي أو ذهابي فقال متى أراك أبا حسين ... فقلت له إذا اتسخت ثيابي فلما وصلت الرقعة إلى نصر أملى على من كتب له بظهرها الجواب، فلما وصل إلينا قرأناه فإذا هو فيه: منحت أبا الحسين صميم ودّي ... فداعبني بألفاظ عذاب أتى وثيابه كالشيب بيض «3» ... فعدن له كريعان الشباب وبغضي للمشيب أعدّ عندي ... سوادا لونه لون الخضاب ظننت جلوسه عندي لعرس ... فجدت له بتمسيك الثياب وقلت متى أراك أبا حسين ... فجاوبني إذا اتسخت ثيابي ولو كان التقزز فيه خير ... لما كني الوصيّ أبا تراب ومن شعره أيضا «4» : الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2746 رأيت الهلال ووجه الحبيب ... فكانا هلالين عند النظر فلم أدر من حيرتي فيهما ... هلال السما من هلال البشر ولولا التورد في الوجنتين ... وما راعني من سواد الشعر لكنت أظنّ الهلال الحبيب ... وكنت أظنّ الحبيب القمر وقال «1» : شاقني الأهل لم تشقني الديار ... والهوى صائر إلى حيث صاروا جيرة فرقتهم غربة البي ... ن وبين القلوب ذاك الجوار كم أناس رعوا لنا حين غابوا ... وأناس خانوا وهم حضّار عرضوا ثم أعرضوا واستمالوا ... ثم مالوا وأنصفوا ثم جاروا لا تلمهم على التجنّي فلو لم ... يتجنّوا لم يحسن الإعتذار وقال: فلا تمنّ بتنميق تكلّفه ... لصورة حسنها الأصليّ يكفيها إن الدنانير لا تجلى وان عتقت ... ولا تزاد على الحسن الذي فيها وقال: إذا ما لسان المرء اكثر هذره ... فذاك لسان بالبلاء موكّل إذا شئت أن تحيا عزيزا مسلّما ... فدبّر وميّز ما تقول وتفعل توفي نصر بن أحمد الخبزارزي سنة سبع وعشرين وثلاثمائة. [1179] نصر بن الحسن بن جوشن بن منصور بن حميد بن أثال أبو المرهف   [1179] ترجمة أبي المرهف العيلاني في الوافي (خ) ونكت الهميان: 300. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2747 العيلاني النميري: كان قارئا أديبا شاعرا مجيدا، أضرّ بالجدري صغيرا، فحفظ القرآن المجيد، وقرأ الأدب على أبي منصور الجواليقي، وسمع من القاضي أبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري وأبي البركات عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي وأبي الفضل ابن ناصر، وبرع في الشعر فمدح الخلفاء والوزراء، وكان منقطعا إلى الوزير ابن هبيرة، وقد أدركته صغيرا ولم ألقه. توفي يوم الثلاثاء الثامن والعشرين من ربيع الآخر سنة ثمان وثمانين وخمسمائة. ومن شعره «1» : شمس الضحى يعشي العيون ضياؤها ... إلا إذا رمقت بعين واحده ولذاك تاه العور واحتقروا الورى ... فاعرف فضيلتهم وخذها فائده نقصان جارحة أعانت أختها ... فكأنما قويت بعين زائده وله: لها من الليل البهيم طرّة ... على جبين واضح نهاره ومعصم يكاد يجري رقة ... وإنما يعصمه سواره وقال «2» : ترى يتألف الشمل الصديع ... وآمن من زماني ما يروع وتؤنس بعد وحشتها بنجد ... منازلنا القديمة والربوع ذكرت بأيمن العلمين عيشا ... مضى والشمل ملتئم جميع فلم أملك لدمعي ردّ غرب ... وعند الشوق تعصيك الدموع ينازعني إلى لمياء قلبي ... ودون لقائها بلد شسوع وأخوف ما أخاف على فؤادي ... إذا ما أنجد البرق اللموع فقد حمّلت من طول التنائي ... عن الأحباب ما لا أستطيع الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2748 وقال «1» : ما في قبائل عامر ... من معلم الطّرفين غيري خالي زعيم عبادة ... وأبي زعيم بني عمير [1180] نصر بن عاصم الليثي النحوي: كان فقيها عالما بالعربية من فقهاء التابعين: وكان يسند إلى أبي الأسود الدؤلي في القرآن والنحو، وله كتاب في العربية، وقيل أخذ النحو عن يحيى بن يعمر العدواني، وأخذ عنه أبو عمرو بن العلاء، وكان يرى رأي الخوارج ثم ترك ذلك. وقال في تركه أبياتا وهي: فارقت نجدة والذين تزرّقوا ... وابن الزبير وشيعة الكذّاب وهوى النجاريّين قد فارقته ... وعطية المتجبر المرتاب مات بالبصرة سنة تسع وثمانين وقيل سنة تسعين. [1181] نصر بن علي بن محمد أبو عبد الله الشيرازي الفارسي الفسوي، يعرف بابن أبي مريم النحوي: خطيب شيراز وعالمها وأديبها والمرجوع إليه في الأمور الشرعية والمشكلات الأدبية، أخذ عن محمود بن حمزة الكرماني، وصنف تفسير القرآن وشرح الايضاح للفارسي «2» قرىء عليه سنة خمس وستين وخمسمائة وتوفي بعدها.   [1180] ترجمة نصر بن عاصم في أخبار النحويين البصريين: 20 وطبقات الزبيدي: 27 والفهرست 45، 47 وتاريخ أبي المحاسن: 157 ونور القبس: 23 ونزهة الألباء: 7 وانباه الرواة 2: 343 وطبقات ابن الجزري 2: 336 وتهذيب التهذيب 10: 427 وبغية الوعاة 2: 313 والبلغة: 273. [1181] ترجم له في انباه الرواة 3: 344 وسمّاه نصر بن عبد الله، وانه يعرف بابن مريم (وفيه تخريج) وانظر بغية الوعاة 2: 314 (وسماه نصر الله) وقال القفطي إنه كان موجودا سنة 587. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2749 [1182] نصر بن مزاحم أبو الفضل المنقري الكوفي: كان عارفا بالتاريخ والأخبار، وهو شيعي من الغلاة جلد في ذلك. روى عنه أبو سعيد الأشج ونوح بن حبيب وغيرهما، وروى هو عن شعبة بن الحجاح، واتهمه جماعة من المحدّثين بالكذب، وضعّفه آخرون. وصنف كتاب الغارات. وكتاب الجمل. وكتاب صفين. وكتاب مقتل حجر بن عدي. وكتاب مقتل الحسين بن علي رضي الله عنهما، وغير ذلك. مات سنة اثنتي عشرة ومائتين. [1183] نصر بن يوسف صاحب أبي الحسن الكسائي: كان نحويا لغويا، له من الكتب: كتاب خلق الانسان. كتاب الابل؛ ذكره في الفهرست. [1184] نصر الله بن إبراهيم بن أبي نصر بن الحسين الدينوري ثم البغدادي الحمامي المؤدب: ولد سنة عشرين وخمسمائة، وكان حسن المعرفة بالنحو فاضلا أديبا، سمع أبا الحسن ابن عبد السلام وأبا محمد ابن الطراح وغيرهما، ولا أعرف من أمره غير هذا.   [1182] ترجمة نصر بن مزاحم في الفهرست: 106 وتاريخ بغداد 13: 282 وميزان الاعتدال 4: 253 ولسان الميزان 6: 157 وقد طبع كتابه «صفين» بتحقيق عبد السلام هارون، القاهرة. [1183] ترجمة نصر بن يوسف في الفهرست: 72 وبغية الوعاة 2: 315. [1184] ترجمته في بغية الوعاة 2: 316 (وهو متابع لياقوت) . الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2750 [1185] نصر الله بن عبد الله بن مخلوف بن علي بن عبد القوي بن قلاقس الاسكندري: كان أديبا فاضلا وشاعرا مجيدا، ولد بالاسكندرية في ربيع الآخر سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة، ونشأ بها وقرأ على أبي طاهر السلفي وسمع منه ومن غيره، ورحل إلى اليمن ودخل عدن سنة ثلاث وستين وخمسمائة وامتدح بها الوزير أبا الفرج ياسر بن بلال، وسافر إلى صقلية ودخلها سنة خمس وستين وامتدح بها القائد أبا القاسم ابن الحجر، فأكرم نزله وأحسن إليه، فصنف باسمه كتابا سماه «الزهر الباسم في أوصاف أبي القاسم» ثم فارق صقلية راجعا إلى مصر فتوفي بعيذاب سنة سبع وستين وخمسمائة. ومن شعره «1» : اشرب معتقة الطلا صرفا على ... رقص الغصون بروضة غنّاء من كفّ وطفاء الجفون كأنما ... تسعى بنار أضرمت في ماء في سحر مقلتها وخمرة ريقها ... شرك العقول وآفة الاعضاء وقال «2» : سدّدوها من القدود رماحا ... وانتضوها من الجفون صفاحا يا لها حلة من السقم حالت ... واستحالت ولا كفاها كفاحا صحّ إذ أذرت العيون دما أن ... هم أثخنوا القلوب جراحا   [1185] ترجمة ابن قلاقس في الخريدة (قسم مصر) 1: 145 وكتاب الروضتين 1: 205 وابن خلكان 5: 385 وسير الذهبي 20: 546 ومرآة الجنان 3: 383 والبداية والنهاية 12: 269 وحسن المحاضرة 1: 564 وشذرات الذهب 4: 224 وقد طبع ديوانه قديما وهو ناقص كثيرا، ثم صدر منه الجزء الأول بتحقيق الدكتورة سهام الفريح ثم صدر كاملا بتحقيقها (الكويت 1988) كما نشر له سعد المانع كتابيه ترسل ابن قلاقس والزهر الباسم، وراجع عن زيارته لصقلية كتابي: العرب في صقلية. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2751 وقال: قرنت بواو الصدغ صاد المقبّل ... وأبديت لاما في عذار مسلسل فان لم يكن وصل لديك لعاشق ... فماذا الذي أبديت للمتأمل وقال من قصيدة: عقدوا الشعور معاقد التيجان ... وتقلّدوا بصوارم الأجفان ومشوا وقد هزّوا رماح قدودهم ... هزّ الكماة عوالي المران وتدرّعوا زردا فخلت أراقما ... خلعت ملابسها على الغزلان [1186] نصيب بن رباح مولى عبد العزيز بن مروان: شاعر من فحول الشعراء الإسلاميين، كان عبدا لرجل من كنانة من أهل ودان، وكان فصيحا مقدما في النسيب والمديح مترفعا عن الهجاء كبير النفس عفيفا، قيل لم ينسب قط إلا بامرأته. وكان مقدما عند الملوك يجيد مديحهم ومراثيهم، وفي سبب اتصاله بعبد العزيز بن مروان وفكّ رقبته من الرق روايات شتى، منها أنه لما قال الشعر وهو شابّ جعل يأتي مشيخة القبيلة وينشدهم فاجتمعوا إلى مولاه وقالوا: ان عبدك هذا قد نبغ بقول الشعر، ونحن من بين شرّين: إما ان يهجونا فيهتك أعراضنا أو يمدحنا فيشبب بنسائنا، وليس لنا في شيء من الخلتين خيرة، فقال له مولاه: يا نصيب أنا بائعك لا محالة فاختر لنفسك، فسار إلى عبد العزيز بن مروان بمصر فدخل عليه وأنشده «1» : لعبد العزيز على قومه ... وغيرهم منن غامره   [1186] ترجمة نصيب في الشعر والشعراء: 322 والأغاني 1: 305 وطبقات ابن سلام: 675 والموشح: 189 والسمط: 291 والعيني 1: 537 والزركشي: 337 وفوات الوفيات 4: 197 وموضعه الصحيح معجم الشعراء. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2752 فبابك أسهل أبوابهم ... ودارك مأهولة عامره وكلبك أرأف بالزائرين ... من الأمّ بابنتها الزائره وكفّك حين ترى المعتفين ... أندى من الليلة الماطره فمنك العطاء ومنا الثناء ... بكلّ محبّرة سائره فقال عبد العزيز: أعطوه أعطوه، فقال: أصلحك الله، إني عبد ومثلي لا يأخذ الجوائز، قال: فما شأنك؟ فأخبره بحاله، فدعا الحاجب فقال: اخرج به إلى باب الجامع فأبلغ في قيمته، فدعا المقومين فنادوا عليه من يعطي لعبد أسود جلد؟ قال رجل: هو عليّ بمائة دينار، فقال نصيب: قولوا على أن أبري القسيّ وأريش السهام واحتجر الاوتار، فقال الرجل: هو عليّ بمائتي دينار، قال قولوا على أن أرعى الابل وأمريها وأقضقضها وأصدرها وأوردها وأرعاها وأرعيها، قال رجل: هو عليّ بخمسمائة دينار، قال نصيب: على أني شاعر عربي لا يوطىء ولا يقوي ولا يساند، قال رجل: هو عليّ بألف دينار، فسار به الحاجب إلى عبد العزيز فأخبره بما تم، فقال: ادفعوا إليه ألف دينار فقبضها وافتكّ بها رقبته، ولم يزل في جملة عبد العزيز حتى احتضر، فأوصى به سليمان بن عبد الملك خيرا فصيره في جملة سمّاره. حكي «1» أن نصيبا دخل على سليمان بن عبد الملك وعنده الفرزدق فقال سليمان للفرزدق: يا أبا فراس أنشدني، وإنما أراد أن ينشده مديحا فيه، فأنشده قوله يفتخر: وركب كأنّ الريح تطلب عندهم ... لها ترة من جذبها بالعصائب سروا يركبون الريح وهي تلفّهم ... إلى شعب الأكوار ذات الحقائب إذا أبصروا نارا يقولون ليتها ... وقد خصرت أيديهم نار غالب فتمعّر سليمان واربدّ لما ذكر للفرزدق غالبا وقال لنصيب: قم وأنشد مولاك ويحك، فقام نصيب وأنشده: أقول لركب صادرين لقيتهم ... قفا ذات أوشال ومولاك قارب قفوا خبروني عن سليمان إنني ... لمعروفه من أهل ودّان طالب الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2753 فعاجوا فأثنوا بالذي أنت أهله ... ولو سكتوا أثنت عليك الحقائب وقالوا عهدناه وكلّ عشية ... بأبوابه من طالبي العرف راكب هو البدر والناس الكواكب حوله ... ولا تشبه البدر المضيء الكواكب فقال سليمان للفرزدق: كيف ترى شعره؟ فقال: هو أشعر أهل جلدته، قال سليمان: وأهل جلدتك، يا غلام أعط نصيبا خمسمائة دينار وللفرزدق نار أبيه، فخرج الفرزدق وهو يقول: وخير الشعر أشرفه رجالا ... وشرّ الشعر ما قال العبيد وقال «1» : ليس السواد بناقصي ما دام لي ... هذا اللسان إلى فؤاد ثابت من كان ترفعه منابت أصله ... فبيوت أشعاري جعلن منابتي كم بين أسود ناطق ببيانه ... ماضي الجنان وبين أبيض صامت إني ليحسدني الرفيع بناؤه ... من فضل ذاك وليس بي من شامت وقال: كأن القلب ليلة قيل يغدى ... بليلى العامرية أو يراح قطاة عزّها شرك فباتت ... تجاذبه وقد علق الجناح «2» لها فرخان قد تركا بوكر ... فعشهما تصفّقه الرياح إذا سمعا هبوب الريح نصّا ... وقد أودى به القدر المتاح فلا في الليل نالت ما ترجّي ... ولا في الصبح كان لها براح وقال «3» : فان أك حالكا فالمسك أحوى ... وما لسواد جسمي من دواء ولي كرم عن الفحشاء ناء ... كبعد الأرض من جوّ السماء الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2754 ومثلي في رجالكم قليل ... ومثلك ليس يعدم في النساء فان ترضي فردّي قول راض ... وإن تأبي فنحن على السواء وقال «1» : ألا ليت شعري ما الذي تجدين بي ... غدا غربة النأي المفرق والبعد لدى أمّ بكر حين تغترب النوى ... بنا ثم يخلو الكاشحون بها بعدي أتصرمني عند الذين هم العدى ... فتشمتهم بي أم تدوم على العهد وقال «2» : ألام على ليلى ولو أستطيعها ... وحرمة ما بين البنيّة والحجر لملت على ليلى بنفسي ميلة ... ولو كان في يوم التحالق والنحر [1187] نصيب مولى المهدي: أصله عبد من بادية اليمامة عرض على المهدي وهو إذ ذاك ولي عهد فاستنشده فأنشده فقال: والله ما هو بدون نصيب مولى بني مروان، فاشتراه، ولما ولي الخلافة أرسله إلى اليمن في شراء إبل مهرية، وكتب إلى عامل اليمن أن يعجّل له بعشرين ألف دينار لذلك، فأخذ نصيب ينفق من المال في الأكل والشرب واللهو وشراء الجواري، فكتب بذلك إلى المهدي، فأمر بحمله إليه موثقا بالحديد بعد أن حبس مدة باليمن، فلما أدخل على المهدي أنشده قصيدة طويلة يستعطفه بها أولها «3» :   [1187] ترجمة نصيب مولى المهدي في الأغاني 22: 400 والوزراء والكتاب: 203 وطبقات ابن المعتز: 155 والسمط: 825 وأمالي المرتضى 1: 438 وفوات الوفيات 4: 201 والزركشي: 338 (وموضعه معجم الشعراء) . الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2755 تأوبني ثقل من القيد موجع ... فأرّق عيني والخليون هجّع هموم توالت لو ألمّ يسيرها ... بعجزاء ظلّت صمة تتصدع ومنها: إليك أمير المؤمنين ولم أجد ... سواك مجيرا منك ينجي ويمنع تلمست هل من شافع لي فلم أجد ... سوى رحمة أعطاكها الله تشفع لئن لم تسعني يا ابن عمّ محمد ... فما عجزت عني وسائل أربع طبعت عليها صبغة ثم لم تزل ... على صالح الأخلاق والدين تطبع تغاضيك عن ذي الذنب ترجو صلاحه ... وأنت ترى ما كان يأتي ويصنع وعفوك عمّن «1» لو تكون جزيته ... لطارت به في الجوّ نكباء زعزع وأنك لا تنفكّ تنعش عاثرا ... ولم تعترضه حين يكبو ويخمع «2» وحلمك عن ذي الجهل من بعد ما جرى ... به عنق من طائش الجهل أشنع وقال يمدح الفضل بن يحيى «3» : طرقتك مية والمزار شطيب ... ونأتك بالهجران وهي قريب لله مية خلّة لو أنها ... تجزي الوداد بودّها وتثيب ومنها: إذ للشباب عليك من ورق الصّبا ... ظلّ واذ غصن الشباب رطيب طرب الفؤاد ولات حين تطرّب ... إنّ الموكّل بالصبا لطروب وتقول مية ما لمثلك والصّبا ... واللون أسود حالك غربيب شاب الغراب وما أراك تشيب ... وطلابك البيض الحسان عجيب ومنها في المديح: الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2756 والبرمكيّ وإن تقارب سنّه ... أو باعدته السنّ فهو نجيب خرق العطاء إذا استهلّ عطاؤه ... لا متبع منّا ولا محسوب يا آل برمك ما رأينا مثلكم ... ما منكم إلا أغرّ وهوب وإذا بدا الفضل بن يحيى هبته ... لجلاله إن الجلال مهيب ومنها: شمنا لديك مخيلة لا خلّبا ... في الشيم إذ بعض البروق خلوب إنّا على ثقة وظن صادق ... مما نؤمّله فليس نخيب [1188] النضر بن أبي النضر أبو مالك التميمي: أعرابي من أهل البادية لغوي شاعر، وفد على الرشيد ومدحه وخدمه، وانقطع إلى الفضل بن يحيى وتقدم عنده، وكان فصيحا جيد الشعر مليح النادرة، امتدح الخلفاء والأمراء وتقرب منهم. ومن شعره يرثي يزيد حوراء المدني المغني «1» : لم يمتّع من الشباب يزيد ... صار في الترب وهو غضّ جديد خانه دهره وقابله من ... هـ نحوس واستدبرته السعود حين زفّت إليه دنياه تجلى ... وتدانى منها إليه البعيد فكأن لم يكن يزيد ولم يش ... ج نديما يهزّه التغريد   [1188] الأغاني 22: 265 وإشارة التعيين: 364. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2757 [1189] النضر بن شميل بن خرشة بن يزيد بن كلثوم التميمي المازني النحوي اللغوي الأديب: ولد بمرو ونشأ بالبصرة، وأخذ عن الخليل بن أحمد، وأقام بالبادية زمنا طويلا فأخذ عن فصحاء العرب كأبي خيرة الأعرابي وأبي الدقيش وغيرهما، وسمع من هشام بن عروة وحميد الطويل وإسماعيل بن أبي خالد وعبد الله بن عون وهشام بن غسان وغيرهم من صغار التابعين، وروى عنه يحيى بن معين وابن المديني، وهو ثقة حجة احتجوا به في الصحاح. ولما ضاقت عليه الأسباب في البصرة عزم على الخروج إلى خراسان، فشيعه من أهل البصرة نحو ثلاثة آلاف من المحدثين والفقهاء واللغويين والنحاة والأدباء، فجلس لوداعهم بالمربد وقال: يا أهل البصرة يعزّ عليّ والله فراقكم، ولو وجدت عندكم كلّ يوم كيلجة من الباقلاء ما فارقتكم «1» ، فلم يكن فيهم واحد يتكفّل له ذلك، فسار إلى مرو وأقام بها فأثرى وأفاد بها مالا عظيما، ذكر ذلك أبو عبيدة في «كتاب المثالب» . وكان النضر من أهل السنة وهو أول من أظهرها بخراسان ومرو، وولي القضاء بمرو فأقام العدل وحمدت سيرته، وكان متقلّلا متقشفا. قال الزبير بن بكار «2» ، حدثني النضر بن شميل قال: دخلت على أمير المؤمنين المأمون بمرو وعليّ أطمار مترعبلة، فقال: يا نضر تدخل على أمير المؤمنين في مثل هذه الثياب؟! فقلت: ان حرّ مرو شديد لا يدفع إلا بمثل هذه الأخلاق، قال: بل أنت رجل متقشف، ثم تجارينا الحديث فأجرى ذكر النساء وقال: حدثني هشيم بن   [1189] ترجمة النضر بن شميل في طبقات ابن سعد 7: 373 والمعارف: 542 والجرح والتعديل 8: 477 ومراتب النحويين: 66 وطبقات الزبيدي: 55 والفهرست: 57 وتاريخ أبي المحاسن: 89 وجمهرة الأنساب: 211 ونور القبس: 99 وانباه الرواة 3: 348 ونزهة الالباء: 57 وابن خلكان 5: 397 وعبر الذهبي 1: 342 وسير الذهبي 9: 328 وميزان الاعتدال 4: 258 وتذكرة الحفاظ: 314 والكاشف 3: 203 والبداية والنهاية 10: 255 وتهذيب التهذيب 10: 437 وطبقات الحفاظ: 131 والبلغة: 275 وبغية الوعاة 2: 316 والشذرات 2: 7. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2758 بشير عن مجالد عن الشعبي عن ابن عباس قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا تزوج الرجل المرأة لدينها وجمالها كان فيه سداد من عوز- ففتح السين من سداد- فقلت: صدقوك يا أمير المؤمنين، وحدثني عوف بن أبي جميلة الأعرابي عن الحسن عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا تزوج الرجل المرأة لدينها وجمالها كان فيه سداد من عوز- وكسرت السين- قال: وكان المأمون متكئا فاستوى جالسا وقال: السّداد لحن عندك يا نضر؟ قلت: نعم هاهنا يا أمير المؤمنين، قال: أو تلحّنني؟ قلت: إنما لحن هشيم، وكان لحّانا، فتبع أمير المؤمنين لفظه، فقال: ما الفرق بينهما؟ قلت: السداد القصد في الدين والطريقة والأمر، والسداد البلغة، وكل ما سددت به شيئا فهو سداد، وقد قال العرجي «1» : أضاعوني وأيّ فتى أضاعوا ... ليوم كريهة وسداد ثغر قال: فأطرق المأمون مليا ثم قال: قبح الله ما لا أدب له، ثم قال: أنشدني يا نضر أخلب بيت للعرب، قلت: قول حمزة بن بيض: تقول لي والعيون هاجعة ... أقم علينا يوما ولم أقم أيّ الوجوه انتجعت قلت لها ... لأيّ وجه «2» إلا إلى الحكم متى يقل حاجبا «3» سرادقه ... هذا ابن بيض بالباب يبتسم قد كنت أسلمت فيك مقتبلا ... هاك ادخلن ذاك واعطني «4» سلمي فقال المأمون: لله درك كأنما شقّ لك عن قلبي، فأنشدني أنصف بيت للعرب، قلت: قول أبي عروة المدني «5» : إني وإن كان ابن عمي غائبا «6» ... لمزاحم من خلفه وورائه الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2759 ومفيده نصري وإن كان امرءا ... متزعزعا في أرضه وسمائه وأكون والي سرّه وأصونه ... حتى يجيء عليّ وقت أدائه وإذا دعا باسمي ليركب مركبا ... صعبا قعدت له على سيسائه «1» وإذا ارتدى ثوبا جميلا لم أقل ... يا ليت كان عليّ حسن ردائه «2» فقال: أحسنت يا نضر، أنشدني اقنع بيت قالته العرب، قلت: قول ابن عبدل الأسدي: إني امرؤ لم أزل وذاك من ال ... له قديما أعلّم الأدبا أقيم بالدار ما اطمأنت بي ال ... دار وإن كنت نازحا طربا لا اجتوي خلّة الصديق ولا ... أتبع نفسي شيئا إذا ذهبا أطلب ما يطلب الكريم من ال ... رّزق بنفسي وأجمل الطلبا إني رأيت الفتى الكريم إذا ... رغّبته في صنيعة رغبا والعبد لا يطلب العلاء ولا ... يعطيك شيئا إلا إذا رهبا مثل الحمار السوء المخاتل «3» لا ... يحمل شيئا إلا إذا ضربا قد يرزق الخافض المقيم ولا ... شدّ لعيس رحلا ولا قتبا ويحرم الرزق ذو المطية وال ... رحل ومن لا يزال مغتربا فقال: أحسنت يا نضر، ثم أخذ القرطاس وأنا لا أدري ما يكتب، ثم قال: كيف تقول إذا أمرت من يترّب الكتاب؟ قلت: أتربه، قال: فهو ماذا؟ قلت: فهو مترب، قال: فمن الطين؟ قلت: طنه، قال: فهو ماذا؟ قلت: فهو مطين، قال: هذه أحسن من الأولى، ثم قال: يا غلام أتربه وطنه وابلغ معه إلى الفضل بن سهل، الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2760 قال: فلما قرأ الكتاب الفضل قال: يا نضر إن أمير المؤمنين أمر لك بخمسين ألف درهم فما كان السبب، فأخبرته الخبر، فقال: لحّنت أمير المؤمنين؟ قلت: كلّا إنما لحن هشيم بن بشير وكان لحانا فتبع أمير المؤمنين لفظه، فأمر لي الفضل بثلاثين ألف درهم، فأخذت ثمانين ألف درهم بحرف استفيد مني. توفي النضر بن شميل في ذي الحجة سنة أربع ومائتين. وله من التصانيف: كتاب الصفات في اللغة خمسة أجزاء. والمدخل الى كتاب العين. وكتاب غريب الحديث. وكتاب المعاني. وكتاب السلاح. وكتاب المصادر. وكتاب الأنواء. وكتاب خلق الفرس. وكتاب الجيم. وكتاب الشمس والقمر، وغير ذلك. [1190] نهشل بن زيد، أبو خيرة الأعرابي البصري: بدوي من بني عديّ دخل الحضرة وصنف كتاب الحشرات، ذكره في الفهرست.   [1190] ترجمة نهشل في الفهرست: 51 وبغية الوعاة 2: 317. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2761 حرف الهاء [1191] هارون بن الحائك النحوي الضرير من أعيان أصحاب ثعلب، وكان معدودا من طبقته: أصله يهودي من الحيرة، وكان الوزير عبيد الله بن سليمان أرسل إلى ثعلب ليختلف إلى ولده القاسم فأبى واعتذر بالشيخوخة والضعف، فقال له: أنفذ إليّ من ترتضيه من أصحابك، فأنفذ إليه هارون الضرير، فاستحضر الوزير عبيد الله أبا إسحاق الزجاج وجمع بينه وبين هارون، فسأله الزجاج كيف تقول ضربت زيدا ضربا، فقال: ضربت زيدا ضربا، فقال: كيف تكني عن زيد والضرب، فأفحم ولم يجب وحار في يده وانقطع انقطاعا قبيحا، فصرفه الوزير واختار الزجاج لتأديب ولده، فكان ذلك سبب منية هارون، وما كان هارون ممن يذهب عليه هذا فان جواب المسألة ضربته اياه، ذكر ذلك أبو بكر الزبيدي في الطبقات. ولهارون من التصانيف: كتاب العلل في النحو. كتاب الغريب الهاشمي، وقيل الغريب الهاشمي لثعلب. [1192] هارون بن زكريا الهجري أبو علي النحوي صاحب «كتاب النوادر المفيدة» روى عنه ثابت بن حزم السرقسطي وغيره، ولا أعلم من أمره غير هذا.   [1191] ترجمة هارون بن الحائك في طبقات الزبيدي: 151 والفهرست: 81 وانباه الرواة 3: 359 وبغية الوعاة 2: 319 ونكت الهميان: 302 (والوافي/ المخطوط) . [1192] بغية الوعاة 2: 319 وقد طبع كتابه باسم «التعليقات والنوادر» ، بعناية د. حمود عبد الأمير الحمادي (بغداد: 1987) وقد عبث المحقق بهذا الكتاب النفيس كثيرا ودلّ على جهل شديد أصيل، وتعقبه شيخنا حمد الجاسر بمقالات تصحيحية كثيرة نشرها في مجلة العرب. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2762 [1193] هارون بن علي بن يحيى بن أبي منصور المنجم البغدادي أبو عبد الله: كان أديبا شاعرا راوية نديما ظريفا، وهو أحد بني المنجم المشهورين بالأدب والفضل المنقطعين إلى الخلفاء لمنادمتهم والمقدمين عندهم؛ وكان هارون هذا من أكملهم أدبا وفضلا. وصنف كتاب أخبار النساء. وكتاب أخبار الشعراء المولدين، أورد فيه ما اختاره من شعرهم، وسماه بالبارع قال في مقدمته: عملت كتابي هذا في أخبار الشعراء المولدين، ذكرت فيه ما اخترته من أشعارهم، وتحريت في ذلك الاختيار أقصى ما بلغته معرفتي وانتهى إليه علمي، والعلماء يقولون: يدلّ على العاقل اختياره، وقالوا: اختيار الرجل من وفور عقله. ثم ذكر أنه اختصره من كتاب مطوّل ألفه قبله. ذكر في هذا الكتاب نيفا ومائة وستين شاعرا، وافتتحه بذكر بشار بن برد، وختمه بمحمد بن عبد الملك بن صالح. توفي هارون بن علي سنة ثمان وثمانين ومائتين. [1194] هارون بن موسى بن شريك القارىء النحوي الدمشقي أبو عبد الله: يعرف بالأخفش، وهو آخر الأخافشة، ولد سنة إحدى ومائتين، وقرأ بقراءات كثيرة وروايات غريبة، وكان قيما بالقراءات السبع عارفا بالتفسير والنحو والمعاني والغريب والشعر، حسن الصوت والأداء، وعنه أخذت قراءة أهل الشام وبضبطه اشتهرت. قرأ على عبد الله بن ذكوان وغيره، وعليه أبو الحسن ابن الأخرم، وحدّث عن أبي مسهر الغساني، وعنه أبو بكر ابن فطيس وكان فاضلا أديبا صنف كتبا في القراءات والعربية مات سنة إحدى وتسعين ومائتين وقيل في السنة التي بعدها.   [1193] ترجمة هارون ابن المنجم في الفهرست: 161 وابن خلكان 6: 78 وسير الذهبي 13: 404 ومعجم المرزباني: 464 ومرآة الجنان 2: 41 (وفيات 208 خطأ) وانظر حماسة ابن الشجري: 242- 243. [1194] ترجمة الأخفش الدمشقي في انباه الرواة 3: 361 وسير الذهبي 13: 566 والبلغة: 277 وطبقات ابن الجزري 2: 347 والنجوم الزاهرة 3: 133 وطبقات الداودي 2: 347 والشذرات 2: 209. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2763 [1195] هاشم بن أحمد بن عبد الواحد بن هاشم بن محمد بن هاشم بن علي بن هاشم الحلبي الأسدي الخطيب: أصل آله من الرقة وانتقلوا إلى حلب، وكان حسن القراءة والعبادة والزهد. صنف كتاب اللحن الخفي. وكتاب أفراد أبي عمرو بن العلاء، وغير ذلك. وولي خطابة حلب، ولما خطب اعتنقه أبو عبد الله ابن القيسراني الشاعر وقال له: شرح المنبر صدرا ... لتلقيك رحيبا أترى ضمّ خطيبا ... منك أم ضمّخ طيبا ولد سنة ست وستين وأربعمائة ومات في جمادى الآخرة سنة سبع وثلاثين وخمسمائة. [1196] هبة الله بن حامد بن أحمد بن أيوب بن علي بن أيوب أبو منصور: يعرف بعميد الرؤساء، أديب فاضل نحوي لغوي شاعر، شيخ وقته ومتصدر بلده، أخذ عنه أهل تلك البلاد الأدب، وأخذ هو عن أبي الحسن علي بن عبد الرحيم الرقي المعروف بابن العصار وغيره. وله نظم ونثر وكان يلقب بوجه الدويبة، وسمع المقامات من ابن النقور وروى عنه، مات سنة عشر وستمائة. [1197] هبة الله القاضي السعيد بن القاضي الرشيد جعفر بن سناء الملك محمد بن   [1195] ترجمة هاشم الحلبي في انباه الرواة 3: 355 (ووفاته سنة 577) وبغية الوعاة 2: 321 (وسنة وفاته كما جاء في انباه الرواة) . [1196] انباه الرواة 3: 357 وبغية الوعاة 2: 322 (عن ياقوت) . [1197] ترجمة ابن سناء الملك في الخريدة (قسم مصر) 1: 64 وابن خلكان 6: 61 وتكملة المنذري رقم: 1209 وعبر الذهبي 5: 29 وسير الذهبي 21: 480 والبدر السافر، الورقة: 217 وقلائد الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2764 هبة الله بن محمد السعدي المصري المعروف بابن سناء الملك: أحد أدباء العصر وشعرائه المجيدين، ذاع صيته وسار ذكره، أخذ عن الحافظ أبي طاهر أحمد بن سلفة، واتصل بالقاضي الفاضل عبد الرحيم البيساني فكانت له منزلة عنده، وكان في خدمته بدمشق سنة إحدى وسبعين وخمسمائة ثم عاد إلى القاهرة، وكان بينه وبين الفاضل ترسل، ومدحه بعدة قصائد. وصنف كتاب روح الحيوان لخّص فيه كتاب الحيوان للجاحظ. وله ديوان موشحات سماه دار الطراز. وديوان شعر. وديوان رسائل. مات يوم الأربعاء رابع شهر رمضان سنة ثمان وستمائة بالقاهرة. ومن شعره قوله يمدح الملك المعظم توران شاه وأجاد ما شاء «1» : تقنعت لكن بالحبيب المعمّم ... وفارقت لكن كلّ عيش مذمّم وباتت يدي في طاعة الحبّ والهوى ... وشاحا لخصر أو سوارا لمعصم وأثريت من دينار خدّ ملكته ... فأحسن وجه بعده مثل درهم يزيد احمرارا كلما زدت صفرة ... كأنّ به ما كان بي زمن «2» الدم توقد ذاك الخدّ واخضرّ نضرة ... فأبصرت منه جنة في جهنم ومنها: سعدت ببدر برجه «3» برج عقرب ... فكذّب عندي قول كلّ منجم وأقسم ما وجه الصباح إذا بدا ... بأوضح منّي حجة عند لوّمي ولا سيّما لما مررت بمنزل ... كفضلة صبر في فؤاد متيّم وما بان لي إلا بعود أراكة ... تعلّق في أطرافه ضوء مبسم   الجمان 9: 210 والنجوم الزاهرة 6: 204 والشذرات 5: 35. وديوانه الذي اعتمد عليه طبع بحيدر آباد الدكن 1958 (وهناك طبعة مصرية منه، القاهرة 1969) وكتابه دار الطراز طبع بعناية د. جودت الركابي (دمشق 1949) وأعيد طبعه بعد ذلك. وللدكتور عبد العزيز الأهواني دراسة عنه (القاهرة: 1962) . الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2765 ولا عجبا أن متّ فيه صبابة ... فما النفس إلا بعض مغرم مغرم «1» بنفسي من قبلته ورشفته ... فقال الهوى فز بالحطيم وزمزم فجردت قلبي من مخيط همومه ... وطاف به والقلب في زيّ محرم ومنها: ولم ير طرفي قطّ شملا مبددا ... فقابله إلا بدمع منظم تبسّم ذاك الطرف عن ثغر دمعه ... وربّ قطوب كامن في التبسم ولم يسل قلبي أو فمي عن غزالة ... وعن غزل الا بمدح المعظم هذا والله السحر الحلال، والسهل الممتنع الذي لا ينال. ومن شعره أيضا قوله يمدح القاضي الفاضل عبد الرحيم «2» : عادني من هوى الأحبة عيد ... فلباسي فيه غرام جديد ونحرت الجفون من بعد أن أش ... عرت قلبي بأن صبري بعيد كلف عاد بعد شيبي وليدا ... وكذا البدر بعد شيب وليد فغرامي بالبدر كالبدر لكن ... ينقص البدر والغرام يزيد بأبي من أبى مرادي كمثل ال ... دهر عندي يريد ما لا أريد صدّ عطفا وصاد طرفا فما ين ... فكّ هذا يصدّ أو ذا يصيد كيف خلّدت في جهنم ذا الص ... دّ وديني في حبّه التوحيد ومنها في المديح: لي من راحتيه جنة مأوى ... وله بالثناء مني خلود أنا عبد وخدمتي مدح مولى ... نجح القصد عنده والقصيد هو قاض لا بل أمير إذا شئ ... ت لديه من المعالي جنود وفقيه النوال يلقي على الخل ... ق عطاياه والغمام معيد الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2766 أوسعوا جوده ملاما وتفني ... دا فضاع الملام والتفنيد ردّدوا عذلهم فردّ عليهم ... كلّ شيء مردّد مردود ومن شعره الذي سارت به الركبان قصيدته الحماسية الغزلية وهي «1» : سواي يخاف الدهر أو يرهب الردى ... وغيري يهوى أن يكون مخلدا ولكنني لا أرهب الدهر إن سطا ... ولا أحذر الموت الزؤام إذا عدا ولو مدّ نحوي حادث الدهر طرفه ... لحدثت نفسي أن أمدّ له يدا توقّد عزم يترك الماء جمرة ... وحلية حلم تترك السيف مبردا وفرط احتقار للأنام فانني ... أرى كلّ عار من حلى سؤددي سدى وأظمأ إن أبدى لي الماء منّة ... ولو كان لي بحر المجرة موردا ولو كان إدراك الهدى بتذلل ... رأيت الهدى أن لا أميل إلى الهدى وقدما بغيري أصبح الدهر أشيبا ... وبي بل بفضلي أصبح الدهر أمردا وإنك عبدي يا زمان وإنني ... على الكره مني أن أرى لك سيدا وما أنا راض أنني واطىء الثرى ... ولي همة لا ترتضي الأفق مقعدا ولو علمت زهر النجوم مكانتي ... لخرّت جميعا نحو وجهي سجّدا ولي قلم في أنملي لو هززته ... فما ضرّني أن لا أهزّ المهندا إذا جال فوق الطّرس وقع صريره ... فان صليل المشرفيّ له صدى ومنها في التخلص إلى الغزل: ومن كلّ شيء قد صحوت سوى هوى ... أقام عذولي بالملام وأقعدا إذا وصل من أهواه لم يك مسعدي ... فليت عذولي كان بالصمت مسعدا يحبّ حبيبي من يكون مفنّدا ... فيا ليتني كنت العذول المفنّدا وقال لقد «آنست نارا» بخدّه ... فقلت وإني ما «2» «وجدت بها هدى» والقصيدة طويلة، كل بيت منها فريدة في عقد، وشعره كثير واكثره جيد. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2767 [1198] هبة الله بن الحسن أبو الحسن المعروف بالحاجب، ذكره الكمال ابن الانباري في «طبقات النحويين» ، وكان من أفاضل أهل الأدب شاعرا مليح الشعر، فمن شعره «1» : يا ليلة سلك الزما ... ن بطيبها بي كلّ مسلك إذ أرتقي درج المس ... رة مدركا ما ليس يدرك والبدر قد فضح الظلا ... م فستره عنه مهتّك وكأنما زهر النجو ... م بلمعها شعل تحرّك والغيم أحيانا يمو ... ج كأنّه ثوب ممسّك وكأنّ نشر المسك ين ... فح في النسيم إذا تحرّك والنور يبسم في الريا ... ض فان نظرت إليه سرّك شارطت نفسي أن أقو ... م بحقها «والشرط أملك» حتى تولّى الليل من ... هزما وجاء الصبح يضحك واه الفتى لو أنه ... في ظلّ طيب العيش يترك والمرء يحسب عمره ... فإذا أتاه الشيب فذلك مات هبة الله الحاجب فجأة في آخر شهر رمضان سنة ثمان وعشرين وأربعمائة في بغداد في خلافة القائم بأمر الله بن القادر بالله. [1199] هبة الله بن الحسين، أبو بكر ابن العلاف الشيرازي: كان من أفراد الزمان   [1198] ترجمة هبة الله الحاجب في انباه الرواة 3: 358 ونزهة الألباء: 239 وبغية الوعاة 2: 323. [1199] ترجمة أبي بكر ابن العلاف في انباه الرواة 3: 358 (وفيه ابن الحسن) وبغية الوعاة 2: 323. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2768 في عصره في أنواع العلوم نحويا إماما شاعرا فاضلا بارعا، ورد خراسان وما وراء النهر وسمع حماد بن مدرك وغيره، وسمع منه الحافظ أبو عبد الله ابن الحاكم وذكره في «تاريخ نيسابور» وأثنى عليه. مات بشيراز في رمضان سنة سبع وسبعين وثلاثمائة وقد نيّف على التسعين ولم تبيضّ له شعرة، وقال في ذلك: إلام وفيم يظلمني شبابي ... ويلبس لمتي حلك الغراب وآمل شعرة بيضاء تبدو ... بدوّ البدر في خلل السحاب وأدعى الشيخ ممتلئا شبابا ... كذي ظمأ يعلّل بالسراب فيا مللي هنالك من مشيبي ... ويا خجلي هنالك من شبابي [1200] هبة الله بن الحسين بن أحمد البغدادي عرف بالبديع الاسطرلابي، كان أديبا فاضلا شاعرا بارعا حكيما عارفا بالطب والرياضي والهيئة والنجوم والرصد والزيج، متقنا عمل الآلات الفلكية سيّما الأسطرلاب فنسب إليه، وحصل له مال جزيل من عمله، ولم يخلفه في صناعته مثله، وقد أقام على صحة ما يعمله من الآلات الحجج الهندسية، وبرهن عليها بالقوانين الاقليديسية، وأتى فيها باختراعات أغفلها المتقدمون، فزاد في الكرة ذات الكرسيّ وكمل نقصها الذي مرت عليه الأعوام، وأكمل نقص الآلات الشاملة التي وضعها الخجندي وجعلها لعرض واحد، وأقام الدليل على أنه لا يمكن أن تكون لعروض متعددة، فلما وصلت إلى البديع تأملها واهتدى إلى طريق لعملها لعروض متعددة، واختبر ما زاد فيها بالقواعد الهندسية فصحّ عمله، وحمل ما صنع منها إلى الأكابر والأجلّاء من أهل هذا الفن فتلقوها بالقبول. وله في عمل الأسطرلاب والبركار والمساطر وغيرها من الآلات اليد الطولى،   [1200] ترجمة البديع الاسطرلابي في أخبار الحكماء: 222 والخريدة (قسم العراق) 3/2: 137 وابن خلكان 6: 50 ومرآة الجنان 3: 261 ومرآة الزمان: 184 وابن أبي أصيبعة 1: 280 والنجوم الزاهرة 5: 275 وابن العبري: 363 وسير الذهبي 20: 52 والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد: 245 والشذرات 4: 103. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2769 وقد صار ما صنعه من ذلك من الذخائر التي يتغالى بها أهلها، وعانى عمل الطلاسم ورصد لها ما يوافقها من الأوقات السعيدة، وحملها إلى الملوك والأمراء والوزراء فجربوها فصحّت وحصل له منها ومن سائر صنائعه أموال جمة. وصنف رسالة في الآلات الشاملة التي كملها. ورسالة في الكرة ذات الكرسي. واختار ديوان ابن الحجاج وسماه «درة التاج من شعر ابن الحجاج» رتبه على مائة وأحد وأربعين بابا، جعل كلّ باب في فن من فنون شعره. وله ديوان شعر دوّنه وجمعه بنفسه. مات ببغداد بعلة الفالج سنة أربع وثلاثين وخمسمائة. ومن شعره الرائق الفائق قوله «1» : وذو هيئة يزهو بخال مهندس ... أموت به في كل وقت وأبعث محيط بأوصاف الملاحة وجهه ... كأنّ به إقليدسا يتحدث فعارضه خطّ استواء وخاله ... به نقطة والخدّ شكل مثلث وقال «2» : أذاقني حمرة المنايا ... لما اكتسى خضرة العذار وقد تبدّى السواد فيه ... وكارتي بعد في العيار «3» وقال «4» : قام إلى الشمس بآلاته ... لينظر السعد من النحس فقلت أين الشمس قال الفتى ... في الثور قلت الثور في الشمس وقال «5» : الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2770 يا صدور الزمان ليس بوفر ... ما رأيناه في نواحي العراق إنما عمّ ظلمكم سائر الأر ... ض فشابت ذوائب الآفاق الوفر: الثلج بلغة أهل العراق، قال ذلك في عام نزل فيه ببغداد ثلج كثير. وقال «1» : أهدي لمجلسك الشريف وإنما ... أهدي له ما حزت من نعمائه كالبحر يمطره السحاب وما له ... فضل عليه لأنه من مائه [1201] هبة الله بن سلامة بن نصر بن علي أبو القاسم الضرير المقرىء المفسر النحوي البغدادي: كان من أحفظ الناس لتفسير القرآن والنحو والعربية، وكانت له حلقة في جامع المنصور ببغداد. سمع من أبي بكر ابن مالك القطيعي وغيره، وقرأ عليه أبو الحسن علي بن القاسم الطابثي. وصنف: كتاب الناسخ والمنسوخ. والمسائل المنثورة في النحو والتفسير. وأبو محمد رزق الله بن عبد الوهاب التميمي المحدث هو ابن بنت هذا. مات هبة الله في رجب سنة عشر وأربعمائة. [1202] هبة الله بن صاعد بن هبة الله بن إبراهيم بن علي موفق الملك أمين الدولة أبو الحسن بن أبي العلاء المعروف بابن التلميذ البغدادي الطبيب الحكيم الأديب:   [1201] ترجمته في طبقات ابن الجزري 2: 351 وبغية الوعاة 2: 323. [1202] ترجمة ابن التلميذ في تاريخ الحكماء: 222 وابن أبي أصيبعة 1: 259 وابن خلكان 6: 69 (وينقل عن أنموذج الأعيان) وعبر الذهبي 4: 172 وسير الذهبي 20: 354 (والوافي/ خ) والبداية والنهاية 12: 250 والشذرات 4: 190 والخريدة (قسم العراق) 3/2: 123 وابن العبري: 363 وحكماء الإسلام: 144. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2771 كان واحد عصره في صناعة الطب متفننا في علوم كثيرة، حكيما أديبا شاعرا مجيدا، وكان يكتب خطا منسوبا في نهاية الحسن، وكان عارفا بالفارسية واليونانية والسريانية متضلعا بالعربية، وله النظم والنثر الفائق، ونثره أجود من شعره، وكان ساعور البيمارستان العضدي، تولّاه إلى أن توفي، وكان حاذقا في المباشرة والمعالجة موفقا في صناعته، خدم الخلفاء من بني العباس وتقدم عندهم وعلت مكانته لديهم، وعمّر طويلا، نبيه الذكر جليل القدر معروف المكانة، وكان مقدّم النصارى في بغداد ورأسهم ورئيسهم وقسيسهم، وكان حسن العشرة كريم الأخلاق ذا مروءة وسخاء، حلو الشمائل كثير النادرة، وكان يميل إلى صناعة الموسيقى ويقرّب أهلها، وكانت دار القوارير.. بغداد من اقطاعه، فلما ولي يحيى بن هبيرة الوزارة حلّها وأخذها منه، فحضر ابن التلميذ يوما عند الخليفة المقتفي على عادته، فلما أراد الانصراف عجز عن القيام وكان قد ضعف من الكبر، فقال له المقتفي: كبرت يا حكيم، قال: نعم كبرت وتكسّرت قواريري، وهذا مثل يتماجن به أهل بغداد، فقال الخليفة رجل عمّر في خدمتنا وما تماجن قطّ بحضرتنا فلهذا التماجن سرّ ثم فكّر ساعة وسأل عن دار القوارير فقيل له: قد حلّها الوزير وأخذها منه، فأنكر عليه المقتفي أخذها إنكارا شديدا وردّها على ابن التلميذ وزاده إقطاعا آخر. وكان ابن التلميذ هو وأوحد الزمان أبو البركات هبة الله المعروف بابن ملكا في خدمة المستضيء بأمر الله، وكان بينهما شنآن وعداوة، فأراد أوحد الزمان أن يوقع ابن التلميذ في تهلكة، فكتب رقعة يذكر فيها عن ابن التلميذ عظائم لا تصدر عن مثله، ووهب لبعض خدم القصر مالا ورغب إليه أن يلقي الرقعة في مجلس من مجالس الخليفة ففعل، فلما أخذ الخليفة الرقعة وقرأها همّ أن يوقع بأمين الدولة، فأشير عليه أن يتبصّر ويستقصي عن ذلك، فأخذ يقرّر من يتهمه من الخدم عن الرقعة فظهر الأمر، وعلم أن ذلك تدبير أوحد الزمان لإهلاك ابن التلميذ، فغضب وأباح أمين الدولة ابن التلميذ دم أوحد الزمان وماله وكتبه، فكان من كرم أخلاق أمين الدولة أنه لم يتعرض له بسوء وصفح عنه، غير أنه قال فيه «1» : الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2772 لنا صديق يهوديّ حماقته ... إذا تكلم تبدو فيه من فيه يتيه والكلب أعلى منه منزلة ... كأنه بعد لم يخرج من التيه وصنف ابن التلميذ حاشية على القانون لابن سينا. حاشية على المنهاج لابن جزلة. حاشية على كتاب المائة للمسيحي. شرح مسائل حنين بن إسحاق. شرح أحاديث نبوية تشتمل على مسائل طبية. مختصر الحاوي لأبي بكر الرازي. تتمة جوامع الاسكندرانيين لكتاب حيلة البرء. مختصر تفسير تقدمة المعرفة لا بقراط تفسير جالينوس. مختصر تفسير فصول أبقراط لجالينوس. مختصر كتاب الأشربة لمسكويه. مختار كتاب أبدال الأدوية لجالينوس. مختار كتاب المائة للمسيحي. الكناش في الطب. المقالة الأمينية في الأدوية البيمارستانية. مقالة في الفصد. الأقراباذين الكبير. الأقراباذين الصغير. ديوان رسائل مجلد ضخم. ديوان شعر مجلد صغير، وغير ذلك. مات في اليوم الثامن والعشرين من ربيع الأول سنة ستين وخمسمائة وله أربع وتسعون سنة، وخلّف مالا عظيما ومتاعا حسنا كثيرا وكتبا كثيرة لا نظير لها. ومن نثر أمين الدولة ما كتبه إلى ولده رضي الدولة أبي نصر من رسالة قال «1» : الفت ذهنك عن هذه الترهات إلى تحصيل مفهوم تتميز به، وخذ نفسك من الطريقة بما كررت تنبيهك عليه وإرشادك إليه، واغتنم الإمكان واعرف قيمته، واشتغل بشكر الله تعالى عليه، وفز بحظّ نفيس من العلم تثق من نفسك بأنك عقلته وملكته لا قرأته ورويته، فإن بقية الحظوظ تتبع هذا الحظ وتلزم صاحبه، ومن طلبها بدونه فاما أن لا يجدها وإما أن لا يعتمد عليها إذا وجدها ولا يثق بدوامها. وأعوذ بالله أن ترضى لنفسك إلا بما يليق بمثلك أن يتسامى إليه بعلو همته وشدة أنفته وغيرته على نفسه. ومما قد كررت عليك الوصاة به أن تحرص على أن لا تقول شيئا لا يكون مهذبا في لفظه ومعناه ويتعين عليك إيراده، وأن تصرف معظم حرصك إلى أن تسمع ما يفيدك لا ما يلهيك مما يلذ للاغمار وأهل الجهالة، رفعك الله عن طبقتهم، فإن الأمر كما قال أفلاطون: الفضائل مرّة الورد حلوة الصّدر، والرذائل حلوة الورد مرّة الصدر. وقد زاد الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2773 أرسطوطاليس في هذا المعنى فقال: إن الرذائل لا تكون حلوة الورود عند ذي فطرة سليمة، بل يؤذيه تصوّر قبحها إذ يفسد عليه ما يستلذّ من غيرها بها، وكذلك يكون صاحب الطبع السليم قادرا على معرفة ما يتوخّى وما يجتنب كالتامّ الصحة يكفي حسه تعريفه النافع والضارّ. فلا ترض لنفسك- حفظك الله- إلا بما تعلم أنه يناسب طبقة أمثالك، واغلب خطرات الهوى بعزائم الرجال الراشدين، واطمح بنفسك إلى المعالي بإطاعة عقلك فإنك تسرّ بنفسك وتراها في كل يوم مع الاعتماد على ذلك في رتبة علية ومرقاة من سموّ في السعادة، إن شاء الله تعالى. ومن شعر أمين الدولة قوله «1» : لو دان يحسن غصن البان مشيتها ... تأوّدا لحكاها غير محتشم في صدرها كوكبا نور أقلّهما ... ركنان ما لمسا من كفّ مستلم صانتهما في حرير من غلائلها ... فتلك في الحلّ والركنان في الحرم وقال «2» : أبصره عاذلي عليه ... ولم يكن قبل ذا رآه فقال لي لو عشقت هذا ... ما لامك الناس في هواه قل لي إلى من عدلت عنه ... وليس أهل الهوى سواه فظلّ من حيث ليس يدري ... يأمر بالعشق من نهاه وقال «3» : لا تعجبوا من حنين قلبي ... اليهم واعذروا غرامي فالقوس مع كونها جمادا ... تئنّ من فرقة السهام وقال «4» : لولا حجاب أمام النفس يمنعها ... عن الحقيقة فيما كان في الأزل الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2774 لأدركت كلّ شيء عزّ مطلبه ... حتى الحقيقة في المعلول والعلل وقال «1» : العلم للرجل اللبيب زيادة ... ونقيصة للأحمق الطيّاش مثل النهار يزيد أبصار الورى ... نورا ويعمي مقلة الخفّاش [1203] هبة الله بن علي بن محمد بن علي بن عبد الله بن أبي الحسن بن عبد الله الأمين بن عبد الله بن الحسن بن جعفر بن الحسن بن علي بن أبي طالب، أبو السعادات المعروف بابن الشجري البغدادي، نسب إلى بيت الشجري من قبل أمه «2» : كان أوحد زمانه وفرد أوانه في علم العربية ومعرفة اللغة وأشعار العرب وأيامها وأحوالها متضلعا من الأدب كامل الفضل. قرأ على ابن فضال المجاشعي والخطيب أبي زكريا التبريزي وسعيد بن علي السلالي وأبي المعمر ابن طباطبا العلوي، وسمع الحديث من أبي الحسن المبارك بن عبد الجبار بن أحمد بن القاسم الصيرفي وأبي علي محمد بن سعيد الكاتب وغيرهما، وأقرأ النحو سبعين سنة، وأخذ عنه تاج الدين الكندي وخلق. وكان نقيب الطالبيين بالكرخ نيابة عن الطاهر، وكان ذا سمت حسن وقورا لا يكاد يتكلم في مجلسه بكلمة إلا وتتضمن أدب نفس أو أدب درس. وصنّف الأمالي «3» ، وهو أكبر تصانيفه وأمتعها، أملاه في أربعة وثمانين   [1203] نزهة الألباء: 283 والمنتظم 10: 130 وانباه الرواة 3: 356 وابن خلكان 6: 45 والبدر السافر: 219 وعبر الذهبي 4: 116 وسير الذهبي 20: 194 والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد: 248 ومرآة الجنان 3: 275 والبداية والنهاية 12: 223 والنجوم الزاهرة 5: 281 وبغية الوعاة 2: 342 والشذرات 4: 132 واشارة التعيين: 370. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2775 مجلسا. والانتصار على ابن الخشاب رد فيه عليه ما انتقده من الأمالي. وكتاب الحماسة ضاهى به حماسة أبي تمام «1» . وشرح التصريف الملوكي. وشرح اللمع لابن جني النحوي. وكتاب ما اتفق لفظه واختلف معناه، وغير ذلك. توفي يوم الخميس السادس والعشرين من شهر رمضان سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة. ومن شعره: لا تمزحنّ فإن مزحت فلا يكن ... مزحا تضاف به إلى سوء الأدب واحذر ممازحة تعود عداوة ... إنّ المزاح على مقدمة الغضب وقال «2» : هل الوجد خاف والدموع شهود ... وهل مكذب قول الوشاة جحود وحتى متى تفني شؤونك بالبكا ... وقد حدّ حدا للبكاء لبيد «3» وإني وإن لانت قناتي لضعفها ... لذو مرّة في النائبات شديد وقال: وتجنب الظلم الذي هلكت به ... أمم تودّ لو انها لم تظلم إياك والدنيا الدنية إنها ... دار إذا سالمتها لم تسلم [1204] هبة الله بن علي بن عرام، أبو محمد الربعي الأسواني: كان أديبا فاضلا   [1204] ترجمة عرام في الخريدة (قسم مصر) 2: 186 ومرآة الزمان: 226 والطالع السعيد: 701 (والوافي/ خ) والنجوم الزاهرة 5: 320. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2776 وشاعرا مجيدا، وكان من خواصّ الوزير رضوان وجلسائه، ومدحه بعدة قصائد، وله ديوان شعر جمعه بنفسه ونقّحه وهذبه ورتبه على الحروف وهو في مجلد لطيف. مات سنة خمسين وخمسمائة. ومن شعره «1» : لا عزّ للمرء إلا في مواطنه ... والذلّ غاية ما يلقى من اغتربا فاقنع بما كان من رزق تعيش به ... بحيث أنت وكن للبين مجتنبا واعلم يقينا بأنّ الرزق يطلب من ... لم يطلب الرزق إيمانا كمن طلبا وقال» : نميل مع الأميال وهي غرور ... ونصغي لدعواها «3» وذلك زور وتخدعنا الدنيا القليل متاعها ... وللموت «4» فينا واعظ ونذير ونزداد فيها كلّ يوم تنافسا ... وحرصا عليها والمتاع «5» حقير ويطمع كلّ ان يؤخر يومه «6» ... وللموت منا أول وأخير [1205] هشام بن إبراهيم الكرنباني الانصاري أبو علي: جالس الأصمعي وأضرابه، وكان عالما باللغة وأيام العرب وأشعارها، روى عنه الفضل بن الحباب. وصنف كتاب الحشرات. وكتاب الوحوش. وكتاب النبات. وكتاب خلق الخيل.   [1205] ترجمة الكرنباني في الفهرست: 77 وبغية الوعاة 2: 327 (عن ياقوت دون أن يصرح بذلك) . الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2777 وكان عبد الصمد بن المعذل الشاعر مولعا بهجوه وفيه يقول من أبيات: ولم تر أبلغ من ناطق ... أتته البلاغة من كرنبا [1206] هشام بن أحمد بن خالد بن سعيد أبو الوليد الكناني المعروف بابن الوقشى الكاتب، من أهل طليطلة: كان من أعلم الناس بالعربية واللغة والشعر والخطابة والحديث والفقه والأحكام والكلام، وكان أديبا كاتبا شاعرا متوسعا في ضروب المعارف متحققا بالمنطق والهندسة، ولا يفضله عالم بالأنساب والأخبار والسير. ولد سنة ثمان وأربعمائة. وأخذ عن أبي عمر الطلمنكي وأبي عمر ابن الحداد وغيرهما، وولي قضاء طلبيرة من أعمال طليطلة قاعدة الأمير المأمون يحيى بن الظافر بن ذي النون. وصنف كتاب نكت الكامل للمبرد وغيره. مات بدانية في جمادى الآخرة سنة تسع وثمانين وأربعمائة. ومن شعره «1» : قد أثبتت فيه الطبيعة أنها ... بدقيق أعمال المهندس ماهره عنيت بعارضه فخطّت فوقه ... بالمسك خطا من محيط الدائره وقال «2» : برّح بي أنّ علوم الورى ... إثنان ما إن لهما من مزيد حقيقة يعجز تحصيلها ... وباطل تحصيله لا يفيد   [1206] ترجمة الوقشي في طبقات صاعد: 74 والصلة: 653 ومعجم البلدان (وقّش) والمطرب: 223 وسير الذهبي 19: 134 وبغية الوعاة 2: 327 ونفح الطيب (انظر فهرسه) . الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2778 [1207] هشام بن محمد بن السائب بن بشر بن عمر الكلبي أبو المنذر، الأخباري النسابة العلامة: كان عالما بالنسب وأخبار العرب وأيامها ووقائعها ومثالبها، أخذ عن أبيه أبي النضر محمد المفسر وعن مجاهد ومحمد بن أبي السري البغدادي ومحمد بن سعد كاتب الواقدي وأبي الأشعث أحمد بن المقدام وغيرهم، وحدّث عنه جماعة. قال أحمد بن حنبل: كان صاحب سير ونسب ما ظننت أن أحدا يحدّث عنه. قال البلاذري في تاريخه: حدث هشام بن الكلبي عن أبيه عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله تعالى وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى بَعْضِ أَزْواجِهِ حَدِيثاً (التحريم: 3) قال أسرّ إلى حفصة أن أبا بكر وليّ الأمر من بعده، وأن عمر وليّه من بعد أبي بكر، فأخبرت بذلك عائشة. قال الدارقطني: هشام متروك، وقال غيره: ليس بثقة. وذكر الخطيب «1» في تاريخ مدينة السلام أن هشاما كان يقول: حفظت ما لم يحفظه أحد، ونسيت ما لم ينسه أحد، كان لي عمّ يعاتبني على حفظ القرآن فدخلت بيتا وحلفت لا أخرج منه حتى أحفظ القرآن، فحفظته في ثلاثة أيام، ودخلت يوما أنظر في المرآة فقبضت على لحيتي لآخذ ما دون القبضة فأخذت ما فوق القبضة. وقال إسحاق بن إبراهيم الموصلي «2» : رأيت ثلاثة كانوا إذا رأوا ثلاثة يذوبون: علويه إذا رأى مخارقا، وأبا نواس إذا رأى أبا العتاهية، والزهري إذا رأى هشاما. مات هشام سنة أربع ومائتين وقيل سنة ست. وتصانيفه تزيد على مائة وخمسين مصنفا ذكر منها ابن النديم نقلا عن أبي   [1207] ترجمة ابن الكلبي في طبقات خليفة: 167 وتاريخ خليفة: 423 والفهرست: 108 وتاريخ بغداد 14: 45 ونور القبس: 291 والأنساب 10: 454 ونزهة الألباء: 59 وابن خلكان 6: 82 وميزان الاعتدال 4: 304 وعبر الذهبي 1: 746 وسير الذهبي 10: 101 والمغني في الضعفاء 2: 711 ومرآة الجنان 2: 29 ولسان الميزان 6: 196. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2779 الحسن ابن الكوفي ما يأتي: كتاب حلف عبد المطلب وخزاعة. كتاب حلف الفضول. كتاب حلف كلب وتميم. كتاب حلف أسلم وقريش. كتاب فضائل قيس عيلان. كتاب بيوتات ربيعة. كتاب أخبار العباس بن عبد المطلب. كتاب الموؤدات. كتاب خطبة علي رضي الله عنه. كتاب شرف قصي بن كلاب وولده في الجاهلية والإسلام. كتاب ألقاب قريش. كتاب ألقاب ربيعة. كتاب ألقاب قيس عيلان. كتاب ألقاب اليمن. كتاب ألقاب بني طابخة. كتاب المثالب. كتاب النواقل، فيه نواقل قريش وكنانة وأسد وتميم وقيس وإياد وربيعة. كتاب تسمية من نقل من عاد وثمود والعماليق وجرهم وبني إسرائيل من العرب. كتاب نواقل قضاعة. كتاب نواقل اليمن. كتاب دعاء معاوية زيادا. كتاب المناقلات. أخبار زياد بن أبيه. كتاب صنائع قريش. كتاب المشاجرات. كتاب المعاتبات. كتاب المشاغبات. كتاب ملوك الطوائف. كتاب ملوك كندة. كتاب ملوك اليمن من التبابعة. كتاب بيوتات اليمن. كتاب افتراق ولد نزار. كتاب تفرّق الأزد. كتاب طسم وجديس. كتاب حديث آدم وولده. كتاب من قال بيتا من الشعر فنسب إليه. كتاب المعرقات من النساء في قريش. كتاب عاد الأولى والآخرة. كتاب تفرّق عاد. كتاب أصحاب الكهف. كتاب الأوائل. كتاب رفع عيسى عليه السلام. كتاب أمثال حمير. كتاب المسوخ من بني إسرائيل. كتاب خبر «1» الضحاك. كتاب منطق الطير. كتاب غزية. كتاب لغات القرآن. كتاب المعمرين. كتاب الأصنام «2» . كتاب القداح. كتاب أسنان الجزور. كتاب أديان العرب. كتاب حكّام العرب. كتاب وصايا العرب. كتاب السيوف. كتاب الخيل «3» . كتاب الدفائن. كتاب أسماء فحول العرب. كتاب الفداء. كتاب الكهان. كتاب الجن. كتاب أخذ كسرى رهن العرب. كتاب ما كانت الجاهلية تفعله ويوافق حكم الإسلام. كتاب أبي عتاب إلى ربيع حين سأله عن العويص. كتاب عديّ بن زيد العبادي. كتاب الدوس. كتاب حديث بيهس وإخوته. كتاب مروان القرظ. كتاب اليمن وأمر سيف بن ذي يزن. كتاب مناكح الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2780 أزواج العرب. كتاب الوفود. كتاب أزواج النبي صلى الله عليه وسلم. كتاب زيد بن حارثة. كتاب تسمية من قال بيتا أو قيل فيه. الديباج في أخبار الشعراء. كتاب من فخر بأخواله من قريش. كتاب من هاجر وأبوه. أخبار الجن «1» وأشعارهم. كتاب دخول جرير على الحجاج. أخبار عمرو بن معدي كرب. تاريخ أخبار الخلفاء. كتاب صفات الخلفاء. كتاب المصلين. كتاب البلدان الكبير. كتاب البلدان الصغير. كتاب تسمية من بالحجاز من أحياء العرب. كتاب قسمة الأرضين. كتاب الأنهار. كتاب الحيرة. كتاب منار اليمن. كتاب العجائب الأربعة. كتاب أسواق العرب. كتاب الأقاليم. كتاب الحيرة وتسمية البيع والديارات. كتاب تسمية ما في شعر امرىء القيس من أسماء الرجال والنساء والجبال والمياه. كتاب داحس والغبراء. أخبار المنذر ملك العرب. كتاب أيام فزارة ووقائع بني شيبان. كتاب وقائع ضباب وفزارة. كتاب يوم سنّيق. كتاب يوم السنابس. كتاب أيام بني حنيفة «2» . كتاب أيام قيس بن ثعلبة. أخبار مسيلمة الكذاب. كتاب الفتيان الأربعة. كتاب الأحاديث. كتاب المقطعات. كتاب حبيب العطار. عجائب البحر. المنزل وهو كتاب النسب الكبير. كتاب أولاد الخلفاء. كتاب أمهات النبي صلى الله عليه وسلم. كتاب أمهات الخلفاء. كتاب العواقل. كتاب تسمية ولد عبد المطلب. كتاب كنى آباء الرسول صلى الله عليه وسلم. جمهرة الأنساب «3» ، رواها عنه ابن سعد كاتب الواقدي. هذا ما ذكره ابن النديم من تصانيفه، ولهشام أيضا الفريد في الأنساب، صنفه للمأمون. والملوكي في الانساب أيضا صنفه لجعفر بن يحيى البرمكي. والموجز في النسب أيضا وغير ذلك. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2781 [1208] هشام بن معاوية أبو عبد الله الضرير الكوفي النحوي صاحب أبي الحسن الكسائي: كان مشهورا بصحبته وعنه أخذ النحو. وله من التصانيف مقالة في النحو تعزى إليه. وكتاب الحدود في العربية. وكتاب المختصر في النحو. وكتاب القياس فيه أيضا، وغير ذلك. كان إسحاق بن إبراهيم بن مصعب قد كلّم المأمون يوما فلحن في كلامه، فنظر إليه المأمون ففطن لما أراد وخرج من عنده وجاء إلى هشام بن معاوية وقرأ النحو عليه. مات هشام سنة تسع ومائتين. [1209] هشام بن نهيس بن مسعود بن حارثة بن عمرو بن ربيعة بن ملكان بن عدي العدوي أخو ذي الرمة الشاعر المشهور: كان هشام هذا شاعرا مجيدا، وكان بينه وبين أخيه ذي الرمة ملاحاة فقال له: أغيلان إن ترجع قوى الودّ بيننا ... فكلّ الذي ولّى من العيش راجع فكن مثل أقصى الناس عندي فانني ... بطول التنائي من أخي السوء قانع وغيلان اسم ذي الرمة، فقال ذو الرمة له: أغرّ هشاما من أخيه ابن أمه ... قوادم ضأن أقبلت وربيع وهل تخلف الضأن الغزار أخا الندى ... إذا حلّ أمر في الصدور مريع فأجابه هشام فقال: إذا بان مالي من سوامك لم يكن ... إليك وربّ العالمين رجوع   [1208] ترجمة صاحب الكسائي في طبقات الزبيدي: 134 ونور القبس: 302 والفهرست: 76 وتاريخ أبي المحاسن: 186 وابن خلكان 6: 85 ونزهة الألباء: 113 وانباه الرواة 3: 364 والوافي (خ) ونكت الهميان: 305 وبغية الوعاة 2: 328 والبلغة: 279 واشارة التعيين: 371. [1209] انظر هذه الترجمة والشعر المتصل بها في الأغاني 17: 208- 209 فقد جاءت عرضا في ترجمة ذي الرمة. وهشام شاعر ومن حقه أن يذهب إلى معجم الشعراء. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2782 فأنت الفتى ما اهتزّ في الزّهر الندى ... وأنت إذا اشتدّ الزمان منوع وله: ما يفعل المرء فهو أهله ... كل امرىء يشبهه فعله ولا ترى أعجز من عاجز ... أسكتنا عن ذمّه بذله [1210] هلال بن العلاء أبو عمرو الرقي: كان من أهل العلم واللغة بالرقة مات سنة ثمانين ومائتين، ولا أعلم من أمره غير هذا. [1211] هلال بن المحسن بن إبراهيم بن هلال بن إبراهيم بن زهرون بن حيون الصابىء الحراني أبو الحسن، وهو حفيد أبي إسحاق الصابىء الكاتب المشهور: كان هلال هذا أديبا كاتبا فاضلا له معرفة بالعربية واللغة، أخذ عن أبي علي الفارسي وأبي الحسن الرماني وأبي بكر أحمد بن محمد بن الجراح الخراز، وكان صابئا ثم أسلم في آخر عمره وحسن إسلامه. وكتب عنه الخطيب البغدادي وقال: كان ثقة صدوقا. وصنف كتاب الأماثل والأعيان ومنتدى العواطف والاحسان، جمع فيه أخبارا وحكايات مستطرفة مما حكي عن الأعيان والأكابر، وهو كتاب ممتع. ومما يستحسن من تلك الأخبار قال «1» حدث القاضي أبو الحسين عبيد الله بن عياش أن رجلا اتصلت عطلته وانقطعت مدته، فزوّر كتابا عن الوزير أبي الحسن ابن الفرات إلى أبي زنبور الماذرائي عامل مصر يتضمن الوصاية به والتأكيد في الاقبال عليه   [1210] ترجمة هلال الرقي في بغية الوعاة 2: 329 (عن ياقوت) . [1211] ترجمة هلال الصابىء في تاريخ بغداد 14: 76 والمنتظم 8: 176 وابن خلكان 6: 101. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2783 والاحسان إليه، وخرج إلى مصر فلقيه به، فارتاب أبو زنبور في أمره لتغير الخطاب على ما جرت به العادة وكون الدعاء أكثر مما يقتضيه محله، فراعاه مراعاة قريبة ووصله بصلة قليلة واحتبسه عنده على وعد وعده به، وكتب إلى أبي الحسن ابن الفرات يذكر الكتاب الوارد عليه وأنفذه بعينه إليه واستثبته فيه، فوقف ابن الفرات على الكتاب المزوّر فوجد فيه ذكر الرجل وأنه من ذوي الحرمات والحقوق الواجبة عليه وما يقال في ذلك مما قد استوفى الخطاب فيه، فعرض ابن الفرات الكتاب على كتابه وعرّفهم الصورة فيه وعجب إليهم منها ومما أقدم عليه الرجل وقال لهم: ما الرأي في أمر هذا الرجل عندكم؟ فقال بعضهم: تأديبه أو حبسه، وقال آخر: قطع إبهامه لئلا يعاود مثل هذا ولئلا يقتدي به غيره فيما هو أكثر من هذا، وقال أحسنهم محضرا: يكشف لأبي زنبور قصته ويرسم له طرده وحرمانه، فقال ابن الفرات: ما أبعدكم عن الحرية والخيرية وأنفر طباعكم عنها، رجل توسّل بنا وتحمّل المشقة إلى مصر في تأميل الصلاح بجاهنا واستمداد صنع الله عز وجل بالانتساب إلينا ويكون أحسن أحواله عند أحسنكم محضرا تكذيب ظنّه وتخييب سعيه؟! والله لا كان هذا أبدا، ثم إنه أخذ القلم من دواته ووقّع على الكتاب المزوّر: هذا كتابي ولست أعلم لم أنكرت أمره واعترضتك شبهة فيه، وليس كلّ من خدمنا وأوجب حقا علينا تعرفه، وهذا رجل خدمني في أيام نكبتي، وما أعتقده في قضاء حقه أكثر مما كلّفتك في أمره من القيام به، فأحسن تفقّده ووفّر رفده، وصرّفه فيما يعود عليه نفعه ويصل إلينا بما يتحقق به ظنه ويتبين موقعه. وردّ الكتاب إلى أبي زنبور عامل مصر من يومه، فلما مضت على ذلك مدة طويلة دخل يوما على الوزير أبي الحسن ابن الفرات رجل ذو هيئة مقبولة، وبزّة جميلة، وأقبل يدعو له ويثني عليه ويبكي ويقبّل الأرض، فقال ابن الفرات: من أنت بارك الله فيك- وكانت هذه كلمته- فقال: أنا صاحب الكتاب المزوّر إلى أبي زنبور عامل مصر الذي صحّحه كرم الوزير وتفضّله فعل الله به وصنع، فضحك ابن الفرات وقال: كم وصل إليك منه؟ قال: وصل إليّ من ماله وتقسيط قسطه على عماله ومعامليه وعمل صرّفني فيه عشرون ألف دينار، فقال ابن الفرات: الحمد لله، الزمنا فانا نعرّضك لما يزداد به صلاح حالك، ثم اختبره فوجده كاتبا سديدا فاستخدمه وأكسبه مالا جزيلا؛ انتهى. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2784 مات هلال بن المحسن ليلة الخميس سابع عشر رمضان سنة ثمان وأربعين وأربعمائة، وكان ولادته في شوال سنة تسع وخمسين وثلاثمائة. [1212] همام بن غالب بن صعصعة بن ناجية بن عقال بن محمد بن سفيان بن مجاشع بن دارم بن عوف بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم بن مر التميمي، أبو فراس المعروف بالفرزدق الشاعر المشهور: كان جده صعصعة عظيم القدر في الجاهلية، وكان افتدى ثلاثمائة موءودة إلى أن جاء الله عز وجل بالإسلام، وكان أبوه غالب من سراة قومه ورئيسهم، وكان الفرزدق كثير التعظيم لقبر أبيه فما جاءه أحد واستجار به إلا نهض معه وساعده على بلوغ غرضه. حدث أبو عبد الله محمد بن سلام الجمحي قال «1» : سمعت يونس بن حبيب يقول: ما شهدت مشهدا قط ذكر فيه جرير والفرزدق وأجمع أهل المجلس على أحدهما، وكان يونس يقدم الفرزدق ويقول: ما كان بالبصرة مولّد مثله «2» . ولما هرب الفرزدق «3» من زياد بن أبيه حين هجا بني نهشل، فاستعدوا زيادا عليه، قدم المدينة واستجار بسعيد بن العاص فأجاره، وكان الحطيئة وكعب بن جعيل   [1217] ترجمة الفرزدق في الشعر والشعراء: 381 وطبقات ابن سلام: 299- 379 والأغاني 21: 298 (وراجع فهرسه) والموشح: 156 والسمط: 44 وابن خلكان 6: 86 والخزانة 1: 105 والشذرات 1: 141 والشريشي 1: 142 وشرح شواهد المغني: 4 وأمالي المرتضى 1: 43 ومرآة الجنان 1: 234 وعبر الذهبي 1: 236 وسير الذهبي 4: 590 ومعاهد التنصيص 1: 45 والنجوم الزاهرة 1: 268 وسرح العيون: 389، 464 والبداية والنهاية 9: 265 وأخباره منثورة في كتب الأدب والتاريخ ولصديقنا الدكتور شاكر الفحام دراسة مفيدة عنه، دمشق 1970؛ (وهذه الترجمة ليس موضعها معجم الأدباء) . الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2785 عند سعيد لما دخل الفرزدق عليه فأنشده الفرزدق: ترى الغرّ الجحاجح من قريش ... إذا ما الأمر في الحدثان عالا بني عمّ النبي ورهط عمرو ... وعثمان الألى غلبوا فعالا قياما ينظرون إلى سعيد ... كأنهم يرون به هلالا فقال الحطيئة: هذا والله الشعر أيها الأمير لا ما تعلّل به منذ اليوم، فقال كعب بن جعيل: فضّله على نفسك ولا تفضله على غيرك، فقال: بلى والله، أفضله على نفسي وعلى غيري، أدركت من قبلك وسبقت من بعدك. ثم قال له الحطيئة: يا غلام لئن بقيت لتبرزن علينا. وقال أبو عبيدة معمر بن المثنى «1» : كان الشعراء في الجاهلية من قيس وليس في الإسلام مثل حظ تميم في الشعر، وأشعر تميم جرير والفرزدق والاخطل، وكان المفضل الضبي يفضل الفرزدق، قيل له: الفرزدق أشعر أم جرير؟ قال الفرزدق: فقيل له: ولم؟ قال: لأنه قال بيتا هجا فيه قبيلتين فقال: عجبت لعجل إذ تهاجي عبيدها ... كما آل يربوع هجوا آل دارم فقيل له قد قال جرير: ان الفرزدق والبعيث وأمه ... وأبا البعيث لشرّ ما استار فقال: وأيّ شيء أهون من أن يقول إنسان: فلان وفلان وفلان والناس كلهم بنو الفاعلة. وحدث أبو حاتم السجستاني عن أبي عبيدة قال: سمعت يونس يقول: لولا شعر الفرزدق ذهب ثلث لغة العرب. وقال آخر: الفرزدق مقدم على الشعراء الإسلاميين هو وجرير والأخطل، ومحلّه في الشعر أكبر من أن ينبّه عليه بقول أو يدلّ على مكانه بوصف، لأنّ الخاص والعام يعرفانه بالاسم ويعلمان تقدمه بالخبر الشائع علما يستغنى به عن الإطالة في الوصف. وقد تكلم الناس في هذا قديما وحديثا وتعصبوا واحتجوا بما لا مزيد فيه. وبعد الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2786 إجماعهم على تقديم هؤلاء الثلاثة اختلفوا في أيهم أحقّ بالتقديم على الآخرين، فأما قدماء أهل العلم والرواة فلم يسوّوا بينهما وبين الأخطل لأنه لم يلحق شأوهما في الشعر ولا له مثل ما لهما من فنونه ولا تصرّف كتصرفهما في سائره، وقالوا: إن ربيعة أفرطت في الأخطل حين ألحقته بهما. وهم في الفرزدق وجرير قسمان: فمن كان يميل إلى جزالة الشعر وفخامته وشدّة أسره فيقدم الفرزدق، ومن كان يميل إلى الشعر المطبوع وإلى الكلام السمح السهل الغزل فيقدم جريرا. وقال ابن سلام «1» : كان الفرزدق أكثرهم بيتا مقلدا (والمقلّد البيت المستغني بنفسه المشهور الذي يضرب به المثل) فمن ذلك قوله: فيا عجبا حتى كليب تسبّني ... كأن أباها نهشل ومجاشع وقوله: ليس الكرام بمانحيك أباهم ... حتى تردّ إلى عطية تعتل وقوله: وكنا إذا الجبار صعّر خدّه ... ضربناه حتى تستقيم الأخادع وقوله: وكنت كذئب السوء لما رأى دما ... بصاحبه يوما أحال على الدم وقوله: وان تنج مني تنج من ذي عظيمة ... وإلا فاني لا إخالك ناجيا وقوله: ترى كلّ مظلوم إلينا فراره ... ويهرب منا جهده كلّ ظالم وقوله: أحلامنا تزن الجبال رزانة ... وتخالنا جنّا إذا ما نجهل ومقلداته في شعره كثيرة وفيما اوردناه منها كفاية وبشهرته غنى عن إيراد طرف من شعره. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2787 قال أبو اليقظان «1» : أسنّ الفرزدق حتى قارب المائة فأصابته الدبيلة وهو بالبادية، فقدم به إلى البصرة وأتي برجل متطبب من بني قيس فأشار بأن يكوى ويسقى النفط الأبيض، فقال: أتعجلون لي طعام أهل النار في الدنيا؟! وجعل يقول: أروني من يقوم لكم مقامي ... إذا ما الأمر جلّ عن الخطاب ومات في مرضه ذلك سنة عشر ومائة ومات جرير بعده بستة أشهر، ومات في هذه السنة الحسن البصري وابن سيرين، فقالت امرأة من أهل البصرة: كيف يفلح بلد مات فقيهاه وشاعراه في سنة؟ ولما نعي إلى جرير بكى ثم أنشأ يقول «2» : فجعنا بحمّال الديات ابن غالب ... وحامي تميم كلّها والبراجم بكيناك حدثان الفراق وإنما ... بكيناك شجوا للأمور العظائم فلا حملت بعد ابن ليلى مهيرة ... ولا شدّ أنساع المطيّ الرواسم ورثاه أبو ليلى المجاشعي بأبيات منها «3» : لعمري لقد أشجى تميما وهدّها ... على نكبات الدهر موت الفرزدق لقد غيّبوا في اللحد من كان ينتمي ... إلى كلّ بدر في السماء محلق لتبك النساء المعولات ابن غالب ... لجان وعان في السلاسل موثق [1213] الهيثم بن عدي بن عبد الرحمن بن زيد بن سيد بن جابر بن عدي أبو   [1213] ترجمة الهيثم بن عدي في تاريخ خليفة: 472 والبيان والتبيين 1: 347، 361 والمعارف: 538 والفهرست: 112 وتاريخ بغداد 14: 50 ونور القبس: 293 وانباه الرواة 3: 365 وابن خلكان 6: 106 وميزان الاعتدال 4: 324 وعبر الذهبي 1: 353 وسير الذهبي 10: 103 ومرآة الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2788 عبد الرحمن الطائي الكوفي، أصله من منبج، وأمه من سبي منبج: ولد بالكوفة قبل سنة ثلاثين ومائة، وكان اخباريا علامة رواية، نقل من أخبار العرب وأشعارها ولغاتها شيئا كثيرا، وروى عن هشام بن عروة وعبد الله بن عياش المنتوف ومجالد. قال البخاري ويحيى بن معين: ليس بثقة كان يكذب، وقال أبو داود مثل ذلك، وقال النسائي: متروك، وقال الحافظ ابن عدي: حديثه في المسند قليل، إنما هو صاحب أخبار. وكانت جارية الهيثم بن عدي تقول «1» : كان مولاي يقوم عامة الليل يصلّي فإذا أصبح جلس يكذب. وقال الجاحظ قال أبو يعقوب الخريمي «2» : ما رأيت كثلاثة رجال كانوا يأكلون الناس أكلا حتى إذا رأوا ثلاثة رجال ذابوا كما يذوب الرصاص على النار، كان هشام بن الكلبي علامة نسابة راوية للمثالب عيّابة فإذا رأى الهيثم بن عديّ ذاب كما يذوب الرصاص، وكان علي بن الهيثم حرّيفا مفقعا صاحب تقعّر، يستولي على كل كلام لا يحفل بخطيب ولا شاعر، فإذا رأى موسى الضبيّ ذاب كما يذوب الرصاص، وكان علويه واحد الناس في الغناء رواية وحكاية ودراية وصنعة وجودة ضرب وإطراب وحسن حلق، فإذا رأى مخارقا ذاب كما يذوب الرصاص على النار. وكان «3» الهيثم بن عدي قد تزوج في بني الحارث بن كعب فلم يرتضوه فأذاعوا عنه انه ذكر العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه بشيء فحبس لذلك، ثم ركب محمد بن زياد بن عبد الله بن عبد المدان الحارثي ومعه جماعة من الحارثيين إلى هارون الرشيد فسألوه أن يفرّق بين الهيثم وبين التي تزوجها من بني الحارث، فقال الرشيد: أليس هو الذي يقول فيه الشاعر:   الجنان 2: 32 ولسان الميزان 6: 209 والنجوم الزاهرة 2: 184 وطبقات الداودي 2: 354 وانظر مروج الذهب 3: 219. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2789 إذا نسبت عديا في بني ثعل ... فقدّم الدال قبل العين في النسب قالوا: بلى يا أمير المؤمنين، قال: فهذا الشعر من قاله؟ قالوا: هو لرجل من أهل الكوفة من بني شيبان يقال له ذهل بن ثعلبة، فأمر الرشيد داود بن يزيد أن يفرّق بينهما، فأخذوا الهيثم وأدخلوه دارا وضربوه بالعصي حتى طلقها. وقد ورد هذا البيت المنسوب إلى ذهل بن ثعلبة في أبيات لأبي نواس يهجو بها الهيثم، فما أدري أفي نسبته إلى ذهل وهم أم هو له، وورد في شعر أبي نواس على سبيل التضمين والاستشهاد. وكان سبب «1» هجو أبي نواس للهيثم أنّ أبا نواس حضر مجلس الهيثم في حداثته والهيثم لا يعرفه، فلم يستدنه ولا قرّبه، فقام مغضبا، فسأل الهيثم عنه فعرّفوه به، فقال: إنا لله، هذه والله بلية لم أجنها على نفسي، قوموا بنا إليه لنعتذر، فساروا إليه ودق الهيثم عليه الباب وتسمّى له، فقال: ادخل فدخل فإذا هو قاعد يصفّي نبيذا له، وقد أصلح بيته بما يصلح به مثله، فقال الهيثم: المعذرة إلى الله تعالى ثم إليك فما عرفتك، وما الذنب إلا لك حيث لم تعرّفنا نفسك فنقضي حقك ونبلغ الواجب من برك، فأظهر له قبول المعذرة، فقال الهيثم: أستعهدك من قول سبق منك فيّ، فقال: ما قد مضى فلا حيلة فيه، ولك الأمان مما استأنف، فقال: ما الذي مضى جعلت فداك؟ قال بيت مرّ وأنا فيما رأيت من الغضب، قال فأنشدنيه، فدافعه فألحّ عليه فأنشده: يا هيثم بن عدي لست للعرب ... ولست من طيّء الا على شغب إذا نسبت عديا في بني ثعل ... فقدّم الدال قبل العين في النسب فقام الهيثم من عنده ثم بلغه بعد ذلك بقية الأبيات وهي: لهيثم بن عدي في تلوّنه ... في كل يوم له رحل على خشب فيما يزال أخا حلّ ومرتحل ... إلى الموالي وأحيانا إلى العرب له لسان يزجّيه بجوهره ... كأنه لم يزل يغدو على قتب الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2790 كأنني بك فوق الجسر منتصبا ... على جواد قريب منك في الحسب حتى نراك وقد درّعته قمصا ... من الصديد مكان الليف والكرب لله أنت فما قربى تهمّ بها ... الا اجتلبت لها الأنساب من كثب فعاد الهيثم إليه وقال: يا سبحان الله قد أمّنتني وجعلت لي عهدا ان لا تهجوني فقال: وإنهم يَقُولُونَ ما لا يَفْعَلُونَ (الشعراء: 226) وكان الهيثم مكروها لأنه كان يتعرض لأحوال الناس وأخبارهم فيرويها على وجهها ويشيع ما كتموا، فكرهوه ووشوا به إلى الولاة وأغروا الشعراء بهجوه. حدث علي بن جبلة الشاعر المشهور المعروف بالعكوك قال «1» : جاءني أبو يعقوب الخريمي فقال: إن لي إليك حاجة، قلت: وما هي؟ قال: تهجو لي الهيثم بن عدي، فقلت: وما لك أنت لا تهجوه وأنت شاعر؟ فقال: قد فعلت فما جاءني شيء كما أريد، فقلت له: كيف أهجو رجلا لم يتقدم إليّ منه إساءة ولا له إليّ جرم يحفظني؟ فقال: تقرضني فاني مليّ بالوفاء والقضاء، قلت: نعم فأمهلني اليوم، فمضى وغدوت عليه فأنشدته: للهيثم بن عديّ نسبة جمعت ... آباءه فأراحتنا من العدد اعدد عديا فلو مدّ البقاء له ... ما عمّر الناس لم ينقص ولم يزد نفسي فداء بني عبد المدان وقد ... تلّوه للوجه واستعلوه بالعمد حتى أزالوه كرها عن كريمتهم ... وعرّفوه بذلّ أين أصل عدي يا ابن الخبيثة من أهجو فأفضحه ... إذا هجوت وما تنمى إلى أحد قوله: نفسي فداء بني عبد المدان والبيت الذي بعده: إشارة إلى الخبر الذي تقدم من قدوم محمد بن زياد بن عبد المدان على الرشيد واستظهاره به على تطليق فتاتهم الحارثية من الهيثم، وقد تقدمت القصة. مات الهيثم بفم الصلح سنة تسع ومائتين وقيل سنة سبع وله ثلاث وتسعون سنة. وله من المصنفات: كتاب هبوط آدم وافتراق العرب. كتاب نزول العرب الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2791 بخراسان والسواد. كتاب بيوتات العرب. كتاب بيوتات قريش. كتاب المثالب الكبير. كتاب المعمرين. كتاب نسب طيء. أخبار طيء ونزولها الجبلين وحلف ذهل وثعل. كتاب حلف كلب وتميم وذهل وطيء وأسد. كتاب المثالب الصغير. كتاب مثالب ربيعة. كتاب النواقل. كتاب من تزوج من الموالي في العرب. أسماء بغايا قريش في الجاهلية وأسماء من ولدن. كتاب الدولة. تاريخ العجم وبني أمية. تاريخ الأشراف الكبير. تاريخ الأشراف الصغير. كتاب مديح أهل الشام. كتاب مداعي أهل الشام. أخبار زياد بن أبيه. كتاب الجامع. كتاب الوفود. كتاب النشاب. كتاب ولاة الكوفة. كتاب خطط الكوفة. كتاب النكد. كتاب النساء. كتاب فخر أهل الكوفة على أهل البصرة. كتاب قضاة الكوفة والبصرة. طبقات من روى عن النبي صلى الله عليه وسلّم من الصحابة. طبقات الفقهاء والمحدثين. كتاب تسمية الفقهاء والمحدثين. كتاب شرط الخلفاء. كتاب خواتيم الخلفاء. كتاب عمال الشرط لأمراء العراق. أخبار الحسن عليه السلام. التاريخ مرتب على السنين. كتاب خطب المضرس بمكة والمدينة. كتاب مقتل خالد بن عبد الله القسري والوليد بن يزيد. كتاب الصوائف. كتاب الخوارج. كتاب المواسم. كتاب النوادر. مقطعات الأعراب. أخبار الفرس. المحبر. منتحل الجواهر. كتاب كنى الأشراف. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2792 حرف الواو [1214] واصل بن عطاء أبو حذيفة الغزّال مولى بني ضبة: كان متكلما بليغا أديبا متفننا خطيبا، ولقب بالغزال لكثرة جلوسه في سوق الغزّالين إلى أبي عبد الله مولى قطن الهلالي. وكان بشار بن برد قبل أن يدين بالرجعة ويكفّر جميع الأمة كثير المديح لواصل بن عطاء وفضّله في الخطابة على خالد بن صفوان وشبيب بن شبة والفضل بن عيسى يوم خطبوا عند عبد الله بن عمر بن عبد العزيز والي العراق، فقال في ذلك «1» : أبا حذيفة قد أوتيت معجزة ... من خطبة بدهت من غير تقدير وإن قولا يروق الخالدين معا ... لمسكت مخرس عن كلّ تحبير وقال في ذلك أيضا «2» : تكلّفوا القول والأقوام قد حفلوا ... وحبّروا خطبا ناهيك من خطب فقام مرتجلا تغلي بداهته ... كمرجل القين لما حفّ باللهب   [1214] ترجمة واصل في الفهرست: 202 وأمالي المرتضى 1: 163 وابن خلكان 6: 7 وميزان الاعتدال 4: 329 وسير الذهبي 5: 464 ومرآة الجنان 1: 274 ولسان الميزان 6: 214 والفرق بين الفرق: 117 والنجوم الزاهرة 1: 313 والشذرات 1: 182 وفي البيان والتبيين معلومات عنه، وخطبته التي جانب فيها الراء وردت في نوادر المخطوطات: 134 وانظر فرق وطبقات المعتزلة (تحقيق النشار وعصام الدين علي) : 41- 48 وخطط المقريزي 2: 345 ومروج الذهب 5: 22 ومقاتل الطالبيين: 293 ورغبة الآمل 7: 78، 114، 116. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2793 وجانب الراء لم يشعر به أحد ... قبل التصفح والإغراق في الطلب قوله: وجانب الراء إشارة إلى لثغة واصل، وكان واصل الثغ قبيح اللثغة في الراء، فكان يخلص كلامه من الراء ولا يفطن لذلك السامع لاقتداره على الكلام وسهولة ألفاظه، وفي ذلك يقول أبو الطروق الضبي «1» : عليم بابدال الحروف وقامع ... لكلّ خطيب يغلب الحقّ باطله ولما قال بشار بالرجعة» وتتابع على واصل ما يشهد بالحاده قال واصل: أما لهذا الأعمى الملحد، أما لهذا المشنّف المكنّى بأبي معاذ من يقتله؟! أما والله لولا أن الغيلة سجية من سجايا الغالية لدسست إليه من يبعج بطنه في جوف منزله أو في حفله ثم لا يتولّى ذلك إلا عقيلي أو سدوسي، فقال: أبو معاذ، ولم يقل بشار، وقال المشنف ولم يقل المرعث، وكان بشار ينبز بالمرعث، وقال من سجايا الغالية ولم يقل الرافضة، وقال في منزله ولم يقل في داره، وقال يبعج ولم يقل يبقر، كلّ ذلك تخلصا من الراء. ولما بلغ بشارا إنكار واصل عليه وأنه يهتف به قال يهجوه «3» : ما لي أشايع غزّالا له عنق ... كنقنق الدوّ إن ولّى وإن مثلا عنق الزرافة ما بالي وبالكم ... أتكفرون رجالا أكفروا رجلا وكان واصل في أول أمره يجلس إلى الحسن البصري، فلما ظهر الاختلاف وقالت الخوارج بتكفير مرتكب الكبائر وقال الجماعة بايمانهم خرج واصل عن الفريقين وقال بمنزلة بين المنزلتين، فطرده الحسن عن مجلسه، فاعتزل عنه، وتبعه عمرو بن عبيد، ومن ثمّ سمّوا وجماعتهم المعتزلة. ومما قيل في لثغه بالراء قول بعضهم «4» : ويجعل البرّ قمحا في تصرّفه ... وخالف الراء حتى احتال للشّعر ولم يطق مطرا في القول يجعله ... فعاذ بالغيث إشفاقا من المطر الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2794 وقال قطرب «1» : سألت عثمان البري: كيف كان يصنع واصل بالعدد بعشرة وعشرين وأربعين، وبالقمر وبالبدر ويوم الأربعاء والمحرم وصفر وربيع الأول والآخر وجمادى الآخرة فقال: ما لي فيه إلا قول صفوان بن إدريس: ملقّن ملهم فيما يحاوله ... جمّ خواطره جوّاب آفاق ولواصل بن عطاء خطب وحكم من الكلام ومناظرات ورسائل وأخبار يطول ذكرها، وله شعر أجاد فيه ومنه: تحامق مع الحمقى إذا ما لقيتهم ... ولا تلقهم بالعقل إن كنت ذا عقل فإن الفتى ذا العقل يشقى بعقله ... كما كان قبل اليوم يشقى ذوو الجهل وله من التصانيف: معاني القرآن. وكتاب التوبة. وكتاب الخطب في التوحيد. وكتاب المنزلة بين المنزلتين. وكتاب السبيل الى معرفة الحق. وكتاب ما جرى بينه وبين عمرو بن عبيد. وكتاب أصناف المرجئة. وكتاب خطبه التي أخرج منها الراء. وطبقات أهل العلم والجهل. وغير ذلك. ولد واصل بالمدينة سنة ثمانين وتوفي سنة إحدى وثلاثين ومائة. [1215] وثيمة بن موسى بن الفرات أبو يزيد الفارسي الفسوي الوشاء المحدث الأديب الاخباري: كان يتّجر في الوشي، وهو نوع من الثياب المنسوجة من الابريسم. حدث عن سلمة بن فضل عن ابن سمعان عن الزهري بأحاديث موضوعة،   [1215] ترجمة وثيمة في جذوة المقتبس: 340 (بغية الملتمس رقم: 1415) وابن الفرضي 2: 165 وابن خلكان 6: 12 وفوات الوفيات 2: 625 (الطبعة المصرية، وسقط من الطبعة التي صدرت بتحقيقي) ومرآة الجنان 2: 118 والشذرات 2: 89 وكتابه في الردة مصدر مهم لدى ابن حجر في الاصابة. ولفظة «وثيمة» تعني الجماعة من الحشيش والطعام وتعني الصخرة. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2795 وله عن مالك حديث منكر، وسمع منه أحمد بن إبراهيم بن ملحان، وحدث عنه ابنه أبو رفاعة عمارة بن وثيمة. وسافر وثيمة في أول أمره من بلده إلى البصرة ثم إلى مصر ومنها إلى الأندلس، ثم عاد إلى مصر وبها مات يوم الاثنين لعشر خلون من جمادى الأولى سنة سبع وثلاثين ومائتين. وصنف كتاب أخبار الردة، ذكر فيه القبائل التي ارتدت بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلّم، وسرايا أبي بكر التي سيّرها لقتالهم وما جرى بينهم، ومن رجع منهم إلى الإسلام، وأخبار خالد بن الوليد مع مالك بن نويرة وقتله له، ومراثي متمم بن نويرة في أخيه، وغير ذلك. [1216] الوليد بن عبيد الله بن يحيى بن عبيد بن شملال بن جابر بن مسلمة بن مسهر بن الحارث بن جشم بن أبي حارثة بن جدي بن بدول بن بحتر، أبو عبادة وأبو الحسن، والأول أشهر، البحتري الطائي الشاعر المشهور: كان فاضلا أديبا فصيحا بليغا شاعرا مجيدا، وكان بعض أهل عصره يقدمونه على أبي تمام بادىء الرأي ويختمون به الشعراء، وروى عنه شعره أبو العباس المبرد وابن المرزبان محمد بن خلف وأبو بكر الصولي والمحاملي أبو عبد الله. ولد بمنبج من أعمال حلب وبها نشأ وتنبل وقال الشعر، ثم صار إلى أبي تمام وهو بحمص فعرض عليه شعره، وكان يجلس للشعراء فيعرضون عليه أشعارهم، فلما سمع أبو تمام شعره أقبل عليه وقال له: أنت أشعر من أنشدني. وللبحتري تصرف حسن في ضروب الشعر سوى الهجاء فإنه لم يحسنه، وأجود شعره ما كان في الأوصاف. وكان يتشبه بأبي تمام في شعره ويحذو حذوه وينحو نحوه في البديع الذي كان أبو تمام يستعمله ويراه إماما ويقدمه على نفسه ويقول في الفرق   [1216] ترجمة البحتري في الأغاني 21: 39 والفهرست: 190 وتاريخ بغداد 13: 476 والمنتظم 6: 11 ومعجم البلدان (منبج) وابن خلكان 6: 21 وعبر الذهبي 2: 73 وسير الذهبي 13: 486 والبداية والنهاية 11: 76 والنجوم الزاهرة 3: 99 والشذرات 2: 186 وأخبار البحتري للصولي (دمشق 1958) والموازنة للآمدي، ويونس السامرائي: البحتري في سامراء (1- 2) بغداد: 1971 وخليفة الوقيان: شعر البحتري، بيروت: 1985. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2796 بينهما قول منصف: إن جيد أبي تمام خير من جيدي ورديئي خير من رديئه. وقال له الحسين بن إسحاق يوما: إن الناس يزعمون أنك أشعر من أبي تمام، فقال: والله ما ينفعني هذا القول ولا يضرّ أبا تمام، والله ما أكلت الخبز إلا به، ولوددت أن الأمر كما قالوا، ولكنّي والله تابع له لائذ به، نسيمي يركد عند هوائه، وأرضي تنخفض عند سمائه. وحدث محمد بن علي الأنباري قال: سمعت البحتري يقول: أنشدني أبو تمام يوما لنفسه «1» : وسابح هطل التعداء «2» هتان ... على الجراء أمين غير خوّان فلو تراه مشيحا والحصى زيم «3» ... بين السنابك من مثنى ووحدان أيقنت إن تتثبّت «4» أن حافره ... من صخر تدمر أو من وجه عثمان «5» ثم قال لي: ما هذا الشعر؟ قلت: لا أدري، قال: هذا هو الاستطراد، قلت: وما معنى ذلك؟ قال: يريك أنه يريد وصف الفرس، وهو يريد هجاء عثمان. قال المؤلف الفقير: وهذا هو الذي ذكره علماء البديع في تعريف الاستطراد. وقد نحا البحتري نحو أبي تمام فوصف فرسا واستطرد إلى هجو حمدويه الأحول فقال «6» : ما إن يعاف قذى ولو أوردته ... يوما خلائق حمدويه الأحول وهو من قصيدة امتدح بها محمد بن علي القمي، وكان حمدويه عدوّا له فهجاه في عرض مدحه لمحمد القمي. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2797 وكانت ولادة البحتري سنة ست ومائتين وتوفي بمنبج بمرض السكتة سنة أربع وثمانين ومائتين. وله كتاب الحماسة على مثال حماسة أبي تمام. وكتاب معاني الشعر. وديوان في مجلدين جمعه أبو بكر الصولي ورتبه على الحروف، وجمعه أيضا علي بن حمزة الأصفهاني الأخباري ورتبه على الأنواع كما صنع بشعر أبي تمام. ومن غرر شعره في المديح قصيدته الرائية التي مدح بها المتوكل على الله يهنئه بعيد الفطر ويذكر خروجه فيه للصلاة قال «1» : الله مكّن للخليفة جعفر ... ملكا يجمّله الخليفة جعفر نعمى من الله اصطفاه بفضلها ... والله يرزق من يشاء ويقدر ومنها: بالبرّ صمت وأنت أفضل صائم ... وبسنّة الله الرضية تفطر فانعم بيوم الفطر عينا إنه ... يوم أغرّ من الزمان مشهّر أظهرت عزّ الملك فيه بجحفل ... لجب يحاط الدين فيه وينصر خلنا الجبال تسير فيه وقد غدت ... عددا يسير به العديد الأكثر والخيل تصهل والفوارس تدّعي ... والبيض تلمع والأسنّة تزهر ومنها: حتى طلعت بضوء وجهك فانجلى ... ذاك الدجى وانجاب ذاك العثير وافتنّ فيك الناظرون فاصبع ... يومى إليك بها وعين تنظر يجدون رؤيتك التي فازوا بها ... من أنعم الله التي لا تكفر ذكروا بطلعتك النبيّ فهللوا ... لما طلعت من الصفوف وكبروا حتى انتهيت إلى المصلّى لابسا ... نور الهدى يبدو عليك ويظهر ومشيت مشية خاشع متواضع ... لله لا يزهو ولا يتكبر الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2798 فلو ان مشتاقا تكلّف فوق ما ... في وسعه لسعى إليك المنبر وله من قصيدة يمدح بها علي بن مر «1» : لم يبق من جلّ هذا الناس باقية ... ينالها الفهم إلا هذه الصور جهل وبخل وحسب المرء واحدة ... من تين حتى يعفّى خلفه الأثر إذا محاسني اللاتي أدلّ بها ... كانت ذنوبي فقل لي كيف أعتذر أهزّ بالشعر أقواما ذوي وسن ... في الجهل لو ضربوا بالسيف ما شعروا عليّ نحت القوافي من مقاطعها ... وما عليّ إذا لم تفهم البقر ومنها في المديح: لولا علي بن مر لاستمرّ بنا ... خلف من العيش فيه الصاب والصّبر عذنا بأروع أقصى نيله كثب ... على العفاة وأدنى سعيه سفر ألحّ جودا ولم تضرر سحائبه ... وربما ضرّ في إلحاحه المطر مواهب ما تجشمنا السؤال لها ... إنّ الغمام قليب ليس يحتفر ومن غرر شعره في الأوصاف قوله يصف إيوان كسرى «2» : حضرت رحلي الهموم فوجّه ... ت إلى أبيض المدائن عنسي أتسلّى عن الحظوظ وآسى ... لمحلّ من آل ساسان درس ذكرتنيهم الخطوب التوالي ... ولقد تذكر الخطوب وتنسي وهم خافضون في ظلّ عال ... مشرف يحسر العيون ويخسي «3» مغلق بابه على جبل القب ... ق إلى دارتي خلاط ومكس «4» نقل الدهر عهدهنّ عن الج ... دّة حتى غدون أنضاء لبس الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2799 فكأنّ الجرماز من عدم الإن ... س واخلاله بنية رمس «1» لو تراه علمت أن الليالي ... جعلت فيه مأتما بعد عرس وهو ينبيك عن عجائب قوم ... لا يشاب البيان فيهم «2» بلبس فإذا ما رأيت صورة أنطا ... كية ارتعت بين روم وفرس والمنايا مواثل وأنوشر ... وان يزجي الصفوف تحت الدرفس «3» في اخضرار من اللباس على أص ... فر يختال في صبيغة ورس وعراك الرجال بين يديه ... في خفوت منهم وإغماض جرس من مشيح يهوي بعامل رمح ... ومليح من السنان بترس تصف العين أنهم جدّ أحيا ... ء لهم بينهم إشارة خرس يغتلي فيهم ارتيابي حتى ... تتقراهم يداي بلمس قد سقاني ولم يصرّد أبو الغو ... ث على العسكرين شربة خلس «4» من مدام تخالها ضوء نجم ... نوّر الليل أو مجاجة شمس وتراها إذا أجدّت سرورا ... وارتياحا للشارب المتحسي أفرغت في الزجاج من كلّ قلب ... فهي محبوبة إلى كلّ نفس حلم مطبق على الشكّ عيني ... أم أمان غيّرن ظنّي وحدسي وكأنّ الإيوان من عجب الصن ... عة جون في جنب أرعن جلس «5» يتظنّى «6» من الكآبة إذ يب ... دو لعيني مصبّح أو ممسّي مزعجا بالفراق عن أنس إلف ... عزّ أو مرهقا بتطليق عرس عكست حظّه الليالي وبات ال ... مشتري فيه وهو كوكب نحس الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2800 فهو يبدي تجلدا وعليه ... كلكل من كلاكل الدهر مرسي لم يعبه أن بزّ من بسط الدي ... باج واستلّ من ستور الدمقس مشمخرّ تعلو له شرفات ... رفعت في رؤوس رضوى وقدس لابسات من البياض فما تب ... صر منها إلا غلائل برس «1» ليس يدرى أصنع إنس لجنّ ... صنعوه أم صنع جنّ لإنس غير أني أراه يشهد أن لم ... يك بانيه في الملوك بنكس «2» وكأني أرى المواكب والقو ... م إذا ما بلغت آخر حسي وكأن الوفود ضاحين حسرى ... من وقوف خلف الزحام وجلس وكأن القيان وسط المقاصي ... ر يرجّعن بين حور ولعس وكأن اللقاء أول من أم ... س ووشك الفراق أول أمس وكأن الذي يريد اتباعا ... طامع في لقائهم بعد خمس عمرت للسرور دهرا فصارت ... للتعزّي ربوعهم والتأسّي فلها أن أعينها بدموع ... موقفات على الصبابة حبس ذاك عندي وليست الدار داري ... باقترابي منها ولا الجنس جنسي غير نعمى لأهلها عند أهلي ... غرسوا من رطابها «3» خير غرس أيدوا ملكنا وشدّوا قواه ... بكماة تحت السنوّر حمس «4» وأعانوا على كتائب أريا ... ط بطعن على النّحور ودعس «5» وأراني من بعد أكلف بالأشرا ... ف طرّا من كلّ سنخ وأسّ «6» الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2801 [1217] وهب بن منبه أبو عبد الله اليماني الأخباري صاحب القصص: كان من خيار التابعين ثقة صدوقا كثير النقل من الكتب القديمة المعروفة بالاسرائيليات. قال ابن قتيبة: كان وهب بن منبه يقول: قرأت من كتب الله تعالى اثنين وسبعين كتابا. صنف كتاب القدر ثم ندم على تصنيفه. حدث سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار قال: دخلت على وهب بن منبه داره بصنعاء فأطعمني من جوزة في داره فقلت له: وددت أنك لم تكن كتبت في القدر كتابا، قال: وأنا والله وددت ذلك. وروى حماد بن سلمة عن أبي سنان قال: سمعت وهب بن منبه يقول: كنت أقول بالقدر حتى قرأت بضعة وسبعين كتابا من كتب الأنبياء في كلها: «من جعل لنفسه شيئا من المشيئة فقد كفر» فتركت قولي. ولوهب أيضا كتاب الملوك المتوجة من حمير وأخبارهم وغير ذلك. ومن كلامه: العلم خليل المؤمن، والحلم وزيره، والعقل دليله، والصبر جنوده، والرفق أبوه، واللين أخوه. مات وهب وهو على قضاء صنعاء سنة أربع عشرة ومائة وقيل سنة عشر، والأول أصح. [1218] وهب بن وهب بن كثير بن عبد الله بن زمعة بن الأسود بن المطلب بن   [1217] لوهب بن منبه ترجمة في طبقات ابن سعد 5: 543 والزهد لابن حنبل: 371 والمعارف: 459 وحلية الأولياء 4: 23 وطبقات الشيرازي: 74 وطبقات فقهاء اليمن: 57 وابن خلكان 6: 37 وتذكرة الحفاظ 1: 95 وعبر الذهبي 1: 143 وسير الذهبي 4: 544 والبداية والنهاية 9: 276 وتهذيب التهذيب 11: 166 وطبقات الخواص: 161 وطبقات الحفاظ للسيوطي: 41 والشذرات 1: 150. [1218] للقاضي أبي البختري ترجمة في طبقات ابن سعد 7: 332 ونسب قريش: 222 والفهرست: 113 وتاريخ بغداد 13: 451 وابن خلكان 6: 37 وميزان الاعتدال 4: 353 (ولسان الميزان 6: 231) ومرآة الجنان 1: 463 وعبر الذهبي 1: 334 والشذرات 1: 360. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2802 أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب، القاضي أبو البختري القرشي الأسدي المدني: كان فقيها أخباريا نسابا لكنه متّهم في الحديث، وكان جوادا ممدّحا يحبّ المدح ويثيب عليه. روى عن هشام بن عروة وجعفر بن محمد وعبيد الله بن عمر، وروى عنه الربيع بن ثعلب والمسيب بن واضح ورجاء بن سهل وجماعة. وسكن بغداد وولي قضاء عسكر المهدي ثم قضاء المدينة ثم ولي حربها وصلاتها. توفي في بغداد سنة مائتين. وله من الكتب: كتاب صفة النبي صلى الله عليه وسلم. وكتاب فضائل الأنصار. وكتاب الفضائل الكبير. وكتاب نسب ولد إسماعيل. وكتاب طسم وجديس. وكتاب الرايات. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2803 حرف الياء [1219] ياقوت بن عبد الله مهذب الدين أبو الدر الرومي: أحد أدباء العصر وشعرائه المجيدين، نشأ ببغداد، وحفظ القرآن، وعني بالتحصيل في المدرسة النظامية فقرأ فيها العلوم العربية والأدبية على جماعة، وغلب عليه الشعر، وكان حسن الخط والضبط، وله ديوان شعر لطيف. بلغتنا وفاته في ربيع الآخر سنة اثنتين وعشرين وستمائة. ومن شعره قوله: لك منزل في القلب ليس يحلّه ... إلا هواك وعن سواك أجلّه يا من إذا جليت محاسن وجهه ... علم العذول بأن ظلما عذله الوجه بدر دجى عذارك ليله ... والقدّ غصن نقا وشعرك ظله هذي جفونك أعربت عن سحرها ... وعذار خدّك كاد ينطق نمله عار لمثلي أن يرى متسليا ... وجمال وجهك ليس يوجد مثله هل في الورى حسن أهيم بحبه ... هيهات أضحى الحسن عندك كلّه   [1219] ترجمة أبي الدر الرومي في ابن خلكان 6: 122 (وهو ينقل عن ابن النجار) وتكملة المنذري رقم: 2041 وتاريخ ابن الدبيثي ج 2 الورقة: 36 (من مخطوطة كيمبردج) والمختصر المحتاج إليه 2: 201 (تحت عبد الرحمن) رقم: 855 وسير الذهبي 22: 308 والنجوم الزاهرة 5: 283 ومرآة الجنان 4: 49 وقلائد الجمان: 9 الورقة 349 والبدر السافر الورقة: 221 والوافي (خ) والشذرات 5: 105. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2804 وله من قصيدة «1» : جسدي لبعدك يا مثير بلابلي ... دنف بحبّك ما أبلّ بلى بلي يا من إذا ما لام فيه لوائمي ... أوضحت عذري بالعذار السائل أأجيز قتلي في «الوجيز» لقاتلي ... أم حلّ في «التهذيب» أم في «الشامل» أم في «المهذّب» أن يعذّب عاشق ... ذو مقلة عبرى ودمع هامل [1220] ياقوت بن عبد الله الرومي الأصل ، نزيل الموصل، الكاتب الأديب النحوي: أخذ النحو والأدب عن ابن الدهان أبي محمد سعيد بن المبارك ولازمه، وكان واحد عصره في جودة الخطّ واتقانه على طريقة ابن البواب، فقصده الناس من البلاد، وكتب عليه خلق لا يحصون كثرة. اجتمعت به في الموصل سنة ثلاث عشرة وستمائة فرأيته على جانب عظيم من الأدب والفضل والنباهة والوقار وقد أسن وبلغ من الكبر الغاية، ورأيت كتبا كثيرة بخطه يتداولها الناس ويتغالون بأثمانها، بينها عدّة نسخ من «الصحاح» للجوهري «و «المقامات الحريرية» وتوفي في السنة التي عدت فيها من خوارزم الى الموصل سنة ثماني عشرة وستمائة عن سن عالية. [1221] يحيى بن أحمد، أبو زكريا الفارابي: أحد الأئمة المتّبعين في اللغة، تخرج به جماعة من أهل فاراب وما وراء النهر. روى الحديث عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن عبيد الله بن شريح البخاري وعن الحسن بن منصور. وصنف كتاب المصادر في اللغة، مات سنة [ ... ] .   [1220] ترجمة ياقوت الكاتب الرومي في ابن خلكان 6: 119 والنجوم الزاهرة 5: 283. [1221] ترجمة أبي زكريا الفارابي في بغية الوعاة 2: 331 (عن ياقوت) . الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2805 [1222] يحيى بن أحمد، أبو بكر المعروف بابن الخياط الأندلسي: كان أديبا شاعرا متقنا للحساب والهندسة بارعا في علم النجوم. أخذ عن أبي القاسم مسلمة بن أحمد المجريطي، وخدم بصناعة أحكام النجوم سليمان بن الحكم بن الناصر لدين الله أمير المؤمنين وغيره من الأمراء، وكانت له معرفة بصناعة الطب وحسن المعالجة، حسن السيرة والمذهب. توفي بطليطلة سنة سبع وأربعين وأربعمائة. ومن شعره «1» : لم يخل من نوب الزمان أديب ... كلا فشأن النائبات عجيب وغضارة الأيام تأبى أن يرى ... فيها لأبناء الذكاء نصيب وكذاك من صحب الليالي طالبا ... جدّا وفهما فاته المطلوب وقال في بخيل: لا تكوننّ مبرما وعسوفا ... سله أدما وخلّ عنك الرغيفا أكرم الخبز بالصيانة حتى ... جعل الكعك للبنات شنوفا [1223] يحيى بن حبش شهاب الدين أبو الفتوح السهروردي: كان فقيها شافعيّ المذهب أصوليا أديبا شاعرا حكيما متفننا نظارا لم يناظره مناظر إلا خصمه وأفحمه، قرأ   [1222] هذه الترجمة منقولة عن طبقات صاعد: 86 ولم أجد ليحيى هذا ذكرا فيما بين أيدينا من مؤلفات أندلسية أخرى. [1223] ترجمة الشهاب السهروردي في ابن خلكان 6: 268 وابن أبي أصيبعة 2: 167 وعبر الذهبي 4: 290 وسير الذهبي 21: 207 ومرآة الجنان 3: 434 والنجوم الزاهرة 6: 14 ولسان الميزان 3: 156 والشذرات 4: 290. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2806 بالمراغة على الشيخ الإمام مجد الدين الجيلي الفقيه الأصولي المتكلم ولازمه مدة، ثم تنقل في البلاد على قدم التجرد ولقي بماردين الشيخ فخر الدين المارديني وصحبه وكان يثني عليه كثيرا ويقول: لم أر في زماني أحدا مثله، ولكني أخشى عليه من شدة حدته وقلة تحفظه. ثم رحل أبو الفتوح إلى حلب فدخلها في زمن الظاهر غازي بن أيوب سنة تسع وسبعين وخمسمائة، ونزل في المدرسة الحلاوية، وحضر درس شيخها الشريف افتخار الدين، وبحث مع الفقهاء من تلاميذه وغيرهم وناظرهم في عدة مسائل فلم يجاره أحد منهم وظهر عليهم، وظهر فضله للشيخ افتخار الدين فقرّب مجلسه وأدناه وعرف مكانه في الناس، ومن ذلك الحين تألّب عليه الفقهاء وكثر تشنيعهم عليه، فاستحضره الملك الظاهر وعقد له مجلسا من الفقهاء والمتكلمين فباحثوه وناظروه فظهر عليهم بحججه وبراهينه وأدلّته، وظهر فضله للملك الظاهر فقرّبه وأقبل عليه وتخصص به، فازداد تغيّظ المناظرين عليه ورموه بالإلحاد والزندقة، وكتبوا بذلك إلى الملك الناصر صلاح الدين وحذّروه من فساد عقيدة ابنه الظاهر بصحبته للشهاب السهروردي وفساد عقائد الناس اذا أبقى عليه، فكتب صلاح الدين الى ابنه الظاهر يأمره بقتله وشدّد عليه بذلك وأكد، وأفتى فقهاء حلب بقتله، فبلغ ذلك الشهاب، فطلب من الظاهر أن يحبس في مكان ويمنع من الأكل والشرب إلى أن يموت، ففعل به ذلك، وقيل بل أمر الظاهر بخنقه في السجن فخنق سنة سبع وثمانين وخمسمائة وقد قارب الأربعين. ويروى أنّ الظاهر ندم على ما فعل بعد مدة ونقم على من أفتوا بقتله، فقبض عليهم واعتقلهم ونكبهم، وصادر جماعة منهم بأموال عظيمة. ومن تصانيفه: التلويحات في الحكمة. والتنقيحات في أصول الفقه. وحكمة الاشراق. والغربة الغريبة في الحكمة. وهياكل النور في الحكمة أيضا. والألواح العمادية. والمعارج. واللمحة. والمطارحات. والمقاومات، وغير ذلك «1» . وله شعر كثير، أشهره وأجوده قصيدته الحائية وهي «2» : أبدا تحنّ إليكم الأرواح ... ووصالكم ريحانها والراح الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2807 وقلوب أهل ودادكم تشتاقكم ... وإلى لذيذ لقائكم ترتاح وارحمتا للعاشقين تكلّفوا ... ستر المحبة والهوى فضّاح بالسرّ ان باحوا تباح دماؤهم ... وكذا دماء البائحين تباح وإذا هم كتموا تحدّث عنهم ... عند الوشاة المدمع السحّاح وبدت شواهد للسّقام عليهم ... فيها لمشكل أمرهم إيضاح خفض الجناح لكم وليس عليكم ... للصبّ في خفض الجناح جناح فإلى لقاكم نفسه مشتاقة ... والى رضاكم طرفه طمّاح عودوا بنور الوصل في غسق الجفا ... فالهجر ليل والوصال صباح صافاهم فصفوا له فقلوبهم ... في نورها المشكاة والمصباح فتمتعوا والوقت طاب بقربهم ... راق الشراب ورقّت الأقداح يا صاح ليس على المحبّ ملامة ... إن لاح في أفق الوصال صباح لا ذنب للعشاق ان غلب الهوى ... كتمانهم فنمى الغرام فباحوا سمحوا بأنفسهم وما بخلوا بها ... لما دروا أنّ السماح رباح ودعاهم داعي الحقائق دعوة ... فغدوا بها مستأنسين وراحوا ركبوا على سنن الوفا ودموعهم ... بحر وحادي شوقهم ملاح والله ما طلبوا الوقوف ببابه ... حتى دعوا وأتاهم المفتاح لا يطربون لغير ذكر حبيبهم ... أبدا فكلّ زمانهم أفراح حضروا فغابوا عن شهود ذواتهم ... وتهتكوا لما رأوه وصاحوا أفناهم عنهم وقد كشفت لهم ... حجب البقا فتلاشت الأرواح فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم ... ان التشبّه بالكرام فلاح قم يا نديم إلى المدام وهاتها ... فبحانها قد دارت الأقداح من كرم إكرام بدنّ ديانة ... لا خمرة قد داسها الفلاح وقال: أقول لجارتي والدمع جار ... ولي عزم الرحيل عن الديار الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2808 ذريني أن أسير ولا تنوحي ... فإن الشهب أشرفها السواري واني في الظلام رأيت ضوءا ... كأن الليل بدّل بالنهار إلى كم أجعل الحيّات صحبي ... إلى كم أجعل التنّين جاري وأرضى بالاقامة في فلاة ... وفي ظلم العناصر أين داري ويبدو لي من الزوراء برق ... يذكّرني بها قرب المزار إذا أبصرت ذاك النور أفنى ... فما أدري يميني من يساري ومن كلامه: اعلم أنك ستعارض بأعمالك وأقوالك وأفكارك، وسيظهر عليك من كل حركة فعلية أو قولية أو فكرية صور جانية، فإن كانت تلك الحركة عقلية صارت تلك الصورة مادة لملك تلتذّ بمنادمته في دنياك وتهتدي بنوره في أخراك، وإن كانت تلك الحركة شهوية أو غضبية صارت تلك الصورة مادة لشيطان يؤذيك في حال حياتك ويحجبك عن ملاقاة النور بعد مماتك. [1224] يحيى بن خالد بن برمك، أبو الفضل البرمكي الوزير السّريّ الجواد: كان سيد بني برمك وأفضلهم جودا وحلما ورأيا، وكان من أكمل أهل زمانه أدبا وفصاحة وبلاغة، وأخباره في الكرم وشرف الخلال مشهورة، وإنما دخل في شرط كتابنا من جهة بلاغته وتقدمه على أكثر أهل عصره في الانشاء والكتابة وما صدر عنه من الحكم والأقوال التي تداولها الرواة وملئت بها الدفاتر، فأنا أورد منها جملة صالحة «1» . وأما أخباره فما يتّسع لها كتابنا وليست من شرطه.   [1224] أخبار يحيى البرمكي في الكتب التاريخية كالطبري وابن الأثير ومروج الذهب وكتب الأدب كالأغاني والعقد و ... الخ وانظر تاريخ خليفة: 465 والمعارف: 381 وتاريخ بغداد 14: 128 ومعجم المرزباني: 488 وابن خلكان 6: 219 والبداية والنهاية 10: 204 ومرآة الجنان 1: 424 وعبر الذهبي 1: 306 وسير الذهبي 9: 89 وصفحات متفرقة من الوزراء والكتاب للجهشياري وشرح البسامة: 222 والشذرات 1: 288. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2809 فمما روي عنه انه قال» : ما رأيت رجلا إلا هبته حتى يتكلم فان كان فصيحا عظم في عيني وصدري وإن قصّر سقط من عيني. وحدث محمد بن صالح الواقدي قال: دخلت على يحيى بن خالد البرمكي فقلت انّ هاهنا قوما جاءوا يشكرون لك معروفا، فقال: يا محمد هؤلاء جاءوا يشكرون معروفنا فكيف لنا شكر شكرهم. وقال: مسألة الملوك عن حالها من سجية النوكى، فإذا أردت أن تقول كيف أصبح الأمير فقل: صبّح الله الأمير بالنعمة والكرامة، وإذا كان عليلا فأردت أن تسأله عن حاله فقل أنزل الله على الأمير الشفاء والرحمة، فان الملوك لا تسأل ولا تشمّت ولا تكيّف، وأنشد: إن الملوك لا يخاطبونا ... ولا إذا ملوا يعاتبونا وفي المقال لا ينازعونا ... وفي العطاس لا يشمتونا وفي الخطاب لا يكيفونا ... يثنى عليهم ويبجلونا وافهم وصاتي لا تكن مجنونا وقيل له: أي الأشياء أقلّ؟ قال قناعة ذي الهمة البعيدة بالعيش الدون، وصديق كثير الآفات قليل الامتاع، وسكون النفس إلى المدح. وقيل له: ما الكرم؟ فقال: ملك في زي مسكين، قيل له: فما اللؤم؟ قال: مسكين في بطش عفريت، قيل فما الجود؟ قال: عفو بعد قدرة. وقال: من ولي ولاية فتاه فيها فعذره دونها. وقال: إذا فتحت بينك وبين أحد بابا من المعروف فاحذر أن تغلقه ولو بالكلمة الجميلة. وقال: إذا أردت أن تنظر مروءة المرء فانظر إلى مائدته فان كانت حسنة فاحكم له بالشرف، وان رأيت تقصيرا فما وراءها خير. وقال: أحسن جبلّة الولاة إصابة السياسة، ورأس إصابة السياسة العمل لطاعة الله، وفتح بابين للرعية أحدهما رأفة ورحمة وبذل وتحنن، والآخر غلظة ومباعدة الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2810 وإمساك ومنع. وقال: العذر الصادق مع النية الحسنة يقومان مقام النجح. وقال «1» : ما سقط غبار موكبي على أحد الا وجب عليّ حقه. وقال الفضل له: يا أبت ما لنا نسدي إلى الناس المعروف فلا يتبيّن فيه كتبيّنه ببرّ غيرنا؟ قال: آمال الناس فينا أعظم من آمالهم في غيرنا، وإنما يسر الانسان ما بلّغه أمله. وقال «2» : أنا مخير في الاحسان إلى من أحسن إليه ومرتهن بالاحسان إلى من أحسنت إليه، لأني إن وصلته فقد أتممته، وان قطعته فقد أهدرته. وقال: الخطّ صورة روحها البيان، ويدها السرعة، وقدمها التسوية، وجوارحها معرفة الفصول. وركب يوما مع الرشيد فرأى الرشيد في طريقه أحمالا فسأل عنها فقيل له: هذه هدايا خراسان بعث بها علي بن عيسى بن ماهان، وكان ابن ماهان وليها بعد الفضل بن يحيى، فقال الرشيد ليحيى: أين كانت هذه الأحمال في ولاية ابنك؟ فقال يحيى: كانت في بيوت أصحابها، فأفحم الرشيد وسكت. ولما كان الفضل بن يحيى «3» واليا على خراسان كتب صاحب البريد إلى الرشيد كتابا يذكر فيه أن الفضل تشاغل بالصيد واللذات عن النظر في أمور الرعية، فلما قرأه الرشيد رمى به ليحيى وقال له: يا أبت اقرأ هذا الكتاب واكتب إلى الفضل كتابا يردعه عن مثل هذا، فمد يحيى يده إلى دواة الرشيد وكتب إلى ابنه على ظهر الكتاب الذي ورد من صاحب البريد: حفظك الله يا بني وأمتع بك، قد انتهى إلى أمير المؤمنين ما أنت عليه من التشاغل بالصيد ومداومة اللذات عن النظر في أمور الرعية ما أنكره، فعاود ما هو أزين بك، فانه من عاد إلى ما يزينه لم يعرفه أهل زمانه إلا به والسلام، وكتب تحته هذه الأبيات: الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2811 انصب نهارا في طلاب العلا ... واصبر على فقد لقاء الحبيب حتى إذا الليل بدا مقبلا ... وغاب فيه عنك وجه الرقيب فبادر الليل بما تشتهي ... فانما الليل نهار الأريب كم من فتى تحسبه ناسكا ... يستقبل الليل بأمر عجيب ألقى عليه الليل أستاره ... فبات في لهو وعيش خصيب ولذة الأحمق مكشوفة ... يسعى بها كلّ عدوّ مريب وكان يقول لولده: اكتبوا أحسن ما تسمعون، واحفظوا أحسن ما تكتبون، وتحدثوا بأحسن ما تحفظون. وقال: أنفق من الدنيا وهي مقبلة فان الانفاق لا ينقص منها شيئا، وأنفق منها وهي مدبرة فان الامساك لا يبقي منها شيئا. وقال «1» : الدنيا دول، والمال عارية، ولنا في من قبلنا أسوة، ونحن لمن بعدنا عبرة. قال القاضي يحيى بن أكثم سمعت المأمون يقول: لم يكن كيحيى بن خالد وكولده أحد في البلاغة والكفاية والجود والشجاعة. وكان يحيى يجري على سفيان الثوري رضي الله عنه ألف درهم في كل شهر، فكان إذا صلى سفيان يقول في سجوده: اللهم ان يحيى كفاني أمر دنياي فاكفه أمر آخرته، فلما مات يحيى رؤي في المنام فقيل له، ما فعل الله بك؟ قال غفر لي بدعاء سفيان. مات يحيى في سجن الرشيد في الرافقة في أوائل المحرم سنة تسعين ومائة. [1225] يحيى بن زياد بن عبد الله بن منظور بن مروان الأسلمي الديلمي الكوفي،   [1225] ترجمة الفراء في مراتب النحويين: 86 وطبقات الزبيدي: 131 وأخبار النحويين البصريين: 51 والفهرست: 73 وتاريخ بغداد 14: 146 وتاريخ أبي المحاسن: 187 والمعارف: 545 وتهذيب الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2812 مولى بني أسد المعروف بالفراء أبو زكريا: أخذ عن أبي الحسن الكسائي، وروى عن قيس بن الربيع ومندل بن علي، وأخذ عنه سلمة بن عاصم ومحمد بن الجهم السمري «1» وغيرهما. كان هو والأحمر أشهر أصحاب الكسائي، وكانا أعلم الكوفيين بالنحو من بعده. وأخذ أيضا عن يونس بن حبيب البصري فاستكثر منه، والبصريون ينكرون ذلك حكى محمد بن الجهم قال، حدثنا الفراء، قال أنشدني يونس النحوي: ربّ حلم أضاعه عدم الما ... ل وجهل غطّى عليه النعيم وعن الفراء أيضا قال يونس: الآل من غدوة إلى ارتفاع النهار، ثم هو سراب سائر النهار، وإذا زالت الشمس فهو فيء، وفي غدوة ظلّ، وأنشد لأبي ذؤيب «2» : لعمري لأنت البيت أكرم أهله ... واقعد في أفيائه بالأصائل وله روايات كثيرة عن يونس لا نطيل بذكرها. وكان أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب يقول «3» : لولا الفراء ما كانت اللغة لأنه حصّلها «4» وضبطها، ولولاه لسقطت العربية لأنها كانت تتنازع ويدّعيها كلّ من أراد ويتكلم الناس على مقادير عقولهم وقرائحهم فتذهب. وكان الفراء فقيها عالما بالخلاف وبأيام العرب وأخبارها وأشعارها عارفا بالطب والنجوم متكلما يميل إلى الاعتزال، وكان يتفلسف في تصانيفه ويستعمل فيها ألفاظ الفلاسفة. وحكى أبو العباس ثعلب عن ابن نجدة قال «5» : لما تصدى أبو زكريا يحيى بن زياد   الأزهري 1: 18 وفهرسة ابن خير: 311، 312، 398 ونور القبس: 301 ونزهة الألباء: 65 والأنساب (دمج) 9: 247 (واللباب: الفراء) وانباه الرواة 4: 1- 17 وابن خلكان 6: 176 وتذكرة الحفاظ: 372 وسير الذهبي 10: 118 وعبر الذهبي 1: 354 ومرآة الجنان 2: 38 والبداية والنهاية 10: 261 وطبقات ابن الجزري 2: 371 وتهذيب التهذيب 11: 212 وبغية الوعاة 2: 333 والبلغة: 280 وروضات الجنات 4: 235 واشارة التعيين: 379 (واكثر ما أورده ياقوت موجود في نزهة الألباء) ولأحمد مكي الأنصاري دراسة عنه (القاهرة: 1964) . الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2813 الفراء للاتصال بالمأمون كان يتردّد إلى الباب، فلما كان ذات يوم بالباب جاء ثمامة بن الأشرس المتكلم المشهور، قال: فرأيت صورة أديب وأبهة أدب، فجلست إليه وفاتشته عن اللغة فوجدته بحرا، وعن النحو فشاهدته نسيج وحده، وعن الفقه فوجدته فقيها عارفا باختلاف القوم، وفي النجوم ماهرا، وبالطب خبيرا، وبأيام العرب وأخبارها وأشعارها حاذقا، فقلت له: من تكون وما أظنك إلا الفراء، فقال: أنا هو، قال: فدخلت فأعلمت أمير المؤمنين بمكانه، فاستحضره وكان سبب اتصاله به. وقال أبو بريدة الوضاحي «1» : أمر أمير المؤمنين المأمون الفراء أن يؤلف ما يجمع به أصول النحو وما سمع من العرب، فأمر أن تفرد له حجرة من حجر الدار ووكل بها جواري وخدما للقيام بما يحتاج إليه حتى لا يتعلق قلبه ولا تتشوف نفسه إلى شيء، حتى إنهم كانوا يؤذنونه بأوقات الصلاة، وصير له الوراقين وألزمه الأمناء والمنفقين، فكان الوراقون يكتبون حتى صنف «كتاب الحدود» وأمر المأمون بكتبه في الخزائن، وبعد أن فرغ من ذلك خرج إلى الناس وابتدأ يملي «كتاب المعاني» وكان وراقيه سلمة بن عاصم وأبو نصر ابن الجهم. قال أبو بريدة: فاردنا أن نعدّ الناس الذين اجتمعوا لإملاء «كتاب المعاني» فلم نضبط عددهم، ولما فرغ من إملائه خزنه الوراقون عن الناس ليتكسبوا به وقالوا: لا نخرجه لأحد إلا لمن أراد أن ننسخه له على أن يكون عن كل خمسة أوراق درهم، فشكا الناس إلى الفراء، فدعا الوراقين وكلمهم في ذلك وقال: قاربوا الناس تنفعوا وتنتفعوا، فأبوا عليه، فقال: سأريكم، وقال للناس: إني أريد ان أملي كتاب معان أتمّ شرحا وأبسط قولا من الذي أمليت قبلا وجلس يملي، فأملى في الحمد مائة ورقة، فجاء الوراقون إليه وقالوا: نحن نبلّغ الناس ما يحبون، فنسخوا كلّ عشرة أوراق بدرهم. قال أبو بكر ابن الأنباري: لو لم يكن لأهل بغداد والكوفة من علماء العربية إلا الكسائي والفراء لكان لهم بهما الافتخار على جميع الناس إذ انتهت العلوم إليهما. وكان يقال الفراء أمير المؤمنين في النحو. توفي أبو زكريا الفراء في طريق مكة سنة سبع ومائتين وقد بلغ ثلاثا وستين سنة. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2814 ومن تصانيفه: كتاب اختلاف أهل الكوفة والبصرة والشام في المصاحف. معاني القرآن، أربعة أجزاء ألفه لعمر بن بكير «1» . البهيّ، ألفه للأمير عبد الله بن طاهر. كتاب المصادر في القرآن. كتاب اللغات. كتاب الوقف والابتداء. كتاب الجمع والتثنية في القرآن. آلة الكتاب. الفاخر. كتاب النوادر. كتاب فعل وأفعل. كتاب المقصور والممدود «2» . كتاب المذكر والمؤنث. كتاب يافع ويافعة. كتاب ملازم. كتاب الحدود ألفه بأمر المأمون. كتاب مشكل اللغة الكبير. كتاب المشكل الصغير. كتاب الواو، وغير ذلك «3» . [1226] يحيى بن سعدون بن تمام بن محمد أبو بكر الأزدي القرطبي، الملقب سابق الدين: شيخ فاضل عارف بالنحو ووجوه القراءات، قرأ على أبي القاسم خلف بن إبراهيم الحصار بقرطبة، وسمع من أبي محمد ابن عتاب، وقدم العراق فقرأ ببغداد على الشيخ المقرىء أبي محمد عبد الله بن علي سبط أبي منصور الخياط وسمع عليه كتبا كثيرة، وسمع بها الحديث من أبي القاسم ابن الحصين وأبي بكر محمد بن عبد الباقي البزاز المعروف بقاضي المارستان وأبي عبد الله البارع وأبي العز ابن كادش وغيرهم، وسمع بمصر من أبي صادق مرشد بن يحيى بن القاسم المدني المصري، وبالاسكندرية من أبي الطاهر أحمد بن محمد السلفي الاصبهاني وأبي عبد الله   [1226] ترجمة يحيى بن سعدون في ابن خلكان 6: 171 والمغرب 1: 135 وإنباه الرواة 4: 37 والانساب 10: 14 (واللباب 3: 26) وعبر الذهبي 4: 200 وسير الذهبي 20: 546 والتكملة لابن الأبار: 724 وكتاب الروضتين 1: 205 وصلة الصلة: 177 ومعرفة القراء الكبار 2: 429 ومرآة الجنان 3: 380 والبداية والنهاية 12: 270 وطبقات ابن الجزري 2: 372 والنجوم الزاهرة 6: 66 وبغية الوعاة 2: 334 ونفح الطيب 2: 116 والشذرات 4: 225 وإشارة التعيين: 380. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2815 محمد بن أحمد بن إبراهيم الرازي، وسكن دمشق مدة وأقرأ بها القرآن والنحو، وانتفع به خلق كثير لحسن خلقه وتواضعه. ثم رحل إلى أصبهان وعاد منها إلى الموصل فسكنها وأخذ عنه شيوخها، منهم القاضي بهاء الدين أبو المحاسن يوسف بن رافع المعروف بابن شداد وغيره، وكان ثقة صدوقا ثبتا ديّنا كثير الخير. ولد بقرطبة سنة ست وثمانين وأربعمائة وقيل سنة سبع، ومات بالموصل يوم عيد الفطر سنة سبع وستين وخمسمائة. [1227] يحيى بن سعيد بن المبارك بن علي بن عبد الله بن سعيد بن محمد بن نصر بن عاصم، المعروف بابن الدهان البغدادي الأنصاري، أبو زكريا بن أبي محمد، النحوي ابن النحوي، الأديب الشاعر: ولد بالموصل في أوائل السنة التي مات أبوه في أواخرها سنة تسع وستين وخمسمائة فلما بشّر به والده قال وصدق في حدسه: قيل لي جاءك نسل ... ولد شهم وسيم قلت عزّوه بفقدي ... ولد الشيخ يتيم ثم توفي والده وله بضعة أشهر. أخذ أبو زكريا النحوي عن مكي بن ريان وانقطع إليه وتخرج به، فبرع في النحو واللغة والأدب، وهو أحد نحاة العصر وأدبائه المشاهير توفي قريبا سنة ست عشرة وستمائة بالموصل، ودفن عند أبيه بمقبرة المعافى بن عمران بباب الميدان، اجتمعت به لما كنت بالموصل سنة ثلاث عشرة وستمائة. ومن شعره: إن نبهت الخمول نبّهت أقوا ... ما نياما فسابقوني إليه هو قد دلني على لذة العي ... ش فما لي أدلّ غيري عليه   [1227] ترجمة ابن الدهان البغدادي في بغية الوعاة 2: 334 (وينقل عن تاريخ إربل) . الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2816 وله: وعهدي بالصبا زمنا وقدّي ... حكى ألف ابن مقلة في انتصاب وصرت الآن منحنيا كأني ... أفتّش في التراب على شبابي [1228] يحيى بن سعيد بن هبة الله بن علي بن زبادة الشيباني الواسطي ثم البغدادي: كان كاتبا أديبا شاعرا مشاركا في الفقه والكلام والرياضي، أخذ الأدب عن أبي منصور الجواليقي وغيره، وولي النظر في ديوان البصرة ثم بواسط والحلة، ثم قلد النظر في المظالم، ورتّب حاجبا بباب المتولي، ولما قتل الاستادار هبة الله ابن الصاحب «1» ولي الاستادارية مكانه، ثم عزل وقلد ديوان الانشاء والنظر في ديوان المقاطعات، فبقي على ذلك حتى مات. وكانت وفاته في ذي الحجة سنة أربع وتسعين وخمسمائة، ومولده سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة. ومن شعره: إني لتعجبني الفتاة إذا رأت ... أنّ المروءة في الهوى سلطان لا كالتي وصلت وأكبر همها ... في جذرها النقصان والرجحان وكذاك شمس الأفق برج علوّها ... حمل وبرج هبوطها الميزان وقال «2» : إن كنت تسعى للسعادة فاستقم ... تنل المراد وتغد أول من سما   [1228] ترجمة يحيى بن سعيد الواسطي في الكامل لابن الأثير 12: 58 وذيل الروضتين: 14 وتكملة المنذري رقم: 458 وابن خلكان 6: 244 وابن الفوطي (في معجم الألقاب) رقم: 3197 وعبر الذهبي 4: 284 وسير الذهبي 21: 336 والمشتبه: 343 والبداية والنهاية 13: 17 والشذرات 4: 381 والتاج (زبد) .. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2817 ألف الكتابة وهو بعض حروفها ... لما استقام على الجميع تقدّما وقال: لا أقول الله يظلمني ... كيف أشكو غير متّهم نفسي بما أوتيت قد قنعت «1» ... وتمطت في العلا هممي ولبست الصبر سابغة ... فهي من فرقي إلى قدمي وقال «2» : باضطراب الزمان ترتفع الأن ... ذال فيه حتى يعمّ البلاء وكذا الماء ساكنا فإذا حرّ ... ك ثارت من قعره الأقذاء [1229] يحيى بن سلامة بن الحسين المعروف بالخطيب الحصكفي: كان فقيها نحويا كاتبا شاعرا نشأ بحصن كيفا، وقدم بغداد فأخذ بها الأدب عن الخطيب أبي زكريا التبريزي وغيره، وبرع في النظم والنثر وإنشاء الخطب، ثم رحل الى ميا فارقين فسكنها وولي بها الخطابة والافتاء. وله ديوان شعر. وديوان رسائل. ولد سنة تسع وخمسين وأربعمائة وتوفي سنة إحدى وخمسين وخمسمائة. ومن شعره: وإنسيّة زارت مع النوم مضجعي ... فعانقت غصن البان منها إلى الفجر أسائلها أين الوشاح وقد سرت ... معطّلة منه معطّرة النشر   [1229] ترجمة الحصكفي في الأنساب 4/154، 8: 256 (اللباب 1: 369، 2: 286) والخريدة (قسم الشام) 2: 471 والمنتظم 10: 183 وكامل ابن الأثير 11: 239 وإنباه الرواة 4: 36 ومرآة الزمان: 142 وابن خلكان 6: 205 وسير الذهبي 20: 320 والبدر السافر: 222 وطبقات السبكي 7: 330 وطبقات الاسنوي 1: 438 والبداية والنهاية 2: 238 والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد: 255 (وجعل وفاته سنة 553) والنجوم الزاهرة 5: 328 والشذرات 4: 168. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2818 فقالت وأومت للسوار نقلته ... إلى معصمي لما تقلقل في خصري وقال «1» : وخليع بتّ أعذله ... ويرى عذلي من العبث قلت إنّ الخمر مخبثة ... قال حاشاها من الخبث قلت فالإرفاث يتبعها ... قال طيب العيش في الرفث قلت ثم القيء قال أجل ... شرفت عن مخرج الحدث وسأجفوها فقلت متى ... قال عند الكون في الجدث وقال: لم يضحك الورد إلا حين أعجبه ... زهر الربيع وصوت الطائر الغرد بدا فأبدى لنا البستان بهجته ... وراحت الراح في أثوابها الجدد [1230] يحيى بن صاعد بن يحيى معتمد الملك أبو الفرج ابن التلميذ: كان حكيما فاضلا حاذقا في صناعة الطب أديبا شاعرا، وكان مقيما بأصبهان مقربا عند الأمراء والأعيان، وقصده الشريف ابن الهبارية الأديب الشاعر فأكرمه وحباه، وحصل له بواسطته من الأمراء والأكابر مال عظيم فمدحه بعدة قصائد «2» . توفي معتمد الملك ابن التلميذ سنة تسع وخمسين وخمسمائة. ومن شعره «3» :   [1230] ترجمة أبي الفرج ابن التلميذ في ابن أبي أصيبعة 1: 276 وتاريخ الحكماء: 238 والخريدة (قسم العراق) 3/2: 119. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2819 علق الفؤاد على خلوّ حبّها ... علق الذّبالة في حشا المصباح لا يستطيع الدهر فرقة بينهم ... الا لحين تفرّق الأشباح وقال: ما هذه الدنيا لطالبها ... إلا بلاء وهو لا يدري إن أقبلت فسدت أمانته ... أو أدبرت شغلته بالفكر وقال «1» : فراقك عندي فراق الحياة ... فلا تجهزنّ على مدنف علقتك كالنار في شمعها ... فما إن تفارقه تنطفي [1231] يحيى بن الطيب اليمني النحوي: كان أديبا شاعرا، له مصنف في النحو مختصر، وكان لا يطيل في شعره فإذا مدح أو هجا لا يزيد على بيتين. ومن شعره: إن اللئيم إذا رأى ... لينا تزايد في حرانه لا تخدعن فصلاح من ... جهل الكرامة في هوانه [1232] يحيى [بن محمد] بن عبد الرحمن بن بقي الأندلسي القرطبي: كان آية في النثر والنظم، بارعا في نظم الموشحات مجيدا فيها كلّ الإجادة، إلا أنه كان حرب   [1231] بغية الوعاة 2: 335 (عن ياقوت) . [1232] قلائد العقيان: 279 (4: 919) والذخيرة 2: 615 والخريدة (قسم المغرب والأندلس) 2: 308 وأخبار وتراجم أندلسية: 50 والمطرب: 198 وتكملة ابن الأبار رقم: 2042 والمغرب 2: 19 وابن خلكان 6: 202 ومسالك الأبصار 11: 280 والنفح (انظر فهرسه) وأزهار الرياض 2: 208 وسير الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2820 زمانه، حسبت حرفة الأدب عليه براعته من رزقه فحكمت بإقلاله وحرمانه، فامتطى غارب الاغتراب، ووقف في البلاد على كل باب، فلم تستقرّ به النوى حتى اتصل من الأمير يحيى بن علي بن القاسم بسبب، فتفيّأ ظلاله وحطّ في رحابه رحاله. توفي ابن بقي سنة أربعين وخمسمائة. ومن شعره قوله في قصيدة «1» : هو الشعر أجري في ميادين سبقه ... وأفرج من أبوابه كلّ مبهم فسل أهله عنّي هل امتزت منهم ... بطبعي وهل غادرت من متردّم سلكت أساليب البديع فأصبحت ... بأقوالي الركبان في البيد ترتمي وربّتما غنّى به كلّ ساجع ... يردّده في شجوه والترنم وضيّعني قومي لأني لسانهم ... إذا أفحم الأقوام عند التكلم وطالبني دهري لأني زنته ... وأني فيه غرّة فوق أدهم وله «2» : ولي همم ستقذف بي بلادا ... نأت إما العراق أو الشآما وألحق بالأعاريب اعتلاء ... بهم وأجيد مدحهم اهتماما لكيما تحمل الركبان شعري ... بوادي الطلح أو وادي الخزامى وكيما يعلم الفصحاء أني ... خطيب علّم السجع الحماما وقد أطلعتهنّ بكلّ أرض ... بدورا لا يفارقن التماما فلم أعدم وإياها حسودا ... كما لا تعدم الحسناء ذاما   الذهبي 20: 193 وله موشحات في دار الطراز وجيش التوشيح، وقد قام عدنان محمد آل طعمه بجمع موشحاته ودراستها (بغداد 1979) كما جمع شعره الصديق الدكتور محمد مجيد السعيد (مجلة المورد 1/1978 ص 125- 152) . وزيادة «محمد» في نسبه قد أخلّ بموقعه في ترتيب التراجم. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2821 وقال «1» : بأبي غزال غازلته مقلتي ... بين العذيب وبين شطّي بارق وسألت منه زيارة تشفي الجوى ... فأجابني فيها بوعد صادق بتنا ونحن من الدجى في لجة ... ومن النجوم الزهر تحت سرادق عاطيته والليل يسحب ذيله ... صهباء كالمسك الفتيق لناشق وضممته ضمّ الكميّ لسيفه ... وذؤابتاه حمائل في عاتقي حتى اذا مالت به سنة الكرى ... زحزحته عني وكان معانقي أبعدته عن أضلع تشتاقه ... كي لا ينام على وساد خافق لما رأيت الليل آخر عمره ... قد شاب في لمم له ومفارق ودّعت من أهوى وقلت مشيّعا ... أعزز عليّ بأن أراك مفارقي ومن موشحاته قوله «2» : عبث الشوق بقلبي فاشتكى ... ألم الوجد فلبّت أدمعي أيها الناس فؤادي شغف ... وهو من بغي الهوى لا ينصف كم أداريه ودمعي يكف ... أيها الشادن من علّمكا بسهام اللحظ قتل السبع ... بدر تمّ تحت ليل أغطش طالع في غصن بان منتشي ... أهيف القدّ بخدّ أرقش الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2822 ساحر الطرف وكم قد فتكا ... بقلوب درّعت بالأضلع وانثنى يهتزّ من سكر الصبا ... أيّ رئم رمته فاجتنبا كقضيب هزّه ريح الصبا ... قلت هب لي يا حبيبي وصلكا واطّرح أسباب هجري ودع ... قال خدي زهره مذ فوّفا جرّد الطرف حساما مرهفا ... حذرا منه بأن لا يقطفا إنّ من رام جناه هلكا ... فأزل عنك أماني الطمع ذاب قلبي في هوى ظبي غرير ... وجهه في الدّجن صبح مستنير وفؤادي بين كفيه أسير ... لم أجد للصبر عنه مسلكا فانتصاري بانسكاب الأدمع [1233] يحيى بن علي بن محمد بن الحسن بن محمد بن موسى بن بسطام الشيباني أبو زكريا ابن الخطيب التبريزي، وربما يقال له الخطيب وهو وهم: كان أحد الأئمة في النحو واللغة والأدب، حجة صدوقا ثبتا، رحل إلى أبي العلاء المعري وأخذ عنه وعن عبيد الله بن علي الرقي والحسن بن رجاء بن الدهان اللغوي وابن برهان   [1233] ترجمة ابن الخطيب التبريزي في الأنساب 3: 21 (واللباب 1: 206) ونزهة الألباء: 254 والمنتظم 9: 161 وكامل ابن الأثير 10: 473 وإنباه الرواة 4: 22 وابن خلكان 6: 191 والبدر السافر: 230 وابن العبري 2: 22 والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد: 257 ومرآة الجنان 3: 172 وسير الذهبي 19: 269 وعبر الذهبي 4: 5 والبداية والنهاية 12: 171 والنجوم الزاهرة 5: 197 وبغية الوعاة 2: 238 والشذرات 4: 5 وإشارة التعيين: 382. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2823 والمفضل القصباني وعبد القاهر الجرجاني وغيرهم من الأئمة. وسمع الحديث وكتبه على خلق، منهم: القاضي أبو الطيب الطبري وأبو القاسم التنوخي والخطيب البغدادي، وسمع بمدينة صور من الفقيه أبي الفتح سليم بن أيوب الرازي ومن أبي القاسم عبد الكريم بن محمد بن عبد الله بن يوسف الدلال الساوي البغدادي وأبي القاسم عبد الله بن علي. وأخذ عنه أبو منصور موهوب بن أحمد الجواليقي وأبو الحسن سعد الخير بن محمد بن سهل الأنصاري وأبو الفضل ابن ناصر وغيرهم، ودخل مصر في عنفوان شبابه فقرأ عليه بها أبو الحسن طاهر بن بابشاذ النحوي وغيره اللغة، ثم رجع إلى بغداد فأقام بها إلى أن مات. ويحكى أن سبب رحلته الى أبي العلاء المعري أنه حصلت له نسخة من «كتاب التهذيب في اللغة» تأليف أبي منصور الأزهري [وأراد تحقيق ما فيها وأخذها عن عالم باللغة، فدل على أبي العلاء] «1» فجعل الكتاب في مخلاة، وحملها على كتفه من تبريز الى المعرة، ولم يكن له ما يستأجر به مركوبا، فنفذ العرق من ظهره إليها فأثر فيها البلل، وهذه النسخة في بعض المكاتب الموقوفة ببغداد إذا رآها من لا يعرف خبرها ظنّ أنها غريقة وليس بها سوى عرق [ابن] الخطيب. وذكر السمعاني في «الذيل» : سمعت أبا منصور محمد بن عبد الملك بن الحسن بن خيرون المقرىء يقول أبو زكريا يحيى بن علي التبريزي ما كان بمرضيّ الطريقة، كان يدمن شرب الخمر، ويلبس الحرير والعمامة المذهبة، وكان الناس يقرأون عليه تصانيفه وهو سكران، فذاكرت أبا الفضل محمد بن ناصر الحافظ بما ذكره ابن خيرون فسكت وكأنّه لم ينكر ذلك، ثم قال: ولكن كان ثقة في اللغة وما كان يرويه وينقله. وولي ابن الخطيب تدريس الأدب بالنظامية وخزانة الكتب بها، وانتهت إليه الرياسة في اللغة والأدب، وسار ذكره في الأقطار ورحل الناس اليه. توفي فجأة يوم الثلاثاء لليلتين بقيتا من جمادى الأولى سنة اثنتين وخمسمائة، الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2824 وكانت ولادته سنة إحدى وعشرين وأربعمائة. وصنف شرح القصائد العشر «1» ملكته بخطه. وتفسير القرآن. وإعراب القرآن. وشرح اللمع لابن جني. والكافي في العروض والقوافي «2» . وثلاثة شروح على الحماسة لأبي تمام «3» . وشرح شعر المتنبي. وشرح المقصورة الدريدية «4» . وشرح سقط الزند «5» . وشرح المفضليات. وتهذيب إصلاح المنطق لابن السكيت» . ومقدمة في النحو. وكتاب مقاتل الفرسان. وشرح السبع الطوال. وغير ذلك «7» . ومن شعره: فمن يسأم من الأسفار يوما ... فإني قد سئمت من المقام أقمنا بالعراق إلى رجال ... لئام ينتمون إلى لئام [1234] يحيى بن علي بن أبي منصور المعروف بابن المنجم النديم: قال المرزباني في «معجم الشعراء» : أبو أحمد ابن المنجم أديب شاعر مطبوع، أشعر أهل زمانه وأحسنهم أدبا وأكثرهم افتنانا في علوم العرب والعجم، ونادم المعتضد والمكتفي من بعده، وهو من أشجار الأدب الناضرة وأنجمه الزاهرة، ولد سنة إحدى وأربعين ومائتين وتوفي سنة ثلاثمائة.   [1234] ترجمة يحيى ابن المنجم في الفهرست: 160 ومعجم الشعراء: 493 وتاريخ بغداد 14: 230 (عن معجم المرزباني) ونزهة الألباء: 162 وابن خلكان 6: 198 وسير الذهبي 13: 405. وقد وعد المؤلف في رقم: 112) أن يذكر أولية بني المنجم ونسبهم هنا، ولكن لا يوجد شيء من ذلك. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2825 ومن شعره: ربّ يوم عاشرته فتقضّى ... بعد حمد عن آخر مذموم يا لقومي لضعفه ولكيد ... مثل كيد النساء منه عظيم وقال في الطاووس: سبحان من من خلقه الطاووس ... طير على أشكاله رئيس كأنّه في نفسه عروس ... إذ إنه يحلو به التعريس ديباجة تنشر أو سدوس ... في ريشه قد ركّبت فلوس تشرق من داراتها شموس ... في الرأس منه شجر مغروس كأنّه بنفسج يميس ... أو زهر في روضة ينوس ولأبي أحمد شعر كثير وتصانيف منها: الباهر في أخبار شعراء مخضرمي الدولتين. وكتاب الإجماع على مذهب أبي جعفر الطبري. والمدخل إلى مذهب الطبري ونصرة مذهبه. وكتاب الأوقات، وغير ذلك. [1235] يحيى بن القاسم بن مفرج بن ورع بن الخضر بن الحسن بن حامد أبو زكريا الثعلبي التكريتي: إمام من أئمة المسلمين وحبر من أحبارهم، كامل فاضل فقيه قارىء مفسر نحوي لغوي عروضي شاعر، تفقه على والده، وصحب ببغداد أبا النجيب السهروردي وغيره، وقرأ الأدب على ابن الخشاب، وبرع في الفقه والأدب، وسمع من أبي زرعة المقدسي وابن البطي، ودرس بالنظامية، مات في رمضان سنة ست عشرة وستمائة وكانت ولادته سنة إحدى وعشرين وخمسمائة. ومن نظمه في ألف الأمر: لألف الأمر ضروب تنحصر ... في الفتح والضمّ وأخرى تنكسر   [1235] بغية الوعاة 2: 339 (عن ياقوت وابن النجار) . الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2826 فالفتح فيما كان من رباعي ... نحو أجب يا زيد صوت الداعي والضمّ فيما ضمّ بعد الثاني ... من فعله المستقبل الزمان والكسر فيما منهما تخلّى ... إن زاد عن أربعة أو قلّا [1236] يحيى بن المبارك بن المغيرة أبو محمد مولى بني عدي بن عبد مناف، قيل له اليزيدي «1» لأنه صحب يزيد بن منصور خال المهدي مؤدبا لولده فنسب إليه، ثم اتصل بالرشيد فجعله مؤدبا للمأمون: أخذ العربية عن أبي عمرو بن العلاء وابن أبي إسحاق الحضرمي، وأخذ اللغة والعروض عن الخليل بن أحمد، إلا أنه كان يعتمد في اللغة على أبي عمرو بن العلاء لسعة علمه بها، وكان أبو عمرو يميل إليه ويدنيه لذكائه. وأخذ عن أبي محمد اليزيدي جماعة منهم ابنه محمد وأبو عبيد القاسم بن سلام وإسحاق بن إبراهيم الموصلي وأبو عمرو الدوري القارىء وأبو شعيب السوسي المقرىء وعامر بن عمر الموصلي وأبو خلّاد سليمان بن خلاد وأبو حمدان ابن إسماعيل الطبيب وغيرهم، وخالف في القراءة أبا عمرو في حروف اختارها. وكان صحيح الرواية ثقة صدوقا، وكان أحد أكابر القراء، وهو الذي خلف أبا عمرو بن العلاء فيها. وكان في أيام الرشيد «2» مع الكسائي ببغداد يقرئان الناس في مسجد واحد، وكان مع ذلك أديبا شاعرا مجيدا، وله مجموع أدب فيه شيء من شعره. وكان   [1236] طبقات ابن المعتز: 273 والورقة لابن الجراح: 27 ومراتب النحويين: 108 وطبقات الزبيدي: 61 وتاريخ بغداد 14: 146 وتاريخ أبي المحاسن: 113 والمعارف: 544- 597 وأخبار النحويين البصريين: 40 وتهذيب الأزهري 1: 17 ومعجم المرزباني: 487 ونور القبس: 80- 87 والفهرست: 56 وإنباه الرواة 4: 25- 33 ونزهة الألباء: 53 وابن خلكان 6: 183 وعبر الذهبي 1: 38 وسير الذهبي 9: 562 ومرآة الجنان 2: 3 وطبقات ابن الجزري 2: 375 والنجوم الزاهرة 2: 173 وبغية الوعاة 2: 340 والشذرات 2: 4 والبلغة: 284. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2827 يتهم بالميل إلى الاعتزال، مات بخراسان سنة اثنتين ومائتين عن أربع وستين سنة. وصنف كتاب الوقف والابتداء. وكتاب النوادر في اللغة، على مثال نوادر الأصمعي الذي عمله لجعفر بن يحيى. والمختصر في النحو، ألفه لبعض ولد المأمون. وكتاب النقط والشكل. وكتاب المقصور والممدود، وغير ذلك. ومن شعره قوله في الكسائي وأصحابه «1» : كنّا نقيس النحو فيما مضى ... على لسان العرب الأوّل فجاء أقوام يقيسونه ... على لغى أشياخ قطربّل فكلّهم يعمل في نقض ما ... به يصاب الحقّ لا يأتلي إن الكسائيّ وأصحابه ... يرقون في النحو إلى أسفل وله «2» : إذا نكبات الدهر لم تعظ الفتى ... وأفزع منها لم تعظه عواذله ومن لم يؤدبه أبوه وأمه ... تؤدّبه روعات الردى وزلازله فدع عنك ما لا تستطيع ولا تطع ... هواك ولا يغلب بحقّك باطله وله في الأصمعي «3» : أبن لي دعيّ بني أصمع ... متى كنت في الأسرة الفاضله ومن أنت هل أنت إلا امرؤ ... إذا صحّ أصلك من باهله [1237] يحيى بن محمد الشريف أبو المعمر ابن طباطبا العلوي: كان نحويا أديبا   [1237] ترجمة ابن طباطبا في المنتظم 9: 25 والنجوم الزاهرة 5: 123 ولسان الميزان 6: 276 وبغية الوعاة 2: 342 (عن ياقوت) وفي كنيته أبو محمد وأبو معمر. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2828 فاضلا يتكلم مع ابن برهان في هذا العلم، أخذ عن علي بن عيسى الربعي وأبي القاسم الثمانيني، وعنه أبو السعادات هبة الله بن الشجري، وكان يفتخر به. مات في رمضان سنة ثمان وسبعين وأربعمائة. ومن شعره: لي صاحب لا غاب عنّي شخصه ... أبدا وظلت ممتّعا بوداده فطن بما يوحى إليه كأنما ... قد نيط هاجس فكرتي بفؤاده وقال «1» : حسود مريض القلب يخفي أنينه ... ويضحي كئيب القلب عندي حزينه يلوم على أن رحت في العلم راغبا ... أحصّل من عند الرواة فنونه فأعرف أبكار الكلام وعونه ... وأحفظ مما أستفيد عيونه ويزعم أن العلم لا يجلب الغنى ... ويحسن بالجهل الذميم ظنونه فيا لائمي دعني أغالي بقيمتي ... فقيمة كلّ الناس ما يحسنونه [1238] يحيى بن محمد بن عبد الله بن العنبري بن عطاء بن صالح بن محمد بن عبد الله بن شعبان، أبو زكريا العنبري مولى بني حرب السلمي من أهل نيسابور: كان عالما بالتفسير لغويا أديبا فاضلا.   [1238] ترجمة العنبري في الأنساب 9: 74 واللباب (العنبري) وعبر الذهبي 2: 265 وسير الذهبي 15: 533 ومرآة الجنان 2: 337 وطبقات السبكي 3: 485 وبغية الوعاة 2: 342 (عن السمعاني وياقوت) والنجوم الزاهرة 3: 314 والشذرات 2: 369 وطبقات الداودي 1: 42. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2829 قال القاضي عبد الحميد بن عبد الرحمن النيسابوري: ذهبت الفوائد من مجلسنا بعد أبي زكريا، وذلك أن أبا زكريا اعتزل الناس وقعد عن حضور المحافل بضع عشرة سنة. سمع أبا الحسن الحرسي وأحمد بن سلمة وغيرهما، وروى عنه أبو بكر ابن عبدوس المفسر وأبو علي الحسين بن علي الحافظ والمشايخ من طبقته. مات في شوال سنة أربع وأربعين وثلاثمائة عن ست وسبعين سنة. [1239] يحيى بن محمد أبو محمد الأرزني: إمام في العربية مليح الخط سريع الكتابة، كان يخرج في وقت العصر إلى سوق الكتب ببغداد فلا يقوم من مجلسه حتى يكتب «الفصيح» لثعلب ويبيعه بنصف دينار، ويشتري نبيذا ولحما وفاكهة، ولا يبيت حتى ينفق ما معه منه. وله تأليف في النحو مختصر. مات سنة خمس عشرة وأربعمائة. ومن شعره: إن من أحوجك الدهر إليه ... وتعلقت به هنت عليه ليس يصفو ودّ من واخيته ... إن تعرضت لشيء في يديه   [1239] ترجمة الأرزني في تاريخ بغداد 14: 239 وتتمة اليتيمة 2: 102 ومعجم البلدان (أرزن) ونزهة الألباء: 232 وإنباه الرواة 4: 34 وبغية الوعاة 2: 343 (عن ياقوت والثعالبي) والأرزني نسبة الى ارزن وهي بلد في طرف ديار بكر قريبا من خلاط؛ وقد أخذ الأرزني العلم عن السيرافي أبي سعيد وتصدر في مجلس ابنه يوسف، وأقرأ النحو وأفاد الطلبة؛ وأورد له القفطي شعرا وصفه بأنه «حسن» . الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2830 [1240] يحيى بن معطي بن عبد النور زين الدين المغربي الزواوي: فاضل معاصر إمام في العربية أديب شاعر، مولده بالمغرب سنة أربع وستين وخمسمائة، وقدم دمشق فأقام بها زمانا طويلا، ثم رحل إلى مصر فتوطن بها وتصدر بأمر الملك الكامل لاقراء النحو والأدب بالجامع العتيق، وهو مقيم بالقاهرة لهذا العهد. ومن تصانيفه: الفصول الخمسون في النحو. وألفية في النحو أيضا. وحواش على أصول ابن السراج. ونظم الصحاح للجوهري لم يكمله. ونظم الجمهرة لابن دريد. والمثلث في اللغة. وقصيدة في العروض. وقصيدة في القراءات السبع. وديوان شعر. وديوان خطب، وغير ذلك. ومن شعره في مشارك في اللقب: قالوا تلقب زين الدين فهو له ... نعت جميل به أضحى اسمه حسنا فقلت لا تغبطوه إنّ ذا لقب ... وقف على كل نحس والدليل أنا وله: وإذا طلبت العلم فاعلم أنه ... عبء لتنظر أيّ عبء تحمل وإذا علمت بأنه متفاضل ... فاشغل فؤادك بالذي هو أفضل   [1240] ترجمة يحيى بن معطي في تكملة المنذري رقم: 2357 وذيل الروضتين: 160 وابن خلكان 6: 197 وعبر الذهبي 5: 112 وسير الذهبي 22: 324 وإنباه الرواة 4: 38 ومرآة الجنان 4: 66 والبداية والنهاية 13: 129 وقلائد الجمان لابن الشعار 10 الورقة: 87 والجواهر المضية 2: 214 والنجوم الزاهرة 6: 277 وبغية الوعاة 2: 344 وحسن المحاضرة 1: 255 وتاج التراجم: 83 والشذرات 5: 125. وكانت وفاة الزواوي بمصر سنة 628 وهو صاحب الألفية التي يشير إليها ابن مالك في ألفيته بقوله: «فائقة ألفية ابن معطي» ، وكتابه الفصول قد نشره الأستاذ محمود الطناحي. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2831 [1241] يحيى بن نزار بن سعيد أبو الفضل المنبجي: مولده بمنبج في المحرم سنة ست وثمانين وأربعمائة؛ قدم دمشق واتصل بالملك العادل نور الدين محمود بن زنكي ومدحه بقصائد أجاد فيها، ثم رحل إلى بغداد فتوطنها وأقام بها إلى أن توفي في ليلة الجمعة سادس ذي الحجة سنة أربع وخمسين وخمسمائة. وكان سبب موته أنه وجد في أذنه ثقلا فاستدعى طبيبا من الطّرقية فامتصّ أذنه ليخرج ما فيها من أذى فخرج شيء من مخه فمات لوقته. ومن شعره «1» : لو صدّ عني دلالا أو معاتبة ... لكنت أرجو تلافيه وأعتذر لكن ملالا فما أرجو تعطّفه ... جبر الزجاج عسير حين ينكسر وله: وليلة وصل خالست غفلة الدهر ... فجاءت ببدر وهي مشرفة البدر سميري بها غصن من البان مائد ... يرنّحه سكر الشبيبة لا الخمر أشاهد فيها طلعة القمر الذي ... تبسّم عن طلع وإن شئت عن در أمنت بها إتيان واش وحاسد ... فما من رقيب غير أنجمها الزهر ضممت إلى صدري الحبيب معانقا ... وهل لك يا قلبي محلّ سوى صدري فيا ليلة أحيت فؤادي بقربه ... فأحييتها سكرا إلى مطلع الفجر ولما رأيت الروح فيها مسامري ... تيقنت حقا أنها ليلة القدر «2»   [1241] ترجمته في الخريدة (قسم الشام) 2: 234 (وجعل وفاته 552) ومرآة الزمان: 233 والمنتظم 10: 191 وابن خلكان 6: 249 والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد: 261؛ وقال العماد: كان شيخا ظريفا متوددا حافظا لكثير من المنثور والمنظوم ... وما كنت أظن أن له شعرا حتى طالعت تاريخ السمعاني ... الخ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2832 وله «1» : وأبيض غضّ زاد خطّ عذاره ... لعشاقه في وجدهم والبلابل تموج بحار الحسن في وجناته ... فتقذف منها عنبرا في السواحل وتجري بخديه الشبيبة ماءها ... فتنبت ريحانا بجنب الجداول [1242] يحيى بن واقد بن محمد بن عدي بن حذيم الطائي، أبو صالح البغدادي النحوي: أخذ عن الأصمعي وغيره، وسمع في حداثته من الحافظ هشيم بن بشير السلمي الواسطي ومن الامام الحافظ أبي بشر إسماعيل بن إبراهيم بن علية الأسدي البصري ومن ابن أبي زائدة وغيرهم. ولد ببغداد سنة خمس وستين ومائة ثم انتقل إلى البصرة فتوطنها وبها مات، وكان ثقة صدوقا إماما في العربية، أخذ عنه الشيوخ وتخرج به خلق كثير. [1243] يحيى بن هذيل بن الحكم بن عبد الملك بن إسماعيل التميمي القرطبي المعروف بالكفيف: كان أديبا شاعرا قدم إلى المشرق في أواسط المائة الرابعة، وأخذ عنه الرمادي الشاعر وغيره، مات سنة تسع وثمانين وثلاثمائة وقد جاوز التسعين. ومن شعره: أرى أهل الثراء إذا توفوا ... بنوا تلك المراصد بالصخور   [1242] ترجمة يحيى بن واقد في أخبار أصبهان: 356 وبغية الوعاة 2: 345 (عن أبي نعيم وياقوت) . [1243] جذوة المقتبس: 358 (وبغية الملتمس رقم: 1945) وتاريخ ابن الفرضي 2: 193 والوافي (خ) ونكت الهميان: 307 وله شعر في اليتيمة 2: 14 ومسالك الأبصار 11: 173 وعنوان المرقصات: 14 ونفح الطيب، وأكثر صاحب كتاب التشبيهات من الاستشهاد بشعره (انظر بخاصة ص 314- 315) . الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2833 أبوا إلا مباهاة وفخرا ... على الفقراء حتى في القبور فإن يكن التسامح في ذراها ... فإن العدل فيها في القعور عجبت لمن تأنق في بناء ... أمينا من تصاريف الدهور ألم يبصر بما قد خربته ال ... دهور من المدائن والقصور وأقوام مضوا قوما فقوما ... وصار صغيرهم إثر الكبير لعمر أبيهم لو أبصروهم ... لما عرفوا الغنيّ من الفقير ولا عرفوا العبيد من الموالي ... ولا عرفوا الإناث من الذكور ولا من كان يلبس ثوب صوف ... من البدن المباشر للحرير إذا أكل الثرى هذا وهذا ... فما فضل الجليل على الحقير وله «1» : لا تلمني على الوقوف بدار ... أهلها صيروا السقام ضجيعي جعلوا لي إلى هواهم سبيلا ... ثم سدّوا عليّ باب الرجوع [1244] يحيى بن يحيى المعروف بابن السمينة «2» القرطبي: قدم المشرق ودخل بغداد والقاهرة ثم انصرف إلى بلده، وكان بارعا في النحو واللغة والأخبار وعلوم الأدب والشعر والعروض، عالما بالحديث والفقه والجدل، عارفا بالطب والرياضي والنجوم، وكان يميل إلى الاعتزال. مات بعد انصرافه من المشرق سنة خمس عشرة وثلاثمائة.   [1244] ترجمة ابن السمينة عن طبقات صاعد: 65 (وتصحف فيه إلى ابن اليتيمة وفي م: السخية) وانظر تاريخ ابن الفرضي 2: 185 وابن أبي أصيبعة 2: 39 وطبقات الزبيدي: 289 وإنباه الرواة 4: 34 وبغية الوعاة 2: 345 (عن النضار لأبي حيان) . الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2834 [1245] يحيى بن يحيى بن سعيد المعروف بابن ماري المسيحي من أهل البصرة: كان كاتبا أديبا شاعرا عارفا بالطب عالما بالنحو واللغة متفننا، وكان يتكسب بالكتابة والطب ويمتدح الأكابر والأعيان. روى عنه جماعة من الأفاضل منهم أبو حامد المعروف بالعماد الكاتب الأصبهاني وغيره، وصنف المقامات الستين أحسن فيها وأجاد. وكانت وفاته بالبصرة في شهر رمضان سنة تسع وثمانين وخمسمائة. ومن شعره: نعم المعين على المروءة للفتى ... مال يصون عن التبذل نفسه لا شيء أنفع للفتى من ماله ... يقضي حوائجه ويجلب أنسه وإذا رمته يد الزمان بسهمه ... غدت الدراهم دون ذلك ترسه وله أيضا: لاموا على صبّ الدموع كأنهم ... لا يعرفون صبابتي وولوعي كفّوا فقد وعد الحبيب بزورة ... ولذا غسلت طريقه بدموعي وله «1» : نفرت هند من طلائع شيبي ... واعترتها سآمة من وجومي هكذا عادة الشياطين ينفر ... ن إذا ما بدت نجوم الرجوم   [1245] ترجمته في تاريخ الحكماء: 360 وسماه «يحيى بن سعيد» وكنيته أبو العباس، قال وكان أصله من الطيب من موضع يقال له الدوير، وكان أبوه قد انتقل عن الدوير إلى البصرة؛ وقد ترجم له العماد في الخريدة (قسم العراق) 4/2؛ 695 وانظر ابن العبري: 415 ومرآة الزمان: 264 والنجوم الزاهرة 5: 364 والشذرات 4: 185. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2835 [1246] يحيى بن يعمر أبو سليمان العدواني، من عدوان بن قيس بن عيلان، الوشقي البصري: تابعي لقي عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر، روى عنه قتادة السدوسي واسحاق بن سويد وجماعة، ووثقه النسائي وأبو حاتم وغيرهما، ورماه عثمان بن دحية بالقدر، وكان عالما بالقراءة والحديث والفقه والعربية ولغات العرب. أخذ عنه أبو الأسود الدؤلي، وكان فصيحا بليغا يستعمل الغريب في كلامه. روي أن يزيد بن المهلب كتب إلى الحجاج: لقينا العدوّ ففعلنا وفعلنا واضطررناه إلى عرعرة الجبل، فقال الحجاج: ما لابن المهلب وهذا الكلام؟ فقيل له: إن يحيى بن يعمر عنده، فقال: ذاك إذن. وحكي ان الحجاج قال له: أتجدني ألحن؟ فقال: الأمير أفصح من ذلك، فقال: عزمت عليك أتجدني ألحن؟ فقال يحيى: نعم، فقال له: في أي شيء؟ فقال: في كتاب الله تعالى، فقال: ذلك أسوأ، ففي أيّ حرف من كتاب الله؟ قال قرأت قُلْ إِنْ كانَ آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ وَإِخْوانُكُمْ وَأَزْواجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوالٌ اقْتَرَفْتُمُوها وَتِجارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسادَها وَمَساكِنُ تَرْضَوْنَها أَحَبَّ إِلَيْكُمْ (التوبة: 24) فرفعت أحبّ وهو منصوب، فغضب الحجاج وقال: لا تساكنني ببلد أنا فيه، ونفاه إلى خراسان، فولاه يزيد بن المهلب القضاء بها ثم عزله على شربه النبيذ وإدمانه له «1» .   [1246] ترجمة يحيى بن يعمر في طبقات ابن سعد 7: 368 وطبقات خليفة: 1649 وتاريخ خليفة 1: 306 (بغداد) ومراتب النحويين: 50 ومعجم المرزباني: 485 وطبقات الزبيدي: 27 والوزراء والكتاب: 41 وأخبار النحويين البصريين: 22 وتاريخ أبي المحاسن: 155 والفهرست: 47 ونزهة الألباء: 8 وابن خلكان 6: 173 وانباه الرواة 4: 18 وتذكرة الحفاظ 1: 71 وسير الذهبي 4: 441 وميزان الاعتدال 4: 415 والبداية والنهاية 9: 73 ومرآة الجنان 1: 271 وطبقات ابن الجزري رقم: 3871 وتهذيب التهذيب 11: 305 والنجوم الزاهرة 1: 217 وبغية الوعاة 2: 345 والشذرات 1: 175. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2836 وكان يحيى يتشيع ويقول بتفضيل أهل البيت من غير تنقيص لغيرهم، وأخباره كثيرة، توفي سنة تسع وعشرين ومائة. [1247] يزيد بن زياد بن ربيعة المعروف بابن مفرغ، أبو عثمان الحميري: وإنما لقّب جدّه ربيعة «مفرغا» لأنه راهن على أن يشرب عسّا من لبن فشربه حتى فرغ فلقب بذلك، وقد طعن النسابون في انتسابه إلى حمير. وهو الذي وضع سيرة تبّع وأشعاره. وكان يصحب عباد بن زياد فجرت بينهما وحشة فحبسه عباد فكان يهجوه وهو في السجن، فزاد ذلك في غيظ عباد، فترك هجوه وأخذ يتلطف له، فكان يقول للناس إذا سألوه عن سبب حبسه، رجل أدبه أميره ليقيم من أوده، فبلغ ذلك عبادا فرقّ له وخلّى سبيله، فخرج هاربا إلى البصرة ومنها إلى الشام، وجعل يتنقل في مدنها ويهجو زيادا وولده، فطلبه عبيد الله أخو عباد طلبا شديدا وكاد يؤخذ، فجعل يتنقل في قرى الشام ويغلغل في نواحيها ويهجو بني زياد، فترد أشعاره إلى البصرة وتبلغهم، فكتب عبيد الله بن زياد إلى يزيد بن معاوية إن ابن مفرغ نال من زياد وبنيه بما هتكه وفضحهم فضيحة الأبد وتعدى في ذلك إلى أبي سفيان فقذفه بالزنا، وهرب من خراسان إلى البصرة فطلبته فلفظته الأرض إلى الشام، فهو يتنقل في قراها يتمضّغ لحومنا بها، فأمر يزيد بطلبه، فجعل يتنقل من بلد إلى بلد إلى أن أتى البصرة واستجار بالأحنف بن قيس فأبى أن يجيره على السلطان، فأتى خالد بن أسيد فلم يجره، ثم لاذ بابن معمر وطلحة الطلحات فوعداه ولم يفعلا، فلاذ بالمنذر بن الجارود العبدي وكانت ابنته تحت عبيد الله بن زياد فأجاره، فلم يرع عبيد الله جوار المنذر   [1247] ترجمة ابن مفرغ في طبقات فحول الشعراء: 686 والشعر والشعراء: 276 وأمالي الزجاجي: 229 وأنساب الأشراف 4/1: 374 وتاريخ الطبري 2: 161 والأغاني 18: 180 والاكليل 2: 266 وجمهرة أنساب العرب: 436 وابن خلكان 6: 342 وسير الذهبي 3: 522 والبداية والنهاية 8: 295، 314 وخزانة الأدب 2: 210، 514 وقد جمع شعره مرتين: مرة على يد الدكتور داود سلوم (بغداد 1968) ومرة على يد الدكتور عبد القدوس أبو صالح (بيروت 1975) والاعتماد على الثاني (وهذه الترجمة من حقها أن تكون في معجم الشعراء) . الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2837 وأخذ ابن مفرغ وسجنه، وكتب إلى يزيد يستأذنه في قتله، فحذره يزيد من الايقاع به وأشار إليه بحبسه وتنكيله بما يؤدبه، فأمر عبيد الله أن يسقى نبيذا خلط بشبرم حتى سلح على ثيابه، فأمر أن يطاف به في أسواق البصرة تزفّه الصبيان، ثم ردّ إلى السجن وبقي فيه مدة طويلة إلى أن أطلق بشفاعة قومه اليمنيين عند يزيد، ومات سنة تسع وستين. وأخباره مع بني زياد طويلة، ومن أشعاره التي هجاهم بها قوله في عبيد الله وأخيه عبّاد من قصيدة طويلة «1» : وما لاقيت من أيام بؤس ... ولا أمر يضيق به ذراعي ولم تك شيمتي عجزا ولؤما ... ولم أك بالمضلّل في المتاع سوى يوم الهجين ومن يصاحب ... لئام الناس يغض على القذاع ومنها في عبيد الله: فأير في است أمك من أمير ... كذاك يقال للحمق اليراع ولا بلّت سماؤك من أمير ... فبئس معرّس الركب الجياع ومنها: إذا أودى معاوية بن حرب ... فبشّر شعب قعبك بانصداع فأشهد أن أمك لم تباشر ... أبا سفيان واضعة القناع ولكن كان أمر فيه لبس ... على عجل شديد وارتياع [1248] يزيد بن سلمة بن سمرة بن سلمة الخير بن قشير بن كعب بن ربيعة بن   [1248] ترجمة ابن الطثرية في طبقات ابن سلام: 779 والشعر والشعراء: 340 والأغاني 8: 157 والسمط: 103 وابن خلكان 6: 367 وشرح التبريزي على الحماسة 3: 46 وأسماء المغتالين: 247 وقد جمع ما بقي من شعره حاتم صالح الضامن (بغداد 1973) وهو أجدر أن يكون في معجم الشعراء. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2838 عامر بن صعصعة، أبو مكشوح المعروف بابن الطثرية، وطثرة اللبن زبدته: وكان يلقب مورقا لحسن وجهه وشعره وحلاوة حديثه، وكان يعشق جارية من جرم يقال لها وحشية، وله فيها أشعار حسنة، وكان جوادا متلافا يغشاه الدين فإذا أخذ به قضاه عنه أخوه ثور بن سلمة. وكان صاحب غزل زير نساء يجلسن إليه فيحادثهن، وكان ظريفا عفيفا، وقتل في الوقعة التي قتل فيها الوليد بن يزيد بن عبد الملك سنة سبع وعشرين ومائة. ومن شعره «1» : عقيلية أما ملاث إزارها ... فدعص وأما خصرها فبتيل تقيّظ أكناف الحمى ويظلّها ... بنعمان من وادي الأراك مقيل أليس قليلا نظرة إن نظرتها ... إليك وكلّا ليس منك قليل فيا خلّة النفس التي ليس دونها ... لنا من أخلّاء الصفاء خليل ويا من كتمنا حبّها لم يطع به ... عدوّ ولم يؤمن عليه دخيل أما من مقام أشتكي غربة النوى ... وخوف العدى فيه إليك سبيل فديتك أعدائي كثير وشقّتي ... بعيد وأشياعي لديك قليل وكنت إذا ما جئت جئت بعلّة ... فأفنيت علّاتي فكيف أقول فما كلّ يوم لي بأرضك حاجة ... ولا كلّ يوم لي اليك رسول صحائف عندي للعتاب طويتها ... ستنشر يوما والعتاب طويل فلا تحملي ذنبي وأنت ضعيفة ... فحمل دمي يوم الحساب ثقيل وقال في وحشية الجرمية «2» : لو انك شاهدت الصّبا يا ابن بوزل ... بجزع الغضا إذ راجعتني غياطله بأسفل خلّ الملح إذ دين ذي الهوى ... مؤدى وإذ خير الوصال أوائله لشاهدت لهوا بعد شحط من النوى ... على سخط الأعداء حلوا شمائله الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2839 بنفسي من لو مرّ برد بنانه ... على كبدي كانت شفاء أنامله ومن هابني في كلّ شيء وهبته ... فلا هو يعطيني ولا أنا سائله ألا حبذا عيناك يا أمّ شنبل ... إذا الكحل في جفنيهما جال جائله فداك من الخلّان كل مماذق ... تكون لأدنى من يلاقي وسائله فرحنا بيوم سرّنا بامّ شنبل ... ضحاه وأبكتنا عليه أصائله وكنت كأني حين كان سلامها ... وداعا وقلبي موثق الوجد حامله رهين بنفس لم تفكّ كبولها ... عن الساق حتى جرّد السيف قاتله وقال «1» : ألا رب راج حاجة لا ينالها ... وآخر قد تقضى له وهو جالس يروح لها هذا وتقضى لغيره ... فتأتي الذي تقضى له وهو آيس [1249] يعقوب بن اسحاق أبو يوسف ابن السكيت، والسكيت لقب أبيه: كان أبوه من أصحاب الكسائي عالما بالعربية واللغة والشعر، وكان يعقوب يؤدب الصبيان مع أبيه في درب القنطرة بمدينة السلام حتى احتاج إلى الكسب فأقبل على تعلم النحو من البصريين والكوفيين، فأخذ عن أبي عمرو الشيباني والفراء وابن الأعرابي والأثرم، وروى عن الأصمعي وأبي عبيدة، وأخذ عنه أبو سعيد السكري وأبو عكرمة الضبي   [1249] ترجمة ابن السكيت في طبقات الزبيدي: 202 والفهرست: 79 ومراتب النحويين: 95 وتاريخ أبي المحاسن: 201 وتهذيب الأزهري 1: 23 وتاريخ بغداد 14: 273 ونزهة الألباء: 122 وإنباه الرواة 4: 50 وابن خلكان 6: 395 وعبر الذهبي 1: 443 وسير الذهبي 12: 16 والبداية والنهاية 10: 346 والنجوم الزاهرة 2: 317 وبغية الوعاة 2: 349 ومرآة الجنان 2: 147 والبلغة: 288 والشذرات 2: 106 ورجال النجاشي: 312 وروضات الجنات 8: 217 واشارة التعيين: 386. ولمحيي الدين إبراهيم دراسة عنه (بغداد: 1969) . الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2840 ومحمد بن الفرج المقرىء ومحمد بن عجلان الاخباري وميمون بن هارون الكاتب وغيرهم. وكان عالما بالقرآن ونحو الكوفيين، ومن أعلم الناس باللغة والشعر، راوية ثقة، ولم يكن بعد ابن الاعرابي مثله، وكان قد خرج إلى سر من رأى فصيّره عبد الله بن يحيى بن الخاقان إلى المتوكل، فضمّ إليه ولده يؤدبهم، وأسنى له الرزق، ثم دعاه إلى منادمته فنهاه عبد الله بن عبد العزيز عن ذلك فظنّ أنه حسده وأجاب إلى ما دعي إليه، فبينما هو مع المتوكل يوما جاء المعتز والمؤيد فقال له المتوكل: يا يعقوب أيما أحب إليك ابناي هذان أم الحسن والحسين، فذكر الحسن والحسين رضي الله عنهما بما هما أهله وسكت عن ابنيه، وقيل قال له: إن قنبر خادم علي أحبّ إليّ من ابنيك، وكان يعقوب يتشيع، فأمر المتوكل الأتراك فسلوا لسانه وداسوا بطنه وحمل إلى بيته فعاش يوما وبعض آخر، ومات يوم الاثنين لخمس خلون من رجب سنة ثلاث وأربعين ومائتين، وقيل سنة أربع وأربعين، وقيل سنة ست وأربعين، ووجه المتوكل من الغد عشرة آلاف درهم ديته إلى أهله. ولما بلغ عبد الله بن عبد العزيز الذي نهاه عن المنادمة خبر قتله أنشد: نهيتك يا يعقوب عن قرب شادن ... إذا ما سطا أربى على كلّ ضيغم فذق واحس إني لا أقول الغداة إذ ... عثرت لعا بل لليدين وللفم وصنف ابن السكيت: كتاب إصلاح المنطق «1» . وكتاب القلب والإبدال «2» . وكتاب النوادر. وكتاب الألفاظ «3» . وكتاب فعل وأفعل. وكتاب الأضداد. وكتاب الأجناس الكبير. وكتاب الفرق. وكتاب الأمثال. وكتاب البحث. وكتاب الزبرج. وكتاب الإبل. وكتاب السرج واللجام. وكتاب الوحوش. وكتاب الحشرات. وكتاب النبات والشجر. وكتاب الأيام والليالي. وكتاب سرقات الشعراء وما تواردوا عليه. وكتاب معاني الشعر الكبير. وكتاب معاني الشعر الصغير، وغير ذلك. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2841 [1250] يعقوب بن إسحاق بن زيد بن عبد الله الحضرمي بالولاء البصري أبو يوسف وأبو محمد القارىء: ثامن القراء العشرة، الامام في القراءات والعربية ولغة العرب والفقه. أخذ القراءة عن ابن ميمون والعطاردي، وروى عن حمزة والكسائي، وأخذ عنه سلام الطويل عرضا، وأخذ عنه الزعفراني وأبو حاتم السجستاني وروح بن عبد المؤمن وجماعة. وكان من أعلم أهل زمانه بمذاهب النحاة في القرآن الكريم ووجوه الاختلاف فيه، وكان زاهدا ورعا ناسكا، حكي أنه سرق رداؤه وهو في الصلاة وردّ إليه ولم يشعر. وفيه يقول بعضهم «1» : أبوه من القّراء كان وجدّه ... ويعقوب في القرّاء كالكوكب الدرّي تفرّده محض الصواب وجمعه ... فمن مثله في وقته وإلى الحشر وصنف يعقوب: كتاب الجامع، ذكر فيه اختلاف وجوه القراءات ونسب كل حرف إلى من قرأ به. وكتاب وقف التمام، وغير ذلك. مات في جمادى الأولى سنة خمس ومائتين عن ثمان وثمانين سنة. [1251] يعقوب بن الربيع أخو الفضل بن الربيع حاجب أبي جعفر المنصور: كان أديبا   [1250] ترجمته في طبقات ابن سعد 7: 304 وطبقات خليفة: 227 وتاريخ خليفة: 472 وطبقات الزبيدي: 45 وابن خلكان 6: 390 ومرآة الجنان 2: 30 وعبر الذهبي 1: 348 وسير الذهبي 10: 169 ومعرفة القراء الكبار 1: 30 والكاشف 3: 290 وطبقات ابن الجزري 2: 386 وتهذيب التهذيب 11: 382 والبلغة: 287 والنجوم الزاهرة 2: 179 وبغية الوعاة 2: 348 والشذرات 2: 14 واشارة التعيين: 385. [1251] ترجمة يعقوب بن الربيع في معجم المرزباني: 497 وتاريخ بغداد 14: 267 ورغبة الآمل 8: 251 وله بيتان في ديوان المعاني 2: 224. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2842 شاعرا ماجنا خليعا، وكان يصحب آدم بن عبد العزيز الأموي، وكان آدم هذا ماجنا أيضا منهمكا في الشراب ثم نسك، وليعقوب معه أخبار وملح: فمن ذلك ما حدث به فليح بن سليمان قال: لما ترك آدم بن عبد العزيز الشراب استأذن يوما على يعقوب بن الربيع وأنا عنده، فقال يعقوب: ارفعوا الشراب فان هذا قد تاب وأحسبه يكره أن يحضره، فرفع وأذن له، فلما دخل قال: إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ (يوسف: 94) قال يعقوب: هو الذي وجدت ولكنا ظننا أنه يثقل عليك لتركك له، قال: أي والله إنه ليثقل عليّ ذاك، قال: فهل قلت في ذلك شيئا منذ تركته؟ قال: نعم، وأنشد «1» : ألا هل فتى عن شربها اليوم صابر ... ليجزيه عن صبره الغد قادر شربت فلما قيل ليس بنازع ... نزعت وثوبي من أذى اللوم طاهر وكان يعقوب بن الربيع يعشق جارية «2» فطلبها سبع سنين وبذل فيها جاهه وماله حتى ملكها، وأعطي فيها مائة ألف دينار فلم يبعها، فمكثت عنده ستة أشهر وماتت، فرثاها بشعر كثير فمن ذلك: لئن كان قربك لي نافعا ... فبعدك أصبح لي أنفعا لأني أمنت رزايا الدهور ... وان حلّ خطب فلن أجزعا وله: راحوا يصيدون الظباء وانني ... لأرى تصيّدها عليّ حراما أشبهن منك لواحظا وسوالفا ... فحوت بذلك حرمة وذماما أعزز عليّ بأن أروّع شبهها ... أو ان يذوق على يديّ حماما الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2843 [1252] يعقوب بن علي بن محمد بن جعفر أبو يوسف البلخي ثم الجندلي: أحد الأئمة في النحو والأدب، أخذ عن أبي القاسم الزمخشري ولزمه، ولا أعرف عنه غير هذا. [1253] اليمان بن أبي اليمان أبو بشر البندنيجي: أصله من الأعاجم من الدهاقين، ولد أكمه في سنة مائتين ونشأ ببندنيج بلده، وحفظ أدبا كثيرا وأشعارا كثيرة، وكان بها أبو الحسن علي بن المغيرة المعروف بالأثرم صاحب أبي عبيدة يروي كتبه كلّها وكتب الأصمعي، فلزم أبو بشر ذلك النمط وحفظ من كتب الأثرم علما كثيرا، قال: حفظت في مجلس واحد مائة وخمسين بيتا من الشعر بغريبه، وخرج إلى بغداد وسرمن رأى ولقي العلماء، وقرأ على محمد بن زياد الأعرابي، ولقي أبا نصر صاحب الأصمعي، وهو ابن اخته، وحفظ «كتاب الأجناس الأكبر» للأصمعي. وكان لأبي بشر ضياع كثيرة وبساتين خلفها له أبوه فباعها وأنفقها في طلب العلم وعلى العلماء، ولقي أبا يوسف يعقوب بن السكيت والزيادي والرياشي بالبصرة، وقرأ عليهم من حفظه كتبا كثيرة. وصنف كتاب معاني الشعر. وكتاب العروض. وكتاب التقفية. مات سنة أربع وثمانين ومائتين. ومن شعره «1» : أنا اليمان بن أبي اليمان ... أسعد من أبصرت في العميان   [1252] ترجمة أبي يوسف البلخي في بغية الوعاة 2: 351 (عن ياقوت) . [1253] ترجمة أبي بشر البندنيجي في الفهرست: 90 وإنباه الرواة 4: 73 ونكت الهميان: 312 والوافي (خ) وبغية الوعاة 2: 353. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2844 ان تلقني تلق عظيم الشان ... تجدني أبلغ من سحبان في العلم والحكمة والبيان وله «1» : فديوان الضياع بفتح ضاد ... وديوان الخراج بغير جيم إذا ولي ابن عيسى وابن موسى ... فما أمر الأنام بمستقيم [1254] يموت بن المزرع بن موسى بن سيار العبدي من عبد قيس، أبو عبد الله وأبو بكر، البصري ابن أخت أبي عثمان الجاحظ: نحوي أديب راوية، ذكره الزبيدي في نحاة مصر. أخذ عن أبي عثمان المازني وأبي حاتم السجستاني وعبد الرحمن بن أخي الأصمعي ونصر بن علي الجهضمي، وكان من مشايخ العلم والشعر أخباريا حسن الآداب، دخل بغداد ومات بطبرية، وقيل بدمشق سنة ثلاث وثلاثمائة، وقيل سنة أربع. وكان له ولد يقال له مهلهل بن يموت، وكان شاعرا مجيدا، وله يقول أبوه يموت بن المزرع: مهلهل قد شربت شطور دهري ... وكافحني به الزمن العنوت وجاريت الرجال بكلّ ربع ... فأذعن لي الحثالة والرتوت فأوجع ما أجنّ عليه قلبي ... كريم عضّه زمن بغوت   [1254] طبقات الزبيدي: 215 ومعجم المرزباني: 505 وتاريخ بغداد 14: 358 ونزهة الألباء: 163 والمنتظم 6: 143 وكامل ابن الأثير 8: 96، 106 وإنباه الرواة 4: 74 وابن خلكان 7: 53 وعبر الذهبي 2: 128 وسير الذهبي 14: 247 ومرآة الجنان 2: 241 والبداية والنهاية 11: 127 والبلغة: 289 وطبقات ابن الجزري 2: 392 والنجوم الزاهرة 2: 191 وبغية الوعاة 2: 353 والشذرات 2: 243. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2845 كفى حزنا بضيعة ذي قديم ... وأبناء الطريف لها التخوت وقد أسهرت عيني بعد غمض ... مخافة أن تضيع إذا فنيت وفي لطف المهيمن لي عزاء ... بمثلك إن فنيت وإن بقيت وان يشتدّ عظمك بعد موتي ... فلا تقطعك جائحة سبوت فجب في الأرض وابغ بها علوما ... ولا تلفتك عن هذا الدسوت وإن بخل العليم عليك يوما ... فذلّ له وديدنك السكوت وقل بالعلم كان أبي جوادا ... يقال فمن أبوك فقل يموت تقرّ لك الأباعد والأداني ... بعلم ليس يجحده البهوت [1255] يوسف بن أبي بكر بن محمد أبو يعقوب السكاكي: من أهل خوارزم، علامة إمام في العربية والمعاني والبيان والأدب والعروض والشعر، متكلم فقيه متفنن في علوم شتى. وهو أحد أفاضل العصر الذين سارت بذكرهم الركبان. ولد سنة أربع وخمسين وخمسمائة، وصنف «مفتاح العلوم» في اثني عشر علما أحسن فيه كل الاحسان، وله غير ذلك، وهو اليوم حيّ ببلده خوارزم. [1256] يوسف بن الحجاج بن يوسف ، عرف بابن الصيقل: مولده ومنشأه بالكوفة، وكان يلقب بلقوة، صحب أبا نواس وأخذ عنه وروى شعره، وكان كاتبا شاعرا ظريفا صاحب نوادر متهتكا بالمرد. مات في خلافة المأمون.   [1255] ترجمة السكاكي في الجواهر المضية 2: 245 (حيدر آباد) وبغية الوعاة 2: 364 (وينقل عن المسالك) والشذرات 5: 122 والفوائد البهية: 231 وكانت وفاته بخوارزم سنة 626 وقد عرف بكتابه مفتاح العلوم في البلاغة. [1256] ترجمة ابن الصيقل في الأغاني 23: 88، ومعجم الشعراء: 503 و 504. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2846 ومن شعره: أبعد المواثيق لي ... وبعد السؤال الحفي وبعد اليمين التي ... حلفت على المصحف تركت الهوى بيننا ... كضوء سراج طفي فليتك إذ لم تفي ... بوعدك لم تحلفي وقال في مدح الرشيد «1» : أغيثا تحمل الناق ... ة أم تحمل هارونا أم الشمس أم البدر ... أم الدنيا أم الدينا ألا كلّ الذي عدّد ... ت قد أصبح مقرونا على مفرق هارون ... فداه الآدميونا [1257] يوسف بن الحسن بن عبد الله أبو محمد السيرافي: كان رأسا في العربية واللغة، له مشاركة في غيرها من العلوم، أخذ عن والده الامام وخلفه في جميع علومه وتمم كتبا كان شرع فيها أبوه منها الإقناع. وصنف شرح أبيات سيبويه. وشرح أبيات إصلاح المنطق. وشرح أبيات الغريب المصنف لأبي عبيد. مات في ربيع الأول سنة خمس وثمانين وثلاثمائة عن خمس وخمسين سنة.   [1257] ترجمة ابن السيرافي في الجواهر المضية 1: 226 (حيدر آباد) والمنتظم 7: 187 وإنباه الرواة 4: 61 وابن خلكان 7: 72 ومرآة الجنان 2: 429 وبغية الوعاة 2: 354؛ وقد طبع من كتبه كتاب شرح أبيات سيبويه. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2847 [1258] يوسف بن سليمان بن عيسى، أبو الحجاج الشنتمري المعروف بالأعلم النحوي: كان عالما بالعربية واللغة واسع الحفظ للأشعار ومعانيها، جيد الضبط كثير العناية بهذا الشأن، فكانت الرحلة إليه في وقته. رحل إلى قرطبة فأخذ عن أبي القاسم إبراهيم الإفليلي وساعده في «شرح ديوان المتنبي» وأخذ أيضا عن أبي سهل الحراني ومسلم بن أحمد الأديب، وأخذ عنه أبو علي الغساني وجماعة كثيرة، وأضرّ بأخرة، وكان مشقوق الشفة العليا شقا واسعا ولذا لقب بالأعلم. وصنف شرح الجمل في النحو لأبي القاسم الزجاجي. وشرح أبيات الجمل. وشرح الحماسة شرحا مطولا ورتبها على حروف المعجم. ولد سنة عشر وأربعمائة وتوفي باشبيلية سنة ست وسبعين وأربعمائة. [1259] يوسف بن عبد الله، أبو القاسم الزجاجي: أحد أهل البلاغة والبراعة والدراية في النحو واللغة والأدب، أصله من همذان وسكن جرجان، وتصدر بها، صنّف شرح الفصيح. وعمدة الكتاب. وكتاب خلق الانسان. وكتاب خلق الفرس. وكتاب اشتقاق الأسماء. وكتاب الرياحين، وغير ذلك. مات سنة [خمس عشرة وأربعمائة] .   [1258] الصلة: 643 وإنباه الرواة 4: 59 وابن خلكان 7: 81 وفهرست ابن خير: 472، 475 وسير الذهبي 18: 555 والوافي (خ) ونكت الهميان: 313 ومرآة الجنان 3: 159 وبغية الوعاة 2: 356 والشذرات 3: 403 وسمّاه في الصلة: يوسف بن عيسى بن سليمان، والشنتمري نسبة الى بلده شنتمرية الغرب. [1259] ترجمة أبي القاسم الزجاجي في بغية الوعاة 2: 357 وضبط الزجاجي بضم الزاي وتخفيف الجيم، وتاريخ جرجان: 578، وكان عمره يوم توفي ثلاثا وستين سنة. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2848 [1260] يوسف بن علي بن جبارة بن محمد بن عقيل، أبو القاسم الهذلي المغربي البسكري- نسبة إلى بسكرة من اقليم الزاب الصغير- الضرير المقرىء النحوي: كان عالما بالقراءات والعربية، قرأ على المشايخ بأصبهان، وطوف البلاد في طلب القراءات، وقدم بغداد فقرأ بها على القاضي أبي العلاء محمد بن علي بن يعقوب الواسطي وغيره، وورد نيسابور فحضر دروس أبي القاسم القشيري في النحو، وسمع باصبهان من الحافظ أبي نعيم أحمد بن عبد الله الاصبهاني، وبنيسابور من أبي بكر أحمد بن منصور بن خلف. وقرره نظام الملك في مدرسته بنيسابور مقرئا سنة ثمان وخمسين وأربعمائة فاستمر بها إلى ان توفي. ومن تصانيفه الكامل في القراءات وغيره. وكانت ولادته سنة ثلاث وأربعمائة ومات سنة خمس وستين وأربعمائة عن ثلاث وستين سنة. [1261] يوسف بن هارون، أبو عمر الكندي المعروف بالرمادي القرطبي: شاعر مفلق كان معاصرا لأبي الطيب المتنبي، فكان يقال: فتح الشعر بكندة وختم بكندة، يعنون امرأ القيس والمتنبي والرمادي هذا، وكان مقلا ضيق العيش ونسب إليه بعضهم أشعارا في دولة الخلافة أوغرت صدر الخليفة عليه فسجنه زمانا طويلا، ونظم في السجن عدة قصائد استعطف بها الخليفة فلم يعطف عليه، وكان كلفا بفتى من أبناء النصارى يقال   [1260] ترجمة يوسف البسكري في المنتخب من السياق (الثاني) : 144 والوافي (خ) ونكت الهميان: 314 وطبقات ابن الجزري 2: 397 وبغية الوعاة 2: 359. [1261] ترجمة الرمادي في جذوة المقتبس: 346 (بغية الملتمس رقم: 1451) والصلة: 637 والمطرب: 4 والمطمح: 311 والمغرب 1: 392 واليتيمة 2: 12، 100 والمقتبس (الحجي) 74، 75 وابن خلكان 7: 225 ومسالك الأبصار 11: 175 ونفح الطيب 2: 36 وفي كتابي تاريخ الأدب الأندلسي- عصر سيادة قرطبة: 155- 169 (الطبعة الأولى) دراسة عنه، وجمع شعره السيد ماهر زهير جرار (بيروت 1980) وانظر كتاب التشبيهات للكتاني وتتصل به حكاية طريفة في طوق الحمامة. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2849 له نصير وله فيه أشعار حسنة. ولما دخل أبو علي القالي الأندلس لزمه الرمادي وامتدحه بقصيدة، وروى عنه «كتاب النوادر» من تأليفه. وروى الحافظ ابن عبد البر طرفا من شعر الرمادي وأوردها في بعض مصنفاته. مات أبو عمر الرمادي سنة ثلاث وأربعمائة. ومن شعره قوله لنصير النصراني الذي تقدم ذكره «1» : أدر الكأس يا نصير وهات ... إنّ هذا النهار من حسناتي بأبي غرة ترى الشخص فيها ... في صفاء أصفى من المرآة تبصر الناس حولها في ازدحام ... كازدحام الحجيج في عرفات هاتها يا نصير إنا اجتمعنا ... بقلوب في الدين مختلفات انما نحن في مجالس لهو ... نشرب الراح ثم أنت مواتي فإذا ما انقضت ديانة ذا الله ... واعتمدنا مواضع الصلوات لو مضى الوقت دون راح وقصف ... لعددنا هذا من السيئات وله «2» : بدر بدا يحمل شمسا بدت ... وحدّها في الحسن من حدّه تغرب في فيه ولكنّها ... من بعد ذا تطلع في خدّه [1262] يونس بن حبيب، أبو عبد الرحمن الضبي، وقيل الليثي بالولاء: إمام نحاة   [1262] ترجمة يونس بن حبيب في المعارف: 541 والبيان والتبيين 1: 77 وتاريخ الطبري 2: 1465 ومراتب النحويين: 21 وأخبار النحويين البصريين: 33 وتاريخ أبي المحاسن: 120 وطبقات الزبيدي: 51 والفهرست: 47 ونزهة الألباء: 31 ونور القبس: 48 والكامل لابن الأثير 6: 165 وإنباه الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2850 البصرة في عصره ومرجع الأدباء والنحويين في المشكلات. كانت حلقته مجمع فصحاء الأعراب وأهل العلم والأدب، سمع من العرب كما سمع من قبله، وأخذ الأدب عن أبي عمرو بن العلاء، وأخذ عنه سيبويه وروى عنه في كتابه، وأخذ عنه أيضا أبو الحسن الكسائي وأبو زكريا الفراء وأبو عبيدة معمر بن المثنى وخلف الأحمر وأبو زيد الأنصاري وغيرهم من الأئمة. وكان له في العربية مذاهب وأقيسة يتفرد بها. قال أبو عبيدة: اختلفت إلى يونس أربعين سنة أملأ كلّ يوم ألواحي من حفظه. وقال أبو زيد الانصاري: جلست إلى يونس بن حبيب عشر سنين وجلس إليه قبلي خلف الأحمر عشرين سنة. وكان يونس عالما بالشعر نافذ البصر في تمييز جيده من رديئه، عارفا بطبقات شعراء العرب، حافظا لأشعارهم، يرجع إليه في ذلك كله. حدث محمد بن سلام قال: سألت يونس النحوي عن أشعر الناس فقال: لا أومىء إلى رجل بعينه ولكني أقول امرؤ القيس إذا غضب، والنابغة إذا رهب، وزهير إذا رغب، والأعشى إذا طرب. وكان يونس يفضل الأخطل على جرير والفرزدق وقد انفرد بذلك. قال أبو عبيدة، سئل يونس النحوي عن جرير والفرزدق والأخطل أيهم أشعر فقال: أجمعت العلماء على الأخطل، قال أبو عبيدة: فقلت لرجل إلى جنبه، سله ومن هؤلاء العلماء؟ فسأله فقال: من شئت، ابن أبي اسحاق وأبو عمرو بن العلاء وعيسى بن عمر الثقفي وعنبسة الفيل وميمون الأقرن هؤلاء طرّقوا الكلام وماثوه لا كمن تحكون عنه لا بدويين ولا نحويين، فقلت للرجل: سله فبأيّ شيء فضّل عليهم؟ قال: بأنه كان أكثرهم عدد قصائد طوال جياد ليس فيها فحش ولا سقط. ومن نقد يونس للشعر ما حكاه الأصمعي قال: جاء مروان بن أبي حفصة الشاعر إلى حلقة يونس فسلم ثم قال: أيكم يونس؟ فأومأنا إليه، فقال له: أصلحك الله،   الرواة 4: 68 وابن خلكان 7: 244 وسير الذهبي 8: 171 ومرآة الجنان 1: 388 والبداية والنهاية 10: 184 والنجوم الزاهرة 2: 113 وتهذيب التهذيب 5: 346 وبغية الوعاة: 426 والشذرات 1: 301 واشارة التعيين: 396. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2851 إني أرى قوما يقولون الشعر لأن يكشف أحدهم سوءته ثم يمشي كذلك في الطريق أحسن له من أن يظهر مثل ذلك الشعر، وقد قلت شعرا أعرضه عليك، فإن كان جيدا أظهرته، وإن كان رديئا سترته، فأنشده قوله: طرقتك زائرة فحيّ خيالها فقال له يونس: يا هذا اذهب فأظهر هذا الشعر فأنت والله فيه أشعر من الأعشى في قوله: رحلت سميّة غدوة أجمالها فقال له مروان: سررتني وسؤتني، سررتني بارتضائك شعري، وساءني تقديمك إياي على الأعشى وأنت تعرف محلّه، فقال له يونس: إنما قدمتك عليه في تلك القصيدة لا في شعره كله لأنه قال فيها: فأصاب حبة قلبها وطحالها والطحال لا يدخل في شيء إلا أفسده، وقصيدتك سليمة من هذا وشبهه. وليونس أخبار كثيرة يطول ذكرها. ومن تصانيفه: كتاب معاني القرآن الكبير. معاني القرآن الصغير. كتاب اللغات. كتاب النوادر. كتاب الأمثال. وكان مولده سنة ثمانين ومات سنة اثنتين وثمانين ومائة عن مائة سنة وسنتين. [1263] يونس بن سالم بن يونس الخياط القرشي وقيل الهذلي بالولاء: من مخضرمي الدولتين الأموية والعباسية كان شاعرا مجيدا ظريفا ماجنا خبيث الهجاء، وكان منقطعا إلى آل الزبير بن العوام، وقدم على المهدي مع عبد الله بن مصعب بن الزبير فأوصله إليه وتوسل له إلى أن سمع المهدي شعره ووصله. وكان يونس عاقّا لأبيه وكان   [1263] الأغاني 19: 273 (عبد الله بن محمد بن سالم وقيل يونس بن سالم، وهذه الترجمة حقها أن تكون في معجم الشعراء) . الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2852 أبوه شاعرا فقال فيه «1» : يونس قلبي عليك يلتهف ... والعين عبرى دموعها تكف تلحفني كسوة العقوق فلا ... برحت منها ما عشت تلتحف أمرت بالخفض للجناح وبال ... رفق فأمسى يعوقك الأنف وتلك والله من زبانية ... إذا سطوا في عذابهم عنفوا فأجابه يونس «2» : أصبح شيخي يزري به الخرف ... ما إن له فطنة ولا نصف صفاتنا في العقوق واحدة ... ما خلقنا في العقوق يختلف» ألحفته سالما أباك وقد ... أصبحت مني بذاك تلتحف وأنشد يوما بحضرة أبيه وكان عنده أصحابه ليغيظه «4» : يا سائلي من أنا أو من يناسبني ... أنا الذي ما له أصل ولا نسب الكلب يختال فخرا حين يبصرني ... فالكلب أكرم مني حين ينتسب لو قال لي الناس طرّا أنت ألأمنا ... لم يشطط الناس في هذا ولا كذبوا [1264] يونس بن [أحمد بن] ابراهيم الوفراوندي «5» : ذكره ابن النديم في الفهرست، صنف: الشافي في علوم القرآن. الوافي في العروض والقوافي.   [1264] الفهرست: 94 وإنباه الرواة 4: 67 (يونس بن أحمد بن إبراهيم) وبغية الوعاة 2: 365. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2853 ملحق (ترجمة ثانية) [435 ب] حمزة بن حبيب الزيات المقرىء: قيل هو من ولد اكثم بن صيفي، وقيل هو مولى لبني عجل، وقيل مولى لآل عكرمة. قال شعيب بن حرب: كنت ألوم من يقرأ بقراءة حمزة حتى دخلت الكوفة فرأيت سفيان الثوري وشريك بن عبد الله قاعدين قدام حمزة يقرآن عليه، فاتفقت معهم وقرأت عليه. وقرأ الكسائي على حمزة القرآن أربع مرات. حدث عمر بن بطة العطار قال: مضيت أنا وأحمد بن رافع إلى أحمد بن حنبل رضي الله عنه ونحن أحداث، فدخلنا عليه فقال: ما حاجتكم؟ قلنا: نحن نقرأ قراءة حمزة، وبلغنا أنك تكره قراءته، فقال أحمد: رحم الله حمزة، قد كان من العلم بموضع، ولكن لو قرأتم بحرف عاصم ونافع، فدعونا له وخرجنا وخرج معنا الفضل بن زياد فقال: إني لأصلي به واقرأ بقراءة حمزة الزيات. وقال ابن عياش: قراءة حمزة بدعة. قيل: كان حمزة لا يأخذ من أحد شيئا مخافة أن يكون قرأ عليه وهو لا يعرفه، وكان من الورع على حال ما يكون فوقها شيء. كان ابن إدريس يقول: لا أماتني الله حتى أفقد من الكوفة ثلاثة أشياء: إباحة   [435] هذه الترجمة من المختصر (ر) ويبدو أن الترجمة الثابتة في م قد وجّهت وجهة إيجابية، وحذف منها كل ما يوجه إلى قراءة حمزة من نقد، ولخص ذلك تلخيصا. وهذه الترجمة أقرب إلى طريقة ياقوت في النقل. ولم يكن التوفيق بين النصّين ممكنا، ولذلك أثبت هذه الترجمة هنا. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2855 المسكر، وقراءة حمزة، وفقه أبي حنيفة. وكان ابن حمزة مهدي [يقول] : لو صليت خلف من يقرأ بقراءة حمزة لأعدت الصلاة. وقال أبو حاتم: سألت عن حمزة أبا زيد والأصمعي ويعقوب الحضرمي وغيرهم من العلماء، فأجمعوا على أنه لم يكن شيئا، ولم يكن يعرف كلام العرب ولا النحو، ولا كان يدعي ذلك، وكان يلحن في القرآن ولا يعقله، يقول: وما أنتم بمصرخيّ (بكسر الياء الشديدة) وليس ذلك من كلام العرب. وكثير من القراء يفضلون حمزة، وكان الأعمش يثني عليه؛ قيل إن الجن كانت تقرأ على حمزة، وذكروا في ذلك حكايات أقربها أنه قال: كنت بحلوان فبينا أنا ذات ليلة أقرأ إذ سمعت هاتفا يقول: ناشدتك الله يا أبا عمارة إلا أنصت إليّ حتى أقرأ عليك، فقرأ علي سورة النجم، فو الله ما عدلت قراءته قراءتي، فلما فرغ قلت: من أنت يرحمك الله؟ فقال: أنا وردان، رجل من الجن، كنت آتيك بالكوفة فأجلس عن يمينك فأتعلم. [559 ب] سلمة بن عاصم أبو محمد صاحب الفراء: أخذ عن ثعلب، وكان ثقة عالما حافظا. وسلمة هذا هو والد المفضل بن سلمة النحوي. وقيل: رؤي سلمة بن عاصم النحوي ومعه شعر العباس بن الأحنف فعجب منه وقيل له: مثلك- أعزك الله- يحمل هذا؟! فقال: ألا أحمل شعر من يقول: أسأت إذ أحسنت ظني بكم ... والحزم سوء الظنّ بالناس يقلقني شوقي فآتيكم ... والقلب مملوء من الياس وقال الكسائي: كان في أبي محمد سلمة دعابة: سألته يوما عن شيء، فقال لي: على السقيط خبرت، يريد على الخبير سقطت. له من الكتب: كتاب معاني القرآن. كتاب غريب الحديث. كتاب الملوك في النحو.   [559 ب] هذه الترجمة من المختصر. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2856 [593 ب] صاعد بن أحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن صاعد يعرف بالجياني، قاضي طليطلة، يكنى أبا القاسم: أصله من قرطبة، استقضاه المأمون يحيى بن ذي النون، وكان متحريا في أموره. مات سنة اثنتين وستين وأربعمائة؛ وله من المصنفات: كتاب طبقات الأمم. كتاب مقالات أهل الملل والنحل. كتاب اصلاح حركات النجوم. كتاب جوامع آحاد الأمم من العرب والعجم. [671] عبد الجبّار بن أحمد بن الحسين بن محمد بن اليمان الدّيناري، أبو يعلى من أهل البيوت المذكورة وذوي الأنساب. كان والده يزوّر على خطّ أبي علي ابن مقلة تزويرا لا يكاد يفطن له. وكان أبو يعلى فيه فضائل جمّة من درس القرآن والفقه، ورواية الأخبار وحفظ دواوين الأشعار، ومعرفة تامة بالنحو واللغة وإنشاء الرسائل، وكان عارفا بأمور المياه والضّياع، وله بصيرة جيّدة بأحوال المصالح. ويميل إلى مذهب أبي حنيفة، ويدّعي الفروسية ويتعاطاها، وواقع العرب عدّة وقعات. وأورد له ياقوت في «معجم الأدباء» قوله في الشمعة: فالليل صبح كلّما استوقدت ... والمنزل الموحش كالآهل تشبه مني كلّما حلّ بي ... عند صدود الرشإ الخاذل صفرة لون إن تأمّلتها ... مثل بوادي لوني الحائل   [593 ب] هذه الترجمة كتبت على الهامش في المختصر، بخط المتن، وكتب قبلها أول الحرف (أي الصاد) وانظر ترجمة صاعد في بغية الملتمس رقم: 852 والصلة: 222 ونفح الطيب 3: 182 (في تذييل ابن سعيد على رسالة ابن حزم في فضل الأندلس) . وقد شهر بكتابه «طبقات الأمم» فرواه السلفي عن ابن مرزوق اليحصبي (النفح 2: 649) عن ابن برال عن صاعد نفسه. ولهذا الكتاب طبعتان طبعة لويس شيخو، بيروت 1912 (وعنه طبعة مصرية غير محققة) وطبعة حديثة بتحقيق السيدة حياة بوعلوان، بيروت 1985، ولكنها غير مفهرسة. [671 د] كان ياقوت قد وعد بأنه سيترجم للديناري عند ما ترجم لوالده (رقم: 75) ولكنها سقطت من معجم الأدباء، وزدتها هنا كما جاءت في الوافي 18: 34 وهو يصرح بنقله عن ياقوت. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2857 وأدمعي تجري ولا ينثني ... كدمعها المنسبل الهامل وزفرتي ترقا كما ترتقي ... زفرتها شوقا إلى قاتلي والجسم مني محرق ذابل ... كقلبها المحترق الذابل والنار من قلبي ومن قلبها ... تذيب جسمينا ولا تاتلي. [671] عبد الحميد بن عبد المجيد، الأخفش الأكبر أبو الخطاب، مولى قيس بن ثعلبة: إمام في العربية، لقي الأعراب وأخذ عنهم وعن أبي عمرو بن العلاء وطبقته، وأخذ عنه أبو عبيدة وسيبويه والكسائي ويونس، وكان دينا ورعا ثقة. قال المرزباني: هو أول من فسر الشعر تحت كل بيت، وما كان الناس يعرفون ذلك قبله، وإنما كانوا إذا فرغوا من القصيدة فسروها. وله ألفاظ لغوية انفرد ينقلها عن العرب. [672 ب] عبد السلام بن محمد الجبائي أبو هاشم: قدم مدينة السلام سنة أربع عشرة وثلاثمائة. وكان ذكيا حسن الفهم ثاقب الفطنة، صانعا للكلام مقتدرا عليه قيّما به؛ وتوفي سنة احدى وعشرين وثلاثمائة.   [971 و] هذه الترجمة عن الوافي 16: 80 بايجاز وان لم يصرح بالنقل عن ياقوت والجملة الأخيرة من إنباه الرواة. وله ترجمة في مراتب النحويين: 46 وطبقات الزبيدي: 35 ونزهة الألباء: 43- 44 وإنباه الرواة 2: 157 ونور القبس: 47 وابن خلكان 2: 380، 3: 301 وسير الذهبي 7: 323 والبلغة: 119 والنجوم الزاهرة 2: 86 وبغية الوعاة 2: 74؛ ولا بد أن ترجمته في ياقوت سقطت، وقد رأيت باثبات هذا الموجز ألا أترك موضعه خاليا. [572 ب] هذه الترجمة من الفهرست: 222 وانظر في ترجمة أبي هاشم: تاريخ بغداد 11: 55 والأنساب (الجبائي) والمنتظم 6: 261 وابن خلكان 3: 183 وعبر الذهبي 2: 187 وسير الذهبي 15: 63 والبداية والنهاية 11: 176 وطبقات المعتزلة: 94 والشذرات 2: 289. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2858 وله من الكتب: كتاب الجامع الكبير. كتاب الأبواب الكبير. كتاب الأبواب الصغير. كتاب الجامع الصغير. كتاب الإنسان. كتاب العرض. كتاب المسائل العسكريات. كتاب النقض على ارسطاليس في الكون والفساد. كتاب الطبائع والنقض على القائلين بها. كتاب الاجتهاد. [677 ب] عبد الملك بن قطن المهري القيرواني أبو الوليد: شيخ أهل اللغة والعربية هناك، وراوي القوم وعميدهم ورئيسهم والمقدم في بلده وزمانه؛ عمر عمرا طويلا وتوفي يوم الجمعة لعشر خلون من شهر رمضان سنة ست وخمسين ومائتين. كان من أحفظ الناس لأنساب العرب وأشعارهم ووقائعهم وأيامهم، وكانت الأشعار المشروحة تقرأ عليه مجردة من الشرح، فيشرحها ويفسر معانيها، فلما دخلت الكتب المشروحة إلى افريقية نظر طلبة العلم من العربية والنحو فيها وفيما كانوا رووا عنه فيها فلم يجدوا في شرحه خلافا لما قال أصحاب الشرح، ولا وجدوا عليه في روايته وتفسيره شيئا من الخطأ. وكان لقي جماعة من العلماء بالعربية منهم ابن الطرماح الأعرابي وأبو المنيع الأعرابي. وله كتب كثيرة ألفها، من ذلك كتاب في تفسير مغازي الواقدي، وكتاب يسمى الألفاظ، وكتاب في اشتقاق الأسماء مما لم يأت به قطرب. وكان شاعرا خطيبا بليغا، وكان من عقلاء العلماء، وقام بخطبة بين يدي زيادة الله بن محمد بن الأغلب، وهو أمير افريقية يومئذ، طويلة فصيحة ذهب فيها إلى تقريظه ووصلها بشعر فيه. وكتب إليه رجل كتابا وأطاله ولم يأت بطائل فكتب إليه خير من الاطالة السكوت وفي القصد إلى الحاجة قطع لمسافة الاطالة. وكان نهما لا يقصد في مطاعمه فلا يمسك درهما ولا دينارا على كثرة ما يوصل   [677 ب] ذكر ياقوت في ترجمة أخيه (رقم: 24) أن عبد الملك سيذكر في بابه. وهذه الترجمة مزيدة من إنباه الرواة 2: 209 (مع ايجاز) وله ترجمة في طبقات الزبيدي: 229 وإشارة التعيين: 195 وبغية الوعاة 1: 423. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2859 ويجبي، واستمر على حاله هذه حتى مات. قال الداروني: مشيت يوما مع أبي الوليد المهري إلى أن مررنا بالجزارين، فقام إليه رجل منهم فقال: يا أبا الوليد، أضررت بي لأن بضاعتي كلها عندك ولا بد من قبض مالي قبلك، فاعتذر إليه وسأل الصبر فأبى، فمرّ بنا رجل فقال: كم لك على الشيخ؟ فقال: عشرة دنانير، فقال: هي عليّ، مرّ حتى أدفعها إليك. فمضى معه، فظننت أنه من إخوان المهري وظن المهري أنه من أجلي فعل به ذلك، فلما صرنا إلى داره قال: الرجل الذي أدى عني الدنانير من هو؟ قلت: ما أعرفه، وما كنت أظن إلا أنك عارف به، قال: فسل عنه، فسألت فإذا هو رومي من أهل العطارين، وكان الناس من تعظيم العلم والأدب على خلاف ما هم عليه اليوم. وقال حمدون النحوي الملقب بالنعجة: كنا عند المهري يوما فقال: اخرجوا بنا إلى ماجل مهرية نتفرج، وكانت داره بالقرب من سوق الأحد، فخرجنا فجلسنا حوله إلى أن مرّ بنا نحو عشرين بغلا أو أكثر، ومعها رجل راكب؛ فلما رأى المهريّ على إليه ونزل ثم قال: يقرأ مولاي عليك السلام، وقد وجه بهذه الدواب، وهي محملة طعاما وعسلا وخلا وزيتا، وبهذه العشرين دينارا، فقبضها منه تكرها ثم دمع وقال: ذهب الناس، إنا لله وإنا إليه راجعون، أبو علي ابن حميد يوجّه إليّ بهذا؟! قال حمدون: فقلت له احمد الله واشكره فأن هذا كثير. قال: فنظر إليّ وهو مغضب ثم قال: هو كثير لك ولأمثالك، فأما لي فلا. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2860 محتويات الجزء السّادس الموضوع الصفحة 989- محمد بن أحمد بن جوامرد الشيرازي 2387 990- محمد بن أحمد بن حمزة بن جيا 2387 991- محمد بن أحمد بن سليمان الزهري 2391 992- محمد بن أحمد بن محمد، ابن البرفطي 2391 993- محمد بن إدريس الشافعي 2393 994- محمد بن أزهر بن عيسى 2418 995- محمد بن إسحاق بن يسار 2418 996- محمد بن إسحاق أبو العنبس الصيمري 2420 997- محمد بن إسحاق بن أسباط الكندي 2425 998- محمد بن إسحاق الشابشتي 2426 999- محمد بن إسحاق النديم صاحب الفهرست 2427 1000- محمد بن إسحاق بن علي الزوزني البحاثي 2427 1001- محمد بن إسماعيل بن عبد الله الميكالي 2433 1002- محمد بن إسماعيل، أبو عبد الله الحكيم 2434 1003- محمد بن إسماعيل بن زنجي 2434 1004- محمد بن بحر الرهني الشيباني 2434 1005- محمد بن بكر البسطامي 2436 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2861 1006- محمد بن ثابت بن محمد بن سوار النميري 2436 1007- محمد بن تميم أبو المعالي البرمكي 2437 1008- محمد بن بحر الاصفهاني الكاتب 2437 1009- محمد بن بركات بن هلال السعيدي 2440 1010- محمد بن جرير، أبو جعفر الطبري 2441 1011- محمد بن جعفر الصيدلاني 2469 1012- محمد بن جعفر بن ثوابة 2470 1013- محمد بن جعفر بن محمد الخرائطي 2470 1014- محمد بن جعفر بن حاتم الواسطي 2471 1015- محمد بن أبي جعفر المنذري الهروي 2471 1016- محمد بن جعفر العطار النحوي 2473 1017- محمد بن جعفر بن محمد الهمذاني المراغي 2473 1018- محمد بن جعفر بن محمد بن هارون، ابن النجار 2474 1019- محمد بن جعفر بن محمد الغوري 2475 1020- محمد بن جعفر القزاز القيرواني 2475 1021- محمد بن الجهم بن هارون السمري 2478 1022- محمد بن حارث الخشني الأندلسي 2479 1023- محمد بن حبيب 2480 1024- محمد بن حرب بن عبد الله النحوي 2483 1025- محمد بن حسان النملي 2484 1026- محمد بن حسان الضبي 2485 1027- محمد بن الحسن بن أبي سارة الرؤاسي 2486 1028- محمد بن الحسن بن دينار الأحول 2488 1029- محمد بن الحسن بن دريد 2489 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2862 1030- محمد بن الحسن بن سهل، شيلمة الكاتب 2499 1031- محمد بن الحسن بن رمضان النحوي 2500 1032- محمد بن الحسن بن محمد الدارقطني 2500 1033- محمد بن الحسن بن جمهور القمي 2502 1034- محمد بن الحسن بن يعقوب، أبو بكر العطار 2503 1035- محمد بن الحسن بن المظفر الحاتمي 2505 1036- محمد بن الحسن الزبيدي الاشبيلي 2518 1037- محمد بن الحسن المذحجي، ابن الكتاني 2521 1038- محمد بن الحسن الجبلي النحوي 2522 1039- محمد بن الحسن البرجي 2522 1040- محمد بن الحسن بن محمد، غرس الدولة ابن حمدون 2523 1041- محمد بن الحسين بن محمد، ابن أخت أبي علي الفارسي 2523 1042- محمد بن الحسين بن محمد الطبري، ابن نجدة 2524 1043- محمد بن حمد بن محمد، ابن فورجة 2524 1044- محمد بن حيوية بن المؤمل الكرجي 2525 1045- محمد بن خلصة الشذوني 2525 1046- محمد بن داود بن علي الظاهري 2527 1047- محمد بن زياد المعروف بابن الأعرابي 2530 1048- محمد بن زيد بن مسلمة، ابن أبي الشملين 2534 1049- محمد بن السري بن سهل، ابن السراج البغدادي 2534 1050- محمد بن سعدان الضرير 2537 1051- محمد بن سعد الرازي 2537 1052- محمد بن سعد بن محمد الديباجي 2538 1053- محمد بن سعد (سعيد) الرياحي 2538 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2863 1054- محمد بن سعيد أبو جعفر البصير الموصلي 2539 1055- محمد بن سعيد بن يحيى، ابن الدبيثي 2539 1056- محمد بن سلام الجمحي 2540 1057- محمد بن سليمان البغدادي، ابن قطرمش 2541 1058- محمد بن سهل المرزبان الكرجي 2542 1059- محمد بن طويس القصري 2542 1060- محمد بن العباس الخوارزمي أبو بكر 2543 1061- محمد بن عبد الله بن حمدان الدلفي 2544 1062- محمد بن عبد الله الوراق أبو الحسن 2544 1063- محمد بن عبد الله بن قادم النحوي 2544 1064- محمد بن عبد الله بن محمد المرسي السلمي 2546 1065- محمد بن عبد الله بن محمد الكرماني 2548 1066- محمد بن عبد الله أبو الخير الضرير المروزي 2548 1067- محمد بن عبد الله خطيب القلعة الفخرية الاسكافي 2549 1068- محمد بن عبد الرحمن بن محمد المسعودي 2549 1069- محمد بن عبد الرحمن بن محمد الكنجروذي 2550 1070- محمد بن عبد الغفار الخزاعي 2551 1071- محمد بن عبد الملك بن زهر الاشبيلي 2551 1072- محمد بن عبد الملك الكلثومي 2555 1073- محمد بن عبد الواحد، أبو عمر الزاهد المطرز 2556 1074- محمد بن عبيد الله بن الحسن البصري 2560 1075- محمد بن عبيد الله، سبط ابن التعاويذي 2560 1076- محمد بن عبيد الله بن أحمد المسبحي 2567 1077- محمد بن عبدوس الجهشياري 2568 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2864 1078- محمد بن عثمان بن بلبل 2569 1079- محمد بن عثمان بن مسبح، الجعد الشيباني 2569 1080- محمد بن علي بن إبراهيم بن زبرج العتابي 2570 1081- محمد بن علي بن أحمد الادفوي 2570 1082- محمد بن علي بن أحمد، ابن حميدة 2571 1083- محمد بن علي، أبو جعفر الرؤاسي 2572 1084- محمد بن علي بن إسماعيل، مبرمان 2572 1085- محمد بن علي بن الحسن، ابن مقلة 2574 1086- محمد بن علي بن الحسين، ابن أبي الصقر الواسطي 2576 1087- محمد بن علي بن عمر، ابن الجبان 2578 1088- محمد بن علي بن محمد، أبو سهل الهروي 2579 1089- محمد بن علي أبو بكر المراغي 2580 1090- محمد بن علي أبو الحسن الدقيقي 2580 1091- محمد بن علي بن أبي مروان الأموي 2580 1092- محمد بن عمران موسى، أبو عبد الله المرزباني 2582 1093- محمد بن عمران أبو جعفر الكوفي 2585 1094- محمد بن عمر بن الحسين، فخر الدين الرازي 2585 1095- محمد بن عمر بن عبد العزيز، ابن القوطية 2592 1096- محمد بن عمر بن واقد، الواقدي 2595 1097- محمد بن فتوح بن عبد الله، الحميدي 2598 1098- محمد بن فرح أبو جعفر الغساني 2600 1099- محمد بن فضلون العقري 2601 1100- محمد بن القاسم، أبو العيناء 2602 1101- محمد بن القاسم، أبو بكر ابن الأنباري 2614 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2865 1102- محمد بن القاسم بايجوك البقالي 2618 1103- محمد بن محمد بن جعفر، أبو الفتح الواسطي 2619 1104- محمد بن محمد بن جعفر، ابن لنكك 2619 1105- محمد بن محمد بن حامد، العماد الاصفهاني 2623 1106- محمد بن محمد بن عباد البغدادي المقرىء 2631 1107- محمد بن محمد بن عبد الجليل، رشيد الدين الوطواط 2631 1108- محمد بن أبي سعيد، ابن شرف الجذامي 2636 1109- محمد بن محمد بن القاسم الاخسيكاتي 2640 1110- محمد بن محمد بن أحمد بن هميماه الرامشي 2641 1111- محمد بن محمد بن مواهب، أبو العز ابن الخراساني 2641 1112- محمد بن محمد بن يحيى العلوي السندبيسي 2643 1113- محمد بن أبي محمد بن محمد، ابن ظفر الصقلي 2643 1114- محمد بن محمود بن الحسن، محب الدين ابن النجار 2644 1115- محمد بن المرزبان الديمرتي 2645 1116- محمد بن المستنير، قطرب 2646 1117- محمد بن مسعود الخشني 2647 1118- محمد بن مسعود العشامي 2648 1119- محمد بن المعلى بن عبد الله الازدي 2648 1120- محمد بن مناذر الشاعر 2648 1121- محمد بن منصور بن جميل، ابن أبي العز الكاتب 2651 1122- محمد بن موسى بن عبد العزيز الكندي 2651 1123- محمد بن موسى الحدادي البلخي 2652 1124- محمد بن موسى بن أبي محمد الكندي 2653 1125- محمد بن ميمون القرطبي، مركوش 2653 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2866 1126- محمد بن نصر بن صغير، ابن القيسراني 2654 1127- محمد بن نصر الله، ابن عنين 2661 1128- محمد بن هانىء الأزدي الاندلسي 2667 1129- محمد بن هبيرة الأسدي، صعودا 2674 1130- محمد بن ولاد التميمي 2674 1131- محمد بن يحيى بن علي الحنفي الزبيدي 2675 1132- محمد بن يحيى بن محمد، ابن الحذاء التميمي 2676 1133- محمد بن يحيى بن سعادة المرسي 2676 1134- محمد بن يحيى بن عبد الله أبو بكر الصولي 2677 1135- محمد بن يزيد، أبو العباس المبرد 2678 1136- محمد بن يوسف بن عمر الكفرطابي 2685 1137- أبو محمد الترسابادي النحوي 2685 1138- محمد بن جرير الضبي، فريد العصر 2685 1139- محمود بن أبي الحسن بن الحسن، بيان الحق 2686 1140- محمود بن حمزة بن نصر الكرماني 2686 1141- محمود بن عزيز العارضي 2687 1142- محمود بن عمر بن أحمد، جار الله الزمخشري 2687 1143- محمود بن أبي المعالي تاج الدين الحواري 2692 1144- مدرك بن علي الشيباني 2692 1145- مرجّى بن كوثر المقرىء 2698 1146- مروان بن سعيد بن عباد المهلبي 2698 1147- مسعود بن علي بن أحمد الصواني البيهقي 2699 1148- مصدق بن شبيب بن الحسين الصلحي 2699 1149- مظفر بن إبراهيم بن جماعة، أبو العز الأعمى 2700 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2867 1150- المعافى بن زكريا النهرواني الجريري، ابن طرارة 2702 1151- معاوية بن عمر أبو نوفل الدؤلي 2704 1152- معمر بن المثنى، أبو عبيدة 2704 1153- المفضل بن سلمة بن عاصم 2709 1154- المفضل بن محمد التنوخي 2710 1155- المفضل الضبي 2710 1156- مكي بن أبي طالب المقرىء 2712 1157- مكي بن ريان بن شبة الماكسيني 2714 1158- ممويه أبو ربيعة الاصبهاني 2716 1159- منداد بن عبد الحميد، ابن لرة الكرجي 2717 1160- منذر بن سعيد البلوطي 2717 1161- منصور بن إسماعيل الفقيه 2723 1162- منصور بن محمد بن عبد الله التميمي 2727 1163- منصور بن محمد الازدي الهروي 2727 1164- منصور بن المسلم بن علي الحلبي المؤدب 2729 1165- منوجهر بن محمد بن تركان شاه 2731 1166- مؤرج بن عمرو السدوسي 2731 1167- موسى بن بشار، موسى شهوات 2732 1168- المؤمل بن أميل المحاربي 2733 1169- موهوب بن أحمد بن الحسن الجواليقي 2735 1170- المؤيد بن عطاف بن محمد الالوسي 2737 1171- ميمون الاقرن 2738 1172- ميمون بن جعفر أبو توبة النحوي 2739 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2868 [تراجم حرف النون] 1173- ناصر بن أحمد بن بكر الخويي 2740 1174- ناصر بن عبد السيد بن علي المطرزي 2741 1175- نبا بن محمد بن محفوظ، أبو البيان القرشي 2742 1176- نجم بن سراج العقيلي، شمس الملك 2743 1177- نشوان بن سعيد الحميري 2745 1178- نصر بن أحمد، الخبز أرزي 2745 1179- نصر بن الحسن بن جوشن، أبو المرهف العيلاني 2747 1180- نصر بن عاصم الليثي 2749 1181- نصر بن علي بن محمد الشيرازي 2749 1182- نصر بن مزاحم المنقري 2750 1183- نصر بن يوسف صاحب الكسائي 2750 1184- نصر الله بن إبراهيم الحمامي 2750 1185- نصر الله بن عبد الله، ابن قلاقس الاسكندري 2751 1186- نصيب بن رباح 2752 1187- نصيب مولى المهدي 2755 1188- النضر بن أبي النضر التميمي 2757 1189- النضر بن شميل 2758 1190- نهشل بن زيد الأعرابي 2761 [تراجم حرف الهاء] 1191- هارون بن الحائك النحوي 2762 1192- هارون بن زكريا الهجري 2762 1193- هارون بن علي، ابن المنجم 2763 1194- هارون بن موسى بن شريك الأخفش 2763 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2869 1195- هاشم بن أحمد بن عبد الواحد الحلبي 2764 1196- هبة الله بن حامد بن أحمد، عميد الرؤساء 2764 1197- هبة الله الفاضي السعيد ابن سناء الملك 2764 1198- هبة الله بن الحسن المعروف بالحاجب 2768 1199- هبة الله بن الحسين، أبو بكر ابن العلاف 2768 1200- هبة الله بن الحسين، البديع الاصطرلابي 2769 1201- هبة الله بن سلامة بن نصر البغدادي 2771 1202- هبة الله بن صاعد، ابن التلميذ 2771 1203- هبة الله بن علي بن محمد، أبو السعادات ابن الشجري 2775 1204- هبة الله بن علي بن عرام الربعي الاسواني 2776 1205- هشام بن إبراهيم الكرنباني 2777 1206- هشام بن أحمد، ابن الوقشي 2778 1207- هشام بن محمد بن السائب الكلبي 2779 1208- هشام بن معاوية، صاحب الكسائي 2782 1209- هشام بن نهيس بن مسعود، أخو ذي الرمة 2782 1210- هلال بن العلاء الرقي 2783 1211- هلال بن المحسن بن إبراهيم الصابي 2783 1212- همام بن غالب، الفرزدق 2785 1213- الهيثم بن عدي 2788 [تراجم حرف الواو] 1214- واصل بن عطاء 2793 1215- وثيمة بن موسى بن الفرات 2795 1216- الوليد بن عبيد الله، البحتري الشاعر 2796 1217- وهب بن منبه اليماني 2802 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2870 1218- وهب بن وهب بن كثير، أبو البختري 2802 [تراجم حرف الياء] 1219- ياقوت بن عبد الله أبو الدر الرومي 2804 1220- ياقوت بن عبد الله نزيل الموصل 2805 1221- يحيى بن أحمد أبو زكريا الفارابي 2805 1222- يحيى بن أحمد، ابن الخياط الاندلسي 2806 1223- يحيى بن حبش أبو الفتوح السهروردي 2806 1224- يحيى بن خالد بن برمك 2809 1225- يحيى بن زياد بن عبد الله بن منظور، أبو زكريا الفراء 2812 1226- يحيى بن سعدون بن تمام الأزدي القرطبي 2815 1227- يحيى بن سعيد بن المبارك، ابن الدهان البغدادي 2816 1228- يحيى بن سعيد بن هبة الله الواسطي 2817 1229- يحيى بن سلامة الخطيب الحصكفي 2818 1230- يحيى بن صاعد بن يحيى، ابن التلميذ 2819 1231- يحيى بن الطيب اليمني 2820 1232- يحيى بن محمد بن عبد الرحمن، ابن بقي الاندلسي 2820 1233- يحيى بن علي، ابن الخطيب التبريزي 2823 1234- يحيى بن علي بن أبي منصور، ابن المنجم 2825 1235- يحيى بن القاسم بن مفرج التكريتي 2826 1236- يحيى بن المبارك بن المغيرة، اليزيدي 2827 1237- يحيى بن محمد الشريف، ابن طباطبا العلوي 2828 1238- يحيى بن محمد بن عبد الله بن العنبري 2829 1239- يحيى بن محمد الأرزني 2830 1240- يحيى بن معطي بن عبد النور الزواوي 2831 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2871 1241- يحيى بن نزار المنبجي 2832 1242- يحيى بن واقد بن محمد الطائي 2833 1243- يحيى بن هذيل القرطبي 2833 1244- يحيى بن يحيى المعروف بابن السمينة 2834 1245- يحيى بن يحيى بن سعيد، ابن ماري المسيحي 2835 1246- يحيى بن يعمر العدواني 2836 1247- يزيد بن زياد بن ربيعة، ابن مفرغ الحميري 2837 1248- يزيد بن سلمة بن سمرة، ابن الطثرية 2838 1249- يعقوب بن اسحاق، ابن السكيت 2840 1250- يعقوب بن إسحاق بن زيد الحضرمي 2842 1251- يعقوب بن الربيع أخو الفضل 2842 1252- يعقوب بن علي البلخي الجندلي 2844 1253- اليمان بن أبي اليمان البندنيجي 2844 1254- يموت بن المزرع 2845 1255- يوسف بن أبي بكر بن محمد السكاكي 2846 1256- يوسف بن الحجاج بن يوسف، ابن الصيقل 2846 1257- يوسف بن الحسن بن عبد الله السيرافي 2847 1258- يوسف بن سليمان، الأعلم الشنتمري 2848 1259- يوسف بن عبد الله، أبو القاسم الزجاجي 2848 1260- يوسف بن علي بن جبارة الهذلي المغربي 2849 1261- يوسف بن هارون الكندي، الرمادي 2849 1262- يونس بن حبيب 2850 1263- يونس بن سالم الخياط 2852 1264- يونس بن أحمد بن إبراهيم الوفراوندي 2853 الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2872 ملحق 435 ب- حمزة بن حبيب الزيات المقرىء 2855 559 ب- سلمة بن عاصم، صاحب الفراء 2856 593 ب- صاعد بن أحمد بن عبد الرحمن، الجياني 2857 671 د- عبد الجبّار بن أحمد بن الحسين، الدّيناري 2858 671 وعبد الحميد بن عبد المجيد، الأخفش الأكبر 2858 672 ب- عبد السلام بن محمد الجبائي أبو هاشم 2858 677 ب- عبد الملك بن قطن المهري القيرواني 2859. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 2873 الجزء السابع دراسة في ياقوت وكتابه معجك الأدباء مصادر ترجمة ياقوت ومراجعها 1- مصادر ترجمة ياقوت الحموي: 1- أبو البركات بن أحمد المستوفي الأربلي (- 637/1239) : تاريخ إربل، الترجمة رقم: 223، ص: 319- 324، تحقيق د. سامي الصقار، بغداد 1980. 2- ابن النجار محب الدين محمد بن محمود البغدادي (- 643/1245) ، ذيل تاريخ بغداد (المستفاد منه، استخرجه أحمد بن أيبك بن الدمياطي) ص: 253- 254 تحقيق قيصر أبو فرج، حيدر آباد الدكن، 1988 وصورة عنه. 3- جمال الدين علي بن يوسف القفطي، القاضي الأكرم (- 646/1248) إنباه الرواة على أنباه النحاة، ج 4: 74- 92 تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، مطبعة دار الكتب المصرية، القاهرة 1973. 4- ابن الشعار الموصلي، المبارك بن أحمد (- 654/1256) قلائد الجمان 9: 339- 349، منشورات معهد تاريخ العلوم العربية والإسلامية (عن مخطوطة أسعد أفندي رقم: 2329) فرنكفورت- المانيا 1990. 5- عبد العظيم المنذري (- 656/1258) التكملة لوفيات النقلة 3: 249 (رقم: 2256) تحقيق د. بشار عواد معروف، بيروت 1981. 6- ابن خلكان (- 681/1282) وفيات الأعيان 6: 127- 139 تحقيق د. إحسان عباس، بيروت 1972. 7- شمس الدين الذهبي (748/1374) : تاريخ الإسلام (الطبقة الثالثة والستون الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2877 621- 630 ) الترجمة رقم: 380 ص: 244- 248 تحقيق د. بشار عواد معروف ورفيقيه، بيروت 1988. 8- شمس الدين الذهبي: سير أعلام النبلاء 22: 132- 313 تحقيق د. بشار عواد معروف، د. محيي هلال سرحان، بيروت 1985. 9- شمس الدين الذهبي: العبر في خبر من غبر 5: 106- 107 تحقيق د. صلاح الدين المنجد، الكويت 1966. 10- اليافعي، عبد الله بن أسعد (768/1367) مرآة الجنان 4: 59- 63، مؤسسة الأعلمي، بيروت 1970. 11- ابن العماد الحنبلي أبو الفلاح (1089/1678) شذرات الذهب 5: 121- 122، نشر القدسي، القاهرة 1351. 2- المراجع العربية والمعربة: 12- د. صلاح الدين المنجد، أعلام التاريخ والجغرافيا عند العرب، بيروت 1959. 13- أغناطيوس كراتشكوفسكي: تاريخ الأدب الجغرافي العربي، ترجمة صلاح الدين عثمان هاشم، القسم الأول، الفصل الثاني عشر، ص: 335- 344، القاهرة 1963 والطبعة الثانية (بيروت 1987) ص: 359- 371 دار الغرب الإسلامي. 14- د. عباس فاضل السعدي: ياقوت الحموي، دراسة في التراث الجغرافي العربي مع التركيز على العراق في معجم البلدان، بيروت 1992. 15- أبو الفتوح محمد التوانسي: ياقوت الحموي الجغرافي الرحالة الأديب (أعلام العرب رقم: 93) الهيئة المصرية العامة للتأليف والنشر، القاهرة 1971. 16- جرجي زيدان: تاريخ أدب اللغة العربية (القاهرة 1931) 3: 88- 90. 17- سركيس: معجم المطبوعات، القاهرة 1930. 18- د. بشار عواد معروف: الغزو المغولي كما صوّره ياقوت الحموي، مجلة الأقلام، بغداد ج: 12 السنة الأولى ص: 48- 65. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2878 3- المراجع بغير العربية: 19- Brock.G.I 974 184; SI, 088. 20- Wustenfeld, ZDMG) 4681 (394 793. Blachere, R.Yakut al Rumiin EI, VIII, 3511 45. Jwaideh, Wadie, the Introductory chapters of Yaquts Mujam al Buldan, Leiden 9591. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2879 1- ترجمة ياقوت: إن الخمسة الأوائل في قائمة المصادر المذكورة آنفا، قد شاهدوا ياقوتا وعرفوه، على تفاوت بينهم في تلك المعرفة، وكان ابن النجار من بينهم صديقا له، ولهذا يمكن أن نفترض أن الترجمة التي وردت في المستفاد موجزة، لا تمثل تماما تلك الصداقة، وبخاصة إذا وضعت إزاء ترجمة ياقوت له «1» . وقد انفرد القفطي بايراد رسالة ياقوت إليه بعد هربه من التتار، وعنه نقلها ابن خلكان ثم نقل أكثرها اليافعي في مرآة الجنان واقتبس الذهبي عبارات منها في سير أعلام النبلاء وتاريخ الإسلام، ولم يدرك ابن خلكان ياقوتا في الحياة، إذ أنه ورد حلب بعد شهرين ونيف من وفاته، وقد وجد الناس في تلك المدينة يثنون عليه ويذكرون فضله وأدبه، وتلك حقيقة يمكن أن تقارن بما يقوله القفطي فيه، وتعدل من بعض أحكامه، وقد اعتمد ابن خلكان في ترجمته على القفطي وتاريخ اربل وابن الشعار ولكنه لا يشير بشيء إلى ابن النجار. ومع أن المشاهدة قد خلّفت لدى كل من عرفه جملة من الانطباعات، فيبدو أن الروية التي اشتهرت عن أولية ياقوت إنما وضعها ياقوت نفسه، إذ لم يكتف بالحديث عنها إلى معارفه من بعد، بل أثبتها في كتابه معجم الأدباء «2» ، ولكن هذه الترجمة الذاتية لم تصلنا بل ضاعت مع ما ضاع من ذلك الكتاب، وهو كثير، إذ يقول ياقوت الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2881 إنه طفل رومي الجنس أسر صغيرا، وبيع في بغداد، وأطلق عليه من اشتراه (أو من باعه) اسم «ياقوت» أي اختار له اسما جميل الوقع على عادة العرب في اختيار أسماء محببة يدعون بها الأرقاء. ولما كان بمنزلة اليتيم الذي لا يعرف اسم أبيه، جعل «عبد الله» اسما لأبيه (أي أن أباه كان واحدا من عبيد الله) وذلك هو أكثر حال الأرقاء الذين كانوا يباعون صغارا مثل ياقوت بن عبد الله الموصلي معاصر ياقوت الحموي «1» ، وياقوت بن عبد الله الذي يميز بلقبه وكنيته «مهذب الدين أبو الدر» «2» ، وغيرهما كثيرون «3» . وقد كنت أظن أن هذه أمور لا تتطلب شرحا حتى وجدت من يقول: «وقد يرجح أن أباه (عبد الله الرومي) قد أسره الروم وعاش زمانا في بلدهم، حتى ولد له ياقوت في أرض الروم، ثم أسره العرب وهو طفل فعاد إلى وطن أبيه» «4» . وكان عمر الطفل حين حمل إلى بغداد خمس سنين أو ست «5» ، وكان الذي اشتراه ببغداد تاجرا حمويا يدعى عسكر بن أبي نصر بن إبراهيم «6» ، وقد اكتسب ياقوت نسبة «الحموي» لأن سيده كان حمويا، وحين كبر لقّب «شهاب الدين» وتكنّى «أبا عبد الله» وفي مرحلة متأخرة سمّى نفسه «يعقوب» بدل «ياقوت» ، إلا أنّ اسم «ياقوت» ظلّ أغلب عليه «7» . ولولا أن ياقوتا رسخ في أذهان بعض معاصريه أنه من مواليد عام 574 أو 575 لكان تعيين عام مولد طفل- في مثل وضعه- أمرا منوطا بالتخمين المطلق، ولكن الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2882 المنذري سمعه يذكر هذين العامين في ترجيح سنة مولده «1» . ومن الطبيعي ما دامت نسبة الرومي قد لصقت به أن يقول إنّه ولد ببلاد الروم، ولكن أي روم وأي بلد، فذلك ما لا يعرفه ياقوت نفسه. ويقف في وجه هذا التاريخ التقديري (لميلاده) - ولو على شكل مؤقت- ثلاثة أمور: الأول: قول على لسان ياقوت نفسه مفاده أنه لقي الخضر بن ثروان التومائي الضرير بمرو وسرخس ونيسابور في سنة أربع وأربعين وخمسمائة وجاء هذا التاريخ في معجم الأدباء ومعجم البلدان على السواء «2» ، وهذا قبل مولد ياقوت بثلاثين عاما، إذا اعتمدنا التاريخ الذي ذكره. الثاني: قوله في ترجمة التومائي نفسه «وبلغتنا وفاته ببخارى سنة ثمانين وخمسمائة» ، وهذا يعني أن التومائي توفي وعمر ياقوت خمس سنوات أو أكثر قليلا، وأن ياقوتا كان قادرا على التجوال وأن تجواله حمله إلى بخارى، وعلى هذا لا بدّ أن نقدر وجود خطأ في التاريخين، وبعد البحث تبين لي أن هذا القول الذي جرت نسبته إلى ياقوت إنما ينقله ياقوت عن أبي سعد السمعاني «3» ، وقد سقط صدر الاقتباس: «قال أبو سعد» ومن الغريب أن يسقط في المعجمين كليهما. الثالث: أنه لقي المجفجف الشاعر بحلب سنة 580، وهذا أيضا من قبيل الخطأ السابق، فإنه لم يكن في عمر يسمح له بذلك، ولم يعرف حلب إلا سنة 607 وما بعدها، ولكني لم أستطع أن أعرف الناقل الأصلي لهذا الخبر. إذن تظلّ إحدى السنتين اللتين ذكرهما ياقوت هي الأقرب إلى الواقع في تحديد مولده، وممّا يؤيد هذا الذي قدّره ياقوت أن أبا طالب الكرخي توفي سنة 585، ويذكر ياقوت أنه أدرك زمانه ولكنه لم يره لصغر السن يومئذ، ولأنه كان في ذلك الزمان يشتغل بغير العلم «4» . الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2883 وبعد سنة أو أكثر قليلا من عام شرائه أدخله سيده إلى الكتّاب في بغداد، وكان عسكر أميّا لا يحسن الخط ولذلك كان بحاجة إلى من يعينه في تجارته بالمكاتبات، وربما في الشؤون الحسابية أيضا، ورجا أن يكون ياقوت هو من يحقق له هذا العون. ويبدو أن دخل عسكر من التجارة كان كبيرا، وعن هذا الطريق أصبح ثريا، وأوصله ثراؤه إلى أن تزوج بنت أحد الرؤساء ببغداد، ورزق منها بنين، كبروا وتابعوا حرفة أبيهم حيث نشأوا. وأقبل ياقوت في الكتّاب على التعلم، وشغف بالكتب شغفا لازمه طوال حياته، حتى أنه منذ سن السابعة في المكتب ما خلت يده من كتاب يستفيد منه أو يطالعه أو يكتب شيئا منه أو ينسخه «1» ، ولكن بدلا من أن يستخدمه سيده في متجره كاتبا أو حاسبا حوّله إلى تاجر متجول يسافر في ما لدى عسكر من بضائع برا وبحرا، فكانت غايته في البحر أن يصل إلى جزيرة كيش (فيس) في بحر عمان، وغايته في البر أن ينقل السلع الموكولة إليه إلى الشام ومصر. ويقول ابن الشعار: إنه دخل جزيرة كيش أربع مرات، وأنه دخل مصر عدة مرات، وأما دمشق فإنه تردد إليها مرات لا تكاد تحصى «2» ، وبعض ذلك تمّ وهو ما يزال في حكم مولاه، فيأتمر بأمره وينفذ توجيهاته، ولكن ياقوتا نفسه يذكر أنه دخل كيش ثماني مرات. كان يركب السفينة إليها من البصرة، وكان في كل مرة يشهد المدّ والجزر هنالك «3» . ولما كانت معرفته بجزيرة كيش معرفة مشاهدة متكررة فإنه يذكر أنها مدينة مليحة المنظر ذات بساتين وعمارات جيدة، وفيها مسكن صاحب عمان، وهو يملك أسطولا تجاريا ضخما، وكانت الجزيرة ملتقى التجار، وفيها عرف ياقوت جماعة من أهل الأدب والفضل «4» ، وقد ذكر للقفطي في ما بعد أنه شاهد عند بعض أهلها كتابا جامعا يشتمل على ما اتفق لفظه واختلف معناه، وأنه وجده أجمع ما صنّف في هذا الصنف من المؤلفات، وسأل الرجل الذي كان الكتاب في حوزته عن مؤلفه، فلم يذكر الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2884 اسمه، ولهذا ترجم القفطي لمؤلف الكتاب باسم «الكيشي» اعتمادا على ما ذكره ياقوت «1» . وأول مرة يظهر فيها ياقوت وهو ما يزال يتجر لعسكر الحموي، العام 594، أي كان عمره عشرين سنة أو أزيد قليلا، ولكن لا بد أن نفترض أنه كان ناشطا في الرحلات التجارية قبل ذلك بسنوات، أي بعد أن قضى فترة وهو يزاول التجارة المحلية مساعدا لعسكر. في ذلك العام ورد آمد، ولا ريب في أن أهدافه الأولى من ورودها كانت تجارية، ولكنه لما خالط بعض أهلها ووجدهم يلهجون بذكر علي بن الحسن بن عنتر المعروف بشميم الحلي، تاق إلى لقاء ذلك اللغوي الشاعر، فقصده إلى حيث يسكن في إحدى حجر مسجد الخضر، وكان الحلي حينئذ شيخا كبيرا قضيف الجسم وبين يديه «جامدان» مملوء كتبا من تصانيفه دون سواها؛ وبعد التسليم دار بينهما حوار يستحق أن ينقل على حاله «2» (مع تعديل يسير) : ش (شميم) : من أين أنت؟. ي (ياقوت) : من بغداد، وقد جئت لأقتبس من علوم المولى شيئا. ش: أي علم تحب؟. ي: أحبّ علوم الأدب. ش: إن تصانيفي في الأدب كثيرة، وكلها من نتائج أفكاري، وكنت كلما رأيت الناس مجمعين على استحسان كتاب في الأدب أنشأت من جنسه ما يخمل التصنيف السابق. أبو تمام أنشأ حماسة، أما أنا فعملت حماسة من أشعاري. أبو نواس تميز في الخمر فعملت كتاب الخمريات من شعري. لو عاش أبو نواس لا ستحيى أن يذكر شعره في الخمر لو سمع خمرياتي. الناس أعجبوا بخطب ابن نباتة لذا صنفت كتاب الخطب، فليس للناس اليوم اشتغال إلا بخطبي. ليس أبو تمام سوى كلب ... وأبو نواس كلب آخر. اسمع خطبة كتابي في الخمريات ( ... ) واسمع أيضا بعض أشعاري في الخمر (ينشده) . ي: هذا شعر حسن. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2885 ش: ويلك! ما عندك غير الاستحسان. ي: ماذا أصنع- إذن- يا مولانا؟. ش: تصنع هكذا (يرقص ويصفق إلى أن يتعب) ثم يقول: لقد ابتليت ببهائم لا يفرقون بين الدر والبعر، والياقوت والحجر. ي: معذرة يا مولانا، إن رأيت أن تنشدني شيئا آخر. ش: قد صنعت كتابا في مدح صلاح الدين مبنيا على تجنيس كتجنيس البستي، اسمع (ينشده ... ) . ي: ما رأي مولانا في المعري. ش: كم تسيء الأدب يا هذا بين يدي؟! من ذلك الكلب الأعمى حتى يذكر بين يدي في مجلسي؟!. ي: ما أراك يا مولانا ترضى عن أحد ممن تقدّم. ش: كيف أرضى عنهم وليس لهم ما يرضيني؟. ي: ما فيهم أحد قط جاء بما يرضيك؟. ش: لا أستثني إلا المتنبي في مديحه، وابن نباتة في خطبه، وابن الحريري في مقاماته. هؤلاء لم يقصروا. استمر الحوار غير المتكافىء بين الشيخ والفتى، وكان ذلك التصرف الشاذ من الشيخ، والتحقير للأوائل، ودوران اللسان بالشتائم، واستعمال لغة التعالي- كل تلك كانت حرية أن تؤثر في نفس ياقوت، ولكن يبدو أن ما سمعه عن الرجل قبل أن يلقاه قد جعله مهيأ النفس لتقبل ما يسمع على أنه مداعبة خشنة، لكنها طريفة، وأن الرجل مهووس يعاني «مرض العظمة» ، وأنه حقيق ألا يأخذه مأخذ الجدّ، ومن بعد أكد له ناس لقيهم أن الفصل الذي مثله أمامه الحلي لم يكن يختلف عن فصول أخرى تدلّ على انزياح عقله عن محوره. ولعله حمل بعض تخليطه على كبر السنّ وما يلابسه من خرف، ولو أن ياقوتا أحسّ بالصدمة من ذلك اللقاء لصرفه ذلك عن الأدب وعن لقاء الأدباء، ولكنه سيلقى كثيرين من العقلاء من بعد يؤكدون له أن الحلي لم يكن إلا شذوذا على قاعدة عريضة. ترى هل كان سعيه للقاء الحلّي يعني أنه كان قد قرر أن الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2886 يؤرخ للأدباء؟ إن هذا الميل سيظل ينمو في نفسه مع الزمن حتى يجد تحقيقه في معجمين كبيرين. ومن بعد حين اتصل ياقوت بالقفطي حدثه أن الحلي حين عرف أنه (أي ياقوت) يتنقل في البلدان للتجارة قال له: قد أنست بفضلك وعقلك، ومعي في هذا الجمدان بين ثيابي ستة آلاف دينار مصرية (أو قال ثلاثة آلاف دينار مصرية، الشك من القفطي) وقد عزمت على أن أعطيك منها جزءا متوفرا تتجر به لتجد به مرفقا، ومتى غنيت أعدت إليّ رأس المال. ولكن ياقوتا اعتذر عن قبول هذا العرض «1» . استمر ياقوت يتجر لعسكر مولاه، بعد زيارته لآمد، مدة تقل عن سنتين، إذ أن جفوة حدثت بينهما سنة 596، فاستغنى عسكر عن خدمته وأعتقه وأبعده عنه «2» ، فأخذ يتعيش من النسخ بالأجرة، حتى أنه كتب بين سنتي (596- 603) أي خلال سبع سنوات ثلاثمائة مجلد. لهذا نقدّر أنه لم يغادر بغداد، وأخذ النسخ بيده إلى الاستقرار، وفي تلك الفترة ربطته المهنة الجديدة إلى محبّي الكتب، فصحب أبا سعد الحسن بن محمد (ابن صاحب التذكرة الحمدونية) «3» وحمد صحبته، وكان أبو سعد مغرما بالكتب واقتنائها والمبالغين في تحصيلها وشرائها، وكان أقسى ما عاناه في حياته أنه حين بطل عن العمل كان يبيع بعضها وعيناه تذرفان، فيحاول ياقوت أن يعزيه بأن الدهر ذو دول، ولا ريب في أن ياقوتا كان يتعامل معه بالكتب نسخا وبيعا وشراء. من ذلك أن أبا سعد استنسخه بالأجرة كتابا في اللغة يسمى «المحيط» من تأليف الصاحب بن عباد كان في وقف بغداد، فجاء في سبعة مجلدات «4» . وممن تعرّف إليهم في هذه الفترة الحسن بن أبي المعالي الحلّي المعروف بابن الباقلاني النحوي «5» ، لقيه ببغداد سنة 603، وكان آخر العهد به. وأقدّر أنه في سياق عمله في الكتب، اقترب كثيرا من الشيوخ، ودرس عليهم، وسوف أفرد مدخلا خاصا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2887 لأهمّ شيوخه، وقد تجاهل القفطي أمر تحصيل ياقوت علميا فزعم أنه قرأ شيئا يسيرا من النحو واللغة، وأنه حصّل بالمطالعة فوائد اقتضاها فهمه العسر «1» ، وبخس الرجل حقه ولم ينصفه، وكأن القفطي يريد أن يقول إن ياقوتا لم يكن له شيوخ، وأنه كان في ثقافته عالة على الصحف وحدها، وأن هذه الصحف لم تعطه كلّ ما فيها لعسر في فهمه، فطعن في مستوى ثقافته وقلل من شأنها، وغمزه في قدرته على الإفادة مما يقرأ. لكن الجفوة بين عسكر وياقوت قد تولاها الزمن بالتخفيف ثم بالإزالة، ويقال في هذه المناسبة إن سيده عطف عليه واستعاده إلى خدمته، ولكنه لم يعد مولى فقد نال حريته قبل سبع سنوات، وإذن فقد عادت الرابطة بين الرجلين للمصلحة الاقتصادية المشتركة، وعاد ياقوت ينقل السلع بين كيش والشام ومصر، وحين رجع من سفرة إلى كيش (سنة 606) وجد عسكرا قد توفي، فأعطى أولاده وزوجته نصيبهم من رأس مال وربح، على طريقة المراضاة «2» ، وبقي له ما جعله رأس مال له، وكان تعوّده النسخ قد جعل الكتاب إحدى السلع الأثيرة لديه، فظلت التجارة هي مهنته المفضلة، ولكنه أصبح في حركاته شرقا وغربا «سيد نفسه» . وفي العام التالي لوفاة عسكر مولاه (أي سنة 607) نجده يحمل سلعا إلى الشام وفيها كتب علمية، ومن أبرز تلك الكتب «صور الأقاليم للبلخي» نسخة رائقة مليحة الخط مصوّرة، وكان ياقوت يمنّي نفسه أن يبيعها من ملك يحب اقتناء الكتب الجميلة، ولا يهمه ثمنها مهما علا، ويمتد به الحلم فينظم أبياتا يمدح بها ذلك الملك المتخيّل، ولا ينسى أن يورد في أبياته ذكر العلاقة بين الملك الذي يحكم الأقاليم والأقاليم نفسها (انظر القطعة الشعرية رقم: 12) ولا ندري كيف اتصل خبر النسخة بالملك الظاهر غازي بن صلاح الدين صاحب حلب يومئذ فأرسل من يشتريها منه، وبيعت النسخة من غير ربح، ويضيف ياقوت قوله: «وجرت لي فيها قصة طريفة أنزّه هذا السلطان عن ذكرها، فإنه وإن كان الحظ حرمني [جود كفّه] فإنه جواد عند غيري» «3» . الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2888 إذن فقد دخل ياقوت حلب (سنة 607) وتعرّف- لأول مرة- إلى القاضي الأكرم علي بن يوسف القفطي، وزير صاحب حلب، يحفزه إلى لقائه حب الوزير للكتب واقتنائها وشيوع ذلك عنه بين الناس. غير أن القفطي يذكر أن أول اجتماع له بياقوت إنما تمّ سنة 609 وأن الذي أحضره إلى مجلسه أبو علي الحسن بن محمد القيلوي، واطلع الوزير على ما جلبه ياقوت من كتب، وكانت قليلة العدد، فاشترى منها كتابين «1» ، ويمكننا أن نردّ هذا الاختلاف في تاريخ اللقاء إلى التصحيف الكثير بين (سبع) و (تسع) في المصادر، ولهذا فإن أحد التاريخين خطأ. والترجيح في مثل هذا الموقف غير ممكن. ولكن أحد التاريخين كان، ولا بدّ، بداية صلة استمرت حتى وفاة ياقوت. ولعلّ ياقوتا في هذه الزيارة نفسها لقي عددا من الأدباء الذين يترددون إلى مجلس القاضي الأكرم، ومنهم سليمان بن بنين، اجتمع به في عدة مجالس هنالك وأجازه برواية مصنفاته «2» . ويعود القفطي فيذكر أن ثاني اجتماع له بياقوت إنما تمّ سنة 613» ؛ ولكن ياقوتا يذكر أنه عاد إلى حلب سنة 611 (ويعود فرق السنتين إلى الظهور) ، وياقوت في هذه المرة أدقّ، إذ زيارته مرتبطة بذكريات يقينية، وخط سيره أوضح، وهو أدرى به من القفطي، ففي عام 611 زار القاضي الأكرم في منزله، ودار الحديث بينهما عن الجوهري صاحب الصحاح وعن جودة تأليفه، وكان يشغل خاطريهما وهما يتجاذبان أطراف الحديث عدم الاهتداء إلى العام الذي ولد فيه الجوهري والعام الذي توفي فيه، بعد البحث الطويل. وقد سأل ياقوت عن هذين التاريخين الوافدين من نيسابور فلم يجد أحدا ينبئه بذلك، وافترق الرجلان، وعاد ياقوت في اليوم التالي إلى منزل القفطي فأخبره هذا أنه رأى في المنام من يقول له: مات إسماعيل الجوهري سنة 386، ثم عثر ياقوت على نسخة من ديوان الأدب بخط الجوهري مكتوبة سنة 383 ونسخة من الصحاح كتبها الجوهري نفسه سنة 396، وهكذا وجدا في حالي المنام واليقظة تاريخا مقاربا لسنة وفاة الجوهري «4» . الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2889 ويسلك ياقوت خطا واضحا بعد ذلك وإن كان متعرجا، ففي العام التالي (612) «1» نراه في مصر حيث يجدد العهد بكثير ممن عرفهم في سفرات سابقة، فيزور صديقه المرهف بن أسامة بن منقذ في بيته ويبيعه بعض الكتب، وكان عمر المرهف يومئذ اثنين وتسعين عاما، وكان قد أقعد فلا يقدر على الحركة إلا أنه كان صحيح العقل والنظر، يقرأ الخط الدقيق، لكن في سمعه بعض ثقل، وهذا ما كان يفرض على ياقوت أن يقتصد في حديثه معه «2» ، ولم يفقد المرهف حتى في تلك السنّ شغفه بالكتب. ولقي ياقوت أيضا الشريف أبا جعفر محمد بن عبد العزيز الإدريسي الحسني ونقل عنه خبر أستاذه الحسن بن الخطير وتاريخ وفاته «3» . وفي جمادى الأولى من العام نفسه غادر مصر عائدا إلى دمشق فوصلها في جمادى الثانية، وعاد يشغله أمر العسكرين أبي أحمد وأبي هلال، مثلما كان ذهنه في العام الفائت مشغولا بالجوهري: ترى أين يجد ترجمة لكلّ منهما؟ ولقي في دمشق الحافظ إسماعيل بن عبد الله الأنماطي، فذكر له ما أملاه السلفي في الترجمة لهما، وأعاره تلك الأملية «4» ، ومن الشام توجه إلى بغداد في العام نفسه، وهنالك لقي الأديب قوام الدين الهاشمي «5» ، ومن بغداد عاد إلى دمشق وقعد في بعض أسواقها، وجرّه الجدال مع أحد المتعصبين لعلي إلى أن ذكر عليا بما لا يساغ، فثار الناس عليه في دمشق حتى كادوا يقتلونه، ونمي خبره إلى المعتمد الموصلي والى دمشق، فأرسل في طلبه «6» ، فغادر دمشق هاربا ووجهته حلب. ويرى القفطي أن سبب انحرافه عن علي قد يعود إلى التأثر بآراء الخوارج «7» ، ولكن الأصوب أن يقال إنّ الغلوّ في حبّ عليّ يولّد غلوّا في الجهة المضادة، وبخاصة إذا احتدم الجدال، ونسي كل واحد من المتجادلين حدوده؛ وهذا لم يحدث لياقوت وحده، بل حدث لغيره من الناس. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2890 وليس في مؤلفات ياقوت ما يدلّ على انحراف عن عليّ وقد ترجم له في معجم الأدباء لأنه يعده واضح النحو أو الموحي به إلى أبي الأسود الدؤلي. ومع أن ياقوتا عرف دمشق قبل هذه المرة وبعدها، وقضى فيها أوقاتا كثيرة، فإن حديثه عنها في معجم البلدان ينتمي في معظمه إلى الأخبار المنقولة من المصادر، وقلما نجد هنالك اعتمادا على المشاهدة، وقد لفت انتباهه في دمشق كثرة المياه، فقلّ أن تمر بحائط إلا والماء يخرج منه في أنبوب إلى حوض يشرب منه ويستقي الوارد والصادر، «وما رأيت بها مسجدا ولا مدرسة ولا خانقاها إلا والماء يجري في بركة في صحن هذا المكان ... » كذلك لفت انتباهه أن المساكن بها عزيزة لكثرة أهلها والساكنين بها وضيق بقعتها، وهو يحدثنا أن بها ربضا دون السور يحيط بأكثر البلد ويكون في مقدار البلد نفسه، تلك هي انطباعاته الذاتية عن دمشق، فأما سائر الحديث عنها وعن جامعها فهو مستمد من المصادر في أكثره «1» . وفي زياراته الكثيرة للمدينة تعرّف إلى عدد من علمائها. تعرّف إلى فتيان الشاغوري وكان له حلقة بجامع دمشق يقرىء فيها النحو، وقد كان حين رآه شيخا بلغ التسعين أو جاوزها «2» وعرف فخر الدين ابن الساعاتي الطبيب الموسيقار صاحب الخط المنسوب الجيد، وحضر مجالسه غير مرة «3» . أما مجلس شيخه أبي اليمن تاج الدين الكندي في دمشق فكان آثر المجالس إلى نفسه، وكانت قوة ذاكرة ذلك الشيخ محط إعجابه فهو يصف حفظه بقوله: «وفي كثرة ما صحبته، وحضرت مجلسه ما رأيت القارىء قرأ عليه كتابا من مروياته، وعلى الخصوص الأدبية واللغوية والنحوية ونحوها إلا وهو يسابق القارىء إلى ما يقرأه» «4» . وقد عرف ياقوت مكانة العلم في شخص هذا الشيخ إذ كان يرى الملك المعظم عيسى، وهو يومئذ صاحب الشام، يقصد منزل الشيخ تاج الدين راجلا ليقرأ عليه النحو، ولا يكلفه مشقة الذهاب إليه. ورأى على باب شيخه من المماليك الأتراك ما الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2891 لا يكون إلا على باب ملك، ورأى له من الدور والبساتين ما لا يحصى «1» ، كان تاج الدين يجمع العلم والغنى، إذ كان في بعض مراحل حياته بدمشق وزيرا أو بمنزلة وزير ولذلك قال فيه ابن النجار: كان بهيا، وقورا أشبه بالوزراء من العلماء «2» . بعد دمشق يتوجه ياقوت إلى حلب فيصلها في جمادى الآخرة من سنة 613، ولا ندري في أي سفراته إلى حلب (607، 611، 613) كان ينزل مدرسة الزجاجية (أو لعلّه فعل ذلك في حال استقراره النهائي فيها) ففي تلك المدرسة كان يقطن المعيد الفقيه أبو الحسن علي بن محمد الأرجيشي، وكان رجلا قانعا باليسير من الرزق، فإذا زاده أهل البلد شيئا لم يقبله ويقول: في الواصل إليّ كفاية، وكان مقدار ما يصل إليه اثني عشر درهما «3» . وفي حلب لقي سديد بن سعيد بن صالح الجبراني، وهو نحوي مقرىء كانت له حلقة في جامع حلب يقرىء بها العلم والقرآن، وسأله ياقوت عن مولده فأخبره «4» . ويزور حاضر حلب، ويدق الباب على القاسم بن القاسم الواسطي «5» ، فيخرج إليه الواسطي ويملي عليه عند باب داره أسماء تصانيفه الكثيرة، ويغادر حاضر حلب إلى الموصل فيلقى ياقوت بن عبد الله الرومي الأصل، وكان يومئذ قد بلغ من الكبر غاية، ويرى كتبا بخطه يتداولها الناس منها الصحاح والمقامات «6» ، ويجتمع هنالك أيضا بابن الدهان البغدادي «7» ، ويذكر القفطي أنه دخل اربل بعد الموصل ولكنه لم يحاول أن يدخل بغداد لأن خصمه في دمشق كان بغداديا «8» ، ولكن دخوله اربل هذه المرة موضع شك لأن شرف الدين المستوفي لا يذكر شيئا من ذلك. وفي شوال من العام نفسه (613) وصل خوار من أعمال الريّ فوجدها قد غلب الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2892 عليها الخراب «1» ، ولعله لم يطل الإقامة في منطقة الري إذ يصل في السنة نفسها إلى الشاذياخ التي كانت قد خلفت مدينة نيسابور فيستطيبها وتعجبه الإقامة فيها. ويقول في وصف هذه المرحلة من حياته: «وصادفت بها من الدهر غفلة، خرج بها عن عادته، واشتريت بها جارية تركية لا أرى أن الله تعالى خلق أحسن منها خلقا وخلقا، وصادفت من نفسي محلا كريما» «2» . تلك ذروة غريبة الموقع في حياة ياقوت، فها هو على مشارف الأربعين، يقبل على الزواج، أي يختار الاستقرار، وهو رجل موكّل بفضاء الله يذرعه، لا يكفّ عن الترحال، والأغرب من كل ذلك أن يعرض الجارية للبيع بعد إذ حلت من نفسه ذلك المحلّ الكريم، دون أن يكون هناك سبب يحفزه إلى التخلي عنها، سوى أنه أبطرته النعمة فتحجج بضيق اليد، لكنه أساء التقدير، إذ لم يحسب أن تعلقه بها لا تهزمه الدعوى أو الخداع الذاتي، يقول: «فامتنع عليّ القرار، وجانبت المأكول والمشروب حتى أشرفت على البوار» ونصحه بعض معارفه أن يتصل بمالكها الجديد ليسترجعها، ولكن الذي اشتراها كان في سعة من الحال. ولم يكن بيعها ليضيف كثيرا إلى ثرائه، كما أنها حلّت من نفسه محلا يكاد يتجاوز ما بلغته لدى ياقوت نفسه، والغريب في تصرف ياقوت لا في أنه أحبها وحسب، بل في قوله واصفا محبتها هي له: «وكان لها إليّ ميل يضاعف ميلي إليها» «3» . وقد لجأ ياقوت إلى الشعر يخفف به لوعته، ويتحسر على ما ضاع من يده، فنظم مقطوعة مطلعها «ألا هل ليالي الشاذياخ تؤوب» يقول فيها: أئن ومن أهواه يسمع أنّتي ... ويدعو غرامي وجده فيجيب وأبكي فيبكي مسعدا لي فيلتقي ... شهيق وأنفاس له ونحيب «4» وصل ياقوت إلى مرو الشاهجان سنة 614، وألقى فيها عصا التسيار، كان يطلب ملجأ آمنا بعيدا عن عصبيات الشاميين وغيرهم فوجده، وكان يريد دواء لمشاعره الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2893 المجرحة إثر نزوة حمقاء، فوجد في مرو ما ينسيه جميع رواسب الماضي، وجد قوما لطفاء ليني الجانب، فيهم دماثة وحسن عشرة فأحبهم، ونوى أن يقضي بقية عمره بينهم، وزاده محبة لمرو أنه وجدها أغنى المدن الإسلامية بخزائن الكتب، وفي خزائنها وجد كنوزا يستطيع أن يطالعها وينسخها، أي وجد فيها زاده الثقافي وزاده المعاشي، وهو يذكر أنه حين فارقها كانت تحتوي عشر خزائن: (1) الخزانة العزيزية، نسبة إلى عزيز الدين الزنجاني، وكان فيها اثنا عشر ألف مجلد أو ما يقاربها، وكانت مودعة في جامع مرو، وتسمّى أيضا «الخزانة الفقاعية» لأن الزنجاني واقفها كان مسؤولا عن تحضير شراب الفقاع للسلطان سنجر. (2) الخزانة الكمالية (ولا يدري ياقوت إلى من تنسب) . (3) خزانة شرف الملك المستوفي أبي سعد محمد بن منصور، ومحلها مدرسة باسمه، وقد رأى فيها أو في الخزانة الفقاعية كتابا في عدة مجلدات تصنيف «الغوري» وتأمّل الكتاب فوجده أجمع كتاب، كثير الألفاظ قليل الشواهد، وهو من الكتب التي انفردت بها خزائن مرو، إذ إنه لم يظهر له ذكر لا بالعراق ولا بالشام ولا بمصر «1» . (4) خزانة نظام الملك محمد بن إسحاق في مدرسته. (5) و (6) خزانتان للسمعانيين في بعض منازلهم، وقد شاهد في إحداهما نسخة كتاب بخط الأزهري، نسخها وأحضرها معه حين عاد إلى حلب وأطلع عليها القفطي «2» . (7) خزانة في المدرسة العميدية. (8) خزانة لوزير يدعى مجد الملك. (9) الخزانة الخاثونية في المدرسة الخاثونية. (10) الخزانة الضمرية في إحدى الخانقاهات بالمدينة. وكان ياقوت يستعير الكتب التي يحتاجها من هذه الخزائن دون رهن حتى ليبلغ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2894 ما يستعيره أحيانا مائتي مجلد، وهو يقرّ أن جلّ الفوائد التي تضمنها كتابه معجم البلدان وغيره من كتبه إنما كان مستمدا من تلك الخزائن «1» . وحققت له إقامته بمرو لقاء كثير من علمائها والوافدين إليها وتأكدت صلته بآل السمعاني، وخاصة بأبي المظفر عبد الرحيم بن أبي سعد السمعاني، وكانت خزانتا السمعانيين مدخلا أوليا لتلك العلاقة. وعرض عليه أبو المظفر جزءا يشتمل على رسائل للحسن القطان، إلى الرشيد الوطواط، محشوة بالسب والثلب، تصريحا لا تعريضا، إذ إن القطان كان يتهم الوطواط بأنه سلبه كتبه، ولكنه لم يدوّن شيئا من رسائل القطان، وأدركه الندم حين احتاج إليها، واكتفى باقتباس أجوبة الوطواط على تلك الرسائل «2» . وأثناء إقامته في مرو لم يكن يغادر المدينة إلا ليتعرف إلى بعض قراها، ولعل التعرف الجغرافي كان هدفه الأول من تلك الجولات، وإن كنّا لا نستبعد أن التجارة كانت حافزا آخر، فزار قرية جنوجرد (614) ووجدها كبيرة ذات أسواق وعمارات حسنة وجامع فسيح وكروم وبساتين «3» . وكذلك رأى الجرجانية فوجدها مدينة عظيمة «4» ، ورأى جيربخ فرآها حافلة بالدور العالية والمنازل النفيسة والأسواق الكبيرة «5» ، ومن هذا الوصف ندرك أن كثيرا من قرى مرو كانت أشبه شيء بالمدن. أقام ياقوت في مرو قرابة ثلاث سنوات متتابعة (614- 616) وحين فارقها في العام الثالث ذاهبا إلى خوارزم كان ينوي العودة إليها، لأنه كان قد نوى منذ البداية أن لا يفارقها إلى الممات» ، لكن أحداثا كانت أقوى منه بكثير هي التي اضطرته إلى مغادرتها نهائيا. وأدهشته خوارزم بروعة عمرانها حتى أنه ما رأى ولاية أعمر منها، فقد وجد أن الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2895 عمارتها متصلة وقراها متقاربة، وأكثر الضياع فيها مدن ذات أسواق وخيرات ودكاكين، وفي النادر أن تكون قرية لا سوق فيها، هذا مع كثرة الشجر وامتداد ظل الأمن، إلا أنه وجد الشتاء فيها قارس البرد جدا، حتى أن نهر جيحون- وعرضه ميل- يتجمد في الشتاء، وتمر فوق سطحه القوافل والعجلات التي تجرها البقر، وهي موقرة، في الذهاب والاياب، ويبقى النهر في حالة تجمد نحو شهرين «1» . وفي خوارزم لقي القاسم بن الحسين الخوارزمي، قصده إلى منزله فوجده شيخا بهي المنظر حسن الشيبة، سمينا عاجزا عن الحركة «2» . وفي دخوله إلى منطقة خوارزم وقبل أن يصل ياقوت الجرجانية عاصمتها كان يجتاز جيحون في سفينة مع بعض المسافرين، فأخذ النهر بالتجمد وحصرت الثلوج السفينة، فقاسى من البرد آلاما شديدة، وأخذ يتوقع الهلاك هو ومن معه، وأخيرا قيض لهم أن يخرجوا إلى البرّ، وكانت أقرب مدينة إليهم أرثخشميثن، فساروا في الثلوج ولا دواب هنالك، فوصل إلى المدينة المذكورة بعد شدائد؛ ونزل في خان هنالك، وكتب على حائطه مقطوعة شعرية ركيكة الصياغة يصف فيها بعض ما قاساه، وفي المقطوعة يذم المدينة وأهلها ثم يعلق على ذلك بقوله: «وأما ذمي لذلك البلد وأهله فإنما كان نفثة مصدور، اقتضاها ذلك الحادث المذكور، وإلا فالبلد وأهله بالمدح أولى، وبالتقريظ أحق وأحرى» «3» . كان خروج التتر لا جتياح ديار الإسلام، هولا عاما، كأنه الخطر الكوارثي الذي لا يمكن صدّه لا بالقوة ولا بالحيلة، لهذا يصبح مطلب كل فرد أن ينجو بنفسه، غير عابىء بما يصيب الآخرين، وذلك هو حال بني البشر يوم الحشر، فهرب ياقوت في مثل تلك الحال أمر طبيعي. وكانت عودة ياقوت هاربا نحو الغرب عن طريق بلاد الخزر، ومرّ بعدة مدن وصفها مسرعا إلا أنه (سنة 617) تلبث في أردبيل، وشاهد الغيضة التي يلجأ إليها أهل المدينة إذا دهمهم أمر، وهي الغيضة نفسها التي يقطعون منها الخشب ويصنعون منه قصاع الخلنج والصواني، ولا توجد قطعة منه خالية من الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2896 عيب. وقد جلس عند صنّاعه وطلب أن يروه قطعة واحدة لا عيب فيها، فعرّفوه أن ذلك معدوم، إنما الخالي من العيب هو الذي يجلب من الري، وقد كان حين مرّ بالري في بعض أسفاره جلس إلى الصنّاع فيها فوجد السليم من القصاع كثيرا «1» . ثم غادر أردبيل إلى اربل فوصلها في العشر الوسطي من شهر رجب (سنة 617) «2» ، ونزل عند شرف الدين المستوفي وربما أطلعه على ما نجز من كتابه «إرشاد الألباء» ، ثم توجّه إلى الموصل، ومنها كتب رسالته إلى القفطي بحلب، وهي الشاهد الأكمل على قدرته الأدبية النثرية، وبعد مقدمات في الثناء على القفطي والحديث عن ولاء ياقوت له، يتحدث عن مقامه بمرو، وإفادته من وفرة مكتباتها، ثم يعرج إلى التحدث عن خراسان: كيف كانت وكيف أصبحت، «إلى أن حدث بخراسان ما حدث من الخراب، والويل المبير والتباب، وكانت لعمر الله بلادا ذات رياض أريضة، وأهوية صحيحة مريضة ... وجملة أمرها أنها كانت أنموذج الجنة بلا مين، فيها ما تشتهي الأنفس وتلذ العين ... فكم كان فيها من حبر راقت حبره، ومن إمام توّجت جباه الإسلام سيره، آثار علومهم على صفحات الدهر مكتوبة، وفضائلهم في محاسن الدنيا والدين محسوبة، وإلى كل قطر مجلوبة» «3» ، ثم يصف حاله في الموصل فيقول: «والمملوك الآن بالموصل مقيم، يعالج مما حزبه من هذا الأمر المقعد المقيم، يزجّي وقته ويمارس حرفته وبخته ... يذيب نفسه في تحصيل أغراض، هي لعمر الله أعراض، من صحف يكتبها، وأوراق يستصحبها، نصبه فيها طويل، واستمتاعه بها قليل، ثم الرحيل، ويركب سنن الطريق عساه يبلغ أمنيته من المثول بالحضرة، وإتحاف بصره من خلالها ولو بنظرة، ويلقي عصا الترحال بفنائها الفسيح، ويقيم تحت ظلّ كنفها إلى أن يصادفه الأجل المريح» «4» . ويضيف ياقوت إلى اسمه صفة جديدة- في صدر الرسالة- وهي «الأكرمي» أي أنه مملوك القاضي الأكرم، وهكذا يربط رقبته بحبل الرقّ ومن حوافز ذلك الضياع الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2897 والجوع وفقدان المأوى. وأقام ياقوت بالموصل مدة ثم رحل إلى سنجار ومن سنجار إلى حلب «1» ، ودخل على القاضي الأكرم في حالة يسوء منظرها، ووصف من أمره أمورا لا يسرّ مخبرها، وقال: قد ألقيت عصاي ببابك، وخيم أملي بجانب جنابك، فقال له القاضي الأكرم: أقاسمك العيش «2» - عبارة غامضة إذ لا ندري ما معنى مقاسمة العيش بدقة، وقريب منها في الغموض قول القفطي بعد ذلك «فأقام مشاركا في المعلوم» «3» ، وإذا صدقنا القفطي قلنا لعله قدم لياقوت بعض مال يعينه على شراء طعامه، وأباح له استعمال مكتبته فنسخ وباع، ولفّق من تلك الكتب مجموعات لم يكملها. ونراه سنة 618 ما يزال بحلب، وفيها يلقى القاسم بن أحمد اللورقي «4» ، ويأخذ عنه ترجمته، وهو بحلب أيضا في السنة التالية (619) (أواخر ربيع الثاني «5» وذي الحجة «6» ) ، من العام نفسه. وكذلك هو في حلب (عام 620) «7» ، بل وفي كل عام حتى تاريخ وفاته. ولتردده إلى حلب وإقامته فيها وقربه من القفطي، وجولاته فيها وفي حاضرها وفي قراها، تحتل منطقة حلب في معجم البلدان مكانة واضحة المعالم لا تدانيها دمشق «وشاهدت من حلب وأعمالها ما استدللت على أن الله تعالى خصّها بالبركة وفضّلها على جميع البلاد» فعدّ أنواع الزراعة فيها وميزة مزروعاتها، وذكر أن فيها نيفا و 820 قرية ملك لأهلها ليس للسلطان فيها إلا مقاطعات يسيرة ونحو نيف و 200 قرية مشتركة بين الرعية والسلطان، وقد وقّفه على الجريدة بأسماء القرى وأسماء ملاكها القاضي الأكرم، وهي تقوم برزق 5000 فارس، وفيها من الطواشية المفاريد ما يزيد على ألف فارس يحصل للواحد منهم في العام 10000- 15000 درهم وفي أعمالها (21) قلعة يقام بذخائرها وأرزاق مستحفظيها ما لم يذكر في النفقات السابقة، ويصف ياقوت قلعة الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2898 حلب، وما جدده فيها الملك الظاهر غازي «1» ، وفي وصفه حاضر حلب يقول: والذي شاهدناه نحن من حاضر حلب أنها محلة كبيرة بين بنائها وسور المدينة رمية سهم من جهة القبلة والغرب، وأكثر سكانها تركمان مستعربة من أولاد الأجناد، وبها جامع حسن مفرد تقام فيه الخطبة والجمعة والأسواق الكثيرة من كل ما يطلب، ولها وال يستقل بها «2» . وقد حصر القفطي نشاط ياقوت أثناء الفترة الحلبية في الأمور التالية: (1) نسخ الكتب للبيع. (2) تصنيف كتابين صغيرين في النحو، خلط فيهما الغث بالسمين، وقد نصحه القفطي بعدم نشر الكتابين وبيّن له مواضع الخطأ فيهما فما أصغى إلى نصحه. (3) اشترى خاما وسافر به إلى مصر فربح ربحا قريبا، وعاد بمعمول مصر فأربح فيه أيضا. ولكن القفطي يصمت عن أشياء أخرى، إذ تمكن ياقوت عند عودته إلى حلب من العمل في المعجمين معا: معجم الأدباء ومعجم البلدان، والثاني منهما مطرز في المقدمة باسم ابن يوسف أي القفطي «علقت بحبل من حبال ابن يوسف ... » «3» وقد انتهى منه في 20 صفر 621 «4» قال: «ثم اهديت هذه النسخة بخطي إلى خزانة مولانا الصاحب الكبير، العالم الجليل الخطير ... القاضي جمال الدين الأكرم» «5» . ترى لماذا أغفل القاضي ذكر معجم البلدان ومعجم الأدباء وغيرهما من مؤلفات ياقوت؟ ألأنّ كتابه مقصور على النحاة ومؤلفاتهم في النحو واللغة؟ ولكن عند الاختبار يبدو أن هذا شيء واه لا ثبات له، فإنه حين ترجم لعلي بن الحسين الاصفهاني ذكر كتابه الأغاني وكتبه الأخرى التي لا تربطها علاقة بالنحو واللغة. إننا إذا أحسنّا الظن بالقفطي الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2899 وبرّأناه من مشاعر الحسد والكراهية قلنا إن ترجمة ياقوت عنده ناقصة. وفي آخر سفرة لياقوت إلى مصر عاد إلى حلب ونزل بخان في ظاهرها، (وهنا يبدو لنا لم تكون عبارة «أقاسمك العيش» غامضة ومثلها «فأقام مشاركا في المعلوم» ) ، فقد مرض ومات في ذلك الخان 20 رمضان سنة 626/12 آب 1229. 2- شخصية ياقوت وأخلاقه: التقى ابن الشعار بياقوت في الموصل، وياقوت يومئذ في كهولته، وكان ياقوت صديقا لأخي ابن الشعار، وبينهما أنس تام «1» ؛ فنشأت بين ياقوت ومؤلف قلائد الجمان معرفة لم تتطور إلى صداقة لقصر المدة التي أقامها ياقوت في الموصل، ويصف ابن الشعار ياقوتا بأنه كان أشقر أحمر اللون أزرق العينين «2» ولم يستوقفه من مظهره سوى ما ذكر؛ لكنه أسرع إلى ذكر بعض تصرفاته السلوكية، فذكر أنه كان ضنينا بما يجمعه، لا يحب إطلاع أحد على ما يؤلف، شديد الحرص عليه، لا يقدم لمخلوق فائدة البتة، وكان ربما سئل عن شيء، وهو به عارف، لم يجب عنه شحا وجفاء طبع. هكذا كانت شيمته مع الناس «3» . وبخل ياقوت بما يؤلف قد أطنب هو نفسه في وصفه في مقدمة كتابه «معجم الأدباء» فهو هناك ينسب ضنّه به إلى ما قاساه في جمعه، وكثرة وقوفه على الأبواب في لقاء الأشخاص الذين يستمد منهم مادة كتابه، «فلا غرو أن أمنعه من ملتمسيه، وأحجبه عن الراغبين فيه» ويحس هو بأن هذا التصرف مستهجن، ويعاتب نفسه على هذا الفعل، ولكنه يتأسى بأناس مثل محمد بن عبد الملك التاريخي، حجبوا كتبهم وضنوا بها وهي دون كتابه بكثير، ويقول: «قد أقسمت أن لا أسمح بإعارته ما دام في مسودته لئلا يلحّ طالب بالتماسه ... فإذا هذّبته ونقحته وبيّضته فتمتع به ... » إذن فإن البخل لم يكن قاعدة عامة في طبع ياقوت، ولكنه لم يكن ليخرج الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2900 كتابه إلى الناس قبل تبييضه وتنقيحه وتهذيبه. هكذا يبدو في بعض مراحل حديثه في كتابه، إلا أنك تجده في موضع آخر يقول: إن بعضهم التمس الكتاب لينسخه «فوجدت في نفسي شحا عليهم ... مع كوني غير راض لنفسي بذلك المنع، ولا حامد لها على ذلك الصنع، لكنها طبيعة عليها جبلت، وسجية إليها جبرت» «1» . ولعلّ ابن الشعار متأثر بما قاله ياقوت- في مناسبة معينة- عن نفسه. ومع ذلك فإن هذا الموصوف بالبخل لما اجتمع بابن المستوفي في إربل أطلعه- فيما نقدر- على مقدمة معجم الأدباء «2» ، وأثبت الرجل أجزاء منها في تاريخ إربل. ويحاول ابن الشعار أن يؤكد ضنّ ياقوت بما يؤلف أو ينشىء، فيذكر أنه طلب منه شيئا من شعره، فجعل يماطله مدة من الزمان ثم سافر إلى الشام ولم يلتق الرجلان بعد ذلك، ومع هذا فإننا نجد ابن الشعار ينقل مقطعات كثيرة لياقوت، بعضها أنشدها ياقوت للمستوفي، وبعضها أنشدها لابن النجار «3» ، ثم هو يتمم نسخة من معجم البلدان ويضعها في خزانة القاضي الأكرم، ويشهد ابن العديم في مواضع من بغية الطلب «4» أنه رأى معجم البلدان وأفاد منه كما رأى معجم الأدباء، وإذا صحّ كل ذلك فمعناه أن ياقوتا لا يسوّي بضنّه بين جميع من يعرف، وإنما قد تستدعي الضنّ حالات نفسية ذاتية لدى ياقوت، أو حالات يجدها في من يطلب منه شعره أو مؤلفا من مؤلفاته. وقد كان يعرف أو يقدر أن الناس يقولون خلف ظهره: «إن هو إلا تصنيف رومي مملوك!!» وأنا وإن كنت أميل إلى ترجيح ضنه بكتبه لأن الرفض في هذه الحال يدلّ على قدر من الحرية في التصرف لدى امرىء مملوك، فإني أرجح أن الضنّ كان خاضعا لحالات نفسية معينة، وإلا فكيف يعمد هذا الرجل الضنين بمؤلفاته وما يملكه من كتب وأوراق فيوصي بها إلى وقف الزيدي ببغداد (وكان مسجد الزيدي بدرب دينار) ويعهد إلى الشيخ عز الدين ابن الأثير المؤرخ- وكان يومئذ بحلب- أن يسلمها إلى ناظر الوقف الشيخ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2901 عبد العزيز بن دلف «1» . غير أن القفطي يتهم المؤرخ (ابن الأثير) بأنه تصرّف في الكتيبات والأوراق التي بخطّ ياقوت تصرفا غير مرضيّ، ولم يوصلها (بعد أن عاد إلى الموصل) إلى حيث أوصى صاحبها «بل فرّقها على جماعة أراد انتفاعه بهم وبها عندهم، ولم ينفعه الله بشيء من ذلك، ولم يتملّ منها بأمل ولا مال، وقطع الله أجله، بعد أن قطع من الانتفاع بتفرقتها أمله، فاكتسب خزي الدنيا وعذاب الآخرة، وبلغني أن خبرها وصل إلى بغداد وأنهم طالبوه من هناك بتسييرها إلى محلّ وقفها، فسيّر بعضها وأعرض عن بعض، فنعوذ بالله من سوء القضاء والقدر» «2» . لست أود أن أدافع عن ابن الأثير المؤرخ، ولا أن أرمي القفطي بالتزيد، أو بتسجيل سيئات الناس دون محاسنهم، إذ إني لا أعرف ما كان بين الرجلين من علاقة، كما أني لا أحب أن أقول إن المعاصرة هجنة، أو أن أقيس أخلاق الفرد على ما اكتسبه- بعد مرور القرون- من شهرة علمية، ولكن هذا لا يمنعني من أن أتساءل: ما الانتفاع الذي كان يرجوه ابن الأثير من تفريق كتب ياقوت وأوراقه؟. لقد ترك القفطي هذا الجانب غامضا، فنحن لا نعرف ماذا فرّق، وعلى من فرّقه، وقد كان قادرا على الانتفاع لو شاء من طرق أخرى، كالاتصال بالحكام في عصره، وتقديم الخدمات لهم، وهو قد ابتعد عن ذلك عامدا. ولكن حديث القفطي عن ابن الأثير يصلح أن يكون مدخلا لفهم موقفه من ياقوت، فقد كان الرجل (أي ياقوت) في نظره عسر الفهم، وكان في خلقه مكابرة (أية مكابرة تبرز من أول لقاء بين بائع كتب يرجو نفاق سلعته عند وزير رفيع المكانة كالقفطي؟!) وفي أول لقاء بين الرجلين تأمّل القفطي هذا الرومي فتوسّم فيه أمورا صدق حدسه فيها إذ علم أنه لا يصلح للعشرة. ترى ما هي تلك الأمور التي توسّمها فيه؟ وعندما احتاج ياقوت إلى من يؤويه ويعطف على حاله كان القفطي يرى في خلقه الطيش، ويدرك أن أخلاقه خلقة، ومخاريقه منخرقة، ويجد في دينه قاذورات، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2902 وتصرفا في سلوكه يوجب له الشتات (أي طرده عن حمى الوزير الكبير، لو أمن ذلك الوزير النقد الإجتماعي) . وقد استطاع الوزير أن يخفي مشاعره الحقيقة تجاه ياقوت حتى أن ياقوتا وصفه بأنه كان «طلق الوجه حلو البشاشة» «1» هذا إلى صفات أخرى فيه فقد كان «جمّ الفضل، كثير النبل، عظيم القدر، سمح الكف» قال ياقوت: «وكنت ألازم منزله، ويحضره أهل الفضل وأرباب العلم» «2» وهو يرتفع في نظر نفسه حين يلقبه «الصاحب الوزير الأكرم» ويلحق بذكر اسمه الدعاء وهو في رسالته إليه «مالك الرق، ولي النعم» ، ولكن القفطي لا يحب أن ينزل إلى مستوى تاجر كتب، ولذلك فلا تجري كلمة «الصاحب» على طرف لسانه أو على سنّ قلمه، بينما نجد كمال الدين ابن العديم يقول: «وذكر صاحبنا ياقوت ... ونقلت من خط صديقنا ... وقرأت بخط صديقنا الفاضل» «3» يقابل هذا عند القاضي الأكرم قوله: «ذكر لي ياقوت الرومي الناسخ- أخبرني ياقوت واسمه ياقوت الرومي مولى عسكر الحموي- ذكر لي ياقوت الحموي مولى عسكر الحموي التاجر- وقال لي ياقوت مولى عسكر الحموي» » . وقد توفي ياقوت وهو لا يدرك شيئا مما كان يسرّه القاضي الأكرم نحوه من كراهية وضغن واحتقار، ولا يعرف اللغة الاستعلائية التي يستعملها القاضي كلما ذكره أو تذكّره. وكان ذلك من رحمة الله به، إن إحساس القفطي بالرفعة وإمعان ياقوت في إبراز الدونية (مرغما أحيانا) هو المسؤول عن بقاء المسافة الفاصلة قائمة بين الرجلين. ولعل الصلة بين ياقوت والقفطي تعيدنا إلى الحديث عن الضنّ بالمؤلفات، فإن في معجم الأدباء إشارات إلى أن ياقوتا أفاد من كتاب في النحاة للقفطي، ولعل ذلك يشير إلى كتابه المعروف باسم «إنباه الرواة» ولكن الفوائد المستمدة من هذا الكتاب قليلة في معجم الأدباء، (والأدباء يشملون النحويين) فلو أن ياقوتا تمكّن من الاطلاع عليه أو على معظمه، لما اتضح ذلك البون بين الكتابين. ترى هل كان ذلك نتيجة الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2903 حجب القفطي لكتابه، وضنه ببذله، أو لأنه تأخّر في جمع مواده، ففي بعض تراجمه أنه يكتبها بعد ست سنوات من وفاة ياقوت (أي سنة 632) «1» . 3- ثقافة ياقوت وشيوخه 1- نظرة عامة في ثقافته: يقرن ابن الشعار بين ياقوت والتحصيل الثقافي بلقائه لعلماء مصر والشام فيقول: «ولقي مشايخها وعلماءها وشاهد أدباءها وفضلاءها، وجالس صدورها وكبراءها وأخذ عنهم الآداب الكثيرة، واستفاد منهم الفوائد الغزيرة» «2» ، ولكن ابن الشعار ينسى أن ثقافة ياقوت لم تقف عند هذا الحدّ، بل إن السنوات الثلاث التي أقامها يتردد إلى خزائن الكتب في مرو، قد وسّعت كثيرا في مجال ثقافته، وأن اشتغاله بالنسخ قد رسخ في ذهنه ثقافة عريضة لم يحصلها من الشيوخ، فإذا أضفنا إلى ذلك استعداد ياقوت لاستمداد الفائدة من كل من يلقاه، عالما كان أو غير معدود في طبقة العلماء، قدّرنا أن تشبع نفسه بالسؤال المستمر دون فتور أو كلل كان مصدرا للمعرفة لا ينضب، ولم نحدّ المجال الثقافي الذي بلغه. ولقد صدق المنذري حين قال: «وكانت له همة عالية في تحصيل المعارف» «3» ، فإذا ربطنا بين تلك الهمة العالية وبين حب الاستطلاع الذي يشبه النهم، قدّرنا أن الرجل كان يحسّ أن طريقه سينال حظا من تقدير المجتمع له هو إحراز تميز خاص في ميدان العلم. كان أكثر شيوخه متقاربين في نوع العلوم التي يحسنونها وإن كانوا متفاوتين في درجات الإتقان، ولذلك أخذ عنهم النحو واللغة والعروض والقراءات وشيئا من الفقه والحديث. وكانت دراسته على شيخ إثر آخر منهم تعدّ تعميقا في بعض جزئيات تلك العلوم ومشكلاتها، فقد غدا يعرف المشكلات النحوية الكبيرة ويرى لنفسه رأيا في بعضها، ويتقن العروض حتى تجرأ فألّف في ضرورات الشعر ووجد نفسه بأخرة الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2904 يستطيع أن يرد على ابن جني في بعض الشؤون النحوية، وإن اتهمه القفطي بضعف أنسته بالعربية. ولم تكن هذه التهمة باطلة بإطلاق، فهناك من تعقبه في بعض أخطائه اللغوية، فقد وجد المستوفي على ظهر المجلدة الأولى من معجم الأدباء تقريظا للكتاب، كتبه عبد الرحيم بن النفيس بن هبة الله الحديثي «1» وتحت التقريظ بعض ما يراه هذا المتعقب خطأ، إذ وجده يقول في مقدمة المعجم «وكنت مع ذلك أقول للنفس مماطلا وللهم مناضلا (بالضاد) » ، وفي بعض مقدمة كتاب آخر وجده يمدّ المقصور، ووجده يقول في موضع ثالث «وكنت مشكّا» (وهو يريد: شاكا) «2» . لكن لعله لم يكن في شيوخه أحد يقرأ الخوارزمي أو البيروني أو يعرف جغرافية بطلميوس، فهذه المعارف وأضرابها إنما كانت ثمرة اطلاع على مؤلفات جغرافية وفلكية، واختياره المظانّ التي يرجع إليها- وهي من أوثقها في موضوعاتها، يدلّ على بصر نافذ، ومقارنات متعددة، ولهذا لا يمكن أن نعدّ ياقوتا صحفيا، لا لأنّه جمع إلى الاعتماد على ما تتضمنه الأسفار لقاء الشيوخ، بل لأنّه استطاع دائما أن يميّز المصادر المهمة للمعارف التي يبحث عنها. ولكن هذا الوضع أبقى في المجال الثقافي لدى ياقوت حلقة مفقودة، وهي التلامذة، فأنت إذا استثنيت عددا ممن عرفوا ياقوتا وأخذوا عنه لا تجد له تلميذا بالمعنى الدقيق. ومهما يكن من أمر ثقافته فهي التي جعلت له وجودا متميزا بين المؤلفين وكفلت له أن يكون شاعرا ناثرا ذا بصر بأوليات النقد الضرورية، وسأتحدث عن هذه «المهارات» لدى ياقوت في فقرات تالية. 2- شيوخ ياقوت: على مدى لا يقل عن ستة وثلاثين عاما قضاها ياقوت في التجوال تاجرا وطالبا للعلم وساعيا للقاء كلّ من يعينه على الوصول إلى حقيقة علمية أو كتاب لم يعرفه من الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2905 قبل، تعرّف إلى عدد كبير من الناس، بعضهم كانوا أصدقاء، وبعضهم كانوا أساتذة له، وبعضهم معارف وضعتهم المصادفة في طريقه، ومن كل هؤلاء أفاد، على درجات متفاوتة. ففي أصدقائه كابن النجار مثلا من يرقى إلى درجة شيوخه في مبلغ ما استمدّ من علمه. ويبدو أنه شارك ابن النجار في كثير من الشيوخ بسبب تقارب النشأة، والمشاركة في الموطن، والسعي نحو غاية مشتركة، وقد حاولت عند الحديث عن سيرة حياة ياقوت أن أعدّ فريقا ممن لقي في تجواله، ولكن كثيرين منهم لم يرتبط ذكره لهم بتاريخ معين للقاء، ولهذا لم يكن إدراجهم في سيرته بحسب التدرج التاريخي ممكنا. فمن أصدقائه الفقيه أبو عبد الله الحسين بن شروين بن بشر الباكلبي (نسبة إلى باكلبا من قرى إربل) وقد عمل معيدا في عدة مدارس في الموصل وحلب ويقول ياقوت إنه شاب فاضل مناظر «1» ، ومنهم الشهاب محمد بن فضلون العقري وكان يعارض معه إعراب شيخهما أبي البقاء العكبري لقصيدة الشنفرى «2» (لامية العرب) . وممن تعرف إليهم عن طريق التجارة إبراهيم بن عسكر بن محمد بن ثابت، ويصفه بقوله: فيه عصبية ومروة تامة وقد مدحه الشعراء «3» ، بل إن أول شيخ قرأ عليه كان تاجرا وسيجيء ذكره مع سائر شيوخه. وكان ابن البرفطي الدسكري المغرم بخط ابن البواب أحد أصدقائه، وقد أنشده أشعارا أثبت بعضها ولم يثبت بعضها الآخر، أقام بحلب مدة ثم عاد إلى بغداد «4» ، وفي بغداد التقى بأديب أندلسي هو محمد بن أحمد بن سليمان الزهري، ويقول فيه: وكان لي صديقا معاشرا حسن الصحبة، وعلى الرغم من أنه يصف شعره بالجودة فإنه لم يثبت شيئا منه دون أن يذكر سببا لذلك «5» . ولا أتردد في أن أعدّ من أصدقائه عز الدين ابن الأثير المؤرخ، فهو ذو صلة وثيقة الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2906 به، عنه أخذ ما دوّنه في ترجمة أخيه مجد الدين أبي السعادات، ولا بد أنه كان موضع ثقته حتى عهد إليه لدى وفاته بأن يوصل كتبه وأوراقه إلى حيث وقفها، ولعل إقامته بحلب قد وثقت الصلة بينهما «1» . ومن أصدقائه أيضا أبو محمد عبد العزيز بن الحسين بن هلالة الأندلسي الطبيري، رحل إلى خراسان، وسمع من مشايخ ياقوت وغيرهم (توفي بالبصرة سنة 617) «2» . أما شيوخه فكانوا أيضا كثيرين، وأنا أذكر في ما يلي أسماء أشهرهم: 1- سالم بن أحمد بن سالم أبو المرجّى الأديب النحوي العروضي، أول شيخ قرأ عليه ياقوت، وكان تاجرا ذا ثراء عريض مبجلا، درس عليه العربية والعروض ببغداد «3» . 2- الوجيه الكبير المبارك بن المبارك الضرير، قال ياقوت: هو شيخي الذي به تخرجت وعليه قرأت، تولى تدريس النحو بالنظامية سنين، كان قليل الحظ من التلامذة، يتخرجون عليه ولا ينسبون إليه، ولم يكن فيه عيب إلا أن فيه لينا، وكان إذا جلس للدرس يقطع أكثر وقته بالأخبار والحكايات وإنشاد الأشعار حتى يسأم الطالب وينصرف عنه وهو ضجر، وكان طويل البال لا يغضب، ولم ير حردان أبدا، وكان بعض الناس يراهن على إغضابه فيخسر، وكان يحسن سبع لغات عدا العربية (منها الأرمنية والرومية والحبشية والهندية) «4» ، وقد تلمذ له ابن النجار، وهو يصفه بمثل ما ذكر ياقوت ويقول: «وهو أول من فتح فمي بالعلم ... فكنت أقرأ عليه القرآن والفقه والنحو» «5» (توفي سنة 612) . 3- أبو البقاء العكبري عبد الله بن الحسين: كان ضليعا في النحو واللغة والفقه والفرائض والكلام، وكان رقيق القلب سريع الدمع، رآه ياقوت مرارا ينشد من الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2907 الأشعار الرقيقة وأدمعه تتحدر على شيبته، فكان إذا تذكر ذلك منه خشع قلبه وترحّم عليه، له مؤلفات كثيرة منها إعراب الشواذ وإعراب القرآن وشرح الحماسة، وقد درس عليه ابن النجار وقرأ عليه كثيرا من مصنفاته (وتوفي سنة 616) «1» . 4- تاج الدين أبو اليمن الكندي، زيد بن الحسن: كان يتنقل في البلاد يتجر ويطلب العلم، وكان أعلم أهل زمانه بالنحو، وهو أيضا شيخ ابن النجار، ويبدو أن ياقوتا تعرف عليه في دمشق لأنه غادر بغداد قبل مولد ياقوت بسنوات، ويذكر ياقوت أنه كاتب له خزانة علمية في جامع بني أمية «2» ، وتوفي سنة 613. 5- ابن الدبيثي، محمد بن سعيد: قال فيه ياقوت: «شيخنا الذي استفدنا منه وعنه أخذنا» صنف تاريخا لواسط، وذيلا على ذيل ابن السمعاني على تاريخ الخطيب، وكان يحدث بهما وبمعجمه، وهو شيخ ابن النجار أيضا، وفيه يقول: صحبته عدة سنين فما رأيت منه إلا الجميل والديانة وحسن الطريفة (توفي سنة 637) «3» . 6- أبو المظفر عبد الرحيم بن عبد الكريم السمعاني: عرفه ياقوت في مرو وأفاد من علمه ومن خزانتي الكتب اللتين يملكهما السمعانيون، وهو شيخ ابن النجار أيضا، وكان معظما (توفي سنة 617 أو التي بعدها في الاجتياح التتري) «4» والأرجح أن ياقوتا ترجم له، ولكن سقطت ترجمته من معجم الأدباء. 7- عبد العزيز بن مبارك بن محمود الجنابذي: بغدادي الدار، قال ياقوت: لم يكن لأحد من شيوخ بغداد الذين أدركناهم أكثر من سماعه مع ثقة وأمانة وصدق ومعرفة تامة، وكان حسن الأخلاق مزّاحا، سمع عليه ياقوت وأجازه، ونعم الشيخ كان (توفي سنة 611) «5» . الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2908 8- الشيخ الصالح الزاهد الحسن بن أحمد بن يوسف الأوقي لقيه ياقوت بالبيت المقدس سنة 624، وكان تاركا للدنيا مقبلا على قراءة القرآن فسمع عليه جزءا وكتب عنه وسأله عن بلده «1» . 9- محمد بن الخضر بن محمد الحراني، ابن تيمية الباجديّ: كان شيخا معظما بحرّان وخطيبها وواعظها وفقيهها، رآه ياقوت غير مرة وأخذ منه إجازة، (وتوفي سنة 621) «2» . 4- ياقوت المؤلف 1- منهجه في التأليف: تدل الكتب التي وصلتنا من مؤلفات ياقوت على أنه كان يدين بمبادىء في التأليف يحرص عليها، ومن أهمها: 1- الاستقصاء في الاطلاع: ولذلك كانت أهم كتبه تمثل مشروعات طويلة المدى، لا يمكن إنجازها في وقت محدد، بل هي «موضوعات مفتوحة» تتحمل الزيادة على مرّ السنين. 2- الابتعاد عن الأسطورية وما يأبى العقل قبوله، ومع ذلك فإنه يقرّ أنه أورد نماذج وأخبارا بعيدة عن العادات المألوفة، تنفر منها الطباع السليمة «3» ، كتبها وهو مرتاب بها نافر عنها، وإنما دونها حرصا على إحراز الفوائد، إذ هي مفيدة إن كانت حقا، وامتحان لسلامة التفكير إن كان باطلا. وقال في موضع آخر: وفي أخبار قصاص المسلمين أشياء عجيبة تضيق بها صدور العقلاء، أن أحكي بعضها غير معتقد لصحتها «4» ، وبعد أن روى بعض الأساطير قال: وإنما هي أشياء تكلم بها القصاص ... لا مستند لها من عقل ولا نقل «5» . الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2909 3- الصدق في النقل والرواية دون تغيير أو إيجاز مخلّ وهذا يعني أنه غير ملوم إذا نقل أحيانا ما لا يقبله العقل، شرط أن ينوه بذلك. 4- الاعتماد على الثقة في ناقل الرواية، ومبلغ تحرّيه في النقل، فهو يقبل حكاية رواها السمعاني ثم يقول: وهذه حكاية على ما يرى من الاستحالة، وقد أوردتها أنا لثقة موردها وتحرّيه في الرواية، فإن صحّت فقد فزت بحظ من العجب، وإلا فاجعلها كالسمر تستمتع به «1» . 5- محاولة التبرؤ من مسؤولية الخطأ باللجوء إلى الحديث عن فقدان العصمة لدى البشر، وطلب العذر عن الخطأ، فالكمال محال لغير ذي الجلال، والنسيان في الإنسان غير معدوم، وليقس القارىء قلة الخطأ إلى كثرة الصواب فإنه حينئذ يدرك أن الناحية الايجابية هي الغالبة. 6- إيمانه بأن العالم الإسلامي وحدة كبيرة، وأنه مسؤول عن الترجمة لمشاهير أدباء ذلك العالم وشعرائه، ورسم صورة لبلدانه وقراه وبحاره وأنهاره، كذلك فعل في معجم الأدباء وكذلك كان منهجه في معجم البلدان «ولم أقصد أدباء قطر، ولا علماء مصر، ولا إقليم معين، ولا بلد مبين، بل جمعت البصريين والكوفيين والبغداديين والخراسانيين، والحجازيين واليمنيين والمصريين والشاميين والمغربيين وغيرهم» «2» . 7- التنويع في مادة الكتاب بين الحكمة والخبر والشعر والنثر والهزل والجد. 8- إنكار الاختصار بعد أن يكتمل الكتاب حسبما رسمه مؤلفه، لأن الاختصار يدل على تخلف الهمم لدى طلاب العلم، وفيه تشويه للكتاب الأصلي «ثم اعلم أن المختصر لكتاب كمن أقدم على خلق سويّ فقطع أطرافه» «3» . وعلى الرغم من جنوح ياقوت إلى التواضع وهو يقوم بالتأليف فإنه كان يشعر بالزهو البالغ حين يكتمل الكتاب ويتأمل مبلغ ما بذله فيه من جهد، وما أحرزه فيه من الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2910 إتقان. وعلى الرغم من اعترافه بأن الخطأ جائز على جميع البشر، فإنه يرى الأمور نسبية ويضيف قائلا: «وعلى ذلك فإنني أقول ولا أحتشم، وأدعو إلى النزال كلّ علم في العلم ولا أنهزم، إن كتابي هذا (أي معجم البلدان) أوحد في بابه، مؤمّر على أضرابه، لا يقوم بإبراز مثله إلا من أيّد بالتوفيق، وركب في طلب فوائده كلّ طريق» «1» ، وبهذه الروح نفسها يتحدث عن معجم الأدباء أيضا، فهو قد أبرزه في أبهى من الحليّ على ترائب الكعاب «2» ثم يقول: «واعلم أنني لو أعطيت حمر النعم وسودها، ومقانب الملوك وبنودها، لما سرّني أن ينسب هذا الكتاب إلى سواي» «3» ويبدو أن عظم الكتاب في نظره- بعد الجهد الذي بذله في سبيل تأليفه هو الدافع إلى منعه من ملتمسيه، وحجبه عن الراغبين في الاطلاع عليه. وعلى هذا الأساس يمكن أن يقال إن منهج ياقوت في التأليف كان يرمي إلى إذكاء الشعور بالرضى عن نفسه في نفسه، أو بما يتجاوز الرضى إلى نوع من السعادة الذاتية التي يغذيها لديه حب الظهور. 2- مؤلفات ياقوت: يقول الذهبي حين يعدّ الفروع العلمية التي ألّف فيها ياقوت: «صاحب التصانيف الأدبية في التاريخ والأنساب والبلدان وغير ذلك» » . ومع أن هذا القول يصوّر المجالات التي شملها نشاط ياقوت، فيمكن تصنيف مؤلفاته على نحو آخر، لا يتجاوز أربعة مجالات رئيسية: - مؤلفات في التاريخ، وهي: 1- المبدأ والمآل في التاريخ (ذكره ابن الشعار وابن خلكان والذهبي في تاريخ الإسلام وسير أعلام النبلاء وابن العماد في الشذرات) ويقول ياقوت في ترجمة الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2911 إبراهيم بن المدبر من معجم الأدباء (رقم: 29) «وقتله ابن طولون في أمر قد ذكرته في كتابي «التاريخ» فلعله هو المبدأ والمآل، ثم يذكره باسم «المبدأ في التاريخ» في معجم الأدباء (رقم: 937) . 2- كتاب الدول (ذكره ابن الشعار وابن خلكان والذهبي في تاريخ الإسلام والسير وابن العماد في الشذرات) ولعله يفترق عن الأول في أنه غير مرتب على السنين وإنما يؤرخ لدولة دولة، وبخاصة الدول الإسلامية. 3- تاريخ على السنين، انفرد بذكره ابن النجار ولعله هو المذكور أولا. IIمؤلفات في المعاجم، وهي نوعان: معاجم للبلدان ومعاجم لتراجم الرجال وهي في مجموعها أربعة، وسأتحدث عن كل منها بشيء من التفصيل في ما بعد، إذ هي تمثل الميدان الذي تفوق فيه وهي: 4- معجم البلدان. 5- المشترك وضعا والمفترق صقعا. 6- أخبار الشعراء. 7- معجم الأدباء. -IIIمؤلفات في النحو: 8- مجموع كلام أبي علي الفارسي (ذكره ابن الشعار وابن خلكان والشذرات ولا ندري شيئا عن طبيعة هذا الكتاب، وقد أورد ياقوت ترجمة إضافية لأبي علي (رقم: 304) في معجم الأدباء، ويبدو أنه كان مهتما بجمع مراسلات أبي علي «1» ، فلعلّ هذا الكتاب يضمها. 9- كتاب الأبنية (ذكره ابن الشعار، ولعله أن يكون في أبنية اللغة) . 10- أوزان الأسماء، والأفعال الحاصرة لكلام العرب (ذكره القفطي) . 11- الردّ على ابن جني عند كلامه في الهمزة والألف من سر الصناعة (ذكره القفطي) ويفهم من كلام القفطي أنه ألّف هذين الكتابين بعد استقراره بحلب (618- 626) وأنه لفقهما من كتب أعاره إياها القفطي، ولم يكن القفطي الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2912 راضيا عنهما فهو يقول إنه خلط الغث بالسمين وقرن الفروع بالأصول غير فارق في التبيين لقلة أنسته بالعربية وأصولها «1» ، ولكن كلام القفطي يجب أن يؤخذ بحذر. IVمختصرات لكتب مشهورة أو اختيارات (على الرغم من ذمّه للاختصار) ومنها: 12- عنوان كتاب الأغاني (ابن الشعار وابن خلكان والشذرات) والعنوان يدلّ على أنه استخرج من الأغاني ما يدل على طبيعة الكتاب وجوهره، وإذا قرىء اسمه «عيون كتاب الأغاني» دلّ على أنه مختارات لأحسن ما رآه ياقوت فيه، وقد سماه ابن الشعار «منتخب كتاب الأغاني» وكان ياقوت شديد الاهتمام بهذا الكتاب، شديد التقدير له حتى ليقول فيه: «ولعمري إن هذا الكتاب لجليل القدر شائع الذكر جم الفوائد عظيم العلم، جامع بين الجد البحت والهزل النحت، وقد تأملت هذا الكتاب وعنيت به وطالعته مرارا، وكتبت منه نسخة بخطي في عشر مجلدات، ونقلت ما فيه إلى كتابي الموسوم بأخبار الشعراء فأكثرت» «2» ، وهو أيضا من مصادره المهمة في معجم الأدباء. 13- المقتضب في النسب، أو كتاب في النسب، أو كتاب الأنساب، فيه أنساب العرب (ذكره ابن الشعار وابن خلكان والذهبي في تاريخ الإسلام وسير أعلام النبلاء، وابن العماد في شذرات الذهب) وهو اقتضاب أو اختصار لجمهرة ابن الكلبي، وكان ياقوت قد حصّل معرفة جيدة في هذا العلم، ولهذا نجده يصرف نفسه بالتحقق فيه «3» ، ويذكر بروكلمان أن منه نسخة بالقاهرة (دار الكتب) . 14- مختصر تاريخ بغداد للخطيب (ذكره ابن الشعار) . - كتب مفردة، ذكرت المصادر منها كتابين: 15- أخبار المتنبي، وهو يلحق بمعجم الشعراء، كما يمكن إلحاقه بكتبه التاريخية (ذكره ابن الشعار) . 16- ضرورات الشعر (انفرد ابن الشعار بذكره) . الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2913 3- تفصيل القول في معاجم ياقوت: من نذر نفسه لهذا اللون من المؤلّفات كان لا بد له من أن يكون تحت تصرفه مكتبة كاملة، ولعلّ اتصال ياقوت بالكتب، ونسخه المئات منها، واتجاره بها فتح عينيه على أنّه يستطيع أن يقوم بمشروعات كبيرة في آن واحد، وزاده ثقة بتحقيق ما قد خامر نيته هجرته (التي أرادها خاتمة لتنقلاته) إلى مرو الشاهجان، واطلاعه هناك على خزائن كتب لم يجد لها مثيلا في المدن الأخرى. إن مثل هذه المشروعات لا تتقيد بزمن محدد، وتتطلب سنوات وسنوات في جمع مادتها، وتتقبل الإضافة المستمرة، والعمل على تأليف مثل هذه الكتب في إطار زمني واحد أفيد وأكثر اختصارا للزمن لأن المؤلف قد يقع على مصدر يمدّه بتراجم أدباء وشعراء وتعريف بأسماء البلاد، غير أنّ اجتماعها معا في زمن التأليف يتطلب قدرة تنظيمية فائقة، وذاكرة قوية، ولهذا تعد المعاجم شاهدا على حقيقة ما كان يتميز به ياقوت. فأمّا اعتماد معجم للأدباء، وآخر للشعراء، فقد كان الطريق فيه قد سلكه عشرات قبل ياقوت وعشرات معاصرون له، فقد كان العصر نفسه معرّضا للتنافس في هذا المجال، ولم تعد هناك مدينة مشهورة في العالم الإسلامي إلا ويختص بها كتاب أو كتب في تراجم رجالها وتراجم من دخلها، وعلى أساس هذه التواريخ الأصلية كتبت ذيول ثم كتبت ذيول على الذيول أو تكملات لها، فقد خلّف ابن السمعاني ذيلا على تاريخ الخطيب، وكان ابن الدبيثي شيخ ياقوت يصنع ذيلا على ما كتبه السمعاني، وكان صديقه ابن النجار يؤلف ذيلا آخر على تاريخ الخطيب، وكان صديقه ابن العديم يكتب تاريخ حلب وتراجم رجالها ومن دخلها، والقفطي يكتب تراجم النحاة، وتراجم المحمدين من الشعراء، وأخبار الحكماء، وكان صديق آخر لياقوت هو المستوفي يكتب تاريخ إربل أي يترجم لمن برز من أهلها أو لمن دخلها، وكان صديقه الآخر ابن الشعار يكتب قلائد الجمان في شعراء عصره، وكان شيخه المنذري يكتب التكملة لوفيات النقلة، كما كان ابن خلكان يحاول أن يكمل ما بدأ به من وفيات الأعيان. هؤلاء بعض المعاصرين، وليس ثمة مجال لذكر جيل سابق أو أجيال سابقة لهم، فالعصر يعجّ بمن يكتبون تاريخه وتراجم رجاله، فإذا فكر ياقوت في جمع تراجم للأدباء منذ بداية ظهور النحو حتى عصره أو تراجم للشعراء القدماء الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2914 والمتأخرين فهو قد وسّع مساحة المشروع ولكنه لم يغير في طبيعته كثيرا. لكنه كان غير مسبوق إلى وضع معجم جغرافي شامل، ذلك أننا إذا استثنينا معجم ما استعجم للبكري وهو مقتصر على أسماء الأماكن التي وردت في الشعر والحديث وكتب التاريخ لم نجد أحدا قبل ياقوت أقدم على مثل هذا المشروع الكبير، ويقول ياقوت في مقدمة معجم البلدان إنه طلب كتاب البكري (معجم ما استعجم) فلم يجده، وإنما وجد كتابه «المسالك» ، ولكنه ينقل عن الأول، وهذا قد يكون نقلا غير مباشر. ويمكن أن يعدّ كتاب أبي سعد السمعاني في الأنساب مفتاحا لتأليف ياقوت في البلدان، إذ إن كتاب السمعاني يحتوي على كثير من النسب إلى بلدان بأعيانها، مما حمل المؤلف على ذكرها وتحديد مواقعها. 1- معجم البلدان: ذكره بهذا الاسم المستوفي في تاريخ إربل وابن الشعار وقال: أجاد في تأليفه، وقال المنذري: جمع كتابا كبيرا في البلدان أحسن فيه. وسماه ابن النجار كتاب أسماء البلدان والجبال والمياه والأماكن، وهو في هذا يستوحي قول ياقوت في مقدمة كتابه: «أما بعد فهذا كتاب في أسماء البلدان، والجبال والأودية والقيعان، والقرى والمحالّ والأوطان، والبحار والأنهار والغدران، والأصنام والأبداد والأوثان» . وهو يقول إن فكرته انقدحت في ذهنه عندما كان في مدينة مرو سنة 615، وكان في مجلس شيخه أبي المظفر السمعاني، فقد لفظ ياقوت اسم «حباشة» (وهي سوق من أسواق العرب ورد ذكرها في الحديث) بضم الحاء، فانبرى له أحد المحدّثين وزعم أنها بفتح الحاء، دون أن يؤيد قوله هذا بشاهد أو حجة، وذهب ياقوت يطلب ضبط هذه اللفظة في المصادر، فلم يهتد فورا إلى مصدر على الرغم من كثرة الكتب في تلك المدينة؛ ومضت مدة قبل أن يعثر على ضبط الكلمة، وحين عثر عليها مضبوطة، تأكد من أن الحاجة ماسّة إلى معجم للبلدان مضبوط: «فألقي في روعي افتقار العالم إلى كتاب في هذا الشأن مضبوط، وبالاتقان وتصحيح الألفاظ بالتقييد مخطوط، ليكون في مثل هذه الظلمة هاديا، وإلى ضوء الصواب داعيا، ونبهت على هذه الفضيلة النبيلة، وشرح صدري لنيل هذه المنقبة التي غفل عنها الأولون، ولم الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2915 يهتد إليها الغابرون» «1» . وإذا كان قد شرع في تبييضه ليلة إحدى وعشرين من محرم سنة 621 «2» فمعنى ذلك أنه عمل في جمع مادته وترتيبها ووضعها في صورة قابلة للتبييض عشر سنوات، وهي مدة ليست طويلة في هذا النوع من التأليف، ولكن المؤلّف يراها طويلة «ولما تطاولت في جمع هذا الكتاب الأعوام» «3» ولا بد أن نتذكر هنا أمورا تتعلّق بإحساس الفرد نفسه تجاه الأحداث والأيام، وبخاصة تجاه الموت، فقد بدأه ياقوت عمليا وهو في الأربعين، وأرغمه فراره من التتر على حمل مادته الكثيرة متنقلا من بلد إلى بلد حتى حطّ رحاله في حلب، وفي حلب استمرّ ما لا يقل عن خمس سنوات وهو يضيف إليه، وقد أخذ يحسّ بأن العمر يمضي. والكتاب يتحمل العمل سنوات أخرى، «فقطعته والعين طامحة، والهمة إلى طلب الازدياد جامحة، ولو وثقت بمساعدة العمر وامتداده، لضاعفت حجمه أضعافا ... » «4» ولعلّ نذير المرض كان يذكره دائما بضرورة الاقتصار على ما توفر له- وهو كثير- وحين اكتمل تبييض النسخة أهداها إلى خزانة الصاحب الأكرم جمال الدين القفطي «5» ، وفي النسخة التي وصلتنا زيادات ترقى إلى عام 624 ويقول كراتشكوفسكي إنه أخذ على عاتقه ابتداء من أول يناير 625/1228 تهذيب المعجم، ولكن الوفاة عاجلته دون ذلك «6» . ومع ذلك فأنا أعتقد أن فكرة المعجم كانت تدور في ذهنه، قبل أن يصطدم بمن خطّأه في لفظ «حباشة» ، فإن جولاته بدأت في حدود سنة 607، وبدأ لديه التعرف إلى البلدان، كما بدأ لديه نسخ الكتب، وفيها كتب جغرافية، وفيها ما يجعل الناسخ يتوقف عند بعض الأسماء الجغرافية، ولهذا فإن حادثة «حباشة» كانت نقطة الحسم في توجهه لإبراز الفكرة عمليا، وكان قد حصل بالمشاهدة والاطلاع كثيرا مما يصلح أن الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2916 يدرج في معجم جغرافي، ولكن حادثة حباشة أكدت له أن أي معجم من هذا النوع لا بد أن يضبط كل «مدخل» فيه ضبطا كتابيا، وهذا ما حرص عليه في معجم البلدان، كما حرص أن يردّ كلّ اسم إلى معناه اللغوي عربيا كان أو فارسيا، إن استطاع إلى ذلك سبيلا، وهذا المطلب الثاني أدخله في تمحلات لا قيمة لها. وقد قسّم ياقوت مصادره الأساسية في قسمين: 1- مصادر القدماء من الحكماء والفلاسفة مثل بطلميوس، ومن جرى على منوالهم من الإسلاميين ممن عنوا بالمسالك والممالك، مثل ابن خرداذبه واليعقوبي والجيهاني وابن الفقيه والبلخي والاصطخري وابن حوقل وابن البناء البشاري ومن جرى مجراهم، وعيب كتبهم أن الأسماء فيها محرفة أو مصحفة لجهل النساخ. 2- مصادر أهل الأدب واللغة الذين اهتموا بالأماكن العربية كالأصمعي وابن الحائك الهمداني والسيرافي والغندجاني وابن الكلبي، وكتبهم حسنة الضبط ولكنها غير مرتبة على نظام، فاستخراج المادة منها يعني إعادة ترتيبها، كما أنها شديدة الايجاز في تحديد المكان، لأن ضبط الألفاظ هو همها الأول. لكن المصادر في هذين القسمين لا بد من أن ترفد بمصادر مساعدة، منها: دواوين العرب، أمهات كتب اللغة. كتب المحدثين. كتب التاريخ. تفاريق كتب لم تنضو تحت القسمين السابقين. الاعتماد على الفوائد الشفوية. الاعتماد على المشاهدة. وهذه كلها قد أمدت المؤلف بأضعاف ما جمعه من مصادر الجغرافيين أو مصادر أهل اللغة. ولذلك كانت مصادره الروافد تعد بالعشرات إن لم أقل بالمئات، وهذه الكتب هي التي أمدته بالأشعار التي ذكرت فيها المواقع، وبخاصة أشعار الحنين إلى الأوطان، كما أمدته بأخبار الفتوح وأخبار الأماكن المتصلة بالمعارك والأحداث التاريخية الأخرى المهمة. ولما كان ياقوت لم يتجاوز مصر غربا، فإن اعتماده على المشاهدة كان محصورا بالمناطق الشرقية بين مصر وما وراء النهر، فأما ما ذكره من مواقع في أفريقية والأندلس، فهو يعتمد اعتمادا كليا على المصادر، وقد أسعفته مصادر المشرق والمغرب على ذكر أهم العلماء الذين نسبوا إلى الأمكنة وكان لكتب الأنساب دورها في هذا الصدد. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2917 وقبل أن يأخذ ياقوت في ذكر الأماكن مرتبة على حروف الهجاء كتب لمعجمه مقدمة تتناول خمسة موضوعات: (1) في صفة الأرض وما فيها من الجبال والبحار وغيرها وقد تضمن هذا الباب ما قاله المتقدمون في هيئة الأرض وفيه نقل عن العلماء قبل العهود الإسلامية وعن الخوارزمي والبيروني ومحاولة لعرض الآراء في شكل الأرض ومساحتها. (2) في ذكر الأقاليم السبعة وما يتعلق بها ويضاف إلى ذلك ذكر البروج الاثني عشر، وما يتبع كل برج من البلدان. (3) في المصطلحات التي يتكرر ذكرها في الكتاب كالبريد والفرسخ والإقليم والكورة، ومصطلحات الأرض المفتوحة وأنواع الضرائب. (4) في أحكام أراضي الفيء والغنيمة حسب أقوال الفقهاء. (5) في جمل من أخبار البلدان. ومع أن المؤلف رفض مرارا مطلب من سألوه أن يضع ملخصا لكتابه، لايمانه بسوء ما يجره التلخيص على المشروع الأصليّ واكتماله واحتوائه للعناصر المختلفة، فإن صفي الدين الأرموي (739/1338) قد اختصر معجم البلدان في كتاب سمّاه «مراصد الاطلاع» وفائدته محدودة بوجود الأصل. وإذا نحن قارنّا بين معجم البلدان ومعجم ما استعجم للبكري وجدنا فروقا كبيرة وفروقا جزئية، فأما الفروق الكبيرة فترجع إلى شمولية معجم ياقوت ومحدودية معجم ما استعجم، فإن تعدد المواد والمداخل لدى ياقوت أضعاف ما عند البكري، وهذا بدوره يحتمل التفصيلات الكثيرة لدى ياقوت فأما في ذكر المواقع الواردة في الشعر والحديث والتواريخ (وهي مدار معجم ما استعجم) فإنها أحيانا تكون عند البكري أحفل بالمادة، وبالإشارات الشعرية مما هي عند ياقوت، كما أنّ هناك أسماء أوردها البكري ولكنها غير موجودة عند ياقوت، مع أنّ المفترض أن يشترك المعجمان في هذا النوع من الأسماء. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2918 2- المشترك وضعا والمفترق صنعا يسميه ابن الشعار كتاب مختصر معجم البلدان، ويذكر أنه جعله على غير الترتيب الذي اختاره في معجم البلدان نفسه. وقد كان ياقوت يعرف أن هناك مؤلفين قبله كتبوا في الموضوع كتبا منها كتاب للحازمي في ما اختلف وائتلف من أسماء البلدان، كان ياقوت قد اطلع عليه، وأطلعه صديقه ابن النجار على مختصر صنعه الحافظ أبو موسى محمد بن عمران الاصفهاني من كتاب ألّفه أبو الفتح نصر بن عبد الرحمن الإسكندري النحوي في ما اختلف وائتلف من أسماء البقاع، وأعجب بالكتاب لأن مؤلفه رجل ضابط أنفق في تحصيله عمرا، وتبيّن له أن ما صنعه الحازمي إنما كان اختلاسا لهذا الكتاب. وحين انتهى من معجم البلدان كان يعرف أنه ضمن كتابه أسماء كثيرة للأماكن تتفق في اللفظ والخط وكل منها يدل على مكان مستقل، فمثلا آبل اسم لأربعة مواضع، وأبارق (مضافة) تطلق على أحد عشر موضعا، فاستخرج ما كان كذلك من المعجم الكبير وجعله في كتاب مستقل مع شيء من الاختصار، ولكنه لم يغير الترتيب الهجائي الذي اتبعه في معجمه المطوّل، وهو في آخر المختصر يقول من قبيل الاحتياط: «ولا أشك في أنه قد بقي منه أكثر مما أثبت، ولكن هذا الذي انتهى إليه الجهد» ، ولكن ما دام هذا المختصر منتزعا من أصل أكبر، فإنه ما كان ليزيد فيه شيئا إلا إذا أضافه إلى الأصل. 3- أخبار الشعراء (بهذا الإسم ذكره ابن خلكان والذهبي في تاريخ الإسلام وسير أعلام النبلاء، وذكره ابن الشعار والمستوفي باسم معجم الشعراء) وقال ياقوت فيه: «وكنت قد شرعت عند شروعي في هذا الكتاب أو قبله (أي معجم الأدباء) في جمع كتاب في أخبار الشعراء المتأخرين والقدماء ... فأودعت ذلك الكتاب كل من غلب عليه الشعر فدوّن ديوانه، فشاع بذلك ذكره وشانه، ولم يشتهر برواية الكتب وتأليفها، والآداب وتصنيفها» «1» ثم ذكر أن كتاب الأغاني لأبي الفرج كان من أهم مصادره وأنه نقل عنه الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2919 فأكثر «1» ، ولكن مصادره الأخرى لا بد أن تشمل طبقات ابن سلام والشعر والشعراء لابن قتيبة والورقة لابن الجراح ومعجم الشعراء للمرزباني وطبقات الشعراء المحدثين لابن المعتز والخريدة للعماد وعشرات أخرى من الكتب الخاصة بالشعراء، ولعل مما يميز هذا الكتاب ذكره للمعاصرين الذين عرفهم وسمع أشعارهم، وإن كنت أرجّح أن ابن الشعار قد تفوّق عليه في هذا الجانب. ومن الشعراء الذين صرّح بايراد تراجم لهم في هذا الكتاب محمد بن أمية وكلثوم بن عمرو العتابي «2» ، وهو يشير إلى أن هناك فئة قليلة اشتهرت بالصناعتين، صناعتي النظم والنثر، فتراجمهم شركة بين معجم الأدباء ومعجم الشعراء. ومن المقطوع به أن بعض تراجم معجم الشعراء، قد اختلطت مع ما نشر من معجم الأدباء ذلك لأن هناك أناسا لا يعرفون إلا بالشعر في عصور لم يكن التأليف فيها شائعا مثل صدر الإسلام وعصر بني أمية، ومن هؤلاء أبو ذؤيب الهذلي وأبو زبيد الطائي والفرزدق ويزيد بن مفرغ وابن الطثرية وابن ميادة وشبيب بن البرصاء ورؤبة بن العجاج وشعراء من المحدثين مثل أبي دلامة وحماد عجرد، فهؤلاء وأمثالهم يجب ألا يذكروا في معجم خاص بالأدباء. بل ربما ذهبنا إلى ما هو أبعد من ذلك فتوقفنا عند بعض المذكورين في معجم الأدباء واستنتجنا من بعض الظواهر في تراجمهم أن تجرماتهم ليست مما كتبه ياقوت، ولكن دعنا لا نسرف في التقدير، فإثبات هذا أمر عسير. 4- معجم الأدباء 1- اسم الكتاب: يصرّح ياقوت في مقدمة كتابه «3» أنه اختار له اسم «إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب» ولكنه حين يشير إليه في مواطن أخرى يستعمل تسميات مختلفة، فهو معجم الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2920 الأدباء «1» ، وأخبار الأدباء «2» ، وكتاب الأدباء «3» ، وهو أيضا أخبار النحويين «4» ، ويسميه ابن الشعار «معجم أئمة الأدب» «5» . ويخبرنا ابن المستوفي أن المؤلف بعد سمّى كتابه «إرشاد الأريب ... » عاد فغيره وجعله «إرشاد الألباء إلى معرفة الأدباء» «6» وهكذا يورد ابن خلكان اسم الكتاب نقلا عن عن تاريخ إربل «7» ، غير أنه متبعا تاريخ إربل أيضا يفرد بالذكر كتاب «معجم الأدباء» «8» ، وهذا يوهم أنه كتاب آخر مستقل وليس اسما من أسماء إرشاد الألباء. وهذا الكتاب يجيء في أربعة جلود كبار «9» . 2- كلمة «أدباء» على من تطلق: لم يدع ياقوت مدلول هذه اللفظة للظن والتخمين، بل حصر الفئات التي يعدها داخلة تحت هذه «المقولة» الكبيرة، وهم ثماني فئات (والقاسم المشترك بين معظمهم أن يكون للواحد منهم مؤلف أصل أو مجموع) . النحويون- اللغويون- النسابون- القرّاء المشهورون- الأخباريون والمؤرخون- الورّاقون المعروفون- الكتّاب المشهورون وأصحاب الرسائل المدونة- أرباب الخطوط «10» وأخذ على نفسه ألّا يخلّ بأمور معينة إذا توافرت وهي ذكر سنة الوفاة- ذكر سنة المولد- تسمية ما لصاحب الترجمة من مصنفات- إيراد ما يستحسنه المؤلف من أخباره- إيراد نسبه إن أمكن- إيراد شيء من شعره إن كان له شعر. وكانت خطته في الدراسة حذف الأسانيد (إلا القصيرة منها) ايثارا للايجاز- كما الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2921 يقول-، وذكر المصدر الذي ينقل عنه إن بعد زمان المترجم به، فأما المعاصرون الذين لقيهم أو لقي من لقيهم فإنه يستقصي في السؤال عن أحوالهم فالايجاز لا يلحق إلا السند، فأمّا في رواية الأخبار فإن الإسهاب في النقل هو القاعدة، مهما تطل الترجمة، وقد أطنب ياقوت في بعض التراجم مثل ترجمة الصاحب بن عباد، وأبي حيان التوحيدي وأبي الفتح ابن العميد والوزير المهلبي والطبري والشافعي وغيرهم. وفي بعض الأحيان يتوقف ياقوت ليورد العلة في ذكره لأحد الأدباء مع أنه اشتهر بالشعر مثل ابن بسام البغدادي فيقول: «وكان الغالب على ابن بسام الشعر، ومن حقه أن يذكر مع الشعراء، وإنما حملنا على ذكره هاهنا رسائله وما له من التصانيف» (ثم يذكرها) «1» ، وقد يخفى على القارىء السبب الذي حداه إلى إيراد ترجمة أحدهم مثل ابن الخاضبة، فيوضح ذلك بقوله: «قال مؤلف الكتاب: إنما ذكرت ابن الخاضبة في كتابي هذا وإن لم يكن ممن اشتهر بالأدب لأشياء منها: أنه كان قارئا ورّاقا، وله حكايات ممتعة، ولم يكن بالعاري من الأدب بالكلية» «2» ، وإذا تشكك أحد في ذكر يحيى بن خالد البرمكي في الأدباء، دافع ياقوت عن ذلك بقوله: «وإنما دخل في شرط كتابنا من جهة بلاغته وتقدمه على أكثر أهل عصره في الإنشاء والكتابة، وما صدر عنه من الحكم والأقوال التي تداولها الرواة وملئت بها الدفاتر» «3» . 3- ترتيب الكتاب: وقد بنى ياقوت ترتيب التراجم على حسب حروف الهجاء، بدقة، أي ملتزما أول حرف من الاسم وثانيه وثالثه ورابعه، ثم يلتزم ذلك في الآباء، ومع ذلك فإن ما بين أيدينا من معجم الأدباء مضطرب وبخاصة في حرف الألف، ولم أحاول أن أعيده إلى ترتيبه الذي اختاره المؤلف خوفا من اضطراب التراجم وتداخلها بالنقل من مكان إلى آخر. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2922 ولم يكن اضطراب الترتيب هو النقص الوحيد فيما وصلنا من هذا المعجم بل ظهرت فيه نقائص أخرى منها: (1) إدخال شعراء في التراجم لم تعرف لهم تصانيف (وهذا قد ذكرته عند الحديث عن معجم الشعراء) . (2) ضياع أسماء كثيرة ممن ترجم لهم ياقوت. (3) تعرّض بعض التراجم للحذف والاختصار. (4) ذكر أنه أفرد في آخر كل حرف فصلا يذكر فيه من اشتهر بلقبه أو نسبه أو كنيته، (دون أن يترجم له) ليطلب في موضعه «1» ، ولكن هذا غير موجود في ما وصلنا من الكتاب. (5) ضياع فصل بدأ به الكتاب، يتضمن أخبار قوم من متخلفي النحويين والمتقعرين المجهولين. 4- تاريخ تأليف معجم الأدباء: هذا اللون من الكتب لا يمكن تقييده بتاريخ محدّد، ولكن يبدو أن نية ياقوت اتجهت للتأليف فيه وهو ما يزال في العشرين من عمره، وليس لقاؤه لشميم الحلي (594) إلا مؤشرا على شغفه بلقاء الأدباء وتدوين أقوالهم وأشعارهم وأخبارهم، وقد استمر يضيف إلى التراجم التي يجمعها من المصادر أو من المقابلة أو السماع حتى آخر حياته، ونراه يكتب إحدى التراجم سنة 619 «2» ، كما أن عثوره على بعض المصادر يحدّد بعض التراجم التي نقلها، من ذلك أنه لم يحصل على وشاح الدمية للبيهقي إلا عند ما ذهب إلى خوارزم سنة 616، وإذا سجلنا تواريخ لقاءاته للأدباء (ياقوت بن عبد الله بالموصل سنة 613، الخاوراني لقيه بسرين 617، اللورقي بحلب 618، ابن العديم بحلب 619 ... إلخ) وهذا يعني أن أخبارهم ومؤلفاتهم لم تكن معروفة لديه قبل اللقاء. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2923 5- مصادر المؤلف في معجم الأدباء: يستطيع القارىء أن يجد بين الفهارس فهرسا بأسماء الكتب التي نقل منها ياقوت مادة كتابه وهي تكاد تصل في العدد قرابة مائتين وخمسين كتابا ولكن هذه ليست كل مصادره المكتوبة، بل هناك ما كان يجده على ظهور بعض الكتب، وما كان ينقله من خطوط أناس مشهورين (دون أن يذكر اسم المصدر) . ويستمد كتاب ياقوت أهميته وحيويته من ناحيتين تتصلان بمصادره: (1) نقله عن كتب كثيرة لم تصلنا. (2) لقاؤه لأعلام معاصرين وأخذه عنهم مباشرة. وحين يكثر النقل عن كتاب مثل الفهرست ويتيمة الدهر وتاريخ بغداد للخطيب وتاريخ ابن عساكر وتاريخ نيسابور للحاكم (وذيله لعبد الغافر) والمذيل للسمعاني والمقتبس ومعجم الشعراء للمرزباني وخريدة القصر للعماد ومراتب النحويين لأبي الطيب، ونشوار المحاضرة للتنوخي، وأخلاق الوزيرين للتوحيدي وطبقات الزبيدي، حين يفعل ذلك فإنه يقدم لنا نصوصا تصلح للمقابلة مع تلك المؤلفات التي وصلتنا. ولقلة المصادر الأندلسية لديه يكثر الاتكاء على جذوة المقتبس، دون أن ينسى ابن الفرضي والصلة لابن بشكوال وقلائد العقيان لابن خاقان، ولم يذكر الذخيرة لابن بسام إلا مرة واحدة ولعله ينقل عنها بالواسطة، وكتب كتابان عن صقلية أحدهما للحسن بن يحيى الفقيه الصقلي (1754، 1755) والثاني لابن المقطاع. ولكن المشيخات أو معاجم الشيوخ ربما لم تزد على خمسة ولديه من كتب الأمالي أحد عشر كتابا. ومع أنه يطلب المعلومات حيث يجدها دون أن يسأم من تقليب الكتب فإنه يتكىء على تواريخ المدن لأنها حافلة بالتراجم. ومن تواريخ المدن التي لم تصلنا: (1) تاريخ أصبهان لحمزة. (2) تاريخ بيهق لابن الحسن البيهقي. (3) تاريخ خوارزم لمحمود بن محمد الإسلامي. (4) تاريخ مرو لأبي سعد السمعاني. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2924 (5) تاريخ هراة للفامي. (6) تاريخ همذان لشيرويه. وأحيانا يغرب على القارىء فلا يعرف الكتاب الذي يعتمده وذلك حين يقول إنه ينقل عن كتاب لابن عبد الرحيم أو لأحد بني عبد الرحيم وعن كتاب لأبي سعد السمعاني (وكتبه كثيرة) وعن كتاب للنحاس وعن كتاب للتوحيدي، وكتب التوحيدي مميزة لديه فهو ينقل عن أخلاق الوزيرين والامتاع ومحاضرات العلماء وتقريظ الجاحظ. 6- مختصر معجم الأدباء: قد تحدثت عن هذا المختصر في مقدمة موجزة للجزء الأول، ولكني أود أن أضيف هنا إلى أن اسمه «بغية الألباء من معجم الأدباء» قد يرجح أن التكريتي مختصره كان يملك نسخة من الأصل تحمل العنوان الذي استقرّ عليه المؤلف وهو «إرشاد الألباء إلى معرفة الأدباء» وهي التسمية التي كانت جديرة بأن تظهر هنا؛ لولا أنني لم أكتشف هذه الحقيقة إلا بعد أن نجز طبع الكتاب. 7- خاتمة: أخيرا أقول لقد وسّع ياقوت كثيرا في مدلول لفظة «أدباء» كما وسّع من المجال الزمني الذي سيحيط به كتابه، ولهذا فاته عشرات وعشرات ممن يقعون تحت شرطه. 5- ياقوت الأديب الناقد: ترك ياقوت- عدا مقدمات كتبه- نموذجا نثريا واحدا هو رسالته إلى القفطي- التي مرّت الإشارة إليها، وهي رسالة نقلها ابن خلكان في ترجمة ياقوت على طولها، ولم يستطع الاجتزاء ببعضها، ويبدو أنه كان معجبا بمستواها الأسلوبي وبسببها قال الذهبي فيه «وكان جيد الإنشاء» «1» وقال أيضا: «وتواليفه حاكمة له بالبلاغة» «2» . الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2925 ولا بد أن نتذكر أن الرسالة كتبت في حال الخوف من الضياع والحاجة الماسة إلى معين، ولهذا تبدأ بأدعية مطوّلة للمخاطب بها، وإظهار أقصى درجات الولاء، وشرح الإخفاق الذي انتهت إليه الغربة، ولزوم حرفة الأدب لغير المحظوظين الذين يعبس الحظ في وجوههم، ووصف الخراب الذي أصاب خراسان بعد أن كانت مونقة الأرجاء، راثقة الأنحاء، وتصوير حال التغير الذي أصاب الفرد والجماعة، ولهذا كانت نغمتها عاطفية مأساوية يتراوح فيها النفس الحزين بين نثر يسيطر عليه السجع وشعر يغمره الأسى والحنين، وهي بعد لا تدل على كلّ أحوال الرجل، ولكنها تصوّر لحظات انحدار في العمران والعمر على السواء، ولهذا أثارت تعاطفا لدى من اطلع عليها، ودلّت على أن ياقوتا قد أحرز مع الزمن أسلوبا مؤثرا في ظروف معينة. وقد كان ياقوت مولعا بالشعر، يدلّ على ذلك حرصه على أن لا تخلو ترجمة من تراجم كتابه (معجم الأدباء) من شعر. ولو لم يشتهر به من يترجم له مثل أبي البقاء العكبري وأبي على الفارسي وتاج الدين الكندي وغيرهم ممن بضاعته في الشعر نادرة أو مزجاة، ولم يطل العهد بياقوت حتى أصبح الشعر إحدى المهارات التي يمارسها، وقد جمعت له تسعا وعشرين قطعة تضم ما أورده في معجم الأدباء ومعجم البلدان وما أنشده المستوفي بإربل ورواه عنه ابن الشعار (سنة 625) ثم ما أنشد ياقوت صديقه ابن النجار، ورواه ابن الشعار أيضا (سنة 639) ، ولم يذكر واحد أنه رأى له ديوانا مجموعا، وأغلب الظن أنه لم يجمع شعره، يقول صاحب تاريخ إربل: «وسألته أن يملي عليّ من شعره فامتنع بعض الامتناع وغضّ من نظمه» » ويقول ابن الشعار: «واقتضيته شيئا من شعره. فأجاب إلى ذلك وجعل يماطلني ويعدني هكذا مدة من الزمن، ثم سافر إلى بلاد الشام فما عدت رأيته» «2» ، إذ يبدو أنه لم يكن شديد الاعتداد بنفسه في الشعر، وكان يحيطه بنظرة متواضعة، يقول في معرض إعجابه بكتابه معجم الأدباء: «حتى قلت فيه مع اعترافي بقلة بضاعتي في الشعر وعلمي بركاكة نظمي والنثر» «3» . الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2926 ومعظم المقطعات تنتمي إلى الغزل، ولكن أبعدها تأثيرا هي تلك التي تتحدث عن رجل «مقطوع من شجرة» - كما نقول في العامية- في مثل قوله «1» : ولا لي أهل في بلاد ومعشر ... يعدون أيامي لوقت إيابي وإن سرت من دار فما من مشيع ... ولا ملتق إن جئتها بركابي ولا سكن اعتده لملمة ... ولا أحد يرجى لدفع مصاب ويأتي بعد هذا الإحساس التحدث عن تنكر الدهر، وضياع الشباب وحلول المشيب، والحنين إلى العراق وهو بمرو، والحنين إلى مرو وهو في بغداد أو حلب، وعمق الشعور بقيمة الصداقة والأخوة، والتخوف من تقلب الحال بالأصدقاء وإخلافهم للوعود، لقد أتقن ياقوت القول في جوانب مختلفة من علاقات «الحب» ، فجاء شعره سهلا سائغا، وقد يتجه لطلب معان جديدة، ولكنه في معظم الأحوال رقراق يمسّ الأمور برفق، ويبتعد عن دائرة التعمق. وكما حصّل ياقوت الحد الأدنى من القدر الذي يتوقع من «مثقف» في عصره في مجال الشعر والنثر، فإنه استطاع بالممارسة والمطالعة والمحاورة أن يربّي لنفسه ذوقا نقديا يسعفه في حكمه على ما يقرأه لغيره من شعر ومع أنه ينقل شعرا متفوقا وآخر متخلفا فإنه قويّ التمييز بين الجيد والرديء من القول. وقد عرضت له تجارب ولّدت لديه أحكاما نقدية لا يتابع فيها رأي الأكثرية فمثلا نظم أبياتا يقول فيها ما معناه إن الوعد إذا مطل أو أخلف صار وعيدا (القطعة رقم: 5) ثم وجد أبياتا لجعفر بن محمد بن حمدان الموصلي يقول فيها: عجل النجح فإن المطل بالوعد وعيد فعلّق على ذلك بقوله: هذا معنى عنّ لي من قبل أن أقف على هذه الأبيات (أبيات الموصلي) وكنت أعجب كيف فات الأوائل اشتماله على مطابقة التجنيس وحسن المعنى مدة، حتى وقفت على ما هاهنا فعلمت أن أكثر ما ينسب إلى الشعراء من السرقات إنما هو توارد خواطر ووقوع حافر على حافر «2» . الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2927 وكان مرة يعارض إعراب أبي البقاء العكبري للامية الشنفرى هو وصديقه محمد بن فضلون العقري، فوصلا إلى قول الشاعر: وأستف ترب الأرض كي لا يرى له ... عليّ من الطول امرؤ متطول فأنشد العقري لنفسه في معنى البيت: إذا سغبت سففت الترب في سغبي ... ولم أقل للئيم سدّ لي رمقي فقال له ياقوت: قول الشنفرى أبلغ لأنه نزه نفسه عن ذي الطول وأنت نزهتها عن اللئيم «1» ... وهو في هذا الحكم يحاكي الطريقة المألوفة لدى كثير ممن سبقه من النقاد ... ولا يفرض ياقوت رأيه في الشعر كثيرا على القارىء فهو يروي أشعارا متفاوتة دون تعليق، وحسنا يفعل لأنه يبدو محايدا، ولكن سكوته لا يعني أنه لا يستطيع الحكم أو المفاضلة. 6- شعر ياقوت: - 1- قال يحن إلى الشاذياخ وكان قد اشترى فيها جارية تركية ثم باعها وتبعتها نفسه: ألا هل ليالي الشاذياخ تؤوب ... فإني إليها ما حييت طروب بلاد بها تصبي الصبا ويشوقنا ال ... شمال ويقتاد القلوب جنوب لذاك فؤادي لا يزال مروّعا ... ودمعي لفقدان الحبيب سكوب ويوم فراق لم يرده ملالة ... محبّ ولم يجمع عليه حبيب ولم يحد حاد بالرحيل ولم يرع ... عن الألف حزن أو يحول كئيب أئنّ ومن أهواه يسمع أنتي ... ويدعو غرامي وجده فيجيب وأبكي فيبكي مسعدا لي فيلتقي ... شهيق وأنفاس له ونحيب الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2928 على أن دهري لم يزل مذ عرفته ... يشتت خلّان الصّفا ويريب ألا يا حبيبا حال دون بهائه ... على القرب باب محكم ورقيب فمن يصح من داء الخمار فليس من ... خمار خمار للمحب طبيب بنفسي أفدي من أحبّ وصاله ... ويهوى وصالي ميله ويثيب ونبذل جهدينا لشمل يضمّنا ... ويأبى زماني إنّ ذا لعجيب وقد زعموا أن كلّ من جدّ واجد ... وما كلّ أقوال الرجال تصيب معجم البلدان 3: 230 (231) مادة (الشاذياخ) - 2- وقال وقد بلغ خمسا وأربعين سنة: يقول أناس لم تصابيت بعد ما* بدا في نواحي عارضيك مشيب فقلت يداوى كل داء بضده* وهذا التصابي للمشيب طبيب ابن الشعار 9: 3 4 9 - 3- واستيقظ من النوم فجرى على لسانه الأبيات الآتية من غير قصد ولا روية فأنشدها كأنه يحفظها: لعمرك ما أبكي على رسم منزل ... ودار خلت من زينب ورباب ولكنني أبكي على زمن مضى ... تسوّد فيه بالذنوب كتابي وأعجب شيء أنه لا يصدني ... عن اللهو شيب حال دون شبابي وقد حلّ باز للمشيب بعارضي ... وما طار عن وكر الذنوب غرابي فيا رب جد بالعفو منك فإنني ... مريض حريض [] لما بي ولا لي أهل في بلاد ومعشر ... يعدون أيامي لوقت إيابي وإن سرت عن دار فما من مشيع ... ولا ملتق إن جئتها بركابي ولا سكن اعتده لملمة ... ولا أحد يرجى لدفع مصاب المستفاد: 254 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2929 - 4- وقال يندب الشباب: تنكر لي مذ شبت دهري وأصبحت ... معارفه عندي من النكرات إذا ذكرتها النفس حنت صبابة ... وجادت شؤون العين بالعبرات إلى أن أتى دهر يحسن ما مضى ... ويوسعني تذكاره حسرات فكيف ولمّا يبق من كأس مشربي ... سوى جرع في قعره كدرات وكل إناء صفوه في ابتدائه ... وفي القعر مزجا حمأة وقذاة إنباه الرواة 4: 92 - 5- وقال في من تبرع بوعد ولم يف به: يا سيدا بذّ من يمشي على قدم ... حلما وعلما وآباء وأجدادا ماذا دعاك إلى وعد تصيره ... بالخلف والمطل والتسويف إيعادا لا تعجلن بقول «1» ثم تخلفه ... فيثمر المطل بعد الودّ أحقادا فالوعد بذر ولطف القول منبته ... وليس يجدي إذا لم يلق حصادا ابن الشعار 9: 346 ومعجم الأدباء : 7 98 - 6- وله: وظبي من الترك ذي نخوة ... على الصبّ يعجز عنها الأسد إذا رمت عقد وصال أبى ... وصال بجيش قوي العدد بسيف اللحاظ ورمح القوام ... ولمع الخدود ولبس الزرد ابن الشعار 9: 342 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2930 - 7- وقال: إذا لمست كفاي دمعي وجدته ... كجمر الغضا بل مثله أصبح الجمر وما ذاك إلا أن نار أضالعي ... تفور بدمعي مثلما فارت القدر تاريخ إربل: 323 - 8- وقال مما كتبه إلى صديق: نكرت الورى حتى نكرت أبا نصر ... وأي أخ ما غيرته يد الدهر لئن غيرته الحادثات فطالما ... بقيت وإياه لكالماء والخمر وإن قصرت أيام صفو وراءنا ... فما في ليالي حادث الدهر من قصر فلا تأتين هجر الصديق تعمدا ... ففي صرف هذا الدهر ما شئت من هجر ابن الشعار 9: 347 - 9- وكتب إلى صديق له بهراة: أمولاي جمال الدين يا من ... له خلق على الصهباء يزري أأرضى أن تكون فدتك نفسي ... مليكي في علانيتي وسري ولا ترضى بمثلي في إيابي ... على الأملاك عبدا طوع أمر ولست بلائم لك مع فعال ... لأنك جرت لمّا جار دهري ابن الشعار 9: 348 - 10- وقال وهو مقيم بمرو من بلاد خراسان: أضحى بضيّق فسحة الأمل ... ما مرّ من عمري بلا نفع ما عنّ لي غرض فأقصده ... إلا انتحاه الدهر بالمنع الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2931 يدني لي الآمال يهزأ بي ... حتى أمد لأخذها ضبعي ولت تقول أما عقلت أما ... تالله [إنك] أشعب الطبع يا قلب ضاق العمر عن أمل ... وأتاك شيب الرأس بالردع فارج الإله وتب عليه عسى ... يعطيك في الأخرى بلا منع ابن الشعار 9: 345- 346 - 11- وله في غلام تركي على عينه وقاية سوداء قد رمدت: ومولد للترك تحسب وجهه ... بدرا يضيء سناه بالإشراق أرخى على عينيه فضل وقاية ... ليردّ فتنتها عن العشاق تالله لو أنّ السوابغ دونها ... نفذت فهل بوقاية من واق ابن الشعار 9: 343- 344 وابن خلكان 6: 138- 139 - 12- وقال ارتجالا وتخيل أنه يقدم كتاب «صورة الأقاليم» لبعضهم: ولما رأيت الدهر جار ولم أجد ... من الناس من يعدي على الدهر عدواكا ركبت الفلا يحدو بي الأمل الذي ... يدنّي على بعد التنائف مثواكا ورمت بأن أهدي إليك هدية ... فلم أر ما يهديه مثلي لشرواكا فجئتك بالأرضين جمعا تفاؤلا ... لعلمي بأن الفال رائد عقباكا فخذ هذه واستخدم الفلك الذي ... براه الهي كي يدور ببغياكا معجم الأدباء: 2184- 2185 - 13- وقال وهو بمرو وقد عرض عليه أبو المظفر السمعاني رسائل للقطان وفاته كتبها وتدوينها: الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2932 وكم منية خلّفت خلفي وبغية ... ومن حاج نفس حال من دونها الترك إذا ذكرتها النفس حنّت وأرزمت ... وودت لفرط الوجد أدركها الفتك سلام على تلك الديار وقدست ... نفوس بمثواها ثوى العلم والنسك معجم الأدباء: 962 - 14- وقال: أقول لقلبي وهو في الغي جامح ... أما آن للجهل القديم يزول أطعت مهاة في الخدار خريدة ... وأنت على أسد الفلاة تصول ولما رأيت الوصل قد حيل دونه ... وأن لقاكم ما إليه وصول لبست رداء الصبر لا عن ملالة ... ولكنني للضيم فيك حمول المستفاد: 253 وتاريخ الذهبي: 247- 248 - 15- وقال وقد دخل على كمال الدين ابن العديم يوما، فقال له الكمال: ألا ترى أني في السنة الحادية والثلاثين من عمري وقد وجدت في لحيتي شعرات بيضا: هنيئا كمال الدين فضلا حبيته ... ونعماء لم يخصص بها أحد قبل لداتك في شغل بداعية الصبا ... وأنت بتحصيل المعالي لك الشغل بلغت لعشر من سنينك رتبة ... من المجد لا يسطيعها الكامل الكهل ولما أتاك العلم والفهم ناشئا ... أشابك طفلا كي يتمّ لك الفضل معجم الأدباء: 2091 - 16- وكتب إلى بعض أصدقائه: عبيدك الداعي أتى قاصدا ... إلى قضاء الفرض والنفل الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2933 من خدمة يخدمه كلّ من ... يمشي بحزن الأرض والسهل ورام تقبيل يديك التي ... بها عرفنا صورة العدل وينثني بعد الثنا والدعا ... مستحقبا من فضلك الجزل في موطن التوحيد مكنونه ... طورا وطورا موضع الكحل فحال من دونكم أسود ... في لونه والقول والفعل فها أنا مذ ذاك في حيرة ... مدلّه التمييز والعقل غيظا يميت القلب تذكاره ... من فعل هذا الأسود النذل لم يحجبوا وفد العطايا فلم ... يحجب من يرغب في الفضل فظلت فيه مفكرا واجما ... حتى انجلى عني عمى الجهل لما بدا لي أن أوصافه ... مأخوذة من صفة القفل وقال لي القلب إذا كنت من ... أهل الحجى والفهم والنبل فلا ترع لا بد للمجتني ... شهد العلى من إبر النحل ابن الشعار 9: 344- 345 - 17- وله: بنفسي ظبي مرّ بي في القلاقل ... فخلّفني حلف البلى والبلابل تناهبه الراءون من حسن وجهه ... فما ناظر إلا به بالبلا بلي رشا من بني الأتراك إما نسبته ... كنسبة عينيه إلى سحر بابل تزايد وجد من تناقص ودّه ... وفرط غرامي من غريم مماطل يوسّع عذري فيه ضيق بجفنه ... ويوهي قوى صبري بحسن الشمائل يضحّي الورى بالبدن في عيد نحرهم ... وأضحى يضحي بالكمي الحلاحل ابن الشعار 9: 344 - 18- وله في غلام يرمي بالنشاب: وظبي له خصر كصبري نحافة ... وردف كوجدي في محبته عظما الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2934 إذا ما رمى العشاق عن قوس حاجب ... بالف رمى القرطاس عن قوسه سهما يحنّ إليه القوس في حال نزعه ... وينزع من هول الفراق إذا يرمى ابن الشعار 9: 342 - 19- وقال: ألا إنّ قلبي بعدكم ذو صبابة ... يسير بمسراكم وينزل حيثما أهيم بذكراكم وأبكي لفقدكم ... وأسأل ربي أن يردك بعدما فأقسم أني مخلص في هواكم ... فيا ليت شعري عند حبي كيفما وقد زرتني من بعد طول تجنّب ... ولم تمهلي بالمدنف الصب ريثما وقد غبت عنكم أشهرا لا أراكم ... فما ضركم لو زرتموني كلما أهيم بكم مهما حييت فإن أمت ... أهيم بكم بالقبر والحشر مثلما يقولون زرنا قلت من لي بزورة ... يعيش بها روح المعنّى وإنما أقول لقلبي حين همّ بفجعه ... عسى ولعل الله يوما وربما تاريخ إربل: 323- 324 - 20- وكتب أيضا إلى صديق: تباعدتم لا أبعد الله داركم ... وأوحشتم لا أوحش الله منكم لئن كنتم عن أرض مصر رحلتم ... فإنكم في مهجتي قد نزلتم هنيئا على رغمي لدار حللتم ... وبؤسا لربع عن مغانيه بنتم فلو قيل لي ماذا تمنّى من الدنا ... لكان مناي أنتم لا عدمتم ابن الشعار 9: 347- 348 - 21- وله عند كونه بمرو يتشوق إلى العراق: تحية مغرى بالصبابة مغرم ... معنّى بعيد الدار والأهل والهم الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2935 تراها إذا ما قيل الركب هاجرت ... وترأى إذا ما عرسوا نحو تكتم أحملها ريح الجنوب مع الصبا ... إلى أرض نعم وا فؤادي من نعم وأكني بنعم في النسيب تعلة ... وأفدي بها من لا أقول ولا أسمي سلام على أرض العراق وأهلها ... وأين من الماجان أرض المخرّم سلام على أرض العراق وأهلها ... وسقّى نراها من ملثّ ومرزم بلاد هرقنا قهوة اللهو بعدها ... ففقدي لها فقد الشبيبة بالرغم معجم البلدان 4: 378- 379 مادة «ماجان» - 22- وقال: إلى الله أشكو من بليت بحبّه ... فحلّل عندي حبّه في الهوى دمي ومن كان يلقاني فيبدي بشاشة ... فلما درى ما بي بدا بالتجهم تاريخ إربل: 323 - 23- وله في وصف كتابه معجم الأدباء: فكم قد حوى من فصل قول محبر ... ومن نثر مصقاع ومن نظم ذي فهم ومن خبر حلو ظريف جمعته ... على قدم الأيام للعرب والعجم ترنح أعطافي إذا ما قرأته ... كما رنحت شرابها ابنة الكرم ولو أنني أنصفته في محبتي ... لجلدته جلدي وصندقته عظمي عزيز على فضلي بأن لا أطيعه ... على بذله للطائفين على العلم ولو أنني أسطيع من فرط حبه ... لما زال من كفي ولا غاب عن كمي تاريخ إربل: 321 ومعجم الأدباء: 12 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2936 - 24- وقال في التغزل: يضاعف «1» ناري فيه بارد ظلمه ... ويضعف ما ألقاه بارد ظلمه أيا ملك الحسن الذي انقادت الورى ... إليه فما يأبى امرؤ فصل حكمه يسالم سلما دائبا «2» رب حربه ... ويؤذن حربا منه طالب «3» سلمه محبك قدما كان يلقاك محسنا ... فوقّع له «يجري على حسن رسمه» ابن الشعار 9: 348- 349 وتاريخ إربل: 323 (1، 3، 2، 4) - 25- وقال وقد وصل إلى أرتخشميثن في شوال سنة 616 وقاسى من البرد وجمود نهر جيحون على السفينة التي كان بها ما أيأسه من النجاة، واختصر اسمها في الشعر ليستقيم الوزن «4» : ذممنا رخشميثن إذ حللنا ... بساحتها لشدة ما لقينا أتيناها ونحن ذوو يسار ... فعدنا للشقاوة مفلسينا فكم بردا لقيت بلا سلام ... وكم ذلا وخسرانا مبينا رأيت النار ترعد فيه بردا ... وشمس الأفق تحذر أن تبينا وثلجا تقطر العينان منه ... ووحلا يعجز الفيل المتينا وكالأنعام أهلا في كلام ... وفي سمت وأفعالا ودينا إذا خاطبتهم قالوا بغسا ... وكم من غصة قد جرعونا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2937 فأخرجنا أيا ربّاه منها ... فإن عدنا فإنا ظالمونا وليس الشأن في هذا ولكن ... عجيبا أن نجونا سالمينا ولست بآيس والله أرجو ... بعيد العسر من يسر يلينا معجم البلدان 1: 191- 192 - 26- وقال أيضا: زارني البدر بعد طول مطال ... وصدود أطاله وتجني فترشفت من ثناياه خمرا ... لم ينل طيبها غرور التمني ونفى بالنفار نومي عنادا ... وأراني بعزّه الذلّ مني لم يزل دابه الصدود إلى أن ... علّم الجفن أن يهاجر جفني ابن الشعار 3: 348 - 27- وكتب إلى صديق له: الله بيني وبين البين كم رشقت ... صروفه بسهام البين إحساني إن جاد بالقرب يوما من أحبتنا ... من غير قصد فقصدا منه أقصاني - 28- وقال في الغزل: يا طلعة البدر إلا أنه بشر ... لو لم يكن بشرا ما راق معناه البدر قد شانه في وجهه كلف ... وجلّ حبّي عن عيب وحاشاه قالوا أما قلبه قد قدّ من حجر ... فقلت ذاك به قد تمّ معناه لولاه ما بتّ طول الليل مرتقبا ... أرعى النجوم سقيم القلب لولاه ابن الشعار 9: 346- 347 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2938 - 29- وكتب إلى بعض الأكابر وقد دخل إليه مرة وأراد الاستئذان عليه ثانيا: العين مني لم تزل في أذى ... من نظري للهمل الماشيه وأجمع الناس على أنها ... إذا رأتكم رأت العافيه بالنظرة الأولى انجلى داؤها ... فلتجلها نظرتك الثانيه ابن الشعار 9: 342- 343 ملاحظات ملحقة (1) ترجمة طلحة بن محمد النعماني الوافي بالوفيات 16: 486 والفوات 2: 135. قال ياقوت في معجم الأدباء: سمعت أبا عمرو عثمان بن محمد البقال بخوارزم يقول: كنت أنا والشيخ أبو محمد طلحة نمشي ذات يوم في السوق، فاستقبلنا عجلة عليه حمار ميت يحمله الدباغون إلى الصحراء ليسلخوا جلده، فقلت مرتجلا: يا حاملا صرت محمولا على عجله فقال: وافاك موتك منتابا على عجله ومضت على ذلك أيام قلائل، فلقيني السيد أبو القاسم الفخر بن محمد الزبيدي، فحكيت له هذه القصة، ففكر سويعة وقال: والموت لا يتخطى الحيّ رميته ... ولو تباطأ عنه الحيّ أزعج له (2) ترجمة ناصر بن عبد السيد المطرزي شارح المقامات فوات الوفيات 4: 183/قال ياقوت في معجم الأدباء: «أنشدني المطرزي ببغداد لنفسه: يا خليلي اسقياني بالزجاج ... حلب الكرمة من غير مزاج أنا لا ألتذ سمعا باللجاج ... فاسقنيها قبل تغريد الدجاج قبل أن يؤذن صبحي بانبلاج الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2939 إن أردت الراح فاشربها صباحا ... بعد أن تصحب أترابا ملاحا جمعوا حسنا وأنسا ومراحا ... غدوا كالبحر علما وسماحا فهم مفتاح باب الإبتهاج (3) يحيى بن حميد ظافر بن النجار بن علي بن عبد الله الحلبي المعروف بابن أبي طي؛ أحد من تعاطى الأدب والفقه على مذهب الإمامية وأصولهم، وصنف في أن واع من العلوم. قال ياقوت «1» : وقد جعل التصنيف حانوته، ومنه مكسبه وقوته، وأكثر تصانيفه قطع فيها الطريق وأخاف السبيل، يأخذ كتابا قد أتعب العلماء فيه خواطرهم فيقدّم فيه أو يؤخر أو يزيد قليلا أو يختصر، ويخلق له اسما غريبا وينتحله انتحالا. وقد طوّل ياقوت ترجمته في «معجم الأدباء» . ومولده بحلب سنة خمس وسبعين وخمسمائة، وتوفي حدود الثلاثين والستمائة، وذكر عنه ياقوت أن والده كان لا يعيش له ولد وأنه لما رزقه حملته جارية وصعدت به السطح ليلة الميلاد، وكانت شديدة البرد، فأخذه اضطرام وافحام وابيضت عيناه جميعا، ولازمه الرمد إلى أن احتلم فتجلت مما كان فيها من البياض. وكان والده نجارا مقدّما على كلّ نجار بحلب. وقرأ يحيى القرآن على والده واشتغل بفقه الإمامية على رشيد الدين المازندراني. ومن تصانيفه: كتاب «البستان في مجلس الغلمان» . كتاب «معادن الذهب في تاريخ حلب» . كتاب «ملح البرهان في تفسير القرآن» . كتاب «قبسة العجلان في تفسير القرآن» . كتاب «البيان في أسباب نزول القرآن» . كتاب «غريب القرآن» . «تفسير الفاتحة» . «المجالس الأربعين في مناقب الأئمة الطاهرين» . كتاب «خلاصة الخلاص في آداب الخواص» عشر مجلدات. كتاب «حوادث الزمان» على حروف المعجم، خمس مجلدات. كتاب «تاريخ العلماء» مجلد. «شفاء الغليل في ذم الصاحب والخليل» مجلد. «شرح نهج البلاغة» ست مجلدات. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2940 «تحفة الطائفة الفقهائية في شرح كلماتهم اللغوية» . «التنبيهات في تعبير المنامات» . «التنبيهات على صنع النبات» . «الكشف والتبيين في محاسن التضمين» . «العروس في أدب السائس والمسوس» . «مردعة السفيه وموزعة النبيه» في المأخذ على راجح الحلّي وسرقاته. «التحقيق في أوصاف الرقيق» . «الروضات البهجات في محاسن القينات» . «اللباب في أسماء الأحباب» . «نسيم الأرواح في ما جاء في التفاح» . «الايجاز في الألغاز» . «أخبار شعراء الشيعة» . «الاقتصاد في الفرق بين الظاء والضاد» . كتاب «الأضداد» . كتاب «النكت الشاردة والنادرة والفائدة» . «المنتخب في شرح لامية العرب» . «تضوع اللطائم في شرح خطبة فاطمة الزهراء» . «شرح كلام أم سلمة لعائشة رضي الله عنهما» . «نهج البيان في عمل شهر رمضان» . «المشكاة في عويص مسائل النحاة» . «افراد قراءة أبي عمرو ابن العلاء» . «مختصر في اللغة» . «أفراد مسائل» . «الجمع بين زوائد الصحاح وزوائد المجمل» . «ذخر البشر في معرفة القضاء والقدر» . «كتاب في حكمّي كلام الأئمة الاثني «1» عشر» . «الحاوي في المعمول عليه من الفتاوي» . كتاب «سرّ السرائر» . «فقه أحكام النساء في الفقه» . «ذخر البشر في معرفة الأئمة الاثني «2» عشر» . «مجموع مسائل فقه وأصول» . «شرح غريب ألفاظ المقامات» . «شرح الحماسة» . «أخلاق الصوفية» . «عقود الجواهر في سيرة الملك الظاهر» . «كنز الموحدين في سيرة صلاح الدين» . «ذيل التاريخ الكبير الذي سماه معادن الذهب» . «سلك النظام في تاريخ الشام» أربع مجلدات. «مختار تاريخ المغرب» . كتاب «تاريخ مصر» . «تهذيب الاستيعاب لابن عبد البر» . «سيرة النبي صلّى الله عليه وسلم وأصحابه» ثلاث مجلدات. «اشتقاق أسماء البلدان» . «نكت درة الغواص» . «أسماء رواة الشيعة ومصنفيها» . «سيرة ملوك حلب» . «كتاب التصحيف والأحاجي» . ومن شعره رحمه الله: يا أبا جعفر تجاف قليلا ... كم تسامى بمفخر منحوس الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2941 أنت من معشر كرام ولكن ... أنت فيهم قوائم الطاووس وقال في مديح آل البيت رضي الله عنهم: أنا في إسار غدائر ونواظر ... من كلّ أبيض ذي قوام ناضر ريان من مرح الصّبا فكأنما ... رويت معاطفه بغيث باكر خمريّ ريق لؤلؤيّ لواحظ ... مسكيّ صدغ صارميّ محاجر لله ليلتنا بكاظمة وقد ... سمحت به الأيام بعد تهاجر وقد اضطجعنا والنجوم كأنها ... في الأفق لؤلؤ ثغره في ناظري والبدر سار في السماء كأنه ... من وجهه باد بنور باهر والشعريان كأنما أحداقها ... أحداق عاذل حبه المتكاسر وسهيل الوقّاد يخفق دائبا ... خفقان أحشائي عليه وخاطري والليل يرفل في فضول غلائل ... رقّت كشوقي أو كدمعي القاطر والريح ينشر عرفها بنسيمها ... نشري مديح أخي النبي الطاهر خير الأنام ومن يذلّ مهابة ... من بأسه قلب الهزبر الخادر صنو النبيّ وصهره ووزيره ... وظهيره في كلّ يوم تشاجر الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2942 [ الفهارس ] 1- فهرس الآيات القرآنية الكريمة 1- الفاتحة 5: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ : 329 2- البقرة 26: إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا : 2455 30: أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها : 252 61: وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ : 1396 125: لِلطَّائِفِينَ وَالْعاكِفِينَ : 2401 137: فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ : 1327 181: فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ : 839 253: تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ : 859 261: مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ : 978 3- آل عمران 19: إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ : 2130 30: يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً : 696 85: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ : 2130 92: لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ : 2494 110: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ : 753 173: الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ : 1004، 1005 185: فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ : 444 4- النساء 9: ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَيْهِمْ : 1740، 1741 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2943 28: وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً : 1336 59: أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ : 272 77: قُلْ مَتاعُ الدُّنْيا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقى : 2720 102: إِذا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ : 2398 110: وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ : 017 5- المائدة 21: ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ : 2628 31: فَبَعَثَ اللَّهُ غُراباً يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ : 2257 95: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ : 348 6- الأنعام 36: إِنَّما يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ : 522 78: إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ : 445 112: وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا : 1721، 1822 125: فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ : 323 7- الأعراف 54: أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ : 839 169: وَالدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ : 257 178: مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي : 347 188: وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ : 315 199: خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ : 355، 356 8- الأنفال 30: وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ : 2447 45، 46: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً ... مَعَ الصَّابِرِينَ : 1492 9- التوبة 3: أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ : 1466 24: قُلْ إِنْ كانَ آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ ... : 2836 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2944 79: يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقاتِ : 57 103: خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ : 2398، 2399 112: التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ الْحامِدُونَ السَّائِحُونَ : 2136 10- يونس 42: وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ : 56 43: وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ : 56 11- هود 46: يا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ : 563 102: وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى : 2104 103: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خافَ عَذابَ الْآخِرَةِ : 305 12- يوسف 2: إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا : 2359 20: وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ : 321 33: رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ : 1870 36: إِنِّي أَرانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً : 2707 80: فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا : 2503 91: لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنا : 439 92: لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ : 247، 439 94: إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ : 2843 97: اسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا : 247 09: وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا : 257 111: لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبابِ : 31 13- الرعد 17: وَأَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ : 961 14- ابراهيم 24: كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ : 322 52: هذا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ : 1827 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2945 15- الحج ر 9: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ : 2504 46: ادْخُلُوها بِسَلامٍ آمِنِينَ : 835 85: فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ : 716 99: وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ : 836 16- النحل 74: فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ : 445 17- الإسراء 12: وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ : 1581 16: وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً : 1239 31: وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ : 2610 18- الكهف 17: مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ : 316، 346، 352 18: وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ : 1048 23: وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً : 1741 74: لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً : 2359 77: يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَ : 161، 1576، 1610 90: وَجَدَها تَطْلُعُ عَلى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِها سِتْراً : 2333 103، 104: بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالًا* الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا : 2221 19- مريم 28: وَما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا : 761، 1375 87: لا يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً : 839 98: هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ : 276 20- طه 99: كَذلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ ما قَدْ سَبَقَ : 31 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2946 21- الحج 25: سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ : 2401 34: وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ : 1219 44: فَأَمْلَيْتُ لِلْكافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ : 1005 78: مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ : 2130 22- المؤمنون 101: فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ : 279 108: اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ : 669 23- النور 34: وَمَثَلًا مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ : 31 35: كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ : 827 55: لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ : 64، 2627، 2719 58: وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ : 57 25- الفرقان 67: وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً : 1943 26- الشعراء 88: يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ : 2634 128: أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ : 2720 205: أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْناهُمْ سِنِينَ : 281 226: يَقُولُونَ ما لا يَفْعَلُونَ : 2791 227: وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ : 1551 27- النمل 19: رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ : 728 34: إِنَّ الْمُلُوكَ إِذا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوها : 1239 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2947 28- القصص 15: فَوَكَزَهُ مُوسى فَقَضى عَلَيْهِ : 2608 19: أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَما قَتَلْتَ نَفْساً بِالْأَمْسِ : 2608 88: كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ : 1929 30- الروم 36: وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ : 2684 31- لقمان 11: هذا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي ماذا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ : 883 14: اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ : 2610 34: وَما تَدْرِي نَفْسٌ ماذا تَكْسِبُ غَداً : 1942 33- الأحزاب 31: وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ : 56 35- فاطر 17: وَما ذلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ : 444 27: وَمِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ : 1943 43: وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ : 1943 36- يس 26، 27: يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ* بِما غَفَرَ لِي رَبِّي : 1799 78: وَضَرَبَ لَنا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ : 2607 37- الصافات 55: فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَواءِ الْجَحِيمِ : 669 65: طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ : 2706 77: وَجَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْباقِينَ : 2092 103: فَلَمَّا أَسْلَما وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ : 901 39- الزمر 28: قُرْآناً عَرَبِيًّا : 279 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2948 41- فصلت 44: أُولئِكَ يُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ : 323 42- الشورى 29: وَهُوَ عَلى جَمْعِهِمْ إِذا يَشاءُ قَدِيرٌ : 1943 43- الزخرف 13: وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ : 59 77: وَنادَوْا يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ : 17 45- الجاثية 26: وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ : 1932 46- الأحقاف 29: وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِ : 2161 48- الفتح 17: لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ : 1259 49- الحجرات 6: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ : 195 13: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ : 279 51- الذاريات 23: مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ : 881 53- النجم 50: وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عاداً الْأُولى : 346 54- القمر 49: إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ : 764 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2949 55- الرحمن 26: كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ : 1929 56- الواقعة 79: لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ : 322 57- الحديد 20: وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ : 322 59- الحشر 7: وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا : 2412 8: لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ : 752، 2401 60- الممتحنة 8: لا يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ : 650 65- الطلاق 2: وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ : 2399 66- التحريم 3: وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى بَعْضِ أَزْواجِهِ حَدِيثاً : 2779 6: ناراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ عَلَيْها مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ : 447 68- القلم 11: هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ : 2603 75- القيامة 27: وَقِيلَ مَنْ راقٍ : 2299 83- المطففين 14: كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ : 2299 29: إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ : 2605 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2950 89- الفجر : وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ : 1375 91- الشمس : وَالشَّمْسِ وَضُحاها : 345 94- الشرح : أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ : 323 100- العاديات : إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ : 240 102- التكاثر : أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ : 26، 421 112- الإخلاص : قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ : 47 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2951 2- فهرس الاحاديث الشريفة إذا أكلتم فرازموا 1032 إذا بلغ العبد ثمانين سنة فكأنه اسير الله في الارض 1067 إذا تزوج الرجل المرأة لدينها وجمالها كان فيه سداد من عوز 2759 إذا جعتن دقعتن 046 إذا كان يوم القيامة اعطى الله كل رجل من هذه الامة رجلا من الكفار 233 إذا كان عشية عرفة هبط الله عز وجل 936 ارشدوا صاحبكم 25 اسفروا بالفجر 1359 اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر 2412 اقروا الطير في وكناتها 2403 امرؤ القيس قائد الشعراء الى النار 2622 انزل القرآن على سبعة أحرف 2453 ان الحلال بين وان الحرام بين ... 1331- 1332 ان رسول الله (ص) نهى عن المزفت والمقير 1630 ان الشقي من شقي في بطن أمه ... 808 ان الله تعالى لما اراد ان يخلق نفسه خلق الخيل 937 ان الله فاتح عليكم مشارق الارض ومغاربها ... 756 ان الله يبعث لهذه الامة على رأس كل سنة من يقرر لها دينها 2411 ان مفاتيح الرزق بازاء العرش ... 2597 ان النبي كان يرفع يديه حذو منكبيه واذا ركع رفع 2404 انما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد ... 2410 انما يرحم الله من عباده الرحماء 1517 ثلاثة أشياء مباحة، الناس مشتركون فيها 2032 خير الامور أوسطها (أوساطها) 1942، 2120 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2952 خير هذه الامة أبو بكر 753 رحم الله امرءا أصلح من لسانه 017 زر غبا تزدد حبا 1928 السفر قطعة من العذاب 1570 قدموا قريشا ولا تقدموها 748 كبّر كبّر 748 كل مسكر حرام 2257 لا يحكم حاكم بين اثنين وهو غضبان 262 لا يورث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم 2463 ما حق امرىء مسلم يبيت ليلتين وله شيء يوصي فيه 838 ما من أحد من أصحابي إلا من لو شئت لأخذت عنه علما 1199 ما نحل والد والده أفضل من أدب حسن 025 مثل الجليس الصالح مثل العطار ... 1413 من حب وعف وكتم ثم مات مات شهيدا 116، 2528 من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها ... 2156 من كذب علي متعمدا ... 29 من لم يحسن الوصية عند الموت، كان نقصا في مروءته وعقله 838 نهى النبي عن لبس السراويلات المخرفجة 045 هل ترك لنا عقيل من رباع أو دار 2400، 2401 يا زيد الخيل كل رجل وصف لي وجدته دون الصفة ... 2689 (حديث الجلوس على العرش) 2450 (حديث فدك- موضوع) 2603 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2953 3- فهرس الامثال والاساطير ابناء الحدود وأولاد السعود 497 أخلف رويعيا مظنة 314 إذا سمعت بسرى القين فاعلم انه مصبح 311 إذا عز أخوك فهن 058 أساء سمعا فأساء جابة 2514 استسمنت ذا ورم 2196 استنت الفصال حتى القرعى 2219، 2509 اسمع جعجعة ولا أرى طحنا 2509 اعطش من ثعالة المجاشعي 1004 أعييتني بأشر فكيف بدردر 313 أفلتت قائبة من قوب 1266 أفلس من طنبور بلا وتر 214 إن بقة جلست على ظهر فيل ... 2266 ان البلاء موكل بالمنطق 1583 ان الجواد عينه فراره 613 ان الرائد لا يكذب اهله 311 انفك منك وان كان اجدع 1502 انك لا تشكو الى مصمت 515، 516 اياك اعني فاسمعي يا جارة 1535 البلاء موكل بالمنطق 315، 1290 تريد تقمشه كنك عقاب او كني ما اعرفك 68 تسمع بالمعيدي خير من ان تراه 1307، 1556 تغافل واسطية 1547 تغافل كأنك واسطي 1547 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2954 تلعب معي حياني 1521 حتى يبعث نبي من مكة 310 حتى يرجع النعمان الى الحيرة 310 حتى يؤوب عنزي القرظة 310 حمل التمر الى هجر 1768 حوار البازي والديك 1253 حوار بين العصفور والفخ 2272 خرب الله ديوانه 639 خلّ امرءا وما اختار 319 الذكاء الكبريتي 1948 رب سامع خبري لم يسمع عذري 311 رب ملوم لا ذنب له 319 ردّ الحجر من حيث جاءك 413 زاحم بعود او دع 1818 سبق السيف العذل 2660 سخاء المفلس 2340 السعلاة وعمرو بن تميم 2000 سقط العشاء به على سرحان 673 شب عمرو عن الطوق 2213 شغل الحلي اهله ان يعارا 225 الشكير نابت من العضة 315 شنشنة من اخزم 315 صب الزيت في القناديل 2620 الصيف ضعيت اللبن 313 طارت فراخ برجك طارت 68 عادت لعترها لميس 314 عتاب جحظة 496 عش رجبا ترى عجبا 1684 على نفسها تجني براقش 2145 عند الصباح يحمد القوم السرى 317 الغمرات ثم ينجلين 317 في كل واد بنو سعد 2219 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2955 في النوى يكذبك الصادق 311 القاضي بسعادتك 2081 القنبرة والصياد 1478 كارتي بعد في العيار 2770 كالباحث عن حتفه بظلفه 2220 كبرت وتكسرت قواريري 2772 كل أجوف ضروط 1470 كل أزب نفور 311 لا أثر بعد عين 1554 لا أنزل من القلنسوة الى الحفرة 196 لا تشل انفك بأبيك 786 لا تعدم الحسناء ذاما 2821 لا تعدم الخرقاء ثلة 316 لا حر بوادي عوف 1289 لا مخبأ لعطر بعد عروس 2220 لأمر ما جدع قصير أنفه 2218 لا يصعدون قدما على قدم 256 لكل مقام مقال 312 لم تعقد وراءهما يد 255 ليس ذا عشك (بعشك) فادرجي 11، 313 ما من طامة الا وفوقها طامة 1290 المعاذير مكاذب 311 من أشبه اباه فما ظلم 315 من دسّك والك؟ 211 من سلك الجدد امن العتار 2220 هو اخسر صفقة من شيخ مهو 1004 وبأحسنت لا يباع الدقيق 208 يأبى الحقين العذرة 311، 1767 يأتيها رزقها وهي نائمة 1717 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2956 4- فهرس الرسائل والتوقيعات والخطب والوصايا رسالة جعفر بن يحيى الى بعض عماله 11 رسالة الوطواط الى آدم الهروي 36- 37 رسالة اولى من الوطواط الى ابن القطان 962- 963 رسالة ثانية من الوطواط الى ابن القطان 963- 965 رسالة ثالثة من الوطواط الى ابن القطان 965- 970 رسالة من الوطواط الى الزمخشري 2632- 2633 رسالة ابراهيم الصولي الى ابن الزيات 72- 73 رسالة اخرى من ابراهيم الصولي الى ابن الزيات 73 رسالة في شفاعة لإبراهيم الصولي 77 رسالة ابراهيم الصولي عن المتوكل الى أهل حمص 81 رسالة ابراهيم الصولي الى الواثق يعزيه بأبيه ويهنيه بالخلافة 82 رسالة لابراهيم الصولي 82 (كتاب) فتح من انشاء ابراهيم الصولي 85 رسالة من داود بن الجراح الى ابراهيم الصولي 1281 جواب ابراهيم الصولي عن رسالة ابن الجراح 1281 رسالة من ابن الحسن ابي قاسم الى ابن ابي عون 111 رسالة من ابن أبي عون الى بعض نظرائه 112 رسالة من الراضي بالله الى نصر الساماني في شأن العزاقري 108- 114 رسالة من ابن شيث الزيات الى ابن ابي عون 112 رسالة في تقريظ المتوكل والفتح لابن ممشاذ 128 رسالة للصابي عن بختيار 133 جواب من عضد الدولة عن رسالة الصابي 136 رسالة للصابي في ذكر صلة 140- 141 رسالة من الصابي الى صديق 142 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2957 رسالة من الصابي الى عضد الدولة بتحويل سنته 142 رسالة من الصابي الى بعض اصدقائه 143 رسالة من الصابي الى بعض اخوانه 147 رسالة من ابي العباس الضبي الى ابي سعيد الشيبي 176 رسالة من ابي سعيد الأديبي الى بعض الرؤساء 185 رسالة من ابي سعيد الأديبي الى رجل بعث اليه بشاة 186 مقتطفات من رسائل ابي سعيد الأديبي 186 رسالة (صالحة) للخواراني 206 رسالة من جحظة الى ابن المعتز 217 رسالة من ابن المعتز الى احمد بن سعيد الدمشقي 267 رسالة من الحسن بن المنجم الى ابن المعتز 1025- 026 رسالة من البديع الى الخوارزمي 236- 237 رسالة من البديع 237 رسالة من البديع الى مستميح عاوده مرارا 238- 239 رسالة من البديع الى الخوارزمي (مكررة) 245 رسالة من البديع الى الخوارزمي 245- 246 جواب من الخوارزمي على رسالة للبديع 246 رسالة البديع الثالثة الى الخوارزمي 247 جواب الخوارزمي عن رسالة البديع الثالثة 248- 249 رسالة رابعة من البديع الى الخوارزمي 249 رسالة البديع الى ابن فارس معلمه 252 جواب من احمد بن سليمان بن وهب على رسالة 270 رسالة من أحمد بن سليمان إلى اخيه عبيد الله 272 رسالة من احمد بن سليمان إلى ابن أبي الاصبع 272 رسالة من احمد بن سليمان إلى صديق له 273 رسالة ابن المنير الزيادي إلى أبي زيد البلخي 275 رسالة اخرى من ابن المنير الزيادي إلى أبي زيد البلخي 276 رسالة من أبي زيد البلخي إلى صاحب خراسان 282 رسالة ابن أبي طاهر طيفور إلى ابن المدبر 284 رسالة المعري إلى خاله أبي القاسم ابن سبيكة 309- 318 رسالة اولى من المؤيد في الدين إلى المعري 340- 341 جواب المعري على رسالة المؤيد الأولى 342- 345 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2958 رسالة ثانية من المؤيد في الدين الى المعري 345- 346 جواب المعري على رسالة المؤيد الثانية 347- 350 رسالة ثالثة من المؤيد في الدين إلى المعري 350- 354 رسالة من أبي الحسن البتي إلى من قدم له مائتي دينار 375 رسالة من البتي إلى أبي اسحاق الصابي 379- 380 رسالة من أبي بكر البرقاني إلى أبي نعيم بشأن الخطيب البغدادي 395 رسالة للصفاري كتبها عن ابي سعيد السهلي الى الكندري 405- 406 رسالة من ابن بابك الى ابن حسولة 417 رسالة من ابي العباس ابن ثوابة الى عبيد الله بن سليمان 437 رسالة من ابي العباس ابن ثوابة الى البحتري 441 رسالة من ابي العباس ابن ثوابة الى اسماعيل بن بلبل 442 رسالة من احمد بن الطيب الى ابي العباس بن ثوابة 443 جواب ابن ثوابة على رسالة ابن الطيب 444- 447 نموذج من تقعر ابن ثوابة في ترسله 437 رسالة من أحمد بن علي بن المأمون الى الديوان العزيز 450 نماذج من رسائل الصخري 501- 502 رسالة ابن مجاهد الى هلال بن بدر 523 رسالة من اسحاق الموصلي الى علي بن هشام القائد 613 رسالة من هشام بن عبد الملك الى يوسف بن عمر 1202- 1203 رسالة احمد بن يوسف إلى المأمون في شأن المخلوع 562 رسالة احمد بن يوسف الى المأمون في طلاب الصلات 563- 564 رسالة من احمد بن يوسف الى اسحاق الموصلي 568 رسالة من صديق الى احمد بن يوسف 564 رسالة من احمد بن يوسف الى ابراهيم بن المهدي 569 رسالة من احمد بن يوسف الى المأمون في هدية 568 رسالة من ابن العميد الى الصاحب 683- 684 رسالة من ابي حفص الوراق الى الصاحب، وتوقيع الصاحب 706- 707 رسالة من الصاحب الى الحسين بن احمد 708- 709 رسالة من الصاحب الى ابي العلاء الاسدي 712 رسالة من الصاحب الى ابي بشر الجرجاني القاضي 709- 710 رسالة من الصاحب الى الحاجب تاش 1800- 1801 رسالة من ابن حسول الى الصاحب 1676- 1677 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2959 رسالة من الصاحب الى ابي علي الفارسي 817 رسالة من ابي علي الفارسي الى سيف الدولة 2309- 2310 رسالة من ابن حنزابة الى ابن المدبر الكاتب، وردّ ابن المدبر 785 رسالة من أبي الحسين ابن ثوابة الى عبيد الله بن سليمان 792- 793 رسالة من أبي علي الفارسي الى سيف الدولة 820 رسالة من المقتفي لابي العلاء العطار الحافظ 827 رسالة من ابن خلاد الى الوزير المهلبي 924 جواب المهلبي على رسالة ابن خلاد 924- 925 رسالة من المهلبي الى ابي القاسم التنوخي 1879 رسالة من ابي القاسم التنوخي الى صاعد بن ثابت 1879- 1880 رسالة من ابي الفضل ابن العميد الى ابن خلاد 925 جواب ابن خلاد على رسالة ابن العميد 925 رسالة من ابن خلاد الى منزله برامهرمز 926- 927 رسالة من ابن ناهوج الاسكافي الى القاضي الفاضل 958- 959 رسالة اخرى من ابن ناهوج الى القاضي الفاضل 959- 960 رسالة ثالثة من ابن ناهوج الى القاضي الفاضل 960- 961 رسالة من القاضي الفاضل الى ابن المجاور 1572 رسالة من ابن المراغي الى بعضهم 972 رسالة من ابن ابي الشخباء الى صديق 1000- 1001 رسالة من ابن ابي الشخباء الى الموفقي 1001- 1004 رسالة من ابن ابي الشخباء تهنئة بكسر أتسز 1004- 1006 رسالة من ابن ابي الشخباء الى بعض اخوانه 1006- 1007 رسالة من ابن ابي الشخباء الى ابن المغربي 1007- 1009 رسالة من ابن ابي الشخباء الى صارم الدولة 1009- 1012 رسالة من الحسن بن المظفر النيسابوري 1017 رسالة اخرى من انشاء الحسن بن المظفر 1017 رسالة من الحسن بن وهب الى مالك بن طوق 1022 رسالة من ابن خالويه الى سيف الدولة 1033- 1034 رسالة اخرى من ابن خالويه الى سيف الدولة 1035 رسالة ابن قم الزبيدي الى ابن حمير الصليحي 1135- 1140 رسالة الببغاء إلى من تزوجت امه 1153 رسالة ابن سهلويه الى من زوج امه ثم ندم 1154- 1155 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2960 رسالة الحيص بيص الى احد الامراء 1351 رسالة الحيص بيص الى ابن التلميذ 1353- 1354 رسالة ابي عبيد البكري الى ابن زيدون تهنئة بالوزارة 1535- 1536 رسالة معن بن زائدة الى ابن عياش المنتوف 1542 رد ابن عياش على رسالة معن بن زائدة 1544 الرسالة الادبية للكفرطابي في الحض على تعلم العربية 1380 رسالة ابن الهبارية الى الحلواني 1391- 1392 رسالة ابن الهبارية الى الفقيه الصنوبري 1392- 1399 رسالة من ابن فياض الاسكندراني الى احد فلاسفة الهند 1400 رسالة من السلفي الى ابي عمرو السرقوسي 1607 جواب السرقوسي على رسالة السلفي 1607 جواب من الزمخشري الى السلفي 1690- 2691 رسالة لعطاء بن يعقوب بن ناكل (صدرها) 1624 رسالة لعطاء بن يعقوب بن ناكل (فصل) 1624 رسالة لعطاء بن يعقوب بن ناكل (فصل) 1625 رسالة للقاشاني 1839 رسالة ثانية للقاشاني 1839 رسالة ثالثة للقاشاني 1840 رسالة رابعة للقاشاني 1840 رسالة من ابي الفتح بن العميد الى صاحب له 1889 رسالة أبي حيان التوحيدي الى ابي الفتح ابن العميد 1938- 1941 رسالة ابي حيان التوحيدي في حرق كتبه 1929- 1933 رسالة من ابن نصر الى الفيرزان الوزير 1949 رسالة الفيرزان الى ابن نصر 1950 رد ابن نصر على رسالة لابن الفيرزان 1950 ردّ ابن الفيرزان على رسالة لابن نصر 1950 رسالة ابن نصر الى ابي عمرو العارض 1951 رسالة لابن نصر غير منقوطة 1952 رسالة من ابن نصر الى المطرز الشاعر 1953 رسالة من عز الاستاذين الى ابن نصر 1954 رسالة من ابن نصر الى المطرز الشاعر 1954 رسالة الى ابي الحسن الغضاري 1953 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2961 رسالة لابن البواب في الكتابة 2001- 2002 رسالة من امين الدين ياقوت الى ابن العديم 2087- 2088 رسالة من عمرو بن مسعدة الى الحسن بن سهل 2131 رسالة من القفطي الى ابن شيث 2026 رسالة من القفطي في شراء كتاب 2035- 2036 رسالة من انشاء القفطي عن المقر الاشرفي الظاهري 2031 رسالة من الجاحظ الى ابن الزيات 2102- 2103 رسالة من الفتح بن خاقان الى الجاحظ 2114- 2115 رسالة من الجاحظ الى ابراهيم بن المدبر 2111 رقعة من انشاء فاطمة بنت الاقرع 2154 رسالة من ابن عامر الجرجاني الى ابني المحاسن الجرجاني 2170 رسالة من قابوس بن وشمكير الى بعض اخوانه 2183 رسالة في التعزية لقابوس بن وشمكير (فصل) 2186 رسالة من صدر الافاضل الخوارزمي الى بعض اصدقائه 2195 رسالة من صدر الافاضل الخوارزمي الى الدار العزيزة 2195- 2196 رسالة من الحريري الى سديد الدولة ابن الانباري 2208 رسالة من الحريري الى ابن التلميذ قبل اللقاء 2213- 2214 رسالة للحريري في كل كلمة منها «سين» 2209 رسالة للحريري في كل كلمة منها «شين» 2210- 2211 رسالة من الحريري الى ابن التلميذ 2212 رسالة اخرى من الحريري الى ابن التلميذ 2212- 2213 رسالة تهنئة من الحريري الى الطغرائي 2214- 2216 جواب ابن جيا عن رسالة للحريري كتبها الى سديد الدولة 2389- 2391 رسالة من العتابي الى صديق 2246 رسالة من علي بن عيسى الوزير الى الحكيمي 2306 رسالة الابيوردي الى المستظهر بالله 2367- 2371 رسالة ابي الحسن بن ثوابة عن المقتدر الى البلدان 2470 رسالة الحاتمي عن زيارته للمتنبي 2508- 2518 رسالة املاها الفخر الرازي في عقيدته 2587 رسالة من انشاء العماد عن السلطان صلاح الدين 2627- 2628 رسالة من ابن التلميذ الى رضي الدولة ابن نصر 2773- 2774 رسالة من يحيى بن خالد الى ابنه الفضل 2811 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2962 تعظيم الاسلام لمسعدة بن سعد بن صول 2129- 2130 تقليد حسبة من انشاء الوطواط 2633- 2634 توقيع للصاحب 708 توقيع للصاحب على رسالة ابن حسول 1677 توقيع لابن الفرات على كتاب زور باسمه 2784 توقيع المأمون على قصة الواقدي 2596 خطبة لمنذر بن سعيد 2718- 2720 خطبة لشميم الحلي 1695- 1696 خطبة نكاح من انشاء ابن جني 1590- 1591 مخاطبات الشاكر المصري لولده 971- 972 رحلة الكامل الخوارزمي 1552- 1559 مناظرة بين السيرافي ومتى المنطقي 894- 908 مناظرة بين الشافعي وابن راهويه 2399- 2402 نسخة من خط ابن شنبوذ في المحضر المعمول عليه 2326 نسخة المحضر المعمول على ابن شنبوذ 2325- 2326 خطوط الشهود في المحضر المعمول على ابن شنبوذ 2326 وصف ابي زبيد للاسد 1169- 1171 زصف الجاحظ للبلاغة 2112 وصف الفضل بن سهل لبلاغة عمرو بن مسعدة 2130 وصية الجاحظ باحد اصدقاء ابي العيناء 2106 وصية خالد بن يزيد المكدي لابنه 1242- 1243 وصية للحافظ ابي العلاء 838 وصية اخرى للحافظ ابي العلاء 839 وصية مسكويه (العهد) 498- 499 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2963 5- فهرس أنواع القريض قصائد وموشحات أ- قصائد: قصائد مطلعها بانت سعاد 776 قصيدة لابن طباطبا حذف منها الراء والكاف 2312- 2314 قصيدة الاشباه للمفجع في آل البيت 2336، 2338، 2342 قصيدة لامية العرب 1255 قصيدة لامية العجم 1110- 1113 قصيدة مقراض الاعراض لابن عنين 2661، 2663 قصيدة الناشىء في فنون من العلم 1548 مربعة البديع في مدح الصحابة 249 مزدوجة لاحمد بن محمد الانباري 458 مزدوجة لابي فراس 574 مزدوجة طردية لاحمد بن اسحاق التنوخي 197 مزدوجة مدرك الشيباني 428، 2693- 2697 مزدوجة المستور النحوي 1151 منظومة في ألف الامر لابي زكريا التكريتي 2826، 2827 منظومة في تعزيز بيتي الحريري «سم سمة» لابي البيان القرشي 2742 منظومة في الصاد والضاد لابي البيان القرشي 2742 ب- الموشحات: الموشحات 2551، 2820 موشحة البلطي «ويلاه من رواغ» 1612 موشحة القاسم الواسطي «في زهرة وطيب» 2223 موشحة القاسم الواسطي «أي عنبرية» 2224 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2964 موشحة ابن زهر «أيها الساقي إليك المشتكى» 2552- 2553 موشحة ابن زهر «شاب مسك الليل كافور الصباح» 2553- 2554 موشحة ابن بقي «عبث الشوق بقلبي فاشتكى» 2822 ج- دو بيت: دو بيت للاسعد بن مماتي 644 دو بيت لعمر الجنزي 2095 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2965 6- فهرس القوافي (الهمزة) الرقباء: الطويل: النوقاتي: 2345 خلاء: الوافر: حبى المدنية: 1004 اللواء: الوافر: ابن لنكك: 2622 عطاء: الكامل: الصابي: 152 سماء: الكامل:---: 760 الأسماء: الكامل:---: 2480 السراء: الكامل: قاضي هراة: 2727 وبقاءها: الكامل: الصابي: 157 والعلاء: الخفيف: ملك النحاة: 872 والنصحاء: الخفيف: ابن قم الزبيدي: 1138 وسماؤها: الطويل: ابراهيم الصولي: 78 أشياء: البسيط: أبو نواس: 895 آراء: البسيط: أبو محمد الخازن: 702 الفداء: الوافر: حسان: 2018 والهواء: الوافر: نفطويه: 121 انقضاء: الوافر: جحظة: 217 الدواء: الوافر: ابن نباتة السعدي: 397 سواء: الوافر: حسان بن ثابت: 2194 القضاء: الوافر:---: 522 العفاء: الوافر: زهير: 2036 الأطباء: الكامل: الحسين بن مطير: 1159 ب خلاء: الكامل: أبو هفان: 1488 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2966 الصفراء: الكامل: علي بن هارون/ الوزير المغربي: 1995 عطاء: الكامل: أبو علي المنطقي: 2044 الظباء: الرمل: ابن القيسراني: 2659 بقاء: الخفيف: ابن الشبل: 1084 الجزاء: الخفيف: ابن الجهم السمري: 2478 البلاء: الخفيف: ابن زيادة: 2818 هاء: المتقارب: الصخري: 503 ومائي: الطويل: ابن التعاويذي: 2564 إطراء: البسيط: ابن الصيرفي: 1972 إكفاء: البسيط:---: 2108 العلاء: الوافر: جحظة: 216 امتراء: الوافر:---: 880 الدلاء: الوافر: أبو الأسود الدؤلي: 1470 الجفاء: الوافر: علي بن الجهم: 1668 التنائي: الوافر: قاضي هراة: 2727 دواء: الوافر: نصيب بن رباح: 2754 الثناء: الوافر: محمد بن أحمد المغربي: 2301 ببكاء: الكامل: ابن هيصم الهروي: 1783 غناء: الكامل: ابن قلاقس: 2751 والعلماء: الكامل: أسعد العتبي: 633 الولاء: مجزوء الكامل: ابن حدار: 791 وسمائه: الكامل:---: 243 وبهائه: الكامل: الصخري: 503 وشقائه: الكامل: سهل بن محمد: 1408 سودائه: الكامل: المتنبي: 1408 وضيائه: الكامل: الفنجكردي: 1665 نعمائه: الكامل: البديع الاسطرلابي: 2771 وورائه: الكامل: أبو عروة المدني: 2759 إنائها: الكامل: أمية بن أبي الصلت: 741 علمائها: الكامل: أبو الحسن الفالي: 1646 إغفائها: الكامل المجزوء: أبو عثمان الناجم: 1348 مائها: السريع: أبو نواس: 2017 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2967 والهواء: الخفيف: الصخري: 502 الكرماء: الخفيف:---: 564 الذكاء: الخفيف: بزرج العروضي: 745 اس ت واء: الخفيف: جعفر بن قدامة: 789 عشواء: الخفيف:---: 959 الأنبياء: الخفيف: ابن الحجاج: 1041 ثناء: الخفيف: ابن قم الزبيدي: 1135 لشقائي: الخفيف:---: 1351 الأحياء: الخفيف: صالح بن عبد القدوس: 1446 وهاء: الخفيف: الحريري: 2206 اللأواء: الخفيف: لقيط المحاربي: 2251 الكرماء: الخفيف: الوجيه ابن الدهان: 2264 الظرفاء: المجتث: ابن الحجاج: 1041 والهواء: المجتث: عبد الكافي الهاروني: 1570 التنائي: المجتث:---: 2550 الدماء: المتقارب: سري الرفاء: 2284 باعتلائه: المتقارب: الوزير المغربي: 1097 (ب) أدب: الطويل:---: 19 الأدب: الطويل: ابن أبي الزلازل: 1129 وثب: البسيط: ابن هندو: 1726 غالب: مخلع البسيط: ابن بسام: 1860 بالعجائب: مخلع البسيط: ابن بسام/ أبو الحارث النوفلي: 561 بالعجائب: مخلع البسيط: ابن بسام: 1861 الحسب: الكامل: شهيد البلخي: 1422 الأدب: الكامل: ابن الشجري: 2776 غرب: الكامل: المستور النحوي: 1151 عجب: مجزوء الكامل: جحظة: 213 العطب: مجزوء الكامل: جحظة: 213 واضطرب: مجزوء الكامل: جحظة: 224 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2968 صاحب: مجزوء الكامل: سعيد بن حميد: 1365 والغريب: مجزوء الكامل: الوحيد: 1357 المهلب: مجزوء الكامل: أبو العالية الشامي: 2237 الخطوب مجزوء الكامل:---: 2431 الكرب: الرمل: الفضل اللهبي: 1138 وتعب: الرمل: أبو الحسن الكندي: 1667 الأدب: السريع:---: 20 النّدب: السريع:---: 916 الحبيب: السريع:---: 2812 حاجب: المنسرح: جحظة: 210 الكواكب: الخفيف: الخليل: 1266 والغضب: مجزوء الخفيف: ابن المعتز: 1522 العرب: مجزوء الخفيف: الجماز: 2106 الطرب: المتقارب: الأحمر: 1672 تصب: المتقارب: ابن دريد: 2498 الأدب: المتقارب: المعافى الجريري: 2704 الخطاب: المتقارب:---: 2358 لزينبا: الطويل: الحسن بن المظفر النيسابوري: 1018 وصوّبا: الطويل: أبو علي المنطقي: 2042 ومرحبا: الطويل: ابن حميدة الحلي: 2571 والصحبا: الطويل: الشريف ابراهيم بن محمد العلوي: 126 ذنبا: الطويل: ابن رشيق: 863 القطبا: الطويل: الوزير المهلبي: 980 قربا: الطويل: خالد بن يزيد: 1241 الصّبا: الطويل: الواحدي: 1661 رحبا: الطويل: الباخرزي: 1686 والغربا: الطويل: المطرز: 1732، 2156 غبا: الطويل:---: 1928 قلبا: الطويل:---: 1928 غصبا: الطويل: أبو علي المنطقي: 2046 العواقبا: الطويل: ابراهيم الصولي: 82 نوائبا: الطويل:---: 1001 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2969 والرغائبا: الطويل: الحسين بن مطير: 1157 المناهبا: الطويل: ابن ماكولا: 1988 ايابك: الطويل: ابن فارس: 417 اسبابا: البسيط: الشمس البيهقي: 651 ألقابا: البسيط: الخوارزمي: 652 عتبا: البسيط: نطاحة: 201 الكتبا: البسيط: ابن الجراح: 395 مضطربا: البسيط: ابن فارس: 414 غلبا: البسيط: ابن حيوس: 584 رجبا: البسيط: الباخرزي: 1684 والأدبا: البسيط: أبو الأسود الدؤلي: 1473 ذهبا: البسيط: أبو القاسم التنوخي: 1879 اغتربا: البسيط: ابن عرام الاسواني: 2777 وترتيبا: البسيط: ابن هندو: 1724 مكتوبا: البسيط:---: 808 محجوبا: البسيط: رزين العروضي: 1305 تعبك: البسيط:---: 887 يعابا: الوافر: أبو علي الفارسي: 818 تابى: الوافر:---: 280 شرابا: الوافر: جرير: 1004 اعتصابا: الوافر: خرقة الكلبي: 1248 ونابا: الوافر: خرقة الكلبي: 1248 جوابا: الوافر: الراعي النميري: 1828 حبّا: الوافر: ابن جني: 1589 غلبا: مجزوء الوافر: الصولي: 73 صبا: مجزوء الوافر: الرقيق القيرواني: 98 مصائبا: الكامل: المتنبي: 345 شائبا: الكامل: أسامة بن منقذ: 575 رقيبا: الكامل: الوزير المهلبي: 992 دبيبا: الكامل: قابوس بن وشمكير: 2183 والكربا: الكامل: عثمان بن علي الصقلي: 1608 انبوبا: الكامل: أبو الفتح ابن العميد: 1896 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2970 ثوابه: مجزوء الكامل: أحمد الماذرائي: 440 عواقبها: الكامل: ابراهيم الصولي: 79 مختضبا: الرمل: ابن المعتز: 2285 العذابا: مجزوء الرمل:---: 2206 محابى: مجزوء الرمل: ابن الحريري: 2206 وطيبا: مجزوء الرمل: ابن القيسراني: 2764 ذهبا: الهزج: جهم المازني: 801 يصحبا: السريع: ابن الرومي: 365 مذهبا: السريع: ابن سكرة: 1726 ومسلوبا: السريع: اسماعيل بن حسين العلوي- ابن عزيز: 654 أعجوبه: السريع: الميداني: 513 قلبها: السريع: ابن تركانشاه: 2542 الأدبا: المنسرح: الحكم بن عبدل: 1190، 2760 شابا: الخفيف: أحمد بن أمية: 203 والطلابا: الخفيف:---: 1554 عجيبا: الخفيف: ابن الهبارية: 1395 ركوبا: الخفيف: أبو تمام: 2515 (تصوبا) : الخفيف: أبو تمام: 850 عجابه: الخفيف: البحتري: 441 فأجابه: الخفيف: البحتري: 441 والمهابه: الخفيف: أبو سهل: 442 عاجبا: المتقارب: أبو عامر الجرجاني: 2169 كرنبا: المتقارب: ابن المعذل: 2778 حبيبه: المتقارب:---: 649 شبّه: المتقارب: ابن كثير: 1545 المشارب: الطويل: جحظة: 170 وجانب: الطويل: الأخنس بن شهاب: 313 جانب: الطويل: ابن عبد ربه: 465 المذاهب: الطويل: المرهف بن اسامة: 593 واجب: الطويل:---: 886 وتواظب: الطويل: الوزير المهلبي: 992 والأقارب: الطويل: ابو علي السهواجي: 1150 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2971 ملاعب: الطويل: داود بن الهيثم: 1283 راغب: الطويل: مسكين الدارمي: 1300 ونجائب: الطويل: ابن سلام المكاري: 1507 ملاعب: الطويل: ابن داود الظاهري: 2527 أعاتب: الطويل: ابن عنين: 2666 قارب: الطويل: نصيب بن رباح: 2753 الذنب: الطويل: الوحيد: 1356 الحبّ: الطويل: جميل بثينة: 1445 الصبّ: الطويل: ابن حزم: 1654 الغرب: الطويل: ابن حزم: 1658 نصب: الطويل: ابن الزاهدة: 1845 الترهّب: الطويل:---: 249 يغضبوا: الطويل: حريث بن محفض: 914 يصلب: الطويل: الأعور الكلبي: 1196 يتعتّب: الطويل: سعد التوراني: 1348 وينسب: الطويل:---: 16 ويرسب: الطويل: سمير بن ادكن: 336 ومذهب: الطويل:---: 910 أغضب: الطويل: أبو الأسود الدؤلي: 1468 مغرّب: الطويل: المرهف ابن أسامة: 594 تقرّب: الطويل: (المتنبي؟) : 1535 وترهب: الطويل: ابن الاقفاصي: 1689 وتغضب: الطويل: جحظة: 1717 أعجب: الطويل: أبو الفرج الاصبهاني: 1718 وأقرب: الطويل: عمرو بن مسعدة: 2131 أصعب: الطويل: ابن دريد: 2493 تحجب: الطويل: مكي بن ريان: 2715 جناب: الطويل: أمية ابن أبي الصلت: 741 عذاب: الطويل: ابن الشبل: 1082 يصاب: الطويل: عثمان الجنزي: 2096 شبيب: الطويل:---: 28 رقيب: الطويل:---: 547 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2972 غروب: الطويل:---: 551 هيوب: الطويل: نسيم (الجارية) : 567 (طبيب) : الطويل: كعب الغنوي: 762 ومغيب: الطويل: حسان بن مالك: 806 وقريب: الطويل: ابن غلندو: 1194 وتطيب: الطويل: الأعور الكلبي: 1195 سنتوب: الطويل: حميد بن ثور: 1224 لعجيب: الطويل: الخليل: 1266 عجيب: الطويل: أبو العباس: 1402 ولغوب: الطويل: أبو الحسن البيهقي: 1765 تصيب: الطويل: وصيف الناشىء: 1789 ويتوب: الطويل: القاضي الجرجاني: 1804 طبيب: الطويل: أبو القاسم التنوخي: 1876 مشيب: الطويل: الورد الجعدي: 1931 شحوب: الطويل:---: 1940 وجيب: الطويل: الجاحظ: 2111 ذنوب: الطويل: الحريري: 2213 كئيب: الطويل: الكلثومي: 2555 لعجيب: الطويل: ابن أبي الدميك: 2730 تراقبه: الطويل: الصابي: 153 حاجبه: الطويل: البستي: 374 حاطبه: الطويل:---: 910 نادبه: الطويل: بشار: 1414 ومواكبه: الطويل:---: 1340 ملاعبه: الطويل: ابن ميادة: 1311 تعاتبه: الطويل: المتلمس: 1414 نابه: الطويل: ابن ناكل: 1626 ترابها: الطويل:---: 416 غرابها: الطويل:---: 1620 غضب: المديد: ابن هداب النوري: 1163 والعرب: البسيط:---: 37 يحجب: البسيط: أبو سعيد الأديبي: 185 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2973 النسب: البسيط: حمزة العين زربي: 1222 تلتهب: البسيط: حميد ابن منقذ: 1226 طنب: البسيط: ابن ميادة: 1309 أدب: البسيط: مروان بن أبي حفصة: 1471 هرب: البسيط: الفنجكردي: 1665 حلب: البسيط: وصيف الناشىء: 1787 يجتنب: البسيط: ابن ماكولا: 1988 صبب: البسيط: الفتح بن خاقان: 2159 تعب: البسيط: القاسم الواسطي: 2225 قشب: البسيط: محمد بن أحمد المغربي: 2303 الغضب: البسيط: المؤمل بن اميل: 2735 نسب: البسيط: يونس بن سالم الخياط: 2853 محجوب: البسيط: الخطابي: 490 مسبوب: البسيط: ابن صريع الغواني: 1403 مواكبه: البسيط: ابن خيران: 382 أندبه: البسيط: القاضي الجرجاني: 1803 حجاب: مخلع البسيط: ابن بسام: 1863 مشوب: مخلع البسيط: ابن أبي حصينة: 1128 الأديب: مخلع البسيط: الخضر بن ثروان: 1250 الخلوب: مخلع البسيط: ابن هندو: 1725 المصيب: الوافر: الجاحظ: 2109 قريب: الوافر:---: 2575 والخطوب: الوافر: ابن شرف: 2638 تشيب: الوافر: الابيوردي: 2371 وغرب: الوافر: ابن القيسراني: 2659 والشهاب: الوافر:---: 883 كتاب: الوافر: ابن أبي حصينة: 1126 الكتاب: الوافر: وصيف الناشىء: 1788 العطب: مجزوء الوافر: الوزير المغربي: 1098 عجيب: الكامل: ابن الخياط الأندلسي: 2806 قريب: الكامل: نصيب مولى المهدي: 2756 أريب: الكامل: ابن هانىء: 2673 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2974 تذوب: الكامل: ابن شرف: 2637 يطيب: الكامل: أبو عمرو السرقوسي: 1606 يذوب: الكامل: حميد بن منقذ: 589 موهوب: الكامل: ابو القاسم التنوخي: 1882 الأحساب: الكامل: الأبيوردي: 2373 غائب: الكامل: جحظة: 209 عواقب: الكامل: أبو القاسم ابن حبيب: 996 وعاب: الكامل: البلاذري: 532 العتاب: مجزوء الكامل: أسامة بن منقذ: 574 مرتاب: الكامل: أسامة بن منقذ: 576 الأعتاب: الكامل: علي بن هارون المنجم: 1992 ثعلب: الكامل: أبو بكر ابن العلاف: 2683 وتعتب: الكامل: ابن التعاويذي: 2562 الأكذب: الكامل: رزين العروضي: 1306 ثعلب: الكامل: ابن العلاف: 541 يتحبّب: الكامل: ابن الساعاتي الطبيب: 1309 وتقلّب: الكامل: صالح بن عبد القدوس: 1446 مغرّب: الكامل: ابو القاسم التنوخي: 1875 ومؤنب: الكامل: القاسم بن محمد الأنباري: 2228 مستصعب: الكامل: جناد: 800 يتجنّب: الكامل:---: 117 تحسب: الكامل: نفطويه: 117 يجب: الكامل:---: 46 يعسوبه: الكامل: أبو الحسن البيهقي: 1766 نشبّ: مجزوء الكامل: الرضي: 375 تخبو: مجزوء الكامل: ابن القارح: 1975 تستحبّ: مجزوء الكامل: ابو عامر الجرجاني: 2168 القلوب: مجزوء: الكامل: ابن القيسراني: 2659 خلوب: مجزوء الكامل: منصور الفقيه: 2726 تحبّه: مجزوء الكامل: الشافعي: 2407 يجب: الرمل: أبو فراس السلمي: 1458 مشيب: مجزوء الرمل: أبو هلال العسكري: 919 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2975 نشيبه: مجزوء الرمل: الأبيوردي: 2366 الصبّ: السريع: القطربلي المؤرخ: 1514 المذنب: السريع: ابن دهن الحصى: 975 يغضب: السريع: ابن الحجاج: 1047 طبّه: السريع: مظفر بن عبد الرحيم: 2700 ذنب: المنسرح: أبو اليسر المعري: 300 تنقلب: المنسرح: أسامة بن منقذ: 574 والحدب: المنسرح: ابن عنين: 1566 وتلتهب: المنسرح: المظفر بن ابراهيم: 2701 رحب: الخفيف: ابن الزمكدم: 1601 الجديب: الخفيف: أبو تمام: 2513 الألباب: الخفيف: ابن أبي طاهر طيفور: 285 والحجاب: الخفيف: أبو العباس الضبي: 711 الشراب: الخفيف: القاسم الواسطي: 2223 مشاربه: مجزوء الخفيف: ممويه: 2716 وعذب: المجتث: الوزير المغربي: 1098 حرب: المجتث: عتاب بن ورقاء: 1585 قريب: المتقارب: أبو اسحاق المسمعي: 223 مهيب: المتقارب: خالد بن يزيد: 1240 الطبيب: المتقارب: الخليل: 1271 والكوكب: المتقارب: صاعد البغدادي: 2274 تطلب: المتقارب: ابن ولاد: 2674 حقائبي: الطويل: الصابي: 150 التجارب: الطويل: أسامة بن منقذ: 580 المراتب: الطويل: يحيى الحصكفي: 588 بغائب: الطويل: أبو عثمان الناجم: 1349 بغائب: الطويل: أبو فراس السلمي: 1458 كاذب: الطويل: سلمة بن عياش: 1385 كاذب: الطويل: ابن عياش المنتوف: سلمة بن عياش: 1543 والمغارب: الطويل: أبو دلف العجلي: 1706 الترائب: الطويل: الحسين الكوجكي: 1734 العقارب: الطويل: وصيف الناشىء: 1787 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2976 الحبائب: الطويل:---: 1791 ناصب: الطويل: أبو القاسم التنوخي: 1881 طالب: الطويل: ابن المعنز: 1881 الصوائب: الطويل: ابن فيره: 2216 الواجب: الطويل: اوس بن حجر: 2513 السواكب: الطويل:---: 2476 السواكب: الطويل: ابن حسان الضبي: 2486 وصاحب: الطويل: ابن القزاز: 2476 طالب: الطويل: أبو تمام: 2515 والترائب: الطويل: أبو تمام: 2516 النوائب: الطويل: أبو تمام: 2517 التناسب: الطويل: ابن عنين: 2664 الحقائب: الطويل: نجم العقيلي: 2732 بالعصائب: الطويل: الفرزدق: 2753 بناب: الطويل: ابن ناكل: 1626 بنصيب: الطويل:---: 19 قطوب: الطويل: العطوي: 103 قريب: الطويل: جحظة: 216 قريب: الطويل: الحرمازي: 931 بنصيب: الطويل: الخليع: 1068 كئيب: الطويل: القاضي الجرجاني: 1804 تحبّب: الطويل:---: 371 مذرّب: الطويل: أوس بن حجر: 540 ونطرب: الطويل: اسحاق الموصلي: 606 المغرّب: الطويل: القاضي الجرجاني: 1803 مركب: الطويل: عامر بن الطفيل: 2030 المهذب: الطويل: الحريري: 2207 مطنب: الطويل:---: 2683 العذب: الطويل: علي بن مرشد بن منقذ: 583 والشرب: الطويل: اسحاق الموصلي: 613 والكتب: الطويل: الموصلي: 1609 والغرب: الطويل:---: 828 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2977 والكرب: الطويل: أبو القاسم ابن حبيب: 996 الحبّ: الطويل: خميس الحوزي: 1275: القلب: الطويل: الباجي: 1389 قلبي: الطويل: القاضي الجرجاني: 1798 قلبي: الطويل: ابن البقال: 2049 الصحب: الطويل: ابن الخشاب: 1496 سكب: الطويل: موسى الاغماتي: 2099 قرب: الطويل: ذو الرمة: 2134 الكرب: الطويل: الحريري: 2208 شعب: الطويل:---: 2247 ذنبي: الطويل: النوقاتي: 2345 القرب: الطويل: ابن القيسراني: 2659 كساكبه: الطويل: ابن ماكولا: 1987 ببابه: الطويل: أبو بكر العميد: 1680 ركوبه: الطويل: أسامة بن منقذ: 579 رقيبه: الطويل: وصيف الناشىء: 1789 غبّه: الطويل: أبو علي المنطقي: 2048 الادب: المديد: المرثدي: 454 والكرب: المديد: الخباز البلدي: 2283 الكتب: البسيط: محمد بن سلامة المقرىء: 13 والنشب: البسيط:---: 20 حسب: البسيط:---: 21 والأدب: البسيط:---: 20 والأدب: البسيط: أحمد بن سليمان بن وهب: 271 الأدب: البسيط: ابن أبي طاهر طيفور: 285 والأدب: البسيط:---: 1030 غضبي: البسيط: الصابي: 151 والعرب: البسيط: مسكويه: 495 والعرب: البسيط:---: 552 طرب: البسيط: أحمد السهلي: 505 السبب: البسيط: أمية أبو الصلت الأندلسي: 743 الرتب: البسيط: القطان: 970 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2978 حلب: البسيط: الوزير المغربي: 1101 والكذب: البسيط: خالد الكاتب: 1244 طرب: البسيط: الحظيري: 1352 والحسب: البسيط: ابن بسام: 1525 الكتب: البسيط: ابن جني: 1587 الأدب: البسيط: أبو عمرو الداني: 1603 الرتب: البسيط: ابو اسحاق الحصري: 1793 يجب: البسيط: ادريس بن أبي حفصة: 2009 أدب: البسيط: ابن أبي طاهر: 1981 سببي: البسيط: احمد بن أبي طاهر: 2019 صبب: البسيط: يعقوب التمار: 2019 النشب: البسيط: ابو هفان: 2019 أدبي: البسيط: البيروني: 2335 الشهب: البسيط: الابيوردي: 2363 بالذنب: البسيط: الشافعي: 2413 شغب: البسيط: أبو نواس: 2790 النسب: البسيط: ذهل بن ثعلبة/ أبو نواس: 2790 خطب: البسيط: بشار: 2793 والترب: البسيط: جحظة: 2494 والعنب: البسيط: أبو تمام: 2515، 2516 يصب: البسيط: أبو تمام: 2516 الحرب: البسيط: أبو تمام: 2516 القشب: البسيط: أبو تمام: 2516 اللهب: البسيط: أبو تمام: 2516 تجب: البسيط: أبو تمام: 2517 بمعتقب: البسيط: ابن خلصة الشذوني: 2526 الباب: البسيط: أحمد الخراز: 229 بمحجوب: البسيط: الوزير المغربي: 1100 والذيب: البسيط: أبو نواس: 1742 بمنسوب: البسيط: العماد: 2623 عرقوب: البسيط: ابن شرف: 2640 بالأعاجيب: البسيط: نفطويه: 120 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2979 السلاهيب: البسيط: ابن الصيرفي: 1972 المحب: مخلع البسيط:---: 47 عذابي: مخلع البسيط: ابن رواحة: 1090 للصواب: مخلع البسيط: ابن الهبارية: 1393 ربّه: مخلع البسيط: ابن القارح: 1976 مضاربه: البسيط: ذو القرنين ابن حمدان: 1297 الثياب: الوافر: أحمد بن اسحاق بن البهلول: 197 ارتقاب: الوافر: أحمد بن سليمان بن وهب: 270 السحاب: الوافر: أسامة بن منقذ: 579 التصابي: الوافر: ابن سينا: 1072 الكلاب: الوافر: ابن الهبارية: 1395 كالهضاب: الوافر: صاعد البغدادي: 1441 نابي: الوافر:---: 1679 الثياب: الوافر: أبو علي المنطقي: 2042 الشباب: الوافر:---: 2121 وللشباب: الوافر: ابن مناذر: 2148 عذاب: الوافر: الخبز أرزي: 2746 الصحاب: الوافر: ابن لنكك: 2746 الغراب: الوافر: ابن العلاف الشيزري: 2769 الخطاب: الوافر: الفرزدق: 2788 انتصاب: الوافر: أبو زكريا ابن الدهان: 2817 المغيب: الوافر: ابراهيم الصولي: 71 الخطوب: الوافر: الرضي: 375 الرطيب: الوافر: السلفي: 392 والصليب: الوافر: سعيد الوراق: 426 بالحبيب: الوافر: الوزير المهلبي: 993 القلوب: الوافر: أحمد بن يوسف: 568 العيوب: الوافر:---: 1233 الغريب: الوافر: أبو تمام: 2337 لبّ: الوافر: البلاذري: 533 مناكب: الكامل: ابراهيم الصولي: 79 مغاضبي: الكامل: الصابي: 132 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2980 بغياهب: الكامل: أسامة بن منقذ: 579 ماربي: الكامل: الصابي أبو اسحاق: 714 الواجب: الكامل: ابن المنقى: 1758 اللقب: الكامل:---: 1771 الواجب: الكامل: ابن بسام: 2012 الواجب: الكامل: علي بن سليمان: 2014 الأداب: الكامل:---: 19 الكتّاب: الكامل: الغريبي: 1091 الأعراب: الكامل: البديع: 245 الألباب: الكامل:---: 1558 الأسباب: الكامل: الزبير بن بكار: 1324 الأسباب: الكامل: الباخرزي/ الزبير بن بكار: 1683 كذاب: الكامل: ابن بسام: 1864 بالمرتاب: الكامل: القتال الكلابي: 2110 الأنساب: الكامل: العتابي: 2245 والأداب: الكامل: أبو العيناء: 2612 الاعجاب: الكامل: قاضي هراة: 2728 كالزرنب: الكامل: ابراهيم: الغزال: 89 الأجرب: الكامل: لبيد: 252 الأقرب: الكامل:---: 586 العقرب: الكامل: البارع الزوزني: 632 الجورب: الكامل: روح بن زنباع: 1228 ومذهب: الكامل: ابن الشبل: 1083 نشب: الكامل: سعيد ابن الدهان: 1370 شجب: الكامل: ابو العبر: 2300 النبي: الكامل: الأبيوردي: 2365 منصبي: الكامل: الأبيوردي: 2374 أشنب: الكامل: القاضي البحاثي: 2429 مذهب: الكامل: المرفل يعلى الأربسي: 2476 بأديب: الكامل: المرفل البلاذري: 534 وهوب: الكامل: المرفل حسان/ ضرار ... : 2018 المغلوب: الكامل:---: 1559 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2981 الجنب: الكامل: الأحوص: 2024 صبّ: الكامل: الأحوص: 2024 أنسابه: الكامل: الصخري: 503 غضبه: الكامل: الخليع: 1070 بلبّه: الكامل: ابو بكر ابن زهر: 2554 وبطيبها: الكامل: ابو عامر الجرجاني: 2171 غيابي: مجزوء الكامل: ابو عثمان الناجم: 1348 شراب: مجزوء الكامل: ابو بكر العميد: 1680 نسبي: الهزج: ابن جني: 1586 الحسب: الهزج: ابن جني: 1591 كتبك: الهزج: الحرمازي: 931 الجواب: مجزوء الرمل: القاضي البحاثي: 2431 ذنبي: مجزوء الرمل: ابن الحجاج: 1769 بالقرب: السريع:---: 813 جانب: السريع: البتي: 378 الصب: السريع: المبرد: 550 الرطب: السريع: ابن هلال السعيدي: 2440 ذنبي: السريع: خالد الكاتب: 1245 الواجب: السريع: ابن اليزيدي عبد الله: 1576 الطيب: السريع: مسكويه: 498 أشرب: السريع: البديع: 497 واهبه: السريع: جحظة: 213 لأصحابه: السريع:---: 2261 لأصحابه: السريع:---: 1948 الأدب: المنسرح: جحظة: 226 الأدب: المنسرح: اسماعيل بن عبدوس: 657 مرتقب: المنسرح: ابن المعتز: 863 الحبب: المنسرح: ابو عثمان الخالدي: 1378 الذهب: المنسرح: الخريمي: 2006 والطرب: المنسرح: ابو النضر النحوي: 2285 الترب: المنسرح: الأمدي أبو القاسم: 2328 والكرب: المنسرح: أبو النضر المصري: 2426 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2982 الغرب: المنسرح: ابن عنين: 2663 مكتئب: المنسرح: مظفر بن ابراهيم: 2701 النسب: المنسرح: ممويه: 2716 وتجريب: المنسرح: أبو العالية الشامي: 976 أيوب: المنسرح: ابن لنكك: 2620 أدبه: المنسرح:---: 19 أدبه: المنسرح: أبو تمام: 610 الأعاريب: الخفيف: أبو العيسجور: 254 اللباب: الخفيف:---: 649 لجوابي: الخفيف: الصابي: 154 والأداب: الخفيف: السلفي: 489 وشبابي: الخفيف: نصر بن منفذ: 592 وعذاب: الخفيف: خالد الكاتب: 1245 حبيب: الخفيف: ابو البركات ابن أبي جرادة: 2074 بالتثويب: الخفيف:---: 1009 السكوب: الخفيف: ابن لنكك: 2622 والأذناب: الخفيف: أبو الفرج الاصبهاني: 1711 وحرب: الخفيف: أسامة بن منقد: 579 المهلبي: مجزوء الخفيف:---: 1712 الرواهب: مجزوء الخفيف:---: 1714 لنصيبي: المجتث: نطاحة: 200 الأصحاب: المجتث: الحسن بن وهب: 1022 ثيابي: المجتث:---: 1889 شبابي: المجتث: ابو الفتح ابن العميد: 1889 حسبي: المجتث: أبو أحمد العروضي: 524 الراهب: المتقارب: ابن أبي طاهر طيفور: 286 الصواب: المتقارب: فتيان الأسدي: 872 بالخضاب: المتقارب: سبط أبي منصور الخياط: 1540 السحاب: المتقارب: ابن جني: 1589 الصواب: المتقارب: خلف الأحمر: 2148 ثعلب: المتقارب: القطريلي: 543 ثعلب: المتقارب:---: 2680 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2983 الطبيب: المتقارب:---: 967 كاتبه: المتقارب: البحتري: 717 أترابها: المتقارب: ابراهيم الصولي: 75 بأبوابها: المتقارب: الأعشى الكبير: 1302 أنيابها: المتقارب: ابن المعتز: 1525 (ت) رأتا: البسيط: أبو بكر ابن زهر: 2552 ظننتا: الوافر: عبد الله بن بجير: 24 يموتا: الوافر:---: 48 مقلته: مجزوء الوافر: ابن جني: 1588 أتى الكامل: شرف الدين المرسي: 2547 وتحته: الكامل: أبو بكر العميد: 1680 الشتا: المتقارب: ابن فارس: 414 تحتها: المتقارب: منصور الفقيه: 2724 عشت: الطويل: الأثرم: 1971 وألفته: الطويل: الوزير المغربي: 1101 سطواته: الطويل: ابن ارسلان: 1960 قوتها: الطويل : ث علب: 553 ماتوا: البسيط: نسيم الجارية: 567 ملمات: البسيط: أبو شبل: 626 الملامات: البسيط: ابن الشبل: 1081 طلعته: البسيط: قاضي هراة: 2728 سترته: مخلع البسيط: المفجع: 2342 ووقت: مخلع البسيط: منصور الفقيه: 2726 ليت: الوافر:---: 310 انتشيت: الوافر:---: 597 جريت: الوافر: ربيعة الرقي: 1303 الولاة: الوافر: الجمل المصري: 1130 رجوت: الوافر: ابن بسام: 1864 العنوت: الوافر: يموت بن المزرع: 2845 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2984 فشنئته: الكامل: ابن خيران: 381 غريت: مجزوء الكامل: المعري: 327 أموت: مجزوء الكامل:---: 1024 شواته: مجزوء الكامل: سعيد بن عبد الرحمن بن حسان: 1255 الموت: الهزج: ابراهيم الحربي: 47 يموت: مجزوء الرمل: منصور الفقيه: 2724 والقوت: السريع: غانم المالقي: 2152 علامات: المنسرح: الباخرزي: 1685 حييت: الخفيف:---: 47 تميت: الخفيف: أبو أحمد العروضي: 525 عنيت: الخفيف: الحريري: 2206 تجارته: مجزوء الخفيف: أعشى همدان: 2150 وتخلت: الطويل: كثير: 317 حلت: الطويل: كثير: 330 ولّت: الطويل: الشنفرى: 330 غنّت: الطويل: بعض الأعراب: 609 الأزمّة: الطويل: ابن السراج: 778 واطمأنت: الطويل:---: 1001 ذلّت: الطويل: خرقة الكلبي: 1248 تجلت: الطويل: ابراهيم الصولي: 1713 وفاتي: الطويل: الصاحب: 717 العرصات: الطويل: دعبل: 1285، 2619 الفرحات: الطويل: ابن لنكك: 2622 بساحتي: الطويل: القاضي البحاثي: 2430 صفاته: الطويل:---: 700 فقحته: الطويل: ابو القاسم التنوخي: 1877 مبهوت: البسيط: ابن أبي حصينة: 1127 العداوات: البسيط: المعري: 337 المداراة: البسيط: الخطابي: 490، 1207 الجنايات: البسيط: ابن الماشطة: 1675 الديانات: البسيط: ابن عساكر الحافظ: 1703 البشاشات: البسيط: أبو القاسم التنوخي: 1880 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2985 صفته: البسيط: الحصري: 159 هجرته: البسيط: ابن المعتز: 1522 الممات: مخلع البسيط: منصور الفقيه: 2724 أشتّي: الوافر: ابن وهاس: 1833 الدعاة: الوافر: ابن أبي الشخباء: 1011 الساجعات: الوافر: ابن يخلف الصقلي: 1530 حياتي: الوافر: ابن جحا الكوفاني: 1580 موات: الكامل: الحسن بن المظفر النيسابوري: 1017 والياقوت: الكامل: حميد بن منقذ: 589، 1227 الحسنات: الكامل: ابن طباطبا أبو الحسن: 2312 البيت: الكامل: اللحام: 2338 ثابت: الكامل: نصيب بن رباح: 2754 وجناته: الكامل: نفطويه: 117 قسماته: الكامل: الاسعد ابن مماتي: 643 وشاته: الكامل:---: 1210 سباته: الكامل: ابن سريح: 2529 وجنته: الكامل: وصيف الناشىء: 1790 فهاتها: الكامل: مهيار: 403 عداتها: الكامل: الصخري: 503 الثبات: مجزوء الكامل: أحمد بن علي القاساني: 370 الزيت: الهزج: بشار: 2201 الغانيات: مجزوء الرمل: المبرد: 2681 بالدجنات: السريع: حميد الأرقط: 1226 بتسليمته: السريع: الصابي: 149 والبيت: المنسرح:---: 1320 ياتي: المنسرح:---: 2332 الشامت: المنسرح:---: 666 بتصويت: المنسرح: أبو أحمد العروضي: 525 منعوت: المنسرح: الشمشاطي: 1909 بابدته: المنسرح: ابن لنكك: 183 بطلعته: المنسرح: الخلنجي: 172 بهامتها: المنسرح: أبو بكر العميد: 1678 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2986 الباقيات: الخفيف: الصاحب ابن عباد: 695 القضاة: الخفيف: العميدي: 695 ضاربات: الخفيف:---: 1739 خشبات: الخفيف: أبو قلابة الجرمي: 804 ممات: الخفيف: الحظيري: 1351 واللوعات: الخفيف: أحمد بن موسى الأنطاكي: 2502 الدناة: الخفيف:---: 2502 حسناتي: الخفيف: الرمادي: 2850 بمقته: الخفيف: أبو محمد اليزيدي: 1257 الأوقات: المجتث: أبو نصر ابن كشاجم: 786 حيلتي: المتقارب: ابن الحجاج: 1043 دراعته: المتقارب: ابن القارح: 1975 (ث) حراثا: الكامل: ابو تمام: 1136 الحوادث: الطويل: ابراهيم الصولي: 74 ويحنث: الطويل: الأسعد ابن مماتي: 644 وأبعث: الطويل: البديع الاسطرلابي: 2770 الجثث: البسيط: الفخر الرازي: 2590 حديث: الكامل: ابن شرف: 2637 خبيث: مجزوء الكامل: ابن الرومي: 2534 محثوث: السريع:---: 897 عبّاث: السريع: الصاحب: 718 العبث: المديد: الخطيب الحصكفي: 2819 ابثاث: الخفيف: أحمد بن اسحاق بن البهلول: 197 الأجداث: الخفيف: القاضي البجاثي: 2431 الأحداث: الخفيف: ابن دوست: 2432 (ج) لسمج: الرمل:---: 1609 لسمج: الرمل: الفتح بن خاقان/ علية بنت المهدي: 2162 مرتجى: الطويل: الوجيه ابن الدهان: 2266 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2987 الدجى: الكامل: المعمري: 2328 يلهج: الطويل: الصابي: 148 ويخرج: الطويل:---: 716 يفرّج: الطويل: ابن بشران: 2354 ودملج: الطويل: أبو د هبل: 2374 سجسج: الطويل: ابن الرومي: 2588 ترجو: الطويل:---: 1975 خرج: الطويل: ابن القارح: 1975 يعالجه: الطويل: البستي: 69 المهج: البسيط: ابن الشبل: 1083 اللهج: البسيط: بشار: 1382 مزعوج: البسيط:---: 1595 يدبجها: البسيط: السري الرفاء: 1345 حاج: الوافر: ابن فارس: 412 المخرج: الكامل: ابراهيم الصولي: 81 الناتج: السريع:---: 252 النواسج: الطويل: ابراهيم بن صالح الوراق: 69 المهج: البسيط: الحسن السهواجي: 995، 1150 بالفرج: البسيط: ابن القلانسي: 1215 الخروج: الوافر: ابن سينا: 1073 وبالسروج: الوافر: ابن بسام: 1865 علوج: الوافر: ابن لنكك: 2621 أخرج: الكامل: بديع الزمان: 238 للتاج: الكامل: ابن خيران: 382 الدياجي: الخفيف: ابن الدويدة: 591 أزواجه: المتقارب: ابن فضال: 1838 (ح، خ) الصباح: السريع: طلحة النعماني: 1460 وقاح: السريع: القفطي: 2025 نصوح: المتقارب: المعموري: 2356 القدح: المتقارب: أبو الفتح ابن العميد: 694 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2988 بالجلح: المتقارب: السهروردي: 1522 وطلّحا: الطويل: الحسن بن وهب: 1021 نفحا: الطويل: المهذب: ابن الزبير: 945 وصباحا: المديد: اسحاق الموصلي: 613 فرحا: البسيط: الخطيب البغدادي: 389 لمحا: البسيط: ابن أسد الفارقي: 845 صحا: البسيط: الخطيبي: 1973 ومطرحا: البسيط: المفجع: 2343 صلاحا: مخلع البسيط: الفنجكردي: 1665 ملاحا: الوافر: ابن أسد الفارقي: 844 سماحا: الكامل: أبو محمد الخوارزمي: 2192 المستملحا: الكامل: الباخرزي: 1683 صفاحا: الخفيف: ابن قلاقس: 2751 وشحا: الخفيف: الوزير المغربي/ المرادي: 1097 سطحه: الخفيف: شمال: 2336 النجاحا: المتقارب: داود بن سلم: 1282 ممادح: الطويل: عبد الله بن ابراهيم الحنبلي: 487 الصحائح: الطويل:---: 549 رائح: الطويل: المرار: 602 وروائح: الطويل: حسان بن مالك: 807 لواقح: الطويل: ابن أبي الشخباء: 1009 جانح: الطويل: عتبة بن بجير: 1830 تنوح: الطويل: أبو كبير الهذلي: 2138 فتريح: الطويل: عوف بن محلم: 2138 جنوح: الطويل: النابغة الذبياني: 2513 براح: الطويل: المحسن التنوخي: 2281 جراح: الطويل: الشافعي: 2406 جناح: الطويل:---: 2406 وشاح: الطويل: ابن شرف: 2639 متمنح: الطويل: ابن مقبل: 33 متزحزح: الطويل: أبو المجد محمد بن عبد الله بن محمد المعري: 299 يتوضح: الطويل: ذو الرمة: 362 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2989 أبطح: الطويل: الحيص: بيص: 1355 يصحو: الطويل: ابن بشران: 2352 وأمتاح: الطويل: ابن الموصلايا: 1634 الفتح: الطويل: الأسعد ابن مماتي: 642 قدح: المديد: ابن دهن الحصى: 974 قدح: البسيط: ابن أسد الفارقي: 846 قبيح: الوافر:---: 252 قبيح: الوافر:---: 892 فسيح: الوافر: الطاهر الجزري: 1415 الرموح: الوافر: أبو الحسن البيهقي: 1763 يراح: الوافر: نصيب بن رباح: 2754 الفيح: الكامل: أسامة بن منقذ: 576 لائح: الكامل: جحظة: 215 قباح: الكامل: ابن بشران: 2351 والراح: الكامل: الشهاب السهروردي: 2807 سحاح: الكامل: ابن عنين: 2588 أتصفح: الكامل:---: 1002 الصبح: السريع:---: 2163 أبوح: الخفيف: ابن أبي الدميك: 2730 التقبيح: الخفيف: ابن ماكولا: 1988 تبوح: الخفيف: سيدوك: 1777 روح: الخفيف: عبد القاهر الجرجاني: 2169 الصباح: الخفيف: الوزير المهلبي: 979 والمستماح: المتقارب: أبو رياش: 184 قروح: الطويل: الحسين بن مطير: 1162 بالقوادح: الطويل: جميل بثينة: 1522 الصحائح: الطويل: المعري: 325، 339، 341 347، 353 بصالح: الطويل:---: 1553 سلاح: الطويل: مسكين الدارمي: 1301 نصّاحي: الطويل:---: 1954 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2990 بارح: الطويل: جرير: 2307 واصباح: البسيط: قاضي هراة: 2728 بمطّرح: البسيط: عبد الله والد المعري: 296 قباح: مخلع البسيط: القاسم الواسطي: 2224 بالنجاح: الوافر: جرير: 760 براح: الوافر: الخالع: 1147 اللواحي: الوافر: ابن يخلف الصقلي: 1531 الفلاح: الوافر: أبو الفتح ابن العميد: 1907 النجاح: مجزوء الكامل:: 237 برواح: الكامل: أبو جعفر المحاربي: 816 صباح: الكامل: ابن أبي الشخباء: 1008 الراح: الكامل: ابن الشبل، ادريس بن اليمان: 1084 صالح: الكامل: أبو عبد الله النمري: 1093 صاح: الكامل: نشوان: 2745 المصباح: الكامل: ابن التلمي ذ ابو الفرج: 2820 المليح: مجزوء الكامل: ابن مكنسة: 636 مليح: المجتثّ: أحمد بن كليب: 425 كالاقاحي: المجتثّ: الأسعد ابن مماتي: 642 وقاح: الخفيف: بكر بن النطاح: 2515 الصراح: المتقارب: جحظة: 211 صحاح: المتقارب: مركوش: 2653 تنوخا: مجزوء الرمل: الصنوبري: 296 أخا: المتقارب: الشريف الأخفش: 401 أخ: البسيط: الخطابي: 489 الشيوخ: الوافر: ابن الحجاج: 2281 (د) والحسد: الطويل: حفصة الركونية: 1183 وكمد: البسيط: الشريف الكحال: 1405 قد: مخلع البسيط: صفوان بن ادريس: 1449 تعتد: الوافر: ابو عبد الله الحلواني: 1382 يسجد: مجزوء الوافر: ابن ناكل: 1627 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2991 جد: الكامل: حمزة بن بيض: 1216 أحمد: مجزوء الكامل:: 637 أحمد: مجزوء الكامل: ابن الذروي: 637 تتردّد: مجزوء الرمل: ابن الناصر: 130 مديد: السريع: ابن غزوان: 356 الشهيد: السريع: الأسعد بن مماتي: 644 مزيد: السريع: الوقشي: 2778 والاعتقاد: السريع: ابن فضال: 1837 قائد: المنسرح: المتنبي: 710 بارد: المنسرح: الكامل الخوارزمي: 1560 المعاند: الخفيف: ابن سكرة: 156 أتردد: المجتث:: 2300 الحسد: المتقارب: المعري: 356 لتجمدا: الطويل:: 548 سيدا: الطويل: الخليل بن أحمد السجزي: 1273 أحمدا: الطويل: حميد بن ثور: 1223 مطّردا: الطويل: حميد بن ثور: 1225 أنجدا: الطويل: أبو عبيد البكري: 1535 الرشدا: الطويل: ابن الماشطة: 1675 رغدا: الطويل:: 2048 الردى: الطويل: خميس الحوزي: 1275 فدا: الطويل: الشريف الكحال: 1405 جدى: الطويل: ابن ناكل: 1626 المسدى: الطويل: الصابي: 151 لنشهدا: الطويل: الوحيد: 1357 تأودا: الطويل: أبو علي البصير: 2162 الودّا: الطويل: أحمد بن اسحاق بن البهلول: 198 خردا: الطويل: عمر الحنزي: 2095 الفدا: الطويل: ابن بشران: 2354 ووالدا: الطويل: موفق الدين مكي: 838 واجدا: الطويل: ابن أسد الفارقي: 845 القصائدا: الطويل: يحيى بن علي المنجم: 2019 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2992 القصائدا: الطويل: الفرزدق: 2133 ومشهدا: الطويل:: 2533 مخلدا: الطويل: ابن سناء الملك: 2767 عتاده: الطويل: ابن الهبارية: 1395 ومحمده: الطويل:: 2130 ولدا: البسيط: الصاحب: 708 منفردا: البسيط: ابن قيس الرقيات: 926 رقدا: البسيط: ابن عليل العنزي: 935 ومنفردا: البسيط: الخطابي: 488 العناقيدا: البسيط: ابن أسد الفارقي: 845 منفردا: البسيط: ابو القاسم التنوخي: 1880 وأجدادا: البسيط: ياقوت الحموي: 798 الزادا: البسيط: الصغاني: 1015 الحدادا: الوافر: أحمد بن يوسف: 569 وزادا: الوافر: زياد الأعجم: 1329 المودّة: الوافر: ابن قم الزبيدي: 1141 مدى: الكامل: الصابي: 152 المحمودا: الكامل: الصابي: 134 مخلدا: الكامل: السري الرفاء: 9 ومحتدا: الكامل: أبو العباس الآبي: 516 برودا: الكامل: الباخرزي: 1683 عوادا: الكامل: أبو علي المنطقي: 2045 المودّه: مجزوء الكامل: أسامة بن منقذ: 580 وحده: مجزوء: الكامل:: 857 السعادة: مجزوء الكامل: ابن رواحة: 1090 زائدة: مجزوء الكامل: أبو بكر العميد: 1680 واحده: الكامل: أبو المرهف الجيلاني: 2748 أبدا: الهزج: الأسعد ابن مماتي: 641 عموده: مجزوء الرمل: المعمري: 2328 الوردا: السريع: ابن القطاع: 1669 والوالده: السريع: جحظة: 217 فائده: السريع: ابن الحجاج: 1047 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2993 عبده: السريع: ابن خيران: 383 قصدا: الخفيف: الوزير المغربي: 1099 سوادا: الخفيف: ابن حمدان الموصلي: 796 تليدا: الخفيف: الطغرائي: 1116 رفده: المجتث: حفصة الركونية: 1182 خمودا: المتقارب: ابن السراج: 779 مستنجدا: المتقارب: ابن الخشاب: 1502 جهده: المتقارب: البلاذري: 531 فاسده: المتقارب: ابن جني: 1588 بلاد: الطويل:: 252 والفراقد: الطويل: المتنبي: 248 فراقد: الطويل: ابن أسد الفارقي: 846 الولائد: الطويل:: 879 واحد: الطويل: أبو درماء: 1003 حاسد: الطويل:: 1840 قاعد: الطويل: القاسم الواسطي: 2218 عائد: الطويل: الحاتمي: 2507 قرود: الطويل: ابو هلال العسكري: 919 بعيد: الطويل:: 1361 وبليد: الطويل: أبو الأسود: الدؤلي: 1473 شهيد: الطويل: ابن المعتز: 1521 سيبيد: الطويل: أبو محمد اليزيدي: 1751 جحود: الطويل: ابن الشجري: 2776 أبرد: الطويل: الصابي: 154 أنكد: الطويل: الصابي: 157 يد: الطويل: نهشل بن حري: 255 وأومد: الطويل: ابن أبي طاهر طيفور: 285 أمرد: الطويل:: 316 ومحتد: الطويل:: 1740 تتبرّد: الطويل: ابن الرومي: 1862 جحد: الطويل:: 837 شدوا: الطويل: الحطيئة: 1199 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2994 بعد: الطويل: علي بن عبيدة: 1814 نغدو: الطويل:: 1930 مجد: الطويل:: 1939 العهد: الطويل: اسماعيل الوثابي: 734 العهد: الطويل: القفطي: 2028 المجد: الطويل: المحسن التنوخي: 2281 وخد: الطويل: ابن خلصة الشذوني: 2526 مهنّد: الطويل: أبو علي المنطقي: 2047 هوامده: الطويل: البتي: 379 ردّه: الطويل: الصابي: 147 ورده: الطويل: المتنبي: 2511 سوادها: الطويل: الخضر بن ثروان: 1250 وقودها: الطويل: ابن أسد الفارقي: 846 وليدها: الطويل:: 970 خمودها: الطويل: الحسين بن مطير: 1161 يستزيدها: الطويل: سعيد بن حميد: 1365 عهودها: الطويل: الوليد بن عاصم: 2321 خدودها: الطويل: الأبيوردي: 2367 غيدها: الطويل: ابن خلصة الشذوني: 2526 مسدود: البسيط: ذو الرمة: 312 مسعود: البسيط: أبو الفتح المنجم: 375 عيدوا: البسيط: ابن دهن الحصى: 974 عود: البسيط: الوجيه ابن الدهان: 2267 والعود: البسيط: ابن حسان الضبي: 2485 المواعيد: البسيط: ابو المغيث الرافقي: 2485 أحد: البسيط: المعري: 338 العمد: البسيط: المعري: 338 البلد: البسيط: المنذر بن سعيد: 470 والأبد: البسيط:: 763 الولد: البسيط: ابن خالويه: 1034 رقدوا: البسيط: العباس بن الأحنف: 1482 مطرد: البسيط: الناشىء: 1549 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2995 أود: البسيط: أبو تمام: 1788 يفتقد: البسيط:: 2590 تباعده: البسيط: عبد الكافي الهاروني: 1570 الجماد: مخلع البسيط: ابن الهبارية: 1394 وخدّ: مخلع البسيط: خالد الكاتب: 1244 الرقاد: الوافر: ديك الجن: 1788 السهاد: الوافر: ابن دريد: 2498 الوليد: الوافر: ابن حمدان الموصلي: 797 شهود: الوافر:: 806 الشهيد: الوافر: أبو العباس الأعمى: 1341 العبيد: الوافر: الفرزدق: 2754 جواد: الوافر: الصخري: 503 بلد: الكامل: خالد الكاتب: 46 قائد: الكامل: العباس ابن الأحنف: 710 جيّد: الكامل: المعري: 326 مقيّد: الكامل:: 1000 وتبلد: الكامل: الباجي: 1388 تحصد: الكامل: ابن سلام المكاري: 1507 الجلمد: الكامل: أبو علي المنطقي: 2046 الجلمود: الكامل: المستور النحوي: 1151 عقده: الكامل: المهذب ابن الزبير: 947 البريد: مجزوء الكامل: ابن المعتز: 1525 عوده: مجزوء الكامل: الوزير المهلبي: 978 عيد: مجزوء الرمل:: 586 الندود: مجزوء الرمل: ابن حمدان الموصلي: 797 مريد: مجزوء الرمل: المفجع: 2344 أعبد: السريع: ابن أسد الفارقي: 844 الأسود: السريع: البارع البغدادي: 1142 يزهد: السريع: سلم الخاسر: 1383 موجود: السريع: ابن الحجاج: 1047 البارد: السريع: ابو تمام: 1244 والوجد: السريع: أحمد بن يوسف: 568 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2996 الجسد: المنسرح: الطغرائي: 1109 زبد: المنسرح: أمية بن أبي الصلت الأندلسي: 743 الرمد: المنسرح: ابن النجار: 2645 تكندها: المنسرح: البديع: 240 اجتهاد: الخفيف: الصابي: 150 الموعود: الخفيف: المعري: 309 المستعد: الخفيف: البلاذري: 533 جديد: الخفيف: النضر الأعرابي: 2757 جديد: الخفيف: ابن سناء الملك: 2766 عود: المجتث: صالح بن مؤنس: 785 حائد: المتقارب: ابن زاهر الموصلي: 1162 ستعود: المتقارب: خلف بن أحمد القيرواني: 1254 تعقد: المتقارب: ابن هندو: 1727 يوجد: المتقارب: المطرز: 2559 وجياد: الطويل: ابو نواس: 2513 بقاعد: الطويل: الوزير المهلبي: 992 بالتباعد: الطويل: أبو علي الآمدي: 1062 والمعاهد: الطويل: البحتري: 1512 المحامد: الطويل: علي بن يحيى المنجم: 2013 للورد: الطويل: ابن أسد الفارقي: 845 سعد: الطويل: الوطواط: 36 حدّ: الطويل: ابن أبي طاهر طيفور: 285 حدّ: الطويل: البحتري: 441 المهد: الطويل:: 959 وحدي: الطويل: ابن قم الزبيدي: 1141 وجد: الطويل:: 2035 الوجد: الطويل: بشار: 2111 بالقدّ: الطويل: أبو علي المنطقي: 2043 والمجد: الطويل: الحريري: 2213 الوجد: الطويل: الأبيوردي: 2363 الودّ: الطويل:: 2406 عمد: الطويل: الشافعي: 2413 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2997 نقد: الطويل: القاضي البحاثي: 2430 والبعد: الطويل: نصيب بن رباح: 2755 الودّ: الطويل: محمد بن أبي محمد الزيدي: 2731 جهيد: الطويل: الصابي: 153 برود: الطويل: الصاحب: 710 عود: الطويل: ابن دهن الحصى: 973 عبيد: الطويل:: 1239 صدود: الطويل: القاضي الجرجاني: 1801 والجود: الطويل: ابو الهيذام اللغوي: 2240 سعيد: الطويل: موسى شهوات: 2733 مزيد: الطويل: الأبيوردي: 2362 مقصد: الطويل:: 37 عندي: الطويل: الصابي: 149 بمرصد: الطويل: الرقيق القيرواني: 102 الندي: الطويل: ابن برد الأصغر: 510 معهد: الطويل: زهير: 745 يحمد: الطويل: أحمد بن سعد: 264 ومقعدي: الطويل: الحسين السلامي: 1029 المجدّد: الطويل: الخليع: 1065 بمسدّد: الطويل: ابن الشبل/ أبو العالية الشامي: 1086، 975، 1086 المتهدد: الطويل:: 1319 معتدي: الطويل: صفوان بن ادريس: 1450 أحمد: الطويل: ابن حزم: 1657 يدي: الطويل: ابن البقال: 2049 معهد: الطويل: زهير: 2136 يزدد: الطويل: الفتح بن حاقان: 2161 الغد: الطويل: بكارة الرسعني: 2285 تأطّد: الطويل: أبو بكر الخوارزمي: 1274 المسهد: الطويل: أبو العنبس الصيمري: 2423 يبرّد: الطويل: أبو تمام: 2515 مشهد: الطويل:: 2680 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2998 سوادها: الطويل: ابن دهن الحصى: 974 باحتشادها: الطويل: القاضي الجرجاني: 1804 وأولادي: البسيط: اسحاق الموصلي: 604 بيدي: البسيط: ابن الرومي: 157 مجتهد: البسيط: أسامة بن منقذ: 573 والسند: البسيط:: 828 كالرمد: البسيط: أبو القاسم الدينوري: 1538 كبدي: البسيط: السنجاني: 1843 البلد: البسيط: أبو خليفة: 2173 جلدي: البسيط: الذلفاء: 2320 جلد: البسيط: ابن بشران: 2352 سهد: البسيط: الوشاء: 2304 العدد: البسيط: العكوك: 2791 الغرد: البسيط: الخطيب الحصكفي: 2819 الجود: البسيط: أسامة بن منقذ: 578 الجود: البسيط: الحسين بن مطير: 1158 مسدود: البسيط: اسحاق الموصلي: 601 والحسد: المديد: ابن خيران: 382 الأبد: البسيط:: 20 والجدد: البسيط: الصابي: 146 كبدي: البسيط: أحمد بن سعد: 265 أحد: البسيط: ابن خيران: 383 الجسد: البسيط: ابن عبد ربه: 465 أحد: البسيط: ابن عبد ربه: 465 بالرمد: البسيط:: 700 أحد: البسيط: أمية بن أبي الصلت: 741 جسد: البسيط: أبو بكر العميد: 1678 أسد: البسيط: أبو دلامة: 1328 كبدي: البسيط: ابن الكتاني: 2522 كبدي: البسيط: العماد الأصفهاني: 2630 ومعتضد: البسيط: ابن رشيق: 2637 بادي: البسيط: أبو العلاء الأسدي: 711 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 2999 ايراد: البسيط: ابن القوطية: 2594 بآساد: البسيط: ابن القيسراني: 2659 داود: البسيط:: 585 العود: البسيط: الصاحب: 696 كالمغاريدا: البسيط: ابن دارة الطائي: 1968 القرود: مخلع البسيط: ابن الدورقي: 1022 بالصدود: مخلع البسيط: ابن هندو: 1724 بالزناد: مخلع البسيط: محمد بن عبد الله بن طاهر: 1492 للوليد: الوافر: أحمد بن محمد الأصبهاني: 432 بعيد: الوافر:: 885 العميد: الوافر: ابن سكرة: 993 خمود: الوافر:: 1888 الحداد: الوافر: أسامة بن منقذ: 578 والرشاد: الوافر: ابن حمدان الموصلي: 797 والثماد: الوافر: كثير عزة: 1020 بوادي: الوافر: حمدة الوادياشية: 1212 الصعاد: الوافر:: 1554 اقتصاد: الوافر: ابن دبيس النحوي: 1759 رقاد: الوافر: المتنبي: 1788، 2511 للأعادي: الوافر: ابن فضال: 1836 زادي: الوافر: عضد الدولة: 1907 وقصد: الوافر: الحكم بن عبدل: 1187 أدّ: الوافر: مخلد الشامي: 104 بجهدي: الوافر: كلاب بن حمزة: 1867 وأبدي: الوافر: أبو عامر الجرجاني: 2167 الصدود: الوافر:: 2497 هدي: مجزوء الوافر: ابن حي التجيبي: 1148 يدي: الكامل:: 371 الفرقد: الكامل: الزفيان الشاعر: 915 أملد: الكامل: ظافر الحداد: 1464 مزنّد: الكامل: المفجع: 2337 السؤدد: الكامل:: 2411 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3000 منضّد: الكامل: قاضي هراة: 2728 التعديد: الكامل: الصابي: 133 وعقود: الكامل: ابن شبيب الطيبي: 1134 المعمود: الكامل: أبو الفتح ابن العميد: 1890 الجلمود: الكامل:: 1945 جدود: الكامل: أبو علي المنطقي: 2039 بالاسناد: الكامل:: 504 بالاسناد: الكامل: الرستمي: 696، 699 الأكباد: الكامل: أبو أحمد العروضي: 525 الأنداد: الكامل: أسامة بن منقذ: 575 جهادي: الكامل: ابن أسد الفارقي: 844 وفؤاد: الكامل: ابن أبي الشخباء: 1008 الأجساد: الكامل: الحسن بن وهب: 1020 غادي: الكامل: عبد الغافر الفارسي: 1569 النادي: الكامل: الشريف الرضي: 1599 بادي: الكامل: الباخرزي: 1683 الوادي: الكامل: الباخرزي: 1685 والايعاد: الكامل: مؤيد الألوسي: 2738 بزاد: الكامل: شرف الدين المرسي: 2547 تالد: الكامل: أبو تمام: 21 شاهد: الكامل: الصابي: 154 البارد: الكامل: الصغرائي: 1109 نجد: الكامل: أبو القاسم التنوخي: 1880 يهتدي: الكامل: أسامة بن منقذ: 573 السيد: الكامل: ابن هلال السعيدي: 2440 عهدي: الكامل: أبو علي المنطقي: 2047 وعقدي: الكامل: أبو علي المنطقي: 2042 مراده: الكامل: ابن خالويه: 1035 بوداده: الكامل: أبو المعمر ابن طباطبا: 2829 وجوده: الكامل: ابن أبي الشخباء: 1007 جودي: مجزوء الكامل: ابن رشيق: 863 موجود: الهزج: الصائغ الرامهرمزي: 1822 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3001 بعيد: مجزوء الرمل: ابن فهد: 378 سعيد: مجزوء الرمل: الكسروي: 1980 والمرد: السريع: أبو الفتح ابن العميد: 1891 حماد: السريع: أبو محمد اليزيدي: 1201 والشاهد: السريع: ابن الحجاج: 1047 بالواحدي: السريع:: 1660 البرد: السريع: أبو العبر: 2299 حدّه: السريع: الرمادي: 2850 خدّك: السريع: القاضي الجرجاني: 1801 رصد: المنسرح: أبو الأسد: 84 والولد: المنسرح: اسحاق الموصلي: 600 جلدي: المنسرح: أبو القاسم الدينوري: 1538 البلد: المنسرح: البلطي: 1616 الأبد: المنسرح: حمزة بن بيض: 1216 الكبد: المنسرح: أبو القاسم التنوخي: 1876 الوجد: المنسرح: ابن الرومي: 1512 يدي: المنسرح: حسان: 2018 غده: المنسرح: سيبويه المصري: 2652 ماجدها: المنسرح ابن الخازن: 175 (خلود) : الخفيف: ابن مناذر: 7462، 762 البرود: الخفيف:: 1006 الخلود: الخفيف: أبو زبيد الطائي: 1176 الممدود: الخفيف: أبو القاسم الدينوري: 1537 البريدي: الخفيف: أبو الفرج الأصبهاني: 1719 حديد: الخفيف: أبو العبر: 2300 وسداد: الخفيف: نطاحة: 200 فؤادي: الخفيف: المفجع: 2338 والعوّاد: الخفيف: أبو العنبس الصيمري: 2421 بعهدي: الخفيف: البحتري: 2159 جيد: الخفيف: أحمد بن يوسف: 568 يجدي: الخفيف: ابن الموصلايا: 1634 دريد: الخفيف:: 2497 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3002 بصدّ: الخفيف: أبو الطيب النميري: 1520 بعدي: الخفيف: ابن المعت ز: 1520 عندي: الخفيف: البارع البغدادي: 1144 بعدي: الخفيف: ابن الهبارية: 1143 المنكود: المجتث:: 1526 المحمود: المجتث: ابن المعتز: 1526 بوارد: المجتث: جحظة: 215 العباد: المتقارب: البحتري: 22 الحاشد: المتقارب: جحظة: 170 الكبود: المتقارب: ابو عامر الجرجاني: 2168 وعودي: المتقارب: ابن أسد الفارقي: 845 (ذ) كلواذى: البسيط: أبو نواس: 605 نفاذا: مخلع البسيط: الصاحب ابن عباد: 1522 لواذا: الوافر: جعفر بن قدامة: 789 والقذى: الكامل: ابن أسد الفارقي: 845 الأذى: مجزوء الكامل: الصابي: 158 هذا: مجزوء الكامل:: 2578 الأذى: المتقارب: الزيادي: 68 نستلذّ: مخلع البسيط: القاسم الواسطي: 2222 ورذاذه: الكامل: ظافر الحداد: 1463 (ر) اعتذر: الطويل: لبيد: 116 فائتمر: الطويل: الصاحب: 817 يعتذر: مخلع البسيط: ابو جعفر ابن سعيد: 1184 القدر: مخلع البسيط: حفصة الركونية: 1184 بهر: مجزوء الكامل: ابن برد الأصغر: 510 ينتثر: مجزوء الكامل: ابو بكر العميد: 1680 والأواخر: مجزوء الكامل:-: 2337 البصر: مجزوء الكامل: ابو علي البصير: 2604 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3003 قبر: الرمل:-: 2147 عمر: الرمل: عيسى بن عمر: 2141 حرها: مجزوء الرمل: السلامي/ الخزرجي: 662، 698، 1 71 والقدر: السريع: ابن الرومي: 364 العذار: السريع: ابن فضال: 1835 العذار: السريع: ابو الفتح ابن أبي جرادة: 2075 الوقار: السريع: غانم: المالقي: 2153 أبتر: الخفيف: الصابي: 153 تنتصر: المتقارب: امرؤ القيس: 56 النمر: المتقارب: امرؤ القيس: 538 أنتظر: المتقارب:-: 421 المنتصر: المتقارب: الخليع: 1066 اعذر: المتقارب: الخليع: 1066 الفكر: المتقارب: ماتي الموسوس: 1092 النظر: المتقارب: حمدان الأثاربي: 1209 عثر: المتقارب: أبو زيد الأنصاري: 1361 البقر: المتقارب:-: 1618 القدر: المتقارب: أبو الفرج الأصفهاني: 1722 المنتشر: المتقارب: أبو الطيب الطاهري: 2318 الزهر: المتقارب: ابن شرف: 2637 النظر: المتقارب: الخبز أرزي: 2747 حرّى: الطويل: جحظة: 213 العبرا: الطويل: اسامة السجزي: 571 المقصّرا: الطويل: ابن ابي تمام: 1251 المغمرا: الطويل: الكيا ابو الفتح: 2169 يرى: الطويل: ابن المعتز: 1523 أسفرا: الطويل: كمال الدين ابن العديم: 2091 اكثرا: الطويل: الشافعي: 2414 بدارا: الطويل: ابن حسان الضبي: 2486 عشرا: الطويل:-: 37 الذكرى: الطويل:-: 934 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3004 والجمرا: الطويل: الحكم الخضري: 1192 تترى: الطويل: سالم بن أحمد: 1340 شعرا: الطويل: ابن الهبارية: 1398 أروى: الطويل: ابن ناكل: 1626 شكرا: الطويل: ابن الماشطة: 1675 الدهرا: الطويل:-: 2126 والغمرا: الطويل: كثير: 2436 صبرا: الطويل: ابن بحر الأصبهاني: 2440 والبدرا: الطويل: ابن دريد: 2494 أحمره: الطويل: الوزير المغربي: 1099 سعيرها: الطويل: ابراهيم الصولي: 74 صدورها: الطويل: الصاحب ابن عباد: 1797 وانحدارها: الطويل: القاضي الجرجاني: 1802 البصره: مجزوء المديد:-: 2681 فجرا: البسيط:-: 67 كفرا: البسيط: أبو الحسين ابن سراج: 1342 عطارا: البسيط: ابو اسحاق الصابي: 1897 النارا: البسيط:-: 2736 عمرا: مخلع البسيط: ابن الخراساني: 2642 العذارا: مخلع البسيط: احمد بن بختيار: 203 صخره: مخلع البسيط: ابو الفضل العروضي: 492 حريرا: الوافر:-: 1796 جارا: الوافر: الحسين بن أحمد الزوزني: 1038 الديارا: الوافر: جرير: 2179 عبره: الوافر: الصابي: 155 وضره: الوافر: مسينة: 55 مستعاره: الوافر: الخطابي: 1206 اعتراها: الوافر: المعري: 336 قارا: الكامل: أبو جعفر اليزيدي: 434 وطارا: الكامل: صفوان بن إدريس: 1449 زاخرا: الكامل: ابن خيران: 381 فتسعرا: الكامل: عثمان بن علي الصقلي: 1609 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3005 عشرا: الكامل: المعري: 307 امرا: الكامل: ابن رواحة: 1090 بالكرى: الكامل: ابن عنين: 2662 منثوره: الكامل: الحريري: 2215 خساره: الكامل: أبو حيان الدارمي: 1935 مجروره: الكامل: الباخرزي: 1682 تكره: الكامل:-: 1539 مادرة: الكامل: الوقشي: 2778 العذرا: الكامل: الوجيه ابن الدهان: 2264 خمرا: مجزوء الكامل: الرشيد بن الزبير: 401 المراره: مجزوء الكامل: ابن حبيب المفسر: 1539 الزياره: مجزوء الكامل جحظة: 218 قطره: الهزج: عبد الصمد بن المعذل: 763 قدرا: الرمل: ابراهيم الصولي: 79 ريرا: الرمل: ابو الوليد المهري: 739 الآخره: الرمل: الحسين بن الضحاك: 370 العشره: الرمل: اسعد بن علي الجواني: 645 البحيره: مجزوء الرمل: ابن بسام: 1861 إزاراه: مجزوء الرمل: ابن المعتز: 1520 بشرا: مجزوء الرمل: أحمد الخراز: 230 عباره: مجزوء الرمل: اللحام: 456 الورى: السريع: ابو الفرج الأصبهاني: 1715 شاعرا: السريع:-: 1523 مسطورا: السريع: يحيى بن منقذ: 591 قطرا: السريع: ابن أشرس: 2347 كاره: السريع: ابن الحجاج: 104 العشره: السريع: ابن السيد البطليوسي: 1529 المنكره: السريع: ابو بكر العميد: 1681 الساحره: السريع: ابو نواس: 1407 زارها: السريع: السري الرفاء: 1345 الهذرا: المنسرح: ابن اركل: 922 المطرا: المنسرح: ابن الحجاج: 1045 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3006 سامرا: المنسرح: ابو عثمان الخالدي: 1378 وعقارا: الخفيف: فضيل الأعرج: 225 السمارا: الخفيف:-: 225 نهارا: الخفيف: الوزير المهلبي: 986 افتخارا: الخفيف: رؤبة بن العجاج: 1312 كثيرا: الخفيف: أبو سهل النيلي: 1368 حمرا: الخفيف: ابن كوجك: 2279 مصرا: الخفيف:-: 2279 مغفوره: الخفيف: الفتح بن خاقان: 2165 سحره: مجزوء الخفيف: ابن التستري: 1358 سرا: المجتث: جوان بن دست: 67 أجرى: المتقارب: ابن أسد الفارقي: 846 صارا: المتقارب: ابن أبي الصقر الواسطي: 2578 الثمارا: المتقارب:-: 2033 سرورا: المتقارب: منصق الفقيه: 2724 غامره: المتقارب: نصيب بن رباح: 2752 حاضره: المتقارب: جحظة: 212 الآخره: المتقارب: أحمد بن البهول: 197 وآمر: الطويل: الصابي: 152 داهر: الطويل: الوزير المغربي: 299 ومصادر: الطويل: علي الجويني: 399 ساحر: الطويل:-: 1518 الأكابر: الطويل:-: 1559 جائر: الطويل: ابو القاسم التنوخي: 1883 عاصر: الطويل: كمال الدين ابن العديم: 2089 وناصر: الطويل: أبو الأسود الدئلي: 1471، 2532 قادر: الطويل آدم بن عبد العزيز: 2843 غافر: الطويل: ابن شرف: 2639 أنظر: الطويل: أبو حية: 169 منظر: الطويل: جحظة: 208 حضر: الطويل: البلاذري: 533 يقصر: الطويل:-: 545 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3007 ومحضر: الطويل: اسحاق الموصلي: 603 فيصغر: الطويل: الصابي أبو اسحاق: 715 مظهر: الطويل: ابن الخشاب: 1496 مصور: الطويل:-: 1830 تتحدر: الطويل: ابن البقال: 2051 ينشر: الطويل: القاسم الواسطي: 2226 يقصر: الطويل:-: 2346 ويحسر: الطويل: ابن دريد: 2494 عسكر: الطويل: الحاتمي: 2506 أجر: الطويل: إبراهيم الصولي: 77 الخصر: الطويل: الرقيق القيرواني: 99 الدهر: الطويل:-: 310 الصدر: الطويل: حاتم: 316 الغدر: الطويل: عمران بمن موسى المغربي: 360 النضر: الطويل:-: 381 بدر: الطويل: ابن خيران: 372 حمر: الطويل: الحكم بن عبدل: 1191 خبر: الطويل: صدقة الناسخ: 1448 والنصر: الطويل: ابن هيصم الهروي: 1783 وعر: الطويل: القاضي الجرجاني: 1805 الجمر: الطويل: ابن أرسلان: 1959 القطر: الطويل: أبو علي المنطقي: 2038 والبدر: الطويل: الأبيوردي: 2375 عسر: الطويل: الأبيوردي: 2372 العصر: الطويل: ابن دريد: 2493 يعرو: الطويل: ابو الحسن القاضي: 2494 الدهر: الطويل: الأخطل: 2514 الأسر: الطويل: ابن القيسراني: 2654 الخبر: الطويل:-: 2688 معار: الطويل: ابن الشبل: 1083 سرار: الطويل: ابو علي المنطقي: 2044 صدار: الطويل: أبو القاسم التنوخي: 1875 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3008 زور: الطويل: ابن عرام الأسواني: 2777 ووزير: الطويل: ابراهيم الصولي: 72 أطير: الطويل: الأحيمر السعدي: 311 قيصر: الطويل: المهذب ابن الزبير: 947 جرير: الطويل: البعيث: 1246 فأطير: الطويل: الحظيري: 1352 وزفير: الطويل: أبو القاسم التنوخي: 1876 كثير: الطويل:-: 1977 قبور: الطويل: الماوردي: 1956 فطهور: الطويل: الكسروي: 1977 أمور: الطويل: الوطواط: 2635 تسير: الطويل: ابن هميماه: 2641 غباره: الطويل: الوطواط: 2632 عمره: الطويل: روح المؤدب: 1313 مقابره: الطويل:-: 624 زايره: الطويل: اعرابي: 624 ومحاجره: الطويل: الحسن بن وهب: 1022 ناظره: الطويل: الحسين بن مطير: 1160 زائره: الطويل: حمزة بن بيض: 1215 ودفاتره: الطويل: الهريمي: 1871 تبادره: الطويل: مضرس الأسدي: 2145 مآزره: الطويل: ابن اخت أبي علي: 2524 سفورها: الطويل:-: 767 غديرها: الطويل: عمارة بن عقيل: 247 أميرها: الطويل: الحيص بيص: 873 خبيرها: الطويل:-: 910 بصيرها: الطويل: الحسن بن وهب: 1021 سعيرها: الطويل: الحظيري: 1351 نورها: الطويل: سلم الخاسر: 1384 أميرها: الطويل: الفرزدق: 1737 ضميرها: الطويل: ابن البقال: 2049 سيورها: الطويل: النابغة الذبياني: 2531 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3009 عارها: الطويل: أبو ذؤيب: 1277 واستعارها: الطويل: الحظيري: 1351 نارها: الطويل: محمد بن علي الأموي: 2581 معطار: البسيط: الخليل: 1263 اكثار: البسيط: أبو علي المنطقي: 2043 وتختار: البسيط: أبو تمام الضرير: 2239 وأبصار: البسيط: الأبيوردي: 2373 المعاذير: البسيط: أحمد بن بختيار الماندائي: 203 تذكير: البسيط:-: 1482 نور: البسيط: أبو العيناء: 2612 والشكر: البسيط: أبو جعفر المهلبي: 556 الذكر: البسيط: أسير الهوى: 1314 والقدر: البسيط: نفطويه: 119 يأتمر: البسيط: أحمد بن أبي طاهر: 284 القمر: البسيط: الخطيب البغدادي: 397 تنتظر: البسيط: الفرزدق: 754 والقدر: البسيط: ابن عبد ربه: 464 تنتظر: البسيط: ابن عبد ربه: 468 وزر: البسيط: الخطابي: 490، 1207 تستعر: البسيط: أسامة بن منقذ: 575 يدخر: البسيط: علي بن مرشد بن منقذ: 582 بصر: البسيط: المؤمل: 626 والمطر: البسيط: الحسن بن المظفر النيسابوري: 1018 شعروا: البسيط: ابن الحجاج: 1047 وطر: البسيط: حميد ابن منقذ: 1227 تنتظر: البسيط: سعيد ابن الدهان: 1370 ظفروا: البسيط: الإمام علي: 1810 المطر: البسيط: الغضاري: 1953 البشر: البسيط: الشريف المرتضى: 2003 خطر: البسيط: قابوس بن وشمكير: 2183 أعتذر: البسيط: البحتري: 2219 معتكر: البسيط:-: 2270 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3010 وأعتذر: البسيط: أبو الفضل المنبجي: 2832 والسهر: البسيط: أبو السعادات ابن الأثير: 2270 والسمر: البسيط: ابن الجبان: 2579 تنهمر: البسيط: ابن النجار: 2645 الصور: البسيط: البحتري: 2799 دوايره: البسيط: المتنبي: 2512 اعمره: البسيط: ابن الوحشي الموصلي: 1681 العدار: مخلع البسيط: بشر بن هارون: 1589 الجسور: مخلع البسيط: سلم الخاسر: 1382 نوار: الوافر: الفرزدق: 765 اضطرار: الوافر: ابن الشبل: 1078 البحار: الوافر: السري الرفّاء: 1344 قفار: الوافر:-: 1489 قرار: الوافر: أبو الحسن ابن جرادة: 2071 النهار: الوافر: المفجع: 2344 الثبور: الوافر: المعري: 337 الفقير: الوافر: عروة بن الورد: 668 تطير: الوافر: الخفيف: 1357 الحقير: الوافر: سعيد ابن الدهان: 1370 مزير: الوافر: كثير وغيره: 1559 الكسير: الوافر: أبو علي المنطقي: 2038 نضير: الوافر: المطرزي: 2741 قبر: الوافر: ابن لنكك: 183 سطروه: الوافر: المعري: 339 وناظر: مجزوء الكامل: ابراهيم الصولي: 76 ساتر: الكامل: أبو جعفر اليزيدي: 435 داثر: الكامل: المذهب: ابن الزبير: 948 أمير: الكامل: بشار: 1257 مهجور: الكامل: ابن كردان: 1776 كبير: الكامل: ابراهيم ابن المهدي: 650 كبير: الكامل:-: 2288 كثير: الكامل:-: 1949 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3011 دار: الكامل: أبو اليسر المعري: 300 قصار: الكامل: أبو القاسم التنوخي: 1882 الآثار: الكامل: الصابي: 1897 الأوطار: الكامل: ابن البقال: 2050 عار: الكامل: أبو تمام: 2514 أقمار: الكامل: ابن شرف: 2639 الخطار: الكامل: ابن القيسراني: 2660 الضر: الكامل:-: 990 القدر: الكامل: مسكين الدارمي: 1301 الأمر: الكامل: ابن حبيب المفسر: 1539 عذر: الكامل: ابن خرداذبه: 1574 يتفكر: الكامل:-: 272 تخير: الكامل: الوزير المغربي: 1099 تحدر: الكامل: أبو تمام: 1513 فيشكر: الكامل: أبو علي المنطقي: 2047 وأظهر: الكامل: الأبيوردي: 2368 المنبر: الكامل: البحتري: 2513 تعور: الكامل: ابن عنين: 2664 جعفر: الكامل: البحتري: 2798 مدر: الكامل: أحمد بن محمد العدوي: 430 عذاره: الكامل: ابن القوطية: 2594 حجر: الكامل:-: 1945 والنثير: الكامل المجزوء: ملك النحاة: 871 صبر: الهزج: الخليع: 1070 خوار: الهزج: ابن قتلمش: 1133 يضر: الرمل:-: 498 صقر: مجزوء الرمل:-: 1742 المخبر: السريع: أبو الفتح ابن العميد: 1888 يقدر: السريع: الوشاء: 2304 مزرور: المنسرح: البارع البغدادي: 1142 وتزدجر: المنسرح: الزيات: 33 الحذر: المنسرح: ابن كناسة: 1205 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3012 خبر: المنسرح: ابن أبي الصقر الواسطي: 2576 مضمار: المنسرح: أبو الهيذام اللغوي: 2240 جوهره: المنسرح: أحمد بن محمد الأصبهاني: 433 والجلنار: الخفيف: نفطويه: 118 كافور: الخفيف: جحظة: 211 الأقمار: الخفيف: الثعالبي: 490 صاروا: الخفيف: الخبزارزي: 2747 الأنوار: الخفيف: قاضي هراة: 2727 البحور: الخفيف: نهار بن توسعة: 1157 الموفور: الخفيف: عدي بن زيد: 1243 مفرور: الخفيف: ابن المعتز: 1522 تسير: الخفيف:-: 2104 مستور: الخفيف: الجاحظ: 2104 الضمير: الخفيف: ابن القزاز: 2477 احمراره: الخفيف: محمد بن أحمد المغربي: 2302 ستصير: المجتث: سعيد ابن الدهان: 1372 خاسر: المتقارب: الأخفش الالهاني: 410 أنور: المتقارب: الحسن ابن المنجم: 1026 صغير: المتقارب ابن أبي الصقر الواسطي: 2577 فجوروا: المتقارب: العماد الأصبهاني: 2624 المحابر: الطويل: أحمد بن علي البرزندي: 369 عامر: الطويل:-: 710 المقاطر: الطويل: المهذب ابن الزبير: 945 الجواهر: الطويل: ابن هندو: 1727 وطائر: الطويل: ابن المعتز: 1977 بالحواضر: الطويل: الخطيبي: 1973 غافر: الطويل: الكسروي: 1978 كخابر: الطويل: سلمة بن عياش: 2057 بالسرائر: الطويل: ابن بشران: 2352 بالزنانير: الطويل: الخطير ابن مماتي: 638 الدهر: الطويل: ابراهيم الصولي: 80 مصر: الطويل: الرقيق القيرواني: 100 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3013 التمر: الطويل: أبو رياش: 183 أدري: الطويل: علي بن الجهم: 324 الدهر: الطويل:-: 331 السكر: الطويل: الخطيب البغدادي: 394 عمري: الطويل: ابن علويه الأصبهاني: 408 تدري: الطويل:-: 544 بالثغر: الطويل:-: 602 هجر: الطويل:-: 670 تجري: الطويل: المهلبي الوزير: 711 اليسر: الطويل: ابن حمدان الموصلي: 796 عمري: الطويل:-: 886 صدري: الطويل: ابن دهن الحصى: 973 الأسر: الطويل:-: 1013 عمري: الطويل: الحسن بن وهب: 1021 الصبر: الطويل: الوزير المغربي/ عبد الوهاب المالكي: 1098 فجر: الطويل: ابن أبي حصينة: 1120 عصر: الطويل: الحكم الخضري: 1193 عذري: الطويل: حماد عجرد: 1198 الشعر: الطويل: الناشىء: 1264 شهر: الطويل: الخليل: 1265 الدهر: الطويل: مسكين الدرامي: 1300 الفجر: الطويل: سعيد بن حميد: 1365 يجري: الطويل: طلحة النعماني: 1461 صفر: الطويل: حاتم: 1472 الصبر: الطويل: أبو الأسود الدئلي: 1473 القدر: الطويل:-: 1487 عذري: الطويل:-: 1489 شهر: الطويل: ابن الخشاب: 1500 العذر: الطويل: ابن المعتز: 1523 النوار: الكامل: العروضي الصقلي/ ديك الجن: 1532 الشعر: الطويل: الناشىء: 1549 صدري: الطويل: ابن حزم: 1657 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3014 والبحر: الطويل:-: 1663 الجمر: الطويل: ابن القطاع: 1670 البر: الطويل: الباخرزي: 1683 الضر: الطويل: أبو الفرج الأصبهاني: 1721 الشكر: الطويل: ابن هندو: 1725 العسر: الطويل: القاضي الجرجاني: 1799 الخمر: الطويل: أبو الفتح ابن العميد: 1890 الدهر: الطويل:-: 1932 الذر: الطويل:-: 1937 نصر: الطويل: الببغاء: 1954 الذخر: الطويل:-: 2015 الجمر: الطويل:-: 2015 الصدر: الطويل: الجاحظ: 2110 يسري: الطويل: الجاحظ: 2121 عمري: الطويل: تاج الدين الكندي: 2189 البدر: الطويل: ابن بشران: 2352 والقفر: الطويل: الشافعي: 2414 التبير: الطويل: ابن حرب الحلبي: 2484 الصبر: الطويل: ابن داود الظاهري: 2528 الشزر: الطويل: أبو العيناء: 2612 والفهر: الطويل: أبو بكر الأنباري: 2617 الفجر: الطويل: الخطيب الحصكفي: 2818 البدير: الطويل: أبو الفضل المنبجي: 2832 الدري: الطويل:-: 2842 غرور: الطويل:-: 1318 كبير: الطويل: البرياني: 1545 كثير: الطويل: أبو بكر العميد: 1681 مطير: الطويل:-: 2482 بعذاري: الطويل: الميداني: 512 عواري: الطويل: ابن أسد الفارقي: 844 ثار: الطويل: حمدة الوادياشية: 1213 الجاري: الطويل: حمزة العين زربي: 1222 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3015 اقصار: الطويل: أبو عبيد البكري: 1536 زاري: الطويل: ابن فضال: 1836 ظفر: الطويل: الشريف المرتضى: 1733 أبحر: الطويل: ابن مناذر: 2649 والحجر: الطويل: نصيب بن رباح: 2755 المسخر: الطويل: ملك النحاة: 868 مسعر: الطويل: أبو عمرو ابن العلاء: 1321 التذكر: الطويل: ابن ناقيا: 1561 المكسر: الطويل: حيدة اليمني: 1769 تصبري: الطويل:-: 1968 جعفر: الطويل: عمر بن شبة: 2094 بغدره: الطويل: الحريري: 2211 بداره: الطويل: محمود الوراق: 884 أمورها: الطويل: الرشيد بن الزبير: 400 عمري: المديد: ابن هداب النوري: 1163 أقدار: البسيط: هبة الله بن أحمد بن أبي جرادة: 207 النار: البسيط: المعري: 337 الدار: البسيط: المرتضى: 376 واسراري: البسيط: ابن فارس: 411 دار: البسيط:-: 654 دينار: البسيط:-: 699 داري: البسيط: القتال الكلابي: 855 عمار: البسيط: الفرزدق: 1003 غفار: البسيط:-: 1018 النار: البسيط: الوزير المغربي: 1105 النار: البسيط: الأعور الكلبي: 1195 سيار: البسيط: حماس بن ثامل: 1205 وأوطاري: البسيط: داود بن سلم: 1282 بأظهار: البسيط: الأخطل: 1543 بسوار: البسيط: الأخطل: 2532 جاري: البسيط: الوجيه ابن الدهان: 2264 عار: البسيط: النابغة الذبياني: 2514 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3016 العور: البسيط: أبو القاسم التنوخي: 1875 النور: البسيط: أبو سحاق الصابي: 2275 والبهر: البسيط: النجيرمي: 87 والغير: البسيط: ابن شجرة: 420 والغير: البسيط:-: 421 الخبر: البسيط: أحمد الماذرائي: 442 ضجر: البسيط: ابن حنزابة: 782 بصري: البسيط: قطرب: 2647 بصري: البسيط: الخليل بن أحمد/ قطرب: 824 واستترى: البسيط: الطغرائي: 1117 والقدر: البسيط: الخليع: 1067 كبر: البسيط: اسحاق الموصلي: 603 خطر: البسيط: أسير الهوى: 1314 الفكر: البسيط: ابن الدهان الموصلي: 1509 الظفر: البسيط: عضد الدولة: 1599 صدر: البسيط: أبو علي المنطقي: 2037 بصري: البسيط: سيدوك: 1777 القمر: البسيط:-: 2154 خطر: البسيط: الوجيه ابن الدهان: 2268 بالنظر: البسيط: ابن القزاز: 2477 الكبر: البسيط: ابن دريد: 2490 يجر: البسيط: ابن لنكك: 2620 الخبر: البسيط:-: 2688 للشعر: البسيط:-: 2794 والصبر: البسيط: الأبيوردي: 2376 مضرور: البسيط: جحظة: 210 مأجور: البسيط:-: 574 الضرير: مخلع البسيط: ابن الحجاج: 1047 تقصيري: البسيط: الخليل: 1267 مزرور: البسيط: أبو علي المنطقي: 2037 تقدير: البسيط: بشار بن برد: 2793 النحارير: البسيط:-: 23 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3017 تحدرها: البسيط: أبو الهيثم المعري: 297 بصير: مخلع البسيط: البصروي: 1847 العذار: مخلع البسيط: البديع الأسطر لابي: 2770 شعري: مخلع البسيط: ابن الحجاج: 1041 المزار: الوافر: اسحاق الموصلي: 605 أزاري: الوافر:-: 1096 طاري: الوافر: ابن حزم: 1654 عرار: الوافر:-: 1832 ساري: الوافر: أبو علي المنطقي: 2039 النضار: الوافر: عضد الدولة: 2285 مستعار: الوافر: ابن التعاويذي: 2565 الديار: الوافر: الشهاب السهروردي: 2808 مقر: الوافر: ابن أعثم: 202 ووفر: الوافر:-: 971 وشذر: الوافر: ابن أبي الزلازل: 1129 بكر: الوافر:-: 1664 بصير: الوافر: الحصري الأعمى/ البلنسي الأعمى: 1809 وقدر: الوافر: أحمد بن عبد السلام: 2680 ثغر: الوافر: العرجي: 2759 القبور: الوافر:-: 9 الحضور: الوافر: الصابي: 148 وخير: الوافر: جحظة: 219 المشور: الوافر: المعري: 336 زوري: الوافر: ابن السراج: 779 الأعور: الوافر: المهلبي: 1995 كبير: الوافر: أبو عمر الجرجاني: 2167 بالصخور: الوافر: ابن هذيل: 2833 المنير: الوافر: المؤمل بن أميل: 2734 الزاهر: الكامل: أحمد بن بختيار الماندائي: 203 زاخر: الكامل: أسامة بن منقذ: 299 هاتر: الكامل: ثعلبة بن صعير: 350 بمعاذر: الكامل: البتي: 379 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3018 خاطري: الكامل: علي بن مرشد بن منقذ: 582 ناضر: الكامل: جرير: 1546 وزائر: الكامل: قاضي هراة: 2728 المغوار: الكامل: الشريف الرضي: 1599 والآثار: الكامل: الصابي: 156 الجلنار: الكامل: ابن هاني: 2673 بقبور: الكامل: ابراهيم بن صالح الوراق: 69 كالمذعور: الكامل: ولد القالي: 781 بور: الكامل: ابن أبي الطيب النيسابوري: 1782 ظهيري: الكامل: العتابي: 2245 النار: الكامل: أحمد السهلي: 505 الأشعار: الكامل:-: 634 الكفار: الكامل:-: 683 الأمطار: الكامل: ابن دهن الحصى: 974 نهار: الكامل: الربيع بن زياد: 1443 بدار: الكامل:-: 1751 النار: الكامل:-: 1947 الدينار: الكامل: ابن هميماه: 2641 أستار: الكامل: جرير: 2786 منكر: الكامل: لغدة: 875 المتحدر: الكامل: ابن وكيع التنيسي: 994 المشتري: الكامل: ابن سينا: 1072 محجر: الكامل: الحكم الخضري: 1191 منكر: الكامل: أبو الأسود الدئلي: 1473 الجوهر: الكامل: أبو المصيب الصقلي: 1546 الموسر: الكامل:-: 1575 مقمر: الكامل: أبو الفرج الأصبهاني: 1721 وبمنظر: الكامل: ابن الرومي: 1725 وتستري: الكامل: منتجب الملك: 1960 المسفر: الكامل: ابن هانىء: 2668 العنصر: الكامل:-: 2683 النظر: الكامل: صاعد الربعي: 1442 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3019 الفخر: الكامل: وادع المعري: 592 بكر: الكامل: ابن كناسة: 756 الدهر: الكامل: الحكم ابن عبدل: 1189 الشهر: الكامل: خرقة الكلبي: 1247 بكر: الكامل: زيد بن مرزكة: 1338 العذر: الكامل: سعيد بن ميد: 1366 أزراره: الكامل: الصدر ابن الزاهد: 258 مخصره: الكامل: الصاحب أو غيره: 718 نشره: الكامل: حبيب: 736 والصدر: الكامل: أبو النضر المصري: 2426 الزهر: الكامل: ابن بحر الأصفهاني: 2438 الفقر: الكامل: ابن جرير الطبري: 2443 بدري: الكامل: ابن التلميذ أبو الفرج: 2820 دهر: الكامل: زهير/ حماد: 2711 واعتذاري: مجزوء الكامل: ابن بلبل العسقلاني: 1735 والحضور: مجزوء الكامل: البتي: 376 تدري: مجزوء الكامل: ابن الهبارية: 1399 نور: مجزوء الكامل:-: 1879 صبور: مجزوء الكامل: أسامة بن منقذ: 581 بصير: مجزوء الكامل: الكسروي: 1979 غيري: مجزوء الكامل: أبو المرهف العيلاني: 2749 وغديره: مجزوء الكامل:-: 1006 لانتظاره: مجزوء الكامل: أبو الفرج الأصبهاني: 1716 الباري: الهزج: المظفر بن ابراهيم: 2701 بصري: الهزج: عبد الله الفتى النهرواني: 1397 ذري: الرمل: حمزة بن بيض: 1218 عصر: الرمل: علم الدين السخاوي: 1334 وابتكار: الرمل: ابن هندو: 1724 بالفرار: مجزوء الرمل:-: 2285 القمار: مجزوء الرمل: المحسن التنوخي: 2285 المزار: مجزوء الرمل: عضد الدولة: 2286 الازار: مجزوء الرمل: الوليد بن يزيد: 334 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3020 قدري: مجزوء الرمل: ابن الرومي: 366 وسرور: مجزوء الرمل: الحمدوني: 2179 فداره: مجزوء الرمل الصاحب: 698 خاطري: السريع: الصاحب: 716 جابر: السريع: الأعشى: 316 عذري: السريع: ابراهيم الصولي: 72 يجري: السريع: البحتري: 229 يدري: السريع: المعري: 324 صدري: السريع: المتيم الافريقي: 486 الغدر: السريع: أبو أحمد العروضي: 524 الهجر: السريع: سديد الملك ابن منقذ: 585 الحشر: السريع: ابن الحجاج: 1046 الأجر: السريع: ابن الموصلايا: 1636 قدري: السريع: الفضل اليزيدي: 2179 الشعر: السريع: أبو القاسم الآمدي: 2329 الظهر: السريع: ابن التعاويذي: 2563 بالخنصر: السريع:-: 255 المبصر: السريع: ابن فضال: 1836 والافطار: السريع: ابن زاهر الموصلي: 1162 بأضرار: السريع: ابن رشيق: 864 واعساري: السريع: السري الرفاء: 1343 بأضرار: السريع: القصباني: 2180 العبر: المنسرح: النهرجوري: 917 البصر: المنسرح: ابن الحجاج: 1041 البحر: المنسرح: الوحيد: 1356 الزبير: الخفيف: الزبير بن بكار: 1324 تغري: الخفيف: الصابي: 148 وحر: الخفيف: الصابي: 155 أمر: الخفيف:-: 1264 وسرور: الخفيف: الحسن ابن المنجم: 1026 مسرور: الخفيف: الصاحب: 719 عبير: الخفيف:-: 977 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3021 نذوري: الخفيف: ابن التستري: 1358 الأسفار: الخفيف: العطوي: 1926 مسافر: مجزوء الخفيف: ابن وكيع: 994 عذر: المجتث: الببغا: 1954 صدري: المجتث: ابن جمهور القمي: 2502 الناظر: المتقارب: ابن أبي الشخباء: 1007 بالناصر: المتقارب: الحسين السلامي: 1030 الديار: المتقارب: أبو العبا س الناشىء: 1512، 1548 وابتكاري: المتقارب: ابن يخلف الصقلي: 1529 باليسار: المتقارب:-: 2284 نهار: المتقارب: أبو القاسم التنوخي/ أبو النضر الانطاكي: 1885 نهار: المتقارب: أبو النضر المصري أو غيره: 2425 الأكبر: المتقارب: جحظة: 218 الأشعري: المتقارب:-: 248 خري: المتقارب: أبو الحسن الحصري: 1402 جعفر: المتقارب: أحمد بن عمر بن شبة: 2094 بالنظر: المتقارب: الشافعي: 2408 - ز- فخز: الرمل: أبو الهيذام اللغوي: 2240 لمازها: الطويل: الوجيه ابن الدهان: 2263 خزا: الوافر: لغدة: 875 جهازة: مجزوء الكامل: الإسكافي: 1870 الغرائز: الطويل: ابن دريد: 2496 العجوز: مخلع البسيط: المعري: 305 عزيز: الكامل: ظافر الحداد: 1462 مبرز: الكامل: القاسم الواسطي: 2221 كرز: السريع: الجوهري: 659 الخوز: السريع: أبو الفرج الأصبهاني: 1712 لأعجازه: المتقارب: الحصري الأعمى: 1809 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3022 - س- رأس: الطويل: حفصة الركونية: 1183 والغلس: الكامل : ش فيهروز بن سعد: 1420 المجالسا: الطويل:-: 32 نفسا: الطويل: عين القضاة: 1551 والشمسا: الطويل: ابن الموصلايا: 1636 أنسا: الطويل: العماد الأصفهاني: 2628 الكسا: الطويل: القاضي البحاثي: 2430 كمؤنسه: الطويل: ابراهيم اليزيدي: 163 قاموسا: البسيط: المعري: 339 فرسا: البسيط: ابن المأمون: 452 وكاسا: مخلع البسيط: ابن السراج: 778 الدامسا: الكامل: البزار الواسطي: 1132 (نسيسا) : الكامل: المتنبي: 1755 نفسه: الكامل: ابن ماري: 2835 الخساسه: مجزوء الكامل: منصور الفقيه: 2724 النفوسا: الخفيف: الصابي: 133 جليسا: الخفيف: القاضي الجرجاني: 1798 الرؤوسا: الخفيف: ابن طباطبا أبو الحسن: 2317 ياسا: الخفيف: الحكم بن عبدل: 1189 مدلسا: مجزوء الخفيف: البلاذري: 531، 2010 أناسا: المتقارب: اسحاق الموصلي: 607 أنفاسها: المتقارب: صاعد اللغوي: 1165 حراسها: المتقارب: ابن بدر: 1165 المجالس: الطويل: ابن خالويه: 1037 ودارس: الطويل: أبو نواس: 1401 دامس: الطويل: أبو علي المنطقي: 2043 سائس: الطويل: أبو بكر ابن الأنباري: 2617 جالس: الطويل: ابن الطثرية: 2840 المتعبس: الطويل: شبيب ابن البرصاء: 1412 يجلس: الطويل: أبو الجراح العقيلي: 1750 وأنفاس: الطويل: ابن بشران: 2352 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3023 والباس: الطويل: الأبيوردي: 2362 أنس: الطويل: محمد بن الحسن الجبلي: 2522 وينتكس: المديد: ابن دهن الحصى: 973 هموس: الوافر: أبو زبيد الطائي: 1171 العيس: البسيط: المتلمس: 313 دنس: البسيط: أبو فراس الحمداني: 1527 الرأس: البسيط:-: 2308 عابس: الكامل: الوحيد: 1357 خسيس: الكامل: شميم الحلي: 1693 الشمس: السريع: المهذب بن الزبير: 948 فارس: السريع: ابن الساعاتي الطبيب: 1309 حرس: المنسرح: أبو العيناء: 2613 منحوس: المنسرح: الصاحب ابن عباد: 2187 ابليس: الخفيف: أبو نواس: 1659 ويباس: الخفيف: ابن القارح: 1975 الدوارس: الطويل: ابن بابك: 417 القلانس: الطويل: ابو دلامة: 1328 والآسي: الطويل: أبو عبيد البكري: 1535 كاسي: الطويل: صدر الأفاضل: 2195 المدرس: الطويل: أبو علي الآمدي: 1063 النقس: الطويل: أبو الحسن الغالي: 1646 المدرس: الطويل: الصابي: 151 والحس: الطويل: سبط أبي منصور الخياط: 1540 جنس: الطويل: أبو محمد الخوارزمي: 2112 واللبس: الطويل: أبو بكر الزبيدي: 2519 ملتمسه: المديد: ابن صريع الغواني: 1403 لرمسي: الوافر: الحصري: 159 بطمس: الوافر: المعري: 335 فاس: الوافر: مرشد بن منقذ: 587 واقتباس: الوافر: البيروني: 2335 وكيس: الوافر: ابن المنقى: 1758 الطواويس: البسيط: توفيق الأطرابلسي: 770 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3024 القناعيس: البسيط: جرير: 1554، 2220 فلاس: البسيط: ابن فارس: 413 عباس: البسيط: ابن شبانة: 419 عباس: البسيط: احديني المنجم: 698 الناس: البسيط: علي بن يحيى المنجم: 2013 الناس: البسيط: البيروني: 2335 للناس: البسيط: أبو الطيب الطاهري: 2318 بمقياس: البسيط: أبو عثمان الخالدي: 1379 الياس: البسيط: الأبيوردي: 2362 جلاسي: البسيط: ابن دريد: 2494 عدس: البسيط: الأخفش الألهاني: 410 خرس: البسيط: أبو خليفة الجمحي/ ابن دريد: 2172 يمس: البسيط: الأبيوردي: 2372 برقلس: الكامل: أحمد بن محمد الأصبهاني: 433 الأكؤس: الكامل: سهل بن المرزبان: 1409 سندس: الكامل: ابن غلندو: 1194 الأخرس: الكامل: المفجع: 2340 أقاسي: الكامل: مدرك الشيباتي: 428 اليأس: الكامل: أحمد بن سليمان بن وهب: 270 الأنفاس: الكامل: اسحاق الموصلي: 603 الناس: الكامل: لقيط المحاربي: 2251 التأسيس: الكامل: ابن عنين: 2588 نفسي: الكامل: الصابي: 143 كناسيها: الكامل: ابن أبي حصينة: 1127 وطاس: مجزوء الكامل:-: 2431 النفسي: السريع: العماد الأصفهاني: 2631 النحس: السريع: البديع الأسطر لابي: 2770 بالياس: السريع: الجوهري: 659 القاسي: السريع: العباس بن الأحنف: 1482 مرداس: السريع: ابن أبي حصينة: 1122 بالناس: السريع: العباس بن الأحنف: 2856 والعيس: السريع: أبو عبد الله الحلواني: 1382 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3025 رمسه: السريع: صالح بن عبد القدوس: 349 فرس: المنسرح: أبو زبيد الطائي: 1173 الهوس: المنسرح: ابن جكينا: 2204 الناس: الخفيف: ابن الخشاب: 1498 الناس: الخفيف: ابن الحجاج: 1498 عنسي: الخفيف: البحتري: 2799 واستأنس: المتقارب:-: 1525 الكؤوس: المتقارب: الحريري: 2209 نفسه: المتقارب: ابن حي التجيبي: 1149 - ش- مرتعش: الطويل: الباخرزي: 1688 فرش: المتقارب: الصاحب: 720 مشوشا: الطويل: صدر الأفا ض ل: 2193 انفراشا: مجزوء الرمل: الأسعد بن مماتي: 642 الرشا: المجتث: أحمد بن كليب: 422 منكمش: البسيط: أسامة بن منقذ: 577 الأخفش: المتقارب: سوار بن أبي شراعة: 1771 الطياش: الكامل: ابن التلميذ: 2775 للغيش: السريع:-: 1847 فايش: السريع: عوف بن محلم: 2140 الغبش: المنسرح: أمية بن أبي الصلت الأندلسي: 742 توحش: المتقارب: ابن الرومي: 1772 - ص- يغوص: السريع: ابن العريف: 1440 الفصوص: السريع: صاعد اللغوي: 1441 شخصه: الوافر: قاضي هراة: 2729 القصصا: البسيط: أبو الفرج الأصبهاني: 1722 والرقصا: السريع: أبو الحسن الغالي: 1647 الرهيص: الوافر:-: 41 يرخص: الكامل: سعيد ابن الدهان: 1372 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3026 يحصّ: الخفيف: الحسين بن بشر: 1736 بالنقص: الطويل: البزار الواسطي: 1131 المعتاص: الكامل: الآمدي: 853 والإخلاص: الكامل: الفندورجي: 1985 وانتقاصي: مجزوء الكامل: حماد عجرد: 1197 القصاص: مجزوء الكامل: صالح بن يونس: 1442 الخص: السريع: ابن القارح: 1974 - ض- أومضا: الطويل: ابن ماكولا: 1988 ينتضى: الطويل:-: 2195 الأرضا: الطويل: المحسن التنوخي: 2281 قضى: البسي ط: المعري: 324 مرضا: البسيط: ابن أسد الفارقي: 846 عرضا: البسيط: ابن بشران: 2352 عرضا: البسيط: الأبيوردي: 2364 القبعضا: الوافر:-: 2679 القضا: الكامل:-: 987 الغضا: الكامل: نفطويه: 117 الغضا: الكامل: أبو جعفر الزيدي: 435 الغضا: الكامل: أبو العباس الصفري: 1533 مضى: الكامل: أبو فراس الحمداني: 1533 معرضا: الكامل: رزق الله التميمي: 1304 متعرضا: الكامل: ابن بشران: 2351 عضه: الكامل: الصاحب: 718 خواضها: الكامل: ابن خيران: 383 والعرضا: السريع:-: 550 والعرضا: السريع:-: 1829 مضى: المنسرح: ابن الرومي: 1772 عائض: الطويل:-: 672 المرض: المديد: أسير الهوى: 1315 تعترض: البسيط: الصابي: 151 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3027 عوض: البسيط: المحسن بن الصابي: 151، 2276 يموض: البسيط: ابن سينا: 1075 ويمتعض: البسيط: عمر بن شبة: 2093 عض: السريع: أبو حاتم السجستاني: 1407 فعضوا: الخفيف: أبو نواس: 48 العرض: الخفيف: ابن الشبل: 1084 عرض: الخفيف: ابن أبي الصقر الواسطي: 2577 حضيض: الخفيف: أبو تمام: 2515 عرض: الطويل: أبو بكر العميد: 1681 عرضي: الطويل: مروان بن أبي الجنوب: 2015 بعض: الطويل:-: 2679 محض: الطويل: أبو خراش: 375 بياضه: الطويل: أبو اليسر المعري: 300 المريض: الوافر: حماد عجرد: 1197 عروض: الوافر: العمراني: 1963 بغيض: الوافر:-: 2575 الماضي: البسيط: ابراهيم الصولي: 80، 818، 2537 بالراضي: البسيط: ذو القرنين بن حمدان/ مرشد بن منقذ: 585، 1297 راضي: البسيط: ابن لنكك: 2240 المرض: البسيط: أبو القاسم الدينوري: 1537 الأعراض: الكامل: بديع الزمان: 237 راض: الكامل: الخوارزمي: 242 ببياض: الكامل: أبو الشيص: 242 البيض: الكامل: السري الرفاء: 156 والناهض: الكامل: الشافعي: 2408 القريض: مجزوء الكامل: الحدادي البلخي: 2652 المريض: مجزوء الكامل: القاسم الواسطي: 2222 المحض: الهزج:-: 2145 وأمراضي: السريع: ابن أسد الفارقي: 847 الأرض: السريع: المفجع/ ابن لنكك: 3338 وقاض: الخفيف: ابن دهن الحصى: 974 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3028 بالإيماض: الخفيف: المعمري: 2327 بياض: الخفيف: القاسم الواسطي: 2221 - ط- أفرط: الوافر: البزار الواسطي: 1132 شباط: السريع: العروضي: 790 السقط: المتقارب: ابن سكرة: 2278 خطائطا: الطويل: ابن الخراساني: 2642 القطا: الطويل: الحسن السهواجي: 995، 1150 تعطه: الطويل: الوزير المغربي: 1097 وخطا: البسيط: الحريري: 1544، 2207 بخطا: البسيط: البلطي: 1615 خطا: البسيط: صدر الأفاضل: 2194 الإحاطة: مخلع البسيط: ابن منير: 2080 انحطّا: السريع: المطرزي: 2742 وسطا: المنسرح: ابن السراج: 778 شاحطه: المتقارب:-: 1798 ربط: الطويل: البلطي: 1614 يلتقط: البسيط: ابن هانىء: 2669 مشروط: السريع: الصاحب: 720 شاحط: السريع: نلم النحاة: 870 قنطوا: المنسرح: ابراهيم بن المدبر: 103 مربوط: المنسرح: ابن العميد أبو الفضل: 199 ومغبوط: المنسرح: ابن سمكة: 199 أنشط: المتقارب: ابن البارع البغدادي: 1146 وافراطي: البسيط: أمية بن أبي الصلت الأندلسي: 741 الشمط: البسيط: ابن المعتز: 1523 ولواط: الكامل: اسامة بن منقذ: 579 الغائط: السريع: زيد الأحا ظ ي: 1334 نشاطي: مجزوء الرمل: ابن التعاويذي: 2564 السقط: المنسرح:-: 458 لواط: الخفيف: الرقي المنجم: 1908 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3029 وأوساطها: المتقارب: عمر النسفي: 2099 - ظ- لحظا: الطويل: ابن القزاز: 2477 فظاظها: الطويل: النجيرمي: 88 غ يظها: الكامل: ابن عمار المهدوي: 509 لحظه: الكامل المجزوء: خالد النجاد: 1547 تفيظ: الطويل: أبو بكر الزبيدي: 252 حافظ: الطويل: القاشاني: 1842 الألحاظ: الكامل: ابن برد الأصغر: 510 مواعظ: مجزوء الكامل: أبو شراعة: 2122 حظه: السريع: أبو الفضل العروضي: 492 حافظها: المنسرح: أبو بكر الزبيدي: 2520 وحافظها: المنسرح: المصحفي: 2520 الجاحظ: الكامل:-: 836 - ع- تسمع: الكامل: حمزة العين زربي: 1222 صنع: الكامل المجزوء: الصخري: 504 بلقع: السريع: المفجع: 2336 ينتفع: الرمل: الكسائي: 1747 ويخدع: المجتث: الصاحب: 707 الدمعا: الطويل: محمد بن عبد الله المغربي: 836 طالعا: الطويل: على بن يحيى: 2021 هاجعا: الطويل: هبة الله بن أحمد ابن أبي جرادة: 2078 نزوعا: الطويل: ابن ماكولا: 1990 (فاوجعا) : الطويل: متمم بن نويرة: 762 مربعا: الطويل: الحسين بن مطير: 1158 أجمعا: الطويل: دثار النمري: 1230 أيفعا: الطويل: خالد بن المهاجر: 1230 متربعا: الطويل: خالد الربيدي: 1230 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3030 مولعا: الطويل: الحميدي: 2600 والسعه: الطويل: الواحدي: 1661 منفعه: الطويل: ابن الجهم: 2703 والوجعا: البسيط: الأعشى الكبير: 760 والصلعا: البسيط: الأعشى الكبير: 1318 مطيعا: الوافر: الطغرائي: 1108 السباعا: الوافر: القطامي: 1137 ساعه: الوافر: ابن بسام: 1862 نزوعا: الكامل: الصابي: 148 دموعا: الكامل: المعري: 309 التوديعا: الكامل: ذو القرنين ابن حمدان: 1296 خداعا: الكامل: ابن مختار الواسطي: 518 توسعا: الكامل: أبو عقال القيرواني: 1372 تبعا: الكامل: ابن هانىء: 2671 ربيعا: مجزوء الكامل: الصابي: 153 قطعه: مجزوء الكامل: جحظة: 218 الساعه: الهزج: أبو العتاهية: 2649 جزعا: الرمل: أبو العبر: 2298 نفعا: السريع: خزيمة الأسدي: 1249 مجموعه: السريع: أمية بن أبي الصلت الأندلسي: 743 سمعا: المنسرح: أوس بن حجر: 667 قطعا: المنسرح:-: 1965 طمعك: المنسرح:-: 2153 معه: المنسرح: ابن حي التجيبي/ ابن دريد: 92، 811، 1149، 2496 دموعا: الخفيف: الحسن السهواجي: 995 ترجيعا: الخفيف: أبو علي السهواجي: 1150 اجتماعا: الخفيف: ذو القرنين ابن حمدان: 1297 مدمعا: مجزوء الخفيف: الخليع: 1067 الدراعا: المتقارب:-: 1555 أنفعا: المتقارب: يعقوب بن الربيع: 2843 ساعه: المتقارب: الصاحب: 696 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3031 كساعه: المتقارب: الباجي: 1389 ساطع: الطويل: عبد الله بن رواحة: 1416 سمادع: الطويل:-: 1545 النوازع: الطويل: الكامل الخوارزمي: 1560 ظالع: الطويل: أبو تمام: 2511 راجع: الطويل: هشام أخو ذي الرمة: 2782 ومجاشع: الطويل: الفرزدق: 2787 الأخادع: الطويل: الفرزدق: 2787 سراع: الطويل: اسماعيل الوثابي: 733 هجوع: الطويل: الإسكافي ابن ناهوج: 960 لرقيع: الطويل: الوزير المغربي: 1105 مضيع: الطويل: أبو نواس: 1612 وربيع: الطويل: ذو الرمة: 2782 رجوع: الطويل: هشام أخو ذي الرمة: 2782 يطلع: الطويل: الرقيق القيرواني: 99 تدمع: الطويل:-: 363 مرتع: الطويل: الوزير المغربي: 1098 أتوقع: الطويل: ابن القارح: 1101 ستقلع: الطويل: حمزة بن بيض: 1217 أربع: الطويل: أبو الأسود الدئلي: 1470 تخدع: الطويل: سبط أبي منصور الخياط: 1540 أدمع: الطويل: عين القضاة: 1551 واسمعوا: الطويل: علي بن حمزة الأصبهاني: 1753 واسمعوا: الطويل: ابن عمارة الأصبهاني: 2439 ينجع: الطويل: حفيد نظام الملك: 1677 يلمع: الطويل: أبو الحسن البيهقي: 1767 يسمع: الطويل: وصيف الناشىء: 1789 تتصنع: الطويل: السنجاني: 1842 اجمع: الطويل: أوس/ طفيل: 1853 أتوقع: الطويل: ابن القارح: 1974 انفع: الطويل: الشافعي: 2406 ويخضع: الطويل: الشافعي: 2406 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3032 يتجرع: الطويل:-: 2406 يصنع: الطويل:-: 2406 تظلع: الطويل: المتنبي: 2511 أتوقع: الطويل: ابن هانىء: 2673 هجع: الطويل: نصيب مولى المهدي: 2756 وأكارعه: الطويل: البعيث: 1247 نزاعها: الطويل: الحسن بن وهب: 1020 جماعها: الطويل: مسكين الدارمي: 2389 رجوعها: الطويل: القاضي الجرجاني: 1802 مجتمع: البسيط: علي بن مرشد بن منقذ: 584 الطمع: البسيط: ابن الشبل: 1084 ولع: البسيط: أبو زبيد: 1168 والطمع: البسيط:-: 1558 ابتدعوا: البسيط: عمار الكلبي: 1595 تنخدع: البسيط: ابن هندو: 1726 يرفع: البسيط:-: 306 يمنعه: البسيط: شيث بن ابراهيم (ابن الحاج القناوي) : 1425 تستطيع: الوافر: عمرو بن معد يكرب: 314 يروع: الوافر: أبو المرهف العيلاني: 2748 شعاع: الوافر: ابن بحر الأصفهاني: 2439 وجمع: الوافر: محمود الكرماني: 2687 قناع: الكامل: ابن بسام: 1864 البلقع: الكامل: مويلك المزموم: 310 شرع: الكامل: الطغرائي: 1108 وستقطع: الكامل: ابن أبي حصينة: 1127 بلقع: الكامل: ابن أبي حصينة: 1124 مقنع: الكامل: أبو ذؤيب الهذلي: 1137 يجزع: الكامل: أبو ذؤيب: 762، 1267 المكرع: الكامل:-: 1266 يرفع: الكامل: دعبل: 1287 أروع: الكامل: هبة الله بن أحمد ابن أبي جرادة: 2078 ومودع: الكامل: طريح الثقفي: 1459 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3033 المكرع: الكامل: أبو الأسود الدئلي: 1471 واقشعوا: الكامل: سليمان بن يزيد العدوي: 2123 ويقطع: الكامل: الحدادي البلخي: 2653 صنيعها: الكامل: الصابي: 153 جموعها: مجزوء الكامل: مدرك الشيباني: 427 اقطع: السريع: ابن خيران: 384 مستمتع: السريع: الجاحظ: 2109 تصرع: السريع: أبو العيناء: 2614 ينصدع: المنسرح: أبو الفتح ابن المنجم: 1995 مضطلع: المنسرح: ابن التعاويذي: 2566 الربيع: الخفيف: محمد بن علي الأموي: 2582 وضعوه: الخفيف:-: 162 يخدع: المتقارب: حمزة بن بيض: 1218 ينفع: المتقارب: ابن النجار: 2645 للوقائع: الطويل: حميد بن منقذ: 589 طائع: الطويل: الكسروي: 1879 جازع: الطويل: على بن يحيى المنجم: 2013 مطاوع: الطويل: أبو علي المنطقي: 2040 ادعي: الطويل: ابن رشيق: 865 أدمعي: الطويل: الحظيري: 1351 صنيعي: الطويل: القاضي الجرجاني: 1799 بديع: الطويل:-: 2474 وقوعه: الطويل: أبو علي السهواجي: 995، 1150 منعه: الطويل: القاضي البحاثي: 2432 اشياعي: البسيط: ابن رشيق: 863 يربوع: البسيط: الفرزدق: 1346 زماع: مخلع البسيط: أبو بكر الزبيدي: 2521 تدع: البسيط: أبو عمرو بن العلاء: 1317 معي: البسيط: الزبير بن بكار: 1325 والجزع: البسيط: المعتز: 1325 اجتماع: الوافر: أبو تمام: 548 الوداع: الوافر: أبو تمام: 548 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3034 داع: الوافر: داود بن أبي داود: 1279 ذراعي: الوافر: ابن مفرغ: 2838 الربيع: الوافر: نفطويه: 121 بديع: الوافر: أبو المجد محمد بن عبد الله بن محمد المعري: 298 كالنجيع: الوافر: شهفيروز بن سعد: 1420 رباعك: الوافر:-: 244 طائع: الكامل: حمزة بن بيض: 1215 صانعي: الكامل: ظافر الحداد: 1464 ناقع: الكامل: سعيد بن حميد: 1512 الهاجع: الكامل: منصور النمري: 2512 بالإجماع: الكامل: أبو عامر الجرجاني: 2169 بربوع: الكامل: ابن مناذر: 2650 وولوعي: الكامل: ابن ماري: 2835 وتمنع: الكامل: ابن سينا: 1076 متسرع: الكامل: صدقة الناسخ: 1448 الموجع: الكامل: أبو الحسن السمسمي: 1818 المتمنع: الكامل: أبو علي ابن مقلة: 2575 يدعي: الكامل: ابن لنكك: 2621 بدموعها: الكامل: أبو الهيثم المعري: 297 مضجعي: مجزوء الكامل: الشريف ابراهيم بن محمد: 127 جموعها: مجزوء الكامل: مدرك الشيباني: 2692 بديع: مجزوء الرمل:-: 249 بالطامع: السريع: المعري: 325 الجامع: السريع: ابن خلاد: 927 وأوجاعي: السريع: العباس بن الأخنف: 1482 طبع: الخفيف:-: 18 للخليع: الخفيف: ابن سكرة: 2277 خضوعي: الخفيف: محمد بن علي الأموي: 2581 ضجيعي: الخفيف: ابن هذيل: 2834 المفجع: مجزوء الخفيف: المفجع: 2340 - غ- ف رغ: المتقارب: أبو عمرو ابن العلاء: 1320 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3035 اللثغه: السريع: ابن هندو: 1725 يروغ: الطويل: أبو سهل عبد الرحمن المعري: 301 لدغ: الطويل: أبو مسلم وادع المعري: 300 دماغ: الوافر: ابن الهبارية: 1396 صدغ: الخفيف: أبو اليسر المعري: 300 - ف- التخلف: مخلع البسيط: منصور الفقيه: 2725 السلف: الوافر: ابن خيران: 383 الشرف: الرمل:-: 1737 المتعطف: المجتث: المنذر البلوطي: 732، 2722 تألف: المجتث: القالي: 732، 2722 يخفى: الطويل: ابن البهلول التنوخي (لعله تمثل به) : 197 شنفا: الطويل: ابن هانىء: 2670 صفا: الطويل: الحريري: 2208 تعرفا: الطويل: الحاتمي: 2508 مرهفا: الطويل: ابن القيسراني: 2659 نرفا: البسيط: الصدر ابن الزاهد: 529 وقفا: البسيط: الصاحب: 718 ق ذفا: البسيط: ابن رشيق: 863 خلفا: البسيط: الناشىء: 1549 وصفا: البسيط: الناشىء: 1550 رصفا: البسيط: ابن القطاع: 1670 وهفا: البسيط: حمدويه الشاعر: 1806 خلفا: البسيط: ابن شبيب الطيبي: 1133 خافا: البسيط: اسحاق الموصلي: 608 تفويفا: البسيط:-: 2284 عزوفا: مخلع البسيط: عمر بن شبة: 2093 ضعفا: الوافر: الصابي: 157 القرافة: الوافر: العميدي: 2349 الصوفا: الكامل: أبو تمام: 2515 ضعفا: الكامل: أبو نواس: 2389 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3036 شريفه: مجزوء الكامل: أبو خليفة: 2173 مشغوفه: الهزج: أحمد بن سليمان بن وهب: 271 المصطفى: السريع: عمارة اليمني: 638 أخفى: السريع: أبو الصلت أمية الأندلسي: 742 ظريفا: الخفيف: ابن أبي الصقر الواسطي: 2577 الرغيفا: الخفيف: ابن الخياط الأندلسي: 2806 واكف: الطويل: المصعب الزبيري: 614 راشف: الطويل: ابن أبي الشخباء: 1009 المقارف: الطويل: روح بن زنباغ: 1228 المطارف: الطويل: حميدة بنت النعمان: 1228 خائف: الطويل: صاعد اللغوي: 1166 ذارف: الطويل: أبو علي المنطقي: 2046 قرقف: الطويل: الصاحب: 720 ينتف: الطويل:-: 886 أكلف: الطويل: الإسكافي ابن ناهوج: 961 تتصف: الطويل: العطوي: 1533 يوصف: الطويل: أبو العباس الصفري: 1534 مجلف: الطويل: الفرزدق: 1558 المتشرف: الطويل: وصيف الناشىء: 1786 وقوف: الطويل: اسماعيل الوثابي: 733 الشرف: البسيط: المعري: 304 يكف: البسيط: أبو اسحاق الصابي: 773 خلف: البسيط:-: 972 الشرف: البسيط: خرقة الكلبي: 1249 والسرف: البسيط: عبد الله جعفر: 1253 الكلف: البسيط: الحسن بن علي بن أبي جرادة: 2073 شرف: البسيط: ابن بشران: 2355 كلف: البسيط: مسعود الصواني: 2699 إدناف: البسيط: زهراء الكلابية: 608 طريف: الوافر: الناجم: 2512 مستهدف: الكامل: الصابي: 154 تردف: الكامل: الرستمي: 662 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3037 التلف: الكامل: الخليع: 1064 أحرف: الكامل: كمال الدين ابن العديم: 2090 تعرف: الكامل: منصور الفقيه: 2725 رجف: الكامل: خلف الأحمر: 1257 رعاف: الكامل:-: 585 شرفه: الكامل المرفل: ابن الرومي: 2184 تحلف: السريع: نفطويه: 119 انصاف: السريع: ابن أبي الدميك: 2730 يختلف: المنسرح: أحمد الخراز: 229 تكف: المنسرح: سالم بن يونس الخياط: 2853 نصف: المنسرح: يونس بن سالم: 2853 وتأليفه: المنسرح: ابن رشيق: 864 يخاف: المجتث:-: 1825 الصيف: الطويل:-: 64 ضيف: الطويل:-: 280 كيف: الطويل:-: 1336 خائف: الطويل: جحظة: 217 ملهف: الطويل: الوزير المهلبي: 979 بمدنف: الطويل: أبو القاسم التنوخي: 979 النجف: البسيط: اسحاق الموصلي: 604 الدنف: البسيط: ابن دهن الحصى: 973 الشرف: البسيط: حمدان الأثاربي: 1210 الصلف: البسيط: أبو هفان: 1487 والشرف: البسيط: أبو محمد الخورازمي: 2192 موصوف: البسيط: أحمد بن سالم: 1340 كشافي: البسيط: الزمخشري: 2689 والأكفّ: الوافر: جحظة: 208 السواف: الوافر: ابن رغبان ديك الجن: 344 كالمكتفي: الكامل: ابن المعتز/ ابن السراج: 711 تفي: الكامل: ابن السراج: 2535 تصلف: الكامل: ابن الخراساني: 2642 يطرف: الكامل:-: 2100 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3038 خاشف: الكامل: ابن عنين: 2588، 2662 الشافي: الكامل: أحمد بن محمد الأصبهاني: 433 ضافي: الكامل: البارع البغدادي: 1142 تفويف: الكامل: نطاحة: 201 ك اف: السريع: الأخفش الأوسط: 1376 جافي: السريع: الأخفش الأوسط: 1376 والطافي: السريع: المعدل العبدي: 1376 حتفي: السريع: أبو عامر الجرجاني: 2167 بتكاليفها: السريع: ابن كردان: 1776 معترف: المنسرح: ابن بسام: 1866 بشاف: الخفيف: أبو الفرج الأصبهاني: 877 عفاف: الخفيف: ابن رشيق: 864 طافي: الخفيف: ابن حي التجيبي: 1148 القوافي: الخفيف: أبو فراس السلمي: 1457 طرفي: المجتث: الصابي: 154 ظرف: المجتث: أبو نواس/ عبد الصمد بن المعذل/ أبو علي البصير: 1743 فخفّي: المجتث:-: 2702 المشرفي: المتقارب: الباخرزي: 1687 مدنف: المتقارب: ابن التلميذ أبو الفرج: 2820 الحفي: المتقارب: ابن الصقيل: 2847 - ق- الخلائق: الوافر: جحظة: 212 السوابق: مجزوء الكامل: ابن شرف: 2638 نطق: الرمل: مسكين الدرامي: 1300 الخلق: الرمل: مسكين الدرامي: 1300 غدق: الرمل:-: 2140 مفترق: الرمل: ابن دريد: 2492 نطق: الرمل:-: 2492 غسق: السريع: صفوان بن ادريس: 1450 برقا: الطويل: علي بن المنجم: 2013 رفقا: الطويل: ابن الشبل: 1082 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3039 رفقا: الطويل: الأبيوردي: 2373 عناقا: الطويل: الوأواء الدمشقي: 2158 عاشقا: الطويل: ابن أبي الشخباء: 1011 صديقا: الطويل: ابن بشران: 2354 أحمقا: الطويل: (منسوب للمعري) : 338 نتفرقا: الطويل: أسامة بن منقذ: 578 خنقا: المديد: علي بن يحيى المنجم: 2014 ومرموقا: البسيط:-: 678 وميثاقا: البسيط: الكسروي: 1978 برقا: البسيط: الحاتمي: 2506 والشفقه: البسيط: ابن خديو: 2640 مفيقا: الوافر: ابن أسد الفارقي: 844 حقا: الوافر: ابن أبي الدميك: 2730 صداقه: الوافر: ابن عبدوس الدهان: 735 خلقه: مجزوء الوافر:-: 77 عشقا: الكامل: الببغا: 1768 فراقا: الكامل: ابن المعتز: 1978 شفيقا: الكامل: أسامة بن منقذ: 578 رفيقا: الكامل: ابن عبد ربه: 467 مشتاقه: الكامل: الصاحب ابن عباد: 1799 الطريقا: مجزوء الكامل: ابراهيم الصولي: 74 والمقه: مجزوء الكامل: ابن فارس: 414 جلقا: الرمل: أبو فراس السلمي: 1457 سرقا: الرمل: ابن الحجاج: 1045 صديقا: مجزوء الرمل: جهم المازني: 802 الصدقه: المنسرح: ابن حبيبات: 2232 الأشواقا: الخفيف: علي بن مرشد بن منقذ: 583 عقوقا: الخفيف: ابن الشبل: 1083 عميقا: الخفيف: سبط أبي منصور الخياط: 1541 تائقه: مجزوء الخفيف: الجماز: 2106 الصدقه: المجتث: ابن كوجك: 2279 العراقا: المتقارب: أبو دلف العجلي: 1705 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3040 طالق: الطويل: المتيم الافريقي: 485 الخلائق: الطويل:-: 669 الأيانق: الطويل: البزار الواسطي: 1131 العواتق: الطويل: المتنبي: 2510 غريق: الطويل: أبو مسلم وادع المعري: 300 وحريق: الطويل: علي بن مرشد بن منقذ: 583 شروق: الطويل: حميد بن ثور: 1223 أحذق: الطويل: الصابي: 154 ويشرق: الطويل: ابن حزم: 1659 محنق: الطويل: الباخرزي: 1683 ضيق: الطويل: القاضي الجرجاني: 1798 مطرق: الطويل: محمد بن علي الأموي: 2581 ويمحق: الطويل: العماد الأصفهاني: 2631 درياق: الطويل: ظافر الحداد: 1462 أطيقه: الطويل: أبو علي الآمدي: 1062 ومنتطق: البسيط: الرقيق القيرواني: 99 تخترق: البسيط: الوزير المغربي: 576 يستبق: البسيط: أبو حكيمة: 1299 ورق: البسيط: أبو شجرة: 2247 العبق: البسيط: مظفر بن إبراهيم: 2700 أرزاق: البسيط: جحظة: 210 الشقائق: مخلع البسيط: ابن الهبارية: 1394 وخفق: الوافر: ابن رواحة: 1090 شرق: الوافر: الوزير المغربي: 1102 عشيق: الوافر: الحسين النطنزي: 1028 الحداق: الوافر: ابن هندو: 1725 يارق: الكامل: المتنبي: 240 تتقلق: الكامل: الخوارزمي: 240 يرزق: الكامل: البديع: 240 الأوثق: الكامل:-: 273 ملصق: الكامل: حميدة بنت النعمان: 1228 العيوق: الكامل:-: 1002 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3041 وعلوق: الكامل: ابن أبي الشخباء: 1007 رقاق: الكامل: ابن عنين: 2666 مسبوق: الكامل: ابن جيا: 2388 الأرق: الكامل المرفل: الأبيوردي: 2372 الصدق: الهزج: أبو العتاهية: 600 خلق: الهزج: أبو العيناء: 2613 الطارق: الرمل:-: 2017 تعيق: السريع:-: 1004 نثق: المنسرح: ساهر الجارية: 76 ينتشق: المنسرح: أبو علي المنطقي: 2045 بوارقها: المنسرح: القاساني: 1840 يفارقها: المنسرح: الصاحب أبو عباد: 1841 صفيق: الخفيف: جحظة: 208 منطبق: الخفيف: أبو الوليد الرياحي: 630 الشروق: الخفيف: أبو جعفر ابن سعيد: 1185 إبريق: الخفيف: عدي ين زيد: 1203 تستفيق: الخفيف: عدي بن زيد: 1203 معشوق: الخفيف: ابن الخراساني: 2642 الأطواق: الخفيف: الأعش الكبير: 1817 تفرق: المتقارب: عوف بن ملحم: 2137 السوابق: الطويل: المتنبي: 517 والأصادق: الطويل: حمد بن الحسين: 1211 رائق: الطويل: ابن هندو: 1727 وشقائق: الطويل: أبو ناجية الشامي: 2493 مؤنق: الطويل: الصابي: 139 التفرق: الطويل: أبو المعالي المعري: 302 الفرزدق: الطويل: زياد الأعجم: 1329 المتألق: الطويل: جحظة: 208 ضيق: الطويل: الخليل بن أحمد السجزي: 1273 لنلتقي: الطويل: أبو الحسن الفالي: 1648 التفرق: الطويل: قابوس بن وشمكير: 2185 الفرزدق: الطويل: أبو ليلى المجاشعي: 2788 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3042 حقي: الطويل: محمد بن علي الأموي: 2581 بصديق: الطويل: الصابي: 144 بفراق: الطويل: ابن هندو: 1725 بالساق: البسيط: أبو الحسن البيهقي: 1767 وعشاق: البسيط: ابن أبي جرادة: 1793 آفاق: البسيط: صفوان بن ادريس: 2975 عنقي: البسيط:-: 585 ومنطلق: البسيط: أبو الأسود الدئلي: 1468 يشق: البسيط: أبو علي المنطقي: 2038 الطرق: البسيط: هبة الله بن أحمد ابن أبي جرادة: 2076 السبق: البسيط: ابن فضلون العقري: 2601 الشقيق: الوافر: ابراهيم الصولي: 74 الرقيق: الوافر:-: 241 الصفيق: الوافر:-: 241 الطريق: الوافر: الحرمازي: 931 بريقي: الوافر:-: 2350 صديقي: الوافر: ابن جرير الطبري: 2443 رفيقي: الوافر: مكي بن ريان: 2715 الفراق: الوافر: الوزير المهلبي: 988 الوداق: الوافر:-: 1003 العراق: الوافر: الوزير المغربي: 1101 النياق: الوافر: داود المهلبي: 1280 الفراق: الوافر: البيروني: 2335 صديقك: الوافر: ابن جرو الأسدي: 1577 اسحاق: الكامل:-: 132 بالمشتاق: الكامل: اسحاق الموصلي: 612 وفراق: الكامل: ابن السراج: 780 بتلاق: الكامل: الخليع: 1064 بعتاق: الكامل: ابن أبي الناس العسقلاني: 1989 الأطواق: الكامل: أبو علي المنطقي: 2043 تلاق: الكامل: الخليل بن أحمد السجزي: 1273 الميثاق: الكامل: سليمان الحلواني: 1390 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3043 ومحاق: الكامل: الباخرزي: 1683 الإشراق: الكامل: أبو عامر الجرجاني: 2169 المشتاق: الكامل: الأبيوردي: 2363 بفراق: الكامل: ابن دريد: 2499 باق: الكامل: المؤيد الألوسي: 2737 تخلق: الكامل: أبو العباس الأزرق: 1032 موفق: الكامل: الشافعي: 1033 المنطلق: الكامل: روح بن زنباع: 1225 الطارق: الكامل: ابن الخشاب: 1504 حالق: الكامل: أبو الفرج الأصبهاني: 1710 بارق: الكامل: ابن بقي: 2822 ريقه: الكامل: البارع الزوزني: 631 تخريقه: الكامل: أبو الخير الكفرطابي: 1380 وبساقه: الكامل: الواساني: 1061 رزقي: مجزوء الكامل: المعري: 326 تحرقي: الكامل المجزوء: الوزير المهلبي: 977 المذاق: مجزوء الكامل: أبو العباس الضبي: 176 مخلوق: السريع: ابن الخشاب: 1495 السوق: السريع: أبو العنبس الصيمري: 2421 خالقك: السريع: القشيري: 1571 أخلاقك: السريع: القاضي الجرجاني: 1798 فرق: المنسرح: أبو القاسم التنوخي: 1877 حلقي: المنسرح: ابن مناذر: 2651 مغبوق: المنسرح: البتي: 376 لعاشقه: المنسرح: اسماعيل القاضي: 650 رامقة: المنسرح:-: 1391 التلاقي: الخفيف: ابن عبد ربه: 466 نفاق: الخفيف: أبو أحمد العروضي: 524 والعناق: الخفيف:-: 548 بصاقي: الخفيف: أبو زيد الأنصاري: 1361 الآفاق: الخفيف: أبو الفتح ابن العميد: 1888 المآقي: الخفيف: ابن البقال: 2052 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3044 والفراق: الخفيف: أبو البركات الحسني: 2064 الخلاق: الخفيف: عدي بن زيد: 2135 باغتباق: الخفيف: محمد بن علي الاموي: 2580 الانفاق: الخفيف: ابن عنين: 2664 العراق: الخفيف: البديع الاسطرلابي: 2776 الحريق: الخفيف: الوزير المهلبي: 989 ل صديق: الخفيف: ابن المعلمة: 1704 التعويق: الخفيف: ابن ابي الصقر الواسطي: 2576 عشقي: الخفيف: الوزير المهلبي: 986 برق: الخفيف: خالد بن المهاجر: 1228 رقي: الخفيف: المعافى الجريري: 2703 الخالق: المتقارب: حمران بن أعين: أصدق: المتقارب: ابو علي المنطقي: 2045 - ك- ملك: الطويل: القاضي الجرجاني: 2432 ظلك: مجزوء الكامل: البحتري: 440 ببابك: مجزوء الكامل: البلاذري: 535 بابك: مجزوء الكامل: ابو العنبس الصيمري: 2421 السنابك: مجزوء الكامل: العماد الاصفهاني: 2626 مسلك: مجزوء الكامل: ابو الحسن الحاجب: 2768 بدالك: مجزوء الرمل:-: 211 صلتك: المنسرح:-: 611 ملك: المتقارب: ابن ابي بكر الكاتب: 456 الفلك: المتقارب: ابن كوجك: 2279 الاقربوك: (؟) : رزين العروضي: 2066 غلوائكا: الطويل: ابراهيم الصولي: 74 مالكا: الطويل:-: 1265 مالكا: الطويل: ابن الرومي: 1508 كذلكا: الطويل:-: 1552 ذلكا: الطويل:-: 1557 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3045 دائكا: الطويل:-: 2277 وجدكا: الطويل: ابن الهبارية: 1398 مسلكا: الطويل: ناصر الخويي: 2740 عدواكا: الطويل: ياقوت الحموي: 2184 يبكوا: الطويل: المعري: 304، 337 لكا: البسيط: ابراهيم الصولي: 84 بلواكا: البسيط: جحظة: 225 عزاكا: البسيط: أحمد بن يوسف: 562 دراكا: مخلع البسيط: ابو نواس: 1033 يداجيكا: البسيط: العتابي: 2245 يقذيكا: البسيط: لقيط المحاربي: 2251 بركه: البسيط: المفجع: 2337 أراكا: الوافر: ابن القزاز: 2477 عذلتكا: الكامل: الخليل: 1269 هلكا: الكامل: دعبل: 1287 اليكا: الكامل: سيدوك: 1777 بالكا: السريع: حماد عجرد: 1197 الحالكا: السريع: حمزة بن بيض: 1217 المهلكه: السريع: ابن المعلمة: 1705 اليكا: مجزوء الكامل: مدرك الشيباني: 269، 428 جفاكا: مجزوء الكامل: ابراهيم الصولي: 83 اراكا: الخفيف: الخليع: 1067 قلاكا: الخفيف: ابن فورجه: 2525 اليكا: الخفيف:-: 2353 عارضيكا: الخفيف: ابن بشران: 2353 باتكا: المتقارب: أبو عامر الجرجاني: 2168 تحرك: الطويل: الخطابي: 490 الترك: الطويل: ياقوت: 962 يتهتك: الطويل: الوزير المهلبي: 989 والسكاسك: الطويل:-: 2491 ملكوا: المديد: ابن حدار: 791 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3046 م لك: البسيط: جحظة: 224 فتكوا: البسيط: ابن القوطية: 2593 فلك: البسيط: يحيى بن هذيل: 2593 درك: البسيط: ابو القاسم التنوخي: 1876 سالكها: البسيط: أسعد الجواني: 645 سالكها: البسيط: الاسعد ابن مماتي: 642 يملك: الكامل: ابو احمد العروضي: 525 شك: السريع: الطغرائي: 1117 أشركه: المنسرح: خالد الكاتب: 1245 يملك: المتقارب: ابن فارس: 414 تبكي: الطويل: الصابي: 156 بالترك: الطويل: ابو المجد محمد بن عبد الله بن محمد المعري: 298 الشوابك: الطويل: تأبط شرا: 311 المسالك: الطويل: الابيوردي: 2367 بأشراكي: البسط: المعري: 324 باك: البسيط: اسامة بن منقذ: 575 ملك: البسيط: ابن هندو: 1727 بمترك: البسيط: ابن حزم: 1654 الأراك: الوافر: ابو العميثل: 1518 الاملاك: الكامل: علي الحسني الهمذاني: 707 عينيك: الكامل: ابن ابي الشخباء: 1000 فكّه: الكامل: بديع الزمان: 239 الفلك: الرمل: الهريمي: 1869 هالك: السريع: ابو قلابة الجرمي: 804 بالمسك: السريع: ابن حرب الحلبي: 2484 والافك: السريع: ابن عنين: 2664 ناظريك: المتقارب: الناشىء: 1549 - ل- باطل: الوافر: ابن لنكك: 2620 والعمل: الكامل: ابن لنكك: 183 معتدل: الكامل: احمد بن سليمان بن وهب: 271 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3047 المنازل: مجزوء الكامل: ابو عمرو ابن العلاء: 1321 الأجل: الرمل: لغدة: 876 وتماطل: مجزوء الرمل:-: 1371 النعال: السريع: ابن وهاس: 1832 الرجال: السريع: ابن بسام: 2513 العمل: السريع: قاضي هراة: 2729 الشعل: مجزوء الخفيف: البلطي: 1616 الأجل: المتقارب: ابراهيم الصولي: 76 الغزل: المتقارب: ابن عساكر الحافظ: 1703 الأمل: المتقارب:-: 2126 مستحل: المتقارب: ابو حازم القاضي: 61، 848 مستقل: المتقارب: ابن ابي الشخباء: 1008 والاهلا: الطويل: الخطابي: 490 مهلا: الطويل:-: 496 بخلا: الطويل:-: 553 فضلا: الطويل: حسان: 670 رسلا: الطويل: اسماعيل الصفار: 732 فضلا: الطويل: الخليل بن احمد السجزي: 1273 جهلا: الطويل:-: 1479 سلى: الطويل:-: 1840 مراحلا: الطويل: الميداني: 513 سائلا: الطويل: ابو علي الآمدي: 1063 فينحلا: الطويل: احمد بن اسحاق بن البهلول: 198 يتحولا: الطويل: ابو تمام: 1138 قليلا: الطويل: ابو العميثل: 1518 فبلّه: الطويل: ابو جعفر البحاثي: 632 وحلّه: الطويل: ابن الدبيثي: 2540 مناله: الطويل: محمد بن علي الاموي: 2581 وجمالها: الطويل: كثير: 272 انتقالها: الطويل:-: 686 ظلها: الطويل: ابو عبد الله النمري: 1093 رجالها: الطويل: الفخر الرازي: 2590 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3048 جمالك: الطويل: ابن حمدان الموصلي: 796 نزلا: البسيط: ابن علويه الاصبهاني: 408 مشتغلا: البسيط: ابن الهبارية: 1398 مقلا: البسيط: ابو عبيد البكري: 1535 عذلا: البسيط: ابو علي المنطقي: 2039 رجلا: البسيط: المتنبي: 2510 مثلا: البسيط: بشار: 2794 أبوالا: البسيط:-: 2061 له: البسيط: الفخر اليزيدي: 1460 عجله: البسيط:-: 1460 أسلاه: البسيط: ابن أبي خيثمه: 263 مقفلها: البسيط: ابو تمام: 917 حلا: مخلع البسيط: هبة الله بن احمد بن ابي جرادة: 2076 الرحيلا: مخلع البسيط: الحصري الاعمى: 1808 مطالا: الوافر: ابن داود الظاهري: 174 الجمالا: الوافر: المتنبي: 710 ارتحالا: الوافر: ابن ابي حصينة: 1123 جمالا: الوافر:-: 2201 عالا: الوافر: الفرزدق: 2786 ليلا: الوافر: ابن الموصلايا: 1636 قليلا: الوافر:-: 2057 خاله: الوافر: ابو بكر الخوارزمي: 2543 شماله: الوافر: عبد الصمد بن المعذل: 2682 مختالا: الكامل:-: 909 الاجبالا: الكامل: الشريف الرضي: 1599 ورجالا: الكامل: جرير: 2511 فقالا: الكامل: ابو العيناء: 2613 وبلابلا: الكامل: ابن عبد ربه: 467 وائلا: الكامل: خالد بن يزيد: 1241 صائلا: الكامل: الباخرزي: 1686 اسماعيلا: الكامل: ابن ابي حصينة: 1119 مسؤولا: الكامل: الخالع: 1147 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3049 مسيلا: الكامل: عثمان بن علي الصقلي: 1608 وعليلا: الكامل: القاضي الجرجاني: 1803 مزيلا: الكامل:-: 2513 مضلله: الكامل: المعري: 337، 514 منزله: الكامل: الحسين النطنزي: 1028 اجمالها: الكامل: الاعشى: 2852 وطحالها: الكامل: الاعشى: 2852 قالها: الكامل: ربيعة الرقي: 1303 خيالها: الكامل: مروان بن أبي حفصة: 2858 الكلى: مجزوء الكامل:-: 252 حيله: مجزوء الكامل: منصور الفقيه: 2724 جهله: مجزوء الكامل: ابن مختار الواسطي: 518 أسفله: الرمل: الصاحب: 720 غزاله: مجزوء الرمل: ابو محمد اليزيدي: 1672، 1743 صوله: السريع: المظفر بن ابراهيم: 2700 كلكالها: السريع: ابن رشيق: 864 ملولا: الخفيف: ابن عنين: 355 وأصيلا: الخفيف: ابن سكرة: 157 طويلا: الخفيف: الحسن بن وهب: 1022 طويلا: الخفيف: المفجع: 2337 وصلى: الخفيف: ابو الهلال العسكري/ خالد الكاتب: 920 مخلى: الخفيف: ابو البقاء العكبري: 1515 تولى: الخفيف: ابو القاسم الدينوري: 1537 نقلا: الخفيف: صالح بن عبد القدوس: 1446 الفضلا: الخفيف: ابن الرومي: 1773 سهلا: الخفيف: محمد بن علي الأموي: 2580 والعذالا: الخفيف: ابراهيم الصولي: 77 فلالا: الخفيف: المتنبي: 2514 فضله: الخفيف: محمد بن سليمان بن وهب: 271 جلله: الخفيف:-: 704، 705 المخيله: الخفيف: علي بن حمزة الاصبهاني: 1753 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3050 لعليله: الخفيف: ابو بكر ابن زهر: 2552 مقله: المجتث: ابن المأمون: 452 وطولا: المتقارب:-: 72 بديلا: المتقارب: جحظة: 207 شمولا: المتقارب: ابن هندو: 1726 الفاعله: المتقارب: ابو سهل عبد الرحمن المعري: 301 الفاضله: المتقارب: ابو محمد اليزيدي: 2828 للبله: المتقارب: سليمان الحلواني: 1391 معضله: المتقارب: عبد الله بن محمد بن ابي جرادة: 2071 عاطل: الطويل: الحيص بيص: 528 تراسل: الطويل: ابن البنّاء الحنبلي: 824 المآكل: الطويل: ابو هفان: 1488 قلائل: الطويل: الحطيئة: 2067 والجنادل: الطويل: المعري: 2219 الأوائل: الطويل: المعري: 2364 غافل: الطويل:-: 2158 طائل: الطويل:-: 2220 الرسائل: الطويل: المؤيد التكريتي: 2266 آهل: الطويل: الابيوردي: 2375 ملول: الطويل: البلاذري: 535 سبيل: الطويل: اسحاق الموصلي: 599 خليل: الطويل: اسحاق الموصلي: 612 جليل: الطويل: الصاحب: 697 كحيل: الطويل: الطغرائي: 1113 ويقول: الطويل: ابن حزم: 1653 يقول: الطويل: ابو القاسم التنوخي: 1880 يحول: الطويل: ابو القاسم التنوخي: 1882 تسيل: الطويل: الفتح بن خاقان: 2158 سبيل: الطويل: ابن جرير الطبري: 2443 سبيل: الطويل: ابن عيسى العلوي: 2443 وطبول: الطويل: المتنبي: 2510 قليل: الطويل: ابو العيناء: 2614 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3051 فبتيل: الطويل: ابن الطثرية: 2839 نعل: الطويل:-: 18 الفضل: الطويل: ابراهيم الصولي: 81 والفعل: الطويل: زهير بن ابي سلمى: 245 والفضل: الطويل: الهيثم بن فراس: 530 الفعل: الطويل: اسامة بن منقذ: 575 النصل: الطويل: المهذب بن الزبير: 946 الفضل: الطويل: ابن عنين: 1404، 2664 الفضل: الطويل:-: 1524 سهل: الطويل: ابن المعتز: 1524 عدل: الطويل: القاضي الجرجاني: 1805 سهل: الطويل: الخريمي: 2066 والبذل: الطويل: ابو البركات ابن ابي جرادة: 2074 قبل: الطويل: ياقوت الحموي: 2091 السهل: الطويل: الابيوردي: 2371 الشمل: الطويل: ابن الكتاني: 2522 أؤمل: الطويل: المهلبي: 152 فيكمل: الطويل: ابن عمار: 367 ونفلوا: الطويل: سديد الملك ابن منقذ: 592 المبسمل: الطويل:-: 1034 أول: الطويل: ابن زاهر الموصلي: 1162 ويحمل: الطويل: أبو زبيد الطائي: 1176 تسأل: الطويل: ابن دريد: 2495 لأميل: الطويل: خلف الأحمر او الشنفرى: 1255 متطول: الطويل: خلف او الشنفرى: 2601 متحول: الطويل: قطرب: 2647 موكل: الطويل: الخبزارزي: 2747 مال: الطويل: ابراهيم الصولي: 71 والحال: الطويل: احمد اللؤلؤي: 171 قالوا: الطويل: الخلنجي: 172 أهوال: الطويل: المعري: 324 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3052 أحوال: الطويل: ابن حمدان الموصلي: 797 واقبال: الطويل: ابو منصور الخوافي: 1527 ضلال: الطويل: الفخر الرازي: 2590 عجال: الطويل: ابو علي المنطقي: 2054 محال: الطويل: أبو الحسن البيهقي: 1527 اشاكله: الطويل:-: 241 اشاكله: الطويل:-: 2408 فضائله: الطويل: احمد بن يوسف: 565 قائله: الطويل: زهير بن ابي سلمى: 910 مقاتله: الطويل: الرياشي: 1484 ورسائله: الطويل:-: 1577 وسائله: الطويل: ابن وهاس: 1833 قاتله: الطويل:-: 2127 تسائله: الطويل: البحتري: 2264 جاهله: الطويل: الوجيه بن الدهان: 2265 هامله: الطويل: الذلفاء: 2320 تجاوله: الطويل: الفرزدق: 2514 يطاوله: الطويل: جرير: 2514 مطاوله: الطويل: ابو العباس اليشكري: 2560 باطله: الطويل: ابو الطروق الضبي: 2794 عوازله: الطويل: الزيدي ابو محمد: 2828 غياطله: الطويل: ابن الطثرية: 2839 قيلها: الطويل:- 910 مقيلها: الطويل: الابيوردي: 2366 رسولها: الطويل: ابو القاسم التنوخي: 1877 ينالها: الطويل:-: 316 تخالها: الطويل: ابن جيا: 2388 مملول: المديد: عبد الله بن طاهر: 1632 تحميل: المديد ابن يزيد الحصني: 1632 مجعول: المديد: علان الشعوبي: 1632 فاحتملوا: المديد: محمد بن حسان الضبي: 2485 يطل: المديد: خلف الاحمر او الشنفرى: 1255 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3053 تشتعل: البسيط: الصابي: 150 وينتعل: البسيط: ابن المعتز: 266 الشمل: البسيط: ابو العتاهية: 606 والزلل: البسيط: ابو عبد الله النمري: 1093 شملوا: البسيط: الحكم بن عبدل: 1186 هطل: البسيط: الاعشى الكبير: 1302 البطل: البسيط:-: 1323 الأمل: البسيط: ابن الدهان البغدادي: 1333 والقبل: البسيط: ابن القطان: 1355 الحيل: البسيط: الحيص بيص: 1355 تنضل: البسيط: طريح الثقفي: 1459 والغزل: البسيط: طريح الثقفي: 1459 تنتقل: البسيط: ابو الفتح ابن العميد: 1889 والدول: البسيط: ابو الفتح ابن العميد: 1891 السبل: البسيط: المتنبي: 1921 الرجل: البسيط:-: 1994 وجل: البسيط: ابو علي المنطقي: 2047 والحلل: البسيط: محمد بن جعفر الصيدلاني: 2469 الأجل: البسيط: عمران بن حطان: 2514 يبتهل: البسيط: الوطواط: 1635 دغل: البسيط: منصور الفقيه: 2725 وانجيل: البسيط: المعري: 338 مشغول: البسيط: أحمد بن أمية: 204 تحويل: البسيط: الواساني: 1057 مطلول: البسيط: مهيار: 1952 مصقول: البسيط: العمراني: 1962 يحتال: البسيط: ابو خالويه: 1037 الأول: البسيط: ابن الصيرفي: 1972 يعلله: البسيط: ابن داود الظاهري: 2527 نائله: البسيط: ابن بركه المقرىء: 939 نقول: مخلع البسيط: المعري: 338 يقول: مخلع البسيط: ابن عباس الدهان: 735 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3054 سبيل: مخلع البسيط: ابو حيان الدارمي: 1935 مال: الوافر: ابن غلفاء الفزاري: 362 محال: الوافر: ابو علي المنطقي: 2040 كمال: الوافر:-: 2083 يميل: الوافر: حفصة الركونية: 1184 رحيل: الوافر: ابن حزم: 1659 العليل: الوافر: القاسم الواسطي: 2222 قفل: الوافر:-: 986 أواهل: الكامل: المتنبي: 302 كامل: الكامل: المتنبي: 303 أرامل: الكامل: مهيار: 177 عاطل: الكامل: ابو تراب الكاتب: 1984 ساحل: الكامل:-: 2585 واطول: الكامل: الفرزدق: 29 موكل: الكامل: الاحوص: 968 المقبل: الكامل: ابو هفان: 1487 تعتل: الكامل: الفرزدق: 2787 نجهل: الكامل: الفرزدق: 2787 تحمل: الكامل: ابن معطي: 2831 وينيل: الكامل:-: 837 رسول: الكامل: الباخرزي: 1684 تخييل: الكامل: الشريف المرتضى: 1731 ركال: الكامل: ابو العيناء: 2613 اجله: الكامل: ياقوت مهذب الدين: 2804 زوالها: الكامل: الاعشى: 761 جميل: مجزوء الكامل:-: 1965 شكل: الهزج: ابو الخير الضروري: 2549 سبيل: مجزوء الرمل: منصور الفقيه: 2724 خامل: السريع: اسماعيل الحظيري: 728 الماحل: السريع:-: 910 تسهيل: السريع: الحسن بن وهب: 1022 فعله: السريع: هشام أخو ذي الرمة: 2783 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3055 يتصل: المنسرح: ابن المعتز: 1520 متصل: المنسرح: ابو العنبس ابن حمدون: 1520 وكل: المنسرح:-: 1936 المقل: المنسرح:-: 2279 المثل: المنسرح: ابو الطيب الطاهري: 2318 ويحملها: المنسرح: ابن شرف: 2638 طويل: الخفيف: اسحاق الموصلي: 609 طويل: الخفيف: الوحيد: 1357 كليل: الخفيف: رسته الاصبهاني: 1307 تزول: الخفيف: المفجع: 2343 وصول: الخفيف: الوجيه ابن الدهان: 2267 عجال: الخفيف: أبو زبيد الطائي: 1175 دليل: المجتث: نطاحة: 200 دغفل: المتقارب:-: 1291 يشمل: المتقارب: المتنبي: 2512 تبذل: المتقارب: ابن التعاويذي: 2563 تبول: المتقارب: الصابي: 155 قليل: المتقارب: احمد الطاهري: 1868 الأفاضل: الطويل:-: 13 عواسل: الطويل: ابو ذؤيب: 348 بالأصائل: الطويل: ابو ذؤيب: 2813 سائل: الطويل: الاحوص: 624 المنازل: الطويل: ذو الرمة: 755 مراجل: الطويل: الفزاري: 1003 منازل: الطويل: ابن أبي الشخباء: 1010 الرواحل: الطويل: ابن رواحة: 1088 باطل: الطويل: البارع البغدادي: 1146 يجاهل: الطويل: الحسين بن مطير: 1161 فاعل: الطويل: خيار بن أوفى: 1278 سائل: الطويل: علي بن عيسى الوزير: 1824 حابل: الطويل: رزين العروضي: 1306 الشمائل: الطويل:-: 2219 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3056 باطل: الطويل: ابن خديو: 2640 وباطل: الطويل: منذر بن سعيد: 2722 والبلابل: الطويل: ابو الفضل المنبجي: 2833 الشغل: الطويل: ابن ممشاذ: 129 مثلي: الطويل: المتنبي: 260 الوصل: الطويل: الخطيب البغدادي: 395 الفضل: الطويل: اسحاق الموصلي: 607 النحل: الطويل: اسحاق الموصلي: 608 مثلي: الطويل:-: 765 بالجهل: الطويل: ابن الشبل: 1082 الشكل: الطويل: الخطابي: 488، 1207 الأكل: الطويل: ابو نواس: 1926 الجهل: الطويل: ابن نجدة: 2524 النمل: الطويل:-: 2532 الوصل: الطويل: ابن القيسراني: 2657 عقل: الطويل: واصل: 2795 الخالي: الطويل: امرؤ القيس: 331 ببلال: الطويل: الطغرائي: 1109، 1985 حالي: الطويل: الطغرائي: 1110 مجالي: الطويل: الفندورجي: 1986 أغوال: الطويل: امرؤ القيس: 2707 إفضال: الطويل: سهل بن هارون: 1409 والغالي: الطويل: ابن العميد ابو الفتح: 1891 لي: الطويل: المعري: 2000 ظليل: الطويل: المعري: 308 رسولي: الطويل: المهذب ابن الزبير: 947 بقليل: الطويل: العباس بن الاخنف: 1482 عقنقل: الطويل: امرؤ القيس: 901 (تزيل) : الطويل: امرؤ القيس: 257 الترحل: الطويل: أحمد السهلي: 505 وتفضل: الطويل:-: 552 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3057 مؤمل: الطويل: حفصة الركونية: 1183 مندل: الطويل: ابو الحسن البيهقي: 1765 بزل: الطويل:-: 1779 مسلسل: الطويل: ابن قلاقس: 2752 بمعزل: الطويل: علي بن هارون المنجم: 1994 وسواحله: الطويل:-: 2036 ومفضال: البسيط: الصابوني ابو عثمان: 726 البال: البسيط: الطغرائي: 1109 محتال: البسيط:-: 1998 مال: البسيط: الخليل: 1263 1267 الآل: البسيط: ابو القاسم الدينوري: 1537 المال: البسيط: هبة الله بن أحمد: 2077 عسال: البسيط: القاضي الزوزني: 2429 مال: البسيط: النابغة: 2508 هطال: البسيط: الحاتمي: 2508 السالي: البسيط: ابن القيسراني: 2656 مرتحل: البسيط: البتي: 377 الغزل: البسيط: الخطيب البغدادي: 397 والعذل: البسيط: اسماعيل بن منقذ: 590 وجل: البسيط: ابو نصر الصفار: 621 البطل: البسيط: ابن رشيق: 862 الرسل: البسيط: ملك النحاة: 867 المقل: البسيط: المهذب ابن الزبير: 947 العطل: البسيط: الطغرائي: 1110 الجدل: البسيط: سعد الصوراني: 1348 بالشعل: البسيط: الابيوردي: 1635 وهل: البسيط: ابو الفرج الاصبهاني: 1722 كالأجل: البسيط: ابو علي المنطقي: 2046 الأمل: البسيط: ادريس بن ابي حفصة: 2009 طول: البسيط: قابوس بن وشمكير: 2186 حيلي: البسيط: العتابي: 2244 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3058 الشغل: البسيط: ابن طبابا ابو الحسن: 2316 بمبتذل: البسيط: الابيوردي: 2365 الأجل: البسيط: الابيوردي: 2373 خطل: البسيط: ابن بحر الاصفهاني: 2438 خول: البسيط: ابن خلصة الشذوني: 2525 الأسل: البسيط: ابن شرف: 2639 الأزل: البسيط: ابن التلميذ: 2774 الاقاويل: البسيط: ابن صريع الغواني: 1403 ميل: البسيط: ابو القاسم الدينوري: 1538 معضل: البسيط: ابن علويه الاصبهاني: 409 كافله: البسيط: ابو الحسن الجوهري: 708 منازلها: البسيط: مسكويه: 494 الجمال: مخلع البسيط: حمد بن الحسين: 1211 النحيل: مخلع البسيط: أحمد بن كليب: 424 طوال: الوافر: جحظة: 209 هلال: الوافر:-: 921 الموالي: الوافر: ابن الحجاج: 1042 حبالي: الوافر:-: 1188 الرجال: الوافر: ابو العتاهية: 1383 النزال: الوافر: ابن حبيب الصقلي: 1676 العوالي: الوافر: الذلفاء: 2320 النعال: الوافر: المتنبي: 2510 وقال: الوافر: الحميدي: 2600 واختيالي: الوافر: الابيوردي: 2632 بالحلول: الوافر: (منسوب للمعري) : 309 الجميل: الوافر: احمد بن يوسف: 569 فيل: الوافر: ابو حنش: 745 العقول: الوافر: الخليل: 1265 مستحيل: الوافر: الطاهر الجزري: 1414 السفول: الوافر: ابن هفان: 1488 سولي: الوافر: شميم الحلي: 1694 جهول: الوافر: ابن لنكك: 2620 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3059 بهطل: الوافر: احمد بن يوسف: 564 سهل: الوافر: الخليع: 1068 حالي: الكامل: الصابي: 147 الدجال: الكامل: جرير: 258 ملمال: الكامل: بكر بن حبيب: 750 طوال: الكامل: ابن ابي الشخباء: 1008 الآجال: الكامل: شميم الحلي: 1692 أشغال: الكامل:-: 2083 ودلال: الكامل: ابن البرفطي: 2392 عملي: الكامل: ابو المجد المعري: 297 معضل: الكامل: المعري: 355 معول: الكامل:-: 429 بالمنزل: الكامل:-: 429 المتأمل: الكامل: اسماعيل بن منقذ: 590 مجمل: الكامل: المستور النحوي: 1152 مدلّل: الكامل: صاعد البغدادي: 1440 الافضل: الكامل: ابن عنين: 2664 الأحول: الكامل: البحتري: 2797 المتطاول: الكامل: المعري: 577 بآفل: الكامل: الاسكافي ابن ناهوج: 957 بعاقل: الكامل: الخليل بن احمد السجزي: 1273 العادل: الكامل: الحيص بيص: 1354 وطولي: الكامل: موسى بن الطائف: 125 وعويل: الكامل:-: 1001 يدلي: الكامل: الكسائي: 1747 هزلي: الكامل: ابو سهل: 442 تقتل: الكامل: حسان: 2017 بلي: الكامل: ياقوت مهذب الدين: 2805 وآله: الكامل: ابن ابي حصينة: 1119 مطاله: الكامل: الوجيه ابن الدهان: 2267 بنعلها: الكامل: الصابي: 138 ومطالها: الكامل: القشيري: 1571 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3060 الفعال: مجزوء الكامل: جعفر بن قدامة: 789 خال: مجزوء الكامل: سلم الخاسر: 1384 بقتلي: مجزوء الكامل: الشميم الحلي: 1691 الحمول: مجزوء الكامل: الرؤاسي: 2487 رسولها: مجزوء الكامل: الصابي: 152 كمالك: مجزوء الكامل: ابو علي المنطقي: 2039 وغيل: مجزوء الرمل:-: 1137 للوصال: مجزوء الرمل:-: 967 ببالي: مجزوء الرمل: المبرد: 2683 الحبل: السريع: الزيادي: 68 النمل: السريع: ابو عون: 107 الفضل: السريع: ابن بسام: 114 البذل: السريع:-: 541 قبلي: السريع: ملك النحاة: 872 قابل: السريع: ابو عدي بن وادع المعري: 301 الذابل: السريع: ابن بلبل العسقلاني: 1734 كالاهل: السريع: ابو يعلى الديناري: 2857 فضال: السريع: ابن ناقيا: 1838 الاول: السريع: ابو محمد اليزيدي: 2828 أفضاله: السريع: ابن ماء السماء: 1480 قبله: السريع: ابو عمرو السرقوسي: 1607 نبله: السريع: ابو عمرو السرقوسي: 1607 القبل: المنسرح: ابن فهد: 378 الثقل: المنسرح: محمد بن المرزبان: 881 والقبل: المنسرح: ابن الحجاج: 1046 ملل: المنسرح: ابن المنقى: 1758 الحيل: المنسرح: ابن فضال: 1836 الميل: المنسرح: الشمشاطي: 1908 محتملي: المنسرح: القاسم الواسطي: 2226 العقال: الخفيف:-: 81 آمالي: الخفيف: الصابي: 150 الليالي: الخفيف: ابن بركة المقرىء: 939 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3061 بالوصال: الخفيف: حفصة الركونية: 1185 وغزال: الخفيف: المجفجف: 1315 العقال: الخفيف:-: 1318 غزال: الخفيف: ابو عثمان الخالدي: 1378 ن وال: الخفيف: ابن المعتز/ خالد الكاتب: 1525 الضلال: الخفيف: ابن كوجك الوراق: 1733 الزوال: الخفيف:-: 1819 وخيالي: الخفيف: ابو الفتح ابن العميد: 1890 أمثالي: الخفيف: ابن البواب: 1998 هلال: الخفيف:-: 2000 النيل: الخفيف: البحتري: 441 التثقيل: الخفيف: حمد بن شيخ الأسدي: 458 المقول: الخفيف:-: 1265 الذيول: الخفيف: عمر بن ابي ربيعة: 2135 غليلي: الخفيف: البحتري: 2178 وخلي: الخفيف: ابراهيم الصولي: 80 الفضول: المتقارب: الجوهري: 658 بالارجل: المتقارب:-: 2200 اسفله: المتقارب: ابن التعاويذي: 2565 - م- نعم: الطويل: الصاحب: 696 حجم: الطويل: ابو الهلال العسكري: 919 لمم: الطويل: ابو علي المنطقي: 2043 الغنم: الطويل: الشافعي: 2407، 2408 لقائكم: الطويل: ابو الفرج الاصبهاني: 1713 الهاكم: الطويل: ابن قم الزبيدي: 1134 النعائم: مخلع البسيط: الباجي: 1389 ارقم: مخلع البسيط: الحصري الاعمى: 1808 الدراهم: الوافر:-: 549 تنهزم: مجزوء الكامل: أبو العنبس الصيمري: 2423 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3062 تحتكم: مجزوء الكامل: البحتري: 2423، 2424 والنعم: مجزوء الكامل: حميد بن ثور: 1224 الاقادم: مجزوء الكامل: خزز أو مرقش: 318 توأم: مجزوء الكامل: أبو الحسن ابن المنجم: 554 يعلم: الهزج: شيث بن ابراهيم: 1424 نسيم: الرمل:-: 1874 الحرموم: مجزوء الرمل: أبو العبر: 2299 الزحام: السريع:-: 685 الحمام: السريع: ابن أبي حصينة: 1125 الانام: السريع: صفوان بن ادريس: 1449 الكلم: السريع: نفطويه: 115 قثم: السريع: داود بن سلم: 1283 بالظلم: السريع: أبو القاسم التنوخي: 1876 حذاقهم: السريع: القاضي البحاثي: 2433 بغضهم: السريع: ابن شرف: 2637 الظالم: المنسرح: عمر بن أبي عمر القاضي: 2098 العجم: المتقارب: ابن ممشاذ: 129 النعم: المتقارب: المعري: 335 الأمم: المتقارب: الصاحب: 713 يتم: المتقارب: الأعشى: 759 وجم: المتقارب: الخليع: 1068 ألم: المتقارب: ابن كسنين: 1480 الديم: المتقارب: اسحاق بن ابراهيم التميمي: 1323 الأمم: المتقارب: ناصر الخويي: 2740 العدم: المتقارب:-: 2105 آدابهم: المتقارب: أبو هفان: 438 يتتمما: الطويل:-: 24 أعلما: الطويل: الخطفى: 29 يتكلما: الطويل: الخطفى: 910 مغرما: الطويل: نفطويه: 117 تكرما: الطويل: ابن علويه الاصبهاني: 408 والدما: الطويل: ابن الربيب القيرواني: 998 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3063 فترنما: الطويل: حميد بن ثور: 1224 أحزما: الطويل: سهل بن هارون: 1410 تقدما: الطويل: ابن المعتز: 1523 مغرما: الطويل: عثمان بن علي الصقلي: 1609 أحجما: الطويل: القاضي الجرجاني: 1797 قدما: الطويل: علي بن هارون المنجم: 1994 تصرما: الطويل: أبو علي المنطقي: 2041 الظما: الطويل: كمال الدين ابن العديم: 2089 وتكرما: الطويل: كمال الدين ابن العديم: 2090 سلما: الطويل: الشافعي: 2405 المحرما: الطويل: ابن داود الظاهري: 2528، 2529 تأثما: الطويل: المحسن بن ابراهيم الصابي: 2276 المذمما: الطويل:-: 2603 هاشما: الطويل: ابراهيم الصولي: 442 طواسما: الطويل: ابن الزاهدة: 1845 دائما: الطويل:-: 1879 الأكارما: الطويل: ابن فيره: 2216 والرغما: الطويل: ابراهيم الصولي: 73 نعمى: الطويل: أبو العباس الضبي: 176 ظلما: الطويل: القاضي البحاثي: 2429 غراما: الطويل: ابن خالويه: 1037 وانعاما: الطويل: أبو منصور الخوافي: 1527 سلامها: الطويل: الصاحب: 712 صرما: البسيط:-: 757 غنما: البسيط: الحسين السلامي: 1029 حرما: البسيط: أبو بكر الخوارزمي: 696 اللجما: البسيط: النابغة: 1256 غمامه: مخلع البسيط: البارع الزوزني: 631 والسلاما: الوافر: ابن الخشاب: 1502 السلاما: الوافر: حفيد نظام الملك: 1767 الشآما: الوافر: ابن بقي: 2821 عقيما: الوافر:-: 1846 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3064 عصيما: الوافر:-: 2277 تعمى: الوافر: روح المؤدب: 1312 الجسيمة: الوافر: البارع الزوزني: 632 دما: الكامل: علي بن همام: 304 ارقما: الكامل: أبو علي المنطقي: 2039 اينما: الكامل: عياض بن وزر: 2134 سما: الكامل: ابن زيادة: 2817 ناظما: الكامل: ابن هندو: 1724 ناعما: الكامل: أبو عبد الله ابن بلبل: 2569 معلوما: الكامل:-: 566 أتعلما: الكامل: الطغرائي: 1115 حراما: الكامل: يعقوب بن الربيع: 2843 الغما: الكامل: الجوهري: 659 اسراهما: الكامل:-: 1886 وغيهما: الكامل: أبو الفضائل الأخسيكثي: 514 ونظامه: الكامل: ابن طباطبا أبو الحسن: 2315 خيامه: مجزوء الكامل: بديع الزمان: 242 فهما: مجزوء الكامل: ابن قادوس: 402 ألمى: مجزوء الكامل: المظفر بن ابراهيم: 2700 أخاكما: مجزوء الكامل: أبو فراس: 1955 القوام (ما) : مجزوء الكامل: البلطي: 1618 وشما: مجزوء الرمل: أبو القاسم الدينوري: 1538 وسمى: مجزوء الرمل: أبو سهل القطّان: 2330 زكاما: مجزوء الرمل: أبو هفان: 1488 يعمى: السريع: ابن لنكك: 184 يدمى: السريع: ابن خيران: 381 الانجما: السريع: ابن الحجاج: 1046 ناظما: السريع:-: 18 قادمه: السريع: يحيى بن علي المهلبي: 2315 سمسمه: السريع: الحريري: 1616 محلمه: السريع: البلطي: 1616 ملاءمه: السريع: ابن المنقبة: 2208 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3065 بلسمه: السريع: أبو البيان القرشي: 2743 قسما: المنسرح: المفجع: 2341 وداما: الخفيف: هبة الله بن أحمد بن أبي جرادة: 2077 القياما: الخفيف: ابن أبي الصقر الواسطي: 2577 الرسوما: الخفيف: الحسن بن المظفر الحاتمي: 2506 نما: المتقارب: أحمد بن اسحاق بن البهلول: 198 الشكيمه: المتقارب: طلحة النعماني: 1461 النسائم: الطويل: الواساني: 1057 الجرائم: الطويل: الخليل/ الأحنف: 1268 التمائم: الطويل: ابن ميادة: 1309 الصوارم: الطويل: أبو علي المنطقي: 2039 نائم: الطويل: أبو علي المنطقي: 2040 منادم: الطويل: أبو علي المنطقي: 2045 لائم: الطويل: أبو علي المنطقي: 2047 عالم: الطويل:-: 2193 المتيم: الطويل: مهيار: 177 إليكم: الطويل: جحظة: 217 يتندم: الطويل:-: 310 تضرم: الطويل: ابن فارس: 413 سلم: الطويل:-: 497 سلم: الطويل: أحمد بن يوسف: 568 أرقم: الطويل: الصاحب: 717 متيم: الطويل: ابن بطويه: 1039 معلم: الطويل: ابن الهبارية: 1396 يمّموا: الطويل: الغريفي العنسي: 1822 نوم: الطويل: أبو القاسم التنوخي: 1875 عليكم: الطويل: الفندورجي: 1984 إليهم: الطويل: الفندورجي: 1985 وعلقم: الطويل: المؤمل بن أميل: 2735 كريم: الطويل: الخطابي: 490، 1207 يدوم: الطويل: الصفرى: 527 مقيم: الطويل: إدريس بن أبي حفصة: 614 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3066 مقيم: الطويل: ابن دريد: 1035 رميم: الطويل: ابن السيد البطليوسي: 1528 مشوم: الطويل: المعمري: 2328 حرام: الطويل: أحمد بن يوسف: 569 عزائمه: الطويل:-: 81 عزائمه: الطويل: ابن خيران: 383 محارمه: الطويل: البلاذري: 535 نسيمها: الطويل: ابن الشبل/ المجنون: 1081 لئيمها: الطويل: البعيث: 1246 حميمها: الطويل: البعيث: 1246 أميمها: الطويل: جرير: 1247 قرومها: الطويل: علي بن يحيى المنجم: 2010 والقلم: البسيط:-: 11 الحكم: البسيط: جحظة: 212 ندم: البسيط: ابن علويه الاصبهاني: 408 نجموا: البسيط: المتيم الافريقي: 485 علموا: البسيط: أسامة بن منقذ: 580 الرجم: البسيط: محمد بن العباس اليزيدي: 738 القدم: البسيط:-: 992 تعتصم: البسيط: أبو علي المنطقي: 2038 قحم: البسيط: يزيد بن معاوية: 2147 يستلم: البسيط: الفرزدق: 2513 خدم: البسيط: ابن الرومي: 2575 وعموا: البسيط: ابن لنكك: 2621 شوم: البسيط: الخليل: 1270 ميم: البسيط: ابن الدهان الموصلي: 1509 ضرغام: البسيط: أبو مسهر المؤدب: 518 ونوم: مخلع البسيط: المهلبي: 984 ونوم: مخلع البسيط: منصور الفقيه: 2726 الطعام: الوافر:-: 530 نيام: الوافر: الطغرائي: 1117 القتام: الوافر: المتنبي: 2219 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3067 ضرام: الوافر: نصر بن سيار: 2439 كريم: الوافر: دعبل أو أبو علي البصير: 283 مقيم: الوافر: ابن حزم: 1654 سهوم: الوافر: أبو علي المنطقي: 2045 أحلام: الكامل: أبو تمام: 281 نظام: الكامل: ابن علويه الاصبهاني: 408 الأقوام: الكامل: اسماعيل بن منقذ: 590 والأظلام: الكامل: أشجع السلمي: 1033 و؟؟؟: الكامل: ابن أبي حصينة: 1118 والاعدام: الكامل: ابن أبي الهمام: 1251 أيتام: الكامل: أبو العباس الأعمى: 1341 الاقدام: الكامل: سهم بن ابراهيم: 1410 الأيام: الكامل:-: 2576 تقدموا: الكامل: الطاهر الجزري: 1415 يتكلم: الكامل: الكسروي: 1979 وتسجم: الطويل: أبو علي المنطقي: 2044 يتظلم: الكامل: أبو علي المنطقي: 2040 يتظلم: الكامل: ابن البقال: 2049 تلطم: الكامل: المتنبي: 2510 يتغمغم: الكامل: الزمخشري: 2689 جسيم: الكامل: ابن الدويدة: 1122 يهيم: الكامل: ابن ناكل: 1627 مقيم: الكامل: أبو علي المنطقي: 2037 مرثوم: الكامل: هبة الله بن أحمد بن أبي جرادة: 2076 سليم: الكامل: الحريري: 2207 اتهموا: الكامل: المهذب ابن الزبير: 942 اسحم: الكامل: الحسين بن مطير: 1159 غمام: الكامل: زيد بن مرزكة: 1338 ظلم: الكامل: الحارث بن خالد: 759 أنامها: الكامل: الحكم بن عبدل: 1186 عقم: الكامل:-: 2112 عندهم: الكامل: قاضي هراة: 2729 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3068 مدام: مجزوء الكامل: الحظيري: 1352 يسقمه: مجزوء الكامل: القاسم الواسطي: 2222 الكريم: مجزوء الرمل: الحصري الأعمى: 1808 وسيم: مجزوء الرمل: سعيد ابن الدهان: 1371، 2816 إمام: مجزوء الرمل: عمرو بن مسعدة: 2131 هموم: السريع: ابن المعتز: 1521 هموم: السريع: المفجع: 2344 لقياكم: السريع: داود المهلبي: 1280 والفهم: السريع: ابن التستري: 1358 كريم: الخفيف: الجماز: 758 قدوم: الخفيف: الوزير المغربي: 1096 يدوم: الخفيف: الخضر بن ثروان: 1250 الغريم: الخفيف: ابن هندو: 1726 عظيم: الخفيف: قابوس بن وشمكير: 2184 النعيم: الخفيف:-: 2813 الأنام: الخفيف: اسحاق الموصلي: 616 المستهام: الخفيف: القاضي الجرجاني: 1802 حرام: الخفيف: منصور الفقيه: 2725 ويضمه: الخفيف: ابن الحجاج: 977 مغرم: المتقارب: ابن فارس: 413 يكتم: المتقارب: ابن شبيب الطيبي: 1134 يشأم: الطويل: زهير: 315 فالمتثلم: الطويل: زهير: 2161 بسلم: الطويل: الأعشى: 546 المتوهم: الطويل: الصاحب: 719 المنجم: الطويل: الصاحب: 719 التجرم: الطويل: حميد بن ثور: 1224 ضيغم: الطويل:-: 1553 قم: الطويل:-: 1557 جهنم: الطويل: ابن ناقيا: 1561 يحرم: الطويل:-: 1779 المكرم: الطويل: أبو حيان الدارمي: 1935 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3069 مذمم: الطويل: كعب بن مالك: 2150 أقدم: الطويل: ابن جيا: 2390 التندم: الطويل:-: 2536 مذمم: الطويل: ابن سناء الملك: 2765 الدم: الطويل: الفرزدق: 2787 مبهم: الطويل: ابن بقي: 2821 ضيغم: الطويل:-: 2841 مرامه: الطويل: ابن أبي الهمام: 1251 حمامه: الطويل: علي بن مرشد بن منقذ: 583 الظلم: المديد:-: 54 وفم: المديد: أبو نواس: 2283 متهم: المديد: ابن زبادة: 2818 فهم: الطويل: ياقوت الحموي: 12 التم: الطويل: الصابي: 149 ظلمي: الطويل: ابراهيم الصولي: 78 العجم: الطويل:-: 679 وهم: الطويل: الصاحب: 720 السهم: الطويل:-: 971 تصمي: الطويل: الشريف المرتضى: 1729 علمي: الطويل:-: 1807 عظم: الطويل:-: 1925 العلم: الطويل:-: 2220 وعظامي: الطويل: أبو اليسر الموصلي: 299 وعام: الطويل: اسحاق المعري: 613 سلامي: الطويل: عمر الجنزي: 2094 بذميم: الطويل:-: 246 بملوم: الطويل: ابن دهن الحصى: 974 خازم: الطويل: اسحاق الموصلي: 595 اللوائم: الطويل: أبو علي الآمدي: 1062 المكارم: الطويل: الحسين بن مطير: 1161 للدراهم: الطويل: الحكم بن عبدل: 1188 الصوارم: الطويل: الفرزدق: 1237 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3070 حاتم: الطويل: ربيعة الرقي: 1303 لمخاصم: الطويل: صالح بن عبد القدوس: 1446 هاشم: الطويل: ابن المعتز: 1979 هاشم: الطويل: الكسروي: 1979 دارم: الطويل: الفرزدق: 2786 ظالم: الطويل: الفرزدق: 2787 والبراجم: الطويل: جرير: 2788 القوائم: الطويل:-: 2368 والقدم: البسيط: جحظة: 219 نعم: البسيط: أحمد بن سليمان بن وهب: 270 ألم: البسيط: ابن شهيد: 359 قدم: البسيط: أبو الفتح ابن المنجم: 372 القلم: البسيط: سعيد الوراق: 425 والتخم: البسيط: أحمد الماذرائي: 440 الظلم: البسيط:-: 544 والكرم: البسيط: علي بن مرشد بن منقذ: 583 ومجترمي: البسيط:-: 585 الحرم: البسيط:-: 1186 الظلم: البسيط: الخطابي: 1206 والهمم: البسيط:-: 1366 والقلم: البسيط: ابن بسام: 1863 رحم: البسيط:-: 1944 وكم: البسيط: ابن القارح: 1975 قدم: البسيط: أبو الفتح ابن المنجم: 1996 عنم: البسيط: أبو علي المنطقي: 2047 بالندم: البسيط: ابن البقال: 2052 بالرتم: البسيط: أبو تمام: 2184 الكرم: البسيط: صدر الأفاضل: 2196 مبتسم: البسيط: صدر الأفاضل: 2197 هممي: البسيط: الابيوردي: 2373 محتشم: البسيط: ابن التلميذ: 2774 والروم: البسيط:-: 1748 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3071 كلثوم: البسيط:-: 2276 السام: البسيط: أسعد المرساني: 512 دامي: البسيط: أبو عثمان الخالدي: 1378 الطامي: البسيط: أبو الفرج الأصبهاني: 1722 محجام: البسيط:-: 2200 وعزمي: مخلع البسيط: محمد بن العباس اليزيدي: 738 النعيم: مخلع البسيط: ابن بلبل العسقلاني: 1735 غرامي: مخلع البسيط: ابن التلميذ: 2774 سنام: الوافر:-: 318 بالسلام: الوافر: أبو بكر الليثي: 344 الغمام: الوافر: الجوهري: 659 خيامي: الوافر: الصاحب: 709 كلامي: الوافر: ابن رشيق: 864 السقام: الوافر: المتنبي: 994 الصيام: الوافر: أبو الطيب النميري: 1524 الكرام: الوافر: ابن المعتز: 1525 المقام: الوافر: ابن الخطيب التبريزي: 2825 الجسيم: الوافر: أحمد بن المدبر: 86 الكلوم: الوافر: نفطويه: 121 العميم: الوافر: حمدة/ المنازي: 1212 النديم: الوافر:-: 1489 النجوم: الوافر:-: 1554 التميمي: الوافر: أبو العنبس الصيمري: 2010 الظليم: الوافر:-: 2145 الخصوم: الوافر: الوطواط: 2636 جيم: الوافر: البندنيجي: 2845 عمي: الوافر: علي بن أبي طالب: 1812 ومدام: الكامل: جحظة: 212 وحرام: الكامل: ابن شجرة: 420 سقامي: الكامل: الميداني: 513 شمام: الكامل: ملك النحاة: 872 همام: الكامل: ابن الربيب القيرواني: 998 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3072 نيام: الكامل: الخليل: 1268 الأطام: الكامل:-: 1276 الأقلام: الكامل: أبو تمام: 2308 تمام: الكامل: شرف الدين المرسي: 2547 العالم: الكامل: ابن ممشاذ: 130 الواجم: الكامل:-: 132 حائم: الكامل: ابن الخشاب: 1504 الحازم: الكامل: ابن القيسراني: 2660 الدرهم: الكامل:-: 36 بتوأم: الكامل: عنترة: 1137 فسلمي: الكامل: الخالع: 1147 تندمي: الكامل:-: 1265 تظلم: الكامل: ابن الشجري: 2776 الجزم: الكامل: ابن خيران: 382 العلم: الكامل: ابن مناذر: 801 الجسم: الكامل: عمارة بن حمزة: 2058 قلمي: الكامل: ابن رشيق: 865 بذمامه: الكامل: سعد النيلي: 1347 الهرم: الكامل:-: 890 اعتصامي: مجزوء الكامل: أبو حاتم السجستاني: 1407 بذمه: مجزوء الكامل: ابراهيم بن المدبر: 103 بشمه: مجزوء الكامل: مروان بن أبي الجنوب: 166 والحزم: الهزج:-: 2145 بالنعم: الرمل: ابن الحجاج: 1046 بشتمه: مجزوء الرمل: القاضي البحاثي: 2432 اللوم: السريع: أحمد بن يوسف: 566 بمذموم: السريع: البجلي: 567 محروم: السريع: الحدادي البلخي: 2652 العجم: السريع: ابن الحجاج: 1043 المعدم: السريع: أبو الفرج الأصبهاني: 1713 خاتم: السريع: ابن رشيق: 159 راحم: السريع: القاضي الجرجاني: 1801 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3073 بالحازم: السريع:-: 2187 آدم: السريع: قابوس بن وشمكير: 2187 ابهام: السريع: جحظ ة: 209 والصرم: السريع: العباس بن الأحنف: 1481 والكرم: المنسرح: محمد بن كناسة أو أبو نواس: 58 أقم: المنسرح: حمزة بن بيض: 1218، 2759 يقم: المنسرح: سعيد الفارقي: 1367 والعدم: المنسرح: أبو الحسن النوبختي: 1778 البرم: المنسرح: السري الرفاء: 1874 البهم: المنسرح:-: 2163 تقم: المنسرح: النابغة الجعدي: 2247 ظلمه: المنسرح: البحتري: 441 بسلام: الخفيف:-: 2158 بالأحلام: الخفيف: الفتح بن خاقان: 2158 الحمام: الخفيف: القاضي الجرجاني: 2432 النمام: الخفيف: أبان اللاحقي: 2706 غموم: الخفيف: الباجي: 1389 مذموم: الخفيف: أبو أحمد ابن المنجم: 2826 وجومي: الخفيف: ابن ماري: 2835 وجسمي: الخفيف: أحمد ابن فرج: 474 الرحيم: المجتث: البلطي: 1615 - ن- عنه: الوافر: ابن الهبارية: 1394 الحسن: مجزوء الكامل: ابن الهبارية: 1391 الرسن: مجزوء الكامل: ابن الهبارية: 1392 فن: مجزوء الكامل: ابن الهبارية: 1392 وافتتن: الرمل: جحظة: 214 مفتون: مجزوء الرمل: ابن نضال: 1837 فصنه: مجزوء الرمل: ابن الشبل: 1084 عنها: مجزوء الرمل: ابن جمهور القمي: 2503 والأمان: السريع: القفطي: 2027 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3074 المغربان: السريع: عوف بن محلم: 2139 بالمنن: المتقارب: عبد الصمد بن المعذل: 549 أجفان: بحر السلسلة: حمزة العين زربي: 1221 الدنا: الطويل: المعري: 335 مغنى: الطويل: ابن دهن الحصى: 974 وهنا: الطويل: حفصة الركونية: 1184 واليمنا: الطويل: ابن سيده: 1649 تفنى: الطويل: ابن حزم: 1653 معنى: الطويل:-: 1695 منا: الطويل: أبو الفرج الأصبهاني: 1721 أسنى: الطويل: الحريري: 2214 والأدنى: الطويل: أبو السعادات ابن الأثير: 2270 كانا: الطويل: اسحاق الموصلي: 607 فسخينا: الطويل: شميم الحلي: 1694 زينة: الطويل: جحظة: 223 حزينة: الطويل: ابن طباطبا: 556، 2314، 2829 السنه: الطويل: الحريري: 2206 قرونها: الطويل: خالد بن أبان: 2003 وعدوانا: البسيط: الصابي: 149 دنيانا: البسيط: جرير: 310 تهتانا: البسيط:-: 980 وعيدانا: البسيط: حماد عجرد: 1198 نسيانا: البسيط: الزبير بن بكار: 1323 كانا: البسيط: الحيص بيص: 1355 حيانا: البسيط: ياقوت العالم: 2087 أوطانا: البسيط: كمال الدين ابن العديم: 2088 سليمانا: البسيط: الخليل: 1267 رضوانا: البسيط: عمران بن حطان: 2176 قرحانا: البسيط: جرير: 2517 شطنا: البسيط: الثعالبي: 488 حسنا: البسيط: ابن معطي: 1240 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3075 سكنا: البسيط: الباخرزي: 1688 حزنا: البسيط: الفندورجي: 1985 الثلاثينا: البسيط: الحكم بن عبدل: 1187 يعطينا: البسيط: الرياشي: 1484 وتبيينا: البسيط:-: 1780 والبنينا: مخلع البسيط: المفجع: 2340 فأنا: مخلع البسيط: محمد بن علي الأموي: 2582 الحنينا: الوافر: عمرو بن كلثوم: 343 فخبرينا: الوافر: الهمداني: 810 السنينا: الوافر: الخالع: 1147 سخينا: الوافر: عمرو بن كلثوم: 1694 الأربعينا: الوافر: دعبل: 1878 بدغفلينا: الوافر: الكميت: 2249 تهتدينا: الوافر: الرؤاسي: 2487 إلينا: الوافر: الصاحب: 698 أبينا: الوافر:-: 2033 سوانا: الوافر: ابن لنكك: 2620 إنه: الوافر:-: 815 جونا: الكامل: ابراهيم الفارسي: 91 فينا: الكامل: أبو حفص الزكرمي: 1182 بيننا: الكامل: أربون الفارسي: 1337 الأغصنا: الكامل: المتنبي: 2512 كانا: مجزوء الكامل: ابراهيم الصولي: 77 تعلمينا: مجزوء الكامل: حماد عجرد: 1198 عينا: مجزوء الكامل: ابن أسد الفارقي: 843 أغنى: مجزوء الكامل: ذو القرنين ابن حمدان: 1296 فأرحتنا: مجزوء الكامل:-: 2558 حنينة: مجزوء الكامل:-: 2173 الثمانينا: الهزج: أحمد بن اسحاق بن البهلول: 198 هارونا: الهزج: ابن الصيقل: 2847 ملنا: الرمل: ابن أبي جرادة: 1792 لنا: الرمل:-: 1888 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3076 سينا: مجزوء الرمل:-: 2591 سينا: مجزوء الرمل: الاخسيكثي: 2591 زمينا: مجزوء الرمل:-: 2591 العالمينا: مجزوء الرمل: السراج: 2591 ومهانة: مجزوء الرمل: ابن لنكك: 2621 خزانة: مجزوء الرمل: أبو سعيد العقيلي: 2678 إحسانا: السريع: المعري: 306 كانا: السريع: أبو عثمان الناجم: 1349 أهجانا: السريع: ابن بسام: 1862 مولانا: السريع: ابن أبي الصقر الواسطي: 2577 ألوانا: السريع: ابن مناذر: 2651 اليمني: السريع: المتنبي: 1033 قمنا: السريع: المفجع: 2344 خمسينا: السريع:-: 551 فتانه: السريع: أبو الفرج الأصبهاني: 1715 وفنا: المنسرح: ابن حرب الحلبي: 2484 سننه: المنسرح:-: 1555 سنه: المنسرح: أبو الهيذام اللغوي: 2241 لحنا: الخفيف: مالك بن أسماء: 24 وزنا: الخفيف: مالك بن أسماء: 2109 وكنا: الخفيف: المرثدي: 454 ظنا: الخفيف: الصاحب: 719 أينا: الخفيف: لغدة أو غيره: 875 زينا: الخفيف: ابن بطويه: 1039 هوانا: الخفيف: الأسعد ابن مماتي: 644 لكفانا: الخفيف:-: 1944 سخينا: الخفيف:-: 2299 فزعنا: الخفيف: ابن لنكك: 2619 حسنا: المجتث: ابن وكيع التنيسي: 994 الياسمينا: المجتث: الأسعد ابن مماتي: 643 سفينه: المجتث: منصور الفقيه: 2723 طحونا: المتقارب: أحمد الخراز: 230 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3077 الأردمونا: المتقارب:-: 2518 الضنا: المتقارب: ابن المأمون: 452 يخزنا: المتقارب: الزعفراني: 702 عوانا: المتقارب: الصولي: 73 أحسنه: المتقارب: ابن أبي حصينة: 1128 أحسنه: المتقارب: الطاهر الجزري: 1414 عدوانها: المتقارب: حفص الأموي: 1178 ظنين: الطويل:-: 673 مكين: الطويل: دعبل: 1287 جنون: الطويل: ابزون الكاتب: 1402 هتون: الطويل: ابن فضال: 1836 جنون: الطويل: أبو الطيب الطاهري: 2318 تهون: الطويل: الأبيوردي: 2366 سكان: الطويل: ابن باجة: 2165 والبان: الطويل: أبو السعادات ابن الأثير: 2270 نيران: الطويل: ابن أبي الدميك: 2730 يكفنوا: الطويل: جحظة: 225 واسكن: الطويل: الحسن بن وهب: 1021 تعنون: الطويل: ابن بسام: 1865 المزن: الطويل: ابن السراج: 780 يعينه: الطويل: علي بن مرشد بن منقذ: 582 سنّه: الطويل:-: 969 معينها: الطويل:-: 371 أعينها: الطويل: المجنون: 468، 2721 مصونها: الطويل: عبد الله بن عبد الأعلى النحوي: 1536 تصونها: الطويل:-: 1818 إنسان: البسيط: ابن شهيد: 358 ملآن: البسيط: أحمد الصلحي: 514 سكان: البسيط: حميد بن منقذ: 589، 1227 إحسان: البسيط: تاج الدين الكندي: 1334 سكان: البسيط: أبو المكارم ابن أبي جرادة: 2081 أجفان: البسيط: ابن التعاويذي: 2565 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3078 الدين: البسيط: ابن أبي العلاء: 712 وتأبين: البسيط: ابن سهلويه: 1155 ومجنون: البسيط: أبو الطيب الطاهري: 2319 كون: البسيط: اسحاق الموصلي: 607 والشجن: البسيط:-: 1244 بيان: الوافر:-: 21 بيان: الوافر:-: 2573 بيان: الوافر: ابن لنكك: 2622 ومين: الوافر: الحرمازي: 932 وبانوا: الكامل: أبو اسحاق الرفاعي: 66 سلطان: الكامل: ابن زبادة: 2817 تهون: الكامل: ابن القلانسي: 1214 يقين: الكامل:-: 1484 العين: الكامل: ابن هانىء: 2671 التنين: الكامل: أبو تمام: 2515 شأنه: الكامل: الوزير المغربي: 1097 شجون: مجزوء الكامل: الوزير المغربي: 1099 المكان: مجزوء الكامل: القشيري: 1571 ملعون: السريع: الجمّاز: 68 غصن: المنسرح: ابن حدار: 791 شيطان: السريع: شداد الجزري: 988 عينه: السريع: الباخرزي: 1684 ثمن: المنسرح: الخليل/ أبو عيينة: 1266 أهونه: المنسرح: ابن بسام: 1859 البنان: الخفيف:-: 1240 خون: الخفيف: البلطي: 1621 وقرين: الخفيف: رشيد الرياحي: 2604 ألحن: المتقارب: الحسن بن أبي عباد: 841 معتوران: الطويل: ابن عبد ربه: 465 هجان: الطويل:-: 774 فيأتلفان: الطويل:-: 774 الهذيان: الطويل: المتنبي: 808 3080 جمان: الطويل: ابن رشيق: 863 والنزوان: الطويل: صخر بن الشريد: 916 الوخدان: الطويل:-: 915، 916 الرجفان: الطويل: أبو أحمد العسكري: 917 لسان: الطويل:-: 927 علزان: الطويل: خرقة الكلبي: 1248 مكان: الطويل:-: 1324 لكفاني: الطويل:-: 1489 الثقلان: الطويل: أبو محمد الخوارزمي: 2192 الثقلان: الطويل: صدر الأفاضل: 2192 مكان: الطويل: العتابي: 2244 الجولان: الطويل: ابن جيا: 2390 هجان: الطويل:-: 2531 فيأتلفان: الطويل:-: 2531 بحنين: الطويل: أعرابي: 371 وحنيني: الطويل: أبو الحسن الفالي: 1647 ضنين: الطويل: أعرابي: 1647 والدين: الطويل: القاضي البحاثي: 2430 فعراني: الطويل: ابن المعتز: 1026 عني: الطويل: جحظة: 218 سمطين: الطويل: الزمخشري: 2686 يمينه: الطويل: المهذب ابن الزبير: 947 أذنه: الطويل: أبو عامر الجرجاني: 2171 بدونها: الطويل:-: 1100 ويصرمني: المديد: أبو عبد الله ابن حمدون: 167 يقبلني: المديد: أبو العنبس: الصيمري: 2422 كتان: البسيط:-: 26 وأوطان: البسيط: ابراهيم الصولي: 83 بحراني: البسيط: محمد بن عبد الله بن محمد المعري: 298 زاني: البسيط: ابن علويه الأصبهاني: 408 ريحان: البسيط: سعيد الوراق: 426 فعدناني: البسيط: عمران بن حطان: 802 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3079 رمان: البسيط: الوزير المهلبي: 989 يمجان: البسيط:-: 1039 سلواني: البسيط: ابن الشبل: 1086 أشجاني: البسيط: الطغرائي: 1115 وأشجان: البسيط: ابن القلانسي: 1214 وأبكاني: البسيط: أبو فراس السلمي: 1457 حياني: البسيط: ابن المعتز: 1521 وسنان: البسيط: ابن المعتز: 1524 وإخواني: البسيط: الشريف المرتضى: 1730 إخواني: البسيط:-: 1927 ففداني: البسيط: حسان: 2018 وإعلان: البسيط: المفجع: 2176 جاني: البسيط: الجزيري: 2208 شبران: البسيط: المفجع: 2343 أحزاني: البسيط: النوقاتي: 2345 إحسان: البسيط:-: 2356 وأخداني: البسيط: ابن القزاز: 2478 خوان: البسيط: أبو تمام: 2797 يأتيني: البسيط: أحمد بن مطرف العسقلاني: 519 الكوانين: البسيط: ابن الداية: 560 الدين: البسيط:-: 758 ولوميني: البسيط: ابن أبي حصينة: 1121 الطين: البسيط: دعبل: 1305 الملاعين: البسيط: رزين العروضي: 1305 مسكين: البسيط: ابن الساعاتي الطبيب: 1308 بالدون: البسيط:-: 1479 فعزوني: البسيط: ابن السيد البطليوسي: 1528 اسقوني: البسيط: ذو الإصبع العدواني: 1645 الدين: البسيط: الشافعي: 2407 وطن: البسيط:-: 46 الحزن: البسيط: ابراهيم الصولي: 83 الحزن: البسيط: أحمد بن اسحاق بن البهلول: 198 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3081 بالحسن: البسيط: أبو زيد البلخي: 281 حزن: البسيط: علي بن مرشد بن منقذ: 582 ظعني: البسيط: سديد الملك بن منقذ: 586 والغبن: البسيط: حميد بن منقذ: 589 الزمن: البسيط:-: 592 بالسفن: البسيط: اسحاق الموصلي: 610 الحسن: البسيط: اسماعيل بن الحسين العلوي ابن عزيز: 654 أكن: البسيط: محمد بن عبد الله: 673 حزن: البسيط: ابن طاهر: 674 الخشن: البسيط: أبو تمام/ ابراهيم الصولي: 978 الثمن: البسيط: الوزير المغربي: 1098 ظعن: البسيط: البارع البغدادي: 1143 والعطن: البسيط: أبو زبيد الطائي: 1172 والغبن: البسيط: حميد ابن منقذ: 1226 فنني: البسيط: سليمان بن الفياض: 1400 كالقطن: البسيط: ابن الخشاب: 1499 بالسفن: البسيط: ابن المعتز: 1525 سكن: البسيط: ابن عساكر الحافظ: 1703 باللبن: البسيط:-: 1744 والمحن: البسيط: ابن أبي طاهر: 1779 بدني: البسيط: ابن البقال: 2049 والمحن: البسيط:-: 2474 تكن: البسيط:-: 1517 تكن: البسيط:-: 2276 سرني: البسيط: المتنبي: 2301 اللسن: البسيط: ابن القيسراني: 2658 العين: البسيط: أحمد بن سعد: 265 العين: البسيط: ابن فارس: 415 يومين: البسيط: ابن الجهم السمري: 521 للمحبين: البسيط: غانم المالقي: 2152 والبين: البسيط: ابن شرف: 2639 الزمان: مخلع البسيط: الجوهري: 657 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3082 هوان: مخلع البسيط: ابن أبي حصينة: 1127 يداني: مخلع البسيط: الآمدي: 852 بوسنان: مخلع البسيط: العروضي الصقلي: 1531 عالمان: مخلع البسيط: أبو خليفة: 2173 مين: مخلع: البسيط: الجويني: 1999 المصيبتين: مخلع البسيط: ابن بسام: 1862 ظني: مخلع البسيط: جحظة: 224 مني: مخلع البسيط: منصور الفقيه: 2725 العيان: الوافر: ابراهيم الصولي: 78 المغاني: الوافر: الخطيب البغدادي: 388 الهوان: الوافر:-: 564 الزمان: الوافر: ابن الحجاج: 1047 السنان: الوافر: ابن حي التجيبي: 1148 والمكان: الوافر: حفصة الركونية: 1185 شاني: الوافر: السري الرفاء: 1344 الزواني: الوافر: أبو هفان: 1490 انيسيان: الوافر: المتنبي: 1588، 1594 عيان: الوافر: محمد بن أحمد المغربي: 2301 الزمان: الوافر: الوطواط: 2634 جبيني: الوافر: ابن داود: 116 يعتريني: الوافر: سبط أبي منصور الخياط: 1541 الوتين: الوافر: الشماخ: 1608 باليمين: الوافر: أبو نواس: 1608 يخبروني: الوافر:-: 1773 المكين: الوافر: ابن القزاز: 2476 يسؤني: الوافر: أسامة بن منقذ: 577 لبطن: الوافر: ابن رواحة: 1087 ديني: الوافر: حمزة بن بيض: 1216 عين: الوافر: ابن بسام: 1861 الحسين: الوافر: ابن ورقاء: 2098 العاذلين: الوافر: أبو تمام: 2515 وبيني: الوافر: أبو تمام: 2516 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3083 ديني: الوافر: الحميدي: 2600 عين: الوافر: مكي بن ريان: 2715 الأزمان: الكامل:-: 18 هجراني: الكامل: الصابي: 148 بالميزان: الكامل:-: 248 الأجفان: الكامل: ابن علويه الأصبهاني: 409 الصبيان: الكامل: المازني: 763 الإحسان: الكامل: أسعد العتبي: 634 القمران: الكامل: ابن رشيق: 862 البيساني: الكامل: الجويني الخطاط: 941 النيران: الكامل: المهذب بن الزبير: 945 بزمان: الكامل: أبو الفوارس ابن الخازن: 1105 العرجان: الكامل: الحكم بن عبدل: 1190 الأزمان: الكامل: سعيد ابن الدهان: 1370 يشناني: الكامل: أبو بكر العميد: 1681 الأزمان: الكامل: الأخفش الصغير: 1771 بالإخوان: الكامل: ابن فضال: 1837 والثاني: الكامل: الحريري: 2214 وأمان: الكامل: الفخر الرازي: 2590 الأجفان: الكامل: ابن قلاقس: 2752 يلحن: الكامل: اسحاق بن خلف (أو غيره) : 26 المؤمن: الكامل: أبو مرشد المعري: 301 الحسن: الكامل: الصاحب ابن عباد: 1799 يبرين: الكامل: ابن التعاويذي: 2561 وخدين: الكامل: ابن شرف: 2638 الخاتن: الكامل: الصابي: 150 نالني: الكامل: أبو بكر ابن زهر: 2555 وبيني: الكامل: (منسوب للمعري) : 338 ملكين: الكامل: منسوب للمعري: 339 عيني: الكامل: القاضي الفاضل: 1404 أغصانه: الكامل:-: 702 زينها: الكامل:-: 973 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3084 الغصون: مجزوء الكامل: الحصري: 159 عيني: مجزوء الكامل: شميم الحلي: 1690 بفجيعتين: مجزوء الكامل: ابن التعاويذي: 2564 حرانه: مجزوء الكامل: ابن الطيب اليمني: 2820 وفني: الرمل: ابراهيم الصولي: 86 مني: الرمل: جعفر بن قدامة: 788 حسن: الرمل: الحسن بن علي الصقلي: 938 يميني: مجزوء الرمل: ابن خيران: 381 عني: مجزوء الرمل: الزيادي: 67 بالتظني: مجزوء الرمل: ابراهيم الصولي: 84 باهوان: السريع: المعري: 327 أسوان: السريع: المعري: 326 نصراني: السريع: عباس بن ناصح: 802 يتوفاني: السريع: الخليل: 1267 وتناساني: السريع: دماذ العبدي: 1308 بجرجان: السريع: سلم الخاسر: 1384 والعين: السريع: القفطي: 2025 والمنن: المنسرح: سهل بن هارون: 1410 هجران: المنسرح: أبو الفرج الأصبهاني: 1717 البان: المنسرح: المفجع: 2343 تكن: المنسرح: رزق الله التميمي: 1304 الزمان: الخفيف:-: 210 بالإنسان: الخفيف: المعري: 307 همذاني: الخفيف:-: 253 والخلان: الخفيف: مسكويه: 495 الفتيان: الخفيف: ابن الحجاج: 1044 الحدثان: الخفيف: ابن أبي الزلازل: 1129 القران: الخفيف: أبو حاتم السجستاني: 1407 فراني: الخفيف: الطاهر الجزري: 1415 بالأماني: الخفيف: أبو علي الأعرابي: 2323 الثاني: الخفيف: ابن جيا: 2389 وأتاني: الخفيف: أبو علي ابن مقلة: 2575 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3085 ياسمين: الخفيف: أبو عامر الجرجاني: 2167 بالرقون: الخفيف: أبو عامر الجرجاني: 2170 بالمنون: الخفيف: الحاتمي: 2506 يميني: الخفيف: أبو علي ابن مقلة: 2575 المنون: الخفيف: محمد بن علي الأموي: 2582 الموزجين: الخفيف:-: 982 و بيني: الخفيف: تاج الدين الكندي: 1334 ويمين: الخفيف: ابن هداب النوري: 1163 شين: الخفيف:-: 2193 الحدثان: المجتث: ابراهيم الصولي: 80 خذوني: المتقارب: الآمدي: 849 البنان: المتقارب: الصابي: 147 الناعيان: المتقارب: الشريف الرضي: 1048 نضاختان: المتقارب:-: 1940 أجفانه: المتقارب: مظفر بن ابراهيم: 2701 - هـ- ثمانيه: الطويل: ابن أبي الزلازل: 1130 الهنيه: الوافر: عبد الصمد بن المعذل: 2237 العافيه: الكامل: أبو هفان: 201 جاريه: الرمل: أبو الفتح ابن المنجم: 373 به: مجزوء الرمل: شميم الحلي: 1691 الكفاه: السريع: أبو الرجاء الضرير: 695 خصاه: السريع: ابن المنقى: 1758 جاريه: السريع: الوزير المغربي: 1101 جاريه: السريع: أبو الحسن البيهقي: 1765 العافيه: السريع: أبو الأزهر المرئي: 1451 الشافيه: السريع: أبو الخشاب: 1496 ناحيه: السريع: ابن بشران: 2351 عليه: السريع: ابن دريد: 118 ورؤيتيه: المنسرح: أبو حكيمة: 1298 دمعتيه: المنسرح: ابن الزيات: 1298 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3086 العربيه: الخفيف: ابن سنان الطوسي: 1779 غاويه: المتقارب: حميدة بنت النعمان: 1227 الجاليه: المتقارب: ابن بسام: 1865 المشتبه: المتقارب: أبو علي السهواجي: 1150 سراها: الطويل: الحارث الدئلي: 696 دجاها: الطويل: الصاحب: 710 أراها: الطويل: الشريف المرتضى: 1730 مطاها: الطويل: ابن حرب الحلبي: 2483 عطاها: الطويل:-: 2483 مثواها: الطويل: المهذب ابن الزبير: 945 وأخراها: البسيط: ابراهيم الصولي: 75 أكراها: البسيط: اسماعيل الوثابي: 733 بواديها: البسيط:-: 310 فيها: البسيط: ابن خيران: 382 يرميها: البسيط: أسامة بن منقذ: 577 واديها: البسيط: بعض الأعراب: 611 لداعيها: البسيط: ابن حمدان الموصلي: 796 باريها: البسيط:-: 890 ساريها: البسيط: ابن خلاد: 924 يدانيها: البسيط: المهلبي: 925 واليها: البسيط:-: 1364 ويبليها: البسيط: أبو الغنائم النسابة: 1514 يكفيها: البسيط: الخبزارزي: 2747 وجاها: الوافر:-: 412 بكاها: الوافر:-: 1105 لها: الكامل: الحسن بن وهب: 1021 ألقاها: الكامل: مروان المهلبي: 2698 تشبيها: الكامل: القاضي البحاثي: 2430 وفيها: مجزوء الكامل: أبو عبد الله النمري: 1092 سواها: الرمل: ابن السراج: 780 لديها: مجزوء الرمل: هذيل الأشجعي: 1476 بها: السريع: أبو علي ابن مقلة: 2575 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3087 سفيها: الخفيف: أبو عثمان الخالدي: 1387 أعيذها: المنسرح: المتنبي: 240 أعجموها: المتقارب: ابن منير: 868 فيها: المتقارب: ملك النحاة: 868 نداه: الطويل: أبو الحسن البيهقي: 1764 أكمه: الطويل: الواساني: 1058 وأبهاه: البسيط: القاضي البحاثي: 2433 بذكراه: البسيط: الفندورجي: 1985 يمناه: البسيط: ابن جحا الكوفاني: 1580 الله: البسيط: نفطويه: 119 هواه: مخلع البسيط: الخطابي: 1207 رآه: مخلع البسيط: ابن وكيع التنيسي: 994 رآه: مخلع البسيط: ابن التلميذ: 2774 جناه: الوافر: الخطيب البغدادي: 394 قفاه: الوافر: ابن قتلمش: 1132 تراه: الوافر:-: 2032 شاهدوه: الوافر: الواساني: 1057 الله: الهزج: المفجع: 2339 فقدوه: مجزوء الرمل: منصور الفقيه: 2725 وأشباه: المنسرح: عمر بن المظفر النيسابوري: 1016 معناه: المنسرح: المتنبي: 2512 منتهاه: مجزوء الرمل: الجاحظ: 2105 وحكاه: مجزوء الرمل: ابن لنكك: 2622 وادعاه: المجتث: ابن لنكك: 2621 عليه: الطويل: أبو العتاهية: 248 يديه: الطويل: ابن فارس: 414 بأخيه: الطويل:-: 704 وجيه: الطويل:-: 1137 تمنيه: البسيط: الرقيق القيرواني: 101 مبليه: البسيط: الصابي: 135 فيه: البسيط: الخطيب البغدادي: 394 تشكيه: البسيط:-: 1489 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3088 فيه: البسيط: ابن التلميذ: 2773 أخفيه: البسيط: ابن بشران: 2353 بأصغريه: مخلع البسيط: ابن فارس: 416 فيه: الوافر: الوزير المهلبي: 977 نسيه: الوافر:-: 978 أمتطيه: الوافر: ابن عبدوس الدهان: 734 النواهي: الوافر: ابن ماكولا: 1988 الدواهي: الوافر: ابن ماكولا: 1988 إلهي: الوافر: لقيط المحاربي: 2251 نواهي: الكامل: ابن هلال السعيدي: 2440 الله: الكامل: الجويني الخطاط: 941 لديه: الكامل: ابن الحجاج: 987 إليه: الكامل: أسامة بن منقذ: 567 عينيه: الكامل: الصاحب: 711 عليه: الرمل: يحيى الأرزني: 2830 يغتذيه: مجزوء الرمل: منصور الفقيه: 2726 فيه: السريع: القاضي الجرجاني: 1797 باريه: السريع: الخطير ابن مماتي: 638 وجهه: السريع: البارع البغدادي: 1146 تعديه: المنسرح: الواساني: 1058 أشباهي: المنسرح: الخليع: 1066 فيه: الخفيف: محمد بن العباس اليزيدي: 738 فيه: الخفيف: الحظيري: 1352 فيه: الخفيف: ابن ماكولا: 1990 توليه: الخفيف: أبو علي المنطقي: 2048 إليه: الخفيف: ابن لنكك: 2622 إليه: الخفيف: أبو زكريا ابن الدهان: 2816 لديه: المجتث: ابراهيم الصولي: 75 سفيه: المجتث: ابن الرومي: 241 نبيه: المجتث: رستة الأصفهاني: 1307 إليه: المتقارب: أبو بكر ابن زهر: 2555 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3089 - و النوى: مجزوء الكامل: علي بن هارون المنجم: 1994 المروة: الوافر: الصخري: 504 الشكوى: السريع: نفطويه: 118 طوى: الرمل: ابن السراج: 780 العفو: الطويل: ابراهيم اليزيدي: 161 نضو: الطويل: الطغرائي: 1116 نحو: الخفيف: أبو هلال العسكري: 921 فسوى: السريع: القاضي البحاثي: 2430 - ي- شي: السريع: القاضي البحاثي: 2431 والدنيا: الطويل: الوطواط: 36 ومائيا: الطويل:-: 317 تلاقيا: الطويل:-: 317 لياليا: الطويل: ابن الرومي: 573 تناهيا: الطويل: مرشد بن منقذ: 587 المناديا: الطويل: المجنون: 626 الفيافيا: الطويل: ابن حمدان الموصلي: 794 مناديا: الطويل: ابن ناهوج الإسكافي: 960 هيا: الطويل: ابن شبيب الطيبي: 1133 المراميا: الطويل: إياس بن القائف: 1137 المساويا: الطويل: الحظيري: 1350 وماليا: الطويل: ابن باجة: 2165 تلاقيا: الطويل: الراعي: 2248 كراسيا: الطويل: البيروني: 2334 وكاسيا: الطويل: البيروني: 2335 هاديا: الطويل: أبو بكر ابن الأنباري: 2617 تعاميا: الطويل: المطرزي: 2742 ناجيا: الطويل: الفرزدق: 2787 والوحيا: الطويل: ابن عبدوس الدهان: 735 ورعيا: الوافر: محمد بن عبد الله بن محمد المعري: 298 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3090 وليا: الوافر: علي بن عراق: 1820 سنيّا: مجزوء الكامل: خميس الحوزي: 1275 فيا: السريع:-: 47 شيا: السريع: أبو القاسم التنوخي: 1881 خزيا: الخفيف: المفجع: 2342 وريا: المتقارب: الجمل المصري الأكبر: 1131 شيّ: الوافر: الزجاج: 60 شي: الوافر: سلامة بن محمد الحلبي: 1381 الشرعبيّ: الوافر: المعري: 335 الخفي: الوافر: ابن أبي فنن: 2010 لؤلؤيّ: مخلع البسيط: ابن أبي ركب: 2648 عليّ: الوافر: قاضي هراة: 2729 العليّ: الوافر:-: 996 خفيّ: الرمل: أبو الحسن الكندي: 1668 العشي: مجزوء الرمل: الصاحب: 708 لتركي: السريع: ابن فارس: 413 الغبي: الخفيف: الخليل: 16، 1092، 1262 البهي: الخفيف: جعفر بن قدامة: 788 الوصي: الخفيف: ماني الموسوس: 1091 السوي: الخفيف: الزمخشري: 2689 - الألف- والبلوى: الطويل: صالح بن عبد القدوس: 331 بلوى: الطويل: محمد بن يسير: 1492 لذا: الطويل: شميم الحلي: 1693 تخشى: الطويل: الكسروي: 1978 الورى: الكامل: ابن ناكل: 1626 فتى: المنسرح:-: 2175 الذرى: المتقارب: حميد بن مهران: 1668 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3091 7- فهرس الارجاز عزب: عمرة بنت الحمارس: 57 الضرب:-: 620 المرتقب: أبو القاسم التنوخي: 1875 العجائبا:-: 167 شبيبا: أبو نخيلة: 1411 وشبا:-: 2093 قلابه: عبد الصمد بن المعذل: 804 شبيبها: شبيب بن شبة: 1412 الكتاب: أبو ذؤيب: 1277 كلاب:-: 1824 ركوب: أحمد بن سعد: 265 مذهبي: ابن الحجاج: 1048 خلقت: ابن طباطبا: 2316 القوت: الخليل: 1268 دنوت:-: 1034 صفتي: الصاحب: 698 مصمّت:-: 515 أكنات: دكين الفقيمي: 1293 بتي: رؤبة: 1312 اجلخا: حفص الأموي: 1179 رشد:-: 2284 مقصدا: حميد بن ثور: 1223 اهتدى:-: 1853 جدا: جونقا: 2004 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3092 مسعده: أبو العتاهية: 2129 أولادها:-: 2128 جلد:-: 1556 رقاد: ابن الخشاب: 1505 وعده:-: 2145 العمر: ابن البهلول: 198 فاجر: البحاثي: 633 فذر:-: 765 الطرر: حميد الأرقط: 1225 المطر: سلم الخاسر: 1383 نصر: ابن القارح: 1976 الكبر: ابن أبي الصقر الواسطي: 2577 شرا: الحريري: 2205 هذرا:-: 1265 معورا: النجيرمي: 88 الزمجر: ابن خلاء: 927 تره: الديمرتي: 2229 وشره:-: 2496 الجوهره:-: 2559 نهاره: أبو المرهف العيلاني: 2748 الزهر: ابراهيم الصولي: 78 واصفري:-: 2036 المشتري: منصور الفقيه: 2723 خاطري:-: 1007 وشره: نفطويه: 118 منجز:-: 2145 الأهوازي: ابن أشرس: 2347 ملتمس:-: 23 نفسا: البلطي: 1617 أسا: الحريري: 1617 مكرسا: العجاج: 2232 بسبس:-: 2247 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3093 أنيس:-: 2450 الطاوس: ابن المنجم: 2826 انتعشا: ابن بابك: 1847 رياشي: أبو عثمان الخالدي: 182 الأقفاص:-: 1552 لينهضا:-: 1821 انبساط: الصاحب: 717 جذع: دريد بن الصمة: 1383 شسعا: ابراهيم بن محمد: 126 مولعه: الوحيد: 1356 يدفعه:-: 1290 المصطفى:-: 1556 المخترق: رؤبة: 901 دبنقا: الخريمي: 2007 دمشق: الزفيان السعدي: 915 الخفق: ابراهيم اليزيدي: 162 فطلّق: رؤية: 1312 شروقه: الصاحب: 717 معك:-: 1784 أخرك: منصور الفقيه: 2726 لبيكا: رؤبة: 926 منهمكه: ابن طباطبا: 2316 أرك: أبو العتاهية: 2649 نابل:-: 1556 وزجل:-: 627 انتحل: ابن القيسراني: 2660 هزلا: ابراهيم الصولي: 84 البلى: الباخرزي: 1684 طلّه: عبد الصمد بن المعذل: 805 طيسله: الأصمعي: 805 نسأله:-: 1289، 2299 فاله: الفالي: 1647 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3094 والخلخال:-: 765 المرجل: المتنبي: 2511 الأمم:-: 256 فاخترم: أبو الجلد الفزاري: 1584 سما: الأسعد ابن ماتي: 643 نسمه:-: 260 تهمّ:-: 315 الإمام: حفص الأموي: 1179 والمكارم: دكين الأموي: 1295 الأعظم: محمد بن إبراهيم الفزاري: 2295 خمّ:-: 2464 سام:-: 2706 والقنن: الأسعد بن مماتي: 643 حسنا:-: 2063 يخاطبونا:-: 2810 الميمونه: الألهاني: الأخفش: 410 مني:-: 538 الفتن: ابن أشرس: 2348 فادعني: رؤبة: 2445 أسورين: ابن طباطبا: 2316 اليمان: البندنيجي: 2844 له:-: 1870 سيبويه:-: 1034 دلوا:-: 762 قنسريّ: العجاج: 1495: 1506 الحجى: البتي: 379 قلى: ابن دريد: 722 المدى: أبو القاسم التنوخي: 1879 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3095 8- فهرس الأعلام (أ) الآبي أبو سعد منصور ب ن الحسين زين الكفاة 690، 691 (1892- 1892) ، 2187 آدم (النبي) 106، 110، 114، 252، 335، 892، 1079، 1080، 1130، 1808، 2342 آدم بن أبي اياس (2478) آدم بن أحمد الهروي (35- 37) آدم بن عبد العزيز الأموي 2843 آزر 2342 الآمدي الفقيه 1694، 1695 الآمدي صاحب الموازنة- الحسن بن بشر بن يحيى أبو القاسم الآمدي اللغوي- الحسن بن سعد الآمدي الآمدي النحوي علي بن الحسين 2240 الآمر بالله الفاطمي 740، 1669 ابان بن تغلب الجريري (38) ابان بن عبد الحميد اللاحقي 2148، 2650، 2651، 2705 ابان بن عثمان اللؤلؤي- الأحمر البجلي 39، 45 الأبجر المغني 615 ابراهيم (عليه السلام) 110، 1962، 2130، 2342، 2593 ابراهيم (يروي عنه منصور) 2400، 2401 ابراهيم الامام 1881 ابراهيم الحرار المتكلم 1760 ابراهيم الزيادي 931 ابراهيم الشاهيني 613 ابراهيم العامري 1196 ابراهيم المرجي 826 ابراهيم النجيرمي ابو اسحاق- النجيرمي ابراهيم النخعي 17، 1627 ابراهيم النظام 1748، 1749 ابراهيم بن أبي أحمد 161 ابراهيم بن أبي بكر بن علي الأصبهاني 2587 ابراهيم بن أبي عباد النحوي 840 ابراهيم بن أبي عباد اليمني (70) ابراهيم بن أحمد الطبري أبو اسحاق 1577، 1600 ابراهيم بن أحمد القرميسيني 1595 ابراهيم بن أحمد الماذرائي 536 ابراهيم بن أحمد بن الليث الأزدي (40) ابراهيم بن أحمد بن محمد توزون (39- 40) ابراهيم بن أدهم 1219 ابراهيم بن اسحق الحربي (41- 50) ، 552، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3096 2410، 2530، 2595 ابراهيم بن اسحق الضرير (51) ابراهيم بن اسحق الموصلي 615، 625 ابراهيم بن اسماعيل بن اسحاق الصفار 621 ابراهيم بن اسماعيل بن داود الكاتب 563، 1742، 2005، 2006 ابراهيم بن أيوب بن ماسي 2558 ابراهيم بن جعفر الأسدي أبو الحسن 418 ابراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي 1811 ابراهيم بن الحسين 2525 ابراهيم بن الحسين بن ديزيل 418، 460 ابراهيم بن حماد 649 ابراهيم بن خالد الكلبي ابو ثور 2404، 2412 ابراهيم بن خالد أبو نصر الكلبي 2457 ابراهيم بن دقماق 2546 ابراهيم بن دينار النهاوندي ابو حكيم 1515 ابراهيم بن ذكوان الحراني 2146 ابراهيم بن رباح 2105، 2110 ابراهيم بن سعد 2419، 2420 ابراهيم بن سعدان الشيباني 63، 64 ابراهيم بن سعيد الحبال- الحبال ابو اسحاق ابراهيم بن سعيد بن الطيب الرفاعي (65- 67) ابراهيم بن سفيان الزيادي (67- 68) ابراهيم بن سليمان النهمي- الخزاز (68- 69) ابراهيم بن صالح الوراق، ابو اسحاق (69) ، 656، 658 ابراهيم بن العباس الصولي ابو اسحاق (70- 86) ، 103، 442، 532، 666، 1281، 1713، 2106، 2118، 2130، 2648 ابراهيم بن العباس بن ابراهيم 430 ابراهيم بن عبد الرحيم العروضي (89) ابراهيم بن عبد الله البصري اللخمي ابو مسلم 1331 ابراهيم بن عبد الله الغزال (89) ابراهيم بن عبد الله المسمعي- ابو اسحاق القائد 223، 1822 ابراهيم بن عبد الله النجيرمي (87- 89) ابراهيم بن عبد الله بن الحسن (اخو النفس الزكية) 96، 105، 161، 1542، 1546، 2093، 2708 ابراهيم بن عبد الله بن الصباح الأحول المحرر 616، 617 ابراهيم بن عبد الوهاب الابزاري 40 ابراهيم بن عثمان- ابن الوزان القيرواني (89- 90) ابراهيم بن عثمان الغزي 1837 ابراهيم بن عطية الشافعي 1704 ابراهيم بن عقيل بن جيش الدمشقي ابن المكبري (91- 92) ابراهيم بن علي الحصري (158- 160) ، 1588، 1793 ابراهيم بن علي الفارسي (90- 91) ابراهيم بن علي بن حمد المعيني- ركن الدين 653 ابراهيم بن علي بن عيسى أبو نصر 1825 ابراهيم بن عمر بن أحمد الرملي 1331 ابراهيم بن عيسى النصيبي ابو اسحاق 694 ابراهيم بن غيث البغدادي ابو اسحاق 873، 874 ابراهيم بن الفضل الهاشمي (92) ابراهيم بن القاسم الكاتب- الرقيق القيرواني الكاتب ابراهيم بن قطن المهري (93) ابراهيم بن مالك قاضي صقلية 1755 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3097 ابراهيم بن ماهويه الفارسي (93) ابراهيم بن متويه الأصبهاني 2229، 2230 ابراهيم بن محمد- أبو اسحاق الفزاري (93- 97) ، 2419، 2444 ابراهيم بن محمد الافليلي- ابن الافليلي ابراهيم بن محمد البيهقي 1029 ابراهيم بن محمد الحصري 2506، 2636 ابراهيم بن محمد الدهكي 1642 ابراهيم بن محمد الطبري- توزون 1413 ابراهيم بن محمد العلوي 2063 ابراهيم بن محمد الكلابزي (122- 123) ابراهيم بن محمد المؤذن الخوارزمي- نظام الدين (128) ابراهيم بن محمد النسوي الشيخ العميد (127) ابراهيم بن محمد بن أبي ثابت 492 ابراهيم بن محمد بن أبي عون (106- 114) ابراهيم بن محمد بن اسماعيل الهاشمي 2059 ابراهيم بن محمد بن بندار 2308 ابراهيم بن محمد بن الحنفية 1812 ابراهيم بن محمد بن سعدان- ابن سعدان ابراهيم بن محمد بن سعيد الثقفي (104- 105) ابراهيم بن محمد بن عرفة أبو عبد الله- نفطويه ابراهيم بن محمد بن محمد العلوي الشريف (125- 127) ابراهيم بن محمد بن المولد الرقي 2395، 2403 ابراهيم بن محمود بن الشعار ابو اسحاق 407 ابراهيم بن المدبر (102- 104) ، 229، 230، 1488، 1773، 2110، 2111، 2119، 2178، 2179، 2602، 2606، 2611 ابراهيم بن مسعود بن حسان- الوجيه الصغير ابراهيم بن المعلى الباهلي 1779 ابراهيم بن ممشاذ المتوكلي (128- 130) ابراهيم بن المنذر الحزامي 537 ابراهيم بن المهدي 557، 558، 559، 560، 568، 569، 597، 598، 599، 650، 1040، 1991، 2711 ابراهيم بن موسى الواسطي (130) ابراهيم بن ناصر الدولة 1599 ابراهيم بن نبهان الغنوي 1584 ابراهيم بن هلال الصابي- ابو اسحاق الصابي أبرد (والد الرماح بن أبرد) 1192 الابري- محمد بن الحسين بن ابراهيم بن عاصم الأزدي 2395، 2399، 2400، 2401، 2402، 2403، 2407 ابزون بن مهيروز الكاتب 1402 ابن أبي الأزهر- محمد بن أبي الأزهر ابن أبي أسامة 1971 ابن أبي اسحاق الحضرمي- عبد الله بن أبي اسحاق ابن أبي الاصبع 272 ابن أبي بشر 8494 ابن أبي البغل أبو الحسين محمد بن أحمد بن يحيى 2311، 2312، 2438 ابن أبي بكر الأزرق ابو الحسن 2014 ابن أبي بلال البندار أبو الحسين 1674 ابن أبي جرادة ابو البركات عبد القاهر بن علي بن عبد الله (2073- 2075) ابن أبي جرادة أبو الحسن، أحمد بن أحمد 1209، 2075 ابن أبي جرادة أبو الحسن، أحمد بن هبة الله بن محمد (والد الكمال) (2082) ابن أبي جرادة أبو الحسن، علي بن عبد الله بن الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3098 محمد (1792- 1793) ابن أبي جرادة أبو غانم محمد بن هبة الله 2069، 2070 ابن أبي جرادة ابو الفتح عبد الله بن الحسن (2075) ابن أبي جرادة أبو المجد عبد الله بن محمد بن عبد الباقي (2070- 2071) ابن أبي جرادة أبو المكارم محمد بن عبد الملك بن أحمد (2081) ابن أبي جرادة أحمد بن هارون بن موسى 2075 ابن أبي جرادة أحمد بن يحيى بن زهير (2075) ابن أبي جرادة الحسن بن علي بن عبد الله 1792، (2072- 2073) 2075 ابن أبي جرادة عبد الصمد بن هبة الله بن محمد 2080 ابن أبي جرادة هارون بن موسى بن عيسى 207 ابن أبي حاتم 1238، 1795 ابن أبي الحباب 2297 ابن أبي الحديد أبو بكر 932 ابن أبي حصينة المعري (الحسين بن عبد الله بن أحمد أبو الفتح) (1118- 1128) ، 1209 ابن أبي حفصة 1555 ابن أبي حكيم 1507 ابن أبي خازم 2420 ابن أبي خالد (الخط) 666 ابن أبي خميصة (462) - (أحمد بن محمد الحرمي ابن أبي العلاء) ابن أبي خيثمة، أحمد بن زهير بن حرب النسائي (262- 263) 391، 420، 748، 752، 1852، 2190، 2418 ابن أبي داود السجستاني 912، 1858 ابن أبي الدبيك- منصور بن المسلم بن علي ابن أبي الدنيا ابو بكر 928، 1322، 1577، 1642، 2190 ابن أبي دهمان الأديب 1029، 1030 ابن أبي ذئب 1630، 2595 ابن أبي الريان الوزير 374 ابن أبي زائدة، 2833 ابن أبي زرعة 764 ابن أبي الزلازل- الحسين بن عبد الرحيم بن الوليد الكلابي ابن أبي زيد القيرواني 2599، 2676 ابن أبي الساج يوسف 194، 195 ابن أبي سبرة أبو بكر 752 ابن أبي سعد الوراق 1853 ابن أبي شجاع 2034 ابن أبي الشخباء العسقلاني (الحسن بن محمد أبو علي) (999- 1012) ، 1394 ابن أبي شميلة 2148 ابن أبي الشوارب ابو العباس قاضي القضاة 2280 ابن أبي الصقر الواسطي أبو الحسن محمد بن علي بن الحسين (2546- 2578) ابن أبي الصقر ابو طاهر 2735 ابن أبي طرخان 992 ابن أبي الطيب، علي بن عبد الله بن أحمد النيسابوري (1781- 1782) ابن أبي العافية 2647 ابن أبي عتيق 1386، 1855 ابن أبي عجينة، احمد بن عيسى المصري 268 ابن أبي العرامس، ابو بكر 752 ابن أبي عروبة 1452 ابن أبي العقب، عبد الرحمن بن الحسين بن الحسن أبو القاسم 380 ابن أبي العلاء 216، 532 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3099 ابن أبي علان القاضي ابو أحمد 470 ابن أبي عمر القاضي، أبو الحسين 2097 ابن أبي عمر ابن عصام 2316 ابن أبي عمران داعي الدعاة هبة الله بن موسى المؤيد في الدين 399، 340، 342، 343، 347، 349، 350 ابن أبي العوجاء 681 ابن أبي العيناء ابو جعفر 2612 ابن أبي قراط، علي بن هشام بن عبد الله 191، 192، 792، 2306 ابن أبي كثير 1423 ابن أبي ليلى 1219، 2343 ابن أبي ليلى أبو اسحاق 1220 ابن أبي المالك الفقيه 1611 ابن أبي مريم ابو بكر 752 ابن أبي مريم النسابة- سعيد بن الحكم (1364) ابن أبي مليكة 1200 ابن أبي المناقب أبو الوفاء الاخسيكثي، محمد بن محمد بن القاسم بن خديو (2640) ابن أبي نواس 273، 294 ابن أبي هشام ابو الفرج 145 ابن أبي الهمام الشاعر، الخضر بن هبة الله الطائي (1250- 1252) ابن أبي ودة- حفص بن عمر العنبري ابن أبي اليمن النحال الوزير أبو سعيد 638 ابن الأبرش 1342 ابن الأثير ابو الحسن المؤرخ- عز الدين علي بن محمد 2268، 2269، 2270 ابن الأثير ابو السعادات مجد الدين، المبارك بن محمد بن محمد الشيباني (2268- 2271) . ابن الأجدابي، ابراهيم بن اسماعيل الطرابلسي (51) ابن أحمر العقيلي 856 ابن الأخرم ابو الحسن 2763 ابن الاخريط- وهب بن واضح ابن الاخشاد ابو بكر 2115، 2116 ابن الاخشيد المتكلم 894، 1826، 1853 ابن الأخضر أبو محمد 736، 1395، 2731 ابن أخي الزهري 1201 ابن أخي سكرة المقرى 66 ابن أخي الشافعي، أحمد بن أحمد- وراق ابن عبدوس الجهشياري (188) ابن ادريس القاضي ابو القاسم 1449 ابن ادريس 2855 ابن الأرقط 559 ابن الأزرق 1283 ابن أسعد الأندلسي 1509 ابن الأشقر ابو الفضل 528 ابن الأشقر النحوي، أحمد بن عبد السيد بن علي (357) ابن الاشنان القاضي 2474، 2475 ابن الاشناني الكبير 2474 ابن الاصباغي ابو غالب 1633 ابن اصبغ ابو القاسم 2599 ابن أعثم الكوفي، أحمد بن أعثم ابو محمد (202) ابن الأعرابي أبو عبد الله محمد بن زياد 58، 165، 227، 253، 254، 257، 273، 362، 537، 538، 540، 542، 543، 544، 608، 610، 766، 774، 792، 822، 1160، 1172، 1173، 1175، 1479، 1739، 1746، 1747، 1754، 1779، 1922، 2001، 2140، 2151، 2177، 2198، 2201، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3100 2250، 2252، 2418، 2436، 2480، 2481، 2518، (2530- 2534) ، 2556، 2557، 2709، 2710، 2712، 2840، 2841، 2844 ابن الأعرابي، أبو علي الشاعر 221، 222 ابن الأعرج النمري 1896 ابن الأغبس، أحمد بن بشر التجيبي (204) ، 2593 ابن الأغلب (حاكم افريقية) 739 ابن الافليلي، ابراهيم بن محمد الزهري الأندلسي (123- 125) 2519، 2848 ابن الأقفاصي الشاعر الموصلي 1688 ابن الأكفاني ابو محمد، هبة الله بن أحمد 91، 380، 396، 493، 786، 938، 1698، 1702، 1775 ابن أم شيبان ابو الحسن 2287 ابن أم غسّان 1246 ابن أم كلاب 1003 ابن الأنباري ابو البركات الكمال عبد الرحمن بن محمد 7، 728، 1498، 1973، 2263، 2715، 2699، 2735، 2736، 2768 ابن الأنباري ابو بكر، محمد بن القاسم 41، 62، 266، 363، 368، 483، 537، 540، 546، 553، 914، 938، 1031، 1455، 1572، 1578، 1707، 1776، 1935، 2228، 2307، 2323، 2324، 2346، 2557، (2614- 2618) 2814 ابن الأنباري، القاسم بن محمد بن بشار 361، 362، 766، 1479، (2228- 2229) ابن الأنباري ابو علي 145 ابن بابشاذ النحوي- طاهر بن أحمد بن بابشاذ 812، (1455- 1456) 1495، 1506، 1572، 2230، 2240، 2824 ابن بابك أبو القاسم الشاعر 699، 706، 1847 ابن الباذش 1342 ابن باسويه، جعفر بن محمد 226 ابن باش 680 ابن الباقلاني النحوي- الحسن بن أبي المعالي بن مسعود الحلي ابن بدر الأندلسي 1165 ابن بدر الخطاط 2000 ابن بديل التبريزي ابو بكر 1647 ابن البر اللغوي الصقلي، محمد بن علي ابن البر ابو بكر 785، 1669، 1793 ابن البراء ابو الحسن 553 ابن البراق ابو القاسم، محمد بن علي 1212 ابن البرصاء، شبيب بن يزيد بن جمرة المري (1412) ابن برد الأصغر 124 ابن برد الخيار 79 ابن برغوث الرياضي، محمد بن عمر بن محمد ابو عبد الله 1148 ابن البرفطي- محمد بن أحمد بن محمد ابن بركات 1606 ابن برهان النحوي ابو القاسم الأسدي 305، 1579، 1730، 1817، 1831، 1983، 2260، 2261، 2307، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3101 2823، 2829 ابن البري 650 ابن بري النحوي، عبد الله بن بري أبو محمد (1510- 1511) 1572، 1608، 1669 ابن بسام الأندلسي صاحب الذخيرة 999 ابن بسام البغدادي العبرتائي، علي بن محمد بن نصر (1859- 1866) 2012 ابن بسطام 1061 ابن بشر بن مروان 188، 1189 ابن بشران (خال ابي غالب ابن بشران النحوي) 2353 ابن بشران ابو بكر 1983 ابن بشران ابو غالب، محمد بن أحمد بن سهل 66، 517، 823، 1106، 1775، 1776، 1777، 1829، 2228، (2350- 2355) 2560، 2569 ابن بشران ابو محمد عبيد الله (عبد الله) 60، 120، 123، 198، 216، 457، 522، 788، 2471 (وانظر أيضا ابن شيران) ابن بشكوال خلف بن عبد الملك 164، 295، 770، 773، 774، 1648، 1649، 1830، 2297، 2519 ابن بطال 26746 ابن بطويه- الحسين بن أحمد بن بطويه أبو عبد الله ابن البطي، محمد بن عبد الباقي بن سليمان ابو الفتح 1014، 1515، 1572، 2826 ابن البقال، علي بن يوسف ابو الحسن 1896 (2048- 2053) ابن بقشلان- علي بن حمزة بن علي الرازي ابن بقي الأندلسي، يحيى بن محمد بن عبد الرحمن القرطبي (2820- 2823) ابن بقية، محمد بن محمد بن بقية ابو طاهر 135، 136، 145، 146، 147، 1785، 1890، 1907، 2275، 2291 ابن بكير 748، 1578 ابن بليمة، الحسن بن خلف القيرواني 1606 ابن البناء ابو علي 1141 ابن بنان الأنباري، محمد بن محمد بن محمد 1563، 1566 ابن بنت الشافعي، احمد بن محمد- وراق الجهشياري (454) ، 2413 ابن بنت الشيخ سبط أبي منصور الخياط- عبد الله ابن علي بن أحمد المقري ابن بنت الفريابي، محمد بن شعبان بن هارون 361، 453 ابن بنت هبة الله بن سلامة بن نصر- رزق الله بن عبد الوهاب التميمي ابن بندار الواسطي ابو العز، محمد بن الحسين 1163 ابن البهلول القاضي- احمد بن اسحاق بن البهلول التنوخي ابو جعفر ابن البواب، علي بن هلال الخطاط ابو الحسن 941، 1569، 1689، 1756، (1996- 2003) 2072، 2073، 2081، 2082، 2083، 2085، 2086، 2087، 2088، 2092، 2156، 2178، 2262، 2391، 2392، 2393، 2537، 2805 ابن بوزل 2839 ابن بوش، يحيى بن أسعد 1014، 2391 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3102 ابن بوكران 2488 ابن بيان ابو القاسم 202 ابن البيع، محمد بن أحمد ابو علي 1903، 1905 ابن تركان 234 ابن التستري النصراني، سعيد بن ابراهيم (1358) ابن التلميذ امين الدولة، هبة الله بن صاعد بن هبة الله 1353، 1354 (2771- 2775) ابن التلميذ، هبة الله بن الفضل البغدادي 1353، 1552، 2212، 2213 ابن التلميذ ابو الفرج، يحيى بن صاعد بن يحيى- معتمد الملك (2819- 2820) ابن التعاويذي ابو الفتح، محمد بن عبد الله 2374 (2560) ابن التياني ابو غالب- تمام بن غالب ابن تيفلويت 2164 ابن ثابت 665، 666 ابن ثابت (عند الصاحب) 668، 1934 ابن الثقفي عز الدين قاضي القضاة 449 ابن الثلاج ابو غالب 40، 1948 ابن الثلاج ابو القاسم 40 ابن ثوابة 191، 2605، 2607، 2610 ابن ثوابة، أحمد بن جعفر ابن ثوابة 437 ابن ثوابة، أحمد بن الحسين بن جعفر 792 ابن ثوابة، أحمد بن محمد ابو العباس (436- 448) 666 ابن ثوابة، أحمد بن محمد بن جعفر ابو عبد الله (484- 485) ابن ثوابة، جعفر بن محمد بن خالد بن ثوابة ابو الحسين 437 (792- 793) ابن ثوابة، العباس بن أحمد بن محمد 441 ابن ثوابة، العباس بن محمد ابو الهيثم 107، 108 ابن ثوابة، محمد بن أحمد بن جعفر 437، 438 ابن ثوابة محمد بن جعفر ابو الحسن 437، 484 (2470) ابن جائحان 235 ابن الجارود 1856 ابن الجبراني، احمد بن هبة الله بن سعد 2483، 2484 ابن الجراح 1063 ابن الجراح الوزير 2528 ابن الجراح ابو بكر 1776 ابن الجراح أبو الخطاب 395 ابن جريج 1452، 2454، 2595 ابن الجزار القيرواني، أحمد بن ابراهيم بن أبي خالد الطبيب (187- 188) ابن الجزري صاحب المخزن 360 ابن الجصاص الكوفي، اسحاق بن عمار أبو يعقوب 615 (623- 624) ابن الجعابي الحافظ ابو حيان 1936 ابن جكينا 2204 ابن الجلاب 2353 ابن جلبات ابو القاسم علي بن الحسن التنوخي الشامي 2287 ابن الجماز المغني 2607 ابن جني أبو الفتح عثمان 259، 260، 506، 774، 812، 813، 817، 819، 820، 869، 877، 1357، 1371، 1475، 1481، 1495، 1517، 1555، 1574 (1585- 1601) 1638، 1639، 1729، 1755، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3103 1775، 1829، 1844، 1925، 2001، 2091، 2218، 2230، 2524، 2571 ابن جني عالي بن عثمان (1475) ، 1589، 1591، 1600 ابن جني علي بن عثمان 305 ابن الجهرمي ابو محمد 2288 ابن جهضم ابو الحسن 1621 ابن الجهم 1577، 1578، 2607 ابن جيهان ابو عبد الله وزير صاحب خراسان 2302 ابن الجوزي ابو الفرج 160، 202، 226، 303، 360، 386، 387، 388، 389، 410، 422، 462، 486، 663، 823، 916، 1142، 1447، 1565، 1540، 1541، 1635، 1998، 2203، 2235، 2260، 2303، 2376، 2377، 2644، 2675، 2735، 2774 ابن جوصا الدمشقي، احمد بن عمير ابو الحسن 474 ابن الحاجب صاحب قرطبة 1528 ابن الحاجب ابو الفتح 2661 ابن حاجب النعمان ابو الحسن علي بن عبد العزيز ابن ابراهيم (1806- 1807) ابن حاجب النعمان، عبد العزيز بن ابراهيم بن بيان (1567- 1568) ابن حاجب النعمان، ابو الفضل بن علي بن عبد العزيز 377، 1806 ابن الحائك الهمداني- الهمداني صاحب الاكليل ابن حبان 1201، 1359، 2177 ابن حبش ابو طالب 2375 ابن حبشي ابو الغنائم 728 ابن حبيب المفسر ابو محمد- عبد الله بن عطية بن عبد الله ابن حبيب محمد بن حبيب أبو جعفر 293، 855، 860، 865، 1860، 2250، (2480- 2483) 2533 ابن حبيبات الكوفي 2232 ابن الحجاج الشاعر 706، 977، 987، (1040- 1049) 1394، 1398، 1498، 1555، 1769، 2281، 2506 ابن الحداد ابو الفضل- جعفر بن موسى ابن الحداد الفقيه الشافعي 2652 ابن الحداد القرطبي، سعيد بن محمد المعافري (1374) ابن الحداد القيرواني، سعيد بن محمد الغساني (1373) ابن حدار ابو القاسم- جعفر بن محمد بن احمد ابن الحذاء التميمي الأندلسي ابو عبد الله (2676) ابن الحرار، أحمد بن محمد الاشبيلي 268 ابن حرز (يروي عنه السمعاني) 2259 ابن الحرون، محمد بن أحمد بن الحسين بن الاصبغ (2304- 2305) ابن الحريري ابو العباس 1704 ابن الحريري عبد الله بن القاسم بن علي (1544) ابن حزم أبو محمد، علي بن أحمد 164، 358، 359، 472، 623، 730، 747، 774 (1650- 1659) 1755، 2190، 2191، 2479، 2520، 2521، 2599 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3104 ابن حسان الرئيس 2743، 2744 ابن حسول ابو القاسم، علي بن الحسن 417، 418 (1676- 1677) ابن الحصين ابو القاسم 1494، 2623، 2644، 2815 ابن الحضيري الفقيه 696 ابن الحطيئة ابو العباس 1511 ابن الحلاب النحوي- الحسن بن علي بن الوليد ابن الحلاج 2290 ابن الحلي 330 ابن حماد، كاتب موسى بن خلف 193 ابن الحمامي ابو طاهر 697 ابن حمد أبو عبد الله 237 ابن حمدان أبو تغلب 9849، 1045 ابن حمدون 2158، 2162 ابن حمدون تاج الدين 736، 737 ابن حمدون أبو جعفر 170 ابن حمدون أبو سعد- الحسن بن محمد ابن حمدون النديم أبو عبد الله- أحمد بن ابراهيم (164- 171) ابن حمدون ابو العنبس 1977 ابن حمدون أبو محمد (168) ابن حمدون أبو المعالي صاحب التذكرة، محمد بن الحسن 1014، 2523 ابن حمدون أبو نصر- غرس الدولة محمد بن الحسن ابن حمدويه ابو الفضل 2727 ابن حمويه ابو العباس 1421 ابن حميد 2014 ابن حميد أبو علي 2860 ابن حنزابة، جعفر بن الفضل بن الفرات ابو الفضل (781- 787) ، 849، 888، 1096، 1733، 1735، 1784، 2278 ابن الحواري 218، 378 ابن حي القرطبي- الحسين بن محمد بن الحسين التجيبي القرطبي ابن حيان ابو مروان الأندلسي المؤرخ حيان بن خلف 124، 770 (1229) ، 1440، 1621، 1654، 1658 ابن حيوس الشاعر، محمد بن سلطان ابو الفتيان 2071، 2584 ابن حيويه ابو عمر 114، 294، 364، 462، 888، 891، 909 ابن خازم 595 ابن الخازن أبو محمد 175 ابن الخازن الكاتب 1498 ابن الخازن- الحسين بن علي بن الحسين أبو الفوارس ابن الخاضبة، ابو الفضائل 779 ابن خالويه، الحسين بن أحمد أبو عبد الله 120، 522، 555، 820، (1030- 1037) 1366، 1367، 1444، 1533، 2122، 2123، 2278، 2507، 2569 ابن خرداذبه، عبيد الله بن أحمد بن خرداذبه أبو القاسم (1573- 1574) ابن الخراز الوراق ابو الفرج 893، 1713 ابن خرشيدة التاجر، محمد بن اسحاق بن ابراهيم 419 ابن خروف النحوي الأندلسي، علي بن محمد بن يوسف (1969- 1970) الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3105 ابن خزيمة أبو طاهر 488، 507 ابن الخشاب، عبد الله بن أحمد بن أحمد أبو محمد، حجة الاسلام 202، 203، 357، 528، 728، 766، 804، 818، 819، 957، 1305، 1332، 1350، 1380 (1496- 1506) 1511، 1515، 1572، 1578، 1732، 1819، 1831، 1844، 1845، 1965، 1966، 2261، 2263، 2374، 2387، 2388، 2571، 2675، 2699، 2715، 2826 ابن خشكنانجه، أحمد بن علي بن وصيف (369) ابن الخطيب التبريزي أبو زكريا يحيى بن علي بن محمد الشيباني 303، 305، 307، 309، 324، 357، 392، 916، 997، 1029، 1369، 1506، 1591، 1595، 1600، 1646، 1964، 1965، 2180، 2261، 2374، 2735، 2736، 2775، 2818، (2823- 2825) ابن خطيب الري- الفخر الرازي ابن الخلّ ابو الحسن 2261، 2262، 2269 ابن الخلال، أبو الحجاج يوسف، الموفق 491، 516 ابن خلف الشيرازي أبو بكر 2361 ابن خلف النيرماني 407 ابن الخمار 494 ابن الخواستيني 850 ابن الخياط 820 ابن الخياط الشاعر 2654 ابن الخياط الأندلسي، أبو بكر يحيى بن أحمد (2806) ابن خير 1342 ابن خيران الكاتب المصري أبو محمد، أحمد بن علي ولي الدولة (380- 284) 2348، 2349 ابن خيرون ابو الفضل 390، 396 ابن خيرون ابو منصور 2623 ابن خيرون الأمين 999 ابن الدامغاني ابو عبد الله 1846 ابن داود الرقي 553 ابن داود الظاهري- عصفور الشوك 2395، 2527 ابن الداية، أحمد بن يوسف بن ابراهيم (557- 560) ابن الداية مجد الدين 2080 ابن الداية- يوسف بن ابراهيم أبو الحسن ابن الدبيثي ابو عبد الله، محمد بن سعيد 357، 528، 1988، 206، 2207، 2388 ابن دحون أبو عبد الله 1652 ابن دحية الكلبي 1333، 2664 ابن دحية المغربي، عمر بن الحسن ابو الخطاب ذو النسبتين بين دحية والحسين 1641، 2030 ابن درستويه، عبد الله بن جعفر أبو محمد 6، 40، 52، 849، 625، 729، 744، 820، 886، 889، (1511- 1513) 1821، 1967، 2190، 2343، 2487 ابن دريد الأزدي أبو بكر، محمد بن الحسين 92، 118، 237، 368، 370، 418، 451، 483، 721، 722، 729، 826، 851، 857، 876، 877، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3106 878، 879، 892، 912، 914، 1031، 1035، 1160، 1362، 1376، 1377، 1406، 1416، 1483، 1484، 1490، 1553، 1574، 1596، 1644، 1646، 1673، 1707، 1752، 1754، 1826، 1922، 2172، 2193، 2233، 2255، 2277، 2295، 2322، 2330، 2336، 2338، 2346، 2436، 2474، (2489- 2499) 2506، 2548، 2557، 2558، 2648 ابن الدعماء 1556 ابن دلال أبو منصور- الرئيس أبو منصور ابن دلال ابن دلويه (الدلوي) الاستوائي ابو حامد (508) ابن الدمينة الشاعر 285، 1325 ابن الدمينة- الهمداني صاحب الاكليل ابن الدهان البغدادي يحيى بن سعيد بن المبارك أبو زكريا (2816- 2817) ابن الدهان اللغوي، الحسن بن محمد بن علي بن رجا (997) ابن الدهان الموصلي، عبد الله بن أسعد بن عيسى أبو الفرج (1509- 1510) ابن الدهان النحوي، سعيد بن المبارك بن علي أبو محمد (1369- 1372) 1381، 1601، 1758، 2269، 2270، 2806 ابن دهن الحصى (الحسن بن عمرو الحلبي) (972- 975) ابن الدوامي 1013 ابن الدويدة المعري، أحمد بن محمد 1122 ابن دينار أبو الحسين، علي بن محمد بن عبد الرحيم (1921- 1922) 2353، 2619 ابن الذروي 637 ابن ذكوان القاضي 2713 ابن الراوندي 681، 2684 ابن رائق 1785، 1884، 2574 ابن رباح 494 ابن الربيب- الحسن بن محمد التميمي التاهرتي ابن الربيع الجيزي 2723 ابن رزقويه أبو الحسن 420، 727، 1327، 1577، 2501، 2503 ابن رزمة 1490 ابن رشيد 494 ابن رشيق الفقيه 809 ابن رشيق القيرواني 97، 158، 159، (861- 865) 1254، 1277، 1572، 1794، 2475، 2476، 2636، 2637 ابن الرملي 1732 ابنا رميلة 1300 ابن رواحة الأنصاري الحموي أبو علي، الحسين بن عبد الله بن رواحة (1087- 1090) 1701 ابن روح الهروي 2546 ابن روزبه 418، 460 ابن الرومي علي بن العباس بن جورجيس 157، 241، 364، 365، 366، 453، 573، 1049، 1348، 1409، 1508، 1512، 1548، 1725، 1772، 1773، 1778، 1784، 1790، 1791، 1859، 1860، 1862، 1992، 2184، 2300، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3107 2481، 2534، 2575 ابن الزاهد (أحمد بن هبة الله) 1844 ابن الزاهدة، علي بن المبارك بن علي بن بانويه (صاحب ابن الخشاب) (1844- 1845) ابن زاهر الموصلي- الحسين بن هبة الله ابن الزبير المهذب 401، 403 ابن زخرف 2528 ابن زرب 2676 ابن زكريا المتكلم الاصبهاني أبو أحمد 69 ابن زكريا أبو الحسين 174 ابن الزمكدم الموصلي أبو علي 794، 1600، 1601 ابن زنبور 638 ابن زنجي ابو الطيب المؤدب 2097 ابن زنجي ابو القاسم الكاتب 364، 367 ابن زهير (سمع من أبي أحمد العسكري بأصبهان) 918 ابن ساسان 2187 ابن الساعاتي بهاء الدين، علي بن رستم 1308 ابن الساعاتي فخر الدين، رمضان بن رستم (1308- 1309) ابن سالم البصري الصوفي أبو الحسن 522 ابن سام 2592 ابن السراج (صاحب الأصول) 1517 ابن السراج أبو بكر 232، 473، 550، 711، 729، 811، 813، 814، 818، 820، 821، 813، 814، 818، 820، 821، 851، 876، 877، 8849، 1555، 1826، 1817، 1972، 2307، 2322، 2330، (2534- 2537) 2571، 268 ابن سراج أبو الحسين، سراج بن عبد الملك (1342) 2647 ابن السراج أبو نصر 136 ابن السراج أبو يعلى 510 ابن سركر الشاهد، محمد بن اسحاق 2280، 2281 ابن سريج 1386، 2527، 2528، 2529، 2530 ابن سعد كاتب الواقدي 1423، 2597، 2781 ابن سعدان (لغوي) (97) 761، 1375، 1553، 2504 ابن سعدان أبو عبد الله 140، 152، 1924، 2290، 2507 ابن سعيد أبو الحسن 1674 ابن سكرة الهاشمي، أبو الحسن محمد بن عبد الله 155، 156، 157، 706، 993، 1726، 2277، 2278 ابن السكن 2539 ابن السكيت يعقوب بن اسحاق ابو يوسف 22، 227، 258، 362، 380، 409، 546، 625، 761، 772، 775، 815، 816، 1283، 1519، 1598، 1750، 1755، 1779، 1922، 2284، 2481، 2521، 2530، 2646، 2709، (2840- 2841) 2844 ابن السكيت يوسف بن يعقوب 2133، 2142 ابن سكينة أبو أحمد 1494، 1495 ابن سلامة القضاعي أبو عبد الله 386 ابن سلمة 771 ابن سلوان أبو عبد الله 1775 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3108 ابن سمجور 143 ابن السمرقندي ابو القاسم 823 ابن سمعان الزهري 2795 ابن سمكة 443، 650 ابن سناء الملك القاضي السعيد، هبة الله بن جعفر السعدي 858 (2764- 2767) ابن سنجويه 1388 ابن سهلان الخمار 458 ابن سهلويه الكاتب أبو العلاء- الحسين بن محمد ابن الحسين ابن سهلويه ابن سيار قاضي الأهواز 2282 ابن السيد البطليوسي عبد الله بن محمد (1527- 1529) ابن السيد البطليوسي ابو الحسن الخيطال (1957- 1958) ابن السيد النحوي أبو محمد 1957، 1958 ابن سيد اللغوي، أحمد بن أبان (164) 731 ابن سيده الأندلسي اللغوي، علي بن أحمد بن سيده ابو الحسن (1648- 1650) ، 2525 ابن السيرافي أبو محمد- يوسف بن الحسن بن عبد الله (2847) ابن سيرين 23، 666، 853، 926، 1024، 1025، 1858، 2233، 2788 ابن سينا أبو علي، الحسين بن عبد الله الشيخ الرئيس 858 (1070- 1078) 1107، 2164، 2591، 2665 ابن شاذان 118، 777، 798، 799، 888، 8491، 909، 2501، 2503، 2558 ابن الشار أبو محمد 217 ابن شاهك 204 ابن شاهمردان، عبيد الله بن محمد بن علي أبو محمد (1581) ابن شاهويه المقرىء (الحسن بن علي بن ابراهيم أبو علي) 912 (936- 938) ابن شاهين 727، 77، 1477، 1631، 2491 ابن شاهين أبو حفص 188، 269، 462، 520، 2501 ابن شاهين ابو القاسم 1987 ابن شاهين الرامهرمزي 1821 ابن شبرمة 1542 ابن الشبل البغدادي أبو علي، الحسين بن عبد الله بن يوسف (1078- 1086) ، 1561 ابن شبيب الطيبي- الحسين بن علي بن أحمد الطيبي ابن الشبيه- علي بن عبد الله بن علي العلوي ابو القاسم (1780) ، 1996 ابن شجاع 930 ابن الشجري العلوي، أبو السعادات هبة الله 3، 939، 1250، 1332، 1350، 1498، 1666، 1845، 2062، 2376، 2387، 270، 2688، 689 (2775- 2776) 2829 ابن شداد، بهاء الدين يوسف بن رافع 2816 ابن الشرابي، الرماني النحوي- احمد بن علي بن محمد (380) ابن شرشير- الناشىء ابو العباس عبد الله بن محمد ابن شرف الجذامي القيرواني أبو عبد الله محمد بن محمد 861 (2636- 2640) ابن شرية 1242 ابن شقير ابو بكر، احمد بن الحسين بن العباس الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3109 النحوي (232) ابن شمعون المتصوف 701 ابن الشميشاطي ابو القاسم 1775 ابن شنبوذ، ابو الحسن محمد بن أحمد بن أيوب المقرىء (2323- 2326) ، 2327، 2328، 2618 ابن شهران 2434 ابن الشهرزوري تاج الدين 1758 ابن الشهرزوري محيي الدين القاضي 1334 ابن شهيد ابو عامر، أحمد بن عبد الملك (358- 359) 509 ابن الشوكية العلوي 1503، 1504 ابن شيبة العلوي 2603 ابن شيث ابو القاسم 2026 ابن شيث الزيات 112 ابن الشيرازي أبو منصور 381 ابن شيران، عبد الله بن عبد المجيد الأهوازي 2339، 2343، 2498 ابن الصابىء 2184 ابن الصاحب، الأستادار هبة الله بن علي 2817 ابن صاحب الوضوء 615 ابن صاعد أبو محمد 92 ابن صالحان 379، 1093، 2041، 2044 ابن الصائغ، ابو بكر ابن باجة 2164، 2165 ابن صدقة الوزير- شرف الدولة علي بن الحسن بن علي ابن الصفار أبو الحسن 996 ابن الصفار، يونس بن محمد بن مغيث 1642 ابن صفوان 1553 ابن صليبا 2277 ابن الصوفي 869، 1370 ابن الصيرفي عثمان بن سعد- ابو عمرو الداني ابن الصيقل، لقوة، يوسف بن الحجاج بن يوسف (2846- 2847) ابن الصيقل ابو الوفاء 524 ابن ضبر القاضي ابو عبد الله 1947 ابن الضراب ابو القاسم 937 ابن طاهر 1543 ابن طاهر المقدسي 1957، 2361 ابن طاوس 622، 623 ابن طاوس المقرىء 1379 ابن طباطبا العلوي أبو الحسن، محمد بن أحمد 555، 1754، (2310- 2317) 2543 ابن طباطبا العلوي- أبو معمر يحيى بن محمد 2775 (2828- 2829) ابن الطثرية، يزيد بن سمرة بن سلمة الخير أبو مكشوح- مورق (2838- 2840) ابن الطراح أبو محمد 2750 ابن طرادة الحلواني 2238 ابن الطرازي ابو بكر 507 ابن الطراوة المالقي، سليمان بن محمد الشيباني أبو الحسين (1402) ابن طرخان ابو بكر 2599 ابن طرخان ابو الحسن 2283 ابن الطرماح الأعرابي 2859 ابن طريف 1669 ابن طلاب الخطيب أبو نصر 380 ابن الطيب الباقلاني- الباقلاني أبو بكر ابن الطيوري ابو الحسين 387 ابن ظفر الصقلي، حجة الدين محمد بن أبي محمد (2643- 2644) ابن الظلمة 2135 ابن عاصم (أندلسي) 124 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3110 ابن عامر (المقرىء) 521، (1532) ، 2444 ابن عائشة 1853 ابن عائشة المغني 1386 ابن عباد (المعتضد) صاحب اشبيلية 1534 ابن عبد كان 666، 697 ابن عبد الباقي 1332 ابن عبد الجبار (القائم بالأندلس) 1605 ابن عبد الحكم 2449 ابن عبد الحكم، عبد الرحمن بن عبد الله 2414 ابن عبد الحكم، محمد بن عبد الله 558، (2415- 2416) ابن عبد الرحيم 373، 377، 378، 381، 384، 1626، 1678، 1680، 1713، 1784، 1785، 1788، 2053، 2327، 2425 ابن عبد السلام أبو الحسن 2750 ابن عبد السميع 2546 ابن عبد العزيز الهاشمي 894 ابن عبد الوارث النحوي 413 ابن عبدة النساب 231 ابن عبدوس 2437 ابن عبدوس الجهشياري، حاجب الوزير علي بن عيسى- الجهشياري ابن عبدوس ابو بكر المفسر 2830 ابن عتاب أبو محمد 23، 2815 ابن عجلان 2595 ابن العجمي، عبد المجيد بن الحسن ابو القاسم بهاء الدين 2085 ابن عدي الحافظ (صاحب الكامل) 1200، 2596، 2749 ابن العديم أحمد بن كمال الدين 2085 ابن العديم عمر بن أحمد بن أبي جرادة كمال الدين 326، 973، 1034، 2036، (2068- 2091) 2319، 2483 ابن العربي أبو بكر 398، 2676 ابن العربي أبو محمد 730 ابن عرس الموصلي 1719 ابن عرفة 2001 ابن العريف الأندلسي (الحسين بن الوليد بن نصر أبو القاسم) (1164- 1167) 1440، 1441 ابن عز الدولة 692 ابن عساكر ابو القاسم الحافظ علي بن الحسن 91، 92، 93، 94، 95، 96، 160، 161، 233، 287، 368، 380، 384، 385، 396، 434، 474، 483، 484، 492، 530، 533، 534، 555، 557، 558، 572، 589، 726، 727، 777، 784، 866، 928، 930، 932، 933، 936، 937، 938، 1087، 1088، 1089، 1090، 1131، 1142، 1238، 1581، 1605، 1606، 1648، (1697- 1703) 1733، 1756، 1774، 1775، 2064، 1756، 2157، 2278، 2064، 2152، 2157، 2278، 2654، 2661 ابن عسال أبو الوليد 467 ابن العصار اللغوي علي بن عبد الرحيم بن الحسن السلمي 324 (1794- 1795) 1973، 2764 ابن عصرون 1509 ابن العطار أبو الحسن 2699، 2715 ابن العطار الشروطي الأصبهاني 912 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3111 ابن عفير 2273 ابن عقبة أبو محمد 2288 ابن عكاشة قائد قلعة رباح 1958 ابن العلاف الشاعر ابو بكر، هبة الله بن الحسين 59، 60، 541، 1977، (2768- 2769) ابن علية الأكبر 929 ابن عمار (في الشعر) 1003 ابن عمار (وزير المعتصم) 851، 1020، 1423 ابن عمر الشيخ 486 ابن عمر الشافعي 2407 ابن عمروس 1388 ابن العميد أبو الفتح علي محمد بن الحسين 664، 687، 694، 720، 909، 910، 1936، 1938، (1886- 1907) ابن العميد أبو الفضل، ذو الكفايتين 91، 141، 199، 265، 494، 663، 673، 675، 678، 683، 684، 685، 686، 688، 847، 890، 923، 925، 926، 979، 1042، 1073، 1149، 1394، 1580، 1581، 1614، 1713، 1784، 1785، 1870، 1889، 1891، 1892، 1895، 1902، 1903، 1921، 1924، 1927، 1945، 2053، 2116، 2167، 2181 ابن عنين الدمشقي، محمد بن نصر شرف الدين 354، 1404، 1566 (2661- 2666) ابن عون 1271، 1331، 1359، 2148 ابن عون ابو اسحاق 95 ابن عون الله 2676 ابن عياش 688، 2855 ابن عياش ابو الحسن، عبد الله بن أحمد القاضي 213، 2097 ابن عيذون الهذلي التونسي- علي بن عبد الجبار بن سلامة ابو الحسن اللغوي ابن عيسى (يروي عنه ثابت بن الحسين) 771 ابن عيسى 2845 ابن عينويه الكاتب أبو علي 285 ابن الغازي 204 ابن الغاسلة- جعفر بن أحمد بن عبد الملك الاشبيلي ابن غسان الطبيب 524، 525 ابن غلبون أبو رجال 1449، 2546، 2712 ابن غلفاء الفزاري 361 ابن غيلان ابو غالب 1987، 2376 ابن فاتك المعتضدي 1401 ابن الفاعوس ابو الحسن 1540 ابن الفحام 1606 ابن الفراء ابو يعلى القاضي 823 ابن الفرات أبو احمد المحسن 2236 ابن الفرات ابو الحسن علي بن محمد 191، 192، 193، 194، 195، 197، 198، 367، 457، 789، 1823، 1824، 1863، 1865، 2236، 2783، 2784 ابن الفرات ابو العباس 535، 2536، 2679 ابن الفرات أبو عبد الله- جعفر بن محمد 2236 ابن الفرات ابو القاسم 484 ابن فراس 1075 ابن فرج الجياني، أحمد بن محمد أبو عمر (473- 474) الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3112 ابن الفرخان 930 ابن الفرضي 473، 484، 770 ابن فسانجس، أبو الفرج، محمد بن العباس 1995، 1996، 2287 ابن فسانجس أبو محمد، علي بن العباس 2287 ابن فضال المجاشعي 1760، 2775 ابن فضيل 2156 ابن فطيس ابو بكر الوراق أحمد بن محمد بن سعيد (474) 492، 2763 ابن الفقيه الهمذاني- أحمد بن محمد بن اسحاق ابن فهد ابو القاسم 378 ابن فهم- الحسين بن محمد بن عبد الرحمن ابن فورجه البروجردي، محمد بن حمد بن محمد 259، 260 (2524- 2525) ابن فورك، عبد الله بن محمد بن محمد 1570، 2436 ابن فيره الصدفي أبو علي- الحسين بن محمد بن فيره ابن قادوس 402 ابن قادم 361، 362، 538، 745، 761، 1385، 1670، 1740 ابن القارح دوخلة، علي بن منصور الحلبي 1100، (1974- 1946) ابن القاشاني 706 ابن قانع 2127 ابن قتيبة 487، 1067، 1161، 1294، 1300، 1499، 1511، 1577، 1610، 192، 2236، 2617، 2705، 2802 ابن قتيبة، أبو جعفر، أحمد بن عبد الله بن مسلم 1922 ابن قدامة 2733 ابن قرابة 1719 ابن القرية النسابة 1453، 1637 ابن القزاز (لحية الزبل) ، سعيد بن عثمان البربري (1368) ابن القزاز منشا بن ابراهيم 1049، 1058 ابن القطاع السعدي، علي بن جعفر بن القطاع أبو القاسم 1380 (1669- 1670) ، 1676، 1794، 2593 ابن القطان 1354 ابن القطان القزويني الحنفي 671 ابن قلاقس الاسكندري، نصر الله بن عبد الله بن مخلوف (2751- 2752) ابن القلانسي، حمزة بن أسد بن علي ابو يعلى 584 (1214- 1215) ابن قم الزبيدي- الحسين بن علي بن حمويه ابو عبد الله ابن القماح 937 ابن قليجة (رسول علي بن عيسى الى القرامطة) 191، 192 ابن القوطية ابو بكر، محمد بن عمر بن عبد العزيز 1164، 1374، 1669، (2592- 2594) ابن قيس الرقيات 926، 1325 ابن القيسراني الحلبي الشاعر- محمد بن نصر بن صغير 941 (2654- 2661) 2764 ابن كادش ابو العز، أحمد بن عبد الله (عبيد الله) 394، 494، 1075 ابن كاكويه أبو جعفر، علاء الدولة محمد بن أبي العباس 1073، 1074، 1075 ابن الكتاني، محمد بن الحسن المذحجي (2521- 2522) ابن كثير، أحمد بن محمد بن الفضل الأهوازي (485) الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3113 ابن كثير العارض 1681 ابن كثير (المقرىء) 521، 2325 ابن كروان 2353، 2619 ابن كريز 1553 ابن الكسروي الكاتب 1980 ابن كعب 494 ابن الكلبي ابو المنذر هشام بن محمد 293، 572، 596، 624، 1149، 1416، 1445، 1628، 1631، 2133، 2135، 2250، 2454، 2480، 2481، (2779- 2781) 2789 ابن كلّس ابو الفرج 786 ابن كليب، ابو الفرج 1027 ابن كليب الحراني (عبد المنعم بن عبد الوهاب) 555، 1014، 2391، 2644 ابن كناسة الشاعر 754، 1205 ابن كوجك العبسي- الحسين بن علي بن كوجك ابن كوجك الوراق، علي بن الحسين بن علي العبسي (1733- 1734) ابن الكوفي، علي بن محمد بن عبيد الأسدي (صاحب ثعلب) 1854 (1866- 1868) 2143، 2779، 2780 ابن كيغلغ 2510 ابن لال 234 ابن اللبان 1774 ابن اللبان- عبد اللطيف بن يوسف البغدادي ابن لرة، أبو الحسين 265 ابن لرة- بندار بن عبد الحميد الكرخي ابن لسان الحمرة 927، 1177 ابن لنكك- محمد بن محمد بن جعفر ابو الحسين 183، 184، 1914، 1092، 1356، 2240، 2338، (2619- 2622) 2648، 2745، 2746 ابن ماء السماء 1058 ابن ماجة 1322، 1341 ابن ماسرجيس أبو العباس 523، 524، 850 ابن ماسويه 538، 2541 ابن الماشطة الكاتب، علي بن الحسن (1674- 1675) ابن ماكولا الحسن بن جعفر قاضي القضاة 1987 ابن ماكولا علي بن هبة الله أبو نصر 507، 1475، 1666، (1986- 1990) 2522، 2599 ابن ماكولا، هبة الله بن ماكولا، الوزير 1986 ابن مالك القطيعي 866 ابن الماندائي 528، 2546 ابن المبرد 122، 2573 ابن المبشر 1052 ابن متكود 1794 ابن المتوكل 1967 ابن مجاهد أبو بكر، أحمد بن موسى بن العباس (520- 523) ، 551، 648، 666، 727، 876، 1031، 1577، 1578، 1738، 1823، 2238، 2307، 2321، 2325، 2326، 2448، 2451، 2452، 2453، 2455، 2466، 2478، 2501، 2504، 2535، 2679 ابن المجاور الوزير نجم الدين 1572 ابن محارب 443 ابن المحاملي أبو بكر، الحسين بن محمد 2288 ابن المحتسب 2435 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3114 ابن محرز أبو عبد الله- الحسين بن محمد بن عبد الرحمن ابن محفوظ ابو الحسين 2053 ابن محمد الحاجب (اندلسي) 736 ابن المختار النحوي محمد بن محمد أبو الفتح 66 ابن مختار العلوي 522 ابن مختار اللغوي المصري 2177 ابن مخلد أبو الحسن 442 ابن المدور، أحمد بن اسحاق 543 ابن المراغي 888، 891، 909 ابن المرخم 203 ابن مردويه الاصفهاني الحافظ أبو بكر 663، 724 ابن المرزبان 1298 ابن المرزبان ابو بكر، محمد بن خلف 1574، 2004، 2537، 2796 ابن المرزبان ابو نصر 242 ابن المرزع ابو منصور 1851 ابن مروان (صاحب ديار بكر) 841، 842، 843 ابن مروان القطان 2475 ابن المزرفي المخزومي الخراز ابو العباس 1674 ابن المستنجد ابو القاسم 1504 ابن مسجح 1386 ابن مسعر 232 ابن المسلمة ابو القاسم- رئيس الرؤساء ابن المسيب الكاتب، علي بن عبيد الله ابو الحسن 364، 366 ابن المسيبي 678 ابن المسيح (ناسخ كتاب النبات لأبي حنيفة) 258 ابن مسيلمة 2035، 2036 ابن المصحح- الحسن بن علي بن عمر ابن المعتز عبد الله بن محمد بن جعفر بن المتوكل 189، 196، 200، 207، 216، 217، 266، 267، 454، 711، 863، 1025، 1026، (1519- 1526) 1726، 1861، 1881، 1969، 1977، 1978، 2135، 2149، 2235، 2253، 2254، 2284، 2311، 2511، 2536، 2583، 2585، 2674 ابن معروف (ممدوح المنطقي) 2038 ابن معروف القاضي أبو محمد 135، 1826، 1874 ابن معشر 2348 ابن معصوم 944 ابن معطي الزواوي- يحيى بن معطي بن عبد النور ابن المعلمة- علي بن الحسن بن اسماعيل العبدري (1704- 1705) ابن معمر 2837 ابن المغربي 1007 ابن المغلس الداودي ابو الحسن 1790، 2529 ابن المغيرة 2425 ابن مفرغ الحميري، يزيد بن زياد بن ربيعة (2837- 2838) ابن مقبل (الشاعر) 33 ابن المقدر، أبو الفتح، منصور بن محمد بن عبد الله 703، 1921 (2727) ابن مقسم العطار المقرىء ابو بكر محمد بن الحسن ابن يعقوب 537، 1663، 1921، 1922، 1958، 2114 (2503- 2505) 2557 ابن مقشر الطبيب 1975، 1976 ابن المقفع 32، 463، 791، 968، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3115 1263، 2294 ابن مقلة (دون تحديد) 253، 452، 1535، 1555، 1564، 1797، 1800، 1921، 2033، 2817 ابن مقلة أبو أحمد، سليمان بن أبي الحسن بن مقلة 933 ابن مقلة، ابو الحسن بن محمد بن علي 933 ابن مقلة، ابو الحسين علي بن محمد بن علي بن مقلة 933، 934 ابن مقلة، ابو عبد الله الحسن بن علي 207، 262، 537، 656، (933- 935) ، 1023، 1744، 2072، 2083 ابن مقلة ابو علي، محمد بن علي الوزير 103، 108، 109، 110، 113، 617، 933، 934، 935، 1774، 1863، 1864، 1872، 1994، 1997، 1998، 2235، 2324، 2325، 2326، 2495، (2574- 2576) ، 2857 ابن مقلة ابو الفرج، العباس بن علي بن مقلة 933 ابن مكرم الكاتب 527 ابن مكنسة، اسماعيل بن محمد ابو طاهر 636، 637 ابن ملجم 1811 ابن ممويه- الحسين بن علي بن ممويه ابن المنادي ابو الحسين، أحمد بن جعفر بن محمد 44، 453، 1796، 2238 ابن المنتاب العراقي ابو القاسم 1733 ابن المنجم، ابو عبد الله بن اسحاق 2285، 2288 ابن المنجم ابو عيسى أحمد بن علي بن يحيى (369) ، 665، 707، 2013، 2022 ابن المنجم، أحمد بن علي بن هارون بن علي ابو الفتح (372- 373) 1993، 1995 ابن المنجم، أحمد بن يحيى بن علي ابو الحسن (554) ابن المنجم الحسن بن يحيى بن أبي منصور (1025- 1026) ابن المنجم عبد الله بن علي بن يحيى ابو القاسم 2022 ابن المنجم، علي بن هارون بن علي ابو الحسن 532، 1264، 1977، (1991- 1996) 2013 ابن المنجم علي بن هارون بن يحيى صاحب الأمالي 2009 ابن المنجم، علي بن يحيى بن أبي منصور أبو الحسن 167، 284، 532، 567، 595، 604، 612، 738، 1025، 1976، 1977، (2008- 2022) 2157 ابن المنجم، هارون بن علي بن يحيى بن أبي منصور أبو عبد الله 1709، 1748، 1480، 1981، 1991، 2015 (2763) ابن المنجم ابو عبد الله هارون بن يحيى بن علي بن يحيى 2012، 2022 ابن المنجم، هبة الله أبو العباس 222 ابن المنجم، يحيى بن أبي منصور 369، 2008 ابن المنجم، يحيى بن علي بن يحيى أبو أحمد 9، 554، 2008، 2009، 2019، 2020، 2022، 2109، 2240 (2825- 2826) ابن منده- محمد بن يحيى بن منده الاصفهاني الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3116 ابن مندة- يحيى بن عبد الوهاب بن مندة ابن منصور (صاحب ابن البواب) 1996 ابن منظور قاضي اشبيلية 1534 ابن المنقى أبو الحسن، علي بن خليفة بن علي النحوي (1757- 1758) ابن المنني ابو أحمد 2746 ابن منير الطرابلسي 2654 ابن منيرة الكفرطابي، محمد بن يوسف بن عمر النحوي (2685) ابن مهدي ابراهيم بن عبد الرحمن بن مهدي 1200، 2250 ابن المهذب المعري، همام بن الفضل 52، 181، 355، 819، 2309 ابن مهران المقرىء النيسابوري ابو بكر 407، 457 ابن مهران أحمد بن الحسين 1662، 1663 ابن موسى 2845 ابن موسك الأمير 1963 ابن ميادة، الرماح بن أبرد ابو شرحبيل 1191، 1192، 1193، (1309- 1311) 1325 ابن ميثم 757 ابن ميمون 2842 ابن النابلسي الشاعر 2218، 2219، 2222 ابن ناصح 1935 ابن ناصر الدولة ابي تغلب 1719 ابن ناقيا ابو القاسم البندار، عبد الله بن محمد بن الحسين 562، (1560) 1838، 2179 ابن ناكيرا ابو طاهر 1249 ابن نباتة الخطيب 1690، 1691، 2205 ابن نباتة السعدي ابو نصر 397، 706، 1468، 1946 ابن نبهان أبو علي 202، 2641 ابن النجار 1380، 1381 ابن النجار، محمد بن جعفر التميمي 861، 1674، 1867 (2474- 2475) ابن النجار محمد بن محمد 1496 ابن النجار محمد بن محمود الحافظ ابو عبد الله محب الدين 49، 397، 1502، 2159، 2266، 2267 ابن نجدة 542، 2813 ابن نجيح 2602 ابن نجيد 2546 ابن النحاس (صاحب كتاب ينقل عنه المؤلف) 2435 ابن النديم محمد بن اسحاق 62، 63، 86، 122، 160، 200، 207، 230، 260، 267، 273، 274، 284، 290، 361، 367، 369، 420، 430، 436، 439، 454، 455، 457، 459، 470، 485، 521، 526، 531، 534، 552، 553، 615، 616، 617، 623، 627، 629، 630، 729، 735، 736، 746، 763، 765، 771، 775، 776، 792، 793، 847، 856، 874، 877، 923، 928، 1018، 1019، 1027، 1325، 1342، 1364، 1377، 1378، 1386، 1405، 1568، 1583، 1622، 1630، 1631، 1641، 1673، 1674، 1705، 1735، 1748، 1771، 1779، 1853، 1854، 1855، 1856، 1857، 1858، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3117 1869، 1907، 1908، 1980، 1983، 1986، 1991، 2064، 2092، 2093، 2117، 2143، 2157، 2178، 2189، 2201، 2228، 2229، 2230، 2235، 2239، 2240، 2244، 2253، 2295، 2298، 2303، 2304، 2305، 2306، 2324، 2418، 2421، 2422، (2427) 2438، 2473، 2481، 2482، 2499، 2500، 2501، 2569، 2595، 2779، 2781، 2853 ابن نصر (صاحب المفاوضة) علي بن محمد بن نصر الكاتب 523، 525، 850، 917، 923، 1736، 1806، 1807، 1817، (1946- 1955) ، 2097، 2336 ابن نصر صاحب الخبر، هبة الله بن الحسن الكاتب 1633، 1634، 1635 ابن النطاح 1153، 2124 ابن نقطة 1274 ابن النقور ابو الحسن 1540 ابن النقور ابو الحسين 2062، 2764 ابن النقور ابو منصور 394 ابن نوبخت (الآراء والديانات) 666 ابن نيبخت ابو سهل 1401 ابن هانىء أبو بكر 507 ابن هانىء ابو الحسن كاتب قرواش 1095 ابن هانىء الأندلسي 2219، 2375 ابن الهبارية ابو يعلى 309، 1391، 1321، 821، 822 ابن هبيرة الأكبر 25 ابن هبيرة الوزير عون الدين يحيى بن هبيرة 860، 1019، 1414، 1476، 1495، 1498، 1506، 1856، 2388، 2623، 2675، 2772، 2748 ابن هذيل ابو بكر 295 ابن الهراس الدمشقي ابو طالب 2064 ابن هرثمة ابو الحسن 1356 ابن الهرش 929 ابن هرمة 285، 615، 627، 1326، 2678 ابن هند (خصم ابن العميد) 1495، 1496 ابن هندو ابو الفرج، علي بن الحسين (1723- 1727) ابن هودار 1018 ابن واضح 758 ابن وحشي، علي بن الحسن النحوي الموصلي 1759 ابن الوراق 888، 909 ابن الورد 2539 ابن ورقاء الشيباني ابو أحمد 1876، 1877، 2097 ابن ورقاء، ابو المكارم 1568 ابن الوشاء 2303 ابن وضاح 2479 ابن وكيع التنيسي الحسن بن محمد ابو محمد (993- 995) ابن ولاد ابو العباس أحمد بن محمد بن الوليد (460) 469، 1645، 1755، 2717، 2722 ابن وهاس- علي بن عيسى بن حمزة ابن وهب 2448 ابن يحيى العلوي 894 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3118 ابن يزداد ابو صالح 2179 ابن اليسري ابو القاسم 2735 ابنة جستان 1894 ابنة الحفار المغنية 934 ابنة الخس 553 ابنة غزوان 2273 الأبهري المتكلم أبو سعيد 677 أبو أحمد الجلودي 174 أبو أحمد الحافظ 1629 ابو أحمد الصيرفي 536 أبو أحمد الفرضي 2505 أبو أحمد الموسوي 137 أبو أحمد الهذلي 2298 ابو أحمد ابن أبي التيار 414- 415 ابو أحمد بن أبي خليفة الجمحي 1637 ابو أحمد ابن محمد بن حفص 1719 أبو أحمد ابن مردك 879 أبو الأزهر البخاري 461 أبو اسحاق الحصري 237، 2013 ابو اسحاق الحضرمي 1385 ابو اسحاق الرفاعي صاحب السيرافي 1829، 2353 ابو اسحاق السبيعي 1423 ابو اسحاق الشيرازي 1388، 1391، 1486، 2740 ابو اسحاق الصابي ابراهيم بن هلال (130- 158) 175، 379، 484، 525، 697، 706، 714، 715، 773، 792، 984، 985، 990، 1074، 1149، 1405، 1555، 1586، 1599، 1642، 1886، 1890، 1897، 1969، 2274، 2275، 2308، 2309، 2783 ابو اسحاق القرشي 257 ابو اسحاق المزكي 174 ابو اسحاق المؤدب 275 أبو اسحاق الوزير- أحمد بن محمد القراريطي 526، 527 ابو اسحاق بن الفضل بن حيان الحلواني 2461 أبو اسحاق بن معز الدولة بن بويه 893 أبو اسماعيل 2361 أبو الأسود الدؤلي 91، 92، 1213، 1225، 1345، (1464- 1473) 1810، 1813، 1858، 2132، 2141، 2532، 2738، 2749، 2826 أبو الأشعث 174، 2447 أبو الأشعث الصنعاني 1700 أبو الأشعث القمي 2438 أبو الأشعث أحمد بن المقدام 2779 أبو الأصبغ (رسول الموفق) 409 ابو الاصبغ بن أبي درهم (استاذ الباجي) 1388 ابو الأصبغ ابن أرقم 1808 ابو العالية الشامي- الحسن بن مالك ابو امامة الباهلي 936 أبو اياد المؤدب 2711 أبو أيوب السمسار 2325 أبو أيوب المديني سليمان بن أيوب 613 (1386) أبو أيوب المكي 2059 أبو أيوب المورياني 1253، 2129 أبو أيوب الهاشمي 1668 أبو أيوب ابن أخت الوزير 362 أبو بحر الأسدي 2676 أبو بردة بن أبي موسى 1363، 1474 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3119 أبو البركات (ممدوح النيسابوري) 1017 أبو البركات الفراوي 631، 634 أبو البركات بن عبيد الله الشريف العلوي 2064 أبو بريدة الوضاحي 2814 أبو بشر (يروي عن أبي المفرج الأنصاري) 409 أبو بشر الثاني 827 أبو بشر ابن طازاد 379 أبو البقاء العكبرائي، الحسين بن عبد الله 2189 أبو البقاء العكبري، عبد الله بن الحسين بن عبد الله محب الدين 1027، 1339 (1515- 1517) 1794، 1795 أبو بكر الأدمي 732 أبو بكر الأشقر 2623 أبو بكر الباغندي 368 أبو بكر البرقاني 2501 أبو بكر البرقي- أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم (292- 293) أبو بكر البكري 27 أبو بكر البيهقي 2603 أبو بكر الحلواني 2731 أبو بكر الحيري 242 أبو بكر الخرائطي محمد بن جعفر 1129 أبو بكر الخوارزمي الطبرخزي محمد بن العباس 176، 236، 239، 240، 241، 242، 243، 244، 245، 246، 247، 248، 249، 250، 251، 696، 717، 977، 1029، 1032، 1273، 1274، 1662، 2293، 2347 (2543) 2652 أبو بكر الخياط 811، 812 أبو بكر الدمشقي 277، 280، 1993 أبو بكر الدولابي 28 أبو بكر الرازي 1368 أبو بكر الزاغوني 1704 أبو بكر السعيدي 515 أبو بكر السني 1795 أبو بكر الشافعي 44، 453 أبو بكر الشبلي 1336 أبو بكر الصبغي 2431 أبو بكر الصديق 50، 250، 251، 632، 682، 752، 753، 859، 1002، 1276، 1289، 1290، 1323، 1338، 1453، 1701، 1730، 1732، 1856، 1857، 1962، 2412، 2444، 2445، 2459، 2463، 2464، 2632، 2779 أبو بكر الفقيه 280 أبو بكر ابن قريعة، محمد بن عبد الرحمن 987، 1873، 22 أبو بكر القرشي 1638 أبو بكر القطان 2296 أبو بكر القفال الشاشي- محمد بن علي بن اسماعيل أبو بكر القفال المروزي 2548، 2549 أبو بكر القنطري 893 أبو بكر القومسي الفيلسوف 1926 أبو بكر المحبري 520 أبو بكر المرزوقي 449 أبو بكر المزرفي الفرضي 1819 أبو بكر المعوج الشامي 425، 426 أبو بكر النقاش 483 أبو بكر الهذلي، سلمة بن عبد الله 1386، 1469 أبو بكر الهروي 640 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3120 أبو بكر الوادعي- محمد بن أحمد بن عبد الرحمن 913 أبو بكر ابن أبي حامد 2461 أبو بكر ابن أبي داود 41 أبو بكر ابن أبي شيبة 783 أبو بكر ابن الأزرق القاضي 1807 أبو بكر ابن الأزهر 268 أبو بكر ابن اسحاق بن يسار 2419 أبو بكر ابن بالويه 2442 أبو بكر ابن الجواليقي 2468 أبو بكر بن حزم محمد بن عمر 752 أبو بكر ابن الخياط النحوي 547 أبو بكر ابن داود 2702 أبو بكر ابن رافع 181 أبو بكر ابن راميك 2458 أبو بكر ابن زرب 777 أبو بكر ابن سهل الدينوري 2450 أبو بكر ابن شاذان 269، 520 ابو بكر ابن شقير 2539 أبو بكر ابن عاصم 2537 أبو بكر ابن عبد الباقي الأنصاري 1494 أبو بكر ابن عبد الرحمن 752 أبو بكر ابن عبد الرحمن الفقيه القيرواني 261 أبو بكر ابن عبد الرحيم الفسوي 2287 أبو بكر ابن عبد العزيز بن الحسن الجرجاني 1796 أبو بكر ابن العطار محمد بن أبي العلاء الحافظ 826 أبو بكر ابن العلاف 2042، 2683 أبو بكر ابن علي 2481 أبو بكر ابن عياش الحنّاط (751- 757) 861، 1180، 1201، 1220، 1474، 1738، 2373 أبو بكر ابن الغراب 1958 أبو بكر ابن كامل 705 أبو بكر ابن لال أحمد بن علي 418، 460 أبو بكر ابن مالك القطيعي 2771 أبو بكر بن محمد بن رزق الله المنيني 1701 أبو بكر ابن المظفر 275 أبو بكر ابن المنذر 268 أبو بكرة 261 أبو البيداء 2132 أبو تراب- علي بن أبي طالب أبو تراب (صاحب الاعتقاب) 462 أبو تغلب ابن ناصر الدولة بن حمدان 1907، 1908 أبو تمام الطائي 21، 159، 183، 281، 302، 331، 374، 548، 610، 746، 850، 851، 852، 893، 917، 1106، 1136، 1147، 1244، 1337، 1357، 1371، 1513، 1525، 1690، 1788، 1879، 1908، 2184، 2235، 2308، 2322، 2333، 2337، 2429، 2511، 2513، 2514، 2515، 2516، 2517، 2583، 2678، 2796، 2797 أبو تمام الضرير- كامل بن الفتح بن ثابت أبو تمام بن أبي حصين 2288 أبو توبة النحوي، ميمون بن جعفر 26، 545، 1748 (2739) أبو ثروان العكلي (775) 1745، 2125 أبو الجراح الأعرابي 1745 أبو الجعد الأنباري 1942 أبو الجعد بن أسلم 424 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3121 أبو جعفر الجرجاني 1645 أبو جعفر الحافظ 826 أبو جعفر الخازن 275 أبو جعفر الخلدي 488 أبو جعفر الرزاز 1206 أبو جعفر الرستمي 2452 أبو جعفر الرؤاسي 540 أبو جعفر السعال 2308 أبو جعفر الصيمري 980، 981 أبو جعفر الطوسي 165، 174، 199، 1641، 1644، 1728، 1729، 2338 أبو جعفر العقيلي 268، 1750 أبو جعفر المجوسي (عامل البصرة) 917، 918 أبو جعفر المقرىء (صاحب كتاب نيسابور) 1760 أبو جعفر ملك سجستان 889 أبو جعفر الميكالي، محمد بن اسماعيل بن ميكال (2433- 2434) أبو جعفر ابن الثائر العلوي 691 أبو جعفر ابن زهير 912 أبو جعفر ابن قتيبة- أحمد بن عبد بن مسلم (293- 294) أبو الجليد الفزاري المنظوري 1584 أبو جهل 321 أبو الجهم (يروي عن الفراء) 1031 أبو الجهم بن حذيفة 431 أبو الجوائز الواسطي- الحسن بن علي بن باري الواسطي أبو الجود العجلاني- القاسم بن محمد بن رمضان (2230) أبو الجود ندى بن عبد الغني الحنفي الأنصاري 1612 أبو الجوزاء 2160 أبو حاتم الرازي 1642 أبو حاتم السجستاني سهل بن محمد بن عثمان 19، 40، 408، 544، 854، 915، 1160، 1359، 1360، 1362، 1375، 1377، (1406- 1408) 1420، 1553، 1581، 1595، 1812، 1813، 2128، 2146، 2246، 2446، 2488، 2490، 2492، 2596، 2617، 2679، 2705، 2786، 2836، 2842 أبو حاتم ابن حبان 2429 أبو الحارث (عن الكسائي) 2452 أبو الحارث جمين 1306 أبو الحارث النوفلي 561، 1860 أبو حازم القاضي 650، 848، 849 أبو حامد الاسفرايني 448، 2442، 2727 أبو حامد الخارزنجي 2296 أبو حامد القاضي أحمد بن بشر 17، 278 أبو حامد الغرناطي، محمد بن الربيع 1014 أبو حامد ابن الشرقي 1508 ابو الحجاج 1201 أبو الحجاج ابن ظهير الدولة 692 أبو حرب الصفار البصري 2120 أبو حرب بن أبي الأسود الدؤلي 1470 أبو حرملة 1814 أبو الحزم ابن جهور 2713 أبو الحسن (أحمد بن عبد الله) الأبنوسي 1250 أبو الحسن الأخرم 1539 أبو الحسن الأسدي 2706 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3122 أبو الحسن الأنصاري 2108 أبو الحسن الأهوازي المقرىء 752، 2347 أبو الحسن الايادي الكاتب 792 أبو الحسن البتي الكاتب 1998، 2507 أبو الحسن البغوي الجوهري، علي بن عبد العزيز ابن المرزبان- صاحب أبي عبيد (1795- 1796) أبو الحسن البوراني (854) أبو الحسن الجراحي القاضي 1942 أبو الحسن الحافظ 453 أبو الحسن الحديثي 277، 280 أبو الحسن الحراني 828 أبو الحسن الحرسي 2830 أبو الحسن الحمامي 823 أبو الحسن الدارمي المصيصي 707 أبو الحسن الدريدي 879، 2495 أبو الحسن الدقاق 1828 أبو الحسن الدلفي المصيصي 307 أبو الحسن الرخجي 1662 أبو الحسن السلمي 1701 أبو الحسن السماك 2746 أبو الحسن السهلي 1072 أبو الحسن الشقيقي البلخي 708 أبو الحسن الطبري غلام الزاهد 40 أبو الحسن العامري الفيلسوف النيسابوري 233، 493، 494، 909، 910، 1896، 1897 أبو الحسن العباداني 2619 ابو الحسن العبدوي 647 ابو الحسن العروضي أحمد بن محمد بن أحمد (471- 472) 523، 667، 1072، 2615، 2616 أبو الحسن الغويري 706 أبو الحسن القابسي 2636، 2712 أبو الحسن القطان القزويني، علي بن ابراهيم بن سلمة القطان (1642- 1643) أبو الحسن القهندزي الضرير 1660 أبو الحسن الكارزي 996 أبو الحسن المبدع 1736 أبو الحسن المروزي 1750 أبو الحسن المصيصي 977 أبو الحسن المغازلي الشاهد 1922 أبو الحسن النحوي 669، 1643 أبو الحسن الوائلي 1724 أبو الحسن الواحدي 1774 أبو الحسن بن أبي بكر بن مقسم 2505 أبو الحسن بن أبي تمام الهاشمي، نقيب النقباء 1849 أبو الحسن ابن أبي الحسين 1846 أبو الحسن ابن أبي رؤبة 24 أبو الحسن ابن أبي شجاع الأرجاني 1906 أبو الحسن ابن أبي الغنائم الطبيب 1109 أبو الحسن بن أبي القاسم البيهقي 696 أبو الحسن ابن البراء 2485 أبو الحسن ابن البهلول القاضي 1883 أبو الحسن ابن الحسين الصواف 2463، 2464 أبو الحسن ابن الحسين الغضاري 1953 أبو الحسن ابن الخطيب 2425 أبو الحسن ابن الصباح 2525 أبو الحسن ابن فارس الخياط 398 أبو الحسن ابن فراس 1604 أبو الحسن ابن كعب الأنصاري 1896 أبو الحسن ابن كيسان 2452، 2569 أبو الحسن ابن المتوكل 168 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3123 أبو الحسن ابن هارون 1401 أبو الحسن ابن هلال الصابي 1950 أبو الحسن أحمد بن الحسن بن المثنى 851 أبو الحسن سليمان القاضي (لعله من المعريين) 819 أبو الحسن طازاد النصراني الكاتب 1712 أبو الحسن هارون الزوزني 2429 أبو الحسين الجبّي 2444 أبو الحسين الرازي الصوفي 812 أبو الحسين السلامي 706 أبو الحسين السهلي- أحمد بن محمد 500، 503 (504- 505) أبو الحسين الطبيب 717 أبو الحسين العارض 691 أبو الحسين العالم 242 أبو الحسين العبادي الواعظ 829 أبو الحسين القاضي 1507 أبو الحسين قاضي الحرمين 2434 أبو الحسين القدوري الحنفي 2710 أبو الحسين القمي 1586 أبو الحسين المحاملي القاضي 2473 أبو الحسين المهلبي 87، 293 أبو الحسين الواسطي 1823 أبو الحسين ابن أخت أبي علي الفارسي 817، 1337 أبو الحسين بن أذين النحوي 88 أبو الحسين ابن جميع 1606 أبو الحسين ابن الخراساني 893 أبو الحسين بن سهل بن أحمد السهلي 406 أبو الحسين ابن الطيوري 915 أبو الحسين بن عبد العزيز بن ابراهيم (حفيد ابن حاجب النعمان) 1567 أبو الحسين بن عبد الوارث (ابن أخت أبي علي) 1966، 2062 أبو الحسين محمد بن الحريري (محمد بن الجزري) 511 أبو الحصين البجلي 552 أبو حفص (يقرأ على ابن دريد) 2497 أبو حفص صاحب اقريطش 230 أبو حفص الاصفهاني الوراق 706 أبو حفص الزكرمي العروضي (1181- 1882) أبو حفص الشهرزوري 706 أبو حفص القاضي 1533، 1534 أبو حفص الكتاني 936، 2356 أبو الحكم ابن غلندو الاشبيلي (1194) أبو حكيم الخبري، عبد الله بن ابراهيم (1486) أبو حكيمة، راشد بن اسحاق الكاتب (1298- 1299) أبو حمدان ابن اسماعيل الطبيب 2827 أبو حمزة (يسأل ابن عباس) 1413 أبو حمير سبأ بن أحمد الصليحي 1135، 1139، 1140 أبو حنش- حضير بن يقوس 745 أبو حنيفة الامام صاحب المذهب 96، 176، 189، 267، 374، 552، 596، 664، 857، 878، 884، 885، 890، 1220، 1272، 1273، 1501، 1701، 1738، 1872، 1956، 2062، 2116، 2173، 2231، 2266، 2394، 2405، 2418، 2448، 2457، 2464، 2531، 2534، 2691، 2856 أبو حنيفة الدينوري، أحمد بن داود بن ونند (258- 261) ، 274، 873، 874، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3124 1755، 2294 أبو الحوراء البرقي 679 أبو حيان التوحيدي 17، 91، 258، 259، 260، 274، 278، 279، 443، 447، 448، 493، 663، 664، 669، 674، 675، 676، 677، 678، 679، 680، 681، 682، 683، 684، 685، 686، 687، 688، 689، 699، 700، 789، 877، 878، 879، 880، 881، 882، 883، 884، 885، 886، 887، 888، 889، 890، 891، 892، 894، 908، 909، 910، 992، 1713، 1827، 1828، 1895، 1902، (1923- 1946) ، 2103، 2110، 2112، 2114، 2115، 2186، 2235، 2308، 2473 أبو حيان الدارمي 1934، 1935 أبو حيان المعمر 1936 أبو حية النميري 168، 1385، 2174 أبو خالد النميري 1003 أبو خديجة الطرسوسي 1790، 1791 ابو الخطاب الجبلي 1390 أبو الخطاب المنجم 1947 أبو الخير الحنبلي 838 أبو خليفة الجمحي- الفضل بن الحباب الجمحي أبو الخير ابن الخمار 1724 أبو داود السجستاني 928، 1181، 1332، 1341، 1359، 1982، 2749، 2677، 2595 أبو داود الطيالسي 361 أبو دثار الأعرابي 1745، 2125 أبو الدرداء 926، 1199، 1532 أبو درماء 1003 أبو دلامة، زند بن الجون الكوفي (1327- 1328) أبو دلف الخزرجي 256، 257، 6849، 706 أبو دلف العجلي القاسم بن عيسى 1705، 1706، 2199، 2517، 2646 أبو دلف الكاتب 2103 أبو الدقيس الأعرابي (1292) 2758 أبو دهبل الجمحي 1325، 2374 أبو دواد الايادي 1255، 1992 أبو ذر الحافظ 1388 أبو ذر الغفاري 1465 أبو ذر الهروي 1337 أبو ذكوان الراوية، القاسم بن اسماعيل 82 (2189- 2190) أبو ذؤيب الهذلي، خويلد بن خالد 348، 762 (1275- 1277) ، 2813 أبو الربيع الغنوي 2107 ابو الرجاء الأهوازي الضرير الشطرنجي 695 أبو رزين الأسدي (مسعود بن مالك) 1474 أبو الرطل 2174، 2175 أبو رؤبة 2480 أبو رياش القيسي، أحمد بن ابراهيم (181- 185) 332، 914، 915، 1092، 1106، 1356، 1710، 2619، 2621 أبو الريان 2291، 2292 أبو الريحان البيروني محمد بن أحمد 416، 2186 (2330- 2335) الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3125 أبو ريحانة 2272 أبو زائدة 2446 أبو زبيد الطائي (1167- 1177) أبو زرعة 1453 أبو زرعة أحمد بن محمد القشيري 936 أبو زرعة المقدسي 2826 أبو زلازل الحذاء 1637 أبو الزناد 25 أبو زنبور الماذرائي 2783، 2784 أبو زهير (يسند عنه المرزباني) 2146 أبو زياد الكلابي 515، 1755، 2198، 2531 أبو زيد الأنصاري، سعيد بن أوس بن ثابت 32، 160، 227، 434، 542، 757، 820، 821، 855، 856، 873، 874، 889، 931، (1359- 1363) 1406، 1420، 1443، 1546، 1483، 1553، 1755، 1746، 1844، 2101، 2132، 2198، 2199، 2246، 2602، 2705، 2710، 2731، 2851، 2856 أبو زيد البلخي، أحمد بن سهل 85، 259، (274- 282) 616، 1421، 1492، 2121، 2652 أبو زيد الزراري 2127 أبو زيد السروجي 2203، 2204 أبو زيد المروزي 1926 أبو السائب عتبة بن عبيد قاضي القضاة 716، 1325، 1872، 2282، 2283 أبو السري الاصبهاني ابن أخت أبي بكر الخياط 1580 أبو سعد الشاعر 1753 أبو سعد الشفاني 2688 أبو سعد الغلام 2338، 2344 أبو سعد الماندائي 1847، 1848 أبو سعد المتولي 2576 أبو سعد المخزومي 1284 أبو سعد المدبر 2275 أبو سعد الماليني، أحمد بن محمد بن عبد الله 913 أبو سعد الهمذاني 242 أبو سعد ابن أبي عمامة الواعظ 779 أبو سعد ابن دوست الحاكم 2428، 2431 أبو سعد ابن رامش 2166 أبو سعد ابن الصفار (أخو البديع) 234 أبو سعد ابن الموصلايا، العلاء بن الحسن بن وهب أمين الدولة (1633- 1636) أبو سعيد الأشج 2750 أبو سعيد الاصطخري 2448 أبو سعيد الحصيري 681، 682 أبو سعيد الخدري 724، 725، 1627، 2272 أبو سعيد الشبيبي 709 أبو سعيد الشيبي 176 أبو سعيد الضرير 1839 أبو سعيد العدوي 2702 أبو سعيد العقيلي 2677 أبو سعيد اسماعيل الرازي 2691 أبو سعيد بن أبي الخطاب 377 أبو سعيد ابن الأعرابي 268 أبو سعيد بن حرب بن غورك القيرواني (1364) أبو سعيد ابن دوست 2593 أبو سعيد ابن عبد الصمد المقري (1367) أبو سعيد ابن يونس المؤرخ 293، 555، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3126 746، 1131، 2479 أبو سفيان 2401 أبو سفيان الغنوي 1066 أبو سفيان ابن حرب 1355، 2837، 2838 ابو سفيان (الحارث) بن العلاء (803) 1317، 1385، 1543 أبو سليمان الأعور القاص 1242 أبو سليمان الداراني 1931 أبو سليمان المنطقي، محمد بن بهرام السجستاني 494، 889، 1336، 1896، 1938 أبو سليمان ابن يزيد 2469 أبو السمح الحنبلي 2685 أبو سنان 2800 أبو سهل الحراني 2848 أبو سهل الداري 2597 أبو سهل القوهي 1405 أبو سهل النحوي 1578 أبو سهل ابن زياد القطان 2284 أبو شاتيل 2539 أبو شاكر القبري (خال الباجي) 1388 أبو شبل البرجمي الشاعر 107 أبو شجاع البسطامي 2534 أبو شجاع صاحب الشرطة 1279، 1280 أبو شجاع الوزير 1633، 1635 أبو شجرة 2247 أبو شراعة القيسي 2122 أبو شعيب الحراني 511 أبو شعيب السوسي المقرىء 2827 أبو شمر المعتزلي 1374، 1853 أبو الشيص الخزاعي 242، 706 أبو صادق 1606 أبو صالح 2779 أبو صالح السمان (ذكوان المدني) 1474 أبو صالح النيسابوري المؤذن، أحمد بن عبد الملك (359- 360) 636، 726 أبو صالح الهروي 19 أبو الصلت أمية بن عبد العزيز الأندلسي- أمية ابن عبد العزيز أبو الضحى (مسلم بن صبيح الهمداني) 1474 أبو ضمضم النسابة البكري- (عميرة) 1290 (1453- 1454) أبو طالب (عبد مناف بن عبد المطلب) 1809 أبو طالب التاجر 1718 أبو طالب الزينبي 867 أبو طالب العبدي 813، 2544 أبو طالب العلوي الشريف 672، 689 أبو طالب محمد المقرىء 919 أبو طالب الهاشمي (صهر ابن مجاهد) 523 ابو طالب ابن الدلو 2358 أبو طاهر الجنابي 2323 أبو طاهر الحلبي 332 أبو طاهر الحنفي 671 أبو طاهر الخطيب 2654 أبو طاهر الذهلي 1164 أبو طاهر السبخي 1827 أبو طاهر الشيرازي 2740 أبو طاهر القاضي 2481 أبو طاهر المخلص 2356 أبو طاهر الواسطي المقرىء 938 أبو طاهر ابن أبي هاشم المقرىء 2504، 2505 أبو طاهر ابن الحنائي 936 أبو طاهر ابن سبيكة 314، 318، 320 أبو الطروق الضبي 2794 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3127 أبو الطريف 1977 أبو الطفيل (عامر بن واثلة) 1341 أبو الطمحان القيني 1996 الامام أبو الطيب 243 أبو الطيب الطبري القاضي، طاهر بن عبد الله 1388، 1390، 1955، 1987، 2702، 2824 أبو الطيب الجرجاني 2461 أبو الطيب الطاهري 2318 ابو الطيب الكيمائي 1895 أبو الطيب اللغوي عبد الواحد بن علي 226، 542، 546، 627، 931، 1256، 1319، 1746، 1747، 1843، 1844، 2126، 2132، 2141، 2150، 2172، 2198، 2246، 2254، 2307، 2488، 2490، 2507، 2551، 2709 أبو الطيب ابن اخي الشافعي 1748، 2569 أبو الطيب ابن المغيرة الثلاج 2466 أبو عاصم النبيل، الضحاك بن مخلد بن مسلم الشيباني (1452) 1852، 2602 أبو العالية الشامي 538، 1159، 2237 أبو عامر العبدري 1702 أبو عامر المتكلم (يقترن بحفص الفرد وأبي شمر) 1853 أبو عباد الصائغ التستري 912 أبو العباس الأزرق 1032 أبو العباس الأعمى البلنسي 1809 أبو العباس الأموي 766 أبو العباس الأنماطي 647 أبو العباس البالوني 726 أبو العباس البكري 2444 أبو العباس التميمي 440 أبو العباس السراج 2293 أبو العباس الصفري 527، 1605 أبو العباس الطوسي 1198 أبو العباس العامري 1661 أبو العباس الغانمي الوزير 2188 أبو العباس الكوفي البزاز 1951 أبو العباس المناسكي المحاملي 1958 أبو العباس الناشىء 1512، 1605 أبو العباس النامي أحمد بن محمد 89، 1787 أبو العباس اليشكري 2559 أبو العباس بن سريج القاضي 2411 أبو العباس ابن الفيروزان (ابن خالة فخر الدولة) 690، 691، 692 أبو العباس ابن ماهان 881 أبو العباس ابن مسروق 46 أبو العباس ابن المغيرة الثلاج 2468 أبو العباس ابن الهادي 650 أبو العباس ابن يعقوب 2296 أبو عبد الأعلى 1340 أبو عبد الرحمن السلمي 753، 754، 913، 1180، 1423، 1474، 1475 أبو عبد الرحمن القرشي 1637 أبو عبد الرحمن النسائي- النسائي أبو عبد الرحمن ابن محمد الداودي 631 أبو عبد الصمد الهاشمي 727 أبو عبد الله الأزدي (قرأ عليه النمري) 1092 أبو عبد الله الأكفاني 2341، 2746 أبو عبد الله الامام 511 أبو عبد الله البريدي 1719، 1720، 1873، 1884، 2340، 2343 أبو عبد الله الحافظ (يروي عن عبد العزيز بن الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3128 عبد الملك الأموي) 2603 أبو عبد الله الحكيمي 544 أبو عبد الله الخطيب الاسكافي 506 أبو عبد الله الدينوري (ختن ثعلب) 2682 أبو عبد الله الشامي 742 أبو عبد الله الشعيري الشاعر 2298 أبو عبد الله الصوري الحافظ 519، 2063 أبو عبد الله فتى أبي الحسين ابن أبي البغل 2311، 2313 أبو عبد الله الفراوي 1701، 2623 أبو عبد الله القارىء 726 أبو عبد الله القنائي الكافي 1850، 1851 أبو عبد الله الكوفي الوزير 454 أبو عبد الله المعقلي المزني 257 أبو عبد الله المقدمي 1629 أبو عبد الله مولى قطن الهلالي 2793 أبو عبد الله الموسوي العلوي 222، 223 أبو عبد الله الناتلي 1071 أبو عبد الله النصري 890، 891 أبو عبد الله الوبري 1820 أبو عبد الله ابن أبي ذهل 723 أبو عبد الله بن أخت أبي الوزير 540 أبو عبد الله بن جعفر القزاز 862 أبو عبد الله ابن الحاكم 2469 أبو عبد الله بن الحسن الحلواني 916 أبو عبد الله ابن الدراع 377 أبو عبد الله ابن رذامر 705 أبو عبد الله بن عبد العزيز بن ابراهيم (حفيد ابن حاجب النعمان) 1567، 1568 أبو عبد الله ابن عتاب 2713 أبو العبر الهاشمي محمد بن أحمد (حمدون) بن عبد الله- أحمد بن محمد (2297- 2300) أبو عبيد البكري، عبد الله بن عبد العزيز البكري (1534- 1536) أبو عبيد الجوزجاني 1071 أبو عبيد القاسم بن سلام 127، 254، 273، 411، 451، 486، 487، 519، 530، 545، 627، 765، 771، 772، 798، 874، 1015، 1206، 1359، 1360، 1494، 1755، 1760، 1795، 1796، 1843، 1858، 1859، 2191، 2412، 2452، 2455، 2456، 2504، 2596، 2674، 2704، 2827 أبو عبيد الكرواني 515 أبو عبيد الهذلي 1277 أبو عبيد الله صاحب الخراج 2061 أبو عبيد الله النحوي 1772 أبو عبيد الله وزير المهدي 2251 أبو عبيدة- معمر بن المثنى 39، 67، 227، 443، 444، 542، 595، 596، 627، 750، 757، 758، 821، 855، 873، 874، 931، 1196، 1225، 1230، 1235، 1255، 1292، 1307، 1312، 1318، 1321، 1342، 1346، 1359، 1360، 1375، 1406، 1414، 1420، 1443، 1539، 1546، 1547، 1622، 1817، 1818، 1844، 1970، 1971، 2065، 2101، 2123، 2132، 2134، 2141، 2144، 2176، 2198، 2199، 2233، 2247، 2475، 2481، 2530، 2602، 2649، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3129 (2704- 2709) 2738، 2786، 2840، 2844، 2851، 2858 أبو عبيدة بن الجراح 50 أبو العتاهية 285، 367، 606، 625، 706، 1382، 1383، 1666، 1708، 2129، 2649، 2779 أبو عثمان الاشنانداني- سعيد بن هارون أبو عثمان البصري 2296 أبو عثمان الخالدي 182 أبو عثمان الرازي 43 أبو عثمان الرشاش، سعيد بن الفرج (1369) أبو عثمان العصائدي 824 أبو عثمان الناجم، سعد بن الحسن بن شداد 365 (1348- 1349) أبو عثمان بن محمد بن ادريس الشافعي 2394 أبو العجنس الأعرابي 254 أبو العذافر الأعرابي 254 أبو عروة المدني 2759 أبو العز القلانسي الواسطي المقرىء 826، 827، 830، 1819 أبو العز ابن أبي الدنيا 1704 أبو عكرمة الضبي، عامر بن عمران بن زياد (1479) ، 2228، 2530، 2840 أبو العلاء الأسدي 706، 711، 712 أبو العلاء الصابىء (أخو أبي اسحاق) 156 أبو العلاء صاعد 1710 أبو العلاء صاعد (الفقيه) 2293 أبو العلاء صاعد اللغوي 1164، 1165، 1166 أبو العلاء المعري أحمد بن عبد الله بن سليمان 52، 182، 282، (295- 356) 514، 577، 726، 819، 1094، 1101، 1124، 1212، 1280، 1527، 1555، 1691، 1946، 1972، 2000، 2076، 2266، 2364، 2641، 2667، 2698، 2716، 2823، 2824 أبو العلاء النصراني 701 أبو العلاء الواسطي 483 أبو العلاء ابن تريك 1806 أبو العلاء ابن التقي الشريف 517 أبو العلاء ابن حسول الوزير 699 أبو العلاء ابن عقيل 2539 أبو العلاء ابن المقرن 180 أبو علقمة النحوي النميري (1637- 1640) أبو علي (أخو أبي الحسين العارض) 691 أبو علي (نقيب السادة نيسابور) 239، 240 أبو علي الأحمر 1704 أبو علي الأعرابي 2323 أبو علي الأهوازي 9396، 1259، 1606، 1628، 2238، 2479 أبو علي البصير الفضل بن جعفر 283، 1743، 1977، 2013، 2162، 2604 أبو علي الرستمي 2316، 2317 أبو علي الروذباري 95 أبو علي الصواف 866، 2467 أبو علي الضرير النيسابوري 1820 أبو علي الطوسي 1643 أبو علي الطوماري 2679 أبو علي الغساني 2848 أبو علي الفارسي (الحسن بن أحمد بن عبد الغفار) 52، 54، 90، 204، 205، 237، 262، 369، 471، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3130 506، 656، 658، 661، 746، (811- 821) 854، 858، 877، 888، 889، 893، 909، 1028، 1146، 1337، 1371، 1381، 1439، 1481، 1493، 1497، 1516، 1517، 1533، 1536، 1577، 1578، 1579، 1589، 1596، 1598، 1663، 1710، 1737، 1775، 1776، 1816، 1817، 1826، 1828، 1829، 1830، 1831، 1844، 1922، 1948، 1970، 1974، 2062، 2230، 2261، 2274، 2286، 2306، 2309، 2346، 2347، 2350، 2473، 2507، 2534، 2535، 2536، 2539، 2543، 2569، 2573، 2684، 2783 أبو علي القيلوي 2035، 2036، 2388 أبو علي المنطقي (2036- 2048) أبو علي النقار 1400 أبو علي النيسابوري الحافظ 721، 722 أبو علي الهجري- هارون بن زكريا الهجري ابو علي الواسطي (الحسين) 2589 أبو علي ابن أبي هريرة 487 أبو علي ابن حمولة (الجليل) 698 أبو علي ابن رستم 263 أبو علي ابن عاصم 930 أبو علي بن عبد الله بن سعيد العسكري 918 أبو علي بن علي بن عبد الملك القزويني 1814 أبو علي ابن محتاج 275 أبو عمر البسطامي القاضي 242 أبو عمر الخرقي 874 أبو عمر الزاهد المطرز، غلام ثعلب محمد بن عبد الواحد 39، 40، 41، 44، 227، 368، 461، 488، 537، 549، 550، 729، 732، 1031، 1032، 1206، 1400، 1843، 2126، 2228، 2244، 2254، 2451، 2453، (2556- 2560) أبو عمر الطلمنكي 1649، 2778 أبو عمر العطاردي 753 أبو عمر القاضي- محمد بن يوسف 2097، 2098 أبو عمر المخزومي 2124 أبو عمر المستملي 2151 أبو عمر ابن أبي الحباب 295 أبو عمر ابن الحداد 2778 أبو عمر ابن حيويه 273 أبو عمر ابن عبد البر النمري 268، 1791، 2479، 2519، 2599، 2850 أبو عمر ابن مهدي 2710 أبو عمران 2533 أبو عمران (يروي عنه ابن حيويه) 273، 294 أبو عمران الجوني 1200 أبو عمران الحاجب 691 أبو عمران الفاسي 2636 أبو عمران المخزومي 1159 أبو عمران المغربي المالكي 1662 أبو عمرو الاستراباذي 322 أبو عمرو البقال 1820 أبو عمرو الداني الأندلسي المقرىء، عثمان بن سعيد بن عثمان، ابن الصيرفي 1031 (1603- 1604) (1604- 1605) 2537، 2601 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3131 أبو عمرو الدوري 2601، 2827 أبو عمرو السماك 488 أبو عمرو الشيباني- اسحاق بن مرار 227، 253 (625- 628) 1299، 1300، 1420، 1755، 1844، 2198، 2840 أبو عمرو الطرسوسي- عثمان بن عبد الله بن ابراهيم القاضي (1605- 1606) أبو عمرو ابن حيوة 2646 أبو عمرو ابن الطوسي 1843 أبو عمرو ابن العلاء 10، 22، 24، 161، 462، 521، 542، 550، 666، 801، 803، 1181، 1201، 1252، 1255، 1256، 1262، 1276، 1290، (1316- 1321) 1359، 1360، 1385، 1413، 1466، 1483، 1543، 1545، 1553، 1931، 2141، 2145، 2247، 2325، 2488، 2678، 2704، 2731، 2738، 2749، 2827، 2851، 2858 أبو العميثل، عبد الله بن خليد 254 (1518- 1519) أبو العنبس الصيمري 1868، 2010 أبو العنبس المغني 218 أبو العنبس بن ابراهيم بن حمدون (168) أبو العنبس بن أبي عبد الله بن حمدون 1520 أبو العوام البزاز 930 أبو عون 1294، 1295 أبو عون بن أبي بكر ابن زرب 777 أبو عيسى الترمذي 1982 أبو عيسى ابن الرشيد 601 أبو العيسجور الأعرابي 254 أبو العيناء محمد بن القاسم بن خلاد بن ياسر 25، 64، 65، 78، 228، 439، 666، 705، 788، 931، 1359، 1409، 1773، 2103، 2105، 2106، 2107، 2109، 2110، 2135، 2148، 2159، 2178، 2179، 2237، 2246، 2329، (2602- 2614) 2705 أبو عيينة ابن المهلب 1266، 2133 أبو غالب الذهلي 2576 أبوغالب الكاتب الأعرج 684 أبو غالب ابن البناء 1701 أبو غالب ابن الحصين 1132، 1133 أبو غالب ابن هارون 511 أبو غانم القصري الناظر 1724، 1727 أبو الغنائم النرسي 1494، 2063 أبو الغنائم النسابة، عبد الله بن الحسن بن محمد الطالبي (1513- 1514) أبو الغنائم ابن حماد المقرىء 919 أبو الغنائم بن ظهير الدين بن الوجيه 2206 أبو الغنائم بن المهلبي الوزير- الفضل بن الوزير المهلبي أبو الغياظ 2521 أبو الفتح الاسكندري 236، 238 أبو الفتح البريدي 1710 أبو الفتح البستي 69، 2334 أبو الفتح الحداد 2348 أبو الفتح المراغي 2327 أبو الفتح المراغي النحوي 293 أبو الفتح القواس 886 أبو الفتح النحوي 879 أبو الفتح بن أبي الروس السروجي 304، 305 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3132 أبو الفتح بن أبي علي حمد 1726 أبو الفتح ابن برهان أحمد بن علي 867 أبو الفتح ابن شيطا 3948، 777 أبو الفتح ابن المقدر 398 أبو الفتوح الحسين بن جعفر العلوي- الراشد بالله 1094، 1095، 1104 أبو الفتوح ابن الخضري 2731 أبو فراس ابن حمدان 244، 574، 587، 1036، 1527، 1533، 1954 أبو الفرج الاسفرايني 386 أبو الفرج الاصبهاني، علي بن الحسين 114، 162، 172، 214، 217، 269، 363، 434، 441، 462، 615، 616، 647، 759، 788، 877، 1284، 1288، 1412، 1469، 1573، 1641، 1642، (1707- 1723) 1922، 1991، 2110، 2298، 2301، 2423، 2424، 2465، 2469، 2490 أبو الفرج الببغا- الببغا أبو الفرج الثلاج (ولد أبي العباس ابن المغيرة) 2468 أبو الفرج الذهلي 2349 أبو الفرج الشلجي 2280 أبو الفرج الموفقي (الموقفي) 1001 أبو الفرج ابن نجاح 2120 أبو فرعون الساسي المكدي 2170 أبو الفضل (يحدث ابن عبد الرحيم) 1678 أبو الفضل الاصفهاني 1153 أبو الفضل البندنيجي الشاعر 1723، 1725، 1726، 1727 أبو الفضل الحدادي 647 أبو الفضل الزهري 521 أبو الفضل الصفاري 185 أبو الفضل العارض 1797 أبو الفضل العروضي الأديب 1660 أبو الفضل الفسوي 1536 أبو الفضل الفلكي الحافظ الهمذاني 231 أبو الفضل المزكي 491 أبو الفضل الميكالي 703، 734، 1760 أبو الفضل بن أبي أحمد الشيرازي 2289، 2290، 2291 أبو الفضل ابن أبي الحسين العارض 691 أبو الفضل بن أبي الفضل 403 أبو الفضل ابن جهور 2643 أبو الفضل بن الداعي 690 أبو الفضل ابن شعيب 719 أبو الفضل ابن الطوسي الخطيب 2269 أبو الفضل بن عبد الحميد 429 أبو فقعس الأعرابي 1745، 2125 أبو الفياض الطبري 706 أبو قابوس 317 أبو القاسم (يذكره المعري) الشاعر المقري 324 أبو القاسم الكاتب غلام العامري 493 أبو القاسم (صاحب ابن الخل) 2269 أبو القاسم الآمدي 1922 أبو القاسم الأزهري 384، 392، 2582، 2702 أبو القاسم الأسدي 1661 أبو القاسم الباخرزي 1763، 1764 أبو القاسم البريدي 853، 854 أبو القاسم البغوي 912 أبو القاسم البلخي 2101 أبو القاسم التيمي الحافظ 1702 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3133 أبو القاسم الثعلبي 2159 أبو القاسم الداودي الهروي 490 أبو القاسم الربعي 1689 أبو القاسم الشاطبي 1963 أبو القاسم الشحامي 1702 أبو القاسم الصغير 1052 أبو القاسم الطريفي 36 أبو القاسم العقيقي 1035 أبو القاسم غلام زحل المنجم 1883 أبو القاسم القشيري (عبد الكريم بن هوازن) 749، 1569، (1570- 1571) 2849 أبو القاسم الكاتب 665، 666 أبو القاسم الكبير 1052 أبو القاسم المطرز 2156 أبو القاسم المغربي 1974 أبو القاسم بن أبي العلاء 703، 706، 712 أبو القاسم بن حبيب 242 أبو القاسم ابن الحجر 2751 أبو القاسم ابن الحصين 630، 1698 أبو القاسم ابن الرقي 934، 1908 أبو القاسم ابن عقيل الوراق 2442 أبو القاسم ابن القاضي العلوي 691 أبو القاسم ابن الموذ 2214 أبو قلابة الجرمي- حبيش بن عبد الرحمن أبو قلابة الرقاشي عبد الله بن محمد 420، 1852، 1935، 2190 أبو كاليجار بن سلطان الدولة 381، 822 أبو كبير الهذلي 2138 أبو كثير الأعرابي 2648 أبو الكرام ابن الفاخر النحوي 1827 أبو كرب أسعد الكامل (الأوسط) 1037 أبو كلاب عبد الله بن حصن- ابن لسان الحمرة أبو لبابة 2054 أبو لبيد البجلي 1217 أبو الليث الحنبلي 2402 أبو الليث الطبري 2186 أبو ليلى الأعرابي 1238 أبو ليلى المجاشعي 2788 أبو مالك (يحفظ اللغة كلها) 2731 أبو المبارك المقرىء 828 أبو المجالد الضرير المعتزلي 2460 أبو المحاسن التنوخي- المفضل بن محمد بن مسعر أبو المحاسن سعد الجرجاني 2166، 2170 أبو المحسن المحرر 2465 أبو محلم 2110 أبو محمد (صاحب تاريخ خوارزم) 185 أبو محمد الأعرابي 2321 أبو محمد الباقي 2703 أبو محمد الترسابادي النحوي (2685) أبو محمد الخازن 178، 702، 706 أبو محمد درستويه 2572 أبو محمد الزهري (عبد الرحمن بن أحمد) 547 أبو محمد الشيرازي 1072 أبو محمد الشواذكي القيرواني 1793 أبو محمد الماذرائي 1568 أبو محمد المزني 2322 أبو محمد ابن أرسلان 500 أبو محمد ابن بنت الشيخ 939، 1819 أبو محمد ابن الحسن النوبختي 547 أبو محمد بن الرومي 507 أبو محمد ابن صابر 1775 أبو محمد بن عبيد الله بن سليمان 1860 أبو محمد بن عمر بن محمد بن يوسف 1825 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3134 أبو مروان الطبني 295 أبو مزاحم الخاقاني 2601 أبو مسحل عبد الوهاب 1970 أبو مسعود الكاتب 1732 أبو مسلم الخراساني (عبد الرحمن) 925، 1153، 1543، 1753، 2583 أبو مسلم الكجي 2503 أبو مسلم ابن جحا الكوفاني 1580 أبو مسلم ابن فهد 2519، 2520 أبو مسهر الغساني (عبد الأعلى) 28، 94، 2763 أبو مصعب 748 أبو مضر (شيخ الزمخشري) 1016 أبو المظفر الانطاكي (راوي الحماسة عن أبي تمام) 1106 أبو المظفر خوارزمشاه 2632 أبو المعالي الوركاني 2623 أبو المعالي ابن الجويني 1837 أبو المعالي ابن سيف الدولة 1033 أبو معاوية الضرير 597، 2530، 2537 أبو معشر (خارج على ابن طولون) 790 أبو معشر المنجم 1883، 2014، 2419 أبو المعمر 2438 أبو معمر الاسماعيلي 706 أبو المعمر الانصاري 778 أبو معمر القطيعي 929 أبو معمر الكاتب 2114 أبو المغيث الرافقي 2485 أبو المفرج الانصاري 409 أبو المكارم ابن سيف الدولة 1033 أبو المليح ممّاتي (الجد) (635- 637) أبو المنتصر مبارك الكاتب 2279 أبو منصور الجبان 399 أبو منصور الجبائي 1074 أبو منصور الخالدي 1877 أبو منصور الخياط 1331، 1539، 1541 أبو منصور الشحامي 631 أبو منصور العمدي 885 أبو منصور الفقيه 722 أبو منصور ابن ماشدة 506، 2549 أبو المنيع الأعرابي 2859 أبو موسى الأشعري 233، 1329، 1465، 1810، 2602 أبو موسى الخشكي 492، 893 أبو ميخائيل الصيدناني 2422 أبو ناجية الشامي 2493 أبو النجم (يحدث ابا حيان) 1899 أبو النجود 1474 أبو نجيح أخو أبي سعد الشاعر 1753 أبو النجيب النحوي الضرير 1572 أبو نخيلة الراجز 1411، 1232 أبو نصر (والده قاض) 2243 أبو نصر ابراهيم (ابن أخي علي بن عيسى) 527 أبو نصر الأصبهاني 779 أبو نصر الباهلي، صاحب الأصمعي- أحمد بن حاتم (226- 228) 542، 2201، 2844 أبو نصر البنص 526 أبو نصر البوياري (البوناري) 1702 أبو نصر التمار 929 أبو نصر التهذيبي 1799 أبو نصر خواشاذه المجوسي 705، 1894 1901 أبو نصر الرامشي المقرىء 1665، 2166 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3135 أبو نصر الزجاج 1713 أبو نصر السجزي الحافظ 1794 أبو نصر العتبي أمين الملك 1107 أبو نصر الفارابي 1071 أبو نصر القشيري 2687 أبو نصر الكندري- عبد الملك 405 أبو نصر الماسرجسي 242 أبو نصر المصعبي 1800 أبو نصر المنازي 305 أبو نصر النحوي 2297 أبو نصر ابن أبي حية 734 أبو نصر ابن الجبان 484، 493 أبو نصر بن الحسين بن محمد بن أحمد بن طلاب 2278، 2279 أبو نصر ابن سهل ابن المرزبان 977 أبو نصر بن عمر بن محمد بن يوسف 1825 أبو نصر ابن الكسار 1795 أبو نصر ابن كشاجم 786 أبو نصر بن مسعود الكاتب 2002 أبو نصر ابن مشكان 2332 أبو النضر الانطاكي النحوي 1886 أبو نضر النحوي 2285 أبو نضلة 2425 أبو النضير الجمحي 1197 أبو نعيم الاصفهاني، أحمد بن عبد الله الحافظ 49، 389، 395، 663، 725، 913، 918، 1795، 2230، 2400، 2849 أبو نواس، الحسن بن هانىء 21، 40، 58، 302، 367، 557، 706، 867، 1033، 1063، 1221، 1256، 1357، 1401، 1406، 1599، 1608، 1609، 1611، 1659، 1666، 1690، 1708، 1742، 1743، 1908، 1976، 2017، 2101، 2283، 2483، 2511، 2513، 2705، 2779، 2790، 2846 أبو هارون (خليفة ابن يزداد) 429 أبو هاشم الجعفري 2435 أبو هاشم الدلال 756 أبو هاشم العلوي 706 أبو الهذيل 596، 1493، 1935، 2116 أبو هريرة 725، 1311، 1452، 1627، 2272، 2342، 2448 ابو هشام الرفاعي 2156 أبو هفان، عبد الله بن أحمد بن حرب 204، 283، 438 (1486- 1490) 1977، 2010، 2018، 2101، 2114، 2157، 2236، 2469 أبو الهيجاء الحمداني 1534، 2465 أبو الهيثم 647 أبو الهيثم الرازي النحوي 253، 2472 أبو الهيثم القاضي 242 أبو واثلة 2650 أبو وائل (شقيق بن سلمة الكوفي) 1474 أبو الوزير 273 أبو الوفاء ابن عقيل 1447 أبو الوقت السجزي 1794 أبو الوليد الأعرج 2593 أبو الوليد الباجي، سليمان بن خلف (1387- 1389) 1651، 1652، 2713 أبو الوليد الطيالسي (الكبش) 2173، 2174 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3136 أبو الوليد القرشي 1507 أبو الوليد بن أحمد بن أبي داود 84 أبو الوليد ابن رشد (الحفيد) 1449، 2676 أبو الوليد ابن الوقشي هشام بن أحمد بن خالد (2778) أبو وهب 1175 أبو يحيى (عارف بالهندسة) 445 أبو يحيى القتات 116 أبو يزيد مخلد الخارجي 1410 أبو اليسر القاضي الكاتب المعري 297 أبو اليسر شاكر بن عبد الله المعري 326، 327 أبو يعلى الموصلي القاضي 1141 أبو يعلى النسفي 2345 أبو يعلى ابن الفراء 1448 أبو يعلى ابن الهبارية الشريف 1142، 1143، 1144 أبو اليقظان النسابة، سحيم بن حفص (1342) 2481، 2788 أبو يوسف الاصبهاني 625 أبو يوسف الأعشى 753 أبو يوسف البريدي 182 أبو يوسف القاضي 1201، 1741، 1742 الأبيوردي- محمد بن أحمد الأبيوردي أبي بن كعب 234، 1475، 1544، 1545، 2272، 2324 أتابك زنكي بن أقسنقر 2080 أتابك طغرل شهاب الدين الخادم 2227 أتابك عز الدين مسعود بن مودود 2269 أتسز بن أوق الغزي 1004، 1005، 1221 الأثرم، علي بن المغيرة 2704، 2840، 2844 الأثرم الفابجاني الأصبهاني (163- 164) الأثير ابن البيساني (أخو القاضي الفاضل) 801 الأثير، محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني 2268 أحمد (غلام التنوخي) 1847، 1848 أحمد الأشنهي 867 أحمد البخاري أبو العباس 1604 أحمد العراقي الفقيه 2742 أحمد الفاكهاني 1055 أحمد المحرر (الاحول) (429- 430) أحمد المزوق النائح 1749 أحمد بن أبان بن سيد- ابن سيد أحمد بن ابراهيم 604 أحمد بن ابراهيم الأديبي أبو سعيد (185- 186) أحمد بن ابراهيم الدورقي- الدورقي أحمد بن ابراهيم السجزي أبو نصر (187) أحمد بن ابراهيم الضبي أبو العباس الكافي الأوحد (175- 181) ، 691، 693، 698، 706، 711 أحمد بن ابراهيم العمي أبو بشر (174) أحمد بن ابراهيم الفارسي المقرىء، أبو حامد (173- 174) أحمد بن ابراهيم القراب أبو بكر 726 أحمد بن ابراهيم اللؤلؤي (171- 173) أحمد بن ابراهيم الموصلي 935 أحمد بن ابراهيم بن تركان، أبو العباس 418 أحمد بن ابراهيم بن الشاه الطاهري 1868 أحمد بن ابراهيم بن عبادل الشيباني أبو الطيب 492 أحمد بن ابراهيم بن علي بن عيسى أبو الفتح 1714، 1715 أحمد بن ابراهيم بن ملحان 2796 أحمد بن الأبري أبو نصر 1422، 1423 أحمد بن أبي الأسود القيرواني (201) الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3137 أحمد بن أبي بكر الطبري (القاص) 1605 أحمد بن أبي بكر الكاتب 456 أحمد بن أبي خالد الأحول 561، 1631 أحمد بن أبي دواد الأيادي قاضي القضاة 84، 432، 1858، 2102، 2103، 2104، 2105، 2118، 2534، 2604، 2608 أحمد بن أبي ربيعة 1422 أحمد بن أبي طالب الكتاب 1573 أحمد بن أبي طاهر طيفور 64، 168، 228، (282- 286) 473، 564، 930، 1488، 1549، 1666، 1743، 1779، 1949، 1981، 2015، 2018، 2019 أحمد بن أبي غالب 628 أحمد بن أبي الفرج بن عبد الملك ابن الشعار أبو نصر 828 أحمد بن أبي فنن 1977، 2010، 2162 أحمد بن أبي كامل 1977 أحمد بن أبي موسى أبو بكر 2288 أحمد بن أحمد بن أبي المنجم الكاتب أبو عون 107 أحمد بن اسحاق (الجفر/ أو الجبر) (199) أحمد بن اسحاق القطربلي أبو بكر 546 أحمد بن اسحاق الموصلي 615 أحمد بن اسحاق بن البهلول التنوخي ابو جعفر (188- 198) 1885، 2545 أحمد بن اسماعيل (والي خراسان) 723 أحمد بن اسماعيل بن ابراهيم- نطاحة أحمد بن اسماعيل بن سمكة (199) أحمد بن اسماعيل بن فضلان اللغوي أبو حكيم 911، 919 أحمد بن أمية أبو العباس الكاتب (203- 204) أحمد بن بحر الأصفهاني 2438 أحمد بن بختيار الماندائي أبو العباس (202) أحمد بن بختيار بن علي الواسطي 2208 أحمد بن برد الأكبر 510 أحمد بن برد الانطاكي 530 أحمد بن بكر العبدي ابو طالب (204- 205) أحمد بن بكران (204) أحمد بن البناء ابو غالب 1369 أحمد بن ثابت أبو بكر الخطيب- الخطيب البغدادي أحمد بن ثوابة الأندلسي 268 أحمد بن جعفر القطيعي 838 أحمد بن جعفر النحوي، ختن ثعلب (أبو علي الدينوري) (206) ، 542، 543، 2674 أحمد بن جعفر بن أحمد بن ماست الحاضري 2346 أحمد بن جعفر بن عبيد الله بن المنادي 2601 أحمد بن جعفر بن محمد الصيدلاني أبو الحسن 492 أحمد بن جميل بن الحسن أبو منصور (226) أحمد بن الجنيد الاسكافي 2005، 2007 أحمد بن حاتم أبو نصر 772، 2532 أحمد بن الحارث الخراز أبو جعفر (228- 230) ، 854، 855، 1852، 1854، 1860، 1637، 1750، 2252، 2435 أحمد بن الحافظ أبي العلاء العطار 840 أحمد بن الحسن أبو العباس 140، 141 أحمد بن الحسن الحداد العارف أبو العلاء 833 أحمد بن الحسن الخطيب (راوية ثعلب) 411 أحمد بن الحسن الديناري أبو عبد الله (الخطاط) (232) أحمد بن الحسن السكوني النسابة أبو عبيد الله (231) ، 745 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3138 أحمد بن الحسن الطبال 493 أحمد بن الحسن بن جيرون الأمين 2259 أحمد بن الحسن بن شهير 361 أحمد بن الحسين أبو يوسف 1922 أحمد بن الحسين البيهقي (صاحب مناقب الشافعي) 2408، 2409، 2410، 2411، 2412، 2413، 2414 أحمد بن الحسين الروذباري 782، 800، 2278 أحمد بن الحسين العتبي الوزير 723 أحمد بن الحسين الغضاري (253) أحمد بن الحسين الفلكي أبو بكر (231) أحمد بن الحسين الهمذاني- بديع الزمان الهمذاني أحمد بن الحسين بن أحمد الميكالي أبو نصر 2498 أحمد بن الحسين بن المبارك بن نغوبا 2218 أحمد بن الحسين بن مهران أبو بكر المقرىء (233- 234) أحمد بن حماد الدولابي 2446 أحمد بن حمدون بن اسماعيل النديم 1066، 1859، 1860، 1861، 1864 أحمد بن حمدون بن عبد الله الهاشمي الحارض 2298 أحمد بن حميد الرازي 2441 أحمد بن حنبل 41، 48، 262، 389، 546، 626، 627، 746، 747، 866، 929، 930، 1181، 1200، 1220، 1288، 1341، 1373، 1423، 1453، 1501، 1541، 1630، 1699، 1997، 2199، 2266، 2400، 2402، 2404، 2405، 2409، 2410، 2411، 2412، 2447، 2450، 2451، 2541، 2779، 2885 أحمد بن خالد، أبو سعيد الضرير البغدادي (253- 258) ، 484 أحمد بن خالد الخلال 2412 أحمد بن خرداذبه 1573 أحمد بن الخصيب 2065، 2140، 2610، 2611، 2613 أحمد بن دواد 2688 أحمد بن الدورقي 1022 أحمد بن رافع 2855 أحمد بن رشيد الكاتب 558 أحمد بن رشيق الأندلسي أبو العباس (261- 262) 2274 أحمد بن رضوان النحوي أبو الحسن (262) أحمد بن رياح القاضي 762 أحمد بن الزاهد الاندرابي (453) أحمد بن زهير بن حرب- ابن أبي خيثمة أحمد بن سعد أبو الحسن 407 أحمد بن سعد العجلي 2362 أحمد بن سعد الكاتب أبو الحسين (263- 266) أحمد بن سعيد 2146 أحمد بن سعيد البصري أبو العباس (267) أحمد بن سعيد الدمشقي أبو الحسن (266- 267) ، 1978 أحمد بن سعيد بن أحمد الصباغ 49 أحمد بن سعيد بن حزم الصدفي أبو عمر (268) أحمد بن سعيد بن حزم الوزير الأندلسي 1480، 1651، 1652، 1656 أحمد بن سعيد بن سلم 537، 538، 624، 2609 أحمد بن سلمة 2830 أحمد بن سليمان الطوسي أبو عبد الله (269) الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3139 أحمد بن سليمان القطيعي 42 أحمد بن سليمان المعبدي أبو الحسين (273) ، 294 أحمد بن سليمان النجار 488 أحمد بن سليمان بن وهب الكاتب أبو الفضل (269- 273) ، 1022 أحمد بن سهل 1422 أحمد بن سهل أبو عبد الرحمن 421 أحمد بن سهل بن هاشم المروزي 276، 278، 279، 280، 1491 أحمد بن سيار بن أيوب 622 أحمد بن سيف أبو الجهم 72 أحمد بن صالح بن شافع أبو الفضل 407، 2296 أحمد بن صالح بن شيرزاد 532 أحمد بن الصنديد العراقي أبو مالك (282) أحمد بن طاهر المنجم أبو عبد الله 411 أحمد بن طاهر أبو الفضل 1815 أحمد بن طولون 102، 558، 559، 628، 790 أحمد بن طومار الهاشمي 1824 أحمد بن الطيب السرخسي (ابن الفرانقي) (287- 292) ، 443، 448 أحمد بن عبادة الرعيني 268 أحمد بن عبد الرحمن 2159 أحمد بن عبد الرحمن بن نخيل أبو العباس الشنتمري (356- 357) أحمد بن عبد السلام 2680 أحمد بن عبد العزيز بن أبي دلف العجلي 407، 409 أحمد بن عبد العزيز بن غزوان الشنتمري 356 أحمد بن عبد الغني الباجسري 1490 أحمد بن عبد الله 2129 أحمد بن عبد الله الفرغاني (294) أحمد بن عبد الله الكلوذاني، ابن قرعة (368) أحمد بن عبد الله المعبدي (294) أحمد بن عبد الله المهاياذي (357) أحمد بن عبد الله النهرديري 2297، 2437 أحمد بن عبد الله بن البختري الداودي 2529 أحمد بن عبد الله بن بدر القرطبي أبو مروان (295) أحمد بن عبد الله بن خالد بن أسد 42 أحمد بن عبد الله بن سيف السجستاني 368 أحمد بن عبد الله بن عمار 531 أحمد بن عبد الله (عبيد الله) بن كادش- ابن كادش ابو العز أحمد بن عبد الله بن مسلم بن قتيبة 2473 أحمد بن عبد الله بن يوسف (اخو ابن الشبل) 1084، 1085 أحمد بن عبد الله بن يونس 754 أحمد بن عبد الملك بن سعيد العنسي 1183، 1184 أحمد بن عبد الملك ابن شهيد الجدّ 358 أحمد بن عبد الوهاب بن هبة الله، ابن السيبي، مؤدب الخلفاء (360- 361) أحمد بن العبدي 1539 أحمد بن عبيد 2136 أحمد بن عبيد النحوي 2142 أحمد بن عبيد بن ناصح- أبو جعفر ابن بلنجر- أبو عصيدة 232 (163- 363) ، 2303، 2305 أحمد بن عبيد الله أبو سهل (كاتب أخبار 275، 281 البلخيين الثلاثة) أحمد بن عبيد الله العاقولي أبو تغلب القاضي 1776 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3140 أحمد بن عبيد الله بن الحسن بن شقير، ابو العلاء البغدادي (368) أحمد بن عبيد الله بن عمار أبو العباس، (حمار العزير) (364- 367) أحمد بن عثمان الأدمي 1576 أحمد بن عطاء الروذباري 551 أحمد بن العلاء الشيرازي بو نصر 1863 أحمد بن علويه الاصبهاني الكراني (408- 409) أحمد بن علي الابار 2541 أحمد بن علي، ابو بكر 2102 أحمد بن علي أبو جعفر المقرىء البيهقي 512 أحمد بن علي أبو نعيم 66 أحمد بن علي الاسكافي 441 أحمد بن علي البتي أبو الحسن (373- 380) أحمد بن علي البرزندي (369) أحمد بن علي البيادي أبو العباس (398) أحمد بن علي التوّزي 2702 أحمد بن علي السليماني 1322 أحمد بن علي الصفاري أبو الفضل (405- 406) أحمد بن علي الطريثيثي ابو بكر 385 أحمد بن علي الطوسي- الطوسي أبو عمرو أحمد بن علي القاساني، لره ابن لره (370- 371) أحمد بن علي الماذرائي الكاتب 440، 442 أحمد بن علي المروروذي- صعلوك أحمد بن علي المقرىء ابو الفرج 834 أحمد بن علي بن الحسن الكفرطابي أبو نصر 1775 أحمد بن علي بن خلف الشيرازي 2166 أحمد بن علي بن الزبير الغساني- الرشيد (399- 405) ، 941، 942، 945 أحمد بن علي بن زيد البيهقي 1462 أحمد بن علي بن عمر بن سوار المقرىء ابو طاهر (396- 398) 1292 أحمد بن علي بن قدامة أبو المعالي 396 أحمد بن علي بن المأمون العباسي (448- 453) أحمد بن علي بن محمد البيهقي ابو جعفر (بو جعفرك) (398- 399) أحمد بن علي بن محمد بن عون الله الأندلسي 2189 أحمد بن علي بن المعمر الطالبي، نقيب نقباء الطالبيين (406- 407) أحمد بن علي بن الموصلية 1551 أحمد بن علي بن هارون المنجم أبو الفتح- ابن المنجم أحمد بن عمار 1853 أحمد بن عمر البصري (409) أحمد بن عمر العذري ابو العباس 1584 أحمد بن عمر الكاتب ابو عبد الله 418 أحمد بن عمر بن روح 2702، 2703 أحمد بن عمر بن شبة ابو طاهر (2093) أحمد بن عمر بن الفضل الحافظ (جنك) 49 أحمد بن عمران 410 أحمد بن عمران بن سلامة الألهاني- الأخفش أبو عبد الله أحمد بن عمرو 1041 أحمد بن عمرو الفراهيدي 1260 أحمد بن عيسى 752 أحمد بن عيسى الرازي 2457 أحمد بن عيسى الشاعر (حمدية) 1806 أحمد بن عيسى العلوي 2443 أحمد بن عيسى المؤدب 1622 أحمد بن عيسى بن زيد العلوي 614 أحمد بن عيسى بن شيخ 290 أحمد بن فارس الأديب المنبجي 555 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3141 أحمد بن فارس بن زكريا اللغوي أبو الحسين 234، 235، 236، 244، 252، 253، 368، 370، 371، (410- 418) 541، 687، 826، 910، 1474، 1642، 1643، 1790، 1886، 1889، 1643، 1790، 1886، 1889، 1892 أحمد بن فرج 1670 أحمد بن الفرج بن المنصور 2631 أحمد بن الفضل الهاشمي 2169 أحمد بن الفضل بن شبانة، أبو الصقر (ساسي دوير) (418- 419) أحمد بن الفضل بن شهريار ابو علي 915 أحمد بن الفضل بن محمد الباطرقاني- الباطرقاني المقرىء أحمد بن القاسم البغدادي الحافظ 1605 أحمد بن القاسم النيسابوري 203 أحمد بن القاسم بن قريش 2570 أحمد بن كاشقر 1032 أحمد بن كامل بن شجرة، أبو بكر القاضي (420- 421) 537، 541، 625، 1153، 2231، 2602 أحمد بن كليب النحوي (422- 428) أحمد بن ماما الاصبهاني 2349 أحمد بن المبارك بن المرقعاني ابو العباس 1515 أحمد بن محمد الأبي أبو العباس (515- 517) أحمد بن محمد الاخباري أبو الحسن 2110 أحمد بن محمد الاخسيكثي، أبو رشاد ابن خذيو (ذو الفضائل) (514- 515) أحمد بن محمد الاستوائي- ابن دلويه (الدلوي) أبو حامد أحمد بن محمد الافريقي، المتيم أبو الحسن (485- 486) أحمد بن محمد الباوردي القافي ابو العباس 178 أحمد بن محمد البرقي 293 أحمد بن محمد البشتي الخارزنجي (461- 462) أحمد بن محمد التاريخي (472) أحمد بن محمد التميمي أبو الدحداح 492 أحمد بن محمد الحداد 2297 أحمد بن محمد الخلال الوراق (493) أحمد بن محمد الزردي أبو عمرو (463) أحمد بن محمد السمناني المصري 634 أحمد بن محمد السهلي، أبو الفضل العروضي الصفار (491- 492) أحمد بن محمد الشافعي 2304 أحمد بن محمد الصخري أبو الفضل (500- 504) أحمد بن محمد الصلحي أبو الخطاب (514) أحمد بن محمد الصنوبري- الصنوبري أبو بكر أحمد بن محمد الطالقاني 534 أحمد بن محمد العروضي 537 أحمد بن محمد العمركي (511) أحمد بن محمد الكاتب 2481 أحمد بن محمد الكوفي الأسدي 1867 أحمد بن محمد الماسرجسي- الماسرجسي أبو العباس أحمد بن محمد المهلبي، أبو العباس البرجاني (455) أحمد بن محمد الميداني 399، 1760 أحمد بن محمد النحاس- النحاس أبو جعفر أحمد بن محمد بن ابراهيم الخطابي أبو سليمان 411، (486- 490) ، 491، 1015، (1205- 1207) ، 1439، 1760، 2345، 2406 أحمد بن محمد بن ابراهيم الكراريسي 2314، 2315 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3142 أحمد بن محمد بن أحمد العروضي- أبو الحسن العروضي أحمد بن محمد بن أحمد أبو علي الاصبهاني المقرىء (483- 484) أحمد بن محمد بن أحمد البغدادي الحافظ 2156 أحمد بن محمد بن اسحاق الهمذاني- ابن الفقيه أبو عبد الله- حالان (459- 460) أحمد بن محمد بن برد (الأصغر) أبو حفص (509- 510) أحمد بن محمد بن بشر المرتدي أبو العباس 365، 453 أحمد بن محمد بن الجراح الخراز، أبو بكر 2228، 2783 أحمد بن محمد بن جعفر الاصبهاني اليزدي 912 أحمد بن محمد بن حسان ابو اسحاق الطلحي 64 أحمد بن محمد بن الحسن- المرزوقي أبو علي أحمد بن محمد بن حفص الخلال أبو عمر 1821، 2304 أحمد بن محمد بن حمادة أبو الحسن (470) أحمد بن محمد بن حمديج الحمديجي 522 أحمد بن محمد بن حميد العدوي الجهمي أبو عبد الله (430) أحمد بن محمد بن خالد، أخو أبي صخرة 1866 أحمد بن محمد بن خالد البرقي، أبو جعفر الكوفي (431- 432) أحمد بن محمد بن الدويدة المعري 591 أحمد بن محمد بن رستم الطبري أبو جعفر 764، 1812، 2493 أحمد بن محمد بن زنجويه الاصفهاني أبو الحسن 913 أحمد بن محمد بن سلام الطرسوسي 1605 أحمد بن محمد بن سليمان بن بشار الكاتب (455) أحمد بن محمد بن سهل الهروي 1723 أحمد بن محمد بن شجاع 2533 أحمد بن محمد بن شرام الغساني (492- 493) أحمد بن محمد بن شنيف ابو الفضل 1280 أحمد بن محمد بن شهردار المعلم (511) أحمد بن محمد بن صاعد القاضي أبو نصر 399 أحمد بن محمد بن صالح الأسدي أبو الحسن (457- 459) أحمد بن محمد بن عاصم الحلواني أبو سهل (454) أحمد بن محمد بن العباس- البزار 277 أحمد بن محمد بن العباس الاسفاطي 2297 أحمد بن محمد بن العباس المكي أبو جعفر النقيب 1014 أحمد بن محمد بن عبد ربه أبو عمر (463- 468) أحمد بن محمد بن عبد الرحمن أبو عبيد الهروي 486، 487 (491) أحمد بن محند بن عبد الكريم، أبو العباس الأحول (436) أحمد بن محمد بن عبد الله بن هارون، أبو الحسين (470- 471) أحمد بن محمد بن عبد الله بن يوسف العروضي 1661 أحمد بن محمد بن عمار المهدوي، أبو العباس المقرىء (508- 509) أحمد بن محمد بن عزيز العلوي 652 أحمد بن محمد بن الفضل، أبو بكر الخزاز، ابن الجراح (483) أحمد بن محمد بن الفضل الحافظ، أبو العلاء 1731، 2356 أحمد بن محمد بن كوثر المحاربي 816 أحمد بن محمد بن كيسان النحوي 765، 2435، 2685 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3143 أحمد بن محمد بن مختار الواسطي أبو علي (517- 518) أحمد بن محمد بن مرزوق الانماطي 2355 أحمد بن محمد بن مروان الاسلمي أبو عمرو (اشكابة) (471) أحمد بن محمد بن موسى أبو محمد (462) أحمد بن محمد بن موسى الرازي الأندلسي (472- 473) أحمد بن محمد بن ميمون 2325 أحمد بن محمد بن نصر الجيهاني، أبو عبد الله (455- 456) أحمد بن محمد بن هارون النزلي أبو الفتح (510) أحمد بن محمد بن هاشم القرطبي الأعرج أبو عمر (484) أحمد بن محمد الهروي صاحب الغريبين 2579 أحمد بن محمد بن يزداد بن رستم أبو جعفر الطبري (457) أحمد بن محمد بن يوسف الاصبهاني (432- 433) أحمد بن المدبر 77، 80، 85، 86، 102، 555، 785، 1130، 2421 أحمد بن مروان، أبو مسهر المؤدب (518) أحمد بن مطرف صاحب الصلاة 2721 أحمد بن مطرف العسقلاني أبو الفتح (519) أحمد بن مطرف القاضي، أبو الفتح المصري (519) أحمد بن المظفر بن علي الصليحي 1139 أحمد بن معاوية بن بكر العليمي 2124 أحمد بن المعذل 648 أحمد بن المقرب الكرخي 2234 أحمد بن منصور المذكّر 521 أحمد بن منصور بن خلف المغربي 1666، 2166 أحمد بن منصور بن خلف أبو بكر 2849 أحمد بن منير الشاعر 868، 869، 2080 أحمد بن المنيري الزيادي أبو علي 246، 279 أحمد بن منيع البغوي 2441 أحمد بن موسى الانطاكي القاضي 2501 أحمد بن موسى صاحب أبي عبيد (ابن أبي عمار الحناط) (519) أحمد بن موسى بن العباس- ابن مجاهد أبو بكر أحمد بن نصر 268 أحمد بن نصر بن الحسين البازيار أبو علي (526- 527) أحمد بن هارون الشرابي 558 أحمد بن هبة الله (خازن دار الكتب برباط المأمونية) 2266 أحمد بن هبة الله بن العلاء المخزومي، أبو العباس ابن الزاهد (الصدر ابن الزاهد (528- 529) أحمد بن هشام 613 أحمد بن هلال (صاحب عمان) 851 أحمد بن الهيثم بن فراس السامي (529- 530) أحمد بن الوليد التاجر 629 أحمد بن يحيى بن جابر- البلاذري (الفلاذري) أحمد بن يحيى بن سهل الطائي، أبو الحسن المنجي الاطروش (555- 556) أحمد بن يحيى بن الوزير ابن مهاجر (555) أحمد بن يزيد المؤدب 2157 أحمد بن يزيد بن محمد المهلبي، ابو جعفر 81، (556) ، 2122، 2178 أحمد بن يعقوب بن ناصح الاصبهاني أبو بكر (556- 557) أحمد بن يعقوب بن يوسف أبو جعفر برزويه الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3144 الاصبهاني (غلام نفطويه) 556 أحمد بن يوسف الاصبهاني 2616 أحمد بن يوسف التغلبي 798، 2456 أحمد بن يوسف التنوخي أبو الحسن 221 أحمد بن يوسف الكاتب أبو جعفر (560- 569) ، 1853 أحمد بن يوسف بن الأزرق 2499 أحمد بن يوسف بن صبيح 2054 أحمد بن يونس 2419، 2474 الأحمر النحوي 361، 1375، 1741، 1743، 1745، 1843، 2125، 2488، 2813 الأحنف بن قيس 1268، 2837 الأحوص بن محمد الأنصاري 615، 624، 968، 1325، 1608، 1860، 2024 الأحول المحرر 617 أخثاء (570) الأخرم 944 أخطب خوارزم، أبو المؤيد الموفق بن أحمد ابن اسحاق 2741 الأخطل 856، 1232، 1542، 2514، 2738، 2786، 2787، 2851 الأخفش 851، 874، 1461، 1982، 2300، 2487، 2535 الأخفش الأصغر- علي بن سليمان أبو الحسن 32، 89، 380، 439، 468، 537، 547، 548، 561، 729، 758، 1707، (1770- 1774) ، 1991، 2101، 2125، 2127، 2128، 2247، 2454، 2488 الأخفش الأوسط- سعيد بن مسعدة 206، 460، 764، 1160، 1255، 1256، 1292، 1360، (1374- 1376) 1406، 1407، 1443، 1580، 1649، 1770، 2141 الأخفش الأكبر (أبو الخطاب عبد الحميد) 1770، 2123، (2858) الأخفش أبو عبد الله، أحمد بن عمران بن سلامة الالهاني (409- 410) الأخفش الدمشقي القارىء- هارون بن موسى بن شريك- آخر الأخافشة (2763) الأخفش الشريف 401 الأخفش المغربي (عبد العزيز بن أحمد) 1770 ادريس (عليه السلام) 110 ادريس بن أبي حفصة 614، 2008، 2009 ادريس بن سنان 622 ادريس بن عبد الكريم 2503 اربد (اخو لبيد) 1084 اربون الفارسي 1337 ارسطاطاليس 22، 350، 666، 682، 742، 898، 900، 1261، 1651، 1654، 2512، 2665، 2774، 2859 الأرقط 2058 ارمانوس (ملك الروم) 1126 أروى (في الشعر) 709، 1626 أروى بنت كريز 1483، 1484 أرياط (الحبشي) 21 أرياف (جارية ابن المعتز) 1522 الأزهري أبو منصور محمد بن أحمد (صاحب التهذيب) 253، 257، 362، 461، 462، 491، 628، 727، 763، 800، 1074، 1421، 1622، 1661، 1752، 1810، 2100، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3145 2177، 2252، 2254، 2255 2256، 2257، (2321- 2323) 2471، 2492، 2611، 2824 أسامة (خال الأعور الكلبي) 1195 أسامة بن سفيان السجزي النحوي (571) أسامة بن مرشد بن علي ابن منقذ، أبو المظفر- مؤيد الدولة مجد الدين 248، 299، (571- 594) اسبهدوست بن محمد بن اسفار الديلمي 1768 اسحاق الأزرق 1542 اسحاق الواسطي 1807 اسحاق بن ابراهيم البربري المحرّر (616- 617) اسحاق بن ابراهيم التميمي 1323 اسحاق بن ابراهيم الجبلي ابو القاسم 43 اسحاق بن ابراهيم الحنظلي الفقيه 2254 اسحاق بن ابراهيم الطاهري 2151 اسحاق بن ابراهيم الغضبي 838 اسحاق بن ابراهيم الفارابي صاحب ديوان الأدب (618- 620) اسحاق بن ابراهيم المصعبي 543، 616، 929، 930، 2544، 2545، 2782 اسحاق بن ابراهيم الموصلي 166، 465، 545، 568، (594- 616) 625، 805، 1196، 1471، 1479، 1622، 1672، 1746، 1830، 1852، 1853، 1991، 1994، 2008، 2103، 2200، 2201، 2202، 2251، 2678، 2738، 2779، 2827 اسحاق بن ابراهيم بن النعمان 268 اسحاق بن أحمد بن شيث الصفّار أبو نصر البخاري (620- 621) اسحاق بن اسحاق البغدادي 280 اسحاق بن أيوب 283 اسحاق بن بشر بن محمد أبو حذيفة البخاري (622- 623) اسحاق بن البهلول التنوخي 189، 1283 اسحاق بن جميل 2230 اسحاق بن حسان الخريمي- الخريمي الشاعر أبو يعقوب اسحاق بن الحسن الحربي 928 اسحاق بن راهويه الحنظلي 2199، 2254، 2257، 2596، 2399، 2400، 2401 اسحاق بن سعد القطربلي 130 اسحاق بن سعد بن الحسن النسوي 1845 اسحاق بن سويد 2836 اسحاق بن الطباع 1200، 1201 اسحاق بن عبد القدوس 410 اسحاق بن عمران 271 اسحاق بن محمد المسيبي أبو محمد 2537 اسحاق بن محمد بن أبان الكوفي 1637 اسحاق بن مسلم 1839 اسحاق بن سلمة القيني (623) اسحاق بن منصور 622 اسحاق بن موهوب الجواليقي، أبو طاهر (630) اسحاق بن نصير البغدادي أبو يعقوب (628- 629) اسحاق بن يحيى بن سريح الكاتب أبو الحسين النصراني 629- 630 اسحاق بن يحيى بن يحيى 748 أسد بن جوهر 2612 أسد بن عبد العزى- أسد قريش 1866 أسد بن عبد الله القسري 1857 أسد بن علي الزوزني- البارع أبو القاسم (630- 633) الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3146 أسد بن المعلّى 174 أسد الدولة صالح بن مرداس 355، 356 أسد الدولة عطية بن صالح بن مرداس 1120 أسد الدين شيركوه 402، 637، 638 أسعد بن عصمة، أبو البيداء الرياحي (630) أسعد بن علي النحوي أبو المبارك- سناء (645) الملك- معتمد الدولة- ذو الحسبين أسعد بن محمد العتبي 2431 أسعد بن محمد المرساني 512 أسعد بن محمد الميهني 867 أسعد بن مسعود العتبي ابو ابراهيم (633- 635) أسعد بن المنجا القاضي 2742 أسعد بن المهذب ابن مماتي (635- 645) أسفار بن شيرويه 2181 اسفهبذ بن أسفار 692 الاسكافي أبو البدر بن أبي منصور- الحسن بن علي الاسكافي الاسكندر 2668 اسلم بن أحمد بن سعيد 422، 423، 424، 425 أسلم بن سهل الرزاز أبو الحسن- بحشل الواسطي (646) أسلم بن عبد العزيز الأندلسي 268، 422، 484، 748 أسماء (في شعر) 703، 1121، 1582 أسماء بنت أبي بكر الصديق 2149 اسماعيل (يروي عن أبي صالح) 253 اسماعيل (النبي) 2342، 2803 اسماعيل الشاشي 706 اسماعيل الصفار ابو علي 266، 488، 1206 اسماعيل الضرير النحوي أبو علي (655) اسماعيل القاضي 2679 اسماعيل قاضي واسط 2354 اسماعيل بن ابراهيم 95 اسماعيل بن ابراهيم المزني ابو ابراهيم 2448، 2449 اسماعيل بن ابراهيم بن علية الأسدي 283 اسماعيل بن أبي حذيفة 724 اسماعيل بن أبي خالد 724، 1629، 2758 اسماعيل بن أبي سعد الصوفي 385 اسماعيل بن أبي سهل بن نوبخت 558، 1926 اسماعيل بن أبي صالح الكرماني 1698 اسماعيل بن أبي العساكر سلطان بن منقذ (549- 591) اسماعيل بن أبي الفضل القومسي 389 اسماعيل بن أبي القاسم الخازن أبو مسعود 839 اسماعيل بن أحمد الحافظ 488 اسماعيل بن أحمد أبو عمر 850 اسماعيل بن أحمد البيهقي أبو علي 1959 اسماعيل بن أحمد الحيري، أبو عبد الرحمن (646- 647) اسماعيل بن أحمد بن عبد الرحمن الأنصاري 911 اسماعيل بن أحمد بن عمر السمرقندي 2156 اسماعيل بن أحمد بن عمر الحافظ الاشعبي 2156 اسماعيل بن اسحاق بن ابراهيم المحرر 617 اسماعيل بن اسحاق بن اسماعيل ابن درهم القاضي الأزدي 48 (647- 651) 1790، 2102، 2136، 2157، 2190 اسماعيل بن بلبل الوزير أبو الصقر 82، 285، 366، 437، 438، 439، 442، 535، 552، 2607 اسماعيل بن الحسن البيهقي أبو (651- 652) الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3147 القاسم- شمس الأئمة (الشمس البيهقي) اسماعيل بن الحسين العلوي النسابة (652- 655) اسماعيل بن حماد الجوهري- الجوهري أبو نصر اسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة 628 اسماعيل بن خلف الصقلي أبو طاهر (662) اسماعيل بن زاهر النوقاني، أبو القاسم 2166 اسماعيل بن سبكتكين 2523 اسماعيل بن سويد 2494 اسماعيل بن صبيح الكاتب 1970 اسماعيل بن عباد- الصاحب ابن عباد اسماعيل بن عبد الغافر الفارسي 2321، 2428 اسماعيل بن عبد الرحمن الأنصاري أبو طاهر 945 اسماعيل بن عبد الرحمن بن أحمد الصابوني أبو عثمان (726- 727) اسماعيل بن عبد الله القسري 1205 اسماعيل بن عبد الله بن عبد المحسن 911 الانماطي- تقي الدين اسماعيل بن عبد الله بن قسطنطين 234 اسماعيل بن عبد الله ابن ميكال ابو العباس (721- 724) ، 2495، 2496 اسماعيل بن علي الحظيري (728) اسماعيل بن علي الخطبي أبو محمد (727- 728) 2324 اسماعيل بن علي النوبختي 1778 اسماعيل بن عيسى بن العطار أبو اسحاق 622، (729) اسماعيل بن قلية ابو علي 2358 اسماعيل بن مجمع الأخباري (736) اسماعيل بن محمد الصفار 2478 اسماعيل بن محمد القمي (735) اسماعيل بن محمد المحمودي أبو نصر 2458 اسماعيل بن محمد النحوي 2603 اسماعيل بن محمد الوثابي ابو طاهر (733- 734) اسماعيل بن محمد بن اسماعيل الصفار أبو علي (732- 733) اسماعيل بن محمد بن عامر بن حبيب (735- 736) اسماعيل بن محمد بن عبدوس النيسابوري الدهان 657، 660، (734، 735) اسماعيل بن محمد بن الفضل الجوزي أبو القاسم 826 اسماعيل بن محمد بن يوسف القاشاني- فخر الدين 653 اسماعيل بن مسعدة الجرجاني أبو القاسم 782، 2361 اسماعيل بن مسلم 147 اسماعيل بن موسى 2447 اسماعيل بن موهوب الجواليقي 630 اسماعيل بن هبار 1856 اسماعيل بن يحيى المزني ابو ابراهيم 2404، 2407، 2412، (2415) الأسود الغندجاني النسابة (الحسن بن أحمد الأعرابي) (821- 822) 2319، 2321 الاشتر النخعي 2253 أشجع السلمي 666، 1033 أشعب 1047، 2640 الأشعث 1325 أشعر الرقبان 915 الأشعري أبو الحسن 248، 385، 508، 1088، 1501، 1699 أشناس التركي 1020 الأشناني أبو الحسين- عمر بن الحسن بن علي 196 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3148 أصلع هاشم- علي بن أبي طالب 130 الأصم أبو العباس، محمد بن يعقوب 488، 491، 648، 96، 1660، 1662، 1853 الأصمعي عبد الملك بن قريب 22، 24، 27، 28، 58، 64، 67، 68، 96، 160، 226، 227، 361، 363، 462، 542، 595، 596، 559، 600، 610، 757، 764، 801، 804، 805، 815، 816، 821، 822، 855، 856، 873، 874، 931، 975، 1003، 1160، 1196، 1199، 1204، 1254، 1255، 1256، 1262، 1290، 1292، 1317، 1318، 1319، 1320، 1321، 1359، 1360، 1403، 1406، 1411، 1413، 1443، 1453، 1454، 1472، 1483، 1487، 1505، 1546، 1576، 1584، 1622، 1623، 1629، 1743، 1744، 1754، 1830، 1844، 1970، 1982، 2065، 2101، 2109، 2123، 2128، 2132، 2134، 2135، 2136، 2142، 2143، 2149، 2150، 2174، 2193، 2198، 2201، 2233، 2237، 2246، 2247، 2294، 2295، 2402، 2409، 2446، 2497، 2530، 2531، 2602، 2611، 2621، 2705، 2706، 2707، 2708، 2731، 2739، 2777، 2828، 2833، 2840، 2844، 2845، 2851، 2856 الأصمعي الصغير- الحسين بن محمد بن أحمد التبرجيدي الأعشى (الكبير) 546، 553، 759، 760، 761، 856، 1318، 1817، 2229، 2311، 2851، 2852 أعشى باهلة 856 أعشى بني تغلب- ربيعة بن يحيى بن معاوية (1302) الأعلم الشنتمري- يوسف بن سليمان بن عيسى أبو الحجاج الأعلم 2848 الأعمش 94، 808، 927، 1219، 1318، 1319، 1477، 1485، 2134، 2156، 2272، 2419، 2474، 2856 الأعور الكلبي- حكيم بن عياش أعين الطبيب 1638 الأغر أبو الحسن (739) افتخار الدين (شيخ الحلاوية بحلب) 2807 افتخار الدين عبد المطلب الهاشمي 2085 الأفشين 2517 الأفضل بن بدر الجمالي (شاهنشاه بن أمير الجيوش) 637، 740، 742، 742، 743، 1669، 1971، 1972 أفضل الدولة- الابيوردي أفلاطون 350، 2773 اقبال الدولة ابن الموفق (ابن مجاهد العامري) 1649 الأقطع 1934 اقليدس 443، 2770 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3149 الاقيشر 2483 أكثم بن صيفي 2855 أكدر (كلب) 1172 الياس (الناس) 660 الياس بن أسد الساماني 1421 الياس بن مضر 1556، 1557 أم البنين بنت حزام بن خالد العامرية 1811 أم جحدر بنت حسان المرية 1192 أم جعفر بنت عيسى بن جراد 1476 أم حبيب، الصهباء بنت ربيعة التغلبية 1811 أم زيد (في شعر) 1175 أم سلمة بنت أمية المخزومية (أم المؤمنين) 1024 أم سلمة بنت مطية بن عامر 1023، 1024 أم سلمة بنت يعقوب بن سلمة (زوجة السفاح) 2055 أم شنبل 2840 أم عمرو (في شعر) 1123، 1837 أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب 1811 أم مالك (في شعر) 1647 أم مجد الدولة 176، 180، 181، 1072 أم محمد (في شعر) 1223 أم المعتز بالله 1523 أم المؤيد زينب بنت الشعري 2546 أم هشام بن عبد الملك (عائشة) 1179 أم ولد المعتمد 2303 أمامة (في شعر) 1126 أمان بن الصمصامة بن الطرماح أبو مالك (739) امرؤ القيس بن حجر 56، 126، 331، 538، 745، 851، 856، 1040، 1609، 1256، 2162، 2229، 2622، 2707، 2781، 2849، 2851 امرؤ القيس بن مالك 1451 أمة الكريم بنت عبد الرحمن التميمية 1542 أمة الله المباركة بنت ابراهيم بن علي 1844 أميمة (في شعر) 544، 720، 1255، 1276، 1540 الأمين الخليفة العباسي 172، 562، 563، 660، 755، 1063، 1064، 1632، 1670، 1740، 1742، 1747، 1748، 2238 الأمين بن أبي علي 2116 أمين الدين ياقوت العالم 2087، 2088 أمين الدين ياقوت الكاتب 2087 أمين الدين ياقوت الموصلي ابو محمد 1370، 1371 أمية (يروي عن أبي الأسود) 1465 أمية بن عبد العزيز بن أبي الصلت 636 (740- 743) 1326، 1399، 1462، 1463 أناجور التركي 438 الانبراني الكاتب 697 الأندلسي (صاحب التوحيدي) 878 أنس بن أبي شيخ 2054 أنس بن مالك 724، 834، 1025، 1067، 1317، 1412، 1413 أنوجور بن أبي بكر الاخشيد 781 انو شروان بن خالد الوزير 2203، 2204 انو شروان بن منوجهر 2182 أوحد الزمان هبة الله ابن ملكا 2772 الأوزاعي أبو عمرو، عبد الرحمن بن عمرو 94، 95، 1131، 1699، 1700، 2452، 2457، 2458، 2463 أوس بن حجر 540، 667، 1853، 2229، 2513 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3150 اياس بن معاوية 14، 791، 1858 ايتاخ التركي 361، 1020 أيمن بن خريم الاسدي 2134 أيوب (روى عنه الخليل) 1262 أيوب (الصابر) 587، 976، 2620 أيوب الرهاوي الطبيب 257 أيوب السختياني 23، 1629 أيوب بن الحكم البصري- الكسروي 8 (ب) بابك الخرمي 168 الباخرزي أبو الحسن علي بن الحسن بن علي 69، 631، 632، 656، 1586، (1682- 1688) 1842، 2347، 2348 باديس بن حيوس 773، 774 باذام أبو صالح 724 البارع البوشنجي 632 البارع الدباس، الحسين بن محمد 1819، 2260، 2815 البارع الزوزني 2433 البارع الهروي 632 الباطرقاني المقرىء، أحمد بن الفضل بن محمد (419) الباطرقاني، عبد الواحد بن أحمد بن محمد 913 باغر التركي 229، 230 باقل 1088، 2313 الباقلاني أبو بكر ابن الطيب المتكلم 508، 913، 1575، 2218 الباقولي أبو الحسن- الجامع بايكباك التركي 438 الببغا، عبد الواحد بن نصر أبو الفرج 850، 851، 1153، 1768، 1946، 1954، 2425 البتّاني صاحب الزيج 1872 بجكم 2574 البجلي (يحدث عنه أبو خالد المهلبي) 751 بجير بن علي أبو ناب ت 1989 بثينة (في شعر) 1571 بثينة 1184، 1522 البحتري 22، 83، 229، 283، 332، 374، 439، 441، 548، 681، 705، 717، 746، 794، 797، 851، 852، 893، 1511، 1512، 1548، 1610، 1688، 1778، 1800، 1879، 2159، 2160، 2178، 2179، 2219، 2264، 2421، 2423، 2424، 2513، (2796- 2801) البخاري (صاحب الصحيح) 747، 1201، 1332، 1341، 1452، 1982، 2595، 27849 بخت نصر 364 بختيار عز الدولة بن معز الدولة 1357، 1642، 1716، 1757 بختيشوع 2020 بدر (غلام المعتضد) 44، 290 بدر الجمالي 635، 636 بدر المعتضدي أبو النجم 19746، 1977، 19480 بدر اللاني 2499 بدر بن حسنويه الكردي 175، 176، 181 بدر الدين (ممدوح ابن البرفطي) 2392 بدر الدين لؤلؤ 2269 بدعة الكبرى (جارية عريب) 848 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3151 البديع- أحمد بن سعيد العجلي ابو علي 2362 البديع الاسطرلابي- هبة الله بن الحسين ابن أحمد البغدادي (2469- 2771) البديع الدمشقي- طراد بن علي بن عبد العزيز السلمي بديع الزمان الهمذاني- أحمد بن الحسين (234- 253) 496، 500، 696، 706، 1790، 2543 بديع بن عبد الله 370 البديهي 2186 البراض 2221، 2669، 2709 البربهاري، الحسن بن علي بن خلف 115، 1942 برذعة الموسوس 767، 1790، 1791 برزويه أبو جعفر الاصبهاني 1400 البرسقي 2079 البرصاء، قرصافة بنت الحارث 1412 برغوث المتكلم 1493 البرقاني أبو بكر 48، 384، 395 برقلس 433 البركاني الغلام 2578 البرنس 2630 البريدي 1825 البزار- أحمد بن محمد بن العباس البزار- خلف بن هشام البزار البزاز القارىء ابو عمر- حفص بن سليمان بن المغيرة بزان بن سنقر الموصلي 1758 بزرج بن محمد العروضي (744- 746) بزرجمهر 21 البساسيري 384 البستي أبو الفتح الشاعر 503، 1102، 1691 بسرة بن صفوان 1700 بسطام بن قيس 1289 بشار بن برد 104، 285، 302، 1196، 1198، 1221، 1256، 1307، 1318، 1382، 1383، 1403، 1414، 2111، 2583، 2763، 2793 بشارة (الجارية) 1785 بشر (حاجب ابراهيم بن المدبر) 229، 30 بشر بن أبي خازم 856، 2229 بشر بن بكر 1131 بشر بن الحارث الحافي 385، 913، 1496، 2259، 2599 بشر بن حجر 1637 بشر بن عبد الملك بن بشر بن مروان 624 بشر بن مروان بن الحكم 1189، 1191، 1855 بشر بن الوليد الكندي 929 بشر بن يحيى القيني أبو ضياء (746) بشرى (اسم صبيّ) 265 بشرى (كناية عن ابن أبي عون) 111، 112 بشران (جد أبي غالب ابن بشران) 2350 البصروي (يمدح ابن الربعي) 776 بطرس الحواري 1152، 2696 بطريق عمورية 168 بطين الخارجي 28 البعيث الشاعر- خداش بن بشر (1246- 1247) 2786 بغا التركي 229، 533، 989 البغوي الجوهري أبو الحسن- علي بن عبد العزيز صاحب أبي عبيد البغوي أبو القاسم، عبد الله بن محمد بن الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3152 عبد العزيز 262، 268، 418، 729، 1574، 1795، 2702 البغوي أبو محمد (روى عنه المرزياني) 2582، 2585 البقالي (تلميذ الزمخشري) 2538 بقراط 717، 1052، 1368، 1463، 2611 بقي بن مخلد الأندلسي (746- 749) بكار بن أحمد المقرىء أبو عيسى 457 بكار بن عبد الله بن مصعب 1322 بكارة الرسعني 2285 بكر بن حبيب السهمي (750- 751) بكر بن محمد بن بقية المازني- المازني أبو عثمان بكر بن النطاح 2515 البلاذري- أحمد بن يحيى بن جابر البلاذري 266 (530- 535) 942، 2010، 2779 بلال بن أبي بردة 1254 بلال بن رباح 632 البلطي ابو الفتح- عثمان بن عيسى بن منصور البلطي بلك بن بهرام بن ارتق 2079 بلكا الحاجب 693 بنات (جارية) 1020، 1021، 1022 بنت ابن العلاف 1851 بنت الأقرع الكاتبة 1422 بنت ذي اللحية بن حمير 775 بنت عبد الله بن سباع 1458 بنت الكثيري (2243) بنت الكراعة المغنية 1522 بندار بن عبد الحميد الكرخي، (ابن لره) (765- 767) البندهي (البنجديهي) أبو سعيد، محمد بن عبد الرحمن المسعودي 2022 (2549- 2550) بهاء الدولة بن عضد الدولة البويهي 373، 374، 346، 494، 523، 1905، 1593، 1776، 1947، 1996، 1997 بهاء الدولة منصور بن مزيد 2362 بهدلة (اسم امرأة) 1474 بهرام بن أردشير، أبو سعد 136 بهرام بن مافنّه الوزير 822 بهزاد (عبد الله/ والد أبي سعيد السيرافي) 876 بهزاد بن يوسف النجيرمي- النجيرمي بهزادان بن بنداذ هرمز- أبو مسلم الخراساني بهستون بن وشمكير 2182 بهلة الطحان 832 البهلول بن حسان التنوخي 189 بهمن بن فيروز 1738 البوراني النحوي أبو الحسن (1028) بولص (الحواري) 1152 بويه 711، 1073 البياضي 2450 بيان الحق- محمود بن أبي الحسن بن الحسين النيسابوري (2686) البيضاء بنت عبد المطلب 1483 بيهس 2780 البيهقي أبو الحسن بن أبي القاسم (صاحب الوشاح) 239، 244، 512، 571، 633، 651، 697، 1238، 1664، 1682، 1684، 1686، 1736، 1782، 2095، 2355، 2363، 2699، 2495 البيهقي أبو علي (صاحب النتف والطرف) 2495 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3153 (ت) تأبط شرا 1255 تاج الاسلام عبد الكريم بن محمد السمعاني- السمعاني أبو سعد تاج الأمراء ثمال بن صالح المرداسي- معز الدولة ثمال بن صالح المرداسي تاج الدولة ابن مرداس 1118 تاج الدولة دبيس بن صدقة 2078، 2079 تاج الدين زيد بن الحسن الكندي- زيد بن الحسن الكندي أبو اليمن تاج الدين محمد بن أحمد بن البرفطي- ابن البرفطي تاج القراء 857 تاج المعالي مختار 740 تاج الملك بهرام بن شيرزاد 1073، 1074 تاج الملك الوزير 2355 تادرس بن الحسن (وزير صالح بن مرداس) 356 تاش الحاجب- حسام الدولة التبريزي يحيى بن علي بن الخطيب- ابن الخطيب التبريزي تبع 2668، 2671، 2837 تتريف (ج ارية) 163 تجني (زوج الوزير المهلبي) 991 الترجماني أبو ابراهيم 725 الترمذي 1341، 1359 الترمذي أبو اسماعيل 420 الترمذي الصغير أبو الحسن 63 تركون الأسدي الأمير 859 تقي الدين (أخو عز الدين فروخشاه) 1332 تقي الدين ابن الحجاج- محمد بن علي بن أبي النجم 1693 تكين الجمدار 978 تمام الرازي 368 تمام بن غالب- ابن التياني أبو غالب (769- 770) ، 2273 تمليخا 2696 تميم الداري 1242، 1544 تميم بن أبي بن مقبل 856 تميم بن طرفة 2156 تميم بن المعز بن باديس 2636 التميمي الشاعر 686 التميمية- أمة الكريم بنت عبد الرحمن التنوخي- علي بن محمد بن داود القاضي- المحسن بن علي التنوخي أبو علي (صاحب النشوار) - علي بن المحسن التنوخي أبو القاسم توبة بن الحمير 1326 توزون 144 التوزي أبو محمد- عبد الله بن محمد بن هارون التوزي 799، 931، 1360، 1376 (1546- 1547) ، 2141، 2190، 2233، 2247، 2707 توفلس 2516 توفيق بن محمد الاطرابلسي (770) توفيق بن محمد الدمشقي 2654 (ث) ثابت البناني 1200، 1201 ثابت قطنة 165 ثابت بن ابراهيم البقال 1490 ثابت بن ابراهيم الصابي 144 ثابت بن بندار البقال أبو المعالي 48، 421، 1292 ثابت بن ثمال بن صالح المرداسي 1127 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3154 ثابت بن حزم السرقسطي 2462 ثابت بن الحسين بن شراعة أبو طالب التميمي (1771) ثابت بن سنان الصابىء، أبو الحسن 106، 526، 554 (772- 773) 935، 1774، 1859، 1991، 2229، 2470 ثابت بن عبد العزيز اللغوي (772) ثابت بن علي بن عبد الله الكوفي (771) ثابت بن عمرو بن حبيب (772) ثابت بن قاسم السرقسطي 2191 ثابت بن قرة الطبيب الحراني 292، 2112، 2114، 2332، 2575 ثابت بن محمد الجرجاني ابو الفتوح (773- 774) 175 ثابت بن نصر بن مالك 2198 ثابت بن يحيى الرازي أبو عباد وزير المأمون 561 ثادق (فرس) 1377 الثعالبي- الثعلبي أبو اسحاق الثعالبي أبو منصور، عبد الملك بن محمد 90، 114، 131، 132، 133، 134، 140، 141، 175، 182، 235، 244، 307، 413، 485، 486، 487، 488، 449، 494، 500، 504، 659، 640، 660، 669، 701، 706، 707، 708، 709، 710، 711، 712، 713، 927، 977، 1017، 1040، 1206، 1207، 1522، 1720، 1799، 1839، 1869، 1873، 1874، 1875، 1876، 1886، 1887، 1888، 1889، 1890، 1892 2281، 2336، 2338، 2339، 2344، 2430، 2506 ثعالة المجاشعي 1002، 1004 ثعلب أبو العباس أحمد بن يحيى 5، 40، 41، 44، 46، 50، 56، 58، 62، 78، 90، 114، 165، 201، 206، 225، 227، 231، 294، 380، 411، 418، 438، 440، 441، 457، 458، 461، 471، 520 (536- 554) ، 570، 627، 629، 705، 751، 794، 820، 822، 856، 1034، 1041، 1160، 1277، 1283، 1323، 1375، 1376، 1385، 1400، 1401، 1445، 1520، 1542، 1561، 1578، 1596، 1642، 1672، 1744، 1746، 1747، 1755، 1773، 1784، 1843، 1866، 1876، 1908، 1921، 1922، 1958، 1964، 2001، 2123، 2125، 2126، 2133، 2134، 2143، 2201، 2228، 2235، 2236، 2247، 2254، 2303، 2307، 2309، 2322، 2329، 2336، 2346، 2347، 2436، 2451، 2452، 2471، 2472، 2481، 2486، 2488، 2503، 2505، 2527، 2530، 2531، 2533، 2541، 2544، 2545، 2548، 2556، 2557، 2558، 2572، 2615، 2674، 2677، 2679، 2680، 2682، 2683، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3155 2709، 27462، 2813، 2830، 2856 ثعلبة بن صعير 350 الثعلبي أبو اسحاق، أحمد بن محمد بن ابراهيم (507) ، 996، 1660، 1662، 1663 ثمامة بن أشرس 1064، 1816، 2006، 2184 ثور بن سلمة 2839 ثور بن يزيد 2595 (ج) جابر بن أحمد 1830 جابر بن ح يان 494 جابر بن داود البلاذري 530، 531 جابر بن زيد 28، 1627، 2272 جابر بن زيد بن الصباح العسكري (أبو عباد) 62 جابر بن الصلت البرقي 2145 جابر بن كردي 2596 جابر بن محمد الأنصاري أبو محمد 1704 جابر بن هبة الله (زهير) بن علي 2204، 2206، 2207 الجاحظ عمرو بن بحر الجاحظ، ابو عثمان 24، 249، 258، 259، 279، 358، 666، 836، 878، 923، 1003، 1406، 1409، 1465، 1517، 1580، 1581، 1614، 1755، 1800، 1814، 1827، 1871، (2101- 2122) 2127، 2132، 2157، 2199، 2520، 2649، 2724، 2789، 2845 جارية الراضي 2615 جالوت 110 جالينوس 340، 343، 1368، 2611 الجامع- أبو الحسن الباقولي- علي بن الحسين بن علي الاصفهاني الضرير (1736- 1737) الجبائي أبو علي، محمد الجبائي 1491، 1493، 1821 الجبائي أبو هاشم، عبد السلام بن محمد 1821، 1937، 2490، 2573، 2574، (2858- 2859) جبر بن علي بن عيسى الربعي أبو البركات (776) 1831 جبرئيل بن بختيشوع الطبيب 558 جبريل بن مجاع السمرقندي 621 جبلة بن الأيهم 141، 1168 جبلة بن محمد الكوفي 800 جبلة بن هبيرة 50 جبير بن مطعم 2409، 2410 جحدر بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة 2233 جحظة- أحمد بن جعفر البرمكي أبو الحسن 168، 170 (207- 226) 286، 440، 496، 549، 616، 1409، 1574، 1709، 1717، 1814، 1862، 2014، 2015، 2016، 2017، 2161، 2244، 2298، 2300، 2423، 2424، 2494 جخجخ، عبيد الله بن أحمد بن محمد أبو الفتح (1574) 1922، 2492 الجدي المطجن- عبد اللطيف بن يوسف البغدادي جراب الدولة- أحمد بن محمد أبو العباس- الريح 459 الجرباذقاني أبو بكر 676 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3156 الجرمي أبو عمر، صالح بن اسحاق 758، 931، 1035، 1200، 1360، 1374، (1442- 1444) 1546، 1827، 1829، 2127، 2679 جرول- الحطيئة الشاعر جرير بن أحمد بن أبي دواد 84 جرير بن حازم 1199 جرير (الشاعر) بن الخطفي 29، 120، 258، 7460، 856، 1004، 1232، 1246، 1300، 1546، 2133، 2179، 2219، 2307، 2482، 2511، 2514، 2654، 2708، 2738، 2781، 2785، 2786، 2787، 2788، 2851 جرير بن عبد الحميد 928 الجزولي 1511 جساس بن مرة 1289 جستان بن نوح بن وهسوذان 692 جشم بن عوف بن وائل 775 الجصاص أبو عبد الله 2450 الجعابي أبو بكر- محمد بن عمر 520، 1628، 1670 الجعابي القاضي 364 الجعد الشيباني أبو بكر- محمد بن عثمان بن مسبح 2452 (2569- 2570) جعدة السلمي 1096، 1097 جعفر الطيار بن أبي طالب 1285، 1812، 1855 جعفر بن أحمد 410 جعفر بن أحمد بن الحسين السراج أبو محمد (777- 781) جعفر بن أحمد بن عبد الملك، أبو مروان الاشبيلي- ابن الغاسلة (777) جعفر بن أحمد المروزي أبو العباس (776- 777) جعفر بن اسماعيل بن القاسم القالي (781) جعفر ابن الأندلسية 2667، 2670، 2673 جعفر بن جدلة 410 جعفر بن الحارث 268 جعفر بن حسان بن علي الاسناني 2743 جعفر بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب 1811 جعفر بن الحسين الاطروش العلوي، الناصر 1029، 1030 جعفر بن الحسين أبو القاسم 436 جعفر بن الحسين بن جوهر 1975، 1976 جعفر بن حمدان 283 جعفر بن حيدر العلوي الصوفي أبو المعالي 453 جعفر بن درستويه 2295 جعفر بن سليمان 915، 1518، 2124، 2150 جعفر بن شعيب أبو محمد 141، 714 جعفر بن شمس الخلافة، مجد الملك 2743 جعفر بن عبد الواحد الهاشمي أبو القاسم، قاضي القضاة 649، 849، 851 جعفر بن عثمان المصحفي 2520 جعفر بن عرفة 2450 جعفر بن علي بن أبي طالب 1811 جعفر بن الفضل بن الفرات- ابن حنزابة جعفر بن فناكي 2578 جعفر بن قدامة بن زياد الكاتب، أبو القاسم 595 (788- 790) 1521، 2235 جعفر بن محمد الصادق 251، 1213، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3157 1219، 1452، 2151، 2803 جعفر بن محمد الفريابي 258 جعفر بن محمد بن أحمد بن حدار- أبو القاسم ابن حدار (790- 791) جعفر بن محمد بن الأزهر الاخباري (792) جعفر بن محمد بن حمدان الموصلي، الفقيه ابو القاسم (793- 798) ، 2682 جعفر بن محمد بن الحنفية 1812 جعفر بن محمد بن عمر بن علي 1812 جعفر بن محمد بن فطيرا ابو الحسن- ناظر واسط والبصرة 737 جعفر بن منصور 1158، 2056 جعفر بن موسى، ابن الحداد أبو الفضل (798) جعفر بن نصير 1638 جعفر بن هارون بن ابراهيم الدينوري (798- 799) جعفر بن يحيى البرمكي 11، 607، 608، 1019، 1745، 2125، 2130، 2244، 2295، 2649، 2781، 2828 جلال الدولة بن بهاء الدولة البويهي، شاهنشاه الأعظم 524، 1946، 1955، 1986 جلال الدولة ابن صدقة الوزير- الحسن بن علي ابن صدقة جلال الدولة علي بن عمار 586 جلد بن جمل الراوية (779) جم (الفارسي) 129 الجماز 68، 758، 946، 2105، 2106، 2142 جمال الدين ابن القفطي- القاضي الأكرم جمال الدين (ممدوح البلطي) 1621 جمال الدين الاصبهاني الوزير الجواد- محمد بن علي بن أبي منصور أبو الفرج 869، 1370، 1758 الجمان (ناقة) 1173 جمل (في الشعر) 864 الجمل المصري- الحسين بن عبد السلام أبو عبد الله جميل بثينة 615، 1184، 1326، 1445، 1522 جميل بن تمام 1775 جميلة (غلام) 1849، 1850 جناد بن واصل الكوفي (أبو محمد، ابو واصل) 624، 745 (799- 800) 745 جنادة بن محمد بن الحسين الهروي، أبو اسامة 87 (800- 801) 1922، 2579 جنان 1708 جني (والد أبي الفتح) 1585 الجنيد 1570 جهبل 1051 الجهرمي- الحسين بن أحمد 912 الجهشياري، محمد بن عبدوس 85، 86، 188، 195، 283، 429، 454، 531، 532، 563، 565، 929، 1631، 2004، 2005، 2054، 2058، 2099، 2219، (2568- 2569) جهم بن خلف المازني (801- 802) جهم بن صفوان (رأس الجهمية) 2256 الجهمي 2250 الجواليقي، اسحاق بن موهوب 737 الجواليقي، اسماعيل بن موهوب ابن محمد 449، 728، (736- 737) ، 1250، 2736 الجواليقي (موهوب بن أحمد بن الحسن بن الخضر الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3158 أبو منصور) 35، 55، 421، 449، 736، 803، 818، 847، 1332، 1348، 1350، 1494، 1591، 1595، 1634، 1666، 1667، 1794، 1831، 1964، 1965، 1967، 2374، 2570، 2576، 2641، (2735- 2737) 2748، 2817، 2824 جوان (اسم أعجمي) 1051 جوان بن دست الباهلي 67 جودي بن عثمان (802) جوسلين 2654 الجوصي، أبو عمر 2174 جونقا، علي بن الهيثم الكاتب (2003- 2008) ، 2789 جوهر الصقلي 808، 2667 الجوهري (بمصر) 2676 الجوهري، أبو الحسن 706، 708 الجوهري أبو نصر، اسماعيل بن حماد الفارابي 69، 177، 618، 619، 620، (656- 661) 1510، 1669، 1460، 2437، 2696 جويبر بن سعيد 622 جويرية بنت أبي سفيان 474 الجويني فخر الكتاب الحسن بن علي أبو علي 923 (940- 941) 1569، 1998، 1999، 2000، 2001 الجياني 1388 الجيهاني أبو عبد الله، محمد بن أحمد بن نصر (2317- 2319) الجيهاني أبو علي، محمد بن أحمد بن جيهان 274 (ح) حاتم الطائي 1326، 1472، 1627، 2583، 2626 حاتم بن الفرج 107 حاتم بن وردان 1982 الحاتمي أبو علي 2557، 2558، 2559 الحاجب النيسابوري 1895 حاجب النعمان أبو عبد الله 1567 حاجب بن زرارة 588 حاجب بن عمر أبو خ شينة 2142 الحادرة 2219 الحارث الديلي 696 الحارث بن أبي سامة 727، 745، 854، 855، 1642، 1852، 1856، 2190، 2303، 2305 الحارث بن أبي شمر الغساني 1167، 1169 الحارث بن بسخنر الزريم المغني 74 الحارث بن حلزة 266، 267 الحارث بن خالد المخزومي 759 الحارث بن سريج النقال 2410 (الحارث) بن ظالم 1309 الحارث بن عباد 321 الحارث بن عبد المطلب 1855 الحارث بن عوف بن وائل 775 الحارث بن مالك بن عمرو بن تميم (الحرماز) 931 الحارث بن محمد الأموي 2404 الحارث بن مضاض 807 الحافظ الفاطمي 1972 الحاكم الفاطمي (العبيدي) 98، 99، 519، 782، 800، 801، 808، 1094، 1095، 1102، 1103، 1104، 1105، 1733، 1975، 1976، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3159 1989، 2426 الحاكم محمد بن عبد الله بن البيع النيسابوري أبو عبد الله 51، 92، 173، 223، 234، 256، 389، 461، 463، 487، 488، 556، 557، 619، 620، 621، 660، 721، 722، 723، 1206، 1272، 1508، 1569، 1628، 1668، 1796، 1958، 1990، 2151، 2177، 2257، 2295، 2296، 2345، 2399، 2400، 2401، 2401، 2434، 2543 الحاكم أبو سعد ابن دوست 2347 حالان أبو عبد الله ابن الفقيه- احمد بن محمد ابن اسحاق حام بن نوح 2092 حامد بن شعيب البلخي 368 حامد بن العباس الوزير 120، 193، 194، 295، 296، 2675، 1865 حامد بن محمد الرفاء الهروي 2795، 2345 حامد بن محمد أبو الريان الوزير 140 الحامض- أحمد (حمدون) بن عبد الله الهاشمي الحامض أبو موسى (سليمان بن محمد بن أحمد) 55، 56، 851، 914، (1400- 1401) 2126 حبى المدنية 1003 الحبال أبو اسحاق (ابراهيم بن سعيد) 784، 786، 787، 932، 1970، 1987 حبشي بن محمد الضرير الواسطي 2699 حبشي بن محمد بن شعيب الشيباني أبو الغنائم (803- 804) حبيب (أم محمد بن حبيب) 24 حبيب العطار 2781 حبيب بن أبي ثابت 1219، 1341 حبيب بن أوس- أبو تمام حبيش 1856 حبيش بن عبد الرحمن (أبو قلابة الجرمي) (804- 805) حبيش بن موسى الصيني (805) حجاج بن المسيح الأسواني 403 حجاج بن المنهال 1795 الحجاج بن يوسف الثقفي 27، 33، 466، 914، 1025، 1317، 1318، 1363، 1364، 1476، 1547، 1856، 2113، 2540، 2709، 2781، 2836 حجر النار الهاشمي 67 حجر بن أحمد الجويمي 2498 حجر بن عدي 367، 2253، 2750 حجر بن محمد بن محمد بن حجر 2054 حجي بن عبيد الله 1667 حدان بن شمس بن عمرو 1982 الحداني البصري 1982 حديد بن جعفر الرماني، أبو نصر 932 حذيفة بن بدر الفزاري 2108 حذيفة بن اليمان 832 حرب بن أمية 1453 حرب بن خالد بن يزيد 1248، 1282 حرب بن شداد 1423 الحربي- ابراهيم بن اسحاق الحربي حرملة بن المنذر- أبو زبيد الطائي حرملة بن يحيى التجيبي 2412 حريث بن جبلة العذري 1582 حريث بن محفض 914 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3160 الحريري (صاحب المقامات) 867، 1340، 1461، 1495، 1506، 1511، 1544، 1551، 1616، 1617، 1692، 2180، (2202- 2216) 2218، 2731، 2388، 2349 الحزامي 2115 حزقيل 2696 الحزنبل 626، 1750 حسام الدولة ابن أبي الشوال 1397 حسام الدولة أبو العباس تاش الحاجب 1800، 2185 حسان بن ابراهيم بن عطار (جد أحمد بن الحارث الخراز) 228 حسان بن أنو شروان 2182 حسان بن ثابت 141، 615، 670، 893، 1276، 1326، 1855، 2017، 2018، 2088، 2194، 2481 حسان بن سعد 1187، 1188 حسان بن عمرو بن قيس الحميري 1476 حسان بن مالك بن أبي عبدة (806- 807) حسان بن محمد الفقيه أبو الوليد 2411 حسان بن محمد بن عيسى بن شيخ 428، 2402، 2697 حسان بن المفرج الطائي 1094 الحسن البصري أبو سعيد 17، 23، 25، 27، 756، 464، 879، (1023- 1025) 1200، 1288، 1317، 1318، 1386، 1423، 1477، 2113، 2118، 2233، 2400، 2401، 2454، 2457، 2788، 2794 حسن المغنية 1279 الحسن النحوي (يروي عنه المرزباني) 755 الحسن النعماني- الحسن بن الخطير الحسن بن ابراهيم الآمدي أبو علي 380 الحسن بن ابراهيم النصراني الخازن أبو علي 981، 982، 983 الحسن بن أبي الشوارب، قاضي القضاة 649 الحسن بن أبي الفتح بن حمزة الهمذاني أبو القاسم 40، 89 الحسن بن أبي المعالي بن مسعود الحلّي (ابن الباقلاني النحوي) (1207) الحسن بن أحمد الاستراباذي، أبو علي (825) الحسن بن أحمد الأعرابي- الأسود الغندجاني النسابة الحسن بن أحمد السمرقندي أبو محمد 2361 الحسن بن أحمد المقرىء أبو علي الحداد 49، 1702 الحسن بن أحمد بن أبي الناس العسقلاني 1989 الحسن بن أحمد الثلاج 1921 الحسن بن أحمد بن الحسن العطار (أبو العلاء الحافظ الهمذاني) (825- 840) 861، 1601 الحسن بن أحمد بن الحسين الحاسب الفلكي، أبو الصقر 231 الحسن بن أحمد بن حمولة أبو علي 179، 180، 181، 694 الحسن بن أحمد بن شاذان 421 الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسي- أبو علي الفارسي الحسن بن أحمد بن عبد الله النيسابوري 823 الحسن بن أحمد بن يعقوب- الهمداني صاحب الاكليل الحسن بن اسحاق بن أبي عباد اليمني 70 (840- 841) الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3161 الحسن بن أسد بن الحسن الفارقي أبو نصر (841- 847) الحسن بن الباقلاوي الحلي 2263 الحسن بن بشر أبو علي 2004 الحسن بن بشر الآمدي أبو القاسم 2328، 2329 الحسن بن جعفر بن درستويه (اخو ابن درستويه) 820 الحسن بن جعفر بن عبد الصمد بن المتوكل 779، 1732، 1965 الحسن بن الحارث الحسوني 505 الحسن بن حبيب الحظائري 492 الحسن بن حبيب الدمشقي 2402 الحسن بن الحسن بن الحسن بن علي 1811 الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب 1811 الحسن بن الحسين التميمي 231 الحسن بن الحسين السكري أبو سعيد- السكري أبو سعيد الحسن بن الحسين العلوي 281 الحسن بن الحسين النعال 1717 الحسن بن الحسين بن الصواف 2461 الحسن بن الخطير (الظهير، أبو علي الفارسي، الحسن النعماني) (857- 860) الحسن بن داود الرقي أبو علي (860) الحسن بن داود القرشي أبو علي (النقاد المقرىء) (860- 861) الحسن بن دغفل 1288 الحسن بن رجاء بن الدهان اللغوي 2560، 2823 الحسن بن رشيق- ابن رشيق القيرواني الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب 1811، 1857 الحسن بن سعد الآمدي اللغوي أبو علي (1062- 1063) الحسن بن سعيد الفارسي أبو العباس 483، 484 الحسن بن سعيد القشيري 936 الحسن بن سليمان 856، 1031 الحسن بن سليمان الخجندي 1961 الحسن بن سليمان بن أبي طالب الحلواني (1390- 1391) الحسن بن سهل ذو الرياستين 165، 667، 1019، 1068، 1409، 1814، 2064، 2065، 2066، 2067، 2131، 2499 الحسن بن سهل بن عبد الله الايذجي 2175، 2176 الحسن بن شهاب، أبو علي العكبري (866) الحسن بن صافي أبو نزار (ملك النحاة) (866- 873) 1610، 1689، 1758، 1964 الحسن بن ضمرة 2419 الحسن بن عبد الرحمن بن حماد القاضي 663 الحسن بن عبد الرحمن بن خلاد الرامهرمزي القاضي أبو محمد (923- 927) الحسن بن عبد الله أبو علي- لغدة الاصبهاني حسن بن عبد الله الزبيدي 2593 الحسن بن عبد الله العثماني، أبو علي النيسابوري (922- 923) الحسن بن عبد الله بن سهل- العسكري ابو هلال الحسن بن عبد الله بن مذحج الزبيدي 2519 الحسن بن عبيد الله بن سليمان بن وهب 271، 540، 792 الحسن بن عثمان بن حماد، أبو عثمان الزبادي (928- 930) الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3162 الحسن بن عرفة 2473 الحسن بن علويه القطان 622، 729 الحسن بن علي أبو سالم 537 الحسن بن علي الاسكافي أبي منصور (أبو البدر، ابن أبي منصور 666، (957- 961) الحسن بن علي الاهوازي 1601، 2444 الحسن بن علي التميمي أبو علي 838 الحسن بن علي الجوهري أبو محمد 1486 الحسن بن علي الحرمازي (931- 932) الحسن بن علي السميري أبو عبد الله القاضي 720، 721 الحسن بن علي العسكري أبو محمد 106، 165 الحسن بن علي الغندجاني 2321 الحسن بن علي المجولي 2387 الحسن بن علي المدائني النحوي (932) الحسن بن علي المهلبي 2254 الحسن بن علي بن ابراهيم البكري 2497 الحسن بن علي بن ابراهيم الصقلي (938) الحسن بن علي بن ابراهيم أبو محمد- القاضي المهذب ابن الزبير الحسن بن علي بن ابراهيم القطان الحسن بن علي بن ابراهيم المقرىء- ابن شاهويه المقرىء الحسن بن علي بن أبي طالب 44، 45، 105، 110، 281، 352، 923، 1475، 1811، 2311، 2316، 2759، 2792، 2841 الحسن بن علي بن أحمد الشتري 913 الحسن بن علي بن باري الواسطي أبو الجوائز 88، 1776 الحسن بن علي بن بحر السقطي التستري ابو سعيد 913، 915 الحسن بن علي بن بركة أبو محمد المقرىء (939- 940) الحسن بن علي بن الجعد 928 الحسن بن علي بن الحسن أبو عبد الله- ابن مقلة الحسن بن علي بن خلف- البربهاري الحسن بن علي بن زكريا العدوي أبو سعيد 418 الحسن بن علي بن سعد الزاميني أبو علي 619 الحسن بن علي بن صدقة الوزير (جلال الدولة) 1688، 1689 الحسن بن علي بن عبد الله العلوي أبو الفضل صاحب العوجاء 1780 الحسن بن علي بن عبيدة الكرخي 1572 الحسن بن علي بن عمر أبو محمد ابن المصحح (932- 933) الحسن بن علي بن غسان ابو عمرو (الشاكر البصري) (971- 972) الحسن بن علي بن محمد القطان ابو علي الهرمزي (961- 970) الحسن بن علي بن الوليد (ابن الحلاب النحوي) (1106) الحسن بن عليل العنزي ابو علي 63، 529 (935) ، 1485، 1520، 2135 الحسن بن عمر المراغي، أبو علي (972) الحسن بن عمرو الحلبي- ابن دهن الحصى الحسن بن عمرو النجيرمي- النجيرمي أبو محمد الحسن بن القاسم الرازي أبو علي (975) الحسن بن القاسم بن علي الواسطي- غلام الهراس (999) الحسن بن القاسم بن مهرويه 2110 الحسن بن مالك أبو العالية الشامي (975- 976) ، 2346 الحسن بن محمد الاصبهاني 1907 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3163 الحسن بن محمد التميمي التاهرتي- ابن الربيب (998- 999) الحسن بن محمد الداركي 782 الحسن بن محمد السهواجي، أبو علي (995) الحسن بن محمد الصنعاني النحوي (1015- 1016) الحسن بن محمد الصوفي البلخي- أبو الوليد الدربندي 309 الحسن بن محمد الطبري أبو علي 981 الحسن بن محمد العسقلاني أبو علي- ابن أبي الشخباء- المجيد ذو الفضيلتين الحسن بن محمد الكرابيسي البستي أبو مسعود 488 الحسن بن محمد المهلبي- الوزير المهلبي الحسن بن محمد الوزيري أبو محمد 275، 276، 277، 278، 279 الحسن بن محمد بن الحسن بن حبيب أبو القاسم الواعظ (996- 997) الحسن بن محمد ابن حمدون أبو سعد (1012- 1014) الحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني 2448 الحسن بن محمد بن عزيز، أبو منصور اللغوي (999) الحسن بن مخلد 219، 220، 221، 225، 283، 284، 566، 2093، 2422 الحسن بن المظفر النيسابوري، ابو علي (1016- 1018) 1660 الحسن بن الملك المعظم علي بن الناصر لدين الله 2392 الحسن بن منصور الجزري أبو سعيد 449، 2805 الحسن بن مهرجان 1869 الحسن بن ميمون النصري (1018) الحسن بن نصر البازيار 1033 الحسن بن هارون بن نصر أبو علي 981 الحسن بن هبة الله بن الدوامي فخر الدين 2264 الحسن بن هبة الله بن صصري 1702 الحسن بن هبة الله بن عساكر (والد الحافظ) 1698 حسن بن وشمكير 692 الحسن بن وهب، أبو علي 77، 269، (1019- 1022) 2245 الحسن بن وهب الموصلايا (1023) الحسن بن يعقوب بن أحمد النيسابوري أبو بكر 619، 660، 661 (1027) 2169 حسنون المصري 1733 حسنون بن جعفر السهمي (1177) حسنون ولد ابن الحاج القرطبي 1528 الحسين الارموي التاجر 866 حسين الجعفي 1219 حسين (الخادم) 598، 2711 الحسين الخوزي 2560 الحسين الفلاس 2412 حسين الكرابيسي 389 الحسين الكلّابي المتكلم أبو عبد الله 685 الحسين المحاملي 41 الحسين بن ابراهيم الحسيني الزينبي ابو عبد الله، 808، 809 الحسين بن ابراهيم النطنزي ابو عبد الله- ذو اللسانين (1028) الحسين بن ابراهيم بن الحسين الجوزقاني ابو عبد الله 834 الحسين بن ابراهيم بن خطاب، ابو عبد الله (1028- 1029) الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3164 الحسين بن أبي السرح الاخباري 460 الحسين بن أحمد الزوزني، أبو عبد الله (1038) الحسين بن أحمد السلامي البيهقي أبو علي 202، 253، 254، 708، (1029- 1030) 2298، 2346، 2402 الحسين بن أحمد السهواجي (مرّت له ترجمة باسم الحسن) (1149- 1150) الحسين بن أحمد بن بطويه، أبو عبد الله (1038- 1039) الحسين بن أحمد بن الحسين الحاسب الفلكي 231 الحسين بن أحمد بن الحسين- أبو غالب القاضي 920 الحسين بن أحمد بن سهل البلخي 281 الحسين بن أحمد بن محمد بن طلحة النعالي 1292 الحسين بن أحمد بن نصر أبو عبد الله 1597 الحسين بن أحمد بن يعقوب- ابن الدمينة- الهمداني صاحب الاكليل الحسين بن اسحاق الدقيقي 270، 936، 2797 الحسين بن اسماعيل المحاملي 2156 الحسين بن بشر الكاتب المصري 1736 الحسين بن بهار 721 الحسين بن جوهر القائد 1975 الحسين بن حبيش الوراق 2462 الحسين بن الحسن الرازي 1359 الحسين بن الحسن الواساني أبو القاسم (1049- 1061) الحسين بن دريد 2491 الحسين بن زيد بن علي العلوي 1780 الحسين بن الضحاك، الخليع أبو علي 370 (1063- 1070) ، 2277 الحسين بن عبد الرحمن الغريبي ابو علي (1091) الحسين بن عبد الرحمن الغزي 2234 الحسين بن عبد الرحيم بن الوليد الكلابي- ابن أبي الزلازل أبو عبد الله (1129- 1130) الحسين بن عبد السلام- الجمل المصري أبو عبد الله (1130- 1131) الحسين بن عبد الله بن أحمد ابو الفتح- ابن أبي حصينة المعري الحسين بن عبد الواحد بن محمد القنسريني 2070 الحسين بن عبيد الله بن سليمان 1861 الحسين بن عبيد الله بن العباس بن علي 1812 الحسين بن علي (ببلخ) 2652 الحسين بن علي الباقدرائي ابو عبد الله 1142 الحسين بن علي الباقطائي، ابو عبد الله 82 (1091- 1092) 2003 الحسين بن علي البصري ابو عبد الله 1575 الحسين بن علي البغدادي ابو القاسم 218 الحسين بن علي الجوهري أبو محمد 2260 الحسين بن علي الحافظ ابو علي 2830 الحسين بن علي الرهاوي 484 الحسين بن علي الصيمري 2583 الحسين بن علي الكاتب أبو علي 439، 656 الحسين بن علي المروروذي 274 الحسين بن علي النمري، ابو عبد الله (1092- 1093) الحسين بن علي بن ابراهيم القطان 1643 الحسين بن علي بن أبي طالب 110، 126، 176، 281، 306، 352، 407، 658، 923، 1285، 1287، 1338، 1355، 1475، 1505، 1811، 2146، 2147، 2253، 2316، 2361، 2750، 2841 الحسين بن علي بن أحمد الطيبي النديم- نديم الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3165 المستنجد بالله- ابن شبيب الطيبي (1132- 1134) الحسين بن علي بن أحمد بن البسري 1292 الحسين بن علي بن الحسين، ابو الفوارس- ابن الخازن (1105- 1106) الحسين بن علي بن الحسين أبو القاسم- الوزير المغربي الحسين بن علي بن الحسين السلوي 1812 الحسين بن علي بن خليفة 1758 الحسين بن علي بن داعي العلوي النيسابوري ابو عبد الله النسابة (1106) الحسين بن علي بن زكريا العدوي 729 الحسين بن علي بن كوجك العبسي 1733، 2278 الحسين بن علي بن محمد الديباج 652 الحسين بن علي بن محمد- الطغرائي أبو اسماعيل المنشىء مؤيد الدين الحسين بن علي بن ممويه- ابن قم الزبيدي أبو عبد الله (1134- 1141) الحسين بن عقيل بن محمد البزار الواسطي (1131- 1132) الحسين بن الفضل البجلي 257 الحسين بن فهم 752، 2541 الحسين بن القاسم بن عبيد الله 111، 1861 الحسين بن محمد- المستور النحوي ابو الفرج (1151- 1152) الحسين بن محمد الأنباري أبو علي 144 الحسين بن محمد الخشنامي أبو علي 236، 244 الحسين بن محمد القمي الشيخ العميد (والد أبي الفضل) 1149 الحسين بن محمد الكتبي الهروي 2322 الحسين بن محمد بن أحمد التبرجيدي (الأصمعي الصغير) (1141) الحسين بن محمد بن جعفر الرافقي (الخالع) (1146- 1147) الحسين بن محمد بن الحسين (ابن سهلويه الكاتب أبو العلاء) (1153- 1156) الحسين بن محمد بن الحسين- الضرّاب الصوري ابو عبد الله (1156) الحسين بن محمد بن الحسين التجيبي القرطبي (ابن حي القرطبي) (1148- 1149) الحسين بن محمد بن خلف المقرىء 521 الحسين بن محمد بن عبد الرحمن- ابن فهم- ابن محرز أبو عبد الله (1153) ، 1388 الحسين بن محمد بن عبد الوهاب- البارع الدباس الحسين بن محمد بن فيره الصدفي الحافظ أبو علي 397، 1388، 2647، 2676 الحسين بن محمد بن مهرويه ابو العلاء 815 الحسين بن محمد بن موسى الفراء أبو صالح 95 الحسين بن مردويه الفارسي 879 الحسين بن مسعود الصرام 661 الحسين بن مطير الاسدي (1157- 1162) الحسين بن معاذ 257 الحسين بن الملك المعظم علي بن الناصر لدين الله 2392 الحسين بن هبة الله- ابن زاهر الموصلي- دهن الحصى ابو علي (1162) الحسين بن هداب الديري- النوري الضرير أبو عبد الله (1163) الحسين بن الوليد بن نصر- ابن العريف الأندلسي الحصري الأعمى عبد الغني 282 حصن (في شعر النابغة) 2513 حصن بن ربيعة بن صعير- لسان الحمرة حصين بن أبي الحر العنبري 1629 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3166 الحصين بن قيس بن قنان 1019 الحطيئة الشاعر 856، 1136، 1225، 2067، 2088، 2277، 2785، 2786 الحظيري الوراق دلال الكتب- سعد بن علي بن القاسم أبو المعالي (1349- 1352) ، 2627، 2654 حفاظ بن الحسين 1775 حفص الأموي مولاهم الشاعر (117- 1180) حفص الصنعاني 1700 حفص الفرد 1853 حفص بن سليمان بن المغيرة أبو عمر البزاز القارىء، (1180) حفص بن عمر العنبري (ابن أبي ودة) (1181) حفص بن عمر بن عبد العزيز، أبو عمر الدوري (1180- 1181) حفصة (أم المؤمنين) 2779 حفصة بنت الحاج الركوني (1182- 1185) حفصويه كاتب الخراج (1185) الحفصي 1666 الحكم الخضري (الحكم بن معمر بن قنبر) (1191- 1193) الحكم المستنصر 164، 295، 464، 470، 729، 730، 731، 2294، 2434، 2519، 2521، 2580، 2592، 2717، 2718، 2721 الحكم بن أبي العاص 1855 الحكم بن عبدل (1185- 1191) ، 2760 الحكم بن عبد الله بن الأعرج 2142 الحكم بن عتيبة 1219، 2272 الحكم بن عوانة الكلبي 2134 الحكم بن مروان 1217، 1218 الحكم بن موسى السلولي الراوية (1193) حكيم بن حزام 50 حكيم بن عياش- الاعور الكلبي (1195- 1196) الحلاج 106، 108 الحلواني- الحسن بن سليمان بن أبي طالب حماد الخزربك 2256 حماد الراوية (حماد بن ميسرة بن المبارك الديلمي) 799، 1181، 1197، (1201- 1205) 1255، 1256، 2710 حماد عجرد (حماد بن عمر بن يونس الكوفي) 615 (1196- 1198) حماد بن اسحاق الموصلي أبو الفضل 604، 610، 615، 788، (1196) 1860، 2006، 2231، 2706 حماد بن اسحاق بن اسماعيل الازدي 649 حماد بن الحمادي ابو يحيى 723 حماد بن دليل ابو زيد 936 حماد بن زائد 1630 حماد بن الزبرقان 1197 حماد بن زيد 928، 1024، 1199، 1201، 1220، 1474، 1545 حماد بن سلمة بن دينار البصري 28 (1198- 1201) 1474، 1545، 1630، 2123، 2541، 2802 حماد بن مدرك 2295، 2769 حماد بن ميسرة 615 الحمار- سعيد بن فتحون السرقسطي 124 حماس بن ثامل مولى عثمان (1205) حمامي بن واسع 2491 حمد (غلام) 1145 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3167 حمد (خصم ابن العميد) 1895 حمد بن أحمد بن ابراهيم الحكيمي 1573 حمد بن الحسين ابو علي وزير منوجهر (1211) حمد بن محمد بن ابراهيم الخطابي- أحمد بن محمد الخطابي ابو سليمان حمدان الزامر 408 حمدان بن أبان اللاحقي 2105 حمدان بن عبد الرحيم (ابن أخي حمدان الطبيب) 1208 حمدان بن عبد الرحيم الأثاربي أبو الفوارس (1208- 1210) حمدان بن ناصر الدولة 1357 حمدة الوادياشية- حمدة (أو حمدونة) بنت زياد (1211- 1213) حمدون النحوي (النعجة) 2860 حمدون النديم 170 حمدون (نديم المتوكل) 1013 حمدون- ابراهيم بن اسماعيل (167- 168) الحمدوني 2179 حمدويه الأحول 2797 الحمديجي 121 حمران بن أعين بن سنبس ابو عبد الله (1213) 1219 حمزة ابن أبي سلالة الشاعر 1244 حمزة بن بيض الحنفي الكوفي (1215- 1219) 2759 حمزة بن حبيب الزيات المقرىء أبو عمارة 521، 1213، (1219- 1220) 1273، 1578، 1738، 1739، 1741، 2160، 2171، 2455، 2474، 2537، 2842 (2855- 2856) حمزة بن الحسن الاصبهاني 59، 128، 129، 227، 263، 264، 293، 407، 408، 432، 540، 621، 758، 766، 873، 874، 875، 876 (1220- 1221) ، 1260، 1307، 1579، 1753، 1976، 1981، 2229، 2230، 2247، 2311، 2314، 2436، 2437، 2438 حمزة بن الحسين بن العباس الدمشقي أبو يعلى 1124، 1125 حمزة بن عبد الله بن الزبير 1647 حمزة بن عبد المطلب 1285، 1812 حمزة بن علي العين زربي (1221- 1222) حمزة بن علي بن طلحة الرازي كمال الدين ابو الفتوح (1757) 2262 حمزة بن محمد بن طاهر الدقاق 2615 حمزة بن يوسف السهمي 783 الحميد- نوح بن نصر الساماتي حميد الطويل 94، 622، 1199، 1200، 2758 حميد بن اسحاق الموصلي 615 حميد بن ثور الهلالي (1222- 1225) حميد بن الربيع الخراز 2404 حميد بن مالك الأرقط (1225- 1226) 1235 حميد بن مالك ابن منقذ- مكين الدولة أبو الغنائم (588- 589) (1226- 1227) حميد بن مهران 1668 حميدة بنت النعمان بن بشير (1227- 1228) الحميدي (صاحب جذوة المقتبس) 123، 164، 181، 204، 261، 268، 358، 422، 464، 469، 472، 473، 474، 475، 508، 509، 730، 731، 746- 747، 749، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3168 769، 773، 774، 784، 802، 1440، 1584، 1601، 1603، 1648، 1649، 1659، 1720، 1755، 1922، 1990، 2116، 2190، 2191، 2337، 2350، 2351، 2479، 2480، 2519، 2520، 2521، 2522، 2526 (2598- 2600) حنزابة (حماة المحسن بن الفرات) 781 حنش الصنعاني 1700 حنظلة النسابة 1453 حنظلة بن نصر 1751 حنين الحيري 615، 1386 حنين بن اسحاق المتطبب 292، 1368، 2488 حوّاء (أم البشر) 115 الحوفزان (قاتل الملوك) 1289 حويصة 2399 حيان بن حكيم العبدي 2361 حيدر بن وهوزان 692 حيدرة- علي بن أبي طالب حيدرة بن أبي الغنائم العلوي (1229) حيدة اليمني- علي بن سليمان النحوي الحبص بيص (سع د بن محمد الصيفي) 528، 873 (1352- 1355) 1964، 2642 (خ) خاتون 1242 الخارزنجي 2255 خاقان بن غرطوج 2158 خالد (بحضرة الشعبي) 1479 خالد الزبيدي الشاعر (1230- 1231) خالد الكاتب 46، 211، 920 خالد النجاد 1547 خالد بن أبان الكاتب الأنباري 2003، 2004 خالد بن أسيد 1737، 2733، 2837 خالد بن برمك 1019، 1047، 2060، 2129 خالد بن خداش أبو الهيثم (1231) خالد بن سنان 667 خالد بن صفوان التميمي ابو صفوان 1225 (1231- 1236) 1411، 1858، 2793 خالد بن طليق الخزاعي (1236) خالد بن عبد الرحمن بن محمد البرقي 431 خالد بن عبد الله العشري 1217، 1231، 2129، 2253، 2792 خالد بن قيس 2234 خالد بن كلثوم الكلبي (1236- 1237) خالد بن المهاجر بن خالد بن الوليد 1227 خالد بن الوليد 50، 915، 1002، 1853، 2141، 2654، 2796 خالد بن يزيد- خالويه المكدي (1241- 1243) خالد بن يزيد الأنصاري 838 خالد بن يزيد الكاتب، أبو الهيثم (1243- 1245) خالد بن يزيد المراري أبو الهيثم (1237- 1238) خالد بن يزيد بن مزيد الشيباني 1237 خالد بن يزيد بن معاوية (1238- 1241) 1628، 1858، 2054 الخالدي 894 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3169 الخالدي 2240 الخالدي (صاحب كتاب الديارات) 425 الخالدي (يروي عن جحظة) 286 الخالدي أبو بكر 1377 الخالدي أبو عثمان- سعيد بن هاشم (1377- 1379) الخالديان 1343 الخالع أبو عبد الله الحسين الشاعر 794، 1784، 1785، 1786، 1787، 1788، 1789، 1872، 1949، 2036، 2037، 2048، 2049، 2329، 2330 الخالع- الحسين بن محمد بن جعفر الرافقي الخباز البلدي- محمد بن أحمد بن حمدان 2283 الخبز أرزي (نصر بن أحمد بن نصر البصري) (2745- 2747) ختن ثعلب- أحمد بن جعفر الدينوري أبو علي الخثعمي الكاتب (كاتب ابن كامة) 1901 الخجندي (صاحب مسائل خالف فيها الجبائي) 1493، 2769 الخجندي محمد بن عبد اللطف 2623 الخدب- أبو بكر ابن طاهر 1969 خداش بن بشر- البعيث الشاعر خذيان بن حامس الفرغاني 1493 خراش بن اسماعيل العجلي النسابة (1247) الخرائطي أبو بكر 492 خرداذبه 1573 خرقة بن نباتة الكلبي الشاعر (1247- 1249) خرم (اسم اعجمي) 1051 الخريبت بن راشد 1205، 2253 الخريمي الشاعر أبو يعقوب، اسحاق ابن حسان الخريمي 2006، 2007، 2066، 2789، 2791 خزيمة بن محمد الأسدي النحوي (1249) خزيمة بن مدركة الأسدي 1186 خشاف (اللغوي الكوفي) 2232 الخشني 204، 757 الخصيب بن أسلم الباهلي 227، 228، 873، 874 الخصيب بن عبد الحميد (صاحب مصر) 200، 530، 531 الخضر بن ثروان الثعلبي أبو العباس (1249- 1250) الخضر بن داود 269 الخطابي أبو سليمان- أحمد بن محمد بن ابراهيم الخطابي الخطفي (جد جرير) 29 الخطيب الاسكافي، محمد بن عبد الله (2549) الخطيب الأقطع ابو الحسن 1964 الخطيب البغدادي (صاحب تاريخ بغداد) 40، 41، 52، 91، 92، 119، 160، 188، 208، 214، 229، 262، 263، 269، 360، 364، 365، (384- 396) 420، 453، 457، 462، 508، 520، 521، 537، 546، 547، 550، 551، 556، 620، 621، 622، 623، 627، 647، 648، 649، 650، 727، 732، 758، 777، 788، 811، 824، 866، 876، 877، 893، 913، 936، 1131، 1238، 1283، 1388، 1576، 1577، 1646، 1738، 1739، 1740، 1819، 1845، 1846، 1872، 1987، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3170 1990، 2054، 2062، 2097، 2123، 2157، 2159، 2259، 2356، 2303، 2306، 2307، 2309، 2323، 2324، 2327، 2411، 2420، 2441، 2442، 2443، 2445، 2469، 2471، 2473، 2478، 2490، 2491، 2492، 2494، 2500، 2501، 2503، 2504، 2505، 2556، 2557، 2558، 2559، 2576، 2583، 2596، 2599، 2745، 2779، 2783، 2824 الخطيب الحصكفي، يحيى بن سلامة بن الحصين (2818- 2819) خطيب القلعة الفخرية- الخطيب الاسكافي الخطير- المهذب بن أبي المليح مماتي الخفاف أبو عمرو 507، 647، 723 خفاف بن ندبة 1557 خلاد الاحول 1739 خلاد المقرىء 2455 خلاد بن يزيد الأرقط الباهلي أبو عمرو (1252- 1253) خلافة (جارية) 2303 خلال جد أبي العيناء 228 الخلال أبو عمر ابن جعفر 2426 الخلال أبو محمد 777 خلف الأحمر 32، 801، (1254- 1258) 1312، 1385، 1454، 2148، 2149، 2246، 2490، 2710، 2851 خلف بن ابراهيم الحصار 2815 خلف بن أحمد القيرواني الشاعر (1254) خلف بن أحمد ملك سجستان (1258- 1259) خلف بن أحمد بن أبي جعفر 268 خلف بن حيان بن محرز- خلف الأحمر خلف بن محمد الخياط أبو بكر 418 خلف بن محمد بن علي الواسطي أبو محمد 913 خلف بن المختار الاطرابلسي (1259) خلف بن هشام البزار 1153، (1259) 1359، 1738، 1739، 2504 الخلنجي القاضي- عبد الله بن محمد 172 خلوب (جارية) 1928 الخليع- الحسين بن الضحاك الخليع الشاعر مطيع ابن اياس 1197، 1198 خليفة (يروي عن الرسول) 2412 خليفة الزمخشري- ناصر بن عبد السيد المطرزي خليفة بن خياط 747 الخليل ابراهيم 1659 الخليل النوشجاني 2250 الخليل بن أحمد الخليلي أبو يعلى 1642 الخليل بن أحمد السجزي أبو سعيد 5 (1271- 1274) الخليل بن أحمد الفراهيدي 20، 23، 122، 267، 330، 461، 462، 540، 541، 596، 666، 744، 746، 824، 886، 968، 1199، (1260- 1271) ، 1292، 1317، 1360، 1382، 1466، 1471، 1531، 1545، 1549، 1738، 1744، 1745، 1981، 1982، 1991، 2123، 2124، 2128، 2129، 2141، 2151، 2193، 2228، 2229، 2231، 2246، 2253، 2254، 2255، 2256، 2257، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3171 2294، 2313، 2403، 2436، 2473، 2486، 2488، 2495، 2518، 2539، 2548، 2572، 2649، 2698، 2731، 2758، 2827 الخليل بن عبد الله الحافظ 2173 الخليل بن محمد الخطيب أبو سعد 488 الخليلي 678، 686، 687 خمار (اسم أعجمي) 1051 خمار التركي 1279 خمارويه بن أحمد بن طولون ابو الجيش 560، 629، 2470 خمرة المجنونة 155 خميس بن علي الحوزي أبو الكرم 65، 66، 306، 517، 646، 855، 856، (1274- 1275) 1775، 1921، 1922، 2353 الخنساء 1084، 1129، 1534، 2629 خنساء المغرب شاعرة الأندلس- حمدة بنت زياد خواجا الغلام التركي 2557 خوارزمشاه مأمون بن مأمون ابو العباس 36، 502، 505، 962، 964، 1686، 2332، 2585، 2687 خوارزمشاه محمد بن تكش 2586، 2588، 2592 خولة بنت جعفر الحنفية 1811 خوند (اسم أعجمي) 1051 خيار بن أوفى النهدي الشاعر (1278) خيثمة بن سليمان بن حيدرة 1605، 2413 خيران الوراق 546 خيرة (رجل) 59 (د) دأب بن كرز 2145 الدابة (اسم ملاح) 1849، 1850 دارا بن قابوس بن وشمكير 2182 الدارقطني- علي بن عمر أبو الحسن 48، 188، 387، 420، 421، 508، 520، 727، 732، 746، 781، 782، 783، 784، 889، 1795، 1987، 1990، 2327، 2412، 2473، 2491، 2501، 2596، 2615، 2704، 2779 الداروني 2860 الدامغاني المتكلم قاضي القضاة 450، 1388، 2688 الداني أبو عمرو عثمان بن سعيد- أبو عمرو الداني دانيل 2696 داهر (غلام الوزير المغربي) 299 داود (النبي) 110، 585، 1151 داود الطائي 1570، 1931 داود بن أبي هند 725، 1478، 2151 داود بن أحمد بن أبي دواد (1279- 1280) داود بن أحمد بن يحيى المهلبي الضرير (1280) داود بن الجراح جد الوزير علي (1281) داود بن الحسن بن الحسن بن علي 1811 داود بن الحصين 1629 داود بن حمدان أبو سليمان 796 داود بن سلم الشاعر (1282- 1283) داود بن سليمان ذ و الدمينة 810، 811 داود بن علي العباسي 1423 داود بن علي بن خلف الاصبهاني (الظاهري) 115، 1264، 1549، 1651، 1655، 2411، 2412، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3172 2460، 2461 داود بن محمد بن صالح المروزي أبو الفوارس (صاحب ابن السكيت) 772 داود بن الهيثم ابن البهلول التنوخي أبو سعد (1283- 1284) داود بن يزيد 2790 دبّاءة (ر جل سوادي) 66 دبيس بن صدقة- تاج الدولة دبيس دثار (أحد بني حيي) 1230 دحية بن خليفة الكلبي 1238 الدراوردي الحافظ 2596 درباس المقرىء 1545 درك 1822 الدركزيني الوزير أبو القاسم 1550، 1551 دريد بن الصمة 856، 1383 دريرة (جارية المعتضد) 1861، 1862 الدستوائي 1423 دعبل بن علي الخزاعي 72، 283، (1284- 1287) 1305، 1488، 1490، 1772، 1878، 2619 دعلج السجزي 1795 دعوان بن علي الجبائي الضرير أبو محمد (1291- 1292) دعيميص الرمل 1242 دغة بنت مغنج 2255 دغفل بن حنظلة النسابة 927 (1288- 1291) 1453، 2249، 2299 الدقاق أبو علي 1570 دكين بن رجاء الفقيمي الراجز (1292- 1294) دكين بن سعيد الدارمي الراجز (1294- 1295) دكين الشامي 627 الدلال 615 دلال الكتب- الحظيري الوراق الدلجي 1928، 2043 دليل بن يعقوب النصراني 533 دماذ العبدي أبو غسان كاتب أبي عبيدة (رفيع بن سلمة) (1307- 1308) 1622، 2144 الدهخداه- محمد بن منصور الحوالي أبو سعد 236، 244، 500 الدهقان الكبير أبو نصر مولى أمير المؤمنين 2475 دهمس بن وهاس بن عتود الحسني 1832 دهن الحصى أبو علي- الحسين بن هبة الله الدورقي، أحمد بن ابراهيم 746 الدوري أبو عمر- حفص بن عمر بن عبد العزيز الديري- الحسين بن هداب ديك الجن 1788 ديكونه بنت الحسن بن الفيروزان 690 دينار بن عبد الله أبو علي 929، 1957 دينار المجوسي 699 ديواستي (سور بن سور بن سور) 2495 (ذ) ذر بن عبد الله 753 ذكا الأمير 2723 الذلفاء بنت الأبيض 2319 ذو الاصبع العدواني 1645 ذو الثدية 2149 ذو الرمة 362، 615، 752، 815، 816، 856، 1250، 2134، 2142 ذو الرياستين- الحسن بن سهل- الفضل ابن سهل ذو القرنين 1661، 1242، 2622 ذو القرنين بن ناصر الدولة أبو المطاع- وجيه الدولة (1296- 1297) الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3173 ذو نواس 1037 ذو النورين (عثمان) 251 ذو النون 2672 ذو النون بن محمد 912 ذوبان بن عتيق بن تميم الكاتب 1181 الذيال بن هيثم 929 (ر) رأس الجالوت اليهودي 682 الرئيس أبو جعفر 242 الرئيس أبو الحسين- هلال بن المحسن الصابىء والد غرس النعمة الرئيس أبو منصور ابن دلال 1600 ابن المسلمة- علي بن أحمد بن الفرج- رئيس الرؤساء 386، 655، 1848، 2557، 2558 الراح المحدث، محمد بن منصور 2257 الرازي- أحمد بن محمد بن موسى الأندلسي الرازي- الفخر الرازي الرازي أبو ز كريا 494 الرازي، أبو الطيب الكيميائي 494 الرازي، ضياء الله علي بن محمد بن عمر 2591 الرازي ضياء الدين عمر بن الحسين 2585 راسب بن جرم بن زبان 1810 الراسي الأمير علي بن أحمد 989، 990 راشد بن اسماعيل المعدل أبو رشيد 829 الراشد بالله ابن المسترشد بالله 1251 الراضي 106، 108، 471، 526، 554، 727، 1405، 1493، 1719، 1784، 1785، 2434، 2574، 2615، 2616، 2617، 2677 الراعي النميري 856، 2248 رافع (دليل خالد) 1853 رافع المخش 1242 الراوندي (حاجب الصاحب) 691 الرباب (في شعر) 1126 الرباب (امرأة) 2201 ربابة (امرأة) 2201 رباح بن الفرج الدمشقي 94 ربعي (يروي عنه عبد الملك بن عمير) 2412 الربعي أبو الحسن، علي بن عيسى 302، 493، 510، 774، 776، 811، 812، 997، 1366، 1775، (1828- 1832) 1946، 1948، 2347، 2710، 2829 الربيع حاجب المنصور 203، 565، 1542، 2734، 2735 الربيع (وزير المهدي) 2059 الربيع بن ثعلب 2803 الربيع بن زياد 1025 الربيع بن سليمان 2322، 2395، 2405، 2408، (2415) 2449، 2457 الربيع بن سليمان بن داود الجيزي (2416) الربيع بن سليمان المرادي صاحب الشافعي 422، 2412، 2415، (2416) 2417، 2418 ربيعة الرقي (ربيعة بن ثابت الأسدي) (1303- 1304) ربيعة بن مكدم 245، 2018 رجاء (الخادم) 283، 284 رجاء بن سهل 2803 رحمون ولد ابن الحاج القرطبي 1528 رذاذ (غلام المتوكل) 2017 رزق الله بن عبد الوهاب التميمي (ابن بنت هبة الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3174 الله بن سلامة بن نصر) (1304) 2771 رزين بن زندورد العروضي ابو زهير (1304- 1306) 2066 الرستمي أبو سعيد 662، 696، 699، 706 رسته الاصبهاني الضرير (1307) رسطاليس- ارسطاطاليس رشأ بن نظيف 493، 937 رشد (غلام الصابي) 150 رشيد الرياحي الشاعر 2604 الرشيد الخليفة- هارون الرشيد الرشيد الوطواط محمد بن محمد بن عبد الجليل العمري 36، 962، 963، (2631- 2636) الرشيد ابن الزبير- أحمد بن علي الرشيد بن المهدي- هارون الرشيد رشيد الدين 2435 رشيق الرومي (والد الحسن) 861 رشيق الموسادي 439 الرصافي 2497 رضوان (صاحب حلب) 2079 رضوان بن أحمد بن جالينوس 558 رضي الدولة بن أمين الدولة ابن التلميذ 2773 رفيع بن سلمة أبو غسان- دماذ العبدي كاتب أبي عبيدة رقبة بن مصقلة 1858 الرقي العلوي 378 الرقيق القيرواني- ابراهيم بن القاسم الكاتب (97- 102) ركن الدولة الحسن بن بويه 136، 663، 664، 680، 694، 1713، 1886، 1887، 1892، 1893، 1897، 1899، 1900، 1902، 1903، 1904، 1905، 1906، 2181، 2287 الرمادي (يروي عنه الديمرتي) 2646 الرمادي القرطبي الشاعر 2833 (2849- 2850) الرماني أبو الحسن- علي بن عيسى الرماني رملة بنت الزبير بن العوام 1241 الرملي الشاعر 2622 الرؤاسي النيلي، ابو جعفر- محمد بن الحسن بن أبي سارة 2461 (2486- 2488) 2545 (2572) رؤبة بن العجاج 254، 925، 1023، 1177، 1250، (1311- 1312) 1359، 1413، 1453، 1517، 2445 روح الشاعر 2139، 2140 روح بن حاتم المهلبي 1328، 1856، 2667 روح بن زنباع 1228 روح بن عبادة 1406 روح بن عبد الأعلى المؤدب ابو همام (1312- 1313) روح بن عبد المؤمن 2842 رياش (رجل) 1483 الرياشي ابو الفضل- العباس بن الفرج الرياشي ابو الفضل 18، 538، 547، 750، 763، 764، 854، 931، 1159، 1256، 1360، 1377، 1420، (1483- 1485) 1546، 1622، 1629، 1744، 2149، 2174، 2247، 2409، 2490، 2492، 2844 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3175 الريحاني- علي بن عبيدة (ز) الزابد (فرس) 1178، 1179 زادمهر المغنية المنصورية 2503 زاكي بن كامل ابو الفضائل- المهذب الهيتي- أسير الهوى (1314- 1315) زاهر السرخسي 647 زاهر بن طاهر بن محمد بن محمد الحافظ أبو القاسم 838، 2603 زائدة بن قدامة الثقفي 724 زائدة بن نعمة القشيري- المجفجف (1315- 1316) زبان 1192 زبان بن العلاء- أبو عمرو بن العلاء التميمي الزبرقان بن بدر 856 زبيد بن صعب بن س عد العشيرة 2519 زبيدة بنت جعفر 1307 الزبيدي الاشبيلي أبو بكر محمد بن الحسن 6، 93، 119، 122، 123، 171، 199، 201، 206، 294، 435، 460، 468، 484، 545، 546، 730، 731، 739، 750، 757، 761، 771، 802 الزبيدي الأندلسي 777، 1164، 1644، 1676، 1773، 1826، 1981، 2200، 2310، 2762، 2425، 2481، 2488، (2518- 2521) 2762، 2845 الزبير بن بكار 266، 269، 462، 537، 826 (1322- 1326) 1647، 1746، 1852، 1860، 2146، 2394، 2646، 2758 الزبير بن دحمان 606 الزبير بن عبد الواحد الحافظ 1643 الزبير بن العوام 50، 1465، 1866، 2337، 2597 زبير بن محمد بن زبير المشكاني أبو عبد الله 835 الزبير بن مصعب 1238 الزجاج- ابراهيم بن السري النحوي ابو اسحاق (51- 63) ، 121، 122، 460، 468، 472، 546، 729، 811، 814، 848، 850، 874، 889، 914، 1164، 1579، 1584، 1663، 1826، 1827، 1908، 1922، 1981، 2307، 2309، 2323، 2327، 2425، 2452، 2535، 2539، 2573، 2580، 2682، 2685، 2762 الزجاجي عبد الرحمن بن اسحاق ابو القاسم 92، 293، 332، 492، 547، 764، 812، 930، 938، 1129، 1151، 1444، 1456، 1495، 1533، 1576، 1812، 1813، 2309، 2535 زر بن حبيش 753، 754، 1180، 1474، 1475 زرافة (سياف المتوكل) 165 زرباشوب بن زياد الجيلي 2321 زرياب (جارية ابن أبي أحمد) 2291 زرياب المغني 424، 465 الزعفراني (جليس الصاحب) 1934 الزعفراني 2842 الزعفراني أبو الحسن البصري 1946 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3176 الزعفراني أبو عبد الله النحوي 679 الزعفراني أبو القاسم 701، 702، 706 الزعفراني الحسن بن محمد بن الصباح 2394، 2402، 2405، 2407، 2410، 2412 الزعفراني- محمد بن أحمد بن عبدوس 671 زعيم الدولة بركة بن المقلد بن المسيب أبو كامل 1123 زعيم الدين ابن جعفر صاحب المخزن 452، 1497، 1500، 1501، 2092 زفر بن الحارث 2483 الزفيان الشاعر (صدر الاسلام) 915 الزفيان السعدي (الزفيان بن مالك بن عوانة) 915 الزقوم المعري 1122 زكريا بن أحمد بن محمد النسابة البزاز (1326) زكريا بن بكير بن الأشج 466 زكريا بن الجهم العبدري 2273 زكريا بن يحيى وراق الجاحظ 2117 زكريا بن يحيى الساجي البصري (1326- 1327) 2395، 2409 زكريا بن يحيى الطائي 752، 753 زلزل 2295 زليخا 1042 الزمخشري محمود بن عمر بن أحمد- جار الله 205، 512، 1016، 1832، 1833، 1960، 1961، 2538، 2618، 2632، 2633، 2685، 2686، (2687- 2691) ، 2741، 2844 زناد 1051 زنجي الكاتب 1866 زهراء الكلابية 608 زهران 2492 زهر الدولة 401 الزهري (القرن الرابع) 894 الزهري، ابن شهاب 23، 25، 412، 1238، 1386، 2342، 2400، 2404، 2419، 2779 زهير بن أبي سلمى 315، 745، 856، 1256، 2136، 2161، 2229، 2711، 2851 زهير بن حرب أبو خيثمة 935 زهير بن ميمون الفرقبي (1328) زهير بن هارون بن موسى بن أبي جرادة 2075 الزوزني القاضي البحاثي أبو جعفر- محمد بن اسحاق بن علي (2427- 2433) ، 2550 زياد والد ابن الأعرابي 2530 زياد الأعجم- زياد بن سلمى بن عبد القيس (1329- 1330) ، 1340 زياد بن أبي سفيان 1300 زياد (بن أبيه) 466، 930، 1345، 1466، 1469، 1855، 2133، 2361، 2738، 2780، 2785، 2792، 2837 زياد بن بقي (والد حمدونة) 1211 زياد بن عامر 710 زياد بن عبد العزيز الجذامي الأندلسي (1330) زياد بن عمرو العتكي 1856 زيادة (صاحبة هدبة) 1326 زيادة الله بن محمد بن الأغلب 2859 الزيادي 1360، 1660، 2844 زيد (في الشعر) 2023، 2307 زيد البارد- زيد بن الربيع الحجري (1335) زيد الخيل الطائي 2338، 2689 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3177 زيد الفوارس 2658 زيد الكندي أبو اليمن 2081 زيد بن أبي بلال 373 زيد بن ثابت الأنصاري 267، 1024، 1475، 1532 زيد بن الحارث- الكيس النمري زيد بن حارثة 2781 زيد بن حارثة بن زيد مناة- الكيس النمري زيد بن الحسن الاحاظي التميمي (1334) زيد بن الحسن الكندي أبو اليمن تاج الدين 55، 892، 1308، (1330- 1334) 1540، 1571، 1572، 1667، 1703، 1963، 2028، 2071، 2085، 2092، 2189، 2546، 2735، 2775 زيد بن الخطاب 486، 1205 زيد بن عبد الله بن رفاعة أبو الخير (1335- 1336) ، 1924 زيد بن عبد الوهاب القاضي الاردستاني أبو الطيب (1337) زيد بن علي الفارسي 2062 زيد بن علي الفسوي (1337) زيد بن علي النسابة العلوي 1780 زيد بن علي بن أحمد بن أبي بلال المقرىء 483 زيد بن علي بن الحسين 126، 431، 1196، 1217، 1812، 1881، 2253 زيد بن كثرة (1337) زيد بن مرزكة الموصلي 1338، 1759 زيد بن مناة 1311 زيد بن هارون 361 زيد بن وهب 808 زيرك 1051 زين الملك برسق 2361 زينب (في ش عر) 1446، 2138 زينب بنت علي بن أبي طالب 1811 زينب بنت قيس بن مخرمة 724 زينة بنت الوزير المهلبي 991 (س) سابق بن محمود بن نصر المرداسي 2077 سابور بن أردشير الوزير أبو نصر 149، 153، 1234، 2377، 2569 ساتكين بن أرسلان التركي أبو منصور (1339) الساجي أبو يحيى 2234 سارية بن زنيم 1857 ساسان بن ساسان بن بابك 1760 سالم بن أحمد التميمي أبو المرجى- المنتجب (1339- 1340) سالم بن عبد الله 1295، 2054، 2404 سالم بن عبد الله (عبد الرحمن) أبو العلاء- سالم كاتب هشام بن عبد الملك (1340- 1341) سالم بن يونس الخياط 2853 سام بن نوح 2092 ساهر (جارية) 75 السائب بن فروخ أبو العباس الأعمى 50 (1341) السبتي 1388 سبط متوي 720 سبط ابن التعاويذي- ابن التعاويذي أبو الفتح سبكتكين (غلام بختيار) 1887 سبكتكين الحاجب 982 ست النظر (مغنية) 1209 سجادة 929 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3178 السجزي الحافظ أبو نصر 787 سحبان وائل 703، 1053، 2113، 2313، 2845 سحنون 1182، 1373 السدري 538، 2107 السدي 2419 السدي الصغير- محمد بن مروان بن عبد الله (725) السدي الكبير- اسماعيل بن عبد الرحمن (724- 725) سديد الدولة محمد بن عبد الكريم الانباري 2206، 2208، 2214، 2389 سديد الملك علي بن مقلد بن منقذ (584- 586) 592 السديد بن المنذر 641، 642 السديد منصور بن نوح الساماني 2185 السراج الثقفي أبو العباس 233 سراج بن عبد الملك بن سراج 1442 السرخسي النحوي- عز الدين علي بن محمود بن محمد السري الرفاء 9، 156، (1343) ، 1377، 1874، 2284 السري السقطي 667، 1570 السري بن الحكم البلخي 2415 سطل التميمي (من جلساء الصاحب) 1934 سطيح الكاهن 667 سعاد (في الشعر) 503، 797 سعد الحاجب 215 سعد الخير الأنصاري 415، 469، 484 سعد الرابية بن شداد (1345- 1346) سعد الراوي 1332 سعد بن أبي اسرائيل 929 سعد بن أبي سرح 2602 سعد بن أبي وقاص 50، 724 سعد بن أحمد بن ابراهيم الضبي أبو القاسم 176، 181 سعد بن أحمد بن سعد أبو القاسم 263 سعد بن أحمد بن مكي النيلي (1347) سعد بن الحسن بن سليمان التوراني أبو محمد (1347- 1348) سعد بن زنبور 421 سعد بن طارق أبو غانم 2656، 2657 سعد بن عبادة 1700 سعد بن عبد الله بن أبي خلف 2435 سعد بن علي الريحاني أبو القاسم 488 سعد بن علي بن القاسم- الحظيري الوراق سعد بن عوف بن وائل 775 سعد بن محمد الديباحي 2538 سعد بن محمد الصيفي أبو الفوارس- الحيص بيص سعد بن محمد النجيرمي أبو عثمان 838 سعد بن محمد بن علي الأزدي- الوحيد أبو طالب سعد بن مسعود الثقفي 105 سعد بن معاذ 386 سعدى (في الشعر) 417، 1962 سعدان بن حمزة الشيباني 64 سعدان بن المبارك أبو عثمان الضرير 64 (1346- 1347) سعدون القارىء 1750 سعدويه الواسطي 929 سعد الدين منوجهر الموصلي 2087 سعيد البقال 506 سعيد المتقي 835 سعيد المقبري 2448 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3179 سعيد الوراق بالرها 425، 426، 427 سعيد بن أبي عروبة 622، 1200، 2124، 2151 سعيد بن أبي الكرم بن هبة الله المصري 638 سعيد بن أحمد بن حنبل 45 سعيد بن أحمد بن علي 512 سعيد بن أحمد بن محمد الميداني 513، 660، (1359) 2692 سعيد بن جابر 2593 سعيد بن جبير 1317 (1363- 1364) 1452، 1629، 1630، 2454 سعيد بن حزم 1652 سعيد بن حميد 1487، 1490 سعيد بن حميد الكاتب 1512 سعيد بن حميد ابو عثمان (1365- 1366) سعيد بن حميد بن الختكان أبو عياض (1366) سعيد بن خالد العثماني 2732، 2733 سعيد بن سعيد الفارقي أبو القاسم (1366- 1367) سعيد بن سلم الباهلي 25، 624، 1375، 1813، 2145، 2149، 2236، 2609، 2739 سعيد بن سهل العارض أبو عمرو 1951 سعيد بن سهل الفلكي أبو المظفر 2082 سعيد بن صبيح 628 سعيد بن طلحة الصالحاني (1367) سعيد بن العاص 25، 2785، 2786 سعيد بن عبد العزيز التنوخي 28 سعيد بن عبد العزيز بن عبد الله النيلي أبو سهل (1368) 1700 سعيد بن عبد الله بن دحيم (1367) سعيد بن عبد الملك 2605 سعيد بن علي السلالي 2775 سعيد بن عمرو بن حصين 1019 سعيد بن عيسى الأصفر (1369) سعيد بن قتيبة الباهلي 2544 سعيد بن المبارك بن الدهان- ابن الدهان النحوي سعيد بن محمد الحبري أبو عثمان 1663 سعيد بن محمد العدل أبو عثمان 2359 سعيد بن محمد بن جريج- أبو عقال القيرواني (1372- 1373) سعيد بن محمد بن الرزاز أبو منصور 2623 سعيد بن محمد بن علي السلامي الكوفي (1373) سعيد بن مسجح 615 سعيد بن مسعدة أبو الحسن 2125 سعيد بن مسكين 1324 سعيد بن المسيب 1629، 2342 سعيد بن هارون الاشنانداني أبو عثمان (1376- 1377) 2491 سعيد بن هريم الكاتب (1379) السعيدي الراوية 2711 السفاح أبو العباس 1178، 1205، 1327، 2054، 2055 سفيان الثوري 36، 94، 95، 622، 724، 748، 754، 936، 1219، 1270، 1318، 1359، 1474، 1485، 1629، 1700، 1931، 2457، 2531، 2595، 2649، 2812، 2855 سفيان بن عيينة 20، 45، 94، 597، 622، 928، 1200، 1273، 1322، 1474، 1508، 1982، 2151، 2400، 2403، 2404، 2412، 2415، 2649، 2651، 2802 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3180 سقاء كوفان 2621، 2622 سكبر 2430، 2431 السكري أبو الحسن (علي بن سعيد) 418، 1325 السكري أبو سعيد (الحسن بن الحسين) أبو سعيد 32، 62، 64، 454، 537، 771، 820 (854- 857) 1598، 1856، 2236، 2250، 2329، 2481، 2840 السكري أبو الفضل 275 سكن بن سعيد الأندلسي (1379) سلام الطويل 2842 سلام بن أبرش 558 سلام بن زيد الأندلسي أبو خلف 2116 سلامة بن عبد الباقي بن سلامة- أبو الخير الأنباري المقرىء (1379- 1380) سلامة بن غياض الكفرطابي أبو الخير 187، 813 (1380) 2001 سلامة بن محمد النحوي الحلبي (1381) السلامي 215، 662، 1748، 1861، 1876، 2049، 2317 السلامي أبو الحسن- محمد بن عبيد الله 1946، 2287 السلامي أبو الفضل الحافظ- محمد بن ناصر السلامي سلطان أبو العساكر (عم أسامة) 587 السلطان ألب ارسلان 1686 السلطان سنجر 1764، 1984 السلطان طغرلبك 1685، 1686، 1687 السلطان محمد بن محمود السلجوقي 827، 830 السلطان محمد بن ملكشاه 1107، 2361، 2362، 2363 السلطان محمد بن محمود بن سبكتكين 1677، 1678، 1679، 1680 السلطان محمود بن سبكتكين 697، 1258، 1259، 1677، 1679، 1718، 1781، 2182، 2028، 2331 السلطان محمود بن محمد 1107، 1108 السلطان مسعود بن محمد 1107، 1108، 2333 السلطان ملكشاه 841، 842 سلعوس (ابراهيم اليزيدي) 163 السلفي أبو طاهر الحافظ أحمد بن محمد بن سلفة 40، 65، 89، 304، 305، 306، 392، 400، 487، 489، 517، 646، 731، 816، 827، 828، 911، 912، 915، 916، 918، 919، 920، 1181، 1274، 1381، 1424، 1442، 1462، 1604، 1606، 1608، 1609، 1681، 1775، 1793، 1838، 1921، 1964، 2353، 2751، 2765، 2815 سلم الخاسر- سلم بن عمرو بن حماد (1382- 1384) سلم بن عود 874 سلم بن قتيبة 25، 1254، 1856، 2256 سلمى (في الشعر) 371، 1160، 1287، 2017، 2521 سلمان البرمكي 1543 سلمان بن ربيعة الباهلي 1063 سلمان بن عبد الله الحلواني أبو عبد الله (1381- 1382) سلمة العثماني 1602 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3181 سلمة بن ابراهيم الأزدي 1795 سلمة بن سليمان المغني 2435 سلمة بن عاصم الليثي أبو محمد النحوي 537، 542، 772، 744، 745، (1385) 1578، 1672، 1740، 1744، 1750، 2140، 2228، 2487، 2601، 2707، 2709، 2813 (2856) سلمة بن عباس العامري أبو حفص (1385) سلمة بن عياش القرشي البصري 1543، 2057 سلمة بن فضل 2795 سلمة بن المفضل 2446 سلمة بنت حسينة 2283 سلمويه بن صالح الليثي (1384) السليك بن السلكة 1000 سليم بن أيوب الرازي أبو الفتح 2824 سليم بن عيسى الحنفي 1259 سليم بن عيسى المقرىء 2455، 2537 سليمى (في الشعر) 780، 797، 1223، 1988 سليمان الأعمش 1474 سليمان البتي 94 سليمان الديلمي 402 سليمان القهرمان 2649 سليمان الكحال أبو الفضل 2665 سليمان بن أبي شيخ 364، 367 (1390) ، 1860، 2232 سليمان بن أحمد الطبراني أبو القاسم 411، 1795 سليمان بن أحمد بن سليمان المعري (296) سليمان بن أرقم 1738 سليمان بن أيوب 415 سليمان بن بلال التيمي 724، 1629 سليمان بن بنين الدقيقي (1386- 1387) سليمان بن حبيب بن المهلب 1266، 1267، 1268، 1269 سليمان بن حسن بن حسين بن علي 1832 سليمان بن الحكم بن الناصر لدين الله 2806 سليمان بن الخاقاني 2465، 2466 سليمان بن خلاد 2827 سليمان بن داود (النبي) 110، 696، 1025، 1156 سليمان بن داود الطوسي 269 سليمان بن داود الهاشمي 2412 سليمان بن صالح الكتبي (1389) سليمان بن صرد 2253 سليمان بن عبد الرحمن الطلحي 2455 سليمان بن عبد الله أبي طالب الحلواني (مرّ باسم سلمان) (1390- 1399) سليمان بن عبد الملك 27، 752، 1215، 1216، 1239، 2753 سليمان بن علي العباسي 565، 1262، 1263 سليمان بن علي المعري أبو مرشد (301) سليمان بن عمران القاضي 1372 سليمان بن عيسى الشنتمري (1399) سليمان بن فهد الأزدي الموصلي 1585، 2467 سليمان بن الفياض الاسكندراني أبو الربيع 743 (1399- 1400) سليمان بن فيروز الشيباني 94 سليمان بن المبارك الشرفي ابو القاسم 1958 سليمان بن محمد بن سليمان المعري (296) سليمان بن مسلم بن الوليد (1402- 1403) سليمان بن معبد المحدث- ابو داود السبخي (1403) الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3182 سليمان بن موسى- الشريف الكحال سليمان بن نجاح المقرىء ابو داود 1604، 1605 سليمان بن وهب الوزير 269، 533، 792، 1019، 1020، 1021، 2140 سليمان بن زيد العدوي 2123 سماك بن حرب 724 سماك بن خرشة الأنصاري أبو دجانة 2501 السمان الحافظ ابو سعد 919 سمرة بن جندب 2294 سمرة بن حبيب بن عبد شمس 1852 السمسار 1388 أبو الحسن السمسمي (السمسماني) 472، 1549، 1674، 2347 السمعاني أبو بكر محمد بن منصور 48، 1730، 2272 السمعاني أبو سعد عبد الكريم بن محمد تاج الاسلام 13، 35، 36، 87، 125، 126، 307، 309، 324، 357، 359، 360، 387، 390، 391، 397، 398، 419، 461، 486، 487، 488، 514، 515، 521، 574، 581، 586، 620، 631، 633، 634، 650، 733، 778، 780، 927، 1028، 1352، 1494، 1540، 1550، 1584، 1647، 1684، 1688، 1689، 1698، 1702، 1703، 1730، 1774، 1792، 1796، 1827، 1835، 1836، 1837، 1838، 1959، 1982، 1989، 2062، 2071، 2072، 2094، 2096، 2123، 2155، 2173، 2208، 2259، 2260، 2272، 2321، 2345، 2346، 2349، 2356، 2357، 2377، 2431، 2444، 2445، 2495، 2654 السمعاني أبو المظفر عبد الرحيم بن عبد الكريم 398، 515، 653، 962، 1206 السمعاني أبو منصور القاضي محمد بن عبد الجبار 2548 السمناني كمال الدين 1388، 2586 السموأل 580 سمير بن أدكن 336 سمية (في شعر) 1315، 2852 سنان (اسم علم) 1051 سنان بن ابراهيم الصابي أبو سعيد 137، 2274 سنان بن ثابت بن قرة أبو سعيد (1405) سنبيل 1856 سنجر (مملوك الخليفة) 1014 سندي بن علي الوراق 616 سنقر كنجك 2361 سنقر بن عبد الله 834 السنيدي (سائس الفيل) 1305 السهروردي أبو حفص 1522 السهروردي أبو النجيب عبد القادر ضياء الدين 1572، 2826 السهروردي أبو الفتوح يحيى بن حبش (2806- 2809) سهل (روى عن كيسان) 2521 سهل الصعلوكي أبو الطيب 242 سهل بن أبي غالب، ابو السري 806، 1441 سهل بن أحمد السهلي أبو سعيد 405 سهل بن بشر ابو العباس 850، 1606 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3183 سهل بن الحسن 2652 سهل بن عبد الكريم الأحول 438 سهل بن عبد الله الايذجي ابو العباس 2176 سهل بن عبد الله التستري 522 سهل بن محمد أبو داود- مؤدب سيف الدولة (1408) سهل بن المرزبان أبو نصر (1408- 1409) 2881 سهل بن هارون بن راهبون 358، 666، 1379، (1409- 1410) 2103 سهلان بن مسافر 1902، 1904 سهم بن ابراهيم الوراق (1410) السهواجي- الحسن بن أحمد- الحسين بن أحمد سوار بن أبي شراعة 1771 سوار بن عبد الله بن سوار 649 سويد الخارجي 28 سويد بن سعيد الحدثاني 116 سيبويه عمرو بن عثمان بن قنبر 54، 56، 63، 67، 68، 114، 122، 128، 460، 462، 469، 506، 539، 541، 542، 543، 547، 548، 570، 596، 705، 729، 757، 759، 763، 764، 813، 822، 869، 877، 878، 881، 889، 892، 1028، 1034، 1164، 1199، 1261، 1262، 1317، 1360، 1367، 1374، 1375، 1376، 1382، 1387، 1406، 1407، 1443، 1444، 1466، 1483، 1510، 1516، 1546، 1553، 1575، 1580، 1620، 1671، 1743، 1745، 1746، 1771، 1775، 1817، 1827، 1829، 1908، 1969، 1981، 1982، (2122- 2129) ، 2141، 2307، 2353، 2435، 2486، 2535، 2536، 2573، 2574، 2646، 2647، 2674، 2679، 2684، 2685، 2851، 2858 السيد أبو القاسم (نيسابور) 242، 246 السيد الحميري 174، 2678، 2729 سيدوك- أبو الحسين بن جعفر بن الفضل بن الفرات 1777، 781، 2776 السيرافي أبو سعيد الحسن بن عبد الله بن المرزبان 6، 65، 91، 205، 258، 323، 369، 397، 619، 620، 656، 658، 704، 818، 820، (876- 910) 997، 1031، 1146، 1261، 1439، 1481، 1517، 1575، 1577، 1578، 1584، 1816، 1817، 1826، 1828، 1896، 1897، 1922، 1925، 1931، 1938، 2112، 21849، 2235، 2274، 2276، 2277، 2324، 2346، 2473، 2474، 2490، 2507، 2534، 2535، 2544، 2569، 2573، 2631، 2679، 2847 السيرافي أبو القاسم 2116 سيف بن ذي يزن 1058، 2658، 2671، 2780 سيف الدولة صدقة 2375، 2376 سيف الدولة بن حمدان 134، 526، 527، 811، 819، 820، 934، 1031، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3184 1033، 1034، 1035، 1153، 1343، 1344، 1408، 1533، 1534، 1605، 1708، 1733، 1787، 1873، 1882، 1921، 1954، 1957، 1992، 2309، 2425، 2507 سيف الدين غازي بن زنكي 1370 سيف الدين الغازي بن مودود بن زنكي 2269 السينيزي 1957 (ش) الشاباشي 700 الشابشتي ص احب الديارات- محمد بن اسحاق ابن علي بن أحمد 165، 1733، (2426- 2427) شاد غرسي ستان الأمير 2523 الشادياشي أبو علي 673، 674 الشاذباشي 1938 الشاذكوني 2419 الشاشي 881 شافع بن السائب المطلبي 2396 شافع بن علي الحمامي 2321 الشافعي محمد بن ادريس 256، 433، 487، 508، 754، 884، 1032، 1088، 1655، 1757، 1818، 1963، 2085، 2199، 2266، 2322، (2393- 2418) 2448، 2457، 2691، 2710 الشاكر البصري- الحسن بن علي بن غسان شاكر بن عبد الله بن محمد المعري أبو اليسر (299- 300) شاه بن عبد الرحمن أبو معاذ 726 الشاه بن ميكال 1868 شاهفور بن طاهر بن محمد الاسفرايني أبو المظفر (1411) شاهك (خادم المتوكل) 165، 2158 شاور 402، 403، 945، 946، 1564، 1565، 1566 شباب العصفري 2485 الشبانسي (قاسم بن محمد القرشي المرواني) 124 شبل الدولة (نصر بن صالح المرداسي) 1126 شبل بن عباد 234 شبل بن عبد الرحمن النيسابوري (1411) الشبلي الصوفي 701، 1570 شبة بن عقال 1231، 1232 شبيب الخارجي الحروري 28، 2253 شبيب بن البرصاء 1556 شبيب بن شبة 1233 (1411- 1412) 2793 شبيب بن شيبة المنقري 21، 750 شبيل الزنجي 1497 شبيل بن عزرة الضبعي أبو عمرو 40 (1412- 1414) شجاع (والدة المتوكل) 167 شجاع بن الدهان البغدادي 1333 شجاع بن شاور- الكامل أبو الفوارس 945، 946 شجاع بن فارس الذهلي 390، 1835، 1990 الشحاج الأزدي 27 الشحام أبو حمزة 1320 شداد بن ابراهيم بن حسن- الطاهر الجزري الشرقي بن القطامي- الوليد بن الحصين بن حماد (1415- 1419) الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3185 شرف الدولة بن عضد الدولة 2048 شرف الدولة أبو الحسن ابن صدقة الوزير- علي ابن الحسن بن علي بن صدقة (1688- 1689) شرف الدولة ابو علي بن بهاء الدولة 1095 شرف الدين 2361 شرف الدين السديد عبد الله بن علي 1999 شرف الدين يحيى بن أبي زيد النقيب 1562 الشرمقاني أبو جعفر 256 الشرمقاني أبو علي 398 شروين المغني 218 شريح القاضي 323، 1761 شريح بن بسطام 1236 شريف ابن سيف الدولة 1605 الشريف الرضي- محمد بن الحسين الموسوي 131، 374، 375، 377، 706، 1048، 1599، 1728، 1768، 1829 الشريف الكحال المصري (سليمان بن موسى أبو الفضل برهان الدين) (1404- 1405) الشريف المرتضى أبو القاسم (علي بن الحسين ابن موسى نقيب العلويين) 302، 325، 374، 376، 381، (1728- 1733) 1829، 1851، 1997، 2003، 2377 الشريف النسابة 2710 الشريف الواسطي 869 الشريف ابن أبي الحسن العلوي 393 الشريف ابن الهبارية 2819 الشريف أبو أحمد الموسوي 176، 177 الشريف أبو السعادات ابن الشجري- ابن الشجري هبة الله الشريف أبو يعلى حمزة بن الحسن- القاضي فخر الدولة 1514 الشريف علي بن أحمد اليزيدي أبو الحسن 407 الشريف عمر بن ابراهيم الكوفي ابو البركات 1337 الشريف عمر بن محمد بن عمر أبو علي 1039 شريك بن عبد الله 28، 725، 1219، 1474، 2232، 2855 شعبة بن الحجاج العتكي 724، 1180، 1200، 1412، 1452، 1474، 1700، 2649، 2704، 2731، 2750 الشعبي (عامر بن شراحيل بن مسعود) 25، 28، 33، 724، 767، 1331، 1332، (1475- 1479) 1541، 1553، 1627، 1629، 2200، 2271، 2446، 2759 شعيا (غلام أبي المجد المعري) 298 شعيا 2697 شعيب بن اسحاق 928 شعيب بن حرب 1219، 2855 شعيب بن صفوان 928 شكلة (أم ابراهيم بن المهدي) 558 الشلوبيني 2546 الشماخ بن ضرار 238، 538، 856، 1608، 1609، 2483 شماس بن لؤي 2277 شمال (اسم رجل) 2336 شمر بن حمدويه الهروي أبو عمرو 253، 1255 (1420- 1421) شمس الدولة ابو طاهر بن مجد الدولة بن ركن الدولة 1073 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3186 شمس المعالي قابوس بن وشمكير 2332، 2334 شمعون الصفا 2696 الشمولي 1052 شميم الحلي ابو الحسن- علي بن الحسن بن عنتر الشنبوذي المقرىء ابو الفرج، محمد بن أحمد بن ابراهيم، غلام ابن شنبوذ (2326- 2327) شنطف 1862 الشنفرى 330، 1255، 2409، 2601 الشهاب الحوقي الخوارزمي 2197 شهاب الدولة مودود بن السلطان الشهيد مسعود 2333 شهاب الدين الغوري 2586 شهاب الدين أبو الفتح الطوسي 859 شهدة بنت أحمد بن عمر- فخر النساء (1422- 1423) شهرام ملك الفرس 2677 الشهرزوري المبارك بن الحسن ابو الكرم 779 الشهرزوري محمد بن عبد الله كمال الدين 2080، 2568، 2657 الشهرزوري محيي الدين بن محمد كمال الدين 2080، 2081 الشهرستاني 857، 858 شهفيروز بن سعد الأصبهاني أبو الهيجاء (1420) شهوات (جارية اسحاق الموصلي) 600 شهيد بن الحسين البلخي- أبو الحسين الوراق 279، 280 (1421- 1422) شوكر الشاعر 2148، 2149 شيبان بن عبد الرحمن التميمي (1423) شيبان بن فروخ الابلي 2173 شيبة بن عثمان 50 شيث (ولد آدم) 106 شيث بن ابراهيم بن محمد- ابن الحاج القناوي ابو الحسن (1424- 1425) شيخ الاسلام الرستاني 2192 شيخ الاسلام الصابوني 2297 الشيخ أبو الرشيد المتكلم 242 الشيخ أبو زكريا 242 الشيخ عبد الحميد الغزنوي 2166 شيخ الشيوخ اسماعيل بن أبي سعد 2208 الشيرازي أبو اسحاق 396، 2560، 2576 شيرزيل بن سلار بن شيرزيل 692 شيركوه أسد الدين 946، 1564، 1565، 1566 شيرويه ابن شهردار أبو شجاع 231، 234، 418، 459، 460، 511، 771، 2361 شيرويه بن كسرى ابرويز 1574 شيرين 1574 شيطان الردهة 2149 (ص) الصابي أبو اسحاق- أبو اسحاق الصابي صاحب (جارية) 166، 167 صاحب الزنج العلوي 174، 2499 الصاحب أبو بشر- صفي الدين ابن شكر الصاحب جمال الدين- القا ض ي الأكرم جمال الدين ابن القفطي الصاحب ابن عباد ابو القاسم- كافي الكفاة 131، 132، 140، 141، 152، 175، 176، 178، 179، 236، 244، 411، 412، 413، 417، 418، 447، 464، 494، 500، 506، (662- 721) 813، 817، 858، 892، 893، 915، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3187 916، 917، 975، 989، 1074، 1153، 1154، 1155، 1335، 1394، 1522، 1555، 1599، 1614، 1676، 1677، 1708، 1796، 1797، 1799، 1800، 1801، 1804، 1840، 1841، 1873، 1887، 1893، 1895، 1896، 1899، 1902، 1924، 1925، 1927، 1928، 1933، 1934، 1936، 1937، 1941، 1991، 2037، 2173، 2182، 2186، 2187، 2289، 2301، 2302، 2523، 2524، 2549، 2578، 2579، 2727 صارم الدولة (علي) ابن معروف 1009، 1011 صاعد أبو العلاء بن ابراهيم الصابىء 2274 صاعد بن أحمد بن عبد الرحمن الجياني (القاضي) 1648، 1650، 2857 صاعد بن ثابت أبو العلاء (وزير المعتمد) 137، 438، 439، 533، 1568، 1879، 2606 صاعد بن الحسن البغدادي اللغوي أبو العلاء (1439- 1442) 1649، 2273، 2274 صاعد بن سيار الهروي 1836 صاعد بن محمد 2428 صاعد بن مدرك المعري أبو المعالي (302) الصاغاني أبو العباس 1870 الصاغاني أبو علي 1869، 1870 صافي أبو الحسن 866 صالح (النبي) 110، 1937 صالح جزرة أبو علي 725، 1359، 1360 صالح صاحب السوق 2273 صالح الوراق (من جلساء الصاحب) 1934 صالح بن ابراهيم بن رشدين (1442) صالح بن أبي النجم الأنباري 107 صالح بن أحمد 2403 صالح بن أحمد العجلي أبو مسلم 95 صالح بن اسحاق- الجرمي أبو عمر صالح بن أسد الكاتب أبو الفتح 1756 صالح بن جعفر بن عبد الوهاب الصالحي أبو طاهر (1444) صالح بن حسان (1444- 1445) الصالح بن رزيك 400، 402، 572، 942، 1371، 1971، 2072 صالح بن رشدين أبو علي 786 صالح بن شعيب القاري (1445) صالح بن عادي العذري الانماطي أبو البقاء 1608 صالح بن عبد الجليل الناسك 2058 صالح بن عبد القدوس 331، 681 (1445- 1446) صالح بن المسرح 2253 صالح بن مسلم بن عبد الله المقرىء أبو عبد الله 484 صالح بن مؤنس المصري 785 صالح بن النطاح 228 صالح بن يونس 1442 الصائن هبة الله بن الحسن (أخو ابن عساكر) 1702 صباح بن خاقان المنقري 613 صبيح الحنفي النسابة 1290، 1453 صحار العبدي (1446) صخر بن الشريد (أخو الخنساء) 1084، 1129، 2629 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3188 صدر جهان 2196 الصدر عز الدين 2087 الصدر ابن الزاهد 1497، 1505 صدر الدين بن نظام الدين رئيس جرجان 2634 الصدفي أبو علي- الحسين بن محمد بن فيره صدقة بن اسماعيل بن فهد الكاتب أبو علي 1119، 1120 صدقة بن الحسن البغدادي 226 (1447- 1448) صدقة بن الحسين الواسطي الواعظ 2699 صدقة بن الحسين بن الحداد 1819 صردر (علي بن الحسن أبو منصور) 2561 صريع الغواني- مسلم بن الوليد صصه الهندي 2677 صعصعة بن صوحان 1553، 2036 صعصعة بن ناجية 2785 صعلوك (أحمد بن علي المروروذي) 274 صعلوك بن اميلويه بن أبي طاهر الجيلي 1907 صعودا، محمد بن هبيرة الأسدي أبو سعيد 744، (2674) الصفّار 2444 الصفري أبو العباس، عبد الله بن عبد الله الصفري (1533- 1534) صفوان بن ادريس التجيبي أبو البحر (1448- 1450) ، 2795 صفوان بن أمية 50 صفي الدين الأسود 2035، 2036 صفي الدين ابن شكر (عبد الله بن علي بن شكر) 515، 639، 640 صلاح الدين يوسف بن أيوب- الملك الناصر صلاح الدين الصلت بن مالك الشاري 2497 صمصام الدولة بن عضد الدولة 131، 1586، 2039، 2229 الصمة القشيري 2483 الصنوبري أبو بكر- أحمد بن محمد 296، 425، 426 الصواب الصوفي 2194 الصوري (صاحب الخطيب) 1846 الصوفي المنجم أبو الحسن 2286 صول الأكبر (مولى يزيد بن المهلب) 70، 71، 103، 2130 الصولي أبو بكر محمد بن يحيى بن عبد الله 64، 81، 83، 84، 249، 270، 285، 368، 409، 415، 436، 438، 439، 453، 458، 530، 534، 439، 453، 458، 530، 534، 535، 544، 561، 567، 613، 615، 744، 745، 790، 1020، 1064، 1065، 1066، 1255، 1401، 1519، 1520، 1627، 1670، 1860، 1864، 1936، 1977، 2003، 2129، 2131، 2134، 2140، 2159، 2178، 2250، 2346، 2409، 2422، 2474، 2532، 2602، 2611، (2677- 2678) 2679، 2705، 2708، 2796، 2798 الصيدلاني- ابو عبد الرحمن المعتزلي 1821 الصيمري 483 الصيمري (يهجوه ابن القارح) 1975 الصيمري 2710 الصيمري الفقيه 1955 الصيمري أبو بكر 443 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3189 (ض) ضابي الزبيدي 1230 ضابىء بن الحارث البرجمي 1856 الضحاك 1629 الضحاك (الفارسي) 2780 الضحاك الخارجي 2253 الضحاك بن زمل السكسكي 27 الضحاك بن سلمان الألوسي النحوي، أبو الأزهر المرئي (1451- 1452) الضحاك بن عثمان 1584 الضحاك بن قيس الفهري 358، 2253 الضحاك بن مزاحم المفسر (1452- 1453) 2454 الضرّاب (سمع منه الحميدي) 2599 الضراب الصوري- الحسين بن محمد بن الحسين الضراب ضرار المتكلم 1748، 1749 الضرغام (خصم شاور) 1564 ضمرة (في شعر) 1228 ضمرة بن ضمرة (المعيدي) 1556 الضياء بن دهن الحصى 2085 (ط) طارق بن شهاب 2412 طازاد بن عيسى أبو الحسن 980 طالب بن محمد بن نشيط، ابن السراج النحوي أبو أحمد (1455) الطالقاني 270 طاهر (خادم) 1790 الطاهر الجزري، شداد بن ابراهيم بن حسن 988، (1414- 1415) طاهر بن أحمد بن محمد القزويني- النجار أبو محمد (1456) طاهر بن بابشاذ النحوي- ابن بابشاذ النحوي طاهر بن الحسين 26، 539، 562، 563، 1632، 2007، 2137، 2138، 2244 طاهر بن الحسين البندنيجي (1457) طاهر بن خزيمة 647 طاهر بن سلمان بن محمد الأزدي البصري (1455) طاهر بن عبد العزيز 2593 طاهر بن عبد الله بن طاهر 253، 2201 طاهر بن عبد الله بن عبد الرحمن الدينوري 1538 طاهر بن فخر الملك الوزير 1762 طاهر بن محمد الوزيري أبو نصر 1662 طاهر بن محمد بن طاهر المقدسي أبو زرعة 389، 390، 1515، 1572، 2293 طاهر بن محمد بن عبد الله بن طاهر 536، 545 طاهر بن ن ظ ام الملك 1984 طاوس اليماني 2397، 2400 الطائع لله (الخليفة) 136، 377، 770، 811، 876، 1575، 1635، 1806، 1825، 1890، 1991، 2182، 2292، 2293 الطائيان 1873، 1879 الطبري (صاحب الخط) مضراب اللبن 2278، 2336 الطحاوي أبو جعفر 2652 الطرائفي أبو الحسن 1588، 1594 طراد بن علي بن عبد العزيز السلمي، البديع الدمشقي أبو فراس (1457- 1458) طراد بن محمد بن علي الزينبي أبو الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3190 الفوارس 1051، 1379، 1423 طرخان 1051 طرخان سليط (سليط اللسان) 401 طرفة بن العبد 1609، 2229 الطرماح بن حكيم 739، 1555، 2448، 2533 طريح بن اسماعيل الثقفي (1458- 1459) طريف ال غ لام 2343 طشتم 1051 طغج- عبد الرحمن 1494 طغتكين 1051 الطغراني ابو اسماعيل المنشىء (الحسين بن علي بن محمد مؤيد الدين) (1106- 1118) ، 1764، 1985، 2214، 2376 الطغرائي أبو محمد بن الحسين بن علي 1107 طغندي (صاحب ابن عساكر البطائحي) 1820 طفيل الغنوي 1853 طلائع ابن رزيك 1792 طلبة بن قيس بن عاصم المنقري 1188 طلحة (ينقل عنه صاحب سر السرور) 742 طلحة بن الحسن بن المثنى أبو أحمد 851، 853، 854 طلحة بن طاهر 610- 611 طلحة بن عبد الله بن قناش أبو جعفر 526 طلحة بن عبيد الله 50، 2337 طلحة بن علي بن عمر المالكي أبو العز 1704 طلحة بن علي الزينبي- الأتقى 2234 طلحة بن محمد بن جعفر الشاهد 189، 647، 2501 طلحة بن محمد بن عبد الله الطلحي (1461) طلحة بن محمد النعماني أبو محمد (1460- 1461) طلحة بن مطرف 1219 طلحة الطلحات 1471، 2837 الطلحية- فاطمة بنت محمد الطليطلي محمد بن سعد (سعيد) الرباحي الأعرج (2538- 2539) الطوال النحوي أبو سعيد 361، 1385، 1670 الطوسي (صاحب ابن الأعرابي) 766 الطوسي أبو عمرو- أحمد بن علي الطوسي 799 طوغان 1051 الطوماري 47 طويس الشؤم (المغني) 615، 1974 الطويلة (أم أبي الأسود) 1465 طباب بن ابراهيم الموصلي 615 الطيب بن محمد بن الطيب النحوي 2546 طيفور بن منصور الحميري 1304 (ظ) الظافر بن الحافظ 401، 1563، 1564 ظافر الحداد- ظافر بن القاسم بن منصور الاسكندري (1462- 1464) ظالم (والد الحارث) 1309 الظاهر (الفاطمي) 381، 383، 2271، 2348 الظهير- الحسن بن الخطير ظهير الدين 1947 ظهير الدين ابن الوجيه 2206 (ع) عاتكة (في شعر) 968 عاتكة (مولاة المهدي) 1346 عاتكة بنت شهدة 595 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3191 العادل أبو بكر بن أيوب 638، 639، 2072، 2662، 2664 العاص بن أمية 1855 عاصم الأحول 1262 عاصم بن أبي النجود (المقرىء) 115، 507، 521، 753، 754، 861، 1180، 1219، 1273، 1423، (1474- 1475) 1674، 2474، 2855 عاصم بن الحسين- ابن النقور العاصمي 2740 عاصم بن علي 1795 عاصم بن عمر 50 عاصم بن عمر بن قتادة 2418، 2419 عاصم بن عمرو بن عثمان 696 عاصم بن وهب أبو شبل 626 العاصمي- محمد بن عاصم النحوي 1164 العاضد الفاطمي 402، 1564، 1565 عافية بن شبيب السعدي 531، 2009، 2010، 2011، 2012 عامر (اسم) 1051 عامر التغلبي 2233 عامر الضحيان 2248 عامر بن الياس بن مضر (طابخة) 1557 عامر بن الحسن السمسار (ابن أخت الزمخشري) 2688 عامر بن ربيعة بن خويلد- أبو جرادة 2068 عامر بن الطفيل 2030 عامر بن عبد قيس 2113 عامر بن عبد الملك المسمعي 2233 عامر بن عمر الموصلي 2827 عامر بن مالك ملاعب الأسنة 1000 عامر بن محمد بن كسنين ابو العلاء (1480) عامر بن مسلم 1476 عائد بن سعيد بن جندب 2250 عائشة أم المؤمنين 251، 1091، 1927، 2063، 2400، 2779 عباد بن الحصين 1856 عباد بن زياد 2837، 2838 عباد بن عباد المهلبي 1268 عباد بن عباس الشيخ الأمين (والد الصاحب) (663) 684، 1937 عباد بن علي الحسني (سبط الصاحب) 690، 707، 708 عبادة بن ماء السماء (1480) عباس البقال 44، 45 عباس الخياط 2200 عباس اليابس 1854 العباس بن أحمد بن طولون 790 العباس بن أحمد بن مطروح الأزدي أبو عيسى (1481) العباس بن أحمد بن موسى النحوي (1481) العباس بن الأحنف الشاعر 71، 710، (1481- 1482) 2856 العباس بن بنان 756 العباس بن جورجيس الرومي 2481 العباس بن الحسن العزيزي 2459 العباس بن الحسين الشيرازي أبو الفضل 144، 991، 1642 العباس بن رستم 2109، 2131، 2606، 2608 عباس بن سعد 2167 العباس بن عبد الله بن العباس 2414 العباس بن عبد المطلب 50، 430، 1145، 1262، 1536، 2248، 2397، 2464، 2780، 2789 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3192 العباس بن علي بن أبي طالب 1811 العباس بن علي بن برد الخيار 1815 العباس بن عمير 753 العباس بن الفرج الرياشي- الرياشي أبو الفضل العباس بن الفضل الربعي 2162 العباس بن الفضل النضروي 2727 العباس بن كيغلغ 427 العباس بن المأمون 975، 2485 العباس بن محمد- عرام (1485) عباس بن محمد الكلوذاني 2559 العباس بن محمد بن ثوابة- ابن ثوابة أبو الهيثم 107، 108 العباس بن محمد بن علي العباسي 1303، 1304، 2530، 2419، 2480، 2530 العباس بن محمد بن المحسن 2461 العباس بن محمد بن موسى 26 العباس بن مصعب 2257 العباس بن معن 615 العباس بن موسى 754 العباس بن ميمون 1853 عباس بن ناصح 802 العباس بن الوليد 71 العباس بن الوليد بن شجاع 913 عباسة (في شعر) 1165 عباسة زوجة محمد بن سليمان الهاشمي 1483 عبد بن أحمد الهروي 488 عبد الأول الشيخ 830 عبد الأعلى بن حماد 530 عبد الأعلى المحدث 1536 عبد الجبار الأزدي 1856 عبد الجبار بن أحمد المعتزلي القاضي أبو الحسن 179، 670، 671 عبد الجبار بن أحمد بن الحسين الديناري أبو يعلى 232 (2857- 2858) عبد الجبار بن عبد الرحمن 1543 عبد الجبار بن عبد الصمد السلمي 1605 عبد الجبار بن عدي 2054 عبد الحق بن عبد الملك بن بونه 466 عبد الحميد (المضعّف) 562 عبد الحميد بن بكار 2444 عبد الحميد بن عبد الرحمن النيسابوري 2830 عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب 1190 عبد الحميد بن عبد العزيز القاضي أبو حازم 60، 61، 62 عبد الحميد بن عبد الله بن أسامة أبو علي النسابة- ابن التقي الهاشمي الزيدي النقيب (1562) عبد الحميد بن يحيى الكاتب 133، 561، 1340، 2088 عبد الخالق بن صالح بن علي المسكي 2202 عبد الخالق بن يوسف 394 عبد خير الهمذاني 724 عبد الرحمن (مع حويصة ومحيصة) 2399 عبد الرحمن الامام 234، 235 عبد الرحمن الدوني 2094 عبد الرحمن اللحنة 2200 عبد الرحمن الناصر 358، 731، 2717، 2718، 2720، 2722 عبد الرحمن الناصر بن المنصور العامري 2273 عبد الرحمن النسائي- النسائي عبد الرحمن بن أبي ليلى 2232 عبد الرحمن بن أحمد الزهري أبو محمد 549 عبد الرحمن بن أحمد بن محمد الواحدي 1659 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3193 عبد الرحمن بن أخي الاصمعي 227، 1160، 1576، 2223، 2409، 2490، 2492، 2845 عبد الرحمن بن اسحاق الزجاجي- الزجاجي عبد الرحمن بن حسان 1300، 1326، 1858، 2200، 2248 عبد الرحمن بن الحسن- ابن الشاكر البصري 971 عبد الرحمن بن الحسين بن عبدان 2742 عبد الرحمن بن حمدان الحلاب 511 عبد الرحمن بن خاقان 2602 عبد الرحمن بن دينار 1201 عبد الرحمن بن زيد بن أسلم 2454 عبد الرحمن بن سابط 936 عبد الرحمن بن سليمان 1067 عبد الرحمن بن سمرة 50، 1855 عبد الرحمن بن شكر، شرف الدين القاضي 15 عبد الرحمن بن عبد الجبار الفامي أبو نصر 235، 238، 486، 2174، 2322 عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم- ابن عبد الحكم عبد الرحمن بن علي اليزدادي اللغوي 1748، 1838 عبد الرحمن بن عمرو- الأوزاعي عبد الرحمن بن عوف الزهري 50، 2400، 2414 عبد الرحمن بن عيسى الوزير 526، 616، 788، 2347 عبد الرحمن بن كيسان 2457 عبد الرحمن بن محمد الادريسي السمرقندي 2525 عبد الرحمن بن محمد الأزدي الكوفي 38 عبد الرحمن بن محمد القزاز 390 عبد الرحمن بن محمد الكاتب 2106 عبد الرحمن بن محمد الكركانجي 2358 عبد الرحمن بن محمد بن أحمد الدهان 2358، 2359 عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث 1025، 1363، 1364، 1476، 1543، 2253 عبد الرحمن بن محمد بن الحسين الكفرطابي 1606 عبد الرحمن بن محمد بن العبدي 414 عبد الرحمن بن محمد بن علي البرقي 431 عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن عزيز أبو سعد 619 عبد الرحمن بن مدرك المعري أبو سهل (301) عبد الرحمن بن معاوية بن هشام 1229 عبد الرحمن بن مهدي 95، 1220، 1423، 1982، 2410، 2464 عبد الرحمن بن يخلف السلاوي 1969 عبد الرحمن بن يعيش بن سعدان القواريري 929، 2570 عبد الرحمن بن يوسف 453 عبد الرحمن بن يونس بن عبد الأعلى الصدفي 1601 عبد الرحيم البرقي أبو سعيد 293 عبد الرحيم الرزامي 767 عبد الرحيم بن اسماعيل النيسابوري أبو القاسم- شيخ الشيوخ 406، 407 عبد الرحيم بن جعفر 2094 عبد الرحيم بن عبد الرحمن الشعري 653 عبد الرحيم بن العصار 1515 عبد الرحيم بن مالك 2133 عبد الرحيم بن محمد اليشكي أبو منصور 658 (660) 661 عبد الرحيم بن موسى 1739 عبد الرحيم بن النفيس بن وهبان أبو نصر شمس الدين 48، 1730، 1837، 2173 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3194 عبد الرزاق الصنعاني 2342 عبد الرزاق بن أحمد الميمندي الوزير 1679 عبد الرزاق بن عبد القادر الجيلي 1292 عبد الرشيد بن محمد الزرقي المؤدب 653 عبد السلام بن الحسين البصري أبو أحمد 55، 255، 362، 440، 541، 767، 774، 1589، 1597، 1641، 1735، 1991، 2240 عبد السلام بن محمد بن يوسف القزويني أبو يوسف 303، 306 عبد السيد بن علي أبو المكارم 2741 عبد شمس بن عبد مناف 2410 عبد الصمد أول بن عبد الصمد الحكيم 2333، 2334 عبد الصمد بن بابك 416، 417 عبد الصمد بن حنيش النحوي 847 عبد الصمد بن زهير بن هارون بن أبي جرادة (2075) عبد الصمد بن عبد الرحمن الخوي 2358 عبد الصمد بن المعذل 549، 762، 804، 1743، 2237، 2583، 2682، 2778 عبد العزيز الشطرنجي النائح 1789 عبد العزيز اللغوي وراق أبي عبيد 772 عبد العزيز بن أحمد الكناني 380، 474، 932 عبد العزيز بن أحمد المافروخي عامل البصرة 182، 183، (184- 185) 853 عبد العزيز بن أحمد المافروخي عامل البصرة 182، 183، (184- 185) 853 عبد العزيز بن أحمد بن ناقيا (خطأ) والصواب عبد الله 1768 عبد العزيز بن الأخضر 779 عبد العزيز بن ثابت بن عبد العزيز 772 عبد العزيز بن الحباب- الجليس 942 عبد العزيز بن رفيع 2156 عبد العزيز بن عبد الملك الأموي 2603 عبد العزيز بن علي الأنماطي أبو القاسم 1274 عبد العزيز بن محمد 2462 عبد العزيز بن محمد النخشبي أبو محمد 390، 391، 419 عبد العزيز بن محمد بن عثمان- ابن أبي عمرو الشرابي- حاجب المطيع 716 عبد العزيز بن مروان 2752، 2753 عبد العزيز بن نباتة السعدي- ابن نباتة السعدي عبد العزيز بن هارون 2450 عبد العزيز بن يوسف أبو القاسم 131، 140، 141، 145، 146، 153، 706، 1708، 2286، 2290، 2291 عبد الغافر بن اسماعيل الفارسي صاحب السياق 398، 453، 491، 507، 511، 512، 513، 630، 646، 647، 660، 726، 922، 923، 996 (1569- 1570) 1659، 1660، 1664، 1665، 1774، 1835، 1836، 1958، 1959، 2166، 2177، 2293، 2297، 2350، 2427، 2428، 2429 2340، 2427، 2428، 2429 عبد الغافر بن سلامة الحمصي 492 عبد الغافر بن محمد بن عبد الغافر الفارسي 487، 1206، 2428 عبد الغفار بن عبيد الله الحضيني 65 عبد الغفار بن غنيمة 1713 عبد الغفار بن محمد بن عبد الغفار أبو بكر 832، 833 عبد الغني بن سرور المقدسي 827 عبد الغني بن سعيد الحافظ المصري 507، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3195 784، 827، 1987، 1990، 2480، 2676 عبد الغني أبو رفاعة ولد أبي بكر ابن كامل 2446 عبد القادر البغدادي 160 عبد القادر الجيلي 1820 عبد القادر اليوسفي 838 عبد القاهر الجرجاني 187، 357، 1506، 1737، 1797، 1964، 1965، 1966، 2166، 2169، 2361، 2565، 2524، 2824 عبد القاهر بن طاهر التميمي 634 عبد القاهر بن عبد السلام العباسي الشريف 1540 عبد القاهر بن علي بن عبد الباقي بن محمد بن أبي جرادة (2070) 2072 عبد الكافي الهاروني اليهودي (1569- 1570) عبد الكريم بن ابراهيم النهشلي 998 عبد الكريم بن روح 1853 عبد الكريم بن علي البيساني 810 عبد الكريم بن محمد السمعاني- السمعاني أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن عبد الله الدلال الساوي أبو القاسم 2824 عبد الكريم بن هوازن القشيري- أبو القاسم القشيري عبد اللطيف بن يوسف بن محمد البغدادي، موفق الدين- ابن اللبان- الجدي المطجن (1571- 1573) ، 2263 عبد الله (غلام) 1244 عبد الله العشري 1363 عبد الله العلوي أبو محمد 1922 عبد الله بن أبي اسحاق الحضرمي 750، 1466، 2113، 2141، 2738، 2827، 2851، 2856 عبد الله بن أبي روّاد 1628 عبد الله بن أبي سعد الوراق 757، 1742، 1743، 2059 عبد الله بن أبي طاهر (ابن طيفور) 535 عبد الله بن أبي الفتح 2501 عبد الله بن أبي ليلى 2272 عبد الله بن أبي مالك الصقلي أبو المصيب (1546) عبد الله بن ابراهيم 923 عبد الله بن ابراهيم الحنبلي 487 عبد الله بن ابراهيم بن أيوب البزاز أبو محمد 1331 عبد الله بن أحمد الحلواني 1701 عبد الله بن أحمد العتبي أبو الحسين 456 عبد الله بن أحمد الميكالي أبو الفضل 1507، 2433 عبد الله بن أحمد الهروي أبو ذر 2491، 2492 عبد الله بن أحمد بن أحمد- ابن الخشاب أبو محمد عبد الله بن أحمد بن جعفر الفرغاني المؤرخ 107، 121، 263، (1493- 1494) 2443، 2444، 2445، 2453 عبد الله بن أحمد بن الحسين الساماني (1494) عبد الله بن أحمد بن حمدون النديم 59 عبد الله بن أحمد بن حنبل 45، 647، 727، 838، 2537، 2541 عبد الله بن أحمد بن عبد الصمد 1638 عبد الله بن أحمد بن عبد الله المنصوري 421 عبد الله بن أحمد بن علي الهاشمي قوام الدين 448، 452 (1490) الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3196 عبد الله بن أحمد بن عمر 2278 عبد الله بن أحمد بن المأمون، أبو محمد 1027 عبد الله بن أحمد بن محمود- الكعبي أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن المغلس 2456 عبد الله بن ادريس 752، 1220، 2420، 2537 عبد الله بن اسحاق الزاهد المعتزلي 693 عبد الله بن اسحاق بن ابراهيم 2179 عبد الله بن اسحاق بن سلام المكاري أبو العباس (1506- 1507) عبد الله بن اسحاق بن عمار 623 عبد الله بن اسحاق بن الفضل 1858 عبد الله بن اسماعيل الحلي 2071 عبد الله بن اسماعيل الميكالي أبو محمد 723، (1507- 1508) عبد الله بن اسماعيل الوكيل باصبهان 309 عبد الله بن اسماعيل بن أحمد الحلبي 1792 عبد الله بن أيوب المخرمي 520 عبد الله بن أيوب المكي 2059 عبد الله بن بجير 24 عبد الله بن بشران أبو محمد- ابن بشران عبد الله بن بكر بن حبيب السهمي 750 عبد الله بن جعفر 50، 624، 625، 799، 800، 1195، 1196، 1329، 1670، 1672، 1740، 1741، 1743، 1744، 1750، 1855، 2135، 2144، 2231، 2250، 2487 عبد الله بن جعفر الوكيل 2110 عبد الله بن جعفر بن أبي طالب 1252، 1253 عبد الله بن جعفر بن محمد بن الحنفية 1812 عبد الله بن الحارث 1629 عبد الله بن حامد بن أحمد أبو منصور- عميد الرؤساء- وجه الدويبة 2764 عبد الله بن الحسن 228 عبد الله بن الحسن العنبري 1265 عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي 1811، 2419، 2708 عبد الله بن الحسين بن سعد القطربلي 536، 542، 544، (1514) عبد الله بن الحسين بن النحاس 786 عبد الله بن حمدان 2450 عبد الله بن حمود الزبيدي الأندلسي 258 (1517- 1518) 1830 عبد الله بن ذكوان الفارسي القارىء (1519) ، 1532، 2763 عبد الله بن الربيع التميمي 731، 1542 عبد الله بن رستم (1519) عبد الله بن رواحة 1416 عبد الله بن الزبير 105، 853، 1186، 1277، 1465، 1476، 1543، 2149، 2253، 2412، 2749 عبد الله بن زمعة 50 عبد الله بن السائب المخزومي 2272 عبد الله بن سبعون القيرواني 1835 عبد الله بن سعيد بن العاص (1526) عبد الله بن سعيد بن مهدي الخوافي أبو منصور 634 (1527) عبد الله بن سليمان المعري (296) عبد الله بن سليمان بن الأشعث السجستاني أبو بكر 729 عبد الله بن سليمان بن يخلف الصقلي- أبو القاسم الصقلي الكلبي (1529- 1531) عبد الله بن شيث المقرىء أبو المظفر 521 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3197 عبد الله بن شيرويه 234 عبد الله بن صالح العجلي 530 عبد الله بن صالح المقرىء 624 عبد الله بن طاهر 254، 256، 257، 539، 562، 616، 1132، 1298، 1421، 1492، 1518، 1519، 1632، 2137، 2138، 2139، 2151، 2199، 2200، 2202، 2815 عبد الله بن عامر اليحصبي المقرىء- ابن عامر المقرىء عبد الله بن عامر بن كريز 1855، 1856 عبد الله بن عباس 17، 116، 234، 670، 716، 725، 982، 1262، 1289، 1336، 1416، 1452، 1465، 1544، 1545، 1626، 1628، 1629، 1630، 2054، 2062، 2160، 2200، 2272، 2453، 2454، 2528، 2759، 2779، 2836 عبد الله بن العباس الصولي 71 عبد الله بن العباس بن الفضل 1066 عبد الله بن العباس بن موسى 2415 عبد الله بن عبد الأعلى النحوي (1536) عبد الله بن عبد الحكم بن أعين 2414 عبد الله بن عبد الرحمن الدينوري أبو القاسم (1536- 1538) عبد الله بن عبد العزيز 2841 عبد الله بن عبد الغفار 254 عبد الله بن عبد الله الصفري- الصفري أبو العباس عبد الله بن عبد المجيد بن شيران الأهوازي- ابن شيران عبد الله بن عبد المطلب 1483 عبد الله بن عبد الوهاب البغوي 2322 عبد الله بن عبيد الله بن شريح البخاري 2805 عبد الله بن عبيد الله بن العباس بن علي 1812 عبد الله بن عتبة بن مسعود 1363 عبد الله بن عدي الحافظ 363 عبد الله بن عطية بن عبد الله بن حبيب المفسر أبو محمد 484 (1538- 1539) عبد الله بن علي أبو القاسم 2824 عبد الله بن علي التيمي 2374 عبد الله بن علي دلويه- كاتب نصر الفشوري 191 عبد الله بن علي العباسي (عم المنصور) 71، 561، 565، 566، 1178، 1543 عبد الله بن علي المقرىء 2071 عبد الله بن علي بن الأبنوسي 1845 عبد الله بن علي بن أبي طالب أبو بكر 1811 عبد الله بن علي بن الحسين العلوي 1812 عبد الله بن علي بن المقرىء (ابن بنت الشيخ أبي منصور الخياط) 1331، 1332، (1539- 1541) 2062، 2815 عبد الله بن عمارة 2494 عبد الله بن عمر الحارثي 287، 28 عبد الله بن عمر الصفار أبو سعد- مجد الدين 653 عبد الله بن عمر القواريري 537 عبد الله بن عمر بن أحمد الصفار أبو سعيد 1340 عبد الله بن عمر بن الخطاب 28، 50، 724، 725، 732، 838، 1477، 1627، 1630، 2272، 2803، 2836 عبد الله بن عمر بن عبد العزيز 2793 عبد الله بن عمرو المقرىء 233 عبد الله بن عمرو بن العاص 50، 1341، 1699 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3198 عبد الله بن عون 2758 عبد الله بن عياش المنتوف، أبو الجراح 1364 (1541- 1543) ، 2789 عبد الله بن عياش الهمداني 2135 عبد الله بن عيسى الفقيه 418 عبد الله بن القاسم بن علي الحريري 2208 عبد الله بن قيس الرقيات- عبيد الله عبد الله بن قيس بن مخرمة 2418 عبد الله بن كثير القاري- الداري 234، 1200 (1544- 1545) 2238 عبد الله بن المبارك 10، 19، 27، 28، 94، 96، 1317، 2177 عبد الله بن محسن بن عبد الله المعري أبو حصين 1606 عبد الله بن محمد 2173 عبد الله بن محمد الأكفاني 2745، 2746 عبد الله بن محمد البغوي 782 عبد الله بن محمد الحليمي 285 عبد الله بن محمد الفارسي 1064 عبد الله بن محمد بن أبي شيبة أبو بكر 746، 747، 748 عبد الله بن محمد بن الحنفية- أبو هاشم 1812 عبد الله بن محمد بن سعيد (ابن سنان الخفاجي) 325 عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي 1795، 2322 عبد الله بن محمد بن عبد الكريم 782 عبد الله بن محمد بن عبد الله الحنائي أبو بكر 932 عبد الله بن محمد بن العربي 1652، 1653 عبد الله بن محمد بن علي أبو القاسم- الكامل الخوارزمي عبد الله بن محمد بن عمر بن علي 1812 عبد الله بن محمد بن موسى بن عيسى بن أبي جرادة 2070 عبد الله بن محمد بن ميكال 721، 722، 723 عبد الله بن محمد بن هاجك 2322 عبد الله بن محمد بن هارون التوزي- التوزي أبو محمد عبد الله بن محمد بن هارون الفريابي 2412 عبد الله بن محمود المكفوف النحوي 90، 171 عبد الله بن مسرة 2434 عبد الله بن مسعود 24، 457، 754، 808، 1180، 1475، 1705، 2324، 2454 عبد الله بن مسلم 1638 عبد الله بن مسلم العزيزي 2149 عبد الله بن مسلم بن قتيبة 2190 عبد الله بن مصعب بن الزبير 2145، 2852 عبد الله بن مطيع العدوي 1476 عبد الله بن معاوية الجعدي 367 عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر 1855 عبد الله بن المعتز- ابن المعتز عبد الله بن المعدل العبدي 1376 عبد الله بن معمر التيمي 1376 عبد الله بن المقفع 1268، 2054 عبد الله بن موسى بن عيسى بن أبي جرادة 2070 عبد الله بن النقور أبو بكر 1515 عبد الله بن هارون بن السميدع البصري 1305 عبد الله بن الهروي الشاعر أبو محمد 1756 عبد الله بن وصيف الناشىء 1784 عبد الله بن وهب 555 عبد الله بن وهب الراسبي 1810، 1811 عبد الله بن وهبان بن أيوب 808 عبد الله بن يحيى العسكري 64، 458، 1978 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3199 عبد الله بن يحيى بن الخاقان 2841 عبد الله بن يزيد الحطيمي 1476 عبد الله بن يزيد أبو عون 2058 عبد الله بن يزيد بن معاوية 1239 عبد الله بن يعقوب الفقيه 873 عبد الله بن يوسف بن نصر أبو محمد 786 عبد المجيد بن شيران- ابن شيران عبد المحسن بن محمد بن عبد الواحد القزاز 390 عبد المدان 1021 عبد المسيح (ممدوح الأعشى) 1302 عبد المطلب (جد الرسول) شيبة الحمد 1289، 1453، 1809، 2780، 2781 عبد المطلب بن الفضل بن عبد المطلب الهاشمي 2498 عبد الملك (أمير البصرة) 1982 عبد الملك الباجي 2551 عبد الملك بن أبان 2003 عبد الملك بن أحمد بن شهيد 358 عبد الملك بن جريج 622 عبد الملك بن زهر أبو مروان 2551 عبد الملك بن العباس القزويني 1813 عبد الملك بن عبد الحميد الميموني 2409، 2411 عبد الملك بن عبد الغفار الفقيه 418 عبد الملك بن عمير 94، 2412 عبد الملك بن قطن المهري أبو الوليد القيرواني 93، 201، 739 (2859- 2860) عبد الملك بن ما كان 691 عبد الملك بن مروان 22، 28، 33، 412، 729، 853، 1019، 1186، 1187، 1189، 1219، 1227، 1239، 1364، 1472، 1477، 1542، 1543، 1547، 1583، 2514 عبد الملك بن ميسرة 1452 عبد الملك بن نوح الساماني 1869 عبد الملك بن هشام (مختصر السيرة) 293، 2402، 2409 عبد مناف (المغيرة بن قصي بن كلاب) 1809، 2410 عبد المنعم بن أبي الروس السروجي أبو المهذب 304 عبد المنعم بن غلبون 1031 عبد المؤمن بن خالد الحنفي أبو خالد 1628 عبد المؤمن بن علي أمير الموحدين 586 عبد الهادي بن علي 831 عبد الواحد بن أحمد الثقفي أبو جعفر القاضي 2388 عبد الواحد بن أحمد بن محمد- الباطرقاني عبد الواحد بن الحسين بن هارون الكاتب أبو الفتح 990 عبد الواحد بن سعيد 2403 عبد الواحد بن عبد الله بن سليمان المعري أبو الهيثم (297) عبد الواحد بن عبد الله بن مهدي الفارسي 2156 عبد الواحد بن علي اللغوي- أبو الطيب اللغوي عبد الواحد بن علي بن برهان الأسدي 2091، 2558، 2579 عبد الواحد بن محمد بن علي أبو القاسم (1573) عبد الواحد بن نصر أبو الفرج الببغا- الببغا عبد الوارث (ابن سعيد التميمي) 1200 عبد ود الجرهمي 1583 عبد الوهاب (شيخ ابن الجوزي) 1987 عبد الوهاب الخطابي أبو القاسم 1206 عبد الوهاب بن حسن الكلابي 380، 484 عبد الوهاب بن الحسن بن عبد الله بن الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3200 سليمان 792 عبد الوهاب بن عبد الله بن الحيان 368 عبد الوهاب بن عطاء 2478 عبد الوهاب بن علي بن سكينة 653، 2269 عبد الوهاب بن عمر 753 عبد الوهاب بن غالب 517 عبد الوهاب بن المبارك الأنطاكي أبو البركات 2748 عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي الحافظ 397، 528، 2156 عبد الوهاب بن محمد بن الشهيد 2361 عبد الوهاب أبو يعلى ولد أبي بكر ابن كامل 2446 عبدان صاحب الاسماعيلية 1986 عبدان الأهوازي أبو محمد 912 عبدان الخويّ المتطبب أبو معاذ 2116 عبدان بن أحمد بن موسى الجواليقي الحافظ 721، 722 العبدري 1967 عبدة بن الطبيب 1233 عبدون (الفتى) 533 عبدون الكاتب 1865 عبدون بن صاعد الوزير 649 عبيد بن الأبرص 2219، 2229 عبيد بن سرية (أو شرية) الجرهمي (1581- 1583) عبيد بن سليم 2177 عبيد بن مسعدة- ابن أبي الجليد (1584) عبيد بن مسعود 105 عبيد الله التيمي 2376 عبيد الله الخياط الاصبهاني أبو بكر (1579- 1581) عبيد الله الرقي 2560 عبيد الله الصيرفي 2327 عبيد الله القشيري 309 عبيد الله القواريري 41 عبيد الله بن أبي بكرة 2650 عبيد الله بن أبي طاهر 2008 عبيد الله بن أبي الفتح 2556 عبيد الله بن أحمد السمسار 2 لقاضي 2442 عبيد الله بن أحمد الميكالي أبو الفضل 175، 708، 709 عبيد الله بن أحمد النحوي أبو الفتح 2536، 2559 عبيد الله بن أحمد بن أبي طاهر 228، 282، 285 عبيد الله بن أحمد بن محمد- جخجخ أبو الفتح عبيد الله بن أنس 1067 عبيد الله بن جرو الأسدي 472 عبيد الله بن الحسن العلوي 2005 عبيد الله بن الحسين العنبري 1629 عبيد الله بن زياد 1346، 1468، 2136، 2294، 2532، 2837، 2838 عبيد الله بن سليمان بن وهب الوزير 52، 60 62، 79، 81، 255، 270، 272، 291، 366، 436، 437، 442، 650، 651، 792، 860، 1020، 1523، 1860، 1866، 2513، 2602، 2610، 2762 عبيد الله بن العباس بن علي بن أبي طالب 1812 عبيد الله بن عبد الرحيم أبو القاسم الاصبهاني (1574) عبيد الله بن عبد الله الكريزي ابو القاسم 2350 عبيد الله بن عبد الله بن طاهر 200، 2532، 2536، 2605 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3201 عبيد الله بن علي الرقي 2823 عبيد الله بن علي بن أبي طالب 1811 عبيد الله (بن عمر) 838، 1630 عبيد الله بن عياش، أبو الحسين القاضي 2783 عبيد الله بن القاسم بن عبيد الله بن سليمان 1142 عبيد الله بن قيس الرقيات 285، 2479 عبيد الله بن محمد الأزدي أبو القاسم 62 عبيد الله بن محمد القصري أبو محمد (1575) عبيد الله بن محمد بن أبي محمد- اليزيدي عبيد الله عبيد الله بن محمد بن جرو الأسدي أبو القاسم (1577- 1579) عبيد الله بن محمد بن جعفر الأزدي، أبو القاسم 362، 363 (1576- 1577) عبيد الله بن محمد بن زريق 770 عبيد الله بن محمد بن عائشة 31، 41 عبيد الله بن يحيى 2011، 2608 عبيد الله بن يحيى بن خاقان 531، 532، 534 عبيد الله بن يحيى بن يحيى الليثي 748، 2519 العبيسي 2340، 2341 عتاب بن ورقاء الشيباني (1584- 1585) العتابي الشاعر 228، 285، 706 عتبة (صاحبة أبي العتاهية) 1708، 2649 عتبة بن بجير الحارثي 1831 عتبة بن حميد 913 عتبة بن غزوان 633، 2273 عتبة بن النهاس العجلي 2135 العتبي 1321، 1479، 2602 عتيبة بن الحارث بن شهاب 245 عثعث المغني 564 عثكل بن اسحاق العطار الهمذاني 825 عثمان الاصبهاني (والد أبي مسلم الخراساني) - بنداذ هرمز (قبل الاسلام) 1753 عثمان البري 2795 عثمان بن أبي شيبة 41، 364، 530 عثمان بن أبي العاص 1329 عثمان بن ادريس الشامي 2797 عثمان بن جاذوكار 1761 عثمان بن جني- ابن جني عثمان بن دحية 2836 عثمان بن ربيعة الأندلسي (1601) عثمان بن سعيد الدارمي 1630 عثمان بن سعيد بن عثمان- أبو عمرو الداني عثمان بن عبد الملك الدمانخير الكرخي أبو عمرو- افضل الدين 837 عثمان بن عبد المؤمن 1183 عثمان بن عفان ذو النورين 50، 105، 753، 1168، 1169، 1171، 1175، 1196، 1465، 1475، 1483، 1532، 1810، 1856، 1962، 2093، 2253، 2316، 2324، 2325، 2326، 2337، 2410، 2419، 2459، 2463، 2632، 2709، 2786 عثمان بن علي بن أبي طالب 1811 عثمان بن علي بن عمر السرقوسي أبو عمرو (1606- 1608) عثمان بن علي بن عمر الصقلي أبو عمرو (1608- 1610) عثمان بن عيسى بن منصور البلطي أبو الفتح 858، 869 (1610- 1621) عثمان بن قيس 1483 عثمان بن محمد 745، 1639 عثمان بن محمد البقال أبو عمرو 1460 عثمان بن محمد بن أحمد النوقاتي 2345 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3202 عثمان بن مرة 130 العجاج 254، 1495، 1506، 2232، 2445 العجلي 204 العجوزي (معاصر للمبرد) 540 العجير السلولي 165 العدار (شيطان) 1589 عدة الدين بن الناصر 2651 عدي بن ثابت 1219 عدي بن حاتم 2156 عدي بن زيد العبادي 1203، 1234، 2135، 2229، 2780 عرّام الأعرابي 254 عرّام أبو الحسام (خادم ابن وهب) 271 العرجي 1326، 2759 عرقوب 513، 1047، 2640 العروضي (صاحب التوحيدي) 789 العروضي الصقلي أبو عبد الله (1531- 1532) العروضي أبو محمد 1928 عروة بن الزبير 928 عروة بن الورد 667، 1780 عريب جارية المأمون (المأمونية) 162، 163، 218 عريب بن محمد القرطبي أبو مروان (1621) عريب بن مقن العقيلي 1095 عز الدولة بختيار بن معز الدولة 131، 133، 135، 136، 137، 145، 146، 812، 1041، 1394، 1719، 1886، 1887، 1892، 1893، 1901، 1905، 1906، 1907، 2280، 2473 عز الدولة نصر بن علي بن منقذ (591- 593) عز الدين فروخ شاه 1332 عز الدين ابراهيم بن الحسن الجويني 941 عز الدين علي بن محمود بن محمد السرخسي النحوي 2268 عزة صاحبة كثير 317 عزة الميلاء 615، 1386 عزّون ابن الحاج القرطبي 1528 العزير 364 العزيز (كان وزيره الدركزيني) 1550 عزيز بن الفضل بن فضالة بن مخراق الهذلي- ابن الأشعث (1622) عزيز الدولة بن ثابت بن ثمال بن صالح المرداسي 334 عزيز الدولة أبو شجاع فاتك 333 عزيز- الدين- علي بن فضل المستوفي الطغرائي ابو الفضل 1765 العزيز بالله (الفاطمي) 807، 88، 1645 عسكر الحموي 2538 العسكري أبو أحمد- الحسن بن عبد الله بن سعيد 415، 546، 750، 800، (911- 918) 1853، 2238، 2496 العسكري أبو هلال- الحسن بن عبد الله بن سهل 119، 911، (918- 922) ، 2496 عسل بن ذكوان العسكري أبو علي العصفري الشاعر 750 (1622) 917 عضد الدولة بن ركن الدولة البويهي فناخسرو 131، 133، 134، 135، 136، 137، 138، 139، 140، 142، 143، 145، 146، 147، 153، 663، 664، 670، 694، 700، 705، 714، 719، 812، 813، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3203 819، 889، 923، 1394، 1405، 1414، 1578، 1579، 1586، 1599، 1708، 1723، 1784، 1830، 1831، 1886، 1887، 1890، 1892، 1893، 1894، 1899، 1901، 1902، 1905، 1906، 1907، 1991، 2037، 2040، 2042، 2046، 2048، 2182، 2184، 2185، 2229، 2274، 2275، 2283، 2286، 2287، 2288، 2289، 2290، 2292، 2293 عضد الدولة أبو الفتوح بن عضد الدين ابن رئيس الرؤساء 2264 عضد الدولة أبو الفرج ابن رئيس الرؤساء 452، 2268 عضد الدولة محمد بن عبد الله ابن رئيس الرؤساء 1447 عطاء الخفاف 95 عطاء الملط (1622- 1623) عطاء بن أبي الأسود 1467 عطاء بن أبي رباح 1341، 2400 عطاء بن أبي السائب 94، 1423 عطاء بن يعقوب بن ناكل (1623- 1627) العطار أبو علي 398 العطاردي 2842 العطوي الشاعر ابن عبد الرحمن 103، 1534، 1926، 1927 العطيري الشاعر 1101 عطية (المتجبر) 2749 عطية بن الحارث أبو روق 38 عطية بن الخطفى 1246، 2787 عفان بن مسلم 41، 530، 1200 العقيقي- علي بن أحمد عقيل بن أبي طالب 2400، 2401، 2639 عقيل بن علفة 615، 1412 عكرمة مولى ابن عباس أبو عبد الله 1289، 1317، (1627- 1630) 2054، 2454، 2457 عكرمة بن خالد 1630 العلاء الغزنوي 2082 العلاء بن الحسن الوزير أبو القاسم 2037، 2043 علاء بن عثمان بن جني 1589 العلاء بن عمار بن العريان 1317، 1318 العلاء بن عمرو 725 العلاء بن الفيرزان الوزير أبو نصر 1949، 1950 علاقة بن كرسم الكلابي (1630) علان الأزدي 2452 علان المصري- علي بن الحسن بن محمد (1676) علان الوراق الشعوبي (1631- 1633) علقمة بن علاثة 2067 علم الدين السخاوي 1334 علم الدين ابن بقشلان- علي بن حمزة بن علي الرازي علم الدين ابن الحجاج 641 علوسة (الحاجب) 692 علوة (في الشعر) 797 العلوي صاحب الزنج- صاحب الزنج علويه المغني 172، 173، 601، 2779، 2789 علية الخاقانية (مغنية) 1807 علية بنت المهدي 2162 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3204 علي (أحد آل مأمون) 2334 علي الشاذاني 834 علي بن ابراهيم 1640 علي بن ابراهيم أبو القاسم النسيب 933 علي بن ابراهيم الدهكي (1641- 1642) علي بن ابراهيم القطان أبو الحسن 411، 1474، 1814 علي بن ابراهيم بن سعيد الحوفي 662 (1643- 1644) علي بن ابراهيم بن محمد الكاتب (1641) علي بن ابراهيم بن موسى الكاتب 1790 علي بن ابراهيم بن هاشم القمي (1641) علي بن أبي بكر الأخشيد 781 علي بن أبي الرجال أبو الحسن 865، 2639 علي بن أبي زيد الاستراباذي الفصيحي 867 علي بن أبي الشوارب 650 علي بن أبي طالب 16، 17، 20، 32، 50، 92، 105، 110، 111، 126، 174، 250، 251، 281، 348، 349، 354، 386، 521، 591، 645، 753، 754، 1048، 1058، 1091، 1092، 1180، 1196، 1285، 1289، 1290، 1323، 1341، 1355، 1416، 1423، 1465، 1466، 1467، 1472، 1474، 1475، 1503، 1554، 1600، 1629، 1687، 1778، (1809- 1813) 1826، 1854، 1855، 1856، 1881، 1962، 1994، 2063، 2068، 2108، 2118، 2252، 2253، 2272، 2298، 2336، 2342، 2343، 2397، 2419، 2463، 2464، 2602، 2603، 2632، 2639، 2689، 2729، 2746، 2759، 2780، 2841 علي بن أبي مقاتل 929 علي بن أبي النجم الحجاج 1693 علي بن أبي نزار أبو القاسم 633 علي بن أحمد- الشابشتي علي بن أحمد الأمير- الراسبي الأمير علي بن أحمد البستي أبو القاسم 1662 علي بن أحمد البشري أبو القاسم 1274 علي بن أحمد الحافظ 1780 علي بن أحمد الدريدي (1644) علي بن أحمد الدهان ابو الحسن 55، 1561 علي بن أحمد الشرابي 91 علي بن أحمد العقيقي 559، (1644) علي بن أحمد الفنجكردي- شيخ الأفاضل 633، (1664- 1665) علي بن أحمد الماذرائي 629 علي بن أحمد المهلبي أبو الحسن (1645) 2310 علي بن أحمد الواحدي أبو الحسن 491، 511، (1659- 1664) ، 1958 علي بن أحمد بن أبي دجانة المصري أبو الحسن (1644) علي بن أحمد بن البسري 2740 علي بن أحمد بن بسطام 1773 علي بن أحمد (عمر) بن بكري (1666) علي بن أحمد بن الحسن البصري، أبو الحسين النعيمي 912 علي بن أحمد بن خلف 816 علي بن أحمد بن سعيد- ابن حزم أبو محمد علي بن أحمد بن سلك الفالي أبو الحسن- المؤدب الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3205 (1646- 1648) علي بن أحمد بن طير 2152 علي بن أحمد بن عمر الحمامي 2359 علي بن أحمد بن قبيس المالكي 2742 علي بن أحمد بن كيسان النحوي 1845 علي بن أحمد بن محمد بن الغزال النيسابوري (1665- 1666) علي بن أحمد بن منصور أبو الحسن 937 علي بن أفلح أبو القاسم 1350 علي بن بريد أبو دعامة القيسي أبو الحسن (1666) علي بن بسام الشنتريني (1667) علي بن بكار 95 علي بن بويه 2438 علي بن ثابت 273 علي بن ثروان بن الحسن الكندي (1667- 1668) علي بن جابر بن هبة الله (زهير) 2204، 2206، 2207 علي بن جبلة العكوك 2791 علي بن الجصاص 1922 علي بن الجعد 453، 929 علي بن جعفر الكاتب أبو الحسن الفارسي (1668) علي بن جهشيار القائد 2569 علي بن الجهم 234، 458، 1668، 2160، 2162، 2703 علي بن الحسن الأحمر- صاحب الكسائي (1670- 1672) علي بن الحسن الاسكافي 76 علي بن الحسن الباخرزي- الباخرزي علي بن الحمامي أبو طاهر 1946 علي بن الحسن القهستاني أبو بكر العميد (1677- 1681) علي بن الحسن الكاتب 681 علي بن الحسن الميانجي 1550 علي بن الحسن الهنائي- كراع النمل علي بن الحسن بن حبيب الصقلي أبو الحسن (1676) علي بن الحسن بن سعد البزاز 231 علي بن الحسن بن العباس الصندلي الواعظ أبو الحسن 399 علي بن الحسن بن عبد الرحمن المقرىء (1674) علي بن الحسن بن علي الاسكافي أبو منصور 958 علي بن الحسن بن علي الشيرازي أبو الحسن 1320 علي بن الحسن بن عنتر (شميم الحلي) (1689- 1697) ، 2205 علي بن الحسن بن فضيل بن مروان (1673) علي بن الحسن بن الوحشي الموصلي أبو الفتح (1681) علي بن الحسن أبو الحسن السجزي 488 علي بن الحسن أبو العباس مقلة (والد ابني مقلة) 933 علي بن الحسن أبو منصور- صردر علي بن الحسين 436، 437 علي بن الحسين الآمدي النحوي أبو الحسن (1735- 1736) علي بن الحسين الحسني (ختن الصاحب) 699 علي بن الحسين الحسني الهمذاني أبو الحسن 707 علي بن الحسين الربعي أبو القاسم 1496 علي بن الحسين زين العابدين 1285 علي بن الحسين عز الاستاذين أبو طاهر 1954 علي بن الحسين المغربي 1102 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3206 علي بن الحسين بن بلبل العسقلاني (1734- 1735) علي بن الحسين بن الراحل 1397 علي بن الحسين بن علي الأصفهاني الباقولي- الجامع علي بن الحسين بن علي السنجاري- ابن ذنابة 1973 علي بن الحسين بن علي كوجك 2278 علي الأصغر بن الحسين بن علي بن أبي طالب 1811 علي بن الحسين أبو الحسن 30 علي بن الحسين أبو محمد 38 علي بن حمزة الأديب (1756) علي بن حمزة الاصفهاني 2798 علي بن حمزة البصري أبو النعيم 1645 (1754- 1755) علي بن حمزة بن عبد الله الكسائي- الكسائي علي بن حمزة بن علي الرازي ابو الحسين- ابن بقشلان- علم الدين (1756- 1757) علي بن حمزة بن عمارة الاصبهاني ابو الحسن (1752- 1754) 2439 علي بن خشرم 421 علي بن خلف بن طياب 1992 علي بن داود بن الجراح أبو الحسن 1281 علي بن دبيس النحوي الموصلي (1759) علي بن رائطة 772 علي بن رستم الديمرتي 873 علي بن زيد البيهقي أبو الحسن (1759- 1768) علي بن زيد القاشاني النحوي 1759 علي بن سراج 410 علي بن سراج المصري 2448 علي بن سبيكة أبو القاسم (خال المعري) 309 علي بن سعيد العسكري 721 علي بن سليمان الأخفش- الأخفش أبو الحسن علي بن سليمان البغدادي الأديب أبو الحسن (1768- 1769) علي بن سليمان النحوي، حيدة اليمني (1769- 1770) علي بن سليمان بن عبد الله الحلواني (1391) 1395 علي بن سهل بن العباس- أبو الحسن النيسابوري (1774) علي بن شمس الدولة بن مجد الدولة أبو الحسن 1073 علي بن صالح 2232 علي بن الصباح 608 علي بن الصباغ أبو القاسم 2623 علي بن صدقة الأمير 1251 علي بن طاهر بن جعفر، أبو الحسن السلمي (1774- 1775) علي بن الطبري 666، 2446، 2468 علي بن طراد الزنبي- شرف الدين 450، 1985 علي بن طلحة بن كردان أبو القاسم- ابن السحناتي (1775- 1777) علي بن ظافر بن الحسين الأزدي أبو منصور (1777- 1778) علي بن عاصم بن الحريش 1977 علي بن العباس النوبختي أبو الحسن (1778) علي بن عبد الرحمن الخزاز السوسي أبو العلاء (1794) علي بن عبد الرحمن السلمي ابن العصار 728 علي بن عبد الرحمن بن الجراح أبو الخطاب 1292 علي بن عبد الرحيم السلمي أبو الحسن 415، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3207 1600 علي بن عبد السلام الصوري أبو الحسن 1756، 2623 علي بن عبد العزيز البغوي الجوهري صاحب أبي عبيد (1795- 1796) علي بن عبد العزيز الجرجاني (قاضي القضاة) - القاضي الجرجاني علي بن عبد العزيز المكي 411 علي بن عبد الغني القروي الحصري 402 (1808- 1809) علي بن عبد الله بن أبي هاشم أبو الحسن 327 علي بن عبد الله بن أخي الشبيه 1958 علي بن عبد الله بن الدقاق- أبو القاسم الدقيقي (1816- 1817) 2710 علي بن عبد الله بن سنان الطوسي (1779- 1780) علي بن عبد الله بن عباس 1628، 1629، 1630 علي بن عبد الله بن عبد الملك الواعظ 1704 علي بن عبد الله بن محمد بن أبي جرادة ابو الحسن (2071- 2072) علي بن عبد الله بن محمد بن الهيصم الهروي (1782- 1784) علي بن عبد الله بن المسيب 2481 علي بن عبد الله بن موهب الجذامي 1791 علي بن عبد الله بن وصيف الناشىء الحلاء (1784- 1791) علي بن عبد الملك القزويني أبو الحسن 1814 علي بن عبد الملك بن العباس القزويني أبو طالب (1813- 1814) علي بن عبدوس الارجاني أبو الحسن 913، 914 علي بن عبيدة الريحاني اللطفي 279، 771 (1814- 1816) علي بن عبيد الله السمسمي اللغوي أبو الحسن 547، 818، 860 (1817- 1819) 2442 علي بن عثمان بن جني 1589 علي بن عدلان النحوي الموصلي 354 علي بن عراق الصناري (1820- 1821) علي بن عساكر البطائحي الضرير أبو الحسن 1280 (1819- 1820) 2178 علي بن علي البرقي (1820) علي بن علي بن زهمويه 2239 علي بن علي بن نصر بن سعد 1984 علي بن عمر الدارقطني 2059، 2585 علي بن عمر الفراء أبو الحسن 818 علي بن عمر بن موسى الايذجي، القاضي أبو الحسن 913 علي بن عمران 2444 علي بن عميرة 1958 علي بن عوف بن وائل 775 علي بن عيسى الربعي- الربعي أبو الحسن علي بن عيسى الرماني، الاخشيدي 205، 321، 369، 813، 877، 888، 891، 894، 908، 909، 997، 1369، 1575، 1576، 1786، 1816، 1817، (1826- 1828) 1896، 2115، 2346، 2473، 2507، 2535، 2536، 2544، 2580، 2783 علي بن عيسى الصائغ النحوي أبو الحسن (1821- 1822) علي بن عيسى الهاشمي 1324 علي بن عيسى الوراق 820 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3208 علي بن عيسى الوزير 191، 192، 193، 194، 195، 263، 484، 788، 789، 894، 1491، 1675، 1774، (1823- 1826) 1859، 1860، 1864، 1865، 2306، 2329، 2330، 2437، 2468، 2470، 2496، 2568 علي بن عيسى الولواجي أبو الحسن 2331 علي بن عيسى بن حمزة- ابن وهاس (1832- 1834) علي بن عيسى بن ماهان 2256، 2257، 2811 علي بن فضال بن علي المجاشعي القيرواني 6، 568، 569، 1569 (1834- 1838) ، 2387 علي بن الفضل الرشيدي 418 علي بن الفضل المزني (1838- 1839) علي بن الفضل المقدسي الحافظ 1820 علي بن القاسم السنجاني (1842- 1843) علي بن القاسم الطابثي أبو الحسن 2771 علي بن القاسم القاشاني (1839- 1842) علي بن كردان 2228 علي بن كامة 1894، 1897، 1900، 1901، 1902 علي بن كعب الأنصاري 1786 علي بن كوجك العبسي 1733 علي بن كيسة 2455 علي بن المبارك الأحمر 2487 علي بن المبارك اللحياني (1843- 1844) علي بن محمد الأخفش (1958) علي بن محمد الأزدي 204 علي بن محمد الاسكافي أبو القاسم (1869- 1871) علي بن محمد الأفوه 2311 علي بن محمد الأهوازي النحوي (1957) علي بن محمد التنوخي أبو القاسم القاضي 196، 647، 811، 923، 979، (1872- 1886) 2280، 2282، 2340، 2341 علي بن محمد الحشائي البلخي أبو الحسن 2491 علي بن محمد الديباج- الخارص 652 علي بن محمد الديناري (1957) علي بن محمد السخادي أبو الحسن (1963) ، 2217 علي بن محمد السعيدي البياري (1959) علي بن محمد السمسار أبو الحسن 397 علي بن محمد الشمشاطي أبو الحسن 55 (1907- 1909) 2160 علي بن محمد الطبري الكيا أبو الحسن 694، 980 علي بن محمد العارض 2318 علي بن محمد العمراني الخوارزمي الأديب- حجة الافاضل وفخر المشايخ (1961- 1963) علي بن محمد الفارسي أبو الحسن 1663 علي بن محمد الكرخي أبو القاسم 141 علي بن محمد الكوفي (تلميذ ثعلب) 546 علي بن محمد المدائني 530، 1629 علي بن محمد المقرىء أبو الحسين 1639 علي بن محمد الموازيني 2742 علي بن محمد النهاوندي (1922) علي بن محمد الوراق 2102 علي بن محمد الوزان النحوي الحلبي (1957) علي بن محمد بن ابراهيم الضرير 1662 علي بن محمد بن ابراهيم القهندزي (أبو الحسن الضرير النحوي) (1958) الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3209 علي بن محمد بن أبي الحسين الأندلسي 1923 علي بن محمد بن أبي زيد البلخي 280 علي بن محمد بن الأخضر أبو الحسن 438 علي بن محمد بن ارسلان الكاتب أبو الحسن (1959- 1960) علي بن محمد بن الحسن الهروي (1923) علي بن محمد بن الحسين الدهقان 1781 علي بن محمد بن الحنفية 1812 علي بن محمد بن الحواري أبو القاسم 527 علي بن محمد بن الخلال (بن الحسن) 493 (1909) علي بن محمد بن سليمان النوفلي 2435 علي بن محمد بن الشاه الطاهري (1868- 1869) علي بن محمد بن عبد الرحمن بن دينار الكاتب 2350 علي بن محمد بن عبدوس الكوفي (1869) علي بن محمد بن عبيد بن الزبير الكوفي 615 علي بن محمد بن علي الحوزي (1959) علي بن محمد بن علي زله الجويني 399 علي بن محمد بن علي العلوي النسابة 1780 علي بن محمد بن علي بن العلاف المقرىء أبو الحسن 407، 1423 علي بن محمد بن علي الفصيحي الاستراباذي (1964- 1968) علي بن محمد بن عمير الكناني (1921) علي بن محمد بن الفرات 1358 علي بن محمد بن محمد الجلابي الواسطي 2350 علي بن محمد بن محمد بن السكون الحلي (1968) علي بن محمد بن مروان السدي 725 علي بن محمد بن نصر أبو الحسن الكاتب 1066 (1946- 1955) علي بن محمد بن نصر بن بسام 2179، 2513 علي بن محمد بن وهب المسعري (صاحب أبي عبيد القاسم) (1858- 1859) 2201 علي بن محمد بن يوسف (جد الوزير المغربي) 1094 علي بن المحسن بن علي التنوخي أبو القاسم 397، 483، 777، 1827 (1845- 1851) 1872، 1957، 2280، 2288، 2376 علي بن المديني 391، 530، 596، 647، 1200، 1201، 2419، 2595، 2704، 2758 علي بن مر 2799 علي بن مرشد بن منقذ ابو الحسن (581- 584) 588 علي بن المستنير (ابن بنت قطرب) 887 علي بن مشرف 2349 علي بن المظفر البندنيجي أبو الحسن 916 علي بن المظفر الكرخي أبو الحسن 560 علي بن المظفر النيسابوري ابو الحسن 2688 علي بن معقل أبو الحسن (1970) علي بن المعمر الطالبي- ابو الغنائم النقيب 406 علي بن المغيرة الأثرم 537، 542، 772 (1970- 1971) علي بن منجب الصيرفي أبو القاسم (1971- 1972) علي بن منصور الخطيبي- الاجل اللغوي أبو علي (1973) علي بن مهدي الكسروي، 1670، 1750 (1976- 1981) 2257 علي بن موسى الرضا 1284 علي بن موسى بن اسحاق النقيب- الشريف أبو الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3210 القاسم ذو المجدين 1687 علي بن الناصر لدين الله أبو الحسن 2262 علي بن نصر البرنيقي (1983) علي بن نصر الجهضمي أبو عمرو 1262، 1267 (1981- 1982) علي بن نصر الفندورجي أبو الحسن (1984- 1986) علي بن نصر النصراني- ابو الحسن ابن الطبيب (1983) علي بن نصر بن سعد الكاتب أبو تراب (1983- 1984) علي بن نصر بن هارون الحلي 2571 علي بن النضر أبو غالب 2534 علي بن هارون 228 علي بن هارون الزنجاني أبو الحسن 1335 علي بن هارون القرميسيني (1991) علي بن هارون بن علي المنجم- ابن المنجم ابو الحسن علي بن هبة الله بن عبد السلام 1988 علي بن هبة الله بن علي بن المأمون 450 علي بن هذيل 2217 علي بن هشام القائد 612، 613، 615، 2244 علي بن هشام الكاتب أبو الحسين ابن أبي قيراط 484، 1675، 1863، 1865، 1866 علي بن هلال بن البواب ابو الحسن- ابن البواب الخطاط علي بن همام 304 علي بن هياب الجماجمي 2218 علي بن الهيثم الكاتب- جونقا علي بن وصيف- خشكنانجه الكاتب 369 (1986) علي بن يحيى بن أبي منصور المنجم- ابن المنجم علي بن يوسف بن البقال الشاعر 1713 العماد الأصبهاني- محمد بن محمد بن حامد 297، 299، 528، 572، 573، 574، 575، 576، 577، 578، 579، 580، 581، 582، 583، 584، 585، 586، 587، 588، 589، 590، 591، 592، 593، 594، 644، 869، 870، 939، 1610، 1612، 1615، 1616، 1636، 1667، 1682، 1698، 1764، 1765، 1832، 1845، 2033، 2163، 2202، 2362، 2363، 2561، (2623- 2631) ، 2835 العماد بن الحدوس 1689 عماد بن موسى القزاز 2447 عماد الدولة علي بن بويه 263 عماد الدين زنكي 2661 عماد الدين بن قطب الدين مودود 2082 عمار (في شعر) 1681 عمار الكلبي 1595 عمار بن أحمد الصيرفي- أبو ياسر 375 عمار بن جميل 98 عمارة اليمني 638 عمارة بن ثمامة 529 عمارة بن حمزة الكاتب (2054- 2062) عمارة بن عقيل 1546، 1547، 1596 عمارة بن قابوس 1167 عمارة بن وثيمة بن موسى بن الفرات 2796 عمدة الدولة البويهي 135 عمرة الترجماني بن أبي الحسن علي المخي 1961 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3211 عمر بن ابراهيم العلوي 939 عمر بن ابراهيم النحوي ابو البركات 125، 126، 127، (2062- 2064) عمر بن أبي بكر الدباس كمال الدين 2204 عمر بن أبي الحسن البسطامي 1499 عمر بن أبي ربيعة 1326، 1860 عمر بن أبي رشيد بن أبي طاهر الزاهد 834، 835 عمر بن أبي عبيدة النميري 2148 عمر بن أحمد الدينوري الوراق 2460 عمر بن أحمد الزاهد 233 عمر بن اسحاق بن يسار 2419 عمر بن الأنصاري 1237 عمر بن بطة العطار 2855 عمر بن بكير (2064- 2067) ، 2815 عمر بن بنان الأنماطي 458 عمر بن ثابت الثمانيني أبو القاسم 1381، 1390، 1589 (2091- 2092) 2829 عمر بن جعفر بن محمد الزعفراني أبو القاسم- دومى (2092) عمر بن الحسن الخطاط- غلام ابن حرنقا (2092) عمر بن الحسن- ابن دحية المغربي 465، 466 عمر بن الحسن بن المظفر الأديبي أبو حفص 405، 1016 عمر بن الحسين الوشاء المقرىء أبو حفص 826 عمر بن الخطاب 16، 22، 23، 27، 45، 50، 105، 251، 335، 336، 486، 753، 756، 859، 929، 975، 1019، 1023، 1096، 1097، 1223، 1224، 1453، 1465، 1476، 1542، 1633، 1730، 1732، 1811، 1857، 1962، 2112، 2114، 2144، 2149، 2273، 2400، 2401، 2412، 2459، 2463، 2464، 2632، 2779 عمر بن سعد بن عبد الله بن حذيفة 833 عمر بن سعيد 928 عمر بن سعيد أبو حفص 530 عمر بن سهل الحافظ 231 عمر بن شاذان الجوهري أبو القاسم 198 عمر بن شبة 174، 282، 364، 1232، 1276، 1283، 1359، 1860، (2093- 2094) 2149، 2471، 2705 عمر بن طبرزد 1988 عمر بن عبد العزيز 28، 754، 1025، 1294، 1295، 1474، 1825، 2054، 2411 عمر بن عبد الواحد 928 عمر بن عثمان الجنزي (2094- 2096) عمر بن عثمان بن خطاب التميمي (2096) عمر بن العلاء 2100 عمر بن علي بن أبي طالب 1811 عمر بن لجأ 2482 عمر بن محمد العدل 831 عمر بن محمد (أخو الوطواط) 37 عمر بن محمد الفقيه 2237 عمر بن محمد النسفي الحافظ (2098- 2099) عمر بن محمد بن أحمد النوقاتي 2345 عمر بن محمد بن سيف الكاتب 457، 737، 1852 عمر بن محمد بن عمر بن علي بن أبي الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3212 طالب 1812 عمر بن محمد بن يوسف القاضي الأزدي 113 عمر بن محمد بن يوسف ابن درهم القاضي أبو الحسين 189 (2096- 2098) 2493، 2494 عمر بن مطرف ابو الوزير الكاتب عمر بن هبيرة (2099- 2100) 1252، 2142 عمر بن الوبار الحاجب 2227 العمران (أبو بكر وعمر) 2058 عمران بن الحصين 50 عمران بن حطان 802، 1858، 2514 عمران بن شاهين 980 عمران بن موسى 2162 عمران بن موسى المغربي أبو الحسن 360 العمراني 523 عمرو (في شعر) 1645 عمرو التغلبي 2233 عمرو بن أبي عمرو اسحاق بن مرار الشيباني 26، 227، 542، 626، 627 (2100) عمرو بن الياس بن مضر (مدركة) 1557 عمرو بن الأهتم 2488 عمرو بن بانة 805 عمرو بن حصين بن قيس بن قنان 1019 عمرو بن دينار 1341، 2400، 2802 عمرو بن الزبير 1855، 1856 عمرو بن سعيد بن سلم 2739 عمرو بن سعيد بن العاص الأشدق 50، 224، 467، 1239، 1470، 1543، 1810، 1855، 1856، 2253، 2273، 2491 عمرو بن سلمة 1200 عمرو بن سهل 1856 عمرو بن سيار 1205 عمرو بن عبيد 1252، 1319، 1359، 2113، 2520، 2794، 2795 عمرو بن عبيد الله بن معمر التيمي 1855 عمرو بن علقمة الكناني 1544 عمرو بن قلع الكناني الناشىء أبو القلمس 2101 عمرو بن كركرة الأعرابي ابو مالك 630، 1406 (2132) عمرو بن كلثوم التغلبي 1694، 2243، 2276 عمرو بن مسعدة 561، 931 (2129- 2131) 2245 عمرو بن معد يكرب الزبيدي 2519، 2781 عمرو بن يوحنا 427، 428، 2692، 2694، 2695، 2698 العمري (يروي عن لقيط المحاربي) 2250 العميد والد أبي الفضل- كله الحسين بن العميد العميد أبو سعد، عبد الغفار بن فاخر البستي 1626 عميد الدولة ابن جهير 2360 عميد الدولة أبو سعد ابن عبد الرحيم 232 عميد الرؤساء أبو طالب ابن أيوب 1636، 1680 عميد الرؤساء- عبد الله بن حامد بن أحمد أبو منصور عميد الملك 495 عميد الملك أبو نصر الكندري 2155، 2156 العميدي أبو سعد- محمد بن أحمد بن محمد (2348- 2349) 2546 العميدي قاضي قزوين 695 عمير بن الياس بن مضر (قمعة) 1557 عنّاز 1073 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3213 عنبسة الأصغر بن عتبة الأشرف بن عثمان 2361 عنبسة بن صخر 2361 عنبسة بن معدان الفيل 1466، 1467 (2132- 2133) 2141، 2738، 2851 عنترة 927، 2630 العنزي 2149 عوانة بن الحكم الكلبي (2133- 2136) 2149 عوانة بن عياض بن وزر الكلبي 2134 عوسجة الأعرابي 254 عوف (مضرب المثل/ لا حرّ ... ) 1289 عوف بن أبي جميلة الأعرابي 2759 عوف بن الحسين الهمذاني التميمي 701 عوف بن سعد بن الخزرج 2248 عوف بن محلم الخزاعي 1534 (2137- 2140) العوفي 1335 عون (حاجب الفضل بن الربيع) 606، 607 عون بن الحسين الهمذاني 707 عون بن علي بن محمد بن الحنفية 1812 عون بن محمد الكندي الكاتب 434، 1065، 1666 (2140) عون بن محمد بن الحنفية 1812 عون الدين يحيى بن هبيرة- ابن هبيرة الوزير عون الدين عويد الزبيدي 1230 عياض بن الحكم بن عوانة 2136 عياض بن وزر بن عبد الحارث الكلبي 2134 العيثوري- أبو بكر محمد بن الشافعي 1392 عيسى الفتى النصراني 425، 426 عيسى بن ابان 1410 عيسى بن ابراهيم الوحاظي (2140) عيسى بن أحمد الديلمي أبو موسى 1797 عيسى بن اسماعيل 2705 عيسى بن جعفر 623 عيسى بن حكم الدمشقي الطبيب 558 عيسى بن سليمان الهاشمي 2247 عيسى بن عبد الرحمن 26 عيسى بن علي بن عيسى الوزير، أبو القاسم 520، 521، 1475، 1825، 2356 عيسى بن عمر الثقفي 1466، 1545، 1744، 2123 (2141- 2143) 2488، 2646، 2738، 2851 عيسى بن عمر الكوفي الهمداني 2142، 2171 عيسى بن فرخانشاه 2021 عيسى بن فليتة 1832 عيسى بن ماسرجيس الوزير أبو العباس 1807، 1947 عيسى بن ماهان 260 عيسى بن مروان الكوفي (2143) عيسى بن مريم (المسيح) 10، 19، 110، 335، 337، 339، 426، 525، 637، 719، 1152، 1168، 1542، 1615، 1317، 2342، 2695، 2780 عيسى بن المعلى بن مسلمة الرافقي (2143) عيسى بن موسى 623، 624، 1181، 1543، 2147، 2148، 2231 عيسى بن موسى الرافقي 1928 عيسى بن موسى غنجار البخاري 2349 عيسى بن مينا بن وردان- قالون القارىء أبو موسى عيسى بن هشام (راوية المقامات) 238 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3214 عيسى بن يزيد بن دأب الليثي 667 (2144- 2150) عين القضاة الميانجي- عبد الله بن محمد بن علي الميانجي أبو المعالي (1550- 1551) عيينة بن عبد الرحمن المهلبي ابو المنهال (2150- 2151) (غ) غالب بن صعصعة بن ناجية (والد الفرزد ق) 2753، 2785 غالب بن علي بن غالب الاستراباذي 911 غانم بن وليد المالقي (2152- 2153) غرس الدولة محمد بن الحسن، أبو نصر ابن حمدون (2523) غرس النعمة محمد بن هلال بن المحسن 213، 303، 339، 567، 694، 1586، 1718، 1818، 1925، 2002، 2173، 2280، 2292، 2377 غرسية بن شانجه 1440 غريب بن مقن 505 الغريض 1386 الغريفي العنسي 1822 الغزالي 857 غسان السليطي 1246 الغساني الشاعر العجمي 841، 842 غصن الشجري العقيلي 1596 الغلابي 415 غلام الهراس- الحسن بن القاسم بن علي الواسطي الغمر 1192 غنجار الحافظ- محمد بن أحمد بن محمد أبو عبد الله (2349) غندر 752 غياث بن فارس بن مكي اللخمي 2189 غيث بن علي الصوري 385، 777، 778، 1775 (ف) الفارابي أبو اسحاق (صاحب ديوان الأدب) 656 الفارابي اللغوي، يحيى بن أحمد أبو زكريا (2805) الفاراضي بن شير مردي 180 فارس الدين ميمون النصري 641، 2029 الفاس بن الحانك 2422 فاطمة الزهراء البتول 708، 1788، 1811، 1812 فاطمة بنت أسد بن هاشم 1809 فاطمة بنت الأقرع الكاتبة (2154- 2156) فاطمة بنت محمد الطلحية 1542 فاطمة بنت المنذر بن الزبير 2419 الفامي- عبد الرحمن بن عبد الجبار الفامي الفائز الفاطمي 401، 1564 فتى أبي عدنان، الفيلسوف الطبيب 1052 الفتح ابن خاقان الأندلسي 806، 1534، 2152، 2153 (2163- 2165) الفتح بن خاقان بن أحمد القائد 128، 165، 363، 762، 766، 1324، 1512، 2008، 2009، 2010، 2011، 2012، 2019، 2020، 2101، 2106، 2114 (2157- 2163) 2264، 2265، 2605، 2683، 2709، 2843 الفتح بن محمد بن عبيد الله بن خاقان- الفتح بن خاقان الأندلسي الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3215 فتح بن نظيف 1908 فتيان (رجل) 2415 فتيان بن علي بن فتيان الأسدي 872 الفخر الرازي (محمد بن عمر بن خطيب الري) 653، 2572، (2585- 2592) 2662، 2664، 2665 الفخر بن محمد الزيدي العلوي 1460 الفخر بن المطلب 1505 فخر الدولة البويهي (علي بن الحسن ركن الدولة) 175، 178، 179، 180، 663، 664، 690، 691، 692، 693، 694، 695، 700، 707، 713، 916، 1890، 1893، 1901، 2185، 2186 فخر الدين المارديني 2807 فخر الدين محمد بن حامد بن محمد الموصلي 1694 فخر الكتاب- الجويني حسن بن علي فخر الكفاة أبو الحسين 2155 فخر الملك أبو غالب محمد بن خلف 374، 375، 377، 378، 505، 1095، 1724، 1776، 1996، 1998 فخر النساء- شهدة بنت أحمد بن عمر. الفراء الموصلي 1606 الفرّاء أبو زكريا يحيى بن زياد 17، 56، 90، 206، 537، 539، 542، 543، 545، 547، 548، 552، 595، 681، 745، 802، 855، 856، 1031، 1273، 1375، 1382، 1385، 1400، 1420، 1443، 1577، 1578، 1580، 1670، 1672، 1738، 1744، 1745، 1748، 1966، 2064، 2125، 2126، 2127، 2140، 2151، 2198، 2231، 2454، 2478، 2486، 2487، 2544، 2545، 2572، 2601، 2707، (2812- 2815) 2840، 2851، 2856 فراس بن محمد بن عطاء السامي 529 فراهيد بن مالك بن فهم الأزدي 1260، 1263 فرتك- محمد بن جعفر العطار النحوي الفرزدق (همام بن غالب) 29، 752، 764، 856، 1003، 1041، 1231، 1237، 1246، 1300، 1317، 1329، 1346، 1385، 1557، 1737، 1834، 1858، 2133، 2482، 2512، 2514، 2654، 2708، 2738، 2753، 2754، (2785- 2788) 2851 فرعون 110، 2132 فرقد السبخي 2113 فريدة (جارية الواثق) 167، 168 فزارة (جد الجاحظ) 2101 الفساسيري 1000 الفسطاطي- عبد الله بن أحمد بن عيسى المقرىء 421 الفصيح بن علي الشاعر 1968 الفصيحي النحوي 1732 فضالة بن كلدة 667، 2513 فضل الرقاشي 1547 الفضل بن ابراهيم بن عبد الله الكوفي (2171) الفضل بن أبي الفضل ابن الفرات أبو العباس 786 الفضل بن اسحاق الأمير 1484 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3216 فضل بن اسحاق الموصلي 604، 615 الفضل بن اسماعيل التميمي- أبو عامر الجرجاني (2166- 2171) الفضل بن جعفر بن الفرات أبو الفتح 782، 894، 895، 901، 902، 903، 904، 908، 910، 1836، 2235، 2236 الفضل بن جعفر بن الفضل- أبو علي البصير الفضل بن جعفر بن يحيى البرمكي 2008 الفضل بن الحباب الجمحي أبو خليفة 418، 419، 556، 663، 1707، (2172- 2177) 2322، 2524، 2541، 2777 الفضل بن خالد النحوي أبو معاذ (2177) الفضل بن الخصيب 918 الفضل بن خيرون 390 الفضل بن دكين أبو نعيم 41، 262، 2160 الفضل بن الربيع حاجب المنصور 96، 530، 600، 606، 607، 755، 2004، 2059، 2060، 2147، 2706، 2707، 2842 الفضل بن زياد 2855 الفضل بن سهل ذو الرياستين 72، 79، 530، 563، 617، 1019، 2066، 2130، 2159، 2499، 2648، 2760، 2761 الفضل بن سليمان بن المهاجر 269 الفضل بن صالح العلوي النحوي أبو المعالي (2177) الفضل بن عباس (عياش) 87، 88 الفضل بن العباس بن مافروخ 129 الفضل بن عبد الرحمن الشيرازي أبو أحمد 144، 985، 1993 الفضل بن علي بن أحمد بن حزم أبو رافع 1651 الفضل بن عمر بن منصور- ابن الرائض الكاتب (2178) الفضل بن عيسى 2793 الفضل بن غانم 929 الفضل ابن ليلى أبو عمر النسوي 391، 392 الفضل بن محمد بن أبي محمد اليزيدي أبو العباس- اليزيدي الفضل بن محمد الفضل بن محمد الجرجاني أبو بشر القاضي 709 الفضل بن محمد القصباني أبو القاسم (2180) 2202، 2560 الفضل بن مروان (وزير المعتصم) 530، 1675، 1859 الفضل بن المؤتمن العبلي 1266 الفضل بن الوزير المهلبي (أبو الغنائم) 145، 990، 991 الفضل بن يحيى بن خالد البرمكي 530، 1047، 1745، 2058، 2649، 2756، 2757، 2811 فضل الله بن أحمد النوقاني- نور الدين 653 فضيل الأعرج 225 الفضيل بن عياض 94، 421، 1508 الفقاعي 2416 الفلكي 725 فليح بن سليمان 2843 فنا خسرو- عضد الدولة فهد بن عبد الله أبو الحسن 137 فهر 1289 فوز (صاحبة العباس) 1482 فولاذ بن مانادر 690، 691، 692، 693 الفيرزان المجوسي 674 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3217 الفيرزان الوراق 1631 فيروز (أخو صول) 70 الفيروزان بن الحسن بن الفيروزان 692 الفيروزبادي أبو القاسم 1570 (ق) قابوس بن وشمكير الديلمي- شمس المعالي 135، 179، 180، 664، 692، 1072، 1726، 1803، 2154 (2181- 2188) القادر بالله 205، 373، 374، 377، 1095، 1455، 1575، 1585، 1680، 1806، 1817، 1826، 1956، 1997، 2506، 2727 قارون 976، 1242 القاسم بن أبي شيبة 2237 القاسم بن أحمد، الخياط التميمي- ابن القملي 860 القاسم بن أحمد الشاعر أبو الطيب 2465، 2466 القاسم بن أحمد بن الجنيد 2007 القاسم بن أحمد بن الموفق اللورقي علم الدين 817، 891 (2188- 2189) القاسم بن اسماعيل بن اسحاق المحرر 617 قاسم بن اصبغ 471، 748، (2190- 2191) 2593 القاسم بن ثابت السرقسطي (2191) ، 2236 القاسم بن الحسين بن محمد الخوارزمي، صدر الأفاضل (2191- 2198) القاسم بن عبيد الله بن سليمان الوزير 52، 53، 54، 62، 63، 270، 290، 291، 367، 540، 546، 561، 794، 796، 848، 849، 1020، 1142، 1523، 1630، 1860، 1861، 1862، 2239، 2240، 2536، 2762 القاسم بن علي بن الحسن بن عساكر أبو محمد (ولد الحافظ) 1697 القاسم بن علي بن القاسم الوزير الخطير 1797 القاسم بن فليتة 1832 القاسم بن فيره الشاطي (2216- 2217) القاسم بن القاسم بن عمر الواسطي، أبو محمد (2217- 2227) القاسم بن محمد 755 القاسم بن محمد الأنباري 766، 2478 القاسم بن محمد الدلال 1642 القاسم بن محمد الديمرتي (2229- 2230) قاسم بن محمد القرشي المرواني- الشبانسي القاسم بن محمد النميري، ابو الطيب 1520، 1524 القاسم بن محمد بن مباشر- ابو نصر الواسطي (2230) القاسم بن معن المسعودي 2200، (2230- 2232) 2530 القاسم بن مفرج التكريتي 2826 القاسم بن يوسف (أخو أحمد) 560، 561، 565، 569 القاسم أبو الصالح ك يوس 1950 القاضي ابن حديد 1563 القاضي ابن صبر 2702 القاضي ابن قريش 1563 القاضي أبو البختري- وهب بن وهب بن كثير القاضي أبو تمام الحسن بن محمد الزينبي 2328 القاضي أبو الحسن البستي 1400 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3218 القاضي أبو حصين 2346 القاضي أبو الطيب طاهر بن عبد الله الطبري 1381، 2260، 2560 القاضي أبو العباس الضرير 679 القاضي أبو عبيد (بمصر) 2723، 2726 القاضي أبو علي القيلوي 2087 القاضي أبو الفضل محمد بن أحمد بن عيسى السعدي 1606 القاضي أبو الفضل هبة الله بن أحمد بن أبي جرادة 2070 القاضي أبو القاسم البصري 2116 القاضي أبو القاسم الجهني 1718 القاضي أبو المعالي (خال ابن عساكر) 1775 القاضي أبو الهيثم 2293 القاضي أبو يوسف عبد السلام القزويني 2324، 2325، 2326 القاضي أبو يوسف (صاحب أبي حنيفة) 96، 552، 596، 666، 1273، 2457 القاضي أحمد بن كامل بن خلف بن شجرة أبو بكر 860 القاضي اسماعيل 2535 القاضي الأشرف- يوسف بن ابراهيم القفطي 618، 619، 2022، 2029، 2030، 2033 القاضي الأكرم- علي بن يوسف بن ابراهيم الشيباني القفطي الصاحب جمال الدين 354، 355، 635، 640، 641، 658، 1102، 1104، 1386، 1486، 1494، 1510، 1771، (2022- 2036) ، 2164، 2226، 2538 القاضي الأكرم علم الدين- اسماعيل بن عبد الجبار بن أبي الحجاج 516 القاضي الأمجد ابراهيم بن عبد الواحد الشيباني القبطي 2030 القاضي الايذجي 1722، 1874 قاضي البيمارستان- ابو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري البزاز 803، 1331، 1794، 2262، 2815 القاضي الجرجاني- علي بن عبد العزيز بن الحسن 706، 713 (1796- 1806) 2080، 2200 قاضي الحرمين 1507 القاضي الحسين بن اسماعيل 2059 القاضي الزوزني العجمي 2079 القاضي السعيد بن القاضي الرشيد- ابن سناء الملك هبة الله القاضي العباداني 672 القاضي عبد الجبار بن أحمد الاسداباذي 695، 697، 713، 1797 القاضي عبد الواحد الباقرحي 1961 القاضي عبد الوهاب بن نصر المالكي 1954، 1956 قاضي عسكر نور الدين 841 القاضي علي بن الدامغاني 2079 القاضي علي بن محمد أبو سهل 1929 القاضي عمر بن علي بن الخضر القرشي أبو المحاسن 2570 القاضي عياض بن موسى السبتي 1342 القاضي وكيع، محمد بن خلف 189، 418، 529، 615، 616 القاضي الفاضل مجير الدين- عبد الرحيم بن علي البيساني بن القاضي الأشرف بهاء الدين أبو المجد 639، 640، 801، 810، 858، 941، 958، 960، 1000، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3219 1404، (1562- 1566) 1572، 1612، 1613، 1615، 2033، 2624، 2626، 2765، 2766 القاضي القرشي 630 القاضي محمد بن يوسف بن يعقوب 2527 القاضي محيي الدين محمد بن علي بن الزكي 2082 قاضي القضاة الزنبي 2080 قاضي القضاة ابن علان 850 قاضي القضاة ابن معروف أبو محمد 878، 880 قاضي القضاة ابو السائب 2288 قاضي القضاة أبو القاسم الزينبي 2262 قاضي القضاة- جعفر بن عبد الواحد الهاشمي قاضي قضاة اليمن، الرشيد ابن الزبير- أحمد بن علي القاضي المفضل جمال الدين- يوسف بن اسماعيل بن عبد الجبار 515، 516 القاضي المهذب ابن الزبير (الحسن بن علي بن ابراهيم) (941- 948) قالون المقرىء (عيسى بن مينا) 2144 القالي أبو علي- اسماعيل بن القاسم بن عيذون 123، 164، 470، (729- 732) 781، 1360، 1368، 1517، 1646، 2116، 2294، 2519، 2592، 2615، 2717، 2718، 2722، 2850 قانع 228 القاهر 263، 935، 1405، 2574 القائم بأمر الله العباسي 385، 386، 390، 1023، 1148، 1633، 1635، 1684، 2180، 2768 القبس (ناقة) 1173 قبط بن مصر بن سام بن نوح 2024 قبيحة أم المعتز 266، 2160 قتادة الحسني أبو عزيز (أمير مكة) 2022 قتادة بن دعامة السدوسي 2113، 2124، (2233- 2234) 2454، 2457، 2836 القتال الكلابي 855، 2110 قتب بن بشر 751 قتيبة 929 قتيبة بن سعيد أبو رجاء 622، 2256 قتيبة بن مسلم 33، 1254، 1478، 1857 القتيبي 462 قتيلة (في شعر) 1817 قثم بن طلحة بن علي الزينبي أبو القاسم- ابن الأتقى 407، 1505، (2234) قثم بن العباس 1283 قدامة بن جعفر الكاتب 851، 894، 1572، (2235- 2236) القدوري 2085 القراعي (سمع منه الحميدي) 2599 قراقوش 641 قرب (داية المعنز) 2021 قرصافة بنت الحارث- البرصاء قرطاس بن الطنطاش الظفري 1732 القرميسيني 891 قرواش بن المقلد 1095 قريب (والد الأصمعي) 1623 قريش بن بدران بن المقلد 1122، 1123، 1125 القزاز 2539 قس بن ساعدة 266، 267، 849، 1053، 1354، 1553، 2192 قسطنطين بن ليون صاحب قسطنطينية 2717، 2722 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3220 القصابي 305 قصيّ (زيد) بن كلاب 1289، 2780 قطب الدين محمد المروزي الطبسي 1761 قطرب (محمد بن المستنير بن أحمد) 887، 1376، 1830، 2454، 2480، 2481 (2646- 2647) 2795، 2859 قطن الهلالي 2793 قطن بن دارم 1295 قعنب الباهلي الراوية (2236- 2237) قعنب الخارجي 28 القعنبي 1795 القفا ل 1206 قنان الذراع 1539 قنان بن متى (جد الحسن بن وهب) 1019 قنبر (خادم علي) 2841 قنبل بن عبد الرحمن 234 (2238) القواريري- عبد الرحمن بن يعيش بن سعدان قوط بن حام بن نوح 2594 قويري- اسحاق بن ابراهيم 443، 446 قيس بن الخطيم 856 قيس بن الربيع 2813 قيس بن السائب المخزومي 2272 قيس بن سعد 1201 قيس بن عاصم المنقري 1188 قيس بن عوف بن وائل 775 قيس بن قنان 1019 قيس بن مسلم 936، 2412 قيس بن معاذ المجنون 468، 626، 1326، 2721 قيسبة بن كلثوم السومي 555 القيسراني 869 قيصر 1065، 1264، 1712 (ك) كاتب الشروط أبو محمد 673 الكازرولي 491 كافور الاخشيدي 87، 88، 781، 782، 783، 808، 809، 1634، 1784، 2511 الكافي- أبو عبد الله القناني الكافي الأوحد- أحمد بن ابراهيم الضبي أبو العباس كافي الكفاة- الصاحب ابن عباد كاكي بن يشكر زاد 691 الكامل الطبيب 841 كامل بن أحمد النحوي 2525 الكامل بن شاور 1564، 1565 كامل بن الفتح بن ثابت، أبو تمام الضرير (2239) الكامل الخوارزمي، عبد الله بن محمد بن علي أبو القاسم كامل هيت (1551- 1560) 1553 كبات بن بلقسم بن الفيروزان 691، 692 الكبش- ابو الوليد الطيالسي كثير بن أبي كثير 27 كثير بن أحمد 697 كثير بن يعقوب البغدادي القاضي 2331 كثير عزة- كثير بن عبد الرحمن 272، 615، 1178، 1325، 1326، 1628، 1629، 2435 الكديمي- محمد بن يونس أبو العباس الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3221 كذيانويه (السيدة) 1073 الكرابيسي أبو واقد 679، 680 كراع النمل، علي بن الحسن الهنائي (1673) الكراني 2148 كرك (نقيب صغير) 982 الكرماني (صاحب الأخفش) 874، 1838 كريمة بنت أحمد المروزي 386 الكسائي، علي بن حمزة 267، 457، 462، 521، 542، 543، 547، 548، 552، 595، 623، 681، 739، 802، 927، 1041، 1181، 1219، 1259، 1273، 1375، 1670، 1671، 1672، (1737- 1752) ، 1843، 1844، 2123، 2125، 2126، 2127، 2143، 2171، 2198، 2295، 2450، 2454، 2474، 2486، 2487، 2530، 2531، 2545، 2572، 2739، 2750، 2813، 2814، 2827، 2828، 2840، 2842، 2851، 2855، 2856، 2858 الكسائي الصغير- محمد بن يحيى 1738، 2452 كسرى أبرويز 1574 كسرى أنو شروان 442، 948، 968، 1051، 1234، 1261، 1264، 1309، 1325، 1401، 1487، 2168 كسرى بن عبد الكريم بن كسرى 2076 الكسروي (يهاجي ابن القارح) 1975 الكسعي 765 الكسير الجرهمي 1583 كشاجم 132 كعب الغنوي 762 كعب بن جعيل 2785، 2786 كعب بن زهير 1961 كعب بن عمرو الأنصاري 1369 كعب بن مالك الأنصاري 2149 كعب بن مامة 310، 2192 الكعبي أبو القاسم- عبد الله بن أحمد بن محمود 275، 276، 278، 279، 281، 1421 (1491- 1493) 2652 الكلاباذي 2573 كلاب بن حمزة العقيلي، أبو الهيذام اللغوي 1736، 1867 (2239- 2242) كلباتكين التركي 2157 الكلب النباح المهارش- الجرمي أبو عمر الكلبي محمد بن السائب 24، 38، 725، 753، 1178، 1247، 2419، 2454، 2779 كلثوم بن عمرو العتابي (2243- 2246) كله (والد أبي الفضل) أبو عبد الله الحسين العميد 663، 1870، 1871 كليب بن وائل 1010 كمال الدين أبو القاسم عمر بن أبي جرادة- ابن العديم الكميت بن زيد الأسدي 231، 239، 257، 856، 1195، 1284، 1878، 2249 الكنجروذي محمد بن عبد الرحمن بن محمد (2550) كنجك المغنية 2291 كندر بن جحدر 2422 الكندري العميد أبو الفتح- المظفر بن محمد بن الحسين الكندري 1527 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3222 الكندي (غير الفيلسوف) 894 الكندي المؤرخ أبو عمر- محمد بن يوسف بن يعقوب المصري 557 الكندي الفيلسوف- يعقوب بن اسحاق 277، 287، 290، 666، 907 الكودري ن ائب القاضي محيي الدين الشهرزوري 2080 الكوكبي- أبو علي ابن الحسين بن أحمد 2346 الكيا الزيدي أبو الحسين يحيى بن الحسين العلوي 1731 الكيا أبو الفتح 2169 كيخسرو بن المرزبان بن السلار 692 الكيس النمري النسابة 1290، 1453، 1583 (2248- 2249) كيسان بن المعرف النحوي الهجيمي أبو سليمان (2246- 2248) 2521 (ل) اللالكاني 1540 لاون (البيزنطي) 2028 اللجلاج (ابن أخت أبي زبيد) 11746 اللحام (شاعر) 239، 456، 1876، 2338 اللحياني أبو الحسن 64، 772 لبابة (جد بني ثوابة) 440، 442 لبانة (لبابة؟) بنت جعفر 2149 لبيد بن ربيعة العامري 116، 252، 856، 1084، 2219، 2229، 2483، 2776 لسان الحمرة (حصن بن ربيعة بن صعير) (1177) لشكرستان (رجل) 140 لغدة الأصبهاني أبو علي- الحسن بن عبد الله 260، 261، 407 (873- 874) لقمان 197، 1025 لقيط بن بكير المحاربي، أبو هلال (2250- 2252) لهجة (جارية) 1994 لوط 2342 لوط بن مخنف الازدي، أبو مخنف (2252- 2253) لوقا 2696 ليث الطويل 2319 الليث بن أبي سليم 2272 الليث بن المظفر- الليث بن رافع بن نصر بن سيار 1271، 1421، 2231 (2253- 2258) ، 2322، 2451 ليلى (في شعر) 1254، 1636، 2755 ليلى الأخيلية 1326 ليلى العامرية 2754 ليلى بنت ثعلبة بن حلوان 1557 ليلى بنت النعمان (الملك) 2181 (م) ماجد بن أبي النجم الأنباري، أبو الدميل 107 الماذرائي (بمصر) 784 مار عيد 2696 مار نقولا 2697 المازني أبو عثمان، بكر بن محمد بن بقية 59، 122، 206، 539، 540، 570، (757- 765) 801، 931، 1307، 1360، 1361، 1374، 1443، 1465، 1483، 1546، 1555، 1598، 1622، 1743، 1744، 1810، 1812، 2101، 2127، 2128، 2294، 2409، 2573، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3223 2679، 2680، 2681، 2704، 2705، 2707، 2845 المازيار 168 الماسرجسي أبو الحسن 647 الماسرجسي أبو العباس أحمد بن محمد 233، 721، 723 ماسويه 544 ماكان بن كاكي الديلمي 2439 مالك بن أسماء الفزاري 24، 2109 مالك بن أنس 387، 433، 622، 647، 648، 722، 748، 1182، 1200، 1231، 1388، 1424، 1652، 1699، 1963، 2190، 2266، 2394، 2395، 2396، 2398، 2410، 2414، 2415، 2417، 2420، 2448، 2457، 2458، 2479، 2551، 2595، 2796 مالك بن زهير 1443، 1444 مالك بن شراحيل- الكيس النمري مالك بن طوق 1022، 2245، 2610 مالك بن عمرو بن امرىء القيس 1415 مالك بن مسمع- أبو غسان 312 مالك بن نويرة 2796 مأمون (أحد آل مأمون) 2334 المأمون (العباسي) 160، 161، 162، 163، 172، 173، 202، 256، 257، 282، 429، 430، 434، 435، 534، 536، 537، 560، 561، 562، 563، 564، 566، 567، 568، 595، 596، 601، 625، 628، 929، 930، 1019، 1020، 1064، 1131، 1190، 1217، 1218، 1298، 1360، 1379، 1409، 1410، 1487، 1584، 1601، 1631، 1740، 1748، 1814، 1816، 1853، 1854، 2003، 2004، 2005، 2006، 2007، 2008، 2013، 2103، 2129، 2130، 2131، 2144، 2244، 2245، 2414، 2485، 2545، 2596، 2597، 2674، 2731، 2758، 2759، 2781، 2782، 2812، 2814، 2815، 2827، 2828، 2846 المأمون يحيى بن ذي النون 2857، 2778 ماني الموسوس 1091، 1092 الماوردي أقضى القضاة، علي بن محمد بن حبيب الماوردي (1955- 1957) 2560 ماوية 316 المبارك بن أحمد الأنصاري أبو المعمر 397 المبارك بن أحمد بن الأخوة 324 المبارك بن الحسن بن أحمد الشهرزوري أبو الكرم المقرى 779، 1704 (2259) المبارك بن عبد الجبار بن أحمد الصيرفي أبو الحسين 55، 407، 913، 1730، 1836، 2775 المبارك بن علي السمرقندي أبو المكارم أبو الكرم النحوي 2623 المبارك بن الفاخر بن محمد بن يعقوب 1831 (2260- 2261) مبارك بن فضالة 2541 المبارك بن المبارك 128 المبارك بن المبارك الكرخي أبو البركات الفقيه الشافعي 2261 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3224 المبارك بن المبارك الكرخي، أبو طالب (2261- 2262) المبارك بن المبارك بن سعيد الحمامي أبو الفرج المؤدب (2259- 2260) المبارك بن المبارك بن سعيد الدهان- أبو بكر الوجيه (2263- 2268) المبرد، محمد بن يزيد بن عبد الأكبر الأزدي أبو العباس 5، 46، 47، 52، 54، 55، 56، 58، 59، 62، 67، 90، 93، 114، 122، 206، 260، 285، 286، 418، 460، 468، 530، 538، 539، 540، 541، 542، 543، 548، 550، 599، 624، 629، 648، 649، 705، 730، 732، 752، 757، 758، 759، 761، 764، 765، 766، 767، 788، 793، 794، 805، 811، 812، 820، 889، 931، 976، 1162، 1263، 1317، 1360، 1374، 1376، 1382، 1406، 1443، 1483، 1484، 1485، 1511، 1512، 1513، 1520، 1521، 1522، 1546، 1547، 1575، 1584، 1622، 1642، 1743، 1744، 1771، 1773، 1827، 1922، 2107، 2108، 2109، 2121، 2124، 2125، 2127، 2141، 2142، 2157، 2158، 2161، 2189، 2236، 2244، 2247، 2303، 2307، 2309، 2329، 2409، 2452، 2309، 2329، 2409، 2452، 2469، 2472، 2487، 2488، 2535، 2573، 2604، 2650، 2674، 2677 (2678- 2684) 2705، 2796 المبرمان محمد بن علي بن اسماعيل النحوي أبو بكر 122، 470، 570، 811، 876، 877، 1821، 2307 (2572- 2574) 2622 مبشر بن فاتك أبو الوفاء (2271) متى بن يونس القنائي أبو بشر 894، 895، 896، 897، 898، 899، 901، 902، 904، 905، 910، 2235 المتقي لأمر الله 1354 المتلمس 856، 1413، 1414، 2340 متمم بن نويرة 762، 856، 2796 المتنبي 13، 91، 147، 240، 259، 260، 302، 326، 345، 349، 451، 467، 485، 710، 897، 808، 994، 1031، 1033، 1356، 1357، 1371، 1381، 1408، 1494، 1517، 1555، 1573، 1587، 1588، 1594، 1612، 1645، 1660، 1691، 1729، 1754، 1755، 1760، 1768، 1788، 1801، 1829، 1921، 1925، 2037، 2053، 2205، 2300، 2301، 2375، 2429، 2478، 2507، 2513، 2518، 2619، 2621، 2667، 2849 المتوكل 64، 65، 77، 81، 85، 128، 129، 165، 166، 167، 168، 170، 361، 363، 430، 518، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3225 530، 532، 533، 534، 614، 649، 762، 766، 805، 1013، 1019، 1304، 1322، 1323، 1324، 1506، 2008، 2009، 2010، 2011، 2012، 2014، 2016، 2017، 2019، 2020، 2021، 2022، 2067، 2101، 2106، 2116، 2121، 2157، 2159، 2160، 2161، 2162، 2163، 2300، 2369، 2421، 2423، 2424، 2480، 2484، 2541، 2602، 2603، 2604، 2609، 2798، 2841 مثقال (مهجو ابن الرومي) 1772 المثنى بن ابراهيم الابلي 2446 المثنى بن عبد الله أبو سلمة الأنصاري 1854 مجاشع بن مسعدة بن سعد بن صول 2129 مجالد بن سعيد بن عمير الهمداني (2271) 2759، 2789 مجاهد بن جبر القارىء أبو الحجاج 116، 234، 1317، 1544، 1629 (2272- 2273) 2451، 2454، 2779 مجاهد بن عبد الله العامري- أبو الجيش الموفق 261، 774، 1649، 796 (2273- 2274) مجاهد الدين قايماز 2269 مجد الدولة بن ركن الدولة 1072، 1073، 1797 مجد الدولة أبو طالب رستم بن فخر الدولة 176، 180، 211 مجد الدين أبو الرضى- طاهر بن عبد السيد المطرزي 653 مجد الدين الجيلي الأصولي المتكلم 2586، 2807 مجد العرب أبو فراس العامري 573، 584، 586، 587 مجد الملك- جعفر بن شمس الخلافة المجمع بن محمد بن أحمد 416، 1861 مجنون بني عامر- قيس بن معاذ المجيد ذو الفضيلتين- ابن أبي الشخباء العسقلاني المجير البغدادي 858، 859 مجير الدين أنر الأمير (صاحب دمشق) 2654 المحاملي أبو عبد الله 1794، 2796 محب الدين ابن النجار- محمد بن محمود بن الحسن بن هبة الله 1756 (2644- 2645) محبرة- محمد بن يحيى بن أبي عباد العسكري 214، 215 محبوب بن موسى الفراء أبو صالح 94 محتاج بن أحمد 279 المحدويه- أحمد بن أبي بكر الخاوراني أبو الفضل (205- 206) محسّد (ابن المتنبي) 2513 المحسن بن ابراهيم بن هلال الصابىء أبو علي، صاحب الشامة 134، 137، 142، 144، 147، 151، 155، 156، 878، 989، 1524، 1589، 1712 (2274- 2278) 2324 المحسن بن الحسين بن علي كوجك ابو القاسم (2278- 2279) المحسن بن علي التنوخي أبو علي (صاحب النشوار) 40، 181، 183، 184، 190، 191، 196، 197، 218، 219، 222، 372، 485، 522، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3226 651، 716، 848، 849، 851، 853، 1567، 1675، 1711، 1712، 1720، 1723، 1821، 1826، 1863، 1872، 1873، 1877، 1878، 1879، 1880، 1883، 1884، 1885، 1993، 1995، 2014، 2097، 2110، 2174، 2175، 2176 (2280- 2293) 2327، 2425، 2426، 2437، 2490، 2491، 2497، 2502، 2529، 2556، 2824 المحسن بن الفرات 106، 781، 1824 محمد الباقر أبو عبد الله 38، 39 محمد (الأموي أمير الأندلس) 473 محمد (صديق ابن البقال) 2049، 2050 محمد الرسول (ص) 5، 17، 23، 25، 29، 45، 95، 105، 109، 111، 116، 192، 224، 230، 234، 246، 250، 260، 261، 281، 289، 310، 320، 335، 337، 348، 352، 353، 354، 360، 385، 386، 396، 411، 412، 432، 444، 521، 522، 551، 559، 605، 632، 637، 638، 645، 708، 724، 725، 735، 736، 748، 752، 753، 756، 787، 795، 804، 808، 809، 817، 826، 829، 830، 831، 834، 835، 836، 838، 839، 840، 859، 867، 884، 885، 888، 889، 912، 923، 936، 939، 966، 1002، 1006، 1016، 1024، 1032، 1033، 1048، 1067، 1088، 1089، 1091، 1092، 1095، 1119، 1133، 1178، 1191، 1195، 1196، 1199، 1213، 1225، 1275، 1276، 1285، 1286، 1287، 1288، 1289، 1290، 1319، 1323، 1325، 1331، 1413، 1416، 1446، 1449، 1450، 1465، 1483، 1497، 1505، 1507، 1509، 1517، 1525، 1536، 1545، 1570، 1583، 1586، 1590، 1593، 1603، 1604، 1630، 1660، 1675، 1683، 1687، 1696، 1705، 1740، 1757، 1760، 1781، 1782، 1783، 1788، 1789، 1811، 1812، 1826، 1838، 1854، 1855، 1928، 1935، 1942، 1961، 1962، 2021، 2032، 2069، 2087، 2120، 2132، 2147، 2149، 2150، 2156، 2194، 2199، 2216، 2218، 2230، 2231، 2237، 2250، 2252، 2294، 2308، 2325، 2326، 2342، 2343، 2365، 2369، 2370، 2374، 2394، 2396، 2398، 2399، 2400، 2401، 2403، 2404، 2408، 2409، 2410، 2411، 2412، 2415، 2417، 2418، 2423، 2446، 2453، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3227 2456، 2458، 2462، 2463، 2464، 2491، 2508، 2528، 2547، 2584، 2596، 2597، 2598، 2607، 2608، 2609، 2613، 2616، 2644، 2650، 2656، 2689، 2718، 2720، 2729، 2756، 2759، 2781، 2786، 2792، 2796، 2798، 2803 محمد البرقي أبو عبد الله 239 محمد الخجندي 277 محمد الفراوي 1760 محمد المصري المغني 2206 محمد النفس الزكية 105 محمد بن آدم الهروي أبو المظفر (2293) محمد بن أبان بن سيد القرطبي (2294) محمد بن ابراهيم 1742 محمد بن ابراهيم، مربع 783 محمد بن ابراهيم الاردستاني أبو بكر 491 محمد بن ابراهيم الأصبهاني أبو السري 619، 620 محمد بن ابراهيم البوشنجي 461 محمد بن ابراهيم الجوري أبو بكر 722 محمد بن ابراهيم الدبيلي أبو جعفر 268 محمد بن ابراهيم العبدي 2256 محمد بن ابراهيم العوامي القاضي (2295) محمد بن ابراهيم المقرىء أبو بكر 2436، 2437 محمد بن ابراهيم المقرىء أبو عبد الله 832، 833 محمد بن ابراهيم بن أحمد البيهقي، ابو سعيد (2297) محمد بن ابراهيم بن حبيب، ابو عبد الله الفزاري (2294- 2295) محمد بن ابراهيم بن الحسين الجرباذقاني، أبو جعفر (2296) محمد بن ابراهيم بن خلف اللخمي- ابن زروقة أبو عبد الله (2296- 2297) محمد بن ابراهيم بن داود، أبو جعفر الاردستاني (2297) محمد بن ابراهيم بن رشدين 1442 محمد بن ابراهيم بن سيمجور 2185 محمد بن ابراهيم بن عبد الله، أبو سعيد (2296) محمد بن ابراهيم بن عبدويه المسندي 2174 محمد بن ابراهيم بن عمران الجوزي، أبو بكر (2295) محمد بن ابراهيم بن مروان 555 محمد بن أبي الأزهر 255، 541، 767، 1631، 1790، 2597 محمد بن ابي بكر 2253 محمد بن أبي حذيفة 2253 محمد بن أبي ذئب 838 محمد بن أبي زيد 2712 محمد بن أبي السري البغدادي 2779 محمد بن أبي سعيد السيرافي 1931 محمد بن أبي العباس الطوسي 2006، 2007 محمد بن أبي العرب 99 محمد بن أبي العاص النفزي 2217 محمد بن أبي علي الهمذاني 824 محمد بن أبي عيينة 2305 محمد بن أبي الفرج التكريتي المؤيد أبو البركات 2266 محمد بن أبي القاسم بن عميرة المروزي 1642 محمد بن أبي القاسم أبو المجد 2169 محمد بن أبي المعالي بن الحسن الخواري 512 محمد بن أبي موسى الهاشمي 2326 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3228 محمد بن أحمد 418 محمد بن أحمد (والد مجمع) 416 محمد بن أحمد، أبو مسلم 2278 محمد بن أحمد الابيوردي، أبو المظفر 506، 863، 918، 1635، 1768، 1769، 1838 (2360- 2376) محمد بن أحمد الاسكافي النحوي 226 محمد بن أحمد الباجي أبو مروان 2551 محمد بن أحمد الجارودي 1569 محمد بن أحمد الجرجاني أبو جعفر 380 محمد بن أحمد الخوميني، أبو عبد الله 981 محمد بن أحمد الزبيدي أبو عبد الله 1539 محمد بن أحمد الزراد 268 محمد بن أحمد السمعاني القاضي أبو جعفر 2075 محمد بن أحمد العجلي المقرىء 2238 محمد بن أحمد الغضاري أبو العباس 254 محمد بن أحمد الغندجاني أبو الندى 821 (2319- 2321) محمد بن أحمد الكاتب 544، 2134 محمد بن أحمد الكاتب أبو مسلم 1733 محمد بن أحمد المافروخي، أبو الحسن 981 محمد بن أحمد المزني، وزير نوح الساماني (2305) محمد بن أحمد المعمري أبو العباس (2327- 2329) محمد بن أحمد المعموري البيهقي (2355- 2356) محمد بن أحمد النوقاني 2304 محمد بن أحمد بن آدم الفزاري 1605 محمد بن أحمد بن ابراهيم الرازي 2816 محمد بن أحمد بن ابراهيم بن كيسان، أبو الحسن (2306- 2309) محمد بن أحمد بن ابراهيم الحكيمي (2305- 2306) محمد بن أحمد بن أحمد بن هميماه الرامشي (2641) محمد بن أحمد بن اسحاق- ابو الطيب النحوي الوشاء (2303- 2304) محمد بن أحمد بن اسحاق التنوخي أبو طالب 197 محمد بن أحمد بن بختيار الماندائي 2218 محمد بن أحمد بن البهلول أبو طالب القاضي 190 محمد بن أحمد بن جوامرد الشيرازي- ابو بكر القطان النحوي (2387) محمد بن أحمد بن جيهان- الجيهاني أبو عبد الله محمد بن أحمد بن حامد الصفار المقرىء 234 محمد بن أحمد بن حمدان- الخباز البلدي محمد بن أحمد بن حمزة بن جيا- أبو الفرج شرف الكتاب (2387- 2391) محمد بن أحمد بن خميس المغربي 1757 محمد بن أحمد بن رستم 2438 محمد بن أحمد بن سليمان الزهري الأندلسي (2391) محمد بن أحمد بن سليمان النوقاتي، السجستاني أبو عمر- النوقاتي السجستاني محمد بن أحمد بن سهل النحوي أبو غالب 65 محمد بن أحمد بن سوار 397 محمد بن أحمد بن طالب الأخباري (2323) محمد بن أحمد بن طالب الحلبي (2346) محمد بن أحمد بن طاهر الخازن لدار الكتب القديمة (2376- 2377) محمد بن أحمد بن الطيب الكلوذاني 191 محمد بن أحمد بن عبد الباقي، ابو بكر- ابن الخاطبة (2356- 2358) محمد بن أحمد بن عبد الباقي الدقاق 2358 محمد بن أحمد بن عبد الحميد الكاتب (2305) الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3229 محمد بن أحمد بن عبد الله القطان- أبو سهل المتوثي (2329- 2330) محمد بن أحمد بن عبد الوهاب السلمي الحراني- ابن الصيرفي الدمشقي- عفيف الدين 872 محمد بن أحمد بن عسكر 767 محمد بن أحمد بن عقيل أبو بكر 838 محمد بن أحمد بن علي الباوردي النحوي، أبو يعقوب (2355) محمد بن أحمد بن علي الكركانجي، ابو نصر المروزي (2358- 2360) محمد بن أحمد بن علي المعمري، ابو بكر (2350) محمد بن أحمد بن علي المهلبي، أبو يعقوب النحوي (2310) محمد بن أحمد بن عمر الخلال أبو الغنائم (2346) محمد بن أحمد بن قطن السمسار 2346 محمد بن أحمد بن القواس أبو الحسن 287 محمد بن أحمد بن محمد 2326 محمد بن أحمد بن محمد أبو عبد الله- غنجار الحافظ محمد بن أحمد بن محمد بريك الدسكري- ابن البرفطي 2085، (2391- 2393) محمد بن أحمد بن محمد الصفار الاصبهاني، أبو بكر (2355) محمد بن أحمد بن محمد الصيمري أبو جعفر 890، 891 محمد بن أحمد بن محمد المغربي- رواية المتنبي 893 (2300- 2303) محمد بن أحمد بن محمد بن أشرس أبو الفتح النيسابوري (2347- 2348) محمد بن أحمد بن مروان ابو مسهر النحوي 2305 محمد بن أحمد بن مسلمة أبو جعفر 1420 محمد بن أحمد بن منصور بن الخياط أبو بكر (2309- 2310) محمد بن أحمد بن نصر الجيهاني- الجيهاني أبو عبد الله محمد بن أحمد بن النضر المنني 628 محمد بن أحمد بن واصل 2537 محمد بن أحمد بن يعقوب بن شبة 2541 محمد بن أحمد بن يوسف 561 محمد بن أحمد بن يونس الفسوي- خاطف 820 (2330) محمد بن ادريس الجمال 2466 محمد بن ادريس الشافعي- الشافعي محمد بن أرسلان 405 محمد بن أرسلان المنتجب (منتجب الملك) 1960 محمد بن أزهر بن عيسى الاخباري (2418) محمد بن اسحاق- الشابشتي محمد بن اسحاق البحاثي أبو جعفر 631، 632، 2347، 2348 محمد بن اسحاق السراج أبو العباس 262، 721، 2257 محمد بن اسحاق الصاغاني 2305 محمد بن اسحاق الصيمري أبو العنبس (2420- 2424) محمد بن اسحاق القرشي 2345 محمد بن اسحاق النديم- ابن النديم محمد بن اسحاق الهمذاني الاخباري 459 محمد بن اسحاق بن ابراهيم المصعبي 2008، 2019 محمد بن اسحاق بن أسباط الكندي- أبو النضر المصري (2425- 2426) محمد بن اسحاق بن بلال بن أبي الدرداء 928 محمد بن اسحاق بن خزيمة 233، 234، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3230 721، 722، 1272، 2245، 2402، 2403، 2442 محمد بن اسحاق بن يسار صاحب السيرة 632 (2418- 2420) محمد بن أسعد بن النقيب الجواني النسابة 645، 784 محمد بن اسماعيل البخاري- البخاري صاحب الصحيح محمد بن اسماعيل الترمذي 2190 محمد بن اسماعيل الحكيم القرطبي (2434) محمد بن اسماعيل بن زنجي (2434) 2535، 2536 محمد بن اسماعيل بن فورتش 1388 محمد بن أشرس النحوي 2710 محمد بن الياس 145 محمد بن أمية بن أبي أمية 203 محمد بن أيوب الرازي 460 محمد بن أيوب بن غالب الغرناطي 1808 محمد بن أيوب بن محمد الغافقي 2189 محمد بن بايجوك البقالي، زين المشايخ (2618) محمد بن بحر الرهني (2434- 2436) محمد بن بحر الاصفهاني أبو مسلم 1753 (2437- 2440) محمد بن البر الصقلي أبو بكر- ابن البر اللغوي محمد بن البرفطي الكاتب 2092 محمد بن بركات بن هلال السعيدي، أبو عبد الله (2440- 2441) محمد بن بشار بن بندار 2447 محمد بن بشران- ابن بشران 1922 محمد بن بكر البسطامي (2436) محمد بن بكر الطوسي أبو بكر 1570 محمد بن بوري بن طغتكين 1251 محمد بن تركان شاه 2731 محمد بن تميم البرمكي أبو المعالي (2437) محمد بن ثابت بن محمد سوار النميري أبو بكر (2436- 2437) محمد بن جامع الصيدلاني 115، 2528 محمد بن جرير الطبري أبو جعفر 190، 191، 294، 420، 554، 666، 747، 912، 1493، 1651، 1838، 1949، (2441- 2469) 2527، 2702، 2826 محمد بن جعفر الاشعثي 2487 محمد بن جعفر التميمي 2611، 2615 محمد بن جعفر الخرائطي أبو بكر 2162 (2470- 2471) محمد بن جعفر الصيدلاني (برمة- صهر المبرد) (2469) محمد بن جعفر العطار النحوي (فرتك) (2473) محمد بن جعفر القزاز القيرواني 998 (2475- 2478) 2636 محمد بن جعفر المراغي النحوي أبو الفتح 547 محمد بن جعفر الواسطي- غلام ثعلب (2471) محمد بن جعفر بن محمد الغوري أبو سعيد (2475) محمد بن جعفر بن محمد الهمذاني (2473- 2474) محمد بن جعفر بن النجار 231 محمد بن الجهم البرمكي، أبو جعفر 566 محمد بن الجهم بن هارون السمري 420، 520، 521، 1577، 1672، 2105 (2478- 2479) 2813 محمد بن حاتم بن ميمون 928 محمد بن حارث الخشني (2479- 2480) الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3231 محمد بن حازم- أبو معاوية الضرير 253 محمد بن حامد الحامدي أبو عبد الله 702، 708، 709 محمد بن حبان البستي 2345 محمد بن حبيب أبو جعفر- ابن حبيب أبو جعفر محمد بن حرب بن عبد الله النحوي الحلبي الأنابي، أبو المرجي 2445 (2483- 2484) محمد بن حسان الضبي (2485- 2486) محمد بن حسان النملي (2484) محمد بن حسان بن سعد 1187، 1188 محمد بن الحسن البرجي الأصفهاني (2522) محمد بن الحسن الجبلي (2522) محمد بن الحسن الحاتمي (2505- 2518) محمد بن الحسن الرستمي- الرستمي أبو سعيد محمد بن الحسن الشيباني 17، 552، 819، 857، 1273، 1738، 1741، 1751، 1752، 2192، 2394، 2396، 2397، 2398، 2399، 2404، 2417، 2457 محمد بن الحسن الطوسي 38، 39، 69، 105 محمد بن الحسن المذحجي 422، 423 محمد بن الحسن المقرىء أبو بكر 488 محمد بن الحسن النقاش 2601 محمد بن الحسن بن أحمد الأهوازي، أبو الحسين 913 محمد بن الحسن بن أحمد العطار، أبو طاهر 834 محمد بن الحسن بن جمهور القمي (2502- 2503) محمد بن الحسن بن حمدون أبو نصر 406، 1012 محمد بن الحسن بن دينار الأحول أبو العباس (2188- 2489) محمد بن الحسن بن دينار الهاشمي 1346 محمد بن الحسن بن رمضان النحوي (2500) محمد بن الحسن بن سعيد الداني المقرىء 1604 محمد بن الحسن بن سهل- شيلمة الكاتب (2499- 2500) محمد بن الحسن بن علي بن المليجي أبو طاهر 938 محمد بن الحسن بن محمد العامري المقدسي 911 محمد بن الحسن بن محمد بن سند النقاش الشعراني الدارقطني، أبو بكر المقرىء (2500- 2502) محمد بن الحسن بن مقسم 1844 محمد بن الحسن بن المنقبة الفقيه 2207 محمد بن الحسن بن يونس الهذلي 1674 محمد بن الحسين الفراء أبو بكر 235 محمد بن الحسين الفراء أبو يعلى 1062 محمد بن الحسين البرياني 1545 محمد بن الحسين السراج المقرىء أبو يعلى 1577 محمد بن الحسين الشيعي أبو بكر 2075 محمد بن الحسين المزرفي أبو بكر 1163 محمد بن الحسين الوضاحي أبو عبد الله 722 محمد بن الحسين بن عبد الرحيم 1850 محمد بن الحسين بن العميد أبو العباس 199 محمد بن الحسين بن محمد أبو الحسين الفارسي (ابن أخت أبي علي الفارسي) (2523- 2524) محمد بن الحسين بن محمد الطبري- ابن نجدة (2524) محمد بن الحسين بن مقسم 273 محمد بن الحسين بن مهران (234) محمد بن الحسين بن موسى السمار ابو سعيد 726 محمد بن الحسين بن وهب أبو الفتح 834 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3232 محمد بن حفص بن جعفر أبو بكر 838 محمد بن حماد كاتب راشد 1020، 1021 محمد بن حمد بن محمد- ابن فورجه البروجردي محمد بن حمدون بهاء الدين أبو المعالي 1012 محمد بن حمزة العلان 2583 محمد بن حمزة بن اسماعيل العلوي 2357 محمد بن حمويه 2095 محمد بن حميد الرازي 2446، 2447 محمد بن الحنفية 1811، 1855 محمد بن حيويه بن المؤمل، ابن أبي روضة الكرجي (2525) محمد بن خطاب النحوي 422، 423 محمد بن خلصة الشذوني النحوي (2525- 2526) محمد بن خلف- وكيع القاضي محمد بن خلف بن المرزبان 282، 1549، 1637، 1638، 2604 محمد بن خلف أبو غالب الوزير- فخر الملك أبو غالب محمد بن الخليفة الناصر لدين الله 2262 محمد بن داود 228، 1670، 1979، 2137، 2299 محمد بن داود بن الجراح 130، 364، 365، 366، 367 محمد بن داود بن علي الأصفهاني الظاهري 115، 119، 174، 2457، 2461 (2527- 2530) محمد بن الربيع بن سليمان أبو عبد الله 268 محمد بن رزقويه أبو الحسن 2558، 2559 محمد بن رستم الطبري 763، 764 محمد بن زريق 770، 1755 محمد بن زكريا الرازي 1493 محمد بن زياد الأعرابي- ابن الأعرابي محمد بن زياد أبو عبد الله 772 محمد بن زياد بن عبد الله الحارثي 2789، 2791 محمد بن زيد الداعي 2437 محمد بن زيد بن مسلمة- ابن أبي الشملين (2534) محمد بن السائب الكلبي- الكلبي محمد بن السري- ابن السراج محمد بن محمد بن سعد كاتب الواقدي 531، 2231، 2537، 2595، 2779 محمد بن سعد الرازي الكاتب الأوحد (2537) محمد بن سعد العوفي 420 محمد بن سعد بن الحجاج الدبيثي 517 محمد بن سعد بن محمد الديباجي أبو الفتح منتجب الدين 652، (2538) محمد بن سعدان الضرير، أبو جعفر الكوفي 97، 2125، (2537) محمد بن سعيد 2705 محمد بن سعيد البصير الموصلي أبو جعفر (2539) محمد بن سعيد الخولاني الكاتب 424 محمد بن سعيد الذهبي أبو عبد الله 66 محمد بن سعيد القزاز 2256 محمد بن سعيد الكاتب أبو علي 2775 محمد بن سعيد بن حماد الكاتب 568، 569 محمد بن سعيد بن الشفق 1603 محمد بن سعيد بن محمد المرادي المرسي 2189 محمد بن سعيد بن يحيى- أبو عبد الله ابن الدبيثي 1776 (2539- 2540) محمد بن سفيان بن هارون الفريابي أبو عبد الله 258 محمد بن سلام الجمحي 39، 262، 537، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3233 1153، 1255، 1256، 1276، 1629، 2059، 2124، 2126، 2172، 2174، 2233، (2540- 2541) 2596، 2785، 2787، 2851 محمد بن سلامة المقرىء 13 محمد بن سلامة القضاعي (صاحب خطط مصر) 2414، 2415 محمد بن سلطان بن حيوس الغنوي أبو الفتيان 1792 محمد بن سلمة العثماني 1602 محمد بن سليمان الأمير 1257 محمد بن سليمان الشرمقاني، أبو جعفر 254 محمد بن سليمان بن أحمد المعري أبو بكر (296) محمد بن سليمان بن اسحاق الفقيهي- منتجب الدين- قاضي القضاة 653 محمد بن سليمان بن علي 2055 محمد بن سليمان بن قتلمش أبو منصور 1132، 1133 محمد بن سليمان بن قطرمش بن تركانشاه (2541- 2542) محمد بن سليمان بن محمد أبو الحسن 456 محمد بن سليمان بن موسى الهاشمي 234، 1483 محمد بن سهل بن الصباح 2230 محمد بن سهل بن المرزبان الكرجي- الباحث عن معتاص العلم (2542) محمد بن سيرين 1288، 1386، 1627 محمد بن شاذان أبو عبد الله 1947 محمد بن الشهرزوري كمال الدين قاضي القضاة 2623، 2624 محمد بن صالح الهاشمي أبو الحسن قاضي القضاة 724 محمد بن صالح الواقدي 2810 محمد بن صالح بن النطاح 228 محمد بن صول أبو عمارة 71 محمد بن صول التركي 2677 محمد بن صول بن صول 2130 محمد بن طالب النسفي أبو الحسين 1796 محمد بن طاهر الطاهري 536 محمد بن طاهر المقدسي الحافظ أبو الفضل 393، 786، 1731، 1787، 1837، 2357 محمد بن طاهر الناشي (قتيبة) أبو عبد الله 269 محمد بن طرخان أبو بكر 730 محمد بن طرخان بن يلتكين بن بجكم 1652، 1653 محمد بن طغج الأخشيد 808، 894، 1494 محمد بن طويس القصري أبو الطيب 814 (2542- 2543) محمد بن عاصم أبو الفضل- مخلص الدين 1764 محمد بن العالي اللغوي 1967 محمد بن عائشة 615 محمد بن العباس 530 محمد بن العباس (مؤدب أولاد عبد الله بن الحسن) 228 محمد بن العباس- الخوارزمي أبو بكر محمد بن العباس أبو الفرج 1642 محمد بن العباس اليزيدي 537، 556 محمد بن العباس بن الفرات 2558 محمد بن العباس بن فسانجس أبو الفرج- ابن فسانجس أبو الفرج 372، 991 محمد بن العباس بن محمد الهاشمي 2481 محمد بن عبد الأعلى الصنعاني 2447 محمد بن عبد الباقي الأنصاري 2570، 2748 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3234 محمد بن عبد الباقي البزاز- قاضي البيمارستان 1794 محمد بن عبد الباقي بن سليمان 2234 محمد بن عبد الباقي بن محمد البزاز العرضي 2156 محمد بن عبد ربه- رأس البغل 2157 محمد بن عبد الجبار العتبي، أبو النصر 633، 634 محمد بن عبد الرحمن الروذباري 14 محمد بن عبد الرحمن بن سهم الأنطاكي 530 محمد بن عبد الرحمن بن محمد- الكنجروذي محمد بن عبد الرحمن بن محمد المسعودي- البندهي (البنجديهي) أبو سعيد محمد بن عبد الرحيم المازني 190، 196 محمد بن عبد الرزاق الحداد المقرىء 2359 محمد بن عبد السلام الخشني 2190، 2434، 2480 محمد بن عبد السلام بن شانده 1776 محمد بن عبد العزيز الادريسي الحسني الشريف أبو جعفر 857، 946، 1611، 1612 محمد بن عبد العزيز الادريسي الحسني أبو عبد الله 401، 402، 403 محمد بن عبد العزيز الشيرازي القصار 927، 2123 محمد بن عبد العزيز بن رافع أبو بكر 176، 180 محمد بن عبد الغفار الخزاعي (2551) محمد بن عبد القاهر بن النصيبي، زين الدين 2069 محمد بن عبد الله 2160 محمد بن عبد الله- الخطيب الاسكافي- خطيب القلعة الفخرية محمد بن عبد الله الأنصاري 647، 1331، 1854 محمد بن عبد الله الخزاعي 608 محمد بن عبد الله الرازي 2402 محمد بن عبد الله الرشيدي 771 محمد بن عبد الله الشهرزوري كمال الدين- الشهرزوري محمد بن عبد الله الغاز 2434 محمد بن عبد الله الكاتب 46 محمد بن عبد الله المروزي أبو الخير الضرير- المسعودي (أبو عبد الله) (2548- 2549) محمد بن عبد الله المغربي أبو عبد الله- زوج بنت أبي سعيد السيرافي 836 محمد بن عبد الله الوراق النحوي 2544 محمد بن عبد الله بن أبي زمين الالبيري 1603 محمد بن عبد الله بن الحسن 2093، 2136، 2708 محمد بن عبد الله بن الحسن الدوري 368 محمد بن عبد الله بن حمدان الدلفي (2544) محمد بن عبد الله بن سليمان المعري أبو المجد (297) محمد بن عبد الله بن طاهر 458، 538، 539، 545، 550، 562، 674، 1322، 1323، 1492، 2021 محمد بن عبد الله بن عبد الحكم- ابن عبد الحكم محمد بن عبد الله بن عبدكان، أبو جعفر 628، 629 محمد بن عبد الله بن الفرق 2593 محمد بن عبد الله بن قادم النحوي، أبو جعفر (2544- 2545) محمد بن عبد الله بن مالك الخزاعي 788 محمد بن عبد الله بن محمد الكرماني الوراق، أبو عبد الله (2548) محمد بن عبد الله بن محمد المرسي شرف الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3235 الدين (2546- 2547) محمد بن عبد الله بن محمد المعري أبو المجد (297- 299) محمد بن عبد الله بن نمير النفيلي 2420 محمد بن عبد الملك التاريخي 5، 13، 25، 28، 386، 551، 552، 751، 776، 854، 1956، 2126، 2127، 2132، 2133، 2136، 2141، 2142 محمد بن عبد الملك الزيات 33، 72، 73، 74، 80، 84، 434، 1019، 1020، 1244، 1298، 2102، 2103، 2117، 2127 محمد بن عبد الملك الشنتريني 1510 محمد بن عبد الملك الكلثومي (2555- 2556) محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب 2441 محمد بن عبد الملك بن الحسن النديم أبو سعد القاضي 2375 محمد بن عبد الملك بن الحسن بن خيرون المقرىء 2824 محمد بن عبد الملك بن زهر- أبو بكر ابن زهر (الحفيد) (2551- 2555) محمد بن عبد الملك بن صالح 2763 محمد بن عبد الواحد بن حرب الخطيب 2483 محمد بن عبد الواحد الرازي- أبو حاتم اللبان 913 محمد بن عبد الواحد الزبيري أبو البركات 1584 محمد بن عبد الواحد القزاز 390 محمد بن عبد الواحد الهاشمي أبو الحسن 849، 851 محمد بن عبد الواحد بن رزمة 397 محمد بن عبد الواحد الزينبي الهاشمي 2241، 2242، 2337 محمد بن عبد الوهاب بن مغيث 2593 محمد بن عبيد 838 محمد بن عبيد الله الزاغوني، أبو بكر 1014 محمد بن عبيد الله العتبي 931 محمد بن عبيد الله الوزير 2465 محمد بن عبيد الله بن أحمد المسبحي المؤرخ- المسبحي المؤرخ محمد بن عبيد الله بن الحسن قاضي القضاة 2353 محمد بن عبيد الله بن الحسن، أبو الفرج النحوي (2560) محمد بن عبيد الله بن عبد الله بن طاهر 550 محمد بن عثمان بن أبي شيبة 755، 2237 محمد بن عثمان بن بلبل ابو عبد الله (2569) محمد بن عثمان بن سمعان المعدل 646 محمد بن عثمان بن مسج- الجعد الشيباني محمد بن عجلان الأخباري 2841 محمد بن عروس 1549 محمد بن العساف الشجري العقيلي 1595، 1596، 1597 محمد بن عطاف الموصلي 2377 محمد بن عطية الشاعر (العطوي) 596 محمد بن العلاء، ابو كريب الهمداني 188، 2441، 2447 محمد بن علان الخازن، أبو الفرج 2062 محمد بن علي (يحدث عنه الصولي) 535 محمد بن علي أبو جعفر 2487 محمد بن علي أبو حفص الفقيه 2350 محمد بن علي الادفوي أبو بكر 1643، 1644 محمد بن علي الأنباري 2797 محمد بن علي البراغوثي ابو بكر 489 محمد بن علي الحافظ الصوري 387، 388 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3236 محمد بن علي الحافظ الهمذاني أبو جعفر 634 محمد بن علي الخازن 523 محمد بن علي الخبازي 2359 محمد بن علي الدقيقي أبو الحسن (2580) محمد بن علي الزينبي أبو الغنائم 407 محمد بن علي الشلمغاني- ابن أبي العزاقر 106، 108، 109، 110، 111، 112، 113 محمد بن علي العباسي 2006 محمد بن علي العتابي النحوي 1498 محمد بن علي القمي 2797 محمد بن علي المراغي النحوي أبو بكر (2580) محمد بن علي النطنزي 2365 محمد بن علي الهروي أبو سهل 1923، 2437 محمد بن علي بن ابراهيم القطان ابو ابراهيم 1643 محمد بن علي بن ابراهيم بن زبرج (2570) محمد بن علي بن أبي سعيد التاجر، أبو عبد الله 2741 محمد الأصغر بن علي بن أبي طالب 1811 محمد بن علي بن أبي مروان الأموي (2580- 2582) محمد بن علي بن أبي منصور بن الفرج- جمال الدين الأصبهاني الوزير الجواد محمد بن علي بن أبي هاشم أبو الفتح 332، 334 محمد بن علي بن أحمد الأدنوي (2570- 2571) محمد بن علي بن أحمد الحلي- ابن حميدة النحوي (2571) محمد بن علي بن اسماعيل- أبو بكر القفال الشاشي 487، 2402 محمد بن علي بن اسماعيل العسكري- مبرمان النحوي محمد بن علي بن الحسن بن شقيق 2177 محمد بن علي بن الحسن بن مقلة- ابن مقلة الوزير محمد بن علي بن الحسين 431، 1812 محمد بن علي بن الحكيم الترمذي 2081 محمد بن علي بن شاهويه أبو بكر 2288، 2289 محمد بن علي بن طاهر بن الحسين 567 محمد بن علي بن عبد الرحمن 2534 محمد بن علي بن عبد الله الفسوي 488 محمد بن علي بن عبد الله بن عباس 1855 محمد بن علي بن عمر- ابن الجبان أبو منصور (2578- 2579) محمد بن علي بن المحسن التنوخي 1846 محمد بن علي بن محمد الهروي أبو سهل (2579) محمد بن علي بن موسى 2300 محمد بن علي بن ميمون النرسي الحافظ 2534 محمد بن علي بن يعقوب الواسطي 2849 محمد بن عمارة بن حمزة 782 محمد بن عمر البازيار 166 محمد بن عمر الجعابي- الجعابي أبو بكر 1628 محمد بن عمر الحسني العلوي 137 محمد بن عمر الصائغي أبو بكر 653 محمد بن عمر بن بكير، أبو الحسن 2064، 2066، 2067 محمد بن عمر بن الحسين- الفخر الرازي محمد بن عمر بن شجاع المتكلم 2116 محمد بن عمر بن عثمان البغدادي 2172 محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب 1812 محمد بن عمر بن لبابة 484 محمد بن عمر الواقدي- الواقدي محمد بن عمر الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3237 محمد بن عمران الكوفي ابو جعفر (2585) محمد بن عمرو بن مكرم 913 محمد بن عون بن محمد بن الحنفية 1812 محمد بن عيسى 538 محمد بن عيسى التميمي البغدادي- ابن العلاف 1605 محمد بن عيسى بن المنصور 1324 محمد بن غالب الصيرفي 861 محمد بن فتوح بن عبد الله- الحميدي (صاحب جذوة المقتبس) محمد بن الفرات أبو الحسن 2470 محمد بن الفرج الأزرق 1642 محمد بن الفرج المقرىء 2841 محمد بن فرح الغساني النحوي أبو جعفر 1622 (2600- 2601) محمد بن فضالة النحوي 1223 محمد بن الفضل الشعراني 2531 محمد بن الفضل القصباني البصري 1600 محمد بن الفضل الغضاري 254 محمد بن الفضل بن الحسن العلوي 1325 محمد بن فضلون العقري (2601) محمد بن فضيل 1219 محمد بن القاسم 1639، 2158 محمد بن القاسم بن أبي نصر 493 محمد بن القاسم بن الحسن، أبو الحسن 519 محمد بن القاسم بن محمد بن بشار- أبو بكر ابن الأنباري محمد بن كالة الطنبوري 2283 محمد بن كبير العبدي 1795 محمد بن كثير 2174 محمد بن كعب القرظي 2486 محمد بن كناسة 58، 756، 2231 محمد بن الليث 28 محمد بن مثنى العنزي أبو موسى 253، 2447، 2708 محمد بن محفوظ الجرباذقاني أبو المفاخر 2570 محمد بن محمد الخشني 471 محمد بن محمد الدقاق القاضي أبو بكر 1934 محمد بن محمد الديناري أبو الفتح 1957 محمد بن محمد الطيان الماهروي- فخر الدين 653 محمد بن محمد الكرخي أبو طاهر 2292 محمد بن محمد بن ادريس الشافعي 2415 محمد بن محمد بن أركل أبو الحسين 922 محمد بن محمد بن بشير 1642 محمد بن محمد بن جعفر بن مختار (2619) أبو الفتح الواسطي محمد بن محمد بن الحجاجي أبو الحسين 721، 722 محمد بن محمد بن الحسن الزبيدي أبو الوليد 2519 محمد بن محمد بن سليمان الباغندي 783، 928 محمد بن محمد بن عباد البغدادي أبو عبد الله (2631) محمد بن محمد بن عبد الجليل العمري- الرشيد الوطواط محمد بن محمد بن غيلان البزاز أبو طالب 397، 1062 محمد بن محمد بن القاسم الاخسيكثي- ذو المناقب 514 محمد بن محمد بن قزما الاسكافي 1305، 2261 محمد بن محمد بن اللباد 268 محمد بن محمد بن اللحاس العطار أبو المعالي 1014 محمد بن محمد بن محمد بن هبة الله أبو بشر 836 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3238 محمد بن محمد بن مختار النحوي 517، 1776 محمد بن محمد بن مخلد البزار 1496 محمد بن محمد بن المظفر السراج 2159 محمد بن محمد بن منصور المقرىء أبو بشر 828 محمد بن محمد بن مواهب ابو العز النحوي- ابن الخراساني (2641- 2642) محمد بن محمد بن يحيى بن بحر- تاج الدين أبو العلاء السندبيسي (2643) محمد بن محمود 741، 2166، 2333 محمد بن محمود النيسابوري 2331، 2432 محمد بن محمود بن ابراهيم بن الفرج 836 محمد بن محمود بن الدليل الصواف 2349 محمد بن مخلد العطار 41، 753، 1031 محمد بن المرزبان الديمرتي أبو العباس 682، 1639 (2645- 2646) محمد بن مرشد بن منقذ ابو عبد الله 587 محمد بن المستنير بن أحمد- قطرب محمد بن مسعدة بن سعد بن صول 2129 محمد بن مسعر البستي المقدسي أبو سليمان 1335 محمد بن مسعود الخشني أبو بكر ابن أبي الركب (2647- 2648) محمد بن مسعود العشامي النحوي (2648) محمد بن مسعود المختار شهاب الدين والي الري 1761 محمد بن مسعود المسعودي شرف الدين 653 محمد بن مسلم بن واره 2410 محمد بن المسيب الأرغياني أبو عبد الله 463 محمد بن مصعب القرقساني 363 محمد بن مصفّى 530 محمد بن المظفر 1780 محمد بن معاذ البصري 1638 محمد بن المعلى بن عبد الله الأزدي 409، (2648) محمد بن معمر أبو عبد الله 466 محمد بن معن التجيبي 1534 محمد بن المغيرة السكري 2525 محمد بن مكرم 2605، 2606، 2609 محمد بن مكي بن أبي طالب 2712 محمد بن مناذر الشاعر 285، 706، 762، 1004، 1256، 1359، 2132، 2148 (2648- 2651) محمد بن منصور 2104 محمد بن منصور- الراح المحدث محمد بن منصور الطوسي 1576 محمد بن منصور بن جميل (2651) محمد بن منصور بن جيكان التستري أبو عبد الله 913 محمد بن موسى 532 محمد بن موسى البربري 2480 محمد بن موسى البردي أبو أحمد 860 محمد بن موسى الحدادي البلخي (2652- 2653) محمد بن موسى الحرشي 2447 محمد بن موسى الكندي النحوي أبو بكر (2653) محمد بن موسى بن عبد العزيز- سيبويه المصري- ابن الصيرفي- ابن الجبي (2651- 2652) محمد بن موسى بن عيسى بن أبي جرادة 2070 محمد بن ميمون الأندلسي، مركوش (2653) محمد بن ناصر السلامي أبو الفضل 130، 203، 357، 392، 916، 1486، 1505، 1702، 1704، 1835، 2081، 2155، 2260، 2264، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3239 2296، 2748، 2824 محمد بن ناصر الدين الحافظ 397، 2576 محمد بن نصر المروزي 2445 محمد بن نصر بن حمدان 1909 محمد بن نصر بن منصور بن بسام 1859، 2179 محمد بن نصر الله بن عنين 2588 محمد بن النطاح 1018 محمد بن نوح المضروب 929 محمد بن هارون الحضرمي 782، 2702 محمد بن هارون الروياني 1595، 2445 محمد بن هارون بن المحدو 368 محمد بن هانىء الأندلسي (2267- 2673) محمد بن هبة الله التميمي، بدر الدين ابن الشيزري 873، 973، 974 محمد بن هبة الله بن أحمد أبو غانم (2078- 2079) محمد بن هبة الله بن محمد بن أبي جرادة جمال الدين أبو غانم (2081- 2082) محمد بن هبيرة الأسدي أبو سعيد- صعوداء محمد بن هشام المصحفي 466 محمد بن هشام المهدي 2713 محمد بن الهيثم الأصفهاني 1107 محمد بن وشاح الكاتب، أبو علي 993، 2328 محمد بن وضاح 2190، 2434 محمد بن ولاد التميمي أبو الحسين (2674) محمد بن يحيى 1779 محمد بن يحيى البرمكي 1306 محمد بن يحيى الصولي- الصولي أبو بكر محمد بن يحيى المروزي 1739 محمد بن يحيى النيسابوري 913 محمد بن يحيى بن أبان 874 محمد بن يحيى بن أبي عباد- محبرة النديم 62 محمد بن يحيى بن الحسن الحافظ 453 محمد بن يحيى بن حمزة البتلهي 1701 محمد بن يحيى بن سعادة المرسي أبو عبد الله (2676- 2677) محمد بن يحيى بن شيرزاد أبو جعفر 222، 223، 1719 محمد بن يحيى بن عبد الله الصولي- الصولي أبو بكر محمد بن يحيى بن علي الحنفي الزبيدي أبو عبد الله (2675) محمد بن يحيى بن محمد ابن الحذاء- ابن الحذاء التميمي الأندلسي محمد بن يحيى بن منده الاصبهاني 556 محمد بن يزداد (وزير المأمون) 429، 2056، 2674 محمد بن يزيد الحصني 1632 محمد بن يزيد بن عبد الأكبر المبرد- المبرد أبو العباس الأزدي محمد بن يزيد بن مسلمة 2311 محمد بن يسير الرياشي 1279، 1280، 1492 محمد بن يوسف القاضي أبو عمر 48، 49، 60، 61، 62، 189، 191، 192، 194، 420، 462، 648، 651، 2557 محمد بن يوسف الناقط 860 محمد بن يوسف بن موسى 362 محمد بن يوسف بن يعقوب المصري- الكندي المؤرخ ابو عمر محمد بن يونس الكديمي أبو العباس 727، 928، 2329 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3240 محمد بن يونس أبو عبد الله 1958 محمود الصيرفي 515 محمود الغزنوي 2334 محمود المصري 2402 محمود النيسابوري 1956 محمود الوراق 533، 883، 884 محمود بن أبي المعالي الحواري تاج الدين 659 (2692) محمود بن أحمد الروياني أبو القاسم 1551 محمود بن أرسلان أبو أحمد صاحب تاريخ خوارزم 1015 محمود بن جرير الضبي- أبو مضر- فريد العصر (2685- 2686) 2688 محمود بن حمزة بن نصر الكرماني النحوي (2686- 2687) 2749 محمود بن الخواري تاج الدين 399 محمود بن عبد الله بن الفرج الحلي 2388 محمود بن عزيز العارضي- شمس المشرق- الجاحظ الثاني (2687) محمود بن عمر الزمخشري- الزمخشري محمود بن محمد الاسلامي 505 محمود بن محمد الصوفي أبو القاسم 515 محمود بن محمد بن أرسلان 1820 محمود بن نصر بن صالح المرداسي، أبو سلامة 1120، 1121، 1122 محيصة 2399 محيي الدين بن محمد كمال الدين الشهرزوري- الشهرزوري مخارق المغني 759، 2789 المخبل الشاعر 2246 المختار بن أبي عبيد الثقفي 105، 2253، 2749 المختار بن عبد الحميد أبو الفتح 1702 مخلد بن أبان 2007 مخلد بن الحسين 96 مخلد بن علي الشامي الحوراني 104 المخلدي 507، 647 المخلص- محمد بن عبد الرحمن 149، 269 مخنف بن سليمان بن الحارث 2252 المدائني أبو اسحاق 886 المدائني أبو الحسن، علي بن محمد بن عبد الله 228، 229، 262، 757، 1096، 1202، 1469، 1637، (1852- 1858) 2134، 2135، 2252، 2435، 2738 المدائني أبو سعيد القاص 1242 مدرك بن علي الشيباني (427- 428) (2692- 2698) مدرك بن محمد الشيباني 1717 المرار الشاعر 602 المرار بن عبد المطلب 2248 المراغي أبو علي- الحسن بن عمر المرتضى- يحيى بن تميم بن المعز بن باديس مرجى بن كوثر المقرىء النحوي أبو القاسم (2698) مرداويج الكلاري 691 مرداويج بن زيار الديلمي 2181 المرزبان أبو الحسن 2558 المرزبان بن محمد ملك الديلم 888 المرزباني (صاحب بني سامان) 894 المرزباني أبو عبد الله (عبيد الله) محمد بن عمران 6، 62، 63، 64، 67، 107، 114، 115، 117، 162، 200، 203، 227، 228، 266، 269، 281، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3241 282، 285، 367، 420، 430، 457، 458، 471، 529، 534، 536، 537، 544، 554، 560، 595، 623، 732، 738، 750، 752، 753، 754، 755، 763، 799، 804، 888، 891، 909، 1160، 1237، 1323، 1453، 1454، 1492، 1543، 1584، 1632، 1670، 1675، 1739، 1740، 1741، 1742، 1743، 1745، 1747، 1750، 1770، 1771، 1772، 1779، 1859، 1868، 1936، 1994، 2004، 2013، 2093، 2121، 2123، 2131، 2134، 2136، 2142، 2144، 2146، 2147، 2148، 2149، 2150، 2157، 2159، 2162، 2178، 2179، 2231، 2232، 2240، 2250، 2274، 2277، 2294، 2298، 2305، 2309، 2337، 2418، 2478، 2480، 2481، 2485، 2486، 2488، 2489، 2490، 2492، 2493، 2535، (2582- 2584) 2677، 2825، 2858 مرزوق الثلاج (الحسين بن القاسم) 111، 112 المرزوقي أبو بكر 1494 المرزوقي أبو علي، أحمد بن محمد بن الحسن (506) 2549 المرسي 1388 مرشد بن علي بن منقذ أبو سلامة والد أسامة (586- 587) مرشد بن يحيى بن القاسم المدني المصري 2815 مرند 1051 المرهف بن أسامة بن منقذ أبو الفوارس 573، 578، 583، 590، 591، 592، (593- 594) مروان القرظ 2780 مروان بن أبي الجنوب بن أبي حفصة 166، 285، 706، 1471، 2015، 2851 مروان بن الحكم 1019، 1470، 1240، 2054 مروان بن سعيد بن عباد المهلبي (2698) مروان بن محمد الأموي 724، 1019، 1340 مريم (أم عيسى) 10، 1152، 2695 مزبد 667، 2113 المزدلف (صاحب العمامة) 12849 المزني صاحب الشافعي 422، 1815 المسبحي المؤرخ- محمد بن عبيد الله بن أحمد المسترشد 360، 449، 1688، 1757، 2202 (2567- 2568) 2737 المستضيء بأمر الله 451، 737، 939، 940، 1371، 1447، 1504، 1756، 2234، 2772 المستظهر بالله العباسي 360، 449، 1505، 1635، 2079، 2367، 2369 المستظهر بالله عبد الرحمن بن هشام بن عبد الجبار 806، 1651 المستعين بالله 170، 229، 458، 1063، 1366، 1982، 2020، 2021، 2298، 2545 المستكفي- محمد بن عبد الرحمن 124 المستمر بن سليمان 2160 المستنجد بالله 407، 451، 1132، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3242 1133، 1502، 1504، 2737 المستنصر الفاطمي (العبيدي) 126، 326، 381، 384، 1000، 1118، 1119، 1121، 1148، 2271، 2348 المستور النحوي أبو الفرج- الحسين بن محمد المستورد بن علّفة 2253 المستوفي كمال الدين 2096 مسدد بن مسرهد 647 المسدود (المغني) 214 مسرّة (جارية ابن المعتز) 1521 مسرور (الخادم) 598، 756 مسعدة بن سعد بن صول الصولي (2129- 2130) مسعر بن كدام 2412 مسعود النعّال 832 مسعود بن جابر صاحب المخزن 2267 مسعود بن علي بن أحمد الصواني البيهقي أبو المحاسن (2699) مسعود بن محمد بن أحمد الخطيب أبو الفتح 391 مسعود بن مسعدة بن سعد بن صول 2129 مسعود بن المنتجب 968 مسعود بن يحيى بن النادر العدل 1504 المسعودي المؤرخ- علي بن الحسين بن علي أبو الحسن 93، 130 (1705- 1706) مسكويه- أحمد بن محمد أبو علي الخازن (493- 499) 685، 1902، 1907، 1945 مسكين الدارمي (ربيعة بن عامر بن أنيف) (1299- 1301) 2248 مسلم بن أحمد الأديب 2848 مسلم بن الحجاج صاحب الصحيح 747، 1201، 1332، 1341، 1403، 1982 مسلم بن عيسى الصفار 1577 مسلم بن قريش شرف الدولة أبو المكارم 2076 مسلم بن محمد بن نوح 2133 مسلم بن الوليد صريع الغواني 666، 706، 1402 مسلمة بن أحمد المجريطي 2806 مسلمة بن عبد الملك 1232 مسلمة بن علي الخشني البلاطي 1700 مسمع بن مالك 1157 المسمعي 183 المسور بن عمرو الحبطي 1856 المسور بن مخرمة 50 مسيب (خازن المنصور) 1543 المسيب بن واضح 2803 مسيلمة الحنفي الكذاب 1002، 2432، 2781 مسينة (رجل) 55 مشاش الخراساني أبو الأزهر 1452 مشرق العابد 2075 مصدق بن شبيب الصلحي أبو الخير 128، 803، 2218 (2699) مصدق بن شبيب الواسط النحوي 1502، 1503، 2651 مصطنع الدولة الأمير 332 المصعب بن الزبير بن بكار 1324 مصعب بن عبد الله الزبيري 262، 530، 613، 614، 1153، 1294، 1852، 1853، 2146، 2149، 2150، 2253، 2394، 2403، 2595 مصعب بن الكيس النساب 2249 المصعبي 206 مصقلة بن هبيرة 1856 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3243 مضرس الأسدي 2145، 2792 المطرز الشاعر- عبد الواحد بن محمد أبو القاسم 1732، 1951، 1952، 1953 المطرزي- ناصر بن عبد السيد أبو الفتح برهان الدين مطرف بن قيس 2434 مطرف بن محمد العبدي 2100 المطرف بن المغيرة 2253 المطعم الصنعاني 1700 المطلب بن ربيعة 50 المطلب بن عبد مناف 2397 المطهر 701 المطهر بن سلام البصري 2207 المطهر بن عبد الله الوزير أبو القاسم 134، 137، 138، 147، 2274، 2275 المطوعي الفارسي 1094، 1388 مطيع بن اياس- الخليع المطيع لله 145، 437، 556، 716، 982، 1511، 1575، 1707، 1825، 1872، 2182، 2235، 2280، 2285، 2310، 2558 مظفر بن ابراهيم بن جماعة- موفق الدين أبو العز الأعمى العيلاني (2700- 2701) المظفر بن أحمد بن ابراهيم بن برهان أبو الفتح 484 مظفر بن رئيس الرؤساء 2599 المظفر بن شبيب 419 المظفر بن طاهر بن الجراح الاستراباذي 920 المظفر بن محمد بن الحسين الكندري- الكندري العميد أبو الفتح المظفر بن المنصور بن أبي عامر 1441، 1651، 2713 المظفر بن ياقوت 2438 المظفر بن يحيى 1772، 2708 معاذ الهراء 1738، 2486، 2572 معاذ بن جبل 1532 معاذ بن العلاء (اخو أبي عمرو) 1317 معاذ بن مسلم النحوي 1317 معاذ بن موسى النفاط 2273 معاذ بن هشام 1288 المعافري 1388 المعافى بن زكريا النهرواني الجريري- ابن طرارة 936، 1031، 1577، 2501، 2693 (2702- 2704) معاوية بن أبي سفيان 32، 50، 120، 367، 376، 1019، 1058، 1146، 1195، 1278، 1288، 1290، 1291، 1301، 1446، 1469، 1470، 1472، 1532، 1581، 1582، 1583، 1810، 1812، 1936، 1996، 2118، 2253، 2361، 2365، 2374، 2558، 2780، 2838 معاوية بن بجير 23، 24 معاوية بن عبد الله بن جعفر 1855 معاوية بن عمر بن أبي عقرب الدؤلي (2704) معاوية بن قرة 14 معاوية الأصغر بن محمد بن عثمان بن عنبسة 2361 معبد المغني 615 معبد بن العباس بن عبد المطلب 294 المعبدي (يروي عن ابن السكيت) 1922 المعتد بالله، هشام بن محمد بن عبد الملك 1651 المعتز 266، 363، 459، 1325، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3244 1421، 2021، 2101، 2122، 2485، 2490، 2545، 2585، 2841 المعتصم بالله 82، 161، 167، 168، 530، 602، 1020، 1064، 1065، 1070، 1443، 1493، 1856، 1859، 2013، 2158، 2159، 2198 المعتصم محمد بن معن بن صمادح 1808 المعتضد 43، 44، 53، 62، 63، 102، 189، 270، 287، 288، 289، 290، 291، 292، 366، 448، 526، 530، 650، 651، 792، 794، 860، 1142، 1388، 1389، 1523، 1573، 1790، 1808، 1861، 1862، 1977، 2332، 2422، 2434، 2470، 2499، 2500، 2683، 2825 المعتلي بن حمود الادريسي 1611 المعتمد على الله 102، 129، 168، 196، 207، 262، 283، 459، 530، 533، 534، 649، 1020، 1023، 1483، 2008، 2015، 2022، 2421 المعتمد بن عباد 1808 معتمد الدولة، قرواش بن المقلد بن المسيب العقيلي 1125 معتمر بن سليمان 928، 1982 معدّ بن عدنان 1123، 1162، 1413 معدان (من أهل ميسان) 2133 المعدل بن غيلان العبدي أبو عمرو 1375، 1376 معروف الكرخي 397، 732، 1570، 2558 معروف بن عبد الله الخياط 928 معروف بن مسكان 234 المعز العبيدي أبو تميم 188، 808، 1645، 2667، 2669، 2671 المعز بن باديس 862، 2636 معز الدولة بن أحمد بن بويه 145، 347، 976، 978، 980، 981، 982، 983، 984، 985، 991، 1567، 1707، 1709، 1716، 1806، 1823، 2182، 2509، 2518، 2557 معز الدولة ثمال بن صالح المرداسي تاج الأمراء، 347، 350 معقل بن مالك 1067 المعلى (وال بافريقية) 2136 المعلّى بن أسد 174 المعلى بن أيوب 283 المعلى بن طريف 1347، 2055 معلى بن منصور 2537 معمر بن الأشعث 1853 معمر بن راشد 767، 2342، 2520، 2595 معن القزاز 2596 معن بن خلف البستي أبو سعيد 788، 814 معن بن زائدة الشيباني 702، 987، 1157، 1158، 1541 المعيطي 777 المعين 2361 معين الدين أنر (صاحب دمشق) 580 معين الدين الجاجرمي 2546 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3245 معين الملك أبو المحاسن ابن فضل الله 1113، 1114 المغيرة بن شعبة 1023 المغيرة بن عبد الرحمن 1231 المغيرة بن المهلب 1329، 1330 المفجع البصري- محمد بن أحمد بن عبيد الله الكاتب 274، 2175، 2176 (2336- 2344) ، 2679 المفرج بن دغفل بن الجراح الطائي 1095 المفضل القصباني 2824 المفضل بن سلمة بن عاصم أبو طالب 551، 1966، 1993، 2143، 2452، 2495 (2709) ، 2856 المفضل بن غسان الغلابي 2419 المفضل بن محمد الضبي 802، 1204، 2530 (2710- 2712) 2786 المفضل بن محمد بن مسعر أبو المحاسن التنوخي 6، 2348 (2710) مقاتل بن حكيم العكي 71 مقاتل بن حيان 2454 مقاتل بن سليمان 622، 2454 المقتدر بالله العباسي 108، 120، 189، 191، 193، 202، 231، 232، 459، 484، 526، 617، 721، 723، 772، 782، 851، 1025، 1401، 1405، 1647، 1824، 1865، 1872، 2097، 2306، 2323، 2438، 2457، 2469، 2470، 2536، 2574، 2677 المقتدي بالله 1635، 2076 المقتفي لأمر الله 450، 827، 830، 1423، 1540، 1757، 2062، 2080، 2736، 2737، 2772 المقدمي 2148 المقلد بن المسيب بن رافع العبادي 1641 مقلة (أم بني مقلة) 933 المكتفي 189، 231، 536، 1142، 1977، 2235، 2238، 2535، 2536، 2677، 2825 مكحول 1701 مكرم القاضي 488 مكمل الأسدي 1157 مكنف بن زيد الخيل 1202 مكي المنشد 669 مكي بن أبي طالب المقرىء 1388 (2712- 2714) مكي بن أبي القاسم الحافظ 1505 مكي بن ريان بن شبة الماكسيني الضرير- مكيك 2269 (2714- 2716) 2816 مكي بن عبد السلام الرميلي أبو القاسم 393 مكي بن عبد السلام المقدسي، ابو القاسم 396 مكي بن عبد الله الرميلي الحافظ 2156 مكي بن محمد بن الغمر 368 الملبد بن يزيد بن عون الخارجي 2435 الملك أبو الحسن علي بن الخليفة الناصر 2392 الملك أحمد 2361 الملك الأشرف موسى بن الملك العادل 1778، 2035، 2086، 287 الملك الأفضل علي بن صلاح الدين 2029، 2550 الملك السعيد- عضد الدولة الملك الرحيم أتابك طغرل الظاهري 2032، 2034، 2035 ملك شاه بن ألب أرسلان 1107 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3246 ملكشاه مسعود بن محمد السلجوقي 2737 الملك الصالح اسماعيل بن نور الدين محمود 2081، 2082، 2624 الملك الظاهر غازي بن صلاح الدين- غياث الدين 640، 641، 642، 2026، 2027، 2029، 2030، 2085، 2086، 2185، 2807 الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي 299، 572، 577، 593، 841، 869، 870، 1208، 1509، 1565، 1667، 2029، 2073، 2082، 2623، 2624، 2626، 2627، 2654، 2655، 2656، 2660، 2832 الملك العزيز عثمان بن صلاح الدين يوسف 859، 2029 الملك العزيز بن الملك الظاهر غازي 2086 الملك الكامل بن العادل الأيوبي 593، 2831 الملك المعظم تورانشاه 2765، 2766 الملك المعظم عيسى بن الملك العادل 354، 659، 1332، 1333، 2349 الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب 2، 4، 529، 573، 577، 579، 591، 593، 637، 641، 945، 1087، 1162، 1404، 1424، 1565، 1566، 1610، 1691، 1698، 1845، 2028، 2033، 2082، 2550، 2561، 2562، 2563، 2623، 2624، 2626، 2627، 2628، 2629، 2807 ملك النحاة- الحسن بن صافي أبو نزار ملهم (أخو الضرغام) 1564 ملول بن فضلان الصيرفي الجهبذ 1950 المليحي- عبد الواحد بن أحمد 491 ممويه الاصبهاني (2716) مميش 1051 منى (من آل الحسن بن وهب) 1021 منارة صاحب الرشيد 2006 المنازي الشاعر (أحمد بن يوسف) 2212، 2213 المنتجب سالم بن أبي الصقر العروضي 2263 المنتصر بن المتوكل 229، 2063، 2065، 2066، 2675، 2020، 2065 المنتوف (الخارج على ابن طولون) 790 منجوتكين 1104 منداد بن عبد الحميد، ابن لرة الكرجي (2717) مندل بن علي 2813 المنذر ملك العرب 2781 المنذر بن الجارود العبدي 2471، 2837 المنذر بن سعيد البلوطي- قاضي القضاة 468، (469- 470) 731، 2330، (2717- 2722) منذر بن واصل 22 المنذري أبو الفضل، محمد بن أبي جعفر 103، 257، 362، 1153، 1752، 2254، 2256، 2257، 2322، (2471- 2472) منشا بن ابراهيم القزاز- ابن القزاز منصور (يروي عنه سفيان) 2400 منصور (من آل عراق) 2334 منصور زلزل 595 المنصور العباسي أبو جعفر 26، 27، 96، 203، 228، 561، 565، 624، 1019، 1220، 1253، 1309، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3247 1312، 1327، 1328، 1416، 1419، 1541، 1542، 1543، 1601، 2054، 2055، 2056، 2060، 2061، 2093، 2099، 2129، 2130، 2134، 2141، 2232، 2369، 2419، 2435، 2733، 2734، 2735، 2842 المنصور العبيدي 2667 منصور النمري 285، 706، 2512 المنصور محمد بن أبي عامر 781، 806، 1164، 1165، 1166، 1167، 1439، 1440، 1441، 1651، 2273، 2311 منصور بن أحمد بن محمد الشيرازي 2229 منصور الفقيه، منصور بن اسماعيل بن عمر التميمي الضرير (2723- 2726) منصور بن بشر النصراني أبو الفرج 850 منصور بن رامش 771 منصور بن سهل المجوسي أبو الفرج 525، 1947 منصور بن عبد المنعم الفراوي 2546، 2547 المنصور بن عبد المؤمن الموحدي 1182، 1194 منصور بن محمد الأزدي الهروي، قاضي هراة (2727- 2729) المنصور بن محمد بن أبي العرب 998 منصور بن محمد بن المقدر الاصبهاني 1891 منصور بن المسلم بن علي بن أبي الخرجين أبو نصر الحلبي المؤدب (ابن أبي الدبيك) ، (2729- 2730) منصور بن المقدر أبو الفتح 369، 1575، 1577، 1891 منصور بن نجيح 2272 منصور بن نوح- السديد 456 منوجهر بن اسفرسيان 2360 منوجهر بن قابوس بن وشمكير 690، 692، 1211، 1727، 2182، 2188 منوجهر بن محمد بن تركان شاه- ابن أبي الوفاء البغدادي 2731 منويل صاحب الأثارب 1209 المهتدي- محمد بن الواثق 438، 459، 649، 1421، 2021 المهدي (المنتظر) 918 المهدي العباسي 624، 939، 1019، 1158، 1197، 1201، 1236، 1303، 1304، 1327، 1346، 1385، 1417، 1418، 1419، 1445، 1459، 1740، 2054، 2056، 2057، 2058، 2059، 2061، 2099، 2145، 2250، 2251، 2711، 2712، 2733، 2734، 2735، 2755، 2827، 2852 مهدي هاشم 1979 مهدي بن حمزة 2856 مهدي بن سابق 1738 المهذب بن أبي المليح مماتي (الخطير) (637- 639) ، 2361 مهرويه 1813 المهلب بن أبي صفرة 71، 1215، 1231، 1328، 1721، 2253 المهلبي أبو الحسين 786 المهلبي الوزير أبو محمد- الوزير المهلبي المهلبي- علي بن أحمد 455 مهلهل 245، 856 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3248 مهلهل بن يموت بن المزرع 2845 مهند الدولة بن الحنشي 1210 مهيار الديلمي 277، 851، 1952 المؤتمن الساجي 386 الموحد بن محمد بن عبد الواحد الحنفي أبو أحمد 919 مؤرج بن عمر السدوسي 1262، 1375، 1982 (2731- 2732) موسى (في شعر) 2048 موسى (النبي) 111، 154، 155، 239، 290، 335، 336، 339، 351، 504، 524، 752، 1080، 1615، 2132، 2317، 2342، 2602، 2664، 2718 موسى الرضى 251 موسى شهوات- موسى بن بشار (2732- 2733) موسى الضبي 2789 موسى الكاظم بن جعفر الصادق 38، 1047، 1048 موسى الهادي 1383، 1384، 1423، 2056، 2057 موسى بن أبي الجارود 2412 موسى بن اسماعيل المنقري 1199 موسى بن بغا 438، 527 موسى بن جعفر أبو الحسن 39 موسى بن خلف 193، 194 موسى بن صالح 2146 موسى بن الطائف 124 موسى بن الطيب 2343 موسى بن عبد الله الأغماتي 2098، 2099 موسى بن عبد الملك الاصبهاني 86، 566، 2300، 2608 موسى بن عقبة 94 موسى بن عيسى 2610 موسى بن عيسى بن أبي حاج الفاسي أبو عمران 261 موسى بن عيسى بن عبد الله بن أبي جرادة 2069 موسى بن القاسم الأشيب أبو عمران 1605 موسى بن نجيح السلمي 2200 موسى بن هارون الحافظ 41، 647، 1322، 2478 موسى بن يسار (عم صاحب السيرة) 2418 الموصلي الشاعر 1609 الموفق أبو أحمد الناصر لدين الله 129، 189، 196، 409، 453، 556، 650، 1325، 1461، 2022، 2461، 2499، 2569 الموفق النيسابوري 1685 موفق بن أحمد المكي الخطيب 836 موفق الدين أبو العز الأعمى- مظفر بن ابراهيم موفق الدين عبد اللطيف بن يوسف البغدادي- عبد اللطيف بن يوسف البغدادي موفق الدين مكي خطيب خوارزم 838 المؤمل بن أميل بن أسيد المحاربي 626 (3733- 2735) مؤنس (الخادم) 1862 مؤنسة (جارية المأمون) 163، 566 موهوب بن أحمد بن الحسن بن الخضر- الجواليقي المؤيد ابراهيم بن يوسف الشيباني 639 المؤيد الطوسي 1339، 2546 المؤيد هشام بن الحكم المستنصر 64، 65، 124، 2841 المؤيد بن عطاف الألوسي (2737- 2738) الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3249 مؤيد الدولة بويه بن ركن الدولة البويهي 178، 179، 663، 664، 679، 683، 685، 692، 694، 705، 715، 720، 1886، 1887، 1893، 1894، 1895، 1898، 1899، 1900، 1905، 2185 مؤيد الدين الطغرائي- الطغرائي ابو اسماعيل المنشىء مؤيد الدين محمد بن محمد القمي 1014 مؤيد الملك بن نظام الملك 2360 مؤيد الملك أبو بكر عبيد الله 1110 ميادة (أم الرماح) 1309 الميداني أبو الفضل النيسابوري (511- 513) 1664 الميمندي الوزير- عبد الرزاق بن أحمد ميمون الأقرن 1466، 1467، 2141، (2738) 2851 ميمون بن ابراهيم 2545 ميمون بن بهمن 594 ميمون بن ه ارون الكاتب 82، 438، 2056، 2064، 2108، 2117، 2841 ميمون بن هارون بن مخلد بن أبان 2007 (ن) النابغة الجعدي 553، 856، 2247 النابغة الذبياني 553، 856، 893، 1256، 2067، 2229، 2244، 2508، 2513، 2514، 2531، 2851 الناجم 2512 نازوك صاحب الشرطة 2450، 2451 الناشىء أبو العباس، عبد الله بن محمد 455، 905، 1214، 1376، (1548- 1550) 2527 الناصر (الخليفة) 130، 1515، 2218، 2234، 2239، 2392، 2542، 2566، 2651 ناصر الدولة الحمداني 526، 527، 980 الناصر لدين الله الموفق بالله 442، 552 الناصر محمد الموحدي 2551 ناصر المروزي الامام 2297 ناصر بن أحمد بن بكر الخولي أبو القاسم (2740) ناصر بن عبد السيد أبو الفتح المطرزي برهان الدين 652، 653 (2741- 2742) نافذ (خادم) 607، 608 نافع (مولى ابن عمر) 28، 838، 1630 نافع المقرىء (نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم) 521، 927، 1601، 1602، 1629، 2144، 2455، 2537، 2855 النامي أبو العباس 794، 1102، 2048 نبا بن محمد بن محفوظ- ابو البيان القرشي- ابن الحوراني (2742- 2743) النبال ابو الحسن 234 نتلة بنت جناب بن كليب 2248 نجاء بن أحمد 932، 933 نجاح الخادم 1937 نجاح الشرابي عز الدين 1014 نجاح بن سلمة أبو الفرج 167، 2121، 2605، 2608 النجار- الحسين بن محمد 667 النجار القزويني أبو محمد- طاهر بن أحمد بن محمد القزويني النجاشي الشاعر 1857، 1858 نجبة بن علي القحطاني أبو السلم الشاعر 677، 686 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3250 نجدة الحروري 2253، 2749 نجدة بن الأسود 2319، 2320، 2321 نجم بن سراج العقيلي، شمس الملك (2473- 2744) نجم الدين أيوب 2623، 2624 النجيرمي ابراهيم أبو اسحاق 625، 1645 النجيرمي أبو محمد (الحسن بن عمرو) 2116 النجيرمي بهزاد بن يوسف (768) 1645 النجيرمي يوسف بن يعقوب 768، 1129، 1645، 2576، 2579 النحاس أبو جعفر أحمد بن محمد 332، 460 (468- 470) 1164، 1204، 1644، 2570، 2721، 2722 النخار العذري النسابة 1453 نديم المستنجد بالله- الحسين بن علي بن أحمد الطيبي النديم محمد بن اسحاق صاحب الفهرست- ابن النديم نذير الحرمي 195 نزار بن محمد الضبي أبو معد- صاحب الشرطة 195، 196 النسائي أبو عبد الرحمن 94، 1220، 1332، 1341، 1795، 2596، 2652، 2789، 2836 النسابة البكري 1311 نسطور 2697 النسفي 857 نسيم (جارية أحمد بن يوسف) 567 نسيم (غلام التنوخي) 1874 نشتكين الدزبري 332 نشوان (غلام ابن المعتز) 1521 نشوان بن سعيد بن نشوان الحميري (2745) نصر (خادم) 1059 نصر الحارثي أبو منصور شيخ الاسلام 2688 نصر القشوري (حاجب المقتدر) 191، 195 نصر بن أحمد البصري- الخبز ارزي ابو القاسم نصر بن أحمد الساماني 108، 274، 455، 2181 نصر بن أحمد المرجّى 936 نصر بن أحمد بن اسماعيل أبو الحسن 1272، 2317، 2318 نصر بن أحمد بن اسماعيل الكشاني 621 نصر بن أحمد بن عبد الله بن البطر المقرىء ابو الخطاب 1423 نصر بن أحمد بن مقاتل 1606 نصر بن أحمد بن نوح المقرىء 818 نصر بن الحسن بن جوشن، ابو المرهف العيلاني (2747- 2749) نصر بن الحسن بن الفيروزان 691، 692 نصر بن الحسين 526 نصر بن سلهب 2012 نصر بن سيار 1857، 2256، 2439 نصر بن صالح بن مرداس- شبل الدولة نصر بن عاصم الليثي 1317 (2749) نصر بن علي 2136 نصر بن علي بن محمد الشيرازي- ابن أبي مريم النحوي (2749) نصر بن علي بن نصر الجهضمي 1981، 1982، 2234، 2845 نصر بن محمد بن سلم المؤدب 2263 نصر بن مزاحم الكوفي (2750) نصر بن منصور بن بسام 1859 نصر بن هارون 131، 701، 2037، 2038 نصر بن يوسف صاحب الكسائي (2750) الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3251 نصر الله بن ابراهيم الدينوري الحمامي (2750) نصر الله بن صالح الهاشمي أبو الفتح 1251 نصر الله بن مجلي 1355 نصران الخراساني 1779 نصرة (خادم) 566 نصيب مولى المهدي (2755- 2757) نصيب بن رباح 615، 1326، (2752- 2755) 2755 النصيبي (رفيق التوحيدي) 1944، 1945 نصير (الغلام) 2850 نصير الرازي النحوي 1750 نصير بن يوسف أبو المنذر 457 نصير الدولة أبو نصر ابن مروان الكردي 305، 1095، 1099 نصير الدولة باديس بن زيري 98، 99 نصير الدين الطوسي 1027 نصير الدين بن مهدي العلوي الوزير 1515 النضر التميمي أبو مالك (2757) النضر بن حديد 545 النضر بن شميل اللغوي 23، 930، 1190، 1217، 1262، 1269، 1271، 1312، 1403، 1421، 1982، 2257 (2758- 2761) نطاحة- احمد بن اسماعيل بن ابراهيم (199- 201) النظّام المتكلم 596، 2646 نظام الملك الوزير 633، 788، 814، 841، 842، 1337، 1634، 1660، 1834، 1836، 1937، 2101، 2102، 2113، 2127، 2128، 2355، 2520، 2740، 2849 نظيف بن عبد الله المقرىء 555 النعالي- الحسين بن أحمد بن محمد بن طلحة النعامة (فرس) 321 النعمان- أبو حنيفة نعمان رئيس المعرة 1208، 1209 النعمان بن المنذر 310، 857، 1167، 1168، 1325، 2669 النعمان بن هارون الشيباني 1742 النعمان بن وادع المعري أبو عدي (301) نعيم بن حماد 2404 نعيم بن همار 387 نفاط الجنّ (معلم) 377 نفطويه ابراهيم بن محمد أبو عبد الله 62، 66، (114- 122) 371، 468، 537، 729، 847، 912، 1031، 1034، 1039، 1707، 2322، 2341، 2474، 2478، 2488، 2489، 2492، 2528، 2537، 2679، 2702، 2735 نفيل بن عبد العزى 1453 النقاد المقرىء- الحسن بن داود القرشي النقار 2474 النقيب حيدرة 2376 نقيب الموصل 1694، 1695 نمرود 110 النمري شارح الحماسة 2321 نهار بن توسعة 1157 نهد بن زيد 1278 النهرجوري الشاعر 917، 918 النهرجوري العروضي أبو أحمد (523- 525) 1335، 1947 نهشل بن حري التميمي 255 نهشل بن زيد (أبو خيرة الأعرابي البصري) 2758 (2761) الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3252 النوار 764، 765 نوح (النبي) 110، 563، 820، 976، 1025، 2092، 2342 نوح بن أبي بلال 2448 نوح بن حبيب 2750 نوح بن دراج 2232 نوح بن قيس 1982 نوح بن منصور أب و القاسم 456 نوح بن منصور الساماني 697، 1071، 1072، 2305 نوح بن نصر الساماني 888، 1149، 1870، 1871 نور الدين أرسلان شاه بن عز الدين مسعود 2269 نور الدين العادل 2080 نور الدين محمود بن زنكي- الملك العادل النوري أبو الحسن 777 النوري الضرير أبو عبد الله- الحسين بن هداب النوشجان بن عبد المسيح 766 نوفل بن عبد مناف 2410 النوقاتي السجستاني أبو عمر، محمد بن أحمد بن سليمان (2345- 2346) (هـ) الهادي (الخليفة) 2099، 2145، 2146، 2147، 2149، 2150 هاروت 591، 1464 هارون (أخو موسى) 110، 111 هارون الرشيد 25، 95، 96، 202، 429، 594، 595، 597، 598، 599، 600، 601، 622، 625، 706، 751، 755، 806، 1033، 1254، 1304، 1307، 1382، 1384، 1584، 1631، 1670، 1671، 1738، 1740، 1741، 1742، 1744، 1747، 1748، 1750، 1751، 1752، 1857، 1970، 2004، 2006، 2060، 2099، 2100، 2123، 2125، 2144، 2231، 2232، 2244، 2250، 2251، 2252، 2298، 2396، 2397، 2398، 2486، 2596، 2597، 2707، 2708، 2757، 2789، 2791، 2811، 2812، 2827، 2847 هارون بن أحمد بن هارون الاستراباذي 2173 هارون بن الحائك الضرير النحوي (2762) هارون بن خمارويه 560 هارون بن زكريا الهجري أبو علي (2762) هارون بن عبد العزيز 2449 هارون بن عبد الله الزهري 2420 هارون بن علي بن يحيى المنجم- ابن المنجم هارون بن عمر الدمشقي 928 هارون بن غريب الخال 216 هارون بن محمد الضبي أبو جعفر 851 هارون بن محمد بن اسماعيل القرشي 2059 هارون بن محمد بن عبد الملك الزيات 79، 80، 2127 هارون بن موسى بن أبي جرادة (2075) هاشم (عمرو بن عبد مناف) 127، 442، 1809، 2394، 2410 هاشم بن أحمد بن عبد الواحد الحلبي الخطيب 2654 (2764) هاشم بن عبد العزيز 457 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3253 هاشم بن عبد المطلب بن عبد مناف 12849، 2394 هامان 1145 الهائم- أحمد بن علي المدائني 1444، 2284، 2285، 2288، 2289 هبة الله تاج العلي بن علي بن المأمون 449 هبة الله السقطي 1835 هبة الله بن أحمد- ابن الأكفاني أبو محمد هبة الله بن أحمد الشيباني 838 هبة الله بن أحمد بن سوار أبو الفوارس 397 هبة الله بن أحمد بن يحيى بن أبي جرادة 2069 (2076- 2078) هبة الله بن أيوب عميد الرؤساء 2218 هبة الله بن جعفر بن سناء الملك السعدي، القاضي السعيد بن القاضي الرشيد- ابن سناء الملك هبة الله بن الحسن الحاجب أبو الحسن (2768) هبة الله بن الحسن الطبري 2501 هبة الله بن الحسن بن محمد العسقلاني 1989 هبة الله بن الحسين بن أحمد- البديع الاسطرلابي هبة الله بن الحصين المحدث 2262، 2570 هبة الله بن سلامة بن نصر المقرىء الضرير (2771) هبة الله أبو السعادات ابن الشجري- ابن الشجري هبة الله بن عبد الوارث الشيرازي أبو القاسم 390 هبة الله بن علي بن عرام الربعي الاسواني (2776- 2777) هبة الله بن علي بن مسعود البوصيري 2440 هبة الله بن عيسى 1947 هبة الله بن الفضل بن صاعد- ابن التلميذ هبة الله بن ماكولا- ابن ماكولا هبة الله بن المبارك السقطي 2063 هبة الله بن محمد بن الحصين أبو القاسم 1369 هبة الله بن محمد بن المظفر بن الحداد 1681 هبة الله بن محمد بن هبة الله بن أبي جرادة ابو الفضل 2079 (2080) هبة الله بن موسى المؤيد في الدين 306 الهدادي (ابن عم أبي هفان) 1977 هدبة بن الخشم 856، 1326 هذيل الأشعبي 14746 هرثمة (صاحب هارون) 2397 الهرقل 2668 هرم بن سنان 2711 الهرمزان 756 هرمس صاحب الحكمة 115 الهروي (صاحب الغريبين) 451 الهروي (عند الصاحب) 678 الهروي الحواش 688 الهروي أبو سهل 800 الهريمي الابيوردي 1869، 1871 هشام (أمير المدينة) 2419 هشام بن ابراهيم الكرنباني الأنصاري (2777- 2778) هشام بن حسان 756 هشام بن الحكم المؤيد 1439 هشام بن خلف البزار 120 هشام بن عبد الرحمن الصابوني أبو الوليد 1642 هشام بن عبد الرحمن بن معاوية المرواني 462، 464 هشام بن عبد الله بن عكرمة المخزومي 1630 هشام بن عبد الملك 203، 431، 529، 1019، 1178، 1179، 1202، 1203، 1204، 1217، 1231، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3254 1232، 1233، 1235، 1240، 1532، 1544، 1601، 1629، 2144، 2233، 2253، 2256 هشام بن عروة 94، 725، 1199، 2400، 2419، 2704، 2545، 2758، 2779، 2789، 2803 هشام بن عمار السلمي 530، 1532 هشام بن غسان 2758 هشام بن محمد بن السائب- ابن الكلبي هشام بن معاوية 2125 هشام بن معاوية الضرير الكوفي أبو عبد الله (صاحب أبي الحسن الكسائي) 2452 (2782) هشام بن نهيس (أخو ذي الرمة) (2782- 2783) هشيم بن بشير السلمي الواسطي 595، 597، 928، 758، 759، 2761، 2833 هلال الحفار 823، 1379 هلال بن بدر 523 هلال بن زهرون الصابىء 133 هلال بن العلاء الرقي أبو عمرو (2783) هلال بن المحسن بن ابراهيم الصابىء (والد غرس النعمة) 131، 133، 135، 136، 142، 144، 145، 158، 178، 375، 381، 439، 483، 527، 697، 703، 713، 714، 715، 716، 772، 789، 848، 981، 984، 987، 1577، 1580، 1709، 1710، 1712، 1774، 1817، 1849، 1850، 1890، 1491، 1977، 2274، 2282، 2288، 2470، 2534 (2783- 2785) هلال بن المظفر الريحاني 416 هلال بن المظفر الكاتب الزنجاني 1712، 1830 همّام بن الفضل بن مهذب المعري المؤرخ- ابن المهذب المعري همام بن غالب بن صعصعة- الفرزدق الشاعر الهمداني صاحب الاكليل (الحسن بن أحمد بن ي عقوب) (809- 810) (810- 811) الهمداني صاحب الاكليل (الحسين بن أحمد بن يعقوب) (1037- 1038) هناءة بن مالك 1673 هناد بن السري 2447 هند (في شعر) 213، 331، 1120، 1121، 1282، 1636، 1988، 2835 الهيثم بن أحمد أبو الفرج 380 الهيثم بن خارجة 453 الهيثم بن خلف 368 الهيثم بن فراس السامي 529، 530 الهيثم بن عدي 410، 751، 928، 1181، 1202، 1204، 1445، 1541، 1637، 2133، 2134، 2135، 2136، 2232، 2271 (2788- 2792) هيلانة (جارية المنصور) 1542 (و) الواثق الخليفة 73، 82، 167، 168، 600، 602، 603، 605، 615، 759، 760، 761، 762، 1021، 1068، 1259، 1935، 1970، 2016، 2017، 2159، 2485، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3255 2499، 2532، 2534، 2537، 2541 الواحدي 507 وادع بن عبد الله المعري القاضي أبو مسلم (300) 592 واصل بن حيان الأسدي الأحدب 751 واصل بن عطاء، الغزّال أبو حذيفة 1579، 1858، 2113، 2311، 2313 (2793- 2795) الواقدي محمد بن عمر 232، 361، 531، 667، 736، 1423، 2252، 2417، 2419، 2537، (2595- 2598) والبة الأسدي 1363 الوأواء الدمشقي 2158 وثيمة بن موسى بن الفرات الوشاء (2795- 2796) وجه الدويبة- عبد الله بن حامد بن أحمد أبو منصور الوجيه الصغير- ابراهيم بن مسعود بن حسان (127- 128) الوجيه الكبير النحوي (شيخ ياقوت) 127، 128 وحشية الجرمية 2839 الوحيد أبو طالب- سعد بن محمد بن علي الأزدي (1356- 1357) وردان الجني 2856 ورش المقرىء- عثمان بن سعيد القبطي (1601- 1603) 2455 وريدة المخنث 1757 الوزير أبو شجاع 2360 الوزير أبو الفرج ياسر بن بلال 2751 الوزير البلعمي 888 الوزير جلال الدين علي بن جمال الدين محمد الاصبهاني 2269 الوزير الجواد- جمال الدين الاصبهاني الوزير الوزير الخاقاني 1862 الوزير رضوان 2777 الوزير الزينبي 1354، 2675 الوزير فخر الملك 2095 الوزير الكندري عميد الملك أبو نصر 1682، 1684، 1685، 1686 الوزير المغربي الحسين بن علي أبو القاسم 120، 205، 298، 299، 374، 576، (1093- 1105) 1578، 1707، 1776، 2228، 2474 الوزير المهلبي 103، 131، 132، 133، 144، 145، 147، 151، 152، 158، 182، 183، 184، 711، 715، 716، 895، 922، 924، (976- 993) 1343، 1394، 1414، 1567، 1568، 1708، 1709، 1710، 1712، 1718، 1722، 1806، 1873، 1874، 1879، 1991، 1995، 2048، 2050، 2051، 2052، 2175، 2282، 2288، 2509، 2518 وسناء (طفلة) 1796 وشمكير بن زيار الديلمي 2181 الوصي- علي بن أبي طالب الوضاح بن رزاح 358 وفاء بن المرخم 450 وكيع بن الجراح 928 الوليد بن أحمد بن أبي دواد 432 الوليد بن بكر الفقيه 2593 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3256 الوليد بن شجاع أبو همام 2441 الوليد بن عاصم 2321 الوليد بن عبد الملك 1239، 1240، 1241، 1247، 1292، 1293، 1363، 1364، 2190 الوليد بن عبيد الله بن يحيى أبو عبادة- البحتري الوليد بن عتبة الأشجعي 1532 الوليد بن عقبة (ابن أروى) 1175، 1176 الوليد بن محمد الموقري 928 الوليد بن مسلم 928 الوليد بن يزيد 334، 1197، 1202، 1309، 1310، 1458، 2253، 2792، 2839 وهب بن ابراهيم 255 وهب بن ابراهيم بن طازاد أبو سعيد 436 وهب (وهبان) بن بقية أبو محمد 646 وهب بن جرير 25، 1266، 2065 وهب بن سعيد بن عمرو 1019 وهب بن سليمان بن وهب، 58، 531، 532، 1980 وهب بن منبه اليماني (2802) وهب بن واضح، ابن الاخريط 234 وهب بن وهب بن كثير القاضي، أبو البختري (2802- 2803) وهب بن وهب بن وهب 2159، 2160 وهرز 1261 وهيب بن خالد بن عجلان الباهلي 1201 (ي) ياسر (الخادم 566 يافث بن نوح 2092 ياقوت (يعقوب غلام الكندي) 1333 ياقوت الحموي 1548، 1573، 1537، 1538، 2540، 2542، 2543، 2544، 2567، 2591، 2601، 2857 ياقوت بن عبد الله 855 ياقوت بن عبد الله مهذب الدين أبو الدر الرومي (2804- 2805) يحيى (غلام الكندي) 1333 يحيى بن آدم 75، 1219 يحيى بن أبي الخير (الحسين) 840 يحيى بن أحمد السيبي أبو القاسم 1292 يحيى بن أحمد أبو زكريا- الفارابي اللغوي يحيى بن اسماعيل المنشىء الطغراني 23746 يحيى بن أكثم القاضي 162، 163، 434، 596، 597، 598، 1584، 1585، 1816، 2244، 2812 يحيى ابن الأندلسية 2667، 2671 يحيى بن البحتري، أبو الغوث 83، 2800 يحيى بن البريم 531 يحيى بن البكاء 1630 يحيى بن تميم بن المعز أبو الطاهر- المرتضى 740، 741، 1609 يحيى بن جرير التكريتي أبو نصر 1078 يحيى بن حبش شهاب الدين- السهروردي أبو الفتوح يحيى بن الحسين العلوي أبو الحسين- الكيا الزيدي يحيى بن الحسين الكندي الحراني 425 يحيى بن حكيم الأسلمي 2157 يحيى بن حمزة البتلهي 1700 يحيى بن خالد البرمكي 11، 215، 272، 1047، 1384، 1742، 1745، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3257 1746، 2060، 2125، 2244، 2294، 2649، (2809- 2812) يحيى بن خلف الخلفاني أبو نصر 1989 يحيى بن الربيع الواسطي- مجد الدين 653 يحيى بن زكريا بن حيويه النيسابوري 2395 يحيى بن زهير بن هارون بن موسى بن أبي جرادة (2075) يحيى بن زياد 1197 يحيى بن زيد بن علي بن الحسين 2253، 2256 يحيى بن سعدون بن تمام القرطبي، سابق الدين 2715 (2815- 2816) يحيى بن سعدون المغربي أبو بكر 2269 يحيى بن سعيد 725، 1452، 1453، 2410 يحيى بن سعيد الأنصاري 94 يحيى بن سعيد السوسي 980 يحيى بن سعيد القطان 1982، 2198، 2419، 2420، 2464 يحيى بن سلامة الحصكفي أبو الفضل 588 يحيى بن سلامة بن الحصين- الخطيب الحصكفي يحيى بن سلطان بن منقذ، فخر الدولة (591) يحيى بن سليم 2151 يحيى بن صاعد 41، 647، 2702 يحيى بن الضرير 1200 يحيى بن الطيب اليمني النحوي (2820) يحيى بن عباد 1298 يحيى بن عبد الرحمن الرياشي 929 يحيى بن عبد الله بن الحارث 1855 يحيى بن عبد الملك بن عبيد الله بن صاعد- تاج القضاة أبو سعد 1761 يحيى بن عبد الوهاب ابن مندة 414، 419، 782، 1223، 1501، 2365، 2436، 2522، 2578 يحيى بن عتيق 25 يحيى بن عدي 705 يحيى بن علي الخطيب التبريزي أبو زكريا- ابن الخطيب التبريزي يحيى بن علي أبو أحمد 1492 يحيى بن علي بن أبي طالب 1811 يحيى بن علي بن القاسم 2821 يحيى بن علي بن المهلب، أبو علي 2314، 2316 يحيى بن علي بن يحيى المنجم- ابن المنجم يحيى بن عمارة 1258 يحيى بن عمر الطالبي 1507 يحيى بن القاسم بن مفرج التكريتي أبو زكريا (2826- 2827) يحيى بن مالك بن عائذ الأندلسي 1720 يحيى بن مالك بن منقذ 589 يحيى بن محمد الارزني (2830) يحيى بن محمد بن زيدان القرطبي 1442 يحيى بن محمد بن عبد الله العنبري أبو زكريا 256 (2829- 2830) يحيى بن معطي بن عبد النور الزواوي- زين الدين (2831) يحيى بن معين 95، 262، 391، 596، 854، 935، 1180، 1200، 1220، 1321، 1359، 1423، 1453، 1630، 1852، 1853، 2142، 2199، 2252، 2403، 2410، 2419، 2432، 2596، 2649، 2758، 2789 يحيى بن نزار بن سعيد المنيجي، أبو الفضل (2832- 2833) الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3258 يحيى بن هبيرة الوزير عون الدين- ابن هبيرة الوزير يحيى بن هذيل الكفيف القرطبي 2593 (2833- 2834) يحيى بن هشام الأخباري 234 يحيى بن واقد بن محمد الطائي- أبو صالح البغدادي (2833) يحيى بن يحيى بن سعيد ابن ماري المسيحي (2835) يحيى بن يحيى بن السمينة القرطبي (2834) يحيى بن يعمر العدواني 2749 (2836- 2837) يحيى بن يعمر الليثي 1465، 1467 يدير بن حباسة 774 يزد (خليفة حاجب) 693 يزيد الشيباني 1302 يزيد حوراء المغني المدني 2757 يزيد النحوي 1628 يزيد بن أبي حبيب 262 يزيد بن أبي سفيان 1019 يزيد بن أسيد السلمي 1303 يزيد بن حاتم المهلبي 1303 يزيد بن رومان 2418 يزيد بن زريع 1982 يزيد بن زياد 1630 يزيد بن عبد الملك 71، 1202 يزيد بن محمد المهلبي أبو خالد 751، 2016 يزيد بن مرة 2705 يزيد بن مزيد الشيباني 625 يزيد بن معاوية 105، 658، 1019، 1252، 1253، 1278، 1288، 1630، 1936، 2147، 2253، 2361، 2837، 2838 يزيد بن منصور (خال المهدي) 625، 2827 يزيد بن المهلب 70، 71، 1215، 1216، 1628، 2108، 2253، 2836 يزيد بن هارون 1220، 1629، 2400، 2478، 2596 اليزيدي، ابراهيم بن يحيى أبو اسحاق (160- 163) 1576 اليزيدي أبو جعفر، أحمد بن محمد بن أبي محمد 160، (434- 436) 1576، 2731 اليزيدي أبو عبد الله 2489 اليزيدي أبو محمد يحيى بن المبارك 160، 434، 737، 914، 1181، 1201، 1257، 1258، 1269، 1317، 1361، 1576، 1672، 1742، 1743، 1751، 1752، 1773، 2178، 2198، 2537، 2827 (2827- 2828) اليزيدي اسماعيل بن أبي محمد يحيى 160 (737- 738) 2130 اليزيدي، عبيد الله بن محمد بن أبي محمد يحيى 160، 434 (15746) اليزيدي الفضل بن محمد بن أبي محمد أبو العباس 434، 615، 757، 2003 (2178- 2179) اليزيدي، المبارك بن المغيرة 625 اليزيدي، محمد بن أبي محمد يحيى 434، 2005، 2731 يسار (جد محمد بن اسحاق) 2418 يسار بن عثمان الاصبهاني 1753 يعقوب (النبي) 176، 2620، 2638 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3259 يعقوب (المقرىء) 1367 يعقوب الغزنوي 941 يعقوب بن ابراهيم الدورقي 2447 يعقوب بن أبي شيبة 1860 يعقوب بن أحمد الأديب 69، 511، 619، 620، 656، 1664، 2166، 2167، 2170، 2430 يعقوب بن أحمد بن محمد 701 يعقوب بن اسحاق الحضرمي 1813 (2842) يعقوب بن اسحاق الكندي 2120 يعقوب بن اسحاق أبو عوانة 463 يعقوب بن اسحاق بن نظام الملك 1766، 1767، 1768 يعقوب بن خليفة الأعشى أبو يوسف 861 يعقوب بن الربيع (أخو الفضل الحاجب) (2842- 2843) يعقوب بن السكيت- ابن السكيت يعقوب بن سليمان الاسفراييني أبو يوسف 2362 يعقوب بن شيبة 2541 يعقوب بن شيبة 2598، 2704 يعقوب بن علي بن محمد الجندلي (2844) يعقوب بن كلس 808 يعقوب بن الليث الصفار 128، 129، 1406، 1421 يعقوب بن نعيم بن فرقارة الارزني 531 يعقوب بن يزيد التمار 2018، 2019 اليعقوبي- ابن واضح أحمد بن أبي يعقوب اسحاق الاخباري (557) يعلى بن ابراهيم الأربسي 2476 يعلى بن عبيد الطنافسي 2478 يعيش بن علي بن يعيش النحوي أبو البقاء- موفق الدين 841، 869 يقق (سنور أبي الفرج) 1710، 1711 اليمان البندنيجي ابو بشر (2844- 2845) يموت بن المزرع العبدي (ابن أخت الجاحظ) 544، 1487، 2101، 2105، 2120، 2121، 2305، 2724 (2845- 2846) يوحنا (لعله ابن ماسويه) 666 يوسف (ابن عم القاضي اسماعيل) 650 يوسف (النبي) 31، 1746، 710، 758، 1042، 1115، 1151، 1306، 1658، 1739، 2221، 2626 يوسف الدمشقي 1702 يوسف السكاكي أبو يعقوب (2846) يوسف بن ابراهيم أبو الحسن ابن الداية (557- 559) يوسف بن ابراهيم القفطي- القاضي الأشرف يوسف بن أبي سعيد السيرافي أبو محمد 205، 619، 822، 877، 878، 2324 يوسف بن الأزرق 2499 يوسف بن أسباط 96، 1931 يوسف بن اسماعيل اللمغاني أبو المحاسن 1027 يوسف بن حيدر الرحبي أبو الحجاج 1308 يوسف بن عبد الواحد بن وفاء السلمي 2742 يوسف بن عبد المؤمن أبو يعقوب 1194 يوسف بن عدي 725 يوسف بن علي أبو الفضل 1058، 1060 يوسف بن علي بن جبارة البسكري أبو القاسم (2849) يوسف بن علي بن زيد الزهري المغربي 2084 يوسف بن عمر أبو نصر 189 يوسف بن عمر الثقفي 431، 1202، 1233، 2253 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3260 يوسف بن عياش 1647 يوسف بن القاسم بن صبيح أبو القاسم 561، 565، 566 يوسف بن قسطا بن حنين- يوسف بن علي 1060 يوسف بن محمد بن ابراهيم الفرغاني 619 يوسف بن محمد بن مقلد 2063 يوسف بن هارون الرمادي- الرمادي القرطبي الشاعر يوسف بن يحيى البويطي أبو يعقوب 2412 يوسف بن يعقوب 969 يوسف بن يعقوب النجيرمي- النجيرمي يوسف بن يعقوب ابن الأزرق أبو بكر 2288 يوسف بن يعقوب بن خرزاذ، أبو يعقوب 293 يوسف بن يعقوب بن السكيت- ابن السكيت يوشع بن نون 752 يونس (جد بني ثوابة) - لبابة 436 يونس (النبي) 659، 2696 يونس بن أحمد بن ابراهيم الوفراوندي (2853) يونس بن حبيب (النحوي) 56، 627، 744، 745، 751، 1023، 1199، 1233، 1255، 1292، 1317، 1321، 1360، 1413، 1443، 1738، 2123، 2124، 2128، 2488، 2615، 2649، 2704، 2738، 2785، 2786، 2813، (2850- 2852) 2858 يونس بن سالم بن يونس الخياط (2852- 2853) يونس بن عبد الأعلى 2403، 2405، 2455 يونس بن عبيد 1629 يونس بن يحيى الهاشمي 2547 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3261 9- فهرس الأمم والقبائل والطوائف (أ) آل أبي سفيان 2365، 2374 آل أبي طالب 653، 1341، 188 آل أحمد (آل الرسول، آل طه، آل النبي، أهل النبي، آل المصطفى) 105، 109، 130، 383، 442، 1119، 1178، 1286، 1323، 1788، 1789، 2408، 2415، 2609 آل أيوب - ب نو أيوب آل برمك- البرامكة (بنو برمك) آل بويه- بنو بويه آل الجراح 1095 آل جرير بن حازم 647 آل جعفر بن محمد الأشعث الخزامي 1305 آل حام 2134 آل حمدان (آل سيف الدولة) - بنو حمدان آل حمود 124 آل الحميد 260 آل دارم- بنو دارم آل دير الغابون 1044 آل راهبون 1409 آل الربيع بن زياد الحارثي 2122 آل الزبير بن العوام- الزبيريون آل زهرون (الصابئة) 2277 آل زياد 1286 آل ساسان- بنو ساسان آل سامان- بنو سامان (السامانية) آل سليمان 1305 آل سليمان بن علي 931 آل سليمان بن وهب 1523 آل الشبية 1780 آل طاهر- بنو طاهر آل طيسله 805 آل عاتكة 1489 آل عباد (أصحاب اشبيلية) 2637 آل عبد الحميد (اللاحقي) 2651 آل عراق 2334 آل عطية بن عماد 1252 آل عكرمة 2855 آل العميد 413، 1904 آل الفرات- بنو الفرات آل فهر 1179 آل القعقاع 1010 آل مرداس (آل صالح) - بنو صالح- بنو مرداس آل مروان بن أبي حفصة 285 آل المطلب 2409 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3262 آل المغيرة 1480 آل المنجم- بنو المنجم آل المهلب 1219، 1231 آل المقتدر 1394 آل هاشم- بنو هاشم آل يربوع 2786 آل يزيد بن طلحة العنبسيين 802 آل اليزيدي (اليزيديون) 163 أبناء حمدان- آل حمدان الأتراك (الترك) 145، 229، 298، 449، 656، 7462، 783، 896، 1050، 1122، 1905، 1906، 2119، 2181، 2332، 2430، 2579، 2666، 2728، 2841 الأتراك المماليك 1987 الأحداث 2499 الاخباريون 7 الاخشيدية 781 الاراقم 1173، 2142 أرباب الحكايات والشعبذة 1497 أرباب الخطوط 7 الأرمن 1126 الأزارقة 1231، 2253، 2749 الأزد 856، 861، 862، 1011، 1261، 1303، 1465، 1673، 1810، 2151، 2394، 2316، 2416، 2681، 2780 أزد شنودة 2681 الأزد بن الغوث 2678 الأسلميون 2595 الاسماعيلية 236، 2031 الاسماعيليون 2079 أسن (حي من الأشعريين) 293 الأشاعرة (الأشعرية) 389، 2463، 2727 الأشعريون 293، 1701 أصحاب أبي حنيفة 176 أصحاب أبي علي الفارسي 262 أصحاب الأخبار 2398 أصحاب الأصم 2641 أصحاب الأكتاف 1242 أصحاب ثعلب 294 أصحاب الحديث- أهل الحديث- المحدثون أصحاب الرأي 2548 أصحاب الرسائل 7 أصحاب الرسول- الصحابة أصحاب السماجات 667 أصحاب السيرافي 258 أصحاب الشافعي 243، 487، 1516، 1757، 2085، 2402، 2412، 2448، 2548 أصحاب الظاهر 1654، 1657 أصحاب العباء (آل الرسول) 1011 أصحاب القماقم 1957 أصحاب القياس 1657 أصحاب الكهف 111، 1858 أصحاب النحو- النحاة- النحويون أصحاب الهندسة 447 الأصفهانيون- أهل اصفهان أصناف الزيدية 2118 الأطباء 560 الأعاجم- العجم الأعراب (الأعاريب) 253، 254، 771، 805، 874، 1069، 1157، 2246، 2533، 2858 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3263 أعراب البصرة 1311 أعراب الحطمة 1743، 1744، 2126 الافرنج (الافرنجة) - الفرنج الأكاسرة 529 الأكراد 693، 989، 1857، 1902، 2601 الألمان 1126 الامامية 38، 39، 105، 1729، 1731 الأمويون- بنو أمية الأنباط (النبط) 2015 الأندلسيون 464، 473، 739، 740، 773، 1402، 1509، 1648، 1667، 1923، 2124، 2152، 2163، 2479 الأنصار 1602، 1603، 1701، 1818، 2144، 2151، 2398، 2417، 2803 أهل آبة 515 أهل الابلة 524 أهل الأدب (والشعر واللغة) 274، 279، 282، 293، 368، 461، 491 أهل أذربيجان 308 أهل استراباذ 1964 أهل الاسكندرية 1399 أهل أسوان 941 أهل الأندلس- الأندلسيون أهل بغداد- البغداديون أهل ثغر جنزة 2094 أهل جرجان 2060 أهل الجزيرة 2310، 2419 أهل جزيرة ابن عمر 2268 أهل جوبر 1701 أهل جيرون 1059 أهل اصبهان (الأصبهانيون) 263، 409، 663، 682، 703، 724، 733، 1367، 1573، 1754، 2528، 2549 أهل الاعتزال 2462 أهل الإعراب 2453 أهل الافاضة 1289 أهل الأنبار 199 أهل الأهواز 2343 أهل باب الأزج 2178، 2234 أهل باب الشام 522 أهل بادرايا 2239 أهل البادية 423، 1157 أهل بخارى (البخاريون) 90، 620، 2749 أهل برزة 1701 أهل البصرة 409، 523، 627، 647، 757، 847، 971، 1199، 1200، 1255، 1288، 1356، 1407، 1461، 1465، 1487، 1544، 1622، 1704، 1718، 1745، 1858، 1935، 1956، 1966، 2011، 2036، 2057، 2058، 2101، 2125، 2127، 2172، 2236، 2336، 2359، 2537، 2584، 2681، 2706، 2758، 2788، 2815، 2835 أهل بعلبك 1701 أهل بغداد- البغداديون أهل بلاد الأندلس- أهل الأندلس- الأندلسيون أهل بلخ 1071، 1492 أهل البيت (وانظر: آل أحمد) 212، 242، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3264 410، 804، 1284، 1347، 1701، 1731، 1784، 1822، 2338 أهل بيت سوا 1700 أهل بيت لهيا 1701 أهل البيعة 249 أهل الثغر 95 أهل الحجابة 1290 أهل الحجاز 1039، 2144 أهل حران 2239 أهل حرستا 1700 أهل الحرمين 784 أهل الحظيرة 1349 أهل حلب 330، 527، 1444، 1792، 2068، 2069، 2079، 2085 أهل الحلة المزيدية 1249 أهل حمص 81 أهل الحيرة 1478 أهل خراسان 723، 929، 1550، 1677، 1678، 2256، 2347، 2400 أهل خوارزم 1016، 2846 أهل خيبر 386 أهل دانية 1182 أهل الذمة 336، 1633 أهل الرقة 1794 أهل الرملة 518 أهل الرأي 1272 أهل الرستاق (من برا البلد) 2331 أهل الرفادة 1290 أهل الري 1723، 1725 أهل زاوطا 1551 أهل زبدين 1700 أهل زبيد 618 أهل زنجان 1830 أهل زوزن 631 أهل سرّ من رأى 1479، 2471 أهل السقاية 1290 أهل سمرقند 679 أهل السنة 234، 393، 787، 1731، 2427، 2463، 2615، 2643، 2736، 2758 أهل السواد 77، 675، 2108 أهل الشاش 2402 أهل الشام 9، 474، 679، 914، 1238، 1532، 1604، 1812، 1854، 2441، 2457، 2493، 2537، 2763، 2792، 2815 أهل شيراز 927، 1642 أهل صناعة الكلام 279 أهل صور 391 أهل الطالقان 662 أهل الطائف 458 أهل طبرستان 2462 أهل طرسوس 96 أهل طليطلة 2778 أهل الظاهر 1651 أهل العدل والتوحيد 671، 2583 أهل العراق (العراقيون) 90، 260، 772، 877، 1727، 1948، 2441، 2771 أهل عسكر مكرم 1622 أهل العطارين 2860 أهل العقيق 1445 أهل غرناطة 1182 أهل فارس 275 أهل فذايا 1700 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3265 أهل فسا 1511 أهل القرآن 1922، 2405 أهل قرطبة 268، 1368، 2434 أهل قرية البلاط 1700 أهل قرية الحميريين 1700 أهل قم 199، 255، 293، 1259، 1284 أهل القيروان 862 أهل الكرخ 1633، 1884 أهل كفر بطنا 1700 أهل الكلام 596 أهل الكوفة 370، 552، 560، 725، 799، 861، 1219، 1256، 1328، 1363، 1415، 1474، 1476، 1738، 1740، 1745، 1844، 1858، 1966، 2062، 2125، 2127، 2231، 2232، 2300، 2419، 2457، 2474، 2486، 2488، 2537، 2572، 2584، 2598، 2674، 2790، 2792، 2814، 2815 أهل المأمونية 2234 أهل المخرم 2473 أهل المدينة 1217، 1253، 1325، 1386، 1858، 2061، 2147، 2398، 2399، 2419، 2457، 2598 أهل مدينة السلام 2458 أهل مرو 1959، 2099، 2358 أهل المشرق 2551، 2667 أهل مصر 400، 468، 555، 559، 800، 807، 941، 1177، 1481، 1644، 1673، 1729، 1771، 2441 أهل المعرة 298، 819، 1122، 2287 أهل المغرب 1212، 1629، 1705، 2551 أهل مكة 462، 1545، 1832، 2217، 2238، 2537 أهل المنطق 1548 أهل مورور 802 أهل الموصل 590، 794، 1577، 1757، 2715 أهل ميافارقين 842 أهل ميسان 2133 أهل الندوة 1290 أهل نسا 1948 أهل نصيبين 746 أهل النعمانية 1460 أهل النهروان 1390 أهل نيسابور 526، 633، 1027، 1570، 1869، 1798، 2347، 2829 أهل النيل 2487 أهل هراة 2198 أهل همذان 418، 825، 2525 أهل واسط 170، 803، 1553، 1637، 1769، 2263، 2350 أهل ودان 2752، 2753 أهل اليمن 2140 الأوس 1325، 2709 أولاد الصابىء 483 أولاد كعب 533 أولاد مأمون 2334 الأئمة الاثنا عشر 1036 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3266 (ب) باهلة 25، 64، 750، 2177، 2709، 2828 بجيلة 744، 856، 1443 البراجم 2788 البرامكة 466، 600، 617، 667، 1019، 1033، 1047، 1382، 1492، 1567، 1573، 1631، 1745، 2004، 2244، 2254، 2583، 2757، 2809 البراهمة 303 البربر (البرابر) 674، 1050، 1604، 1706 البريديون 218، 983، 1784، 2309 البصريون (النحاة، العلماء) 9، 90، 206، 258، 451، 469، 540، 542، 551، 731، 819، 1407، 1673، 1746، 1779، 1844، 2157، 2198، 2308، 2453، 2487، 2490، 2530، 2535، 2539، 2682، 2813، 2840 بطارقة الروم 1099 البغداديون (أهل بغداد علماء .... ) 190، 226، 237، 320، 530، 622، 625، 663، 879، 1165، 1243، 1259، 1274، 1375، 1499، 1579، 1604، 1643، 1684، 1702، 1756، 1892، 1941، 1986، 1987، 2048، 2290، 2304، 2348، 2499، 2556، 2772، 2814 البقالون 1829 بكر بن وائل 1291 البلجيك 1126 بلعدوية 1556 البلغار 1050، 1126 بليّ 2022 بنا ت الأصفر 1721 بهراء 1173 بيت الشجري 2775 البيت الموفقي 2427 البيلقان (قوم أو بلد) 1050 بنو آدم 967 بنو أبي بكر ابن كلاب 4133 بنو أبي جرادة 2069 بنو أبي صفوان 1050 بنو أبي طالب 1881 بنو أذينة 1556 بنو الأزرق الكتاب 820 بنو أسد 546، 815، 1195، 1327، 1328، 1363، 1474، 1738، 2780، 2792، 2813 بنو أسد بن خزيمة 1157 بنو أسد الكوفة 1738 بنو اسرائيل 110، 257، 364، 2272، 2417، 2418، 2610، 2780 بنو أسلم 2780 بنو أشجع 856 بنو الأصفر 1234، 2013 بنو أصمع 2336، 2828 بنو أطحل 2142، 2143 بنو أعصر بن سعد بن قيس 2107، 2108 بنو ألهان 410 بنو أمية 71، 327، 367، 565، 724، 755، 1178، 1186، 1195، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3267 1202، 1205، 1241، 1333، 1341، 1369، 1458، 1525، 1656، 1709، 1785، 1854، 2015، 2135، 2149، 2233، 2374، 2410، 2439، 2456، 2672، 2732، 2792 بنو اياد 1004، 1465، 2780 بنو أيوب (صلاح الدين) 637، 974، 1087، 2670 بنو بدر 331، 1010، 2228 بنو بزال (نزال) 2279 بنو بكر بن وائل 1201، 1215، 1729 بنو بكيل 810، 1769 بنو بويه (آل بويه) 131، 158، 459، 494، 506، 1405، 1955، 2181، 2236 بنو تغلب بن وائل 631، 1013، 1173، 1174، 1302، 1465، 1709، 1732، 2245 بنو تميم 69، 255، 362، 661، 914، 915، 975، 1010، 1187، 1198، 1234، 1342، 1374، 1432، 1442، 1738، 2143، 2532، 2650، 2780، 2786، 2788، 2792 بنو تومرت 2028 بنو تيم بن مرة 806، 1282، 1289، 1291، 1382، 2732 بنو تيم الرباب 2704 بنو تيم عدي 2142 بنو تيم قريش 2704 بنو تيم الله 1219، 2142 بنو ثعل 591، 947، 1111، 2438، 2660، 2790 بنو ثوابة 438، 440، 441، 667 بنو ثور 2142 بنو ثور أطحل 2143 بنو جبيل 1248 بنو جذيمة بن علي بن الديل 1341 بنو جذيمة بن مالك 1474 بنو الجراح 1104 بنو جرم 77، 2839 بنو جرم بن زبان 1442 بنو جرير بن عباد 38 بنو جشم بن بكر 2142، 2276 بنو جعفر بن كلاب 1129 بنو جفنة 1011 بنو جمح 1291 بنو جهينة 1556 بنو الحارث بن كعب 856، 1020، 2122، 2123، 2789 بنو حام 377 بنو حرام 2202 بنو حرب (بنو أمية) 1881 بنو حرب السلمي 2829 بنو الحرماز 931 بنو حسل بن عامر بن لؤي 1385 بنو الحسن 1499 بنو الحسين 466 بنو حمدان (آل حمدان) 40، 796، 934، 978، 1013، 1031، 1210، 1343، 1356، 1394 بنو حمدون 168 بنو حنظلة 1290 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3268 بنو حنيفة 250، 856، 1002، 2781 بنو حيي 1230 بنو خزاعة 1857، 2780 بنو خشين 2515 بنو خفاجة 1504 بنو خلف 1291، 2192 بنو دارم 1004، 2786 بنو دحية 465 بنو دوس 2780 بنو الديل 1471 بنو ذبيان 2514 بنو ذهل 2792 بنو ذهل الأصغر 1289 بنو ذهل الأكبر 1249 بنو ذهل بن ثعلبة 2790 بنو ذهل بن شيبان 2088 بنو راسب 1345 بنو ربيعة 656، 856، 1289، 1465، 1599، 1631، 1854، 2337، 2780، 2787، 2792 بنو ربيعة الجوع 1641 بنو ربيعة الفرس 811، 2204 بنو رزين 2259 بنو رضوان التاجر 1829 بنو رعل 410 بنو ركن الدولة 1394 بنو رواحة 317 بنو رياش 1483 بنو زريع 944 بنو زكار (حي من الأشعريين) 293 بنو الزهراء (فاطمة- الفاطميون) 1119 بنو زهرة 1290، 2414 بنو زهمويه الكتاب 2239 بنو زياد 2837، 2838 بنو ساسان 672، 1924، 2799 بنو ساعدة 1276 بنو سامان (السامانية) 90، 664، 888، 894، 2186 بنو سدوس 757، 1279 بنو سدوس شيبان 811 بنو سعد 2132 بنو سعد بن زيد مناة 856، 915، 1249، 1290، 1412 بنو سليم 107، 410، 1096، 1290، 1474 بنو سهم 1291، 2732 بنو سواءة بن عامر بن صعصعة 196 بنو شادي 1566 بنو شكلة 1556 بنو شهيد 261 بنو شيبان 535، 552، 625، 856، 1237، 1289، 1585، 1709، 1877، 2781، 2790 بنو صاعد 2213 بنو صبير بن يربوع 2648، 2650 بنو صدقة 1688 بنو الصوفي 580 بنو ضبة بن أد 102، 104، 175، 258، 856، 1465، 1810، 2142، 2246، 2793 بنو طابخة 2780 بنو طاهر 72، 1493، 2139، 2682 بنو طاهر (أصحاب مرسية) 282 بنو الطفاوة 1345 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3269 بنو طهية 1556 بنو طولون 560 بنو طيء- طيء (بنو) عامر بن صعصعة 1120، 1811، 2030، 2090، 2721، 2749 بنو عامر بن عقيل 1249 بنو عامر بن كلاب 1630 بنو عامر بن لؤي 1291 بنو عبادة 2749 بنو العباس 81، 111، 203، 382، 529، 747، 940، 1063، 1133، 1178، 1327، 1458، 1501، 1785، 1823، 1881، 2013، 2019، 2054، 2079، 2118، 2234، 2305، 2439، 2456، 2464، 2677، 2733، 2772 بنو عبد الدار 1290، 1465 بنو عبد الرحيم الوزراء 851، 1850 بنو عبد شمس 1232، 1290، 1291، 1709، 2410 بنو عبد العزى 1290 بنو عبد الله 1300 بنو عبد الله بن غطفان 165 بنو عبد الله بن موسى (من بني جرادة) 2075 بنو عبد المدان الحارثيون 1302، 2791 بنو عبد المطلب 2482 بنو عبد المؤمن 2551 بنو عبد الواحد 848 بنو عبدود 856 بنو عبس 1011، 2630 بنو عجل 560، 565، 2142، 2362، 2786، 2855 بنو عدوان 856 بنو عدي 856، 1291، 2658، 2761، 2827 بنو عدي بن كعب 430 بنو العديم 2069 بنو عذرة بن سعد بن هذيم 104، 1582 بنو عرينة 1556 بنو عقيل 165، 765، 1095، 1641، 2069، 2070 بنو عكل 775، 2142 بنو عليم 1248 بنو العمّ- مرة بن مالك بن حنظلة 174، 975 بنو عمرو (من تغلب) 1174 بنو عمرو بن تميم 2000 بنو عمرو بن مالك 1453 بنو عمرو بن يربوع 1346 بنو العميد 1888 بنو عمير 2749 بنو العنبر 2000، 2256 بنو عنزة 2142 بنو العوام 1186، 1241 (وانظر: الزبيريون) بنو عوف بن وائل 775 بنو غاضرة (الغاضريون) 799، 800 بنو غامد 1011 بنو غزية 2780 بنو غسان 941، 1167 بنو غطفان 2709 بنو غني 2107 بنو غيلان 1224 بنو فاطمة- أهل البيت 410 بنو الفرات 785، 786، 1358 بنو فراص 1252 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3270 بنو فزارة 1170، 2781 بنو فقعس 2533 بنو فهر 2364 بنو فهم 310، 856 بنو قشير 1011 بنو القين 856 بنو كعب 1249 بنو كلاب 608 بنو كلب 1195، 1241، 2134، 2136، 2780، 2792 بنو كليب 1246، 1247، 1828، 2787 بنو كنانة 856، 1631، 2134، 2147، 2752، 2780 بنو لحيان بن هذيل 1843 بنو اللقيطة 2088 بنو مارمة 52 بنو مازن 759، 1011، 2000، 2681، 2708 بنو مازن تميم 801، 795، 914 بنو مازن ربيعة 759 بنو مازن شيبان 757 بنو مازن قيس 759 بنو مازن اليمن 759 بنو مجاشع بن دارم 1004، 1300، 1374، 2787 بنو محارب بن خصفة 856، 2250، 2733 بنو مخزوم 856، 1291، 1305، 2118، 2142 بنو مذحج 256، 2491 بنو مرّ بن أدّ 104 بنو مرداس (بنو صالح) 591، 1120، 1122، 1128، 2028 بنو مرة بن عوف 165 بنو مروان 2233، 2755 بنو مزيد 1968، 2362 بنو مزينة 856، 1011، 1556 بنو مسمع 550، 1829 بنو مطر 1403 بنو المطلب بن عبد مناف 1290، 2410 بنو معد 966 بنو معز الدولة 1394 بنو معية العلويون الحسنيون 23849 بنو المغيرة 1291 بنو منقذ 572، 581 بنو المنجم 706، 1994، 2008، 2048، 2763 بنو المهلب (المهالبة) 750، 1215، 1241، 1709، 2051، 2151، 2237 بنو ناجية 1856، 2253 بنو ندبة 1556 بنو نصر بن قعين 1010، 1018 بنو النمر بن قاسط 123، 165، 1631 بنو نمير 856، 1828، 2093 بنو نهد 1323 بنو نهشل 856، 2785، 2787 بنو نهم 69 بنو نوفل بن عبد مناف 1290، 2273، 2410 بنو هاشم 129، 228، 230، 270، 284، 361، 407، 419، 430، 557، 622، 758، 931، 932، 1178، 1290، 1304، 1384، 1407، 1585، 1623، 1631، 1668، 1935، 2107، 2149، 2176، 2198، 2337، 2398، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3271 2406، 2410، 2481، 2499، 2530، 2608، 2610 بنو الهجيم 2000 بنو هذيل 412، 416، 856، 1250، 1276، 1470، 1598، 1622، 2138، 2395، 2402، 2403، 2409 بنو هلال 69 بنو هلال (الصابئون) 156 بنو هوازن 1290 بنو وهب 1020 بنو يحصب 1532 بنو يربوع 856، 1345، 2650 بنو يزداذ 1612 بنو يشكر 856 (ت) التابعون 387، 605، 622، 747، 860، 1312، 1465، 1475، 1532، 1570، 1627، 1976، 2272، 2442، 2450، 2453، 2457، 2460، 2749، 2758، 2802 تابعو أهل الشام 1238 تابعو التابعين 2457 التبابعة 2780 التجار 1709، 1868 تجار الهند 635 التجار الواسطيون 1693 الترك- الأتراك التركمان 450 التنّاء 180، 1356، 1623، 1906 التنانيريون 517 تنو خ 174، 295، 296 (ث) ثقيف 1856، 1857، 2141 ثمالة 2681، 2682 ثمود 2780 (ج) الجالية 1227 الجاهليون 1873 جديس 2780، 2803 جذام 104، 1186، 1228 جرش (قبيلة) 1186 جرهم 69، 2780، 2390 الجعفريون 1602 الجلاوزة 2247 الجند المرتزقة 2733 جيلان 1050 (ح) الحارثيون 2789 الحبشة (الأحباش) 1706 الحجازيون 9 الحرورية الخوارج 1628 الحسّاب 560 الحلبيون- أهل حلب الحمادون 1196، 1197 الحمراء 1466، 1467 الحمس 2709 حمير 810، 862، 1011، 1137، 1167، 1639، 2668، 2780، 2837 الحنابلة 121، 384، 389، 1495، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3272 1501، 2443، 2450، 2586 الحنابلة المتفقهة 866 الحنفية 1027 (خ) الختلية 1073 الخراسانيون (الخراسانية) 9، 254، 461، 622، 705، 884، 1272، 1902 الخريميون 594 الخ ز ر 1126، 2579 الخزرج 1325، 2709 الخصيان 1709 خضّم بن عمرو بن تميم 661 الخطائية 17464 الخلديون 1040 الخلفاء الراشدون (المهديون) 1961، 2456 الخمّارون 1708 خندف 1342، 1556 الخوارج 28، 1288، 1410، 1628، 1629، 1706، 1810، 1811، 1856، 2135، 2176، 2253، 2463، 2499، 2704، 2749، 2792، 2794 الخوارج الأباضية 93، 2705 خوارج البحرين 2709 خوارج اليمامة 2709 الخوارزمشاهية 1960 (د) الدباغون 1460 دعاة بني العباس 2677 الدمشقيون 1151 الدهاقين 270، 625، 1781، 2016، 2844 الدولة المصرية (الفاطمية) 2271 الديلم 137، 178، 705، 888، 1405، 1732، 1824، 1893، 1894، 1895، 1897، 1902، 1903، 1904، 1905، 2181، 2289، 2292 الديلمان 105 (ر) الراذان 451، 2291 الرازيون 663، 1642 الرافضة (الروافض) 65، 108، 325، 438، 697، 1701، 2015، 2118، 2463، 2464، 2794 الرباب 1248، 1465، 2142 الرزازون 646 الرفاؤون 1343 رقيق اليمامة 228 الروزيّون 1356 الروس 1126 الروم 261، 298، 319، 337، 434، 443، 470، 532، 591، 749، 1050، 1099، 1100، 1122، 1234، 1242، 1477، 1572، 1706، 1748، 1773، 2144، 2155، 2203، 2341، 2456، 2545، 2719، 2722، 2800 الرياحيون 2650 الريحانيون 1515 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3273 (ز) الزبيريون (آل الزبير) 26، 1601، 2395، 2533 الزط 2415 الزفانون 172 الزنج 674، 1483، 1484، 1748، 2190 الزيدية (فرقة) 182، 664، 698، 1326، 1731 الزينبيون 2242 (س) السامانية- بنو سامان السرّاجون 1749 السريان 1405 السغد (قوم) 1254 سغد سمرقند 2498 السكاسك 249 السلجوقية 1391، 1778 السلجوقية الغز 168 (ش) الشافعية (الشافعيون) - أصحاب الشافعي الشاميون- أهل الشام الشراة 1328، 2093، 2497 الشرط 2792 شرط البصرة 2294 الشطار 1040، 2120 الشعراء الاسلاميون 2583، 2584، 2752 شعراء الأمويين 2732 الشعراء الجاهليون 2583، 2584 شعراء الدولة العباسية 1481 الشعراء المحدثون 1526 الشعراء المخ ض رمون 2583، 2584 شعراء المصريين 1736 شعراء المغرب 1517 الشعراء المولدون 27463 الشعوبية 21746 الشيعة 120، 249، 293، 1027، 1048، 1284، 1285، 1373، 1465، 1505، 1731، 1785، 1854، 2298، 2316، 2435، 2643 شيعة بني العباس 529 شيعة بني هاشم 1785 (ص) الصابئون 15، 292، 908، 2112 الصاغة 1788 الصالحية 1731 الصحابة 249، 279، 386، 387، 605، 645، 724، 725، 747، 753، 804، 860، 888، 1024، 1048، 1219، 1263، 1323، 1505، 1699، 1810، 1824، 2400، 2401، 2442، 2450، 2453، 2456، 2459، 2460، 2463، 2464، 2792 الصقالبة 1050، 1191، 1706 صنهاجة 741 الصوفية 242، 941، 1422، 1550، 1551، 1570، 1924، 2269، 2736 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3274 (ض) الضباب 856، 2781 ضبيعة 1413 ضبيعة أضجم 2390 (ط) الطالبيون 111، 194، 466، 559، 655، 1447، 1687، 1708، 1855، 1983 الطائيون- طيء الطرقية 2832 طسم 2780، 2803 الطفيليون 1708، 2119 طيء 165، 856، 1011، 1213، 1865، 2790 (ع) عاد 2780 العاصميون 2151 العباسيون- بنو العباس عبد شمس 2118 عبد القيس 1004، 1329، 1377، 1466، 1819، 1857، 2099، 2100، 2845 العثمانية (فرقة) 2118 العثمانيون 430 العجم (الأعاجم) 12، 37، 129، 279، 284، 449، 450، 506، 552، 581، 616، 857، 1037، 1043، 1069، 1168، 1206، 1238، 1309، 1366، 1409، 1466، 1467، 1583، 1590، 1593، 1632، 1673، 1684، 1686، 1706، 1858، 2112، 2119، 2226، 2583، 2586، 2657، 2792، 2825، 2857 عدنان (العدنانية) 2118، 2683 عدوان بن قيس عيلان 2836 العراقيون- أهل العراق العرب 12، 17، 33، 37، 38، 58، 67، 111، 122، 171، 182، 183، 184، 231، 259، 267، 279، 284، 290، 337، 343، 349، 362، 445، 449، 450، 460، 466، 495، 532، 538، 547، 548، 552، 553، 581، 616، 620، 627، 661، 744، 762، 765، 766، 773، 799، 800، 815، 819، 821، 822، 825، 855، 857، 858، 878، 888، 893، 896، 898، 904، 917، 975، 1004، 1031، 1034، 1036، 1037، 1095، 1129، 1160، 1163، 1168، 1169، 1173، 1178، 1187، 1190، 1202، 1204، 1217، 1223، 1225، 1231، 1235، 1238، 1246، 1252، 1255، 1256، 1260، 1261، 1262، 1263، 1264، 1270، 1276، 1277، 1288، 1289، 1309، 1310، 1319، 1321، 1323، 1325، 1342، 1352، 1360، 1361، 1364، 1366، 1369، 1380، 1383، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3275 1386، 1387، 1409، 1417، 1420، 1443، 1444، 1466، 1471، 1476، 1479، 1483، 1507، 1525، 1539، 1580، 1583، 1584، 1590، 1591، 1593، 1630، 1631، 1632، 1645، 1648، 1673، 1686، 1690، 1706، 1738، 1745، 1746، 1801، 1810، 1818، 1822، 1831، 1857، 1858، 1961، 2000، 2005، 2006، 2022، 2099، 2101، 2106، 2107، 2112، 2119، 2123، 2125، 2132، 2143، 2150، 2166، 2176، 2177، 2179، 2188، 2204، 2213، 2226، 2246، 2257، 2258، 2302، 2319، 2321، 2329، 2353، 2365، 2395، 2397، 2403، 2435، 2436، 2468، 2483، 2486، 2490، 2491، 2517، 2518، 2531، 2540، 2556، 2572، 2583، 2618، 2632، 2657، 2674، 2679، 2684، 2702، 2704، 2705، 2706، 2707، 2708، 2709، 2711، 2758، 2759، 2760، 2775، 2777، 2779، 2780، 2781، 2786، 2789، 2790، 2791، 2792، 2813، 2814، 2825، 2828، 2836، 2842، 2851، 2856، 2857، 2858، 2859 عرب الصعيد 2636 العرب العاربة 656 العروضيون 1548 العزاقرية 111 عسكر الأعاجم 517 العطارون 2238 العلويون (العلوية) (الفاطميون) 65، 167، 294، 382، 391، 407، 691، 701، 800، 808، 1094، 1514، 1881، 2022، 2062، 2300، 2396 العمال 18 العمالي ق 2780 العمريون 430 عنس مذحج 1011 العيارون 223، 1851 (غ) الغالية 2794 الغز 961 غلمان بني طولون 560 الغلمان المغنون 1709 (ف) الفرّاشون 2500 فراهيد اليمن 1261 الفرس 24، 70، 105، 250، 495، 675، 820، 896، 1094، 1221، 1260، 1261، 1312، 1365، 1366، 1574، 1631، 1705، 1753، 2016، 2119، 2456، 2583، 2709، 2792، 2800 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3276 فرسان طرسوس وم ل طية 254 الفرنج (الافرنج، الافرنجة) 297، 301، 583، 1087، 1126، 1209، 1563، 2031، 2079، 2717 الفقراء (الزهّاد) 1689 الفلاسفة 259، 274، 279، 1335، 1448، 1896، 1924، 2813 فلاسفة الهند 1400 الفولاذريدية 690 (ق) القارة 2660 قحطان (القحطانية) 810، 862، 1037، 1187، 2118، 2684 القدرية 94 القراء 7، 233، 457، 520، 1476، 1665، 1738، 2273، 2454، 2455، 2474، 2498، 2501، 2504، 2505، 2536، 2827، 2842 قراء البصرة 2454 القراء السبعة 1443، 1532، 1544، 1545، 1738 قراء الشام 2454 القراء العشرة 2842 قراء الكوفة 2454 قراء المدينة 2454 قراء مكة 2454 القرامطة 191، 192، 2288، 2322، 2678 قريش (القرشيون) 21، 111، 621، 430، 757، 1159، 1213، 1232، 1238، 1288، 1289، 1290، 1291، 1322، 1417، 1443، 1546، 1656، 1701، 1810، 1855، 1856، 2061، 2133، 2147، 2190، 2285، 2368، 2374، 2398، 2402، 2409، 2414، 2417، 2457، 2709، 2780، 2781، 2786، 2792، القزوينيون 1642 القصابون 1829 القصّاص 190، 386 قضاعة 1173، 1582، 2022، 2780 القنابلة (قوم) 2238 قناقة (قبيلة) 1248 القوط 2594 قيس 362، 1186، 2107، 2786، 2781 قيس بن ثعلبة 2142، 2781، 2858 قيس عيلان 660، 2341، 2780 (ك) الكتّاب 7، 71، 90، 102، 124، 144، 179، 186، 436، 437، 455، 470، 500، 501، 533، 557، 560، 561، 562، 563، 565، 635، 637، 651، 656، 663، 664، 665، 691، 713، 740، 788، 940، 941، 957، 989، 1091، 1281، 1536، 1633، 1636، 1642، 1675، 1724، 1750، 1778، 1839، 1865، 1934، 2005، 2006، 2033، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3277 2103، 2203، 2304، 2305، 2434، 2484، 2558، 2568، 2576، 2706 كتاب الانشاء 1586، 1723، 2523 كتاب الجيش 1244 كتاب الدواوي ن 2470 كتّاب المأمون 2007، 2129 كتاب المهدي 2100 كتاب النصارى 1714 الكرامية 2586، 2590 الكرخيون 792 الكلابية 1575 الكملة 1011 الكناسون 971 كندة 744، 1249، 2780، 2849 الكوفيون (العلماء، النحاة، ... ) 9، 90، 149، 206، 258، 294، 451، 469، 540، 542، 546، 551، 705، 771، 779، 889، 1401، 1526، 1578، 1643، 1746، 1747، 1779، 2063، 2157، 2198، 2307، 2308، 2452، 2453، 2486، 2487، 2503، 2530، 2535، 2539، 2572، 2615، 2679، 2682، 2736، 2813، 2840، 2841 الكيلجوج (قوم) 1050 (ل) اللاعبون بالقرود والدباب 1495 لخم 104، 1289، 1544 اللغويون 7، 551 اللهازم (قبائل) 2142 (م) الماذرائيون 808 المبتدعة 389 المتصرفون 180 المتصوفة- الصوفية المتفلسفون- الفلاسفة المتكلمون 325، 389، 1492، 1896 المتكلمون المعتزلة 664 المجبرة 1493، 2330 المجوس 155، 337، 514، 918، 1312، 2015، 2532 المحدثون (الشعراء) 78، 302، 331، 543، 717، 741، 793، 887، 1157، 1221، 1357، 1378، 1514، 1534، 1561، 1873، 1879، 2244، 2584، 2604 المحدّثون 164، 202، 268، 359، 367، 384، 389، 390، 396، 419، 420، 551، 634، 746، 747، 750، 763، 784، 824، 833، 839، 929، 937، 1206، 1275، 1321، 1386، 1422، 1423، 1465، 1478، 1496، 1536، 1545، 1699، 1835، 1845، 1846، 2200، 2271، 2403، 2405، 2420، 2447، 2451، 2463، 2474، 2479، 2548، 2556، 2583، 2596، 2681، 2750، 2758، 2792 المخضرمون 1167، 1222، 1275، 1873 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3278 مخضرمو الدولتين 1178، 1197، 1205، 1282، 1309، 1311، 2733، 2826، 2852 المخنكرون 214 المدينيون- أهل المدينة مراط ة (حي من الأشعريين) 293 المراوزة 2401 المرجئة 2795 المشايخ الاسماعيلية 2166 مشايخ نيسابور 2297 المشبهة 2118 المشعوذون 1495 المصريون (الفاطميون) 9، 294، 333، 516، 637، 942، 946، 1442، 1510، 1511، 1563، 1604، 1611، 1971، 2072، 2079، 2440 مضر 430، 656، 660، 1195، 1284، 1290، 1384، 1854، 2023، 2107 المطربون 1612 المعتزلة 369، 693، 720، 854، 1252، 1319، 1491، 1492، 1548، 1575، 1786، 1826، 1924، 2102، 2116، 2118، 2463، 2505، 2542، 2582، 2646، 2648، 2650، 2794 معدّ 313، 1187، 2369 المعلمون 275، 1495، 1506، 2118 المغاربة (المغربيون) 9، 1612، 2204، 2223، 2667 المغنون 292، 1386، 2120، 2286، 2584 المغنيات 2584 المكدّون 1040 الملاحون 377، 1848، 1849 الملثمون 2551 ملوك الطوائف 2456 ملوك الطوائف (بالأندلس) 2637 المماليك الأتراك 1333، 2375 المنافقون 1854 المنجمون 560، 1508، 1883، 2078، 2295، 2333، 2421 المهاجرون الأولون 1472 المهاجرون 1602، 1603، 1818 المهالبة- بنو المهلب موالي اليمن 623 الموحدون 2551 المؤدبون 361، 1738، 1869 المؤرخون 7 المولدون 1610 الميكالية 724 (ن) ناقلة سامرا 526 النبط 2006 النجيرميون 768 النحاة البصريون 1374، 2684، 2850، 2851 نحاة بغداد 1497 نحاة سجستان 571 نحاة القيروان 171 نحاة الكوفة 761، 1400 نحاة مصر 199، 206، 739، 2845 نحاة المعتزلة 1028، 2542 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3279 النحويون (النحاة) 5، 6، 7، 9، 58، 70، 369، 551، 570، 638، 750، 759، 763، 766، 900، 1423، 1465، 1466، 1558، 1595، 1748، 1770، 1826، 1828، 1933، 1976، 2254، 2308، 2452، 2472، 2473، 2685، 2698، 2758، 2851 النخاسون 2616 نزار (نزار بن معد) 1128، 1157، 1222، 1878، 2780 النسابون 7، 1453، 1514، 2837 النصارى 10، 19، 154، 337، 427، 514، 735، 637، 638، 719، 946، 1176، 1288، 1535، 1572، 1714، 1865، 2118، 2420، 2692، 2693، 2772، 2849 النواقل 1574 (هـ) الهاشميون- بنو هاشم الهباريون 1738 الهذليون- بنو هذيل همدان (قبيلة) 68، 410، 1011، 1038 الهميسع بن حمير 1037 الهنود 896، 1050، 2430 هوازن 1010 الهون (قبيلة) 1465 (و) الواسطيون 1274، 1775، 1776، 2447 الوراقون 7، 275، 1071، 1336، 1713، 1719، 1788، 1933، 2101، 2397، 2468، 2814 الوعاظ 386 (ي) اليزيديون 160، 2178 يعرب بن قحطان 1167 اليمنيون 9، 1195، 1854، 1878، 2780، 2838 اليهود 154، 337، 386، 514، 683، 858، 1182، 1341، 1572، 1657، 1701، 2119، 2399، 2420 يهود خيبر 336 اليونانيون 896، 897، 898، 899، 900، 1050، 1261 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3280 10- فهرس الأماكن (أ) آبة 515 آذرباذ 2015 آمد 290، 318، 356، 841، 842، ؟؟؟ 88، 1062، 1681، 1689، 1736، 2205 آمل 726، 2543 آمل طبرستان 2445 أبر شهر (نيسابور) 1782 الأبلة 524، 1327، 1413، 1857 أبهر 662 أبو قبيس 1795، 2341 ابيض المدائن 2799 أبيورد 1698، 2360، 2361 الأثارب 1209، 1210 أثاية العرج 1322، 1323 أجدابية 51 الأجيفر 1020 أحد 1216 أخسيكث 514، 515 الأخشبان 1795 ادفو 2570 أذربيجان 308، 888، 915، 972، 2591، 2661، 2740 أرجان 523، 594، 1784، 1872 أردبيل 194، 195 أردستان 2297 الأردن 587، 1637 الأرزة 2625 إرم ذات العماد 69 أرمينية 730، 1857، 1907، 2485 اسبيجاب (اسفيجاب) 774، 2531 استراباذ 180، 1964 استوى (مدينة) 508 استوناوند (قلعة) 181، 1895 أسد أباذ 670 أسعرت (ب لد) 1695 اسفرايين 463، 691، 1984، 1985، 2524 إسكاف (بلد) 1514 الاسكندرية 402، 515، 632، 742، 790، 941، 945، 1087، 1399، 1563، 1604، 1607، 1792، 2064، 2690، 2751، 2815 أسنا 2743 أسوان 326، 400، 941، 2570 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3281 اسيجان 128 أسيوط 635 اشبيلية 735، 736، 1194، 1367، 1534، 1655، 1969، 2519، 2521، 2551، 2593، 2637، 2667، 2848 اشنا 1377 اشنان (محلة) 1377 أصبهان 105، 128، 130، 179، 180، 194، 227، 233، 263، 264، 309، 409، 419، 506، 556، 573، 584، 618، 664، 680، 682، 683، 690، 703، 704، 706، 708، 720، 724، 733، 782، 825، 830، 836، 874، 912، 913، 915، 918، 1028، 1062، 1073، 1074، 1075، 1107، 1217، 1307، 1367، 1381، 1388، 1390، 1391، 1408، 1443، 1536، 1573، 1574، 1682، 1702، 1731، 1753، 1754، 1886، 1887، 1893، 1895، 1898، 1899، 1902، 1976، 1977، 1987، 2156، 2181، 2297، 2310، 2311، 2355، 2361، 2436، 2438، 2528، 2549، 2578، 2623، 2644، 2816، 2819، 2849 اصبهان القديمة 1698 اصطخر 678، 1329، 1656 إضم 415، 1111 أطحل (جبل) 2143 اطرابلس 1605، 1756 اطرابلس (برقة) 748 اعزاز 2484 أعمال الفرات 2660 افريقية 51، 1182، 1254، 1277، 1372، 1388، 1601، 2136، 2599، 2636، 2643، 2859 أفشنة 1071 الافشولية (ناحية) 803 أقذار 2075 اقريطش 230 الأقصى 2656 اقليم بابل 1705 اقليم الزاوية 1651 المرية 509، 769، 1388، 1534، 2164، 2637 الألوس 1451، 2737 ألوطة (الأندلس) 1605 أناب 2484 الأنبار 188، 189، 196، 199، 396، 451، 1095، 1283، 1548، 1555، 1850، 2004 أندرابه (موضع) 1551 الأندلس 268، 282، 464، 467، 468، 473، 508، 509، 623، 731، 739، 740، 746، 747، 748، 769، 773، 774، 781، 816، 1148، 1164، 1182، 1211، 1213، 1335، 1342، 1367، 1368، 1369، 1379، 1388، 1402، 1439، 1441، 1442، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3282 1449، 1480، 1509، 1517، 1527، 1534، 1535، 1584، 1601، 1603، 1604، 1611، 1648، 1650، 1651، 1653، 1656، 1667، 1720، 1808، 1830، 1923، 2116، 2117، 2124، 2152، 2163، 2164، 2188، 2273، 2479، 2519، 2531، 2539، 2592، 2593، 2598، 2599، 2600، 2637، 2647، 2667، 2676، 2712، 2796، 2850 انطاكية 530، 1209، 1872، 2028، 2425، 2655، 2800 أنقوريا 2006 الأهرام 101 الأهواز 51، 72، 174، 189، 196، 375، 693، 695، 700، 721، 776، 850، 889، 916، 919، 980، 987، 993، 1093، 1266، 1375، 1857، 1872، 1873، 1947، 1987، 1996، 2055، 2280، 2282، 2283، 2343، 2560، 2612، 2650 أورم الكبرى 2075 أونبة 1651، 1652 أيام بني حنيفة 2781 أيام قيس بن ثعلبة 2781 إيذج 1075، 1646، 1872، 2175 الايغارين 2280 ايوان كسرى 948، 2799 (ب) باب ابراهيم (الحرم) 2034 باب أبرز 778، 1391، 1835، 2356، 2567، 2599 باب الأحنف (جامع البصرة) 1327 باب الأزج (بغداد) 226، 357، 957، 1666، 2178، 2234، 2239 باب الأنبار (بغداد) 41 باب انداره 1605 باب انطاكية 1792 باب البدرية 1447 باب البريد 2625 باب التبن (بغداد) 1014، 1423 باب ت يره 2361 باب الجسر (بغداد) 2060 باب جنيد (نيسابور) 1508 باب الحديد (بغداد) 537، 1526 باب حرب (بغداد) 224، 630، 1496، 2259، 2260 باب الخيل (قصر ابن طولون) 558 باب ذريه (محلة باصفهان) 704 باب زوپلا 126 باب الشام (بغداد) 282، 285، 286، 522، 536، 885، 1561، 1631، 1943 باب الشعير (بغداد) 1802 باب الشماسية 991 باب شير (الري) 679 الباب الصغير (دمشق) 91، 872، 2625 باب الصوارف (عسقلان) 1989 باب الطاق 1390، 1785، 1787، 2468، 2702 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3283 باب العامة (دار الخلافة) 1757، 2259، 2262، 2388 باب عزرة (نيسابور) 257، 2428 باب عزيز (نيسابور) 1508 باب العطارين (قرطبة) 2713 باب الفراديس 2625، 2655 باب الفيل (رصافة العراق) 1202 باب الكرخ 1075 باب كوشك (اصبهان) 2436 باب الكوفة (بغداد) 115 باب المتولي 2817 باب المراتب 1505، 1544 باب الميدان (الموصل) 2816 باب النوبي (بغداد) 779، 1756 باب همذان 2361 بابل 418، 958، 1185، 1354، 1968، 2280، 2375، 2722 باجة اصبهان 1388 باجة افريقية 1388 باجة الأندلس 1388 باخرز 1682 باخمرا 2253 بادرايا 2239 بادوريا 2114 بادي 1211 بادية البصرة 2692 بادية العرب 2022 بادية اليمامة 2755 بارا 434 بارق 517، 1154، 2822 بازبدى 2092 باشزى 1758 باغ سلم بن عود 874 البامي 1857 باميان 2592 باناس 2625 البحر الأعظم 1652 بحر فارس 87 البحرين 166، 311، 2055، 1857، 2709 بخارى 90، 282، 485، 620، 621، 622، 961، 1071، 1072، 1250، 1272، 1499، 1555، 1718، 1820، 2185، 2192، 2196، 2688 بدر (المعركة) 321، 344، 1285، 2273 بذّر (ماء) 661، 2435، 2436 براثا 177 برجة (الأندلس) 2637 بردى 641، 2625، 2655 البردان 1846 برزة 1701 برفطا 2391 برق محجر 1191 البرقاء 1160 برقة 515، 790، 1857، 2267 برقة قم 293، 431 بركة الحبش 742 بركة زلزل 1807 بروجرد 175، 176، 17، 181، 2391 بزوعا 208 بست 486، 488، 923، 1206، 1207 بستان الخندق (القاهرة) 1367 بستان الناعورة 1526 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3284 بسطام 1698 بسكرة 2849 بشت 461 بشتنقان 657 البصرة 6، 23، 27، 39، 51، 56، 64، 87، 123، 150، 182، 183، 184، 194، 206، 218، 223، 228، 305، 370، 384، 392، 409، 419، 523، 525، 544، 556، 565، 610، 612، 627، 630، 634، 647، 648، 737، 750، 757، 762، 763، 766، 768، 802، 819، 847، 848، 849، 850، 851، 912، 913، 914، 916، 917، 931، 971، 975، 983، 991، 1025، 1064، 1092، 1189، 1198، 1199، 1200، 1232، 1236، 1247، 1255، 1260، 1265، 1266، 1269، 1288، 1311، 1317، 1318، 1321، 1326، 1327، 1335، 1337، 1356، 1360، 1361، 1377، 1406، 1409، 1445، 1461، 1465، 1477، 1483، 1484، 1487، 1488، 1503، 1544، 1546، 1547، 1553، 1555، 1562، 1575، 1607، 1622، 1623، 1629، 1632، 1638، 1646، 1682، 1704، 1715، 1718، 1719، 1738، 1744، 1745، 1746، 1784، 1818، 1821، 1844، 1845، 1852، 1857، 1858، 1873، 1935، 1947، 1950، 1951، 1956، 1966، 1970، 1982، 1983، 1984، 2009، 2011، 2036، 2055، 2057، 2058، 2069، 2070، 2093، 2101، 2117، 2118، 2121، 2123، 2124، 2125، 2127، 2133، 2142، 2149، 2172، 2174، 2175، 2180، 2201، 2202، 2203، 2204، 2206، 2233، 2236، 2238، 2240، 2241، 2257، 2280، 2287، 2288، 2294، 2309، 2321، 2327، 2328، 2336، 2339، 2340، 2353، 2359، 2447، 2454، 2459، 2487، 2490، 2492، 2501، 2502، 2537، 2560، 2574، 2647، 2603، 2604، 2605، 2610، 2611، 2612، 2623، 2649، 2678، 2679، 2681، 2692، 2706، 2707، 2709، 2739، 2745، 2749، 2758، 2788، 2796، 2815، 2833، 2835، 2837، 2838، 2844، 2850 البطانح 1819 بطحاء مكة 795، 1508، 2649 بطليوس 1387، 1528 بطن نخلة 1833 بطنان 1210 بطون النمل 1454 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3285 البطيحة 137، 373، 980، 2020 بعلبك 591، 1701، 2710 بغداد 35، 39، 41، 42، 51، 52، 54، 60، 65، 102، 106، 108، 120، 127، 128، 131، 136، 160، 165، 166، 168، 172، 176، 189، 190، 194، 196، 202، 206، 226، 227، 230، 234، 237، 253، 266، 282، 286، 292، 293، 295، 302، 305، 312، 313، 315، 317، 319، 328، 369، 381، 384، 385، 386، 387، 390، 393، 395، 396، 414، 427، 435، 449، 451، 457، 458، 460، 461، 462، 468، 508، 526، 530، 540، 547، 557، 559، 562، 581، 583، 603، 605، 619، 620، 621، 622، 625، 627، 629، 634، 647، 649، 650، 652، 653، 701، 713، 715، 716، 724، 728، 729، 730، 731، 766، 774، 776، 777، 782، 784، 787، 803، 809، 811، 812، 820، 822، 824، 827، 830، 851، 855، 867، 873، 876، 878، 879، 889، 893، 909، 912، 913، 914، 915، 929، 937، 940، 941، 958، 975، 976، 990، 991، 1011، 1013، 1014، 1027، 1030، 1047، 1062، 1063، 1078، 1095، 1105، 1107، 1148، 1163، 1180، 1197، 1208، 1221، 1243، 1244، 1245، 1246، 1250، 1259، 1280، 1284، 1285، 1291، 1304، 1307، 1322، 1330، 1331، 1332، 1339، 1343، 1344، 1346، 1348، 1349، 1350، 1353، 1369، 1370، 1371، 1372، 1375، 1377، 1378، 1380، 1381، 1388، 1390، 1391، 1403، 1405، 1422، 1423، 1439، 1443، 1445، 1451، 1460، 1481، 1490، 1491، 1492، 1496، 1497، 1498، 1499، 1502، 1505، 1508، 1515، 1517، 1527، 1536، 1544، 1548، 1551، 1553، 1555، 1561، 1570، 1572، 1577، 1584، 1589، 1594، 1607، 1644، 1671، 1680، 1682، 1684، 1685، 1689، 1690، 1698، 1702، 1703، 1704، 1724، 1736، 1738، 1743، 1744، 1754، 1755، 1756، 1780، 1789، 1794، 1802، 1803، 1807، 1819، 1823، 1824، 1825، 1828، 1830، 1835، 1838، 1850، 1852، 1872، 1883، 1884، 1886، 1887، 1890، 1892، 1893، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3286 1896، 1901، 1906، 1907، 1924، 1928، 1934، 1946، 1958، 1959، 1964، 1970، 1974، 1983، 1984، 1985، 1986، 1987، 2000، 2002، 2048، 2053، 2061، 2062، 2071، 2076، 2079، 2080، 2081، 2094، 2117، 2123، 2137، 2146، 2156، 2178، 2189، 2195، 2203، 2204، 2206، 2212، 2218، 2228، 2230، 2234، 2239، 2259، 2260، 2261، 2263، 2280، 2281، 2282، 2291، 2292، 2296، 2298، 2300، 2304، 2309، 2311، 2322، 2323، 2324، 2325، 2326، 2346، 2347، 2348، 2353، 2356، 2359، 2360، 2362، 2365، 2367، 2370، 2387، 2391، 2392، 2393، 2402، 2419، 2421، 2422، 2435، 2438، 2441، 2444، 2449، 2452، 2454، 2464، 2469، 2471، 2473، 2474، 2486، 2490، 2492، 2499، 2527، 2531، 2539، 2545، 2546، 2550، 2556، 2560، 2561، 2567، 2568، 2572، 2573، 2574، 2576، 2596، 2599، 2603، 2604، 2605، 2612، 2621، 2623، 2624، 2627، 2644، 2649، 2651، 2656، 2659، 2674، 2677، 2678، 2679، 2682، 2685، 2688، 2692، 2699، 2706، 2710، 2715، 2727، 2737، 2741، 2768، 2770، 2771، 2772، 2803، 2804، 2814، 2815، 2818، 2824، 2826، 2827، 2832، 2833، 2834، 2844، 2845، 2849 بقعاء الموصل 1758 بقة 319 بقيع الزبير 1324 بلاد الأردن 2628، 2649 بلاد بكيل 1769 بلاد الترك 2332 بلاد الجبال 2391 بلاد الجبل 2155 بلاد الخوز 927 بلاد الروم 1572 بلاد الغرب (المغرب) 802 بلاد الهند 2334 بلبيس 946 بلخ 35، 36، 246، 275، 277، 278، 280، 281، 282، 622، 1071، 1272، 1422، 1491، 1492، 1985، 2256، 2345، 2632، 2652 بلد (قرب الموصل) 1610، 2443 البلد الحرام 943 البلقاء 1094 بلنسية 1528، 2189، 2676 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3287 بم (مدينة) 2301 بندنيج 2844 بوشنج 727 بيانه 2190 بيت أرانس 1700 البيت الحرام 404، 592، 2116 بيت ح كمة المأمون 1379 بيت سوا 1700 بيت قوفا 1700 بيت لهيا 1701 بيت المقدس (القدس) 384، 726، 859، 1701، 1152، 1339، 2029، 2085، 2358، 2394، 2435، 2627، 2628، 2630، 2656، 2696 بيسان 1563 البيضاء (ضيعة لعمارة) 2057 البيضاء (فارس) 2123 البيمارستان العضدي 1012، 2772 بين السورين 2377 بيهق 1760، 1761، 1762 (ت) تاهرت 998 تبريز 658، 1647، 2824 تدمر 2797 تربان (واد) 1161 التربة الاخلاطية 2262 تربة استجدها أبو النجيب 2296 تستر 653، 912، 913، 919، 1406، 1885، 2392 تكريت 165، 451، 505، 1123، 1974، 228، 2623 تل توبة (نينوى) 1125 تل المحلبية 1230 تنيس 519، 665، 1138 تهامة 1362، 1555، 1738 التوثة 1942، 2296 توماث 1249 تونس 1793 تيماء 703 (ث) ثبير 310 الثغر- الاسكندرية 400 الثغر (الاندلس) 1605 ثغر جنزة 2094 الثغر (الشامي) 929 الثغور 770، 1824، 1907، 2448، 2485 الثغور الشامية 1872 الثماد 1020 ثنية بارق 734 ثهلان 1499 ثورى (نهر) 641 (ج) الجابرة (المدينة) 313 جامع اصفهان 1682 جامع البصرة 1321، 2339، 2340 جامع بني أمية 1331 جامع حلب 2081، 2092 جامع دمشق 391، 1088، 2625 جامع الرصافة 878، 2702 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3288 الجامع العتيق (مصر) 2836 جامع عمرو بن العاص 1379، 1456، 1510، 2579 الجامع القديم (نيسابور) 658، 1760، 1762، 2428 جامع القصر (بغداد) 736، 823، 2736 الجامع الكبير (مرو) 2333، 2538 جامع المدينة 1336 جامع مصر 1606، 1610، 1983، 2216، 2217 جامع المقياس 800 جامع المنصور (بغداد) 384، 385، 391، 823، 1646، 1730، 1996، 2771 الجامع المنيعي (نيسابور) 634 الجامعين 228 الجانب الشرقي (بغداد) 2262، 2452، 2592، 2696 الجانب الغربي (بغداد) 2598 الجبال (منطقة) 697، 726، 1107، 1555، 1705، 1987، 2186، 2501 جبال الموصل 2601 الجبل (منطقة) 1849، 245، 366، 438، 1072، 1573، 1680، 1902، 1931، 2301 جبّل (بلد) 207، 1356، 2649 الجبل الأحمر (مصر) 1104 جبل الريان 1100 جبل صبر (اليمن) 2745 جبل قاسيون 572، 1214 جبل قاف 240 جبل القبق 2799 جبل قرطبة 2593 جبل ماسبذان 2605 جبل همذان 2605 جبلا سنجار 1230 جبلا نعمان 1081 جخراء 1700 جدال (مكان) 1230 جدة 1545 جديا 1700 جراب (ماء) 2436 جرباذقان 825، 1987 جرجان 70، 179، 180، 236، 360، 660، 705، 706، 726، 1029، 1072، 1211، 1384، 1493، 1723، 1797، 1799، 1800، 1857، 1901، 2060، 2181، 2182، 2188، 2524، 2634، 2848 جرجانية خوارزم 1820 الجزائر الخالدات 2024 جزائر شرق الأندلس 2273 الجزر (كورة) 1210 الجزيرة 1857، 1987، 2035، 2130، 2359، 2501، 2415، 2419، 2435، 2485، 2627، 2661، 2723 جزيرة ابن عمارة 2490 جزيرة ابن عمر 2091، 2268 الجزيرة (الخضراء) 802 جزيرة شلطيش 1534 جزيرة صقلية 1669 جزيرة العرب 336 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3289 الجزيرة (الفراتية) 1249 الجسر (ببغداد) 324 جسر ابن عفيف 2453 جسر النهروان 2734 جسرين 1700 الجفر 1193 جلق 127، 589، 1089، 1210، 1227، 1251، 1457 جلولاء 1476، 2007 جمرة العقبة 313 جمع 795 جناشك (قلعة) 2188 جند حمص 172، 1872 جند دمشق 172 جنديسابور 1885 الجهاضمة (محلة بالبصرة) 1982 جوبر 1701 جوز فارس 2295 الجوزجان 2256 الجوسق 1323 جوشن (جبل) 2730 جويم (موضع) 2498 جياناباذ 416 جيحون 282، 850، 1555، 2185 جيرنج 2359 جيرون 1059، 2624 جيزة النيل 99، 101، 383، 2416 (ح) حاجر 778 حاس (المعرة) 1127 الحائر 1552 الحجاز 129، 360، 486، 583، 612، 615، 620، 656، 726، 958، 960، 1039، 1050، 1094، 1104، 1206، 1230، 1272، 1286، 1322، 1386، 1388، 1403، 1555، 1698، 1738، 1931، 2144، 2149، 2253، 2359، 2539، 2546، 2547، 2581، 2644، 2649، 2661، 2781 الحجرة الشريفة 2264 الحجون 1228 الحدث (قلعة) 1733 حران 2086، 2137، 2139، 2239، 2240، 2420 حربي 449، 450 الحربية (بغداد) 42، 451، 1263، 1757، 2435 حرستا 1700 الحرم 1186 الحرماز (الحرمازي) - الايوان 2800 الحرمان 713، 784، 965، 999، 1628، 1824 حرة بني سليم 1474 حرة واقم 1856 الحريم الطاهري 406 حزوى 702، 734 حصن الخوابي 2031 حصن كيفا 573، 578، 2818 حصن مهدي (خ وزستان) 1715 الحضر 1234 حضن 1499 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3290 حطين 2649 الحظيرة 450، 451، 728 حلب 49، 129، 311، 317، 330، 335، 340، 384، 386، 526، 527، 584، 588، 635، 640، 641، 642، 658، 811، 934، 957، 958، 972، 1031، 1101، 1120، 1121، 1126، 1162، 1208، 1226، 1315، 1337، 1343، 1444، 1533، 1572، 1588، 1594، 1757، 1773، 1787، 1792، 1974، 2024، 2025، 2027، 2029، 2032، 2034، 2035، 2064، 2068، 2069، 2070، 2071، 2072، 2073، 2075، 2076، 2077، 2078، 2079، 2080، 2081، 2082، 2085، 2086، 2089، 2185، 2188، 2217، 2218، 2222، 2227، 2346، 2392، 2483، 2484، 2543، 2546، 2550، 2624، 2643، 2654، 2698، 2764، 2796، 2807 الحلة السيفية المزيدية 1163، 1249، 1502، 1503، 1689، 1968، 2362، 2375، 2387، 2817 حلوان 1219، 1220، 1221، 1643، 1770، 2856 حمام الواساني (بحلب) 1121 حمامة (رملة) 1547 حماة 297، 300، 301، 302، 572، 1087، 1332، 2643 حمص 81، 296، 530، 1509، 1736، 2624، 2796 حناك (المعرة) 1127 حوران 1055، 2067 الحوز (محلة) 1274 حوز مؤمل 1183 حوض الفدام (بخارا) 2349 حوف بلبيس 1643 حوف مصر 662 الحيرة 214، 310، 626، 753، 754، 755، 1478، 1581، 1857، 2419، 2762، 2781 الحيرة (نيسابور) 646 (خ) الخابور 1234، 1667 خارزنج 461 خانقاه السميساطي 2550 خانقين 451 خانيجار 22 خبر (بل د) 1486 خراسان 33، 37، 108، 143، 179، 180، 236، 244، 245، 252، 253، 256، 257، 282، 390، 455، 461، 486، 488، 515، 526، 537، 562، 620، 631، 632، 656، 662، 663، 664، 672، 680، 691، 696، 697، 721، 723، 724، 726، 867، 870، 913، 923، 929، 961، 982، 1025، 1063، 1064، 1074، 1206، 1243، 1272، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3291 1284، 1348، 1399، 1405، 1460، 1478، 1491، 1493، 1507، 1536، 1550، 1555، 1569، 1570، 1623، 1628، 1665، 1677، 1678، 1680، 1698، 1702، 1718، 1737، 1761، 1764، 1768، 1857، 1869، 1899، 1900، 1901، 1937، 1984، 1987، 1992، 2014، 2099، 2137، 2139، 2151، 2182، 2183، 2185، 2201، 2252، 2254، 2256، 2257، 2302، 2306، 2345، 2347، 2375، 2400، 2435، 2459، 2501، 2523، 2546، 2555، 2556، 2586، 2588، 2592، 2644، 2661، 2709، 2731، 2758، 2469، 2792، 2811، 2828، 2836، 2837 خربرت 578 خرميثن 1071 خزانة البنود 1000 خسرو سابور 1020 الخضرمة (بستان باليمامة) 182 الخضرية (بغداد) 1784 خطرنية 2280 خطة مجاهد بن جبر 2273 خلّ الملح 2839 خلاط 2799 الخلصاء 418 الخليصاء 36، 702 خمّ 1788 خمرايا 1049، 1053، 1056 الخندق (مصر) 2414 خوارزم 36، 185، 405، 500، 504، 505، 838، 962، 965، 1015، 1460، 1569، 1680، 1686، 1687، 1820، 1961، 2191، 2192، 2197، 2331، 2333، 2632، 2633، 2543، 2555، 2556، 2586، 2592، 2661، 2685، 2686، 2687، 2688، 2689، 2741، 2805، 2846 خواف (اقليم) 1842 الخورنق 1234، 1235 خوزستان 723، 858، 912، 1014، 1677، 1987، 2392 خويّ 1108 خيبر 336، 386، 1058، 1192، 1295، 2410 خيف منى 960، 1285 (د) دابق 27 دار الحجامين 2401 دار الحديث (الموصل) 728 دار الخلافة 2388 دار الرقيق 1304 دار الستيني 1825 دار السلام 1502، 2236، 2329 دار الشنتكاني 784 دار صالح صاحب السوق 2273 دار العلم (بغداد) 381 دار القطن 2329، 2500 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3292 دار القوارير (بغداد) 2772 دار المهالبة 2151 داريا 1700 دارين 1545، 2672 الدامغان 656، 1508 دانية 1182، 1603، 1605، 2273، 2525، 2526، 2778 دجلة 316، 991، 1069، 1093، 1130، 1234، 1497، 1567، 1586، 1689، 1701، 1825، 1829، 1875، 1884، 1926، 2020، 2060، 2137، 2370، 2392 دجيل 449، 451، 505، 728، 1288، 2737 درب البخاري 2436 درب البقر 1844 درب حبيب (بغداد) 582، 1105 درب دجلة 1710 درب الدواب 2092 درب الرواسين (بغداد) 188 درب رياح 939 درب الزعفراني 820 درب سليمان 1710 درب الشاكرية 1486 درب عبد الرحيم الرزامي 767 درب عبدة (بغداد) 2435 درب عون 221 درب فيروز (بغداد) 449 درب القنطرة (بغداد) 2840 درب المطبخ 1501 درب منصور 2376 درب نور الدين (مصر) 638 درزيجان 1846 دستميسان 102، 1857 الدسكرة 2391 دقانية 1700 دقوقاء 2280 دكان الأبناء 767 دكة الامام أحمد بن حنبل 1541 دكة بشر الحافي 2259 دمشق 102، 126، 160، 173، 332، 354، 384، 386، 391، 392، 393، 424، 429، 434، 483، 484، 530، 558، 572، 573، 574، 577، 580، 588، 589، 591، 659، 743، 770، 867، 872، 873، 911، 912، 928، 936، 1020، 1035، 1049، 1050، 1087، 1088، 1094، 1124، 1129، 1130، 1157، 1186، 1195، 1203، 1214، 1226، 1227، 1228، 1248، 1251، 1272، 1282، 1284، 1288، 1296، 1308، 1332، 1337، 1339، 1370، 1493، 1514، 1532، 1605، 1610، 1637، 1667، 1698، 1702، 1703، 1756، 1963، 2020، 2062، 2074، 2081، 2085، 2157، 2189، 2349، 2357، 2392، 2471، 2483، 2546، 2550، 2562، 2599، 2623، 2624، 2625، 2654، 2655، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3293 2661، 2663، 2666، 2710، 2742، 2765، 2816، 2831، 2832، 2845 دمياط 519، 1087، 1138 دهستان 1072 دهك 1641 الدهنا 2323 دمناء الرصافة 1178 دوارة الحمار 1942 الدور (ببغداد) 1181 دور جعفر (مكة) 2200 دومة 1700، 1810 الدويرة (الجانب الغربي من بغداد) 60 ديار بكر 305، 584، 729، 841، 1095، 1099، 1689 ديار ربيعة 1302 الديار المصرية 857، 858، 888، 894، 940، 941، 942، 945، 1564، 1943، 1645، 1795، 1923، 1987، 2000، 2072، 2667 (وانظر أيضا مصر) الدير (قرية) 1163 دير الثعالب 1714 دير الجماجم 1363، 1476، 2253 دير حنون 1933 دير الروم (بغداد) 427، 2692، 2693 دير ز كّى 425، 426، 2241 دير سمعان 427 دير السوسن 286 دير العاقول 1884 دير القابون 1044 دير القصير (مصر) 101 دير مرحنا (مصر) 101 دير نهية (مصر) 101 ديمرت 2229 الدينور 206، 260، 384، 2450 (ذ) ذات أوشال 2753 ذات عرق 1501، 1518 ذمار 1469 ذو الخلصة 2148 ذو الشعبين (جبل) 1475، 1476 ذو طوى 780 ذو النخيلة 1751 (ر) رأس العين 2231، 2723 الرافقة 96، 2812 رامة 1127 رامهرمز 924، 926، 927، 2175 رباط أبي الفرج أحمد بن علي المقري 834 الرباط الجديد 2262 رباط الدرجة 1689 رباط المأمونية 2266 الربذة 1856 الربض (قرطبة) 2713 ربض حميد (بغداد) 2509 الربوة 1700، 2625 الرحبة 196، 2207 الرحبة (نواحي صنعاء) 811 رحبة يعقوب (بغداد) 2441 الرخ (نيسابور) 2347 رستاق برق روز 293 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3294 رستاق جي 128 رستاق الزهراء 416 رستاق نهر غرنبكي (أحد أنهار بلخ) 275 رستان 2192 الرصافة (بغداد) 128، 324، 1153، 1202 رضوى 795، 19746، 2801 الرقة 312، 425، 438، 595، 929، 1794، 1986، 2143، 2231، 2485، 2535، 2764، 2783 الرقتان 2139 رمّان 602 الرملة (الأندل س) 518، 1094، 1095، 1212 رنبويه (كورة) 1751 الرها 425، 427 رهنة 2434 الرواقان (قرطبة) 2713 روستقباد 1856، 2253 روشن قبادوا 451 الري 178، 181، 187، 360، 411، 416، 417، 418، 473، 494، 506، 653، 664، 669، 670، 673، 679، 680، 682، 683، 684، 685، 691، 694، 695، 697، 706، 707، 709، 714، 813، 919، 1019، 1072، 1107، 1154، 1237، 1272، 1391، 1392، 1393، 1396، 1445، 1452، 1508، 1518، 1641، 1698، 1723، 1725، 1738، 1744، 1750، 1751، 1752، 1761، 1764، 1784، 1796، 1797، 1800، 1857، 1886، 1887، 1893، 1896، 1898، 1899، 1903، 1905، 1906، 1924، 1932، 1980، 2001، 2060، 2100، 2137، 2181، 2326، 2419، 2446، 2523، 2549، 2578، 2586، 2733 (ز) الزاب 2667 الزاب الصغير 2849 زابلستان 1857 الزاهر (بغداد) 133 الزاهرة 1440 زاوطا 1551 الزاوية (راذان) 2291 الزبداني 1610، 1667 زبدين 1700 زبيد 618، 619، 1134، 1230 الزبيدية (ببغداد) 115، 2048 الزرد 463 زرود 780 زمخشر 2688 زمزم 385، 835، 1937، 2400 زنجان 1698، 1830 الزهراء 2718، 2720، 2721 الزوراء 418، 1110، 1691 زوزن 631، 633، 2430 زويلة المهدية 1254 الزيدية (واسط) 65 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3295 (س) سابزوار 1781 سابور (بلد) 1025 سارية مصر 2217 ساقية سليمان 2204 سامرا- سر من رأى ساوة 670، 879، 1659 الستارين 2323 سجستان 236، 459، 488، 490، 571، 889، 1258، 1272، 1406، 1471، 1857، 2345، 2435 سجن المعونة (مصر) 740 سحنة (موضع) 709 سخا 1963 السد (موضع) 725 السدير 1234، 1235 سرخس 1250، 1698، 1761، 2359 سردانية 2273 سردوس (مصر) 101 سرقسطة 1605، 2676 سرّ من رأى 70، 72، 86، 102، 107، 227، 230، 286، 363، 438، 504، 526، 539، 540، 604، 649، 1180، 1322، 1378، 1479، 2008، 2021، 2022، 2067، 2093، 2116، 2117، 2140، 2178، 2422، 2471، 2480، 2532، 2608، 2841، 2844 سروج 1118 سقي الفرات 1451، 1872، 2282 سقيفة بني ساعدة 1276 سكة بني سمرة (البصرة) 2746 سكة حنظلة بن نصر (الري) 1751 سكة صالح (البصرة) 2490 سكة العجم (بغداد) 2048 سكة قري ش (البصرة) 1715 سكة القصارين (البصرة) 1269 السماوة 1095، 1475 سمرقند 679، 787، 1273، 1555، 2098، 2309 السميرية 1375 سنجار 1230، 1231، 2052، 2660 سنجان 1842 السند 168 سهواج 1149 سوى 1853 السواحل 1987، 2359، 2448 السواد 189، 1188، 1220، 1553، 1824، 1890، 2007، 2709، 2792 سواد بغداد 1743 سواد الكوفة 560، 565 السودان 2036 سوراء 2280 السوس 920، 2282 سوس خوزستان 1794 سوسة 1410 سوق الأحد (بالقيروان) 2860 سوق ثمانين (بليد) 2091 السوق الجديدة (بغداد) 2490 سوق الدواب 2004 سوق الرقيق (بغداد) 287، 462 سوق السلاح (بغداد) 2490 سوق العطش (بغداد) 522 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3296 سوق عكاظ 893، 1004 سوق الغزالين 2793 سوق الوراقين (بغداد) 283 سوق وردان (م ص ر) 2030 سوق يحيى 2455 سويقة جعفر 2452 سياث (المعرة) 1127 سيحان 2101 سيحون 1555 سيراف 87، 846، 877، 2172، 2190 السين 2075 (ش) شاحط (اليمن) 1334 الشاذياخ 256، 2139 شارع دار الرقيق 867، 1304 شارع عبد الصمد (بغداد) 420 الشاش 1870، 2301، 2402 شاطبة 2676، 2677 الشاغور 872 الشام 83، 94، 123، 125، 295، 350، 351، 360، 386، 388، 409، 425، 468، 474، 492، 526، 572، 584، 588، 640، 661، 697، 726، 770، 790، 811، 819، 867، 869، 870، 914، 931، 958، 1019، 1031، 1062، 1065، 1088، 1104، 1168، 1169، 1238، 1244، 1251، 1302، 1332، 1333، 1343، 1348، 1350، 1388، 1475، 1506، 1532، 1555، 1564، 1572، 1577، 1599، 1610، 1628، 1689، 1691، 1698، 1715، 1733، 1756، 1800، 1812، 1853، 1854، 1856، 1879، 1882، 1974، 1987، 2033، 2062، 2070، 2072، 2080، 2147، 2157، 2184، 2243، 2253، 2323، 2330، 2356، 2359، 2441، 2448، 2454، 2457، 2459، 2460، 2471، 2479، 2493، 2501، 2537، 2543، 2547، 2550، 2561، 2624، 2626، 2627، 2644، 2654، 2656، 2659، 2662، 2715، 2721، 2815، 2821، 2837 شامستيان 275، 276 شبرا اللنجة 1643 شرق الأندلس 1653 الشرقية (ببغداد) 172 ششتمذ 1760 شعب ابن عامر 960 شعب بوان 326، 2498 شلّم (موضع) 661 شلمغان 106 الشماسية 566، 1707، 2005 شمام 795، 872 شمراباذ (حصن) 2187 شمشاط 1907 شنتمرية 356 شهرزور 779 شهرك 1857 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3297 الشونيزية 1942 شيراز 146، 653، 822، 828، 857، 927، 1588، 1594، 1642، 1828، 1887، 1906، 1928، 1997، 2037، 2123، 2291، 2321، 2575، 2685، 2749، 2769 شيزر 297، 299، 300، 301، 302، 572، 584، 586، 587، 588، 5849، 592، 1226 (ص) صاغان 1015 الصالحية 605 صحار 2044 الصخرة (المقدس) 859 الصراة 52، 695، 991 الصعيد الأعلى 2024 صعيد مصر 400، 635، 1566، 1601، 2570، 2226، 2743 الصغانيان 279، 1870 صفّ شونيز 820 الصفا 960، 2208 صفين 1465، 1801، 2227، 2253، 2672، 2709 صقلية 1442، 1754، 1755، 1793، 2636، 2643، 2751 الصليق 1819 الصمّان 2323 صنعاء الشام 1700 صنعاء (اليمن) 811، 1583، 1643، 2802 صور 305، 384، 386، 387، 391، 393، 777، 2824 صيدا 356، 2278، 2279 الصيمرة 693، 1862، 2421 الصين 1094، 1264، 1977، 1978، 2114، 2442 (ض) ضياع آل مروان 2054 ضياع مروان 2054 ضياع ولد ع مر بن عبد العزيز 2054 (ط) طارم 1073 طاق الحراني (بغداد) 777، 2146 طاق الزبل 616 الطالقان (بلدة) 662، 708 الطالقان (ولاية) 662، 663، 678 (طالقان الديلم) 694 الطائف 458، 620 طبرستان 194، 726، 893، 1857، 1964، 2181، 2182، 2185، 2188، 2435، 2445، 2446، 2449، 2450، 2462، 2464، 2466، 2543 طبرية 410، 2845 الطثرة 317 طرابلس (الشام) 384، 386، 584، 586، 811، 1337، 1733، 2064، 2323 طرسوس 96، 254، 1605، 1755، 2198 طرميس 1700 طريثيث 1685، 1686 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3298 طريق (سقي) الفرات 189، 196 طسوج بابل 439 طسوج بريسما 439 طسوج سورا 439 طلبيرة 2778 طليطلة 1167، 1369، 2538، 2778، 2806، 2857 طنجة الم غ رب 2095 طور سينا 2591 طوس 461، 1661، 1698، 1752 طويلع 2388 طيبة (المدينة) 1285، 2370 (ع) العاصي 2655 العاقر (رملة) 1547 عالج 2663، 2671 عبادان 184 العباسة (حيّ) 1091، 2490 عبد السي (مكان) 65 عدن 515، 1015، 2751 العدوة المغربية 1969، 2667 العذيب 317، 403، 404، 517، 610، 702، 2368، 2822 العراق 83، 122، 128، 147، 164، 189، 245، 254، 257، 260، 277، 278، 279، 308، 309، 312، 313، 319، 360، 393، 401، 409، 430، 431، 452، 461، 467، 486، 488، 505، 530، 614، 620، 628، 631، 648، 656، 676، 705، 715، 722، 724، 730، 736، 748، 766، 772، 819، 829، 873، 874، 882، 913، 937، 976، 1015، 1095، 1101، 1104، 1106، 1181، 1186، 1206، 1220، 1233، 1249، 1251، 1252، 1272، 1294، 1251، 1252، 1272، 1294، 1324، 1343، 1348، 1381، 1399، 1403، 1414، 1420، 1456، 1471، 1491، 1493، 1501، 1540، 1553، 1569، 1581، 1599، 1623، 1628، 1632، 1654، 1658، 1665، 1698، 1705، 1727، 1800، 1834، 1838، 1857، 1865، 1874، 1900، 1901، 1905، 1931، 1934، 1938، 1959، 1960، 1986، 1996، 2053، 2064، 2123، 2125، 2199، 2204، 2252، 2253، 2301، 2356، 2359، 2365، 2375، 2394، 2418، 2441، 2448، 2472، 2547، 2556، 2560، 2627، 2661، 2674، 2685، 2771، 2792، 2793، 2815، 2821، 2825 العراقان (الكوفة والبصرة) 2459 العرض 2055 عرف سرين 205 عرفة (عرفات) 784، 936، 2115، 2116، 2850 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3299 عزاز 1126 عسفان 2095 عسقلان 1562، 1563، 1989، 2394، 2471 العسكر 2014، 2066 العسكر (عسكر مكرم) 470، 912، 915، 916، 918، 1622، 1885، 2280 عسكر المهدي 2596، 2803 عقبة أفيق 587 العقر 2253، 2601 العقيق 36، 403، 441، 702، 1282، 1325، 1445، 1692، 2395 عكاظ 89 عكبرا 508، 866، 1983، 1987 عليا باذ 991 عمان 133، 851، 877، 982، 983، 991، 1097، 1260، 1555، 2490، 2491، 2492، 2497 عمورية 168 العواصم 2485 عيذاب 2751 عيساباذ 2711 عين التمر 2418 عين توما 1700 عين زربي (زربه) 1221 عين سعي (ق رية) 1338 عين الوردة 2253 (غ) غانة 326 غدير خم 224، 2462، 2464 غرب الأندلس 1651، 1652 غرناطة 1182، 2647 الغريّ 1503، 1552، 1181 غزنة 236، 488، 726، 867، 870، 1555، 1569، 1623، 1834، 2166، 2331، 2333، 2334، 2427، 2523، 2524، 2586 غزنين 2334 غزة 583، 2394 الغمر 1192، 2436 غندجان 821، 2321 الغوطة 572، 2498 (ف) فاراب 619، 620، 656، 2805 فارس 23، 34، 135، 223، 237، 263، 275، 418، 488، 697، 722، 723، 812، 818، 819، 821، 876، 975، 1019، 1094، 1266، 1401، 1421، 1486، 1644، 1656، 1517، 1536، 1575، 1746، 1857، 1890، 1901، 1906، 1979، 2044، 2055، 2058، 2123، 2125، 2229، 2252، 2295، 2321، 2421، 2438، 2490، 2492، 2493، 2496، 2498، 2536، 2574، 2627 فاس 1969 فالة 1646 فحص البلوط 470 فخ 1285، 2147 فذايا 1700 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3300 الفرات (نهر) 786، 835، 1011، 1050، 1053، 1130، 1163، 1451، 1580، 1865، 2143، 2362، 2375، 2660 فرغانة 514، 665، 1273، 1493، 2192 فرقب 1328 فسا 237، 811، 1511، 2796 الفسطاط 790، 2448، 2449 فلسطين 1637، 2394، 2628 فم الصلح 1019، 2791 فنجديه 2203 فنج ك رد 1664 فندورج 1984 فيد 1490 الفيض (بالبصرة) 1715 (ق) قار (قرية) 1445 قارا 434 قاسيون- جبل قاسيون القاطول 171، 980، 1069 قاعون (جبل) 1182 قالي قلا 730، 731 القاهرة 402، 403، 515، 593، 786، 857، 859، 1103، 1104، 1148، 1367، 1387، 1456، 1563، 1566، 1669، 2024، 2030، 2765، 2831، 2834 قاين (بلد) 1408 قبر أبي حنيفة 2418 قبر بشر الحافي 2599 قبر معروف الكرخي 2558 قبط (بلد) 1601 قبة النسر 2625 قبيبة 1700 القدس- بيت المقدس قدس 2801 قراح بني رزين (بغداد) 2259 القرافة 101، 639، 640، 958 قراقر 1853 قردى 2091، 2092 قرطبة 124، 261، 268، 358، 470، 729، 731، 802، 1368، 1440، 1528، 1534، 1605، 1651، 1652، 2190، 2273، 2423، 2519، 2593، 2594، 2598، 2713، 2717، 2718، 2721، 2815، 2816، 2848، 2857 قرقيسيا 1284 قرميسين 1073، 1847 قرية البلاط 1700 قرية الثمانين 2091، 2092 قرية الحميريين 1700 قزوين 180، 194، 370، 411، 662، 695، 1643، 1797 قسطنطينية 2717 قصبة السابزوار 1760 القصر 1700 قصر ابن هبيرة 2280، 2298، 2543 قصر اوس 1935 قصر الجعفري 2603 قصر الرصافة (بغداد) 537، 2021 قصر روناش 911 قصر الزيت (البصرة) 1575 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3301 قصر قرطبة 2717 القصر الكام ل 2021 القصير 2625 قطربل (طسوج) 189، 196، 1743، 2469، 2828 القطيعة (بغداد) 1802 قطيعة باب الأزج 357 قطيعة الربيع 2156 قطيعة الملحم 2348 قعيقعان 1795 القفص 219، 418، 434، 2014 قفط 355، 1608، 2023، 2024 قلعة بردوان 1073 قلعة الجراحية 1125 قلعة حلب 350، 2034، 2082، 2227، 2483 قلعة حمص 2624 قلعة رباح 1958، 2549 القلعة الفخرية 2549 قم 255، 293، 652، 1259، 1284، 1866 القنان 1853 قنسرين 1126، 2244، 2485 القنطرة (بغداد) 2151 قنطرة البردان 798، 2449، 2450، 2452 قنطرة الشوك 1943 قنطرة الصراة 2556 القنطرة العتيقة (بغداد) 42 قنة الحجر 2711 قنونا 1020 قهندز مرو 2256 قوص 400 قومس 659 القيروان 158، 171، 261، 268، 508، 740، 790، 862، 998، 1273، 1410، 1601، 1604، 1793، 2475، 2636، 2639، 2671، 2712 (ك) كابل 1206، 1857 كاظمة 2663 الكبش (بغداد) 44 كربلاء 401، 1285، 2671 الكرج 766 الكرخ 42، 396، 418، 650، 830، 939، 1503، 1633، 1684، 1802، 1803، 1883، 1884، 1983، 2000، 2146، 2376، 2716، 2775 كرسف 416 كركانج 1072 كركر 2014 كرمان 145، 867، 870، 1019، 1406، 1686، 1687، 1857، 2044، 2291، 2434، 2435 الكعبة 432، 783، 828، 835، 1015، 1205، 1857، 1937، 2681، 2343، 2709 كعبة نجران 1302 كفر بطن 1700 كفر سوسية 1700 كفرطاب 300، 1606 كلواذى 368، 605، 1829 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3302 الكناس (مكا ن) 1191 الكناسة 754 كندر (بلد) 1684، 1685، 1686، 1687 كنيسة ابن مريم (عسقلان) 1989 كوثى 1081 كور الأهواز السبع 196، 2056، 2175 كور دجلة 2056 كور فارس 2056 كورةبونه 1621 كورة الجبل 1905 كورة سابور 1872 كورة لبلة 1534، 1651 كورة واسط 1872 كوفان 1985 كوفن 2361 الكوفة 26، 27، 39، 69، 105، 125، 126، 271، 370، 384، 420، 552، 560، 594، 612، 626، 724، 725، 744، 753، 754، 755، 756، 761، 799، 861، 939، 1039، 1095، 1167، 1175، 1188، 1189، 1195، 1196، 1219، 1256، 1273، 1284، 1317، 1328، 1363، 1415، 1423، 1474، 1475، 1476، 1508، 1542، 1555، 1629، 1643، 1698، 1738، 1739، 1740، 1743، 1745، 1779، 1488، 1844، 1858، 1872، 1966، 2057، 2062، 2063، 2093، 2125، 2127، 2135، 2136، 2149، 2161، 2231، 2232، 2250، 2251، 2294، 2300، 2419، 2421، 2447، 2454، 2457، 2459، 2474، 2486، 2487، 2488، 2501، 2537، 2543، 2572، 2621، 2661، 2674، 2710، 2789، 2790، 2792، 2814، 2815، 2846، 2855، 2856 كيس (جزيرة) 1498 (ل) لبلة 1655، 1656 لبنان 1310، 2659 لعلع 126 اللوى 36 لؤلؤة 2075 لوهور 1569 (م) ماجل المهدية 2860 ماردين 2807 مازر 1793، 1794 المأزمان 960 ماسبذان 1857 ماكسين 2716 مالكان 2401 المأمونية 2234 ماه البصرة 196 ماه الكوفة 196 ماوراء النهر 486، 1015، 1206، 1272، 1987، 2098، 2301، 2345، 2402، 2501، 2586، 2592، 2769، 2805 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3303 متالع 1167 متليجم 1652 المتوكلية 2157 مجلس اللبودي 1788 المحصب 960، 2408، 2683 محلة اسفريس (نيسابور) 1781 محلة باب البصرة 1958 محلة بني حرام (البصرة) 2202 محلة بني عقيل (البصرة) 2069 محلة الرزازين (واسط) 646 محلة الظفرية 1844 المحمدية 862، 1343، 1819 المحوّل 1451 المخرم 2473 المخزن (المعمور) 2264، 2267 مخلاف ابن سليمان 1832 المدائن 193، 407، 1014، 1846، 1852، 2325 مدرسة ابن أبي الطيب النيسابوري 1781 مدرسة ابن أبي عصرون (حلب) 2643 المدرسة البيهقية (نيسابور) 359، 634 مدرسة تركون الاسدي 859 المدرسة الحلاوية (حلب) 2807 المدرسة الخاتونية 962 مدرسة السيوري (نيسابور) 2428 مدرسة شادبخت (حلب) 2086 مدرسة الشيخ عبد القادر الجيلي 1820 المدرسة العمادية- المدرسة النورية 2623، 2624 مدرسة كمال الدين حمزة بن علي الرازي 2262 المدرسة الكمالية (بغداد) 1757 المدرسة النظامية (بلخ) 36 المدرسة النظامية (بغداد) 396، 528، 836، 1390، 1391، 1516، 1666، 1698، 1964، 1973، 2262، 2263، 2266، 2372، 2540، 2546، 2623، 2736، 2804، 2824، 2826 المدرسة النظامية (نيسابور) 2849 المدرسة النورية الشافعية 2623 المدينة (المنورة) 360، 652، 725، 750، 784، 1096، 1159، 1217، 1252، 1275، 1282، 1285، 1317، 1323، 1324، 1337، 1386، 1602، 1603، 1628، 1689، 1698، 1701، 1811، 1824، 1857، 1858، 2394، 2395، 2396، 2398، 2399، 2412، 2413، 2418، 2419، 2420، 2454، 2457، 2459، 2491، 2537، 2546، 2675، 2785، 2792، 2795، 2803 المدينة (بلرم) 1794 مدينة السلام 113، 189، 323، 450، 562، 794، 815، 819، 851، 980، 983، 984، 1154، 1490، 1492، 1706، 1790، 1936، 2021، 2048، 2125، 2142، 2243، 2275، 2447، 2448، 2449، 2466، 2472، 2508، 2733، 2734، 2840، 2858 (وانظر أيضا: بغداد) مدينة المنصور 188، 149، 196، 650، 2499 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3304 المذار 200 مذانة 1820 المراغة 972، 2807 مراكش 1185، 2551 المربد 613، 1872، 2101 مربد البصرة 1337، 2745، 2758 مربعة الخرسي (بغداد) 520 المرج 2625 مرج راهط 358، 1856، 2253، 2709 مرج فاقوس 1087 مرج يابس 417 مرسية 261، 769، 1449، 1649، 2188، 2189، 2546، 2676 مرغينان 2192 مرو 41، 108، 360، 391، 514، 515، 563، 620، 621، 634، 651، 652، 653، 654، 961، 962، 964، 970، 1190، 1217، 1250، 1330، 1628، 1687، 1694، 1760، 1827، 1959، 1960، 1985، 2094، 2095، 2099، 2256، 2260، 2333، 2345، 2358، 2359، 2401، 2538، 2546، 2644، 2686، 2687، 2731، 2758 مرو الروذ 1686، 1687 مرو الشاهجان 1698، 2203، 2546 المزار 1191 مزداخان 2587 المزدلفة 936 المزة 1195، 1700، 1703، 2157، 2625 المزوّق 1996 مسبلة العلويين 2062 مسجد ابن جردة 1539، 1540 مسجد ابن حمدون 1515 مسجد ابن رغبان (بغداد) 622 مسجد ابن شافع الحنبلي 1501 مسجد أبي عبد الله الكسائي 2452 مسجد الأنباريين 115، 377 مسجد ايليا 2645 مسجد باب البدرية 1447 مسجد البصرة 1318، 1445، 1818، 2649 مسجد بني حرام 2203 مسجد بني العديم (حلب) 2079 مسجد بني النجار (الكوفة) 2661 المسجد الجامع بالبصرة 634، 1406 المسجد الجامع بحلب 2079 المسجد الجامع بالزاهرة 1440 المسجد الجامع بالزهراء 2718 المسجد الجامع (قرطبة) 2713 المسجد الأعظم (الجامع) بالكوفة 1475، 1788 المسجد الجامع الكبير ببغداد 1958 مسجد الحاج 1462 المسجد الحرام 1362، 1545، 1796 المسجد الخارج (قرطبة) 2713 مسجد الخضر (آمد) 1689 مسجد دمشق 1532 مسجد رسول الله 1196، 1603 مسجد السبيع 1739 مسجد السهلة (الكوفة) 125 مسجد علان الأزدي 2452 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3305 مسجد عمرو بن العاص 467 مسجد القاسم بن سلام 2452 المسجد القديم (نيسابور) 399 مسجد القرافة 1963 مسجد الكسائي 1375 مسجد الكوفة 1476، 1811 مسجد ما بين الوراقين والصاغة 1788 مسجد المربع (نيسابور) 1762 المسجد المعلق (بغداد) 779 مسجد النبي (بالموصل) 1757 مسجد النخيلة (قرطبة) 2713 مسجد هشام بن خلف 120 مسجد هشام بن معاوية الضرير 2452 مسجد ورش (مصر) 784 مسرابا 1700 مسكن (طسوج) 1849، 196 المشان 2202، 2204 مشرعة التنانيريين 517 مشرعة نهر معلى 1848 المشرق 1212، 1603، 1604، 1621، 2164، 2539، 2599، 2833، 2834 مشهد أبي بكر الصديق 2354 مشهد الحسين بن علي 176 مشهد علي بن أبي طالب 1095، 1503، 1504 مشهد عون ومعين (الجانب الغربي) 2262 مشهد القاضي الجرجاني 416 مشهد موسى الكاظم 1047، 1048 مصر (الديار المصرية) 87، 98، 100، 102، 125، 126، 181، 199، 206، 268، 293، 294، 305، 306، 326، 351، 380، 381، 400، 401، 403، 409، 425، 455، 460، 468، 530، 531، 555، 557، 558، 559، 560، 572، 573، 580، 593، 629، 635، 636، 637، 639، 665، 701، 739، 740، 741، 777، 781، 782، 783، 784، 785، 787، 790، 800، 801، 807، 808، 816، 958، 959، 995، 999، 1019، 1087، 1094، 1101، 1102، 1104، 1105، 1121، 1131، 1148، 1149، 1164، 1165، 1177، 1221، 1250، 1254، 1284، 1297، 1348، 1356، 1369، 1371، 1379، 1380، 1399، 1403، 1456، 1462، 1481، 1493، 1510، 1514، 1548، 1555، 1563، 1565، 1572، 1601، 1602، 1604، 1606، 1610، 1611، 1612، 1628، 1637، 1640، 1642، 1644، 1645، 1669، 1673، 1705، 1706، 1729، 1733، 1735، 1756، 1771، 1773، 1778، 1784، 1792، 1824، 1863، 1857، 1934، 1963، 1972، 1974، 1975، 1983، 1987، 1992، 2003، 2004، 2023، 2028، 2029، 2030، 2033، 2035، 2072، 2115، 2189، 2230، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3306 2271، 2273، 2301، 2310، 2348، 2349، 2360، 2394، 2408، 2410، 2413، 2414، 2415، 2416، 2425، 2426، 2427، 2437، 2441، 2445، 2448، 2449، 2501، 2539، 2544، 2546، 2547، 2570، 2579، 2599، 2624، 2626، 2627، 2643، 2644، 2652، 2656، 2661، 2665، 2674، 2676، 2712، 2721، 2723، 2743، 2751، 2752، 2783، 2784، 2796، 2815، 2824، 2831، 2845 المصيصة 93 مطيراباذ 2388 معراثا الأثارب 1208، 1209 معربونية 1209 معرة النعمان 295، 296، 297، 298، 300، 301، 302، 303، 304، 305، 306، 307، 310، 319، 328، 355، 726، 819، 1122، 1124، 1127، 1208، 1605، 2000، 2287، 2710، 2824 المعزية 1825 المعشوق (قصر) 2022 (المغرب) بلاد الغرب 730، 731، 1212، 1555، 1584، 1604، 1611، 1628، 1629، 1705، 1709، 1835، 1969، 1970، 2164، 2546، 2627، 2831 مقابر باب الشام 536 مقابر الخيزران 876، 2418، 2490، 2598 مقابر الشيوخ (مراكش) 2551 مقابر العباسية 2490 مقابر قريش 1785، 1786 مقابر قريش (بغداد) 1423 مقابر قريش (مصر) 2414 مقبرة الأجمة 2356 مقبرة باب أبرز 2567 مقبرة باب البستان (بغداد) 520 مقبرة باب حرب 2260، 2599 مقبرة الباب الصغير (دمشق) 867 مقبرة باب الفراديس (دمشق) 770 مقبرة باب معمر (نيسابور) 721 مقبرة بني العباس (قرطبة) 747 مقبرة البيساني 2217 مقبرة الحسين 2293 مقبرة الحسين بن معاذ (نيسابور) 257 مقبرة قنطرة البردان 1770 مقبرة الماذرائيين 639، 640 مقبرة المعافى بن عمران (الموصل) 2816 مقبرة موسى بن جعفر 1014 مقبرة الميدان 511 المقتدية (ببغداد) 1369، 1959 المقس 101، 786 المقطم 1103 مكة 268، 269، 275، 310، 320، 361، 386، 412، 416، 452، 462، 622، 748، 784، 795، 835، 938، 958، 960، 1015، 1094، 1095، 1167، 1180، 1217، 1289، 1299، 1317، 1322، 1324، 1355، 1363 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3307 1386، 1483، 1490، 1500، 1507، 1508، 1544، 1545، 1604، 1621، 1622، 1632، 1643، 1672، 1689، 1698، 1701، 1757، 1795، 1796، 1824، 1832، 1859، 2022، 2033، 2093، 2115، 2160، 2161، 2198، 2199، 2200، 2238، 2356، 2394، 2395، 2396، 2400، 2401، 2405، 2409، 2412، 2413، 2454، 2459، 2501، 2524، 2537، 2547، 2598، 2599، 2643، 2649، 2709، 2712، 2792، 2814 مكران 1857 مكس 2799 ملطي ة 254 ملقباذ (ملقا باذ) 239 ملكوم (ماء) 2436 المنصورة (افريقية) 158 منى 452، 795، 936، 943، 1698، 2364، 2408، 2683 منازجرد 729، 731 مناذر الصغرى (كورة) 2650 مناذر الكبرى (كورة) 2650 منازل العاصميين 2151 منبج 1210، 2079، 2789، 2796، 2798، 2832 منت ليشم 1651 المندقة (مكان) 1943 منعج 2526 منورقة 2273 المهدية 508، 740، 1462، 2636، 2643 مورور 802 الموصل 55، 137، 450، 582، 590، 594، 728، 794، 869، 980، 1023، 1095، 1101، 1125، 1162، 1302، 1338، 1343، 1369، 1370، 1388، 1577، 1589، 1595، 1599، 1610، 1689، 1693، 1694، 1757، 1825، 1974، 1986، 2071، 2079، 2087، 2091، 2092، 2268، 2269، 2270، 2485، 2501، 2513، 2539، 2575، 2585، 2601، 2624، 2715، 2716، 2738، 2805، 2816 المولتان 1625 ميافارقين 317، 356، 842، 1095، 1249، 2818 الميان 2139 ميدان بستان فخر الدولة 377 ميدان الحسين (نيسابور) 256 ميدان الطاهرية (نيسابور) 233 ميسان 1023، 1555، 2133 ميورقة (ميرقة) 1605، 2598 (ن) نابلس 2029 ناعورة ثابت الرصاصي 224 نجد 246، 468، 661، 702، 778، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3308 780، 947، 1050، 1183، 1310، 1555، 1738، 1832، 1880، 2050، 2373، 2374، 2721، 2748 نجران 1302 النجف 604 نجيرم 87، 768 نخلة 313 نرما سير 2434 نسا 1072، 1569، 1948، 2361 نسف- نخشب 2098 نصيبين 746، 1122 نطنزة 1028 نعمان 795، 960، 2839 نعمان الأراك 311، 1518، 2165 النعمانية 857، 1163، 1460 نقرة الحجون 1324 نهاوند 1643، 2283 النهران (دجلة والفرات) 1285 نهر الابلة 2498 نهر تاب 728 نهر ثورا 2625 نهر سابس 2353 نهر طابق 1369، 2358 نهر عيسى 1451، 1849 نهر قرطبة 1440 نهر قويق 2032 نهر المعلى 396، 779، 1346، 1848، 2055 نهر الملك 2391 نهر يزدجرد 1714 نهر يزيد 2625 النهروان 378، 882، 1390، 1421، 1810، 1856 نهروان بغداد 2498 النوبة 1857 النوبهار 683 النورية (قرية) 1163 نوقات (محلة) - نوها 2345 النيرب 1700 النيربان 2625 نيرم- نجيرم نيسابور 51، 92، 147، 173، 174، 233، 236، 239، 244، 245، 253، 254، 255، 256، 384، 399، 461، 463، 449، 489، 491، 508، 511، 526، 556، 557، 620، 631، 633، 646، 653، 656، 658، 659، 721، 722، 723، 726، 996، 1027، 1106، 1250، 1272، 1409، 1491، 1494، 1507، 1508، 1628، 1660، 1663، 1664، 1668، 1682، 1686، 1687، 1698، 1703، 1724، 1727، 1760، 1761، 1762، 1763، 1781، 1782، 1796، 1798، 1835، 1837، 1869، 1899، 1984، 2095، 2139، 2151، 2166، 2170، 2177، 2181، 2185، 2295، 2297، 2301، 2347، 2349، 2359، 2402، 2495، 2523، 2524، 2543، 2546، 2641، 2644، 2664، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3309 2692، 2731، 2829، 2849 النيل (مصر) 742، 800، 801، 1356، 2656 النيل (بالعراق) 441، 2362، 2486، 2487 نينو ى 1125، 2696 (هـ) الهبير 2322، 2323 هجر 311 هراة 35، 234، 236، 244، 278، 491، 505، 653، 723، 726، 1258، 1698، 2198، 2345، 2546، 2586، 2587، 2589، 2644، 2661، 2727 الهرماس (المعرة) 1127 هرمز روز 2016 هضب المنحر 1191 همذان 40، 181، 235، 241، 244، 252، 413، 418، 670، 697، 825، 830، 918، 1030، 1035، 1073، 1074، 1075، 1107، 1211، 1332، 1508، 1550، 1551، 1702، 1901، 1904، 1987، 2094، 2288، 2289، 2357، 2360، 2525، 2547، 2848 الهند 276، 635، 726، 1094، 1161، 1264، 1399، 1400، 1555، 1857، 2252، 2586، 2661 هندمند (شاطىء) 486 هيت 189، 196، 1553، 1555، 1556 (و) وادي آش 1211، 1212 وادي عذراء (برجة) 2637 وادي غباغب 1734 وادي القرى 1095، 2663 واسط 65، 106، 114، 136، 170، 171، 202، 439، 517، 737، 803، 870، 991، 1020، 1095، 1274، 1275، 1502، 1503، 1551، 1553، 1555، 1637، 1776، 1829، 1872، 1873، 1884، 1921، 1922، 1947، 2217، 2218، 2263، 2280، 2350، 2353، 2354، 2460، 2539، 2546، 2354، 2460، 2539 2546، 2560، 2599، 2623، 2817 واقعة الزنج 1483 واقعة مرج عكا 1087 وجرة 778 وحاظ (بلدة باليمن) 2140 ورامين 673، 683 الوردية (بغداد) 1666، 2263 وقعة الباب 1566 وقعة الجمل 1465، 1810، 2227، 2253، 2709 وقعة الحرة 2253 وقعة خرجيك 1870 وقعة دولاب 1288 وقعة الشراة 610 وقف الفقاعي (جامع مرو الكبير) 2538 وميمولان 1781 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3310 (ي) يبرين 1121، 1988، 2213، 2561، 2671 يثرب 867، 1465، 2571 يحمول 2075 يذبل (جبل) 138، 2665 يزد 653 اليمامة 166، 182، 228، 314، 1002، 1246، 2055، 2709 اليمن 70، 400، 515، 618، 623، 788، 810، 840، 942، 967، 1015، 1020، 1134، 1135، 1141، 1157، 1179، 1233، 1261، 1317، 1334، 1403، 1443، 1476، 1541، 1555، 1628، 1632، 1769، 1824، 1832، 2033، 2063، 2140، 2394، 2396، 2407، 2464، 2661، 2751، 2755 اليهودية 1698 يوم الجسر 105 يوم الجمل- وقعة الجمل يوم حنين 1285، 1881 يوم الخندق 386 يوم الرحرحان 1051 يوم ساباط 105 يوم السنابس 2781 يوم سنيق 2781 يوم الطف 1355 يوم العقر 70 يوم الغرابة 1249 يوم الفتح 386 يوم الكلاب 1051 يوم الماوشان 608 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3311 11- فهرس الكتب (أ) الآباء والأمهات لأبي حسان الزيادي 928 الآداب لابن الحرون 2305 الآداب لابن المعتز 1526 الآداب لبشر القيني 746 الآداب للعتابي 2244 الآداب للواقدي 2598 آداب الإخوان للمدائني 1858 آداب السفر لأبي الحسن البيهقي 1763 الآداب الصغير لجعفر ب ن أحمد المروزي 777 آداب الصوفية للقشيري 1571 آداب في الطعام والشراب لسهل بن المرزبان 1409 آداب القضاة للطبري أخرجه من كتابه بسيط القول 2459 آداب القضاة والمحاضر والسجلات للطبري 2444 الآداب الكبير لجعفر بن أحمد المروزي 777 آداب المسافرين لمحمد أحمد النوقاني 2345 آداب الملوك لابن الطيب 292 آداب النفوس للطبري 2451، 2465 الآداب والمواعظ للخليل بن أحمد السجزي 515 الآل لابن خالويه 1036 آل ابراهيم بن المدبر في الكتابة للجاحظ 2119 الآلاء والأحكام للكعبي 1493 آلات الجهاد وأدوات الصافنات الجياد لابن بنين 1386 آلة الكاتب للمفضل بن سلمة 2709 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3312 آلة الكتابة للفراء 2815 آي القرآن للجاحظ 2119 الآيات البينات في المنطق للفخر الرازي 2589 آيات القرآن لابن مهران المقرىء 233 آيات النبي للمدائني 1854 آيين لأبي عبد الله الجيهاني 455 آيين الملك لعلي بن عبيدة 1816 إباحة الطلاق للشافعي 2417 إباحة الظهار للشافعي 2417 الإبانة للديمرتي 2229 الإبانة عن الإمامة لزكريا بن أحمد البزاز 1326 الإبانة عن معاني القراءة لمكي بن أبي طالب 2713 الإبدال لابن عساكر 1701 الإبدال لأبي عبيدة 2708 إبدال الأدوية لجالينوس 2773 إبطال الاستحسان للشافعي 2417 إبطال القياس للفخر الرازي 2589 ابكار الأفكار- مجموع المختار من شعره ونثره لابن شرف 2640 الإبلاغ للبرقي 431 الإبل لابن السكيت 2841 الإبل لأبي حاتم السجستاني 1408 الإبل لأبي عبيدة 2708 الإبل لأبي نصر الباهلي 227 الإبل المنسوب للجاحظ 2117 الإبل للرياشي 1383 الإبل لنصر بن يوسف 2750 الإبل والشاء لأبي زيد الأنصاري 1361 الإبل والغنم لأبي عكرمة الضبي 1479 الإبل ونتاجها للقالي 730 أبناء السراري لأحمد بن حارث الخراز 230 الأبنية للجرمي 1444 الأبنية- أبنية الأسماء والأفعال لابن القطاع 1669 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3313 أبنية الأفعال لابن الجبان أبي منصور 2578 أبنية سيبويه للزبيدي 2519 الأبواب الصغير لأبي هاشم الجبائي 2859 الأبواب الكبير لأبي هاشم الجبائي 2859 الأبواب في القرآن للنقاش الدارقطني 2501 الأبيات لأبي زيد الأنصاري 1361 الأبيات لأبي سعيد الضرير 254 الأبيات التي جوابها كلام للمدائني 1857 أبيات الإعراب لأبي علي الفارسي 814 الأبيات السائرة لأبي العميثل 1519 الأبيات السائرة للسكري 856 أبيات المعاني لأبي علي الفارسي 814 أبيات المعاني لأبي نصر الباهلي 227 أبيات معان في شعر المتنبي للقزاز القيرواني 2478 اتباع أمر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) للشافعي 2417 الاتفاق لأبي أيوب المديني 1386 اتفاق المباني وافتراق المعاني لابن بنين 1387 الاتفاق والاختلاف لمالك بن أنس وأصحابه للخشني 2479 الاتفاق والانفراد لابن مهران المقرىء 233 إجابة السؤال في أحاديث شعبة لابن عساكر 1700 الإجارات 2416 الإجارات الكبير للشافعي 2416 الإجارة للمعلوم والمجهول للخطيب البغدادي 387 الاجتهاد لأبي هاشم الجبائي 2859 أجزاء القرآن لأبي عمر الدوري 1181 الإجماع في الفقه على مذهب ابن جرير لابن الحسن أحمد بن المنجم 554، 2826 الأجناس للزمخشري 2691 الأجناس للشافعي 2417 الأجناس الأكبر للأصمعي 2844 الأجناس الكبير لابن السكيت 2841 أجناس الجواهر لمهرويه أبي العلاء 815، 1153 الأجناس والحيوان للبرقي 432 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3314 الأجواد لعلي بن عبيدة 1816 أجوبة أبي اسحاق المؤدب لأبي زيد البلخي 275 أجوبة أبي علي ابن محتاج لأبي زيد البلخي 275 أجوبة أبي القاسم الكعبي 275 أجوبة مسائل أبي الفضل السكري لأبي زيد البلخي 275 أجوبة المسائل التجارية للفخر الرازي 2589 أجوبة المسائل الحلبيات لأبي البقاء العكبري 1517 أحاديث أبي الأشعث الصنعاني لابن عساكر 1700 أحاديث جماعة من أهل بعلبك لابن عساكر 1701 أحاديث جماعة من كفر سوسيه لابن عساكر 1700 أحاديث حنش والمطعم وحفص الصنعانيين لابن عساكر 1700 الأحاديث لهشام ابن الكلبي 2781 الأحاديث الخماسيات وأخبار (ابن) أبي الدنيا لابن عساكر 1699 الأحاديث الشاذة لأبي العنبس الصيمري 2422 أحاديث صنعاء الشام لابن عساكر 1700 الأحاديث المتخيرة في فضائل العشرة لابن عساكر 1699 إحالة القدرة على الظلم للجاحظ 2119 الاحتجاج للشافعي ... للخطيب البغدادي 387 احتجاج القراء لابن السراج 2536 الاحتجاج للقراء (في القراءات) لابن مقسم المقرىء 2503، 2505 احتجاج القراء وإعراب القرآن للمبرد 2684 الاحتلام لأبي عبيدة 2709 الأحداث لأبي عبيد القاسم بن سلام 2201 أحد عشر مجلسا في كل واحد من الخلفاء لابن عساكر 1701 أحدوثة العالم للجاحظ 2119 احكام الأحكام للفخر الرازي 2589 الأحكام السلطانية للماوردي 1956 أحكام السماع للقشيري 1571 الأحكام الشوافي في أحكام القوافي لابن بنين 1386 أحكام الفصول في أحكام الأصول للباجي 1388 أحكام القرآن للشافعي 2416 أحكام القرآن لعباد والد الصاحب 663 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3315 أحكام القرآن للقاسم بن أصبغ (على أبواب كتاب إسماعيل بن إسحاق) 2190 أحكام القرآن للقاضي إسماعيل الأزدي 648 أحكام القرآن لمنذر بن سعيد البلوطي 2718 أحكام القرانات لأبي الحسن البيهقي 1763 أحكام النجوم لأبي العنبس الصيمري 2422 أخاير الذخائر للأسعد ابن مماتي 641 الأخبار للجاحظ 2119 أخبار آل المهلب لخالد بن خداش 1231 أخبار الأبجر لإسحاق الموصلي 615 أخبار ابراهيم بن المهدي لابن الداية 560 أخبار ابن أبي عتيق لأبي أيوب المديني 1386 أخبار ابن الدمينة للزبير بن بكار 1325 أخبار ابن الرومي لسهل بن المرزبان 1409 أخبار ابن الرومي ومختار شعره لابن عمار 366، 367 أخبار ابن سريج لأبي أيوب المديني 1386 أخبار ابن سيرين للمدائني 1858 أخبار ابن صاحب الوضوء لإسحاق الموصلي 615 أخبار ابن قيس الرقيات للزبير بن بكار 1325 أخبار ابن عائشة لأبي أيوب المديني 1386 أخبار ابن مسجح لأبي أيوب المديني 1386 أخبار ابن مناذر لابن أبي طاهر طيفور 285 أخبار ابن ميادة للزبير بن بكار 1325 أخبار ابن هرمة ومختار شعره لابن أبي طاهر طيفور 285 أخبار ابن هرمة الشاعر لأبي بكر الصولي 2678 أخبار ابن هرمة لإسحاق الموصلي 615 أخبار ابن هرمة للزبير بن بكار 1326 أخبار أبي تمام لأبي بكر الصولي 2678 أخبار أبي تمام للمرزباني 2583 أخبار أبي تمام والمختار من شعره لأبي الحسن الشمشاطي 1908 أخبار أبي دهبل الجمحي للزبير بن بكار 1325 أخبار أبي زيد البلخي 616 أخبار أبي زيد البلخي للحسن بن محمد الوزيري 275، 276، 277 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3316 أخبار أبي السائب للزبير بن بكار 1325 أخبار أبي طالب وولده للمدائني 1855 أخبار أبي الطيب لأبي القاسم الأصبهاني 1574 أخبار أبي العباس (السفاح) لأحمد بن حارث الخراز 230 أخبار أبي العتاهية لابن عمار 367 أخبار أبي عمرو الأوزاعي وفضائله لابن عساكر 1699 أخبار أبي عمرو بن العلاء لأبي بكر الصولي 2678 أخبار أبي العيناء لسهل بن المرزبان 1409 أخبار أبي العيناء للصاحب 698 أخبار أبي فرعون كندر بن جحدر لأبي العنبس الصيمري 2422 أخبار أبي مسلم الخراساني صاحب الدعوة للمرزباني 2583 أخبار أبي نواس لابن عمار 367 أخبار الأحوص لابن بسام العبرتائي 1860 أخبار الأحوص لإسحاق الموصلي 615 أخبار الأحوص للزبير بن بكار 1325 أخبار الأدباء- معجم الأدباء لياقوت 1550 أخبار أرمينية للمدائني 1857 أخبار اسحاق بن ابراهيم لعلي بن يحيى بن أبي منصور المنجم 2008 أخبار اسحاق الموصلي لأبي بكر الصولي 2678 أخبار الأشعث للزبير بن بكار 1325 أخبار الأطباء لابن الداية 560 أخبار الأمم السالفة لليعقوبي 557 أخبار أمية بن أبي الصلت للزبير بن بكار 1326 أخبار أهله ونسبهم لأبي الحسن أحمد ابن المنجم 554 أخبار أهله للصابي 158 أخبار الأولاد والزوجات والأهل للمرزباني 2583 أخبار اياس بن معاوية للمدائني 1858 أخبار البرامكة من ابتداء أمرهم إلى انتهائه للمرزباني 2583 أخبار بشار واختيار شعره لابن أبي طاهر طيفور 285 أخبار بغداد لأحمد بن أبي طاهر 473 أخبار بني نمير لعمر بن شبة 2093 أخبار تميم لأبي اليقظان 1342 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3317 أخبار توبة بن الحمير وليلى الأخيلية للزبير بن بكار 1326 أخبار ثقيف للمدائني 1857 أخبار جحظة البرمكي لأبي الفرج الأصبهاني 1709 أخبار جحظة لجخجخ 1574 أخبار جرهم للنهمي 69 أخبار جميل لإسحاق الموصلي 615 أخبار جميل للزبير بن بكار 1326 أخبار الجن للقيط المحاربي 2250 أخبار الجن وأشعارهم لهشام ابن الكلبي 2781 أخبار حاتم للزبير بن بكار 1326 أخبار الحجاب لأبي عمرو الطرسوسي 1605 أخبار الحجاج لأبي عبيدة 2709 أخبار الحجاج ووفاته للمدائني 1856 أخبار حجر بن عدي لابن عمار 367 أخبار حسان لإسحاق الموصلي 615 أخبار حسان للزبير بن بكار 1326 أخبار الحسن بن زيد وما مدح به ... للمدائني 1857 أخبار الحسن (بن علي) للهيثم بن عدي 2792 أخبار حماد عجرد لإسحاق الموصلي 615 أخبار حنين الحيري لأبي أيوب المديني 1386 أخبار حنين الحيري لإسحاق الموصلي 615 أخبار خلفاء بني العباس لمحمد بن أحمد بن عبد الحميد الكاتب 2305 أخبار الخلفاء الكبير للمدائني 1856 أخبار الخوارج للمسعودي 1706 أخبار الدلال لإسحاق الموصلي 615 أخبار ذي الرمة لإسحاق الموصلي 615 أخبار ذي القرنين للنهمي 69 أخبار الردة لوثيمة بن موسى بن الفرات 2796 أخبار رقبة بن مصقلة للمدائني 1858 أخبار رية لإسحاق القيني 623 أخبار الزمان ومن أباده الحدثان للمسعودي 1706 أخبار زياد بن أبيه للمدائني 1855 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3318 أخبار زياد بن أبيه لهشام ابن الكلبي 2780 أخبار زياد بن أبيه للهيثم بن عدي 2792 أخبار سعيد بن عبد العزيز وعواليه لابن عساكر 1700 أخبار سعيد بن مسجح لإسحاق الموصلي 615 أخبار السلجوقية لابن ظافر 1778 أخبار سليمان بن أبي شيخ لابن عمار 367 أخبار السيد الحميري لأبي بكر الصولي 2678 أخبار السيد الحميري لأحمد العمي 174 أخبار الشجعان لابن ظافر 1778 أخبار الشعراء لأبي جعفر النحاس 469 أخبار الشعراء للمدائني 1857 أخبار الشعراء لياقوت 8، 203، 1708، 2243 أخبار شعراء الأندلس لعبادة بن ماء السماء 1480 أخبار الشعراء المخضرمين ليحيى بن علي بن يحيى المنجم 554 أخبار الشعراء المشهورين والمكثرين من المحدثين للمرزباني 2583 أخبار صاحب الزنج لأبي الطيب الوشاء 2304 أخبار صاحب الزنج لأحمد العمي 174 أخبار صاحب الزنج لشيلمة الكاتب 2499 أخبار الطفيليين لأبي الفرج الأصبهاني 1708 أخبار طويس لإسحاق الموصلي 615 أخبار طي ونزولها الجبلين وحلف ذهل وثعل للهيثم بن عدي 2792 أخبار ظرفاء المدينة لأبي أيوب المديني 1386 أخبار العباس بن عبد المطلب لهشام ابن الكلبي 2780 أخبار عبد الرحمن بن حسان للزبير بن بكار 1326 أخبار عبد الصمد بن المعذل الشاعر للمرزباني 2583 أخبار عبد الله بن جعفر بن أبي طالب لأبي العباس الديمرتي 2646 أخبار عبد الله بن معاوية لابن عمار 367 أخبار عثمان لإبراهيم بن محمد الثقفي 105 أخبار العرب وأيامها للزبير بن بكار 1325 أخبار العرجي للزبير بن بكار 1326 أخبار عزة الميلاء لأبي أيوب المديني 1386 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3319 أخبار عزة الميلاء لإسحاق الموصلي 615 أخبار عشرة من الشعراء المحدثين أولهم بشار لحمزة بن الحسن 1221 أخبار عقيل بن علفة لإسحاق الموصلي 615 أخبار عمران بن حطان للمدائني 1858 أخبار عمر لإبراهيم بن محمد الثقفي 105 أخبار عمر بن أبي ربيعة لابن بسام 1860 أخبار عمر بن أبي ربيعة للزبير بن بكار 1326 أخبار عمرو بن معديكرب لهشام ابن الكلبي 2781 أخبار الغريض لأبي أيوب المديني 1386 أخبار الفرزدق للمدائني 1858 أخبار الفرس للهيثم بن عدي 2792 أخبار الفقهاء والمحدثين للخشني 2479 أخبار القرامطة لأبي بكر الصولي 2678 أخبار القصاص للنقاش الدارقطني 2501 أخبار القضاة لابن شجرة 420 أخبار القضاة بالأندلس للخشني 2479 أخبار القيان لأبي الفرج الأصبهاني 1708 أخبار قيان الحجاز لأبي أيوب المديني 1386 أخبار كثير لإسحاق الموصلي 615 أخبار كثير للزبير بن بكار 1326 أخبار المتطببين ليوسف ابن الداية 558 أخبار المتظرفات لأبي الطيب الوشاء 2304 أخبار المتنبي للبلطي 1612 أخبار المتيمين لطلحة بن محمد الطلحي 1461 الأخبار المجموعة لسليمان بن أبي شيخ 1390 أخبار المجنون للزبير بن بكار 1326 أخبار محمد بن أبي عيينه لأبي مسهر 2305 أخبار محمد بن حمزة العلاف للمرزباني 2583 أخبار محمد بن عائشة لإسحاق الموصلي 615 أخبار محمد وابراهيم ابني عبد الله بن حسن لعمر بن شبة 2093 أخبار المختار لإبراهيم بن محمد الثقفي 105 أخبار مروان وآل مروان واختيار أشعارهم لابن أبي طاهر طيفوز 285 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3320 أخبار المستظرفات لابن أبي طاهر طيفور 284 الأخبار المستفادة في ذكر بني أبي جرادة لابن العديم 2086 أخبار مسيلمة الكذاب لهشام ابن الكلبي 2781 أخبار المشتاق بأخبار العشاق لابن النجار 2645 أخبار مصر الكبير لعبد اللطيف البغدادي 1572 أخبار المصنفين وما صنفوه للقفطي 2028 أخبار المغنين المكيين لإسحاق الموصلي 615 أخبار المقدمي لابن عمار 367 أخبار مكة للواقدي 2598 أخبار ملوك الأندلس للرازي 473 أخبار المنافقين للمدائني 1854 أخبار المنجمين لابن الداية 560 أخبار المنذر ملك العرب لهشام ابن الكلبي 2781 أخبار المنصور لعمر بن شبة 2093 أخبار النبي للمدائني 1854 أخبار النبي (صلى الله عليه وسلم) ومغازيه وسراياه لابن مجمع الأخباري 736 أخبار النحويين للزبيدي 731 أخبار النحويين للقفطي 2028 أخبار النحويين البصريين لأبي سعد السيرافي 878 أخبار النحويين الواسطيين لمحمد بن سعيد الذهبي 66 أخبار النساء لابن المنجم هارون بن علي بن يحيى 2763 أخبار النساء- كتاب ابن الدكاني لعبد العزيز بن حاجب النعمان 1568 أخبار نصيب لإسحاق الموصلي 615 أخبار نصيب للزبير بن بكار 1326 أخبار نفسه لأبي بكر ابن مقسم المقرىء 2505 أخبار هدبة بن الخشرم وزيادة للزبير بن بكار 1326 أخبار الهذليين لإسحاق الموصلي 615 أخبار الوزراء لإبراهيم بن موسى الواسطي 130 أخبار وشعر عبيد الله بن قيس الرقيات لابن أبي طاهر طيفور 285 الأخبار وكيف تصح للجاحظ 2118 الأخبار والنوادر لأبي الفرج الأصبهاني 1708 الأخبار والنوادر لأحمد بن حارث الخراز 230 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3321 الأخبار والنوادر لإسحاق الموصلي 615 اختصار أحكام القرآن لمكي بن أبي طالب 2713 اختصار الأغاني لابن ناقيا 1561 الاختصار البارع للتاريخ الجامع للرقيق القيرواني 97 اختصار دلائل الإعجاز للفخر الرازي 2589 اختصار العمدة لابن رشيق لعبد اللطيف البغدادي 1572 اختصار العين للزبيدي 2519 اختصار كتاب الحيوان لأرسطاطاليس لعبد اللطيف البغدادي 1573 اختصار كتاب المسائل لحنين لأبي سهل النيلي 1368 اختصار كتاب النبات لعبد اللطيف البغدادي 1573 اختصار مادة البقاء للتميمي لعبد اللطيف البغدادي 1573 الاختلاف للزبير بن بكار 1325 الاختلاف لعبيد الله بن محمد الأزدي أبي القاسم 1577 الاختلاف للواقدي 2598 اختلاف الأجير والمستأجر للشافعي 2416 اختلاف أهل العراق على علي وعبد الله للشافعي 2417 اختلاف أهل الكوفة والبصرة والشام في المصاحف للفراء 2815 اختلاف الحديث للبرقي 431 اختلاف الحديث للشافعي 2416 اختلاف الزوجين في متاع البيت للشافعي 2417 اختلاف العدد للكسائي 1752 اختلاف عدد السور لابن مهران المقرىء 233 اختلاف العراقيين للشافعي 2417 اختلاف علماء الأمصار للطبري في أحكام شرائع الاسلام 2444، 2457، 2458 اختلاف العلماء في النفس والروح لمكي بن أبي طالب 2714 اختلاف علي وعبد الله للشافعي 2417 اختلاف الفقهاء للطبري 2451 الاختلاف في الذبيح من هو لمكي بن أبي طالب 2714 الاختلاف في عدد الأعشار لمكي بن أبي طالب 2713 اختلاف مسائل الصحابة لابن داود الظاهري 2527 اختلاف المصاحف لأبي حاتم السجستاني 1408 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3322 اختلاف الموطآت للباجي 1388 اختلاف النحويين لثعلب 552 اختيار أشعار الشعراء لابن أبي طاهر طيفور 284 اختيار ديوان ابن السراج لابن الصيرفي 1972 اختيار ديوان أبي العلاء المعري لابن الصيرفي 1972 اختيار السيرة لأبي زيد البلخي 259 اختيار شعر ابن الدمينة لابن أبي طاهر طيفور 285 اختيار شعر أبي العتاهية لابن أبي طاهر طيفور 285 اختيار شعر بكر بن النطاح لابن أبي طاهر طيفور 284 اختيار شعر العتابي لابن أبي طاهر طيفور 285 اختيار شعر منصور النمري لابن أبي طاهر طيفور 285 اختيار شعر المهلبي للصابي 158 اختيار القرآن ورواياته لعلي بن ابراهيم القمي 1641 اختيار القراءات للكسائي/ لخلف البزار 1259 الاختيار من الأغاني للواثق لإسحاق الموصلي 615 الاختيار من الرسائل لأحمد بن سعد الكاتب الأصفهاني 264 الاختيار والإيجار لعبد الله بن علي بن أحمد المقرىء 1540 الاختيارات للمفضل الضبي 2712 الاختيارات السماوية للفخر الرازي 2589 أخذ كسرى رهن العرب لهشام ابن الكلبي 2780 الأخطار والمراتب والصناعات للجاحظ 2119 الأخلاق للفخر الرازي 2589 أخلاق الأمم لأبي زيد البلخي 259، 275 أخلاق الشطار للجاحظ 2120 أخلاق الكرام وأخلاق اللئام لابن بنين 1386 أخلاق الملوك للجاحظ 2119 أخلاق النبي (صلّى الله عليه وسلم) لابن فارس 412 أخلاق النفس لابن حزم 1657 أخلاق هارون لعلي بن عبيدة 1815 أخلاق لابن وكيع 2714 الإخوان للبرقي 431 الإخوان للجاحظ 2119 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3323 الإخوان والأصدقاء لأبي العنبس الصيمري 2422 أدب أسل بن أسل لسهل بن هارون 1410 أدب الجدل للكعبي 1493 أدب الجليس للمبرد 2684 أدب جوانشير لعلي بن عبيدة 1815 أدب السلطان والتأدب له للقزاز القيرواني 2478 أدب السلطان والرعية لأبي زيد البلخي 275 أدب السماع لابن خرداذبه 1574 أدب السماع لأبي الفرج الأصبهاني 1708 أدب الغرباء لأبي الفرج الأصبهاني 1708 أدب القاضي لأبي عبيد القاسم بن سلام 2201 أدب القاضي للشافعي 2417 أدب الكاتب لابن دريد 2495 أدب الكاتب لابن قتيبة 462، 1922 2189، 2260 أدب الكاتب لأبي بكر ابن الأنباري 2618 أدب الكاتب لأبي بكر الصولي 2678 أدب الكتاب 239 أدب الكتاب لأبي جعفر النحاس 469 أدب الكتاب لأحمد بن محمد الأصبهاني 432 أدب المعاشرة للبرقي 431 أدب الملوك لأبي جعفر النحاس 469 أدب الناطق لابن خلاد الرامهرمزي 923 أدب النفس للبرقي 431 أدب النفس الشريفة للطبري 2460 ادعاء معاوية زيادا لهشام ابن الكلبي 2780 أدعية العرب لأبي عبيدة 2708 الإدغام لأبي حاتم السجستاني 1408 الإدغام للفراء 1400 الإدغام الكبير لمكي بن أبي طالب 2714 الأدوات 2322 الأدوات في النحو لابن حميدة 2571 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3324 الأدوية القلبية لابن سينا 1077 الأدوية المفردة لأمية بن عبد العزيز الأندلسي 741 أديان العرب لهشام ابن الكلبي 2780 الإراحة عن شدائد المساحة لأبي الحسن البيهقي 1763 الاراكة لأبي الهيذام اللغوي 2240 الأربعة للأخفش الأوسط 1376 أربعون حديثا مساواة الإمام الفراوي لابن عساكر 1701 الأرثماطيقي في الاعداد والجبر والمقابلة لابن الطيب 292 أرجوزة ابن سينا في المنطق 858 أرجوزة الحريري 1339، 1340 أرجوزة لزياد بن عبد العزيز الجذامي 1330 أرجوزة في ذم الصبوح لابن المعتز 1526 أرجوزة في عدد آي القرآن لابن سلك الفالي 1747 أرجوزة في الفرائض لابن ظفر الصقلي 2644 أرجوزة في القراءات لأبي عمرو الداني المقرىء 1603 أرجوزة في النحو لسالم بن أحمد أبي المرجي 1339 الأرحام التي بين رسول الله (صلّى الله عليه وسلم) وأصحابه سوى العصبة لابن حبيب 2483 إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب لياقوت الحموي 15 الإرشاد إلى حل المنظوم والهداية إلى نظم المنثور للعميدي 2349 إرشاد النظار إلى لطائف الأسرار للفخر الرازي 2589 الأرصاد الكلية لابن سينا 1072، 1077 الأرض والمياه والبحار والجبال لسعدان بن المبارك 1346، 1347 الأركان للبرقي 431 إرم ذات العماد للنقاش الدارقطني 2501 إرم ذات العماد للنهمي 69 أري المشتار في القريض المختار لشميم الحلي 1696 الازارقة لأبي مخنف 2253 الازارقة وحروب المهلب لخالد بن خداش 1231 إزالة المراء في الغين والراء لابن الدهان 1371 أزاهير الرياض المريعة وتفسير ألفاظ المحاورة والشريعة لأبي الحسن البيهقي 1762 الأزمنة لقطرب 2647 الأزمنة للمرزباني 2583 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3325 الأزمنة للمرزوقي 506 أزهار أشجار الأشعار لأبي الحسن البيهقي 1762 الأزهار في أنواع الأشعار لابن النجار 2645 الأزهية في شرح العوامل والحروف لأبي الحسن الهروي 1923 أزواج النبي (صلى الله عليه وسلم) 2598 أزواج النبي (صلى الله عليه وسلم) للزبير بن بكار 1325 أزواج النبي للمدائني 1854 أزواج النبي (صلى الله عليه وسلم) لهشام ابن الكلبي 2781 الأسارى والغلول للشافعي 2417 أساس البلاغة في اللغة للزمخشري 2691 أساس السياسة لابن ظافر 1778 أساس نامه في المواعظ بالفارسية للمؤذن الخوارزمي 128 أساليب الغاية في أحكام آية لابن ظفر الصقلي 2644 أسامي الأدوية وخواصها ومنافعها لأبي الحسن البيهقي 1763 أسامي الأشياء لأبي زيد البلخي 274 أسباب النزول للواحدي 1660 الاستبداد والمشاورة في الحرب للجاحظ 2120 الاستثناء (الاستيفاء) والشرط في القراءة لنفطويه 122 الاستحقاق للشافعي 2417 استخراج الألفاظ من الأخبار لثعلب 553 استدراك على ابن جني في كتاب الواضح لأبي القاسم الأصبهاني 1574 الاستدراك على أبي علي [الفارسي] لأبي الحسن الباقولي 1737 الاستدراك لما أغفله الخليل لمحمد بن جعفر الهمذاني 2473 الاستدلال بالشاهد على الغائب للكعبي 1493 الاستذكار لما مرّ في سالف الأعصار للمسعودي 1706 الاستطاعة وخلق الأفعال للجاحظ 2119 الاستعانة بالشعر وما جاء في اللغات لعمر بن شبة 2093 الاستعداء على الشعراء للمدائني 1857، 1858 الاستعظام لعمر بن شبة 2093 استغاثة الجمل على ربه لأبي العنبس الصيمري 2422 استغفر واستغفري للمعري 334 الاستغناء لأبي الوليد الباجي 1651 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3326 الاستغناء (أكبر كتاب في التفسير) لمحمد بن علي الأدفوي 2571 استقبال القبلة للشافعي 2416 الاستنباط لمعاني السنن والأحكام لابن الحذاء الأندلسي 2676 الاستنباط المعنوي لابن ظفر الصقلي 2643 استنجاز المحامد في إنجاز المواعد لابن بنين 1387 استنزال الرحمة لابن الصيرفي 1972 الاستواء والاحتجاج على الملاحدة لابن الحداد القيرواني 1373 الاستيعاب لابن الحداد القيرواني 1373 الاستيعاب في أنواع الحساب لأبي البقاء العكبري 1516 الاستيفاء (شرح الموطأ) للباجي 1388 الاستيفاء والغارات لابراهيم بن محمد الثقفي 105 أسرار الاعتذار لأبي الحسن البيهقي 1762 أسرار التنزيل وأخبار التأويل للفخر الرازي 2589 أسرار الحروف لأحمد بن علي بن المأمون 451 أسرار الحكم لأبي الحسن البيهقي 1763 إسعاف الصديق للمعري 332 أسلوب الحق في تعليل القراءات العشر لملك النحاة 867 أسماء الأسد لابن خالويه 1036 أسماء الأسد لأبي سهل الهروي 2579 أسماء بغايا قريش في الجاهلية وأسماء من ولدن للهيثم بن عدي 2792 أسماء البلدان لليعقوبي 557 أسماء الجبال والمياه والأودية لأبي عبد الله ابن حمدون 165 أسماء الخلفاء وكتابهم (وكناهم) والصحابة لأحمد بن الحارث الخراز 230 أسماء الخمر وعصيرها لمحمد بن الحسن بن رمضان 2500 أسماء الخيل لأبي عبيدة 2708 أسماء الدواهي عند العرب للمبرد 2684 أسماء السحاب والرياح والأمطار للزيادي 68 أسماء السيف لأبي سهل الهروي 2579 أسماء الشعراء الأوائل لابن أبي طاهر طيفور 284 أسماء فحول العرب لهشام ابن الكلبي 2780 أسماء الله تعالى وصفاته لأبي زيد البلخي 274 الأسماء في الاسما لسعيد بن أحمد الميداني 1358 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3327 الأسماء في اللغة لابن القطاع الصقلي 1669 الأسماء في اللغة للزمخشري 2691 الأسماء المبهمة في الأنباء المحكمة للخطيب البغدادي 387 أسماء المجموع المنقول من الرقاع لنطاحة 200 أسماء من قتل من الطالبيين للمدائني 1855 أسماء مياه العرب لأبي عبيدة السكوني 231 الأسماء والكنى والألقاب لأبي زيد البلخي 274 الإسناد لعلي بن ابراهيم القمي 1638 الاسنان لعلي بن عبيدة 1816 أسنان الجزور لهشام ابن الكلبي 2780 أسواق العرب لهشام ابن الكلبي 2781 أسولة القرآن مع الأجوبة لأبي الحسن البيهقي 1762 الإشارات لابن سينا 1077، 1763 الإشارات للفخر الرازي 2589 الإشارات الإلهية للتوحيدي 1925 الإشارات المعربة لشميم الحلي 1696 الإشارة في الأصول للباجي 1388 الإشارة في تحسين العبارة لابن فضال المجاشعي 1835 الإشارة في تسهيل العبارة لشيث بن ابراهيم 1424 الإشارة في علم المنطق لابن سينا 1077 الإشارة في غريب القرآن للنقاش الدارقطني 2501 الإشارة في من نال رتبة الوزارة لابن الصيرفي 1972 الإشارة في النحو، مختصر لأبي البقاء العكبري 1516، 1517 الاشباه لأبي العباس الأحول 2489 الاشتراك اللغوي لابن ظفر الصقلي 2643 الاشتقاق لابن خالويه 1036 الاشتقاق لابن السراج 2536 الاشتقاق لأبي جعفر النحاس 469 الاشتقاق للأخفش الأوسط 1376 الاشتقاق للزجاج 59، 60، 63 الاشتقاق لقطرب 2647 الاشتقاق للمبرد 2684 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3328 الاشتقاق للمفضل بن سلمة 2709 اشتقاق الأسماء لابن دريد 2492 اشتقاق الأسماء لأبي نصر الباهلي 227 اشتقاق الأسماء للعمراني 1963 اشتقاق الأسماء ليوسف الزجاجي 2848 الاشتقاق لأسماء الله لأبي جعفر النحاس 469 اشتقاق أسماء القبائل لابن دريد 2495 اشتقاق خالويه لابن خالويه 1036 الاشتقاق الصغير للرماني 1827 الاشتقاق الكبير للرماني 1827 الإشراف لأحمد بن حارث الخراز 230 أشراف عبد القيس للمدائني 1857 الإشراف على معرفة الأطراف لابن عساكر 1698 الإشراف في اختلاف العلماء لابن المنذر النيسابوري 2717 الإشراق لأبي بكر بن المنذر 268 الأشربة لابن قتيبة 1922 الأشربة للشافعي 2417 الأشربة لمسكويه 2773 الأشربة الصغير لإبراهيم بن محمد الثقفي 105 الأشربة الكبير لإبراهيم بن محمد الثقفي 105 أشعار أبي الحسن البيهقي 1762 أشعار أبي سعد ابن الموصلايا 1634 أشعار الأزد للسكري 856 أشعار بجيلة للسكري 856 أشعار بني أشجع للسكري 856 أشعار بني الحارث للسكري 856 أشعار بني حنيفة للسكري 856 أشعار بني ربيعة للسكري 856 أشعار بني ربيعة الجوع لعلي الدهكي 1641 أشعار بني سعد للسكري 856 أشعار بني شيبان للسكري 856 أشعار بني ضبة للسكري 856 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3329 أشعار بني طيء للسكري 856 أشعار بني عبد ود للسكري 856 أشعار بني عدي للسكري 856 أشعار بني القين للسكري 856 أشعار بني كنانة للسكري 856 أشعار بني محارب للسكري 856 أشعار بني مخزوم للسكري 856 أشعار بني نمير للسكري 856 أشعار بني نهشل للسكري 856 أشعار بني هذيل للسكري 856 أشعار بني يربوع للسكري 856 أشعار بني يشكر للسكري 856 أشعار الجن المتمثلين في من تمثل منهم بشعر للمرزباني 2583 أشعار الجواري للمفجع 2338 أشعار الشراة لعمر بن شبة 2093 أشعار الضباب للسكري 856 أشعار فهم وعدوان للسكري 856 أشعار القبائل لأبي عبيدة 2708 أشعار القبائل لأبي عمرو الشيباني 627 أشعار القبائل لخالد بن كلثوم 1237 أشعار قريش لأبي العباس المرثدي 453 أشعار الكتاب لعبد العزيز بن حاجب النعمان 1568 أشعار اللصوص للسكري 2329 أشعار مزينة للسكري 856 أشعار المعاياة وطرائفها للكسائي 1752 أشعار الملوك لابن المعتز 1526 أشعار النساء للمرزباني 2583 أشعار هذيل 2402، 2403 2409 أشعار الهذليين 451 الأشكال والقرائن للبرقي 432 أصبهان وأخبارها لحمزة بن الحسن 1220 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3330 أصحاب الكهف لهشام ابن الكلبي 2780 اصطدام الفرسين والنفسين للشافعي 2417 إصلاح الأخلاق لعلي بن نصر النصراني 1983 إصلاح حركات النجوم للقاضي صاعد الجياني 2857 إصلاح الغلط للخطابي 487 إصلاح غلط المحدثين للخطابي 1206 إصلاح كتاب اقليدس في الأصول الهندسية لسنان بن ثابت 1405 إصلاح كتب أبي سهل القوهي لسنان بن ثابت 1405 الإصلاح لما وقع من الخلل في الصحاح للقفطي 2028 إصلاح المال للمدائني 1858 إصلاح المنطق لابن السكيت 90، 227، 361، 380، 451، 1016، 1495، 1506، 1516، 1555، 1648، 1649، 1755، 1760، 1922، 1973، 2293، 2322، 2825، 2841، 2847 إصلاح المنطق لأبي حنيفة الدينوري 261 إصلاح المنطق لأحمد بن جعفر الدينوري 206 الإصلاح والإيضاح في النحو للعوامي 2295 أصناف الجماع للمسبحي 2568 أصناف المرجئة لواصل بن عطاء 2795 الأصنام للجاحظ 2118 الأصنام لعلي بن الحسن بن فضيل 1673 الأصنام لهشام ابن الكلبي 2780 الأصوات للأخفش الأوسط 1376 الأصوات لقطرب 2647 الأصول لابن السراج 814، 1517، 1827، 2536، 2831 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3331 أصول الفقه لابن فارس 412 أصول الفقه لأبي الحسن البيهقي 1762 الأضداد لابن الدهان 1371 الأضداد لابن السكيت 2841 الأضداد لأبي بكر الأنباري 2617 الأضداد لأبي حاتم السجستاني 1407 الأضداد لأبي عبيدة 2708 الأضداد لقطرب 2647 اطرغش وابرعش لابن خالويه 1036 أطعمة المرضى لأبي الحسن البيهقي 1763 أطواق الذهب للزمخشري 2689، 2691 الاعتبار بالإقبال والإدبار لأبي الحسن البيهقي 1762 اعتذار وهب ... لابن أبي طاهر طيفور 284 الاعتزاز بالهجرة لابن عساكر 1699 الاعتزال وفضله للجاحظ 2119 الاعتقاب لأبي تراب 462 الاعتكاف للشافعي 2417 اعتلال القلوب في أخبار العشاق للخرائطي 2471 الاعتماد في الأدوية المفردة لابن الجزار القيرواني 187 الإعجاب في الإعراب لابن بايجوك 2618 إعجاز القرآن لأبي الحسن البيهقي 1762 إعجاز القرآن للرماني 1827 الإعجاز والإيعاز في المعاني والألغاز لابن بنين 1387 أعجب العجب- شرح لامية العرب للزمخشري 2691 الإعراب للمبرد 2684 إعراب ثلاثين سورة لابن خالويه 1036 إعراب الحديث لأبي البقاء العكبري 1516 إعراب الحماسة لأبي البقاء العكبري 1516 إعراب الشواذ من القراءات لأبي البقاء العكبري 1516 إعراب القرآن لابن الخطيب التبريزي 2825 إعراب القرآن لأبي البقاء العكبري 1516 إعراب القرآن لأبي جعفر النحاس 469 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3332 إعراب القرآن لأبي حاتم السجستاني 1408 إعراب القرآن لقطرب 2647 إعراب القرآن لمكي بن أبي طالب 2714 إعراب القراءات لأبي طاهر الصقلي 662 إعراب لامية الشنفرى لأبي البقاء العكبري 2601 إعراب الدريدية للقزاز القيرواني 2478 أعز المطالب إلى أعلى المراتب في الزهد لابن كوجك الوراق 1733 الأعشاش وصناعة الحسبة لابن الطيب 292 أعلاق الملوين وأخلاق الأخوين لمسعود الصراني البيهقي 2699 أعلام الحديث للخطابي 487، 488 أعلام السنن في شرح صحيح البخاري للخطابي 1206 أعلام الكلام- لطائف وملح لابن شرف 2640 أعلام المعاني في معاني الشعر لأبي هلال العسكري 920 أعلام نبوة نبينا عليه السلام لأبي عبيد البكري 1536 أعلام النصر للأسعد ابن مماتي 641 أعمال الهند للمدائني 1857 أعياد بغداد الفرس لحمزة بن الحسن 1221 الأعياد وفضائل النوروز 698 الأعياد والنواريز لابن مهدي الكسروي 1980 الأعيان لأبي عبيدة 2709 إغارة كثير على الشعراء للزبير بن بكار 1325 الأغاني لأبي الفرج 269، 877، 1105، 1641، 1707، 1708، 1709، 1713، 1719، 1720، 1922 الأغاني لحبيش بن موسى الصيني 805 الأغاني لعمر بن شبة 2093 أغاني زرياب لأسلم بن أحمد الأندلسي 424 الأغاني الكبير لإسحاق الموصلي 615 أغاني المحدثين لابن ناقيا 1561 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3333 الأغاني على حروف المعجم لحبيش بن موسى الصيني 805 أغاني معبد لإسحاق الموصلي 615 كتاب أغانيه التي غنى بها لإسحاق الموصلي 615 الإغراب في الإعراب للواحدي 1660 الإغفال لأبي علي الفارسي 814 الإفادة في إثبات الحشر والإعادة لأبي الحسن البيهقي 1762 الإفادة في أخبار مصر لعبد اللطيف البغدادي 1572 الإفادة في كلمة الشهادة لأبي الحسن البيهقي 1762 الإفادة في النحو لمحمود بن حمزة الكرماني 2687 الأفانين للبرقي 432 افتخار الشتاء والصيف للجاحظ 2118 افتخار العجم على العرب لسعيد ابن البختكان 1366 افتراق ولد نزار لهشام ابن الكلبي 2780 الإفصاح عن معاني أبيات الإيضاح لأبي البقاء العكبري 1516 الإفصاح في تفسير الصحاح لابن هبيرة 860 الإفصاح في شرح أبيات مشكلة لابن أسد الفارقي 841 الإفصاح في شرح الإيضاح (شرح الإيضاح للفارسي) لنصر بن علي الشيرازي 2749 الإفصاح والتثقيف في الخراج ورسومه لخشكنانجه 1986 الأفعال لابن طريف 1669 الأفعال لابن القطاع الصقلي 1669، 2593 الأفعال لابن القوطية 1669 الأفق فيما تلحن فيه العامة لابن خالويه 1036 الأقاليم لهشام ابن الكلبي 2781 الاقتداء بالصادق في حفر الخندق لابن عساكر 1699 الاقتصاد في القراءات السبع لأبي عمرو الداني 1604 الاقتصارات لنفطويه 122 اقتضاء العلم العمل للخطيب البغدادي 387 الاقراباذين الصغير 2773 الاقراباذين الكبير لابن التلميذ 2773 إقرار أحد الابنين بأخ للشافعي 2417 الإقرار بالحكم الظاهر للشافعي 2417 الإقرار والمواهب للشافعي 2416 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3334 أقسام الحكمة لابن سينا 1077 أقسام العربية لعسل بن ذكوان 1622 أقسام العلوم لأبي زيد البلخي 259، 274 الأقضية للشافعي 2417 إقطاع النبي للمدائني 1854 اقليد الغايات للمعري 328 اقليدس 1071، 1405، 2547 الإقناع للماوردي 1956 الإقناع في اللغة لأبي الفتح المطرزي 2741 الإقناع في النحو لأبي سعيد السيرافي (أتمه ابنه يوسف) 878، 2847 الأقوال العربية في الأمثال النبوية لابن بنين 1386 الاكتفاء في القراءات لابن طاهر الصقلي 662 إكسير الذهب في صناعة الأدب (نحو) لابن فضال المجاشعي 1835 إكسير كيمياء التفسير لابن ظفر الصقلي 2644 الإكسير في علم التفسير لابن فضال المجاشعي 1835 الإكسير في النحو لابن فضال 1837 الأكلة للمدائني 1858 الإكليل في مفاخر قحطان للهمداني 810، 1037 الإكمال في المؤتلف والمختلف لابن ماكولا 507، 1990 التفات الشعراء المحدثين لابن المعتز 1526 الألفات لابن خالويه 1036 الألفات لأبي بكر بن الأنباري 2618 الألفات لأبي بكر الجعد 2570 الألفات في القرآن للرماني 1827 ألفات القطع والوصل لأبي سعيد السيرافي 878 ألف سمر من أسمار العرب والعجم والروم و ... للجهشياري 2569 الألف واللام للمازني 763، 1827، 2679 الألفاظ لابن الاعرابي 2533 الألفاظ لابن السكيت 448، 1922، 2521، 2841 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3335 الألفاظ لعبد الملك بن قطن المهري 2859 الألفاظ للعتابي 2244 الألفاظ للمفضل الضبي 2712 ألفاظ الكتبة لعبد الرحمن بن عيسى 2347 الألفاظ المهموزة لابن جني 1598 ألفية في النحو لابن معطي 2831 ألقاب بني طابخة لهشام ابن الكلبي 2780 ألقاب ربيعة لهشام ابن الكلبي 2780 ألقاب الشعراء ... لابن أبي طاهر طيفور 284 ألقاب القبائل كلها لابن حبيب 2482 ألقاب قريش لهشام ابن الكلبي 2780 ألقاب قيس عيلان لهشام ابن الكلبي 2780 ألقاب اليمن لهشام ابن الكلبي 2780 ألقاب اليمن ومضر وربيعة لابن حبيب 2483 القام الالحام في تفسير الأحلام لشميم الحلي 1697 الألواح العمادية للشهاب السهروردي 2807 الألوية لأبي حذيفة البخاري 623 الإماء الشواعر لأبي الفرج الأصبهاني 1708 الأماثل والأعيان ومنتدى العواطف والإحسان لهلال بن المحسن 2783 الامارات في شرح الإشارات لأبي الحسن البيهقي 1763 الإمالة لمكي بن أبي طالب 2714 الأمالي لابن الحداد القيرواني 1373 الأمالي لابن دريد 2495 أمالي ابن الشجري 2775 أمالي أبي أحمد العسكري 915 أمالي أبي بكر ابن الأنباري 2617، 2618 أمالي أبي الحسن البزار 1496 أمالي أبي سليمان الخطابي 2406 الأمالي لأبي عبد الله الحلواني 1381 الأمالي لأبي علي القالي 730، 781 أمالي ثعلب في معاني القرآن وغيرها 2472 أمالي الحامض 2557 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3336 أمالي الزجاجي 92، 492 الأمالي للقصباني 2180 أمالي الاشتقاق لعين القضاة الهمذاني 1551 أمالي الطلاق للشافعي 2418 الأمالي في النحو للزمخشري 2691 إمام التنزيل في علم القرآن لابن خلاد الرامهرمزي 923 الإمامة للشافعي 2416 إمامة بني العباس للجاحظ 2118 الإمامة صغير لإبراهيم بن محمد الثقفي 105 الإمامة على مذهب الشيعة للجاحظ 2118 الإمامة كبير لإبراهيم بن محمد الثقفي 105 إمامة معاوية للجاحظ 218 الإمامة والسياسة في قسم سير الخلفاء لابن حزم 1657 الأماني الصادقة للحميدي 2600 الأماني في التهاني لشميم الحلي 1696 الإمتاع والمؤانسة للتوحيدي 1925 الامتحان للبرقي 431 امتحان الدهر لعلي بن عبيدة 1816 امتحان الكتاب لابن حمادة الكاتب 470 الأمثال لابن السكيت 2841 الأمثال لأبي زيد الأنصاري 1362 الأمثال للأصعمي 2294 الأمثال للأمير أبي الفضل الميكالي 1760 الأمثال للبرقي 431 الأمثال للجاحظ 2119 الأمثال للخالع الرافقي 1147 الأمثال للزيادي 68 الأمثال لسعدان بن المبارك 1347 الأمثال لصحار العبدي 1446 الأمثال لعبيد بن شرية 1583 الأمثال لعلاقة بن كرسم 1630 الأمثال للقاسم بن محمد الأنباري 2228 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3337 الأمثال للمفضل الضبي 2712 الأمثال لنفطويه 122 الأمثال ليونس بن حبيب 2852 أمثال حمير لهشام ابن الكلبي 2780 الأمثال السائرة لأبي عبيد القاسم بن سلام 1494، 1760، 2201، 2293، 2472 الأمثال السائرة لأبي عبيدة 2708 الأمثال الصادرة عن بيوت الشعر لحمزة بن الحسن 1220 الأمثال على أفعل- المنمق لابن حبيب 2482 الأمثال على أفعل لحمزة بن الحسن 1220 أمثال القرآن لنفطويه 122 أمثال النبي (صلّى الله عليه وسلم) لابن خلاد الرامهرمزي 923 أمثلة الأعمال النجومية لأبي الحسن البيهقي 1763 أمثلة الغريب على أوزان الأفعال لكراع النمل 1673 الأمد في علوم القرآن لابن جرو الأسدي 1578 أمراء المدينة لعمر بن شبة 2093 أمراء مكة لعمر بن شبة 2093 أمر البحرين للمدائني 1857 أمر الحبشة والفيل للواقدي 2598 أمر محمد بن علي بن عبد الله بن عباس للمدائني 1855 الأمر والنهي- كتاب المكتفي لعمر بن عثمان بن خطاب التميمي 2096 الإملاء على المفضل لشرف الدين المرسي 2547 أمهات أعيان بني عبد المطلب لابن حبيب 2482 أمهات الأولاد لأبي جعفر الطبري 2458 أمهات الأولاد للجاحظ 2119 أمهات الخلفاء لهشام ابن الكلبي 2781 أمهات السبعة من قريش لابن حبيب 2482 أمهات المؤمنين لابن شجرة 420 أمهات النبي للمدائني 1854 أمهات النبي (صلّى الله عليه وسلم) لهشام ابن الكلبي 2781 الأموال لأبي عبيد القاسم بن سلام 2201 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3338 أموال النبي (صلّى الله عليه وسلم) وكتابه ومن كان يرد عليه الصدقة من العرب للمدائني 1855 الأنباء بمعاني الأسماء لابن الحذاء الأندلسي 2686 أنباء نجباء الأبناء لابن ظفر الصقلي 2643 انتزاعات القرآن للعميدي 2349 الانتصار في الرد على الشعوبية لأحمد بن محمد العدوي 430 الانتصار في ما انفردت به الإمامية للشريف المرتضى 1729 انتصاف العجم من العرب- التسوية لسعيد بن حميد 1366 الانتصار على ابن الخشاب لابن الشجري 2776 الانتصار لأبيه من محمد بن جرير لابن داود الظاهري 2527 الانتصار لأبيه من الناشىء المتكلم لابن داود الظاهري 2527 الانتصار لسيبويه لابن داود 460 الانتصار لسيبويه على أبي العباس في كتاب الغلط للقصري 1575 الانتصار لقراء الأمصار لأبي بكر ابن مقسم المقرىء 2505 الانتصار المنبي عن فضائل المتنبي لمحمد بن أحمد المغربي 2301 الانتصار المنبي عن فضل المتنبي للمتيم الأفريقي 485 الانتصار من الأشرار لأبي الحسن البيهقي 1762 الانتصاف في الرد على أبي بكر الأدفوي لمكي بن أبي طالب 2714 انتقاد العلم الإلهي على محمد بن زكريا للكعبي 2714 انتهاز الفرص في تفسير المقلوب من كلام العرب لابن الجبان أبي منصور 2579 الانجيل 246، 337 338، 426، 2696 الإنذار بحدوث الزلازل لابن عساكر 1699 الانذار والاعذار لابن داود الظاهري 2527 أنس ذوي الفضل في الولاية والعزل لعبد العزيز ابن حاجب النعمان 1568 أنس الفريد لمسكويه 495 أنس اللهفان من كلام عثمان بن عفان للوطواط 2632 الأنس والسلوة للجاحظ 2119 الأنساب للمهذب ابن الزبير 942 أنساب الأمم للبرقي 431 أنساب قريش وأخبارها لأحمد بن محمد العدوي 430 أنساب قريش للزبير بن بكار 1322، 1325 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3339 أنساب مشاهير أهل الأندلس للرازي 473 الانسان لأبي عبيدة 2708 الإنسان لأبي هاشم الجبائي 2859 الانصاف لابن سينا 1077 الانصاف بين ابن بري وابن الخشاب في كلامهما على المقامات لعبد اللطيف البغدادي 1572 الانصاف في تفسير القرآن لأبي السعادات ابن الأثير 2271 انفرادات القراء السبعة لابن مجاهد 521 الانفراد لابن مهران المقرىء 233 أنموذار نامه، أبيات غريبة من كليلة ودمنة مشروحة بالفارسية للمؤذن الخوارزمي 128 الانموذج لابن رشيق 97، 862، 865 الانموذج في النحو للزمخشري 2691 الانموذج في النحو للميداني 511 الانهار لهشام ابن الكلبي 2781 الانواء لابن الأجدابي 51 الانواء لابن الأعرابي 2533 الانواء لابن حبيب 2482 الانواء لابن دريد 2495 الانواء لابن عمار 367 الانواء لأبي حنيفة الدينوري 259، 260 الانواء لأبي العباس المرثدي 453 الانواء للأخفش الصغير علي بن سليمان 1771 الانواء لمؤرج السدوسي 2732 الانواء للنضر بن شميل 2761 الانواء والبوارح للمفضل بن سلمة 2709 الانواء والأزمنة للمبرد 2684 الانواء لابن خرداذبه 1574 الانواء لأبي جعفر النحاس 469 الانواء لأبي الحسن الشمشاطي 1908 أنوار الأزهار في معاني الأشعار لابن بنين 1387 الانوار في تفسير القرآن لأبي بكر ابن مقسم 2505 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3340 الانوار في معاني القرآن لابن مقسم المقرىء 2503، 2505 الانوار والثمار في ما قيل في الورد والنرجس للمرزباني 2583 الانواع لأبي بكر الصولي 2678 الانواع لعلي بن عبيدة 1815 أنواع الأسجاع لابن أبي الزلازل 1129 أنواع الدعاء لحمزة بن الحسن 1220 أنواع الرفاع في الاسجاع لشميم الحلي 1696 أنيس الجليس في التجنيس لشميم الحلي 1691، 1696 الانيق في شرح الحماسة لابن سيده 1648 الأوائل لأبي هلال العسكري 920، 921 الأوائل للبرقي 432 الأوائل للمدائني 1858 الأوائل لهشام ابن الكلبي 2780 أوائل الأدلة للكعبي 1493 الأوائل في أخبار الفرس القدماء ... للمرزباني 2583 كتاب الأودية والجبال والرمال للخالع الرافقي 1147 الأوراق للصولي 249، 453 الأوسط لأبي بكر ابن مقسم المقرىء 2505 الأوسط لثعلب 553 الأوسط في العروض لبزرج العروضي 746 الأوسط في النحو للأخفش الأوسط 1376 الأوصاف لعلي بن عبيدة 1816 الأوقات لأبي الحسن أحمد ابن المنجم 554، 2826 أولاد الخلفاء لهشام ابن الكلبي 2781 الأولياء للشافعي 2417 أوهام الجمع والتفريق- الموضح- الأيام لعمر بن بكير 2064 أيام بني حنيفة لهشام ابن الكلبي 2781 أيام بني مازن وأخبارهم لأبي عبيدة 2708 أيام جرير التي ذكرها في شعره لابن حبيب 2482 الأيام الصغير لأبي عبيدة 2709 الأيام الكبير لأبي عبيدة 2709 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3341 أيام فزارة ووقائع بني شيبان لهشام ابن الكلبي 2781 أيام قيس بن ثعلبة لهشام ابن الكلبي 2781 الأيام والليالي لابن السكيت 2841 إيجاب الجزاء على قاتل الصيد في الحرم.. لمكي بن أبي طالب 2714 إيجاب الجمعة للشافعي 2416 الايجاز لابن داود الظاهري 2527 إيجاز البيان في معاني القرآن لبيان الحق محمود النيسابوري 2686 الايجاز في الفقه لابن داود الظاهري 2527 الايجاز في معرفة الألغاز للحظيري 1350 الايجاز في ناسخ القرآن ومنسوخه لمكي بن أبي طالب 2713 الايجاز في النحو للرماني 1827 الايجاز في النحو (اختصار الايضاح للفارسي) لمحمود بن حمزة الكرماني 2687 إيساغوجي 1071 الايصال إلى فهم كتاب الخصال لابن حزم 1653، 1657 الايضاح النحوي لأبي علي الفارسي 813، 814، 816، 858، 1332، 1337، 1371، 1381، 1516، 1829، 1956 إيضاح البراهين في الأصول لأبي الحسن البيهقي 1762 الايضاح الشعري لأبي علي الفارسي 814 الايقاع للخليل بن أحمد 1271 الايقاع لعلي بن عبيدة 1816 الأيك والغصون للمعري 328 الايلاء للشافعي 2417 الايماء (مختصر المنتقى) للباجي 1388 إيمان عثمان لأبي زيد الأنصاري 1361 الايمان والنذور لأبي عبيد القاسم بن سلام 2201 الايمان والنذور للشافعي 2417 الايناس في أخبار آل مرداس للقفطي 2028 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3342 (ب) البارع في اخبار الشعراء المولدين لابن المنجم هارون بن علي بن يحيى 2763 البارع في شرح التلقين لابن هارون العسكري 471 البارع في اللغة للقالي 730 البارع في اللغة للمفضل بن سلمة 1966، 2709 البارع لنفطويه 122 البازي لابي عبيدة 2708 باعث الجلد عند حادث الولد للأسعد بن مماتي 641 الباهر في اخبار شعراء مخضرمي الدولتين لابي أحمد بن المنجم 2826 الباهر في أشعار المحدثين لجعفر بن محمد بن حمدان 793، 794 الباهر في الفروق لابي السعادا ت ابن الاثير 2271 البحث لابن السكيت 2841 البحث عن التأويلات لابي زيد البلخي 275، 280 البحث عن معنى البعث لعين القضاة الهمذاني 1551 البحث في حساب الهند لابي حنيفة الدينوري 260 البحث والحث لابن شجرة 420 بحر النحو لابن منيرة الكفر طابي 2685 البحيرة والسائبة للشافعي 2417 البخلاء للجاحظ 1409، 2118 البخلاء للخطيب البغدادي 387 بدء خلق ابليس والجن للبرقي 432 بدء الخلق- كتاب المبتدأ لابي حذيفة البخاري 622، 623 بدائع البدائه لابن ظافر 1778 بدائع الفكر في بدائع النظم والنثر لشميم الحلي 1697 بدائع الملح لصدر الافاضل 2198 البداية في المعاني والبيان لابن بايجوك 2618 البدع لمحمد بن بحر الرهني 2435 البدل للنجار 666 بدود لدود ردود لسهل بن هارون 1410 البديع في صناعة الشعر لابن المعتز 1523، 1526 البديع في القراءات لابن خالويه 1036 البديع في النحو لابي السعادات ابن الاثير 2270 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3343 البديع في النحو للربعي 1829 بذل الاستطاعة في الكرم والشجاعة لابن بنين 1387 البر والاثم في الاخلاق لابن سينا 1072، 1077 البراعة لابن داود الظاهري 2527 البراعة للحاتمي 2507 البراعة لعلي بن نحو النصراني 1983 برجان وحباحب لمحمد بن حسان النملي 2484 البرق الشامي للعماد الاصفهاني 2627 البرق للشريف المرتضى 1729 البرهان لابن كيسان 2307 البرهان العميدي (التفسير الكبير) لابن فضال المجاشعي 1834، 1835 البرهان في تفسير القرآن لعلي بن ابراهيم الحوفي 1644 البرهان في علل النحو لابن عبدوس الكوفي 1869 بساتين الانس ودساتين الحدس في براهين النفس لابي الحسن البيهقي 1763 البسالة لابي العميثل 1519 البستان للفتح بن خاقان 2157 بستان الشرف لاسماعيل بن الحسن العلوي 653 البسط في أحكام الخط لابن بنين 1387 البسملة لابن هيصم الهروي 1783 البسملة لعلي بن الفضل المزني 1839 البسيط للطبري- بسيط القول في أحكام شرائع الاسلام 2451، 2459 البسيط في التفسير للواحدي 1660 البشرى في تعبير الرؤيا لابن الحذاء الاندلسي 2676 البشرى والظفر لابن جني 1599 البصائر للتوحيدي 1925 بعض الحكمة المشرقية لابن سينا 1077 بعض فضائل أمير المؤمنين علي للمعري 333 البغاء لابن الشاه الطاهري 1868 البغاء لمحمد بن حسان النملي 2484 البغل للجاحظ 2117 البغية في الادوية المركبة لابن الجزار القيرواني 187 بقية الانتصار المكثر للاختصار لمحمد بن احمد المغربي 2301 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3344 البكرة لابي عبيدة 2708 البلاغة للمبرد 2684 البلاغة الخفية لابي الحسن البيهقي 1762 البلاغة والخطابة لجعفر بن احمد المروزي 777 البلدان لابن الفقيه 459، 460 البلدان لابي حنيفة الدينوري 260 البلدان للبشاري أبي عبد الله 282 البلدان للجيهاني 459 البلدان الصغير للبلاذري 534 البلدان الصغير لهشام ابن الكلبي 2781 البلدان الكبير للبلاذري 534 بلغة الحكيم لعبد اللطيف البغدادي 1573 بلغة الفاضل للقشيري 1571 البلغة في الفرائض لابي البقاء العكبري 1516 بلوغ الرشد للشافعي 2417 بناء الكعبة للمدائني 1857 بناء الكلام لبزرج العروضي 746 بنات النبي (صلّى الله عليه وسلم) وأزواجه للبرقي 432 البهجة لمحمد بن جعفر الهمذاني 2473 البهي للفراء 539، 2815 البيان لابن طاهر بن أبي هاشم المقرىء 2504 بيان الاعراب للفارابي 618، 620 بيان باهلة لابي عبيدة 2709 بيان ذوات الجهة لابن سينا 1077 بيان الصغائر لمكي بن أبي طالب 2714 بيان العمل في الحج أول الاحرام لمكي بن ابي طالب 2714 البيان عن وجوه القراءات السبع لمكي بن ابي طالب 2713 بيان فرض الله عز وجل للشافعي 2416 البيان في أسماء الائمة للمسعودي 1706 البيان في شرح عقود أهل الايمان لابن شاهويه الاهوازي المقرىء 937 البيان في شواهد القرآن لابي الحسن الباقولي 1737 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3345 البيان في علم القرآن لابي عامر الجرجاني 2166، 2170 البيان والبرهان في الرد على أهل الزيغ والطغيان للفخر الرازي 2589 البيان والتبيين الجاحظ 249، 2109، 2117، 2118 بيت مال السرور لابن ابي عون 107 بيت المصاحف للشافعي 2417 بيعة أمير المؤمنين لابراهيم بن محمد الثقفي 105 بيوتات ربيعة لهشام ابن الكلبي 2780 بيوتات العرب لابي زيد الانصاري 1361 بيوتات العرب لابي عبيدة 2708 بيوتات العرب للهيثم بن عدي 2792 بيوتات قريش للهيثم بن عدي 2792 بيوتات اليمن لهشام ابن الكلبي 2780 البيوع للمطرز 2559 البيوع الكبير للشافعي 2416 (ت) التاج لابي عبيدة 2708 تاج الحرة للمعري 329 تاج الرسائل لاسعد العتبي 633 تاج المصادر لابي جعفر المقرىء 1760 تاج المصادر لبو جعفرك 399 التاجي لابي اسحاق الصابي 131، 158 التاجي في اخبار آل بويه لسنان بن ث ابت 1405 تأخير المعرفة لابي العنبس الصيمري 2421 التاريخ لابراهيم بن محمد الثقفي 105 التاريخ لابن ابي خيثمة 262 التاريخ لابن اعثم الكوفي 202 تاريخ ابن بشران ابي عبد الله 198 التاريخ لابن شجرة 420 تاريخ ابن القلانسي 1214 التاريخ لابي جعفر الطبري 1949 التاريخ لاحمد بن عبد الله الفرغاني 294 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3346 تاريخ اسماعيل الخطبي 727 التاريخ للبرقي 431 التاريخ لثابت بن سنان 772 التاريخ لعمر بن شبة 2093 التاريخ لنفطويه 122 التاريخ لياقوت 102 تاريخ آي القرآن لتأكيد كتب السلطان لجعفر بن احمد المروزي 777 تاريخ ابيورد ونسا للابيوردي 2364 التاريخ الاصغر للرازي 473 التاريخ الاوسط للرازي 473 تاريخ اخبار الخلفاء لهشام ابن الكلبي 2781 تاريخ اخبار السلجوقية للقفطي 2028 تاريخ الاسلام للحميدي 2600 تاريخ الاشراف الصغير للهيثم بن عدي 2792 تاريخ الاشراف الكبير للهيثم بن عدي 2792 تاريخ اصفهان لحمزة بن الحسن 1220 تاريخ اعمار الخلفاء للمدائني 1856 تاريخ افريقية والمغرب للرقيق القيرواني 97 تاريخ الامم والملوك للطبري 2442 (مع وصف لمحتوياتهم) 2456- 2457 تاريخ الاندلس لابن حيان 1229 تاريخ الاندلس لابن القوطية 2593 تاريخ ايام السلطان محمود واخبار ابيه للبيروني 2333 تاريخ ايامه لاسامة بن منقذ 579 تاريخ بخارا لغنجار الحافظ 2349 تاريخ البطائح لأحمد بن بختيار الماندائي 202 تاريخ بغداد للخطيب 360، 384، 385، 386، 824، 1089، 2157، 2189 تاريخ بغداد (كتاب بغداد) في أخبار الخلفاء والامراء وأيامهم لابن ابي طاهر طيفور 282، 284 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3347 تاريخ بغداد ذيل على تاريخ الخطيب لابن النجار 2644 تاريخ بيهق بالفارسية لابي الحسن البيهقي 1763 تاريخ الحاكم النيسابوري 1569 تاريخ حلب في أخبار ملوكها وابتداء عمارتها لابن العديم 2086 تاريخ الحوادث لابن حمدون ابي نصر 2523 تاريخ الخلفاء لابن حبيب 2482 تاريخ خوارزم لمحمد بن أرسلان 1960، 1961 تاريخ دمشق لابن عساكر 1089، 1698، 2152 تاريخ الرجال لابن حزم الصدفي 268 تاريخ الرجال- ذيل المذيل للطبري 2444، 2457 2463، 2464 تاريخ الرسل والانبياء والملوك والخلفاء 2444 تاريخ الرسل والملوك واخبارهم ... 2456 تاريخ السلامي في ولاة خراسان 923 تاريخ السمعاني 357، 574 581، 586، 587 تاريخ السنين لابراهيم بن محمد بن عبد الرحمن بن الفرات الهروي 2322 تاريخ سني العالم لابي عيسى المنجم 369 التاريخ الصغير لأحمد العمي 174 تاريخ صقلية 1669 تاريخ العجم وبني أمية للهيثم بن عدي 2792 التاريخ على السنين لابن الازهر الاخباري 792، 2418 تاريخ فارس لمحمد بن عبد العزيز الشيرازي القصار 927 تاريخ الفقهاء للواقدي 2598 التاريخ في أخبار الامم من العرب والعجم للمسعودي 1706 تاريخ القبائل لابن الاعرابي 2533 التاريخ الكبير لأحمد العمي 174 التاريخ الكبير للواقدي 2598 التاريخ الكبير على السنين لابن زولاق 808 تاريخ الكوفة لابن النجار الكوفي 2475 تاريخ المحدثين لابن حزم الصدفي 268 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3348 تاريخ محمود بن سبكتكين وبنيه للقفطي 2028 تاريخ مدينة السلام للخطيب 390، 2644 التاريخ مرتب على السنين للهيثم بن عدي 2792 تاريخ مرو للمؤذن ابي صالح النيسابوري 360 تاريخ المسبحي 2567 تاريخ مصر من ابتدائها الى ملك صلاح الدين اياها للقفطي 2028 تاريخ المغرب للقفطي 2028 تاريخ الملك واختلاف الدول للصاحب 698 تاريخ الملوك السريان لسنان بن ثابت 1405 تاريخ النحاة لابي المحاسن التنوخي 2710 تاريخ واسط لابن الدبيثي ابي عبد الله 2539 تاريخ واسط لبحشل 646 التاريخ والمغازي والبعث للواقدي 2598 تاريخ يحيى بن منده 521 تاريخ اليعقوبي 557 تاريخ اليمن منذ ان اختطت والى الآن للقفطي 2028 تأسيس التقديس للفخر الرازي 2589 التالي لحديث مالك العالي لابن عساكر 1699 تأليف مختصر في النحو ليحيى بن محمد الارزني 2830 التأويل للبرقي 431، 432 تأييد التذكرة لابن جني 1598 تأييد مقالة أبي الهذيل في الجزء للكعبي 1493 التبصرة لابي هلال العسكري 920 التبصرة للبرقي 431 التبصرة في القراءات لابي سعيد بن عبد الصمد 1367 التبصرة في القراءات لمكي بن ابي طالب 2713 التبيان للبرقي 432 التبيين لأسماء المدلين للخطيب البغدادي 387 تبيين غلط قدامة في نقد الشعر للآمدي 847، 851 تبيين الغموض في علم العروض لعيسى بن معلى الرافقي 2143 تبيين كذب المفتري على الاشعري لابن عساكر 1699 تتبع ابيات المعاني للمتنبي التي تكلم عليها ابن جني للشريف المرتضى 1729 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3349 التتبع لابي علي الجبائي في التفسير لابي علي الفارسي 814 تتمة جوامع الاسكندرانيين لكتاب حيلة البرء لابن التلميذ 2773 تتمة صوان الحكمة لابي الحسن البيهقي 1763 تتمة الفصيح لابن فارس 411 تتمة ما قصر فيه ابن جني في شرح ابيات الحماسة لابن أبي الدميك 2729 تتمة اليتيمة للثعالبي 1016، 1017 التثليث لابي زيد الانصاري 1361 التثنية والجمع للاخفش الصغير علي بن سليمان 1771 التثنية والجمع للجرمي 1035، 1444 تجارب الامم لمسكويه 493، 495 التجمير في شرح المفصل لصدر الافاضل 2197 التجني على ابن جني لابن فورجة 2524 تحبير الافكار في تحرير الاشعار لابن بنين 1387 التحبير في علم التذكير للقشيري 1571 تحديد الجدل للكعبي 1493 التحذير للبرقي 431 التحرير في التذكير لابي الحسن البيهقي 1762 تحريم ما يجمع من النساء للشافعي 2417 تحصيل الحق للفخر الرازي 2589 التحصيل في تفسير القرآن لابن عمار المهدوي 509 تحصين الاموال للجاحظ 2119 التحف والطرف لابن النجار الكوفي 2475 تحفة السادة لابن الحسن البيهقي 1762 تحفة الصديق من كلام ابي بكر الصديق للوطواط 2632 تحفة الكتاب في الرسائل لمحمد بن أحمد المغربي 2301 تحفة الملوك في تعبير الرؤيا لخلف بن أحمد ملك سجستان 1285 تحفة الوامق لاسحاق المحرر 617 تحفة الوزراء للكعبي 1493 التحميض في التغميض لشميم الحلي 1697 تحويل سني المواليد لابن سريج الكاتب 630 تخفيف الهمزة لابي زيد الانصاري 1361 التخويف للبرقي 431 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3350 تخيلات العرب للخالع الرافقي 1147 تدبير الملك والسياسة لسهل بن هارون 1410 التدرج لعلي بن عبيدة 1815 التذكرة لابن مسيلمة الكاتب المصري 2035 التذكرة لابي الخير الكفرطابي 1380 التذكرة لابي علي الفارسي 814، 815، 817، 822 التذكرة لمسعود الصواني البيهقي 2699 التذكرة السفرية لملك النحاة 867 التذكرة في اختلاف القراء لمكي بن ابي طالب 2713 التذكرة لأهل البصرة لمحمد بن أحمد الكركانجي 2359 تذكرة النديم لمحمد بن أحمد المغربي 2301 تذكية العقول لابي العنبس الصيمري 2422 التراحم والتعاطف للبرقي 431 تراكيب الانوار للطغرائي 1107 تربية هرمز بن كسرى لابن ابي طاهر 284 التربيع والتدوير للجاحظ 2117، 2119 ترتيب الصحابة في مسند أبي يعلى لابن عساكر 1699 ترتيب الصحابة في مسند أحمد لابن عساكر 1699 ترتيب العادات لمسكويه 496 ترجمان البلاغة لفرحي الشاعر الفارسي 2632 ترجمان الجمان للأسعد ابن مماتي 641 الترجمان في الشعر ومعانيه يشتمل على ثلاثة عشر حدّا (وعدها) للمفجع 2338 الترجمة لابي علي الفارسي 814 ترجمة كتاب الثمرة لابن الداية 560 ترجيح مذهب الشافعي وأخباره للفخر الرازي 2589 التصريف في علم التصريف لابي البقاء العكبري 1516 الترغيب للبرقي 432 الترغيب في علم القرآن للواقدي 2598 الترنم لجحظة 207 ترويح الارواح لجراب الدولة 459 التسديد الى معرفة التوحيد للباجي 1388 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3351 التسلية للبرقي 431 تسلية الضرير للزمخشري 2691 التسمية للغدة 874 تسمية الاحزاب لمكي بن ابي طالب 2714 تسمية الذين يؤذون النبي وتسمية المستهزئين للمدائني 1854 تسمية الخلفاء وكناهم وأعمارهم للمدائني 1856 تسمية الفقهاء والمحدثين للهيثم بن عدي 2792 تسمية قضاة بغداد لطلحة بن محمد بن جعفر 189 تسمية ما في شعر امرىء القيس من اسماء الرجال والنساء والجبال والمياه لهشام ابن الكلبي 2781 تسمية من بالحجاز من أحياء العرب لهشام ابن الكلبي 2781 تسمية من قال بيتا أو قيل فيه لهشام ابن الكلبي 2781 تسمية من نقل من عاد وثمود والعماليق وجرهم وبني اسرائيل من العرب لهشام ابن الكلبي 2780 تسمية المنافقين ومن نزل فيه القرآن منهم ومن غيرهم للمدائني 1854 تسمية ولد عبد المطلب لهشام ابن الكلبي 2781 تسهيل السبيل الى علم الترسيل للحميدي 2600 التسوية بين العرب والعجم للجاحظ 2119 التشبيهات لابن ابي عون 106، 107 التشبيهات لابن ظافر 1778 التشبيهات لابن النديم 2427 التشبيهات لحمزة بن الحسن 1220 التشريح للفخر الرازي 2589 تشريف يوم الجمعة لابن عساكر 1699 التصاريف لابن كيسان 2307 التصاريف لابي زيد الانصاري 1362 تصاريف الافعال لابن القوطية 2593 تصحيح الوجوه والنظائر لابي أحمد العسكري 912 التصحيف لابي أحمد العسكري 912 التصحيف والتحريف للبلطي 1612 التصريف لابن حميدة 2571 التصريف لابن رستم الطبري 457 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3352 تصريف ابي عثمان المازني 763، 1598 التصريف للاحمر 1672 التصريف للرماني 1827 التصريف للمبرد 2684 التصغير لثعلب 553 التصغير للرؤاسي 2488، 2572 تصفية القلوب لابن هيصم الهروي 1783 تصويب علي في تحكيم الحكمين للجاحظ 2118 تضمين الآي للمعري 328 تظلم السور للمعري 334 التعازي للبرقي 432 التعازي للمبرد 2684 التعازي للمدائني 1858 التعازي والمرائي لشميم الحلي 1696 تعاقب العربية لابن جني 1598 تعاليق في الفقه على مذهب الامام مالك لشيث بن ابراهيم 1424 التعبير لابراهيم بن محمد الثقفي 105 تعجيز الفلاسفة (بالفارسي) للفخر الرازي 2589 تعجيل النصر (النظر) وتسهيل الظفر للماوردي 1956 التعديل للباجي 1388 التعديل والانتصاف في أخبار القبائل وأنسابها لابي الفرج الاصبهاني 1708 التعديل والتجريح لمن خرج عنه البخاري في الصحيح للباجي 1388 التعريض بالخطبة للشافعي 2417 التعريض والتصريح للقزاز القيرواني 2478 التعريف برجال الموطأ لابن الحذاء الاندلسي 2676 التعريف بصحيح التاريخ لابن الجزار القيرواني 187 تعريف شواهد التصريف للمؤذن الخوارزمي 128 التعلل باجالة الوهم في معاني نظم اولي الفضل للبيروني 2333 تعلة المشتاق الى ساكني العراق لابن أرسلان الكاتب 1960 تعلة المشتاق الى ساكني العراق للأبيوردي 2365 تعلة المقرور في وصف البرد والنيران وهمذان للانبوري 2365 تعليق على الموطأ لشرف الدين المرسي 2547 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3353 تعليق في الخلاف لابي البقاء العكبري 1516 التعليق في النحو لابن بابشاذ- تعليق الغرفة 1456 تعليقات على خطب ابن نباتة لتاج الدين الكندي 1333 تعليقات على ديوان المتنبي لتاج الدين الكندي 1333 تعليقات فصول بقراط لابي الحسن البيهقي 1763 تعليق الجليس للمعري 332 تعليقة ابي الاسود 91 تعليل العبادات للبلطي 1612 تعليل قراءة ونحن عصبة (بالنصب) لمحمد بن يحيى الحنفي الزبيدي 2675 تعليم نقض المؤامرات لابن الماشطة 1674 التعيين للبرقي 431 التفاح للجاحظ 2119 التفاحة للمطرز 2559 التفاحة في النحو لابي جعفر النحاس 469 تفاسير العقاقير- أسامي الأدوية لابي الحسن البيهقي 1763 تفاسير كتب سيبويه للمازني 763 تفرق الازد لهشام ابن الكلبي 2780 تفرق عاد لهشام ابن الكلبي 2780 تفسير ابن جريح 2454 تفسير ابن عباس 2453، 2454 التفسير لابي الفرج الشنبوذي 2327 التفسير لابي القاسم ابن حبيب 996 التفسير لابي القاسم الكعبي 279 تفسير ابي موسى العنزي 253 التفسير لعلي بن ابراهيم القمي 1641 تفسير ابيات ادب الكاتب للخارزنجي 462 تفسير الاحاديث وأحكامها للبرقي 431 تفسير أرجوزة ابي نواس لابن جني 1599 تفسير أسامي الرب للخطابي 487 تفسير أسماء الله عز وجل للازهري 2322 تفسير أسماء القراء للمطرز 2559 تفسير أسماء النبي (صلّى الله عليه وسلم) لابن فارس 411 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3354 تفسير إصلاح المنطق للأزهري 2322 تفسير ألفاظ كتاب المزني للازهري 2322 تفسير الامثال لابن الاعرابي 2533 التفسير الأوسط لابن أبي الطيب النيسابوري 1781 تفسير تصريف أبي عثمان المازني لابن جني 1598 تفسير الثعلبي 507 تفسير جالينوس لتقدمه المعرفة من كتب أبقراط 2773 تفسير جالينوس لفصول أبقراط 2773 تفسير الحسن البصري 2454 تفسير الحماسة للديمرتي 2229 تفسير خطبة الفصيح للمعري 333 تفسير ديوان المتنبي الكبير لابن جني 1598 تفسير رسالة كتاب سيبويه للأخفش الصغير علي بن سليمان 1771 تفسير الرؤيا لابي العنبس الصيمري 2422 تفسير السبع الطوال للأزهري 2322 تفسير السبع الطوال للقالي 730 تفسير السدي الصغير 725 تفسير السدي الكبير 724، 725 تفسير سعيد بن جبير 2454 تفسير سورة الاخلاص لفخر الدين الرازي 1572 تفسير سورة البقرة على الوجه العقلي لا النقلي للفخر الرازي 2589 تفسير شعر ابي تمام للازهري 2322 تفسير شواهد غريب الحديث للأزهري 2322 التفسير الصغير لابن ابي الطيب النيسابوري 1781 تفسير صور كتاب السماء لابي زيد البلخي 275 تفسير الضحاك بن مزاحم 2454 تفسير ضروب المنطق للديمرتي 2230 تفسير عبد الرحمن بن زيد بن اسلم 2454 تفسير عبد الله بن مسعود 2454 تفسير عكرمة 2454 تفسير العلويات وهي اربع قصائد للرضي 1599 تفسير الغريب لبرزج العروضي 746 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3355 تفسير الفاتحة والحروف المقطعة ... لابي زيد البلخي 275 تفسير الفخر الرازي 2589 تفسير فصيح ثعلب لابن ناقيا 1561 تفسير قتادة بن دعامة 2454 تفسير القرآن لابن الخطيب التبريزي 2825 تفسير القرآن لابن الدهان 1371 تفسير القرآن لابن موهب الجذامي 1791 تفسير القرآن لابي البقاء العكبري 1516 تفسير القرآن لابي حنيفة الدينوري 259، 260 تفسير القرآن لابي عبد الله الحلواني 1381 تفسير القرآن للباجي 1388 تفسير القرآن لبقي بن مخلد 747 تفسير القرآن للحسن بن الخطير 859 تفسير القرآن لخلف بن احمد ملك سجستان 1258 تفسير القرآن للسخاوي 1963 تفسير القرآن للطبري- جامع البيان عن تأويل آي القرآن 454، 2442، 2444، 2452، 2453، 2454 تفسير القرآن للعمراني 1963 تفسير القرآن لقطرب 2646 تفسير القرآن للكعبي 1493 تفسير القرآن للماوردي 1956 تفسير القرآن لمسعود الصواني البيهقي 2699 تفسير القرآن لمكي بن ابي طالب 2713 تفسير القرآن لنصر بن علي الشيرازي 2749 تفسير القرآن الاوسط لشرف الدين المرسي 2547 تفسير القرآن الصغير لشرف الدين المرسي 2547 تفسير القرآن المجيد للرماني 1827 تفسير القرآن المجيد للقاضي الجرجاني 1798 تفسير قصيدة السيد (الحميري) 1729 تفسير قوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ لابي علي الفارسي 814 التفسير الكبير لابن ابي الطيب النيسابوري 1781 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3356 التفسير الكبير لابن ظفر الصقلي 2643 التفسير الكبير لشاهفور الاسفرايني 1411 التفسير الكبير- التيسير في علم التفسير للقشيري 1571 التفسير الكبير للمعافى بن زكريا الجريري 2702 التفسير الكبير للنقاش الدارقطني 2501 تفسير كلام ابنة الخس لثعلب 553 تفسير مجاهد بن جبر 2454 تفسير محمد بن السائب الكلبي 2454 تفسير محمد بن عمر الواقدي 2454 تفسير المذكر والمؤنث لابن السكيت لابن جني 1598 تفسير المسائل المشكلة في المقتضب لسعيد الفارقي 1367 تفسير معاني ديوان المتنبي لابن جني 1598 تفسير معاني القرآن للاخفش الاوسط سعيد بن مسعدة 1375، 1376 تفسير مغازي الواقدي لعبد الملك بن قطن المهري 2859 تفسير مقاتل بن حيان 2454 تفسير مقاتل بن سليمان 2454 تفسير النبي (صلّى الله عليه وسلم) للواحدي 1660 تفسير النقاش- شفاء الصدور 2501 تفسير الهمزة والردف للمعري 329 التفصلة للخارزنجي 462 التفصيل في تفسير القرآن لابن عمار المهدوي 509 التفصيل لمبهم المراسيل للخطيب البغدادي 387 تفضيل ابي نواس علي أبي تمام لابي الحسن الشمشاطي 1908 تفضيل ذي الحجة لابي الفرج الاصبهاني 1708 تفضيل شعر امرىء القيس على الجاهليين للآمدي 851 تفضيل الشعراء بعضهم على بعض للمدائني 1858 التفكر والاعتبار للجاحظ 2119 التفليس للشافعي 2417 تفنن البلغاء للأحمر 1672 تقاسيم الاقاليم لابي الريحان البيروني 2331 التقريب في التفسير للازهري 2322 التقريب في كشف الغريب لابن شجرة 420 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3357 التقريب لحدود المنطق لابن حزم 1651 تقريظ الجاحظ للتوحيدي 1925 تقسيمات العوامل وعللها لسعيد الفارقي 1367 التقصي في الفقه لابن داود الظاهري 2527 التقفية لليمان البندنيجي 2844 تقويم الالسنة للديمرتي 2229 تقويم الذهن في المنطق لامية بن عبد العزيز الاندلسي 741 تقويم اللسان لابن دريد 2495 تقويم اللسان لابن قتيبة 2495 تقويم اللسان في النحو لابن بايجوك 2618 تقوية المنة على انشاء دار السنة لابن عساكر 1699 تقييد العلم للخطيب البغدادي 387 التكملة لابي علي الفارسي 813، 1516 التكملة للخارزنجي 461، 462، 2255 تكملة العزيزي للحسن الصغاني 1015 التكملة في ما يلحن فيه العامة للجواليقي (اكمل بن درة الغواص) 2737 التلخيص لابي هلال العسكري 919 تلخيص أبيات الشعر لابي علي لابي البقاء العكبري 1516 تلخيص التنبيه لابن جني لابي بقاء العكبري 1517 تلخيص شرح فصول بقراط لجالينوس لابن سهل النيلي 1368 التلخيص في الفرائض لابي البقاء العكبري 1516 التلخيص في النحو 1760 التلخيص في النحو لابي البقاء العكبري 1517 تلخيص المتشابه في الرسم للخطيب البغدادي 387 التلخيص والتخليص لابن حزم 1657 تلقيح العقول للمرزباني 2583 تلقيح العين في اللغة لابن التياني 769، 770 التلقين لابراهيم بن ابي عباد اليمني 70 التلقين لابي النضر المصري 2425 تلقين اليقين في الفقه للأسعد بن مماتي 640 التلقين في النحو لابي البقاء العكبري 1517 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3358 التلقين في النحو للمبرمان 2574 التلويح والتصريح في الشعر للمسبحي 2568 التلويحات في الحكمة للشهاب السهروردي 2807 التماثيل في تباشير السرور لحمزة بن الحسن 1220 التمام في تفسير اشعار هذيل لابن جني 1597، 1598 التمثيل للجاحظ 2119 التمر لابي زيد الانصاري 1361 التمهيد لابن عبد البر 2216 تمييز المزيد في متصل الأسانيد للخطيب البغدادي 387 التنبيه لابن جني 1517 تنبيه البارعين على المنحوت من كلام العرب للحسن بن الخطير 858 التنبيه على حدوث التصحيف لحمزة بن الحسن 1220 التنبيه على خطأ ابن جني في تفسير شعر المتنبي للربعي 1829 التنبيه على الفرق والتشبيه لابن بنين 1387 تنبيه العلماء على تمويه المتشبهين بالعلماء لابي الحسن البيهقي 1762 التنبيه في اصول قراءة نافع وذكر الاختلاف عنه لمكي بن ابي طالب 2714 التنبيه والاشراف للمسعودي 1706 التنبيه والتوقيف على فضائل الخريف للخطيب البغدادي 387 التنزيل لابن شجرة 420 التنزيه للشريف المرتضى 1728 تنزيه الملائكة عن الذنوب وفضلهم على بني آدم لمكي بن ابي طالب 2714 التنقيب على ما في المقامات من الغريب لابن ظفر الصقلي 2644 تنقيح البلاغة للعميدي 2349 التنقيح في اصول الفقه لمسعود الصواني البيهقي 2699 التنقيحات في أصول الفقه للشهاب السهروردي 2807 تنميق الأخبار للزيادي 68 التهاني للبرقي 432 التهذيب للبرقي 431 تهذيب الآثار للطبري 2442، 2444، 2451، 2459 تهذيب اصلاح المنطق لابن السكيت؛ لابن الخطيب التبريزي 1459، 1506، 2825 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3359 تهذيب اصلاح المنطق للحسن بن المظفر النيسابوري 1016 تهذيب الافعال لابن طريف للأسعد بن مماتي 640 تهذيب البلاغة لابي علي البازيار 526 تهذيب التاريخ للقاضي الجرجاني 1798 تهذيب ديوان الادب للحسن بن المظفر النيسابوري 1016 تهذيب ذهن الواعي في اصلاحك الرعية والراعي لشيث بن ابراهيم 1424 تهذيب الطبع لابن طباطبا 2310 تهذيب الطبع للديمرتي 2230 تهذيب فصول ابن الدهان لابي السعادات ابن الاثير 2271 التهذيب في اختلاف القراء السبعة للحسين بن عبد الواحد القنسريني 2070، 2071 التهذيب في اللغة للازهري 399، 491، 512، 657، 1074، 1661، 2255، 2322، 2475، 2692، 2805، 2824 التهذيب في النحو لابي البقاء العكبري 1517 تهذيب مستمر الاوهام لابن ماكولا 1990 تهذيب مقدمة الادب للزمخشري للديباجي 2538 تهذيب الملتمس من عوالي مالك بن انس لابن عساكر 1698، 1699 التوابع واللوامع في الاصول لمسعود الصواني البيهقي 2699 التوبة لواصل بن عطاء 2795 التوراة 246، 336، 337، 338 التوسط بين المفضل بن سلمة والخليل جمعه ابو حفص 2495 التوضيح في شرح المقامات لصدر الافاضل 2197 توضيح المشكل في القرآن لابن الحداد القيرواني 1373 التوقيف والتخويف للشابشتي 2426 التيسير في القراءات السبع لابي عمرو 1604 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3360 (ث) الثابتي العزيزي- اللامع العزيز للمعري 334 ثبت الحميدي 1922 ثعلة وعفراء لسهل بن هارون 1410 ثغر الهند للمدائني 1857 الثقلاء لأبي العنبس الصيمري 2422 ثلاثة شروح على الحماسة لأبي تمام لابن الخطيب التبريزي 2825 ثمانية كتب في الدعاء من انشاء أحمد بن علوية 407 الثواب للبرقي 431 ثواب الصبر على المصاب بالولد لابن عساكر 1699 ثواب القرآن للبرقي 432 (ج) الجامع لعيسى بن عمر الثقفي 2141 الجامع للمبرد 2684 الجامع لمسكويه 496 الجامع للهيثم بن عدي 2792 الجامع ليعقوب بن اسحاق الحضرمي 2842 جامع الأسرار للطغرائي 1107 جامع الأصول في أحاديث الرسول لأبي السعادات ابن الأثير 2271 جامع الأمثال للميداني 511، 512 جامع الأوزان للمعري 330 جامع التأويل في تفسير القرآن لابن فارس 412 جامع التأويل لمحكم التنزيل لمحمد بن بحر الأصبهاني- شرح التأويل (أيضا) 2438 جامع الترمذي 1359 جامع الحماقات وحاوي الرقاعات لأبي العبر 2298 جامع الدعاء لعلي بن عيسى الوزير 1823 جامع رسائل محمد بن بحر الأصفهاني 2437 الجامع الصغير لإبراهيم بن محمد الثقفي 105 الجامع الصغير لأبي ح نيفة 2405 الجامع الصغير لأبي هاشم الجبائي 2759 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3361 الجامع الصغير للشيباني نظم النسفي 857 الجامع الصغير لمحمد بن الحسن الشيباني 857 الجامع في الشعراء وأخبارهم لابن أبي طاهر طيفور 284 الجامع في صحيح الحديث لابن حزم 1657 الجامع في الغناء لابن المعتز 1526 الجامع في اللغة للقزاز القيرواني 2475 الجامع في اللغة لمحمد بن عبد الله الكرماني 2548 الجامع في النحو لأبي الطيب الوشاء 2303 الجامع في النحو لأبي مسهر 2305 الجامع الكبير لأبي هاشم الجبائي 2859 الجامع الكبير في الفقة لإبراهيم بن محمد الثقفي 105 الجامع الكبير في المنطق والطبيعي والإلهي لعبد اللطيف البغدادي 1573 الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع للخطيب البغدادي 386 جامع اللغة لابن لرة 2717 جامع النحو لأبي الهيذام للغوي 2240 جامع النطق لمحبرة النديم 62 جاودان خرد لمسكويه 496 الجبال للأصمعي 1505 جبال العرب لخلف الأحمر 1256 الجبال والأمكنة للزمخشري 2691 الجبال والأودية لشمر بن حمدويه 1421 جبأة لأبي زيد الأنصاري 1361 الجبر والمقابلة لأبي حنيفة الدينوري 260 الجد لعلي بن عبيدة 1815 جداول الحكمة للبرقي 432 جذوة المقتبس للحميدي 2600 جراح العمد للشافعي 2417 الجراد لأبي حاتم السجستاني 1408 الجراد لأبي نصر الباهلي 227 جزء من فضائل معاوية للمطرز 2558 الجزية للشافعي 2417 جزيرة العرب لأبي سعيد السيرافي 878 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3362 جزيرة العرب وأسماء بلادها للهمداني 810 جلاء الحزن لقدامة 2235 جلاء الشبهة للمفضل بن سلمة 2709 جلاء صدأ الشك في الأصول لأبي الحسن البيهقي 1762 الجلساء والمجالسة لابن الطيب 292 الجلي والحلي للمعري 330 الجليس والأنيس للمعافي بن زكريا الجريري 2702 جماع العلم للشافعي 2416 الجماهير في النحو لممويه الأصفهاني 2716 جماهير القبائل للمفضل بن سلمة 2709 جماهير القبائل لمؤرج السدوسي 2732 الجمع بين الصحيحين البخاري ومسلم للحميدي 2600 الجمع والتثنية لأبي زيد الأنصاري 1361 الجمع والتثنية لأبي عبيدة 2708 الجمع والتثنية في القرآن للفراء 2185 الجمع والتفريق لأبي حنيفة الدينوري 261 الجمل لإبراهيم بن محمد الثقفي 105 الجمل لابن السراج 813، 814، 2536 الجمل لابن شقير (المنسوب للخليل) 232 الجمل لأبي حذيفة البخاري 623 الجمل للبرقي 432 الجمل للخليل بن أحمد 1271 الجمل للزجاج 1164 الجمل للزجاجي 332، 334، 1456، 1495، 1506، 2230، 2848 جمل الأصول لابن السراج 2536 جمل التاريخ لابن سريج الكاتب 630 جمل العلم والعمل للشريف المرتضى 1728 جمل الغرائب في تفسير الحديث لبيان الحق محمود النيسابوري 2686 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3363 الجمل في النحو لابن خالويه 1036 الجمل في النحو لعبد القاهر الجرجاني 826، 1506 جمل نسب الأشراف للبلاذري 534 الجمهرة لابن دريد 118، 451، 657، 704، 826، 857، 879، 927، 1035، 1490، 1646، 1922، 2255، 2436، 2492، 2495، 2496، 2661، 2736، 2831 الجمهرة للأزدي 1555 جمهرة الأمثال لأبي هلال العسكري 920 جمهرة الأنساب لهشام ابن الكلبي 2781 جمهرة أنساب الفرس والنواقل لابن خرداذبه 1574 جمهرة الملوك للجاحظ 2119 جمهرة النسب لأبي الفرج الأصبهاني 1709 جمهرة نسب بني هاشم لابن أبي طاهر طيفور 284 جمهرة نسب الحارث بن كعب لأحمد بن حارث الخراز 230 الجن لهشام ابن الكلبي 2780 جنان الجنان للرشيد ابن الزبير 400 جناية البيطار والحجام للشافعي 2417 الجناية على أم الولد للشافعي 2417 جناية معلم الكتاب للشافعي 2417 الجنائز لإبراهيم بن محمد الثقفي جنة الناظرين في معرفة التابعين لابن النجار 2645 الجهاد للشافعي 2417 الجهر بالبسملة للخطيب البغدادي 387 الجوابات للكعبي 1493 جوابات ربيعة للمدائني 1855 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3364 الجوابات (جوابات قريش) للمدائني 1855 جوابات كتاب المعرفة للجاحظ 2118 الجوابات المسكتة لابن أبي عون 107 جوابات مضر للمدائني 1855 جوابات الموالي للمدائني 1855 جوابات اليمن للمدائني 1855 جواب رسالة أبي علي ابن المنير الزيادي لأبي زيد البلخي 275 الجواب المبسوط لمن انكر حديث الهبوط لابن عساكر 1699 جواب المسترشد في الإمامة للكعبي 1493 الجواب المسكت لعسل بن ذكوان 1622 جواب المعنت لابن الماشطة 1674، 1675 الجوارح والصيد بها لابن الطيب 292 الجوارح والصيد لابن المعتز 1526 الجواري للجاحظ 2118 الجواس بن قعطل المذحجي مع ابنة عمه عفراء لصاعد 1441 جوامع آحاد الأمم من العرب والعجم للقاضي صاعد الجياني 2857 جوامع الأحكام لأبي الحسن البيهقي 1763 الجواهر لأبن أبي طاهر طيفور 284 الجواهر لبشر القيني 746 الجواهر للقشيري 1571 الجواهر للمدائني 1858 جواهر الأخبار لطلحة بن محمد الطلحي 1461 جواهر الكلام لاسحاق الموصلي 615 الجواهر واللآلي في الابدال والعوالي لابن عساكر 1699 جواهر اللغة للزمخشري 2691 الجواهر في الملح والنوادر للحصري 160 الجود والبخل لأبي زيد الأنصاري 1361 جونة الماشطة للمسبحي 2568 جونة الند ليعقوب بن أحمد 2166 الجوهر لأبي الحسن الباقولي 1737 جوهرة الجمهرة للصاحب 698 الجيران للمدائني 1857 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3365 الجيم لأبي عمرو ابن حمدويه 1421 الجيم لأبي عمرو الشيباني 415، 627 الجيم للنضر بن شميل 2761 (ح) الحاسة السادسة لابن أبي العزاقر 106، 111 الحاسد والمحسود للجاحظ 2119 حاشية على درة الغواص لابن ظفر الصقلي 2643 حاشية على القانون لابن سينا، لابن التلميذ 2773 حاشية على كتاب المائة للمسيحي، لابن التلميذ 2773 حاشية على المفصل للزم خ شري 2691 حاشية على المنهاج لابن جزلة، لابن التلميذ 2773 الحاصل والمحصول لابن سينا 1072، 1077 الحاكم- كتاب في الفقه على مذهب الشافعي لملك النحاة 867 الحالي والعاطل في الشعر للحاتمي 2507 حانوت عطار لابن شهيد 358 حانوت عطار للجاحظ 2119 الحاوي لأبي بكر الرازي 2773 الحاوي في علوم القرآن لأبي العباس الديمرتي 2646 الحاوي في النحو الملك النحاة 867 الحاوي للماوردي 1956 الحائز في العلم الروحاني للطبسي 2586 حبل الحبلة للشافعي 2417 الحث على الأدب والصدق للمبرد 2684 الحجاب لابن أبي طاهر 284 الحج العقلي إذا ضاق الفضاء عن الحج الشرعي للتوحيدي 1925 الحجبة والحجاب لابن التعاويذي 2567 الحجة 2189 حجة أبي بكر للمدائني 1854 الحجة لأبي علي الفارسي 813، 814 الحجة في شرح الصحيحين على ترتيب الحميدي للحسن بن الخطير- مختصر الإفصاح في تفسير الصحاح لابن هبيرة للحسن بن الخطير 860 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3366 الحجة في فعل المكرمين لإبراهيم بن محمد الثقفي 105 الحجة في القراءات لأبي علي الفارسي 2569، 2713 الحجر لابن فارس 412، 413 الحجر والتفليس لأبي عبيد القاسم بن سلام 2201 الحجر والنبوة للجاحظ 2119 حد النحو لثعلب 553 الحداد للأخفش الصغير علي بن سليمان 1771 الحدائق لابن فرج الجياني 473 حدائق الآداب لابن شاهمردان 1581 حدائق السحر في رقائق الشعر بالفارسية للوطواط 2632 الحدود لأبي عبيدة 2708 الحدود للشافعي 2417 الحدود للفراء 56، 201، 542، 1580، 2814، 2815 الحدود الأصغر للرماني 1827 الحدود الأكبر للرماني 1827 حدود الطرف الكبير لأبي الطيب الوشاء 2304 الحدود في الأصول للباجي 1388 الحدود في العربية لهشام بن معاوية صاحب الكساني 2782 حديث آدم وولده لهشام ابن الكلبي 2780 حديث أبي بكر بن محمد بن رزق الله المنيني المقرىء لابن عساكر 1701 حديث أهل برزة لابن عساكر 1701 حديث أهل بيت سوا لابن عساكر 1700 حديث أهل دقانية وجخراء وعين توما وجديا وطرميس لابن عساكر 1700 حديث أهل زبدين وجسرين لابن عساكر 1700 حديث أهل فذايا وبيت أرانس وبين قوفا لابن عساكر 1700 حديث أهل قرية البلاط لابن عساكر 1700 حديث أهل قرية الحمير وقبيبة لابن عساكر 1700 حديث أهل كفر بطنا لابن عساكر 1700 حديث باخمرا ومقتل ابن الأشعث لأبي مخنف 2253 حديث بسرة بن صفوان وابنه وابن ابنه لابن عساكر 1700 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3367 حديث بيهس وإخوته لهشام ابن الكلبي 2780 حديث جماعة من أهل بيت لهيا لابن عساكر 1701 حديث جماعة من أهل جوبر لابن عساكر 1701 حديث جماعة من أهل حرستا لابن عساكر 1700 حديث دومة ومسرابا والقصر لابن عساكر 1700 حديث روستقباذ لأبي محنف 2253 حديث سعد بن عبادة لابن عساكر 1700 حديث مالك بن أنس للقاضي اسماعيل الأزدي 647 حديث مسلمة بن علي الخشني البلاطي لابن عساكر 1700 حديث يحيى بن حمزة البتلهي لابن عساكر 1701 الحديقة في مختار أشعار المحدثين لأمية بن عبد العزيز الأندلسي 741 حذف من نسب قريش لمؤرج السدوسي 2732 الحر والبرد والقمر والليل والنهار لأبي حاتم السجستاني 1408 الحرار لأبي حاتم السجستاني 1407 حرب الأوس والخزرج للواقدي 2598 حرب الجبن على الزيتون لابن الشاه الطاهري 1868 حرز النافث من عيث العائث لشميم الحلبي 1697 كتاب الحروري لإبراهيم بن محمد الثقفي 105 الحروف للكسائي 1752 الحروف للمبرد 2684 الحروف في معاني القرآن إلى سورة طه للمبرد 2684 حروف القرآن لإبراهيم بن محمد بن سعدان 97 الحروف المدغمة لمكي بن أبي طالب 2714 الحروف من الأصول في الأضداد للآمدي 851 حز الغلاصم وإفحام المخاصم لشيث بن ابراهيم 1424 الحزم والعزم للجاحظ 2119 الحساب لمحمد بن يحيى الحنفي الزبيدي 2675 حساب الجذرات الفاسدة 2332 حسن العقبى لابن الداية 560 الحشرات لابن السكيت 2841 الحشرات لأبي خيرة الأعرابي 2761 الحشرات للكرنباني 2777 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3368 حشو حشاء الجليس لقدامة 2235 الحصائل لأبي الأزهر البخاري 461 حصص الأصفياء في قصص الأنبياء بالفارسية لأبي الحسن البيهقي 1763 الحض على الرضى بالحظ للأسعد ابن مماتي 641 حضر الخيل لأبي عبيدة 2708 حظيرة القدس لاسماعيل بن الحسين العلوي 653 حفر زمزم لأبي حذيفة البخاري 623 الحقائق لابن كيسان 2307 الحقائق للبرقي 431 حقائق الاستشهادات للطغرائي 1107 الحقائق الكبير لابن الحرون 2305 الحقير النافع للمعري (مختصر في النحو) 332 حكام العرب لهشام ابن الكلبي 2780 حكاية قول أصناف الزيدية للجاحظ 2118 الحكم في تارك الصلاة للشافعي 2416 الحكم والأمثال لأبي أحمد العسكري 912 حكمة الإشراق للشهاب السهروردي 2807 الحكمة المشرقية للفخر الرازي 2589 الحكمة ومنافعها لسعيد بن هريم 1379 الحل الكافي في خلل القوافي لابن بنين 1387 حل المداخل للمطرز 2559 الحلائب والرهان لأحمد بن حارث الخراز 230 الحلبة لأبي زيد الأنصاري 1362 حلف أسلم وقريش لهشام ابن الكلبي 2780 حلف تميم بعضها بعضا لأبي اليقظان 1342 حلف عبد المطلب وخزاعة لهشام ابن الكلبي 2780 حلف الفضول لهشام ابن الكلبي 2780 حلف كلب وتميم لهشام ابن الكلبي 2780 حلف كلب وتميم وذهل وطيء وأسد للهيثم بن عدي 2792 حلول المحنة بحصول الابنة لابن عساكر 1699 الحلي للحسن بن داود الرقي (أخذ فصيح ثعلب) 860 حلي الأخبار لابن المعتز 1526 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3369 حلي الانسان والخيل للقالي 730 حلي الخلفاء للمدائني 1856 الحلي والشيات لأحمد بن سعد الكاتب 264 الحلية لعلان الشعوبي 1631 حلية الأدباء لمحمد بن أحمد الحكيمي 2305 حلية الفقهاء لابن فارس 411 حلية المحاضرة للحاتمي 2506 حمى المدينة وجبالها وأوديتها للمدائني 1857 الحماسة لابن الشجري 2776 حماسة أبي تمام 1106، 1337، 1516، 1598، 1648، 1760، 1763، 1830، 2508، 2776، 2798، 2825 الحماسة لأبي العباس الديمرتي 2646 الحماسة للبحتري 2798 الحماسة لشميم الحلي 1690، 1692، 1693، 1696 الحماسة الرياشية لأبي رياش 332 حماسة شعر المحدثين لأبي عثمان الخالدي 1378 الحماسة المحدثة لابن فارس 412 الحمام لأبي عبيدة 2708 الحمام وآدابه للحربي 50 الحمس من قريش لأبي عبيدة 2709 الحمقى للمدائني 1858 الحنين إلى الأوطان لأبي الطيب الوشاء 2304 الحنين إلى الأوطان لصالح الصالحي الحلبي 1444 حواشي الصحاح للقصباني 2180 حواش على أصول ابن السراج لابن معطي 2831 حواش على القانون لابن سينا لابن الساعاتي الطبيب 1308 الحواشي على كتاب سيبويه 1969 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3370 حواش على كتاب الصحاح لابن القطاع 1669 الحوالة والكفالة للشافعي 2417 الحوض والشفاعة لإبراهيم بن محمد الثقفي 105 حي بن يقظان لابن سينا 1077 الحياة للبرقي- كتاب النور والرحمة 431 الحيات لأبي عبيدة 2708 حيات العرب وما قيل فيها من الشعر لخلف الأحمر 1258 الحيرة لهشام ابن الكلبي 2781 الحيرة وتسمية البيع والديارات لهشام بن الكلبي 2781 حيلة البرء لجالينوس 2552 حيلة ومحاولة لأبي زيد الأنصاري 1361 الحيوان لأرسطاطاليس 1573 الحيوان للجاحظ 1003، 1406، 1755، 2115، 2117، 2765 (خ) الخاتم والرسل للمدائني 1754 خادم الرسائل للمعري 334 خبر أصحاب الكهف للمدائني 1858 خبر الافك للمدائني 1854 خبر البراض لأبي عبيدة 2709 خبر البصرة وفتوحها ما يقاربها من د ستميسان ... الخ للمدائني 1857 خبر الحكم بن أبي العاص للمدائني 1855 خبر خزاعة للمدائني 1857 خبر سارية بن زنيم للمدائني 1857 خبر ضابىء بن الحارث البرجمي للمدائني 1856 خبر الضحاك لهشام ابن الكلبي 2780 خبر الملك العاتي.. لابن أبي طاهر طيفور 284 الخراب واللصوص للقيط المحاربي 2250 الخراج لابن بشار الكاتب 455 الخراج لابن الماشطة 1674 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3371 الخراج لأبي العباس ابن سهل الأحوال 436 الخراج الذي في أيدي الناس لابن سريج الكاتب 630 الخراج الصغير لابن سريج الكاتب 630 الخراج الكبير لابن سريج الكاتب 629 الخراج وصنعة الكتابة لقدامة بن جعفر 2235 الخرص للشافعي 4217 خريدة القصر وجريدة العصر للعماد الأصفهاني 1682، 1684، 2561، 2627 خزائن الملك وسر العالمين للمسعودي 1706 الخصال للكسروي 1980 الخصائص لابن جني 1597 الخصائص للبرقي 431 خصائص المعرفة في المعميات للأسعد ابن مماتي 641 الخصب والقحط لأبي حاتم السجستاني 1408 خصومة الحول والعور للجاحظ 2120 الخضخضة في جلد عميرة لأبي العنبس الصيمري 2422 خطأ الطبيب للشافعي 2417 الخط لابن السراج 2536 الخط والقلم للمفضل بن سلمة 2709 الخط والهجاء للمبرد 2684 الخطب لإبراهيم بن محمد الثقفي 105 خطب ابن نباتة 1333، 1516، 1572، 1690 خطب اسماعيل الحطيري 728 الخطب لشميم الحلي 1690 خطب علي بن أبي طالب للمدائني 1855 الخطب للنهمي 69 خطب الخيل للمعري 333 خطب علي وكتبه إلى عماله للمدائني 1856 الخطب لعلي بن عبيدة 1816 الخطب في التوحيد لواصل بن عطاء 2795 الخطب في دعوات ختم القرآن- يتيمة اليتيمة للمؤذن الخوارزمي 128 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3372 الخطب المستضية لشميم الحلي 1697 خطب المضرس بمكة والمدينة للهيثم بن عدي 2792 خطب المنابر لعلي بن عبيدة 1816 خطب منذر بن سعيد البلوطي 2718 الخطب الناصرية لشميم الحلي 1697 خطب النبي للمدائني 1854 خطب نسق حروف المعجم لشميم الحلي 1696 الخطب والخطباء لابن الحذاء الأندلسي 2676 خطب وفصول وعظية للحسن بن الخطير 860 خطبة علي لهشام ابن الكلبي 2780 خطبة الفصيح للمعري 333 خطبة واصل للمدائني 1858 الخطبة التي أخرج منها الراء لواصل بن عطاء 2795 خطط الكوفة للهيثم بن عدي 2792 خطط مصر لابن هلال السعيدي 2440 الخطيب لابن جني 1600 الخف لأبي عبيدة 2708 الخفيف في أحكام شرائع الإسلام للطبري (مختصر ابن اللطيف) 2459 خلاصة الزيجة لأبي الحسن البيهقي 1763 خلاصة العترة النبوية في أنساب الموسوية لإسماعيل بن الحسين 653 خلاف عبد الجبار الأزدي ومقتله للمدائني 1856 خلاف مالك والشافعي للشافعي 2417 الخلع والنشوز للشافعي 2417 الخلفاء لمحمد بن اسحاق 2420 خلق الآدمي لشميم الحلي 1697 خلق الإنسان لابن فارس 412 خلق الإنسان لأبي بكر الجعد 2570 خلق الإنسان لأبي حاتم السجستاني 1407، 1408 خلق الإنسان لأبي زيد الأنصاري 1361 خلق الإنسان لأبي الطيب الوشاء 2303 خلق الإنسان لأبي عبيدة 2709 خلق الإنسان لأبي منصور الخوافي 1527 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3373 خلق الإنسان لبيان الحق محمود النيسابوري 2686 خلق الإنسان لثابت بن أبي ثابت 771 خلق الإنسان لثابت بن العزيز اللغوي 772 خلق الإنسان للزجاج 63 خلق الإنسان لسعدان بن المبارك 1346 خلق الإنسان لعمرو بن كركرة 2132 خلق الإنسان لقطرب 2647 خلق الإنسان للحامض 1401 خلق الإنسان للغدة 874 خلق الإنسان للقاسم بن محمد الأنباري 2228 خلق الإنسان للمفضل بن سلمة 2709 خلق الإنسان لنصر بن يوسف 7250 خلق الإنسان ليوسف الزجاجي 2848 خلق الإنسان في اللغة لداود بن الهيثم 1283 خلق الخيل للكرنباني 2777 خلق السموات للنهمي 69 خلق السموات والأرض للبرقي 432 خلق الفرس لأبي ثروان العكلي 775 خلق الفرس لأبي الطيب الوشاء 2303، 2304 خلق الفرس لثابت بن أبي ثابت 771 خلق الفرس للزجاج 63 خلق الفرس لقطرب 2647 خلق الفرس للغدة 874 خلق الفرس للقاسم بن محمد الأنباري 2228 خلق الفرس للنضر بن شميل 2761 خلق الفرس ليوسف الزجاجي 2848 الخلق والبعث للفخر الرازي 2589 خلوة الرياحين في المحاضرات لصدر الأفاضل 2197 خماسية الراح في ذم الخمر للمعري 333 الخمريات لشميم الحلي 1690 خمس مسائل نحوية لعبد اللطيف البغدادي 1572 خواتيم الخلفاء للهيثم بن عدي 2792 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3374 الخوارج للمدائني 1856 الخوارج للهيثم بن عدي 2792 الخوارج والمهلب بن أبي صفرة لأبي مخنف 2253 خير البشر بخير البشر لابن ظفر الصقلي 2644 الخيل لإبراهيم بن محمد بن سعدان 97 الخيل لابن أبي طاهر طيفور 284 الخيل لابن الإعرابي 2533 الخيل لابن حبيب 2482 الخيل (المنسوب) لأبي عبيدة 2551، 2708 الخيل لأبي عكرمة الضبي 1479 الخيل لأبي عمرو الشيباني 627 الخيل لأبي نصر الباهلي 227 الخيل لعبد الغفار الخزاعي 2551 الخيل لعمرو بن كركرة 2132 الخيل للبرقي 432 الخيل للخطيب البغدادي 387 الخيل للرياشي 1483 الخيل للعتابي 2244 الخيل للمدائني 1858 الخيل (المنسوب) لمحمد بن عبد الغفار الخزاعي 2551 الخيل لهشام ابن الكلبي 2780 الخيل الصغير لابن دريد 2495 الخيل الكبير لابن دريد 2495 الخيل مرتب على حروف المعجم للأسود الغندجاني 822 الخيل والرهان للمدائني 1857 (د) داحس والغبراء لهشام ابن الكلبي 2781 دارات العرب لابن فارس 411 دار الطراز (ديوان موشحات) لابن سناء الملك 2765 دخول جرير على الحجاج لهشام ابن الكلبي 2781 دخول حروف الجر بعضها مكان بعض لمكي بن أبي طالب 2714 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3375 الدر الثمين في أخبار المتيمين للقفطي 2028 الدراري في ذكر الذراري لابن العديم 2086 الدرة الأدبية في نصرة العربية لابن بنين 1387 درة التاج للأسعد بن مماتي 641 درة التاج لأسعد العتبي 633 درة التاج من شعر ابن حجاج اختيار البديع الأسطرلابي 2770 درة التنزيل وغرة التأويل للخطيب الاسكافي 2549 الدرة الثمينة للأبيوردي 2365 الدرة الثمينة في أخبار المدينة لابن النجار 2645 الدرة الخطيرة في شعراء الجزيرة لابن القطاع 1669 درة الغواص في أوهام الخواص للحريري 2207، 2212، 2737 درة الوشاح لأبي الحسن البيهقي 1762 درة السخاب ودرر السحاب في الرسائل لأبي الحسن البيهقي 1762 الدرر الفريدة في الغرر الطردية لابن بنين 1387 درك البغية في وصف الأديان والعبادات للمسبحي 2568 الدرهم والدينار لأبي هلال العسكري 920 الدروس في القوافي والعروض لابن الدهان 1371 الدروس (مقدمة في النحو) لابن الدهان 1371 درياق الفكر لقدامة 2235 الدستور لأبي الريحان البيروني 2333 الدعاء للمرزباني 2583 الدعاء للنهمي 69 دعاء الأيام السبعة للمعري 333 دعاء ساعة للمعري 329 دعاء النبي للمدائني 1854 دعاء وحرز الخيل للمعري 329 الدعابة والمزاح للبرقي 432 الدعوى والبينات للشافعي 2416 الدعوات والمحصول للواحدي 1660 دعوة التجار لابن الشاه الطاهري 1868 دعوة التجار لأبي الفرج الأصبهاني 1709 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3376 دعوة العامة لأبي العنبس الصيمري 2422 الدفائن للنهمي 69 الدفائن لهشام ابن الكلبي 2780 دفع التثريب على من فسر معنى التثويب لابن عساكر 1699 دلائل الأفكار في فضائل الأشعار لابن بنين 1387 الدلائل على نحل القبائل لمحمد بن بحر الرهني 2435 دلائل النبوة للجاحظ 2115 دلائل النبوة للنقاش الدارقطني 2501 الدلائل والشواهد للخطيب البغدادي 387 الدلالة على أن الإمامة فرض للجاحظ 2119 الدلو لأبي عبيدة 2708 دمية القصر في شعراء العصر للباخرزي 1350، 1682، 1762، 1763، 1764 الدواجن والرواجن للبرقي 431، 432 الدواهي لأبي العباس الأحول 2489 دواوين خمسين شاعرا صنعة نفطويه 2488 دواوين مائة وعشرين شاعرا صنعة أبي العباس الأخول 2488، 2489 دوحة الشرف في نسب أبي طالب (مشجر) للقطان 970 الدوس لهشام ابن الكلبي 2780 الدول في التاريخ لابن فضال المجاشعي 1835 الدول المنقطعة لابن ظافر 1778 الدولة العباسية للمدائني 1856 الديات للشافعي 2417 ديات الخطأ للشافعي 2417 الديارات لأبي الحسن الشمشاطي 1908 الديارات لأبي الحسن الأصبهاني 1708 الديارات للشابشتي 1733، 2426، 2427 الديباج لأبي عبيدة 2708 الديباج في أخبار الشعراء لهشام ابن الكلبي 2781 الديباج في جوامع كتاب سيبويه 763 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3377 الديباجة في مفاخر صنهاجة لأمية بن عبد العزيز الأندلسي 741 الديباجة في النحو لابن المراغي 972 دير الجماجم وخلع ابن الأشعث لأبي مخنف 2253 الديرة للسري الرفاء 1344 الديرة لمحمد بن الحسن بن رمضان 2500 الديم الوابلية في الشيم العادلية لابن بنين 1387 ديوان ابن أبي الصقر الواسطي 2576 ديوان ابن التعاويذي 2567 ديوان ابن الحجاج 1555 ديوان ابن عنين 2588 ديوان أبي بكر الخوارزمي 2534 ديوان أبي تمام 239 ديوان أبي تمام جمعه علي بن حمزة الأصفهاني ورتبه على الأنواع 2798 ديوان أبي الطمحان القيني 1996 ديوان أبي علي المنطقي 2037 ديوان أبي فراس ابن حمدان جمعه وفسره ابن خالويه 1036 ديوان الأعشى (الكبير) 355 ديوان الأعشى تفسير ثعلب 553 ديوان البحتري 1610، 2429 ديوان البحتري جمعه ابن أخي الشافعي 188 ديوان البحتري جمعه الصولي مرتبا على الحروف 2798 ديوان البحتري جمعه علي بن حمزة الأصبهاني ورتبه على الأنواع 2798 ديوان الحارث بن حلزة 2491 ديوان زفر بن الحارث صنعة ابن حبيب 2483 ديوان الأدب للفارابي 618، 656، 658، 1016، 2475 ديوان الأدب لمحمد بن جعفر الغوري (هذب كتاب الفارابي) 2475 ديوان الإنشاء للمؤذن الخوارزمي 128 ديوان التمثيل للزمخشري 2691 ديوان خطب لابن معطي 2831 ديوان خطب للزمخشري 2691 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3378 ديوان دو بيت للعماد الأصفهاني 2627 ديوان رؤبة بن العجاج 1312 ديوان رسائل ابراهيم الصولي 86 ديوان رسائل ابن بسام العبرتائي 1860 ديوان رسائل ابن التلميذ 2773 ديوان رسائل ابن سناء الملك 2765 ديوان رسائل أبي السعادات ابن الأثير 2271 ديوان رسائل أحمد بن سليمان بن وهب 270 ديوان رسائل أمية بن عبد العزيز الأندلسي 741 ديوان رسائل الحسن بن المظفر النيسابوري 1016 ديوان رسائل الحيص بيص 1352، 1353 ديوان رسائل الخطيب الحصكفي 2818 ديوان رسائل الزمخشري 2691 ديوان رسائل سهل بن هارون 1410 ديوان رسائل الصاحب 698 ديوان رسائل العماد الأصفهاني 2627 ديوان رسائل (عربي) للوطواط 2632 ديوان رسائل فارسي للوطواط 2632 ديوان رسائل لنطاحة 200 ديوان شعر الآمدي 851 ديوان شعر ابراهيم الصولي 86 ديوان شعر ابن أبي الدميك الحلبي 2729 ديوان شعر ابن أبي الطيب النيسابوري 1782 ديوان شعر ابن التلميذ 2773 ديوان شعر ابن حدار 790 ديوان شعر ابن الدهان 1371 ديوان شعر ابن سناء الملك 2765 ديوان شعر ابن شرف 2640 ديوان شعر لابن عرام الأسواني 2777 ديوان شعر لابن معطي 2831 ديوان شعر ابن هيصم الهروي 1783 ديوان شعر أبي بكر الخالدي 1378 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3379 ديوان شعر أبي تمام صنعة حمزة 1220 ديوان شعر أبي الحسن ابن حاجب النعمان 1806 ديوان شعر أبي عثمان الخالدي 1378 ديوان شعر لأبي العز ابن الخراساني 2641، 2642 ديوان شعر أبي العميثل 1519 ديوان شعر أبي الفضائل الأخسيكثي 514 ديوان شعر أبي القاسم التنوخي 1881، 1876، 1885، 2425 ديوان شعر أبي نواس صنعة حمزة 1220 ديوان شعر أبي هلال العسكري 920 ديوان شعر أحمد بن سليمان بن وهب 270 ديوان شعر أحمد بن مطرف العسقلاني (نسخة مجردة) 519 ديوان شعر أحمد بن مطرف العسقلاني (نسخة معربة) 519 ديوان شعر اسماعيل بن علي الحظيري 728 ديوان شعر أمية بن عبد العزيز الأندلسي 741 ديوان شعر الباخرزي 1682 ديوان شعر البارع البغدادي 1142 ديوان شعر البديع الأسطرلابي 2770 ديوان شعر جحظة 207 ديوان شعر الحسن بن المظفر النيسابوري 1016 ديوان شعر الحيص بيص 1352 ديوان شعر الخطيب الحصكفي 2818 ديوان شعر الحظيري 1350 ديوان شعر خلف الأحمر 1256 ديوان شعر دعبل 1287 ديوان شعر للرشيد بن الزبير 400 ديوان شعر للزمخشري 2691 ديوان شعر السري الرفاء 1344 ديوان شعر سعيد بن حميد 1366 ديوان شعر الشابشتي 2426 ديوان شعر الشريف المرتضى 1728 ديوان شعر الصابي 158 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3380 ديوان شعر الصاحب 698 ديوان شعر الصخري 501 ديوان شعر صغير الحجم للحظيري 1305 ديوان شعر صفوان بن ادريس 1449 ديوان شعر الطغرائي 1107 ديوان شعر عطاء بن يعقوب بن ناكل 1623 ديوان شعر عطاء بن يعقوب بن ناكل العربي والفارسي 1623 ديوان شعر علي بن محمد التنوخي 2281 ديوان شعر العماد الأصفهاني 2627 ديوان شعر عيسى بن المعلى الرافقي 2143 ديوان شعر القاضي البحائي الزوزني 2429 ديوان شعر كشاجم 1343، 1377 ديوان شعر المتيم الإفريقي 485 ديوان شعر المحسن التنوخي 2281، 2286 ديوان شعر محمد بن عبد الله بن محمد المعري أبي المجد 298 ديوان شعر مظفر بن إبراهيم الأعمى العيلاني 2700 ديوان شعر ملك النحاة 867 ديوان شعر للمؤذن الخوارزمي بالفارسية 128 ديوان شعر للمؤذن الخوارزمي بالعربية 128 ديوان شعر الوحيد 1357 ديوان شعر الوطواط 2632 ديوان شعر ياقوت بن عبد الله الرومي مهذب الدين 2804 ديوان الصالح بن ر زيك 942 ديوان العباس بن الأحنف 1482 ديوان عبد الله بن المعتز 2311 ديوان العرب وميدان الأدب لأبي منصور ابن عزيز اللغوي 999 (ذ) الذباب لابن الأعرابي 2533 ذبائح بني إسرائيل للشافعي 2417 ذخائر الحكم لأبي الحسن البيهقي 1763 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3381 ذخائر العلوم للمسعودي 1706 ذخائر الكلمات لابن فارس 412 الذخائر في النحو لأبي الحسن الهروي 1923 الذخيرة في الأصول للشريف المرتضى 1728 الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة لابن بسام 1667 الذريعة في أصول الفقه للشريف المرتضى 1729 ذكرى حبيب في غريب شعر أبي تمام للمعري 331 ذكر الأحوال في شعبان ورمضان وشوال لسهل بن المرزبان 1409 ذكر البيان عن فضل كتابة القرآن لابن عساكر 1699 ذكر الشعراء المحدثين ... لابن الفقيه 459 ذكر القرآن للواقدي 2598 ذكر الكعبة للبرقي 432 ذكر ما بين الزيدية والرافضة 2118 ذم الأشاعرة لابن المقدر التميمي 2727 ذم الحجاب للمرزباني 2583 ذم الحسد للمدائني 1858 ذم الحسد للنقاش الدارقطني 2501 ذم الدنيا للفخر الرازي 2589 ذم الدنيا للمرزباني 2583 ذم الزنا للجاحظ 2119 ذم النميمة للحميدي 2600 ذم الوزيرين للتوحيدي 1925 الذهب المسبوك في وعظ الملوك للحميدي 2600 ذيل تاريخ صقلية لابن القطاع 1669 الذيل على تاريخ الحاكم لعبد الغافر 1569 ذيل على تاريخ الطبري للفرغاني 1493 ذيل على تتمة اليتيمة للحسن بن المظفر النيسابوري 1016، 1017 الذيل على الذيل للسمعاني لابن الدبيثي 2539 ذيل على منثور المنظوم للنيرماني لأحمد بن علي المعمر 406 ذيل الفصيح لعبد اللطيف البغدادي 1572 ذيل مدينة السلام (لعله لابن النجار) 1353 ذيل يتيمة الدهر (الثعالبي) لأسامة بن منقذ 579 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3382 (ر) رؤوس الآيات لابن مهران المقرىء 233 الراح والارتياح للرقيق القيرواني 97 الراح والارتياح للمسبحي 2568 الراحلة في تفسير ل ز وم ما لا يلزم للمعري 334 راحة الأرواح لأبي أحمد العسكري 912 راحة اللزوم شرح لغريب لزوم ما لا يلزم للمعري 333 الراحة ومنافع القيادة لأبي العنبس الصيمري 2421 رافع الارتياب في القلوب من الأسماء والألقاب للخطيب البغدادي 387 الرايات لأبي البختري 2803 رائد الود لعلي بن عبيدة 1815 الرائض في الفرائض للزمخشري 2691 الربذة ومقتل حبيش للمدائني 1856 الربيع لغرس النعمة (ذيل على النشوار) 2280 ربيع الأبرار في الأدب والمحاضرات للزمخشري 2691 ربيع العارفين لأبي الحسن البيهقي 1763 ربيع المتيم في أخبار العشاق لابن خلاد الرامهرمزي 923 ربيع المذكرين للثعلبي 507 الرثي والتعازي لابن خلاد الرامهرمزي 923 الرجعة للشافعي 2417 رجم العفريت (رد على المعري) لأبي منصور الخوافي 1527 الرحل لأبي عبيدة 2708 الرحل للكامل الخوارزمي 1552 رحل البعير لعبد الله بن سعيد بن العاص 1526 رحلة صفوان بن ادريس 144 الرحلة في طلب الحديث للخطيب البغدادي 387 الرحوبات لشميم الحلي 1697 الردّ على ابن بابشاذ في شرح الجمل لابن الخشاب 1495 الردّ على ابن جني في تفسيره لشعر المتنبي 1357 الرد على ابن جني في شعر المتنبي للتوحيدي 1925 الردّ على ابن الخشاب لمحمد بن يحيى الحنفي الزبيدي 2675 الردّ على ابن السكيت في إصلاح المنطق لعلي بن حمزة البصري 1755 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3383 الردّ على ابن سينا في إبطال الكيمياء للطغرائي 1107 الرد على ابن عمار في ما خطأ بن أبا تمام للآمدي 851 الردّ على ابن قتيبة في غريب الحديث للغدة 874 الرد على ابن المعتز في ما عاب به أبا تمام لقدامة 2235 الرد على ابن ولاد في المقصور والممدود لعلي بن حمزة البصري 1645، 1755 الردّ على أبي جعفر ابن جرير لابن داود 2461 الرد على أبي جعفر النحاس في كتابه الكافي لابن العريف 1164 الرد على أبي حنيفة الدينوري في كتاب النبات لعلي بن حمزة البصري 1755 الردّ على أبي زياد الكلابي لعلي بن حمزة البصري 1755 الردّ على أبي عبيد في غريب الحديث لأبي سعيد الضرير 254 الردّ على أبي عبيد في غريب الحديث للغدة 874 الرد على أبي عبيد القاسم بن سلام في المصنف لعلي بن حمزة البصري 1755 الردّ على أبي عمرو الشيباني في نوادره لعلي بن حمزة البصري 1755 الرد على أبي ميخائيل الصيدناني في الكيمياء لأبي العنبس الصيمري 2422 الرد على أصحاب الإلهام للجاحظ 2118 الرد على ثعلب في الفصيح لعلي بن حمزة البصري 1755 الردّ على الجاحظ في الحيوان لعلي بن حمزة البصري 1755 الرد على الحريري في مقاماته لابن الخشاب 1495 الرد على حمزة في حدوث التصحيف لأبي حذيفة البخاري (اسحاق بن أحمد بن 621 شيث) الردّ على الخطيب التبريزي في تهذيب إصلاح المنطق لابن الخشاب 1495 الرد على الخليل في العروض لعلي بن هارون المنجم 1991 الرد على الخليل للمفضل بن سلمة 2495 الرد على الخليل وإصلاح ما في كتاب العين من الغلط والمحال للمفضل بن 2709 سلمة الرد على ذي الأسفار للطبري (ردّ فيه على داود بن علي الأصبهاني) 2460 الردّ على سيبويه للمبرد 2684 الردّ على الشافعي لأبي المحاسن التنوخي 2710 الرد على الشعراء للغدة 874 الرد على عبدة الأوثان لأبي زيد البلخي 275 الردّ على العثمانية للجاحظ 2118 الرد على الفخر الرازي في تفسير سورة الإخلاص لعبد اللطيف البغدادي 1572 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3384 الرد على قدامة في نقد الشعر للآمدي 2236 الردّ على لغدة الأصفهاني لأبي حنيفة الدينوري 260 الردّ على الليث للأزهري 2322 الرد على المتطببين لأبي العنبس الصيمري 2421 الرد على متنبىء خراسان للكعبي 1493 الرد على محمد بن الحسن للشافعي 2417 الرد على المشبهة للجاحظ 2118 الردّ على المفضل بن سلمة في نقضه على الخليل لنفطويه 122 الرد على الملحدين في متشابه القرآن لقطرب 2647 الردّ على من ألحد في كتاب الله للجاحظ 2119 الرد على من قال بخلق القرآن لنفطويه 122 الردّ على من يزعم أن العرب يشتق كلامها بعضه من بعض لنفطويه 122 الرد على المنجمين لأبي العنبس الصيمري 2421 الرد على من خالف مصحف عثمان لأبي بكر ابن الأنباري 2618 الرد على من زعم أن الانسان جزء لا يتجزأ للجاحظ 2119 الرد على النصارى للجاحظ 2114، 2118 الردّ على النصارى وذكر مجامعهم للقفطي 2028 الردّ على النمري في شرح مشكل أبيات الحماسة للأسود الغندجاني 822 الرد على اليهود للجاحظ 2119 ردّ المظالم لابن الصيرفي 1972 رد المواريث للشافعي 2416 الردة لإبراهيم بن محمد الثقفي 105 الردة لأبي حذيفة البخاري 623 الردة لأبي مخنف 2253 الردة للمدائني 1856 الردة والدار للواقدي 2598 ردود لغدة على علماء اللغة جمعها حمزة 874 الرسالة للشافعي 2410، 2416 رسالة ابن أبي زيد القيرواني 2599 رسالة ابن ثوابة أبي العباس في الكتابة والخط 437 رسالة ابن القارح 1976 رسالة أبي النجم في الخراج للجاحظ 2120 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3385 رسالة الأسرار للزمخشري 2691 رسالة الاغريض للمعري 334 رسالة الانتقاد- مقامة في نقد الشعر لابن شرف 2640 الرسالة البغدادية للتوحيدي 1925 رسالة التبصير في معالم الدين لأبي جعفر الطبري 2462 رسالة التعلل بإجالة الوهم لأبي الريحان البيروني 2186 رسالة الجوهر الفرد للفخر الرازي 2589 الرسالة الحضية للمعري 334 الرسالة الحمارية لعلي بن حمزة الأديب 1756 رسالة الخميس لعمارة بن حمزة 2054 رسالة سارحة الرموز وفاتحة الكنوز للقطان 970 الرسالة السالفة إلى العاتب لأبي زيد البلخي 275 رسالة السفر لابن خلاد الرامهرمزي 923 الرسالة السندية للمعري 334 رسالة الشراب للحاتمي 2507 رسالة الشكل ردّ فيها على ابن قتيبة وأبي حاتم لأبي بكر ابن الأنباري 2617 رسالة الصاحب في إظهار مساوىء المتنبي 1801 الرسالة الصوفية للتوحيدي 1925 رسالة عتبى الزمان (أو العتبى والعقبى) للعماد الأصفهاني 2627 رسالة عرض في قاطيغورياس لابن سينا 1077 رسالة العصفورين للمعري 333 الرسالة العطارة في مدح بني الزبارة لأبي الحسن البيهقي 1763 الرسالة العلائية لعين القضاة الهمذاني 1551 رسالة عمل بالإسطرلاب لأمية بن عبد العزيز الأندلسي 741 رسالة الغفران للمعري 332، 334، 336، 814، 1976 رسالة الفرض للمعري 334 رسالة القضاء والقدر لابن سينا 1077 الرسالة الكاملة للمبرد 2684 الرسالة الكمالية عربها تاج الدين الأرموي 2589 الرسالة الكمالية في الحقائق الإلهية (بالفارسي) للفخر الرازي 2589 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3386 الرسالة الماهانية لعمارة بن حمزة 2054 رسالة المسأمة للزمخشري 2691 الرسالة المصرية لأبي الصلت أمية 636، 740، 741، 743 رسالة الملائكة للمعري 334 الرسالة الممتعة لمحمد بن أحمد المغربي 2301 رسالة المنطق بالشعر لابن سينا 1077 رسالة المنيح للمعري 334 الرسالة الناجية للحاتمي 2507 الرسالة الناصحة للزمخشري 2691 الرسالة إلى ابن أبي داود للمدائني 1858 الرسالة إلى أبي الفرج ابن نجاح في امتحان عقول الأولياء للجاحظ 2120 الرسالة إلى أصحاب الأنطاكي في تصحيح المدّ لورش، لمكي بن أبي طالب 2713 الرسالة إلى علي بن هشام لإسحاق الموصلي 615 الرسالة إلى علي بن يحيى لابن أبي طاهر طيفور 284 رسالة على لسان ملك الموت للمعري 333 الرسالة في أبي علي بن مقلة- النجم الثاقب لقدامة بن جعفر 2235 رسالة في الآلات الشاملة للبديع الأسطرلابي 2770 رسالة في الآلة الرصدية لابن سينا 1077 رسالة في الأجرام السماوية لابن سينا 1077 رسالة في أخبار آباء ثابت وأجداده وسلفه لسنان بن ثابت 1405 الرسالة في أخبار الصوفية للتوحيدي 1925 رسالة في اختصار اقليدس لابن سينا 1077 رسالة في الاستواء لسنان بن ثابت 1405 رسالة في الأشكال ذوات الخطوط المستقيمة التي تقع في الدائرة لسنان بن ثابت 1405 رسالة في بصيرة غنام للجاحظ 2115 الرسالة في بني أمية لابن عمار 367 الرسالة في تفضيل هاشم ومواليهم لابن عمار 367 رسالة في التنبيه على الأسرار المودعة في بعض سور القرآن للفخر الرازي 2589 رسالة في الحدود لابن سينا 1077 رسالته في حدود الفلسفة لأبي زيد البلخي 275 الرسالة في الحنين إلى الأوطان للتوحيدي 1925 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3387 رسالة في الخط والكتابة لإسحاق المحرر 617 الرسالة في رجال الطريقة للقشيري 1571 رسالة في سهيل لسنان بن ثابت 1405 رسالة في السيف والقلم لابن برد الأصغر 509 رسالة في شرح مذهب الصابئة لسنان بن ثابت 1405 رسالة في الشيب والخضاب لأحمد بن علويه 407 الرسالة في صلات الفقهاء في المناظرات للتوحيدي 1925 رسالة في الضاد والظاء لأبي الفتح المصري 519 الرسالة في الفرق بين ابراهيم بن المهدي وإسحاق الموصلي لعلي بن هارون 1991 رسالة في الفرق بين المترسل والشاعر لسنان بن ثابت 1405 رسالة في قسمة أيام الجمعة على الكواكب السبعة لسنان بن ثابت 1405 رسالة في الكرة ذات الكرسي للبديع الأسطرلابي 2770 رسالة في ما أخذ على ابن النابلس الشاعر ... للقاسم الواسطي 2218 رسالة في ما أنكرته العرب على أبي عبيد لصعوداء 2684 الرسالة في مثالب معاوية لابن عمار 367 الرسالة في المحدب والمحدث 367 رسالة في مختصر النبض بالفارسية لابن سينا 1077 رسالة في مدح البخل لسهل بن هارون 1409 رسالة في مدد الأصوات ومقادير المدات لابن جني 1600 رسالة في النبوات للفخر الرازي 2589 رسالة في النجوم لسنان بن ثابت 1405 رسالة في نعوث المواضيع الجدلية 1077 رسالة في النفس للفخر الرازي 2589 الرسالة في النهي عن الشهوات لابن أبي طاهر طيفور 284 رسالة في وقعة الأدهم للحاتمي 2506 رسالة من الزبير بن بكار إلى محمد بن الفضل العلوي 1325 رسالته في الآمل والمأمول للجاحظ 2120 رسالته في إثم السكر للجاحظ 2120 رسالته في جواب ثابت بن قرة لابن الطيب 292 رسالته في الحلية للجاحظ 2120 رسالته في الردّ على القولية للجاحظ 2120 رسالته في ذم الكتاب للجاحظ 2120 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3388 رسالته في ذم النبيذ للجاحظ 2120 رسالته في ذم الوراق للجاحظ 2120 رسالة في العفو والصفح للجاحظ 2120 رسالته في فرط جهل يعقوب بن اسحاق الكندي للجاحظ 2120 رسالته في فضل اتخاذ الكتب للجاحظ 2120 رسالته في القضاة والولادة للجاحظ 2120 رسالته في القلم للجاحظ 2120 رسالته في كتمان السر للجاحظ 2120 رسالته في الكرم إلى أبي الفرج ابن نجاح للجاحظ 2120 رسالته في الكيمياء للجاحظ 2120 رسالته في مدح الكتاب للجاحظ 2120 رسالته في مدح النبيذ للجاحظ 2120 رسالته في مدح الوراق للجاحظ 2120 رسالته في مدح الوراقة لأبي زيد البلخي 275 رسالته في المساكين لابن الطيب 292 رسالته في من يسمى من الشعراء عمرا للجاحظ 2120 رسالته في موت أبي حرب الصفار البصري للجاحظ 2120 رسالته في الميراث للجاحظ 2120 رسالته في وصف مذاهب الصابئين لابن الطيب 292 رسالته اليتيمة للجاحظ 2120 رسائل ابن أبي الشخباء 1000 الرسائل لابن أبي عون 107 رسائل ابن التستري المجموعة من كل فن 1358 رسائل ابن جيا شرف الكتاب 2387، 2388 رسائل لابن حمادة الكاتب 470 رسائل لابن حمدون أبي نصر 2523 رسائل ابن الدهان 1371 رسائل ابن رشيق الأندلسي 261 رسائل ابن زنجي 2434 رسائل ابن الصيرفي 1972 رسائل ابن هندو 1723 رسائل أبي بكر العميد القهستاني 1678 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3389 الرسائل بالفارسي لأبي الحسن البيهقي 1762 رسائل أبي زيد البلخي إلى إخوانه 259 رسائل أبي سعد ابن الموصلايا 1634 رسائل أبي العباس ابن ثوابة 453 رسائل أبي العباس المرثدي 437 رسائل أبي الفرج ابن جيا أجوبة لرسائل الحريري 2388 الرسائل لأحمد بن سعد أبي الحسن 407 رسائل لأحمد بن علوية الأصبهاني 407 رسائل أحمد بن علي بن المعمر الطالبي 406 رسائل إخوان الصفا 1335، 1336 رسائل إخوانية وسلطانية لابن سينا 1078 رسائل الاسكافي أبي القاسم 1871 رسائل اسماعيل الحظيري 728 رسائل أمير المؤمنين وأخباره وحروبه لإبراهيم بن محمد الثقفي 105 رسائل الحريري إلى ابن جيا 2388 رسائل الحريري المدونة 2207 رسائل لحمزة بن الحسن 1220 رسائل للرشيد ابن الزبير 400 رسائل سالم أبي العلاء 1341 رسائل سعيد ابن البختكان 1366 رسائل سعيد بن حميد 1366 رسائل سعيد بن هريم المجموعة 1379 رسائل شيلمة الكاتب 1499 رسائل الصابي 158 رسائل علي بن عيسى الوزير 1823 رسائل عمر بن مطرف 2099 رسائل محمد بن أحمد بن ثوابة 437 رسائل محمد بن عبد الله بن محمد المعري 298 رسائل للمسعودي 1706 رسائل للمؤذن الخوارزمي 128 رسائل منذر بن سعيد البلوطي 2718 رسائل النبي للمدائني 1854 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3390 رسائل في الحساب مجدولات لأبي السعادات ابن الأثير 2271 الرسائل في الفتوح لابن التستري 1358 رسائل في الفقه والفرائض والحساب لمحمد بن مسعود العشامي 2648 رسائل في النفس وذكر اختلاف الأوائل فيها لابن الجزار القيرواني 187 الرسائل السلطانيات والأخوانيات لسنان بن ثابت 1405 الرسائل القصار للمعري 334 رسائل لزوم ما لا يلزم لشميم الحلي 1697 الرسائل المتفرقة لأبي الحسن البيهقي 1762 رسائل مجموعة لعمارة بن حمزة 2054 رسائل مدونة للصخري 501 رسائل المعونة للمعري 334 رسائل نطاحة إلى إخوانه 200 رسوم الكتب لأبي زيد البلخي 275 رسيل الراموز للمعري 333 الرضاع للشافعي 2417 الرعاية في تجويد القرآن وتحقيق لفظ التلاوة لمكي بن أبي طالب 2714 رفع التخليط عن حديث الاطيط لابن عساكر 1699 رفع عيسى لهشام ابن الكلبي 2780 الرقص والزفن لإسحاق الموصلي 615 الرهان لخالد بن طليق 1236 الرهن الصغير للشافعي 2416 الرهن الكبير للشافعي 2416 الرواة عن مالك بن أنس للخطيب البغدادي 387 روايات ساكني داريا لابن عساكر 1700 روايات السنة من التابعين للخطيب البغدادي 387 روايات الصحابة عن التابعين للخطيب البغدادي 387 روائع لوقائع للأسعد ابن مماتي 641 رواية الآباء عن الأبناء للخطيب البغدادي 387 روح الحيوان لخص فيه الحيوان للجاحظ لابن سناء الملك 2765 روح المسائل للزمخشري 2691 روشنائدل لعلي بن عبيدة 1815 الروض الأريض في أوزان القريض لابن بنين 1387 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3391 الروضة للمبرد 793، 2472، 2684 روضة الأخبار ونزهة الأبصار لابن النجار الكوفي 2475 روضة الأوليا في مسجد ايليا لابن النجار 2645 الروضة السهلية في الأوصاف والتشبيهات لأحمد بن محمد السهلي 504 الروضة في النحو لابن حميدة 2571 الرؤيا لإبراهيم بن محمد الثقفي 105 الرؤيا لابن الشاه الطاهري 1868 الرؤيا للبرقي 432 ري الظمآن في تفسير القرآن لشرف الدين المرسي 2547 الريّ وامر العلوي للمدائني 1857 الرياح والهواء والنار لابن السراج 2536 الرياحين ليوسف الزجاجي 2848 رياحين العقول لأبي الحسن البيهقي 1763 الرياشي المصطنعي للمعري 332 الرياض لابن الحرون 2305 الرياض (مجموع) لمكي بن أبي طالب 2714 رياض العارفين للتوحيدي 1925 الرياض في اختيار المتيمين من الشعراء للمرزباني 2583 الرياض المونقة للفخر الرازي 2589 الرياض المونقة للمبرد 2684 الرياضة للبرقي 432 (ز) زاد الراكب لأبي مضر محمود بن جرير 2686 زاد المسافر لصفوان بن ادري س 1449 زاد المسافر لمنصور الفقيه 2723 زاد المسافر في الطب لابن الجزار القيرواني 187 زاد المسافر وخدمة الملوك (مقالتان) لابن الطيب 292 الزاهر لابي بكر ابن الانباري 2618 الزاهر في الانوار والزهر لابي الطيب الوشاء 2304 الزاهي في اللمع الدالة على مستعملات الاعراب لمكي بن ابي طالب 2714 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3392 الزبدة للفخر الرازي 2589 زبدة الحقائق لعين القضاة الهمذاني 1551 زبدة الطالبين لاسماعيل بن الحسين العلوي 653 الزبرج لابن السكيت 2841 الزبور 337، 1152 زجر النابح للمعري 330 الزجر والدعاء لثابت بن ابي ثابت 771 الزجر والفأل للبرقي 431 الزرع لابي حاتم السجستاني 1407 الزرع لابي عبيدة 2708 الزرع والنبات والنخل وأنواع الشجر للمفضل بن سلمة 2709 الزرع والنخل لابي نصر الباهلي 227 الزرع والنخل للجاحظ 2118 زكاة الفطر للشافعي 2416 الزكاة الكبير للشافعي 2416 زكاة مال اليتيم للشافعي 2416 الزلفة للتوحيدي 1925 الزمام لعلي بن عبيدة 1815 الزمان لابن شجرة 420 الزهد وأخبار الزهاد للمرزباني 2584 الزهد والموعظة للبرقي 431 زهر الآداب للحصري 160 الزهر الباسم في أوصاف أبي القاسم لابن قلاقس 2751 زهر الربيع في الاخبار لقدامة 2235 الزهر في محاسن العصر لابن النجار 2645 الزهر والرياض لابن المعتز 1526 الزهرة لابن داود الظاهري 743، 2498، 2527، 2529 الزواجر والمواعظ لابي أحمد العسكري 912 زواهر السرف وجواهر الصدف للأسعد ابن مماتي 641 الزوايا والخبايا في النحو لصدر الافاضل 2198 زوائد في شرح سقط الزند لذي الفضائل الاخسيكثي 514 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3393 الزي للبرقي 431 الزيادة المنتزعة من كتاب سيبويه للمبرد 2684 زيادات اخبار خوارزم للحسن بن المظفر النيسابوري 1016 زيادات امثال أبي عبيد لأبي الفضل المنذري 2472 الزيادات التي زادها المنذري في معاني القرآن للفراء 2472 الزيادات في معاني الشعر لابن السكيت في اصلاحه لابن بلنجر 361 الزيادات في كتاب الناشىء في المقالات لابي عبد الله الجيهاني 455 الزيادة في اخبار الوزراء (لابن الجراح) لابن عمار 367 زيج مختصر على طريقة السند هند لابي حي التبجيبي 1148 الزينة للبرقي 431 زينة الدهر وعصرة أهل العصر (ذيل على دمية القصر) للحظيري 262، 1350 (س) السابق واللاحق للخطيب البغدادي 387 الساحر والسحرة للشافعي 2417 الساعات للمطرز 2559 السامي في الأسامي للميداني 511، 512، 1359، 1760 سبائك الذهب للقطان 970 السبع الطوال 2243 سبعة مجالس للشيخ أبي الحسن السلمي لابن عساكر 1701 السبعيات 1760 السبق والرمي للشافعي 2417 السبق والنضال للحامض 1401 السبيكة في ش رح المفصل لصدر الافاضل 2197 السبيل الى معرفة الحق لواصل بن عطاء 2795 السجعات العشر للمعري 334 سجع الحمائم للمعري 329، 330 السجع السلطاني للمعري 331 سجع الفقيه للمعري 331 سجع المضطرين للمعري 331 السجن والسكن للمسبحي 2568 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3394 سجود القرآن للحربي 50 سجية (شحنة) البريد لاحمد بن حارث الخراز 230 السداسيات لابن عساكر 1699 السرائر لابراهيم بن محمد الثقفي 105 السر البديع في فك الرمز المنيع (منسوب لخالد بن يزيد بن معاوية) 1241 سر السرور للغزنوي 1589 سر الشعر للاسعد بن مماتي 640 سر الصناعة لابن جني 1598 سر الصناعة في الشعر للحاتمي 2507 السر في الاعراب لصدر الافاضل 2198 السر المكتوم في علم الطلاسم والنجوم للفخر الرازي 2589 السراج في ترتيب الحجاج للباجي 1388 السرايا للمدائني 1854 سرايا رسول الله للمدائني 1854 السرج لابي عبيدة 2708 السرج واللجام لابن السكيت 2841 السرقات لابن المعتز 1526 السرقات لجعفر بن محمد بن حمدان 793 سرقات البحتري من ابي تمام لابن أبي طاهر طيفور 284 سرقات البحتري عن أبي تمام لبشر القيني 746 سرقات الشعراء لابن أبي طاهر طيفور 284 سرقات الشعراء وما تواردوا عليه لابن السكيت 2841 السرقات الكبير لبشر القيني 746 سرقات المتنبي لابن وكيع 993 السريع للمطرز 2559 السعود والعمود لابن حبيب 2482 السفر للبرقي 431 سفر الجنة لعلي بن عبيدة 1815 سفط الجوهر لمحمد بن أحمد الحكيمي 2306 سقط الزند لأبي العلاء المعري 330، 514، 2365، 2825 السقيفة لابراهيم بن محمد الثقفي 105 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3395 السقيفة وبيعة أبي بكر للواقدي 2598 السل والسرقة للاسود الغندجاني 822 السلاح لابن دريد 2495 السلاح لابي العباس الأحول 2489 السلاح لشمر بن حمدويه 1421 السلاح للنضر بن شميل 2761 سلسلة الذهب لأبي الطيب الوشاء 2304 السلان وأخلاق أهله للجاحظ 2119 السلوان لأبي الطيب الوشاء 2304 سلوان الجلد عند فقدان الولد لابن بنين 1387 سلوان المطاع في عدوان الاتباع لابن ظفر الصقلي 2643 سلوة الغرباء لأبي عامر الجرجاني 2166، 2170 سلوة الوحيد لابن النجار 2645 السماء والعالم لأبي جعفر الخازن 275 السمات لابن حبيب 2482 السمر للقيط المحاربي 2250 سمط الثريا في معاني غريب الحديث للشمس البيهقي 652 سمط الملك المفضل في مدح المليك الافضل لشميم الحلي 1697 سمع الكيان 1052 السمع والبصر لعلي بن عبيدة 1816 السموم لابي الحسن البيهقي 1763 سنا وبها لعلي بن عبيدة 1815 السنة والجماعة للكعبي 1493 السنة والجماعة وذم الهوى للواقدي 2598 سنن أبي داود 1206، 1332، 1359، 2271 سنن الترمذي 2271 سنن النسائي 1332، 2271 السنن المأثورة للنسائي 2365 السنن في الرقائق والزهد للباجي 1388 السنن الكبرى للبيهقي 2547 سوائر الأمثال للزمخشري 2691 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3396 السؤال والجواب للمسبحي 2568 السودان والبيضان للجاحظ 2119 السياسة لأبي زيد البلخي 1492 السياسة لقدامة 2235 السياسة الصغير لابن الطيب 292 السياسة الصغير لأبي زيد البلخي 274 السياسة الكبير لابن الطيب 292 السياسة الكبير لأبي زيد البلخي 274 السياق لتاريخ نيسابور لعبد الغافر الفارسي 1206 السير لابراهيم بن محمد الثقفي 105 السير لابي اسحاق الفزاري 94، 95 السير للجرمي 1444 السير لمسكويه 496 سير الاوزاعي للشافعي 2417 سير الواقدي للشافعي 2417 السير والمغازي لمحمد بن اسحاق 2420 السيرة لمحمد بن اسحاق 2468 السيرة للواقدي 2598 سيرة أبي بكر ووفاته للواقدي 2598 سيرة أبي الجيش خمارويه لابن الداية 560 سيرة أحمد بن طولون لابن الداية 559 سيرة جوهر لابن زولاق 808 سيرة الحاكم للمسبحي 2568 سيرة صلاح الدين للأسعد ابن مماتي 641 سيرة عبد اللطيف البغدادي 1573 سيرة العزيز لابن زولاق 808 سيرة العزيز سلطان مصر لأحمد بن عبد الله الفرغاني 294 سيرة كافور لابن زولاق 808 سيرة كافور الاخشيدي لأحمد بن عبد الله الفرغاني 294 سيرة الماذرائيين لابن زولاق 808 سيرة محمد بن طغج الاخشيد لابن زولاق 808 سيرة المنتصر للمبشر بن فاتك 2271 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3397 سيرة المعز لابن زولاق 808 سيرة النبي (ص لّى الله عليه وسلم) لابن فارس 412 سيرة هارون بن أبي الجيش لابن الداية 560 السيف لابي عبيدة 2708 سيف الخطبة للمعري 329 السيل على الذيل للعماد الاصفهاني 2627 السيوف لهشام ابن الكلبي 2780 السيوف والرماح لابي الحاتم السجستاني 1407 (ش) شاذّ اللغة لابن سيده 1949 الشارب والمشروب للجاحظ 2118 الشارة في تلطيف العبارة في علم القرآن لأبي الفرج الشنبوذي 2328 الشافي شرح مسند الشافعي لأبي السعادات ابن الأثير 2271 شافي العي من كلام الشافعي للزمخشري 2691 الشافي في الإمامة للشريف المرتضى 1728 الشافي في الطب لابن النجار 2645 الشافي في علوم القرآن ليونس الوفراوندي 2853 الشافي في النسب لعلي بن محمد بن علي النسابة 1780 الشامل لابن مهران المقرىء 233 الشامل لأبي الفضل المنذري 2472 الشامل في أصول الدين لإمام الحرمين 2586 الشامل في فضائل الكامل لابن بنين 1387 الشامل في اللغة لابن الجبان أبي منصور 399، 2578 شأن الدعاء للخطابي 1206 الشباب لمحمد بن أحمد الحكيمي 2306 الشباب والشيب للمرزباني 2584 الشباب والشيب لمحمد بن أحمد بن طالب الأديب الحلبي 2346 الشتاء والصيف لأبي حامد السجستاني 1408 الشجاج للخطابي 1206 الشجر والنبات لأبي حاتم السجستاني 1407 الشجر والنبات لأبي نصر الباهلي 227 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3398 شجرة الذهب في معرفة أئمة الأدب لابن فضال المجاشعي 1835 شجرة العقل لسهل بن هارون 1410 شجرة الوهم المرقية إلى ذروة الفهم لابن سعادة المرسي 2677 شحذ الفطنة لابن حمادة الكاتب 470 الشراب لابن خرداذبه 1574 الشراب لإسحاق الموصلي 615 الشراب والمنادمة لابن بشار الكاتب 455 الشرائع لعلي بن ابراهيم القمي 1641 شرائع الأديان لأبي زيد البلخي 274 الشرب لأبي جعفر الطبري 2458 شرح الأبنية لصدر الأفاضل 2198 شرح أبيات إصلاح المنطق لابن السيرافي 822، 2847 شرح أبيات الجمل لابن السراج لابن حميدة 2571 شرح أبيات الجمل للأعلم الشنتمري 2848 شرح أبيات سيبويه لأبي جعفر النحاس 469 شرح أبيات سيبويه لأبي البقاء العكبري 1516 شرح أبيات سيبويه للزجاج 63 شرح أبيات سيبويه ليوسف ابن السيرافي 822، 2847 شرح أبيات للشافعي أولها وما شئت كان للفخر الرازي 2589 شرح أبيات الغريب المصنف لأبي عبيد ليوسف ابن السيرافي 2847 شرح الأحاجي لجار الله لصدر الأفاضل 2197 شرح أحاديث نبوية تشتمل على مسائل طيبة لابن التلميذ 2773 شرح أدب الكاتب لابن القوطية 2593 شرح أدب الكاتب للجواليقي 2737 شرح أدب الكاتب للفارابي 618، 620 شرح الأدعية المأثورة للخطابي 487 شرح أربعين حديثا طبية لعبد اللطيف البغدادي 1572 شرح أسماء الله الحسنى لابن بايجوك 2618 شرح أسماء الله الحسنى للفخر الرازي 2589 شرح الإشارات للفخر الرازي 2589 شرح أشعار أبي الطيب المتنبي لعبد الواحد بن محمد أبي القاسم 1573 شرح أشعار هذيل للمرزوقي 506 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3399 شرح الإصلاح لمحمد بن آدم الهروي 2293 شرح إصلاح المنطق لابن سيده 1648 شرح الأصول لابن السراج للرماني 1827 شرح الألف واللام للمازني للرماني 1827 شرح أمثال أبي عبيد لمحمد بن آدم الهروي 2293 شرح الأنموذج (أنموذج الزمخشري) للديباجي 2538 شرح الأنموذج لصدر الأفاضل 2197 شرح الإيضاح لأبي علي الفارسي لابن البناء الحنبلي 823 شرح الإيضاح لأبي علي الفارسي لابن الدهان 1371، 1372 شرح الإيضاح لأبي علي الفارسي لأبي عبد الله الحلواني 1381 شرح الإيضاح (لأبي علي الفارسي) لأحمد بن بكر العبدي 204، 205 شرح الإيضاح لأبي علي للربعي 1829 شرح الإيضاح لأبي علي لزيد بن علي الفسوي 1337 شرح الإيضاح لعلي بن عبيد السمسمي 1817 شرح الإيضاح لمحمد بن أحمد الزهري 2391 شرح الإيضاح المنسوب لأبي القاسم الدقيقي 1817 شرح بانت سعاد لعبد اللطيف البغدادي 1572 شرح البخاري للخطابي 487 شرح بسم الله لابن فضال المجاشعي 1835 شرح بعض قصائد رؤبة لأبي البقاء العكبري 1517 شرح البلغة للربعي 1829 شرح بيت واحد من شعر ابن رزيك لابن الدهان 1371 شرح التحقيق لابن مهران المقرىء 233 شرح التصريف الملوكي لابن جني للقاسم الواسطي 2218 شرح التصريف الملوكي لابن الشجري 2776 شرح التصريف الملوكي للثمانيني 2091 شرح التمام والوقف لمكي بن أبي طالب 2714 شرح الجاهليات لأبي بكر ابن الأنباري 2618 شرح الجرمي لإبراهيم بن علي الفارسي 90 شرح الجرمي لأبي القاسم الدقيقي 1817 شرح الجرمي لأحمد بن بكر العبدي 205 شرح مختصر الحرمي للربعي 1829 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3400 شرح مختصر الحرمي للرماني 1827 شرح مختصر الحرمي الأصغر- الهداية لمحمد بن عبد الله الوراق 2544 شرح مختصر الحرمي الأكبر- الفصول في نكت الأصول لمحمد بن عبد الله الوراق 2544 شرح الجمل لابن خروف الأندلسي 1970 شرح جمل الزجاجي لابن بابشاذ 812، 1456، 1495، 1506 1495 شرح الجمل للزجاجي لابن الخشاب 1495 شرح الجمل للزجاجي لأبي الفتوح الجرجاني 774 شرح الجمل في النحو للزجاجي، للأعلم الشنتمري 2848 شرح الجمل في النحو لمركوش 2653 شرح حديث الموطأ لابن حزم 1657 شرح الحماسة لأبي البقاء العكبري 1516 شرح الحماسة لأبي تمام لزيد بن علي الفسوي 1337 شرح الحماسة لأبي الحسن البيهقي 1763 شرح الحماسة لأبي هلال العسكري 920 شرح الحماسة (مرتبة على حروف المعجم) للأعلم الشنتمري 2848 شرح الحماسة للحسن الاستراباذي 825 شرح الحماسة لعبد الله بن أحمد الساماني 1494 شرح الحماسة لمحمد بن آدم الهروي 2293 شرح الحماسة للمرزوقي 506 شرح الحماسة لمسعود الصواني البيهقي 2699 شرح الخطب النباتية لأبي البقاء العكبري 1516 شرح الخطب النباتية لعبد اللطيف البغدادي 1572 شرح خطبة أدب الكاتب للمبارك بن الفاخر 2260 شرح دعوات لابن خزيمة للخطابي 488 شرح ديوان أبي الطيب لمحمد بن آدم الهروي 2293 شرح ديوان البحتري للقاضي البحاثي الزوزني 2429 شرح ديوان تميم بن مقبل لمحمد بن المعلي الأزدي 2648 شرح ديوان المتنبي لأبي عبد الله الحلواني 1381 شرح ديوان المتنبي للافليلي 2848 شرح ديوان المتنبي للدفلي العجلي 2544 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3401 شرح ديوان المتنبي لعبد الله بن أحمد الساماني 1494 شرح ديوان المتنبي للفخر الرازي 2589 شرح ديوان المتنبي للواحدي 1660 شرح رسالة البلاغة للقزاز القيرواني 2478 شرح رسالة الزهري إلى عبد الملك لابن فارس 412 شرح رسالة الطير لأبي الحسن البيهقي 1763 شرح السبع الطوال لابن خالويه 1036 شرح السبع الطوال لابن الخطيب التبريزي 2825 شرح السبع الطوال لأبي جعفر النحاس 469 شرح السبع الطوال للحسين بن أحمد الزوزني 1038 شرح السبع الطوال للقاسم بن محمد الأنباري 2228 شرح سبعين حديثا لعبد اللطيف البغدادي 1572 شرح سقط الزند لابن الخطيب التبريزي 2825 شرح سقط الزند لصدر الأفاضل 2197 شرح سقط الزند للفخر الرازي 2589 شرح سيبويه- تنقيح الألباب في شرح غوامض الكتاب لابن خروف 1970 شرح سيبويه لابن درستويه 1332 شرح سيبويه لابن السراج 2536 شرح سيبويه للأخفش الصغير علي بن سليمان 1771 شرح سيبويه للربعي 1829 شرح سيبويه للرماني 1827 شرح سيبويه للسيرافي 65، 320، 321، 322، 541، 877، 878، 881، 889، 892 شرح سيبويه للمعري 334 شرح شعر أبي تمام للبيروني 2333 شرح شعر أبي تمام للخالع الرافقي 1147 شرح شعر الأعشى لأبي بكر ابن الانباري 2618 شرح شعر البحتري وأبي تمام لأبي الحسن البيهقي 1763 شرح شعر زهير لأبي بكر الانباري 2618 شرح شعر المتنبي لابن جني 2524 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3402 شرح شعر المتنبي لابن الخطيب التبريزي 2825 شرح شعر المتنبي لأبي البقاء العكبري 1517 شرح شعر المعري لابن الصنديد العراقي 282 شرح شعر النابغة لابن بكر ابن الانباري 2618 شرح الشعراء الفحول الستة لسليمان بن عيسى الشنتمري 1399 شرح شهاب الأخبار لأبي الحسن البيهقي 1763 شرح شواهد سيبويه لمبرمان 2574 شرح شواهد الكتاب لأبي بكر المراغي 2580 شرح شواهد كتاب سيبويه للمبرد 2684 شرح الصفات للرماني 1827 شرح على مختصر المزني لمحمد بن عبد الله المسعودي 1548 شرح على مقامات الحريري لأبي الخير سلامة الأنباري 1389، 1380 شرح علل النحو لأبي العباس المهلبي 455 شرح عنوان الإعراب لابن فضال المجاشعي 1835 شرح العيون لابن هارون العسكري 471 شرح الغاية لأبي سعيد ابن عبد الصمد 1367 شرح غريب الأحاديث ومعانيها وأحكامها ووصف رجالها لأبي السعادات ابن الأثير 2271 شرح فصول بقراط لجالينوس 1368 شرح فصول بقراط للرازي 1368 شرح الفصيح لابن الجبان أبي منصور 2578 شرح الفصيح لابن جني 1600 شرح الفصيح لابن خالويه 1036 شرح الفصيح لابن درستويه 886 شرح الفصيح (لثعلب) لابن المأمون 451 شرح الفصيح لأبي البقاء العكبري 1516 شرح الفصيح- الأسفار في شرح الفصيح لأبي سهل الهروي 2579 شرح الفصيح للحسن الاستراباذي 825 شرح الفصيح للمرزوقي 506 شرح الفصيح للمطرز 2559 شرح الفصيح ليوسف الزجاجي 2848 شرح ما قيل في حدود الفلسفة لأبي زيد البلخي 275 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3403 شرح القصائد العشر لابن الخطيب التبريزي 2825 شرح قصيدة ابن فيره لعلي السخاوي 2217 شرح قصيدة الشاطبي لعلم الدين اللورقي 2189 شرح الكافي لابن الأنباري أبي بكر 2617 شرح الكافي في القوافي لابن جني 1600 شرح كتاب الأخفش لابن سيد 164، 1649 شرح كتاب الأخفش لمبرمان 2574 شرح كتاب الجمل للزجاج لابن العريف 1164 شرح كتاب الجمل لسعيد بن عيسى الأصغر 1369 شرح كتاب سيبويه لابن أبي ركب الخشني 2647 شرح كتاب سيبويه للزمخشري 2691 شرح كتاب سيبويه لمبرمان 2574 شرح كتاب اللمع لأحمد المهاباذي 357 شرح كتاب المنطق لابي بشر محابة بن يونس المنطقي 910 شرح كتاب الوسيط لابن ناقيا 1561 شرح كلام العرب وتخليص ألفاظها ... للمبرد 2684 شرح كليات القانون للفخر الرازي 2589 شرح كليلة بالفارسية للمؤذن الخوارزمي 128 شرح اللمع لابراهيم بن محمد العلوي (أو لابنه أبي البركات) 125 شرح اللمع لابن أسد الفارقي 841 شرح اللمع لابن جني لابن حميدة 2571 شرح اللمع لابن جني لابن الخشاب 1495 شرح اللمع لابن جني لابن الخطيب التبريزي 2825 شرح اللمع لابن جني، لابن الشجري 2776 شرح اللمع لابن جني، لناصر بن أحمد الخويي 2740 شرح اللمع لابي الحسن الباقولي 1737 شرح اللمع للشريف عمر بن ابراهيم 2063 شرح اللمع للقاسم بن محمد بن مباشر الواسطي 2218، 2230 شرح اللمع للثمانيني 2091 شرح اللمع الى باب النداء لابن الخشاب 1506 شرح المجاري لابن هارون العسكري 471 شرح المحنة لابن بابشاذ 1456 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3404 شرح مختصر المبرمان لابي الحسين بن هارون 470 شرح المدخل للمبرد للرماني 1827 شرح مسائل حنين بن اسحاق لابن التلميذ 2773 شرح مستغلق أبيات الحماسة واشتقاق اسماء شعرائها لابن جني 1598 شرح مشكلات المقامات الحريرية لابي الحسن البيهقي 1762 شرح مشكل أبيات الحماسة للنمري 822 شرح معاني الباهلي للغدة 874 شرح معاني الحروف لابن فضال المجاشعي 1835 شرح معاني الزجاج للرماني 1827 شرح معاني الشعر للباهلي الانصاري لابن لره 2717 شرح معاني شعر المتنبي لابن الافليلي 123، 124 شرح المعجم لابن مهران المقرىء 233 شرح المفرد والمؤلف لصدر الافاضل 2197 شرح المفصل للزمخشري، للخاوراني 205 شرح المفصل للزمخشري 2691 شرح المفصل للسخاوي 1963 شرح المفصل لعلم الدين اللورقي 2189 شرح المفصل للفخر الرازي 2589 شرح المفضليات لابن الخطيب التبريزي 2825 شرح المفضليات لأبي بكر ابن الانباري 2618 شرح المفضليات للمرزوقي 506 شرح المفضليات للميداني 511 شرح مقامات الحريري لأبي سعيد البندهي 2550 شرح المقامات للحريري لأبي الفتح المطرزي 2741 شرح المقامات الحريرية لأبي البقاء العكبري 1516 شرح المقامات الحريرية لابن حميده 2571 شرح مقامات الحريري لمركوش 2652 شرح آخر لمقامات الحريري على حروف المعجم ترتيب العزيزي للقاسم الواسطي 2218 شرح مقامات الزمخشري 1960 شرح مقامات الزمخشري للزمخشري 2691 شرح المقتضب للرماني 1827 شرح مقدمة ابن بابشاذ لعبد اللطيف البغدادي 1572 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3405 شرح المقدمة التي ألفها الوزير ابن هبيرة 1506 شرح مقدمة الجزولي لعلم الدين اللورقي 2189 شرح مقدمة معالم السنن (للخطابي) للسلفي 411 شرح مقدمة الوزير ابن هبيرة في النحو لابن الخشاب 1495 شرح المقصور والممدود لابن السكيت لابن جني 1588 شرح مقصورة لابن الخطيب التبريزي 2825 شرح مقصورة ابن دريد لابن خالويه 1036 شرح مقصورة ابن دريد لأبي سعيد السيرافي 878 شرح ملحة الاعراب للحريري 2207 شرح الموجز لابن السراج للرماني 1827 شرح الموجز للمرزوقي 506 شرح الموجز المعجز لأبي الحسن البيهقي 1763 شرح نحو أبي الحسن الضرير النحوي للحسين الزوزني 1038 شرح النحو للمرزوقي 506 شرح نقد الشعر لقدامة لعبد اللطيف البغدادي 1572 شرح نكت كتاب سيبويه للزيادي 68 شرح نهج البلاغة للفخر الرازي 2589 شرح الهداية لأبي الخطاب لأبي البقاء العكبري 1516 شرح الهوى لعلي بن عبيده 1815 شرح اليميني للعتبي لصدر الافاضل 2198 شرط الخلفاء للهيثم بن عدي 2792 شرف أصحاب الحديث للخطيب البغدادي 386 شرف السيف للمعري 332 شرف قصي بن كلاب وولده في الجاهلية لهشام ابن الكلبي 2780 شروح الايضاح 1555 الشروط- أمثلة العدول لأبي جعفر الطبري 2458، 2459 الشروط للشافعي 2417 الشروط الصغير لابن شجرة 420 الشروط الكبير لابن شجرة 420 الشطرنج لأبي زيد البلخي 275 الشعر لابن أخت أبي علي الفارسي 2524 الشعر لابن شجرة 420 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3406 الشعر لعلي بن حمزة الاصبهاني 1753 الشعر وهو جامع لفضائله و ... للمرزباني 2584 شعر ابن أحمر العقيلي للسكري 856 شعر ابن الداية 560 شعر أبي نواس جمعه ابراهيم بن محمد توزون 40 شعر أبي نواس للسكري 856 شعر الاخطل للسكري 856 شعر الاعشى للسكري 856 شعر أعشى باهلة للسكري 856 شعر الاقيشر صنعة ابن حبيب 2483 شعر امرىء القيس للسكري 856 شعر بشر بن أبي خازم للسكري 856 شعر تميم بن أبي بن مقبل للسكري 856 شعر ثابت قطنة لابي عبد الله ابن حمدون 165 شعر حاتم الطائي للمرزباني 2583 شعر الحدادي البلخي 2652 شعر الحريري 2207 شعر حسان بن ثابت 2481 شعر الحطيئة للسكري 856 شعر دريد بن الصمة للسكري 856 شعر ذي الرمة 1250، 2551 شعر ذي الرمة للسكري 856 شعر الراعي لأبي بكر ابن الانباري 2618 شعر الراعي النميري للسكري 856 شعر رؤبة 1250 شعر الزبرقان بن بدر للسكري 856 شعر زهير بن أبي سلمى للسكري 856 شعر زهير 2618 شعر السيد الحميري لأحمد العمي 174 شعر الشماخ صنعة ابن حبيب 2483 شعر الشماخ للسكري 856 شعر الشنفري 2409 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3407 شعر الصبا لشميم الحلي 1697 شعر الصمة صنعة ابن حبيب 2483 شعر الطرماح 1555، 2448 شعر العباس بن الاحنف 2856 شعر العجير السلولي وصنعته لابي عبد الله ابن حمدون 165 شعر الفرزدق للسكري 856 شعر قيس بن الخطيم للسكري 856 شعر الكميت بن زيد للسكري 856 شعر الكميت جمعه أبو عبد الله السكوني 231 شعر لبيد العامري صنعة ابن حبيب 2483 شعر لبيد للسكري 856 شعر المتلمس للسكري 856 شعر متمم بن نويرة للسكري 856 شعر المتنبي 451، 2478 شعر محمد بن مسعود العشامي 2648 شعر مهلهل للسكري 856 شعر النابغة 2618 شعر النابغة الجعدي للسكري 856 شعر النابغة الذبياني للسكري 856 شعر هدبة بن خشرم للسكري 856 شعر الهذليين 1250 الشعر والشعراء لابن الحرون 2305 الشعر والشعراء لابن السراج 2536 الشعر والشعراء لأبي حنيفة الدينوري 260 الشعر والشعراء للبرقي 431 الشعر والشعراء لجعفر بن محمد بن حمدان 793 الشعر والشعراء لعمر بن شبة 2093 الشعراء لأبي عبيد القاسم بن سلام 2201 الشعراء لياقوت 183، 2132 شعراء مصر للصولي 409 شعراء مضر وربيعة ويمن الى ابن هرمة لأبي عمرو- اشعار القبائل 627 الشعراء الندماء للمتيم الافريقي 485 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3408 الشعراء وأنسابهم لابن حبيب 2482 الشغار للشافعي 2417 الشفاء لابن سينا 1077، 1447 شفاء الصدور لأبي بكر ابن مقسم المقرىء 2505 شفاء الصدور في التفسير للنقاش الدارقطني 2501 شفاء الغلة في سمت القبلة للرشيد ابن الزبير 400 الشفعة للشافعي 2417 شقائق النعمان في حقائق النعمان (مناقب أبي حنيفة) للزمخشري 2691 شماريخ الدرر في التفسير لعلي بن عراق الصناري 1820 الشمس والقمر للنضر بن شميل 2761 شمس العلوم لنشوان بن سعيد 2745 شمل الالفة لعلي بن عبيدة 1815 الشهاب لمحمد بن سلامة القضاعي 2414 الشهادات للشافعي 2416 الشهادات لنفطويه 122 الشواذ للباطرقاني 419 الشواذ لثعلب 553 الشوارد لأبي عبيدة 2708 الشواهد للخليل بن أحمد 1271 شواهد كتاب سيبويه لأبي سعيد السيرافي 878 شواهد كتاب سيبويه للخطيب الاسكافي 2549 الشواهد من كتاب الله للبرقي 431 الشورى لابراهيم بن محمد الثقفي 105 الشورى للمطرز 2559 الشورى ومقتل عثمان لأبي مخنف 2253 الشوق الى الوطن لأبي حاتم السجستاني 1408 الشيء بالشيء يذكر للاسعد ابن مماتي- سلاسل الذهب 640 الشيات والحلى لابن فارس 412 الشيب لمحمد بن أحمد النوقاتي 2345 الشيب والشباب لاسامة بن منقذ 579 الشيب والشباب للشريف المرتضى 1729 الشيوخ للمدائني 1857 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3409 (ص) صابون الغم لقادمة 2235 صاحب الرأي للشافعي 2417 صاحب الزمان لأبي العنبس الصيمري 2422 الصاحبي لابن فارس 412 الصادع والرادع لابن حزم 1657 الصارم الهندي في الرد على الكندي 1333 الصاهل والشاحج للمعري 333 الصبر لعلي بن عبيدة 1815 الصبر والعزاء لصالح الصالحي الحلبي 1444 الصبوة لعبد العزيز ابن حاجب النعمان 1568 الصحاح للجوهري 399، 512، 618، 656، 657، 658، 734، 1510، 1669، 1760، 1923، 2028، 2437، 2692، 2805، 2831 صحبة السلطان لعلي بن نصر النصراني 1983 الصحيحان 2599 صحيح البخاري 261، 386، 419، 647، 830، 1206، 1332، 1388، 1452، 2028، 2271، 2410 صحيح مسلم 453، 1332، 1339، 1332، 1339، 1403، 1569، 2271، 2357، 2546 صحيفة النحو لعلي بن أبي طالب 1813 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3410 الصداق للشافعي 2417 الصداق للمدائني 1855 صدقة الحي عن الميت للشافعي 2416، 2417 الصديق والصداقة لأبي حيان التوحيدي 1925 الصرحاء والهجناء للجاحظ 2119 صرف الهم لقدامة 2235 الصرف والتجارة للشافعي 2416 صريح السنة لأبي جعفر الطبري ذكر فيه مذهبه 2462 الصفات للديمرتي 2230 الصفات للغدة 874 صفات الأمم لأبي زيد البلخي 275 صفات الجبال والأودية واسمائها بمكة وما والاها لابن الأشعث عزيز 1622 صفات الخلفاء لهشام ابن الكلبي 2781 صفات الغنم وألوانها للأخفش الأوسط 1376 الصفات في اللغة للنضر بن شميل 2761 صفات الله جل وعلا للمبرد 2684 صفة الدرع لابن الأعرابي 2633 صفة الدنيا لعلي بن عبيدة 1815 صفة الزرع لابن الأعرابي 2533 صفة شكر المنعم لمبرمان 2574 صفة العلماء لعلي بن عبيدة 1816 صفة الفرس لعلي بن عبيدة 1816 صفة الموت لعلي بن عبيدة 1816 صفة النبي (صلّى الله عليه وسلم) لأبي البختري 2803 صفة النبي للمدائني 1854 صفة النخل لابن الأعرابي 2533 صفة النفس لنطاحة 200 صفة النفي للشافعي 2417 صفة نهي النبي (صلّى الله عليه وسلم) للشافعي 2416 صفو الشرح لايساغوجي وقاطيغورياس لغلام العامري 493 الصفوة للبرقي 432 الصفوة في أشعار العرب ومختارها للقصباني 2180 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3411 صلاة الاستسقاء للشافعي 2416 صلاة التسبيح للخطيب البغدادي 387 صلاة الجنائز للشافعي 2416 صلاة الخوف للشافعي 2417 صلاة العيدين للشافعي 2416 صلاة الكسوف للشافعي 2416 الصلاة الواجبة والتطوع والصيام للشافعي 2416 الصلح للشافعي 2417 صلح النبي للمدائني 1854 صميم العربية للزمخشري 2691 صناعة البلاغة لابن خشكنانجة 369 صناعة الجدل لقدامة 2235 صناعة الشعر لأبي أحمد العسكري 912 صناعة الشعر لأبي زيد البلخي 274 صناعة الشعر للخالع الرافقي 1147 صناعة الكتاب لأبي جعفر النحاس 469 صنائع قريش لهشام ابن الكلبي 2780 صنعة الشعر والبلاغة لأبي سعد السيرافي 878 سهلة القارح ردّ فيه على سقط الزند للأبيوردي 2365 الصوالجة للجاحظ 2119 الصوائف للهيثم بن عدي 2792 صورة الهمز لابن رستم الطبري 457 الصورة والمصور لأبي زيد البلخي 275 صور الأقاليم للبلخي 2184 صول الفحل للشافعي 2417 صولجان الكتبة لأبي زيد البلخي 275 صياغة الكلام للجاحظ 2118 الصيام الكبير للشافعي 2416 الصيانة للبرقي 432 الصيد والجوارح للفتح بن خاقان 2157 الصيد والذبائح للشافعي 2416 صيقل الألباب في الأصول لمسعود الصواني البيهقي 2699 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3412 (ض) الضاد والظاء للقزاز القيرواني 2478 الضاد والظاء للقفطي 2028 الضاد والظاء لمرجى بن كوثر 2698 ضالة الأديب للأسود الغندجاني 822 ضالة الأديب في الجمع بين الصحاح والتهذيب لمحمود بن الحواري 2692 ضالة الناشد للزمخشري 2691 الضحايا للشافعي 2417 ضد العقل للنقاش الدارقطني 2501 ضرب الدراهم والصرف للمدائني 1858 ضرب الدنانير والدراهم للواقدي 2598 ضرورة الشعر للمبرد 2684 الضوابط النحوية في علم العربية لشرف الدين المرسي 2547 ضوء السقط تفسير غريب سقط الزند للمعري 333 ضوء الصباح في الحث على السماح لابن العديم 2086 ضياء القلوب في معاني القرآن للمفضل بن سلمة 2709 الضيفان لأبي عبيدة 2708 (ط) الطارف لعلي بن عبيدة 1815 الطاوس لعلي بن عبيدة 1815 الطب للبرقي 432 الطب الكبير للفخر الرازي 2589 الطبائع للجاح ظ 1580 الطبائع والنقض على القائلين بها لأبي هاشم الجبائي 2859 طبرستان أيام الرشيد للمدائني 1857 الطبقات لابن سلام 2176 الطبقات للواقدي 2598 طبقات الأمم للقاضي صاعد الجياني 2857 طبقات أهل العلم والجهل لواصل بن عطاء 2795 طبقات أهل فارس وشيراز لمحمد بن عبد العزيز الشيرازي القصار 2123 طبقات البلغاء لأحمد بن محمد الأصبهاني 432 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3413 طبقات الخطباء لأحمد بن محمد الأصبهاني 432 طبقات الرجال للبرقي 432 طبقات الشعراء بالأندلس لعثمان بن ربيعة 1601 طبقات الشعراء الجاهلية لابن سلام الجمحي 2172 طبقات الشعراء لأبي حسان الزيادي 928 طبقات الشعراء لاسماعيل اليزيدي 737 طبقات الشعراء لدعبل 1287 طبقات الشعراء لعمر بن شبة 2093 طبقات الشعر لابن سلام الجمحي 2541 طبقات العلم في كل فن للأبيوردي 2365 طبقات الفرسان لأبي عبيدة 2708 طبقات الفقهاء والمحدثين للهيثم بن عدي 2792 طبقات القراء للباطرقاني 419 طبقات الكتاب بالأندلس 1379 طبقات الكتاب لنطاحة 200 طبقات من روى عن النبي (صلّى الله عليه وسلم) من الصحابة للهيثم بن عدي 2792 طبقات النحويين للزبيدي 1164، 2519 طبقات النحويين البصريين وأخبارهم للمبرد 2684 الطبلبنب لأبي العنبس الصيمري 2421 الطبيخ لإبراهيم الصولي 86 الطبيخ لابن خرداذبه 1574 الطبيخ لابن الداية 560 الطبيخ لابن الطيب 292 الطبيخ لجحظة 207 الطبيخ لعلي بن يحيى بن أبي منصور المنجم 2008 الطبيخ لنطاحة 200 طرائف الطرف للبارع الهروي 632 الطرد لابن أبي طاهر طيفور 284 الطرفة في التحفة بالفارسية للمؤذن الخوارزمي 128 طرق حديث عبد الله بن عمرو لابن عساكر 1699 طرق الوسائل إلى حدائق الرسائل لأبي الحسن البيهقي 1762 الطريقة العلائية في الخلاف للفخر الرازي 2589 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3414 الطعام والأدام للمسبحي 2568 الطل 332 الطهارة لأبي عبيد القاسم بن سلام 2201 الطهارة للشافعي 2416 الطهور لأبي عبيد القاسم بن سلام 1795 طوال اللحى لأبي العنبس الصيمري 2421 الطير لأبي حاتم السجستاني 1408 الطير لأبي نصر الباهلي 227 الطيرة للبرقي 431 الطيف للمفضل بن سلمة 2709 طيف الخيال للشريف المرتضى 1729 (ظ) الظهير العضدي للمعري 334 (ع) العارض في الكامل للديمرتي 2229 العاشق والمعشوق لأبي العنبس الصيمري 2421 العالم في الل غ ة على الأجناس لابن سيد الأندلسي (خطأ ابن سيده) 164، 1748، 1749 العالم والجاهل للجاحظ 2120 العالم والمتعلم لابن سيد على المسألة والجواب 164، 1649 العبادلة لأبي بكر الصولي 2678 العبادة للمرزباني 2584 العبادة الصغرى لابن الحداد القيرواني 1373 العبادة الكبرى لابن الحداد القيرواني 1373 العبارة عن أسماء الله تعالى للمبرد 2684 عبث الوليد للمعري 332، 2429 العتاب والاعتاب لمحمد بن أحمد النوقاني 2345 العتق للشافعي 2417 عتق أمهات الأولاد للشافعي 2417 العثمانية للجاحظ 2118 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3415 العجالة لصفوان بن ادريس 1449 عجالة السفر في الشعر لصدر الأفاضل 2198 عجالة النخشبي لضيفه المغربي لعمر بن محمد النسفي 2098 العجائب للبرقي 431 العجائب الأربعة لهشام ابن الكلبي 2781 عجائب البحر لابن الشاه الطاهري 1868 عجائب البحر لأبي العنبس الصيمري 2422 عجائب البحر لهشام ابن الكلبي 2781 عجائب العالم لأحمد العمي 174 عجائب النحو لصدر الأفاضل 2197 العدد (هل هو لخلف الأحمر) 1385 العدد للكسائي 1752 عدد آي القرآن لأبي البقاء العكبري 1516 عدد آي القرآن لأبي عبيد القاسم بن سلام 2201 عدد التمام لأبي بكر ابن مقسم المقرىء 2505 العدناني للوحيد 1357 العدة للشافعي 2417 عرائس المجالس للمفجع 2338 عرائس النفائس لأبي الحسن البيهقي 1763 العرائس والقصص للثعلبي 507 العرجان والبرصان للجاحظ 2118 العرض لأبي هاشم الجبائي 2859 العروض لابن طباطبا 2310 العروض لابن فضال المجاشعي 1835 العروض لأبي بكر الجعد 2570 العروض لأبي الحسن البيهقي 1762 العروض لأبي القاسم الدقيقي 1817 العروض لأبي القاسم الزعفراني 2092 العروض للأخفش الأوسط 1376 العروض لبزرج العروضي 744، 746 العروض لثابت بن أبي ثابت 771 العروض للجرمي 1444 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3416 العروض للجواليقي 2737 العروض للخليل بن أحمد 1271، 2449 العروض للزجاج 63 العروض لصاحب ابن عباد 858 العروض للعميدي 2349 العروض للمازني 763 العروض للمبرد 2684 العروض لمحمد بن يحيى الحنفي الزبيدي 2675 العروض لمظفر بن ابراهيم الأعمى 2700 العروض للمفضل الضبي 2712 العروض لملك النحاة 867 العروض لليمان البندنيجي 2844 العروض الصغير للبلطي 1612 العروض الكافي للصاحب 698 العروض الكبير للبلطي 1612 العروض- مختصر لأبي البقاء العكبري 1517 العروض (مشجر) للقطان 970 العروض، معلل لأبي البقاء العكبري 1517 عروض الورقة للجوهري 657 العروض والقوافي لابن القطاع 1669 عروق الذهب من أشعار العرب لأبي عامر الجرجاني 2166، 2170 العزلة للخطابي 487، 1206 العزلة والانفراد لجخجخ 1574 العشرات للمطرز 2559 عشرة الصداق للشافعي 2417 عصام المريد للجاحظ 2118 عصمة الأنبياء لابن الحداد القيرواني 1373 عصمة الأنبياء لأبي زيد البلخي 275 عصمة الأنبياء للفخر الرازي 2589 العضدي في النحو للمعري 334 العطر لإبراهيم الصولي 86 عظات السور للمعري 334 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3417 العظات الموقظات للبلطي 1612 العقاب للبرقي 431 العقارب لأبي عبيدة 2708 عقائل الفضائل لابن الصيرفي 1972 العقد لابن عبد ربه 464، 465، 466 العقد الفائق في عيون أخبار الدنيا ومحاسن تواريخ الخلائق لابن النجار 2645 العقل لابن حبيب 2482 العقل للبرقي 431 العقل للنقاش الدارقطني 2501 عقل الكل للزمخشري 2691 العقل والجمال لعلي بن عبيدة 1815 عقلاء المجانين 1790 عقلاء المجانين لأبي الحسن بن أبي بكر بن مقسم 2505 العقوبات للبرقي 431 عقود الجواهر لابن هيصم الهروي 1783 العقود في المقصور والممدود لابن الدهان 1371 عقود اللآلىء لأبي الحسن البيهقي 1762 عقود المضاحك بالفارسي لأبي الحسن البيهقي 1762 العقول للشافعي 2417 العفة (العققة) لأبي عبيدة 2708 العقيق وأخباره للزبير بن بكار 1325 العلائي لابن سينا 1077 العلل لاسماعيل بن محمد القمي 735 العلل للبرقي 431 العلل للدارقطني 2599 علل العروض لعلي بن محمد الأهوازي النحوي 1957 العلل في النحو لقطرب 2647 العلل في النحو لمحمد بن عبد الله الوراق 2544 العلل في النحو لهارون بن الحائك 2762 علل النحو للغدة 874 علل النحو للمازني 763 علل القراءات للأزهري 2322 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3418 علل القراءة المرتبة في كتاب الغاية لعلي بن محمد بن ابراهيم الضرير 1662 علل كتاب الغاية لابن مهران المقرىء 233 العلم لمحمد بن أحمد النوقاتي 2345 علم أشكال الخط للبلطي 1612 علم المنطق لأرسطاطليس 2124 علم النثر للأسعد ابن مماتي 640 العم والخال لابن فارس 412 عمارة الأرضين للشافعي 2417 عمال الشرط لأمراء العراق للهيثم بن عدي 2792 عمال النبي (صلّى الله عليه وسلم) على الصدقات للمدائني 1854 العمائر للمدائني 1857 العمائر والربائع لابن حبيب 2480 العمد للقاضي عبد الجبار 338 العمد في النحو لملك لنحاة 867 العمدة لابن رشيق 865، 1572، 2636 العمدة لأبي هلال العسكري 920 عمدة الكتاب ليوسف الزجاجي 2848 عمدة المحادثة لابن الصيرفي 1972 العمري 2417 عمل المؤامرات بالحضرة لابن سريج الكاتب 630 عناصر الآداب للجاحظ 2119 عنقاء مغرب لأبي العنبس الصيمري 2421 عنوان السلوان لابن بنين 1387 العنوان في النحو لمحمود بن حمزة الكرماني 2687 عنوان المعارف في التاريخ للصاحب 698 عهد أردشير 1312 عهد أردشير (شعرا) للبلاذري 534 عهد كتبه لنفسه لابن سينا 1077 العهود للخلفاء والأمراء لأبي عبد الله الجيهاني 455 عهود النبي للمدائني 1854 العواتك للمدائني 1856 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3419 العواقل لهشام ابن الكلبي 2781 عوالي حديث سفيان الثوري لابن عساكر 1700 العوامل والهوامل في الحروف لابن فضال المجاشعي 1835 العود والملاهي للمفضل بن سلمة 2709 عون الجمل للمعري 334 العويص للبرقي 432 العويص في شرح إصلاح المنطق لابن سيده 1649 عيار الشعر لابن طباطبا 851، 2310 العيافة والقيافة للبرقي 431 العين البرقي 431 العين في اللغة للخليل بن أحمد (اكمله الليث) 62، 90، 415، 461، 469، 843، 1261، 1271، 1529، 1555، 1966، 1977، 1980، 2228، 2253، 2254، 2255، 2257، 2436، 2471، 2519، 2549، 2709، 2717، 2722 العيون لأبي طاهر الصقلي 662 عيون الأجوبة للقشيري 1571 عيون الأخبار لابن قتيبة 1922، 2498 عيون الأخبار والأشعار لابن بلنجر 361 عيون الأخبار وفنون الأشعار لطالب بن محمد بن نشيط 1455 عيون الحكمة لابن سينا 1077 عيون الحكمة للفخر الرازي 2589 عيون الكاتب للحاتمي 2507 عيون المسائل للفخر الرازي 2589 عيون المسائل للكعبي 1493 العيون والنكت في النحو لأبي النضر المعري 2425 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3420 (غ) الغارات لابراهيم بن محمد الثقفي 105 الغارات لابي عبيدة 2708 الغارات لابي مخنف 2253 الغارات للمدائني 1856 الغارات لنصر بن مزاحم 2750 الغاية ف ي القراءات لابن مهران المقرىء 233، 1662 الغرائب للبرقي 432 غرائب الحديث لابن قادم 2545 غرائب حديث مالك بن أنس مما ليس في الموطأ لقاسم بن اصبغ 2190 غرائب القراءات لابن مهران المقرىء 233 غرائب اللغة لسعيد بن أحمد الميداني 1359 الغرائز لابي زيد الانصاري 1361 الغربة الغريبة في الحكمة للشهاب السهروردي 2807 الغرر لأبي بكر الصولي 2678 غرر الاقيسة لأبي الحسن البيهقي 1763 غرر الامثال لأبي الحسن البيهقي 1762 غرر الفوائد لابن النجار 2645 الغرر والدرر (- الأمالي) للشريف المرتضى 1728 الغرر ومنتهى الزهر لعبد العزيز بن حاجب النعمان 1568 الغرر والنوادر للكعبي 1493 الغرق والشرق في ذكر من مات غرقا أو شرقا للمسبحي 2568 الغرماء للمدائني 1857 الغرة (شرح اللمع لابن جني) لابن الدهان 1371 الغرة في غلط اهل الأدب للخطيب الاسكافي 2549 غريب الاسماء لأبي زيد الانصاري 1362 غريب إعراب القرآن لابن فارس 411 غريب الحديث لابن حبيب 2482 غريب الحديث لابن درهم القاضي 2097 غريب الحديث لابن قتيبة 874، 1067، 1499، 1922 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3421 غريب الحديث لابن كيسان 2307 غريب الحديث لأبي بكر ابن الانباري 2617 غريب الحديث لأبي السعادات ابن الاثير 2271 غريب الحديث لأبي عبيد القاسم بن سلام 45، 127، 254، 451، 874، 1015، 1760، 1795، 2071، 2198، 2199، 2201 غريب الحديث لأبي عبيد مرتبا على حروف العجم لأبي الحسن علي بن عبد الله ابن أبي جرادة 2071 غريب الحديث لأبي عبيدة 2199، 2708 غريب الحديث لابي عمرو الشيباني 627 غريب الحديث للأثرم 1970 غريب الحديث للحامض 1401 غريب الحديث للحربي (والمسانيد التي احتواها) 41، 50 غريب الحديث للخطابي 487، 1206، 1760، 2428، 2547 غريب الحديث للديمرتي 2229 غريب الحديث (هل هو للزجاج) 121 غريب الحديث لسلمة بن عاصم 1385، 2856 غريب الحديث لشمر بن حمدويه 1421 غريب الحديث لعبد اللطيف البغدادي 1572 غريب الحديث لقاسم بن ثابت السرقسطي وابنه ثابت 2191 غريب الحديث للقاسم بن محمد الانباري 2228 غريب الحديث لقطرب 2647 غريب الحديث للمطرز 2559 غريب الحديث للنضر بن شميل 2761 غريب شعر زيد الخيل الطائي للمفجع 2338 غريب القرآن لابن خالويه 1036 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3422 غريب القرآن لابن دريد 2495 غريب القرآن لابن رستم الطبري 457 غريب القرآن لابن سلام الجمحي 254 غريب القرآن لابن شجرة 420 غريب القرآن لابن منيرة الكفرطابي 2685 غريب القرآن لأبي عبيد القاسم بن سلام 2199، 2201 غريب القرآن لأبي عبيدة 2199، 2708 غريب القرآن لثعلب 553 غريب القرآن لعبد الرحمن الأزدي 38 غريب القرآن للعزيزي 1760 غريب القرآن لمؤرج السدودي 2732 غريب القرآن لنفطويه 122 الغريب في القرآن لابان الجريدي 38 غريب كتب المحاسن للبرقي 431 غريب المصنف لأبي عبيد القاسم بن سلام 90، 732، 1648، 1649، 1755، 1859، 2198، 2200، 2201، 2558، 2722، 2847 غريب المصنف لابي عمرو الشيباني 627 غريب المصنف للقاسم بن معن المسعودي 2231 الغريب الهاشمي لهارون بن الحائك أو لثعلب 2762 غزية لهشام ابن الكلبي 2780 غسل الميت للشافعي 2418 غش الصناعات للجاحظ 2120 غش الصناعات والحسبة لابن الطيب 292 الغصب للشافعي 2417 الغلط (لعله للقصري) 1575 غلط أدب الكاتب لابن كيسان 2307 غلط الحديث للواقدي 2598 غلط كتاب العين للخطيب الاسكافي 2549 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3423 الغلة والغليل لابن أبي طاهر طيفور 284، 285 غنية الطالب في نسب آل أبي طالب لاسماعيل بن الحسين العلوي 653 الغنية عن الكلام للخطابي 488 الغنية في الضاد والظاء لابن الدهان 1371 غنية المقتبس للخطيب البغدادي 387 الغيبة لمحمد بن ابراهيم البيهقي 2297 (ف) الفاخر لأبي الفضل المنذري 2472 الفاخر للفراء 2815 الفاخر في ما يلحن فيه العامة للمفضل بن سلمة 2709 الفاس بن الحائك لأبي العنبس الصيمري 2422 الفاشوش في أحكام ق راقوش لابن مماتي 641 الفاصل بين الراوي والواعي لابن خلاد الرمهرمزي 923 الفاضل والمفضول للمبرد 2684 الفاطميات للمدائني 1856 الفاعل والمفعول به لابن كيسان 2308 فائت الجمهرة للمطرز 2559 فائت العين للخليل بن أحمد 1271 فائت العين للمطرز 2559 فائت الفصيح للمطرز 2559 فائت المستحسن للمطرز 2559 الفائق لابن جني 1600 الفائق في غريب الحديث للزمخشري 2691 الفتاك والنساك لأبي زيد البلخي 275 فتاوى الصحابة والتابعين لبقي بن مخلد 747 الفتاوى الواردة من جرجان والعراق للكعبي 1493 فتح الابلة للمدائني 1857 فتح برقة للمدائني 1857 فتح شهرك للمدائني 1857 الفتح على أبي الفتح لابن فورجه 2524 الفتح القسي في الفتح القدسي للعماد الاصفهاني 2627 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3424 فتح مكران للمدائني 1857 الفتوى لأبي جعفر الطبري 2456 الفتوح لابن أعثم الكوفي 202 الفتوح لأبي حذيفة البخاري 623 الفتوح للبلاذري 534 فتوح الأهواز لأبي عبيدة 2709 فتوح الأهواز للمدائني 1857 فتوح البامي للمدائني 1857 فتوح جبال طبرستان للمدائني 1857 فتوح جرجان وطبرستان للمدائني 1857 فتوح الجزيرة للمدائني 1857 فتوح الحيرة للمدائني 1857 فتوح خراسان- كتاب الدولة لسليمان (سلمويه) بن صالح 1389 فتوح خراسان وأخبار أمرائها ... الخ للمدائني 1857 فتوح الري للمدائني 1857 فتوح سجستان للمدائني 1857 فتوح الشام لأبي مخنف 2253 فتوح الشام منذ أيام أبي بكر وإلى أيام عثمان للمدائني 1856 فتوح الشام للواقدي 2598 فتوح العراق لأبي مخنف 2253 فتوح العراق منذ أيام أبي بكر وإلى أيام عمر للمدائني 1857 فتوح العراق للواقدي 2598 فتوح مصر لعبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم 2414 فتوح مصر للمدائني 1857 فتوح النبي للمدائني 1854 الفتيا للجاحظ 2119 الفتيان للجاحظ 2118 الفتيان الأربعة لهشام ابن الكلبي 2781 فخر أهل الكوفة على أهل البصرة للهيثم بن عدي 2792 فخر القحطانية والعدنانية للجاحظ 2118 الفخر ما بين عبد شمس ومخزوم للجاحظ 2118 فخر المشط على المرآة لابن الشاه الطاهري 1868 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3425 الفخري لأبي الحسن البتي 374 الفخري في أنساب الطالبيين لاسماعيل بن الحسين العلوي 653، 655 الفداء لهشام ابن الكلبي 2780 فدك لإبراهيم بن محمد الثقفي 105 الفراسة للبرقي 432 فرائد الآداب وقواعد الإعراب لابن بنين 1387 فرائد الشذور وقلائد النحور في الأشعار لابن القطاع 1669 الفرائد والقلائد في اللغة لابن الكوفي صاحب ثعلب 1866 الفرائض بالجدول لأبي الحسن البيهقي 1762 الفرائض لابن داود الظاهري 2527 الفرج بعد الشدة لابن درهم القاضي 2097 الفرج بعد الشدة للمحسن التنوخي 1872، 2280، 2281 فرحة الأديب للأسود الغندجاني 822 الفرخ للجرمي 1444 الفرخ للمرزباني 2584 الفردوس المنسوب إلى خالد بن يزيد بن معاوية 1241 فردوس الحكمة لعلي بن ربن الطبري 666، 2446، 2468 الفرس لأبي عبيدة 2708 الفرسان لمحمد بن سلام الجمحي 2172 فرض الحج لمن استطاع إليه سبيلا لمكي بن أبي طالب 2714 فرض الصدقة للشافعي 2417 الفرق لابن جني 1600 الفرق لابن السكيت 2841 الفرق لابن فارس 411 الفرق لأبي بكر الجعد 2570 الفرق لأبي الجود العجلاني 2230 الفرق لأبي حاتم السجستاني 1407 الفرق لأبي زيد الأنصاري 1362 الفرق لأبي الطيب الوشاء 2303 الفرق لأبي عبيدة 2708 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3426 الفرق لأحمد العمي 174 الفرق لثابت بن أبي ثابت 771 الفرق للزجاج 63 الفرق لقطرب 2647 الفرق بين الآدميين وبين كل ذي روح لأبي حاتم السجستاني 1408 الفرق بين الحب والعشق عند الجاحظ 2108 الفرق بين الضاد والظاء لابن حميدة 2571 الفرق بين المعاني لأبي هلال العسكري 920 الفرق بين النبي والمتنبي للجاحظ 2115 فرق الفقهاء للباجي 1388 فرق ما بين الخاص والمشترك من معاني الشعر للآمدي 851، 852 الفرق والمعيار في الأوغاد والأحرار لأبي الفرج الأصبهاني 1708 الفروق للبرقي 431 الفريد في الأنساب لهشام ابن الكلبي 2781 فسح الملح لابن رشيق 864 الفصاحة لأبي حاتم السجستاني 1407 الفصاحة لأبي حنيفة الدينوري 260 الفصل في ما بين أهل الآراء والنحل لابن حزم 1653، 1657 الفصل بين القراء للطبري- (مع وصف تفصيلي لأهميته ومنهج مؤلفه وثناء العلماء عليه) 2454، 2456 الفصل بين الكلام الخاص والكلام العام لابن جني 1600 فصل الخطاب من كلام عمر بن الخطاب للوطواط 2632 الفصل والوصل للخطيب البغدادي 387 الفصوص في الآداب والأشعار لصاعد 1440 فصول بقراط 1368، 1763 الفصول الخمسون في النحو لابن معطي 2831 الفصول في معرفة الأصول لابن فضال المجاشعي 1835 الفصول في النحو لابن الدهان 1371، 2271 الفصول الموكبية لشميم الحلي 1697 الفصول والغايات للمعري 305، 327، 1527 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3427 فصيح الكلام لأحمد بن يحيى ثعلب 56، 58، 227، 425، 553، 860، 1041، 1516، 1561، 1600، 1755، 1908، 1958، 1964، 2347، 2830 الفضائل لأبان الجريري 38 فضائل أبي بكر وعمر لأبي جعفر الطبري 2462 فضائل أحمد بن حنبل لابن مندة 1501 فضائل اسحاق لعلي بن عبيدة 1816 فضائل الأنصار لأبي البختري 2803 فضائل البذل مع العسر ورذائل البخل مع اليسر لابن بنين 1387 فضائل بغداد وأخبارها لابن الطيب 292 فضائل بلخ لابن زيد البلخي 275 فضائل جعفر بن أبي طالب للمدائني 1855 فضائل الحارث بن عبد المطلب للمدائني 1855 فضائل حلق الرأس لأبي العنبس الصيمري 2421، 2422 فضائل ربيعة لعلان الشعوبي 1631 فضائل الزو (الزق) لأبي العنبس الصيمري 2422 فضائل السكباج لجحظة 207 فضائل الصحابة للفخر الرازي 2589 فضائل الصديق لابن عساكر 1701 فضل عاشوراء والمحرم لابن عساكر 1699 فضائل العباس لأبي جعفر الطبري 2462 فضائل عبد الله بن جعفر للمدائني 1855 فضائل علي بن أبي طالب لأبي جعفر الطبري 2462 فضائل الفرس لأبي عبيدة 2708، 2709 فضائل القرآن لأبي عبيد القاسم بن سلام 2201 فضائل القرآن لعبد الله بن محمد القرشي 970 فضائل قريش لقاسم بن اصبع 2190 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3428 فضائل قريش للمدائني 1855 فضائل قريش والأنصار للشافعي 2417 فضائل قيس عيلان لهشام ابن الكلبي 2780 الفضائل الكبير لأبي البختري 2803 فضائل كنانة لعلان الشعوبي 1631 فضائل محمد بن الحنفية للمدائني 1855 فضائل مصر لابن زولاق 808 فضائل مضر لأحمد بن محمد العدوي 430 فضائل مقام ابراهيم لابن عساكر 1701 فضائل مكة على سائر البقاع لأبي زيد البلخي 275 فضل أصحاب الحديث لابن عساكر 1699 فضل البيت المقدس لابن عساكر 1701 فضل الجهاد لابن عساكر 1701 فضل الربوة والنيرب ومن حدث بها لابن عساكر 1700 فضل الرياحين لمحمد بن أحمد النوقاتي 2345 فضل السرم على الفم لأبي العنبس الصيمري 2422 فضل السلم على الدرجة لأبي العنبس الصيمري 2422 فضل صناعة الكتابة لأبي زيد البلخي 274 فضل العرب على العجم لابن أبي طاهر طيفور 284 فضل العطاء على العسر لأبي هلال العسكري 920 فضل العلم للجاحظ 2119 فضل الفرس للجاحظ 2119 فضل القرآن للبرقي 432 فضل قريش وأهل البيت والأنصار والأشعريين وذم الرافضة لابن عساكر 1701 فضل الكرم على أهل الحرم لابن عساكر 1699 فضل الكوفة ومن نزلها من الصحابة لإبراهيم بن محمد الثقفي 105 فضل المدينة لابن عساكر 1701 فضل مكة لابن عساكر 1701 فضل الملك لأبي زيد البلخي 275 فضيلة علم الأخبار لأبي زيد البلخي 274 فضيلة علوم الرياضيات لأبي زيد البلخي 275 فضيلة المعتزلة للجاحظ 2118 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3429 فعل وأفعل لابن السكيت 2841 فعل وأفعل لأبي العباس الأحول 2489 فعل وافعل لأبي عبيدة 2708 فعل وافعل للفراء 2815 فعل وافعل لقطرب 2647 فعلت وأفعلت للآمدي 851 فعلت وأفعلت لابن دريد 2495 فعلت وأفعلت لأبي زيد الأنصاري 1362 فعلت وأفعلت للزجاج 63 فعلت وأفعلت بمعنى للقاسم الواسطي 2218 فعلت وأفعلت للقالي 730 فقر البلغاء، كتاب في الرسائل لأحمد بن سعد الكاتب 264 فقر البلغاء لعلي بن حمزة الأصبهاني 1753 فقه اللغة لابن فارس 411 الفقيه والمتفقه للخطيب البغدادي 387 الفكاهة والدعابة لمحمد بن أحمد الحكيمي 2306 فلك الأدب للديباجي 2538 الفلك في مختار الأخبار والأشعار لابن خلاد الرامهرمزي 923 فنون الحكم للعتابي 2244 الفهرست لابن النديم 2427 فهرسة أسماء الشيوخ لابن سعادة المرسي 2677 الفهم للبرقي 431 فهم المناسك للنقاش الدارقطني 2501 الفوائد لابن خشكنانجه 369 الفوز الأصغر لمسكويه 495 الفوز الأكبر لمسكويه 495 في أجوبة أهل فارس لأبي زيد البلخي 275 في أغراض ما بعد الطبيعة للفارابي 1071 في أقسام علوم الفلسفة لأبي زيد البلخي 275 في أن العرب تتكلم طبعا لا تعلما لنفطويه 122 في أن المبدعات ... لابن الطيب 292 في البحث عن التأويلات لأبي زيد البلخي 274 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3430 في تفضيل علي بن أبي طالب ... للصاحب 698 في حساب الدور لأبي حنيفة الدينوري 260 في الرد على منذر القاضي لزياد بن عبد العزيز الجذامي 1330 في الصرفة لابن سنان الخفاجي 325 في الفرق والمعيار بين الأوغاد والأحرار لعلي بن هارون المنجم 1991 في العروض لأبي الحسن العروضي 471 في غريب الحديث لأبي عبيد لإبراهيم النسوي العميد 127 في لوازم الحر ك تين للبيروني 2333 في المحاسن في العربية لابن جني 1598 في النحو لابن العكبري النحوي 92 الفيصل للرؤاسي 2486، 2488 الفيصل في العربية للرؤاسي 2572 الفيصل في النحو لأبي جعفر الرؤاسي 541 (ق) القادري لابي الحسن البتي 374 قاضي الحق للمعري 332 القانون الصلاحي في أودية النواحي للديباجي 2538 القانون في الطب لابن سينا 858، 1072، 1074، 1077، 2773 القانون في علم الاصول للحسين بن أحمد الزوزني 1038 القانون في اللغة لابي عبد الله الحلواني 1381 القانون المسعودي للبيروني 2331، 2333 القائف للمعري 333 القبائل لابي عبيدة 2708 القبائل لاحمد بن الحارث الخراز 230 القبائل للمطرز 2559 القبائل الكبيرة والايام لابن حبيب 2483 قبسة العجلان في النحو لعبد اللطيف البغدادي 1572 قبسة العجلان في نسب آل أبي سفيان للأبيوردي 2365 قبض روح المؤمن والكافر للنهمي 69 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3431 القبلة والزوال لابي حنيفة الدينوري 261 القبور للخرائطي 2471 قتال أهل البغي للشافعي 2417 قتال المشركين للشافعي 2417 قحطان وعدنان للمبرد 2684 القحطاني للوحيد 1357 القداح لهشام ابن الكلبي 2780 القدر لجعفر الفريابي 1845 قراءة ابن عامر لابن مجاهد 521 قراءة ابن كثير لابن مجاهد 521 قراءة ابي عمرو بن العلاء الكبير 2448 قراءة أبي عمرو لابن مجاهد 521 قراءة أبي عمرو لابن مهران المقرىء 233 قراءة أبي عمرو لابي زيد الانصاري 1361 قراءة الاعشى يعقوب بن خليفة للنقاد المقرىء 861 قراءة حمزة لابن مجاهد 521 قراءة عاصم لابن مجاهد 521 قراءة عبد الله بن عمرو لابن مهران المقرىء 233 قراءة علي بن أبي طالب 521 قراءة علي لابن شنبوذ 2325 قراءة الكسائي لابن مجاهد 521 قراءة نافع لابن مجاهد 521 قراءة النبي (صلّى الله عليه وسلم) لابن مجاهد 521 قراءة يعقوب خاصة لابي سعيد ابن عبد الصمد 1367 القراءات لابن شجرة 420 القراءات لابن كيسان 2307 القراءات لابن النجار الكوفي 2475 القراءات لأبي بكر الجعد 2570 القراءات لأبي عبيد القاسم بن سلام 2201 القراءات لثعلب 553 القراءات لخلف البزار 1259 القراءات للكسائي 1752 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3432 القراءات الصغير لابن مجاهد 521 القراءات الكبير لابن مجاهد 521 القراءات وتنزيل القرآن للطبري 2444 القرابين والذبائح لأبي زيد البلخي 274، 275 القراض للشافعي 2417 القرائن لابي عبيدة 2708 قرائن آيات القرآن لابي الحسن البيهقي 1762 قرص العتاب للأسعد بن مماتي 641 القرعة للشافعي 2417 قرقرة الدجاج في ألفاظ ابن الحجاج للأسعد ابن مماتي 640، 641 القرود لابي زيد البلخي 275 القسامة للشافعي 2417 القسطاس في العروض للزمخشري 2691 قسم الصدقات للشافعي 2417 قسم الفيء للشافعي 2417 قسمة الارضين لهشام ابن الكلبي 2781 القسي والنبال لأبي حاتم السجستاني 1407 القصائد الشافعية لابن أبي صقر الواسطي 2576 قصائد في العظة والحكمة لابن سينا 1077 قصص الانبياء للمسبحي 2568 قصة الكعبة لابي عبيدة 2709 قصيدة ابن عيذون في الرد على المرتد البغدادي 1793 قصيدة خالد بن يزيد في الملوك والاحداث للمدائني 1858 القصيدة الدامغة في فضل قحطان للهمداني 810 قصيدة الشاطبي في القراءات 1963 قصيدة شبيل بن عزرة في الغريب 40 قصيدة شيعية على ألف قافية لابي علويه الاصبهاني 409 قصيدة عبد الله بن اسحاق بن الفضل للمدائني 1858 قصيدة في العروض لابن معطي 2831 قصيدة في القراءات السبع لابن معطي 2831 القصيدة الهادية للتقليد المؤدية الى التوحيد للفخر الرازي 2590 قصيدة وخيار يا مكانس لابن الشاه الطاهري 1868 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3433 القضاء والقدر للفخر الرازي 2589 القضاة لاحمد بن بختيار الماندائي 202 القضاة لاسامة بن منقذ 579 القضاة لطلحة بن عبد الله 526 قضاة اهل البصرة للمدائني 1858 قضاة اهل المدينة للمدائني 1858 قضاة البصرة لابي عبيدة 2709 قضاة الكوفة والبصرة للهيثم بن عدي 2792 قضايا التشبيهات على خفايا المختلطات بالجداول لابي الحسن البيهقي 1763 القضايا الصائبة في معاني أحكام النجوم للمسبحي 2568 قطاع الطريق للشافعي 2417 القطع في السرقة للشافعي 2417 قطعة من شرح الوجيز للفخر الرازي 2589 القلاع والاكراد للمدائني 1857 قلائد الشرف في الشعر لابي عامر الجرجاني 2170 قلائد الشرف في مفاخر أصبهان وأخبارها لعلي بن حمزة الاصبهاني 1753 قلائد العقيان للفتح بن خاقان 2164، 2165 القلب والابدال لابن السكيت 2841 قلق المشتاق لابي ابي طاهر 2498 القلم لابي الحسن الشمشاطي 1908 القلم لاسحاق المحرر 617 القمر المنير في المسند الكبير (الصحابة الرواة) لابن النجار 2645 قمع الحرص بالقناعة للخرائطي 2471 القند في علماء سمرقند لعمر النسفي 2098 القنوت للخطيب البغدادي 387 القواد للجاحظ 2118 قوارع القرآن لأبي زيد البلخي 275 قواعد العشر للمبرد 2684 القواعد والبيان في النحو لابن ظفر الصقلي 2643 القوافي 763 القوافي لأبي العباس النامي 99 القوافي لابي علي السهواجي 1149 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3434 القوافي ل ابي القاسم الزعفراني 2092 القوافي للاخفش 472 القوافي للاخفش الاوسط 1376 القوافي للجرمي 1444 القوافي للزجاج 63 القوافي لعلي بن هارون المنجم 1991 القوافي لقطرب 2647 القوافي للمبرد 847، 2684 القوافي الكبير للعميدي 2349 القوافي لنفطويه 122 قوانين البلاغة لعبد اللطيف البغدادي 1572 قوانين الوزارة للماوردي 1956 القوس والترس لابي زيد الانصاري 1361 القول في جملة الاسانيد في الحديث المزيد لابن عساكر 1699 القول في علم النجوم للخطيب البغدادي 387 القولنج لابن الساعاتي الطبيب 1308 القولنج لابن سينا 1077 القياس على اصول النحو لابن مروان الكوفي 2143 القياس في النحو لهشام بن معاوية صاحب الكسائي 2782 القيافة والفأل والزجر للمدائني 1858 قيام الحسن بن علي لابراهيم بن محمد الثقفي 105 القيان لاسحاق الموصلي 615 قيان الحجاز لاسحاق الموصلي 615 قيان مكة لابي أيوب المديني 1386 قيد الاوابد للاسود الغندجاني 822 (ك) الكافي لابي جعفر النحاس 332، 469 1164 الكافي- رسائل الصاحب 698 الكافي في العروض والقوافي لابن الخطيب التبريزي 2825 الكافي في القوافي 1600 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3435 الكافي في النحو لابن قادم 2545 الكافي في النحو لأبي بكر الانباري 2618 الكافي في النحو لشرف الدين المرسي 2547 الكامل للمبرد 93، 730، 879، 2472، 2473، 2684 الكامل في علم القرآن للثعلبي 1663 الكامل في القراءات ليوسف بن علي البسكري 2849 كتاب آل أبي العاص للمدائني 1855 كتاب آل أبي عتيق للمدائني 1855 كتاب آل أبي العيص للمدائني 1855 كتاب ابن الجارود بروستقباذ للمدائني 1856 كتاب ابن الزبير لابراهيم بن الثقفي 105 كتاب ابن الفرضي في تاريخ الاندلسيين 770 كتاب ابن نقطة 1274 كتاب أبي الأسود الدئلي للمدائني 1858 كتاب أبي السري سهل بن أبي غالب 1441 كتاب أبي عتاب الى ربيع حين سأله عن العويص لهشام ابن الكلبي 2780 كتاب أبي الفضل ابن عبد الحميد 429 كتاب أبي الفضل الصفاري 185 كتاب أبي النجم وجوابه للجاحظ 2119 كتاب ابتدأ فيه بنسب أهله لعلي بن هارون المنجم 1991 كتاب الابلة لزكريا الساجي 1327 كتاب الأحداث لابراهيم بن محمد الثقفي 105 كتاب آخر في أخبار النساء والباه لمحمد بن حسان النملي 2484 كتاب الاخفش 206، 1649 كتاب أربعين حديثا عن أربعين شيخا من أربعين مدينة لابن عساكر 1699 كتاب الاربعين الطوال لابن عساكر 1699 كتاب الاربعين في اصول الدين للفخر الرازي 2588، 2589 كتاب الاربعين في الجهاد لابن عساكر 1699 كتاب الأزد لعيينة المهلبي 2151 كتاب اسباسيوس في اتخاذ الاخوان لسهل بن هارون 1410 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3436 كتاب الفه اسماعيل بن أبي عبيدة 2481 كتاب اسماعيل بن هبار للمدائني 1856 كتاب أصبهان (لعله لحمزة) 163 كتاب الانصار لعيينة المهلبي 2151 كتاب الاوس والخزرج لابي عبيدة 2709 كتاب الاوس والخزرج للزبير بن بكار 1325 كتاب إياد [و] الازد لابي عبيدة 2708 كتاب أيوب السختياني 647 كتاب الباه لابي عبيدة الدينوري 260 كتاب بشر بن مروان بن الحكم للمدائني 1855 كتاب البصرة لعمر بن شبة 2093 كتاب بغداد لأحمد بن أبي طاهر 930، 1949 كتاب البله لأبي عبيدة 2709 كتاب بني عبد الله بن غطفان لابي عبد الله ابن حمدون 165 كتاب بني عقيل لأبي عبد الله ابن حمدون 165 كتاب بني مرة بن عوف لابي عبد الله ابن حمدون 165 كتاب بني ناجية ومصقلة بن هبيرة للمدائني 1856 كتاب بني النمر بن قاسط لابي عبد الله ابن عون 165 كتاب البنين والبنات والآباء والامهات والأذواء والذوات لأبي السعادات ابن الاثير 2271 كتاب بين المسجدين لعلي بن أحمد العقيقي 1644 كتاب البيوتات للمدائني 1857 كتاب التوابين وعين الوردة لابراهيم بن عمر الثقفي 105 كتاب توبة بن مضرس للمدائني 1856 كتاب جحظة البرمكي لسهل بن المرزبان 1409 كتاب الجمل لابي مخنف 2253 كتاب الجمل لأحمد بن عمار 367 كتاب الجمل لعلي بن عبيدة 1816 كتاب الجمل للمدائني 1856 كتاب الجمل لنصر بن مزاحم 2750 كتاب الجمل وصفين لابي عبيدة 2709 كتاب حبيب العطار لهشام ابن الكلبي 2781 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3437 كتاب حرة واقم للمدائني 1856 الكتاب الحضري في الكلمات للمطرز 2559 كتاب الحكمين لابراهيم بن محمد الثقفي 105 كتاب الحلقتين لابي العنبس الصيمري 2422 كتاب الحيض لأبي عبيد القاسم بن سلام 1595، 2201 كتاب خالد بن صفوان للمدائني 1858 كتاب خالد القسري ويوسف بن عمر وموت هشام وولاية الوليد لابي مخنف 2253 كتاب خراسان لابي عبيدة 2709 كتاب الخريت بن راشد وبني ناجية 2253 كتاب خطب قليلة للقاسم الواسطي 2218 كتاب الخليل (على برغوث) 1493 كتاب الخمارين والخمارات لابي الفرج 1708 كتاب الخمسين للفخر الرازي 2589 كتاب خوارج البحرين واليمامة لابي عبيدة 2709 كتاب الدار لابراهيم بن محمد الثقفي 105 كتاب الدواوين لابن أبي عون 107 كتاب الدولة (كبير) لابراهيم الصولي 96 كتاب الدولة للحسن بن ميمون النصري 1018 كتاب الدولة لسلمويه بن صالح 1384 كتاب الدولة للهيثم بن عدي 2792 كتاب الدولتين في تفضيل الخلافتين لابي العنبس الصيمري 2422 كتاب ذات الفوائد للطغرائي 1107 كتاب ذوي العاهات للجاحظ 2120 كتاب ذي القد في النحو لابن جني 1600 كتاب ربيعة وأنسابها لخراش العجلي 1247 كتاب ربيعة وعقيل لابي السري سهل بن غالب 806 كتاب الرفاهية للبرقي 431 كتاب الريحانتين: الحسن والحسين لابن خلاد الرامهرمزي 923 كتاب الزجاج 1663 كتاب زياد بن عمرو الاشرف العتكي 1856 كتاب زيد بن حارثة لهشام ابن الكلبي 2781 كتاب زيد بن علي لأبي مخنف 2253 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3438 كتاب الزيدية للصاحب بن عباد 698 كتاب السبعة لابن مجاهد 521، 813 كتاب السبعة الأصغر للنقاش الدارقطني 2501 كتاب السبعة الأوسط للنقاش الدارقطني 2501 كتاب السحاقات والبغائين لأبي العنبس الصيمري 2422 كتاب السحق لمحمد بن حسان النملي 2484 كتاب السراة (الاغاني التي ألفت لاسحاق الموصلي) 616 كتاب السروي 45 كتاب السلطان لعمر بن شبة 2093 كتاب سلم بن قتيبة وروح بن حاتم للمدائني 1856 كتاب سليمان بن صرد وعين الوردة لابي مخنف 2253 كتاب السمعاني (لم يحدده) لعله شيوخه 1792 كتاب سهل بن أبي غالب 806 كتاب سهل بن هارون الى عيسى بن ابان في القضاء 1410 كتاب السهلي في مذهبي الشافعي والحنفي للحسن بن الحارث 505 كتاب السواد وفتحه لابي عبيدة 2709 كتاب سيبويه 54، 90، 122، 128، 206، 506، 539، 541، 542، 543، 570، 705، 729، 759، 763، 818، 877، 878، 881، 889، 892، 1028، 1164، 1261، 1332، 1367، 1374، 1375، 1387، 1406، 1443، 1444، 1466، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3439 1483، 1510، 1516، 1546، 1555، 1575، 1580، 1775، 1817، 1827، 1829، 1969، 1981، 2124، 2126، 2127، 2189، 2307، 2353، 2435، 2486، 2535، 2536، 2549، 2573، 2574، 2647، 2674، 2679، 2684، 2685، 2851 كتاب الشاذاني في النحو لابن كيسان 2307 كتاب شبيب الحروري وصالح بن المسرح لابي مخنف 2253 كتاب الشعراء القدماء والاسلاميين لعلي بن يحيى بن أبي منصور المنجم 2008 كتاب الشعراء المذكورين لخالد بن كلثوم 1237 كتاب صغير آخر في النحو للخاوراني 205 كتاب صغير في الرمي بالنشاب منسوب الى الطبري 2462 كتاب صغير في النحو للخاوراني 205 كتاب صفين لابراهيم بن محمد الثقفي 105 كتاب صفين لأبي حذيفة البخاري 623 كتاب صفين لأبي مخنف 2253 كتاب صفين لاحمد بن عمار 367 كتاب صفين لنصر بن مزاحم 2750 كتاب صفين للواقدي 2598 كتاب صناعتي النظم والنثر لابي هلال العسكري 919 كتاب الضحاك الخارجي لابي مخنف 2253 كتاب الضربين لسهل بن هارون 1410 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3440 كتاب طسم وجديس لابي البختري 2803 كتاب طسم وجديس لهشام ابن الكلبي 2780 كتاب الطفيليين للجاحظ 2119 كتاب الطنبوريين لابن كوجك الوراق 1733 كتاب الطنبوريين لجحظة 207 كتاب طيء لابي عبد الله ابن حمدون 165 كتاب عاد الاولى والآخرة لهشام ابن الكلبي 2780 كتاب العاص بن امية للمدائني 1855 كتاب عباد بن الحصين للمدائني 1855 كتاب العباس بن عبد المطلب للمدائني 1855 كتاب العباسي لابن سمكة 199 كتاب عبد الرحمن بن سمرة للمدائني 1855 كتاب عبد الله بن عامر بن كريز للمدائني 1855 كتاب عبد الله بن عامر الحضرمي للمدائني 1856 كتاب عبد الله بن عباس للمدائني 1855 كتاب عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر للمدائني 1855 كتاب عدي بن زيد العبادي لهشام ابن الكلبي 2780 كتاب العروس للخطابي 487 كتاب عروة بن الزبير لابي حسان الزيادي 927 كتاب على تراجم صحيح البخاري ومعانيه لابن رشيق الاندلسي 261 كتاب على الهملاج للجاحظ 2120 كتاب علي بن عبد الله بن عباس للمدائني 1855 كتاب عمان للمدائني 1857 كتاب عمرو بن الزبير للمدائني 1855، 1856 كتاب عمرو بن سعيد بن العاص للمدائني 1855 كتاب عمرو بن عبيد الله بن معمر التيمي للمدائني 1855 كتاب العميدي لابي الحسن البتي 374 كتاب الغريبين للهروي 488 كتاب الغزالين لسهل بن هارون 1410 كتاب الغلمان المغنين لابي الفرج الاصبهاني 1709 كتاب فارس للمدائني 1857 كتاب في الاخبار للقيط المحاربي 2250 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3441 كتاب في أخبار أهله لأسامة بن منقذ 579 كتاب في أخبار البصرة لزكريا الساجي 1327 كتاب في أخبار الشام ومصر لثابت بن سنان 772، 773 كتاب في الاسد والذئب للجاحظ 2120 كتاب في أسماء الاماكن للاسود الغندجاني 822 كتاب في اشتقاق الاسماء مما لم يأت به قطرب لعبد الملك بن قطن المهري 2859 كتاب في الاصول لشاهفور الاسفرايني 1411 كتاب في اصول الفقه والدين لشرف الدين المرسي 2547 كتاب في اعراب القرآن لابن كردان 1775 كتاب في ان ابعاد الجسم ذاتية له لابن سينا 1077 كتاب في الانساب لقاسم بن اصبغ 2190 كتاب في ان سورة الحمد تنوب عن جميع القرآن لأبي زيد البلخي 275 كتاب في انشاء أحمد بن علي بن المعمر 407 كتاب في أن الشاعرين لا تتفق خواطرهما للآمدي 851 كتاب في ان علم زيد غير علم عمرو لابن سينا 1078 كتاب في انه لا يجوز أن يكون شيء واحد جوهريا وعرضيا لابن سينا 1078 كتاب في البديع والبلاغة لشرف الدين المرسي 2547 كتاب في بناء الكعبة وأخبارها لابراهيم اليزيدي 161 كتاب في التاريخ لذي الفضائل الاخسيكثي 514 كتاب في التشبيهات من أشعار أهل الاندلس لابن أبي الحسين 1923 كتاب في التصريف للحسن الصغاني 1015 كتاب في التصريف مجدول للمعموري 2356 كتاب في تعبير الرؤيا للكرماني 2615 كتاب في تقريظ الدفاتر لابن طباطبا 2310 كتاب في التلخيص للخطيب البغدادي 387 كتاب في الجرح والتعديل لزكريا الساجي 1327 كتاب في الحساب لابي الحسن البيهقي 1763 كتاب في الخط وعلومه ووصف آدابه وأقلامه ... الخ لابن العديم 2086 كتاب في الخلاف للشمس البيهقي 652 كتاب في الرد على ابن عبد الحكم على مالك لابي جعفر الطبري 2462 كتاب في رسائل من انشائه لابي المراغي 972 كتاب في الروح وما جاء فيه من القرآن والسنة للازهري 2322 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3442 كتاب في الزهد والمواعظ للشابشتي 2426 كتاب في السخاء للدارقطني 2059 كتاب في السير لابن شجرة 421 كتاب في شدة حاجة الانسان الى ان يعرف نفسه للآمدي 851 كتاب في شرح الفاتحة لابن الدهان 1371 كتاب في شرح قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ لابن الدهان 1371 كتاب في الشعر لعيينة المهلبي 2151 كتاب في السكر (الشكر) لابن الصيرفي 1972 كتاب في صناعة الشعر لسالم بن أحمد أبي المرجي 1340 كتاب في الضاد والظاء للؤلؤي 171 كتاب في عبارة الرؤيا لأبي جعفر الطبري 2462 كتاب في العروض لابي القاسم علي التنوخي 1872 كتاب في العروض لسالم بن أحمد أبي المرجي 1340 كتاب في العروض لمجاهد العامري 2274 كتاب في العروض للوزان النحوي 1957 كتاب في العلم الإلهي لعبد اللطيف البغدادي 1572، 1573 كتاب في علم القراءة لاسماعيل الحظيري 728 كتاب في علم القوافي لابي المعالي ابن قدامة 396 كتاب في علم القوافي لأبي القاسم التنوخي 1872 كتاب في الفرق بين قول القائل طلقتك ... لتاج الدين الكندي 1333 كتاب في فصل الربيع لاسماعيل بن محمد بن عامر 735 كتاب في القراءات (لعله الحجة) لابن خالويه 1036 كتاب في القراءات لابن سعدان الضرير 2537 كتاب في القراءات لابي عبد الله الحلواني 1381 كتاب في القراءات للقاضي اسماعيل الازدي 648 كتاب في القرآن لابن شاهويه 936 كتاب في القرآن لعلي بن عيسى الرماني 891 كتاب في القرآن لعيينة المهلبي 2151 كتاب في القرآن للفضل بن خالد 2177 كتاب في القرآن للمازني 763 كتاب في القوافي لسالم بن أحمد أبي المرجي 1340 كتاب في قوله تعالى وَمَنْ يَقْتُلْ والرد على المعتزلة لابي بكر ابن مقسم 2505 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3443 كتاب في قولهم كذب عليك كذا لذي الفضائل الاخسيكثي 514 كتاب في اللغة لابي الفتح المصري 519 كتاب في اللغة للحاتمي 2507 كتاب في اللغة للشمس البيهقي 652 كتاب في اللغة لعيسى بن المعلى 2143 كتاب في اللغة للقاسم الواسطي 2218 كتاب في ما يستعمله الكاتب لصعوداء 2674 كتاب في المخروطات والهندسة للمعموري 2356 كتاب في المدخل الى معرفة المعمى من الشعر لابن طباطبا 2310 كتاب في مؤامرات الاعمال النجومية لابي الحسن البيهقي 1763 كتاب في النجوم لأبي العنبس الصيمري 2421 كتاب في النحو لابن سعدان الضرير 2537 كتاب في النحو لابي بكر ابن مقسم المقرىء 2505 كتاب في النحو لابي الخير الكفرطابي 1380 كتاب في النحو لابي العباس الآبي 515 كتاب في النحو لابي المعالي ابن قدامة 396 كتاب في النحو لأحمد بن اسحاق بن البهلول 189، 191 كتاب في النحو لداود بن الهيثم 1283 كتاب في النحو لساتكين التركي 1339 كتاب في النحو للقاسم بن محمد مباشر الواسطي 2230 كتاب في النحو للقصباني 2180 كتاب في النحو للماوردي 1956 كتاب في النحو لمحمد بن بحر الاصفهاني 2438 كتاب في النحو لمحمد بن عبد الله الكرماني 2548 كتاب في النحو للمعموري 2356 كتاب في النحو بسيط لأبي بكر الخياط الاصبهاني 1580 كتاب في النحو على مذهب سيبويه والاخفش لابي حاتم السجستاني 1407 كتاب في النحو لطيف لابي بكر الاصبهاني 1580 كتاب في النساء للقيط المحاربي 2250 كتاب في النوادر لعيينة المهلبي 2151 كتاب فيه ذكر ما وجدت في سماعي مما يلتحق بالجزء الرباعي لابن عساكر 1701 كتاب القدر لوهب بن منبه 2802 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3444 كتاب في القراءات لابي حاتم السجستاني 1406، 1407 كتاب القرآن لابي عبيدة 821، 1375 كتاب كابل وزابلستان للمدائني 1857 كتاب كان يقال للمدائني 1858 كتاب الكبر المستحسن والمستقبح للجاحظ 2119 كتاب كبير في الانساب للابيوردي 2365 كتاب كبير في الصفات لابن عساكر 1701 كتاب الكتاب لابن الحرون 2305 كتاب الكتاب لعمر بن شبة 2093 كتاب الكتب والصناعة لابن زنجي 2434 كتاب كتبه الى ابي بكر ابن المستنير لأبي زيد البلخي 275 كتاب كرزابلا لابي العنبس الصيمري 2421 كتاب الكرم لابي حاتم السجستاني 1408 كتاب كرمان للمدائني 1857 كتاب كري الارض للشافعي 2417 كتاب الكسائي (أدخله جودي الى الأندلس) 802 كتاب الكسوف لابي حنيفة الدينوري 261 كتاب الكلبيات للمدائني 1856 كتاب كمال الدين لابي زيد البلخي 274، 280 كتاب الكوفة لعمر بن شبة 2093 كتاب اللواطين للمدائني 1858 كتاب المائة للمسبحي 2773 كتاب المتعتين لابراهيم بن محمد الثقفي 105 كتاب المتقعرين لابي الفرج محمد بن عبيد الله البصري 2560 كتاب المتمثلين للمدائني 1857 كتاب المتيمين للمدائني 1858 كتاب المجتبى (على ابواب المنتقى) للقاسم بن أصبغ 2190 كتاب محمد بن أبي الأزهر 255 كتاب محمد بن سعدان 332 كتاب محمد وابراهيم لابراهيم بن محمد الثقفي 105 كتاب المختار بن أبي عبيد لابي مخنف 2253 كتاب المختضرين للمدائني 1858 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3445 كتاب المختضرين للمرزباني 2584 كتاب المدينة لعلي بن أحمد العقيقي 1644 كتاب المدينة للمدائني 1858 كتاب مرج راهط للمدائني 1856 كتاب مروان القرظ لهشام ابن الكلبي 2780 كتاب مزدك 1312 كتاب مسائيه لأبي زيد الانصاري 1361 كتاب المستورد بن علفة لابي مخنف 2253 كتاب المسمومين للمدائني 1858 كتاب المسور بن عمرو الحبطي وعمرو بن سهل للمدائني 1856 كتاب المسيرين للمدائني 1858 كتاب مصعب بن الزبير والعراق لأبي مخنف 2253 كتاب المصلين لهشام ابن الكلبي 2781 كتاب المطرف بن المغيرة لابي مخنف 2253 كتاب المعاقرين لابن بسام 1860 كتاب معاوية بن عبد الله بن جعفر للمدائني 1855 كتاب المعتذرين لابن أبي طاهر طيفور 284 كتاب المعرقين من الأنبياء لابن أبي طاهر طيفور 284 كتاب المعزى لأبي زيد الانصاري 1361 كتاب المعصومين لأحمد بن محمد العدوي 430 كتاب المعلمين للجاحظ 2118 كتاب المعمرين لهشام ابن الكلبي 2780 كتاب المعمرين للهيثم بن عدي 2792 كتاب المغنين للجاحظ 2120 كتاب مغيرة 756 كتاب المقينين للمدائني 1858 كتاب المقينين والغناء والصنعة للجاحظ 2119 كتاب مكة للمدائني 1858 كتاب المنادمين لابي أيوب المديني 1386 كتاب من تزوج من الموالي في العرب للهيثم بن عدي 2792 كتاب المنتزين لابن فرج الجياني 473 كتاب المؤلفين لابن بي طاهر طفور 284 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3446 كتاب الناجم لجعفر بن أحمد المروزي 777 كتاب الناجم لعلي بن عبيدة 1816 كتاب النجاشي (الشاعر) للمدائني 1857 كتاب نجدة الحروري لابي مخنف 2253 كتاب النساء للبرقي 431 كتاب النساء للرقيق القيرواني 97 كتاب النساء للهيثم بن عدي 2792 كتاب النمر بن قاسط لعلان الشعوبي 1631 كتاب النهروان لابي مخنف 2253 كتاب النهروان للمدائني 1856 كتاب النورين للحصري 160 كتاب وصية لأبي زيد البلخي 275 كتاب الوكلاء والموكلين للجاحظ 2118 كتاب يحيى بن زيد لأبي مخنف 2253 كتاب يحيى بن سعيد الانصاري 647 كتاب يحيى بن عبد الله بن الحارث للمدائني 1855 كتاب يزيد لابراهيم بن محمد الثقفي 105 كتاب يزيد بن المهلب ومقتلع بالعقر لابي مخنف 253 كتاب اليمن وأمر سيف بن ذي يزن لهشام ابن الكلبي 780 كتب النبي (صلّى الله عليه وسلم) الى الملوك للمدائني 54؟؟؟ كرم النجار في حفظ الجار للأسعد بن مماتي 41؟؟؟ كري الإبل والرواحل للشافعي 16؟؟؟ الكشاف (في تفسير القرآن) للزمخشري؟؟؟ كشف الالتباس ما بين اصحاب الظاهر واصحاب القياس لابن حزم؟؟؟ الكشف عن مساوىء المتنبي للصاحب؟؟؟ كشف المشكل في النحو لحيدة اليمني؟؟؟ كشف المشكلات وايضاح المعضلات في علل القرآن لابي الحسن الباقولي؟؟؟ الكشف والبيان عن تفسير القرآن للثعلبي؟؟؟ الكفاية لعبد الله بن علي بن أحمد المقرىء؟؟؟ كفاية المتحفظ لابن الاجدابي؟؟؟ كفاية المتعلمين في اختلاف النحويين لابن فارس؟؟؟ الكفاية في معرفة علم الرواية للخطيب البغدادي؟؟؟ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3447 كفتار نامه (م نطق) للمؤذن الخوارزمي 128 الكلام على دليل التلازم لابي البقاء العكبري 1516 الكلام على صحيح البخاري للقفطي 2028 الكلام على الموطأ للقفطي 2028 الكلم النوابغ في المواعظ للزمخشري 2691 كليلة ودمنة 333 الكمال في معرفة الرجال لابن النجار 2645 كمال المزية في احتمال الرزية لابن بنين 1387 كنى آباء الرسول (صلّى الله عليه وسلم) لهشام ابن الكلبي 2781 كنى الاشراف للهيثم بن عدي 2792 كنى الدواب لابي العنبس الصيمري 2422 كنى الشعراء لابن حبيب 2482 الكناش في الطب لابن التلميذ 2773 كنز الحجج في الاصول لابي الحسن البيهقي 1762 الكهان لهشام ابن الكلبي 2780 الكواكب الدرية في المناقب الصدرية لابن بنين 1387 كوكب المتأمل في وصف الخيل للأبيوردي 2365 كيهان شناخت في الهيئة للقطان 970 (ل) اللامات لابن كيسان 2307 اللامات لأبي بكر ابن الأنباري 2618 اللامع العزيزي في تفسير شعر المتنبي للمعري 334 اللبأ واللبن لأبي نصر الباهلي 227 اللبأ واللبن والحليب لأبي حاتم السجستاني 1408 لباب الإشارات للفخر الرازي 2589 لباب الأنساب لأبي الحسن البيهقي 1763 لباب التفسير لتاج القراء 857 لباب التفسير لمحمود بن حمزة الكرماني 2687 لباب الكتاب لأبي البقاء العكبري 1516 لباب اللباب في شرح الكتاب لابن بنين 1387 اللباب في الرد على ابن الخشاب لابن بري 1511 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3448 اللباب في علل البناء والإعراب لأبي البقاء العكبري 1516 اللباس لأبي جعفر الطبري 2458 اللبن لأبي زيد الأنصاري 1361 اللجام لأبي عبيدة 2708 اللحظ والإشارات لإسحاق الموصلي 615 اللحم والسمك لابن الشاه الطاهري 1868 اللحن الخفي لهاشم بن أحمد بن عبد الواحد الحلبي 2764 اللزوم لشميم الحلي 1697 لزوم ما لا يلزم للمعري 329، 1527 لسان الصاهل والشاحج للمعري 333 لسان العرب لابن سينا 1074، 1077 لسان العيون لابن أبي طاهر طيفور 284 اللصوص للجاحظ 2118 لصوص العرب لأبي عبيدة 2709 لطائف الإشارات للقشيري 1571 لطائف الذخيرة (لابن بسام) للأسعد ابن مماتي 641 اللطائف الغياثية للفخر الرازي 2589 اللطائف في جمع هجاء المصاحف لأبي بكر ابن مقسم المقرىء 2505 لطائف النكت لابن هيصم الهروي 1783 لطيف القول في أحكام شرائع الإسلام 2458 لطيف القول وخفيفه في شرائع الإسلام للطبري 2444، 2458 اللعان للشافعي 2417 اللغات لأبي زيد الأنصاري 1361 اللغات لأبي عبيدة 2708 اللغات لأبي عمرو الشيباني 627 اللغات لأبي القاسم الزعفراني 2092 اللغات للفراء 2815 اللغات ليونس بن حبيب 2852 لغات القرآن لهشام ابن الكلبي 2780 لغات هذيل لابن الأشعت عزيز 1622 لغة الفقه لأبي البقاء العكبري 1517 اللغة ومخارج الحروف وأصول النحو للنقاد المقرىء 861 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3449 اللفظ المحيط بنقض ما لفظ به اللقيط لعلي ب ن هارون المنجم 1991 اللقطة للشافعي 2417 اللقيط والمنبوذ للشافعي 2417 اللماسة في شرح الحماسة لشميم الحلي 1697 لمح الملح لابن الصيرفي 1972 لمح الملح للحظيري 1350 اللمحة للشهاب السهروردي 2807 اللمع في شواذ التفسير 1925 اللمع في العربية لابن جني 92، 1371، 1495، 1516، 1598، 1697، 1737، 2085، 2825 لهجة الشرع في شرح ألفاظ الفقه لصدر الأفاضل 2197 لهنة الضيف المصحر في الليل المسحر لشميم الحلي 1697 اللهو والملاهي لابن خرداذبه 1574 اللهو والملاهي لابن الخطيب 292 اللؤلؤة المكنونة واليتيمة المصونة (قصيدة في الأسماء المذكرة) لشيث بن ابراهيم 1424 ليس لابن خالويه 1036 الليل والنهار لابن فارس 412 (م) المآثر لابن أبي مريم 1364 المآثر للحسن بن ميمون النصري 1018 المآثر لخالد بن طليق 1236 مآثر العرب لأبي عبيدة 2709 مآثر غطفان لأبي عبيدة 2709 المآثر والأحساب للبرقي 431 المآخذ الكندية على المعاني الطائية لابن الدهان 1371 المآكل للبرقي 431 ما اتفق لفظه واختلف معناه لإبراهيم اليزيدي 160 ما اتفق لفظه واختلف معناه لابن الشجري 2776 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3450 ما اتفق لفظه واختلف معناه لأبي العباس الأحول 2489 ما اتفق لفظه واختلف معناه لأبي العميثل 1519 ما اتفقت ألفاظه ومعانيه من القرآن لأبي عمر الدوري 1181 ما اتفقت ألفاظه واختلفت معانيه في القرآن للمبرد 2684 المأثور عن مالك في أحكام القرآن وتفسيره لمكي بن أبي طالب 2764 ما احضرنيه الخاطر من المسائل المنثورة لابن جني 1598 ما اختلف وائتلف في أنساب العرب للأبيوردي 2365 ما اختلفت أسماؤه من كلام العرب للرياشي 1483 ما أخذ على المتنبي من اللحن والغلط للقزاز القيرواني 2478 ما أغلق من غريب القرآن لأبي زيد البلخي 275 ما أنكره الأعراب على أبي عبيدة للمطرز 2559 ما بعد الطبيعة لأرسطاطاليس 1071 ما تلحن فيه الخاصة لأبي هلال العسكري 920 ما تلحن فيه العامة لأبي حاتم السجستاني 1407 ما تلحن فيه العامة لأبي الخير الكفرطابي 1380 ما تلحن فيه العامة لأبي عبيدة 2708 ما جاء من المبني على فعال للربعي 1829 ما جاء من النصوص والأخبار في حفظ الجار للحميدي 2600 ما جرى بينه وبين عمرو بن عبيد لقطرب 2795 ما جمعه مما جربه المنجمون فصح لجحظة 207 ما خاطب الله به خلقه للبرقي 432 ما خالف فيه ابن كثير أبا عمرو لابن شنبوذ 2325 مادة البقاء للتميمي 1573 ما زاد من المصنف وغريب الحديث لأبي الفضل المنذري 2472 ما شاهده من أمر المعتمد لجحظة 207 ما صنعه تكميل الانصاف والعدل بتعجيل الاسعاف والعزل لابن عساكر 1701 ما غلط فيه أبو القاسم ابن الحريري في المقامات لابن الخشاب 1506 ما فسره الزجاج من جامع النطق للزجاج 63 ما في عيار الشعر لابن طباطبا من الخطأ للآمدي 851 ما قالته العرب وكثر في أفواه العامة لأحمد بن سعيد البصري 267 ما كانت الجاهلية تفعله ويوافق حكم الاسلام لهشام ابن الكلبي 2780 ما لا يصح من أحكام النجوم لأبي زيد البلخي 275 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3451 المألوف لابن أعثم الكوفي 202 ما نزل من القرآن في أمير المؤمنين لإبراهيم بن محمد الثقفي 105 ما نهى عنه الرسول للمدائني 1854 ما نهى النبي (صلّى الله عليه وسلم) عنه لأحمد بن حارث الخراز 230 ما وقع للأوزاعي من العوالي لابن عساكر 1700 ما يجرى وما لا يجرى لثعلب 553 ما يجوز للشاعر استعماله في ضرورة الشعر لابن القزاز 2475 ما يستعجم الناس فيه من القرآن لعمر بن شبة 2093 ما يلحن فيه العامة لأبي حاتم 878 ما يلحن فيه العامة لأبي حذيفة الدينوري 260 ما يلحن فيه العامة لأبي نصر الباهلي 227 ما يلحن فيه العامة لأبي الهيذام اللغوي 2240 ما يلحن فيه العامة للمازني 763 ما يلحن فيه عوام الأندلس للزبيدي 2519 ما ينجس الماء مما خالطه للشافعي 2418 ما ينصرف وما لا ينصرف لثعلب 553 ما ينصرف وما لا ينصرف للزجاج 63 مباحث الحدود للفخر الرازي 2589 المباحث العمادية في المطالب المعادية للفخر الرازي 2589 مباحث الوجود للفخر الرازي 2589 مبادىء اللغة للخطيب الاسكافي 2549 مباسطة الوزراء لابن خلاد الرامهرمزي 923 المبتدأ لإبراهيم بن محمد الثقفي 105 المبتدأ لابن خالويه 1036 المبتدأ لإسحاق بن بشر البخاري 622 المبتدأ والمغازي لمحمد بن اسحاق 2446 المبدأ لمحمد بن اسحاق 2420 المبدأ في التاريخ لياقوت الحموي 2273 المبدأ والمعاد لابن سينا 1072، 1077 المبدأ والمبعث والمغازي الخ لأبان اللؤلؤي 39 المبسوط لابن مهران المقرىء 233 المبسوط للنسابة زيد بن علي العلوي 1780 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3452 المبسوط في اللغة للحسن بن القاسم الرازي 975 المبهج لأبي محمد المقرىء 2189 المبهج لعبد الله بن علي بن أحمد المقرىء 1540 المبيضة في مقاتل الطالبيين لابن عمار 367 المتبع في شرح اللمع لأبي البقاء العكبري 1516 المتحلي لعلي بن عبيدة 1815 متخير الألفاظ لابن فارس 411 المتردفات من قريش للمدائني 1855 المتزوجات لخالد بن طليق 1236 متشابه أسماء الرواة للزمخشري 2691 متشابه القرآن لأبي البقاء العكبري 1516 متشابه القرآن لقطرب 2647 المتفق والمفترق للخطيب البغدادي 386، 387 المتفق والمفترق في نسبة رجال الحديث إلى الآباء والبلدان لابن النجار 2644، 2645 متنزه القلوب في التصحيف للشميم الحلي 1697 المتوج في العدل وحسن السيرة للمرزباني 2584 المثالب لأبي عبيدة 2758 مثالب أبي نواس لابن عمار 367 المثالب لأحمد بن محمد العدوي 430 مثالب ربيعة للهيثم بن عدي 2792 المثالب لهشام ابن الكلبي 2780 المثالب الصغير للهيثم بن عدي 2792 مثالب العرب لأبي عبيدة 2709 المثالب الكبير للهيثم بن عدي 2792 المثلث لأبي الطيب الوشاء 2304 المثلث الصحيح لأبي الحسن الشمشاطي 1908 المثلث في اللغة لابن معطي 2831 المثلث في اللغة لقطرب 2647 المثلث في النسب لاسماعيل بن الحسين العلوي 653 مثقال النظم في العروض للمعري 334 المجازي لمبرمان 2574 المجاز في الشعر للحاتمي 2507 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3453 مجاز القرآن لأبي عبيدة 2707، 2708 مجاز القرآن لقطرب 2647 المجالس الصغير للكعبي 1493 مجالس في ذم اليهود وتخليدهم في النار لابن عساكر 1701 المجالس الكبير للكعبي 1493 المجالسات لأبي بكر ابن الأنباري 2618 مجالسات ثعلب وأماليه 553، 2308 مجالسات ثعلب لأبي بكر ابن مقسم المقرىء 2505 المجالسات لعلي بن عبيدة 1816 مجالسة الرؤساء لابن الحرون 2305 مجالسة العلماء لجخجخ 1574 مجامع الأمثال وبدائع الأقوال لأبي الحسن البيهقي 1763 المجانين الأدباء لأبي سهل الحلواني 454 المجتنى لابن دريد 2495 مجتنى ريحانة الهم في استئناف المدح والذم لشميم الحلي 1697 المجتنى من المجتنى في رجال كتاب أبي عبد الرحمن النسائي في السنن المأثورة للأبيوردي 2365 مجد الأنصار في القوافي للمعري 329 مجرد الأغاني لأبي الفرج الأصبهاني 1708 المجرد من المنضد لكراع النمل 1673 مجردات المغنيات لحبيش بن موسى الصيني 805 المجسطي لبطليموس 1071، 1336، 2124 المجلى في استيعاب وجوه كلا للقفطي 2028 المجمرة في شرح المفصل لصدر الأفاضل 2197 مجمع الأمثال للميداني 1359، 1760 مجمع البحرين للصغاني 1016 المجمل لابن فارس 244، 253، 411، 415، 416، 657، 826، 1250، 1760، 1973 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3454 المجمل لأبي الحسن الباقولي 1737 المجموع لابن سينا 1072، 1077 مجموع الأخبار والآثار لأبي الفرج الأصبهاني 1708 مجموع الاختطاف 1883 مجموع الرغائب مما وقع من أحاديث مالك الغرائب لابن عساكر 1699 المجموع على العلل لمبرمان 2574 مجموع من حديث محمد بن يحيى بن حمزة البتلهي لابن عساكر 1701 مجموع نحا فيه نحو نشوار المحاضرة لابن النجار 2645 المحاجاة ومتمم مهام أرباب الحاجات في الأحاجي والألغاز للزمخشري 2691 المحاسن لابن الحرون 2305 المحاسن للبرقي 431 محاسن أشعار المحدثين لجعفر بن محمد بن حمدان 793 المحاسن في تفسير القرآن لأبي هلال العسكري 920 محاسن من اسمه الحسن للحسن بن المظفر النيسابوري 1016 المحاضرات والمناظرات للتوحيدي 1925 المحب والمحبوب والمشموم والمشروب للسري الرفاء 1344 المحبر لابن حبيب 2480، 2482، 2495 المحبر للهيثم بن عدي 2792 المحبوبات والمكروهات للبرقي 432 المحتسب في شرح الخطب لشميم الحلي 1697 المحتسب في شرح الشواذ لابن جني 1599 المحتسب في علل شواذ القراءات لابن جني 1600 المحتسب في القراءات لابن جني 1517 المحرر في النحو للفخر الرازي 2589 المحصل للفخر الرازي 2589 المحصل في إيضاح المفصل لأبي البقاء العكبري 1516 المحصل في شرح المفصل للديباجي 2538 المحصل للمحصلة في البيان لصدر الأفاضل 2198 المحصول في أصول الفقه للفخر الرازي 2589 محض النصائح ومخض القرائح لابن بنين 1387 المحكم والمحيط الأعظم لابن سيده 1648 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3455 محمد وابراهيم ابنا عبد الله بن حسن لأبي عبيدة 2708 محمد وسعدى لابن الكتاني 2522 المحنة (المحبسة) لابن بابشاذ 1456 محنة الظراف في أخبار العشاق لمحمد بن أحمد النوقاتي 2345 المحيط بعلم القرآن لبو جعفرك 399 المحيط بلغات القرآن لبو جعفرك 399 المحيط باللغة للصاحب 698 مخارج الحروف مختصر لعثمان بن علي الصقلي 1609 المخاطب لعلي بن عبيدة 1815 مخاطبات الأصدقاء في المكاتبات واللقاء للحميدي 2600 المخاطبات في التوحيد للجاحظ 2118 مختار الأراجيز لابن جني 1600 مختار الأشعار لابن داود الظاهري 2527 مختار الأشعار والآثار للبيروني 2333 مختار الأغاني للمسبحي 2568 المختار في علل النحو لابن كيسان 2308 المختار في مناقب الأخيار لأبي السعادات مجد الدين ابن الأثير 2271 مختار كتاب إبدال الأدوية لجالينوس، لابن التلميذ 2773 مختار كتاب المائة للمسيحي، لابن التلميذ 2773 المختار من الأشعار لابن الساعاتي الطبيب 1308 المخترع في شرح اللمع لشميم الحلي 1697 مختصر ابراهيم بن أبي عباد في النحو 70 المختصر لأبي مسهر 2305 مختصر المبرمان 470 مختصر بارميناس لابن الطيب 291 مختصر الجرمي 1827، 1829 مختصر لعبد الوهاب المالكي 1956 مختصر أسماء الله تعالى للصاحب 698 مختصر أصول ابن السراج لأبي البقاء العكبري 1517 مختصر إصلاح المنطق لابن السكيت، للمطرزي 2741 مختصر أنالوطيقا الأولى لابن الطيب 292 مختصر أنالوطيقا الثاني لابن الطيب 292 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3456 المختصر الأوسط لابن سينا 1077 مختصر البويطي (رواه الربيع عن الشافعي) 2418 مختصر التصريف لابن جني 1598 مختصر تفسير تقدمة المعرفة لأبقراط تفسير جالينوس لابن التلميذ 2773 مختصر تفسير فصول أبقراط جالينوس لابن التلميذ 2773 مختصر الحاوي لأبي بكر الرازي لابن التلميذ 2773 مختصر الخوارج للمدائني 1856 مختصر شرح الفصيح- التلويح في شرح الفصيح لأبي سهل الهروي 2579 المختصر- شرح مقامات الحريري، لابن مظفر الصقلي 2643 مختصر صحيح مسلم لشرف الدين المرسي 2547 مختصر العربية لثابت بن أبي ثابت 771 مختصر العربية للحاتمي 2507 مختصر العروض والقوافي لابن جني 1598 مختصر العمدة لعثمان بن علي الصقلي 1608، 1609 مختصر عوامل الإعراب لأبي علي الفارسي 814 مختصر العين للزبيدي 731 مختصر العين لعلي بن القاسم السنجاني 1842 المختصر الفتحي للمعري 332 مختصر في أصول الدين لملك النحاة 867 مختصر في أصول الفقه لملك النحاة 867 مختصر في ضمائر القرآن لأحمد بن جعفر الدينوري 206 المختصر في الفقه لابن شجرة 420 مختصر في القوافي لعثمان بن علي الصقلي 1609 المختصر في اللغة لأبي زيد البلخي 275 مختصر في النحو لابن بابشاذ 1456 مختصر في النحو لابن شقير 232 المختصر في النحو لابن قادم 2545 مختصر في النحو لابن كيسان 2308 مختصر في النحو لابن النجار الكوفي 2475 المختصر في النحو لأبي بكر الجعد 2570 المختصر في النحو لأبي بكر المراغي 2580 مختصر في النحو لأبي الطيب الوشاء 2303 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3457 المختصر في النحو لأبي العباس المهلبي 455 المختصر في النحو لأبي محمد اليزيدي 2828 مختصر في النحو للجرمي 1444 المختصر في النحو للحامض 1401 مختصر في النحو للحسن بن أبي عباد اليمني 840 مختصر في النحو لطالب بن محمد بن نشيط 1455 مختصر في النحو للغدة 874 مختصر في النحو للكسائي 1752 المختصر في النحو لهشام بن معاوية صاحب الكسائي 2782 مختصر في النحو ليحيى بن الطيب اليمني 2820 مختصر قاطيغورياس لابن الطيب 291 مختصر المدونة 2599 مختصر المزني 2549 مختصر الفرائض لأبي جعفر الطبري 2462 مختصر القدوري لأبي الحسين القدوري 1956 مختصر كتاب الأشربة لمسكويه، لابن التلميذ 2773 مختصر كتاب البطون لأحمد بن حارث الخراز 230 المختصر للمتعلمين لأبي الجود العجلاني 2230 مختصر المجسطي لابن سينا 1072 المختصر من الفرائض لأبي الحسن البيهقي 1762 مختصر المناسك للشافعي 2416 مختصر مناسك الحج لأبي جعفر الطبري 2462 مختصر المنطق لابن الداية 560 مختصر الموافقة بين أهل البيت والصحابة للزمخشري (الأصل لأبي سعيد اسماعيل الرازي) 2691 مختصر النحو للزجاج 63 المختلف والمؤتلف لابن ماكولا 1987، 2644 المختلف والمؤتلف للأبيوردي 2364 المختلف والمؤتلف ذيل به على كتاب ابن ماكولا لابن النجار 2644 المختلف والمؤتلف في أسماء الشعراء للآمدي 851 المختلف والمؤتلف في أسماء القبائل لابن حبيب 2482 المخرج على كتاب أبي داود لقاسم بن اصبغ 2190 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3458 المخصص لابن سيده 1648 المداخل في اللغة للمطرز 2559 مداعي أهل الشام للهيثم بن عدي 2792 المدبج للدارقطني 782 المدبر للشافعي 2417 مدح النديم لعلي بن عبيدة 1816 المدخل للحاكم 1990 المدخل إلى سيبويه لأبي حذيفة البخاري 621 المدخل إلى صناعة الطب لابن الطيب 292 المدخل إلى صناعة النجوم لابن الطيب 292 المدخل إلى علم الشعر لأبي بكر ابن مقسم 2505 المدخل إلى علم الموسيقى لابن الطيب 292 المدخل إلى علم النحو للمفضل بن سلمة 2709 المدخل إلى كتاب سيبويه لأبي سعيد السيرافي 878، 879 المدخل إلى كتاب العين للنضر بن شميل 2761 المدخل إلى مذهب الطبري ونصرة مذهبه لأبي الحسن أحمد ابن المنجم 554، 2826 المدخل في صناعة التنجيم لأبي العنبس الصيمري 2422 المدخل في كتاب سيبويه للمبرد 2684 المدخل الصغير في النحو لأبي حذيفة البخاري 621 المدخل في النحو للمبرد 1827، 2684 المدونة في مذهب مالك 2551 مديح أهل الشام للهيثم بن عدي 2792 المديح المدبج في الولائم والدعوات للمرزباني 2584 مذام الأخلاق للبرقي 431 مذام الأفعال للبرقي 431 مذاهب المواهب للأسعد ابن مماتي 641 المذكر والمؤنث لابن بلنجر 361 المذكر والمؤنث لابن التستري 1358 المذكر والمؤنث لابن جني 1600 المذكر والمؤنث لابن خالويه 136 المذكر والمؤنث لابن رستم الطبري 457 المذكر والمؤنث لابن السكيت 1598 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3459 المذكر والمؤنث لابن شقير 232 المذكر والمؤنث لابن كيسان 237 المذكر والمؤنث للقاسم بن محمد الأنباري 2228، 2617 المذكر والمؤنث لأبي بكر ابن مقسم المقرىء 2505 المذكر والمؤنث لأبي بكر الجعد 2570 المذكر والمؤنث لأبي الجود العجلاني 2230 المذكر والمؤنث لأبي حاتم السجستاني 1407 المذكر والمؤنث لأبي الطيب الوشاء 2303 المذكر والمؤنث لأبي عبيد القاسم بن سلام 2201 المذكر والمؤنث لسهل بن محمد مؤدب سيف الدولة 1408 المذكر والمؤنث للفراء 540، 2815 المذكر والمؤنث للمبرد 2684 المذهب لأبي الطيب الوشاء 2304 المذهب في أخبار الشعراء وطبقاتهم لابن حبيب 4282 المذيل لتاريخ بغداد للسمعاني 2071 مراتب العلماء للطبري جعله مقدمة على كتاب بسيط القول 2459 مراتب الفقهاء للشابشتي 2426 المراثي للمرزباني 2584 مراسلات للشابشتي 2426 مراسلات الإخوان ومحاورات الخلان لابن مهدي الكسروي 1980 المراشد للبرقي 431 مراعي قريش والأنصار في القطائع ووضع عمر الدواوين للواقدي 2598 المراعي والجراد ... الخ للمدائني 1858 المرافق للبرقي 431 المرام في نهاية الأحكام في المذهب لأبي البقاء العكبري 1516 المرتجل في شرح جمل عبد القاهر لابن الخشاب 1516 المرتجلات في المساجلات لشميم الحلي 1697 المرتد الصغير للشافعي 2417 المرتد الكبير للشافعي 2417 مرتع الوسائل ومربع الرسائل للمؤذن الخوارزمي 128 مرج راهط لأبي عبيدة 2709 مرج راهط ومقتل الضحاك بن قيس الفهري لأبي مخنف 2253 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3460 المرجان في اللغة للمطرز 2559 المرشد في أخبار المتكلمين للمرزباني 2584 المرشد في النحو لمحمد بن علي الدقيقي 2580 المروءة للمدائني 1858 مروج الذهب ومعادن الجوهر للمسعودي 1706 المزاح والجد للجاحظ 2119 المزاح والمعاتبات لابن أبي طاهر طيفور 284 المزارعة للشافعي 2416 المزخرف في الإخوان والأصحاب للمرزباني 2584 المساقاة للشافعي 2416 مسالك الأندلس ومراسيها للرعيني التاريخي 472 المسالك والممالك لابن خرداذبه 1574 المسالك والممالك لابن الطيب 292 المسالك والممالك لأبي عبد الله الجيهاني 455 المسالك والممالك لأحمد بن الحارث الخراز 23 المسالك والممالك لجعفر بن أحمد المروزي 777 المسامرة في أخبار خوارزم للمسعودي 2333 مساوىء الأخلاق للخرائطي 2471 مساوىء العوام وأخبار السفلة والأغتام لأبي العنبس الصيمري 2422 مسائل ابن السراج 1555 المسائل لابن الطيب 292 مسائل ابن شنبوذ لأبي بكر ابن الأنباري 2618 مسائل الأخفش 1580، 2487، 2685 المسائل لثعلب 553 المسائل لحنين بن اسحاق 1368، 2773 المسائل الإسكندريات لابن الخشاب 1578 مسائل [أهل مصر] الأولى للشريف المرتضى 1729 مسائل [أهل مصر] الأخيرة للشريف المرتضى 1729 المسائل البصرية لأبي على الفارسي 814 المسائل البغدادية لأبي علي الفارسي 814 مسائل جرت بينه وبين بعض العلماء لابن سينا 1078 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3461 المسائل الجرجانية للشريف المرتضى 1729 المسائل الحلبية لأبي علي الفارسي 814، 819، 820 المسائل الحلبية الأولى للشريف المرتضى 1729 المسائل الحلبية الأخيرة للشريف المرتضى 1729 مسائل الخجندي في ما خالف به أبا علي للكعبي 1493 مسائل الخلاف للباجي 1388 مسائل الخلاف في الفقه للشريف المرتضى 1729 مسائل الخلاف في النحو لأبي البقاء العكبري 1517 المسائل الدمشقية لأبي علي الفارسي 814 مسائل سأل القصري عنها أبا عبد الله البصري 1575 المسائل الشيرازية لأبي علي الفارسي 814 المسائل الصغير للأخفش الأوسط 1376 المسائل الصيداوية للشريف المرتضى 1729 المسائل [الطرابلسية] الأخيرة للشريف المرتضى 1729 المسائل الطوسية للشريف المرتضى 1729 المسائل العسكريات لأبي هاشم الجبائي 2859 المسائل العسكرية لأبي علي الفارسي 814 المسائل على مذهب النحويين لابن كيسان 2308 مسائل القرآن للجاحظ 2118 المسائل القصريات لأبي علي الفارسي 2543 المسائل القصرية لأبي علي الفارسي 814 المسائل الكبير للأخفش الأوسط 1376 مسائل كتاب المعرفة للجاحظ 2118 المسائل الكرمانية لأبي علي الفارسي 814 المسائل المشكلة لأبي علي الفارسي 814 المسائل المصلحة من كتاب ابن السراج لأبي علي الفارسي 814 مسائل مفردات للشريف المرتضى 1729 مسائل مفردات في أصول الفقه للشريف المرتضى 1729 المسائل المنثورة لأبي علي الفارسي 814 المسائل المنثورة في النحو والتفسير لهبة الله بن سلامه المقرىء الضرير 2771 المسائل الموصلية الأولى للشريف المرتضى 1728 المسائل الموصلية الثانية للشريف المرتضى 1728 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3462 المسائل الموصلية الثالثة للشريف المرتضى 1728 المسائل الناصرية في الفقة للشريف المرتضى 1729 مسائل نحو مفردة لأبي البقاء العكبري 1517 مسائل نحوية تنسب لابن جني 817 مسألة الجنين للشافعي 2417 المسألة التي جرت بين داود بن علي وبين أبي المجالد الضرير المعتزلي بواسط 2460 مسألة في قول النبي (صلّى الله عليه وسلم) إنما يرحم الله من عباده الرحماء لأبي البقاء العكبري 1517 مسألة المني 2416 المستجاد من فعلات الأجواد للتنوخي 1612 المستحسن للمطرز 2559 المستزاد على المستجاد من فعلات الأجواد للبلطي 1612 المستطرف في الحمقى والنوادر للمرزباني 2584 المستعمل لمنصور الفقيه 2723 المستفيد في الأحاديث السباعية الأسانيد لابن عساكر 1699 المستقصى في الأمثال للزمخشري 2691 المستنير لابن سوار المقرىء 397 المستوفى، أشعار مختارة لمسكويه 496 المسجى لعلي بن عبيدة 1815 المسجد لعلي بن أحمد العقيقي 1644 مسلسل العيدين لابن عساكر 1699 المسلسلات لابن عساكر 1699 المسلوك في العربية لسلمة بن عاصم 1385 المسموع من كلام العرب لمحمد بن علي الدقيقي 2580 مسند ابن عباس (من تهذيب الآثار للطبري) 2444 مسند أبي يعلى 1699 مسند أحمد بن حنبل 1699، 2559 مسند أسامة (من تهذيب الآثار) 2463 مسند اسحاق البهلول 189 مسند عبد الله بن مسعود 2459 المسند للقاضي اسماعيل الأزدي 647 مسند الباطرقاني 419 مسند الدارقطني 782، 784 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3463 مسند الروياني 2578 مسند الشرقي بن القطامي 1416 مسند العشرة (من تهذيب الآثار للطبري) 2444 المسند لعلي بن عبد العزيز البغوي 1795 المسند المجرد للطبري (ذكر فيه ما قرأه من الأحاديث على الناس) 2460 مسند مكحول وأبي حنيفة لابن عساكر 1701 مسند نعيم بن عمار للخطيب البغدادي 387 مسند يعقوب بن ابراهيم الدورقي 2447 المسوخ من بني اسرائيل لهشام ابن الكلبي 2780 المشاجرات لهشام ابن الكلبي 2780 مشارب التجارب لأبي الحسن البيهقي 1763 المشاغبات لهشام ابن الكلبي 2780 المشافهات لأبي زيد الأنصاري 1362 المشاكل لعلي بن عبيدة 1816 مشاكلة الناس لزمانهم لليعقوبي 557 المشاهدات لجحظة 207 مشاهير أهل الأندلس للرازي 473 المشتق المختلف من المؤتلف لابن أبي طاهر طيفور 284 المشتهر في نقض المعتبر لأبي الحسن البيهقي 1763 المشجر لابن حبيب 2482 مشجر كتاب أبي الغنائم الدمشقي لإسماعيل بن الحسين العلوي 653 مشجر كتاب الطبقات لزكريا البزار لإسماعيل بن الحسين العلوي 653 مشجر كتاب المعارف لأبي طالب الزنجاني لإسماعيل بن الحسين العلوي 653 مشجر كتاب من اتصل عقبه لمحمد بن القاسم التميمي لإسماعيل بن الحسين العلوي 653 المشرف في حكم النبي (صلّى الله عليه وسلم) وآدابه ومواعظه ووصاياه للمرزباني 2584 المشكل الصغير للفراء 2815 مشكل غريب القرآن لمكي بن أبي طالب 2714 المشكل في معاني القرآن لأبي بكر ابن الأنباري 2617 مشكل القرآن لأبي بكر ابن الأنباري 2557 مشكل اللغة الكبير للفراء 2815 مشكل معاني القرآن لمكي بن أبي طالب 2714 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3464 المشوف المعلم في ترتيب كتاب اصلاح المنطق على حروف المعجم لأبي البقاء العكبري 1516 المشوم (الشؤم) للبرقي 431 مشيخات أبي غالب ابن البناء لابن عساكر 1701 مشيخة ابن الماندائي 2546 مشيخة ابن النجار (معجم الشيوخ) 2644، 2645 مشيخة بغداد للسلفي 1964 مشيخة زيد بن الحسن الكندي للقفطي 2028 مشيخة عبد الله بن أحمد الحلواني لابن عساكر 1701 مصابيح الحكمة للطغرائي 1107 مصابيح الظلم للبرقي 432 مصابيح الكتاب لابن كيسان 2307 المصاحف لأبي بكر ابن مقسم المقرىء 2505 المصادر لأبي زيد الأنصاري 1362 المصادر لأبي زيد البلخي 275 المصادر للحسين بن أحمد الزوزني 1038، 1760 المصادر للكسائي 1752 المصادر للنضر بن شميل 2761 المصادر لنفطويه 122 المصادر في اللغة للفارابي اللغوي 2805 المصادر في القرآن للفراء 2185 مصادر القرآن لإبراهيم اليزيدي 160 مصادرات اقليدس للفخر الرازي 2589 مصادر العشاق للسراج 778، 780 مصافحة لأبي سعد السمعاني لابن عساكر 1701 مصالح الأبدان والأنفس لأبي زيد البلخي 274 المصباح في شرح الإيضاح والتكملة لأبي البقاء العكبري 1516 المصباح في الفقه للشريف المرتضى 1729 المصباح في القراءات للمبارك بن الحسن الشهرزوري 2259 المصباح في النحو للمطرزي 2741 المصحف لكراع النمل 1673 مصنف ابن أبي شيبة 747 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3465 المصنف الغريب في اللغة لقطرب 2647 مصنف في العروض لابن الخراساني 2641 المصنف الكبير (وهو مسند أيضا) لبقي بن مخلد 747، 748 المصون لعلي بن عبيدة 1815 المصون في النحو لثعلب 552 المصون والدر المكنون للحصري 160 مضاحك الأشعار لحمزة بن الحسن 1221 المضاهاة على برغوث للكعبي 1493 المطابق والمجالس لابن الحرون 2304، 2305 المطارحات للشهاب السهروردي 2807 المطالب العالية في الأصول للفخر الرازي 2589 المطر لابن دريد 2495 المطر لأبي زيد الأنصاري 1361 مطلوب كل طالب من كلام علي بن أبي طالب للوطواط 2632 مطمح الأنفس للفتح بن خاقان 1653، 2164، 2165 المطول- شرح مقامات الحريري لابن ظفر الصقلي 2643 المطيب للمفضل بن سلمة 2709 المعاتبات لهشام ابن الكلبي 2780 معاتبة الجريء على معاقبة البريء لابن ظفر الصقلي 2644 المعاد لابن سينا 1077 المعاد والمعاش للجاحظ 2119 معادن التبر في محاسن الشعر لابن بنين 1387 المعارج للشهاب السهروردي 2807 معارج نهج البلاغة لابي الحسن البيهقي 1762 معارف الادب لابن فضال المجاشعي 1835 المعاريض للبرقي 431 معاشرة الاهلين لمحمد بن أحمد النوقاتي 2345 المعاقبات لعلي بن عبيدة 1816، 2708 المعالجات الاعتبارية لابي الحسن البيهقي 1763 معالم السنن في شرح صحيح ابي داود للخطابي 411، 487، 1015، 1206 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3466 المعالم في اصول الدين والفقه للفخر الرازي 2589 المعاني لابي الحسن الاخفش 2454 المعاني لابي علي قطرب 2454 معاني الزجاج 1827 المعاني للفراء 206، 1375، 1577، 2064، 2454، 2472، 2478، 2814، 2815 المعاني لمؤرج السدوسي 2732 المعاني للنضر بن شميل 2761 معاني الادب لابي هلال العسكري 920 معاني الحروف للرماني 1827 معاني الشعر 2340، 2341 معاني الشعر لابن الاعرابي 2533 معاني الشعر لابن عبدوس الكوفي 1869 معاني الشعر لابن لرة 2717 معاني الشعر لابي ثروان العكلي 775 معاني الشعر لابي جعفر النحاس 469 معاني الشعر لابي ذكوان الرواية 2189، 2190 معاني الشعر لابي علي الفارسي 821 معاني الشعر لابي العميثل 1519 معاني الشعر للاخفش الاوسط 1376 معاني الشعر للبحتري 2798 معاني الشعر لثعلب 553 معاني الشعر للمفضل الضبي 2712 معاني الشعر لليمان البندنيجي 2844 معاني الشعر الصغير لابن السكيت 2841 معاني الشعر الكبير لابن السكيت 2841 معاني الشعر واختلاف العلماء فيه لابن الكوفي صاحب ثعلب 1866 معاني شعر البحتري للآمدي 851 معاني شعر المتنبي 1357 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3467 معاني شواهد غريب الحديث للازهري 2322 المعاني في شرح الموطأ للباجي 1388 معاني العروض على حروف المعجم لبزرج العروضي 746 معاني القرآن لابن خياط 2309 معاني القرآن لابن كيسان 2308 معاني القرآن لابي بكر الاجعد 2570 معاني القرآن لابي جعفر النحاس 469 معاني القرآن لابي عبيد القاسم بن سلام 2201 معاني القرآن لثعلب 553 معاني القرآن للرؤاسي 2488، 2572 معاني القرآن للزجاج 62 معاني القرآن لسلمة بن عاصم 1385، 2856 معاني القرآن للقاضي اسماعيل الازدي 648 معاني القرآن لقطرب 2647 معاني القرآن للكسائي 135، 1752 معاني القرآن (الكتاب التام) للمبرد 2684 معاني القرآن لواصل بن عطاء 2795 معاني القرآن الصغير ليونس بن حبيب 2852 معاني القرآن الكبير ليونس بن حبيب 2852 معاني القرآن وتفسيره لعلي بن عيسى الوزير 1823 المعاني المجردة لابن جني 1600 المعاني والتحريف للبرقي 431 معاياة العقل في معاناة النقل لشميم الحلي 1696 المعتبر للحكيم أبي البركات 1763 المعتصر من المختصر لشيث بن إبراهيم 1424 معجم الادباء لياقوت الحموي 1548، 2540، 2542، 2543، 2567، 2591، 2857 معجم اسماء القرى والامصار التي سمع بها لابن عساكر 1699 المعجم الاصغر للنقاش الدارقطني 2501 المعجم الاكبر في اسماء القراء وقراءاتهم للنقاش الدارقطني 2501 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3468 المعجم الاوسط للنقاش الدارقطني 2501 معجم البلدان لياقوت الحموي 2601 معجم الحدود للزمخشري 2691 معجم سعيد البقال 506 معجم الشيوخ النبلاء لابن عساكر 1699 معجم شيوخ النخشبي 390 المعجم في الشعراء للمرزباني 2584 المعجم (في شيوخ ابن عساكر) لابن عساكر 1699 المعرب في شرح المغرب لابي الفتح المطرزي 2741 المعرب من الكلام الاعجمي للجواليقي 2737 المعرفة لابراهيم بن محمد الثقفي 105 المعرفة للجاحظ 2118 معرفة ذات الحلق والكرة والاصطرلاب لابي الحسن البيهقي 1763 معرفة الصبح للازهري 2322 المعرقات من النساء في قريش لهشام ابن الكلبي 2780 المعلم في النحو للمبارك بن فاخر 2260 معنى قول عثمان ما تعنيت ولا تمنيت لابن عساكر 1699 معنى كتاب الاوسط للاخفش للمبرد 2684 معنى كتاب سيبويه للمبرد 2684 المعول لمحمد بن أحمد الكركانجي 2359 المعونة- مقدمة في النحو لابن المنقى 1757 المعيار والموازنة للحاتمي 2507 المعيشة للبرقي 431 المغازي لابراهيم بن محمد الثقفي 105 المغازي لاحمد بن الحارث الخراز 1854 المغازي (رواية عبد الملك بن هشام) 293، 2409 المغازي لعلي بن ابراهيم القمي 1641 المغازي للمدائني 1854 المغازي للمرزباني 2584 المغازي للواحدي 1660 مغازي الواقدي 2859 مغازي البحر في دولة بني هاشم لاحمد بن الحارث الخراز 230 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3469 مغازي رسول الله 2418، 2419 مغازي النبي (صلّى الله عليه وسلم) وسراياه وأزواجه لأحمد بن الحارث الخراز 230 مغازي النبي (صلّى الله عليه وسلم) للبرقي 432 المغتربات للمدائني 1855 المغرب في شرح القوافي لابن جني 1600 المغرب في غريب ألفاظ الفقهاء لابي الفتح المطرزي 2741 المغسل- الرسالة الباهرة في خصال أبي الحسن البتي للحاتمي 2507 المغني للقاضي عبد الجبار 338، 1728 المغني في النحو لابي النضر المصري 2425 مفاتيح الرحمة للطغرائي 1107 المفاتيح في الوعظ لشميم الحلي 1696 مفاخر خراسان ومحاسن آل طاهر للكعبي 1493 مفاخرة أهل البصرة والكوفة للمدائني 1858 مفاخرة العرب والعجم للمدائني 1858 مفاخرة العرب ومنافرة القبائل في النسب لعمر بن مطرف 2099 مفاخرة الورد والنرجس لابن أبي طاهر طيفور 284 المفاوضة لابن نصر 1997، 1998 مفتاح البلاغة لابن هيصم الهروي 1783 مفتاح التنزيل لابن بايجوك 2618 مفتاح العلوم للسكاكي 2846 المفردات لابن سوار المقرىء 397 مفرداته لأبي بكر ابن مقسم المقرىء 2505 المفرد والمركب في العربية للزمخشري 2691 المفرد والمؤلف في النحو للزمخشري 2691 المفصح في القوافي لابن جرو الاسدي 1578 المفصل في البيان والفصاحة للمرزباني 2584 المفصل في النحو للزمخشري 2546، 2691 المفضليات للمفضل الضبي 2712، 2825 المفهم لصحيح مسلم لعبد الغافر الفارسي 1569 المفوف لابن حبيب 2482 المفيد في أخبار الشعراء واحوالهم ... للمرزباني 2584 المفيد في النحو للثمانيني 2091 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3470 المفيد في النحو لمرجى بن كوثر 2698 المقابسة للتوحيدي 1925 مقاتل الاشراف لابي عبيدة 2708 مقاتل الطالبيين لابن عمار 364 مقاتل الطالبيين لابي الفرج الاصبهاني 1708 مقاتل الشعراء لابن أبي طاهر طيفور 284 مقاتل الفرسان لابن أبي طاهر طيفور 284 مقاتل الفرسان لابن حبيب 2482 مقاتل الفرسان لابن الخطيب التبريزي 2825 مقاتل الفرسان لأبي عبيدة 2708 مقاتل الفرسان للقالي 730 المقاطع والمبادي لابي حاتم السجستاني 1407 المقالات لابن الحداد القيرواني 1373 المقالات للكعبي 1493 المقالات للناشىء 455 مقالات اهل الملل والنحل للقاضي صاعد الجياني 2857 المقالات في اصول الديانات للمسعودي 1706 المقالتان- مصالح الابدان والانفس لابي زيد البلخي 274 المقالة الامينية في الادوية البيمارستانية لابن التلميذ 2773 المقالة الفاضحة للرسالة الواضحة لابن عساكر 1699 مقالة في الرد على اليهود والنصارى لعبد اللطيف البغدادي 1572 مقالة في العطش لعبد الطيف البغدادي 1572 مقالة في الفصد لابن التلميذ 2773 مقالة في النحو لهشام بن معاوية صاحب الكسائي 2782 مقالة في النفس لعبد اللطيف البغدادي 1572 مقالته في النمش والكلف لابن الطيب 292 مقامات أحمد بن جميل بن الحسن 226 مقامات أدبية لابن ناقيا 1561 مقامات بديع الزمان 236، 238 مقامات الحريري 226، 1461، 1495، 1506، 1516، 1544، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3471 1551، 1572، 1692، 1696، 1762، 2180، 2202، 2203، 2204، 2205، 2206، 2207، 2212، 2218 المقامات للرشيد ابن الزبير 400 مقامات لشهفيروز بن سعد 1420 مقامات في المواعظ للزمخشري 2691 المقامات لملك النحاة 867 المقامات الستون لابن ماري المسيحي 2835 المقامة الحرامية 2203، 2204 المقاومات للشهاب السهروردي 2807 المقاييس لابن فارس 399، 419 المقاييس للأخفش الاوسط 1376 المقتبس لابن حبيب 2482 المقتبس لابن دريد 2495 المقتبس في أخبار النحويين البصريين ... واخبار القراء للمرزباني 2584 المقتبس من علم مالك بن أنس للباجي 1388 المقتصد لعبد القاهر الجرجاني 187 المقتصد (لعله لعبد القاهر) 1760 المقتصد في التصريف لملك النحاة 867 المقتضب- اسم المفعول المعتل العين من الثلاثي لابن جني 1598 المقتضب لابي زيد الانصاري 1361 المقتضب للمبرد 55، 705، 1367، 1827، 2536، 2684 مقتل ابن هبيرة للمدائني 1856 مقتل أمير المؤمنين لابراهيم بن محمد الثقفي 105 مقتل حجر بن عدي لأبي مخنف 2253 مقتل حجر بن عدي لنصر بن مزاحم 2750 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3472 مقتل الحسين لإبراهيم بن محمد الثقفي 105 مقتل الحسين بن علي لابي مخنف 2253 مقتل الحسين بن علي لنصر بن مزاحم 2750 مقتل الحسين للواقدي 2598 مقتل خالد بن عبد الله القسري والوليد بن يزيد للهيثم بن عدي 1792 مقتل عبد الله بن الزبير لابي مخنف 2253 مقتل عثمان لابراهيم بن محمد الثقفي 105 مقتل عثمان لابي عبيدة 2709 مقتل عثمان لعمر بن شبة 2093 مقتل علي لأبي مخنف 2253 مقتل عمرو بن سعيد بن العاص لأبي مخنف 2253 مقتل عمرو بن سعيد بن العاص للمدائني 1856 مقتل محمد بن أبي بكر والاشتر ومحمد بن أبي حذيفة لابي مخنف 2253 المقتنى لابن حبيب 2482 المقدمات لابي القاسم الدقيقي 1817 مقدمات ابواب التصريف لابن جني 1600 مقدمة ابن بابشاذ 1572 مقدمة الادب في اللغة للزمخشري 2691 مقدمة البسيط للواحدي 1661، 1662 مقدمة الفرائض لابن فارس 411، 412 مقدمة في الحساب لابي البقاء العكبري 1516 مقدمة في الحساب الهندي لعين القضاء الهمذاني 1551 مقدمة في النحو لابن الخطيب التبريزي 2825 مقدمة في النحو لابن فضال المجاشعي 1835 مقدمة في النحو لابي البقاء العكبري 1517 مقدمة في النحو لأبي الفرج محمد بن عبيد الله البصري 2560 المقدمة في النحو للجوهري 657 المقدمة في النحو لمحمد بن يحيى الحنفي الزبيدي 2675 مقدمة في النحو للوزير ابن هبيرة 1495، 1506 المقدمة المطرزية في النحو للمطرزي 2741 مقدمة نحو لابن فارس 411 المقصور والممدود لابراهيم اليزيدي 161 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3473 المقصور والممدود لابن رستم الطبري 457 المقصور والممدود لابن الانباري 2228، 2618 المقصور والممدود لابن بلنجر 361 المقصور والممدود لابن التستري 1358 المقصور والممدود لابن خالويه 1036 المقصور والممدود لابن دريد 2495 المقصور والممدود لابن السكيت 1598 المقصور والممدود لابن شقير 232 المقصور والممدود لابن القوطية 2593 المقصور والممدود لابن كيسان 2308 المقصور والممدود لابن ولاد 460، 1645، 1755، 2674 المقصور والممدود لأبي بكر ابن مقسم المقرىء 2505 المقصور والممدود لأبي بكر الجعد 2570 المقصور والممدود لأبي الجود العجلاني 2230 المقصور والممدود لأبي حاتم السجستاني 1407 المقصور والممدود لأبي الطيب الوشاء 2303 المقصور والممدود لأبي عبيد القاسم بن سلام 2201 المقصور والممدود لأبي علي الفارسي 814 المقصور والممدود لأبي محمد اليزيدي 2828 المقصور والممدود للفراء 2815 المقصور والممدود للقالي 730 المقصور والممدود للمبرد 2684 المقصور والممدود للمفضل بن سلمة 2709 مقصورة ابن دريد 2495 المقطع والمبادىء لابن مهران المقرىء 233 المقطعات لهشام ابن الكلبي 2781 مقطعات الاعراب للهيثم بن عدي 2792 المقطعات المتخيرات للمدائني 1858 مقطوع القرآن وموصوله للكسائي 1752 المقنع- اختلاف الكوفيين والبصريين لأبي جعفر النحاس 469 المقنع في الغيبة للشريف 1728، 1729 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3474 المقنع في النحو لابن الخياط 2309 المقنع في النحو لنفطويه 122 المقينات للمدائني 1855 المكاتب للشافعي 2417 مكاتبات الاخوان بالشعر لابن المعتز 1526 مكارم الاخلاق للبرقي 432 مكارم الاخلاق للخرائطي 2471 مكارم الاخلاق وطيب الاعراق لابن بنين 1387 المكاسب للبرقي 431 المكافأة لابن الداية 560 مكرمات الكتاب لابن ظافر 1778 المكمل في بيان المهمل للخطيب البغدادي 387 المكمل لعيسى بن عمر الثقفي 2141 المكنون والمكتوم للمطرز 2559 مكة والحرم لابي عبيدة 2709 الملاحن لابن دريد 2338، 2492، 2495 ملاذ الافكار وملاذ الاعتبار للأسعد ابن مماتي 641 ملازم للفراء 2815 الملاومات لابي عبيدة 2708 الملتزم لابي زيد الانصاري 1362 الملح لنفطويه 122 ملح البلاغة لابي الحسن البيهقي 1762 ملح اللغة في ما اتفق لفظه واختلف معناه لابن ظفر الصقلي 2644 ملح المكاتب لابن ناقيا 1561 ملح الممالحة لابن ناقيا 1561 الملح والمسار لابن النجار الكوفي 2475 الملح والنوادر لابن النجار الكوفي 2475 ملحة الاعراب للحريري 2207، 2212، 2213 الملخص في الاصول للشريف المرتضى 1728 ملقى السبيل للمعري 330 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3475 الملقح من الخطل في الجدل لابي البقاء العكبري 1516 الملك البابلي ... لابن ابي طاهر طيفور 284 الملك المصلح والوزير المعين لابن أبي طاهر طيفور 284 الملل والنحل للفخر الرازي 2589 الملوك للاخفش الاوسط 1376 ملوك الطوائف لهشام ابن الكلبي 2780 الملوك (المسلوك) في النحو لسلمة بن عاصم 2856 ملوك كندة لهشام ابن الكلبي 2780 الملوك وأخبار الماضين لعبيد بن شرية 1583 الملوك والامم السالفة والباقية للجاحظ 2120 الملوك المتوجة من حمير وأخبارهم لوهب بن منبه 2802 ملوك اليمن من التبابعة لهشام ابن الكلبي 2780 الملوكي في الانساب لهشام ابن الكلبي 2781 الممادح والمقابح للمبرد 2684 المماليك الشعراء لأبي الفرج الاصبهاني 1708 الممحصات لابن عبد ربه 465، 467 المناجاة لشميم الحلي 1697 مناجيب الخصيان لأبي الفرج الاصبهاني 1709 مناح المنى في ايضاح الكنى لشميم الحلي 1697 المنادمات لعلي بن عبيدة 1816 المنادمة وأخلاق الرؤساء لأبي العبر 2298 منار الاقتضاء ومنهاج الاقتفاء لمحمد بن يحيى الحنفي الزبيدي 2675 منار السراج في الردّ على المقبري لزياد بن عبد العزيز الجذامي 1330 منار القائف للمعري 333 منار اليمن لهشام ابن الكلبي 2781 منازل العرب لابن بايجوك 2618 منازل العرب وحدودها لعمر بن مطرف 2099 المناسك لابن داود الظاهري 2527 المناسك للنقاش الدارقطني 2501 المناسك للنهمي 69 المناسك الاوسط للشافعي 2416 مناسك الحج للحربي 50 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3476 مناسك الحج للحسن الصغاني 1015 مناسك الحج لمكي بن ابي طالب 2714 المناسك الكبير للشافعي 2416 المنافرات لابي عبيدة 2709 المنافرات لخالد بن طليق 1236 المنافرات للمدائني 1858 المنافرة لعلان الشعوبي 1631 المنافع للبرقي 431 منافع اعضاء الحيوان للديباجي 2538 المناقب لعلي بن ابراهيم القمي 1641 مناقب الامام الشافعي لابن النجار 2645 مناقب جند الخلافة وفضائل الاتراك للجاحظ 2119 مناقب الحكم في مثالب الامم لشميم الحلي 1697 مناقب السودان للسراج 778 مناقب الشبان لابن عساكر 1699 مناقب علي لأحمد العمي 174 مناقب الكتاب لابن كثير الاهوازي 485 المناقضات لابن عمار 367 مناقضات الشعراء لابن بسام العبرتائي 1860 مناقضات الشعراء وأخبار النساء للمدائني 1856 مناقضات من زعم انه لا ينبغي ان يقتدي القضاة في مطاعمهم 1980 المناقلات لهشام ابن الكلبي 2780 المناكح للمدائني 1855 المناكح للواقدي 2598 مناكح ازواج العرب لهشام ابن الكلبي 2780، 2781 مناكح زياد وولده ودعوته للمدائني 1855 مناهج الدرجات في شرح كتاب النجاة لابي الحسن البيهقي 1763 المناهل والاعطان والحنين الى الاوطان لابن خلاد الرامهرمزي 923 المناهل والقرى للسكري 856 المنائح في المدائح لشميم الحلي 1697 منائح القرائح لابن الصيرفي 1972 المنتحل للميكالي 1760 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3477 منحل الجواهر للهيثم بن عدي 2792 المنتخب في اصول الفقه للفخر الرازي 2589 منتخب الحجة في القراءات لمكي بن ابي طالب 2713 منتخب درج تنكلوشا للفخر الرازي 2589 منتخب كتاب الاخوان لابن وكيع، لمكي بن ابي طالب 2714 المنتخب من كتاب المحتسب لابي البقاء العكبري 1517 المنتخبات للبرقي 432 منتزع الاخبار ومطبوع الاشعار للحاتمي 2507 المنتصف لابن جني 1600 المنتقى لابن الجارود 2190 المنتقى لابي الوليد الباجي 1651 المنتقى (مختصر الاستيفاء) للباجي 1388 منتقى الاجماع وبيانه من جملة ما لا يعرف فيه اختلاف لابن حزم 1657 المنتقى في الأخبار لمكي بن ابي طالب 2714 منتهى الأدب في منتهى كلام العرب لابن بنين 1387 المنتهى في الكمال لابن المرزبان (يحتوي على 12 بابا وعدها) 2542 المنتهى في اللغة لمحمد بن تميم البرمكي 2437 منثور المنظوم لابن خلف النيرماني 407 المنثور والمنظوم لابن ابي طاهر طيفور 284 المنحل للأسعد ابن مماتي 641 المنزل وهو كتاب النسب الكبير لهشام ابن الكلبي 2781 المنزلة بين المنزلتين لواصل بن عطاء 2795 المنضد لكراع النمل 1673 المنطق لابي زيد الانصاري 1362 المنطق لأحمد بن سعد الكاتب 264 المنطق للعتابي 2244 منطق الطير لهشام ابن الكلبي 2780 المنظم لكراع النمل 1673 منفعة الجبال لابن الطيب 292 المنقذ في الايمان للمفجع 2338 المنمق في النحو لابن ولاد 2674 المنهاج لابن جزلة 2773 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3478 المنهاج في الاصول للزمخشري 2691 منية الالمعي ومنية المدعي للرشيد بن الزبير 400 منية الراضي في رسائل القاضي 511 منية الكاتب لأبي زيد البلخي 275 المنير في التوبة والعمل الصالح للمرزباني 2584 من احتكم من الخلفاء الى القضاة لابي هلال العسكري 920 من ادعى الامان من اهل الايمان للحميدي 2600 من استجيبت دعوته لابن حبيب 2482 من استجيبت دعوته للمدائني 1858 من أصيب ممن اسمه علي لابن ظافر 1778 من افترض من الاعراب في الديوان فندم ... للمدائني 1857 من ألوت الايام عليه فرفعته ثم ... للقفطي 2028 من أنشد شعرا وأجيب بكلام لابن أبي طاهر طيفور 284 من بلغه موت رجل فتمثل شعرا او كلاما للمدائني 1857 من تزوج في ثقيف من قريش للمدائني 1856 من تزوج من الاشراف في كلب للمدائني 1855 من تزوج من نساء الخلفاء للمدائني 1856 من تشبه من النساء بالرجال للمدائني 1857 من تمثل بشعر في مرضه للمدائني 1857 من جمع بين اختين ... للمدائني 1855 من حدث فنسي للخطيب البغدادي 387 من حرد من الاشراف للمدائني 1858 من سمع منه من النسوان لابن عساكر 1699 من سمي باسم ابيه للمدائني 1857 من سمي ببيت قاله لابن حبيب 12482 من شكت زوجها أو شكاها للمدائني 1856 من شكر من العمال وحمد لابي عبيدة 2708 من فخر باخواله من قريش لهشام ابن الكلبي 2781 من فضل الاعرابيات على الحضريات للمدائني 1857 من قال بيتا من الشعر فنسب إليه لهشام ابن الكلبي 2780 من قال شعرا على البديهة للمدائني 1857 من قال شعرا فأجيب بكلام للمدائني 1858 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3479 من قال شعرا فسمي به للمدائني 1858 من قال شعرا في الاوابد للمدائني 1857 من قال شعرا في الحكومة من الشعراء للمدائني 1858 من قتل عنها زوجها للمدائني 1855 من قتل من آل محمد لابراهيم بن محمد الثقفي 105 من كتب له النبي (صلّى الله عليه وسلم) كتابا او امانا للمدائني 1855 من كره مناكحته للمدائني 1855 من ما يكون مؤتمنا لا يكون مؤذنا لابن عساكر 1699 من ندم على المديح ومن ندم على الهجاء للمدائني 1858 من نزل المزة وحدث بها لابن عساكر 1700 من نسب الى أمه للمدائني 1857 من نسب الى أمه من الشعراء لابن الاعرابي 2001 من نسب الى أمه من الشعراء للمدائني 1857 من نهيت عن تزويج رجل فتزوجته للمدائني 1855 من هاجر وأبوه لهشام ابن الكلبي 2781 من هادن أو غزا للمدائني 1857 من هجاها زوجها للمدائني 1856 من وافق كنيته اسم ابيه للخطيب البغدادي 387 من وافقت كنيته كنية زوجته لابن عساكر 1699 من وصف امراة فأحسن للمدائني 1856 من وقف على قبر للمدائني 1858 من وقف على قبر فتمثل بشعر للمدائني 1857 مهاجاة عبد الرحمن بن حسان للنجاشي للمدائني 1858 المهتصر في شرح المختصر لشميم الحلي 1697 المهذب 2805 المهذب لأحمد بن جعفر الدينوري (هذب كتابا للاخفش الصغير) 1771 المهذب في اختصار المدونة للباجي 1388 المهذب في النحو لابن كيسان 2307 المهذب في النحو لأحمد بن جعفر الدينوري 206 مهرازاد خشيش لعلي بن عبيدة 1815 مواد أمثال أبي عبيد لعبد الله بن أحمد الساماني 1494 موادعة النوبة للمدائني 1857 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3480 الموازنة للحسن بن بشر الآمدي أبي القاسم 847، 850، 851، 852، 1736، 2328، 2430 الموازنة بين جرير والفرزدق والاخطل لشبة بن عقال وخالد بن صفوان 1232 المواسم للهيثم بن عدي 2792 المواصلات والمذكرات لابن السراج 2536 المواضع والبلدان للحراني 1963 المواعظ الست للمعري 333 الموافقات على شيوخ الائمة الثقات لابن عساكر 1698 الموالي لابي عبيدة 2709 المواهب والخطوط للبرقي 431 المؤتلف والمختلف لابن ماكولا 2599 المؤتنف تكملة المختلف والمؤتلف للخطيب البغدادي 387 الموجز لابن السراج 813، 814، 1827، 2536 الموجز لابن سينا 1077 موجز التأويل عن محكم التنزيل لابن شجرة 420 الموجز في الاصول (ابتدأ فيه برسالة الاخلاق) لابي جعفر الطبري 2462 الموجز في القراءات لمكي بن أبي طالب 2713، 2714 الموجز في النحو لابن الخياط 2309 الموجز في النحو لمحمد بن عبد الله الكرماني 2548 الموجز في النسب لاسماعيل بن الحسين العلوي 653 الموجز في النسب لهشام ابن الكلبي 2781 المودة في ذوي القربى لابراهيم بن محمد الثقفي 105 الموسع (لعله الموشح) في ما انكره العلماء على بعض الشعراء للمرزباني 2584 الموسيقى الصغير لابن الطيب 292 الموسيقى الكبير لابن الطيب 292 الموشى لابن أبي طاهر طيفور 284 الموشى لابن حبيب 2480، 2482 الموشى للوشاء 2304 الموشح لابن حبيب 2482 الموشح لابي الطيب الوشاء 2304 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3481 الموشح لعلي بن عبيدة 1815 الموشح للمطرز 2559 الموضح لأبي بكر ابن مقسم المقرىء 2505 الموضح للخطيب البغدادي 387 الموضح في العروض لابن جرو الاسدي 1577، 1578 الموضح في معاني القرآن للنقاش الدارقطني 2501 الموضح في النحو لابي بكر ابن الانباري 2618 الموضح في النحو لعلي بن ابراهيم الحوفي 1644 الموضحة في مساوىء المتنبي للحاتمي 2507 الموطأ لمالك بن أنس 722، 748، 1388، 1442، 1652، 1657، 2190، 2271، 2395، 2676 الموفقيات للزبير بن بكار 266 الموفقي في النحو (مختصر) لثعلب 553 الموقظ لأبي النضر المصري 2425 مولد الحسن والحسين للواقدي 2598 المؤمل والمهيب لعلي بن عبيدة 1816 المؤنس لابن أبي طاهر طيفور 284 المونق في اخبار الشعراء ... على طبقاتهم للمرزباني 2584 الموؤدات لهشام ابن الكلبي 2780 الميدان في المثالب لعلان الشعوبي 1631، 1632 ميزان الشعر بالعروض لابن عبدوس الكوفي 1869 ميزان الشعر والاشتمال على انواع العروض للجهشياري 2568 الميزان في النحو لعبد الرحمن بن الانباري 1498 ميسور النقد للأسعد ابن مماتي 641 (ن) نابه ونبيه لأبي زيد الأنصاري 1362 الناسخ والمنسوخ لابن ه لال السعيدي 2440 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3482 الناسخ والمنسوخ لأبي بكر الجعد 2570 الناسخ والمنسوخ لأبي جعفر النحاس 469 الناسخ والمنسوخ لأبي عبيد القاسم بن سلام 2201 الناسخ والمنسوخ للباجي 1388 الناسخ والمنسوخ لعلي بن ابراهيم القمي 1641 الناسخ والمنسوخ لقاسم بن اصبغ 2190 الناسخ والمنسوخ لمحمد بن بحر الأصبهاني 2438 الناسخ والمنسوخ لمنذر بن سعيد البلوطي 2718 الناسخ والمنسوخ لهبة الله بن سلامة المقرىء 2771 الناشىء لعلي بن عبيدة 1815 الناشىء والمتلاشي للجاحظ 2119 الناطق للمبرد 2684 الناهض في علم الفرائض لأبي البقاء العكبري 1516 النبات لابن الأعرابي 2533 النبات لابن حبيب 2482 النبات لابن السكيت 1922 النبات لأبي حنيفة الدينوري 258، 259، 260، 1755 النبات لأرسطا طاليس 1573 النبات للحامض 1401 النبات للسكري 856 النبات للكرنباني 2777 النبات والشجر لابن السكيت 2841 النبات والشجر لابن السكيت 2841 النبات والشجر لأبي زيد الأنصاري 1361 النبت والبقل لابن الاعرابي 2533 النبض للفخر الرازي 2589 النبي والمتنبي للجاحظ 2118 النبيه لعلي بن عبيدة 1816 النبيه المنبي عن رذائل المتنبي لمحمد بن أحمد المغربي 2301 نتائج الإخلاص في الخطب لشميم الحلي 1696 نتف اللحية من ابن دحية لتاج الدين الكندي 1333 نثارات من كلامه لأبي زيد البلخي 257 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3483 نثر المنظوم للآمدي 851 النثر الموصول بالنظم لابن خشكنانجه 369 النجاة لابن سينا 1077، 1763 نجر الزجر للمعري 330 النجوم للبرقي 431 النحل للزبير بن بكار 1325 نحل العرب لمحمد بن بحر الرهني 2435 النحل والعسل لأبي حاتم السجستاني 1408 نحلة الرحلة للعماد الأصفهاني 2627 النحو لابن ستم الطبري 457 النحو لابن فضال المجاشعي 1760 النحو للبرقي 431 نحو العرف للمبارك بن الفاخر 2260 نحو الفقهاء لسعيد بن أحمد الميداني 1359 النحو الكبير لابن الخياط 2309 النحو الميداني للميداني 511 النحو والتصريف لأبي زيد البلخي 274، 275 النحو ومن كان يلحن من النحويين لعمر بن شبة 2093 النخل للمدائني 1858 النخلة لأبي حاتم السجستاني 1407 الندام والجلساء لابن خرداذبه 1574 النرد والشطرنج للجاحظ 2120 النزاريات للكميت 231 نزه التأميل في عيون المجالس والفصول لشميم الحلي 1696 النزه والابتهاج لأبي الحسن الشمشاطي 1908 نزهة الأديب للأسود الغندجاني 822 نزهة الراح في صفات الأفراح لشميم الحلي 1697 نزهة الطرف في أخبار أهل الظرف لابن النجار 2645 نزهة الطرف في أيضاح قانون الصرف لأبي البقاء العكبري 1516 نزهة الطرف في علم الصرف للميداني 511 نزهة عيون المشتاقين إلى وصف السادة الغر الميامين لأبي الغنائم النسابة 1513، 1514 نزهة القلوب وزاد المسافر لقدامة 2235 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3484 نزهة المستأنس للزمخشري 2691 نزهة النفوس لابن الطيب 292 نزهة الورى في أخبار أم القرى لابن النجار 2645 نزول العرب بخراسان والسواد للهيثم بن عدي 2791، 2792 النساء- الفرق بين الذكر والأنثى للجاحظ 2117، 2119 النسب لابن أبي مريم 1364 النسب لابن حبيب 2482 النسب لأبي عبيد القاسم 2201 النسب لأحمد بن حارث الخراز 230 النسب للزبير بن بكار 269، 462، 826 النسب للسمعاني 307 النسب لعلي بن أحمد العقيقي 1644 النسب لعمر بن شبة 2093 نسب بني تغلب لأبي الفرج الأصبهاني 1709 نسب بني شيبان لأبي الفرج الأصبهاني 1709 نسب بني عبد شمس لأبي الفرج الأصبهاني 1709 نسب بني عقيل لعلي بن ابراهيم بن محمد الكاتب 1641 نسب تغلب بن وائل لعلان الشعوبي 1631 نسب خندف وأخبارها لأبي اليقظان 1342 نسب الخيل لابن الإعرابي 2533 نسب الشافعي لإسماعيل بن الحسين العلوي 653 نسب طي للهيثم بن عدي 2792 نسب قريش وأخبارها للمدائني 1855 النسب الكبير لأبي اليقظان 1342 نسب المهالبة لأبي الفرج الأصبهاني 1709 نسب ولد اسماعيل لأبي البختري 2803 نسخ العهود إلى القضاة للمرزباني 2584 النشاب للهيثم بن عدي 2792 نشر شواهد الجمهرة للمعري 329 نشوار المحاضرة للمحسن التنوخي 1872، 1994، 2280، 2645 نشوة النهار في أخبار الجوار لعبد العزيز ابن حاجب النعمان 1568 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3485 نصائح الصغار للزمخشري 2691 نصائح الكبار للزمخشري 2691 نصائح الكبراء بالفارسية لأبي الحسن البيهقي 1762 نصر الرواية وإبطال القول بالعدد للشريف المرتضى 1729 نصرة الفطرة وعصرة القطرة في أخبار الدولة السلجوقية للعماد الأصبهاني 2672 النصيحة لولده للباجي 1388 النطق لعبيد الله بن محمد الأزدي أبي القاسم 1577 النطق للغدة 874 نظام الغريب للوحاظي 2140 النظامي في النحو (اختصار اللمع لابن جني) لمحمود بن حمزة الكرماني 2687 النظائر للتوحيدي 279 نظم الجمان للمنذري 763، 2472 نظم الجمهرة لابن دريد لابن معطي 2831 نظم السلوك في مسايرة الملوك للرقيق القيرواني 97 نظم الصحاح للجوهري لابن معطي 2831 نظم القرآن لأبي زيد البلخي 259، 275، 278، 279 نظم القرآن للجاحظ 2118 نظم المقنع للداني لابن فيره 2216 نعت الغنم لأبي زيد الأنصاري 1362 النغم للخليل بن أحمد 1271 النغم والإيقاع لأبي أيوب المديني 1386 النغم والإيقاع لإسحاق الموصلي 615 نفثة المصدور للفخر الرازي 2589 نفثة المصدور- ديوان أشعار مسعود الصواني البيهقي 2699 النفقة على الأقارب للشافعي 2416 نفي التحريف عن القرآن الشريف للواحدي 1660 النقائض 64 النقائض لسعدان بن المبارك 1347 النقائض للسكري 856 نقائض جرير وعمر بن لجأ لابن حبيب 1482 نقائض جرير والفرزدق لابن حبيب 2482 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3486 نقائض جريرة والفرزدق لأبي عبيدة 2708 نقد الشعر لابن منيرة الكفرطابي 2685 نقد الشعر للخطيب الإسكافي 2549 نقد الشعر لقدامة بن جعفر 847، 851، 1572، 2235، 2336 نقد الاصطلام للشمس البيهقي 652 نقض الطب للجاحظ 2119 نقض العروض للصاحب 698 النقض على ابن جني في الحكاية والمحكي للشريف المرتضى 1729 النقض على ابن وكيع في شعر المتنبي لابن جني 1600 النقض على ارسطاليس في الكون والفساد لأبي هاشم الجبائي 2859 النقض على الخليل وتغليطه في العروض لبزرج العروضي 746 نقض علل النحو للغدة 874 نقض كتاب أبي علي الجبائي في الإرادة للكعبي 1493 نقض كتاب الخيل على برغوث للكعبي 1493 نقض النقض على المجبرة للكعبي 1493 نقض الهاذور لأبي على الفارسي 814 النقط والشكل لإبراهيم اليزيدي 161 النقط والشكل لأبي محمد اليزيدي 2828 النقط والشكل للخليل بن أحمد 1271 النقط والشكل للزيادي 68 النكاح لعلي بن عبيدة 1816 نكت الأعراب في غريب الإعراب للزمخشري 2691 النكت في القرآن لابن فضال المجاشعي 1835 نكت الكامل للمبرد للوقشي 2778 نكت كتاب سيبويه للمبرمان 570 النكت المعجمات في شرح المقامات لشميم الحلي 1696 نكت من شرح الرازي لفصول بقراط تلخيص أبي سهل النيلي 1368 النكت والإشارات على ألسن الحيوانات لابن الدهان 1371 النكد للهيثم بن عدي 2792 النمر والثعلب لسهل بن هارون 1410 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3487 النملة والبعوضة لعلي بن عبيدة 1816 النهاية لابن سينا 1077 نهاية الإقدام للشهرستاني 857 نهاية الإيجاز للفخر الرازي 2589 النهاية البهائية في المباحث القياسية للفخر الرازي 2589 النهاية في الأصلح على أبي علي للكعبي 1493 النهاية في العروض لابن الدهان 1371 نهاية العقول في أصول الدين للفخر الرازي 2589 نهج الرشاد لابن هيصم الهروي 1783 نهج الرشاد في الأصول لأبي الحسن البيهقي 1762 نهج السبيل في الأصول للصاحب 698 نهج الصواب في أن التسمية من فاتحة الكتاب للخطيب البغدادي 387 النهر (النهروان) لإبراهيم بن محمد الثقفي 105 نهزة الحافظ للأبيوردي 2365 نهزة الخاطر ونزهة الناظر في أحاسن ما نقل من على ظهور الكتب للقفطي 2028، 2029 النهي عن صوم يوم الشك للخطيب البغدادي 387 النواحي والبلدان لابن أبي عون 106 النوادر لابن الاعرابي 822، 2472، 2533 النوادر لابن السكيت 2841 نوادر أبي زيد الأنصاري 874، 1361 النوادر لأبي عمرو الشيباني 627، 1755 النوادر لأبي اليقظان 1342 النوادر للأثرم 1970 نوادر الأصمعي 1830، 2828 النوادر للبرقي 432 النوادر للحياني 1843 النوادر للزجاج 63 النوادر لعبد الله بن سعيد بن العاص 1526 النوادر (الأمالي) للقالي 123، 1440، 2850 النوادر للغدة الأصبهاني 874 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3488 النوادر للفراء 2815 النوادر للقاسم بن معن المسعودي 2231 النوادر لقطرب 2647 النوادر للكسائي 2530 النوادر للمطرز 2559 النوادر للنهمي 69 النوادر للهيثم بن عدي 2792 النوادر ليونس بن حبيب 2852 النوادر الأصغر للكسائي 1752 النوادر الأوسط للكسائي 1752 النوادر الكبير لأبي عمرو الشيباني 627 النوادر الكبير للكسائي 1752 نوادر أخبار النسب للزبير بن بكار 1325 نوادر بني فقعس لابن الإعرابي 2533 نوادر الجبر لأبي حنيفة الدينوري 261 نوادر الحسن للجاحظ 2118 نوادر الزبيريين لابن الإعرابي 2533 نوادر الشعراء لأحمد بن حارث الخراز 230 النوادر في فنون شتى لأبي زيد البلخي 275 النوادر في اللغة لأبي محمد اليزيدي 2828 نوادر قتيبة بن مسلم للمدائني 1857 نوادر القواد لأبي العنبس الصيمري 2422 النوادر المتخيرة لإسحاق الموصلي 615 نوادر المدينيين للزبير بن بكار 1325 النوادر المفيدة لأبي علي الهجري 2762 النوادر الممتعة في العربية لابن جني 1598 نوادر الواحد والجمع لأبي هلال العسكري 920 النوادر والشوارد لابن خلاد الرمهرمزي 923 النواشز لأبي عبيدة 2709 النواقل لهشام ابن الكلبي 2780 النواقل للهيثم بن عدي 2792 نواقل قضاعة لهشام بن الكلبي 2780 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3489 نواقل العرب لابن أبي مريم 1364 نواقل اليمن لهشام ابن الكلبي 2780 النواكح لأبي عبيدة 2709 النواكح للمدائني 1855 النواكح لأبي الفتح المصري 519 النوروز و المهرجان لعلي بن هارون المنجم 1991 النير في العربية للبلطي 1612 (هـ) الهاءات لابن مجاهد 521 الهاءات لأبي بكر ابن الأنباري 2617 الهاءات المكنى بها في القرآن للكسائي 1752 الهادي للشادي للميداني 511، 1760 هادية الهادية في الردّ على ابن بابشاذ في شرح الجمل لابن الخشاب 1506 الهاشمي لعلي بن عبيدة 1815 هبوط آدم وافتراق العرب للهيثم بن عدي 2791 الهجاء لابن أخت أبي علي الفارسي 2524 الهجاء لابن السراج 2536 الهجاء لأبي بكر ابن الأنباري 2618 الهجاء لأبي بكر الجعد 2570 الهجاء لأبي حاتم السجستاني 1407 الهجاء لأحمد بن سعد الكاتب 264 الهجاء لثعلب 553 الهجاء للرماني 1827 الهجاء للكسائي 1752 هجاء حسان لقريش للمدائني 1855 الهجاء والخط لابن كيسان 2307 هجاء المصاحف لمكي بن أبي طالب 2714 الهجفجف بن غيدقان مع الخنوت بنت مخرمة لصاعد 1441 الهدايا لابن أبي طاهر طيفور 284 الهدايا للمرزباني 2584 الهدايا المنحول للجاحظ 2119 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3490 الهدايا والسنة فيها للحربي 50 الهدايا والطرف للرشيد ابن الزبير 400 الهداية لابن سينا 1077 الهداية لأبي الخطاب 1516 الهداية لمحمد بن ابراهيم البيهقي 2297 الهداية إلى بلوغ النهاية في التفسير لمكي بن أبي طالب 2713 الهداية في الفقه لمكي بن أبي طالب 2713 الهداية في الوقف على كلا لمكي بن أبي طالب 2714 الهذلية والمخزومي لسهل بن هارون 1410 الهشاشة والبشاشة للغدة 874 الهلباجة في صنعة الشعر للحاتمي 2507 الهمز لابن الكوفي صاحب ثعلب 1866 الهمز لأبي زيد الأنصاري 1362، 1983 الهمز لإسماعيل بن محمد القمي 735 الهمزة لقطرب 2647 هندسة العقل لأبي العنبس الصيمري 2422 هواتف الجان وعجيب ما ي حكى عن الكهان للخرائطي 2471 هياكل النور في الحكمة للشهاب السهروردي 2807 (و) الواثق في وصف أحوال الغناء ... للمرزباني 2584 الواجب لمنصور الفقيه 2723 الواجب لأبي زيد الأنصاري 1361 الواضح لابن جني 1574 الواضح لأبي بكر الزبيدي 2519 الواضح في النحو لأبي بكر ابن الأنباري 2618 الواضحة في الفاتحة لعبد اللطيف البغدادي 1572 الوافي في العروض والقوافي ليونس الوفراوندي 2853 الوافي في علم أحكام القوافي لابن سيده 1649 الوافي في علم القوافي لابن بنين 1387 الوامق والعذراء لسهل بن هارون 1410 الواو للفراء 2815 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3491 وجوب الإمامة للجاحظ 2118 الوجيز 2085 الوجيز في التفسير للواحدي 1660 الوجيز في الفقه للغزالي 857 الوحوش لابن السكيت 2841 الوحوش لابن لرة 2717 الوحوش لأبي حاتم السجستاني 1407 الوحوش لأبي زيد الأنصاري 1361 الوحوش لإسماعيل اليزيدي 737 الوحوش لثابت بن أبي ثابت 771 الوحوش للحامض 1401 الوحوش لسعد بن المبارك 1346 الوحوش للسكري 856 الوحوش للكرنباني 2777 الوحيد في شرح القصيد (شرح قصيدة الشاطبي) للسخاوي 1963 الوديعة للشافعي 2417 الورد لأبي زيد الأنصاري 1362 الورقة لأبي بكر الصولي 2678 ورود وودود الملكتين لعلي بن عبيدة 1816 الوزراء لابن ماكولا 1990 الوزراء لأبي بكر الصولي 2678 الوزراء للصاحب 698 الوزراء لمحمد بن داود بن الجراح 130 الوزراء لنفطويه 122 الوزراء لهلال بن المحسن 439 الوزراء والكتاب للجهشياري 2528 الوساطة بين المتنبي وخصومه للقاضي الجرجاني 1798، 1801، 2080 الوسائل إلى الرسائل من نثر المؤذن الخوارزمي 128 الوسيط لابن ناقيا 1561 الوسيط في التفسير للواحدي 1660 الوشاح لابن دريد 2495 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3492 وشاح دمية القصر لأبي الحسن البيهقي 1762، 1782 الوشي للمبرد 2674 الوشيج لعلي بن عبيدة 1815 الوصايا لأبي حنيفة الدينوري 261 وصايا العرب لهشام ابن الكلبي 2780 الوصايا بالعتق للشافعي 2416 الوصايا الكبير للشافعي 2416، 2417 وصف السيف لأبي العباس الديمرتي 2646 وصف الفارس والفرس لأبي العباس الديمرتي 2646 وصف القلم لأبي العباس الديمرتي 2646 الوصول إلى معرفة الأصول لابن داود الأصبهاني 2457، 2458، 2527 الوصية لإبراهيم بن محمد الثقفي 105 وصية الحامل للشافعي 2416 وصية الشافعي للشافعي 2417 الوصية للوارث للشافعي 2416 الوضاح في شرح أبيات الإيضاح لابن بنين 1387 الوعيد للجاحظ 2119 وفاة معاوية وولاية ابنه ووقعة الحرة وعبد الله بن الزبير لأبي مخنف 2253 وفاة النبي (صلّى الله عليه وسلم) 2598 وفق الاعداد في النسب لإسماعيل بن الحسين العلوي 653 الوفود لهشام ابن الكلبي 2781 الوفود للهيثم بن عدي 2792 وفود النعمان على كسرى للزبير بن بكار 1325 الوفود (وفود اليمن ومضر وربيعة) للمدائني 1854 وقائع ضباب وفزارة لهشام ابن الكلبي 2781 وقف التمام للأخفش الأوسط 1376 وقف التمام ليعقوب بن اسحاق الحضرمي 2842 الوقف على كلا وبلى لمكي بن أبي طالب 2714 الوقف والابتداء 1577 الوقف والابتداء لابن جني 1600 الوقف والابتداء لابن عباد المقرىء البغدادي 2631 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3493 الوقف والابتداء لابن كيسان 2307 الوقف والابتداء لابن مهران المقرىء 233 الوقف والابتداء لأبي بكر ابن الأنباري 2618 الوقف والابتداء لأبي بكر ابن مقسم المقرىء 2505 الوقف والابتداء لأبي سعيد السيرافي 878 الوقف والابتداء لأبي محمد اليزيدي 2828 الوقف والابتداء لثعلب 553 الوقف والابتداء الصغير للرؤاسي 2488، 2572 الوقف والابتداء الكبير للرؤاسي 2488، 2572 الوقف والابتداء للفراء 2815 وقفة الواعظ للمعري 329 الوقوف لابن شجرة 420 وقوف القرآن لابن مهران المقرىء 233 الوقيعة في منكر الشريعة لأبي الحسن البيهقي 1762 الولاء والحلف للشافعي 2417 ولاة خراسان للحسين بن أحمد السلامي 254 ولاة الكوفة للهيثم بن عدي 2792 ولاة هراة لأبي عبيد الهروي 491 الولائم للمدائني 1855 ولاية أسد بن عبد الله القسري للمدائني 1857 ولاية نصر بن سيار للمدائني 1857 الوليمة للشافعي 2417 (ي) الياءات لابن مجاهد 521 الياءات المشددة في القرآن لمكي بن أبي طالب 2714 اليأس والرجاء لعلي بن عبيدة 1816 يافع ويافعة للفراء 2815 الياقوتة لأبي عمر الزاهد 39، 2436 يتيمة الدهر للثعالبي 235، 244، 413، 1350، 2428 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3494 اليسر بعد العسر للشابشتي 2426 اليمين مع الشاهد للشافعي 2416 ينابيع اللغة لأبي جعفر المقرىء 1760 ينابيع اللغة لبو جعفرك 399 ينبوع الحياة في التفسير لابن ظفر الصقلي 2643 اليواقيت لأبي عمر الزاهد 2557 اليواقيت في اللغة للمطرز 2559 يوم الجمل للواقدي 2598 يوم السنابس لهشام ابن الكلبي 2781 يوم سنبيل للمدائني 1856 يوم سنيق لهشام ابن الكلبي 2781 يوم وليلة للمطرز 2559 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3495 12- فهرس مصادر المؤلف الآثار الباقية للبيروني 416 إجازة الطبري للفرغاني بعدد من تواليفه 2444 أخبار ابن الرومي لابن المسيب الكاتب 364 أخبار أبي جعفر الطبري لأبي بكر ابن كامل 2445، 2446، 2448، 2449، 2455، 2463، 2466، 2469 أخبار أبي زيد البلخي وأبي القاسم الكبي وأبي الحسن شهيد البلخي لأحمد بن عبيد الله بن أحمد 275 أخبار أبي نواس للصولي 1401 أخبار الحكماء للقاضي صاعد الجياني 1650 أخبار سيبويه المصري لابن زولاق 783 أخبار شعراء مصر للصولي 790، 2003 الأخبار المستفادة في ذكر بني أبي جرادة لابن العديم 2069- 2082 أخبار مصنفي الامامية- كتاب مصنفي ... أخبار النحاة للقاضي الاكرم ابن القفطي 1486، 1494، 1510 أخبار النحويين لمحمد بن عبد الملك التاريخي 5، 13، 386، 551، 552، 751، 776، 1635، 1846، 2126، 2127، 2132، 2133، 2136، 2141، 2142 أخبار الوزراء لهلال بن المحسن الصابىء 133، 134، 135، 142، 144، 145 أخبار الوزير أبي محمد المهلبي لهلال (هليل) بن المحسن الصابىء 1709، 1710 أخبار الوزير أبي نصر محمد بن منصور الكندري 1684، 1685 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3496 اختيار السمعاني من تاريخ يحيى بن منده 521 اخلاق الوزيرين لأبي حيان التوحيدي 91، 443، 663، 670، 671، 672، 673، 674، 675، 676، 677، 678، 679، 680، 681، 682، 683، 684، 685، 686، 687، 688، 689، 892، 910، 1713، 1895- 1902، 1933- 1944، 1945، 1946 كتاب الادب لابن المقفع 32 كتاب أدب الغرباء لابي الفرج الأصبهاني 1707، 1714، 1715، 1716، 1717 كتاب أدب المريض والعائد لابي شجاع البسطامي 2534 كتاب الارشاد في طبقات البلاد لأبي يعلى الخليل ابن احمد الخليلي 1642 الارشاد في معرفة علماء الحديث للخليل بن عبد الله الحافظ الخليلي 1814، 2173 كتاب الاغاني لابي الفرج الاصبهاني 162، 172، 434، 441، 759، 1064، 1065، 1066، 1067، 1068، 1069، 1070، 1284، 1288، 1412، 1469، 1521، 1522، 2298، 2423، 2424 أفواج القراء للقاضي أبي يوسف عبد السلام القزويني 2325 الاقناع في احدى عشرة قراءة للحسن بن علي الاهوازي 2444 الإكمال لابن ماكولا 1666 أمالي ابن الانباري ابي بكر 553، 766 أمالي ابن خالويه 1031 أمالي ابن فارس 1643 أمالي ثعلب 1921، 2123 أمالي جحظة 170، 208، 212، 213، 218، 219، 224، 225، 226، 440، 549، 1814، 2014، 2015، 2016، 2017، 2161، 2244 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3497 أمالي خميس بن علي الحوزي 855 أمالي الزجاجي 1812، 1813 أمالي علي بن هارون المنجم 532، 2009 أمالي محمد بن منصور السمعاني 2272 أمالي النجيرمي 625 أمالي هارون بن المنجم 1748 الامتاع والمؤانسة للتوحيدي 493، 664- 668، 669، 888، 889، 890، 891، 894- 909، 1335، 1336، 2235، 2473 الانتصار المنبي عن فضائل المتنبي لمحمد بن أحمد المغربي 893 الأنساب للسمعاني 461، 486، 768، 927، 1872، 1982، 1984، 1985، 2062، 2094، 2096، 2259، 2349 الأنموذج لابن رشيق 158، 159، 1254، 2475، 2476، 2477، 2478 الأوائل لابي هلال العسكري 119 الباهر لجعفر بن حمدان 283 البصائر لابي حيان التوحيدي 278 بلشكر الادباء- تاريخ الروذباري البيان والتبيين للجاحظ 1465، 2793، 2794، 2795 التاريخ لاسماعيل بن علي الخطبي 2324 تاريخ ابراهيم بن هلال الصابىء 1643 تاريخ ابن بشران أبي غالب 60، 120، 123، 457، 522، 788، 1829 تاريخ ابن بشكوال- الصلة تاريخ ابن الدبيثي- الذيل على تاريخ السمعاني تاريخ ابن شيران عبيد الله بن عبد المجيد 1822، 2339، 2343، 2434، 2471، 2498 تاريخ ابن عساكر- تاريخ مدينة دمشق تاريخ ابن المهذب المعري 52، 181، 355، 356، 819، 2309 تاريخ أبي سعد الآبي 1892- 1895، 2187، 2188 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3498 تاريخ أبي عمر الكندي 557 تاريخ أبي منصور الآبي 690 تاريخ أحمد بن صالح بن شافع 2296 تاريخ أصبهان لحمزة 128، 129، 130، 227، 228، 263، 264، 293، 407، 408، 432، 766، 873، 874، 875، 876، 1307، 1579، 1580، 1753، 1976، 1981، 2229، 2230، 2311، 2436، 2437، 2438 تاريخ أصبهان لابي نعيم 725، 918، 2230 تاريخ الاندلس- جذوة المقتبس للحميدي تاريخ بغداد للخطيب البغدادي 40، 41- 48، 51، 52، 54، 55، 119، 160، 188، 189، 190، 191، 208، 214، 229، 262، 263، 269، 364، 365، 420، 453، 457، 462، 508، 520، 521، 537، 546، 547، 550، 551، 556، 620، 621، 622، 650، 727، 732، 758، 788، 811، 866، 876، 877، 1283، 1492، 1576، 1577، 1646، 1738، 1739، 1740، 1845، 2054، 2059، 2123، 2303، 2306، 2307، 2323، 2324، 2327، 2411، 2420، 2441، 2442، 2443، 2469، 2471، 2473، 2474، 2478، 2491، 2494، 2500، 2501، 2503، 2504، 2505، 2556، 2557، 2558، 2559، 2583، 2596، 2611، 2612، 2679، 2680، 2745، 2779، 2783 تاريخ البلاذري 1627، 2779 تاريخ بيهق لابي الحسن البيهقي 1782 تاريخ ثابت بن سنان 106، 107، 526، 554، 935، 1859، 1991، 2470، 2575 تاريخ جمعه منوجهر بن اسفرسيان 2360 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3499 تاريخ حمزة- تاريخ أصبهان تاريخ خراسان للسلامي 2317 تاريخ الخطيب- تاريخ بغداد تاريخ خوارزم لمحمود بن محمد بن ارسلان 121، 185، 500، 504، 522، 1015، الاسلامي 1820، 1821، 1961 تاريخ الروذباري (بلشكر الادباء) الذي الفه بمصر 782، 800، 2278، 2348 تاريخ الشام لابن عساكر- تاريخ مدينة دمشق تاريخ صدقة بن الحسين 1819، 1820، 2092 تاريخ صقلية للحسن بن يحيى الفقيه الصقلي 1754، 1755 تاريخ صور لغيث بن علي الصوري 385 تاريخ عبد الرحمن بن عيسى الجراح 526 تاريخ العلماء النحويين للقاضي أبي المحاسن بن 232، 1817، 2348، 2425 مسعر التنوخي تاريخ العلماء والرواة بالأندلس للفرضي 473، 484 تاريخ غرس النعمة 339، 694، 1847، 1848، 1849، 1850، 1851 تاريخ القطربلي 536، 542 تاريخ الكوفة لابن النجار التميمي 231، 861، 1380، 1381، 1674، 1867 تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر 91، 93، 94، 95، 96، 160، 161، 216، 233، 287، 368، 380، 384، 385، 396، 434، 474، 483، 484، 492، 530، 533، 534، 555، 557، 558، 572، 589، 726، 727، 777، 784، 866، 928، 930، 932، 933، 936، 937، 938، 1130، 1131، 1581، 1605، 1606، 1733، 1756، 1774، 1775، 2064، 2157، 2278، 2603 تاريخ مدينة السلام- تاريخ بغداد الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3500 تاريخ مرو لأبي سعد السمعاني 487، 620، 621، 2170، 2325، 2346، 2412 تاريخ مصر لابي سعيد ابن يونس 555، 1131، 2479 تاريخ نيسابور للحاكم 51، 92، 173، 174، 233، 234، 256، 463، 487، 556، 557، 620، 621، 721، 722، 723، 1272، 1273، 1508، 1628، 1668، 1796، 1797، 2150، 2151، 2177، 2257، 2295، 2296، 2399، 2400، 2401، 2402، 2543، 2769 تاريخ هراة لابي نصر الفامي 235، 238، 486، 2174، 2322، 2471، 2472 تاريخ هلال بن المحسن الصابيء 131، 178، 848، 1817، 1890، 1891، 2116 تاريخ همذان لشيرويه بن شهردار 231، 234، 418، 459، 460، 511، 771 تاريخ الوفيات لابن بنت الفريابي 361، 452، 519 تاريخ يحيى بن منده 506، 511، 782، 2297، 2355، 2361، 2436، 2522، 2578 تتمة يتيمة الدهر للثعالبي 307، 491، 494، 1729، 2430 تجارب الأمم لمسكويه 1902- 1907 التحبير للسمعاني 2498 التصحيف- شرح [ما يقع فيه] التصحيف تعلة المشتاق لأبي المظفر الابيوردي 1768، 1769 تقريظ الجاحظ للتوحيدي 258، 259، 274، 878، 1827، 1828، 2103، 2112، 2113، 2114، 2115 تلخيص المتشابه لابن الخطيب 91 التنبيه على حدوث التصحيف لحمزة 2247 تهذيب اللغة للأزهري 180، 253، 362، 461، 462، 1622، 2177، 2253، 2322، 2371، 2472، 2492 الثقات لابن حبان 2177 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3501 الثقلاء لابن المرزبان 1637، 1638 جذوة المقتبس للحميدي 123، 164، 204، 261، 268، 358، 422، 464، 469، 472، 473، 474، 475، 508، 509، 730، 731، 746، 747، 749، 769، 773، 774، 802، 1440، 1601، 1603، 1648، 1649، 1659، 1755، 1923، 2116، 2190، 2191، 2479، 2480، 2519، 2520، 2521، 2522، 2526 جزء في أخبار الحافظ ابن عساكر لولده ابي 1697- 1702 القاسم جزازة عتيقة املاها أبو الهيذام العقيلي 2241 جلاء المعرفة لعبد الرحمن اليزدادي الكاتب 1748، 1749، 1838 الجليس الصالح للمعافي الجريري 2693 جمهرة النسب لابن حبيب 293، 2250 حماسة ابي تمام 83 خريدة القصر للعماد الاصفهاني 297، 299، 528، 572، 573، 574، 575، 576، 577، 578، 579، 580، 581، 582، 583، 584، 585، 586، 587، 588، 589، 590، 591، 592، 593، 594، 778، 869، 870، 939، 1610، 1612، 1613، 1614، 1615، 1636، 1667، 1682، 1764، 1765، 1832، 1833، 1834، 1845، 2163، 2202، 2362، 2363 الخصائص لابن جني 1844 خطط مصر لمحمد بن سلامة القضاعي 2414، 2415 دمية القصر للباخرزي 69، 631، 632، 656، 1586، 1587، 1782، 1842، 2347، 2348 الديارات للخالدي 425، 2240 الديارات للشابشتي 165 الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة لابن بسام 999 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3502 ذيل تاريخ دمشق لأبي يعلى ابن القلانسي 584 الذيل على تاريخ السمعاني لابن الدبيثي 357 الذيل (لعله المذيل) للسمعاني 2824 ذيل تتمة اليتيمة للحسن بن المظفر النيسابوري 1017 رسائل الرشيد الوطواط 962- 970 الروزنامجة للصاحب ابن عباد 701، 704، 1991، 1993 الروضة للمبرد 805 الرياش المصطنعي للمعري 182 الرياض للمرزباني 1868 زهر الآداب للحصري 237 زيادات الوزير المغربي في فهرست ابن النديم 2428، 2447 السامي في الاسامي للميداني 1664 سر السرور لمحمد بن محمود الغزنوي 741، 863، 1623، 1837، 1956، 2166، 2334، 2432 سرعة الجواب ومداعبة الاصحاب للحسن بن 779، 1965 جعفر بن عبد الصمد بن المتوكل سؤالات الحافظ السلفي لخميس الحوزي 65، 66، 646، 1775، 1776 السياق في تاريخ نيسابور لعبد الغافر الفارسي 398، 453، 491، 507، 511، 512، 630، 646، 647، 660، 726، 922، 923، 996، 1659، 1660، 1664، 1665، 1774، 1835، 1836، 1958، 1959، 2166، 2177، 2293، 2297، 2350، 2427، 2428، 2429 سيرة أبي جعفر الطبري لعبد العزيز الطبري 2451، 2452، 2453، 2462، 2464، 2465، 2468 سيرة العزيز لابن زولاق 808، 809 شجرة الذهب في أخبار أهل (أئمة) الادب لابن فضال المجاشعي 6، 658 شرح [ما يقع فيه] التصحيف للعسكري 546، 750، 913، 914، 915، 1853 شرح مقدمة معالم السنن للسلفي 487 الشعراء لابن المعتز 2253، 2254 شعراء أصبهان لحمزة 2314 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3503 الصلة للفرغاني 107، 121، 263، 2443 الصلة لابن بشكوال 164، 295، 770، 773، 774، 1648، 1649، 1830، 2297، 2519 ضالة الأديب من الصحاح والتهذيب للخواري 399، 512، 659 طبقات ابن سعد 1423 طبقات الامم لصاعد الجياني 1648، 2124 طبقات الشعراء لابن قتيبة 1294، 1300 طبقات الشعراء لابن المرزبان 1298 طبقات القراء لابي عمرو الداني 1031، 2537، 2601 طبقات اللغويين والنحويين للزبيدي 93، 119، 122، 171، 199، 201، 206، 294، 435، 460، 468، 545، 546، 730، 731، 739، 750، 757، 761، 771، 802، 1644، 1677، 1773، 1826، 1981، 2306، 2310، 2425، 2481، 2488، 2762، 2845 طبقات النحويين للكمال ابن الانباري 2768 (وانظر نزهة الالباء) عقلاء المجانين لابي بكر الازهري 767 العمدة لابن رشيق 1277، 2476 الغاية في القراءات لابن مهران النيسابوري 457 الفتح على أبي الفتح لابن فورجة 259 فرحة الانفس لابن غالب الغرناطي 1808 فلك المعاني لابن الهبارية 339، 340 فهرس الطوسي- كتاب مصنفي الامامية الفهرست لمحمد بن اسحاق النديم 62، 63، 86، 122، 160، 200، 207، 230، 260، 267، 273، 274، 284، 290، 361، 367، 369، 420، 430، 436، 439، 453، 454، 455، 457، 459، 470، 485، 521، 526، 531، 531، 552، 553، 615، 616، 617، 623، 627، 629، 630، 729، 735، 736، 746، 763، 765، 771، 775، 776، 777، 792، 793، 847، 856، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3504 874، 876، 923، 928، 1018، 1019، 1027، 1325، 1342، 1364، 1377، 1386، 1405، 1492، 1568، 1583، 1622، 1630، 1631، 1641، 1673، 1674، 1705، 1735، 1748، 1771، 1779، 1853، 1854- 1858، 1869، 1907، 1908، 1980، 1983، 1986، 1991، 2064، 2092، 2093، 2117، 2143، 2157، 2178، 2189، 2201، 2228، 2229، 2230، 2235، 2239، 2240، 2244، 2253، 2295، 2298، 2303، 2304، 2305، 2306، 2324، 2418، 2421، 2422، 2438، 2473، 2481، 2421، 2422، 2438، 2473، 2481، 2482، 2483، 2489، 2495، 2499، 2500، 2501، 2505، 2542، 2569، 2750، 2761، 2779، 2780، 2781، 2853 الفهرست الذي تممه الوزير المغربي- زيادات الوزير المغربي فوائد ابن فارس 253 فوائد السلفي 1604 القراءات العشر للحافظ أبي العلاء الهمذاني 861، 1601 القضاة لابن سمكة 650 قلائد العقيان للفتح بن خاقان 1534 لطائف المعارف للثعالبي 114 كتاب ابن أبي الازهر 541 كتاب ابن أبي طاهر 1977 كتاب ابن عبد الرحيم 373، 377، 378، 381، 384، 1626، 1627، 1678، 1680، 1713، 1784، 1785، 1786، 1787، 1788، 1789، 1974، 2053، 2327، 2425 كتاب ابن قانع 2127 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3505 كتاب ابن منده- تاريخ ابن منده كتاب ابن ناصر 1987 كتاب ابن النحاس 2435 كتاب أبي بكر الصولي 1020، 1823، 1824 كتاب أبي الحسن الاهوازي المقرىء 752 كتاب أبي سعد السمعاني 823، 824، 870، 970، 1689، 1877، 1907، 2444، 2445، 2548 كتاب أبي الفتح المقدر في المعتزلة 854، 1575 كتاب أحمد بن أبي طالب الكاتب 1573 كتاب أصبهان- تاريخ اصبهان لحمزة كتاب بخط ابن الخشاب 2389 كتاب للتوحيدي 877، 2186، 2187، 2308، 2702 كتاب حمزة- كتاب اصبهان كتاب الخالع 2036، 2037، 2048، 2049 كتاب رشيد الدين 2435 كتاب الرئيس أبي الحسين 2470 كتاب شيرويه- تاريخ همذان كتاب في العروض لابن جرو الأسدي 472 كتاب لأحد بني عبد الرحيم 851 كتاب محمد بن عبد الملك الهمذاني- أخبار النحويين كتاب المرزباني 1020، 1977، 2298، 2299، 2309 كتاب مصنفي الامامية للطوسي 38، 39، 69، 105، 169، 174، 199، 1641، 1644، 1728، 1729، 2338 كتاب المعلمين للجاحظ 2199 كتاب النورين للحصري 1588، 2013، 2506 كتاب هراة- تاريخ هراة كتاب هلال بن المظفر الزنجاني 1830 كتاب الوزيرين- اخلاق الوزيرين للتوحيدي اللقائط لابن الهبارية 2321 ما انتخبه السمعاني من كتاب طبقات اهل فارس وشيراز للحافظ الشيرازي القصار 2123 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3506 ما انتخبه الوزير المغربي من الاغاني 1707 ما زاده احمد بن ماما على تاريخ غنجار 2349 المثالب لابي عبيدة 2134 مجالسات ثعلب 1747 مجموع لبعض اهل البصرة 1956، 1957 مجموع للمحسن بن ابراهيم الصابىء 2276 محاضرات العلماء للتوحيدي 17، 789، 879، 880، 881، 882، 883، 884، 885، 886، 887، 1925، 1928، 1944، 1945، 2473، 2474 محنة الظراف لمحمد بن احمد النوقاتي 2345 مختصر العمدة لعثمان بن علي الصقلي 1608، 1609، 1610 مذاكرة النديم لمحمد بن أحمد المغربي 2302 مذيل ابن الجوزي على صدقة بن الحسين 226 المذيل لابي سعد المسعاني 359، 360، 387، 390، 391، 419، 514، 633، 634، 780، 1647، 1703، 1730، 1731، 2260، 2321، 2356، 2357، 2358، 2359، 2360، 2361، 2362، 2364، 2365، 2377، 2496 مراتب اللغويين لابي الطيب اللغوي 226، 227، 542، 546، 657، 931، 1256، 1318، 1319، 1746، 1747، 1843، 1844، 2126، 2132، 215، 2172، 2198، 2246، 2254، 2307، 2488، 2490، 2551، 2709 مروج الذهب للمسعودي 93، 130، 1705 مزيد التاريخ في اخبار خراسان لمحمد بن سليمان بن محمد 456، 923 مشارب التجارب لأبي الحسن البيهقي 696، 1684، 1685، 1760- 1763 مشيخة السمعاني 515، 733 مشيخة والد السمعاني 398 مطمح الانفس للفتح بن خاقان 2152، 2153 معجم السفر للسلفي 400، 816، 1181، 1606، 1607، 1793 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3507 معجم الشعراء للمرزباني 107، 200، 203، 269، 281، 367، 534، 554، 560، 738، 750، 1632، 1675، 1859، 1994، 2004، 2005، 2013، 2131، 2136، 2157، 2162، 2178، 2179، 2240، 2337، 2478، 2485، 2486، 2825 معجم شيوخ أبي بكر البيرمي 398 معجم شيوخ الصدفي 397 المفاوضة لابن نصر 1807، 1946- 1955، 2543 المقتبس لابن حيان 1440 المقتبس للمرزباني 62، 63، 64، 67، 114، 117، 227، 228، 229، 266، 285، 430، 457، 458، 529، 536، 537، 543، 623، 752، 753، 754، 755، 763، 799، 804، 1323، 1584، 1630، 1739، 1740، 1741، 1742، 1743، 1745، 1747، 1750، 1770، 1771، 1772، 1779، 2093، 2101، 2102، 2103، 2107، 2108، 2123، 2134، 2142، 2144، 2146، 2147، 2148، 2149، 2232، 2250، 2294، 2480، 2481، 2488، 2490، 2492، 2493، 2535، 2858 ملح الممالحة لابن ناقيا 562، 2179 مناقب أبي العلاء العطار لمحمد بن محمود بن ابراهيم بن الفرج 825- 840 مناقب الشافعي للابري 2399، 2400، 2401، 2402، 2403، 2407 مناقب الشافعي للبيهقي 2408، 2409، 2410، 2411، 2412، 2413، 2414 منتخب معجم شيوخ عبد العزيز بن محمد النخشبي للسمعاني 390 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3508 المنتظم لابن الجوزي 160، 202، 360، 386، 387، 388، 389، 410، 422، 462، 486، 663، 823، 1635، 1987، 1998، 2203، 2235، 2260، 2303، 2346، 2474، 2675 المنتهى في الكمال لمحمد بن سهل المرزبان 2542 الموازنة بين العربية والعجمية لحمزة الاصبهاني 59، 1260، 1261 الموالي للجعابي 1628 النتف والطرف للسلامي 254، 2495 نحاة واسط لمحمد بن سعيد الدبيثي 1776 نحل العرب للرهني 2435 النزه والابتهاج للشمشاطي 1908، 1909 نزهة الارواح لمحمد بن محمود النيسابوري 2331 نزهة الالباء لابن الانباري 6 النسب- كتاب الانساب للسمعاني نشوار المحاضرة للتنوخي 181، 182، 183، 191، 192، 193، 194، 195، 196، 197، 218، 219، 220، 221، 222، 372، 651، 716، 848، 849، 851، 853، 987، 989، 990، 1675، 1711، 1720، 1826، 1873، 1877، 1878، 1879، 1880، 1883، 1884، 1885، 1993، 1994، 2014، 2174، 2175، 2176، 2283، 2284، 2285، 2286، 2287، 2288، 2289، 2426، 2491، 2502 نظم الجمان لأبي الفضل المنذري 103، 257، 628، 1622، 1752، 2256، نوادر ابن الاعرابي 1746 نوادر الصولي 1066 النوادر الممتعة جمع ابن جني 1638 الهفوات النادرة لغرس النعمة 213، 567، 1730، 1818، 1925، 2002، 2377 الهلباجة للحاتمي 2507، 2508 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3509 الوزراء للصولي 534، 535، 561، 567، 1860، 1861 الوزراء لهلال ابن المحسن 713، 714، 715، 716، 772، 789، 1580، 1581، 1712، 1774، 2282 الوزراء والكتاب للجهشياري 85، 86، 283، 429، 531، 532، 563، 565، 929، 2004، 2005، 2054، 2055، 2056، 2058، 2060، 2061، 2099، 2129 وشاح دمية القصر لابي الحسن البيهقي 239، 244، 512، 571، 633، 651، 1664، 1683، 1736، 1737، 1763- 1767، 1782، 1783، 1836، 1837، 2095، 2355، 2363، 2369 الوفيات للحبال 1970، 2348 الوفيات للحسين بن محمد الكتبي الهروي 2322 الوفيات لمحمد بن سفيان بن هارون 258 يتيمة الدهر للثعالبي 90، 131، 132، 133، 134، 140، 141، 148، 149، 150، 151، 152، 153، 156، 157، 175، 176، 182، 183، 485، 486، 487، 488، 489، 659، 660، 669، 701، 706، 707، 708، 709، 710، 711، 712، 713، 716، 717، 718، 719، 927، 977، 978، 1040، 1041، 1042، 1043، 1044، 1045، 1046، 1047، 1050- 1057، 1058، 1059، 1060، 1061، 1206، 1720، 1797، 1798، 1799، 1800، 1801، 1802، 1803، 1804، 1805، 1839، 1840، 1869، 1873، 1874، 1875، 1876، 1886، 1887، 1888، 1889، 1890، 1892، 2281، 2336، 2338، 2339، 2344، 2506، 2593 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3510 13- فهارس الحضارة والفكر 1- فهرس المذاهب 2- فهرس الكتب وما يتصل بها 3- فهرس النقد الأدبي 4- فهرس المناصب والدواوين 5- فهرس السكة وما يتصل بها 6- فهرس الثياب والأزياء والنعال 7- فهرس الأطعمة والأشربة 8- فهرس ألفاظ ومصطلحات 9- فهرس فوائد متنوعة 1- فهرس المذاهب الطريقة البيانية 2742. عقيدة الرجعة 2793، 2794. مذهب أبي جعفر ابن جرير الطبري 554، 2468، 2702، 2826. مذهب أبي حنيفة (الحنفية، مذهب السلطان مذهب أهل الراي) 189، 664، 859، 878، 884، 890، 1258، 1332. مذهب أحمد بن حنبل (الحنابلة) 389، 866، 1332، 1350، 1872، 1956، 2062، 2741، 2857. مذهب الأخفش (في النحو) 1407. مذهب الأشعري (الأشعرية) 235، 248، 385، 508. مذهب الأشناني 663. مذهب الإمامية 277، 2006، 2370. مذهب أهل (أصحاب) الحديث 1258، 2599. مذهب البصريين (في النحو والتصريف) 90، 206، 542، 1401، 2539. مذهب الجارودية 2063. مذهب جهم 2256. مذهب داود بن علي 1651. مذهب الزيدية 2006. مذهب السالمية 937، 2675. مذهب السنة 2586. مذهب سيبويه (في النحو) 1407. مذهب الشافعي 204، 297، 389، 508، 793، 867، 1027، 1837، 1963، 2082، 2448، 2652، 2576، 2589. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3511 مذهب الشيعة 2118، 2376. مذهب الصابئة 1405. مذهب العراقيين (في الفقه) 90، 189، 837 (وانظر مذهب أبي حنيفة) . مذهب الفلاسفة 288، 1448. مذهب الكوفيين (في النحو والتصريف) 90، 189، 542، 881، 1283، 1401، 2539، 2682. مذهب مالك بن أنس 647، 648، 1373، 1424، 1963، 2551. مذهب (مذاهب) المعتزلة (الاعتزال) 374، 707، 764، 1492، 1548، 2102، 2438، 2646، 2686. مذهب النظام 2646. المذهبان في النحو (الكوفي والبصري) 1611، 2307، 2309، 2548. 2- فهرس الكتب والكتابة وما يتصل بهما - دور الكتب وخزائنها بيت الحكمة 1631 الخزانة الأشرفية 2035، 2036. خزانة الحكمة (للمأمون) 1409. خزانة سيف الدين غازي بن مودود 2269. خزانة القاضي أبي عمر محمد بن يوسف 2557. خزانة كتب ابن حاجب النعمان 1568. خزانة كتب بهاء الدولة البويهي 1997. خزانة كتب تاج الدين الكندي 1332. خزانة كتب الجامع القديم بنيسابور 2428. خزانة كتب الجامع الكبير بمرو 2538. خزانة كتب حكمة عملت للفتح بن خاقان 2008. خزانة كتب حكمة لابن المنجم 2014. خزانة كتب حلب 2550. خزانة كتب الصاحب 1708، 1937. خزانة كتب الصولي 2677. خزانة كتب العزيز الفاطمي 2426. خزانة كتب الفتح ابن خاقان 2157. خزانة كتب المدرسة الخاتونية 962. خزانة الكتب بالنظامية 2824. خزانة الملك المعظم (دمشق) 2349. خزائن كتب أقامها أبو الحسن ابن جرادة 2071. دار العلم (دار الكتب) 320. دار العلم (بغداد) 1838. دار العلم (وقفها سابور بن أردشير) 2377. دار علم بالموصل لابن حمدان 794. دار الكتب (بغداد) 316. دار الكتب برباط المأمونية 2266. دار الكتب بالنظامية 1666. دار الكتب بنظامية بغداد 2362. دار كتب تاج الملك (بجامع أصفهان) 1682. دار كتب الحكيم أرسطاطاليس 742. دار كتب الريّ (وقفها الصاحب) 813. دار الكتب القديمة 2376. دار كتب نوح بن منصور الساماني 1072. مكتبة ابن الدهان ومصيرها 1373. مكتبة أبي سعد ابن حمدون 1013. مكتبة القاضي الفاضل 1562، 1563. وقف الكتب على الخزائن 963. فهرس بيت الكتب في الري (10 مجلدات) 697. فهرست كتب البيروني 2333. - نماذج من شغفوا بالكتب وجمعها: شغف الجاحظ بالكتب 2101. مقدار كتب الواقدي 2598. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3512 كتب البندهي التي وقفها بخانقاه السميساطي 2550. مبلغ ما ملكه المبشر بن فاتك من الكتب 2271. كتب ابن الخشاب وكثرتها 1505. شغف سهل ابن المرزبان بجمع الكتب 1409. أبو حاتم السجستاني جماعة للكتب 1406. القاضي الأكرم وحبه للكتب 2029. - أسواق بيع الكتب: سوق الكتب (بغداد) 2830. سوق الوراقين 1713، 1719. حلقة تباع فيها الكتب 1966. بيع الكتب بقرطبة 1528. - الكتابة وموادها: المواد التي كان يكتب عليها الشافعي 2395. أنواع الكاغد 1997. كاغد سمرقند 787 الدرج المنصوري 145. الطاق الصدري 586. شربة اسفيذر (لصقل الكاغد) 2085. المقلمة 2176. دواة بازهر 2092. دواة شامية 565 مرفع الدواة 985. - الخطوط والأقلام: الخط الأندلسي والمشرقي 1194. ابن البرفطي وتعليمه الخط 2392. أثر ابن مقلة في تطوير الخط الكوفي 2575. طريقة ابن البواب في الخط 2156. طريقة ابن البواب القديمة 2081. التغالي بخط ابن البواب 2391. طريقة الوراقين في احتكار الكتب 2814. الدخل من الوراقة 866. ثمن رقعة بخط ابن البواب 1996، 2086، 2393. ثمن مجموعة من أدوات الكتابة 2092. ثمن كتاب الأغاني 1719. ثمن يتيمة الدهر للثعالبي 2428. ثمن الفصيح لثعلب 2830. أنواع الأقلام 617. قلم الثلث 2262، 2537. القلم الحلبي 1107. قلم الدفاتر والنسخ 933. قلم الرقاع 2393. القلم الرئاسي وأنواعه 617. قلم المحقق 2537. قلم المصاحف 1756. 3- فهرس النقد الأدبي الإبداع في الشعر ورأي عوف بن محلم 2138. الإبراق في الشعر 800. أبو عمر والانتحال 1318. أحسن مرثية للعرب في رأي المازني 762. أخلب بيت وأنصف بيت وأقنع بيت 2759، 2760. أدهس وأوقر 1192. الاستطراد في الشعر 2797. تفصيلات في المقارنة بين جرير والفرزدق والأخطل 2786، 2788. حماد الراوية والانتحال 1204. خلف الأحمر والانتحال 1255، 1256. الخلق (خلق الكلام) 1692. دفاع التوحيدي عن الجاحظ في تفسير «وتلحن أحيانا» 2110. الصابي يراسل المتنبي كي يمدحه 147، 148. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3513 عذبات الابداع 2166. قدرة خلف النقدية 1255، 1256. مقلدات الفرزدق 2787. مميزات الكاتب عند الجاحظ 2108. من العلماء الذين فضلوا الأخطل ولماذا 2851. نص رسالة الواسطي في مآخذه على قصيدة لابن النابلسي 2218، 2221. النقد الأدبي 1768. نقد الشعر 1511، 1513، 1581، 1636. ياقوت والنقد الأدبي 2601. يعيب أبا نواس 1401. يونس يرضى شعر مروان بن أبي حفصة 2852. 4- فهرس المناصب والدواوين وأصحابها الاستادارية 2817. الاستيفاء 1107. الإشراف على العيار 1872. أعمال الحضرة (العمارات- المستغلات ... ) 2020، 2021، 2022. أوقاف المحدثين 359. البريد 1573، 1724، 1862، 1863، 1866. بيت الزرد والفرش الملكشاهي 788. تأخير الخراج إلى الخامس من حزيران 532. التوقيع 180. الجامدار 1891. الجاويش 2737. جوهر الخلافة 2021. حاجب باب المتولي 2817. حاجب الحجاب 2542. حجابة باب النوبي 2234. حجبة الباب 1756، 1757. الحسبة 287. خريطة الفرانق 204. خلع الوزارة (القباء والسيف والمنطقة) 1893. الدواتيّ 1679. الدواوين السلطانية 400. الدواوين المحمودية والسلجوقية 633. ديوان أبي جعفر 565. ديوان الأزمة 1859، 2099. ديوان الإقطاع 2561. ديوان الإقطاعات 637. الديوان الإمامي 957. ديوان الإنشاء 131، 380، 381، 1023، 1107، 1456، 1511، 1586، 1633، 1635، 1898، 1971، 2348، 2624، 2817. ديوان بادوريا 2114. ديوان البر 1824. ديوان البصرة 2817. ديوان بيت المال 1675. ديوان الترتيب 2348. ديوان التركات 2651. ديوان الجزيرة وأعمالها 2269. ديوان الجيش 637، 638، 639، 641، 2072. ديوان الخاتم 1859. ديوان الخاتم والتوقيع والأزمة 561. ديوان الخراج 2004، 2100، 2845. ديوان الخراج والضياع 2438. ديوان الخلافة 374، 2202، 2627. ديوان خوارزم 2633. ديوان الدار الصغيرة 935. ديوان دمشق 1214. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3514 ديوان الرسائل 90، 132، 133، 145، 437، 484، 485، 560، 561، 723، 792، 1000، 1019، 1149، 1340، 1366، 1633، 1682، 1869، 1870، 1871، 1946، 2103، 2106، 2129، 2286، 2470. ديوان الرسائل والمعاون 2470. ديوان الريّ 699. ديوان السلاطين 514. ديوان السلطان 1685، 2203. ديوان السلطان سنجر 1364. ديوان السواد 1567. ديوان الضياع 81، 85، 86، 102، 2422، 2438، 2845. ديوان الضياع الخاصة 935. ديوان الضياع المستحدثة 935. ديوان ضياع ورثة موسى بن بغا 527. ديوان الطغراء 1107. الديوان العزيز 957، 1013، 2627. ديوان عضد الدولة 1723. ديوان الفراتية 527. الديوان القادري 374. ديوان الكوفة 565. ديوان المال 639. ديوان المأمون 2003. ديوان المستنصر 1121. ديوان المشرق 366، 527، 2099، 2236. ديوان مصر 628، 1563. ديوان المظالم 145. ديوان المعاون 145، 792. ديوان المغرب 1094، 1824. ديوان المقاطعات 2817. ديوان المقتدر 2470. ديوان المكاتبات 1971. ديوان النفقات 1859. ديوان النفقات والضياع 70، 72، 86. ديوان الوزارة 132، 133، 1984. الرسم على المراكب بعبادان 184. زمام البر 527. زمام الضياع 527. زمام المغرب 527. ساعور البيمارستان العضدي 2772. صاحب البريد 2011، 2733، 2811. صاحب الخبر 2202. صاحب الخبر والبريد 374. صاحب الصدقة 2011. صاحب العرض والجيش 283. صاحب المخزن 2267. صاحب المراتب 2005. صاحب المعونة 2011. صدرية المخزن 1757، 2651. صناعة التعديل 1148. الصيرفي والفائدة 221. الضياع الموروثة 1824. الطغراء 1106، 1107. العريف 1851. العلامة 180. العلامة السلطانية 1183. الغرانق 204. قاضي الجماعة 422. قاضي القضاة 190. قضاء الجماعة 470، 2718. كاتب الانشاء 299، 516، 53. كاتب الزمام 449. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3515 كتّاب الخراج 1185. كتابة السكة 1013. كتب التقليدات 381. كتب السجلات 202. مال الجوالي 2035. مجلس الجماعة (ديوان) 2236. مجلس الزمام (في ديوان المشرق) 2236. المحرّر 617. المخزن 360، 361. المخزنيات 449. مستوفي بيت الزرد والفرش السلطاني 788، 814. مشرف الديوان العزيز 957. المطامير 290. المواريث 287. الناظر في الدواوين 1724. ناظر واسط والبصرة 737. النظر بالبصرة وواسط 2623. نظر ديوان البصرة 2817. نظر ديوان التركات 2651. النظر في ديوان المقاطعات 2817. النظر في المظالم 2817. نقابة العباسيين 2234. نقيب الطالبيين 1687، 2775. نقيب النقباء 385. نقيب الهاشميين 407. نيابة المقام 1756. الوضيعة 2007. الوقف السلجوقي (بغداد) 1835. 5- فهرس السكة وما يتصل بها دار الضرب 1846، 1847، 1851. الدراهم الناصرية 2087. الدنانير الإمامية 451، 1997، 2092، 2393. دنانير أندلسية 769. الدنانير الركنية 2197. دنانير الصلة 134. دنانير مصرية 392، 636، 1122. دنانير مطيعية سلامية 2243. دنانير مغربية (معزية؟) 1686. دنانير نيسابورية 660، 2428. الدينار الصوري 640. سكة من إصدار الرشيد ابن الزبير 400. 6- فهرس الثياب والأزياء والنعال أنواع لباس تتخذ من الخز 702. البركان الأسود 1739. البطيخية (للرأس) 1843. التاسومة 987. ثوب مصري 179. الخلعة (القباء- السيف- المنديل- المنطقة) 981، 982. الدراعة (للكتاب) 1724. دراعة سقلاطون 1950، 1951. الزي الذي فرضه المنصور 1327. زي المصريين 1611. زيلوبة 2509. شراك النعال 1848. طيالس عدنية 1785. طيالس عدنيد 1785. طيلسان محشي 179. عمة ديلمية 1891. عمة ثغرية 373. الغرام بالخز 701. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3516 فرجية 1891. قميص دبيقي 1790. اللالكة (اللالجة) 989. اللالجة المربدية 373. لبس الأخضر في الجنازة 1565، 1566. من الطيلسان إلى الدراعة 373. مخانق البرم 1874. مزدوجة مبطنة بقطن 1611. المبطنة 373، 1611. مقطوعة (من ثياب) 215. مقدارية مشهرة 1843. نعل طاق 681. الوشي 2795 يتعمّم مدورة 1922. 7- فهرس الأطعمة والأشربة البوارد 215. التبالة 1054. الجرادق 1054. الحصرمية 2016. الحماضية 2016. الخبز السميد 545. الخبز الخشكار 545. الخرس 751. زبيبية سوداء 2314. الزلة 212، 222. الزيرباج (الزيرباجة) 2314، 2467. السكباج (السكباجة) 207، 1709، 2314. سنبوسج 1448. الصبوح الجاشري 220. الشراب الريحاني 2016. الشراب الصريفيني 1807. الطباهجة 214. الطيفورية 222. العجلانية 2016. العصيد 216. القارص 1807. القطائف 216، 217. الكردناك (الشواء) 2499، 2500. الكشكية 1054. اللوزينج 216. المصوص 216، 217. المضيرة 1054. مضيرة عصبان 216. المطجنة (المطجنات) 1053، 2016. الناطف 987. الوكيرة 751. 8- فهرس ألفاظ ومصطلحات القول والسراب 2813. الآلات الشاملة 2770. الابل المهرية 2775. الأجلع 1771. الأدم (من الظباء) 362. الاذهاب (التذهيب) 1996. الأراقم 2142. الأستاذ (بالمغرب) 1402. الاسفيداج (الاسفيدياج) 2467، 2559. الاسقوفيا 2697. اشتقان 1187. الاصطيل (الأعمى) 302، 1397. أنواع التمر 1054. البرني 42. بنات مخر 201. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3517 البيرم 2697. بيرون (برّا) 2331. التبظرم 1144، 1145، 1870. التصميت 516. التيس العلوي 1730. ثمرة الغراب 1587. جامدان 1690. الجرجور (100 من الابل) 59. الجذر 1143. الجمازة 2157. جناغ الجواد 2291. الجهة الشريفة 2262. الجوخان 805. حب الاسطيخمول 2109. الحذافات 374. الحراقة 193. الحق 190. حقوق الرقاب 984. الحمار 2449. الحمار العتابي 1498. الخركاه 981. الخماسية 1807. الخناسير 1583. الخنياكر 207. الخيش 222. الداركان (نوع خشب) 1051. الدبيلة 2788. الدرفس (العلم الكبير) 2800. دروغ (كذب) 301، 302. الدست التمري 2287. دستك الهاون 1851. دستكان 644. الدقل (ردئي التمر) 42. دماذ (الفسيلة) 1307. الدواج 2058، 2583. الدئل 1465. الذرب 2125. الرباب 2142. الرباعة 2142. رجل جراد 882. الرطازة (والمخرقة) 86. الرطل الاشبيلي 2551. الزبزب (الزبازب) 991، 1829، 1906. زنفيلجة 2533. زورق ابن الخواستيني 850. الزير 2449. السابل 1849، 1850. السّبق (الدرس) 308، 1674. السدة 2449. السرفسار 1122، 2375. سطيحة 1788. السّكر 378. السمك الهازبي 2611. سمكة فضة 2330. سيبويه (معنى اللفظة) 2122. السوح 547. الشاكرية 27. الشاة المجئمة 260. الشجاج وأنواعها 1967. شستكة (كيس) 2360. الشطرنج 2551. الشعانين 2696. شقفة (قملة النسر) 1976. الشنّاقة 403. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3518 الشنك 1756. شوتن (عند المجوس) 917، 918. صاحب السقط (الخمّار) 458. الصوح، الصوص 547. ضرب الصوالجة 1893. طثرة اللبن (زبدته) 2839. الطرازدانات 1497. الطرز (البيت) 1306. الطرمذان 1053. الطلق 191، 192. طنبورية 720. الطنز 194، 379، 822، 1718، 2243. الطيار (قارب) 1825. عتيدة طيب 220، 221. عقد المصطنع 1505. العماريات 1903. العميثل (الذيال المتبختر) 1518. عيد أشموني 2696. عيد شعياء 2696. عيد مرماري 2696. الغاريتون 2109. الغيل 1908. فرّكني 1504. الفصوص (كعاب النرد) 222. الفيج 23. القرازم (تدق بها الثياب) 1418، 1419. القراقير 1069. القرمطة 2332، 2334. القسطار 2059. القصرية 2449. القلاية 425. قلة الميرون 2696. القمار 2542. الكار (مجموعة السفن) 1885. الكارة 221. كان يتخبّر (ينقل الأخبار) 194. الكرة ذات الكراسي 2769. الكوادين (القرازم) 1269. الكوتوال (مستحفظ القلعة) 1623. الكودنيات (القرازم) 1418. كوز الفقاع 376. لعب الشطرنج 2605، 2677. لعب النرد 222، 1105، 2542. اللهازم 2142. مبنة مطيبة 2016. مثارد الصين 562. مثرودوطوس 1075. المحفة 215. المخروط 215. المرتك 120. المزمّلة 1892. المسورة 221. مشمة عنبر 2017. المطرح الميساني 1056. المعمّى 1678. المقصور (المحبوس) 451. مكبّة 720. منديل الغمر 183. المنقلة 1967. المواردة 1609. المؤامرة (في الحساب) 222، 223. نبيخة 987. النجود 1474. النرد 1908، 1909. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3519 النصفية البغدادية 1562. الهنبازان 2324. الوامق والعاشق 1483، 1484. الوفر (الثلج) 2771. 9- فهرس فوائد متنوعة الأبعد، الآخر 1787. أبو الدهان يتقن ست لغات 2263. أبو حيان لا يعرف الفارسية 1934. أجهد- أمعد (والمفعول منه) 1504. أحكام وزن فعيل وفعول 761. أحكام «منذ» 764. الاسرائيليات 2802. اسم ممدود وجمعه مقصور 1031، 1035. إغارة ابن حبيب على كتب الآخرين 2481. إغراب ابن خالويه 1032. أسيّدي أم مرجول 1504. أيادي الخليل عند العرب 1261. إيه بالتنوين وبغير تنوين 815، 816. براعة بديع الزمان في طرق الكتابة 235. بسمل وحمدل وأمثالهما 1034. التبدي أيام هشام بن عبد الملك 1233. تحويل السنة والاحتفال به 2286. التخلص من اللثغة 1993. ترتيب كتاب ديوان الأدب للفارابي 618، 619، 620. ترتيب كتاب العقد لابن عبد ربه 466. التشهير بركوب البقر 1502. التصغير بزمان كاف «بوجعفرك ... » 398. تعريف العشق 1816. التين الوزيري 2467. ثعلب لا يتكلف الاعراب 541. الجواري الروميات للخدمة 221. حفظ أبي بكر ابن الأنباري 2615. حفظ أبي عثمان الخالدي 1377. حفظ أبي القاسم التنوخي 1878، 1879. حفظ بديع الزمان 235، 244. حفظ حماد الراوية 1202. حفظ الرشاش 1369. حفظ المطرز غلام ثعلب 2556. حكاية سعيد الوراق وعيسى النصراني 425، 427. الحلبة أيام عبد الملك 1239. الحلبة أيام هشام بن عبد الملك 1178. الحلبة أيام الوليد بن عبد الملك 1293. خازن دار الكتب يغسل كتابا للمعري 2266. خصائص قراءة حمزة الزيات 1220. الدالات التي تقوم بحاجة الانسان تسع 2422. رأي السيرافي في النبيذ 884، 885. ستارات غناء 1906. صفة مجلس هشام بن عبد الملك وفرشه 1203. صلاة الرغائب 1505. عمل حكاية فأعطاها الزفانين والمخنثين فأخرجوه فيها 172. عناية ياقوت بكتاب الأغاني 1708. العتب الرازقي 2467. الفرق بين المصنف والمسند 747. الفرق بين الملاب- الكباء- الألنجوج 1032. فعّل (أربعة أسماء) 2435. فعل- أفعال كثير في الجموع 1933. فعل يجيء على وجوه كثير تزيد على العشرين 1934. فكرة الأنبياء ونظائرهم من الأبالسة 110. فوائد منقولة عن الوزير المغربي 205. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3520 قدرة البديع في الترجمة 235. القطعان في كتاب التاريخ للطبري 2456، 2457. قول الحنابلة الاسم هو المسمّى 121. كان لا يرويه إلا على الوجه 262. كل ما يلفظ به يقسم أقساما ثلاثة 570. كيف احتال أبو هاشم الجبائي على مرجان حتى قرأ عليه كتاب سيبويه 2573، 2574. لا أكلمك أصلا 553. «الذي» لا ينسب إليه 538. مآخذ على فصيح ثعلب 56، 58. مباراة في الحفظ بين أبي رياش والمافروخي 182. محتويات الإكليل للهمداني 1037، 1038. المذاكرة بين الطبري وابن البهلول 190، 191. مسألة: إذا كتب فوق الحرف «صح» 123. المصحف العثماني 2324، 2325، 2326. مقرىء يلي الشرطة بمكة 2238. من كلام الأعراب وتفسيره 1362، 1363. مناداة عامة بغداد على معايشهم 1497. نماذج من الصحاح للجوهري 661. نماذج من قراءة ابن شنبوذ 2325. هل العلم واحد أو أكثر 1447. هل يقوم الشيخ لطلابه 2261. وصف الجراد 882، 883. يتخولنا (أو يتخوننا) بالموعظة 1319. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3521 14- فهرس المصادر والمراجع - الآثار الباقية عن القرون الخالية للبيروني تحقيق سخاو، ليبزج 1923. - ابن بسام الأندلسي وكتاب الذخيرة لعلي بن محمد الجزائري 989. - ابن عساكر (بحوث في ذكراه بمناسبة مرور تسعمائة سنة على وفاته) دمشق 1979. - اتعاظ الحنفا (1- 3) للمقريزي تحقيق د. جمال الدين الجزائري الشيال ود. محمد حلمي أحمد، القاهرة 1967- 1973. - الإحاطة في أخبار غرناطة للسان الدين ابن الخطيب (1- 4) تحقيق محمد عبد الله عنان 1973- 1977. - أخبار أصبهان لأبي نعيم (1- 2) تحقيق ديدرنغ، ليدن 1934. - أخبار البحتري للصولي تحقيق د. صالح الأشتر، دمشق 1958. - أخبار الحكماء للقفطي تحقيق جوليوس ليبرت، ليبسك 1903. - أخبار الحمقى والمغفلين لابن الجوزي، نشر القدسي، دمشق 1347. - أخبار الدولة السلجوقية لصدر الدين الحسيني تحقيق محمد اقبال، لاهور 1933. - أخبار سيبويه المصري لابن زولاق بعناية محمد ابراهيم سعد وحسين الديب، مصر 1933. - أخبار القضاة لوكيع (1- 3) تحقيق عبد العزيز المراغي، القاهرة 1366- 1369. - أخبار مصر لابن ميسر، القاهرة 1919. - أخبار النحويين البصريين للسيرافي تحقيق طه محمد الزيني وعبد المنعم خفاجي، القاهرة 1955. - أخبار وتراجم أندلسية (مستخرجة من معجم السفر) تحقيق د. إحسان عباس، بيروت 1963. - أخلاق الوزيرين لأبي حيان التوحيدي تحقيق محمد بن تاويت الطنجي، دمشق 1965. - أدب الخواص للوزير المغربي تحقيق الشيخ حمد الجاسر، الرياض 1980. - أدب الدنيا والدين للماوردي تحقيق مصطفى السقا، القاهرة 1955. - أدب الغرباء (المنسوب) إلى أبي الفرج الأصبهاني تحقيق د. صلاح الدين المنجد، بيروت 1972. - أدب الكتاب للصولي تحقيق محمد بهجة الأثري، القاهرة 1342. - أدب المرتضى لعبد الرزاق محيي الدين، بغداد 1957. - أدب النديم لكشاجم، القاهرة 1298. - أدباء مالقة (صورة عن نسخة خطية بمكتبة الشيخ محمد المنوني) . الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3522 - الأذكياء لابن الجوزي، دار الآفاق الجديدة، بيروت 1979. - الأزمنة والأمكنة للمرزوقي (1- 2) حيدر أباد الدكن 1322. - أزهار الرياض للمقري (1- 3) تحقيق السقا وآخرين، القاهرة 1939- 1942. - الاستيعاب في معرفة الأصحاب لابن عبد البر (1- 4) تحقيق علي محمد البجاوي، القاهرة. - أسد الغابة لابن الأثير (1- 5) طهران، 1342. - أسماء المغتالين من الشعراء لمحمد بن حبيب (ضمن نوادر المخطوطات) تحقيق عبد السلام هارون، القاهرة 1974. - الإشارة إلى من نال الوزارة لابن الصيرفي تحقيق عبد الله مخلص، مصر 1924. - إشارة التعيين في تراجم النحاة واللغويين لعبد الباقي اليماني تحقيق د. عبد المجيد دياب، الرياض 1986. - الأشباه والنظائر للسيوطي (1- 7) تحقيق د. عبد العال سالم مكرم، بيروت 1985. - الاشتقاق لابن دريد تحقيق عبد السلام هارون، القاهرة 1958. - أشجع السلمي، حياته وشعره، للدكتور خليل بنيان الحسون، بيروت 1981. - أشعار الخليع جمعها وحققها عبد الستار فراج، بيروت 1960. - الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر العسقلاني، مصر 1323- 1352. - إعتاب الكتاب لابن الأبار تحقيق د. صالح الأشتر، دمشق 1961. - الأعلام لخير الدين الزركلي (1- 8) دار العلم للملايين، بيروت 1979. - الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني (1- 25) ط. دار الثقافة، بيروت 1955- 1960. - الأفضليات لابن الصيرفي تحقيق د. وليد قصاب ود. عبد العزيز المانع، دمشق 1982. - الإكمال لابن ماكولا (1- 6) تحقيق الشيخ عبد الرحمن اليماني، حيدر أباد الدكن 1962- 1966. - ألف سنة من الوفيات لابن منفذ والونشريسي وابن القاضي تحقيق محمد حجي، الرباط 1976. - كتاب ألقاب الشعراء ومن يعرف منهم بأمه لمحمد بن حبيب (ضمن نوادر المخطوطات) تحقيق عبد السلام هارون، القاهرة 1973. - الاماء الشواعر لأبي الفرج الأصبهاني تحقيق د. نوري حمودي القيسي ود. يونس أحمد السامرائي، بيروت 1984. - الأمالي (والذيل) لأبي علي القالي (1- 3) ط. دار الكتب المصرية 1953. - أمالي الزجاجي تحقيق عبد السلام هارون، القاهرة 1382. - أمالي المرتضى (الدرر والغرر) (1- 2) تحقيق محمد أبو الفضل ابراهيم، القاهرة 1945. - الإمامة والسياسة (المنسوب) لابن قتيبة (1- 2) تحقيق د. طه الزيني، القاهرة 1967. - الإمتاع والمؤانسة لأبي حيان التوحيدي (1- 3) تحقيق أحمد أمين وأحمد الزين، القاهرة 1939- 1944. - الأمثال لأبي عبيد القاسم بن سلام تحقيق د. عبد المجيد قطامش، دمشق- بيروت 1980. - أمثال العرب للمفضل الضبي تحقيق د. احسان عباس، بيروت 1981. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3523 - إنباه الرواة على أنباه النحاة للقفطي (1- 4) تحقيق محمد أبو الفضل ابراهيم، القاهرة 1950- 1973. - الانتقاء لابن عبد البر، مكتبة القدسي، مصر 1350. - الأنساب للسمعاني (1- 6) تحقيق الشيخ عبد الرحمن اليماني، حيدر أباد الدكن 1962- 1964 والأجزاء 7 - 12 نشر الشيخ أمين دمج، بيروت 1976- 1984. - أنساب الأشراف (نسخة استانبول) . - أنساب الأشراف للبلاذري (1) تحقيق د. محمد حميد الله، مصر 1959 (3) تحقيق د. عبد العزيز الدوري، بيروت 1978 (4/1) تحقيق د. احسان عباس، بيروت 1979. - الإنصاف والتحري لابن العديم (انظر تعريف القدماء) . - أنموذج الزمان لابن رشيق القيرواني جمع وتحقيق محمد البكوش والعروسي المطوي، تونس 1986. - الأنوار ومحاسن الأشعار للشمشاطي تحقيق د. السيد محمد يوسف، الكويت 1977. - الأوائل للعسكري (1- 2) تحقيق محمد المصري ووليد قصاب، دمشق 1975. - الأوراق للصولي (أشعار أولاد الخلفاء) تحقيق ج. هيورث دن، (مصورة عن الطبعة المصرية) ، بيروت 1982. - الأوراق للصولي (أخبار الشعراء المحدثين) تحقيق هيورث دن (مصورة عن الطبعة المصرية) ، بيروت 1982. - الأوراق (أخبار الراضي والمتقي) للصولي عني بنشره ج. هيورث دن، بيروت 1979. - البحتري في سامراء (1- 2) ليونس السامرائي، بغداد 1971. - البخلاء للجاحظ تحقيق طه الحاجري، القاهرة 1948. - البخلاء للخطيب البغدادي تحقيق د. أحمد مطلوب وآخرين، بغداد 1964. - بدائع البدائه لابن ظافر الأزدي تحقيق محمد أبو الفضل ابراهيم، القاهرة 1970. - البداية والنهاية لابن الأثير (1- 14) ، بيروت- الرياض 1966. - البدر السافر للأدفوي مخطوطة الفاتح رقم 2401. - البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع للشوكاني (1- 2) ، مصر 1348. - البديع في نقد الشعر لأسامة بن منقذ تحقيق د. أحمد أحمد بدوي ود. حامد عبد المجيد، القاهرة 1960. - البديع في وصف الربيع لحبيب (أبي الوليد الحميري) تحقيق هنري بيريس، الرباط 1940. - البرصان والعرجان للجاحظ تحقيق عبد السلام هارون، بغداد 1982. - برنامج شيوخ الرعيني تحقيق ابراهيم شبوح، دمشق 1962. - البصائر والذخائر لأبي حيان التوحيدي (1- 9 والفهارس) تحقيق د. وداد القاضي، دار صادر- بيروت 1988. - بغية الطلب لابن العديم. (1- 9) مخطوطة آيا صوفيا. - بغية الطلب لابن العديم (1- 10) + الفهارس تحقيق د. سهيل زكار، دمشق. - بغية الملتمس للضبي، ط. مدريد 1884. - بغية الوعاة للسيوطي (1- 2) تحقيق محمد أبو الفضل ابراهيم، القاهرة 1964- 1965. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3524 - البلغة في تاريخ أئمة اللغة للفيروزبادي، تحقيق محمد المصري، دمشق 1972. - بهجة المجالس لابن عبد البر (1- 2) تحقيق محمد مرسي الخولي، دار الكتاب العربي، القاهرة. - البيان المغرب لابن عذاري المراكشي (1- 2) تحقيق كولان وبروفنسال، ليدن 1948. - البيان والتبيين للجاحظ (1- 4) تحقيق عبد السلام هارون، القاهرة 1961. - تاج التراجم لابن قطلوبغا، بغداد 1962. - التاج المكلل لصديق بن حسن القنوجي، بمباي 1963. - تاريخ ابن خلدون (1- 7) بولاق 1284. - تاريخ ابن الدبيثي- ذيل تاريخ مدينة السلام، بغداد (1- 2) تحقيق بشار عواد معروف، بغداد 1974- 1979 (ومخطوطة كيمبردج) . - تاريخ ابن العبري (انظر تاريخ مختصر الدول) . - تاريخ ابن الفرات (4/1- 2) تحقيق د. حسن محمد الشماع، بغداد 1967/1970. - تاريخ ابن الوردي المسمى تتمة المختصر (1- 2) ، مصر 1285. - تاريخ الأدب العربي وتكملته لكارل بروكلمان (1- 6) ترجمة د. عبد الحليم النجار وآخرين، القاهرة 1959 - 1977. - تاريخ الإسلام للذهبي (1- 6) ط. القدسي، القاهرة 1332. - تاريخ بغداد للخطيب البغدادي (1- 14) ومعه الذيل على تاريخ بغداد لابن النجار (15- 17) نشر دار الكتاب العربي- بيروت. - تاريخ التراث العربي لفؤاد سيزكين، المجلد الأول (1- 4) والمجلد الثاني (1- 5) والمجلد الثامن (1- 2) الترجمة العربية، جامعة الإمام محمد بن سعود 1983- 1988. - تاريخ جرجان لحمزة بن يوسف السهمي، حيدر أباد الدكن 1967. - تاريخ الحكماء للبيهقي تحقيق محمد كرد علي، دمشق 1976. - تاريخ خليفة بن خياط تحقيق د. سهيل زكار، دمشق 1967- 1968. - تاريخ دمشق لابن عساكر (1- 19) مصورة دار البشير، عمان 1988. - تاريخ الرسل والملوك للطبري (1- 15) الطبعة الأوروبية (تحقيق دي خويه) . - تاريخ العلماء النحويين من البصريين والكوفيين لأبي المحاسن ابن مسعر المعري، تحقيق عبد الفتاح محمد الحلو، المملكة العربية السعودية 1981. - تاريخ العلماء والرواة للعلم بالأندلس لابن الفرضي (1- 2) ، القاهرة 1954. - التاريخ الكبير للبخاري (1- 9) (مصور عن طبعة حيدر أباد الدكن) المكتبة الإسلامية، ديار بكر- تركيا. - تاريخ مختصر الدول لابن العبري، المطبعة الكاثوليكية، بيروت 1958. - تاريخ المغرب والأندلس (قطعة) تحقيق عز الدين أحمد عمر موسى وعبد الله الزيدان، دار الغرب الإسلامي، بيروت 1990. - تاريخ الموصل لأبي زكريا الأزدي تحقيق د. علي حبيبة، القاهرة 1967. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3525 - تبصير المنتبه لابن حجر العسقلاني (1- 4) تحقيق علي محمد البجاوي، القاهرة 1967. - تبيين كذب المفتري فيما نسب إلى الإمام أبي الحسن الأشعري لابن عساكر نشر القدسي، القاهرة 1347. - تتمة اليتيمة، للثعالبي (1- 2) عني بنشره عباس اقبال، طهران 1353. - تجارب الأمم لمسكويه (وذيله لأبي شجاع) (1- 3) تحقيق آمدروز، مصر 1914- 1916 (تصوير مكتبة المثنى ببغداد) . - التحبير في المعجم الكبير لأبي سعد السمعاني (1- 2) تحقيق منيرة ناجي سالم، بغداد 1975. - تحفة أولي الألباب في صناعة الخط والكتاب لعبد الرحمن الصايغ تحقيق هلال ناجي، تونس 1967. - تحفة القادم لابن الأبار تحقيق د. احسان عباس، دار الغرب الإسلامي، بيروت 1986. - التدوين في أخبار قزوين (1- 4) لعبد الكريم محمد الرافعي القزويني، دار الكتاب العلمية، بيروت- لبنان 1987. - تذكرة الحفاظ للذهبي (1- 4) في مجلدين ط. حيدر أباد الدكن 1955- 1957. - التذكرة الحمدونية لابن حمدون (1- 2) تحقيق د. احسان عباس، بيروت 1983، 1984. - ترتيب المدارك للقاضي عياض (1- 8) لمحققين مختلفين، الرباط/ المغرب 1983. - الترك في مؤلفات الجاحظ، د. زكريا كتابجي، دار الثقافة، بيروت. - تزيين الأسواق لداود الأنطاكي (1- 2) طبعة بيروتية 1973 (عن الطبعة المصرية) (ومعه ديوان الصبابة) . - كتاب التشبيهات من أشعار أهل الأندلس لابن الكتاني تحقيق د. احسان عباس، بيروت 1981. - تعريف القدماء بأبي العلاء، لجنة بإشراف الدكتور طه حسين، القاهرة 1944. - التكملة لابن الأبار (1- 2) ، القاهرة 1955. - تكملة تاريخ الطبري للهمذاني تحقيق ألبير كنعان، بيروت 1961. - التكملة لوفيات النقلة للمنذري (1- 4) تحقيق د. بشار عواد معروف، بيروت 1981. - تلخيص مجمع الآداب (معجم الألقاب) لابن الفوطي (الجزء الرابع) 1- 3 تحقيق د. مصطفى جواد، دمشق 1962- 1965. - تمام المتون في شرح رسالة ابن زيدون للصفدي تحقيق محمد أبو الفضل ابراهيم 1969. - التمثيل والمحاضرة لأبي منصور الثعالبي تحقيق عبد الفتاح محمد الحلو، القاهرة 1961. - التنبيه على حدوث التصحيف لحمزة الأصفهاني تحقيق محمد أسعد طلس، دمشق 1967. - تهذيب الأسماء للنووي القسم الأول (1- 2) والقسم الثاني (1- 2) ، ادارة الطباعة المنيرية القاهرة (تصوير طهران) . - تهذيب تاريخ دمشق لابن عساكر (1- 7) صنعة الشيخ عبد القادر بدران، بيروت (دار المسيرة) 1979. - تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني (1- 12) مصور عن حيدر أباد الدكن (1324- 1327) . - تهذيب الكمال للمزي (1- 15) تحقيق د. بشار عواد معروف، بيروت 1980- 1988. - تهذيب اللغة للأزهري (1- 15) تحقيق عبد السلام هارون وآخرين، القاهرة 1964. - توشيع التوشيح للصلاح الصفدي تحقيق ألبير مطلق، دار الثقافة، بيروت 1966. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3526 - ثمار القلوب في المضاف والمنسوب للثعالبي تحقيق محمد أبو الفضل ابراهيم، القاهرة 1965. - جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر تحقيق عبد الكريم الخطيب، القاهرة 1982. - الجامع المختصر لابن الساعي البغدادي (الجزء التاسع) بغداد 1934. - جحظة البرمكي الأديب الشاعر للدكتور مزهر السوداني، النجف 1977. - جذوة المقتبس للحميدي تحقيق محمد بن تاويت الطنجي، القاهرة 1952. - الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (1- 8) حيدر أباد الدكن (1371- 1373) . - الجليس الصالح والأنيس الناصح للمعافي الجريري (1- 2) تحقيق محمد مرسي الخولي (1981- 1983) و (3) تحقيق د. احسان عباس (1987) . - جمع الجواهر للحصري تحقيق علي محمد البجاوي، القاهرة 1953. - جمهرة الإسلام للشيزري (مصورة عن مخطوطة ليدن فؤاد سيزكين، فرانكفورت) . - جمهرة الأمثال للعسكري (1- 2) تحقيق محمد أبو الفضل ابراهيم، القاهرة 1964. - جمهرة النسب لهشام ابن الكلبي تحقيق د. ناجي حسن، بيروت 1986. - جمهرة نسب قريش للزبير بن بكار تحقيق محمود محمد شاكر، القاهرة 1381. - الجواهر المضية في طبقات الحنفية لابن أبي الوفا القرشي (1- 4) تحقيق د. عبد الفتاح محمد الحلو، الرياض 1978- 1985. - الجواهر المضية في طبقات الحنفية لابن أبي الوفا القرشي (1- 2) ط. حيدر أباد الدكن، 1332. - جيش التوشيح للسان الدين ابن الخطيب تحقيق هلال ناجي ومحمد ماضور، تونس 1967. - حاشية على شرح بانت سعاد (ج: 1) للبغدادي تحقيق نظيف خوجه، فيسبادن (المانيا) 1980. - حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة للسيوطي (1- 2) تحقيق محمد أبو الفضل ابراهيم، القاهرة 1967- 1968. - حكاية أبي القاسم البغدادي لمحمد بن أحمد أبي المطهر الأزدي تحقيق آدم متز، هيدلبرج 1902 (أعاد تحقيقها عبود الشالجي بعنوان الرسالة البغدادية، بيروت 1980 وينسبها للتوحيدي) . - الحلة السيراء لابن الأبار (1- 2) تحقيق د. حسين مؤنس، القاهرة 1963. - الحلل السندسية في الأخبار التونسية (1- 3) للوزير السراج تحقيق محمد الحبيب الهيلة، دار الغرب الإسلامي، بيروت 1984- 1985. - حلية الأولياء لأبي نعيم الأصفهاني (1- 10) القاهرة 1938. - حماسة ابن الشجري ط. حيدر أباد الدكن 1345. - حماسة البحتري تحقيق لويس شيخو بيروت 1910. - الحماسة البصرية لعلي بن أبي الفرج البصري (1- 2) تحقيق د. مختار الدين أحمد، حيدر أباد الدكن 1964. - حماسة الخالديين (خطأ) وهو الأشباه والنظائر للخالديين (1- 2) تحقيق د. محمد يوسف، القاهرة 1958- 1965. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3527 - الحوادث الجامعة والتجارب النافعة في المائة السابعة المنسوب لعبد الرزاق بن الفوطي البغدادي، بغداد 1351. - الحور العين لنشوان بن سعيد الحميري تحقيق كمال مصطفى، القاهرة 1948. - حياة الحيوان للدميري (1- 2) مصر 1292. - الحيوان للجاحظ (1- 7) تحقيق عبد السلام محمد هارون، القاهرة 1938- 1945. - خريدة القصر (الشعراء العسقلانيون) نسخة باريس رقم 3329. - خريدة القصر (قسم الشام) للعماد الأصفهاني (1- 4 مع جزء غير مرقم) تحقيق د. شكري فيصل، دمشق 1955- 1964. - خريدة القصر (قسم العراق) (1- 4) (ولها تكملة) تحقيق محمد بهجة الأثري، بغداد. - خريدة القصر (قسم مصر) (1- 2) تحقيق أحمد أمين وشوقي ضيف، القاهرة 1951. - خزانة الأدب للبغدادي (1- 4) ط. بولاق. - الخصائص لابن جني (1- 3) تحقيق محمد علي النجار، القاهرة 1952- 1956. - خطب خالد بن صفوان وأقواله وأخباره جمعها د. يونس أحمد السامرائي، بغداد 1990. - دار الطراز لابن سناء الملك تحقيق د. جودت الركابي، دمشق 1949. - الدارس في تاريخ المدارس للنعيمي (1- 2) تحقيق جعفر الحسني، دمشق 1948. - الدرة الفاخرة لحمزة الأصفهاني (1- 2) تحقيق عبد المجيد قطامش، القاهرة 1972. - درة الخواص في أوهام الخواص للحريري نسخة مصورة عن الطبعة الأوروبية، تحقيق توربكه، ليبزج 1871. - الدرة المضية في أخبار الدولة الفاطمية لابن أيبك الدواداري تحقيق د. صلاح الدين المنجد، القاهرة 1961. - دلائل النبوة للبيهقي (ج: 1) تحقيق السيد أحمد صقر، القاهرة 1970. - دمية القصر للباخرزي (1- 3) ، تحقيق د. محمد التونجي، بيروت. - الديارات للشابشتي تحقيق كوركيس عواد، بغداد 1966. - الديباج المذهب لابن فرحون (1- 2) تحقيق محمد الأحمدي أبو النور، القاهرة 1977. - ديوان ابراهيم بن العباس الصولي (في الطرائف الأدبية) تحقيق عبد العزيز الميمني، القاهرة 1937. - ديوان ابن التعاويذي، ط. دار صادر- بيروت (صورة عن الطبعة المصرية 1903) . - ديوان ابن حمديس الصقلي تحقيق د. احسان عباس، بيروت 1960. - ديوان ابن حيوس (1- 2) تحقيق خليل مردم بك، دمشق 1951. - ديوان ابن دريد، صنعة ابن سالم، تونس 1973. - ديوان ابن رشيق القيرواني جمع وتحقيق د. عبد الرحمن ياغي- دار الثقافة- بيروت. - ديوان ابن الرومي (1- 6) تحقيق د. حسين نصار، القاهرة 1973- 1981. - ديوان ابن سناء الملك، حيدر أباد الدكن 1958. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3528 - ديوان ابن شهيد جمع وتحقيق يعقوب زكي، القاهرة 1969. - ديوان ابن عنين تحقيق خليل مردم بك، دمشق 1946. - ديوان ابن قلاقس تحقيق خليل مطران، مصر. - ديوان ابن قلاقس تحقيق د. سهام الفريح، الكويت 1988. - ديوان ابن المعتز (1- 3) تحقيق د. يونس أحمد السامرائي، بغداد 1977. - ديوان ابن مفرغ جمع وتحقيق د. عبد القدوس أبو صالح، بيروت 1975. - ديوان ابن مقبل تحقيق عزة حسن، دمشق. - ديوان ابن نباتة السعدي (1- 2) تحقيق عبد الأمير مهدي حبيب الطائي، بغداد 1977. - ديوان ابن هانىء الأندلسي ط. دار صادر- بيروت 1952. - ديوان أبي الأسود الدؤلي تحقيق الشيخ محمد آل ياسين، بغداد 1954. - ديوان أبي دلامة جمعه وحققه د. رشدي علي حسن، بيروت 1985. - ديوان أبي ذؤيب (انظر شرح أشعار الهذليين) . - ديوان أبي فراس الحمداني تحقيق د. سامي الدهان، بيروت 1944. - ديوان أبي نواس تحقيق د. بهجت الحديثي، بغداد 1980. - ديوان الأبيوردي (1- 2) تحقيق عمر الأسعد، بغداد 1974- 1975. - ديوان الأخطل تحقيق أنطوان صالحاني، بيروت 1891. - ديوان أسامة بن منقذ تحقيق أحمد أحمد بدوي وحامد عبد المجيد، القاهرة 1953. - ديوان الأعشى الكبير تحقيق غويار، بيانه 1927. - ديوان امرىء القيس تحقيق محمد أبو الفضل ابراهيم، القاهرة 1958. - ديوان أمية بن أبي الصلت الأندلسي جمع وتحقيق محمد المرزوقي، تونس 1974. - ديوان أوس بن حجر تحقيق د. محمد يوسف نجم، بيروت 1960. - ديوان البحتري (1- 4) تحقيق حسن كامل الصيرفي، مصر 1963- 1965 (والجزء الخامس فهارس) . - ديوان بديع الزمان الهمذاني تحقيق يسرى عبد الغني عبد الله، بيروت 1987. - ديوان بشار جمع محمد بدر الدين العلوي، ط. دار الثقافة، بيروت 1963. - ديوان تأبط شرا تحقيق علي ذو الفقار شاكر، دار الغرب الإسلامي- بيروت 1984. - ديوان جرير (1- 2) تحقيق نعمان أمين طه، القاهرة 1969. - ديوان جرير (التجارية) 1353. - ديوان حسان بن ثابت (1- 2) تحقيق وليد عرفات، لندن 1971. - ديوان الحسين بن مطير جمعه وحققه د. محسن غياض، بغداد 1971. - ديوان حميد بن ثور تحقيق عبد العزيز الميمني، دار الكتب المصرية 1951. - ديوان الحيص بيص (1- 3) تحقيق مكي السيد جاسم وشاكر هادي شكر، بغداد 1972- 1975. - ديوان خالد الكاتب تحقيق د. يونس أحمد السامرائي، بغداد 1981. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3529 - ديوان الخالديين جمع وتحقيق د. سامي الدهان، دمشق 1961. - ديوان الخبز ارزي تحقيق الشيخ محمد حسن آل ياسين، مجلة المجمع العراقي (40، 41) . - ديوان الخريمي جمعه وحققه د. علي جواد الطاهر ومحمد جبار المعيبد، بيروت 1971. - ديوان دعبل تحقيق د. محمد يوسف نجم، بيروت 1962. - ديوان دعبل تحقيق د. عبد الكريم الأشتر، دمشق 1964. - ديوان ديك الجن الحمصي تحقيق أحمد مطلوب وعبد الله الجبوري، بيروت 1964. - ديوان ذي الإصبع العدواني جمع وتحقيق عبد الوهاب العدواني ومحمد الدليمي، الموصل 1973. - ديوان ذي الرمة (1- 3) تحقيق عبد القدوس أبو صالح، دمشق 1972- 1973. - ديوان الراعي النميري جمع وتحقيق فايبرت، بيروت 1980. - ديوان رؤبة بن العجاج، نشر وليم بن الورد البروسي 1903. - ديوان السري الرفاء نشر القدسي، القاهرة. - ديوان الشافعي جمع محمد عفيف الزعبي، بيروت 1971. - ديوان الشافعي جمع زهدي يكن، بيروت 1961. - ديوان الشريف الرضي (1- 2) ط. دار صادر- بيروت 1961. - ديوان الشريف المرتضى (1- 3) تحقيق رشيد الصفار، القاهرة 1958. - ديوان شعر حاتم الطائي دراسة وتحقيق د. عادل سليمان جمال، القاهرة 1975. - ديوان شعر الخوارج جمع وتحقيق د. احسان عباس، ط/ 4 بيروت 1981. - ديوان الصنوبري تحقيق د. إحسان عباس، بيروت 1970. - ديوان الطغرائي أبي إسماعيل الحسين بن علي تحقيق د. علي جواد الطاهر ود. يحيى الجبوري، الكويت 1983. - ديوان ظافر الحداد تحقيق د. حسين نصار، القاهرة 1969. - ديوان العباس بن الأحنف جمع وتحقيق عاتكة الخزرجي، القاهرة 1954. - ديوان عدي بن زيد العبادي تحقيق محمد جبار المعيبد، بغداد 1965. - ديوان عبد الله بن رواحة تحقيق د. وليد قصاب، الرياض 1982. - ديوان عبد الله بن رواحة تحقيق د. حسين محمد باجوده، القاهرة 1972. - ديوان العرجي تحقيق خضر الطائي ورشيد العبيدي، بغداد 1956. - ديوان عروة بن الورد شرح ابن السكيت تحقيق عبد المعين الملوحي، دمشق 1966. - ديوان علي بن الجهم تحقيق خليل مردم بك، دمشق 1946. - ديوان العماد الأصفهاني جمع وتحقيق د. ناظم رشيد، الموصل 1983. - ديوان عمرو بن معديكرب الزبيدي صنعه هاشم الطعان (سلسلة كتب التراث 11/بغداد) . - ديوان عنترة تحقيق محمد سعيد مولوي، المكتب الإسلامي- بيروت 1964. - ديوان الفرزدق (1- 2) ط. دار صادر- بيروت 1966. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3530 - ديوان القتال الكلابي جمع وتحقيق د. احسان عباس، بيروت. - ديوان القطامي تحقيق ابراهيم السامرائي، بيروت 1960. - ديوان كثير عزة تحقيق د. إحسان عباس، بيروت 1971. - ديوان المتنبي تحقيق د. عبد الوهاب عزام، القاهرة 1944. - ديوان مجنون ليلى جمع عبد الستار فراج، القاهرة. - ديوان محمد بن عبد الملك الزيات تحقيق د. جميل سعيد، القاهرة 1949. - ديوان مسكين الدارمي جمع وتحقيق خليل ابراهيم العطية وعبد الله الجبوري، بغداد 1970. - ديوان المعاني للعسكري (1- 2) نشر القدسي، القاهرة. - ديوان مهيار (1- 4) دار الكتب المصرية، القاهرة. - ديوان النابغة الذبياني تحقيق محمد أبو الفضل ابراهيم، القاهرة 1977. - الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة لابن بسام الشنتريني (1- 8 في أربعة أقسام) تحقيق د. احسان عباس، بيروت، الدار العربية للكتاب 1975. - الذريعة إلى تصانيف الشيعة لمحمد حسن آغا بزرك (1- 19) طهران 1355- 1393. - ذم الهوى لابن الجوزي تحقيق مصطفى عبد الواحد، القاهرة 1962. - الذهب المسبوك لعبد الرحمن الأربلي، بغداد 1964. - ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي، بيروت 1908. - ذيل الروضتين (تراجم رجال القرن السادس) لأبي شامة، القاهرة 1947. - الذيل على طبقات الحنابلة لابن رجب (1- 2) ، القاهرة 1952- 1953. - ذيل مرآة الزمان للقطب اليونيني (1- 4) حيدر أباد الدكن 1955. - الذيل والتكملة لابن عبد الملك المراكشي (1، 4- 6، 8) تحقيق د. محمد بنشريفة ود. احسان عباس، بيروت 1964- 1965، 1973. - رايات المبرزين تحقيق غرسية غومس (ط. مدريد) . - رايات المبرزين وغايات المميزين لابن سعيد الأندلسي تحقيق د. النعمان القاضي، القاهرة 1973. - ربيع الأبرار (نسخة جامعة برنستون رقم 3535) . - ربيع الأبرار للزمخشري (1- 4) تحقيق سليم النعيمي، بغداد 1976- 1980. - الرجال للكشي (لأبي عمرو محمد بن عمر الكشي) تحقيق السيد أحمد الحسيني، كربلاء. - الرجال للنجاشي (أحمد بن علي) ط. طهران. - رسالة الطيف لبهاء الدين الأربلي تحقيق عبد الله الجبوري، بغداد 1968. - رسالة الغفران للمعري تحقيق د. بنت الشاطىء، القاهرة 1950. - رسالة في علم الكتابة للتوحيدي (ضمن رسائل أبي حيان التوحيدي) تحقيق د. ابراهيم الكيلاني، دمشق. - الرسالة المصرية لأمية ابن أبي الصلت الأندلسي تحقيق عبد السلام هارون (الحلقة الأولى من نوادر المخطوطات) القاهرة 1972. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3531 - رسائل ابن أبي الدنيا (مجموعة) ، مصر 1935. - رسائل ابن حزم الأندلسي (1- 4) تحقيق د. احسان عباس، بيروت. - رسائل أبي العلاء (ج: 1) تحقيق د. إحسان عباس، بيروت 1982. - رسائل أبي العلاء المعري تحقيق مرغوليوث، اكسفورد 1898. - رسائل بديع الزمان الهمذاني (كشف المعاني والبيان عن رسائل بديع الزمان) تحقيق الشيخ ابراهيم الأحدب الطرابلسي، بيروت 1890. - رسائل البلغاء جمع وتحقيق محمد كرد علي، القاهرة 1946. - رسائل سعيد بن حميد وأشعاره جمع وتحقيق د. يونس السامرائي، بغداد 1971. - رسائل الوطواط، مصر 1315. - رغبة الآمل من كتاب الكامل لسيد بن علي المرصفي (1- 4) ، بغداد 1969. - رفع الأصر عن قضاة مصر لابن حجر (1- 2) ، تحقيق د. حامد عبد المجيد وآخرين، القاهرة 1957- 1961. - رفع الحجب المستورة عن محاسن المقصورة للشريف الغرناطي (شرح مقصورة حازم) (1- 2) ، مصر 1344. - الروز نامجة للصاحب بن عباد جمعها الشيخ محمد آل ياسين، بغداد 1958. - روضات الجنات للخوانساري (1- 8) تحقيق أسد الله اسماعيليان، طهران 1390. - روضة العقلاء لابن حبان، القاهرة. - الروض المعطار للحميري تحقيق د. احسان عباس، مكتبة لبنان 1975. - رياض النفوس (1- 3) لأبي بكر عبد الله بن محمد المالكي تحقيق بشير البكوش، دار الغرب الإسلامي، بيروت 1983- 1984. - الريحان والريعان لابن خيرة المواعيني (ج: 1) نسخة الفاتح رقم 3909. - زاد المسافر لصفوان بن ادريس تحقيق عبد القادر محداد، بيروت 1939. - زاد المعاد لابن قيم الجوزية (1- 5) تحقيق شعيب الأرناؤوط وعبد القادر الأرناؤوط، بيروت 1979. - زبدة الحلب من تاريخ حلب لابن العديم (1- 3) تحقيق د. سامي الدهان، المعهد الفرنسي بدمشق 1951. - الزهد لابن حنبل تحقيق محمد جلال شرف، بيروت 1981. - زهر الآداب لأبي اسحاق الحصري (1- 2) تحقيق علي محمد البجاوي، القاهرة 1969. - الزهرة لابن داود الأصبهاني (1- 2) تحقيق د. ابراهيم السامرائي، عمان 1985. - سياسة الصبيان وتدبيرهم لابن الجزار القيرواني تحقيق د. محمد الحبيب الهيلة، دار الغرب الإسلامي، بيروت 1984. - سرح العيون في شرح رسالة ابن زيدون لابن نباتة تحقيق محمد أبو الفضل ابراهيم، القاهرة 1964. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3532 - سرور النفس بمدارك الحواس الخمس للتيفاشي (اختصار ابن منظور) تحقيق د. احسان عباس، بيروت 1980. - سمط اللآلي في شرح أمالي القالي (1- 2) لأبي عبيد البكري تحقيق عبد العزيز الميمني، القاهرة 1936. - السنن الكبرى للبيهقي (1- 10) حيدر أباد الدكن 1440- 1355. - سؤالات الحافظ السلفي لخميس بن علي الجوزي تحقيق مطاع الطرابيشي، دمشق 1976. - سير أعلام النبلاء للذهبي (1- 25) تحقيق الشيخ شعيب الأرناؤوط وآخرين، مؤسسة الرسالة، بيروت 1981- 1988. - السيرة لابن هشام تحقيق مصطفى السقّا ورفيقيه، القاهرة 1955. - سيرة ومناقب عمر بن عبد العزيز لابن الجوزي تحقيق نعيم زرزور، دار الكتب العلمية، بيروت 1984. - شجرة النور الزكية في طبقات المالكية لمحمد بن محمد مخلوف (1- 2) مصورة عن طبعة القاهرة 1349. - شد الإزار وحط الأوزار عن زوار المزار لأبي القاسم جنيد الشيرازي، طهران 1328. - شذرات الذهب لابن العماد (1- 8) القاهرة 1350- 1351. - شذرات من كتب مفقودة جمعها وحققها د. احسان عباس (دار الغرب الإسلامي- بيروت) . - شرح أشعار الهذليين للسكري (1- 3) تحقيق عبد الستار فراج ومحمود محمد شاكر، القاهرة. - شرح البسامة (شرح قصيدة ابن عبدون) القاهرة 1340. - شرح التبريزي على الحماسة (1- 4) القاهرة 1296. - شرح ديوان ابن أبي حصينة (1- 2) لأبي العلاء المعري تحقيق محمد اسعد طلس، المجمع العلمي العربي بدمشق، 1956. - شرح ديوان أبي تمام للتبريزي (1- 4) تحقيق محمد عبده عزام، القاهرة. - شرح ديوان زهير بن أبي سلمى صنعة أبي العباس ثعلب، مطبعة دار الكتب المصرية 1944. - شرح ديوان لبيد، تحقيق د. احسان عباس، الكويت 1962. - شرح السبع الطوال لابن الأنباري، تحقيق عبد السلام هارون، القاهرة. - شرح شواهد الكشاف للسيوطي، مصر 1322. - شرح شواهد المغني لمحب الدين، مصر 1281. - شرح القصائد التسع لابن النحاس (1- 2) تحقيق أحمد خطاب، بغداد 1973. - شرح المرزوقي على الحماسة (1- 4) تحقيق أحمد أمين وعبد السلام محمد هارون، القاهرة 1951- 1953. - شرح المضنون به على غير أهله لعبيد الله بن عبد الكافي، القاهرة 1913. - شرح المقامات للشريشي (1- 5) تحقيق محمد أبو الفضل ابراهيم، القاهرة 1969- 1976. - شرح مقامات الزمخشري، مصر 1312. - شرح مقصورة ابن دريد (الفوائد المحصورة في شرح المقصورة) لابن هشام تحقيق أحمد عبد الغفور عطار، بيروت 1980. - شرح مقصورة حازم (انظر الحجب المستورة) . الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3533 - شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد (1- 20) تحقيق محمد أبو الفضل ابراهيم، القاهرة 1959- 1963. - شروح سقط الزند (1- 5) دار الكتب المصرية 1945- 1948. - شعر ابن بقي جمع وتحقيق محمد مجيد السعيد، مجلة المورد 1/1978. - شعر ابن ميادة جمعه وحققه د. حنا حداد، دمشق 1982. - شعر أبي زبيد الطائي جمع نوري حمودي القيسي، بغداد 1967. - شعر الأحوص جمع وتحقيق عادل سليمان، القاهرة 1970. - شعر البحتري دراسة للدكتور خليفة الوقيان، بيروت 1985. - شعر الراعي النميري جمع وتحقيق نوري حمودي القيسي وهلال ناجي، بغداد 1980. - شعر ربيعة الرقي جمعه وحققه د. يوسف حسين بكار، بغداد 1980. - شعر الرمادي جمعه وحققه ماهر زهير جرار، بيروت 1980. - شعر عبد الصمد بن المعذل تحقيق زهير غازي زاهد، بغداد 1970. - شعر العتابي (العتابي- حياته وما تبقى من شعره) جمع د. ناصر حلاوي (مجلة المربد 2- 3) السنة الثانية (ص 369- 436) . - شعر الكميت بن زيد الأسدي جمع د. داود سلوم (1- 2) بغداد 1969. - شعر نصر بن سيار صنعة عبد الله الخطيب، بغداد 1972. - الشعر والشعراء لابن قتيبة (1- 2) ط. دار الثقافة، بيروت 1964. - شعر الوليد بن يزيد صنعة وتحقيق د. حسين عطوان، مكتبة الأقصى، عمان 1979. - شعر يزيد ابن الطثرية جمع وتحقيق د. حاتم صالح الضامن، بغداد 1973. - شعر اليزيديين جمع وتحقيق د. محسن غياض، بغداد 1973. - شمس العلوم لنشوان بن سعيد الحميري (1- 2) عالم الكتب- بيروت. - شمس العلوم (المجلد الأول/ قسم 1، 2) تحقيق سترستين، ليدن 1953. - الشهاب في الشيب والشباب للشريف المرتضى، مطبعة الجوائب، قسطنطينية 1302. - صبح الأعشى للقلقشندي (1- 14) نسخة مصورة عن الطبعة الأولى بالقاهرة 1963. - الصحاح في اللغة للجوهري (1- 6) تحقيق أحمد عبد الغفور عطار، القاهرة 1956. - صحيح البخاري (1- 9) القاهرة 1958. - الصداقة والصديق لأبي حيان التوحيدي، تحقيق د. ابراهيم الكيلاني، دمشق 1964. - صفة الصفوة لابن الجوزي (1- 4) حيدر أباد الدكن 1355. - الصلة لابن بشكوال (1- 2) القاهرة 1955. - صلة الصلة لابن الزبير تحقيق ليفي بروفنسال، الرباط 1937. - كتاب الصناعتين لأبي هلال العسكري تحقيق محمد أبو الفضل ابراهيم وعلي محمد البجاوي، القاهرة 1952. - الضائع من معجم الأدباء لمصطفى جواد، بغداد 1990. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3534 - الطالع السعيد لكمال الدين جعفر بن ثعلب الأدفوي تحقيق سعد محمد حسن، القاهرة 1966. - طبقات الأمم لصاعد الأندلسي تحقيق لويس شيخو، بيروت 1912. - طبقات الأمم تحقيق حياة بوعلوان، بيروت 1985. - طبقات الحفاظ تحقيق علي محمد عمر، مكتبة وهبة، القاهرة 1973. - طبقات الحكماء لابن جلجل تحقيق فؤاد السيد، القاهرة 1955. - طبقات الحنابلة لأبي يعلى (1- 2) القاهرة. - طبقات خليفة بن خياط (1- 2) تحقيق سهيل زكار، دمشق 1967. - طبقات خليفة تحقيق أكرم ضياء العمري، بيروت 1977. - طبقات الخواص من أهل الصدق والإخلاص للشرجي، القاهرة 1321. - طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة (1- 3) تحقيق د. الحافظ عبد العليم خان، حيدر أباد الدكن 1978- 1979. - طبقات الشافعية لابن هداية الله تحقيق عادل نويهض، دار الآفاق الجديدة، بيروت 1983. - طبقات الشافعية للأسنوي جمال الدين عبد الرحيم (1- 2) تحقيق عبد الله الجبوري، بغداد 1970. - طبقات الشافعية للسبكي (1- 10) تحقيق عبد الفتاح محمد الحلو ومحمود محمد الطناحي، عيسى البابي الحلبي وشركاه، القاهرة 1964- 1974. - طبقات الشعراء لابن المعتز تحقيق عبد الستار فراج، القاهرة 1956. - طبقات فحول الشعراء لابن سلام (1- 2) تحقيق محمود محمد شاكر، القاهرة 1974. - طبقات الفقهاء لأبي اسحاق الشيرازي تحقيق د. احسان عباس، بيروت 1970. - طبقات فقهاء اليمن لابن أبي سمرة الجعدي تحقيق فؤاد السيد، القاهرة 1957. - طبقات القراء (غاية النهاية في طبقات القراء) لابن الجزري (1- 3) ، تحقيق برجشتراسر، القاهرة 1932- 1933. - الطبقات الكبرى لابن سعد كاتب الواقدي (1- 8) ط. دار صادر، بيروت 1957- 1958. - طبقات المفسرين للداودي (1- 2) تحقيق علي محمد عمر، مكتبة وهبة، القاهرة 1972. - طبقات المفسرين للسيوطي، ليدن 1839، طهران 1960. - طبقات النحويين واللغويين للزبيدي تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، القاهرة 1973. - الطرائف الأدبية، تحقيق عبد العزيز الميمني، القاهرة 1937. - طراز المجالس للخفاجي، المطبعة الوهبية بمصر 1284. - طوق الحمامة لابن حزم الأندلسي (انظر رسائل ابن حزم تحقيق احسان عباس ج: 1) . - طيف الخيال للشريف المرتضى تحقيق الصيرفي والأبياري، القاهرة 1962. - عبد الحميد بن يحيى الكاتب وما تبقى من رسائله تأليف د. احسان عباس، دار الشروق- عمان 1988. - العبر في خبر من غبر للذهبي (1- 6) تحقيق د. صلاح الدين المنجد وآخرين، الكويت 1960- 1966. - العقد لابن عبد ربه (1- 7) تحقيق أحمد أمين وآخرين، القاهرة. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3535 - العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين لتقي الدين المكي تحقيق فؤاد سيد ثم محمد طاهر الطناحي، القاهرة 1959- 1969. - عقد الجمان للعيني (648- 668) تحقيق د. محمد محمد أمين، القاهرة 1987. - عقود الجمان للزركشي (خ) مخطوطة الفاتح رقم 4434. - علماء افريقية للخشني (مطبوع مع قضاة قرطبة) . - عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب للسيد أحمد بن علي الداودي تحقيق د. نزار رضا، بيروت. - عنوان الأريب للنيفر (1- 2) تونس 1351. - عنوان المرقصات والمطربات لابن سعيد تحقيق عبد القادر محداد، الجزائر 1949. - العواصم من القواصم لأبي بكر ابن العربي (آراء أبي بكر ابن العربي الكلامية ج: 2) تحقيق د. عمار الطالبي، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، الجزائر. - عين الأدب والسياسة لابن هذيل، مصر 1302، ودار الكتب العلمية، بيروت 1981. - عيون الأخبار لابن قتيبة (1- 4) طبعة مصورة عن طبعة دار الكتب المصرية 1925. - عيون الأنباء لابن أبي أصيبعة (1- 2) تحقيق أوغست ميللر، ط. الوهبية، القاهرة 1299. - عيون التواريخ (12) لابن شاكر الكتبي تحقيق د. فيصل السامر ود. نبيلة عبد المنعم داود، بغداد 1977. - عيون التواريخ، نسخة الفاتح رقم: 4442. - غرر الخصائص للوطواط، ط. بيروت. - غريب الحديث لابن قتيبة (1- 3) تحقيق د. عبد الله الجبوري، بغداد 1977. - غريب الحديث لأبي عبيد القاسم بن سلام (1- 4) صورة عن طبعة حيدر أباد الدكن، بيروت 1976. - الغصون اليانعة في شعراء المائة السابعة لابن سعيد الأندلسي، تحقيق ابراهيم الإبياري، دار المعارف بمصر. - الغنية- فهرست شيوخ القاضي عياض، تحقيق ماهر زهير جرار، دار الغرب الإسلامي، بيروت 1982. - الغيث المسجم في شرح لامية العجم (1- 2) للصفدي، دار الكتب العلمية، بيروت 1975. - الفاخر للمفضل بن سلمة تحقيق استوري، ليدن 1915. - الفائق في غريب الحديث للزمخشري (1- 3) تحقيق محمد أبو الفضل ابراهيم وعلي محمد البجاوي، القاهرة 1945- 1947. - الفتح علي أبي الفتح لابن فورجة تحقيق عبد الكريم الدجيلي، بغداد 1974. - الفخري في الآداب السلطانية لابن الطقطقى، القاهرة 1339. - الفرج بعد الشدة للتنوخي (105) تحقيق عبود الشالجي، دار صادر- بيروت 1978. - فرحة الأديب للغندجاني تحقيق د. محمد علي سلطاني، دمشق 1981. - الفرق بين الفرق لعبد القاهر البغدادي تحقيق الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد، القاهرة. - فرق وطبقات المعتزلة تحقيق د. علي النشار وعصام الدين علي. - الفصل في الملل والأهواء والنحل لابن حزم الأندلسي (1- 5) مصر 1317- 1321. - فصل المقال لأبي عبيد البكري تحقيق احسان عباس وعبد المجيد عابدين، بيروت 1971. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3536 - الفصيح لثعلب تحقيق محمد عبد المنعم خفاجي، القاهرة. - فهرست ابن خير الأندلسي نشر قداره زيدين وخليان ربارة، مكتبة المثنى، بغداد 1963. - الفهرست لمحمد بن اسحاق النديم تحقيق رضا تجدد، طهران 1971. - الفهرست لمحمد بن اسحاق النديم تحقيق فلوجل، (طبعة مصورة) بيروت 1964. - فهرست كتب الشيعة للطوسي كلكنا 1853- 1855 وط. بيروت 1983. - فوات الوفيات والذيل عليها لابن شاكر الكتبي (1- 5) تحقيق د. احسان عباس، بيروت. - الفوائد البهية في تراجم الحنفية لمحمد عبد الحي اللكنوي، دار المعرفة، بيروت، 1324. - قابوسنامه لعنصر المعالي بن اسكندر بن قابوس. - القرط على الكامل للوقشي وابن السيد تحقيق ظهور أحمد أظهر، لاهور- باكستان 1980. - قضاة قرطبة وعلماء افريقية للخشني، القاهرة 1372. - قطب السرور للرقيق تحقيق أحمد الجندي، دمشق 1969. - قلائد الجمان لابن الشعار (1- 10) ومنه جزءان مفقودان) صورة طبق الأصل عن مخطوطة أسعد أفندي رقم 2322، منشورات معهد تاريخ العلوم العربية والإسلامية، فرانكفورت 1990. - قلائد العقيان للفتح بن خاقان (1- 4) تحقيق د. حسين خربوش، الأردن 1989. - الكاشف في معرفة من له رواية في الكتب الستة (1- 3) للذهبي تحقيق عزت علي عيد عطية وموسى محمد علي الموسى، القاهرة 1972. - الكامل للمبرد (1- 4) تحقيق محمد أبو الفضل ابراهيم والسيد شحاتة، القاهرة 1956. - الكامل في التاريخ لابن الأثير (1- 13) ط. دار صادر- بيروت 1965- 1967. - كتاب بغداد لابن أبي طاهر طيفور، القاهرة 1949. - كتاب الروضتين لأبي شامة (1- 2) صورة عن الطبعة المصرية، دار الجيل، بيروت. - كتاب القضاة والولاة، تحقيق ريفون جست، سلسلة جب التذكارية، ليدن ولندن 1912. - لباب الآداب لأسامة بن منقذ تحقيق أحمد محمد شاكر، القاهرة. - اللباب في تهذيب الأنساب لابن الأثير (1- 3) ط. دار صادر- بيروت. - اللزوميات لأبي العلاء المعري (ط. هندية) القاهرة- وط، دار صادر- بيروت في جزئين 1961. - لسان الميزان لابن حجر العسقلاني (1- 6) حيدر أباد الدكن 1331. - لطائف المعارف للثعالبي تحقيق محمد أبو الفضل ابراهيم وحسن كامل الصيرفي، القاهرة 1960. - ما يقع فيه التصحيف لأبي أحمد العسكري القسم الأول تحقيق د. السيد محمد يوسف، مجمع اللغة العربية بدمشق 1975. - ما يقع فيه التصحيف لأبي أحمد العسكري تحقيق عبد العزيز أحمد، القاهرة 1963. - مجالس العلماء لأبي القاسم الزجاجي تحقيق عبد السلام هارون، الكويت 1962. - مجمع الأمثال للميداني (1- 2) ، مصر 1310. - مجمع الذاكرة (1- 4) للدكتور ابراهيم النجار، الجامعة التونسية 1987- 1990. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3537 - مجمع الرجال لعناية الله القهبائي (1- 7) اصفهان 1384- 1387. - مجموع اشعار العرب (انظر ديوان رؤبة) . - مجموعة المعاني، ط. الجوائب 1301. - المحاسن والاضداد (المنسوب) للجاحظ، القاهرة 1324. - المحاسن والمساوىء للبيهقي، ط. دار صادر- بيروت 1960. - محاضرات الابرار لابن عربي (1- 2) دار اليقظة العربية 1967. - محاضرات الأدباء للراغب الاصفهاني (1- 4) في مجلدين، دار الحياة، بيروت. - المحاضرات في الادب واللغة (1- 2) للحسن اليوسي تحقيق محمد حجي، واحمد الشرقاوي اقبال- دار الغرب الاسلامي بيروت 1982. - المحبر لابن حبيب، حيدر أباد الدكن 1361. - المحمدون من الشعراء للقفطي، تحقيق حسن معمري، الرياض 1970. - المختار من رسائل الصابي تحقيق الأمير شكيب أرسلان، بعبدا، لبنان 1898. - المختار من شعر بشار بعناية محمد بدر الدين العلوي، القاهرة 1934. - المختار من قطب السرور تحقيق عبد الحفيظ منصور، تونس 1976. - مختصر تاريخ ابن الدبيثي (المختصر المحتاج إليه) تحقيق د. مصطفى جواد، بغداد 1951. - مختصر تاريخ دمشق لابن منظور (1- 32) لمحققين متعددين، دمشق 1984- 1988. - المختصر في أخبار البشر لأبي الفدا (1- 4) ، القاهرة 1325. - المخصص لابن سيده (1- 17) مصور عن الطبعة المصرية، دار الآفاق الجديدة، بيروت. - مرآة الجنان لليافعي (1- 4) ، حيدر أباد الدكن 1337- 1339. - مرآة الزمان لسبط ابن الجوزي (ج: 8) ط. حيدر أباد الدكن 1951- 1952. - مراتب النحويين لأبي الطيب اللغوي تحقيق محمد أبو الفضل ابراهيم، القاهرة 1955. - مراصد الاطلاع على اسماء الامكنة والبقاع لعبد المؤمن بن عبد الحق (1- 3) ، ليدن 1852- 1854. - المرقبة العليا للنباهي تحقيق ليفي بروفنسال، القاهرة 1948. - مروج الذهب للمسعودي (1- 7) تحقيق شارل بلا، بيروت 1965- 1979. - المزهر للسيوطي (1- 2) تحقيق محمد جاد المولى وعلي محمد البجاوي ومحمد أبو الفضل ابراهيم، القاهرة. - مسالك الابصار لابن فضل الله العمري (ج: 11) (تراجم شعراء المغرب والاندلس) . - المستطرف من كل فنّ مستظرف للابشيهي، مصر 1277. - المستفاد من ذيل تاريخ بغداد (ج: 18 من تاريخ بغداد) انتقاء احمد بن أيبك المعروف بابن الدمياطي تحقيق د. قيصر أبو فرج، بيروت. - المستقصى في الأمثال للزمخشري (1- 2) بيروت 1977. - المسلك السهل في شرح موشح ابن سهل للافراني، ط. حجر بفاس 1324. - مسند الشهاب للقضاعي (1- 2) تحقيق حمدي عبد المجيد السلفي، بيروت 1985. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3538 - المشتبه في اسماء الرجال وانسابهم للذهبي (1- 2) تحقيق علي محمد البجاوي، القاهرة 1962. - مصارع العشاق للسرّاج (1- 2) دار صادر- بيروت 1958. - مطالع البدور في منازل السرور للغزولي (1- 2) القاهرة 1299. - المطرب من اشعار اهل المغرب لابن دحية الكلبي تحقيق ابراهيم الابياري وآخرين، القاهرة 1954. - مطمح الأنفس للفتح بن خاقان، ط. الجوائب 1302 وتحقيق د. محمد علي شوابكة، بيروت 1983. - المعارف لابن قتيبة تحقيق ثروت عكاشة، دار الكتب المصرية 1960. - معالم الايمان للدباغ (1- 4) تونس 1320. - معاهد التنصيص لعبد الرحيم العباسي (1- 4) تحقيق الشيخ محمد محيى الدين عبد الحميد، القاهرة 1947. - المعجب في تلخيص أخبار المغرب لعبد الواحد المراكشي تحقيق محمد سعيد العريان، القاهرة 1962. - معجم الألقاب (انظر تلخيص مجمع الالباب) . - معجم الامثال العربية (1- 4) إعداد رياض عبد الحميد مراد، جامعة الامام محمد بن سعود 1986. - معجم البلدان لياقوت الحموي (1- 6) تحقيق وستنفلد، لايبسك 1866- 1870. - معجم السفر للسلفي تحقيق شير محمد زمان، إسلام أباد 1988. - معجم الشعراء للمرزباني تحقيق عبد الستار أحمد فرّاج، القاهرة 1960. - معجم الشعراء للمرزباني تحقيق كرنكو، القاهرة 1354. - معجم في شيوخ ابي علي الصدفي لابن الابار القضاعي، مجريط 1885. - المعجم المشتمل على ذكر اسماء شيوخ الأئمة النبل للحافظ ابن عساكر تحقيق سكينة الشهابي، دمشق 1980. - المعرب للجواليقي تحقيق الشيخ أحمد محمد شاكر، دار الكتب المصرية 1938. - معرفة القراء الكبار للذهبي (1- 2) تحقيق محمد سيد جاد الحق، القاهرة 1969. - المعرفة والتاريخ للبسوي (1- 3) تحقيق اكرم ضياء العمري، بغداد 1974- 1976. - المعمرون والوصايا لأبي حاتم السجستاني تحقيق عبد المنعم عامر، القاهرة 1961. - المغرب (قسم القاهرة) انظر النجوم الزاهرة في حلى حضرة القاهرة. - المغرب (قسم مصر) لابن سعيد تحقيق محمد زكي حسن وآخرين، القاهرة 1953. - المغرب في حلى المغرب لابن سعيد الاندلسي (1- 2) تحقيق د. شوقي ضيف، القاهرة 1953- 1955. - المغني في الضعفاء لشمس الدين الذهبي (1- 2) تحقيق نور الدين عتر، حلب 1971. - مفاتيح العلوم للخوارزمي تحقيق فان فلوتن، بريل، ليدن 1968. - المقابسات للتوحيدي تحقيق محمد توفيق حسين، بغداد 1970. - المقاصد النحوية للعيني (على هامش خزانة الأدب ط. بولاق) . - مقاتل الطالبيين لابي فرج الاصفهاني تحقيق السيد أحمد صقر، القاهرة 1949. - مقالات الاسلاميين للأشعري تحقيق هـ. ريتر، فيسبادن 1963. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3539 - مقامات الحريري، بيروت 1873. - مقاييس اللغة لابن فارس تحقيق عبد السلام هارون (1- 6) ، القاهرة 1366- 1371. - المقتبس لابن حيان تحقيق محمد علي الحجي، بيروت 1964. - المقتبس لابن حيان تحقيق أنطونية، مدريد 1937. - المقتضب من تحفة القادم لابن الابار القضاعي تحقيق ابراهيم الابياري 1957. - المقفى الكبير (1- 8) لتقي الدين المقريزي تحقيق محمد البعلاوي، دار الغرب الاسلامي، بيروت 1991. - المكتبة الصقلية جمع مخائيل اماري، ليبسيا 1857. - الملل والنحل للشهرستاني (1- 2) تخريج محمد فتح الله بدران، القاهرة (الانجلو المصرية) . - المناسك لابراهيم الحربي تحقيق الشيخ حمد الجاسر، الرياض، 1968. - مناقب الشافعي للبيهقي (1- 2) تحقيق السيد أحمد صقر، القاهرة 1970. - المنتحل للثعالبي، الطبعة التجارية، الاسكندرية 1903. - المنتخب من السياق لتاريخ نيسابور لعبد الغافر الفارسي (ضمن كتاب nishapur) the histories of تحقيق رتشرد فراي، لندن 1965. - المنتخل من الدرة الخطيرة لأبي اسحاق ابن أغلب (مخطوطة دار الكتب المصرية) . - المنتظم لابن الجوزي (5- 10) ط. حيدر أباد الدكن 1357. - الموازنة للآمدي (1- 2) تحقيق السيد أحمد صقر، القاهرة 1961- 1965. - المواعظ والاعتبار (الخطط المقريزية) للمقريزي (1- 2) بولاق 1270. - المؤتلف والمختلف للآمدي تحقيق عبد الستار أحمد فراج، القاهرة. - الموسوعة الاسلامية (بالانجليزية) ابو مخنف- البيروني- ابن جني- ابن عساكر- البيهقي (علي بن زيد) ابن بسام (البسامي) . - الموشح للمرزباني تحقيق علي محمد البجاوي القاهرة 1965. - الموشّى لابي الطيب محمد بن اسحاق الوشاء، تحقيق رودولف، برونو، ليدن 1886. - الموشى لأبي الطيب الوشاء تحقيق كمال مصطفى، القاهرة 1953. - ميزان الاعتدال للذهبي (1- 4) تحقيق علي محمد البجاوي، مصر 1963. - النتف من شعر ابن رشيق وابن شرف جمع عبد العزيز الميمني، القاهرة 1343. - نثر الدر للآبي (1- 7) تحقيق محمد قرنة وآخرين، القاهرة (تاريخ طبع ج 7/1990) . - نثر الدر لأبي منصور الآبي (ج: 7) تحقيق د. عثمان بوغانمي، الدار التونسية للنشر 1983. - النجوم الزاهرة لابن تغري بردي (1- 16) ط. دار الكتب المصرية. - النجوم الزاهرة في حلى حضرة القاهرة لابن سعيد الأندلسي تحقيق د. حسين نصار، القاهرة. - نزهة الارواح وروضة الافراح للشهرزوري (1- 2) صححه السبد خورشيد أحمد، حيدر أباد الدكن 1976. - نزهة الألباء في أخبار الأدباء لابن الانباري، تحقيق د. ابراهيم السامرائي 1955. - نزهة الجلساء في أخبار النساء للسيوطي تحقيق د. صلاح الدين المنجد، بيروت 1958. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3540 - نسب قريش للمصعب الزبيري تحقيق ليفي بروفنسال، مصر 1953. - نشوار المحاضرة للتنوخي (1- 8) تحقيق عبود الشالجي، دار صادر، بيروت (الاول والثاني والثامن أصل وسائره جمع) . - نصوص ضائعة من كتاب الوزراء والكتاب للجهشياري جمعها ميخائيل عواد، دار الكتاب اللبناني، بيروت 1964. - نفح الطيب من غصن الاندلس الرطيب للمقري (1- 8) تحقيق د. احسان عباس، بيروت 1968. - نكت الهميان في نكت العميان للصفدي، تحقيق أحمد زكي، القاهرة 1911. - نهاية الأرب للنويري (1- 27) ط. دار الكتب المصرية. - نهج البلاغة تحقيق د. صبحي الصالح، بيروت 1967. - نور القبس للمرزباني اختصار أبي المحاسن اليغموري، تحقيق رودولف زلهايم، فيسبادن 1964. - الهفوات النادرة للصابي تحقيق صالح الاشتر، دمشق 1967. - الوافي بالوفيات للصفدي (1- 18+ 22) لمحققين مختلفين (ج: 24) مخطوط (يعدّه د. مصطفى الحياري ود. عدنان البخيت) . - الوحشيات لأبي تمام تحقيق عبد العزيز الميمني ومحمود محمد شاكر، دار المعارف، القاهرة 1963. - الورقة لابن الجراح تحقيق د. عبد الوهاب عزام وعبد الستار أحمد فراج، مصر 1953. - الوزراء للصابي، تحقيق عبد الستار فراج، القاهرة 1958. - الوزير المغربي، الشاعر الناثر الثائر تأليف احسان عباس، دار الشروق/ عمان 1990. - وفيات الاعيان لابن خلكان (1- 8) تحقيق د. احسان عباس، بيروت 1968- 1972. - يتيمة الدهر للثعالبي (1- 4) تحقيق الشيخ محيي الدين عبد الحميد، القاهرة 1375- 1377. BOWEN, THE LIFE AND TIMES OF ALIB. ISA, CAMBRIDGE AND/ LONDON, 1928 KHALIDI, T: ISLAMIC HISTORIOGRAPHY, THE HISTORIES OF MASUDI, STATE UNIVER sity of new york press, 5791 LE STRANGE, G. BAGHDAD DURING THE ABBASID CALIPHATE, NEW YORK, 1972 الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3541